شرح شواهد المغني

السيوطي

بين يدي الكتاب

بين يدي الكتاب عني علماء العربية برواية الشعر وحفظه، واستشهدوا به في كلامهم، واستدلوا على صحة قواعد اللغة وشواذها بالبيت يستشهدون به، كما مثلوا بالمثل يضربونه، وعلى صحة اللفظ بالآية يتلونها، وهم أيضا كما عنوا بحفظ الشعر وروايته عنوا بمعرفة اسم الشاعر، وحددوا عصره، ولذلك فقد قسموا الشعر الى عصور، والشعراء الى طبقات، فكان (¬1): 1 - الطبقة الأولى: الشعراء الجاهليون، وهم قبل الاسلام، كامرئ القيس والأعشى .. 2 - الطبقة الثانية: الشعراء المخضرمون، وهم الذين أدركوا الجاهلية والاسلام، كلبيد وحسان ... 3 - الطبقة الثالثة: الشعراء المتقدمون - ويقال لهم الاسلاميون - وهم الذين كانوا في صدر الاسلام كجرير والفرزدق ... 4 - الطبقة الرابعة: المولدون - ويقال لهم المحدثون - وهم من بعدهم كبشار وأبي نواس ... وعلى أساس هذا التقسيم اتفقوا على أن الطبقتين الاوليتين يستشهد بشعرهما إجماعا، وأن الطبقة الثالثة، فالصحيح صحة الاستشهاد بكلامها، وأما الطبقة الرابعة فانه لا يستشهد بكلامها مطلقا. ثم فيما بعد قسمت الطبقة الاخيرة - أي الرابعة - الى طبقات: طبقة المولدين، وطبقة المحدثين، وطبقة المتأخرين. واختلف فيمن يستشهد من الشعراء بشعرهم من هذه الطبقات. وكان الجلال السيوطي ممن يؤيد الرأي القائل بعدم الاحتجاج بشعر هذه الطبقات الاخيرة، فقد ذكر في الاقتراح: أجمعوا على أنه لا يحتج بكلام المولدين ¬

_ (¬1) انظر مقدمة كتاب خزانة الادب للبغدادي.

والمحدثين في اللغة والعربية، وذلك بخلاف الزمخشري صاحب الكشاف، وليس استشهاد سيبويه بشعر بشار مما يؤخذ فيه أو يعتبر حجة على الاستشهاد بأقوال المولدين، لأن أستشهاده كان خوفا من هجاء بشار. وهم لهذا كله عنوا أيضا بمعرفة قائل الشعر، وصحة نسبة الشعر اليه. فقد تبين من تقسيم الشعراء الى طبقات من يصح الاستشهاد بشعرهم، ومن لا يصح. وأنه لا يجوز الاحتجاج بشعر وكذا بنثر لا يعرف قائلة (وعلة ذلك مخافة أن ذلك الكلام مصنوعا أو لمولد، أو لمن لا يوثق بكلامه) (¬1). وما ذلك الا حفظا للغة القرآن الكريم، وليتضح حديث النبي المرسل ومعرفة الدخيل في اللغة من الأصيل، كما وضعت قواعد اللغة وأصل الاعراب لتجنب اللحن كما هو معروف ... سقنا هذه المقدمة القصيرة لتبيان الغاية التي توخاها الامام الجليل السيوطي في كتابه (شرح شواهد المغني) والذي نقوم على نشره الآن. وقد ألفت في النحو كتب كثيرة وقام على خدمتها رجال أفاضل علماء، كان أبعدهم صيتا واكثرهم ذكرا جمال الدين بن هشام الانصاري المتوفي سنة 761 هـ فقد ألف في هذا الباب عدة كتب أشهرها وأعظمها (مغني اللبيب عن كتب الاعاريب) والذي أصبح أهم مرجع في نحو اللغة العربية لا زال يتدارسه أهل العربية حتى زماننا، لذلك وضعت عليه عشرات الحواشي والشروح ليسهل حفظه، وابن هشام من أكثر النحويين استثمار للشواهد وايرادا لها سواء كان من القرآن أو الحديث أو المثل السائر، أو بالشعر والنثر. وقد لاحظ الجلال السيوطي أن اتمام الفائدة وتحقيقا لصحة الاستشهاد ان ينسب كل قول لقائله ويحل ما يشكل من لفظ أو معنى لفظ، وان يعرّف بصاحب الشاهد فكان كتابه هذا (شرح شواهد المغني). والكتاب على ضخامته ليس للسيوطي فيه الا الجمع والترتيب، وان كان لا يخلو من بدوات أو فقرات يعبر السيوطي عن رأيه فيها. وهو مع هذا كله كلف نفسه جهدا وصبرا ومشقة، اذ لم يكتف بذكر الشاهد واسم قائله، وانما يدرج القصيدة كاملة التي منها الشاهد، وان لم يكن فقسما كبيرا منها، أو اشهر أبيات القصيدة مع تفسير ما أشكل من كلماتها وصعب. وان كان يوجد اختلاف في الرواية فانه يدرج كافة الاختلافات والروايات مع اسناد كل قول الى قائله، وقد أودع كتابه كثيرا مما حوته كتب اللغة والشعر، وبذل مجهودا مشكورا في ترتيب ما نقله ووضعه في محله، وهو مما يدل على سعة اطلاعه واحاطته الشاملة، الى امانة في النقل وذكر المرجع الذي نقل عنه، ولربما نجد احيانا انه يتصرف في العبارة أو يبتر قسما منها، وأنا بذلك لا أتهم السيوطي وانما ارجع السبب الى اختلاف نسخ كتب الأدب أو اللغة التي ينقل عنها السيوطي مما نلاحظه الآن في مخطوطاتنا وان الاصل بذلك تخليط الذي يخط الكتاب أو صعوبة قراءة الخط ... ¬

_ (¬1) الانصاف في مسائل الخلاف للانباري.

الإمام السيوطي

وهذا الكتاب قد طبع للمرة الاولى بالمطبعة البهية بالقاهرة سنة 1322 هـ وقام على نشره المرحوم أمين افندي الخانجي بتصحيحات العالم العلامة الشيخ محمد أمين الشنقيطي بن التلاميد التركزي وقد حافظنا على هذه التصحيحات مع تعليقاته لما فيها من بعد نظر وفائدة كبيرة تدل على ما لهذا الرجل الكبير من علم وذكاء وعبقرية كما هو واضح من الاطلاع عليها، وللشيخ تعليقات كثيرة على أكثر كتب الأدب والشعر واللغة كانت منارا لمن أتى من بعده. وأما عملنا نحن في هذا الكتاب فلم يعد الترتيب والتبويب واصلاح اخطاء الطبعة السابقة مع تقويم اعوجاجها ان أمكن، كما أحلنا إلى المراجع التي استند اليها السيوطي كدواوين الشعراء وكتب الأدب والمعجمات اللغوية، مع تكملة مالا بد من تكملته من عبارة أو قول أو شعر وتحقيق ما يمكن تحقيقه. وقد رأينا ان هناك كثيرا من الالفاظ في حاجة الى شرح لغرابتها أو ندرتها فأثبتنا ذلك تعليقا بحواشي الكتاب مستفيدين في ذلك من امهات كتب اللغة والادب والتي أشار الى أكثرها السيوطي في نقوله. راجين بهذا العمل ان نكون قد أدينا بعض الواجب تجاه لغتنا الشريفة فان نكن أحسنا فحسب والا فاننا نتمثل بقول الشاعر: كفى المرء نبلا أن تعد معايبه * * * الإمام السيوطي: هو الامام جلال الدين عبد الرحمن بن الكمال بن محمد بن سابق الدين بن الفخر عثمان بن ناظر الدين محمد بن سيف الدين خضر بن نجم الدين أبي الصلاح أيوب بن ناصر الدين محمد بن الشيخ همام الدين الخضيري الاسيوطي. هذا نسبه كما ذكره هو عن نفسه في كتابه حسن المحاضرة 2/ 140، ولد مستهل رجب سنة تسع واربعين وثمانماية بأسيوط، فنشأ يتيما وحفظ القرآن وهو دون ثمان سنين، وتتلمذ على الشيخ شهاب الدين الشارمساجي ثم من بعده ولده، وعلى شيخ الاسلام شرف الدين المناوي وتقي الدين الشبلي الحنفي ومحي الدين الكافيجي والشيخ سيف الدين الحنفي وغيرهم. ظل السيوطي طوال عمره مشتغلا بالتدريس والفتيا، متفرغا للعلم والتأليف، وبلغت كتبه ثلاثماية كتاب في التفسير والقراءات والحديث والفقه والاجزاء المفردة والعربية والأداب، كما ذكر في حسن المحاضرة، وعد له بروكلمان 415 مصنفا بين كتب كثيرة ورسائل ومقامات، وقد طبع منها اكثرها وهو مما يدل على علمه الغزير، وسعة اطلاعه وصبره وجلده على التأليف مع عفة نفسه وعلو قدره.

وقد توفي رحمه الله تاسع عشر جمادي الأولى سنة احدى عشرة وتسعماية بعد ان عاش اثنين وستين عاما. أما صاحب كتاب المغني ابن هشام الأنصاري فاننا نكتفي هنا عن ترجمة حياته بكلمة ابن خلدون: (ما زلنا ونحن بالمغرب نسمع أنه ظهر بمصر عالم بالعربية يقال له ابن هشام، انحى من سيبويه) وهى شهادة حق من إمام عدل. وكلمة اخيرة لا بد منها: وهي كلمة تقدير واعجاب لشيخنا الجليل محمد محمود ابن التلاميد التركزي الشنقيطي لما له من فضل على المكتبة العربية وتقيدات كانت منارا للعارفين وهداية للمؤمنين بهذه اللغة الشريفة. ولا يسعنا أيضا في هذه العجالة الا ان نشيد بذكر صاحب الفضل الاول الاستاذ امين الخانجي الذي كان من الرواد الاوائل الذين عنوا بنشر وطبع التراث العربي، وكان أن حفظ له قدره الغرب، بعد ان نسيه ابناء جلدته في الشرق، فأطلق اسمه على احدى قاعات جامعة برلين. كما اشكر القائمين على لجنة التراث العربي لبذلهم الجهد والمال لاخراج هذا الكتاب الى ابناء العربية، وأخص منهم بالشكر السيد رفيق حمدان لملاحظاته القيمة وعلى ثقته الغالية بتكليفي للاشراف على تصحيحه واخراجه بهذا الشكل الجميل. أحمد ظافر كوجان.

شرح شواهد المغني للامام السيوطي وقف على طبعه وعلق حواشيه أحمد ظافر كوجان

مقدمة

[مقدمة] بسم الله الرّحمن الرّحيم (ربّ يسّر وأعن) الحمد لله الذي فتق ألسن العرب العاربة بالفصاحة فكانت تجري بذلك ولا تجارى، ومنحهم الافهام القويمة التي فضلوا بها على من سواهم من اليهود والمجوس والنصارى، وفتح أذهانهم لاستخراج المعاني الدقيقة فلم تكن تخفى عليهم ولا تتوارى، وتمم فخرهم بأن أرسل منهم نبيا، وأنزل عليه كتابا عربيا لا تدانيه الكتب مقدارا. فقمع بسيفه الملحدين، وشرع لأتباعه حدود الدين، ورفع له منارا، صلّى الله وسلم عليه وعلى آله أقرباء وأصهارا، وأصحابه مهاجرا وأنصارا. وبعد: فإن لنا حاشية على مغنى اللبيب لابن هشام مسماة بالفتح القريب، أودعتها من الفوائد والفرائد، والغرائب والزوائد، ما لو رامه أحد غيري لم يكن له الى ذلك سبيل ولا فيه نصيب، وكان من جملة ذلك شرح ما فيه من الشواهد على وجه مختصر، مع التعرّض لأمور فيها، لم يذكرها من كتب عليه لاحتياجها الى سعة الاطلاع وكثرة النظر؛ ثم خطر لي أن أفرد الكلام على الشواهد فشرعت في كتاب بسيط وجامع محيط أورد فيه عند كل بيت القصيدة بتمامها، وأتبعها بفوائد ولطائف يبهج الناظر حسن نظامها. فرأيت الأمر في ذلك يطول، والانسان كثير السآمة ملول، بحيث أني قدّرت تمام ذلك في أربع مجلدات، فعدلت الى طريقة وسطى عن تلك الطريقة الأولى، مع ضمان الفوائد التي لا يستطيعها إلا ذو يد طولى، فأورد أولا البيت المستشهد به، ثم أتبعه بتسمية قائله والسبب الذي لأجله قيلت القصيدة، ثم أورد من القصيدة أبياتا أستحسنها إما لكونها مستشهدا بها في مواضع أخر من الكتاب فاوردها ليعلم أن الجميع من قصيدة واحدة، أو لكونها مستشهدا بها في غيره من كتب العربية والبيان، أو لكونها مستعذبة النظر مستحسنة

المعنى لاشتمالها على حكمة أو مثل أو نادرة أو وصف بليغ أو نحو ذلك. وإن كان البيت من مقطوعة وهي ما لم يزد على عشرة أبيات ذكرتها بكمالها، وقد أذكر قصيدة بكمالها لقلة أبياتها وكونها كلها مما يستحسن كقصيدة السموأل التي أوّلها: إذا المرء لم يدنس من اللّؤم عرضه (¬1) أو لكون المصنف استشهد بكثير من أبياتها، كقصيدة الأعشى التي أولها: ألم تغتمض عيناك ليلة أرمدا (¬2) ثم أتبع ما أورده من الأبيات بشرح ما اشتملت عليه من الغريب والمشكل، وبيان ما تضمنته من الاستشهادات العربية والنكت الشعرية، وما يتعلق بها من فائدة ونادرة ومواردة، وأتبع ذلك بالتعريف بقائلها وذكر نسبه وقبيلته وعصره، وهل هو جاهلي أو مخضرم أو إسلامي، مراعيا في كل ذلك الطريق الوسط، لا مجحفا في الاختصار ولا مبالغا في الاطناب والاكثار. وقد تتبعت لذلك شروح الدواوين المعتبرة، وكتب الأمالي والشواهد المشتهرة، كشرح ديوان امرئ القيس، وزهير، والنابغة الذبياني، وطرفة، وعنترة، وعلقمة بن عبدة، وأوس بن حجر، والأعشى، ومالك بن خريم، والحرث بن حلزّة، وفروة بن مسيك، والأفوه، وحسان بن ثابت، وجميل، والأخطل، وجرير، والفرزدق، وليلى الأخيلية، والمقنع الكندي، ¬

_ (¬1) صدر بيت وعجزه: فكل رداء يرتديه جميل وهو في شعره ص 11 وامالي القالي 1/ 269، وشرح الحماسة للتبريزي 1/ 108، وفي الشعراء 594 منسوب الى دكين، واللسان (سمأل)، ونسبه الى سلمى بنت مجدعة الجهنية ترثى أخاها سعدا، وذكره في (نفض) عن الجوهري منسوبا اليها، ورواه أيضا في (تبع) منسوب اليها. (¬2) من قصيدة جيدة عدتها أربعة وعشرون بيتا، وعجزه: وعاداك ما عاد السليم المسهدا. وهو في الخزانة 1/ 84، وشعراء الجاهلية 357 - 399.

والنمر بن تولب، وشرح المفضليات لابن الأنباري، وشرح شعر الهذليين لأبي سعيد السكري، والكامل للمبرد، ونوادر ابن الأعرابي، ونوادر أبي عمرو الشيباني، ونوادر أبي زيد، ونوادر اليزيدي، وأمالي ثعلب، وأمالي الزجاجي الكبرى والوسطى والصغرى، وأمالي ابن الأنباري، وأمالي القالي، وشرح الحماسة الطائية للمرزوقي وللتبريزي ولليباري، والحماسة البصرية، وشرح المعلقات السبع، وما ضم اليها للتبريزي ولأبي جعفر النحاس، وشرح السبع العاليات للكميت، وشرح القصائد المختارة للتبريزي، وشرح شواهد سيبويه للسيرافي والأعلم والزمخشري، وشرح شواهد الايضاح لابن يسعون، وشرح شواهد إصلاح المنطق لابن السيرافي والتبريزي، وشرح شواهد الجمل للخضراوي، وللبطليوسي وللتدمري، ومنتهى الطلب من أشعار العرب لابن ميمون، وهي تشتمل على أكثر من ألف قصيدة خلا المقاطيع وعدّة ما فيه أربعون ألف بيت، وكتاب النساء الشواعر للحسن بن الطراح، والأغاني لأبي الفرج الأصبهاني، والمؤتلف والمختلف في أسماء الشعراء لأبي القاسم الآمدي، وطبقات الشعراء لمحمد بن سلام الجمحي، ومعاني الشعراء لأبي عثمان الأشنانداني، وأبيات المعاني لابن قتيبة، وأيام العرب المشهورة لأبي عبيدة معمر بن المثنى، مقاتل الفرسان له، تهذيب الخطيب التبريزي، والمرقص لمحمد بن المعلى الأزدي، خارجا عما ظفرت به أثناء ذلك من المجامع والتذكرات وتخاريج المحدّثين وتواريخهم، وأرجو إن تمّ هذا الكتاب أن يكون جامعا في هذا الباب، مغنيا للطلاب عن التطلاب، كافيا في جميع الشواهد العربية وافيا لما يحتاج إليه في أبيات الكتب الأدبية، والى الله الضراعة في التوفيق لاتمامه والاعانة على اختتامه بمنه وإنعامه. * * *

الكتاب الأول

[الكتاب الأول] شواهد الخطبة 1 - أنشد: أشارت كليب بالأكف الأصابع هذا عجز بيت للفرزدق صدره: إذا قيل أيّ النّاس شرّ قبيلة من قصيدة يهجو بها جريرا ويردّ عليه قصيدة له على هذا الروي وأول هذه القصيدة (¬1): ومنّا الّذي اختير الرجال سماحة … وجودا إذا هبّ الرّياح الزّعازع ومنّا الّذي أعطى الرّسول عطيّة … أسارى تميم، والعيون دوامع ومنّا الذي يعطي المئين ويشتري … العوالي ويعلو فضله من يدافع الى أن قال: أولئك آبائي فجئني بمثلهم … إذا جمعتنا يا جرير المجامع ومنها: فوا عجبا حتى كليب تسبّني … كأنّ أباها نهشل أو مجاشع ¬

_ (¬1) ديوانه 520، والبيت في الخزانة 3/ 669، وابن عقيل 1/ 246 ويروي: (أشرت كليب) والاصل فيه (أشارت الى كليب الأكف بالاصابع)، كما سيأتي.

ومنها: تنحّ عن البطحاء إنّ قديمها … لنا والجبال الرّاسيات الفوارع ومنها: أخذنا بآفاق السّماء عليكم … لنا قمراها والنّجوم الطّوالع ومنها: أتعدل أحسابا لئاما أدقة … بأحسابنا إنّي إلى الله راجع قوله: (ومنّا الّذي اختير الرجال)، قال ابن الشجريّ في أماليه: هو منصوب بنزع (من) على حد قوله: (واختار موسى قومه) وقد استشهد به سيبويه على ذلك (¬1). والزعازع، جمع زعزاع، وزعزوع، وزعزع: الرياح الشديدة. قال الأعلم: وصف قومه بالجود والتكرّم عند اشتداد الزمان وهبوب الرياح. وأراد بذلك زمن الشتاء ووقت الجدب. والعرب تمدح بالقرى في الشتاء لأنه وقت الجدب. وسماحة وجودا، نصب على التمييز أو المفعول له أو الحال من الرجال، قاله المصنف في شواهده. وكونه مفعولا له، قاله من لا يشترط فيه الاتحاد في الفاعل، لأن السماحة ليست فعل الذي اختار، وكونه تمييزا على أنه محوّل من نائب الفاعل، أي أختيرت سماحته. ثم صار اختير هو سماحة. وقوله: (أولئك آبائي) استشهد به أهل المعاني على استعمال الاشارة للتعريض بغباوة السامع، بحيث أنه لا يفهم إلّا المحسوس المشار اليه. وقوله: (فجئني بمثلهم) قال شارح أبيات الايضاح البياني: هو أمر تعجيز، لأنه قد تحقق عنده أن ليس للمخاطب مثل آبائه. قال: وقوله: (يا جرير المجامع) أورده جار الله في أساس البلاغة مستشهدا ¬

_ (¬1) في أمالي ابن الشجري 1/ 328: (ومما حذفوا من الحروف الخافضة «من» في قوله: اخترت الرجال زيدا) يريد: من الرجال. وجاء في التنزيل (وَاخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلًا) أي من قومه. وقال الفرزدق: ومنا الذين ... البيت. (فالنصب في الرجال لوصول الفعل بعد حذف الخافض) اه.

فائدة: [الفرزدق]

به في قوله: (¬1) جمعتهم جامعة، أي أمر من الأمور التي يجتمع لها. وقوله: (فواعجبا) قال التدمري في شرح أبيات الجمل: يروى بالتنوين وطرحه. وقوله: (حتى كليب تسبّني)، استشهد به المصنف في مبحث «حتى» على دخولها على جملة الابتداء. وكليب بن يربوع رهط جرير، جعلهم في الضعة بحيث لا يسابون مثله لشرفه. ونهشل ومجاشع رهط الفرزدق، وهما ابنا دارم. والبطحاء: الموضع الواسع، وأراد هنا ببطحاء مكة. والراسيات: الثابتات. والفوارع، بفاء وراء وعين مهملة: الطوال، وآفاق السماء: نواحيها. وقمراها: الشمس والقمر، من باب التغليب. وقد أورد المصنف هذا البيت في الباب الثامن شاهدا عليه. وقيل: أراد بالقمرين هنا محمدا وإبراهيم الخليل عليهما الصلاة والسّلام، وبالنجوم الطوالع: الخلفاء الراشدين. ولئام، جمع لئيم، ضدّ الكريم. وأدقه، جمع دقيق، ضدّ الجليل. وقوله: (أشارت كليب) بالجر على حذف الجار وابقاء عمله، أي إلى كليب. ورواه ابن حبيب بالرفع، وقال: هو على تقدير: هذه كليب. وقال المصنف في شواهده: الأصل، أشارت الى كليب الأكف بالأصابع، فأسقط الجار وقلب الكلام، فجعل الفاعل مفعولا وعكسه. وقال غيره: يروى (أشرت) بدل أشارت. يريد أشارت إليها بأنها شرّ الناس. يقال: لا تشر فلانا ولا تشنعه، يعني لا تشر اليه بشرّ ولا تذكره بأمر قبيح. فائدة: [الفرزدق] الفرزدق اسمه همّام بن غالب بن صعصعة بن ناجية بن عقال بن محمد بن سفيان بن مجاشع بن دارم (¬2) بن مالك بن حنظلة بن مالك بن زيد بن مناة بن تميم، مقدّم شعراء العصر أبو فراس التميمي البصري. روى عن علي بن أبي طالب، وأبي هريرة، والحسين، وابن عمر، وابن سعيد، والطرماح الشاعر، وعنه الكميت الشاعر، ومروان الأصغر، وخالد الحذاء، ¬

_ (¬1) اساس البلاغة: (جمع). (¬2) وكذا في الشعراء 442، وطبقات ابن سلام 250.

وأشعث بن عبد الملك، والصعق بن ثابت، وابنه لبطة بن الفرزدق، وحفيده أعين بن لبطة. ووفد على الوليد وسليمان ومدحهما. وذكر الكلبي إنه وفد على معاوية. قال الذهبي: ولم يصح. قال ابن دريد: كان غليظ الوجه جهما، فلذلك لقب بالفرزدق، وهو الرغيف الضخم. وذكره الجمحي في الطبقة الاولى من الشعراء الاسلاميين (¬1). قال أبو عمرو (¬2): وكان شعر ثلاثة من شعراء الاسلام يشبّه بشعر ثلاثة من شعراء الجاهلية، الفرزدق بزهير، وجرير بالأعشى، والأخطل بالنابغة. قيل: فهلا شبهوا جريرا بامرئ القيس؟ قال: هو بالأعشى أشبه، كانابازيين يصيدان ما بين الكركي الى العندليب. وشبه شعر الفرزدق بشعر زهير لمتنانتهما واعتسارهما. والأخطل بالنابغة لقرب مأخذهما وسهولتهما. قال: وأفضل الثلاثة الأخطل، ولو أدرك من الجاهلية يوما واحدا ما قدمت عليه جاهليا ولا إسلاميا. وكان يونس يفضل الفرزدق على جرير ويقول: ما تهاجا شاعران قط في جاهلية ولا إسلام إلا غلب أحدهما على صاحبه، غيرهما فإنهما تهاجيا نحوا من ثلاثين سنة فلم يغلب واحد منهما على صاحبه. وقال أبو عمرو بن العلاء: لم أر بدويا أقام بالحضر إلا فسد لسانه غير رؤبة والفرزدق. وقال ابن شبرمة: كان الفرزدق أشعر الناس. وقال يونس بن حبيب: ما شهدت مشهدا قط ذكر فيه جرير والفرزدق فأجمع أهل ذلك المجلس على أحدهما. ¬

_ (¬1) ص 249 - 250 وما بعد. (¬2) أي أبو عمرو بن العلاء.

وقال ابن دابر: الفرزدق أشعر عامّة، وجرير أشعر خاصة. وأخرج أبو الفرج في الاغاني عن يونس قال: لولا شعر الفرزدق لذهب ثلث لغة العرب. وقال الجاحظ: كان الفرزدق صاحب نساء وزنى، وكان لا يحسن بيتا واحدا في صفاتهن واستمالة أهوائهن ولا في صفة عشق وتباريح حب. وجرير ضده في ارادتهنّ، وخلافه في وصفهن، أحسن خلق الله تشبيبا وأجودهم نسيبا (¬1). قال أبو عمرو بن العلاء: حضرت الفرزدق وهو يجود بنفسه، فما رأيت أحسن ثقة بالله منه. قال: وذلك في أول سنة عشر ومائة، فلم أنشب أن قدم جرير من اليمامة فاجتمع إليه الناس، فما أنشدهم ولا وجدوه كما عهدوه. فقلت له في ذلك، فقال: والله أطفأ الفرزدق جمرتي، وأسال عبرتي، وقرّب منيتي. ثم رد الى اليمامة فنعي لنا في رمضان من السنة. وقيل إنهما ماتا سنة احدى عشرة ومائة، وقيل سنة أربع عشرة ومائة. وأخرج ابن عساكر عن أبي الهيثم الغنوي قال: لما مات الفرزدق بكى جرير، فقيل له: أتبكي على رجل يهجوك وتهجوه منذ أربعين سنة؟ قال: إليكم عني، فو الله ما تسابّ رجلان ولا تناطح كبشان، فمات أحدهما إلا تبعه الآخر عن قريب. فمات بعده بأربعين يوما. وصعصعة جدّ الفرزدق صحابي قدم على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وله رواية، وكان يحيي الموؤدات. وأخرج ابن مندة وابن أبي الدنيا وابن عساكر عن مغيرة قال: لم يكن أحد من أشراف العرب بالبادية كان أحسن دينا من صعصعة جدّ الفرزدق، وهو الذي أحيا ألف موؤدة، وحمل على ألف فرس، وهو الذي افتخر به الفرزدق فقال: وجدّي الذي منع الوائدات … وأحيا الوئيد فلم يؤاد وجدّه محمد بن سفيان أحد من سمى محمدا في الجاهلية. ¬

_ (¬1) انظر البيان والتبيين 1/ 179 - 180.

فائدة: [شاعر يكنى أبا الفرزدق]

فائدة: [شاعر يكنى أبا الفرزدق] قال الآمدي في المؤتلف والمختلف: في الشعراء شاعر يكنى أبا الفرزدق، وهو العجير بن عبد الله السلولي، مولى لبني هلال. 2 - وأنشد: كما عسل الطّريق الثّعلب هذا بعض بيت لساعدة بن جوية يصف فيه الرمح، وأول القصيدة (¬1). هجرت غضوب وحبّ من يتجنب (¬2) … وعدت عواد دون وليك تشعب شاب الغراب ولا فؤادك تارك … ذكر الغضوب ولا عتابك يعتب وقوله: فتعاوروا ضربا وأشرع بينهم … أسلات ما صاغ القيون وركّبوا من كلّ أظمى عاتر لا شانه … قصز ولا راشي الكعوب معلّب خرق من الخطّيّ أغمض حدّه … مثل الشّهاب رفعته يتلهّب لدن بهزّ الكفّ يعسل متنه … فيه كما عسل الطريق الثّعلب قوله: (غضوب) هو اسم امرأة، بدليل أنه لم يصرفه، فإدخاله اللام فيه في قوله: (ذكر الغضوب) إما للضرورة كقوله: باعد أمّ العمرو من أسيرها أو انها للمح، فإنه منقول من الوصف. وقوله (حب من يتجنب) قال السكري: أي حب بها إلى متجنبة. وقال أبو نصر: يريد ما أحب إلينا من تتجنبنا، يعني هذه المرأة. وقال أبو عمرو: أي، أحب بها. وعدت عواد: أي صرفت صوارف. وقيل: ¬

_ (¬1) انظر الخزانة 1/ 474، وأشعار الهذليين 167 - 191. (¬2) ويروى: (يتحبب) كما في ديوان الهذليين.

شغلت شواغل، والمفرد عادية. والولي: القرب. وتشعب، بفتح أوّله والعين المهملة، تصرف. وقيل: لا تجئ على القصد، بل تأتي غير مستقيمة. ويروى: (عن طلابك تشغب) باعجام العين، أي تخالف بك. قوله: (شاب الغراب) أي طال عليك الأمر حتى كان ما لا يكون، لأن شيب الغراب لا يكون. ويروى (شاب القذال) وهو آخر ما يشيب من الرأس. ولا عتابك: يعتب بالبناء للمفعول، أي لا يستقبل بعتبى ولا رجوع. تعاوروا: تداولوا، أي ضرب بعضهم بعضا، هذا مرة وهذا مرة. ويروى (ضبرا) بالمعجمة والموحدة، أي وثوبا (¬1). واشرع: أورد الطعن كما تشرع الدابة للشرب. والأسل، بفتحتين، الرماح. والقين: الحداد. قال السكرى: وكل صانع قين إلا الكاتب. وأظمى: أسمر. وعاتر، بالمهملة والفوقية وراء، شديد الاضطراب. ويروى (من كل أسمر ذابل). والذابل: ما جف بعض الجفاف، وفيه لين. وشانه: عابه. والراشي: الخوار الضعيف (¬2). ومعلب، بالمهملة، أي مشدود بالعلباء، وهو عصب العنق. أي لم يشنه قصر فيه ولا شدّ لضعف فيه. وقوله: خرق، بكسر الخاء وسكون الراء، قال السكرى: ضربه مثلا فجعله في الرماح مثل الخرق في الرجال الذي يتخرق في الخير والمال. قال: ويقال الخرق الذي يتصرّف في الأمور. وقال الجمحي: خرق: ماض من حديد. وأغمض: ألطف وأرق. والشهاب: السراج. ولدن: أي ناعم، هكذا رواه سيبويه، والباء بمعنى في متعلقة به، أي لدن إذا هز، وإن كان صلبا إذا عجم. ورواه السكري: لذ، وفسره باللذيذ. وقال المصنف في شواهده: أي مستلذ عند الهز للينه. قال: والباء متعلقة بيعسل، ويعسل بالمهملتين أي يضطرب اضطراب الثعلب في عسلانه. وقال المصنف: العسلان: الاضطراب، وهو في الأصل سير سريع في اضطراب. وقال أبو عبيدة: يقال في الذئب عاسل، ومتنه: ظهره. قال ابن يسعون: شبهه بمتن الثعلب لما وصفه بالعسلان، وهو جريه الذي يضطرب فيه متنه. قال: ويحتمل أن يريد ثعلب الرمح، وهو طرفه الداخل في السنان، أي يضطرب وسطه كما يضطرب طرفه لاعتداله واستوائه. قال: ويجوز أن يكون نبه ¬

_ (¬1) في الخزانة 1/ 474 (ضبرا). وفسر الضبر بأنه الوثب. (¬2) ويقال ذلك للناقة اذا كانت ضعيفة الظهر.

فائدة: [ساعدة بن جوية]

بالأبعد على الأقرب، لأنه إذا اهتز وسطه فأطرافه أولى وبهذا جزم المصنف. قال السكري: ويروى (يعسل نصله). وقوله: فيه، قال السكري: أراد في كله، يقول: يضطرب نصله كما يضطرب الثعلب في الطريق إذا عدا، فأعاد الضمير على الرمح. وقال ابن يسعون: أي في الهز. وقال المصنف: الضمير للدن أو للهز، وصف رمحا لين المتن، فشبه اضطرابه في نفسه، أو في حال هزه بعسلان الثعلب في سيره. والكاف للتشبيه، وما مصدرية، أي كعسلان الثعلب. وقوله: الطريق أي في الطريق، فأسقط الجار وعدّى الفعل اتساعا. وقد أعاد المصنف هذا البيت في الكتاب الرابع والخامس. فائدة: [ساعدة بن جوية] قائل هذه الأبيات ساعدة بن جوية، بضم الجيم وفتح الواو بلا همز، وضبطه المصنف في شواهده بضم الجيم وفتح الهمزة وتشديد الياء، وقيل ابن جوين، بالنون، ابن عبد شمس بن كليب بن كعب بن صبيح بن كاهل بن الحارث بن تميم ابن سعد بن هذيل بن مدركة بن الياس بن مضر بن معد بن عدنان، شاعر مخضرم، أدرك الجاهلية والاسلام، وأسلم. وليست له صحبة. ذكره ابن حجر في الاصابة في القسم الثالث فيمن له إدراك ولا رؤية له (¬1). * * * ¬

_ (¬1) انظر الخزانة 1/ 267 - 268 (السلفية).

[حرف الهمزة]

الباب الأول شواهد الهمزة 3 - أنشد: أفاطم مهلا بعض هذا التّدلّل هذا صدر بيت لامرئ القيس بن حجر الكندي، من معلقته المشهورة، وتمامه: وإن كنت قد أزمعت صرما فاجملي وبعده: وإن كنت قد ساءتك منّي خليقة … فسلّي ثيابي من ثيابك تنسلي أغرّك منّي أنّ حبّك قاتلي … وأنّك مهما تأمري القلب يفعل وقد استشهد المصنف من هذه المعلقة بنحو من عشرين بيتا تأتي في محالها، وسيأتي مطلعها في حرف الفاء. وفاطم، بالفتح، منادى مرخم على لغة الانتظار، وهي فاطمة بنت العبيد بن ثعلبة العذرية. ومهلا: مصدر أمهل، وأصله امهالا، حذف زائدة وجعل بدلا من التلفظ بالفعل كضربا زيدا، وهو الناصب لبعض. وقيل: الناصب محذوف تقديره امهلي، وقيل اتركي. والتدلل، بالمهملة، من الدل بالفتح. والازماع بالزاي الاجماع على الشيء وتصميم العزم عليه. قال الكسائي: يقال أزمعت الأمر، ولا يقال أزمعت عليه. وقال الفرّاء: أزمعته وأزمعت عليه بمعنى. والصرم، بفتح الصاد المهملة، مصدر صرم الشيء قطعه، وبضمها اسم للقطيعة. والاجمال: الاحسان. والبيت استشهد به المصنف على ورود الهمزة لنداء القريب، واستشهد به في التوضيح على أن نداء ما فيه التاء مرخما أكثر من

فائدة: [امرئ القيس هذا، هو ابن حجر]

ندائه تاما. أخرج ابن عساكر عن الاصبغ بن عبد العزيز قال: سألت نصيبا، أي بيت قالت العرب أنسب! فقال قول امرئ القيس: أفاطم مهلا بعض هذا التدّلل ... البيت فائدة: [امرئ القيس هذا، هو ابن حجر] امرئ القيس هذا، هو ابن حجر، بتقديم الحاء المضمومة على الجيم الساكنة، ابن الحارث بن عمرو المقصور بن حجر آكل المرار ابن عمر بن معاوية ابن الحارث بن معاوية بن ثور بن مرتع بن معاوية بن كندة بن عفير بن عدي بن الحارث بن مرة بن أدد، يكنى أبا يزيد، ويقال أبو وهب، ويقال أبو الحارث، وبه جزم ابن دريد في الوشاح. وقال العسكري في كتاب التصحيف: سألت ابن دريد عن كنية امرئ القيس واسمه فتوقف، ثم قال: يقال عدي. فسألت عنهما أبا الحسين النسابة فذكر إن اسمه مليكة وكنيته أبو كبشة، وأن أباه كان ينهاه عن قول الشعر ويرفع نفسه وولده عن ذلك، وانه سمع منه شعرا فأمر غلاما له بقتله وأن يأتيه بعينيه، فانطلق الغلام فاستودعه جبلا منيفا، وعلم أن أباه سيندم على قتله، وعمد الى جؤذر كان عنده فنحره وامتلخ عينيه فأتى بهما حجرا حتى همّ بقتل الغلام، فقال له: أبيت اللعن، إني لم أقتله. قال: أين هو؟ قال: استودعته جبل كذا. قال: فائتني به، فأتاه به، فلم يقل بعدها شعرا حتى قتل أبوه. قال الأصمعي: وكان يقال لامرئ القيس الضّليل، ولجده عمرو الملك المقصور لأنه اقتصر على ملك أبيه. ووقع لامرئ القيس في الملك وقائع مع المنذر ابن ماء السماء وغيره وورد الروم واتبعه بحلة مسمومة فلما لبسها أحس بالموت ومات بانقرة من بلاد الروم. ومن الأقوال في اسم امرؤ القيس حندج، بضم الحاء والدال المهملتين وسكون النون بينهما وآخره جيم، حكاه ابن يسعون في شرح شواهد الايضاح. وقال التبريزي في شرح أبيات إصلاح المنطق: النسبة الى امرئ القيس مرقسي، وأشعر المراقسة ابن حجر هذا، وبعده امرؤ القيس الذائد، وهو أوّل من تكلم في نقد الشعر.

وقال العسكري في التصحيف: أئمة الشعر أربعة امرؤ القيس والنابغة وزهير والأعشى. وفي تاريخ النحويين للمرزباني: قال أبو عمرو: اتفقوا على أن أشعر الشعراء امرؤ القيس والنابغة وزهير والأعشى. فامرؤ القيس من اليمن، والنابغة وزهير من مضر، والأعشى من ربيعة. قال: وأشعر الأربعة امرؤ القيس ثم النابغة ثم زهير ثم الاعشى، ثم بعدهم جرير والفرزدق والأخطل. وقال يونس: كان علماء البصرة يقدّمون امرأ القيس، وأهل الكوفة يقدمون الأعشى، وأهل الحجاز والبادية يقدمون زهيرا والنابغة. وقال ابن سلام (¬1): مرّ لبيد بالكوفة في بني نهد (¬2) فسألوه: من أشعر الناس؟ قال: الملك الضليّل. قيل: ثم من؟ قال: الغلام القتيل، يعني طرفة. قيل: ثم من؟ قال: الشيخ أبو عقيل الجليل، يعني نفسه. وقال الأصمعي: سألت بشارا من أشعر الناس؟ فقال: أجمع أهل البصرة على امرئ القيس وطرفه. وقيل للفرزدق: من أشعر الناس؟ قال: امرؤ القيس اذا ركب، والنابغة اذا رهب، وزهير اذا رغب، والأعشى اذا طرب. وقد ذكر محمد بن سلام الجمحي (¬3) امرأ القيس في الطبقة الأولى من الشعراء الجاهليين. وقال الفرّاء: كان زهير واضح الكلام مكتفية بيوته، البيت منها بنفسه كاف، وكان جيد المقاطع، وكان النابغة جزل الكلام حسن الابتداء والمقطع، يعرف في شعره قدرته على الشعر، لم يخالطه ضعف الحداثة. وكان امرؤ القيس شاعرهم الذي علم الناس الشعر والمديح والهجاء بسبقه إياهم، وكان لطرفة شيء ليس بالكثير وليس كما يذهب اليه بعض الناس لحداثته، وكان لو منع لبث حتى يكثر معه شعره كان خليقا أن يبلغ المبالغ. وكان الأعشى يضع لسانه من الشعر حيث شاء. وكان الحطيئة نقي الشعر قليل السقط حسن الكلام مستويه. وكان لبيد وابن مقبل يجريان مجرى واحدا في خشونة الكلام وصعوبته، وليس ذلك بمحمود عند أهل الشعر وأهل العربية، يشتهونه لكثرة عربيته، وليس يجود الشعر عند أهله حتى ¬

_ (¬1) الطبقات 45. (¬2) أي في محلة بني نهد، وهم من قضاعة. (¬3) الطبقات 43 وما بعد.

يكون صاحبه يقدر على تسهيله وإيضاحه، فإذا نزلت عن هؤلاء فجرير والفرزدق فهما اللذان فتقا الشعر وعلما الناس وكادا يكونان خاتمي الشعراء. وكان ذو الرمة مليح الشعر يشبه فيجيد ويحسن، ولم يكن هجّاء ولا مدّاحا فيرفع، وليس الشاعر إلا من هجا فوضع أو مدح فرفع، كالحطيئة والأعشى، فإنهما كانا يرفعان ويضعان. وقال عمر بن شبّة في طبقات الشعراء: للشعر والشعراء الأول لا توقف عليه. وقد اختلف في ذلك العلماء وادعت القبائل كل قبيلة لشاعرها أنه الأوّل، ولم يدعوا ذلك لقائل البيتين والثلاثة لأنهم لا يسمون ذلك شعرا. فادّعت اليمانية لامرئ القيس. وبنو أسد لعبيد بن الأبرص. وتغلب لمهلهل، وبكر لعمرو بن قميئة والمرقش الاكبر، وإياد لأبي دواد. قال وزعم بعضهم أن الأفوه الأودي أقدم من هؤلاء، وأنه أوّل من قصد القصيد. قال: وهؤلاء النفر المدّعى لهم التقدّم في الشعر متقاربون، لعل أقدمهم لا يسبق الهجرة بمائة سنة أو نحوها. وقال أبو عمرو: افتتح الشعر بامرئ القيس وختم بذي الرمة. وقال أبو عبيدة، معمر بن المثنى: الشعراء المتقدّمون، يعني النوابغ، منهم: امرؤ القيس بن حجر، والنابغة زياد بن عمرو، وزهير ابن أبي سلمى، والأعشى رابعهم. وأخرج ابن عساكر عن ابن الكلبي قال: أتى قوم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فسألوه عن أشعر الناس فقال: ائتوا حسان، فأتوه. فقال: ذو القروح، يعني امرأ القيس، لأنه لم يعقب ولدا ذكرا بل أناثا، فرجعوا فأخبروا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فقال: صدق، رفيع في الدنيا خامل في الآخرة، شريف في الدنيا وضيع في الآخرة، هو قائد الشعراء إلى النار. وفي المؤتلف للآمدي: ان امرأ القيس كان يلقب ذا القروح لأنه لما لبس الحلة المسمومة تقرّح جلده ومات فقيل له ذا القروح. وأخرج ابن عساكر في تاريخه من حديث أبي هريرة مرفوعا: امرؤ القبس قائد الشعراء إلى النار، لأنه أوّل من أحكم قوافيه. وأصل الحديث في الصحيح بدون آخره بلفظ: حامل لواء الشعراء إلى النار. وقال ابن أبي شيبة في المصنف: حدثنا أبو أسامة عن أبي سراعة عن عبادة بن نسى قال: ذكر الشعراء عند النبي صلّى الله عليه وسلّم، فذكروا امرأ القيس، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: مذكور في الدنيا منكور في الآخرة، حامل لواء الشعراء في جهنم يوم القيامة. قال ابن سلام (¬1): سبق امرؤ القيس العرب إلى أشياء ابتدعها، استحسنتها ¬

_ (¬1) الطبقات 46.

العرب واتّبعته فيها الشعراء، منها: استيقاف صحبه، والبكاء في الديار (¬1)، ورقة التشبيب، وقرب المأخذ، وتشبيه النساء بالظباء والبيض، وتشبيه الخيل بالعقبان والعصى، وقيّد الأوابد، وأجاد في التشبيه، وفصل بين التشبيه وبين المعنى. وكان أحسن طبقته تشبيها. وأحسن الاسلاميين تشبيها ذو الرمة. وقال أبو عمرو ابن العلاء (¬2): سألت ذا الرمة عن أي قول الشعراء الذين وصفوا الغيث أشعر؟ فقال: قول امرئ القيس: ديمة هطلاء فيها وطف … طبق الأرض تحرّى وتدرّ تخرج الودّ إذا ما أشجذت … وتواريه إذا ما تشتكر وترى الضبّ خفيفا ماهرا … ثانيا برثنه ما ينعفر وترى الشّجراء في ريّقها … كرؤوس قطّعت فيها الخمر ساعة، ثم انتحاها وابل … ساقط الأكناف واه منهمر راح تمريه الصّبا ثم انتحى … فيه شؤبوب جنوب منفجر ثجّ حتّى ضاق عن آذيّة … عرض خيم فخفاف فيسر قد غدا يحملني في أنفه … لاحق الإطلين (¬3) محبوك ممرّ الديمة: المطر الدائم. والهطلاء: الغزيرة. ووطف: استرخاء. وتحرّى: تقصد. وتدر: تصب الماء. والودّ: جبل. وأشجذت: أقلعت. وتواريه: تستره. وتشتكر: يكثر ماؤها. وبرثنه: مخلبه. وينعفر: يلصق بالتراب. والشجراء: جماعة الشجر. وريقها: أوّلها. والخمر: جمع خمار. وانتحاها: قصدها. ووابل: أعظم المطر. وأكناف: النواحي. وواه: مسترخ. ومنهمر: سائل. وراح: جاء ¬

_ (¬1) انظر الشعراء 82، والخزانة 1/ 507 - 508 (¬2) الطبقات 78، والشعراء 58، والديوان 89 - 90. (¬3) ويروى: (الأيطل)، وهو الخاصرة والكشح.

بالعشي. وتمريه: تستخرج ماءه. وشؤبوب: مخففة. ومنفجر: سائل. وثج: صبّ. وآذيه: موجه. وعرض: سعة. وخيم بالفتح، وخفاف بالضم، ويسر بضمتين: مواضع. وأنفه: أوّل نباته. والاطلان: الخصران. ومحبوك: قوي. وممرّ: معتدل الخلق. وقال أبو عمرو بن العلاء: كان امرؤ القيس ينازع من يدّعي الشعر فنازع التوءم اليشكري (¬1)، فقال: إن كنت شاعرا فملط (¬2) انصاف ما أقول فأجزها، فقال: نعم، فقال امرؤ القيس: كأنّ هزيزه بوراء غيب (¬3) فقال التوءم: عشار واله لاقت عشارا فقال امرؤ القيس: فلما أن دنا لقفا أضاخ (¬4) ¬

_ (¬1) وصوابه انه نازع الحارث ابن التوءم كما سينص عليه في هذه الابيات وهو الذي رواه الرواة الثقاة غير أبي عمرو. أقول: قول السيوطي أن أول ما بدأ به امرؤ القيس في ممالطته المذكورة خلاف الواقع وفيه ارجاع الضمير الى غير مذكور والصواب وهو الحق اليقين وبه الرواية المحفوظة ان الممالطة واقعة بين الحارث ابن التوءم لا التؤم وأول قول إمرئ القيس فيها وهو الدليل القاطع على صحة ما قلناه، قال امرؤ القيس يخاطب الحارث: أحار ترى بريقا هب وهنا فقال الحارث: كنار مجوس تستعر استعارا الى آخر الشعر المحفوظ ويكون الضمير هزيزه المذكور راجع الى بريق المصغر في قول امرئ القيس اه شنقيطي. قلت: ذكر ابن رشيق ان التوءم اليشكري، اسمه الحارث ابن قتادة، وكذلك ياقوت. وانظر العمدة 1/ 176 و 2/ 87. (¬2) في القاموس: (ومالطه: قال نصف بيت وأتمه الآخر كملطه تمليطا). وانظر العمدة 2/ 87. (¬3) ويروى: (كأن هزيمه بوراء غيب). (¬4) ويروى: (فلما ان علا كتفي أضاخ) و (فلما أن علا شرجي أضاخ). وأضاخ من قرى اليمامة لبني نمير، ذكره ياقوت.

فائدة: [المسمون بامرئ القيس غير هذا جماعة]

فقال التوءم: وهت أعجاز ريّقه فحارا قال أبو حيان: في هذه القصة ردّ على من شرط في الكلام صدوره من ناطق واحد. فائدة: [المسمون بامرئ القيس غير هذا جماعة] المسمون بامرئ القيس غير هذا جماعة منهم: امرؤ القيس مهلهل بن ربيعة، وسيأتي الاستشهاد بشعره في لو، وامرؤ القيس بن حمام بن عبيدة بن هبل بن أبي زهير بن جناب بن هبل، وكلاهما كانا في عصر ابن حجر. وامرؤ القيس بن عمرو ابن معاوية بن السمط بن ثور، وامرؤ القيس بن النعمان بن الشقيقة، وامرؤ القيس ابن عانس الكندي، أدرك الاسلام فأسلم وله صحبة، وامرؤ القيس بن الأصبغ الكلبي، صحابي أيضا. وامرؤ القيس بن بكر الذائد، من كندة جاهلي. وامرؤ القيس بن الفاخر بن الطمّاح الخولاني، صحابي، وامرؤ القيس الكندي الملقب بالجفشيش بالجيم، ويقال بالحاء، ويقال بالخاء، له صحبة. وامرؤ القيس بن عديّ، من بني عليم، أسلم في زمن عمر. وامرؤ القيس بن جبلة السكوني، وامرؤ القيس بن عمرو بن الحارث السكوني، كندي جاهلي. وامرؤ القيس بن بحر الزهيريّ من ولد زهير بن جناب. وامرؤ القيس بن كلام بن رزام العقيلي. وامرؤ القيس بن مالك النميريّ. فائدة: [القصائد الحوليّات والمنقحات والمحكمات] قال الجاحظ في البيان (¬1): كان الشاعر من العرب يمكث في القصيدة الحول، ويسمون تلك القصائد الحوليّات والمنقحات والمحكمات، يصير قائلها فحلا خنذيذا، وشاعرا مفلقا. قال: وفي بيوت الشعراء الأوابد والأمثال، ومنها الشواهد والشوارد. والشعراء عندهم أربع طبقات: أوّلهم الفحل الخنذيذ، وهو التام، ودون الخنذيذ، الشاعر المفلق. ودون ذلك: الشاعر فقط، والرابع: الشّعرور. وقال بعضهم: طبقات الشعراء ثلاثة: شاعر، وشويعر، وشعرور. ¬

_ (¬1) البيان والتبيين 2/ 7 باختلاف اللفظ.

4 - وأنشد: دعاني إليها القلب إني لأمره … سميع فما أدري أرشد طلابها هذا من قصيدة لأبي ذؤيب الهذلي أوّلها: (¬1) أبا الصّرم من أسماء حدّثك الّذي … جرى بيننا يوم استقلّت ركابها زجرت لها طير الشمال فإن تكن … هواك الذي تهوى يصبك اجتنابها وقد طفت من أحوالها واردتها … سنين فأخشى بعلها وأهابها ثلاثة أحوال فلمّا تجرّمت … علينا بهون واستحار شبابها فقلت لقلبي: يا لك الخير إنّما … يدلّك للموت الجديد حبابها دعاني إليها القلب إنّي لأمره … سميع فما أدري أرشد طلابها (¬2) قال السكري: العرب تتشاءم بطير الشمال. وقوله: (فإن تكن هواك) يعني إن كانت الطير التي زجرها هواه يعني نفسها، يريد إن صدق هذا الطير سيصيبك اجتنابها، أي تنحيها وتباعدها (¬3). واستقلت: احتملت. والركاب: الابل. وقوله: زجرت، يروى بفتح التاء وضمها، وفيه التفات على الثاني، وعلى الفتح الالتفات في طفت أو في بيننا. وقوله: من أحوالها: أي حولها، فمن زائدة. والأحوال: جمع حول. وأهابها: أستحى أن أواجهها. وثلاثة أحوال: عطف بيان لسنين أو بدل. وتجرّمت، بالجيم، انقضت تلك السنون وتكملت. والهون: الهوان. واستحار، بالحاء المهملة، تم واجتمع. ودعاني: جواب لما، ويروى عصاني. قال الأصمعي: أي جعل لا يقبل منى وذهب إليها سفها. وروى مطيع بدل سميع، وهو ودعاني رواية ¬

_ (¬1) سمط اللألي 866، وديوان الهذليين 1/ 70. (¬2) ترتيب هذا البيت في ديوان الهذليين قبل البيت السابق. وفيه: (عصاني اليها ..). (¬3) في الهذليين: (زجرت لها طير السنيح)، ويروى: (زجرت لها طير السماء). وبعض العرب تتشاءم بالسنيح، قوله: فإن تصب هواك الذي تهوى، يعني الطير الذي زجره.

أبي عمرو. قال الأصمعي: والمعنى: فما أدرى أرشد أم غيّ، فحذف الغيّ، وهو محل الشاهد، وجوّز بعضهم. وقوله: يا لك الخير، قال السكري: أي يا قلب لك الخير، فهو على حذف المنادى. انتهى. ويجوز أن يكون (يا) للتنبيه، وهو الأولى في أمثاله عند ابن مالك. قلت: ويحسنه هنا أن القلب لما اشتغل بحبها فكأنه دخل في غمرة وغفلة فحسن تنبيهه بحرفه. والموت: الجديد. قال الاخفش: المغافص (¬1). وقال الباهلي: جديد الموت أوّله. والحباب: مصدر بمعنى الحب، يقال حابيته حبابا ومحابة. ومن أبيات هذه القصيدة وهي آخرها: فأطيب براح الشّأم صرفا وهذه … معتّقة صهباء وهي شيابها فما إن هما في صحفة بارقية … جديد حديث نحتها واقتضابها بأطيب من فيها إذا جئت طارقا … من اللّيل والتفّت عليك ثيابها رأتني صريع الخمر يوما فسؤتها … بقرّان إن الخمر شغب صحابها ولو عثرت عندي إذا ما لحيتها … بعثرتها ولا أسيء جوابها ولا هرّها كلبي ليبعد نفرها … ولو نبحتها بالشّكاة كلابها أطيب: صيغة تعجب. والشياب المزاج والخلط. وضمير هي راجع للشهدة، وهمالها وللخمر. والبارقية: نسبة إلى بارق، رجل كان يصنع الصحاف. والجديد والحديث: صفتان بمعنى. والاقتضاب: أخذها من شجرها حديثة. ويجوز أن يكون نحتها لأحد الوصفين، واقتضابها للآخر. فيكون فيه لف ونشر. وفي البيت «من» (¬2) أنواع البديع: التفضيل، وهو كثير في شعر العرب جدّا، وهو أن ينفي بما ونحوها عن ذي وصف أفعل تفضيل، فناسب لذلك الوصف فعدى بمن إلى ما يراد مدحه أو ذمّه، فتحصل المساواة من الاسم المجرور بمن وبين الاسم الداخل عليه ما، ¬

_ (¬1) يريد المفاجئ الآخذ على غرة. (¬2) مزيدة.

فائدة: [أبو ذؤيب هو خويلد بن خالد بن محرث]

لأنها نفت الأفضلية. فتبقى المساواة. وقرّان واد (¬1). وقوله: (ان الخمر ... الخ) هو النوع المسمى في المعاني بالتذييل. وفي البيت الذي يليه شاهد لجواب لو بإذن، ولحيتها: لمتها. وأسى: ماض مبنى للمفعول. قوله: (ولا هرّها. الخ) قال الأصمعي وغيره: هذا مثل، أي لا يأتيها من قبلي أذى ولو أتاني الأذى من قبلها. والنفر: مصدر نفر. والشكاة، بالفتح والقصر، القول القبيح. فائدة: [أبو ذؤيب هو خويلد بن خالد بن محرّث] أبو ذؤيب هو خويلد بن خالد بن محرّث، بالتشديد وكسر الراء، عند ابن دريد، وفتحها غيره، ابن زبيد، مصغر، بن مخزوم بن صاهلة بن كاهل بن الحارث بن تميم بن سعد بن هذيل، شاعر مجيد أدرك الجاهلية والاسلام، ورحل الى المدينة، والنبي صلّى الله عليه وسلّم في مرضه فمات قبل قدومه بليلة، وأدركه وهو مسجى، وصلى عليه وشهد دفنه. وغزا الروم في خلافة عمر ومات بها. وقيل: مات بطريق أفريقية في غزوتها. وقيل بمصر منصرفا عنها مع ابن الزبير. وقيل في طريق مكة في زمن عثمان. حكى ذلك ابن عبد البرّ في الاستيعاب. وفي الاغاني (¬2): قال أبو عمرو ابن العلاء: سئل حسان من أشعر الناس؟ فقال: حيّا أم رجلا؟ قالوا: حيا، قال: هذيل، وأشعر هذيل غير مدافع أبو ذؤيب قالوا: وتقدّم أبو ذؤيب على جميع شعراء هذيل بقصيدته العينية التي أوّلها (¬3): أمن المنون وريبها تتوجّع وقال الجمحي: أبو ذؤيب في الطبقة الثالثة من شعراء الجاهلية (¬4). قال: وأخبرني محمد بن معاذ المعمري قال (¬5): مكتوب في التوراة: أبو ذؤيب مؤلّف زوراء (¬6) واسم الشاعر بالعبرانية (مؤلف زوراء) أخرجه في الأغاني وذكره ابن عساكر في ¬

_ (¬1) في ياقوت أن قران واد قرب الطائف. (¬2) الاغاني 6/ 250 و 256 (الثقافة). (¬3) سيأتي في بحث شاهد (اذا)، وعجزه: والدهر ليس بمعتب من يجزع. وانظر الأغاني 6/ 251، وديوان الهذليين 1/ 1. (¬4) الطبقات 103. (¬5) الطبقات 110، والاغاني 6/ 250. (¬6) في الطبقات والاغاني (زورا) باهمال الهمزة، وكلام زور ومزور: محسن مثقف.

تاريخه فقال: شاعر مجيد مخضرم كان أشعر هذيل، وهذيل أشعر أحياء العرب. روى عنه صعصعة والد الهرماس الهذلي، ثم أخرج من طريق الهرماس بن صعصعة عن أبيه قال: حدثني أبو ذؤيب الشاعر قال: بلغنا أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عليل، وقع ذلك النبأ عن رجل من الحي قدم، فأوجس أهل الحيّ خيفة، فبت بليلة باتت النجوم طويلة الاباء لاينجاب ديجورها ولا يطلع نورها فظلت أقاسي طولها وأقارن عولها، حتى إذا كان دوين السفر وقرب السحر خفت، فهتف الهاتف وهو يقول: خطب أجلّ أناخ بالإسلام … بين النخيل ومعقد الآطام قبض النّبيّ محمد فعيوننا … تبدي الدّموع عليه بالتسجام قال أبو ذؤيب: فوثبت من نومي فزعا، فنظرت إلى السماء، فلم أر إلّا سعد الذابح، فتفاءلت به ذبحا يقع في العرب. وعلمت أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قد قبض، أو هو ميت، فركبت ناقتي وسرت، فلما أصبحت طلبت شيأ أزجره، فعنّ لي شيهم، يعني القنفذ، قد قبض على صلّ، يعني الحية، فهو يلتوي عليه، والشيهم يقضمه، حتى أكله. فزجرت ذلك وقلت: تلوّى الصل انفتال الناس عن الحق على القائم بعد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ثم أوّلت أكل الشيهم إياه غلبة القائم على الأمر. فحثثت ناقتي حتى إذا كنت بالعلية زجرت الطائر فأخبرني بوفاته، ونعب غراب سانح، فنطق بمثل ذلك فتعوّذت من شرّ ما عنّ لي في طريقي، وقدمت المدينة ولأهلها ضجيج بالبكاء كضجيج الحجيج اذا أهلوا بالاحرام، فقلت: مه، فقيل: قبض رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. فجئت إلى المسجد فوجدته خاليا فقلت: أين الناس؟ قيل: هم في سقيفة بني ساعدة، فشهدت مبايعة أبي بكر بها ورجعت فشهدت الصلاة على النبي صلّى الله عليه وسلّم ودفنه. قال صعصعة: وأنشد أبو ذؤيب يبكي النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم: لمّا رأيت النّاس في أحوالهم … ما بين ملحود له ومضرّح

فهناك صرت إلى الهموم ومن يبت … جار الهموم يبيت غير مروّح كسفت لمصرعه النّجوم وبدرها … وتزعزعت آكام بطن الأبطح وتحرّكت آجام يثرب كلها … ونخيلها لحلول خطب مفدح ولقد زجرت الطير قبل وفاته … بمصابه وزجرت سعد الأذبح وزجرت إذ نعب المسحج سانحا … متفائلا فيه بفأل أقبح قال: ثم انصرف أبو ذؤيب إلى باديته فأقام بها. وأخرج صاحب الأغاني أبو الفرج بن الحسين، وابن عساكر من طريقه، عن أبي عمر وعبد الله بن الحارث الهذلي قال: خرج أبو ذؤيب مع ابنه وابن أخ له يقال له أبو عبيد حتى قدموا على عمر بن الخطاب، فقال له: أيّ العمل أفضل يا أمير المؤمنين؟ قال: الايمان بالله ورسوله. قال: قد فعلت، فأية أفضل بعده. قال: الجهاد في سبيل الله. قال: ذلك كان عليّ ولا أرجو جنة ولا أخاف نارا. ثم خرج فغزا الروم مع المسلمين، فلما قفلوا أخذه الموت فدفن هناك فليس وراء قبره قبر يعلم للمسلمين. وقال وهو يجود بنفسه: أبا عبيد وقع الكتاب … واقترب الموعد والحساب وعند رجلي جمل نجاب … أحمر في حاركه انصباب 5 - وأنشد: بدا لي منها معصم حين جمّرت … وكفّ خضيب زيّنت ببنان (¬1) فو الله ما أدري وإن كنت داريا … بسبع رمين الجمر أم بثمان ¬

_ (¬1) الخزانة 4/ 447، وابن عقيل 2/ 69، وديوانه 556.

هذان من قصيدة لعمر بن أبي ربيعة قالها في عائشة بنت طلحة بن عبيد الله أحد العشرة المشهود لهم بالجنة، كذا قال الزبير بن بكار، أورد قبلهما: لقد عرضت لي بالمحصّب من منى … مع الحجّ شمس شبّهت بيمان وبعدهما: فلمّا التقينا بالثّنيّة سلّمت … ونازعني البغل اللّعين عناني فقلت لها: عوجي فقد كان منزلي … خصيب لكم ناء من الحدثان فعجنا فعاجت ساعة فتكلّمت … فظلّت لها العينان تبتدران قوله: بدا، بلا همز أي ظهر. والمعصم، بكسر الميم وفتح الصاد، موضع السوار من الساعد. وجمرت، بالفتح وتشديد الميم: رمت الجمار، والمصدر التجمير. وكف خضيب: خضبت بالحناء ونحوه. والكف الخضيب أيضا نجم. والبنان: أطراف الأصابع واحدها بنانة بالباء. وقوله: (وان كنت داريا) يحتمل أن تكون إن فيه نافية، أي: وما كنت داريا، فتكون تأكيدا للجملة قبلها. ويحتمل أن تكون مخففة من الثقيلة، أي وإني كنت قبل ذلك من أهل الدراية والمعرفة حتى بدا لي ما ذكر فسلبت الدراية. وهذا الاحتمال عندي أظهر ويؤيده ما سيأتي. وقوله: بسبع، على حذف همزة الاستفهام، أي أبسبع، وهو محل الاستشهاد. وقوله: رمين، قال البدر الدماميني: ضميره عائد إلى البنان، أو الى المرأة وصواحبها. قلت: البيت أنشده الزبير بن بكار بلفظ: فو الله ما أدري وإني لحاسب … بسبع رميت الجمر أم بثمان بتاء المتكلم في رميت (¬1) وهذا أوجه بلا شك، فإن الاخبار بذهوله عن فعله يشغل قلبه بما رأى، أبلغ من الاخبار بذهوله عن فعل الغير، وفيه سلامة من التأويل المذكور. ¬

_ (¬1) وكذا رواية الديوان.

فائدة: [عمر بن عبد الله بن أبي ربيعة عمر بن المغيرة]

فائدة: [عمر بن عبد الله بن أبي ربيعة عمر بن المغيرة] قائل هذه القصيدة عمر بن عبد الله بن أبي ربيعة عمر بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم بن يقظة بن كعب بن لؤيّ بن غالب بن فهر بن مالك ابن النضر بن كنانة المخزومي، أبو الخطاب، أحد فحول شعراء الحجاز. كان اسم أبيه بحيرا فسماه النبي صلّى الله عليه وسلّم عبد الله، وولد له في زمن عمر بن الخطاب. وقيل: بل ليلة قتل فسمي باسمه، وذكر ذلك لابن عباس فقال: أي حق رفع وأي باطل وضع، حكاه الجاحظ في البيان (¬1)، ووفد على عبد الملك بن مروان فوصله بمال عظيم لشرفه وبلاغة نظمه. ووفد على عمر بن عبد العزيز، وحدّث عن سعيد بن المسيب، روى عنه مصعب بن شيبة وعطاف بن خالد، أخرج ابن عساكر عن عمر بن زيد، كان يقال: من أراد رقة الغزل والنسيب فعليه بشعر عمر بن أبي ربيعة. وأخرج عن الهيثم بن عديّ قال: بعث عبد الملك بن مروان إليه وإلى جميل بن معمر العذري وإلى كثير عزة، وأوقر ناقة ذهبا وفضة، ثم قال: لينشدني كل واحد منكم ثلاثة أبيات فأيكم كان أغزل شعرا فله الناقة وما عليها، فقال عمر (¬2): فياليت أنّي حيث تدنو منيّتي … شممت الذي ما بين عينيك والفم وليت طهوري كان ريقك كلّه … وليت حنوطي من مشاشك والدّم وليت سليمى في المنام ضجيعتي … لدى الجنّة الخضراء أو في جهنّم (¬3) وقال جميل: حلفت يمينا يا بثينة صادقا … فإن كنت فيها كاذبا فعميت حلفت لها بالبدن تدمي نحورها … لقد شقيت نفسي بكم وعييت ولو أنّ راقي الموت يرقى جنازتي … بمنطقها في النّاطقين حييت ¬

_ (¬1) البيان والتبيين 2/ 72. (¬2) الخبر في ديوان عمر ص 471 - 472. (¬3) في الديوان برواية: (هنالك أم في جنة أم في جهنم).

وقال كثير: بأبي وأمّي أنت من معشوقة … ظفر العدوّ بها فغيّر حالها ومشى إليّ ببين عزّة نسوة … جعل المليك خدودهنّ نعالها ولو أنّ عزّة خاصمت شمس الضّحى … في الحسن عند موفّق لقضى لها فقال عبد الملك: خذ الناقة وما عليها يا صاحب جهنم. وأخرج ثعلب وابن عساكر عن محمد بن الحارث قال: دخل ابن أبي ربيعة على عبد الملك فقال: ما بقي من فسقك يا ابن أبي ربيعة؟ قال: بئست تحية الشيخ ابن عمه على بعد المزار (¬1). وأخرج ابن عساكر من طريق الأصمعي عن صالح بن أسلم قال: قال لي عمر بن أبي ربيعة: إني قد أنشدت من الشعر ما قد بلغك، ورب هذه البنية ما حللت إزاري على فرج حرام قط. قال الذهبي: وروى أن عمر بن أبي ربيعة غزا البحر فاحترقت سفينته واحترق رحمه الله. وهو من طبقة جرير والفرزدق وعبيد الله بن قيس الرقيات. وكانت وفاته سنة ثلاث وتسعين. 6 - وأنشد: طربت وما شوقا إلى البيض أطرب … ولا لعبا مني، وذو الشّيب يلعب هذا مطلع قصيدة للكميت يمدح بها أهل البيت عليهم السّلام، وبعده (¬2): ولم تلهني دار ولا رسم منزل … ولم يتطربني بنان مخضّب ولا أنا ممّن يزجر الطّير همه … أصاح غراب أم تعرّض ثعلب ¬

_ (¬1) الشعراء 539 باختلاف الالفاظ. (¬2) الهاشميات 15.

ولا السّانحات البارحات عشيّة … أمرّ سليم القرن أم مرّ أعضب ولكن إلى أهل الفضائل والتّقى … وخير بني حوّاء والخير يطلب إلى النّفر البيض الذين بحبّهم … إلى الله فيما نابني أتقرّب بني هاشم رهط النبيّ وأهله … بهم ولهم أرضى مرارا وأغضب ومنها: فمالي إلّا آل أحمد شيعة … ومالي إلّا مذهب الحقّ مذهب بأيّ كتاب أم بأيّة سنّة … ترى حبّهم عارا عليّ وتحسب وجدنا لكم في آل حم آية … تأوّلها منا تقيّ ومعرب على أيّ جرم أم بأيّة سيرة … أعنّف في تقريظهم وأكذّب ومنها: ألم ترني من حبّ آل محمّد … أروح وأغدو خائفا أترقّب فطائفة قد أكفرتني بحبّهم … وطائفة قالت: مسيء ومذنب قوله: طربت، بكسر الراء، والطرب: خفة تصيب الانسان لشدّة سرور أو حزن، وأطربه غيره، وتطربه. وقد استشهد الجوهري بقوله: ولم يتطربني على ذلك. واستشهد أبو حيان بالبيت على تقديم المفعول على عامله، ردّا على من يمنع ذلك، فإن شوقا مفعول له مقدّم على عامله، وهو أطرب. والبيض من النساء: جمع بيضاء.

واللعب واللهو قيل مترادفان، وفرّقت طائفة بينهما بفرق دقيق بينته في أسرار التنزيل. وقوله: وذو الشيب، على حذف همزة الاستفهام الانكاري، وهو محل الاستشهاد (¬1). ورسم المنزل والدار ما بقي من آثارهما لاصقا بالأرض. وبنان مخضب: قال في الصحاح: شدّد للمبالغة، أي لم أقف على الديار فأتذكر من عهدته بها فأطرب لذلك شوقا إليهنّ، ولم تطربني البنان المخضوبة لأني حبيب اللهو بالنساء. والزجر: العيافة، وهو ضرب من التكهن. تقول زجرت أن يكون كذا وكذا، وفاعل يزجر: همه، والطير مفعول. والسانح: ما مرّ من مياسرك الى ميامنك من طير أو ظبي. والبارح: ما مرّ من ميامنك الى مياسرك. والعرب تتيمّن بالسانح وتتشاءم بالبارح. وفي المثل: من لي بالسانح بعد البارح، والأعضب، بالعين المهملة والضاد المعجمة والباء الموحدة: المكسور القرن الداخل، وهو المشاش. ويقال المكسور أحد قرنيه. وقوله: ولكن إلى أهل الفضائل: عطفا على قوله: شوقا الى البيض. وقوله: إلى النفر، بدل من أهل الفضائل. ورهط الرجل: قومه وقبيلته. وقوله: بهم ولهم، فيه لف ونشر مرتب. فأرضى راجع إلى بهم. وأغضب راجع إلى لهم. وقوله: ومالي ... البيت. استشهد به النحاة على تقديم المستثنى على المستثنى منه. والشيعة: القوم أمرهم واحد يتبع بعضهم رأي بعض. وشيعة الرجل: أتباعه وأنصاره. يقال شايعه كما يقال والاه، والمشايع أيضا اللاحق. وقوله: أم بأية سنة، استشهد به على تأنيث أي بالتاء. وقوله: وتحسب، استشهد به المصنف في التوضيح على حذف مفعولي باب ظن للدليل. وآل حم: اسم للسور السبع التي أوّلها حم، ويقال لها أيضا الحواميم. والآية التي أشار اليها قوله تعالى في سورة حمسق (إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى). وقوله: تقي ومعرب، قال في الصحاح: المعنى الساكت عن التفضيل للتقية، والمفصح بالتفضيل. والجرم: الذنب. والسيرة: الطريقة. والتعنيف: التعيير ¬

_ (¬1) قال شارح السبع الهاشميات: وذو الشيب خبر وليس باستفهام. والمعنى لم أطرب شوقا إلى البيض، ولا طربت لعبا مني، وأنا ذو الشيب. وقد يلعب ذو الشيب ويطرب وإن كان قبيحا به، ولكن طربي، إلى أهل الفضائل والنهى. وتلهني من اللهو، يقال: الهاه يلهيه إلهاء، ولهوت عنه ألهو لهوا.

فائدة: [الكميت بن زيد بن خنيس]

واللوم. والتقريظ، بظاء معجمة، ويقال بالضاد الساقطة أيضا: المدح. وقيل: يختص بمدح الأنسان وهو حيّ. فائدة: [الكميت بن زيد بن خنيس] الكميت بن زيد بن خنيس (¬1) بن مجالد، أبو السهيل الأسدي الكوفي، شاعر زمانه. يقال إن شعره أكثر من خمسة آلاف بيت. روى عن الفرزدق، وأبي جعفر الباقر، ومذكور مولي زينب بنت جحش، وعنه والبة بن الحباب الشاعر، وحفص ابن سليمان القاضوي، وأبان بن ثعلب، وآخرون. وحديثه في البيهقي في نكاح زينب بنت جحش. ووفد على يزيد وهشام ابني عبد الملك. قال أبو عبيدة: لو لم يكن لبني أسد منقبة غير الكميت لكفاهم (¬2). وقال أبو عكرمة الضبي: لولا شعر الكميت لم يكن للغة ترجمان، ولا للبيان لسان. أخرجه ابن عساكر، وأخرج من طريق المبرد عن الزيادي قال: كان عم الكميت رئيس قومه فقال يوما: يا كميت، لم لا تقول الشعر؟ ثم أخذه فأدخله الماء، فقال: لا أخرجك منه أو تقول الشعر، فمرّت به قنبرة فأنشد متمثلا (¬3). يا لك من قنبرة بمعمر … خلا لك الجوّ فبيضي واصفري ونقّري ما شئت أن تنقّري فقال له عمه ورحمه: قد قلت شعرا، فقال هو: لا أخرج أو أقول لنفسي. ¬

_ (¬1) في الخزانة (الأخنس). (¬2) الخزانة: 1/ 99 (السلفية). (¬3) الأبيات تنسب الى طرفة. ويقال أن أول شعر قاله، أنه خرج مع عمه في سفر، فنصب فخا، فلما أراد الرحيل قال: يا لك من قبرة بمعمر … خلا لك الجو فبيضي واصفري ونقري ما شئت أن تنقري … قد رفع الفخ فماذا تحذري لا بد يوما أن تصادي فاصبري

فما رام حتى عمل قصيدته المشهورة، وهي أوّل شعره، ثم غدا على عمه فقال: اجمع لي العشيرة ليسمعوا فجمعهم له فأنشد: طربت وما شوقا إلى البيض أطرب القصيدة الى آخرها. وأخرج عن محمد بن عقير قال: كانت بنو أسد تقول: فينا فضيلة ليست في العالم ليس منزلا منّا إلا وفيه بركة وراثة الكميت، لأنه رأى النبي صلّى الله عليه وسلّم في النوم فقال له: أنشدني: طربت، فأنشده، فقال له: بوركت وبورك قومك. وكان الكميت شيعيا. قال المبرد: وقف الكميت، وهو صبي، على الفرزدق وهو ينشد فلما فرغ قال: يا غلام: أيسرك أني أبوك؟ قال: أما أبي فلا أريد به بدلا، ولكن يسرني أن تكون أمي. فحصر الفرزدق وقال: ما مر بي مثلها! أخرجه ابن عساكر، ويقال: ما جمع أحد من علم العرب ومناقبها ومعرفة أنسابها ما جمع الكميت، فمن صحح الكميت نسبه صح، ومن طعن فيه وهن. أخرجه ابن عساكر، وقال بعضهم: كان في الكميت عشر خصال لم تكن في شاعر: كان خطيب بني أسد، وفقيه الشيعة، وحافظ القرآن، وثبت الجنان، وكان كاتبا حسن الخط، وكان نسابة، وكان جدلا، وهو أول من ناظر في التشيع، وكان راميا لم يكن في بني أسد أرمى منه، وكان فارسا، وكان شجاعا، وكان سخيا دينا، أخرجه ابن عساكر. وأخرج عن محمد بن سهل قال: قال الكميت: رأيت في النوم، وأنا مختف، رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال: مم خوفك؟ قلت: يا رسول الله، من بني أمية. وأنشدته: ألم ترني من حبّ آل محمّد ... البيت فقال: اظهر، فإن الله قد أمّنك في الدنيا والآخرة. وأخرج عن الجاحظ قال: ما فتح للشيعة الحجاج إلا الكميت بقوله: فإن هي لم تصلح لحيّ سواهم … فإنّ ذوي القربى أحقّ وأوجب

يقولون لم يورث ولولا تراثه … لقد شركت فيها بكيل وأرحب (¬1) وأخرج عن أبي عكرمة الضبي عن أبيه قال: أدركت الناس بالكوفة من لم يرو: طربت وما شوقا إلى البيض أطرب فليس بهاشميّ، ومن لم يرو: ذكر القلب إلفه المهجور فليس بأموي، ومن لم يرو: وهلّا عرفت منازلا بالأبرق فليس بمهلبيّ، ومن لم يرو: طربت وهاجك الشوق الحبيب فليس بثقفي. وقال المفضل: ليس الكميت والطرماح وكثير وذو الرمة بحجة. دكره ابن الأعرابي في نوادره. قال ابن عساكر: ولد الكميت سنة ستين ومات سنة ست وعشرين ومائة. قال ابن يسعون: والكميت هذا هو الكميت الآخر، والكميت الأوسط هو الكميت بن معروف بن الكميت الأول ابن ثعلبة بن نوفل بن الأشتر بن حجوان بن فقعس الأسدي. 7 - وأنشد قول عمر بن أبي ربيعة: ثمّ قالوا: تحبّها؟ قلت بهرا … عدد الرّمل والحصى والتّراب (¬2) هذا من قصيدة له كتب بها إلى الثريا بنت عبد الله بن الحارث العبشمية لما صرمته. كذا أخرجه ابن عساكر عن الزبير بن بكار. وأول القصيدة: ¬

_ (¬1) بكيل وارحب: قبيلتان، والبيت مع غيره في الشعراء 564 (¬2) ديوانه 29 - 32، وهو في الموشح أيضا.

قال لي صاحبي، ليعلم مابي: … أتحبّ القتول أخت الرّباب قلت: وجدي بها كوجدك بالعذ … ب إذا منعت برد الشّراب (¬1) من رسولي إلى الثّريّا بأنّي … ضقت ذرعا بهجرها والكتاب أزهقت أم نوفل إذ دعتها … مهجتي ما لقاتلي من متاب حين قالت: قومي أجيبي، فقالت (¬2) … من دعاني؟ قالت: أبو الخطّاب فأجابت عند الدّعاء كما لبّى … رجال يرجون حسن الثّواب أبرزوها مثل المهاة تهادى … بين خمس كواعب أتراب فتبدّت، حتّى إذا جنّ قلبي … حال دوني ولا ند بالثّياب وهي مكنونة تحيّر منها … في أديم الخدّين ماء الشّباب حين شبّ القبول والعتق منها (¬3) … حسن لون يرفّ كالزرياب ذكرتني من بهجة الشمس لما … طلعت في دجنّة وسحاب دمية عند راهب قسّيس … صوّروها في مذبح المحراب فارجحنّت في حسن خلق عميم … تتهادى في مشيها كالحباب ثم قالوا: تحبّها؟ قلت: بهرا … عدد القطر والحصى والتّراب سلبتني مجاجة المسك عقلي … فسلوها بما يحلّ اغتصابي ¬

_ (¬1) في ديوانه: (طعم الشراب). (¬2) في ديوانه: (حين قالت لها أجيبي). (¬3) رواية الديوان: (حين شب القتول، والجيد منها).

القتول: علم لامرأة منقول من الوصف، يقال: امرأة قتول، أي قاتلة. والرباب، بالفتح: علم لامرأة منقول من اسم السحاب. والوجد: الشغف. والعذب: الماء الطيب. ويقال: ضقت بالأمر ذرعا، إذا لم تطقه ولم تقو عليه. وأصل الذرع بسط اليد كأنك تريد: مددت يدي إليه فلم تنله. وقوله: والكتاب: قسم. والازهاق: اخراج الروح، يقال زهقت نفسه، خرجت. وأزهقها غيره. قال المدرج: الزهق بكسر الهاء القاتل. والزهق، بالفتح المقتول. وقوله: مهجتي، تنازع فيه ازهقت ودعتها. ويقال: خرجت مهجته، أي روحه. وأصل المهجة الدم. وقيل: دم القلب خاصة. والمتاب التوبة. وأبو الخطاب: كنية عمر ابن أبي ربيعة. والمهاة بفتح الميم، البقرة الوحشية، والجمع مها، بالفتح أيضا. وتهادى: مضارع حذف منه احدى التاءين، يقال: تهادت المرأة إذا تمايلت في مشيتها. والكواعب، جمع كاعب، وهي الجارية حين يبدو ثديها للنهود. والأتراب، جمع ترب، بالكسر، يقال: هذه تربة هذه أي لدتها. والولائد، جمع وليدة، وهي الصبية والأمة. وجارية مكنونة: مستورة. وتخير الماء: اجتمع. وأديم الخدّين: جلدهما. وماء الشباب: رونقه ونضارته. وشب: أظهر وحسن. والعتق: الكرم والجمال، يقال: ما أبين العتق في وجه فلان. ورف لونه يرف، بالكسر، برق وتلألأ. الزرياب، بزاي ثم راء تحتية وآخره موحدة، هو الذهب أو ماؤه كما في القاموس. والدجنة، بضم المهملة والجيم وفتح النون المشدّدة، الغيم المطبق والظلمة. والدمية، بضم المهملة، الصورة من العاج. ومذبح المحراب: من إضافة البيان. قال في الصحاح: المذابح المحاريب سميت بذلك للقرابين. وارجحنت، بجيم ثم حاء مهملة ونون مشددة، مالت واهتزت. والحباب بالضم: الحية. وقوله بهرا، قال في الصحاح أي عجبا، وجزم به ابن مالك في شرح التسهيل، وجعله مصدرا لا فعل له. وأورد البيت شاهدا على نصبه بعامل لازم الاضمار لانه بدل اللفظ بفعل قيل له موضع، وقيل التقدير: أحبها حبا بهرني بهرا، أي غلبني غلبة. وأورد الزبير بن بكار البيت بلفظ «قلت ضعفي عدد الرمل ... الخ.» وقوله: تحبها، على حذف همزة الاستفهام، وهو محل الاستشهاد وبه جزم أبو حيان. وقال ابن الأعرابي في نوادره: المبهور المكروب وأنشد البيت. وقيل:

معناه جهرا لا أكاتم، من قولهم: القمر الباهر أي الظاهر ضوءه. وقيل معناه: تبا كأنه قال: تبا لهم لما أنكروا عليه حبها، لأن قوله: تحبها على الانكار. والمجاجة، بجيمين، الريق يمج من الفم. والثريا المذكورة، قال إسحق الموصلي: كانت من أكمل النساء وأحسنهم خلقا، فكانت تأخذ جرّة من الماء فتفرغها على رأسها فلا يصيب باطن فخذها قطرة من عظم كفلها، وهي التي قال فيها ابن أبي ربيعة أيضا لما تزوجت سهيل بن عبد الرحمن بن عوف: (¬1) أيّها النّاكح الثّريّا سهيلا … عمرك الله كيف يلتقيان هي شامية إذا ما استقلت … وسهيل إذا استقلّ يماني 8 - وأنشد: أصطبار لسلمى أم لها جلد (¬2) هو لقيس بن الملوح، وتمامه: إذا ألاقي الّذي لاقاه أمثالي؟ أي من الموت كني عنه بذلك تسلية لهذه المرأة، واستشهد به المصنف على دخول الهمزة على النفي. فإن الاستفهام هنا على حقيقته وكذا النفي. 9 - وأنشد: ألستم خير من ركب المطايا … وأندى العالمين بطون راح (¬3) ¬

_ (¬1) ديوانه 586 (¬2) ابن عقيل 1/ 154 (¬3) ديوانه 98، والبيت في الشعراء 349 وطبقات ابن سلام 320 و 349 و 357 و 426 والأغاني 8/ 305.

هذا من قصيدة لجرير يمدح بها عبد الملك بن مروان. قال أبو بكر محمد بن القاسم الأنباري في أماليه: حدثنا أبي ثنا أبو محمد عبد الله بن رستم قال: قال يعقوب بن السكيت: حدثني عمارة بن عقيل عن بعض أشياخهم عن جرير الخطفي قال: أوفدني الحجاج إلى عبد الملك بن مروان عاشر عشرة، فدخلت عليه وعنده الأخطل فأنشدته: أتصحو أم فؤادك غير صاح … عشيّة همّ صحبك بالرّواح فقال: لا بل فؤادك! ثم مريت في القصيدة الى قولي: تعزّت أمّ حزرة ثمّ قالت: … رأيت الموردين ذوي لقاح فقال: لا أروى الله عيمتها (¬1). وبعد هذا البيت: تعلّل وهي ساغبة بنيها … بأنفاس من الشّبم القراح سأمتاح البحور فجنّبيني … أذاة اللّوم وانتظري امتياحي ثقي بالله ليس له شريك … ومن عند الخليفة بالنّجاح أغثني، يا فداك أبي وأمّي، … بسيب منك إنك ذو ارتياح فإنّي قد رأيت عليّ حقّا … زيارتي الخليفة وامتداحي سأشكر أن رددت عليّ ريشي … وأنبتّ القوادم في جناحي ألستم خير من ركب المطايا … وأندى العالمين بطون راح فقال عبد الملك: نحن كذلك!!. وقوم قد سموت لهم فدانوا … بدهم في ململمة رداح ¬

_ (¬1) العيمة: شدة العطش.

أبحت حمى تهامة بعد نجد … وما شيء حميت بمستباح لكم شمّ الجبال من الرّواسي … وأعظم سيل معتلج البطاح القصيدة بتمامها. فقال: من كان مادحنا فليمدحنا هكذا، وأمر لي بمائة ناقة وثمانية أرقاء من السبي، وجام فضة. هذا إسناد جيد متصل إلى جرير، أخرجه ابن عساكر في تاريخه بسنده إلى ابن الأنباري، وأورد القصيدة بتمامها، وأنا انتخبتها. وله طرق أخر استوعبها ابن عساكر في تاريخه. وأم حزرة: زوج جرير وافقت كنيتها كنيته. والموردون: الذين يوردون إبلهم المياه. واللقاح، جمع لقحة، وهي الناقة التي لها لبن. والعيمة، بفتح المهملة، شدة شهوة اللبن. كما أن الغيمة بالمعجمة، شدة شهوة الماء. والأيمة: شدة شهوة النكاح، والقرم: شدة شهوة اللحم. والساغبة: الجائعة. والانفاس: جرع لا تبلغ غاية الري. والشبم: الماء البارد. والشبم، بفتحها، البرد. والقراح: الماء الخالص الذي لا يخلط به لبن ولا غيره. سأمتاح: سأستقي، وهو مثل. والبحور كناية عن الملوك. والسيب: العطاء. والارتياح: الخفة للعطاء. والقوادم: عشر ريشات في الجناح، وما فوق ذلك الخوافي. وسموت: ارتقيت. والدهم: الخيل الكثير. والململمة: الكتيبة التي بعضها داخل في بعض. والرداح: الضخمة. وتهامة: الناحية الجنوبية من الحجاز. ونجد: الناحية التي بين الحجاز والعراق. قال الواقدي: الحجاز من المدينة الى تبوك، ومن المدينة الى طريق الكوفة وما وراء ذلك، إلى أن تشارف أرض البصرة، فهو نجد، وما بين العراق وبين وجرة وعمرة الطايف نجد، وما كان وراء وجرة إلى البحر فهو تهامة، وما كان بين تهامة ونجد فهو حجاز، قوله: وما شيء حميت بمستباح أورده المصنف في الكتاب الرابع شاهدا لحذف العائد المنصوب بين جملة الصفة، أي حميته. والبطاح: جمع أبطح، وهو وسط الوادي، يكون فيه رمل وحصا صغار. ومعتلجة: حيث تجمع ويدفع بعضه بعضا. والمطايا: جمع مطية، وهي

فائدة: [جرير هو ابن عطية بن الخطفي]

الدابة تمطو في مشيها، أي تسرع. وأندى: أسخى. والراح: جمع راحة وهي الكف. قال الزبير في الموفقيات: اجتمع جماعة من العلماء والرواة فتذاكروا المديح فقالوا: أمدح الشعر؟ فقال جعفر بن حسين اللهبي: قول جرير لعبد الملك: ألستم خير من ركب المطايا … وأندى العالمين بطون راح فقال مسلم بن الزناد: ليس هذا بشيء، قد يرغب الرجل فيمدح. فقال محمد ابن الضحاك بن عثمان: قول الأعور ابن براء الكلابي: وذي إبل لولا كلاب أراحها … ولكنه مولى كلاب فعذبا فقال مسلم: إن هذا المديح، وأريد أشرح من هذا. فقال أبو غزية: قول معن ابن أوس المزني لحمزة بن عبد الله بن الزبير: إنّك فرع من قريش وإنّما … تمج النّدى منها الفروع الشّوارع غنوا قادة للنّاس بطحاء مكة … لهم سقايات الحجيج الدوافع فلمّا دعوا للموت لم تبك مثلهم … على حدث الدّهر العيون الدّوامع فصاح مسلم بن أبي الزناد: الآن حمي الوطيس هكذا يكون المديح. فائدة: [جرير هو ابن عطية بن الخطفي] جرير هو ابن عطية بن الخطفي بفتحات، وهو حذيفة بن بدر بن سلمة بن عوف ابن كليب بن يربوع بن مالك بن حنظلة بن مالك بن زيد مناة بن تميم، أبو حزرة، بالحاء المهملة، التميمي البصري الشاعر المشهور. مدح يزيد بن معاوية، ومن بعده من الأمويين، وإليه المنتهى والى الفرزدق في حسن النظم. وقال بشار بن برد: كان جرير يحسن ضروبا من الشعر لا يحسنها الفرزدق. وقال يونس: كان الفرزدق يتضوّر ويجزع اذا أنشد لجرير، وكان جرير أصبرهما. وقال بشار: أجمع أهل

الشام على جرير والفرزدق والأخطل، والأخطل دونهما، ومن من فضل جرير على الفرزدق ابن هرمة وعبيدة بن هلال. قال يونس: قال الفرزدق لامرأته النوار: أنا أشعر أم ابن المراغة؟ قالت: غلبك على حلوه وشركك في مرّه. وقال محمد بن سلام: ذاكرت مروان بن أبي حفصة قال: ذهب الفرزدق بالفخار وانما حلو القريض ومرّه لجرير. وقال الكلبي: مدح أعرابي عبد الملك بن مروان فأحسن، فقال له عبد الملك: تعرف أهجي بيت في الاسلام قال: قول جرير: فغضّ الطّرف إنّك من نمير … فلا كعبا بلغت ولا كلابا قال: أصبت! فهل تعرف أمدح بيت قيل في الاسلام؟ قال: نعم، قول جرير: ألستم خير من ركب المطايا … وأندى العالمين بطون راح قال: أصبت، فهل تعرف أرق بيت قيل في الاسلام؟ قال: نعم، قول جرير: إنّ العيون الّتي في طرفها مرض … قتّلننا ثمّ لم يحيين قتلانا يصرعن ذا اللّبّ حتّى لا حراك به … وهنّ أضعف خلق الله أركانا قال: أصبت، فهل تعرف جرير؟ قال: لا، وإني الى رؤيته لمشتاق. قال: فهذا جرير وهذا الفرزدق وهذا الأخطل، فأنشأ الأعرابي يقول: فحيّا الإله أبا حزرة … وأرغم أنفك يا أخطل وجد الفرزدق أنفس به … ودقّ خياشيمه الجندل فأنشأ الفرزدق يقول: بل أرغم الله أنفا أنت حامله … يا ذا الخنا ومقال الزّور والخطل ما أنت بالحكم التّرضى حكومته … ولا الأصيل ولا ذي الرّأي والجدل

فغضب جرير وقال أبياتا. ثم وثب وقبل رأس الأعرابي وقال: يا أمير المؤمنين، جائزتي له، وكانت كل سنة خمسة عشر ألفا. فقال عبد الملك: وله مثلها مني. أخرجه ابن عساكر في تاريخه بسنده الى الكلبي. وروينا في طبقات الشعراء عن أبي عمرو بن العلاء قال: دخل أعرابي من أهل البادية فقال له عبد الملك بن مروان: ألك بالشعر علم؟ قال: نعم، قال: أيّ بيت أهجى؟ قال بيت جرير: أيا أيّها الغيث الّذي شحّ وابله … كأنّك تحكي راحة ابن هشام قال: فأي بيت أغزل؟ قال بيت جرير: إن العيون ... البيت، قال: فأي بيت أنعى؟ قال: بيت جرير: يا أيّها النّاس لا تبكوا على أحد … بعد الّذي بضمير وافق القدرا فقال جرير: يا أمير المؤمنين، عطائي للأعرابي. فقال عبد الملك: ومثله من مالنا. مات جرير سنة عشر ومائة بعد الفرزدق بشهر. وفي البيان للجاحظ (¬1): انما سمي جدّ جرير الخطفي لأبيات قالها: يرفعن باللّيل ما أسدفا … أعناق جنّان وهاما رجّفا وعنقا باقي الرّسيم خيطفا أي سريعا كالخطف. قال (¬2): وقد سمي بشر كثير بما قالوه في شعرهم كالمرقش عمرو بن سعد بن مالك، غلب عليه مرقش لقوله: الدّار قفر والرّسوم كما … رقّش في ظهر الأديم قلم ¬

_ (¬1) البيان والتبيين 1/ 283 (¬2) البيان والتبيين 1/ 288.

وعوف بن حصن بن حذيفة بن بدر، غلب عليه عويف القوافي لقوله: سأكذب من قد كان يزعم أنّني … إذا قلت شعرا لا أجيد القوافيا ويزيد بن ضرار الثعلبي، غلب عليه المزرد لقوله: فقلت تزرّدها عبيد فإنّني … لدرد الموالي في السّنين مزرّد وسالم بن نهار العبدي (¬1) غلب عليه الممزق لقوله: فإن كنت مأكولا فكن خير آكل … وإلّا فأدركني ولمّا أمزّق وجرير بن عبد المسيح، غلب عليه المتلمس لقوله: فهذا أوان العرض حيّ ذبابه (¬2) … زنابيره والأزرق المتلمّس وعمر بن رياح السلمي، والد الخنساء، غلب عليه الشريد لقوله: تولّى إخوتي وبقيت فردا … وحيدا في ديارهم شريدا وقد عقد ابن دريد بابا في الوشاح لمن لقب من الشعراء ببيت قاله، فذكر فيه جماعة. وستأتي مفرّقة في هذا الكتاب. 10 - وأنشد: أطربا وأنت قنسريّ … والدّهر بالإنسان دوّاريّ (¬3) هذا من أرجوزة للعجاج، وقبله وهو أولها: بكيت والمحتزن البكيّ … وإنّما يأتي الصّبا الصّبيّ ¬

_ (¬1) اتفقت المصادر على أن اسم الممزق شأس بن نهار وفيّ المرزباني (يزيد) ولم تذكر المصادر ان اسمه (سالم) ولعله خطأ في الاصل. وانظر الشعراء 360، والبيان 1/ 289، وطبقات ابن سلام 232، والاصمعيات 47. (¬2) في البيان: (طن ذبابه). (¬3) الخزانة 3/ 511، والبيان 1/ 180.

فائدة: [العجاج]

بكيت والمحتزن البكيّ … وإنّما يأتي الصّبا الصّبيّ قال في الصحاح: احتزن وتحزن بمعنى، وأنشد البيت. والبكيّ: الكثير البكاء بوزن فعيل. والصبا، بكسر أوّله والقصر، التصابي، والميل الى الجهل. وطربا: نصب بفعل مقدّر أي أتطرّب. قال ابن يسعون: وإنما ذكر المصدر دون الفعل لأنه أعز وأبلغ في المراد، والهمزة للانكار التوبيخي، وهو محل الاستشهاد. وقد استشهد به ابن مالك على وجوب حذف عامل المصدر الواقع في توبيخ، والمشهور أنه منصوب على أنه مفعول مطلق. وقيل: إنه على الحال المؤكد، أي أتطرّب في حال طرب، حكى ذلك أبو حيان. وقنّسريّ: شيخ كبير، بكسر القاف وفتح النون المشدّدة وسكون السين المهملة وراء وياء مشدّدة. قال الجوهري: ويروى بكسر النون. وقنسري أيضا نسبة الى قنسرين بلد الشام وفي نونه الفتح والكسر. وفي الصحاح: الدوّاري: الدهر يدور بالانسان أحوالا، وأنشد البيت. ومن أبيات هذه الارجوزة المستشهد بها في كلام أئمة العربية قوله: كنّا بها إذا الحياة حيّ الحيّ: مصدر بمعنى الحياة، إذا الحياة حياة غير متكدرة ولا منغصة. وقيل: حيّ جمع حياة كبدنة وبدن. فائدة: [العجاج] العجاج اسمه عبد الله بن رؤبة بن لبيد بن صخر بن كثيف بن عمرو بن حيّ. وقيل: عميرة بن حني بن ربيعة بن سعد بن مالك بن سعد بن زيد مناة بن تميم، أبو الشعثاء التميمي والد رؤبة راجز مجيد عدّه الجمحي في الطبقة التاسعة من الشعراء الاسلاميين (¬1). وقال المرزباني: ولد في الجاهلية وقال فيها أبياتا ومات في أيام الوليد بن عبد الملك، وقد أفلج وأقعد، وهو أوّل من رفع الرجز وشبهه بالقصيد وجعل له أوائل ولقب العجاج ببيت قاله هو: ¬

_ (¬1) الطبقات 571.

حتّى يعجّ عندها من عجعجا قال ابن عساكر: وله رواية حديث عن أبي هريرة وأبي الشعثاء، روى عنه ابنه رؤبة عن الأصمعي قال: قيل للعجاج إنك لا تحسن الهجاء، فقال: إنّ لنا أحلاما تمنعنا من أن نظلم، وأحسابا تمنعنا من أن نظلم، وهل رأيت بانيا إلا وهو على الهدم أقدر منه على البناء. وفي البيان للجاحظ (¬1): قال العجاج: قلت أرجوزتي التي أولها: بكيت والمحتزن البكيّ وأنا بالرمل، في ليلة واحدة، فانثالت عليّ قوافيها انثيالا، وإني لأريد اليوم دونها في الأيام الكثيرة فما أقدر عليه. 11 - وأنشد: لتقر عنّ عليّ السّنّ من ندم … إذا تذكّرت يوما بعض أخلاقي هذا آخر قصيدة لتأبط شرّا، واسمه ثابت بن جابر بن سفيان بن عديّ بن كعب ابن حرب بن تيم بن سعد بن فهم بن عمرو بن قيس عيلان بن مضر بن نزار ومطلعها (¬2) ¬

_ (¬1) البيان والتبيين 1/ 180. (¬2) قول السيوطي: ومطلعها يا عيد. وأنشد بعده: ولا أقول إذا ما خلة صرمت لقد ترك ستة أبيات بين البيتين، وقد حرف آخر البيت الرابع بقوله: هذا بين إرقاق. وفسره بقوله: والهذ: الاسراع. وحرف بعده قافية البيت بقوله: بين إرقاق. وفسره بقوله: والارقاق مصدر رقيقه. وكذلك حرف أوّل البيت الخامس بقوله: عاري الطنابيب، بالطاء المهملة. وفسره بقوله جمع مطنب وهو ما بين المنكب والعاتق. وهذا شيء غير منقول وغير معقول فقد حرف الرواية المجمع عليها التي هي الصواب (عاري الظنابيب) بالظاء المشالة أي المعجمة جمع ظنبوب كعصفور وهو ظاهر عظم الساق والصواب في قوله هذا: هدا، بالدال المهملة، وهو الصوت الغليظ. والارفاق في قول الشاعر: هدا بين إرفاق أو بين ارباق، فالمراد بالارفاق الرفاق، كأنه جمع على تقدير حذف الزوائد والارباق جمع ربق وهي الحلق التي تجعل في الحبل لتربط بها أولاد الغنم الصغار والصواب: أرفاق بالفاء وفتح الهمزة ويروى أرباق بفتح الهمزة واسكان الباء اه. باملاء حضرة الاستاذ محمد محمود الشنقيطى. قلت: انظر المفضليات 27 - 31 وفيه ما يؤيد اعتراض المرحوم الشنقيطي.

يا عيد مالك من شوق وإيراق … وكرّ طيف على الأهوال طرّاق (¬1) ولا أقول إذا ما خلّة صرمت … يا ويح نفسي من شوق وإشفاق لكنّما عولي إن كنت ذا عول … على بصير بكسب الحمد سبّاق سبّاق غايات مجد في عشيرته … مرجّع القول هذّا بين إرقاق عاري الطّنابيب، ممتدّ نواشره … مدلاج أدهم واهي الماء غسّاق حمّال ألوية، شهّاد أندية … قوّال محكمة جوّاب آفاق قرع السنّ: ضربها بطرف الأنملة ونحوها. والندم: التأسف. والاخلاق، جمع خلق بضمتين، وقد يسكن: السجية والطبع. والعيد: ما اعتادك من نوم أو غيره. قال: فالقلب يعتاده من حبّها عيد والكرّ: الرجوع. والطيف: ما يجيء في النوم. والخلة: الصديقة. وصرمت: قطعت. والاشفاق: بمعنى الحذر، فيعدّى بمن، نحو أشفقت منه. وبمعنى الشفقة فيعدى بعلى، نحو أشفت عليه. والعول: بكسر المهملة وفتح الواو. قال في الصحاح: يقال: عول عليّ بما شئت أي استغن بي، كأنه يقول: احمل عليّ ما أحببت، وما له في القوم من معول، والاسم العول، وأنشد البيت. وسباق: صيغة مبالغة من السبق. وترجيع القول: ترديده، والهذ: الاسراع. والارقاق: مصدر رقيقة بمعنى رفقت به. والطنابيب، جمع مطنب، وهو المنكب والعاتق، يقال: طنب الفرس فهو أطنب، إذا كان طويل القرى. وطنب الفرس، أي طال متنه، وهو عيب. وأراد بقوله عاري الطنابيب: براءته من هذا العيب، كما قال الآخر: وقد لحقت بأولى القوم تحملني … حمراء لا شنج فيها ولا طنب ¬

_ (¬1) في المفضليات: (ومر طيف).

والنواشر: عروق باطن الذراع، جمع ناشرة. وجوّاب: صيغة مبالغة، من جبت البلاد أجوبها إذا قطعتها. والآفاق: النواحي، وهو إما على حقيقته في الأمكنة، أو مجاز في الأقوال. والحكم: بقرينة قوله قوّال محكمة كما قال الآخر: ملقّن ملهم فيما يحاوله … جمّ خواطره جوّاب آفاق قال التبريزي (¬1): سمي تأبط شرّا لأنه أخذ سيفا وخرج، فقيل لأمه أين هو؟ قالت: لا أدري، تأبط شرّا وخرج. وقيل: أخذ سكينا تحت أبطه وخرج إلى نادي قومه فوجأ بعضهم، فقيل تأبط شرّا. وقيل: قالت له أمه يوما: إن الغلمان يجنون لأهلهم الكمأة فهلا فعلت كفعلهم، فأخذ جرابه ومضى فملأه أفاعي وأتى متأبطا به، أي جاعلا له تحت إبطه، فألقاه بين يديها فخرجت الأفاعي منه تسعى فولت هاربة. فقال لها نساء الحيّ: ماذا الذي كان ابنك متأبطا له؟ فقالت: تأبط شرّا! وقيل: إنه رأى كبشا في الصحراء فاحتمله تحت إبطه، فجعل يبول عليه طول طريقه، فلما قرب من الحيّ ثقل عليه الكبش حتى لم يقله، فرمى به، فاذا هو الغول. فقال له قومه: ما كنت متأبطا يا ثابت! قال: الغول. قالوا: لقد تأبطت شرّا، فسمي بذلك. حكاه في الأغاني (¬2) وإنه قال في ذلك: تأبّط شرّا ثم راح أو اغتدى … يوائم غنما أو يشيف على ذحل قال: وقيل: إنه سمي بهذا البيت. وفي الوشاح لابن دريد: أن كنيته أبو زهير. قال المصنف: وقد وافقه في اسمه واسم أبيه الشنفرى. وفي الأغاني: قال رجل لتأبط شرّا: بم تغلب الرجال وأنت دميم ضئيل؟ قال: باسمي، إنما أقول ساعة ما ألقى الرجل: أنا تأبط شرّا، فينخلع قلبه حتى أنال منه ما أردت. 12 - وأنشد: يا حكم الوارث عن عبد الملك ¬

_ (¬1) شرح حماسة أبي تمام 1/ 75. (¬2) الاغاني 21/ 146 (الثقافة).

هذا من أرجوزة لرؤبة، وقد انتحلها أبو نخيلة السعدي لنفسه. أخرج ابن عساكر في تاريخه بسنده إلى الأصمعي قال: حدّثني عبيد الله بن سالم قال: دخل عليّ أبو نخيلة وأنا في قبة مظلمة، ودخل رؤبة فقعد في ناحية منها، ولا يشعر كل واحد منهما بمكان صاحبه. فقلنا لأبي نخيلة أنشدنا، فأنشد هذه، وانتحلها لنفسه: هاجك من أروى كمنهاض الفكك … هم إذا لم يعده هم فتك وقد أرتنا حسنها ذات المسك … شادخة الغرّة زهراء الضّحك تبلج الزّهراء في جنح الدّلك … يا حكم الوارث عن عبد الملك أوديت إن لم تحب حبو المعتنك … أتت بإذن الله إن لم تتّرك مفتاح حاجات انخناهنّ بك … الذّخر فيها عندنا والأجر لك قال: ورؤبة يئط ويذحر، فلما فرغ، قال رؤبة: كيف أنت يا أبا نخيلة؟ فقال: يا سوأتاه ألا أراك هنا هذا كبيرنا الذي يعلمنا. فقال له رؤبة: إذا أتيت الشام فخذ منه ما شئت، وما دمت بالعراق فإياك وإياه. يقال: هاج الشيء يهيج واهتاج وتهيج أي ثار. وهاجه غيره يتعدى ولا يتعدى. وأروى، جمع أروية، وهي الأنثى من الوعول، وبه سميت المرأة. وفي الصحاح: الفكك: انفساخ القدم. وأنشد البيت. وقال الأصمعي: إنما هو الفك من قولك فكه يفكه فكا، فأظهر التضعيف ضرورة. وهم: فاعل هاجك. وفتك: قتل على غفلة وغيره. والمسك: بفتحتين، اسورة من عاج أو ذبل، واحدها مسكة. والشادخة: بشين وخاء معجمتين ودال مهملة: الغرّة التي فشت في الوجه من الناصية إلى الأنف ولم تصب العينين. تقول: شدخت الغرّة إذا اتسعت في الوجه. وزهراء: مشرقة. والضحك: كناية عن التبسم، والوجه. وتبلج الصبح، وانبلج وبلج أضاء. تبلج فلان ضحك، هش. وجنح الليل، بضم الجيم وكسرها، طائفة

فائدة: [رؤبة بن العجاج]

منه والدلك: هنا الليل يقال: دلكت الشمس غربت، وحكم (¬1): هو ابن عبد الملك ابن مروان. قال ابن عساكر في تاريخه: لا عقب له. وأوديت: هلكت. وفي الصحاح: العانك بالنون رملة فيها تعقد لا يقدر البعير على المشي فيها الا أن يحبو، يقال قد اعتنك البعير، ومنه قول رؤبة: أوديت إن لم تحب حبو المعتنك يقول: هلكت إن لم تحمل حمالتي بجهد. انتهى. وقد أورد الفارسي هذا البيت في الشيرازيات وأورد بعده: ما بعدنا من غاية ولا درك وقال: الماضي أوديت بمنزلة الآتي بدلالة ايقاع الشرط بعده، ولو كان المراد الماضي لم يصح، إذ لا يقال قمت إن قمت، وإنما أقوم إن قمت، لأن الجزاء إنما يكون بما لم يقع، وأنت مبتدا خبره مفتاح حاجات. وتترك بالتشديد بمعنى تترك المخفف يقال: إترك افتعل بمعنى ترك. وأنخناهنّ أنزلناهنّ مستعار من أناخ الجمل أبركه. فائدة: [رؤبة بن العجاج] رؤبة بن العجاج مرّ نسبه في ترجمة أبيه، يكنى أبا الجحاف. وقيل. أبا العجاج من أعراب البصرة. قال ابن عساكر: مخضرم سمع أباه وأبا هريرة وعقيل ابن حنظلة، روى عنه ابنه عبد الله وأبو عبيدة معمر بن المثنى ويحيى بن سعيد ¬

_ (¬1) (قلت): قول السيوطي: وحكم هو ابن عبد الملك بن مروان غلط واضح ليس لعبد الملك بن مروان ابن اسمه حكم وانما الصواب المتفق عليه ان حكم هذا في البيت المستشهد به هو ابن عبد الملك بن بشر بن مروان أخو عبد الملك بن مروان لا ابن عبد الملك كما قال السيوطي. انتهى املاء من حضرة الاستاذ.

القطان والنضر بن شميل وأبو زيد سعيد بن أوس وأبو عمرو بن العلاء وخلف الأحمر وعثمان بن الهيثم، ووفد على الوليد وسليمان ابني عبد الملك. وعدّه الجمحي في الطبقة التاسعة من شعراء الاسلام (¬1) وذكره البردعي في الأسماء المفردة، وذكره ابن عديّ في الكامل وقال: ليس له إلّا حديث واحد في الحداء ولم يكن بروايته بأس. وقال ابن المديني: قال لي يحيى بن سعيد: دع رؤبة كيف كان. قال: إما إنه لم يكذب. وقال النسائي: رؤبة ليس بالقوي في الحديث. وقال العقيلي: لم يتابع على حديثه. قال ابن عون: كنا نشبه لهجة الحسن بلهجة رؤبة. وأخرج ابن عساكر من طريق أبي عثمان المازني عن الأصمعي عن خلف الاحمر قال: سمعت رؤبة يقول: ما في القرآن أعرب من قوله (فأصدع بما تؤمر) وقال الجمحي: رؤبة أكثر شعرا من أبيه. وقال بعضهم: إنه أفصح من أبيه. قال: وهو أوّل من قال تقصير الاسم وتخفيف النسب: قد رفع العجاج ذكري فادعني … باسمي إذا الأنساب طالت يكفني ومن شعره، وقد ذكر فيما أخرجه ابن عساكر عنه، أنه لم يقل من غير الرجز سواه: أيّها الشّامت المعيّر بالشّيب … أقلن بالشّباب افتخارا قد لبست الشباب غضّا طريّا … فوجدت الشّباب ثوبا معارا قال ابن عساكر: مات رؤبة سنة خمس وأربعين ومائة. ورأيت في كتاب مناقب الشبان وتقديمهم على ذوي الأسنان: تقول العرب أرجز الناس بنو عجل، ثم بنو تميم، يريدون الأغلب العجلي، ثم العجاج، ثم بنو عجل، ثم بنو تميم، يريدون أبا النجم العجلي، ثم رؤبة وقيسه (¬2). كان رؤبة يقول لأبيه: أنا أشعر منك. قال: وكيف؟ قال: لأني شاعر ابن شاعر وأنت شاعر ابن مفحم. ¬

_ (¬1) الطبقات 571 (¬2) كذا بالاصل؟

فائدة: [شاعر آخر يقال له رؤبة بن العجاج بن شدم الباهلي]

فائدة: [شاعر آخر يقال له رؤبة بن العجاج بن شدم الباهلي] لهم شاعر آخر يقال له رؤبة بن العجاج بن شدم الباهلي وأبوه العجاج أيضا شاعر ذكره الآمدي في المختلف وقال: أنشد له ثعلب: قالت له وقولها أحزان … ذروه والقول له بيان يا أبتا أرّقني القزان … فالنّوم لا تطعمه العينان من وخز برغوث له أسنان … وللبعوض فوقه دندان 13 - وأنشد: يعود الفضل منك على قريش … وتفرج عنهم الكرب الشّدادا فما كعب بن مامة وابن سعدى … بأجود منك يا عمر الجوادا هما من قصيدة لجرير يمدح بها عمر بن عبد العزيز، وأوّل القصيدة (¬1): أبت عيناك بالحسن الرّقادا … وأنكر الأصادق والبلادا لعمرك إنّ نفع سعاد عنّي … لمصروف ونفعي عن سعادا فلا دية، سقيت، وديت أهلي … ولا قودا بقتلي مستفادا ألمّا صاحبيّ نزر سعادا … لقرب مزارها وزر البعادا فيوشك أن تشطّ بنا قذوف … يكلّ نياطها القلص الجلادا إليك شماتة الأعداء أشكو … وهجرا كان أوّله بعادا فكيف إذا نأت ونأيت عنها … أعزّي النّفس أو أزع الفؤادا ¬

_ (¬1) ديوانه 135. والكامل 651

أتيح لك الظّعائن من مراد … وما خطب أتاح لنا مرادا إليك رحلت يا عمر بن ليلى … على ثقة أزورك واعتمادا تعوّد صالح الأخلاق إنّي … رأيت المرء يلزم ما استعادا أقول وقد أتين على قرورى … وآل البيد يطّرد اطّرادا عليكم ذا النّدى عمر بن ليلى … جوادا سابقا بذّ الجيادا إلى الفاروق ينتسب ابن ليلى … ومروان الذي رفع العمادا ومن عبد العزيز لقيت بحرا … إذا نقص البحور المدّ زادا فسدت النّاس قبل سنين عشر … كذاك أبوك قبل العشر سادا وثبت الفروع فهنّ خضر … ولو لم يجي أصلهم لبادا تزوّد مثل زاد أبيك فينا … فنعم الزّاد زاد أبيك زادا فما كعب بن مامة وابن سعدى … بأكرم منك يا عمر الجوادا هنيئا للمدينة إذ أهلّت … بأهل الملك أبدا ثم عادا يعود الحلم منك على قريش … وتفرج عنهم الكرب الشّدادا وقد ليّنت وحشهم برفق … وتعيي النّاس وحشك أن تصادا وتبني المجد يا عمر بن ليلى … وتكفي الممحل السّنة الجمادا وتدعو الله مجتهدا ليرضى … وتذكّر في رعيّتك المعادا ونعم أخو الحروب إذا تردّى … على الزّعف المضاعفة النّجادا وأنت ابن الخضارم من قريش … هم نصروا النّبوّة والجهادا

وقادوا المؤمنين ولم تعوّد … عادة الرّوع خيلهم القيادا إذا فاضلت مدّك من قريش … بحور عمّ زاخرها الثّمادا وإن تندب خؤولة آل سعد … تلاق العزّ والسّلف الجعادا لهم يوم الكلاب ويوم قيس … هراق على مسلّحة المزادا وقوله: بالحسن، هو موضع في بلاد بني ضبة، سمي الحسن لحسن شجره. والأصادق: جمع صديق، كأحاديث جمع حديث، وأنشد الفارسي البيت بلفظ الأصادق. والبعاد جمع بعيد. قال: ولا أحفظه. والبلاد (¬1) ودية بالنصب مفعول وديت مقدّم. وقودا بالنصب معطوف عليه على تقدّم عامل يناسبه على حدّ: علفتها تبنا وماء باردا وسقيت: جملة دعائية معترضة، والخطاب فيه وفي وديت بالكسر لسعاد على الالتفات. والالمام: النزول. وفلان يزور بالماما: أي في الأحايين. ويوشك: يقرب. وتشط: تبعد، يقال: شطت الدار تشط، وتشط بعدت بلده. وقذوف: أي طروح ببعدها، بدال معجمة بوزن صبور، ويكل بضم أوّله يعيى، واللازم كل أي أعيا. ونياط: المفازة بعد طريقها فكأنها نيطت بمفازة أخرى لا تكاد تنقطع. قال العجاح: وبلدة بعيدة النّياط والقلص، جمع قلوص، وهي الفتية من النوق، بمنزلة الجارية من النساء. والجلاد جمع جلدة بالتسكين، من صفات الابل وهي أدسمها لبنا. وأزع، مضارع وزعت الشيء، كففته بزاي وعين مهملة. وأتيح له الشيء قدّر له. والظعائن، جمع ظعينة، وأصله الهودج ثم أطلق على الابل التي عليها الهوادج، ثم أطلق على المرأة ما دامت في الهودج. ومراد: قبيلة من اليمن. وما خطب أي وأيّ خطب. وليلى: جدة عمر بن عبد العزيز أم أبيه، وهي بنت الأصبغ بن زيادة ¬

_ (¬1) كذا؟؟

الكلبي. يقال إن أمه أيضا اسمها ليلى، وهي أم عاصم بنت عاصم بن عمر بن الخطاب. وقوله: واعتمادا: عطف على محل الجار والمجرور، لأنه في موضع الحال، أي أزورك واثقا بك معتمدا عليك. وقوله: تعوّد صالح الأخلاق إنّي … رأيت المرء يلزم ما استعادا فيه حكمة بليغة، وفي معناه ما أخرجه سعيد بن منصور في سننه عن إبراهيم النخعي قال: قلّ ما عوّد الانسان الشيطان من نفسه عادة إلا استعادها منه، واستعاد منا: بمعنى تعوّد. وقرورى: موضع. والآل: السراب. وتطرد: يجري ويتبع بعضه بعضا. وبذا: بتشديد المعجمة غلب. والفاروق: لقب عمر بن الخطاب، وهو جدّ أم عمر كما تقدّم. والمدّ في البحر: الزيادة مع زيادة القمر، وضدّه الجزر. وقوله: تزوّد مثل زاد أبيك زادا أورده المصنف في الباب الرابع شاهدا للمبرد على ما أجازه من قولك: نعم الرجل رجلا زيد، وخرجه المصنف على أن زاد معمول لتزود، إمّا مفعول مطلق إن أريد به التزوّد، أو مفعول به إن أريد به الشيء الذي تتزوّده، من أفعال البرّ، وعليهما، فمثل: نعت له تقدّم فصار حالا، والوجهان ذكرهما ابن يسعون. ونقل عن الفرّاء: ان الزاد مصدر، قال: ويجوز أن يكون تمييزا مثل قولهم: لي مثله رجلا، أي تزوّد مثل زاد أبيك زادا. وكعب بن مامة الايادي من جوده أنه أثر في سفر رفقته بالماء حتى مات عطشا، ومامة أبوه. وابن سعدى بضم السين هو أوس بن حارثة بن لام الطائي، وسعدى أمه. وأهلت أظهرت، يقال: أهلّ الهلال إذا بدا وأبدا. وتفرج بضم الراء. والممحل: الذي أصابه الجدب، يقال أمحل القوم: أجدبوا. قال ابن السكيت: أمحل البلد فهو ما حل، ولم يقولوا ممحل، وربما جاء ذلك في الشعر، قال حسان: أما ترى رأسي تغيّر لونه … شمطا فأصبح كالثغام الممحل

وسنة: جماد لا مطر فيها. وأرض جماد لم يصبها المطر. والزغف: بفتح الزاي وسكون المعجمة وفتحها وفاء جمع زغفة بالوجهين الدرع اللينة. وقيل: الواسعة. وقيل: الصغيرة الحلق. والمضاعفة: الدرع نسجت حلقتين حلقتين. والنجاد، بكسر النون، حمائل السيف، وهو مفعول تردّى، استعاره من لبس الرداء. والخضارم، جمع خضرم، بالكسر وهو الكثير العطية، شبه بالبحر الخضرم، وهو الكثير الماء. قوله: ولم تعوّد الخ .. أراد بالخيل الرجال يقول: لم تعوّد خيلهم أن تقاد وترأس ولكنها تقود وترأس. ومدك: فعل ماض جواب إذا، ومفعول فاضلت محذوف، وبحور فاعل مدّك. ومحرز آخرا مبتدا جدّا ارتفع. والثماد، والثمد، بالمثلثة: الماء الملح القليل الذي لا مادّة له. والجعاد، جمع جعد، وهو الكرير من الرجال. والكلاب بضم الكاف والتخفيف اسم ماء كانت عنده وقعة للعرب. ويوم الكلاب بالرفع مبتدا خبره لهم. ويوم قيس بالنصب ظرف لهراق. وهو قيس بن عاصم المنقري من بني سعد، وكان غزا بكر ابن وائل بمسلحة، وهي بضم الميم، بين البصرة واليمامة، فلما خاف من قومه أن يجبنوا أطلق أفواه المزاد فهراق الماء، وقال لأصحابه: قاتلوا فالموت بين أيديكم والفلاة وراءكم. فقاتلوا فظفروا بالبكريين وأصابوا إبلا كثيرة. 14 - وأنشدني: أيا جبلي نعمان بالله خلّيا … نسيم الصّبا يخلص إليّ نسيمها (¬1) قال صاحب الحماسة البصرية: هو لقيس بن الملّوح، وأورده بلفظ: طريق الصبا، وبعده: أجد بردها أو تشف منّي صبابة (¬2) … على كبد لم يبق إلّا صميمها فإنّ الصّبا ريح إذا ما تنسّمت … على نفس مهموم تجلّت همومها ¬

_ (¬1) الامالي 2/ 181. (¬2) في الامالي: (حرارة).

ألا إنّ أهوائي بليلى قديمة … وأقتل أهواء الرّجال قديمها وفي الأغاني: أن قيس بن الملّوح، وهو مجنون ليلى خرج به أهله إلى وادي القرى ليمتاروا خوفا عليه من أن يضيع، فمرّوا في طريقهم بجبلي نعمان، فقال له بعض فتيان الحيّ: هذان جبلا نعمان، وقد كانت ليلى تنزل بهما! قال: فأيّ الرياح تأتي من ناحيتهما؟ فقال بعض فتيان الحي: الصبا. قال: فو الله لا أديم هذا الموضع حتى تهب الصبا! فأقام، ومضوا فامتاروا ثم أتوا عليه فأقاموا معه ثلاثة أيام حتى هبت الصبا، ثم انطلق وأنشأ يقول: أيا جبلي نعمان .. الأبيات. ثم رأيت العيني قال في شواهده الكبرى هذه الأبيات صدر قصيدة طويلة لقيس وهو مجنون ليلى. وبعدها: وإنّي على ليلى لزار وأنّني … على ذاك فيما بيننا مستديمها وقد استشهد المصنف بهذا البيت في التوضيح على جواز إلحاق نون الوقاية. ثم رأيت القالي قال في أماليه (¬1): حدّثنا أبو يعقوب ورّاق ابن دريد، وكان من أهل العلم، قال: أنا مسيح بن حاتم (¬2)، أنا سليمان بن أبي شيخ، حدّثنا يحيى بن سعيد الأموي قال: تزوج رجل من أهل تهامة امرأة من أهل نجد فأخرجها إلى تهامة، فلما أصابهما حزّ تهامة قالت: ما فعلت ريح كانت تأتينا ونحن بنجد يقال لها الصّبا؟ قال: يحبسها عنك هذان الجبلان، فقالت: أيا جبلي نعمان بالله خلّيا الأبيات الثلاثة. ولم يذكر البيت الرابع، وأوردها بلفظ نسيم الصبا، وبلفظ تشومني حرارة. ¬

_ (¬1) الامالي 1/ 181 (¬2) كذا في الأصل. وفي الامالي: (مسبح) بالموحدة.

فائدة: [المرية صاحبةعامر بن الطفيل:]

تنبيه: وقع في المهمات للشيخ جمال الدين الأسنوي نسبة هذه الابيات الى أبي نصر الأرغياني من الشافعية، من تلامذة إمام الحرمين، وهو وهم ظاهر، ولعله تمثل بها فحسبت له. ثم رأيت في تاريخ الصلاح الصفدي في ترجمة الأرغياني ما نصه: سمع من أبي الحسن الواحدي صاحب التفسير: ونعمان، بفتح أوله، واد في طريق الطائف يخرج إلى عرفات ويقال له نعمان الأراك. والصبا: بفتح المهملة ريح تهب من المشرق. ويخلص: بضم اللام يصل. وضمير نسيمها للنسيم. الاول مرادا به الريح وبالثاني نفسها الضعيف، كما قال في المحكم: النسيم نفس الريح إذا كان ضعيفا. قلت: ويحتمل أن يكون النسيم الثاني هو عين الأوّل، من إعادة الظاهر مقام الضمير، والضمير للصبا. وجوّز الدماميني عود الضمير للمحبوبة، وهذا لا يتأتى على ما رواه القالي كما لا يخفى، ولا يتجه على نسبتها لقيس أيضا كما بينته في الحاشية. ولا اشكال على رواية طريق الصبا. ورأيته في تاريخ ابن عساكر بلفظ سبيل الصبا. وصميم الشيء خالصه، وصميم الحرّ وصميم البرد أشده. فائدة: [المرّية صاحبةعامر بن الطفيل:] قال القالي أيضا (¬1): أنشدنا عبد الرحمن عن عمه لاسماء المرّية صاحبة عامر بن الطفيل: أيا جبلي وادي عريعرة الّتي … نأت عن نوى قومي وحقّ قدومها ألا خلّيا مجرى الجنوب لعلّه … يداوي فؤادي من جواه نسيمها وكيف تداوي الرّيح شوقا مماطلا … وعينا طويلا بالدّموع سجومها وقولا لركبان تميميّة غدت … إلى البيت ترجو أن تحطّ جرومها بأنّ بأكناف الرّغام غريبة … مولّهة ثكلى طويلا نئيمها ¬

_ (¬1) الامالي 2/ 197 وانظر اللآلي 816 وياقوت (الرغام) و (عريعرة) لامرأة من مرة.

مقطّعة أحشاؤها من جوى الهوى … وتبريح شوق عاكف ما يريمها قلت: كأن هذه المرأة هي قائلة الأبيات السابقة قالت تلك في الصبا وهذه في الجنوب. وقوله: نسميها: وضميرها للمجنون كما هو واضح. وللعلو بدعواه هناك للصبا كما قدمته. وقولها: هنا مجرى الجنوب، نظير قولها: هناك طريق الصبا. 15 - وأنشد: فأصاخ يرجو أن يكون حيّا … ويقول من فرح هيا ربا وقبله: وحديثها كالغيث يسمعه (¬1) … راعي سنين تتابعت جدبا وأورده ثعلب في أماليه بلفظ: وحديثها كالقطر سرّ به وقال: يقول حديثها كالغيث والخصب. انتهى (¬2). والجدب. بفتح الجيم وسكون المهملة، ضدّ الخصب. وأصاخ، بصاد مهملة وخاء معجمة، أمال أذنه للاسماع. والحيا، بالقصر المطر. 16 - وأنشد في اذن: لئن عاد لي عبد العزيز بمثلها … وأمكنني منها إذن لا أقيلها (¬3) هو لكثير عزة. ¬

_ (¬1) في حاشية الامير: (كالقطر يسمعه). (¬2) لم أعثر على هذا الخبر في مجالس ثعلب. (¬3) الخزانة 3/ 580، والبيان 2/ 189 (فإن).

فائدة: [كثير]

قال الجاحظ في كتابه البيان (¬1): من الجمقى كثير عزة، ومن حمقه أنه دخل على عبد العزيز بن مروان فمدحه بمديح استجاده فقال له: سلني حوائجك؟ قال: تجعلني في مكان ابن رمانة (¬2)! قال: ويحك، ذلك رجل كاتب وأنت شاعر! فلما خرج ولم ينل شيئا قال: عجبت لتركي خطّة الرّشد بعد ما (¬3) … تبيّن من عبد العزيز قبولها لئن عاد لي البيت. وبين البيتين قوله: وأم صعبات الأمور أروضها … وقد أمكنتني يوم ذاك ذلولها حلفت بربّ الراقصات إلى منى … يغول البلاد نصّها وذميلها (¬4) لئن عاد لي البيت: فهل أنت إن راجعتك القول مرّة … بأحسن منها عائد فمنيلها خطة الرشد، بضم الخاء المعجمة، خصلة الهداية. ولا أقيلها: من الاقالة، أي لا أتركها. والأمّ، بفتح الهمزة، القصد. وأروضها: أذللها. والذلول: المنقاد السهل. والراقصات: الابل، لأنها ترقص براكبها. ويغول البلاد، بغين معجمة، يقطعها ويجوبها. والنص والذميل، بالذال المعجمة، ضربان من سير الابل. ومنيلها: معطيها، اسم فاعل من النوال وهو العطاء. فائدة: [كثير] كثير بضم الكاف وفتح المثلثة والتحتية المشدّدة، ابن عبد الرحمن بن الأسود ¬

_ (¬1) 2/ 189. (¬2) في البيان: (ابن زمانه) بالزاي المنقوطة. (¬3) رواية البيان: (عجبت لاخذي خطة الغي ...) وانظر حاشية الامير ص 19، وفيه: (بدا لي من عبد العزيز ..) (¬4) في حاشية الأمير: (يغول الفيافي).

ابن عامر بن عويمر بن مخلد بن سبيع بن جعشمة بن سعد بن مليح، بضم الميم، ابن عمرو ابن عامر بن لحى بن قمعة بن الياس بن مضر، أبو صخر الخزاعي الحجازى، أحد الشعراء المشهورين يعرف بابن أبي جمعة، وهو جدّه أبو أمه. وفد على عبد الملك بن مروان، وعمر بن عبد العزيز. روى عنه حماد الرواية. وكان رافضيا. قال الزبير بن بكار: قال عمر بن عبد العزيز: إني لأعرف صالح بني هاشم وفاسدهم بحب كثير، من أحبه منهم فهو فاسد، ومن أبغضه منهم فهو صالح، لأنه كان خشبيا يرى الرجعة. قال الزبير: وكان يقول بتناسخ الأرواح. وقال يونس النحوي: كان ابن أبي إسحق يقول: كثير أشعر أهل الاسلام، وكانت له منزلة عند قريش وقدر. وقال طلحة بن عبد الله بن عوف: لقي الفرزدق كثيرا وأنا معه، فقال: أنت يا أبا صخر أنسب العرب حيث تقول (¬1): أريد لأنسى ذكرها فكأنّما … تمثّل لي ليلى بكلّ سبيل فقال له كثير: وأنت يا أبا فراس أفخر العرب حيث تقول (¬2): ترى النّاس ما سرنا يسيرون خلفنا … وإن نحن أومأنا إلى النّاس وقّفوا قال: وهذان البيتان لجميل، سرق أحدهما كثير والآخر الفرزدق (¬3) فقال له الفرزدق: يا أبا صخر، هل كانت أمك ترد البصرة؟ قال: لا، ولكن كان أبي يردها. قال طلحة: فعجبت من كثير ومن جوابه، وما رأيت أحدا قط أحمق منه، رأيتني وقد دخلت عليه ومعي جماعة من قريش، وكان عليلا، فقلنا: كيف تجدك؟ قال بخير، سمعتم الناس يقولون شيئا! وكان يتشيع، فقلنا: نعم، يقولون إنك الدجال. قال: والله لئن قلت ذاك إني لأجد ضعفا في عيني هذه منذ أيام. أخرجه ابن عساكر. وقال الجمحي (¬4): كان لكثير في النسيب نصيب وافر، وجميل مقدّم عليه في ¬

_ (¬1) الامالي 2/ 62 - 56 وطبقات ابن سلام 462، والموشح 147 والاغاني 4/ 58. (¬2) ديوانه 567. (¬3) انظر الاغاني 7/ 85 والموشح 109، وذيل اللآلي 56 (¬4) الطبقات 461

النسيب، وله من فنون الشعر ما ليس لجميل. وكان جميل صادق الصبابة والعشق، وكان كثير يقول (¬1) ولم يكن عاشقا، وكان راوية جميل. واخرج ابن عساكر من طريق الصولي، حدثنا محمد بن يزيد، حدّثنا ابن عائشة حدّثني أبي حدّثني رجل من بني عامر بن لؤي، ما رأيت بالحجاز أعلم منه، قال: حدّثني كثير أنه وقف على جماعة يفيضون فيه وفي جميل أيهما أصدق عشقا، ولم يكونوا يعرفونه بوجهه، ففضلوا جميلا في عشقه؛ قال: فقلت لهم: ظلمتم كثيرا، كيف يكون جميل أصدق عشقا من كثير، وإنما أتاه عن بثينة ما يكره فقال (¬2): رمى الله في عيني بثينة بالقذى! … وفي الغرّ من أنيابها بالقوادح وكثير أتاه عن عزة ما يكره فقال (¬3): هنيئا مريئا غير داء مخامر … لعزّة من أعراضنا ما استحلّت فما انصرفوا إلّا على تفضيلي. وأخرج ابن عساكر عن العتبي قال (¬4): كان عبد الملك بن مروان يحب النظر الى ¬

_ (¬1) في الطبقات: (يتقوّل). (¬2) الامالي 2/ 109 واللآلي 736، والموشح 199 ومصاع العشاق 61، والخزانة 2/ 379 و 3/ 94. (¬3) ديوانه 49، وزهر الآداب 354، والموشح 199. (¬4) الخبر في الأمالي 1/ 46 - 47 بلفظ: (.. دخل كثير على عبد الملك ابن مروان رحمه الله، فقال عبد الملك بن مروان: أأنت كثير عزة؟ قال: نعم، قال: أن تسمع بالمعيدي خير من أن تراه، فقال: يا أمير المؤمنين، كل عند محله رحب الفناء، شامخ البناء، عالي السناء، ثم أنشأ يقول: ترى الرجل النحيف فتزدريه … وفي أثوابه أسد هصور ويعجبك الطرير إذا تراه … فيخلف ظنك الرجل الطرير بغاث الطير أطولها رقابا … ولم تطل البزاة ولا الصقور خشاش الطير أكثرها فراخا … وأم الصقر مقلات نزور ضعاف الأسد أكثرها زئيرا … وأصرمها اللواتي لا تزير وقد عظم البعير بغير لب … فلم يستغن بالعظم البعير ينوّخ ثم يضرب بالهراوي … فلا عرف لديه ولا نكير يقوّده الصبي بكل أرض … وينحره على الدّرب الصغير فما عظم الرجال لهم بزين … ولكن زينهم كرم وخير فقال عبد الملك: لله دره، ما أفصح لسانه، وأضبط جنانه، وأطول عنانه! والله إني لأظنه كما وصف نفسه.

كثير عزة، فلما ورد عليه إذ هو حقير قصير تزدريه العين، فقال عبد الملك: تسمع بالمعيديّ خير من أن تراه. فقال: مهلا يا أمير المؤمنين، فإنما المرء بأصغريه قلبه ولسانه، إن نطق ببيان، وإن قاتل قاتل بجنان، وأنا الذي أقول (¬1): وجرّبت الأمور وجرّبتني … وقد أبدت عريكتي الأمور وما تخفي الرّجال عليّ إنّي … بهم لأخو مثاقبة خبير ترى الرّجل النّحيف فتزدريه … وفي أثوابه أسد نزير (¬2) ويعجبك الطّرير فتبتليه … فيخلف ظنّك الرّجل الطّرير وما عظم الرّجال لها بزين … ولكن زينها كرم وخير (¬3) بغاث الطّير أطولها جسوما … ولم تطل البزاة ولا الصّقور (¬4) وقد عظم البعير بغير لبّ … فلم يستغن بالعظم البعير فيركب ثمّ يضرب الهراوي … فلا عرف لديه ولا نكير يجرّره الصّبيّ بكلّ سهب … ويحبسه على الخسف الجرير ¬

_ (¬1) وردت هذه القصيدة في الامالي 1/ 47، وحماسة أبي تمام بشرح التبريزي 3/ 152 باختلاف الألفاظ، كما اختلف في اسم قائله، وقال البكري في سمط اللآلي 190: (اختلف العلماء في عزو هذا الشعر فأنشده أبو تمام لعباس بن مرداس السلمي، ونسبه ابن الاعرابي والرياشي الى معود الحكماء. وقال عمرو بن أبي عمرو النوقاني: وقد نسب الى ربيعة الرقي، والصحيح من هذا والله أعلم أنه لمعود الحكماء). وعند الحصري لكثير. (¬2) في الامالي، واللآلي 190 (أسد هصور) وفي الحماسة: (مزير)، أي العاقل الحازم، ويروى: (مرير) أي قوي القلب شديده. (¬3) في الحماسة برواية: فما عظم الرجال لهم بفخر … ولكن فخرهم كرم وخير (¬4) رواية البيت كما في الموشح واللسان والحماسة: بغاث الطير أكثرها فراخا … وأم صقر مقلات نزور

وعود النّبع نبت مستمر … وليس يطول والقصباء خور فاعتذر اليه عبد الملك ورفع مجلسه. الطرير ذو الرواء والمنظر (¬1). الهراوي: العصا. والجرير: الحبل. والنبع: من كريم الشجر تتخذ منه القسيّ. والقصباء: القصب. والخور بضم الخاء المعجمة، جمع خوار وخوارة من الخور، وهو الضعف. وقيل لكثير: ما بقي من شعرك؟ قال: ماتت عزة فما أطرب، وذهب الشباب فما أعجب، ومات ابن ليلى فما أرغب، وإنما الشعر بهذه الخلال. أخرجه ابن عساكر وقال: ابن ليلى، عبد العزيز بن مروان. قال الدارقطني وغيره: مات كثير وعكرمة مولى ابن عباس في يوم واحد، فقال الناس: مات اليوم أفقه الناس وأشعر الناس، وذلك سنة خمس ومائة. 17 - وأنشد (¬2): لو كنت من مازن لم تستبح إبلي … بنو اللّقيطة من ذهل بن شيبانا إذن لقام بنصري معشر خشن … عند الحفيظة إن ذو لوثة لانا هما لرجل من بلعنبر، اسمه قريط، بضم القاف وفتح الراء آخره طاء مهملة، هكذا ذكره البياري في شرحه (¬3) يعير قومه بتخاذلهم عن نصره، وقد أغارت عليه بنو شيبان واستاقت إبله. وقال أبو عبيدة معمر بن المثنى: أغار ناس من بني شيبان على رجل من بلعنبر يقال له قريط بن أنيف، فأخذوا له ثلاثين بعيرا فاستنجد قومه فلم ينجدوه، فأتى مازن تميم فركب معه نفر فاطردوا لبني شيبان مائة بعير ودفعوها إليه، فقال الأبيات وبعدها: قوم إذا الشّرّ أبدى ناجذيه لهم … طاروا إليه زرافات ووحدانا ¬

_ (¬1) الطرير: الشاب الناعم ذو الكدنة. (¬2) الخزانة 3/ 332 و 3/ 569، والحماسة بشرح التبريزي 1/ 8 - 18. (¬3) هو قريط بن انيف من شعراء بلعنبر كما في الحماسة. وانظر المبهج لابن جنى ص 14 وحاشية الامير ص 20.

لا يسألون أخاهم حين يندبهم … في النّائبات على ما قال برهانا لكنّ قومي وإن كانوا ذوي عدد … ليسوا من الشّرّ في شيء وإن هانا يجزون من ظلم أهل الظّلم مغفرة … ومن إساءة أهل السّوء إحسانا كأنّ ربّك لم يخلق لخشيته … سواهم من جميع النّاس إنسانا فليت لي بهم قوما إذا ركبوا … شنّوا الإغارة فرسانا وركبانا (¬1) مازن: بطن من تميم (¬2)، وخصهم بالذكر لأنه أبلغ فيما أراد من إغاظة قومه بني العنبر حيث تثاقلوا عن نصرته واستنقاذ ماله، إذ هم أقرب نسبا لهم وجوارا من أجل أن الحسد والبغضاء أسرع إلى الأقرباء منه الى البعداء، وكذلك الجيران. واستباح الشيء: وجده، أو جعله مباحا واستأصله، وكل ذلك صحيح هنا. وقال التبريزي في شرح الحماسة (¬3): الاستباحة، قيل هي «في معنى» (¬4) الاباحة، وقيل: الاباحة التخلية بين الشيء وبين طالبه. والاستباحة: إتخاذ الشيء مباحا. والأصل في الاجابة: إظهار الشيء للناظر ليتناوله من شاء، من باح بسرّه. وبنو اللقيطة: نسبهم الى أمهم ذما، أراد إنها نبذت فلقطت، فليس لها أصل يعرف. واللام في (لقام) جواب قسم مضمر: أي اذن والله لقام. قال التبريزي (¬5): وفائدة اذن هو أنه أخرج البيت الثاني مخرج جواب قائل قال له: ولو استباحوا ماذا كان يفعل بنو مازن؟ وعلى قول سيبويه: إن إذن جواب وجزاء. يكون البيت جوابا لهذا السائل، وجزاء على فعل المستبيح. ويقال: قام بالأمر: إذا تكفل به. وخشن: جمع أخشن. وقال البياري: جمع خشن. والحفيظة: الغضب في الشيء الذي يجب عليك حفظه. ¬

_ (¬1) في الحماسة: (شدوا الإغارة). (¬2) الموازن في العرب أربعة: مازن قيس، ومازن اليمن، ومازن ربيعة، ومازن تميم، والمراد في البيت مازن تميم. (¬3) الحماسة 1/ 11. (¬4) مزيدة عن التبريزي. (¬5) الحماسة 1/ 12.

واللوثة بالضم: الضعف، وبالفتح الشدة. فان حمل على الأوّل: فمعنى البيت أنهم يشتدون إذا لان الضعيف، وفيه تعريض بقومه. أو على الثاني: فالمعنى المبالغة، أي يشتدّون إذا لان القوي. وأشار البياري إلى أن المعروف من الرواية الضم، فإن رواية الفتح لم تصح. والناجذ: أقصى الاضراس، كنى بابدائه عن كشف الحال ورفع المجاملة، واستعمال الناجذ للشرّ استعارة. وطاروا: أسرعوا إلى دفعه ولم يتثاقلوا تثاقل بني العنبر. والزرافات: الجماعات، واحدها زرافة، بالفتح. ووحدانا: جمع واحد، كصاحب وصحبان. ويندبهم: يدعوهم. والبرهان: فعلان من البره، وهو القطع. وقيل فعلال، وقوله يجزون ... البيتين. استشهد بهما أهل البديع على النوع المسمى إخراج الذم في صورة المدح. وسواهم استثناء مقدم، ولو أخر جاز إعرابه بدلا وصفة. وقوله: (فليت لي بهم) أي بدلهم، استشهد به المصنف في حرف الباء على ورودها للبدلية بمعنى بدل. وشنوا: من شنّ إذا فرق لأنهم يفرقون الاغارة عليهم من جميع جهاتهم. ويروى شدّوا. والاغارة: مصدر أغار على العدّو، والاسم غارة. وفرسانا: جمع فارس. وركبانا: جمع راكب، وهو راكب الابل، وهما حالان. واستشهد بقوله: شنوا الاغارة على نصب المفعول له وهو معرّف باللام. 18 - وأنشد: لا تتركنّي فيهم شطيرا … إنّي إذن أهلك أو أطيرا (¬1) هو رجز لا يعرف قائله، والشطير: البعيد، وقيل الغريب. ونصبه على الحال. وأهلك: بكسر اللام مضارع هلك بفتحها. ¬

_ (¬1) الخزانة 3/ 574.

شواهد إن المكسورة الخفيفة

شواهد إن المكسورة الخفيفة 19 - وأنشد: شلّت يمينك إن قتلت لمسلما (¬1) أخرج الحاكم في المستدرك بسند صحيح من طريق هشام بن عروة عن أبيه قال: قالت عاتكة بنت زيد بن عمرو بن نفيل ترثي زوجها الزبير بن العوام: غدر ابن جرموز بفارس بهمة … يوم اللّقاء وكان غير معرّد يا عمرو لو نبّهته لوجدته … لا طائشا رعش البنان ولا اليد شلّت يمينك إن قتلت لمسلما … حلّت عليك عقوبة المتعمّد إنّ الزّبير لذو بلاء صادق … سمح سجيّته كريم المشهد كم غمرة قد خاضها لم يثنه … عنها طرادك يا ابن فقع القردد فاذهب فما ظفرت يداك بمثله … فيما مضى فيما تروح وتغتدي وقال ابن سعد في طبقاته: انا أبو عامر العقدي: حدثنا الأسود بن شيبان، عن خالد بن سميرة قال: خرج الزبير بن العوام يوم الجمل، وهو يوم الخميس لعشر خلون من جمادي الآخرة، سنة ست وثلاثين، بعد القتال على فرس له ¬

_ (¬1) ابن عقيل 1/ 146، والخزانة 4/ 348، واسماء المغتالين 158.

يقال له ذو الخمار، منطلقا يريد الرجوع إلى المدينة، فلقيه رجل من بني تميم يقال له العقد بن زمّام المجاشعي (¬1)، فقال له: يا حواري رسول الله، إليّ فأنت في ذمّتي أن لا يصل إليك أحد من الناس، فاقبل معه، وأقبل رجل من بني تميم إلى الأحنف بن قيس فقال: هذا الزبير في وادي السباع! فقال: ما أصنع إن كان الزبير لف بين غارين من المسلمين (¬2)، قتل أحدهما الآخر، ثم هو يريد اللحاق بأهله، فسمعه عمرو بن جرموز، وفضالة بن حابس ونفيع بن كعب، فركبوا في طلبه، فحمل عليه ابن جرموز فطعنه طعنة خفيفة، فحمل عليه الزبير فلحقوه، فقال: الله الله يا زبير، فكف عنه، ثم سار وأغفى الزبير فطعنه ابن جرموز طعنة أثبته فوقع فأخذ رأسه وسيفه فحمله حتى أتى عليا رضي الله عنه فأخبروه أنه قاتل الزبير، فقال: بشروا قاتل ابن صفيّة بالنار! وأخد عليّ السيف منه وقال: سيف طالما فرج الغماء عن وجه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. ودفن الزبير بوادي السباع (¬3). فقالت عاتكة بنت زيد بن عمرو بن نفيل، وكانت تحت الزبير، وكان أهل المدينة يقولون (¬4): من أراد الشهادة فليتزوّج عاتكة، كانت تحت عبد الله بن أبي بكر الصدّيق فقتل عنها من سهم رميه في الطائف، فتزوّجها زيد بن الخطاب فقتل عنها باليمامة، ثم كانت تحت عمر بن الخطاب فقتل عنها، ثم كانت عنده فقتل عنها، فقالت: غدر ابن جرموز ... الأبيات. زاد صاحب الحماسة البصرية: ثم كانت تحت الحسين بن علي فقتل عنها (¬5). قولها: بفارس بهمة: في الصحاح: البهمة الفارس الذي لا يدري من أين يؤتى من شدة بأسه، ويقال أيضا للجيش بهمة. ومنه قولهم: فارس بهمة وليث غابة. قال المصنف: وهو المراد هنا. والمعرد، بالمهملة: الفارّ يقال: عرد الرجل تعريدا: أي فرّ. والطائش: الخفيف. والرعشة: الارتعاد. ورجل رعش: أي جبان. ويروى: رعش الجنان أي القلب. وشلت: بفتح المعجمة، وأصله: شللت: بكسر العين، والمضارع يشل بالفتح، والسمح: السهل. والسجية: الخلق والطبيعة. ¬

_ (¬1) في اسماء المغتالين 158 والاشتقاق 559: (النعر بن الزمام المجاشعي). (¬2) غارين: فريقين. (¬3) انظر الخبر في اسماء المغتالين 158 - 159. (¬4) انظر حاشية الامير ص 23. (¬5) انظر كتاب المردفات من قريش 61 - 64.

فائدة: [أعرق الناس في القتل عمارة بن حمزة بن عبد الله]

والمشهد: محضر الناس. والغمرة، بفتح الغين المعجمة: الشدّة، والجمع، استعارة من الماء الكثير، ولذا قرنت بالخوض. ويقال: ثناه يثنيه إذا صرفه عن حاجته. وطراد الاقران في الحرب: حمل بعضهم على بعض. والفقع بفتح الفاء وسكون القاف وعين مهملة الضراط قال في الصحاح ويشبه به الرجل الذليل يقال هو فقع فدفد لأن الدواب تحمله بأرجلها. والقردد: بقاف وراء ودالين مهملتين، المكان الغليظ المرتفع. ويروى: الفدفد، بفاءين ودالين، وهو الأرض المستوية. وعاتكة المذكورة من الصحابيات المبايعات المهاجرات، وأخوها سعيد بن زيد أحد العشرة المشهود لهم بالجنة. وأبوها الذي تحنف في الجاهلية ومات قبل بعثة النبي صلّى الله عليه وسلّم بخمس سنين. وأخبر النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه في الجنة وأنه يأتي يوم القيامة أمة وحده. تنبيه: عزا المصنف في شواهده هذا البيت لصفية زوجة الزبير بن العوام، وتبعه عليه طائفة. والأسانيد الصحيحة تردّه. فائدة: [أعرق الناس في القتل عمارة بن حمزة بن عبد الله] قال ابن دريد في الوشاح: أعرق الناس في القتل عمارة بن حمزة بن عبد الله ابن الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد، قتل عمارة وحمزة يوم قديد (¬1)، وقتل الحجاج عبد الله بن الزبير، وقتل الزبير عمرو بن جرموز يوم الجمل، وقتل بنو كنانة العوام وقتلت خزاعة خويلدا. فائدة: [الزبير] قال الآمدي في المؤتلف والمختلف: الزبير بالضم والموحدة جماعة وبالفتح وكسر الموحدة عبد الله بن الزّبير الأسدي شاعر جيد، ولهم شاعر يقال له زنير بالضم ونون وهو ابن عمر الخثعمي الذي يقال له النذير العريان. ¬

_ (¬1) في حاشية الامير: (بدم قديد).

20 - وأنشد: ما إن أتيت بشيء أنت تكرهه هذا صدر بيت للنابغة الذبياني وعجزه: إذن فلا رفعت سوطي إليّ يدي والبيت من قصيدة يعتذر فيها إلى النعمان بن المنذر، وأولها (¬1): يا دار ميّة بالعلياء فالسّند … أقوت وطال عليها سالف الأمد وقفت فيها أصيلانا أسائلها … عيّت جوابا وما بالرّبع من أحد إلّا الأواري لأيّاما أبيّنها … والنّوى كالحوض بالمظلومة الجلد ومنها: فتلك تبلغني النّعمان أنّ له … فضلا على النّاس في الأدنى وفي البعد الى أن قال: الواهب المائة المعكاء زيّنها (¬2) … سعدان توضح في أوبارها اللّبد ولا أرى فاعلا في النّاس يشبهه … ولا أحاشي من الأقوام من أحد إلّا سليمان إذ قال المليك له … قم في البريّة فاحددها عن الفند وخيس الجنّ، إنّي قد أذنت لهم … يبنون تدمر بالصفاح والعمد ¬

_ (¬1) ديوانه 24 وما بعد، وانظر الشعراء 119، وحاشية الامير 23. (¬2) في الكامل 9: (الأبكار زينها).

فمن أطاعك فانفعه بطاعته … كما أطاعك وادلله على الرشد ومن عصاك فعاقبه معاقبة … تنهى الظّلوم، ولا تقعد على ضمد إلّا لمثلك أو من أنت سابقه … سبق الجواد إذا استولى على الأمد واحكم بحكم فتاة الحيّ إذ نظرت … إلى حمام شارع وارد الثّمد قالت ألا ليتما هذا الحمام لنا … إلى حمامتنا أو نصفه فقدي فحسبوه فألفوه كما زعمت … تسعا وتسعين لم تنقص ولم تزد فكملت مائة فيها حمامتها … وأسرعت حسبة في ذلك العدد نبّئت أنّ أبا قابوس أوعدني … ولا قرار على زأر من الأسد مهلا فداء لك الأقوام كلّهم … وما أثمّر من مال ومن ولّد فلا لعمر الّذي مسّحت بكعبته … وما هريق على الأنصاب من جسد لا والذي أمن الغزلان تمسحه … ركبان مكّة بين الغيل والسّند ما قلت من سيّئ مما أتيت به … إذن فلا رفعت سوطي إليّ يدي إذن فعاقبني ربّي معاقبة … قرّت بها عين من يأتيك بالحسد كذا أورده صاحب منتهى الطلب. والعلياء: ما ارتفع من الأرض. والسند: ظهر الجبل. وأقوت: أقفرت وخلت. والسالف: الماضي. والأصيلال باللام آخره، ويروى بالنون. قال في الصحاح: الأصيل: الوقت بعد العصر إلى المغرب، ويجمع على أصلان، ثم يصغر الجمع على أصيلان ثم أبدلوا من النون لاما فقالوا أصيلال، وهو أبدال على غير قياس. وقد استشهد به المصنف في التوضيح على

ذلك (¬1). ويروى: وقفت فيها أصيلا كي تجاوبني ويروى: طويلا، ونصب جوابا على نزع الباء. والربع: المنزل، وعيت: لم ترد جوابا. والاواري: محابس الخليل، واحدها أورى أوأر، واللأي: البطء، ونصبه بتقديرلات. قال أبو حيان: وأنشد الفرّاء هذا البيت: إلّا الأواريّ لا إن ما أبينها واستدل به على جواز موالاة ثلاثة أحرف للنفي. والنوى: الحفير حول الخباء. والمظلومة: الأرض التي حفرت وليست موضع حفر، وهي أيضا التي تمرّ عليها أعوام لا تمطر. والجلد: الصلب. والبعد: يروى بضمتين وبفتحتين. والمعكاء: السمان الغلاظ الشداد لا تثنى ولا تجمع. وسعدان: نبت. وتوضح: موضع. واللبد: المتلبدة: وأرى: بمعنى أعلم وأحاشى: مضارع، بمعنى استثني، وماضيه حاشي. وقد استشهد به المصنف في حاشي ومثله قوله: منّا الرّسول بخير النّاس كلّهم … ولا نحاشي من الأقوام إنسانا وسليمان هو النبي عليه السّلام. واحددها: امنعها. والفند: الخطأ والكذب، وكل مالا خير فيه. وخيس: بالخاء المعجمة والمثناة التحتية والسين المهملة. وأخيس: ذلل. وتدمر: مدينة بالشام. والصفاح: الحجارة العريضة، واحدها صفاحة. والعمد: بفتحتين أساطين الرخام. والضمد: بالضاد المعجمة، الغيظ، والضيم. والجواد: الفرس. واستولى: غلب. والأمد الغاية. واحكم: أي كن حكيما مصيب الرأي في أمري ولا تقبل لمن سعى بي إليك، وكن كفتاة الحىّ إذا أصابت ووضعت الأمر موضعه، ولم يرد الحكم في القضاء. والحمام: هنا القطا. والشراع: بالمعجمة أوله، الداخلة الماء. والثمد: الماء القليل (¬2). قال ابن الشجري: ¬

_ (¬1) رواية حاشية الامير للبيت ص 23: وقفت فيها أصيلا لا أسائلها … أعيت جوابا وما بالدار من أحد (¬2) انظر طبقات ابن سلام 464 والموشح.

يغلطون فيكتبون: واردي الثمد، بالياء، يريدون واردين الثمد، وليس كذلك، بل هو مفرد وصف به الحمام لأنه اسم جنس، كما قال تعالى: (أَعْجازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ، وجَرادٌ مُنْتَشِرٌ) وقوله: شارع، وصف به أيضا، كقوله تعالى: (أَعْجازُ نَخْلٍ خاوِيَةٍ) فإن اسم الجنس يجوز وصفه بالواحد والجمع. والقصة التي أشار اليها: ان زرقاء اليمامة، وهي امرأة من بقية طسم وجديس، كانت توصف بحدّة النظر قبل، كانت ترى من مسافة ثلاثة أيام، وكان لها قطاة، فمرّ بها سرب من قطا بين جبلين فقالت: ليت الحمام ليه … إلى حمامتيه ونصفه قديه … نمّ الحمام ميه فنظروا فإذا هي ست وستون. وقوله: قالت ألا ليتما هذا الحمام ... البيت أورده المصنف في ليت مستشهدا به على جواز إعمال ليت مع ما، وإهمالها، لأنه روى الحمام بالنصب والرفع، وأورده في (أو)، مع البيت بعده مستشهدا به على ورود (أو) للجمع المطلق، كالواو. وقوله: أو نصفه، قال المصنف في شواهده: هو تابع لقوله هذا، فمن نصب الحمام نصبه ومن رفعه رفعه. قال: ويجوز فيه الرفع مع نصب الحمام عطفا على الضمير المستتر في لنا، وحسن ذلك لأجل الفصل. ويروى: ونصفه بالواو، وقد: بمعنى حسب، وهو مبتدأ حذف خبره أي فحسبي ذلك. واستشهد ابن الشجري في أماليه بقوله: فقدي على جواز ترك نون الوقاية من قد مع ياء المتكلم. والحسبة مصدر بمعنى الحساب. وأبو قابوس: كنية النعمان. وأوعدني: هدّدني. والزأر: الصوت. وأثمر: أجمع وهريق: صب (¬1). والأنصاب: الأصنام. والجسد: الدم. والغيل: بالكسر، والسند بفتح المهملة: نوعان من الشجر. وقال الأصمعي: إنما هو الغيل بالفتح، ما كان يخرج من أبي قبيس. قال: وأما بالكسر، فهو الغيضة وفي ديوان النابغة: ¬

_ (¬1) في الشعراء: (أريق).

فائدة: [النابغة]

والمؤمن العائذات الطّير يمسحها … ركبان مكّة بين الغيل والسّند وقال شارحه: المؤمن، الله أمن الطير وأعاذها. والغيل والسند: أجمتان كانتا منافع ما بين مكة ومنى. وقوله: ما قلت من سيّئ مما أتيت به كذا هو في منتهى الطلب. وفي الأشعار الستة ومعه في ديوان النابغة. كما أنشده المصنف: ما إن أتيت بشيء أنت تكرهه والشاهد فيه في زيادة إن بعد ما النافية. ويروى من إن نديت، أي ما سبق اليك مني، يقال: ما ينداه مني شيء منه (¬1) وقوله: إذن فلا رفعت سوطي إليّ يدي توارد عليه جماعة من شعراء العرب وكأنه جرى عندهم مجرى المثل، منهم أنس ابن زنيم الصحابي قال من قصيدة يمدح بها النبي صلّى الله عليه وسلّم لما أسلم: ونبي رسول الله إنّي هجوته … إذن فلا رفعت سوطي إليّ يدي فائدة: [النابغة] النابغة هذا، اسمه زياد بن معاوية بن ضباب، بالكسر، ابن جابر بن يربوع بن عيط بن مرّة بن عوف بن سعد بن ذبيان، بضم الذال وكسرها، ابن بغيض بن ريث ابن غطفان بن سعد بن قيس غيلان بن مضر. أبو أمامة الذبياني، أحد شعراء الجاهلية المشهورين، ومن أعيان فحولهم المذكورين. عدّه الجمحيّ في الطبقة الأولى بعد ¬

_ (¬1) في الشعراء: (ما إن بدأت بشيء أنت تكرهه).

امرئ القيس (¬1)، قال ابن دريد في الوشاح، وسمي النابغة بقوله (¬2): رحلت في بني القين بن جسر … فقد نبغت لنا منهم شؤون وقال الأصمعي: يكنى أبا ثمامة. قال ابن عساكر: والمحفوظ أبو أمامة. وفي الوشاح لابن دريد: إنه يكنى أبا أمامة وأبا عقرب. وأخرج ابن عساكر بسنده عن الشعبي قال: قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: أشعر العرب النابغة، وأخرج من وجه آخر عن الشعبي عن ربعي بن خراش قال: وفدنا الى عمر بن الخطاب فقال: من الذي يقول (¬3): حلفت فلم تترك لنفسك ريبة … وليس وراء الله للمرء مذهب فلست بمستبق أخا لا تلمّه … على شعث أيّ الرّجال المهذّب؟ قالوا: النابغة! قال: فمن القائل: إلّا سليمان إذ قال المليك له … قم في البريّة فازجرها على فند قالوا: النابغة! قال: فمن القائل (¬4): أتيتك عاريا خلقا ثيابي … على وجل تظنّ بي الظّنون فألفيت الأمانة لم تخنها … كذلك كان نوح لا يخون (¬5) قالوا: النابغة. قال: فمن القائل: ¬

_ (¬1) الطبقات ص 43. (¬2) انظر الخزانة 2/ 5 (السلفية). (¬3) انظر ديوانه 57 وطبقات الشعراء 47 و 50 والشعراء 124 والخزانة 2/ 6 السلفية. (¬4) الشعراء 109، واللسان 19/ 272، والاغاني 11/ 4، والرواية: (على خوف). (¬5) انظر ابن سلام 50.

لست بداخر لغد طعاما … حذار غد لكلّ غد طعام قالوا: النابغة. قال: النابغة أشعر شعرائكم وأعلم الناس بالشعر. وأخرج الزبير بن بكار والاصبهاني وابن عساكر عن ابن عباس انه سئل من أشعر الناس؟ فقال: الذي يقول (¬1): فإنّك كاللّيل الّذي هو مدركى … وإن خلت أنّ المنتأى عنك واسع قالوا: هذا النابغة. وأخرجوا أيضا عن حسان بن ثابت انه سئل: من أشعر الناس؟ قال: أبو أمامة، يعني النابغة الذبياني. وأخرج ابن عساكر من طريق ابن الأنباري عن ثعلب عن عمر بن شبة عن الأصمعي عن أبي عمرو بن العلاء قال: كان أوس بن حجر فحل العرب، فلما أنشأ النابغة طأطأ منه. وأخرج عن الأصمعي قال: ذكر عند أبى عمرو بن العلاء النابغة وزهير فقال أبو عمرو: ما كان زهير يصلح أن يكون أخيذا للنابغة، يعني راويا عنه. وأخرج عن الأصمعي قال: سألت بشارا الأعمى: من أشعر الناس؟ فقال: اختلف الناس في ذلك فأجمع أهل البصرة على امرئ القيس وطرفة بن العبد، وأجمع أهل الكوفة على بشر بن أبي خازم والأعشى الهمداني، وأجمع أهل الحجاز على النابغة وزهير، وأجمع أهل الشام على جرير والفرزدق والأخطل؛ وكان الأخطل دونهما. قلت: فجرير أشعر أو الفرزدق؟ فقال: كان جرير يقول المراثي، ولقد ناحوا على النوار امرأة الفرزدق بشعر جرير. وأخرج عن الأصمعي قال: أول ما تكلم به النابغة من الشعر أنه حضر مع عمه عند رجل، وكان عمه يشاهد به الناس ويخاف أن يكون عييا، فوضع الرجل كأسا في يده وقال: تطيب كؤوسنا لولا قذاها … ويحتمل الجليس على أذاها فقال النابغة: رحمى لذلك: قذاها أنّ صاحبها بخيل … يحاسب نفسه بكم اشتراها ¬

_ (¬1) ديوانه 55، والخزانة 2/ 7 (السلفية)، والشعراء 110 و 123 و 303

فائدة: [النوابغ أربعة:]

اجتمع حسان بن ثابت بالنابغة عند النعمان بن المنذر، كما سيأتي ذكره في موضع آخر، فاستفدنا من ذلك، أن النابغة مات في زمن النبي صلّى الله عليه وسلّم قبل البعثة. فائدة: [النوابغ أربعة:] قال ابن دريد في الوشاح: النوابغ أربعة: الذبياني هذا، والنابغة الجعدي قيس ابن عبد الله الصابي، والنابغة الحارثي زيد بن أبان، والنابغة الشيباني حمل بن سعدانة. ثم رأيت في المؤتلف والمختلف لابي القاسم الآمدي زيادة على هؤلاء: النابغة الذهليّ المخارق بن عبد الله وهو القائل: لا تمدحنّ امرءا حتّى تجرّبه … ولا تذمّنّه من غير تجريب والنابغة ابن لؤي بن مطيع الغنوي، والنابغة العدواني، والنابغة ابن قتال بن يربوع ذبياني أيضا، والنابغة التغلبي الحارث بن عدوان. فائدة: [زياد] قال الآمدي: زياد بالزاي جماعة، ولهم شاعر يقال له ذياد، بالذال، ابن عرير ابن الحويرث بن مالك بن واقد. 21 - وأنشد: فما إن طبّنا جبن ولكن … منايانا ودولة آخرينا (¬1) وهذا لفروة بن مسيك، بضم الميم وفتح السين، ابن الحارث بن سلمة المرادي، صحابي مخضرم. وقبله (¬2): ¬

_ (¬1) الخزانة 2/ 121، والكامل 295. (¬2) اختلف في نسبة هذين البيتين، وهما في حماسة ابي تمام للتبريزي 3/ 191 (كلاله)، وعيون الاخبار 3/ 114 (حوادثه) للفرزدق، وفي حماسة البحتري 149 لمالك بن عمرو الأسدي، وفي الشعراء 450 (حوادثه)، والاشتقاق 118، وسمط اللآلي (حوادثه) 39 للعلاء ابن قرظة الضبي خال الفرزدق، وفي امالي المرتضى 1/ 251 (شراشره)، ونقله عنه صاحب الخزانة 2/ 409 لذي الاصبع العدواني. ومعنى البيت الاول كما فسره التبريزي: (يقول: إذا أناخت صروف الدهر على قوم بإزالة نعمهم وتكدير عيشهم، فعادتها والمعهود منها أنها تفعل بغيرهم مثل ذلك).

إذا ما الدّهر جرّ على أناس … كلاكله أناخ بآخرينا فقل للشّامتين بنا: أفيقوا … سيلقى الشّامتون كما لقينا وبعده: كذاك الدّهر دولته سجال … تكرّ صروفه حينا فحينا ومن يغرر بريب الدّهر يوما … يجد ريب الزّمان له خؤونا هكذا في الحماسة البصرية. ثم رأيت في ديوان فروة ما نصه: جمعت همدان لمراد جمعا كثيرا وساروا إليهم فالتقوا بالأحرمين، فظفروا بمراد وأصابوا منهم، فقال في ذلك فروة، وتروى لعمرو بن قعاس (¬1): إن نهزم فهزّامون قدما … وإن نهزم فغير مهزمينا وما إن طبنا جبن ولكن … منايانا ودولة آخرينا كذاك الدّهر دولته سجال … تكرّ صروفه حينا فحينا فبيناه يسرّ به ويرضى … ولو مكثت غضارته سنينا إذا انقلبت به كرّات دهر … فألفى بعد غبطته منونا ومن يغبط بريب الدّهر يوما … يجد ريب الزّمان له خؤونا فأفنى ذلكم سروات قومي … كما أفنى القرون الأوّلينا فلو خلد الملوك إذن خلدنا … ولو بقي الكرام إذن بقينا ¬

_ (¬1) ترجم له المرزباني 59

غريب الأبيات

ثم رأيت ابن سعد قال في طبقاته، أنا الواقدي، ثنا عبد الله بن عمرو بن زهير، عن محمد بن عمارة بن خزيمة بن ثابت قال: قدم فروة بن مسيك المرادي على رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم، مفارقا لملوك كندة ومبايعا للنبيّ صلّى الله عليه وسلّم، وكان رجلا له شرف، فأنزله سعد بن عبادة عليه، فكان يحضر مجلس رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ويتعلم القرآن وفرائض الاسلام وشرائعه، فقال له رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يوما: يا فروة، هل ساءك ما أصاب قومك يوم الرّزم (¬1)؟ فقال: يا رسول الله، ومن ذا يصيب قومه ما أصاب قومي يوم الرّزم إلا ساءه ذلك! فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: أما إن ذلك لم يزد قومك في الاسلام إلا خيرا، وكان بين مراد وهمدان وقعة أصابت همدان فيها من مراد ما أرادوا حتى أثخنوهم، وفي ذلك يقول فروة بن مسيك: إن نغلب فغلّابون قدما … وإن نهزم فغير مهزّمينا وما إن طبّنا جبن ولكن … منايانا وطعمة آخرينا فأقام فروة عند رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ما أقام، ثم استعمله رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على مراد وزبيد ومذحج كلها، وكتب معه كتابا إلى الأبناء باليمن يدعوهم إلى الاسلام. فأقام فيهم حتى توفى رسول الله صلّى الله عليه وسلم (¬2). وأخرج ابن سعد من وجه آخر: أن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم أجاز فروة بن مسيك باثنى عشرة أوقية، وحمله على بعير نجيب وأعطاه حلة من نسج عمان. وذكر الواقدي ان عمر بن الخطاب استعمله أيضا على صدقات مذحج. وذكر غيره أنه انتقل إلى الكوفة فسكنها، وله رواية، أخرج حديثه أبو داود والترمذي وروى عنه الشعبي وأبو سبرة النخعي وجماعة. غريب الأبيات: قال الأعلم: الطب هنا العلة والسبب، أي لم يكن سبب قتلنا الجبن، ¬

_ (¬1) الرّزم: بفتح أوّله، وإسكان ثانيه، يوم كان لهمدان على مراد قبيل الاسلام. وانظر البكري ص 649 - 651 (¬2) انظر عيون الاثر لابن سيد الناس 2/ 241 - 242.

وإنما كان ما جرى به القدر من حضور المنية وانتقال الحال عنا والدولة، انتهى. وفي الصحاح: المراد بالطب هنا العادة. والجبن، بسكون الباء وضمها، ضد الشجاعة. والمنايا جمع منية، وهي الموت لأنها مقدّرة، يقال منى له: أي قدّر. والدولة، بالفتح، في الحرب: أن يدال لاحدى الفئتين على الأخرى، يقال: كانت لهم علينا الدولة، والجمع الدول، والدولة بالضم: المال، يقال صار الفيء بينهم دولة يتداولونه، يكون مرة لهذا، ومرة لهذا، والجمع دولات. وقال أبو عبيد: الدولة بالضم اسم الشيء الذي يتداول بعينه، والدولة بالفتح الفعل. وقال بعضهم: الدولة والدولة لغتان بمعنى. وقال أبو عمرو بن العلاء: الدولة بالضم في المال وبالفتح في الحرب. وقال عيسى بن عمر: كلتاهما يكون في الحرب والمال. والكلاكل، جمع كلكل، وهو الصدر. وسجال: بكسر المهملة وتخفيف الجيم، أي نوب ودول، مرة على هؤلاء ومرة على هؤلاء، من مساجلة المستقين على البئر بالسجل وهو الدلو. وصروف الدهر: حدثانه ونوائبه. وتكر: ترجع. وريب الدهر: حوادثه. والغضارة: طيب العيش. والمنون (¬1)، والسروات: جمع، وسراة جمع سرى، وهو الشريف والسيد. وفي شرح الشواهد للمصنف: هذا البيت للكميت أو لفروة بن مسيك، فحصل فيه ثلاثة أقوال. 22 - وأنشد: بني غدانة ما إن أنتم ذهبا … ولا صريفا ولكن أنتم خزف (¬2) قال المصنف في شواهده: غدانة بضم المعجمة ودال مهملة، حيّ من يربوع (¬3) و (ما): نافية. وذهب وصريف بالرفع في رواية الجمهور. (فإن): زائدة كافة، وبالنصب في رواية ابن السكيت (فإن) نافية مؤكدة. والصريف، بفتح الصاد وكسر الراء المهملتين: الفضة. والخزف: الجر، جمع جرة (¬4). ¬

_ (¬1) كذا بالاصل، ولعله يريد: (والمنون: الموت). (¬2) الخزانة: 2/ 124 (¬3) انظر الاشتقاق 228، وجمهرة ابن حزم 228، وغدانة اسمه أشرس. (¬4) في حاشية الأمير (الخزف: الطين المحرق).

23 - وأنشد: يرجّى المرء ما إن لا يراه … وتعرض دون أدناه الخطوب (¬1) قال ابن الأعرابي في نوادره: هو لجابر بن دالان الطائي (¬2)، ويقال لا ياس بن الأرتّ (¬3)، وقبله: إن أمسك فإنّ العيش حلو … إليّ كأنّه عسل مشوب وبعده: وما يدّري الحريص علام يلقى … شراشره أيخطئ أم يصيب قال ابن الأعرابي: وشراشره: محبته ونفسه جميعا. وفي الصحاح: الشراشر يعني بمعجمتين وراءين، الاثقال واحدها شرشرة أي نفسه حرصا ومحبة (¬4). ويرجّي: بتشديد الجيم المكسورة. ويعرض: إما من عرض له أمر كذا، أي ظهر، أو من عرضت له القول، بفتح الراء وكسرها، أي تعرّضت له. والخطوب: جمع خطب، بفتح المعجمة، وهو شدة الأمر. والمعنى: أن الانسان تمتدّ أطماعه إلى الأمور المغيبة التي لا يراها ويعترض دون أقربها عنده حصولا الأمور الشديدة التي تقطع رجاءه، فما ظنك بأبعد تلك الأشياء. 24 - وأنشد: ورجّ الفتى للخير ما إن رأيته … على السّنّ خيرا لا يزال يزيد ¬

_ (¬1) الخزانة 3/ 567. (¬2) أحد شعراء الحماسة، واسمه جابر بن رالان، ويهمز فيقال: رألان، وكذلك يروى بالدال المهملة، وهو من بني سنبس، أحد رجال طيء. (¬3) أحد شعراء الحماسة، من طئ، ذكره ابن دريد في الاشتقاق ص 394 وانظر اللآلي 208 وذيل اللآلي 24. (¬4) في الاساس: (ألقى عليه شراشيره، إذا حرص عليه وأحبه).

قاله المعلوط القريعيّ. ورجّ: أمر من الترجية من الرجاء. والفتى: الشاب مفعوله. وللخير: مفعول ثان. والسنّ: العمر. وخيرا: مفعول يزيد. والمعنى: إذا رأيت شخصا كلما زاد عمره زاده خيره، فرجّه للخير. واستشهد النحاة بالبيت على جواز تقديم معمول خبر (لا يزال) عليها. واستشهد به المصنف على زيادة (ان) بعد (ما) التوقيتية. قال الدمامينيّ: ولا يتعين ذلك الاحتمال أن تكون (أن) شرطية و (ما) زائدة داخلة على الجملة الفعلية. وقد أعاد المصنف هذا البيت في شواهد إن المكسورة المشدّدة. وأنشده ابن يعيش في شرح المفصل وقال: خيرا، نصبا على التمييز. 25 - وأنشد: ألا إن سرى ليلي فبتّ كئيبا … أحاذر أن تنأى النّوى بغضوبا سرى بمعنى سار، وإسناده إلى الليل مجاز. والكئيب: السيء الحال. وتنأى: تبعد. والنوى: الوجه الذي ينويه المسافر من قرب أو بعد، وهي مؤنثة لا غير. وغضوب، بمعجمتين، بوزن صبور، اسم امرأة. ولذا لم يصرفه (¬1). 26 - وأنشد: أتغضب إن أذنا قتيبة حزّتا … جهارا، ولم تغضب لقتل ابن خازم! هذا من قصيدة طويلة للفرزدق يمدح فيها سليمان بن عبد الملك ويهجو جريرا، ويذكر قتل قتيبة بن مسلم بن عمرو بن الحصين، وقد قتله وكيع بن حسان، وأول القصيدة (¬2): تحنّ بزوراء المدينة ناقتي … حنين عجول تبتغي البوّ رائم سيدنيك من خير البرّية فاعتدل … تناقل نصّ اليعملات الرّواسم ¬

_ (¬1) انظر ص 17. (¬2) ديوانه 855، والخزانة 3/ 655، وانظر الموشح 108، والاغاني 13/ 357 و 21/ 350 (الثقافة). والعمدة 2/ 269.

إلى المؤمن الفكاك كلّ مقيّد … يداه وملقي الثّقل عن كلّ غارم الى أن قال: إليك وليّ العهد لاقى غروضها … وأحقابها أدراجها بالمناسم نواهض يحملنّ الهموم الّتي جفت … بناعن حشايا المحصنات الكرائم ليبلغنّ ملء الأرض عدلا ورحمة … وبرّا لآثار الجروح الكواتم كما بعث الله النّبيّ محمّدا … على فترة، والنّاس مثل البهائم ورثتم قناة الملك لا عن كلالة … عن ابني مناف عبد شمس وهاشم ترى التّاج معقودا عليهم كأنّهم … نجوم حوالي بدر ملك قماقم ومنها: جزى الله قومي إذ أرادوا خفارتي … قتيبة سعي الأفضلين الأكارم الى أن قال: فإن تك قيس في قتيبة أغضبت … فلا عطست إلّا بأجدع راغم وهل كان إلّا باهليّا مجدّعا … طغى فسقيناه بكأس ابن خازم لقد شهدت قيس فما كان نصرها … قتيبة إلّا عضّها بالأباهم فإن تقعدوا تقعد لئام أذلّة … وإن عدتم عدنا بأبيض صارم أتغضب إن أذنا قتيبة حزّتا … جهارا، ولم تغضب لقتل ابن خازم فما منهما إلّا بعثنا برأسه … إلى الشّام فوق الشّاحجات الرّواسم

ومنها: ألسنا أحقّ النّاس يوم تقايسوا … إلى المجد والمستأثرات الجسائم إذا ما وزنّا بالجبال رأيتنا … نميل بأطواد الجبال الأضاخم وما كان هذا النّاس حتّى هداهم … بنا الله إلّا مثل شاء البهائم وهي طويلة جدا. والاستفهام في البيت للانكار التعجبي. وضمير تغضب، راجع إلى قيس. والحز: القطع. وابن خازم عبد الله بن خازم (¬1) بمعجمتين، كما ضبطه الدارقطني وغيره، ابن أسماء بن الصلت، أبو صالح السلمي مأير خراسان، وليها سنتين ثم ثار به أهل خراسان فقتلوه وحملوا رأسه إلى عبد الملك بن مروان. وقيل: ان له صحبة ورواية. وحنّ: من الحنين. والزوراء: سوق المدينة. والعجول، بوزن صبور، التي ألقت ولدها لغير تمام. والبوّ، بفتح الموحدة وتشديد الواو: جلد حوار يحشى تراه الناقة التي مات ولدها فتسكن. ولاقى: أماج. والغروض، بضم الغين المعجمة والراء وضاد معجمة، جمع غرض بوزن فلس، وهو التصدير، وهو للرجل بمنزلة الحزام للسرج. والأحقاب، جمع حقب، بفتحتين، حبل يشدّ به الرحل إلى بطن البعير كيلا يجتذبه التصدير. والادراج: السرعة. والمناسم، جمع منسم، بكسر السين، وهو خف البعير. وجفت: رفعت. وحشايا: جمع حشية. وقوله: (لا عن كلالة) في الصحاح الكلالة الذي لا ولد له ولا والد، والعرب تقول: لم يرثه كلالة، أي لم يرثه عن عرض، بل عن قرب واستحقاق؛ وأنشد البيت. وقال ابن الأعرابي: الكلالة، بنو العم الأباعد. ويقال: سيد قماقم بالضم: لكثرة خيره. والخفارة، بضم الخاء المعجمة، الذمّة. يقال: أخفرته، إذا بعثت معه خفيرا، وأخفرته: إذا نقضت عهده. وقوله: (بأجدع) أي بأنف أجدع، أي مقطوع. والشاحجات، بتقديم الحاء المهملة، على الجيم، البغال. والرواسم: السريعة السير من الرسم، وهو نوع من السير سريع. والمستأثرات: الأمور التي استأثر بها أربابها من الأفعال والأخلاق الحسنة. والجسائم: العظام. والطود: الجبل العظيم. ¬

_ (¬1) ويروى بالحاء المهملة. وانظر حاشية الامير ص 24.

والأضاخم، جمع ضخم، وهو الغليظ من كل شيء. 27 - وأنشد: إذا ما انتسبنا لم تلدني لئيمة (¬1) تمامه: ولم تجدي من أن تقرّي به بدّا اللئيم: الدنيء الأصل، وإنما ذكر الأم لأنها إذا كانت من الكرام فالأب أولى. لأن العرب لا يزوّجون من دونهم، وقد يتزوّجون من دونهم. قال ابن جرير في تفسيره: قال: إذا ما انتسبنا و (إذا) يقتضي من الفعل مستقبلا. ثم قال: لم تلدني لئيمة، فأخبر عن ماض، وذلك أن الولادة قد مضت وتقدّمت استغناء بعلم السامعين. 28 - وأنشد: إن يقتلوك فإنّ قتلك لم يكن … عارا عليك، وربّ قتل عار (¬2) هذا لثابت بن قطنة بن كعب العتكي، يكنى أبا العلاء كما في الوشاح، وقبله: كلّ القبائل بايعوك على الّذي … تدعو إليه، طائعين وساروا (¬3) حتّى إذا حمي الوغى وتركتهم (¬4) … نصب الأسنّة أسلموك وطاروا ¬

_ (¬1) قائله زائدة بن صعصعة الفقعسي يعرض بزوجته، وكانت أمها سرية، وقبله: رمتني عن قوس العدو وباعدت … عبيدة زاد الله ما بيننا بعدا وانظر حاشية الأمير ص 25 (¬2) الخزانة 4/ 184، والاغاني 14/ 262 (الثقافة) والشعراء 613 (¬3) في الأغاني والشعراء: (وتابعوك). (¬4) في الشعراء: (حتى إذا اختلف القنا وجعلتهم). وفي الأغاني: (جهلتهم).

الوغى، بمعجمة، أصله الصوت والجلبة، ثم أطلق على الحرب لاشتمالها عليه، ويقال: حمى النهار، وحمى التنور، بالكسر، أي اشتدّ حرّه، واستعير منه حمى الوغى وحمى الوطيس. ونصب: إما مفعول ثان لترك، أو حال، يقال: نصبت الشيء نصبا إذا أقمته، وناصبته الحرب مناصبة. الأسنة، جمع سنان: الرمح. وأسلموك: خذلوك. وطاروا: ذهبوا سراعا. والعار: السبة والعيب. وقوله: (ورب قتل عار) على تقدير هو عار، وقد أعاد المصنف البيت في رب. وفي الأغاني (¬1): هو ثابت بن كعب، ويلقب ثابت قطنة، لأن سهما أصابه في إحدى عينيه، فذهب بها في بعض حروب الترك، فكان يجعل عليها قطنة. وهو شاعر فارس شجاع من شعراء الدولة الأموية. ثم أخرج من طريق حماد بن إسحق عن أبيه قال: كان ثابت قطنة مع يزيد بن المهلب في يوم العقير، فلما خذله أهل العراق وفرّوا عنه فقتل، قال ثابت قطنة يرثيه (كل القبائل) الأبيات الثلاثة. إلّا أنه قال: (وبعض قتل عار). وأخرج عن محمد بن يزيد قال: ولي ثابت قطنة عملا من أعمال خراسان، فلما صعد المنبر يوم الجمعة رام الكلام فتعذر عليه وحصر، فقال: سيجعل الله بعد عسر يسرا، وبعد عيّ بيانا، وأنتم إلى أمير فعال أحوج منكم إلى أمير قوّال: عسر يسرا، وبعدعيّ بيانا، وأنتم إلى أمير فعال أحوج منكم إلى أمير قوّال: وإن لا أكن فيكم خطيبا فإنّني … بسعي إذا جاد الوغى لخطيب فقال خالد بن صفوان: والله ما علا ذلك المنبر أخطب منه في كلماته هذه. ¬

_ (¬1) 14/ 247 (الثقافة).

شواهد أن المفتوحة الخفيفة

شواهد أن المفتوحة الخفيفة 29 - وأنشد: لا تقرأن بالسّور (¬1) وسيأتي الكلام عليه في حرف الباء. 30 - وأنشد: إذا ما غدونا قال ولدان أهلنا … تعالوا إلى أن يأتنا الصّيد نحطب (¬2) هذا من قصيدة لامرئ القيس بن حجر الكندي، أوّلها (¬3): خليليّ مرّا بي على أمّ جندب … لنقضي حاجات الفؤاد المعذب فإنّكما إن تنظراني ساعة … من الدّهر تنفعني لدى أمّ جندب ألم ترياني كلّما جئت طارقا … وجدت بها طيبا وإن لم تطيّب الى أن قال: فإن تنأ عنها حقبة لا تلاقها … فإنّك ممّا أحدئت بالمجرّب ¬

_ (¬1) البيت للراعي، وينسب أيضا للقتال الكلابي وتمامه: هن الحرائر، لاربات أخمرة … سود المحاجر لا يقرأن بالسور وسيأتي في حرف الباء كما ذكر السيوطي. (¬2) ديوانه 389 (المعارف) وفيه: (إذا ما ركبنا ..) (¬3) ديوانه 40 - 55 (المعارف).

وقالت: متى يبخل عليك ويعتلل … يسرك وإن يكشف غرامك تدرب (¬1) تبصّر خليلي هل ترى من ظعائن … سؤالك نقبا بين حزمي شعبعب ومنها: وقد أغتدي والطّير في وكناتها … وماء النّدى يجري على كلّ مذنب بمنجرد قيد الأوابد لاحه … طراد الهوادي كلّ شأو مغرّب الى أن قال: فعادى عداء بين ثور ونعجة … وبين شبوب كالقضيمة قرهب ومنها: كأنّ عيون الوحش حول خبائنا … وأرجلنا الجزع الّذي لم يثقّب قال الأصمعي (¬2): لما هرب امرؤ القيس من المنذر بن ماء السماء صار إلى جبلي طيء: أجار وسلمى، فأجاروه، فتزوّج بها أمّ جندب، فبينما هو ذات ليلة نائم معها إذ قالت له: قم فقد أصبحت! فلم يقم، فكرّرت عليه، فقام، فوجد الفجر لم يطلع بعد، فقال لها: ما حملك على صنعت؟ فسكتت، فألحّ عليها، فقالت: حملني على ذلك أنك ثقيل الصدر، خفيف العجز، سريع الهراقة، بطيء الافاقة. فعرف من نفسه تصديق قولها، فسكت عنها. فلما أصبح أتاه علقمة بن عبدة التميميّ وهو قاعد في الخيمة وخلفه أم جندب، فتذاكرا الشعر، فقال امرؤ القيس: أنا أشعر منك، وقال علقمة: بل أنا أشعر منك! فقال: قل وأقول، وتحاكما إلى أم جندب. فقال امرؤ القيس هذه القصيدة. وقال علقمة قصيدته التي أوّلها: ¬

_ (¬1) في ديوانه 42 و 382: (يسؤك) و (تسؤك) و (يشقك). (¬2) الخبر في في ديوانه - مقدمة القصيدة عن الأصمعيّ. وانظر الشعراء 170 و 172.

ذهبت من الهجران في كلّ مذهب وستأتي الاشارة إليها في الباب الرابع، ففضلته أم جندب على امرئ القيس فقال: بم فضّلته؟ قالت: فرس ابن عبدة أجرى من فرسك، قال: وبم ذاك؟ قالت: سمعتك زجرت وضربت وحركت، وهو قوله: فللسّاق ألهوب وللسّوط درّة … وللزّجر منه وقع أهوج منعب وأدرك فرس علقمة الطريدة ثانيا من عنانه وهو قوله: وأقبل يهوي ثانيا من عنانه … يمرّ كمرّ الرّائح المتحلّب فغضب عليها وطلقها، فخلف عليها علقمة، فسمي علقمة الفحل. والبيت أورده المصنف مستشهدا به على ان (أن) قد تجزم المضارع. وقد أنكر ذلك الفارسي وقال: الرواية (الى أن يأتي الصيد)، وكذا أورده صاحب منتهى الطلب (¬1). وأورده ابن الأنباري في شرح المفضليات بلفظ: الى ما يأتنا الصيد، وقال: يجوز أن تجعل (تعالوا) مكتفية، وتجعل (ما) شرطا، والفعل مجزوما بها. ونحطب جوابها. وقوله (تنظراني) بضم أوّله أي تؤخراني. ويروى: ننظراني، بفتح أوّله أي تنتظراني. والطارق: الآتي بالليل. قال الزبير بن بكار: أخبرني سعيد بن يحيى بن سعيد الأموي (¬2): حدّثني أبي: إن امرأة لقيت كثير عزة فأنشدها قوله في عزة (¬3): ¬

_ (¬1) بهذه الرواية لا شاهد في البيت. (¬2) انظر تفصيل الخبر في الكامل 840 - 841، والاغاني 14/ 57 (ساسي)، والشعراء 487 - 488، والموشح 150 و 151 - 152، والمحاسن والأضداد 139 - 140 وفيه أن المرأة هي قطام صاحبة عبد الرحمن ابن ملجم. (¬3) البيتان في اللسان 2/ 433 بدون نسبة، وهما في العقد الفريد 5/ 373، ونهاية الأرب 4/ 227، والصناعتين 97 باختلاف بعض الألفاظ.

ما روضة بالحسن ظاهرة الثّوى … يمجّ النّدى جثجاثها وعرارها بأطيب من أردان عرّة موهنا … وقد أوقدت بالمندل الرّطب نارها فقالت له: أرأيت حين تذكر طيبها فلو ان زنجية استجمرت بالمندل الرطب لطاب ريحها، ألا قلت، كما قال امرؤ القيس: خليليّ مرّا بي على أمّ جندب … لنقضي حاجات الفؤاد المعذّب ألم ترياني كلّما جئت طارقا … وجدت بها طيبا وإن لم تطيّب فقال: الحق والله خير ما قيل، هو والله أنعت لصاحبته مني، أخرجه ابن عساكر. الجثجاث: بجيمين ومثلثتين، ريحانة طيبة الريح. والعرار: البهار البري. وتنأ (¬1): تبعد. وحقبة: نصب على الظرف، والمراد بها الحين. ولا تلاقها: بدل من تنأ، لأن عدم الملاقاة هو النأي. و (فإنك) جواب الشرط. وقوله (بالمجرّب) استشهد به النحاة على زيادة الباء في خبر (إن) وهو بفتح الراء: الذي جرّبته الأمور وأحكمته. وقوله: وقالت: متى يبخل عليك ... البيت أورده المصنف في الكتاب الرابع مستشهدا به على أن نائب الفاعل في (يعتلل) ضمير المصدر، أي هو أي الاعتلال. ويعتلل: يعتذر. وتدرب: بالمهملة، تتعوّد. وتبصر: انظر. والظعائن: الهوادج (¬2). وسوالك: دواخل. والنقب: الطريق في الجبل. وحزمى، بمهملة وزاي، مثنى حزم، وهو ما غلظ من الارض، أي وعر. وشعبعب: يروى باهمال العينين وإعجمامهما، موضع (¬3). والألهوب: الأسم من ألهب الفرس، إذا اضطرم جريه. وللساق درّه: أي استدرار للجري. ¬

_ (¬1) يعود هنا السيوطي الى شرح معنى كلمات قصيدة امرئ القيس. (¬2) وهي أيضا: النساء في الهوادج. (¬3) في شرح ديوانه: اسم ماء، وفي البكري 800: اسم ماء لبني قشير.

والأهوج: الأحمق. ومنعب، بنون وعين مهملة، يحرّك رأسه وعنقه. وأورد ابن قتيبة هذا البيت في كتاب اثبات المعاني بلفظ: وقع أخرج مهذب (¬1)، وقال: بقول إذا ضرب السوط التهب في جريه، وإذا جرى بالساق درّ. والأخرج: الظليم. وقوله: تبصّر خليلي هل ترى من ظعائن توارد عليه جماعة من الشعراء في قصائدهم فقاله زهير بن أبي سلمى مطلع قصيدة، وتمامه: بمنعرج الوادي فويق أبان (¬2) وقاله في قصيدة أخرى، وتمامه: كما زال في الصّبح الأشاء الحوامل (¬3) وقاله الراعي أثناء قصيدة، وتمامه: بذي النّيق إذ زلّت بهنّ الأباعر وقاله أيضا مطلع قصيدة، وتمامه: تحمّلن من وادي العناق وثهمد (¬4) ¬

_ (¬1) أنظر البيت في الموشح 28 و 29، واللسان 2/ 262، وشعراء الجاهلية 25، والموازنة 2/ 37 (المعارف)، والصناعتين 74، وعيار الشعر 91، وصبح الأعشى 2/ 99 و 208 والمعاني الكبير 1/ 81. (¬2) مطلع قصيدة يمدح هرما، وهي في ديوانه 358 بلفظ: تبين خليلي .. وأبان: اسم جبل، وانظر البكري 94. (¬3) ديوانه 294، وفيه: (كما زال، أي كما لاح وتحرك. يقول: نظر إلى الأشاء، وهو النخل الصغار، في الصبح وهو يمشي فظن أنها تمشي معه. قال أبو محمد: شبه تحرك الظعائن والإبل بالأشاء إذا حرّكته الريح وزعزعته، والواحدة: اشاءة). (¬4) أنظر البكري ص 348.

وقاله مضرس بن ربعي مطلع قصيدة، وتمامه: إذا ملن من قفّ علون رمالا وقاله النابغة الجعدي أثناء قصيدة، وتمامه: رحلن بنصف اللّيل من بطن منعم (¬1) وقاله عبيد بن الأبرص أثناء قصيدة، وتمامه: يمانية قد تغتدي وتروح وقاله الأسود بن يعفر أثناء قصيدة، وتمامه: غدون لبين من نوى الحيّ أبين وقاله طفيل الغنوي أثناء قصيدة، وتمامه: تحمّلن أمثال النّعاج عقائله وقد استشهد به النحاة على صرف باب مفاعل للضرورة. وقوله: وقد أغتدي والطّير في وكناتها وقاله أيضا في قصيدته اللامية، وتمامه: لغيث من الوسميّ رائد خال (¬2) أورده المصنف في الكتاب الرابع شاهدا على الحال التي حكمها حكم الظرف، ¬

_ (¬1) منعم: واد في ديار هوزان، والبيت في البكري 1271. (¬2) ديوانه 36 من قصيدته: ألا عم صباحا أيها الطلل البالي … وهل يعمن من كان في العصر الخالي

فإن جملة: والطير في وكناتها، حالية، مع أنها لا تنحل الى مفردين بين هيئة فاعل ولا مفعول، ولا هي مؤكدة. وتخريجها على ما ذكرنا، ولذلك عريت عن ضمير ذي الحال. وهذا الشطر أيضا نصف بيت لامرئ القيس من معلقته المشهورة، وتمامه فيها (¬1): بمنجرد قيد الأوابد هيكل وهذا يسمى في البديع التفصيل، بصاد مهملة. والوكنات: بضمتين، الأعشاش، جمع وكنة بضمة فسكون. والندى: المطر. والمذنبة: الساقية. ومنجرد: فرس قصير الشعر، وطول الشعر هجنة. ويقال منجرد، ماض غير وان، كما يقال: انجرد في حاجتك. ذكره ابن قتيبة. وقيد الأوابد: ممسك الوحش. قال ابن قتيبة: يقول: إذا أرسل على الأوابد وهي الوحش، فكأنها في قيد. قال أبو عبيدة: وأوّل من قيدها امرؤ القيس. ولاحه: طنعفه (¬2). وطراد: تباع. والهوادي: المتقدمة. وشأو: طلق. ومغرب: بعيد. وقوله: (فعادى عداء) أي والى ولاء بين ثور ونعجة. وهذا النصف أيضا قاله في معلقته، وتمامه فيها (¬3): دراكا فلم ينضح بماء فيغسل وقال في قصيدته اللامية وتمامه فيها (¬4): وكان عداء الوحش منّي على بال ¬

_ (¬1) ديوانه 19 (المعارف). (¬2) كذا بالأصل. ولعلها: طعنة. (¬3) ديوانه 22. (¬4) ديوانه 38، ويروى صدر البيت: وعاديت منه بين ثور ونعجة كذلك يروى عجزه: وكان عدائي إذ ركبت على بال وانظر ديوانه 381 (المعارف).

والشبوب والقرهب كلاهما بمعنى المسن (¬1). وقوله: كأنّ عيون الوحش ... البيت استشهد به أهل البيان على التشبيه. قال المبرد في الكامل (¬2): هذا من التشبيه العجيب. وأورده صاحب التلخيص في نوع الايغال. 31 - وأنشد: أحاذر أن تعلم بها فتردّها … فتتركها ثقلا عليّ كماهيا أنشده الكوفيون، واستشهد به المصنف على الجزم بأن. وقد خرج على أنّ سكونه لأجل الادغام الجائز في الكلام، كما قرأ أبو عمرو في (يحكم بينهم) ونحوه. والمحاذرة: من الحذر، وهو التحرّز، يقال: الحاذر المتأهب، والحذر الخائف. وثقلا: بكسر أوّله وسكون ثانيه، واحد الأثقال، كحمل وأحمال. وأما الثقل، بفتح القاف، فمصدره ثقل، وهو ضدّ الخفة. والثقل، بفتحتين، متاع المسافر وحشمه. ثم رأيت البيت في ديوان جميل وفيه تغيير. قال ابن الكلبي: لما زوّجت بثينة أسف جميل وجزع جزعا شديدا، فقطع زيارة بثينة وهجرها، وطالت المدّة في هجرها، ثم شكى لابني عمه روق ومسعد أنه لا يطيق السلو عنها! فقالا له: إبق على نفسك واصبر على بعض ما تكره، وألمم بها المامة، فلعلك تستريح إليها. فمضى معهما فلقى جارية لها فلم يكلمها ولا أعلمها أنه قصد بثينة. وجلس مع ابني عمه مستظلا بشجرة، ومطاياهم معقولة كأنهم يريدون أن يريحوا، فبادرت الأمة إلى بثينة فأخبرتها فجاءت إليه فقالت: أين كنت بعدنا، فقد طال شوقنا إليك؟ فقال: رأيت التباعد مع ما حدث أجمل. فتحدّثا بقية يومهما وليلتهما حتى أصبحا، فقال جميل في ذلك: ¬

_ (¬1) في الديوان 52: (تابع هذا الفرس ووالى صيد الوحش، من بين ثور ونعجة، وثور مسن وهو الشبوب، وانما خصه بالذكر ... لفضله على الثيران والنعاج ولسنه وقوته، وأنه فحلها الذاب عنها .. والقرهب: المسن أيضا). (¬2) الكامل 741.

فائدة: [جميل بن عبد الله بن معمر بن الحارث بن خيبري]

ألا طال كتماني بثينة حاجة … من الحاج ما تدري بثينة ماهيا أخاف إذا أنبأتها أن تضيعها … فتتركها ثقلا عليّ كما هيا أغرّك أنّي لا نحيل عليكم … ولا مفحش فيما لديك التّقاضيا أعدّ اللّيالي ليلة بعد ليلة … وقد عشت دهرا لا أعدّ اللّياليا في أبيات أخر، ولا شاهد في البيت على هذه الرواية. فائدة: [جميل بن عبد الله بن معمر بن الحارث بن خيبري] جميل بن عبد الله بن معمر بن الحارث بن خيبريّ بن نهيك بن ظبيان، أبو عمرو العذري، الحجازي، الشاعر المشهور صاحب بثينة. حدّث عن أنس بن مالك، ووفد على الوليد بن عبد الملك وعمر بن عبد العزيز. روى عنه محمد بن راشد الحبطي، وكثير عزة الشاعر. ذكره الجمحي في الطبقة السادسة من الاسلاميين (¬1). قال الخطيب: وليس له إلّا حديث واحد وهو: (إن من الشعر حكمة)، وقد أسنده ابن عساكر من طريق الحبطي عنه عن أنس. وأخرج عن المسور بن عبد الملك اليربوعي قال: ماضر من روى شعر جميل وكثير أن لا يكون عنده مغنيتان مطربتان. مات جميل بمصر سنة اثنين وثمانين. روى ابن عساكر وغيره من طرق: أن جميلا قدم مصر على عبد العزيز بن مروان يمدحه، فرآه رجل فقال له: ما رأيت في بثينة، فو الله لقد رأيتها ولو ذبح بعرقوبها طائر لا نذبح. فقال له جميل: إنك لم ترها بعيني، ولو نظرت إليها بعيني لأحببت أن تلقى الله وأنت زان. ثم أنه مرض فدخل عليه العباس بن سهل الساعدي وهو يجود بنفسه، فقال له جميل: ما تقول في رجل لم يقتل نفسا، ولم يزن قط، ولم يسرق، ولم يشرب خمرا قط، أترجو له؟ قال العباس: أي والله، فقال جميل: إني لأرجو أن أكون ذلك الرجل. قال العباس: فقلت: سبحان الله، فأنت تتبع بثينة منذ ثلاثين سنة. فقال: يا عباس، إني لفي آخر يوم من ¬

_ (¬1) الطبقات ص 529

أيام الدنيا وأول يوم من أيام الآخرة، لا نالتني شفاعة محمد صلّى الله عليه وسلّم إن كنت وضعت يدي عليها لريبة قط. فما برحنا حتى مات. وبثينة صاحبته ابنة الأسود، ويقال ابنة مالك، ويقال ابنة حيا. ويقال: حيى ابن ربيعة بن ثعلبة بن الهوذ، عذرية أيضا، ويقال: هي ابنة خالد، قيل أنه لما بلغها وفاة جميل جزعت وصاحت وأغمي عليها ساعة، ثم قامت وقالت ترثيه (¬1): وإنّ سلوّي عن جميل لساعة … من الدّهر ما حانت ولا حان حينها سواء علينا يا جميل بن معمر … إذا متّ بأساء الحياة ولينها ولم ير أكثر باكيا وباكية من يومئذ. قال المبرد: دخلت بثينة على عبد الملك ابن مروان فأحدّ النظر إليها ثم قال: يا بثينة، ما رأى فيك جميل حين قال فيك ما قال. قالت: ما رأى الناس فيك حين ولوك الخلافة؟ فضحك وقضى حاجتها. 32 - وأنشد: أن تقرآن على أسماء ويحكما … منّي السّلام وأن لا تشعرا أحدا لم يسم قائله. وقبله: يا صاحبيّ فدت نفسي نفوسكما … وحيثما كنتما لاقيتما رشدا أن تحملا حاجة لي خفّ محملها … تستوجبا نعمة عندي بها ويدا قوله: أن تقرآن، في موضع نصب بدل من حاجة، أو رفع خبر (هي) مقدّرا. واستشهد به على إهمال إن، فلم تنصب، حملا على ما زعم الكوفيون أنّ (أن) مخففة من الثقيلة، شذ اتصالها بالفعل. ويح: كلمة رحمة، كما أن ويل كلمة عذاب. ¬

_ (¬1) الشعراء 409 (من الدهر ما جاءت ..).

33 - وأنشد: ولا تدفنّني في الفلاة فإنّني … أخاف إذا ما متّ أن لا أذوقها هذا لأبي محجن الثقفي. وقبله: إذا متّ فادفنّي إلى جنب كرمة … تروّي عظامي بعد موتي عروقها وبعده: أباكرها عند الشّروق وتارة … يعاجلني عند المساء غبوقها وللكأس والصّهباء حقّ معظّم … فمن حقّها أن لا تضاع حقوقها أبو محجن هذا صحابي اسمه مالك. وقيل عبد الله بن حبيب، بالتصغير، ابن عمرو بن عمير بن عوف. وقيل اسمه كنيته. أسلم مع ثقيف وله رواية. وكان شاعرا مطبوعا كريما منهمكا في الشراب لا يكاد يقلع عنه، وجلده عمر مرات ثم نفاه إلى جزيرة في البحر وبعث معه رجلا فهرب منه ولحق بسعد بن أبي وقاص بالقادسية وهو يحارب الفرس، فكتب عمر إلى سعد أن يحبسه فحبسه. وقال عبد الرزاق في المصنف: أنا معمر، عن أيوب، عن ابن سبرين، قال: كان أبو محجن لا يزال يجلد في الخمر فلما أكثر عليهم سجنوه وأوثقوه، فلما كان يوم القادسية رآهم يقتتلون فكأنه رأى المشركين قد أصابوا في المسلمين فأرسل إلى أم ولد سعد، أو امرأة سعد، يقول لها إن أبا محجن يقول لك إن خليت سبيله وحملتيه على هذا الفرس ودفعت إليه سلاحا ليكونن، وأوّل من يرجع، إلّا أن بقتل. قال: وأبو محجن يتمثل (¬1): كفى حزنا أن تلتقي الخيل بالقنا … وأترك مشدودا عليّ وثاقيا إذا شئت غنّاني الحديد وغلّقت … مصارع من دوني تصمّ المناديا ¬

_ (¬1) عيون الأخبار 1/ 187 وانظر أمالي ابن الشجري 1/ 226.

فحلت عنه امرأة سعد قيوده، وحمل على فرس كان في الدار، وأعطي سلاحا، ثم خرج يركض حتى لحق بالقوم، فجعل لا يزال يحمل على رجل فيقتله ويدق صلبه، فنظر إليه سعد فجعل يعجب ويقول: من ذا الفارس؟ فلم يلبثوا إلّا يسيرا حتى هزمهم الله، فرجع أبو محجن وردّ السلاح وجعل رجليه في القيود كما كان. فجاء سعد فقالت له امرأته، أو أم ولده: كيف كان قتالكم؟ فجعل يخبرها ويقول لقينا ولقينا حتى بعث الله رجلا على فرس أبلق لولا إني تركت أبا محجن في القيود لظننت أنها بعض شمائل أبى محجن. فقالت: والله إنه لأبو محجن، كان من أمره كذا وكذا، وقصت عليه قصته. فدعى به فحل قيوده وقال: لا نجلدك على الخمر أبدا. قال أبو محجن: وأنا والله لا يدخل لي رأسا أبدا، كنت آنف أن أدعها من أجل جلدكم فلم يشربها بعد ذلك. وقال سعيد بن منصور في سننه: ثنا أبو معاوية، ثنا عمرو بن مهاجر، عن إبراهيم ابن محمد بن سعد عن أبيه قال: أتى سعد بأبي محجن يوم القادسية وقد شرب الخمر، فأمر به إلى القيد، فلما التقى الناس قال: كفى حزنا البيت ... ثم قال لامرأة سعد: أطلقيني ولك عليّ إن سلمني الله أن أرجع حتى أضع رجلي في القيد، وإن قتلت استرحتم مني. فأطلقته فوثب على فرس لسعد يقال لها البلقاء، ثم أخذ رمحا ثم خرج فجعل لا يحمل على ناحية من العدوّ إلا هزمهم، وجعل الناس يقولون هذا ملك لما يرونه يصنع، وجعل سعد يقول: الصبر صبر البلقاء، والطعن طعن أبى محجن، وأبو محجن في القيد، فلما هزم العدو رجع أبو محجن حتى وضع رجله في القيد، فأخبرت زوجة سعد سعدا بما كان من أمره فقال سعد: والله لا أضرب اليوم رجلا أبلى الله المسلمين على يديه ما أبلاهم، فخلى سبيله. فقال أبو محجن: قد كنت أشربها إذ يقام عليّ الحدّ وأطهر منها، فأما الآن فلا والله لا أشربها أبدا. وفي الاستيعاب لابن عبد البر: دخل ابن لأبي محجن على معاوية فقال له معاوية: أبوك الذي يقول: إذا مت فادفني .. البيتين. فقال: لو شئت ذكرت أحسن من هذا! قال: وما ذاك؟ قال قوله: لا تسألي النّاس عن مالي وكثرته … وسائلي النّاس عن حزمي وعن خلقي

القوم أعلم إنّي من سراتهم … إذا تطيش يد الرّعديد الفرق قد أركب الهول مسدولا عساكره … وأكتم السّرّ فيه ضربة العنق قد يعسر المرء حينا وهو ذو كرم … وقد يثوب الغنى للعاجز الحمق سيكثر المال يوما بعد قلّته … ويكتسي العود بعد اليبس بالورق وقال ابن عبد البر: حدّث من رأى قبر أبي محجن أنه نبتت عليه ثلاثة أصول كرم وقد طالت وأثمرت وهي معرشة على قبره. قال: فجعلت أتعجب وأذكر قوله: إذا متّ فادفنّي إلى جنب كرمة قلت: هذا من كرامته على الله، رضي الله عنه. وهذه القصة أخرجها صاحب الأغاني عن الهيثم بن عديّ، قال: حدّث من رأى قبر أبى محجن في نواحي أذربيجان أو جرجان فذكرها. 34 - وأنشد: زعم الفرزدق أن سيقتل مربعا … أبشر بطول سلامة يا مربع هذا من قصيدة لجرير يخاطب بها الفرزدق، وأولها (¬1): بان الخليط برامتين فودّعوا … أو كلّما رفعوا لبين تجزع ومنها: أعددت للشّعراء كأسا مرّة … عاتدا فخالطها السّمام المنقع ¬

_ (¬1) ديوانه 340 - 351، وانظر الشعراء 465 - 466، والنقائض 961 - 981، والبيت في طبقات الشعراء 349، وأمالي ابن الشجري 1/ 225.

ذاق الفرزدق والأخيطل حرّها … والبارقيّ، وذاق منها البلتع ومنها: إنّ الرّزيّة من تضمّن قبره … وادي السّباع لكلّ جنب مصرع لمّا أتى خبر الزّبير تواضعت … سور المدينة والجبال الخشّع (¬1) وبكى الزّبير بناته في مأتم … ماذا يردّ بكاء من لا يسمع وبعد قوله: زعم الفرزدق ... البيت: إنّ الفرزدق قد تبيّن لؤمه … حيث التقت حششاؤه والأخدع وآخر القصيدة: ورأيت نبلك يا فرزدق قصّرت … ورأيت قوسك ليس فيها منزع قال ابن حبيب: البارقيّ سراقة، والبلتع: المستنير بن عمرو بن بلتعة العنبري. ومربع: رجل من بني جعفر بن كلاب، كان يروي شعر جرير، فنذر الفرزدق دمه (¬2). قال ابن حبيب: ومن شأن هذا البيت أن غضوب أخت بني ربيعة بن مالك بن زيد مناة كانت ناكحا في بني عوف بن مالك، من بني طهيه فتزوّج زوجها عليها فأولعت بهجوهم فأوعدها رجال منهم مربع فهجتهم فقالت فيه: يا مربعا يا مربع الضّلال … يا فاجرا مستقبل الشّمال على بعير غير ذي جلال … يا مربعا هل حان من إقبال فلما سمع مربع ذلك مشى إليها فقتلها. ¬

_ (¬1) الكامل 486 ويروى: (الخضع). (¬2) مربع: لقب وعوعة، احد بني أبي بكر بن كلاب، كان راوية لجرير، وكان نفر بأبي الفرزدق، فيقال إنه مات في تلك العلة، فحلف الفرزدق ليقتله، فقال جرير ذلك تكذيبا للفرزدق. وانظر الجمهرة 266.

قوله: بأن الخليط: أي فارق المخالط، وهو المنادم. ورامة: اسم موضع بالبادية. قال في الصحاح: وفيه جاء المثل (تسألني برامتين سلجما) والسمام، بكسر أوّله، جمع سم. والمنقع، بضم أوّله، في الصحاح: سم منقع: أي مربّى. قال الشاعر: فيها ذرا ريح وسمّ منقع ووادي السباع، موضع قتل الزّبير بن العوّام رضي الله عنه. وقوله: (تواضعت) استشهد به على تأنيث المضاف، فعل المذكر لاكتسابه التأنيث من المضاف إليه. والخششاء، بضم الخاء وفتح المعجمتين والمدّ، وزنها فعلاء، والخششاوان: العظمان وراء الأذنين. ويقال أيضا خشاء وزن فعال، وكذلك قوباء وقوباء. قال نفطويه: وليس في الأسماء على هذا الوزن غيرهما. والأخدع: عرق في موضع المحجمتين، وهو شعبة من الوريد. والنبل: السهام العربية لا واحد لها من لفظها. والمنزع: بكسر الميم، السهم. قال أبو ذؤيب (¬1): ورمى فأنفذ طرّتيه المنزع 35 - وأنشد: فلو أنّك في يوم الرّخاء سألتني … طلاقك لم أبخل وأنت صديق (¬2) لم أر من ذكر قائله. وصف الشاعر نفسه بالجود حتى أن الحبيبة لو سألته الفراق أجابها إلى ذلك كراهة ردّ السائل، وان كان في يوم الرخاء. وإنما خصه بالذكر لأن الانسان ربما يفارق الأحباب في يوم الشدة. والخطاب في البيت لمؤنث، وإنما قال صديق بالمذكر على تأويل أنت بانسان. وفي أمالي ثعلب يقال: صديق ¬

_ (¬1) ديوان الهذليين 1/ 15 وفيه: فرمى لينقذ فرّها فهوى لها … سهم فانفذ طرتيه المنزع وهو في اللسان (نزع). (¬2) ابن عقيل 1/ 146.

ورسول يكون للواحد والجمع وأنشد عليه البيت، وقال: أي أنت من الأصدقاء كما يقال أنتم عم وخال، أي من العمومة والأخوال. وقوله: (لم أبخل) جواب لو، وجملة (وأنت صديق) حالية. ثم رأيت البيت في بعض التفاسير بلفظ فراقك بدل طلاقك، وبعده: فما ردّ تزويج عليه شهادة … وما ردّ من بعد الحرار عتيق 36 - وأنشد: بأنّك ربيع وغيث مريع … وأنّك هناك تكون الثّمالا (¬1) هو من قصيدة عزاها أبو عمرو بن العلاء لعمرة بنت العجلان بن عامر بن بر الهذلية ترثي بها أخاها عمرا ذا الكلب وقيل اسمها جنوب، وأوّلها (¬2): سألت بعمرو أخي صحبه … فأفظعني حين ردّوا السّؤالا فقالوا: أتيح له نائما … أعزّ السّباع عليه أحالا أتيح له نمرا أجبل … فنالا لعمرك منه منالا أتيحا لوقت حمام المنون … فنالا لعمرك منه ونالا فأقسمت يا عمرو لو نبّهاك … إذن نبّها منك داء عضالا إذن نبّها ليث عرّيسة … مفيدا مفيتا نفوسا ومالا هزبرا فروسا لأعدائه … هصورا إذا لقى القرن صالا هما مع تصّرف ريب المنون … من الأرض ركنا ثبيتا أمالا ¬

_ (¬1) الخزانة 4/ 352، وديوان الهذليين 3/ 123 برواية: بأنك كنت الربيع المريع (¬2) ديوان الهذليين 3/ 120 - 123 مع تقديم وتأخير برواية الابيات.

هما يوم حمّ له يومه … وقال أخوفهم بطلا وفالا وقالوا: قتلناه في غارة … بأية ما إن ورثنا النّبالا فهلّا إذن قبل ريب المنون … وقد كان رجلا وكنتم رجالا وقد علمت فهم عند اللّقاء … بأنّهم لك كانوا نفالا كأنّهم لم يحسّوا به … فيخلو النّساء له والحجالا ولم ينزلوا بمحول السّنين … به فيكونوا عليه عيالا وقد علم الضّيف والمجتدون … إذا اغبرّ أفق وهبّت شمالا وخلّت عن أولادها المرضعات … ولم تر عين لمزن بلالا بأنّك كنت الرّبيع المغيث … لمن يعتريك وكنت الثّمالا وخرق تجاوزت مجهوله … بوجناء حرف تشكّى الكلالا فكنت النّهار به شمسه … وكنت دجى اللّيل فيه الهلالا وخيل سمت لك فرسانها … فولّوا ولم يستقلّوا قبالا فحيّا أبحت وحيّا منحت … غداة اللّقاء منايا عجالا وكلّ قبيل وإن لم تكن … أردتهم منك باتوا وجالا ووقع في شرح شواهد المصنف تبعا لابن الشجري نسبة البيت إلى كعب بن زهير رضي الله عنه. قوله: (سألت بعمرو) أي عن عمرو، كقوله تعالى (فَسْئَلْ بِهِ خَبِيراً) وأخي بدل أو بيان. أفظعني الأمر: أهالني. وأمر فظيع: شديد شنيع مجاوز المقدار،

وأفظع الرجل بالبناء للمفعول: نزل به أمر عظيم. وأتيح: قدر. ونائما: حال. وأعز: مرفوع بأتيح. وأحال: حمل عليه فقتله وأكله. وقال العيني: أحال وثب. ونمرا: تثنية نمر. وأجبل، جمع جبل، وأورده العيني بلفظ جيئل، بفتح الجيم وسكون الياء وفتح الهمزة ولام، وهو الضبع. منالا: للتعظيم أي منالا عظيما. والحمام بالكسر: قدر الموت. وثالا: بالمثلثة، يقال: ثال عليه القوم إذا علوه بالضرب. وقوله: (نبها منك) فيه تجريد. وداء عضال: شديد أعيا الأطباء. والليث: الأسد. والعرّيسة، بكسر المهملة وتشديد الراء، مأوى الأسد. وفي (مفيدا) أو (مفيتا) جناس ولف ونشر غير مرتب، فإن نفوسا راجع إلى مفيت، أي مهلك. وراجع إلى مفيد. وضبطه العيني مقيتا بالقاف. قال: وهو المقتدر أو الحافظ. وعندي إن صحت الرواية بالقاف إنه من إعطاء الترب. والهزبر: الأسد. وفروس فعول من فرس الأسد فريسته يفرسها، أي دق عنقها. والهصور كذلك، من هصره كسره. والقرن: النظير. وصال: وثب واستطال. وريب المنون: حوادث الدهر. وركنا مفعول أمالا. والتثبيت: الثابت. وحم، بالحاء المهملة، دنى وحان. وفال الرأي بالفاء: ضعف. وفهم: قبيلة. ورجلا: بسكون الجيم مخفف رجل، ويقال بالفاء من قولك انتفل من الشيء انتفى منه وتنصل. قال الأعشى (¬1): لئن منيت بنا عن حدّ معركة … لا تلفنا عن دماء القوم ننتفل والمجتدون، بالجيم، الطالبون الجدا، وهو العطية. ويروى بدله: (والمرملون) من أرمل القوم إذا نفذ زادهم، عام أرمل: قليل المطر. وفاعل هبت: ضمير الريح، وإن لم يجر لها ذكر. وشمالا: حال، وقيل تمييز، وهو بفتح الشين: ريح تهب من ناحية القطب. والمزن: السحاب الأبيض، واحده مزنة. والبلال: بكسر الموحدة الماء. قوله: بأنّك كنت الرّبيع المغيث كذا أورده صاحب منتهى الطلب، فلا شاهد فيه. وأورده غيره بلفظ المصنف ¬

_ (¬1) ديوانه 63، المقطوعة رقم 6 (عن غبّ ... من دماء ...).

فائدة: [قوله كأنهم لم يحسوا به

على تخفيف ان. والمريع بفتح الميم وكسر الراء وعين مهملة، الكثير النبات (¬1). والثمّال، بكسر المثلثة، الغياث. وهناك: ظرف زمان، وأصله للمكان ولكن اتسع فيه وعامله يكون أو الثمال. والخرق: الأرض الواسعة التي تنخرق فيها الرياح. وواوه واو (رب). والوجناء، بالجيم، الناقة الشديدة. والحرف: الناقة الضامرة. وتشكى أصلها تتشكى. والكلال: الاعياء. قال عمر بن شبّة: كان عمرو بن عاصم، وهو ذو الكلب يغزو فهما فيصيب منهم، فوضعوا له رصدا على الماء فأخذوه فقتلوه. ثم مروا بأخته جنوب فقالوا: طلبنا أخاك، فقالت: لئن طلبتموه لتجدنه منيعا، ولئن ضفتموه تجدنه مريعا، ولئن دعوتموه لتجدنه سريعا: فقالوا: قد أخذناه وقتلناه وهذا نبله. فقالت: والله لئن سلبتموه لا تجدوا ثنته دامية، ولا حزته جافية، ولرب ثدي منكم قد افترشه، ونهب قد اخترشه، وضب قد احترشه. ثم قالت الأبيات المذكورة. فائدة: [قوله كأنّهم لم يحسّوا به ] قوله: كأنّهم لم يحسّوا به أورد العيني عجزه بلفظ: فيجلو نساءهم وأيضا حجالا فإن صحت هذه الرواية كان فيه شاهد لعربية أيضا. وقد توقف فيها المصنف. 37 - وأنشد (¬2): فأقسم أن لو التقينا وأنتم … لكان لكم من الشّرّ مظلم ¬

_ (¬1) يشرح هنا السيوطي معنى كلمة (المريع) وذلك على رواية البيت: (بأنك كنت الربيع المريع). (¬2) الخزانة 4/ 224. والجمهرة 1/ 38.

فائدة: [ابن علس بن مالك بن عمرو بن قمامة]

قال الأعلم: يعني، لو التقينا متحاربين لأظلم نهاركم فصرتم منه في مثل الليل. واستشهد به سيبويه على إدخال (أن) توكيدا للقسم، بمنزلة اللام. انتهى. والمصنف استشهد به على تخفيف أن المفتوحة، وأنتم عطف على الضمير المرفوع في التقينا من غير فعل، وهو ضرورة، ولكان جواب لو. ومظلم: صفة يوم. و (كان) تامة أو ناقصة. ولكم: الخبر. ومن: إما تعليلية، وهو الظاهر، أو تجريدية. ثم رأيت في شرح أبيات الكتاب للزمخشري: أن البيت من أبيات للمسيّب بن علس يخاطب بها بني عامر بن ذهل في شيء صنعوه بحلفائهم. وقبله: لعمري لئن جدّت عداوة بيننا … لينتحينّ منّي على الوخم ميسم وبعده: رأوا نعما سودا فهمّوا بأخذه … إذا التقت من دون الجميع المزنم ومن دونه طعن كأنّ رشاشه … عزالى مزاد والأسنّة ترذم ألا تتّقون الله يا آل عامر! … وهل يتّقي الله الأبلّ المصمّم قال: ويروي: وأقسم لو أنّا التقينا وأنتم ولا شاهد فيه على هذا. وقوله: لينتحين، أي ليعتمدن. يعني أنه يهجوه هجوا يسمه به الأبلّ الأبله عاره، وأراد بالوخم عامر بن ذهل؛ انتهى. والمزنم من الناس: المستلحق من قوم ليس منهم، ومن الأبل الذي يقطع شيأ من أذنه ويترك معلقا، وإنما يفعل ذلك بالكرام منها. وترذم: بالذال المعجمة، تسيل. والأبلّ: الفاجر، قاله في الصحاح واستشهد عليه بالبيت. والمصمم: من أصمه الله فصم، ويقال: أصممته أي وجدته أصم. فائدة: [ابن علس بن مالك بن عمرو بن قمامة] المسيّب هذا هو ابن علس بن مالك بن عمرو بن قمامة بن عمرو بن زيد بن ثعلبة

ابن عديّ بن مالك بن جشم بن بلال بن جماعة بن جلى بن أحمس بن ضبيعة بن ربيعة ابن نزار، وهو خال الأعشى (¬1). وهو أحد المقلين الثلاثة الذين فضلوا في الجاهلية (¬2). ذكر ذلك صاحب منتهى الطلب. وفي شرح ديوانه للآمدي: أن المسيّب هذا اسمه زهير ويكنى أبا فضة. 38 - وأنشد: أما والله أن لو كنت حرّا … وما بالحرّ أنت ولا العتيق أنشده الفارسي هكذا: أما والله عالم كلّ غيب … وربّ الحجر والبيت العتيق لو أنك يا حسين خلقت حرّا … وما بالحرّ أنت ولا الخليق ولا شاهد فيه على هذه الرواية. والحرّ: يطلق على ضدّ الرقيق، وعلى الكريم، وكذا العتيق. وجواب (لو) محذوف، أي لقاومتك. ويقال: فلان خليق لكذا أي جدير به. قال أبو علي: في هذا البيت شاهد على نصب خبر (ما) مقدما، لأن الباء لا تدخل إلا عليه. ومن أنكر ذلك يقول إن الباء دخلت على المبتدأ وحمل (ما) على أنها التميمية، ويقوى ان (ما) حجازية إن أنت أخص من الحرّ فهو أولى أن يكون الاسم. 39 - وأنشد: ويوما توافينا بوجه مقسّم … كأن ظبية تعطو إلى وارق السّلم (¬3) ¬

_ (¬1) انظر الخزانة 2/ 364 (السلفية)، والشعراء 126 (¬2) في الشعراء 630. (قال أبو عبيدة: اتفقوا على أن أشعر المقلين في الجاهلية ثلاثة: المسيب بن علس، والمتلمس، وحصين بن الحمام المري). (¬3) هذا البيت من قصيدة اصمعية رقم 55 منسوبة لعلباء بن أرقم ابن عوف أولها: ألا تلكما عرسي تصد بوجهها … وتزعم في جاراتها أنّ من ظلم وهو في الخزانة 4/ 365 لعلباء، ونسبه الأعلم لباعث بن صريم اليشكري، وقيل لأرقم بن علباء، وفي البكري 829 لراشد بن شهاب اليشكري، وليس البيت في مفضلية راشد. ولم ينسبه القالي في أماليه 2/ 210 وهو أيضا في اللسان (قسم). وفي الكامل 75.

هذا لباعث بن صريم اليشكري فيما ذكر النحاس وتبعه المصنف في شواهده، وقيل لأرقم بن علباء اليشكري يذكر امرأته ويمدحها كذا في المنقد لابي عبد الله المفجع، وبعده: ويوما تريد ما لنا مع مالها … فإن لم ننلها لم تنمنا ولم تنم ويوما: بالنصب ظرفا. وروي بالجرّ على أن الواو واو رب. والموافاة: المجازاة الحسنة. والمقسّم، بضم الميم وفتح القاف وتشديد المهملة، المحسن من القسام، وهو الحسن. قيل: وأصله من القسمات، بكسر السين، واحدها قسمة، وهي مجاري الدموع في أعالي الوجه، وهو أحسن ما في الوجه. ويقال: رجل قسيم الوجه أي جميله. وكأن: مخففة، واسمها محذوف، والتقدير: كأنها ظبية، هذا على رواية من رفع الظبية، وعلى رواية من نصبها فهي الأسم والخبر تعطو محذوف. وعلى رواية من جرّها فالتقدير: كظبية، وأن زائدة. وتعطو: أي تتناول أطراف الشجر في الرعي. والوارق: المورق، ومن النوادر، لأن فعله أورق، ومثله أيفع فهو يافع. وقيل: أيضا ورق، وعدّى تعطو بإلى على تضمينه معنى تميل في مرعاها إلى كذا. قال في القاموس: معناه، تتطاول إلى الشجر لتتناول منه. وقال ابن يعيش: العاطية التي تتناول الشجر مرتعية. والسلم: بفتحتين، شجر معروف واحده سلمة. قال الأعلم: وصف امرأة حسنة الوجه، فشبهها بظبية مخصبة. ويروى: إلى ناضر السلم. والناضر، بالمعجمة، الحسن. وقال الزمخشري: معنى البيتين انه يستمتع بحسنها يوما وتشغله يوما آخر بطلب ماله، فإن منعها آذته وكلّمته بكلام يمنعه من النوم. 40 - وأنشد: فأمهله حتّى إذا أن كأنّه … معاطي يد في لجّة الماء غامر هكذا أنشد المصنف هذا البيت، وفيه تحريف في موضعين، كما ستراه، فإن

البيت لأوس بن حجر من قصيدة فائية أوّلها (¬1): تنكّر بعدي من أميمة صائف … فبرك فأعلى تولب فالمخالف ومنها: ولو كنت من ديمان تحرس بابه … أراجيل أحبوش وأغضف آلف إذن لأتتني حيث كنت منيّتي … يخبّ بها هاد لإثري قائف ومنها: وأدماء مثل الفحل يوما عرضتها … لرحلي فيها هزّة وتقاذف الى أن قال: كأنّي كسوت الرّحل جأبا مكدما … له بجنوب الشّيّطين مساوف يقلّب حقباء العجيزة سمحجا … بها ندب من زره ومناسف وحلّأها حتّى إذا هي أحنقت … وأشرف فوق الحالبين الشّراسف وأوردها التّقريب والشّدّ منهلا … قطاه معيد كرّة الورد عاطف فوافى عليه من صباح مدمّرا … لناموسه من الصّفيح سقائف أزبّ ظهور السّاعدين عظامه … على قدر شثن البنان جنادف أخو قترات قد تيقّن أنّه … إذا لم يصب لحما من الوحش خاسف معاود تأكال القنيص شواؤه … من الصّيد قصرى رخصة وطفاطف صد غائر العينين شقّق لحمه … سمائم قيظ فهو أسود شاسف ¬

_ (¬1) القصيدة واختلاف رواية أبياتها في ديوانه 63 - 74.

قصيّ مبيت اللّيل للصّيد مطعم … لأسهمه غار وبار وراصف فأمهله حتّى إذا أن كأنّه … معاطي يد من جمّة الماء غارف فيسّر سهما راشه بمناكب … لؤام ظهار فهو أعجف شاسف فأرسله مستيقن الظّنّ أنّه … مخالط ما تحت الشّراسيف جائف فمرّ النّضيّ بالذّراع ونحره … وللحتف أحيانا عن النّفس صارف فعضّ بإبهام اليمين ندامة … ولهّف سرّا أمّه وهو لاهف قال شارح ديوان أوس: تنكر وتعذر بمعنى واحد. وصائف وبرك، بكسر الموحدة، وتولب والمخالف كلها مواضع. والأراجيل: الجمع من الرجال. وأحبوش: أسود، والأحبوش: الجماعة. والأغضف: كلب مسترخي الأذنين. ويخب: يسرع. وقائف: متبع. وأدماء: ناقة بيضاء اللون، والواو: واورب. ومثل الفحل: أي مذكرة الخلقة. وعرضتها: أرحلتها معترضة. وهزة، بكسر الهاء، أي تهتز في السير تسرع فتضطرب. وتقاذف: أي يدافع بعضها بعضا. والجأب هنا: الغليظ من الحمير. والمكدم: المعضض، عضته الحمير مما يقاتل عن اتنه. والشيطين، بتشديد التحتية، موضع. ومساوف، يقول: قد بالت حمره فهو يشم أبوالها، والسوف الشم، ومنه السيافة. ويقلب: أي يصرف أتانا حقباء: أي بموضع حقيبتها بياض، يقول: عجيزتها مثل الحقب يصرفها حيث يشاء. والسمحج، بحاء مهملة ثم جيم، الطويلة على وجه الأرض. والندب، بفتحتين، الأثر بضم الهمزة، يقال: ندب الجرح. ومناسف: ينسفها بفيه. يقال: زره يزره إذا عضه، وذره بالرمح إذا طعنه. وقيل: نسفها بنابه، والمناسف: الاحتراق بالأسنان. وحلأها: طردها، وأصله المنع عن الماء، ثم صار كل منع تحلأه. وأحنقت: ضمرت ولزق بطنها بظهرها. وأورد التقريب: أي أوردها الحمار بالتقريب. والشد منهلا: أي أوردها تقريبا. والمنهل: المشرب. وقال أبو حاتم السجستاني: وجدت في كتابي: وأوردها التقريب بالنصب كقوله:

كما عسل الطّريق الثّعلب (¬1) وقوله: قطاه معيد كرّة الورد عاطف يقول: لا تأتي مرة هذه وتذهب أخرى. يقول: أوردها منهلا لا يخلو من الماء فهو الدهر يعود قطاه إليه أبدا. فوافى عليه: أي على المنهل. وصباح: غير منصرف قبيلة. ومدمّرا: يدمر ما رمى بقتله. والناموس: القترة، يعني بيت الصائد يعني الرامي للوحش. والصفيح: صخر رقاق يبنى به البيت. وقوله أزب الخ ... يريد أنه صائد ومشغول عن التزين. على قدر أي رجل مقدّر ليس بضخم. والجنادف: القصير الغليظ المجتمع. والخاسف: المهزول. والتأكال: الأكل. والقنيص والقنص: الصيد. والقصري: تكبير القصيري، وهي مايلي الكشح. والطفاطف: أطراف الأضلاع. وصد: عطشان. وغائر العينين: من الجهد شقق لحمه أي مزقه. وسمائم قيظ: شدّة الحرّ. قصي: مبيت الليل، يقول: لا يبيت مع أهله إنما يبيت مع الوحش. غار: أي من غراه يغوره إذا طلاه بالغراء. والرصفة: ما يشد على صدر السهم. وقوله: حتى إذا أن كأنه .. أي حتى كأنه، وأن هنا زائدة، أي حتى بلغ الحمار هذا الوقت. والمعاطي: المناول، قال أبو حاتم: وفي كتابي: حتى إذا ان أي حتى اطمأن. وقال أبو عبيدة: حتى ان باب، أي حتى اطمأن وصار في الماء بمنزلة المعاطي الذي يتناول فيه. وقال الأصمعي: حتى إذا كان كذا وكذا فعل. والمناكب: أربع ريشات يكن على طرف المنكب. واللؤام: القذذ الملتئمة من الريش فيكون بطن قذة إلى ظهري أخرى. والظهار: ما جعل من ظهر الريشة. والشاسف: اليابس. وقال أبو عبيدة: المناكب: ما كان من أعلا الريش وهو خيره من البطنان. واللؤام: ما كان من عمل السهام ملتئما قد براه حتى أعجفه. وقوله: فأرسله ... البيت. استشهد به البيضاوي في تفسيره على استعمال الظن بمعنى اليقين. وقال شارع الديوان: يقال ظنّ ظنا يقينا أي مصيبا. وجائف: يصير السهم إلى الجوف حتى تصير الرمية ¬

_ (¬1) سبق ص 17، وانظر امالي ابن الشجري 36.

فائدة: [أوس بن حجر]

جائفة. والشراسيف: أطراف الأضلاع الرخصة من أطراف الصدر المشرّفة. والنضيّ: اسم للقدح نفسه إذا لم يرش ولم يجعل له نصل. والحتف: المنية. فمرّ بذراعه ونحره أي لم يصبه. وعض بابهامه كذا: يفعل من فاته شيء يريده. ولهف أي قال يالهف أماه. ورجل لاهف ولهفان. وسرى أي ليلا يسمع الوحش. انتهى ملخصا من شرح الديوان. وتكلم ابن الدماميني في شرح هذا البيت كلام من لم يقف على القصيدة ولا عرف ما قبل البيت ولا ما بعده ولا المعنى الذي سيق له. فائدة: [أوس بن حجر] قائل هذه القصيدة أوس بن حجر، بفتحتين، بن معبد بن حزن بن خلف بن نمير ابن أسيد بن عمرو بن تميم بن مر التميمي، كذا في ديوانه. وفي منتهى الطلب: أوس ابن حجر بن عتاب بن عبد الله بن عديّ بن خلف ... الخ؛ شاعر جاهلي. وفي الأغاني: ذكره أبو عبيدة من الطبقة الثالثة وقرنه بالحطيئة ونابغة بني جعدة. وأخرج عن أبي عمرو وقال: كان أوس بن حجر شاعر بني تميم في الجاهلية غير مدافع، وكان فحل العرب فلما أنشأ النابغة طأطأ منه. 41 - وأنشد: أبا خراشة أمّا أنت ذا نفر … فإنّ قومي لم تأكلهم الضّبع (¬1) هذا من أبيات للعبّاس بن مرداس السّلميّ الصحابيّ رضي الله عنه يخاطب بها خفاف بن ندبة، وهو أبو خراشة، بضم الخاء، وبعده: السّلم تأخذ منها ما رضيت به … والحرب يكفيك من أنفاسها جرع أبو خراشة شاعر صحابي. وقوله: أما أنت ... قال المصنف في شواهده: الأصل إلا أن كنت ذا نفر فخرت، فحذفت همزة الانكار ولام التعليل ومتعلق اللام، وهو فخرت إذ لا يتعلق بما بعد الفاء، لأن الفاء وإن. والمعنى ما بين ذلك والفاء على ¬

_ (¬1) الخزانة 2/ 80 - 82 والاشتقاق 313 واللسان 8/ 183 و 10/ 86، والشعراء 300، وابن عقيل 1/ 124 وسيبويه 1/ 148، وامالي ابن الشجري 1/ 28 و 318.

فائدة: [العباس بن مرداس]

هذا قيل زائدة. والصواب: إنها رابطة لما بعدها بالأمر المستفاد من النداء السابق أي تنبه فإن قومي، ثم حذفت كان فانفصل الضمير فصار أنت، وعوض من كان المحذوفة ما فأدغمت نون ان فيها. قال شارح أبيات الايضاح: ورواه أبو حنيفة: إما كنت، وعلى هذا انه لا شاهد فيه. قال المصنف: وكذا رواه ابن دريد في جمهرته، فما زائدة لتأكيد الشرط. قال: وهو يريد قول الكوفيين في رواية الفتح انها ان الشرطية، زعموا أن المفتوحة قد يجازى بها. قال: ويؤيده أيضا مجيء الفاء بعدها واستغناء الكلام عن تقدير. والنفر في الأصل اسم لما دون العشرة والتنكير فيه للتكثير. والضبع السنة المجدبة استعيرت من اسم الحيوان لانه متتابع الفساد. والمعنى ان افتخرت بكثرة قومك ففي قومي كثرة إذ لم تهلكهم السنون. وقال ابن الأعرابي: انما الضبع الحيوان، ولكنهم إذا أجدبوا ضعفوا فعاثت فيهم الضباع. والمعنى: أن قومي ليسوا ضعافا عن الانبعاث فتعيث فيهم الضباع. وزعم الفارسي في الايضاح أن الضبع اسم للسنة المجدبة حقيقة لا استعارة واستشهد له بالبيت. والسلم بكسر السين وفتحها، الصلح يذكر ويؤنث، والحرب مؤنثة. وقد استشهد البيضاوي في تفسيره بهذا البيت على أن السلم مؤنثة كالحرب لقوله: منها. واستشهد به ابن السكيت في الاصلاح. والجرع: جمع جرعة وهي ملء الفم. ويقال أكرع في في الاناء نفسا أو نفسين أي أشرب منه جرعة أو جرعتين. قال التبريزي: يعلمه أن السلم هو فيها وادع ينال من مطالبه ما يريد، فإذا جاءت الحرب قطعته عن ارادته وشغلته بنفسه. وقد أعاد المصنف هذا البيت في شواهد أمّا بالفتح والتشديد، وقال: ليس من أقسام أما الواقعة فيه بل هي كلمتان كما تقدّم تقريره. فائدة: [العباس بن مرداس] العباس بن مرداس بن أبي عامر بن حارثة بن عبد بن عبس بن رفاعة بن الحارث ابن بهثة بن سليم السلمي، أبو الفضل، وقيل أبو الهيثم، شاعر مجيد أسلم قبل فتح

مكة بيسير، وهو من المؤلفة قلوبهم وممن حسن إسلامه منهم. قال أبو عبيدة (¬1): وأمه هي الخنساء بنت عمرو بن الشريد الشاعرة، وله منها أيضا اخوة: سراقة وجزء وعمرو، بنو مرداس، وكلهم شاعر، وعباس أشهرهم وأشعرهم وأفرسهم وأسودهم. وكان عباس ممن ذم الخمر في الجاهلية، وكذلك أبو بكر الصديق، وعثمان بن عفان، وعثمان بن مظعون، وعبد الرحمن بن عوف، وقيس بن عاصم، وحرّمها قبل هؤلاء عبد المطلب بن هاشم، وعبد الله بن جدعان، وشيبة بن ربيعة، وورقة بن نوفل، والوليد بن المغيرة، وعامر بن الظرب، ويقال إنه أول من حرّمها على نفسه. ويقال بل عفيف بن معدي كرب. وكان عباس هذا ينزل البادية بناحية البصرة وله ولدة جماعة وله صحبة أيضا ورواية. 42 - وأنشد: إمّا أقمت وأمّا أنت مرتحلا … فالله يكلأ ما تأتي وما تذر (¬2) قال المصنف: الرواية بكسر الأولى وفتح الثانية، قلت: البيت أنشده المبرد شاهدا على قوله: إذا أتيت بأما، وأما فافتح الهمزة مع الأسماء واكسرها مع الأفعال، كذا حكاه عنه الأزهري. وأورده بلفظ فالله يحفظ وهو معنى يكلأها كلأه الله كلاءة بالكسر حفظه وحرسه. وتأتي: تفعل. وتذر: تترك. وفي البيت إذا تأمّلت أربع ¬

_ (¬1) قول أبي عبيدة: وأمه الخنساء بنت عمرو بن الشريد الشاعرة خطأ محض، والصواب الذي لا محيد عنه ابن عباس بن مرداس رضي الله عنه أمه سوداء زنجية وافتخر بذلك رباح بن سنيح الزنجي مولى بني ناجية على جرير حين بلغه قوله: لا تطلبن خؤلة في تغلب … فالزنج أكرم منهم أخوالا فغضب رباح بن سنيح الزنجي وقال في قصيدته المشهورة: فالزنج أن لاقيتهم في صفهم … لاقيت ثم جحاجحا ابطالا فذكر فيها رجالا أشرافا من شجعان العرب الأبطال منهم عباس بن مرداس السلمي وابن عمه خفاف بن ندبة وغيرهم، وذكر أن أمهاتهم زنجيات انتهى أملاء من حضرة الاستاذ الشيخ أحمد محمود الشنقيطي. قلت: ذكر في الخزانة 1/ 105 (السلفية) أن أمه الخنساء الصحابية الشاعرة. وانظر الاصمعيات ص 236. (¬2) الخزانة 2/ 82

طبقات بين إما المكسورة، وأما المفتوحة، وبين أقمت ومرتحلا، وبين الجملة الفعلية والاسمية، وبين تأتي وتذر. 43 - وأنشد: نزلتم منزل الأضياف منّا … فعجّلنا القرى أن تشتمونا (¬1) هذا من قصيدة طويلة لعمرو بن كلثوم التغلبي، وهي إحدى المعلقات، وأوّلها: ألا هبّي بصحنك فاصبحينا … ولا تبقي خمور الأندرينا ومنها: إليكم يا بني بكر إليكم … ألمّا تعلموا منّا اليقينا علينا البيض واليلب اليماني … وأسياف يقمن وينحنينا علينا كلّ سابغة دلاص … ترى تحت النجاد لها غضونا ومنها: وقد علم القبائل من معدّ … إذا قبب بأبطحها بنينا بأنّا المطعمون إذا قدرنا … وأنّا المهلكون إذا أتينا وأنّا الشّاربون الماء صفوا … ويشرب غيرنا كدرا وطينا وأنّا المانعون لما يلينا … إذا ما البيض قابلت الجفونا ألا أبلغ بني الطّمّاح عنّا … ودعميّا فكيف وجدتمونا نزلتم البيت ... وبعده: ¬

_ (¬1) شرح التبريزي 235، وأمالي المرتضى 2/ 49

قريناكم فعجّلنا قراكم … قبيل الصّبح مرداة طحونا على آثارنا بيض كرام … نحاذر أن تقسم أو تهونا ظعائن من بني جشم بن بكر … خلطن بميسم حسبا ودينا أخذن على بعولتهنّ عهدا … إذا لاقوا فوارس معلمينا ليستلبنّ أبدانا وبيضا … وأسرى في الحديد مقرّنينا وبهذه الأبيات علم أن القرى في البيت استعارة عن القتل. قال شارح المعلقات: يقول نزلتم منا منزلا قريبا كمنزل الأضياف فعجلنا لكم القتل قبل أن تقتلونا. ومن آخر القصيدة: إذا ما الملك رام النّاس خسفا … أبينا أن نقرّ الخسف فينا ملأنا البرّ حتّى ضاق عنّا … وبحر الأرض نملؤه سفينا لنا الدّنيا وما أضحى عليها … ونبطش حين نبطش قادرينا بغاة ظالمين وما ظلمنا … ولكنّا سنبدأ ظالمينا إذا بلغ الرّضيع لنا فطاما … تخرّ له الجبابر ساجدينا ألا لا يجهلن أحد علينا … فنجهل فوق جهل الجاهلينا قال شارح المعلقات: جاء ناس من بني تغلب إلى بكر بن وائل يستسقونهم في سنة أصابتهم فطردتهم بكر للحقد الذي كان بينهم، فرجعوا إلى الفلاة فمات منهم سبعون رجلا عطشا، فاجتمعت بنو تغلب لحرب بكر واستعدت لهم بكر، وخافوا أن تعود الحرب بينهم كما كانت فدعا بعضهم بعضا الى الصلح، فتحاكموا في ذلك الى الملك عمرو بن هند، وهو ابن المنذر وهند أمّه، فجمع الفريقين وأصلح بينهم، وأنشد

عمرو بن كلثوم سيد تغلب في مجلسه هذه القصيدة إرتجالا يذكر فيها أيام بني تغلب ويفتخر بهم، وأنشد الحرث بن حلّزّة قصيدته التي أوّلها: آذنتنا ببينها أسماء قال معاوية بن أبي سفيان: قصيدتا عمرو بن كلثوم والحرث بن حلّزّة من مفاخر العرب، كانتا معلقتين بالكعبة دهرا. وعمرو بن كلثوم بن عتاب بن مالك بن ربيعة بن زهير بن جشم بن بكر بن حبيب ابن عمرو بن غنم بن تغلب. قال ابن دريد في الوشاح: كنيته أبو الاسود. قوله: هبي أي انتبهي من نومك. والصحن: الكأس. ويقال جام عريض قصير الجدار. وأصبحينا: أسقينا. الصبوح: وهو شرب الغداة. والغبوق: شرب العشيّ. والأندرين: قرية بالشام، وهو معدن الخمر. والبيض بالفتح جمع بيضة وهي المغفر. واليلب: الترس من الجلود. والسابغة: الدرع الواسعة. والدلاص: الدروع الملساء التي ليس لحلقها حجم. والغضون: ما تثنى منها، يعني أنها واسعة. وبنو الطماح قبيلة من بني أسد، ودعمى من عبد القيس. وتشتمونا بكسر العين وضمها في المضارع والماضي بالفتح. والمرداة ما يردى به الشجر أي يرمى ليخبط ورقه. والطحون: الذي يطحن كل شيء، وهو في البيت كناية عن الكتيبة، أي عجلنا لكم كتيبة تعرككم كما تعرك الرحى الحب. والظعائن: النساء في الهوادج. والميسم: الحسن والجمال. والملك بسكون اللام لغة في الملك بكسرها. وسام: كلف. والخسف: الظلم. وقوله: فنجهل. استشهد به النحاة على نصب المضارع بعد الفاء في جواب النهي. * * *

شواهد إن المكسورة المشددة

شواهد إنّ المكسورة المشدّدة 44 - وأنشد: إذا اسودّ جنح اللّيل فلتأت ولتكن … خطاك خفافا إنّ حرّاسنا أسدا هو لعمر بن أبي ربيعة. والجنح، بضم الجيم وكسرها، طائفة من الليل. والخطى، بالضم، جمع خطوة وهي ما بين القدمين. وخفافا: جمع خفيفة. والحرّاس: جمع حارس. وأسند، بإسكان السين، جمع أسد. قال الجوهري: وهو مخفف من أسد بضمتين. والبيت استشهد به طائفة على أن (إن) تنصب الجزئين في لغة. وخرّجه الأكثرون على أن أسدا منصوب على الحالية أي تلقاهم أسدا. وفي البيت شاهد على أمر المضارع المبدوء بتاء المخاطب باللام. 45 - وأنشد: إنّ من يدخل الكنيسة يوما … يلق فيها جآذرا وظباء (¬1) هو للأخطل وبعده: مالت النّفس نحوها إذ رأتها … فهي ريح وصار جسمي هباء ليت كانت كنيسة الروم إذ … ذاك علينا قطيفة وخباء الكنيسة: معبد النصارى (¬2)، وكان الأخطل نصرانيا. والجآذر: أولاد البقر ¬

_ (¬1) الخزانة 1/ 219 و 2/ 463، وأمالي ابن الشجري 1/ 264. (¬2) في الخزانة: (الكنيسة هنا متعبد النصارى، وأصله متعبد اليهود، معرب كنشت بالفارسية).

فائدة: [الأخطل]

واحدها جؤذر بجيم مضمومة وهمزة ساكنة وذال معجمة مفتوحة ومضمومة، وكنى بذلك عن النساء اللاتي رآهنّ في الكنيسة. والهباء: الغبار الرقيق. وقيل: ما يدخل على الكوى مع الشمس. والقطيفة: كساء ذو خمل عظيم. واسم إن في البيت ضمير الشأن محذوفا، ولا يصح جعله من لأن الشرط له الصدر فلا يعمل فيه ما قبله. والجملة من وجزآها في موضع الخبر. فائدة: [الأخطل] الأخطل: هو غياث بن غوث، ويقال: ابن غويث، ويقال: ابن مغيث بن الصلت ابن طارقة، أبو مالك التغلبي النصراني (¬1) .. قال له كعب بن جعيل: إنك لأخطل يا غلام، أي سفيه فلقب به. وقيل لخطل لسانه، وقيل لطول أذنيه، وقيل لبيت قاله (¬2). وكان نصرانيا ومات على نصرانيته. وكان مقدّما عند خلفاء بني أمية لمدحه لهم، وانقطاعه إليهم. ومدح يزيد بن معاوية وهجا الأنصار بسببه فلعنه الله وأخزاه. وعمّر عمرا طويلا إلى أن مات لا رحمه الله ولا خفّف عنه. وكان أبو عمرو بن العلاء ويونس وحماد يقدّمونه في الشعر على جرير والفرزدق. وأخرج ابن عساكر من طريق الأصمعي عن أبي عمرو بن العلاء قال: قلت لجرير: خبرني ما عندكم في الشعراء؟ قال: أما أنا فمدينة الشعر، والفرزدق يروم مني مالا ينال، وابن النصرانية أرمانا للفرائص، وأمدحنا للملوك، وأقلنا اجتزاء بالقليل، وأوصفنا للخمر، والحمر، يعني النساء البيض. قلت: فذو الرمّة؟ قال ليس بشيء، أبعار ظباء ونقط عروس (¬3). قال: وقيل للفرزدق: من أشعر الناس؟ قال: كفاك بي إذا افتخرت، وابن المراغة إذا هجا، وابن النصرانية إذا امتدح. ¬

_ (¬1) الشعراء 455. (¬2) لقب الأخطل لبذاءته وسلاطة لسانه، وذلك أن ابني جعيل احتكما اليه مع امهما فقال: لعمرك إنني وابني جعيل … وأمهما لأستار لئيم فقيل إنه لأخطل، فلزمه هذا اللقب. انظر الخزانة 1/ 309 (السنلفية). (¬3) انظر طبقات ابن سلام 467 والموشح 171 و 362 والأغاني 16/ 111

وأخرج عن محمد بن اسحق الوشاء النحوي قال: قال بعض الرواة: ذهب كثير بالنسيب، وذهب جرير بالهجاء، وذهب الأخطل بالمديح، وذهب الفرزدق بالفخار. وأخرج عن أبي الغرّاف قال: من مدح الأخطل لعبد الملك من قصيدة (¬1): شمس العداوة حتّى يستقاد لهم … وأعظم النّاس أحلاما إذا قدروا مثل الناس بينه وبين بيت جرير. ألستم خير من ركب المطايا (¬2) وأخرج عن سلمة بن عيّاش قال (¬3): تذاكرنا جريرا والفرزدق والأخطل، فقال قائل: من مثل الأخطل؟ ان في كل بيت له بيتين يقول (¬4): ولقد علمت إذا الرّياح تناوحت … مدح الرّئال ثلثهنّ شمالا أنّا نعجّل بالعبيط لضيفنا … قبل العيال، ونقتل الأبطالا ولو شاء لقال: ولقد علمت إذا الرّياح … تزوّجت صدح الرّئال أنّا نعجّل بالعبيط … لضيفنا قبل العيال وكان هذا شعرا، وكان على غير ذلك الوزن. وأخرج عن ابن الأعرابي، قال (¬5): قيل لجرير: أيما أشعر أنت في قولك: ¬

_ (¬1) الأغاني 8/ 305، وطبقات ابن سلام 425 - 426 (¬2) وعجزه: وأندى العالمين بطون راح وهو في ديوانه 98 وطبقات ابن سلام 320 و 426 (¬3) طبقات ابن سلام 420 - 421 والاغاني 8/ 284 (¬4) ديوانه 42، ونقائض جرير والأخطل باختلاف اللفظ. (¬5) انظر الموشح 131، والبيان والتبيين 3/ 271 - 272.

حيّ الغداة برامة الأطلالا … رسما تحمّل أهله فأحالا أم الأخطل في جوابها: كذبتك عينك أم رأيت بواسط … غلس الظّلام من الرّباب خيالا قال: هو أشعر مني، إلا أني قلت في قصيدتي بيتا لو أن الأفاعي نهشتهم في استاههم ما حكوها حيث أقول: والتّغلبيّ إذا تنحنح للقرى … حكّ استه وتمثّل الأمثالا وأخرج عن محمد بن سلام الجمحي قال (¬1): سألت بشارا عن الثلاثة، فقال: لم يكن الأخطل مثلهما، ولكن ربيعة تعصّبت له وأفرطت فيه. وأخرج من طريق عمر بن شبة عن الأصمعي عن عيسى بن عمر قال: قال الأخطل: ما رأيت أعجب من قصتي وقصة جرير، هجوته بأجود هجاء يكون، وهجاني بأرذل شعر فنفق وصار علما، قلت فيه: ما زال فينا رباط الخيل معلمة … وفي كليب رباط الذّلّ والعار النّازلين بدار الهون ما خلقوا … والماكثين على رغم وإصغار قوم، إذا استسبح الأضياف كلبهم … قالوا لأمّهم: بولي على النّار (¬2) وهجاني جرير بأن قال: والتّغلبي إذا تنحنح للقرى … حكّ استه وتمثّل الأمثالا ¬

_ (¬1) الطبقات 315. (¬2) ديوانه 225، والنقائض 134. وطبقات ابن سلام 428. وتاج العروس 2/ 336، واللسان 3/ 429، والكامل 1209.

فانظر كم بين الشعرين. وأخرج عن يحيى بن معين قال: هذا البيت للأخطل (¬1). وإذا افتقرت إلى الذّحائر لم تجد … ذخرا يكون كصالح الأعمال وأخرج أبو الفرج في الأغاني عن العتبي: أن سليمان بن عبد الملك سأل عمر بن عبد العزيز: أجرير أشعر أم الأخطل؟ فقال: اعفني. قال: لا والله لا أعفيك، قال: إن الأخطل ضيق عليه كفره القول، وإن جريرا وسع عليه إسلامه قوله، وقد بلغ الأخطل حيث رأيت. فقال له سليمان: فضلت والله الأخطل. وفي المؤتلف والمختلف للآمدي: المسمون بالأخطل من الشعراء جماعة، هذا، والأخطل الضبي، ولأخطل المجاشعي أخو الفرزدق، والأخطل بن حماد بن الأخطل ابن ربيعة بن النمر بن تولب. 46 - وأنشد: ويقلن شيب قد علاك … وقد كبرت فقلت إنّه (¬2) هو لعبيد الله بن قيس الرقيات، وقبله: بكرت عليّ عواذلي … يلحينني وألومهنّه وبعده: ولقد عصيت النّاهيات … النّاشرات جيوبهنّه ¬

_ (¬1) الاغاني 8/ 310، وطبقات ابن سلام 425، وهو في الكامل 359 منسوب إلى الخليل بن احمد خطأ، ونسبه الطبري في تاريخه 7/ 201 الى ابن مقبل وهو أيضا خطأ، والبيت للأخطل كما في الأصل وبعده: والناس همهم الحياة وما أرى … طول الحياة يزيد غير خيال (¬2) الخزانة 4/ 485، وديوانه 66 والاغاني 1/ 28 (الثقافة) و 4/ 196 - 297 وأمالي ابن الشجري 1/ 289.

فائدة: [عبيد الله بن قيس]

حتّى ارعويت إلى الرّشاد … وما ارعويت لنسيهنّه وفي الأغاني زيادة بعد: ويقلن ... البيت: لا بدّ من شيب فدعن … ولا تطلن ملامكنّه وقدره في الصحاح: انه قد كان، كما يقلن (بكر) بالتخفيف جاء بكرة بخلاف بكّر بالتشديد، فانه للمبادرة، أي وقت كان. ومنه بكروا بصلاة المغرب، أي صلوها عند سقوط القرص. قال في الصحاح: ولحاه يلحاه لأمه، والهاء في ألومهنه للسكت. وفي إنه قبل، كذلك وإن بمعنى نعم. وقيل: ضمير اسم ان، والخبر محذوف: أي كذلك. وكبرت بكسر الباء. فائدة: [عبيد الله بن قيس] عبيد الله بن قيس بن شريح بن مالك بن ربيعة العامري، من أهل الحجاز، لقب بالرقيّات لانه تشبب بثلاث نسوة كل منهنّ تسمى رقية. وقال الجمحي (¬1): لأن جدّات له توالين يسميّن رقية، مشهور بالجودة في الشعر. مدح مصعب بن الزبير وعبد الملك بن مروان. أخرج ابن عساكر عن خالد بن عطاء بن مقدم قال: قال لي حماد الراوية: إذا أردت ان تقول الشعر فارو شعر ابن قيس الرقيّات فانه أرق الناس حواشي شعر. وأخرج ابن عساكر عن سعيد بن المسيب: أنه سأل نوفل بن مساحق من أشعر، ابن قيس الرقيات أم ابن أبي ربيعة؟ فقال: ابن أبي ربيعة أشهر بالغزل، وابن قيس أكثر أفانين شعر! قال: صدقت. 47 - وأنشد: قد بلغا في المجد غايتاها (¬2) ¬

_ (¬1) الطبقات 529. (¬2) الخزانة 3/ 337، وابن عقيل 1/ 41.

قال ابن الأعرابي في النوادر: من لغة من يجري المثنى بالألف قوله: شالوا عليهنّ فشل علاها … واشدد بمثنا حقب حقواها إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها وقال أبو زيد الأنصاري في نوادره: قال المفضل: أنشدني أبو الغول لبعض أهل اليمن: أيّ قلوص راكب تراها … شالوا علاهن فشل علاها واشدد بمثنا حقب حقواها … ناجية وناجيا أباها ان أباها ... البيت. ثم قال أبو حاتم: سألت عن هذه الأبيات أبا عبيدة فقال: انقط عليهنّ هذا من صنعة المفضل. القلوص: الناقة الشابة. ويقال: شال الشيء يشول إذا ارتفع، فالأمر شل بالضم، ويتعدى بالهمزة وبالباء، فيقال أشلته وشلت به. فقول العامة: شلته بالكسر لحن من وجهين، قاله المصنف في شواهده. والمفعول محذوف، أي برحالهم وبرحلك. وقوله، علاهن وعلاها، قال أبو زيد: أصله عليهنّ وعليها بالياء. ولكن بلحرث يقلبون الياء الساكنة المفتوح ما قبلها ألفا. وقال المصنف: الصواب أن يقال انهم يلتزمون ألف المثنى وألف على ولدى والى. ومعنى البيت: ان الركب قد رفعوا رحالهم على قلصهم فارفع رحلك على قلوصك واشدد حقويها بمثنا حقب، وهو حبل يشدّ به الرحل إلى بطن البعير، والحقو: الخاصرة ومشدّ الازار. والناجية: السريعة. ونصبها بأمدح محذوفا، وأباها فاعل بناج على لغة القصر، أو هو مثنى عليه أيضا، وحذفت نونه للاضافة، ولا يمكن ذلك في قوله: إنّ أباها وأبا أباها لقوله قد بلغا ولم يقل بلغن، قاله المصنف في شواهده. وقيل إن الرجز لرؤبة

وعزاه الجوهري لابي النجم. وأنشد قبله: واها لريّا ثمّ واها واها … هي المنى لو أنّنا نلناها يا ليت عيناها لنا وفاها … بثمن نرضي به أباها ان أباها ... الخ. وقد أورد المصنف قوله: واها ... البيت، في حرف (وا) شاهدا على ورود (وا) للتعجب، والمجد والكرم. قال ابن السكيت: الشرف والمجد يكونان بالآباء، يقال رجل شريف ماجد إذا كان له آباء متقدّمون في الشرف. قال: والحسب والكرم يكونان في الرجل نفسه، وإن لم يكن له آباء لهم الشرف. شرح شواهد المغني م - 9

شواهد أم

شواهد أم 48 - وأنشد: وما أدري وسوف إخال أدري … أقوم آل حصن أم نساء هذا من قصيدة لزهير بن أبي سلمى وأوّلها (¬1): عفا من آل فاطمة الجواء … فيمن فالقوادم فالحساء ومنها: أرونا خطّة لاضيم فيها (¬2) … يسوّى بيننا فيها السّواء فإن ترك السّواء فليس بيني … وبينكم بني حصن بقاء فإنّ الحقّ مقطعه ثلاث … يمين أو نفار أو جلاء فذلكم مقاطع كلّ حقّ … ثلاث كلّهنّ له شفاء عفا: درس. والجواء وما بعده: مواضع ببلاد غطفان. وأرونا: أعطونا. والخطة: بالضم، الأمر والقصد (¬3). والضيم: الظلم. والسواء: النصف والعدل، ومنه «قوله عزّ وجل» (إلى كلمة سواء). وبقاء: لا يبقى بعضنا على بعض. ¬

_ (¬1) شرح ديوانه 55 - 86، والبيت في امالي ابن الشجري 1/ 238. (¬2) في شرح ديوانه 84: أرونا سنة لا عيب فيها (¬3) قال الأصمعي: جيئوا سنّة لا عيب فيها حتى نبرأ أو تبرءوا.

فائدة: [زهير بن أبي سلمى]

والمقطع: الأمر الذي ينقطع به. والنفار: المنافرة، وهو أن يتفاخر الرجلان فيحتاجان لحاكم يحكم لأحدهما من الفضل بأكثر من المنافرة. والجلاء: الأمر الواضح البيّن (¬1). وإخال، بكسر الهمزة، وقد تفتح، بمعنى أظنّ. والقوم: الرجال لا نساء فيهم، وقد استشهد الجوهري بالبيت على ذلك لمقابلة القوم فيه بالنساء، واستشهد به المصنف هنا على أن الهمزة فيه طلب بها وبأم التعيين، خلافا لابن الشجري، حيث ظن الهمزة فيه للتسوية. وأعاده في حرف السين مستشهدا به على الفصل بالفعل الملغى بين سوف ومدخولها، وأعاده في الكتاب الثاني مستشهدا به على وقوع الجملة المعترضة بين حرف التنفيس والفعل، واستشهد به أهل البديع على النوع المسمى تجاهل العارف. فائدة: [زهير بن أبي سلمى] زهير بن أبي سلمى بضم السين، قال في الصحاح: وليس في العرب سلمى بالضم غيره، واسم أبي سلمى ربيعة بن رياح، بكسر الراء، ثم تحتية، بن مرة بن الحارث من بني مزينة، أحد فحول الشعراء. كان عمر بن الخطاب لا يقدم عليه أحدا ويقول: أشعر الناس الذي يقول ومن، يشير إلى الأبيات الآتية. وولده كعب الصحابي صاحب بانت سعاد. وفي الوشاح لابن دريد أن كنية زهير أبو بجير، وذكر غيره أنه مات قبل المبعث. وأخرج ثعلب في شرح ديوان زهير بسنده عن ابن عباس قال (¬2): قال لي عمر: أنشدني لأشعر شعرائكم. قلت: من هو يا أمير المؤمنين؟ قال: زهير. قيل: بم كان ذاك؟ قال: كان لا يعاظل بين الكلام (¬3)، ولا يتتبع حوشيه، ولا يمدح الرجل ¬

_ (¬1) روى في اللسان (جلا) بفتح الجيم، من الجلاء بالفتح والمد وهو الأمر الجلى. وكتب عليه مصححه: كذا أورده الجوهري بفتح الجيم، وقال: الرواية بالكسر لا غير من المجالدة. والبيت في الشعراء 89. (¬2) انظر الاغاني 9/ 140 والشعراء 86 و 93. (¬3) في اللسان: (كل شيء ركب شيئا فقد عاظله، والمعنى: ولم يحمل بعض الكلام على بعض، ولم يتكلم بالرجيع من القول، ولم يكرر اللفظ والمعنى).

بما لا يكون في الرجال. قال: فأنشدته حتى برق الصبح. أخرجه في الأغاني. وقال ثعلب: أخبرني أبو قيس العنبري، عن عكرمة بن جرير، قال: قلت لأبي: من أشعر الناس؟ قال: زهير أشعر أهل الجاهلية. قلت: فالاسلام؟ قال: الفرزدق ينعق بالشعر. قلت: فالأخطل؟ قال: يجيد مدح الملوك ويصيب صفة الخمر. قلت: فما تركت لنفسك؟ قال: دعني، فإني نحرت الشعر نحرا. أخرجه في الأغاني (¬1) وأخرج عن سعيد بن المسيب قال (¬2): كان عمر جالسامع قوم يتذاكرون أشعار العرب اذ أقبل ابن عباس، فقال عمر: قد جاءكم أعلم الناس بالشعر، فلما جلس قال: يا ابن عباس، من أشعر العرب؟ قال: زهير بن أبي سلمى. قال: فهل تنشد من قوله شيأ تستدل به على ما قلت، قال: نعم، امتدح قوما من غطفان يقال لهم بنو سنان فقال: لو كان يقعد فوق الشّمس من أحد … قوم لأوّلهم يوما إذا قعدوا (¬3) محسّدون على ما كان من نعم … لا ينزع الله عنهم ما له حسدوا وأخرجه من وجه آخر موصولا من طريق محمد بن إسحق، عن محمد بن عبد الرحمن بن حسان بن ثابت، عن أبيه عن عكرمة عن ابن عباس مثله. قال ثعلب: من قدّم زهيرا قال: كان أحسنهم شعرا، وأبعدهم من سخف، وأجمعهم لكثير من المعنى، في قليل من المنطق، وأشدّهم مبالغة في المدح، وأكثرهم أمثالا في شعره. قال: وقال الأحنف بن قيس لبعض الأمراء: إن زهيرا ألقى عن المادحين فضول الكلام قال (¬4): ما يك من خير أتوه فإنّما … توارثه آباء آبائهم قبل ¬

_ (¬1) الأغاني 10/ 299 (الثقافة)، والشعراء 87 - 88. (¬2) انظر شرح ديوان زهير 279 - 283. (¬3) رواية الديوان 282: لو كان يخلد أقوام بمجدهم … أو ما تقدّم من أيّامهم خلدوا أو كان يقعد فوق الشمس من كرم … قوم بأولهم أو مجدهم قعدوا (¬4) شرح ديوانه 115.

قال ثعلب: ولما مات زهير قالت أخته خنساء ترثيه (¬1): لا يغني توقّي المرء شيئا … ولا عقد التّميم ولا الغضار إذا لاقى منيّته فأمسى … يساق به وقد حقّ الحذار ولا قام من الأيّام يوم … كما من قبل لم يخلد قدار الغضار: كان أحدهم اذا خشي على نفسه علق عليه خزفا أخضر (¬2): ومن محاسن قول زهير (¬3): ولا تكثر على ذي الضّغن عتبا … ولا ذكر التّجرّم للذّنوب ولا تسأله عمّا سوف يبدي … ولا عن عيبه لك بالمغيب متى تك في صديق أو عدوّ … تخبّرك الوجوه عن القلوب وأخرج أبو الفرج في الاغاني عن المدائني قال: قال الأخطل: أشعر الناس قبيلة بنو قيس، وأشعر الناس بيتا آل أبي سلمى، وأشعر الناس رجلا رجل في قميصي. وفي الأغاني عن ابن الأعرابي قال: كان لزهير في الشعر ما لم يكن لغيره، كان أبوه شاعرا وهو شاعر وخاله شاعر وأخته سلمى شاعرة، وابناه كعب وبجير شاعران، وأخته الخنساء شاعرة. وأخرج عن ابراهيم بن محمد بن عبد العزيز الزهري: ان رسول الله صلّى الله عليه وسلم نظر إلى زهير بن أبى سلمى وله مائة سنة فقال: اللهم أعذني من شيطانه، فمالاك بيتا حتى مات. ¬

_ (¬1) شرح ديوانه 366. (¬2) وفي شرح الديوان: (قال: كان اذا خشي أحدهم المرض علق على نفسه خزفا من الخزف الأخضر فلا يدنو منه المرض. والتميمة: العوذة). (¬3) شرح ديوانه 332.

وأخرج الزبير بن بكار في الموفقيات عن محجن الخزاعي قال: كان معاوية يفضل مزينة في الشعر ويقول: كان أشعر أهل الجاهلية زهير بن أبي سلمى، وكان أشعر أهل الاسلام ابنه كعب ومعن بن أوس. 49 - وأنشد: ولست أبالي بعد فقدي مالكا … أموتي ناء أم هو الآن واقع (¬1) لم يسمّ قائله. والنائي: البعيد. والآن: نصب على الظرف، وهو مبتدأ و (واقع) خبره. 50 - وأنشد: فقمت للطّيف مرتاعا فأرّقني … فقلت: أهي سرت أم عادني حلم (¬2) هذا من قصيدة لزياد بن حمل، وقيل لزياد بن منقذ، وقيل للمرّار بن منقذ. وفي الأغاني (¬3) انها لبدر أخي المرار بن سعيد (¬4) أوّلها: لا حبّذا أنت يا صنعاء من بلد … ولا شعوب هوى منّي ولا نقم ولن أحبّ بلادا قد رأيت بها … عنسا ولا بلدا حلّت به قدم ¬

_ (¬1) منهج السالك للأشموني 421. (¬2) الأشموني 421، والخزانة 2/ 391، والحماسة 3/ 330، وياقوت (صنعاء). (¬3) الاغاني 10/ 329 - 330 (الثقافة). (¬4) في الحماسة 3/ 324: (زياد بن حمل بن سعد بن عميرة بن حريث) قال التبريزي: (ويقال زياد بن منقذ، وهو أحد بلعدويّة من بني تميم وأتى اليمن فنزع الى وطنه ببطن الرمة). ونسبها البكري في اللآلي 70 الى زياد بن حمل. ونقل صاحب الخزانة عن الأغاني أنه نسبها للمرار ابن سعيد وهو وهم. وعند الحصري 4/ 195 لزياد بن منقذ الحنظلي، وهو المرار العدوي. وكذا ياقوت في معجمه (أشيّ، الأمليح، صنعاء)، ونسبها المرزباني في معجمه 338 الى المرار، وأضاف: ورويت لأخيه. وفي الشعراء 678 - 679 للمرار بن منقذ.

إذا سقى الله أرضا صوب غادية … فلا سقاهنّ إلّا النّار تضطرم وحبّذا حين تمسي الرّيح باردة … وادي أشيّ وفتيان به هضم الواسعون إذا ما جرّ غيرهم … على العشيرة والكافون ما جرموا والمطعمون إذا هبّت شآميّة … وباكر الحيّ من صرّادها صرم هم البحور عطاء حين تسألهم … وفي اللّقاء إذا تلقى بهم بهم وهم إذا الخيل حالوا في كواثبها … فوارس الخيل لا ميل ولا قزم لم ألق بعدهم حيّا فأخبرهم (¬1) … إلّا يزيدهم حبّا إليّ هم كم من فتى حلو شمائله … جمّ الرّماد إذا ما أخمد البرم زارت رويقة شعثا بعد ما هجعوا … لدى نواحل في أرساغها الخدم إلى أن قال: فقمت للطيف ... البيت وكان عهدي بها والمشي يبهظها … من القريب ومنها الأين والسّأم وبالتّكاليف تأتي بيت جارتها … تمشي الهوينا وما تبدو لها قدم سود ذوائبها، بيض ترائبها … درم مرافقها، في خلقها عمم شعوب، بضم الشين المعجمة والعين المهملة، ونقم، بضم النون والقاف، وهما وصنعاء بلاد كرهها هذا الشاعر حين أتى اليمن وحنّ الى وطنه. وقوله: (ولا شعوب هوى مني) أي ليست هوى، أي لا أهواها ولا أحنّ اليها. وعنس، ¬

_ (¬1) في المرزباني 338: والاغاني والشعراء 679: وما أصاحب من قوم فأذكرهم

بمهملتين بينهما نون، وقدم، بضمتين، حيّان من اليمن. والصوب: المطر. والغادية: السحابة التي تمطر بالغداة (¬1). وتضطرم: في موضع الحال (للنار) (¬2). وأشىّ، بضم الهمزة وفتح الشين المعجمة، أكمة ببلاد تميم تصرف ولا تصرف. وهضم، بضمتين، جمع هضوم، وهو الطاوي الكشح، كذا قاله المصنف في شواهده. وقال شرّاح الحماسة، وتبعهم العيني: هو المنفاق في المشتاء (¬3). والواسعون: من الوسع، وهو الطاقة. والمطعمون: حذف مفعوله وضمير هبت، للريح. وشآمية: حال. وصرّادها، بضم المهملة وتشديد الراء، السحاب البارد. والصرم: بكسر الصاد وفتح الراء، القطع، وأصله في اقطاع البلاد فاستعاره (¬4). وعطاء: تميز (¬5). وتلقى: حذف مفعوله أي الأعداء. وفي (بهم بهم) جناس. والبهم بضم الموحدة وفتح الهاء، جمع بهمة بضم فسكون، الفارس الذي لا يدري من أين يؤتى من شدّة بأسه. والكواثب، جمع كاثبة بالمثلثة: وهو أعلى الظهر من الدابة. والميل، جمع أميل، وهو الذي يعرض عن وجه الكتيبة عند الطعان، وقيل: الذي لا يثبت على ظهر الدابة. والقزم، بضم القاف والزاي، يستوي فيه الواحد والجمع والمذكر والمؤنث (¬6). وجم الرماد: كثير الأضياف. والبرم، بفتح الموحدة والراء، الذي لا يدخل الميسر مع القوم. ومفعول أخمد، محذوف، أي أخمد النار لبخله. قوله: (لم ألق ... البيت) كذا في الحماسة، وفي منتهى الطلب. ويروي بدله: وما أصاحب من قوم فأذكرهم ¬

_ (¬1) وفي شرح التبريزي: (السحابة التي تغدو نهارا). (¬2) مزيدة. (¬3) قال التبريزي: (هضم. جمع هضوم، وهو المنفاق في الشتاء، سألت الرقي عن قوله (هضم) ما معناه؟ فقال: جمع أهضم، وهو الضامر البطن، فقلت له: قد ذكر لي أبو العلاء شيئا غير هذا، فقال: ما هو؟ قلت: قال هضم. يعني أنهم يهضمون المال: أي يكسرونه وينفقونه، فأنشد: إذا قالت حزام فصدقوها … فان القول ما قالت حزام (¬4) قال التبريزي: أصله في اقطاع الإبل فاستعاره. (¬5) ويجوز أن يكون مفعولا له. (¬6) أصلحت في الاصل (جالوا) ب (حالوا)، قال التبريزي: (حال في ظهر دابته، اذا ركبها).

كذا أورده ابن مالك، وزعم أبو حيان انه تحريف منه، وردّه المصنف بأن ابن قتيبة رواه كذلك في طبقات الشعراء (¬1). وكذلك المبرّد الا أنه قال فما بالفاء. وقد استشهد به النحاة على وقوع الضمير المنفصل موقع المتصل في الضرورة، وأورده المصنف في شواهده على. ومعنى البيت: انه ما يصاحب من بعد قومه قوما فيذكر قومه إلا يزيد أولئك القوم قومه حبا اليه، إمّا لما يرى من تقاصرهم عن قومه، أو لما يسمع منهم من الثناء عليهم، والذكر على الأوّل بالقلب وعلى الثاني باللسان. ويؤيد الأول رواية (فأخبرهم) ويجوز في (فأذكرهم) و (فأخبرهم) الرفع عطفا على (أصاحب) والنصب في جواب النفي. وهم: فاعل يزيد، وكان الأصل، لو وصل، أن يقول لا يزيدونهم حبا اليّ، وقد قيل إن الشاعر كان متمكنا من أن يقول: إلّا يزيدونهم حبّا إليّ هم ويكون الضمير المنفصل توكيدا للفاعل فلا يكون الفصل ضرورة. وقال المصنف في شواهده: يحتمل عندي أن فاعل يزيد ضمير راجع إلى الذكر ويكون (هم) المنفصل توكيد (لهم) المتصل، لأنه يجوز أن يؤكد بالمرفوع المنفصل كل متصل. قوله: (زارت رويقة) أي في المنام، وهي امرأة شعثا أي قوما غبرا. لدي نواحل: أي ابل ضوامر مهازيل. وارساغها والخدم: سيور القدّ. فقمت للطيف: أي الخيال الزائر. ويروى: للزور. مرتاعا: أي فزعا، وهو حال. فأرّقني: أقلقني. وعادني: اعتادني. ومعنى البيت: قمت من مضجعي للطيف الزائر، وطار النوم عني وأخذني القلق، ووساوس النفس، فمثلت الفكر بين شيئين: زيارتها بنفسها، وحلم نائم اعتادني، فأرانيها وصرت أراجع نفسي، وأقول: كيف يجوز مجيئها، وكنت أعهدها وقطع المسافة القريبة يشق عليها ويملها ويتعبها، وإنها إذا أتت بيت جارتها لقضاء ذمام أوأداء حق حصل لها كلفة ومشقة، مع كونها تمشي بهوينا ورفق. واستشهد بقوله: (أهي) على سكون هاء (هي) بعد ألف الاستفهام، إجراء لها مجرى واو العطف وفائه، و (أم) هذه هي المعادلة، أي أيّ الأمرين كان. والحلم، بضمتين، ما يراه النائم في نومه. والواو في قوله (وكان عهدي) حالية. ويبهظ، بموحدة وظاء معجمة، ¬

_ (¬1) انظر ح 1 ص 135.

يثقل ويشق. والهوينا: تصغير الهونا تأنيث الأهون، وموضعها نصب على المصدر. وقوله: (وما تبدو لها قدم) أي تجرّ أذيالها على عادة العرب. وفي قوله: سود ذوائبها، بيض ترائبها طباق. والترائب: عظام الصدر. والدرم، بضم المهملة وسكون الراء، التي لا حجم لها لكثرة اللحم عليها. والعمم: الطول، بفتح المهملة والميم. 51 - وأنشد: لعمرك ما أدري وإن كنت داريا … شعيث بن سهم أم شعيث بن منقر هذا للأسود بن يعفر بن عبد القيس بن نهشل بن دارم بن مالك بن حنظلة بن زيد مناة بن تميم النهشلي، يكنى أبا نهشل، كما في الوشاح. وقال ابن يسعون: كنيته أبو الجراح، وهو جاهلي أعمى. ويعفر، بفتح الياء، وقيل بضمها، حكاهما في الأغاني (¬1). وقال: شاعر متقدّم من شعراء الجاهلية، ليس بالمكثر. وجعله ابن سلام في الطبقة الثامنة مع خداش بن زهير والمخبّل السعدي والنمر بن تولب، وهو من العشي (¬2). قال الأعلم: شعيث حي من تميم ثم من بني منقر، فجعلهم أدعياء وشك في كونهم منهم أو من بني سهم. وسهم هنا حيّ من قيس. واستشهد سيبويه بالبيت على حذف همزة الاستفهام، لأن المعنى: أشعيث، وهو بالمثلثة وصحف من رواه بالموحدة. قال العسكري في التصحيف: ولعمرك مبتدأ خبره محذوف أي قسمي، ومفعول ما أدرى جملة قوله شعيث، أو تقديره أشعيث بن سهم، وشعيث مبتدأ وابن سهم خبره، وكذا في الموضع الثاني فأين فيهما خبر لاصفة، وإنما حذف التنوين من شعيث للضرورة أو لمنع الصرف لأنه اسم للقبيلة. ¬

_ (¬1) الاغاني 13/ 14 (الثقافة). (¬2) كذا بالأصل، وهو خطأ، فان ابن سلام جعل الأسود في الطبقة الخامسة مع خداش بن زهير والمخبل، وتميم بن أبيّ بن مقبل ص 119، أما النمر بن تولب فهو في الطبقة الثامنة مع عمرو بن قميئة وأوس بن غلفاء وعوف بن عطية ص 133.

فائدة: [شعيث]

فائدة: [شعيث] في المؤتلف للآمدي: شعيث بالمثلثة آخره، ابن ثواب أحد بني حرامة بن لوزان ابن ثعلبة بن عديّ بن فزارة شاعر فصيح. 52 - وأنشد (¬1): تقول عجوز مدرجي متروّحا … على بابها من عند أهلي وغاديا أذو زوجة بالمصر أم ذو خصومة … أراك لها بالبصرة اليوم ثاويا فقلت لها: لا إنّ أهلي جيرة … لأكثبة الدّهنا جميعا وماليا وما كنت مذ أبصرتني في خصومة … أراجع فيها يا ابنة القوم قاضيا هذه الأبيات من قصيدة لذي الرّمة. والمدرج: بفتح الميم، مصدر من درج الرجل إذا مشى، وهو مبتدأ. والمتروّح: اسم فاعل من تروّح، إذا ذهب في الزمن المسمى بالروح، وهو من زوال الشمس إلى الليل، ونصبه على الحال، وخبر المبتدأ: على بابها، والجملة صفة عجوز و (من عند) متعلق بمتروّح. وغاديا: عطف على متروّحا، وهو من غدا إذا ذهب أوّل النهار (¬2). وذو: خبر أنت مقدّرا، وفي قوله: (زوجة) بالتاء شاهد على من أنكر ذلك، وإن كان الأشهر في المرأة زوجا بلا تاء. والعام: نصب على الظرف (¬3). وثاويا: حال إن كانت (أراك) بصرية، وإلا فمفعول ¬

_ (¬1) ديوانه 653 والكامل 397، والأبيات من قصيدة رقم 87 في ديوانه يمدح بلال بن أبي بردة مطلعها: ألا حيّ بالزرق الرسوم الخواليا … وإن لم تكن رميما يواليا (¬2) في الكامل (على بيتها من عند). وفي درة الغواص 190 (الى بيتها مذ رأتني رائحا)، وفي الديوان: (المعنى: تقول عجوز ومدرجى على بابها من عند رحلي متروّحا وغاديا، أذو زوجة بالمصر أم ذو خصومة، ومدرجه طريقه، أي تقول لي من طول ما اختلف ما امرك ألك ها هنا امرأة ما الذي أتى بك أمر جئت في خصومة. (¬3) أي قوله: (.. بالبصرة العام ثاويا) وهي رواية الديوان والكامل. وفي المزهر: (اليوم) كرواية الأصل.

فائدة: [ذو الرمة]

ثان. وهو بالمثلثة المقيم. ولا ردّ لما توهمته من وقوع أحد الأمرين لا جواب لسؤالها. والجيرة: بكسر الجيم، جمع قلة للجار. والأكثبة: جمع كثيب، بالمثلثة، وهو الرمل المجتمع كالكوم. والدهناء: موضع ببلاد تميم، يمدّ ويقصر، وهو في البيت مقصور (¬1). ومن أبيات هذه القصيدة (¬2): وكنت أرى من وجه ميّة لمحة … فأبرق مغشيّا عليّ مكانيا أصلّي فما أدري إذا ما ذكرتها … أثنتين صلّيت العشا أم ثمانيا (¬3) وإن سرت في أرض الفضاء حسبتني … أداري رحلي أن تميل حباليا يمينا إذا كانت يمينا وإن تكن … شمالا يحاديني الهوى عن شماليا هي السّحر إلّا أنّ للسّحر رقية … وأنّي لا ألقى لما بي راقيا هي الدّار إذ ميّ لأهلك جيرة … ليالي لا أمثالهنّ لياليا فائدة: [ذو الرمّة] ذو الرمّة اسمه غيلان بن عقبة بن مسعود (¬4) بن حارثة بن عمرو بن ربيعة بن ¬

_ (¬1) البيت في اللسان وتاج العروس (دهن) وفي الديوان والكامل (... لجيرة). قال المبرد: (قوله: لا، لحن وهذا اللحن راجع على المرأة لأن لا لاتقع إلا في جواب (أو). وإنما سألته «بأم» وهي لم يستقر عندها علم). وفي ديوانه: (أي قلت للعجوز: لا زوجة لي هاهنا، ولم أجئ في خصومة، ان أهلي ومالي لجيرة لأكثبة الدهنا، أي ثم منزلي ومالي). (¬2) الأبيات الآتية في ديوانه على اختلاف الترتيب فقد وردت أرقامها على التوالي: 19 و 22 و 23 و 24 و 26 و 8. (¬3) في الديوان 652: (صليت الضحى ..) وفيه: (يريد أثنتين أم ثمان، يريد انه كان يعقد بأصابعه فيستفتح من غفلته وينبسط فيظنها ثمانيا). (¬4) كذا بالاصل وفي الشعراء 506، والمشتبه للذهبي 58، والقاموس (بهش): بهيش، بضم الباء الموحدة وآخره شين معجمة. وفي الأغاني واللآلي وابن خلكان: نهيش، بالنون والمهملة.

ملكان بن عديّ بن عبد مناة بن أد بن طابخة بن الياس بن مضر بن نزار العدوي، أبو الحارث، لقب ذو الرمّة لأنه أتى مية صاحبته، وعلى كتفه قطعة حبل، وهي الرمّة، واستقساها فقالت: اشرب يا ذا الرمّة. فلقب به. وقيل لقوله: أشعث باقي رمّة التّقليد (¬1) وقيل: كان يصيبه الفزع في صغره فكتبت له تميمة فكانت تعلق عليه بحبل. له رواية في الحديث، حدّث عن ابن عباس، روى عنه أبو عمرو بن العلاء. أخرج ابن عساكر من طريق إسحق بن سيار النصيبي عن الأصمعي عن أبي عمرو ابن العلاء عن ذي الرمّة عن ابن عباس عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: إن من الشعر حكمة. وبسنده عن ابن عباس في قوله تعالى (وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ) قال: الفارغ. قال النصيبي: لذي الرمّة غير هذين الحديثين، وعدّه الجمحي في الطبقة الثانية من شعراء الاسلام (¬2). وأخرج ابن عساكر عن إبراهيم بن نافع: أن الفرزدق دخل على الوليد بن عبد الملك فقال له: من أشعر الناس؟ قال: أنا. قال: أتعلم أحدا أشعر منك. قال: لا، إلا أن غلاما من بني عديّ يركب اعجاز الابل وينعت الفلوات، ثم أتاه جرير فسأله، فقال له مثل ذلك. ثم أتاه ذو الرمّة فقال له: ويحك، أنت أشعر الناس. قال: لا، ولكن غلام من بني عقيل يقال له مزاحم لكن الروحيات (¬3)، يقول وحشيا من الشعر لا نقدر أن نقول مثله. وأخرج من طريق ابن عبد الحكم قال: سمعت الشافعي يقول: ليس يقدّم أهل البادية على ذي الرمّة أحدا، قال: وقال لي الشافعي: لقي رجل رجلا من أهل اليمن فقال لليماني: من أشعر الناس؟ فقال: ذو الرمّة. فقلت له: فأين امرؤ القيس ¬

_ (¬1) ديوانه 155، والشعراء 508، وطبقات ابن سلام 182 وصدر البيت كما في الديوان: وغير موضوخ القفا موتود وقبله: والدّهر يبلى جدة الجديد … لم يبق غير مثّل ركود على ثلاث باقيات سود … وغير باقي ملعب الوليد (¬2) الطبقات 451 - 452. (¬3) هكذا بالنسخ التي بأيدينا وصوابه: (يسكن الدوّ) اه. محمد محمود الشنقيطي.

لأحميه بذلك، لأنه يماني. فقال: لو أن امرأ القيس كلف أن ينشد شعر ذي الرّمّة ما أحسنه. وأخرج عن أبي عبيدة قال: لقى جرير ذا الرمّة فقال له: هل لك في المهاجاة؟ قال ذو الرمّة: لا. قال جرير: كأنك هبتني! قال: لا والله. قال: فلم لا تفعل؟ قال: لأن حرمك قد هتكهنّ السفلة وما ترك الشعراء في نسواتك مرقعا. مات ذو الرمّة بأصبهان سنة سبع عشرة ومائة عن أربعين سنة. قال أبو عمرو بن العلاء: فتح الشعر بامرئ القيس وختم بذي الرمّة. وقال الأصمعي: مات ذو الرمّة عطشانا، وأتي بالماء وبه رمق فلم ينتفع به وكان آخر ما تكلم به قوله (¬1): يا مخرج الرّوح من نفسي إذا احتضرت … وفارج الكرب زحزحني عن النّار أخرجه ابن عساكر. 53 - وأنشد: دعاني إليها القلب إنّي لأمره … سميع فما أدري أرشد طلابها تقدّم شرحه في شواهد الهمزة (¬2). 54 - وأنشد: ¬

_ (¬1) ديونه 667، والأغاني 16/ 126 و 128، واللسان (زح) وتاج العروس (روح) وقبله: يا رب قد أشرفت نفسي وقد علمت … علما يقينا لقد أحصيت آثاري ويروى البيت: (يا مخرج الروح من جسمي ...). (¬2) انظر ص 27 والكامل 611.

كذبتك عينك أم رأيت بواسط … غلس الظّلام من الرّباب خيالا (¬1) هذا مطلع قصيدة للأخطل يهجو جريرا، وبعده: وتعرّضت لك بالأبالخ بعد ما … قطعت بأبرق خلّة ووصالا وتغوّلت لتروعنا جنّية … والغانيات يرينك الأهوالا يمددن من هنواتهنّ إلى الصّبا … سببا يصدن به الغواة طوالا ما إن رأيت كمكرهنّ إذا جرى … فينا ولا كحبالهنّ حبالا المهديات لمن هوين مسبّة … والمحسنات لمن قلين مقالا يرعين عهدك ما رأينك شاهدا … وإذا مذلت يصرن عنك مذالا وإذا وعدنك نائلا أخلفنه … ووجدت عند عداتهنّ مطالا وإذا دعونك عمّهنّ فإنّه … نسب يزيدك عندهنّ خبالا ومنها: أبني كليب إنّ عمّيّ اللّذا … خلعا الملوك وفكّكا الأغلالا وأخوهما السّفّاح ظمّأ خيله … حتّى وردن جبى الكلاب نهالا ومنها: فانعق بضأنك يا جرير، فإنّما … منّتك نفسك في الخلاء ضلالا ¬

_ (¬1) من قصيدة في الديوان 41 - 51. والبيت في الخزانة 4/ 452، والكامل 611.

قوله: (كذبت عينك) استشهد به بعضهم على حذف همزة الاستفهام، أي أكذبتك. وقوله (أم رأيت) أورده المصنف على أن أبا عبيدة قال: ان (أم) فيه بمعنى الاستفهام المجرّد، أي هل رأيت. وفي تفسير ابن جرير في قوله تعالى: (أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْئَلُوا رَسُولَكُمْ) ليست (أم) هنا على الشك، قاله ليقبح صنيعهم كقول الأخطل: كذبتك عينك أم رأيت بواسط ... البيت وواسط: بلد بالعراق اختطها الحجاج وهو مصروف. والغلس: ظلمة آخر الليل. والرباب: اسم امرأة منقول من اسم السحاب. والأبالخ: جمع بليخ، وهو نهر بالرقة. وتغوّلت: تهوّلت. والغانيات: جمع غانية، وهي التي غنيت بجمالها عن التزين. والسبب: الحبل. والطوال: بضم الطاء، الطويل. قوله: (أبني كليب ... البيت)، استشهد به المصنف في التوضيح على حذف النون من اللذان تخفيفا، وفيه شاهد على النداء بالهمزة. واللذا: خبر أنّ، والأغلال: جمع غل. وفككاها: أي عن الأسارى. وعماه: الأخنس قاتل شرحبيل بن الحارث بن عمرو آكل المرار يوم الكلاب، وعمرو بن كلثوم التغلبي قاتل عمرو بن هند (¬1). والسفاح: لقب رجل من رؤساء العرب، واسمه سلمة ابن خالد، سفح ماءه يوم الكلاب الأوّل. والجبى: بفتح الجيم والموحدة مقصور، ما حول البئر والحوض، وبكسر الجيم ما اجتمع في البئر من الماء وهو المراد. والكلاب بضم الكاف وتخفيف اللام اسم ماء. ونهال: بكسر النون وتخفيف الهاء، جمع نهل، الذي هو جمع ناهل، وأراد به هنا العطاش. قال جرير: ما غلبني الأخطل الا في هذه القصيدة: كذبتك عينك أم رأيت بواسط 55 - وأنشد: أنّى جزوا عامرا سوأى بفعلهم … أم كيف يجزونني السّوأى من الحسن ¬

_ (¬1) في الشعراء 187: (ويعني بعميه: عمرا ومرة ابني كلثوم) وفيه: (قتلا الملوك) والبيت في ابن سلام 428 برواية (يا ابن المراغة ... قتلا ...) وانظر الاشتقاق 203، والجهرة 288، والخزانة 2/ 500 والعقد 5/ 223.

أم كيف ينفع ما تعطي العلوق به … رئمان أنف إذا ما ضنّ باللّبن هذان آخر مقطوعة لأفنون التغلبي، وأوّلها (¬1): أبلغ حبيبا وخلّل في سراتهم … أنّ الفؤاد انطوى منهم على حزن قد كنت أسبق من جاروا على مهل … من ولد آدم ما لم يخلعوا رسني فالوا عليّ ولم أملك فيالتهم … حتّى انتحيت على الأرساغ والثّنن لو أنّني كنت من عاد ومن إرم … ربّيت فيهم ولقمان ومن جدن لما فدوا بأخيهم من مهوّلة … أخا السّكون ولا جاروا على السّنن سألت قومي وقد سدّت أباعرهم … ما بين رحبة ذات العيص والعدن إذ قرّبوا لابن سوّار أباعرهم … لله درّ عطاء كان ذا غبن إنى جزوا ... البيتين. قوله: خلّل في سراتهم: أي خصهم بالبلاغ، أي اجعل بلاغك يتخللهم. والسراة: السادة (¬2). قوله: (قد كنت أسبق من جاروا) هو مثل، أي كنت أناضل عنهم وأدفع وأسبق من جاراهم وفاخرهم. وقوله: (ما لم يخلعوا رسني) مثل أيضا، أي ما لم يبتزوا مني ويرغبوا عني. والرسن: الحبل الذي يشدّ به الدابة في رأسها. وفالوا، بالفاء، أخطأوا، ومصدره: فيوله. والفيال بالكسر: الاسم فيه. وانتحيت، بالمهملة، اعتمدت. والأرساغ، بسين مهملة وعين معجمة، جمع رسغ، وهو من الدواب الموضع المستدق بين الحافر وموصل الوظيف من اليد والرجل. والثّنن: ¬

_ (¬1) القصيدة هي المفضلية رقم 66 وهي في المفضليات 261 - 263، والخزانة 4/ 455 - 456، وشعراء الجاهلية 193، وانظر الامالي 2/ 51، وامالي ابن الشجري 1/ 37، والبيان والتبيين 1/ 23. (¬2) وحبيب، بالتصغير، قبيلة الشاعر أفنون، وهم بنو حبيب بن عمرو ابن غنم بن تغلب.

فائدة: [صريم بن معشر]

جمع ثنة، بالمثلثة، وهو الشعر في مؤخر رسغ الدابة (¬1). وذرجدن، بفتح الجيم والدال المهملة، قيل من أقيال حمير. والسكون، بالفتح، حيّ من اليمن. والرحبة، بالسكون: فضاء بين أفنية القوم والمسجد، ويقال بالفتح أيضا، قاله الأزهري. والعيص: الشجر الكثير الملتف. والغبن، بفتح الباء، في الرأي، واما بالسكون ففي البيع، يقال: غبن رأيه بالكسر، إذا نقصه، فهو غبين، أي ضعيف الرأي. وغبنه في البيع، بالفتح، أي خدعه فهو مغبون. وأنى: اسم استفهام. والسوأى: مؤنث الأسوأ، كالحسنى مؤنث الأحسن. والعلوق، بالفتح، الناقة تعطف على غير ولدها فلا ترأمه، وإنما تسد بأنفها وتمنع لبنها، قاله في الصحاح. ورئمان، بكسر الراء وهمزة ساكنة. قال الجاحظ في البيان (¬2): أصله الرقة والرحمة، فالرؤوم أرق من الرؤوف. وقوله (رئمان أنف): كأنها تئر ولدها بأنفها وتمنعه اللبن. وقال في الصحاح: رئمت الناقة ولدها رئمانا إذا أحبته وحنت عليه. ويقال للبوّ: رأم، والناقة رؤوم ورائمة. وقال القالي في أماليه (¬3): العلوق: التي ترأم بأنفها وتمنع درّها، يقول: أنتم تحسنون القول ولا تعطون شيئا فكيف ينفعني ذلك. فائدة: [صريم بن معشر] قال المفضل: أفنون هذا لقب، واسمه صريم بن معشر بن ذهل بن تيم بن عمرو بن مالك بن حبيب - مصغر - ابن عمرو بن غنم بن تغلب. لقى كاهنا في الجاهلية فقال له انك تموت بمكان يقال له (إلاهة) فمكث ما شاء الله، ثم إنه سافر في ركب من قومه إلى الشام، فضلوا الطريق فقال لرجل: كيف نأخذ؟ فقال: سيروا فإذا رأيتم مكان كذا وكذا حيي لكم الطريق ورأيتم إلاهة، فلما رأوها نزل أصحابه وأبى أن ينزل، فبينا ناقته ترعى إذ لدغتها أفعى في مشفرها، فاحتكت بساقه والحية معلقة بمشفرها فلدغته في ساقه فمات منها. وفي الوشاح لابن دريد أنه لقب أفنونا لقوله: منّيتنا الودّ يا مضنون مضنونا … أزماننا إن للشّبّان أفنونا ¬

_ (¬1) في الخزانة: (ضربهما مثلا لأسافل الناس، يريد: لما اخطؤوا في أمري وأصروا قصدت أراذل الناس). (¬2) 1/ 23. (¬3) 2/ 51.

وفي المؤتلف للآمدي أن اسمه ظالم. 56 - وأنشد: ما تنقم الحرب العوان منّي … بازل عامين حديث سنّ لمثل هذا ولدتني أمّي هو لأبي جهل في وقعة بدر. وأخرج إسحق بن راهويه في مسنده عن عبد الله بن مسعود قال: دفعت إلى أبى جهل يوم بدر وهو يقول (¬1): ما تنقم الحرب العوان منّي … بازل عامين سديس سنّي لمثل هذا ولدتني أمّي فدنوت منه فضربته فقتله الله. وأخرجه ابن إسحق في مغازيه بلفظ حديث سنّي. وذكره المبرد في الكامل بلفظ: حديث سنّ، بالاضافة، كما أورده المصنّف (¬2). قوله: تنقم، بكسر القاف، مضارع نقم، بفتحها أي تكره. والعوان من الحروب: التي قوتل فيها مرّة، كأنهم جعلوا الأولى بكرا. والبازل: اسم فاعل، من بزل البعير يبزل بزولا، أي انشق نابه، ذكرا كان أو أنثى، وذلك في السنة التاسعة، وربما بزل في الثامنة. والمراد في البيت: وصفه بالقوّة والجلادة، تشبيها بالبعير البازل، لأنه يكون في هذا السنّ كامل القوة شديد الصلابة. والحديث السنّ الشاب وأما سديس فمن قولهم أسدس البعير اذا ألقى السنّ بعد الرباعية وذلك في السنة الثامنة (¬3). وأما السدس، بالتحريك، فالسنّ قبل البازل. قال في الصحاح: الأثاث في أسنان الابل كلها بالهاء إلّا السدس. والسديس والبازل فيستوى فيها ¬

_ (¬1) إنباه الرواة 2/ 371 وسيرة ابن هشام 1/ 71 واللسان (بزل) و (نقم) (وعون)، وأمالي ابن الشجري 1/ 247. (¬2) الكامل 810. (¬3) انظر اللسان (بزل)، وتعليق العلامة المرصفي على الكامل ص 810.

المذكر والمؤنث، وجمع السديس: سدس، بضمتين، كرغيف ورغف، وجمع السدس: سدس، بضمة فسكون، كأسد وأسد، انتهى. وقد أعاد المصنف هذا الرجز في الكتاب الثامن. ثم رأيت ابن عساكر أخرج في تاريخه من طريق مصعب بن سعد عن أبيه سعد بن أبي وقاص قال: لقد رأيت عليّ بن أبي طالب بارز يوم بدر، فجعل يحمحم كما يحمحم الفرس، ويقول: بازل عامين حديث سنّي … سنحنح اللّيل كأنّي جنّي لمثل هذا ولدتني أمّي قال: فما رجع حتى خضب سيفه دما. 57 - وأنشد: أيا شجر الخابور مالك مورقا … كأنّك لم تجزع على ابن طريف (¬1) هذا من أبيات ليلى بنت طريف التغلبية، ترثي أخاها الوليد، وقيل اسمها سلمى (¬2) وأوّلها: بتلّ نباتا رسم قبر كأنّه … على علم فوق الجبال منيف (¬3) تضمّن جودا حاتميّا ونائلا … وسورة مقدام وقلب حصيف ¬

_ (¬1) حماسة البحتري 435. والامالي 2/ 274، واللآلي 913، وشرح التبريزي على حماسة أبي تمام 3/ 70 و 108، والأغاني 12/ 92 و 96 (دار الكتب). (¬2) اختلف في اسمها فقيل (ليلى) و (سلمى) و (الفارعة) أو (فاطمة). (¬3) اختلف في رسم هذا الموضع، ففي حماسة البحتري (تل تباثا)، وفي الأغاني (نباثا)، وفي ابن خلكان (نهاكى) وزاد ابن خلكان فقال: (وتل نهاكى أظنه في بلد نصيبين، وهو موقع الواقعة المذكورة). ومثله في الكامل لابن الأثير 6/ 98 وأظنه انا (نباتى) وهو موقع في رأس العين، وانظر البكري 986 و 1291.

ألا قاتل الله الجثا حيث أضمرت … فتى كان للمعروف غير عيوف خفيف على ظهر الجواد إذا عدا … وليس على أعدائه بخفيف أيا شجر الخابور ... البيت: فتى لا يحبّ الزّاد إلّا من التّقى … ولا المال إلّا من قنا وسيوف حليف النّدى ما عاش يرضى به النّدى … فإن مات لم يرض النّدى بحليف فقدناه فقدان الرّبيع وليتنا … فديناه من ساداتنا بألوف وما زال حتّى أزهق الموت نفسه … شجى لعدوّ أو لجا لضعيف ألا يا لقومي للحمام وللبلى … وللأرض همّت بعده برجوف ألا يا لقومي للنّوائب والرّدى … ودهر ملحّ بالكرام منيف (¬1) فإن يك أرداه يزيد بن مزيد … فربّ زحوف لفّها بزحوف عليك سلام الله وفقا فإنّني (¬2) … أرى الموت وقّاعا بكلّ شريف وفي تاريخ الذهبي: حين قتل الوليد بن طرفى (¬3) الخارجي في سنة تسع وسبعين ومائة، وكان قد اشتدت البلية به وكثر جيشه، فسيّر إليه الخليفة هرون الرشيد يزيد بن مزيد الشّيباني، فراوغه يوم التقاه يزيد على غرّة بقرب هيت فظفر به فقتله. وفي ذلك تقول الفارغة أخت الوليد ... فذكر الأبيات. السورة: السطو. المقدام: الكثير الاقدام على العدوّ. والحصيف، بمهملتين، وفاء المحكم العقل. والجثاء، بجيم ومثلثة، جمع جثوة، بتثليث الجيم، وهي الحجارة المجموعة (¬4). ¬

_ (¬1) في المراجع السابقة: (عنيف). (¬2) في المراجع السابقة برواية: (فلا تجزعا يا ابني طريف فإنني). (¬3) كذا بالاصل، صحتها (طريف). (¬4) وفي حديث عامر: (رأيت قبور الشهداء جثا) يعني أتربة مجموعة.

وعيوف: من عاف الشيء أي كرهه (¬1). والخابور، قال في الصحاح: موضع بناحية الشام. وقال غيره: الصواب إنه نهر بالجزيرة، وكذا في القاموس. والقنا: جمع قناة، وهي الرمح. والشجى: ما ينشب في الحلق من عظم أو غيره. واللجاء بالتحريك، الملجأ، وترك همزه في البيت للضرورة. 58 - وأنشد: في كلّ ما يوم وكلّ ليلاه (¬2) وأنشده ابن الأعرابي، وصدره: يا ويحه من جمل ما أشقاه 59 - وأنشد: دويهية تصفرّ منها الأنامل هو من قصيدة للبيد بن ربيعة الصحابي رضي الله عنه أوّلها (¬3): ألا تسألان المرء ماذا يحاول … أنحب فيقضى أم ضلال وباطل أرى النّاس لا يدرون ما قدر أمرهم … بلى كلّ ذي لبّ إلى الله واسل ألا كلّ شيء ما خلا الله باطل … وكلّ نعيم لا محالة زائل وكلّ أناس سوف يدخل بينهم … دويهيّة تصفرّ منها الأنامل وكلّ امرئ يوما سيعلم غيبه … إذا حصلت عند الإله المحاصل ¬

_ (¬1) وفي الأغاني: (عفيف). (¬2) اللسان (ليل). (¬3) الخزانة 2/ 561، والشعراء 237

إذا المرء أسرى ليلة خال أنّه … قضى عملا، والمرء مادام عامل فقولا له، إن كان يقسم أمره: … ألمّا يعظك الدّهر؟ أمّك هابل فإن أنت لم ينفعك علمك فانتسب … لعلّك تهديك القرون الأوائل فإن لم تجد من دون عدنان والدا … ودون معدّ فلتزعك العواذل وهي أكثر من خمسين بيتا يمدح بها النعمان، والبيت الأوّل استشهد به المصنف في (ماذا) على أن (ما) استفهام مبتدأ و (اذا) بعدها موصولة، ويحاول صلتها، والعائد محذوف، وهو من حاولت الشيء أردته. والنحب، بفتح النون وسكون الحاء المهملة، المدة والوقت. يقال: قضى فلان نحبه، إذا مات. والمعنى: هلا تسأل المرء ماذا يطلب باجتهاده في الدنيا وتتبعه إياها، أنذرا وجب على نفسه أن لا ينفك عن طلبه، فهو يسعى لقضائه؟ أم هو في ضلال وباطل. وأخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس: ان نافع بن الأزرق سأله عن قوله تعالى (فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ) قال: أجله الذي قدّر له. قال: وهل قالت العرب ذلك؟ قال: نعم، أما سمعت قول لبيد: ألا تسألان المرء ... البيت. ونحب: بدل من ما بدل تفصيل، وهو الذي دل على أن (ما) مرفوعة المحل، ويقضي منصوب بالتقدير، لأنه جواب الاستفهام. وتسألان: خطاب للاثنين، وأراد به الواحد، لأن من عادة العرب أن يخاطبوا الواحد بصيغة الاثنين كما في: (أَلْقِيا فِي جَهَنَّمَ)، وكأنهم يريدون بها التكرار للتأكيد، فكان المعنى الاتسأل. والبيت الثالث أورده المصنف في حرف (الخاء) مستدلا به على تعين النصب بخلا، إذا تقدمها ما. وأورده في (كل) مستشهدا به على مراعاة معناها إذا أضيفت إلى نكرة، واستدل النحويون به على الاعتراض بالاستثناء بين المبتدأ والخبر. قال شيخ ابن الخباز: ليس هذا باستثناء بل ما زائدة وخلا الله صفة لكل أو لشيء. والمعنى: كل شيء غير الله باطل، والباطل في الأصل غير الحق، والمراد به هنا الهالك. ولا محالة: بالفتح، أي لا بد. وقيل لا حيلة. والبيت الرابع استشهد به

فائدة: [لبيد بن ربيعة]

لمصنف هنا وفي (رب) كالكوفيين، على أن التصغير يرد للتعظيم إذ المعنى داهية عظيمة. وقد أجيب عنه بأنها صغرت لدقتها وخفائها فهو راجع إلى معنى التقليل. وفي المحكم: انه خويخية بمعجمتين بمعنى دويهية. وقوله (أرى الناس ... البيت). أي إن الناس لا يدرون ما هم فيه من خطر الدنيا وسرعة فنائها، وأن كل ذي عقل متوسل إلى الله بصالح عمل. وقوله: واسل، معناه ذو وسيلة، مثل: لابن وتامر. وألمّا: هي لمّا الجازمة، دخلت عليها همزة التوبيخ. وأمّك هابل: مبتدأ وخبر. وقوله: فان أنت، أصله فإن إياك، ثم أبان المرفوع عن المنصوب، كقراءة الحسن (إياك نعبد) وقد أورده ابن قاسم في شرح الألفية شاهدا لذلك. وقيل: أصله، كأن ضللت لم ينفعك علمك. فاضمر الفعل لدلالة ما بعده عليه، فانفصل الضمير، ولعل للتعليل. والقرون: جمع قرن. قال الجوهري: والقرن من الناس أهل زمان واحد. ومعنى البيت والذي يليه: أن غاية الانسان الموت، فينبغي له أن يتعظ بأن ينسب نفسه إلى عدنان أو معدّ، فإن لم يجد من بينه وبينهما من الآباء باقيا فليعلم أنه يصير إلى مصيرهم، فينبغي له أن ينزع عما هو عليه. وقوله: فلتزعك، بالزاي، يقال: وزعه يزعه إذا كفه. والعواذل هنا: حوادث الدهر وزواجره. وإسناد العذل إليها مجاز، ونصب (دون) بالعطف على محل من دون، لأن معنى: إن لم تجد من دون عدنان، وإن لم تجد دون عدنان واحد، قاله المصنف في شواهده. وقد استشهد المصنف بهذا البيت في الكتاب الرابع على انه لا يختص مراعاة الموضع في العطف أن يكون العامل في اللفظ زائدا. فائدة: [لبيد بن ربيعة] لبيد بن ربيعة بن مالك ابن جعفر بن كلاب، يكنى أبا عقيل. قدم على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في وفد بني كلاب فأسلم، ثم رجع الى بلاده وقطن الكوفة، ومات بها ليلة نزل معاوية النخيلة لمصالحة الحسن بن عليّ، وعاش مائة وأربعين سنة. ذكره ابن سلام في الطبقة الثالثة من شعراء الجاهلية (¬1). وكان شريفا في الجاهلية والاسلام. وقيل انه مات في خلافة عثمان، وقيل في خلافة معاوية. أخرج ابن اسحق في مغازيه قال: حدّثني صالح بن ابراهيم بن عبد الرحمن بن ¬

_ (¬1) الطبقات 103

عوف، عمن حدّثه، عن عثمان عن مظعون (¬1): أنه مرّ بمجلس من قريش في صدر الاسلام ولبيد بن ربيعة ينشدهم: ألا كلّ شيء ما خلا الله باطل فقال عثمان: صدقت، فقال لبيد: وكلّ نعيم لا محالة زائل فقال عثمان: كذبت، نعيم الجنة لا يزول أبدا. فقال لبيد: يا معشر قريش، والله ما كان يؤذى جليسكم فمتى حدث هذا فيكم. فقال رجل: إن هذا سفيه من سفاء معدّ، قد فارقوا ديننا فلا تجدنّ في نفسك من قوله. فردّ عليه عثمان حتى شرى أمرهما، فقام إليه ذلك الرجل فلطم عينه فخصرها، فقال الوليد بن المغيرة لعثمان: إن كانت عينك عما أصابها لغنية، فقال عثمان: بل والله إن عيني الصحيحة لفقيرة إلى مثل ما أصاب أختها في الله. وأخرج السلفي في المشيخة البغدادية من طريق هاشم عن يعلى عن ابن جراد قال: أنشد لبيد النبي صلّى الله عليه وسلّم قوله: ألا كلّ شيء ما خلا الله باطل فقال له: صدقت، فقال: وكلّ نعيم لا محالة زائل فقال له: كذبت، نعيم الآخرة لا يزول. وأخرج الشيخان عن أبي هريرة: أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: أصدق كلمة قالها شاعر كلمة لبيد: ¬

_ (¬1) الخبر في الاغاني 15/ 301 - 302 (الثقافة) والخزانة 2/ 78 (السلفية) والموشح 72.

ألا كلّ شيء ما خلا الله باطل وأخرج ابن سعد عن الشعبي قال: كتب عمر بن الخطاب إلى المغيرة بن شعبة، وهو عامله على الكوفة، أن ادع من قبلك من الشعراء فاستنشدهم ما قالوا من الشعر في الجاهلية والاسلام، ثم اكتب بذلك إليّ. فدعاهم المغيرة فقال للبيد بن ربيعة: أنشدني ما قلت من الشعر في الجاهلية والاسلام، قال: قد أبدلني الله بذلك سورة البقرة وآل عمران. وقال للأغلب العجلي أنشدني؛ فقال: أرجزا تريد أم قصيدا … لقد سألت هيّنا موجودا فكتب بذلك المغيرة إلى عمر، فكتب اليه عمر أن أنقص الأغلب خمسمائة من عطائه وردّها في عطاء لبيد، فرحل إليه الأغلب فقال: أتنقصني أن أطعتك؟ فكتب عمر إلى المغيرة أن ردّ على الأغلب الخمسمائة التي نقصته، وأقرّها زيادة في عطاء لبيد (¬1). وأخرج ابن سعد، أنا هشام، عن جعفر بن كلاب، عن أشياخه: أن لبيدا لما حضره الموت دخل عليه أشياخ بني جعفر وشبانهم فقال: ابكوا عليّ حتى أسمع، فقال شاب منهم: لتبك لبيدا كلّ قدر وجفنة … وتبكي الصّبا من باد وهو حميد قال: أحسنت يا ابن أخي، فزدني، قال: ما عندي غير هذا البيت. قال: ما أسرع ما أكديت. وفي شرح الشواهد للمصنف (¬2): قيل إن لبيدا لم يقل في الاسلام سوى قوله: ¬

_ (¬1) انظر الاغاني 15/ 297 - 298 (الثقافة). (¬2) المعمرين 66، والاغاني 15/ 297، والشعراء 232 وينسب البيت كما في الاستيعاب 235 لقردة بن نفاثة السلولي وذكره السجستاني في المعمرين مع آخر لقردة، ثم قال: (ويزعمون أن البيت الأول للبيد).

الحمد لله الّذي لم يأتني أجلي … حتّى اكتسيت من الإسلام سربالا وقوله (¬1): ما عاتب الحرّ الكريم كنفسه … والمرء ينفعه القرين الصّالح قلت: البيت الأوّل ليس له فقد نسبه ابن سعد في طبقاته لقردة بن نفاثة من الصحابة من أبيات، أوّلها: بان الشّباب فلم أحفل به بالا … وأقبل الشّيب والإسلام إقبالا وقد أروّي نديمي من مشعشعة … وقد أقلّب أوراكا وأكفالا الحمد لله ... البيت. ثم رأيت الحافظ أبا الفتح اليعمري نبه على الذي قلته، وقد روينا بسند صحيح: أن لبيد بن ربيعة وعديّ بن حاتم هما اللذان سميا عمر بن الخطاب أمير المؤمنين حين قدما عليه من العراق. وقد وردت القصة في تاريخ الخلفاء. وأخرج ابن عساكر عن الحسين بن حفص المخزومي: أن لبيدا جعل على نفسه أن يطعم ما هبّت الصبا. فألحت عليه زمن الوليد بن عقبة، فصعد الوليد المنبر فقال: أعينوا أخاكم، وبعث إليه بثلاثين جزورا (¬2). وكان لبيد قد ترك الشعر في الاسلام، فقال لابنته: أجيبي الأمير، فأجابت: إذا هبّت رياح أبي عقيل … ذكرنا عند هبتها الوليدا وفي رواية: دعونا: أبا وهب جزاك الله خيرا … نحرناها وأطعمنا الثّريدا ¬

_ (¬1) الشعراء 13 و 232 برواية: ما عاتب المرء الكريم كنفسه … والمرء يصلحه الجليس الصالح (¬2) وروى بعض الرواة: بعث اليه بمائة ناقة كوماء سوداء اه. محمد محمود الشنقيطي. قلت: وكذا في الأغاني 15/ 298 (الثقافة).

طويل الباع أبيض عبشميّ … أعان على مروءته لبيدا بأمثال الهضاب كأنّ ركبا … عليها من بني حام قعودا فعد إنّ الكريم له معاد … وظنّي بابن أروى أن يعودا فقال (لها) (¬1) لبيد: أحسنت لولا انك سألت، قالت: إن الملوك لا يستحيا من مسألتهم، قال: وأنت في هذا أشعر. 60 - وأنشد: يا ليت شعري ولا منجى من الهرم … أم هل على العيش بعد الشّيب من ندم هذا مطلع قصيدة لساعدة بن جؤية يرثي بها من أصيب يوم معيط، وبعده (¬2): أم هل ترى أصلات العيش نافعة … أم في الخلود ولا بالله من عشم (¬3) إنّ الشّباب رداء من يزن تره … يكسي الجمال ويفند غير محتشم والشّيب داء نجيس لا شفاء له … للمرء كان صحيحا صائب القحم وسنان ليس بقاض نومة أبدا … لولا غداة يسير النّاس لم يقم في منكبيه وفي الأصلاب واهنة … وفي مفاصله غمز من العسم ومنها: تالله يبقى على الأيّام ذو حيد … أدفى صلود من الأوعال ذو خدم ¬

_ (¬1) مزيدة. (¬2) اشعار الهذليين 1/ 191. (¬3) هذا البيت والذي يليه ليسا في ديوان الهذليين.

يأوي إلى مشمخرّات مصعّدة … شمّ بهنّ فروع القان والنّشم ومنها: ولا صوار مذرّاة مناسجها … مثل الفريد الذي يجري من النّظم ظلّت صوافن بالأرزان صاوية … في ماحق من نهار الصّيف محتدم قد أوبيت كلّ ماء فهي صاوية … مهما تصب أفقا من بارق تشم ومنها: هل اقتنى حدثان الدّهر من أحد … كانوا بمعيط لا وخش ولا قزم وهي طويلة جدّا. قال السكري: يروى ألا منجى: أي هل ينجو أحد من أحد من الهرم، أم هل يندم إنسان على العيش بعد الشيب. وأصلات: جمع أصلة، وهو اتصال العيش. وعشم: بعين مهملة وشين معجمة مفتوحتين، طمع. ويفند: أي يأتي بالقبيح وبالحمق، ومالا خير فيه: لا يحتشم من ذلك، بخلاف الشيخ. والداء النجيس: بفتح النون وكسر الجيم، الذي لا يكاد يبرأ. وصائب القحم: أي مصيب في ما يقتحم من سير أو كلام أو غير ذلك. قال الجمحي: ولغة الشاعر المرء، بكسر الميم. قوله: وسنان، هو بالرفع خبر مبتدأ مقدّر دلّ عليه الشيب، وبالنصب، يقول: الكبير لا تراه أبدا إلا وسنان كأنه نائم ولا يكاد يقوم من الاسترخاء والفترة الا أن يقوم للارتحال فلولا مسير الناس لم يزل نائما. وواهنة: ضعف ووجع. والغمز: النسج. العسم، بفتح المهملتين، اليبس في اليد (¬1). وقوله: (تالله يبقى) على حذف لا، أي لا يبقى. ويروى: (لله) وكذلك أورده المصنف في حذف اللام مستشهدا به على ورود اللام للقسم والتعجب معا. والحيد، بكسر المهملة وفتح التحتية ودال مهملة، كعوب في القرن، الواحد حيد كضرب (¬2). ¬

_ (¬1) ويروى البيت: (في مرفقيه). (¬2) في اللسان (قرن ذو حيد، أي ذو أنابيب ملتوية).

والأدفى: الذي ينحني قرناه إلى ظهره. وقيل: الذي عشى في شق. والصّلود: الذي يقرع بظلفه الصخر فيسمع له صوت، وقيل المنفرد وحده (¬1)، وقيل الذي يصعد في الجبل إذا فزع. والخدم: خطوط في موضع الخلخال (¬2). والمشخرّات: الذاهبة في السماء. ومصعّدة: مرتفعة. وشم: طوال. والقان والنّشم، بفتح النون والمعجمة: شجر يتّخذ منه القسيّ العربية. قوله: ولا صوار، أي ولا يبقى صوار، وهو بكسر المهملة وضمها، البقر الوحشي. ومناسج: جمع منسج، وهو بفتح الميم وكسرها، وفتح السين، أسفل من الحارك (¬3). ومذراة: أي تذريها الريح فتنتصب شعراتها (¬4). والفريد: اللؤلؤ من الفضة. شبه به الصوار في بياضه وحسنه. ومتى بمعنى (من) قاله الجمحي. والنظم، بضمتين، جمع نظام، وهو الخيط الذي ينظم فيه (¬5). وصوافن: قائمة على أطراف يديها، وقيل: رافعة إحدى قوائمها (¬6). والأرزان: جمع رزن، بكسر الراء وسكون الزاي، وهو مكان مرتفع صلب (¬7). وصاوية: يابسة، فهي حال من الأرزان. وقيل: عطاش، فهي ¬

_ (¬1) وكذا في لسان العرب. (¬2) قال محقق ديوان الهذليين 1/ 193: (في كتب اللغة أن الأعصم من الوعول ما في يديه بياض أو في احداهما. والمخدّم منها: ما أبيضت أوظفته دون تخصيص ليديه أو رجليه. فيعلم من هذا أن المخدّم أعم من الأعصم). (¬3) منسج الدابة (بكسر الميم وفتح السين، أو فتح الميم وكسر السين): ما بين مغرز العنق الى منقطع الحارك في الصلب. وقيل: ما شخص من فروع الكتفين الى أصل العنق. (¬4) روى هذا البيت في اللسان (درى) بالدال المهملة (مدرّاة)، وقال: كأنها هيئت بالمدرى (أي بالمشط) من طول شعرها، وكذلك أورده في مادة (ذرى) بالمعجمة ولم يفسره. (¬5) ومعنى البيت كما في ديوان الهذليين 1/ 197: (يقول: كأن مناسجها ذرّيت بالمذرى، أي ضربتها الريح كما يذرى الشعير بالمذاري. مثل الفريد، أي كأنها فريد من فضة من بياضها، يصف أجسادها. والفريد: شيء يعمل مدوّر من فضة ويجعل في الحليّ). (¬6) الصوافن: القائمات على ثلاث قوائم، ثانية سنبك يدها الرابعة. (¬7) في ديوان الهذليين (الأرزان الأمكنة الصلبة، واحدها رزن). وفي اللسان: (الرزن: نقر في حجر أو غلظ في الأرض. وقيل: هو مكان مرتفع يكون فيه الماء). وأنشد البيت.

خبر ثان لظلت، أو حال من اسمها (¬1). وما حق: شدّة الحرّ، لأنه يمحق بلة النبت. ومحتدم: باهمال الحاء والدال، محترق من شدّة الحرّ. وأوبيت: منعت. وطاوية، ويروى صاوية وفيه القولان السابقان (¬2). وقوله: (مهما تصب) أي متى ترى بارقا، أي سحابا فيه برق من أفق من الآفاق تشمه، أي تقدر أين موقعه. وقد أورد المصنف هذا البيت في مبحث (مهما) مستشهدا به على أن مهما عند أبي يسعون حرف، إذ لا يكون مبتدأ لعدم رابط من الخبر، وهو فعل الشرط، ولا مفعولا، لاستيفاء فعل الشرط مفعوله، ولا سبيل إلى غيرهما، فتعين انها لا موضع لها. وأجيب بأنها مفعول تصب. وأفقا: ظرف. ومن بارق: تفسير لها، أو يتعلق بتصب. فمعناها التبعيض. والمعنى: أي شيء تصب أفق من البوارق تشم. وقوله (هل اقتنى) قال السكري: هو جواب لقوله: (ليت شعري) في مطلع القصيدة، يقول: لو كان الزمان يقتني أحدا بقي هؤلاء. وقال الأخفش: يقول، هل تركهم وأعفاهم من آفاته، أي لم يفعل ذلك، فالاستفهام بمعنى النفي. وروي: (هلا اقتنى) ومعيط: موضع غير مصروف. ووخش المتاع: رذاله، بمعجمتين. والقزم: بفتح القاف والزاي، اللئام. 61 - وأنشد: ذاك خليلي وذو يواصلني … يرمي ورائي بامسهم وامسلمه قال المصنف في شواهده: زعم بعضهم أن الواو في (وذو) زائدة، وكأنه توهم أن (ذو) صفة لخليلي، والصفة لا تعطف على الموصوف، وهذا غير لازم لجواز أن يكون خبرا ثانيا، فيكون كقولك: زيد الكاتب والشاعر. والسلمة، بكسر اللام، واحدة السّلام، بكسر السين، وهي الحجارة وفي البيت شاهد على أمرين: أحدهما استعمال (ذو) بمعنى الذي. والثاني: استعمال أم بمعنى أل انتهى. وقال العيني: ¬

_ (¬1) في أشعار الهذليين برواية (صادية) بالدال المهملة، وفسرها: (الذابل). وأضاف: ومن قال (طاوية) فإنه يريد خماصا. وفي الاساس: نخلة صاوية: يابسة، وهو ما يطابق تفسير ورواية السيوطي. (¬2) طاوية: أي ضامرة، وهي رواية ديوان الهذليين.

البيت قاله بجير بن غنمة أحد بني بولان الطائي شاعر جاهلي مقل. وقد وقع فيه تركيب صدر بيت على عجز آخر، فإن الرواية فيه: وإنّ مولاي ذو يعيرني … لا إحنة بيننا ولا جرمة ينصرني منك غير معتذر … يرمي ورائي بامسهم وامسلمه وفي البيت شاهد ثالث، فإن الجوهري استشهد به على السلمة. * * *

شواهد أل

شواهد أل 62 - وأنشد: من لا يزال شاكرا على المعه … فهو حر بعيشة ذات سعه (¬1) ولم يسم قائله. و (من) مبتدأ والخبر (فهو حر)، ودخلت الفاء لتضمن المبتدأ معنى الشرط. والمعه: تقديره الذي معه. وصل أل الموصولة بمع شذوذا. والحر: بفتح الحاء وكسر الراء منوّنا أي جدير، يقال: حر وحرىّ وحرى، كلها بمعنى، فالمخفف لا يثنى ولا يجمع ولا يؤنث بخلاف المشدّد فيقال: حريان وحريون واحريات وحرية وحريات وحرايا قاله ابن فارس. 63 - وأنشد: من القوم الرّسول الله منهم … لهم دانت رقاب بني معدّ (¬2) لم يسم قائله. وقد قيل إن أصله من القوم الذين رسول الله منهم، فأبقى الألف واللام من الذين وحذف الباقي للضرورة، فليس من وصل ان الموصولة الاسمية. ودانت: خضعت وذلت. وبنو معد (¬3) قريش وهاشم. ومعدّ: بفتح الميم، ابن ¬

_ (¬1) ابن عقيل 1/ 84، والخزانة 1/ 20 (السلفية). (¬2) ابن عقيل 1/ 84. (¬3) قوله: وبنو معدّ قريش وهاشم، قول من ليس عالم بأنساب العرب، لأن بني معدّ كثيرون من ذرية نزار بن معدّ وأولاده أربعة: مضر وربيعة وإياد وأنمار، وكل واحد من هؤلاء الأربعة انتشرت منه قبائل كثيرة، وقريش وهاشم من جملة ذرّية مضر، وليس بنو معدّ محصورين في قريش وهاشم كما يعلم ذلك أهل العلم. اه. محمد محمود الشنقيطي.

عدنان بن أدّ بن أدد بن هميسع بن نبت بن قيذار بن إسمعيل بن ابراهيم عليهما السّلام. 64 - وأنشد: صوت الحمار اليجدّع (¬1) هو لذي الخرق الطهوي، واسمه دينار بن هلال. وفي المؤتلف للآمدي أن اسمه قرط، شاعر جاهلي، سمي بذلك لقوله (¬2): جاءت عجافا عليها الرّيش والخرق من أبيات أولها: أتاني كلام الثّعلبيّ بن ديسق … ففي أيّ هذا ويله يتسرّع يقول الخنى وأبغض العجم ناطقا … إلى ربّنا صوت الحمار اليجدّع ويستخرج اليربوع من نافقائه … ومن جحره بالشيحة اليتقصّع قال المصنف في شواهده: ديسق: بفتح المهملتين بينهما تحتية ساكنة، علم منقول من الديسق، وهو بياض السراب وترقوقه. ويقال تنزع إليه وتسرع بمعنى، ورويا في البيت. وأبغض العجم، تقديره وأبغض أصوات العجم، بدليل الاخبار عنه لصوت الحمار. وأفعل بعض ما يضاف إليه. وناطقا، حال من العجم، شبه صوته إذ يقول الخنى في بشاعته بصوت الحمار إذ تقطع أذناه. وصوت الحمار شنيع في غير تلك الحال، فما الظنّ به فيها، ووصفه أخيرا بالخديعة والمكر. والشيحة: واحدة ¬

_ (¬1) الخزانة 1/ 14. وتاج العروس (جدع). (¬2) عجز بيت وصدره: لما رأت إبلي جاءت حمولة. ويروى (غرثى عجافا) والشعر من أبيات في الخزانة منسوبة الى ذي الخرق، خليفة بن حمل ابن عامر ... وليس لقرط.

الشيح، وهو النبات المعروف. قال المصنف: الظاهر أن المقتضى لعدوله عن المجدع والمتقصع كراهية الأقواء، فإن قافية الأوّل مرفوعة. واليتقصع صفة لجحره، أي ومن جحره الذي يتقصع فيه، أي يدخل. والنافقاء والقاصعاء من جحرة اليربوع. والفرق بينهما أن النافقاء يكتمها، والقاصعاء يظهرها، فإذا أتى من قبل القاصعاء ضرب برأسه النافقاء فانتفق أي خرج، ومنه اشتقاق اسم المنافق، لأنه أظهر الايمان وكتم الكفر. ووقع في حاشية الدماميني: أن اليجدع من جدعت الحمار، سجنته، فإن الحمار إذا حبس كثر تصويته، قال: وإذا جعل من الجدع الذي هو قطع الأنف أو الأذن لم يظهر له معنى. وليس كما قال لما تقدّم، فإن صوت الحمار حالة تقطع أذنه أكثر وأقبح لما يقاسيه من الألم، وكأنه ظن أن المراد صوته بعد سبق التجديع، وليس كذلك، بل المراد حالة التجديع والقطع. وفي شواهد العيني: قيل إن الحمار إذا كان مقطوع الأذن يكون صوته أرفع، والخنى: بفتح المعجمة ونون مقصور، الفاحش من الكلام. والعجم: جمع أعجم. واليربوع: دويبة تحفر الأرض. ويروى: بالشيخة وذي الشيخة. ويروى: الشيخة، بالخاء المعجمة، وهي رملة بيضاء، ذكره الصغاني، والذي ذكره أبو عمر الزاهد انه بالحاء المهملة نبت معروف. وقال: الخمل: يربوع أسحه عند جحره (¬1). 65 - وأنشد: باعد أمّ العمرو من أسيرها … حرّاس أبواب على قصورها (¬2) أنشده الأصمعي شاهدا على زيادة أل في العلم، ولم ينسبه الى أحد. وأنشد ابن الأعرابي على ذلك أيضا: يا ليت أمّ العمرو كانت صاحبي يريد أم عمرو، والحرّاس: جمع الحرسى، نسبة إلى الحرس، وهم حرس السلطان. والقصور: جمع قصر. ¬

_ (¬1) كذا .. ؟ (¬2) انظر ص 17.

66 - وأنشد: رأيت الوليد بن اليزيد مباركا … شديدا بأعباء الخلافة كاهله (¬1) هذا من قصيدة لابن ميّادة، واسمه الرمّاح بن أبرد، يمدح بها الوليد بن يزيد ابن عبد الملك بن مروان، وأولها: ألا تسأل الرّبع الذي ليس ناطقا … وإنّي على أن لا يبين لسائله كم العام منه أو متى عهد أهله … وهل يرجعن لهو الشّباب وعاطله وقبل هذا البيت وهو أوّل المديح: هممت بقول صادق أن أقوله … وإنّي على رغم العداة لقائله وبعده: أضاء سراج الملك فوق جبينه … غداة تناجى بالنّجاة قوابله وأورده في منتهى الطلب، بلفظ: وجدت، بدل رأيت. وأحناء، بدل أعباء. ورأيت: علميّة أو بصرية، والأعباء: جمع عبء، بكسر المهملة وسكون الموحدة ثم همزة، كل ثقل. والأحناء جمع حنو، بكسر الحاء المهملة وسكون النون، وهو حنو السرج. والقتب، كنى به عن أمور الخلافة الشاقة. والكاهل: ما بين الكتفين، وهو مرفوع بشديد، وفي البيت شواهد: أحدها زيادة الألف واللام في العلم وهو اليزيد، والثاني دخول (أل) للمح الصفة في العلم المنقول من الوصف، وهو الوليد. والثالث صرف مالا ينصرف إذا دخلته أل ولو كانت زائدة، كما في اليزيد. وقد استشهد به المصنف في التوضيح لذلك، والرابع نصب رأيت، بمعنى علمت، مفعولين، والثاني قوله مباركا، فإن كانت بصرية فهو حال. والخامس ¬

_ (¬1) الخزانة 1/ 327

فائدة: [الرماح،]

تعدّد الخبر لأن جزئي باب علم أصلهما المبتدأ والخبر، وهو هنا في شديدا. والسادس اعمال فعيل لاعتماده على خبر ذي خبر. والسابع الفصل بين فعيل ومعموله بالجار والمجرور. والثامن الاستعارة بتنزيل المعقول منزلة المحسوس، ويصح أن يكون استعارة بالكناية. شبّه أمور الخلافة الشاقة بالجسم الذي يثقل حمله وإضافتها الى الخلافة توشيح، وذكر الكاهل تخييل. فائدة: [الرمّاح،] الرمّاح، بفتح الراء وتشديد الميم، ابن ابرد بن ثريان بن سراقة أبو شرحبيل، وقيل أبو سراحيل، المرّي المعروف بابن ميادة، من الشعراء المكثرين، وميادة أمه، وهي أم ولد بربرية، وقيل فارسية (¬1). أدرك الدولتين، وذكره ابن سلام في الطبقة السابعة (¬2). مات في صدر خلافة المنصور. 67 - وأنشد: علا زيدنا يوم النّقا رأس زيدكم (¬3) قال المبرد في الكامل (¬4): قال رجل من طيّ، وكان رجل منهم، يقال له زيد، من ولد عروة بن زيد الخيل، قتل رجلا من بني أسد يقال له زيد، ثم أقيد به (بعد) (¬5): علا زيدنا يوم الحمى رأس زيدكم … بأبيض مشحوذ الغرار يمان ¬

_ (¬1) انظر الخزانة 1/ 76 - 77. (¬2) لم يذكره ابن سلام في طبقاته، والطبقة السابعة تضم المتوكل الليثي، وابن مفرغ الحميري، وزياد الاعجم وعدي بن الرقاع، وليس من بينهم ابن مياده. (¬3) الخزانة 1/ 327 و 2/ 161 (¬4) الكامل 884 - 885. (¬5) زيادة عن الكامل.

فإن تقتلوا زيدا بزيد فإنّما … أقادكم السّلطان بعد زمان ورواه غيره بلفظ: يوم النّقى، وبلفظ يوم الحمى، وبلفظ: بأبيض ماضي الشّفرتين يمان (¬1) قال الزمخشري: وأجرى زيدا مجرى النكرات فأضافه. وقال غيره: الأصل زيد صاحبنا وزيد صاحبكم، فحذف الصفة وجعل الموصوف خلفا عنهما في الاضافة. ويوم النقى، بنون وقاف: أي يوم الحرب عند النقى، وهو الكثيب من الرمل. والأبيض: السيف. وماضي الشفرتين: بفتح الشين، نافذ الحدّين. ومشحوذ بشين وذال معجمتين وحاء مهملة، من شحذت السيف حددته. والغرار، بكسر الغين المعجمة، قال في الصحاح: الغرار أن شفرتا السيف وكل شيء له حدّ فحدّه غراره، والجمع أغرّه. واليمان: نسبة إلى اليمن، والالف فيها عوض من ياء النسب فلا يجتمعان. 68 - وأنشد: ولقد جنيتك أكمؤا وعساقلا … ولقد نهيتك عن بنات الأوبر أنشده أبو زيد ولم يسم قائله. قال المصنف: أصل جنيتك، جنيت لك، أي تناولت لك، فحذف الجار توسعا، وقال ابن الدماميني: يحتمل أنه ضمن جنى معنى أعطى، فعداه الى إثنين. قلت: ويحتمل أن يكون الحذف مناسبة لقوله: نهيتك، في المصراع الثاني، وهو نوع من البديع يسمى الموازنة. والاكمؤ: جمع كماء. كفلس، والكمأ واحد الكمأة على العكس، من باب تمر وتمرة. والعساقل: ضرب من الكمأة وأصله عساقيل، لأن واحدها عسقول، كعصفور فحذف المدّة للضرورة. وبنات أوبر: كماة صغار على لون التراب يضرب بها المثل في الرداءة والقلة فيقال إن بني فلان بنات أوبر، ان يظنّ بهم خير فلا يوجد. ¬

_ (¬1) وبلفظ: بأبيض من ماء الحديد يمان. كما ذكر المبرد في الكامل.

69 - وأنشد: وابن اللّبون إذا ما لزّ في قرن … لم يستطع صولة البزل القناعيس (¬1) هذا من قصيدة لجرير يهجو فيها عمر بن لجا التيمي، وأوّلها: حيّ الهدملة من ذات المواعيس … فالحنو أصبح قفرا غير مأنوس حيّ الدّيار الّتي شبهتها خللا … أو منهجا من يمان مح ملبوس ومنها: قد كنت خدنا لنا يا هند فاعتبري … ماذا يريبك من شيبي وتقويسي والهدملة من الرمل: ما استدق وطال. والمواعيس من الرمل: ما وطئ، واحدها موعس. والوعس: الوطئ. والخلل، بكسر أوّله، جفون السيوف. والمنهج: المخلق. والمح: البالي. والخدن: الترب. ومعنى البيت: قد كنت تربا فشبت كما شبت فما تنكرين مني. وابن اللبون: ماله ثلاث سنين. وإدخال اللام فيه لتعرف به الأوّل لأنه اسم جنس نكرة، بمنزلة ابن رجل، ولم يجعل علما بمنزلة ابن آوى وغيره، فلذلك خالفه في دخول اللام على ما أضيف إليه. قاله الأعلم. ولز: شدّ. والقرن، بفتحتين، الحبل يشدّ به البعيران فيقرنان معا. والصولة: الوثوب. والبزل: جمع بازل، وهو من الأبل ما طلع نابه. والقناعيس: الشداد، واحده قنعاس. قال الأعلم: ضرب هذا مثلا نفسه، ولئن رام مقاومته في الشعر والفخر لابن اللبون، وهو الفصيل الذي تنجت أمّه غيره، فصارت لبونا إذا لز في قرن، وهو الحبل يبازل من الجمال قويّ لم يستطع صولته ولا قاومه في سيره. ومن أبيات القصيدة قوله: لمّا تذكّرت بالدّيرين أرّقني … صوت الدّجاج وقرع بالنّواقيس ¬

_ (¬1) ديوانه 322، وطبقات الشعراء 325 و 354، والموشح 49 والاغاني 9/ 307.

استشهد به الفارسي في الايضاح على أن الدجاج يقع على المذكر والمؤنث، لأنه إنما أراد صوت الديكة خاصة، والديران موضع قرب دمشق (¬1). ومنها: هل من حلوم لأقوام فتنذرهم … ما جرّب النّاس من عضّي وتضريسي إنّي جعلت فما ترجى مقاسرتي … نكلا بمستصعب الشّيطان عرّيس المقاسرة: المقاهرة. قال صاحب منتهى الطلب: قيل إن هذه القصيدة في شعر جرير. 70 - وأنشد: فإن ترفقي يا هند فالرّفق أيمن … وإن تحرقي يا هند فالحرق أشأم (¬2) فأنت طلاق، والطّلاق عزيمة … ثلاث، ومن يحرق أعقّ وأظلم فبيني بها أن كنت غير رفيقة … وما لامرئ بعد الثّلاث مقدّم الرفق: ضدّ العنف. يقال: رفق، بفتح الفاء، يرفق بضمها. والحرق: بالضم وسكون الراء، الاسم من حرق، بالكسر، الحرق بالفتح حرقا، بفتح الحاء والراء، وهو ضد الرفق. وفي القاموس: ان ماضيه بالكسر كفرح وبالضم ككرم. وأيمن: من اليمن، وهو البركة. وأشأم: من الشؤم، وهو ضدّ اليمن. وذكر ابن يعيش: إن في البيت الثاني حذف الفاء، والمبتدأ أي فهو أعق. والبينونة: الفراق. وضميرها للثلاث. وأن تعليلية واللام مقدّرة، أي: لأجل كونك غير رفيقة. والمقدم: مصدر ميمي من قدم بمعنى تقدّم، أي ليس لأحد تقدم إلى العشرة والالفة بعد إيقاع الثلاث إذ بها تمام الفرقة. ¬

_ (¬1) انظر الشعراء 453 وطبقات الشعراء ص 393. (¬2) الخزانة 2/ 69 - 75

شواهد أما بالفتح والتخفيف

شواهد أما بالفتح والتخفيف 71 - وأنشد: أما والّذي أبكى وأضحك والّذي … أمات وأحيا والّذي أمره الأمر (¬1) هو من قصيدة لأبي صخر عبد الله بن سلمة الهذلي، شاعر إسلامي من شعراء الدولة الأموية، أوّلها: لليلى بذات البين دار عرفتها … وأخرى بذات الجيش آياتها سفر كأنّهما ملآن لم يتغيّرا … وقد مرّ بالدّارين من بعدنا عصر الى أن قال: إذا قلت: هذا حين أسلو، يهيجني … نسيم الصبا من حيث يطّلع الفجر إذا ذكرت يرتاح قلبي لذكرها … كما انتفض العصفور بلّله القطر أما والّذي أبكى وأضحك والّذي … أمات وأحيا والّذي أمره الأمر لقد تركتني أحسد الوحش أن أرى … أليفين منها لا يروعهما الذّعر وصلتك حتّى قلت: لا يعرف القلى! … وزرتك حتّى قلت: ليس له صبر! صدقت، أنا الصّبّ المصاب الّذي به … تباريح حبّ خامر القلب أو سحر ¬

_ (¬1) الحماسة بشرح التبريزي 3/ 208 والشعراء 545، وفيه ان هذا الشعر لأبي صخر نحلوه للمجنون .. انظر الامالي 1/ 148 - 150 والأغاني 21/ 97 - 98، وكتاب الزهرة 277 والخزانة 1/ 553 وما بعد.

فيا حبّذا الأحياء ما دمت حيّة … ويا حبّذا الأموات ما ضمّك القبر تكاد يدي تندى إذا ما لمستها … وينبت من أطرافها ورق خضر الى أن قال: فيا هجر ليلى قد بلغت بنا المدى … وزدت على ما لم يكن يبلغ الهجر ويا حبّها زدني جوى كلّ ليلة … ويا سلوة الأيّام موعدك الحشر فليست عشيّات الحمى برواجع … لنا أبدا ما أورق السلم النضر ولا عائد ذاك الزّمان الّذي مضى … تباركت ما تقدر يقع فلك الشّكر عجبت لسعي الدّهر بيني وبينها … فلمّا انقضى ما بيننا سكن الدّهر قوله: ملآن، أصله من ألان، فحذف تخفيفا. قوله: (إذا قلت هذا حين أسلو .. البيت). أورده المصنف في الكتاب الرابع شاهدا على جواز بناء الظرف المضاف إلى المضارع. والصبا: ريح تهب من تلقاء الفجر مقابل الكعبة، وتسمى القبول. قوله: (لقد تركتني) جواب القسم. وأحسد الوحش: في موضع الحال. وأن أرى بدل من الوحش، وهو من رؤية اليقين. ولا يروعهما: صفة لأليفين، أي لا يخيفهما. والذعر: بضم الذال المعجمة، الخوف. والجوى: داء في الجوف. وقوله (ما يقدّر يقع) استشهد به المفسرون عند قوله تعالى: (فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ) وقوله: (عجبت .. الخ). قال شرّاح الحماسة: يجوز أن يريد به سرعة تقصّي الأوقات مدة الوصال بينهما وأنه لما انقضى الوصل عاد الزمان إلى حاله في السكون والبطء، على عادتهم في استقصار أيام السرور واستطالة أيام الفراق. ويجوز أن يريد بسعي الدهر سعي أهله بالوشايات، فلما وقع الهجر بينهما سكنوا. 72 - وأنشد (¬1): أحقّا أنّ جيرتنا استقلّوا ¬

_ (¬1) الأصمعيات 231، والطبقات 233، واللسان 12/ 175، واللآلي 125 ويروى: (ألم تر أن ...)

هو مطلع للمفضّل السّكريّ من عبد القيس، واسمه عامر بن معشر بن أسحم، وإنما سمي مفضّلا لهذه القصيدة، وتسمى هذه القصيدة المنصفة (¬1). وقال صاحب الحماسة البصرية: هو لعامر بن أسحم بن عدي الكندي، شاعر جاهلي، وتمامه: فنيّتنا ونيّتهم فريق وبعده: فدمعي لؤلؤ سلس عراه … يخرّ على المهاوي ما يليق على الزبلات إذ سخطت سليمى … وأنت بذكرها طرب تشوق (¬2) فودّعها وإن كانت أناة … مبتّلة لها خلق أنيق قال المصنف في شواهده: قوله: أحقا نصب على الظرفية عند سيبويه والجمهور، وهو ظرف مجازى. والأصل في حق هذا الأمر: أي هذا الأمر معدود من الحق وثابت فيه. ويؤيده أنهم ربما نطقوا بفي داخلة عليه، قال: أفي الحقّ أنّي مغرم بك هائم ¬

_ (¬1) المنصفات هي القصائد التي انصف قائلوها فيها أعداءهم، وصدقوا عنهم وعن أنفسهم فيما اصطلوه من حر اللقاء، وفيما وصفوه من أحوالهم من إمحاض الإخاء. ويروى ان أول من أنصف في شعره مهلهل بن ربيعة حيث قال: كانا غدوة وبني أبينا … بجنب عنيزة رحيا مدير ومن المنصفات قول الفضل بن العباس بن أبي لهب: لا تطمعوا أن تهينونا ونكرمكم … وإن نكف الأذى عنكم وتؤذونا وانظر الخزانة 520 - 521. (¬2) رواية البيت في الاصمعيات: عدت ما رمت إذ شحطت سليمى … وأنت لذكرها طرب مشوق

وإن وما بعدها يحتمل وجهين، أحدهما: أن يكون مبتدأ خبره الظرف، والتقدير: أفي حق استقلال جيرتنا، ولا يجوز كسرها لأن الظرف لا يتقدّم على إن المكسورة، لانقطاعها عما قبلها. والثاني: وهو الأوجه، أن يكون فاعلا بالظرف لاعتماده كما في (أَفِي اللَّهِ شَكٌّ) وقال المبرّد: انتصاب حقا على المصدرية، والتقدير: أحق حقا، ثم أنيب المصدر عن الفعل وارتفاع ان وما بعدها عنده على الفاعلية. والجيرة: بكسر الجيم جمع جار. واستقلوا: نهضوا مرتفعين. والنية: الجهة التي ينوونها، يصف افتراقهم عند انقضاء المرتبع ورجوعهم إلى محاضرهم. قال الأعلم في شرح هذا البيت: والفريق يقع للواحد والمذكر وغيره، كصديق وعدوّ. وقال المصنف في شواهده: إنما فريق هنا بمعنى متفرّقة، وعراه: خروقه. ويخرّ: يسقط. والمهاوي: ما بين العين إلى الصدر، واحدها مهواة. وما يليق: ما يثبت وما يستمسك. والأناة: بفتح الهمزة، وهي من النساء التي فيها فتور عند القيام وتأنّ. وامرأة مبتلة: بضم الميم وفتح الباء الموحدة والمثناة المشدّدة، تامّة الخلق لم يركب لحمها بعضه بعضا ولا يوصف به الرجل. وأنيق: حسن معجب، والبيت استشهد به ابن مالك على فتح أن بعد حقا. وقد أنشده صاحب الحماسة البصرية بلفظ: ألم تر أنّ جيرتنا استقلّوا فلا شاهد فيه. 73 - وأنشد (¬1): أفي الحقّ أنّي مغرم بك هائم هذا لعابد بن المنذر العسيري، وتمامه: وأنّك لا خلّ هواك ولا خمر وقبله: ¬

_ (¬1) الحماسة بشرح التبريزي 3/ 235 ولم ينسبه. وانظر ص 171.

هل الوجد إلّا أنّ قلبي لو دنا … من الجمر قيد الرّمح لاحترق الجمر وبعده: فإن كنت مطبوبا فلا زلت هكذا … وإن كنت مسحورا فلا برئ السّحر قال التبريزي: قوله: هل الوجد، استفهام بمعنى النفي. وقيد: نصب على الظرف. وقوله: أفي الحق: أي لا يدخل في الحق، ووجوهه أن يكون حبي لك غراما وحتى لا يرجع إلى معلوم. والمغرم: الذي لزمه الحب. والهائم: المتحير، والهيام: كالجنون من العشق. ويقال: ما هو بخل ولا خمر أي: ليس بشيء يخلص ويتبين، والمراد ليس عندك محض نفار يقع به اليأس، ولا محض إقبال يقع به الرجاء، بل حالك متردد مضطرب. والمطبوب: المسحور، والطب السحر والعلم جميعا. يقول: ان كان الذي بي داء معلوما يعرف دواؤه فلا فارقني فإني ألتذ به، وإن كان الذي بي لا يعلم ما هو فلا فارقني أيضا، ولا يجوز أن يكون مطبوبا هنا بمعنى مسحورا، لأنه يصير الصدر والعجز بمعنى واحد. 74 - وأنشد: ما ترى الدّهر قد أباد معدّا … وأباد السّراة من عدنان أورده جماعة ولم يعزوه إلى قائله. و (ما) أصلها: أما حذفت منها الهمزة. وأباد: أهلك وأذهب. ومعدّ بن عدنان أبو العرب. والسراة: بفتح السين، جمع سرىّ، وهم الخيار والسادات، ولم يجمع فعيل على فعلة غيره. ومن ثم قال في القاموس: إنه اسم جمع، لا جمع. وأنكر السهيلي في الروض الآنف أيضا لكونه جمعا.

شواهد أما بالفتح والتشديد

شواهد أمّا بالفتح والتشديد 75 - وأنشد: رأت رجلا أما إذا الشّمس عارضت … فيضحى وأمّا بالعشيّ فيخصر (¬1) هذا من قصيدة لعمر بن أبي ربيعة: أوّلها (¬2): أمن آل نعم أنت غاد فمبكر … غداة غد أو رائح فمهجّر بحاجة نفس لم تقل في جوابها … فتبلغ عذرا والمقالة تعذر نهيم إلى نعم فلا الشّمل جامع … ولا الحبل موصول ولا القلب مقصر ولا قرب نعم إن دنت لك نافع … ولا نأيها يسلي ولا أنت تصبر ومنها: على أنّها قالت غداة لقيتها … بمدفع أكنان أهذا المشهّر قفي فانظري يا اسم هل تعرفينه … أهذا المغيريّ الذي كان يذكر أهذا الّذي أطريت نعتا فلم أكد … وعيشك أنساه إلى يوم أقبر ¬

_ (¬1) الخزانة 4/ 552 والاغاني 1/ 72 و 73 و 80 و 132 (دار الكتب). والكامل 66 و 252 و 614 و 966. (¬2) ديوانه 181 - 192 والكامل 613 - 618

لئن كان إيّاه لقد حال بعدنا … عن العهد والإنسان قد يتغيّر فقالت: نعم، لا شكّ غيّر لونه … سرى اللّيل يحيي نصّه والتّهجّر رأت رجلا أمّا إذا الشّمس عارضت … فيضحى وأمّا بالعشيّ فيخصر أخا سفر جوّاب أرض تقاذفت … به فلوات فهو أشعث أغبر قليل على ظهر المطيّة ظلّه … سوى ما يقي عنه الرّداء المحبّر ومنها: وقلن: أهذا دأبك الدّهر سادرا؟ … أما تستحي أو ترعوي أو تفكّر؟ إذا جئت فامنح طرف عينيك غيرنا … لكي يحسبوا أنّ الهوى حيث تنظر في الكامل للمبرّد (¬1): أن ابن عباس دخل عليه عمر بن أبي ربيعة وهو غلام، وعنده نافع بن الأزرق، فقال له ابن عباس: ألا تنشدنا شعرا من شعرك (¬2)؟ فأنشده هذه القصيدة حتى أتمها، وهي ثمانون بيتا. فقال له ابن الأزرق: لله أنت يا ابن عباس! أتضرب إليك أكباد الابل، نسألك عن الدّين، ويأتيك غلام من قريش، فينشدك سفها فتسمعه؟ فقال: تالله ما سمعت سفها. فقال: أما أنشدك: رأت رجلا أمّا إذا الشّمس عارضت … فيخزى وأمّا بالعشيّ فيخسر فقال: ما هكذا قال، إنما قال: فيضحى وأمّا بالعشيّ فيخصر ¬

_ (¬1) الكامل 966، والديوان 192 (¬2) في الكامل: (شيئا من شعرك).

قال: أو تحفظ الذي قال؟ قال: والله ما سمعتها إلا ساعتي هذه، ولو شئت أن أردّها لرددتها. قال: فارددها. فأنشده إياها كلها. فقال له نافع: ما رأيت أروى منك. أخرج هذه القصة أبو الفرج الأصبهاني في الأغاني بسنده من طرق (¬1)، وفي بعضها: أن ابن عباس أنشدها من أوّلها الى آخرها، ثم أنشدها من آخرها الى أوّلها مقلوبة وما سمعها قط الا (تلك المرة صفحا!) (¬2). فقال له بعضهم: ما رأينا أذكى منك. فقال: ما سمعت شيئا قط فنسيته، واني لأسمع صوت النائحة فأسدّ أذني كراهة أن أحفظ ما تقول. وفي بعض طرقه أن ابن عباس قال لابن أبي ربيعة حين أنشدها: أنت شاعر يا ابن أخي فقل إذا شئت (¬3). وأخرج عن ابن الكلبي قال: أنشد ابن أبي ربيعة هذه القصيدة طلحة بن عبد الرحمن بن عوف، وهو راكب فوقف وما زال شانقا ناقته حتى كتبت له. وفي طبقات النحاة للمرزباني، قال الأصمعي: أحسن ما قيل في السفر قول ابن أبي ربيعة: رأت رجلا أمّا إذا الشّمس عارضت الأبيات الثلاثة. نعم، بضم النون وسكون المهملة، اسم امرأة من قريش. قال في الأغاني: وتكنى أم بكر. وأخرج عن بشر بن المفضل قال: بلغ عمر بن أبي ربيعة أن نعما اغتسلت في غدير، فأتاه فأقام، فلم يزل يشرب منه حتى جف. ومهجّر: بتشديد الجيم، من التهجر، وهو السير في الهاجرة. وقوله: (والمقالة تعذر) من الاعذار. واكنان: جمع كنّ وهو السترة. والمغيري: نسبة إلى جدّه المغيرة بن مخزوم، يقال: بضم الميم وكسرها. وروي بالوجهين. قوله: (لئن كان اياه)، أي لئن كان هذا الرجل هو الرجل الذي رأيناه قبل، لقد حال أي تغير عن العهد أي الذي كنا نعهده من الشبية الى الشيب، وهكذا الانسان يتغير من حال الى حال. وقد أورد المصنف هذا البيت في التوضيح ¬

_ (¬1) الأغاني 1/ 72 - 73 (دار الكتب). (¬2) بياض بالأصل، والتكملة عن الأغاني. (¬3) الأغاني 1/ 81.

شاهدا على الفصل فيما اذا اجتمع ضميران في باب كان. والنص: السير الشديد ومعارضة الشمس: اعتراضها في الأفق وارتفاعها بحيث تغيب حيال الرأس. ويضحى: أي يظهر للشمس، يقول: يسير نهارا وإذا جاء الليل خصر، بخاء معجمة وصاد مهملة، يقال: خصر الرجل بالكسر اذا آلمه البرد في أطرافه. وفي مسائل نافع بن الأزرق، تخريج الطستي بسنده عن أبن عباس: أن نافع بن الأزرق سأله عن قوله تعالى: (وَأَنَّكَ لا تَظْمَؤُا فِيها وَلا تَضْحى) قال: لا تعرق فيها من شدّة حرّ الشمس. قال: وهل تعرف العرب ذلك؟ قال: نعم. أما سمعت قول الشاعر: رأت رجلا أيما إذا الشّمس عارضت … فيضحى وأمّا بالعشيّ فيخصر والجوّاب: بالتشديد، من جاب يجوب إذا خرق وقطع. وتقاذفت: من التقاذف وهو الترامي. والسادر، بمهملات، الذي لا يهتم ولا يبالي ما صنع. وقوله: (إذا جئت فامنح ... البيت) أورده المصنف في حرف الكاف على وجه آخر، بلفظ: وطرفك إمّا جئتنا فاحبسنه … كيما يحسبوا أنّ الهوى حيث تنظر مستشهدا به على أن الكاف تعليلية، كفت بما، ونصب الفعل بها لشبهها بكي في المعنى. ونقل هناك عن صاحب نزهة الأديب: ان انشاد البيت هكذا تخريف من أبى علي. وان الصواب فيه: (إذا جئت فامنح ... الخ) كما أوردناه في القصيدة، وقد وجدته في قصيدة أخرى لجميل وستأتي هناك. 76 - وأنشد (¬1): فأمّا القتال لا قتال لديكم قال أبو الفرج في الأغاني (¬2): هذا مما هجى به قديما بنو أسيد بن أبي العيص ¬

_ (¬1) الخزانة 1/ 217، وابن عقيل 2/ 141، والشعر للحارث بن خالد المخزومي. (¬2) الأغاني 1/ 38 (دار الكتب).

ابن أميّة، وتمامه: ولكنّ سيرا في عراض المواكب وقبله: فضحتم قريشا بالفرار وأنتم … قمدّون سودان عظام المناكب القمدّ: بضم القاف والميم وتشديد الدال، القويّ الشديد، والأنثى قمدّة. وقوله: (ولكن سيرا) إما على حذف خبر لكن، وسيرا اسمها، أي ولكن لكم سيرا، وإما على حذف اسمها وسيرا نصب على المصدر بفعل مقدّر، أي ولكنكم تسيرون سيرا، قاله شارح أبيات الايضاح: وعراض المواكب، بالعين المهملة والضاد المعجمة: ناحيتها وشقتها، وصحف من جعله بالصاد المهملة وفسره بعرصة الدار. والمواكب: جمع موكب، وهم القوم الركوب على الأبل للزينة، وكذلك جماعة الفرسان. 77 - وأنشد (¬1): من يفعل الحسنات الله يشكرها هو لعبد الرحمن بن حسان بن ثابت رضي الله عنه، وقيل: لكعب بن مالك، وتمامه: والشّرّ بالشّرّ عند الله مثلان وقبله: فإنّما هذه الدّنيا وزهرتها … كالزّاد لا بدّ يوما أنّه فاني وقوله: (الله يشكرها) جملة اسمية وقعت جواب الشرط، وحذفت منها الفاء ¬

_ (¬1) أمالي ابن الشجري 1/ 71، وسيأتي ص 286

ضرورة. وزعم المبرد: ان الرواية: من يفعل الخير فالرّحمن يشكره 78 - وأنشد: أبا خراشة أمّا أنت ذا نفر … فإنّ قومي لم تأكلهم الضّبع تقدّم شرحه في شواهد أن المفتوحة الخفيفة (¬1). * * * ¬

_ (¬1) انظر ص 116، الشاهد 41.

شواهد إما المكسورة المشددة

شواهد إمّا المكسورة المشددة 79 - وأنشد: سقته الرّواعد من صيف … وإن من خريف فلن يعدما (¬1) هذا من قصيدة من المتقارب للنمر بن تولب، وأوّلها: سلا عن تذكره تكتّما … وكان رهينا بها مغرما وأقصر عنها وآياتها … تذكّره داءه الأقدما فأوصى الفتى بأبناء العلا … وأن لا يخونا ولا يأثما ويلبس للدّهر إجلاله … فلن يبني النّاس ما هدّما وإن أنت لاقيت في نجدة … فلا يتهيبك أن تقدما فإنّ المنيّة من يخشها … فسوف تصادفه أينما فإن تخطّاك أسبابها … فإنّ قصاراك أن تهرما وأحبب حبيبك حبّا رويدا … فقد لا يعولك أن تصرما ¬

_ (¬1) الخزانة 4/ 434، وفي الأغاني 22/ 297 ثلاث أبيات من القصيدة باختلاف الألفاظ.

فتظلم بالودّ من وصله … رقيق فتسفه أن تندما وأبغض بغيضك بغضا رويدا … إذا أنت حاولت أن تحكما فلو أنّ من حتفه ناجيا … لكان هو الصّدع الأعصما بإسبيل ألقت به أمّه … على رأس ذي حبك أيهما إذا شاء طالع مسجورة … ترى حولها النّبع والسّاسما يكون لأعدائه مجهلا … مضلّا وكانت له معلما أتاح له الدّهر ذا وفضة … يقلّب في كفّه أسهما فراقبه وهو في فترة … وما كان يرهب أن يكلما فأرسل سهما له أهزعا … فشكّ نواهقه والفما فظلّ يشيب كان الولوع … كان بصحّته مغرما أتى حصنه ما أتى تبّعا … وأبرهة الملك الأعظما لقيم بن لقمان من أخته … فكان ابن أخت له وابنما ليالي حمق فاستحصنت … إليه فغر بها مظلما فأحبلها رجل نابه … فجاءت به رجلا محكما وهذا جميع أبياتها. والنمر بن تولب هذا عكلي جاهلي صحابي، يكنى أبا ربيعة. قال ابن عبد البر: أدرك الاسلام وهو كبير، وكان جوادا فصيحا، شاعرا جريئا على المنطق. وقال صاحب منتهى الطلب: هو النمر بن تولب بن زهير بن أقيش بن عبيد بن وائل بن كعب بن الحارث بن عوف، وعوف هو عكل. وقال

ابن الكلبي: هو النمر بن تولب بن أقيش بن عبد بن كعب بن عديّ بن عوف بن عبد مناة بن أدّ بن طابخة بن الياس بن مضر. قال الأصمعي، كان أبو عمرو بن العلاء يسميه الكيس من حسن شعره (¬1). قال وكان جاهليا، ويقال أنه أدرك الاسلام وانه عني بقوله (¬2): إنّا أتيناك وقد طال السّفر النبي صلّى الله عليه وسلّم. وقال في الأغاني (¬3): شاعر مخضرم، أدرك الاسلام فأسلم فحسن اسلامه، ووفد الى النبي صلّى الله عليه وسلّم، وكتب له كتابا وروى عنه حديثا، وكان أحد أجواد العرب المذكورين وفرسانهم. ثم أخرج عن الأصمعي قال: وكان أبو عمرو يشبه شعر النمر بن تولب بشعر حاتم الطائي. وأخرج عن مصعب الزبيري قال (¬4): بلغني أن صالح بن حسان قال يوما لجلسائه: أيّ الشعراء ¬

_ (¬1) طبقات الشعراء 134، والأغاني 22/ 287 (الثقافة)، والشعراء 268 (¬2) قال في الأغاني: لما وفد النمر بن تولب على النبي صلّى الله عليه وسلّم أنشده: يا قوم إني رجل عندي خبر … الله من آياته هذا القمر والشمس والشعرى وآيات أخر … من يتسام بالهدى فالخبث شر إنّا أتيناك وقد طال السفر … أقود خيلا رجعا فيها ضرر أطعمها اللحم إذا عز الشجر (¬3) الاغاني 22/ 287 (¬4) قلت: نسبة السيوطي، ومن روى عنه هذا البيت لعمر بن أبي ربيعة أوّلا ونسبته ثانيا للنمر بن تولب خطأ محض لا أصل له، والصواب وهو الحق المتفق عليه أن هذا البيت لنصيب الأسود كما حققه المرزباني في الموشح في نقد الشعر قال في ترجمة نصيب في أثناء سنده: أخبرنا عمر بن شبة قال: يروى أن الأقيشر دخل على عبد الملك بن مروان، فذكر بيت نصيب: أهيم بدعد ما حييت فان أمت … فواحزنا من ذا يهيم بها بعدي فقال: والله لقد أساء قائل هذا البيت. فقال له عبد الملك: فما كنت قائلا لو كنت مكانه؟ قال: كنت أقول: تحبكم نفسي حياتي فان أمت … او كل بدعد من يهيم بها بعدي فقال عبد الملك: فأنت والله أسوأ قولا، وأقل بصرا حين توكل بها بعدك! قيل: فما كنت أنت قائلا يا أمير المؤمنين؟ قال: كنت أقول: تحبكم نفسي حياتي فان أمت … فلا صلحت دعد لذي خلة بعدي -

أفتى؟ قالوا: عمر بن أبي ربيعة، وقالوا: جميل، وأكثروا القول، فقال: أفتاهم النمر بن تولب حيث يقول: أهيم بدعد ما حييت فإن أمت … فيا حزنا من ذا يهيم بها بعدي؟ وأخرج عن حماد بن ربيعة قال: أظرف الناس النمر بن تولب حيث يقول: أهيم بدعد ما حييت فإن أمت … أوكل بدعد من يهيم بها بعدي وأخرج عن أبى عمرو قال (¬1): أدرك النمر بن تولب النبي صلّى الله عليه وسلّم وحسن إسلامه، وعمّر (فطال عمره) (¬2)، وكان جوادا واسع القرى، كثير الأضياف، وهّابا لماله، فلما كبر خرف، فكان، هجّيراه: أصبحوا الركب، أعينوا الركب، أقروا وانحروا للضيف، أعطوا السائل، تحمّلوا لهذا في حمالته كذا وكذا - لعادته بذلك - فلم يهذي بهذا وشبهه مدّة حتى مات. وخرفت امرأة من حيّ كرام، ¬

_ - فقال من حضر: والله لأنت أجود الثلاثة قولا، وأحسنهم بالشعر علما يا أمير المؤمنين. وأخبرني محمد بن أبي الازهري قال: حدثنا محمد بن يزيد النحوي قال: لم نجد الرواة ومن يفهموا جواهر الكلام لبيت نصيب هذا مذهبا حسنا. قال: وقد ذكر عبد الملك ذلك لجلسائه فكل عابه، فقال عبد الملك: فلو كان إليكم كيف كنتم قائلين؟ فقال رجل منهم: كنت أقول البيت الأوسط الذي آخره: فواحزنا من ذا يهيم بها بعدي فقال عبد الملك: ما قلت والله أسوأ مما قال. فقيل له: فكيف كنت قائلا يا أمير المؤمنين؟ وذكر باقيه الى آخره. وبهذا تعلموا بطلان ما قاله السيوطي ومن روى عنه، وأن البيت لنصيب لا للنمر بن تولب والله أعلم اه. محمد محمود الشنقيطي. والخبر الذي ذكره العلامة الشنقيطي منقول عن الموشح ص 189 - 190، والبيت لنصيب مذكور في الموشح مع خبر آخر ص 159 - 160. وهو في الصناعتين 113، والعقد الفريد 2/ 362 والشعراء 373، والكامل 156 و 503 والعمدة 2/ 118، وفي الشعراء 269 نسب البيت الى النمر بن تولب وقال: (والناس يروون البيت لنصيب) وكذا في الاغاني 19/ 160 وقال: (والناس يروون هذا البيت لنصيب، وهو خطأ). وانظر الاغاني 22/ 292 و 294 (الثقافة). (¬1) انظر الاغاني 22/ 295 (الثقافة). (¬2) مزيدة.

فكان، هجّيراها: زوّجوني، قولوا لزوجي يدخل، مهّدوا لي جانب زوجي. فقال عمر بن الخطاب: ما لهج به النمر بن تولب في خرفه أفخر وأسرى وأجمل مما لهجت به صاحبتكم! ثم ترحم عليه. قوله: (سلا) أمر من السؤال لاثنين وشرحه شارح ديوانه على أنه ماض من السلو. وتكتم، بتاءين فوقيتين، أولاهما مضموم، علم لامرأة، وهو منصوب بتذكره المصدر المضاف لفاعله والآيات: الآثار والعلامات. ومعنى صدر البيت الرابع: إنه يتهيأ ويستعدّ لكل حال على ما ينبغي. ومعنى عجزه: انه إذا ضيع مجده لم يتنبه له الناس. والنجدة: القتال. وقوله (فلا يتهيبك) أورده المصنف في آخر الباب الثامن (¬1)، وقال: انه من باب القلب أي لا تتهيبا. ورأيته في منتهى الطلب بلفظ (فلا تتكأدك) وهو بمعناه. وقوله: (فسوف تصادفه أينما) فيه اكتفاء، وهو حذف فعل الشرط وجوابه، والاقتصار على الاداة، أي أينما ذهب أو توجه. وقد استشهد به ابن جرير في تفسيره على ذلك. وقصاراك: غايتك. وقوله: (واحبب حبيبك ... الخ) مأخوذ من قوله صلّى الله عليه وسلّم: احبب حبيبك هونا مّا، عسى أن يكون بغيضك يوما مّا. وابغض بغيضك هونا مّا عسى أن يكون حبيبك يوما مّا. أخرجه الترمذي من حديث أبى هريرة والطبراني، كأن النمر هذا سمعه من النبي صلّى الله عليه وسلّم فعقده في نظمه، فيكون من شواهد العقد، والا اني لم أقف عليه من حديثه. ويعولك: يشق عليك. وتسفه: تجهل وتظلم، تضع ودّك في غير موضعه. وتحكم: أي تكون حكيما. والصدع: مهمل الحروف مفتوحها، الوعل الذي بين الجسيم والضئيل. والعصمة: بياض في اليد. وإسبيل: بوزن قنديل، بلد. قال (¬2): لا أرض إلّا إسبيل … وكلّ أرض تضليل والحبك: الطرائق. الأيهم بالياء التحتية، الذي لا يهتدي له. ومسجورة: بالجيم، مملوءة. والساسم: طالع أتى، يقال: فلان يطالع قرينه، أي يأتيها، بهمزة ومهملتين ¬

_ (¬1) ولم يذكره هنا السيوطي في الباب الثامن. (¬2) هذا الشعر أنشده خلف الأحمر لبعض اليمانيين. وهو في البكري 147، وقال: أسبيل: بلد باليمن، وفيه أيضا: جبل باليمن، وأنشد بيتي النمر بن تولب: ولا أن ... الخ.

مفتوحتين، الأبنوس. والنبع، بفتح النون وسكون الموحدة، آخره مهملة، شجر يتخذ منه القسيّ. وأعداء الوعل: الناس. ومجهل: بفتح ثالثه. ومضل: بكسر ثانيه، وأوّلهما مفتوح. ومعلم: بفتح الميم واللام، أي هي مجهل لأعدائه ومعلم له. وضمير سقته ويعدم للصدع. وفي ديوان النمر ومنتهى الطلب: سقتها، فالضمير لمسجورة. والرواعد: جمع راعدة، وهي السحابة الماطرة. والصيف: بالتشديد، المطر: الذي يجيء في الصيف. وقوله: (وإن) أصله (وإن ما) حذف ما وأبقى إن. وقيل: إن شرطية، والفاء جوابها، أي وإن سقته من خريف فلن يعدم الري. وقيل ان زائدة. وأتاح: قدّر. والوفضة: الكنانة. ويكلم: يجرح. وأهزع: واحد، يقال ما في كنانته أهزع، أي سهم واحد. والنواهق: العمارة في الوجه، في مجرى اندمع. ويشيب: يرفع يده ويقفز. والولوع: القدر والحين والدهر الذي يولع بالأشياء. وضمير حصنه للصدع. وتبع: ملك اليمن. وأبرهة: ملك الحبشة. ولقمان: هو ابن عاد، غير الحكيم. كانت أخته تحت رجل أحمق فولدت له وأحمقت، فأحبت أن يكون لها ولد كأخيها فرغبت إلى امرأة أخيها أن تتركها تنام في مرقدها ليقع عليها، فعسى أن تلد ولدا نجيبا، فأجابتها وأسكرتاه وضاجعته، فغشيها فأتت منه بولد سمته لقيما، بضم اللام. وكان أحزم الناس. ولقيم مبتدأ ومن أخته خبره. وفي قوله: فكان ابن أخت له وابنما دليل على جواز تعاطف الخبرين المستقل كل منهما بنفسه. وابنم: ابن زيدت عليه الميم. وحمق: غيب عقله، بالكسر. قال المصنف: والمفضل يرويه: حمق، بفتحتين. وزعم إنه يقال حمق إذا شرب الخمر. والخمر يقال لها الحمق. واستحصنت: أتته كما تأتي المرأة الحصان زوجها. ومظلم، بكسر اللام، في ظلمة. ونابه: مذكور مرتفع الذكر. ومحكم: ليس بضعيف. قال شارح ديوانه عند قوله لقيم بن لقمان: ترك ما كان فيه وسلك طريقا آخر قلت: وهذا المسمى في البديع بالاقتضاب وهو الانتقال إلى غير ملائم خلاف

حسن التخلص وهو طريقة العرب والأقدمين. 80 - وأنشد (¬1): يا ليتما أمّنا شالت نعامتها … أيما إلى جنّة أيما إلى نار قال ثعلب في أماليه: قال أبو رزمة الفزاري: كانت امرأة من عبد القيس لها ابن يقال له سعد بن قرط بن سيّار (¬2) يلقب النحيت الحدري، يعقها، وكان شرّيرا فقال يهجوها: يا ليتما ... البيت. وبعده: تلتهم الوسق مشدودا أشظّته … كأنّما وجهها قد سفع بالنّار ليست بشبعى وإن أوردتها هجرا … ولا بريّا ولو حلّت بذي قار خرقاء بالخير لا تهدى لوجهته … وهي صناع الأذى في الأهل والجار فكانت أمه كثيرا ما تعظه فلا يزيدها إلّا شرّا، فنشأ له ابن فكان شرّا من أبيه، فكان يعظه ويقول: حذار بنيّ البغي لا تقربنّه … حذار فإنّ البغي وخم مراتعه وعرضك لا تمذل بعرضك إنّني … وجدت مضيع العرض تلحى طبائعه ¬

_ (¬1) الخزانة 4/ 431، وأمالي ثعلب 2/ 808 نقلا عن المغني، والعققة والبررة 364 - 365، والحماسة بشرح التبريزي 4/ 354. (¬2) في الحماسة 4/ 352: (سعد بن قرط أحد بني جذيمة) وفيه 4/ 354: (سعد، وليس من الكتاب). وفي العققة والبررة: (معبد بن قرط العبدي).

وكم قد رأيت الدّهر غادر باغيا … بمنزلة ضاقت عليه مطالعه فلم يزل به الحين الى أن وثب على ابن عم له أشرا وبطرا، فأخذ ابن عمه فحطأ به الأرض حطأة دق عنقه فمات، فبلغها فقالت كالشامتة: ما زال شيبان شديدا هبصه … يطلب من يقهره ويهصه ظلما وبغيا والبلايا تنشصه … حتّى أتاه قرنه فيقصه فعاد عنه خاله وعرصه قوله: (أمّنا) ضبط بالنصب إسم ليت. وشالت نعامتها: كناية عن موتها، فإن النعامة باطن القدم. وشالت: ارتفعت. ومن هلك ارتفعت رجلاه وانتكس رأسه فظهرت نعامة قدمه. وقوله: (أيما ... الخ) فيه شاهد لابدال الميم الأولى من إما المكسورة ياء، وفتح همزتها، وبحذف واو العطف من الثانية. وتلتهم: تبتلع. واللهم: بسكون الهاء، الابتلاع. والسفعة في الوجه: السواد في خدّي المرأة الشاحبة. والقار: الزفت (¬1). وهجر: قرية بالحجاز معروفة بكثرة التمر (¬2). وذوقار: موضع (¬3) والخرقاء: التي لا تحسن صنعة. وامرأة صنّاع: بفتح الصاد، ¬

_ (¬1) قوله: (القار: الزفت). يشير هنا الى الرواية الثانية للبيت، وهي رواية الحماسة، وفيها: (كأنما وجهها قد طلي بالقار) الوسق، بالفتح والكسر: حمل البعير. الأشظة: جمع شظاظ، بالكسر، وهو العود الذي يدخل في عروة الجوالق. (¬2) قوله: قرية بالحجاز معروفة بكثرة التمر غير صحيح، بل هجر التي بالحجاز معروفة بالقلال لا بالتمر، ومنه قول النبي صلّى الله عليه وسلم في تشبيه نبق سدرة المنتهى: نبقها كقلال هجر. وأما هجر ذات التمر فقرية لعبد القيس وفيها المثل: كمستبضع التمر إلى هجر، وهي بناحية البحرين. اه. محمد محمود الشنقيطي. قلت: ذكر ياقوت أنها قصبة البحرين. (¬3) ماء لبكر بين الكوفة وواسط. ويروى كما في الحماسة: (ولو قاظت بذي قار).

حاذقة ماهرة تعمل بيديها جميعا. ورجل مذل: يبذل ما عنده من مال أو شيء ولا يقدر على ضبط نفسه، يقال: مذلت بالكسر أمذل بالفتح (¬1). والملحى: الملوم، من لحيته إذا لمته. وحطأ به الأرض: صرعه. والهبص: النشاط. والوهص: كسر الشيء الرخو. والوقص: كسر العنق. وأورد في الصحاح البيت بلفظ: (فوقصه): وقال إنه أراد فوقصه، فلما وقف نقل ضمة الهاء الى الصاد. والعرص، بالتحريك: النشاط وهو أيضا خبث الريح. 81 - وأنشد: قد قيل ذلك إن حقّا وإن كذبا (¬2) وهو للنعمان بن المنذر ملك العرب. وذلك ان بني جعفر بن كلاب قد وفدوا على النعمان بن المنذر، ورئيسهم يومئذ أبو براء عامر بن مالك، ملاعب الأسنة، عم لبيد. وكان الربيع بن زياد العبسيّ جليسه وسميره، فاتهموه بالسعي عليهم عنده. وكان بنو جعفر له أعداء، وكان لبيد غلاما في جملتهم متخلف في رحالهم، فأخبروه فقال: هل تقدرون أن تجمعوا بيني وبينه فأزجره بكلام لا يلتفت إليه النعمان بعد ذلك أبدا. فقالوا: نعم. فكسوه حلة وعدوا به على النعمان، فوجدوه يتغدى مع الربيع، فقال لبيد: يا واهب الخير الجزيل من سعه … نحن بنو أمّ البنين الأربعه سيوف جنّ وجفان مترعه … ونحن خير عامر بن صعصعه المطعمون الجفنة المدعدعه ¬

_ (¬1) في الاصل وردت في البيت: (لا يمدك) وصوابه (لا تذل) كما هو في الشرح، واللسان (مزل). (¬2) الخزانة 2/ 79، وابن عقيل 1/ 123 والاغاني 15/ 294 (الثقافة). وتختلف الروايات اختلافا بينا.

الضّاربون الهام وسط الخيضعه … إليك جاوزنا بلاد مسبعه تخبّر عن هذا خبيرا فاسمعه … مهلا أبيت اللّعن لا تأكل معه إنّ استه من برص ملمّعه … وإنّه يولج فيها أصبعه فالتفت النعمان الى الربيع وقال: كذاك أنت يا ربيع؟ قال: لا والله، لقد كذب ابن الأحمق اللئيم. فقال النعمان: أف لهذا طعاما، لقد خبثت عليّ. وقام الربيع وانصرف إلى منزله، وأمره النعمان بالانصراف فلحق بأهله، وأرسل الى النعمان بأبيات يعتذر فيها. فأجابه النعمان بقوله: شرّد برحلك عنّي حيث شئت ولا … تكثر عليّ ودع عنك الأقاويلا فقد ذكرت به الرّكب حامله … ما جاور النّيل أهل الشّام والنّيلا (¬1) فما انتفاؤك منه بعد ما قطعت … هوج المطيّ به أكناف شمليلا قد قيل ما قيل إن صدقا وإن كذبا … فما اعتذارك من قول إذا قيلا فالحق بحيث رأيت الأرض واسعة … فانشربها الطّرف إن عرضا وإن طولا شرّد: فرّق وبدّد، والأقاويل، جمع أقوال. والأقوال، جمع قول. والهوج، بضم الهاء وسكون الواو وجيم جمع هوجاء: وهي الناقة التي كأن بها هوجا لسرعتها. وشمليل، بكسر المعجمة: الناقة الخفيفة (¬2). والنعمان: هو ابن المنذر بن المنذر بن ¬

_ (¬1) في الأغاني: (ما جاروت مصر)، وفي الخزانة: (ما جاور السيل). (¬2) في الخزانة: (وقوله شمليلا)، قال البكري في معجم ما استعجم: هو بكسر أوله واسكان ثانيه بعده لام مكسورة على وزن فعليل: بلد، وأنشد هذا البيت. ومن العجائب تفسير العيني إياه بالناقة الخفيفة، وكأنه يكتب من غير أن يتصور المعنى). وانظر البكري 809، وفيه: (.. بعد ما جزعت … عوج المطيّ به أبراق شمليلا)

ماء السماء، كنيته أبو قابوس، وهو الذي تنصر وملك الحيرة اثنتين وعشرين سنة، وقتله كسرى أبرويز، وكانت أم المنذر يقال لها ماء السماء لحسنها. واشتهر المنذر بأمه، واسمها ماوية بنت عوف بنت جشم. 82 - وأنشد: فإمّا أن تكون أخي بصدق … فأعرف منك غثّي من سميني وإلّا فاطّرحني واتّخذني … عدوّا أتّقيك وتتّقيني هذان من قصيدة للمثقب العبديّ واسمه عائذ بن محصن بن ثعلبة بن وائلة ابن عدي بن حرب بن دهن بن عذرة بن منبه بن نكرة بن لكيز بن أفصى، بالفاء، ابن عبد القيس، وسمي المثقب بكسر القاف وقيل بفتحها لقوله (¬1): ظهرن بكلّة وسدلن أخرى … وثقّبن الوصاوص للعيون يعني، عيون البرقع. قاله ابن دريد في الوشاح وهو بالثاء المثلثة وضبطه ابن الدماميني. وأوّل هذه القصيدة (¬2): أفاطم قبل بينك متّعيني … ومنعك ما سألت كأن تبيني فلا تعدي مواعد كاذبات … تمرّ بها رياح الصّيف دوني ¬

_ (¬1) اختلف في رواية صدر البيت فهو في الشعراء 356 (رددن تحية وكننّ أخرى). وهو البيت رقم 11 من المفضلية 76 وابن سلام 229 وسمط اللآلي 113، والخزانة 4/ 431. (¬2) المفضلية 76، وانظر الخزانة 3/ 352 و 4/ 429، ومنتهى الطلب 1/ 299 - 301 وشعراء الجاهلية 405 - 409، والشعراء وحماسة البحتري 59 والمرزباني.

فإنّي لو تخالفني شمالي … لما أتبعتها أبدا يميني (¬1) إذن لقطعتها ولقلت بيني … كذلك أجتوي من يجتويني ومنها: دعي ماذا علمت سأتّقيه … ولكن بالمغيّب نبّئيني ومنها في ذكر ناقته: فسلّ الهمّ عنك بذات لوث … عذافرة كمطرقة القيون الى أن قال: إذا ما قمت أرحلها بليل … تأوّه آهة الرّجل الحزين تقول إذا درأت لها وضيني … أهذا دينه أبدا وديني أكلّ الدّهر حلّ وارتحال … أما يبقي عليّ وما يقيني ثنيت زمامها ووضعت رحلي … ونمرقة رودت بها يميني (¬2) فرحت بها تعارض مسبطرّا … على صحصاحه وعلى المتون إلى عمرو وفي عمرو أتتني … أخي النّجدات والحلم الرّصين فإمّا أن تكون أخي بصدق … فأعرف منك غثّي من سميني وإلّا فاطّرحني واتّخذني … عدوّا أتّقيك وتتّقيني وما أدري إذ وجّهت وجها … أريد الخير أيّهما يليني ¬

_ (¬1) في المفضليات: خلافك ما وصلت بها يميني. (¬2) في المفضليات: (رفدت بها ..).

أألخير الّذي أنا أبتغيه … أم الشّرّ الّذي هو يبتغيني قال المصنف في شواهد معنى البيت الأوّل: اخبريني قبل فراقك على أن منعك ما أطلبه منك بمنزلة فراقك. وأجتوي: أكره. قوله: (دعي ماذا علمت .. البيت) أورده المصنف في (ماذا) شاهدا على أنها موصول بمعنى الذي، أو اسم جنس بمعنى شيء. وعلمت: ضبطه النحاس بكسر التاء عن الاخفش، وبضمها عن أبى اسحق. وقوله: (بذات لوث) في الصحاح، يقال: ناقة ذات لوثة، بضم اللام، أي كثيرة اللحم والشحم. ويقال: ذات معوج. واللوث: بالفتح، القوّة. قال الشاعر: بذات لوث عفرناة إذا عثرت والعذافرة: العظيمة الشديدة. والمطرقة والقيون: جمع قين، وهو الحداد. وأرحلها: بفتح الهمزة، أشدّ عليها الرحل. وتأوّه: أصله تتأوّه، وآهة بالمدّ، ويروى بالقصر وتشديد الهاء، وهما نائبان عن التأوّه. ودرأت: بالمهملة، دفعت. ويروى بالمعجمة أي ألقيت. وقال ابن قتيبة: إنه تصحيف. والوضين: بالمعجمة، للهودج، كالحزام للسرج، والتصدير للرحل، والبطان للقتب، وهو سير مضفور، وجمعه وصن بضمتين. والاستفهام في (أهذا) للتعجب. والدين: العادة. والهمزة في (أكل) للأنكار، وكل: ظرف. وحل: فاعل به، ويجوز كونه مبتدأ، والظرف خبره، وهو بفتح الحاء، مصدر حللت بالمكان. ويبقي عليّ: يرحمني، والمصدر الأبقاء. والأسم البقيا بالضم والبقوى بالفتح. ويقيني: يصونني ويحفظني. وضمير الفعلين إلى صاحب الناقة الراجع إليه (أهذا دينه). هذا هو الظاهر. وذكر العيني في شرح الشواهد أنه راجع إلى الدهر وليس بواضح. والنمرقة: بضم النون وتكسر في لغة: وسادة صغيرة. والمسبطر: الجمل الطويل. والرصين: المحكم الثابت. والغث: الرديء. والسمين: الجيد. ويقال: غث اللحم يغث ويغث غثاثة، فهو غث وغيث إذا كان مهزولا. وأغث إذا ردئ وفسد. وقوله: (فاعرف) بالنصب عطفا على تكون. وقوله: (والا) هنا نائبه مناب أما. قوله: (أألخير ... البيت):

استشهد به أبو حيان في البحر على أن التقى قد يستعمل في طلب الخير، وإن كان أصله أن لا يستعمل إلا في طلب الفساد. وفيه شاهد آخر على تسهيل همز أل مع الاستفهام. 83 - وأنشد (¬1): نلمّ بدار قد تقادم عهدها … وإمّا بأموات ألمّ خيالها هو لذي الرمّة، وقبله: وكيف بنفس كلّما قيل أشرفت … على البرء من حوصاء هيض اندمالها ويروى: تهاض، من هاض العظم: كسره بعد الجبر. وكل وجع على وجع فهو هيض. والباء: قيل ظرفية. والمعنى: عكس وتفرّق إما ما بدار تخرب، وإما بموت أموات. وألم: من الألمام، وهو النزول. وفي البيت حذف أما الأولى كما تبين وحوصاء: من الحوص بالتحريك، وهو ضيق في مؤخر العين، والرجل أحوص. * * * ¬

_ (¬1) ديوانه 76.

شواهد أو

شواهد أو 84 - وأنشد: نحن أو أنتم الأولى ألفوا الحقّ، … فبعدا للمبطلين وسحقا لم يسم قائله، وهو من بحر الخفيف. وسحقا: بمعنى بعدا، فعطفه عليه على حدّ قوله: وألفى قولها كذبا ومينا والأولى: بمعنى الدين. 85 - وأنشد: وقد زعمت ليلى بأنّي فاجر … لنفسي تقاها أو عليها فجورها هذا من قصيدة لتوبة بن الحميّر وأوّلها (¬1): نأتك بليلى دارها لا تزورها … وشطّت نواها واستمرّ مريرها تقول رجال لا يضيرك نأيها … بلى، كلّ ما شفّ النّفوس يضيرها ¬

_ (¬1) الشعراء 414 - 415، والاغاني 11/ 208 (دار الكتب). وانظر سمط اللآلي 281.

فائدة: [توبة بن الحمير]

أليس يضير العين أن يكثر البكا … ويمنع منها نومها وسرورها لكلّ لقاء نلتقيه بشاشة … وإن كان حولا كلّ يوم نزورها ومنها: حمامة بطن الواديين ترنّمي … سقاك من الغرّ الغوادي مطيرها وكنت إذا ما زرت ليلى تبرقعت … فقد رابني منها الغداة سفورها ليلى هي: الأخيلية. وشطت الدار: بعدت. والنوى: الوجه الذي ينويه المسافر، قرب أو بعد، وهي مؤنثة لا غير. ويقال: (استمرّ مريره) أي استحكم أمره. والباء في (بأني) زائدة. وتاء تقي بدل بدل من الواو، كما في تراث واو بمعنى الواو، أي وعليها، وهو محل الاستشهاد. وشف الجسم: نحل. وشفه الهمّ: هزله. أخرج في الأغاني عن أنيس بن عمرو العامري (¬1) قال: كان توبة يتعشّق ليلى الأخيلية ويقول فيها الشعر، فخطبها الى أبيها فأبى وزوّجها غيره، فجاء يوما كما كان يجيء لزيارتها فإذا هي سافرة ولم ير منها بشاشة، فانصرف وقال هذه القصيدة. فائدة: [توبة بن الحميّر] توبة بن الحميّر بن سفيان بن كعب بن خفاجة بن عمرو بن عقيل بن كعب بن ربيعة ابن عامر بن صعصعة، يكنى أبا حرب، فارس شاعر إسلامي، وهو صاحب ليلى الأخيلية. وفي الشعراء آخر يقال له توبة بن مضرس تميمي، ذكره الآمدي. ¬

_ (¬1) الأغاني 11/ 204

86 - وأنشد (¬1): جاء الخلافة أو كانت له قدرا … كما أتى ربّه موسى على قدر هو لجرير يمدح عمر بن عبد العزيز. أخرج المعافى بن زكرياء وابن عساكر في تاريخه، بسند متصل عن عوانة بن الحكم قال: لما استخلف عمر بن عبد العزيز وفد الشعراء إليه وأقاموا ببابه أياما لا يؤذن لهم، فبينما هم كذلك، وقد أزمعوا على الرحيل، إذ مرّ بهم عديّ بن ارطاة، فقال له جرير: يا أيّها الرّجل المرخي عمامته … هذا زمانك إنّي قد مضى زمني أبلغ خليفتنا إن كنت لاقيه … أنّي لدى الباب كالمصفود في قرن لا تنس حاجتنا لقيت مغفرة … قد طال مكثي عن أهلي وعن وطني فدخل عديّ على عمر فقال: يا أمير المؤمنين، الشعراء ببابك، وسهامهم مسمومة، وأقوالهم نافذة. قال: ويحك يا عديّ، مالي وللشعراء! قال: أعز الله أمير المؤمنين، إن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قد امتدح وأعطى، ولك في رسول الله صلّى الله عليه وسلم إسوة. قال: كيف؟ قال: امتدحه العباس بن مرداس فأعطاه حلة قطع بها لسانه. قال: من بالباب منهم؟ قال: عمر بن أبي ربيعة، والفرزدق، والأخطل، والأحوص، وجميل. قال: أليس هذا القائل كذا، وهذا القائل كذا، ذكر لكل واحد منهم أبياتا تشعر برقة الدين، والله لا يدخل عليّ أحد منهم، فهل سوى من ذكرت؟ قال: نعم، جرير. قال أما أنه الذي يقول (¬2): طرقتك صائدة القلوب وليس ذا … حين الزّيارة فارجعي بسلام فإن كان لا بد، فهو. فأذن لجرير فدخل وهو يقول: ¬

_ (¬1) ديوانه 275، وابن عقيل 2/ 70. (¬2) ديوانه 551، والشعراء 149، والوساطة 204، والعمدة 2/ 120 (وقت الزيارة) والعقد الفريد 5/ 346 والاغاني 8/ 37 (الثقافة).

إنّ الّذي بعث النّبيّ محمّدا … جعل الخلافة للإمام العادل وسع الخلائق عدله ووفاؤه … حتّى ارعوى وأقام ميل المائل إنّي لأرجو منك خيرا عاجلا … والنّفس مولعة بحبّ العاجل والله أنزل في الكتاب فريضة … لابن السّبيل وللفقير العائل فلما مثل بين يديه قال: ويحك يا جرير، إتق الله ولا تقل إلا حقا، فأنشأ جرير يقول: أأذكر الجهد والبلوى الّتي نزلت … أم قد كفى ما بلّغت من خبري كم باليمامة من شعثاء أرملة … ومن يتيم ضعيف الصّوت والنّظر يدعوك دعوة ملهوف كأنّ به … خبلا من الجنّ أو مسّا من البشر خليفة الله ماذا تأمرون بنا … لسنا إليكم ولا في دار منتظر ما زلت بعدك في همّ يؤرّقني … قد طال في الحيّ إصعادي ومنحدري لا ينفع الحاضر المجهود بادينا … ولا يعود لنا باد على حضر إنّا لنرجو إذا ما الغيث أخلفنا … من الخليفة ما نرجو من المطر نال الخلافة إذ كانت له قدرا … كما أتى ربّه موسى على قدر هذي الأرامل قد قضّيت حاجتها … فمن لحاجة هذا الأرمل الذّكر الخير ما دمت حيّا لا يفارقنا … بوركت يا عمر الخيرات من عمر فقال: يا جرير، ما أرى لك فيما ههنا حقا. قال: بلى يا أمير المؤمنين، أنا ابن

سبيل ومنقطع بي. فأعطاه من صلب ماله مائة درهم. وقال: ويحك يا جرير، لقد ولينا هذا الأمر وما نملك إلا ثلاثمائة درهم، فمائة أخذها عبد الله، ومائة أخذتها أم عبد الله، يا غلام، أعطه المائة الباقية. فأخذها وقال: والله لهي أحب ما اكتسبت اليّ. ثم خرج فقال له الشعراء: ما وراءك؟ قال: ما يسؤكم، خرجت من عند أمير المؤمنين وهو يعطي الفقراء ويمنع الشعراء، وإني عنه لراض. وأنشأ يقول: رأيت رقى الشّيطان لا يستفزّه … وقد كان شيطاني من الجنّ راقيا قوله: نال الخلافة، كذا وقع في هذه الرواية، وكذا أورد جماعة من النحاة، ورواه طائفة بلفظ جاء الخلافة. وقوله: إذ كانت، كذا في هذه الرواية، وكذا رواه جماعة منهم ولا شاهد فيه. وإذ فيه بمعنى، أو للتعليل. ورواه جماعة بلفظ: أو على انها بمعنى الواو والكاف للتشبيه. وما: مصدرية ومحلها نصب صفة لمصدر محذوف، وربه مفعول أتى، وضميره راجع الى موسى، وان كان مؤخرا في اللفظ، لأنه مقدم في الرتبة إذ هو فاعل. وقد استشهد به المصنف في التوضيح لذلك. 87 - وأنشد: وكان سيّان أن لا يسرحوا نعما … أو يسرحوه بها واغبرّت السّوح (¬1) هذا من قصيدة لابي ذؤيب، أوّلها (¬2): نام الخليّ وبتّ اللّيل مشتجرا … كأنّ عيني فيها الصّاب مذبوح قال ابن يسعون: ووهم من نسبه للنبيت، رجل من النمر بن قاسط. قال ابن يسعون: قوله: سيان: مثلان. ويسرحوا: يرسلوا للمرعى نهارا، ولا تستعمل في الليل. النعم: الأبل وسائر الماشية، ويقال: ماله سارح ولا رائح. والرائح: الراجع من المرعى. وقوله: (بها) يعني في السنة المجدبة التي دلت الحال عليها. ¬

_ (¬1) الخزانة 2/ 342 وقال إن البيت ملفق من بيتين، وانظر اللسان (سرح). (¬2) ديوان الهذليين 1/ 104.

ويحتمل أن يريد التي وصفها بالجدب. والباء: بمعنى في. وأغبرت البقعة: اسودّت في عين من يراها، أو أكثر فيها الغبار لعدم الأمطار. ويروى بدله (وابيضت). والسوح: جمع ساحة، وهي فضاء يكون بين دور الحيّ. والواو: في (واغبرت) للحال. قال ابن يسعون: وقد كان ينبغي أن ينصب سيان، لأن المعرفة أولى بأن تكون اسم كان. قال: وكأنه كره اجتماع ثلاث ياآت فعدل إلى الألف، كما قالوا: طائي، أو على لغة بالحرث، أو قدر في مكان ضمير الشأن للمبتدأ، وهو ورفعه على الخبر لأن لا يسرحوا واو بمعنى الواو وفيه الشاهد. وقد ذكرت سرّ ذلك في الحاشية قال: ويروى: وقال رائدهم سيّان سيركم … وأن تقيموا به واغبرّت السّوح ولا شاهد فيه على ذلك (¬1). قلت: كذا هو في أشعار هذيل وبعده: وكان مثلين أن لا يسرحوا نعما … حيث استرادت مواشيهم وتسريح فكأنه اختلط صدر البيت الثاني وعجز الأوّل، فروى على التركيب وهما. ثم رأيت صاحب المصباح في شرح أبيات الايضاح قال مثل ذلك، وزاد أن أبا حنيفة أورده كما في ديوان أشعار هذيل. 88 - وأنشد: إنّ بها أكتل أو رزاما … خوير بين ينقفان الهاما قال ابن الشجري في أماليه: احتجوا على ورود أو بمعنى الواو يقول الأسدي: خلّ الطّريق واجتنب أرماما … إنّ بها أكتل أو رزاما خوير بين ينقفان الهاما … لم يدعا لسارح مقاما (¬2) ¬

_ (¬1) في اشعار الهذليين 1/ 107 (وقال ماشيهم). (¬2) ويروى: (لم يتركا لمسلم طعاما). وإرمام: موضع في ديار طيء، ويقال واد لبني أسد، وانظر البكري 141.

قالوا: أراد أكتل ورزاما، وهما لصان كانا يقطعان الطريق بأرمام، فلذلك قال: (خويربين) ولو كانت أو على بابها لقال (خويربا) وهو تصغير خارب، والخارب: لص الأبل. وأبطل البصريون ذلك بقول الخليل انه نصب على الذم، كقوله: حمّالة الحطب. انتهى. وقال غيره: اكتل بمثناة فوقية، ورزام بكسر الراء ثم زاي. والنقف: كسر الهامة عن الدماغ. والهام: الرؤس، بتخفيف الميم، واحدها هامة. وقال المبرد في الكامل (¬1): نصب (خويربين) على (أعني) (لا يكون غير ذلك) (¬2) لأنه إنما أثبت أحدهما بقوله (أو) قال: وقوله ينقفان الهام، مثل يضرب في المبالغة في الشر. انهما يكاد ان يكسرانه. 89 - وأنشد: قالت: ألا ليتما هذا الحمام لنا … إلى حمامتنا أو نصفه فقد فحسّبوه، فألفوه كما ذكرت … تسعا وتسعين لم تنقص ولم تزد هذان من قصيدة للنابغة، وقد تقدّم شرحهما في شواهد إن (¬3). وأخرج الطستيّ في مسائله بسنده عن ابن عباس: أن نافع الأزرق سأله عن قوله تعالى: (ما أَلْفَيْنا) قال يعني: وجدنا. قال: وهل تعرف العرب ذلك؟ قال: نعم أما سمعت قول نابغة بني ذبيان: فحسّبوه فألفوه كما زعمت … تسعا وتسعين لم تنقص ولم تزد 90 - وأنشد (¬4): قوم إذا سمعوا الصّريخ رأيتهم … ما بين ملجم مهره أو سافع ¬

_ (¬1) الكامل 755، وفيه: (إيت الطريق ...). (¬2) مزيده من الكامل. (¬3) انظر ص 75 و 77 والخزانة 4/ 297. (¬4) ديوانه 111 (من بين ملجم). وسيرة ابن هشام، وشواهد العيني 4/ 146.

فائدة: [حميد]

هو لحميد بن ثور الهلاليّ الصحابي رضي الله عنه. قوم: خبرهم مقدرا. والصريخ: صوت المستصرخ (¬1). ورأيتهم: جواب الشرط. وملجم: من ألجمت الفرس. وسافع: من سفعت بناصيته، أي أخذت. وقد استشهد ابن هشام في السيرة بالبيت على ذلك في تفسير قوله تعالى: (لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيَةِ). وأورده بلفظ (الصراخ) وبلفظ (من بين). قال ابن الدماميني: و (من) فيه للابتداء. والمعنى: إنّ رؤيتك إياهم تقدمت من بين هذين القسمين، لا يخرجون عنهما. و (أو) بمعنى الواو ضرورة اقتضاء بين الاضافة الى متعدد. فائدة: [حميد] حميد: هو ابن ثور بن حزن بن عمرو بن عامر بن ربيعة بن نهيك بن هلال ابن عامر بن صعصعة الهلالي، أبو المثنى. وقيل: أبو الأخضر. وقيل: أبو خالد، ذكره الجمحي في الطبقة الرابعة من الشعراء الاسلاميين (¬2). وقال المرزباني (¬3): كان أحد الشعراء الفصحاء، وكان كل من هاجاه غلبه. وقد وفد على النبيّ صلّى الله وسلم، وعاش الى خلافة عثمان، وهو القائل (¬4): فلا يبعد الله الشّباب وقولنا … إذا ما صبونا صبوة: سنتوب 91 - وأنشده (¬5): ماذا ترى من عيال قد برمت بهم … لم أحص عدّتهم إلّا بعدّاد كانوا ثمانين أو زادوا ثمانية … لولا رجاؤك قد قتّلت أولادي ¬

_ (¬1) وفي الديوان: (الصريخ: المستغيث. وهو الناصر أيضا. وفي المثل: عبد صريخه أمه. أي ناصره أذل منه وأضعف. والصريخ أيضا: المغيث، فهو من المصادر التي تستعمل في الأضداد. وفي السيرة (الصراخ) بدل (الصريخ)، وهو في معناه). (¬2) الطبقات ص 495. (¬3) نقلا عنه في الاصابة 2/ 39، وتهذيب ابن عساكر 4/ 460. (¬4) ديوانه 52. (¬5) ديوانه 156، وابن عقيل 2/ 70.

هما لجربر من قصيدة يمدح بها معاوية بن هشام بن عبد الملك، وهما آخر القصيدة، وقبلهما: سيروا فإنّ أمير المؤمنين لكم … غيث مغيث بنبت غير مجحاد وأول القصيدة: قد قرّب الحى إذ هاجوا لإصعاد … بزلا مخيّسة إرمام أفناد ومنها: من يهده الله يهتد لا مضلّ له … ومن أضلّ فما يهديه من هاد ومنها: إلى معاوية المنصور إنّ له … دينا وثيقا وقلبا غير حيّاد من آل مروان ما ارتدّت بصائرهم … من خوف قوم ولا همّوا بإلحاد مخيسة: مذللة. والأرمام، جمع رمة: وهي قطعة من حبل خلق. وغير حياد: لا يحيد. ومجحاد: قليل الخير. والعيال: جمع عيّل، بتشديد الياء، من عاله غيره يعوله، إذا أنفق عليه وقام بمصالحه. وبرمت: من برم به، بالكسر، إذا سئمه وضجر منه. وترى: من الرأي في الأمر، فلا يتعدّى إلّا إلى واحد وهو (ماذا) فمحله نصب. وجملة (قد برمت) صفة لعيال. والعدّاد: بفتح العين. ولم أحص: حال. والاستثناء مفرغ أي لم أحصر عدّتهم إلا في حال كوني مستعينا بعدّاد، وهو كناية عن الكثرة المفرطة. 92 - وأنشد: كما النّاس مجروم عليه وجارم

سيأتي شرحه مستوفى في حرف الكاف (¬1). 93 - وأنشد (¬2): فقالوا: لنا ثنتان لا بدّ منهما … صدور رماح أشرعت أو سلاسل هذا من قصيدة لجعفر بن علبة الحارثي، وقبله: ألهفا بقرّى سحبل حين أحلبت … علينا الولايا والعدوّ المباسل فقالوا: لنا ثنتان لا بدّ منهما … صدور رماح أشرعت أو سلاسل وبعده: فقلنا لهم تلكم إذن بعد كرّة … تغادر صرعى نوؤها متخاذل قوله: ألهفا: هو منادي. قال المرزوقي: ويحتمل أن يكون مفردا ومضافا، قلبت ياؤه ألفا. واللهف: التأسف على الشيء بعد الأشراف عليه (¬3). وقرى سحبل موضع. وقال البياري: قرى: ماء، وسحبل: كل واد واسع (¬4). وأحلبت: بالمهملة، أعانت. قال المرزوقي: وأصله الأعانة في الحلب خاصة، ثم استمرّ في ¬

_ (¬1) هو الشاهد الثاني في حرف الكاف وستشير اليه هنا حين الكلام عليه (¬2) الحماسة بشرح التبريزي 1/ 43 - 49 وفيه: (فقالوا: ...). والاغاني 13/ 47 (الثقافة). (¬3) قال التبريزي: (التهلف: التوجع على الفائت بعد الاشراف عليه. و (ألهفا) يجوز أن يكون منادى مفردا، ويجوز أن يكون منادي مضافا، فإذا جعله مضافا فإن أصله ألهفى، أو ألهف، فاذا قال ألهفا فكأنه فر من الكسرة وبعدها ياء الى الفتحة فانقلبت ألفا ... وأذا كان ألهفا مفردا تكون الألف قد زيدت لامتداد الصوت به، ليكون أدل على التحسر). (¬4) قرى: موضع ببلاد بني الحارث، وقيل ماءة قريبة من تباله، وقد أضافة جعفر بن علبة الحارثي الى سجل فدل أنهما متصلان. (البكري 1062، وانظر 727).

فائدة: [جعفر بن علبة]

الاعانات كلها (¬1). وقال: وقد يكون الشيء مختصا في الأصل، ثم يصير في العرف عاما، كما يكون عاما في الأصل ثم يصير به مختصا. والولايا: جمع وليّة، وهي البرذعة. وهي في البيت كناية عن النساء والضعفاء. وقيل: الولايا العشائر والقبائل، كأن ولية تأنيث وليّ، وهو القريب. ويروى: الموالي، وهم أبناء العم (¬2). والمباسل: من البسالة، وهي الشجاعة. وثنتان: أي خصلتان، وتفسيرهما قوله: (صدور ... الخ) وخص الصّدور لأن المقاتلة بها تقع، أو من ذكر البعض وارادة الكل، و (أو) في قوله (أو سلاسل). وقال التبريزي: أو على بابها من التخيير، لأن السلاسل كني بها عن الأسر (¬3). ومعنى قوله: (لا بد منهما) على سبيل المتعاقب .. الخ. أي لا بد من أحدهما أو المراد لا بد منهما جميعا، فصدور الرماح لمن يقتل والسلاسل لمن يؤسر، أي يكون بعضنا كذا وبعضنا كذا. فلما جعلهم صنفين صح دخول (أو) للتقسيم. وأشرعت: هيئت للطعن. وقوله: (تلكم اذن بعد كرّة) أي تلكم التخييرية، تكون بعد عطفه. تترك بيننا قوما مصرعين يخذلهم النهوض. ومتخاذل: هذا البناء يختص بما يحدث شيئا بعد شيء، ومنه تداعى البناء كأن أجزاء النهوض يخذل بعضها بعضا. والنوء: قد يكون السقوط أيضا. فائدة: [جعفر بن علبة] جعفر بن علبة بن ربيعة، بن عبد يغوث الشاعر أسير يوم الكلاب، ابن معاوية، يكنى ابن عارم، شاعر مقل غزل فارس. أدرك الدولة الأموية والعباسية، قتل رجلا من بني عقيل فاستعدوا عليه عامل مكة السريّ بن عبد الله الهاشمي فأقاد منه، فأقاد في أيام جعفر المنصور. ذكر ذلك الأغاني (¬4). وله في ذلك أبيات مذكورة في ¬

_ (¬1) وكذا في التبريزي 1/ 45. (¬2) كذا في الأصل، ولعل صحة الجملة: (كأن ولية تأنيث ولي، والموالي: وهم ابناء العم. ويروى: أجلبت). وأصل الجلبة رفع الاصوات. (¬3) كذا في الاصل، وقول التبريزي 1/ 46 - 47 (وأراد بالثنتين خصلتين، ثم فسرهما صدور الرماح، وخص الصدور لان المقاتلة بها تقع، ويجوز أن يكون ذكر الصدور وان المراد الكل، كما قال: الواطئين على صدور نعالهم وان كان الوطء للصدور والاعجاز، وكنى عن الأسر بالسلاسل ... (¬4) الاغاني 13/ 44 و 48 (الثقافة).

شواهد التلخيص. 94 - وأنشد (¬1): وكنت إذا غمزت قناة قوم … كسرت كعوبها أو تستقيما قاله زياد الأعجم. قال شارح أبيات الايضاح: كذا نسب في كتاب سيبويه، وكذا رووه منصوبا، فتبعه عليه الناس، واستشهدوا به على النصب باضمار ان بعد الواو (¬2). قال: وقد وقع هذا البيت في قصيدة لزياد الأعجم مرفوعة القوافي، وفيها أبيات مجرورة، وأول القصيدة: ألم تر أنّني أوترت قوسي … لأبقع من كلاب بني تميم عوى فرميته بسهام موت … كذاك يردّ ذو الحمق اللّئيم فلست بسابقي هربا ولمّا … تمرّ على نواجذك القدوم فحاول كيف تنجو من وقاع … فإنّك بعد ثالثة رميم يهجو بهذه القصيدة المغيرة بن حبناء (¬3). غمزت: من غمزت الشيء بيدي عصرته. والقناة: الرمح. وكعوبه: النواشز في أطراف الأنابيب. وقوله: (كسرت) إشارة إلى شدّة الغمز والتثقيف، ان لم تستقم على التليين والتلطيف. والمعنى: أردت كسر كعوبها إلّا أن تستقيم من شدة العوج، وهذا إشارة إلى ما عليه المهجو من الاضطراب والهوج، فهو من باب: (فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ) أي أردت القراءة. قاله شارح أبيات الايضاح. وقال الزمخشري في شرح أبيات الكتاب: معنى البيت: ¬

_ (¬1) سيبويه 1/ 428، وابن عقيل 4/ 123، وطبقات الشعراء 558، والاغاني 11/ 160 واللسان (غمز). (¬2) أي: إلا أن تستقيم. والبيت من قصيدة أكثرها مرفوع القافية، وفيها أبيات إقواء بالكسر، ولكنهم اعتذروا لسيبويه بأنه هكذا سمعه من العرب، فكان انشاده حجة. (¬3) انظر الاغاني 13/ 86 - 89 (الثقافة).

فائدة: [زياد الأعجم بن سليم]

كنت إذا هجوت قوما أبيدهم بالهجاء إلا أن يتركوا هجائي. قال: وأبيات القصيدة غير منصوبة، وإنما أنشده سيبويه منصوبا لانه سمعه كذلك ممن يستشهد بقوله، وإنشاد الأبيات على الوقف مذهب لبعض العرب، فإن أنشد بيت واحد منها أنشد على حقه من الأعراب، وإن أنشدت جميعا أنشدت على الوقف انتهى. فائدة: [زياد الأعجم بن سليم] زياد الأعجم بن سليم (العبدي)، يكنى أبا أمامة، مولى عبد القيس، ولقب الأعجم لعجمة كانت في لسانه. أدرك أبا موسى الاشعري وعثمان بن أبي العاص وشهد معهما فتح اصطخر، ووفد على هشام بن عبد الملك، وشهد وفاته بالرصافة. وذكره الجمحي في الطبقة السابعة من شعراء الاسلام (¬1). وأخرج ابن عساكر عن أبي بركة الأشجعي قال: حضرت امرأة من نمير الوفاة، فقيل لها أوصي. فقالت: نعم خبروني عن القائل: لعمرك ما رماح بني نمير … بطائشة الصّدور ولا قصار فقيل لها: لزياد الأعجم. قالت: فأشهدكم أن له ثلث مالي. فحمل له من ثلثها أربعة آلاف درهم. 95 - وأنشد: لأستسهلنّ الصّعب أو أدرك المنى لم يسم قائله وتمامه: فما انقادت الآمال إلّا لصابر يقال: استسهل أمره: أي عدّة سهلا. والمنى: بالضم، جمع المنية، اسم لما يتمناه الانسان. والآمال: بالمدّ جمع أمل، وهو الرجاء. وانقيادها: موافقتها للمراد ومجيئها على حسبه. ¬

_ (¬1) الطبقات 551

شواهد الا المفتوحة الخفيفة

شواهد الا المفتوحة الخفيفة 96 - وأنشد: أما والّذي لا يعلم الغيب غيره هو لحاتم الطائي، وتمامه: ويحيي العظام البيض وهي رميم وجواب القسم قوله بعد ذلك: لقد كنت أختار القرى طاوي الحشا … محاذرة من أن يقال لئيم (¬1) والرميم: البالي، من رمّ العظم يرم بلى. وفعيل: يستوي فيه المذكر والمؤنث والجمع، قاله في الصحاح. وقال الزمخشري: الرميم اسم لما بلي من العظام، كالرمة والرفات، فلذا لم يؤنث. والقرى: الاحسان إلى الضيف. والحشا: ما انضمت إليه الضلوع. والطاوي: الجائع. والمحاذرة: الخوف. واللئيم: الدنيء الأصل ¬

_ (¬1) الشعر في حماسة التبريزي 4/ 240 - 241، وفي ذيل الامالي والنوادر 27 نسبه عن الأصمعي لاعرابي، بلفظ: أما والذي لا يعلم الغيب غيره … ومن هو يحيي العظم وهي رميم لقد كنت أطوي البطن والزاد يشتهى … محافظة من أن يقال لئيم وإنّي لاستحيي أكيلي ودونه … ودون يدي داجي الظلام بهيم وفي ذيل سمط اللآلي 15 نسب الشعر لحاتم نقلا عن الحماسة والسيوطي، وزاد: (وفي ديوان حاتم رواية ابن الكلبي زيادة بعد الأوّليين): وما كان بي ما كان والليل ملبس … رواق له فوق الإكام بهيم الف بحلسي الزاد من دون صحبتي … وقد آب نجم واستقلّ نجوم

فائدة: [حاتم الطائي]

الشحيح النفس (¬1). فائدة: [حاتم الطائي] حاتم الطائي هو ابن عبد الله بن سعد بن الحشرج بن امرئ القيس بن عديّ الجواد المشهور (¬2) شاعر جاهلي يكنى أبا سفانة بابنته، وابنه عديّ بن حاتم الصحابي المشهور. أخرج أحمد عن عديّ ابن حاتم قال: قلت: يا رسول الله، إن أبي كان يصل الرحم ويفعل كذا وكذا. فقال: إن أباك أراد أمرا فأدركه، يعني الذكر. وأخرج ابن عديّ وابن عساكر عن ابن عمر قال: ذكر حاتم طي عند النبي صلّى الله عليه وسلّم فقال: ذاك رجل أراد أمرا فأدركه. وأخرج الديلمي في مسند الفردوس وابن عساكر عن علي قال: لما جاء بسبايا طيّ وقعت جارية حمراء العشاء، دلفاء عيطاء، شماء الأنف، معتدلة القامة والهامة، درماء الكعبين، خدلة الساقين، لفاء الفخذين، خميصة الخصرين، ضامرة الكشحين، مصقولة المتنين، فلما رأيتها أعجبت بها وقلت: لأطلب إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم يجعلها في فيئي، فلما تكلمت أنسيت جمالها لما رأيت من فصاحتها، فقالت: يا محمد، إن رأيت أن تخلي عنا ولا تشمت بي أحياء العرب، فإني ابنة سيد قومي، وأن أبي كان يحمي الذمار، ويفك العاني، ويشبع الجائع، ويكسو العاري، ويقري الضعيف، ويطعم الطعام، ويفشي السّلام، ولم يردّ طالب حاجة قط، أنا ابنة حاتم طي. فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: لو كان أبوك مسلما لترحمنا عليه، خلوا عنها، ¬

_ (¬1) قال التبريزي: انتصب (محافظة) على انه مفعول له، و (طاوي الحشا) انتصب على الحال، ويروي: (محاذرة)، وإذا رويت (القرى) فالمراد به قرى الضيف، والمعنى: إني أقري الضيف وأنا طاوي الحشا لأني أوثره على نفسي، ويروى: (القوى)، ويفسرونه بالجوع وقلة الزاد، وهو راجع الى قولهم: أقوى القوم، إذا فني زادهم، ومنه قول الشاعر: سواء إذا لم يجن امرء دنية … عليّ تقاوى ليلة ونعيمها وكان أحدهم ربما أطفأ النار وأمسك عن الأكل وأوهم الضيف أنه يأكل ليشبع الضيف، وهذا معنى قوله: وإني لأستحيي ... الخ). (¬2) انظر الشعراء 193، وشعراء الجاهلية 98 - 134

فإن أباها كان يحب مكارم الأخلاق، والله يحب مكارم الأخلاق. وأخرج ابن عساكر عن عديّ بن حاتم قال: كان أبي يقول لنا في الجاهلية: إذا كان الشيء يكفيكه تركه فاتركه. وأخرج ابن الأنباري وابن عساكر عن ابن الأعرابي قال: كان حاتم الطائي أسيرا في عنزة، فقالت له امرأة يوما: قم، فافصد لنا هذه الناقة! وكان الفصد عندهم أن يقطع عرقا من عروق الناقة، ثم يجمع الدم فيشوى. فقام حاتم إلى الناقة فنحرها، فلطمته المرأة. فقال حاتم: (لو غيرت ذات سوار لطمتني). فذهب قوله مثلا. وقال له النسوة: إنما قلنا لك فصدها! فقال: هكذا فزدي. ان قوله (فزدي) فصدي، اشم الصاد زايا، وأدخل هاء السكت على أنا. وأخرج ابن عساكر عن أبي عبيدة قال: لما بلغ حاتم طيّ قول المتلمس (¬1): قليل المال يصلحه فيبقى … ولا يبقى الكثير مع الفساد وحفظ المال خير من فناء … وعسف في البلاد بغير زاد فقال: قطع الله لسانه، حمل الناس على البخل، فهلا قال: فلا الجود يفني المال قبل ذهابه … ولا البخل في مال الشّحيح يزيد فلا تلتمس مالا بعيش مقتّر … لكلّ غد رزق يعود جديد وأخرج ابن الأنباري وابن عساكر من طريق ملحان بن عركي بن عديّ بن حاتم ¬

_ (¬1) في الشعراء 136 برواية: وأعلم علم حقّ غير ظن … وتقوى الله من خير العتاد لحفظ المال أيسر من بغاه … وضرب في البلاد بغير زاد وإصلاح القليل يزيد فيه … ولا يبقى الكثير على الفساد وانظر الاغاني 21/ 136 و 137، وحماسة البحتري 216، وعيون الاخبار 2/ 195. وسيأتي ص 266.

عن أبيه عن جدّه قال: شهدت حاتما وهو يكيد بنفسه، فقال لي: أي بني، إني أعهدك من نفسي ثلاث خلال: والله ما خاتلت جارة لي لريبة قط، ولا أؤتمنت على أمانة إلّا أدّيتها، ولا أتى أحد قطّ من قبلي بسوء. 97 - وأنشد: أما والّذي أبكى وأضحك والّذي … أمات وأحيا والّذي أمره الأمر تقدم شرحه في شواهد أما (¬1). 98 - وأنشد: ألا طعان ألا فرسان عادية … إلّا تجشّؤكم حول التّنانير (¬2) هذا من قصيدة لحسان بن ثابت رضي الله عنه يهجو (بني) (¬3) الحارث بن كعب المجاشي (¬4) من بني عبد المدان. (وأول القصيدة) (¬5): حار بن كعب ألا أحلام تزجركم … عنّا، وأنتم من الجوف الجماخير لا بأس بالقوم من طول ومن عظم … جسم البغال وأحلام العصافير ألا طعان ألا فرسان عادية … إلّا تجشّؤكم حول التّنانير دعوا التّخاجؤ وامشوا مشية سجحا … إنّ الرّجال ذوو عصب وتذكير ¬

_ (¬1) انظر ص 169 الشاهد رقم 71. (¬2) ديوانه 123. والخزانة 2/ 103، وسيبويه 1/ 358 وقيل ان البيت لخداش بن زهير (¬3) مزيدة. (¬4) كذا في الاصل، وفي الخزانة: (المذحجي). (¬5) مزيدة من الخزانة.

حار: منادي الحارث، مرخم (¬1). والأحلام: العقول جمع حلم. وقوله: (عنا) أي: عن هجائنا، لأنه كان هجا بني النجار من الأنصار فشكوا ذلك الى حسان فقال هذه. ثم قال: ألقوها إلى صبيان المكاتب. ففعلوا، فبلغ ذلك بني عبد المدان فأوثقوا الحارث (¬2) وأتوا به إلى حسان وحكّموه فيه، فأمر بالناس فحضروا، وجلس على سرير وأحضره موثقا، فنظر إليه مليا ثم قال لابنه عبد الرحمن: هات الدراهم التي بقيت من صلة معاوية، وائتني ببغلة. ففعل، ففك وثاقه وأعطاه الدراهم وأركبه البغلة، فشكره الناس. والجوف: جمع أجوف، وهو العظم الجوف. والجماخير: بجيم وخاء، جمع جمخور، وهو العظيم الجسم القليل العقل والقوّة. وجسم: يروى بالرفع والنصب (¬3). قال المصنف: روي أن بني عبد المدان كانوا يفتخرون بعظم أجسامهم حتى قال فيهم حسان هذا الشعر فتركوا ذلك. ويروى (ولا فرسان) بدل (ألا فرسان). وطعان: مصدر طاعن. وفرسان: جمع فارس. وعادية: يروى، بالعين المهملة، من العدو، أو العدوان. وبالمعجمة: من الغدو ضدّ الرواح. ويروى بالنصب: نعت أو حال، وخبر (لا) محذوف وبالرفع خبر (لا). وتجشؤكم: ويروى بالرفع والنصب، وبالجيم من الجشاء: تنفس المعدة بالحاء المهملة، من الاحتساء والاستثناء منقطع. والمعنى: ألا طعان عندكم ولا فرسان فيكم تعدو على أعدائهم، أي لستم بأهل حرب، وإنما أنتم أهل أكل وشرب، كما قال الآخر: إنّي رأيت من المكارم حسبكم … أن تلبسوا حرّ الثّياب وتشبعوا ¬

_ (¬1) وبه استشهد الزجاجي في جمله. (¬2) هو النجاشي من بني الحارث كما في الخزانة وليس الحارث كما جاء بالاصل. (¬3) ويروى البيت: (لا عيب بالقوم ..). و (لا بأس بالقوم)، يريد: أن أجسامهم لا تعاب، وهي طويلة عظيمة، ولكنها كأجسام البغال لا عقول لها. هكذا رواه الناس، ورواه الزمخشري: (جسم الجمال وأحلام ..) عند قوله تعالى: (حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِياطِ) على أنّ الجمل مثل في عظم الجرم ..). وانظر الخزانة.

وقال (¬1): دع المكارم لا ترحل لبغيتها … واقعد، فإنّك أنت الطّاعم الكاسي والتنانير: جمع تنور. والتخاجؤ: بجيم وهمز، مشية فيها تبختر، ومشية سحجا: أي سهلة، حسنة، بسين مهملة ثم جيم ثم حاء مهملة. والعصب: شدّة الخلق، يقال: رجل معصوب، أي قوي شديد. هكذا ذكر جماعة من المتأخرين هذا البيت من الأبيات المذكورة لحسان. ثم رأيت في شرح أبيات الكتاب للزمخشري البيتين الأوّلين لحسان. وقوله: (ألا طعان ... البيت) لخداش بن زهير يخاطب بها بني العرقة، من بني تيم بن غالب، من أجل مسابقة كانت بينهم وبين رهط خداش. وأول القصيدة (¬2): أبلغ أبا كنف إمّا عرضت له … والأبجرين ووهبا وابن منظور ألا طعان ألا فرسان عادية … إلّا تجشّؤكم حول التّنانير ثمّ احضرونا إذا ما احمرّ أعيننا … في كلّ يوم يزيل الهمّ مذكور تلقوا فوارس لاميلا ولا عزلا … ولا هلابيج روّاغين في الدّور في أبيات أخر. 99 - وأنشد (¬3): ألا ارعواء لمن ولّت شبيبته … وآذنت بمشيب بعده هرم الارعواء: الانكفاف، مصدر ارعوى عن الشيء، أي الانكفاف عن القبيح. ¬

_ (¬1) هو الحطيئة. وانظر طبقات ابن سلام 98 (¬2) انظر الخزانة 2/ 107 فقد وردت الابيات باختلاف الألفاظ. (¬3) ابن عقيل 1/ 154

و (لمن) خبر. وولت: أدبرت وذهبت. وآذنت: عطف على ولت، أي أعلمت وأنذرت. وجملة (بعده هرم) صفة لمشيب. والشبيبة: الشباب. والمشيب: الشيب. وقال الأصمعي: المشيب بالميم: دخول الرجل في حدّ الشيب من الرجال. والشيب بدون ميم: بياض من الشعر. والهرم: كبر السن. 100 - وأنشد (¬1): ألا عمر ولّى مستطاع رجوعه … فيرأب ما أثأت يد الغفلات لم يسم قائله. (ألا) للتمني. وعمر: اسمها. وولى: صفته. ومستطاع رجوعه: جملة اسمية قدّم خبرها، وهي صفة أخرى، فمحلهما نصب. ويجوز عند المازني والمبرد أن يكون محلهما رفعا. وكون الأسمية خبرا، وكون مستطاع صفة على الموضع أو خبرا. ورجوعه: مرفوع به على الوجهين، لانهما يجريان (ألا) التي للتمني مجرى (ألا) التي للانكار والتوبيخ، ولا يجوز ذلك عند سيبويه، لأنه لا يجيز مراعاة المحل اسمها، أجرى الهاء مجرى ليت، وليس لها عنده خبر، لا لفظا ولا تقديرا، بل هي ومتلوها كلام تام مركب من اسم وحرف كما في (يا زيد) عند أبى علي. وسوّغ ذلك الحمل على المعنى، لأن معناه أتمنى كذا. وقوله: (فيرأب) منصوب في جواب التمني، أي يصلح. يقال: رأبت الاناء إذا شعبته وأصلحته، ومادته راء وهمزة وباء. قال المصنف: والمحفوظ بناؤه للفاعل، ويحسن بناؤه للمفعول وما موصولة. وأثأت: بمثلثة بعدها همزة، أفسدت، منقول بالهمزة من ثأى، بالكسر، يثأى، بالفتح، فسد. واستعار للغفلات التي هي جمع غفلة. يدا تشبيها بمن يكتسب أشياء بيده. ويد فاعل أثأت والعائد محذوف: أي أثأته. 101 - وأنشد: ألا اصطبار لسلمى أم لها جلد تقدّم شرحه في شواهد الهمزة (¬2). ¬

_ (¬1) ابن عقيل 1/ 154 (¬2) انظر ص 42، الشاهد رقم 8.

102 - وأنشد ألا رجلا جزاه الله خيرا … يدلّ على محصّلة تبيت (¬1) هو من أبيات الكتاب، وبعده: ترجّل لمّتي وتقمّ بيتي … وأعطيها الإتاوة إن رضيت وقال الأزهري: هما لأعرابي أراد أن يتزوّج امرأة بمتعة. قال المصنف: قوله (ألا رجل) فيه ثلاث روايات: الرفع، وبه جزم الجوهري على أنه فاعل بفعل محذوف يفسره يدل. أو مبتدأ تخصّص بالاستفهام، ويدل خبره. والجر على اضمار من، وفيه ضعف لاعمال الجار محذوفا، ويزيده ضعفا كونه زائدا. ونظيره في الضعف قوله: ونهنهت نفسي بعد ما كدت أفعله على قول سيبويه أن التقدير ان أفعله، لأن أن وان كانت غير زائدة، لكن دخولها في خبر كاد قليل. والثالثة النصب وهي المشهورة، فقال الخليل وسيبويه (ألا) للعرض، والفعل مقدّر، أي ألا تروني رجلا. وقال يونس: (ألا) للتمنّي ورجلا اسمها، ونوّن للضرورة. وقال بعضهم: (ألا) للاستفتاح، ورجلا منصوب بمضمر يفسره جزى، ويدل على رواية النصب صفة رجلا. ومحصّلة، بكسر الصاد: امرأة تحصل الذهب من تراب المعدن وتخلصه منه. وقوله: (تبيت) قال الأعلم. أي تبيت تفعل ذلك أي الفاحشة. وقال السيرافي: انما الرواية تبيث بمثلثة آخره، من الاستباثة، وهي الاستخراج أي يستخرج الذهب من ترابه. قال المصنف: وكلاهما كلام من لم يقف على ما بعد البيت، وهو (ترجل .. الخ) بالقافية تاء مثناة وترجل ... الخ خبر باب، والبيت متعلق بما قبله ففيه تضمنين وهو من عيوب الشعر. والبيتوتة للترجيل والقم كما ذكر لا لشيء آخر. وقال بعضهم: يبيت بضم أوله، أي يجعل لي بيتا أي امرأة بنكاح. ¬

_ (¬1) الخزانة 1/ 459 و 2/ 11 و 151 وسيبويه 1/ 359 (بولاق).

قلت: وهذا عندي أحسن ويندفع به التضمين (¬1). والترجيل: تسريح الشعر. واللمّة، بكسر اللام وتشديد الميم: الشعر الذي يجاوز شحمة الأذن، فإذا بلغ المنكبين فهو جمة. والأتاوة، بكسر الهمزة: الخراج. ثم رأيت في شرح أبيات الكتاب للزمخشري قال: البيت من قصيدة طويلة لعمرو بن قنعاس المرادي (¬2) أوّلها: ألا يا بيت بالعلياء بيت … ولولا حبّ أهلك ما أتيت ألا يا بيت أهلك أوعدوني … كأنّي كلّ ذنبهم جنيت ألا بكر العواذل فاستميت … وهل من راشد إمّا غويت (¬3) إذا ما فاتني لحم غريض … ضربت ذراع بكري فاشتويت وكنت متى أرى رقا مريضا … يصاح على جنازته بكيت أمشّي في سراة بني غطيف … إذا ما ساءني ضيم أبيت (¬4) أرّجل لمّتي وأجرّ ذيلي … وتحمل بزّتي أفق كميت وبيت ليس من شعر وصوف … على ظهر المطيّة قد بنيت ألا رجلا جزاه الله خيرا … يدلّ على محصّلة تبيت ¬

_ (¬1) اضاف صاحب الخزانة 1/ 460: (لكني لم أجد أبات بهذا المعنى في كتب اللغة). (¬2) هو عمرو بن مقاس، ويقال ابن قنعاس، ابن عبد يغوث بن مخدش ابن عصر بن غنم بن مالك ... بن مراد، المرادي المذحجي وترجم له المرزباني 59، والخزانة 1/ 461 وسمط اللآلي 164. (¬3) وكذا في الخزانة، وأصلحها الشنقيطي: (لي أن غويت)، كما هو في شرح البيت بالخزانة. (¬4) في الخزانة وسمط اللآلي: (إذا ما سامني ..) وهي الرواية الصحيحة.

شواهد إلا المكسورة المشددة

شواهد إلّا المكسورة المشددة 103 - (وأنشد) (¬1): وكلّ أخ مفارقه أخوه … لعمر أبيك إلّا الفرقدان (¬2) هذا لحضرمي بن عامر بن مجمع بن موألة بن همام بن ضب بن كعب بن قين بن مالك بن ثعلبة بن دودان أسد، الأسدي، وقيل لعمرو بن معدي كرب من أبيات، أوّلها: ألا عجبت عميرة أمس لمّا … رأت شيب الذّؤابة قد علاني تقول أرى أبي قد شاب بعدي … وأقصر عن مطالبة الغواني إلى أن قال: وذي فجع عزفت النّفس عنه … حذار الشّامتين وقد شجاني أخي ثقة إذا ما اللّيل أفضى … إليّ بمؤيد حبلى كفاني قطعت قرينتي عنه فأغنى … غناه فلن أراه ولن يراني ¬

_ (¬1) مزيدة. (¬2) الكامل 1240 والكتاب 1/ 371 لعمرو بن معدي كرب. وهو أيضا في المؤتلف والمختلف 116 لحضرمي، والخزانة 2/ 52 و 55، واللسان (إلا).

فائدة: [حضرمي]

وكلّ قرينة قرنت بأخرى … ولو ضنّت بها سيفترقان وكلّ أخ مفارقه أخوه … لعمر أبيك إلّا الفرقدان فكان إجابتي إيّاه إنّي … عطفت إليه خوّار العنان الذؤّابة من الشعر، والجمع ذوائب. وعزفت، بمهملة وزاي وفاء، صرفت. والفجع: من الفجيعة، وهي الرزيئة. وشجاني: أحزنني. والمؤيد: بوزن المؤمن، الأمر العظيم والداهية. والفرقدان: نجمان قريبان من القطب. وكل قرينة: أي كل نفس مقرون بأخرى ستفارقها. فائدة: [حضرميّ] حضرميّ هذا صحابي. قال المرزباني: يكنى أبا كدام. أخرج ابن شاهين عن أبي هريرة قال: وفد بنو أسد بن خزيمة على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فتعلم حضرميّ بن عامر سورة عبس وتولى، فقرأها فزاد فيها: (وهو الذي أنعم على الحبلى فأخرج منها نسمة تسعى) فقال له النبي صلّى الله عليه وسلم: لا تزد فيها. وأخرجه من وجه آخر. وفيه: ان السورة (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى). وروى أبو علي القالي من طريق ابن الكلبي قال (¬1): كان حضرميّ بن عامر عاشر عشرة من اخوته فماتوا فورثهم، فقال فيه ابن عم له يقال له جزء بن مالك: يا حضرمي، من مثلك، ورثت تسعة اخوة فأصبحت ناعما! فقال حضرمي في أبيات (¬2): إن كنت ازننتني بها كذبا … جزء فلاقيت مثلها عجلا ¬

_ (¬1) الامالي 1/ 67 (¬2) البيان والتبيين 3/ 190

فجلس جزء على شفير بئر هو واخوته، وهم أيضا تسعة، فانخسفت بهم، فلم ينج منهم غير جزء، فبلغ ذلك حضرمي فقال: كلمة، وافقت قدرا وأبقت حقدا. ولم أقف لحضرمي على غير حديث واحد. أخرج أبو يعلي وابن قانع من طريق محفوظ بن علقمة عنه: ان رسول صلّى الله عليه وسلم قال: إذا بال أحدكم فلا يستقبل الريح ولا يستنجى بيمينه. 104 - وأنشد (¬1): أنيخت فألقت بلدة فوق بلدة … قليل بها الأصوات إلّا بغامها أنيخت: أبركت. والبلدة: الصدر، يقال فلان واسع البلدة، أي واسع الصدر. والبلدة أيضا: الأرض، تقول: أبركت هذه الناقة فألقت صدرها على الأرض، ففيه جناس تام، و (قليل بها الأصوات) صفة لبلدة المجرورة. وبغام الناقة، بضم الباء الموحدة وبالغين المعجمة، صوت لا يفصح به (¬2). 105 - وأنشد (¬3): لو كان غيري سليمى الدّهر غيّره … وقع الحوادث إلّا الصّارم الذّكر هو للبيد، وقبله: قالت غداة أنتجينا عند جارتها: … أنت الّذي كنت لولا الشّيب والكبر فقلت: ليس بياض الرّأس عن كبر … لو تعلمين، وعند العالم الخبر لو كان ... البيت. انتجينا بالجيم، قال الزمخشري في شرح أبيات الكتاب: غيري: ¬

_ (¬1) الشعر لذي الرمة وهو في ديوانه 638، والخزانة 2/ 51، والتاج (بلد). (¬2) في شرح الديوان: (البلدة الاولى: كركرة الصدور، والبلدة الثانية: الأرض، يقول: ألقت كركرتها على الارض، والبغام صوت الناقة تقطعه (تقصعه) ولا تمدّ فيه، يقول: الا بغامها نعتا للأصوات كما قال تعالى: (لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتا) معناه: لو كان فيها آلهة غير الله، فقول: إلا الله، نعت لآلهة يقوم مقام غيره). (¬3) الكتاب 1/ 370.

اسم كان. سلمى: منداة وغيره خبر كان. وقوله: (إلا الصارم) وصف لغيري. ومعناه: انه لو كان غيره من الاشياء في موضعه لغيرته الحوادث إلا السيف فانه لا يتغير، فأنا مثل السيف في أني لا أتغير. ويجوز أن يريد: لو كان غيري من الأشياء لتغير كتغيري، إلا السيف. يريد أن كل شيء يتغير بمرور الأوقات عليه إلا السيف الصارم إنتهى. وقال غيره: الدهر، إما خبر كان، أي لو كان غيري موجودا في هذا الدهر الصعب، وصحّ الاخبار به عن الجثة كما في قولك: نحن في يوم طيب. وإما مفعول بفعل محذوف، أي يقاسي. ووقع الحوادث: سقوطها، وهي جمع حادثة، وهي ما يطرق من الوقائع والنوائب. والصارم: السيف القاطع. والذكر من السيوف: ما كان ذا ماء ورونق. 106 - وأنشد (¬1): حراجيج ما تنفكّ إلّا مناخة … على الخسف أو نرمي بها بلدا قفرا هو لذي الرمّة. حراجيج: جمع حرجوج، بضم الحاء، وهي الناقة الضامر أو الطويلة، بحاء مهملة في الأوّل وجيمين بينهما ياء. والخسف: النقصان، يقال رضي فلان بالخسف أي بالنقيصة. وبات على الخسف أي جائعا. وربطت الدابة على الخسف أي على غير علف. والبلد: هنا مطلق الأرض. والقفر: المفازة التي لا نبات فيها ولا ماء. قال ابن الشجري في أماليه: وليس دخول إلا في هذا البيت خطأ كما توهم بعضهم، لان بعض النحاة قدر في ينفك التمام، ونصب مناخة على الحال، فتنفك هنا مثل منفكين حتى تأتيهم البينة. فالمعنى: ما ينفصل عن جهد ومشقة إلا في حال اناختها على الخسف، ورمى البلد القفر بها، أي تنتقل من شدة الى شدة. 107 - وأنشد (¬2): وما الدّهر إلّا منجنونا بأهله ¬

_ (¬1) ديوانه 173، والخزانة 4/ 49 و 53 واللسان (فك). (¬2) الخزانة 2/ 96.

قال ابن جنى (في ذا القد) (¬1): قائله بعض بني سعد، وتمامه: وما صاحب الحاجات إلّا معذّبا المنجنون، بفتح الميم، الدولاب الذي يستقى عليه، وجمعه مناجين، وهو مؤنث، أي: وما الزمان إلا يدور دوران منجنون، تارة يرفع وتارة يضع. فنصبه نصب المصدر. وقيل: بفعل محذوف، أي يشبه منجنونا. وزعم ابن بابشاذ أن أصله إلا كمنجنون، ثم حذف الجار فانتصب. ورواه المازني بلفظ: أرى الدّهر إلّا منجنونا بأهله ثم حكم بزيادة إلا، وخرجه غيره على إضمار لا كقوله: (تَاللَّهِ تَفْتَؤُا) والدليل عليه الاستثناء المفرغ. * * * ¬

_ (¬1) في هامش الخزانة: (ذا القد: كتاب جمعه ابن جني من كلام شيخه أبي علي رحمهما الله تعالى).

شواهد ألا المفتوحة المشددة

شواهد ألّا المفتوحة المشدّدة 108 - وأنشد: ونبّئت ليلى أرسلت بشفاعة … إليّ فهلّا نفس ليلى شفيعها هذا لقيس بن الملّوح، ويقال لابن الدمينة، ويقال للصمة بن عبد الله القشيري (¬1)، وبعده: أأكرم من ليلى عليّ فتبتغي … به الجاه أم كنت امرأ لا أطيعها استشهد النحاة بالبيت على تعدي نبّأ إلى ثلاثة مفاعيل، فالأول النائب عن الفاعل (¬2)، والثاني ليلى، والثالث جملة أرسلت. واستشهد به المصنف وغيره على وقوع الجملة الابتدائية بعد (هلّا) فيقدر كان الثانية، أي فهلا كان الشأن نفس ليلى شفيعها. والجملة المذكورة في محل نصب خبر كان. وقال أبو حيان: قد تأوّل أصحابنا هذا البيت، على أن نفسا فاعل بفعل محذوف تقديره: فهلا شفعت نفس ليلى. وشفيعها خبر لمبتدأ محذوف، أي هي، أي نفسها شفيعها. وقوله: (بشفاعة) قاله المرزوقي والتبريزي. والاستفهام في (أأكرم) للانكار، أنكر منها استعانتها بالغير عليه، وطلب الشفيع فيما أرادت إليه. وخبر (أكرم) محذوف، أي ¬

_ (¬1) انظر ديوان ابن الدمينة 206 و 262 - 263، والخزانة 1/ 463. وشواهد العيني 3/ 416، والوفيات 1/ 29 لابراهيم بن العباس الصولي، والزهرة 127 - 129 لبعض الأعراب، والحماسة بشرح التبريزي 3/ 200 - 202 لآخر. (¬2) وهو التاء.

موجودا وفي الدنيا. و (أم) متصلة أي: أيّ هذين توهمت طلب إنسان أكرم عليّ منها، أم اتهامها لطاعتي. وقد أورد المصنف البيت الثاني في الكتاب الخامس على اشتراط الصفة لما وطئ به من خبر أو صفة أو حال. وفي أمالي ابن الشجري في البيت اعادة ضمير من أطيعها ضمير متكلم وفاقا لكنت، ولم يعد ضمير غائب وفاقا لامرئ، على حدّ (بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ). قال أبو رياش: كان من خبر هذه الأبيات، أن الصمّة بن عبد الله كان يهوى ابنة عمّ له، تسمى ريّا، فخطبها إلى عمه فزوّجه على خمسين من الابل، فجاء إلى أبيه فسأله فساق عنه تسعا وأربعين، فقال: أكملها، فقال: هو عمّك وما يناظرك في ناقة. فقال: والله ما قال هذا الا استخفافا بابنتي، والله لا أقبلها إلا كملا، فلجّ عمه ولجّ أبوه، فقال: والله ما رأيت ألأم منكما، وأنا ألأم منكما إن أقمت معكما. فرحل إلى الشام فلقي الخليفة فكلمه، فأعجب به وفرض له فرضا، وألحقه بالفرسان. فكان يتشوّق الى نجد، وقال هذا الشعر. * * *

شواهد ألى

شواهد ألى 109 - وأنشد (¬1): فلا تتركنّي بالوعيد كأنّني … إلى النّاس مطليّ به القار أجرب هذا من أبيات للنابغة الذبياني يخاطب بها النعمان بن المنذر، وأوّلها: أتاني أبيت اللّعن أنّك لمتني … وتلك الّتي أهتمّ منها وأنصب فبتّ كأنّ العائدات فرسنني … هراسا به يعلى فراشي ويهشب حلفت فلم أترك لنفسك ريبة … وليس وراء الله للمرء مذهب لئن كنت قد بلّغت عنّي خيانة … لمبلغك الواشي أغشّ وأكذب ولكنّني كنت امرأ لي جانب … من الأرض فيه مستراد ومذهب ملوك وإخوان إذا ما أتيتهم … أحكّم في أموالهم وأقرّب كفعلك في قوم أراك اصطنعتهم … فلم ترهم في شكر ذلك أذنبوا فلا تتركنّي بالوعيد كأنّني … إلى النّاس مطليّ به القار أجرب ألم تر أنّ الله أعطاك سورة … ترى كلّ ملك حولها يتذبذب فإنّك شمس والملوك كواكب … إذا طلعت لم يبد منهنّ كوكب ¬

_ (¬1) الخزانة 4/ 137

ولست بمستبق أخا لا تلمّه … على شعث، أيّ الرّجال المهذّب؟ فإن أك مظلوما فعبد ظلمته … وإن تك ذا عتبي فمثلك يعتب هذا آخر القصيدة فيما رأيته في ديوانه، رواية الأصمعي. وأوردها صاحب منتهى الطلب بتقديم وتأخير وزيادة. فجعل البيت المصدر به آخر القصيدة بعد قوله: (فمثلك يعتب)، وجعل قوله: (ولست بمستبق) قبل قوله (ألم تر أن الله)، وجعل مطلع القصيدة: أرسما جديدا من سعاد تجنّب … عفت روضة الأجداد منها فيثقب عفا آية ريح الجنوب مع الصبا … وأسحم دان مزنه متصوّب وبعد ثمانية أبيات. ثم قوله: (حلفت .. الخ) وأسقطت قوله: (فبت .. البيت) قوله: أبيت اللعن. هي تحية الملوك الجاهلية. وأنصب: أتعب. والعائدات: الزائرات في المرض. وهراسا: شوكا. ويهشب: يجرّد. وقوله: (حلفت ... الأبيات) استشهد بها أهل البديع على النوع المسمى عندهم بالمذهب الكلامي، وهو إيراد حجة للمطلوب على طريق أهل الكلام. وريبة: شك. ومذهب: طريق. قال شارح ديوانه: أي لا يحلف بأعظم منه. والواشي: النمام. و. جانب: ناحية. والمستراد: التصرف بالمجيء. والذهاب: من راد يرود. واصطنعتهم: أحسنت إليهم. وقوله: فلم ترهم في شكر ذلك أذنبوا في زيارتك والوفادة إليك وترك بلادهم وملوكهم. والوعيد: التهديد. ومطلي: مدهون. والقار: القطران ونحوه، مما يدهن به الأبل. وأجرب: ذو جرب، وهو داء معروف. والمعنى: كأنني في الناس جمل أجرب جعل عليه القار. وأورد التغلبي في تفسيره البيت شاهدا على وردد (الى) بمعنى (مع). وقال: أي مع الناس. وقوله: (أعطاك سورة)، استشهد به أهل التفسير على أن السورة بلا همز، المنزلة

الرفيعة. واستشهدوا بعجزه على أن (الملك) بسكون اللام لغة في (الملك) بكسرها. ويتذبذب: بمعجمتين، يضطرب. وقوله: (فانك شمس ... البيت) قال المبرد في الكامل (¬1): هذا من أعجب التشبيه. وقد سلكه البوصيري في البردة حيث قال في النبي صلّى الله عليه وسلّم والنبيين: فإنّه شمس فضل هم كواكبها … يظهرن أنوارها للنّاس في الظّلم والشعث: الفساد. ويقال اللهم ألمم شعثنا: أي أصلح أمرنا واجمعه. والمهذب: المنقى من العيوب. وقوله: أي الرجال المهذب، اشتشهد به أهل المعاني على النوع المسمى عندهم بالتذييل، وهو تعقيب الكلام بجملة تؤكد معناه تجري مجرى المثل (¬2). والعتبى: المراجعة. ويعتب: يراجع. ورسم جديد من جد الأثر: أي درس. ويثقب: جبل أو مكان (¬3). وأسحم: سحاب أسود. ودان: قريب من الأرض. 110 - وأنشد (¬4): تقول وقد عاليت بالكور فوقها: … أيسقى فلا يروى إليّ ابن أحمرا ¬

_ (¬1) الكامل 741. (¬2) انظر الموشح 33 و 261 - 262، والصناعتين 36، والعمدة 2/ 80، وابن الشجري 239. (¬3) قال ياقوت: (يثقب: موضع بالبادية). وقد روى البكري البيت في (يثقب) ص 1390، وقال: روضة الاجداد: موضع معروف، نسب الى أجداد هناك، جمع جد، وهي آبار مما حوت عاد ..). (¬4) هذا البيت لابن أحمر الباهلي. وخرج من هذه النسخة شرحه هنا، وقول الشارح: هذا من قصيدة لابي كبير، بالموحدة، شرح لبيت غير هذا البيت انتهى، محمد محمود الشنقيطي. وفي حاشية الأمير: (قوله تقول: أي الناقة، بلسان الحال. والكور: الرحل والسقي) بمعنى الركوب مجازا.

111 - (وأنشد: أم لا سبيل إلى الشّباب وذكره … أشهى إليّ من الرّحيق السّلسل) (¬1) هذا من قصيدة لأبي كبير بالموحدة وهو عامر بن الحليس، بمهملة مصغر، وقيل ابن جمرة، بالجيم والراء، هذلي جاهلي. وقبله، وهو مطلعها (¬2): أزهير هل عن شيبة من معدل … أم لا سبيل إلى الشّباب الأوّل أم لا سبيل إلى الشّباب وذكره … أشهى إليّ من الرّحيق السّلسل وبعده: ذهب الشّباب وفات منّي ما مضى … ونضا زهير كريهتي وتبطّلي وصحوت عن ذكر الغواني وانتهى … عمري وأنكرت الغداة تقتّلي أزهير إن يشب القذال فإنّه … رب هيضل لجب لففت بهيضل (¬3) ولقد سريت على الظّلام بمغشم … جلد من الفتيان غير مهبّل ¬

_ (¬1) مزيدة من المغني وحاشية الأمير 71، وهو في اشعار الهذليين 2/ 89 (¬2) أشعار الهذليين 2/ 88 - 100، وانظر الحماسة بشرح التبريزي 1/ 82 - 89. (¬3) في أشعار الهذليين 2/ 89: (... فإنني … رب هيضل مرس لففت ..) وقال: ويروى لجب. وبعده: فلففت بينهم لغير هوادة … إلا لسفك للدماء محلل حتى رأيت دماءهم تغشاهم … ويغل سيف بينهم لم يسلل أزهير إن يصبح أبوك مقصرا … طفلا ينوء اذا مشى للكلكل يهدي العمود له الطريق اذا هم … ظعنوا ويعمد للطريق الأسهل سجراء نفسي غير جمع أشابة … حشدا ولا هلك المفارش عزّل لا يجفلون عن المصاب ولو رأوا … أولى الوعاوع كالغطاط المقبل يتعطفون على البطئ تعطف ال … عوذ المطافل في مناخ المعقل

ممّن حملن به وهنّ عواقد … حبك الثّياب فشبّ غير مثقّل حملت به في ليلة مزؤودة … كرها وعقد نطاقها لم يحلل فأتت به حوش الفؤاد مبطّنا … سهدا إذا ما نام ليل الهوجل ومبرّأ من كلّ غبّر حيضة … وفساد مرضعة وداء مغيل فإذا نبذت له الحصاة رأيته … ينزو لوقعتها طمور الأجدل وإذا يهبّ من المنام رأيته … كرتوب كعب السّاق ليس بزمّل (¬1) ما إن يمسّ الأرض إلّا منكب … منه وحرف السّاق طيّ المحمل وإذا رميت به الفجاج رأيته … يهوى مخارمها هويّ الأجدل وإذا نظرت إلى أسرّة وجهه … برقت كبرق العارض المتهلّل زهير: بالفتح، منادى مرخم، يريد زهيرة ابنته (¬2). والرحيق: السهل. وقيل: الخمر. والسلسل: سلس الدخول في الحلق، وقيل البارد اللين. وقيل العذب. وقال أبو نصر: واليّ، بمعنى عندي. وعلى ذلك أورده المصنف، وتعقبه ابن الدمامينيّ بأن معنى أشهى إليّ: أحب إليّ. وقد عرّف أن إلى المتعلقة مما يفهم حبا أو بغضا، من فعل تعجب، أو اسم تفضيل. معناها البيتين، فعلى هذا يكون في البيت (على) بأنها مبنية أن عليه مجرورها وليست قسما آخر. ونضا: ذهب. وكريهتي: شجاعتي وشدتي. وتبطلي كذلك. وصحوت: كففت. والغواني: الشواب، ويقال اللواتي ¬

_ (¬1) هذا البيت ترتيبه في أشعار الهذليين، بعد البيت الأخير: (وإذا نظرت ...). (¬2) وقوله: هل عن شيبة من معول، يقول: هل عن شيبة من مصرف، أم لا سبيل الى شبابي الذي مضى.

قد غنين بأزواجهن، الواحدة غانية. والتقتل: التضرّع لهن (¬1). والقذال: ما بين الأذنين من مؤخر الرأس، وهو أبطأ الرأس شيبا. ورب: بضم الراء وفتح الباء مخففة، لغة في رب. وقد استشهد الفارسي بالبيت على ذلك، وقال: القياس إنه إذا حذف المدغم فيه يبقى المدغم على السكون، إلا أنه لما لحقه الحذف والتأنيث أشبه الأسماء فحرّك آخره كما حرّك الآخر من ضرب. والهيضلة: الجماعة يغزى بهم، والجمع هيضل. وقال أبو عمر: والهيضل الشديد. واللجب: الشديد الصوت. يقول: لففتهم بأعدائهم في القتال. وعلى الظلام: أي في الظلام. قال السكري: أقام حرفا عن حرف. قال التبريزي (¬2): وموضعه نصب على الظرف أو الحال، أي وأنا على الظلام الضخم (¬3). وضمير حملن: للنسوة (¬4) ولم يجر لهنّ ذكر. وقد أورد المصنف هذين البيتين في الكتاب الثامن، مستدلا على تضمين (حمل) معنى على ذي، عدي بالباء، ولولا ذلك لعدى بنفسه، مثل: (حملته أمّه كرها) استشهد به ابن مالك على إعمال إسم الفاعل مجموعا جمع تكسير، لأن حبك منصوب بقواعد. والمغشم، بكسر الميم وسكون الغين وفتح الشين المعجمتين: الذي لا يتجأجأ عن شيء. الجلد: الصلب القوي. والمهبل: الضخم، الكثير اللحم راكب له. والحبك: الخيط الذي يشدّ به الثياب. قال الأصمعي: كان النساء ينتطقن بخيط أوتكة. وقال غيره: الحبكة: الحجزة، يقول إنها حملت به وإزارها عليها لم تخلعه، أي أنها لم تكن من نفسها، وكان يقال: إذا حملت المرأة وهي مذعورة فأذكرت، جاءت به ¬

_ (¬1) وفي أشعار الهذليين: (وانتهى عمري، يقول: بلغ عمري نهايته. تقتلي، أي تكسري وتغنجي. (¬2) الحاسة 1/ 83. (¬3) كذا بالاصل، وفي الحماسة: (أي وأنا على الظلام: أي راكب له، والمغشم: مفعل من الغشم وهو الظلم ... وقال أبو رياش: المغشم الذي يغشم الأمور ويخلطها من غير تمييز، وقيل: المغشم ههنا من إذا خفي عليه الطريق اعتسف). والمهبل: الكثير اللحم، والمتورد الوجه. ويروى: (غير مثقل). (¬4) وفي التبريزي: (... ولكن لما كان المراد مفهوما جاز إضمارها).

ما لا يطاق. وقيل: إنه يأتي شبه أبيه. وغير مثقل: أي حسن القبول محبب إلى القلوب (¬1). ومزؤدة: ذات فزع من الزؤد، وهو الذعر، وهو بالخبر صفة ليلة مجازا، وبالنصب حال من ضمير حملت، ككرها، وبالرفع صفة أقيمت مقام الموصوف (¬2). وحوش الفؤاد: بضم المهملة وآخره معجمة، حديد الفؤاد، كأنه وحشيّ من الذكاء والشهومة. ونصبه على الحال. وقد أورده المصنف في الكتاب الرابع شاهدا على أن اضافة الوصف لا تفيد التعريف. ومبطّنا: خميص البطن ضامرا، حال أيضا (¬3). وسهدا: بضمتين، لا ينام (¬4). والهوجل: الثقيل الكسلان، وقيل: الأحمق. والاسناد في (نام ليل الهوجل) مجازي، أي نام الهوجل فيه. ومبرّأ: يروى بالجرّ عطفا على جلد. وبالنصب عطفا على غبّر. وغبّر: بقية. وحيضة، بكسر الحاء، للحالة التي لم تحمل به في بقية الحيض، ولا حملت عليه في الرضاع، فيفسد رضاعه. والمغيل: بوزن مكرم بالكسر، من الغيل، بفتح المعجمة وسكون التحتية، وهو أن ¬

_ (¬1) ويروى البيت (حبك النطاق). (¬2) في أشعار الهذليين 2/ 92: (كان أبو عبيدة ينصب مزءود، والأصمعي يجرّها، يجعل الزؤد لليلة. ومزءودة: فزعة. يقول: أكرهت فلم تحل نطاقها، قال الاصمعي: وحدثني عيسى بن عمر قال: أنشدت هذا البيت خير بن حبيب فقال: قاتله الله، يغشمها - أي يغصبها - قبل أن تحل نطاقها). (¬3) وكذا في التبريزي، وفي أشعار الهذليين زيدت كلمة (غير) بحيث أصبح المعنى: إذا كان غير خميص البطن. وعلق عليها محققوا الشعر بما يلي: (لم ترد هذه الكلمة في الاصل، والصواب زيادتها. فقد ورد في كتب اللغة ان المبطان هو الضخم البطن من كثرة الأكل). وفي الاساس: (... وقد بطن فلان إذا اعتل بطنه، وهو مبطون وبطين ومبطان ومبطن أي عليل البطن وعظيمه وأكول وخميص)، وفي فقه اللغة للثعالبي 141: (مبطون: يشتكي بطنه). (¬4) في أشعار الهذليين: (وقوله: سهدا، يقول: لا ينام الليل كله، وهو يقظان).

ترضعه وهي حامل (¬1). وينزو: يثب من النشاط. والأخيل طائر (¬2). ورتوب الكعب، بضم الراء والمثناة الفوقية آخره موحدة، انتصابه وقيامه. والزمّل، بضم الزاي وتشديد الميم: الضعيف النؤم. قوله (طيّ المحمل) نصب على المصدر، على حدّ له صوت صوت حمار. قال سيبويه: صار ما إن يمس الارض بمنزلة له ¬

_ (¬1) وفي التبريزي: (والمغيل: من الغيل، وهو أن تغشى المرأة وهي ترضع، فذلك اللبن الغيل، ومنه حديث النبي صلّى الله عليه وسلم: (لهممت أن أنهى عن الغيلة حتى ذكر لي أن فارس والروم يفعلونه فلا يضرهم شيئا) وسئل شيخ من العرب عنها، فقال: إنها لتدرك الفارس فتصرعه عن فرسه، ويروى: (وداء معضل) وهو الذي لا دواء له، كأنه أعضل الاطباء وأعياهم، وأصل العضل المنع، ومنه عضّلت المرأة، إذا نشب ولدها في بطنها فلم يخرج، وعضلتها وعضّلتها: منعتها التزويج ظلما، ومعناه: أنها حملت به وهي طاهر ليس بها بقية حيض، ووضعته ولا داء به استصحبه من بطنها فلا يقبل علاجا، لأن داء البطن لا يفارق، ولم ترضعه أمه غيلا، وكانت العرب تقول: إذا حملت المرأة في قبل الطهر أول الشهر عند طلوع الفجر ثم أذكرت جاءت بما لا يطاق، وجمع الشاعر هذه المعاني فقال: لقحت في الهلال من قبل الطهر وقد لاح للصباح بشير). (¬2) في أشعار الهذليين: (فاذا طرحت ... طمور الأخيل). وقال: (يريد أنه حديد القلب لا يستثقل في نومه. والأخيل: طائر أخضر يتشاءم به. طمور: نزو). وفي التبريزي: «يقال: نبذت الشيء من يدي، إذا طرحته، وتوسعوا فيه فقيل: صبى منبوذ، ونابذت فلانا. إذا فارقته عن قلي، والشاعر إنما يحكي ما رآه منه، والمعنى: إنك اذا رميته بحصاة وهو نائم وجدته ينتبه انتباه من سمع بوقعتها هدّة عظيمة فيطمر طمور الأخيل، وهو الشقراق». ويروى: (فزعا لوقعتها طمور الأخيل) وانتصب طمورا بما دل عليه قوله: (فزعا لوقعتها) كأنه قال: رأيته يطمر طموره لأن الخائف المتيقظ يفعل ذلك، والطمور: الوثب، ومنه قيل: فرس طمر: أي وثاب، وقيل: إن الطّمرّ في صفة الفرس هو المشرف، ومنه قيل للموضع العالي: طمار، وابنا طمار: جبلان، و (فزعا) انتصابه على الحال، وجواب إذا قوله (رأيته). وقال بعضهم: الأخيل الشاهين، ومنه قيل: تخيّل الرجل، إذا جبن عند القتال فلم يتثبت، والتخيل: المضيّ والسرعة والتلوّن». وفي الحيوان للدميري 1/ 19: (الأخيل: طائر أخضر فيه على أجنحته لمع تخالف لونه، وسمي بذلك لخيلان فيه. وقيل الأخيل، الشقراق، وهو مشئوم ...).

طي. والمحمل: حمالة السيف (¬1). والفجاج: الطرق. والمخارم: بالخاء المعجمة، منقطع أنف الجبل. والهويّ: السقوط. والأجدل: الصقر. وأسرّة وجهه: الطرق التي في الوجه. والمتهلل: الذي يتهلل بالبرق، أي يضيء. قال التبريزي (¬2): سبب قول أبي كبير هذه الأبيات أنه تزوّج أمّ تأبط شرّا، وكان غلاما صغيرا، فلما رآه يكثر الدخول على أمه تنكر له، وعرف ذلك أبو كبير في وجهه إلى أن ترعرع، فقال أبو كبير لأمه: قد رابني أمر هذا الغلام، ولا آمنه، فلا أقربك، قالت: فاحتل عليه حتى تقتله، فقال له ذات يوم: هل لك أن نغزو؟ قال: امض، فخرجا غازيين ولا زاد معهما، فسارا ليلتهما ويومهما من الغد، حتى ظن أبو كبير أن الغلام قد جاع، فقصد به أبو كبير قوما كانوا له أعداء، فلما رأى نارهم من بعيد قال له أبو كبير: ويحك!! قد جعنا، فلو ذهبت إلى تلك النار فالتمست منها لنا شيئا، قال: ويحك!! وأيّ وقت جوع هذا؟ قال: أنا قد جعت فاطلب لي، فمضى تأبط شرا فوجد على النار رجلين من ألصّ ما يكون من العرب، وإنما أرسله أبو كبير إليهما على معرفة، فلما رأياه قد غشى نارهما وثبا عليه، وكرّ ساعيا، واتبعاه فلما كان أحدهما أقرب إليه من الآخر عطف عليه فرماه فقتله، ورجع إلى الآخر فقتله، ثم جاء إلى نارهما وأخذ الخبز منها وجاء به إلى أبى كبير، فقال: كل لا أشبع الله بطنك. ولم يأكل هو، فقال: أخبرني كيف كانت قصتك قال: وما سؤالك عن هذا؟ كل ودع المسئلة. فدخلت أبا كبير منه خيفة، وأهمته نفسه، ثم سأله بالصحبة إلّا حدّثه كيف عمل، فأخبره فازداد له خوفا، ثم مضيا في غزاتهما، وأصابا إبلا ومكث به أبو كبير ثلاث ليال يقول له كل ليلة: اختر أيّ نصف الليلة شئت تحرس فيه وأنام، وتنام النصف الآخر وأحرس، فقال: ذلك إليك اختر أيهما شئت، فكان أبو كبير ينام إلى نصف الليل ويحرسه تأبط شرا، فإذا نام تأبط شرا ينام أبو كبير أيضا لا يحرس شيئا، حتى استوفى الثلاث، فلما كان ¬

_ (¬1) في أشعار الهذليين: (يقول: إذا أضجع لم يمس الأرض إلا منكبه وحرف ساقه لانه خميص البطن، فلا يصيب بطنه الارض). وفي شرح التبريزي: (والمعنى إنه اذا نام لا ينبسط على الارض ولا يتمكن منها بأعضائه كلها حتى لا يكاد يتشمر عند الانتباه بسرعة). (¬2) الحماسة 1/ 89. وانظر أشعار الهذليين 2/ 88.

في الليلة الرابعة ظن أبو كبير أن النعاس قد غلب على الغلام، فنام أوّل الليل إلى نصفه وحرسه تأبط شرا، فلما نام الغلام ظن أنه قد استثقل نوما فأخذ حصاة فرمى بها، فقام الغلام كأنه كعب، فقال: ما هذه الوجبة؟ قال: لا أدري والله صوت سمعته في عرض الأبل، فقام يعسّ فلم ير شيئا، فعاد فنام، ففعل أبو كبير مثل ذلك ثانيا وثالثا فقام إليه تأبط شرا وقال له: يا هذا، قد رابني أمرك، والله لئن عدت أسمع شيئا من هذا إلا قتلتك، فقال أبو كبير: فبتّ والله أحرسه خوفا أن يتحرّك شيء من الأبل فيقتلني، فلما رجعا إلى حيهما قال أبو كبير: إن أم هذا لامرأة لا أقربها أبدا، فقال الأبيات. وأخرج أبو نعيم في الدلائل، والخطيب، وابن عساكر: بسند حسن عن عائشة، قالت: كنت قاعدة أغزل والنبي صلّى الله عليه وسلّم يخصف نعله، فجعل جبينه يعرق، وجعل عرقه يتولد نورا، فبهت، فقال: مالك بهت؟ قلت: جعل جبينك يعرق، وجعل عرقك يتولد نورا، ولو رآك أبو كبير الهذلي لعلم انك أحق بشعره حيث يقول: ومبرّأ من كلّ غبّر حيضة … وفساد مرضعة وداء مغيل وإذا نظرت إلى أسرّة وجهه … برقت بروق العارض المتهلّل فائدة: مطلع هذه القصيدة أورده ناظمها في عدة قصائد مغيرا منه الرويّ فقط، فقال أول قصيدة رائية (¬1): أزهير هل عن شيبة من مقصر … أم لا سبيل إلى الشّباب المدبر فقد الشّباب أبوك إلّا ذكره … فاعجب لذلك ذكر دهر واهكر ¬

_ (¬1) أشعار الهذليين 2/ 100 وانظر الشعراء 652 وقد اورد ابن قتيبة أبياتا من قصيدة الشاهد ص 653 - 654.

الهكر: أشد العجب. وقال أول أخرى فائية (¬1): أزهير هل عن شيبة من مصرف … أم لا خلود لباذل متكلّف وقال أخرى ميممة (¬2): أزهير هل عن شيبة من معكم … أم لا خلود لباذل متكرّم معكم: مرجع. وهذا يسمى في علم البديع التفصيل، بصاد مهملة (¬3). * * * ¬

_ (¬1) اشعار الهذليين 2/ 104 (¬2) اشعار الهذليين 2/ 111 (¬3) في أشعار الهذليين: (قال أبو سعيد: قوله: معكم، أي مرجع. يقال: مضى فما عكم أي ما رجع. والباذل: الذي يبذل ماله. يقول: (ماله خلود). وعبارة اللسان نقلا عن الجوهري: (معكم: معدل ومصرف).

شواهد أي بالفتح والسكون

شواهد أي بالفتح والسكون 122 - وأنشد: ألم تسمعي أي عبد في رونق الضّحى … بكاء حمامات لهنّ هدير هو لكثير عزة، وبعده: بكين فهيّجن اشتياقي ولوعتي … وقد مرّ من عهد اللّقاء دهور عبد: ترخيم عبده، اسم امرأة. ورونق الضحى: إشراقه وضوؤه. ويروى: (في ريق الضحى) وريقه: أوله وعنفوانه، والضحى: حين تشرق الشمس. قال في الصحاح: هو مقطور، يذكر ويؤنث. فمن أنث ذهب إلى انه جمع ضحوة، ومن ذكّر ذهب إلى أنه اسم على فعل، مثل صرد ونغر. والهدير: صوت الحمام. واللوعة: حرقة قلب الحزين. والبيت أورده المصنف على أي للنداء: وقال الدماميني: ليس في البيت ما يعين حال المنادي من قرب أو بعد أو توسط. 113 - وأنشد (¬1): وترمينني بالطّرف، أي أنت مذنب … وتقلينني، لكنّ إيّاك لا أقلي ترمينني: تشيرين إليّ. والطرف: البصر. وتقلينني: تبغضينني، يقال: قلاه يقليه قلى وقلا. ويقال في لغة طي: قلاه يقلاه. وقوله: (لكنّ اياك) قال الزمخشري: ¬

_ (¬1) الخزانة 4/ 490.

لكن أنا، فحذف الهمزة وألقى حركتها على النون، فتلاقي النون فادغم. وإياك: مفعول أقلى قدّم عليه لرعاية القافية. والمعنى: لكن أنا لا أقليك. والبيت استشهد به المصنف على وقوع أي تفسيرا للجمل. وقد استشهد ابن الشجري وغيره بالبيت على انه يقال قلى يقلي بالكسر. * * *

شواهد أي المشددة

شواهد أيّ المشددة 114 - وأنشد (¬1): تنظّرت نصرا والسّماكين أيهما … عليّ من الغيث استهلّت مواطره تنظرت: انتظرت في مهلة. ونصر: اسم رجل. والسماكين: كوكبان، يقال لأحدهما الأعزل، وهو من منازل القمر. ويقال للآخر السماك الرامح، وليس من المنازل. وأيهما: مخفف أيهما، وهو محل الاستشهاد. واستهلت: صبت. والمواطر: جمع ماطرة، صفة للسحائب، أي صبت سحائبه المواطر. وضمير أيهما عائد إلى الأمرين المذكورين، أحدهما نصر والآخر السماكان، والبيت أورده ابن مالك في شرح الكافية شاهدا على حذف أل من العلم بالغلبة دون نداء إضافة قليلا. وأورده بلفظ: انتظرت نصرا والسّماكين أيهما … عليه من الغيث استقلّت مواطره 115 - وأنشد (¬2): إذا ما لقيت بني مالك … فسلّم على أيّهم أفضل قال المصنف في شواهده: هو لرجل من غسان وفيه روايتان: إعراب (أي) وبناؤها على الضم، ولم يزد على ذلك. وقال العيني في شواهده: قاله غسان بن وعلة بن مرة، أحد بني مرة بن عباد. و (ما) زائدة، والفاء جواب إذا، لما فيها من معنى الشرط. وهذا البيت حجة على ثعلب في زعمه أن (أي) لا تكون الا استفهاما ما أوجزأ. ¬

_ (¬1) البيت للفرزدق في نصر بن سيار، وانظر ديوانه 347. (¬2) الخزانة 2/ 522، وابن عقيل 1/ 85

شواهد إذ

شواهد إذ 116 - وأنشد (¬1): فأصبحوا قد أعاد الله نعمتهم … إذ هم قريش وإذ ما مثلهم بشر هو من قصيدة للفرزدق يمدح بها عمر بن عبد العزيز، أوّلها: تقول لمّا رأتني وهي طيّبة … على الفراش ومنها الدّلّ والخفر أصدر همومك لا يقتلك واردها … فكلّ واردة يوما لها صدر الى أن قال: إذا رجى الرّكب تعريسا ذكرت لهم … غيثا يكون على الأيدي له درر (¬2) سيروا فإنّ ابن ليلى عن أمامكم … وبادروه فإنّ العرف يبتدر (¬3) ¬

_ (¬1) ديوانه 223، والخزانة 2/ 130. (¬2) ويروى: (عيشأ) كما في الخزانة. (¬3) قال المعلق على الخزانة 4/ 101 (السلفية): (وهكذا جاءت الرواية في السيوطي 84، والرواية في الديوان 15 بيروت (من امامكم)، وفي العيني 3/ 626: (فإن أبا ليلى أمامكم) ولا تصح هذه الرواية، فان الممدوح بهذه القصيدة عمر بن عبد العزيز، وأمه هي ليلى بنت عاصم ابن عمر بن الخطاب، كما ان أم أبيه عبد العزيز هي ليلى بنت الاصبغ ابن زياد الكلبي، وبعد هذا البيت: وبادروا بابن ليلى الموت إن له … كفين ما فيهما نجل ولا حصد

فأصبحوا قد أعاد الله نعمتهم … إذ هم قريش وإذ ما مثلهم بشر ولن يزال إمام منهم ملك … إليه يشخص فوق المنبر البصر إن عاقبوا فالمنايا في عقوبتهم (¬1) … وإن عفوا فذوو الأحلام إن قدروا الدل: الغنج والشكل، يقال: دلت المرأة تدل بالكسر، وتدللت، وهي حسنة الدل والدلال. وجارية خفرة ومتخفرة. والتعريس: نزول القوم في السفر من آخر الليل. والدرر، بالكسر، جمع درة، يقال للسحاب درة أي صب. وابتدر الشيء: بادر إلى أخذه، أي تسارع. وفي البيت شواهد، أحدها: استعمال أصبح بمعنى صار. ثانيها: اقتران جملة الحال الماضية بقد، فإن جملة قد أعاد أعربت حالا. الثالث ورود (إذا) للتعليل. الرابع: نصب خبر (ما) مع تقدمة على اسمها، وهو نادر. وقيل: انه من غلط الفرزدق، لأنه تميمي، وليس لغته نصب الخبر، فقصد أن يتكلم باللغة الحجازية ولم يعلم شرطها فغلط. وقيل إن مثلهم نصب على الحال لأنه صفة ليس وصف النكرة وإذا تقدمت عليها نصبت على الحال، والتقدير: وإذا ما في الدنيا بشر حال كونه مثلهم. وقيل: نصب على الظرف، والتقدير: وإذ ما مكانهم بشر، أي في مثل حالهم. 117 - وأنشد (¬2): إنّ محلّا وإنّ مرتحلا … وإنّ في السّفر إذ مضوا مهلا هو مطلع قصيدة للأعشى، وبعده: وقد رحلت المطيّ منتخلا … أزجي ثقالا وقلقلا وقلا ¬

_ (¬1) في الخزانة: (.. من عقوبتهم). (¬2) ديوانه 233، القطعة رقم 35، والاغاني 9/ 121 (الثقافة)، وامالي ابن الشجري 288، وسيأتي في شواهد (لا). ويروى: (ما مضى) كما في ديوانه، و (من مضى) كما في الاغاني.

بسير من يقطع المفاوز وال … بعد إلى من يثيبه الإبلا يكرمها ما ثوت لديه ويج … زيها بما كان خفّها عملا أبلج لا يرهب الهزال ولا … يقطع رحما ولا يخون إلا (¬1) استأثر الله بالوفاء وبال … عدل وولّى الملامة الرّجلا قد علمت فارس وحمير وال … أعراب بالدّشت أيّهم نزلا (¬2) ليث لدى الحرب أو تدوخ له … قسرا وبذّ الملوك ما فعلا والسفر: بفتح السين وسكون الفاء، جماعة، واحدها سافر، كصاحب وصحب، وراكب وركب. والسافر الذي خرج للسفر. والمهل: بفتح الميم والهاء، التؤدة وعدم العجلة. وأزجى: أسوق. وقلقل: فرس سريع. وقلا: بالكسر، إذا أحسن الدخول بين الجبال. أخرج أبو الفرج في الأغاني عن سماك بن حرب قال (¬3): قال الأعشى: أتيت سلامة ذا فابش فأطلت المقام ببابه حتى وصلت اليه بعد مدة، فأنشدته: إنّ محلّا وإنّ مرتحلا … وإنّ في شعر من مضى مثلا استأثر الله بالوفاء وبال … عدل وولّى الملامة الرّجلا الشّعر قلّدته سلامة ذا … فايش والشّيء حيث ما جعلا قال: صدقت، الشيء حيث ما جعل، وأمر لي بمائة من الابل وكساني حللا وأعطاني كرشا مدبوغة مملوءة عنبرا فبعتها في الحيرة بثلاثمائة ناقة حمرا. ¬

_ (¬1) في ديوانه: (أبيض لا يرهب ..). (¬2) الدشت: الصحراء، فارسية معربة. (¬3) الأغاني 9/ 121 (الثقافة).

فائدة: [الأعشى]

فائدة: [الأعشى] الأعشى: اسمه ميمون (¬1) بن قيس بن جندل بن شراحيل بن عوف بن سعد بن ضبيعة بن قيس بن ثعلبة، يكنى أبا بصير. امتدح النبيّ صلّى الله عليه وسلّم بقصيدة وقدم ليسلم، فرآه كفار مكة، كما سيأتي ذكر قصته في حرف اللام عند شرح القصيدة المذكورة (¬2). قال الآمدي في شرح ديوان الأعشى: كان الأعشى جاهليا كبير السن، وعاش حتى أدرك الاسلام في آخر عمره، ورحل الى النبيّ صلّى الله عليه وسلّم من اليمامة ليسلم، فقيل له: إنه يحرّم الخمر والزنا، فقال: أتمتع منهما سنة ثم أسلم، فمات قبل ذلك بقرية من قرى اليمامة. وقيل إن خروجه الى النبي صلّى الله عليه وسلّم كان في عام الحديبية، فمرّ بأبي سفيان بن حرب فسأله عن وجهه الذي قدم منه فعرّفه، ثم سأله: أين يقصد؟ فقال: أريد محمدا. فقال: انه يحرّم عليك الزنا والخمر والقمار. فقال له: أمّا الزنا فقد تركني ولم أتركه، وأما الخمر فقد قضيت منه وطرا، وأما القمار فلعلي أن أصيب منه خلفا. قال: فهل لك الى خير؟ قال: وما هو؟ قال: بيننا وبينه هدنة فترجع عامك هذا وتأخذ مائة ناقة حمراء، فإن ظهر أتيته، وإن ظهرنا كنت قد أصبت عوضا من رحلتك. قال: لا أبالي. فانطلق به أبو سفيان الى منزله وجمع له أصحابه وقال: يا معشر قريش، هذا أعشى بني قيس بن ثعلبة، وقد عرفتم شعره، ولئن وصل الى محمد ليضربن عليكم العرب بشعره، فجمعوا له مائة ناقة وانصرف، فلما كان بناحية اليمامة ألقاه بعيره فوقصه فمات (¬3). وكان الأعشى يلقب صناجة العرب لأنه أول من ذكر الصنج في شعره (¬4). وكان ¬

_ (¬1) وبعده كما في الاغاني 9/ 104: (ثعلبة الحصن بن عكابة بن صعب ابن علي بن بكر بن وائل بن قاسط بن هنب بن أفصي بن دعميّ بن جديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار). (¬2) لم يشرح القصيدة السيوطي في حرف اللام، وذكر الشاهد في (لا) وقال: (تقدم شرحه في شواهد إذ). (¬3) انظر الاغاني 9/ 122 - 123 (¬4) في الشعراء 213: (ويسمى صناجة العرب، لانه اول من ذكر الصنج في شعره فقال: ومستجيب لصوت الصنج تسمعه … اذا ترجّع فيه القينة الفضل

الأعشى يفد على ملوك العرب وملوك فارس، فلذلك كثرت الفارسية في شعره. قال: وكان أبو كلبة هجا الأعشى وهجا الأصم بن معبد فقال فيهما: فتحتما شاعري حيّ ذوي حسب … وحزّ أنفاكما حزّا بمنشار أعني الأصمّ وأعشانا إذا ابتدرا … إلّا استعانا على سمع وإبصار فامسك عنه الأعشى فلم يجبه بشيء، وقال للأصم: أنت من بيت مشهور، وأبو كلبة رجل مرذول فلا تجبه فترفع عن قدره (¬1). قالوا: والأعشى ممن أقرّ بالملكين الكاتبين في شعره، فقال في قصيدة يمتدح بها النعمان (¬2): فلا تحسبنّي كافرا لك نعمة … عليّ شاهدي يا شاهد الله فاشهد (¬3) وقد كانت العرب ممن أقام على دين إسمعيل، إذا حلفت تقول: وحق الملكين. فكان الأعشى ممن أقام على دين إسمعيل والقول بالأنبياء. قالوا: والأعشى ممن اعتزل وقال بالعدل في الجاهلية، من ذلك قوله: استأثر الله بالوفاء ... البيت وسلك الأعشى في شعره كل مسلك، وقال في أكثر أعاريض العرب، وليس ممن تقدم من فحول الشعراء أحد أكثر شعرا منه. ¬

_ (¬1) انظر الاغاني 23/ 237 - 241. فقد روى شعر للاعشى وأبى كلبة هذا وبكير الأصم، في يوم ذي قار. (¬2) ديوانه 193. (¬3) في ديوانه برواية: (عليّ شهيد شاهد الله فاشهد).

قالوا: وكانت العرب لا تعدّ الشاعر فحلا، حتى يأتي ببعض الحكمة في شعره فلم يعدّوا امرأ القيس فحلا حتى قال (¬1): والله أنجح ما طلبت به … والبرّ خير حقيبة الرّجل وكانوا لا يعدّون النابغة فحلا حتى قال (¬2): نبّئت أنّ أبا قابوس أوعدني … ولا قرار على زأر من الأسد وكانوا لا يعدّون زهيرا فحلا حتى قال (¬3): ومهما تكن عند امرئ من خليقة … ولو خالها تخفى على النّاس تعلم وكانوا لا يعدّون الأعشى فحلا حتى قال: قلّدتك الشّعر يا سلامة ذا … فايش، والشّيء حيث ما جعلا وقال أبو عبيد (¬4): الأعشى هو رابع الشعراء المتقدمين، امرئ القيس والنابغة وزهير. قال: وكان الاعشى يقدم على طرفة لأنه أكثر عدد طوال جياد، وأوصف للخمر والحمر، وأمدح وأهجى، وأكثر أعاريض. وطرفة يوضع مع أصحابه، وهم أصحاب الوحدات، فمنهم: الحارث بن حلّزة، وعمرو بن كلثوم التغلبي، وسويد بن أبي كاهل اليشكري، قال: وإنما فضل الأعشى على هؤلاء لأنه سلك أساليب لم ¬

_ (¬1) ديوانه 238 (المعارف) والعقد الثمين 94، والشعراء 61 وشعراء الجاهلية 57 والموشح 33. وهذا البيت من أصدق وأشرف ما قاله العرب. (¬2) من قصيدته: (يا دارمية ...) وقد سبقت ص 71 - 75، والبيت مع غيره في الشعراء 119. (¬3) ديوانه 32 (وان خالها ...) والكامل 698 (¬4) انظر الشعراء 219

فائدة: [العشي من الشعراء ستة عشر:]

يسلكوها، فجعله الناس رابعا للأوائل بآخرة. واتفقوا على أن أشعر الشعراء واحدة في الجاهلية: طرفة والحارث بن حلّزة، وعمر بن كلثوم. ثم اختلفوا فيهم، ونظيرهم في الاسلام سويد بن أبي كاهل اليشكري. واتفقوا على أن أشعر شعراء الاسلام الفرزدق وجرير والأخطل، ثم اختلفوا فيهم. واتفقوا على أنّ الشعر في الاسلام في تميم وتغلب. وأن أشعر أهل المدر: أهل يثرب ثم عبد القيس ثم ثقيف. وأشعر هؤلاء المدريين: حسان بن ثابت. قال أبو عبيدة: وتقدم عبد الملك بن مروان الى الهيثم بن صالح مؤدّب ولده فقال: علمهم شعر الأعشى، فإني شبهته بالبازي يصيد ما بين الكركي الى العندليب. قال الآمدي: ولشعر الأعشى طلاوة ليست لغيره من الشعر القديم. وقد كان أبو عمرو بن العلاء يفخم منه ويعظم محله ويقول: شاعر مجيد كثير الأعاريض والافتنان، وإذا سئل عنه وعن لبيد قال: لبيد رجل صالح، والأعشى رجل شاعر. وأخرج البزار وأبو يعلى في مسنديهما عن أبي هريرة: رخص لنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في شعر جاهلي، إلا قصيدتين للأعشى زعم انه أشرك فيهما احداهما في أهل بدر، والأخرى في عامر وعلقمة. فائدة: [العشي من الشعراء ستة عشر:] العشي من الشعراء ستة عشر: هذا، وأعشى بني باهلة اسمه عامر، وأعشى بني نهشل الأسود بن يعفر، وفي الاسلام أعشى بني أبي ربيعة من بني شيبان، وأعشى همدان اسمه عبد الرحمن، وأعشى طرود من سليم، وأعشى بني مازن من تميم، وأعشى بني أسد، وأعشى ابن معروف اسمه خيثمة، وأعشى عكل اسمه كهمس، وأعشى بني عقيل اسمه معاذ، وأعشى بني مالك بن سعد، والأعشى التغلبي اسمه النعمان، وأعشى بني عوف بن همام واسمه ضابئ، وأعشى بني ضورة اسمه عبد الله، وأعشى بني جلان اسمه سلمة. نقلت ذلك من شرح الشواهد الكبير للعيني. ثم رأيت أبا القاسم الآمدي ذكر في المؤتلف والمختلف: العشى سبعة عشر، هؤلاء المذكورون، وقال في الرابع: أعشى بني ربيعة بن ذهل بن شيبان

واسمه عبد الله بن خارجة. وقال في أعشى بني أسد انه جاهلي، وهو ابن نجرة بن قيس. وقال في أعشى ابن معروف: اسمه طلحة، والسابع عشر الذي زاده: الأعشى ابن النباش بن زرارة التميمي. 118 - وأنشد (¬1): استقدر الله خيرا وارضيّن به … فبينما العسر إذ دارت مياسير أخرج أبو بكر محمد بن القاسم بن الأنباري بسنده الى هشام بن الكلبي، قال: عاش عبيد بن شريّة الجرهمي ثلاثمائة سنة وأدرك الاسلام، ودخل على معاوية، وهو خليفة، فقال: حدثني بأعجب ما رأيت؟ فقال: مررت ذات يوم بقوم يدفنون ميتا لهم، فلما انتهيت إليهم اغرورقت عيناي بالدموع فتمثلت بقول الشاعر: يا قلب إنّك من أسماء مغرور … فاذكر وهل ينفعنّك اليوم تذكير قد بحت بالحبّ ما تخفيه من أحد … حتّى جرت بك إطلاقا محاضير تبغي أمورا فما تدري أعاجلها … أدنى لرشدك أم ما فيه تأخير (¬2) فاستقدر الله خيرا وارضينّ به … فبينما العسر إذ دارت مياسير وبينما المرء في الأحياء مغتبط (¬3) … إذ صار في الرّمس تعفوه الأعاصير يبكي الغريب عليه ليس يعرفه … وذو قرابته في الحيّ مسرور حتّى كأن لم يكن إلّا تذكّره … والدّهر أينما حال دهارير ¬

_ (¬1) عيون الاخبار، 2/ 305 (فاستقدر) ودرة الغواص 33 (الجوائب) وحاشية الامير 1/ 77 والمعمرين 40. (¬2) في عيون الاخبار برواية: تجري أمور ولا تدري أوائلها … خير لنفسك أم ما فيه تأخير وفي درة الغواص: تجري أمور وما تدري أعاجلها … أدنى لرشدك ... (¬3) عيون الاخبار: (مغتبطا) بالنصب.

فقال لي رجل: أتعرف من يقول هذا البيت؟ قلت: لا، قال: إن قائله هو الذي دفنّاه الساعة، وأنت الغريب تبكي عليه ليس تعرفه، وهذا الذي خرج من قبره أمسّ الناس رحما به، وأسرّهم بموته. فقال له معاوية: لقد رأيت عجبا. فمن الميت؟ قال: عتير بن لبيد العذري، انتهى. أخرجه ابن عساكر من طريق أخرى، وفيه أن صاحب الجنازة والأبيات رجل من بني عذرة يقال له حريث بن جبلة (¬1)، وبذلك جزم الزمخشري في شرح شواهد سيبويه. اطلاق: جمع طلق، بفتحتين، يقال: جرى الفرس طلقا أو طلقين، أي شوطا أو شوطين. والمحاضير: جمع محضير بكسر الميم، وهو الفرس الكثير العدو. واستقدر: طلب تقدير الخير. والمياسير: جمع ميسور، بمعنى اليسر. ويغتبط: مسرور. والرمس: القبر. وتعفوه: تزيل أثره. والأعاصير: جمع اعصار، وهي ريح. ثم رأيت الزبير بن بكار أخرج في الموفقيات عن الكلبي قال: لما هلك حنظلة بن نهد بن زيد (¬2) لم يدفن ثلاثة أيام حتى أتاه من كل أوب، وأتاه من كل حي وجوههم، فقامت الخطباء بالتعزية، وقيلت فيه الأشعار حتى عدّ ذلك اليوم من بعض مواسم العرب. فلما ووري في حفرته قام جديلة بن أسد بن ربيعة (¬3) فقال: أيها الناس، هذا حنظلة بن نهد فكّاك الأسير، وطارد العسير، فهل منكم اليوم مجاز بفعله، أو حامل عنه من ثقله، كلا وأجل، إن مع كل جرعة لكم شرقا، وفي كل أكلة لكم غصصا، لا تنالون نعمة إلا بفراق أخرى، ولا يستقبل معمّر يوما من عمره إلا بهدم آخر من أجله، ولا يجد لذة زيادة في أكله إلا بنفاد ما قبله من رزقه، ولا يحيى له أثر إلا مات أثر، ان في هذا لعبرا ومزدجرا لمن نظر، لو كان أصاب أحد إلى البقاء سلما ووجد الى المرحل عن الفناء سبيلا، لكان ابن داود المقرون له النبوة بملك الجن والانس، ثم أنشأ يقول: ¬

_ (¬1) وكذا في المعمرين 40. (¬2) حاكم العرب، وانظر البيان والتبيين 1/ 281 وجمهرة الانساب 446، والمقتضب 136، 137. (¬3) انظر جمهرة أنساب العرب لابن حزم 293 و 295 والاشتقاق 320 و 324 وأمالي ابن الشجري 196 والى جديلة بن أسد، تنسب جديلة ربيعة.

وهذا صاحب الملكين أضحى … تخرّق في مصانعه المنون فكان عليه للأيّام دين … فقد قضيت عن المرء الدّيون وخانته العصا من بعد ما قد … أتى ميتا له حين فحين على الكرسيّ معتمدا عليه … يرفّ الخدّ منه والجبين يسير بشرجع لا شيء فيه … تحار الشّمس فيه والعيون وتضحى الجنّ عاكفة عليه … كما عكفت على الأسد العرين وسخرت العيون له جميعا … عليه الطّير عاكفة عرين فلم أر مثله حيّا وميتا … على الأيّام كان ولا يكون فدان له الخلائق ثمّ هبّوا … ودان فيما قد يدين بنى صرحا له دون الثّريّا … وأجري تحته الماء المعين تراه متقنا لا عيب فيه … يخال بصرحه الذّهن الذّهين وقد ملك الملوك وكلّ شيء … تدين له السّهولة والحزون فأفنى ملكه مرّ اللّيالي … وخون الدّهر فيما قد يخون وكلّ أخي مكاثرة وعزّ … إلى ريب الحوادث مستكين كذاك الدّهر يفني كلّ حيّ … ويعقب بعد قوّته اليقين ثم قام ابن كثير بن عذرة بن سعد بن تميم فقال: أيها الناس هذا حنظلة بن نهد معدن الحكماء، وعز الضعفاء، ومعطي اليانع، ومطعم الجائع، فهل منكم له مانع؟

أو لما حل به دافع! أيها الناس، إنما البقاء بعد الفناء، وقد خلقنا ولم نك شيئا، وسنعود الى ذلك. أن العواري اليوم والهبات غدا. ورثنا من قبلنا ولنا وارثون، ولا بد من رحيل عن محل نازل، ألا وقد تقارب سلب فاحسن أو اهبط أجوى، وقد أصبحتم في منزل لا يستتب فيه سرور بيسر إلا تبعه حصير عسر، ولا تطول فيه حياة مرجوّة إلا اخترمها موت مخوف، ولا يوثق فيه بخلف باق إلا ويستتبعه سابق ماض، فأنتم أعوان للحتوف على أنفسكم، لها بكل سبسب منكم صريع مجتزر، معازب منتظر، فهذه أنفسكم تسوقكم الى الفناء، فلم تطلبون البقاء! اطلبوا الخير ووليه، واحذروا الشرّ وموليه، واعلموا أن خيرا من الخير معطيه، وأن شرا من الشر فاعله، ثم أنشأ يقول: يا قلب إنّك من أسماء مغرور ... الأبيات 119 - وأنشد «1»: هل ترجعنّ ليال قد مضين لنا … والعيش منقلب إذ ذاك أفنانا قال الدماميني: الأفنان، إما جمع فنّ، وهو الغصن الملتف، أو جمع فنّ، وهو الحال والنوع. ونصبه على الحال من ليال، وإن كان نكرة لتخصصها. وعامل (إذ) منقلب، واسم الاشارة الأول أشير به الى العيش باعتبار حاله، والثاني المحذوف أشير به الى حال الأفنان، والجملة المقترنة بالواو حال من ضمير مضين. والمعنى: هل ترجع ليالينا حال كونها مثل الأغصان الملتفة في نضارتها وحسنها، أو حال كونها ذات فنون من الحسن وضروب شتى من اللذة، وهذه الليالي هي اللاتي مضين في حال إن عيشنا منقلب من طور الى طور، إذ حال ذلك العيش مثل حال تلك الاغصان في الرونق والبهجة، أو مثل تلك الفنون المختالة في الحسن، انتهى كلام الدماميني. ثم رأيت في الاغاني ما يدل على ان هذا البيت لعبد الله بن المعتز وأورد عجزه بلفظ (¬1): ¬

_ (¬1) الاغاني 10/ 289

والدّار جامعة أزمان أزمانا فالبيت اذا ليس من شرط هذا الكتاب (¬1). 120 - وأنشد: كانت منازل ألّاف عهدتهم … إذ نحن إذ ذاك دون النّاس إخوانا قال ابن الشجري في أماليه (¬2): هو للاخطل. قال: وخبر المبتدأين اللذين هم: (نحن وذاك) محذوفان. أراد عهدتهم إخوانا إذ نحن متآلفون، أو متآخون. يدل على التقدير الأول، ذكر الألّاف، وعلى الثاني، ذكر الأخوان. وأراد: إذ ذاك كائن، ولا يجوز أن يكون (إذ ذاك) خبر نحن، لأن ظروف الزمان لا يصح الاخبار بها عن الأعيان (فلو قلت: زيد أمس، لم يحصل بذلك فائدة) (¬3). و (إذا) الاولى ظرف لعهدتهم، وأما الثانية، فيعمل فيها الخبر المقدر، الذي هو متآلفون أو متآخون. وأما قوله: دون الناس، فيحتمل أن يكون العامل فيه (عهدتهم)، ويحتمل أن تعلقه بالخبر المقدر (¬4)، كأنك قلت متألفون دون الناس، ويجوز تعلقه بمحذوف غير الخبر المقدر، على أن يكون في الأصل صفة لاخوان، كأنه قال: عهدتهم إخوانا دون الناس، أي متصافين دون الناس، فلما قدم على الموصوف، صار حالا. وجاز جعله وصفا لعين، وحالا منه، لأنه ظرف مكاني. (فأن قيل): إلام توجهت الاشارة بذلك؟ (فالجواب): إلى التجاور الذي دل عليه ذكر المنازل، انتهى كلام ابن الشجري. ¬

_ (¬1) لا يستشهد بشعر عبد الله بن المعتز لتأخر زمانه قتل عام 296 هـ. (¬2) 1/ 178. (¬3) مزيدة عن أمالي ابن الشجري. (¬4) في ابن الشجري: (المضمر).

121 - وأنشد (¬1): لميّة موحش طلل هو لكثير عزّة، وتمامه: يلوح كأنّه خلل ميّة: بفتح الميم وتشديد المثناة التحتية، اسم امرأة. والطلل: ما شخص من أثار الدار. والموحش: المنزل الذي صار وحشا، أي قفرا لا أنيس به. ويلوح يلمع. وخلل: بكسر الخاء المعجمة، جمع خلّة بالكسر أيضا، بطان كانت يغشى بها أجفان السيوف، منقوشة بالذهب وغيره. وجعله الدماميني بالجيم، وفسره بالحقير، وهو تصحيف منه. وجملة (يلوح) صفة طلل. والبيت استشهد به المصنف على تقدم الحال على صاحبها النكرة. وقيل: إنه ليس منه، وان الحال هنا من الضمير في الخبر، لا من النكرة (¬2). ورأيت الزمخشري في شواهد سيبويه أنشد المصراع هكذا: لغيره موحشا طلل قديم (¬3) 122 - وأنشد: كأن لم يكونوا حمى يتّقى … إذ النّاس إذ ذاك من عزّ بزّا ¬

_ (¬1) الخزانة 1/ 531 - 533 ويروى: لعزّة موحشا طلل قديم. وفي الخزانة قال: وهذا البيت من روى أوله: (لعزة موحشا .. الخ). قال: هو لكثير عزّة، منهم أبو علي في التذكرة القصرية. ومن روى (لمية موحشا) قال: إنه لذي الرمّة. فان عزّة اسم محبوبة كثير، وميّة اسم محبوبة ذي الرمّة. والشاهد المشهور في هذا المعنى هو: لميّة موحشا طلل … يلوح كانه خلل وقد قيل: إنه لكثير عزّة. (¬2) في الخزانة 1/ 532: (قال ابن الحاجب في أماليه على أبيات المفصل: يجوز أن يكون موحشا حالا من الضمير في لميّة، فجعل الحال من المعرفة أولى من جعلها من النكرة متقدّمة عليها، لان هذا هو الكثير الشائع. وذلك قليل، فكان أولى). (¬3) كذا، ولعله: (لعزّة).

هذا من أبيات للخنساء ترثي بها أخويها وزوجها، وأوّلها: تعرّقني الدّهر نهسا وحزّا … وأوجعني الدّهر قرعا وغمزا وأفنى رجالي فبادوا معا … فغودر قلبي بهم مستفزّا (¬1) لذكر الّذين بهم في الهيا … ج للمستضيف إذا خاف عزّا وهم في القديم سراة الأدي … م والكائنون من الخوف حرزا (¬2) كأن لم يكونوا حمى يتّقي … إذ النّاس إذ ذاك من عزّ بزّا وكانوا سراة بني مالك … وفخر العشيرة مجدا وعزّا (¬3) وهم منعوا جارهم والنّسا … ء يحفز أحشاءها الخوف حفزا غداة لقوهم بملمومة … رداح تغادر للأرض ركزا وخيل تكدّس بالدّارعين … تحت العجاجة يجمزن جمزا ببيض الصّفاح وسمر الرّماح … فبالبيض ضربا وبالسّمر وخزا ومن ظنّ ممّن يلاقي الحروب … بأن لا يصاب فقد ظنّ عجزا نعفّ ونعرف حقّ القرى (¬4) … ونتّخذ الحمد ذخرا وكنزا وقال المبرّد في الكامل (¬5): كان سبب قتل صخر بن عمرو بن الشّريد أخى الخنساء: أنه جمع جمعا وأغار على بني أسد بن خزيمة، فنذروا به، فالتقوا ¬

_ (¬1) ويروى كما في الكامل 1223، وأمالي ابن الشجري 1/ 215: (فأصبح قلبي ..). (¬2) هذا البيت ترتيبه في الكامل، وأمالي ابن الشجري 1/ 215 بعد البيت: (وكانوا سراة .. الخ). (¬3) في الكامل: (وزين العشيرة ..). (¬4) وكذا في الكامل. وفي ابن الشجري: (.. حق الجوار). (¬5) ص 1224

فاقتتلوا قتالا شديدا، فارفضّ أصحاب صخر عنه، وطعن طعنة في جنبه فاشتغل بها (¬1)، فلمّا صار إلى أهله يتعالج منها، فنتأ من الجرح كمثل اليد، فأضناه ذلك حولا، فسمع سائلا يسأل امرأته وهو يقول: كيف صخر اليوم؟ فقالت: لا ميّت فينعى، ولا صحيح فيرجى، فعلم صخر أنها قد برمت به، فقطع ذلك الموضع فمات (¬2). قال ابن الشجري في أماليه، شارحا هذه الأبيات: (¬3) قولها: تعرّقني الدهر، (البيت، العظيم بما عليه من اللحم، وجمعه عراق، وهو أحد الأسماء التي جاء جمعها على فعال بضم الفاء عن ابن السكيت) (¬4)، يقال: تعرّقت العظم، إذا أخذت ما عليه من اللحم، ويقال للعظم الذي أخذ لحمه: العراق. والنهس، بالمهملة، القبض على اللحم بالأسنان، ومثله النهش، بالمعجمة. وقيل بل النهس بمقدم الفم، والحز: قطع غير نافذ (¬5). والقرع: مصدر قرعته بالعصا وبالسيف (¬6). والغمز: غمزك الشيء اللين بيدك. وأرادت أن الدهر ¬

_ (¬1) كذا بالاصل، وفي الكامل: (وطعنه ابو ثور طعنة في جنبه استقلّ بها). (¬2) في الكامل: ... فعلم أنها برمت به، ورأى تحرق أمه عليه فقال: أرى أمّ صخر ما تجف دموعها … وملّت سليمى مضجعي ومكاني وما كنت أخشى أن أكون جنازة … عليك ومن يغتر بالحدثان أهمّ بأمر الحزم لو أستطيعه … وقد حيل بين العير والنزوان لعمري لقد أنبهت من كان نائما … وأسمعت من كانت له آذان فأيّ امرئ ساوى بأم حليلة … فلا عاش إلّا في شقى وهوان ثم عزم على قطع ذلك الموضع، فلما قطعه يئس من نفسه، فبكاها فقال: أيا جارتا إنّ الخطوب قريب … من الناس، كلّ المخطئين تصيب أيا جارتا إنّا غريبان ههنا … وكلّ غريب للغريب نسيب كأني وقد أدنوا إليّ شفارهم … من الأدم مصقول السراة نكيب وانظر الاغاني 15/ 63 - 64 (الثقافة)، والشعراء 303 - 304 (¬3) ص 1/ 215 - 224. (¬4) مزيدة عن ابن الشجري. (¬5) وبعده كما في ابن الشجري: (.. ومثله القرض، ويكون نافذا لقولهم: حزة من بطيخ، وحزة من كبد). (¬6) والمقارعة بالسيوف (ابن الشجري).

أوجعها بكبار نوائبه وصغارها. ونصب (نهسا وحزا) على المصدر لفعل مضمر، أي نهسني وحزني، أو على الحال، أو على حذف الجار، أي بنهس وحزأ، وعلى التمييز لأن التعرق لما احتمل أكثر من وجه، فجاز أن يكون بالنهس، وأن يكون بالحزأ والكشط أو غير ذلك، كأن ذكر كل واحد منها تبيينا. والأوجه الأربعة، تأتّى في نص قرعا وغمزا. وأعادت لفظ الدهر ولم تضمره تعظيما للأمر. قولها: وأفنى رجالي فبادوا معا أورده المصنف في حرف الميم شاهدا على نصب (مع) على الحال. قولها: مستفزا: أي مستخفا. قولها: هم في القديم سراة الأديم فيه الترصيع، وسراة الشيء: ظاهره. والحمى: نقيض المباح. وعز هنا معناه: غلب، من قول الله: (وعزني في الخطاب). وبز معناه: سلب، ومن في البيت، موصول رفع بالابتداء، وبزخبرها، والعائد إلى الناس محذوف، أي من عزّ منهم. ولا يجوز أن يكون إذ ذاك خبرا عن الناس، لأن ظروف الزمان لا يخبر بها عن الأشخاص، بل هو متعلق ببز، ولا يجوز أن يكون (من) شرطا، لأن الشرط وجوابه لا يعمل واحد منهما فيما قبله، و (ذاك) في موضع رفع بالابتداء، وخبره محذوف، أي إذ ذاك كائن أو موجود، ولا يجوز ان يكون في محل خبر، لأن إذ لا تضاف إلا الى جملة. وسراة القوم: سادتهم ذوو السخاء والمروءة، واحدهم سري. ونصب (مجدا وعزا) على التمييز. والحفز، بحاء مهملة وفاء وزاي، الدفع (¬1): وملمومة: الكتيبة التي كثر عددها، واجتمع فيها المقنب إلى المقنب. والرداح: الكثيرة الفرسان (¬2). والركز الصوت الخفي. والتكدس: ¬

_ (¬1) في هامش الكامل 1224: (المهبلي: أصل الحفز حثّك الشيء من خلفه وغير سوق، والرجل يتحفز في جلوسه: يريد القيام والبطش بشيء). (¬2) في هامش الكامل: (كتيبة رداح كثيرة الفرسان. وملمومة وململمة: مجتمعة).

فائدة: [الخنساء بنت عمرو]

مشي الفرس مثقلا. والجمز من السير: أشد من العنق. والصفاح: جمع صفيحة، وهو السيف العريض. وإنما وصفوا الرماح بالسمرة لأن القنا اذا بقي حتى يسمر في منابته، دل على نضجه وشدته. والباء في الصفاح متعلقة بحال من المضمر في يغادر، أي يغادر الملمومة الأرض ركزا ملتبسة ببيض الصفاح، والباء في (فبالبيض) متعلقة بالفعل الناصب للمصدر، أي فيضربون بالبيض ضربا، ويخزون بالسمر وخزا، والوخز: الطعن بالرمح وغيره، ولا يكون نافذا. ويجوز في يصاب النصب على أنّ (أن) مصدرية، والرفع أنها مخففة من الثقيلة، انتهى كلام ابن الشجري ملخصا (¬1). ومما يتعلق بشرح البيت: ان قولها (من عزّ بز) مثل مشهور (¬2). قال الميداني في الأمثال: أي من غلب سلب. قال المفضل: أول من قال ذلك رجل من طيّ، يقال له جابر بن رالان، أحد بني ثعل، وكان من حديثه أنه خرج ومعه صاحبان له، حتى إذا كانوا بظهر الحيرة، وكان للمنذر بن النعمان يوم يركب فيه، فلا يلقى فيه أحدا إلا قتله، فلقى في ذلك اليوم جابرا وصاحبيه، فأخذتهم الخيل، فأتى بهم المنذر فقال: اقترعوا، فأيكم قرع خليت سبيله، وقتلت الباقيين. فاقترعوا فقرعهم جابر فخلى سبيله وقتل صاحبيه. فلما رآهما يقادان قال. من عزّ بز، فأرسلها مثلا. فائدة: [الخنساء بنت عمرو] الخنساء بنت عمرو بن الشّريد بن رياح بن ثعلبة بن عصيّة بن خفاف بن امرئ القيس بن بهثة بن سليم السلمية، الشاعرة الصحابية، اسمها تماضر، وخنساء لقب، وهي أم العباس بن مرداس السلمى الصحابي (¬3). ¬

_ (¬1) يلاحظ أن السيوطي يتصرف هنا كثيرا في شرح ابن الشجري مع تقديم وتأخير. (¬2) انظر الكامل 793. (¬3) قوله أم العباس بن مرداس السلمي خطأ عظيم والصواب انها ليست أمه وان أم العباس بن مرداس سوداء فهو أحد أغربة العرب أي سودانهم الذين أمهاتهم أماء سود اه. محمد محمود الشنقيطي. وانظر ص 118، والخزانة 1/ 208.

قال ابن عبد البر: قدمت على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مع قومها فأسلمت. وذكر أنه صلّى الله عليه وسلّم كان يستنشدها ويعجبه شعرها، ويقول: هيه يا خناس. وأجمع أهل العلم بالشعر على أنه لم يكن امرأة قبلها ولا بعدها أشعر منها. وكان أول أمرها تقول البيتين والثلاثة حتى قتل أخوها معاوية ثم أخوها صخر فأكثرت من الشعر وأجادت، انتهى. وقال أبو تمام: الخنساء هي المقدمة من النساء في الشعر. وكان بشار يقول: ليس لشعر النساء من المتانة ما للرجال، قيل له: وكذلك تقول في الخنساء؟ قال: أما الخنساء فكان لها سبع خصيّ. وفي الاستيعاب: حضرت الخنساء حرب القادسية ومعها بنوها أربعة رجال، فقالت لهم، من أول الليل: يا بني، إنكم أسلمتم طائعين، وهاجرتم مختارين، وو الله الذي لا إله الا هو، إنكم لبنو رجل واحد، كما انكم بنو امرأة واحدة، ما خنت أباكم، ولا فضحت خالكم، ولا هجنت حسبكم، وقد تعلمون ما أعدّ الله للمسلمين من الثواب الجزيل في حرب الكافرين، واعلموا أن الدار الباقية خير من الدار الفانية، فإذا أصبحتم فاغدوا الى قتال عدوّكم مستنصرين بالله، فإذا رأيتم الحرب قد شمرت عن ساقها فتيمموا وطيسها، وجالدوا رئيسها عند احتدام حميسها، فغدا بنوها للقتال فقتلوا عن آخرهم. فقالت: الحمد لله الذي شرفني بقتلهم. وكان عمر بن الخطاب يعطي الخنساء أرزاق أولادها الاربعة حتى توفى، انتهى. قلت: رأيته مسندا في الموفقيات للزبير بن بكار بأبسط من ذلك. ومن قول الخنساء ترثي أخاها (¬1): ألا يا صخر إن أبكيت عيني … لقد أضحكتني دهرا طويلا بكيتك في نساء معولات … وكنت أحقّ من أبدى العويلا ¬

_ (¬1) الكامل 1223.

دفعت بك الجليل وأنت حيّ … فمن ذا يدفع الخطب الجليلا إذا قبح البكاء على قتيل … رأيت بكاءك الحسن الجميلا وفي الأغاني عن عبد الرحمن بن أبي الزناد (¬1): أن الخنساء سوّمت (¬2) هودجها براية في الموسم، وعاظمت العرب بمصيبتها، بابنها عمرو وبأخويها صخر ومعاوية، وجعلت تشهد الموسم وتبكيهم، وأن العرب قد عرفت لها بعض ذلك، وأن هند ابنة عتبة لما قتل ببدر أبوها وعمها شيبة وأخوها الوليد فعلت كذلك وقالت: أقرنوا جملي بجمل الخنساء. فصارا يبكيان ويتناشدان. ورأيت في مناقب الشبان، قال روي الأصمعي (¬3): ان النابغة كان تضرب له قبّة بسوق عكاظ فتأتيه الشعراء فتعرض أشعارها عليه، فأتاه الأعشى فأنشده، ثم أتاه حسان فأنشده: لنا الجفنات الغرّ يلمعن بالضّحى … وأسيافنا يقطرن من نجدة دما ولدنا بني العنقاء وابني محرّق … فأكرم بنا خالا وأكرم بنا ابنما فقال له النابغة: لولا أن أبا بصير، يعني الأعشى، أنشدني لقلت أنك أشعر الجن والأنس، فقال حسان: أنا والله أشعر منك ومن أبيك ومنها؟ فقال له النابغة: يا بني، إنك لا تحسن أن تقول (¬4): فإنّك كاللّيل الّذي هو مدركي … وإن خلت أنّ المنتأى عنك واسع قال: ويروى أن النابغة قال له: أقللت أسيافك ولمعت جفانك، يريد قوله: الغر. والغرّة: البياض في الجبهة، ولو قال البيض، فجعلها بيضا كان أحسن، ¬

_ (¬1) الاغاني 4/ 213 - 214 (الثقافة)، والشعراء 305. (¬2) سوّم الشيء: جعل له سومة وعلامة ليعرف بها ويتميز. (¬3) انظر الاغاني 9/ 333 - 334 و 11/ 6 - 7، والشعراء 302 - 303 (¬4) الكامل 741، وفيه: (من أعجب التشبيه قول النابغة: ...).

إلا أن الغرّ أجل لفظا. ويقال: فرس أغرّ: قلّ البياض فيه أو كثر. وذكر ابن قتيبة: أن النابغة قال له: إنك شاعر، إلا أنك قلت: (جفنات وأسياف ويقطرن) ولم تقل (جفان وسيوف ويجرين) وقلت (يلمعن بالضحى) ولو قلت (يبرقن في الدجى) كان أمدح، لأن الضيف بالليل أكثر. وقلت (الغرّ) ولم تقل (البيض) والغرة يسيرة. وقلت (يلمعن) ولم تقل (يشرقن). ورأيت في شرح ديوان الأعشى أن الخنساء هي التي نقدت عليه ذلك. قال الآمدي: لما أجمعت العرب على فضل النابغة الذبياني وسألته أن يضرب قبة بعكاظ فيقضي بين الناس في أشعارهم لبصره بمعاني الشعر، فضرب القبة وأتته وفود الشعراء من كل أوب، فكان يستجيد الجيد من أشعارهم، ويرذل، فيكون قوله مسموعا فيهما جميعا ومأخوذا به. فكان فيمن دخل عليه الأعشى وحسان بن ثابت والخنساء بنت عمرو بن الشريد السلمية، فأنشده الأعشى قصيدته: ما بكاء الكبير بالأطلال فقال: أحسنت وأجدت. ثم أنشده حسان قصيدته (¬1): ألم تسأل الرّبع الجديد التّكلّما فقال: إنك لشاعر، ثم أنشدته الخنساء قولها (¬2): قذى بعينيك أم بالعين عوّار فاقبل عليها كالمستجيد لقولها، فلما فرغت من إنشادها قال: أنت أشعر ذات مثانة (¬3): فقالت: وذي خصية أبا امامة، فقال: وذي خصية. فغضب حسان، وقال: أنا أشعر منك ومنها. فقال: ليس الأمر كما ظننت، ثم التفت الى الخنساء ¬

_ (¬1) وعجزه: (بين الجوابي فالبضيع فحومل)، وسيأتي. (¬2) وعجزه: أم ذرفت إذ خلت من أهلها الدار. (¬3) أراد هنا بالمثانة: موضع الولد من الانثى، وهو احد معانيها، بل هو الصحيح عند بعضهم.

فقال: يا خناس، خاطبيه! فالتفتت إليه فقالت: ما أجود بيت في قصيدتك هذه فقال: قولي: لنا الجفنات الغرّ يلمعن بالضّحى … وأسيافنا يقطرن من نجدة دما فقالت: ضعفت افتخارك، وأنزرته في ثمانية مواضع في بيتك هذا، قال: وكيف؟ قالت: قلت: لنا الجفنات، والجفنات مادون العشر، ولو قلت: البيض، لكان أكثر اتساعا (¬1). وقلت: يلمع، واللمع شيء يأتي بعد شيء، ولو قلت: يشرقن (¬2) لكان أكثر، لأن الاشراق أدوم من اللمعان. وقلت: بالضحى، ولو قلت: بالدجى، لكان أكثر طراقا. وقلت: وأسيافنا، والأسياف ما دون العشرة، ولو قلت: سيوفنا، كان أكثر. وقلت: يقطرن، ولو قلت: يسلن (¬3) لكان أكثر. وقلت: من نجدة، والنجدات أكثر من نجدة. وقلت: دما، والدماء أكثر من الدم. فلم يجب حسان جوابا. وحكى ابن جني عن أبي علي الفارسي أنه طعن في صحة هذه الحكاية. وكذا نقل أبو حيان في شرح التسهيل، وقال ابن يسعون مجيبا عن حسان: الجمع في الجفنات نظير قوله تعالى (وَهُمْ فِي الْغُرُفاتِ)، وأما الغر، فليس بجمع غرة، بل جمع غراء، وهي البيض المشرقات من كثرة الشحوم وبياض اللحوم. وقوله: يلمعن، هو المستعمل في هذا النحو، يقال لمع السراب ولمع البرق. وقوله: في الضحى، لأنه أراد أن طعامهم موصول، وقراهم في كل وقت مبذول. وقد وصف قبل هذا قراهم بالليل حيث قال: وإنّا لنقري الضّيف إن جاء طارقا … من اللّحم ما أضحى صحيحا مسلّما وأما قوله: يقطرن، فهو المستعمل في مثل هذا، يقال: سيفه يقطر دما. ولم تجر العادة بأن يقال: سيفه يسيل دما، أو يجري دما، مع أن يقطرن أمدح، لأنه ¬

_ (¬1) كذا بالاصل، وصحتها: (ولو قلت الجفان لكان أكثر، وقلت الغر، ولا قلت البيض ..). (¬2) في الاغاني (يبرقن). (¬3) في الاغاني (يجرين).

يدل على مضاء السيف وسرعة خروجه عن الضريبة، حتى لا يكاد يعلق به دم. وفي الأغاني بسنده عن حسان بن ثابت قال: جئت نابغة بني ذبيان، فوجدت الخنساء حين قلبت من عنده، فأنشدته، فقال لي: إنك لشاعر، وإن أخت بني سليم لبكاءة. وأخرج في الأغاني عن المفضل الضبي قال: سألني المهدي عن أفخر بيت قالته العرب، قلت: بيت الخنساء (¬1): وإنّ صخرا لتأتمّ الهداة به … كأنّه علم في رأسه نار 123 - وأنشد: نحن الألى فاجمع جموعك … ثمّ وجّههم إلينا هو من قصيدة لعبيد بن الأبرص يخاطب بها امرأ القيس بن حجر، أوّلها: يا ذا المخوّفنا بقت … ل أبيه إذلالا وحينا أزعمت أنّك قد قتل … ت سراتنا كذبا ومينا لولا على حجر ابن أمّ … قطام تبكي لا علينا إنّا إذا عضّ الثّقا … ف برأس صعدتنا لوينا نحمي حقيقتنا وبع … ض القوم يسقط بين بينا هلّا سألت جموع كن … دة إذ تولّوا: أين أينا! ¬

_ (¬1) ابن سلام 174 وفي الشعراء 305: أشم أبلج تأتم الهداة به … كأنه علم في رأسه نار وانظر ديوانها 73 - 85، والكامل 859

ومنها: لا يبلغ الباني ولو … رفع الدّعائم ما بنينا كم من رئيس قد قتل … ناه وضيم قد أبينا وأخرج أبو الفرج في الأغاني عن أبي عبيدة قال (¬1): قتلت بنو أسد حجر بن عمرو، واجتمعوا إلى ابنه امرئ القيس على أن يعطوه ألف بعير دية أبيه. أو يقيدونه (¬2) من أي رجل شاء من بني أسد، أو يمهلهم حولا، فقال: أما الدّية فما ظننت انكم تعرضونها على مثلي، وأما القود فلو قيد لي ألف من بني أسد ما رضيت ولا رأيتهم كفؤا لحجر، وأما النظرة فلكم، ثم إنكم ستعرفوني في فرسان قحطان، أحكّم فيكم ظبى السيوف وشبا الأسنّة، حتى أشفي نفسي، وأنال ثاري. فقال عبيد في ذلك هذه القصيدة. قوله: يا ذا المخوّفنا، استشهد به على إضافة الوصف المعرّف بأل الى الضمير، وقوله: حينا: أي هلاكا. والسراة: بفتح المهملتين، جمع سرى، وهو جمع عزيز، أن يجمع فعيل على فعلة، ولا يعرف غيره. وسراة القوم: أكابرهم وساداتهم. والمين: الكذب. والثقاف: بكسر المثلثة وتخفيف القاف وفاء، ما يسوي الرماح. والصعدة: بفتح الصاد وسكون العين وفتح الدال المهملات، القناة المستوية، تنبت كذلك لا تحتاج الى تثقيف. ولوينا: من لوي الرجل رأسه، أمال وأعرض. والحقيقة: ما يحق على الرجل أن يحميه، يقال: فلان عامي الحقيقة. وقوله (بين بينا) وقد أورد المصنف هذا البيت في شرح الشذور شاهدا على تركيب الظروف وبنائها. وقوله (ونحن الأولى) مبتدأ وخبر، والأولى بمعنى الذين، والصلة محذوفة لدلالة ما بعده عليه، أي نحن الذين جمعنا جموعنا، فأجمع أنت جموعك. وقال أبو عبيد: الذين، هنا، لا صلة لها. وقال بعضهم: تقديره، نحن ¬

_ (¬1) الاغاني 23/ 406 - 407 (الثقافة)، وانظر الشعراء 224 - 225 والخزانة 1/ 228 و 2/ 53 (السلفية). (¬2) في الاغاني: (يقيدوه).

فائدة: [عبيد]

الأولى عرفوا بالشجاعة. وقد استشهد بالبيت على استعمال الأولى بمعنى الذين، وعلى حذف الصلة. فائدة: [عبيد] عبيد، بفتح العين وكسر الموحدة، ابن الأبرص بن جشم بن عامر بن زهير ابن مالك بن الحارث بن سعد بن ثعلبة بن دودان بن أسد بن خزيمة الأسدي (¬1). شاعر مفلق من فحول شعراء الجاهلية من طبقة امرئ القيس. وجعله ابن سلام من الطبقة الرابعة من فحول الجاهلية، وقرن به طرفة وعلقمة بن عبدة وعديّ بن زيد (¬2). قتله المنذر بن ماء السماء في يوم بؤسه، فصده حتى مات. فائدة: [عبيد بالموحدة جماعة] عبيد بالموحدة جماعة، وأما عتيد، بالمثناة الفوقية، فهو ابن ضرار بن سلامان ابن جشم بن ربيعة الكلبي، ذكره الآمدي في المؤتلف والمختلف. 124 - وأنشد: نهيتك عن طلابك أمّ عمرو … بعاقبة وأنت إذ صحيح (¬3) هذا من مقطوعة لأبي ذؤيب الهذلي، وقبله، وهو أولها: جمالك أيّها القلب القريح … ستلقى من تحبّ فتستريح (¬4) ¬

_ (¬1) وكذا في الاغاني 23/ 404 (الثقافة). (¬2) الطبقات ص 115 (¬3) ديوان الهذليين 1/ 68 والخزانة 3/ 147، واللسان (إذا). (¬4) وبعد البيت: نهيتك ... : فقلت: تجنّبن سخط ابن عم … ومطلب شلّة ونوى طروح وما إن فضلة من أذرعات … كعين الديك أحصنها الصّروح مصفّقة مصفاة عنقار … شآمية إذا جلبت مروح إذا فضّت خواتمها وفكت … يقال لها: دم الودج الذبيح ولا متحير باتت عليه … ببلقعة يمانية تفوح خلاف مصاب بارقة هطول … مخالط مائها خصر وريح بأطيب من مقبّلها إذا ما … دنا العيّوق واكتتم النّبوح وفي حاشية الامير ص 1/ 79 رواية البيت الاول: حنانك أيها القلب القريح … فتلقى من تحب فتستريح

الطلاب: بمعنى الطلب. وبعاقبة: حال من الكاف الأولى والثانية، والأسمية حال ثانية. والبيت استشهد به الاخفش على أن إذ معربة لعدم إضافة زمان إليها. وقد كثرت وأجيب بأن الأصل، وأنت حينئذ، ثم حذف المضاف وبقي الجر (¬1). ¬

_ (¬1) في مغنى اللبيب واللسان (بعافية). وقال الشيخ محمد الامير: (قوله: بعافية، بالفاء والمثناة، ورواه الشمني بالقاف والموحدة، أي بتذكيري لك العافية). وذكر الدماميني في تفسير هذه الرواية أن الجار والمجرور حال من الكاف في (نهيتك) أو الكاف في (طلابك)، أي نهيتك حال كونك بعافية، وفي اللسان (شلل)، بعاقبة، كما في الأصل. وذكر المرزوقي في تفسير قوله: (بعافية) عدّة وجوه، منها أن المعنى نهيتك بعقب ما طلبتها، أي لما طلبتها زجرتك عن قريب. قال: وهذا أقرب الوجوه في نفسي. والعرب تقول: تغير فلان بعاقبة، أي عن قريب. وفسرها بعضهم بأنه يريد آخر الشأن. وانظر الخزانة 3/ 150 - 151.

شواهد إذا

شواهد إذا 125 - وأنشد: والنّفس راغبة إذا رغّبتها … وإذا تردّ إلى قليل تقنع (¬1) هذا من قصيدة لأبي ذؤيب الهذلي يرثي بها أولادا له خمسة ماتوا بالطاعون، وأوّلها (¬2). أمن المنون وريبه تتوجّع … والدّهر ليس بمعتب من يجزع الى أن قال: أودى بنيّ وأعقبوني حسرة (¬3) … بعد الرّقاد وعبرة ما تقلع سبقوا هوىّ وأعنقوا لهواهم … فتخرّموا ولكلّ جنب مصرع وبقيت بعدهم بعيش ناصب (¬4) … وإخال أنّي لاحق مستتبع ولقد حرصت بأن أدافع عنهم … فإذا المنيّة أقبلت لا تدفع ¬

_ (¬1) انظر ص 29، وديوان الهذليين 1/ 3، والشعراء 10 والمفضليات 422 والخزانة 1/ 202، والاستيعاب 667، واللآلي 844. (¬2) ديوان الهذليين 1/ 1 - 21، وفي الاغاني 6/ 256 (الثقافة) بعض أبيات منها، والمفضلية 126. وانظر الخزانة 1/ 202. (¬3) ويروي: (وأعقبوني غصة)، و (وأودعوني حسرة). (¬4) ويروي: (فغبرت بعدهم).

وإذا المنيّة أنشبت أظفارها … ألفيت كلّ تميمة لا تنفع فالعين بعدهم كأنّ حداقها … سملت بشوك فهي عور تدمع حتّى كأنّي للحوادث مروة … بلوى المشقّر كلّ يوم تقرع وتجلّدي للشّامتين أريهم … أنّي لريب الدّهر لا أتضعضع والنّفس راغبة إذا رغّبتها … وإذا تردّ إلى قليل تقنع كم من جميع الشّمل ملتئم القوى … كانوا بعيش قبلنا فتصدّعوا والدّهر لا يبقى على حدثانه … جون السّراة له جدائد أربع (إلى أن قال) «1»: حميت عليه الدّرع حتّى وجهه … من حرّها يوم الكريهة أسفع تعدو به خوصاء يفصم جريها … حلق الرّحالة فهي رخو تمزع (ومنها) (¬1): بينا تعانقه الكماة وروغه … يوما أتيح له جريء سلفع قال شارع أبيات الايضاح: يروى وريبه، فالتذكير على معنى الموت، والتأنيث على معنى المنية. والمنون. قيل: جمع لا واحد له، وعليه الأخفش. وقيل: واحد لا جمع له وعليه الأصمعي. وقال الفارسي: سميت منونا لأخذها منن الأشياء، أي قواها: فمنون بمعنى مان، كضروب بمعنى ضارب (¬2): والريب: الاعتراض. وريب الدهر: ما يأتي به من المصائب. والأعتاب: ترك ما عتب عليه (¬3). وقوله: (أودي بنيّ) استشهد به المصنف في التوضيح على قلب واو الجمع ياء، وادغامها في ياء الاضافة. وأودى بمعنى هلك. وقوله: (سبقوا ¬

_ (¬1) مزيدة. (¬2) قال الضبي: المنون الدهر، سمي منونا لانه يذهب بالمنة، بضم الميم وتشديد النون، أي القوة. وقيل: المنون هي المنية. وعلى التفسير الاول روي: (وريبه) بتذكير الضمير، وعلى الثاني روي: (وريبها). (¬3) أي راجع عما تكره الى ما تحب. والعتبى: المراجعة.

هويّ) استشهد به النحاة على قلب ألف المقصور ياء عند الاضافة، إلى ياء المتكلم، في لغة هذيل (¬1). وأعنقوا: أي ساروا سير العنق. وتخرّموا: بالبناء للمفعول، أصيبوا واحدا واحدا لا جملة. ثم قال كالمسلي نفسه من الجزع: أن المتقدم والمتأخر لا بد له من مصرع، ولكل جنب مصرع، أي كل انسان يموت. وعيش ناصب: أي متعب، والمراد صاحبه على حد: (عِيشَةٍ راضِيَةٍ) *. وقوله: وإخال أنّي لاحق مستتبع أورده المصنف في حرف اللام، شاهدا على تعليق لام الابتداء فعل القلب، مع إضمارها، والأصل: اني للاحق. وأخال: بمعنى أظن. ومستتبع: مستلحق (¬2). وقوله: فإذا المنيّة أقبلت لا تدفع أي غير مدفوعة. وقد استشهد به الفرّاء على تراخي الفعل مع (إذا) الفجائية، وان الأكثر فيها التوافق. وقوله: وإذا المنية ... البيت. استشهد به أهل البيان على الاستعارة المكنية التخيلية، وهي أن يذكر المشبه، ويحذف المشبه به، ويدل عليه بشيء من لوازمه، وذلك أنه يشبه المنية بالسبع، فحذف السبع، ودل عليه بشيء من لوازمه، وهو الأظفار. وألقيت: وجدت. والتميمة: العوذة، يعني لا تنفع الرقي والتعويذات إذا جاءت المنية. قوله: (فالعين بعدهم). استشهد به الفارسي في الايضاح على أن المعرّف بلام الجنس يعامل في المعنى معاملة الجمع، فلذا قال: كأن حداقها فهي عور، وليس للعين الا حدقة واحدة، لكنه أراد العيون، يعني عينه وعين من يبكي بنيه معه، من أمهم وسائر أهله. وقال بعضهم: يجوز أن يجعل قوله: كأن حداقها، مثل قولهم: جمل غليظ المشافر، ورجل ذو مناكب، وإنما للجمل مشفران، وللرجل منكبان. وقال الزجاج: جعل كل قطعة منها حدقة، ¬

_ (¬1) أي هواي، وهي لغة هذيل في كل اسم مقصور يضاف الى ياء المتكلم، فيقولون: فتّى وعصّى، أي فتاي وعصاي. يقول: أي ماتوا قبلي وكنت أحب أن أموت قبلهم، وانظر أمالي المرتضى 1/ 293 (¬2) يقول: أنا مذهوب بي وصائر إلى ما صاروا اليه.

فائدة: [أبرع بيت قالته العرب]

كما يقال بعير ذو عثانين، وانما له عثنون. وقوله: عور، مردود على الحداق. ورده الفارسي: بأن كل خصلة تكون عثنونا، وليس كل جزء من الحدقة حدقة. والمراد بالحدقة في ظاهر العين: سوادها المستدير. وفي الباطن: خرزتها، وتجمع أيضا على حدق وأحداق. وسلمت: فقئت. وقيل: غرزت بشوك. والعور: جمع أعور وعوراء. والمروة: الحجارة البيض (¬1) والمشقر: حصن بالبحرين (¬2). وأتضعضع أتكسر. قوله: (والنفس راغبة ... البيت) استشهد به المصنف على إضافة إذا الى الماضي، والى المضارع. وظهر كل شيء: سراته. وأعلى الظهر: السراة. وجدائد، بالجيم، جمع جدود، وهي الأتان التي لا لبن لها. والجون من الخيل والابل: الأدهم الشديد السواد. والسفعة: سواد في الوجه (¬3) والسلفع، بالفاء، من الرجال: الجسور. وقوله: (بينا تعانقه ... البيت) أورده المصنف في حرف الألف (¬4). فائدة: [أبرع بيت قالته العرب] قال الأصمعي وأبو عمرو وغيرهما: أبرع بيت قالته العرب قول أبو ذؤيب (¬5): ¬

_ (¬1) المروة: حجر أبيض براق تقدح منه النار، واحد المرو. (¬2) ويروى: (بصفا المشرّق) والمشرق: مسجد الخيف بمنى، وانما خصه لكثرة الناس به، فهم يقرعون حجارته بمرورهم. والمشقر: قال أبو عبيدة هي سوق بالطائف. وفي البكري 1232 - 1233: المشقر: قصر بالبحرين، وقيل هي مدينة هجر. (¬3) لم يشرح السيوطي البيت: (تعدوا به خوصاء). وفي ديوان الهذليين: (تعدو به: بالمستشعر. خوصاء: فرس غائرة العينين. وحلق الرّحالة، يعني الإبزيم. والرّحالة: سرج من جلود. فهي رخو تمزع: تسرع في عدوها. ويروى: فهي رهو تمزع). (¬4) وفي ديوان الهذليين: (يقول: هذا المستشعر بين تعنّقه الكماة وبين روغانه، أي بين أن يقبل ويراوغ إذ قتل. أتيح له: أي قدر له رجل جريء. سلفع: جرئ الصدر - سلفع يقال للذكر والانثى على السواء، ويقال أيضا في المؤنث: سلفعة، إلا أنه بلا هاء أكثر - تعنّق يتعنّق تعنّقا). (¬5) القصيدة هي في الذروة العليا من الشعر. قال الاصمعي وأبو عمرو وغيرهما: (أبرع بيت قالته العرب قول أبي ذؤيب: والنفس راغبة ... وقالوا أيضا: أحسن ما قيل في الصبر قوله: وتجلدي للشامتين). وانظر المفضليات ص 420. وفي الشعراء 10: (حدثني الرياشي من الأصمعي، قال هذا أبدع بيت قالته العرب).

والنّفس راغبة إذا رغّبتها … وإذا تردّ إلى قليل تقنع وأحسن ما قيل في الاستعفاف قول عبيد بن الأبرص (¬1): من يسأل النّاس يحرموه … وسائل الله لا يخيب وأحسن ما قيل في حفظ المال قول المتلمس (¬2): قليل المال تصلحه فيبقى … ولا يبقى الكثير مع الفساد وأحسن ما قيل في الكبر قول الآخر (¬3): أرى بصري قد رابني بعد صحّة … وحسبك داء أن تصحّ وتسلما وأحسن المراثي ابتداء قول أوس بن حجر (¬4): أيّتها النّفس أجملي جزعا … إنّ الّذي تحذرين قد وقعا ¬

_ (¬1) الشعراء 226 (¬2) عيون الاخبار 2/ 195، ونهاية الأرب 3/ 64. وفي الشعراء 136، والاغاني 23/ 570 نقلا عن ابن قتيبة: (ويتمثل من شعره بقوله: واعلم علم حق غير ظن … وتقوى الله من خير العتاد لحفظ المال أيسر من بغاه … وضرب في البلاد بغير زاد وإصلاح القليل يزيد فيه … ولا يبقى الكثير على الفساد وفي نهاية الارب: (مع الفساد) والبيت الثاني والثالث في حماسة البحتري 343. وانظر ص 209. (¬3) هو حميد بن ثور، والبيت من قصيدة في ديوانه 7، أولها: سل الربع أني يمّمت أمّ سالم … وهل عادة للربع أن يتكلما وفيه: (يريد أن الصحة والسلامة تؤديه الى الهرم). ورواه: (بعد حدة). وقال صانع الديوان: والبيت في معنى المثل أو الحديث: كفى بالسلامة داء. وهو في الشعراء 10 وقال ابن قتيبة: (ولم يقل في الكبر شيء أحسن منه). و 349، والكامل 187 و 852 وفيه: (وفي شعر حميد ... ما هو أحكم مما ذكرنا وأوعظ، وأحرى أن يتمثّل به الاشراف، وتسوّد به الصحف، وهو قوله: أرى بصري قد رأبني بعد صحة … وحسبك داء أن تصح وتسلما ولا يلبث العصران يوم وليلة … إذا طلبا أن يدركا ما يتيمما) وانظر اللآلي 532، وعيون الاخبار 2/ 191. (¬4) ديوانه 53، والشعراء 9، وفيه: (لم يبتدئ أحد مرثية بأحسن -

وأرثى بيت قول عبدة (¬1): فما كان قيس هلكه هلك واحد … ولكنّه بنيان قوم تهدّما وأمدح بيت قالته العرب قول الآخر (¬2): تراه إذا ما جئته متهلّلا … كأنّك تعطيه الّذي أنت سائله وأحسن ما قيل في الصبر قول أبي ذؤيب: وتجلّدي للشّامتين أريهم … أنّي لريب الدّهر لا أتضعضع حتّى كأنّي للحوادث مروة … بلوى المشقّر كلّ يوم تقرع وأفخر ما قيل قول امرئ القيس (¬3): فلو أنّ ما أسعى لأدنى معيشة … كفاني ولم أطلب قليل من المال ¬

_ - من هذا). وص 160 وقال: (قال الاصمعي: ولم أسمع قط ابتداء مرثية أحسن من ابتداء مرثيته: أيتها ..). وعيون الاخبار 2/ 192، وذيل اللآلي 34، والإعجاز والايجاز 38، والاغاني 11/ 74 (الدار)، والعقد الفريد 3/ 265، والكامل 1205، وشرح التبريزي 3/ 87، والعمدة 1/ 192، وفي الصناعتين 433: (وأحسن مرنية جاهلية ابتداء قول أوس بن حجر: ..) وشعراء الجاهلية 492 (¬1) الشعراء 707 (فلم يك ..). وفي شرح المفضليات 134: (قال أبو عمرو بن العلاء: هذا البيت أرثى بيت قيل. وقال ابن الاعرابي: هو قائم بنفسه، ما له نظير في الجاهلية ولا الاسلام). وهو في أمالي المرتضى 1/ 114، وحماسة الطائي بشرح التبريزي 2/ 286. (¬2) هو زهير كما في الشعراء 88، وهو في ديوانه 142، وفي الشعراء: قال عبد الملك لقوم من الشعراء: أيّ بيت أمدح؟ فاتفقوا على بيت زهير: تراه ...). (¬3) ديوانه 39، وشعراء الجاهلية 60، والعقد الثمين 60، ونقد الشعر 19 و 20، والعمدة 2/ 35، والخزانة: الشاهد 49، وصبح الاعشى 2/ 218، والإنصاف 1/ 84 و 92، وسيبويه 1/ 56، والموشح 27، وفيه: (وقال رؤبة: ما رأيت أفخر من قول امرئ القيس: ...).

ولكنّما أسعى لمجد مؤثّل … وقد يدرك المجد المؤثّل أمثالي وأصدق ما قالته العرب قول الحطيئة (¬1): من يفعل الخير لا يعدم جوازيه … لا يذهب العرف بين الله والنّاس والأم ما قالته العرب قول الآخر: تلقي بكلّ بلاد إن أقمت بها … أهلا بأهل وجيرانا بجيران وأحسن ما قيل في وصف امرأة عجزاء خميصة قول أبي وجزة السعدي: أدماء في وضح يكاد رداؤها … يعرى ويصنع ما أحبّ إزارها وأجود بيت قيل في الغيث، قول الهذلي (¬2): لتلقحه ريح الجنوب وتقبل الشّ … مال نتاجا والصّبا حالبة تمري وأخنث بيت قالته العرب قول الأعشى (¬3): قالت هريرة لمّا جئت زائرها … ويلي عليك وويلي منك يا رجل ¬

_ (¬1) الكامل 537، وفي الأغاني 2/ 145 (الثقافة): (قال أبو عمرو بن العلاء: لم تقل العرب بيتا قط أصدق من بيت الحطيئة: من يفعل الخير لا يعدم جوازيه … لا يذهب العرف بين الله والناس فقيل له: فقول طرفة: ستبدي لك الايام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالاخبار من لم تزود فقال: من يأتيك بها ممن زوّدت أكثر. وليس بيت مما قالته الشعراء إلا وفيه مطعن إلا قول الحطيئة: من يفعل الخير ... البيت. (¬2) في الكامل 774 نسب البيت: لآخر في وصف سحابة، وهو برواية: لتلقيحها هيج الجنوب وتقبل الش … مال نتاجا والصّبا حالب يمري (¬3) ديوانه 57 ق 6، والأغاني 9/ 109 (الثقافة)، والموشح 51، وفيه (.. تناظر ربعي ومضري في الأعشى والنابغة، فقال المضري للربعي: شاعركم أخنث الناس حين يقول: قالت هريرة لما جئت زائرها … ويلي عليك وويلي منك يا رجل فقال الربعي: أفعلى صاحبكم تعول حيث يقول: سقط النصيف ولم ترد إسقاطه … فتناولته واتقتنا باليد لا والله ما أحسن هذه الإشارة إلا مخنث).

وفي البيان للجاحظ (¬1): قال أبو عمرو بن العلاء: اجتمع ثلاثة من الرواة، فقال لهم قائل: أي نصف بيت شعر أحكم وأوجز؟ فقال أحدهم: قول حميد بن ثور الهلاليّ. وحسبك داء أن تصحّ وتسلما وقال الثاني: بل قول أبي خراش الهذلي (¬2). نوكّل بالأدنى وإن جلّ ما يمضي وقال الثالث: بل قول أبي ذؤيب: وإذا تردّ إلى قليل تقنع فرد عليه أن الشطر نصف بيت مستغن بنفسه، ونصف أبي ذؤيب لا يستغني بنفسه، لأن السامع لا يفهم معناه حتى يسمع النصف الأول، وإلا فيقول من هذه التي تردّ الى قليل فتقنع؟ والصواب أن يقال قوله: والدّهر ليس بمعتب من يجزع وأخرج ابن عساكر عن أبي الحسن المدائني قال: قال الحجاج لابن القرية: اخبرني بأصدق بيت قاله شاعر؟ قال: وما حملت من ناقة فوق رحلها … أبرّ وأوفى ذمّة من محمّد قال: فاخبرني باشكل بيت؟ قال: حبّذا رجعها يديها إليها … في يدي درعها تحلّ الإزارا ¬

_ (¬1) البيان والتبيين 1/ 140، مختصرا. (¬2) عجز بيت وصدره: بلى إنّها تعفو الكلوم وإنما وانظر ديوان الهذليين 2/ 158

قال: فأخبرني بأسير بيت؟ قال (¬1): ستبدي لك الأيّام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد وأخرج أبو الفرج في الأغاني عن لقيط (¬2): قال قتيبة بن مسلم لأعرابيّ من غنيّ: أيّ بيت قالته العرب أعف؟ قال: قول طفيل الغنوي: ولا أكون كالزّاد أحبسه (¬3) … لقد علمت بأنّ الزّاد مأكول قال: فأيّ بيت قالته العرب في الحرب أجود؟ قال قول الطفيل: يجيء إذا قيل اركبوا لم يقل لهم … عواوير يخشون الرّدى أين نركب (¬4) قال: فأيّ بيت قالته العرب في الصبر أجود؟ قال: قول نافع بن خليفة (الغنوي): ومن خير ما فينا من الأمر أنّنا … متى ما نواف موطن الصّبر نصبر 126 - وأنشد: (¬5) إذا باهليّ تحته حنظليّة … له ولد منها فذاك المذرّع وهو من قصيدة للفرزدق، وفيه: تقدير كان بعد إذا، لأنها لا يليها إلا الجملة الفعلية. والباهليّ: نسبة إلى باهلة، قبيلة من قيس بن عيلان. والحنظلية: نسبة إلى حنظلة، وهي أكرم قبيلة في تميم. وجملة: (له ولد) صفة له ويجوز أن تكون حالية، وفذاك جواب إذا. والمذرّع بضم الميم وفتح الذال المعجمة وتشديد الراء وعين مهملة، الذي أمه أشرف من أبيه، سمى مذرّعا من الرقتين في ذراع البغل، ¬

_ (¬1) انظر ح رقم 1 ص 268، والبيت في عيون الاخبار 2/ 191. (¬2) الأغاني 15/ 281 (الثقافة). (¬3) في الأغاني: (وكاء المزاد ..). (¬4) عواوير، جمع عوار: الجبان. (¬5) ديوانه 514

وإنما صار باقية من قبل الحمار. وكثر في أشعار العرب ذم الانتساب إلى باهلة، فقال رجل من عبد قيس: ولو قيل للكلب يا باهليّ … عوى الكلب من لؤم هذا النّسب وقال آخر: فما سأل الله عبد له … فخاب ولو كان من باهله (¬1) 127 - وأنشد: استغن ما أغناك ربّك بالغنى … وإذا تصبك خصاصة فتجمّل هذا من قصيدة لعبد قيس بن خفاف بن عمرو بن حنظلة، من البراجم، إسلامي (¬2). وكلها حكم ووصايا، وهي بضعة عشر بيتا، فلنذكرها جميعا، قال ¬

_ (¬1) وبعده كما في حاشية الامير 858: (وأصل باهلة، اسم امرأة من همدان، كانت تحت معن بن أعصر بن سعد بن قيس بن عيلان، فنسب ولده إليها. حدث ابن دريد عن أبي سالم قال: قال الأصمعي: لقيت صبيا من الأعراب في فلاة ما أظنه ناهز الاحتلام، فحاورته. فاذا هو من أفصح الناس، فقلت متعنتا: هل تقول الشعر؟ فقال: وأبيك إني لأقوله وأنا دون الفصال، أي الفطام، فأخرجت درهما وقلت: أمدحني وخذه، فقال: من أي العرب أنت؟ فقلت: من باهلة. فقال: سوأة لي، أمدح باهليا! فقلت: فاهجني وخذه! فقال: إني والله إليه لمحتاج، وقد كلفتني شططا، ولكن زدني معرفة، فقلت: أنا الأصمعي، فأنشد: ألا قل لباغي اللؤم حيث لقيته … عليك عليك الباهلي بن أصمعا متى تلق يوما أصمعيا تجد له … من اللؤم سر بالا جديدا وبرقعا أقذف الدرهم فإني لآخذه من يد لئيم. فقذفته، فأخذه). (¬2) كذا في الاصل، وقال شارحا المفضليات 383: «هو من بني عمرو بن حنظلة من البراجم، كما قال الأنباري، ولم يرفع نسبه. ولم نجد شيئا من ترجمته، قال أبو الفرج في الأغاني 7/ 145: (وأما عبد قيس بن خفاف البرجمي فإني لم أجد له خبرا أذكره إلا ما أخبرني به جعفر بن قدامة) فذكر قصة في أنه حمل دماء عن قومه فأسلموه فيها، وأنه أتى حاتما الطائي ومدحه، فحملها عنه. وهي أيضا في الأمالي 3/ 21. وأشار اليها المرزباني في الشعراء 325 -

يوصي ابنه (¬1): أجبيل إنّ أباك كارب يومه … فإذا دعيت إلى المكارم فاعجل (¬2) أوصيك إيصاء امرئ لك ناصح … طبن بريب الدّهر غير مغفّل الله فاتّقه وأوف بنذره … فإذا حلفت مماريا فتحلّل (¬3) والضّيف أكرمه فإنّ مبيته … حقّ، ولا تك لعنة للنّزّل واعلم بأنّ الضّيف مخبر أهله … بمبيت ليلته وإن لم يسأل (¬4) ودع القوارص للصّديق وغيره … كيلا يروك من اللّئام العذّل وصل المواصل ما صفا لك ودّه … واحذر حبال الخائن المتبدّل واترك محلّ السّوء لا تحلل به (¬5) … وإذا نبا بك منزل فتحوّل ¬

_ - معجم الشعراء 201 - . وقد ذكر ابن قتيبة في الشعراء 76 - الشعراء 117 - هجو النابغة للنعمان بن المنذر ثم قال: (ويقال إن هذا الشعر والذي قبله لم يقله النابغة، وانما قاله على لسان قوم حسدوه، منهم عبد قيس بن خفاف الرجمي). ونحو ذلك في الأغاني 9/ 158. وهذا يدل على خطأ السيوطي في شواهد المغني 95 إذ زعم أنه إسلامي، فإنه لم يزعم هذا أحد غيره، ولم يأت هو عليه بدليل). (¬1) المفضلية رقم 116 ص 383 - 385، والاصمعية رقم 87 ص 268 - 269، وانظر اللسان 2/ 206 - 207 وحاشية الامير 1/ 85، وانظر الامالي 2/ 292 واللآلي 937 والمرتضى 1/ 383. (¬2) في المفضليات والاصمعيات: (إلى العظائم). (¬3) هذا البيت من أمالي المرتضى مع غيره منسوب الى حارثة بن بدر، وصدره فيه برواية: فاصدق إذا حدثت تكتب صادقا معنى (تكتب صادقا)، أي تكون عند الله صادقا، وقوله: (فتحلّل) أي استغن. (¬4) في الأصمعيات: (يخبر أهله). (¬5) في حاشية الامير والاصمعيات: (تنزل به). والبيت والذي يليه في حماسة البحتري. وهو في الأغاني 7/ 140 مع ثلاثة أبيات أخر. -

دار الهوان لمن رآها داره … أفراحل عنها كمن لم يرحل وإذا هممت بأمر شرّ فاتّئد … وإذا هممت بأمر خير فافعل (¬1) وإذا افتقرت فلا تكن متخشّعا … ترجو الفواضل عند غير المفضل (¬2) وإذا رأيت القوم فاضرب فيهم … حتّى يروك طلاء أجرب مهمل واستغن ما أغناك ربّك بالغنى … وإذا تصبك خصاصة فتجمّل واستأن حلمك في أمورك كلّها … وإذا عزمت على الهوى فتوكّل (¬3) وإذا تشاجر في فؤادك مرّة … أمران فاعمد للأعزّ الأجمل (¬4) وإذا لقيت الباهشين إلى النّدى … غبرا أكفّهم بقاع ممحل فأعنهم وايسر بما يسروا به (¬5) … وإذا هم نزلوا بضنك فانزل ورأيت في تاريخ ابن عساكر بسنده هذه الأبيات إلى حارثة بن بدر الغداني التميمي، وأورد الشاهد بلفظ: وإذا تكون خاصة؛ ولا شاهد فيه على هذا. ¬

_ - عن اسحق منسوبة لعنترة، واستدرك أبو الفرج بأنه لم ير هذا الشعر في شيء من دواوين شعر عنترة، ثم أغرب فجزم بأن الابيات الثلاثة لعبد قيس وان البيت الأخير، يعني البيت: وأترك .. لعنترة صحيح لا يشك به. وقال شارحا المفضليات: (والذي لا شك فيه أن هذا خطأ منه، وأن البيت لقيس لا لعنترة). (¬1) وبعده كما في المفضليات 385: وإذا أتتك من العدوّ قوارص … فاقرص كذاك ولا تقل لم أفعل (¬2) البيت في أمالي المرتضى منسوب لحارثة، والبيت والذي بعده ليسا في حاشية الامير. (¬3) هذا البيت ليس في الاصمعية. (¬4) في المفضليات والاصمعيات: (للأعف الأجمل). (¬5) أصلحنا (بما يسرّ وأنه)، كذا.

وحارثة هذا يكنى أبا العبهسي (¬1) أدرك عليا. قال الحاكم: وذكره بعضهم في الصحابة، وتوفي بنيسابور، وقيل مات غريقا بالأهواز في ولاية المهلب. قوله: أجبيل، يروى بدله: أبني (¬2). وكارب يومه: يريد دنو أجله، من كرب الشيء يكرب دنى وقرب (¬3). وطبن: بفتح الطاء المهملة وكسر الموحدة ونون، حاذق، يقال: رجل طبن تبن: إذا كان عاقلا بصيرا. ولعنة: بضم اللام وسكون العين، يلعنه الناس. وبفتح العين، يلعن هو الناس. والنزل: جمع نازل. والقوارص: بقاف ومهملة، المثالب (¬4). ونبا: ارتفع (¬5). واتئد: تأنّ ولا تستعجل. ومهمل: متروك (¬6). والخصاصة: الحاجة والشدة (¬7). واستأن: من الأناة. والباهش: الفرح الطالب العطاء. والقاع: الصلب. وممحل: مجدب. وأيسر: أسرع إجابتهم. والضنك: الضيق، أي أعنهم في ضيقهم. والبيت الأول استشهد به المصنف في التوضيح على استعمال اسم الفاعل من كرب. 128 - وأنشد: وبعد غد، يا لهف نفسي من غد، … إذا راح أصحابي ولست برائح (¬8) ¬

_ (¬1) كذا في الاصل، وهو خطأ، صحتها: (أبو العنبس) كما في الإشتقاق 229، وفي حاشية الامير: (العنبسي) بالياء المثناة في آخره. (¬2) كما في حاشية الامير 1/ 85. (¬3) أو كارب يومه، بوزن اسم الفاعل، أي قريب. واستهشد به المصنف في التوضيح على فاعل كرب، كما سيأتي. (¬4) القوارص: الكلام القبيح. العزل: جمع عازل، قد اعتزل الناس. (¬5) وقوله: (دار الهوان .. الخ) يقول: من أقام في دار الهوان فهي داره، وليس من لم يقم فيها وأنف كمن احتمل الضيم وأقام. (¬6) يريد: حتى يتقوك ويتحاموك كما يتحامون الأجرب طلاءه. (¬7) والتجمل: التجلد وتكلف الصبر. (¬8) أمالي ابن الشجري 1/ 247 و 256 و 268، وشرح التبريزي 2/ 52 و 3/ 235.

عزاه جماعة إلى هدبة بن خشرم، وعزاه صاحب الحماسة إلى أبي الطّمحان شرقي بن حنظلة القينيّ من مخضرميّ الجاهلية والاسلام، ترب الزّبير ابن عبد المطلب (¬1) ولهدبة روى المبرد في الكامل (¬2). وأبو الفرج في الأغاني (¬3)، وابن عساكر في تاريخه، من طرق، عن محمد بن سليمان النّوفلي والأصمعي وغيرهما، دخل حديث بعضهم في بعض: أن زيادة بن زيد العذريّ قال في فاطمة أخت هدبة بن خشرم (¬4): عوجي علينا واربعي يا فاطما … أما ترين الدّمع منّي ساجما فقال هدبة بن خشرم في أم قاسم، أخت زيادة: متى تقول: القلص الرّواسما … يحملن أمّ قاسم وقاسما (¬5) فبيّت زيادة هدبة فضربه على ساعده وشجّ أباه خشرما، وقال: شججنا خشرما في الرّأس عشرا … ووقّفنا هديبة إذ أتانا (¬6) ¬

_ (¬1) نسبه أبو تمام إلى أبي الطمحان القيني، وقال التبريزي 3/ 233: (واسمه حنظلة بن الشرقي، وقيل: ربيعة بن عوف بن غنم بن كنانة بن جسر). وفي شرح التبريزي 2/ 44، عن أبي رياش ذكر قصة هدية بن خشرم، والأبيات. (¬2) الكامل 1246 - 1249 (¬3) 21/ 277 - 297 (الثقافة)، وانظر الشعراء 671 - 676، والخزانة 4/ 81 - 87، وشرح التبريزي 2/ 43 - 52، وأسماء المغتالين 256 - 262، وسمط اللآلي 249 (¬4) في الشعراء برواية: عوجي علينا واربعي يا فاطما … ما دون ان يرى البعير قائما ألا ترين الدمع مني ساجما … حذار دار منك أن تلائما وفي أسماء المغتالين روى البيت الثاني بلفظ: فعوّجت مطردا عراهما … رسلا يبذ القلص الرواسما وفي شرح التبريزي والاغاني بلفظ: فعرّجت مطردا عراهما … فعما يبذّ القطف الروّاسما (¬5) في الشعراء: (متى تظن ... يبلغن: ..). وللبيت فيه صلة. (¬6) قال ابن قتيبة: وقّفنا من التوقيف في اليدين والرجلين، وهو سواد وبياض يكون فيهما وانظر الشرح. وفي شرح التبريزي (في الرأس سبعا وخذ عنا ...). وفي جمع المراجع السابقة: (... هدببة إذ هجانا).

فبيّت هدبة زيادة فقتله، فرفع إلى سعيد بن العاصي، وكان أمير المدينة، رفعه عبد الرحمن، أخو زيادة، فكره سعيد الحكم بينهما فأرسلهما إلى معاوية، فلما صارا بين يديه، قال عبد الرحمن: يا أمير المؤمنين، أشكو إليك مظلمتي وقتل أخي! فقال معاوية: يا هدبة، قل. قال: إن شئت أن أقصّ عليك كلاما أو شعرا؟ قال: لا بل شعر. فقال ارتجالا: ألا يا لقومي للنّوائب والدّهر … وللمرء يردي نفسه وهو لا يدري وللأرض كم من صالح قد تلمّأت … عليه فوارته بلمّاعة قفر فلا ذا جلال هبنه لجلاله … ولا ذا ضياع هنّ يتركن للفقر الى أن قال: فلمّا رأيت أنّما هي ضربة … من السّيف أو إغضاء عين على وتر عمدت لأمر لا يعيّر والدي … خرايته ولا يسبّ به قبري رمينا فرامينا فصادف سهمنا … منيّة نفس في كتاب وفي قدر وأنت أمير المؤمنين فما لنا … وراءك من معد ولا عنك من قصر فإن تك في أموالنا لا نضق بها … ذراعا وإن صبر فنصبر للصّبر فقال له معاوية: أراك قد أقررت يا هدبة! فقال له عبد الرحمن: أقدني، فكره ذلك معاوية وضنّ بهدبة عن القتل، فقال: ألزيادة ولد؟ قال: نعم. قال: أصغير أم كبير؟ قال: بل صغير. قال: يحبس هدبة إلى أن يبلغ ابن زيادة. فارسله إلى المدينة فحبس بها سبع سنين، وقيل ثلاث سنين، فلما بلغ ابن زيادة عرض عليه عشر ديات فأبى إلّا القود، وكان ممن عرض عليه الديات: الحسين (¬1) بن علي ¬

_ (¬1) أصلحنا (الحسن) وانظر الكامل، وشرح التبريزي.

ابن أبي طالب، وعبد الله بن جعفر، وسعيد بن العاص، ومروان بن الحكم. ولما دنى قتله قال: عسى الكرب الّذي أمسيت فيه … يكون وراءه فرج قريب فيأمن خائف ويفكّ عان … ويأتي أهله النّائي الغريب ولما ذهب به إلى الحرة ليقتل، لقيه عبد الرحمن بن حسان فقال له: أنشدني؟ فأنشده: ولست بمفراح إذا الدّهر سرّني … ولا جازع من صرفه المتقلّب ولا أتبغّى الشّرّ والشّرّ تاركي … ولكن متى أحمل على الشّرّ أركب وحرّ بني مولاي حتّى خشيته … متى يحرّبك ابن عمّك تحرب (¬1) ولما جئ به ليقتل قال: ألا علّلاني قبل نوح النّوائح … وقبل ارتقاء النّفس فوق الجوانح وقبل غد، يا لهف نفسي من غد، … إذا راح أصحابي ولست برائح إذا راح أصحابي تفيض عيونهم … وغودرت في لحد عليّ صفائح يقولون: هل أصلحتم لأخيكم؟ … وما القبر في الأرض الفضاء بصالح ونظر الى امرأته فقال، وكان أنفه جدع في حرب: فإن يك أنفي بان منه جماله … فما حسبي في الصّالحين بأجدعا ¬

_ (¬1) في الكامل: (.. حتى غشيته … متى ما يحزّبك ..).

أقلّي عليّ اللّوم يا أمّ بوزعا … ولا تجزعي ممّا أصاب فأوجعا ولا تنكحي إن فرّق الدّهر بيننا … أغمّ القفا والوجه ليس بأنزعا ضروبا بلحييه على عظم زوره … إذا القوم هشّوا للفعال تقنّعا فسألت القوم أن يمهلوه قليلا، ثم أتت جزارا فأخذت منه مدية فجدعت أنفها، ثم أتته مجدوعة الأنف، فقالت: أهذا فعل من له في الرجال حاجة؟ فقال: الآن طاب الموت. ثم التفت إلى أبويه وهما يبكيان فقال: أبلياني اليوم صبرا منكما … إنّ حزنا منكما اليوم يسرّ (¬1) ما أظنّ الموت إلّا هيّنا … إنّ بعد الموت دار المستقرّ اصبرا اليوم فإنّي صابر … كلّ حيّ لفناء وقدر ثم قال: أذا العرش إنّي عائذ بك مؤمن … مقرّ بزلّاتي إليك فقير وإنّي وإن قالوا أمير مسلّط … وحجّاب أبواب لهنّ صرير لأعلم أنّ الأمر أمرك إن تدن … فربّ وإن تغفر فأنت غفور ثم أقبل على ابن زيادة فقال: أثبت قدميك، وأجد الضربة، فإني أيتمتك صغيرا، وأرملت أمّك شابّة! وسأل فكّ قيوده، ففكت فذاك حيث يقول: فإن تقتلوني في الحديد فإنّني … قتلت أخاكم مطلقا لم يقيّد ثم ضربت عنقه. قال ابن دريدة هو أول من أقيد بالحجاز. ¬

_ (¬1) في الكامل: (بكما اليوم لشر)، وفي المغتالين: (عاجل ضر). وأبلاه صبرا: أداه إليه واجتهد فيه، كما يقال أبلاه عذرا.

وأخرج الدارقطني وابن عساكر عن ابن المنكدر أن هدبة العذري أصاب دما فأرسل إلى أم سلمة، زوج النبي صلّى الله عليه وسلّم، أن استغفري لي. فقالت: إن قتل استغفرت له. قال ابن عساكر: وهو هدبة، بضم الهاء وسكون الدال المهملة، ابن خشرم، بفتح الخاء وسكون الشين المعجمتين، ابن كرز بن أبي حيّة، بالمهملة والتحتية المشددة، ابن الكاهن، وهو سلمة بن الاشحم (¬1). شاعر فصيح متقدم من شعراء بادية الحجاز، روي عن الحطيئة، و (¬2) روي عنه جميل بن عبد الله العذري. قال الدارقطني: وهو ابن عم زيادة الذي قتله. قوله: (متى تقول) استشهد به النحاة عن إجراء القول مجرى الظن، في نصب المفعولين بعد الاستفهام. والقلص: جمع قلوص، وهي الناقة الشابة. والرواسم: جمع راسمة، من رسمت، بالفتح، إذا سارت فوق الزميل. ووقفتا: من التوقيف، وهو سواد وبياض يكون في اليدين والرجلين. وفي (يردي ويدري): جناس مقلوب. وتلمأت عليه الأرض: وارته. وذا جلال: نصب بمضمر على شريطة التفسير وقوله: (فإن تك في أموالنا ... البيت) أورده المصنف في (ما) مستشهدا به على حذف فعل الشرط، أي وإن تصبر صبرا. وضمير (تك) للدية لأنها معلومة. والصبر: الحبس. وروى: (وأن العقل في أموالنا ..). وقوله: (عسى الكرب ... البيت) أورده المصنف في (عسى) شاهدا لوقوع خبرها مضارعا مجرّدا. والعاني: بمهملة، الأسير. والنائي: البعيد. قوله (ولا تنكحي ... البيت) قال المبرد: لم يأمرها أن تتزوج الأنزع القليل شعر القفا (¬3)، وانما أذكرها جمال نفسه ليزهذها في غيره. والغمم: أن يسيل الشعر حتى يضيق الجبهة أو القفا. والأنزع: الذي انحسر ¬

_ (¬1) كذا في الأصل، بالشين المعجمة، وفي الاغاني ومعجم الشعراء 460 (أسحم) بالسين المهملة. وفي هامش المرزباني ما يلي: (هدبة ليس من ولد الكاهن، والكاهن هو سلمة ابن أبي حية، والصواب أن هدبة من ولد كرز بن أبي حية، وأبو حية هو ابن الاسحم بن عامر بن ثعلبة ابن قرة بن خنيش بن عمرو بن ثعلبة بن عبد الله بن ذبيان). (¬2) مزيدة. (¬3) قوله الأنزع القليل شعر القفا خطأ، والصواب: أن النزع إنما يكون في مقدم الرأس لا قفاه، وهو انحسار الشعر عن جانبي الجبهة اه. محمد محمود الشنقيطي. قلت: إن السيوطي شرح معنى الكلمة وفق شرح الشيخ الشنقيطي، وخالف شرح المبرّد.

الشعر من جانبي جبهته. قيل: ولا يوصف به إلا الكريم. قوله: (قبل نوح النوائح) (¬1) يروى: (قبل صدح النوائح) والصدح: شدة صوت الديك أو الغراب وغيرهما. والجوانح: ضلوح الصدر، وارتقاء النفس فوقها، كما يقال: بلغت نفسه التراقي. قوله: (وبعد غد) الذي في الحماسة وفي الروايات السابقة بأسانيدها: وقبل غد. وقوله: (من غد) يروي بدله: (على غد). وقوله: (إذا راح ..) قال التبريزي: يجوز كونه بدلا من غد على رأي المبرد، من جواز وقوعها في موضع جر، وكونه بدلا من موضع، فيكون في موضع نصب لأن محله نصب على المفعول، مما دل عليه قوله: يا لهف نفسي، أي أتلهف من غد، وعلى ذلك أورده المصنف. وقال المرزوقي: يجوز كونها بدلا من المجرور، وإن لم يجز وقوعها مجرورة، لأن البدل ليس من شرطه أن يحل محل المبدل منه (¬2). وتفيض: تسيل. وغودرت: تركت. 129 - وأنشد (¬3): وندمان يزيد الكأس طيبا … سقيت إذا تغوّرت النّجوم قال العسكري في كتاب تصحيف الشعر: هذا للبّرج، بموحدة وراء وجيم، ابن مسهر، من شعراء طيّ، أحد المعمّرين، وفد إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم. هذه عبارته ولم أر أحد ممن صنف في الصحابة ذكر البرج هذا، حتى ولا شيخ الاسلام ابن حجر مع تتبعه وذكره كل من ذكر، ولو على سبيل الوهم، أو كان مخضرما، وقد فاته هذا، وهو على شرطه لا محالة. وهو من أبيات الحماسة، وبعده: دفعت برأسه وكشفت عنه … بمعرقة ملامة من يلوم (¬4) ¬

_ (¬1) في البيت: (ألا عللاني قبل نوح النوائح ...). (¬2) قال التبريزي 3/ 235: (يجوز أن يكون، إذا، في موضع الجر بدلا من غد، وأبو العباس قد جوّز وقوع، إذا، في موضع المجرور والمرفوع، ويجوز أن يكون نصبا وبدلا من، غد، أو من موضع، على غد، العامل والمعمول فيه جميعا، لان موضعها نصب على المعقول بما دل عليه قوله: يا لهف نفسي، وهو تلهف من غد). (¬3) الحماسة 3/ 239 والاغاني 14/ 12 (وقد تغورت). (¬4) في الحماسة والأغاني: (رفعت).

ومنها: نطوّف ما نطوّف ثمّ يأوي … ذوو الأموال منّا والعديم إلى حفر أسافلهنّ جوف … وأعلاهنّ صفّاح مقيم وقال في الأغاني (¬1): أخبرني ابن دريد: حدّثنا أبو حاتم عن أبي عبيدة قال: كان البرج بن الجلاء بن الطائي (¬2) خليلا للحصين بن الحمام ونديمه على الشراب، وفيه يقول البرج: وذكر الأبيات. ولم يذكر ما يدل على إسلام البرج، بل ذكر أنه وقع على أخت له وهو سكران فافتضها، فلما أفاق ندم واستكتم ذلك قومه، ثم أنه وقع بينه وبين الحصين فعيره بذلك في أبيات، وجرت بينهما الحرب فأسره الحصين ثم منّ عليه لتقدم صداقته، فلحق ببلاد الروم فلم يعرف له خبر الى الآن. وقال ابن الكلبي: بل شرب الخمر صرفا حتى قتلته، ثم ذكر عن أبي عبيدة أن الحصين بن الحمام أدرك الاسلام. الواو: واورب. وندمان: النديم، وهو من ينادم على الشراب. ويزيد الكأس طيبا: أي يحسن عشرته. وتغوّرت النجوم، ويروى: تعرّضت، أي أبدت عرضها للمغيب. ووقعت برأسه: نبهته من منامه (¬3)، وأزالت عنه ما كان يداخله من الغم. يلوم اللائمين إياه على معاطاة الشراب، فان سقيته، معرقة، أي صرفا من الخمر، وهي القليلة المزاج. يقال: تعرّقت الخمر إذا مزجتها. وأعرقه الساقي: سقاه معرقا. نطوّف ما نطوّف: أي مدة تطوافنا: أي يكثر الواحد منا الطواف على اللذات والبطالات، وليس مآل الجميع الغنيّ منا والفقير، إلا إلى حفر، يعني القبور. ثم وصفها بأنها جوف الأسافل للحودها، وأن أعاليها، نصبت عليها حجارة كالسقوف لها، وهي دائمة على هذه أبدا. وقوله: نطوف ... البيتين، أوردهما المصنف في الباب ¬

_ (¬1) 14/ 12 (الثقافة). (¬2) كذا بالاصل، وفي الاغاني: (ابن حلاس الطائي). (¬3) كذا، والبيت بالاصل برواية (دفعت) وفي الاغاني والحماسة (رفعت) كما أشرنا أعلاه.

الخامس. وحكى أن بعضهم جوّز كون (ذوو) فاعلا بفعل محذوف. 130 - وأنشد (¬1): بدا لي أنّي لست مدرك ما مضى … ولا سابق شيئا إذا كان جائيا هو من قصيدة لزهير بن أبي سلمى، وأولها (¬2): ألا ليت شعري هل يرى النّاس ما أرى … من الأمر أو يبدو لهم ما بداليا بدا لي أنّ النّاس تفنى نفوسهم … وأموالهم ولا أرى الدّهر فانيا وأنّي متى أهبط من الأرض تلعة … أجد أثرا قبلي جديدا وعافيا أراني إذا أصبحت أصبحت ذا هوى … فثمّ إذا أمسيت أمسيت غاديا (¬3) إلى حفرة أهوي إليها مصمة (¬4) … يحثّ إليها سائق من ورائيا كأنّي وقد خلّفت تسعين حجّة … خلعت بها عن منكبيّ ردائيا بدا لي أنّي عشت تسعين حجّة … تباعا وعشرا عشتها وثمانيا بدا لي أنّي لست مدرك ما مضى … ولا سابق شيئا إذا كان جائيا وما إن أرى نفسي تقيها عزيمتي … وما إن تقي نفسي كرائم ماليا (¬5) ¬

_ (¬1) ديوانه 287، والخزانة 3/ 665 وسيأتي أيضا. (¬2) الديوان 283 - 292. (¬3) في الديوان برواية: (أراني اذا ما بت بت ... فثم اذا أصبحت أصبحت ..) كما سيأتي. (¬4) في الديوان: (مقيمة). (¬5) في الديوان: (.. تقيها كريمتي .. نفسي كريمة ماليا). وقال ويروى: كريهتي.

ألا لا أرى على الحوادث باقيا … ولا خالدا إلّا الجبال الرّواسيا وإلّا السّماء والبلاد وربّنا … وأيّامنا معدودة واللّياليا أراني إذا ما شئت لاقيت آية … تذكّرني بعض الّذي كنت ناسيا ألم تر أنّ الله أهلك تبّعا … وأهلك لقمان بن عاد وعاديا وأهلك ذا القرنين من قبل ما ترى … وفرعون جبّار معا والنّجاشيا (¬1) ألا لا أرى إذا إمّة أصبحت به … فتتركه الأيّام وهي كما هيا ألم تر للنّعمان كان بنجوة … من الشّرّ لو أنّ امرأ كان ناجيا (¬2) فغيّر عنه رشد عشرين حجّة … من الدّهر يوم واحد كان غاويا فلم أر مسلوبا له مثل ملكه … أقلّ صديقا صافيا ومواليا (¬3) فأين الّذين كان يعطي جياده … بأرسانهنّ والحسان الحواليا وأين الّذين كان يعطيهم القرى … بغلّاتهنّ والمئين الغواليا وأين الّذين يحضرون جفانه … إذا قدّمت ألقوا عليها المراسيا رأيتهم لم يشركوا بنفوسهم … منيّته لمّا رأوا أنّها هيا خلا أنّ حيّا من رواحة حافظوا … وكانوا أناسا يتّقون المخازيا (¬4) ¬

_ (¬1) في الديوان: (وفرعون أردى جنده). (¬2) في الديوان: (من العيش ..). (¬3) في الديوان: .. مثل قرضه … أقل صديقا معطيا ومواسيا ويروى أيضا: (بازلا ومواسيا). (¬4) في الديوان: (أقبوا … وكانوا قديما يتقون)

يسيرون حتّى حبّسوا عند بابه … ثقال الرّوايا والهجان المتاليا فقال لهم: خيرا وأثنى عليهم … وودّعهم وداع أن لا تلاقيا وأجمع أمرا كان ما بعده له … وكان إذا ما احلولج الأمر ماضيا قال ثعلب في شرح ديوان زهير: أنكر الأصمعي كون هذه القصيدة لزهير (¬1). قوله: أراني إذا ما بتّ بتّ على هوى … فثمّ إذا أصبحت أصبحت غاديا يقول: إن له حاجة لا تنقضي أبدا (¬2). وقد أورد المصنف هذا البيت في (ثم) مستشهدا به على دخول العاطف عليها. وقال السيرافي: الأجود، فثم، بفتح الثاء، لكراهة دخول عاطف على عاطف. قوله: كأني وقد خلفت .. البيت. يقول: لا أجد مسّ شيء قد مضى. قوله: ولا سابق شيئا إذا كان جائيا أورده المصنف شاهدا على إبطال قول من قال إن ناصب (إذا) ما في جوابها من فعل وشبهة، لأن تقدير الجواب في البيت: إذا كان جائيا فلا أسبقه. ولا يصح أن يقال: لا أسبق شيئا وقت مجيئه، لأن الشيء إنما يسبق قبل مجيئه. وأورده غيره شاهدا على جر المعطوف، لتوهم دخول الباء في المعطوف عليه، وهو خبر ليس. ¬

_ (¬1) في ديوان زهير 284: (وزعم بعض الناس انها لصرمة بن أبي أنس الأنصاري) وفي هامشه: (قال الأصمعي: وليست لزهير) قال أبو رياش: هي لأنس بن صرمة الانصاري. وصوابه لصرمة بن أنس. وفي الاعلم: وقال الاصمعي: ليست لزهير، ويقال هي لصرمة الانصاري ولا تشبه كلام زهير. وانظر عن صرمة الاصابة والاستيعاب. (¬2) في الديوان: (بت على هوى: على أمر أريده، فاذا أصبحت جاء أمر غير ما بتّ عليه من موت وغير ذلك. يريد: أن حاجتي لا تنقضي، ومثله: ومن حاجة الانسان ما ليس قاضيا

ورأيته في شرح ثعلب بلفظ: ولا سابقي شيء (¬1). ولا شاهد فيه على هذا. وتلعة: بفتح المثناة والعين المهملة بينهما لام ساكنة، اسم ما علي من مسيل الوادي، وما سفل. وعاديا: هو أبو السموأل، كان له حصنين أحدهما يقال له الأبلق، ونجوة: بالجيم، أي ارتفاع. والمئين الغواليا: الأبل الغالية الأثمان. ويقال: بدا لي في هذا الأمر بداء: أي نشأ لي فيه رأي (¬2). وألقوا عليها المراسيا: أي ثبتوا عليها وأكلوا مثل المرسى للسفينة. وقوله: لم يشركوا .. البيت (¬3): أي لم يواسوه في الموت. والمتالي: التي يتبعها أولادها. واخلولج الأمر: التوى ولم يستقم على جهة لاختلاف الآراء فيه. قال ثعلب: سبب قول زهير هذه القصيدة، أن كسرى طلب النعمان بن المنذر ليقتله، ففرّ فأتى طيّا، فسألهم أن يدخلوه جبلهم، فأبوا، فلقيه بنو رواحة، من عبس، فقالوا له: أقم فينا، فإنا نمنعك مما نمنع منه أنفسنا. فقال: لا طاقة لكم بكسرى. وأثنى عليهم خيرا. فائدة: قوله: كأني وقد خلعت ... البيت. أورده عليه عمرو بن قمئة فقال في قصيدة لسميّه: كأنّي وقد جاوزت تسعين حجّة … خلعت بها يوما عذار لجام 131 - وأنشد (¬4): متى تردن يوما سفار تجد بها … أديهم يرمي المستجيز المعوّرا ¬

_ (¬1) كما في ديوان زهير. (¬2) يلاحظ هنا ان السيوطي شرح الابيات على خلاف الترتيب الوارد في القصيدة، فانظر. (¬3) أي في البيت: (رأيتهم لم يشركوا بنفوسهم). (¬4) ديوانه 355 (متى ما ترد يوما ..). والمؤتلف والمختلف 32، وانظر هامش البكري ص 739 - 740.

هو للفرزدق. قال الآمدي في المؤتلف والمختلف (¬1): وأديهم المذكور، هو أديهم بن مرداس، وأخو عتبة بن مرداس (¬2) أحد بني كعب بن عمرو بن تميم بن مرّ. كان أديهم شاعرا خبيثا. والمستجيز الذي يأتي القوم يستسقيهم ماء ولبنا، وسفار ماء لهم (¬3). اه. والبيت: أورده المصنف على أن يوما ظرف ثان لترد، ولا يجوز كونه ظرفا لتجد، لئلا ينتقل ترد من معموله، وهو سفار بالاجنبي، ولا بدلا من (متى) لعدم اقترانه بحرف الشرط. وأورده في الصحاح بلفظ (متى ما ترد) وقال: سفار مثل قطام، اسم بئر. وقال في فصل العين: قال أبو عبيدة: يقال للمستجيزي الذي يطلب الماء، إذا لم يسقه: قد عورت شربه، وأورد البيت. والمستجيز، بالجيم والزاي، والمعوّر، بالمهملة وفتح الواو المشددة، اسم مفعول. 132 - وأنشد: من يفعل الحسنات الله يشكرها تقدم شرحه في شواهد من (¬4). 133 - وأنشد: ونحن عن فضلك ما استغنينا هو من رجز لعبد الله بن رواحة الصحابي رضي الله عنه، كان حدا به في زمن النبي صلّى الله عليه وسلّم، وتمثّل به النبيّ صلّى الله عليه وسلّم. وأخرج مسلم والبيهقي في الدلائل، وابن سعد في طبقاته، واللفظ له، عن سلمة بن الأكوع قال: لما خرج عامر بن الأكوع إلى خيبر جعل يرجز بأصحاب النبي ¬

_ (¬1) ص 32 (¬2) انظر الشعراء 329 (¬3) انظر البكري 739 (¬4) كذا في الاصل، خطأ، فقد ورد الشعر في شواهم (أمّا) المفتوحة والمشددة، وانظر ص 178، الشاهد رقم 77.

فائدة: [عبد الله بن رواحة]

صلّى الله عليه وسلّم يسوق به الركاب، وهو يقول (¬1): تالله لولا الله ما اهتدينا … وما تصدّقنا وما صلّينا الكافرون قد بغوا علينا … إذا أرادوا فتنة أبينا ونحن عن فضلك ما استغنينا … فثبّت الأقدام إن لاقينا وأنزلن سكينة علينا وأخرج الشيخان عن البراء قال: رأيت النبيّ صلّى الله عليه وسلّم يوم الخندق ينقل التراب حتى وارى التراب شعر صدره، وهو يرتجز برجز عبد الله بن رواحة، يقول: اللهمّ لولا أنت ما اهتدينا … ولا تصدّقنا ولا صلّينا الأبيات ... وأخرج ابن عساكر عن عمر بن الخطاب قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم لعبد الله بن رواحة: لو حرّكت الركاب؟ فقال: لقد تركت قولي. فقال له عمر: اسمع وأطع، فقال: اللهمّ لولا أنت ما اهتدينا ... الأبيات فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: اللهم ارحمه. فقال عمر: وجبت. فائدة: [عبد الله بن رواحة] عبد الله بن رواحة بن ثعلبة بن امرئ القيس الأنصاري الخزرجي، أبو محمد، ¬

_ (¬1) انظر سير اعلام النبلاء للذهبي 1/ 170، وسيرة ابن سيد الناس 2/ 130، وطبقات ابن سعد 3/ 1: 79، وحاشية الامير 1/ 91.

ويقال أبو رواحة، ويقال أبو عمرو (¬1) شهد بدرا والعقبة. وهو أحد النقباء، وأحد الأمراء في غزوة مؤتة، واستشهد به سنة سبع. قاله ابن عساكر، وله رواية، روى عنه أبو سلمة بن عبد الرحمن، وعكرمة وزيد بن أسلم، وعطاء بن يسار، ولم يدركه أحد منهم، فهو أحد من أسند من الصحابة الذين ماتوا في حياة النبيّ صلّى الله عليه وسلم. أخرج ابن عساكر من طريق أبي سلمة بن عبد الرحمن عن عبد الله بن رواحة قال: نهي النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، أن يطرق الرجل أهله ليلا. وأخرج من طريق عكرمة عن عبد الله بن رواحة قال: نهانا رسول الله صلّى الله عليه وسلم، أن يقرأ أحدنا القرآن وهو جنب. قال ابن سعد: عبد الله بن رواحة في الطبقة الأولى من أهل بدر، وليس له عقب، وهو خال النعمان بن بشير، وكان يكتب في الجاهلية، وكانت الكتابة في العرب قليلة، وشهد بدرا وأحدا والخندق والحديبية وخيبر وعمرة القضاء، واستخلفه القضاء رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على المدينة حين خرج إلى بدر الصغرى، وبعثه سرية في ثلاثين راكبا الى أسير زارم اليهودي (¬2) بخيبر فقتله. وبعثه الى خيبر خارصا فلم يزل يخرص عليهم الى أن قتل بمؤتة (¬3). وقال أبو نعيم: روى عنه ابن عباس وأنس وأسامة. وقال قتيبة: كان ابن رواحة أخا أبى الدرداء لأمه. ومن مناقبه ما أخرجه ابن عساكر عن أبى هريرة قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: نعم عبد الله بن رواحة. ¬

_ (¬1) في كنى الشعراء لابن حبيب 289: (أبو عمرو)، وفي سير أعلام النبلاء 1/ 166: (أبو عمرو الانصاري الخزرجي) وقال: ويكنى أبا محمد وأبا رواحة ..). (¬2) كذا في الأصل، خطأ، والصحيح: (أسير بن رزام اليهودي، ويقال: اليسير بن رزام) وانظر ابن سعد، وابن سيد الناس 2/ 111، وأعلام النبلاء 1/ 166. (¬3) الخرص: تقدير ما على الشجر من الثمار بالظن لا بالاحاطة. وانظر مسند الامام أحمد 3/ 367، وابن سلام 187، وكتب السيرة.

وأخرج عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: رحم الله ابن رواحة، كان أينما أدركته الصلاة أناخ. وأخرج عن أنس قال: كنا مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فأمرنا أن نصلي على ظهور رواحلنا ففعلنا، ونزل ابن رواحة فصلّى في الأرض، فسعى به رجل من القوم، فبعث إليه فقال: ليأتينكم وقد لقن حجته. فأتاه، فقال له: أمرت الناس أن يصلوا على ظهور رواحلهم، فنزلت وصلّيت في الأرض. فقال: يا رسول الله، لأنك تسعى في فك رقبة قد فكها الله، وأنا إنما نزلت لأسعى في رقبة لم تفك. فقال: ألم أقل لكم انه سيلقن حجته. وأخرج ابن عساكر، بسند فيه الكريمي، عن حسن بن علي، قال: قال رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم، لعبد الله بن رواحة: ما الشعر؟ قال: شيء يختلج في صدر الرجل، فيخرجه على لسانه شعرا. وأخرج عن هشام بن حسان قال: قال عبد الله بن رواحة للنبي صلّى الله عليه وسلم (¬1): فثبّت الله ما أتاك من حسن … كالمرسلين ونصرا كالّذي نصروا فقال له النبي صلّى الله عليه وسلّم: وإياك يا سيد الشعراء (¬2). وأخرج عن محمد بن سيرين: كان شعراء أصحاب محمد صلّى الله عليه وسلّم: عبد الله بن رواحة، وحسان بن ثابت، وكعب بن مالك. وأخرج أبو يعلي عن أنس قال: دخل النبيّ صلّى الله عليه وسلّم ¬

_ (¬1) وكذا في حاشية الامير 1/ 91، وفي طبقات ابن سلام 188 وسير اعلام النبلاء 1/ 169: تثبيت موسى، ونصرا كالذي نصروا وفي ابن هشام 4/ 16 والمؤتلف والمختلف للآمدي 126: (في المرسلين ...). (¬2) في أعلام النبلاء 1/ 169: (فأقبل صلّى الله عليه وسلّم بوجهه مستبشرا وقال: وإياك فثبّت الله).

مكة في عمرة القضاء، وابن رواحة بين يديه وهو يقول (¬1): خلّوا بني الكفّار عن سبيله، … اليوم نضربكم على تأويله ضربا يزيل الهام عن مقيله … ويذهل الخليل عن خليله (¬2) فقال عمر: يا ابن رواحة، في حرم الله وبين يدي رسول الله تقول الشعر؟ فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: خلّ عنه يا عمر، فو الذي نفسي بيده لكلامه أشد عليهم من وقع النبل. وأخرج ابن عساكر عن عبد العزيز بن أخي الماجشون قال (¬3): بلغنا أنه كانت لعبد الله بن رواحة جارية يستسرّها سرّا عن أهله، فبصرت به امرأته يوما قد خلا بها، فقالت: لقد اخترت أمتك على حرّتك؟ فجاحدها ذلك. قالت: فإن كنت صادقا فاقرأ آية من القرآن، فقال: شهدت بأنّ وعد الله حقّ … وأنّ النّار مثوى الكافرينا فقالت: زدني في آية أخرى. فقال: ¬

_ (¬1) الرجز روي بزيادة واختلاف، فهو في ابن هشام 4/ 13 وفي ابن اسلام برواية: خلّوا بني الكفار عن سبيله، … خلّوا، فكل الخير مع رسوله نحن ضربناكم على تأويله … كما ضربناكم على تنزيله ضربا يزيل الهام عن مغيله … ويذهل الخليل عن خليله وفي سير اعلام النبلاء 1/ 169: خلّوا بني الكفار عن سبيله … اليوم نضربكم على تنزيله وفي ابن سعد 3/ 2: 80: (خلوا فإن الخير مع رسوله). وفي ابن سيد الناس 2/ 149: خلوا بني الكفار عن سبيله … قد أنزل الرحمن في تنزيله بأن خير القتل في سبيله وقال ابن هشام «نحن قتلناكم على تأويله» الى آخر الابيات، لعمار بن ياسر في هذا اليوم، كذا. وانظر رجز عمار بن ياسر في كتاب وقعة صفين: 286. (¬2) الهام: جمع هامة، وهي الرأس. ومقيل الرأس: مغرزه بين الكتفين. (¬3) انظر الخبر في أعلام النبلاء 1/ 171.

وأنّ العرش فوق الماء طاف … وفوق العرش ربّ العالمينا فقالت: زدني آية أخرى، فقال: وتحمله ملائكة كرام … ملائكة الإله مقرّبينا فقالت: آمنت بالله وكذّبت البصر. فأتى ابن رواحة رسول الله صلّى الله عليه وسلم فحدّثه، فضحك ولم يغير عليه (¬1). وأخرج ابن عساكر عن عكرمة، مولى ابن عباس: أن عبد الله بن رواحة كان مضجعا الى جنب امرأته، فخرج الى الحجرة فواقع جارية له، فاستيقظت المرأة ولم تره، فخرجت، فإذا هو على بطن الجارية فرجعت، فأخذت الشفرة، فلقيها ومعها الشفرة فقال لها: مهيم مهيم، فقالت: مهيم، أما أني لو وجدتك حيث كنت لوجأتك بها: قال: وأين كنت؟ قالت: على بطن الجارية. قال: ما كنت؟ قالت: بلى، فإن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم نهى أن يقرأ أحدنا القرآن وهو جنب، فقالت: اقرأه. فقال: أتانا رسول الله يتلو كتابه … كما لاح مشهور من الصّبح ساطع أتانا بالهدى بعد العمى فقلوبنا … به موقنات أن ما قال واقع يبيت يجافي جنبه عن فراشه … إذا اشتعلت بالكافرين المضاجع قالت: آمنت بالله وكذبت بصري. قال: فغدوت إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم فأخبرته، فضحك حتى بدت نواجذه. وأخرج ابن عساكر عن الهيثم بن عدي قال: ذكروا أن عبد الله بن رواحة ابتاع جارية، وكتم ذلك امرأته وقد بلغها، فقالت، له ذات يوم، وبلغها انه كان عندها: ¬

_ (¬1) كذا في الاصل، وفي اعلام النبلاء: (ولم ينكر عليه). وفي حاشية الامير 1/ 92: (ولم يعير عليه).

إنه بلغني عنك أنك ابتعت جارية. فقال لها: ما فعلت. قالت: بلى، وقد بلغني أنك كنت عندها اليوم، ولا أحسبك إلّا جنبا، فإن كنت صادقا فاقرأ آيات من القرآن. فقال: شهدت بأنّ وعد الله حقّ ... الأبيات قالت: أما إذا قرأت القرآن فإني قد عرفت انه مكذوب عليك. قال: فافتقدته ذات ليلة فلم تجده على فراشها، فلم تزل تطلبه حتى رأته في ناحية الدار فقالت: الآن صدقت ما بلغني، فجحدها. فقالت: إقرأ آيات من القرآن إن كنت صادقا، فقال: وفينا رسول الله يتلو كتابه … إدا انشقّ معروف من الصّبح ساطع الأبيات ... فحدث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بذلك فضحك حتى ردّ يده على فيه وقال: هذا لعمري من معاريض الكلام، يغفر الله لك يا ابن رواحة، ان خياركم خيركم لنسائه، فأخبرني ما الذي ردّت عليك حيث قلت ما قلت، قال: قالت لي: أما اذا قرأت القرآن فإني أتهم ظني، وأصدقك. فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: لقد وجدتها ذات فقه في الدين. وأخرج (¬1) ... عن أبي هريرة أنه قال في قصصه، وهو يذكر رسول الله صلّى الله عليه وسلم: ان أخا لكم لا يقول الرفث، يعني بذلك عبد الله بن رواحة، حيث يقول: وفينا رسول الله يتلو كتابه ... الأبيات وأخرج ابن سعد، وابن عساكر، عن عروة، قالت لما نزلت: (وَالشُّعَراءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغاوُونَ) قال عبد الله بن رواحة: قد علم الله اني منهم. فأنزل الله: (إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ ...) (¬2) حتى ختم الآية. ¬

_ (¬1) هنا بياض بالاصل، كما في النسخ التي بأيدينا. (¬2) الشعراء 26، الآية 224.

وأخرج ابن عساكر عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال «1»: تزوج رجل امرأة عبد الله بن رواحة، فقال لها: تدرين لم تزوجتك؟ لتخبريني عن صنيع عبد الله بن رواحة في بيته. فقالت: كان إذا أراد أن يخرج من بيته صلى ركعتين، وإذا دخل داره صلى ركعتين، لا يدع ذلك أبدا. وأخرج البيهقي في الدلائل، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى (¬1): أنّ عبد الله بن رواحة أتى النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، ذات يوم وهو يخطب، فسمعه يقول: اجلسوا. فجلس مكانه خارج المسجد حتى فرغ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم من خطبته. فبلغ ذلك النبي صلّى الله عليه وسلّم فقال: زادك الله حرصا على طواعية الله وطواعية رسوله. وأخرج الزبير بن بكار في الموفقيات، عن هشام بن عروة عن أبيه. قال (¬2): ما سمعت بأحد أجرأ ولا أسرع شعرا من عبد الله بن رواحة يوم يقول له رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: قل شعرا تقتضيه الساعة وأنا أنظر اليك، ثم أبدّه بصره، فانبعث عبد الله بن رواحة يقول: إنّي تفرّست فيك الخير أعرفه … والله يعلم ما إن خانني بصر (¬3) أنت النّبيّ ومن يحرم شفاعته … يوم الحساب فقد أرزى به القدر فثبّت الله ما أتاك من حسن … كالمرسلين، ونصرا كالّذي نصروا فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: وأنت فثبتك الله. قال هشام بن عروة: فثبته الله أحسن ثبات، فقتل شهيدا، وفتحت له الجنة فدخلها. ¬

_ (¬1) سير أعلام النبلاء 1/ 167 (¬2) انظر الهامش 1 و 2 ص 289. (¬3) في ابن سلام واعلام النبلاء: فراسة خالفتهم في الذي نظروا

134 - وأنشد: ألا إنّ قرطا على آلة … ألا إنّني كيده ما أكيد (¬1) هذا للأخرم السنبسي، وبعده: بعيد الولاء بعيد المحل … من ينأ عنك فذاك السّعيد وعز المحل لنا بائن … بناه الإله ومجد تليد ومأثرة المجد كانت لنا … وأورثناها أبونا لبيد قرط: رجل من سنبس، والآلة: الحالة، ولا يقال بغيرها. و (ما) زائدة، لا نافية، لأن (ما) خبرها لا يعمل فيما قبلها، ولا موصولة ولا مصدرية، لئلا يتقدم الصلة على الموصول. والمعنى: اني أكيد كيده كما يكيدني لأكون خيرا منه (¬2). وبعيد الولاء: خبر هو مقدر. وقوله: (من ينأ عنك) على طريقة الالتفات من الغيبة إلى الخطاب. وبائن: ظاهر. وبناه: خبر ثان، أو حال من ضمير بائن. ومجد: عطف على فاعل بناه، أو مستأنف، أو لنا مجد تليد. والمآثر: المكارم، لأنها تؤثر، أي تروى وتنقل. 135 - وأنشد: آليت حبّ العراق أطعمه (¬3) هو للمتلمّس، وأخرج ابن عساكر في تاريخه بسنده عن عمر بن شبّة قال (¬4): ¬

_ (¬1) رواية ابن هشام، وفي حاشية الأمير: (لا أكيد). (¬2) في حاشية الامير معلقا على شرح السيوطي معنى البيت: (ورحم الله السيوطي، فإن هذا لا يلائم استشهاد المصنف، ولم ينبه على ذلك). (¬3) الكتاب 1/ 17، والشعراء 135 (أكله)، وأمالي ابن الشجري 1/ 329، والاغاني 23/ 545 و 553 (الثقافة). (¬4) القصة في الشعراء 134 - 135، والاغاني 21/ 125 - 127، والخزانة 1/ 446 و 3/ 77 وانظر الاغاني 23/ 539 وما بعد (الثقافة). و 542 - 545.

كان طرفة بن العبد وخاله المتلمّس وفدا على عمرو بن هند، فنزلا منه خاصة ونادماه، ثم أنهما هجواه بعد ذلك، فكتب لهما كتابين إلى البحرين وقال لهما: إني قد كتبت لكما بصلة، فأشخصا لتقبضاها. فخرجا من عنده، والكتابان في أيديهما، فمرّا بشيخ جالس على ظهر الطريق منكشفا يقضي حاجته، وهو مع ذلك يأكل ويتفلى، فقال أحدهما لصاحبه: هل رأيت أعجب من هذا الشيخ؟ فسمع الشيخ مقالته فقال: ما ترى من عجبي؟ أخرج خبيثا، وأدخل طيبا، وأقتل عدوّا، وانّ أعجب منّي لمن يحمل حتفه بيده وهو لا يدري. فأوجس المتلمس في نفسه خيفة وارتاب بكتابه. ولقيه غلام من الحيرة فقال: أتقرأ يا غلام؟ قال: نعم. ففض خاتم كتابه ودفعه الى الغلام فقرأه عليه، فإذا فيه: اذا أتاك المتلمّس فاقطع يديه ورجليه واصلبه حيّا. فأقبل على طرفة فقال: تعلم والله، لقد كتب فيك بمثل هذا. فلم يلتفت الى قول المتلمس، وألقى المتلمس كتابه في نهر الحيرة وقال: من مبلغ الشّعراء عن أخويهم … أمّا فيصدقهم بذاك الأنفس أودى الّذي علق الصّحيفة منهما … ونجا، حذار حبائه المتلمّس أطريفة بن العبد إنّك حائن … أبساحة الملك الهمام تمرّس ألق الصّحيفة، لا أبالك، إنّه … يخشى عليك من الحباء النّقرس ومضى طرفة بكتابه إلى صاحب البحرين فقتله، فقال المتلمس: عصاني، فما لاقى رشادا وإنّما … يبين من الأمر الغويّ عواقبه فأصبح محمولا على ظهر آلة … يمجّ نجيع الجوف منه ترائبه وهرب المتلمس فلحق بالشام، وقال يهجو عمرو بن هند (¬1): إنّ العراق وأهله كانوا الهوى … فإذا نبا بي أهله فليبعد ¬

_ (¬1) الاغاني 23/ 555، باختلاف الرواية واللفظ.

فلتركبن منهم بليل يا فتى … تدع السّماك وتهتدي بالفرقد (¬1) لبلاد قوم لا يرام هديّهم … وهديّ قوم آخرين هو الرّدي كطريفة بن العبد كان هديّهم … ضربوا صميم قذاله بمهنّد (¬2) إنّ الخيانة والمغالة والخنا … والغدر اتركه ببلدة مفسد ملكا يلاعب أمّه وقطينها … رخو المفاصل أيره كالمرود (¬3) بالباب يرصد كلّ طالب حاجة … فإذا خلا فإلمرء غير مسدّد فبلغ شعره عمرا فآلى إن وجده بالعراق ليقتله، فقال المتلمس: آليت حبّ العراق الدّهر أطعمه … والحبّ يأكله في القرية السّوس لم تدر بصرى بما آليت من قسم … ولا دمشق إذا ديس الكداديس يال بكر ألا لله أمّكم … طال الثّواء وثوب العجز ملبوس أغنيت شأني فأغنوا اليوم شأنكم … واستحمقوا في مراس القوم أو كيسوا شدّوا الرّحال على بزل مخيّسة … والضّيم ينكره القوم المكاييس (¬4) ¬

_ (¬1) في الاغاني قال: (فإن السماك يمان والفرقد شاميّ). (¬2) في الاغاني: (الهديّ: الجار هنا، والهديّ أيضا: الأسير، يقول: إن جار غسان لا يضام ولا يرام بسوء). (¬3) في الأغاني: (ملك يلاعب أمه وقطينه) وقال: (يريد عمرو بن هند. والقطين: الحشم، رماه بالمجوسية ونكاح الامهات، ويقال: بل أراد ان به تأسفا). (¬4) في الاغاني برواية: ردّوا عليهم جمال الحيّ فارتحلوا … والظلم ينكره القوم الأكاييس وقال: ويروى: شدوا الجمال بأكوار على عجل … والضيم ينكره القوم المكاييس

وأخرج ... (¬1) أن النبي صلّى الله عليه وسلّم كتب لعيينة بن حصن كتابا، فقال: يا محمد، أتراني حاملا الى قومي كتابا كصحيفة المتلمّس. قال الخطابي: يقول: لا أحمل الى قومي كتابا لا علم لي بما فيه. وقال الفرزدق (¬2): يا مرو، إنّ مطيّتي محبوسة … ترجو الحباء وربّها لم ييأس وحبوتني بصحيفة مختومة … يخشى عليّ بها حباء النّقرس ألق الصّحيفة يا فرزدق لا تكن … نكداء مثل صحيفة المتلمّس قوله: آليت، أي حلفت على حبّ العراق لا آكله، مع أن الحب متيسر، فحذف الجار ونصب، وهو محل الاستشهاد. والسوس: قمل القمح ونحوه. قال الكسائي: ساس الطعام يساس، وأساس يسيس سوسا، بالفتح، والاسم بالضم. قال العيني: وقد اختلف في قوله: آليت، هل بضم التاء أو بفتحها، فكلام العسكري يقتضي أنه بالضم، وكذا الرواية السابقة. وقال: وصرح غيره من العلماء بالشعر واللغة بأنه بالفتح، وكذا ضبطوه في كتاب سيبويه، وقالوا: انه يخاطب بذلك عمرو بن هند، لأنه لما هجاه، حلف عمرو أنه لا يطعم المتلمس بعدها حبّ العراق، أي انه لا يقدر بعدها على المقام بالعراق، فلا سبيل له الى أكل حبها. فقال المتلمس ذلك. أي حلفت يا عمرو، لا تتركني بالعراق والطعام لا يبقى وان استبقيته، بل يسرع إليه الفساد ويأكله السوس، فالبخل به قبيح. وقوله: (لم تدر بصري ... البيت) أي لم تعلم بصرى أنك حلفت، فأنا آكل من طعامها، وكذلك دمشق، فانا أكون في موضع لا أمر لك فيه، فلا أخافك على نفسي، وأنا في خصب وخير. والدهر: نصب على الظرف، وأطعمه على حذف (لا) النافية، أي لا أطعمه. وبصرى، بضم الموحدة، مدينة بالشام. والكداديس: أكداس الطعام، ولا واحد لها من لفظها، قاله النحاس. ¬

_ (¬1) بياض بالاصل. (¬2) انظر الاغاني 23/ 546 - 549 (الثقافة).

فائدة: [المتلمس]

وقال الجوهري: واحدها كدس بالضم (¬1). فائدة: [المتلمس] المتلمس اسمه جرير بن عبد المسيح بن عبد الله بن ريد بن دوفن بن أوس بن حرب ابن وهب بن جليّ بن أحمس بن ضبيعة بن ربيعة بن نزار بن معد بن عدنان الضبعي، شاعر مشهور جاهلي؛ ذكره الجمحي في الطبقة السابعة من شعراء الجاهلية، وقال: محكم مفلق، في أشعاره قلة، وهو خال طرفة بن العبد. وإنما سمي المتلمس لقوله (¬2): فهذا أوان العرض جنّ ذبابه … زنابيره والأزرق المتلمّس وأخرج ابن عساكر من طريق أبى العيناء عن الأصمعي قال: قال الخليل بن أحمد: أحسن ما قاله المتلمس (¬3): وأعلم علم حقّ غير ظنّ … لتقوى الله خير في المعاد وحفظ المال خير من فناه … وضرب في البلاد بغير زاد وإصلاح القليل يزيد فيه … ولا يبقى الكثير مع الفساد وقال أبو عبيدة (¬4): اتفقوا على أنّ أشعر المقلّين في الجاهليّة ثلاث: المسيّب ابن علس والحصين بن الحمام والمتلمّس. ¬

_ (¬1) في الاغاني 23/ 553 «يقول: لم تدر بلاد الشام بيمينك فتبرّها وتمنعني حبها كما منعتني حب العراق. والكداديس: جمع كدس، على غير قياس. ويروى: (إذا ديس الفراديس)، والفراديس درب يقال له درب الفراديس. وقال ابن النحاس: الفراديس: موضع بدمشق، أي إذا درست الزروع التي عند الفراديس. وقال الأصمعي: الفراديس: البساتين، واحدها فردوس، أي لم تبلغ الشام يمينك لهوانك عليها، يهزأ به. وقوله: (والحب يأكله في القرية السوس)، لكثرته عندهم». (¬2) انظر ص 48. (¬3) انظر ص 209 و 266. (¬4) الشعراء 630.

شواهد أيمن

شواهد أيمن 136 - أنشد: فقال فريق القوم لمّا نشدتهم: … نعم، وفريق ليمن الله لا ندري هو لنصيب بن رباح البدوي. قال القالي في أماليه (¬1)، ثنا أبو بكر بن الأنباريّ، ثنا ثعلب عن الزّبير، عن شيخ قال: ثنا، رجل من الخضر بالسّعد، وهو موضع (¬2) قال: جاءنا نصيب إلى مسجدنا فاستنشدناه، فأنشدنا: ألا يا عقاب الوكر وكر ضريّة … سقيت الغوادي من عقاب ومن وكر (¬3) تمرّ اللّيالي والشّهور ولا أرى (¬4) … مرور اللّيالي منسياتي ابنة العمر تقول صلينا واهجرينا وقد ترى … إذا هجرت أن لا وصال مع الهجر ¬

_ (¬1) 2/ 206 - 207 (¬2) كذا في الأصل، وفي الامالي (الخضر بالسغد) بالسين المهملة المشددة، والغين المعجمة، و (السّعد) بالمهملة: ماء على طريق المدينة، وهو لبني ثعلبة بن جحاش بن ثعلبة بن سعد بن ذبيان (البكري 829). وفي الاغاني 1/ 350 (دار الكتب): (الجفر) وهو موضع بناحية ضريّة من نواحي المدينة. وفي القصيدة بيت ذكر في الاغاني والامالي يذكر فيه (الجفر) وذكر في الأصل ص 300: (الغمر) وهو: لقد زادني للجفر حبا وأهله … ليال أقامتهنّ ليلى على الجفر (¬3) وكذا في اللسان (ضرا)، وفي الاغاني والامالي: (سقتك الغوادي). وضرية: قرية عامرة قديمة على وجه الدهر في طريق مكة من البصرة ونجد. (¬4) في الاغاني: (تمر الليالي ما مررن).

فلم أرض ما قالت ولم أبد سخطة … وضاق بما جمجمت من حبّها صدري ظللت بذي ودّان أنشد بكرتي … ومالي عليها من قلوص ولا بكر وما أنشد الرّعيان إلّا تعلّة … لواضحة الأنياب طيّبة النّشر (¬1) فقال لي الرّعيان: لم تلتبس بنا … فقلت: بلى، قد كنت منها على ذكر وقد ذكرن لي بالكثيب مؤالفا (¬2) … قلاص عديّ أو قلاص بني وبر فقال فريق القوم لمّا نشدتهم: … نعم، وفريق ليمن الله لا ندري (¬3) أما والّذي حجّ الملبّون بيته … وعلّم أيّام الذّبائح والنّحر (¬4) لقد زادني للغمر حبّا وأهله … ليال أقامتهنّ ليلى على الغمر (¬5) فهل يأثمنّي الله في أن ذكرتها … وعلّلت أصحابي بها ليلة النّفر وسكّنت مابي من ملال ومن كرى … وما بالمطايا من جنوح ومن فتر (¬6) أخرجه أبو الفرج في الأغاني قال (¬7): أخبرني محمد بن خلف بن المرزبان، أنبأنا ¬

_ (¬1) في الامالي والاغاني: (بواضحة ..). (¬2) في الأمالي: (وقد ذكرت لي ..). (¬3) رواية الشاهد، أي البيت، كما في الامالي: فقال فريق القوم: لا، وفريقهم نعم: وفريق قال: ويلك ما ندري ثم زاد فقال: (قال ابو علي: أنشدنا أبو بكر بن دريد بعض هذه الأبيات: فقال فريق القوم: لا وفريقهم نعم … وفريق: أيمن الله ما ندري. . الخ) (¬4) في الامالي: (عظم). ورواية البيت كما في الاغاني: أما والذي نادى من الطّور عبده … وعلّم أيام المناسك والنحر (¬5) في الامالي والاغاني (الجفر) وانظر الحاشية رقم 2 ص 299. (¬6) في الامالي: (.. من سأم ... ولا فتر)، وانظر اللآلي 825 - 826، وفي اللسان (نفر): (من كلال ..). (¬7) ليس هذا النص في الاغاني وانظر 1/ 350 (دار الكتب).

فائدة: [نصيب بن رباح]

الزّبير بن بكّار إجازة عن هرون بن عبد الله الزّبيري عن شيخ من الخضر (¬1): والدّان موضع معروف، فذو زائدة. ويروى: (بذي دوران). وأنشد بكرتي: أطلب ناقتي. والبكرة: الفتاة من الأبل. والرعيان: جمع راع. والتعلة: العذر والتعلل. وواضحة الأنياب: أي جارية بيضاء الأسنان. والنشر: الرائحة. وذكر: بضم الذال وكسرها، أي تذكر، أي ذكر لي أنها هناك بالكثيب، وهو المجتمع من الرمل. وموالفا: أي مصاحبة لقلاصي. عديّ وبني وبر: وهما قبيلتان. واليمن: لغة في أيمن، وهي كلمة قسم. قال التدمريّ: ويروى (أيمن الله) باليمن. والغمر: بغين معجمة، موضع معروف (¬2). وليلة النّفر: من ليالي الحج المعروفة. والكرى: النعاس. والجنوح: الميل والتكاسل من شدة البين. والفتور: ضد النشاط. فائدة: [نصيب بن رباح] نصيب بن رباح، أبو محجن (¬3). وقيل: أبو الحجناء مولى عبد العزيز بن مروان، من الطبقة السادسة من شعراء الاسلام (¬4). كان عبدا أسودا، وكان عفيفا لم يتشبب قط إلا بامرأته. وكان أهل البادية يدعونه النصيب، تفخيما له (¬5). وفي الأغاني (¬6): انه كان شاعرا فحلا فصيحا مقدّما في النّسيب والمديح، ولم يكن له حظ في الهجاء. وقال (¬7): وحمله عبد العزيز بن مروان بمقطّم مصر على ¬

_ (¬1) كما في الامالي والاغاني، وفيهما: (وقفت ..) وانظر البكري 561 (¬2) انظر البكري 1002 - 1003 (¬3) وكذا في كنى الشعراء 290، وفي الاغاني 1/ 352: (أبو الححناء). (¬4) طبقات الشعراء لابن سلام 529، وعد من طبقته: عبيد الله بن قيس الرقيات، والأحوص، وجميل. (¬5) الاغاني 1/ 320 (دار الكتب). (¬6) الاغاني 1/ 324 (دار الكتب). (¬7) الاغاني 1/ 338 (دار الكتب).

بختيّ قد رحله بغبيط فوقه (¬1) وألبسه مقطّعات وشي (¬2)، ثم أمره أن ينشده، فاجتمع حوله السّودان وفرحوا به، فقال لهم: أسررتكم؟ قالوا: أي والله، قال: والله لما يسؤكم من أهل جلدتكم أكثر. قال (¬3): وقيل له مرة: أنت لا تحسن الهجاء، قال: بلى والله، أتراني لا أحسن أن أجعل مكان عافاك الله أخزاك الله! قيل: فإنّ فلانا قد مدحته فحرمك فاهجه، قال: لا والله، ما ينبغي لي أن أهجوه، إنما ينبغي أن أهجو نفسي حيث مدحته. فقيل: هذا والله أشد من الهجاء. قال (¬4): ودخل على عمر بن عبد العزيز، فقال له: ما حاجتك؟ قال: بنيّات لي نفصت عليهنّ سوادي فكسدن أرغب بهنّ عن السوّدان، ويرغب عنهنّ البيضان، قال: فتريد ماذا؟ قال: تفرض لهنّ، ففعل. وقيل لنصيب (¬5): هرم شعرك، قال: لا والله ماهرم، لكن العطاء هرم. ونصيب هذا هو الأكبر، ولهم نصيب الأصغر، شاعر مولى المهدي بن المنصور. ¬

_ (¬1) الغبيط: الرحل، وهو للنساء يشد عليه الهودج، والجمع: غبط. (¬2) المقطعات من الثياب: شبه الجباب ونحوها من الخز وغيره، ومنه قوله تعالى: (قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيابٌ مِنْ نارٍ) أي خيطت وسوّبت وجعلت لبوسا لهم. والمقطعات: واحدها مقطعة، وقيل لا واحد لها، فلا يقال للجبة مقطعة ولا للقميص مقطع، وإنما يقال لجملة الثياب مقطعات وللواحد ثوب. (¬3) الاغاني 1/ 344 و 355 - 356 (دار الكتب). (¬4) الاغاني 1/ 347 (دار الكتب). (¬5) الاغاني 1/ 366 (دار الكتب).

حرف الباء

حرف الباء شواهد الباء المفردة 137 - وأنشد: وبات على النّار النّدى والمحلّق هو للأعشى من قصيدة يمدح بها المحلّق (¬1)، وصدره: تشبّ لمقرورين يصطليانها وقبله: لعمري لقد لاحت عيون كثيرة … إلى ضوء نار في يفاع تحرّق وبعده: رضيعي لبان ثدي أمّ تقاسما (¬2) … بأسحم داج عوض لا نتفرّق يداك يدا صدق فكفّ مفيدة … وكفّ إذا ما ضنّ بالمال تنفق وأول القصيدة: أرقت وما هذا السّهاد المؤرّق … وما بي من سقم وما بي معشق ¬

_ (¬1) ديوانه 217، ق 33، والاغاني 9/ 110 - 111 (الثقافة) (¬2) في الديوان والاغاني: (أم تحالفا).

ولكن أراني لا أزال بحادث … أغادى بما لم يمس عندي وأطرق ومنها: ولا الملك النّعمان يوم لقيته … بنعمته يعطي القطوط ويأفق (¬1) ومنها: تريك القذى من دونها وهي دونه … إذا ذاقها من ذاقها يتمطّق قوله: أرقت، الأرق: هو السهر، وقيل: هو سهر أول الليل خاصة. وقيل: ان كسرى لما أنشد هذا البيت قال: هذا يريد أن يسرق (¬2) يريد: لما نفى أن سهره لم يكن لمرض ولا عشق. والمحلق: اسم الممدوح. وفي الأغاني (¬3): قال المفضل: اسمه عبد العزيز بن خيثمة بن شدّاد، وإنما سمي محلّقا لأن حصانا له عضّة في وجنته فحلّق فيها حلقة. والمراد بالنار، نار القرى، وهي إحدى نيران العرب. قال العسكري في الأوائل: كان هذا البيت يستحسن في صفة نار القرى، حتى قال الحطيئة (¬4): متى تأته تعشو إلى ضوء ناره … تجد خير نار عندها خير موقد فعفى على الاول هكذا. قالوا: قال: وعندي أنّ الأوّل أحسن وأعرب. وقوله: (رضيعي لبان ... البيت) قال ابن قتيبة: يقول: حالف الجود أن لا يفارقه وهما في الرحم، وهو أسحم داج. وعوض: الدهر، أراد: لا تتفرّق أبدا. وقال شارح اللباب: رضيعي، حال من الندى، والمحلق وثدي أم، على تقدير من. واللبان: ¬

_ (¬1) في الديوان والاغاني: (بأمّته - يعطي ...). (¬2) في الاغاني: (وأنشد الاعشى قصيدته هذه كسرى، ففسرت له، فلما سمعها قال: إن كان هذا سهر لغير سقم ولا عشق، فما هو إلا لص). وانظر الشعراء 214، والخزانة 1/ 551 - 552 (¬3) 9/ 112 (الثقافة). (¬4) الامالي 1/ 115، واللآلي 345، والاغاني 2/ 200 (دار الكتب) والخزانة 3/ 661، والبيان والتبيين 2/ 22 وسيأتي الخبر والشعر.

فائدة: [نيران العرب]

بالكسر، لبن المرأة خاصة. واسحم داج: قيل: الليل. والباء: ظرفية، أي تحالفا في ليل شديد السواد. وقيل: هو الرحم، أي تحالفا في ظلمة الأحشاء قبل الولادة. وقيل: هو الرماد، أي تحالفا عند الرماد. وقيل: زق الخمر، وللعرب عادة في التعاقد عند الشراب بذلك. وقال الدمامينيّ: الأظهر، أن المراد به الليل، لأنه زمن ايقاد النار للأضياف. وهذا البيت أورده المصنف في عوض (¬1). فائدة: [نيران العرب] قال العسكري (¬2): نيران العرب بضع عشرة نار: نار القرى، توقد للأضياف ليهتدي الطارقون إلى المنزل. ونار الاستمطار: كانوا اذا احتبس المطر عنهم يجمعون البقر ويعقدون في أذنابها وعراقيبها السّلع والعشر (¬3) ويصعدون بها في الجبل الوعر (¬4) ويشعلون فيها النار. ويزعمون ان ذلك من أسباب المطر. قال أميّة بن أبي الصلت (¬5): سلع ما ومثله عشر ما … عائل ما وعالت البيقورا (¬6) ¬

_ (¬1) أورده ابن هشام في باب (عوض) ولم يذكره السيوطي هناك كاملا. (¬2) انظر الحيوان 4/ 461 وما بعد. (¬3) السّلع - بالتحريك، والعشر - بضم ففتح: ضربان من الشجر، كان العرب يأخذون حطبها ويشعلون فيها النار. (¬4) وروى عكسه، أي انهم كانوا يحدرونها من الجبال. (¬5) من قصيدة ذكرها الجاحظ في الحيوان 4/ 466 - 467، وهي: سنة أزمة تخيّل بالنّا … س ترى للعضاه فيها صريرا إذ يسفّون بالدّقيق وكانوا … قبل لا يأكلون شيئا فطيرا ويسوقون باقرا يطرد السّهل … مهازيل خشية أن يبورا عاقدين النيران في شكر الأذ … ناب عمدا كيما تهيج البحورا فاشتوت كلها فهاج عليهم … ثم هاجت إلى صبير صبيرا فرآها الإله ترشم بالقط … ر وأمسى جنابهم ممطورا فسقاها نشاصه واكف الغي … ث منه إذا رادعوه الكبيرا سلع ما ومثله عشر ما … عائل ما وعالت البنقورا (¬6) في الحيوان: (هكذا كان الاصمعي ينشد هذه الكلمة، فقال له علماء بغداد: صحفت، إنما هي البيقور، مأخوذ من البقر). وقال الاستاذ هارون محقق الحيوان: «والرواية: (البيقورا) بمعنى البقر، كما نبه وكما في اللسان (بقر، عيل) والديوان. يقال عال الشيء فلانا: -

وقال الودك الطائي (¬1): لا درّ درّ رجال خاب سعيهم … يستمطرون لدى الأزمات بالعشر أجاعل أنت بيقورا مسلّعة … ذريعة لك بين الله والمطر (¬2) ونار التحالف: كانوا يعقدون حلفهم عندها، ويذكرون منافعها، ويدعون بالحرمان والمنع من خيرها، على من ينقض العهد، ويهوّلون بها على من يخاف منه الغدر، وخصّوا النار بذلك دون غيرها من المنافع لأن منفعتها تختص بالانسان لا يشركه فيها الحيوان. قال أوس بن حجر (¬3): إذا استقبلته الشّمس صدّ بوجهه … كما حيد عن نار المهوّل حالف (¬4) ¬

_ - ثقل عليه. القاموس. يقول: أثقلت البقر بما حملته من السلع والعشر. انظر اللسان (عيل) وأنشد البيت صاحب اللسان مرة ثالثه في (على) بعد أن قال: (وعال عليّ: أي احمل) فكأنه جعل (عالت) مرة أخرى من المعالاة، والبيت استشهد به ابن هشام في المغني على زيادة (ما) ثلاث مرات. وقد نقل السيوطي في المزهر 2/ 223 ما كتبه الجاحظ هنا عن تصحيف الأصمعي، وفيه (النيقورا). وليس احد التصحيفين بأولى من الإثبات من صاحبه، ونقل الألوسي في بلوغ الأرب 2/ 301 أن تصحيف الأصمعي هو: (وغالت البيقورا) بالغين المعجمة». (¬1) كذا في الاصل، وفي الحيوان 4/ 468: (وأنشد القحذمي للو. ر. ل الطائي). وكذا في اللسان (بقر) نقلا عن الجوهري، حيث أنشد البيتين. وفي اللسان (سلع): الورك، بالراء المهملة. والقحذمي هو الوليد بن هشام القحذمي، وانظر البيان 1/ 67 و 205 و 2/ 198 ولسان الميزان 6/ 228. (¬2) مسلعة: وضع في أذنابها وبين عراقيبها السلع. (¬3) ديوانه 69، وهو من قصيدة مضت ص 112 - 114، الشاهد 40، واللسان والتاج، والاساس (هول)، والبيان 3/ 6، والخزانة 3/ 214، ومعجم مقاييس اللغة 6/ 20، والفائق 3/ 44 والمعاني الكبير 434. (¬4) في المعاني الكبير: (كانوا يحلفون بالنار، وكانت لهم نار يقال إنها كانت بأشراف اليمن له سدنة، فإذا تفاقم الأمر بين القوم فحلف بها انقطع بينهم، وكان اسمها هولة والمهولة. وكان سادنها إذا أتى برجل هيبه من الحلف بها. ولها قيم يطرح فيها الملح والكبريت فإذا وقع فيها استشاطت وتنفضت فيقول: هذه النار قد تهددك، فان كان -

ونار الطرد: كانوا يوقدونها خلف من يمضي، ولا يشتهون رجوعه. قال شاعر قديم: وجمّة أقوام حملت ولم تكن … لتوقد نارا خلفهم للتّندم ونار الأهبة للحرب: كانوا اذا أرادوا حربا أوقدوا نارا على جبل ليبلغ الخبر أصحابهم فيأتونهم، قال عمرو بن كلثوم (¬1): ونحن غداة أوقد في خزاز … رفدنا فوق رفد الرّافدينا فاذا جدّ الأمر أوقدوا نارين، قال الفرزدق (¬2): لولا فوارس تغلب ابنة وائل … نزل العدوّ عليك كلّ مكان ضربوا الصّنائع والملوك وأوقدوا … نارين أشرقتا على النّيران (¬3) ونار الصيد: توقد للظباء لتعشى إذا نظرت إليها، ويطلب بها بيض النّعام، قال طفيل (¬4): ¬

_ - مريبا نكل وإن كان بريئا حلف). وفي الاساس (هول) 489: (وإنه لهولة من الهول: للقبيح المنظر، وأصلها النار التي كانت توقد في بئر ويطرح فيها ملح وكبريت فإذا انتفضت واستشاطت، قال المهوّل، وهو الطارح للمستحلف عندها: هذه النار قد تهددتك فينكل عن اليمين) وأورد البيت. (¬1) الحيوان 4/ 475، والبكري 496، وخزاز جبل لغني، ويوم خزاز من ايام العرب، وهو يوم طخفة، وهو أيضا يوم ذات كهف، وانظر عنه العمدة 2/ 191 - 192، والبكري 496 - 497، والعقد 3/ 365 (¬2) من قصيدة يهجو بها جريرا، وهي في الديوان 882 - 883، والخزانة 3/ 214، ومحاضرات الراغب 2/ 278، والحيوان 4/ 475. (¬3) في المراجع السابقة البيت الاول في الحيوان: (سدّ العدو عليك). ورواية البيت الثاني (نارين أشرفتا) بالفاء، وفي الديوان (قتلوا الصنائع ..). (¬4) الامالي 2/ 83، واللآلي 717، والحيوان 4/ 348 و 484.

عوازب لم تسمع نبوح مقامة … ولم تر نارا تمّ حول مجرّم سوى نار بيض أو غزال بقفرة … أغنّ من الخنس المناضر توأم ونار الأسد: كانوا يوقدونها إذا خافوه، وهو إذا رأى النار استهالها فتشغله عن السابلة. ونار السليم: توقد للملدوغ والمجروح إذا نزف، وللمضروب بالسياط، ولمن عضّه الكلب، لئلا يناموا فيشتد بهم الأمر حتى يؤدّيهم الى الهلكة. قال الأعشى في نار المجروح (¬1): أبا ثابت إنّا إذا يسبقوننا … سنركب خيل أو ينبّه نائم بدامية يغشى الفراش رشاشها (¬2) … يبيت لها ضوء من النّار جاحم ونار الفداء: كان الملوك إذا سبوا القبيلة خرجت إليهم السادة للفداء والاستيهاب، فكرهوا أن يعرضوا النساء نهارا فيفتضحن، أو في الظلمة فيخفى قدر ما يحبسون لأنفسهم من الصفى، فيوقدون النار لعرضهن. قال الأعشى (¬3): ومنّا الّذي أعطاه بالجمع ربّه … على فاقة وللملوك هباتها نساء بني شيبان يوم أوارة (¬4) … على النّار إذ تجلى له فتياتها ونار الوسم: يقال للرجال: ما نارك؟ أي ما سمة إبلك (¬5). ¬

_ (¬1) ديوانه 81 من قصيدته المشهورة: هريرة ودعها وإن لام لائم، وفيه برواية: (.. إذا تسبقنا سيرعد سرح). (¬2) في الديوان: بمشعلة يغشى. (¬3) ديوانه 87 من المقطوعة 10 وفيه (.. في الجمع ربه ..). (¬4) في الديوان (سبايا بني شيبان). (¬5) الوسم: التعليم على الإبل بالميسم، وهو المكواة.

قرّب بعض اللصوص إبلا للبيع، فقيل له: ما نارك؟ وكان قد أغار عليها من كل وجه. وإنما يسأل عن ذلك لأنهم يعرفون ميسم كلّ قوم وكرم إبلهم من لؤمها، فقال (¬1): تسألني الباعة أين نارها … إذا زعزعوها فسحت أبصارها (¬2) كلّ تجار إبل تجارها … وكلّ دار لأناس دارها وكلّ نار العالمين نارها وقال الآخر (¬3): يسقون آبالهم بالنّار … والنّار قد تشفي من الأوار يقول: لما رأوا نارها خلوا لها المنهل، فشربت لعز أصحابها. ونار الحرب مثل لا حقيقة لها. ونار الحباحب: كل نار لا أصل لها، مثل ما ينقدح بين نعال الدواب وغيرها. قال أبو حيّة: وأوقدن نيران الحباحب والتقى … غضّى نتراقى بينهنّ ولاوله ونار اليراعة وهو طائر صغير، إذا طار بالليل حسبته شهابا، وضرب من الفراش إذا طار بالليل حسبته شرارة. ونار البرق: العرب يسمون البرق نارا (¬4). ¬

_ (¬1) الخزانة 3/ 213 والحيوان 4/ 492، ومحاضرات الراغب 2/ 290، وأمثال الميداني 2/ 74. كذا في الاصل، ورواية الحيوان: (¬2) تسألني الباعة ما نجارها … إذ زعزعوها فسمت أبصارها وكذا في الخزانة وبرواية: (إذ زعزعتها). (¬3) سيأتي ص 316، الشاهد رقم 141. (¬4) في الحيوان 4/ 487: (وقال الأعرابي، وذكر البرق: نار تعود به للعود جدّته … والنار تشعل نيرانا فتحترق -

ونار الحرّتين: كانت في بلاد عبس، تخرج من الأرض فتؤذي من مرّ بها، وهي التي دفنها خالد بن سنان النبي عليه الصلاة والسّلام. قال خليد: كنار الحرّتين لها زفير … تصمّ مسامع الرّجل السّميع ونار السعالى: شيء يقع للمتغرّب والمتقفر. قال عبيد بن أيوب (¬1): ولله درّ الغول أيّ رفيقة … لصاحب ودّ خائف متقفر أرنّت للحن بعد لحن وأوقدت … حواليّ نيرانا تبوخ وتزهر والنار التي توقد بالمزدلفة، حتى يراها من دفع من عرفة، فهي توقد إلى الآن. وأوّل من أوقدها قصيّ. انتهى كلام العسكري ملخصا. وأخرج الطستيّ في مسائله عن ابن عباس، عن نافع بن الأزرق، سأله عن قوله تعالى: (عَجِّلْ لَنا قِطَّنا) قال: القط الجزاء، قال: وهل تعرف العرب ذلك؟ قال: نعم، أما سمعت قول الأعشى: ولا الملك النّعمان يوم لقيته … بنعمته يعطي القطوط ويطلق 138 - وأنشد: ولقد أمرّ على اللّئيم يسبّني (¬2) قاله رجل من بني سلول، وتمامه: فمضيت ثمّت قلت لا يعنيني ¬

_ - يقول: كل نار في الدنيا فهي تحرق العيدان وتبطلها وتهلكها، إلا (نار البرق)، فإنها تجيء بالغيث، وإذا غيثت الارض ومطرت أحدث الله للعيدان جدّة، وللأشجار أغصانا لم تكن). (¬1) عبيد بن أيوب شاعر بني العنبر، وترجم له في الشعراء 758 - 761، واللآلي 383 - 384 والبيتان في الخزانة 3/ 213، واللآلي 384 والحيوان 4/ 483 و 6/ 165، والشعراء 759. (¬2) الخزانة 1/ 173 و 2/ 161 و 166 و 293 و 497، وابن عقيل 2/ 57.

وبعده: غضبان ممتلئا عليّ إهابه … إنّي وربّك سخطه يرضيني (¬1) اللئيم: الدنيء الأصل. وجملة (يسبّني) صفة لأن اللام فيه جنسية. وقيل: حال. و (يعنيني) بمعنى يقصدني. وقوله: فمضيت: بمضى أمضى. قال الشيخ سعد الدين في حاشية الكشاف: وانما عبر بلفظ الماضي تحقيقا لمعنى الاغضاء والاعراض. واستشهد ابن مالك في شرح التسهيل به على أن المضارع المعطوف عليه ماض يكون ماضي. المعنى: فامرّ ماضي، المعنى لعطف مضيت عليه. وثمّت: حرف عطف لحقتها الثاء. قال الشيخ سعد الدين: وذلك في عطف الجمل خاصة (¬2). 139 - وأنشد: تمرّون الدّيار ولم تعوجوا (3) هو لجرير من قصيدة أولها: متى كان الخيام بذي طلوح … سقيت الغيث أيّتها الخيام تنكّر من معالمها ومالت … دعائمها وقد بلي الثّمام أقول لصحبتي وقد ارتحلنا … ودمع العين منهمل سجام تمرّون الدّيار ولم تعوجوا … كلامكم عليّ إذن حرام ¬

_ (¬1) في الخزانة 1/ 173: (وحقّك سخطه ..). (¬2) وبعده شرح البيت الثاني كما في الخزانة: (وغضبان بالنصب: حال من اللئيم، أو بالرفع: خبر مبتدأ محذوف. وممتلئا: حال سببية من ضمير غضبان. وإهابه: فاعل ممتلئا، وهو في الاصل الجلد الذي لم يدبغ، وقد استعير هنا لجلد الانسان. والسخط بالضم: اسم مصدر، والمصدر بفتحتين بمعنى الغضب، والفعل من باب تعب. وروى الأصمعي بيتين في هذا المعنى، وهما: -

قال المصنف في شواهده: هكذا أنشده الكوفيون، وأنشده بعضهم (¬1): أتمضون الرّسوم ولا تحيّا وفيه أيضا: حذف الجار والتقدير: (أتمضون عن الرّسوم). قلت: وكذا رأيته في ديوانه. وقال شارحه: هو بمعنى أتتركون. وقال النحاس: سمعت علي بن سليمان، يعني الأخفش الصغير، يقول: حدثني محمد بن يزيد، يعني المبرّد قال: حدثني عمارة بن بلال بن جرير قال: إنما قال: (¬2) جدّي مررتم بالدّيار وعلى هذا فلا شاهد فيه. والثّمام، بضم المثلثة، جمع ثمامة، وهو نبت. وذو طلوح: بضم الطاء، اسم ¬

_ = لا يغضب الحرّ على سفلة … والحرّ لا يغضبه النذل إذا لئيم سبّني جهده … أقول: زدني فلي الفضل وأنشد سيبويه البيت الشاهد، على أن (مرّ) قد وضع موضع مررت، وجاز أمرّ في معنى مررت، لأنه لم يرد ماضيا منقطعا، وإنما أراد أن هذا أمره ودأبه، فجعله كالفعل الدائم. وقيل: معنى (ولقد أمر): ربما أمرّ، فالفعل على هذا في موضعه). (¬1) ديوانه 512، والكامل 1/ 33، وابن عقيل 1/ 188، والخزانة 3/ 671. (¬2) وهي رواية الديوان، ورواية المبرد، كرواية الشاهد بالاصل، وقال المبرد 1/ 34: ورواية بعضهم له (اتمضون الدّيار) فليسا بشيء. والسماع الصحيح، والقياس المطرد، لا تعترض عليه الرواية الشاذة. أخبرنا أبو العباس محمد بن يزيد قال قرأت على عمارة بن عقيل بن بلال بن جرير: مررتم بالدّيار ولم تعوجوا فهذا يدلك على أن الرواية مغيّرة. قلت: وبهذه الرواية لا شاهد فيه على حذف الجار. وانظر بعض أبيات من القصيدة في الأمالي 1/ 120 واللآلي 355 والكامل 635 - 636 وطبقات الشعراء 353، وأمالي المرتضى 1/ 541 و 2/ 256، وهي في الديوان 512 - 515.

موضع (¬1). وسجام، بكسر أوله، مصدر، سجم الدمع: أي سال. وتعوجوا: من العوج، وهو عطف رأس البعير بالزمام، أي لم تميلوا الينا. وبعد هذا البيت: أقيموا إنّما يوم كيوم … ولكنّ الرّفيق له ذمام بنفسي من تجنّبه عزيز … عليّ ومن زيارته لمام ومن أمسي وأصبح لا أراه … ويطرقني إذا هجع النّيام قال في شرح ديوان زهير قول جرير: متى كان الخيام بذي طلوح أي كانه لم يكن بذي طلوح خيام قط (¬2). ومن أبيات هذه القصيدة بيت استشهد به على ترك التاء من الفعل المسند إلى المؤنث، للفصل بينهما بالمفعول: لقد ولد الأخيطل أمّ سوء … على باب استها صلب وشام صلب: بضمتين، جمع صليب. وشام: جمع شامة. ¬

_ (¬1) ذو طلوح، ذكره البكري 893 عن عمارة بن عقيل أنه واد في أود يصب في رقمة فلج، والرقمة في أرض بني العنبر .. ، وأنشد البيت. (¬2) في شرح ديوان زهير (نسخة مخطوطة بدار الكتب المصرية برقم 87 أدب)، قال (زهير) يمدح هرم بن سنان ابن أبي حارثة: كم للمنازل من عام ومن زمن … لآل أسماء بالقفّين فالرّكن ساءه دروس هذه المنازل فقال: كم لها ليت شعري من الأعوام حتى صارت إلى هذا. وهذا كقول جرير: متى كان الخيام بذي طلوح … سقيت الغيث أيتها الغمام اشتد حزنه على أهلها فقال: متى كان الخيام، أي كأن لم يكن بذي طلوح خيام قط. وانظر شرح ديوان زهير ص 116.

140 - وأنشد: رأيت ذوي الحاجات حول بيوتهم … قطينا لهم حتّى إذا نبت البقل (¬1) هو من قصيدة لزهير بن أبي سلمى يمدح بها سنان بن أبي حارثة، وأولها (¬2): صحا القلب عن سلمى وقد كاد لا يسلو … وأقفر من سلمى التّعانيق فالثّقل وقبل هذا البيت: إذا السّنة الشّهباء بالنّاس أجحفت … ونال كرام المال في الجحرة الأكل (¬3) وبعده: هنالك إن يستخبلوا المال يخبلوا … وإن يسألوا يعطوا وإن ييسروا يغلوا وفيهم مقامات حسان وجوهها … وأندية ينتابها القول والفعل على مكثريهم حقّ من يعتريهم … وعند المقلّين السّماحة والبذل وما بك من خير أتوه فإنّما … توارثه آباء آبائهم قبل وهل ينبت الخطّيّ إلّا وشيجه … وتغرس إلّا في منابتها النّخل والتّعانيق والثّقل: موضعان (¬4). والجحرة: بتقديم الجيم المفتوحة، السنة ¬

_ (¬1) ديوانه 111، وفيه (أنبت البقل). (¬2) القصيدة في الديوان 96 - 115 وفيه (وقال أيضا في هرم بن سنان ابن أبي حارثة والحارث بن عوف بن أبي حارثة المري). وفي بعض نسخ الديوان والأعلم (وقال أيضا لسنان بن أبي حارثة). (¬3) في الديوان: (في السنة الأكل). (¬4) التعانيق: موضع ببلاد غطفان، وأنشد البيت: (فالثجل)، والثجل: موضع في شق العالية، ذكره ياقوت، وأنشد البيت. وهو في اللسان: -

الشديدة. والبيت أورده في الصحاح شاهدا على ذلك (¬1). و (رأيت) جواب (اذا) ويروى: بضم التاء وفتحها. قال ابن قتيبة في أبيات المعاني: والقطين: الحشم والأهل. يقول: يلزمونهم حتى يسمنون. والجمع: قطن. زاد ثعلب: والقطن: الساكن النازل في الدار. وقوله: نبت البقل: أي أخصب الناس (¬2) وقوله: (يستخبلوا) قال ابن قتيبة، قال الاصمعي، قال أبو عمرو بن العلاء: لا أعرف الاستخبال، وأراه قال (يستخولوا). والاستخوال: أن يملكوهم إياهم. وقال أبو عبيدة: أنشدنا أبو عمرو: (يستخولوا المال يخولوا) وقال: لم أسمع يستخبلوا. وقال يونس: بلى، قد سمعه، ولكنه نسى. وقال غير الأصمعي: الاستخبال، أن يستعير الرجل من الرجل إبلا فيشرب من ألبانها وينتفع بأوبارها، فاذا أخصب ردها (¬3). وقوله: ييسروا، من الميسر، أي يغلوا في الميسر، أي يأخذون سمان الأبل لا ينحرون إلا غالية. والمقامات: المجالس. قال ثعلب: وإنما سمّيت مقامات، لأن الرجل كان يقوم في المجلس فيحضّ على الخير ويصلح بين الناس. والأندية: جمع ندي، وهو المجلس. و (ينتابها القول والفعل)، أي يقال فيها الجميل ويفعل به. ومكثريهم: مياسيرهم. ويعتريهم: يطلب منهم. والخطّي، بفتح الخاء المعجمة: الرمح، نسبة الى الخطّ، وهو سيف البحر عند عمان والبحرين. ووشيجه، بالمعجمة والجيم، أصله. قال في الصحاح: الوشيجة عرق الشجرة (¬4). ومعنى البيت: لا تنبت القناة إلا القناة، يعني أنهم كرام لا يولد الكريم إلا في موضع ¬

_ - (الثقل). وصحا القلب: يريد قلبي، فجعل الالف واللام بدلا من الاضافة. وصحا: أفاق. يقول: أفاق القلب عن حب سلمى بعدها منه، وقد كاد لا يسلو أي لا يفيق لشدة تعلقه بها. (¬1) في الديوان 110: (الشهباء: البيضاء من الجدب لكثرة الثلج ليس فيها نبات. والأكل: لا يجدون لبنا فينحرون الإبل. والجحرة: السنة الشديدة لانها أجحرت الناس وأجحفت بأموالهم. ويروى: (في الأزمة). (¬2) يريد: إذا أجدب الناس رأيت ذوي الحاجات، يعني الفقراء المحتاجين قطينا لهم يلزمون بيوتهم، يعيشون من أموالهم حتى يخصب الناس وينبت البقل. (¬3) انظر اللسان: (خبل) و (خول). (¬4) في الديوان: (والوشيج: القنا، واحدها وشيجة. والوشوج: دخول الشيء بعضه في بعض).

كرمه. وقد استشهد المصنف بهذا البيت في التوضيح على تقدم المفعول على الفاعل لأجل الحصر. وأخرج الطستيّ في مسائله عن ابن عباس: أن نافع بن الازرق سأله عن قوله تعالى: (والمعتر) هو الذي يعتر من الأبواب. قال: وهل تعرف العرب ذلك؟ قال: نعم، أما سمعت قول الشاعر: على مكثريهم حقّ من يعتريهم … وعند المقلّين السّماحة والبذل (¬1) 141 - وأنشد: قد سقيت آبالهم بالنّار (¬2) هذا أنشده العسكري في كتاب الاوائل هكذا: يسقون آبالهم بالنّار … والنّار قد تشفي من الأوار والمراد بالنار: نار الوسم، كما تقدّم شرحه قريبا، يعني انها إذا وردت المنهل ورأوا وسمها عرفوا أصحابها، فخلوا لها المنهل لتشرب، تكريما لأصحابها، فكانت النار التي هي آلة الوسم سببا لشربها. والآبال، بالمد، جمع إبل. والأوار بضم الهمزة وتخفيف الواو: حرارة العطش. 142 - وأنشد: وليت لي بهم قوما إذا ركبوا … شنّوا الإغارة فرسانا وركبانا تقدم شرحه في شواهد إذن (¬3). ¬

_ (¬1) ويروي: (على مكثريهم رزق من يعتريهم). يريد: أن مياسيرهم يقومون بحق فقرائهم، كما أن فقراءهم يسمحون ويبذلون بمقدار جهدهم وطاقتهم. (¬2) سبق ص 309. (¬3) انظر ص 68 - 70

143 - وأنشد: أربّ يبول الثّعلبان برأسه … لقد ذلّ من بالت عليه الثّعالب هو لراشد بن عبد ربه السلّمي الصحابي رضي الله عنه. أخرج أبو نعيم في دلائل النبوّة من طريق حكيم بن عطاء السّلمي، ولد راشد ابن عبد ربه، عن أبيه، عن جدّه، عن راشد بن عبد ربه قال: كان الصنم الذي يقال له سواع بالمعلاة بين رهاط تدين له هذيل، وبنو ظفر من سليم (¬1)، فأرسلت بنو ظفر راشد بن عبد ربه بهدية إلى سواع، قال راشد: فالفيت مع الفجر إلى صنم قبل صنم سواع، وإذا صارخ يصرخ من جوفه: العجب كل العجب من خروج نبيّ من بني عبد المطلب، يحرم الزنا والربا والذبح للأصنام، وحرست السما، ورمينا بالشهب، العجب كل العجب. ثم هتف هاتف من جوف صنم آخر ترك الضمار، وكان يعبد: خرج أحمد نبي يصلي الصلاة ويأمر بالزكاة والصيام والبر والصلات للأرحام، ثم هتف من جوف صنم آخر هاتف: إنّ الّذي ورث النّبوّة والهدى … بعد ابن مريم من قريش مهتدي نبيّ يخبر بما سبق وما يكون في غد قال راشد: فالفيت عند سواعا مع الفجر ثعلبين يلحسان ما حوله، ويأكلان ما يهدى له، ثم يعرجان عليه ببولهما. فعند ذلك يقول راشد: أربّ يبول الثّعلبان برأسه … لقد ذلّ من بالت عليه الثّعالب وذلك عند مخرج رسول الله صلّى الله عليه وسلّم الى المدينة. فخرج راشد حتى أتى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بالمدينة. ومعه كلب له، واسم راشد يومئذ ظالم، واسم كلبه راشد، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ما اسمك؟ قال: راشد. ¬

_ (¬1) انظر الاصنام لابن الكلبي 9 - 10

قال: وما اسم كلبك؟ قال: ظالم. فضحك النبيّ صلّى الله عليه وسلّم. وبايع النبي صلّى الله عليه وسلم وأقام معه، ثم طلب من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قطيعة برهاط، ووصفها له. فاقطعه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم شأو الفرس، ورمية ثلاث مرات بحجر، وأعطاه ارواة مملوءة من ماء وتفل فيها وقال له: فرغها في أعلى القطيعة، ولا تمنع الناس فضولها، ففعل. فجاء الماء معينا فجمه الى اليوم، فغرس عليها النخل. ويقال: ان رهاط كلها تشرب منه، وسماه الناس ماء الرسول. وأهل رهاط يغتسلون منه ويستسقون به. وغدا راشد على سواع فكسره. هذا أخرجه بطوله وأخرجه ابن أبي حاتم بسند له بلفظ: انه كان عند الصنم يوما، إذ أقبل ثعلبان، فرفع أحدهما رجله فبال على الصنم، وكان سادنه غاوي بن ظالم، فأنشد: أربّ يبول الثّعلبان ... البيت ثم كسر الصنم، وأتى النبي صلّى الله عليه وسلّم فقال له: أنت راشد بن عبد الله. وقال المرزباني في معجم الشعراء: كان اسمه غويا، فسماه النبي صلّى الله عليه وسلّم راشدا. وقال المدائني: راشد هذا هو صاحب البيت المشهور (¬1): فألقت عصاها واستقرّت بها النّوى … كما قرّ عينا بالإياب المسافر وفي طبقات ابن سعد: كان اسمه غاوي بن عبد العزي (¬2)، فسماه النبي صلّى الله عليه وسلم راشد بن عبد ربه. وفيها: أن قدومه وإسلامه كان عام الفتح، وأنه شهد الفتح مع النبي صلّى الله عليه وسلّم. وضبط الحافظ شرف الدين الدمياطي: الثّعلبان في البيت بضم المثلثة واللام وقال: هو ذكر الثعالب، وهو ما ذكره الكسائي وجماعة. وقال بعضهم: انه وهم، وأن أبا حاتم الرازي رواه بفتح الثاء واللام وكسر النون على انه تثنية ثعلب. 144 - وأنشد: شربن بماء البحر ثمّ ترفّعت (¬3) ¬

_ (¬1) البيت في الاشتقاق 181 (استقر) ومعجم الشعراء 90 منسوب الى معقر بن اوس البارقي، وهو في عيون الأخبار 2/ 259 بدون نسبة. (¬2) انظر الإصابة 2/ 185. (¬3) ديوان الهذليين 1/ 51

هو من قصيدة لابي ذؤيب الهذلي وتمامه: متى لجج خضر لهنّ نئيج وقبله: سقى أمّ عمرو كلّ آخر لبلة … حناتم سود ماؤهنّ ثجيج وأول القصيدة (¬1): صحا قلبه بل لجّ وهو لجوج … وزالت له بالأنعمين حدوج الأنعمان: اسم موضع (¬2). وحدوج، بضم الحاء المهملة، جمع حدج: وهي مراكب النساء. وحناتم، بالحاء المهملة، الجرار الخضر. جمع حنتمة. شبه السحاب بها (¬3). وثجيج، من الثج، وهو السيلان. وترفعت: توسعت. ولجج بضم اللام، جمع لجة، وهي معظم الماء. ونئيج، بفتح النون وكسر الهمزة بعدها تحتية ساكنة وجيم، يقال: نأجت الريح تنأج نئيجا تحركت، فهي نؤج، ولها نئيج، أي مرّ سريع مع صوت. والبيت استشهد به المصنف هنا على ورود الباء بمعنى: (من التبعيضية) واستشهد في التوضيح بعجزه على ورود (متى) حرف جر، بمعنى (من) وقد روي بلفظ (¬4): تروّت بماء البحر ثمّ تنصبّت … على حبشيّات لهنّ نئيج ¬

_ (¬1) في الديوان 1/ 50 برواية: (صبا صبوة بل لج وهو لجوج، وزالت لها ..) (¬2) الانعمان - تثنية أنعم -: موضع بناحية عمان، وهو وادي التّنعيم (البكري 200)، وقد ذكرها ياقوت ولم يعين موضعها. (¬3) في ديوان الهذليين: (حناتم: يعني السحاب في سواده. والحنتم: الجرّة الخضراء). وقال السكري: (الحناتم: السحاب الأسود. والأخضر عند العرب الأسود، ويقال للسحاب إذا كان ريان (أسود كأنه حنتم). والبيت في اللسان (ثجج وحنتم) وفيه (سحم) بدل (سود). (¬4) وهي رواية الديوان.

فلا شاهد فيه على واحد من الأمرين. 145 - وأنشد: شرب النّزيف ببرد ماء الحشرج (¬1) هو من أبيات عزاها بعضهم لعبيد بن أوس الطائي، وصاحب الصحاح لجميل، وقد رأيتها في ديوانه. ووقفت عليها مسندة من وجه آخر لعمر بن أبي ربيعة في قصة طويلة. أخرج أبو الفرج الاصبهاني في الأغاني (¬2) وابن عساكر في تاريخه من طريقه، أخبرني محمد بن خلف بن المرزبان، حدثني أبو علي الأسديّ، بشر بن موسى بن صالح، حدثني أبي عن أبي بكر القرشي قال: كان عمر بن أبي ربيعة جالسا بمنى في كساء بمضربه (¬3) وغلمانه حوله إذ أقبلت امرأة برزة (¬4) عليها أثر النعمة. فسلّمت وقالت: أنت عمر بن أبي ربيعة؟ قال: ها أنا هو. قالت: هل لك في محادثة أحسن الناس وجها، وأتمهنّ خلقا، وأكملهنّ أدبا، وأشرفهنّ حسبا. قال: ما أحبّ ذلك اليّ. قالت: علي شرط، قال: قولي، قالت: تمكنني من عينيك حتى أشدّهما وأقودك حتى إذا وصلت الموضع الذي أريد حللت الشدّ ثم أفعل ذلك (بك) (¬5) عند عودك، قال: شأنك، ففعلت. فقال: قال عمر: فلما انتهت بي الى المضرب الذي أرادت كشفت عن وجهي فإذا بامرأة على كرسيّ لم أر مثلها جمالا وكمالا، فسلّمت وجلست، فقالت: أنت عمر بن أبي ربيعة؟ قلت: نعم، ¬

_ (¬1) ديوان عمر 120، والاغاني 1/ 190 (دار الكتب)، واللسان (حشرج)، ونسب الى جميل كما في ديوانه 41 و 42 ووفيات الاعيان 1/ 161 - 164، وقال ابن برى إنها لجميل وليست لعمر، وفي الكامل 350 - 251: وأنشدني أبو العالية: (قيل إن الشعر لعروة بن أذينة. وفي شرح العيني بهامش الخزانة 3/ 279 - 282: (أن قائل هذا الشعر هو عمر بن أبي ربيعة، وقيل هو جميل وهو الأصح وكذا قاله الجوهري). وفي الحماسة البصرية قائله عبيد بن أوس الطائي في أخت عدي بن أوس الطائي. (¬2) 1/ 190 - 192، وديوانه 116 - 123. (¬3) كذا في الاصل. وفي الأغاني والديوان: (فناء مضربه). (¬4) البرزة من النساء: (البارزة الجمال، أو التي تبرز للقوم يجلسون إليها ويتحدثون معها). (¬5) مزيدة.

قالت: أنت الفاضح للحرائر؟ قلت: وما ذاك؟ جعلني الله فداك، قالت: ألست القائل: قالت: وعيش أخي وحرمة والدي … لأنبّهنّ الحيّ إن لم تخرج (¬1) فخرجت خوف يمينها فتبسّمت … فعلمت أنّ يمينها لم تحرج (¬2) فتناولت رأسي لتعلم مسّه … بمخضّب الأطراف غير مشنّج فلثمت فاها آخذا بقرونها … شرب النّزيف ببرد ماء الحشرج قم فاخرج. ثم قامت وجاءت المرأة فشدّت عينيّ ثمّ أخرجتني حتى انتهت بي إلى مضربي وانصرفت. فحللت عينيّ وقد دخلني من الكآبة والحزن ما الله أعلم به، وبتّ ليلتي، فلما أصبحت اذا أنابها، فقالت: هل لك في العود؟ فقلت: شأنك، فشدّت عينيّ حتى انتهت بي الى الموضع، وإذا بتلك الفتاة على كرسي فقالت: أيها يا فضّاح الحرائر! فقلت: بماذا؟ جعلني الله فداءك. قالت: بقولك (¬3): وناهدة الثّديين قلت لها اتّكي … على الرّمل من جبّانة لم توسّد فقالت: على اسم الله أمرك طاعة … وإن كنت قد كلّفت ما لم أعوّد فلمّا دنا الإصباح قالت: فضحتني … فقم غير مطرود، وإن شئت فازدد قم فاخرج عنّي، فخرجت ثم رددت، فقالت: لولا وشك الرّحيل، وخوف الفوت ومحبتي لمناجاتك والاستكثار من محادثتك، لأقصيتك. هات ¬

_ (¬1) في ديوان عمر: (وعيش أبي وحرمة أخوتي) وفي العيني: (وعيش أبي وعدة إخوتي). وفي الاغاني: (ونعمة والدي). وفي الكامل: (وعيش أبي وأكبر أخوتي). (¬2) لم تحرج: لم تضق ولم تكن جادة. ويروى (لم تلجج). وانظر اختلاف رواية ألفاظ البيت في المراجع السابقة. (¬3) ديوانه 154

الآن كلّمني وحدّثني وأنشدني، فكلّمت آدب الناس وأعلمهم بكلّ شيء، ثم نهضت، فإذا أنا بتور فيه خلوق (¬1)، فأدخلت يدي فيه، ثم خبأتها في ردني، ثم جاءت العجوز فشدّت عينيّ ونهضت بي تقودني حتى إذا صرت على باب المضرب أخرجت يدي فضربت بها على المضرب ثم صرت الى مضربي، فدعوت غلماني فقلت: أيّكم يقفني على باب مضرب عليه خلوق كأنه أثر كفّ فهو حرّ وله خمسمائة درهم، فلم ألبث أن جاء بعضهم فقال: قم، فنهضت معه فإذا أنا بكفّ طريّة، وإذا المضرب مضرب فاطمة بنت عبد الملك بن مروان، فأخذت في أهبة الرّحيل، فلما نفرت نفرت معها، فبصرت في طريقها بقباب ومضرب وهيئة جميلة فسألت عن ذلك، فقيل لها: هذا عمر بن أبي ربيعة، فساءها أمره وقالت للعجوز التي كانت ترسلها إليه: قولي له نشدتك الله والرّحم أن لا تفضحني، ويحك، ما شأنك وما الذي تريد؟ انصرف ولا تفضحني وتشيط بدمك (¬2). فصارت إليه العجوز فأدّت إليه ما قالت فاطمة، فقال: لست بمنصرف أو توجّه إليّ بقميصها الذي يلي جلدها، فأخبرتها ففعلت ووجّهت إليه بقميص من ثيابها، فزاده ذلك شغفا، ولم يزل يتبعهم لا يخالطهم حتى إذا صاروا على أميال من دمشق انصرف وقال في ذلك (¬3): ضاق الغداة بحاجتي صدري … ويئست بعد تقارب الأمر وذكرت فاطمة الّتي علّقتها … عرضا فيا لحوادث الدّهر ¬

_ (¬1) التور: إناء صغير، وسمّي بذلك لانه يتعاور ويردّد، أو سمي بالتور وهو الرسول الذي يتردّد ويدور بين العشاق. والخلوق: نوع من الطيب. (¬2) هذه الواو ينصب بعدها الفعل، والشرط فيها أن يتقدم الواو نفي أو طلب كقوا، تعالى: (وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ)، وكقول القائل: لا تنه عن خلق وتأتي مثله وسمّى الكوفيون هذه الواو واو الصرف وذلك لانها لا يستقيم عطف ما بعدها على ما قبلها. وانظر المغني وشواهد حرف الواو المفردة من هذا الكتاب واللسان مادة (وا). وقوله: تشيط بدمه، أي أهدره وعرض نفسه للقتل. (¬3) ديوانه 268 - 270

ممكورة ردع العبير بها … جمّ العظام لطيفة الخصر وكأنّ فاها بعد ما رقدت … يجري عليه سلافة الخمر وبجيد آدم شادن خرق … يرعى الرّياض ببلدة قفر لمّا رأيت مطيّها حزقا … خفق الفؤاد وكنت ذا صبر فتبادرت عيناي بعد همّ … وانهلّ مدمعها على الصّدر ولقد عصيت ذوي أقاربها (¬1) … طرّا وأهل الودّ والصّهر حتّى إذا قالوا وما كذبوا … أجننت أم بك داخل السّحر قوله: غير مشنّج، بضم الميم وفتح الشين المعجمة وتشديد النون وجيم، والتشنج: تقبض في الجلد. واللثم: بمثلثة، القبلة. قال في الصحاح: وقد لثمت فاها بالكسر، إذا قبلتها، وربما جاء بالفتح. قال ابن كيسان: سمعت المبرّد ينشد قول جميل (¬2): فلثمت فاها آخذا بقرونها بالفتح انتهى. والقرون: ضفائر شعر الرأس. والنزيف: بزاي وفاء فعيل، بمعنى مفعول: أي منزوف ماؤه، وأراد به المنزوف من الخمر، نزف من إنائه ومزج بالماء البارد. والحشرج: بفتح المهملة والراء بينهما شين معجمة ساكنة آخره جيم، قال ابن السكيت: وحشرج، ماء يكون فيه حصى. وقال غيره: هو ماء تنشقه الأرض من الرمل، فإذا صار إلى صلابته أمسكته فتحفر عنه الأرض فستخرج. وقوله شرب النزيف، بالنصب، صفة مصدر محذوف، وتقديره: فلثمت فاها ومصصت ريقها وشربتها شربا مثل: شرب النّزيف ببرد ماء الحشرج ¬

_ (¬1) كذا في الاصل والاضافة فيه غير صحيحة، وفي الديوان: ذوي القرابة فيكم). (¬2) الكامل 251، وفيه ان الشعر لعروة بن أذينة، ونسبه ابن عساكر في تاريخه الى جميل.

فشرب مصدر مضافا لفاعله، وبرد مفعول، والباء فيه زائدة، وفي: بقرونها للتبعيض. وقوله: فقالت على اسم الله أمرك طاعة أورده المصنف في الكتاب الخامس شاهدا على أن لمحذوف في نحو قوله تعالى (طاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ) المبتدأ، أي أمرنا للتصريح به في البيت. 146 - وأنشد: كنواح ريش حمامة نجديّة … ومسحت باللّثّتين عصف الإثمد (¬1) هذا لخفاف بن ندبة. قال الأعلم: أراد، كنواحي، فحذف الياء ضرورة. وقد استشهد به سيبويه على ذلك. ووصف في البيت شفتي امرأة، فشبهها بنواحي ريش الحمامة في رقتها ولطافتها وحزنها، وخص الحمامة النجدية، لأن الحمام عند العرب كل مطوّق كالقطا وغيره. وإنما قصده منها إلى الحمام الورق، وهي تألف الجبال والحزون. والنجد: ما ارتفع من الأرض، ولا تألف الفيافي والسهول كالقطا ونحوه. قال: والرواية الصحيحة: ومسحت، بكسر التاء، وأراد أن لثاتها تضرب الى السمرة، فكأنها مسحت بالأثمد. وعصف الأثمد: ما سحق منه، وهو من عصفت الريح، إذا هبت بشدة فسحقت ما مرت به وكسرته، وهو مصدر، أريد به المفعول، كالخلق بمعنى المخلوق. ويروى: بضم الثاء، ومعناه قبلتها، مسحت عصف الاثمد في لثمها، انتهى. وقال الزمخشري: البيت عزاه قوم لابن المقفع، وليس كما قالوا. وأراد بالحمامة النجدية: الفاختة لأنها لا تسكن الغور وتهامة وما والاهما، وإنما تسكن في نجد. والعصف: ورق الزرع، وليس الأثمد بشيء ينبت فيكون له ورق، لأنه حجارة ولكنه من الأشياء التي لا تكون ببلاد العرب، فلا يقفون على حقيقته كقوله: ولم تذق من البقول الفستقا شبه سواد لثة المرأة بسواد أطراف ريش الحمامة. وأراد مسحت اللثتين بعصف الأثمد، فقلب لعدم الألتباس. وقال بعضهم: عصف الأثمد: سحيقه، وهم يجعلون ¬

_ (¬1) سيبويه 1/ 9، والانصاف 546، والعمدة 2/ 255 والموشح 94.

فائدة: [خفاف]

الأثمد على اللثة شبه الوشم في اليد، انتهى. واللّثة، بكسر اللام ومثلثة مخففة، ما حول الأسنان من اللحم، وأصلها لثي، والهاء عوضا من الياء. والأثمد، بكسر الهمزة والميم، حجر الكحل. فائدة: [خفاف] خفاف هذا، هو: ابن عمير بن الحارث بن الشّريد بن رياح بن يقظة بن عصيّة بن خفاف بن امرئ القيس بن بهثة بن سليم، يكنى أبا خراشة، وهو ابن عم الخنساء. وندبة أمّه، بنون مفتوحة، وقد تضم، ودال ساكنة، وقد تفتح. صحابي شاعر مشهور، وشهد الفتح ومعه لواء لبني سليم، وشهد حنينا وثبت على إسلامه في الردّة. وله شعر يمدح فيه أبا بكر الصدّيق، وبقي إلى زمن عمر، وكان أسود حالكا (¬1). 147 - وأنشد: كفى الشّيب والإسلام للمرء ناهيا (¬2) هذا عجز مطلع قصيدة لسحيم عبد بني الحسحاس، وصدره: عميرة ودّع إن تجهّزت غاديا وبعده: جنونا بها فيما اعترتنا علاقة (¬3) … علاقة حبّ مستسرّا وباديا ليالي تصطاد الرّجال بفاحم … نداه أثيثا ناعم النّبت عافيا (¬4) وجيد كجيد الرّيم ليس بعاطل … من الدّرّ والياقوت أصبح حاليا (¬5) ¬

_ (¬1) انظر الشعراء 300 - 301 وتحفة الأبيه فيمن نسب الى غير أبيه 104 (¬2) ديوانه 16، والخزانة 1/ 273 والكامل 585 وابن سلام 156 (¬3) في ديوانه 17: (فيما اعتشرنا علالة). (¬4) كذا في الاصل، وفي ديوانه: ليالي تصطاد القلوب بفاحم … تراه أثيثا ناعم النبت عافيا (¬5) في الديوان: (.. الشّذر حاليا).

كأنّ الثّريّا علّقت فوق نحرها … وحجر غضا هبّت له الرّيح ذاكيا (¬1) فما بيضة بات الظّليم يحفّها … ويرفع عنها جؤجؤا متجافيا ومنها: بأحسن منها يوم قالت أرائح … مع الرّكب أم ثاو لدينا لياليا وهي ثمانية وخمسون بيتا (¬2). قال صاحب منتهى الطلب: كان ابن الأعرابي يسمي هذه القصيدة الديباج الخسرواني. وأخرج ابن أبي حاتم في تفسيره، وابن سعد في طبقاته، والمرزباني في معجم الشعراء (¬3). والأصبهاني في الأغاني عن الحسن البصري (¬4): أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم كان يتمثل بهذا البيت: كفى الإسلام والشّيب للمرء ناهيا فقال أبو بكر: يا رسول الله، ألا قال الشاعر: كفى الشّيب والإسلام للمرء ناهيا فأعاده كالأول. فقال أبو بكر: أشهد أنك رسول الله (ما علمك الشّعر وما ينبغي لك) (¬5). وفي الاصابة لابن حجر: سحيم، بمهملة، مصغر، عبد بني الحسحاس، بمهملات، شاعر مشهور مخضرم. أدرك النبي صلّى الله عليه وسلّم وتمثل النبي صلّى الله عليه وسلّم بشيء من شعره. روى أبو الفرج عن أبي عبيدة. قال: كان سحيم عبدا أسود أعجميا. ¬

_ (¬1) في الديوان: (وجمر غضى). (¬2) في تزيين الاسواق 142 أنها تزيد على مائة بيت، وهي في رواية الاحول 61 بيتا، وفي الديوان 91 بيتا. (¬3) انظر الخزانة 1/ 273 (¬4) الاغاني 20/ 2 (¬5) كذا في الاصل، وفي الخزانة حسب رواية الآية الكريمة: (وَما عَلَّمْناهُ الشِّعْرَ وَما يَنْبَغِي لَهُ).

وأخرج عمر بن شبّة والأصبهاني في الأغاني عن ابن سيرين قال: قدم سحيم على عمر بن الخطاب فأنشده قصيدته، فقال له عمر: لو قدّمت الاسلام على الشيب لأجزتك. وقال ابن حبيب: أنشد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قول سحيم (¬1): الحمد لله حمدا لا انقطاع له … فليس إحسانه عنّا بمقطوع فقال: أحسن وصدق، فان الله ليشكر مثل هذا، وإن سدّد وقارب إنه لمن أهل الجنّة. وقد قيل إن سحيما قتل في خلافة عثمان (¬2). وعميرة، منصوب بودع (¬3). غاديا: بالغين المعجمة، من الغدو. وذاكيا: بالذال المعجمة، من ذكى يذكي، من باب فتح يفتح، إذا فاح. والظليم، بفتح الظاء المعجمة وكسر اللام: ذكر النعام. والجؤجؤ: الصدر. وثاو: من ثوى إذا قام. وفي الأغاني عن أبي بكر الهذلي: أن اسم عبد بني الحساس حميمة، وأنه قال ¬

_ (¬1) ديوانه 68، وعده من الشعر المنحول. والبيت في الاصابة 3664 والخزانة 1/ 273 مع الخبر. (¬2) في الخزانة 1/ 273: (وقتل سحيم في خلافة عثمان. قال ابن حجر في الاصابة - رقم 3664 - : يقال: إن سبب قتله أن امرأة من بني الحسحاس أسرها بعض اليهود واستخصها لنفسه وجعلها في حصن له، فبلغ ذلك سحيما فأخذته الغيرة، فما زال يتحيّل له حتى تسوّر على اليهودي حصنه فقتله، وخلّص المرأة فأوصلها إلى قومها، فلقيته يوما فقالت له: يا سحيم، والله لوددت أني قدرت على مكافأتك على تخليصي من اليهودي! فقال لها: والله إنك لقادرة على ذلك - عرّض لها بنفسها - فاستحيت وذهبت، ثم لقيته مرة أخرى فعرّض لها بذلك فأطاعته، فهويها وطفق يتغزّل فيها ففطنوا له فقتلوه خشية العار). وانظر خبرا آخر عن مقتله في أسماء المغتالين ص 272 - 273. (¬3) في ديوانه: (عميرة: تصغير عمره، مؤنث عمر، واحد العمور: أصول الاسنان والأضراس. قال أبو عبيدة: كانت صاحبته التي شغف بها تسمّى غالية، وهي من أشراف تميم بن مرّة، ولم يتجاسر على ذكر اسمها).

في نفسه (¬1): أشعار عبد بني الحسحاس قمن له … عند الفخار مقام الأصل والورق إن كنت عبدا فنفسي حرّة كرما … أو أسود اللّون إنّي أبيض الخلق وفي الأغاني عن محمّد بن سلام، وأبي عبيدة: أنشد عبد بني الحسحاس عمر رضي الله عنه: توسّدني كفّا وتثني بمعصم … عليّ وتحمي رجلها من ورائيا فقال عمر: ويلك، إنك لمقتول. وروى في الأغاني من طرق: أنه شبب بنساء قومه، ثم ببنت سيده فقتله سيده وأعانه قومه. ومن قوله في أخت مولاه وكانت عليلة (¬2): ماذا يريد السّقام من قمر … كلّ جمال لوجهه تبع ما يرتجى! خاب من محاسنها … أما له في القباح متّسع (¬3) لو كان يبغي الفداء قلت له … ها أنا دون الحبيب يا وجع 148 - وأنشد: ألم يأتيك والأنباء تنمي … بما لاقت لبون بني زياد (¬4) ¬

_ (¬1) ديوانه 55. والبيت الثاني في الخزانة 1/ 273. (¬2) ديوانه 54 (¬3) في ديوانه: ما يبتغي! جار في محاسنها … أما له في القباح متّسع وبعده: غيّر من لونها وصغّرها … فزيد فيه الجمال والبدع (¬4) الكتاب 2/ 59، والخزانة 3/ 534، وأمالي ابن الشجري 1/ 72 و 192، والاغاني 17/ 131 (الثقافة) وشرح التبريزي 4/ 342 صدر البيت.

هو مطلع قصيدة بضعة عشر بيتا لقيس بن زهير بن جذيمة بن رواحة العبسي، شاعر جاهلي. وبعده: ومحبسها على القرشيّ تشرى … بأدراع وأسياف حداد كما لاقيت من حمل بن بدر … وإخوته على ذات الإصاد قال ابن حبيب: ساوم الربيع بن زياد بن عبد الله بن سفيان بن قارب العبسي بن قيس بن زهير بن جذيمة بن رواحة العبسي درعا كانت عنده، فلما نظر اليها وهو راكب وضعها بين يديه، ثم ركض بها فلم يردها على قيس، فعرض قيس لأم الربيع فاطمة بنت الخرشب الأنمارية، وهي تسير في ظعائن من بني عبس، فاقتاد جملها يريد أن يرتهنها بالدرع حتى تردّ عليه، فقالت له: ما رأيت كاليوم قط فعل رجل، أين ضلّ حلمك، أترجو أن تصطلح أنت وبنو زياد أبدا وقد أخذت أمهم فذهبت بها يمينا وشمالا. فقال الناس في ذلك ما شاؤوا أن يقولوا، وحسبك من شرّ سماعه (¬1). فأرسلتها مثلا. فعرف قيس ما قالت، فخلى سبيلها واطرد إبلا لبني زياد حتى قدم بها مكة، فباعها من عبد الله بن جدعان وقال في ذلك: ألم يبلغك والأنباء تنمي .. الأبيات الأنباء: جمع نبأ، وهو الخبر. وتنمي: بفتح المثناة الفوقية، من نميت الحديث أنميه بالتخفيف إذا بلغته على وجه الاصلاح وطلب الخير، فإذا بلغته على وجه الافساد والتهمة قلت نميّته بالتشديد. قاله أبو عبيد وابن قتيبة. واللبون: جماعة الابل ذات اللبن. ويروى بدله، قلوص، وهي الناقة الشابة. وبنو زياد هم الربيع وأخوته. قوله: ومحبسها، أي محبس قلوص بني زياد، أراد حبسها. والقرشي: عبد الله بن جدعان. وتشرى: تباع. والأدراع: جمع درع. والأسياف: جمع سيف. وحداد: جمع حديد، من حدّ السيف يحد حدة، أي صار حادّا. وذات الأصاد: بكسر الهمزة موضع، كانت فيه غاية في الرهان بين داحس فرس قيس بن زهير والغبراء فرس حذيفة بن بدر الفزاري، وبسببهما كانت الواقعة المشهورة في العرب بداحس والغبراء، دامت بينهم أربعين سنة. والأصاد: جمع أكمة كثيرة ¬

_ (¬1) انظر مجمع الأمثال 1/ 194 رقم 1026.

الحجارة بين أجبل (¬1). وفي قوله: (ألم يأتيك ... البيت) شاهد على اثبات حرف العلة مع الجازم ضرورة، وعلى ذلك أورده المصنف في التوضيح (¬2). وعلى زيادة الياء في الفاعل، وعلى ذلك أورده هنا، فإن (ما) فاعل يأتيك، وجملة الأنباء تنمى، معترضة (¬3). وقال بعضهم: يحتمل أن يأتي وتنمي تنازعا في ما فاعمل الثاني وأضمر في الأول فلا اعتراض ولا زيادة. وقيل: فاعل يأتيك مضمر دل عليه الأنباء، أي ألم يأتك النبأ بما لاقيت، فالباء ومجرورها في محب نصب. وقيل الفاعل لبون، وفي لاقت ضميرها، أي ألم يأتك لبون بني زياد، أي خبرها بما لاقت هي (¬4). وفي سرّ الصناعة: روى بعض أصحابنا البيت، ألم يأتك، على ظاهر الجزم فلا ضرورة. وروى أيضا بلفظ: أهل أتاك والأنباء تنمي ففيه شاهد على الجمع بين الهمزة وهل. 149 - وأنشد: مهما لي اللّيلة مهما ليه … أودى بنعليّ وسرباليه (¬5) هذا مطلع أبيات لعمرو بن ملقط الطائي، وهو جاهلي، وبعده: ¬

_ (¬1) انظر البكري 161 - 162. (¬2) في ابن الشجري 1/ 73: (قوله: ألم يأتيك، أثبت الياء في موضع الجزم لإقامة الوزن، كما أثبت الآخر الواو في قوله: هجوت زبّان ثم جئت معتذرا … من هجو زبّان لم تهجو ولم تدع ووجه ذلك أنهما نزلا الواو والياء منزلة الحرف الصحيح، فقدرا فيهما الحركة فكأن الجازم دخل ولفظ الفعل يأتيك وتهجو، بضم لاميهما ...) (¬3) في ابن الشجري: (وقيل: إن الباء في قوله: بمالاقت، زائدة، وما هي بفاعل، كما زيدت الباء مع الفاعل من، كفى بالله، ومع المبتدأ في قولهم، بحسبك قول السوء، ومع المفعول في نحو، لا يقرأن بالسّور). (¬4) في ابن الشجري: (وفي فاعل يأتيك قولان، قيل: إنه مضمر مقدر، كما حكي عن سيبويه، إذا كان غدا فأتني، أي إذا كان ما نحن فيه من الرخاء والبلاء غدا فأتني، وتقديره: ألم يأتيك النبأ. ودل على ذلك قوله: والأنباء تنمي). (¬5) الخزانة 3/ 631.

إنّك قد يكفيك بغي الفتى … وزرأه أن تركض العاليه بطعنة يجري لها عاند … كالماء من غاية الجابيه لو أنالتك أرماحنا … كنت كمن يهوي إلى الهاويه ألفيتا عيناك عند القفا … أولى فأولى لك ذا واقيه (¬1) ذاك سنان محلب نصره … كالجمل الأوطف بالرّاويه يا أيّها النّاصر أخواله … أأنت خير أم بنو جاريه أأختكم أفضل أم أختنا … أم أختنا عن نصرنا وانيه والخيل قد تجشّم أربابها الشّقّ … وقد تعتسف لداويه يأبى لي الثّعلبتان الّذي … قال ضراط الأمّة الرّاعية ظلّت بواد تجتني صمغه … واحتلبت لقحتها الآنيه ثمّ غدت تنبض أحرادها … إن متفناه وإن حاديه مهما: استفهام مبتدأ، ولي خبره. والليلة نصب على الظرف وأعيدت الجملة تاكيدا. وقيل: مه، اسم فعل بمعنى اكفف. وما وحدها استفهام. وأودى هلك. ويركض: يدفع. والعالية: أعلى الرمح. وقيل اسم مرسلة على جهة واحدة. والغاية بمعجمة. وعاند: بمهملتين ونون، العرق الذي يخرج دمه. والجابية بجيم الحوض. وغايتها: ما انتقب وانخرق منها. ويهوي، بكسر الواو، يسقط. وقوله: الفيتا، أورده المصنف في حرف الألف، الهاوي شاهدا على إلحاق الفعل المسند للظاهر علامة التثنية. ومعنى البيت: وصفه بالهرب، فهو يلتفت إلى ورائه في حال انهزامه فتلفى عيناه عند قفاه. وأولى: كلمة تهديد ووعيد. قال الأصمعي: معناه قاربه فأهلكه. ¬

_ (¬1) صدر البيت سيأتي في شواهد الألف، وقد نسبه هناك خطأ لابي النجم، وأخطأ أيضا حين قال تقدم شرحه في شواهد عند.

وذا واقية أي وقاية، مصدر على فاعلة. وسنان: اسم رجل. ومحلب بحاء مهملة، معين، والأوطف: كثير شعر العينين والأذنين. والوانية: من ونى إذا فتر. وتجشم أربابها: تحملهم على المشقة. والشق: بالفتح، المشقة. والثعلبتان: ثعلبة بن جدعان، وثعلبة بن رومان. وقوله: ضراط الأمة، ليكون أحشركم. والآنية: قال أبو زيد: المبطئة. وقال غيره: المدركة. وتنبض: تضطرب. واحرادها: امعاؤها، وإن قال الجرمي وأبو حاتم معناه: إما متغناة وإما حادية، ومتغناة متغنية، 150 - وأنشد: نضرب بالسّيف ونرجوا بالفرج (¬1) أورده شاهدا على زيادة الباء في المفعول، وهي الثانية. وأما الاولى فللاستعانة. 151 - وأنشد: تبلت فؤادك في المنام خريدة … تسقي الضّجيع ببارد بسّام (¬2) هذا مطلع قصيدة لحسان بن ثابت رضي الله عنه يذكر فيها الحارث بن هشام وهزيمته يوم بدر، وبعده: كالمسك تخلطه بماء سحابة … أو عاتق كدم الذّبيح مدام أمّا النّهار فلا افتر ذكرها … واللّيل توزعني به أحلامي أقسمت أنساها وأترك ذكرها … حتّى تغيّب في الضّريح عظامي بل من لعاذلة تلوم سفاهة … ولقد عصيت على الهوى لوّامي إن كنت كاذبة الّذي حدّثتني … فنجوت منجى الحارث بن هشام ترك الأحبّة أن يقاتل دونهم … ونجا برأس تمرّة ولجام ¬

_ (¬1) رجز لم يذكر قائله. وصدره: نحن بني ضبّة أصحاب الفلح وهو في الخزانة 4/ 159 (¬2) ديوانه 362، والاغاني 4/ 137، وسيرة ابن سيد الناس 1/ 290.

فائدة: [حسان بن ثابت]

تبلت: بمثناة فوقية ثم موحدة، أي أفسدت. قال: تبّله الحب: أي أسقمه وأفسده. والفؤاد: القلب على المشهور. وقيل: باطن القلب. وقيل: غشاؤه. والخريدة. من النساء: الحيية، وقيل العذراء. وخاؤها معجمة ودالها مهملة. والضجيع الذي يضاجعها الى جنبها. والمراد بالبارد: البسام الثغر. ويروى: تسقى، وتشفى. والعاتق: الخمر. طمرّة: بكسرتين وتشديد الراء. قال في الصحاح: فرس تمرّ بتشديد الراء وهو المستعد للوثب والعدو (¬1). فائدة: [حسّان بن ثابت] حسّان بن ثابت بن المنذر بن حرام بن عمرو بن زيد مناة بن عديّ بن عمرو الأنصاري الخزرجي، يكنى أبا الوليد، وقيل أبا الحسام، وقيل: أبا عبد الرحمن. شاعر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، له رواية، روى عنه ابنه عبد الرحمن والبراء بن عازب وسعيد بن المسيّب. قال ابن سعد: عاش مائة وعشرين سنة، ستين في الجاهلية وستين في الاسلام (¬2)، وكذلك أبوه وجده. وكان قديم الاسلام، ولم يشهد مع النبي صلّى الله عليه وسلّم مشهدا لأنه كان يجبن (¬3). وأخرج أحمد وغيره عن ابن المسيب قال: مرّ عمر بحسان، وهو ينشد في المسجد، فلحظ إليه فقال: قد كنت أنشد فيه وفيه من هو خير منك. ثم التفت إلى أبى هريرة فقال: أنشدك بالله، سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: أجب عنيّ، أيدك الله بروح القدس! قال: نعم. وأخرج أبو يعلي عن عائشة قالت: كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يضع لحسان بن ثابت منبرا في المسجد ينشد عليه قائما، ينافح عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ثم يقول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ان الله يؤيد حسان بروح القدس ما نافح عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. وأخرج ابن منده، وأبو الفرج الأصبهاني، في الأغاني، ¬

_ (¬1) (وطمر) بدل (تمرة) في المراجع السابقة، وهو الفرس المستفز للوثب والعدو. وقال أبو عبيدة: هو المشمر الخلق. (¬2) انظر الاغاني 4/ 140، والشعراء 264 (¬3) الشعراء 264.

وابن عساكر عن جابر بن عبد الله قال: لما كان يوم الأحزاب وردّ الله المشركين بغيظهم لم ينالوا خيرا، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: من يحمي أعراض المسلمين؟ قال كعب بن مالك: أنا. وقال ابن رواحة: أنا يا رسول الله، قال: إنك لحسن الشعر، وقال حسان: أنا يا رسول الله. قال: نعم، اهجهم أنت وسيعينك عليهم روح القدس. وأخرج ابن عساكر عن عائشة قالت: قدم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم المدينة فهجته قريش، وهجوا الأنصار معه، فأتى المسلمون كعب بن مالك فقالوا: أجب عنا، فقال: استأذنوا لي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فقال: ادعوه، فأتى حسان فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: إني أخاف أن تصيبني معهم تهجو من بني عمي. فقال حسان: لأسلنّك منهم سلّ الشعرة من العجين، ولي مقول ما أحب أن لي به مقول أحد من العرب، وأنه ليفري ما لا تفريه الحربة. ثم أخرج لسانه فضرب به أنفه كأنه لسان حية بطرفه شامة سوداء، ثم ضرب به ذقنه، فأذن له رسول الله صلّى الله عليه وسلم. وأخرج أبو نعيم وابن عساكر عن عروة: أن حسان ذكر عند عائشة فقالت: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: ذاك حاجز بيننا وبين المنافقين لا يحبه إلا مؤمن، ولا يبغضه إلا منافق. وأخرج ابن عساكر وأبو الفرج الأصبهاني (¬1) عن ابن بريدة قال: أعان جبريل عليه السّلام حسان بن ثابت عند مدحه النبي صلى الله عليه وسلم بسبعين بيتا. وأخرج أبو الفرج في الأغاني عن أبي عبيدة (¬2) قال: اتّفقت العرب على أن أشعر أهل المدن يثرب، ثم عبد القيس، ثم ثقيف، وعلى أن أشعر أهل المدن حسان بن ثابت. وأخرج ابن عساكر عن أبي عربة قال: حسان شاعر الأنصار، وشاعر اليمن، وشاعر أهل القرى، وأفضل ذلك كله هو شاعر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم غير مدافع (¬3). وأخرج ابن عساكر عن ابن الكلبي: ان حسان بن ثابت كان لسنا شجاعا، فأصابته علة أحدثت فيه الجبن، فكان بعد ذلك لا يقدر أن ينظر إلى قتال ولا يشهده. وأخرج ابن عساكر عن ابن عباس: أن رسول الله ¬

_ (¬1) الاغاني 4/ 147 (الثقافة). (¬2) الاغاني 4/ 141 (الثقافة). (¬3) في الاغاني عن أبي عبيدة: (فضل حسان بثلاث: كان شاعر الأنصار في الجاهلية، وشاعر النبي صلّى الله عليه وسلّم في النبوة، وشاعر اليمن كلها في الاسلام).

صلّى الله عليه وسلّم خرج وقد فرش حسان فناء أطمه، وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، سماطين وبينهم جارية لحسان يقال لها شرين ومعها مزهر تغنيهم، وهي تقول في غنائها: هل عليّ ويحكم … إن لهوت من حرج فتبسّم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وقال: لا حرج. وأخرج أبو الفرج في الأغاني عن أبي وجزة السعدي قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ليس شعر حسان بن ثابت، ولا كعب بن مالك، ولا عبد الله ابن رواحة شعرا، ولكنه حكمة. وأخرج البخاري في تاريخه عن محمد بن سيرين قال: كان أشعر أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حسان بن ثابت، وكعب ابن مالك، وعبد الله بن رواحة. وأخرج ابن عساكر من طريق أبى اسحق عن سعد ابن عبد الرحمن بن حسان بن ثابت عن أبيه قال: مرّ حسان بن ثابت برسول الله صلّى الله عليه وسلّم ومعه الحارث المري، فقال حسان للحارث (¬1). يا حار من يغدر بذمّة جاره … منكم فإنّ محمّدا لا يغدر وأمانة المرّيّ حيث لقيته … مثل الزّجاجة صدعها لم يجبر إن تغدروا فالغدر منكم عادة … والغدر ينبت في أصول السّخبر فقال الحارث للنبي صلّى الله عليه وسلّم: إني أعوذ بالله وبك من هذا، ان شعر هذا لو مزج بماء البحر لمزجه. وأخرج ابن عساكر من طريق موسى بن علي بن رباح قال: حدثني شيخ صار بأفريقية من أهل المدينة، قال: سمعت حسان بن ثابت في جوف الليل وهو ينوّه باسمائه ويقول: أنا حسان بن ثابت، أنا ابن الفريعة، أنا الحسام. فلما أصبحت غدوت عليه فقلت له: سمعتك البارحة تنوّه باسمائك، فما الذي أعجبك؟ قال: عالجت بيتا من الشعر، فلما أحكمته نوّهت باسمائى! ¬

_ (¬1) الاغاني 4/ 159 (الثقافة) مع الخبر.

فقلت: وما البيت؟ قال: قلت (¬1): وإنّ امرءا يمسي ويصبح سالما … من النّاس إلّا ما جنى لسعيد فلما مات حسان، قال عبد الرحمن بن حسان بعد موت أبيه: أوقد نارا حتى اجتمع إليه الحي، ثم قال: أنا عبد الرحمن بن حسان، وقد قلت بيتا، فخفت أن يسقط بحدث يحدث عليّ، فجمعتكم لتسمعوه فأنشدهم: وإنّ امرءا نال الغنى ثمّ لم ينل … صديقا ولا ذا حاجة لزهيد فلما مات عبد الرحمن فعل ابنه سعيد مثل ذلك، وأنشدهم: وإنّ امرءا لاحى الرّجال على الغنى … ولم يسأل الله الغنى لحسود وأخرج ابن عساكر عن معن بن عيسى قال: قام حسان من جوف الليل فصاح: يا آل الخزرج، فجاؤه وقد فزعوا، فقالوا: مالك؟ قال: بيت قلته فخشيت أن أموت قبل أن أصبح فيذهب ضيعة خذوه عني، قالوا: وما قلت؟ قال: قلت: ربّ حلم أضاعه عدم الما … ل وجهل غطّى عليه النّعيم قال ابن اسحق: مات حسان سنة أربع وخمسين وقد كف بصره. 152 - وأنشد: سود المحاجر لا يقرأن بالسّور (¬2) هذا من قصيدة للراعي، واسمه عبيد بن حصين بن معاوية بن جندل بن قطن ابن ربيعة بن عبد الله بن الحارث بن نمير بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس بن عيلان بن مضر، يكنى أبا جندل، ¬

_ (¬1) ديوانه 141 - 142 وهو في الشعراء 267. (¬2) انظر ص 91 وهـ 3 ص 330.

ولقب الرّاعي لكثرة وصفه الابل. شاعر مشهور، وفد على عبد الملك بن مروان وذكره الجمحي في الطبقة الأولى من الشعراء الاسلاميين (¬1)، وقبله: صلّى على عزّة الرّحمن وابنتها … ليلى وصلّى على جاراتها الأخر هنّ الحرائر لا ربّات أخمرة … سود المحاجر لا يقرأن بالسّور وأخرج أبو الفرج في الاغاني عن قحافة المرّي قال: دخل الأخطل على بشر بن مروان، وعنده الراعي فقال له بشر: أأنت أشعر أم هذا؟ قال: أنا أشعر منه وأكرم. فقال للراعي: ما يقول؟ قال: أما أشعر مني فعسى، وأما أكرم فإن كان في أمّهاته من ولدت مثل الأمير فنعم. فلما خرج الأخطل قيل له: أتقول لخال الامير أنا أكرم منك. 153 - وأنشد: فكفى بنا فضلا على من غيرنا … حبّ النّبيّ محمّد إيّانا (¬2) هو لكعب بن مالك الصحابي رضي الله عنه، وقيل لحسان بن ثابت، وقيل لبشير ابن عبد الرحمن بن كعب بن مالك. والباء في بناء زائدة في الفاعل، وقيل في المفعول. وحبّ النبي بالرفع، فاعل على الثاني، وبدل اشتمال على المحل، على الأوّل. وفضلا تمييز. ويروى شرفا، وعلى يتعلق به. وقبله: نصروا نبيّهم بنصر وليّه … فالله عزّ بنصره سمّانا يعني أن الله عزّ وجلّ سماهم الأنصار لأنهم نصروا النبي صلّى الله عليه وسلّم، ومن والاه، والباء في بنصر وليه، بمعنى مع. قال التدمري: يروي قوله: (على من غيرنا) برفع غير وكسرها، فالرفع على تقدير: (على من هو غيرنا)، فمن موصولة، والعائد محذوف، على حدّ قوله تعالى: (تَماماً عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ) في قراءة من رفع أحسن، والجر على أن من نكرة موصوفة بغير، أي على انسان غيرنا أو قوم غيرنا. ¬

_ (¬1) الطبقات 250. (¬2) الخزانة 2/ 545

وقال الكسائي: على ان من زائدة، وعلى ذلك أورده ابن قاسم في شرح الألفية. محمد: عطف بيان، وإيّانا: متعد جر المصدر المضاف الى فاعله. 154 - وأنشد: أليس عجيبا بأنّ الفتى … يصاب ببعض ما في يديه (¬1) قال الجاحظ في البيان (¬2): هو لمحمود النحاس وأورده بلفظ ببعض الذي في يديه (¬3). وبعده: فمن بين باك له موجع … وبين معزّ مغذّ إليه ويسلبه الشّيب شرخ الشّباب … فليس يعزّيه خلق عليه 155 - وأنشد: ومنعكها بشيء يستطاع (¬4) هو لرجل من تميم قاله وقد سأله بعض الملوك فرسا يقال لها سكاب فقال: أبيت اللّعن إنّ سكاب علق … نفيس لا تعار ولا تباع مفدّاة مكرّمة علينا … تجاع لها العيال ولا تجاع سليلة سابقين تناجلاها … إذا نسبا يضمّهما الكراع فلا تطمع أبيت اللّعن فيها … ومنعكها بشيء يستطاع ¬

_ (¬1) الكامل 521 والبيان والتبيين 3/ 128 (الذي في يديه). (¬2) 3/ 128. (¬3) وكذا في البيان ونسبه الى محمود الوراق، وعلى هذا فالشاهد لا يتمثل به لان قائله من المحدثين. (¬4) الخزانة 2/ 413، والحماسة 1/ 208.

وقيل هو لقحيف العجلي. وأبيت: من الاباء، وهو الامتناع. واللّعن: الطرد، أي انه من أسباب اللّعن. وكانت هذه تحية الملوك في الجاهلية. وسكاب: علم لفرس مبني على الكسر، كحذام. قال المصنف: هذا هو المحفوظ، والصواب فتحه إعرابا، لأن الشاعر تميمي، وتميم تعرب هذا الباب ممنوع الصرف، واشتقاقه من السكب وهو الصب. يقال: من صفة الفرس هو بحر سكب (¬1). والعلق: النفيس. فالجمع بينهما للتوكيد كقوله تعالى: (سُبُلًا فِجاجاً) كذا قاله المصنف. وقال التبريزي: علق نفيس: مال يبخل به. وتعار وتباع: بالتذكير والتأنيث، الأول باعتبار نفيس. والثاني باعتبار الفرس (¬2). وسليلة سابقين: يعني أنها متولدة من فرسين سابقين. والتناجل: التناسل. وضمير نسبا: للسابقين. والكراع: علم لفحل مشهور. والواو في (ومنعكها) للحال. ويروى بالفاء، المتسبب عن النهي. واستشهد به النحاة على جواز الوصل فيما اجتمع ضميران، أوّلهما أعرف، ومجروران كان الفصل فيه أرجح، وبشيء متعلق بما قبله، أو بما بعده، وعليهما. فالمعنى بشيء ما. ويستطاع: خبر، أو بشيء خبر، ويستطاع صفة، والياء زائدة. 156 - وأنشد: فما رجعت بخائبة ركاب … حكيم بن المسيّب منتهاها (¬3) الخيبة: حرمان المطلوب. والركاب: الابل التي يسار عليها، الواحدة راحلة، ولا واحد لها من لفظها. والمسيّب، هذا بالفتح لا غير، وكذا كل مسيب إلا والد ¬

_ (¬1) قال التبريزي 1/ 208: (وسكاب إذا أعربته منعته من الصرف، لأنه علم، فلحصول التعريف فيه والتأنيث مع كثرة الحروف يمنع الصرف، والشاعر تميمي، وهذا لغة قومه، وإذا بنيته على الكسر أجريته مجرى حزام، لأنه مؤنث، وهذه اللغة حجازية، واشتقاق سكاب من سكبت إذا صببت، ويقال في صفة الفرس: هو بحر، وسكب). (¬2) وقال التبريزي في شرح معنى البيت الثاني: (أي: تغدى من كرمها وعتقها وتؤثر على العيال فتشبع ويجاع العيال، والعرب تؤثر الخيل على الأنفس والاولاد، فتشبعها وتجيعهم، قال مالك بن نويرة: جزاني دوائي ذو الخمار وصنعتى … إذا بات أطواء بني الاصاغر) (¬3) الشعر للقحيف العقيلي، وهو في الخزانة 4/ 249.

سعيد بن المسيّب، فإن فيه الوجهين الفتح والكسر. 157 - وأنشد: فما انبعثت بمزؤد ولا وكل صدره: كائن دعيت إلى بأساء داهمة كائن: بمعنى كم. والبأساء: الشدة. وداهمة: آتية على بغيه. وانبعثت: أسرعت. والمزؤد: المذعور الخائف. والوكل: بفتح الواو والكاف، العاجز الذي يكل أمره الى غيره. 158 - وأنشد: وليس بذي سيف وليس بنبّال (¬1) هذا هو من قصيدة لامرئ القيس بن حجر الكندي، وأوّلها (¬2): ألا عم صباحا أيّها الطّلل البالي … وهل يعمن من كان في العصر الخالي وهل يعمن إلّا سعيد مخلّد … قليل الهموم ما يبيت بأوجال وهل يعمن من كان أحدث عهده … ثلاثين شهرا في ثلاثة أحوال ديار لسلمى عافيات بذي الخال … ألحّ عليها كلّ أسحم هطّال ومنها: ألا زعمت بساسة اليوم أنني … كبرت، وألّا يشهد اللهو أمثالي ¬

_ (¬1) ديوانه 33، وانظر الشاهد 195 ص 393. (¬2) ديوانه 27 - 54، والعقد الثمين 101، والخزانة 1/ 37 - 48، (السلفية)، وشعراء الجاهلية 58، ورجال المعلقات العشر 63، وانظر الشعر والشعراء 54.

فيا ربّ يوم قد لهوت وليلة … بآنسة كأنّها خطّ تمثال يضيء الفراش وجهها لضجيعها … كمصباح زيت في قناديل ذبّال الى أن قال: تنوّرتها من أذرعات وأهلها … بيثرب أدنى دارها نظر عال نظرت إليها والنّجوم كأنّها … مصابيح رهبان تشبّ لقفّال سموت إليها بعد ما نام أهلها … سموّ حباب الماء حالا على حال فقالت: سباك الله إنّك فاضحي … ألست ترى السّمّار والنّاس أحوالي! فقلت: يمين الله أبرح قاعدا … ولو قطّعوا رأسي لديك وأوصالي فلمّا تنازعنا الحديث وأسمحت … هصرت بغصن ذي شماريخ ميّال فصرنا إلى الحسنى ورقّ كلامنا … ورضت فذلّت صعبة أيّ إذلال حلفت لها بالله حلفة فاجر … لناموا فما إن من حديث ولا صال وأصبحت معشوقا وأصبح زوجها … عليه القتام كاسف الظّنّ والبال يغطّ غطيط البكر شدّ خناقه … ليقتلني والمرء ليس بقتّال أيقتلني والمشرفيّ مضاجعي … ومسنونة زرق كأنياب أغوال وليس بذي سيف فيقتلني به … وليس بذي رمح وليس بنبّال ومنها: كأنّي بفتخاء الجناحين لقوة … على عجل منها أطأطئ شيّمالي

تخطّف خزّاز الأنيعم بالضّحى … وقد جحرت منها ثعالب أورال كأنّ قلوب الطّير رطبا ويابسا … لدى وكرها العنّاب والحشف البالي فلو أنّ ما أسعى لأدنى معيشة … كفاني، ولم أطلب، قليل من المال ولكنّما أسعى لمجد مؤثّل … وقد يدرك المجد المؤثّل أمثالي عم: أصله أنعم، حذف منه الألف والنون تخفيفا، ويجوز في العين الفتح والكسر، من أنعم، مفتوح العين ومكسورها، وكانت تحية الجاهلية. ويقال: إنه من وعم بعم، على فعال وعد يعد، أو على مثال ومق يمق. يقولون في الغداة عم صباحا، وفي العشية عم مساء، وفي الليل عم ظلاما. وصباحا: نصب على الظرف، أي أنعم في صباحك. ويجوز كونه تمييزا منقولا نحو: (اشتعل الرأس شيبا). وعن أبي عمرو: انه من نعم المطر إذا كثر، ونعم الشجر إذا كثر زبده، كأنه دعا بالسقيا وكثرة الخير. وقال الاصمعي: مودعا بالنعيم. وهل يعمن: استفهام إنكار، وأصله ينعمن، وفيه شاهد على ورود هل في الاستفهام الانكاري، وعلى تأكيد المضارع بالنون بعد الاستفهام، و (من) فاعل، وقد استعمله في غير العقلاء، وأورده المصنف في التوضيح شاهدا لذلك. والعصر: بضمتين، بمعنى العصر بالفتح فالسكون وهو الدهر والزمان. والأوجال: جمع وجل، وهو الخوف. وعافيات: دارسات. وذو الخال: جبل مما يلي نجد. والأسحم: الأسود، وهو أغزر ما يكون من الغيم. وهطّال: سيّال دائم. وبسباسة: بموحدتين ومهملتين، امرأة من بني أسد. وآنسة: ذات أنس من غير ريبة. والتمثال: الصورة. وخطها: نقشها. والذبّال: بضم الذال المعجمة وتشديد الموحدة، جمع ذبالة، وهي الفتيلة. والمعنى: في ذبال قناديل. وقوله: تنوّرتها، أي نظرت إلى نارها، وانما أراد بقلبه لا بعينه، يقال: تنوّرت النار من بعيد، أي أبصرتها، فكأنه من فرط الشوق يرى نارها. وأذرعات: بلدة بالشام. وقد أورد النحاة، ومنهم المصنف في التوضيح هذا البيت على أن نحو أذرعات يجوز فيه الكسر في النصب منوّنا وغير منوّن. والاعراب كغير المنصرف، فإن البيت روي بالأوجه الثلاثة. ويثرب: المدينة النبوية. والواو في (وأهلها) حالية.

وقوله: (وأدني دارها نظر عالي) يقول: كيف أراها وأدني دارها نظر مرتفع. وقيل معناه: أقرب دارها منا بعيد، فكيف بها ودونها نظر عالي. وتشب: توقد. وقفّال، بضم القاف وتشديد الفاء، جمع قافل، وهو الذي قد رجع من غزوة. وسموت: نهضت. والحباب، بفتح الحاء المهملة وتخفيف الموحدة، الطرائق التي في الماء كأنها الوشي. وسباك الله: أبعدك وأذهبك الى غربة. وقيل: لعنك. وقال أبو حاتم: معناه سلط عليك من يسبيك. وأوصال: جمع وصل، وهي المفاصل. ويمين الله: مبتدأ وخبره محذوف، أي على وأبرح على حذف لا، أي لا أبرح. وقد أورده المصنف في التوضيح شاهدا لذلك. وأسمحت: سهلت ولانت. وهصرت بغصن: ثنيت غصنا، والباء زائدة ورضت: من راض يريض. وقوله: (حلفت ... البيت) والفاجر: اللازب. وصال: المصطلي بالنار. والقتام، وكاشف البال: سيئ الخاطر. ويغط: أي يرى له غطيط من الغيظ، كما يرى للبكر إذا خنق فشدّت الأنشوطة في عنقه. والبكر: بفتح الباء، الفتي من الابل. وليس بقتال: أي ليس بصاحب قتل. والمشرفي: بفتح الميم، السيف المنسوب إلى مشارف الشام، وهي قرى للعرب تدنو من الروم. ومسنونه: محددة بالمسنّ، وأراد بها المشاقص. والأغوال: الشياطين، وأراد به التهويل. قال المبرد (¬1): لم يخبر صادق أنه رأى الغول. قوله: وليس بذي رمح: أي بفارس. والنبّال: الرامي بالنبل. وقد قال الرياشيّ: النبّال هنا ليس بجيد، لأن النبّال هو الذي يعمل النبل أو يبيعها، والذي يرمي بها يقال له نابل. وقال أبو حاتم مثل هذا، كقولهم سياف أي يضرب بالسيف. وقد استشهد المصنف بهذا البيت على ان فعالا يأتي بمعنى صاحب. كذا، فإن نبالا بمعنى صاحب نبل استغنى به عن ياء النسب. قوله: بفتخاء الجناحين، أي لينة الجناحين، والفتح اللين. واللقوة: بكسر اللام، العقاب. وشيمّالي، بالتشديد، أصله: شيمالي، ومعناه شيمالي زيدت فيه الياء. وروي شئمالي بالهمز، ومعناه سريعة، يقال: ناقة شملال أي سريعة. ويقال فلان يطاطئ في ماله: أي يسرع. وتخطف: أي تخطف هذه العقاب التي شبه بها فرسه. والخزّار: بكسر الخاء وتشديد الزاي المعجمتين، جمع خزر، وهو الذكر من الأرانب. وجحرت: توارت. وأورال: موضع. يقول: ¬

_ (¬1) الكامل 822، وأورد البيت، باختلاف اللفظ.

ثعالب ذلك الموضع لا ترعى من خوف هذه العقاب. والحشف: أردأ التمر. والبالي: العتيق. ومجد مؤثل: قديم. وقوله: (كأن قلوب الطير ... البيت). استشهد به المصنف في التوضيح على أن رطبا ويابسا حالان متضمنان معنى الفعل، فلذا وجب تأخيرهما. واستشهد به أهل البيان على التشبيه الملفوف، وهو أن يؤتى بمشبهين ثم المشبه بهما، فإن العناب راجع إلى رطب، والحشف راجع الى يابس. قال المبرد في الكامل (¬1): هذا البيت أحسن ما جاء في تشبيه شيئين مختلفين في حالين مختلفين بشيئين مختلفين. وقال ابن عساكر في تاريخه: يقال أن لبيدا قدم المدينة، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: من أشعر الناس؟ فقال: يا حسان، أعلمه. فقال حسان: الذي يقول: كأن قلوب الطير ... البيت. فقال: هذا امرؤ القيس. فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: لو أدركته لنفعته، ثم قال: معه لواء الشعر يوم القيامة حتى يتدهدأ بهم في النار. وأخرج ابن عساكر من طرق عن عفيف بن معدي كرب: ان النبي صلّى الله عليه وسلم ذكر عنده امرؤ القيس فقال: ذاك رجل مذكور في الدنيا منسيّ في الآخرة، شريف في الدنيا خامل في الآخرة، بيده لواء الشعراء يقودهم إلى النار. ¬

_ (¬1) الكامل 740، وقال ابن قتيبة في الشعراء 57: (ويستجاد من تشبيهه قوله: كأن قلوب ... البيت).

شواهد بجل

شواهد بجل 159 - وأنشد: ألا بجلي من ذا الشّراب الأبجل هو من قصيدة لطرفة بن العبد أولها: لخولة بالأجزاع من إضم ظلل (¬1) … وبالسّفح من قوّ مقام ومحتمل فلا زال غيث من ربيع وصيّف … على دارها حيث استقرّت له زجل ومنها: لها كبد ملساء ذات أسرّة … وكشحان لم ينقض طواءهما الحبل إذا قلت: هل يسلو اللّبانة عاشق … تمرّ شؤون الحبّ من خولة الأول متى تر يوما عرصة في ديارها … ولو فرط حول تسجم العين أو تهلّ فقل لخيال الحنظليّة ينقلب … إليها، فإنّي واصل حبل من وصل ألا إنّما أبكي ليوم لقيته … بجرثم قاس كلّ ما بعده جلل إذا لا جاء ما لا بدّ منه فمرحبا (¬2) … به حتّى يأتي لا كذاب ولا علل ألا إنّني شربت أسود حالكا … ألا بجلي من الشّراب الأبجل ¬

_ (¬1) في البكري 166 (أضم): (بالأجراع من إضم طلل) بالطاء المهملة. (¬2) كذا في الاصل، ويروى: (إذا جاء) كما في ديوان طرفة (صادر).

فلا أعرفنّي إن نشدتك ذمّتي … كداعي هديل لا يجاب ولا يمل الأجزاع: جمع جزع بكسر الجيم وسكون الزاي، وهو منعطف الوادي. وإضم: بكسر الهمزة وفتح الضاد المعجمة، واد لأشجع وجهينة. والسفح: موضع. وقوّ: بفتح القاف وتشديد الواو، واد. والمقام بضم الميم، بمعنى الاقامة، والمحتمل: الارتحال. والصيّف: بتشديد الياء. وزجل: بفتح الزاي والجيم، صوت ورعد. قوله: (لها) أي لخولة، وأراد بالكبد بطنها ووسطها. والأسرّة: العكن والطرائق، وهي الخطوط التي تكون على البطن، كما يكون في الكف والجبهة، واحدها سرر، بكسر السين وفتح الراء، وجمع الجمع: أسارير. والملساء: تأنيث أملس، وهو اللين من الملاسة، وهي ضدّ الخشونة. والكشحان: ما انضمت عليه الأضلاع من الجبين، ويقال هما الخصران. وقوله: لم ينقض طواءهما، بالضاد المعجمة، يعني هي خميصة البطن ليست بمفاضة، من قولهم: رجل طاو إذا كان ضامر البطن. ومد الطواء للضرورة، وهو مقصور. وقد استشهد ابن أم قاسم بالبيت على ذلك. والحبل: الامتلاء. ويسلو اللبانة: أي عن اللبانة، فأسقط الجار وعدى الفعل. والسلوان: يطيب النفس لترك الشيء. وتمرّ تشتد وتقوى. والشؤن: الأمور، واحدها شأن. والعرصة: الساحة ليس فيها بناء. وتسجم العين: يسيل دمعها. وتهل: تقطر دمعها. والحنظلية: من بني حنظلة بن مالك. وجرثم: موضع. والقاسي: الشديد، وهو صفة ليوم. والجلل: بفتح الجيم واللام الصغير هنا، ويأتي بمعنى الكبير، وهو من الاضداد. والكذاب: بالكسر بمعنى الكذب. والعلل: جمع علة. وأسود حالكا: أراد به كأس المنية، وقيل السم، وهل مثل ضربه لفساد ما بينه وبينها. والحالك: الشديد السواد. وبجل: يأتي حرف جواب بمعنى نعم. واسم فعل بمعنى يكفي. واسما مرادفا لحسب، وهو المراد هنا، فعليه يقال: بجلى. وعلى اسم الفعل يقال بجلنى، بنون الوقاية. وقوله: الأبجل: تأكيد للأول. وقال العيني: الثاني في البيت حرف بمعنى نعم. ونشدتك ذمّتي: سألتك إياها وطلبتها منك. الهديل: بفتح الهاء، فرخ ضل على عهد نوح عليه السّلام، والحمام يبكي عليه كما تزعمه العرب. وقوله: ولا يمل، أي لا يمل الدعاء أبدا.

شواهد بل

شواهد بل 160 - وأنشد: بل بلد ملء الفجاج قتمه (¬1) هو لرؤبة من أرجوزة طويلة أولها: قلت لزير لم تصله مريمه … هل تعرف الرّبع المحيل أرسمه عفت عوافيه وطال قدمه … بل بلد ملء الفجاج قتمه لا يشترى كتّانه وجهرمه … يجتاب ضحضاح التّراب أكمه كالحوت لا يرويه شيء يلهمه … يصبح ضمآن وفي البحر فمه قطّعت أمّا قاصدا تيمّمه … إلى ابن مجد لم يخرّق أدمه قوله: لزير، بكسر الزاي، الذي يكثر زيارة النساء وخلطتهن. قوله: بل بلد، أي بل رب بلد، فأضمر رب وخبريها. والبيت استشهد به ابن مالك على ذلك. والفجاج: الطرق. والقتم: الغبار. والكتان: هنا السبايب، وهي جمع سبيبة، شقة محتمان رقيقة. والجهرمية: بسط شعر، نسبة الى جهرم قرية بفارس، فالجهرم هنا جمع جهرمي أضيف الى الضمير. قال الفارسي: وأورده في الايضاح شاهدا على ذلك. وقال أبو حاتم والزيادي: الجهرم: البساط من الشعر، والجمع جهارم. قال شارع أبيات الايضاح: فلا شاهد فيه لما قال الفارسي على هذا، يجتاب يلبس. ¬

_ (¬1) ابن عقيل 1/ 245.

والضحضاح: ماء قريب القعر. ويلهمه: يبتلعه، من اللهام، فعال، من لهمت الشيء ألهمه، إذا ابتلعته. وقطعت: جواب رب. وأما: أي قصدا لم أتعرّض لغيره. وقاصدا: صفة أما. وتيممه: قصده، وهو مرفوع بقاصد، وأضافه الى الحوت مجازا، وهو يريد صاحبه. وابن مجد: هو السفاح أو المنصور. لم يخرق أدمه: أي لم يقدح في عرضه. وقوله: وفي البحر فمه: استشهد به ابن أم قاسم في شرح الألفية على أبيات الميم في أنعم، حالة الاضافة خلافا لمن أنكره. وقوله: قلت لزير لم تصله مريمه استشهد به البيضاوي في تفسيره على معنى مريم. 161 - وأنشد: وما هجرتك، لا بل زادني شغفا … هجر وبعد تراخى لا إلى الأجل الشغف: بفتح المعجمتين، مصدر شغفه الحب، إذا خرق، شغفان قلبه حتى وصل الى الفؤاد. والشغاف: حجاب القلب. وقيل: جلدة رقيقة يقال لها لسان القلب.

شواهد بيد

شواهد بيد 162 - وأنشد: ولا عيب فيهم غير أنّ سيوفهم … بهنّ فلول من قراع الكتائب (¬1) هو من قصيدة للنابغة الذيباني يمدح بها النعمان بن الحارث (¬2)، أوّلها: كليني لهمّ يا أميمة ناصب … وليل أقاسيه بطيء الكواكب تطاول حتّى قلت ليس بمنقض … وليس الّذي يرعى النّجوم بآيب ومنها: لهم شيمة لم يعطها الله غيرهم … من النّاس، والأحلام غير عوازب مجلّتهم ذات الإله، ودينهم … قويم، فما يرجون غير العواقب وبعد قوله ولا عيب ... البيت: تخيّرن من أزمان يوم حليمة … إلى اليوم قد جرّبن كلّ التّجارب ¬

_ (¬1) سيبويه 1/ 367، والخزانة 1/ 370 و 2/ 9، والكامل 48 و 300، والاغاني 11/ 15 و 17 (الثقافة). (¬2) في الخزانة 2/ 9 (وهذا البيت من قصيدة للنابغة الذبياني، مدح بها عمرو بن الحارث الأصغر ابن الحارث الاعرج ابن الحارث الاكبر، من ملوك الشام الغسانيين، وذلك لما هرب من النعمان بن المنذر اللخمي، من ملوك الحيرة. وليس الممدوح بها النعمان بن الحارث - كما وهم شارح شواهد المغني - لتصريح الممدوح بها في القصيدة). ولبيت هو: -

فهم يتساقون المنيّة بينهم … بأيديهم بيض رقاق المضارب ومنها: فلا يحسبون الخير لا شرّ بعده … ولا يحسبون الشّرّ ضربة لازب قوله: كليني: أي دعيني. وأميمة: اسم امرأة، وضبط في ديوانه بنصب التاء. وقال شارحه، ذكر أبو عمرو والفراء: أن العرب تقول يا أميم، ويا طلح، ثم يلحقون الهاء، فينصبون على نية القائها، وعلى ذلك أورده ابن أم قاسم في شرح الألفية مستشهدا به. وقال بعضهم: للناس في تخريج ذلك أقوال، أحدها أن الفتحة إعراب، ولم ينوّن لأنه غير منصرف. والثاني أنها بناء، لأن منهم من يبني المنادى المفرد على الفتح، كباب لا رجل، الثالث وعليه الأكثر أنه يرخم، أصله يا أميم، ثم أدخلت الهاء غير معتدّ بها، وفتحت لأنها وقعت موقع ما يستحق الفتح، وهو ما قبل تاء التأنيث، ولا شيء. على هنا قولان: أحدهما أن الهاء زائدة، ففتحت اتباعا لحركة الميم. والثاني أنها دخلت بين الميم وفتحها فالفتحة التي في الهاء هي فتحة الميم اتباعا لحركة الهاء (¬1) وناصب صفة لهم على حدّ: (شعر شاعر وعيشة راضية). وإنما الناصب صاحبه، والنصب: التعب. وحمله سيبويه على النسب أي ذي نصب. وأقاسيه: أكابده. وقوله: (وليل) بالجر، عطفا على لهمّ. وقوله: أقاسيه وبطئ الكواكب صفتان لليل. وقدّم الوصف بالجملة على الوصف بالمفرد. وإضافة بطئ لفظية لانها صفة مشبهة. ويراعي: يراقب. وآيب: راجع. قال شارحه: شبه طول الليل ومراعاته لكواكبه التي لا تبرح براعي إبل لا تريح إبله، ولا يرجع إلى أهله. والشيمة: الطبيعة. والعواذب: جمع عاذبة، وهي الغائبة. ومجلتهم: يروى بالجيم، وهو الكتاب، أي كتابهم كتاب الله. وبالحاء: أي محلهم ببيت الله، يريد بيت المقدس والشام. ويروى مخافتهم. والفلول: كسور في حدّ السيف، واحدها فل، ¬

_ - علىّ لعمرو نعمة بعد نعمة … لوالده ليست بذات عقارب وقال من القصيدة يمدح والد الممدوح: وللحارث الجفنيّ سيد قومه … ليلتمسن بالجمع أرض المحارب (¬1) وهذا قول أبي علي الفارسي، كما في الخزانة 1/ 370.

بالفتح. والقراع بالكسر، الضراب. والكتائب: جمع كتيبة، وهي الجيش. والبيت بين تأكيد المدح بالشبه الذم، ونظيره قول الآخر: ولا عيب فيه غير ما خوف قومه … على نفسه أن لا يطول بقاؤها وقول الآخر: ولا عيب فينا غير عرق لمعشر … كرام وإنّا لا نخطّ على النّمل قال أبو عمرو: اذا كان الرجل أمه أخته ثم خط على النملة، وهي قريحة تظهر في ظهر الكف، لم يلبث أن يجف، وهذا إنما يوجد في نكاح المجوس. فعرّض الشاعر برجل أخواله مجوس فقال لست أنا كأولئك. ومن ذلك أيضا قول العطائي: ولا عيب فيهم غير أنّ قدورهم … على المال أمثال السّنين الحواطم وقوله: (تخيرن ... البيت). أورده المصنف في شواهد (من) على وقوعها لابتداء الغاية في الزمان. وقيل التقدير: من مضي الأزمان. وأورده في الكتاب: (وتخيرن) بالبناء للمفعول. وحليمة: امرأة من غسان كانوا اذا أحسن الرجل منهم القتال طيبته حليمة. واليوم المذكور يوم أخذت الملك من الضجاعم (¬1). وذلك أن رجلا من غسان، يقال له جذع، أتاه الضجعمي يسأله الخراج، فأعطاه دينارا. فقال: هات آخر، وشدّد عليه، فدخل جذع منزله فأخذ سيفه فضرب عنق الضجعمي، ثم قاتلوهم فأخذوا الملك منهم. فيقال في المثل: خذ من جذع ما أعطاك. ويقال أيضا: ما يوم حليمة بسر. قال المبرّد في الكامل (¬2). ويقال إن الغبار يوم حليمة سدّ عين الشمس فظهرت الكواكب المتباعدة عن مطلع الشمس. قال: وأظن قول القائل من العرب (لأرينّك الكواكب ظهرا) أخذ من يوم حليمة. وكل التجارب: ¬

_ (¬1) (قوله يوم حليمة) هو اليوم الذي أخذ الملك من الضجاعم غير صحيح بل متباين هو ويوم حليمة، يعلم ذلك أهل العلم والتاريخ اه. محمد محمود الشنقيطي. قلت: انظر يوم حليمة: الخزانة 2/ 11 وثمار القلوب للثعالبي وأمثال الميداني. والعسكري في التصحيف، والكامل 653، وأورد البيت، والكنايات للجرجاني 105 ونهاية الارب 3/ 51 (¬2) الكامل 653

نصب على المصدر. والبيض: السيوف. والمضارب: الأطراف. واللازب: اللازم. 163 - وأنشد: عمدا فعلت ذاك بيد أنّي … أخاف إن هلكت أن ترنّي (¬1) أنشده يوسف بن السيرافي في شرح أبيات إصلاح المنطق بلفظ: أخال إن هلكت لم ترنّي ولم يسم قائله. وقال: إخال أظن، بكسر الهمزة وفتحها. وترني: من الرنين، وهو الصوت. يقال: أرن يرنّ إرنانا، إذا صوّت. والارنان: صوت مع توجع، إنما أظن أني إن هلكت لم تبك عليّ ولم تنوحي. يزعم أنها تبغضه انتهى. وقال التبريزي في شرحه: عمدا أي تعمدا، وبيد بمعنى غير. وإخال: أحسب. وترني: من الرنين وهو الصوت بالبكاء. قال: والبيت أنشده الاصمعي، انتهى. وأنشده الجوهري في الصحاح شاهدا على أنه يقال أرنت بمعنى صاحت. ¬

_ (¬1) اللسان (رنن) برواية (لم ترني)، وهو أيضا في الصحاح للجوهري (لا ترني).

شواهد بله

شواهد بله 164 - وأنشد: تذر الجماجم ضاحيا هاماتها … بله الأكفّ كأنّها لم تخلق هو لكعب بن مالك الصحابي رضي الله عنه من قصيدة قالها في يوم الخندق. وأوّلها (¬1): من سرّه ضرب يمعمع بعضه … بعضا كمعمعة الأباء المحرق فليأت مأسدة تسنّ سيوفها … بين المذاد وبين جزع الخندق دربوا بضرب المعلنين وأسلموا … مهجات أنفسهم لربّ المشرق في عصبة نصر الإله نبيّه … بهم وكان بعبده ذا مرفق في كلّ سابغة تخطّ فضولها … كالنهى هبّت ريحه المترقرق بيضاء محكمة كأنّ قتيرها … حدق الجنادب ذات سكّ مولق جدلاء يحفزها نجاد مهنّد … صافي الحديدة صارم ذي رونق تلكم مع التّقوى تكون لباسها … يوم الهياج وكلّ ساعة مصدق ¬

_ (¬1) انظر سيرة ابن هشام 705 - 706 والاغاني 16/ 163 (الثقافة) والبكري 482 و 668 ومعجم البلدان والكامل 678 وفي جميع هذه المراجع برواية (ضرب يرعبل).

نصل السّيوف إذا قصرن بخطونا … قدما، ونلحقها إذا لم تلحق فترى الجماجم ضاحيا هاماتها … بله الأكفّ كأنّها لم تخلق نلقى العدوّ بفخمة ملمومة … تنفي الجموع كقصد رأس المشرق ويعدّ للأعداء كلّ مقلّص … ورد ومحجول القوائم أبلق تردى بفرسان كأنّ كماتهم … عند الهياج أسود طلّ ملثق صدق يعاطون الكماة حتوفهم … تحت العماية بالوشيج المزهق أمر الإله بربطها لعدوّه … في الحرب إنّ الله خير موفّق ليكون غيظا للعدوّ وحيطا … للدّار إن دلفت خيول البرق ويعيننا الله العزيز بقوّة … منه وصدق الصّبّ ساعة نلتقي ونطيع أمر نبيّنا ونجيبه … وإذا دعا لكريهة لم يسبق ومتى ينادي للشّدائد نأتها … ومتى يرى الحومات فيها يعبق من يتّبع قول النّبيّ فإنّه … فينا مطاع الأمر حقّ مصدّق فبذاك ينصرنا ويظهر عزّنا … ويصيبنا من نيل ذاك بمرفق إنّ الّذين يكذّبون محمّدا … كفروا وضلّوا عن سبيل المتّقي أخرج ابن عساكر عن يزيد بن عياض بن جعدبة (¬1): أنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلم لما قدم المدينة، تناولته قريش بالهجاء، فقال لعبد الله بن رواحة: ردّعنّي. ¬

_ (¬1) الخبر في طبقات ابن سلام 180 - 181

فذهب في قديمهم وأوّلهم، ولم يصنع في الهجاء شيأ. فأمر كعب بن مالك فقال (¬1): نصل السّيوف إذا قصرن بخطونا … قدما، ونلحقها إذا لم تلحق ولم يصنع في الهجاء شيأ. فدعا حسّان فقال: اهجهم، وائت أبا بكر يخبرك بمعايب القوم. فأخرج حسان لسانه حتى ضرب به على صدره، وقال: والله يا رسول الله، ما أحب أن لي به مقولا في العرب، فصب على قريش منه شآبيب شرّ. فقال رسول الله: اهجهم، كأنك تنضحهم بالنبل. قال في الصحاح: المعمعة صوت الحريق في القصب ونحوه، وصوت الابطال في الحرب، وأنشد (من سرّه ... البيت). وأرض مأسدة: ذات أسد. المذاد، باعجام الذال الأولى، وإهمال الثانية، أطم بالمدينة. والجزع، بكسر الجيم، منعطف الوادي. والمرفق من الأمر: ما ارتفقت به وانتفعت. والسابغة: الدرع الواسعة. والمترقرق: اللامع. والقتير: رؤس المسامير في الدروع. والجنادب: جمع جندب، وهو ضرب من الجراد. والجدلاء من الدروع: المنسوجة. والنجاد: بكسر النون، حمائل السيف. والمهند: السيف المطبوع من حديد الهند. ويوم الهياج: يوم القتال. ومصدق: بالفتح، صادق الحلة. ومعنى قدما، بضمتين: تقدم. ولم يعرج: ولم ينثن. والجماجم: جمع جمجمة، وهي اما القبيلة التي تجمع البطون، وإما عظم الرأس المشتمل على الدماغ. وضاحيا: بارزا ظاهرا. والهامات: الرؤس، جمع هامة. قال الدمامينيّ: والمعنى على رواية الرفع، أن تلك السيوف تترك قبائل العرب الكبيرة بارزة الرؤس للأبطال، كأنها لم تخلق في محالها من تلك الأجسام، أو تترك تلك العظام المستورة مكشوفة ظاهرة، فكيف الأكف، أي إذا كانت حالة الرؤس هذه مع عزة الوصول إليها، فكيف حالة الأيدي التي توصل إليها ¬

_ (¬1) البيت في ابن سلام 181 والاغاني 16/ 171 (الثقافة) وابن هشام 705 - 706، والكامل 101، والبيان والتبيين 3/ 19 والخزانة 3/ 22. ونسبه ابن قتيبة في الشعراء 279 الى ربيعة بن مقروم، وقال: (أخذه من قيس بن الخطيم، أو أخذه قيس منه. قال قيس: إذا قصرت أسيافنا كان وصلها … خطانا إلى أعدائنا فنضارب) قلت: وهذا خطأ فإن البيت لكعب بن مالك وليس لابن مقروم.

فائدة: [كعب بن مالك]

بسهولة. وعلى رواية النصب: أنها تترك الجماجم على تلك الحالة، دع الأكف، فإن أمرها أيسر وأسهل. وعلى رواية الجرّ: أنها تترك الجماجم ترك الأكف منفصلة عن محالها، كأنها لم تخلق متصلة بها. وملمومة: الكتيبة التي كثر عددها واجتمع فيها المقنب الى المقنب. وفرس مقلّص، بكسر اللام: مشرف مشمر، طويل القوائم. وفرس ورد، بفتح الواو، ما بين الكميت والأشقر. والملثق: بمثلثة، البلل. ويعبق: يلذق. فائدة: [كعب بن مالك] كعب بن مالك بن أبي كعب بن القين بن كعب بن سواد بن غنم بن كعب بن سلمة الأنصاري، شاعر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، يكنى أبا عبد الرحمن. وقيل: أبو عبد الله، شهد العقبة مع السبعين من الأنصار، ولم يشهد بدرا وشهد أحدا، وجرح بها بضعة عشر جرحا، والخندق والمشاهد كلها مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم، ما خلا تبوك فإنه أحد الثلاثة الذين تخلفوا من غير عذر ولم يعتذروا ويستغفر لهم، كما فعل غيرهم. فأرجأ أمرهم خمسين يوما وليلة، ونهى الناس عن كلامهم حتى نزلت توبتهم في قوله: (وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا .. الآية). وكان قد ذهب بصره ومات سنة خمسين وهو ابن أربع وسبعين سنة. أخرج ابن سعد عن محمد بن سيرين، أن النبي صلّى الله عليه وسلّم أتى كعب ابن مالك على جمل فقال: أين هو؟ فجاء فقال: هيه، فأنشده، فقال: لهو أشدّ عليهم من وقع النبل. وأخرج أبو الفرج في الأغاني عن عبد الأعلى القرشي قال (¬1): قال معاوية لجلسائه: أخبروني بأشجع قول وصف به رجل قومه؟ فقال روح بن زنباع: قول كعب بن مالك: نصل السّيوف إذا قصرن بخطونا … قدما، ونلحقها إذا لم تلحق فقال معاوية رضي الله عنه: صدقت. ¬

_ (¬1) الاغاني 16/ 171 (الثقافة).

حرف التاء

حرف التاء 165 - أنشد: إلى ملك، ما أمّه من محارب، … أبوه، ولا كانت كليب تصاهره (¬1) هو من قصيدة للفرزدق يمدح بها الوليد بن عبد الملك وقبله وهو أولها: رأوني فنادوني أسوق مطيّتي … بأصوات هلّاك سغاب حرائره وبعده: ولكن أبوها من رواحة ترتقي … بأيّامه قيس على من تفاخره فقالوا: أغثنا إن بلغت بدعوة … لنا عند خير النّاس إنّك زائره فقلت لهم: إن يبلغ الله ناقتي … وإيّاي أثني بالّذي أنا خابره أغث مضرا إنّ السّنين تتابعت … علينا بحزّ يكسر العظم جابره قوله: الى ملك، متعلق بقوله أسوق، وأراد به الوليد، وأبوه مبتدأ وخبره جملة (ما أمه من محارب). وقال البعليّ: أبوه مبتدأ وأمه مبتدأ ثان، ومن محارب خبره، والجملة خبر الأول. والتقدير: ما أم أبيه من محارب. وقد استشهد ابن عقيل بالبيت على جواز تقدم الخبر على المبتدأ إذا كان جملة. ومحارب: اسم قبيلة. ¬

_ (¬1) ديوانه 312، والاغاني 21/ 333 (الثقافة) وطبقات ابن سلام 310، وابن عقيل 1/ 107

حرف الثاء

حرف الثاء شواهد ثم 166 - وأنشد: أراني إذا أصبحت أصبحت ذا هوى … فثمّ إذا أمسيت أمسيت غاديا تقدم شرحه في شواهد إذا (¬1). 167 - وأنشد: كهزّ الرّدينيّ تحت العجاج … جرى في الأنابيب ثمّ اضطرب (¬2) هذا من قصيدة لأبي دؤاد، جارية بن الحجاج الايادي، يصف فيها الفرس، وقبله: وهاد تقدّم لا عيب في … هـ كالجزع شذّب عنه الكرب إذا قيد قحّم من قاده … وولّت علابيّه واجلعب (¬3) كهزّ الرّدينيّ تحت العجاج … جرى في الأنابيب ثمّ اضطرب وأول القصيدة: وقد أغتدي في بياض الصّباح … وأعجاز ليل مولّى الذّنب ¬

_ (¬1) انظر ص 282 و 284، والبيت في ديوان زهير 285، والخزانة 3/ 588. (¬2) من بائيته، وهو مع القصيدة في ديوان حميد بن ثور 42 - 46. وفيه: (بين الأكف). (¬3) في ديوان حميد 43: (وبانت علايبه ...).

فائدة: [أبو دؤاد جارية]

بطرف ينازعني مرسنا … سلوف المقادة محض النّسب أعجاز الليل: أواخره. والذنب أيضا آخره. وطرف: بكسر الطاء وسكون الراء المهملتين: وفاء الفرس الكريم. والمرسن: بفتح الميم وسكون الراء وكسر السين، الأنف. وإنما قال: ينازعني مرسنا، لأن الحبل ونحوه يقع على مرسنه. وسلوف المقادة: متقدم، طويل العنق. ومحض النسب: خالصه، لم تعارف الهجنة. والرديني: الرمح، نسبة الى امرأة تسمى ردينة، كانت وزوجها سمهر يقوّمان القنا بخط هجر. والعجاج: الغبار. والأنابيب: جمع انبوبة، وهي ما بين كل عقدتين من القصب. قال ابن قتيبة: يقول إذا هززت الرمح جرت تلك الهزة فيه حتى يضطرب كله، فكذلك هذا الفرس، ليس فيه عضو إلا وهو يعين مايليه، ولم يرد الاضطراب ولا الرعدة. فائدة: [أبو دؤاد جارية] أبو دؤاد جارية، ويقال: جويرية بن الحجاج بن يحمر بن عصام بن منبه بن حذاقة (¬1) بن زهر بن اياد بن نزار بن معدّ، شاعر قديم من شعراء الجاهلية، وكان وصافا للخيل، وأكثر أشعاره في وصفها. وأخرج أبو الفرج في الاغاني عن الاصمعي قال (¬2): ثلاثة كانوا يصفون الخيل لا يقاربهم أحد: طفيل، وأبو دؤاد، والجعديّ. فأما أبو دؤاد، فإنه كان على خيل المنذر بن النعمان بن المنذر، وأما طفيل فإنه كان يركبها، وأما الجعديّ فإنه سمع من الشعراء فأخذ عنهم. وأخرج عن أبى عبيدة قال: أبو دؤاد أوصف الناس للفرس في الجاهلية والاسلام، وبعده طفيل الغنوي والنابغة الجعديّ. وأخرج عن يحيى بن سعيد قال: كانت إياد تفتخر على العرب، تقول: منا أجود الناس كعب بن مامة، ومنا أشعر الناس أبو دؤاد، ومنا أنكح الناس ابن الغز. ¬

_ (¬1) لعلها (حذاق) وهي قبيلة من إياد. (¬2) 15/ 91 - 96، وانظر الشعراء 190.

وأخرج عن أبي عبيدة قال (¬1): سئل الحطيئة من أشعر الناس؟ قال الذي يقول (¬2): لا أعدّ الإقتار عدما ولكن … فقد من قد رزئته الإعدام وهو لأبي دؤاد الأيادي. قالوا: ثم من؟ قال: عبيد بن الأبرص. قالوا: ثم من؟ قال: كفاكم والله بي، إذا أخذتني رغبة أو رهبة، ثم عويت في أثر القوافي عواء الفصيل في أثر أمّه. ¬

_ (¬1) الشعراء 190 (¬2) هو البيت رقم 15 من الأصمعية رقم 65، وهو في الشعراء 190، والأغاني 15/ 17 و 24 و 94، والخزانة 4/ 190.

حرف الجيم

حرف الجيم شواهد جير 167 - وأنشد: أجل جير إن كانت رواء أسافله (¬1) هو لطفيل بن عوف الغنوي. وصدره: وقلن ألا البرديّ أوّل مشرب … تحاثثن واستعملن كلّ مواشك بلومته لم يعد أن شقّ بازله وأوّل القصيدة: صحا قلبه وأقصر اليوم باطله … وأنكره ممّا استعاذ حلائله البرذيّ، بالفتح، نبات معروف (¬2). والرواء: بالفتح والمد، الماء العذب، فإذا كسرت راؤه قصر، فيقال: ماء روي. ويقال هو الذي فيه للواردة ري. وقوم رواء من الماء، بالكسر والمد. والبيت استشهد به على التأكيد اللفظي بالمرداف، فإن أجل وجير بمعنى. ¬

_ (¬1) البكري 241 وقال: (اهتدمه كعب بن زهير، فقال: وقد قلن بالبردي أول مشرب … أجل جير إن كان سقته بوارقه) (¬2) في البكري: (غدير لبني كلاب). وانظر الخزانة 4/ 235.

فائدة: [طفيل بن عوف]

فائدة: للمضرّس بن ربعي بيت يشبه هذا، وهو: تحلّ من ذات التّنانير أهلها … وقلّص عن نهي الدّفينة حاضرة وقلن على الفردوس أوّل مشرب … أجل جير إن كانت أبيحت دعاثره ذات التنانير: عقبة بحذاء زباله (¬1). وقلص: ارتفع. والنهى: بكسر النون وسكون الهاء، والدفينة: موضع. وحاضره: المقيم به. والفردوس: روضة باليمامة. ودعاثره: جمع دعثور، وهو الحوض المتثلم، وضميره للفردوس. فائدة: [طفيل بن عوف] طفيل بن عوف بن كعب بن خلف بن ضبيس من بني غنى بن أعصر بن سعد بن قيس بن عيلان. قال الأصمعي: كان أحد نعات الخيل، وكان أكبر من النابغة. وكان ليس في قيس فحل أقدم من طفيل. وكان معاوية يقول: خلوا لي طفيلا، وقولوا ما شئتم في غيره من الشعراء. وكان يسمى طفيل الخيل لكثرة وصفه اياها، والمخبر لحسن وصفه لها. 168 - وأنشد: إذا تقول: لا، ابنة العجير … تصدق، لا إذا تقول جير 169 - وأنشد: وقائلة: أسيت، فقلت: جير … واسيّ إنّني من ذاك إنّه (¬2) أسيت: أي حزنت، من الأسى، بالقصر، الحزن. ¬

_ (¬1) في البكري 320: (أرض بين الكوفة وبلاد غطفان). (¬2) في الخزانة 4/ 238، وينسب لذي الرمة، وليس في ديوانه.

شواهد جلل

شواهد جلل 170 - وأنشد: قومي هم قتلوا، أميم، أخي … وإذا رميت يصيبني سهمي فلئن عفوت لأعفون جللا … ولئن سطوت لأوهنن عظمي هذا من قصيدة للحارث بن وعلة بن الحارث بن ذهل بن شيبان الذهلي (¬1) أولها: لمن الدّيار بجانب الرّضم … فمدافع الترتاع فالرّخم ومنها: (¬2) لا تأمنن قوما ظلمتهم … وبدأتهم بالشّتم والرّغم أن يأبروا نخلا لغيرهم … والشّيء تحقره وقد ينمي وزعمتم أن لا حلوم لنا … إنّ العصا قرعت لذي الحلم يقول: قومي هم الذين فجعوني بأخي، فإذا رمت الانتصار منهم عاد ذلك بالنكاية في نفسي، لأن عزّ الرجل بعشيرته، فإن تركت طلب الانتقام صفحت عن أمر عظيم، وإذا انتقمت منهم أوهنت عظمي. والسطو: الأخذ بعنف. والجلل من الأضداد يكون للحقير وللعظيم، وهو المراد هنا. وفي كل من المصراعين (يمين) ¬

_ (¬1) الامالي 1/ 262، واللآلي 305 و 584، والحماسة 1/ 199 (¬2) أنظر نسبه في الاغاني 19/ 139 واللآلي 585.

مقدرة. واللام في الموضعين موطئة للقسم. وأخي: مفعول قتلوا. وأميم: منادى حذف منه حرف النداء، وهو مرخم أميمة، على لغة الانتظار. والرّضم: (بفتح أوله، واسكان ثانيه: موضع في ديار بني تميم باليمامة) (¬1) والرغم: مصدر رغمت فلانا، إذا قلت له رغما، أو فعلت به ما يرغم أنفه ويذله. وموضع (ان يأبروا) نصب بدل من قوما، أي لا تأمنن أبرقوم ظلمتهم نخلا لغيرهم. والابر: الالقاح. قال أبو العلاء: اختلف في معنى هذا البيت فقيل أراد أنه يفارقهم ويهبط هو وقومه أرضا ذات نخل فيأبرونه، فكأنه يتهدّدهم بترحله عنهم، لأن ذلك يؤديهم الى الذل، واستدلوا على هذا الوجه بقوله في القصيدة: قوّض خيامك والتمس بلدا … ينأى عن الغاشيك بالظّلم وقيل: أراد أنه يحاربهم فيصلحهم لغيره، كالنخل التي قد أبرت، إذ كان عدوّه ينال غرضه منهم إذا أعانه عليهم. وقيل: بل أراد أنه يسبي نسائهم فتوطأ فيكون ذلك كالأبار الذي هو تلقيح النخل. قال التبريزي (¬2): وهذا الوجه أشبه بمذهب العرب مما تقدم، لأنهم يكنون عن المرأة بالنخلة كما قال: ألا يا نخلة من ذات عرق (¬3) قوله: (وزعمتم ... البيت) يقول: إن كان الأمر على ما زعمتم منا أنه لا حلوم لنا فنبهونا أنتم، فإن عامر بن الظرب كانت تقرع له العصا فيتنبه لما كان يزيغ في الحكم لكبر سنه. وهذا تهكم منه (¬4). 171 - وأنشد: ألا كلّ شيء سواه جلل ¬

_ (¬1) مزيدة من البكري 655. (¬2) 1/ 201 (¬3) صدر بيت وعجزه: (عليك ورحمة الله السّلام)، وانظر التبريزي (¬4) انظر التبريزي 1/ 201 - 204

هو لامرئ القيس بن حجر، وصدره: بقتل بني أسد ربّهم (¬1) 172 - وأنشد: رسم دار وقفت في طلله … كدت أقضي الحياة من جلله (¬2) هو مطلع مقطوعة لجميل، وبعده: موحشا ما ترى به أحدا … تنسج الرّيح ترب معتدله وصريعا من الثّمام ترى … عارمات المدبّ في أسله بين علياء وابش وبليّ … فالغميم الّذي إلى جبله (¬3) واقفا في رباع أمّ حسين … من ضحى يومه إلى أصله (¬4) يا خليليّ إنّ أمّ حسين … حين يدنى الضّجيع من غلله روضة ذات حنوة أتف (¬5) … جاد فيها الرّبيع من سبله ¬

_ (¬1) القصيدة في ديوانه 261، وهي: عجبت لبرق بليل أهل … يضيء سناه بأعلى الجبل أتاني حديث فكذّبته … وأمر تزعزع منه القلل لقتل بني أسد ربّها … ألا كل شيء سواه جلل فأين ربيعة عن ربّهم … وأين السّكون وأين الخول ألا يحضرون لدى بابه … كما يحضرون اذا ما أكل (¬2) الامالي 1/ 246 واللآلي 557، والاغاني 7/ 74 والخزانة 4/ 199 وسيأتي ص 403 الشاهد رقم 203 (¬3) وابش: واد، وجبل بين وادي القرى والشام. وبلي: تل قصير أسفل ماذة بينها وبين ذات عرق. والفميم: موضع بالحجاز. (¬4) في الاغاني: (في ديار أم جسير) وفي اللآلي (أم جبير). وأم حسير أخت بثينة صاحبة جميل. (¬5) كذا في الاصل. وفي الاغاني: (حنوة وخزامى).

بينما هنّ بالأراك معا … إذ أتى راكب على جمله فتأطّرن ثمّ قلن لها … أكرميه حيّيت في نزله فظللنا بنعمة فاتّكأنا … وشربنا الحلال من قلله قد أصون الحديث دون أخ (¬1) … لا أخاف الأذاة من قبله وخليل صافيت مرتضيا (¬2) … وخليل فارقت من ملله غير بغض له ولا ملق (¬3) … غير أنّي ألحت من وجله قوله: (رسم دار) استشهد به ابن مالك على انه قد يجرّ برب مضمرة من غير شيء يتقدمها، من واو وغيرها. ورسم الدار: ما كان لاصقا بالأرض من آثار الدار، كالرماد ونحوه. والطلل: ما شخص من آثار الدار، مثل الوتد والاناآء. في قوله: (كدت أقضي الحياة) رواه الأصمعي بلفظ: أقضي الغداة. ومن جلله: قيل من أجله. وقيل من عظمه في عيني؛ وهو محل الاستشهاد هنا. والترب: بالضم، التراب. وتنسج: يروى بدله: تمسح. يقال: مسحته الريح، غيرته. ومعتدله: ما استوى منه. والثمام: بضم المثلثة، نبت ضعيف له خوص. وعارمات: بالعين والراء والميم، كذا رأيته في ديوان جميل، وضبطه العيني في الكبرى بالزاي والفاء، وقال: من عزف الرياح، وهو أصواتها. والمدب: مجرى السيل. والأسل: بفتح الهمزة والسين المهملة، شجر. ويقال: كل شوك طويل فشوكة أسل. والأصل: بضمتين، جميل أصيل، وهو الوقت بعد العصر. وغلله: بفتح. قال العيني: الغين المعجمة واللام: الماء بين الأشجار. وذات حوّة: كذا في ديوانه، وضبطه ¬

_ (¬1) في الاغاني: (دون خليل). (¬2) في الاغاني: (صاقبت) أي قاربت. وهذا البيت متأخر بالترتيب على البيت الذي يليه. (¬3) في الاغاني برواية: غير ما بغضة ولا لاجتناب.

العيني حنوة، بفتح المهملة، والموحدة: المطر. قوله: (بينما هن) كذا في ديوانه. ورأيته بخط العيني: بينما نحن. وقد أورده كذلك المصنف في (ما) شاهدا على اتصال (ما) ب (بين). والأراك: بفتح الهمزة، شجر. قوله: فاتكأنا، قال ابن قتيبة: أي طعمنا من قوله تعالى: (وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً)، أي طعاما. والقلل: جمع قلة. والحث: حاذرت وأشفقت.

حرف الحاء

حرف الحاء شواهد حاشا 173 - وأنشد: رأيت النّاس ما حاشا قريشا … فإنّا نحن أفضلهم فعالا (¬1) هو من قصيدة للأخطل، ورأى من الرأي، فلهذا اكتفت بمفعول واحد. والفاء في فإنّا على توهم دخول أما في أول الكلام. ويروى: (فأما الناس)، وفي البيت ادخال (ما) على (حاشا). وفعالا بفتح الفاء، تمييز، أي لفضلهم كرما. 174 - أنشد: ولا أرى فاعلا في النّاس يشبهه … ولا أحاشي من الأقوام من أحد هذا من قصيدة للنابغة الذبياني، تقدمت في أن الخفيفة المكسورة (¬2). 175 وأنشد: حاشا أبا ثوبان إنّ به … ضنّا على الملحاة والشّتم (¬3) هو من قصيدة للجميح، واسمه المنقذ بن الطمّاح الأسدي، جاهلي من الفرسان المعدودين (¬4)، وهو الذي أغار على إبل المنذر بن ماء السماء، والبيت وقع فيه ¬

_ (¬1) الخزانة 2/ 36، وابن عقيل 1/ 220، والعيني 3/ 136 (¬2) انظر ص 74، وهو في الخزانة 2/ 44 (¬3) من المفضلية 109، والاصمعية 80. (¬4) معجم الشعراء 329

تركيب صدر بيت على عجز آخر كما ستراه، وأول القصيدة: يا جار نضلة قد أنى لك أن … تسعى لجارك في بني هدم (¬1) متنظّمين جوار نضلة يا … شاه الوجوه لذلك النّظم وبنو رواحة ينظرون إذا … نظر النّديّ بآنف خثم حاشا أبا ثوبان إنّ أبا … ثوبان ليس ببكمة فدم عمرو بن عبد الله إنّ به … ضنّا على الملحاة والشّتم (¬2) يروى قوله: حاشا أبا ثوبان، وأبى ثوبان، بالنصب والجر، فحاشا: فعل على الأوّل، وحرف على الثاني. والبكمة: بضم الموحدة وسكون الكاف، من البكم، وهو الخرس. والفدم: بفتح الفاء وسكون الدال المهملة، العيى الثقيل. والضنّ: بكسر المعجمة، البخل. والملحات: بفتح الميم، مصدر ميمي، كالملاحات، وهي المنازعة. ونضلة أراد به نضلة بن الأشتر، وكان جارا لبني فقعس فقتلوه، فقال هذه القصيدة في ذلك. وأنى حال. ومتنظمين: من النظم، وهو نظمهم أيديهم بالرمح. والمعنى ههنا: في سلك واحدهم معه. وقوله: (يا شاه الوجوه) أي يا هؤلاء، شاهت الوجوه لنظمهم، أي قبحت. والندى: بفتح النون وكسر الدال وتشديد الياء، مجلس القوم ومتحدثهم. وآنف: بالمد وضم النون، جمع أنف. وخثم: بضم الخاء المعجمة وسكون المثلثة، جمع أخثم، من الخثم، بفتحتين وهو عرض في الأنف. ¬

_ (¬1) في المفضليات 366، والاصمعيات 29: (بجارك). (¬2) في الاصمعيات والمفضليات: (عن الملحاة ...). وبعده: لا تسقني إن لم أزر سمرا … غطفان موكب جحفل دهم لجب إذا ايتدّوا قنابله … كنشاص يوم المرزم السّجم مجر يغصّ به الفضاء، له … سلف يمور عجاجه، فخم ينعون نضلة بالرّماح على … جرد تكدّس مشية المعصم من كلّ مشترف ومدمجة … كالكرّ من كمت ومن دهم حتى أجازي بالذي اجترمت … عبس بأسواء ذلك الجرم يا نضل للضيف الغريب ولل … جار المضيم وحامل الغرم أو من لأشعث بعل أرملة … مثل البليّة سملة الهدم

شواهد حتى

شواهد حتى 176 - وأنشد: أتت حتّاك تقصد كلّ فجّ … ترجّى منك أنها لا تخيب الفج: الطريق الواسع بين جبلين، أو الواسع مطلقا. وفي البيت شاهدان على خبر حتى المضمر، وعلى مجيء اسم ان المخففة ضميرا مذكورا لا محذوفا. 177 - وأنشد: عيّنت ليلة فما زلت حتّى … نصفها راجيا فعدت يؤوسا قبله: إنّ سلمى من بعد يأسي همّت … بوصال لو صحّ لم يبق بؤسا البؤس: بضم الموحدة، الشدة. وضمير عينت راجع إلى سلمى. وليلة مفعول به لا ظرف. وقوله: حتى نصفها، استدل به ابن مالك على أنه لا يشترط في مجرور حتى كونه آخر الجزء. ويؤوسا: حال من ضمير، فعدت من اليأس، وهو القنوط، خلاف الرجاء. 178 - وأنشد: ألقى الصّحيفة كي يخفّف رحله … والزّاد حتّى نعله ألقاها (¬1) قال شارح أبيات الجمل: هذا للملتمس، جرير بن عبد المسيح الضبعي. قال: ¬

_ (¬1) سيبويه 1/ 50، والخزانة 1/ 445، وشرح شواهد القطر رقم 141.

وصحيفة المتلمس وصفتها معروفة وبعد هذا البيت: ومضى يظنّ بريد عمرو خلفه … خوفا، وفارق أرضه وقلاها والبريد: الرسول. وعمرو: هو ابن هند اللخمي ملك الحيرة. وقلاها: أبغضها. وقال المصنف: هذا البيت ينسب للمتلمس ولأبى مروان النحوي. قال في قصة المتلمس نقله الفارسي عن أبي الحسن عن عيسى بن عمرو (¬1): كان المتلمس وطرفة بن العبد هجوا عمرو بن هند، فبلغه ذلك، فلم يظهر لهما شيأ، ثم مدحاه فكتب لكل منهما كتابا الى عامله بالحيرة، وأوهم أنه كتب لهما فيه بصلة. فلما وصلا الحيرة، قال المتلمس لطرفة: إنا هجوناه، ولعله اطلع على ذلك، ولو أراد أن يصلنا لأعطانا؟ فهلمّ ندفع الكتابين الى من يقرؤهما، فإن كان خيرا والا ندرنا. فامتنع طرفة، ونظر المتلمس إلى غلام قد خرج من المكتب فقال: أتحسن القراءة؟ قال: نعم. فأعطاه الكتاب ففتحه، فإذا فيه قتله. ففرّ المتلمس الى الشام وهجا عمروا هجاء قذعا. وأتى طرفة الى عامل الحيرة بالكتاب فقتله. ويروى الصحيفة الخشبية، وهو ما يركب عليه الراكب. والحقيبة: وهو الخرج يحمل فيه الرجل متاعه. والرحل للناقة كالسرج للفرس، والبردعة للحمار. ويروى: نعله بالرفع والنصب والجر. فالرفع على الابتداء، وألقاها الخبر، وحتى حرف ابتداء. والجر على انها حرف جر. والنصب على الاشتغال، فحتى ابتدائية أو العطف على فهي عاطفة، وضمير ألقاها على الرفع للنعل. وعلى النصب والجر، أما للنعل أو للصحيفة. وألقاها على الثاني توكيدا لألقى في أوّل البيت. 179 - وأنشد: سقى الحيا الأرض حتّى أمكن عزيت … لهم فلا زال عنها الخير مجدودا الحيا: بالقصر، المطر. وعزيت: بالبناء للمفعول، نسبت. قال الدمامينيّ: ومجدودا: بجيم ودالين مهملتين أو معجمتين، مقطوعا. قال: ولا أعلم الرواية في ¬

_ (¬1) انظر ص 294 - 295.

البيت، هل بالاهمال أو بالاعجام؟ قال: وقرينة الدعاء عليه عليها يقتضي عدم دخولها في الأرض المدعوّ لها بالسقيا. 180 - وأنشد: ليس العطاء من الفضول سماحة … حتّى تجود وما لديك قليل (¬1) هذا آخر ثلاثة أبيات للمقنّع الكندي، واسمه محمد بن صفر بن عمير (¬2) بن أبي شمر بن فرغان بن قيس بن الأسود بن عبد الله بن الحارث، وقبله: ذهب الشّباب فأين تذهب بعده … نزل المشيب وحان منك رحيل (¬3) كان الشّباب خفيفة أيّامه … والشّيب محمله عليك ثقيل الفضول: جمع فضل، وهو الزيادة في المال وما لا يحتاج إليه منه، والسماحة. قوله: وما لديك قليل، قال التبريزي: يجوز كون (ما) موصولة، وكونها نافية، والمعنى على النفي: حتى تجود بكل شيء لك فلا يبقى قليلك أيضا. قال في الاغاني (¬4): كان المقنع أجمل الناس وجها، وكان اذا أسفر اللثام عن وجهه أصابته العين فمرض فكان لا يمشي الا متقنعا فلذا قيل له المقنع. وهو شاعر مقل من شعراء الدولة الأموية، وكان له محل كبير وشرف وسؤدد في كنده. 181 - وأنشد: والله لا يذهب شيخي باطلا (¬5) ¬

_ (¬1) الحماسة 4/ 254 (¬2) في الاغاني 15/ 151 (محمد بن ظفر بن عمير) وفي الشعراء 715: (محمد بن عمير) وفي اللآلي 651: (محمد بن عميرة). (¬3) في الحماسة برواية: نزل المشيب فأين تذهب بعده … وقد ارعويت وحان منك رحيل (¬4) 17/ 60 (الثقافة) باختلاف اللفظ. وانظر الشعراء واللآلي. (¬5) ديوانه 134 وانظر فيه ص 418 والاغاني 9/ 87 (الثقافة): (تالله) ومع تقديم وتأخير.

حتّى أبير مالكا وكاهلا هذا صدر أبيات قالها امرؤ القيس بن حجر حين بلغه ان بني أسد قتلت أباه، وبعده: القاتلين الملك الحلاحلا … خير معدّ حسبا ونائلا وخيرهم قد علموا فواضلا … يا لهف هند إذ خطئن كاهلا نحن جلبنا القرّح القوافلا … يحملننا والأسل النّواهلا مستفرمات بالحصى جوافلا … تستثفر الأواخر الأوائلا قوله: شيخي: يعني أباه. وأبير: أهلك. ومالك وكاهل: قبيلتان. والحلاحل: السيد. وحسبا: شرفا. ونائلا: عطاء. وهند: أخت امرئ القيس. والقرّح: الخيل المسنة. والقوافل: الضامرة. والأسل: الرماح. والنواهل: العطاش. ومستفرمات: تضرب فروجها بالحصى من شدّة المسير وسرعته. وجوافل: سريعة: وتستثفر: تضرب بالحصى أثفارها. 182 - وأنشد: قهرناكم حتّى الكماة، فأنتم … تهابوننا حتّى بنينا الأصاغرا الكماة: جمع كمي، وهو الشجاع. قال الجوهري: كأنهم جمعوا كاميا، مثل قاض وقضاة، وهو غاية لما قبله في القوّة. والأصاغر: غاية لما قبله في الضعف.

183 - وأنشد: سريت بهم حتّى تكلّ مطيّهم … وحتّى الجياد ما يقدن بأرسان (¬1) هذا من قصيدة لامرئ القيس بن حجر الكندي، وأوّلها (¬2): قفا نبك من ذكرى حبيب وعرفان … ورسم عفت آياته منذ أزمان أتت حجج بعدي عليها فأصبحت … كخطّ زبور في مصاحف رهبان ذكرت بها الحيّ الجميع فهيّجت … عقابيل سقم من ضمير وأشجان فسحّت دموعي في الرّداء كأنّها … كلى من شعيب ذات سحّ وتهتان إذا المرء لم يخزن عليه لسانه … فليس على شيء سواه بخزّان فإمّا تريني في رحالة جابر … على حرج كالقرّ تخفق أكفاني فيا ربّ مكروب كررت وراءه … وعان فككت الحبل عنه ففدّاني (¬3) وفتيان صدق قد بعثت بسحرة … فقاموا جميعا بين عاث وسكران (¬4) وخرق بعيد قد قطعت نياطه … على ذات لوث سهلة الشّدّ مذعان (¬5) وغيث كألوان ألفنا قد هبطته … تعاور فيه كلّ أوطف حنّان على هيكل يعطيك قبل سؤاله … أفانين جري غير كزّ ولا وان ¬

_ (¬1) اللسان (غزا) و (مطا) وديوانه 93. (¬2) ديوانه 89 - 93 (¬3) ويروى: (فككت الغل عنه) و (فككت الكبل عنه). (¬4) ويروى (نشوان) كما في الديوان. (¬5) رواية الديوان: (سهرة المشي مذعان).

كتيس الظّباء الأعفر انضرجت له … عقاب تدلّت من شماريخ ثهلان وخرق كجوف العير قفر مضلّة … قطعت بسام ساهم الوجه حسّان يدافع أعطاف المطايا بركنه … كما مال غصن ناعم بين أغصان ومجر كغلّان الأنيعم بالغ … ديار العدوّ ذي زهاء وأركان مطوت بهم حتّى تكلّ غزاتهم … وحتّى الجياد ما يقدن بأرسان وحتّى ترى الجون الّذي كان بادنا … عليه عواف من نسور وعقبان ثياب بني عوف طهارى نقيّة … وأوجههم عند الشّدائد غرّان (¬1) هم بلغوا الحيّ المضلل أهلهم … وساروا بهم بين العراق ونجران فلقد أصبحوا والله أصفاهم به … أبرّ لأيمان وأوفى لجيران قوله: قفا، خطاب لاثنين، والمراد واحد، ومن عادتهم أنهم يخاطب الواحد بصيغة الاثنين، كما في قوله تعالى (أَلْقِيا فِي جَهَنَّمَ) ويراد به التكرير كأنه قال: قف قف، وألق آلق. ويقال: الألف فيه ليست للتثنية، وإنما هي مبدلة من نون التوكيد، وأصله قفن. وعرفان: أي معرفة. ورسم: أثر. وعفت: درس. وآياته: علاماته. وحجج: سنون. وزبور: كتاب. والجميع: المجتمع. وعقابيل: بقايا، ولا واحد لها من لفظها. واشجان: أحزان. وسحت: جرت. وشعيب: بوزن عظيم، الرواية. وسح: صب. وتهتان: سيلان. وجابر: رجل (¬2). وحرج: نعش. ¬

_ (¬1) قوله: ثياب بني عوف، والبيتان بعده، لسن من هذه القصيدة في شيء، وانما هما من قصيدة أخرى له. قلت: وليست الابيات الثلاثة في ديوانه. (¬2) قوله: (فأما تريني في رحالة جابر، الرحالة هنا: خشبات كان يحمل عليها امرؤ القيس وكان مريضا، وهي الحرج. وجابر هذا من بني تغلب، وكان هو وعمرو بن قميئة يحملانه.

والقرّ: مركب للنساء. وتخفق: تضطرب. وكررت: رجعت. وعان: أسير. وفككت: نزعت. والكبل: القيد (¬1). وفداني: دعا لي بالفداء. وبسحرة: السحر الاعلا. وعاث: مفسد: ونياطه: وسطه. ولوث: قوة. ومذعان: مطاوعة. والفنا: عنب الثعلب. وتعاور: تداول. وأوطف: سحاب قريب. وحنّان: يصوت بالرعد. وهيكل: فرس ضخم. وأفانين: أنواع. وكز: منقبض. وان: فاتر والأعفر: الاحمر. وانضرجت، بالجيم: انقضت. وشماريخ: أعالي. وثهلان: جبل. وسام: فرس مشرف. وساهم: متغير الوجه. وحسان: بضم الحاء، حسن الخلق. واعطاف: نواحي. والمطايا: الأبل. وبركنه: جانبه. ومجر: عسكر. وغلّان: نبات. والأنيعم: واد. وزها: مقدار كثير. وأركان: جوانب. ومطوت: مددت في السير. والجون: الفرس الأشهب (¬2). وبادنا: سمينا. وقوله: (ثياب بني عوف .. الابيات الثلاثة) سقطت من رواية الاصمعي وذكرها ابن ميمون في منتهى الطلب (¬3). وقوله: مطوت بهم ... البيت. يروى: سريت بهم حتّى تكلّ مطيّهم كما رواه المصنف، أي حملتهم على سير الليل. فالباء في (بهم) للتعدية. أي أسريتهم وأمطيتهم. والمعنى: حملتهم على السرى وعلى المطو، وهو مدّ السير وأبعاد السفر. والغزاة: جمع غاز. وحتى هنا حرف غاية يقع بعدها الجمل المستأنفة، لا عاطفة لمصاحبتها لواو العطف، ولا جارة لرفع الجياد بعدها. وهو مبتدأ خبره جملة ما يقدن. وزعم الجرمي: أنها في البيت عاطفة، وان أقرنت بالواو كما يقترن لكن بالواو، وهي عاطفة. وتكل بفتح أوّله وكسر الكاف تتعب وتعيى. والأرسان: جمع رسن، وهو الحبل. وبأرسان متعلق بيقدن. ويجوز كون الباء للحال متعلق ¬

_ (¬1) وهذا على رواية: (الكبل) وليس (الحبل) كما في ذكر البيت، وانظر الحاشية رقم 3 ص 374. (¬2) قوله: والجون: الفرس الاشهب، خطأ. لان الجون من الأضداد، يقال للأسود والابيض. (¬3) قوله: ثياب بني عوف، الأبيات الثلاثة سقطت من رواية الأصمعي غير صحيح لأنها ليست من تلك القصيدة، وإنما رويها مضموم وروى تلك مخفوض اه. شنقيطي.

بمحذوف تقديره مستعملات. والمعنى: انها تساق معطلات دون حبال لبعد الغزو وافراط الكلال. وقد أورده المصنف مطلع القصيدة في منذ بلفظ: وربع عفت آثاره منذ أزمان شاهدا على جر (منذ) للماضي. 184 - وأنشد: جود يمناك فاض في الخلق حتّى … بائس دان بالإساءة دينا البائس: الذي أصابه بؤس، أي شدّة. ودان بالاساءة: تعبد بها، بمعنى أنه اتخذها طريقا وتجارة، يلزمها كالدين الذي يتعبد به الانسان والمعنى: ان جوده عمّ من أساء ومن لم يسئ. 185 - وأنشد: فما زالت القتلى تمجّ دماءها … بدجلة حتّى ماء دجلة أشكل (¬1) هذا من قصيدة لجرير يهجو بها الأخطل، أوّلها (¬2): أجدّك لا يصحو الفؤاد المعلّل … وقد لاح من شيب عذار ومسحل ألا ليت أنّ الظّاعنين بذي الغضا … أقاموا وبعض الآخرين تحمّلوا فيوما يجاريني الهوى غير ما صبا … ويوما نرى منهنّ غولا تغوّلوا وبعد هذا البيت: فإلّا تعلّق من قريش بذمّة … فليس على أسياف قيس نعوّل لنا الفضل في الدّنيا وأنفك راغم … ونحن لكم يوم القيامة أفضل أجدّك: يقول: أحقا منك هذا. ويروى: الفؤاد المعذل: أي الملوم. ¬

_ (¬1) ديوانه 457، والخزانة 4/ 142، واللسان (شكل). (¬2) ديوانه 455 - 457.

والعذاران: العارضان. والمسحل: ما تحت الذقن. وغير ما صبا: أي من غير صبا إليّ. والتغوّل: التلوّن. وتمج: تقذف. ورأيت في ديوان جرير بدله: تمور دماؤها، أي تجري. والباء في (بدجلة) ظرفية، وهو نهر العراق. وفي الدال الفتح والكسر. والأشكل الذي يخالطه حمرة. والبيت استشهد به المصنف على دخول حتى على الجملة الابتدائية وأعاده. وأورد البيت الاخير في اللام مستشهدا به على ورود اللام بمعنى (من) وقوله: فإلّا تعلق ... البيت، يقول: ان لم تتعلق بجوارهم حتى تأمن فليس لك عندهم جوار ولا بقيا. 186 - وأنشد: فواعجبا حتّى كليب تسبّني تقدم شرحه في شواهد الخطبة (¬1). 187 - وأنشد: يغشون حتّى ما تهرّ كلابهم … لا يسألون عن السّواد المقبل (¬2) هذا من قصيدة لحسان بن ثابت رضي الله تعالى عنه، أوّلها: أسألت رسم الدّار أم لم تسأل … بين الجوابي فالبضيع فحومل لله درّ عصابة نادمتهم … يوما بجلّق في الزّمان الأوّل أولاد جفنة حول قبر أبيهم … قبر ابن مارية الكريم المفضل يغشون حتّى ما تهرّ كلابهم … لا يسألون عن السّواد المقبل يسقون من ورد البريص عليهم … بردى يصفّق بالرّحيق السّلسل ¬

_ (¬1) انظر ص 12 (¬2) الاغاني 9/ 280 و 17/ 111 و 112 والبكري 477 - 458 (حوض).

بيض الوجوه كريمة أحسابهم … شمّ الأنوف من الطّراز الأوّل إنّ الّتي ناولتني فرددتها … قتلت قتلت فهاتها لم تقتل كلتاهما حلب العصير فعاطني … بزجاجة أرخاهما للمفصل نسبي أصيل في الكرام ومذودي … تكوي مواسمه جنوب المصطلي أخرج ابن عساكر عن هشام بن الكلبي قال: قال حسان بن ثابت: خرجت أريد عمرو بن الحارث بن أبي شمر الغساني، فلما كنت في بعض الطريق وقفت على السعلاة صاحبة النابغة، وأخت المعلاة صاحبة علقمة بن عبدة (¬1) واني مقترحة عليك بيتا، فإن أنت أجزته شفعت لك إلى أختى، وان لم تجزه قتلتك. فقتلت: هات. فقالت: إذا ما ترعرع فينا الغلام … فما أن يقال له من هوه قال: فتبعتها من ساعتي، فقلت: فإن لم يسد قبل شدّ الإزار … فذلك فينا الّذي لا هوه ولي صاحب من بني الشّيصبان … فحينا أقول وحينا هوه فقالت: أولى لك، نجوت، فاسمع مقالتي واحفظها عليك بمدارسة الشعر، فإنه أشرف الآداب وأكرمها وأنورها، به يسخو الرجل، وبه يتظرف، وبه يجالس الملوك، وبه يخدم، وبتركه يتضع. ثم قالت: إنّك إذا وردت على الملك وجدت عنده النابغة، وسأصرف عنك معرّته، وعلقمة بن عبدة، وسأكلم المعلاة حتى تردّ عنك سورته. قال حسان: فقدمت على عمرو بن الحارث فاعتاص عليّ الوصول إليه فقلت للحاجب، بعد مدة: إن أنت أذنت لي عليه، والا هجوت اليمن كلها. ثم ¬

_ (¬1) كذا بالاصل، ولعل صحة الجملة: (فقالت: وإني ...)

انتقلت عنها. فأذن لي عليه، فلما وقفت بين يديه وجدت النابغة جالسا عن يمينه، وعلقمة جالسا عن يساره، فقال لي: يا ابن الفريعة، قد عرفت عيصك (¬1) ونسبك في غسان، فارجع فإني باعث إليك بصلة سنية، ولا أحتاج الى الشعر، فإني أخاف عليك هذين السبعين أن يفضحاك، وفضيحتك فضيحتي، وأنت اليوم لا تحسن أن تقول (¬2): رقاق النّعال طيّب حجزاتهم … يحيّون بالرّيحان يوم السّباسب (¬3) فقلت: لا بد منه. فقال: ذاك إلى عميك، فقلت: أسألكما بحق الملك، الجواب: ألا ما قدمتماني عليكما؟ فقالا: قد فعلنا. فقال: هات، فأنشأت أقول والقلب وجل (¬4): أسألت رسم الدّار أم لم تسأل … بين الجوابي فالبضيع فحومل حتى أتيت على آخرها. فلم يزل عمرو بن الحارث يزحل (¬5) عن مجلسه سرورا حتى شاطر البيت، وهو يقول: هذه والله البتارة التي قد بترت المدائح، هذا وأبيك الشعر، لا ما تعلّلاني به منذ اليوم. يا غلام، ألف دينار مرجوحة (¬6) فأعطيت ألف دينار، في كل دينار عشرة دنانير. ثم قال: لك عليّ مثلها في كل سنة، (ثم أقبل على النابغة فقال) (¬7): قم يا زياد بني زبيان فهات الثناء المسجوع، فقام النابغة فقال: ¬

_ (¬1) عيصك: أي أصلك. (¬2) من قصيدته: (كليني لهم يا أميمة ...) وقد سبقت ص 121، وانظر الاغاني 15/ 123 (¬3) الحجزات: جمع حجزة، وهي حيث ثني طرف الإزار، ويكنى هنا بطيب الحجزات عن عفتهم. ويوم السباسب: هو يوم السعانين (أو الشعانين) الأحد السابق لأحد الفصح عند النصارى. وانظر اللسان (سبسب) و (حجز). (¬4) الاغاني 15/ 123، والبكري 477. (¬5) يرحل: يتنحى. (¬6) في حاشية الامير 1/ 115 (مزموحة)، وفي بعض نسخ الاغاني: (مرموحة) و (مرحوجة) وانظر 1/ 124 (الثقافة). (¬7) مزيدة من الاغاني.

ألا أنعم صباحا أيّها الملك المبارك، السّماء غطاؤك، والأرض وطاؤك، ووالداي فداؤك، والعرب وقاؤك، والعجم حماؤك، والحكماء وزراؤك، والعلماء جلساؤك، والمقاول سمّارك (¬1)، والعقل شعارك، والحلم دثارك، والصّدق رداؤك، واليمن حذاؤك، والبرّ فراشك، وأشرف الآباء آباؤك، وأطهر الأمّهات أمّهاتك، وأفخر الشّبّان أبناؤك، وأعفّ النّساء حلائلك، وأعلى البنيّات بنيّاتك، وأكرم الأجداد أجدادك، وأفضل الأخوال أخوالك، وأنزه الحدائق حدائقك، وأعذب المياه مياهك، وحالف الإضريج عاتقك (¬2)، ولاءم المسك مسكك (¬3)، وجاور العنبر ترائبك، العسجد قواريرك، واللّجين صحافك، والشّهد إدامك، والخرطوم شرابك (¬4)، والأبكار مستراحك، والعبير بنواسك، والخير بفنائك، والشرّ في ساحة أعدائك، والذّهب عطاؤك، وألف دينار مرجوحة إيماؤك، وألف دينار مرهوجة إيتاؤك، والنّصر منوط بلوائك، زين قولك فعلك، وطحطح عدوّك غضبك (¬5)، وهزم مقانبهم مشهدك (¬6)، وسار في النّاس عدلك، وسكّن تباريح البلاد ¬

_ (¬1) في الاغاني: (والمداره) والمقاول: الفصاح. (¬2) الإضريج: كساء أصفر، أو الخز الأحمر. (¬3) المسك - بفتح ثم سكون -: الجلد. (¬4) الخرطوم: الخمر السريعة الاسكار. (¬5) طحطح: بدد وأهلك. (¬6) المقانب: جماعة الخيل.

ظفرك (¬1) أيفاخرك ابن المنذر اللخميّ؟ فو الله لقفاك خير من وجهه، ولشمالك خير من يمينه، ولصمتك خير من كلامه، ولأمّك خير من أبيه، ولخدمك خير من علية قومه. فهب لي أسارى قومي، واسترهن بذلك شكري، فإنك من أشراف قحطان وأنا من سروات عدنان (¬2). فرفع عمرو بن الحارث رأسه الى جارية كانت على رأسه قائمة، فقال: مثل ابن الفريعة فليمدح الملوك، ومثل ابن زياد فليثن على الملوك (¬3). وأخرج ابن عساكر عن الأصمعي: أنه سأل ما أراد حسان بقوله: أولاد جفنة عند قبر أبيهم ما في هذا ما يمدحهم به؟ قال: أراد أنهم ملوك حلول في موضع واحد، وهم أهل مدر، وليسوا بأهل عمد ينتقلون. وقال غيره معناه: أنهم آمنون لا يبرحون ولا يخافون كما تخاف العرب، وهم مخصبون لا ينتجعون، ومارية أمهم. والفضيل: الذي يفضل ما ملك. وقوله: (يغشون) يعني أن منازلهم لا تخلو من الأضياف والطراق والعفاة، فكلابهم لا تهرّ على من يقصد منازلهم، كما قال حاتم الطائي فإنّ كلابي قد أقرّت وعوّدت … قليل على من يعتريني هريرها وقوله: لا يسألون عن السّواد المقبل ¬

_ (¬1) في الأغاني (وسكّن قوارع الأعداء ظفرك). (¬2) أي من ساداتهم. (¬3) انظر الاغاني 15/ 123 - 125، وحاشية الامير 1/ 115، فقد وردت ببعض تقديم وتأخير، واختلاف الالفاظ.

أي هم في سعة لا يبالون كم نزل بهم من الناس، ولا يهولهم الجمع الكثير، وهو السواد إذا قصدوا نحوهم. والبريص: موضع بدمشق. وبردى: نهر بدمشق. ويروى بردا: أي ثلجا. ويصفق: يمزج. والرحيق: الخمر البيضاء. والسلسل: السهلة في الحلق. وهذا البيت استشهد به النحاة. وشم الأنوف: يعني أصحاب كبر وتيه والأشم المرتفع، وإنما خص الأنف بذلك لأن الأنفة والحمية والغضب فيه. وقوله: من الطراز الأول: يعني أنهم الأشراف المتقدمين الذين لا يشبه خلائقهم وأفعالهم هذه الافعال المحدثة. وقوله: قتلت أي صب فيها الماء فمزجت فهاتها صرفا غير ممزوجة. وقوله: كلتاهما حلب العصير، يعني الخمر والماء. وأرخاهما للمفصل: يعني الصرف. والمفصل: بكسر الميم، اللسان. والمفصل: واحد المفاصل. ومذودي: لساني. يقول: من اصطلى بناري، أي من تعرّض لي وسمت جنبه بلساني، أي بهجائي. قال اليزيدي: قصيدة حسان هذه من المختارات.

شواهد حيث

شواهد حيث 188 - وأنشد: لدى حيث ألقت رحلها أمّ قشعم هو من معلقة زهير بن أبي سلمى المشهورة، وأوّلها (¬1): أمن أمّ أوفى دمنة لم تكلّم … بحومانة الدّرّاج فالمتثلّم ومنها: تبصّر خليلي هل ترى من ظعائن … تحمّلن بالعلياء من فوق جرثم ومنها: فمن مبلغ الأحلاف عنّي رسالة … وذبيان هل أقسمتم كلّ مقسم فلا تكتمنّ الله ما في نفوسكم … ليخفى ومهما يكتم الله يعلم يؤخّر فيوضع في كتاب فيدّخر … ليوم الحساب أو يعجّل فينقم وما الحرب إلّا ما علمتم وذقتم … وما هو عنها بالحديث المرجّم متى تبعثوها تبعثوها ذميمة … وتضر إذا ضرّيتموها فتضرم فتعرككم عرك الرّحى بشفالها … وتلقح كشافا ثمّ تحمل فتتئم ¬

_ (¬1) ديوانه 4 - 32، والخزانة 3/ 157

فتنتج لكم غلمان أشأم كلّهم … كأحمر عاد ثمّ ترضع فتفطم فتغلل لكم ما لا تغلّ لأهلها … قرى بالعراق من قفيز ودرهم لعمري لنعم الحيّ جرّ عليهم … بما لا يواتيهم حصين بن ضمضم وكان طوى كشحا على مستكنّة … فلا هو أبداها ولم يتجمجم وقال: سأقضي حاجتي ثمّ أتّقي … عدوّي بألف من ورائي ملجم فشدّ ولم تفزع بيوت كثيرة … لدى حيث ألقت رحلها أمّ قشعم لدى أسد شاكي السّلاح مقذّف … له لبد أظفاره لم تقلّم جريء متى يظلم يعاقب بظلمه … سريعا وإلّا يبد بالظّلم يظلم (¬1) سئمت تكاليف الحياة ومن يعش … ثمانين حولا - لا أبالك - يسأم رأيت المنايا خبط عشواء من تصب … تمته ومن تخطئ يعمّر فيهرم وأعلم علم اليوم والأمس قبله (¬2) … ولكنّني عن علم ما في غد عم ومن لا يصانع عن أمور كثيرة (¬3) … يضرّس بأنياب ويوطأ بمنسم ¬

_ (¬1) وبعده كما في الديوان 24 - 28: فقضوا منايا بينهم ثم أصدروا … الى كلا مستوبل متوخم رعوا ما رعوا من ظمئهم ثم أوردوا … غمارا تفرّى بالسلاح وبالدم لعمرك ما جرّت عليهم رماحهم … دم ابن نهيك أو قتيل المثلّم ولا شاركت في الموت في دم نوفل … ولا وهب منها ولا ابن المحزّم فكلّا أراهم أصبحوا يعقلونه … علالة الف بعد الف مصتّم تساق الى قوم لقوم غرامة … صحيحات مال طالعات لمخرم لحيّ حلال يعصم الناس أمرهم … إذا طرقت إحدى الليالي بمعظم كرام فلاذو التّبل مدرك تبله … لديهم ولا الجاني عليهم بمسلم (¬2) في الديوان: (واعلم ما في اليوم ..). (¬3) في الديوان: (في أمور ..).

ومن يك ذا فضل فيبخل بفضله (¬1) … على قومه يستغن عنه ويذمم ومن يجعل المعروف من دون عرضه … يفره ومن لا يتّق الشّتم يشتم ومن لا يذد عن حوضه بسلاحه … يهدّم ومن لا يظلم النّاس يظلم ومن هاب أسباب المنايا ينلنه … ولو رام أسباب السّماء بسلّم ومن يعص أطراف الزّجاج فإنّه … يطيع العوالي ركّبت كلّ لهذم ومن يوف لا يذمم ومن يفض قلبه … إلى مطمئنّ البرّ لا يتجمجم ومن يغترب يحسب عدوّا صديقه … ومن لا يكرّم نفسه لا يكرّم ومهما تكن عند امرئ من خليقة … ولو خالها تخفى على النّاس تعلم ومن لا يزل يستحمل النّاس نفسه … ولا يعفها يوما من الدّهر يسأم (¬2) دمنة، بكسر الدال، هي: الكناسة، وتقدير الكلام: أمن منازل أم أوفى، ¬

_ (¬1) في الديوان: (ويبخل بفضله)، وفي شرح الأعلم: (ومن يك ذا مال فيبخل بماله). (¬2) ويروى: ومن لا يزل يسترحل الناس نفسه … ولا يعفها يوما من الذل يندم وفي الديوان 32. ولم يغنها يوما من الناس يسأم وروى الأصمعي: ومن لا يزل يستحمل الناس نفسه … ولا يغنها يوما من الدهر يسأم وفي الديوان قال: (زاد هذا البيت أبو زيد. وسمعت المازني يقول قال أبو زيد: قرأت هذه القصيدة على أبي عمرو منذ أربعين سنة فقال: لم أسمع هذا البيت إلا منك، يعني أبا زيد). وفي التبريزي: (.. قرأت هذه القصيدة على أبي عمرو بن العلاء فقال لي: قرأت هذه القصيدة منذ خمسين سنة فلم أسمع هذا البيت إلا منك).

وهي امرأة زهير (¬1). وتكلم: أصله تتكلم، حذف منه احدى التاءين (¬2) وحومان: بفتح الحاء المهملة، ما كان من فوق الرمل أو دونه حين يصعده أو يهبطه (¬3). والدرّاج: بفتح الدال، وقال أبو عمرو: بضمها، مكان. وقيل: هو ماء لبني فزارة. وكذا المتثلم والعلياء بلد. وجرثم بضم الجيم والمثلثة وسكون الراء بينهما، ماء لبني أسد. قوله: (فمن مبلغ الأحلاف .. البيت) أورده المصنف في: هل (¬4). والأحلاف: قبائل تحالفت. قال ثعلب: هم أسد وغطفان وذبيان قبيلة (¬5). وكل مقسم: أي كل الاقسام. والمرجم: المظنون. تقول: ما هو برجم بظهر الغيب، قد جرّبتموها وذقتموها. وذميمة: مذمومة، أي لا يحمدون أمرها. وتضر: أي تعوّد، يقال: ضري يضري ضراوة إذا درب. اذا ضرّيتموها أي عوّدتموها، يعني الحرب. والعراك: الطحن. والثفال: جلد أو كساء يوضع تحت الرحى ليكون الدقيق يقع عليها. والباء للحال، أي عرك الرحى. ولها ثفال: أي طاحنة. قاله ثعلب. و (تلقح كشافا) أي تدارككم الحرب. يقال: لقحت الناقة كشافا ¬

_ (¬1) في شرح ديوانه: (يريد: أدمنة من منازل أمّ أو في لم تكلم، وهذا توجع، كما قال الهذلي - أبو ذؤيب -. أمنك برق أبيت الليل أرقبه … كأنه في عراض الشام مصباح والدمنة: آثار الدار وما سوّدوا. وقال التبريزي: (الدمنة: آثار الناس وماسودوا بالرماد وغيره، فاذا أسود المكان قيل: قد دمن). وقال الأعلم الشنتمري: (إنما جعل الدمنة بالحومانة لانهم كانوا يتحررون النزول فيما غلظ من الارض وصلب ليكونوا بمعزل من السيل وليمكنهم حفر النؤى وضرب أوتاد الخباء ونحو ذلك). (¬2) قال التبريزي: (لم تكلم، أي لم تبين، والعرب تقول لكل ما بيّن من أثر وغيره تكلّم، أي ميز فصار بمنزلة المتكلم). (¬3) في البكري 476 - 477: (حومان وحومانة: قال ابن دريد: الحومان: موضع في طريق اليمامة من البصرة ... وورد في شعر زهير: حومانة الدّرّاج. وفي شعر ذي الرمة: حومانة الزرق. والحومانة: القطعة الغليظة من الارض، أضيفت الى هذين الموضعين قال زهير: أمن أم أو في ... البيت. قال أبو سعيد: ويروى: الدرّاج، بضم الدال، والمتثلم: موضع هناك). (¬4) ولم يذكره السيوطي في شواهد (هل) (¬5) في شرح الديوان: (الأحلاف: أسد وغطفان)، وفي شرح الأعلم: (الأحلاف، أسد وغطفان وطئ).

اذا حمل عليها في دمها (¬1). (فتتئم) تأتيكم باثنين توأمين، بمنزلة المرأة التي تأتي بتوأمين في بطن. وإنما يفظّع بهذا أمر الحرب. فتنتج لكم: يعني الحرب، غلمان أشأم، أي شؤم كأحمر عاد، أي ثمود، وهو قدار عاقر الناقة. وقوله: عاد غلط (¬2). ثم ترضع فتفطم: نريد أنه يتمّ أمر الحرب، لان المرأة اذا أرضعت ثم فطمت فقد تمّمت. وقوله: (فتغلل لكم ... البيت) تهكم واستهزاء (¬3). ويقال طوى كشحه على كذا: أي لم يظهره. ومستكنة: أمر أكنّه في نفسه، ولم يتجمجم: أي لم يدع التقدم على ما أضمر (¬4). ولم يفزع بيوت: أي لم يعلم قوم بفعله (¬5). وأم قشعم: هي الحرب، ويقال المنيّة. وقال أبو عبيدة: هي العنكبوت. أي شدّ عليه بمضيعة فقتله. حيث ألقت رحلها: حيث كان شدة الأمر. وشاكي السلاح: أي سلاحه ذو شوكة. ومقذف: غليط اللحم. واللبد: لشعر المتراكب على زبرة الأسد اذا أسنّ. أظفاره لم تقلم: أي تام السلاح حديده. يريد الجيش، واللفظ على الأسد. وخبط عشواء: معشو لا تقصد، يقال عشا يعشو إذا جاء على غير بصر، وعشي يعشى إذا أصابه العشا. وقوله: (وأعلم .. البيت) استدل به على انحصار الازمنة في الحال والماضي والمستقبل. والمنسم للبعير بمنزلة الظفر ¬

_ (¬1) أي حمل عليها إثر نتاجها وهي في دمها. (¬2) غلط لأنه أراد أحمر ثمود عاقر الناقة، وقال بعضهم: (لم يغلط، ولكنه جعل عادا مكان ثمود اتساعا ومجازا إذ قد عرف المعنى مع تقارب ما بين عاد وثمود في الزمن والأخلاق). وفي التبريزي: (وقال أبو العباس محمد بن يزيد: هذا ليس بغلط لأن ثمود يقال لها عاد الأخيرة، ويقال لقوم هود عاد الاولى. والدليل قوله تعالى (وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عاداً الْأُولى). وقال الشنقيطي: (قوله: عاد غلط، قال الاصمعي ليس بغلط لان العرب تسمى ثمود بعاد وقد وصف الله تعالى قوم هود بعاد. اه) (¬3) في التبريزي: (قال الاصمعي: يريد أنها تغل لهم دما وما يكرهون، وليست تغل لهم ما تغل قرى العراق من قفيز ودرهم. وقال يعقوب: هذا تهكم وهزء. يقول: لا يأتيكم منها ما تسرون به مثل ما يأتي أهل القرى من الطعام والدراهم لكن غلة هذا عليكم ما تكرهون). (¬4) وفي الديوان برواية: (ولم يتقدّم) أي لم يتقدّم في الحرب. وقال: (ويروى: ولم يتجمجم، أي لم يدع التقدّم على ما أضمر). (¬5) في الديوان: (ويروى: ولم ينظر بيوتا كثيرة. ولم ينظر: لم يؤخر، يقال: أنظرني، أي لا تعجلني. ولم يفزع: لم يهجها ولكنه أدرك بغيته).

للانسان. وقوله: (ويذمم) استشهد به على فك المضارع المجزوم. ويفره: يصبه وافرا. ومن لا يذد أي لا يدفع. قوله: (ومن يعص أطراف الزجاج) يعني من عصى الأمر الصغير صار إلى الأمر الكبير. (وكل لهذم) على حذف في، أي: في كل لهذم. واللهذم: السنان الماضي. وقوله: (ومهما يكن ... البيت) والخليقة: الطبيعة. ومن لا يزل يستحمل الناس أي يثقل على الناس يسأمونه. أخرج أبو الفرج في الأغاني عن ابن عباس (¬1) انه سأل الحطيئة من أشعر الناس فقال: يا ابن عم رسول الله، الذي يقول: ومن يجعل المعروف من دون عرضه … يفره ومن لا يتّق الشّتم يشتم ولكن الرضاعة (¬2) أفسدته كما أفسدت جرول. يعني نفسه. 189 - وأنشد: ونطعنهم تحت الحبا بعد ضربهم … ببيض المواضي حيث ليّ العمائم (¬3) قال العيني: قيل أنه للفرزدق من قصيدته التي أولها (¬4): تحنّ بزوراء المدينة ناقتي قال: ولم أجده فيها من ديوانه. والقصيدة المذكورة تقدمت في شواهد أن المفتوحة الخفيفة. ويقال: طعنه بالرمح يطعنه، بضم العين في المضارع، وكذا كل ما هو حسي. وأما المعنوي: كيطعن في النسب فبفتح العين. والحبا، بضم المهملة، وقيل بكسرها، وقيل بالوجهين وتخفيف الموحدة والقصر، وجمع حبوة. وأراد به أوساطهم بعد ضربهم بالسيوف الماضية في رؤسهم. وبيض: بكسر أوله، جمع أبيض وهو السيف. والمواضي: الحادّة. والاضافة فيه من باب إضافة الموصوف إلى ¬

_ (¬1) 2/ 162، وانظر ص 140 (الثقافة). (¬2) كذا في الاصل، وصحتها (الضراعة) كما في الاغاني. (¬3) الخزانة 3/ 152، والموفي في النحو الكوني 106. (¬4) انظر ص 86 وما بعد، الشاهد رقم 26.

الصفة. قال العيني: وفي قوله: (حيث ليّ العمائم) إضافة (حيث) إلى المفرد، فيكون معربا، ومحل حيث نصب على الحال. قلت: بل على الظرف لضرب، فإنها ظرف مكان، كما أن تحت، ظرف مكان لنطعنهم. 190 - وأنشد: إذا ريدة من حيث ما نفحت له … أتاه بريّاها خليل يواصله قاله أبو حية النميري، بالياء التحتية، واسمه المشمر (¬1) بن الربيع بن زرارة، شاعر مجيد أدرك الدولة الأموية والعباسية. الريدة: بفتح الراء وسكون التحتية وفتح الدال المهملة، ريح لينة الهبوب. ويقال أيضا: رادة. ونفحت: هبت. ويقال: نفح الطيب إذا فاح. وريّا: بفتح الراء وتشديد التحتية، الرائحة. وريدة: مرفوع بنفحت مضمر، يفسره الظاهر، لأن (إذا) لا يليها إلا الأفعال. وحيث مقطوعة عن الاضافة إذ المضاف إليه لا يعمل في قبل المضاف، فلا يفسر عاملا فيه. وأتاه جواب إذا. 191 - وأنشد: (¬2) أما ترى حيث سهيل طالعا لم يسم قائله، وتمامه: نجما يضيء كالشّهاب لامعا ترى: بصرية. وطالعا: مفعولها. وحيث: ظرف، وهو مضاف إلى المفرد ندورا. وقيل: الى جملة تقديرا على أن سهيلا مرفوع بالابتداء، وخبره محذوف، أي مستقرا وظاهرا في حال طلوعه. قال العيني: وعلى الاول تكون حيث معربة إذا لم تضف الى جملة، فهي منصوبة على الظرفية أو المفعولية إن كانت ترى قلبية، أو بصرية. وطالعا: ¬

_ (¬1) في الاغاني 16/ 236 (الثقافة): (الهيثم بن الربيع). (¬2) ابن عقيل 2/ 11

حال. وقيل: إنها مبنية وإن أضيفت الى المفرد كما في لدن. 192 - وأنشد: حيثما تستقم يقدّر لك الله … نجاحا في غابر الأزمان (¬1) لم يسم قائله. والنجاح: الفوز. والغابر: بغين معجمة وموحدة وراء، الزمن الباقي. ويطلق على الماضي أيضا، من الاضداد. وفي البيت جزم حيثما فعلين (¬2). ¬

_ (¬1) ابن عقيل 2/ 132 (¬2) وهما تستقم ويقدر، بالسكون فيهما. ومعنى البيت: اذا اتقيت الله وأنت في أي مكان، وسلكت سبيل الهدى، فان الله يوفقك، ويجعل النجاح حليفك.

حرف الخاء

حرف الخاء 193 - وأنشد: ألا كلّ شيء ما خلا الله باطل … وكلّ نعيم لا محالة زائل تقدم شرحه في شواهد أم ضمن قصيدة لبيد (¬1). ¬

_ (¬1) سبق من ضمن قصيدة لبيد ص 150، الشاهد 59، وانظر ص 153 و 154.

حرف الراء

حرف الراء شواهد ربّ 194 - وأنشد: إن يقتلوك فإنّ قتلك لم يكن … عارا عليك، وربّ قتل عار تقدم شرحه في شواهد إن المكسورة الخفيفة (¬1). 195 - وأنشد: فيا ربّ يوم قد لهوت وليلة … بآنسة كأنّها خطّ تمثال تقدم شرحه في شواهد الباء ضمن قصيدة امرئ القيس (¬2). 196 - وأنشد: ربّما أوفيت في علم … ترفعن ثوبي شمالات (¬3) هذا لجذيمة بن مالك بن فهم الأزدي، المعروف بالأبرش. قال شارح أبيات الايضاح: وغلط ابن حزم فنسبه لتأبط شرّا. والعلم: الجبل. والشمالات: جمع ¬

_ (¬1) سبق ص 89، الشاهد رقم 28. (¬2) انظر ص 340، الشاهد رقم 158، وص 341. (¬3) الاغاني 15/ 257 وانظر 250 (الثقافة) والخزانة 4/ 567 وهامشها 3/ 344.

الشمال، من الرياح. قال الأعلم: وصف نفسه أنه يحفظ أصحابه في رأس جبل إذا خافوا من عدوّ فيكون طليعة لهم. والعرب تفخر بهذا لأنه دال على شهامة النفس وحدّة النظر، وخص الشمال بالذكر لأنها تهب بشدة، وجعلها ترفع ثوبه لاشراف الرقبة التي يربأ فيها لأصحابه انتهى. واستشهد سيبويه في هذا البيت على إدخال النون في ترفعن ضرورة (¬1). واستشهد به أبو علي الفارسي على وقوع الماضي بعد (ربّ) إذا كفت بما قال، وهذا الموضع اللائق به التكثير، لأنه المناسب للمدح. وقال صاحب المصباح في شرح أبيات الايضاح: يحتمل بقاء رب هنا على معناها من التقليل، لأن جزيمة ملك جليل، لا يحتاج مثله الى أن يبتذل في الطلائع، لكنه قد يطرأ على الملوك خلاف العادة فيفخرون بما ظهر منهم عند ذلك من الصبر والجلادة. قال: وقوله: (ترفعن) كلام منقطع عما قبله، كأنه استأنف الحديث. وليس في موضع حال، لأن هذه النون لا تدخل على الحال. قال الفارسي وغيره: ووجه دخولها هنا أنه شبه (ما) في ربما (بما) النافية تشبيها لفظيا، فصار ترفعن وإن كان موجبا كأنه منفى. وقيل: إنما ذلك لأن ربّ للتعليل. والتعليل يضارع النفي، كما قال الآخر (¬2): قليل بها الأصوات إلّا بغامها أي ليس بها صوت إلا بغامها. قال في المصباح: والأكثرون رووا البيت هكذا ورواه أبو الفرج الاصبهاني بلفظ: ترفع أثوابي شمالات وهي رواية حسنة جدا، ورواه ابن حزم بلفظ: ربّ ليل قد سريت به فغير صدره، قال: وفي قوله (ترفعن أثوابي) إشارة إلى أن قميصه لا يلصق بجلده لخمصه. وهذا عندهم مدح، لا سيما من كان مثله من أهل النعمة. وقال ابن الاعرابي: يقال: أوفيت رأس الجبل، ووافيت فلانا بمكان كذا. قال ابن ¬

_ (¬1) سيبويه 2/ 153. (¬2) انظر ص 218، الشاهد رقم 104.

يسعون: فعلى هذا في البيت حذف المفعول، تقديره: ربما أوفيت مرقبة أو شرفا في رأس علم. وبعد هذا البيت (¬1): في فتوّ أنا رابئهم … في كلال غزوة ماتوا ليت شعري ما أماتهم … نحن أذلجنا وهم باتوا ثمّ أبنا غانمين وكم … من أناس قبلنا فاتوا فتوّ: شباب. ورابئهم: بموحدة ثم همزة، من ربأت القوم بأرقبتهم، وكنت لهم طليعة فوق شرف. 197 - وأنشد: وأبيض يستسقى الغمام بوجهه … ثمال اليتامى عصمة للأرامل هذا من قصيدة لأبي طالب يمدح بها النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، ويصف تمالأ قريش عليه، وأولها (¬2): ولمّا رأيت القوم لا ودّ فيهم … وقد قطعوا كلّ العرى والوسائل ومنها: كذبتم وبيت الله نبزي محمّدا (¬3) … ولمّا نطاعن حوله ونناضل ¬

_ (¬1) رواية الابيات كما في الاغاني: ربما أوفيت في علم … ترفعن ثوبي شمالات في شباب أنا رائبهم … هم لدى العورة صمّات ليت شعري ما أطاف بهم … نحن أدلجنا وهم باتوا ثم أبنا غانمين وكم … من أناس قبلنا ماتوا (¬2) وقيل أن أولها: خليليّ ما آذني لأوّل عاذل … بصغواء في حق ولا عند باطل (¬3) في الاصل (نبرى) بالراء المهملة وصحتها عن اللسان (بزا) وفيه: (كذبتم وحق الله يبزى محمد) أي: يقهر ويستذل، وهو على تقدير النفي.

فائدة: [أبو طالب عم رسول الله صلى الله عليه وسلم]

ونسلمه حتّى نصرّع حوله … ونذهل عن أبنائنا والحلائل الى أن قال: وما ترك قوم لا أبالك سيّدا … يحوط الذّمار في مكرّ ونائل وأبيض ... البيت. وقد علم بذلك أن قوله: وأبيض، منصوب بالعطف على قوله: (سيدا) لا مجرورا بواو رب، فلا شاهد فيه على هذا. وممن نبه على ذلك الدمامينيّ ثم ابن حجر في شرح البخاري عند شرحه البيت. وثمال: بكسر المثلثة وتخفيف الميم، العماد، والملجأ، والمغيث، والمعين، والكافي. وعصمة للأرامل: يمنعهم مما يضرّهم. والأرامل: جمع أرملة، وهي الفقيرة التي لا زوج لها. ويحوط: يكلأ ويرعى. والذمار: بكسر الذال المعجمة، ما يحق على الانسان حمايته. فائدة: [أبو طالب عم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم] أبو طالب عم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم اسمه عبد مناف، وقيل شيبة بن عبد المطلب بن هاشم. قال ابن عساكر في تاريخه: قيل إنه أسلم ولا يصح إسلامه، وله رواية عن النبي صلّى الله عليه وسلّم. ثم أخرج هو والخطيب من طريق أحمد بن الحسن المعروف بدبيس، عن محمد بن إسماعيل العلوي، عن آبائه، عن الحسين، عن أبيه علي قال: سمعت أبا طالب يقول: حدثني محمد بن أخي، قلت له: بما بعثت يا محمد؟ قال: بصلة الأرحام وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة. وأخرجاه من طريق آخر فيه مجاهيل عن أبي رافع: سمعت أبا طالب يقول: حدثني محمد، ان الله أمره بصلة الأرحام، وأن يعبد الله وحده، ولا يعبد معه أحد. وأخرج الزّبير بن بكار وابن عساكر عن إسحق بن عيسى قال: سمعت بعض المشيخة يقول: لم يكن أحد يسود في الجاهلية إلا بمال، إلا أبو طالب وعتبة بن ربيعة. وقال الزبير: كان أبو طالب شفيقا على النبي صلّى الله عليه وسلّم يمنعه من مشركي قريش، جاؤه يوما بعمارة بن الوليد فقالوا له: قد عرفت حال عمارة، ونحن ندفعه إليك مكان محمد وادفعه إلينا. قال: ما أنصفتموني، أعطيكم ابن أخي تقتلونه، وتعطوني ابن أخيكم أغذوه لكم.

وأخرج ابن عساكر من طريق المعتمر بن سليمان قال: حدّثني أبي قال: مشت قريش إلى أبي طالب فقالوا له: أنت أفضل قريش اليوم حلما، وأكبرهم سنا، وأعظمهم شرفا، وقد رأيت صنع ابن أخيك، فرّق كلمتنا، وأفسد جماعتنا، وقطع أرحامنا، فادفعه إلينا نقتله ونعطيك ديته. قال: لا تطيب بذلك نفسي أن أرى قاتل ابن أخي يمشي بمكة، وقد أكلت ديته. قالوا: فإنا ندفعه الى بعض العرب فهو يقتله وندفع إليك ديته ونعطيك أيّ أبنائنا شئت فيكون لك ولدا مكان هذا. فقال لهم: ما أنصفتموني، تقتلون ولدي وأغذوا أولادكم؟ أفلا تعلمون أن الناقة إذا فقدت ولدها لم تحنّ الى غيره، ولكن أمر هو أجمع لكم مما أراكم تخوضون فيه، تجمعون شباب قريش، من كان منهم بسن محمد فتقتلونهم جميعا، وتقتلون معهم محمدا. قالوا: لا لعمر أبيك، لا نقتل أبنائنا واخواننا من أجل هذا الصابئ، ولكن سنقتله سرّا أو علانية. فعند ذلك يقول: لمّا رأيت القوم لا ودّ فيهم القصيدة كلها. قال الواقدي: توفي أبو طالب في النصف من شهر شوّال السنة العاشرة من حين تنبأ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وهو ابن بضع وثمانين سنة. وأخرج ابن اسحق والبيهقي في الدلائل بسند فيه من يجهل عن ابن عباس قال: لما أتى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أبا طالب في مرضه قال له: أي عمّ، قل لا إله الا الله أستحل لك بها الشفاعة يوم القيامة. فقال: والله لولا ان يروا أني قلتها جزعا حين نزل بي الموت لقلتها، فلما ثقل أبو طالب رؤي يحرّك شفتيه، فأصغى اليه العباس ليسمع قوله، فرفع العباس فقال: يا رسول الله، قد والله قال الكلمة التي سألته! فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: لم أسمع. وأخرج البيهقي في الدلائل عن ابن عباس: ان النبي صلّى الله عليه وسلّم عارض جنازة أبي طالب فقال: وصلتك رحما، جزيت خيرا يا عم. وأخرج البيهقي عن عائشة عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: ما زالت قريش كاتمه عني حتى توفي أبو طالب.

وأخرج البخاري عن ابن عمر قال: ربما ذكرت قول أبي طالب وأنا أنظر الى وجه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على المنبر يستسقى فما ينزل حتى يجيش كل ميزاب: وأبيض يستسقى الغمام بوجهه … ثمال اليتامى عصمة للأرامل وأخرج البيهقي في دلائل النبوّة عن أنس: ان أعرابيا جاء فقال: يا رسول الله، لقد أتيناك وما لنا بعير ينط، ولا صبي يصيح. فصعد المنبر ثم رفع يديه فقال: اللهم اسقنا غيثا مغيثا مريا مريعا، غدقا طبقا، عاجلا غير رابث، نافعا غير ضار. فما ردّ يديه في نحره حتى ألقت السماء بأردافها، وجاؤا يضجون: الغرق الغرق. فضحك رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حتى بدت نواجذه، ثم قال: لله درّ أبي طالب لو كان حيا قرّت عيناه، من ينشدنا قوله؟ فقام علي، فقال: يا رسول الله، كأنك أردت قوله: وأبيض يستسقى الغمام بوجهه … ثمال اليتامى عصمة للأرامل يلوذ به الهلاك من آل هاشم … فهم عنده في نعمة وفواضل 198 - وأنشد: ألا ربّ مولود وليس له أب … وذي ولد لم يلده أبوان (¬1) وذي شامة سوداء في حرّ وجهه … مجلّلة لا تنجلي لزمان (¬2) ويكمل في تسع وخمس شبابه … ويهرم في سبع مضت وثمان (¬3) ¬

_ (¬1) الخزانة 1/ 397، والكامل 906، وسيبويه 1/ 241. (¬2) في الخزانة برواية: مخلّدة لا تنقضي لأوان (¬3) في الخزانة 1/ 397: ويكمل في خمس وتسع شبابه … ويهرم في سبع معا وثمان

قال ابن يسعون: هذه الأبيات لرجل من أزد السراة (¬1). وقيل هي لعمرو الجنبيّ (¬2) وأراد: بالأول عيسى، وبالثاني آدم، وبالثالث القمر (¬3). وحرّ الوجه: ما بدا من الوجنة. ومجللة: من التجليل، وهو التغطية. وقوله: (لا تنجلي لزمان) أي وإن تطاول زمانها. وقوله: لم يلده، الأصل يلده، فسكن الأمر للضرورة، فالتقى ساكنان، فحرّك الثاني بالفتح، لأنه أخف. قال اللخمي: الصواب في الرواية (عجبت لمولود) (¬4) وجملة (وليس له أب) حالية، أو صفة. والواو لتأكيد لصوق الصفة بالموصوف. وفي الكامل للمبرد (¬5): كل مكسور أو مضموم إذا لم يكن من حركات الاعراب يجوز فيه التسكين، وأنشد البيت. قال: ولا يجوز ذلك في المفتوح لخفة الفتحة (¬6). 199 - وأنشد: فويق جبيل شامخ لن تناله … بقنّته حتّى تكلّ وتعملا (¬7) هذا من قصيدة لأوس بن حجر، بفتحتين. وأولها (¬8): صحا قلبه عن سكره وتأمّلا … وكان بذكرى أمّ عمرو موكّلا ¬

_ (¬1) أزد السراة: حي من اليمن. والسراة: أعظم جبال العرب. وانظر الخزانة 1/ 399، والبكري 8 و 9 و 730. (¬2) نسبة الى جنب، قبيلة من اليمن. وفي الاشتقاق 212: (بطن من العرب ليسوا منسوبين إلى أب ولا أم). (¬3) أضاف صاحب الخزانة: (وقيل: أراد بذي الولد البيضة، وقيل: أراد به القوس وولدها السهم لم يلده أبوان، لانه لا تتخذ القوس إلا من شجرة واحدة مخصوصة. وهذان القولان من الخرافات، فان البيضة متولدة من أنثى وذكر، والقوس لا تتصف بالولادة حقيقة، وان أراد بها التولّد، وهو حصول شيء من شيء فليست مما ينسب اليه الوالدان). (¬4) كما في الخزانة والكامل. (¬5) انظر ص 905 (¬6) انظر ص 906 (¬7) ديوانه 87، واللآلي 492، وامالي ابن الشجري 1/ 21، اللسان (قلزم)، وكنايات الجرجاني 45، وشرح شواهد الشافية 1/ 192. (¬8) ديوانه 82 - 92.

وكان له الحين المتاح حمولها (¬1) … وكلّ امرئ رهن بما قد تحمّلا ألا أعتب ابن العمّ إن كان جاهلا (¬2) … وأغفر عنه الجهل إن كان أجهلا وإن قال لي: ماذا ترى يستشيرني … يجدني ابن عمّ مخلط الأمر مزيلا أقيم بدار الحزم ما قام حزمها (¬3) … وأحر إذا حالت بأن أتحوّلا (¬4) وإنّي امرؤ أعددت للحرب بعد ما … رأيت لها نابا من الشّرّ أعصلا أصمّ ردينيّا كأنّ كعوبه … نوى القسب عرّاصا مزجّا منصّلا (¬5) الى أن قال: فقال لها: هل تذكرنّ مخبّرا (¬6) … يدلّ على غنم ويقصر معملا على خير ما أبصرتها من بضاعة … لملتمس بيعا بها وتبكّلا فويق جبيل شاهق الرّأس لم يكن … ليبلغه حتّى يكلّ ويعملا ومنها، وهو آخرها: وإنّي وجدت النّاس إلّا أقلّهم … خفاف العقول يكثرون التّنقّلا (¬7) ¬

_ (¬1) في الديوان: (حمولة). (¬2) في الديوان: (ظالما). وانظر عيون الاخبار 1/ 34. (¬3) في ديوانه: (مادام حزمها)، وفي حماسة البحتري 120 (ما كان حزمها). (¬4) وبعده كما في الديوان: واستبدل الأمر القوي بغيره … إذا عقد مأفون الرجال تحلّلا (¬5) انظر اختلاف رواية البيت في الجمهرة 1/ 51، التنبيه 68 واللسان (روى) و (زجج) والتاج (زجج) وشروح سقط الزند 195. (¬6) كذا، وفي الديوان (فقال له). (¬7) انظر البيت واختلاف اللفظ فيه في ديوانه 91، والشعر والشعراء 161 ومعاهد التنصيص 1/ 135 وكنايات الجرجاني 118.

بني أمّ ذي المال الكثير يرونه … وإن كان عبدا سيّد الأمر جحفلا (¬1) وهم لمقلّ المال أولاد علّة … وإن كان محضا في العشوة (¬2) مخولا وليس أخوك الدّائم العهد بالّذي … يذمّك إن ولّى ويرضيك مقبلا ولكن أخوك النّائي ما كنت آمنا … وصاحبك الأدنى إذا الأمر أعضلا قال شارح ديوانه: قيل للأصمعي: هل يجوز في سكرة، بضم السين؟ فقال: لم يرد السكر، إنما أراد السكرة من الغم، مثل قوله تعالى: (إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ). وتأمّل: تثبت في أمره. والحمول: الهوادج، كانت له حينا اذا مرّت به. وقوله: (ألا أعتب) معناه: ألا اني أنا أعتب، ولم يرد الاستفهام. وقوله: مخلط الامر مزيلا، أي أخالط بأمري في موضع المخالطة، وأزايل في موضع المزايلة، أي أخلط وأميز ما ينبغي أن أميزه. وقوله: أقيم، أي ما كانت الاقامة جزما، وأحر: أي أخلق إذا تغيرت بأن أتحوّل عنها (¬3). والرديني: الرمح منسوب الى ردينة (¬4). وشبهه بنوى القسب (¬5)، لأن نواه ضامر غير منتشر. وعرّاص: كثير الاضطراب، إذا هز. ومزج: منصل معمول له زج ونصل قد ركبا فيه. وقوله: (هل تذكرنّ) أي هل تعرف رجلا يدلني على غنم تهون المؤنة فيه. وقوله: على خير ما أبصرتها من بضاعة ¬

_ (¬1) في اللسان (جحفل): (سيد القوم). (¬2) كذا، وفي الديوان (في العمومة)، وفي الجمهرة (في العشيرة). (¬3) لم يشرح السيوطي البيت: (وإني امرؤ أعددت ..). ففي شرح شواهد الشافية: (قوله: واني امرؤ أعددت، أي هيأت عدة، وأعصل، بمهملتين، أعوج). وقال ابن السكيت: (يقول: هي حرب قدمت وأسنت فهو أشد لها). (¬4) وهي امرأة كانت تقوم الرماح، وكان زوجها سمهر أيضا يقوم الرماح يقال لرماحه السمهرية. وانظر ص 359 حين الكلام على بيت أبي دؤاد (كهز الرديني). (¬5) القسب: تمر يابس، نواه مر صلب.

من بضائع الناس، ان أراد بها بيعا أو أراد بها غنما. والتبكل: الغنيمة، يقال تبكل، أي تغنم. وشامخ شاهق، واحد (¬1). يقال: هو طويل في السماء، قليل العرص، فصغره لهذا. وهو أشد لصعوده إذا دق وهب في السماء وقل عرضه. وجحفل: كثير الشأن والاتباع، وأصله الجيش العظيم فضربه له مثلا. ويروى: وهم لقليل المال (¬2). وأولاد علة: لأمهات متفرّقات. والمحض: الخالص النسب. والمخول: الكريم الأخوال. والنائي: بالنصب، أي وأخوك الذي هو أخوك الذي ينأى عنك نائيا إذا أمنت وإذا نابتك نائبة جاءك فأعانك بنفسه. وقال: مرة، صير المصدر في موضع الصفة. قال أبو حاتم: ويجوز عندي النائي ممدود كالقاضي، فحذف الياء. قال: وأظنّ هذا البيت مصنوعا. وأعضل الأمر: اشتد. والأمر المعضل: الشديد. انتهى ملخصا من شرح الديوان. 200 - وأنشد: وكلّ أناس سوف تدخل بينهم … دويهية تصفرّ منها الأنامل تقدّم شرحه في شواهد أم (¬3). 201 - وأنشد: فمثلك حبلى قد طرقت ومرضع … فألهيتها عن ذي تمائم محول (¬4) هذا من معلقة امرئ القيس بن حجر المشهورة، وبعده: إذا ما بكى من خلفها انحرفت له … بشقّ وشقّ عندنا لم يحوّل طرقت: أتيتها ليلا. فألهيتها: شغلتها. عن ذي: أي ولد ذي. وتمائم، جمع تميمة، وهي التعويذه التي تعلق على الصبي. ومحول: أتى عليه حول، وكان قياسه محيل بالاعلال، كمقيم. إلا أنه جاء على الأصل كاستحوذ. ويروى: ¬

_ (¬1) أي لم تكن لتبلغ رأسه. وانظر أمالي ابن الشجري 218. (¬2) أي البيت. (وهم لمقل المال أولاد علة). وانظر شرح شواهد الشافية، وفيه: أي يبغضون من لامال له وان كان شريفا). (¬3) سبق ص 150 وما بعد، وهو الشاهد 59، وهو أيضا في أمالي ابن الشجري 1/ 21 (¬4) ديوانه 12

انصرفت، بدل انحرفت. ويحلحل: بدل يحول. أي لم يحرّك. والبيت استشهد به على إضمار رب بعد الفاء (¬1). 202 - وأنشد: بل بلد ذي صعد وآكام أورده الفارسي بلفظ: ذي صعد وأصاب. والصعد، بضم المهملة: العقبات، جمع صعود، بفتح الصاد. والآكام: بالمد، جمع آكمة، وهي التل المرتفع: 203 - وأنشد: رسم دار وقفت في طلله … كدت أقضي الحياة من جلله هذا البيت تقدّم شرحه في حرف الجيم (¬2). 204 - وأنشد: وسنّ كسنّيق سناء وسنّما … زعرت بمدلاج الهجير نهوض (¬3) هو من قصيدة لامرئ القيس بن حجر، وقيل لأبي دؤاد الأيادي، أوّلها (¬4): أعنّي على برق أراه وميض … يضيء حبيّا في شماريخ بيض ¬

_ (¬1) روى البيت في الديوان: تمثلك حبلى قد طرقت ومرضعا … فألهيتها عن ذي تمائم مغيل وشرحه فقال: (من نصب، مثلك، فعلى قوله: طرقت، ومن خفضه فعلى معنى: ربّ. والتمائم: معاذات تعلّق على الصبى. والمغيل: المرضع وأمه حبلى، أو الذي يرضع وأمه تجامع، وإنما أراد أن ينفي عن نفسه الفرك، وهو بغض النساء للرجال، فأخبر أن المراضع والحبالي معجبات به، وخصهن دون الأبكار، لان البكر أشد محبة للرجال وأبعدهن عن الفرك). (¬2) سبق ص 365، وانظر ص 366. (¬3) ديوانه 76 (¬4) ديوانه 72 - 77، وانظر 394 - 396

ومنها: وقد أغتدي والطّير في وكناتها … بمنجرد عبل اليدين قبيض وآخرها: كأنّ الفتى لم يغن في النّاس ساعة … إذا اختلف اللّحيان عند الجريض ومض البرق يمض ومضا ووميضا: لمع لمعانا خفيا. والحبىّ: السحاب. والشماريخ: جمع شمراخ: وهو رأس الجبل. وبيض: لانبات بها. قوله: (وقد اغتدى ... البيت) نظير قوله في المعلقة المشهورة (¬1): وقد أغتدي والطّير في وكناتها … بمنجرد قيد الأوابد هيكل ومنجرد: فرس. وعبل اليدين: ضخمهما. وقبيض: بقاف وموحدة، سريع نقل القوائم. والجريض: بجيم وراء، الغصة بالريق عند الموت، يقال: جرض بريقه يجرض وهو يجرض بنفسه أي يكاد يقضي. والبيض: أورده الجوهري في الصحاح شاهدا على ذلك. وسنّ: الواو واو رب، والسن هنا الثور. وسنّيق: بضم المهملة وتشديد النون وتحتية ساكنة، جبل. وسناء: ارتفاعا، ونصبه على الحال. والمعنى: أن هذا الثور لهذا الرجل طولا أي مرتفعا، وسمنا: عطف على موضع سن، لأنه في المعنى مفعول زعرت. والسنم: البقرة الوحشية. وقيل إنه اسم جبل. ومن زعم أنه عطف على سنأ فقد غلّطوه. ومدلاج: أي فرس كثير السير. والهجير: القائلة. ونهوض: بضم النون، كثير النهوض. 205 - وأنشد: ربّما ضربة بسيف صقيل … بين بصرى وطعنة نجلاء (¬2) ¬

_ (¬1) انظر ص 96 - 97 (¬2) الخزانة 4/ 187، ومعجم الشعراء 86، والاصمعيات 170، الأصمعية رقم 51، وشرح شواهد العيني 3/ 342. وقد نسبت بعض ابيات القصيدة الى صالح بن عبد القدوس في معجم الادباء وحماسة البحتري 340 وانظر سمط اللآلي ص 8، هامش 5.

هو من قصيدة لعديّ بن الرعلاء الغسّاني شاعر مجيد. والرعلاء اسم أمه، وقبله: كم تركنا بالعين عين أباغ … من ملوك وسوقة ألقاء فرّقت بينهم وبين نعيم … ضربة من صفيحة نجلاء ليس من مات فاستراح بميت … إنّما الميت ميّت الأحياء إنّما الميت من يعيش كئيبا … كاسفا باله قليل الرّجاء فأناس يمصّصون ثمارا … وأناس حلوقهم في الماء وعموس تضلّ فيها يد الأ … سي وأعيت طبيبها بالشّفاء رفعوا راية الضّراب وقالوا … ليذودنّ سامر الملحاء فدفعنا العقاب للطّير حتّى … جرت الخيل بينهم في الدّماء ربّما ضربة بسيف صقيل … بين بصرى وطعنة نجلاء عين أباغ: بضم الهمزة وآخره غين معجمة، موضع بين الكوفة والرقة، كانت فيه وقعة للعرب، قتل فيها المنذر بن ماء السماء. وكاسفا باله: سيئا حاله. وقوله: البيت، أورده المصنف. والبيت استشهد به على اعمال رب مع ما. وقوله: بين بصرى: أي بين جهات بصرى، فأضاف بين إلى المفرد لاشتماله على أمكنة. ويروى: دون بصرى. وبصرى بضم الباء، بلد بالشام. وطعنة: عطف على ضربة. ونجلاء: بفتح النون وسكون الجيم، صفة طعنة، أي واسعة. ويقال: أمر عموس، أي شديد مظلم لا يدري من أين يؤته له (¬1). والآسي: الطبيب. 206 - وأنشد: ربّما الجامل المؤبّل فيهم … وعناجيج بينهنّ المهار (¬2) ¬

_ (¬1) وفي المراجع السابقة: (غموس) بالغين المعجمة، وهي الطفة النجلاء (¬2) الواسعة. الخزانة 4/ 188، وابن عقيل 1/ 245

هو من قصيدة لابي دؤاد جارية بن الحجاج الايادي، وأوّلها: أوحشت من سروب قومي تعار … فأروم فشابة فالسّتار (¬1) بعد ما كان سرب قومي حينا … لهم النّخل كلّها والبحار فقد أمست ديارهم بطن فلج … ومصير بصيفهم تعشار ربّما الجامل المؤبّل فيهم … وعناجيج بينهنّ المهار ورجال من الأقارب بانوا … من حذوق هم الرّؤس الخيار أوحشت: أقفرت. والسروب: جمع سرب، وهو المال السارح. وتعار بفتح المثناة الفوقية (¬2). وأروم: بفتح الهمزة وضم الراء. وشابة: بالشين المعجمة وفتح الباء الموحدة الخفيفة. والستار بكسر السين المهملة كلها مواضع. وكذلك بطن فلج موضع، وهو بفتح الفاء وسكون اللام وجيم، وكذا تعشار اسم موضع، وهو بكسر المثناة الفوقية وسكون العين المهملة وبالشين المعجمة. والجامل: بالجيم، جماعة من الابل لا واحد له من لفظه. وقيل: القطيع من الابل مع رعاته وأربابه. والمؤبل: الميم وفتح الهمزة وتشديد الموحدة، يقال إبل مؤبلة إذا كانت للقنية. والعناجيج: جمع عنجوج بضم العين المهملة وجيمين، وهي الخيل الطويلة الأعناق. والمهار: بكسر الميم، جمع مهر، وهو ولد الفرس. وفي البيت: كف (ربّ) بما، ودخولها على الجملة الأسمية. وقال الفارسي: يجب أن يقدر (ما) اسما مجرور المعنى شيء، والجامل خبر ضمير محذوف، وتكون الجملة صفة (ما) والتقدير: رب شيء هو الجامل. ¬

_ (¬1) البيت في البكري 142 برسم (أروم) برواية: (أقفرت من سروب ..) (¬2) قوله وتعار بفتح المثناة خطأ والصواب كسرها. قلت: انظر البكري 142.

207 - وأنشد: فإن أهلك فربّ فتى سيبكي … عليّ مهذّب رخص البنان أخرج المعافيّ بن زكريا، وابن عساكر في تاريخه، بسند متصل عن ابن لأعرابي قال (¬1): بلغني أنه كان رجل من بني حنيفة يقال له جحدر بن مالك، فتاكا شجاعا، قد أغار على أهل حجر وناحيتها، فبلغ ذلك الحجاج بن يوسف، فكتب إلى عامله باليمامة يوبخه بتلاعب جحدر به ويأمره بالاجتهاد في طلبه. فلما وصل اليه الكتاب أرسل إلى فتية من بني يربوع، فجعل لهم جعلا عظيما إن هم قتلوا جحدرا أو أتوا به أسيرا. فانطلقوا حتى اذا كانوا قريبا منه أرسلوا اليه أنهم يريدون الانقطاع اليه والتحرز به، فاطمأن اليهم ووثق بهم، فلما أصابوا منه غرة شدوه كتافا، وقدموا به على العامل، فوجه به معهم الى الحجاج. فلما أدخل على الحجاج قال له: من أنت؟ قال: أنا جحدر بن مالك. قال: ما حملك على ما كان منك؟ قال: جراءة الجنان، وجفاء السلطان، وكلب الزمان. قال: وما الذي جرى منك، فجرأ جنانك؟ قال: لو بلاني الأمير، أكرمه الله، لوجدني من صالحي الأعوان، وبهم الفرسان. ولوجدني من أنصح رعيته. وذلك أني ما لقيت فارسا قط إلا وكنت عليه في نفسي مقتدرا. قال له الحجاج: إنا قاذفون بك في حائر، فيه أسد عاقر ضار، فإن هو قتلك كفانا مؤنتك، وإن أنت قتلته خلينا سبيلك. قال: أصلح الله الأمير، عظمت المنة وقويت المحنة. قال الحجاج: فإنّا لسنا بتاركيك تقاتله إلا وأنت مكبل بالحديد. فأمر به الحجاج فغلت يمينه الى عنقه وأرسل به إلى السجن، فقال جحدر لبعض من يخرج إلى اليمن: تحمل عني شعرا؟ وأنشأ يقول: تأوّبني فبتّ لها كنيعا … هموم لا تفارقني حواني هي العوّاد لا عوّاد قومي … أطلن عيادتي في ذا المكان إذا ما قلت قد أجلين عنّي … ثنى ريعانهنّ عليّ ثاني ¬

_ (¬1) ابن عساكر 3/ 63 وانظر البلدان (حجر) والخزانة 4/ 483 والامالي 1/ 281 - 282 والبلوىّ 2/ 501 مع تقديم وتأخير في رواية أبيات القصيدة.

فإنّ مقرّ منزلهنّ قلبي … فقد أنفهنه فالقلب آن (¬1) أليس الله يعلم أنّ قلبي … يحبّك أيّها البرق اليماني وأهوى أن أعيد إليك طرفي … على عدواء من شغل وشان (¬2) ألا قد هاجني فازددت شوقا (¬3) … بكاء حمامتين تجاوبان تجاوبتا بلحن أعجميّ … على غصنين من غرب وبان (¬4) فقلت لصاحبيّ، وكنت أحزو … ببعض الطّير ماذا تحزوان فقال: الدّار جامعة قريب … فقلت: بل أنتما متمنّيان فكان البان أن بانت سليمى … وفي الغرب اغتراب غير داني أليس الله يجمع أمّ عمرو … وإيّانا، فذاك لنا تداني (¬5) بلى، وترى الهلال كما أراه … ويعلوها النّهار كما علاني فما بين التّفرّق غير سبع … بقين من المحرّم أو ثماني فيا أخويّ من جشم بن سعد … أقلّا اللّوم إن لم تنفعاني ¬

_ (¬1) في الامالي: (وكان ... الهم آني). (¬2) في الامالي (... أن أردّ إليك ... من شغلي وشأني) والعدواء - كغلواء -: الشغل يصرفك عن الشيء. (¬3) في الامالي: (ومما هاجني). (¬4) البيت والذي يليه في عيون الاخبار 2/ 194 الى المعلوط السعدي. (¬5) البيت الذي سبق الاخير في العيون 1941 بدون نسبة، وهما في الشعراء 410 للمعلوط، وفي الخزانة: (والبيتان أبرد ما قيل في باب القناعة من لقاء الاحباب). وانظر نهاية الأرب 2/ 258، واللآلي 617 و 961.

إذا جاوزتما سعفات حجر … وأودية اليمامة فانعياني إلى قوم إذا سمعوا بنعيي … بكى شبّانهم وبكى الغواني وقولا: جحدر أمسى رهينا … يحاذر وقع مصقول يماني يحاذر صولة الحجّاج ظلما … وما الحجّاج ظلّاما لجاني ألم ترني عديت أخا حروب … إذا لم أجن كنت مجن جان فإن أهلك فربّ فتى سيبكي … عليّ مهذّب رخص البنان ولم أك ما قضيت ديون نفسي … ولا حقّ المهنّد والسّنان قال: وكتب الحجاج الى عامله بكسكران يوجه إليه بأسد ضارعات (¬1) يجرّ على عجل، فأرسل به، فلما ورد الأسد على الحجاج أمر به فجعل في حائر (¬2)، وأجيع ثلاثة أيام، وأرسل الى جحدر فأتي به من السجن ويده اليمنى مغلولة الى عنقه، وأعطي سيفا، والحجاج وجلساؤه في منظرة لهم، فلما نظر جحدر الى الأسد أنشأ يقول: ليث وليث في مجال ضنك … كلاهما ذو أنف ومحكّ وشدّة في نفسه وفتك … إن يكشف الله قناع الشّكّ فهو أحقّ منزل بترك فلما نظر إليه الأسد زأر زأرة شديدة، وتمطى وأقبل نحوه، فلما صار منه على قدر رمح وثب وثبة شديدة، فتلقاها جحدر بالسيف، فضربه ضربة حتى خالط ذياب ¬

_ (¬1) كذا بالاصل، ولعله (الاضارع). (¬2) الحائر: شبه حوض يتحيّر فيه ماء المطر.

السيف لهواته، فخرّ الأسد كأنه خيمة قد صرعتها الريح، وسقط جحدر على ظهره من شدة وثبة الأسد وموضع الكبول. فكبّر الحجاج والناس جميعا، وأكرم جحدرا وأحسن جائزته. أخرجه ابن بكار في الموفقيات بطوله من طريق آخر عن عبد الله بن أبي عبيدة بن محمد بن عمار بن ياسر. قوله تأوّبني: أي أتاني ليلا. وكنيعا: من كنع الرجل، إذا خضع ولان. وحوان: من الحين بالفتح، وهو الهلاك (¬1). والنفهة: بالفاء، من نفهت نفسه بالكسر، أعيت وكلت. وأنفهها فلان أكلها. وآن: انتهى حرّه. والعدواء: بضم العين وفتح الدال المهملتين والمد. وقال في الصحاح: العدواء: المكان الذي لا يطمئن من قعد عليه. وعدواء الشغل أيضا: موانعه. والعدواء أيضا: بعد الدار. والغرب: بفتح الغين المعجمة والراء ضرب من الشجر. والحزو: الكهان. والمهذب: المطهر الأخلاق. والرخص: الناعم. والبنان: أطراف الاصابع. 208 - وأنشد: يا ربّ قائلة غدا … يا لهف أمّ معاويه هو لهند زوج أبي سفيان، أم معاوية، من أبيات قالتها في وقعة بدر، أوّلها: لله عينا من رأى … هلكا كهلك رجاليه يا ربّ باك لي غدا … في النّائبات وباكيه غودروا يوم القلي … ب غداة تلك الواعية من كلّ غيث في السّن … ين إذ الكواكب خاويه قد كنت أحذر ما أرى … فاليوم حقّ حذاريه قد كنت أحذر ما أرى … فأنا الغداة مراميه ¬

_ (¬1) قوله: وحوان من الحين وهو الهلاك، غلط محض، والصواب: ان حوان جمع حانية من الأنحاء لا من الحين.

بل ربّ قائلة غدا … يا ويح أمّ معاويه قوله: خاوية، قال في الصحاح: خوت النجوم تخوى خيا. أمحلت، وذلك إذا سقطت ولم تمطر في نوئها. والبيت استدل به ابن مالك على انه لا يلزم من وصف المجرور برب. قال ابن الدماميني: وقد يقال: الموصوف محذوف، أي يا رب امرأة قائلة.

حرف السين

حرف السين 209 - وأنشد: وما أدري وسوف إخال أدري … أقوم آل حصن أم نساء تقدم شرحه في شواهد أم (¬1). 210 - وأنشد: فيا ربّ إن لم تقسم الحبّ بيني وبينها … سواءين فاجعلني على حبّها جلدا (¬2) الجلد: بفتح الجيم وإسكان اللام، الشديد الصلب، يقال: جلد الرجل بالضم جلدا بالفتح وجلادة، أي صلب فهو جلد. 211 - وأنشد: ولا سيّما يوم بدارة جلجل (¬3) هو من معلقة امرئ القيس المشهورة وصدره: ألا ربّ يوم لك منهنّ صالح ودارة جلجل: بجيمين اسم لغدير. ¬

_ (¬1) الشاهد رقم 48 ص 130. (¬2) وهو في اللسان (سوا) منسوب الى قيس بن معاذ. (¬3) ديوانه 10، والخزانة 2/ 63 وإعجاز القرآن 249 والبكري 389 وفيه: (موضع بديار كنده، يقال له الحمى). وللبيت خبر في ديوانه وهو من معلقته وانظر ص 97 و 404.

212 - وأنشد: فه بالعقود وبالأيمان، لا سيّما … عقد وفاء به من أعظم القرب قوله فه: أمر من الوفاء (¬1). وقوله: لا سيما، فيه شاهد على حذف الواو وتخفيف الياء معا. * * * ¬

_ (¬1) في حاشية الامير 1/ 123: (فه: تكتب هاء السكت ولا ينطق بها في الوصل إلا إذا أجرى مجرى الوقف).

حرف العين

حرف العين شواهد على 213 - وأنشد: تحنّ فتبدي ما بها من صبابة … وأخفي الّذي لولا الأسى لقضاني هذا من قصيدة لعروة بن حزام العذري، وقبله (¬1): فمن يك لم يغرض فإنّي وناقتي … بحجر إلى أهل الحمى غرضان وأوّل القصيدة: خليليّ من عليا هلال بن عامر … بصنعاء عوجا اليوم وانتظراني ومنها: على كبدي من حرّ عفراء لوعة … وعيناي من وجد بها تكفان فياليت كلّ اثنين بينهما هوى … من النّاس والأنعام يأتلفان ومنها: تحمّلت من عفراء ما ليس لي به، … ولا للجبال الرّاسيات يدان ¬

_ (¬1) شعر عروة بن حزام (مجلة كلية الآداب)، والاغاني 23/ 307 و 310 و 313 (الثقافة). وذيل الامالي 158 وحاشية الامير 1/ 125.

فائدة: [عروة بن حزام]

كأنّ قطاة علّقت بجناحها … على كبدي من شدّة الخفقان! ومنها: ألا لعن الله الوشاة وقولهم … فلانة أضحت خلّة لفلان إذا ما جلسنا مجلسا نستلذّه … تواشوا بنا حتّى أملّ مكاني تكنّفني الواشون من كلّ جانب … ولو كان واش واحد لكفاني ولو كان واش باليمامة داره … وداري بأعلا حضرموت أتاني ومنها: وإنّي لأهوى الحشر إذ قيل إنّني … وعفراء يوم الحشر نلتقيان تحنّ: من الحنان، وهو الرحمة والحنو، وضميره للناقة. والأسى بضم الهمزة، جمع أسوة فعلة، من التأسي وهو الاقتداء. قال ابن هشام: ومن ظنه بفتح الهمزة أخطأ لأن ذلك بمعنى الحزن، ولا مدخل له هنا من حيث المعنى. وقوله: لقضاني. أصله لقضى عليّ، فحذف الجار وعدي الفعل الى الضمير. وقد قيل أنه ضمن قضى معنى قتلني أو أهلكني، فعداه بنفسه. ويغرض: بمعجمتين بينهما راء، يقال غرض إلى كذا أي اشتاق. وهو من باب علم يعلم. وقوله: غرضان، بفتح الغين وكسر الراء، تثنية غرض، صفة مشبهة من الفعل المذكور. والحر: بفتح الحاء، اسم موضع. وعفراء، بفتح المهملة وسكون الفاء، اسم محبوبته. فائدة: [عروة بن حزام] عروة بن حزام بن مهاجر العذري، شاعر إسلامي، أحد المتيمين الذين قتلهم الهوى (¬1). قال في الاغاني: ولا يعرف له شعر إلا في عفراء بنت عمه عقال بن مهاجر، ¬

_ (¬1) انظر الشعراء 604 - 610 والاغاني 20/ 152 - 158 وذيل الامالي 157 - 162، وذيل اللآلي 73 - 74، والخزانة 1/ 533 - 536.

وكان هويها وهويته، فخطبها إلى عمه فأبت أمها عليه لفقره، وزوجوها برجل من الشام ذي مال، فاشتد ضنى عروة ومات رحمه الله. فجزعت عفراء عليه جزعا شديدا، وماتت بعده بأيام قلائل، وبلغ معاوية بن أبي سفيان الخبر فقال: لو علمت بحال هذين لجمعت بينهما. وأخرج أبو الفرج من طريق الكلبي عن أبي صالح قال: كنت مع ابن عباس بعرفة، فحمل إليه فتى لم يبق إلا خياله فقالوا: ادع له، قال: وما به؟ قالوا: الحب، ثم خفق في أيديهم فإذا هو قد مات. فما رأيت ابن عباس في عشية سأل الله الا العافية مما ابتلي به ذلك الفتى، وسألت عنه فقيل هذا عروة بن حزام. 214 - وأنشد: وبات على النّار النّدى والمحلّق تقدم شرحه (¬1). 215 - وأنشد: إذا رضيت عليّ بنو قشير … لعمر الله أعجبني رضاها (¬2) هو للقحيف بن خمير العقيلي، شاعر مقل من شعراء الاسلام، شبب بخرقاء التي شبب بها ذو الرّمّة، وبعده ولا تنبو سيوف بني قشير … ولا تمضي الأسنّة في صفاها قال الجوهري: ربما قالوا: رضيت عليه، في معنى رضيت عنه، وأنشد البيت. وقال غيره: ضمن رضى معنى عطف. وقال المبرد في الكامل (¬3): بنو كعب بن ربيعة يقولون: (رضي الله عليك). وقال الكسائي: حمل رضي الله على نقيضه، وهو سخط. وبنو قشير، بضم: قبيلة. وخبر لعمر الله محذوف، أي يمنيني. وأعجبني ¬

_ (¬1) سبق ص 303، الشاهد رقم 137. (¬2) الخزانة 4/ 247، وابن عقيل 1/ 242، والكامل 538. (¬3) ص 538

جواب إذا. وضمير رضاها عائد إلى بني قشير، وأنثه باعتبار القبيلة. وقد ذكر الجمحي القحيف هذا في الطبقة العاشرة من شعراء الاسلام وسمّى أباه سليما (¬1). 216 - وأنشد: في ليلة لا ترى بها أحدا … يحكي علينا، إلّا كواكبها (¬2) هذا لعدي بن زيد، قاله سيبويه. وقيل: لبعض الأنصار، حكاه الزمخشري في شرح أبيات الكتاب. قال الأعلم: وصف انه خلا بمن يحب في ليلة لا يطلع فيها عليهما ويخبر بجمالهما الا الكواكب، لو كانت ممن يخبر ويملي. وقد استشهد سيبويه بهذا البيت على رفع الكواكب بدلا من الضمير الفاعل في يحكى، لانه في المعنى منفي، ولو نصب على البدل من أحد لكان أحسن، لان أحدا منفي في اللفظ والمعنى، فالبدل منه أقوى. وقبل البيت: يشتاق قلبي إلى مليكة لو … أمست قريبا لمن يطالبها ما أحسن الجيد من مليكة وال … لّمبّات إذ زانها ترائبها يا ليتني ليلة هجع الن … ناس ورام الكلاب صاحبها في ليلة لا ترى بها أحدا … يحكي علينا، إلّا كواكبها وبذلك عرف ان القافية مرفوعة. ثم رأيت صاحب الاغاني قال (¬3): ان هذه الأبيات لأحيحة بن الجلاح بن الجريش الأوسي، يكنى أبا عمرو. وزاد بعدها: لتبكني قينة ومزمرها (¬4) … ولتبكني قهوة وشاربها ¬

_ (¬1) الطبقات 583 (¬2) الخزانة 2/ 18 وسيبويه: 2/ 361، والاغاني 15/ 31 و 95 (الثقافة) وفيه (في ليلة لا يرى ... يسعى علينا) وابن الشجري 1/ 61. (¬3) 15/ 31 (الثقافة). (¬4) في الأغاني 15/ 34 (ومزهرها).

ولتبكني ناقة إذا رحلت … وغاب في سربخ مناكبها (¬1) ولتبكني عصبة إذا اجتمعت … لم يعلم النّاس ما عواقبها 217 - وأنشد: علام تقول الرّمح يثقل عاتقي … إذا أنا لم أطعن إذا الخيل كرّت (¬2) هذا من قصيدة لعمرو بن معدي كرب الزبيدي، وقبله: ولمّا رأيت الخيل زورا، كأنّها … جداول زرع أرسلت فاسبطرّت هتفت بخيل من زبيد فداعست … إذا طردت جالت قليلا فكرّت (¬3) فجاشت إليّ النّفس أوّل مرّة … فردّت على مكروهها فاستقرّت زور: بضم الزاي، جمع أزور، وهو المعوج الزّور. والجدول: النهر الصغير. واسبطرت: امتدت. قال التبريزي: والتشبيه وقع على جري الماء في الأنهار. وجاشت النفس: ارتفعت (من الفزع) (¬4)، والفاء في: فجاشت، يحتمل زيادتها. والفعل جواب لما (¬5). ويحتمل أن يكون الجواب محذوفا، أي طعنت أو أبليت، كذا قال. وأنت ترى الجواب مصرحا به في قوله: هتفت. وعلام: حرف الجر، دخل على ما الاستفهامية، حذف ألفها. والرمح: يروى بالرفع (¬6)، وبالنصب، على جعل تقول كتظن، قاله التبريزي. وكذا أورده المصنف في التوضيح شاهدا على إعمال ¬

_ (¬1) في الأغاني: (في سروح مناكبها). (¬2) الخزانة 1/ 422 والحماسة 1/ 158 (¬3) البيت في الخزانة برواية: هتفت فجاءت من زبيد عصابة. (¬4) مزيدة من الخزانة، واضاف: (وهذا ليس لكونه جبانا، بل هذا بيان حال النفس)، وانظر الحماسة 1/ 157. (¬5) تكون الفاء زائدة في قول الكوفيين وأبي الحسن الأخفش. وانظر التبريزي 1/ 157. (¬6) فعلى ظاهر الأمر.

فائدة: [عمرو بن معدي كرب]

تقول عمل تظن. والمعنى: بأي حجة أحمل السلاح إذا لم أقاتل عند كرّ الخيل. ويروى: ساعدي، بدل: عاتقي. وقوله: إذا أنا لم أطعن، أي: لم يثقل ساعدي بالرمح في وقت تركي الطعن بزمان كرّ الخيل. فاذا الأول ظرف (ليثقل) والثاني ظرف لقوله (لم أطعن). وكرّت: من الكرّ وهو الرجوع. فائدة: [عمرو بن معدي كرب] عمرو بن معدي كرب بن عبد الله بن عاصم بن زبيد الأصغر، وهو منبه بن ربيعة بن سلمة بن مازن بن ربيعة بن منبّه بن زبيد الأكبر بن الحارث بن صعب ابن سعد العشيرة بن منحج الزّبيدي المذحجي (¬1) يكنى أبا ثور. قدم على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في وفد زبيد فأسلم سنة تسع أو عشر. وأقام بالمدينة برهة ثم شهد عامة الفتوح بالعراق. وكان شاعرا محسنا مشهورا بالشجاعة، قتل يوم القادسية، وقيل مات عطشا يومئذ، وقيل جرح في وقعة نهاوند فحمل فمات بقرية من قراها يقال لها رودة سنة احدى وعشرين. 218 - وأنشد: إنّ الكريم وأبيك يعتمل … إن لم يجد يوما على من يتّكل (¬2) وقبله: إنّي لساقيها وإنّي لكسل … وشارب من مائها ومغتسل 219 - وأنشد: ولا يؤاتيك فيما ناب من حدث … إلّا أخوثقة، فانظر بمن تثق (¬3) ¬

_ (¬1) في نسب عمرو بن معد يكرب خلاف وارتباك، وانظر الاغاني 14/ 24، والاصابة رقم 5970، والخزانة 1/ 425. (¬2) الخزانة 4/ 252 (¬3) المؤتلف والمختلف 197 برواية: (ولا يواسيك).

أورده ثعلب في أماليه، وقبله: يا أيّها المتحلّي غير شيمته … ومن خليقته الإفراط والملق عليك بالقصد فيما أنت قائله … إنّ التّخلّق يأتي دونه الخلق وبعده: يا جمل إن يبل سربال الشّباب فما … يبقى جديد على الدّنيا ولا خلق وإنّما النّاس والدّنيا على سفر … فناظر أجلا منهم ومنطلق ورأيت في المؤتلف والمختلف للآمدي عزو ذلك إلى سالم بن وابصة بن عبيدة ابن قيس الأسدي، من شعراء عبد الملك بن مروان، قوله: (ولا يواتيك) أي يعاطيك ويعاملك بما ترضاه. فيما ناب: أي أصاب من حدث، أي نازلة من نوازل الدهر. 220 - وأنشد: أبي الله إلّا أنّ سرحة مالك … على كلّ أفنان العضاه تروق (¬1) هذا من قصيدة لحميد بن ثور الهلالي الصحابي رضي الله عنه، أوّلها: نأت أمّ عمرو فالفؤاد مشوق … يحنّ إليها نازعا ويتوق (¬2) أخرج أبو الفرج في الأغاني عن محمد بن أبي فضالة النحوي قال: تقدم عمر بن الخطاب أن لا يشيب رجل بامرأة إلا جلده، فقال حميد بن ثور، وكانت له صحبة، فذكر شعرا فيه: ¬

_ (¬1) ديوانه 41، والاغاني 4/ 358 (الثقافة) و 4/ 357 (الدار) واساس البلاغة (روق). (¬2) في الديوان والاغاني: (والها ويتوق).

أبى الله إلّا أنّ سرحة مالك … على كلّ أفنان العضاه تروق وهل أنا إن علّلت نفسي بسرحة … من السّرح مأخوذ عليّ طريق قال ثعلب في أماليه: كنى بالسرحة عن امرأة، وأصلها الشجرة العظيمة الطويلة. والأفنان: الغصون الملتفة، جمع فنن. والعضاه: كل شجر يعظم وله شوك، واحدها عضاهة (¬1). 221 - وأنشد: (¬2) فو الله لا أنسى قتيلا رزئته … بجانب قوسى ما بقيت على الأرض على أنّها تعفو الكلوم وإنّما … نوكّل بالأدنى وإن جلّ ما يمضي هذان من أبيات لأبي خراش، خويلد بن مرّة الهذلي. قال أبو عبيدة (¬3): أغارت ثمالة بقوسي، فقتلوا عروة أخا أبي خراش، وأسروا ¬

_ (¬1) قال شارح ديوانه: (سرحة مالك: امرأته. والبيت في الاصلاح 1/ 321 والاساس، روق، والمخصص 14/ 70، والافنان هنا: الانواع واحدها فنّ. وتروق هنا: تفوق. يريد أنها تزيد عليها بحسنها وبهائها، من قولهم: راق فلان على فلان، إذا زاد عليه فضلا، قال الشاعر - ابن الرقيّات -: رأقت على البيض الحسا … ن بحسنها وبهائها عن اللسان (روق). قال في الاقتضاب: وقد يجوز ان يقدر في البيت محذوف، كأنه قال: أبي الله إلا أن أفنان سرحة مالك. وقد يكون قوله: على كل أفنان العضاه، في موضع خبر أن. كما تقول: أبى الله إلا أن فضل زيد على كل فضل، أي ظاهر على كل فضل، ويكون، تروق، خبرا ثانيا. فالأفنان على هذا القول جمع فنن وهو الغصن. وتررق: تعجب. وقد أورد ابن قتيبة في (أدب الكاتب) هذا البيت على أن (على) في قوله (على كل أفنان العضاه) زائدة، لان راق يروق لا يحتاج في تعديّه إلى حرف جر. وإنما يقال: راقني الشيء يروقني. فالمعنى يروق كل أفنان العضاه). (¬2) ديوان الهذليين 2/ 158، ومعجم البكري 1102، والتاج وانظر الخزانة 2/ 460. والحماسة 2/ 282 - 283، والشعراء 647، والاصابة 2/ 148 - 149 والاستيعاب وأسد الغابة. (¬3) الاغاني 21/ 63، والخزانة 2/ 458 - 463، والحماسة 2/ 280 - 281

ابنه خراشا فيمن أسروا. فوقع لرجل منهم فجهد به أن يخبره من هو فلم يفعل. فبينا الآسر وخراش في ماشية أضافه ابن عم له قد عرف خراشا، فقال له: أتعرف مكان أهلك؟ قال: نعم. فألقى عليه ثوبه مجيرا له. فأقبل الآسر بالسيف صلتا فقال: أسيري أسيري!! فقال: كذبت، قد أجرته. فكف عنه ولحق خراش بأبيه، فقال: من أجارك؟ فأخبره. قال: فمن الرجل؟ قال: ما أتيته. فمدحه أبو خراش وهو لا يعرفه. قال أبو عبيدة: وكان يقال: لم نعلم شاعرا مدح رجلا لا يعرفه إلا أبا خراش فقال (¬1): حمدت الهي بعد عروة إذ نجا … خراش وبعض الشّرّ أهون من بعض كأنّهم يشّبّثون بطائر … خفيف المشاش عظمه غير ذي نحض يبادر قرب اللّيل وهو مهابذ … يحثّ الجناح بالتّبسّط والقبض ولم يك مثلوج الفؤاد مهبّجا … أضاع الشّباب في الرّبيدة والخفض ولكنّه قد نازعته مخامص … على أنّه ذو مرّة صادق النّهض ولم أدر من ألقى عليه رداءه … سوى أنّه قد سلّ عن ماجد محض فو الله لا أنسى قتيلا رزئته … بجانب قوسى ما بقيت على الأرض على أنّها تعفو الكلوم وإنّما … نوكّل بالأدنى وإن جلّ ما يمضي قوله: (كأنهم) يعني الذين يعدون خلف خراش. والمشاش: رؤس العظام. ويقال لكل من استخف، خفيف المشاش. والنحض: بفتح النون وسكون الحاء المهملة، اللحم. ومهابذ: بالمعجمة، سريع. قال الأصمعي: أراد مهاذب، فقلبه. يقال: من هذب إذا عدا عدوا شديدا. وقال غيره: إنما هو مهابذ، بالمهملة، أي جاد. ¬

_ (¬1) الابيات في ديوان الهذليين على الترتيب التالي: 1 و 7 و 8 و 5 و 6 و 4 و 2 و 3.

فائدة: [أبو خراش]

قال العسكري: وهذا تصحيف، والقول ما قال الأصمعي. وقال الباهلي: أهبذ وأهذب أي أسرع واجتهد (¬1). ومثلوج الفؤاد: بارد ضعيف لا حرارة له ولا ذكاء. ومهبج كثير اللحم، ثقيل منفوخ الوجه (¬2). والربيدة: النعمة والخصب والدعة (¬3). والخفض: الاقامة. ونازعته: تناولته: ومخامص: جمع مخمصة. وذو مرة: ذو قوّة. وصادق النّهض: صاحب نهضات في الأمور صائبات. ورزئته: أي أصبت به، صفة قتيلا. وبجانب متعلق بقتيل. وقوسى: بفتح القاف، موضع (¬4). و (على أنها تعفو) في محل نصب على الحال، وعامله لا أنسى. والتقدير: أنا على عفاء كلوم، أي أذكره عافيا كلمى. وتعفو: تذهب وتبرأ. والكلوم: الجراحات. قال التبريزي: وعنى بها الحزن عند ابتداء الفجعة. وقال العسكري: انما يحزن لما يمسي حديثا وينسى ما مضى وإن جل، كما قال الآخر: ما شيء يعولك والاقدام تنساه وإن هو جل. والماجد: الكريم. ويروى: (على أنه قد سلّ) والمعنى: لا أعرف اسمه ونسبه، إلا أنه ولد كريم بما ظهر من فعله. والبيت: استشهد به المصنف على ورود على للاستدراك. وهكذا أورده صاحب الحماسة. والذي أورده العسكري في أشعار هذيل: (بلى انه) وعلى هذا فلا شاهد فيه. فائدة: [أبو خراش] أبو خراش، خويلد بن مرّة الهذلي الشاعر المشهور. قال المرزباني (¬5): ¬

_ (¬1) في ديوان الهذليين: (فهو مهابذ) يعني الطائر، فهو جاد ناج، وأصله (من مرّ يهذب). وانظر اللسان: (جنح) و (هبذ) و (هذب). (¬2) في ديوان الهذليين ورد البيت برواية: (مهبجا) بالباء الموحدة، وشرحه فقال: (مثقل). (¬3) في ديوان الهذليين ورد البيت برواية: (الربيلة) وشرحها بمعنى: (كثرة اللحم وتمامه). (¬4) قوسى: بفتح أوله، وضمه معا، كما في البكري والخزانة، على وزن (فعلى) موضع ببلاد هذيل، وفي التاج (موضع ببلاد السراة من الحجاز). وانظر اللآلي 901 (¬5) انظر الاصابة 2/ 148، والخزانة 3/ 232.

أدرك الاسلام شيخا كبيرا ووفد على عمر. وقال أبو الفرج الأصفهاني (¬1): كان أحد الفصحاء، أدرك الجاهلية والاسلام، ومات في أيام عمر. ثم روى من طريق الأصمعي قال: دخل أبو خراش الهذلي مكة في الجاهلية، وللوليد بن المغيرة فرسان يريد أن يرسلهما في الجاهلية، فقال: ما تجعل لي ان سبقتهما عدوا؟ قال: إن فعلت فهما لك، فسبقهما. وقال ابن الكلبي والأصمعي وغيرهما: مر على أبى خراش، وكان قد أسلم فحسن اسلامه، نفر من اليمن حجاجا فنزلوا عليه فقال: ما أمسى عندي ماء؟ ولكن هذه برمة وشاة وقربة، فردوا الماء فانه غير بعيد، ثم اطبخوا الشاة، وذروا البرمة والقربة عند الماء حتى نأخذهما فامتنعوا، وقالوا: لا نبرح. فأخذ أبو خراش القربة وسعى نحو الماء تحت الليل فاستقى ثم أقبل، فنهشته حية، فأقبل مسرعا حتى أعطاهم الماء، ولم يعلمهم ما أصابه. فباتوا يأكلون، فلما أصبحوا وجدوه في الموت، فأقاموا حتى دفنوه. فبلغ عمر خبره فقال: والله لولا أن يكون لأمرت أن لا يضاف يماني بعدها. ثم كتب إلى عامله أن يأخذ النفر الذين نزلوا بأبي خراش فيغرمهم ديته. وقال وكيع في الغرر: أنبأنا عليّ بن الحسين بن عبد الأعلى قال: قلت لأبي مشكل: إني أستحسن أبيات أبي خراش الهذلي: دعوت إلهي بعد عروة إذ نجا … خراش وبعض الشّرّ أهون من بعض فآليت لا أنسى قتيلا رزئته … بجانب قوسى ما مشيت على الأرض بلى، إنّها تعفو الكلوم وإنّما … توكّل بالأدنى وإن جلّ ما يمضي قال أبو مكلم، أحمد بن هشام التميمي، هذه سرقها من القلب العنبري، وأنشدني: للقلب بنتا لدى عنز تربضها … من أن يكون فراقها جهرا والقلب هذا من أصحاب النبيّ. ¬

_ (¬1) 21/ 47 - 48

فائدة: [ابن الدمينة]

222 - وأنشد: وقد زعموا أنّ المحبّ إذا دنا … يملّ وأنّ النّأي يشفي من الوجد (¬1) بكلّ تداوينا فلم يشف ما بنا … على أنّ قرب الدّار خير من البعد على أنّ قرب الدّار ليس بنافع … إذا كان من تهواه ليس بذي ودّ هذه الأبيات من قصيدة لعبد الله من الدمينة الخثعمي، أوّلها: ألا يا صبا نجد متى هجت من نجد؟ … لقد زادني مسراك وجدا على وجدي رأيت في أمالي القالي (¬2): حدثنا الرياحي قال: أنشدنا أحمد بن يحيى ثعلب ليزيد بن الطثرية، فذكر القصيدة وهي نحو عشرين بيتا، وفيها الأبيات الثلاثة المستشهد بها ومطلعها عنده: ألا هل من البين المفرّق من بدّ … ولا لليال قد تسلّفن من ردّ فائدة: [ابن الدّمينة] ابن الدّمينة إسمه عبد الله بن عبيد الله، أحد بني عامر بن تيم الله. والدّمينة اسم أمه، وهي بنت حذيفة السلولية، يكنى أبا السري. شاعر إسلامي. وكان بلغه أن رجلا من أخواله من سلول يأتي امرأته ليلا، فرصده حتى أتاها فقتله، ثم قتلها بعده، ثم اغتالته سلول بعد ذلك فقتلته. 223 - وأنشد: غدت من عليه بعد ماتمّ ظمؤها (¬3) ¬

_ (¬1) ديوانه 82، والاغاني 15/ 149، والحماسة 3/ 257، ومعاهد التنصيص 1/ 160 والحيوان 3/ 258 - 209، وجمع الجواهر 22 ونهاية الارب 2/ 158 (¬2) ذيل الامالي 104 (¬3) الخزانة 4/ 253، وابن عقيل 1/ 243، وشرح أدب الكاتب للجواليقي 349

قال ابن يسعون: هو لمزاحم بن عمرو العقيلي. وقال البطليوسي والتدمري: هو مزاحم بن الحارث. قال ابن سيدة: هو جاهلي. وقال أبو حاتم وأبو الفرج الأصبهاني: هو إسلامي. قال ابن يسعون: وأظنه أدرك الجاهلية والاسلام. وذكره الجمحي في الطبقة العاشرة من الشعراء الاسلاميين (¬1) وتمامه: تصلّ وعن قيض ببيداء مجهل وقبله: قطعت بشوشاة كأنّ قتودها … على خاضب يعلو الأماعز هيكل أذلك أم كدرية ظلّ فرخها … لقى بشرورى كاليتيم المعيّل وبعده: غدوا طوى يومين عند انطلاقها … كميلين من سير القطا غير مؤتل الشوشاة: بمعجمتين، الناقة الخفيفة. والقتود، بضم القاف والفوقية، آخره دال مهملة، أداة الرحل وعيدانه، الواحد قتد. والخاضب: بمعجمتين وموحدة هنا، ولد النعامة، وهو الذي أكل الربيع فاحمرّ ظنبوباه وأطراف ريشه. والظنبوب: مقدم عظم الساق. وقيل: الخاضب الذي قد خضب قوائمه في الربيع. والأماعز: جمع أمعز، وهي الأرض الغليظة ذات الحجارة. والهيكل: الضخم. ويروى بدله (مجفل) أي سريع الذهاب، وذلك إشارة الى الخاضب. وهو مبتدأ خبره محذوف لدلالة الحال. والمعنى: أذلك الخاضب يشبه ناقتي في خفتها وسرعتها أم كدرية. والكدرية: القطاة التي في لونها كدرة. والقطا نوعان: كدري وجوني، فالكدري: أغبر اللون. والجوني: أسود اللون. واللقي: بالفتح، الشيء المطروح لهوانه. وشروري: موضع، وقيل جبل (¬2). والمعيل: مفعل، من قولك: عالني الشيء يعيلني، ¬

_ (¬1) الطبقات 583 (¬2) في البكري 794: (شرورى: جبل بين العمق والمعدن، في طريق مكة الى الكوفة، وهي بين بني أسد وبني عامر).

إذا أعجزك. وأصله من العيلة، وهي الحاجة. وقد عال الرجل يعيل عيلا إذا افتقر. وقوله: (غدت من عليه) أي صارت من فوقه، يعني من فوق الفرخ. فعلى هنا اسم. وقيل: معناه من عنده، فيكون (على) هنا بمعنى عند، قاله التدمري في شرح أبيات الجمل. قال أبو حاتم: قلت للأصمعي: كيف؟ قال: غدت من عليه. والقطا: انما يذهب إلى الماء ليلا لا غدوة، فقال لم يرد الغدو، وانما: هذا الجنس مثل للتعجيل. والظمء: بكسر المعجمة، مدة بقاء الابل والطير بلا شرب، ويروى: (خمسها) (¬1). وتصل: بكسر الصاد المهملة، تصوّت أحشاؤها من العطش، مأخوذ من الصليل، وهو صوت الحديد ونحوه. ويروى بدله: (تذل) أي تذهب كل مذهب من شدة سرعتها. والقيض: بقاف وتحتية ومعجمة، قشر البيض. والبيداء: المفازة. ويروى بدله (بزيزاء) بكسر الزاي الأولى وفتحها. وهي الأرض الغليظة الصلبة. وقيل: المفازة التي لا أعلام فيها، لأن وزن المكسورة فعلال كقرطاس، ووزن المفتوحة فعلاء كحمراء. وقال ابن يسعون: الزيز: القطا المذكر، وهمزته للالحاق، وفتح زائه لغة هذيل والمفرد زيزاة. والمجهل: بفتح الميم والهاء، القفر الذي لا أعلام فيه يهتدي بها. والمؤتل: المقصر في قوله تعالى (وَلا يَأْتَلِ) أي لا يقصر. ومطلع هذه القصيدة: خليليّ عوجا بي على الرّبع نسأل … متى عهده بالظّاعن المتحمّل 224 - وأنشد: هوّن عليك، فإنّ الأمو … ر بكفّ الإله مقاديرها (¬2) فليس بآتيك منهيّها … ولا قاصرا عنك مأمورها هما للأعور الشنيّ، كذا في الحماسة البصرية، وفي شرح أبيات الكتاب للزمخشري. وقال في: ولا قاصرا عنك مأمورها ¬

_ (¬1) في شرح أدب الكاتب 450: (أي غدت القطاة من فوق فرخها، وكانت تحضنه). والظمء: ما بين الشربتين. ويروى: بعد ما تم خمسها. والخمس سير أربع ليال تصل، أي يسمع لجوفها صوت من العطش. (¬2) سيبويه 1/ 31.

ثلاثة أوجه. أحدها: أن يكون مأمورها مبتدأ وقاصر خبره، ثم تكون الجملة بأسرها معطوفة على الجملة الأولى، كقولك: ما زيد قائما ولا عمرو منطلق. الثاني: ان تنصب قاصرا وتعطف على محل بآتيك، كأنه قال: فليس منهيها آتيا لك، ولا مأمورها قاصرا عنك. والعامل في الاسمين الأولين والمعطوف عليهما عامل واحد، وهو ليس، كقولك: ليس زيد قائما ولا عمرو منطلقا. الثالث: أن تجر قاصر او تعطفه على آتيك، ثم لا يخلو اما أن يكون مأمورها بمنزلة منهيها، محمولا على ليس، وهو من باب العطف على عاملين، لأنك أنبت الواو مناب ليس، والباء في بآتيك زائدة، واما أن تجعله من قولنا: ليس أمة الله بذاهبة ولا قائم أخوها، بعطف قائم على ذاهبة، وأخوها رفع بقائم، فيخبر عن أمة الله بذهابها وبقيام أخيها، فتكون قد عطفت خبرا على خبر، فكذلك قاصر معطوف على بآتيك، ومأمورها رفع بقاصر، وتكون قد أخبرت عن منهيها بقصور المأمور. وكان القياس على هذا مأموره. الا أن المنهى لما كان بعض الأمور أنث فعله كذهبت بعض أصحابه. ومعنى إضافة المأمور الذي يكون مع المنهى ويذكر معه ويقرن به، لأن الاضافة تكون بأدنى سبب. وفي هذا الوجه الثالث تعسف. وقاصر عنك: مقصر عن اتيانك، انتهى. ثم رأيت البيهقي قال في كتاب الأسماء والصفات مانصه: وأما قوله: في كف الرحمن، فمعناه عند أهل النظر، في ملكه وسلطانه. ومنه قول عمر بن الخطاب إن صح فيما أخبرنا أبو نصر بن قتادة قال أبو العباس محمد بن اسحق الضبعي، حدّثنا الحسين بن علي بن زياد، حدثنا إسمعيل بن أبي أوس، حدثني محمد بن عتبة الخراز عن حماد بن عمرو الاسدي، عن حماد بن ثلج، عن ابن مسعود قال: كان عمر بن الخطاب كثيرا ما يخطب ويقول على المنبر: خفّض عليك فإنّ الأمو … ر بكفّ الإله مقاديرها فليس بآتيك منهيّها … ولا قاصر عنك مأمورها أي في مالك الأله وقدرته، إنتهى. 225 - وأنشد: وما أصاحب من قوم فأذكرهم … إلّا يزيدهم حبّا إليّ هم

تقدم شرحه في شواهد (أم) في ضمن قصيدة زياد بن حمل (¬1). 226 - وأنشد: قد بتّ أحرسه وحدي ويمنعني … صوت السّباع به يضبحن والهام هذا من قصيدة للنمر بن تولب، أوّلها: شطّت بجمرة دار بعد إلمام … نأي وطول تعاد بين أقوام حلّتّ بتيماء في حيّ إذا احتملوا … في الصّبح نادى مناديهم بأشآم الى أن قال: ومنهل لا ينام القوم حضرته … من المخافة أجن ماؤه طامي قد بتّ أحرسه وحدي ويمنعني … صوت السّباع به يضبحن والهام قوله: شطت: أي بعدت. وجمرة: بجيم وراء زوجته، وهي من بني أسد. وإلمام وتعاد، يقول: قومها وقومي متعادون فلا أقدر عليها. وتيماء: موضع بالشام. والاشآم: الأخذ نحو الشام. ومنهل: أي رب منهل لا ينام القوم فيه، بل يستوحشون من السباع ويفرقون. وأحرسه: أي أحترس فيه. ويضبحن: بضاد معجمة وباء موحدة وحاء مهملة، يصوّتن. والهام: طير الليل، الواحد هامة. وأورده الزمخشري: قد بتّ أحرسه ليلا ويسهرني ¬

_ (¬1) انظر ص 135 - 137

شواهد عن

شواهد عن 227 - وأنشد: لاه ابن عمّك لا أفضلت في حسب … عنّي، ولا أنت ديّاني فتخزوني (¬1) هو لذي الأصبع واسمه حرثان بن السموأل (¬2) وقيل ابن محارب العدواني، وأوّل القصيدة (¬3): يا من لقلب شديد الهمّ محزون … أمسى تذكّر ريّا أمّ هرون أمسى تذكّرها من بعد ما شحطت … والدّهر ذو غلظة حينا وذولين فإن يكن حبّها أضحى لنا شجنا … وأصبح الوأي منها لا يؤاتيني فقد غنينا وشمل الدّار يجمعنا … نطيع ريّا وريّا لا تعاصيني نرمي الوشاة فلا نخطي مقاتلهم … بخالص من صفاء الودّ مكنون ¬

_ (¬1) الاغاني 3/ 104 (الدار) و 3/ 99 (الثقافة)، والخزانة 3/ 222، وابن عقيل 1/ 242، والامالي 1/ 93 واللآلي 289. والاساس (خزي). والمؤتلف والمختلف 118 وابن الشجري 1/ 363. (¬2) وكذا في اللآلي 289، وفي الكامل 18 و 326 وامالي المرتضى 1/ 244 (حرثان بن الحارث بن محرّث) (¬3) القصيدة في الاغاني 3/ 104 - 106 (الدار)، والخزانة 3/ 222 - 230، والامالي 1/ 254 - 257 وانظر الشعراء 689، وأمالي المرتضى 1/ 251 - 252، وهي المفضلية رقم 31، وانظر المفضليات ص 159 - 164 والعقد 2/ 328 و 363.

ولي ابن عمّ على ما كان من خلق … مختلفان فأرميه ويرميني أزرى بنا أنّنا شالت نعامتنا … فخالني دونه إذ خلته دوني لاه ابن عمّك لا أفضلت في حسب … عنّي ولا أنت ديّاني فتخزوني ولا تقوت عيالي يوم مسغبة … ولا بنفسك في الضّرّاء تكفيني (¬1) فإن ترد عرض الدّنيا بمنقصتي … فإنّ ذلك ممّا ليس يشجيني ولا ترى فيّ غير الصّرم منقصة (¬2) … وما سواه فإنّ الله يكفيني لولا أواصر قربى لست تحفظها … ورهبة الله فيمن لا يعاديني إذا بريتك بريا لا انجبار له … إنّي رأيتك لا تنفكّ تبريني إنّ الّذي يقبض الدّنيا ويبسطها … إن كان أغناك عنّي سوف يغنيني الله يعلمني والله يعلمكم … والله يجزيكم عنّي ويجزيني ماذا عليّ وإن كنتم ذوي رحمي … أن لا أحبّكم إذ لم تحبّوني لو تشربون دمي لم يرو شاربكم … ولا دماؤكم جمعا تروّيني ولي ابن عمّ لو انّ النّاس في كبد … لظلّ محتجزا بالنّبل يرميني يا عمرو إن لا تدع شتمي ومنقصتي … أضربك حيث تقول الهامة اسقوني كلّ امرئ صائر يوما لشيمته … وإن تخلّق أخلاقا إلى حين (¬3) ¬

_ (¬1) في المفضليات والأمالي واللآلي .. (في العزّاء). (¬2) في المفضليات: (الصبر). (¬3) في الكامل 18 برواية: (كل امرئ راجع ... وإن تمتع أخلاقا ..).

إنّي لعمرك ما بابي بمنغلق … على الصّديق ولا خيري بممنون (¬1) ولا لساني على الأدنى بمنطلق … بالمنكرات، ولا فتكي بمأمون لا يخرج القسر منّي غير مغضبة (¬2) … ولا ألين لمن لا يبتغي ليني وأنتم معشر زيد على مائة … فأجمعوا أمركم شتّى فكيدوني (¬3) فإن علمتم سبيل الرّشد فانطلقوا … وإن جهلتم طريق الرّشد فأتوني يا ربّ ثوب حواشيه كأوسطه … لا عيب في الثّوب من حسن ومن لين يوما شددت على فوهاء فاهقة … يوما من الدّهر تارات تؤاتيني (¬4) قد كنت أعطيكم مالي وأمنحكم … ودّي على مثبت في الصّدر مكنون يا ربّ حيّ شديد الشّغب ذي لجب … ذعرت من راهن منكم ومرهون (¬5) رددت باطلهم من رأس قائلهم … حتّى يظلّوا خصوما ذا أفانين يا صاح لو كنت لي ألفيتني يسرا (¬6) … سمحا كريما أجازي من يجازيني قوله مختلفان: قال المصنف في بعض تعاليقه: لما قال: لي ابن عم، علم أنهما اثنان، فقال مختلفان، أي نحن. وأزرى: قصر. وقوله: (شالت نعامتنا) أي تفرّق أمرنا. وقوله: (لاه ابن عمك). أصله: لله درّ ابن عمك، فحذف المضاف وأناب عنه المضاف إليه، وحذف من لله لام الجر، واللام التي بعدها. و (عنّي) بمعنى عليّ ¬

_ (¬1) في المفضليات: (ما بابي بذي غلق عن الصديق). (¬2) في المفضليات: (غير مأبية). (¬3) في الكامل 450 (فاجمعوا كيدكم طرا). (¬4) رواية المفضليات: (على فرغاء فاهقة … تارات تماريني) (¬5) رواية المفضليات: (بل يا رب ... دعوتهم راهن منهم ومرهون) (¬6) رواية المفضليات: (يا عمرو لو لنت لي ألفيتني يسرا).

فائدة: [ذي الأصبع]

وفيه الشاهد (¬1) وأنشده في الاغاني فقال: (شيأ) بدل (عنّي) فلا شاهد فيه على هذا. والديان: القائم بالأمر. وتخزوني: تسوسني، يقال: خزاه يخزوه خزوا، أي ساسه، وقهره. فأما من الخزي، وهو الهوان والذل، فإنما يقال خزي يخزي. قوله: (حيث تقول الهامة اسقوني) قال القالي: يعني رأسه، لأن العرب تزعم أن القتيل يخرج من هامته طائر، يسمى الهامة، فلا يزال يصيح على قبره: اسقوني اسقوني، حتى يقتل قاتله. فائدة: [ذي الأصبع] ذي الأصبع، اسمه حرثان بن الحارث بن عمرو بن عبادة بن يشكر بن عدوان العدواني، شاعر فارس من قدماء الشعراء في الجاهلية. وسمي ذا الأصبع، لأنه نهشته حية في أصبعه فيبست. وقال الآمدي (¬2): لأن أفعى ضربت إبهام رجله فقطعها. وهو أحد الحكماء الشعراء. 228 - وأنشد: ومنهل وردته عن منهل قال ابن الأعرابي في نوادره، أنشدني بكير بن عبد الربعي: أزيد زيد اليعملات الذّبّل (¬3) … خوائفا في كلّ سهب مجهل معصّبات باللّغام الأشكل … ينفضنه عن سبطات هذّل على خشاش وذفار همّل … إذ بدر السّراب فوق الأعيل ليس بذي شرب ولا ذي مأكل … يمنين منه بغلام قلقل ¬

_ (¬1) في حاشية امالي المرتضى 1/ 252: (الأحسن ان يقدر هاهنا فعل يتعلق (عن) به، هكذا هو عند المحققين). (¬2) المؤتلف والمختلف 118. (¬3) سيأتي هذا الشطر في الباب الرابع من قصيدة منسوبة الى عبد الله بن وكذا في سيرة ابن سيد الناس 2/ 154 وفي شواهد سيبويه الى أحد أولاد جرير وفي الكامل 952 لعمرو بن لجأ.

ليس بعذّال ولا معذل … حمّال أثقال الرّفيق معطل متى تمنّى الخير منه يقبل … في غير لا منّ ولا تعلّل ومنهل وردته عن منهل … فقرية الأعطان لم تسهل عليه نسج العنكبوت المرمل … طال فلم يقطع ولم يوصل قردانه هزلى كحبّ الحنظل … يا زيد هل عندك من معوّل من صاحب يدنو وإن قلت ارحل … قد خفت أن أرعل إن لم أقتل ينبت رأس العظم دون المفصل … وإن يرد ذلك لا يخصل قال ابن الاعرابي: الأعبل. حجارة بيض، ويقال: ضربه ضربة واحدة فأقنبه، إذا قطعه. لا يخصل: لا يجعله قطعا. 229 - وأنشد: وآس سراة القوم حيث لقيتهم … ولا تك عن حمل الرّباعة وانيا هذا من قصيدة للاعشى ميمون، ومطلعها (¬1): ذريني لك الويلات آتي الغوانيا … متى كنت زرّاعا أسوق السّوانيا (¬2) سأوصي بصيرا إن دنوت من البلى … وكلّ امرئ يوما سيصبح فانيا ¬

_ (¬1) رويت هذه القصيدة عن طريق أبي عمرو الشيباني، وقطع شارح ديوان الأعشى على أنها ليست لاعشى ميمون وانها لاعشى آخر، وهي في ديوانه 328 - 331 القطعة 66، ويروى (سراة الحيّ). (¬2) وبعده كما في الديوان: ترجى شراء من سياس ومثلها … ومن قبلها ما كنت للمال راجيا

بأن لا تبغي الودّ من متباعد (¬1) … ولا تنأ إن أمسى بقربك راضيا وذو السّوء فاشنأه وذو الودّ فاجزه (¬2) … على ودّه أو زد عليه الغلانيا وآس سراة القوم حيث لقيتهم … ولا تك عن حمل الرّباعة وانيا وإن بشر يوما أحال بوجهه … عليك فحل عنه وإن كنت دانيا (¬3) وإنّ تقى الرّحمن لا شيء مثله … فصبرا إذا تلقى السّحاق الغراثيا وربّك لا تشرك به إنّ شركه … يحطّ من الخيرات تلك البواقيا بل الله فاعبد لا شريك لوجهه … يكن لك فيما تكدح اليوم راعيا وإيّاك والميتات لا تقربنّها … كفى بكلام الله عن ذاك ناهيا ولا تعدنّ النّاس ما لست منجزا … ولا تشتمن جارا لطيفا مصافيا ولا تزهدن في وصل أهل قرابة … ولا تك سبعا في العشيرة عاديا وإن امرؤ أسدى إليك أمانة … فأوف بها إن متّ سمّيت وافيا (¬4) ولا تحسد المولى وإن كان ذا غنى (¬5) … ولا تجفه إن كنت في المال غانيا ولا تخذلنّ القوم إن ناب مغرم … فإنّك لا تعدم إلى المجد داعيا ¬

_ (¬1) في الديوان: (بأن لا تأنّ الود). (¬2) رواية الديوان: فذا الشّن فاشنأه وذا الود .. (¬3) في الديوان (وان كان دانيا). (¬4) وبعد هذا البيت في الديوان البيت الاخير من القصيدة حسب ترتيب السيوطي وهو (وجارة جنب). (¬5) في الديوان: ولا تحسدن مولاك إن كان ذا غنى.

وكن من وراء الجار حصنا ممنّعا … وأوقد شهابا يسفع النّاس حاميا (¬1) وجارة جنب البيت لا تبغ سرّها … فإنّك لا تخفى من الله خافيا الغواني: جمع غانية، الجواري الشابات. والسواني: جمع سانية، وهي البعير الذي يستقى عليه. والتأني: الترفق والتلطف. والشنؤ: مثل الشنع، العداوة والبغض. والغلانية: بالمعجمة، الاسراف في الامر والافراط فيه، وفعله غلوت. وآس سراة القوم: أي أنلهم من مالك واجعلهم فيه إسوة، يقال آساه بماله مؤاساة. ورباعة الرجل: بكسر الراء، فخذه الذي هو منها. قوله: (ولا تك ... الخ) يقول: إذا حملوا فاحمل معهم. وأحال بوجهه: ولاه وصرفه. وعليك، بمعنى عنك. والسحاق: البعاد (¬2). وتكدح: تعمل وتسعى. وراعيا: حافظا. وأسدى: ألقى. والشهاب: النار. ويسفع: يحرق. وحاميا: شديد الحر. وسرّها: نكاحها. 230 - وأنشد: أتجزع أن نفس أتاها حمامها … فهلّا الّتي عن بين جنبيك تدفع (¬3) قال الآمدي في المؤتلف والمختلف: هذا لزيد بن رزين بن الملوّح، أخو بني مرّ ابن بكر، شاعر فارس، وهو القائل: إنّ أخا المكاره الورد وارد … وإنّك مرأى من أخيك ومسمع وإنّك لا تدري أبا لمكث تبتغي … نجاح الّذي حاولت أم تتسرّع وإنّك لا تدري أشيء تحبّه … أم اخر، ممّا تكره النّفس، أنفع أتجزع أن نفس أتاها حمامها … فهل أنت عمّا بين جنبيك تدفع ¬

_ (¬1) في الديوان: (يسفع الوجه). (¬2) والغراث - كما في البيت: جمع غرثان، وهو الجائع. (¬3) شرح التبريزي 1/ 378 وذيل الأمالي 105 وانظر ذيل اللآلي 49.

هكذا أنشده ولا شاهد فيه على هذا. والحمام: بكسر الحاء، الموت. ثم رأيت في أمالي القالي، قال الرياشيّ، قال العتبى (¬1): قال رجل من محارب يعزّي ابن عم له على ولده: وإنّ أخاك الكاره الورد وارد … وإنّك مرأى من أخيك ومسمع وإنّك لا تدري بأيّة بلدة … صداك ولا عن أيّ جنبيك تصرع أتجزع إن نفس أتاها حمامها … فهلّا الّتي عن بين جنبيك تدفع 231 - وأنشد: أعن ترسّمت من خرقاء منزلة … ماء الصّبابة من عينيك مسجوم (¬2) هو لذي الرّمّة. أخرج ابن عساكر عن الأصمعي قال (¬3): كان سبب تشبيب ذي الرّمة بخرقاء، أنه مرّ في بعض أسفاره ببعض البوادي، فإذا خرقاء خارجة من خباء، فنظر إليها (لها) (¬4)، فوقعت في قلبه، فخرّق إداوته ودنا منها يستطعم بذلك كلامها، فقال لها: إنّي رجل على ظهر سفر، وقد تخرّقت إداوتي فأصلحيها، فقالت: والله لا أحسن العمل، وإني لخرقاء (¬5) وفيها يقول: أعن ترسّمت من خرقاء منزلة … ماء الصّبابة من عينيك مسجوم تثني الخمار على عرنين أرنبة (¬6) … شمّاء مارنها بالمسك مرثوم هام الفؤاد بذكراها وخامره … منها على عدواء النّأي تسقيم (¬7) ¬

_ (¬1) ذيل اللآلي 105 (¬2) الخزانة 4/ 314 وديوانه 567، واللسان والتاج (عن) و (رسم)، والاغاني 16/ 118. (¬3) انظر الخزانة، والشعراء 509 - 510. (¬4) مزيدة. (¬5) الخرقاء: التي لا تعمل بيدها شيئا لكرامتها على أهلها. (¬6) في ديوانه (تثني النقاب). (¬7) في ديوانه: (عدواء الدار).

تعتادني زفرات حين أذكرها … تكاد تنقضّ منهنّ الحيازيم (¬1) ترسمت: تبينت ونظرت هل ترى منزل خرقاء. وماء الصبابة: الدمع. وسجمت العين: قطر دمعها وسال. وخرقاء: امرأة من بني عامر بن ربيعة، وفيها يقول أيضا (¬2). تمام الحجّ أن تقف المطايا … على خرقاء واضعة اللّثام والصبابة: الشوق. ومسجوم: سائل. ومن أبيات القصيدة بيت يستدلون به على (هنّا) بفتح الهاء وتشديد النون، وهو (¬3). هنّا وهنّا ومن هنّ لهنّ بها … ذات الشّمائل والأيمان هينوم وهينوم مبتدأ خبره لهنّ. وذات ظرف له. والأيمان: تقديره: وذات الأيمان. وهو من الهيمنة، وهو الصوت الخفي. ومن أبياتها بيت يستدلون به على ورود قد مع المضارع للتكثير، لأن فيه افتخارا وهو (¬4): قد أعسف النّازح المجهول معسفه … في ظلّ أخضر يدعو هامه البوم العسف: المشي على غير بصيرة في الطريق. والنازح: البعيد. والمجهول: الذي لا يكاد يسلكه الناس. والظل: الستر. والأخضر: أراد به الليل الأسود، لأن الخضرة إذا اشتدّت صارت سوادا. 232 - وأنشد: فلقد أراني للرّماح دريئة … من عن يميني مرّة وأمامي (¬5) ¬

_ (¬1) في الديوان: (.. من تذكرها ... تنفض). (¬2) ديوانه 673. (¬3) ديوانه: ص 576، واللسان (هنم) و (هنا). (¬4) ديوانه 574 وفيه: (في ظل أغضف). واللسان (هوم) و (خضر) و (ظلل) و (عمق)، والتاج: أهيم) و (غضف) واساس البلاغة: (عسف). (¬5) الخزانة 4/ 258، وابن عقيل 1/ 243، والامالي 2/ 190 والحماسة 1/ 131

هذا من قصيدة لقطري بن الفجاءة المازني التميمي، يكنى أبا نعامة من الشجعان المشاهير، وقبله: لا يركنن أحد إلى الإحجام … يوم الوغى متخوّفا لحمام وبعده: حتّى خضبت بما تحدّر من دمي … أكناف سرجي أو عنان لجامي ثمّ انصرفت وقد أصبت ولم أصب … جذع البصيرة قارح الإقدام ركن إلى الشيء: مال إليه. ويركن: بفتح الكاف في الماضي، وكسرها في المضارع، وعكسه وبالفتح فيهما، على التداخل. والاحجام: النكوص. والاجحام: بتقديم الجيم، مثله أيضا، وهو مقلوب. وقالوا أيضا أجحم، إذا أقدم، بتقديم الجيم. وأحجم بتأخيرها: اذا نكص. والاحجام: مطاوع حجمت، أي كففت ومنعت. والوغى: الحرب. والمتخوف: الخائف شيأ بعد شيء؛ ونصبه على الحال من أحد، وان كان نكرة، لوقوعه في سياق النهي. وقد استشهد به المصنف في التوضيح على ذلك. والحمام: الموت. والدريئة: بدال مهملة، وهمز، وتركه، فعيلة من الدرء، وهو الدفع. ومن الدّري، وهو الختل، وبهذا سمي البعير الذي يسيب فتألفه الوحش ولا تنفر منه فيجيء صاحبه يستتر به فيرمي الوحش (فيصطاد) (¬1). والحلقة التي يتعلم عليها الطعن: (درية) «1». قال التبريزي (¬2): ويمكن حملها في البيت عليهما معا، فان أريد الحلقة المذكورة فالمراد أن الطعن يقع فيه كما يقع في تلك، وإن أراد الدابة التي يستتر بها فالمراد انه يتّقى به فيصير سترة لغيره من الطعن، كما تكون تلك الدابة سترة للصائد، وعلى هذا يكون معنى (للرماح) من أجل الرماح. وقوله: (من عن) متعلق بأراني ونحوه، مقدرا و (عن) هنا اسم، والمعنى من جانب عيني انتهى. وقال في موضع آخر: قال أبو زيد: ان درية الصيد خاصة غير مهموز و (أو) في البيت الأخير ليست للشك بل للتقسيم، أي تارة هذا وتارة هذا بحسب، وقع ¬

_ (¬1) مزيدة. (¬2) 1/ 131

الطعن، فالعنان لما سال من أعاليه، وجوانب السرج لما سال من أسافله. وقوله: جذع البصيرة، أي فتى الاستبصار، أي وأنا على بصيرتي الاولى. وقارح الاقدام: أى مقرّح الاقدام. وقطري هذا كان خارجيا، سلّم عليه بالخلافة ثلاث عشرة سنة، حتى قتله عسكر عبد الملك بن مروان سنة تسع وسبعين. 233 - وأنشد: على عن يميني مرّت الطّير سنّحا وتمامه: وكيف سنوح واليمين قطيع سنّحا: بضم السين وتشديد النون، جمع سانح. تقول: سنح الطير يسنح سنوحا، إذا مرّ من مياسرك إلى ميامنك. والعرب تتيمن بالسانح، وتتشاءم بالبارح، قاله الجوهري. وقال غيره: للعرب في ذلك طريقان، فأهل نجد يتيمنون بالسانح دون البارح، وأهل الحجاز بعكس ذلك. وقوله: (على): متعلّق بمرّت، وسنّحاحال و (عن) في البيت اسم لدخول على عليها. والمعروف عند كونها اسما أن تجر (عن) ولا يحفظ جرّها (بعلى) سوى في هذا البيت خاصة. 234 - وأنشد: دع عنك نهبا صيح في حجراته هو مطلع أبيات لامرئ القيس بن حجر الكندي، قالها حين أغارت عليه بنو جذيلة، فذهبت بإبله، فلحق بهم جار لهم، يقال له خالد، فردّها، ثم انتقل هو فنزل في بني ثعل وتمامه (¬1): ولكن حديثا ما حديث الرّواحل ¬

_ (¬1) انظر ديوانه 94 - 96

كأنّ دثارا حلّقت بلبونه … عقاب تنوفى لا عقاب القواعل تلعّب باعث بذمّة خالد … وأودى عصام في الخطوب الأوائل وأعجبني مشي الحزقّة خالد … كمشي أتان حلّئت بالمناهل أبت أجأ أن تسلم العام جارها … فمن شاء فلينهض لها من مقاتل تبيت لبوني بالقريّة أمّنا … وأسرحها غبّا بأكناف حائل بنو ثعل جيرانها وحماتها … وتمنع من رماة سعد ونائل تلاعب أولاد الوعول رباعها … دوين السّماء في رؤوس المجادل مظلّلة حمراء ذات أسرّة … لها حبك كأنّها من وصائل قوله: نهبا: ما يغار عليه. وحجراته: بفتح الحاء والجيم، نواحيه. والرواحل: الابل. ودثار بن فقعس بن طريف من بني أسد، راعي امرئ القيس. وحلقت: من التحليق. واللبون: الابل ذات اللبن. والعقاب: الطائر المعروف. وتنوفي: بفتح المثناة الفوقية وضم النون وفاء، جبل عال. والقواعل: جبال صغار. وفي أمالي ثعلب (¬1): القوعلة والقيعلة: الأكمة، والجمع قواعل. وأنشد البيت. قال ابن الكلبي: أخبث العقبان ما أرى في الجبال المشرفة. وهذا مثل، أراد كأن دثارا ذهبت بلبونه ذاهبة، أي آفة. وأراد: أنه أغير عليه من قبل تنوفى. والبيت استشهد به المصنف في التوضيح على جواز العطف (بلا) على معمول الفعل الماضي، خلافا لمن منعه. وباعث، وخالد، وعصام: رجال. والخطوب: الأمور. والحزقّة: بضم الحاء المهملة وتشديد القاف، القصير. وإتان: حمارة. وحلئت: طردت عن الماء. وأجأ: جبل. والقرية: موضع. أمّنا: آمنة. وغبّا: أحيانا. وأكناف: نواحي. وحائل: موضع. وسعد ونائل: قبيلتان. والوعول: غنم الجبال. ورباعها: أولادها التي ولدت في الربيع، الواحد ربع. والمجادل: الجبال العالية. ومظللة: مغطاة (¬2). وأسرّة: طرائق، وكذا حبك. ووصائل: ثياب حمر مخططة. ¬

_ (¬1) ص 465 - 466. (¬2) في الديوان: (مكللة).

شواهد عوض

شواهد عوض 235 - وأنشد: حلفت بمائرات حول عوض … وأنصاب تركن لدى السّعير (¬1) مائرات: صفة لمحذوف، أي بدماء مائرات، أي متموّجات. والأنصاب: ما نصب ليعبد من دون الله. والسعير: اسم صنم كان لعنزة. ¬

_ (¬1) سعير - بضم أوله وفتح ثانيه بعده ياء ساكنة وآخره راء مهملة -: صنم لعنزة، كما في الاصنام 41، وقال محقق الاصنام: (نص ياقوت على أنه بلفظ التصغير وآخره راء مهملة. واما العلامة: Wellhausen فأورده أيضا على وزن أمير. وكأني به قد اعتمد على طابع (لسان العرب) فإنه كتبه (سعير) ولكن صاحب لسان العرب نفسه لم ينبه على ذلك ولم يضبطه بالحروف، وعبارة الصحاح توهم هذا الوهم أيضا. قال في التاج: وغلط من ضبطه كأمير. نبه عليه صاحب العباب). وفي الهامش 2 ص 42 من الاصنام: (في الصحاح): السّعير: النار، والسّعير من قول الشاعر: حلفت بمائرات حول عوض … وأنصاب تركن لدى السعير قال ابن الكلبي: هو اسم صنم كان لعنزة خاصة.

شواهد عسى

شواهد عسى 236 - وأنشد: يا أبتا علّك أو عساكا (¬1) هو لرؤبة وصدره: تقول بنتي قد أنى أناكا أي حان وقت رحيلك، يقال: أنى يأنى إنى، أي حان. وأناك: بفتح الهمزة وتخفيف النون. ومعنى البيت: انها قالت: قد جاء زمن سفرك علك تجد رزقا. وفي البيت شواهد، أحدها: وهو الذي أورده المصنف له، وقوع المضمر المنصوب المتصل بعد عسى. الثاني: دخول تنوين الترنم في عسى، كذا ذكره بعض شراح الايضاح. الثالث: الجمع بين العوض والمعوّض في أبتا، لأن الألف والتاء عوضان من ياء المتكلم، وعلى ذلك أورده ابن أم قاسم في شرح الألفية. الرابع: استعمال على بمعنى لعل. 237 - وأنشد: عسى الكرب الّذي أمسيت فيه … يكون وراءه فرج قريب (¬2) ¬

_ (¬1) الخزانة 2/ 441. (¬2) سبق ص 277 وهو في الخزانة 4/ 81، وابن عقيل 1/ 132 بالاضافة الى المراجع السابقة.

هذا من قصيدة لهدبة بن خشرم بن كرز بن حجير بن أسحم بن عامر العذري، قالها وهو مسجون بسبب القتيل الذي قتله، وقد تقدّمت قصته في شواهد إذا، أوّلها: طربت وأنت أحيانا طروب … وكيف وقد تغشّاك المشيب يجدّ النّأي ذكرك في فؤادي … إذا ذهلت عن النّائي القلوب يؤرّقني اكتئاب أبي نمير … فقلبي من كآبته كئيب عسى الكرب الّذي أمسيت فيه … يكون وراءه فرج قريب فقلت له: هداك الله مهلا … وخير القول ذو اللّبّ المصيب فيأمن خائف ويفكّ عان … ويأتي أهله الرّجل الغريب الكرب: أشد من الغم. وأمسيت: دخلت في المساء. ويروى بضم التاء وفتحها، و (فيه) متعلق به في موضع نصب على الظرف. قال ابن يسعون: ويجوز ان يكون أمسيت بمعنى صرت، و (فيه) في موضع نصب على الخبر متعلقا بمحذوف، ويكون خبر عسى وهي تامّة لاخبر لها. ووراءه: ظرف متعلق بها، أي خلفه وأمامه، ويجد النأي: أي يحقق ويجدّد. والنأي: البعد. ويؤرّقني: يسهرني. والاكتئاب: الحزن. وأبو نمير: صديق له زاره في السجن. واللب: العقل. والعاني: الأسير. وآخر أبيات هذه القصيدة: وإن يك صدر هذا اليوم ولّى … فإنّ غدا لناظره قريب 238 - وأنشد: أكثرت في العذل ملحّا دائما … لا تكثرن إنّي عسيت صائما (1) الخزانة 4/ 77، وابن عقيل 1/ 131، ويروى: (أكثرت في اللوم ...).

لا يعرف له قائل. كما قاله عبد الواحد الطراح في كتابه بغية الامل، وتبعه أبو حيان والمصنف. وقال العيني: وقيل إن قائله رؤبة. ويروى: (لا تلحني) بدل (لا تكثرن) وهو بفتح الحاء، يقال لحيته ألحاه لحيا، إذا لمته. والعذل: بالذال المعجمة، الملامة. وملحا: اسم فاعل من ألح يلح إلحاحا، وهو نصب على الحال. 239 - وأنشد: عسى طيّئ من طيّئ بعد هذه … ستطفئ غلّات الكلى والجوانح (¬1) قائله قسام بن رواحة السّنبسيّ من شعراء الحماسة (¬2) وقبله: لبئس نصيب القوم من أخويهم … طراد الحواشي واستراق النّواضح وما زال من قتلى رزاح بعالج … دم ناقع أو جاسد غير ماصح دعا الطّير حتّى أقبلت من ضريّة … دواعي دم مهراقة غير بارح عسى طيّئ من طيّئ بعد هذه … ستطفئ غلّات الكلى والجوانح قال المرزوقي: يريد بأخويهم صاحبيهم. والعرب تقول: يا أخا بكر، يريد واحدا منهم. والحواشي: صغار الابل ورذالها. والنواضح: التي يستقى عليها الماء. واحدتها ناضحة، وسميت بذلك لأنها تنضح الزرع والنخل. يقول: مذموم في انصباء القوم من صاحبيهم طرد الابل وسوقها وسرقة البعران التي يستقى عليها. وإنما جعل الطرائد حواشي الابل ونواضحها ازراء بهما، والقصد بالبيت التعريض بمن وجب عليه أن يطلب دم صاحبيه، فاقتصر على الاغارة عليهم وسرقة الابل منهم. وفيه جر وبعث على طلب الدم. وقتلى: جمع قتيل. ورزاح: براء ثم زاي وحاء ¬

_ (¬1) الخزانة 4/ 87، وشرح الحماسة للتبريزي 3/ 12 والمؤتلف والمختلف 127. (¬2) اختلف في اسمه، فقيل قسام، وقسامة، وقسّام بتشديد السين المهملة، وانظر الحماسة 3/ 12 ومعجم الشعراء 225 والمؤتلف والمختلف 127 واللسان (قسام). والخزانة

مهملة، قبيلة. وعالج: اسم مكان (¬1). والناقع: الثابت، ومصدره النقوع. والماصح: بميم وصاد وحاء مهملتين، الزائل الدارس. وضرية: اسم بلاد تشتمل على جبال (¬2). ودواعي: فاعل دعا. ومهراقة: مصبوبة. وغير بارح: أي زائل. والقصد بالبيتين التذكير بدماء المقتولين، وفيهما بعث شديد وحض بليغ على طلب الدم، لما فيهما من تصوير مصرع القوم بما يأتيه من عوافي الطير، فتأكل من جيف القتلى. وقوله بعد هذه: إشارة الى الحالة الحاضرة الجامعة لكل ما ذكره، وأدخل السين في خبر عسى بدلا عن (انى) لاشتراكهما في الدلالة على الاستقبال. وغلات: جمع غلة، بضم الغين المعجمة، وهي حرارة العطش. والكلي: جمع كلية. والجوانح: جمع جانحة، وهي الضلوع القصار. والمعنى: المطموع فيه من أولياء الدم أن يطلبوا الثأر في المستقبل وإن كانوا أخّروه الى هذه الغاية، فلتسكن نفوس ولتبرد قلوب. 240 - وأنشد: يا ابن الزّبير طال ما عصيكا (¬3) هو لرجل من حمير يخاطب عبد الله بن الزّبير، وبعده: وطال ما عنّيتنا إليكا … لنضربن بسيفنا قفيكا قوله: عصيكا: أراد عصيت، فأبدل من التاء كافا، لأنها أختها في الهمس. وقد استشهد به المصنف لذلك. وعنيتنا أتعبتنا. 241 - وأنشد: فقلت عساها نار كأس وعلّها … تشكّى فآتي نحوها فأعودها (¬4) ¬

_ (¬1) انظر البكرى 913. (¬2) قال التبريزي: (قرية على طريق البصرة الى مكة). وانظر تفصيلا البكري 859 - 878، وشرح التبريزي 3/ 12. (¬3) الخزانة 2/ 257 واللسان (قضا). (¬4) الاغاني 23/ 42 (الثقافة)، وفيه (فأمضي).

فائدة: [صخر بن جعد الخضري، والخضر ولد مالك بن طريف]

هو لصخر بن جعد الخضري، من قصيدة: أوّلها (¬1): تذكّرت كأسا إذ سمعت حمامة … بكت في ذرى نخل طوال جريدها دعت ساق حرّ فاستحنّت لصوتها … مولّهة لم يبق إلّا شريدها فيا نفس صبرا كلّ أسباب واصل … ستملى لها أسباب صرم تبيدها (¬2) وليل بدت للعين نار كأنّها … سنا كوكب لا يستبين خمودها فقلت عساها نار كأس وعلّها … تشكّى فآتي نحوها فأزورها فتسمع قولي قبل حتف يصيبني … تسرّ به أو قبل حتف يصيدها كأس: اسم امرأة، كان صخر مغرما بها، وهي بنت بجير بن جندب. والذرى: جمع ذروة. وصرم: بكسر الصاد، القطع. والسنا: بالقصر، الضوء. وتشكي: أصله تتشكى. فائدة: [صخر بن جعد الخضري، والخضر ولد مالك بن طريف] قال في الأغاني (¬3): صخر بن جعد الخضري، والخضر ولد مالك بن طريف سموا الخضر لشدّة سوادهم. شاعر فصيح من مخضرمي الدولتين الأموية والعباسية. ¬

_ (¬1) الاغاني 22/ 40 - 42 (الثقافة). (¬2) رواية الاغاني: فيا نفس صبرا كل أسباب وصل … ستنمي لها أسباب هجر تبيدها (¬3) 22 - 38 (الثقافة).

شواهد عل

شواهد عل 242 - وأنشد: يا ربّ يوم لي لا أظلّله … أرمض من تحت وأضحي من عله أقول: رأيت في أمالي ثعلب، قال أبو الهجنجل (¬1): ظلّت وظلّ يومها حوب حلى … وظلّ يوم لأبي الهجنجل ضاحي المقيل دائم التّبذّل … ما أنا يوم الورد بالمظلّل عنّي ولا بالزّائل المنعل (¬2) … بين عمودين ولا مبذل أرمض من تحت وأضحى من عل وقال: يقال حوب حلي بالرفع والنصب والخفض في حوب. وقال العيني في الكبرى: البيت لأبي ثروان. وأظلله: على صيغة لجهول من الظل. والمعنى: رب يوم لا أجعل في ظل فيه أصير كذا وكذا. وأرمض: على صيغة المجهول من رمضت قدمه، إذا احترقت من شدة الرمضاء، وهي الأرض التي يقع عليها شدّة حرارة الشمس. وأضحى: كذلك، من ضحيت الشمس بالكسر ضحاء، بالمدّ، إذا برزت. وقوله: لا أظلله، أي لا أظلل فيه. وقوله: من (عله) قال أبو علي: الهاء فيه مشكلة، لأنها كانت ضميرا فالواجب أن يقال من عله بالجر، لأن الظرف لا يبنى ¬

_ (¬1) أمالي ثعلب 498 واللسان (حوب). (¬2) كذا، ولعلها (غني) بالغين المعجمة.

في حال الاضافة، أو هاء السكت فهي لا تدخل فيما بني على حركة لا تدوم. وقال ابن الخشاب: الهاء هنا بدل من الواو، وأصله علو، فأبدلت الواو هاء في (يا هناه) والأصل (يا هنا) ولأنه فعال من هنوك. وكذا الهاء في عاملته وسانهته، بدل من الواو، لأن لام سنة واو لقولهم سنوات. 243 - وأنشد: أقبّ من تحت عربض من عل (¬1) هو من أرجوزة لأبي النّجم العجلي يصف فيها أشياء كثيرة، أوّلها (¬2): الحمد لله العليّ الأجلل … الواسع الفضل الوهوب المجزل أعطى فلم يبخل ولم يبخّل … كوم الدّرى من خول المخوّل تبقّلت من أوّل التّبقّل … بين أقاحي مالك ونهشل (¬3) ومنها: وقد جعلنا في وضين الأحبل … جوز خفاف قلبه، مثقّل أحزم لا قوق ولا حزنبل … موثّق الأعلى أمين الأسفل أقبّ من تحت عريض من عل … معاود كرّة أدبر أقبل ¬

_ (¬1) الخزانة 1/ 401، وابن عقيل 2/ 19 (¬2) من أرجوزة طويلة نادرة عدة أشطارها 191 شطرا، وكان رؤبة يسميها أم الرجز. وقال القتبي 586: (وهي أجود أرجوزة للعرب) وهي في الطرائف الأدبية للراجكوتي 55 - 71، ومجلة المجمع العلمي العربي بدمشق 8/ 472 - 479 سنة 1928، ومنها أبيات متفرقة في الخزانة 1/ 401 والطبري 8/ 125، وابن سلام 576، وانظر الشعراء 586 والموشح 214 و 241. والكامل 76 و 819 و 1231، ومجالس ثعلب 230 واللآلي 857. (¬3) ويروى (بين رماحي مالك ..) كما في الخزانة واللآلي 581 و 856 والأمالي 2/ 233 والأغاني 10/ 151 (الدار).

تمشي من الردّة مشي الحفّل … مشي الرّوايا بالمزاد الأثقل تثير أيديها عجاج القسطل … إذ عصبت بالعطن المغربل تدافع الشّيب ولم تقتّل … في لجّة أمسك فلانا عن فل ومنها وبدّلت والدّهر ذو تبدّل … هيفا دبورا، بالصّبا والشّمأل تفلي له الشّعر ولمّا يفتلي … لمّة قفر كشعاع السّنبل يأتي لها من أيمن وأشمل قال الزمخشري والتدمري: الدرى: سع عريض كالحزام يعمل من أدم (¬1). خفاف: خفيف، أي شددن في الوضين وسط بعير خفيف القلب، ذكر مع ثقل بدنه وضخامته، يريد بعير السانية. أحزم: عظيم، موضع الحزام. قوق: طويل مضطرب. حزنبل: قصير. الأعلى: ظهره. الأسفل: قوائمه، أي هو شديد القوائم. أقب من تحت: يعني أن خصره ضامر، والخصر تحت المتن. عريض من عل، يعني: أن متنه عريض. كرة أدبر أقبل: أي تكرر عليه هذا القول، أي يقال له مرارا أقبل أدبر، أي أدبر عن البئر اذا امتلأت الدلو، وأقبل إليها اذا تفرّغت. والقسطل: الغبار. والعجاج: ما ارتفع منه. عصبت: اجتمعت. بالمعطن: وهو مبرك الابل. المغربل: المنخول، أي ان تراب المعطن كأنه منخول لكثرة ما انسحق منه بشدة الحركة. والشيب: جمع أشيب، أي شربت الشربة الأولى فسكنت فهي تدافع كالشيوخ ذوي الحلم. لم تقتل: أي لا تزدحم. تقتل: أصله تتقتل، فادغمت التاء الاولى في الثانية وكسرت القاف لسكونها وسكون التاء الاولى، وكسرت التاء اتباعا لكسرة القاف. في لجة: أي في اختلاط الأصوات، يعني أصوات الذادة إذا اقتتل منهم اثنان صاح ¬

_ (¬1) وفي الخزانة (الذرا) بالمعجمة، وقال: (ذرا الشيء أعاليه). والكوم جمع كوماء وهي الناقة العظيمة السنام.

فائدة: [أبو النجم]

الباقون أمسك فلانا عن فلان، وحذف نون فلان، والألف الزائدة قبلها، وبناه على حرفين، وهذا إنما يكون في النداء، وحملته الضرورة على ذلك. وقال البطليوسي: شبه مزاحمة الابل ومدافعة بعضها بعضا بقوم شيوخ في لجة، وضربهم بعضهم بعضا، فيقال: إمسك فلانا عن فلان. والمعنى: في لجة يقال فيها، فاضمر القول. قوله: تفلى له: أي الريح تهب على رأسه فتفرّق شعره فكأنها تقلبه، ولم يفتل شعره هو لشعثه وقلة تعهده نفسه. قفر: أي قفر فخفف، وهو اليابس الجسم لا يدهن ولا يغسل. الشعاع: بالفتح، المتفرق، شبه انتفاش شعره برؤس السنبل. يأتي لها أي للأبل يدور حولها. وأيمن وأشمل: جمع يمين وشمال، جعلهما نكرتين فنوّنهما. تنبيه: استشهد المصنف بالبيت على بناء (عل) على الضم اذا أريد به المعرفة تشبيها بالغايات، وقد علمت انه مجرور. والأرجوزة كلها مجرورة، وذكر انه في وصف الفرس، وقد تقدم عن الزمخشري انه في وصف البعير، ففي كلام المصنف انتقاد من وجهين. وقوله: (وبدلت ... البيت) أورده المصنف في الكتاب الثاني. فائدة: [أبو النجم] أبو النجم (¬1)، اسمه الفضل بن قدامة بن عبيد بن محمد بن عبيد بن عبد الله ابن عبدة بن الحارث بن أبان بن عوف بن ربيعة بن مالك بن ربيعة بن عجل العجلي. ذكره الجمحي في الطبقة التاسعة من شعراء الاسلام (¬2). 244 - وأنشد: كجلمود صخر حطّه السّيل من عل (¬3) هو من معلقة امرئ القيس بن حجر وصدره: مكرّ مفرّ مقبل مدبر معا وقبله: وقد أغتدي والطّير في وكناتها … بمنجرد قيد الأوابد هيكل ¬

_ (¬1) انظر الاغاني 10/ 187 (الثقافة) و 10/ 150 (الدار). (¬2) ابن سلام 517 (¬3) ديوانه 19 وانظر ص 20 و 92 و 96 و 97 و 463.

أغتدى: أي أبكر. والوكنات: الأعشاش. ومنجرد: فرس قصير الشعر. والهيكل: الضخم. مكرّ: بكسر الميم، يصلح للكر، وهو الاقدام. ومفرّ: بكسرها أيضا، يصلح للفرار. مقبل في مباشرة الحرب مدبر في التنحي عن الموت. والجلمود: الحجر العظيم. وحطّه: أنزله من فوق إلى تحت. يقول: هذا الفرس معتاد للحرب، صالح لجميع أحوالها، من طلب وهرب وكرّ وفرّ، ثم شبهه في انملاس فخذيه بالصخرة المحطوطة بالسيل، لأنه يملسها، قاله التبريزيّ. وقد أورد المصنف، قوله: وقد أغتدي والطّير في وكناتها في الكتاب الرابع مستشهدا به على (الحال) (¬1) ويروى: وكراتها. قال الزمخشري: وهي الاوكار، واحدها في القياس وكر، ولم يسمع. ¬

_ (¬1) مزيدة

شواهد عل

شواهد عل 245 - وأنشد: لا تهين الفقير علّك أن … تركع يوما والدّهر قد رفعه (¬1) عزاه ابن الأعرابي في نوادره للأضبط بن قريع من أبيات، وهي (¬2): لكلّ ضيق من الأمور سعه … والمسي والصّبح لا بقاء معه لا تهين الفقير علّك أن … تركع يوما والدّهر قد رفعه وصل حبال البعيد إن وصل ال … حبل وأقص القريب إن قطعه واقبل من الدّهر ما أتاك به … من قرّ عينا بعيشه نفعه قد يجمع المال غير آكله … ويأكل المال غير من جمعه ما بال من غيّه مصيبك لا … تملك شيئا من أمره فدعه حتّى إذا ما انجلت عمايته … أقبل يلحى وغيّه فجعه ¬

_ (¬1) الخزانة 4/ 588، وابن عقيل 2/ 103، والشعراء 343، وفيه: (تخشع يوما). والبيان والتبيين 3/ 204، وتذكرة ابن حمدون 20 وفيهما (لا تحقرنّ الفقير). (¬2) انظر المعمرين 8، والامالي 1/ 107 - 108 واللآلي 326، بالاضافة الى المراجع السابقة مع اختلاف بينهم في الرواية.

أذود عن نفسه ويخدعني … يا قوم من عاذري من الخدعه قيل إن هذه الأبيات قيلت قبل الاسلام بدهر طويل. وقال في الحماسة البصرية: هي للأضبط بن قريع السّعديّ من شعراء الدولة الأموية. ولا تهين: أصله لا تهينن، بتوكيد الخفيفة، حذفت لملاقاة الساكن وبقيت الفتحة. وقد استشهد به المصنف في التوضيح على ذلك. وأورده الجاحظ في البيان بلفظ: (لا تحقرن الفقير) وأورده غيره بلفظ: (لا تعادي الفقير) ولا شاهد فيهما. وعلك: لغة في لعلك، وعلى ذلك أورد البيت هنا. وتركع: من الركوع، وهو الانحناء والميل، من ركعت النخلة إذا انحنت ومالت، وأراد به الانحطاط من المرتبة والسقوط من المنزلة. 246 - وأنشد: علّ صروف الدّهر أو دولاتها … يدلننا اللّمّة من لمّاتها فتستريح النّفس من زفراتها أنشده الفرّاء ولم يعزه الى أحد. وعل: أصله لعل. وصروف الدهر: حوادثه ونوائبه، واحدها صرف، بفتح المهملة. والدولات: بضم الدال، جمع دولة، وهي اسم الشيء الذي يتداول. ويدلننا الله: من أدالنا الله من عدونا إدالة، وهي الغلبة. يقال: أدلني على فلان وانصرني عليه. واللمة: بفتح اللام وتشديد الميم الشدة، والجمع لمات. وزفرات: بفتح الزاي وسكون الفاء، جمع زفرة وهي الشدّة. وحق الجمع زفرات، بفتح الفاء، وإنما سكنت للضرورة. والرجز فيه شواهد: أحدها هذا، والثاني استعمال عل في لعل. والثالث نصب المضارع بأن بعد الفاء في جواب الترجي، وعلى ذلك أورده ابن مالك. 247 - وأنشد: لعلّ التفاتا منك نحوي مقدّر … يمل بك من بعد القساوة للرّحم الرّحم: بضم الراء، الرحمة.

شواهد عند

شواهد عند 248 - وأنشد: لدن شبّ حتّى شاب سود الذّوائب (¬1) هو للقطامي، وصدره: صريع غوان راقهنّ ورقنه وقبله: كأنّ فضيضا من غريض غمامة … على ظمأ جادت به أمّ غالب لمستهلك قد كاد من شدّة الهوى … يموت ومن طول العدات الكواذب وبعده: قديديمة التّجريب والحلم أنني … أرى غفلات العيش قبل التّجارب (¬2) وأوّل القصيدة: نأتك بليلى نأية لم تقارب … وما حبّ ليلى من فؤادي بذاهب الفضيض: الماء العذب الذي ينفض من السحاب، أي يسقط ويتفرّق. والغريض: ¬

_ (¬1) اللآلي 132 والاغاني 23/ 176 (الثقافة) والخزانة 1/ 393 و 3/ 188 (¬2) البيت في الاساس (قدم) منسوب الى علقمة، وفيه: (قديديمة ذاك أي قبيله).

فائدة: [القطامي]

الطّري، وهو كناية عن ريق المحبوبة. والظمأ: العطش. وأم غالب: محبوبته. والمستهلك: الذي يعرّض نفسه للهلاك. والعداة: جمع عدة، وهي الموعد. والصريع: المصروعة. والغواني: جمع غانية، وهي الشابة التي غنيت بجمالها عن التصنع والزينة. وقيل المتزوّجة، كأنها غنيت بزوجها عن غيره. وقيل: هي التي غنيت في بيت أبويها فلم تتزوّج. وقيل: إن القطامى أوّل من سمي صريع الغواني لقوله هذا البيت. وراقهنّ ورقنه: أعجبهن وأعجبته. لدن شب: أي من عند وقت شبابه إلى أن شاب وشاخ. والذوائب: الضفائر من الشعر، واحدها ذؤابة. والبيت استشهد به على اضافة لدن إلى الجملة. فائدة: [القطامي] القطاميّ اسمه عمرو (¬1)، ويقال عمير بن شييم بن عمر بن عباد بن بكر بن عامر ابن أسامة بن مالك بن جشم الثّعلبي، من فحول الشعراء. كان نصرانيا فأسلم، ومدح الوليد بن عبد الملك. ذكره الجمحي في الطبقة الثانية من شعراء الاسلام (¬2). أخرج عن الأصمعي قال: قال بلال بن أبي بردة، لجلسائه ذات ليلة: خبروني بسابق الشعراء والمصلى، والثالث والرابع؟ فسكتوا: فقال: سابق الشعراء قول المرقش (¬3). فمن يلق خيرا يحمد النّاس أمره … ومن يغو لا يعدم على الغيّ لائما والمصلى قول طرفة (¬4): ستبدي لك الأيّام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد والثالث قول النابغة (¬5): ¬

_ (¬1) انظر المرزباني 47، والشعراء 701 والمزهر 2/ 422 (¬2) الطبقات 452 (¬3) البيت رقم 22 من المفضلية رقم 56 وهو في الشعراء 168 وحماسة البحتري 236 والاغاني 5/ 184 - 185 ومعجم الشعراء 5، ونسبه في أمالي المرتضى 1/ 361 الى قعنب الفزاري. (¬4) انظر ص 268 و 270 وهو أيضا في أمالي المرتضى 1/ 361. (¬5) انظر ص 97، والمزهر 2/ 481.

ولست بمستبق أخا لا تلمّه … على شعث أيّ الرّجال المهذّب؟ والرابع قول القطامي (¬1): قد يدرك المتأنّي بعض حاجته … وقد يكون مع المستعجل الزّلل ¬

_ (¬1) الشعراء 704

حرف الغين

حرف الغين 249 - وأنشد: لم يمنع الشّرب منها غير أن نطقت … حمامة في غصون ذات أو قال (¬1) هو لأبي قيس بن رفاعة من الأنصار، كذا في شرح أبيات الكتاب للزمخشري (¬2) وقبله: ثمّ ارعويت وقد طال الوقوف بنا … فيها، فصرت إلى وجناء شملال تعطيك مشيا وإرقالا ودأدأة … إذا تسربلت الآكام بالآل قال الزمخشري: يريد أنه أطال الوقوف على الدار، ثم ارعوى عنها، أي رجع فصار إلى راحلته. والدأدأة: ضرب من العدو. والأوقال: جمع وقل، وهو شجر المقل. وضمير (منها) للناقة، أي لم يمنعها أن تشرب، إلا أنها سمعت صوت حمامة فنفرت، يريد حدة نفسها، انتهى. والوجناء: الناقة الشديدة، وقيل العظيمة الوجنتين. والشملال: الخفيفة السريعة. 250 - وأنشد: لذ بقيس حين يأبى غيره … تلفه بحرا مفيضا خيره لم يسم قائله، ولذ، أمر: من لاذ يلوذ. وتلفه: بالفاء، من ألفى إذا وجد. ومفيضا: من أفاض، وثلاثيه فاض. يقال: فاض الماء إذا كثر حتى سال على ضفة ¬

_ (¬1) الخزانة 2/ 45، واللسان (وقل) وفيه: (سحوق ...) (¬2) وهو أبو قيس بن الاسلت من بني عمرو بن عوف، وانظر ابن سلام 179

الوادي. وغيره: فاعل يأبى، وهو مبني على الفتح لاضافته الى مبنى، وخبره مفعول لقوله مفيضا. 251 - وأنشد: أنا ابن جلا وطلّاع الثّنايا … متى أضع العمامة تعرفوني (¬1) هذا مطلع قصيدة لسحيم بن وثيل الرّياحي، وبعده: وإنّ مكاننا من حميريّ … مكان اللّيث من وسط العرين وإنّي لن يعود إليّ قرني … غداة الغبّ إلّا في قرين لذي لبد يصدّ الرّكب عنه … ولا تؤتى فريسته لحين عذرت البزل إن هي خاطرتني … فما بالي وبال ابني لبون وماذا تبتغي الشّعراء منّي … وقد جاوزت حدّ الأربعين أخو الخمسين مجتمع أشدّي … ونجّذني مداورة الشّؤون فإنّ علالتي وجراء حولي … لذو شقّ على الضّرع الظّنون (¬2) كريم الخال من سلفي رياح … كنصل السّيف وضّاح الجبين متى أحلل إلى قطن وزيد … وسلمى تكثر الأصوات دوني (¬3) ¬

_ (¬1) البيت أوّل الأصمعية رقم 1 وهو في الخزانة 1/ 123، وابن سلام 492، وحماسة البحتري 13 والاصابة 3/ 464 واللآلي 558، وشرح شواهد العيني 1/ 193 و 4/ 356 والبيان والتبيين 2/ 246 والأمالي 1/ 246 والاشتقاق 224 والشعراء 626. (¬2) وبعده كما في الاصمعيات: سأحيى ما حييت وإنّ ظهري … لمستند إلى نضد أمين (¬3) البيت والبيتان اللذان يلينه ليست في الاصمعية رقم 1 وليست هي أيضا من مفضلية المثقب العبدي رقم 76 والتي خلط بعض الرواة بينها وبين هذه القصيدة.

فائدة: [سحيم بن وثيل]

وهمّام متى أحلل عليه … يحلّ اللّيث في عيص أمين ألف الجانبين به أسود … منطقة بأصلاب الجفون وإنّ قناتنا مشظ شظاها … شديد مدّها عنق القرين قوله: أنا ابن جلا وطلّاع الثّنايا مبالغة طالع. والثنايا: جمع الثنية، وهي السن المعروفة. ويقال: رجل طلّاع الثنايا، اذا كان ساميا لمعالي الأمور، كذا قال ابن قتيبة في أبيات المعاني. قوله: (وطلّاع الثنايا) أي يطلع على الثنايا، وهي ما علا من الأرض وغلظ. ومثله قولهم: فلان طلاع أنجد. وهو جمع نجد، انتهى. والعرين: مأوى الأسد الذي يألفه، وأصله جماعة الشجر. والقرن: بالفتح، النظير. قوله: وقد جاوزت حدّ الأربعين استشهد به النحاة على كسر نون الجمع لغة أو ضرورة (¬1). والأشد: القوّة، وهو مفرد، كالآنك للرصاص، ولا ثالث لهما، قاله المصنف في شواهده. وقيل: جمع لا واحد له، وقيل: جمع شدة، كنعمة وأنعم. ونجذني: بالجيم والذال المعجمة، هذبني وأحكمني. ومداورة: معالجة. والشؤون: الأمور، جمع شأن. والشظا: ما تشظى من العصاء. قال الأصمعي: اذا مسست شيئا خشنا فدخل في يدك قيل مشظت يدي. فائدة: [سحيم بن وثيل] سحيم بن وثيل، بالمثلثة مصغرا، ابن أعيقر بن أبي عمرو بن إهاب بن حميري ¬

_ (¬1) انظر بالاضافة الى المراجع السابقة: الكامل 450 وابن سلام 59، والموشح 22 و 24 و 132

ابن رياح بن يربوع الرياحي، بالتحتية، شاعر مخضرم. قال ابن دريد (¬1): عاش في الجاهلية أربعين سنة وفي الاسلام ستين سنة. وذكر ابن سلام (¬2) انه الذي تفاخر هو وغالب بن صعصعة والد الفرزدق، فتناحرا الابل فبلغ عليا فقال: لا تأكلوا منه شيأ فإنه أهلّ بها لغير الله. قال ابن سلام: سحيم بن وثيل شاعر خنذيذ شريف مشهور الذكر في الجاهلية والاسلام، جيّد الموضع في قومه، وعدّه في الطبقة الثالثة من شعراء الاسلام (¬3). 252 - وأنشد: ترمي بكفّي كان من أرمى البشر هذا، وقبله: ما لك عندي غير سوط وحجر … وغير كبداء شديدة الوتر كبداء: بفتح الكاف وسكون الموحدة، قوس واسعة المقبض. وترمي: يروى بدله: جادت، أي أحسنت. وبكفي: مضاف إلى محذوف، أي بكفي رجل. وجملة كان ومعموليها صفة رجل محذوف. 253 - وأنشد: أتانا فلم نعدل سواه بغيره … نبيّ بدا في ظلمة اللّيل هاديا (¬4) قال الشيخ بدر الدين الزركشي في كتاب (عمل من طب لمن حب) ومن خطه نقلت: ان قيل سواه غيره فكأنه قال فلم تعدل غيره بغيره، فالجواب أن الهاء في بغيره للسوى، فكأنه قال لم نعدل سواه بغير السوى، وغير سواه: هو نفسه، فالمعنى: فلم نعدل سواه به. هكذا حله شيخنا محمد بن هشام، ولا حاجة إلى هذا، فإن سوى ¬

_ (¬1) الاشتقاق ص 224. (¬2) الطبقات 489 (¬3) انظر الطبقات 489 والخزانة 1/ 128، والشعراء ج 1 ص 626. (¬4) البيت ينسب الى حسان كما ذكر ابن هشام، وليس هو في ديوانه.

في هذا البيت بمعنى نفسه، نص على ذلك الأزهري في التهذيب، وأنشد عليه البيت. ونقله عنه الشيخ جمال الدين بن مالك في كتاب المقصور والممدود، وأقرّه عليه انتهى. قلت: وقد ذكر مثل ذلك أبو عبيدة في الغريب، قال المصنف: سوى الشيء غيره وسواؤه هو نفسه (¬1). ¬

_ (¬1) وفي حاشية الامير 1/ 138 (قوله: ظلمة الليل، استعارها لكفر. قال الشارح: يحمل السوي على العدل، وهنا معنى لغوي، فلا إشكال، قال الشحنيّ: وعليه فيقدر مضاف، أي لم نعدل عدله بعدل غيره، ولك أن تقول: لم تعدل عدله بغيره من أنواع العدل، ولا حذف).

حرف [ف]

حرف [ف] [شواهد] الفاء 254 - وأنشد: فمثلك حبلى قد طرقت ومرضع تقدم شرحه في شواهد رب (¬1). 255 - وأنشد: بين الدّخول فحومل هو من معلقة امرئ القيس المشهورة، وأولها (¬2): قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل … بسقط اللّوى بين الدّخول فحومل فتوضح فالمقراة لم يعف رسمها … لما نسجتها من جنوب وشمأل وسقط اللّوى: بكسر السين المهملة وسكون القاف، منقطع الرمل. واللّوى: بكسر اللام، حيث يلتوي الرمل ويرق، وإنما خص منقطع الرمل وملتواه لأنهم كانوا لا ينزلون إلا في صلابة من الأرض، ليكون ذلك أثبت لأوتاد الأبنية، وأمكن لحفر النوى. والدخول وحومل والمقراة وتوضح: مواضع. و (من) في قوله: (من ذكرى) للتعليل. وقوله: (بسقط اللّوى) في موضع الصفة لمنزل، كائن في سقط اللّوى. وبين الدخول صفة لسقط اللّوى، أي الكائن بين الدخول. وقد ¬

_ (¬1) انظر ص 402، الشاهد رقم 201. (¬2) ديوانه 8 والبكري 548، والخزانة 4/ 397، وانظر ص 20 الشاهد رقم 3 وص 92 و 96 و 97 و 451.

استشهد النحاة بقوله: (قفا) على خطاب الواحد بصيغة الاثنين، كما في قوله تعالى (أَلْقِيا فِي جَهَنَّمَ) وبقوله (نبك) على جزم المضارع لوقوعه في جواب الأمر. والجنوب: ريح تأتي من قبل اليمن وتسمى الأرنب، وإذا أتت من الشام فهي شمأل، وهي مقابلة الجنوب. والتي تأتي من تلقاء الفجر، تلقاء القبلة الصّبا وتسمى القبول. والتي تجيء من دبر الكعبة الدّبور. قال المبرد في الكامل (¬1): يقال جنبت الرّيح جنوبا، وشملت شمولا، ودبرت دبورا، وصبت صبوا، وسمت سموا، وحرّت حرورا، مضمومات الأول، فإذا أردت الأسماء فتحت أولها، فقلت: جنوب وسموم ودبور وحرور. ولم يأت من المصادر مفتوح الأوّل إلا اليسير كوضوء وطهور وولوع وقبول. وفي الشّمال ست لغات: شمال وشمأل وشمل وشمل وشاملّ، بلا همز، وشأمل بالهمز. وقد أورد المصنف قوله: لما نسجتها من جنوب وشمأل في مهما مستشهدا به على أن (من) تفسير. 256 - وأنشد: يا أحسن النّاس ما قرنا إلى قدم قال الأنباري في كتاب الوقف والابتداء: أنشده الفراء. وتمامه: ولا حبال محبّ واصل تصل قال الفرّاء: أراد ما بين قرن الى قدم. والقرن: الخصلة من الشعر. 257 - وأنشد: وأنت الّتي حبّبت شغبا إلى بدا … إليّ وأوطاني بلاد سواهما (¬2) ¬

_ (¬1) ص 777 وانظر ص 772 (¬2) الحماسة بشرح التبريزي 3/ 249 - 250 لكثير، وهي في ديوانه 1/ 84 - 85، وديوان جميل 197، وفي البكري 230 (بدا) لكثير.

حللت بهذا حلّة ثمّ حلّة … بهذا، فطاب الواديان كلاهما هما لكثيّر عزّة. ورأيت في الموفقيات للزّبير بن بكار نسبتهما الى جميل. وشغب: بفتح الشين وسكون الغين المعجمتين وموحدة، وبدا: بموحدة ودال مهملة مقصورة موضعان (¬1)، يقول: إنه كما آثرها على أهله آثر بلادها على بلاده. والبيت الثاني في الحماسة بلفظ: وحلّت بهذا حلّة، ثمّ أصبحت قال المرزوقي: ففيه التفات من الخطاب الى الغيبة، وفي بعض نسخها بين البيتين بيت آخر وهو: إذا ذرفت عيناي أعتلّ بالقذى … وعزّة لو، يدري الطّبيب، قذاهما فلذا حسن بعده وحلّت بالعدول عن الخطاب. وجملة (لو يدري الطبيب) معترضة بين المبتدأ والخبر. 258 - وأنشد: يا لهف زيّابة للحارث … الصّابح فالغانم فالآيب (¬2) هذا لابن زيّابة، وإسمه سلمة بن ذهل، وزيابة أمه (¬3) وبعده: ¬

_ (¬1) في البكري: (بدا: موضع بين طريق مصر والشام. وشغب: منهل بين طريق مصر والشام أيضا). (¬2) الخزانة 2/ 331، والحماسة بشرح التبريزي 1/ 142، واللآلي 504 (¬3) في شرح التبريزي 1/ 142 (قال أبو هلال: زيّابة أبوه). ثم أضاف: (وقال أبو العلاء: يا لهف زيّابة كقولهم: يا لهف أمي، لان زيابة أمة). وفي ألقاب الشعراء 320 أن زيّابة بنت شيبان بن ذهل بن ثعلبة، وانظر الخزانة 2/ 333 واللآلي 504

والله لو لاقيته خاليا … لآب سيفانا مع الغالب أنا ابن زيّابة إن تدعني … آتك والظّنّ على الكاذب هذه الأبيات أجاب بها الحارث بن همّام الشيباني حين قال له: أيا ابن زيّابة إن تلقني … لا تلقني في النّعم العازب وتلقني يشتدّبي أجرد … مستقدم البركة كالرّاكب قال التبريزي في شرح الحماسة: معناه انه لهف أمه أن لا يلحقه في بعض غزواته فيقتله أو يأسره. وقال النميري: وصفه بالفتك والظفر وحسن العاقبة، وكيف يذكره بذلك وهو عدوّه، وإنما يتأسف على الفائت من قتله وأسره، ولما كانت هذه الصفة متراخية حسن إدخال الفاء، لأن الصابح قبل الغانم، امام الآيب. ويقبح أن تدخل الفاء إذا كانت الصفات مجتمعة في الموصوف، فلا يحسن أن تقول: عجبت من فلان الأزرق العين، فالأشم الأنف، فالشديد الساعد. وقوله: ... إن تدعني … آتك والظّنّ على الكاذب يحتمل وجهين، أحدهما: انك إن دعوتني علمت حقيقة ما أقول، فلا تدعني وأخلص من الظن، لأنك تظنّ بي العجز عن لقائك والظن من شأن الكاذب. والآخر ان معناه يكون عونا عليه مع الأعداء. 259 - وأنشد: فإن أهلك فذي لهب لظاه … عليّ يكاد يلتهب التهابا (¬1) هو لربيعة بن مقروم الضبي، وقبله: أخوك أخوك من تدنو وترجو … مودّته وإن دعي استجابا ¬

_ (¬1) الخزانة 4/ 201.

فائدة: [ربيعة بن مقروم]

إذا حاربت حارب من تعادي … وزاد سلاحه منك اقترابا وكنت إذا قريني جاذبته … حبالي مات أو تبع الجذابا فإن أهلك فذي لهب لظاه … عليّ يكاد يلتهب التهابا مخضت بدلوه حتّى تحسّى … ذنوب الشّرّ ملأى أو قرابا أخوك: مبتدأ، وأخوك الثاني خبر، وما بعده بدل منه أو بدل تأكيد، وما بعده الخبر. واقترابا: تمييز، أي زاد اقتراب سلاحه منك. ويجوز كونه مفعولا به، لأن زاد يتعدى ولا يتعدى. وقوله: (فذي) هو بالجر على اضمار رب، وهو في موضع جواب الشرط، والتقدير: فإن أهلك أترك أعداء. ولظاه: مبتدأ، ويكاد: خبره، والجملة ذي حنق. وقوله: (فذي .. الخ) جواب الجزاء، والتقدير: إن أهلك فالأمر والشأن رب ذي حنق. واسم يكاد ضمير لظاه، وعلى متعلق بيلتهب. والتهابا مصدر مؤكد. ومخضت: جواب رب، أو مستأنف. وملأى وقرابا: حالان من الذنوب. والقراب: أن تقارب الامتلاء. فائدة: [ربيعة بن مقروم] ربيعة بن مقروم بن قيس بن جابر بن خالد بن عمرو الضبّي، أحد المخضرمين. قال المرزباني: كان أحد شعراء مضر في الجاهلية والاسلام. وقال البكري في شرح الأمالي (¬1): كان جاهليا اسلاميا. شهد القادسية وغيرها من الفتوح، وعاش مائة سنة وهو القائل: ولقد أتت مائة عليّ أعدّها … حولا فحولا إن تلاها ومل وقال أبو الفرج (¬2): وفد على كسرى في الجاهلية، ثم عاش الى أن أسلم وبقي ¬

_ (¬1) اللآلي 37 (¬2) 22/ 87 (الثقافة) وفيه: (وكان ممن أصفق عليه كسرى، ثم عاش في الاسلام زمانا). وانظر الاصابة.

زمانا. وفي المؤتلف للآمدي: ربيع، بفتح الراء وكسر الباء كثير، وأما ربيّعة، بضم الراء وفتح الباء وتشديد الياء المثناة التحتية فهو ابن عبيد بن سعد بن جذيمة، شاعر من شعراء بني أسد، له أبيات مذكورة في شواهد التلخيص. 260 - وأنشد: من يفعل الحسنات الله يشكرها تقدم شرحه في شواهد أما (¬1). 261 - وأنشد: وقائلة: خولان فانكح فتاتهم (¬2) قال العيني: قائله مجهول لا يعرف، وتمامه: وأكرومة الحيّين خلو كماهيا قال جماعة: التقدير، هؤلاء خولان فانكح، فعطف بالفاء جملة فعلية على جملة ابتدائية، والواو في (وقائلة) واو رب. وخولان: اسم قبيلة. قال شارح أبيات الايضاح: والاكرومة: الكرم، ولا يكون خلو خبرا عنه إلا بتقدير مضاف، أي وذات الاكرومة. وقال غيره: الاكرومة، بالضم، من الكرم، كالاعجوبة من العجب. وأراد بالحيّين: حيّ أبيها وحيّ أمها. يعني: انها كريمة الطرفين. والخلو: الخلية، أو الخالي من زوج. وقوله: (كما هيا) الكاف متعلقة بمحذوف صفة لخلو، أي كائنة، فهي كعهدها من بكارتها. فحذف المضاف الى الهاء. ولما كانت الكاف لا تدخل على المضمر المتصل جعل مكانه المنفصل فصار كهى، ثم زادوا (ما) عوضا من المحذوف، ومثله كن كما أنت، أي كعهدك وحالك. وفي شرح الشواهد الكبرى للعيني: قد قيل إن في هذا البيت عشرة أمور، أحدها: حذف رب وبقاء علها بعد الواو. الثاني: ¬

_ (¬1) انظر ص 178 الشاهد رقم 77 وص 286 الشاهد رقم 132 (¬2) الخزانة 1/ 153 و 218، وسيبويه 1/ 70

استعمال مجرور رب غير موصوف وحقه الوصف للايضاح والتعويض من حذف متعلقها، ويمكن التقليل لأن رجلا من تيم أقل من رجل على الاطلاق. وقال علي بن عبد الرحمن الأنصاري في حاشية ايضاح الفارسي: والذي حسن هنا أن لا يجيء بالوصف ان ما بعد قائل وقائلة من صلته، فالاختصاص حاصل بتلك الصلة. وان قائلا وقائلة في الحقيقة صفتان لمجرور رب المحذوف فلم يخل مجرورها من وصف. الثالث: حذف المبتدأ لأن التقدير هذه خولان. الرابع: حذف الفعل على رواية من رواه خولان بالنصب، وقدره الأنصاري: المذكور، اقصد الخولان. الخامس: زيادة الفاء على قول الأخفش، لأنه لا يقدر محذوفا. السادس: عطف الطلب على الخبر على تقدير المبتدأ في حالة الرفع. السابع: قوله (كماهيا) وفيه عمل ليس هذا محله. قلت: قد تقدّم تقديره. الثامن: إعمال اسم الفاعل المعتمد على موصوف محذوف. التاسع: ان رب لا يلزم مضي ما بعدها والا لم يجز إعماله. العاشر: اقامة الظاهر مقام المضمر لكونه أزيد فائدة، فان أكرومة الحيين هي الفتاة المشار اليها انتهى. وفي شرح شواهد سيبويه للزمخشري: أكرومة الحيين، يريد أن هذه المرأة كريمة الحيين لم تتزوج بعد، وهي كما هي، أي كما عهدتها أيم فتزوّجها. 262 - وأنشد: أرواح مودّع أم بكور … لك؟ فاعمد لأيّ حال تصير (¬1) هذا مطلع قصيدة لعديّ بن زيد بن أيّوب بن محروز بن عامر بن عصية بن امرئ القيس بن زيد مناة بن تميم، في زمن النعمان، وبعده: إن شعل الصّابيات من الأس … تار طرف يصبي وفيه فتور ومنها (¬2): أيّها الشّامت المعيّر بالدّه … ر أأنت المبرّأ الموفور ¬

_ (¬1) الشعراء 176، وأمالي ابن الشجري 1/ 76 و 78 وحماسة البحتري 122. ويروى كما في المغني: (أنت فانظر لأىّ ذلك تصير). (¬2) المعروف أن القصيدة أولها هذا البيت وانظر المراجع السابقة.

أم لديك العهد الوثيق من ال … أيّام أم أنت جاهل مغرور من رأيت المنون خلّدن أم مّن … ذا عليه من أن يضام خفير أين كسرى كسرى أنوشر … وان أم أين قبله سابور وبنو الأصفر الكرام ملوك الرّوم … لم يبق منهم مذكور وأخو الحضر إذ بناه وإذ دج … لة تجبي إليه والخابور شاده مرمرا وجلّله كل … سا فللطّير في ذراه وكور لم يهبه ريب المنون فباد ال … ملك عنه فبابه مهجور ثمّ أضحوا كأنّهم ورق ج … فّ فألوت بد الصّبا والدّبور أخرج ابن عساكر عن خالد بن صفوان (¬1): إنه وفد الى هشام بن عبد الملك وقد خرج متنزها بقرابته وحشمه وأهله وغاشيته وجلسائه، ونزل في أرض ضحضح، في عام قد كثر وسيمه، وأخرجت الأرض فيه زينتها من اختلاف ألوانها، وضرب له سرادق من حبرة ملونة، وفرشت له ألوان الفرش، وزينت بأحسن الزينة، فقال له خالد: يا أمير المؤمنين، إن ملكا من الملوك خرج في عام مثل عامنا هذا الى الخورنق والسدير، وكان قد أعطى بسطة في الملك، مع الكثرة والغلبة والقهر، فنظر فانفذ النظر فقال لجلسائه: لمن هذا؟ قالوا: للملك. قال: فهل رأيتم أحدا أعطي مثل ما أعطيت؟ قال: وكان عنده رجل من بقايا حملة الحجة، ولم تخل الأرض من قائم لله بحجته في عباده، فقال: أيها الملك: إنك قد سألت عن أمر، أفتأذن لي بالجواب عنه؟ قال: نعم، قال: أرأيت ما أنت فيه؟ أشيء لم تزل فيه أم شيء صار اليك ميراثا وهو زائل عنك وصائر الى غيرك، كما صار إليك. قال: كذلك هو، قال: أراك انما عجبت بشيء يسير، لا تكون فيه الا قليلا، وتنتقل عنه طويلا فيكون غدا عليك حسابا. قال: ويحك، فأين المهرب وأين المطلب؟ وأخذته القشعريرة. قال: اما ان تستقيم في ملكك فتعمل فيه بطاعة الله تعالى على ما ساءك وسرّك، وإما ان تتخلع ¬

_ (¬1) انظر الاغاني 2/ 114 - 115 (الثقافة).

فائدة: [عدي بن زيد]

عن ملكك وتضع تاجك وتلقي عليك أطمارك وتعبد ربك في هذا الجبل حتى يأتيك أجلك. فقال: إني متفكر الليلة، وأوافيك في السحر فأخبرك أحد المنزلتين!! فلما كان في السحر، قرع عليه بابه، وقد لبس عليه امساحه، ووضع تاجه، ولزما الجبل حتى انتهى أجلهما. وهو الذي يقول فيه عديّ بن زيد: (أيها المعير بالدهر ... الابيات) فبكى هشام حتى اخضلت لحيته. قال التبريزي: رواح مودع، مثل عيشة راضية، أي ذات رضى، لأن الرواح لا يودع ولكن فيه التوديع لك. فاعمد: أي أقصد لأمرك الذي تصير إليه، أي اعمد لآخرتك التي تصير اليها. والصابيات: النساء المطلقات. والموفور: الذي لم يؤخذ من ماله ولا من عرضه شيء ومعناه مظلم (¬1). وخفير: مانع. والحضر: كان قصر بجبال تكريت بين دجلة والفرات. وأخو الحضر: هو الضيزن بن معاوية، كان ملك تلك الناحية، وبلغ ملكه الشام، ثم تغلب عليه سابور ذو الاكتاف، وقتله، ذكره في الأغاني. قال التبريزي: أخو الحضر هو ساطرون ابن اسطيرون. والمرمر: كل ما ملس. والكلس: النورة مع الرماد. وألوت: ذهبت. فائدة: [عديّ بن زيد] عديّ بن زيد بن جمار بن زيد بن أيوب بن مجروف بن عصية بن امرئ القيس ابن زيد مناة بن تميم. قال في الأغاني (¬2): شاعر في الجاهلية، كان نصرانيا هو وأهله، وليس معدودا من الفحول، عيب عليه أشياء. وكان الأصمعي وأبو عبيدة يقولان: عدي بن زيد في الشعراء بمنزلة سهيل في النجوم، يعارضها ولا يجري معها (¬3). وكذلك عندهم أمية بن أبي الصلت. ومثلهما عندهم من الاسلاميين الكميت والطرماح. وجد عدي أوّل من سمي من العرب أيوب، وجده جمار (¬4) أوّل من كتب من العرب، لأنه نزل الحيرة فتعلم الكتابة منها. وذكره الجمحي في الطبقة الرابعة من شعراء الجاهلية، وقال: هم أربعة رهط، فحول شعراء، موضعهم مع الاوائل، ¬

_ (¬1) والبيت استشهد فيه التبريزي بشرح الحماسة 1/ 109 (¬2) 2/ 17 (الدار). (¬3) انظر الشعراء 182، والخزانة 1/ 184، والعمدة 1/ 86 والموشح 72 و 73. (¬4) اختلف في هذا الاسم اختلافا شديدا، وانظر الاغاني 2/ 97، والشعراء 176 و 180.

وإنما أخلّ بهم قلة شعرهم بأيدي الرواة، طرفة وعبيد بن الأبرص وعلقمة بن عبدة، وعدي بن زيد بن جمار (¬1). قال أبو القاسم الزجاجي في أماليه: حدثني أبو الحسن قال: كان الحجاج بن يوسف يخوف ان يعزل عن العراق فيتولاها خالد بن عبد الله بن أسيد، فلما مات خالد بلغ الحجاج موته فقال لسعيد بن عبد الرحمن بن عتاب ابن أسيد، وهو عنده: أعلمت ان خالدا قد مات؟ قال سعيد: فأخذني من ذلك ما الله به عالم لتركه بعده وشماتته بموته، فلم يلبث أن أخذ في حديث ثم أقبل عليّ، فقال: أيّ العرب أشعر؟ قلت: الذي يقول: أيّها الشّامت المعيّر بالمو … ت أأنت المبرّأ الموفور الابيات ... فغضب وقال: والله انك لردي الحديث، ردي المواضعة، مولع بليم الشعر. قال يونس: لو تمنيت أن أقول الشعر لما تمنيت أن أقول إلا مثل قول عدي بن زيد: (أيها الشامت المعير بالموت ...) الأبيات الثلاثة. فائدة: قال جميل: أوّل قصيدة له: رواح من بثينة أو بكور … غدا فانظر لأيّهما تصير كأنه أخذه من بيت عدي المذكور. 263 - وأنشد: وإذا هلكت فعند ذلك فاجزعي (¬2) ¬

_ (¬1) ابن سلام 115 (¬2) الخزانة 1/ 152 و 450

هذا من قصيدة للنمر بن تولب، وأوّلها: قالت لتعذلني من اللّيل اسمع … سفه تبيّتك الملامة فاهجعي لا تعجلي لغد فأمر غد له … أتعجلين الشّرّ ما لم تمنعي قامت تبكّي أن سبأت لفتية … زقّا وخابية بعود مقطع لا تجزعي إن منفسا أهلكته … وإذا هلكت فعند ذلك فاجزعي وإذا أتاني إخوتي فذريهم … يتعلّلوا في العيش أو يلهوا معي لا تطرديهم عن فراشي إنّه … لا بدّ يوما أن سيخلو مضجعي سبأت: بوزن قرأت، اشتربت الخمر، ولا بقال إلا في الخمر خاصة. والعود: بفتح المهملة، البعير. ومقطع: انقطع صرابه. ومنفس: بضم الميم وسكون النون وكسر الفاء، النفيس من المال. وذلك بكسر الكاف. والفراش: كناية عن المنزل. ويتعللوا: يتلهوا. وقوله: ان منفس، يروى بالنصب، وهو الأكثر، وبالرفع. وقد استشهدوا به في باب الاشتغال على الأمرين. وقد أورد المصنف البيت في الكتاب الثاني. قال المصنف في شواهده: معنى البيت، لا تجزعي على ما أتلفه من المال فإني أحصل لك أمثاله، ولكن اجزعي إذا هلكت، فإنك لا تجدين من يخلف عليك مثلي. وكان النمر قد نزل به في الجاهلية أخوان فعقر لهم أربع قلائص وصب لهم خمرا كثيرا فلامته على ذلك. 264 - وأنشد: لمّا اتّقي بيد عظيم جرمها … فتركت ضاحي جلدها يتذبذب (¬1) ¬

_ (¬1) في حاشية الامير 1/ 143 (قوله جرمها: أي جسمها، والضاحي البارز، ويتذبذب يروح ويجيء. قال الدماميني: يمكن أن الفاء عاطفة على محذوف، أي ضربتها فتركت).

265 - وأنشد: ألم تسأل الرّبع القواء فينطق (¬1) هذا مطلع قصيدة لجميل بن عبد الله بن معمر بن الحارث بن خيبر بن نهيك بن ظبيان القضاعي، وتمامه: وهل تخبرنك اليوم بيداء سملق وبعده: بمختلف الأرواح بين سويقة … وأحدب تحادت بعد عهدك تخلق أضرّت بها النّكباء يوما وليلة … ونفخ الصّبا والوابل المتعبّق وقفت بها حتّى تجلّت عمايتي … وملّ الوقوف العنتريس المنوّق الربع: الدار حيث ما كانت. وأما المربع، فالمنزل في الربيع خاصة. والقواء: بفتح القاف، القفر الذي يبيد من سلك فيه، أي يهلكه. وسملق: بفتح المهملة واللام بينهما ميم ساكنة، الأرض التي لا تنبت، وهي السهلة المستوية. وسويقة: بضم الميم، اسم موضع. وكذلك أحدب موضع. وفي شرح ديوان جميل: الأحدب، بحاء مهملة، جبل. ومختلف الأرواح: موضع اختلافها من كل وجهة كادت هذه المنازل تخلق بعد ان عهدتها عامرة. والنكباء: ريح خرجت عن مجراها. والوابل: المطر العظيم القطر. والمتعبق: بالعين المهملة، يقال تعبق المزن إذا مطرت بشدة وكذلك انعبقت. والعنتريس: الناقة الصلبة الشديدة، والنون زائدة. وبعير منوق: مذلل مروض. ومن أبيات هذه القصيدة: أنائل، بالبيت الّذي كان بيننا … نضا مثل ما ينضوا الخضاب فيخلق ¬

_ (¬1) الخزانة 3/ 601

أنائل والله الّذي أنا عبده … لقد جعلت نفسي من البين تشفق أنائل ما للعيش بعدك لذّة … ولا مشرب إلّا الشّمال المرنّق أنائل ما تنأين إلّا كأنّني … بنجم الثّريّا ما نأيت معلّق أنائل إنّ الحبّ يعتاد ذا الهوى … إذا اليوم أجلته الهموم فيأرق ومن يك ذا كم حظّه من صديقه … فيوشك باقي جلده يتمزّق 266 - وأنشد: الشّعر صعب وطويل سلّمه … إذا ارتقى فيه الّذي لا يعلمه (¬1) زلّت به إلى الحضيض قدمه … يريد أن يعربه فيعجمه أخرج أبو الفرج في الأغاني (¬2) وابن عساكر من طرق بعضها يزيد على بعض: ان الحطيئة لما حضرته الوفاة اجتمع إليه قومه فقالوا: يا أبا مليكة، أوص. فقال: ويل للشعر من راوية السوء. قالوا: أوص، يرحمك الله. قال: من الذي يقول: إذا أنبض الرامون عنها ترنّمت … ترنّم ثكلى أوجعتها الجنائز؟ قالوا: الشماخ. قال: أبلغوا غطفان انه أشعر العرب. قالوا: ويحك، ما هذه وصية، أوص، قال: أبلغوا أهل ضابيء (¬3)، أنه شاعر حيث يقول: لكلّ جديد لذّة غير أنّني … رأيت جديد الموت غير لذيذ قالوا: أوص، ويحك بما ينفعك، قال: أبلغوا أهل امرئ القيس أنه أشعر العرب حيث يقول (¬4): ¬

_ (¬1) العمدة 1/ 96 (¬2) الأغاني 2/ 195 - 196 (الدار). (¬3) هو ضابئ بن الحارث البرجميّ ثم اليربوعيّ الشاعر من بني تميم. (¬4) ديوانه 19 من معلقته.

فيالك من ليل كأنّ نجومه … بكلّ مغار الفتل شدّت بيذبل فقالوا: اتق الله ودع عنك هذا، قال: أبلغوا الأنصار ان صاحبهم أشعر العرب حيث يقول (¬1): يغشون حتّى ما تهرّ كلابهم … لا يسألون عن السّواد المقبل فقالوا: إن هذا لا يغني عنك شيئا، فقل غير ما أنت فيه، فقال: الشّعر صعب وطويل سلّمه … إذا ارتقى فيه الّذي لا يعلمه زلّت به إلى الحضيض قدمه … يريد أن يعربه فيعجمه فقالوا: يا أبا مليكة، ألك حاجة؟ قال: لا، ولكن أجزع على المديح الجيد يمدح به من ليس له أهلا. قالوا: ما تقول في عبيدك؟ قال: هم عبيد قن ما عاقب الليل النهار. قالوا: أوص للفقراء بشيء، قال: أوصيهم بالالحاح في المسئلة. قالوا: فما تقول في مالك؟ قال للأنثى من ولدي مثلا حظ الذكر. قالوا: ليس هكذا قضى الله لهنّ، قال: لكني هكذا قضيت، وما أدري أعوّاد أنتم أم خصماء؟ قالوا: فما توصي لليتامى؟ قال: كلوا أموالهم وطؤا أمهاتهم، قالوا: فهل شيء تعهد فيه غير هذا، قال: نعم، تحملونني على أتان وتتركونني راكبها حتى أموت، فان الكريم لا يموت على فراشه، والاتان مركب لم يمت عليه كريم قط. فحملوه على أتان وجعلوا يذهبون به ويجيئون وهو عليها حتى مات، وهو يقول: لا أحد ألأم من حطيئه … هجا بنيه وهجا المريئه من لؤمه مات على الفريئه ¬

_ (¬1) انظر ص 378.

فائدة: [الحطيئة]

الفريئة: الأتان. وفي شرح الكامل للبطليوسي: يروى أن الحطيئة دخل على سعيد ابن العاص يتغدّى، فأكل أكل جائع، فلما فرغ من طعامه وخرج الناس فأقام مكانه، فأتاه الحاجب ليخرجه فامتنع، وقال: أترغب عن مجالستي؟ فلما سمعه سعيد وكان لا يعرفه، قال: دعه، ثم تذاكروا الشعر فقال الحطيئة: ما أصبتم جيد الشعر، ولو أعطيتم القوس باريها بلغتم ما تريدون، فاستنسبوه فانتسب لهم، فأكرموه وذاكروه، فقال لسعيد: استمع، ثم أنشد (¬1): الشّعراء فاعلمنّ أربعه: … فشاعر لا يرتجى لمنفعه وشاعر ينشد وسط المجمعه … وشاعر آخر لا يجرى معه وشاعر يقال خمر في دعه ومعنى خمر: غط وجهك حياء من قبح ما جئت به، ثم أنشد: الشّعر صعب وطويل سلّمه … إذا ارتقى فيه الّذي لا يعلمه زلّت به إلى الحضيض قدمه … يريد أن يعربه فيعجمه فكان أحد الأعاجيب. فائدة: [الحطيئة] الحطيئة اسمه جرول بن أوس، ويقال ابن مالك العبسي، يكنى أبا مليكة. ولقب بالحطيئة لقصره وقربه من الأرض. وقيل: لانه محطوء الرجل، وهي التي لا أخمص لها. وقيل لأنه جلس بين قوم فضرط فقيل له ما هذا؟ فقال: حطيئة، وكان مفلقا جوالا في الآفاق يمتدح الاماثل ويستجديهم. وهو أوّل من قال: اعط القوس باريها، ذكره البطليوسي في شرح الكامل. ¬

_ (¬1) انظر الموشح 360 و 361 والعمدة 1/ 94 والمزهر 2/ 490 - 491، وشرح العكبري 3/ 176، واللسان (خمر).

وأخرج ابن عساكر عن الأصمعي قال: قيل للحطيئة: من أشعر الناس؟ فأخرج لسانه فقال: هذا إذا طمع. وفي البيان للجاحظ (¬1): قال اعرابي للحطيئة: ما عندك يا راعي الغنم؟ قال: قال: عجراء من سلم (¬2)، قال: إني ضيف، قال: للضيفان أعددتها. قال (¬3): وكان الناس يستحبون قول الأعشى: تشبّ لمقرورين يصطليانها … وبات على النّار النّدى والمحلّق حتى قال الحطيئة: متى تأته تعشو إلى ضوء ناره … تجد خير نار عندها خير موقد فسقط بيت الأعشى. قال: وحدثنا علي بن مجاهد عن هشام بن عروة، قال: سمع عمر بن الخطاب رجلا ينشد بيت الحطيئة هذا فقال عمر: ذاك رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. وقال الزبير ابن بكار في الموفقيات: بخلاء العرب أربعة: الحطيئة، وحميد الأرقط، وأبو الاسود الدؤلي، وخالد بن صفوان. ¬

_ (¬1) 2/ 120. (¬2) يعني عصاه. (¬3) انظر ص 304.

شواهد في

شواهد في 267 - وأنشد: وهم صلبوا العبديّ في جذع نخلة … فلا عطست شيبان إلّا بأجدعا هذا من قصيدة لسويد بن أبي كاهل اليشكري، أولها: تمنّيت ليلى أن تزيغ بك النّوى … وتمنع ليلى منك عذبا ممنّعا ألا إنّ ليلى لا يرام حديثها … كبيض الأنوق لا ترى فيه مطمعا هكذا في كتاب منتهى الطلب، وعزاه صاحب الحماسة البصرية الى قراد بن حنيس الصاردي، وأورد قبله: إذا اجتمع العمران عمرو بن عامر … وبدر بن عمرو خلت ذبيان تبّعا وألقوا مقاليد الأمور إليهم … جميعا قماء كارهين وطوّعا 268 - وأنشد: بطل كأنّ ثيابه في سرحة هذا من معلقة عنترة بن شداد العبسي وتمامه: يحذى نعال السّبت ليس بتوأم (¬1) ¬

_ (¬1) ديوانه 152، وشرح القصائد السبع الطوال 352

وأوّل القصيدة (¬1): هل غادر الشّعراء من متردّم … أم هل عرفت الدّار بعد توهّم يا دار عبلة بالجواء تكلّمي … وعمي صباحا دار عبلة واسلمي ومنها: ولقد نزلت فلا تظنّي غيره … منّي بمنزلة المحبّ المكرم ومنها: جادت عليه كلّ عين ثرّة (¬2) … فتركن كلّ حديقة كالدّرهم سحّا وتسكابا فكلّ عشيّة … يجري عليها الماء لم يتصرّم ومنها: شربت بماء الدّحرضين فأصبحت … زوراء تنفر عن حياض الدّيلم ومنها: ومدجّج كره الكماة نزاله … لا ممعن هربا ولا مستسلم فشككت بالرّمح الطويل ثيابه (¬3) … ليس الكريم على القنا بمحرّم فتركته جزر السّباع ينشنه … ما بين قنّة رأسه والمعصم (¬4) ¬

_ (¬1) ديوانه 142 - 154 وشرح القصائد السبع الطوال 293 - 366 (¬2) وكذا في ديوانه 145 وفي شرح القصائد السبع الطوال 312 (بكر ثرة). (¬3) في الديوان والقصائد السبع (الأصم ثيابه). (¬4) في الديوان والقصائد السبع (قلة رأسه).

بطل كأنّ ثيابه في سرحة … يحذى نعال السّبت ليس بتوأم (¬1) لمّا رآني قد قصدت أريده (¬2) … أبدى نواجذه لغير تبسّم فطعنته بالرّمح ثمّ علوته … بمهنّد صافي الحديدة مخذم عهدي به شدّ النّهار كأنّما … خضب اللّبان ورأسه بالعظلم يا شاة ما قنص لمن حلّت له … حرمت عليّ وليتها لم تحرم ومنها: لمّا رأيت القوم أقبل جمعهم … يتذامرون كررت غير مذمّم يدعون عنتر والرّماح كأنّها … أشطان بئر في لبان الأدهم ولقد شفى نفسي وأبرأ سقمها … قيل الفوارس: ويك عنتر أقدم قال شارح المعلقات: هذه القصيدة تسمى المذهبة (¬3). وكان من حديث عنترة أن أمّه كانت أمة حبشية تدعى زبيبة، فوقع عليها أبوه فأتت به، فقال لأولاده: إن هذا الغلام ولدي. قالوا: كذبت أنت شيخ قد خرفت، تدعي أولاد الناس. فلما شب، قالوا له: اذهب فارع الابل والغنم واحلب وصر. فانطلق يرعى وباع منها ذودا، واشترى بثمنه سيفا ورمحا وترسا ودرعا ومغفرا، ودفنها في الرمل. وكان له مهر يسقيه ألبان الابل. وكان في الجاهلية من غلب سبا. وان عنترة جاء ذات يوم الى الماء فلم يجد أحدا من الحي فبهت وتحير حتى هتف به هاتف: أدرك الحيّ في موضع كذا، فعمد الى سلاحه فأخرجه والى مهره فأسرجه واتبع القوم الذين سبوا أهله فكرّ عليهم ففرّق جمعهم وقتل منهم ثمانية نفر، فقالوا له: ما تريد؟ فقال: أريد العجوز ¬

_ (¬1) ترتيب البيت في الديوان والقصائد بعد البيت: (عهدي به). (¬2) في الديوان والقصائد (قد نزلت). (¬3) الزوزني 136.

السوداء والشيخ الذي معها، يعني أمه وأباه، فردّوهما عليه، فقال له عمه: يا بني كرّ، فقال: العبد لا يكرّ، لكن يحلب ويصرّ. فأعاد عليه القول ثلاثا وهو يجيبه كذلك قال له: إنك ابن أخي وقد زوّجتك ابنتي عبلة. فكرّ عليهم فصرع منهم عشرة. فقالوا له: ما تريد؟ قال: الشيخ والجارية، يعني عمه وابنته، فردّوهما عليه. ثم قال لهم: إنه لقبيح أن أرجع عنكم وجيراني في أيديكم، فأبوا فكرّ عليهم حتى صرع منهم أربعين رجلا قتلى وجرحى فردوا عليه جيرانه، فأنشد هذه القصيدة يذكر فيها ذلك. وكان معاصرا لامرئ القيس، اجتمع به. قال الآمدي: عنترة هذا هو ابن شداد بن قراد ابن مخذوم بن مالك بن غالب. ولهم شاعر آخر يقال له عنترة بن عكرة الطائي. وشاعر ثالث يقال له عنترة بن عروس مولى ثقيف، ولد في بلاد ازدشنوءة. قال في الأغاني (¬1): وعنترة بن شدّاد كان يلقب عنترة الفلحاء لتشقق شفتيه. وقال أبو عبيدة في مقاتل الفرسان: عنترة العبسي، هو عنترة بن عمرو بن معاوية بن ذهل ابن قراد بن مخذوم بن ربيعة بن مالك بن غالب بن قطيعة بن عبس. وكان شداد هو الذي رباه ونشأ في حجره، نسب إليه دون أبيه، فقالوا: عنترة بن شداد. وقال ابن الكلبي: هو جدّه أبو أبيه، غلب عليه اسم أبيه، نسب اليه دون أبيه. وهو عنترة بن عمرو بن شداد بن معاوية. وكان عنترة من فرسان العرب المعدودين المشهورين بالنجدة وكان يقال له عنترة الفوارس. ويتذامرون: يحض بعضهم بعضا. قوله: هل غادر، أي هل ترك الشعراء لأحد معنى إلّا وقد سبقوا إليه. والمتردّم: من ردمت الشيء، إذا أصلحته وقوّيت ما وهي منه. وقوله: بعد توهم: من توهمت الشيء، إذا أنكرته، فتثبت فيه وطلبت حقيقته. والجواء (¬2): مكان وشاة: كناية عن الجارية (¬3). قوله: (ولقد نزلت ... البيت) يعني أنت عندي بمنزلة المحب المكرم، فلا تظني غير ذلك. والخطاب لعبلة ابنة عمه، والمحب: بفتح الحاء المحبوب، ولكنه أجراه على ¬

_ (¬1) 8/ 235 (الثقافة). (¬2) في القصائد السبع الطوال 296: (الجواء: بلد يسميه أهل نجد جواء عدتة. والجواء أيضا، جمع جو، وهو البطن من الأرض الواسع في انخفاض). (¬3) وذلك في البيت: (يا شاة ما قنص ..).

أصله من أحببت (¬1). والبيت استشهد به المصنف في التوضيح على حذف مفعولي ظن اختصارا. وقوله: (جادت ... البيت) أورده المصنف في كل شاهدا على عدم مراعاة المعنى في ضميرها، حيث قال: فتركن، ولم يقل فتركت. واستشهد به ابن أم قاسم على تأنيث حادت، مع إسناده الى لفظ (كل) لاكتسابه التأنيث من المضاف إليه. وجادت من الجود، وهو المطر الشديد. وثرّة: بفتح المثلثة وتشديد الراء، كثيرة الماء. والحديقة: البستان والروضة. يقول: كأن استدارتها بالماء استدارة الدرهم. ويقال: إنه شبه بياض الماء وصفائه ببياض الدرهم. والسّح والتّسكاب: الصبّ. ولم يتصرّم: لم ينقطع. والدحرضان: موضع، ويقال هما ماآن، يقال: لأحدهما حرض، وللآخر وسيع. فلمّا ثنى قال الدحرضان على التغليب. وزوراء: معرضة نافرة. والديلم: الاعداء. وقيل: الجماعة، وقيل: الظلمة. والمدجّج: الشاك السلاح. والكماة: الشجعان. والنزال: المنازلة. وثيابه: يعني درعه وما عليه. وقيل: قلبه، من قوله تعالى: (وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ) أي قلبك. ويروى بدله: إهابه: أي جلده. وجزر السباع: طعاما لها ومأكلا. وينشنه: يتناولنه. وقنة الرأس: أعلاه. ومخذم: قاطع. وشدّ النهار: ارتفاع النهار (¬2). ومهند: السيف. واللبان: الصدر (¬3). والعظلم: شجر يصبغ به الشيب. وقوله (يا شاة ... البيت) أورده المصنف في مبحث من (¬4). والاشطان: الحبال، واحدها شطن. واللبان: الصدر. ويقال: باطن العنق. والأدهم: الفرس الأسود. شبه الرماح في صدر فرسه بحبال بئر اجتمعت عليها السقاة. وقيل الفوارس، بمعنى قول. وقوله: (ويك) قال شارح المعلقات: أراد ويحك، فحذف الحاء. والعرب تفعل ذلك. وقال الكسائي: أصله (ويلك) فالكاف ¬

_ (¬1) في شرح القصائد السبع الطوال 301: (يقال رجل محبّ ومحبوب. فمن قال محبّ أخرجه على القياس وقال: هو مبني على أحبّ يحبّ فهو محبّ. ومن قال: محبوب، بناه على لغة الّذين يقولون: حببت الرجل أحبّه .. الخ). (¬2) ويروي: (مدّ النهار ...). أي حين امتداد النهار. (¬3) في الديوان وشرح القصائد السبع الطوال: (البنان). (¬4) انظر الحاشية 3 ص 482.

مجرورة بالاضافة. وقال غيره: (وي) كلمة تعجب، والكاف للخطاب (¬1). والمعنى: أتعجب. وقد أورد المصنف البيت في (وي). وعنتر منادي مرخم. واقدم: تقدم. 269 - وأنشد: ويركب يوم الرّوع منّا فوارس … بصيرون في طعن الأباهر والكلى (¬2) هو من أبيات لزيد الخيل أوردها أبو زيد في نوادره، وقال القالي في أماليه (¬3): حدثنا أبو بكر بن دريد، حدثنا أبو حاتم عن أبي عبيدة، عن أبي عمرو بن العلاء قال: خرج بجير بن زهير بن أبي سلمى في غلمة يجتنون جني الأرض، فانطلق الغلمة وتركوا ابن زهير، فمرّ به زيد الخيل (الطائي فأخذه، ودار طيئ متاخمة لدور بني عبد الله بن غطفان) (¬4) فسأله: من أنت؟ قال: أنا بجير بن زهير، فحمله على ناقة، ثم أرسل به الى أبيه، فلما أتى الغلام أباه، أخبره أن زيدا أخذه ثم خلّاه وحمله. وكان لكعب بن زهير فرس من جياد خيل العرب، وكان كعب جسيما، وكان زيد الخيل من أعظم الناس وأجسمهم، وكان لا يركب دابة إلا أصابت إبهامه الأرض، فقال زهير: ما أدري ما أثيب به زيدا إلا (فرس كعب، فأرسل به إليه وكعب غائب، فلما جاء كعب سأل عن الفرس، فقيل له: قد ارسل به أبوك الى زيد «4»). فقال كعب لأبيه: كأنك أردت أن تقوّي زيدا على قتال غطفان. فقال زهير: هذه إبلي، فخذ ثمن فرسك. وكان بين بني زهير وبين بني ملقط الطائيين إخاء، فقال كعب شعرا يريد أن يلقي بين بني ملقط وبين رهط زيد الخيل شرّا، فعرف زهير حين سمع الشعر ما أراد به، وعرف ذلك زيد الخيل وبنو ملقط، فأرسلت اليه بنو ملقط بفرس نحو فرسه، وكانت عند كعب امرأة من غطفان لها شرف وحسب، فقالت له: أما أستحييت من أبيك لشرفه وسنه أن تؤيّسه (¬5) في هبته عن أخيك؟ ولامته! وكان وفد بكعب قبل ذلك ضيفان، فنحر لهم بكرا كان لامرأته، فقال لها: ما تلوميني إلا لمكان ¬

_ (¬1) انظر أمالي ابن الشجري 1/ 357. (¬2) الخزانة 4/ 184، وسيبويه 1/ 56، وذيل الأمالي 24 (¬3) ذيل الامالي 23 - 24، وشرح ديوان كعب 126 - 127 (¬4) مزيدة عن القالي. (¬5) تؤيسه: تصغره وتحقره.

بكرك الذي نحرت، فلك بكران. وكان زهير كثير المال، وكان كعب مجدودا فقال كعب (¬1): ألا بكرت عرسي بليل تلومني … وأقرب بأحلام النّساء إلى الرّدى! وذكر فيها زيدا، فقال زهير: هجوت رجلا غير مفحم وإنه لخليق أن يظهر عليك، فأجابه زيد فقال (¬2): أفي كلّ عام مأتم تبعثونه … على محمر عود أثيب وما رضى تجدّون خمشا بعد خمش كأنّما … على فجع من خير قومكم نعى تحضّض جبّارا عليّ ورهطه … وما صرمتي منكم لأوّل من سعى ترعّي بأذناب الشّعاب ودونها … رجال يصدّون الظّلوم عن الهوى ويركب يوم الرّوع فيها فوارس … بصيرون في طعن الأباهر والكلى تقول: أرى زيدا وقد كان معدما … أراه لعمري قد تموّل واقتنى وذاك عطاء الله من كلّ عادة … يشمّره يوما إذا قلّص الخطا فلولا زهيرا أن أكدّر نعمة … لقاذعت كعبا ما بقيت وما بقا 270 - وأنشد: ألاعم صباحا أيّها الطّلل البالي … وهل يعمن من كان في العصر الخالي ¬

_ (¬1) ديوانه 127 وفيه: (ألا بكرت عرسي توائم من طي)، وفي ذيل اللآلي: (وأكثر أحلام النساء ..). (¬2) انظر الشعراء 245 - 246.

وهل يعمن من كان أحدث عهده … ثلاثين شهرا في ثلاثة أحوال تقدم شرحه في شواهد الباء ضمن قصيدة لامرئ القيس (¬1). 271 - وأنشد: أنا أبو سعد إذا اللّيل دجا … يخال في سواده يرندجا قال في الأغاني (¬2): هو لسويد بن أبي كاهل اليشكري، لكن أنشد بدل المصراع الثاني: دخلت في سرباله ثمّ التجا قال: وسويد يكنى أبا سعد، وهو شاعر متقدم من مخضرمي الجاهلية والاسلام. ¬

_ (¬1) الشاهد رقم 158 ص 340، والشاهد 195 ص 393. (¬2) الاغاني 13/ 100 (الثقافة)، وشعراء الجاهلية 425. واليرندج: الجلد الأسود. وانظر حاشية الامير 1/ 146

شواهد القاف

شواهد القاف 272 - وأنشد: قدني من نصر الخبيبين قدي (¬1) هو لحميد بن مالك الأرقط يصف فيه لعبد الملك بن مروان وتقاعده عن نصرة عبد الله بن الزّبير وأصحابه رضي الله عنهم. وقال ابن يعيش قائلة أبو بجدلة. وتمامه: ليس الإمام بالشّحيح الملحد … ولا بوبر بالحجاب مقرّد إن يرى بوما بالفضاء يصطد … أو ينحجر فالحجر شرّ محكد قدنى، بمعنى، حسبي (¬2). وأراد بالامام عبد الملك بن مروان، وعرّض بوصف ابن الزبير بكونه شحيحا، أي بخيلا. وملحدا: أي ظالما في الحرم، لأنه كان بمكة أيام خلافته، وحاشاه من الالحاد. وأراد بالخبيبين: عبد الله بن ¬

_ (¬1) ابن عقيل 1/ 66 (¬2) قوله: (قدني) و (قدي) فيه الشاهد حيث أثبت نون الوقاية في الأول على الكثير، وحذفها في الثاني على القليل. ورأي بعض علماء النحو أن اثبات نون الوقاية مع (قد) التي بمعنى (حسب) وإن كان كثيرا في نفسه، لكنه غير قياس، لان هذه النون إنما تزداد في الأفعال وقاية لها مثل: (اخبرني)، و (مدحني). قال الصبان: واعترض الاستشهاد على حذف النون بجواز أن الأصل (قد) بالسكون. وحركت بالكسر لأجل الروي، فتكون الياء للإشباع لا للمتكلم).

الزبير، لأنه كان يكنى أبا خبيب، بضم المعجمة وفتح الموحدة الأولى، وأخاه مصعبا، على التغليب. وقد أورده المصنف مستشهدا به على ذلك. قال المصنف: ويروى الخبيبين بالجمع، إما على ارادة أتباعه، وهو تغليب أيضا؛ وإما على أن الأصل الخبيين بياء النسبة، ثم حذفت الياء، كقولهم الأشعرين. وقوله تعالى: (عَلى بَعْضِ الْأَعْجَمِينَ) فإنه ليس جمعا لأعجمي، لأنه من باب أفعل وفعلا. والوبر: أورده العيني بلفظ ولا بوتن. ويقال: هو بفتح الواو وسكون المثناة الفوقية، بمعنى: ولا بدائم بأرض الحجاز. يقال للماء الدائم الذي لا يذهب واتن. والمحكد: بفتح الميم وسكون الحاء المهملة وكسر الكاف ودال مهملة، الملجأ. قاله ثعلب في أماليه وأنشد عليه البيت. وقال العيني: هو المحتد، وهو الأصل. 273 - وأنشد: إذ ذهب القوم الكرام ليسي (¬1) عزى لرؤبة وصدره: عددت قومي كعديد الطّيس العديد: مثل العدد. والطيس: بفتح المهملة وسكون التحتية آخره مهملة، الشيء الكثير من الرمل وغيره، يقال: فيه طيسل بزيادة اللام. وقوله: (ليسى) أي ليس الذاهب إياي، فاسم ليس مستتر فيها، وخبرها الضمير المتصل بها، وكان القياس فصله. وقد أعاد المصنف البيت في حرف النون شاهدا على حذف نون الوقاية من ليس. 274 - وأنشد: أخالد قد والله أوطأت عشوة … وما قائل المعروف فينا يعنّف ¬

_ (¬1) الخزانة 2/ 425 و 454، وابن عقيل 1/ 65.

أخرج في مكارم الأخلاق، وابن عساكر من طريق الهيثم بن عديّ، عن ابن عياش قال: عرض خالد بن عبد الله القشيريّ (¬1) سجنه، فكان فيه يزيد بن عبد الله البجلي، فقال له خالد: في أي شيء حبست؟ قال: في تهمة. وكان أخذ في دار قوم فادّعى عليه السرقة، فأمر خالد بقطع يده، وكان ليزيد أخ فكتب شعرا ووجه به الى خالد: أخالد قد والله أوطأت عشوة … وما العاشق المسكين فينا بسارق أقرّ بما لم يأته المرء إنّه … رأى القطع خيرا من فضيحة عاشق ولولا الّذي قد خفت من قطع كفّه … لألفيت في أمر الهوى غير ناطق إذا بدت الرّايات في السّبق للعلى … فأنت ابن عبد الله أوّل سابق فلما قرأ خالد الأبيات، علم صدق قوله وأحضر أولياء الجارية، فقال: زوّجوا يزيد فتاتكم؟ فزوّجوه، ونقد خالد المهر من عنده. وفي شواهد الكتاب للزمخشري، قال الفرزدق (¬2): وما حلّ من حلم حبا حلمائنا … ولا قائل المعروف فينا يعنف يريد: من قال فيهم الحق لا يعنف لمعرفنهم بالحق وأنهم من أهله، انتهى. فالظاهر أن المصنف ركب عليه صدر على عجز آخر. 275 - وأنشد: فقد والله بيّن لي عنائي … بوشك فراقهم صرد يصيح أورده البطليوسي في شرح الكامل بلفظ: ¬

_ (¬1) ولعلها: (القسري). (¬2) ديوانه 561.

فقد والشّكّ بيّن لي عنائي وقال تقديره: فقد بين لي صرد يصيح بوشك فراقهم (¬1). والشك: عناء. انتهى. 276 - وأنشد: أفد التّرحّل غير أنّ ركابنا … لمّا تزل برحالنا وكأن قد (¬2) هذا من قصيدة للنابغة الذبياني قالها في المتجردة امرأة النعمان أولها (¬3): أمن آل ميّة رائح أو مغتدي … عجلان ذا زاد وغير مزوّد زعم البوارح أنّ رحلتنا غدا … وبذاك خبّرنا الغراب الأسود لا مرحبا بغد ولا أهلا به … إن كان تفريق الأحبّة في غد أفد التّرحّل غير أنّ ركابنا … لمّا تزل برحالنا وكأن قد قال ابن جني في الخصائص (¬4): عيب على النابغة قوله في الدالية المجرورة: وبذاك خبّرنا الغراب الأسود فلما لم يفهمه أتى بمغنية فغنته: عجلان ذا زاد وغير مزوّد ¬

_ (¬1) الصرد: طائر أبيض البطن. (¬2) الخزانة 3/ 232، وابن عقيل 1/ 23 (أزف الترحل). (¬3) الأغاني 11/ 8 (الثقافة). وديوانه 38. (¬4) انظر الموشح 18 و 21 و 38 و 39، وابن سلام 55، والخزانة 2/ 4 (السلفية) وشعراء الجاهلية 720

ومدت الوصل وأشبعته ثم قالت: وبذاك خبّرنا الغراب الأسود ومدت الوصل وأشبعته. فلما أحسه عرفه واعتذر منه وغيره فيما يقال الى قوله: وبذاك تنعاب الغراب الأسود قال: وأما الأخفش فكان يرى أن العرب لا تستنكر الاقواء ويقول: قلّت قصيدة إلّا وفيها، الاقواء، ويعتل لذلك بأن كل بيت منها شعر قائم برأسه، انتهى. والمصراعان موجودان في ديوانه. قال الأصمعي: في البيت الأول تقديره: أمن آل مية أنت رائح أو مغتدى، يخاطب نفسه. وعجلان: نصب على الحال. قوله: (ذا زاد وغير مزوّد) يقول: يمضي زوّدت أم لم تزوّد. والبوارح: جمع بارح. وأفد، بكسر الفاء، قرب ودنا. ويروى بدله (أزف) وهو بمعناه. والترحل: الرحيل. والركاب: الابل، لا واحد لها من لفظها. وقيل: جمع ركوب. والرحال: من الرحيل وجمع رحل أيضا. وقيل: مسكن الرجل ومنزله، والاستثناء منقطع، أي قرب ارتحالنا، لكن رحالنا بعد لم تزل مع عزمنا على الانتقال. وكأن: مخففة من الثقيلة. وقوله: (قد) أي قد زالت بقرينة لما تزل. او فيه شواهد: حذف الفعل الواقع بعد غد، وعلى ذلك أورده المصنف هنا. ودخول تنوين الترنم في الحرف، وهو قد. وعلى ذلك أورده المصنف في حرف التنوين. وتخفيف كأن وحذف اسمها والاخبار عنها بجملة فعلية مصدّرة بقد. وبعد هذا البيت: في إثر جارية رمتك بسهمها (¬1) … فأصاب قلبك غير أن لم تقصد بالدّرّ والياقوت زيّن نحرها … ومفصّل من لؤلؤ وزبرجد ¬

_ (¬1) في الاغاني والديوان 39 بلفظ: (في إثر غانية ..).

277 - وأنشد: لولا الحياء وأنّ رأسي قد عسا … فيه المشيب لزرت أمّ القاسم (¬1) هذا من قصيدة لعديّ بن الرقاع يمدح بها الوليد بن عبد الملك، أوّلها: ألمم على طلل عفا متقادم … بين الذؤيب وبين غيب النّاعم وبعد البيت: وكأنّها وسط النّساء أعارها … عينيه أحور من جآذر جاسم وسنان أقصده النّعاس فرّنقت … في عينه سنة وليس بنائم ومنها وهو المخلص: ولقد لجأت من الوليد إلى امرئ … حسبي، وليس من اصطفاه بنادم للحمد فيه مذاهب لا تنتهي … ومكارم يعلون كلّ مكارم ومهابة الملك العزيز ونائل … ينضى الجواد وأنت نكل الظّالم وإذا نظرت بحرّ وجهك كلّه … نحو امرئ فيعود كلّ الغانم وإذا قضى فصل القضاء فلم يمل … قربى عليه ولا ملامة لائم وآخرها: وإذا وددت فإنّ ودّك نافع … ومن انتحطت فليس منك بسالم ¬

_ (¬1) الاغاني 9/ 304 و 305 و 306 و 307 (الثقافة). والشعراء 602، ومعجم البلدان 3/ 37 والكامل 127، واللآلي 521.

فائدة: [عدي بن زيد]

قوله عيث: أي اشتد، وروى (عثا) بالمثلثة، أفسد أشد الفساد. وقد أورد الثعلبي البيت في تفسيره شاهدا لقوله تعالى: (وَلا تَعْثَوْا) *. والجآذر، جمع جؤذر: أولاد البقر الوحشية. وجاسم: موضع. والوسنان: النائم. والترنيق: الدنّو من الشيء. قال المبرد في الكامل: معنى رنقت تهيأت لذاك. أخرج أبو الفرج في الأغاني عن ثعلب قال (¬1): قال نوح بن جرير لأبيه: من أنسب الشعراء؟ قال: عديّ ابن زيد في قوله: (لولا الحياء ... الأبيات الثلاثة). ثم قال: ما كان يبالي أن يقول بعدها شيأ. فائدة: [عديّ بن زيد] عديّ بن زيد بن مالك بن عديّ بن رقاع بن حصن العاملي، نسبه الناس إلى الرّقاع، وهو جد جده، لشهرته، شاعر مقدّم عند بني أمية من خواص الوليد بن عبد الملك. ذكره ابن سلام في الطبقة السابعة من شعراء الاسلام (¬2). وأخرج أبو الفرج في الأغاني عن عبد الله بن مسلم قال (¬3): كان عديّ بن الرّقاع ينزل الشام، وكانت له بنت تسمى سلمى تقول الشعر، فأتاه ناس من الشعراء (ليماتنوه) (¬4) وكان غائبا. فسمعت ابنته وهي صغيرة لم تبلغ طرفا من وعيدهم، فخرجت إليهم وأنشأت تقول: تجمّعتم من كلّ أوب وفرقة (¬5) … على واحد لا زلتم قرن واحد فافحمتهم. وفي أمالي القالي: قال ابن حبيب: قرع بابه الرواة فخرجت بنت له صغيرة فقالت من ههنا، قالوا: نحن الشعراء، قالت: تريدون ماذا؟ قالوا: نهاجي أباك، فقالت: تجمّعتم من كلّ أوب ووجهة … على واحد لا زلتم قرن واحد (¬6) ¬

_ (¬1) 9/ 307 باختلاف اللفظ. (¬2) الطبقات 551. (¬3) 9/ 303 (¬4) مزيدة عن الأغاني. وماتنه في الشعر: عارفه. (¬5) في الاغاني: (.. وبلدة). (¬6) ذيل الامالي 70، وفي ذيل اللآلي 34 ان ابن عساكر نسبه عن الاصمعي -

فاستحيوا ورجعوا. 278 - وأنشد: حلفت لها بالله حلفة فاجر … لناموا فما إن من حديث ولا صالي تقدم شرحه في شواهد الباء ضمن قصيدة امرئ القيس (¬1). 279 - وأنشد: قد أترك القرن مصفرّا أنامله … كأنّ أثوابه مجّت بفرصاد (¬2) قال الزمخشري في شرح أبيات سيبويه هو للهذلي، وقيل لعبيد بن الأبرص، وقبله: لا أعرفنّك بعد الموت تندبني … وفي حياتي، ما زوّدتني زادي قال: (قد) بمعنى (رب). مصفّرا أنامله: أي خرجت روحه فاصفرّت أصابعه. مجت: صب عليها كما يصب الماء من الفم. والفرصاد: دماء التوت، يريد ان الدم على ثيابه كماء التوت. وقيل: الفرصاد التوت نفسه. وتقديره، مجت بماء فرصاد. انتهى (¬3). قال وكيع في الغرز: أنشدني محمد بن علي بن حمزة بن ¬

_ - في مثل هذا الخبر لبنت ابن الطثرية. وانظر ابن عساكر 2/ 417، وفي الحيوان 6/ 23 عن الكسائي: تفرقتم لازلتم قرن واحد … تفرق أير الضب والأصل واحد (¬1) ص 341، وانظر الشاهد رقم 158 و 195 وهو في الخزانة 4/ 321 (¬2) ديوان عبيد بن الأبرص 49، والخزانة 4/ 502، ووقع نسبته في سيبويه الى بعض الهذليين، ولم أره في أشعارهم. (¬3) في الخزانة: البيت قد تداوله الشعراء، فبعضهم أخذ المصراع، وبعضهم أخذه تماما بلفظه، وبعضهم أخذ معناه، قال أبو المثلم الهذلي يرثي صخر الغيّ الهذلي: ويترك القرن مصفرا أنامله … كأنّ في ريطتيه نضح إرقاق وقال المتنخل الهذلي يرتي ابن أثيلة: والتارك القرن مصفرا أنامله … كأنه من عقار قهوة ثمل وقال زهير بن مسعود الضبي:

الحسن بن عبيد الله بن العباس بن علي بن أبي طالب قال: أنشدني أبو غسان رفيع ابن سلمة لعبيد بن الأبرص، قال أبو غسان: سألت عنها الأصمعي وكنت أراها مصنوعة فقال: هي صحيحة (¬1): طاف الخيال علينا ليلة الوادي … من أسماء لم يلحم لميعاد (¬2) أنّى اهتديت لركب طال ليلهم … في سبسب بين دكداك وأعقاد يكلّفون الفلا في كلّ هاجرة … مثل الفنيق إذا ما احتثّها الحادي (¬3) أبلغ أبا كرب عنّي وأسرته … قولا سيذهب غورا بعد إنجاد فإن حييت فلا أحسبك في بلدي … وإن مرضت فلا يحسبك عوّادي لأعرفنّك بعد الموت تندبني … وفي حياتي ما زوّدتني زادي أذهب إليك فإنّي من بني أسد … أهل القباب وأهل الجود والنّادي قد أترك القرن مصفرّا أنامله … كأنّ أثوابه مجّت بفرصاد ¬

_ - هلّا سألت، هداك الله، ما حسبي … عند الطّعان إذا ما احمرت الحدق هل أترك القرن مصفرا أنامله … قد بلّ أثوبه من جوفه القلق وقالت ريطة الهذلية ترثي أخاها عمرا ذا الكلب: الطاعن الطعنة النجلاء يتبعها … متعنجر من نجيع الجوف أسكوب والتارك القرن مصفرا أنامله … كأنه من نجيع الجوف مخضوب وقال زهير بن أبي سلمى: قد أترك القرن مصفرا أنامله … يميد في الرمح ميد المائح الأسن وقال أحد بني جرم: وأترك القرن مصفرا أنامله … دامي المدارع منكبا على العقر وقالت عمرة بنت شداد الكلبية ترثي أخاها مسعود بن شداد: قد يطعن الطعنة النجلاء يتبعها … مضرّج بعدها تغلي بإزياء ويترك القرن مصفرا أنامله … كأن أثوابه محت بفرصاد (¬1) ديوانه 47 - 50، والاغاني 23/ 417 - 420، وشعراء الجاهلية 597. (¬2) في الديوان، وشعراء الجاهلية: (من أم عمرو، ولم يلمم لميعاد). (¬3) في الديوان برواية: يكلفون سراها كل يعملة … مثل المهاة اذا ما احتثها الحادي

أوجرته ونواصي الخيل معلمة … سمراء عاملها من خلفها بادي 280 - وأنشد: قد أشهد الغارة الشّعواء تحملني … جرداء معروقة اللّحيين سرحوب قال ابن يسعون: الصحيح أن هذا البيت لعمران بن إبراهيم الأنصاري، وقيل إنه لامرئ القيس (¬1)، وبعده: كأنّ صائدها إذ قام يلجمها … قعو على بكرة زوراء منصوب إذا تبصّرها الرّاؤون مقبلة … لاحت لهم غرّة منها وتجبيب رقاقها حذم وجريها خذم … ولحمها زيم والبطن مقبوب واليد سابحة والرّجل ضارحة … والعين قادحة والمتن سلحوب والماء منهمر والشّدّ منحدر … والقصب مضطمر واللّون غربيب والشعواء: بفتح المعجمة وسكون المهملة، المتفرّقة. وجرداء: فرس قصيرة الشعر. ومعروقة: بالمهملة والراء والقاف، قليلة اللحم. وسرحوب: بمهملات، طويلة مشرفة. وغرّة: بياض في الجبهة. وتجبيب بالجيم (¬2). ومقبوب: بالقاف، مضمر (¬3). وسابحة: عائمة، استعار ذلك للفرس. وضارحة: نافحة برجلها. ¬

_ (¬1) هو في ديوان امرئ القيس ص 225 قسم الزيادات، وفيه: (ويقال لابراهيم بن بشير الانصاري). (¬2) التجبيب: التحجيل إذا بلغ الى أوظفة اليدين والرجلين، يقال فيه: فرس مجبب. ويرى البيت: (إذا تبصرها الراءون سابقة) (¬3) ورواية البيت كما في الديوان: (رقاقها ضرم وجريها خذم). والرقاق: مارق من الارض والركض فيه صعب. والخذم: السريع المتقطع. والذيم: القطع.

وقادحة: غائرة. والمتن: الظهر. وسلحوب: بمهملة، أملس قليل اللحم (¬1). 281 - وأنشد: وألحق بالحجاز فأستريحا (¬2) هو للمغيرة بن حبنّاء بن عمرو الحنظلي وصدره: سأترك منزلي لبني تميم قال الفارسي: قوله (فاستريح) بالنصب للضرورة، لأن الوجه رفعه عطفا على ألحق، إذ الكلام موجب لكنه لما كان في معنى ان ألحق أستريح، أو أن يكن لحاق يكن استراحة أشبه غير الموجب، فنصبه باضمار إن. قال ابن يسعون: وقد زعم بعض المتأخرين أنه روي: لأستريحا، ولا إشكال على هذا. وفي الأغاني (¬3): المغيرة بن حبناء بن عمرو بن ربيعة الحنظلي، وحبناء لقب على أبيه واسمه جبير، والمغيرة شاعر إسلامي من شعراء الدولة الأموية هاجي زيادا الأعجم. ¬

_ (¬1) رواية البيتين كما في الديوان: والعين قادحة واليد سابحة … والرجل طامحة واللون غربيب والماء منهمر والشد منحدر … والعصب مضطمر والمتن ملحوب (¬2) الخزانة 3/ 600، وسيبويه 1/ 423 (¬3) 13/ 81 (الثقافة).

حرف الكاف

حرف الكاف 282 - وأنشد: وطرفك إمّا جئتنا فاحبسنه … كما يحسبوا أنّ الهوى حيث تنظر رواه ثعلب في أماليه هكذا، ورواه في موضع آخر بلفظ (فاحفظنه) وبلفظ (حيث تصرف) وقد تقدّم الكلام على هذا البيت في شواهد (أما) (¬1) ضمن قصيدة عمر بن أبي ربيعة، ووجدته أيضا في قصيدة لجميل وهي هذه: أغاد أخي من آل سلمى فمبكر … أبن لي أغاد أنت أم متهجّر فإنّك إن لا تقضني ثنو ساعة … وكلّ امرئ ذي حاجة متيسّر فإن كنت قد وطّنت نفسا بحبّها … فعند ذوي الأهواء ورد ومصدر وآخر عهد لي بها يوم ودّعت … ولاح لها خدّ مليح ومحجر عشيّة قالت لا تضيعنّ سرّنا … إذا غبت عنّا وارعه حين تدبر وطرفك إمّا جئتنا فاحفظنه … فزيغ الهوى باد لمن يتبصّر وأعرض إذا لاقيت عينا تخافها … وظاهر ببغض إنّ ذلك أستر فإنّك إن عرّضت فيّ مقالة … يزد فيّ الّذي قد قلت: واش مكثر ¬

_ (¬1) انظر ص 177، وهو في الكامل 617

وينشر سرّ في الصّديق وغيره … يعزّ علينا نشره حين ينشر وما زلت في إعمال طرفك نحونا … إذا جئت حتّى كاد حبّك يظهر لأهلي حتّى لامني كلّ ناصح … شفيق له قربى لدينا وأيصر وقطّعني فيك الصّديق ملامة … وإنّي لأعصي نهيهم حين أزجر وما قلت هذا فاعلمن تجنّيا … لصرم ولا هذا بنا عنك يقصر ولكنّني أهلي فداؤك أتّقي … عليك عيون الكاشحين وأحذر وأخشى بني عمّي عليك وإنّما … يخاف ويبقى عرضه المتفكّر وأنت امرؤ من أهل نجد وأهلنا … تهام فما النّجديّ والمتغوّر (¬1) غريب إذا ما جئت طالب حاجة … وحولي أعداء وأنت مشهّر وقد حدّثوا إنّا التقينا على هوى … فكلّهم من حمله الغيظ موقر فقلت لها: يا بثن أوصيت حافظا … وكلّ امرئ لم يرعه الله معور فإن تك أمّ الجهم تشكي ملامة … إليّ فما ألقى من اللّوم أكثر سأمنح طرفي حين ألقاك غيركم … لكيما يروا أنّ الهوى حيث أنظر (¬2) وأكني بأسماء سواك وأتّقي … زيارتكم والحبّ لا يتغيّر فكم قد رأينا واجدا بحبيبه … إذا خاف يبدي بغضه حين يظهر ¬

_ (¬1) هذا البيت من شواهد سيبويه 1/ 151 (¬2) انظر اللآلي 618 وعيون الاخبار 2/ 193 برواية: أقلب طرفي في السماء لعله … يوافق طرفي طرفها حين تنظر

فأنت .. البيت كيف هو ركب فيه صدر بيت على عجز آخر (¬1)، وهو في هذه الرواية بلفظ (لكيما يروا) فلا شاهد فيه على النصب بكيما، كما قاله الكوفيون. ومن رواه بلفظ (كما يحسبوا) تأوّله على حذف النون للضرورة، والأصل يحسبون. وقال الفارسي: أصله كيما، فحذفت الياء للضرورة. وقوله: (أغاد أي أرائح) وابن: انه من أبان يبين، أي أظهر. ومتهجر: من التهجر، وهو السير في الهاجرة. ومحجر: من حجر القمر، إذا استدار بغط؟؟؟ رقيق من غير أن يغلظ، وكذلك اذا صارت حوله دارة من الغيم. وواش: حاسد، يمشي بالنميمة. ولصرم: أي لانقطاع. والكاشحين: بالحاء المهملة، الحاسدين. والمتغوّر: من الغور، وهو تهامة وما يلي اليمن والحجاز. والطرف: بفتح الطاء المهملة، العين. وما جئتنا: أصله ان جئتنا و (ما) زائدة. وحيث أنظر: خبران. 283 - وأنشد: وننصر مولانا ونعلم أنّه … كما النّاس مجروم عليه وجارم (¬2) هو لعمرو بن برّاقة الهمداني. أخرج القالي في أماليه بسنده عن ابن الكلبي قال (¬3): أغار رجل من مراد يقال له حريم على إبل عمرو بن برّاقة الهمداني وخيل له فذهب بها، فأتى عمرو سلمى - وكانت بنت سيدهم وعن رأيها كانوا يصدرون - فأخبرها أن حريما المرادي أغار على إبله وخيله، فقالت: والخفو والوميض، والشّفق كالاحريض، والقلّة والحضيض، إنّ حريما لمنيع الحيز، سيّد مزيز، ذو معقل حريز، ¬

_ (¬1) هذه الجملة مضطربة وناقصة وأرى انها يجب أن تكون كما يلي: (لاهلي حتى ... البيت، ركب فيه صدر بيت على عجز آخر والرواية: لاهلي حتى لامني كل ناصح … وإني لأعصي نهيهم حين أزجر وقوله: كما يحسبوا وهو ...) وانظر حاشية الامير 1/ 152 (¬2) سبق ص 203، الشاهد رقم 93، وهو في ابن عقيل 1/ 245، واللآلي 749 (¬3) 2/ 121 و 122

غير أني أرى الحمّة ستظفر منه بعثرة، بطيئة الجبره، فأغر ولا تنكع. فأغار عمرو فاستاق كل شيء له، فأتى حريم بعد ذلك يطلب الى عمرو أن يردّ عليه بعض ما أخذ منه فامتنع ورجع حريم، وقال عمرو هذه القصيدة (¬1): تقول سليمى لا تعرّض لتلفة … وليلك عن ليل الصّعاليك نائم وكيف ينام اللّيل من جلّ همّه … حسام كلون الملح أبيض صارم ومنها: كذبتم وبيت الله لا تأخذونها … مراغمة ما دام للسّيف قائم ومنها: وكنت إذا قوم غزوني غزوتهم … فهل أنا في ذا يال همدان ظالم إذا جرّ مولانا علينا جريرة … صبرنا لها إنّا كرام دعائم وننصر مولانا ونعلم أنّه … كما النّاس مجروم عليه وجارم وهو آخرها. قال القالي: الخفو: اللمعان الضعيف. والوميض: أشد من الخفو. والأحريض: حجارة النّورة. والحيز: الناحية. ومزيز: فاضل. والحمّة: القدر. وتنكع: تردع. وقوله: (يال همدان) حذفت الهمزة تخفيفا. ومجروم عليه من الجرم: وهو الذنب. والواو في (وجارم) بمعنى: (أو) والبيت استشهد به على دخول ما الكاف. قال الآمدي (¬2): هذا الشاعر، عمرو بن منبّه بن شهر بن نهم بن ربيعة بن مالك، وبرّاقة أمه، شاعر شجاع فاتك. 284 - وأنشد: وأعلم أنّني وأبا حميد … كما النّشوان والرّجل الحليم ¬

_ (¬1) الاغاني 21/ 113، والعيني 3/ 332 (¬2) المؤتلف 66

هو لزياد الأعجم، وبعده: أريد حياته ويريد قتلي … وأعلم أنّه الرّجل اللّئيم ويروى: (لعمرك أنني) والبيت استشهد به على كف الكاف عن الجرّ بما، ولذلك رفع النشوان على الخبرية لأن. ويروى: (لكالنشوان) ولا شاهد فيه على هذا. 285 - وأنشد: أخ ماجد لم يخزني يوم مشهد … كما سيف عمرو لم تخنه مضاربه (¬1) هو لنهشل بن حرّيّ يرثي أخاه مالكا، وكان قتل بصفين مع علي بن أبي طالب رضي الله عنه، ومن القصيدة: وهوّن وجدي عن خليلي أنّني … إذا شئت لاقيت امرأ مات صاحبه وقوله: لم يخزني: من الخزي أي لم يهنّى، أو من الخزاية، أي لم يخجلنى. والمشهد: بفتح الميم، محضر الناس. وسيف عمرو: هي الصمصامة. والخيانة من السيف: هي النّبوة عند الضربة. وكان سيف عمرو لا ينبو، فاستوهبه عمر بن الخطاب فوهبه له، فقيل لعمر: إنه غير الصمصامة، وقد ضنّ بها. فغضب عمر لذلك، فغضب عمرو بن معد يكرب وقال: هاته، فأخذه ودخل دار إبل الصدقة فضرب عنق بعير بضربة واحدة فأبانها، وقال: أعطيتك السيف لا الساعد. وضمير تخنه، إلى عمرو والسيف. والمضارب جمع مضرب، السيف، وهو نحو من شبر من طرفه. والبيت استشهد به على كف الكاف عن الجرّ بما. قال محمد بن سلام (¬2): نهشل ابن حرّيّ بن ضمرة بن جابر بن قطن بن نهشل بن دارم بن مالك بن حنظلة ¬

_ (¬1) الحماسة 2/ 339 (¬2) الطبقات 495

ابن مالك بن زيد مناة، شاعر شريف مشهور هو وأبوه وأجداده الأربعة، لا أعلم لتميم رهطا يتوالون توالي هؤلاء، وعدّه في الطبقة الرابعة من الشعراء الاسلاميين. 286 - وأنشد: فصيّروا مثل كعصف مأكول (¬1) العصف: التبن. قال الأعلم: استشهد به سيبويه على ادخال مثل الكاف ضرورة، والتقدير: مثل عصف. وحسن الجمع بين مثل والكاف اختلاف لفظيهما مع ما قصده من المبالغة في التشبيه، ولو كرر المثل لم يحسن. وأورده المصنف في التوضيح شاهدا على نصب ضمير مفعولين. وقال العيني: هو لرؤبة (¬2)، وقبله: ومسّهم ما مسّ أصحاب الفيل … ترميهم حجارة من سجّيل ولعبت طير بهم أبابيل قال الحسن في قوله تعالى: (فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ) أي كزرع أكل حبه وبقي تبنه. 287 - وأنشد: يضحكن عن كالبرد المنهمّ (¬3) هو للعجاج، وصدره: بيض ثلاث كنعاج جمّ ¬

_ (¬1) الخزانة 4/ 462 وسيبويه 1/ 203 (¬2) في سيبويه أنه لحميد الأرقط. (¬3) الخزانة 4/ 462

بيض: جمع بيضاء. والنعاج: جمع نعجة، الرمل، وهي البقرة الوحشية. قال أبو عبيدة: ولا يقال لغير البقر من الوحش نعاج. والجم: بمعنى الكثير. والمنهمّ: بتشديد الميم، الذائب. يصف نسوة يضحكن عن أسنان كالبرد الذائب لطافة ونظافة. والبيت استشهد به على وقوع الكاف اسما بمعنى مثل، بدليل دخول حرف الجرّ عليها. 288 - وأنشد: ما يرتجى وما يخاف جمعا … فهو الّذي كاللّيث والغيث معا 289 - وأنشد: وصاليات ككما يؤثفين (¬1) هذا للخطام المجاشعي. وقبله: لم يبق من آي بها يحلّين … غير حطام ورماد كنفين [وغير نؤي وحجاجي نؤيين] (¬2) … وغير ودّ جاذل أو ودّين قال ابن يسعون: أي رب أثافى صاليات، فجعل الواو (واو رب). والظاهر خلافه، بل هي واو العطف، أي وغير صاليات. وقد تفطن لذلك العيني. والآي: جمع آية، وهي العلامة. وضمير بها: لدار المحبوبة (¬3). ويحلين: بالمهملة، من ¬

_ (¬1) الخزانة 1/ 367 و 2/ 353 وسيبويه 1/ 13 و 103 و 2/ 331. (¬2) مزيدة عن الخزانة 1/ 367 وسيشرح السيوطي هذا البيت. (¬3) في الخزانة: (وضمير تحلين لديار الحي).

الحلية. والحطام: بضم الحاء المهملة، ما يكسّر من التبن (¬1). وكنفين: تثنية كنف، بكسر الكاف وسكون النون، وعاء يجعل فيه الراعي أداته. والودّ: الوتد، بفتح الواو. وصاليات: أي وأثافى صاليات، والصاليات: المسودات قد صليت بالنار. وقوله (ككما) قال ابن يسعون: أي كمثل ما يؤثفين، أي حالها التي وضعها عليه أهلها، و (ما) مصدرية، أي كأثفائها. وقوله: (يؤثفين) من أثفيت القدر جعلت لها أثافي. وكان قياس المضارع بثفين، كيكرمن، لكنه استعمله على الأصل المرفوض اضطرارا، كقوله: (فإنه أهل لأن يؤكرم). وقد استشهد به ابن أم قاسم على ذلك. وقال الزمخشري: يحلين: أي تذكر حلاها. وتوصف حطام دق شجر الخيام كنفين جانبين، أي رماد في جانب الموضع. النؤي: أن تحفر حفيرة حول البيت ويؤخذ ترابها فيجعل حاجز البيت، فجعل ذلك الحاجز كحجاج العين. الجاذل: المنتصب. الصاليات الأثافى يؤثفين، أي يجعلن في موضع الطبخ، أي كأنها كما تركت ونصبت للقدر لم يتغير منها شيء. 290 - وأنشد: فلا والله لا يلفى لما بي … ولا للمابهم أبدا دواء (¬2) هذا آخر قصيدة لمسلم بن معبد الأسدي يشكو اعتداء المصدقين على إبله (¬3)، وأوّلها: بكت إبلي، وحقّ لها البكاء … وفرّقها المظالم والعداء جزى الله الصّحابة عنك شرّا … وكلّ صحابة لهم جزاء بفعلهم، فإن خيرا فخيرا … وإن شرّا: كما مثل الجزاء ¬

_ (¬1) كذا، وفي الخزانة: (ما تكسّر من الحطب) والمراد به: دق الشجر الذي قطعوه فظللوا به الخيام). (¬2) الخزانة 1/ 364 و 2/ 352. (¬3) المصدقون: أي عمال الزكاة.

فكيف بهم! وإن أحسنت قالوا: … أسأت، وإن غفرت لهم أساءوا فلا والله لا يلفى لما بي … وما بهم من البلوى دواء (¬1) هكذا أورده صاحب منتهى الطلب. وعلى هذا فلا شاهد فيه، لكن رأيته في أمالي ثعلب كما أورده المصنف، وأورد قبله: لددتهم النّصيحة كلّ لدّ … فمجّوا النّصح ثمّ ثنوا فقاؤا لددتهم: يعني ألزمتهم النصح كل الالزام، فلم يقبلوا. وقاؤا: من القيء. وصحفه العيني فقال: وفاؤا ثم قال: وهو خبر محذوف، أي وهم فاؤا. والجملة حالية انتهى. وهذا تخبيط فاحش. 291 - وأنشد: لسان السّوء تهديها إلينا … وحنت وما حسبتك أن تحينا (¬2) ¬

_ (¬1) بهذه الرواية لا شاهد، وروي بالخزانة 1/ 365: فلا وأبيك ... … ولا للمهابم أبدا شفاء (¬2) اللسان، وحنت: أي هلكت، وهو من الحين.

شواهد كي

شواهد كي 292 - وأنشد: كي تجنحون إلى سلم وما ثئرت … قتلاكم ولظى الهيجاء تضطرم (¬1) هو من أبيات الكتاب. وكي: لغة في كيف، أي كيف تجنحون، أي تميلون. وسلم: صلح، والواو حالية. وثئرت: بالبناء للمفعول، يقال: ثأرت القتيل، قتلت قاتله. ولظى الهيجاء: أي نار الحرب، وهو مبتدأ خبره تضطرم، أي تشتعل. 293 - وأنشد: إذا أنت لم تنفع فضرّ فإنّما … يرجّى الفتى كي ما يضرّ وينفع قيل: هو للنابغة الذبياني. وقيل: للنابغة الجعدي (¬2). وقوله: إذا أنت، من باب الاضمار على شريطة التفسير. لأن إذا لا تدخل إلا على الفعل، فهو مثل قوله تعالى: (قُلْ لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ) وقوله: (يرجى الفتى) يروى بدله (يراد الفتى) وما في كيما مصدرية. وقيل: كافة. ويضر: أي من يستحق الضرّ، وينفع: آي من يستحق النفع. وقال السيرافي في طبقات النحاة: حدثنا أبو بكر بن مجاهد، حدثنا أحمد بن يحيى: حدثنا محمد: حدثنا سلام بن يونس قال: كان عبد الملك ابن عبد الله ينشد: ¬

_ (¬1) سيأتي ص 557 برقم شاهد 328. (¬2) هو في ذيل ديوان قيس بن الخطيم ص 80 برقم 12 وفي اعجاز القرآن 126، والصناعتين 343 والعقد 3/ 85 ونسبه الصولي في أخبار أبي تمام ص 28 لعبد الأعلى بن عبد الله بن عامر، وكذلك في الخزانة 3/ 591 ويروى (وينفعا).

إذا أنت لم تنفع فضرّ فإنّما … يرّجى الفتى كيما يضرّ وينفع 294 - وأنشد: أردت لكيما أن تطير بقربتي (¬1) تمامه: فتتركها شنّا ببيداء بلقع يجوز في (لكيما) كون كي تعليلية مؤكدة باللام، وكونها مصدرية مؤكدة بأن زائدة، غير عاملة، والعمل لكي. ويقال: طاربه، إذا ذهب به سريعا. وتتركها: بالنصب عطفا على تطير، وشنا حال، وهي القربة البالية. والبيداء: المفازة. والبلقع: الأرض القفر التي لا شيء فيها، وهو بالجرصفة بيداء. 295 - وأنشد: فقالت: أكلّ النّاس أصبحت مانحا … لسانك كيما أن تغرّ وتخدعا هو لجميل، وعزاه بعضهم لحسان (¬2). وكان منصوب بما، فهو من باب تقديم معمول خبر كان عليها. وما نحا: من المنح، وهو العطاء. ولسانك: مفعول ثان له، والتصريح بأن وجد كيما ضرورة. وألف تخدعا للاطلاق. ثم رأيت البيت في ديوان جميل بلفظ: لسانك هذا كي تغرّ وتخدعا فلا ضرورة فيه. وأوّل القصيدة: ¬

_ (¬1) الخزانة 3/ 585 (¬2) هو في ديوان جميل 125، وليس في ديوان حسان.

عرفت مصيف الحيّ والمترّبعا … كما خطّت الكفّ الكتاب المرّجعا معارف أطلال لبثنة أصبحت … معارفها قفرا من الحيّ بلقعا وآخرها: فما نعجة أدماء ترعى مهارقا … ترجّي لها طفلا يروّح مرضعا بأحسن منها يوم قالت: ألا أرى … جميلا غدا لم ينتظر أن يمنعا 296 - وأنشد قول حاتم: فأوقدت ناري كي ليبصر ضوءها … وأخرجت كلبي وهو في البيت داخله عزاه المصنف لحاتم الطائي، وعزاه صاحب الحماسة للنمري من قصيدة (¬1)، وقبله: وداع دعا بعد الهدوّ كأنّما … يقاتل أهوال السّرى وتقاتله دعا بائسا شبه الجنون فما به … جنون، ولكن كيد أمر يحاوله فلمّا سمعت الصّوت ناديت نحوه … بصوت كريم الجدّ حلو شمائله فأبرزت ناري ثمّ أثقبت ضوءها … وأخرجت كلبي وهو في البيت داخله فلمّا رآني كبّر الله وحده … وبشّر قلبا كان جمّا بلا بله فقلت له: أهلا وسهلا ومرحبا … رشدت، ولم أقعد إليه أسائله ¬

_ (¬1) هو في الحماسة 4/ 227 للنمري، ويقال لرجل من باهلة.

وقمت إلى برك هجان أعدّه … لوجبة حقّ نازل أنا فاعله بأبيض خطّت نعله حيث أدركت … من الأرض لم يخطل عليّ حمائله فأطعمته من كبدها وسنامها … شواء، وخير الخير ما كان عاجله (¬1) كذا أورده في الحماسة ولا شاهد فيه على هذا، لأن البيت أورده المصنف شاهدا للجمع بين كى ولام التعليل ندورا، وهو مفقود في هذه الرواية. وكذا أخرجه ابن أبي الدنيا وابن عساكر مسندا الى حاتم الطائي كما أوردناه. قال التبريزي: قوله دعا بائسا: أي كلبا ذا بؤس يشبه الجنون. وانتصب شبه الجنون، أي دعا دعاء يشبه الجنون، فهو صفة لمصدر محذوف: وقوله: (وهو في البيت داخله) في البيت موضع خبر الابتداء، وليس بلغو، وداخله خبر ثان، والهاء من (داخله) تعود إلى البيت. ولوجبة الحق: لوقوعه. وقوله بأبيض: الباء فيه متعلق بقوله: (قمت) واللام من قوله: (لوجبة حق) تتعلق بقوله: (أعدّه) وموضع الجملة صفة للبرك، وأنا فاعله صفة الحق. وقوله: (لم يخطل) أي لم يضطرب. ¬

_ (¬1) هذا البيت ليس في الحماسة.

شواهد كم

شواهد كم 297 - وأنشد: كم ملوك باد ملكهم … ونعيم سوقة بادوا قال العيني: لم يسم قائله. وباد: هلك. والسوقة: بضم المهملة وسكون الواو، ما دون الملك. ونعيم: بالجرّ، عطفا على ملوك، تقديره: وكم نعيم سوقة. على معنى: وكم باد نعيم سوقة. والبيت استشهد به على استعمال ضمير (كم) جمعا مجرورا. 298 - وأنشد: كم عمّة لك يا جرير وخالة … فدعاء قد حلبت عليّ عشاري شفّارة تقدر الفصيل برجلها … فطّارة لقوادم الأبكار هذا من قصيدة للفرزدق يهجو بها جريرا، وأوّلها (¬1): يا ابن المراغة إنّما جاريتني … بمسبقين لدى الفعال قصار ومنها: قبح الإله بني كليب إنّهم … لا يعذرون ولا يعربن لجار ¬

_ (¬1) ديوانه 451، والخزانة 3/ 126، وابن عقيل 1/ 105 وسيبويه 1/ 253 و 295 و 393

ومنها: كم من أب لك يا جرير كأنّه … قمر المجرّة أو سراج نهار يروى عمة بالرفع والنصب والجر وكذا خاله. والفدعاء: فعلاء، من الفدع. وهو ميل في أصل القدم عند الكعب، بينها وبين الساق. وهو في الكف ميل بينها وبين الذراع عند الرسغ. والعشار، جمع عشراء، وهي الناقة التي دخلت في الشهر العاشر من حملها. والشغارة: تشغر عند البول كما يشغر الكلب، أي يرفع برحله. وتقدر الفصيل: أي تضر به إذا أراد أن يرضع في وقت الحلب. والفطارة: فعالة، من الفطر، وهو الحلب بأطراف الأصابع، وان كان بالكف فهو الضف. وأكثر ما يكون الضف للنوق الكبار، والفطر للأبكار، وهو جمع بكر، بكسر الباء، وهي الناقة التي حملت بطنا واحدا. وبكرها: ولدها. وقوادم الضروع: ما يلي السرّة منها.

شواهد كأين

شواهد كأين 299 - وأنشد: أطرد اليأس بالرّجا فكأيّن … آلما حمّ يسره بعد عسر قال العيني: لم يسم قائله. واليأس القنوط. وآلما: بالمد، اسم فاعل من ألم يألم. وحم: قدر، بالبناء للمفعول (¬1). 300 - وأنشد. وكائن لنا فضلا عليكم ومنّة … قديما، ولا تدرون ما منّ منعم (¬2) ¬

_ (¬1) في حاشية الامير 1/ 159: قوله: (أطرد) من باب اقتل. ويروي البيت: بمدّ الرجاء وكائن، وقصرهما. وآلما: صاحب: ألم. وحم: قدر. (¬2) وكائن لنا فضلا: هو على وزن فاعل، أحد اللغات السابقة. أنظر الأمير 1/ 159

شواهد كذا

شواهد كذا 301 - وأنشد: وأسلمني الزّمان كذا … فلا طرب ولا أنس 302 - وأنشد: عد النّفس نعمى بعد بؤساك ذاكرا … كذا وكذا لطفا به نسي الجهد لم يسم قائله. ونعمى: بضم النون، النعمة. وبؤسى: بضم الموحدة، الشدة، مثل البأساء. والجهد: بضم الجيم، المشقة. ونسي: من النسيان، أو بمعنى الترك. ونعمى: مفعول ثان لعد، بتقدير الباء. وذاكرا حال من الضمير من عد، وكذا مفعول ذاكرا، وكذا الثاني عطف عليه، وهما كناية عن العدد. ولطفا: تمييز. وجملة (به نسي الجهد) صفة لطفا.

شواهد كأن

شواهد كأنّ 303 - وأنشد: فأصبح بطن مكّة مقشعرّا … كأنّ الأرض ليس بها هشام (¬1) 304 - وأنشد: كأنّ أذنيه إذا تشوّفا … قادمة أو قلما محرّفا (¬2) هذا للمعاني الراجز، واسمه محمد بن الذؤيب النهشلي النقيمي، يكنى أبا العباس، أحد شعراء الرشيد، من أهل الجزيرة، وقيل: من ديار مضر، وإنما خرج الى عمان فأقام بها مدة ثم عاد. يقال انه عاش مائة وثلاثين سنة (¬3). وقال الصولي في ¬

_ (¬1) هو للحارث بن خالد المخزومي في رثاء هشام بن المغيرة. قوله بطن مكة: قال الدماميني: يحتمل أنه ما خفي من أرضها، وهو الذي تدفن فيه الأموات، أي انه اقشعر وارتعد من عظمة هشام حيث حل فيه الدفن، ويحتمل أنه سطح أرضها، ومعنى مقشعرا: جدبا محلا لا خصب فيه، ولا يخفاك أن المناسب لكلام المصنف المعنى الثانى، وانظر حاشية الامير 1/ 163 (¬2) الخزانة 4/ 292، والكامل 867، وشرح التبريزي 2/ 329، والعقد الفريد 5/ 367 واللآلي 367، والموشح 297 (¬3) ذكره أبو الفرج قال: اسمه محمد بن ذؤيب بن محجن بن قدامة الحنظلي البصري، وإنما قيل له العماني - وليس هو ولا أبوه من عمان - لانه كان شديد صفرة اللون، وكان شاعرا راجزا متوسطا، ليس كأمثاله من شعراء الدولة العباسية.

كتاب الأوراق (¬1): حدثنا الطيب بن محمد الباهلي: حدثنا محمد بن سعيد بن مسلم قال: كان أبي يقول: كان فهم الرشيد فهم العلماء، أنشده العماني في صفة الفرس: كأنّ أذنيه إذا تشوّفا … قادمة أو قلما محرّفا فقال الرشيد دع (كأن) وقل: (تخال أذنيه) حتى يستوي الشعر. ¬

_ (¬1) الخبر في الموشح 297 والكامل 867، والعقد الفريد 5/ 367 وفيه: (والراجز وان كان لحن فانه أصاب التشبيه).

شواهد كل

شواهد كل 305 - وأنشد: وإنّ الّذي حانت بفلج دماؤهم … هم القوم كلّ القوم يا أمّ خالد (¬1) عزاه صاحب الحماسة البصرية والآمدي (¬2) للأشهب بن زميلة النهشليّ، بضم الزاي المعجمة، وقيل الراء، وهي أمه. وأبوه ثور بن أبي حارثة، يكنى أبا ثور. عدّه الجمحي في الطبقة الرابعة من الشعراء الاسلاميين (¬3). وعزاه أبو تمام في المختار من أشعار القبائل لحريث بن مخفّض من أبيات أولها: ألم تر أنّي بعد عمرو ومالك … وعروة وابن الهول لست بخالد وكانوا بني ساداتنا فكأنّما … تساقوا على لوح دماء الأساود «4» وما نحن إلّا منهم غير أنّنا … كمنتظر ظمأ وآخر وارد هم ساعد الدّهر الّذي يتّقى به … وما خير كفّ لا تنوء بساعد أسود شرى لاقت أسود خفيّة … تساقت على لوح سمام الأساود (¬4) ¬

_ (¬1) الخزانة 2/ 507، والعيني 1/ 482، واللآلي 35 والبيان والتبيين 3/ 254 والبكري (فرج) 1028 (¬2) المؤتلف والمختلف 32 - 33 (¬3) الطبقات 495 (¬4) البيتان هما بيت واحد في أمالي القالي 1/ 8 والكامل 50 و 724 برواية: أسود شرى لاقت أسود خفيّة … تساقوا على حرد دماء الأساود

قوله: (وان الذي) أصله (الذين) فحذفت النون تخفيفا، وقد أورده سيبويه شاهدا لذلك (¬1). ويروى (وإن الاولى) (¬2) وحانت: هلكت، من الحين، وهو الهلاك. وفلج: بفتح الفاء وسكون اللام وجيم، موضع في طريق البصرة. ودماؤهم: نفوسهم. والأساود: جمع أسودة، وأسودة، جمع سواد، وهو الشخص. وأراد بالأساود: شخوص الموتى (¬3). وشرى، بفتح المعجمة والراء، طريق في سلمى كثير الأسد، وأسود خفية: مثل قولهم أسود حلية، وهما مأسدتان. والسمام: جمع سم. 306 - وأنشد: كم قد ذكرتك لو أجزي بذكركم … يا أشبه النّاس كلّ النّاس بالقمر (¬4) هو لعمر بن أبي ربيعة، كما في الاغاني وفي أمالي القالي، وقبله: يا ليتني قد أجزت الحبل نحوكم … حبل المعرّف أو جاوزت ذا عشر إنّ الثّواء بأرض لا أراك بها … فاستيقنيه ثواء حقّ ذي كدر وما مللت ولكن زاد حبّكم … ولا ذكرتك إلّا ظلت كالسّدر ولا جذلت بشيء كان بعدكم … ولا منحت سواك الحبّ من بشر ¬

_ (¬1) سيبويه 1/ 96. وفي اللآلي: (قوله: إن الذين حانت بفلج، يريد: الذين، فأتى بواحد يدل على الجنس كما قال الله عز وجل: (وَالَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ). وقال ابن كيسان: هذه لغة لربيعة يحذفون النون فيكون الجمع كالواحد لمّا كان الاعراب فيما قبلها ...). (¬2) كما في البيان والتبيين. (¬3) في الكامل 724: (... فأجراه مجرى الأسماء، نحو (الأصاغر) و (الأكابر) و (الأحامد). وفي 50: (على حرد، يقول: على قصد). (¬4) الاغاني 1/ 113 (الدار)، والأمالي 1/ 195، وديوان عمر 222 وهو في ديوان كثير 2/ 196.

أذري الدّموع كذي سقم يخامره … وما يخامرني سقم سوى الذّكر كم قد ذكرتك لو أجدى تذكّركم … يا أشبه النّاس كلّ النّاس بالقمر ونسبه العيني في الكبرى لكثير عزة، وضبط أجزى، بالزاي، مبنيا للمفعول، من الجزاء. وبذكركم: جار ومجرور في موضع المفعول الثاني، وكذا هو في أمالي القالي (¬1). والذي رأيته في الأغاني (أجدى) بالدال المهملة، من الجدوى، وتذكركم بالمثناة الفوقية مصدر تذكر. والبيت استشهد به ابن مالك على اضافة (كل) الى اسم ظاهر. وخالفه أبو حيان وزعم أن كلا في البيت نعت، مثلها في: (أطعمنا شاة كل شاة). وليست توكيد. أورده المصنف بأن التي ينعت بها دالة على الكمال لا على عموم الأفراد. 307 - وأنشد: نلبث حولا كاملا كلّه … لا نلتقي إلّا على منهج (¬2) هو من قصيدة للعرجى، أولها (¬3): عوجي علينا ربّة الهودج … إنّك إن لم تفعلي تحرجي إنّي أتيحت لي يمانيّة … إحدى بني الحارث من مذحج نلبث حولا كاملا كلّه … لا نلتقي إلّا على منهج في الحجّ إن حجّت، وماذا منى … وأهله إن هي لم تحجج أيسر ما نال محبّ لدى … بين محبّ قوله عرّج ¬

_ (¬1) وهذا على رواية البيت: (لو أجزى بذكركم ...) (¬2) ديوانه 20، والاغاني 1/ 407 (الدار). (¬3) ديوانه 17 - 20 والاغاني 1/ 406 - 408 (الدار).

فائدة: [العرجى]

نقض إليكم حاجة أو نقل … هل لي فيما بي من مخرج قال وكيع في الغرر: حدثني عبد الله عمرو بن بشر: حدثني إبراهيم بن المنذر: حدثني حمزة بن عتبة الليثي، عن عبد الوهاب بن مجاهد: إنه أنشده قول العرجى: إنّي أتيحت لي يمانيّة ... الأبيات الثلاثة فقال عطاء: بمنى، والله وأهله خير كثير، إذ أغناها الله وإياه عن شعره. فائدة: [العرجى] العرجى هو عبد الله بن عمرو ابن الامام عثمان بن عفان رضي الله عنه أبو عثمان (¬1). ويقال أبو عمرو، لقب العرجى لأنه كان يسكن عرج الطائف (¬2). وقيل: لما كان له بالعرج. وكان من شعراء قريش وممن شهر بالغزل، ونحا نحو ابن أبي ربيعة في ذلك وتشبّه به وأجاد، وكان مشغوفا باللهو والصيد حريصا (عليهما) (¬3)، قليل المحاشاة لأحد (¬4)، فيهما، فلم يكن له نباهة في أهله. وكان أشقر أزرق جميل الوجه. وكان من الفرسان المعدودين. وذكر ان حبشيّة كانت بمكة ظريفة، فلما أتاهم موت عمر ابن أبي ربيعة اشتد جزعها وجعلت تبكي وتقول: من لنساء مكة يصف حسنهنّ وجمالهنّ؟ فقيل لها: خفضي عليك، فقد نشأ فتى من ولد عثمان يأخذ مأخذه ويسلك مسلكه، فقالت: أنشدوني من شعره، فأنشدوها، فقالت: الحمد لله الذي لم يضيّع حرمه. ومسحت عينها. وقيل: كانت العرب تفضل قريشا في كل شيء الا في الشعر، فلما نجم فيهم عمر ابن أبي ربيعة والعرجى وعبيد الله بن قيس والحارث بن خالد المخزومي وأبو دهبل أقرّت لها العرب بالشعر أيضا. أخرجه في الاغاني عن يعقوب بن اسحاق (¬5). ¬

_ (¬1) الاغاني 1/ 407 (الدار). (¬2) عرج الطائف: قرية جامعة في واد من نواحي الطائف، وهي أوّل تهامة وبينها وبين المدينة ثمانية وسبعون ميلا، وهي في بلاد هذيل. (¬3) مزيدة عن الاغاني. (¬4) أي قليل المبالاة والاكتراث بأحد فيهما. (¬5) 3/ 98 (ساسي).

وأخرج البيهقي وابن عساكر عن ابراهيم بن عامر قال: واعد العرجى امرأة بغيا بالطائف، فجاء على حمار ومعه غلام له، فجاءت المرأة على أتان معها جارية، فوثب العرجى على المرأة، والغلام على الجارية، والحمار على الأتان. فقال العرجى: هذا يوم غابت عواذله (¬1). 308 - وأنشد: يميد إذا مادت عليه دلاؤهم … فيصدر عنها كلّها وهو ناهل (¬2) 309 - وأنشد: فلمّا تبيّنا الهدى كان كلّنا … على طاعة الرّحمن والحقّ والتّقى عزاه المصنف لعليّ بن أبي طالب. وقال المرزباني في تاريخ النحاة: قال يونس (¬3) ما صح عندنا ولا بلغنا أن عليّ ابن أبي طالب قال شعرا إلا هذين البيتين: تلكم قريش تمنّتني لتقتلني (¬4) … فلا وربّك ما برّوا وما ظفروا فإن هلكت فرهن ذمّتي لهم … بذات روقين لا يعفو لها أثر (¬5) وقال وكيع في الغرر: حدثني ثعلب عن ابن الأعرابي قال: يصح أن عليا رضي الله عنه قال من الشعر: (تلكم قريش ... فذكر البيتين) وقال: حدثنا أبو عبد الله محمد ابن اسحق، حدثنا عبد الرحمن بن يحيى بن سعيد الغرري عن إسرائيل بن يونس عن ¬

_ (¬1) انظر الاغاني 1/ 395 (الدار). (¬2) في حاشية الامير 1/ 165: (قوله: فيصدر عنه: أي عن الماء، وضمير كلها للدلاء. وماد: تحرك. والناهل: الريان والعطشان من أسماء الأضداد). (¬3) هما في معجم الشعراء 131 (¬4) في معجم الشعراء: (تمناني). (¬5) في معجم الشعراء: (بذات وقبين) وفي حاشية الامير 1/ 166 كرواية الأصل وقال: (وفي القاموس: داهية ذات روقين، أي عظيمة).

أبي اسحق عن الحارث قال: ذكر علي رضي الله عنه أمورا تكون ثم أتبعها أبيات شعر: لا يدخل النّار عبد مؤمن أبدا … ولا يقول ذوو الألباب لا قدر ولا أقول لقوم إنّ رازقهم … غير الإله وإن برّوا وإن فجروا الله يرزق من يدعو له ولدا … والمشركين ويوم البعث ينتصر تلكم قريش تمنّتني لتقتلني … فلا وربّك ما برّوا وما ظفروا فإن هلكت فرهن ذمّتي لهم … بذات روقين لا يعفو لها أثر أمّا ثقيف فإنّي لست متّخذا … أهلا ولا شيعة في الدّين إذ كفروا إن بايعوني فلا يوفوا ببيعتهم … وماكروني والأعداء إذ مكروا وقلّصوا لي عن حرب مشمّرة … ما لم يلاق أبو بكر ولا عمر وفي ليالي من شهري ربيعهم … وفي جمادى إذا ما صرّحوا عبر وسوف يأتيك عن أنباء ملحمة … بالشّام يبيضّ من نكرائها الشّعر عدوا إذا ما التقى في المرج جمعهم … على قضاعة بل تشقى بها مضر وسوف يبعث مهديّ بسنّته … فينشر الوحي والدّين الّذي قهروا وسوف يعمل فيهم بالقصاص كما … كانوا يدينون أهل الحقّ إن قدروا 310 - وأنشد قول أبى بكر: كلّ امرئ مصبّح في أهله … والموت أدنى من شراك نعله

كذا عزاه المصنف الى أبى بكر وليس هو قوله، وانما أنشده متمثلا به (¬1). وعزاه ابن حبيب الى الحكم من بني نهشل، وكان شهد الوقيط فقتل به (¬2)، فلما أثخن أنشد هذا البيت مفردا. وكذا ذكره أبو عبيدة في كتاب أيام العرب وسماه حكيما وأن أباه رثاه بأبيات أولها: حكيم فدائي لك يوم الوقيط … إذ حضر الموت، خال وعمّ وقال فيه عمير بن عمارة التيمي من قصيدة يذكر فيها الوقعة (¬3): وغادرنا حكيما في مجال … صريعا قد سلبناه الإزارا قال الحكيم الترمذي في نوادر الأصول: حدثنا سليمان بن العباس الهاشمي، حدثنا يعقوب بن يوسف الزهري، حدثنا عبد الله بن وهب، عن يونس عن الزهري، عن عروة، عن عائشة قالت: ما قال أبو بكر ولا عثمان بيت شعر في الجاهلية ولا في الاسلام، ولا شربا خمرا في جاهلية ولا إسلام. وقال: حدثنا الفضل بن محمد، حدثنا عمران بن بكار الحمصي، حدثنا عبد الحميد بن ابراهيم الحضرمي، حدثني عبد الله بن سالم عن محمد بن الوليد الزبيدي، أخبرني الزهري عن عروة عن عائشة: انها كانت تدعو على من يقول ان أبا بكر قال هذه القصيدة: تحيا بالسّلامة أمّ بكر … وهل لي بعد قومي من سلام ثم تقول عائشة: والله ما قال أبو بكر بيت شعر في الجاهلية ولا في الاسلام، ¬

_ (¬1) الرجز في العقد الفريد 5/ 185 لحكيم النهشلي وفيه 5/ 282 واللآلي 557: (وكان أبو بكر إذا أخذته الحمّى يقول ...). وهو أيضا في شرح التبريزي 2/ 100 منسوب الى رجل. (¬2) في البكري 1382: (الوقيظ - بالظاء المعجمة والطاء المهملة، على وزن فعيل) ماء لبني مجاشع بأعلى بلاد بني تميم الى بلاد بني عامر ... وكانت في هذه المواضع حرب بين تميم وبكر في الاسلام). وانظر خبر يوم الوقيط في العقد الفريد 5/ 182 - 185. (¬3) في معجم المرزباني 71 أبيات من هذه القصيدة.

ولقد ترك أبو بكر وعمر وعثمان شرب الحمر في الجاهلية، وما ارتاب أبو بكر في الله منذ أسلم، ولكن كان تزوج امرأة من بني كنانة، فلما هاجر أبو بكر طلقها فتزوّجها ابن عمها هذا الشاعر، فقال هذه القصيدة يرثي بها كفار قريش الذين قتلوا ببدر فنحلها الناس أبا بكر، وانما هو بكر بن شعوب الكناني. 311 - وأنشد: كلّ ابن أنثى وإن طالت سلامته … يوما على آلة حدباء محمول (¬1) هو من قصيدة كعب بن زهير بن أبي سلمى التي أوّلها: (بانت سعاد). (¬2) أخرج الحاكم في المستدرك وصححه، والبيهقي في دلائل النبوّة، من طريق إبراهيم بن المنذر، حدثنا الحجاج بن ذو الرقيبة بن عبد الرحمن بن كعب بن زهير المزني، عن أبيه، عن جدّه: أن أباه كعبا وعمه بجيرا خرجا حتى أتيا أبرق العراق، فقال بجير لكعب اثبت في هذا المكان حتى آتي هذا الرجل، يعني النبيّ صلى الله عليه وسلم، فأسمع ما يقول. فجاء فأسلم، فبلغ ذلك كعبا فقال (¬3): ألا أبلغا عنّي بجيرا رسالة … على أيّ شيء ويب غيرك دلّكا (¬4) على خلق لم تلف أمّا ولا أبا … عليه ولم تدرك عليه أخا لكا سقاك أبو بكر بكأس رويّة … وأنهلك المأمون منها وعلّكا (5) ¬

_ (¬1) ديوان كعب ص 19 (¬2) ديوانه 3، والشعراء 91 وسيرة ابن هشام 888، والاغاني 17/ 41 (الثقافة). (¬3) هذا البيت مركب من صدر بيت وعجز آخر، وهو في الديوان وسيرة ابن هشام 887 - 893 (أوربة) برواية: ألا أبلغا عني بجيرا رسالة … فهل لك فيما قلت بالحيف هل لكا وخالفت أسباب الهوى وتبعته … على أي شيء ويب غيرك دلّكا (¬4) في الديوان برواية: شربت مع المأمون كأسا رويّة … فأنهلك المأمون منها وعلّكا وفي رواية الأحول: (سقاك بها المأمون). وقد روى أيضا برواية: (سقيت بكأس عند آل محمد). وكانت قريش تسمي النبي صلى الله عليه وسلم المأمون والأمين.

فلما بلغت الأبيات رسول الله صلى الله عليه وسلم، هدر دمه فقال: من لقي كعبا فليقتله. فكتب بذلك بجير، الى أخيه، قال: اعلم أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يأتيه أحد يشهد أن لا إله الا الله إلا قبل ذلك، فأسلم وقال قصيدته (بانت سعاد). ثم أقبل حتى أناخ بباب المسجد ودخل ورسول الله صلى الله عليه وسلم مع أصحابه مكان المائدة من القوم متحلقون حوله، فيلتفت الى هؤلاء مرة فيحدثهم والى هؤلاء مرة فيحدثهم. قال كعب: فعرفت رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصفة، فتخطيت حتى جلست إليه فأسلمت وقلت: الأمان يا رسول الله، قال: من أنت؟ قلت: أنا كعب. قال: الذي تقول: ثم التفت الى أبي بكر، فأنشده أبو بكر: سقاك أبو بكر بكأس رويّة … وأنهلك المأمون منها وعلّكا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مأمون والله، ثم أنشد القصيدة كلها: بانت سعاد فقلبي اليوم متبول … متيّم إثرها لم يفد مكبول وما سعاد غداة البين إذ رحلوا … إلّا أغنّ غضيض الطّرف مكحول وساق الحاكم القصيدة بكمالها. وأخرج الحاكم والبيهقي والزبير بن بكار في أخبار المدينة من طريق علي بن زيد ابن جدعان قال: أنشد كعب بن زهير رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد: (بانت سعاد). وأخرجه في الأغاني بلفظ: (في المسجد الحرام) لا مسجد المدينة. وأخرج الحاكم والبيهقي عن موسى بن عقبة قال: لما بلغ الى قوله: إنّ الرّسول لنور يستضاء به … مهنّد من سيوف الله مسلول في فتية من قريش قال قائلهم … ببطن مكّة، لمّا أسلموا: زولوا أشار رسول الله صلى الله عليه وسلم الى الخلق ليسمعوا، وكان بجير كتب الى

أخيه كعب يخوّفه ويدعوه الى الاسلام (¬1): من مبلغ كعبا فهل لك في الّتي … تلوم عليها باطلا وهي أحزم إلى الله لا العزّى ولا اللّات وحده … فتنجو إذا كان النّجاء وتسلم لدى يوم لا ينجو وليس بمفلت … من النّار إلّا طاهر القلب مسلم فدين زهير وهو لا شيء باطل … ودين أبي سلمى عليّ محرّم وذكر ابن اسحق أن ذلك كان بعد قدوم النبي صلّى الله عليه وسلّم من الطائف. وفي الاغاني: قال عمرو بن شيبة: كان زهير نظارا متوقيا، وانه رأى في منامه آتيا أتاه فحمله الى السماء حتى كاد يمسها بيده، ثم تركه فهوى إلى الأرض. فلما احتضر قصّ رؤياه على ولده وقال: إني لا أشك انه كائن من خبر السماء بعدي شيء، فإن كان فتمسكوا به وسارعوا إليه. فلما بعث النبيّ صلّى الله عليه وسلّم خرج إليه بجير فأسلم ثم رجع الى بلاد قومه، فلما هاجر رسول الله صلّى الله عليه وسلم أتاه بجير بالمدينة وشهد الفتح. وقال محمد بن سلام في طبقات الشعر (¬2): أخبرني محمد بن سليمان عن يحيى ابن سعيد الانصاري عن سعيد بن المسيّب قال: قدم كعب متنكّرا حين بلغه عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه توعده. فأتى أبا بكر، فلما صلّى الصبح أتاه وهو متلثّم بعمامته، فقال: يا رسول الله: رجل يبايعك على الاسلام. وبسط يده وحسر عن وجهه، وقال: بأبي وأمي أنت يا رسول الله، مكان العائذ بك، أنا كعب ابن زهير. فأمنه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فأنشده مدحته التي يقول فيها: بانت سعاد فقلبي اليوم متبول حتى أتى على آخرها، فكساه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بردة، اشتراها ¬

_ (¬1) ديوانه 4، والعيني 888 (¬2) الطبقات 83، وانظر الشعراء 104.

معاوية بمال كثير. فهي البردة التي تلبسها الخلفاء في العيدين، ذهب الى ذلك ابان البجلي. قال ابن سلام: كان كعب بن زهير فحلا مجيدا، قلت لخلف: بلغني إنك تقول: كعب أشعر من زهير؟ قال: لولا أبيات مديح لزهير كثر أمرهن إلى أمرهن لقلت ذلك. قال المصنف في شرح هذه القصيدة: أوّل شيء اشتملت عليه هذه القصيدة النسيب، وهو عند المحققين من أهل الأدب جنس يجمع أربعة أنواع، أحدها ذكر ما في المحبوب من الصفات الحسية والمعنوية، كحمرة الخد، ورشاقة القد، وكالجلالة والخفر، والثاني: ذكر ما في المحب من الصفات أيضا، كالنحول، والذبول، وكالحزن، والشعف. والثالث: ذكر ما يتعلق بهما من هجر ووصل وشكوى واعتذار ووفاء واخلاف. والرابع: ذكر ما يتعلق بغيرهما بسببهما، كالوشاة والرقباء. وبيان النسيب فيها انه ذكر محبوبته وما أصاب قلبه عند ظعنها، ثم وصف محاسنها وشبهها بالظبي، ثم ذكر ثغرها وريقتها وشبهها بخمر ممزوجة بالماء. ثم أنه استطرد من هذا إلى وصف ذلك الماء، ثم من هذا إلى وصف الأبطح الذي أخذ منه ذلك الماء، ثم أنه رجع إلى ذكر صفاتها فوصفها بالصدّ واخلاف الوعد والتلوّن في الود، وضرب لها عرقوبا مثلا، ثم لام نفسه على التعلق بمواعيدها. ثم أشار الى بعد ما بينه وبينها، وأنه لا يبلغه إليها إلّا ناقة من صفتها كيت وكيت. وأطال في وصف تلك الناقة على عادة العرب في ذلك. ثم انه استطرد من ذلك الى أن ذكر الوشاة وأنهم يسعون بجانبي ناقته ويحذرونه القتل، وأن أصدقاءه رفضوه وقطعوا حبل مودّته، وأنه أظهر لهم الجلد واستسلم للقدر. وذكر لهم أن الموت مصير كل ابن أنثى. ثم خرج إلى المقصود الأعظم، وهو مدح سيدنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وإلى الاعتذار إليه وطلب العفو منه والتبري مما قيل عنه. وذكر شدّة خوفه من سطوته وما حصل له من مهابته. ثم الى مدح أصحابه المهاجرين. وقد استشهد المصنف من هذه القصيدة بعدّة أبيات يأتي شرحها في محالها. قوله: بانت أي فارقت. وسعاد: علم امرأة يهواها حقيقة أو ادعاء. والفاء في (فقلبي) لمحض السببية لا للعطف. والقلب هنا الفؤاد. ومتبول: من تبله الحب:

أسقمه وأضناه (¬1). ومتيّم: من تيمه الحب. وتأمه: بمعنى استبعده وأذله. والأثر: بكسرة وسكون، ويقال: بفتحتين أيضا، ظرف لمتيم، أو حال من ضميره. قال المصنف: ولا يحسن تعلقه بمتبول، ولا كونه حالا من ضميره، للبعد اللفظي والمعنوي، وليس بممتنع، وعلى تقديره ظرفا له فيكون الوصفان قد يتنازعانه، ولا يجيء ذلك على تقدير الحالية، لأنهما حينئذ إنما يطلبان الكون المطلق الذي تعلق به لأنه الحال بالحقيقة. وجملة (لم يفد) إما خبر آخر لقلبي، أو صفة لمتيم، أو حال من ضميره. قال المصنف: وهو الظاهر، أو من ضمير متبول. ومكبول: من كبله، بالتخفيف، وضع في رجله الكبل، بفتح الكاف وقد يكسر، وهو القيد مطلقا. وقيل الضخم، وقيل الأعظم ما يكون من القيود. ويقال أيضا كبّله، بالتشديد، فهو مكبّل. قوله: (وما سعاد) عطف على الفعلية لا على الاسمية، وإن كانت أقرب وأنسب لكونها إسمية، لأن هذه الجملة لا تشارك تلك في التسبب عن البينونة. وفي سعاد إقامة الظاهر مقام المضمر، والأصل: وما هي، وحسنه الفصل بالجمل وكونه في بيت آخر، وإن اسم المحبوب يلتذ باعادته. والغداة: اسم لمقابل العشيّ، وقد يراد بها مطلق الزمان، كالساعة واليوم. والبين: مصدر بان، وأل فيه لتعريف الحقيقة. واذ: بدل من غداة، كما في قوله تعالى (وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ). وضمير (رحلوا) لسعاد مع قومها. وأغنّ: صفة لمحذوف، أي ظبي أغنّ. والأغنّ: الذي في صوته غنّة. وغضيض الطرف: في طرفه كسور وفتور خلقي، فعيل بمعنى مفعول. والطرف: العين، وهو منقول من المصدر، ولذا لا يجمع. ومكحول: اما من الكحل بالضم، أو من الكحل، بفتحتين، وهو الذي يعلو جفون عينيه سواد من غير اكتحال. وقد أورد المصنف هذا البيت في الكتاب الثالث شاهدا لمن، قال: إن الظرف يتعلق بأحرف المعاني، على أن غداة ظرف للنفي، أي انتفى كونها في هذا الوقت، إلا كأغنّ. ثم اختار تعلقه بمعنى التشبيه الذي تضمنه البيت، على أن الأصل (وما كسعاد إلّا ظبي أغنّ) على التشبيه المعكوس للمبالغة، لئلا يكون الظرف متقدما في التقدير على اللفظ الحامل لمعنى التشبيه. قوله: (كل ابن أنثى) يقول: إن كلّ من ولدته أنثى، وإن ¬

_ (¬1) في الاساس: (تبلته فلانة) إذا هيّمته، كأنما أصابته بنبل، وقلب مكبول. واستشهد بالبيت. وفي الديوان: متبول: أصيب بتبل، أي تبلت قلبي.

فائدة: [بندار الأصبهاني]

عاش زمانا طويلا سالما من النوائب، فلا بد له من الموت، فمم الجزع، وبم يفرح الشامتون. والآلة هنا النعش ذكره الجوهري، وأنشد عليه البيت. وقيل: الحالة (¬1)، جزم به التبريزي وغيره. والحدباء: تأنيث الأحدب، ومعناها هنا، قيل: الصعبة، وقيل: المرتفعة، وقيل إنه من قولهم: ناقة حدباء إذا بدت حراقيقها، لأن الآلة التي يحمل عليها تشبه الناقة الحدباء في ذلك. والظرفان معمولان لخبر كل، وربما توهم أن يوما متعلق بطالت، وهو فاسد في المعنى، وما بين المبتدأ والخبر اعتراض، والواو من (وأن) قال جماعة: واو الحال، قال المصنف: والصواب إنها عاطفة على حال محذوفة معمولة للخبر، والتقدير: محل، لوجهين، أحدهما: ان يكون الأصل محمول على آلة حدباء على كل حال وإن طالت سلامته، فيكون من عطف الخاص على العام. والثاني: أن يكون الأصل إن قصرت مدّة سلامته، وإن طالت، ويجوز وقوع الشرطية حالا. وسوّغ حذف الاولى إذ الثانية أبدا منافية لثبوت الحكم، والأولى مناسبة لثبوته، فاذا ثبت الحكم على تقدير وجود المنافي دل على ثبوته على تقدير المناسب من باب أولى، ودل هذا على المقدر، ومتى سقطت الواو من هذا البيت ونحوه فسد المعنى. فائدة: [بندار الأصبهاني] ذكر الزبيّدي في طبقات النحاة: ان بندار الأصبهاني كان يحفظ تسعمائة قصيدة أوّل كل منها (بانت سعاد) على قلة ما اطلعت عليه من ذلك. قال زهير والد كعب (¬2): بانت سعاد وأمسى حبلها انقطعا … وليت وصلا لنا من حبلها رجعا وقال ربيعة بن مقروم الضبيّ (¬3): بانت سعاد فأمسى القلب معمودا … وأخلفتك ابنة الحرّ المواعيدا ¬

_ (¬1) كما في ديوانه، والشاهد على ذلك قول الخنساء: سأحمل نفسي على آلة … فإما عليها وإما لها وقول الراجز: قد أركب الآلة بعد الآلة … وأترك العاجز بالجداله وعلى هذا المعنى يكون معنى حدباء: صعبة. (¬2) ليس هذا البيت في ديوان زهير. (¬3) مطلع المفضلية رقم 42، وهو في الاغاني 19/ 91.

وقال قعنب بن ضمرة: بانت سعاد وأمسى دونها عدن … وعلّقت عندها من قلبك الرّهن وقال النابغة الذبياني (¬1): بانت سعاد وأمسى حبلها انجذما … واحتلّت الشّرع فالأجزاع من أضما وقال الأعشى ميمون (¬2): بانت سعاد وأمسى حبلها انقطعا … واحتلّت الظّهر فالجدّين فالفرعا وقال أيضا (¬3): بانت سعاد وأمسى حبلها رأبا … وأحدث النّأي أشواقا وأوصابا وقال الأخطل: بأنت سعاد ففي العينين مملول … من حبّها وصحيح الجسم محبول وقال أيضا: بانت سعاد ففي العينين تسهيد … واستحقبت لبّه فالقلب معمود وقال عدي بن الرقاع: بانت سعاد وأخلفت ميعادها … وتباعدت منّا لتمنع زادها ¬

_ (¬1) الاغاني 1/ 60 (الثقافة) وفيه (فاحتلت النور ...) وديوانه ص 101 (¬2) ديوانه مطلع القطعة 13 وفيه: (الغمر). (¬3) ديوانه مطلع القطعة 79

وقال القيس بن الحدادية: بانت سعاد فأمسى القلب مشتاقا … وأقلقتها نوى الأزماع إقلاقا 312 - وأنشد: ألا كلّ شيء ما خلا الله باطل … وكلّ نعيم لا محالة زائل تقدم شرحه في شواهد أم (¬1). 313 - وأنشد: إذا المرء لم يدنس من اللّؤم عرضه … فكلّ رداء يرتديه جميل (¬2) هو مطلع قصيدة للسموأل بن عادياء الأزديّ، وقيل لابنه شريح حكاه في الأغاني، وقيل لدكين حكاه في الأغاني أيضا (¬3). وقيل لعبد الملك بن عبد الرحيم الحارثيّ، وقيل للجلاح الحارثيّ، وبعده: وإن هو لم يحمل على النّفس ضيمها … فليس إلى حسن الثّناء سبيل وقائلة ما بال أسرة غاديا … تنازى وفيها قلّة وخمول تعيّرنا أنّا قليل عدادنا (¬4) … فقلت لها: إنّ الكرام قليل وما قلّ من كانت بقاياه مثلنا … شباب تسامى للعلا وكهول وما ضرّنا أنّا قليل وجارنا … عزيز وجار الأكثرين ذليل لنا جبل يحتلّه من نجيره … منيع يردّ الطّرف وهو كليل ¬

_ (¬1) انظر ص 150 و 153 والشاهد رقم 193 ص 392. (¬2) شعر السموأل 11، وانظر الحماسة 1/ 108 والأمالي 1/ 269 (¬3) الاغاني 9/ 253، وكذا في الشعراء 594. (¬4) كذا في الاصل، وفي المراجع السابقة (عديدنا).

رسا أصله تحت الثّرى وسما به … إلى النّجم فرع لا ينال طويل هو الأبلق الفرد الّذي سار ذكره … يعزّ على من رامه ويطول وإنّا لقوم ما نرى القتل سبّة … إذا ما رأته عامر وسلول يقرّب حبّ الموت آجالنا لنا … وتكرهه آجالهم فتطول وما مات منّا سيّد حتف أنفه … ولا طلّ منّا حيث كان قتيل تسيل على حدّ الظبّات نفوسنا … وليست على غير الظبّات تسيل صفونا فلم نكدر وأخلص سرّنا … إناث أطابت حملنا وفحول علونا إلى خير الظّهور وحطّنا … لوقت إلى خير البطون نزول فنحن كماء المزن ما في نصابنا … كهام ولا فينا يعدّ بخيل وننكر إن شئنا على النّاس قولهم … ولا ينكرون القول حين نقول إذا سيّد منّا خلا قام سيّد … قؤول لما قال الكرام فعول وما أخمدت نار لنا دون طارق … ولا ذمّنا في النّازلين نزيل وأبّا منا مشهورة في عدوّنا … لها غرر معلومة وحجول وأسيافنا في كلّ شرق ومغرب … بها من قراع الدّارعين فلول معوّدة أن لا تسلّ نصالها … فتغمد حتّى يستباح قبيل سلي، إن جهلت، النّاس عنّا وعنهم … فليس سواء عالم وجهول فإنّ بني الدّيّان قطب لقومهم … تدور رحاهم حولهم وتجول

قوله: (اذا المرء ... البيت)، يقول: إذا المرء لم يتدنس باكتساب اللؤم واعتياده فأي ملبس يلبسه بعد ذلك كان جميلا. واللؤم: اسم لخصال تجتمع، وهي: البخل، واختيار ما تنفيه المروءة، والصبر على الدنيئة، وأصله من الالتئام، وهو الاجتماع، وكذلك الكرم اسم لخصال تضاد خصال اللؤم (¬1). قوله: وإن هو لم يحمل على النّفس ضيمها أي يصبرها على مكارهها، وأصل الضيم العدول عن الحق، يقال: ضامه (ضيما، وهو مضيم) «2»، إذا عدل به عن طريق النصفة (واهتضمه، ومنه قيل: قصد في ضيم الجبل: أي في ناحية تعدل اليه، وكما استعمل الضيم من ضامه كذلك استعمل الهضم واحد أهضام الوادي من هضم) «2» وليس المراد بقوله: ضيمها ضيم الغير لها، لأن احتمال ضيم الغير ليس مما يتمدح به. وقوله: (تعيرنا أنّا) يقال عيّرته كذا، وهو المختار، وعيرته بكذا. وقوله: (إنّ الكرام قليل) يشتمل على معان كثيرة، وهي ولوع الدهر بهم، واعتيام الموت إياهم، واستقتالهم في الدفاع عن أحسابهم (وإهانتهم كرائم نفوسهم مخافة لزوم العار لهم، ومحافظتهم على عمارة ما ابتناه أسلافهم) (¬2)، وكل ذلك يقلل العدد، وقليل وكثير يوصف بهما الواحد والجمع. وشباب: مصدر وصف به الجمع، وليس جمعا لشاب، لأن فاعلا لا يجمع على فعال. وتسامى: أصله تتسامى، من السموّ، وهو العلو. والكهل: الذي قد وخطه الشيب، ومنه (اكتهل النبات) إذا شمله النّور. قوله: (وما ضرّنا) يحتمل النفي والاستفهام، أي أيّ شيء ضرنا. والواو في (وجارنا) للحال، وكذا وجار الأكثرين. قال التبريزي (¬3): وإنما صلح الجمع بين حالين لأنهما لذاتين مختلفتين، ولو كانا لذات واحدة لم يصلح. قوله: (لنا جبل) يريد به العز والسمو: أي من دخل في جوارنا امتنع على طلابه. ويحتله: ينزله، من احتلّ إذا نزل. ومنيع: فعيل، بمعنى: مفعول، أي ممنوع. والطرف: النظر. والكليل: فعيل، من الكلال، وهو الاعياء، أي أن الجبل شامخ لطوله يرجع طرف الناظر اليه ¬

_ (¬1) و (إذا) تتضمن معنى الجزاء، والفاء مع ما بعدها جوابه. وانظر التبريزي 1/ 109. (¬2) مزيدة عن التبريزي. (¬3) 1/ 110

كليلا. قوله: (وإنّا لقوم ما نرى) على حد قوله (¬1): أنا الّذي سمّتني أمّي حيدره ولو جرى على لفظ قوم لقال: ما يرون. والسّبّة: ما يسبب به، كالخدعة، ما يخدع به. وأصل السب: القطع، ثم استعمل في الشتم. وعامر بن صعصعة وسلول بنو مرّة بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوزان. قوله: (يقرب حب الموت) من إضافة المصدر إلى المفعول، وهو قريب من قول الآخر: رأيت الكريم الحرّ ليس له عمر ويجوز ان يكون من إضافته للفاعل، كقوله (¬2): أرى الموت يعتام الكرام ويؤيد الأول قوله: (وتكرهه آجالهم). قوله: (حتف أنفه). قال التبريزي (¬3): أوّل من تكلم به النبي صلى الله عليه وسلم، وكذا قاله غيره. ووقوعها في هذه القصيدة يدل على أن شاعرها إسلامي. قال التبريزي: وتحقيقه كان حتفه بأنفه، أي بالأنفاس التي خرجت من أنفه عند نزوع الروح، لا دفعة واحدة، وخصّ الأنف بذلك لأنه من جهته ينقضي الزمان. ونصبه على الحال، ولم يستعمل منه حتف ولا محتوف. والظبات: السيوف. والنفوس هنا: يحتمل الأرواح والدماء. وغير الظبات، من إقامة الظاهر مقام المضمر. وفي البيت رد العجز على الصدر. قوله: (صفونا فلم نكدر) أي صفة أنسابنا فلم يشبها كدرة. والسرّ هنا الأصل الجيد. قوله: (فنحن كماء المزن) شبه صفاء أنسابهم لصفاء المطر، ويجوز أن يعني به الجواد، ¬

_ (¬1) صدر بيت ينسب لعلي قاله حين غزوة خيبر وعجزه: أكيلكم بالسيف كيل السندره وانظر تاريخ أبي الفداء 1/ 140 والتبريزي 1/ 112. (¬2) قطعة من صدر بيت لطرفة وتمامه: أرى الموت يعتام الكرام ويصطفي … عقيلة مال الفاحش المتشدد (¬3) 1/ 113، وانظر المجتبى لابن دريد.

فائدة: [السموأل]

أي نحن كالغيث ينفع الناس. ويقال: كهم يكهم وكهم يكهم، فهو كهام وكهيم، يقال ذلك للرجل إذا ضعف، وللسيف إذا كلّ. قوله: (ولا فينا يعد بخيل) أي لا بخيل فينا فيعد على حد قوله تعالى (وَلا شَفِيعٍ يُطاعُ). قوله: (وننكر ... البيت) نظيره قول الآخر: وما يستطيع النّاس عقدا يشدّه … وينقضه منهم وإن كان مبرما وأجل منهما قوله تعالى: (لا يُسْئَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْئَلُونَ) قوله: (إذا سيد ... البيت). نظيره قول حاتم: إذا مات منهم سيّد قام بعده … نظير له يغني غناه ويخلف والطارق: الذي ينزل ليلا. والنزيل: الضيف. والقراع: الضراب. وأيامنا مشهورة: أي وقائعنا في عدوّنا مشهورة، فهي بين الأيام كالأفراس الغرّ المحجلة بين الخيل. والغرر: جمع غرّة، وهي البياض الذي في جبهة الفرس. الحجول: بتقديم الحاء على الجيم، جمع حجل، وهو البياض في قوائم الفرس. والدارعين: أصحاب الدروع. والفلول: بضم الفاء، جمع فل، السيف، وهو كسر في حدّه. ومعودة: نصب على الحال بما دل عليه الظرف، ويجوز رفعه على إضمار المبتدأ. والقبيل: بالموحدة، جماعة من آباء شتى. وقوله: (فليس سواء) استشهد به النحاة على تقديم خبر ليس على اسمها. والقطب: الحديد في الطبق الأسفل من الرحا يدور عليه الطبق الأعلى، وبه سمي قطب السماء لما يدور عليه الفلك، وعلى هذا التشبيه قالوا: فلان قطب بني فلان، أي سيدهم الذي يلوذون به، وهو قطب الحرب. فائدة: [السموأل] السموأل، بفتح المهملة والميم وسكون الواو وبعدها همزة مفتوحة ولام، اسم عبراني، وقيل عربي مرتجل. وقيل منقول من اسم طائر، واسمه فعوعل ابن غريض ابن عاديا، بالمد والقصر، ابن حبا.

314 - وأنشد: وكلّ رفيقي كلّ رحل - وإن هما … تعاطى القنا قوماهما - أخوان (¬1) هو للفرزدق من شعر يزعم فيه ان الذئب رأى ناره فأتاه وعاهده انه يصاحبه وأوّله: وأطلس عسّال، وما كان صاحبا، … دعوت لناري موهنا فأتاني فلمّا أتى قلت: ادن دونك إنّني … وإيّاك في زادي لمشتركان! وبتّ أقدّ الزّاد بيني وبينه، … على ضوء نار مرّة ودخان فقلت له، لمّا تكشّر ضاحكا، … وقائم سيفي في يدي بمكان: تعشّ! فإن عاهدتني لا تخونني … نكن مثل من يا ذئب يصطحبان وأنت امرؤ يا ذئب والغدر كنتما … أخيّين كانا أرضعا بلبان ولو غيرنا نبّهت تلتمس القرى … رماك بسهم، أو شبا بسنان وكلّ رفيقيّ كلّ رحل - وإن هما … تعاطى القنا قوماهما - أخوان قوله: وأطلس، أي ورب ذئب أغبر اللون. عسال: أي مضطرب في مشيه. ويروى: (رفعت لناري) وهو من المقلوب، أي رفعت له ناري. وموهنا: بفتح الميم وسكون الواو وكسر الهاء، ساعة تمضي من الليل. وقوله: (فأتاني) أي فرآها فأتاني. قوله: ادن: أي اقرب. ودونك: أي خذ. وأقد الزاد: أي أشطر واقسمه. وتكشر: بشين معجمة، من الكشر، وهو بدو الاسنان عند الضحك، أي أبدى أنيابه كأنه يضحك. ولا تخونني: قال البطليوسي: جملة حالية، أي إن عاهدتني غير خائن. وقال بعضهم: هو جواب القسم الذي تضمنه عاهدتني، ويكن: جواب ¬

_ (¬1) ديوانه 870

الشرط. وقوله (تعشّ ... البيت) أورده المصنف في الكتاب الثاني (¬1). وفي البيت شاهد للفصل بين الموصول وصلته بالنداء، ولمراعاة معنى من حيث قال (يصطحبان) وسمي الذئب امرأ، تنزيلا له منزلة العاقل لخطابه إياه. وأخيين: تصغير اخوين. ولبان: بكسر اللام، يقال: هذا أخوه بلبان أمه. قال ابن السكيت: ولا يقال بلبن أمه، إنما اللبن الذي يشرب. والقرى: بالكسر، الضيافة. والشبا: بفتح المعجمة والموحدة. قوله: (وكل رفيقي كل رحل) قال العيني: اعرابه مشكل، وكذا معناه، وكل: في (كل رحل) زائدة. ورحل: بالحاء المهملة. وتعاطى: أصله تعاطيا فوحد الضمير، لأن الرفيقين ليسا باثنين معينين، ثم حمل على اللفظ إذ قال: قوماهما أخوان. وجملة (هما اخوان) خبر كل. وقوله: (قوماهما) إما بدل اشتمال من القنا، لأن قومهما من سببهما إذ معناه تقاومهما، فحذف الزوائد أو مفعول له، أي تعاطيا القنا لمقاومة كل منهما الآخر. أو مطلق من باب صنع الله، لأن تعاطي القنا يدل على تقاومهما. ومعنى البيت: ان كل الرفقاء في السفر إذا استقروا رفقة رفيقين فهما كالأخوين لاجتماعهما في السفر والصحبة، وإن تعاطي كل منهما مغالبة الآخر، انتهى كلام العيني. وأقول: هذا كله تخليط، ومنشأه أنه ظن أنّ قوما مفرد منصوب، وإنما هو مثنى مرفوع مضاف إلى هما. وتقدير البيت: وكل رفيقين في أي رحل كانا اخوان، وإن هما تعاطى القنا قوماهما فلا يضرهما كون قومهما متعاديين. فاخوان خبر كل، وجملة (وان هما تعاطى القنا قوماهما) معترضة. وتعاطى مفرد على ظاهره، وفاعله قوماهما. والقناة: مفعول. وقد استشهد ابن مالك بهذا البيت على تثنية قدم. 315 - وأنشد: وكلّ أناس سوف تدخل بينهم … دويهيّة تصفرّ منها الأنامل تقدم شرحه في شواهد أم (¬2): ¬

_ (¬1) وهو أيضا من شواهد سيبويه 1/ 404 وفيه برواية: (تعال فإن ...). (¬2) الشاهد رقم 59 ص 150، والشاهد رقم 200 ص 402

316 - وأنشد: وكلّ مصيبات الزّمان وجدتها … سوى فرقة الأحباب هيّنة الخطب (¬1) قال ثعلب في أماليه: حدثنا أبو سعيد عبد الله بن شبيب، حدثني الزبير بن بكار، حدثنا عبد الجبار بن سعيد، عن محمد بن معن الغفاري عن أبيه عن عجوز لهم يقال لها جمال (¬2) بنت أبي مسافر، قالت: جاورت آل ذريح بقطيع لي، فيه الرائمة اللبون، والحائل، والمتبع (¬3)، فكان قيس ينظر الى شرف من ذلك القطيع، وينظر إلى ما يلقين فيتعجب، فقلّ ما لبث حتى عزم عليه أبوه بطلاق زوجته لبنى، فكاد يموت، ثم آل أبوه لئن أقامت لا يساكن قيسا، فظعنت فاندفع قيس يقول: أيا كبدا أطارت صدوعا نوافذا (¬4) … ويا حسرتا ماذا تغلغل في القلب فأقسم ما عمش العيون شوارف … روائم بوّحانيات على سقب تشمّمنه لو يستطعن ارتشفنه … إذا سقنه يزددن نكبا على نكب (¬5) رئمن فما ينحاش منهنّ شارف … وحالفن حبسا في المحول وفي الجدب بأوجد منّي يوم ولّت حمولها … وقد طلعت أولى الرّكاب من النّقب وكلّ ملمّات الدّهور وجدتها … سوى فرقة الأحباب هيّنة الخطب إذا افتلتت منك النّوى ذا مودّة … حبيبا بتصداع من البين ذي شعب ¬

_ (¬1) ديوانه 66، والاغاني 9/ 182، وابن عساكر 27/ 470، واللسان 1/ 309 و 2/ 270 و 371 و 8/ 210 و 15/ 218 و 18/ 21، ومجالس ثعلب 286، وانظر 78، ويروى (مصيبات الزمان) و (ملمات الدهور). قال إسحاق بن الفضل الهاشمي: (لم يقل الناس في هذا المعنى مثل قول ابن ذريح). (¬2) كذا، وفي الأغاني (حمّادة). (¬3) رواية الأغاني: (فيه الرائمة، وذات البوّ، والحائل، والمتبع). وقد أصلحنا في الأصل (المنيع) ب (المتبع) وهو: ذات التبيع، وهو ولد البقرة أوّل سنة، سمىّ بذلك لأنه يتبع أمه. (¬4) كذا بالاصل، ورواية الأغاني والديوان (أيا كبدا طارت). (¬5) كذا، وفي الاغاني: (إذا سفنه) أي (شممنه).

فائدة: [قيس بن ذريح]

أذاقتك مرّ العيش أو متّ حسرة … كما مات مسقيّ الضّياح على ألب أخرجه أبو الفرج في الاغاني من طريق الزبير (¬1). وأخرج عن اسحق بن الفضل الهاشمي قال: لم يقل الناس في هذا المعنى مثل قيس بن ذريح: وكل مصيبات الزمان البيت ... فائدة: [قيس بن ذريح] قيس بن ذريح بن شبة بن حذافة بن طريف الليثي أبو زيد كان يسكن بادية الحجاز. أخرج في الأغاني عن الكلبي (¬2) إنه كان رضيع الحسين بن علي رضي الله عنه أرضعتهما أم قيس. وأخرج من طرق عدة (¬3): ان قيسا مر ببعض حاجته بخيام بني كعب بن خزاعة، والحي خلوف فوقف على خيمة للبنى بنت الحباب الكعبية، فاستسقى ماء، فسقته وخرجت إليه به. وكانت امرأة مديدة القامة شهلا حلوة المنظر والكلام. فلما رآها وقعت في نفسه، وشرب الماء. وقالت له: أتنزل فتبرّد عندنا؟ قال: نعم، فنزل بهم. وجاء أبوها فنحر له وأكرمه. فانصرف قيس وفي قلبه من لبنى حرّ لا يطفأ، فجعل ينطق بالشعر فيها حتى شاع وروي. ثم أتاها يوما آخر وقد اشتدّ وجده بها، فسلّم وظهرت له وردّت سلامه ولحقت به، فشكى إليها ما يجد من حبها، فبكت وشكت إليه مثل ذلك، وعرف كل واحد منهما ما له عند صاحبه. وانصرف إلى أبيه فأعلمه حاله وسأله أن يزوّجه إياها. فأبى عليه وقال: يا بني، عليك بإحدى بنات عمك فهي أحقّ بك. وكان ذريح كثير المال موسرا، فأحبّ ألا يخرج ابنه إلى غريبة. فانصرف قيس وقد ساءه ما خاطبه به أبوه. فأتى أمّه فشكى ذلك إليها واستعان بها على أبيه، فلم يجد عندها ما يحب، فأتى الحسين ابن علي رضي الله عنه فشكى إليه ما به وما ردّ عليه أبوه فقال: أنا أكفيك! فمشى معه الى أبي لبنى، فلما بصر به أعظمه ووثب إليه، فقال: يا ابن رسول الله، ما جاء بك؟ ألا بعثت إليّ فآتيتك. فقال: إن الذي جئت فيه يوجب قصدك، قد ¬

_ (¬1) 9/ 181 - 182 (الثقافة). (¬2) 9/ 175 (¬3) 9/ 175 - 177

جئتك خاطبا ابنتك لقيس بن ذريح. فقال: يا ابن رسول الله، ما كنّا لنعصي لك أمرا وما بنا عن الفتى رغبة، ولكن أحبّ الأمرين إلينا أن يخطبها أبوه علينا وان يكون ذلك عن أمره، فإنّا نخاف ان لم يسع أبوه في هذا ان يكون عارا وسبّة علينا. فأتى الحسين رضي الله عنه ذريحا وقومه وهم مجتمعون، فقاموا إليه إعظاما له، فقال لذريح: أقسمت عليك إلا خطبت لبنى على قيس. قال: السمع والطاعة لأمرك، فخرج معه في وجوه قومه حتى أتوا حيّ لبنى فخطبها ذريح على ابنه الى أبيها. فأقام معها مدّة، وكان أبرّ الناس بأمه، فألهته لبنى وعكوفه عليها عن بعض ذلك، فوجدت أمّه في نفسها وقالت: شغلت هذه المرأة ابني عن برّي، ولم تر للكلام في ذلك موضعا حتى مرض قيس مرضا شديدا. فلما برأ قالت أمه لأبيه: لقد خشيت أن يموت قيس ولم يدرك خلفا وقد حرم الولد من هذه المرأة، وأنت ذو مال فيصير مالك الى الكلالة، فزوجّه بغيرها لعل الله أن يرزقه ولدا، وألحّت عليه في ذلك. فعرض ذلك ذريح على قيس فقال: لست متزوّجا غيرها أبدا. قال: فتسرّ بالاماء، فقال: ولا أسوؤها بشيء أبدا. قال: فإني أفسم عليك الا طلقتها! فأبى، وقال: الموت عندي أسهل من ذلك. قال: لا أرضى أو تطلقها. وحلف انه لا يكنه سقف أبدا حتى يطلق لبنى. فكان يخرج فيقف في حرّ الشمس فيجيء قيس فيقف الى جانبه فيظله بردائه ويصلي هو بحرّ الشمس حتى يفي الفيء فينصرف عنه ويدخل الى لبنى فيعانقها ويبكي وتبكي معه. وتقول له: قيس، لا تطع أباك فتهلك وتهلكني. فقال: ما كنت لأطيع فيك أحدا أبدا. فيقال: إنه مكث كذلك سنة ثم طلقها، فلما بانت لم يلبث حتى استطير عقله وذهب لبه، ولحقه مثل الجنون، وأسف وجعل يبكي، فلما انقضت عدّتها، رحلها قومها فسقط مغشيا لا يعقل ثم أفاق ولم يأخذه بعدها قرار. وأخرج أيضا عن عمرو بن دينار قال: قال الحسن رضي الله عنه لذريح أبى قيس: أحل لك أن فرّقت بين قيس ولبنى؟ أما سمعت عمر بن الخطاب يقول: ما أبالي أفرقت بين الرجل وامرأته أم مشيت إليهما بالسيف. وروى أيضا: أن الطبيب قال له: إنما يسليك عنها أن تذكر مساويها ومعائبها وما تعافه العين منها من أقذار بني آدم، فإن

النفس تنبو حينئذ وتسلو ويخف ما بها؟ فقال (¬1): إذا عبتها شبّهتها البدر طالعا … وحسبك من عيب لها شبه البدر لقد فضّلت لبنى على النّاس مثل ما … على ألف شهر فضّلت ليلة القدر وأخرج أيضا عن المدائني قال: ماتت لبنى فخرج قيس في جماعة من قومه فوقف على قبرها وقال: ماتت لبينى فموتها موتي … هل ينفعن حسرة على الموت فسوف أبكي بكاء مكتئب … قضى حياة واجدا على ميت ثم أكب على القبر يبكي حتى أغمى عليه فرفعه أهله وهو لا يعقل، فلم يزل عليلا لا يفيق ولا يجيب مكلما ثلاثا، ثم مات ودفن إلى جانبها. 317 - وأنشد قول عنترة: جادت عليه كلّ عين ثرّة … فتركن كلّ حديقة كالدّرهم تقدم شرحه في شواهد في (¬2)، وهو من معلقته المشهورة، وقبله: وكأنّما نظرت بمقلة شادن … رشأ من الغزلان ليس بتوأم وكأنّ فأرة تاجر بقسيمة … سبقت عوارضها إليك من الفم أو روضة أنفا تضمّن نبتها … غيث قليل الدّمن ليس بمعلم جادت عليه كلّ عين ثرّة … فتركن كلّ حديقة كالدّرهم ¬

_ (¬1) ديوانه 92، والاغاني 9/ 195 (الدار). (¬2) انظر ص 480، والشاهد رقم 268 ص 479.

318 - وأنشد: من كلّ كوماء كثيرات الوبر 319 - وأنشد: وما كلّ ذي لبّ بمؤتيك نصحه … وما كلّ مؤت نصحه بلبيب قال ابن يسعون: هو لأبي الاسود الدؤلي (¬1) ويقال لمودود العنبري، وقبله: أمنت على السّرّ امرأ غير حازم … ولكنّه في الودّ غير مريب (¬2) أذاع به في النّاس حتّى كأنّه … بعلياء نار أوقدت بثقوب ثم رأيت ابن أبي الدنيا قال في كتاب الصمت، حدثني محمد بن اسكاب، حدثنا أبي عن المبارك بن سعيد، عن عمر بن عبيد قال: اطلع أبو الاسود الدؤلي مولى له على سرّ له فبثه، فقال أبو الاسود وذكر الابيات الثلاثة وزاد بعدها: ولكن إذا ما استجمعا عند واحد … فحقّ له من طاعة بنصيب وأخرج أبو الفرج الاصبهاني في الاغاني عن ابن عياش قال (¬3): خطب أبو الأسود الدؤلي امرأة من عبد القيس يقال لها أسماء بنت زياد، فأسرّ أمرها الى صديق له من الأزد يقال له الهيثم بن زياد، فحدّث به ابن عم لها فذهب فتزوّجها، فقال أبو الأسود وذكر الأبيات (¬4). ¬

_ (¬1) ديوان أبي الأسود 98 - 99 والاغاني 12/ 305 (الدار) وانظر الحيوان 5/ 601، والمؤتلف والمختلف 151، والاصابة 2/ 233 والعمدة 2/ 4 (¬2) في الديوان والاغاني برواية: أمنيت أمرا في السر لم يك جازما … ولكنه في النصح غير مريب (¬3) 12/ 305 (الدار). (¬4) رواية الاغاني: (كان يخطبها - وكان لها مال عند أهلها - فمشى ابن عمها الخاطب لها إلى أهلها الذين مالها عندهم، فأخبرهم خبر أبي الأسود، وسألهم أن يمنعوها من نكاحه، ومن مالها الذي في أيديهم، ففعلوا ذلك، وضارّوها حتى تزوجت بابن عمها، فقال أبو الأسود الدؤلي في ذلك ...).

فائدة: [أبو الأسود الدؤلي]

فائدة: [أبو الأسود الدؤلي] أبو الأسود الدؤلي، اسمه ظالم بن عمرو بن سفيان بن جندل، من وجوه التابعين وفقهائهم ومحدّثيهم. روي عن عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب فأكثر، واستعمله عمر وعثمان وعلي. قال في الأغاني (¬1): وذكر أبو عبيدة انه أدرك فحول الاسلام وشهد بدرا مع المسلمين، وما سمعت بذلك عن غيره. أخرج البخاري في تاريخه عن صالح البراد قال: قال أبو الأسود الدؤلي لولده: قد أحسنت إليكم قبل أن تولدوا، قالوا: كيف؟ قال: لم أضعكم في موضع تستحون منه. وأخرج القالي في أماليه عن أبي عبيدة قال (¬2): جرى بين أبي الأسود الدّؤلي وبين امرأته كلام في ابن كان لها منه وأراد أخذه منها، فصارا الى زياد، وهو والي البصرة، فقالت المرأة: أصلح الله الأمير، هذا ابني كان بطني وعاءه، وحجري فناءه، وثديي سقاءه، أكلؤه إذا نام، وأحفظه اذا قام، فلم أزل بذلك سبعة أعوام حتى اذا استوفى فصاله وكملت خصاله، واستوعكت أوصاله (¬3)، وأمّلت نفعه، ورجوت دفعه، أراد أن يأخذه مني كرها، فآدني أيها الأمير، فقد رام قهري، وأراد قسري. فقال أبو الأسود: أصلحك الله، هذا ابني حملته قبل أن تحمله، ووضعته قبل أن تضعه، وأنا أقوم عليه في أدبه، وأنظر في أوده، وأمنحه علمي، وألهمه حلمي، حتى يكمل عقله، ويستحكم فتله. قالت المرأة: أصلحك الله، حمله خفّا، وحملته ثقلا، ووضعه شهوة، ووضعته كرها. فقال له زياد: أردد على المرأة ولدها فهي أحقّ به منك، ود عني من سجعك. قال القالي: استوعكت: اشتدت. وقولها: فآدني: أي قوّني وأعنّي. 320 - وأنشد: إخوتي لا تبعدوا أبدا … وبلى والله قد بعدوا (¬4) ¬

_ (¬1) 12/ 297 (الدار). (¬2) 2/ 12 (¬3) في الامالي (استوكعت) أي اشتدت. (¬4) الحماسة 2/ 368

كلّ ما حيّ وإن أمروا … واردو الحوض الّذي وردوا هما لفاطمة بنت الأخرم الخزاعية (¬1)، وبين هذين البيتين: لو تملّتهم عشيرتهم … لاقتناء العزّ أو ولدوا هان من بعض الرّزيّة أو … هان من بعض الّذي أجد قال شارح الحماسة: يروى إخوتي وإخوتا بقلب الياء ألفا ليمتد الصوت. وأبدا: ظرف لتبعدوا، وأدخل القسم بين بلى والفعل، ولا يعد ذلك فصلا. لو تملّتهم: أي لو عاشوا معهم مليّا من الدهر، أي لو طالت أعمارهم فاقتنت عشيرتهم العزبهم، أو كان لهم خلف كان بعض غمي لهم أهون عليّ. و (لاقتناء) متعلق به. وقوله: (ولدوا) يحتمل أن يكون اسما مفردا كما تقول ابن، وان يكون جملة من فعل وفاعل. و (هان) جواب لو. و (من) عند الأخفش زائدة. وعند غيره لابتداء غاية التحقير والتقليل. و (ما) زائدة. و (حيّ) يحتمل أن يراد به ضد الميت. وجمع الضمير العائد اليه اما تعويلا على معنى كل، أو لارادة الجنس، وأن يراد به القبيلة، فيكون الضمير للفظ حي. وأمروا: أكثروا، وعائد الذي محذوف، أي وردوه. 321 - وأنشد: قد أصبحت أمّ الخيار تدّعي … عليّ ذنبا كلّه لم أصنع (¬2) ¬

_ (¬1) كذا بالاصل، وفي الحماسة 2/ 366: (فاطمة بنت الأجحم). وفي شرح التبريزي: هو أحجم بن دندنة الخزاعي زوج خالدة بنت هاشم ابن عبد المطلب، وكان أجحم هذا أحد سادات العرب. (¬2) ابن الشجري 1/ 7 و 80 و 293، وفيه: (أراد: لم اصنعه)، وسيبويه 1/ 44 والخزانة 1/ 173 مستشهدا به على أن الضمير العائد على المبتدأ من جملة الخبر يجوز حذفه قياسا عند الفراء اذا كان منصوبا مفعولا به، و 1/ 425 استشهد به على ان لم ليست من الحروف المستحقة للصدارة حتى لا يجوز أن يعمل مابعدها فيما قبلها. لان ما بعدها هنا قد عمل فيما قبلها. وذلك - كما صرح الرضي - لامتزاجها بالفعل بتغييرها معناه الى الماضي فصارت كالجزء منه. ومثلها في ذلك (لن) و (ولا) بخلاف (ما) و (ان) النافيتين. والعيني 4/ 224 - 226.

هو مطلع أرجوزة لأبي النجم العجلي، وبعده: من أن رأت رأسي كرأس الأصلع … ميّز عنه قنزعا عن قنزع جذب اللّيالي: أبطئي أو أسرعي … قرنا أشيبيه وقرنا فانزعي أفناه قيل الله للشّمس: اطلعي! … حتّى إذا داراك أفق فارجعي (¬1) حتّى بدا بعد السخام الأقرع … جرّ بكرش الأخرج الهجنّع يمشي كمشي الأهدء المكنّع … ألم يكن يبيضّ إن لم يصلع إن لم يصبني قبل ذاك مصرعي … أفناه ما أفنى إيادا فاربعي يا ابنة عمّا لا تلومي واهجعي … لا تسمعيني منك لوما واسمعي أيهات أيهات ولا تطلّعي … هي المقادير، فلومي أو دعي لا تطمعي في فرقتي لا تطمعي … ولا تروّعيني ولا تروّعي واستشعري اليأس ولا تفجّعي … فذاك خير لك من أن تجزعي فتحبسي وتشتمي وتوجعي أم الخيار: زوجة أبي النجم. والأصلع: الذاهب شعر الرأس. والقنزع: شعر حوالي الرأس. وقيل الله: قول الله. والسخام: بضم السين المهملة وبالخاء المعجمة، السواد. والأخرج: بخاء معجمة ثم راء ثم جيم، الذي له لونان من بياض وسواد. والهجنّع: بتشديد النون، الطويل الضخم. والأهدء: الأحدب. والمكنع: بالنون، من التكنيع وهو التبعيض. قوله: (يا ابنة عما) استشهد به في التوضيح على ابدال ¬

_ (¬1) في الخزانة: (حتى إذا واراك).

الألف من ياء المتكلم في النداء، والأصل ابنة عمي. واهجعي: من الهجوع، وهو النوم بالليل خاصة. 322 - وأنشد: وقولي كلّما جشأت وجاشت: … مكانك تحمدي أو تستريحي! (¬1) هذا من أبيات لعمرو بن الأطنابة، وهي أمه. وأبوه: زيد بن مناة بن ثعلبة بن كعب بن الخزرج جاهلي، وقبله: أبت لي عفّتي وأبى بلائي … وأخذي الحمد بالثّمن الرّبيح وإقدامي على المكروه نفسي (¬2) … وضربي هامة البطل المشيح بأبيض مثل لون الملح صاف … ونفس ما تقرّ على القبيح وقولي كلّما جشأت وجاشت: … مكانك تحمدي أو تستريحي لأدفع عن مآثر صالحات … وأحمي بعد عن عرض صحيح أخرج أبو أحمد العسكري في كتاب ربيع الآداب بسنده عن أبي حاتم (¬3) قال: قال عبد الملك بن مروان: وجد فرسان العرب في أشعارها ثمانية: اثنان منهم لم يجزعا من الموت، وستة: جزعوا. فمن الستة عمرو بن الأطنابة حيث يقول: أبت لي عفتي: الأبيات .. فلم تجش نفسه إلا وقد جبن. وعنترة حيث يقول (¬4): ¬

_ (¬1) الخزانة 1/ 423 والامالي 1/ 258، واللآلي 574، وعيون الاخبار 1/ 126، والعيني 4/ 415، وابن أبي حديد 2/ 286، والكامل 1232، والمزهر 2/ 310، والمجتبى لابن دريد 52. واللسان (جشأ). (¬2) في الكامل: (وإجشامي ...) وفي المجتبى (وإكراهي). وفي الامالي: (وإعطائي على الإعدام مالي). (¬3) أنظر الخبر في الخزانة برواية عن أبي عبيدة 1/ 422 - 423 (¬4) من معلقته وقد سبقت ص 479 - 484 والبيتان في ديوانه ص 153

يدعون عنتر والرّماح كأنّها … أشطان بئر في لبان الأدهم إذ يتّقون بي الأسنّة لم أخم … عنها، ولكنّي تضايق مقدمي! فلم يضق مقدمه إلا وقد جبن، وأبو القيس بن الأسلت حيث يقول: وقولي كلّما جشأت لنفسي … من الأبطال ويحك لن تراعي فإنّك لو سألت حياة يوم … سوى الأجل الّذي لك لم تطاعي فما جشأت نفسه إلّا وقد جبن. ودريد بن الصمّة حيث يقول: ولقد أصرفها مدبرة … حين للنّفس من الموت هدير ولقد أجمع رجليّ بها … حذر الموت وإنّي لوقور كلّما ذلّل منّي خلق … وبكلّ أنا في الرّوع جدير فلم يحذر الموت إلا وقد جبن. وعمرو بن معدي كرب حيث يقول: ولمّا رأيت الخيل زورا. الأبيات السابقة، فلم تجش نفسه إلا وقد جبن (¬1). وأما اللذان لم يجزعا الموت فعباس بن مرداس حيث يقول (¬2): أكرّ على الكتيبة لا أبالي … أحتفي كان فيها أم سواها وقيس بن الخطيم حيث يقول (¬3): ¬

_ (¬1) انظر ص 418 الشاهد رقم 217، والأصمعيات ص 129. (¬2) العقد الفريد 6/ 150 وفيه: (أشد على الكتيبة). (¬3) معجم الشعراء 196 وديوانه 23 وفيه (الحرب الضروس). وأنظر التبريزي 1/ 181، والخزانة 3/ 168.

وإنّي بالحرب العوان موكّل … بإقدام نفس ما أريد بقاءها وأخرج القالي وابن عساكر عن معاوية أنه قال (¬1): هممت بالفرار يوم صفين، فما منعني إلا قول ابن الأطنابة، وذكر الأبيات. وقد قيل انها أجود ما قيل في الصبر في مواطن الحروب. والبطل: الشجاع. والمشيح: المجد في الأمر، من أشاح يشيح. وجشأت: بالجيم والشين المعجمة، يقال: جشأت جشوا نفسي إذا انقضت وجاشت من حزن أو فزع، وهو مهموز. والبيت استشهد به في التوضيح على جزم المضارع، وهو (تحمدي) لوقوعه جواب الطلب باسم فعل، وهو مكانك، فإن معناه اثبتي. ¬

_ (¬1) الامالي 1/ 258 والمجتبى لابن دريد 52

شواهد كلا

شواهد كلا 323 - وأنشد: إنّ للخير وللشّرّ مدى … وكلا ذلك وجه وقبل (¬1) هو من قصيدة لعبد الله بن الزّبعرى قالها في وقعة أحد، وقبله وهو أول القصيدة: يا غراب البين أسمعت فقل … إنّما تنطق شيئا قد فعل والعطيّات خساس بينهم … وسواء قبر مثر ومقلّ كلّ عيش ونعيم زائل (¬2) … وبنات الدّهر يبغين بكلّ أبلغا حسّان عنّي آية … فقريض الشّعر يشفي ذا العلل كم ترى بالجرّ (¬3) من جمجمة … وأكفّ قد أنزّت ورجل وسرابيل حسان سريت … عن كماة أهلكوا في المنتزل كم قتلنا من كريم سيّد … ماجد الجدّين مقدام بطل صادق النّجدة قرم بارع … غير ملتات لدى وقع الأسل (¬4) ¬

_ (¬1) الاغاني 15/ 137 (الثقافة) وابن أبي حديد 3/ 382، وابن سيد الناس 2/ 32 - 33. وفيه: (وسواه قبر مثر ومقل). وابن عقيل 2/ 13 (¬2) في الاغاني (كل بؤس) وفي ابن أبي حديد (كل خير). وانظر ابن سلام 198. (¬3) في ابن أبي حديد (بالحسر). (¬4) في ابن أبي حديد (غير ملطاط).

فسل المهراس ما ساكنه … بين اقحاف وهام كالحجل ليت أشياخي ببدر شهدوا … جزع الخزرج من وقع الأسل (¬1) حين حكّت بقباء بركها … واستحرّ القتل في عبد الأشل ثمّ خفّوا عند ذاكم رمضا … رقص الجفان يعلو في الجبل فقتلنا الضّعف من أشرافهم … وعدلنا مثل بدر واعتدل (¬2) لا ألوم النّفس إلّا أنّنا … لو كررنا لفككنا المعتقل بسيوف الهند يعلو هامهم … عللا يعلوهم بعد نهل (¬3) وقد أجابه حسان: ذهبت يا ابن الزّبعرى وقعة … كان منّا الفضل فيها لو عدل ولقد نلتم ونلنا منكم … وكذاك الحرب أحيانا دول نضع الأسياف في أكتافكم … حيث نهوى عللا بعد نهل إذ تولّون على أعقابكم … هربا في الشّعب أشباه الرسل إذ شددنا شدّة صادقة … فاجأناكم إلى سفح الجبل بحياطيل كأمذاق الملا … من يلاقوه من النّاس بهل ¬

_ (¬1) في ابن ابي حديد: (كثير من الناس يعتقدون ان هذا البيت ليزيد ابن معاوية ... وإنما قاله يزيد متمثلا لما حمل إليه رأس الحسين عليه السلام). (¬2) في ابن سلام 200 (وعدلنا ميل بدر ...)! (¬3) في ابن أبي حديد: (تبرد الغيظ ويشفين الغلل).

فائدة: [عبد الله ابن الزبعرى]

ضاق عنّا الشّعب إذ نجزعه … وملأنا القرط منهم والرجل برجال لستم أمثالهم … أيّدوا جبريل نصرا فنزل وعلونا يوم بدر بالتّقى … طاعة الله وتصديق الرّسل وقتلنا كلّ رأس منهم … وقتلنا كلّ جحجاح رفل وتركنا في قريش عبرة … يوم بدر وأحاديث المثل ورسول الله حقّا شاهدا … يوم بدر والتّنابيل الهبل في قريش من جموع جمعوا … مثل ما يجمع في الخصب الهمل نحن لا أنتم بني أستاهها … نحضر البأس إذا البأس نزل قوله: أقمنا يوم بدر فاعتدل قال القالي (¬1): يقال اعتدل مثل بدر، أو قتلنا مثلهم يوم أحد. فائدة: [عبد الله ابن الزّبعرى] عبد الله ابن الزّبعرى بن قيس بن عديّ بن ربيعة بن سهم أحد شعراء قريش المعدودين، قال هذه القصيدة قبل أن يسلم، ثم أسلم بعد ذلك فقال: يا رسول المليك، إنّ لساني … راتق ما فتقت إذ أنا بور ¬

_ (¬1) 1/ 142، وفيه (ميل بدر).

إذ أجاري الشّيطان في الغيّ … ومن مال ميله مثبور (¬1) أمن اللّحم والعظام بما قل … ت فنفسي الفدا وأنت النّذير 324 - وأنشد: كلا أخي وخليلي واجدي عضدا … في النّائبات وإلمام الملمّات (¬2) لم يسم قائله، وعضدا: أي معينا، ونائبات الدهر: مصائبه، جمع نائبة. والالمام: الاتيان والنزول. وألم به: نزل به، والملمات جمع ملمة، وهي النازلة من نوازل الدهر. والبيت استشهد به على إضافة كلا الى اثنين مفرقين شذوذا (¬3). 325 - وأنشد: كلاهما حين جدّ الجري بينهما … قد أقلعا، وكلا أنفيهما رابي (¬4) هو للفرزدق، وقبله: ما بال لومكها وجئت تعتلها … حتّى اقتحمت بها أسكفّة الباب يقال: عتله: إذا جذبه جذبا عنيفا، قاله ابن دريد. وقال صاحب العين: إذا أخذ بتلبيبه فجرّه وذهب به. واقتحم المنزل: إذا هجمه. والأسكفة: بضم الهمزة وتشديد الفاء، العتبة السفلى، ووزنها أفعلة. وفي قوله: (كلاهما) التفات، والأصل كلاكما، و (حين) ظرف للخبر، وهو (قد أقلعا) لا خبرا، لأن الزمان ¬

_ (¬1) في الاستيعاب 3/ 902 برواية: إذا جاري الشيطان في سنن الف ... يّ أنا في ذاك خاسر مبثور وفي السيرة: (إذا أباري ..). (¬2) ابن عقيل 2/ 13. (¬3) الشاهد في قوله: (كلا أخي وخليلي) حيث أضيفت (كلا) الى اثنين متفرقين، وهو شاذ، لان من شروط إضافتها أن يكون المضاف إليه مفهم اثنين بدون تفريق. (¬4) ديوانه 34، وفي المغني: (جد السير ...).

لا يخبر به عن الجثة، واسناد جد إلى الجري مجاز. والأصل جد في الجري. والاقلاع عن الشيء: الكف عنه. والواو في وكلا واو الحال، والتثنية في أنفيهما واجبة، وان كان الأرجح جدعت آنافهما، مثل: (فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما) لأن كلا لا تضاف إلا لمفهم اثنين. ورابي: اسم فاعل من ربا يربو، وربو الأنف ارتفاعه عند التعب من جرى ونحوه. ويقال: ربا الفرس، إذا انتفخ من عدو أو فزع. وقد اجتمع في البيت مراعاة معنى كلا ولفظها حيث عاد في أقلعا بضمير التثنيه، وفي راب بالافراد، وفيه شاهد ثان حيث قال: (أنفيهما) ولم يقل: (آنافهما) كما هو الأفصح مثل: (فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما). 326 - وأنشد: قول الأسود بن يعفر: إنّ المنيّة والحتوف كلاهما … يوفي المنيّة يرقبان سوادي (¬1) هذا من قصيدة للأسود بن يعفر، بفتح الياء، وقيل بضمها، ابن عبد القيس ابن نهشل بن دارم بن مالك بن حنظلة بن زيد مناة بن تميم النهشلي، شاعر متقدم فصيح من شعراء الجاهلية ذكره ابن عبد السلام في الطبقة الثانية (¬2) وليس بمكثر، أوّلها (¬3): نام الخليّ وما أحسّ رقادي … والهمّ محتضر لديّ وسادي من غير ما سقم ولكن شفّني … همّ أراه قد أصاب فؤادي ¬

_ (¬1) المفضليات ص 216، واللآلي 174 و 368، والاغاني 11/ 129 (¬2) كذا، وعده ابن سلام ص 119 من الطبقة الخامسة. (¬3) قال ابن سلام 123: (وله واحدة طويلة رائعة لاحقة بأجود الشعر لو كان شفعها بمثلها قدمناه على مرتبته وهي: نام الخلي ...). وهي معدودة من مختار أشعار العرب وحكمها، مفضلة مأثورة. ولقد تقدم رجل من أهل البصرة من بني دارم ليشهد عند سوار بن عبد الله القاضي، فوجده يتمثل بأبيات منها، فسأله الفاضي: أيروي هذا الشعر أو يعرف من يقوله؟ فأجاب: أن لا! فقال له: رجل من قومك له هذه النباهة، وقد قال مثل هذه الحكمة لا ترويها ولا تعرفه!! ثم توقف في قبول شهادته حتى يسأل عنه. ولقد وعد الرشيد من ينشده إياها جائزة عشرة آلاف درهم ... وانظر الاغاني 11/ 129 ومنتهى الطلب 1/ 81 - 82، وشعراء الجاهلية 480 - 483.

وقبل هذا البيت (¬1): ولقد علمت سوى الّذي نبّأتني … أنّ السّبيل سبيل ذي الأعواد وبعده: لن يرضيا منّي وفاء رهينة … من دون نفسي، طارفي وتلادي ماذا أؤمّل بعد آل محرّق … تركوا منازلهم وبعد إياد جرت الرّياح على محلّ ديارهم … فكأنّما كانوا على ميعاد ومنها: أين الّذين بنوا فطال بناؤهم … وتمتّعوا بالأهل والأولاد فإذا النّعيم وكلّ ما يلهى به … يوما يصير إلى بلى ونفاد وآخرها: فإذا وذلك لا نفاد لذكره … والدّهر يعقب صالحا بفساد قال التبريزي: الخلي: الخالي من الهموم. وما أحس، أي ما أجد. وذو الاعواد: جد أكثم بن صيفي كان من أعز أهل زمانه، فاتخذت له قبة على سرير فلم يكن يأتيها خائف إلا من، ولا ذليل إلا أعز، ولا جائع إلا أشبع. يقول: لو أغفل الموت أحدا لأغفل ذا الأعواد، وإني لميت مثله. ويقال: إنه أراد بذي الأعواد الميت لأنه حمل على السرير. قوله: (يوفي المخارم) (¬2) المخرم، منقطع أنف الجبل، يريد أن المنية والحتوف ترقبه وتستشرفه، وعنى بسواده شخصه. قوله: (ان يرضيا مني) يريد ¬

_ (¬1) أي بيت الشاهد. (¬2) وذلك في رواية الشاهد: (يوفي المخارم يرقبان سوادي) كما في المفضليات.

أن المنية والحتوف لا يقبلان منه فدية، وإنما يطلبان نفسه، ثم فسر الرهينة ما هي فقال: طارفي وتلادي. 327 - وأنشد: كلانا غنيّ عن أخيه حياته … ونحن إذا متنا أشدّ تغانيا (¬1) هو لعبد الله بن جعفر بن أبي طالب الطالبي من شعراء الدولتين يخاطب ابن الحسين بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب، وكانا صديقين ثم تهاجرا، من قصيدة أوّلها: أرى حبّنا قد كان شيئا ملفّقا … فمحّضه التّكشيف حتّى بداليا (¬2) ولست براء عيب ذي الودّ كلّه … ولا بعض ما فيه إذا كنت راضيا فعين الرّضا عن كلّ عيب كليلة … ولكنّ عين السّخط تبدي المساويا أأنت أخي ما لم تكن لي حاجة … فإن عرضت أيقنت أن لا أخاليا فلا زاد ما بيني وبينك بعد ما … بلوتك في الحالين إلّا تماديا هكذا في الحماسة البصرية، ورأيت في نوادر ابن الأعرابي: قال الأبيرد الرياحيّ لحارثة بن بدر: كلانا غنيّ عن أخيه حياته … ونحن إذا متنا أشدّ تغانيا أحارث فالزم فضل برديك إنّما (¬3) … أجاع وأعرى الله من كنت كاسيا ¬

_ (¬1) الاغاني 13/ 127 (الثقافة) منسوب للأبيرد الرياحي، وهو في ذيل اللآلي 73 لسيار بن هيبرة. والكامل 183 لعبد الله بن معاوية بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب. (¬2) في الكامل برواية: رأيت فضيلا كان شيئا ملفقا … فكشّفه التمحيص حتى بداليا (¬3) في ذيل الامالي 74 برواية: أخالد فامنع فضل رفدك إنما

وكذا في الأغاني أورده له من قصيدة يهجو بها حارثة بن بدر. والأبيرد بن معد بن عمرو بن قيس شاعر بدوي من شعراء الاسلام، في أوّل دولة بني أمية، وليس بمكثر ولا ممن ورد الى الخلفاء فمدحهم. وقال القالي في أماليه: قرأنا على أبي الحسن على بن سليمان الأخفش، وذكر أنه سمع ذلك من أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين، وقرأها عليه، وذكر أبو جعفر أنه سمع ذلك مع أبيه من أبي محلم، قال: أنشدني مكورة وأبو محضة وجماعة من بني ربيعة بن مالك بن زيد مناة لسيّار بن هبيرة بن نبطي بن المجر (¬1)، أحد بني ربيعة بن الجوع (¬2) بن مالك بن زيد مناة يعاتب خالدا أو زيادا أخويه ويمدح أخاه منجلا (¬3): تناس هوى أسماء إمّا نأيتها … وكيف تناسيك الّذي أنت ناسيا فذكر قصيدة طويلة عدّتها اثنان وثلاثون بيتا، ومنها هذا البيت المستشهد به، وقبله: وإنّي لعفّ الفقر مشترك الغنى … سريع إذا لم أرض داري احتماليا ¬

_ (¬1) في ذيل الأمالي: (لسيار بن هبيرة بن ربيعة بن المنحوّ). وعلق الشارح انه في بعض نسخ ما يوافق ما ذكره السيوطي. (¬2) في ذيل الامالي: (ربيعة الجوع). (¬3) في ذيل اللآلي، (منخّلا).

شواهد كيف

شواهد كيف 328 - وأنشد: كي تجنحون إلى سلم وما ثئرت تقدم شرحه في كى (¬1). 329 - وأنشد: إلى الله أشكو بالمدينة حاجة … وبالشّام أخرى كيف يلتقيان قال العيني في الكبرى: قيل إنه للفرزدق. وقوله: (كيف يلتقيان) بدل من قوله حاجة. وأخرى، كأنه قال أشكو هاتين الحاجتين تعذر التقاؤهما، هكذا قدره ابن جني. قلت: وجدت البيت في نوادر ابن الأعرابي وأورد بعده: سأعمل نصّ العيس حتّى يكفني … غنى المال يوما أو غني الحدثان 330 - وأنشد: إذا قلّ مال المرء لانت قناته … وهان على الأدنى فكيف الأباعد ¬

_ (¬1) انظر ص 507 الشاهد رقم 292

حرف اللام

حرف اللام [شواهد «ل»] 331 - وأنشد: ويوم عقرت للعذارى مطيّتي هو من معلقة امرئ القيس بن حجر المشهورة، وتمامه: فيا عجبا من رحلها المتحمّل (¬1) فظلّ العذارى يرتمين بلحمها … وشحّم كهدّاب الدّمقس المفتّل قوله: (ويوم) في موضع جرّ عطفا على يوم في قوله: ولا سيّما يوم بدارة جلجل وهو مبني على الفتح لاضافته الى الماضي. وعقرت: نحرت. والعذارى: الأبكار، جمع عذراء، وهو أحد الألفاظ التي جاءت ممدودة في مفرد، مقصورة فى الجمع، وهي قليلة معدودة، ذكرتها في الأشباه والنظائر النحوية. والمطية: الناقة. والرحل: معروف. والمتحمل: المحمول على غيرها. ويرتمين: يرمي بعضهنّ الى بعض. والهدّاب: الخيوط. والدمقس: الحرير الأبيض. والمفتل: الشديد الفتل. ¬

_ (¬1) ديوانه ص 11 وانظر ص 360 وأبيات من المعلقة في ص 20، الشاهد رقم 3 وص 96 و 97 و 451 و 463

332 - وأنشد: ... عوض لا نتفرّق تقدم شرحه في شواهد الباء ضمن قصيدة الأعشى (¬1). 333 - وأنشد: وأنت الّذي في رحمة الله أطمع قيل إنه لمجنون بني عامر (¬2)، وصدره: فيا ربّ ليلى أنت في كلّ موطن وقوله: (في رحمة الله) من إقامة الظاهر مقام المضمر. أي في رحمتك. 334 - وأنشد: إذا قال: قدني، قلت: آليت حلفة … لتغني عنّي ذا إنانك أجمعا (¬3) قال ثعلب في أماليه (¬4): أنشد ابن عنّاب الطائي: عوى ثمّ نادى هل أحستم قلائصا … وسمن على الأفخاذ بالأمس أربعا (¬5) ¬

_ (¬1) انظر الشاهد رقم 137 ص 303، وانظر ص 304 - 305، وسقط من هـ 1 ص 305 كلمة، وصحة الجملة فيها. (... ولم يذكره السيوطي هناك كاملا) أي البيت الشاهد. (¬2) ليس البيت في ديوان المجنون. (¬3) الخزانة 4/ 80، وأمالي ثعلب 606، وهو في المغني برواية: (إذا قلت قدني قال بالله حلفة). وانظر رواية ثعلب فيما يأتي. (¬4) 604 - 607، ونقل القصيدة صاحب الخزانة عن ثعلب في 4/ 583 - 584، وذكر أنها في الجزء الحادي عشر من الامالي. وهو ما يوافق ترتيب ثعالب في أماليه. (¬5) أحستم، أي أحسستم، كما جاء قول أبي زبيد: أحسن به فهن إليه شوس أي أحسسن. وفي اللسان (سما) أنشد البيت (أحصتم) مخرما

غلام قليعيّ يحفّ سباله … ولحيته طارت شعاعا مفزّعا (¬1) غلام أضلّته النّبوح فلم يجد … بما بين خبت فالهباءة أجمعا (¬2) أناسا سوانا فاستمانا فلا ترى … أخا دلج أهدى بليل وأسمعا (¬3) فقلت أجرّا ناقة الضّيف إنّني … جدير بأن تلقى لنائي مترعا فما برحت سجواء حتّى كأنّما … تغادر بالزّيزاء برسا مقطّعا كلا قادميها يفضل الكفّ نصفه … كجلد الحباري ريشه قد تزلّعا (¬4) دفعت إليه رسل كوماء جلدة … وأغضيت عنها الطّرف حتّى تضلّعا إذا قال قدني قلت آليت حلفة (¬5) … لتغني عنّي ذا إنائك أجمعا قال ثعلب: احستم يريد احسستم. واستمانا: تصيّدنا. والمستمي المتصيّد. وسجواء: ساكنة عند الحلب. وتغادر: تترك. والزّيزاء: الموضع الصّلب من الأرض. والبرس: القطن، شبه ما سقط من اللبّن به. والرسل: اللبن. وتضلع: امتلأ ما بين أضلاعه. وقدني: حسبي. وآليت: أي حلفت أن تشرب جميع ما في إنائك. ويروى: لتغنن. وهذا إنما يكون للمرأة، إلا أنه ¬

_ (¬1) قليعي: نسبة الى قليع، بضم القاف، وهي قبيلة، أو إلى قليعة. مصغر قلعة، وهو موضع في طرف الحجاز واسم مواضع أخر. واصلحنا (يخف سباله) ويحف سباله: يبالغ في قص شاربه. والشعاع: المتفرق. والمقزع: المفتول. (¬2) أراد: أضل هو النبوح لم يجدها. والنبوح: ضجة الحي وأصوات كلابهم. وخبت والهباءة موضعان. والبيت متعلق بما بعده. (¬3) في الحزانة وثعلب: (فلم نرى). وأناسا، معمول (يجد) في الذي قبله. وقد رفع الفعل بعد (لم) محلا لها على (ما) كما في قوله: لولا فوارس من ذهل وأسرتهم … يوم الصليفاء لم يوفون بالجار وانظر الخزانة 3/ 626. وفي اللسان: (فلا ترى) كما في الاصل. (¬4) انظر اللسان (زلع). (¬5) في ثعلب: (إذا قلت قطني)، أي حسبي.

في لغة طئ. ولغة غيرهم: لتغنينّ، انتهى كلام ثعلب. وقال العيني: هو لحريث بن عنّاب، بتشديد النون، الطائي (¬1). والكوماء: الناقة العظيمة السنام. وجلدة: بفتح الجيم وسكون اللام الواحدة، الجلاد، وهي أدسم الابل لبنا (¬2). وحلفة: مفعول مطلق لآليت، وكذا على رواية بالله، لأن تقديره: أحلف بالله. وقوله: (لتغني) بكسر اللام، للتعليل. واستشهد به الأخفش على اجابة القسم بلام كي. وقال غيره: الجواب محذوف، أي لتشربن لتغني عني. ويروى: لتغنين، بلام مفتوحة ونون مكسورة، هي عين الفعل بعدها نون مفتوحة شددت للتأكد. واستشهد به على أن الياء هي لام الفعل المؤكد بالنون، قد تحذف وتبقى الكسرة دليلا عليها، وهي لغة فزارة، يقولون: ارمن يا زيد وابكن. ولغة الأكثرين: ارمين ولتغنين، بإثبات الياء المفتوحة، وفسر قوله: لتغنى أي لتبعد. وقال بعضهم: هو من قولهم: أغن عني وجهك، أي اجعله بحيث يكون غنيا عني، أي لا يحتاج إلى رؤيتي. وقوله: (إنائك) أضاف الاناء الى الضيف وإن كان هو للمضيف، لأن الضيف ملابس له بسبب شربه منه، وعلى هذا أورده الزمخشري وابن مالك مستشهدين به. وأجمعا: تأكيد لذا المفعول وفيه شاهد على جواز التأكيد به بدون كل. وأورد ابن مالك البيت شاهدا على إلحاق نون الوقاية لقد، بمعنى حسب. ففي البيت عدة شواهد. 335 - وأنشد: وابكنّ عيشا تقضّى بعد جدّته … طابت أصائله في ذلك البلد 336 - وأنشد: يا عاذلاتي لا تزدن ملامتي (¬3) … إنّ العواذل ليس لي بأمير ¬

_ (¬1) انظر ترجمته في الاغاني 13/ 98 - 100، والخزانة 4/ 588 (¬2) أنظر اللسان (ضلع). (¬3) في المغني وحاشية الامير: (لا تردن) بالراء المهملة.

337 - وأنشد: فما جمع ليغلب جمع قومي … مقاومة ولا فرد لفرد 338 - وأنشد: فخرّ صريعا لليدين وللفم هذا المصراع وقع في عدة قصائد لعدة شعراء: فمنها قصيدة لجابر بن جني (¬1) ابن حارثة بن عمرو بن بكر بن حبيب بن عمرو بن غنم بن تغلب التّغلبي، أوّلها (¬2): ألا يا لقومي للجديد المصرّم … وللحلم، بعد الزّلّة، المتوهّم وللمرء يعتاد الصّبابة بعدما … أتى دونها ما فرط حول مجرّم فيا دار سلمى بالصّريمة فاللّوى … إلى مدفع القيقاء فالمتثلّم فيوم الكلاب قد أزالت رماحنا … شرحبيل إذ آلى أليّة مقسم لينتزعن أرماحنا، فأزاله … أبو حنش عن ظهر شنقاء صلدم (¬3) تناوله بالرّمح ثمّ اتّنى له … فخرّ صريعا لليدين وللفم قال الكلبي: كان المنذر بن ماء السماء يبعث عمرو بن مرثد بن سعيد بن مالك، وقيس بن زهير الجثمي، على أتاوة ربيعة، وكانت ربيعة تحسدهما، فجاء عمرو ¬

_ (¬1) كذا بالاصل، وهو خطأ، والصواب جابر بن حنىّ، بضم الحاء وفتح النون وتشديد الياء، وانظر اللآلي 842، والكامل 594 والمفضليات 208 وهو صديق امرئ القيس وانظر ص 375 ومعجم الشعراء 13. وشعراء الجاهلية 188. (¬2) المفضلية رقم 42 (¬3) في المفضليات 212: (شقّاء).

يوما، فقال جلساء الملك حسدا له: إنه يمشي كأنه لا يرى أحدا أفضل منه! فجاء فحيا الملك بتحية، فقال جابر بن جني في ذلك هذه القصيدة. وقال ابن الأنباري في شرح المفضليات: الجديد هنا الشباب. والمصرم: الذاهب، يتعجب من تصرمه ومن حلمه المتوهم بعد الذلة، لأن الحلم إنما يكون قبلها، وأما بعدها فليس بحلم. و (ما) في قوله: (ما فرط) زائدة، ومجرم: تام كامل. والصريمة وما بعده مواضع. والقيقاء: جمع قيقاة بقافين، وهو ما غلظ من الأرض في ارتفاع. والى في قوله: (الى مدفع) بمعنى الفاء كما قال المصنف. ويوم الكلاب، بضم الكاف، يوم مشهور من أيام العرب قتل فيه الخلائق. والكلاب الذي كانت الوقعة عنده ما بين الكوفة والبصرة، وقال العسكري في كتاب التصحيف: الكلاب ماء، وقيل موضع بالدهناء بين اليمامة والبصرة، كان به وقعتان للعرب احداهما بين ملوك كندة الآخرة، والأخرى بين بني الحارث وبين بني تميم، فقيل الكلاب الأول والكلاب الثاني. فأما الكلاب الأول فكان في الجاهلية، واليوم لبني تغلب، ورئيسهم يومئذ سلمة بن حارث الكندي ومعه ناس من بني تميم، منهم عرفجة بن أسعد، وقطع أنفه يومئذ، فلقى سلمة أخاه شرحبيل ومعه بكر بن وائل فقتل شرحبيل وهزم أصحابه. وفي هذا يقول امرؤ القيس (¬1): كما لاقى أبي حجر وجدّي … ولا أنسى قتيلا بالكلاب وأما الكلاب الثاني: فكان لبني سعد والرباب، من الرباب لتيم، ومن بني سعد لمقاعس، وكان رئيسهم في هذا اليوم قيس بن عاصم. وقال من اللطائف: إن حيان بن بشر المحدث أملى يوما وهو قاض بأصبهان حديث، أن عرفجة بن سعد أصيب أنفه يوم الكلاب، فكسر الكاف، فقال له مستمليه: أيها القاضي، إنما هو بالضم. فغضب وأمر بحبسه، فدخل إليه الناس وقالوا: ما هذا؟ قال: قطع أنف عرفجة في الجاهلية وامتحنت أنابه في الاسلام انتهى. وشرحبيل المذكور هو الحارث بن عمرو بن حجر آكل المرار، كان رأس ¬

_ (¬1) ديوانه 100

أحد الطائفتين، ورأس الأخرى سلمة اخوه، وقع بينهما لما مات أبوهما ومشت بينهما الرجال حتى جمع كل واحد منهم لصاحبه الجموع، واقتتلوا قتالا شديدا حتى غشيهم الليل، فنادى منادي شرحبيل: من أتاني برأس سلمة، فله مائة من الابل. ونادى منادي سلمة مثل ذلك. وفي القوم أبو حنش، وهو عصيم بن النعمان بن مالك الجشمي، فعرف مكان شرحبيل، فقصده فطعنه بالرمح، ثم نزل إليه فاحتز رأسه فأتى به سلمة فألقاه بين يديه فقال: لو كنت ألقيته القاء رقيقا، فقال: ما صنع به وهو حي شرّا من هذا، وعرف الندامة في وجهه والجزع على أخيه، فهرب أبو حنش وتنحى عنه. والشنقاء: الطويلة من الخيل. والصلدم، بكسر المهملتين، الصلبة. وتناوله بالرمح: طعنه. وأتنى: أصله انثنى، فادغم النون في الثاء، ثم أبدلها تاء. ومنها قصيدة للعكبر بن حديد بن مالك بن حذيفة بن بكر بن قيس بن منقذ بن طريف، وكان مع علي رضي الله عنه في أبيات، أولها: ألا ليت شعري هل أشنّنّ غارة … على ابن كدام أو سويد بن أصرم فيعترفا اليحموم ويعدو بفارس … أخي ثقة يغثى التّألّف معلم وأشعث قوّام بآيات ربّه … قليل الأذى فيما ترى العين مسلم ضممت إليه بالسّنان قميصه … فخرّ صريعا لليدين وللفم على غير شيء غير أن ليس تابعا … عليّا ومن لا يتبع الحقّ يندم يذكّرني حاميم والرّمح دونه … فهلّا تلا حاميم قبل التّقدّم ويروى: شككت له بالرّمح حيث قميصه … فخرّ صريعا لليدين وللفم وأخرج الزبير بن بكار، وابن عساكر عن الضحاك بن عثمان الخزاميّ، قال:

كان هوى محمد بن طلحة بن عبيد الله مع علي بن أبي طالب، فنهى علي عن قتله. وقال محمد لعائشة: ما تأمريني؟ قالت: أرى أن تكون كخير ابني آدم، ان تكف يدك، فكف يده. فقتله رجل من بني أسد بن خزيمة، يقال له كعب بن مدلج، من بني منقذ بن طريف. ويقال: قتله شدّاد بن معاوية العبسي، ويقال: بل قتله عصام ابن مقشعر البصري، وهو الذي يقول في قتله: وأشعث قوّام بآيات ربّه ... الأبيات وقيل: إن القاتل والقائل الأبيات شريح بن أوفى. وقيل: عبد الله بن مكعب حليف لبني أسد، وقيل ابن مكبس الأزدي، وقيل الأشتر. وقال الشيخ سعد الدين في حاشية الكشاف قوله: (على غير شيء) متعلق بشككت، أي خرقت، يعني بلا سبب من الأسباب، (وغير أن) استثناء من شيء لعمومه بالنفي أو بدل، والفتح للبناء، قوله: (يذكرني حاميم) يعني حمعسق، لما فيها من قوله تعالى: (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) ويروى: (الرمح شاجر) أي طاعن، من شجرته بالرمح طعنته، وقيل معناه: مختلف، فعلى الأول معناه: لو ذكرني حاميم قبل ان أطعنه بالرمح لسلم. وعلى الثاني قبل قيام الحرب وتردّد الرماح. 339 - وأنشد فلمّا تفرّقنا كأنّي ومالكا … لطول اجتماع لم نبت ليلة معا (¬1) هو من قصيدة لمتمم بن نويرة اليربوعي، يرثي بها أخاه مالكا، وكان قتل في الردّة، قتله خالد بن الوليد بالبطاح في خلافة الصديق، وأوّل القصيدة (¬2): ¬

_ (¬1) المفضليات 267، ومعجم الشعراء 433، والشعراء 297، والاغاني 15/ 47 (الثقافة) والكامل 1237 (¬2) المفضلية 67

لعمري وما عمري بتأبين هالك … ولا جزعا ممّا أصاب فأوجعا (¬1) لقد كفّن المنهال تحت ثيابه … فتى غير مبطان العشيّات أروعا إلى أن قال: وكنّا كندماني جذيمة حقبة … من الدّهر حتّى قيل لن يتصدّعا وعشنا بخير في الحياة وقبلنا … أصاب المنايا رهط كسرى وتبّعا فلمّا تفرّقنا كأنّي ومالكا … لطول اجتماع لم نبت ليلة معا ولست إذا ما أحدث الدّهر نكبة … ورزءا بزوّار القرائب أخضعا ولا فرحا إن كنت يوما بغبطة … ولا جزعا إن ناب دهرا فأضلعا ولكنّني أمضي على ذاك مقدما … إذا بعض من يلقى الخطوب فكعكعا ومنها: قعيدك أن لا تسمعيني ملامة … ولا تنكئي قرح الفؤاد فيسمعا وقصرك إنّي قد جهدت فلم أجد … بكفّي عنهم للمنيّة مدفعا فلو أنّ ما ألقى يصيب متالعا … أو الرّكن من سلمى إذا لتضعضعا وما وجد آظآر ثلاث روائم … رأين مجرّا من حوار ومصرعا ¬

_ (¬1) في الاغاني والمفضليات: (... وما دهري ... ولا جزع).

يذكّرن ذا البثّ الحزين ببثّه … إذا حنّت الأولى سجعن لها معا إذا شارف منهنّ قامت فرجّعت … حنينا فأبكى شجوها البرك أجمعا بأوجد منّي يوم فارقت مالكا … وقام به النّاعي الرّفيع فأسمعا إلى أن قال: لعلّك يوما أن تلمّ ملمّة … عليك من اللّائي يدعنك أجدعا قوله: (غير مبطان العشيّات). قال في الكامل (¬1): يقول: كان لا يأكل في آخر نهاره انتظارا للضيف، ويروى أن عمر بن الخطاب سأله: أكذبت في شيء مما قلته لأخيك؟ فإنك ذكرت خصالا قلّ ما تكون في الرجال، فقال: يا أمير المؤمنين، ما كذبت في حرف واحد، إلا إني أعلم أنّ خصلة واحدة قد قلتها، قال: وما هي؟ قال: قلت: غير مبطان العشيات. وقد علمت أنه كان له بطن، فقال عمر: إن هذه لخصلة يسيرة فيما يقول الشعراء. ذكره أبو عبيدة في مقاتل الفرسان. والأروع: ذو الروعة والهيبة. وجذيمة: هو الأبرش، كان ملكا، وهو أوّل من أوقد بالشّمع نصب المجانيق للحرب. وندماه مالك وعقيل يضرب بهما المثل لطول ما نادماه حتى قال أبو خراش (¬2): ألم تعلمي أن قد تفرّق قبلنا … خليلا صفاء: مالك وعقيل قوله: (وما وجد اظآر)، استشهد به الفارسي على أن الظئر مؤنث، لقوله: ثلاث. وعلى ان الظئر يكون من الابل لأنه وصف في البيت نوقا فقدت أولادها في حال صغر فأقبلن على الحنين. وقال المبرد في الكامل (¬3): اظآر: جمع ¬

_ (¬1) ص 1241 (¬2) انظر الكامل 1240 (¬3) ص 1239

فائدة: [متمم بن نويرة]

ظئر، وهي النّوق تعطف على الحوار فتألفه. وروائم: جمع رؤوم، ومعنى ترأمه: (تشمّه) (¬1). والحوار: ولد الصغير، ويقال له: حيث يسقط من أمّه (سلل) قبل أن يقع عليه الأسماء، فإن كان ذكرا فهو (سقب)، وإن كان أنثى فهو (حائل) وهو في ذلك كله (حوار سفة) «1». وقوله: إذا حنّت الأولى سجعن لها معا أورده المصنف في مع مستشهدا به على أن مع تستعمل للجماعة. وسجعن: تقابلت أصواتهن على طريقة واحدة وتناسب. وقوله: (لعلك يوما ... البيت). أورده المصنف في لعل شاهدا على اقتران خبرها بأن. فائدة: [متمم بن نويرة] متمم بن نويرة بن شداد يكنى أبا نهشل وأخوه مالك يكنى أبا المغوار. أخرج أبو الفرج في الأغاني (¬2) عن ابن شهاب ان مالك بن نويرة كان من أكثر الناس شعرا، وان خالدا لما قتله أمر برأسه فصب أنفيه بقدر فنضح ما فيها قبل ان بلغت النار الى شواته. وأخرج عن حبيب بن زيد الطائي: ان المنهال مرّ على أشلاء مالك بن نويرة لما قتله خالد فأخذ ثوبا فكفنه فيه ودفنه، ففيه يقول متمم: (لقد كفن المنهال ... البيت) (¬3). وأخرج أيضا من طريق أحمد بن عمار العبدي عن أبيه عن جده قال: صليت مع عمر بن الخطاب الصبح، فلما انفتل من صلاته إذا هو برجل قصير أعور فقال: من هذا؟ قال: متمم بن نويرة، فاستنشده قوله في ¬

_ (¬1) مزيدة. (¬2) 15/ 243 (الثقافة) وفيه: (... أمر برأسه فجعل أثفيّة لقدر فنضج ما فيها قبل ان تبلغ النار الى شواته). والشواة: جلدة الرأس. (¬3) انظر اللآلي 87

أخيه فانشده: لعمري ... القصيدة بتمامها. فقال عمر: لوددت أني أحسن الشعر فأرني أخي زيدا مثل ما رثيت به أخاك، فقال متمم: لو أن أخي مات على ما مات عليه أخوك ما رثيته، فقال عمر: ما عزاني أحد عن أخي مثل ما عزاني به متمم (¬1). وقال الدينوري في المجالسة: أخبرنا ابن أبي الدنيا، حدثنا أبي عن هشام عن محمد عن أبيه قال: كان عمر بن الخطاب يقول: ماهبت الصبا إلا بكيت على أخي زيد، وكان إذا لقى متمم بن نويرة استنشده قصيدته في أخيه: وكنا كندماني جذيمة ... البيتين. وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي في شعب الايمان عن القاسم بن معين قال: قال عمر بن الخطاب: رحم الله زيدا، يعني أخاه، هاجر قبلي، واستشهد قبلي، ماهبت الرياح من تلقاء اليمامة الا أتتني برياه، وما ذكرت قول متمم بن نويرة إلا ذكرته وهاج بي شجنا: وكنا كندماني جذيمة ... البيتين. وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي في الشعب عن خالد بن سعيد بن عمرو بن سعيد: أن عمر قال لمتمم بن نويرة: لو كنت شاعرا أثنيت على أخي كما أثنيت على أخيك، فقال: لو كان مهلك أخي كمهلك أخيك لتعزيت عنه، فقال عمر: ما رأيت تعزية أحسن من هذه. وقال ابن سعد في الطبقات: أخبرنا وكيع بن الجراح، ومحمد بن عبد الله الأسدي عن عبد الله بن لاحق المكي عن أبي مليكة قال: مات عبد الله بن أبي بكر بالحبشة فدفن بمكة، فقدمت عائشة من المدينة فأتت قبره فوقفت عليه فتمثلت بهذين البيتين: وكنا كندماني جزيمة ... الى آخرهما. وأخرج ابن سعد في طبقاته عن ابن أبي عون وعبد العزيز بن يعقوب الماجشون قالا: قال عمر بن الخطاب لمتمم بن نويرة: ما أشد ما لقيت على أخيك من الحزن؟ قال: كانت عيني هذه قد ذهبت. وأشار إليها، فبكيت بالصحيحة، وأكثرت البكاء حتى أسعدتها العين الذاهبة وجرت بالدمع. فقال عمر: ان هذا الحزن شديد ما يحزن هكذا أحد على هالكه، ثم قال عمر: يرحم الله زيد بن الخطاب، إني لأحسب أني لو كنت أقدر على أن أقول الشعر لبكيته كما بكيت أخاك، فقال متمم: يا أمير المؤمنين، لو قتل يوم اليمامة كما قتل أخوك ما بكيته أبدا. فأبصر عمر وتعزى عن أخيه، وكان قد حزن عليه حزنا شديدا. ¬

_ (¬1) انظر الكامل 1242

وكان عمر يقول: ان الصبا لتهب فتأتيني بريح زيد بن الخطاب. قال ابن جعفر فقلت لابن أبي عون: أما كان عمر يقول الشعر؟ فقال: لا، ولا بيتا واحدا. 340 - وأنشد قول جرير: لنا الفضل في الدّنيا وأنفك راغم … ونحن لكم يوم القيامة أفضل تقدم شرحه في شواهد حتى ضمن قصيدة جرير (¬1). 341 - وأنشد: كضرائر الحسناء قلن لوجهها … حسدا وبغيا: إنّه لذميم (¬2) من قصيدة لأبي الأسود الدؤلي، وأوّلها: حسدوا الفتى إذ لم ينالوا سعيه … فالقوم أعداء له وخصوم كضرائر الحسناء قلن لوجهها … حسدا وبغيا: إنّه لذميم والوجه يشرق في الظّلام كأنّه … بدر منير والنّساء نجوم وترى اللّبيب محسّدا لم يجترم … شتم الرّجال وعرضه مشتوم وكذاك من عظمت عليه نعمة … حسّاده سيف عليه صروم فاترك مجاراة السّفيه فإنّها (¬3) … ندم وغبّ بعد ذاك وخيم وإذا جريت مع السّفيه كما جرى … فكلا كما في جريه مذموم ¬

_ (¬1) انظر ص 377 من قصيدة الشاهد رقم 185 (¬2) ديوانه 129 - 132، والخزانة 3/ 617، والبيان 3/ 259 (¬3) في الديوان (محاورة السفيه).

وإذا عتبت على السّفيه ولمته … في مثل ما تأتي فأنت ظلوم لا تنه عن خلق وتأتي مثله … عار عليك إذا فعلت عظيم وابدأ بنفسك فانهها عن غيّها … فإذا انتهت عنه فأنت حكيم فهناك يقبل ما وعظت ويقتدى … بالعلم منك وينفع التّعليم ويل الشّجيّ من الخليّ فإنّه … نصب الفؤاد بشجوه مغموم وترى الخليّ قرير عين لاهيا … وعلى الشّجيّ كآبة وهموم ويقول: ما لك لا تقول مقالتي … ولسان ذا طلق وذا مكظوم لا تكلمن عرض ابن عمّك ظالما … فإذا فعلت فعرضك المكلوم وحريمه أيضا حريمك فاحمه … كي لا يباح لديك منه حريم وإذا اقتصصت من ابن عمّك كلمة … فكلامه (¬1) إن عقلت كلوم وإذا طلبت إلى كريم حاجة … فلقاؤه يكفيك والتّسليم وإذا رآك مسلّما ذكر الّذي … حمّلته فكأنّه محتوم (¬2) ورأى عواقب خلف ذاك مذمّة … للمرء تبقى والعظام رميم فارج الكريم وإن رأيت جفاءه … فالعتب منه، والفعال كريم إن كنت مضطرّا وإلّا فاتّخذ … نفقا كأنّك خائف مهزوم ¬

_ (¬1) في الديوان (فكلومه). (¬2) رواية الديوان: (كلّمته فكأنه ملزوم).

وتفرّ عنه ثمّ تهجر بابه (¬1) … دهرا وعرضك إن فعلت سليم والنّاس قد صاروا بهائم كلّهم … ومن البهائم قابل وزعيم (¬2) عمي وبكم ليس يرجى نفعهم … وزعيمهم في النّائبات مليم وإذا طلبت إلى لئيم حاجة … فألحّ في رفق وأنت مديم والزم قبالة بيته وفنائه … بأشدّ ما لزم الغريم غريم وعجبت للدّنيا ورغبة أهلها … والرّزق فيما بينهم مقسوم والأحمق المرزوق أعجب من أرى … من أهلها والعاقل المحروم ثمّ انقضى عجبي لعلمي أنّه … قدر مواف وقته معلوم وقال البيهقي في شعب الايمان: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، أخبرنا أبو بكر أحمد بن كامل القاضي، أخبرنا الحارث بن أبي اسامة وأبو يزيد أحمد بن روح البزازان عبيد الله محمد بن حفص العبسي، أنشدهم في ابنه: حسدوا الفتى إذ لم ينالوا سعيه … فالنّاس أضداد له وخصوم كضرائر الحسناء قلن لوجهها … حسدا وبغيا: إنّه لذميم وترى اللّبيب مشتّما لم يحترم … عرض الرّجال وعرضه مشتوم 342 - وأنشد: وإن يكن الموت أفناهم … فللموت ما تلد الوالده (¬3) ¬

_ (¬1) في الديوان: واتركه واحذر أن تمرّ ببابه. (¬2) كذا بالاصل، وفي الخزانة (قائل) وفي الديوان (قائد). (¬3) عجز البيت مثل سائر يوجد في أبيات لشتيم بن خويلد الفزاري، وفي أبيات لسماك بن عمرو الباهلي، ولعبد الله بن الزبعري. وانظر ذيل اللآلي 92، وذيل الامالي 195

وأنشد ابن الأعرابي في نوادره لرجل من عاملة يقال له سماك قتلته غسان: ألا من شجت ليلة عامده … كما أبدا ليلة واحده فأبلغ قضاعة إن جئتها … وأبلغ شراة بني ساعده وأبلغ معدّا على بابها … فإنّ الرّماح هي العائده فأقسم لو قتلوا مالكا … لكنت لهم حيّة راصده برأس سبيل على مرقب … ويوما على طرق وارده فأمّ سماك فلا تجزعي … فللموت ما تلد الوالده وأنشد ابن الأعرابي في قوله: كما أبدا ليلة واحده أي هذه الليلة كأنها الدهر أجمع. و (ما) معرفة فنصب أبدا على خروجه من المعرفة. ثم رايت في كتاب ما اتفق لفظه واختلف معناه للمبرد، ما نصه: قال ابن الزبعري (¬1): لا يبعد الله ربّ العبا … د والملح ما ولدت خالده وهم مطعنون صدور الكما … ة والخيل تطرد أو طارده فإن يكن الموت أفناهم … فللموت ما تلد الوالده أي الى هذا مصيرهم. 343 - وأنشد: لله يبقى على الأيّام ذو حيد ¬

_ (¬1) البيت الاول في الكامل 437 لآخر.

تقدم شرحه في شواهد أم ضمن قصيدة لساعدة بن جوية ميمية (¬1)، وقد وقع أيضا في قصيدة لأبي ذؤيب سينية، وتمامه (¬2): بمشمخرّ به الظّيّان والآس وأورده الفارسي في الايضاح بلفظ: تالله لا تعجز الأيّام ذو حيد وهو الوعل. والمشمخر: الجبل العالي. والظيان: ياسمين البر. والآس: المرسين (¬3). 344 - وأنشد: فيا لك من ليل كأنّ نجومه … بكلّ مغار الفتل شدّت بيذبل (¬4) هو من معلقة امرئ القيس بن حجر المشهورة (¬5)، وقبله: وليل كموج البحر أرخى سدوله … عليّ بأنواع الهموم ليبتلي فقلت له لمّا تمطّى بصلبه … وأردف أعجازا وناء بكلكل ألا أيّها اللّيل الطّويل ألا انجلي … بصبح وما الإصباح فيك بأمثل ¬

_ (¬1) انظر ص 156 و 157 (¬2) ليس البيت لأبي ذؤيب، وانما هو لمالك بن خالد الخناعي بلفظ: والخنس لن يعجز الايام ذو حيد. وانظر ديوان الهذليين 3/ 2 ورواية الاصل، كرواية الخزانة، والتقدير: (لا يبقى) على حذف (لا) بعد القسم. ورواه السكري: (ذو خدم) والخدم بالتحريك، البياض المستدير في قوائم الثور. (¬3) وهو ضرب من الرياحين. وأيضا هو نقط من العسل، يقع من النحل عسل على الحجارة فيستدلون به أحيانا. (¬4) الخزانة 1/ 559، والديوان 19 (¬5) انظر الصحائف 20 و 96 و 97 و 451 و 463 و 558

فيا لك من ليل كأنّ نجومه … بكلّ مغار الفتل شدّت بيذبل كأنّ الثّريّا علّقت في مصامها … بأمراس كتّان إلى صمّ جندل قوله: (وليل) على اضمار (رب) أي ورب ليل. والبيت استشهد به المصنف على ذلك في حرف الواو. وقوله: (كموج البحر) بيان لكثافته وظلمته. وسدوله: ستوره، يقال: سدلت ثوبي إذا أرخيته ولم تضممه. وأنواع الهموم: أي ضروبها (¬1). قوله: (ليبتلى) أي لينظر ما عندي من الصبر والجزع. وجوزة: بالجيم والزاي، وسطه. وجوز كل شيء وسطه (¬2). والأعجاز: بفتح الهمزة، جمع عجز، وهو من استعمال الجمع وإرادة الواحد. وناء: بالنون، نهض. والكلكل: الصدر. والبيت استشهد به ابن مالك على أن (الواو) لا تدل على الترتيب، لأن البعير ينهض بكلكله، أو لاسم يجوزه. وقوله: (ألا انجلى) الانكشاف. ومعنى: (وما إلا صباح فيك بأمثل) أنه مغموم، فالليل والنهار عليه سواء. قوله: (يا لك) استشهد به ابن أم قاسم على فتح لام المستغاث من أجله مع الضمير غير الياء. واستشهد به غيره على جر المستغاث من أجله بمن في قوله من ليل. ومغار الفتل: أي محكم الفتل، يقال: أغرت الحيلة: اغارة، وحبل شديد الغارة: أي شديد الفتل. ويذبل: بفتح التحتية وسكون الذال المعجمة وضم الموحدة ولام اسم جبل. وشدت: خبر كان. 345 - وأنشد: شباب وشيب وافتقار وثروة … فلله هذا الدّهر كيف تردّدا (¬3) ¬

_ (¬1) بشرح الديوان 18 قال: (شبّه الليل بموج البحر في تراكمه وشدة ظلمته وتتابعه. وسدوله: ستوره، يقول: اشتمل عليه الليل بأنواع الهموم ليختبر ما عنده من الصبر والجزع). (¬2) وهذا التفسير على رواية البيت (بجوزه) بدل (بصلبه) كما في الديوان. (¬3) ديوانه ص 135

هذا من قصيدة للأعشى ميمون يمدح بها النّبي صلى الله عليه وسلم، وقد أتى اليه بمكة ليسلم فاعترضه بعض كفار قريش فقال: إنه يحرّم الزنا، قال: لا أرب لي فيه، قال: إنه يحرّم الخمر. قال: أرجع فأتروى منها عامي هذا ثم آتيه فأسلم، فرجع فمات من عامه ولم يعد. والقصيدة (¬1): ألم تغتمض عيناك ليلة أرمدا … وبتّ كما بات السّليم مسهّدا (¬2) وما ذاك من عشق النّساء وإنّما … تناسيت قبل اليوم خلّة مهددا ولكن أرى الدّهر الّذي هو خائن (¬3) … إذا أصلحت كفّاي عاد فأفسدا شباب وشيب وافتقار وثروة … فلله هذا الدّهر كيف تردّدا وفي رواية ابن اسحق: كهولا وشبّانا فقدت وثروة … فلله هذا الدّهر كيف تردّدا وما زلت أبغي المال إذا أنا يافع (¬4) … وليدا وكهلاحين شبت وأمردا وإتعابي العيس المراقيل بالضّحى (¬5) … مسافة ما بين النّجير فصرخدا فإن تسألي عنّي فيا ربّ سائل … خفيّ عن الأعشى به كيف أصعدا (¬6) ألا أيّهذا السّائلي أين أصعدت (¬7) … فإنّ لها في أهل يثرب موعدا ¬

_ (¬1) القطعة رقم 17 في ديوانه. (¬2) رواية الديوان: وعاداك ما عاد السليم المسهّدا. (¬3) في الديوان: (خاتر). والخاتر: القادر. (¬4) في الديوان: (مذ أنا يافع). (¬5) رواية الديوان: وابتذل العيس المراقيل تغتلي. (¬6) في الديوان: (حيث أصعدا). (¬7) في الديوان: (يمّمت).

فأمّا إذا ما أدلجت فترى لها … رقيبين جديا لا يؤوب وفرقدا (¬1) وفيها إذا ما هجّرت عجر فيّة … إذا خلت حرباء الظّهيرة أصيدا وأزرت برجليها النّقى وأتبعت (¬2) … يداها خنافا ليّنا غير أحردا فآليت لا أرثي لها من كلالة … ولا من حفيّ حتّى تلاقي محمّدا (¬3) متى ما تناخي عند باب ابن هاشم … تراحى وتلقى من فواضله ندا (¬4) نبيّ يرى ما لا يرون وذكره … أغار لعمري في البلاد وأنجدا له صدقات ما تغبّ ونائل … وليس عطاء اليوم يمنعه غدا أجدّك لم تسمع وصاة محمّد … نبيّ الإله حين أوصى وأشهدا إذا أنت لم ترحل بزاد من التّقى … وأبصرت بعد الموت من قد تزوّدا ندمت على أن لا تكون مكانه … فترصد للأمر الّذي كان أرصدا (¬5) فإيّاك والميتات لا تقربنّها … ولا تأخذن سهما جديدا لتفصدا وذا النّصب المنصوب لا تنسكنّه … ولا تعبد الشّيطان والله فاعبدا وسبّح على حين العشيّات والضّحى … ولا تحمد المثرين والله فاحمدا وذا الرّحم القربى فلا تتركنّه … لفاقته ولا الأسير المقيّدا (¬6) ¬

_ (¬1) في الديوان (لا يغيب). (¬2) في الديوان: أجدّت برجليها نجاء وراجعت (¬3) في الديوان: (حتى تزور محمدا). (¬4) رواية الديوان: ترويحي وتلقى من فواضله يدا. (¬5) في الديوان برواية: ندمت على أن لا تكون كمثله … وأنك لم ترصد لما كان أرصدا (¬6) كذا في الاصل، وفي الديوان: ولا السائل المحروم لا تتركنّه … لعاقبة ولا الأسير المقيدا

ولا تسخرن من بائس ذي ضرارة … ولا تحسبنّ المال للمرء مخلّدا ولا تقربن جارة، إنّ سرّها … عليك حرام، فانكحن أو تأبّدا قال شارح ديوانه: ألم تغتمض: استفهام تقرير، والخطاب لنفسه تجريدا. وليلة أرمد: أي ليلة رجل أرمد. والسّليم: اللديغ، من باب الأضداد، ونصبه على أنه خبر كان المقدّرة، أي ومذ كنت وليدا. قال الاصمعي: قالوا اللديغ: سليم، تفاؤلا بأنه سيسلم، كما قالوا: للمهلكة مفازة، وللعطشان ناهل. والمسهد: الذي لا ينام. والخلة: الصداقة. ومهددا: امرأة. قوله: (ولكن أرى الدهر ... البيت) يقول: إذا اتخذت مالا واصطفيت أخا جاء الدهر فذهب به والثروة الغنى. قوله: (فلله) تعجب من الدهر كيف يختلف يذهب ويجئ. قوله: (وما زلت ... البيت). استشهد به المصنف في مذ على إيلائها الجملة الاسمية. واليافع: الغلام الذي قارب الحلم. والوليد: الصبي. قال الأصمعي: والكهل من أربعين الى خمسين، والأمرد: الذي ليس على وجهه شعر، وأصله من تمريد الغصن وهو تجريده عن ورقه. والعيس: جمع أعيس وعيسا، وهي الابل البيض التي تخالطها حمرة. والمراقيل: جمع مرقال بكسر الميم، من أرقل البعير إرقالا: أي ارتفع في سيره وصدّ عنقه ونفض رأسه وضرب بمشافره. والنجير: بضم النون وفتح الجيم وسكون التحتية، موضع بحضر موت. وصرخد: بلدة بالشام. السائل: الحفيّ بالحاء المهملة، المكثر أو الملطف. والجدي والفرقد: كوكبان لا يزولان من مكانهما ولا يغيبان. وهجّرت: سارت في الهاجرة نصف النهار. والعجر فية: جهالة ومرح لفضل نشاطها. والحرباء: دويبة تستقبل الشمس حتى تغرب كيفما دارت رافعة يديها ورأسها. والأصيد: البعير الذي به الصيد، وهو داء يأخذ الأبل في رؤوسها فلا تزال رافعة رأسها منه. وأذرت: ألقت. والنقى: ما تنقى من الحصى والتراب. والخناف: بالفاء، أن تقلب الخفّ الى الجانب الأيمن. والأحرد: بالحاء المهملة، الذي يخبط بيديه اذا سار. وأغار: أتى الغور. وأنجد: أتى نجدا. وإنما يقال؟؟؟ غار لا أغار، وإنما قاله مواخاة لأنجد على حد مأزورات غير مأجورات، والأصل

موزورات. وأجدك: أي مالك، قاله أبو عمرو. وقال المبرد في الكامل (¬1): معناه: أجد منك توفيقا، وتقديره في النصب: أتجدّ جدّا. وقوله: (إذا أنت إلى آخر القصيدة)، تفسيره: وصاه محمد صلى الله عليه وسلم. وقوله: ولا تأخذن سهما جديدا لتفصدا أي لا تشرب دما. والنصب: حجر كانوا ينصبونه ويذبحون عنده لآلتهم. وقوله: (لا تنسكنّه) أراد لا تنسكن عنده، فعد الفعل إليه، أي لا تذبح ذبيحة تتقرّب بها إلى الاصنام. وقوله (والله فاعبدا) استشهد به المصنف في التوضيح على إبدال نون التوكيد الخفيفة ألفا في الوقت، إذ أصله: فاعبدن. والسّرّ الجماع. وقوله: (فانكحنّ أو تأبّدا) أي تزوّج أو توحش. 346 - وأنشد: ومن يك ذا عظم صليب رجا به … ليكسر عود الدّهر فالدّهر كاسره هو لنصيب الأسود وأنشده الجاحظ في البيان بلفظ (¬2): ومن يك ذا عود صليب يعدّه وقبله: ومن يبق مالا عدّة وصيانة … فلا الدّهر مبقيه ولا الشّحّ وافره وفي المؤتلف والمختلف للآمدي عز وهذين البيتين الى توبة بن الحمير من أبيات قالها في ليلى الأخيلية وقبلهما: ¬

_ (¬1) ص 863 (¬2) البيان والتبيين 3/ 49

أرى النّاس من ليلاك سقما وقربها … حياء كما الغيث الّذي أنت ناظره ولو سألت للنّاس يوما بوجهها … سحاب الثّريّا لاستهلّت مواطره 347 - وأنشد: وملكت ما بين العراق ويثرب … ملكا أجار لمسلم ومعاهد قال ثعلب في أماليه: قال الزبير: قال ابن ميادة يمدح عبد الواحد بن سليمان بن عبد الملك بن مروان، وكان أمير المدينة (¬1): من كان أخطأه الرّبيع فإنّه … نصر الحجاز بغيث عبد الواحد (¬2) إنّ المدينة أصبحت محمودة … لمتوّج حلو الشّمائل ماجد (¬3) كالغيث من عرض الفرات تهافتت … سبل إليه بصادر أو وارد وملكت غير معنّف في ملكه … ما دون مكّة من حصى ومساجد وملكت ما بين الفرات ويثرب … ملكا أجار لمسلم ومعاهد ماليهما ودميهما من بعد ما … غشّى الضّعيف شعاع سيف المارد ولقد رمت قيس وراءك بالحصى … من رام ظلمك من عدوّ جاهد 348 - وأنشد: أريد لأنسى ذكرها فكأنّما … تمثّل لي ليلى بكلّ سبيل (¬4) ¬

_ (¬1) الاغاني 2/ 326 - 327 (الدار) (¬2) نصر: سقي، يقال: نصر الغيث الارض نصرا، أي غاثها وسقاها وأعانها على الخصب والنبات. وقد أورد صاحب اللسان هذا المعنى، واستشهد عليه بهذا البيت. (¬3) في الاغاني: (أصبحت معمورة بمتوج). (¬4) سبق ص 65، وقد ورد فيها (تمثل) بفتح اللام خطأ مطبعيا.

هو من قصيدة لكثير عزّة، قال المصنف وهي من غرر قصائده، وأوّلها: ألا حيّيا ليلى آن رحيلي … وآذن أصحابي غدا بقفول تبدّت له ليلى لتذهب عقله … وشاقتك أمّ الصّلت بعد ذهول أريد لأنسى ذكرها فكأنّما … تمثّل لي ليلى بكلّ سبيل وكم من خليل قال لي: لو سألتها … فقلت له: ليلى أضنّ بخيل (¬1) ومنها: فإن جاءك الواشون عنّي بكذبة … فروها ولم يأتوا لها بحويل فلا تعجلي يا ليل أن تتفهّمي … بنصح أتى الواشون أم بحبول ومنها: وقالوا: نأت فاختر من الصّبر والبكا … فقلت: البكا أشفى إذن لغليلي ومنها وهو آخرها: وما زلت من ليلى لدن طرّ شاربي … إلى اليوم كالمقصى بكلّ سبيل والقفول: الرجوع. والقافلة: الراجعة من سفر. ورسول يروي بدله: ورسيل، وكلاهما بمعنى الرسالة (¬2). وحبول بالحاء المهملة، ويروى بالمعجمة (¬3). قال القالي في أماليه (¬4): قال لنا أبو بكر، يروى عن طلحة بن عبد الله بن عوف قال: لقى الفرزدق كثيرا فقال له: أنت يا أبا صخر أنسب العرب حيث تقول: ¬

_ (¬1) في الأمالي 2/ 63 (هل سألتها ... أضمن خليل). (¬2) أنظر الامالي 2/ 63 (¬3) وفي الامالي 2/ 66: (الحبول): الدواهمي، واحدتها حبل، بكسر الحاء. (¬4) ذيل الامالي 119 - 120 وانظر ص 65

أريد لأنسى ذكرها فكأنّما … تمثّل لي ليلى بكلّ سبيل فقال له كثير: وأنت يا أبا فراس أشعر العرب حيث تقول: ترى النّاس ما سرنا يسيرون خلفنا … فإن نحن أو مأنا إلى النّاس وقّفوا فقال القالي: وهذان البيتان لجميل، سرق أحدهما كثيّر والآخر الفرزدق. 349 - وأنشد: يا بؤس للحرب الّتي … وضعت أراهط فاستراحوا هو مطلع قصيدة لسعد بن مالك بن ضبيعة بن قيس بن ثعلبة، وهو جدّ طرفة الشاعر، وبعده (¬1): والحرب لا يبقى لجا … حمها التّخيّل والمراح إلّا الفتى الصّبّار في النّ … جدات والفرس الوقاح والنّثرة الحصداء وال … بيض المكلّل والرّماح وتساقط التّنواة والذّنبات … أو جهد الفضاح (¬2) والكرّ بعد الفرّ إذ … كره التّقدّم والنّطاح كشفت لهم عن ساقها … وبدا من الشّرّ الصّراح فالهمّ بيضات الخدو … ر هناك لا النّعم المراح ¬

_ (¬1) حماسة الطائي بشرح التبريزي 2/ 73 - 79، والشاهد في أمالي ابن الشجري. (¬2) في الحماسة: الاوشاظ والذنبات، وفي الاصل (التنواة) خطأ، وصحتها: (التنواط).

بئس الخلائف بعدنا … أولاد يشكر واللّقاح من صدّ عن نيرانها … فأنا ابن قيس لا براح صبرا بني قيس لها … حتّى تريحوا أو تراحوا إنّ الموائل خوفها … يعتاقه الأجل المتاح هيهات هان الموت دو … ن الفوت وانتضي السّلاح يا ليلة طالت عليّ … (م) تفجّعا فمتى الصّباح كيف الحياة إذا خلت … منّا الظّواهر والبطاح أين الأعنّة والأسنّة … عند ذلك والرّماح (¬1) قال التبريزي: أراهط: جمع رهط أرهط، جمع رهط، كأنهم قالوا: رهط وأرهط. ثم قالوا أراهط. وسيبويه عنده أن العرب لم تنطق بأرهط (¬2). وقد حكاه غيره، وإذا نصبت أراهط جعلت الحرب الفاعل، وليس الموضع هنا ضدّ الرفع، وإنما المراد أنها تركتهم فلم تكلفهم القتال فيها، وإنما يعني سعد بن مالك الحارث بن عباد. ومن كان مثله في الأعتزال عن الحرب. ويروى أن الحارث لما حارب مع بني بكر بعد قتل بجير قال لسعد: أتراني ممن وضعته الحرب؟ قال: لا، ولكن لا محبا لعطر بعد عروس. فهذا يدل على النصب، ومن رفع (أراهط) فالمعنى يابؤس للحرب التي وضعتها أراهط، وهذا اللفظ هو الأصل، لأن قولك: ترك بنو فلان الحرب، هو واجب الكلام. وقولك: تركت الحرب بني فلان، ¬

_ (¬1) في الحماسة برواية: (أين الأعزة ... والسّماح). (¬2) قد صرح كثير من العلماء باستعمالهم (الأرهط) جمعا لرهط، ومن ذلك قول الراجز: هو الذّليل نفرا في أرهطه وقول الآخر: وفاضح مفتضح في أرهطه

مجاز. والجاحم: من جحمت النار، إذا اضطرمت، ومنها الجحيم. قال الترمذي: والتخيل: الخيلاء والتكبر. والمراح، بكسر الميم: اسم من مرح يمرح مرحا، وهو شدة الفرح. قال المصنف: أي انها تشغله عن خيلائه ومرحه. قال البطليوسي: المراح: النشاط. والفتى بدل من صاحب. والصبّار: مبالغة صابر. والنجدات: الشدائد. والوقاح، بفتح الواو وتخفيف القاف: الصلب الشديد، ويجمع على وقح. والنّثرة بفتح النون وسكون المثلثة وفتح الراء، الدرع الواسعة. والحصداء: المحكمة الشديدة. والبيض، بفتح الباء، جمع بيضة، وهي الخودة. أو بكسرها، جمع أبيض، وهو السيف. المكلل: يعني بالمسامير كأنها غشيت وسمرت. قاله التبريزي. وقال التدمريّ: أي المركب على هيئة الاكليل. وتساقط: عطف على وضعت أراهط. والتنواة (¬1): بفتح المثناة الفوقية وسكون النون: الاتباع. والمعنى: وتساقط الدخلاء الذين وطأت أراضيهم العرب، فلم يكونوا منهم. والذنبات، بفتح المعجمة والنون والموحدة (¬2). وجهد الفضاح: أي استوت المفاتحة. قوله: كشفت لهم عن ساقها أي شدّتها، كما في قوله تعالى: (يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ) والصّراح بضم الصاد وكسرها، الخالص. قوله: فالهمّ بيضات الخدور أراد بها النساء، لان المرأة تشبه ببيضة النعامة، كأنهنّ بيض مكنون. والخدور: أراد الهوادج. وأصل الخدر السر. والمراح بضم الميم، صفة النعم. وأما بالفتح، فالموضع مكنون. والخدور: أراد الهوادج. وأصل الخدر السر. والمراح: بضم ¬

_ (¬1) كذا، وصحتها (التنواط). (¬2) قال التبريزي: (الذنبات: التباع والعسفاء، وذكر بعضهم: أن الذنبات لا يقال في الناس، وانما يقال أذناب ....).

الميم، صفة النعم. وأما بالفتح، فالموضع الذي تأوى إليه ليلا. وقوله: (أولاد يشكر) هو بكر بن وائل. واللّقاح، بضم اللام (¬1) يقول إذا خلفنا من لادفاع في حاجتها إلى من يذب عنها. ويروى اللّقاح، بفتح اللام، والمراد به لقب بني حنيفة، وكانوا لا يدينون للملوك فقال حرّ لقاح، بالفتح، إذا لم يدينوا ولم يصبهم شيئا ويكون الكلام على هذا تهكما. قوله: وصدّأ: عرض عن نيرانها، أي الحرب. قوله: فأنا ابن قيس، أي الذي عرفت بالشجاعة فلا يحتاج إلى البيان. لا براح: أي ليس لي براح عن موقفي في الحرب. وقد أورد المصنف هذا البيت في شواهد (لا) مستشهدا به على إعمال (لا) عمل (ليس). قال التبريزي: عرض سعد في هذا البيت الحارث بن عباد، وكان من حكام ربيعة وفرسانها، فاعتزل حرب ابني وائل، وتنحى بأهله وولده وحلّ وترقوسه، ونزع سنان رمحه، وقال: لا ناقة لي في هذا ولا جمل. صبرا: أي اصبروا. والموائل: بفتح الميم، جمع موئل، وهو الملجأ. ويعتاقه: يحبسه ويصرف عنه. والمتاح، بضم الميم وتخفيف المثناة الفوقية، وهو اسم مفعول، أي المقدر، يقال: أتيح له كذا: أي قدر. وقال العيني: هو بفتح الميم وتشديد التاء: الطويل. يقال: ليل متاح، إذا كان طويلا. قلت: وليس كما قال، ولا يستقيم بذلك الوزن. 350 - وأنشد: إنّ أباها وأبا أباها تقدم شرحه في شواهد إنّ ضمن أبيات (¬2) 341 - وأنشد: إذا ما صنعت الزّاد فالتمسي له … أكيلا فإنّي لست آكله وحدي (¬3) ¬

_ (¬1) أوردها التبريزي (اللّفاح) بفتح اللام وبكسرها. (¬2) ص 128، وانظر الشاهد رقم 47 ص 127 (¬3) الكامل 525 والتبريزي 4/ 205 ولباب الآداب 120، ويروى: (اذا ما أصبت) ويروى (وضعت)، ويروى كذلك: (لست آكله) و (لست آكله).

هو لحاتم الطائي يخاطب امرأته ماوية بنت عبد الله، كذا قال غير واحد (¬1). وقال في الأغاني (¬2): أخبرنا ابن دريد، حدثني عمي عن العباس بن هشام، عن أبيه، عن جدّه، قال: تزوّج قيس بن عاصم المنقري بنفوسة بنت زيد الفوارس الضّبيّ، وأتته في الليلة الثانية من بنائه بها بطعام، فقال: أين أكيلي؟ فلم تعلم ما يريد، فأنشأ يقول: أيا ابنة عبد الله وابنة مالك … ويا ابنة ذي البردين والفرس الورد إذا ما صنعت الزّاد فالتمسي له … أكيلا فإنّي لسث آكله وحدي أخا طارقا أو جار بيت فإنّني (¬3) … أخاف مذمّات الأحاديث من بعدي وكيف يسيغ المرء زادا وجاره … خفيف المعابادي الخصاصة والجهد وللموت خير من زيارة باخل … يلاحظ أطراف الأكيل على عمد وإنّي لعبد الضّيف ما دام ثاويا … وما فيّ إلّا تلك من شيم العبد قال التبريزي: عني بذي البردين عامر بن احيم بن بهذلة (¬4)، وإنما لقب به لأن الوفود اجتمعت عند المنذر بن ماء السماء، فأخرج بردين وقال: ليقم أعر العرب قبيلة فليأخذهما، فقام عامر فأخذهما، فقال له المنذر: انت أعز العرب قبيلة؟ قال: العز والعدد في معدّ، ثم في نزار، ثم في مضر، ثم في خندف، ثم في تميم. ثم في سعد، ثم في كعب، ثم في عوف، ثم في بهذلة، فمن أنكر هذا فلينافرني، فسكت الناس، ثم قال: أنا أبو عشرة، وأخو عشرة، وعم عشرة، ثم وضع قدميه على الأرض، فقال: من أزالها عن مكانها فله مائة من الأبل، فلم ¬

_ (¬1) وكذا في حماسة الطائي 4/ 205 وفي الكامل منسوب لقيس بن عاصم المنقري. وقال محقق الكامل (هذا هو الصحيح في نسبة هذه الابيات، وأخطا التبريزي في شرح الحماسة، إذ نسبها لحاتم الطائي. (¬2) 14/ 65 و 68 - 69 (الثقافة) (¬3) رواية الكامل: (قصيّا كريما أو قريبا فإنني). (¬4) كذا بالأصل، وفي التبريزي: (عامر بن أحيمر بن بهولة).

فائدة: [قيس بن عاصم]

يقم إليه أحد من الحاضرين، وفاز بالبردين. والورد: هو بين الكميت والأشقر. والاكليل: المواكل، كالنديم المنادم. والشريب: المشارب. والجليس: المجالس، ولا يطلق إلا على من تكرّر منه ذلك، لا من وقع ذلك منه مرة. وإنما نكره ولم يقل اكيلي لأنه عرف بمواكلته، عدّه فأراد واحدا منهم، قاله التبريزي والمرزوقي. وأخا: بدل من إكيلا. والمذمّة: بالفتح، الذم. والثاوي: المقيم (وإلا تلك) استثناء مقدّم، وموضع من شيم العبد رفع إسم ما والخبر في، ومن بيانية، كذا قالاه. والصواب: أن (ما) لا عمل لها لا تتقاضها بالنفي. فائدة: [قيس بن عاصم] قيس بن عاصم بن سنان بن خارجة المنقري يكنى أبا علي، صحابي شاعر فارس شجاع، حليم كثير الغارات، مظفر في غزواته. أدرك الجاهلية والاسلام فساد فيهما. وصحب النبيّ صلى الله عليه وسلم مدة حياته. وروى عدة أحاديث، وعسّر بعده زمانا. 352 - وأنشد: هذا سراقة للقرآن يدرسه (¬1) وتمامه: والمرء عند الرّشا إن يلقها ذيب ضمير يدرسه راجع إلى الدرس، وهو المصدر، لا إلى القرآن. وقد استشهد به أبو حيان في شرح التسهيل على أن ضمير المصدر قد يجيء مرادا به التأكيد، وإن ذلك لا يختص بالمصدر، والظاهر على الصحيح. ¬

_ (¬1) الخزانة 1/ 227 و 2/ 383، وابن الشجري 1/ 305 وسيبويه 1/ 437 وفي المغنى روى عجز البيت: يقطع الليل تسبيحا وقرآنا وهذا العجز ملفق من صدر بيت آخر لحسان بن ثابت يرثى عثمان بن عفان وهو: ضحوا بأشمط عنوان السجود به

353 - وأنشد قول ليلى: أحجّاج لا تعطي العصاة مناهم … ولا الله يعطي للعصاة مناها (¬1) هو من أبيات لليلى الاخيلية تمدح بها الحجاج. قال القالي في أماليه: والمعافى ابن زكريا معا، حدثنا أبو بكر بن الانباري قال: حدثني أبي، أخبرنا أحمد بن عبيد عن أبي الحسن المدائني عمن حدثه عن مولى لعنبسة بن سعيد بن العاص قال: كنت أدخل مع عنبسة بن سعيد بن العاص إذا دخل على الحجاج، فدخل يوما فدخلت إليهما وليس عند الحجاج أحد غير عنبسة، فأقعدني فجيء الحجاج بطبق فيه رطب، فأخذ الخادم منه شيأ وجاءني به، ثم جاء الحاجب فقال: امرأة بالباب! فقال له الحجّاج: ادخلها، فدخلت، فلما رآها الحجاج طأطأ رأسه حتى ظننت أن ذقنه قد أصاب الأرض، فجاءت حتّى قعدت بين يديه، فنظرت فإذا امرأة قد أسنّت حسنة الخلق، ومعها جاريتان لها، وإذا هي ليلى الأخيلية، فسألها الحجّاج عن نفسها فانتسبت له، فقال لها: يا ليلى، ما أتانا بك؟ فقالت: إخلاف النجوم، وقلة الغيوم، وكلب البرد، وشدة الجهد، وكنت لها بعد الله الرّفد. فقال: صفي لنا الفجاج، فقالت: الفجاج مغبرّة، والأرض مقشعرّة، والمبرك معتلّ، وذو العيال مختل، والهالك للقل، والناس مسننّون رحمة الله يرجون، وأصابتنا سنون مجحفة مبلطة، لم تدع لنا هبعا، ولا ربعا، ولا عافطة (ولا نافطة) (¬2) أذهبت الأموال، ومزّقت الرجال، وأهلكت العيال، ثم قالت: إني قلت في الأمير قولا فأنشأت تقول: أحجّاج إنّ الله أعطاك غاية … يقصّر عنها من أراد مداها أحجّاج لا يفلل سلاحك إنّما ال … منايا بكفّ الله حيث تراها أحجّاج لا تعطي العصاة مناهم … ولا الله يعطي للعصاة مناها ¬

_ (¬1) الاغاني 11/ 248 (الدار)، والامالي 1/ 86، وانظر السمط 279 - 280، ومصارع العشاق 185/ 188 (¬2) مزيدة.

إذا هبط الحجّاج أرضا مريضة … تتبّع أقصى دائها وشفاها شفاها من الدّاء العضال الّذي بها … غلام إذا هزّ القناة سقاها سقاها فروّاها بشرب سجاله … دماء رجال حيث مال حشاها إذا سمع الحجّاج زحف كتيبة … أعدّ لها قبل النّزول قراها أعدّ لها مسمومة فارسيّة … بأيدي رجال يحلبون صراها فما ولد الأبكار والعون مثله … ببحر ولا أرض يجفّ ثراها قال: فلما قالت هذا البيت قال الحجاج: قاتلها الله. ما أصاب صفتي شاعر مذ دخلت العراق غيرها، ثم التفت الى عنبسة بن سعيد فقال: والله إنّي لأعدّ للأمر عسى أن لا يكون أبدا، ثم التفت إليها فقال لها: حسبك، فقالت: إني قلت أكثر من هذا؟ فقال: ويحك حسبك: ثم قال: يا غلام، اذهب إلى فلان فقل له: اقطع لسانها. فذهب بها فقال له: يقول لك الأمير: اقطع لسانها، فأمر بإحضار الحجام، فالتفتت إليه فقالت: ثكلتك أمك: أما سمعت ما قال؟ إنما أمرك أن تقطع لساني بالصّلة، فبعث إليه يستثبته، فاستشاط الحجاج غضبا وهمّ بقطع لسانه فقال: أرددها، فلما دخلت عليه قالت: كاد وأمانة الله يقطع مقولي، ثم أنشأت تقول: حجّاج أنت الّذي ما فوقه أحد … إلّا الخليفة والمستغفر الصّمد حجّاج أنت شهاب الحرب إن لقحت … وأنت للنّاس نور في الدّجى يقد ثم أقبل الحجاج على جلسائه فقال: أتدرون من هذه؟ قالوا: لا والله أيها الأمير، ما رأينا قطّ أحدا أفصح لسانا، ولا أحسن محاورة ولا أملح وجها، ولا

أرصن شعرا منها. فقال: هذه ليلى الأخيلية الذي مات توبة الفاجيّ من حبها. ثم التفت إليها وقال: أنشدينا يا ليلى بعض ما قال فيك توبة، فقالت: نعم أيها الأمير فهو الذي يقول (¬1): وهل تبكين ليلى إذا متّ قبلها … وقام على قبري النّساء النّوائح كما لو أصاب الموت ليلى بكيتها … وجادكها دمع من العين سافح وأغبط من ليلى بما لا أناله … بلى كلّ ما قرّت به العين صالح (¬2) ولو أنّ ليلى الأخيليّة سلّمت … عليّ ودوني جندل وصفائح (¬3) لسلّمت تسليم البشاشة أو زقا … إليها صدى من جانب القبر صائح (¬4) فقال: زيدينا من شعره يا ليلى، فقالت: هو الذي يقول (¬5): حمامة بطن الواديين ترنّمي … سقاك من الغرّ الغوادي مطيرها أبيني لنا لا زال ريشك ناعما … ولا زلت في خضراء غضّ نضيرها (¬6) وأشرف بالأرض اليفاع لعلّني … أرى نار ليلى أو يراني بصيرها (¬7) ¬

_ (¬1) الشعراء 414، واللآلي 120، وشواهد العيني 4/ 453 - 454 والاغاني 11/ 244 (الدار). والحماسة 3/ 267 (¬2) في الحماسة والاغاني: (ألا كل ما قرت ...) وفي الامالي: بلى كل ما قرت به العين صالح (¬3) في الامالي: (جندل وصفائح). (¬4) زقا: صاح. والصدى هنا: طائر كالبومة كانت العرب تزعم أنه يخرج من رأس القتيل ويصيح أسقوني اسقوني حتى يؤخذ بثأره. (¬5) الامالي 1/ 88 والشعراء 413 - 414، والاغاني 11/ 208 - 209 (الدار). (¬6) في الاغاني (دان بريرها). (¬7) في الاغاني: (واشرف بالفوز اليفاع) وفي الامالي (بالفور) بالراء المهملة. والقوز: الكثيب من الرمل، والقور: جمع قارة وهو الجبل الصغير. واليفاع: المشرف.

وكنت إذا ما جئت ليلى تبرقعت … فقد رابنى منها الغداة سفورها وقلت لعيني لا يضرّك بعدها … بلى كلّ ما شقّ النّفوس يضيرها (¬1) بلى قد يضرّ العين أن تكثر البكا … ويمنع منها نومها وسرورها وقد زعمت ليلى بأنّي فاجر … لنفسي تقاها أو عليها فجورها فقال لها الحجاج: يا ليلى، ما الذي رابه من سفورك؟ قالت: أيها الأمير، كان يلم بي كثيرا، فأرسل إليّ يوما أني آتيك، وفطن الحيّ فأرصدوا له، فأسفرت فعلم أن ذلك لشرّ فلم يزد على التسليم والرجوع، فقال: لله درّك، فهل رأيت منه شيئا تكرهينه؟ فقالت: لا والله والذي أسأله أن يصلحك، غير أنه قال مرة قولا ظننت أنه قد خضع لبعض الأمر، فأنشأت أقول: وذي حاجة قلنا له لا تبح بها … فليس إليها ما حييت سبيل لنا صاحب لا ينبغي أن نخونه … وأنت لأخرى فازع وخليل (¬2) فلا والذي أسأله أن يصلحك، ما رأيت منه شيأ حتى فرّق الموت بيني وبينه، قال: ثم مه! قالت: ثم لم ألبث أن خرج في غزاة له فأوصى ابن عمه إن أتيت الحاضرين من بني عبادة فناد بأعلى صوتك: عفا الله عنها هل أبيتنّ ليلة … من الدّهر لا يسري إليّ خيالها وأنا أقول: ¬

_ (¬1) رواية البيت في الامالي: يقول رجال لا يضير نأيها … بلى كل ما شق النفوس يضيرها (¬2) في الاغاني 11/ 207 الدار: (فارغ وجليل).

وعنه عفا ربّي وأحسن حاله … فعزّ علينا حاجة لا ينالها قال: ثم مه. قالت: ثم لم يلبث أن مات فأتانا نعيه. قال: فأنشدينا بعض مراثيك فيه، فأنشدت: لتبك العذارى من خفاجة نسوة … بماء شؤون العبرة المتجدّد (¬1) قال لها أنشدينا، فقالت (¬2): كأنّ فتى الفتيان توبة لم ينص … قلائص يفحصن الحصى بالكراكر فلما فرغت من القصيدة قال محصن الفقعسيّ وكان من جلساء الحجاج: من ذا الذي تقول هذه فيه. فو الله إني لأظنها كاذبة، فنظرت إليه ثم قالت: أيها الأمير، إن هذا القائل لو رأى توبة لسرّه أن لا تكون في داره عذراء إلّا وهي حامل منه. قال الحجاج: هذا وأبيك الجواب وقد كنت غنيا عنه، ثم قال لها: سلي يا ليلى تعطي، قالت: أعط فمثلك زاد فأجمل، قال: لك أربعون، قالت: زد فمثلك زاد ففضل، قال: لك ستون، قالت: زد فمثلك زاد فأكمل، قال لك ثمانون، قالت: زد فمثلك زاد فتمم، قال: لك مائة، واعلمي أنها غنم، قالت: معاذ الله أيها الأمير: أنت أجود جودا، وأمجد مجدا، وأروى زندا، من أن تجعلها غنما، قال: فما هي ويحك يا ليلى. قالت: مائة من الأبل برعاتها. فأمر لها بها، ثم قال: ألك حاجة بعدها. قالت: تدفع إليّ النابغة الجعدي، قال: فعلت، وقد كانت تهجوه ويهجوها، ¬

_ (¬1) كذا بالاصل، وفي الامالي والكامل 1208: (لتبك عليه ... المتحدر) والمعلوم ان القافية رائية وليست دالية، وخفاجة هو ابن عقيل بن كعب ابن ربيعة بن عامر بن صعصعة. (¬2) امالي ابن الشجري 1/ 42 وفيه وفي الامالي والكامل والاغاني: (لم ينخ)، وعجز البيت في ابن الشجري والكامل برواية: ينجد ولم يهبط مع المتغور، والكراكي جمع كركرة، وهي زور البعير الذي اذا برك أصاب الارض وهي ناتئة عن جسمه كالقرصة. (اللسان).

فبلغ النابغة ذلك فخرج هاربا عائذا بعبد الملك، فاتبعته الى الشام، فهرب الى قتيبة ابن مسلم بخراسان، فاتبعته على البريد بكتاب الحجاج إلى قتيبة فماتت بقومس، ويقال بحلوان. قال القالي: قولها: إخلاف النجوم، التي بها يكون المطر، فلم تأت بمطر. وكلب البرد: شدّته. والرّفد: بالكسر، المعونة، وبالفتح، المصدر. والفجاج: جمع فج، وهو كل سعة بين نشازين. وقولها: والمبرك معتل: أرادت الأبل، فأقامت المبرك مكانها ليعلم المخاطب إيجازا واختصارا، كما قالوا: نهاره صائم وليله قائم. وقولها: وذو العيال مختل: أي محتاج. والهالك للقلّ: أي من أجل القلّة. ومسنتون: أي مقحطون. والسنون: القحوط. ومجحفة: قاسرة. ومبلطة: ملزقة بالبلاط، وهي الأرض الملساء. والهبع: ما نتج في الصيف. والرّبع: ما نتج في الربيع. والعاطفة: الضانية. والنافطة: الماعزة. وقال أبو القاسم الزجاج في أماليه: حدثنا أبو الحسن عليّ بن سليمان، وأبو اسحق الزجاج عن أبي العباس المبرد قال: ثبتت الرواية والآثار أن ليلى الأخيلية لم تكن امرأة توبة بن الحميّر ولا أخته، ولا كان بينهم نسب شانك، إلا أنهما كانا جميعا من بني عقيل بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة، وكان يحبها وتحبه فأقاما على حب عفيف دهرا، فتلك السنة الماضية في عشاق بني عذرة وغيرهم إلى أن قتل توبة، وكان سبب قتله أنه كان يطلبه بنو عوف، فأمسوا قدومه من سفر فأتوه طروقا، وبينه وبين الحيّ مسيرة ليلة، ومعه أخوه عبد الله ومولاه قابضا، فهربا وأسلماه، فقتل ففي ذلك تقول (¬1): ¬

_ (¬1) الاغاني 11/ 236 والكامل 1207

دعا قابضا والمرهفات تنوشه … فقبّحت مدعوّا ولبّيك داعيا (¬1) فليت عبيد الله حلّ مكانه … فأودى ولم أسمع لتوبة ناعيا (¬2) ومن جيد مارثته به قولها (¬3): أقسمت أبكي بعد توبة هالكا (¬4) … وأحفل من دارت عليه الدّوائر لعمرك ما بالموت عار على الفتى … إذا لم تصبه في الحياة المعائر فلا الحيّ ممّا يحدث الله سالما … ولا الميت إن لم يصبر الحيّ ناشر وكلّ شباب أو جديد إلى البلى … وكلّ امرئ يوما إلى الله صائر فلا يبعدنك الله توبة هالكا … أبا الحرب إن دارت عليه الدّوائر وأقسمت لا أنفكّ أبكيك ما دعت … على غصن ورقاء أو طار طائر قتيل بني عوف فيالهفا به … وما كنت إيّاهم عليه أحاذر وقال وكيع في الغرر: حدثني إبراهيم بن إسحق الصالحي، أنبأنا عمرو بن أبي عمرو الشيباني، عن أبيه قال: أنشدت ليلى الأخيلية الحجاج بن يوسف: ¬

_ (¬1) في الاغاني: (والمرهفات يردنه) وفي الكامل: (ينشنه). (¬2) في الكامل: (... كان مكانه … صريعا ولم أسمع ....) (¬3) الاغاني 11/ 234 (¬4) أي أقسمت لا أبكي ... ولا أحفل، وحذف (لا) في مثل هذا الموضع جائز وكثير.

إذا هبط الحجّاج أرضا مريضة … تتبّع أقصى دائها فشفاها شفاها من الدّاء العضال الّذي بها … غلام إذا هزّ القناة سقاها فقال الحجاج: أفلا قلت موضع غلام: همام. 354 - وأنشد: كأنّ قلوب الطّير رطبا ويابسا … لدى وكرها العنّاب والحشف البالي تقدّم شرحه في شواهد الباء ضمن قصيدة امرئ القيس (¬1). 355 - وأنشد: فخير نحن عند النّاس منكم … إذا الدّاعي المثوّب قال: يا لا (¬2) هذا لزهير بن مسعود الضبّي، وقبله: ومن يك باديا ويكن أخاه … أبا الضّحّاك ينتسح الشّمالا وبعده: ولم تثق العواتق من غيور … بغيرته وخلّين الحجالا قال المصنف في شواهده: خير مبتدأ، ونحن فاعل، وفيه شذوذان: إعمال الوصف غير معتمد، ورفع اسم التفضيل للظاهر في غير مسئلة الكحل. ولا يكون ¬

_ (¬1) ص 342، حين الكلام على الشاهد رقم 158 ص 340 وانظر الشاهد رقم 195 ص 393 (¬2) الخزانة 1/ 228 برواية: (عند البأس) والعيني 1/ 520 وابن عقيل 1/ 95

خير خبرا مقدما لئلا يلزم الفصل بين اسم التفضيل ومن بالأجنبي، وهو المبتدأ. وقد يؤول على تقدير خير خبرا لنحن محذوفة، وجعل نحن المذكورة مؤكدة للضمير المستتر في خبر العائد على نحن المحذوفة. والمثوب: الذي يدعو الناس لينتصر بهم دعاء يكرره، ومنه التثويب في الصبح. وقوله: (يا لا) أراد يا لفلان، فحكى صوت الصارخ المستغيث، وخلط اللام بيا وجعلهما كالكلمة. حتى أن الفارسي زعم أن ألف آل يقدّر انقلابها عن الواو على القياس في الالف المتوسطة المجهولة. والعواتق: اللائي لم يتزوّجن. وتخليتهنّ الحجال من الفزع وعدم الوثوق بأن أباهن وحارسهن يمنعونهن. والحجال: جمع حجل بفتح الحاء وسكون الجيم وهو الخلخال. 356 - وأنشد: فتولّى غلامهم ثمّ نادى … اظليما أصيدكم أم حمارا 357 - وأنشد: إذا قالت حذام فصدّقوها (¬1) قائله نجيم (¬2) بن مصعب بن عليّ بن بكر بن وائل، والد حنيفة وعجل ابني سحيم، وحذام امرأته، سميت حذام لأن ضرّتها حذمت يدها بشفرة، فصبت عليها حذام جمرا فبرشت، فسميت البرشاء، وهي حذام بنت الريان بن خسر بن تميم. وتمام البيت: فإنّ القول ما قالت حذام وحذام في الموضعين بالبناء على الكسر، مع أنه فاعل. وسبب قول هذا البيت: أن عاطس بن الجلاح الحميري صار إلى قومها في جموع فاقتتلوا، ثم رجع الحميري الى معسكره وهرب قومها، فساروا ليلتهم ويومهم الى الغد، ونزلوا ¬

_ (¬1) ابن عقيل 1/ 63 واللسان: (رقش) و (حذام) والكامل 414، والعقد 3/ 363 (¬2) كذا بالاصل، وفي العقد: لجيم بن صعب.

الليلة الثانية، فلما أصبح الحميري ورأى جلاءهم اتبعهم، فانتبه القطا من وقع دوابهم، فمرّت على قوم حذام قطعا قطعا، فخرجت حذام الى قومها فقالت: ألا يا قومنا ارتحلوا وسيروا … فلو ترك القطا ليلا لناما فقال زوجها: إذا قالت حذام فصدّقوها فارتحلوا حتى اعتصموا بالجبل، ويئس منهم أصحاب عاطس فرجعوا. 358 - وأنشد: فلا تستطل منّي بقائي ومدّتي … ولكن يكن للخير منك نصيب لم يسم قائله. قال العيني: يخاطب الشاعر به ابنه لما تمنى موته. وللخير: خبر يكن. ومنك: حال. والبيت استشهد به على حذف لام الأمر ضرورة. اذ الاصل: ليكن. 359 - وأنشد: محمّد تفد نفسك كلّ نفس … إذا ما خفت من شيء تبالا (¬1) قال المبرد: قائلة مجهول. هذا يخاطب النّبى صلّى الله عليه وسلم. ومحمد منادى على حذف حرف النداء. وتفد: على إظهار الجازم، وهو اللام ضرورة، وفيه الشاهد. وقيل: هو مرفوع حذفت ياؤه ضرورة واكتفى بالكسرة. قال الأعلم: وهذا أشهر في الضرورة وأقرب. والتبال: بفتح المثناة وتخفيف الموحدة، الفساد. قاله شارح أبيات المفصل. وقال الأعلم: سواء العاقبة، وهو بمعنى الوبال. قال الأعلم: وكأن التاء بدل من الواو كالتراث والتجاه، أي إذا خفت وبال أمر أعددت ¬

_ (¬1) الخزانة 3/ 629 وأمالي ابن الشجري 1/ 338

له. وقال ابن الشجري: والتبال: الإهلاك، من تبلهم الدهر أفناهم. والبيت استشهد به على حذف لام الأمر من تفد، أصله لتفد. 360 - وأنشد: دوامي الأيد يخبطن السّريحا (¬1) هذا لمضرس بن ربعي الأسدي، وقيل ليزيد بن الطثرية، وأوّله: فطرت بمنصلي في يعملات وقبله: وفتيان شويت لهم شواء … سريع الشّيّ كنت به نجيحا وبعده: فقلت لصاحبي: لا تحبسانا … بنزع أصوله وأجدذ شيحا قال الأعلم: أراد أنه أسرع القيام بسيفه، وهو المنصل من نوق، فعقرهنّ للأضياف، أو لاصحابه مع حاجته اليهن. وذكر أنهن دوامي الأيدي، إشارة إلى أنه في سفر، فقد حفين لا دمان السير، ودميت أخفافهن. واليعملات: جمع يعملة، وهي الناقة القوية على العمل. وواحدة السريح سريحة، واشتقاقها من التسريح، كأن الناقة قامت من الحفى، فلما أنعلتها تسرجت وانبعثت. والسرح: الناقة الخفيفة السريعة. وقال الزمخشري: النجح: المنجح. والسريح: سيور نعال الابل. والشاهد: في حذف الياء من الأيدي ضرورة. واستشهد الجوهري بقوله: لا تحبسانا، على مخاطبة الواحد بصيغة الاثنين. ويروى: (لا تجسنّا) بنون التوكيد الشديدة. والمعنى: لا تجسنّا عن شيّ اللحم بأن تقلع أصول الشجر، بل خذ ما تيسر من قضبانه وعيدانه، وأسرع لنا في الشيّ. وأجدذ: أصله ¬

_ (¬1) سيبويه 1/ 9 و 2/ 291، وسر الفصاحة 74

اجتذ، بتاء الافتعال، من جذذت الصوف ونحوه، فقلبت التاء دالا. وقد استشهد به ابن أم قاسم على ذلك. والشيح بكسر الشين المعجمة وتحتية ساكنة وحاء مهملة، نبت مشهور. 361 - وأنشد: على مثل أصحاب البعوضة فاخمشي … لك الويل حرّ الوجه أو يبك من بكى (¬1) هذا لمتمم بن نويرة، وقبله: وكلّ امرئ يوما وإن عاش حقبة … له غاية يجري إليها ومنتهى والبعوضة هنا: موضع قتل فيه أخو مالك ورجال من قومه بني يربوع، فحض على البكاء عليهم (¬2). واخمشي بمعنى أخدشي. ويبك: مجزوم على إضمار لام الأمر وفيه الشاهد (¬3). قال الأعلم: ويجوز أن يكون محمولا على معنى (فاخمشي) لأنه في معنى لتخمشي. قال: وهذا أحسن من الأوّل. ثم رأيت في أيام العرب لأبي عبيدة يوم جوّ البعوضة: وسبب الوقعة فيه أن مالك بن نويرة كان أسلم قبل وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، وكان عريف بني ثعلبة، فلما قبض النبيّ صلى الله عليه وسلم جمع جمعا وأغار على إبل الصدقة فاقتطع منها ثلثمائة، فارسل إليه أبو بكر سرية عليها خالد بن الوليد فأتوا جوّ البعوضة، وبه بنو يربوع، فبيتوهم وقتل في الوقعة خمسة وأربعون رجلا منهم بشر بن أبي سواد الغمداني، وقتل مالك بن نويرة، فقال أخوه متمم يرثيه: ¬

_ (¬1) أمالي ابن الشجري 1/ 338 والبكري (بعوضة) 261 (¬2) انظر البكري 256 - 257 و 261، والكامل 1242 - 1244 (¬3) قال ابن الشجري: (أراد: أو ليبك، فحذف اللام. قال أبو بكر: وقال أبو العباس: لا أرى ذا على ما قالوه، لان عوامل الافعال لا تضمر، وأضعفها الجازمة، لان الجزم في الافعال نظير الخفض في الاسماء، ولكن بيت متمم يحمل على المعنى، لان قوله: فاخمشي، في موضع: فلتخمشي، فعطف (يبك) على المعنى، فكأنه قال: (فلتخمشي أو يبك ...).

على مثل يوم بالبعوضة فاخمشي … لك الويل حرّ الوجه أو يبك من بكى كهول ومرد من بني عمّ مالك … وأيفاع صدق لو تملّيتهم رضى مساعير حرب ما يلين شريسهم … إذا ارتدف السّي الحواري والذّرى على السّيف يبلغ الجوف والحشا … وهوّن وجدي بعد ما كدت أنتحى عروش أراها من ملوك وسوقة … هوت بعد ما نالوا السّلامة والغنى وذكر في مقاتل الفرسان القصيدة بطولها، وأوّلها (¬1): لعمري وما دهري بتأبين مالك … ولا جزعا والدّهر يعثر بالفتى وأورده بلفظ: على مثل أصحاب البعوضة ... أورده المصنف، وقال: ويروى: (وليبك من بكى). 362 - وأنشد: قلت لبوّاب لديه دارها … يتذن فإنّي حمّها وجارها قال العيني (¬2): لم يسم قائله. ويتذن: بكسر التاء المثناة الفوقية، وهو ¬

_ (¬1) في الكامل 1243 برواية: لعمري وما دهري بتأبين هالك … ولا جزع والموت يذهب بالغنى وقد مرت القصيدة العينية لمتمم في رثاء مالك ص 565 الشاهد رقم 339. (¬2) 4/ 444، وفيه أن الرجز لمنصور بن مرثد، ورواية عجز البيت كما في المغني: تأذن فاني حمؤها وجارها.

مقول القول. وأصله: (ليتذن) فحذف اللام وأبقى عملها. قيل: وليس بضرورة لتمكنه من أن يقول ايذن. قال أبو حيان: وليس لقائل أن يقول هذا من تسكين المرفوع اضطرارا، لأنه لو قصد الرفع لتوصل إليه باستغنائه عن الفاء، فكان يقول: يتذن إني حمها. 363 - وأنشد: لا نسب اليوم ولا خلّة … اتّسع الخرق على الرّاقع (¬1) هو لأنس بن العبّاس بن مرداس. وروى القالي عجزه (¬2): اتّسع الفتق على الرّاتق ويقال أبو عامر جدّ العباس بن مرداس. قال المصنف: وهو الصواب، لأن قبله: لاصلح بيني فاعلموه ولا … بينكم ما حملت عاتقي سيفي وما كنّا بنجد وما … قرقر قمر الوادي بالشّارق (¬3) قال المصنف: قوله: (فاعلموه) جملة اعتراض، فصل بها ما بين المتعاطفين وأنث العاتق، والأفصح تذكيره، وفيه التضمين. وهو من عيوب الشعر، فإن قوله: (سيفي) معمول لحملت، وحذف ياء المنقوص غير المنوّن للضرورة. والراتق: الذي يلحم الفتق، يقول: إنه أصابته شدة تبرأ منه فيها الولي والصديق، وضرب ¬

_ (¬1) ابن عقيل 1/ 151 (¬2) ذيل الامالي: 72 لبعض اليشكريين البصريين وبرواية: كنا نداريها فقد مزقت … واتسع الخرق على الراقع وليست الرواية كما أثبتها السيوطي في الاصل، وانما رواية السيوطي هي الرواية التي ذكرت في ذيل اللآلي 37 وبنسبة الابيات الى أبي عامر جد العباس بن مرداس. (¬3) في ذيل اللآلي (قمر الواد بالشاهق).

اتساع الخرق مثلا لتفاقم الأمر، وفيه قطع ألف الوصل في الدرج للضرورة، وحسنه هنا أنها في أوّل الشطر وهو محل ابتداء. وفيه نصب المعطوف مع تكرير لا. وقرقر: صوت. وقمر: جمع أقمر، مثل حمر وأحمر، أو جمع قمري مثل روم ورومى. وقال العيني في الكبرى: البيت بالعين صحيح. وبعده: كالثّوب إذ أنهج فيه البلى … أعيى على ذي الحيلة الصّانع قال: وكلا القافيتين مرويتان، فيحتمل أن يكونا لواحد أو لأثنين، ويكون البيت من التوارد أو السرقة. 364 - وأنشد: لتقم أنت يا ابن خير قريش … فلتقضّ حوائج المسلمينا (¬1) 365 - وأنشد: لهنّك من برق عليّ كريم قال ثعلب في أماليه، ووكيع في الغرر معا (¬2): حدثني أبو سعيد عبد الله بن شبيب، حدثني هارون بن أبي بكر أخو الزبير، حدثني محمد بن معن الغفاريّ قال: أقحمت السنة المدينة ناسا من الأعراب، فحلّ المذاد (¬3) منهم صرم، من بني كلاب (¬4)، فابرقوا ليلة في النجد (¬5)، وغدوت عليهم فإذا غلام منهم قد عاد جلدا وعظما، ضيعة ومرضا وضمانة حب، وإذا هو رافع عقيرته بأبيات قد قالها من اللّيل: ¬

_ (¬1) الخزانة 3/ 630 (¬2) مجالس ثعلب 1/ 113 وانظر اللآلي 511 (¬3) المذاد - كسحاب -، ويقال بالزاي: موضع بالمدينة. (¬4) الصرم - بالكسر: الجماعة والفرقة القليلة من الناس. (¬5) النجد - بضمتين -: جمع نجد، وهو ما غلظ وأشرف من الارض.

ألا ياسنا برق على قلل الحمى … لهنّك من برق عليّ كريم (¬1) لمعت اقتذاء الطّير والقوم هجّع … فهيّجت أسقاما وأنت سليم (¬2) فبتّ بحدّ المرفقين أشيمه … كأنّي لبرق بالسّتار حميم (¬3) فهل من معير طرف عين جليّة … فإنسان طرف العامريّ كليم (¬4) رمى قلبه البرق الملألئ رمية … بذكر الحمى وهنا فبات يهيم (¬5) فقلت له: في دون ما بك ما يفحم عن الشّعر، فقال: صدقت، ولكنّ البرق أنطقني. قال: ثم والله ما لبث يومه حتى مات قبل الليل، ما يتّهم عليه غير الوحدة (¬6). أخرجه الزجاج في أماليه من وجه آخر عن محمد بن معن به نحوه. وقال القالي في أماليه: حدثني أبو يعقوب ورّاق أبى بكر بن دريد، قال: حدثني محمد بن الحسين عن المفضّل بن محمد بن العلاف قال: لما قدم بغاء بني نمير أسرى، كنت كثيرا ما أذهب اليهم فأسمع منهم وكنت لا أعدم أن ألقى الفصيح منهم، فأتيتهم في عقب مطر، وإذا فتى حسن الوجه قد نهكه المرض ينشد: ألا ياسنا ¬

_ (¬1) البيت والذي يليه في اللسان (لهن) و (قذى) ونسبهما الى محمد ابن مسلمة، وفي مجالس ثعلب 113 (علا قلل الحمى) وانظر الامالي 1/ 220 ففيه الخبر بحسب الرواية التي تلي الشعر، وفي الخزانة 4/ 339 قال: (وقد تصفحت أمالي ثعلب مرارا ولم أر فيها هذه الابيات ولعل ثعلب رواها في غير الامالي). وقد روى الخبر عن القالي ابو بكر بن داود في الزهرة 277 مع الابيات، وهي أيضا في مصارع العشاق 288، وفي نثار الأزهار لابن منظور ص 79 شعرا لمحمد بن يزيد بن مسلمة على الوزن وفي مثل المعنى. (¬2) اقتذى الطائر، اذا فتح عينه ثم أغمض إغماضة، وقد أكثرت العرب من تشبيه لمع البرق به. (¬3) هذا البيت ليس في الامالي. وشام البرق: نظر إليه أين يقصد. والستار: موضع. (¬4) العين الجلية: البصيرة، وفي الاصل: (خلية) بالخاء المعجمة، صحتها عن ثعلب 114 (¬5) في ثعلب: (فظل يهيم). (¬6) كذا، وفي أمالي ثعلب: (غير الوجد).

برق ... فذكر الأبيات، والقصة سواء، غير أن في آخرها ما يتوهم عليه غير الحب. 366 - وأنشد: فغبرت بعدهم بعيش ناصب … وإخال أنّي لاحق مستتبع تقدم شرحه في شواهد إذا ضمن قصيدة أبي ذؤيب الهذلي (¬1). 367 - وأنشد: إن كنت قاضي نحبي يوم بينكم … لو لم تمنّوا بوعد غير توديع (¬2) 368 - وأنشد: إن الحقّ لا يخفى على ذي بصيرة … وإن هو لم يعدم خلاف معاند 369 - وأنشد: أمسى أبان ذليلا بعد عزّته … وما أبان لمن أعلاج سودان (¬3) 370 - وأنشد: أمّ الحليس لعجوز شهربه (¬4) ¬

_ (¬1) انظر ص 262 من قصيدة الشاهد رقم 125 وص 264 (¬2) في حاشية الامير 1/ 191: (قوله نحبي: النحب، المدة والوقت، وقضي نحبه مات، والبين: الفراق. وغير توديع: استثناء منقطع. وفي نسخة: غير مكذوب. وإن - بالبيت - مخففة. (¬3) في حاشية الامير 1/ 191: (قوله أبان) اسم رجل يصرف إن كان همزته أصلية كسلام ويمنع ان كانت زائدة. والالف أصلية لوزن الفعل، وعليه المحدثون والنحاة. والأعلاج - جمع علج - وهو الرجل من كفار العجم. والعلج أيضا العير. وسودان: جمع أسود، كعميان جمع أعمى. وقال الفراء: جمع الجمع، أي جمع سود وعمي. (¬4) ابن عقيل 1/ 141، والخزانة 4/ 328

نسبه العيني في الكبرى الى رؤبة. ونسبه الصغاني في العباب الى عنترة بن عروس. وتمامه: ترضى من اللّحم بعظم الرّقبه الحليس: بضم الحاء المهملة وفتح اللام وتحتية ساكنة وسين مهملة. وشهربه: بشين معجمة. ويقال أيضا: شهبرة، بتقديم الموحدة على الراء، الكبيرة السنّ جدا من النساء. ومن للبدل مثلها في: (أَرَضِيتُمْ بِالْحَياةِ الدُّنْيا مِنَ الْآخِرَةِ) ولو لم يحمل على ذلك لفسد المعنى، لأن العظم ليس من اللحم. 371 - وأنشد: ولكنّني من حبّها لعميد قال الأئمة: هذا الشطر لا يعرف له قائل ولا تتمة ولا نظير، وإنما أنشده الكوفيون (¬1). والعميد والعمود: الذي هدّه العشق. ويروى: لكميد بالكاف، وهو الحزين. 372 - وأنشد: وما زلت من ليلى لدن أن عرفتها … لكالهائم المقصى بكلّ مراد (¬2) قال المصنف في شواهده: لكثير عزة بيت يشبه هذا، وهو قوله: وما زلت من ليلى لدن طرّ شاربي … إلى اليوم كالمقصى بكلّ سبيل قال: فلا أدري من الآخذ من صاحبه، وقد يكون تواردا. قال: والمقصى: بضم الميم وفتح الصاد المهملة، المبعد. والمراد: بفتح الميم، الذي يذهب فيه ¬

_ (¬1) وكذا في حاشية الامير 1/ 192، وفي ابن عقيل 1/ 141 وصدره: يلومونني في حب ليلى عواذلي (¬2) البيت في ابن الشجري 1/ 199 لكثير. وفيه: (بكل مكان).

ويجاء. قال: وفيه استعمال لدن بغير من، ولم يأت في التنزيل إلا مقرونة بها، انتهى. والبيت استشهد به على دخول لام التأكيد في خبر زال. 373 - وأنشد: وقد جعلت قلوص بني سهيل … من الأكوار مرتعها قريب (¬1) هو من أبيات الحماسة. وقبله: ولست بنازل إلّا ألمّت … برحلي أو خيالتها الكذوب وبعده: كأنّ لها برحل القوم بوّا … وما إن طبّها إلّا اللّغوب قال التبريزي: يقال: خيال وخياله، وجعلها كذوبا لأنها لا حقيقة لها. وجعلت ههنا بمعنى طفقت، ولذلك لا يتعدى. ومرتعها قريب من موضع الحال، أي أقبلت قلوص هذين الرجلين قريبة المرتع من رحالهم لما بها من الاعياء. قال أبو العلاء: رفع قلوص وجه ردئ، لأن جعل إذا كان للمقاربة تعين أن يكون خبرها فعلا، فالأحسن نصب قلوص ويكون في جعلت ضمير يعود على المذكورة وليست جعلت في هذا الوجه بمعنى المقاربة، وإنما هي بمعنى صيرت فلا تفتقر إلى فعل، ويكون قوله مرتعها قريب جملة في موضع المفعول الثاني، كما يقال: (جعلت أخانا ماله كثيرا) انتهى. وفي شرح المرزوقي: قال أبو الفتح: أوقع الجملة من المبتدأ والخبر موقع الجملة بين الفعل والفاعل، أراد بقرب مرتعها من الأكوار، كما قال: فقد جعلت نفسي على النّأي تنطوي وفي شرح الحماسة للشلوبين: أن بعضهم أجاز أن يكون جعل بمعنى صير، وحذف منها ضمير الشأن، أي جعلته، أي الشأن، مرتعها قريب. وأن آخر أجاز ¬

_ (¬1) الخزانة 1/ 2، والحماسة 1/ 296 لآخر.

أن يكون على الغاء جعلت مع تقدمها. قال المصنف: ويؤيد هذين القولين أنه يروى بنصب قلوص على أنه مفعول أوّل، والجملة الأسمية الثاني، وفاعل جعلت على هذه الرواية. وعلى رواية الرفع على القولين المذكورين ضمير المرأة السابق في قوله: (إلا ألمت) انتهى. والالمام زيارة لا لبث فيها، وحذف مفعول نازل لفهم المراد، يقول: ما أنزل منزلا الا رأيت هذه المرأة ملمة برحلي، أي متصوّرة بهذه الصورة تشوقا مني، وهذا في حال اليقظة، أو رأيت خيالتها الكذوب قليلة الوفاء إذا نمت. والمعنى: إني لا أخلى منها لا في النوم ولا في اليقظة، وفي هذه الطريقة قول امرئ القيس (¬1): تنوّرتها من أذرعات وأهلها … بيثرب أدنى دارها نظر عال قاله المرزوقي. والأكوار: جمع كور، وهو الرحل بأداته. والقلوص الفتية من الإبل. وقال العدوي: القلوص: أوّل ما يركب من اناث الإبل الى أن تثنى، فإذا اثنت فهي ناقة. ومرتعها: مرعاها. والبو: جلد حوار يحشى تبنا ويلقى بين يدي الناقة لتدرّ الأم عليه. وطبها: داؤها. واللغوب: الأعياء، يقول: كان لهذه الناقة ولدا برحل القوم فلا تتباعد عنه وما داؤها إلا التعب. 374 - وأنشد: ؟؟؟ تى صلحت ليقضين لك صالح … ولتجزينّ إذا جزيت جميلا 375 - وأنشد: غضبت عليّ لئن شربت بجزّة … فلأن غضبت لأشربن بخروف هو من قصيدة لذي الرّمة هذا أولها أنشده الجاحظ في البيان بلفظ (¬2): (فلئن أبيت). وبعده: ¬

_ (¬1) ديوانه 31 (¬2) 3/ 206 ونسبه الى عبد راع. وفي الامالي 1/ 150 نسبه لأعرابي، وليس البيت في ديوان ذي الرمة.

ولئن نطقت لأشربنّ بنعجة … حمراء من آل المذال سجوف ثم رأيت القالي قال في أماليه (¬1): حدثني أبو بكر بن دريد قال: أخبرني عبد الرحمن وأبو حاتم عن الأصمعي قال: اشترى أعرابي خمرا بجزّة من صوف فعضبت عليه امرأته فأنشأ يقول: غضبت عليّ لئن شربت بصوفة … ولئن غضبت لأشربن بخروف ولئن غضبت لأشربنّ بنعجة … دهشاء مالئة الإناء سجوف (¬2) ولئن غضبت لأشربنّ بسابح … هذّاء شمّ المنكبين منيف (¬3) ولئن غضبت لأشربنّ بواحد … ولأجعلنّ الصّبر فيه حليفي ولقد شهدت الخيل تعثر في القنا … وأجبت صوت الصّارخ الملهوف ولقد شهدت إذ الخصوم تواكلوا … بخصام لا نزق ولا علفوف قال القالي. الصّفوف: التي تصف بين رجليها عند الحلب. والسجوف (¬4): التي لها سجفتان من الشحم، أي طبقات. والعلفوف: الجافي. وقال المعافي بن زكريا في كتاب الجليس: حدثنا أبو نصر عن الأصمعي قال: شرب أعرابي بجزة صوف فلامته امرأته وعتبت عليه، فانشأ يقول: عتبت عليّ لئن شربت بصوفة … فلئن عتبت لأشربن بخروف ولئن عتبت لأشربنّ بنعجة … ذراء من بعد الخروف سجوف ولئن عتبت لأشربنّ بلقحة … صهباء مالئة الإناء صفوف ¬

_ (¬1) 1/ 150 (¬2) في الامالي: (دهساء ... سحوف). (¬3) رواية الامالي: (نهد أشم). (¬4) في الامالي: (سحوف) وانظر الحماسة رقم 4

ولئن عتبت لأشربنّ بصاهل … ما فيه من هجن ولا تقريف ولئن عتبت لأشربنّ بواحد … ويكون صبري بعد ذاك حليفي فلقد شربت الخمر في حانوتها … صفراء صافية بأرض الرّيف ولقد شهدت الخيل تقرع بالقنا … وأجبت صوت الصّارخ الملهوف قال أبو بكر بن الأنباري: وجدت بغير هذا الاسناد أن امرأته أجابته فقالت: ما إن عتبت لئن شربت بصوفة … أو أن تلذّ بلقحة وخروف فاشرب بكلّ نفيسة أوتيتها … وملكتها من تالد وطريف وارفع بطرفك عن بنيّ فإنّه … من دونه شغب وجدع أنوف الذراء: في رأسها بياض. والسجوف: السمينة. 376 - وأنشد: لئن كانت الدّنيا عليّ كما أرى … تباريح من ليلى فللموت أروح (¬1) وهو من قصيدة لذي الرّمة وأولها (¬2): ألم تعلمي يا ميّ أنّي وبيننا … مها ولطرف العين فيهنّ مطرح ¬

_ (¬1) ديوان ذي الرمة ص 86 وفيه: (من مي ...). والكامل 692، والاغاني 5/ 63 (¬2) الكامل 691، وليس البيت هو أول القصيدة في الديوان، وانما ترتيبه رقم 34 والبيت الذي يليه ترتيبه في القصيدة رقم 11، ورواية البيت الاول كما في الديوان: اذا قلت تدنو ميّة اغبرّ دونها … فياف لطرف العين فيهن مطرح

ذكرتك أن مرّت بنا أمّ شادن … أمام المطايا تشرئبّ وتسنح وأورده المبرد في الكامل بلفظ: تباريح من ذكراك للموت أروح وأورده في الأغاني: (ومهاو: جمع مهواة) وهو الهواء بين الشيئين. ويقال لفلان في داره مطرح إذا وصفها بالسعة، يقول: مطرح بصره مرة كذا ومرة كذا. والشادن: الذي قد شدن، أي تحرّك. ويقال لمن وقف ينظر كالمتحير: قد اشرأب نحوي. ويقال: هو يسرح في المرعى. والتباريح: الشدائد، يقال برح به. 377 - وأنشد: لئن كان ما حدّثته اليوم صادقا … أصم في نهار القيظ للشّمس باديا (¬1) هو لامرأة من عقيل، وبعده: وأركب حمارا بين سرج وفروة … وأعر من الخاتام صغرى شماليا القيظ: بفتح القاف، شدّة الحر. وباديا: من بدا، بلا همز، إذا ظهر، وهو حال. ويروى بدله: (ضاحيا) أي بارزا للشمس. والخاتام: لغة في الخاتم. والبيت استشهد به على الاكتفاء بجواب الشرط، وهو أصم عن جواب القسم المقدر قبل اللام الموطئة. 378 - وأنشد: ألمم بزينب إنّ البين قد أفدا … قلّ الثّواء لئن كان الرّحيل غدا (¬2) ¬

_ (¬1) الخزانة 4/ 538. (¬2) ديوانه 134، والاغاني 1/ 105 (الدار).

هو لعمر بن أبي ربيعة. أخبرني أبو الفرج في الأغاني: عن مصعب الزّبيري قال: اجتمع نسوة فذكرن عمر ابن أبي ربيعة وشعره وظرفه ومجلسه وحديثه، فتشوّقن إليه وتمنّينه، فقالت سكينة: أني لكنّ به، فبعثت إليه رسولا أن يوافي الصّورين ليلة سمّتها (¬1)، فوافاهنّ على رواحله، فحدّثهنّ حتى طلع الفجر وحان انصرافهنّ فانصرف الى مكة فقال في ذلك: ألمم بزينب إنّ البين قد أفدا … قلّ الثّواء لئن كان الرّحيل غدا قد حلفت ليلة الصّورين جاهدة … وما على المرء إلّا الحلف مجتهدا (¬2) لأختها ولأخرى من مناصفها (¬3) … لقد وجدت به فوق الّذي وجدا لو يجمع النّاس ثمّ اختير صفوتهم (¬4) … شخصا من النّاس لم أعدل به أحدا ¬

_ (¬1) الصورين: موضع بالمدينة بالبقيع، ذكره ياقوت واستشهد بالبيت. (¬2) في الديوان 136: (الا الصبر مجتهدا). وقوله: جاهدة ... الخ، حال من ضمير حلفت، والجهد: ما جهد الانسان من مرض أو أمر شاق، فهو مجهود. وقوله: وما على المرء، بمثابة تسلي للعاشق. (¬3) في الديوان: (لتربها). والمصنف. الخادم. والانثى بالهاء، جمعه مناصف. (¬4) في الاغاني والديوان (لو جمع).

شواهد لا

شواهد لا 379 - وأنشد: إنّ محلّا وإنّ مرتحلا … وإنّ في السّفر إذ مضوا مهلا تقدم شرحه في شواهد إذ (¬1). 380 - وأنشد: من صدّ عن نيرانها … فأنا ابن قيس لا براح تقدم شرحه في شواهد اللام ضمن قصيدة سعد بن مالك (¬2). 381 - وأنشد: تعزّ فلا شيء على الأرض باقيا … ولا وزر ممّا قضى الله واقيا (¬3) لم يسم قائله. وتعز: أمر من العزاء، وهو الصبر والتسلي. والوزر الملجأ، وأصله الجبل. 382 - وأنشد: نصرتك إذ لا صاحب غير خاذل … فبوئت حصنا بالكماة حصينا (¬4) ¬

_ (¬1) انظر ص 238 الشاهد رقم 117 (¬2) انظر ص 582 الشاهد رقم 349 وص 583 والخزانة 1/ 223 و 2/ 90 (¬3) ابن عقيل 1/ 128 (¬4) ابن عقيل 1/ 128

قال العيني: أنشده أبو الفتح ولم يعزه إلى أحد. وإذ ظرف، ولا: بمعنى ليس، وصاحب اسمها. وغير خاذل خبرها، وهو من الخذلان، وهو ترك النصر. وبوّئت: أي سكنت، من بوّأه الله منزلا، أسكنه إياه. وتبوّأت منزلا: إتخذته. والباءة: المنزل. وحصنا: مفعول ثان، وحصينا: صفة له. وبالكماة: متعلق بنصرتك، كذا قال العيني. وقال: وباؤه تحتمل السببية والاستعانة. والكماة جمع كمى، وهو الشجاع المتكمى سلاحه، المتغطى به. 383 - وأنشد: وحلّت سواد القلب لا أنا باغيا … سواها، ولا عن حبّها متراخيا (¬1) هو من قصيدة للنابغة الجعدي يرثي بها ابنه محاربا وأخاه وحوحا، وقبله: بدت فعل ذي ودّ فلمّا تبعتها … توّلت وأبقت حاجتي في فؤاديا وبعده: أتيحت له والغمّ يحتضر الفتى … ومن حاجة الإنسان ما ليس لاقيا فلا هي ترضى دون أمرد ناشئ … ولا أستطيع أن أعيد شبابيا وقد طال عهدي بالشّباب وظلّه … ولاقيت أيّاما تشيب النّواصيا أتيحت: قدرت. وبدت: أي ظهرت، وضميره للمحبوبة. ويروى: دنت اي قربت وفعل نصب بنزع الخافض، أي كفعل والمعنى: فعلت معي فعل ذي محبة. وقوله: وسواد القلب: حبته، ولا بمعنى ليس، وأنا اسمها، وباغيا خبرها. ومنها (¬2): ألم تعلمي أنّي رزئت محاربا … فما لك منه اليوم شيء ولا ليا ¬

_ (¬1) ابن عقيل 1/ 129 (¬2) الامالي 2/ 2، والشعراء 252، والخزانة 2/ 12 - 13، وهي فى الحماسة بشرح التبريزي من مقطوعتين 3/ 19 و 82 - 83

فائدة: [النابغة الجعدي]

ومن قبله ما قد رزئت بوحوح … وكان ابن أمّي والخليل المصافيا فتى كان فيه ما يسرّ صديقه … على أنّ فيه ما يسوء الأعاديا فتى كملت خيراته غير أنّه … جواد فما يبقي من المال باقيا استشهد سيبويه بهذا البيت على نصب غير على الاستثناء المنقطع، أي ولكنه مع ذلك جواد (¬1). قال المبرد: هذا القبيل من المدح يسمى الاستشباه. فائدة: [النابغة الجعدي] النابغة الجعدي: صحابي اسمه حسان (¬2) بن قيس بن عبد الله بن وحوح بن عدس، كذا صححه صاحب الأغاني. وقيل اسمه قيس بن عبد الله (¬3) بن عدس بن ربيعة بن جعدة بن كعب بن ربيعة، قال ابن الأعرابي، يكنى أبا ليلى. قال في الاغاني (¬4): وانما سمي النابغة لأنه أقام مدّة لا يقول الشعر ثم نبغ فقاله. ثم أخرج عن ابن الاعرابي قال: أقام النابغة ثلاثين سنة لا يتكلّم بالشعر، ثم تكلم به. وقال القحذمي: كان النابغة الجعدي أسنّ من النابغة الذبياني. وقال ابن سلام (¬5): كان النابغة الجعدي قديما شاعرا مفلقا طويل البقاء في الجاهلية والاسلام، وكان أكبر من الذبياني، ويدل على ذلك قوله: ومن يك سائلا عنّي، فإنّي … من الفتيان أيّام الختان أتت مئة لعام ولدت فيه … وعشر بعد ذاك وحجّتان فقد أبقت صروف الدّهر منّي … كما أبقت من السّيف اليماني ¬

_ (¬1) سيبويه 1/ 367 (¬2) في الاغاني 5/ 3 (الثقافة) ومعجم الشعراء 195: (حيّان). (¬3) الشعراء 247، ومعجم الشعراء 195 (¬4) 5/ 5 (الثقافة) وانظر الموشح 65 (¬5) طبقات الشعراء 103، والاغاني 5/ 6 (الثقافة)، والمعمرين 164

قال: وعمّر بعد ذلك عمرا طويلا. وأيام الختان: وقعة لهم (¬1). أدرك النابغة الاسلام فاسلم، ووفد على النبي صلى الله عليه وسلم. وأخرج الحارث بن أبى أسامة في مسنده، وأبو الفرج في الاغاني، والبيهقي وأبو نعيم كلاهما في الدلائل، وابن عساكر من طرق عن النابغة الجعدي قال: أنيت النبي صلى الله عليه وسلم وأنشدته قولي (¬2): وإنّا لقوم ما تعوّد خيلنا … إذا ما التقينا أن تحيد وتنفرا وننكر يوم الرّوع لو أنّ خيلنا … من الطّعن حتّى نحسب الجون أشقرا وليس بمعروف لنا أن نردّها … صحاحا ولا مستنكرا أن تعقّرا بلغنا السّماء مجدنا وجدودنا … وإنّا لنرجو فوق ذلك مظهرا فقال النبي صلى الله عليه وسلم: الى أين؟ قلت: الى الجنة. فقال: نعم، ان شاء الله. قال: فلما أنشدته: ولا خير في حلم إذا لم يكن له … بوادر تحمي صفوه أن يكدّرا ولا خير في جهل إذا لم يكن له … أريب إذا ما أورد الأمر أصدرا فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا يفضض الله فاك. فكان من أحسن الناس ثغرا، وكان اذا سقطت له سنّ نبتت له. قال ابن قتيبة (¬3): كان عمر النابغة مائتين ¬

_ (¬1) كذا بالاصل، وفي الاغاني والمعمريين (الخنان). والذي في القاموس: (... والخنان زكام للابل كان في عهد المنذر بن ماء السماء ... وقال الاصمعي: كان الخنان داء يأخذ الابل في مناخرها وتموت منه فصار ذلك تاريخا لهم). وصدر البيت في المعمرين برواية: فمن يحرص على كبري فإني (¬2) الشعراء 247، والابيات من قصيدة طويلة 76 بيتا في جمهرة اشعار العرب 275 - 281، وانظر تاريخ الطبري 13/ 50 (¬3) الشعراء 248 - 249

وعشرين سنة ومات باصبهان. قال في الاغاني: وما ذاك بمنكر لانه قال في شعره (¬1): لبست أناسا فأفنيتهم … وأفنيت بعد أناس أناسا ثلاثة أهلين أفنيتهم … وكان الإله هو المستآسا روي أن عمر بن الخطاب سأله: كم لبثت مع كل أهل لك؟ فقال: ستين سنة، فهذه مائة وثمانون سنة. ثم عمر بعده فمكث الى أيام عبد الله بن الزبير وقدم عليه مكة. وقال أبو عبيدة: كان النابغة الجعدي ممن ذكر (¬2) في الجاهلية، وأنكر الخمر والسّكر، وهجر الأزلام والأوثان، وقال كلمته التي أوّلها (¬3): الحمد لله لا شريك له … من لم يقلها فنفسه ظلما وكان يذكر دين ابراهيم، ويصوم ويستغفر، وشهد مع علي رضي الله عنه صفين. وقال أبو زيد (¬4): كان النابغة شاعرا مقدّما، وكان مغلّبا، ما هاجى قط إلا غلب، هاجى أوس بن مغراء وليلى الأخيلية وكعب بن جبيل فغلبوه جميعا. وقال علي بن سليمان الأخفش أوّل من سبق الى الكناية عن اسم من يعنى بغيره في الشعر الجعدي فانه قال: أكنّي بغير اسمها وقد علم اللّ … هـ خفيّات كلّ مكتتم فسبق الناس جميعا اليه وتبعوه. 384 - وأنشد قول امرئ القيس: كأنّ دثارا حلّقت بلبونه … عقاب تنوفي لا عقاب القواعل تقدم شرحه في حرف العين وقد سقت هناك القصيدة بتمامها (¬5). ¬

_ (¬1) انظر الشعراء 254، واللسان 7/ 314، والاغاني 5/ 6 - 8 (الثقافة) والمعمريين 57 (¬2) في الاغاني: (فكّر). (¬3) الاغاني 5/ 9 (¬4) انظر ابن سلام 105، والعمدة 1/ 188 والموشح 5 (¬5) انظر ص 440 - 441 والشاهد رقم 234، وهو في الخزانة 4/ 471

385 - وأنشد: ولا زال منهلّا بجرعائك القطر (¬1) هو لذي الرّمّة. أخرج ابن عساكر من طريق نفطويه، ومحمد بن القاسم الأنباري قال: أنبأنا ثعلب عن أبى زيد، حدثني إسحق بن ابراهيم، حدثني أبو صالح الفزاريّ قال (¬2): ذكر ذو الرّمّة في مجلس فيه عدّة من الأعراب فقال عصمة بن مالك، شيخ منهم، قد أتى له مائة سنة، فقال: كان من أظرف الناس، كان آدم خفيف العارضين، حسن المضحك، حلو المنطق، وكان له إخوة يقولون الشعر، منهم مسعود وهمام وخرفاس (¬3)، فكانوا يقولون القصيدة فيزيد فيها الأبيات، فيغلب عليها فتذهب له، فأتى يوما فقال لي: يا عصمة، إن ميّة منقرية، وبنو منقر، أخبث حي وأبصره بأثر، وأعلمه بطريق، فهل عندك من ناقة نزر عليها ميّة؟ فقلت: نعم عندي الجؤذر، قال: عليّ بها، فركبناها جميعا، حتى نشرف على بيوت الحي، فاذا هم خلوف (¬4) واذا بيت ميّة خال، فملنا إليه فتعرّض النساء نحونا، فطلعت علينا ميّة، فاذا هي جارية أملود واردة الشّعر (¬5) قلن: أنشدنا يا ذا الرّمّة. فقال: أنشدهنّ يا عصمة، فانشدتهنّ (¬6): وقفت على رسم لميّة ناقتي … فما زلت أبكي عنده وأخاطبه ¬

_ (¬1) ديوانه 206 وابن عقيل 1/ 117 والكامل 126، والموشح 185، والصناعتين 390، والعمدة 2/ 48، ونقد الشعر 158 والجوهري (يا)، والاغاني 5/ 38 و 40 و 16/ 128، والتاج (جرع)، والاشموني شاهد رقم 11 وأوضح المسالك شاهد رقم 82 وذيل الامالي 125 والعقد الفريد 6/ 418، ومجالس ثعلب 42 (¬2) ذيل اللآلي 123 - 125 والعقد الفريد 6/ 416 - 418 والاغاني 16/ 124 ومجالس ثعلب 39 - 42 ببعض الاختلاف. (¬3) في العقد: (مسعود وهشام وأوفى). (¬4) الخلوف: جمع خلف، بالفتح، وهم القوم الذين ذهبوا من الحي يستقون وخلفوا أثقالهم. قال ابن الاعرابي: الخلوف: الحي اذا خرج الرجال وبقي النساء. (¬5) أملود: ناعمة مستوية القامة. والشعر الوارد: المسترسل الطويل. (¬6) ديوانه 38.

وأسقيه حتّى كاد ممّا أبثّه … تكلّمني أحجاره وملاعبه حتى بلغت الى قوله: هوى آلف خاف الفراق ولم يحل … حوائلها أسراره ومعائبه (¬1) فقالت ظريفة، ممن حضر: فليحل الآن، فنظرت اليها حتى أتيت على قوله: إذا سرحت من حبّ ميّ سوارح … عن القلب آبته جميعا عواز به (¬2) فقالت الظريفة منهنّ: قتلته قتلك الله. فقالت ميّ: ما أصحّه وهنيأ له. فتنفّس ذو الرمة نفسا كان من حرّه يطير شعر وجهه، ومضيت حتى أتيت على قوله: وقد حلفت بالله ميّة ما الّذي … أقول لها إلّا الّذي أنا كاذبه إذا فرماني الله من حيث لا أرى … ولا زال في داري عدو أحاربه فقال الظريفة: قتلته قتلك الله! فالتفتت ميّ فقالت: خف عواقب الله يا غيلان، ومضيت حتى أتيت على قوله: إذا راجعتك القول ميّة أو بدا … لك الوجه منها أو نضا الدّرع سالبه فيالك من خدّ أسيل ومنطق … رخيم ومن خلق تعلّل جاذبه «2» ¬

_ (¬1) رواية البيت كما في ديوانه 40: هوى آلف جاء الفراق فلم تجل … جوائلها أسراره ومعاتبه وفي ذيل الأمالي، ومجالس ثعلب: (بكى وامق جاء الفراق ولم تجل ...). وفيهما، وكذلك في العقد بدل البيتين الأولين، البيتان: نظرت الى أظعان مىّ كأنها … ذرى النخل أو أثل تميل ذوائبه فأوشلت العينان والصدر كاتم … بمغرورق نمّت عليه سواكبه وهما من نفس القصيدة. (¬2) وكذا في الأغاني، وفي المراجع السابقة: (جادبه) بالدال المهملة.

فقالت الظريفة: ها هي ذه قد راجعتك القول، وبدا لك وجهها فمن لك بأن ينضو الدرع سالبه؟ فالتفتت إليها ميّة فقالت: قاتلك الله، ما أعظم ما تجيبين به. فتحدثنا ساعة، ثم انصرفنا. فكان يختلف إليها حتى اذا انقضى الربيع ودعا الناس الصيف أتاني فقال: يا عصمة، قد ترحلت ميّة ولم يبق إلا الآثار والنظر في الديار، فاذهب بنا ننظر الى آثارهم. فخرجنا حتى انتهينا فوقف وقال: ألا يا اسلمي يا دارميّ على البلى … ولا زال منهلّا بجرعائك القطر وإن لم تكوني غير ثاو بقفرة … تجرّ بها الأذيال صيفيّة كدر قال عصمة: فما ملك عينيه. فقلت: مه، فانتبه وقال: إنّي لجلد وإن كان مني ما ترى، ثم انصرفنا وتفرّقنا. وكان آخر العهد به. قوله: تعلل جاذبه: أي لم يجد فيه مقالا فهو يتعلل بالشيء يقوله، وليس بعيب. والبيتان المذكوران مطلع قصيدة طويلة، ومنها: لها بشر مثل الحرير ومنطق … رخيم الحواشي لاهراء ولا نزر (¬1) وعينان قال الله كونا فكانتا … فعولان بالألباب ما يفعل الخمر ألا: حرف استفتاح. وقوله: يا اسلمى، حرف نداء. والمنادى محذوف، أو حرف تنبيه، واسلمى، فعل دعاء، أي يا هذه سلمك الله على أنك قد بليت. ومىّ مرخم مية. والبلى، بالكسر والقصر، مصدر بلى يبلي، من باب علم يعلم. ومنهلا، بضم الميم وسكون النون وتشديد اللام، من الانهلال، وهو انسكاب الماء وانصبابه. والجرعاء: رملة مستوية لا تنبت شيأ. والقطر: المطر. وقد عيب على ذي الرمة عجز هذا البيت فإنه أراد أن يدعو لها فدعا عليها بالخراب، وقدم عليه بيت طرفة: ¬

_ (¬1) ديوانه 212 - 213، وفيه. (دقيق الحواشي).

فسقى ديارك غير مفسدها … صوب الرّبيع وديمة تهمي وأجيب بأنه قدم الاحتراس بقوله اسلمى (¬1). وأجاب ابن عصفور: بأن لا زال تقتضي ملازمة الصفة للموصوف مذ كان قابلا لها على حسب ما قبلها، وذلك أنه عهد دار ميّة في خصب لسقيا المطر لها في أوقات الحاجة إليه، فدعا لها بأن لا تزال على ما عهدها عليه من انهلال القطر بجرعائها وقت الحاجة اليه. قوله: لها بشر: أي جلد. ورخيم الحواشي، بالخاء المعجمة، أي لين نواحي الكلام. وقال ابن فارس: رخيم أي رقيق، ويقال: الصوت الرخيم هو الشجي الطيب النغمة. والحواشي: جمع حاشية وهي الناحية. والهراء: بضم الهاء وتخفيف الراء، الكلام الكثير الذي ليس له معنى. والنزر: بفتح النون وسكون الزاي، القليل. ويروى: ولا هذر، بالذال المعجمة، وهو الكثير، ومراده أنه لا كثير بلا فائدة ولا قليل يخل. 386 - وأنشد: لا بارك الله في الغواني هل … يصبحن إلّا لهنّ مطّلب (¬2) هو من قصيدة لعبيد الله بن قيس الرقيات يمدح بها عبد الملك بن مروان، وأولها: عاد له من كثيرة الطّرب … فعينه بالدّموع تنسكب كوفيّة نازح محلّتها … لا أمم دارها ولا صقب والله ما إن صبت إليّ ولا … يعلم بيني وبينها سبب إلّا الّذي أورثت كثيرة في ال … قلب وللحبّ سورة عجب ¬

_ (¬1) انظر الموشح والصناعتين في الصحائف المذكورة في التعليق على الشاهد. (¬2) ديوانه 3 (فما يصبحن)، والكامل 735، وسيبويه 2/ 54، والصناعتين 150، والمفصل 184، والصحاح والتاج واللسان: (غنى).

لا بارك الله في الغواني هل … يصبحن إلّا لهنّ مطّلب أبصرن شيبا على الذّؤابة في الرّأ … س حديثا كأنّه العطب فهنّ ينكرن ما رأين ولا … يعرف من لذّاتي اللّعب ما ضرّها لو غدا بحاجتنا … غاد كريم أو رائح جنب لم يأت من ريبة وأجشمه ال … حبّ، فأمسى وقلبه وصب يا حبّذا يثرب ولذّتها … من قبل أن يهلكوا ويختربوا وقبل أن يخرج الّذين لهم … فيها الثّناء العظيم والحسب بغت عليهم بها عشيرتهم … فعوجلوا بالجزاء واطّلبوا قوم هم الأكثرون قبض حصى … في الحيّ والأكرمون إن نسبوا ما نقموا من بني أميّة إلّا … أنّهم يحلمون إن غضبوا وأنّهم معدن الملوك فما … تصلح إلّا عليهم العرب إنّ الفنيق الّذي أبوه أبو ال … عاصي، عليه الوقار والحجب خليفة الله فوق منبره … جفّت بذاك الأقلام والكتب يعتدل التّاج فوق مفرقه … على جبين كأنّه الذّهب (¬1) تجرّدوا يضربون باطلهم … بالحقّ حتّى تبيّن الكذب ¬

_ (¬1) وبعده كما في الديوان 5: أحفظهم قومهم بباطلهم … حتى اذا حاربوهم حربوا

ليسوا مفاريح عند توبتهم … ولا مجازيع إن هم نكبوا إن جلسوا لم تضق مجالسهم … والأسد أسد العرين إن ركبوا لم تنكح الصمّ منهم عربا … وليس يؤذنهم إذا خطبوا قال ثعلب في أماليه (¬1): حدثني عبد الله بن شبيب، حدثني زبير، حدثني عبد الله بن النضر قال: لما أحيط بمصعب بن الزبير دعا عبيد الله بن قيس فقال له: خذ من هذا المال ما أطقت وانج بنفسك! قال: ما كنت لأسأل الركبان عنك أبدا، فأقام يقاتل مع مصعب حتى إذا قتل خرج هاربا حتى دخل الكوفة، فوقف على باب فإذا امرأة، فلما نظرت إليه علمت أنه خائف، قالت: ادخل، فدخل فصعد عليّة لها، فأقام أربعة أشهر تعدو وتروح عليه بمصلحته لا تسأله من هو، ولا يسألها من هي، قال: وهي تسمع الجعيلة فيه صباح مساء. فجعل فيه ديته وأهدر دمه. فقال لها: يا هذه، قد طربت إلى أهلي، قالت: فلا تعجل، فلما كان الليل قالت له: إذا شئت فانزل، فنزل فإذا راحلتان على أحداهما رحل وعلى الأخرى ذاملة وعبدان، قالت: اركب، هذا دليل وهذا رحال للعبدين، فقال لها: من أنت؟ فو الله ما رأيت أكرم منك؟ قالت: أولا تعرفني؟ قال: لا والله، قالت: أنا التي تقول فيها: عاد له من كثيرة الطّرب ... الأبيات ثم مضى حتى دخل المدينة فأتى أهله طروقا، فلما أن دخل عليهم بكوا وقالوا: ما خرج الطلب من عندنا إلا بالامس، فانج بنفسك. فقدم على عبد الله بن جعفر وقال: جئتك مستجيرا، فركب إلى عبد الملك بن مروان فقال: حاجة يا أمير المؤمنين، فقال: كل حاجة لك الا عبيد الله بن قيس، قال: ما كنت أراك تحجر علىّ شيأ! قال: فكل حاجة لك مطلقة. قال: عبيد الله بن قيس، تهب لي ذنوبه، قال: قد فعلت، ثم غدا عليه فأنشده القصيدة حتى انتهى الى قوله (¬2): ¬

_ (¬1) الاغاني 5/ 69 - 70 (الثقافة). (¬2) انظر الموشح 186 - 187 والكامل 646 - 647

يعتدل التّاج فوق مفرقه … على جبين كأنّه الذّهب قال: تمدحني بما يمدح به الأعاجم، وتقول في مصعب: إنّما مصعب شهاب من الله … تجلّت عن وجهه الظّلماء وكان قد أعدّ له عساسا من خلنج قد ملأها ألبان البخت، يحمل العمل جماعة بحلق حتى وضعت بين يديه، قال: أين هذه من عساس مصعب حين يقول (¬1): يلبس الجيش بالجيوش ويسقي … لبن البخت في عساس الخلنج قال: لا أين يا أمير المؤمنين، قال: ولما ذاك؟ قال: لو طرحت عساسك كلها في عس من عساس مصعب لتقلقلت داخله، قال: أبيت إلا كرما قاتلك الله، أخرج فلا تأخذ مع المسلمين عطاء أبدا. فخرج من عنده حتى لقى عبد الله بن جعفر فاخبره، فقال: عمر نفسك، فعمر نفسه أربعين سنة، فأعطاه لكل عطاء عطاءين، وقال: لا يخرج لهم عطاء الا أعطيتك مثله، فخرج من عنده وهو يقول (¬2): تعدّت بي الشّهباء نحو ابن جعفر … سواء عليها ليلها ونهارها قال أحمد بن كامل: كثيرة التي قال فيها ابن قيس: عاد له من كثيرة الطّرب هي أم عبد الصمد علي بن عبد الله بن عباس. وقال الزمخشري في شرح شواهد الكتاب: حرّك الياء من الغواني للضرورة، والمطلب: التطلب، أي لا يتركن. ويجوز أن يريد أنهن يطلبن من يواصلنه لا تثبت مودتهن لأحد سريعات الصوم. ويروى: (لهن مطلب) بكسر اللام أي يطلبهن. قال ابن السيرافي: وما أحب هذه الرواية لقلة من يرويها وفيه وجه آخر رواه الأصمعي في الغواني وهل ولا ضرورة فيه على هذا، انتهى. ¬

_ (¬1) ديوانه 181 (¬2) ديوانه 92

387 - وأنشد: لا همّ إن الحارث بن جبله … زنا على أبيه ثمّ قتله وركّب الشّادخة المحجّله … وكان في جاراته لا عهد له وأيّ أمر سيّئ لا فعله قال التبريزي في شرح أبيات الإصلاح: الحارث بن جبلة هو الغساني. ولا همّ، وأصله: اللهم. وزنا: أي ضيق. والشادخة: الغرّة، يكنى بها عن الأمر اليسير. وكذا المحجلة من التحجيل وهو بياض القوائم. وهم يقولون في الشيء المشهور: هو أغرّ محجل. والجارات: جمع جارة، وهنّ النساء اللاتي يجاورنه. والعهد: الذمام والحرمه. يصفه بالغدر وقلة المعروف، وإنه ضيق على أبيه ثم عدا عليه فقتله وركب الخطة الشنعاء التي تشتهر في الناس اشتهار الغرّة في الوجه، والتحجيل في القوائم. ولم يرع عهد نسائه، بل انتهك حرمتهن ولم يترك أمرا ذميما إلا ارتكبه. وقال ابن يسعون: هذا الرجز لابن العفيف العبدي أو عبد المسيح بن عسلة. قاله في الحارث بن أبي شمر الغساني الأعرج، من بني جبلة. وكان اذا أعجبته امرأة من قيس أرسل إليها فاغتصبها حتى قال فيه بعض الكلابيين: يا أيّها الملك المخوف أما ترى … ليلا وصبحا كيف يعتقبان هل تستطيع الشّمس أن تأتي بها … ليلا، وهل لك بالمليك يدان اعلم وأيقن أنّ ملكك زائل … واعلم بأنّ كما تدين تدان وقال ابن الشجري في أماليه: قوله: زنا على أبيه، يروى بتخفيف النون وتشديدها. فمن رآه مخفففا فمعناه زنا بامرأته، ومن رآه مشددا فأصله زناء مهموز. ومعناه ضيق عليه. وهذا القول أوجه، وهي امرأة ابن السكيت (¬1). ¬

_ (¬1) كذا.

388 - وأنشد: إن تغفر اللهمّ تغفر جمّا … وأيّ عبد لك لا ألمّا (¬1) قال السكري في أشعار هذيل: قال الأصمعي: أخبرنا ابن أبي طرفة الهذلي قال: قال أبو خراش وهو يسعى بين الصفا والمروة، وثم شجر يومئذ: لاهمّ هذا رابع إن تمّا … أتمّه الله وقد أتمّا إن تغفر اللهمّ تغفر جمّا … وأيّ عبد لك لا ألمّا وأبو خراش هذا اسمه خويلد بن مرّة القرددي، وقردد هو عمرو بن معاوية بن سعيد بن هذيل، وكذا قال ابن الشجري في أماليه. قال: وقوله: (لا ألما) أي لم يلم بالذنوب. فقال ابن جرير في تفسيره: حدثنا ابن حميد: حدثنا جرير عن منصور عن مجاهد في قوله تعالى: (إِلَّا اللَّمَمَ)، قال: الرجل يلم بالذنب ثم ينزع عنه. قال: وكان أهل الجاهلية يطوفون بالبيت وهم يقولون: إن تغفر اللهمّ تغفر جمّا … وأيّ عبد لك لا ألمّا وأخرج الترمذي وابن جرير والبزار وغيرهم من طريق زكريا بن أبي اسحق، عن عمرو بن دينار، وعن عطاء عن ابن عباس في قوله تعالى: (إِلَّا اللَّمَمَ)، قال: هو الرجل يلم بالفاحشة ثم يتوب. وقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن تغفر اللهمّ تغفر جمّا … وأيّ عبد لك لا ألمّا قال الترمذي: حديث حسن صحيح غريب. 389 - وأنشد: لا أعرفن ربربا حورا مدامعها ¬

_ (¬1) البيت في الاغاني 4/ 131 و 135 (الثقافة) منسوب لأمية بن أبي الصلت، وليس هو في ديوانه، ولا في ديوان الهذليين.

هو من قصيدة للنابغة الذبياني أوّلها (¬1): لقد نهيت بني ذبيان عن أثر (¬2) … وعن ترّبعهم في كلّ أصفار وقلت: يا قوم، إنّ اللّيث منقبض … على براثنه، للوثبة الضّاري (¬3) لا أعرفن ربربا حورا مدامعها … كأنّ أبكارها نعاج دوّار ينظرن شزرا إلى من جاء عن عرض … بأوجه منكرات الرّقّ أحرار أقر: بضم الهمزة والقاف وراء، واد مملوء حمضا ومياها، وكان النعمان ابن الحارث قد حماه فاحتماه الناس، وتربعته بنو ذبيان، فنهاهم النعمان (¬4) عن ذلك وحذرهم، فأبوا، فأرسل إليهم خيلا فأصابوهم، فقال النعمان «4» هذه القصيدة. وتربعهم: حلولهم زمن الربيع. وأصفار: جمع صفر. ومنقبض: مجتمع، متهيئ للوثوب. والبراثن: بمثلثة، المخالب. والضاري: صفة الليث، ومعناه المتعوّد أكل الناس. وضرب هذا مثلا للملك الذي حذر قومه. قوله: لا (أعرفن) استشهد به على نهي فعل المتكلم، وهو قليل. والربرب: القطيع من البقر، شبّه النساء من حسن العيون وسكون المشي. والحور: بضم الحاء المهملة، جمع حوراء من الحور، وهو شدّة بياض العين في شدّة سوادها. وقيل: الحور أن تسودّ العين كلها، مثل أعين الظباء والبقر. قاله أبو عمرو. قال: وليس في بني آدم حور وإنما قال للنساء: حور العين لانهنّ شبهن بالظباء والبقر. والمدامع: العيون، وهي مواضع الدمع. والنعاج: أناث البقر. ودوّار: بضم الدال وتشديد الواو، اسم موضع باليمامة. ويروى بدل هذا الشطر: مردفات على أعقاب أكوار ¬

_ (¬1) ديوانه 55 (دار صادر). (¬2) كذا بالاصل، وفي الديوان، وكما سيأتي بالشرح: (أقر). (¬3) في الديوان: (لوثبة). (¬4) كذا بالاصل، وأرى ان يكون الاسم (النابغة) حتى يستوي الكلام.

والأكوار: جمع كور، بضم الكاف، وهو الرجل بأداته. ومردفات: نصب على الحال من ربرب، قاله العيني. قلت: والأوجه أنه صفة لها لأن ربربا نكرة. قوله (عن عرض) أي عن اعتراض منكرات للرق، أي هن أحرار، فإذا سبين أنكرن الرق، يخاطب بني ذبيان، وكانوا قد أغاروا على بعض أهل الشام فنهاهم عن ذلك، ذكره الزمخشري. 390 - وأنشد: جاؤوا بمذق هل رأيت الذّئب قطّ قال المبرد في الكامل (¬1): العرب تختصر التشبيه، وربما أو مأت إليه إيماء. وقال أحمد الرّجّاز: بتنا بحسّان ومعزاة تئطّ … تلحس أذنيه وحينا تمتخط (¬2) ما زلت أسعى بينهم وأختبط (¬3) … حتّى إذا كاد الظّلام يختلط جاؤوا بمذق هل رأيت الذّئب قطّ يقول في لون الذئب، واللّبن إذا خلط بالماء: ضرب الى الغبرة انتهى. وحسان: مصروف وممنوع، والمعزي: بكسر الميم، من الغنم خلاف الضأن. وتئط: تصوّت، من الأطيط. وأكثر ما يستعمل في صوت الإبل والرحل. والمذق: بفتح الميم وسكون الذال المعجمة وقاف، اللبن الممزوج بالماء ¬

_ (¬1) ص 875 وانظر الخزانة 1/ 275 و 2/ 293 و 482 و 553، وابن عقيل 2/ 57 (¬2) هذا العجز ليس في الكامل وهو في الخزانة 1/ 277 (¬3) في الكامل (وألتبط).

فيقل بياضه. وأورده ابن الشجري في أماليه بلفظ: جاؤ بضيج (¬1). وقال: الضجيج يضرب لونه الى الخضرة والطلسة. قوله: وهل رأيت الذئب قط، جملة انشائية ظاهرة إنها صفة لمذق، وإنما توصف بالخبرية، فأوّل بإضمار القول أي بمذق. تقول عند رؤيته: هل رأيت. قال التغلبي: وفيه وجه آخر أن التقدير: جاؤا بمذق يشابه لونه لون الذئب. 391 - وأنشد: فلا الجارة الدّنيا لها تلحينّها هو من قصيدة للنّمر بن تولب أوّلها (¬2): توّحش من أطلال جمرة مأسل … فقد أقفرت منها شراء فيذبل ودسّت رسولا من بعيد بآية … بأن حيّهم واسألهم ما تموّلوا فحيّيت عن شحط فخير حديثنا … ولا يأمن الأيّام إلّا المضلّل لنا فرس من صالح الخيل نبتغي … عليه عطاء الله، والله ينحل وحمر مدمّاة كأنّ ظهورها … ذرى كثب قد بلّها الطّلّ من عل الى أن قال في وصفها: إذا وردت ماء، وإن كان صافيا … حدته على دلو يعلّ وينهل فلا الجارة الدّنيا لها تلحينّها … ولا الضّيف فيها إن أناخ محوّل ¬

_ (¬1) في الخزانة (الضيح) بالحاء المهملة وفسره فقال: وهو اللبن الذي قد أكثر عليه الماء. (¬2) جمهرة أشعار العرب 191 - 194 والصناعتين 168 - 169 والعيني 2/ 395

ومنها لعمري، لقد أنكرت نفسي ورابني … مع الشّيب أبدالي الّتي أتبدّل دعاني العذارى عمّهنّ وخلتني … لي اسم فلا أدعى به وهو أوّل وقولي إذا ما أطلقوا عن بعيرهم … تلاقونه حتّى يؤوب المنخّل فيضحى قريبا غير ذاهب غربة … وأرسل أيماني ولا أتحلّل وظلعي ولم أكسر، وإنّ ظعينتي … تلفّ بنيها في الأوار وأعزل وبطئي عن الدّاعي ولست بآخذ … إليه سلاحي مثل ما كنت أفعل تدارك ما بعد الشّباب وقبله … حوادث أيّام تمرّ وأغفل (¬1) يودّ الفتى طول السّلامة والغنى … فكيف ترى طول السّلامة يفعل؟ (¬2) يودّ الفتى بعد اعتدال وصحّة … ينوء إذا رام القيام ويحمل قوله: (توحش) يروى بدله (تأبد). وهو معناه، يقال: تأبد المنزل، أي أقفر وألفته الوحوش. وجمرة: بجيم وراء، زوجة النمر بن تولب. ومأسل: بفتح الميم والسين المهملة بينهما همزة ساكنة، رملة. وشراء: مثل حزام، موضع. ويذبل: جبل. قوله: ودست، أي أرسلت رسولهم. وقالت اسألهم ماذا اقتنوا من المال. والآية: العلامة بيننا اذا جاء سائل ليسأل ما اقتنيت من المال. وحييت: رددت التحية. والتشحط: البعد. وخير حديثنا: أي حالنا حسنة. وكنا لا نأمن تغير الايام ولا يأمن ذلك إلا مضلل جاهل. وينحل: بالحاء المهملة، يعطي. وحمر: أي ولنا إبل حمر. ومتونها: ظهورها، وذي أعالي. وكثب: جمع كثيب. قد ¬

_ (¬1) في اللآلي 532 والصناعتين والجمهرة: تدارك ما قبل الشباب وبعده (¬2) وكذا في الاغاني 22/ 293 وفي اللآلي 532: (طول السلامة جاهدا).

بلها: أي لبدها. قوله: (فلا الجارة) أي جارتنا. لا تلحي إبلها: أي لا تشتمها لأنها تصب من لبنها والدنيا القريبة. وقوله: (إن أناخ) أي برك راحلته. ومحول: من التحويل. وقوله: (تلحينها) استشهد به على دخول نون التأكيد بعد لا النافية، تشبيها لها في اللفظ بلا الناهية. قوله: (ورابني) أي أبصرت ما أنكره، تبدّلت ضعفا بعد قوّة، وبياضا بعد سواد، ومنهما بعد صحة. قوله: (دعاني العذارى) في ديوان النمر، وقول العذارى: وهو معطوف على فاعل رابني وأنشده النحاة بلفظ دعاني. والعذارى: جمع عذراء وهي الجارية التي لم يسمها رجل، وهي البكر. والغواني: جمع غانية، وهي المرأة التي غنيت بحسنها عن الزينة، وفيه شاهد على ترك تاء التأنيث للفصل. ويروى: دعا العذارى، مصدر مضاف لفاعله، والمفعول الأول محذوف، أي دعا العذارى إيّاي عمهن، ودعا: نصب بتقدير أنكرت. وروى (دعاني العذارى) على اضافته للمفعول الأول. قوله: (وخلتني) أي خلت نفسي، وفيه اتحاد الفاعل والمفعول ضميرين متصلين لمسمى واحد، وهو من خصائص أفعال القلوب. واستشهدوا به على استعمال خال بمعنى تيقن. وجملة لي: اسم في موضع المفعول الثاني، وجملة: (وهو أول) حال. قوله: (وقولي إذا ما أطلقوا) أي اذا أرسلوا بعيرهم، أقول لا يعود أبدا ولا يردّه أحد لما أجد في نفسي من الضعف. وقوله: (تلاقونه) على حذف لا، أي لا تلاقونه. والمنخل: رجل مضى من غير تجني قيظا فلم يعد، وهو بضم الميم وفتح النون وتشديد الخاء المعجمة المفتوحة. قوله: فيضحي، أي البعير. وغربة: بعد. وأرسل: أي فإني أي أحلف ولا أستثني. قوله: (وظلعي ولم أكسر) أي أعمر من غير أن يصيبني كسر. قوله: (وإن ظعينتي) أي امرأته تعتزله، أي استخفت به من الكبر. قوله: (وبطئي عن الداعي) أي المستغيث، وكلها عطف على فاعل رابني. وينوء: أي ينهض بمشقة. 392 - وأنشد: يقولون: لا تبعد، وهم يدفنونني، … وأين مكان البعد إلّا مكانيا

هذا من قصيدة لمالك بن الريب يرثي بها نفسه أوّلها (¬1): ألا ليت شعري هل أبيتنّ ليلة … بجنب الغضا أزجي القلوص النّواجيا ومنها: ألم ترني بعت الضّلالة بالهدى … وأصبحت في جيش ابن عفّان غازيا أقول وقد حالت قوى الكرد دوننا … جزى الله عمرا خير ما كان جازيا إن الله يرجعني من الغزو ولم أكن … وإن قلّ مالي طالبا من ورائيا ومنها: ولمّا تراءت عند مرو منيّتي … وحلّ بها سقمي وحانت وفاتيا أقول لأصحابي: ارفعوني فإنّني … يقرّ بعيني أن سهيل بداليا فيا صاحبي رحلي! دنا الموت، فانزلا … برابية، إنّي مقيم لياليا أقيما عليّ اليوم أو بعض ليلة … ولا تعجلاني قد تبيّن مابيا وقوما إذا ما استلّ روحي فهيّئآ … لي السّدر والأكفان عند وفاتيا ولا تحسداني بارك الله فيكما … من الأرض ذات العرض أن توسعا ليا إلى أن قال: وقوما على بئر الشّبيك فأسمعا … بها الحيّ والبيض الحسان الرّوانيا ¬

_ (¬1) ذيل الامالي 135 - 141 والخزانة 1/ 317 - 319، والجمهرة 143 - 145 وانظر العيني 3/ 165 - 168 والشعراء 313، والاغاني 19/ 162 - 169 ببعض الاختلاف.

بأنّكما خلّفتماني بقفرة … تهيل عليّ الرّيح فيها السّوافيا يقولون لا تبعد وهم يدفنونني … وأين مكان البعد إلّا مكانيا غداة غد، يا لهف نفسي على غد … إذا أدلجوا عنّي، وأصبحت ثاويا وأصبح مالي من طريف وتالد … لغيري وكان المال بالأمس ماليا قال القالي في أماليه (¬1): قال أبو عبيدة: لما ولّى معاوية سعيد بن عثمان ابن عفّان خراسان، سار فيمن معه فأخذ طريق فارس، فلقيه بها مالك بن الرّيب ابن حوط بن قرط بن حلّ بن ربيعة بن حرقوص بن مازن بن مالك بن عمرو ابن تميم، وكان مالك فيمن ذكروا من أجمل العرب جمالا وأبينهم بيانا، فلما رآه سعيد أعجبه، فقال له: ويحك يا مالك! ما الذي يدعوك إلى ما يبلغني عنك من العداء وقطع الطريق؟ فقال: أصلح الله الأمير، العجز عن مكافأة الإخوان. قال: فإن أغنيتك واستصحبتك أيكفّك ذلك عسا تفعل وتبتغي؟ قال: نعم، فاستصحبه وأجرى عليه خمسمائة دينار في كل شهر، وكان معه حتى قتل سعيد، ومكث مالك بخراسان حتى هلك هناك. فقال هذه القصيدة يذكر مرضه وغربته. وقال بعضهم: بل مات في غز وسعيد، طعن فسقط وهو بآخر رمق. وقال بعضهم: بل مات في خان، فرثته الجنّ لما رأت من غربته ووحدته، ووضعت الجنّ القصيدة تحت رأسه، فالله أعلم أيّ ذلك كان، انتهى. ثم قال القالي: الغضا شجر ينبت في الرمل ولا يكون غضاء إلا في الرمل (¬2). وأزجي: أسوق. والنواجي: السراع. وقوله: ألم ترني بعت الضّلالة بالهدى يقول: بعت ما كنت فيه من الفتك والضلالة بأن سرت في جيش سعيد بن عثمان بن عفان. وقوله: (يقرّ بعيني أن سهيلا) لا يرى بناحية خراسان، فيقول: ارفعوني لعلي أراه فتقرّ عيني لأنه يراه من بلده. والرواني: النواظر. وتهيل: ¬

_ (¬1) الذيل 135، والخزانة 1/ 320 - 321. (¬2) انظر الخزانة 1/ 319 - 320.

تثير. والسوافي: ما جازت الريح الى أصول الحيطان. والثاوي: المقيم. والطريف والطارف: المال المستحدث. والتالد والتليد: العتيق الموروث. 393 - وأنشد: فلا تشلل يدا فتكت بعمرو … فإنّك لن تذلّ ولن تضاما قال أبو زيد في نوادره: هذا الرجل من بكر بن وائل جاهلي، وأورده بلفظ: ولن تلاما. وبعده: وجدنا آل مرّة حين خفنا … جريرتنا هم الأنف الكراما ويسرح جارهم من حيث أمسى … كأنّ عليه مؤتنفا حراما قال الجرمي: يدا لا تشلل. ثم أقبل على صاحب اليد يخاطبه فقال: فانك لن تذل. وقال أبو زيد: أي لا أشلها الله، يقال: شلّت يده، ولا يقال شلت ولكن أشلّت. ويقال فتكت به أفتك فتكا وفتكا إذا وثبت به من غير أن يعلم فقتلته أو قطعت منه شيئا. والجريرة: ما جروا على أنفسهم من الذنوب، وجمعها جرائر. والأنف الذين يأنفون من احتمال الضيم. ويسرح: أي يرسل ماشيته في المرعى. وقوله: (من حيث أمسى) أي لأمنه في موضعه. ومؤتنف: من الأنف الذي لم يرع جعل له وحرم على غيره. وقال أبو سعيد السكري: قوله: مؤتنفا حراما، يريد شهرا حراما فلا يهاج فيه، أي هو من الأمن كأنه في شهر حرام. قال: وفي مؤتنفا بكسر النون، فان لم يكن غلطا فإنه أراد كان عليه وهو مؤتنف مستأنف شهرا حراما. نصب مؤتنفا على الحال، انتهى. 394 - وأنشد: إذا ما خرجنا من دمشق فلا نعد … لها أبدا ما دام فيها الجراضم عزاه المصنف للفرزدق. وقال أبو عبد الله المفجع في كتابه المسمى بالمنقذ: هو للوليد بن عقبة يعرض بمعاوية، وبعده:

بصير بما في الطّبل بالبقل عالم … جروز لما التفّت عليه اللهازم أراد بالجراضم معاوية، لأنه كان كثير الأكل جدا. وهو بضم الجيم: الأكول الواسع البطن، وكذلك الجرضم. والطبل: السلة التي يجعل فيها الطعام. وجروز: بفتح الجيم وضم الراء، آخره زاي، معناه: آكل لما بين يديه. واللهازم: جمع لهزمة وهي الأشداق. والبيت استشهد به على جزم فعل المتكلم بلا الناهية، وهو قليل. 395 - وأنشد: وتلحينني في اللهو أن لا أحبّه … وللهو داع دائب غير غافل عزاه المبرد في الكامل للأحوص (¬1)، وقبله. ألا يا لقومي قد أشطّت عواذلي … ويزعمن أن أودى بحقّي باطلي 396 - وأنشد: أبى جوده لا البخل واستعجلت به … نعم من فتى لا يمنع الجود قاتله (¬2) قال الزمخشري في أحاجيه: هذا المبنى غامض المعنى وما رأيت أحدا فسره. وحكي يونس عن أبي عمرو بن العلاء: إنه جرّ البخل بإضافة لا إليه. وقال السخاوي: هذا البيت أورده أبو علي بنصب البخل، وزعم أنه مفعول أبي، وإن (لا) زائدة. وحكي ذلك عن أبي الحسن الأخفش قال: وأما بقية البيت فلم يفسره وهو مشكل جدا. وأقول في معناه: إنه مدح لكريم أبي لجوده أن ينطق بلا التي للبخل، أي التي يقولها البخيل، واستعجلت بجوده لا، أي سبقت نعم لا كما قال: ¬

_ (¬1) ص 4 /؟؟؟ (¬2) اللسان (لا)

واستعجلونا وكانوا من صحابتنا … كما تعجّل فرّاط لورّاد أي سبقونا وتقدمونا، أي أن نعم استعجلت لا، أي سبقتها، صادرة من فتى لا يمنع. والهاء في قائله تعود على نعم، أي قائل نعم يمنع الجود، ثم قال: وقوله: (لا يمنع الجود قاتله) أراد الجود، وإن قتله لا يمنعه، فقاتله منصوب على الحال، أي لا يمنع الجود في حال قتله إياه لأن الجود يفقره. وقد قال: الفقر هو الموت الأحمر. قال: ويجوز أن ينتصب قاتله على أنه مفعول، أي أنه لا يمنع من يريد أن يقتله الجود بذلك عليه كما قال: ولو لم يكن في كفّه غير نفسه … لجاد بها، فليتّق الله سائله قال: ويجوز أن يكون معنى قاتله من قتل، من يكرم عليه لأن فاعل ذلك قاتل له، ومع ذلك فلا يمنعه ذلك أن يجود عليه، وقد قال الله: (فإن قاتِلُوهُمْ). * ولا يصح أن يكون هذان البيتان في شعر واحد، لأن الأوّل مرفوع القافية، والثاني منصوبها، بل يجوز أن يكون الثاني بيتا آخر في شعر آخر وقد وقع ذلك للشعراء كثيرا، انتهى. 397 - وأنشد: لا وأبيك ابنة العامر … يّ لا يدّعي القوم أنّي أفرّ هو من قصيدة لامرئ القيس بن حجر فيما ذكر أبو عمرو والمفضل وغيرهما (¬1). وزعم أبو حاتم أنها لرجل من النّمر بن قاسط يقال له ربيعة بن جشم، وأوّلها: أحار بن عمرو كأنّي خمر … ويعدو على المرء ما يأتمر لا وأبيك ابنة العامر … يّ لا يدّعي القوم أنّي أفرّ ¬

_ (¬1) ديوان امرئ القيس ص 153 - 167 قسم الزيادات. وانظر ص 423 - 425 والخزانة 4/ 489.

تميم بن مرّ وأشياعها … وكندة حولي جميعا صبر إذا ركبوا الخيل واستلأموا … تحرّقت الأرض واليوم قرّ الى أن قال: وهرّ تصيد قلوب الرّجا … ل وأفلت منها ابن عمر وحجر رمتني بسهم أصاب الفؤا … د غداة الرّحيل فلم أنتصر برهرهة رؤدة رخصة … كخرعوبة البانة المنفطر فتور القيام، قطيع الكلام … تفترّ عن ذي غروب خصر فبتّ أكابد ليل التّمام … والقلب من خشية مقشعرّ فلمّا دنوت تسدّيتها … فثوبا نسيت وثوبا أجرّ ولم يرنا كاليء كاشح … ولم يفش ممّا لدى الباب سرّ ومنها: وأركب في الرّوع خيفانة … كسا وجهها سعف منتشر لها حافر مثل قعب الوليد … ركّب فيه وظيف عجر لها ثنن كخوافي العقاب … أسود يفين إذا تزبئزّ وساقان كعباهما أصمعان … لحم حانيهما منبتر لها عجز كصفاة المسيل … أبرز عنها جحاف مضرّ

لها ذنب مثل ذيل العروس … تسدّ به فرجها من دبر لها متنتان خظاتا كما … أكبّ على ساعديه النّمر لها عذر كقرون النّساء … ركّبن في يوم ريح وصرّ وسالفة كسحوق اللّيان … أضرم فيها الوليد السّعر لها جبهة كمرآة المجنّ … حذّقة الصّانع المقتدر لها منخر كوجار السّباع … فمنه تريح إذا تنبهر وعين لها حدرة بدرة … سقت مآقيهما من أخر قوله: حار: مرخم حارث. وخمر: بفتح الخاء وكسر الميم، الذي يخالطه داء أو سكر. ويعدو: يرجع. ما يأتمر: ما يريد أن يوقعه بغيره. وقيل: (ما) مصدريه، أي: ويعدو على الرجل ائتماره أمرا ليس برشد، فكأنه يعدو عليه ويهلكه. والواو استئنافية أو للتعليل على رأي من أثبته أي: كأني خامرني داء لأجل عدوان. الائتمار، أمر ليس برشد. وأورد ابن أم قاسم في شرح الألفية هذا المصراع شاهدا على التنوين الغالي بلفظ: ما يأتمرن وكذا خمرن. قوله: (لا وأبيك): أي وحق أبيك (¬1). والعامريّ: وهو سلامة بن عبد الله بن عليم. وتميم: بدل من القوم، أو عطف بيان. وصبر (¬2): بضمتين، جمع صابر. واستلأموا: أي لبسوا اللأمة، وهي الدرع. وتحرقت: بحاء مهملة، اشتعلت من شدة الحرب. وقر: أي بارد. وهر: جارية، وهي ابنة العامري. وحجر: ¬

_ (¬1) ويروى البيت عن البطليوسي: (فلا وأبيك) وعن أبي سهل: (لعمر أبيك). (¬2) في الديوان: (وروى الاصمعي: اليوم صر، والصر: شدة البرد، قال تعالى ذكره: ريح فيها صرّ وقوله: واليوم قرّ، يقول: ان كان قرا - أي باردا - فان الارض تحرق لشدتهم وجماعتهم وركض الخيل).

أبو امرئ القيس، ضم جيمه اتباعا. وبرهرهة: رقيقة الجلد. وقال الأصمعي: هي الممتلئة المترجرجة. ورخصة: ناعمة. والرّؤدة: بضم الراء، الشابة الناعمة. والخرعوبة: بضم الخاء، القضيب الرخص. والبانة: شجر معروف. والمنفطر: الذي ينفطر بالورق، وهو ألين ما يكون وأشده تثنيا حين يجري فيه الماء، ويورق بعضه. ولم يقل: المنفطر، لأنه ردّه على القضيب. وقوله: (فتور القيام) لثقل عجيرتها. قطيع الكلام: لكثرة حيائها. وتفتر: تبدي أسنانها ضاحكة. وغروب السنّ: حدّها. وخصر: بفتح الخاء وكسر الصاد، بارد. وأكابد: أقاسي. وليل التّمام: بكسر التاء، أطول الليل (¬1). ودنوت: قربت. تسدّيتها: علوتها وركبتها. وقوله: فثوبا نسيت وثوبا أجرّ يروى: فثوب بالرفع، وقد أورده المصنف في الكتاب الرابع. ويروى صدره: فأقبلت زحفا على الرّكبتين قال الزمخشري: يريد أنه اجتهد في الوصول إليها في الليل الطويل، وقاسى شدة من خوف رقبائها فزحف على ركبتيه حتى وصل إليها، ونسي بعض ثيابه عندها، لأنها ذهبت بفؤاده، فلم يدر كيف خرج من عندها. وكاليء: حارس. وكاشح: عدوّ (¬2). ويفش: يظهر. والرّوع: الفزع. وخيفانة: أي فرس ¬

_ (¬1) في الديوان: (ليل التمام: من أطول ليل في الشتاء) وقال (من لدن اثنتي عشرة الى أن ينتهي في الطول مدتها. ومدبرا حتى يرجع الى اثنتي عشرة ساعة. وقال غيره: ليل التمام، اذا طال على، الساهر المغموم، وان كان أقصر ما يكون). (¬2) وفي الديوان: (قال الطواسيّ: الكالئ: المراقب. والكاشح: المتولي عنك بوده، يقال: كشح عن الماء اذا أدبر عنه فلم يشربه من برد أو غير ذلك، قال الشاعر: شلو حمار كشحت عنه الحمر كشحت، أي أدبرت.

خفيفة شبهها بالجرادة. وسعف: بمهملتين وفاء، شعر الناصية، شبهه بسعف النخله، قاله ابن قتيبة. ومنتشر: متفرّق. وقد أورد المصنف هذا البيت في آخر الكتاب الرابع. وقعب: قدر صغير. والوليد: الصبي. والوظيف: بمعجمة، ما فوق الحافر. وعجر: غليظ. وثنن: بمثلثة، ونونين، الشعر الذي حول مؤخر الحافر. والخوافي: ريش في الجناح. ويعنن: بلا همز، يكثرن وتزبئر: بزاي ثم موحدة وهمزة وراء، تتنفس (¬1). وأصمعان: صغيران. وقال ابن قتيبة: الصمع: اللزوق، يريد أنهما ليستا برهلتي المفاصل. وحمانيهما: عضلتا الساقين. ومنبتر: منقطع من الشدة. وعجز: كفل. وصفاة: الصخرة الملساء. قال ابن قتيبة: يريد أن عجزها ملساء ليس بها فرق، والفرق إشراف إحدى الوركين على الأخرى، وذلك عيب. والمسيل: مجرى السيل. وأبرز: كشف. وجحاف: بجيم مضمومة ثم حاء مهملة وفاء، سيل عظيم. ومضر: يقلع كل ما يمرّ به. وقال ابن قتيبة: جحاف: بالكسر، مجاحفة السيل الصخرة. ومضرّ: دان متقارب. والذيل: آخر الثوب. ومتنتان: جانب الصلب. وحظاتا: بالظاء المعجمة، كثيرتا اللحم. قال ابن قتيبة: وفيه قولان، أحدهما: أنه أراد حظاتان: فحذف نون التثنية، يقال: مت حظاه. والثاني: إنه أراد حظتا أي ارتفعتا، فاضطر فزاد ألفا. قال: والقول الأول أجود. وقوله: كما أكب: يريد كأن فوق متنها نمرا باركا. وأكب: برك. وعذر: شعر الناصية. وقال ابن قتيبة: ذوائب وقرون النواصي. وصرّ: برد. وسالفة: جانب العنق. وسحوق: طويلة. والليان: بكسر اللام وتحتية ونون، النخل، الواحدة، لينة. وأضرم: أوقد. والسعر: النار. وسراة: ظهر. والمجنّ: الترس، مدحها بسعة الجبهة. وحذّقه: صنعه بحذق. وو جار: بفتح الواو وكسرها وجيم وراء، حجر، شبه المنخل بحجر السبع لسعته. قال ابن قتيبة: وتريح: تتنفس. وتبتهر: تضيق نفسها. وحدرة: عظيمة. وبدرة: تبدر بالنظر. والمآقي: مؤخر العينين. وأخر: بمعنى آخرهما. ¬

_ (¬1) كذا بالاصل. وقد ورد البيت بلفظ: (يفين اذا تزئبر) وفي الديوان: (يفئن) بالهمز وقال: (يفئن - بالهمز - يعني يرجعن بعد ازبئرارها الى مواضعهن، وازبئرارها أي اقشعرارها ويروى (يفين) بلا همز، من الوفاء).

شواهد لات

شواهد لات 398 - وأنشد: طلبوا صلحنا ولات أوان (¬1) هو لأبي زبيد الطائي. واسمه حرملة بن المنذر بن معدي كرب بن حنظلة، كان نصرانيا ومات على دينه بعد خلافه عثمان (¬2). روى أبو عمرو الشّيباني وابن الأعرابي (¬3): أن رجلا من بني شيبان نزل من طيّ فأضافه وسقاه، فلما سكر قام إليه بالسيف وهرب، فافتخرت بنو شيبان بذلك، فقال أبو زبيد: خبّرتنا الرّكبان أن قد فرحتم … وفخرتم بضربة المكّاء ولعمري لعارها كان أدنى … لكم من تقى وحسن وفاء ظلّ ضيفا أخوكم لأخينا … في صبوح ونعمة وشواء لم يهب حرمة النّديم ولكن … يا لقومي للسّوأة السّوآء فاصدقوني وقد خبرتم وقد ثا … بت إليكم جوائب الأنباء هل علمتم من معشر سافهونا … ثمّ عاشوا صفحا ذوي غلواء بعثوا حربنا عليهم وكانوا … في مقام لو أبصروا ورخاء ¬

_ (¬1) الخزانة 2/ 151 (¬2) انظر الاغانى 12/ 127 (الدار) (¬3) الخزانة 2/ 153، والعيني 2/ 156 وطبقات ابن سلام 510 - 511، وانظر اللآلى 126 والاغانى 12/ 132 (الذر)

طلبوا صلحنا ولات أوان … فأجبنا أن ليس حين بقاء (¬1) ثمّ لمّا تشذّرت وأنافت … وتصلّوا منها كريه الصّلاء ولعمري لقد لقوا أهل بأس … يصدقون الطّعان عند اللّقاء إنّنا معشر شمائلنا الصّب … ر ودفع الأسى بحسن العزاء ولنا فوق كلّ مجد لواء … فاضل في التّمام كلّ لواء فإذا ما استطعتم فاقتلونا … من يصب يرتهن بغير فداء والمكّاء: بضم الميم وتشديد الكاف، اسم الرجل الذي قتل. وضمير عارها للضربة. وجوائب: جمع جائبة، خبر. وهو ما يجوب البلاد، أي يقطعها. والأنباء: جمع نبأ، وهو الخبر. وغلواء: بضم المعجمة، سرعة الشاب وأوله. وتشذرت: رفعت الحرب ذنبها. وأنافت: رفعت رأسها. وتصلوا: من تصليت النار إذا اصطليت بها. والصلاء: بالكسر والمدّ، صلاء النار. قوله (طلبوا) أي طلب هؤلاء القوم صلحنا. والحال أن إلا وأن ليس أو ان الصلح فقلنا لهم ليس الحين بقاء الصلح، فحذف اسم ليس وأبقى الخبر. وأن في البيت تفسيرية. 399 - وأنشد: ألا رجل جزاه الله خيرا تقدم شرحه في شواهد ألا (¬2). ¬

_ (¬1) البيت في العقد الفريد 3/ 319 من أبيات الى ابن حلزّة اليشكري برواية: طلبوا صلحنا ولات أوان … إنّ ما يطلبون فوق النجوم (¬2) الشاهد رقم 102 ص 214.

شواهد لو

شواهد لو 400 - وأنشد: ولو أنّما أسعى لأدنى معيشة … كفاني، ولم أطلب، قليل من المال ولكنّما أسعى لمجد مؤثّل … وقد يدرك المجد المؤثّل أمثالي هذان من قصيدة لامرئ القيس، وقد مر شرحها في شواهد الباء (¬1). 401 - وأنشد: فلو كان حمد يخلد النّاس لم يمت … ولكنّ حمد النّاس ليس بمخلد هو من قصيدة لزهير بن أبي سلمى يمدح بها هرم بن سنان، وأوّلها (¬2): غشيت ديارا بالبقيع فثهمد … دوارس قد أقوين من أمّ معبد ومنها: إلى هرم هجيرها ووسيحها … تروّح من اللّيل التّمام وتغتدي الى أن قال: تقيّ نقيّ لم يكثّر غنيمة … بنهكة ذي قربى ولا بحقلّد ¬

_ (¬1) انظر ص 342 (¬2) شرح ديوانه 219 - 236 وانظر ص 267 - 268.

سوى ربع لم يأت فيه مخانة … ولا رهقا من عائذ متهوّد فلو كان حمد يخلد النّاس لم يمت … ولكنّ حمد النّاس ليس بمخلد ولكنّ منه باقيات وراثة … فأورث بنيك بعضه وتزوّد تزوّد إلى يوم الممات فإنّه … ولو كرهته النّفس آخر موعد وهو آخرها. البقيع وثهمد: موضعان. ودوارس: بالية. وأقوين: أقفرن. والتّهجير: السير في الحرّ. والتوسيح: سرعة السير (¬1). والليل التمام: أطول الليل. وتغتدى: تسير بالغدو. والنّهكة: الظلم. والحقلد: السيء الخلق الضيق البخيل. وقد أورد المصنف هذا البيت في الكتاب شاهدا على العطف على المعنى، فإنه في معنى ليس بمكثر. والربع: ما كان الملوك يأخذونه من الغنائم. والمخانة: الخيانة. والرهق: الإثم. والعائذ: اللاجيء. والمتهوّد: التائب المطمئن الساكن. 402 - وأنشد: لو كنت من مازن لم تستبح إبلي … بنو اللّقيطة من ذهل بن شيبانا لكنّ قومي وإن كانوا ذوي عدد … ليسوا من الشّرّ في شيء وإن هانا تقدم شرحهما في إذا (¬2). 403 - وأنشد: ولو تلتقي أصداؤنا بعد موتنا … ومن دون رمسينا من الأرض سبسب (¬3) لظلّ صدى صوتي وإن كنت رمّة … لصوت صدى ليلى يهشّ ويطرب هذان من قصيدة لأبي صخر الهذلي، وهما آخرها، ومطلعها: ¬

_ (¬1) رواية الديوان: (تهجيرها ووسيجها) بالجيم المنقوطة. (¬2) كذا، انظر ص 68 - 69 والشاهد رقم 17 (¬3) ديوان المجنون 85، ببعض الاختلاف. وفي الأغاني 2/ 20 (الدار) أبيات من القصيدة.

ألمّ خيال طارق متأوّب … لأمّ حكيم بعد ما نمت موصب ونسبهما العيني في الكبرى لقيس بن الملّوح المجنون، وليس كذلك. قوله: موصب: من الوصب. والأصداء: جمع صدى، وهو الذي يجيبك بمثل صوتك في الجبال وغيرها، يقال: صم صداه وأصم الله صداه أي أهلكه. لأن الرجل إذا مات لم يسمع الصدى منه شيئا فيجيبه. والرمس: تراب القبر. وسبب: بمهملتين مفتوحتين وموحدتين، أوّلهما ساكنة، المفازة. والرمّة: بكسر الراء وتشديد الميم، العظام البالية. والجمع: رمم ورمام. يقال: رم العظم يرم أي بلى. ويهش: من الهشاشة، وهي الارتياح والخفة للشيء. 404 - وأنشد: ولو أنّ ليلى الأخيليّة سلّمت … عليّ ودوني جندل وصفائح (¬1) لسلّمت تسليم البشاشة أو زقا … إليها صدى من جانب القبر صائح هذان من قصيدة لتوبة بن الحميّر، وأوّلها: ألا هل فؤادي من صبا اليوم طافح … وهل ما وأت ليلى به لك ناجح وهل في غد إن كان في اليوم علّة … سراح لما تلوي النّفوس الشّحائح ولو أنّ ليلى الأخيليّة سلّمت … عليّ ودوني جندل وصفائح ولو أنّ ليلى في السّماء لأصعدت … بطرفي إلى ليلى العيون الكواشح ولو أرسلت وحيا إليّ عرفته … مع الرّيح في نوّارها المتناوح لأغبط من ليلى بما لا أناله … ألا كلّ ما قرّت به العين صالح ¬

_ (¬1) ابن عقيل 2/ 138 وانظر ص 590 من الشواهد.

سقتني بشرب المستضاف فصرّدت … كما صرّد اللّوح النّطاف الضّحاضح فهل تبكني ليلى إذا متّ قبلها … وقام على قبري النّساء النّوائح كما لو أصاب الموت ليلي بكيتها … وجاد لها جار من الدّمع سافح وفتيان صدق قد وصلت جناحهم … على ظهر مغبرّ التّنوفة نازح بمائرة الضّبعين معقودة النّسا … أمين القرى في مجفر غير جانح وما ذكرتي ليلى على نأي دارها … بنجران إلّا التّرّهات الصّحاصح الجندل: بفتح الجيم وسكون النون، الحجارة. والصفائح: الحجارة العراض تكون على القبور، وهي جمع صفيحة. وزقا: بالزاي والقاف، يقال زقا الصدى، يزقو: أي صاح. والصدى: بفتح الصاد المهملة، الذي يجيبك بمثل صوتك في الجبال وغيرها (¬1). قوله: ألا كلّ ما قرّت به العين صالح قال التبريزي (¬2): إني قرير العين بأن أذكرها، وهذا القدر نافع. أخرج أبو الفرج في الأغاني عن المدائني قال (¬3): أقبلت ليلى الأخيلية من سفر، فمرّت بقبر توبة ومعها زوجها، وهي في هودج لها، فقالت: والله لا أبرح حتى أسلّم على توبة. فصعدت أكمة عليها قبر توبة، فقالت: السلام عليك يا توبة، ثم حوّلت وجهها الى القوم فقالت: ما عرفت له كذبة قط قبل هذه. قالوا: وكيف؟ قالت: أليس القائل: ولو أنّ ليلى الأخيليّة سلّمت … عليّ ودوني جندل وصفائح ¬

_ (¬1) انظر ص 644. (¬2) 3/ 267 (¬3) 11/ 244 (الدار).

فما باله لم يسلّم عليّ كما قال!! وكانت الى جانب القبر بومة كامنة، فلمّا رأت الهودج واضطرابه فزعت وطارت في وجه الجمل، فنفر فرمى بليلى على رأسها فماتت من وقتها، فدفنت الى جانبه. وأخرج المعافي بن زكريا في كتاب الجليس والأنيس، عن إبراهيم بن زيد النيسابوري قال: مرّت ليلى الأخيلية ومعها زوجها، فقال لها: يا ليلى هذا قبر توبة فسلمي عليه، قالت: وما تريد منه؟ قال: أريد تكذيبه، أليس هو الذي يقول: ولو أن ليلي ... البيتين. فو الله لا برحت أو تسلمي عليه، فقالت: السلام عليك يا توبة! فإذا طائر قد خرج من القبر حتى ضرب بصدرها، فشهقت شهقة فماتت فدفنت الى جنب قبره، فنبتت على قبرهما شجرتان فطالتا والتفتا. 405 - وأنشد: لا يلفك الرّاجيك إلّا مظهرا … خلق الكرام ولو تكون عديما لم يسم قائله. ويلفك: بالفاء، من ألفى إذا وجد. والعديم: المعدم الذي لا يملك شيئا (¬1). 406 - وأنشد: قوم إذا حاربوا شدّوا مآزرهم … دون النّساء ولو باتت بأطهار (¬2) هذا آخر قصيدة للأخطل يمدح بها قريشا ويخص آل سفيان بن حرب، وقبله: إنّي حلفت بربّ الرّاقصات وما … أضحى بمكّة من حجب وأستار وبالهدايا إذا احمرّت مدارعها … في يوم نسك وتشريق وتنحار وما بزمزم من شمط محلّقة … وما بيثرب من عون وأبكار ¬

_ (¬1) قال الأمير 1/ 209: (في نسخة: (الراجوك) بالجمع، وهو أنسب بوصل أل بالمضاف). (¬2) الكامل 236، والاغاني 15/ 81 - 82 (الثقافة).

لا ألجأتني قريش خائفا وجلا … وموّلتني قريش بعد إقتار المنعمون بنو حرب وقد حدقت … بي المنيّة واستبطأت أنصاري بهم تكشف عن أحيائها ظلم … حتّى ترفّع عن سمع وأبصار قوم إذا حاربوا شدّوا مآزرهم … دون النّساء ولو باتت بأطهار ومطلع القصيدة: تغيّر الرّسم من سلمى بأجفار … وأقفرت من سليمى دمنة الدّار 407 - وأنشد قول كعب: أرى وأسمع ما لو يسمع الفيل (¬1) هو من قصيدة كعب بن زهير التي أولها: بانت سعاد (¬2). وأول البيت: لقد أقوم مقاما لو يقوم به … أرى وأسمع ما لو يسمع الفيل لظلّ يرعد إلّا أن يكون له … من الرّسول بإذن الله تنويل (¬3) قال المصنف في شرح القصيدة: في هذا البيت حذف سبعة أمور، أحدها: جملة قسم، لأن (لقد) لا تكون إلا جواب القسم ملفوظ، نحو: (تَاللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ). أو مقدر نحو: (لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ). ويروى: إني أقوم مقاما. الثاني: مفعول أرى، أي أرى ما لو يراه الفيل. والثالث والرابع: ظرفان معمولان لأرى وأسمع، إن قدرا صفتين ثانية وثالثة لمقاما، أي أرى به وأسمع به، فإن قدر أرى حالا من ضمير أقوم، سقط هذان المحذوفان. الخامس والسادس: جوابا (لو) الثانية و (لو) الثالثة، لأن قوله في البيت: لظل يرعد جواب للأولى، وهو دال على جواب لو الثانية المقدرة في صلة معمول أرى، ولو الثالثة الواقعة ¬

_ (¬1) ديوانه 20 (¬2) انظر الشاهد رقم 311 وص 524 - 529 (¬3) ويروى: لظل ترعد من وجد بوادره … إن لم يكن من رسول الله تنويل

في صلة مفعول أسمع. والسابع: مفعول يسمع، وهو عائد ما، وانتصاب مقاما على الظرفية المكانية. والجملة بعده صفة له، فأيهما أعملت أعطيت الآخر ضميره. وقال الفرّاء: العمل لهما معا. وقال الكسائي: إذا أعملنا الأول أضمرنا في الثاني لأنه إضمار بعد الذكر في الحقيقة، وإذا أعملنا الثاني حذفنا فاعل الأول لأنه لا يجيز ما يراه البصريون من الإضمار قبل الذكر، ولا ما يجيزه الفرّاء من توارد عاملين على معمول واحد، وعلى قوله: ففي البيت حذف. الثامن (¬1). وبين يقوم ويسمع تنازع في المفعول وهو ما لو يسمع، إذ ليس المراد أرى ما لو يسمع الفيل، بل المراد أرى ما لو يراه الفيل لظل يرعد. وأسمع ما لو سمعه لظل يرعد. وفي البيت تضمين لأن الجواب في أوّل البيت الثاني، واللام في لظل رابطة للجواب الذي بعدها بلو. وظل بمعنى صار. وأرعد الرجل ويرعد على بناء ما لم يسم فاعله. وقوله: لظل يرعد، مقتضى ثبوت الفعل ودوامه. قال: لا أرعد لم يقتض ذلك، ويرعد مبني للمفعول. يقال: أرعد فلان إذا أخذته الرعدة. ولك في اللام أربعة أوجه: أحدها: أن تعلقها بيكون، إما على أنها تامة، أو على أنها ناقصة باستقرار محذوف منصوب، إما على الخبرية على تقدير النقصان، أو على الحالية على التمام أو النقصان. والخبر الثالث: أن تعلقها بتنويل، وإن كان مصدرا لأنه لا ينحل، لأن والفعل، ولهذا قالوا في قوله: نبّئت أخوالي بني يزيد … ظلما علينا لهم فديد (¬2) إن ظلما يجوز أن يكون مفعولا لأجله عامله فديد. وكثير من الناس يذهل عن هذا فيمنع تقديم معمول المصدر مطلقا. وهذه الأوجه في كل من الظرفين، وحيث قدرت أحد الظروف حالا فهو في الأصل صفة لتنويل. والتنويل: العطية، والمراد به هنا الأمان. 408 - وأنشد: ما كان ضرّك لو مننت وربّما … منّ الفتى وهو المغيظ المحنق ¬

_ (¬1) ذكر السيوطي ص 647 أن في البيت حذف سبعة أمور. وهنا يذكر الثامن. (¬2) سيأتي البيت في الباب الخامس في حذف الموصوف.

قائله قتيلة، وقيل ليلى بنت النّضر بن الحارث، من أبيات حين قتل النبي صلى الله عليه وسلم أباها صبرا عقب بدر، وأوّلها (¬1): يا راكبا إنّ الأثيل مظنّة … من صبح خامسة وأنت موفّق أبلغ بها ميتا فإنّ تحيّة … ما إن تزال بها الرّكائب تخفق منّي إليك وعبرة مسفوحة … جادت بواكفها وأخرى تخفق فليسمعنّ النّضر إن ناديته … إن كان يسمع ميّت أو ينطق ظلّت سيوف بني أبيه تنوشه … لله أرحام هناك تشقّق أمحمّد ولأنت نجل نجيبة … من قومها والفحل فحل معرق ما كان ضرّك لو مننت وربّما … منّ الفتى وهو المغيظ المحنق لو كنت قابل فدية فلتأتين … بأعزّ ما يغلو لديك وينفق فالنّضر أقرب من أصبت وسيلة … وأحقّهم إن كان عتق يعتق أخرج أبو الفرج في الأغاني عن عمر بن شيبة قال (¬2): بلغنا أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: لو سمعت هذا قبل أن أقتله ما قتلته. ويقال أن شعرها أكرم شعر موتورة وأعفه. قوله: (يا راكبا) منادى غير معين دعت واحدا من الركبان. والأثيل: بضم الهمزة وفتح المثلثة وتحتية ساكنة ولام، موضع فيه قبر النضر (¬3). والمظنة: المنزل المعلم. ومن صبح خامسة: أي ليلة خامسة لليلة التي يبتدأ منها في المسير إلى ¬

_ (¬1) الحماسة 3/ 17 - 18 وسيرة ابن سيد الناس 1/ 29 - 292، (¬2) الاغاني 1/ 19 (الدار). (¬3) الأثيل: بالصفراء بين ظهراني الأراك، وانظر البكري 109 و 836 والتبريزي 3/ 17

الأثيل. ومن كلامهم: إذا خرجت من هذا المكان فموضع كذا مظنة من عشية يوم كذا. ومفعول بلغ الثاني محذوف، أي تحيتي لدلالة ما بعده عليه. فإن التحيات أبدا تخفق بها الركائب وتبلغ أربابها. وإن زائدة بعد ما. والركوب: جمع ركوبة. والخفق: الإضطراب. ومنّي: متعلق بمضمر دل عليه أبلغ، أي أوصل. وعبرة: عطف على المفعول المضمر. ومسفوحة: مصبوبة. وجادت لماتحها: أي أجابت داعيها وساعدت مستقيها. والجملة صفة عبرة، وأصله المائح المستقى. وأخرى: عطف على عبرة. وتخفق: صفة أخرى، أي وأد إليه عبرة أخرى قد خنقتني وهي في الطريق لم توجد. قولها: (ظلت ... الى آخره) تحسر منها لما جرى على أبيها، تريد صارت سيوف اخوانه تتناوله بعد أن كانت تذب عنه. ثم قالت كالمستعطفة والمتعجبة: لله أرحام وقرابات في ذلك المكان قطعت. والعامل في (هناك) ينفق، وهو في موضع الأرحام. واللام في لله للتعجب، وهم إذا عظموا شيئا نسبوه إليه تفخيما لأمره. ومحمد: منادى نوّن للضرورة. والواو من: (ولأنت) عاطفة للجملة ومفيدة معنى الحال، وكذا من قولها والفحل. والمعنى: أنت كريم الطرفين. يقال: هو عريق في الكرم إذا كان متناهيا. والمدعو له قولها: (ما كان ... البيت) و (ما) تحتمل الإستفهام والنفي. ورب هنا: للتقليل. والمغيظ: اسم مفعول من غيظ. والمحنق: كذلك من الحنق. والوسيلة: القرابة. ويعتق: على حذف ان والباء. وكان: تامة، أي وأحقهم إن وقع عتق بأن يعتق. فحذف الباء أوّلا ثم أن. 409 - وأنشد: وربّما فات قوما جلّ أمرهم … من التّأنّي، وكان الحزم لو عجلوا هذا من قصيدة للقطامي يمدح بها عبد الواحد بن سليمان بن عبد الملك بن مروان أوّلها (¬1): إنّا محيّوك فاسلم أيّها الطّلل … وإن بليت وإن طالت بك الطّيل ¬

_ (¬1) من قصيدة في جمهرة اشعار العرب 288 - 291 عدها من المشوبات. وليس الشاهد مذكور من ضمنها.

وما هداني لتسليم على دمن … بالغمر، غيرهنّ الأعصر الأول والنّاس من يلق خيرا قائلون له … ما يشتهي، ولأمّ المخطئ الهبل قد يدرك المتأنّي بعض حاجته … وقد يكون مع المستعجل الزّلل وربّما فات قوما بعض أمرهم … من التّأنّي وكان الحزم لو عجلوا والعيش، لا عيش إلّا من تقرّ له … عين، ولا حال إلّا سوف ينتقل ومنها: أمّا قريش فلن تلقاهم أبدا … إلّا وهم خير من يحفى وينتعل قوم هم أمراء المؤمنين وهم … رهط الرّسول فما من بعده رسل ومنها: فقلت للرّكب لمّا أن علا بهم … من عن يمين الحبيّا نظرة قبل ألمحة من سنا برق رأى بصر … أم وجه عالية اختالت بها الكلل وقوله: (من عن يمين الحبيا) استشهد به النحاة على مجئ عن إسما، ولذا جرت بمن. والحبيّا: بضم الحاء المهملة وفتح الموحدة وتشديد التحتية مقصور، مصغر لا تكبير له، اسم موضع بالشام. ويقال: نظرة قبل، بفتح القاف والباء، إذا لم يتقدمها نظر. واختالت: بخاء معجمة، تبخرت. والكلل: بكسر الكاف، جمع كلة، ستر رقيق. 410 - وأنشد: تجاوزت أحراسا عليها ومعشرا … عليّ حراصا لو يسرّون مقتلي (¬1) ¬

_ (¬1) الديوان 13، والخزانة 4/ 496

هو من معلقة امرئ القيس المشهورة (¬1)، وقبله: وبيضة خدر لا يرام خباؤها … تمتّعت من لهو بها غير معجل وبعده: إذا ما الثّريّا في السّماء تعرّضت … تعرّض أثناء الوشاح المفصّل فجئت وقد نضت لنوم ثيابها … لدى السّتر إلّا لبسة المتفضّل فقالت: يمين الله ما لك حيلة … وما إن أرى عنك العماية تنجلي خرجت بها نمشي تجرّ وراءنا … على أثرينا ذيل مرط مرجّل البيضة: كناية عن المرأة. وقوله: تجاوزت أحراسا استشهد به سيبويه في شرح الفصيح على أن التفاعل قد يكون من واحد ويكون متعدّيا. وتعرّضت: انتصبت. والوشاح: القلادة. والمفصل: الذي بين كل لؤلؤتين منه خرزة. ونضت: خلعت. قال الجوهري: نضى ثوبه إذا خلعه، وأنشد البيت: ولبسة، بكسر اللام، هيئة اللباس. والمتفضل: اللابس ثوبا واحدا. واستشهد ابن أم قاسم في شرح الألفية بقوله: (وقد نضت) على أن الجملة الحالية إذا كانت ماضية تصدر وقد استشهد المصنف في التوضيح بقوله: لنوم، على أن العلة اذا لم تقارن الفعل تجرّ باللام ولا ينتصب نصب المفعول له، لأن النوم لم يقارن نضو الثياب. وقوله: خرجت بها ... البيت. أورده المصنف في الباء. قال المبرد في الكامل (¬2): قد أكثروا في الثريا بمثل قول امرئ القيس: إذا ما الثّريّا في السّماء تعرّضت … تعرّض أثناء الوشاح المفصّل ¬

_ (¬1) سبق منها أبيات ص 20 و 96 و 97 و 360 و 451 و 463 و 558 (¬2) ص 741

وهي لا تقارب معناه ولا سهولة ألفاظه. ولبس عباءة وتقرّ عيني … أحبّ إليّ من لبس الشّفوف (¬1) 411 - وأنشد: قال ابن عساكر فى تاريخه: قرأت فى كتاب لبعض الشاميين جمعه في الحنين الى الأوطان، قال: أنا أحمد بن محمد البغدادي، حدثنا أبو بكر بن دريد قال: تزوّج معاوية بن أبي سفيان ميسون بنت بحدل الكلبية أم يزيد، وحملت إلى دمشق فحنت ذات ليلة الى البادية فأنشأت تقول: لبيت تخفق الأرواح فيه … أحبّ إليّ من قصر منيف وكلب ينبح الطّرّاق عنّي … أحبّ إليّ من قطّ ألوف وبكر يتبع الأظعان صعب … أحبّ إليّ من بغل زفوف ولبس عباءة وتقرّ عيني … أحبّ إليّ من لبس الشّفوف وخرق من بني عمّي نحيف … أحبّ إليّ من علج عليف فلما سمعها معاوية قال: جعلتني علجا. وطلقها وألحقها بأهلها. الأرواح: جمع ريح. وتخفق: تضطرب. ومنيف: عال. والطرّاق: جمع طارق، وهو الذي يأتي بالليل. وبكر: بفتح الباء، الفتى من الإبل. والأظعان: جمع ظعينة وهي المرأة في الهودج. وبغل: زفوف: مسرع، وهو بفتح الزاي وضم الفاء الأولى، من الزفيف، وهو ضرب من المشي. واللبس واللباس، بمعنى مصدران. وقيل: اللباس جمع لبس. والعباءة: بالمدّ، شملة الصوف ونحوها. ¬

_ (¬1) ابن عقيل 1/ 272، والخزانة 3/ 592 وامالي ابن الشجري 1/ 251 وسيبويه 1/ 426

وقال: الحربي كساء مخطط، والجمع عباء. ويقال في المفرد أيضا: عباءة. وتقرّ: بفتح القاف، من قرّت العين. وأما في المكان فبكسرها. وقيل: هما بالفتح، وروى بالرفع والنصب. فالأول على أن الجملة حالية من فاعل لبس، المقدر: أي لبس عباءة قارّة عيني. والثاني: على إضمار أن بتأويل مصدر معطوف على المصدر المذكور. واشتقاق قرّت العين إما من القرّ بمعنى البرد ضد الحرّ، أو البرد بمعنى النوم. أو من القرار وهو السكون. لأن العين إذا قرّت بشيء سكنت عن الطموح إلى غيره. والشفوف: بضمتين، الثياب الرقاق. قال ابن سيدة: سميت بذلك لأنها تشف عن ماوارته من البدن. وقال ابن يسعون: عندي إنها سميت بذلك لفضلها وجودتها، من قولهم: لهذا على هذا شف، أي شفوف. وزيادة فضل، وواحد الشفوف شف: بفتح الشين وكسرها. والخرق: السخيّ من الرجال. والعلج: قيل الصلب، وقيل الصلب الشديد، وقيل ذو اللحية. ولا يقال للغلام إذا كان أمرد علج. يقال: استعلج الرجل اذا خرجت لحيته. والعليف: باللام، السمين. ويروى: (عنيف) بالنون، من العنف ضدّ الرفق. ويروى: غليف، بالغين المعجمة، أي يغلّف لحيته بالغالية. وزاد الدميري في الأبيات: وأصوات الرّياح بكلّ فجّ … أحبّ إليّ من نقر الدّفوف وأكل كسيرة في كسر بيتي … أحبّ إليّ من أكل الرّغيف وزاد بعضهم في الأبيات قولها: خشونة عيشتي في البدو أشهى … إلى نفسي من العيش الظّريف فما أبغي سوى وطني بديلا … وحسبي ذاك من وطر شريف 412 - وأنشد: فلو نبش المقابر عن كليب … فيخبر بالذّنائب أيّ زير (¬1) ¬

_ (¬1) شعراء الجاهلية 168 - 170 وفيه: (ولو تشر المقابر ... لأخبر)

بيوم الشّعثمين لقرّ عينا … وكيف لقاء من تحت القبور؟ هذان من قصيدة لمهلهل يرثي بها أخاه كليبا، وأوّلها: أليلتنا بذي حسم أنيري … إذا أنت انقضيت فلا تحوري فإن يك بالذّنائب طال ليلي … فقد أبكي من اللّيل القصير وأنقذني بياض الصّبح منها … لقد أنقذت من شرّ كثير كأنّ كواكب الجوزاء عود … معطّفة على ربع كسير تلألأ واستقلّ لها سهيل … يلوح كقمّة الجبل الفدير (¬1) وتحنو الشّعرتان إلى سهيل … كفعل الطّالب القذف الغيور كأنّ النّجم إذ ولّى سحيرا … فصال جلن في يوم مطير ذو حسم: بضم الحاء وفتح السين، اسم موضع (¬2). وأنيري: من الانارة. ولا تحوري: من حار إذا رجع. والذّنائب: بفتح الذال المعجمة، ثلاث هضبات بنجد بها قبر كليب المذكور (¬3) ... ومعنى البيت: ان كان طال ليلي بهذا الموضع لقتل أخي، فقد كنت أستقصر الليل وهو حيّ. والعوذ: الحديثات النتائج، واحدها عائذ. سميت بذلك لأن أولادها تعوذ بها. والربع: ما نتج في الربيع. بقول: كأن كواكب الجوزاء فوق حديثات النتاج، عطفت على ربع مكسور فهي ¬

_ (¬1) في شعراء الجاهلية 17 برواية: وتحنو الشعريان الى سهيل … يلوح كقمة الجبل الكبير (¬2) كذا ضبطه السيوطي، وفي معجم ما استعجم 446 بضم أوله وثانيه واستشهد بالبيت والذي يليه، وكذا ضبط في الاصمعيات 173 والامالي 2/ 130 (¬3) وكذا ضبطه البكري في معجمه 446 و 615، والبيت في تاج العروس وضبط في الاصمعيات بكسر الذال المشددة. وانظر يوم الذنائيب في العقد الفريد 5/ 218

فائدة: [مهلهل]

لا تتركه، وهو لا يقدر على النهوض. والزير: بكسر الزاي، الذي يكثر زيادة النساء. وكان أخوه كليب يعيره ويقول: إنما أنت زير نساء، فقال ذلك. قال القالي (¬1): تقديره فيخبر بالذّنائب أيّ زير أنا. والشعثمان: شعث وشعيث ابنا معاوية بن عمرو بن عقل بن تغلب. وقال القالي (¬2): الشعثمان: موضع معروف. فائدة: [مهلهل] مهلهل هذا اسمه امرؤ القيس بن ربيعة بن مرة بن الحارث بن زهير بن جشم ابن بكر بن الحبيب بن عمرو بن ثعلب بن أسد بن ربيعة بن نزار، وإنما سمّي مهلهلا لبيت قاله لزهير بن جناب الكلبيّ (¬3): لمّا توّعر في الكراع هجينهم … هلهلت أثأر جابرا أو صنبلا الكراع: أنف الجرّة، وقيل انما سمى مهلهلا لأنه أوّل من أرق المراثي، حكاه القالي في أماليه. قال (¬4): واسمه عديّ وفي ذلك يقول: رفعت رأسها إليّ وقالت … يا عديّا لقد وقتك الأواقي قال: وهو أوّل من قصد القصائد (¬5) وفيه، يقول الفرزدق (¬6): ومهلهل الشّعراء ذاك الأوّل ولم يقل أحد قبله عشر أبيات غيره، انتهى. وقال في الأغاني (¬7): اسمه عدي، ¬

_ (¬1) 1/ 24 (¬2) 2/ 131 وقال البكري في اللآلي: الشعثمان: شعثم وشعيث ابنا عامر بن ذهل بن ثعلبة. (¬3) اللآلي 112، والخزانة 2/ 235، والامالي 2/ 129 (¬4) 2/ 129، وانظر اللآلي 111 /، ونسب الجوهري وابن سيده البيت الى مهلهل، وقال الصاغاني في التكملة: وليس البيت لمهلهل وإنما هو لأخيه عدي، ويروى البيت: (ضربت صدرها ...). (¬5) انظر الموشح 74 والشعراء 256، والخزانة 2/ 23 (السلفية). (¬6) عجز بيت من قصيدة في ديوانه 720، وهو في الشعراء 256 (¬7) 4/ 139 (بولاق).

ولقب مهلهلا لطيب شعره ورقته. وقيل: إنه أوّل من قصد القصائد، وقال الغزل، فقيل: هلهل الشعر أي أرقه. وهو أوّل من كذب في شعره، وهو خال امرئ القيس بن حجر الكندي. وقال ابن سلام (¬1): زعمت العرب أنه كان يتكثر ويدعي قوله بأكثر من فعله. قال: وكان شعراء الجاهلية في ربيعة أوّلهم المهلهل، والمرقشان، وسعد بن مالك الذي يقول (¬2): يا بؤس للحرب الّذي … وضعت أراهط فاستراحوا 413 - وأنشد: لو غيركم علق الزّبير بحبله … أدّى الجوار إلى بني العوّام (¬3) هذا من قصيدة لجرير يهجو بها الفرزدق، وأولها (¬4): سرت الهموم فبتنا غير نيام … وأخو الهموم يروم كلّ مرام ذمّ المنازل بعد منزلة اللّوى … والعيش بعد أولئك الأيّام ومنها: ولقد أراني والجديد إلى بلى … في موكب طرف الحديث كرام (¬5) قوله: يروم كل مرام، أي يطلب كل مطلب. واللوي: بكسر اللام، اسم موضع. وذم: أمر من الذم، وفي ميمه الحركات الثلاث، الفتح للخفة، والكسر لالتقاء الساكنين، والضم للاتباع. وقوله: بعد أولئك الأيام، استشهد به النحاة ¬

_ (¬1) ص 33 - 34 (¬2) امالي ابن الشجري 1/ 247 (¬3) ديوانه 553، وفيه: (ورحله). (¬4) ديوانه 551 - 553 (¬5) ويروى: (في فتية طرف ...).

منهم المصنف في التوضيح على الإشارة بأولئك لغير العقلاء. وروى بدله: (أولئك الاقوام)، وقيل أنه الصواب، فلا شاهد فيه. 414 - وأنشد: لا يأمن الدّهر ذو بغي ولو ملكا … جنوده ضاق عنها السّهل والجبل لم يسم قائله. ولامه ناهية، والدهر: مفعول، أي حوادث الدهر، أو ظرف، أي لا يأمن في الدهر الحوادث، أو لا يكن ذا أمن في الدهر، ولا حاجة لمفعول. ولو: بمعنى أن، وما قبلها دليل الجواب. والجملة الأسمية صفة ملكا. 415 - وأنشد: لو بغير الماء حلقي شرق … كنت كالغصّان بالماء اعتصاري (¬1) هذا من أبيات لعدي بن زيد بن حمار التميمي (¬2)، وقد حبسه النعمان بن المنذر بعد ان كان صديقا له، وهو الذي أشار على كسرى أن يملكه الحيرة، وكره ذلك عدى بن أوس، وكان يريد الملك للأسود بن المنذر، فما زال حتى أوقع بينه وبين النعمان فقيده وحبسه، فقال (¬3): أبلغ النّعمان عنّي مألكا … إنّني قد طال حبسي وانتظاري (¬4) لو بغير الماء حلقي شرق … كنت كالغصّان بالماء اعتصاري نحن كنّا قد علمتم قبلها (¬5) … عمد البيت وأوتاد الإصار نحسن الهبأ إذا استهبأتنا … ودفاعا عنك بالأيدي الكبار ¬

_ (¬1) الخزانة 3/ 594، والاغاني 2/ 114 (الدار). (¬2) انظر ص 469 و 471 و 493 (¬3) الاغاني 20/ 114 (الدار). (¬4) ولعدي بيت آخر صدره هذا البيت وعجزه: قول من قد خاف ظنا فاعتذر وانظر الاغاني 2/ 113 (الدار). (¬5) في الأغاني 2/ 104: (قبلكم).

فلم يرث له النعمان وألح في سجنه، فكلّم عمير أخو عدي كسرى فأمر النعمان بتخليته، فخاف النعمان أن يكيده إذا خلاه فأرسل إليه من خنقه. وهو أوّل عربي قتل خنقا. فذهب ولد عدي، واسمه زيد، الى كسرى، وكان النعمان عنده فقال له يوما: رأيت رغبتك في النساء وعند آل المنذر ما تشتهيه، إلا أنهم يأبون مصاهرتك! فبعث إلى النعمان زيد بن عدي واسوار معه يريده على تزويجه بعض بناته أو اخواته، فقال النعمان: أما وجد الملك من مها السواد وفارس ما يكتفي به؟ قال زيد لاسوار: اسمع ما يقول، ثم ورد على كسرى فذكر انه قال: ان للملك في ثغر السواد كفاية. وإنما قال النعمان: المها، وأراد الحسان. فغضب كسرى وكتب الى النعمان أن أقبل فأقبل. فأمر به كسرى فألقي تحت أرجل الفيلة فقتلته. قوله مألكا: أي رسالة. وشرق: بفتح المعجمة وكسر الراء صفة مشبهة من شرق بريقه إذا غص. والغصّان: بفتح الغين المعجمة وتشديد الصاد المهملة، من غص بالطعام. والإعتصار: الملجأ، قاله أبو عبيدة. والمعى: لو شرقت بغير الماء أسغت شرقى بالماء، فإذا غصصت بالماء فبم أسيغه. وقال الجوهري: الإعتصار أن يغصّ الإنسان بالطعام فيعتصر بالماء، وهو أن يشربه قليلا قليلا ليسيغه وأنشد البيت (¬1). وقد وقع فيه إيلاء لو الجملة الأسمية، فقيل هو على ظاهره شذوذا. وقيل على تقدير فعل، أي لو شرق بغير الماء حلقي هو شرق. وقيل: على تقدير كان والجملة خبر كان الثانية. 416 - وأنشد: لو في طهيّة أحلام لما عرضوا … دون الّذي أنا أرميه ويرميني (¬2) هذا من قصيدة لجرير يهجو بها الفرزدق، أوّلها: ما بال جهلك بعد الحلم والدّين … وقد علاك مشيب حين لا حين ¬

_ (¬1) قال البغدادي في الخزانة 3/ 596: وتحقيقه ان الاعتصار الالتجاء، كما قاله ابو القاسم على بن حمزة البصري فيما كتبه على النبات لأبي حنيفة الدينوري. وساق البغدادي كلام أبي القاسم هذا بنصه، ثم قال: وقد صار البيت مثلا للتأذي ممن يرجى احسانه. وقد اورد الميداني المثل: (لو بغير الماء غصصت) وقال: انه يضرب لمن يوثق به ثم يؤتي الواثق من قبله، واستشهد بالبيت. (¬2) ديوانه 587

للغانيات وصال لست قاطعه … على مواعد من خلف وتلوين ومنها: مجاشع قصب جوف مكاسره … صفر القلوب من الأحلام والدّين قال شارح ديوان جرير: طهيّة بنت عبد شمس بن سعد، وهي أم عوف وأبي سود ابني مالك بن حنظلة، والبيت في ديوانه: .... لما اعترضوا … دون الذي كنت .... 417 - وأنشد: إذا ابن أبي موسى بلالا بلغته (¬1) هو لذي الرّمة من قصيدة يمدح بها بلال بن أبي موسى الأشعري. وتمامه: فقام بفأس بين وصليك جازر قال البطليوسي في شرح الكامل: ويروى برفع ابن ونصبه، وكلاهما محمول على فعل مضمر، والوجه النصب، لأن سببه منصوب، وهو قوله بلغته. فجرى مجرى قولك: (إذا زيدا رأيته فاكرمه) فكأنه (إذا قال ابن أبي موسى بلالا بلغته). قال: اذا بلغ ابن أبى موسى، ثم فسره بقوله بلغته. وقبل هذا البيت: أقول لها إذ شمّر اللّيل واستوت … بها البيد واشتدّت عليه الحرائر ضمير لها للناقة. وشمر: ذهب أكثره. (واستوت بها البيد): أي استوى سيرها في البيد ومضت على قصده. والحرائر: جمع حرور. وأوّل القصيدة (¬2): لميّة أطلال بحزوى دواثر … عفتها السّوافي بعدنا والمواطر حزوى: اسم موضع. وعفتها: محتها. والسوافي: بالفاء، الرياح التي تسفى ¬

_ (¬1) ديوانه 253، والخزانة 1/ 450، وامالي ابن الشجري 1/ 28 وسيبويه 1/ 42 والكامل 115 و 1049 والامالي 1/ 58 (¬2) الديوان 239

التراب. والمواطر: جمع ماطرة. ومن أبيات هذه القصيدة بيت استشهد به على وصف أي في النداء باسم الأشارة موصوف بأل، وهو (¬1): ألا أيّهذا الباخع الوجد نفسه … لشيء نحته عن يديه المقادر 418 - وأنشد: عندي اصطبار، وأمّا أنّني جزع … يوم النّوى فلوجد كان يبريني لم يسم قائله. وجزع: بفتح الجيم وكسر الزاي، صفة من الجزع بفتحتين، وهو نقيض الصبر. والنوى: البعد والفراق. والوجد: شدّة الشوق. ويبريني: من بريت القلم، إذا نحته، وأصله من البرى وهو القطع. يقال: برت الأرض إذا هزلت. وقد استشهد المصنف في التوضيح بالبيت على أن المبتدأ إذا كان أن وصلتها يجب تقديم الخبر خوفا من التباس المكسورة بالمفتوحة، أو من التباس المصدرية بالتي بمعنى لعل، ما لم تكن بعد أما كما في البيت، فإنه يجوز فيه التقديم والتأخير. 419 - وأنشد: ما أطيب العيش لو أنّ الفتى حجر … تنبو الحوادث عنه وهو ملموم هو لتميم ابن أبيّ ابن مقبل (¬2)، وبعده: لا يحرز المرء أحجاء البلاد ولا … تبنى له في السّموات السّلاليم لا ينفع المرء أنصار ورايته … تأبى الهوان إذا عدّ الجراثيم قال ابن يسعون: هذه الأبيات من الأمثال الحسان السائرات في تمني المرء عند النائبات أن يكون من الجمادات التي لا تتألم للأناث. وإن شدة التوقي والحذر ¬

_ (¬1) ديوانه 251 (¬2) ديوانه 273.

لا يدفع محتوم القدر، ولو اختار من الأرض نفقا، أو استطاع الى السماء مرتقى. والأحجاء: جمع حجا، وهو الملجأ والمهرب. ويطلق أيضا على الجانب والناحية ومنعرج الوادي. وحجا العين: جانبها. وواحد السلاليم: سلم، وهو المرقاة والدرجة إلى الإرتفاع، مشتق من السلامة تفاؤلا للمرتقى، يذكر ويؤنث. وكان القياس السلالم بغير ياء، إلا أنه زاد الياء ضرورة. والجراثيم: الأشراف. 420 - وأنشد: ولو أنّها عصفورة لحسبتها … مسوّمة تدعو عبيدا وأزنما (¬1) هو من مقطوعة لجرير قالها في يوم العظالى، وقبله (¬2): وفرّ أبو الصّهباء إذ حمي الوغى … وألقى بأبدان السّلاح وسلّما وأيقن أنّ الخيل إن تلتبس به … تئم عرسه أو تملأ البيت مأتما (¬3) ولو أنّها عصفورة لحسبتها … مسوّمة تدعو عبيدا وأزنما عبيد: بضم العين، وأزنما: قبيلتان من بني يربوع. وحسبتها: بالخطاب، التفاتا من الغيبة. ومسوّمة: أي خيلا مسوّمة. وقوله: ولو أنها عصفورة، قال صاحب كتاب مناقب الشبان: نظيره قول جرير أيضا (¬4): ما زلت تحسبهم كلّ شيء بعضهم … خيلا تكرّ عليهم ورجالا ويروى أن الأخطل لما سمع هذا البيت قال: قد استعان عليه بالقرآن، يعني ¬

_ (¬1) ديوان جرير 566، وهو في حماسة البحتري ص 412 للبعيث أو جرير. وفي العقد الفريد 1/ 195 للعوام بن شوذب الشيباني في بسطام وأصحابه. (¬2) هذه الأبيات ليست في ديوان جرير وهي في العقد للعوام. (¬3) عجز البيت في العقد برواية: يعد غائما أو يملأ البيت مأتما. (¬4) ديوانه 451 وفيه: (... تحسب كل شيء بعدهم ... تشد عليكم ...)

قوله تعالى: (يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ). قال صاحب مناقب الشبان: والمعنى في الآية بأجل لفظ وأحسن اختصار. قال: وقريب من البيت وليس مثله قول الآخر (¬1): إذا خفق العصفور طار فؤاده … وليث حديد النّاب عند الثّرائد ووقع في الشواهد الكبرى للعيني نسبة (ولو أنها عصفورة ... البيت). الى العوام بن الشوذب الشيباني، ولا أدري من أين له ذلك، فانه مع البيتين قبله في ديوان جرير. ثم رأيت أبا عبيدة في كتاب أيام العرب ذكر وقعة العظالي فبسطها وذكر أن هذه الأبيات قالها العوام الشيباني فيها من جملة أبيات كثيرة أوّلها: إن يك في جيش الغبيط ملامة … فجيش العظالى كان أحرى وألوما (¬2) قال: ويوم العظالي يسمى أيضا يوم بطن الإياد ويوم الأفاقة ويوم اعشاش ويوم مليحة (¬3). قال وإنما سمي يوم العظالي لأنه تعاظل على الرياسة بسطام بن قيس وهاني بن قبيصة ومعروف بن عمرو (¬4). 421 - وأنشد: لو أنّ حيّا مدرك الفلاح … أدركه ملاعب الرّماح هو للبيد بن عامر العامري. والفلاح: الفوز والبقاء والنجاة. وملاعب الرماح: أراد به أبا عامر بن مالك بن جعفر بن كلاب، الذي يقال له ملاعب الأسنة. وإنما قال ملاعب الرماح للضرورة. ¬

_ (¬1) هو حرثان بن عمرو، أو عمرو بن حرثان، وانظر الامالي 2/ 157 واللآلي 779 وعيون الاخبار 1/ 166 وفيه نسب لعبد الملك خطأ. (¬2) كذا بالاصل، وفي العقد: (أخزى). (¬3) الإياد - بالكسر -: موضع بالحزن لبني يربوع بين الكوفة وفيد. والأفاقة - بضم الهمزة -: ماء لبني يربوع. وأعشاش. موضع في بلاد بني تميم لبني يربوع بن حنظلة. ومليحة: موضع في بلاد بني تميم. (وانظر البلدان). (¬4) في معجم البلدان: (سمي بذلك لان الناس فيه ركب بعضهم. وقيل: بل ركب الاثنان والثلاثة فيه الدابة الواحدة.

422 - وأنشد: لو يشا طار به ذو ميعة … لا حق الآطال نهد ذو خصل (¬1) عزاه في الحماسة لامرأة من بني الحارث، وقال العيني: هو لعلقمة، وقبله: فارس ما غادروه ملحما … غير زمّيل ولا نكس وكل وبعده: غير أنّ البأس منه شيمة … وصروف الدّهر تجري بالأجل فارس خبر مبتدأ محذوف، أي هو، و (ما) زائدة لتفخيم شأن المرثى، أي فارس رفيع المحل. وغادروه: تركوه، نعت (¬2). وملحما: قتيلا طعمة لعوافي السباع والطير (¬3)، حال من الهاء، وغير: نعت ملحم. والزمّيل، بضم الزاي وفتح الميم المشددة وسكون الياء التحتية ولام، الجبان الضعيف، كأنه زمّل بالعجز كما يزمّل الرجل في الثوب. والنكس: بكسر النون وسكون الكاف ومهملة، المقصر عن غاية النجدة والكرم. وأصله في السهام الذي انكسر فجعل أسفله أعلاه، فلا يزال ضعيفا. والوكل: الجبان الذي يتكل على غيره فيضيع أمره. وقد أورد المصنف هذا البيت شاهدا (في الباب الخامس، على إنه من باب الاشتغال) (¬4). ويشا: بحذف الهمزة إما ضرورة، وإما خبر (ما) بلو، وتشبيها لها بأن. وذو: نعت لمحذوف، أي فرس. والميعة: النشاط، أي لو شاء لأنجاه فرس له ذو نشاط. ولاحق الآطال: أي ضامر الجنبين، وهو بالمدّ جمع أطل بوزن أبل، وهي الخاصرة. ¬

_ (¬1) الخزانة 4/ 521، وامالي ابن الشجري 1/ 166 و 299 والحماسة 3/ 121 (¬2) في ابن الشجري 1/ 300، قولها: فارسا ما غادروه، نصبت (فارسا) بمضمر فسره (غادروه). (¬3) وكذا في التبريزي، وفي ابن الشجري: (الملحم: الذي أحيط به في الملحمة، وهو الموضع الذي يلتحم فيه المتحاربون) (¬4) بياض بالاصل.

ونهد: بفتح وسكون، غليظ. وذو خصل: أي من الشعر. وقوله: غير أنّ البأس منه شيمة قال: على حدّ قوله (¬1): ولا عيب فيهم غير أنّ سيوفهم ومنه نعت لشيمة قدم عليه. وصروف الدهر: مبتدأ خبره تجري، وبالأجل: حال، أي تجري ومعها الأجل، أو مفعول به، والباء معدية، أي تجري للأجل. وقال المرزوقي في المعنى: إنه ثبت ولم ير لنفسه لفرار، لأن الصبر في الشدة والبأس عادة وطبيعة، ولأن صروف الدهر تجري إلى النفوس بآجالها، ولكل حيّ وقت معلوم. فإذا انتهى به العمر الى ذلك الوقت انقطع. وفي الشواهد الكبرى للعيني: ملحما بالمهملة، اسم مفعول من ألحم الرجل، إذا نشب في الحرب فلم يجد له مخلصا. وألحمه: غيره فيها، ولحم: إذا قتل. قال: وقد ضبطه بعضهم بالجيم. وقد أورده ابن الناظم، فارسا، بالنصب، مستشهدا به على جواز النصب في الاشتغال لعدم وجود الموجب لأحد الامرين. والمرجح للرفع والمسوّي لهما. 423 - وأنشد: تامت فؤادك لو يحزنك ما صنعت … إحدى نساء بني ذهل بن شيبانا تامت: بمعنى تيمت، وقد استشهد به المصنف في شرح بانت سعاد على ذلك. وقال استشهد به ابن الشجري على أن (لو) قد تجزم، حملا على أن، ولا دليل فيه لاحتمال انه سكنه تخفيفا لتوالي الحركات، كقراءة أبي عمرو (وما يشعركم). 424 - وأنشد: ولو نعطي الخيار لما افترقنا … ولكن لا خيار مع اللّيالي ¬

_ (¬1) انظر ص 349، الشاهد رقم 162.

425 - وأنشد: أما والّذي لو شاء لم يخلق النّوى … لئن غبت عن عيني لما غبت عن قلبي قال القالي في أماليه (¬1): أنشدنا أبو بكر بن الأنباري، قال أنشدنا أبو بكر السمان قال أنشدنا أبو علي الغز قال أنشدنا مسعود بن بشر: أما والّذي لو شاء لم يخلق النّوى … لئن غبت عن عيني لما غبت عن قلبي يوهّمنيك الشّوق حتّى كأنّما … أناجيك من قرب وإن لم يكن قربي 426 - وأنشد: لو شئت قد نقع الفؤاد بشربة … تدع الحوائم لا يجدن غليلا هذا من قصيدة لجرير يهجو بها الفرزدق، وقبله، وهو أوّل القصيدة (¬2): ألم أر مثلك يا أمام خليلا … أنأى بحاجتنا وأحسن قيلا وبعده: بالعذب من رصف القلاة مقيلة … قضّ الأباطح لا يزال ظليلا ومنها: إنّي تذكّرني الزّبير حمامة … تدعو بمجمع نخلتين هديلا قالت قريش: ما أذلّ مجاشعا … جارا وأكرم ذا القبيل قبيلا لو كان يعلم عذر آل مجاشع … يقل الرّجال فأسرع التّحويلا (¬3) ¬

_ (¬1) 2/ 196. (¬2) ديوانه 453 - 455 (¬3) كذا بالاصل، وفي الديوان: (نقل الرحال).

أمام: مرخم أمامة. وأنأى، قال العيني: من أناءه الحمل إذا أثقله. وشئت: بكسر التاء خطاب لها. ونقع: بالنون والقاف والعين المهملة، من نقعت بالماء إذا رويت، يقال: شرب حتى نقع، أي شفى غليله. ويروى: بمشرب، بدل شربة. وتدع: تترك. والحائم: الطالب للحاجة، من حام يحوم حوما، وأصله من الحوم حول الماء. ويروى بدله: الصوادي، أي جمع صادية، من الصدى، وهو العطش. والغليل: بالغين المعجمة، حرارة العطش. والرصف: بفتح الراء والصاد المهملة، الحجارة. والقلات: جمع قلة، وهي نقرة في الجبل يستنقع فيها الماء، مثل سهم وسهام. والقض: الموضع الخصب، وهو أعذب لمائه، وأصفى. ونخلتان عن يمين بستان بني عامر وشماله، ويقال لهما: النخلة اليمانية والشامية. واستشهد ابن أم قاسم بقوله: لا تجدن، على أنه بضم الجيم، لغة بني عامر، بمعنى تصبن ولهذا اكتفى بمعمول واحد وهو غليلا. 427 - وأنشد: قالت سلامة: لم يكن لك عادة … أن تترك الأعداء حتّى تعذرا لو كان قتل يا سلام فراحة … لكن فررت مخافة أن أوسرا

شواهد لولا

شواهد لولا 428 - وأنشد: فو الله لولا الله تخشى عواقبه … لزعزع من هذا السّرير جوانبه قال الحافظ أبو بكر بن أبي الدنيا في كتاب الأشراف، حدثني أبي عن محمد ابن اسحق، عن سليمان بن جبير، مولى ابن عباس، وقد أدرك أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ما زلت أسمع حديث عمر هذا انه خرج ذات ليلة يطوف بالمدينة، وكان يفعل ذلك كثيرا، فمرّ بامرأة مغلقة عليها بابها، وهي تقول، فاستمع لها عمر: تطاول هذا اللّيل تسري كواكبه … وأرّقني أن لا ضجيع ألاعبه فو الله لولا الله لا شيء غيره … لحرّك من هذا السّرير جوانبه وبتّ ألاهي غير بدع ملعّن … لطيف الحشا لا يحتويه مصاحبه يلاعبني طورا وطورا كأنّما … بدا قمرا في ظلمة اللّيل حاجبه يسرّ من كان يلهو بقربه … يعاتبني في حبّه وأعاتبه ولكنّني أخشى رقيبا موكّلا … بأنفسنا لا يفتر الدّهر كاتبه ثم تنفست الصعداء، وقالت: لهان على ابن الخطاب وحشتى، في بيتي، وغيبة زوجي عني، وقلة نفقتي؟ فقال عمر: يرحمك الله! فلما أصبح بعث إليها بنفقة

وكسوة وكتب إلى عامله يسرّح إليها زوجها. وقال مالك بن أنس في الموطأ عن عبد الله بن دينار: ان عمر بن الخطاب خرج من الليل فسمع امرأة تقول: تطاول هذا اللّيل واسودّ جانبه … وأرّقني أن لا خليل ألاعبه فو الله لولا الله إنّي أراقبه … لزلزل من هذا السّرير جوانبه فقال عمر بن الخطاب: كم أكثر ما تصبر المرأة عن زوجها؟ فقالت حفصة: ستة أشهر أو أربعة. فقال عمر: لا أحبس أحدا من الجيش أكثر من أربعة أشهر. 429 - وأنشد: تعدّون عقر النّيب أفضل مجدكم … بني ضوطرى لولا الكميّ المقنّعا (¬1) هذا من قصيدة طويلة لجرير يردّ بها على الفرزدق، أوّلها (¬2): أقمنا وربّتنا الدّيار ولا أرى … كمربعنا بين الحنيّين مربعا ألا حبّ بالوادي الّذي ربّما نرى … به من جميع الحيّ مرأى ومسمعا ومنها: بني مالك إنّ الفرزدق لم يزل … فلوّ المخازي مذ لدن أن تيفّعا ومنها: تركت له القينين قيني مجاشع … ولا يأخذان النّصف شتّى ولا معا ¬

_ (¬1) ابن عقيل 1/ 143، والخزانة 1/ 461، وهو في ديوان جرير 338. والكامل 239، وامالي ابن الشجري 1/ 250 وفيه (عقر البيت). (¬2) الديوان 333

ورأيت في تفسير ابن المنذر نسبة هذا البيت إلى الأشهب بن رميلة (¬1). عقر: من عقرت الناقة، إذا عقر قبتها لئلا تبرح لما يرام من نحوها. والنيب: بكسر النون وسكون التحتية وموحدة، جمع ناب، وهي الناقة التي نصف سنها. وقال الجوهري: هي المسنة من النوق، وأصله فعل بضم الفاء وسكون العين، وإنما كسرت النون لتسلم الميم. قيل: سميت نابا لطول نابها. والضوطرى: الحمقاء، وزنها فو على كالحوزلى (¬2). والكميّ: بفتح الكاف وكسر الميم وتشديد التحتية، الشجاع الذي لا يكتم. وقيل: الذي يكمي شجاعته، أي يخفيها. والمقنّع: بضم الميم وفتح القاف وتشديد النون وعين مهملة، الذي عليه مغفر أو بيضة. قال البطليوسي (¬3): كان غالب أبو الفرزدق فاخر سحيم بن وثيل الرياحي في نحر الإبل والإطعام، حتى نحر مائة ناقة، فنحر سحيم ثلاثمائة ناقة، وقال للناس: شأنكم بها. فقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: مما أهلّ لغير الله فلا يأكل أحد منها شيأ. فأكلتها السباع والطير والكلاب. وكان الفرزدق يفتخر بذلك في شعره، فقال جرير: ليس الفخر في عقر النوق والجمال، إنما الفخر بقتل الشجعان والأبطال. 430 - وأنشد: عاف تغيّر إلّا النّؤي والوتد (¬4) ¬

_ (¬1) في الكامل 239: (نسب لجرير، وقيل للأشهب بن رميلة). وفي الخزانة 1/ 463: (بيت الشاهد نسبه ابن الشجري في أماليه للاشهب بن رميلة، وكذا غيره، والصحيح أنه من قصيدة لجرير لاخلاف بين الرواة أنها له). وفي ابن الشجري 1/ 250: (كقول الشاعر: ... عقر البيت). (¬2) في الخزانة 1/ 462: (وبنو ضوطري: منادي، قال ابن الأثير في المرصع: بنو ضوطرى، ويقال فيه: أبو ضوطرى: هو ذم وسب. وأنشد البيت، وقال: وضوطرى: هو الرجل الضخم اللئيم الذي لا غناء عنده، وكذلك القنوطر والضيطر. ومثله في سفر السعادة، وزاد ضياطرا، وقال: وجمع ضيطار ضياطره. وقال حمزة بن الحسين: العرب تقول: يا ابن ضوطر، أي يا ابن الأمة. وقال اللخمي: الضوطر: المرأة الحمقاء). (¬3) انظر الخزانة 1/ 462 - 463، وذيل الامالي 52 - 54. (¬4) ديوان الاخطل 168، والبيت من قصيدة يمدح عبد الله ويزيد بن معوية، وهي في الديوان 167 - 176 وفيه: (... منها منزل).

هو للأخطل وصدره: وبالصّريمة منهم منزل خلق الصريمة: بفتح المهملة وكسر الراء، اسم موضع، وهي في الاصل كل رملة انصرمت من معظم الرمل. وخلق: بفتحتين، بال، يستوي فيه المذكر والمؤنث. وعاف: دارس. والنؤيّ بضم النون وسكون الهمزة ثم ياء تحتية: حفرة تكون حول الخباء لئلا يدخل ماء المطر، ويجمع على نؤيّ: بضم النون وكسر الهمزة وتشديد الياء، وعلى نئيّ: بكسر النون. وقوله: (منهم) حال من منزل (¬1). وقيل: من تغير. وخلق وعاف صفتان لمنزل. وكذا تغير صفة له أخرى. وإلا النؤى: استثناء من الضمير في تغير، على طريق الإبدال، وان كان غير موجب، إلا انه في معنى لم يبق على حالة فأجرى مجرى النفي. وقد استشهد المصنف على ذلك. 431 - وأنشد: ألا زعمت أسماء أن لا أحبّها … فقلت: بلى، لولا ينازعني شغلي (¬2) هذا مطلع قصيدة لأبي ذؤيب الهذلي، وبعده: جزيتك ضعف الودّ لمّا اشتكيته (¬3) … وما إن جزاك الضّعف من أحد قبلي فإن تزعميني كنت أجهل فيكم … فإنّي شريت الحلم بعدك بالجهل فقال صحابي: قد غبنت وخلتني … غبنت، فلا أدري أشكلهم شكلي؟ على أنّها قالت: رأيت خويلدا … تنكّر حتّى عاد أسود كالجذل ¬

_ (¬1) قوله: (منهم) جار ومجرور في محل النصب من الحال من منزل. والتقدير: حال كونه متخلفا منهم، فيكون المتعلق محذوفا. وقد قيل إنه يتعلق بقوله: تغير، وفيه بعد (¬2) الخزانة 1/ 498، وديوان الهذليين 1/ 34 (¬3) كذا بالاصل، وفي الديوان: (لما شكيته)، ويروى (لما استبنته).

فتلك خطوب قد تملّت شبابنا … قديما فتبلينا المنون وما نبلي وتبلي الأولى يستلئمون على الأولى … تراهنّ يوم الرّوع كالحداء القبل قال المصنف في شواهده: ينازعني مبتدأ بتقدير أن، ولولا، كلمتان، يعني لو لم. وجواب لولا، أو لو لم، محذوف (¬1). وقوله: تزعميني ... البيت. أورده المصنف في الكتاب الثاني شاهدا على أن الجملة وقعت مفعولا ثانيا لظنّ. وتزعميني: تظنيني كنت أجهل في اتباعي لك. وشريت هنا: بمعنى اشتريت. وإنما قالوا له مغبون: في بيعه الجهل بالحلم. لأنهم كانوا معه على الجهل، فقال هو: بل إن الغابن ولا أدري أهم على ما أنا عليه أم لا. والمعنى: أطريقهم طريقي أم غيرها، فحذف أم ومعطوفها كقوله: فما أدري أرشد طلابها وخويلد: اسم أبي ذؤيب. وتنكر: تغير. والجدل بكسر الجيم وسكون الذال المعجمة أصل الشجرة. وقيل: العود اليابس. وخطوب: جمع خطب، وهو الأمر العظيم. وتملت: استمتعت، يقال: تمليت عمري أي استمتعت به. والمنون: الدهر، لأنه يمن قوى الانسان، أي ينقصها. ويكون بمعنى الموت، لأنه يقطع الحياة، من قوله تعالى: (لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ) * يقول: إن حوادث الدهر أكلت شبابنا قديما، وتمتعت به، وانما تبلينا وما نبليها نحن، وأنها تبلي القوم الذين ¬

_ (¬1) في الديوان: (ينازعني: يجاذبني. يقول: لو يخلّيني شغلي وما أريد يشير الى ان جواب (لولا) في البيت الآتي. ولم يشرح السيوطى البيت: (جزيتك ضعف الود). ذكر الأصمعي ان ابا ذؤيب لم يصب في قوله: (ضعف الود) في هذا البيت. وانما كان ينبغى ان يقول: (ضعفي الود) وانما يريد أضعفت لك الود (انظر اللسان مادة ضعف). والوجه في تخطئ الأصمعي لأبي ذؤيب انه اراد بضعف الشيء مثله. فإذا جزاها مثل ودها لم يفعل شيئا. قال في اللسان: الضعف في كلام العرب على ضربين: احدهما المثل. والآخر أن يكون في تضعيف الشيء. وهذا الاخير هو الذي يستقيم عليه البيت.

يستلئمون، أي يلبسون لأمة الحرب ويركبون على الخيل التي تراها في يوم الفزع، لخفتها في السير وشدة عدوها، كأنها حداء، وهي الطير المعروف، والمفرد حدأة، كعنب وعنبة. والقبل: بضم القاف وسكون الموحدة، التي في عينها قبل، بفتحتين، أي حول، وهو اقبال سواد كل من العينين على الآخر، وذلك لتقلب أعينهنّ من شدة طيرانهنّ وفزعهنّ. وقد استشهد النحاة بالبيت الأخير على استعمال الاولى لجمع المذكر والمؤنث بدليل ما عاد على كل منهما من ضميره. وأورد المصنف قوله: فإن تزعميني ... البيت، في الكتاب الثاني على أن زعم تنصب مفعولين، واستشهد به ابن مالك وغيره. شرح شواهد المغني م - 43

شواهد لم

شواهد لم 432 - وأنشد: لولا فوارس من نعم وأسرتهم … يوم الصّليفاء لم يوفون بالجار (¬1) قال العيني في الكبرى: لم يسم قائله. والفوارس: جمع فارس على غير قياس. وقوله: (من نعم) يروى بدله (من ذهل). وأسرة الرجل: بضم الهمزة، رهطة، لأنه يتقوّى بهم. والصليفاء: بضم المهملة وفتح اللام وسكون التحتية وفاء ومد، اسم موضع، وهو في الأصل تصغير صلفاء، وهي الأرض الصلبة، وقوله: لم يوفون، جواب لولا. والبيت استشهد به ابن مالك على أن (لم) قد تهمل فلا تجزم بقلة، وخصه غيره بالضرورة، وعليه الفارسي وأبو حيان. وذكر ابن جنى في؟؟؟ الصناعة: ان هذا على تشبيه لم بلا. 433 - وأنشد: في أيّ يوميّ من الموت أفرّ … أيوم لم يقدّر أم يوم قدر هذا أول مقطوعة للحارث بن منذر الجرمي وبعده: إنّ أخوالي من شقرة قد … لبسوا لي عمسا جلد النّمر نحتوا أثلتنا بغيا ولم … يرهبوا غبّ الوبال المستعر ¬

_ (¬1) الخزانة 3/ 626

فلئن طأطأت في قتلهم … لتهاضنّ عظامي عن عفر ولئن غادرتهم في ورطة … لأصيرن نهزة الذّئب القفر ولئن أعرضت عنهم بعد ما … أوهنتني لتصيبنّي بقرّ قوله: لبسوا لي عسسا: أي أبطنوا لي العداوة. وطأطأت: أسرعت. وقوله: لتهاضنّ عظامي عن عفر أي عن بعد لأن الأخوال وإن كانوا أقرباء ففيهم بعد، إذ ليسوا كالأعمام. وقوله لتصيبني بقر، أي ليستقرن الأمر قراره. قال ابن الأعرابي: ولا يقال أصابتني بقر إلا فيما يحذر. والبيت استشهد به على النصب بلم في لغة. وخرجه بعضهم على أن الأصل يقدّرن بنون التوكيد الخفيفة حذفت وبقيت الفتحة دالة عليها. وفيه شذوذان: توكيد المنفى بلم، وحذف النون لغير وقف ولا ساكن. وقال ابن جنى: الأصل يقدّر بالسكون، ثم لما تجاوزت الهمزة المفتوحة والراء الساكنة - وقد أجرى العرب الساكن المجاور للمتحرك مجرى المتحرك، والمتحرك مجرى الساكن إعطاء للجار حكم مجاوره - أبدلوا الهمزة المتحركة ألفا كما تبدل الهمزة الساكنة بعد الفتحة، ولزم حينئذ فتح ما قبلها إذ لا يقع الألف الا بعد فتحة. 434 - وأنشد: كأن لم ترى قبلي أسيرا يمانيا (¬1) هو من قصيدة لعبد يغوث بن وقاص الحارثي شاعر جاهلي من شعراء قحطان قالها حين أسرته تميم يوم الكلاب الثاني وقبله: ¬

_ (¬1) الاغاني 16/ 253 و 258 و 259 (الثقافة) والمفضليات 158 والعقد الفريد 5/ 228 وانظر 3/ 396، والخزانة 1/ 313 - 317، وذيل الامالي 3/ 132 - 133، وشعراء الجاهلية 78 - 79، والبيان والتبيين 2/ 212

أقول وقد شدّوا لساني بنسعة: … أمعشر تيم أطلقوا من لسانيا وتضحك منّي شيخة عبشميّة … كأن لم ترى قبلي أسيرا يمانيا كأنّي لم أركب جوادا ولم أقل … لخيلي كرّي كرّة عن رجاليا فيا راكبا إمّا عرضت فبلّغن … نداماي من نجران أن لا تلاقيا وأولها: ألا لا تلوماني كفى اللّوم ما بيا … فما لكما في اللّوم خير ولاليا ألم تعلما أنّ الملامة نفعها … قليل، وما لومي أخي من شماليا قال الجاحظ في البيان (¬1): ليس في الأرض أعجب من طرفة بن العبد وعبد يغوث فإنّا قسنا جودة أشعارهما في وقت إحاطة الموت بهما فلم تكن دون سائر أشعارهما في حال الأمن والرفاهية. قال أبو الفرج (¬2): كان الذي أسر عبد يغوث غلام أهوج من بني عمر بن عبد شمس، فانطلق به الى أهله فقالت له أم الغلام: من أنت؟ قال: أنا سيد القوم! فضحكت وقالت: قبحك الله من سيد قوم حين أسرك هذا الأهوج. فقال في جملة قصيدته: وتضحك مني شيخة ... البيت. وقوله: ألا لا تلوماني كفى اللّوم ما بيا أي كفى ما ترون من حالي، فلا تحتاجون إلى لومي مع أساري وجهدي. وقوله: من شماليا، هو واحد الشمائل، وهي الأخلاق والطبائع. والنسع: سير مضفور على هيئة العنان، والقطعة منها نسعة. وعبشمية: منسوبة الى عبد شمس. وقوله: (كأن لم ترى) قال التدمري: يروى باظهار لفظ التاء على الخطاب، وبالألف على الإخبار عن المؤنثة الغائبة. قوله: (فيا راكبا ... البيت) استشهد به المصنف في التوضيح على نصب المنادي المفرد النكرة. ويروى: أيا راكبا. وقال أبو عبيدة: ¬

_ (¬1) 2/ 212 (¬2) الاغاني 16/ 258 (الثقافة)

فائدة: [عبد يغوث بن صلاءة]

أراد: يا راكباه، للندبة، فحذف الهاء، ولا يجوز أيا راكبا بالتنوين، لأنه قصد راكبا بعينه. وعرضت: أي تعرّضت. قال البعليّ، وقال بعض شراح أبيات المفصل: هو من عرض الرجل اذا أتى العروض، وهي مكة والمدينة وما حولهما. وقال التدمري: معنى عرضت أي تعرّضت وظهرت، وقيل معناه: بلغت العرض، وهي جبال نجد تعرف بذلك. ونداماي: جمع ندمان من المنادمة على الشراب، ويقال هي مقلوبة من المدامة، وذلك ادمان الشرب. وقيل: كأن الشريبان يكون من أحدهما بعض ما يندم عليه فلذلك سميا نديمين. ونجران: مدينة معروفة. فائدة: [عبد يغوث بن صلاءة] عبد يغوث بن صلاءة، وقيل ابن الحارث بن وقاص بن صلاءة بن المعقل، واسمه ربيعة بن كعب، من شعراء الجاهلية، فارس سيد لقومه من بني الحارث بن كعب، وهو كان قائدهم في يوم الكلاب الثاني الى بني تميم وفي ذلك اليوم أسر فقتل. 435 - وأنشد: أرى عينيّ ما لم ترأياه (¬1) أخرج أبو الفرج الاصبهاني في الأغاني من طريق الأعمش عن ابراهيم النخعي قال (¬2): كان سراقة البارقي من ظرفاء أهل العراق، فأسره المختار يوم جبّانة السّبيع (¬3)، فجاء به الذي أسره الى المختار. فقال له: إني أسرت هذا، فقال سراقة: كذب، ما هو أسرني، إنما أسرني غلام أبيض على برذون أبلق، عليه ثياب خضر، وسلمني إليه، وما أراه الآن في عسكرك. فقال المختار: أما ان الرجل قد عاين الملائكة خلوا سبيله لصدقه، فخلوه فهرب وقال (¬4): ¬

_ (¬1) الاغاني 9/ 13 (الثقافة) والعقد الفريد 2/ 171، وعيون الاخبار 1/ 204 (¬2) 9/ 13. (¬3) جبانة السبيع: بالكوفة، وكان بها يوم للمختار بن عبيد. (معجم البلدان). (¬4) الأبيات بالمراجع السابقة ببعض الاختلاف.

فائدة: [سراقة بن مرداس]

ألا أبلغ أبا إسحاق عنّي … بأنّ البلق دهم مصمتات أرى عينيّ ما لم ترأياه … كلانا عالم بالتّرّهات كفرت بدينكم وجعلت نذرا … عليّ قتالكم حتّى الممات قال الزجاج: قوله: ترأياه، رده الى أصله، فإن أصل: يرى يرأى. فأسقط الهمزة تخفيفا. وكان المازني يقول: الاختيار عندي أن أرويه ما لم ترياه بغير همز لأن الزحاف أيسر من ردّ هذا الى أصله. فائدة: [سراقة بن مرداس] سراقة بن مرداس الأزدي البارقي، من شعراء العراق، بينه وبين جرير مهاجاة، مات في حدود ثمانين من الهجرة، وهو غير سراقة بن مرداس السلمي، ذاك أخو العباس بن مرداس، شاعر أيضا. 436 - وأنشد: فذاك ولم إذا نحن أميرانا (¬1) … تكن في النّاس يدركك المراء 437 - وأنشد: وأضحت مغانيها قفارا رسومها … كأن لم سوى أهل من الوحش تؤهل (¬2) هو من قصيدة لذي الرّمّة أولها: قف العيس في أطلال ميّة فاسأل … رسوما كأخلاق الرّداء المسلسل ¬

_ (¬1) كذا بالاصل، وفي المغني: (اميرنا). (¬2) ديوانه 506، والخزانة 3/ 626. وشرح شواهد العيني 4/ 445 و 446

العيس: بكسر العين، جمع عيساء، وهي الناقة البيضاء التي يخالطها شقرة. ومغاني: جمع مغنى، بالغين المعجمة، وهو المنزل. ويروى (مباديها) أي حيث تبدو. القفار: بكسر القاف، جمع قفر وهي الارض الخالية. والرسوم: جمع رسم الدار، وهو ما يعلم به الدار. ويؤهل: من أهل الدار، نزلها من باب ضرب يضرب. قال محمد بن سلام (¬1): كان ميّة التي يشبب بها ذو الرّمّة بنت طلية بن قيس بن عامر بن المنقري، وكانت أم ذو الرمة مولاة آل قيس ابن عاصم. 438 - وأنشد: ظننت فقيرا ذا غني ثمّ نلته … فلم ذا رجاء ألقه غير واهب ¬

_ (¬1) الطبقات 475 نقلا عن الاغاني 16/ 144 (ساسي) وفيه: (وكان ذو الرمة يتشبب بمي بنت طلبة بن قيس بن عاصم المنقري، وكانت كنزة أمة مولدة لآل قيس بن عاصم ..). وفي حاشية الامير 1/ 218 أسماها (ميه بنت طليلة).

شواهد لما

شواهد لما 439 - وأنشد: فإن كنت مأكولا فكن خير آكل … وإلّا فأدركني ولمّا أمزّق (¬1) هذا البيت من قصيدة طويلة للممزّق، واسمه شأس بن نهار بن الأسود بن جبريل بن عباس بن حيّ بن عوف بن سود بن عذرة بن منبّه بن بكرة العبدي، ثم البكري. وبهذا البيت سمي الممزق، وهو أوّل القصيدة ومنها بيت استشهد به على استعمال تخذ في اتخذ وهو (¬2). وقد تخذت رجلي لدى جنب غرزها … نسيفا كأفحوص القطاة المطرّق الغرز: بفتح الغين المعجمة وسكون الراء ثم زاي، ركاب الرجل من جلد، فإذا كان من خشب أو حديد فهو ركاب. والنسيف: بوزن كريم، بنون ومهملة وفاء، أثر ركض الرجل بجنبي البعير. وأفحوص القطاة: بضم الهمزة، مبيتها. والمطرق: بفتح الراء، المعدل (¬3). وقال أبو عبيدة في غريب الحديث، حدثني ¬

_ (¬1) الشعراء 360، والاصمعيات 190، والعيني 4/ 590 والمؤتلف 185 واللسان 13/ 21، وجمهرة انساب العرب 299، وطبقات ابن سلام 232، والعقد 3/ 357 و 4/ 310 والاشتقاق 330 (¬2) الاصمعيات 189، واللسان 11/ 242 و 12/ 93، وهو أيضا في 1/ 293 منسوب للمثقب، والحيوان 5/ 281، والمخصص 1/ 21 و 12/ 272 و 16/ 97 و 17/ 134. (¬3) وضبط في الحيوان والمخصص واللسان: بكسر الراء، صفة للقطاة، بمعنى: التي حان خروج بيضها، يقال: طرقت القطاة وهي مطرق، حان خروج بيضها، وهي من الصفات التي تخص الاناث فيستغنى فيها عن علامة التأنيث.

فائدة: [الممزق]

أبو ابراهيم، وكان من أهل العلم، بإسناد لا أحفظه (¬1): ان عثمان لما حصر كان علي رضي الله عنه يومئذ غائبا في مال له، فكتب إليه عثمان: أما بعد، فقد بلغ السيل الزبى، وجاوز الحزام الطبيين، فإذا أتاك كتابي هذا فأقبل إليّ، عليّ كنت أم لي: فإن كنت مأكولا فكن خير آكل … وإلّا فأدركني ولمّا أمزّق قال أبو عبيدة: هذا بيت تمثل به شاعر من عبد القيس جاهلي يقال له الممزّق، وانما سمي ممزقا لبيته هذا. وقال الفرّاء: الممزق أيضا. فائدة: [الممزّق] قال الآمدي (¬2): الممزّق هذا بالفتح، ولهم آخر يقال له الممزق، وهو: عبد الله ابن حذافة السهميّ، أحد شعراء قريش، ولهم الممزّق، بالكسر، حضرمي متأخر. 440 - وأنشد: وكنت إذ كنت إلهي وحدكا … لم يك شيء يا إلهي قبلكا هذا لعبد الله بن عبد الأعلى القرشي. قال الأعلم: استشهد به سيبويه على اثبات الياء في يا إلهي على الأصل، وإن كان الحذف أكثر في الكلام. لان النداء باب حذف وتغيير، والياء تشبه التنوين في الضعف والاتصال، فيحذف كما يحذف التنوين من المنادى المفرد. واستشهد به المصنف هنا حكاية عن ابن مالك على أنّ لم ترد للنفي المنقطع، وقال: إنه خطأ، واستشهد به المصنف في التوضيح على اضافة وحد إلى الكاف الخطاب. وكنت في الموضعين تامة. ويك ناقصة. والخبر قبلكما. 441 - وأنشد: فجئت قبورهم بدءا ولمّا … فناديت القبور فلم يجبنه (¬3) ¬

_ (¬1) انظر الخبر في العمدة 1/ 227 (¬2) المؤتلف المختلف 185 (¬3) سيبويه 1/ 316

تقدم شرحه في شواهد جير ضمن أبيات (¬1). 442 - وأنشد: احفظ وديعتك الّتي استودعتها … يوم الأعازب إن وصلت وإن لم (¬2) هو لإبراهيم بن هرمة، وهو علي بن محمد بن سلمة بن عامر بن هرمه، بسكون الراء، القرشي الفهري المدني، شهر بالنسبة الى جده، وهو آخر الشعراء الذين يحتج بشعرهم، مات في خلافة الرشيد. أخرج أبو الفرج في الأغاني عن زكريا بن يحيى بن خلاد قال (¬3): كان الأصمعي يقول: ختم الشعراء بابن ميّادة، والحكم الخضري (¬4) وابن هرمة وطفيل الكناني، ودكين العذري (¬5). قال بعضهم: ولد سنة سبعين (¬6) ومات بعد الخمسين ومات بقريبا ودفن بالبقيع. قال وكيع في الغرر: زعم زبير عن عبد الملك الماجشون قال: قدم جرير المدينة، فأتاه ابن هرمة وابن أذنية فأنشداه، فقال: القرشي أشعرهما، والعربي أفصحهما (¬7). ويوم الأعازب يوم معهود بينهم. والبيت استشهد به على حذف مجزوم لم، وقدره أبو حيان: (وإن لم تصل) بالبناء للفاعل. وقدره أبو الفتح البعلي: (وان لم توصل) بالبناء للمفعول. قال العيني: وهو الصواب. 443 - وأنشد: أقول لعبد الله لمّا سقاؤنا … ونحن بوادي عبد شمس وهاشم ¬

_ (¬1) هو مع الشاهد رقم 169 ص 362 من قصيدة واحدة تنسب الى ذي الرمة، وقوله: (ضمن أبيات) خطأ، فان السيوطي لم يدرج سوى الشاهد فقط. (¬2) الخزانة 3/ 628 (¬3) 4/ 373 (الدار). وانظر الشعراء 729 (¬4) في الاصل: (الحضرمي) وهو تصحيف. (¬5) في الشعراء والاغاني: (مكين). (¬6) في الاغاني 4/ 397 (الدار): (ولد ابن هرمة سنة تسعين). (¬7) الاغاني 4/ 393

444 - وأنشد: قالت له: بالله يا ذا البردين … لمّا غنثت نفسا أو اثنين (¬1) 445 - وأنشد: لمّا رأيت أبا يزيد مقاتلا … أدع القتال وأشهد الهيجاء ¬

_ (¬1) في حاشية الامير 1/ 220: (قوله غنث: بمعجمة فنون فمثلثة، (مسند للمخاطب من باب علم أن يشرب ثم يتنفس، وكنّت به عن الجماع).

شواهد لن

شواهد لن 446 - وأنشد: لن تزالوا كذلكم ثمّ لا زل … ت لهم خالدا خلود الجبال هذا من قصيدة طويلة للأعشى يمدح بها الأسود بن المنذر بن امرئ القيس بن النعمان، أوّلها (¬1): ما بكاء الكبير بالأطلال … وسؤالي وما يردّ سؤالي (¬2) دمنة قفرة تعاورها الصّي … ف بريحين من صبا وشمال لات هنّا ذكرى جبيرة أم من … جاء منها بطائف الأهوال ومنها في وصف ناقته: وتراها تشكو إليّ وقد … كانت طليحا تحذ صدور الفعال (¬3) الى أن قال: لا تشكّي إليّ من ألم النّس … ع ولا من حفا ولا من كلال لا تشكّي إليّ وانتجعي الأس … ود أهل النّدى وأهل الفعال ¬

_ (¬1) ديوانه 3 ق 1 (¬2) في الديوان: (فهل ترد سؤالي). (¬3) في الديوان: (تحذى صدور النّعال).

فرع جود يهتزّ في غصن المج … د كثير النّدى عظيم الجمال عنده البرّ والتّقى وأسى الشّ … قّ وحمل المضلّع الأثقال وصلات الأرحام قد علم النّا … س وفكّ الأسرى من الأغلال وهوان النّفس الكريمة للذّك … ر إذا ما التقت صدور العوالي ووفاء إذا أجرت فما عزّ … ت حبال وصلتها بحبال وعطاء إذا سئلت إذا العذ … رة كانت عطيّة البخّال أريحيّ صلت يظلّ له القو … م ركودا قيامهم للهلال إن يعاقب يكن غراما وإن يع … ط جزيلا فإنّه لا يبالي ومنها: ربّ رفد هرقته ذلك اليو … م وأسرى من معشر أقيال وشيوخ حربى بشطّي أريك … ونساء كأنّهنّ السّعالي وشريكهنّ في كثير من الما … ل وكانا محالفي إقلال قسما الطّارف المعاد من المل … ك فآبا كلاهما ذو مال (¬1) لن يزالوا كذلكم ثمّ لا زل … ت لهم خالدا خلود الجبال كلّ عام تقود خيلا إلى خي … ل دفاقا غداة غبّ الصّقال ¬

_ (¬1) في الديوان: (... الطارف التليد من الغنم).

وهذا آخر القصيدة (¬1). قوله: (ما بكاء الكبير) يريد نفسه، وهو استفهام تعجب. والباء بمعنى في. والأطلال: جمع طلل، وهو ما شخص من أعلام الدار. وقوله: (وما يردّ سؤالي) يعني وأي شيء يجدي على سؤالي الطلل. والعرب تقول للرجل يحزن أو يتأسف: أي شيء يردّ عليك أسفك. والدمنة: آثار الناس، وما سردوا، وهي مثل الأبعار والسرجين وما أشبهها. والقفرة: التي لا أنيس بها. ويروى (دمنة قفرة) بالرفع على ان (ما) في (وما يردّ سؤالي) نافية لا استفهامية، فهي فاعل يردّو بالنصب مفعول به لسؤالي. وبالجر بدل من الأطلال. وتعاورها الصيف: اختلفت عليها رياحه. ولات هنا: أي ليس وقت ذكرها. وجبيرة: اسم امرأة. قالوا: وفي البيت استفهام مقدر: أي الجبيرة تذكر أم من جاء منها، يعني طيفها الطارق له في منامه، وطائف الأهوال: هو الخيال، كأنه رآها في النوم وهي غضبى فارتاع لذلك. قوله: (وقد كانت طليحا) كانت هنا بمعنى صارت. والطليح: المعيبة. والنسع: السير المضفور من الأدم. وأصل النجعة: طلب الكلأ. والحمال: بفتح المهملة، ما حمل من الأمور. والأسى: مصدر أسوت الجرح. والأريحيّ: الذي يرتاح للندى. والصلت: الواسع الجبين ليس بأغم والغرام الملازم، ومنه: (إِنَّ عَذابَها كانَ غَراماً). قوله: (رب رفد) أي قتلت أشرافا كانت لهم أموال فأخذت أموالهم فكفيت أرفادهم. والرفد: القدح الضخم. 447 - وأنشد: والله لن يصلوا إليك بجمعهم … حتّى أوسّد في التّراب دفينا (¬2) هو من قصيدة لأبي طالب قالها في النبيّ صلى الله عليه وسلم. أخرج ابن اسحق والبيهقي في الدلائل، عن يعقوب بن عتبة بن المغيرة بن الأخس، ¬

_ (¬1) آخر القصيدة كما في الديوان، البيت: لن يزالوا ... ، أما البيت: كل عام ... فهو البيت رقم 62 من القصيدة وعدة أبيات القصيدة في الديوان 75 بيتا. (¬2) تاريخ أبي الفداء 1/ 120

أن قريشا أتت أبا طالب فكلمته في النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، فبعث إليه فقال: يا ابن أخي، إنّ قومك قد جاؤني فقالوا كذا وكذا، فأبق عليّ وعلى نفسك، ولا تحملني من الأمر ما لا أطيق أنا ولا أنت، فاكفف عن قومك ما يكرهون من قولك؟ فظن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أن قد بدل العهد فيه، وأنه خاذله ومسلمه، فقال: يا عمّ، لو وضعت الشمس في يميني، والقمر في يساري، ما تركت هذا الأمر حتى يظهره الله أو أهلك في طلبه، ثم استعبر رسول الله فبكى. فلما ولى قال له حين رأى ما بلغ الأمر برسول الله: يا ابن أخي، امض على أمرك وافعل ما أحببت، فو الله لا أسلمك لشيء أبدا. وقال أبو طالب في ذلك: والله لن يصلوا إليك بجمعهم … حتّى أوسّد في التّراب دفينا فامض لأمرك ما عليك غضاضة … أبشر وقرّ بذاك منك عيونا ودعوتني وزعمت أنّك ناصح (¬1) … ولقد صدقت وكنت قبل أمينا وعرضت دينا قد عرفت بأنّه (¬2) … من خير أديان البريّة دينا لولا الملامة أو حذار سبّة … لوجدتني سمحا بذاك مبينا 448 - وأنشد: فلن يحل للعينين بعدك منظر (¬3) هو لكثيّر عزة، وصدره: أيادي سبا يا عزّ ما كنت بعدكم قال أبو حيان في النهر: أيادي سبا، اتخذه الناس مثلا مضروبا في التفريق والتمزيق. ¬

_ (¬1) في أبي الفداء: ودعوتني وعلمت أنك صادق. (¬2) في أبي الفداء: ولقد علمت بأن دين محمد .. (¬3) ديوانه 1/ 60، وقوله: فلن يحل، هو من باب علم في المنظر ومن باب غزا في الطعم، ومصدرهما الحلاوة.

449 - وأنشد البيت: لن يخب الآن من رجائك من … حرّك من دون بابك الحلقه قال البطليوسي في شرح الكامل: روى الحسن عن إسماعيل، عن سليمان بن موسى، عن جعفر بن محمد قال: بلغني أن أعرابيا دخل المدينة، فبينا هو يجول في أزقتها إذ مر بباب الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، فلما عرف الدار أنشأ يقول: لن يخب الآن من رجاك ومن … حرّك من دون بابك الحلقه أنت جواد وأنت معتبر … أبوك مذ كان قاتل الفسقه لولا الّذي كان من أوائلكم … كانت علينا الجحيم منطبقه فسمعه الحسين وهو يصلي، فأوجز في صلاته، ثم خرج، فإذا هو بأعرابي في أسمال فقال: رويدا يا أعرابي، ثم نادى: يا قنبر، ما معك من النفقة؟ قال: ألف درهم، قال: فائت بها فقد جاء من هو أحق بها منا، ثم أخذها من قنبر فصيرها في إحدى بردتين كانتا عليه، ثم دفعها للأعرابي من داخل الباب، وقال: خذها فإنّي إليك معتذر … واعلم بأنّي عليك ذو شفقه لو كان في سيرنا الغداة عصا … كانت سمانا عليك مندفقه لكن رأيت الزّمان ذا غير … والكفّ منّا قليلة النّفقه فأخذها الأعرابي وقال: مطهّرون نقيّات جيوبهم … تجري الصّلاة عليهم أينما ذكروا فأنتم أنتم الأعلون إنّ لكم … أمّ الكتاب وما جاءت به السّور

من لم يكن علويّا حين تنسبه … فلن يكون له في النّاس مفتخر قال البطليوسي: وجزم الأعرابي بلن (¬1)، وذكر اللحياني أن ذلك لغة لبعض العرب يجزمون بالنواصب وينصبون بالجوازم. وسكن النحويون لام الحلقة وفتحها الأعرابي. قال ابن جني. يقال حلقة حديد، وحلقة من الناس، بسكون اللام، والجمع حلق، بفتح اللام. وحكى عن يونس حلقة وحلق بفتح اللام. وقال أبو عمرو الشيباني: ليس في كلامهم حلقة بفتح اللام، إلا في جمع حالق، انتهى. ¬

_ (¬1) وكسر باء (يخب) للساكنين.

شواهد ليت

شواهد ليت 450 - وأنشد: يا ليت أيّام الصّبا رواجعا (¬1) قال الجمحي في طبقات الشعراء (¬2): هو للعجاج، قال: وهي لغة لهم، سمعت أبا عون الحرمازيّ يقول: ليت أباك منطلقا وليت زيدا قاعدا. فأخبرني (¬3) أو بلغني أن منشأه بلاد العجاج فأخذها عنهم. 451 - وأنشد: قالت: ألا ليتما هذا الحمام لنا … إلى حمامتنا أو نصفه فقد تقدم شرحه في شواهد أن ضمن قصيدة النابغة (¬4). ¬

_ (¬1) الخزانة 4/ 290 (¬2) 65 (¬3) المقصود كما في الطبقات: (ابو يعلي). الضمير في منشأة يرتد الى أبي عون الحرمازي. (¬4) انظر الشاهد رقم 20 وص 74 و 75 و 77، والشاهد رقم 89 ص 200

شواهد لعل

شواهد لعل 452 - وأنشد: لعلّ أبي المغوار منك قريب (¬1) هذا من قصيدة لكعب بن سعد الغنوي يرثي أخاه شبيبا أوّلها (¬2): تقول سليمى ما لجسمك شاحبا … كأنّك يحميك الشّراب طبيب تتابع أحداث تخرّمن إخوتي … وشيّبن رأسي والخطوب تشيب ¬

_ (¬1) ابن عقيل 1/ 236 والخزانة 4/ 370 والامالي 2/ 151 وجمهرة اشعار العرب 250، والاصمعيات 98، واللسان 16/ 24 وهو في كتب الأدب برواية (أبا المغوار) وهو خلاف ما في كتب النحو واللغة كما هنا بالاصل من أنه مجرور بلعل في لغة عقيل. (¬2) هذه المرثية احدى مراثي العرب المشهورة، وقال الاصمعي: كعب ابن سعد الغنوي ليس من الفحول إلا في المرثية، فانه ليس في الدنيا مثلها (الموشح 81)، وقال أبو الهلال: (قالوا: ليس للعرب مرثية أجود من قصيدة كعب بن سعد التي يرثي فيها أخاه أبا المغوار) (ديوان المعاني 2/ 178). وهي في الامالي 2/ 147 - 152، وشعراء الجاهلية 746 - 749، وفي الخزانة 4/ 370 - 375، والعقد الفريد 3/ 271، والاصمعيات (الاصمعية رقم 25 و 26). قال الراجكوتي (وفي الاصمعيات قصيدة لغريفة تداخلت في قصيدة كعب تداخلا قبيحا، على أن قصيدة كعب دخل فيها أبيات منحولة) (اللآلي 71)، وهي في جمهرة اشعار العرب 249 - 253 منسوبة لمحمد بن كعب الغنوي، وهو خطأ، ومنها أبيات في ابن سلام 176 - 177، ومعجم الشعراء 228 - 229، وانظر الاصمعيات 95 وما بعد.

لعمري لئن كانت أصابت مصيبة … أخي، والمنايا للرّجال شعوب لقد كان، أمّا حلمه فمروّح … علينا، وأمّا جهله فعزيب ومنها: فإن تكن الأيّام أحسنّ مرّة … إليّ فقد عادت لهنّ ذنوب الى أن قال: وداع دعايا من يجيب إلى النّدي … فلم يستجبه عند ذاك مجيب فقلت: ادع أخرى وارفع الصّوت دعوة … لعلّ أبي المغوار منك قريب يجبك كما قد كان يفعل إنّه … تجيب لأبواب العلاء طلوب أبو المغوار: بكسر الميم وسكون الغين المعجمة. ودعوة: نصب على التعليل. والبيت استشهد به على الجر بلعل، وروى أبو المغوار بالنصب على أصله. قال القالي في الامالي: بعض الناس يروي هذه القصيدة لكعب بن سعد الغنوي، (وبعضهم يرويها بأسرها لسهم الغنوي) (¬1)، وهو من قومه وليس بأخيه، والمرثيّ بهذه القصيدة يكنى أبا المغوار واسمه هرم. وبعضهم يقول اسمه شبيب، ويحتج ببيت روي في هذه القصيدة: أقام وخلّى الظّاعنين شبيب وهذا البيت مصنوع، والأوّل أصحّ لأنه رواه ثقة، انتهى. ثم قال: ويقال خرمته المنيّة وتخرّمته اذا ذهبت به، وشعوب معرفة به لا ينصرف، اسم من اسماء المنية، سميت شعوب لأنها تشعب، أي تفرّق. وشعوب في الأصل ¬

_ (¬1) مزيدة عن الامالي 2/ 148.

صفة ثم سمّي به. ومروّح ومراح واحد. وعزيت وعازب: بعيد. 453 - وأنشد: وجيران لنا كانوا كرام (¬1) هو من قصيدة للفرزدق يمدح بها هشام بن عبد الملك، وقيل سليمان بن عبد الملك، وأوّلها: هل أنتم عائجون لنا لعنّا … نرى العرصات أو أثر الخيام فقالوا: أنت فعلت فاغن عنّا … دموعا غير راقئة السّجام أكفكف عبرة العينين منّا … وما بعد المدامع من ملام فكيف إذا مررت بدار قوم … وجيران لنا كانوا كرام عائجون: أي منعطفون علينا بالركاب. وأورده العيني بلفظ (عالجون) باللام. وقال: أي داخلون في عالج، وهو موضع. ولعنا: لغة في لعلنا. والعرصات: جمع عرصة الدار، وهي وسطها. والراقئة السجام: بالهمز، من رقأ الدمع إذا سكن. والسجام: بكسر أوّله، من سجم الدمع. وأكفكف: أكف وأمنع. وكيف: للتعجب. وجيران: بالجر عطف على قوم. ولنا: خبر كانوا إن لم تكن زائدة، ونعت الجيران إن كانت زائدة، أو تامة بمعنى وجدوا. وكرام: بالجر، صفة لجيران. 454 - وأنشد: أعد نظرا يا عبد شمس، لعلّما … أضاءت لك النّار الحمار المقيّدا (¬2) ¬

_ (¬1) سيبويه 1/ 289، والخزانة 4/ 37، وابن عقيل 1/ 122، وديوانه 835. (¬2) الاغاني 8/ 61، وديوانه 213، والنقائض 491 وابن سلام 339 وفيه: (أعد نظرا يا عبد قيس فانما).

هو للفرزدق. قال محمد بن سلام الجمحي في طبقات الشعراء (¬1): حدثنا حاجب ابن يزيد بن شيبان (¬2) قال: قال جرير بالكوفة (¬3): لقد قادني من حبّ ماويّة الهوى، … وما كنت إلفا للحبيبة أقودا (¬4) أحبّ ثرى نجد، وبالعون حاجة (¬5) … فغار الهوى، يا عبد قيس، وأنجدا أقول له: يا عبد قيس، صبابة، … بأيّ ترى مستوقد النّار أوقدا؟ فقال: أراها أرّثت بوقودها … بحيث استفاض الجذع شيحا وغرقدا فأعجبت الناس وتناشدوها، فقال جرير: أعجبتكم هذه الأبيات؟ قالوا: نعم، قال: كأنّكم بابن القين قد قال: أعد نظرا يا عبد قيس، لعلما … أضاءت لك النّار الحمار المقيّدا فلم يلبثوا أن جاءهم في قول الفرزدق هذا البيت، وبعده: حمار بمروات السّخامة قاربت … وطيفه حول البيت حتّى تردّدا (¬6) ¬

_ (¬1) 338 - 339 (¬2) في المراجع السابقة (زيد) (¬3) ديوانه 184، والنقائض 479 وما بعدها والمراجع السابقة (¬4) كذا، وصحتها: وما كنت القى للحبيبة أقودا كما في ابن سلام. والحبيبة: الدابة تشد الى جنب أخرى. (¬5) كذا بالاصل، وفي الديوان وابن سلام (بالغور حاجة). (¬6) كذا بالاصل، وفي ابن سلام 339: حمارا بمروّت السّخامة قاربت … وظيفيه حول البيت حتى ترددا ومروت: اسم موضع في ديار بني تميم. والسخام: الفحم والسواد. والوظيف من كل ذي أربع: ما فوق الرسغ الى مفصل الساق.

كليبيّة، لم يجعل الله وجهها … كريما، ولم يسنح بها الطّير أسعدا فتناشدها الناس، فقال الفرزدق: كأنكم بابن المراغة قد قال (¬1): وما عبت من نار أضاء وقودها … فراسا وبسطام بن قيس مقيّدا فإذا هي قد جاءت لجرير (وفيها) (¬2) هذا البيت ومعه: وأوقدت للسّيدان نارا ذليلة، … وأشهدت من سوآت جعثن مشهدا 455 - وأنشد: لعلّك يوما أن تلمّ ملمّة تقدم شرحه في شواهد اللام ضمن قصيدة متمم بن نويرة (¬3). 456 - وأنشد: فقولا لها قولا رقيقا لعلّها … سترحمني من زفرة وعويل 457 - وأنشد: بدا لي أنّي لست مدرك ما مضى (¬4) 458 - وأنشد وبدّلت قرحا داميا بعد صحّة … لعلّ منايانا تحوّلن أبؤسا (¬5) ¬

_ (¬1) ديوانه 484، وابن سلام 340، والمراجع السابقة. وفراس هو ابن عبد الله بن عامر بن سلمة بن قشير، وكان قد أسر مع بسطام بن قيس، كما أسرته بنو يربوع. (¬2) زيادة يقتضيها السياق. (¬3) انظر ص 567 والشاهد رقم 339 وهو في الخزانة 1/ 433 (¬4) انظر الشاهد رقم 130 ص 282. (¬5) ديوان امرئ القيس 107 ويروى كما عند الطوسي: فيا لك من نصحى تحولن أبؤسا وعن ابن النحاس عن أبي عبيدة: فيالك من نصحى تبدّلت أبؤسا. ولا شاهد فيه على هاتين الروايتين.

عزاه البطليوسي في شرح الكامل لامرئ القيس، وقال: انه من ايراد الممتنع بصورة الممكن، لأن تحوّل المنايا أبؤسا ممتنع. ثم رأيته في ديوان امرئ القيس بن حجر من قصيدة أوّلها (¬1): تأوّبني الدّاء القديم فغلّسا … أحاذر أن يرتدّ دائي فأنكسا (¬2) ومنها في النساء: أراهنّ لا يحببن من قلّ ماله … ولا من رأين الشّيب فيه وقوّسا (¬3) قوّس: أي انحنى. وتأوبني: أتاني مع الليل. 459 - وأنشد: فليت كفافا كان خيرك كلّه … وشرّك عنّي ما ارتوى الماء مرتوي (¬4) هذا ليزيد بن الحكم بن أبي العاص الثقفي، من قصيدة أوّلها (¬5): ¬

_ (¬1) اول القصيدة في الديوان: الما على الربع القديم بعسعسا … كأني أنادي أو أكلم أخرسا (¬2) البيت هو مطلع القصيدة عند السكري والطوسي وابن النحاس. وتأوبني دائي: أي جاءني مع الليل، وفغلسا: أي أتاه ليلا في الغلس. وقوله: فأنكسا من نكس المرض وهو الرجوع إليه بعد البرء. (¬3) في الديوان: (قوله: أراهن لا يحببن .. الخ هو من رؤية القلب، أي أعلمهن لا يحبن الفقير ولا من شاب وقوّس، أي كبر وانطوى كانطواء القوس). (¬4) الخزانة 1/ 496 و 4/ 490، والامالي 1/ 68، وامالي ابن الشجري 1/ 157 و 263 والاغاني 22/ 295 (الدار). (¬5) القصيدة في الخزانة 1/ 496 - 497، وامالي ابن الشجري 1/ 157 والاغاني 12/ 294 - 296 (الدار) والامالي 1/ 68 ببعض الاختلاف والرواية، ومنها أبيات في عيون الاخبار 2/ 11 و 3/ 82 وشواهد العيني 3/ 87، والشعر ليزيد بن الحكم الثقفي وقيل أنه لأخيه عبد ربه وفي الاغاني: قال أبو الزعراء أن بعض أبياتها لطرفة. وأنكر الاصبهاني أشد الانكار هذه النسبة وقال: إن مرذول كلام طرفة فوقه. وانظر اللآلي 237

تكاشرني كرها كأنّك ناصح … وعينك تبدي أنّ صدرك لي دوي لسانك ماذيّ وعينك علقم … وشرّك مبسوط وخيرك منطوي فليت كفافا كان خيرك كلّه … وشرّك عنّي ما ارتوى الماء مرتوي وكم موطن لولاي طحت كما هوى … بأجرامه من قنّة النّيق منهوي جمعت وفحشا غيبة ونميمة: … ثلاث خصال لست عنها بمرعوي تكاشرني: من الكشر، وهو التبسم يبدو منه الأسنان. ودوي: بفتح الدال المهملة وكسر الواو، يقال رجل دوائي: فاسد الجوف من داء. والماذيّ: بفتح الذال المعجمة وتشد الياء: العسل الأبيض. والعلقم: الحنظل. والبيت استشهد به المصنف. وقوله: لولاي، استشهد على جر لولا الضمير. وطحت: بكسر التاء وضمها، من طاح يطيح، ويطوح هلك. وهوى: سقط. ومنهوى: بضم الميم، الهاوي. والأجرام جمع جرم، بالكسر، وجرم الشيء جثته. والنيق: بكسر النون وسكون التحتية وقاف، أرفع موضع في الجبل. والقنة: بضم القاف، وتشديد المعطوف على المعطوف عليه ضرورة. وقيل انه مفعول معه، أي جمعت مع فحش. ومرعوي: من الارعواء، وهو الكف عن القبيح. 460 - وأنشد: فليت دفعت الهمّ عنّي ساعة قال أبو زيد في نوادره: هو لعدي، وتمامه: فبتنا على ما حيلت ناعمى بالي وبعده: ألم يشفينّك أنّ نومي مسهد … وشوقي إلى ما يعتريني وتسهالي

قال الجرمي: أراد ليتك دفعت، فأضمر اسم ليت، وهو ضعيف رديء، ولا يجوز في الكلام، وقلما جاء في الشعر. وقال السكري: أراد فليت الأمر، فأضمر. وقوله: (على ما حيلت) من كلام العرب، أي على كل حال، وأدخل النون في ألم يشفينك، ودخولها قبيح في الكلام، ولكنه كثير في الشعر. 461 - وأنشد: ولو أنّ واش باليمامة داره … وداري بأعلى حضر موت اهتدى ليا (¬1) هذا من قصيدة لمجنون ليلى قيس بن الملوح. قال في الاغاني (¬2): وهي من أشهر أشعاره وبعده: وماذا لهم لا أحسن الله حظّهم … من الحظّ في تصريم ليلى حباليا فأنت الّتي إن شئت أشقيت عيشتي … وإن شئت بعد الله أنعمت باليا ومنها: أحبّ من الأسماء ما وافق اسمها … وأشبهه أو كان منه مدانيا هي السّحر إلّا أنّ للسّحر رقية … وإنّي لا ألقى لنفسي راقيا ومنها: أعدّ اللّيالي ليلة بعد ليلة … وقد عشت دهرا لا أعدّ اللّياليا أراني إذا صلّيت يمّمت نحوها … بوجهي وإن كان المصلّى ورائيا وما بي إشراك ولكنّ حبّها … لعظم الشّجا أعيا الطّبيب المداويا ¬

_ (¬1) ديوانه 88، والاغاني 2/ 69 (الدار) ببعض الاختلاف، والخزانة 4/ 295 (¬2) 2/ 68 (الدار).

فائدة: [قيس بن الملوح]

قضاها لغيري وابتلاني بحبّها … فهلّا بشيء غير ليلى ابتلانيا أخرج في الاغاني عن ابن الكلبي قال: لما قال مجنون بني عامر هذا البيت نودي في الليل: أأنت المتسخّط لقضاء الله والمعترض في أحكامه. فاختلس عقله منذ تلك الليلة وذهب مع الوحش على وجهه. فائدة: [قيس بن الملوّح] قيس بن الملوّح بن مزاحم بن عدس بن ربيعة بن جعد بن كعب بن ربيعة ابن عامر بن صعصعة العامري، وهو مجنون ليلى المشهور، الشاعر الذي قتله العشق، له أخبار كثيرة. وقيل إنه لا حقيقة له. قال عوانة بن الكلبي: إن المجنون وشعره وضعه فتى من بني أميّة كان يهوى ابنة عم له، وكان يكره أن يظهر، فوضع حديث المجنون وقال الأشعار التي يرويها الناس للمجنون ونسبها اليه. وقال أيّوب ابن عناية: سألت بني عامر بطنا بطنا عن مجنون بني عامر فما وجدت أحدا يعرفه. وقال الجاحظ: ما ترك الناس شعرا مجهول القائل قيل في ليلى الا نسبوه الى المجنون، ولا شعرا هذه سبيله قيل في لبنى إلّا نسبوه الى قيس بن ذريح. وقال الاسمعي: أضيف الى المجنون من الشعر أكثر مما قاله هو. قال: ولم يكن مجنونا بل كانت به لوثة أحدثها العشق فيه. وقد قيل: انه اسمه قيس بن معاذ، وقيل: مهدي بن ربيعة ابن الحريش بن جعد بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة، كانا يرعيان مواشي أهلهما وهما صغيران فعلق كل واحد منهما بصاحبه فلم يزالا كذلك حتى كبرا فحجبت عنه. أسند ذلك كله صاحب الاغاني (¬1). وأخرج عن إبراهيم بن سعد الزهري قال: أتاني رجل من عذرة لحاجة، فجرى ذكر العشق والعشاق فقلت له: أنتم أرق قلوبا أم بنو عامر؟ فقال: إنا لأرقّ الناس قلوبا، ولكن غلبتنا بنو عامر بمجنونها. وأخرج عن نوفل بن مساحق قال: أنا رأيت مجنون بني عامر، كان جميل الوجه، أبيض اللون، وقد علاه شحوب. ¬

_ (¬1) انظر اغاني الدار 2/ 1 - 6.

462 - وأنشد: أكلّ امرئ تحسبين امرأ … ونار توقّد باللّيل نارا (¬1) هو لأبي دؤاد جويرة بن الحجاج. وقيل جارية بن حسران الحذاقي الإيادي. وهي آخر قطعة أوّلها: ودار يقول لها الرّائدو … ن ويلم دار الحذاقيّ داريا يصف أيام لذته بالتصيد ثم تصيره إلى حال أنكرت عليه امرأته منزلته من السؤدد، فأنبأها بجهلها مكانه، وأنه لا ينبغي أن يغتر بامرئ من غير امتحانه، وكل امرئ مفعول أوّل لتحسبين، وامرأ مفعوله الثاني. ونار يروى بالجر على تقدير: وكل نار، فحذف المضاف وأبقى المضاف إليه بحاله، وتحسبين أيضا: فيه مقدر؟؟؟ ونار الثاني مفعول. ويروى: ونار الاولى بالنصب، فرارا من العطف على معمولين. وتوقد أصله: تتوقد، فحذف احدى التاءين وهو صفة لنار. وقد وقع في الكامل للمبرد نسبة هذا البيت الى عدي بن زيد. 463 - وأنشد: وجبت هجيرا يترك الماء صاديا ¬

_ (¬1) الكامل 147 و 825 وابن عقيل 2/ 20

شواهد لكن

شواهد لكنّ 464 - وأنشد: ولاك اسقني إن كان ماؤك ذا فضل (¬1) قال الزمخشري والبطليوسي: هو للنجاشي وأوّلها: وماء قديم العهد بالورد أجن … رضابا أو سلافا من العسل لقيت عليه الذّئب يعوي كأنّه … ضليع خلا من كلّ مال ومن أهل فقلت له: يا ذئب هل لك في أخ … يواسي بلا منّ عليك ولا بخل فقال: هداك الله للرّشد، إنّما … دعوت لما لم يأته سبع قبلي فلست بآتيه ولا مستطيعه … ولاك اسقني إن كان ماؤك ذا فضل قال الزمخشري: عرض للنجاشي ذئب في سفر له. 465 - وأنشد: فلو كنت ضبّيّا عرفت قرابتي … ولكنّ زنجيّ عظيم المشافر (¬2) أخرج أبو الفرج عن أبي عبيدة (¬3) قال: هجا الفرزدق خالدا القسريّ، فكتب ¬

_ (¬1) الخزانة 4/ 367 (¬2) ديوانه 481، والخزانة 4/ 378 (¬3) الاغاني 21/ 353 - 354 (الثقافة).

خالد الى مالك بن المنذر: أن احبس الفرزدق، فأرسل مالك الى أيوب بن عيسى الضبي: أن ائتني بالفرزدق، فأتاه به فحبسه، فقال يهجو أيوب: فلو كنت ضبّيّا إذا ما حبستني … ولكنّ زنجيّا غلاظا مشافره متتّ له بالرّحم بيني وبينه … فألفيته منّي بعيدا أواصره مع أبيات أخر. وأورد ذلك أيضا محمد بن سلام الجمحي في طبقات الشعر (¬1)، وأورده بلفظ: فلو كنت ضبّيّا صفحت قرابتي … ولكن زنجيّا غليظا مشافره وبعده: فسوف يرى الزّنجيّ إذا اكتدحت له … يداه إذا ما الشّعر غنّت نواقره 466 - وأنشد: ولكنّ من لا يلق امرا ينوبه … بعدّته ينزل وهو أعزل (¬2) قال الزمخشري: هو لأميّة بن أبي الصّلت. ¬

_ (¬1) هذا الخبر ليس في الطبقات. (¬2) سيبويه 1/ 439، وديوانه 46 والبيت من قصيدة في عتاب ولديه.

شواهد لكن الساكنة

شواهد لكن الساكنة 467 - وأنشد: إنّ ابن ورقاء لا تخشى بوادره … لكن وقائعه في الحرب تنتظر (¬1) هو من قصيدة لزهير بن أبي سلمى، وأوّلها: أبلغ بني نوفل عنّي فقد بلغت … منّي الحفيظة لمّا جاءني الخبر ابن ورقاء: هو الحارث بن ورقاء الصّيداوي. والبوادر: جمع بادرة وهي الجدة. وروي: بدله: (غوائله) وهي جمع غائلة، وهي ما يكون من شرّ وفساد. والوقائع: جمع، وقيعة، وهي القتال. والبيت استشهد به على أن لكن حرف ابتداء، وليته: جملة من مبتدأ وخبر. ومن أبيات القصيدة: أولى لكم ثمّ أولى أن تصيبكم … منّي فواقر لا تبقي ولا تذر وهذا يستشهد به عند قوله تعالى: (أَوْلى لَكَ فَأَوْلى، ثُمَّ أَوْلى لَكَ فَأَوْلى). وفواقر: مصيبات (¬2). ¬

_ (¬1) ديوانه 306، وفيه (غوائله). (¬2) الفواقر: المصيبات، وهي الدواهي التي تكسر فقاره، وفي الديوان: (نواقر) ويروى (بواقر) بالباء.

شواهد ليس

شواهد ليس 468 - وأنشد: له نافلات ما يغبّ نوالها … وليس عطاء اليوم مانعه غدا (¬1) تقدّم شرحه في شواهد اللام ضمن قصيدة الأعشى (¬2). 469 - وأنشد: ألا ليس إلّا ما قضى الله كائن … وما يستطيع المرء نفعا ولا ضرّا 470 - وأنشد: وما اغترّه الشّيء إلّا اغترارا (¬3) 471 - وأنشد: هي الشّفاء لدائي لو ظفرت بها … وليس منها شفاء الدّاء مبذول (¬4) هو لهشام بن عقبة أخي ذي الرمة. وبعده كما أورده التدمري في شرح شواهد الجمل: تجلو عوارض ذي ظلم إذا ابتسمت … كأنّه منهل بالرّاح معلول ¬

_ (¬1) ديوانه ص 137 برواية (له صدقات ما تغب ونائل) (¬2) انظر ص 577 من قصيدة الشاهد رقم 345 وانظر ص 725 و 757. (¬3) الخزانة 2/ 31 وفيه (وما اغتره الشيب) كما في المغني، والبيت للأعشى وهو في ديوانه. وصدره: أحلّ له الشيب اثقاله. (¬4) في المغني: (شفاء النفس).

الله يعلم أنّي لم أقل كذبا … والحقّ عند جميع النّاس مقبول المبذول: ضد الممنوع. وتجلو: تصقل، وهي كناية عن الاستياك بالمسواك. والعوارض: الثنايا من الأسنان. والظلم: الماء الذي يجري على الاسنان. والمنهل: مفعل من النهل، هو الشرب في أوّل الورود. والمعلول: مفعول من العلل، وهو الشرب الثاني بعد الأوّل. والراح: من أسماء الخمر. وهذا البيت برمتّه من قصيدة كعب بن زهير التي أوّلها: بانت سعاد. أغار عليه هذا الشاعر (¬1). 472 - وأنشد: أين المفرّ والإله الطّالب … والأشرم المغلوب ليس الغالب أخرج الواقدي وأبو نعيم في دلائل النبوّة، عن عطاء بن يسار قال: حدثني من كلّم قائد الفيل وسائسه قال لهما: أخبراني خبر الفيل؟ قالا: هو فيل الملك النجاشي الأكبر لم يسر به قطّ إلى جمع إلا هزمهم، فاخترت وصاحبي لجلدنا ومعرفتنا بسياسة الفيل، فلما دنونا من الحرم، جعلنا كلما نوجهه الى الحرم يربض، فتارة نضربه فينهض، وتارة تتركه، فلما انتهى الى المغمس ربض فلم يقم فطلع العذاب وقلت: نجا غيركما. قالا: نعم ليس كلهم أصابه العذاب. وولى أبرهة ومن تبعه يريد بلاده، كلما دخلوا أرضا وقع منه عضو حتى انتهى الى بلاد خثعم، وليس عليه غير رأسه فمات. وأخرجا عن زيد بن أسلم قال: أفلت نفيل الحميري. قال الواقدي: وسمعت انه لما ولى أبرهة مدبرا جعل نفيل يقول: أين المفرّ والإله الطّالب … والأشرم المغلوب ليس الغالب ¬

_ (¬1) أي البيت: تجلو عوارض. وانظر ديوان كعب ص 7.

وأخرجه ابن هشام في السيرة نحوه. قال نفيل بن حبيب فذكر البيت بلفظ: (ليس الغالب الأشرم) في اللغة: المشقوق الأنف، وهو لقب أبرهة. والبيت استشهد به الكوفيون على أن ليس تأتي عاطفة بمنزلة لا، والتقدير لا الغالب. وأجيب بأن الغالب اسم ليس، والخبر محذوف، أي ليس الغالب اياه. وقال مالك: هو في الأصل ضمير متصل عائد على الأشرم، أي ليسه الغالب كقول: الصديق كانه زيد، ثم تحذف فتقول: الصديق كان زيد.

حرف الميم شواهد ما

حرف الميم شواهد ما 473 - وأنشد: لما نافع يسعى اللّبيب فلا تكن … لشيء بعيد نفعه الدّهر ساعيا 474 - وأنشد: ربّما تكره النّفوس من الأم … ر له فرجة كحلّ العقال (¬1) هذا لأميّة بن أبي الصلت، وقبله: لابراهيم الوافي بالنّذر … احتسابا وحامل الأجزال بينما يخلع السّراويل عنه … فكّه ربّه بكبش حلال فخذن ذا فداء ابنك إنّي … للّذي قد فعلتما غير قال ربّما تجزع النّفوس من الأم … ر له فرجة كحلّ العقال ربما تجزع النفوس ... البيت. كذا في تفسير الثعلبي، ونسب هذا البيت الى أمية بن أبي الصلت. ونسبه عمر بن شبّه إلى حنيف بن عمير اليشكري، شاعر مخضرم من أبيات قالها لما قتل محكم بن الطفيل يوم اليمامة، وهو: ¬

_ (¬1) ديوان أمية 50، والخزانة 2/ 541، وسيبويه 1/ 270 و 362

يا سعاد الفؤاد بنت أثال … طال ليلي بنفثة الرّجال إنّ دين الرّسول ديني وفي القو … م رجال ليسوا لنا برجال ربّما تجزع النّفوس من الأم … ر له فرجة كحلّ العقال ربما تجزع النفوس ... البيت. ذكر ذلك ابن حجر في الإصابة. وممن نسبه الى حنيف صاحب الحماسة البصرية، وقيل: هو لنهار ابن أخت مسيلمة الكذاب. والمعنى: رب شيء تكرهه أو تجزع منه النفوس من الأمر له انفراج سهل سريع، كحل عقال الدابة. وقد أورده بلفظ: (تجزع) سيبويه في كتابه، وما: نكرة موصوفة بمعنى شيء. وجملة تكره: صفتها، والعائد محذوف. وقد أورده ابن أم قاسم في شرح الألفية شاهدا لذلك، وفرجة: بالفتح. قال النحاس: الفرجة بالفتح في الأمر، وبالضم فيما يرى من الحائط ونحوه. والعقال: بكسر العين: الحبل الذي يعقل به البعير. وأخرج ابن عساكر من طريق الأصمعي قال (¬1): قال أبو عمرو بن العلاء: هربت من الحجاج فسمعت يوما أعرابيا يقول: يا قليل العزاء في الأهوال … وكثير الهموم والأوجال صبّر النّفس عند كلّ ملمّ … إنّ في الصّبر حيلة المحتال لا تضيقنّ بالأمور فقد … تكشف غمّاؤها بغير احتيال ربّما تجزع النّفوس من الأم … ر له فرجة كحلّ العقال قد يصاب الجبان في آخر الصّ … فّ وينجو مقارع الأبطال ¬

_ (¬1) الفرج بعد الشدة 2/ 159

فقلت: ما وراءك يا أعرابي؟ قال: مات الحجاج. فلم أدر بأيهما أفرح، أبموت الحجاج، أو بقوله فرجة، لأني كنت أطلب شاهدا لاختياري القراءة في سورة البقرة (إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً). 475 - وأنشد: فتلك ولاة السّوء قد طال مكثهم … فحتّام حتّام العناء المطوّل هو للكميت من قصيدة طويلة أوّلها: ألا هل عم في رأيه متأمّل … وهل مدبر بعد الإساءة مقبل وهي احدى السبع الهاشميات، ومن أبياتها: وعطّلت الأحكام حتّى كأنّنا … على ملّة غير الّتي نتنحّل كلام النّبيّين الهداة كلامنا … وأفعال أهل الجاهليّة نفعل الولاة: بضم الواو، جمع وال. والعناء: بفتح العين المهملة وتخفيف النون، المشقة والتعب. وقوله: فتلك، مبتدأ، ولاة السوء خبره. وجملة قد طال مكثهم حالية. وحتام الثانية تأكيد للأولى تأكيدا لفظيا. وقد استشهد به ابن أم القاسم في شرح الألفية على ذلك. والعناء: مبتدأ، والمطوّل صفة، والخبر محذوف أي منهم أو من الناس قاله العيني. 476 - وأنشد: يا أبا الأسود لم خلّفتني … لهموم طارقات وذكر (¬1) 477 - وأنشد: على ما قام يشتمني لئيم … كخنزير تمرّغ في رماد (¬2) ¬

_ (¬1) الخزانة 3/ 197 (¬2) الخزانة 2/ 537

هو لحسان بن المنذر يهجو بني عائذ بن عمرو بن مخذوم. وغلط من نسبه لجرير، وقبله: وإن تصلح فإنّك عائذي … وصلح العائذيّ إلى فساد وإن تفسد فما ألفيت إلّا … بعيد ما علمت من السّداد وتلقاه على ما كان فيه … من الهفوات أو نوك الفؤاد على ما قام يشتمني لئيم … كخنزير تمرّغ في رماد مبين الغيّ لا يعيا عليه … ويعيا بعد عن سبل الرّشاد فأشهد أنّ أمّك ملبغايا … طوال الدّهر ما نادى المنادي وقد سارت قواف باقيات … تناشدها الرّواة بكلّ واد فقبّح عائذ وبنو أبيه … فإنّ معادهم شرّ المعاد قوله: (على ما قام) فيه اثبات ألف ما الإستفهامية بعد حرف الجرّ. ضرورة، قاله شارح أبيات الايضاح. ويروى (ففيم يقوم يشتمني) ولا ضرورة حينئذ. قال: وزعم ابن جني إن قام هنا زائدة، وليس كذلك، لأنها تقتضي النهوض بالشتم. وقوله: كخنزير بعد نص بكفره أو قبح منظره. وخبره لأنه قبيح مشوّه الحال للقذر. وقوله: تمرغ في رماد، تتميم لذمه. 478 - وأنشد: إنّا قتلنا بقتلانا سراتكم … أهل اللّواء ففيما يكثر القيل

479 - وأنشد: ماذا الوقوف على نار وقد خمدت … يا طالما أوقدت في الحرب نيران 480 - وأنشد: ألا تسألان المرء ماذا يحاول … أنحب فيقضى أم ضلال وباطل تقدم شرحه في شواهد أم ضمن قصيدة لبيد (¬1). 481 - وأنشد: يا خزر تغلب ماذا بال نسوتكم هذا من قصيدة طويلة لجرير يهجو بها الأخطل أوّلها (¬2): بان الخليط ولو طوّعت ما بانا … وقطّعوا من حبال الوصل أقرانا حيّ المنازل إذ لا نبتغي بدلا … بالدّار دارا ولا الجيران جيرانا قد كنت في أثر الأظعان ذا طرب … مروّعا من حذار البين محزانا يا ربّ مكتئب لو قد نعيت له … باك وآخر مسرور بمنعانا ومنها: ما كنت أوّل مشتاق أخا طرب (¬3) … هاجت له غدوات البين أحزانا يا أمّ عمرو جزاك الله مغفرة … ردّي عليّ فؤادي كالّذي كانا ¬

_ (¬1) انظر ص 150 - 151 والشاهد رقم 95، والبيت في الشعراء 237 (¬2) ديوانه 593 - 598 (¬3) كذا بالاصل، وفي الديوان: (أخي طرب).

ألست أحسن من يمشي على قدم … يا أملح النّاس كلّ النّاس إنسانا ومنها: قد خنت من لم يكن يخشى خيانتكم … ما كنت أوّل موثوق به خانا ومنها: لا بارك الله فيمن كان يحسبكم … إلّا على العهد حتّى كان ما كانا لا بارك الله في الدّنيا إذا انقطعت … أسباب دنياك من أسباب دنيانا ومنها: إنّ العيون الّتي في طرفها حور … قتلننا، ثمّ لم يحيين قتلانا يصرعن ذا اللّبّ حتّى لا حراك به … وهنّ أضعف خلق الله أركانا يا ربّ غابطنا لو كان يطلبكم … لاقى مباعدة منكم وحرمانا أرينه الموت حتّى لا حياة به … قد كنّ دنّك قبل اليوم أديانا قوله: (في طرفها مرض) أي (¬1) أي في حركة أجفانها فتور. يقال: طرف يطرف: اذا حرّك أجفانه. ويصرعن: يغلبن. واللب: العقل. والحراك: الحركة. والغابط: الذي يتمنى مثل ما عندك من الخير دون أن يسلب عنك، والحرمان: المنع. قال الزمخشري: أي ربّ إنسان يغبطني بمحبتي لك، ويظن أنك تجازيني بها، ولو كان مكاني للاقى ما لا قيته من المباعدة والحرمان. ودنك: عودنك. وقد أورد المصنف دونه: يا رب غابطنا ... البيت. في الكتاب مستشهدا به. ¬

_ (¬1) رواية الاصل: (حور) والشرح هو رواية الديوان.

يا حبّذا جبل الرّيّان من جبل … وحبّذا ساكن الرّيّان من كانا وحبّذا نفحات من يمانية … تأتيك من قبل الرّيّان أحيانا هبّت جنوبا فهاجت لي تذكّركم … عند الصّفاة الّتي شرقيّ حورانا (¬1) هل يرجعنّ وليس الدّهر مرتجعا … عيش بها طال ما احلولى وما لانا أزمان يدعونني الشّيطان من غزلي … وهنّ يهوينني إذ كنت شيطانا (¬2) النفحات: جمع نفحة، من قولك: نفحت الريح إذا هبت. واليمانية: ريح تهب من قبل اليمن، وهي الجنوب. وقيل: هنا المرأة وضمير هبت للريح. والصفاة: الصخرة الملساء. وحوران: مدينة بالشام. وقد أورد المصنف قوله حبذا نفحات في الكتاب الخامس. ومنها: قل للأخيطل لم تبلغ موازنتي … فاجعل لأمّك أير القسّ ميزانا قال الخليفة والخنزير منهزم … ما كنت أوّل عبد محلب خانا لاقى الأخيطل بالجولان فاقرة … مثل اجتداع القوافي وبر هزّانا يا خزر تغلب ماذا بال نسوتكم … لا يستفقن إلى الدّيرين تحنانا لمّا روين على الخنزير من سكر … نادين يا أعظم القسّين جرّدانا هل تتركنّ إلى القسّين هجرتكم … ومسحكم صلبكم رحمان رحمانا (¬3) لن تدركوا المجدأ وتشروا عباءكم … بالخزّ أو تجعلوا التّنّوم ضمرانا ¬

_ (¬1) رواية الديوان: هبت شمالا فذكرى ما ذكرتكم. (¬2) في الديوان: (وكن يهوينني) (¬3) في الديوان: ومسحهم صلبهم رحمان قربانا

المحلب: المعين. والجولان: من عمل دمشق. والقافرة: عنزة الظهر. ووبر هزان: جفنة الهزان، أحد عنزة، وكان هاجي جريرا فجعله جرير كالوبر. ويستفقن: يفقن. والقسين: موضع. والتنوم وضمران: ضربان من الشجر. 482 - وأنشد: دعي ماذا علمت سأتّقيه … ولكن بالمغيّب نبّئيني تقدّم شرحه في شواهد اما (¬1). 483 - وأنشد: أنورا سرع ماذا يا فروق قال التبريزي في شرح أبيات اصلاح المنطق هو للباهليّ وتمامه: وحبل الوصل منتكث حذيق أنورا: يريد أنفارا. وسرع: أي سرع، فخفف الضمة. وفروق: هذه المرأة لفراقها من الريب. والمنتكث: المتنقض. والحذيق: المقطوع، يقال حدقت الحبل وهو حذيق ومحذوق، ثم وقفت على القصيدة بتمامها في القصائد الأصمعيات، وعزاها لأبي شقيق الباهلي، واسمه جرد بن رباح قالها في يوم ارمام، وهي نيف وعشرون بيتا وهذا مطلعها، وبعده: ألا زعمت علاقة أنّ سيفي … يفلّل غربه الرّأس الحليق ولو شهدت غداة الكوم قالت … هو القصب المهذرمة العتيق ¬

_ (¬1) سبق ص 191 وانظر ص 192، وهو في الخزانة 2/ 554 وليس البيت في شعر المثقب العبدي.

484 - وأنشد: إن العقل في أموالنا لا نضق بها … ذراعا، وإن صبرا فنصبر للصّبر (¬1) تقدّم شرحه في شواهد اذا ضمن قصيدة هدبة بن خشرم في أبيات قالها يخاطب بها معاوية. 485 - وأنشد: فما تك يا ابن عبد الله فينا … فلا ظلما نخاف ولا افتقارا 486 - وأنشد: وما بأس لو ردّت علينا تحيّة … قليل على من يعرف الحقّ عابها 487 - وأنشد: أجارتنا إنّ الخطوب تنوب … وإنّي مقيم ما أقام عسيب (¬2) أخرج ابن عساكر عن الزيادي قال: لما احتضر امرؤ القيس بأنقرة، نظر الى قبر فسأل عنه، فقالوا قبر امرأة غريبة، فقال: أجارتنا إنّ الخطوب تنوب … وإنّي مقيم ما أقام عسيب أجارتنا إنّا غريبان ههنا … وكلّ غريب للغريب نسيب قال: وعسيب جبل كان القبر في سنده. ثم رأيت في كتاب مقاتل الفرسان لأبي عبيدة ان صخر بن عمرو بن الشريد أخا الخنساء قال لما أدركه الموت: أجارتنا إنّ الخطوب تنوب … علينا وكلّ المخطئين مصيب ¬

_ (¬1) انظر ص 276، وفيه اختلاف، وشرحه ص 279 مشيرا الى الرواية البيت كما هو هنا. (¬2) ديوانه قسم الزيارات ص 357 وفيه: (ان المزار قريب).

أجارتنا لست الغداة بظاعن … وإنّي مقيم ما أقام عسيب ومات فدفن بقرب عسيب. فلعلهما تواردا. 488 - وأنشد: منّا الّذي هو ما إن طرّ شاربه … والعانسون ومنّا المرد والشّيب (¬1) قال ابن السيرافي: هو لأبي قيس بن رفاعة الأنصاري. وقال البكري: اسمه دينار وهو من شعراء يهود. وقال أبو عبيدة: أحسبه جاهليا. وقال القالي في الأمالي: هو قيس بن رفاعة الأنصاري. وقال الأصبهاني: هو لأبي قيس بن الاسلت الأوسي في حديث ثعلب، واسمه نفير. قوله: طرّ بالفتح، أي نبت. وأما بالضم. فمعناه: قطع. وقال: انه بالضم بمعنى نبت أيضا. و (ما) نافية و (ان) زائدة. وقيل: ما ظرفية وان زائدة. والعانس: من بلغ حدّ التزويج ولم يتزوّج ذكرا كان أو أنثى. والمرد: جمع أمرد، وهو بمعنى الذي ما طرّ شاربه، وليس مغايرا له. والشيب: بكسر أوّله، جمع أشيب، وهو المبيض الرأس واللحية. وفي البيت شواهد، أحدها: اطلاق العانس على المذكر وان كان المشهور استعماله في المؤنث. ثانيها: جمعه بالواو والنون مع فقد شرطه، وهو التأنيث بالتاء فإنه لا يقال عانسة. ثالثها: زيادة ان بعد ما النافية. 489 - وأنشد: ورجّ الفتى للخير ما إن رأيته … على السّنّ خيرا لا يزال يزيد تقدّم شرحه في شواهد إن (¬2). 490 - وأنشد: وتالله ما إن شهلة أمّ واحد … بأوجد منّي أن يهان صغيرها ¬

_ (¬1) اللآلي 56 و 702 والامالي 2/ 67 (¬2) انظر الشاهد رقم 24 ص 85 - 86.

491 - وأنشد: أليس أميري في الأمور بأنتما … بما لستما أهل الخيانة والغدر لم يسم قائله: والهمزة للتقرير، والباء في بإنتما زائدة. وقوله: بما لستما، يروى بالباء وبالفاء. وما موصول حرفي ووصلت بليس ندورا. وقيل إنها موصول إسمي والعائد محذوف. 492 - وأنشد: قلّما يبرح اللّبيب إلى ما … يورث المجد داعيا أو مجيبا 493 - وأنشد: صددت فأطولت الصّدود وقلّما … وصال على طول الصّدود يدوم (¬1) هو للمرّار، وقبله: صرمت ولم تصرم وأنت صروم … وكيف تصابي من يقال حليم وبعده: وليس الغواني للجفاة ولا الّذي … له عن تقاضي دينهنّ هموم ولكن لمن يستنجز الوعد تابع … مناهنّ حلاف لهنّ أثيم قال الزمخشري: يخاطب نفسه ويلومها على طول الصدود، أي لا يدوم حال الغواني إلا لمن يلازمهن ويخضع لهن. وقوله: صرمت ولم تصرم: أي صرم اساءة، ولكن صرم دلال. وارتفع وصال بإضمار فعل يفسره الظاهر الذي يدوم. ويروي: ¬

_ (¬1) الخزانة 4/ 287

ولا أروي مستشهد ابن الشجري بالبيت على مجيء أطولت مصححا على الاصل كأطيب واستحوذ. وقال الأعلم: أراد: وقلما يدوم وصال، فقدّم وأخر مضطرا لإقامة الوزن. والوصال: على هذا التقدير فاعل مقدّم، والفاعل لا يتقدّم في الكلام إلا أن يبتدأ به، وهو من وضع الشيء غير موضعه. ونظيره قول الزباء: ما للجمال مشيها وئيدا أي وئيدا مشيها، فقدّمت وأخرت ضرورة. وفيه تقدير آخر: وهو أن يرتفع بفعل مضمر يدل عليه الظاهر، فكأنه قيل: وقل ما يدوم وصال يدوم. وهذا أسهل في الضرورة. والأول أصح معنى، وإن كان أبعد في اللفظ. لأن قلما موضوعة للفعل خاصة، بمنزلة ربما، فلا يليها الاسم. وقد يتجه أن يقدر (ما) في قلما زائدة مؤكدة، فيرتفع الوصال بقل، وهو ضعيف، لأن ما إنما تزاد في قل ورب ليليهما الأفعال ويصيرا من الحروف المخترعة بها. وأجرى أطولت على الأصل ضرورة بشبهه بما استعمل في الكلام على أصله نحو: استحوذ وأقيلت المرأة وأخيلت السماء. وأنشد ابن السيرافي البيت بلفظ: وصدّت فأطولت الصّدود وقال: يقول صرمت هذه المرأة من قبل أن تصرمك، يخاطب نفسه. ثم قال: وكيف يتصابى من قد كبر وحلم. والتقدير من يقال: هو حليم. وصدت هذه المرأة فأطولت أنت الصدود، ومع طول الصدود لا يبقى من المودّة والمحبة شيء. وقد قيل إن ما في قلما في هذا البيت هي والفعل الذي بعد ما بمنزلة المصدر اه. 494 - وأنشد: ... وإنّما … يدافع عن أحسابهم أنا أو مثلي (¬1) هو للفرزدق من قصيدة يهجو جريرا، أولها: ¬

_ (¬1) ديوان الفرزدق 712

ألا استهزأت منّي سويدة أن رأت … أسيرا يداني خطوه حلق الحجل فإن يك قيدي كان نذرا نذرته … فما بي عن أحساب قومي من شغل أنا الذّائد الحامي الذّمار وإنّما … يدافع عن أحسابهم أنا أو مثلي الذائد: بمعجمة أوله ومهملة آخره، من ذاد يذود اذا منع. وقال الجوهري: الذياد الطرد. وذدته عن كذا: طردته. والحامي: من الحماية، وهي الدفع. والذمار: بكسر المعجمة وتخفيف الميم، ما لزمك حفظه مما يتعلق بك، لانه يحبب على أهله التذمر له، أي التشمر لدفع العار عنه. ويقال: الذمار العهد. وقال الزوزني: معنى البيت: ما يدافع عن أحساب قوم الا أنا، أو من يماثلني في إحراز الكمالات. والبيت استشهد به على فصل الضمير للقصر بإنما. 495 - وأنشد: قد علمت سلمى وجاراتها … ما قطر الفارس إلّا أنا قال شارح أبيات الايضاح البياني، قال صدر الأفاضل: يقال هذا البيت للفرزدق، والظاهر أنه لعمرو بن معدي كرب. قطره: ألقاه على قطره، أي جانبه. والفارس: الشجاع. وكأنه إنما خص النساء بالعلم بشجاعته استمالة لهن إليه، لأنهن يملن إلى الشجاع والفصيح. والبيت أنشده الزجاج في شرح أدب الكاتب ولم يسم قائله. وأورده بعده: خرقت بالسّيف سرابيله ثم رأيت الزمخشري قال في شرح أبيات سيبويه: إنه لعمرو بن معدي كرب، حمل على مرزبان يوم القادسية فقتله، وهو يرى انه رستم، فقال ذلك وأورد قبله: ألمم بسلمى قبل أن تطعنا … إنّ لسلمى عندنا ديدنا

شككت بالرّمح حيازيمه … والخيل تعدو زيما بيننا زيما: متفرقّة. انتهى. 496 - وأنشد: ربّما أوفيت في علم … يرفعن ثوبي شمالات تقدم شرحه في شواهد رب (¬1). 497 - وأنشد: كما سيف عمرو لم تخنه مضاربه تقدّم شرحه في شواهد الكاف (¬2). 498 - وأنشد: فلئن صرت لا تحير جوابا … فبما قد ترى وأنت خطيب قال العيني (¬3): لم يسم قائله. ولا تحير: من أحار يحير، يقال كلمته فلم يحر جوابا، أي يردّه ولم يرجعه. وجوابا مفعول وقيل: يحير أي من حيث الجواب. وقيل مفعول له، وعلى هذا يكون لا يحير من حار حيرة. وفبما: جواب الشرط. والباء، الجارة وحملت عليها ما الكافة، وأحدثت فيها معنى التعليل. وترى بالبناء للمفعول انتهى. ثم رأيت في أمالي القالي: أنشدنا أبو عبد الله نفطويه: أنشدنا أبو العباس ثعلب لمطيع بن إياس الكوفي يرثي يحيى بن زياد الحارثي (¬4): ¬

_ (¬1) انظر الشاهد رقم 196 ص 393 (¬2) انظر الشاهد رقم 285 ص 502 (¬3) 3/ 347، وانظر الخزانة 4/ 285 (¬4) 1/ 271، ونسب الأبيات لصالح بن عبد القدوس باختلاف قليل وانظر اللآلي 599 - 600

فائدة: [أبو حية النميري]

وينادونه وقد صمّ عنهم … ثمّ قالوا، وللنّساء نحيب: ما الّذي غال أن تحير جوابا (¬1) … أيّها المصقع الخطيب الأديب فلئن صرت لا تحير جوابا (¬2) … فبما قد ترى وأنت خطيب في مقال ولا وعظت بشيء … مثل وعظ بالصّمت إذ لا تجيب 499 - وأنشد: وإنّا لممّا نضرب الكبش ضربة (¬3) هو لأبي حية النميري، وتمامه: على رأسه تلقي اللّسان من الفم وقبله: ونحن ضربنا الزّرد بالسّيف ضربة … فلمّا ضربنا الزّرد لم يتكلّم ورواه بعضهم بلفظ: وإنّا لممّا نضرب القرن ضربة فائدة: [أبو حية النميري] أبو حية النميري، اسمه الهثيم بن الربيع بن زرارة بن كثير بن جناب، شاعر مجيد أدرك الدولتين الأموية والعباسية. وكان فصيحا راجزا من سكان البصرة. وكان أهوج جبانا بخيلا كذابا. وقيل: إنه كان يصرع، وكان أجبن الناس، دخل ¬

_ (¬1) اصلحنا: (قال). (¬2) في الأمالي: (فلئن كنت). (¬3) الخزانة 4/ 282، وسيأتي برقم شاهد 518 ص 738

ليلة الى بيته كلب فظنه لصا فوقف يزمجر، فخرج الكلب فقال: الحمد لله الذي مسخك كلبا وكفاني حربا. 500 - وأنشد: وضنّت علينا والضّننين من البخل صدره: ألا أصبحت أسماء جازمة الحبل قال ابن الشجري في أماليه: هذا من تنزيل الأعيان منزلة المصادر، كأنه قال: والضنين مخلوق من البخل. 501 - وأنشد: أعلاقة أمّ الوليّد بعد ما … أفنان رأسك كالثّغام المخلس هذا للمرار الفقعسي. وعلاقة: منصوب بفعل مضمر، والهمزة للتوبيخ على حدّ قوله: أطربا وأنت قنسريّ (¬1) والأفنان: جمع فنن، وهو الغصن. وأراد هنا ذوائب رأسه استعارة. والثغام: ضرب من النبت اذا يبس ابيض، ولذلك يشبه به الشيب. والمخلس: رأس الرجل إذا صار فيه شيب. قال يوسف بن السيرافي: وقيل: إن الرواية الصحيحة أم الوليد بالتكبير، ويكون من أحفا (¬2)، وإنما جعلت الرواية بالتصغير لأنه أحسن في الوزن. 502 - وأنشد: بينما نحن بالأراك معا … إذ أتى راكب على جمله ¬

_ (¬1) انظر الشاهد رقم 10 ص 48. (¬2) كذا؟.

تقدّم شرحه في حرف الجيم ضمن قصيدة جميل (¬1). 503 - وأنشد: فبينا نسوس النّاس والأمر أمرنا … إذا نحن فيهم سوقة ليس تنصّف (¬2) قال ابن الشجري في أماليه: دخلت هند بنت النعمان على المغيرة بن شعبة وهو أمير الكوفة زمن معاوية فسألها عن حالها، فأنشدت: فبينا نسوس النّاس والأمر أمرنا … إذا نحن منهم سوقة نتنصّف فأفّ لدنيا لا يدوم نعيمها … تقلّب تارات بنا وتصرّف قال ابن الشجري: قولها: (نتنصف) أي نستخدم، انتهى. وفي الحماسة: أنهما لخرقة بنت النعمان (¬3). ومعنى البيت: بينا نحن ندبر أمر الناس بما نريد، وطاعتنا واجبة، وأحكامنا واجبة، إذا انقلب الأمر واتضعت الأحوال، وصرنا سوقة نخدم الناس. والسوقة، دون الملك. قولها: (والأمر أمرنا) أي لايد فوق أيدينا، والعامل في (بينا) ما في إذا من معنى المفاجأة. ثم رأيت المعافى بن زكريا قال في كتاب الجليس: حدّثنا محمد بن القاسم الأنباري، حدّثنا أبو بكر محمد ابن أبي يعقوب الدينوري، حدّثنا حسان بن أبان البعلبكي، قال: لما قدم سعد بن أبي وقاص القادسية أميرا، أتته خرقة بنت النعمان بن المنذر في جوار كلهنّ مثل زيها، تطلب صلته، فلما وقفن بين يديه قال: أيتكنّ خرقة؟ قلن: هذه، فقال لها: أنت خرقة؟ قالت: نعم، فما تكرارك في استفهامي، إن الدنيا دار زوال، وأنها لا تدوم على حال، وتنتقل بأهلها انتقالا، وتعقبهم بعد حال حالا، إنّا كنّا ملوك هذا المصر قبلك، يجبى إلينا خراجه، ويطيعنا أهله مدى المدة وزمان الدولة، فلما ¬

_ (¬1) انظر ص 366، وهو مع الشاهد رقم 172 ص 365 من قصيدة واحدة. (¬2) الخزانة 3/ 178، والحماسة 3/ 187 (¬3) في الحماسة: (حرقة) بالحاء المهملة. وكذا في البيان والتبيين 2/ 70 و 3/ 97 و 106

أدبر الأمر وانقضى، صاح بنا صائح الدهر فصدع عصانا، وبقيت ملانا، وكذلك الدهر يا سعد، إنه ليس من قوم يجره إلا والدهر بعصهم غيره (¬1). ثم أنشأت تقول: فبتنا نسوس النّاس والأمر أمرنا … إذا نحن فيهم سوقة نتنصّف فأفّ لدنيا لا يدوم سرورها … تقلّب تارات بنا وتصرّف فقال سعد: قاتل الله عدي بن زيد، كأنه كان ينظر إليها: إنّ للدّهر صولة فاحذرنها … لا تبيتنّ قد أمنت الشّرورا قد يبيت الفتى معافى فيرزى … ولقد كان آمنا مسرورا فأكرمها سعد وأحسن جائزتها. فلما أرادت فراقه قالت له: حتى أحييك بتحية أملاكنا بعضهم بعضا، لا جعل الله لك الى لئيم حاجة، ولا زالت لكريم عندك حاجة، ولا نزع عن عبد صالح نعمه، إلا جعلك سببا لردّها عليه. فلما خرجت من عنده تلقاها نساء المصر فقلن لها: ما صنع بك الأمير؟ قالت: حاط لي ذمّتي وأكرم وجهي … إنّما يكرم الكريم الكريما أخرجه ابن عساكر في تاريخه. 504 - وأنشد: لو بأبانين جاء يخطبها … زمّل ما أنف خاطب بدم (¬2) قال المبرد في الكامل (¬3): ابان: جبل، وهما أبانان: أبان الأسود، وأبان ¬

_ (¬1) كذا بالاصل. (¬2) الشعراء 258، واللسان 16/ 142 وعيون الاخبار 3/ 91 والاغاني 4/ 146 (بولاق) ومعجم البلدان 1/ 72، ومعجم الشعراء 122 وفيه ان الشعر لعصم بن النعمان. (¬3) ص 815 و 816

الأبيض. قال المهلهل - وكان نزل في آخر حربهم، حرب البسوس، في جنب ابن عمرو ابن جلد بن مالك، وهو مذحج، وجنب: هي من أحيائهم وضيع، فخطبت بنته ومهرت أدما، فلم يقدر على الامتناع، فزوّجها - فقال: أنكحها فقدها الأراقم في … جنب، وكان الحباء من أدم لو بأبانين جاء يخطبها … ضرّج ما أنف خاطب بدم هان على تغلب بما لقيت … أخت بني المالكين من جشم أصبحت لا منفسا أصبت ولا … أبت كريما حرّا من النّدم ليسوا بأكفائنا الكرام ولا … مغبون من علية ومن عدم 505 - وأنشد: متى ما تناخي عند باب ابن هاشم … تراحي وتلقى من فواضله ندا (¬1) تقدّم شرحه في شواهد اللام ضمن قصيدة الأعشى (¬2). 506 - وأنشد: ربّما ضربة بسيف صقيل … بين بصرى وطعنة نجلاء تقدم شرحه في شواهد اللام (¬3). 507 - وأنشد: وننصر مولانا ونعلم أنّه … كما النّاس مجروم عليه وجارم تقدم شرحه في شواهد الكاف (¬4). ¬

_ (¬1) ديوان 135 وفيه: (ندا). (¬2) انظر الشاهد رقم 345 وص 577 والشاهد رقم 468 ص 704 وص 757 (¬3) انظر الشاهد رقم 205 ص 404، وهو من شواهد (ربّ). (¬4) انظر الشاهد رقم 92 ص 202 والشاهد رقم 283 ص 500 و 501

508 - وأنشد: نام الخليّ فما أحسّ رقادي … والهمّ محتضر لديّ وسادي من غير ما سقم ولكن شفّني … همّ أراه قد أصاب فؤادي تقدّم شرحه (¬1). 509 - وأنشد: ولا سيّما يوم بدارة جلجل تقدّم شرحه في شواهد السين (¬2). 510 - وأنشد: إمّا ترينا حفاة لا نعال لنا … إنّا كذلك ما نحفى وننتعل (¬3) هو من قصيدة للاعشى، وأوّلها (¬4): ودّع هريرة إنّ الرّكب مرتحل وقد ذكرت منها أبياتا في آخر الكتاب الثامن. 511 - وأنشد: سلع مّا ومثله عشر ما … عائل مّا وعالت البيقورا (¬5) ¬

_ (¬1) في شواهد كلا، وانظر الشاهد رقم 326 ص 553 - 555 (¬2) انظر الشاهد رقم 209 ص 412 (¬3) ديوانه 59 والخزانة 4/ 545 (¬4) مطلع القطعة رقم 1 في الديوان وعجزه: وهل تطيق وداعا أيها الرجل (¬5) انظر ص 305 و 306، وهو في ديوانه 36 - ورسالة النيروز لابن فارس ص 19.

هو لأمية بن أبي الصلت، كذا أورده أبو علي القميّ في كتاب الأمثال وقال: السلع: نبت مرّ كان أهل الجاهلية اذا أسنتوا علقوه مع العشر بثيران الوحش وحدروها من الجبال وأشعلوا في ذلك السلع والعشر نارا يستمطرون بذلك. وفي استسقائهم في هذا الفعل قال شاعر العرب (¬1): لا درّ درّ رجال خاب سعيهم … يستمطرون لدى الأرنات بالعشر (¬2) أجاعل أنت بيقورا مسلّعة … ذريعة لك بين الله والمطر 512 - وأنشد: أمرتك الخير فافعل ما أمرت به (¬3) هو لعمرو بن معدي كرب، وقبله: فقال لي، قول ذي رأي ومقدرة … مجرّب عاقل نزه من الرّيب: قد نلت مجدا، فحاذر أن تدنّسه: … أب كريم وجدّ غير مؤتشب أمرتك الخير فافعل ما أمرت به … فقد تركتك ذا مال وذا نشب واترك خلائق قوم لا خلاق لهم … واعمد لأخلاق أهل الفضل والأدب وإن دعيت لغدر أو أمرت به … فاهرب بنفسك عنه أيد الهرب قوله: (نزه من الريب) أي مباعد من التهم. والنزه: المتنزه من الأقذار، أي ¬

_ (¬1) هو للورك الطائي، وانظر ص 306 (¬2) ص 306 برواية (الأزمات). (¬3) نسب الشعر الى عمرو بن معدي كرب والى أعشى طرود والى العباس بن مرداس ولخفاف بن ندبة ولزرعة بن الاشب، وانظر الخزانة 1/ 166 والمؤتلف ص 17 والكامل 32

المتباعد عنها. وأصله: نزه، بكسر الزاي، ثم خففه لإقامة الوزن. والريب: واحدها ريبة، وهي التهمة. والمؤتشب: مفتعل من الإشابة، وهم أخلاط الناس وشرارهم. وقوله: (أمرتك الخير) يروي: أمرتك الرشد، ويروى: وذا نشب، بالمعجمة والمهملة معا، والنشب: بالمعجمة، المال بعينه. وقيل: المال الأصيل، كأنه الذي لا يبرح من مكانه، مأخوذ من النشبة. والخلاق: النصيب. وفلان لا خلاق له، أي لا نصيب له في الفضائل. وأيد الهرب: شديده، ووزنه: فيعل، من الأيد والأد وهما: الشدّة والقوّة. ثم رأيت في المؤتلف والمختلف للآمدي قال: وجدت لأعشى طرود في أشعار بني سليم: يا دار أسماء بين السّفح والرّحب … أقوت وعفّى عليها ذاهب الحقب الى أن قال: إنّي حويت على الأقوام مكرمة … قدما، وحذّروني ما يتّقون أبي وقال لي، قول ذي علم وتجربة … بسالفات أمور الدّهر والحقب: أمرتك الرّشد فافعل ما أمرت به … فقد تركتك ذا مال وذا نشب ثم رأيت في شرح أبيات الكتاب للزمخشري: وهذه الأبيات لأعشى طرود من بني فهم بن عمرو، وقيل لعمرو بن معدي كرب. وقيل لخفاف بن ندبة، وقيل لعباس بن مرداس. ثم رأيت في شرح الكامل لأبي إسحق البطليوسي قال: هذا البيت لأعشى طرود، واسمه إياس بن موسى بن فهم بن عمرو بن قيس بن غيلان، من خلفاء بني الشريد يقوله لابنه. وأنشده أبو علي الهجري في نوادره: أمرتك الخير. وذا نسب: بالسين المهملة، مكان ذا نشب. قال وبعده: لا تبخلنّ بمال عن مذاهبه … من غير ذلّة إسراف ولا ثغب فإنّ ورّاثه لن يحمدوك له … إذا أجنّوك بين اللّبن والخشب

الثغب: بالمعجمة، جمع ثغبة وهي السقطة وما يعاب على المرء (¬1). 513 - وأنشد: قليل بها الأصوات إلّا بغامها تقدّم شرحه في شواهد إلّا (¬2). 514 - وأنشد: ألف الصّفون، فما يزال كأنّه … ممّا يقوم على الثّلاث كسيرا قال ابن الحاجب في أماليه: هذا البيت يوهم أن كسيرا خبر كان في المعنى، ويسبق الى الفهم أنه شبهه لشدّة رفعه احدى قوائمه بكسير. وان قوله: مما يقوم على الثلاث، بسبب تشبيهه به، فكأنه قال: كسير من أجل دوام قيامه على الثلاث. ويلزم على هذا أن يكون نصبه كسيرا غير وجيه، فينبغي أن يطلب له وجه يصح في الأعراب، ولا يخل بالمعنى. فنقول: إنما أخبر بقوله: مما يقوم. وما بمعنى الذي، فكأنه قال: كأنه من الخيل الذي يقوم على الثلاث كسيرا، حالا من الضمير في يقوم. وذكر اجراء له على لفظ ما يشبه بالخيل الذي يقوم على الثلاث، في حال كونها مكسورا إحدى قوائمها، فاستقام المعنى المراد على هذا ووجب نصب كسيرا باعتباره على الحال. ولا يستقيم أن يكون كسيرا خبرا ليزال، لأنك إذا جعلته خبرا ليزال فلا يخل، إما أن يكون (ما) في (مما يقوم) مصدرية، كما قدرت أوّلا، أو بمعنى الذي، كما قدرت ثانيا. فإن جعلتها مصدرية بطل لوجوه، احدها: أن كان تبقى بلا خبر، إذ مما يقوم لا يصلح أن يكون خبر الفوات الفائدة فيه. الثاني: أن كان تبقى غير مرتبطة بشيء. الثالث: ما يلزم من انه حكم عليه بالكسر، وليس كذلك. ويجاب عن الثالث بأنه يكون التقدير مشيه، وإن كانت ما بمعنى الذي، فسد ¬

_ (¬1) في الخزانة 1/ 166: (تغب) وهو الوسخ والهلاك في الدين، وقال الراجكوتي: (ثغب) لم أقف على هذا المعنى. أي المعنى الذي أورده السيوطي. (¬2) انظر الشاهد رقم 104 ص 218 وص 394

لما يؤدى إليه من اختلال المعنى، وذلك أن كسيرا ليكون خبرا ليزال فيكون المعنى: مما يزال كسيرا على الحقيقة، أو شبه كسير. ثم قوله: كأنه من التي يقمن على الثلاث، تشبيه المشي بشيء آخر، هو على وجه الدلالة على إنما شبهه بالخيل التي تقوم على الثلاث، فصار قائلا: كان هذا المقام على الثلاث من الخيل القائمة على ثلاثة لخروج كسيرا عن خبر كان، ودخوله في خبر ما يزال هذا، إن جعلت كسيرا وكأنه خبرا بعد خبر. فأما إن لم تجعله كذلك. لذلك، ويكون كان مع ما في خبرها يخرج عن الربط بما هو معها، وذلك فاسد.

شواهد من

شواهد من 515 - وأنشد: تخيّرن من أزمان يوم حليمة … إلى اليوم قد جرّبن كلّ التّجارب (¬1) تقدّم شرحه في شواهد بيد ضمن قصيدة النابغة (¬2). 516 - وأنشد: وذلك من نبأ جاءني (¬3) هو من قصيدة لامرئ القيس بن حجر الكندي، فيما رواه الأصمعي وأبو عمرو الشيباني وأبو عبيدة وابن الاعرابي. وقال ابن الكلبي: هي لعمرو بن معدي كرب، ورواه ابن دريد لأمرئ القيس بن عانس، بالنون، الصحابي (¬4) وأوّل القصيدة: تطاول ليلك بالأثمد … ونام الخليّ ولم ترقد ¬

_ (¬1) ديوانه ص 11 (¬2) انظر ص 349 الشاهد رقم 162 وص 351 - 352 (¬3) ديوانه 185 (¬4) اختلف في هذا الشعر، فرواه الطوسي لامرئ القيس. وقال ابن حبيب: قال ابن الكلبي: هو لعمرو بن معدي كرب، قاله في قتله بني مازن بأخيه عبد الله وإخراجهم عن بلادهم ثم رجعوا بعد ذلك، وندم عمرو على قتالهم. أنظر اللآلي 530، ونقل العيني عن ابن دريد (شرح شواهد الالفية 2/ 131): أن الابيات لامرئ القيس بن عابس ابن المنذر بن امرئ القيس بن السمط بن عمرو بن معاوية بن الحارث ابن معاوية بن ثور بن مرتع بن معاوية بن كندة الكندي. وهو في ديوان امرئ القيس 185 - 188

وبات وباتت له ليلة … كليلة ذي العائر الأرمد وذلك من نبأ جاءني … وخبّرته عن أبي الأسود تطاول ليلك: كناية عن السهر. قال المصنف في شرح شواهد: وهو خطاب لنفسه والأصل ليلى (¬1). والأثمد: بفتح الهمزة وسكون المثلثة وضم الميم ودال مهملة، اسم موضع. والخلي: الخلو من الهموم. والعائر: بمهملة وهمزة، قذى العين، وقيل الرمد. وقال المصنف: والأوّل أولى ليكون أشق للجمع بينهما، أو يحصل الترقي أيضا. النبأ: قال الراغب: خبر، وفائدة عظيمة يحصل به علم، أو غلبة ظنّ، ولا يقال للخبر نبأ حتى يتضمن ما ذكر، فهو أخص من مطلق الخبر. 517 - وأنشد: يغضي حياء ويغضى من مهابته أخرج ابن عساكر من طرق عن ابن عائشة، وغيره، قالوا: حجّ هشام بن عبد الملك في زمن عبد الملك، أو الوليد، فطاف بالبيت، فجهد أن يصل الى الحجر فيستلمه فلم يقدر عليه، فنصب له منبر وجلس عليه ينظر الى الناس ومعه أهل الشام، إذ أقبل عليّ بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم، وكان من أحسن الناس وجها، وأطيبهم أرجا، فطاف بالبيت، فكلما بلغ الى الحجر تنحى له الناس حتى يستلمه. فقال رجل من أهل الشام: من هذا الذي قد هابه الناس هذه الهيبة؟ فقال هشام: لا أعرفه، مخافة أن يرغب فيه الناس من أهل الشام. وكان الفرزدق حاضرا، فقال الفرزدق: لكني أعرفه، فقال الناس: من هو يا أبا فراس؟ قال الفرزدق (¬2): هذا الّذي تعرف البطحاء وطأته … والبيت يعرفه والحلّ والحرم ¬

_ (¬1) ويروى: تطاول ليلي ولم أرقد (¬2) ديوانه 848، وليس البيت الشاهد فيه، وهو في المؤتلف 188 منسوب الى الحزين الكناني. وكذا في الحماسة 4/ 167 - 169

هذا عليّ، رسول الله والده … أمست بنور هداه تهتدي الأمم هذا ابن خير عباد الله كلّهم … هذا التّقيّ النّقيّ الطّاهر العلم إذا رأته قريش قال قائلها: … إلى مكارم هذا ينتهي الكرم! ينمى إلى ذروة العزّ الّتي قصرت … عن نيلها عرب الإسلام والعجم يكاد يمسكه عرفان راحته … ركن الحطيم إذا ما جاء يستلم في كفّه خيزران ريحه عبق … من كفّ أروع في عرنينه شمم يغضى حياء ويغضى من مهابته … فلا يكلّم إلّا حين يبتسم من جدّه دان فضل الأنبياء له … وفضل أمّته دانت له الأمم ينشقّ نور الهدى عن نور غرّته … كالشّمس ينجاب عن إشراقها العتم مشتقّة من رسول الله نبعته … طابت عناصره والخيم والشّيم هذا ابن فاطمة إن كنت جاهله … بجدّه أنبياء الله قد ختموا الله شرّفه قدما وفضّله … جرى بذاك له في لوحه القلم سهل الخليقة لا تخشى بوادره … يزينه خلّتان: الخلق والكرم من معشر، حبّهم دين وبغضهم … كفر، وقربهم منجى ومعتصم مقدّم بعد ذكر الله ذكرهم … في كلّ بدء ومختوم به الكلم يستدفع السّوء والبلوى بحبّهم … ويستزاد به الإحسان والنّعم إن عدّ أهل التّقي كانوا أئمّتهم … أو قيل من خير خلق الله قيل هم

لا يستطيع جواد بعد غايتهم … ولا يدانيهم قوم وإن كرموا هم الغيوث إذا ما أزمة أزمت … والأسد أسد الشّرى والبأس محتدم لا يقبض العسر بسطا من أكفّهم … سيّان ذلك إن أثروا وإن عدموا من يعرف الله يعرف أوّليّته … الدّين من جدّ هذا ناله الأمم وليس قولك من هذا بضائره … العرب تعرف من أنكرت والعجم وذكر القصيدة بطولها. فغضب وأمر بحبس الفرزدق بعسفان، بين مكة والمدينة. وبلغ ذلك علي بن الحسين رضي الله عنه، فبعث إلى الفرزدق بإثني عشر ألف درهم، وقال: اعذر، أبا فراس، فلو كان عندنا أكثر من هذا لوصلناك. فردّها الفرزدق وقال: يا ابن رسول الله، ما قلت الذي قد قلت إلا غضبا لله عزّ وجل ولرسوله، وما كنت لآخذ عليه شيأ. قال: شكر الله لك، غير أنّا أهل بيت إذا أنفذنا أمرا لم نعد فيه. فقبلها وجعل يهجو هشاما وهو في الحبس. وكان مما هجاه به: أيحبسني بين المدينة والّتي … إليها قلوب النّاس يهوى منيبها يقلّب رأسا لم يكن رأس سيّد … وعينا له حولاء باد عيوبها فبعث له وأخرجه. ثم رأيت الزبير بن بكار أخرج في الموفقيات، عن مصعب ابن عبد الله: أن ابن عبد الملك بن مروان حج فقال له أبوه: إنه سيأتيك بالمدينة الحزين الشاعر، وهو زرب اللسان، فإياك ان تحتجب عنه وأرضه. فلما قدم المدينة أتاه، فلما دخل عليه ورأى جماله وفي يده قضيب خيزران وقف ساكتا، فامهله عبد الله حتى ظن أنه قد أراح، ثم قال له: السلام رحمك الله أوّلا، فقال: عليك السلام، وجه الأمير، أصلحك الله، إني قد كنت مدحتك بشعر، فلما دخلت عليك ورأيت جمالك وبهائك هبتك، فانسيت ما قلت، وقد قلت في مقامي هذا بيتين. قال ما هما؟ فقال:

في كفّه خيزران ريحها عبق … من كفّ أروع في عرنينه شمم يغضي حياء ويغضى من مهابته … فلا يكلّم إلّا حين يبتسم والحزين هذا اسمه عمرو بن عبيد بن وهب بن مالك، حجازي من شعراء الدولة الأموية، يكنى أبا تكتم، ذروة العز أعلاه. ويروى: (عرفان) بالنصب مفعولا له، وبالرفع. وعبق: بفتح المهملة وكسر الموحدة صفة مشبهة من العبق، بفتحتين، مصدر عبق به الطيب، بالكسر، إذا لزق. والأروع من الرجال: الذي يعجبك حسنه. والعرنين: بكسر العين، الأنف. وينجاب: ينكشف. والعتم: بفتح المهملة والمثناة الفوقية، الظلام. والخيم: بكسر الخاء المعجمة: السجية والطبع، لا واحد له من لفظه. والشيم: بكسر المعجمة وفتح التحتية، جمع شيمة، وهي الخلق. والأزمة: الشدّة والقحط. والشري: بالمعجمة والقصر، مأوى الاسد. والبأس: الشدّة في الحرب. ومحتدم: بالمهملة، من احتدمت النار التهبت. والاغضاء: ادناء الجفون. والمهابة: الهيبة. والبيت استشهد به في التوضيح على إقامة ضمير المصدر مقام الفاعل، أي ويغضي هو، أي الإغضاء، وليس الجار هو النائب، بل هو للتعليل، فهو مفعول له، وحياء: أيضا مفعول له. 518 - وأنشد: ولم تذق من البقول الفستقا (¬1) هو لأبي نخيلة، بالنون والخاء المعجمة، واسمه يعمرو بن حزن بن زائدة، شاعر محسن متقدم. وصدره: جارية لم تأكل المرقّقا (¬2) ¬

_ (¬1) انظر ص 324، وهو في الشعراء 584، وابن عقيل 2/ 240، واللسان 12/ 183 - 184 والعيني 3/ 276 - 277 (¬2) ويروى: (بريّة).

المرقق: هو الرغيف الواسع الرقيق. والبقول: يروى بالموحدة، فمن للبدل: أي بدل البقول. وبالنون فهي للتبعيض، والمراد: وصف الجارية بأنها لم تأكل الفستق وأنها بدوية. 519 - وأنشد: أخذوا المخاض من الفصيل غلبّة … ظلما، ويكتب للأمير: أفيلا (¬1) هذا من قصيدة للرّاعي نحو تسعين بيتا يمدح بها عبد الملك بن مروان، ويشكو من السعادة. وقبل هذا البيت (¬2): أوليّ أمر الله إنّا معشر … حنفاء نسجد بكرة وأصيلا (¬3) عرب نرى لله في أموالنا … حقّ الزّكاة منزّلا تنزيلا قوم على الإسلام لمّا يمنعوا … ما عونهم، ويضيّعوا التّهليلا فادفع مظالم عيّلت أبناءنا … عنّا، وانقذ شلونا المأكولا أنت الخليفة حلمه وفعاله … وإذا أردت لظالم تنكيلا وأبوك ضارب بالمدينة وحده … قوما هم جعلوا الجميع ثكولا (¬4) قتلوا ابن عفّان الخليفة محرما … ورعا فلم أر مثله مخذولا ¬

_ (¬1) الخزانة 3/ 130، وفي شعر الراعي 142 وجمهرة أشعار العرب 336، برواية: أخذوا الكرام من العشار ظلامة … منا، ويكتب للأمير أفيلا (¬2) القصيدة في جمهرة أشعار العرب 331 - 337، والخزانة 1/ 502 وشعراء الراعي 124 - 146، وفي الكامل أبيات متفرقة من القصيدة. (¬3) في جمهرة الاشعار وشعر الراعي برواية: (أخليفة الرحمن). (¬4) في الجمهرة وشعر الراعي برواية: وأبوك ضارب في المدينة وحده … ضربا ترى منه الجموع شلولا

الى أن قال: إنّ السّعاة عصوك حين بعثتهم … وأتوا دواهي، لو علمت وغولا إنّ الّذين أمرتهم أن يعدلوا … لم يفعلوا ممّا أمرت فتيلا قوله: (وأتوا دواهي وغولا) أي أمرا بشعا. والفتيل: ما في شق النواة. وقيل: ما فتل بين الأصبعين. والمخاض: النوق الحوامل. قال ابن الشجري: واحدتها خلفة، والفصيل ابنها، لأنه فصل عن أمه. وغلبّة: مصدر غلب بضمتين وتشديد الباء. والأفيل: الفصيل، والأفال أيضا صغار الغنم. وقال: الأفيل، بوزن الكريم، الذي أتت عليه سبعة أشهر من أولاد الإبل، والجمع أفال. ونصب غلبة على الحال من ضمير أخذوا، وكذا ظلما. ويجوز نصبه بغلبة مصدرا معنويا. ونصب أفيلا بأخذوا مقدرا على رواية (تكتب) مبنيا للمفعول. وروى بالبناء للفاعل. وأخذ بالأفراد للساعي وحده. ومن الفصيل: أي بدله. قال ابن يسعون: ويجوز أن لا تكون بدلية بل متعلقة بأخذوا، أي انترعوه من أمه. وروى بدله: (من العشار) فهي بيانية، أي كائنة من العشار، انتهى. وفي كتاب التصحيف للعسكري (¬1): سأل الرشيد عن قول الراعي: قتلوا ابن عفّان الخليفة محرما أيّ إحرام هذا؟ فقال الكسائي: أراد أنه أحرم بالحج. فقال الأصمعي: والله ما أحرم، ولا عنى الشاعر هذا، ولو قلت: أحرم دخل في الشهر الحرام، كما يقال: أشهر، دخل في الشهر، كان أشبه. قال الكسائي: فما أراد بالإحرام؟ قال: كل من لم يأت شيأ يستحل به عقوبة، فهو محرم. أخبرني عن قول عدّي بن زيد: قتلوا كسرى بليل محرما … فتولّى لم يمتّع بكفن ¬

_ (¬1) انظر الخزانة 1/ 503 - 504، وشرح ديوان زهير ص 11

أيّ إحرام كان لكسرى؟ فسكت الكسائي، فقال الرشيد: يا أصمعي، ما تطاق في الشعر. 520 - وأنشد: وإنّا لممّا نضرب الكبش ضربة … على وجهه تلقي اللّسان من الفم هو لأبي حية النميري (¬1). 521 - وأنشد: ومهما تكن عند امرئ من خليقة … وإن خالها تخفى على النّاس تعلم تقدّم شرحه في شواهد حيث من قصيدة زهير (¬2). 522 - وأنشد: وينمى لها حبّها عندنا … فما قال من كاشح لم يضر (¬3) هذا من قصيدة لعمر بن أبي ربيعة، أوّلها (¬4): صحا القلب عن ذكر أمّ البنين … بعد الّذي قد مضى في العصر وأصبح طاوع عذّاله … وأقصر بعد الإباء الصّبر ¬

_ (¬1) انظر الشاهد رقم 499 ص 721. (¬2) سبق ص 386، وانظر الشاهد رقم 188 ص 384 وص 389 وسيأتي برقم شاهد 529 ص 743 (¬3) ديوان عمر ص 299 وفيه: (فمن قال ....). (¬4) الديوان 298 - 301

أخيرا وقد راعه لائح … من الشّيب من يعله ينزجر (¬1) على أنّ حبّي ابنة المالكي … كالصّدع في الحجر المنفطر يهيم النّهار ويدنو له … جنان الظّلام بليل سهر وينمى لها حبّها عندنا … فما قال من كاشح لم يضر ¬

_ (¬1) في الديوان: (أحين ... يزدجر).

شواهد من

شواهد من 523 - وأنشد: ربّ من أنضجت غيظا قلبه … قد تمنّى لي موتا لم يطع (¬1) هو من قصيدة لسويد بن أبي كاهل اليشكريّ، أوّلها: بسطت رابعة الحبل لنا … فوصلنا الحبل منها ما اتّسع كيف يرجون سقاطي بعد ما … جلّل الرّأس مشيب وصلع ربّ من أنضجت غيظا قلبه … قد تمنّى لي موتا لم يطع ويراني كالشّجا في حلقه … عسرا مخرجه ما ينتزع ويحيّيني إذا لاقيته … وإذا مكّن من لحمي رتع ففضلها الأصمعي، وقال: كانت العرب تقدّمها وتعدها من الحكم (¬2). ثم قال: وسويد شاعر مخضرم، ومنهم من سماه غطيفا (¬3) عاش في الجاهلية دهرا ¬

_ (¬1) الخزانة 2/ 546 وشعراء الجاهلية 426 - 434 والشعراء 385. والاصابة 3/ 173. والمفضليات 198 (¬2) هذه القصيدة من أغلى الشعر وأنفسه. وهي المفضلية رقم 40، وقد فضلها الأصمعي وقال: كانت العرب تفضلها وتقدمها، وتعدها من حكمها. وكانت في الجاهلية تسميها (اليتيمة) لما اشتملت عليه من الأمثال. وقال الجمحي: له شعر كثير، ولكن برزت هذه على شعره، وقد تمثل الحجاج بأبيات منها. (¬3) في الشعراء 384 قال: هو سويد بن غطيف، من بنى يشكر.

وعمر في الإسلام حتى أدرك الحجاج. 524 - وأنشد: فكفى بنا فضلا على من غيرنا … حبّ النّبيّ محمّد إيّانا تقدّم شرحه في شواهد الباء (¬1). 525 - وأنشد: إنّي وإيّاك إذ حلّت بأرحلنا … كمن بواديه بعد المحل ممطور (¬2) هو للفرزدق من قصيدة يمدح بها يزيد بن عبد الملك، وبعده: وفي يمينك سيف الله قد نصرت … على العدوّ ورزق غير محظور قال الزمخشري: جعل إني من الأسماء نكرة موصوفا لممطور، وإياك خطاب ليزيد. وحلّت: أي الإبل، نزلت بأرحلنا عندك. أراد إني إذا خططت رحالي إليك كرجل كان واديه محلا ممطرا. والباء في بواديه متصل بممطور، وليس في البيت ما يعود إلى إياك، ونظيره: فإنّي وجروة لا تزود ولا تعار أخبر عن جروة ولم يخبر عن نفسه. ويقدر في مثل هذا ما يعود إلى الإسم الآخر، كأنه قال: كإنسان مطر بخيرك وجودك، انتهى. 526 - وأنشد: ونعم من هو في سرّ وإعلان (¬3) ¬

_ (¬1) انظر الشاهد رقم 153 ص 337 (¬2) ديوانه 263 (¬3) الخزانة 4/ 115

وقبله: وكيف أرهب أمرا أو أراع له … وقد زكأت إلى بشر بن مروان ونعم مزكأ من ضاقت مذاهبه … ونعم من هو في سرّ وإعلان وقد زكأت: بزاي معجمة وهمز، لجأت. ومزكأ: مفعل منه. وبشر: أخو عبد الملك، وليّ أمرا لأخيه، وكان سمحا جوادا ممدحا، ومات سنة خمس وسبعين للهجرة، وعمره نيف وأربعون سنة. وهو أوّل أمير مات بالبصرة. 527 - وأنشد: يا شاة من قنص لمن حلّت له تقدّم شرحه ضمن قصيدة عنترة (¬1). قال الأندلسي في شرح المفصل: أنشده الكسائي شاهدا على زيادة من، وقال: أراد يا شاة قنص. وأنكر ذلك سيبويه وجميع أهل البصرة، وأوّلوها بأنها في البيت موصوفة بالمصدر، وهو قنص. كما يقول: رجل كرم، في معنى. أو على حذف المضاف، أي ذي قنص، أي شاة إنسان ذي قنص. أو جعله نفس القنص مبالغة. ورواه البصريون: (يا شاة ما قنص) فتعارضت الروايتان، وبقي الأصل مع البصريين. 528 - وأنشد: آل الزّبير سنام المجد قد علمت … ذاك القبائل والأثرون من عددا (¬2) قال الأندلسي في شرح المفصل: أنشده الكسائي شاهدا على زيادة من. ويرويه البصريون: (ما عددا). ¬

_ (¬1) انظر ص 481 و 483. (¬2) الخزانة 2/ 548، ولم يذكر قائله. وفي حاشية الامير 2/ 19: (قوله: الزبير، هو ابن صفية عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم وحوارية، أول من سل سيفا في سبيل الله، ابن أخي خديجة).

شواهد مهما

شواهد مهما 529 - وأنشد: ومهما تكن عند امرئ من خليقة … ولو خالها تخفى على النّاس تعلم تقدّم شرحه في شواهد حيث ضمن معلقة زهير بن أبي سلمى (¬1). 530 - وأنشد: قد أوبيت كلّ ماء فهي ضاوية … مهما تصب أفقا من بارق تشم تقدّم شرحه في شواهد أم ضمن قصيدة ساعدة بن جوية (¬2). 531 - وأنشد: لما نسجتها من جنوب وشمأل تقدّم شرحه في شواهد الفاء ضمن أبيات من معلقة امرئ القيس (¬3). ¬

_ (¬1) انظر الشاهد رقم 188 ص 384 و 389، والشاهد رقم 519 ص 738 (¬2) ص 157، وانظر الشاهد رقم 60 ص 156 وص 158 و 159 وقد سبق بلفظ: (فهي صاوية) وفسر السيوطي: (الصاوية) باليابسة، وفي أشعار الهذليين (طاوية) وانظر هـ 2 ص 159. (¬3) الشاهد رقم 255 ص 463 وانظر الشاهد رقم 3 ص 20 وص 92 و 91 و 97 و 451 و 462 والحماسة 4/ 240.

532 - وأنشد: وإنّك مهما تعط نفسك سؤله … وفرجك نالا منتهى الذّمّ أجمعا (¬1) قال القالي في أماليه (¬2): قرأت على أبي بكر بن دريد لحاتم بن عبد الله: أكفّ يدي عن أن ينال التماسها … أكفّ صحابي حين حاجتنا معا (¬3) أبيت هضيم الكشح مضطمر الحشا … من الجوع أخشى الذّمّ أن أتضلّعا وإنّي لأستحيي رفيقي أن يرى … مكان يدي من جانب الزّاد أقرعا وإنّك إن أعطيت بطنك سؤله … وفرجك نالا منتهى الذّمّ أجمعا كذا أورده القالي، فلا شاهد فيه. وأورده صاحب الحماسة بلفظ المصنف (¬4). قوله: (أكف يدي) أي أقبضها إذا جلسنا على الطعام إيثارا لهم وخوفا أن يفني الزاد. وقوله: (أبيت هضيم الكشح) يدل على كفه عن الأكل إيثارا للأكل على نفسه. وقوله: (وحاجتنا معا) أي كلنا جائع، فحاجتنا إلى الطعام كحاجة صاحبه. وحاجتنا: مبتدأ. ومعا: نصب على الحال، وهو سد مسد الخبر. وحين: نصب على الظرف، وعامله أكف. وأقرع: خال من الطعام. وأجمع: مجرور تأكيد للذم. قال التبريزي: وهو أحوج الى التأكيد من قوله: (منتهى) لأنه متناول للجنس والعموم، وما يفيده في الجنس أولى. 533 - وأنشد: مهما لي اللّيلة مهما ليه … أودى بنعليّ وسرباليه ¬

_ (¬1) في المغني: (... تعط بطنك). (¬2) 2/ 318. (¬3) في الأمالي: (حاجاتنا). (¬4) 4/ 240

تقدّم شرحه في شواهد الباء (¬1). 534 - وأنشد: إذا كنت ترضيه ويرضيك صاحب … جهارا فكن في الغيب أحفظ للودّ (¬2) لم يسم قائله، وبعده: وألغ أحاديث الوشاة فقلّما … يحاول واش غير إفساد ذي عهد (¬3) قوله: (جهارا): بكسر الجيم، أي عيانا. والود: المحبة. والوشاة: بضم الواو، جمع واش، كقضاة وقاض، من وشى يشي وشاية إذا نمّ عليه وسعى به وأصله استخراج الحديث باللطف والسؤال. والبيت استشهد به على إعمال الثاني من المتنازعين، وهو: يرضيك في صاحب فاعلا، وإضمار المفعول في الأول ضرورة. والقياس أن لا يضمر بل يحذف. ¬

_ (¬1) انظر الشاهد رقم 149 ص 330 (¬2) ابن عقيل 1/ 192 برواية: (احفظ للعهد). (¬3) في ابن عقيل: (غير هجران ذي ود).

شواهد مع

شواهد مع 535 - وأنشد: أفيقوا بني حرب وأهواؤنا معا (¬1) هو من أبيات الحماسة، وأوّلها (¬2): إن كنت لا أرمي وترمى كنانتي … تصب جائحات النّبل كشحي ومنكبي فقل لبني عمّي فقد وأبيهم … منوا بهريت الشّدق أشوس أغلب أفيقوا بني حرب وأهواؤنا معا … وأرحامنا موصولة لم تقضّب ولا تبعثوها بعد شدّ عقالها … ذميمة ذكر الغبّ للمتعقّب قال التبريزي: يقال ان هذا الشعر لجندل بن عمرو. والجائحات: الجانحات. وضرب الكنانة مثلا، يقول: إذا تعرّض لمن يليني فقد تعرّض لي، وأكون بمنزلة من ترمي كنانته، وهي عليه لا يؤمن أن يصيبه ما يطيش من النبل. وقوله: (لم تقضب) أي لم تقطع. وتبعثوها: أي الحرب. وذميمة: أي لما يحصل فيها من القتل وتعقبت الأمر وتعيبه وعبه. 536 - وأنشد: كنت ويحيى كيدي واحد … نرمي جميعا ونرامى معا ¬

_ (¬1) الحماسة 1/ 298 (بني حزن). (¬2) 1/ 297 - 299

قال القالي في أماليه (¬1): حدثنا أبو الحسن وابن درستويه قال: حدثنا السكري، حدثنا المعمري قال: أخبرنا عبد الله بن إبراهيم الجمحي قال: نشأ في قريش ناشئان: رجل، من بني مخزوم، ورجل، من بني جمح، فبلغا في الوداد ما لم يبلغ بالغ، حتى اذا كان رؤي أحدهما فكأن قد رئيا جمعا، ثم دخلت وحشة بينهما عن غير شيء يعرفانه فتغيرا. فلما كان ليلة من الليالي، استيقظ المخزوميّ ففكّر ما الذي شجر بينهما، وكان المخزومي يقال له محمد، والجمحي يحيى، فنزل من سطحه وخرج حتى دخل عليه بابه، فاستنزله فنزل إليه، فقال: ما جاء بك هذه الساعة؟ فقال: جئتك لهذا الذي حدث بيننا ما أصله؟ وما هو؟ فقال: والله ما أعرف أصلا له! فبكيا حتى كادا يصبحان، ثم عاد كل واحد إلى منزله، فأصبح المخزومي، فقال (¬2): كنت ويحيى كيدي واحد … نرمي جميعا ونرامى معا يسرّني الدّهر إذا سرّه … وإن أسئنا بالأذى أوجعا حتّى إذا ما الشّيب في مفرقي … لاح وفي عارضه أسرعا وشى وشاة طبن بيننا … فكاد حبل الوصل أن يقطعا فلم يضن يحيى على وصله … ولم أقل خان ولا ضيّعا 537 - وأنشد: إذا حنّت الأولى سجعن لها معا تقدّم شرحه في شواهد اللام ضمن قصيدة متمم بن نويرة (¬3). ¬

_ (¬1) ذيل الامالي 15 (¬2) هذا الشعر لمطيع بن اياس في يحيى بن زياد الحارثي وقد وهم القالي في نسبته الى الرجل المخزومي وهو في الاغاني 13/ 308 (الدار)، والكامل 1253 (¬3) انظر ص 567 والشاهد رقم 339 ص 565.

538 - وأنشد: وأفنى رجالي فبادوا معا … فأصبح قلبي بهم مستفزا تقدّم شرحه في شواهد إذ، ضمن قصيدة الخنساء (¬1). ¬

_ (¬1) أنظر ص 250 والشاهد رقم 122 ص 249 و 252

شواهد متى

شواهد متى 539 - وأنشد: متى أضع العمامة تعرفوني تقدّم شرحه (¬1). 540 - وأنشد: أخيل برقا متى حاب له زجل هو لساعدة (¬2). ¬

_ (¬1) انظر الشاهد رقم 251 ص 459 و 460 (¬2) لساعدة بن جويّة، وهو في ديوان الهذليين 2/ 209 وعجزه: إذا يفتر من توماضه حلجا. وهو في اللسان (صلح) و (ومض).

شاهد منذ ومذ

شاهد منذ ومذ 541 - وأنشد: وربع عفت آثاره منذ أزمان تقدّم شرحه في شواهد (حتى) ضمن قصيدة امرئ القيس (¬1). 542 - وأنشد: أقوين مذحجج ومذ دهر (¬2) هذا من قصيدة ابن أبي سلمى، يمدح بها هرم بن سنان، وأوّلها: لمن الدّيار بقنّة الحجر … أقوين مذ حجج ومذ دهر لعب الزّمان بها وغيّرها … بعدي سوافي المور والقطر قفرا بمندفع النّحائت من … ضفوى أولات الضّال والسّدر دع ذا وعدّ القول في هرم … خير البداة وسيّد الحضر تالله قد علمت سراة بني … ذبيان عام الحبس والأصر ¬

_ (¬1) انظر الشاهد رقم 183 ص 374 و 375 (¬2) ديوان زهير 86 والخزانة 4/ 126.

أن نعم معترك الجياد إذا … خبّ السّعير وسابئ الخمر ولنعم حشو الدّرع أنت إذا … دعيت نزال ولجّ في الذّعر حامي الذّمار على محافظة ال … جلّى أمين مغيّب الصّدر حدب على المولى الضّعيف إذا … نابت عليه نوائب الدّهر ومرهّق النّيران يحمد في ال … لأواء غير ملعّن القدر ويقيك ما وقّى الأكارم من … حوب تسبّ به ومن غدر وإذا برزت به برزت إلى … صافي الخليقة طيّب الخبر متصرّف للحمد معترف … للنّائبات يراح للذّكر جلد يحثّ على الجميع إذا … كره الظّنون جوامع الأمر فلأنت تفري ما خلقت وبع … ض القوم يخلق ثمّ لا يفري ولأنت أشجع حين تتّجه ال … أبطال من ليث أبى أجر ورد عراض السّاعدين حدي … د النّاب بين ضراغم غثر يصطاد أحدان الرجال فما … تنفكّ أجريه على ذخر والسّتر دون الفاحشات وما … يلقاك دون الخير من ستر أثني عليك بما علمت وما … سلّفت في النّجدات والذّكر لو كنت من شيء سوى بشر … كنت المنوّر ليلة البدر

القنّة: بضم القاف وتشديد النون، أعلى الجبل. والحجر: بكسر الحاء وسكون الجيم، قال أبو عمرو: ولا أعرف إلا حجر ثمود، ولا أدري هل هو ذاك أم لا؟ وحجر اليمامة: غير ذاك، مفتوح. وأقوين: خلين. وحجج: جمع حجة (¬1). وسوافي: بالمهملة، جمع سافية، من سفت الرياح تسفى. والمور: بضم الميم وآخره راء، التراب. والقطر: المطر. والمندفع: حيث يندفع الماء. والنحائت: بنون وحاء مهملة، آبار في موضع معروف يقال لها النحائت، وليس كل آبار تسمى النحائت. وضفوى: بالضاد المعجمة، وسكون الفاء، موضع بأرض غطفان. والضال: بالمعجمة ولام خفيفة، السدر البري. قوله: (دع ذا) خطاب لنفسه. قال المفضل: جرت عادة الشعراء أن يقدموا قبل المدح تشبيبا ووصف إبل ونحو ذلك، فكان زهير همّ بذلك ثم قال لنفسه: دع هذا الذي هممت به واصرف قولك الى مدح هرم. والبداة: أهل البادية. والحضر: بفتح الحاء المهملة وسكون الضاد، أهل الحاضرة (¬2). والحبس والأصر، بمعنى (¬3). ومعترك الجياد: مزدحمهم (¬4). وسابيء الخمر: بالهمزة، مشتريها (¬5). ولجّ: من اللجاجة. والذعر: بضم الذال المعجمة وسكون العين المهملة، الخوف والفزع (¬6). والجلي: بضم الجيم وتشديد اللام، العظمى (¬7). و (أمين مغيب الصدر): أي لا يضمر إلا ¬

_ (¬1) ويروى: (من حجج ومن دهر) كما في الديوان ورواية أبي عمرو: (من حجج ومن شهر) وأبي عبيدة: (مذ حجج ومذ شهر). (¬2) وفي الديوان: (خير الكهول). (¬3) رواية الديوان: تالله ذا قسما لقد علمت ... ذبيان). (¬4) رواية الديوان: (معترك الجياع)، ويروى أيضا: (إذا حبّ القتار) (¬5) وبعد هذا البيت كما في الديوان: ولنعم مأوى القوم قد علموا … ان عضهم جل من الأمر (¬6) وقد ورد البيت في الاصل: دعيت نزال ولج الخمر في الذعر ويروى البيت أيضا بلفظ: ولأنت أشجع من أسامة إذا دعيت .... وروى أبو عمرو بعده هذا البيت: ولنعم كافي من كفيت ومن … تحمل له يحمل على ظهر (¬7) في شرح الديوان: (قال الأصمعي: الجلى: الخصلة العظمى، والجمع جلل. وقال غيره: الجلي: جماعة العشيرة، ويقال: هي البلية النازلة العظيمة).

الخير. وحدب: بفتح الحاء وسكون الدال المهملتين، مشفق. والضعيف: يروى بدله (الضّريك) أي المحتاج. ومرهق النيران: تغشى نيرانه، ويدنى منها. واللواء: الشدة. وغير ملعّن القدر: بمعنى لا يسب قدره لأنه يطعم. والأكارم: الكرام. والحوب: بضم المهملة، الإثم. ومتصرف الحمد: يتصرف في كل خير يحمد عليه. ومعترف للنائبات: صابر لها. ويراح للذكر: يستخف لأن يفعل شيأ يذكر به. و (جلد يحث على الجميع): على التآلف والإجتماع. والظنون الذي ليس يوثق بما عنده. وجوامع الأمر: الذي يجمع الناس عليه. فرى وتفرى، بالفاء، من الفرى، وهو القطع. وخلقت: أي قدرت. وأجر: جمع جرو. والضراغم: جمع ضرغام، وهو الأسد. وغثر: بضم المعجمة وسكون المثلثة، جمع اغثر، وهو الأغبر. وأحدان: جمع واحد، وأصله وحدان، أبدل الواو همزه، والنجدات: جمع نجدة، وهي الشدة. في البيان للجاحظ (¬1): قال المهدي لرجل من بني عبد الرحمن بن سمرة: أنشدني قصيدة زهير التي أولها: لمن الدّيار بقنّة الحجر فأنشده، فقال المهدي: ذهب من يقول مثل هذا! فقال السّمري: وذهب والله من يقال فيه مثل هذا؟ وفي الدلائل لأبي نعيم: كان عمر بن الخطاب كثيرا ما ينشد قول زهير: لو كنت من شيء سوى بشر … كنت المنوّر ليلة البدر (¬2) ويقول: كذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم. تنبيه: قال بعض الشارحين لأبيات الجمل: زعم بعض النقلة أن هذا البيت ليس لزهير، لأنه لم يعرف في بلاد العرب موضع يقال له: (الحجر) بالألف واللام، وإنما هو ¬

_ (¬1) 2/ 202 - 203 (¬2) في الديوان: (كنت المنير لليلة).

حجر، وهي قصبة اليمامة، اسم علم لا تدخله الألف واللام، إلا ان يقول قائل إن زهيرا انما أراد بقنة حجر، ثم زاد الألف واللام، وهو يريد سقوطها على حدّ قوله: يا ليت أمّ العمرو كانت صاحبي وقال البطليوسي: الأبيات الثلاثة التي في أوّل هذه القصيدة لم يصح أنها لزهير. وقد روى أن هرون الرشيد قال للمفضل بن محمد: كيف بدأ زهير بقوله: دع ذا وعدّ القول في هرم ولم يتقدم قبل ذلك شيء ينصرف عنه. فقال المفضل: قد جرت عادة الشعراء بأن يقدموا قبل المديح نسيبا، ووصف إبل وركوب فلوات، ونحو ذلك. فكان زهيرا همّ بذلك، ثم قال لنفسه: دع هذا الذي هممت به مما جرت به العادة، واصرف قولك إلى مدح هرم، فهو أولى من صرف إليه القول ونظم، وأحق من بدئ بذكره الكلام وختم؛ فاستحسن الرشيد قوله. وكان حماد الراوية حاضرا، فقال: يا أمير المؤمنين، ليس هذا أوّل الشعر، ولكن قبله: لمن الدّيار بقنّة الحجر وذكر الأبيات الثلاثة. فالتفت الرشيد الى المفضل وقال: ألم تقل إن (دع ذا ...)، أوّل الشعر، فقال: ما سمعت بهذه الزيادة إلا يومي، ويوشك أن تكون مصنوعة. فقال الرشيد لحماد: أصدقني، فقال: يا أمير المؤمنين، أنا زدت فيه هذه الأبيات. فقال الرشيد: من أراد الثقة والرواية الصحيحة فعليه بالمفضل، ومن أراد الاستكثار والتوسع فعليه بحماد. وقال وكيع في الغرر: حدثني الحارث بن محمد، حدثني أبو الحسن المدائني قال: دخلت بنت زهير بن أبي سلمى على عائشة، وعندها بنت هرم بن سنان، فسألت بنت زهير، فقالت بنت هرم: من أنت؟ قالت: أنا بنت زهير، قالت: أو ما أعطى أبي أباك ما أغناكم؟ قالت: إن أباك أعطى أبي ما فنى، وإن أبي أعطى أباك ما بقي. وأنشدت بنت زهير:

وإنّك إن أعطيتني ثمن الغنى … حمدت الّذي أعطيت من ثمن الشّكر وإن يفن ما تعطيه في اليوم أوغد … فإنّ الّذي أعطيك يبقى على الدّهر 543 - وأنشد: ما زال مذ عقدت يداه إزاره (¬1) وتمامه: فسما فأدرك خمسة الأشبار هو للفرزدق من قصيدة يمدح بها يزيد بن المهلب بن أبي صفرة، وقبله: وإذا الرّجال رأوا يزيد رأيتهم … خضع الرّقاب نواكس الأبصار وإذا الرّجال جشأن طامن جشأها … ثقة له بحماية الأوثار ما زال مذ عقدت يداه إزاره … فسما فأدرك خمسة الأشبار يدني كتائب من كتائب تلتقي … للطّعن يوم تجاول وغوار ويروى: يدني خوافق من خوافق تلتقي … في ظلّ مغتبط الغبار مثار الخضع: جمع خضوع، وهو الاستحذاء والانقياد. وجشأن: أي نهضن وارتفعن، يقال جشأت نفسه، أي نهضت للخروج، ارتفعت. وطامن جشأها: أي سكّنه ¬

_ (¬1) ديوان الفرزدق 378.

وقرّره. والإزار: المئزر. وسما: ارتفع. والكتائب: الجيوش. والتجاول: الجولان في القتال والخوض في حومته. والغوار: المغاورة. والخوافق: الرايات، جمع خافقة. ومغتبط الغبار: يعني موضعا لم يقاتل عليه ولم يثر فيه غبار قبل ذلك حتى أثاره ذلك الممدوح. يقال من ذلك: اغتبط الأرض، إذا حفرت منها موضعا لم يحفر فيها قبل ذلك. والمثار: المهيج المجرى. وقوله: فأدرك خمسة الاشبار، قال بعض الشارحين لأبيات الجمل: يقال للرجل الكامل الذي قد بلغ الغاية في الفضائل: أدرك خمسة الاشبار، وهو مثل. وسما: علا. وأدرك: نال، فكأنه يقول: ما زال كاملا فاضلا مذ عقدت يداه إزاره، يعني بإزاره مجده وفخره. وخمسة الاشبار: مفعول على هذا بأدرك، وكأنهم إنما قالوا للكامل: أدرك خمسة الأشبار عندهم، تخيلوا فيه الخير والشرّ. وقال الأعلم: هذا باطل لا يعرف، وإنما أراد الشاعر: أنه مذ ترعرع وانتهى مدة خمسة أشبار، وهي ثلثا قامة الرجل، توسم فيه الخير وتبينت فيه النجابة والفضل، ولذلك قال: مذ عقدت يداه إزاره ... فسما لأن الطفل الصغير جدا لا يأتزر ولا يحسن عقد إزاره إن حاوله. ومعنى سما: نما جسمه واشتد. وقد قيل: أراد بقوله خمسة الاشبار، طول السيف، لأنه منتهى طوله في الاكثر. وقال البطليوسي: معنى سما: ارتفع وشب. ومعنى فأدرك خمسة الاشبار: ارتفع وتجاوز حدّ الصبي، لأن الفلاسفة زعموا ان المولود إذا ولد لتمام مدة الحمل، ولم تعتره آفة في الرحم، فإنه يكون مدة ثمانية أشبار، من شبر نفسه، فإذا تجاوز الصبي أربعة أشبار فقد أخذ في الترقي الى غاية الكمال. وزعم قوم إنه أراد الخيزرانة التي كانت الخلفاء يحبسونها بأيديهم. وخبر ما زال قوله (يدني) كدائب، انتهى. وفي شرح شواهد الإيضاح لابن يسعون: والإزار هنا قيل على حقيقته، أي لم يزل مذ بلغ من السنّ والقدر الى احسان عقد الإزار أمير كتائب. ويعمل عوامل وقواضب، وقيل: كني بعقد الإزار عن شدّة لما يحتوي عليه من اكتساب المجد. قال ابن يسعون: والأول أصح. وخمسة الأشبار نصب بأدرك،

أي بلغ قدر خمسة الاشبار المعلومة، لمنتهى حدّ الصغار. ومن كلام بعض الخلفاء: أيما غلام بلغ خمسة أشبار فالهمته قبيلته. وقال ابن دريد: غلام خماسي قد أيفع. قال ابن يسعون: ويجوز نصبه نصب الظرف، لقوله فسما: أي فعلا مقدار خمسة الاشبار، وقيل: يعني بخمسة الاشبار، السيف، لأنه الأغلب في السيوف الموصوفة بالكمال. وقيل: هي عبارة عن خلال المجد الخمسة: العقل والعفة والعدل والشجاعة والوفاء، وكانت معروفة عندهم هذا العدد. وعلى هذين القولين لا يكون خمسة إلا مفعولا به لأدرك، وعلى السيف لابد من تقدير ذي، أي بلغ أعمال ذي خمسة الأشبار، ويجوز نصب خمسة نعتا لإزاره أو بدلا منه أو عطف بيان، انتهى. وزعم كثير أن معنى البيت: لم يزل منذ نشأ مهيبا فائزا بالمعالي حتى مات فأقبر في لحد هو خمسة أشبار. وهو بعيد من الخمسة المقصودة. والبيت استشهد به المصنف هنا على ايلاء مذ الجملة الفعلية. واستشهد في التوضيح بعجزه على إنه إذا أضيف العدد الى ما فيه أل جرّد المضاف منها، خلافا لما أجازه الكوفيون من قولهم الخمسة الأشبار والثلاثة الأبواب. 544 - وأنشد: وما زلت أبغي المال مذ أنا يافع تقدّم شرحه في شواهد اللام ضمن قصيدة الأعشى (¬1). ¬

_ (¬1) انظر ص 577 من قصيدة الشاهد رقم 345 وص 577 الشاهد رقم 268 وص 704.

حرف النون

حرف النون 545 - وأنشد: أقائلنّ أحضروا الشّهودا (¬1) قال السكري: قاله رجل من هذيل، وقبله: أرأيت إن جاءت به أملودا … مرجّلا ويلبس البرودا ولا يرى مالا له معدودا … أقائلنّ أعجلوا الشّهودا فظلّت في شرّ من اللّذّ كيدا … كاللّذ تزبى صائدا فاصطيدا يقول: أرأيت ان ولدت هذه المرأة ولدا هذه صفته، فيقال لها: أقيمي البينة إنك لم تأت به من غيره. والأملود: الأملس. ولا يرى مالا له معدودا أي لجوده. وتزبى: بالزاي، حفر زبية، انتهى. وقد وقع في شواهد العيني نسبة هذا الرجز لرؤبة. ورأيت أصله: أرأيت. والأملود: بضم الهمزة، الناعم. والمرجل، بالجيم، المزين. من رجلت شعره إذا سرّحته. وقيل بالحاء المهملة، وهو برد يصور عليه الرجال. وقوله: أقائلن: كذا أورده المصنف وغيره، وهو بضم اللام، خطاب لجماعة، كما يؤخذ من كلام العيني. وقد أورده السكري بلفظ ¬

_ (¬1) الخزانة 4/ 574

(إما يكون كما تراه) فلا شاهد فيه على دخول نون التوكيد في اسم الفاعل. وقال ابن دريد في أماليه: أخبرنا أبو عثمان عن النوري عن أبي عبيدة قال: أتى رجل من العرب أمة له، فلما حبلت جحدها، فأنشأت تقول: أرأيت إن جئت به أملودا … مرجّلا ويلبس البرودا أقائلنّ أحضر الشّهودا … فظلّت في شرّ من اللّذّكيدا كاللّذ تزبى صائدا فاصطيدا 546 - وأنشد: فأنزلن سكينة علينا تقدم شرحه في شواهد إذا ضمن رجز عبد الله بن رواحة (¬1). 547 - وأنشد: فأحر به بطول فقر وأحريا (¬2) صدره: ومستبدل من بعد غضبى صريمة قال المصنف: اختلف الناس في إنشاد هذا البيت في موضعين، في (غضبى) وفي (أحريا) بالمثناة التحتية، فقيل: غضبى بالباء الموحدة، وفي أحريا. وعليه صاحب الصحاح. قال في باب الباء الموحدة: غضبى اسم مائة من الإبل، وهي معرفة ¬

_ (¬1) انظر ص 287، والشاهد 133 ص 286 (¬2) ابن عقيل 2/ 43، وفيه: (من طول ....).

لا تنوّن ولا يدخلها أل، وأنشد البيت. ثم قال: أراد النون الخفيفة فوقف. وقيل: غضيا بالمثناة التحتية. وأحربا، بالموحدة، وعليه صاحب المحكم وابن السكيت في اصلاحه. وقال ابن السيرافي في شرحه: أراد ربّ إنسان كان ما له قليلا بعد ان كان كثيرا فأحربه، تعجب. كما تقول: أكرم به، يريد ما أحراه أن يطول فقره. وقوله: واحربا، تعجب، من قولهم حرب الرجل، إذا ذهب ماله وإذا قلّ. قال المصنف: وعلى هذا فلا تأكيد ولا نون، وضعت البيت من أيدينا (¬1). ثم قال: لم يذكر في الصحاح حرب بالكسر إلا بمعنى اشتد غضبه. وأما حرب بمعنى أخذ فبالفتح، وقد حرب ماله أي سلبه، انتهى. وصريمة: تصغير صرمة، بكسر الصاد المهملة وسكون الراء، قطعة من الإبل نحو الثلاثين، صغرها للتقليل ويقال: فلان حرى أن يفعل كذا، أي جدير ولائق. 548 - وأنشد: دامنّ سعدك لو رحمت متميّا … لولاك لم يك للصّبابة جانحا قال العيني في شواهده الكبرى: لم أقف على إسم قائله. وسعدك: بالكسر، خطاب لمحبوبته. والمتيم: من تيمه الحب إذا عبّده بالتشديد. والصبابة: المحبة والعشق. والجانح: من جنح إذا مال. وجواب (لو) دل عليه الجملة قبلها، وهي دعائية. والبيت أورده المصنف شاهدا لدخول نون التوكيد في الماضي شذودا وقال: إن الذي سهله كونه بمعنى الأمر، وفيه شاهدان على إيلاء لا ضمير الجر، وثالث على حذف نون يكن لاجتماع شروطه. 549 - وأنشد: لم يوفون بالجار تقدم شرحه في شواهد لم (¬2). ¬

_ (¬1) كذا ... ؟ (¬2) انظر الشاهد رقم 432 ص 674.

550 - وأنشد: ومن عضة ما ينبتنّ شكيرها قال ابن يعيش: الشكير ما ينبت حول الشجرة من أصلها: واستشهد بالبيت (¬1). ¬

_ (¬1) وصدر البيت: اذا مات منهم سيد سرق ابنه وقائل البيت مجهول. وهو في سيبويه 2/ 153، والخزانة 1/ 234 والعضة: شجرة. وفي حاشية الامير 2/ 23: فان دخلت أن على (ما) كان التأكيد قريبا من الوجوب، وان دخلت عليها رب كان التأكيد قليلا، كقوله: ربما أوفيت في علم … ترفعن ثوبى شمالات ومن القليل أيضا التوكيد بعد (لا) النافية. ويروى المصراع: في عضة ما ينبت العود والبيت يضرب مثلا في مشابهة الرجل أباه.

شواهد التنوين

شواهد التنوين 551 - وأنشد: وقولي إن أصبت لقد أصابن (¬1) هذا من قصيدة طويلة لجرير تزيد على مائة وعشرين بيتا. قال ابن سلام في طبقات الشعراء (¬2): حدثني أبو الغرّاف: إن الراعي كان يسئل عن جرير والفرزدق، فيقول: الفرزدق أكرمهما وأشعرهما. فلقيه جرير فاستعذره من نفسه، وطلب إليه أن لا يدخل بينهما وقال: أنا كنت أولى بعونك، إني لأمدحكم، وإنه ليهجوكم، قال: أجل، ولست، لمساءتك بعائد. ثم بلغ جريرا أنه قد عاد في تفضيل الفرزدق عليه، فلقيه بالبصرة وجرير على بغلة، فعاتبه فقال: استعذرتك فزعمت أنّك غير داخل بيني وبين يحيى (¬3)، قال: والراعي يعتذر إليه، اذ أقبل ابنه جندل، وكان فيه خطل وعجب، فقال لأبيه: لأراك تعتذر الى ابن الاماء، نعم، والله لنفضلنّ عليك، ولنروينّ هجاءك، ولنهجونّك من تلقاء أنفسنا. وضرب مقلعة (¬4) وقال: ألم تر أنّ كلب بني كليب … أراد حياض دجلة ثمّ هابا ¬

_ (¬1) ديوان جرير 64، والخزانة 1/ 34، وابن عقيل 1/ 23 وطبقات الشعراء 374، والنقائض 432 (¬2) ص 373، وانظر الاغاني 20/ 171 (يولاق). (¬3) كذا بالاصل وصحتها: (ابن عمي) كما في طبقات الشعراء. (¬4) كذا بالاصل، وصحتها: (وضرب وجه بغلته) كما في الطبقات.

فانصرف جرير مغضبا. وكان جرير يومئذ بالبصرة نازلا على امرأة من بني كليب، فبات في علّيّة لها، وهي في سفل دارها، فقالت المرأة: فبات نيلته لا ينام، يتردّد في البيت، حتى ظننت أنه قد عرض له (جنّي، أو سنح له بلاء) (¬1) حتى فتح له: أقلّي اللّوم عاذل والعتابا … وقولي، إن أصبت، لقد أصابا (حتى قال) (¬2): إذا غضبت عليّ بنو تميم (¬3) … حسبت النّاس كلّهم غضابا ثم أصبح في المربد فقال: يا بني تميم، قيّدوا: أي اكتبوا، فلم يجب الراعي ولم يهجه جرير بغيرها. فقال بعض رواة قيس وعلمائهم: كان الراعي فحل مضر، فضغمه الليث، يعني جريرا، وبعد البيت الأول: أجدّك لا تذكّر عهد نجد … وحيّا طال ما انتظروا الإيابا أقلى: أمر من الإقلال، ومن القلة. واللوم: بالفتح، العذل. وعاذل: منادى مرخم عاذلة. ولقد أصابا: مقول القول. وأجدك: أي يجد منك هذا، فنصبه على نزع الباء، قاله الأصمعي. وقال أبو عمرو: معناه مالك أجد منك، ونصبه على المصدر. قال ثعلب: ما أتاك من الشعر من قولك أجدك فهو بكسر الجيم. وإذا قال بالواو، وجدك فهو بفتحها. وقال الجوهري: أجدك وأوجدك بمعنى، ولا يتكلم به إلا مضافا. والأياب، بكسر الهمزة، الرجوع. والبيت شاهد لدخول تنوين الترنم في الفعل والإسم المعرّف باللام. ¬

_ (¬1) مزيدة، وانظر الخبر بالاغاني 8/ 30 - 31 و 20/ 169 وطبقات الشعراء 374 (¬2) مزيدة. (¬3) في الطبقات: (عليك بنو تميم).

552 - وأنشد: لمّا تزل برحالنا وكأن قدن تقدم شرحه في شواهد قد (¬1). 553 - وأنشد: وقاتم الأعماق خاوي المخترق (¬2) هو أول أرجوزة لرؤبة، وبعده: مشتبه الأعلام لمّاع الخفق … يكلّ وفد الرّيح من حيث انخرق تنشّطته كلّ مغلاة الوهق … [فيها خطوط من سواد وبلق كأنّه في الجلد توليع البهق] ومنها: لواحق الأقراب فيها كالمقق … تكاد أيديهنّ تهوي في الزّهق يحسبن شاما أو رقاع من بنق الواو في (وقاتم) واورب (¬3). وقد أعاده المصنف في حرف الواو شاهدا لذلك. والقاتم: بالقاف والمثناة الفوقية المغبر. والقتام الغبار، وهو صفة لمحذوف ¬

_ (¬1) انظر الشاهد رقم 276 ص 490 (¬2) الخزانة 1/ 38، واراجيز العرب 22، والشعراء 5، وديوان رؤبة في مجموع اشعار العرب 3/ 104 - 108 والعقد 5/ 506 والمحاسن والمساوئ 1/ 255 و 256. (¬3) وهي عاطفة لاجارة.

أي ورب بلد قاتم. قال ابن السكيت يقال أسود قاتم وقاتن (¬1). والأعماق: بالمهملة، جمع عمق بضم العين وفتحها، ما بعد من أطراف المفاوز، مستعار من عمق البئر. والخاوي: بمعجمة، الخالي. والمخترق: بضم الميم وسكون الخاء المعجمة وفتح المثناة والراء، الممرّ لأن المار يخترقه. والأعلام: جمع علم، بفتحتين، وهي الجبال وكل ما يهتدى به، يريد ان أعلامه يشبه بعضها بعضا، فلا بحصل الاهتداء بها للسالكين. والخفق: الاضطراب، وهو في الأصل بسكون الفاء، وإنما حرك للضرورة، يريد أنه يلمع فيه السراب ويضطرب. ووفد الريح: أولها، مثل وفد القوم. وهذا تمثيل. وإذا اتسع الموضع فسرت فيه الريح وإذا ضاق اشتدت. قال ابن يسعون: استعار الكلام للريح وإن لم تكن ذات روح، لأن المعنى عملها وفتر. قال: ويروى (يكل وفدا) بضم الياء ونصب وفد، كالضمير لقاتم. وبفتح الياء ورفع وفد، وفيه على هذا حذف، أي فيه، لأن جملة يكل صفة لقاتم. وقوله: (من حيث انخرق) أي من أي جهة أتت الريح لا تصل من قطع هذه المفازة الى ما قلت. وقوله: (تنشطته) جواب رب، أي تناولته بحسن الصد في السير وسرعة تقليب يديها، والهاء ضمير قاتم. والمغلاة (من النوق) (¬2): التي تبعد الخطو في السير. والوهق: المباراة في السير. والتوليع: ألوان شتى. والبهق: بياض يخرج في عنق الإنسان وصدره. قال أبو عبيدة: قلت لرؤبة: إن أردت بقولك: كأنه كأن الخطوط، فقل: كأنها، أو كأن السواد والبلق، فقل كأنهما. فقال: أردت كأن ذلك. وقد أورد المصنف هذا البيت مع هذه الحكاية في آخر الكتاب الثامن. والشام: التي تكون في الجسد، جمع شامة. والرقاع: رقعة. والبنق: بكسر الموحدة وفتح النون، جمع بنيقة، وهي دخاريص القميص. ولواحق الأقراب: أي ضوامر البطون، يقال: لحق لحوقا إذا ضمر. والأقراب: جمع قرب، بضم القاف والراء وموحدة، وهو من الشاقلة الى مراق البطن. ولواحق: خبر مقدم. والمقق: بفتح الميم، الطول. وقد ¬

_ (¬1) وفي الخزانة: (قال الأصمعي في شرح ديوان رؤبة: القتمة، الغبرة إلى الحمرة، والقتمة مصدر الأقتم. وقال ابن السكيت في كتاب القلب والابدال: يقال أسود قاتم وقاتن، بالميم والنون، وفعله من بابي ضرب وعلم، وهو صفة لموصوف محذوف، أي رب بلد قاتم). (¬2) مزيدة.

استشهد النحاة به على زيادة الكاف، فإن تقديره فيها المقق. وتهوى: تسقط، من باب ضرب يضرب. والزهق: بفتح الزاي والهاء، التقديم. 554 - وأنشد: ويوم دخلت الخدر خدر عنيزة (¬1) هو من معلقة امرئ القيس، وتمامه: فقالت لك الويلات إنّك مرجلي … تقول وقد مال الغبيط بنا معا عقرت بعيري يا امرأ القيس فانزل … فقلت لها سيري وأرخي زمامه ولا تبعديني من جناك المعلّل … فمثلك حبلى قد طرقت ومرضع فألهيتها عن ذي تمائم محول الخدر: كل ما ستر من قبة أو هودج أو ستر أو بيت. والويلات: التعسات، دعاء عليه، إنما هو مثل قولهم: قاتله الله ما أشعره. ومرجلي: أي مصيري راجلة إذا عقرت بعيري. والغبيط: مركب من مراكب النساء، ويقال هو قبة الهودج. والجنا: ما يصيبه الجاني من الثمار، قال تعالى: (وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دانٍ) شبه به ما يصيبه من حديثها وملاعبتها. ويقال: الجني، شور العسل. والمعلل: الذي يتناول مرة بعد أخرى، وهو الشرب الثاني. والشاهد في قوله: (عنيزة) حيث نوّنه للضرورة، وهو بضم العين المهملة وفتح النون وتحتية ساكنة وزاي، اسم امرأة. 555 - وأنشد: سلام الله يا مطر عليها (¬2) ¬

_ (¬1) ديوانه 11، وانظر الصحائف 20 و 96 و 97 و 360 و 451 و 463 و 558 و 652. (¬2) الخزانة 1/ 294، وابن عقيل 2/ 82، وامالي ابن الشجري 1/ 307 وسيبويه 1/ 313، وابن سلام 541

هو للأحوص من قصيدة أولها: لأن نادى هديلا، يوم فلج … مع الإشراق، في فنن حمام ظللت كإنّ دمعك درّ سلك … هوى نسقا وأسلمه النّظام كأنّك من تذكّر أمّ حفص … وحبل وصالها خلق رمام صريع مدامة غلبت عليه … تموت لها المفاصل والعظام وأنّى من بلادك أمّ حفص؟ … سقى بلدا تحلّ به الغمام! سلام الله يا مطر عليها، … وليس عليك يا مطر السّلام فإن يكن النّكاح أحلّ شيئا (¬1) … فإنّ نكاحها مطرا حرام فطلّقها فلست لها بكفء … وإلّا يعل مفرقك الحسام فلا غفر الإله لمنكحيها … ذنوبهم وإن صلّوا وصاموا (¬2) هديل: بفتح الهاء، الذكر من الحمام. يقال: إنه فرخ كان على عهد نوح عليه السلام فصاده جارح. قالوا: فليس من حمامة إلا وهي تبكي عليه. وهو مفعول والفاعل حمام. وفلج: بفتح الفاء وسكون اللام، موضع بين البصرة والضرية. وفنن: بفتحنين، الغصن. وهي سقط من الضعف. ونسق: أي منظم. وأسلمه: خذله. وأم حفص: أخت زوجة الأحوص. والخلق بفتحتين، والرمام: بالكسر، البالي المتقطع. والصريع: المصروع. والمدامة: الخمر. ومطر: سلف الأحوص، وكان من أقبح الناس صورة. وقوله: (يا مطر) يروى بالرفع والنصب (¬3). وقوله: (فإن نكاحها مطر) برفع مطر ونصبه وجره. فالرفع على أنه فاعل ¬

_ (¬1) اصلحنا (شيء) وانظر الطبقات، وفيه (مطر) بالرفع. (¬2) بعد هذا البيت، أثبت البيتان الاول والثاني، وقد حذفناهما لتكرارهما. (¬3) انظر الخزانة 1/ 294

فائدة: [الأحوص]

المصدر، وهو نكاحها، والمصدر أضيف الى المفعول، والنصب على انه مفعوله، وهو مضاف الى الفاعل. والجرّ على أنه مضاف اليه. ووقع الفصل بين المتضايفين بضمير الفاعل أو المفعول. وقد أورده المصنف في التوضيح شاهدا لذلك. قوله: (وإلّا يعل) فيه حذف فعل الشرط، أي وان لم تطلقها. وقد أورده المصنف شاهدا لذلك. ومفرق الرأس: ما يتفرق الشعر في مقدمه. والحسام: بضم الحاء، السيف القاطع. فائدة: [الأحوص] الأحوص اسمه عبد الله بن محمد بن عاصم بن ثابت بن قيس بن عصمة الأنصاري الأوسي، يكنى أبا عاصم. قال أبو عمثان: شاعر مجيد من شعراء الدولة الأموية من أهل المدينة. قال الآمدي (¬1): وهو القائل: إنّي إذا خفي الرّجال وجدتني … كالشّمس لا تخفى بكلّ مكان وكان أحوص العينين. والحوص: ضيق في مؤخر العين. ذكره الجمحي في الطبقة السادسة من الإسلاميين (¬2). وعاصم جدّه الصحابي حميّ الدّبر (¬3). وأخرج ابن عساكر عن ابن الأعرابي: أن الأحوص كان له جارية تسمى بشرة، وكان شديد الإعجاب بها، وهي أيضا تحبه، قدم بها دمشق فمرض بها وحضرته الوفاة، فبكت، فقال الأحوص: ما لجديد الموت يا بشر لذّة … وكلّ جديد تستلذّ طرائفه ¬

_ (¬1) المؤتلف والمختلف 47 والبيت في الشعراء 503، برواية: (خفي اللئام ...). (¬2) ص 529 (¬3) الدبر - بفتح الدال وسكون الباء -: النحل والزنابير. وسمي عاصم: (حميّ الدبر) لأن النحل حمته من المشركين أن يمثلوا به بعد قتله. وانظر الاصابة 4/ 3 وابن هشام 639، والاغاني 4/ 224 (الدار).

فائدة: [شاعر ثالث يقال له الأحوص بن ثعلبة]

ثم مات من يومه، فجزعت عليه بشرة ولم تزل تبكي عليه وتندبه إلى أن شهقت شهقة فماتت فدفنت الى جنبه. قلت: ونظير هذه الحكاية ما أخرجه البيهقي في دلائل النبوّة عن أبي عصام المزني عن أبيه قال: بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية قبل نجد، فأدركناه يسوق ظعائن، فقلنا له: أسلم، قال: وما الإسلام؟ فأخبرناه فإذا هو لا يعرفه. قال: أفرأيتم إن لم نفعل ما أنتم صانعون؟ قلنا: نقتلك. قال: هل أنتم منتظري حتى أدرك الظعائن؟ قلنا: نعم. فأدرك الظعائن، فقال: اسلمي حبيش، قبل نفاذ العيش. فقالت الاخرى: اسلم عشرا وتسعا وترا، وثمانيا تترى. ثم قال: ألم يك حقّا أن ينوّل عاشق … تكلّف إدلاج السّرى والودائق انثنى بوصل قبل أن يشحط النّوى … وينأى الأسير بالحبيب المفارق ثم رجع الينا فقال: شأنكم، فقدّمناه فضربنا عنقه. فانهدت المرأة من هودجها فجاءت عليه، فما زالت حتى ماتت. وأخرج البيهقي أيضا عن ابن عباس مثله، وفيه: فجاءت المرأة فوقعت عليه فشهقت شهقة أو شهقتين ثم ماتت، فلما قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبروه الخبر، فقال صلى الله عليه وسلم: أما كان فيكم رجل رحيم؟ وللقصة طريق ثالث من حديث أبي الدرداء أخرجها ابن اسحق والبيهقي (¬1) فائدة: [شاعر ثالث يقال له الأحوص بن ثعلبة] لهم شاعر ثالث يقال له الأحوص بن ثعلبة بن محيصة بن مسعود، ذكره الآمدي أيضا. 556 - وأنشد: إذ ذهب القوم الكرام ليسي تقدّم شرحه في حرف القاف (¬2). ¬

_ (¬1) يلاحظ ان هذا الخبر فيه اضطراب، وغير مذكور فيه اسم الشخص القتيل. (¬2) انظر الشاهد رقم 273 ص 488.

557 - وأنشد: أمسلمني إلى قومي شراحي هو ليزيد بن مخزم الحارثي. قال أبو محمد: ذكر الفرّاء هذا البيت على هذا النمط ليجعله بابا من النحو، والصواب: وغاب خلايلي وبقيت فردا … أماصعهم ونهضك بالجناح فما أدري وظنّي كلّ ظنّ … أيسلمني بني البدء اللّقاح فيقتلني بنو خمر بذهل … ولدت أكون من قتلى الرّياح قوله: أماصعهم: بصاد وعين مهملتين، أي أقاتلهم. واللقاح: بفتح اللام وتخفيف القاف، يقال: حي لقاح للذين لا يدينون للملوك، أو لم يصبهم في الجاهلية سبا. وبنو خمر بفتح الخاء المعجمة وسكون الميم وراء، بطن من كندة. وشراحي: أصله شراحيل، اسم رجل لحقه الترخيم. وقوله: (وظني كل ظنّ) إما صلة أو جملة من مبتدأ وخبر معترضة، أو الواو بمعنى مع، وكل ظن تأكيد لظني. (1) انظر الشاهد رقم 237 ص 488

حرف الهاء شواهد هل

حرف الهاء شواهد هل (¬1) 558 - وأنشد: ليت شعري هل ثمّ هل آتينهم (¬2) هو للكميت بن معروف، وتمامه: أم يحولنّ دون ذاك حمام ويروى بدله: أو يحولنّ من دون ذاك الرّدى والحمام: بكسر المهملة، الموت. والردى: الهلاك. وأم في البيت منقطعة لأنها مسبوقة بغير الهمزة. ويجوز أن تكون متصلة بمعنى أي الأمرين، كائن على سبيل التقدير لحصول العلم بكون أحدهما. وآتينهم: بنون التأكيد الخفيفة. والبيت استشهد به ابن أم قاسم على التأكيد اللفظي بتكرار هل مع الفصل بينهما بحرف ثمّ. ¬

_ (¬1) هذا العنوان ليس بالاصل. (¬2) الهاشميات 13.

559 - وأنشد: ألا هل أخو عيش لذيذ بدائم (¬1) هو للفرزدق يهجو بها جريرا، وقبله: فإنّك كلب من كليب لكلبة … غذتك كليب من بحيث المطاعم وليس كليبيّ إذا جنّ ليلة … إذا لم يذق طعم الأتان بناعم يقول إذا اقلولى عليها وأقردت … ألا هل أخو عيش لذيذ بدائم اقلولي: ارتفع. وأقردت: بالقاف، لصقت بالأرض وسكنت. ومعناه: يرميه بإتيان الأتان، قال العيني: ولم يقف بعضهم على الابيات قبله، فصرفه الى معنى حسن، لكنه ليس مراد الشاعر. وهو ان الجنازة تقول بلسان الحال اذا ارتفع عليها الميت، والحال أنها أقردت، أي سكنت. ألاهل صاحب عيش لذيذ يدوم في عيشه. وفي البيت شاهد على زيادة الباء في خبر المبتدأ الذي دخلت عليه هل لشبهها بالنفي. وعلى ذلك أورده ابن مالك. وروى بلفظ: ألا ليت ذا العيش اللّذيذ بدائم وكذلك أورده ابن مالك في التوضيح مستشهدا به على زيادة الباء في خبر ليت. 560 - وأنشد: وإنّ شفائي عبرة مهراقة … وهل عند رسم دارس من معوّل؟ هو من معلقة امرئ القيس بن حجر المشهورة (¬2). 561 - وأنشد: سائل فوارس يربوع بشدّتنا … أهل رأونا بسفح القاع ذي الأكم ¬

_ (¬1) ديوانه 863 (¬2) انظر الصحائف 20 و 96 و 97 و 360 و 451 و 463 و 558 و 652 و 766 و 782 و 857 و 863

هو من قصيدة لزيد الخيل. ويروى: فهل. 562 - وأنشد: ولا للما بهم أبدا دواء تقدّم شرحه في شواهد اللام (¬1). ¬

_ (¬1) انظر الشاهد رقم 290 ص 505.

حرف الواو

حرف الواو 563 - وأنشد: فأصبح لا يسألنه عن بما به (¬1) والبيت قال العيني: لم يسم قائله. وتمامه: أصعّد في علوّ الهوى أم تصوّبا أصعد: أي ارتقى. أم تصوّبا: أي أم نزل. والبيت استشهد به على تأكيد عن بالباء تأكيدا لفظيا لأنهما يستعملان في معنى واحد، فيقال: سألت به وسألت عنه. 564 - وأنشد: على ربعين مسلوب وبال هو لابن ميادة وأوّله: أمن طلل بمدفع ذي طلال … أمحى جديده قدم اللّيالي بكيت وما بكا رجل حزين … على ربعين مسلوب وبالي قال الزمخشري: ذو طلال: واد بأعلى السربة. أمحى: أبلى. المسلوب: ¬

_ (¬1) الخزانة 4/ 162، والبيت في المغني من شواهد هل.

الذي قوّضت أخبيته وابتزت عمده. والبالي الذي ذهبت آثاره. ومسلوب وبال: بدل من ربعين. ويروى (وما بكا رجل نزيع) أي منتزع وبال كالمسلوب. 565 - وأنشد: [إنّ الرّزيّة لا رزيّة مثلها … فقدان مثل محمّد ومحمّد] (¬1) قال المبرد في الكامل (¬2): كان الحجاج رأى في منامه أن عينيه قلعتا فطلّق الهندين: هندا بنت المهلّب، وهندا بنت أسماء بن خارجة، فلم يلبث أن جاءه نعيّ أخيه من اليمن في اليوم الذي مات فيه ابنه محمد، فقال: هذا والله تأويل رؤياي، ثم قال: إنّا لله وإنّا اليه راجعون، محمد ومحمد في يوم واحد: حسبي بقاء الله من كلّ ميّت … وحسبي رجاء الله من كلّ هالك إذا كان ربّ العرش عنّي راضيا … فإنّ شفاء النّفس فيما هنالك وقال: من يقول شعرا يسليني به؟ فقال الفرزدق: إنّ الرّزيّة لا رزيّة مثلها … فقدان مثل محمّد ومحمّد ملكان قد خلت المنابر منهما … أخذ الحمام عليهما بالمرصد فقال: لو زدتني! فقال الفرزدق: إنّي لباك على ابني يوسف جزعا … ومثل فقدهما للدّين يبكيني ما سدّ ميت ولا حيّ مسدّهما … إلّا الخلائف من بعد النّبيّين (¬3) 566 - وأنشد: وزجّجن الحواجب والعيونا (¬4) هذا من قصيدة للراعي وصدره: ¬

_ (¬1) مزيدة. والشعر للفرزدق وهو في ديوانه ص 190. (¬2) ص 449. (¬3) في الكامل: (ما سد حيّ ولا ميت). (¬4) الخزانة 3/ 73 وشعر الراعي 156، والعيني 3/ 91.

وهزّه نسوة من حيّ صدق وقيل صدره: إذا ما الغانيات برزن يوما وبعده: أنحن جمالهنّ بذات غسل … سراة اليوم يمهدن الكدونا (¬1) ومطلع القصيدة: أبت آيات حبّي أن تبينا … لنا خبرا وأبكين الحزينا (¬2) الغانيات: جمع غانية، وهي المرأة التي غنيت بجمالها عن الحليّ. وبرزن: ظهرن. وزججن: بزاي وجيمين، يقال: زججت المرأة حاجبها دققته، وطوّلته. والزجج: دفة في الحاجبين وطول. والرجل أزج. وذات غسل: بكسر الغين المعجمة وسكون السين المهملة ولام، اسم موضع (¬3). وقيل: إنه قرية بين اليمامة والساج (¬4). وسراة اليوم. وسطه، وسراة كل شيء: وسطه. وكدون بالضم، جمع كدن، وهو ما توطأ به المرأة مركبها من كساء ونحوه. 567 - وأنشد: وألفى قولها كذبا ومينا قال محمد بن سلام الجمحي (¬5): هو لعدي بن زيد، وأوّلها: ففاجأها، وقد جمعت فيوجا … على أبواب حصن مصلتينا ¬

_ (¬1) معجم ما استعجم 998 والبلدان 3/ 802 و 4/ 204 واللسان (كدن) (¬2) ليس هذا البيت في شعر الراعي، والقطعة فيه من ثلاث أبيات أولها: وأظعان طلبت بذات لوث … يزيد رسيمها سرعا ولينا (¬3) في البكري: موضع ديار بني اسد. (¬4) كذا، ولعلها: (النباج). (¬5) الطبقات 62 - 63.

فقدّمت الأديم لراهشيه … وألفى قولها كذبا ومينا قال: وفي قافيته الإسناد. وقال المفضل: في روايته (كذبا مبينا): فرارا من الاسناد، والرواية هي الاولى. انتهى. 568 - وأنشد: عليك ورحمة الله السّلام (¬1) قال البطليوسي: لا أعلم قائله. قال: ونسبه قوم للأحوص، وصدره: ألا يا نخلة من ذات عرق قال التدمري: وبعده: سألت النّاس عنك فأخبروني … هنا من ذاك يكرهه الكرام وليس بما أحلّ الله بأس … إذا هو لم يخالطه الحرام قال التدمري: ويروى بدله قوله: عليك ورحمة الله السّلام … برود الظّلّ شاعكم السّلام (¬2) أي ملاكم السلام. وذات عرق: موضع بالحجاز. والنخلة هنا: كناية عن المرأة، كما كنى عنها الآخر بالسرحة وهي الشجرة في قوله: أبى الله إلّا أنّ سرحة مالك ¬

_ (¬1) الخزانة 1/ 192 و 312 (¬2) كذا، وفي الخزانة 1/ 192 وامالي ثعلب 239: الا يا نخلة من ذات عرق … برود الظل شاعكم السلام

569 - وأنشد: كما النّاس مجروم عليه وجارم تقدّم شرحه في شواهد الكاف (¬1). 570 - وأنشد: وقالوا: نأت فاختر من الصّبر والبكا … فقلت: البكا أشفى إذا لغليلي تقدّم شرحه في شواهد اللام ضمن قصيدة كثير (¬2). 571 - وأنشد: على الحكم المأتيّ يوما إذا قضى … قضيّته أن لا يجور ويقصد (¬3) 572 - وأنشد: بأيدي رجال لم يشيموا سيوفهم … ولم تكثر القتلى بها حين سلّت هو للفرزدق (¬4). قال المبرد في الكامل (¬5): هذا بيت طريف جدّا عند أصحاب المعاني، وتأويله لم يشموا: لم يغمدوا، ولم تكثر القتلى، أي لم يغمدوا سيوفهم إلا وقد كثرت القتلى بها حين سلّت (¬6). 573 - وأنشد: ولبس عباءة وتقرّ عيني … أحبّ إليّ من لبس الشّفوف ¬

_ (¬1) انظر الشاهد رقم 92 ص 202 والشاهد رقم 283 ص 500 - 501 (¬2) انظر 581، وفي المغني: (فاختر لها ...) (¬3) البيت لأبي اللحام التغلبي كما في الخزانة 3/ 613 (¬4) ديوانه 139 (¬5) ص 265 (¬6) يريد ان الواو في قوله: (ولم تكثر القتلى) للحال، فمعناه لم يغمدوها والقتلى بها لم تكثر، وانما يغمدونها بعد أن تكثر القتلى بها.

تقدّم شرحه في شواهد لو (¬1). 574 - وأنشد: لا تنه عن خلق وتأتي مثله … عار عليك إذا فعلت عظيم (¬2) المشهور أنّ هذا البيت لأبي الاسود الدؤلي، وقد تقدمت القصيدة التي هو منها بتمامها في حرف اللام (¬3). وقد وقع في قصيدة للمتوكل بن عبد الله اللّيثي، فعزاه بعضهم إليه. فأما أن يكون من توارد الخواطر، أو سرقة منه، فإنه متأخر عنه، كان في عهد يزيد بن معاوية، والقصيدة المذكورة أوّلها (¬4): للغانيات بذي المجاز رسوم … فببطن مكّة عهدهنّ قديم (¬5) ومنها: لا تتّبع سبل السّفاهة والخنا … إنّ السّفيه معنّف مشتوم وأقم لمن صافيت وجها واحدا … وحليفة إنّ الكريم يؤوم لا تنه عن خلق وتأتي مثله … عار عليك إذا فعلت عظيم وإذا رأيت المرء يعير نفسه … والمحصنات فما لذاك حريم ومعيّري بالفقر قلت له اقتصد … إنّي أمامك في الزّمان قديم قد يكثر النّكس المقصّر همّه … ويقلّ مال المرء وهو كريم ¬

_ (¬1) انظر الشاهد رقم 411 ص 653. (¬2) الخزانة 3/ 617، وابن عقيل 2/ 126، وحماسة البحتري 173، والاغاني 12/ 160 (الدار). (¬3) انظر الشاهد رقم 341 ص 570 - 572. (¬4) انظر الاغاني 12/ 160 (الدار). (¬5) ذو المجاز: موضنع سوق بعرفة، وماء لهذيل بعرفة.

تريك أمكنة إذا لم أرضها … حمّال أضغان بهنّ غشوم ومنها: تلقى الدّنيّ يذمّ من ينوي العلا … جهلا ومتن قناته موصوم فعل المنافق ظلّ يأبن ذا النّهى … في دينه ونفاقه معلوم وقال شارع أبيات الايضاح: اختلف في هذا البيت اختلافا كثيرا، فنسب لأبي الاسود الدؤلي. وقيل: هو لأبي جهينة المتوكل بن نهشل بن مسافع الليثي. ورأيت في تاريخ ابن عساكر بسنده الى ابن رواحة: إنه للطّرّماح. وفي شواهد من للزمخشري: إنه لحسان. وقيل: للأخطل، ونسبه الحاتمي لسابق البربري. وبه جزم الآمدي في المؤتلف والمختلف. قال الشارح المذكور: والصحيح عندي كونه لأبي الأسود وللمتوكل. وقد رأيته في قصيدة كل منهما. قال الحاتمي: هذا البيت أشرف بيت في تجنب إتيان ما ينهى عنه. وقوله: (عار) خبر مبتدأ مقدر، أي ذلك عار و (عليك) صفة عار. وعظيم: نعت بعد نعت، والعامل في إذا إما متعلق الجار أو عظيم. 575 - وأنشد: وو الله لولا تمره ما حببته (¬1) وتمامه: وكان أدنى من عبيد ومشرق وقبله: أحبّ أبا مروان من أجل ماله … وأعلم أنّ الرّفق بالمرء أرفق ¬

_ (¬1) البيت في اللسان (حبب) منسوب لعيلان بن شجاع.

قال الشيخ بهاء الدين بن النحاس: كذا أنشده الجوهري وغيره على الإقواء. ورواه المبرد: وكان عياض منه أدنى ومشرق بغير إقواء. وكل رواه أبو الحسن الاخفش. وقال: عياض ومشرق رجلان. ومشرق بضم الميم وكسر الراء، بزنة اسم الفاعل. وقال السخاوي: أنشده ابن الأعرابي بلفظ: (وأقسم لولا غيره). 576 - وأنشد: وما بال من أسعى لأجبر عظمه … حفاظا وينوي من سفاهته كسري قال ثعلب في أماليه (¬1): زعم عثمان بن حفص الثقفي أنّ خلفا الأحمر أخبره عن مروان بن أبي حفصة أنّ هذا الشعر لابن الذئبة الثّقفي (¬2) وبعده: أعود على ذي الذّنب والجهل منهم … بحلميّ، ولو عاقبت غرّقهم بحري أناة وحلما وانتظارا بهم غدا … فما أنا بالواني ولا الضّرع الغمر (¬3) أظنّ صروف الدّهر والجهل منهم … ستحملهم منّي على مركب وعر ألم تعلموا أنّي تخاف عزائمي … وأنّ قناتي لا تلين على القسر وإنّي وإيّاهم كمن نبّه القطا … ولو تنبّه باتت الطّير لا تسري ¬

_ (¬1) ص 173، وانظر المزهر 1/ 152، والتنبه للبكري 24، وهو في الشعراء 712 منسوب للأجرد الثقفي، وفي حماسة البحتري 104 الى عامر بن مجنون الجرمي، وانظر أيضا الكامل 235 (¬2) ترجم له في المؤتلف 120، وكتاب من نسب الى أمه من الشعراء. (¬3) البيت والابيات التي بعده في اللآلي 750 منسوبة الى الحارث بن وعلة، وذكر الراجكوتي الخلاف الطويل في نسبتها.

ثم رأيت في المؤتلف والمختلف لأبي القاسم الآمدي نسبة ذلك الى وعلة بن الحارث الجرمي، شاعر جاهلي. 577 - وأنشد: وليل كموج البحر أرخى سدوله هو من معلقة امرئ القيس، وتقدّم شرحه في شواهد اللام (¬1). 578 - وأنشد: وقاتم الأعماق خاوي المخترق تقدم شرحه في شواهد التنوين (¬2). 579 - وأنشد: ... وإذ ما مثلهم بشر تقدم شرحه في شواهد إذ (¬3). 580 - وأنشد: شربت بها والدّيك يدعو صباحه … إذا ما بنو نعش دنوا فتصوّبوا (¬4) هو للنابغة الجعدي، وقبله: ومولى جفت عنه الموالي كأنّما … يرى وهو مطليّ به القار أجرب وصهباء لا تخفي القذى وهي دونه … تصفّق في راووقها ثمّ تقطب ¬

_ (¬1) انظر الصحائف 20 و 96 و 97 و 360 و 451 و 463 و 558 و 652 و 766 و 772 و 857 (¬2) انظر الشاهد رقم 553 ص 764 وشرح التبريزي 3/ 187. (¬3) انظر الشاهد رقم 116 ص 237. (¬4) الخزانة 3/ 421

شربت بها والدّيك يدعو صباحه … إذا ما بنو نعش دنوا فتصوّبوا وبيضاء مثل الرّيم لو شئت قد صبت … إليّ وفيها للمخاضر ملعب تجنّبتها إنّي امرؤ في شبيبتي … وتلعابتي عن ريبة الجار أنكب وخرق مروراة يحاربها القطا … يردّد فيه همّه أين يذهب قطعت بهوجاء النّجاء كأنّها … مهاة يراعيها بحربة ربرب قال الزمخشري: قوله: (لا تخفي القذى) أي لا تسره لصفائها، وهي دونه. يريد: أن القذى إذا حصل في أسفل الإناء رآه الرائي في الموضع الذي هو فيه. والخمر أقرب إلى الرائي من القذى، وهي ما بين الرائي وبين القذى. يريد أنه يرى ما وراءها. وتصفق: تدار من إناء الى إناء. يدعو صباحه: أي في وقت صباحه. وقال ابن الدهان، في الغرّة: شذ. قوله: دنوا فتصوّبوا، لأنه أجرى بنو نعش مجرى من يعقل، وعزا البيت لجرير. 581 - وأنشد: يلومونني في اشتراء النّخيل … أهلي فكلّهم ألوم (¬1) قال العيني: لم أقف على اسم قائله. وقوله: ألوم، أفعل تفضيل من اللوم. ويروى: فكلهم يعذل. قلت: عزاه السخاوي في المفصل الى أحيحة بن الجلاح وأورده بلفظ: (قومي فكلهم يعذل). وقال ابن الدهان في الغرّة: يرويه الفرّاء بالميم: ألوم. والبصري يرويه باللام يعذل. 582 - وأنشد: أكلت بنيك أكل الضّبّ حتّى … وجدت مرارة الكلإ الوبيل (¬2) ¬

_ (¬1) امالي ابن الشجري 1/ 116 (¬2) امالي ابن الشجري 1/ 118

قال أبو الفرج في الأغاني (¬1): اخبرنا ابن دريد، حدثنا أبو حاتم عن أبي عبيدة قال: كان عقيل علقمة (¬2) قد طرد بنيه، فتفرّقوا عنه في البلاد وبقى وحده. ثم إن رجلا من بني صرمة، يقال له، بجيل - وكان كثير المال والماشية - حطم بيوت، عقيل بماشيته، ولم يكن قبل ذلك أحد يقرب من بيوت عقيل إلّا لقى شرّا، فطردت أمة له الماشية، فضربها بجيل بعصا كانت معه فشجعها. فخرج إليه عقيل وحده - وقد هرم يومئذ وكبرت سنه - فزجره وضربه بجيل بعصاه واحتقره، فجعل عقيل يصيح: يا علقمة (¬3)، يا عملّس، بأسماء أولاده مستغيثا بهم، فقال ارطاة بن سهيه: أكلت بنيك أكل الضّبّ حتّى … وجدت مرارة الكلإ الوبيل ولو كان الألى غابوا شهودا … منعت فناء بيتك من بجيل وبلغ خبر عقيل ابنه العملس وهو بالشام، فأقبل الى أبيه حتى نزل إليه، ثم عدا الى بجيل فضربه ضربا مبرحا، وعقر عدة من إبله وأوثقه، وجاء به حتى ألقاه بين يدي أبيه، ثم ركب راحلته وعاد من وقته الى الشام ولم يطعم له طعاما ولم يشرب له شرابا. قال ابن الشجري: قوله: أكل الضبّ: معناه أكل الضب أولاده، لأن الضباب تأكل أولادها إلا القليل، فجعل تعديه على بنيه وظلمه لهم كأن الضب ولده مبالغة في وصفه بالبغي عليهم والظلم لهم. 583 - وأنشد: وقد أسلماه مبعد وحميم (¬4) ¬

_ (¬1) 12/ 269 (الدار). (¬2) كذا بالاصل، وصحتها: عقيل بن علفة كما في الاغاني وابن الشجري. (¬3) في الاغاني: (يا علّفة). (¬4) ابن عقيل 1/ 169 وديوانه 196 وشرح شواهد العيني 2/ 461 وانظر ص 790 - 791 والشاهد رقم 594.

هو لعبد الله بن قيس الرقيات يرثي مصعب بن الزبير بن العوام، وقبله: لقد أورث المصرين خزيا وذلّة (¬1) … قتيل بدير الجاثليق مقيم تولّى قتال المارقين بنفسه … وقد أسلماه مبعد وحميم أراد بالمصرين: البصرة والكوفة. ودير الجاثليق: بجيم ومثلثة مفتوحة ولام مكسورة وتحتية وقاف، موضع على شاطئ نهر دجلة بالعراق قتل به مصعب سنة احدى وسبعين. وأسلماه: خذلاه ولم ينصراه، والمبعد: بفتح العين، الرجل الأجنبي. والحميم: الصاحب الذي يهتم بصاحبه. 584 - وأنشد: من حوثما سلكوا أدنو فأنظور (¬2) وقال ابن جنى في سرّ الصناعة: أنشدني أبو علي: الله يعلم أنّا في تلفّتنا … يوم الفراق إلى أحبابنا صور (¬3) وأنّني حيثما يثني الهوى بصري … من حوثما سلكوا أدنو فأنظور يريد: فأنظر، فاشبع ضمة الظاء، فنشأت عنها واو، انتهى. 585 - وأنشد: سقيت الغيث أيّتها الخيام تقدم شرحه في شواهد الباء ضمن قصيدة جرير (¬4). ¬

_ (¬1) اصلحنا (حزنا). (¬2) الخزانة 1/ 58 وسر الصناعة 30 (¬3) الصور، جمع أصور، وهو المائل من الشوق من صار يصور صورا، بالتحريك، مال. (¬4) انظر الشاهد رقم 139 ص 311 وهو في المغني بلفظ: (الخيامو).

شواهد وا

شواهد وا 586 - وأنشد: وا، بأبي أنت وفوك الأشنب … كأنّما ذرّ عليه الزّرنب هو لبعض بني تميم وبعده: أو زنجبيل وهو عندي أطيب أي أفديك بأبي. والتعجب للإستحسان. وأنت: مبتدأ، وبأبي: خبره قدّم عليه. وفوك: مبتدأ، والأشنب: صفته، من الشنب، بفتحتين، وهو حدّة في الأسنان. ويقال: برد وعذوبة، وخبره كأنما الخ .... وذر: بالمعجمة، من ذررت الحب ونحوه. والزرنب: نبت طيب الرائحة. 587 - وأنشد: واها لسلمى ثمّ واها واها تقدم شرحه في شواهد إنّ المشددة المكسورة (¬1). 588 - وأنشد: ويكأن من يكن له نشب يح … بب ومن يفتقر يعش عيش ضرّ (¬2) ¬

_ (¬1) انظر الشاهد رقم 47 وص 127 - 129. (¬2) البيان والتبيين 1/ 199 و 3/ 84 وعيون الاخبار 1/ 242 والخزانة 3/ 97 ونسب قريش 404

هو من أبيات لسعيد بن زيد الصحابي، أحد العشرة المشهود لهم بالجنة، في حديث وضعه أهل السنة: تلك عرساي تنطقان على عمد … إلى اليوم قول زور وهتر سألتاني الطّلاق أن رأتا ما … لي قليلا؟ قد جئتماني بنكر فلعلّي أن يكثر المال عن … دي ويعرى من المغارم ظهري وترى أعبد قنّ وإماء … ومناصيف من خوادم عشر ونجرّ الأذيال في نعمة زول … تقولان: ضع عصاك لدهر ويجنّب سرّ النّجيّ ولكن … أخا المال محضر كلّ سرّ وفي الأغاني (¬1) نسبة هذه الأبيات الى نبيه بن الحجاج بن عامر السهمي من شعراء قريش، قتل يوم بدر. وفي شرح أبيات الكتاب للزمخشري عن ابن الأعرابي نسبتها الى زيد بن عمرو بن نفيل (¬2). قال: وي: كلمة تقال عند استعظام الشيء والتعجب منه. وكأن: مخففة من كان. والنكر: المنكر. والمغارم: الديون. والمناصيف: الخدم، واحدهم منصف وناصف. ونعمة ذول: حسنة. 589 - وأنشد: ولقد شفى نفسي وأبرأ سقمها … قول الفوارس: ويك عنتر أقدم تقدم شرحه في شواهد في ضمن قصيدة عنترة (¬3). ¬

_ (¬1) 17/ 205 (الثقافة) ببعض الاختلاف. (¬2) كما في عيون الاخبار. (¬3) انظر الشاهد رقم 268 ص 479 - 484.

590 - وأنشد: كأنّني حين أمسي لا تكلّمني … متيّم يشتهي ما ليس موجودا (¬1) هو لعمر بن أبي ربيعة. أخرج في الأغاني عن عوانة بن الحكم (¬2): أنّ الوليد بن يزيد بن عبد الملك قال لأصحابه ذات ليلة: أيّ بيت قالته العرب أغزل؟ فقال بعضهم: قول جميل: يموت الهوى منّي إذا ما لقيتها … ويحيا إذا فارقتها فيعود وقال آخر: قول عمر بن أبي ربيعة: كأنّني حين أمسي لا تكلّمني … ذو بغية يبتغي ما ليس موجودا فقال الوليد: حسبك والله بهذا. وقيل هذا البيت وهو أول القصيدة: أمسى بأسماء هذا القلب معمودا … إذا أقول صحا من غيّه عيدا أجري على موعد منها فتخلفني … فما أملّ ولا توفي المواعيدا وقال في موضع آخر من الأغاني (¬3): هذه القصيدة ليزيد بن الحكم. ومن الناس من ينسبها الى عمر بن أبي ربيعة وذلك خطأ. ثم أخرج بسنده عن الحزامي، قال (¬4): دعاني الحجاج فقال لي: أنشدني بعض شعرك؟ وإنما أراد أن ينشده مديحا له، فأنشده قصيدة يفخر بها، ويقول: وأبي الّذي سلب ابن كسرى راية … بيضاء تخفق كالعقاب الطّائر فلما سمع الحجّاج فخره نهض مغضبا، وخرج يزيد من غير أن يودّعه، ¬

_ (¬1) ديوانه 143، والاغاني 1/ 114 و 6/ 321 و 328 و 12/ 288 (الدار). (¬2) 1/ 114 الدار. (¬3) 12/ 288 الدار. (¬4) 12/ 287 - 288 (الدار).

فقال الحجّاج لحاجبه: ارتجع منه العهد، فاذا رده فقل: أيهما خير لك: ما ورثك أبوك أم هذا؟ فردّ على الحاجب العهد وقال: قل له: ورثت جدّي مجده وفعاله … وورثت جدّك خربة بالطّائف (¬1) وخرج مغضبا، فلحق سليمان بن عبد الملك وقال هذه القصيدة يمدحه وفيها يقول: سمّيت باسم امرئ أشبهت شيمته … عدلا وفضلا: سليمان بن داودا ¬

_ (¬1) في الاغاني: (.... اعنزا بالطائف).

حرف الالف

حرف الالف 591 - وأنشد: أقبلت من عند زياد كالخرف (¬1) … تخطّ رجلاي بخطّ مختلف (¬2) تكتبان في الطّريق لام ألف (¬3) هو لأبي النجم. 592 - وأنشد: ألفيتا عيناك عند القفا تقدم شرحه في شواهد عند (¬4) 593 - وأنشد: وقد أسلماه مبعد وحميم ¬

_ (¬1) الخزانة 1/ 48، والموشح 177، وسيبويه 2/ 34 (¬2) الخرف: صفة مشبهة من خرف الرجل خرفا - من باب تعب - فسد عقله لكبره. وخط على الارض خطا: أعلم علامة. وخط بيده خطا: كتب. (¬3) في الخزانة: (على أن مقصود الشاعر: اللام والهمزة، لا صورة (لا) فيكون معناه أنه تارة يمشي مستقيما فتخط رجلاه خطا شبيها بالألف، وتارة يمشي معوجا فتخط رجلاه خطا شبيها باللام ...). وكتب: يقال بالتخفيف والتثقيل، والتثقيل هنا لتكثير الفعل. (¬4) هو من قصيدة الشاهد رقم 149 ص 330، وانظر ص 331 حرف. الباء المفردة، ولم يشرح في شواهد عند، ولم يورده ابن هشام في (عند).

تقدم شرحه في شواهد الواو (¬1). 594 - وأنشد: بينا تعانقه الكماة وروغه … يوما أتيح له جريء سلفع تقدم شرحه في شواهد إذا ضمن قصيدة أبي ذؤيب (¬2). 595 - وأنشد: يا يزيدا لآمل نيل عزّ … وغنى بعد فاقة وهوان الفاقة: الفقر. والهوان: الذل والصغار. واللام في لآمل مكسورة، لأنه المستغاث من أجله. وحذف اللام من المستغاث، وهو يزيد، لأجل الالف في آخره. ونيل: مفعول أمل. 596 - وأنشد: يا عجبا لهذه الفليقه تمامه: هل تذهبنّ القوباء الرّيقه قال ابن السيرافي: عجب هذا الشاعر من تفل الناس على القوباء، ورقيتها لتذهب. وقال: كيف يغلب الريق القوباء. قال: ومن روى القوباء بالرفع فقد أفسد المعنى. والفليقة: الداهية. وعلى ذلك استشهد بالبيت. وقال التبريزي: الفليقة: العجب والمنكر. والقوباء: نوع من البشر. والريقة: ريق الإنسان. قال: ورواية الرفع على القلب، كقول الشاعر: وصار الخمر مثل ترابها ¬

_ (¬1) انظر الشاهد رقم 584 ص 784 - 785. (¬2) انظر ص 263 و 265، وهو من قصيدة الشاهد رقم 125 ص 262 وانظر الخزانة 3/ 183

أي صار ترابها مثل الخمر. وقال البطليوسي: هذا البيت لأعرابي أصابته قوباء، فقيل له: اجعل عليها من ريقك وتعهدها بذلك فانها تذهب؟ فتعجب من ذلك واستغربه. أو يقال: إنه سمع قائلا يقول: ان الريقة لا تبرئها، فأنكر ذلك منه وتعجب منه. وقال التدمري: هو على جهة المفاعلة، وكأن القوباء والريقة يتغالبان، وكل من غالب شيأ فقد غالبه ذلك الشيء. فكل واحد في المعنى فاعل ومفعول. 597 - وأنشد: حمّلت أمرا عظيما فاضطلعت له … وقمت فيه بأمر الله يا عمرا (¬1) هو من ثلاثة أبيات لجرير يرثي بها عمر بن عبد العزيز، وقبله وهو الأوّل: نعى النّعاة أمير المؤمنين لنا … يا خير من حجّ بيت الله واعتمرا وبعده، وهو الثالث: فالشّمس طالعة ليست بكاسفة … تبكي عليك نجوم اللّيل والقمرا قال المبرد في الكامل: يجوز نصب نجوم الليل والقمر بكاسفة، يعني إنما تكسف النجوم والقمر بإفراط ضيائها، فإذا كانت من الحزن عليه قد ذهب ضياؤها ظهرت الكواكب اهـ. ورأيت البيت في ديوان جرير بلفظ: فالشّمس كاسفة ليست بطالعة وقال شارحه: أراد أن الشمس كاسفة تبكي عليه الدهر والشهر، فنجوم والقمر منصوبان على الظرفية. والمراد بالنجوم الدهر وبالقمر الشهر. وقد حكاه المبرد أيضا فقال (¬2): ويجوز أن يريد الظرف أي يبكي عليك مدة نجوم الليل ¬

_ (¬1) انظر ديوانه 304 والكامل 652، وفيهما (فاصطبرت له) كما في المغني. (¬2) ص 653

والقمر. قال: ويجوز أن يكون التقدير: تبكي عليك النجوم، كقولك: أبكيت زيدا على فلان. قال: ويجوز أن يكون النجوم فاعلا والقمر مفعولا معه، والواو بمعنى مع، وحملت بالبناء للمفعول، وأمرا مفعول ثان، ويا عمرا: مندوب أصله يا عمراه، فحذفت الهاء للقافية. والنعاة: بضم النون، جمع ناع، وهو الذي يأتي بخبر الموت. واضلعت به: من قولهم فلان مضطلع بهذا الأمر، أي قوي عليه، وهو مفعل من الضلاعة. 598 - وأنشد: ولا تعبد الشّيطان والله فاعبدا تقدم شرحه في حرف اللام ضمن قصيدة الاعشى (¬1). 599 - وأنشد: من طلل كالأتحميّ انهجا (¬2) هو للعجّاج وصدره: ما هاج أحزانا وشجوا قد شجا وبعده: أمسى لها في الرّاسيات مدرجا (¬3) … واتّخذته النّائجات منأجا منازل هيّجن من تهيّجا … من آل ليلى قد عفون حججا والشّحط قطّاع رجاء من رجا … أزمان أبدت واضحا مفلّجا ¬

_ (¬1) انظر ص 577 وهو من قصيدة الشاهد رقم 345 ص 575. (¬2) اراجيز العرب 71 (¬3) في اراجيز العرب: (أمسى لعا في الراسيات ...)

أغرّ برّاقا وطرفا أبرجا … وجبهة وحاجبا مزجّجا وفاحما ومرسنا مسرّجا … وكفلا وغثّا إذا ترجرجا ذميمة هالك من تفرّجا … هائلة أهواله من أدلجا كأنّ تحتي ذات شغب سمحجا … قوداء لا تحمل إلّا مخدجا جاء بأثري بلية مجحجحا أدلج: سار ليلا. شغب: بمعجمتين وموحدة، شدة النفس. سمحج: منطوية البطن. قوداء: طويلة العنق. مخدج: ناقص. الحوجبا: بالجيم وموحدة، الغليظ من حمر الوحش، يهمز ولا يهمز. حجج: مدد. ما: استفهام مبتدأ. وفاعل هاج: ضمير ما. وهاج: يتعدى ولا يتعدى، يقول: هاج الحزن وهاجه التذكار. والمعنى: أن هيج الأحزان. والجملة خبر ما. والشجو: بشين معجمة وجيم، الحزن. والطلل: ما شخص من آثار الدار، والجمع أطلال وطلول. والأتحمي: بهمزة مفتوحة وتاء مثناة فوقية ساكنة وحاء مهملة مفتوحة، برد يمني، تشبه به الأطلال من أجل الخطوط التي فيه. وأنهج الثوب: بالنون والجيم، أخذ في البلى. والمدرج: الطريق. والنائجات: من نأجت الريح تنأج نئيجا تحركت. والواضح: الثغر الأبيض. والمفلج: المتفرق الأسنان. والأبرج: شديد بياض البياض وسواد السواد. وقال الأصمعي: الواسع. والمزجج بالأثمد: المطول به. والفاحم: بفاء ومهملة، الشعر الأسود. والمرسن: الأنف. والمسرج: الحسن المليح. والوغث: هو المكان السهل الذي تغيب فيه الأقدام. وامرأة وغثة: كثيرة اللحم. وترجرج: اضطرب.

600 - وأنشد: أعوذ بالله من العقراب تمامه: الشّائلات عقد الأذناب وأنشده الدهان في الغّرة بلفظ: من عقربات شوّل الأذناب

حرف الياء

حرف الياء 601 - وأنشد: ألا يا اسقياني قبل غارة سنجال هو للشماخ، وبعده: وقبل منايا قد حضرن وأوجال … وقبل اختلاف القوم من بين سالب وآخر مسلوب هوى بين أبطال قال الزمخشري: المنادى محذوف. وسنجال: موضع بناحية اذربيجان، أو اسم رجل كان من بني ليث بن عبد مناة أصيب باذربيجان، وكان مع سعيد بن العاص، أو مع الأشعث بن قيس الكندي. ولم يرد اسقياني قبل مقتل هذا الرجل، وإنما أراد اسقياني قبل أن أقتل هذا الرجل. وأورده الزمخشري في المفصل بلفظ: ألا يا أصيحابي قبل غارة سنجال قال الاندلسي في شرحه: سنجال: بكسر السين المهملة، قرية من قرى اذربيجان. قال القارى على المصنف: صحفت أصحابي بأصيحابي فقال: هذا كتصحيف أبي حاتم السجستاني قوله: ودعوتني وزعمت، إلى وعزرتني وزعمت. 602 - وأنشد: يا لعنة الله والأقوام كلّهم … والصّالحين على سمعان من جار (¬1) ¬

_ (¬1) امالي ابن الشجري 1/ 292، وسيبويه 1/ 320

هذا من أبيات الكتاب. والشاهد في لعنة الله حيث حذف المنادي: أي يا قوم. قال: يحتمل أن يكون ثم منادي محذوف. والمراد: يا قوم أو يا هؤلاء لعنة الله على سمعان. والآخر: أن يكون لمجرد التنبيه كأنه نبه الحاضرين على سبيل الاستعطاف لاستماع دعائه. ولعنة الله رفع على الابتداء. وعلى سمعان الخبر. ولو كانت اللعنة مناداة نصبها لأنها مضافة. قال سيبويه: فيالغير اللعنة يشير الى أن المنادى محذوف وهو غير اللعنة. ويروى: و (الصالحون) و (الصالحين) مرفوعا ومخفوضا، فالخفض أمره ظاهر وهو العطف على لفظ اسم الله. ومن رفع فعلى وجهين، أحدهما: أن يكون محمولا على معنى اسم الله تعالى إذ كان فاعلا في المعنى والفاعل مرفوع ومثله، قوله: طلب المغصب حقّه المظلوم برفع المظلوم على الصفة للمغضب على المعنى. والوجه الآخر: أن يكون معطوفا على المبتدأ الذي هو لعنة الله، أي ولعنة الصالحين. ثم حذف المضاف وأعرب المضاف إليه باعرابه على حد (واسئل القرية) وسمعان هذا قد روى بفتح السين وكسرها. والفتح أكثر، وكلاهما قياس. فمن كسر كان كعمران وحطان. ومن فتح كان كقحطان ومروان، انتهى كلام ابن يعيش. وقال ابن الحاجب في أماليه: من في قوله (من جار) للبيان متعلق بمحذوف، وتقديره: على سمعان الحاصل بين الجيران، أو حاصلا من الجيران.

الكتاب الثاني

الكتاب الثاني 603 - وأنشد: فبينا نحن نرقبه أتانا (¬1) قال الزمخشري: هو لرجل من قيس عيلان، وتمامه: معلّق وفضة وزناد راعي قال: (عطف وزناد) على محل. وفضة: وهي خريطة تكون مع الرعاة للزاد، وعلى ذلك استشهد به سيبويه. واستشهد به الزمخشري في المفصل على استعمال بينا بغير إذ. قال ابن يعيش: وهو الأفصح. وقال الأندلسي في شرح المفصل: هذا البيت لنصيّب. وزناد: بالنصب حملا على المعنى. والوفضة: الجعبة التي يجعل فيها السهام، وأراد بها في البيت شبه خريطة أو نحوها تكون مع الفقراء. 604 - وأنشد: ... أهي سرت أم عاد لي حلم؟ تقدم شرحه في شواهد أم. (¬2) ¬

_ (¬1) سيبويه 1/ 87 (نطلبه). (¬2) انظر ص 134 والشاهد رقم 50.

605 - وأنشد: بين ذراعي وجبهة الأسد (¬1) هو للفرزدق، وصدره: يا من رأى عارضا أسرّ به العارض: السحاب. وأسر: من السرور. وذراعا الأسد: الكوكبان الدالان على المطر، وكذا جبهة الأسد. والذراعان والجبهة من منازل القمر. والبيت استشهد به على حذف المضاف إليه وإبقاء الأول بحاله، فكونه عطف عليه مضاف إلى مثل المحذوف. 606 - وأنشد: إذا غاب عنكم أسود العين كنتم … كراما، وأنتم ما أقام ألائم (¬2) هو للفرزدق وبعده: تحدّث ركبان الحجيج بلومكم … وتقري به الضّيف اللّقاح العواتم وأسود العين: اسم جبل. وضمير ما أقام إليه، يقول: لا تكونون كراما حتى يغيب هذا الجبل، وهو لا يغيب من مكانه أبدا. وغلط من ظنه اسم رجل. وألائم: جمع ألأم، بمعنى اللئيم، مجردا عن معنى التفضيل. وقوله: وتقرى به الضيف قال القالي في أماليه: يعني ان أهل الأندية يتشاغلون بذكر لؤمكم عن حلب لقاحهم حتى عصوا، فإذا طرقهم الضيف صادف الألبان بحالها لم تحلب، فنال حاجته. فكان لؤمكم قرى الأضياف والاشتغال بوصفه. ¬

_ (¬1) ديوانه 215، سيبويه 1/ 92، والخزانة 1/ 369 و 2/ 246 (¬2) ليس البيت في ديوان الفرزدق، وهو في الامالي 1/ 171 واللآلي 430 والخزانة 3/ 500، والعيني 4/ 57، واللسان (عتم).

607 - وأنشد: ألا عمر ولّى مستطاع رجوعه (¬1) تقدم شرحه في شواهد ألا. 608 - وأنشد: زعم العواذل أنّني في غمرة … صدقوا، ولكن غمرتي لا تنجلي 609 - وأنشد: ألا أيّهذا الزّاجري أحضر الوغى (¬2) هو لطرفة بن العبد من معلقته المشهورة، وأولها (¬3): لخولة أطلال ببرقة ثهمد … وقفت بها أبكي وأبكي إلى الغد (¬4) وقوفا بها صحبي عليّ مطيّهم … يقولون لا تهلك أسى وتجلّد ومنها: إذا القوم قالوا من فتى خلت أنّني … عنيت، فلم أكسل ولم أتبلّد ولست بحلّال التّلاع مخافة … ولكن متى يسترفد القوم أرفد ¬

_ (¬1) انظر ص 213 والشاهد رقم 100. (¬2) شرح القصائد 192 وابن الشجري 1/ 70 والخزانة 1/ 58 وابن عقيل 2/ 128 (¬3) شرح القصائد السبع الطوال 132، وجمهرة اشعار العرب 149 (¬4) في شرح القصائد: (ظللت بها ...) وروى الاصمعي عجز البيت: تلوح كباقي الوشم في ظاهر اليد

ومنها: رأيت بني غبراء لا ينكرونني … ولا أهل هذاك الطّراف الممدّد ألا أيّهذا الزّاجري أحضر الوغى … وأن أشهد اللّذّات هل أنت مخلدي (¬1) فإن كنت لا تستطيع دفع منيّتي … فدعني أبادرها بما ملكت يدي ولولا ثلاث هنّ من عيشة الفتى … وجدّك لم أحفل متى قام عوّدي فمنهنّ سبقي العاذلات بشربة (¬2) … كميت متى ما تعل بالماء تزبد وكرّي إذا نادى المضاف محنّبا … كسيد الغضا نبّهته المتورّد وتقصير يوم الذّجن والدّجن معجب … ببهكنة تحت الطّراف المعمّد (¬3) ومنها: أرى الموت يعتام الكرام ويصطفي … عقيلة مال الفاحش المتشدّد ومنها: وظلم ذوي القربى أشدّ مضاضة … على المرء من وقع الحسام المهنّد ومنها: أنا الرّجل الضّرب الّذي تعرفونه … خشاش كرأس الحيّة المتوقّد (¬4) ومنها: فإن متّ فانعيني بما أنا أهله … وشقّي عليّ الجيب يا ابنة معبد ¬

_ (¬1) في شرح القصائد: ألا أيهذا اللائمي أشهد الوغى … وأن أحضر اللذات هل انت مخلدي (¬2) في شرح القصائد: (فمنهن سبق ..) (¬3) في شرح القصائد: (تحت الخباء ..). (¬4) في شرح القصائد (الجعد).

ومنها وهو آخرها: ستبدي لك الأيّام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد (¬1) ويأتيك بالأنباء من لم تبع له … بتاتا ولم تضرب له وقت موعد أرى الموت إعداد النّفوس ولا أرى … بعيدا غدا ما أقرب اليوم من غد خولة: امرأة من كلب. والبرقة: بضم الباء، رابية فيها رمل وطين، أو طين وحجارة يختلطان. والجمع: برق. وثهمد: بالمثلثة، موضع. والبيت الثاني توارد فيه مع امرئ القيس في بيت من معلقته فانه قال فيها (¬2): وقوفا بها صحبي عليّ مطيّهم … يقولون لا تهلك أسى وتجمّل وكان أبو هلال العسكري صاحب الصناعتين ينكر المواردة، حتى وارد غيره في قوله: سفرن بدورا وانتقبن أهلّة … ومسن غصونا والتفتن جآذرا فاعترف بها. قال المتنبي: الشعر ميدان، والشعراء فرسان، فربما اتفق توارد الخواطر، كما قد يقع الحافر على الحافر. ونصب: (وقوفا) على المصدر، أو الحال على أنه جمع واقف. وتجلّد: تصبّر. قوله: (ولست بحلال التّلاع) أي لست أحل بحيث يخفى مكاني خشية السؤال، بل أنزل المكان الظاهر. ومتى يسألني القوم أعطهم. وحلّال: بالمهملة والتشديد، فعّال، من حل يحل بالضم، إذا نزل. وروى: (بمحلال) بالميم، من قولهم: مكان محلال، اذ كان يحلّ به الناس كثيرا. وضبطه بعضهم (بجلال) بالجيم، أي لست ممن يستره التلاع ¬

_ (¬1) هذا البيت في الشعراء 146 ونسبه ابن قتيبة لغير طرفة، وهو في اللسان 2/ 312 غير منسوب. (¬2) ديوان امرئ القيس ص 9 وشرح القصائد 23

مخافة الضيف. والتّلاع (¬1): بكسر التاء، جمع تلعة (¬2)، وهي مجرى الماء من الأودية الى الرياض، أو مسايل الماء من الجبل الى الأودية. والرفد: العطية. وقيل المعونة. وقد أورد المصنف هذا البيت في الكتاب الخامس. واستشهد به ابن مالك على جزم متى الشرطية فعلين. وبنو غبراء: الفقراء. والغبراء: الأرض، نسبهم الى التراب لأنهم يجلسون عليه. وقيل: الغبراء السنة المجدبة. والطّراف: بكسر المهملة وراء، بيت من أدم، ولا يكون ذلك الا للملوك والاغنياء وهم أهله. ومعنى البيت: أنه يعرفه الفقراء لأنه يرفدهم، والأغنياء والملوك لأنه يجالسهم وينادمهم. وقيل: أراد ببني غبراء الأضياف. وقال المبرد: اللصوص. وقال غيره: أراد بهم أهل الأرض لأن الغبراء من أسماء الأرض. وقد استشهد النحاة بهذا البيت على دخول هاء التنبيه على اسم الاشارة المقرون بالكاف المجرّد من اللام. و (أهل) مرفوع بالعطف على فاعل ينكرونني، للفصل بينهما. والزاجري: اللائمي. وقوله: (أحضر) أي عن أن احضر، حذف الجار ثم أن. وقوله: فذرني أبادرها بما ملكت يدي أي أبادر قبل حلولها بالتمتع في مالي بلذات نفسي، وإنفاق ما ملكت يدي. وقوله: (فلولا ثلاث) أي خصال من عيشة الفتى، أي لذته. وجدّك: قسم، و (لم أحفل) لم أبال متى قام عوّدي، أي في المأتم والنوح عليه. (فمنهنّ) أي من الخصال سبقى العاذلات بشربة، أي أغدو على شرب الخمر قبل أن تلمني اللائمات. وكميت: من أسماء الخمر. وتعل بالماء: تصب وتمزج. وتزبد: يصير على رأسها كالزبد، وهي الفقاعات. وكرّى: أي عطفى. والمضاف: المستغيث. وقيل: الذي أضافته النجوم ونزلت به. والمحنّب: الذي في قوائمه وضلوعه انحناء وعوج. والسيد: الذئب. والغضا: شجر. ويقال: ذئب الغضا أخبث الذئاب. ونبهته: هيجته. والمتورّد: المتقدم على قرنه. وقيل: الذي يرد الماء، وهو صفة لسيد. و (تقصير يوم الدّجن) أي المطر، أي اقصره باللهو. ¬

_ (¬1) وروى الاصمعي: (ولست بولّاج التلاع) (¬2) وروى الطوسي: (ولست بحلّال التلاع ببيته).

والبهكنة: التامة الخلق الحديثة السن. ويقال: البيضاء، تقدم تفسيره. والمعمّد: المرفوع بالعماد. وهذه تمام الخصال الثلاث. يقول: لولا هذه الثلاث لم أبال أي وقت جاءني الموت، وهي شرب الخمر والحرب والتمتع بالنساء. قوله: يعتام: بعين مهملة، أي ينتقي ويختار. وعقيلة كل شيء: كريمته وخياره. ويقال للمرأة الخيرة العفيفة: هي عقيلة قومها. والفاحش: السيء الخلق. والمتشدّد: المتمسك. والمضاضة: ألم المصيبة. والضرب: الخفيف اللحم (¬1). والمتوقد: الزكي الخفيف الروح. والخشاش: الخفيف غير البليد، وأراد خفة الرجولية والصرامة، لا خفة العجلة والطيش. وإنما قال: كرأس الحية، لأنها فيما يقال شديدة التيقظ. وقيل: الضّرب: الصلب الخشن الثابت في الأمور. ويقال: كل خشاش في الكلام مكسور الأخشاش، الطير. وانعيني: اندبيني. والجيب: القميص. وقد أوردت الفقهاء هذا البيت ممثلين به للنوح الذي يعذب عليه الميت لإيصائه به. وتبع: بمعنى تشتر. والبتات: بموحدة ومثناتين، الزاد والمتاع. وقوله: (ستبدي لك الأيام ... البيت) هو من الأبيات التي اشتهرت وصارت مثلا شائعا (¬2). وأخرج أحمد في مسنده بسند صحيح عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استراب الخبر تمثل ببيت طرفة: ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد وأخرج البزار والطبراني عن ابن عباس قال (¬3): كان النبي صلى الله عليه وسلم يتمثل من الأشعار: ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد وأخرج ابن جرير عن قتادة قال: بلغني أن عائشة سئلت: هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتمثل بشيء من الشعر؟ فقالت: لا. إلا البيت طرفة: ستبدي لك الأيّام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد ¬

_ (¬1) وكذا (الجعد) كما في رواية شرح القصائد العشر ص 212 (¬2) انظر ص 268 و 271 (¬3) انظر معجم الشعراء 6 والشعراء 141

فجعل يقول: ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد. فقال أبو بكر: ليس هكذا، قال: إني لست بشاعر، ولا ينبغي لي. فائدة: طرفة هو ابن العبد بن سفيان بن سعد بن مالك بن ضبيعة بن قيس بن ثعلبة، أحد شعراء الجاهلية. وخاله المتلمس الشاعر، تقدمت قصتهما مع عمرو بن هند التي قتل فيها طرفة في ترجمة المتلمس في شواهد إذا (¬1). قال ابن دريد في الوشاح: اسم طرفة، عمرو (¬2)، وإنما سمى طرفة لقوله: لا تعجلا بالبكاء اليوم مطّرفا … ولا أميريكما بالدّار إذ وقفا (¬3) وقال في باب الكنى: منه كنية طرفة أبو عمرو، فإن ثبت اتحد اسمه وكنيته (¬4). قتل وهو ابن عشرين سنة، ولذلك قيل له ابن عشرين. ورأيت له ترجمة في كتاب (فضل الشبان وتقديمهم على ذوي الأسنان) وهو كتاب ذكر مؤلفه في خطبته انه ألفه للخليفة جعفر المقتدر، لأنه تولى الخلافة وسنه ثلاث عشرة سنه، ولم يل الخلافة قبله أصغر سنا منه، نقل فيه عن أبي عمرو بن العلاء أنه قال: لم نجد أحدا من الشعراء تعجل في حداثة السن إلا طرفة، فإنه قال الشعر حدثا، وشهر في سنوات، وقتل وهو ابن بضع وعشرين سنة. ولذا لم يذكر في شعره الشيب ولا بكى عليه. وسئل حسان: من أشعر الناس؟ فقال: قبيلة أم قصيدة؟ قيل: كلاهما، قال: أما أشعرهم قبيلة فهذيل، وأما أشعرهم قصيدة فطرفة. وسئل جرير: من أشعر الناس؟ قال الذي يقول: ستبدي لك الأيام ... البيت. وقال بعضهم: اتفقت العرب على أن أشعر الشعراء في الجاهلية طرفة ¬

_ (¬1) ص 394 - 395. (¬2) معجم الشعراء 5. (¬3) المزهر 2/ 441 والقاب الشعراء 321، وقيل ان البيت الذي لقب به طرفة هو: اذا نحن قلنا اسمعينا انبرت لنا … على رسلها مطروقة لم تشدد (¬4) في كنى الشعراء 288 ان كنيته (أبو اسحاق).

فائدة: [المسمون طرفة جماعة]

وبعده الحارث بن حلّزّة وعمرو بن كلثوم. وقال القالي في أماليه (¬1): حدّثنا أبو بكر الأنباري، نبأنا أبو حاتم، نبأنا عمارة بن عقيل، نبأنا أبي، يعني عقيل بن بلال سمعت أبي، يعني بلال بن جرير، يقول: دخلت على بعض خلفاء بني أميّة فقال: ألا تحدّثني عن الشعراء؟ قلت: بلى، قال: فمن أشعر الناس؟ قلت: ابن العشرين، يعني طرفة. قال: فما تقول في ابن أبي سلمى والنابغة؟ قلت: كانا ينيران الشعر ويسديانه، قال: فما تقول في امرئ القيس بن حجر؟ قلت: اتخذ الشعر نعلين يطؤهما كيف يشاء. قال: فما تقول في ذي الرّمّة؟ قلت: قدر من الشعر على ما لم يقدر عليه أحد. قال: فما تقول في الأخطل؟ قلت: ما باح بما في صدره من الشعر حتى مات. قال: فما تقول في الفرزدق؟ قلت: بيده نبعة الشعر قابضا عليها. قال: فما أبقيت لنفسك شيأ! قلت: بلى والله يا أمير المؤمنين، أنا مدينة الشعر التي يخرج منها ويعود إليها، ولأنا سبّحت الشعر تسبيحا ما سبّحه أحد قبلي. قال: وما التسبيح؟ قلت: نسبت فاظرفت، وهجوت فاذريت - يعني أسقطت - ومدحت فأسنيت، ورملت فأغزرت، ورجزت فأبحرت، فأنا قلت ضروبا من الشعر لم يقلها أحد قبلي. فائدة: [المسمون طرفة جماعة] المسمون طرفة جماعة (¬2): هذا، وطرفة بن ألاءة النهشلي، وطرفة أحد بني جذيمة، وطرفة أخو بني عامر بن ربيعة. قاله الآمدي في المؤتلف والمختلف. 610 - وأنشد: شجاك أظنّ ربع الظّاعنينا تمامه: ولم تعبأ بعذل العاذلينا ¬

_ (¬1) 2/ 179 - 180 (¬2) انظر الآمدي 146 - 147 والخزانة 1/ 417

شجاك: أحزنك. والشجو: الحزن. والربع: الدار. والظاعن: بالظاء المعجمة والعين المهملة، من ظعن، إذا سار. ولم تعبأ: لم تلتفت. يقال: ما عبأت بفلان عبأ، أي ما باليت به. وكان يونس لا يهمزه. وأظن: معترض بين الفاعل والمفعول، ألغي عن العمل لتوسطه. ومنهم من نصب الرفع فاعمله، فهو مفعول أول. وجملة شجاك الثاني ذكره المصنف في شواهده. 611 - وأنشد: فقد أدركتني والحوادث جمّة … أسنّة قوم لا ضعاف ولا عزل قال ابن الأعرابي في نوادره: هذا من أبيات لرجل من بني دارم أسرته بني عجل فلما أنشدهم إياها أطلقوه. وقبله: وقائلة ما باله لا يزورنا … وقد كنت عن تلك الزّيارة في شغل وبعده: لعلّهم إن يمطروني بنعمة … كما صاب ماء المزن في البلد المحل فقد ينعش الله الفتى بعد عثرة … وتصطنع الحسنى سراة بني عجل وقال ابن حبيب: أسر حنظلة بن العجلى جويرية بن زيد أخا بني عبد الله بن دارم فلم يزل في الوثاق حتى قعدوا شربا فأنشأ يتغنى، وذكر الأبيات الأربعة فاطلقوه. ثم رأيت في كتاب أيام العرب لأبي عبيدة مثل ذلك. ولكن سماه حويرثة ابن بدر، وسمى الذي أسره حنظلة بن عمارة. وزاد بيتا خامسا بعد قوله: ولا عزل: وهو سراع إلى الجلّى بطاء من الخنا … بدار إلى النّداء في غير ما جهل

فائدة: [معن بن أوس]

612 - وأنشد: ألم يأتيك والأنباء تنمي … بما لاقت لبون بني زياد تقدم شرحه في شواهد الباء (¬1). 613 - وأنشد: وبدّلت، والدّهر ذو تبدّل … هيفا دبورا، بالصّبا والشّمأل تقدم شرحه في شواهد: عل، ضمن أرجوزة أبي النجم (¬2). 614 - وأنشد: وفيهنّ، والأيّام يعثرن بالفتى، … نوادب لا يمللنه ونوائح (¬3) هو لمعن بن أوس، وقبله: رأيت رجالا يكرهون بناتهم … وفيهنّ - لا تكذب - نساء صوالح أخرج أبو الفرج في الأغاني عن العتبي قال: كان معن بن أوس مئناثا (¬4)، وكان يحسن صحبة بناته وتربيتهنّ، فولد لبعض عشيرته بنت فكرهها وأظهر جزعا من ذلك، فقال معن وذكر البيتين. فائدة: [معن بن أوس] معن بن أوس بن نصر بن زياد المزني، شاعر مجيد فحل من مخضرمي الجاهلية والإسلام. وفد الى عمر بن الخطاب. وعمّر الى أيام ابن الزبير، وله مدائح في الصحابة. ¬

_ (¬1) انظر الشاهد رقم 148 ص 328 - 330، وهو في الانصاف 1/ 17 (¬2) انظر الشاهد رقم 243 ص 449 - 451 (¬3) الامالي 2/ 190 (عوائد) والخزانة 3/ 258، وانظر اللآلي 804، والاغاني 12/ 55 (الدار). (¬4) رجل مئناث: من عادته أن يلد الاناث، وكذلك امرأة مئناث.

615 - وأنشد: نحن بنات طارق … نمشي على النّمارق (¬1) أخرج البيهقي في دلائل النبوة من طريق هشام بن عروة، عن أبيه عن الزبير ابن العوام قال: عرض رسول الله صلى الله عليه وسلم سيفا يوم أحد فقال: من يأخذ هذا السيف بحقه؟ فقمت فقلت: أنا، فاعرض عني ثم أعاد القول، فقام أبو دجانة، سماك بن خرشة فقال: أنا آخذه بحقه، فما حقه؟ قال: ألا تقتل به مسلما، ولا تفرّ به عن كافر، فدفعه إليه. وكان إذا أراد القتال أعلم بمصابه. قلت: لأنظرن إليه اليوم كيف يصنع؟ فجعل لا يرتفع إليه شيء الا هتكه حتى انتهى إلى نسوة في سفح الجبل معهن دفوف لهن، فيهن امرأة، وهي تقول: نحن بنات طارق … نمشي على النّمارق والمسك في المفارق … والدّرّ في المخانق إن تقبلوا نعانق … ونبسط النّمارق أو تدبروا نفارق … فراق غير وامق فأهوى بالسيف الى المرأة ليضربها، ثم كف عنها، فلما انكشف قلت له: كل عملك قد رأيت، ما خلا رفعك السيف عن المرأة لم تضربها. قال: إني والله أكرمت سيف رسول الله أن أقتل به امرأة. وعزى ابن قتيبة هذا الرجز الى هند بنت عتبة ابن ربيعة بن عبد شمس أم معاوية. وقال: أرادت بالطارق: النجم، شبهت أباها بالنجم في علوه وشهرة مكانه. وقيل للنجم طارق، لأنه يطلع ليلا. وكل آت ليلا فهو طارق. ورأيت بخط الحافظ شرف الدين الدمياطي قيل: طارق في الرجز، النجم. أي نحن شريفات رفيعات كالنجم. وقيل الرجز: لهند بنت طارق بن بياضة ¬

_ (¬1) سيرة ابن هشام، وابن سيد الناس 2/ 25 وطبقات ابن سعد.

الإيادية قالته في حرب الفرس لإياد، فتمثلت به المرأة في وقعة أحد (¬1). ماتت هند أمّ معاوية في خلافة عمر في اليوم الذي مات فيه أبو قحافة والد بكر. 616 - وأنشد: وإنّي لرام نظرة قبل الّتي … لعليّ وإن شطّت نواها أزورها (¬2) 617 - وأنشد: لعلّك والموعود حقّ لقاؤه … بدا لك في تلك القلوص بداء (¬3) وبعده: فإنّ الّذي ألقى إذا قال قائل … من النّاس هل أحسستها لعناء ¬

_ (¬1) في سيرة ابن سيد الناس 2/ 25: (روى هذا الشعر لهند بنت عتبة، كما قال ابن اسحاق، والشعر ليس لها، وانما هو لهند بنت بياضة بن طارق بن رياح بن طارق الايادي، قالت حين لقيت إياد جيش الفرس بجزيرة الموصل، وكان رئيس اياد بياضة بن طارق. ووقع في شعر ابي دؤاد الإيادي. وذكر أبو رياش وغيره: ان بكر ابن وائل لما لقيت تغلب يوم قضة، ويسمى يوم التحليق، أقبل الفند الزماني ومعه ابنتان، وكانت احداهما تقول: نحن بنات طارق فطارق على رواية من رواه لهند بنت عتبة، أو لبنت الفند الزماني تمثيل واستعارة لا حقيقة، شبهت أباها بالنجم الطارق في شرفه وعلوه، وعلى رواية من رواه لهند بنت بياضة حقيقة لا استعارة، لانه اسم جدها. قال البطليوسي: والأظهر انه لبنت بياضة، وانما قاله غيرها متمثلا. وقال أبو القاسم السهيلي: على قول من قال ارادت به النجم لعلوه، وهذا التأويل عندي بعيد، لان طارقا وصف للنجم لطروقه، فلو أرادته لقالت: بنات طارق، فعلى تقدير الاستعارة يكون (بنات) مرفوعا، وعلى تقدير ان يكون الشعر لابنة بياضة بن طارق، يكون منصوبا على المدح والاختصاص نحو: نحن بني ضبة أصحاب الجمل (¬2) هو للفرزدق، وليس في ديوانه، وانظر الخزانة 2/ 481 و 559 (¬3) الامالي 2/ 71، واللآلي 705. والاغاني 14/ 151 (بولاق)، والخزانة 4/ 37

أقول الّتي تنبي الشّمات وإنّها … عليّ وإشمات العدوّ سواء دعوت وقد أخلفتني الوأي دعوة … لزيد فلم يضلل هناك دعاء بأبيض مثل البدر عظّم حقّه … رجال من آل المصطفى ونساء قال القالي: هذا رجل كان وعد رجلا قلوصا فأخلفه، فقال الموعود له: إذا سئلت أقول التي تنبي الشّمات عني، أي أقول: نعم قد أخذتها، أي أكذب. ثم قال: وكذبي وإشمات العدو سواء. وقال الزبير بن بكار: هذه الأبيات لمحمد بن بشير الخارجي، وكان رجلا وعده قلوصا فمطله بها. وزيد الذي مدحه هو زيد ابن الحسن بن علي بن أبي طالب. وكذا أخرجه صاحب الأغاني عن سليمان بن عياش، وزاد في آخره: فبلغت الأبيات زيد بن الحسن، فبعث إليه بقلوص من خيار إبله. ومحمد بن بشير عدواني يكنى أبا سليمان، شاعر حجازي من شعراء الدولة الأموية (¬1). 618 - وأنشد: بآية يقدمون الخيل شعثا (¬2) تمامه: كأنّ على سبائكها مداما (¬3) 619 - وأنشد: يا ليت شعري والمنى لا تنفع! … هل أغدون يوما وأمري مجمع! (¬4) ¬

_ (¬1) انظر معجم الشعراء 343، والاغاني 16/ 61 (الثقافة). (¬2) سيبويه 1/ 460، والخزانة 3/ 135 - 137، ونسب البيت الى الأعشى، ومنهم من نسبه ليزيد بن عمرو بن الصعق، وقدم السيوطي الشاهد عن مكانه في المغني. (¬3) كذا بالاصل، ويروى: (على سنابكها) وهو الصحيح. (¬4) امالي المرتضى 1/ 559.

هو من الرجز، أنشده أبو زيد، وبعده: وتحت رجلي صيلتان ميلع (¬1) … حوف إذا ما زجرت تبوّع (¬2) يقول: إن المنى لا ينال بها المتمني ما يحبه. والمنى: جمع منية. وهي مبتدأ، ولا تنفع خبره. والجملة اعتراض بين شعري وما تعلق به. وأمري مجمع: جملة حالية من الضمير في أغدون. وتحت رجلي صيلتان: جملة حالية أيضا معطوفة على الجملة قبلها. والصيلتان: الشديد. والميلع: السريع. وهما صفتا جمل. واستشهد ابن السكيت بالبيت على أنه يقال: أجمع أمره، إذا عزم عليه. 620 - وأنشد: إنّي وأسطار سطرن سطرا … لقائل يا نصر نصر نصرا (¬3) عزاه الجرمي في الفرج لرؤبة، وخبر (أن) لقائل، واسطار: قسم مجرور بالواو، وهي بفتح الهمزة، جمع سطر، وهو الخط والكتابة. وسطرن: مبنى للمفعول، صفة أسطار. وسطرا مفعول مطلق. قال ابن يسعون في شرح أبيات الايضاح: في نصر الثاني: الرفع، والنصب عطف بيان، النصر الأوّل على اللفظ وعلى الموضع. وروي بالضم، بلا تنوين، على البدل من الأوّل، وفيه زحاف الخبر. وقال بعضهم: نصرا بالنصب على المصدر. والثالث: توكيد له، أي أنصر نصرا. وقال أبو عبيدة: نصر المنادى، نصر بن سيار أمير خراسان. ونصر الثاني حاجبه، ونصبه على الاغراء، يريد: يا نصر عليك نصرا. وقال الزجاج: نصر الذي هو الحاجب بالضاد المعجمة. وقال الجرمي: النصر: العطية، فيريد يا نصر عطية عطية. وقال ابن يعيش في شرح المفصل: قد أنشدوا البيت على ثلاثة أوجه: يا نصر نصر نصرا. وهو اختيار أبي عمرو. ويا نصر نصرا نصرا، تجري منصوبين مجرى صفتين منصوبتين بمنزلة يا زيد العاقل اللبيب. وكان المازني يقول: يا نصر نصرا نصرا، ينصبهما على الإغراء، لأن هذا نصر حاجب نصر بن سيار، وكان حجب رؤبة ومنعه من الدخول، فقال: ¬

_ (¬1) رواية المرتضى: (وتحت رحلي زفيان ميلع) وقال: الزّفيان: الناقة الخفيفة، والميلع: السريعة. وشبّه رجع يديها في السير لنشاطها وبعده: كأنها نائحة تفجّع … تبكي لميت وسواها الموجع (¬2) ليس هذا الشطر في أمالي المرتضى. (¬3) الخزانة 1/ 325، وحاشية الامير 2/ 51، وسيبويه 1/ 304

اضرب نصرا أو آلمه. ويروى يا نصر نصر نصر. وقال ابن الدهان في الغرّة: منهم من ينشده يا نصر نصر على اللفظ، رفعا على الموضع، ونصبا، ومنهم من يرويه بالضم: نصر نصرا على البدل. ونصر الثالث: إما عطف بيان، وإما اغراء. قال الأصمعي: معنى هذا: ان قوله يا نصر نصرا نصرا، إنما يريد به المصدر، أي انصرني نصرا. وكان أبو عبيدة يقول هذا تصحيف، إنما قال لنصر بن سيار: يا نصر نصرا نصرا، أي عليك نصرا. وقال السخاوي: يجوز أن يكون نصرا الثاني تأكيدا للأوّل، ونصر الثالث بمعنى انصرني نصرا، أو عطف بيان. والثالث أيضا كذلك هذا عطف بيان على اللفظ، وهذا على الموضع. وقال أبو عبيدة: هما بالضاد المعجمة، أي إنه نادى نصر بن سيار، وأغراه بنصر حاجبه. فيكون نصرا مكرّرا للتأكيد (¬1). 621 - وأنشد: وإنّي وتهيامي بعزّة بعد ما … تخلّيت ممّا بيننا وتخلّت لكالمرتجي ظلّ الغمامة كلّما … تبوّأ منها للمقيل اضمحلّت هما من قصيدة لكثيّر عزة أوّلها (¬2): خليليّ هذا ربع عزّة فاعقلا … قلوصيكما ثمّ ابكيا حيث حلت وما كنت أدري قبل عزّة ما البكا … وما موجعات القلب حتّى تولّت وما أنصفت أمّا النّساء فبغّضت … إلينا، وأمّا بالنّوال فضنّت ¬

_ (¬1) وملخص ما ذكر: أن نصرا الأول روي فيه وجهان: ضمه ونصبه. والثاني روي فيه أربعة أوجه: ضمة ورفعه ونصبه وجره. والثالث روي فيه وجه واحد وهو النصب. (¬2) الخزانة 2/ 379، والامالي 2/ 107، والخفاجي 186 وانظر الاغاني 8/ 37 (بولاق) والشعراء 404.

إلى أن قال: فقلت لها: يا عزّ كلّ مصيبة … إذا وطّنت يوما لها النّفس ذلّت فإن سأل الواشون فيم صرمتها … فقل: نفس حرّ سلّيت فتسلّت ومنها: وكنت كذي رجلين رجل صحيحة … ورجل رمى فيها الزّمان فشلّت ومنها: هنيئا مريئا غير داء مخامر … لعزّة من أعراضنا ما استحلّت وو الله ما قاربت إلّا تباعدت … بصرم ولا أكثرت إلّا استقلّت أسيئي بنا أو أحسني لا ملومة … لدينا ولا مقليّة إن تقلّت قال الأئمة: هذه القصيدة من منتخبات قصائد كثيّر، وهي لزومية التزم في أكثرها اللام المشدّدة قبل حرف الروي. قوله: فاعقلا قلوصيكما: أي شدّاهما. قوله: (وما كنت أدري ... البيت) استشهد به المصنف في التوضيح على نصب موجعات عطفا على محل مفعول أدرى المعلق بالإستفهام، لأن المعلق أبطل عليه لفظا لا محلا. وتولت: أعرضت وأدبرت. وقوله: (وكنت كذى رجلين ... البيت) استشهد به ابن أم قاسم في باب البدل على ابدال المفصل من المجمل، فإن رجل ورجل بدلان من رجلين بزيادة صفة. وقد اختلف في معنى البيت، فقال الأعلم: تمنى ان تشلّ إحدى رجليه، وهو عندها حتى لا يرحل عنها. وقال ابن سيده: لما خانته عزة العهد وتولت عن عهده، وثبت على عهدها صار كذى رجلين، رجل صحيحه، وهو ثباته، وأخرى مريضة وهو زللها. وقال عبد الدائم: معنى البيت

إنه بين خوف ورجاء وقرب وتناء. وقال بعضهم: تمنى أن يضيع قلوصه فيبقى في في عزة. فيكون ببقائه في حيها كذى رجل صحيحة، ويكون في فقد قلوصه كذى رجل عليلة. قال اللخمي: وهذا القول هو المختار المعوّل عليه، وهو الذي يدل عليه ما قبل البيت. والتهيام: بفتح أوله، مصدر للمبالغة من الهيام، والهيام كالجنون من العشق. وقال القالي في أماليه (¬1): حدّثنا أبو بكر بن دريد، عن الرياشي، عن ابن سلام، عن عزيز بن طلحة بن عبد الله (¬2)، عن عمه هند بن عبد الله، قال: بينا أنا مع أبي بسوق المدينة إذ أقبل كثير، فقال له أبي: هل قلت بعدي شيئا يا أبا صخر؟ قال هند: فأقبل عليّ، وقال: احفظ هذه الأبيات، وأنشدني: وكنّا سلكنا في صعود من الهوى … فلمّا توافينا ثبتّ وزلّت وكنّا عقدنا عقدة الوصل بيننا … فلمّا توافينا شددت وحلّت (¬3) فواعجبا للقلب كيف اعترافه … وللنّفس لمّا وطّنت كيف ذلّت وللعين أسراب إذا ما ذكرتها … وللقلب وسواس إذا العين ملّت وإنّي وتهيامي بعزّة بعد ما … تخلّيت ممّا بيننا وتخلّت لكالمرتجى ظلّ الغمامة كلّما … تبوّأ منها للمقيل اضمحلّت فإن سأل الواشون: فيم هجرتها … فقل: نفس حرّ سلّيت فتسلّت وقال أبو الحسن بن طباطبا في كتاب عيار الشعر (¬4): قال العلماء: لو أن كثيرا جعل قوله: (فقلت لها يا عز كل مصيبة ...) في وصف حرب لكان أشعر الناس. ولو جعل قوله: (أسيئي بنا ... البيت) في وصف الدنيا كان أشعر الناس. ¬

_ (¬1) 1/ 65 - 66 (¬2) في الامالي: (غرير). (¬3) في الامالي: (فلما تواثقنا). (¬4) ص 85، وانظر الموشح 146

622 - وأنشد: لعمري وما عمري عليّ بهيّن … لقد نطقت بطلا عليّ الأقارع هذا من قصيدة للنابغة الذبياني، أوّلها (¬1): عفا ذو حسى من فرتنا فالفوارع … فجبنا أريك فالتّلاع الدّوافع ومنها: فكفكفت منّي عبرة فرددتها … على النّحر منها مستهلّ ودامع على حين عاتبت المشيب على الصّبا … وقلت: ألمّا أصح والشّيب وازع؟ أتاني، أبيت اللّعن، أنّك لمتني … وتلك الّتي تستكّ منها المسامع ومنها: وعيد أبي قابوس في غير كنهه … أتاني، ودوني راكس فالضّواجع فبتّ كأنّي ساورتني ضئيلة … من الرّقش في أنيابها السّمّ ناقع ومنها: فإنّك كاللّيل الّذي هو مدركي … وإن خلت أنّ المنتأى عنك واسع عفا: اندرس. وذو حسي: بضم الحاء وبالسين المهملتين، موضع. وفرتنا: اسم امرأة. والفوارع: بالفاء، مواضع مرتفعة. وأريك: بفتح الهمزة وكسر الراء، اسم موضع. والتلاع: بكسر المثناة الفوقية، مجاري الماء، واحدها تلعة. والدوافع: التي تدفع الوادي. ومستهل: بضم الميم، سايل منصب. ودامع: ¬

_ (¬1) ديوانه 78 - 82 (صادر).

مترقرق العين. وقوله: (وما عمري عليّ بهين) أي فاقسم لعمري. والبطل: الباطل. والأقارع: بني قريع بن عوف بن كلاب الذين كانوا سعوا به الى النعمان. وقوله: (على حين عاتبت) استشهد به المصنف في الكتاب الرابع على بناء حين لإضافتها الى جملة صدرها فعل مبني. وقوله: (ألما أصح) استشهد به على الجزم بلما بعد همزة الاستفهام. وأصح: من الصحو، وهو خلاف السكر. ووازع: بزاي وعين مهملة، من وزعت الرجل عن الأمر كففته. وقوله: (أتاني أبيت اللعن ... البيتين) أوردهما المصنف في الكتاب الرابع. وقوله: من غير كنهه، أي في غير قدره وحقيقته، أي لم أكن بلغت ما يوجب ذلك. وراكس: براء وسين مهملة، اسم واد. والضواجع: جمع ضاجعة، وهو منحنى الوادي ومنعطفه. قوله: ساورتني، من ساوره إذا واثبه، وضئيلة: بفتح الضاد المعجمة وكسر الهمزة وفتح اللام، الحية الدقيقة. والرقش: بضم الراء وسكون القاف وشين معجمه، جمع رقشاء، حية فيها نقط سود وبيض. وناقع: بالنون والقاف، يقال: سم ناقع، أي بالغ. والبيت استشهد به ابن الطراوة على جواز وصف المعرفة بالنكرة إذا كان الوصف خاصا لا يوصف به إلا ذلك الموصوف، فإنّ ناقعا نكرة، والسم معرفة، وردّ بأنه ليس بوصف، بل خبر ثان بعد الإخبار بالمجرور السابق. قوله: (فإنك كالليل ... البيت) قال المبرد في الكامل (¬1): هذا من أعجب التشبيه. 623 - وأنشد: ذاك الّذي وأبيك يعرف مالك (¬2) هذا من مقطوعة لجرير يخاطب بها يحيى بن عقبة الطهوي والفرزدق، وهي: مست طهيّة كالبكار أفزّها … بعد الكشيش هدير قوم بازل (¬3) ايحيى هل لك في حياتك حاجة … من قبل فاقرة وموت عاجل ¬

_ (¬1) ص 741، وانظر الشعراء 109 - 110 و 123 و 302 - 303 (¬2) ديوانه 430 (¬3) في الديوان: (قرم بازل).

أخزيت أمّك أن كشفت عن استها … وتركتها غرضا لكلّ مناضل حلّت طهيّة من سفاهة رأيها … منّي على سنن الملحّ الوابل أطهيّ قد غرق الفرزدق فاعلموا … في اليمّ ثمّ رمى به في السّاحل من كان يمنع يا طهيّ نساءكم … أم من يكرّ وراء سرح الجامل ذاك الّذي وأبيك يعرف مالك … والحقّ يدمغ ترّهات الباطل إنّا تزيد على الحلوم حلومنا … فضلا ونجهل فوق جهل الجاهل أفزها: فرّقها. والكشيش: كشيش البكر قبل أن تنبت شقشقته هدر. والفاقرة: التي تقطع فقار الظهر. والجامل: الإبل. 624 - وأنشد: كأنّ وقد أتى حول كميل … أثافيها حمامات مثول هو لأبي الغول الطهويّ وقبله: أتنسى لا هداك الله سلمى … وعهد شبابها الحسن الجميل وبعده: أما تنفكّ تركبني بلومي … لهجت بها كما لهج الفصيل قال الفارسي في التذكرة: في قوله: (كأن ... الخ) لا يجوز على هذا أن يقول إن وقولي حق زيدا قائم، لأن أن لما لم تغير الكلام عن معناه صرت. كأنك ابتدأت بحرف العطف، لا يجوز بخلاف كأن. والأثافي، وأصله التشديد. والتخفيف مسموع أيضا والبيت منه. واللومي: مصدر مؤنث بمعنى اللوم، يمد ويقصر. وقد استشهد الفارسي بالبيت على ذلك: ولهج بالشيء يلهج: ولع به

واعتاده، فهو لهج. ويقال أيضا: ألهج به فهو ملهج، واللهجة: طرف اللسان. ولهج الفصيل بإمه: اذا تناول ضرعها ولزمه. والفصيل: المفصول عن الرضاع من أولاد النوق، والأنثى فصيلة، والجمع فصال، وفصلان، وأصله الاسم لكنه استعمل استعمال الصفات قدر فيه الانفصال عن الأم. 625 - وأنشد: كأنّ قلوب الطّير رطبا ويابسا … لدى وكرها العنّاب والحشف البالي تقدّم شرحه في شواهد الباء ضمن قصيدة امرئ القيس (¬1). 626 - وأنشد: ليت، وهل ينفع شيئا ليت … ليت شبابا بوع فاشتريت (¬2) أنشده الكسائي في صفة دلو، وقبله: مالي إذ أجذبها صأيت … أكبر قد غالني أم بيت صأيت: بالمهملة، اصخت. يقال صأى يصيئ صئيا، كصفى يصفى صفيا. والمراد بالبيت المرأة. وقال الفراء في المصادر: البيت: التزويج، وأنشده بلفظ: مالي إذا نزعتها صأيت … أكبر غيّرني أم بيت وجملة: (وهل ينفع شيأ ليت) معترضة بين ليت الأولى وليت الثانية المؤكدة لها، وهما حرفان. وليت الثانية: اسم مرفوع بينفع، والمراد بها اللفظة، وهو أحد الشواهد على الاسناد اللفظي. وبوع: لغة في بيع. وقد استشهد النحاة بالبيت ¬

_ (¬1) انظر ص 342 والشاهد رقم 158 ص 340 و 344. (¬2) ابن عقيل 1/ 177

على ذلك. وفي شرح العيني: ان البيت لرؤبة. وذكر المصنف في شواهده: ان هل بمعنى النفي. وان الكسائي أنشده بلفظ: (وما ينفع شيأ ليت). 627 - وأنشد: وما أدري وسوف إخال أدري … أقوم آل حصن أم نساء تقدّم شرحه في شواهد أم (¬1). 628 - وأنشد: أخالد قد والله أوطأت عشوة تقدّم شرحه في شواهد قد (¬2). 629 - وأنشد: ولا أراها تزال ظالمة … تحدث لي نكبة وتنكؤها يأتي شرحه قريبا ضمن قصيدة ابن هرمة (¬3). 630 - وأنشد: فلا وأبي دهماء زالت عزيزة … على قومها ما قيل للزّند قادح (¬4) قال ابن الدهان في الغرة: أنشده الفراء عن بعضهم، أي مازالت، فحذف ما. 631 - وأنشد: أراني - ولا كفران لله - آيّة … لنفسي قد طالبت غير منيل (¬5) ¬

_ (¬1) انظر الشاهد رقم 48 ص 130. (¬2) انظر الشاهد رقم 274 ص 488. (¬3) انظر ص 826 من قصيدة الشاهد رقم 635. (¬4) الخزانة 4/ 45 (¬5) هو في ديوان ابن الدمينة 86، وانظر اختلاف رواية البيت فيه.

632 - وأنشد: لعمرك والخطوب مغيّرات … وفي طول المعاشرة التّقالي لقد باليت مظعن أمّ أوفى … ولكن أمّ أوفى لا تبالي هما لزهير بن أبي سلمى من أبيات قالها حين طلق امرأته أم أوفى، وبعدهما (¬1): فأمّا إذ نأيت فلا تقولي … لذي صهر أذلت ولم تذالي أصبت بنيّ منك ونلت منّي … من اللّذّات والحلل الغوالي الخطوب: الأمور، واحدها خطب. والتقالي: من القلي، وهو البغض. ونأيت: تباعدت. وأذلت: أهنت. 633 - وأنشد: إنّ الثّمانين - وبلّغتها - (¬2) قال القالي في أماليه: أنبأنا أبو معاذ عبدان قال: دخل عوف بن محلّم على عبد الله بن طاهر فسلم عليه عبد الله فلم يسمع، فأعلم بذلك، فأنشد مرتجلا: يا ابن الّذي دان له المشرقان … طرّا وقد دان له المغربان إنّ الثّمانين - وبلّغتها - … قد أحوجت سمعي إلى ترجمان ¬

_ (¬1) ديوانه 342 (¬2) امالي ابن الشجري 1/ 192 وفوات الوفيات 2/ 235 وامالي القالي 1/ 50، وطبقات ابن المعتز 188، والايجاز والاعجاز 61، ونثار الازهار 76 و 81، ومعاهد التنصيص 1/ 124 و 127

وبدّلتني بالشّطاط الخنا … وهمّتي همّ الجبان الهدان (¬1) وقاربت منّي خطا لم تكن … مقاربات وثنت من عنان وأنشأت بيني وبين الورى … عنانة من غير نسج العنان (¬2) فقمت بالأوطان وجدا بها … لا بالغواني، أين منّي الغوان ولم تدع فيّ لمستمتع … إلّا لساني وبحسبي اللّسان أدعو به الله وأثني به … على الأمير المصعبيّ الهجان (¬3) فقرّباني بأبي أنتما … من وطني قبل اصفرار البنان وقبل منعاي إلى نسوة … أوطانها حرّان والرّقّتان وفي تاريخ الصلاح الصفدي (¬4): عوف بن محلّم الخزاعي، أبو المنهال، أحد العلماء الأدباء، الرواة الفهماء، الندماء الظرفاء، الشعراء الفصحاء. كان صاحب أخبار ونوادر ومعرفة بأيام الناس. واختصه طاهر بن الحسين بن مصعب لمنادمته ومسامرته، فلا يسافر إلا وهو معه. وكان سبب اتصاله به أنه نادى على ¬

_ (¬1) في الامالي وابن المعتز: وبدلتني بالشطاط انحنا … وكنت كالصعدة تحت السنان وبدلتني من زماع الفتى … وهمتي هم الجبان الهدان والشطاط: حسن القوام والاعتدال. والصعدة: القناة المستوية تنبت كذلك لا تحتاج الى تثقيف. والزماع: المضاء في الأمر والعزم عليه. والهدان: الاحمق الجافي الوخم الثقيل في الحرب. (¬2) العنان - بفتح العين -: السحاب. واحدته عنانة، يشير بهذا الى ضعف بصره وأنه لا يرى الورى الا من وراء سحابة. (¬3) الهجان: الكريم. (¬4) فوات الوفيات 2/ 235، وانظر الادباء، وشذرات الذهب 2/ 32، وتاريخ بغداد 9/ 481 ترجمة عبد الله بن طاهر.

الجسر بهذه الأبيات وطاهر منحدر في حراقة له بدجلة (¬1): عجبت لحرّاقة ابن الحسي … ن كيف تعوم ولا تغرق وبحران: من تختها واحد … وآخر من فوقها مطبق وأعجب من ذاك عيدانها … وقد مسّها كيف لا تورق وأصله من حران، وبقي مع طاهر ثلاثين سنة لا يفارقه، كلما استأذنه في الإنصراف إلى أهله ووطنه لا يؤذن له. فلما مات ظن أنه قد تخلص وأنه يلحق بأهله، فقرّبه عبد الله بن طاهر وأفضل عليه وتلطف بجهده أن يأذن في العود فاتفق أن خرج عبد الله من بغداد إلى خراسان فجعل عوفا عديله، فلما شارف الري سمع صوت عندليب يغرّد باحسن تغريد، فأعجب ذلك عبد الله والتفت الى عوف وقال: يا ابن محلم، هل سمعت أشجى من هذا؟ فقال: لا والله، فقال عبد الله: قاتل الله أبا كبير حيث يقول (¬2): ألا يا حمام الأيك إلفك حاضر … وغصنك ميّاد ففيم تنوح أفق لا تنح من غير شيء، فإنّني … بكيت زمانا والفؤاد صحيح ولوعا فشطّت غربة دار زينب … فها أنا أبكي والفؤاد قريح فقال عوف: أحسن والله أبو كبير وأجاد، أنه كان في الهذليين مائة وثلاثون شاعرا ما فيهم إلا مفلق، وما كان فيهم مثل أبي كبير، وأخذ يصفه. فقال له عبد الله: أقسمت عليك الا أجزت قوله؟ فقال: قد كبر سني وفني ذهني وأنكرت كلما ¬

_ (¬1) تنوزع في نسبة هذه الابيات بين عوف ومقدس بن صيفي الخلوقي ودعبل وأبي الشمعمق، وعلي بن جبلة، وانظر بالاضافة الى المراجع السابقة اللآلي 198 (¬2) نسب البكري هذا الشعر في اللآلي 372 الى عوف ولم يذكر في ديوان الهذليين بشعر أبي كبير، وانظر الكامل 848 بالاضافة الى المراجع السابقة.

كنت أعرف! فقال عبد الله: بحق طاهر ألا فعلت؟ فابتدر عوف وقال: أفي كلّ عام غربة ونزوح … أما للنّوى من وثبة فتريح (¬1) لقد طلّح البين المشتّ ركائبي (¬2) … فهل أرينّ البين وهو طليح وأرّقني بالرّيّ نوح حمامة … فنحت وذو البثّ الغريب ينوح (¬3) على أنّها ناحت ولم تذر دمعة … ونحت وأسراب الدّموع سفوح وناحت وفرخاها بحيث تراهما … ومن دون أفراخي مهامه فيح ألا يا حمام الأيك إلفك حاضر … وغصنك ميّاد ففيم تنوح عسى جود عبد الله أن يعكس النّوى … فتلقى عصا التّطواف وهي طريح (¬4) فإنّ الغنى يدني الفتى من صديقه … وعدم الغنى بالمقترين طروح (¬5) فاستعبر عبد الله ورقّ له وجرت دموعه وقال له: والله إني لضنين بمفارقتك، شحيح على الفائت من محاضرتك، ولكن والله لا أعملت معي خفا ولا حافرا إلا راجعا إلى أهلك. وأمر له بثلاثين ألف درهم، فقال عوف: يا ابن الّذي دان له المشرقان … وألبس الأمن به المغربان (¬6) إنّ الثّمانين - وبلّغتها - … قد أحوجت سمعي إلى ترجمان وبدّلتني بالشّطاط انحنا … وكنت كالصّعدة تحت السّنان ¬

_ (¬1) في الامالي 1/ 130 (من ونية). (¬2) ويروى: (البيت القذوف). (¬3) في الامالي: (وذو الشجو الحزين). (¬4) في الامالي: (فتضحى عصا التّسيار). (¬5) كذا بالاصل، وفي الامالي: (وعدم الفتى ... نزوح). (¬6) في الامالي 1/ 50 (طرّا وقد دان له المغربان).

وعوّضتني من زماع الفتى … وهمّتي هم الهجان الهدان وقاربت منّي خطا لم تكن … مقاربات وثنت من عناني وأنشأت بيني وبين الورى … عنانة من غير نسج العنان ولم تدع فيّ لمستمتع … إلّا لساني وبحسبي اللّسان (¬1) أدعو به الله وأثني به … على الأمير المصعبيّ الهجان وهمت بالأوطان وجدا بها … لا بالغواني، أين منّي الغوان فقرّباني بأبي أنتما … من وطني قبل اصفرار البنان وقبل منعاي إلى نسوة … أوطانها حرّان والرّقّتان سقى قصور السّاذياج الحيا … من بعد عهدي وقصور الميان فكم وكم من دعوة لي بها … أن تتخطّاها صروف الزّمان وسار راجعا الى أهله فلم يصل اليهم. ومات في حدود العشرين ومائتين. ومن شعر عوف بن محلّم (¬2): وكنت إذا صحبت رجال قومي … صحبتهم وزينتي الوفاء فأحسن حين يحسن محسنوهم … وأجتنب الإساءة إن أساؤوا وأبصر ما يريبهم بعين … عليها من عيونهم غطاء ¬

_ (¬1) في الامالي: (وبحسبي لسان). (¬2) طبقات ابن المعتز 191 وشذرات الذهب 2/ 33 وقد نسبت هذه الابيات الى ابراهيم بن العباس.

634 - وأنشد: إنّ سليمى والله يكلؤها … ضنّت بشيء ما كان يزؤها (¬1) هذا مطلع قصيدة لإبراهيم بن هرمة. وقد قيل له إن قريشا لا تهمز، فقال: لأقولنّ قصيدة أهمزها كلها بلسان قريش. وبعده: وعوّدتني فيما تعوّدني … أظماء ورد ما كنت أجزؤها ولا أراها تزال ظالمة … تحدث لي نكبة وتنكؤها وتزدهيني من غير فاحشة … أشياء عنها بالغيب أنبؤها لو تهنّى العاشقين ما وعدت … وكان خير العداة أهنؤها شبّت وشبّ العفاف يتبعها … فلم يعب خدنها ومنشؤها وبوّأت في صميم معشرها … فنمّ في قومها مبوّؤها خود تعاطيك بعد رقدتها … إذا تلاها العيون مهدؤها كأسا بفيها صهباء معرقة … يغلو بأيدي التّجار مسبؤها قال التدمري: سليمى، تصغير سلمى. ويكلؤها: يحرسها ويحفظها. وضنت: بخلت. ويزرؤها: ينقصها. والاظماء: جمع ظمأ. والمعنى: إنها تصله مرة وتقطعه أخرى. وأجزؤها: أي أجتزى فيها كما تجتزي الظباء بأكل الرطب من الكلأ عن الماء أياما، فلا تشرب ماء. وقوله: (ولا أراها تزال ظالمة) أي أراها لا تزال ظالمة فقدم لا. وتنكؤها: أي تقشرها. والمعنى: تحدث لي جرحا وتنكؤه بآخر. والخود: الفتاة الشابة. وتعاطيك: تساقيك. وهدء العين: منامها وسكونها. والصهباء: الخمر. ومسبؤها: أي اشتراؤها. ¬

_ (¬1) ابن الشجري 1/ 192 واللسان (كلا) وقد سبق ص 820 الشاهد رقم 630 من هذه القصيدة.

635 - وأنشد: فقلت ادعي وأدعو إنّ أندى … لصوت أن ينادي داعيان (¬1) قال ابن يعيش: هو للحطيئة. وقال الزمخشري: هو لربيعة بن جشم. وقال ابن بري: هو لدثار بن شيبان النمري حين هجا الحطيئة الزبرقان، وحبسه عمر، يعارض الحطيئة ويمدح الزبرقان. وقال بعضهم: هو للأعشى، وأولها: دعاني الأثبجان ابنا بغيض … وأهلي بالعلاة فمنّياني (¬2) الى أن قال: تقول حليلتي لمّا اشتكينا … سيدركنا بنو القوم الهجان (¬3) سيدركنا بنو القمرين بدر (¬4) … سراج اللّيل للشّمس الحصان فقلت ادعي وأدعو إنّ أندى … لصوت أن ينادي داعيان فمن يك سائلا عنّي فإنّي … أنا النّمريّ جار الزّبرقان أندى: أفعل تفضيل من الندى، بفتح النون والدال المقصورة، وهو بعد ذهاب الصوت. يقال: فلان أندى صوتا من فلان، إذا كان بعيد الصوت. وقوله: (وادعو) بالنصب بأن مضمرة بعد واو الجمع في جواب الأمر. وقد استشهد به ¬

_ (¬1) ابن عقيل 2/ 126 والامالي 2/ 90 للفرزدق واللآلي 726 لدثار والاغاني 2/ 190 (الشاعر النمري) وهو في سيبويه 1/ 426 منسوب للاعشى. (¬2) الاثبجان: مثنى اثبج وهو الاحدب. ويقال: على الناتئ الصدر، وعلى العظيم الجوف، وعلى الناتئ الثبج، وهو ما بين الكتفين والكاهل. وذكر في اللسان أن بيت النمري هذا فسر بهذه المعانى كلها. والعلاة: جبل في ديار النمر بن قاسط. وفي اللسان (ثبج): بالعراق. (¬3) في الاغاني: (القرم). (¬4) في الاغاني: (بنو القمر بن بدر).

المصنف في التوضيح على ذلك. ولصوت: صفة أندى. وان ينادي: خبر أن. ويروى: (وادع على الأمر) بخلاف اللام. 636 - وأنشد: واعلم فعلم المرء ينفعه … أن سوف يأتي كلّ ما قدرا (¬1) قال العيني: لم يسم قائله. وقوله: (فعلم المرء ينفعه) جملة معترضة بين أعلم ومفعوله. والفاء فيه هي الفاء التي تميز الجملة العالية. وإن مخففة من الثقيلة في محل نصب، وهي وجزاؤها سدت مسد مفعولي اعلم. ووقع الخبر فيها جملة فعليه فعلها متصرف ليس بدعاء مفعولا بحرف التنفيس. 637 - وأنشد: وترمينني بالطّرف أي أنت مذنب (¬2) 638 - وأنشد: ولقد علمت لتأتينّ منيّتي (¬3) قال المصنف في شواهده: هذا البيت نسب للبيد، ولم أجده في ديوانه وتمامه: إنّ المنايا لا تطيش سهامها قلت: معلقة لبيد على هذا الوزن والروي. وقد تقدمت في شواهد كلا. فلعل هذا البيت منها في بعض الروايات. قال: وعلمت فيه محتملة لوجهين، أحدهما: أن تكون معلقة واللام جواب قسم مقدر، وجملتا القسم والجواب في موضع نصب بالفعل المعلق. والثاني: أن تكون أجريت لافادتها تحقيق الشيء وتأكيده مجرى ¬

_ (¬1) ابن عقيل 1/ 147 (¬2) سبق الشاهد رقم 113 ص 234 (¬3) انظر الخزانة 4/ 13 وحاشية الامير 2/ 57

القسم، فتخرج حينئذ عن طلب المفعولين ويتلقى بما يتلقى به القسم. وعلى هذا فلا قسم مقدر. والجملة لا محل لها كسائر الجمل التي يجاب بها القسم. وطاش السهم: إذا عدل عن الرمية، أي انها لا تخطئ من حضر أجله. وجاء ببيت يشبه هذا هو: ولقد علمت لتأتينّ منيّتي … لا بعدها خوف عليّ ولا عدم وقال العيني: من أبيات معلقة لبيد في صفة بقرة صادفتها الذئاب (¬1): صادفن منها غرّة فأصبنه … إنّ المنايا لا تطيش سهامها 639 - وأنشد: فمن نحن نؤمنه يبت وهو آمن تمامه: ومن لا نجره يمس منّا مفزّعا (¬2) 640 - وأنشد: لا تجزعي إن منفسا أهلكته تقدم شرحه في شواهد الفاء (¬3). 641 - وأنشد: تعشّ فإن عاهدتني لا تخونني … نكن مثل من يا ذئب يصطحبان ¬

_ (¬1) شرح القصائد السبع الطوال ص 557 (¬2) الخزانة 3/ 640 وحاشية الامير 2/ 58 والبيت لهشام المري. (¬3) انظر الشاهد رقم 263 ص 472 وص 473

تقدم شرحه في شواهد كل (¬1). 642 - وأنشد: جشأت فقلت اللّذّ خشيت لكائن تمامه: ولئن أتاك فلات حين مناص (¬2) 643 - وأنشد: ولو انّ ما عالجت لين فؤادها … فقسا استلين به للان الجندل 644 - وأنشد: إذا قلت قدني قال بالله حلفة تقدم شرحه (¬3). 645 - وأنشد: فسلّم على أيّهم أفضل تقدم شرحه في شواهد أي المشددة (¬4). 646 - وأنشد: فحسبي من ذي عندهم ما كفانيا (¬5) ¬

_ (¬1) انظر ص 536 والشاهد رقم 314 (¬2) رواية البيت كما في المغني وحاشية الامير 2/ 60: جشأت فقلت اللذ خشيت ليأتين … واذا أتاك فلات حين مناص (¬3) وذلك بحرف اللام، انظر الشاهد رقم 334 ص 559 وفيه: (اذا قال ... قلت ...) وفي المغني: (اذا قال ... قال ...) (¬4) الشاهد رقم 115 ص 236 (¬5) ابن عقيل 1/ 4 و 80، والحماسة 3/ 155، وانظر ذيل سمط اللآلي 105

هو لمنظور بن سحيم الفقعسي، شاعر إسلامي، وقبله: ولست بهاج في القرى أهل منزل … على زادهم أبكي وأبكي البواكيا فإمّا كرام موسرون أثبتهم … فحسبي من ذي عندهم ما كفانيا وإمّا كرام معسرون عذرتهم … وإمّا لئام قال حزت حيائيا (¬1) وعرضي أبقى ما ادّخرت ذخيرة … وبطني أطويه كطيّ ردائيا ومعنى الأبيات: التمدح بالقناعة والكف عن أعراض الناس. يقول: الناس ثلاثة أنواع، موسرون كرام، فاكتفى منهم بقدر كفايتي. ومعسرون كرام فاعذرهم. وموسرون لئام فاكف عن ذمهم حياء. والقرى: بكسر القاف، طعام الضيف. و (في) سببية وذكر تمثيل. والمعنى: أنه لا يأسف لما يرى من الحرمان أسف من يبكي ويبكي غيره. وقوله: فإما، هي كلمة التفضيل الواقعة في نحو: إما زيد، وإما عمرو. فكرام خبر مبتدأ مقدر، أي فالناس إمّا كرام. وقيل: هي ان الشرطية، وما الزائدة. وكرام: مرفوع بفعل مقدر دل عليه الفعل بعده، أي نقصد كرام. فحسبي جواب الشرط. والقول الأول هو الذي جزم به المصنف واستدل له بقوله: (وإمّا لئام). وليس بعده فعل يفسر المحذوف. والقول الثاني: هو الذي جزم به التبريزي في شرح الحماسة، ووقع في شرح الشواهد للعيني إنه جعل إمّا للتفضيل. وكرام مرفوع بمضمر، وفحسبي جواب الشرط. وهو تخليط منه دخل عليه قول في قول. وآتيتهم وعذرتهم صفتان. وقوله: فحسبي مبتدأ، وما كفانيا خبر، أي لكافي من عطائهم من يكفيني لحاجتي، أي لا يبغي منهم زيادة على الحاجة. ولولا هذا التأويل لفسد لاتحاد المبتدأ والخبر. وذي: يروى بالواو (¬2)، وهي مبنية بمعنى الذي، وبالياء معربة في لغة. وذكر المرزوقي: إن ذي هنا بمعنى صاحب، ورده المصنف باستلزامه خفض عندهم بالإضافة. وذكر بعضهم: ¬

_ (¬1) كذا في الاصل، وفي الحماسة: (واما لئام فادّكرت ...). (¬2) كما في الحماسة.

إنها زائدة، أي من عندهم، يقول: هذا ذو زيد، أي هذا زيد، من إضافة المسمى الى الاسم. قال الكميت: إليكم ذوي آل النّبيّ تطلّعت وقال الأعشى (¬1): فكذّبوها بما قالت فصبّحهم … ذو آل حسّان يزجي الموت والشّرعا 647 - وأنشد: نحن اللّذون صبّحوا الصّباحا (¬2) هو لرجل جاهلي من بني عقيل اسمه أبو حرب الأعلم، كذا قاله أبو زيد وابن الأعرابي. وقيل: قاله رؤبة. وقال الصغاني: قالته ليلى الأخيلية، وتمامه: يوم النّخيل غارة ملحاحا وبعده: نحن قتلنا الملك الجحجاحا … دهرا فهيّجنا به أنواحا ولم ندع لسارح مراحا … إلّا ديارا أو دما مفاحا نحن بنو خويلد صراحا … لا كذب اليوم ولا مزاحا قوله: نحن اللذون: استشهد به النحاة على وقوع الذين بالواو حالة الرفع. وصبّحوا: بالتشديد، أتوا في الصباح. وغارة: مفعولة. وصباحا: يروى بالتنكير، وهو مصدر محذوف الزوائد كما في (كلمته كلاما) لا ظرف كما في ¬

_ (¬1) ديوانه ص 103 وشرح التبريزي 3/ 155 (¬2) ابن عقيل 1/ 78

(جئتك صباحا) لأن الظرف لا يكون هو كذا. ويروى بالتعريف، أي الصباح الذي عرف. واشتهر فيكون مصدرا نوعيا. والنخيل: بضم النون وفتح المعجمة، اسم موضع. قال المصنف: وكثير يقولونه بفتح النون وكسر الخاء، وهو تحريف. وغارة: مفعول له أو حال أي مغيرين. والملحاح: بمهملتين، الكثير الإلحاح. والصفة التي على مفعال لا تؤنث فلهذا أجري على غارة. والجحجاح: بجيم ثم مهملة ثم جيم ثم مهملة، السيد. ودهرا: عطف بيان أو بدل. والأنواح: جمع نوح. والسارح: المال السائم. والمزاح: بضم الميم، صفة الإبل. ومفاح: بالفاء، مهراق، يقال: فاح دمه وأفاح. قال أبو زيد: وأو بمعنى الواو، ورواه الصغاني. ودما: بالواو. والصراح: بالكسر، جمع صريح، وهو الخالص النسب. والمزاح: بكسر الميم عند أبي حاتم وبضمها عند غيره، لأنه أزيح عن طريق الجدّ، أي نحى عنها. 648 - وأنشد: هم اللّاؤن فكّوا الغلّ عنّي 649 - وأنشد: صاف بأبطح أضحى وهو مشمول (¬1) 650 - وأنشد: رجلان من مكّة أخبرانا … إنّا رأينا رجلا عريانا 651 - وأنشد: ألم تر أنّي يوم جوّ سويقة … بكيت فنادتي هنيدة ماليا ¬

_ (¬1) عجز بيت لكعب بن زهير، وصدره: شجّت بذي شبم من ماء محنية وهو من قصيدته المشهورة: بانت سعاد، والتي سبقت ص 524 - 529

هذا مطلع قصيدة للفرزدق يهجو بها جريرا، وهي أول قصيدة هجاه بها، وبعده (¬1): فقلت لها إنّ البكاء لراحة … به يشتفي من ظنّ أنّ لا تلاقيا قفي ودّعينا يا هنيد فإنّني … أرى الحيّ قد شاموا العقيق اليمانيا 652 - وأنشد: يدعون عنتر والرّماح كأنّها … أشطان بئر في لبان الأدهم هو من معلقة عنترة المشهوره وقد تقدم شرحه في شواهد في (¬2). 653 - وأنشد: قالت له، وهو بعيش ضنك … لا تكثري لومي وخلّي عنك 654 - وأنشد: فإن تزعميني كنت أجهل فيكم تقدم شرحه في شواهد لولا (¬3). 655 - وأنشد: ستعلم ليلى أيّ دين تداينت … وأيّ غريم للتّقاضي غريمها 656 - وأنشد: وما كنت أدري قبل عزّة ما البكا ¬

_ (¬1) ديوانه 895 (¬2) انظر الشاهد رقم 268 وص 479 - 484 (¬3) ص 671، والشاهد رقم 431

تقدم شرحه قريبا من هذا الباب (¬1). 657 - وأنشد: وكن لي شفيعا يوم لا ذو شفاعة … بمغن فتيلا عن سواد بن قارب (¬2) 658 - وأنشد: بآية ما كانوا ضعافا ولا عزلا (¬3) هو لعمرو بن شأس بن عبيد بن ثعلبة الأسدي وصدره: ألكني إلى قومي السّلام رسالة وبعده: ولاسيء زيّ إذا ما تلبسوا … إلى حاجة يوما مخيّسة بزلا قال المصنف في شواهده: ألك فعل أمر من ألاك يليك، ومعناه بلغ عني. ورسالة: مفعول به، كما يقول بلغ عني الى فلان رسالة. قال: وينبغي أن يكون ألكني على حذف الجار، أي ألك عني. والآية: العلامة: والعزل: بضم المهملة وسكون الزاي، الذين لا سلاح معهم، واحدهم أعزل. وتلبسوا: ركبوا ومشوا. ومخيّسة: بضم الميم وفتح الخاء المعجمة والياء المشددة وبالسين المهملة، مذللة بالركوب: يعني الرواحل. والبزل: بضم الموحدة وسكون الزاي، الحسنة، واحدها بازل. وهو جمع غريب، قاله المصنف. وقال غيره: سيئ جمع سيئ من السوء. والزيّ: بكسر الزاي وتشديد الياء، اللباس والهيئة. ويروى: ولا سيئ رأي. وقد استشهد ابن مالك بالبيت الثاني على جواز حسن وجه بالإضافة وبتجريد المضاف من أل لقوله سيئ زي. ¬

_ (¬1) انظر ص 813 من قصيدة الشاهد رقم 621. (¬2) البيت لسواد بن قارب السدوسي الصحابي، وهو في ابن عقيل 1/ 128 (¬3) سيبويه 1/ 101

659 - وأنشد: بآية ما يحبّون الطّعاما (¬1) 660 - وأنشد: لزمنا لدن سالمتمونا وفاقكم … فلايك منكم للخلاف جنوح 661 - وأنشد: خليليّ رفقا ريث أقضي لبانة … من العرصات الذّاكرات عهودا (¬2) 662 - وأنشد: من لدن شولا (¬3) تمامه: فإلى أتلائها الشول: بفتح المعجمة، ومادته تدل على الارتفاع. واختلف في المراد هنا فقيل: مصدر شالت الناقة بذنبها أي رفعته للضراب، فهي شائل بغير تاء، والجمع شول، مثل راكع وركع. والتقدير: من لدن شالت شولا. فالبيت من حذف عامل المصدر المؤكد. وقيل: اسم جمع. تائلة: بالتاء، وهي الناقة التي ارتفع لبنها وضرعها وأتى عليها من نتاجها سبعة أشهر أو ثمانية. والتقدير: من لدن كانت شولا، فالبيت من حذف كان واسمها وبقاء خبرها. قال المصنف: وقد يرجح الأول بأن يروى: ¬

_ (¬1) عجز بيت وصدره: ألا أبلغ لديك بني تميم. ويروى العجز أيضا بلفظ: بأية ذكرهم حب الطعام ولا شاهد فيه حينئذ. والبيت ليزيد بن الصّعق، وهو في الشعراء 618، والكامل 147 والخزانة 3/ 138 - 142. (¬2) في المغني: (المذكرات). (¬3) الخزانة 2/ 84، وابن عقيل 1/ 124، وسيبويه 1/ 34 واللسان: (شول).

من لدشول بالجر، ولا يقال: من لدن النّوق فإلى أتلائها قال: ويجاب بأن التقدير من لد شولان شول أو زمان شول. قال: وقد يرجح الثاني برواية الجرمي: من لدشولا، بغير تنوين على أن أصله شولاء، بالمد، فقصره للضرورة. ولكن هذه الرواية يقتضي أن المحدث عنه ناقة واحدة لا نوق. وزعم بعضهم: أن نصبه على التمييز أو التشبيه بالمفعول به، كانتصاب غدوه بعدها، في لدن غدوة. وإنه لا تقدير في البيت. ورد باختصاص هذا الحكم بغدوة إتفاقا. وبلدن الثابتة النون إذ لم يسمع نصب غدوة بعد لد. والإتلاء: بكسر الهمزة وسكون المثناة الفوقية، مصدر أتلت الناقة إذا تبعها ولدها، فهي متلية. والولد تلو، والأنثى تلوة، والجمع أتلاء، بفتح الهمزة. 663 - وأنشد: قول يا للرّجال ينهض منّا … مسرعين الكهول والشّبّانا 664 - وأنشد: وأجبت قائل: كيف أنت بصالح … حتّى مللت وملّني عوّادي لم يسم قائله. ومللت: من الملالة، وهي السآمة. والعوّاد: بضم العين، جمع عائد المريض. وجملة: (كيف أنت) مضاف إليها قائل. وبصالح: متعلق بأجبت، وهو مرفوع على الحكاية، وفيه حذف. أي بقولي أنا صالح. وقد أورده ابن مالك في باب الحكاية شاهدا لذلك. وروى بصالح، بالجر، على قصد حكاية الإسم المفرد، أي أجبت بهذه اللفظة.

665 - وأنشد: وإن أتاه خليل يوم مسألة … يقول لا غائب مالي ولا حرم (¬1) هو من قصيدة لزهير بن أبي سلمى يمدح بها هرم بن سنان أولها (¬2): قف بالدّيار الّتي لم يعفها القدم … بلى وغيّرها الأرواح والدّيم لا الدّار غيّرها بعدي الأنيس ولا … بالدّار لو كلّمت ذا حاجة صمم إنّ البخيل ملوم حيث كان ول … كنّ الجواد على علّاته هرم هو الجواد الّذي يعطيك نائله … عفوا ويظلم أحيانا فيظّلم وإن أتاه خليل يوم مسألة … يقول لا غائب مالي ولا حرم ومنها: هم يضربون حبيك البيض إذ لحقوا … لا ينكصون إذا ما استلحموا وحموا قوله: (لم يعفها) أي لم يدرسها. قوله: بلى الخ. استشهد به أهل البديع على النوع المسمى بالرجوع. والأرواح: جمع ريح. والدّيم: جمع ديمة، بكسر الدال، وهي المطر الدائم. قوله: (إن البخيل ... البيت) استشهد به أهل البديع على حسن التخلص. ونائله: عطاؤه. عفوا: سهلا بلا مطل ولا تعب. وقوله: فيظلم، أي يحتمل الظلم. وقد استشهد به المصنف في التوضيح على أن أصله يظطلم، ينتقل من الظلم، قلبت التاء طاء لمجاورتها الظاء، ثم قلبت الطاء ظاء، وأدغمت في الظاء. ومنهم من يقلب الظاء طاء ويدغمها في الطاء. وقد روي: فيطّلم، بالمهملة المشددة على هذه اللغة. وروي: فيظطلم، بالإظهار، فهذه ثلاثة ¬

_ (¬1) ديوان زهير 153 وابن عقيل 2/ 132، ويروي (يوم مسغبة) (¬2) الديوان 145

أوجه. قوله: (خليل) أي فقير. ويوم مسألة يروى بدله يوم مسغبة، أي مجاعة. وحرم: بفتح الحاء وكسر الراء، ممنوع. والبيت استشهد به على رفع المضارع الواقع جزاء الشرط إذا كان فعل الشرط ماضيا. وقال ابن قتيبة: في أبيات قوله: (ويظلم أحيانا فيظلم) أي يطلب إليه في غير موضع الطلب، فيحمل ذلك لهم. وأصل الظلم كله وضع الشيء في غير موضعه. ومنه: من أشبه أباه فما ظلم. وحبيك البيض: طرائقه. واستلحموا: أدركوا. وحموا: غضبوا. 666 - وأنشد: فأبلوني بليّتكم لعلّي … أصالحكم واستدرج نؤيا هو لأبي دؤاد فيما عزاه الثعلبي في تفسيره. 667 - وأنشد: إلى الله أشكو بالمدينة حاجة تقدم شرحه (¬1). 668 - وأنشد: أقول له ارحل لا تقيمنّ عندنا قال العيني: لم يسم قائله. وتمامه: وإلّا فكن في السّرّ والجهر مسلما والبيت استشهد به على إبدال الجملة من الجملة، فإن جملة (لا تقيمن عندنا) بدل من جملة (ارحل). والثانية أظهر في إفادة المقصود. ¬

_ (¬1) انظر الشاهد رقم 329 ص 557

669 - وأنشد: ذكرتك والخطّيّ يخطر بيننا … وقد نهلت منّا المثقّفة السّمر (¬1) هو لأبي عطاء السندي من شعراء الحماسة، واسمه أفلح بن يسار (¬2) مولى بني أسد، نشأ بالكوفة، وهو من مخضرمي الدولتين. وبعده: فو الله ما أدري وإنّي لصادق … أداء عراني من حبابك أم سحر فإن كان سحرا فاعذريني على الهوى … وإن كان داء غيره فلك العذر الخطى: الرمح. وقد نهلت منا: أي من دمائنا. قال التبريزي: النّهل من الأضداد يقع على الريّ والعطش. قال: وكأن حقيقته أوّل السقي، والاكتفاء به قد يقع وقد لا يقع، فلذلك استعمل في الريّ والعطش. والذكر هنا ذكر القلب. ومصدره بضم الذال، ونبه بهذا الكلام على قلة مبالاته بالحرب واشتياقه الى محبوبته في حال اختلاف الرمح بينهم بالطعن. والحباب: بكسر المهملة، الحب، كأنه مصدر حاببته، ويجوز أن يكون جمع الحب. وإنما جمعه لاختلاف أحواله فيه. ويروى: (جنابك) بالجيم والنون، أي من ناحيتك. ومعنى البيت الاخير: أن كان مابي سحر فلي عذر في هواك، لأن من يسحر بحبك فلا ذنب له. وإن كان داء غير السحر فالعذر لك، لأني وقعت فيه لتعرّضي لك وتفكري في محاسنك. والدلالة على أن (فاعذريني) في موضع (فلي عذر) ما قابله به من قوله: فلك العذر. 670 - وأنشد: وما راعني إلّا يسير بشرطة قال العيني: لم يسم قائله، وتمامه: وعهدي به قينا يفش بكير ¬

_ (¬1) الحماسة 1/ 59. (¬2) وكذا في الاغاني 16/ 78 واللآلي 602، وفي الشعراء 742: (مرزوق).

قوله: وما راعني ويسير فعل مضارع من السير، ووقع فاعلا لراعني بتقدير أن المصدرية، أي: وما راعني الا أن يسير، أي سيره. وبشرطة: متعلق به وهو بضم الشين وسكون الراء وفتح الطاء المهملة، بمعنى الشرطي. والقين: الحداد، ونصبه على الحال. ويفش: من فش الكير نفسه، إذا أخرج ما فيه من الريح. والكير: بكسر الكاف، كير الحداد، وهو زق أو جلد غليظ. المعنى: أتعجب منه، وقد كان أمس حدادا ينفخ بالكير واليوم رأيته صار والى الشرطة. 671 - وأنشد: ولقد أمرّ على اللّئيم يسبّني تقدم شرحه في شواهد الباء الموحدة (¬1). 672 - وأنشد: ولولا بنوها حولها لخبطتها هو للزّبير بن العوّام رضي الله عنه، وتمامه: كخبطة عصفور ولم أتلعثم وبهذا عرف أن الصواب لخبطتها بتقديم الباء على الطاء من الخبط. وحرّف من رواه لخطبتها، بتقديم الطاء، من الخطبة. والضمير في بنوها لزوجته بنت الصدّيق رضي الله عنها. وكان الزّبير ضرابا للنساء، وكان أولاد أسماء يحولون بينه وبين ضربها. ويقال: خبطت الشجرة إذا ضربتها بالعصا ليسقط ورقها. وتلعثم في الأمر: تمكث فيه وتأنى، بعين مهملة وتاء مثلثة. 673 - وأنشد: مضى زمن والنّاس يستشفعون بي (¬2) ¬

_ (¬1) سبق ص 310، الشاهد رقم 138 (¬2) ديوان قيس بن ذريح 113، وانظر الامالي 1/ 136 والاغاني 9/ 214، والتنبيه 52، وقد اختلف في نسبة هذه القصيدة، فقد نسبت الى ابن ذريح والمجنون وجميل وعمرو بن حكيم التميمي، وللضحاك ابن عمارة ... الخ.

هو لقيس بن ذريح، وأول القصيدة: سقى طلل الدّار الّتي أنتم بها … حنائم بها منها صيّف وربيع (¬1) مضى زمن والنّاس يستشفعون بي … فهل لي إلى لبنى الغداة شفيع ومنها: يقولون: صبّ بالنّساء موكّل … وهل ذاك من فعل الرّجال بديع 674 - وأنشد: وقائلة تجنّى عليّ أظنّه … سيودي به ترحاله وحوائله (¬2) ¬

_ (¬1) كذا بالاصل، وهو تحريف، وصحته كما في الديوان والاغاني: حيا ثم وبل صيّف وربيع وليس هذا البيت أول القصيدة وانما أولها كما في الديوان. سأصرم لبني حبل وصلك مجملا … وان كان صرم الحبل منك يروع (¬2) في المغني وحاشية الامير 2/ 74 (وجعائله) وقال: سيودي به: أي يهلكه، والرحل: التنقل في الاسفار. وجعائل: جمع جعالة، كسحابة، أو جعيلة بمعنى الجعل على الفعل. وقال الدماميني: يحتمل أن جملة سيودي أو أظنه على أنه بالهاء، ليس مقولا لقائله، بل لمحذوف، أي تقول سيودي، أو أظنه سيودي ... الخ.

الكتاب الثالث

الكتاب الثالث 675 - وأنشد: وإنّ لساني شهدة يشتفى بها … وهوّ على من صبّه الله علقم (¬1) قال المصنف في شواهده: هذا البيت أورده الفارسي في التذكرة عن قطرب والبغداديين. وفيه أربع شواهد، أحدها تشديد واو هوّ وذلك لغة همدان. والثاني: تعليق الجار بالجامد لتأوله بالمشتق، وذلك لأن قوله: (هو علقم) مبتدأ وخبر. والعلقم: نبت كريه الطعم. وليس المراد هنا، بل المراد أنه شديد أو صعب، فلذلك علق به على المذكورة. والثالث: جواز تقديم الجامد المؤول بالمشتق إذا كان ظرفا. والرابع: جواز حذف العائد المجرور بالحرف، مع اختلاف المتعلق، إذ التقدير: وهو علقم على من صبه الله عليه. فعلى المذكورة متعلقة بعلقم، والمحذوفة متعلقة بصبه. 676 - وأنشد: أنا أبو المنهال بعض الأحيان 677 - وأنشد: أنا ابن ماويّة إذ جدّ النّقر (¬2) نسب في الإيضاح لبعض السعديين. وقال في العباب: قائله فدكي بن أعبد ¬

_ (¬1) الخزانة 2/ 400 وحاشية الامير 2/ 75، وقال: الشاعر من همدان، ولغتهم تشديد واو هو وياء هي. (¬2) اللسان: نقر.

المنقري. وقال الجوهري: هو لعبيد الله بن ماوية الطائي. وتمامه: وجاءت الخيل أثابيّ زمر قوله: جد النقر: أي تحقق واشتد. وهو بفتح النون وضم القاف، وأراد النقر، بسكون القاف، فالقى حركة الراء على القاف. وقد استشهد به الفارسي في الإيضاح على ذلك، والمصنف في التوضيح. والنقر: صوت باللسان، فإن طرفه مخرج النون، ثم يصوت به، يسكن به الفرس إذا اضطرب بفارسه. وقد يصوّت به للدابة لتسير. وقال: كراع النقر أيضا أن تحتفر بحوافرها. قال ابن يسعون: والبيت يحتمل فيه الثلاثة. قال: وماوية امرأة. ويحتمل أن يكون لقبا لها تنبيها على نقاء عرضها وكرم أصلها، لأن الماوية المرآة الصافية. ويروى: النفر، بفتح النون والفاء، والأثابي والزمر: الجماعات من الناس، واحدها زمرة، وأثبيه، على مثال أمنيه. والبيت استشهد به المصنف هنا. 678 - وأنشد: وما سعاد غداة البين إذ رحلوا تقدم شرحه في شواهد كل ضمن قصيدة كعب بن زهير رضي الله عنه (¬1). 679 - وأنشد: تغيّرنا أنّنا عالة … ونحن صعاليك وأنتم ملوكا 680 - وأنشد: ألّا يجاورنا إلّاك ديّار (¬2) ¬

_ (¬1) انظر ص 524 - 531، والشاهد رقم 311 والشاهد رقم 401 ص 647 - 648 (¬2) ابن عقيل 1/ 59. والخزانة 2/ 405

صدره: وما نبالي إذا ما كنت جارتنا قال العيني: أنشده الفراء ولم يعزه لأحد. والمبالاة بالشيء: الإكتراث به. ويروى: (علا) بإبدال الهمزة عينا. والجملة: في محل نصب مفعول نبالي. وإن مصدرية. وما زائدة أو مصدرية. وديار: بمعنى أحد، وأصله ديرار. ويختص بوقوعه في النفي. وقوله: إلاك، فيه وقوع المتصل موقع المنفصل ضرورة. ورأيت في الكافي للنحاس: أن المبرد أنشده بلفظ: (سواك) فلا ضرورة إذن ولا شاهد. 681 - وأنشد: نحن نفوس الوديّ أعلمنا … منّا بركض الجياد في السدف (¬1) قاله: سعد القرقرة. وعزاه ابن عصفور إلى قيس بن الخطيم. نحن مبتدأ واعلمنا خبره. وفيه جمع بين الإضافة ومن أفعل التفضيل. وقد استشهد به على ذلك. وأجيب بأن تقديره: أعلم منا، والمضاف إليه في نية الطرح. وخرجه ابن جني على أن (نا) في أعلمنا مرفوع مؤكد للضمير في أعلم، وهو نائب عن نحن. وهذا البيت أشكل على أبي على حتى جعله من تخليط الأعراب. والوديّ: بفتح الواو وكسر الدال وتشديد الياء، جمع ودية، وهي النخلة الصغيرة. والجياد: جمع جواد، وهو الفرس. والسدف: بفتح المهملتين وفاء، الصبح وإقباله. وفي شرح الأمثال للبكري أن النعمان أتى بحمار وحش، فدعى سعد القرقرة فقال: احملوه على يحموم، وأعطوه مطردا، وخلوا عن هذا الحمار. وركض الفرس فالقى المطرد وتعلق بمعرفة الفرس، فضحك به النعمان، ثم أدرك فانزل. فقال سعد في ذلك: نحن نفوس الوديّ أعلمنا … منّا بركض الجياد في السّدف ¬

_ (¬1) كذا في الاصل، وفي المغني وذيل ديوان قيس بن الخطيم ص 80 (نحن بغرس الودي). ويروى (بغرس الورد).

يا لهف نفسي وكيف أطعنه … مستمسكا واليدان في العرف قد كنت أدركته فأدركني … للصّيد عرف من معشر عنف 682 - وأنشد: فإنّ فؤادي عندك الدّهر أجمع (¬1) هو من قصيدة لجميل أولها: أهاجك أم لا بالمداخل مربع … ودار بأجراع الغديرين بلقع إلى الله أشكولا إلى النّاس حبّها … ولا بدّ من شكوى حبيب يروّع إلى أن قال: ألا تتّقين الله فيمن قتلته … فأمسى إليكم خاشعا يتضرّع فإن يك جثماني بأرض سواكم … فإنّ فؤادي عندك الدّهر أجمع إذا قلت هذا حين أسلو وأجتري … على نفسها ظلّت لها النّفس تشفع ألا تتّقين الله في قتل عاشق … له كبد حرّى عليك تقطّع غريب مشوق مولع بادّكاركم … وكلّ غريب الدّار بالشّوق مولع فأصبحت ممّا أحدث الدّهر موجعا … وكنت لريب الدّهر لا أتخشّع فيا ربّ، حبّبني إليها وأعطني ال … مودّة منها، أنت تعطي وتمنع ¬

_ (¬1) الخزانة 1/ 190

المداخل: بفتح الميم، موضع. والمربع: منزل القوم في الربيع خاصة. والأجراع: جمع جرع، بفتح الجيم والراء، رملة مستوية لا تنبت شيأ. وكذلك الأجرع والجرعاء. وبلقع: بفتح الموحدة، الأرض القفراء التي لا شيء فيها. والجثمان: بضم الجيم، الشخص، وإنما يستعمل في بدن الانسان. وسواكم: على حذف مضاف،، أي سوى أرضكم. 683 - وأنشد: بمسعاته هلك الفتى أو نجاته 684 - وأنشد: فخير نحن عند النّاس منكم … إذا الدّاعي المثوّب قال يا لا تقدم شرحه في شواهد اللام (¬1). 685 - وأنشد: لك العزّ إن مولاك عزّ، وإن يهن … فأنت لدى بحبوحة الهون كائن (¬2) لم يسم قائله. ويهن: بالبناء للمفعول. وبحبوحة: بضم الموحدتين وبمهملتين. وبحبوحة الدار: وسطها. وبحيح: تمكن. والهون: بضم الهاء، الذل والهوان. 686 - وأنشد: كلّ أمر مباعد أو مدان … فمنوط بحكمة المتعالي ¬

_ (¬1) انظر الشاهد رقم 355 ص 595 (¬2) ابن عقيل 1/ 102

الكتاب الرابع

الكتاب الرابع 687 - وأنشد: بنونا بنو أبنائنا وبناتنا (¬1) تمامه: بنوهنّ أبناء الرّجال الأباعد أصله: بنو أبنائنا مثل أبنائنا، فقدم وأخر، وترك كلمة مثل للعلم بقصد التشبيه. وان المراد تشبيه أبناء الابناء لا العكس. قال المصنف: وقد يقال أن هذا البيت لا تقديم فيه ولا تأخير، وأنه جاء على عكس التشبيه مبالغة كقوله: ورمل كأوراك العذارى قطعته وقال العيني: هذا البيت استشهد به النحاة على جواز تقديم الخبر، والبيانيون على عكس التشبيه، والفقهاء والفرضيون على دخول أبناء الابناء في الميراث والوصية والوقف، وعلى أن الانتساب الى الأباء. ولم أر أحدا منهم عزاه الى قائله اه. ¬

_ (¬1) ابن عقيل 1/ 108. والخزانة 1/ 213 وقال: وهذا البيت لا يعرف قائله مع شهرته في كتب النحاة وغيرهم. قال العيني: هذا البيت استشهد به النحاة على جواز تقديم الخبر، والفرضيون على دخول أبناء الابناء في الميراث، وان الانتساب الى الآباء، والفقهاء كذلك في الوصية، وأهل المعاني والبيان في التشبيه. ولم أر أحدا منهم عزاه الى قائله. ورأيت في شرح الكرماني في شواهد شرح الكافية للخبيصي أنه قال: هذا البيت قائله أبو فراس همام الفرزدق بن غالب. قلت: والبيت في ديوان الفرزدق 217

688 - وأنشد: ولا يك موقف منك الوداعا (¬1) هو للقطامي عمير بن شييم التغلبي، وصدره: قفي قبل التّفرّق يا ضباعا وبعده: قفي فادّي أسيرك إنّ قومي … وقومك لا أرى لهم اجتماعا وكيف تجامع مع ما استحلّا … من الحرم العظام وما أضاعا ضباع: مرخم ضباعة، وهي بنت زفر بن الحارث الممدوح بهذه القصيدة. ويروى: (ولا يك موقفي) بياء الإضافة. والوداع: بفتح الواو وكسرها. والحرم: كل ما لا يحل انتهاكه، واحدها حرمة. وقد استشهد ابن مالك بقوله: (يا ضباعا) على أن المرخم يبدل من هائه لألف في الوقف إن لم تعد هي. ومن أبيات القصيدة قوله: أكفرا بعد ردّ الموت عنّي … وبعد عطائك المائة الرّتاعا وقد استشهد به المصنف في التوضيح على اعمال المصدر، وهو عطاء، عمل المصدر وهو الاعطاء، فأضيف الى الفاعل ونصب المائة مفعولا. 689 - وأنشد: كأنّ خبيئة من بيت رأس … يكون مزاجها عسل وماء (¬2) ¬

_ (¬1) الخزانة 1/ 391، وانظر الاغاني 20/ 118 - 131 (¬2) الخزانة 4/ 40

فمن يهجو رسول الله منكم … ويمدحه، وينصره سواء (¬1) هذان من قصيدة لحسان بن ثابت رضي الله عنه، وأولها: عفت ذات الأصابع فالجواء … إلى عذراء منزلها خلاء ديار من بني الحسحاس قفر … تعفّيها الرّوامس والسّماء وكانت لا يزال بها أنيس … خلال مروجها نعم وشاء فدع هذا ولكن من لطيف … يؤرّقني إذا ذهب العشاء لشعثاء الّتي قد تيّمته … فليس لقلبه منها شفا كأنّ خبيئة من بيت رأس … يكون مزاجها عسل وماء على أنيابها أو طعم غضّ … من التّفّاح هصّره الجناء إذا ما الأشربات ذكرن يوما … فهنّ لطيّب الرّاح الفداء نولّيها الملامة إن ألمنا … إذا ما كان مغث أو لحاء ونشربها فتتركنا ملوكا … وأسدا ما ينهنهنا اللّقاء عدمنا خيلنا إن لم تردها … تثير النّقع موعدها كداء يبارين الأسنّة مصغيات … على أكتافها الأسل الظّماء تظلّ جيادنا متمطّرات … تلطّمهنّ بالخمر النّساء فإمّا تعرضوا عنّا اعتمرنا … وكان الفتح وانكشف الغطا ¬

_ (¬1) في العقد الفريد 5/ 295 برواية: أمن يهجو ... ويطريه ويمدحه سواء

وإلّا فاصبروا لجلاد يوم … يعين الله فيه من يشاء وقال الله قد يسّرت جندا … هم الأنصار عرضتها اللّقاء لنا في كلّ يوم من معدّ … قتال أو سباب أو هجاء فنحكم بالقوافي من هجانا … ونضرب حين تختلط الدّماء وقال الله قد أرسلت عبدا … يقول الحقّ إن نفع البلاء شهدت به وقومي صدّقوه … فقلتم ما نجيب وما نشاء وجبريل أمين الله فينا … وروح القدس ليس له كفاء ألا أبلغ أبا سفيان عنّي … مغلغلة فقد برح الخفاء (¬1) بأنّ سيوفنا تركتك عبدا … وعبد الدّار سادتها الإماء هجوت محمّدا، فأجبت عنه، … وعند الله في ذاك الجزاء أتهجوه ولست له بكفء؟ (¬2) … فشرّكما لخيركما الفداء فمن يهجو رسول الله منكم … ويمدحه، وينصره سواء فإنّ أبي ووالده وعرضي … لعرض محمّد منكم وقاء فإمّا تثقفنّ بنو لؤيّ … جذيمة إنّ قتلهم شفاء أولئك معشر نصروا علينا … ففي أظفارنا منهم دماء وحلف الحارث بن أبي ضرار … وحلف قريظة منّا براء ¬

_ (¬1) ويروى الشطر بلفظ: فأنت مجوّف نخب هواء (¬2) ويروى (بند) كما في العقد 5/ 295، والشعراء 267

لساني صارم لا عيب فيه … وبحري لا تكدّره الدّلاء عذرا: موضع على بريدين من دمشق (¬1). والحسحاس: من بني مالك بن عدي بن النجار (¬2). والروامس: الرياح. وتيمته: ولهته وأذهبت عقله. وبيت رأس: بالاردن (¬3). وهصره: أماله. والجنا: الثمرة بعينها. والمغث: القتال. واللحاء: السباب. والنقع: الغبار. وكداء: الثنية العلياء بمكة. ومباراة الخيل الأسنة: هو أن يضجع الرجل رمحه فكأن الفرس يريد أن يسبق السنان. والمصغيات: الموائل المنحرفات إلى الطعن. والأسل: الرماح. والمتمطرات: الخوارج من جمهور الخيل. ويسرت: هيأت. ورجل عرضة للقتال: قوي عليه. ونحكم: نمنع. والنخب: الجبان. أخرج مسلم والطبراني والبيهقي في الدلائل عن عائشة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: اهجوا قريشا فإنه أشد عليها من رشق النبل. وأرسل إلى ابن رواحة فقال: اهجهم، فهجاهم فلم يرض، فأرسل إلى كعب بن مالك ثم أرسل الى حسان، فلما دخل قال: مدان لكم أن ترسلوا إلي هذا الأسد الضاري بذنبه، ثم أولع لسانه فجعل يحركه، فقال: والذي بعثك بالحق لأفرينهم به فري الأديم! فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لحسان: إنّ روح القدس لا يزال يؤيدك ما نافحت عن الله ورسوله، فقال حسان: وذكر هذه القصيدة. فسمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: هجاهم حسان فشفى وأشفى. وأخرج البيهقي في الدلائل عن ابن عمر قال: لما دخل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عام الفتح رأى النساء يلطمن وجوه الخيل بالخمر فتبسم، وقال: يا أبا بكر، كيف قال حسان؟ ¬

_ (¬1) وفي البكري 926 أنه اسم لدمشق. وفيه أيضا 161 أنه قرية من قرى دمشق، وذات الاصابع: موضع بالشام. وأنشد البيت. (¬2) في جمهرة أنساب العرب 194: (الحسحاس بن هند بن سفيان بن غضاف بن كعب بن سعد بن عمرو بن مالك بن ثعلبة، وعبدهم كان سحيم الشاعر). (¬3) في البكري 288: (بيت رأس) وهو حصن بالاردن، سمي بذلك لانه في رأس جبل، وأنشد البيت، وفيه: (كأن سبيئة ...)

فأنشده: عدمت ثنيّتي إن تزرها … تثير النّقع مطلعها كداء ينازعن الأعنّة مسرعات … يلطّمهنّ بالخمر النّساء فقال صلّى الله عليه وسلم: ادخلوها من حيث قال حسان. وأخرج ابن عساكر من طريق محمد بن عباد عن أبيه قال: لما أنشد حسان بن ثابت النبي صلّى الله عليه وسلّم: عفت ذات الأصابع فالجواء فانتهى الى قوله: هجوت محمّدا، فأجبت عنه، … وعند الله في ذاك الجزاء فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: جزاؤك على الله الجنة يا حسان (¬1). 690 - وأنشد: لقد أذهلتني أمّ عمرو بكلمة … أتصبر يوم البين أم لست تصبر؟ 691 - وأنشد: رويد بني شيبان بعض وعيدكم … تلاقوا غدا خيلي على سفوان (¬2) تلاقوا جيادا لا تحيد عن الوغى … إذا ما غدت في المأزق المتداني تلاقوهم فتعرفوا كيف صبرهم … على ما جنت فيهم يد الحدثان ¬

_ (¬1) انظر اللآلي 353 (¬2) الحماسة 1/ 122 - 124

قاله: ودّاك بن ثميل: وقيل ابن سنان بن ثميل المازني من شعراء الحماسة. وبين البيت الثاني والثالث: عليها الكماة الغرّ من آل مازن … ليوث طعان عند كلّ طعان وبعد الثالث: مقاديم وصّالون في الرّوع خطوهم … بكلّ رقيق الشّفرتين يماني إذا استنجدوا لم يسألوا من دعاهم … لأيّة حرب أم لأيّ مكان قوله: رويد بني: روي (رويدا بني). قال التبريزي: وهو الأكثر. ونصب بعض بفعل مضمر دل عليه رويد، أي كفوا بعض وعيدكم. وتلاقوا: جواب ذلك المضمر. وسفوان: بفتح المهملة والفاء، ماء على أميال من البصرة. وتلاقوا الثاني بدل من الأول. وتحيد: من الحيد وهو الميل. والوغي: أصله الجلبة والصوت، سميت به الحرب. والمأزق: المضيق، مفعل من الأزق، وهو الضيق في الحرب. تلاقوهم فتعرفوا: أي تلاقوا من بلائهم ما يستدل به على حسن صبرهم. على ما جنت: أي على جناية، وموضعه نصب على الحال، وعامله تعرفوا. ويد الحدثان: مثل، وليس للحدثان يد. وإنما استعار ذلك لأن أكثر الجناية تكون باليد. ورقيق الشفرتين: أي الحدين. والاستنجاد: الإستنصار، يقول قولا يحرّضهم على الحرب إذا استصرخهم صارخ ودعاهم الى الحرب، لم يطلبوا علة يتأخرون بها. 692 - وأنشد: يا زيد زيد اليعملات (¬1) ¬

_ (¬1) سيبويه 315/ 1 والكامل 952 وابن عقيل 2/ 84، والخزانة 1/ 362 وانظر ص 433

هو لعبد الله بن رواحة يخاطب زيد بن أرقم. أخرج ابن عساكر من طريق إسحق، حدثني عبد الله بن أبي بكر بن حزم قال: سار عبد الله بن رواحة، وكان زيد بن أرقم يتيما في حجره، فحمله على حقبة رحله، وخرج به غازيا إلى مؤته، ولزيد بن أرقم يقول عبد الله بن رواحة: يا زيد زيد اليعملات الذّبّل … تطاول اللّيل - هديت - فانزل يرتجز يقول: انزل فشق بالقوم مسيرك. وأخرجه من وجه آخر عن ابن اسحق عن عبد الله بن أبي بكر بن حزم عن زيد بن أرقم قال: كنت يتيما في حجر عبد الله بن رواحة فقال يرتجز: فذكر البيت. اليعملات: جمع يعملة، وهي الناقة القوية الحمولة. والذبّل: بضم الذال المعجمة وتشديد الموحدة، جمع ذابل بمعنى الضامر. وقال الزمخشري في شرح أبيات الكتاب: هذا رجز لعبد الله بن رواحة قاله في توجه جيش المسلمين الى مؤتة: يا زيد زيد اليعملات الذّبّل … وزيد داري الفلاة المجهل تطاول اللّيل - هديت - فانزل … فانقضّ زيد كانقضاض الأجدل أضيف زيد وهو ابن أرقم الى اليعملات، لأنه يحدو بها وهو قوي على ضبطها. وذكر في المفصل وتبعه ابن يعيش أن هذا البيت لبعض ولد جرير. وقال السخاوي في شرحه: ذكر المبرد وغيره أنه لعبد الله بن رواحة صاحب رسول الله صلّى الله عليه وسلم (¬1). وفي قول سيبويه: إنه لبعض أولاد جرير. 693 - وأنشد: يا تيم تيم عديّ لا أبالكم (¬2) ¬

_ (¬1) في الكامل 952 نسبه لعمر بن لجأ. (¬2) الكامل 952، والخزانة 1/ 360، وابن عقيل 2/ 84، وديوان جرير 285، والموشح 128 والعمدة 2/ 160 والاغاني 8/ 18 و 8/ 82 (الثقافة) والنقائض 487 و 488، وسيبويه 1/ 26 و 314

وتمامه: لا يوقعنّكم في سوأة عمر وبعده: أحين كنت سماما، يا بني لجأ، … وخاطرت بي في أحسابها مضر! هو لجرير يهجو بها عمرو بن لجاء التيمي أوّلها: هاج الهوى وضمير الحاجة الذّكر … واستعجم اليوم من سلّامة الخبر ومنها: خلّ الطّريق لمن يبني المنار به … وابرز ببرزة حيث اضطرك القدر برزة: هي أم عمرو بن لجاء، ومنها: إنّ الكرام إذا مدّوا حبالهم … أذرى بحبلك ضعف العقد والقصر ومنها: ما التّيم إلّا ذباب لا جناح له … قد كان منّ عليهم مرّة نمر نمر: هو ابن مرة الحماني من بني تيم. قد خفت يا ابن الّتي ماتت منافقة … من خبث برزة أن لا ينزل المطر أضاف التيم إلى عدي ليفرق بينها وبين تيم مرّة في قريش، وتيم غالب بن فهر في قريش أيضا، وتيم قيس بن ثعلبة، وتيم شيبان، وتيم ضبة. وعدي الذي

أضاف تيما إليه هو أخوه، وهما تيم وعدي ابنا عبد مناف بن ادّ بن طابخة بن الياس بن مضر. قوله: (لا أبالكم) هي كلمة تستعمل عند الغلظة في الخطاب، وأصله أن ينسب المخاطب الى غير أب معلوم شتما له واحتقارا، ثم كثر في الإستعمال حتى صار يقال في كل خطاب يغلظ فيه على المخاطب. وحكى أبو الحسن الأخضر: أن العرب كانت تستحسن لا أبا لك، وتستقبح لا أم لك. لأن الأم مشفقة حنينة، والأب جائر مالك. قوله: (لا يوقعنكم) يروى بدله: (لا يلقينكم) بالقاف من الالقاء. والسوأة: الفعلة القبيحة، يخاطب قوم عمر بن لجاء، ويقول لهم: انهوه عن شتمي ولا تدعوه يوقعنكم في سوأة من هجوي إياكم. والمنار: بفتح الميم وتخفيف النون، ما يبني على الطريق ليهتدي به المسافر. وقوله: (خل الطريق) استشهد به في التوضيح على إظهار الفعل الناصب عند الإفراد فإنه حسن بخلاف ما لو كرّر فقيل الطريق الطريق، فإنه لا يحسن إظهار الفعل، لأن أحد الإسمين قام مقامه. قال الزمخشري: أي خل الطريق التعالى واتركه لمن يفعل أفعالا مشهورة كأنها الأعلام المنصوبة على الطريق، وابرز بأمك عن جملة الناس، وصر إلى موضع يمكنك أن تكون فيه لما قضي عليك (¬1). قال البطليوسي: وقد أجابه عمر بن لجاء فقال (¬2): لقد كذبت، وشرّ القول أكذبه … ما خاطرت بك في أحسابها مضر ألست نزوة خوّار على أمة … لا يسبق الحلبات اللّؤم والخور ما قلت من مرّة إلّا ما أنقصها، … يا ابن الأتان، بمثلي تنقض المرر مع أبيات أخر. 694 - وأنشد: فظلّ طهاة اللّحم ما بين منضج … صفيف شواء أو قدير معجّل (¬3) ¬

_ (¬1) وهو أيضا من شواهد سيبويه 1/ 128 (¬2)، (¬3) الاغاني 8/ 71، والنقائض 488، وابن سلام 365، والخزانة 1/ 361 وشرح القصائد السبع الطوال 96 والديوان ص 22 وانظر من المعلقة الصحائف 20 و 96 و 97 و 360 و 451 و 463 و 558 و 652 و 766 و 772 و 782 و 863.

هو من معلقة امرئ القيس. وطهاة: بضم الطاء المهملة، جمع طاه وهو الطباخ. وصفيف: بفتح الصاد المهملة وكسر الفاء، وهو الذي فرق على الجمر وهو شواء الأغراب (¬1). والقدير: بالراء آخره، ما طبخ في قدر. قال الأعلم: انما جعله معجلا لأنهم كانوا يستحبون تعجيل ما كان من الصيد ويستظرفونه ولهذا يصفونه في أشعارهم. والبيت استشهد به على أن أو بمعنى الواو. قال الأعلم: والمعنى من بين منضج صفيف شواء أو طابخ قدير. 695 - وأنشد: من صديق أو أخي ثقة … أو عدوّ شاحط دارا هو لعديّ بن زيد بن حمار التميمي، شاعر جاهلي، وقبله: إنّني رمت الخطوب فتى … فوجدت العيش أطوارا ليس يغني عيشه أحد … لا يلاقي فيه أمعارا من حبيب أو أخي ثقة ... البيت، قال الزمخشري: يعاتب النعمان، يريد أن الناس لابد أن يلاقوا في أعمارهم الشدّة إن وليا وإن عدوّا. وقوله: (رمت الخطوب) أي طلبت معرفة أحوال الزمان. فتى: حال، أي في حال الحداثة. أطوارا: أحوالا مختلفة. الأمعار: الفقر والشدة. وشاحط: من الشحط، وهو البعد. وانتصب دارا بشاحط لتمامه بالتنوين كحسن وجها. والبيت استشهد به على ورود الصفة المشبهة على وزن فاعل وهو شاحط. 696 - وأنشد: إنّما الميت من يعيش كئيبا … كاسفا باله قليل الرّجاء ¬

_ (¬1) فسره الأنباري (المرمق).

تقدّم شرحه في شواهد رب ضمن قصيدة عدي بن الرعلاء (¬1). 697 - وأنشد: عليّ إذا ما زرت ليلى بخفية … زيارة بيت الله رجلان حافيا أورده ابن الأعرابي في نوادره شاهدا على أنه يقال رجل ورجلان بلفظ: شكور الرّبى حين أبصرت وجهها … ورؤيتها قد تسقني السّمّ صافيا 698 - وأنشد: وهذا تحملين طليق (¬2) هو ليزيد بن زياد بن ربيعة بن مفرّغ، بالفاء والغين المعجمة، الحميري، البصري، حليف آل خالد بن أسيد بن أبي العاص، ذكره الجمحي في الطبقة السابعة من شعراء الإسلام (¬3)، يكنى أبا عثمان، وإنما لقب جدّه مفرغا لأنه راهن على شرب سقاء لبن، فشربه حتى فرغه. وكان يزيد هجّاء فهجا عبّاد بن زياد بن أمية، وملأ البلاد من هجوه فظفر به فسجنه، فكلموا فيه معاوية فوجه بريدا يقال له حمحام فأخرجه، وقدّمت له فرس من خيل البريد فنفرت، فقال: عدس ما لعبّاد عليك إمارة … نجوت وهذا تحملين طليق وإنّ الّذي نجّى من الكرب بعد ما … تلاحم بي كرب عليك مضيق أتاك بحمحام فأنجاك فالحقي … بأرضك لا تحبس عليك طريق ¬

_ (¬1) انظر الشاهد رقم 205 ص 404 وص 405 (¬2) الخزانة 2/ 515، والاغاني 18/ 196 (الثقافة). والشعراء 324، واللسان 8/ 7 - 8. (¬3) الطبقات 551 و 554.

لعمري لقد أنجاك من هوّة الرّدى … إمام وحبل للإمام وثيق سأشكر ما أوليت من حسن نعمة … ومثلي بشكر المنعمين حقيق عدس بمهملات، مفتوح الأول والثاني ساكن الأخير، صوت يزجر به البغل. وعن الخليل: أن عدس رجل كان يقف على الدواب أيام سليمان عليه السلام، وأنها كانت اذا سمعت باسمه طارت فرقا منه، فلهج الناس باسمه حتى سموا البغل عدس. قال ابن سيدة: وهذا لا يعرف في اللغة. وإمارة: بكسر الهمزة، إمرة. وطليق. مطلق من الحبس. وتلاحم: التصق. وحمحام: بمهملتين اسم البريد. والهوّة: بضم الهاء وتشديد الواو، الوهدة العميقة. والردي: الهلاك. 699 - وأنشد: رددت بمثل السّيد نهد مقلّص … كميش إذا عطفاه ماء تحلّبا (¬1) هذا من قصيدة لربيعة بن مقروم بن قيس الضبيّ، أدرك الجاهلية والإسلام وأسلم، وقبله: وواردة كأنّها عصب القطا … تثير عجاجا بالسّنابك أصهبا وأول القصيدة (¬2): تذكّرت، والذّكرى تهيجك، زينبا … وأصبح باقي وصلها قد تقضّبا تذكرت: بفتح التاء، يخاطب نفسه. وتقضب: تقطع. وواردة: أراد بها القطع من الخيل، وهي مجرورة بواو رب. وقوله: (كأنها عصب القطا) أي ¬

_ (¬1) المفضليات 376 والشعراء 279 (¬2) المفضلية رقم 113

جماعات القطا. والعصب: جمع عصبة، شبه الخيل في سرعتها بالقطا في سرعته. وتثير: من الإثارة. وعجاجا: بفتح المهملة وتخفيف الجيم، الغبار. والسنابك: جمع سنبك، بضم السين، طرف مقدم الحافر، والباء متعلقة بتثير. وأصهب: من الصهبة، وهي لون الغبار. قوله: (رددت) جواب رب المضمرة. ويروى: (وزعت) بمعنى كففت. وبمثلي: متعلق برددت، أي بفرس مثل السيد. والسيد: بكسر المهملة وتحتية ساكنة ثم دال مهملة، الذئب. ونهد: صفة لفرس. المقدر: أي ضخم. ومقلص: بكسر اللام، طويل القوائم، ليست برهلة. وكميش: بفتح الكاف وكسر الميم وآخره شين معجمة، أي حاد في عدوه منكمش مسرع، شبه فرسه بالذئب في سرعته. وعطفاه: جانباه. وتحلبا: سالا. وماء: تمييز. والبيت استشهد به على تقديم التمييز على عامله الفعل المتصرف. ورد بأن عطفاه مرفوع بفعل مضمر يفسره المذكور على حد (إذا السماء انشقت) لأن إذا لا يليها إلا الأفعال، والعامل في التمييز هو ذلك المضمر لا المذكور. 700 - وأنشد: وما ارعويت وشيبا رأسي اشتعلا (¬1) صدره: ضيّعت حزمي في إبعادي الأملا الحزم: أخذ الأمور بالاتقان. قال الجوهري: الحزم ضبط الرجل أمره وأخذه بالثقة. ويقال: ارعوى عن فعل القبيح، إذا رجع عنه رجوعا حسنا. وثلاثية رعا يرعو أي كف عن الأمور. واشتعلا: بعين مهملة، من اشتعال النار، وهو اضطرامها. شبه الشيب بشواظ النار في بياضه وإنارته وانتشاره في الشعر، وفشوه فيه وأخذه منه كل مأخذ. واستشهد بالبيت على تقدم التمييز على عامله. ¬

_ (¬1) ابن عقيل 1/ 235

701 - وأنشد: أنفسا تطيب بنيل المنى … وداعي المنون ينادي جهارا المنى: بضم الميم، جمع منية. والمنون: بفتح الميم، المنية لانها تقطع المدد وتنقص العدد. قال الفراء: المنون مؤنثة وتكون واحدة وجمعا. والبيت استشهد به على تقديم الضمير على عامله. 702 - وأنشد: يا حبّذا المال مبذولا بلا سرف 703 - وأنشد: تزوّد مثل زاد أبيك فينا … فنعم الزّاد زاد أبيك زادا تقدم شرحه في شواهد الهمزة (¬1). 704 - وأنشد: نعم الفتاة فتاة هند لو بذلت … ردّ التّحيّة نطقا أو بإيماء لم يسم قائله. وفتاة: حال مؤكدة. وهند: المخصوص بالمدح. ونطقا: قال العيني تمييز. وقوله: أو بإيماء عطف عليه. قلت: الصواب نصبه على نزع الخافض للتصريح به في المعطوف، أو على الحال، أو المصدر النوعي لبذلت. 705 - وأنشد: وقد أغتدي والطّير في وكناتها ¬

_ (¬1) انظر ص 57 و 59 والبيت في ديوان جرير 135 والخزانة 4/ 108

تقدم شرحه في شواهد أن المفتوحة الخفيفة، وفي شواهد عل (¬1). 706 - وأنشد: قدر أحلّك ذا المجاز وقد أرى (¬2) وتمامه: وأبيّ مالك ذو المجاز بدار قال المصنف في شواهده: هذا هو المعروف من رواية البيت، وقد أنشد بلفظ: ذو النخيل (¬3). قلت: أنشده بلفظ ذو النخيل في الموضعين ثعلب في أماليه. وبعده: إلّا كداركم بذي نفر الحمى … هيهات ذو نفر من المزدار (¬4) 707 - وأنشد: عندي اصطبار وشكوى عند قاتلتي … فهل بأعجب من هذا امرؤ سمعا؟ 708 - وأنشد: سرينا ونجم قد أضاء فمذ بدا … محيّاك أخفى ضوؤه كلّ شارق (¬5) لم يسم قائله. قال المصنف: سرينا من السرى. وربما صحف بالمعجمة من الشراب. وأضاء: أنار. وبدا: ظهر ولاح. ومحياك: وجهك. والشارق: النجم، وكل مضيء. ¬

_ (¬1) انظر ص 857 هـ رقم 3 وص 772 هـ رقم 2. (¬2) الخزانة 2/ 272، واللسان (قدر) و (بخل) ومجالس ثعلب 544 (¬3) في ثعلب: (ذو النجيل) بالجيم المعجمة، ويروى: (ذو النخيل). وقوله: (وقد أنشد) أي الكسائي. (¬4) في ثعلب: (بذي بقر). (¬5) ابن عقيل 1/ 104

709 - وأنشد: الذّئب يطرقها في الدّهر واحدة … وكلّ يوم تراني مدية بيدي (¬1) وقبله: تركت ضأني تودّ الذّئب راعيها … وأنّها لا تراني آخر الأبد قوله: (مدية) يروى بالرفع على الابتداء، والنصب مفعول لمحذوف، أي حاملا أو آخذا، أو بدل من الياء. وقال التبريزي: تود متعد لإثنين اجراء له مجرى أفعال الشك واليقين، أو لواحد. وراعيا: حال. وواحدة: نصب على الظرف، أي مرة واحدة. أو صفة لمصدر محذوف، أي طرفة واحدة وكل يوم ظرف لقوله تراني. ومدية بيدي: نصب على الحال، أي تراني حاملا مدية لها. أو بدل من الضمير في تراني بدل اشتمال، أي ترى مدية بيدي. ووجه الرفع أن الضمير في (بيدي) كما يعلق في تذكرته مغن عن الواو، لأن الضمير يعلق العاطف. وقال ابن الصائغ في تذكرته: روى مدية بالنصب والرفع، فالنصب على الحال بتقدير جاعلا مدية بيدي، كما جاء في كلمته فوه إلى فيه بالنصب على معنى جاعلا فاه الى فيّ. والرفع على أنه مبتدأ. وساغ الإبتداء بالنكرة لأن في الأخبار عنها فائدة كذا. قال ابن السراج فيما نقل عنه ابن ابان: ويجوز أن يكون المسوغ لذلك كون هذه الجملة حالية وهي على تقدير الوالد. وقد أجازوا الإبتداء بالنكرة إذا كانت بعد واو الحال كقولك: نجم قد أضاء. وقول: وبرمة على النار. وقد نقل لي بعض أصحابنا عن الجزولية الكبرى، وقد وقف عليها: إن فيها من المسوّغات للإبتداء بالنكرة وقوعها بعد واو الحال ظاهرة أو مقدرة على أنه يجوز أن يكون الخبر محذوفا. وبيدي صفة لمدية والتقدير: مدية بيدي أذبح بها، انتهى. ¬

_ (¬1) الحماسة 4/ 130 منسوب لآخر.

710 - وأنشد: عرضنا فسلّمنا فسلّم كارها … علينا وتبريح من الوجد خانقه (¬1) هو لعبد الله بن الدّمينة الخثعميّ، وقبله: ولمّا لحقنا بالحمول ودونها … خميص الحشا توهي القميص عواتقه قليل قذى العينين يعلم أنّه … هو الموت إن لم تصرعنّا بوائقه عرضنا فسلّمنا فسلّم كارها … علينا وتبريح من الوجد خانقه فسايرته مقدار ميل وليتني … بكرهي له ما دام حيّا أرافقه أراد بالحمول: حمول الظعائن وأثقالها. وبخميص الحشا: قيم المرأة التي شبب بها، أي لطيف طيّ البطن. والعاتق: موضع نجاد السيف من الكتف، وصفه بقلة اللحم لأن ذلك مما يمدح به الرجل، يريد: ان القميص لا يقع من عاتقه على وطئ لأن عظامه غير مكسوّة باللحم. وقليل قذى العينين: وصفه بحدّة النظر، وأنه ليس بعينيه غمص، فهو أحدّ لنظره، وأراد بذلك مراعاة أهله لشدة الغيرة، فنحن نخاف من صولته ان لم تصرف عنا بوائقه. واستعمل تصر في معنى تصرف. وقال المرزوقي: هو كناية عن قلة صبره على دون العار، يقال: فلان لا يغضي على قذى، إذا لم يحتمل ضيما. وقوله: (هو الموت) يصفه بشدة الحمية عند غضبه. والبوائق: الدواهي. وعرضنا: جواب لما. وكارها: أي لقربنا إذ كان يغار على نسائه، ونصبه على الحال. والتبريح: التشديد والوجد، يروى بدله الغيظ، وهو أشد الكرب. وخانقه: يريد أنه امتلأ صدره من الغيظ فارتقى إلى ما فوقه حتى خنقه. وسايرته: صاحبته في السير. ونصب مقدار على الظرف. قاله التبريزي والمرزوقي. وبكر هي في موضع الحال، وعامله: أرافقه وهو خبر ليت. ¬

_ (¬1) ديوان أبن الدمينة 53، والشعراء 710، والحماسة 3/ 232، والامالي 1/ 156

711 - وأنشد: فأقبلت زحفا على الرّكبتين … فثوب نسيت وثوب أجرّ تقدم شرحه في شواهد (لا) ضمن قصيدة امرئ القيس (¬1). 712 - وأنشد: تمرّون الدّيار ولم تعوجوا تقدم شرحه (¬2). 713 - وأنشد: فإن لم تجد من دون عدنان والدا … ودون معدّ فلتزعك العواذل تقدم شرحه في شواهد ألم (¬3). 714 - وأنشد: خليليّ هل طبّ فإنّي وأنتما … وإن لم تبوحا بالهوى دنفان أنشده ثعلب ولم يسم قائله. خليلي: منادى حذف منه حرف النداء. والطب مثلث الطاء، وهو مبتدأ حذف خبره، أي موجود. والدنف: بفتح الدال وكسر النون، الذي لازمه المرض، وهو صفة تثنى وتجمع، فإن فتحت النون فهو المرض الملازم نفسه، فلا يثنى ولا يجمع. ويقال: باح بسرّه، إذا أظهره. وقوله: (فاني) حذف خبره، أي دنف. وقوله: دنفان خبر أنتما. ¬

_ (¬1) انظر ص 636 وهو من قصيدة الشاهد رقم 397 ص 635، وانظر ص 638 (¬2) في شواهد الباء المفردة وانظر الشاهد رقم 139 ص 311. (¬3) ص 151

715 - وأنشد: فمن يك أمسى بالمدينة رحله … فإنّي وقيّار بها لغريب (¬1) قال ابن حبيب: كان ضابيء بن الحارث بن أرطاة بن شهاب بن شراحيل البرجمي رجلا يقتنص الوحش، فاستعار من بني عبد الله بن هوذة كلبا لهم، يقال له قرحان، فكان يصيد به البقر والظباء والضباع، فلما بلغهم ذلك حسدوه فركبوا يطلبون كلبهم، فقال لامرأته: اخلطي لهم في قدرك من لحوم البقر والظباء والضباع، فإن عافوا بعضا وأكلوا بعضا تركوا كلبك لك، وإن هم لم يعرفوا بعضه من بعض فلا كلب لك! فلما أطعمهم أكلوه كله ولم يعرفوا بعضه من بعض، ثم أخذوا كلبهم. فقال ضابئ في ذلك: تجشّم دوني وفد قرحان شقّة … تظلّ بها الوجناء وهي حسير فأردفتهم كلبا فراحوا كأنّما … حباهم ببيت المرزبان أمير (¬2) فيا راكبا إمّا عرضت فبلّغن … أمامة عنّي، والأمور تدور (¬3) فإنّك لا مستضعف عن عناية … ولكن كريم ما استطاع فخور ¬

_ (¬1) الخزانة 4/ 323، والشعراء 311، والكامل 276، وسيبويه 1/ 38 واللسان 6/ 438، وهو أول الاصمعية رقم 64 ص 212 (¬2) في الشعراء: (بتاج الهرمزان). (¬3) فيا راكبا: بالتنوين على النداء، وكان الاصمعي ينشده بلا تنوين، قال ابو عبيدة: أراد فياركباه، للندبة، فحذف الهاء. عرضت: أتيت العروض - بفتح العين - وهي مكة والمدينة وما حولهما، وقيل واليمن أيضا. وهذا الصدر: فيا راكبا إما عرضت فبلغن .. تداوله الشعراء، فهو صدر بيت لعبد يغوث بن وقاص الحارثي في المفضلية 30، ولمالك بن الريب في الخزانة 1/ 313، ولدريد بن الصمة في الاصمعية رقم 29 ولكعب بن زهير في الخزانة 4/ 151 ولمخارق بن شهاب في الحيوان 6/ 369 فصار كالمثل، وأقدمهم فيما نعلم عبد يغوث.

فأمّكم لا تسلموها لكلبكم … فإنّ عقوق الوالدات كبير وإنّك كلب قد ضريت بما ترى … سميع بما فوق الفراش بصير إذا عثّنت من آخر اللّيل دخنة … يبيت لها فوق الفراش هدير فاستعدى عليه بنو عبد الله بن هوذة عثمان بن عفّان، فأرسل إليه فأقدمه، فأنشدوه الشعر الذي قال في أمهم فقال له عثمان: ما أعرف في العرب رجلا أفحش ولا ألأم منك، فإني لأظن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لو كان حيّا لنزل فيك قرآن، فقال ضابيء: فمن يك أمسى بالمدينة رحله … فإنّي وقيّار بها لغريب وما عاجلات الطّير يدنين بالفتى … رشادا ولا عن ريشهنّ نجيب (¬1) وربّ أمور لا تضيرك ضيرة … وللقلب من مخشاتهنّ وجيب ولا خير فيمن لا يوطّن نفسه … على نائبات الدّهر حين تنوب وفي الشّكّ تفريط وفي الحزم قوّة … ويخطئ في الحدس الفتى ويصيب ولست بمستبق صديقا ولا أخا … إذا لم تعدّ الشّيء وهو يريب فقضى عثمان لبني هوذة على ضابيء بجز شعره وخمس إبله، فانحازوا به من المدينة إلى الصاف، فحبسوه عند أمهم الرباب بنت قرط. ضابيء: بالمعجمة والموحدة وهمزة. وقيّار: بفتح القاف وتشديد التحتية، قيل اسم رجل، وقال الخليل: اسم فرسه. وقال ابو زيد: اسم جملة. ¬

_ (¬1) في الاصمعيات والكامل: (... تدني من الفتى .... … رشادا ولا عن ريشهن يخيب) وفي الكامل: (نجاحا).

716 - وأنشد: قد كنت داينت بها حسّانا … مخافة الإفلاس واللّيانا (¬1) هو لزياد العنبري، وقيل لرؤبة وبعده: يحسن بيع الأصل والقيانا داينت: من المداينة. وحسّان: اسم رجل. ومخافة: مصدر مضاف إلى المفعول، وفاعله محذوف. والليانا: معطوف على موضع المفعول. ويجوز أن يعطف على مخافة، أي ومخافة الليان، ثم حذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه. قاله شارح أبيات الإيضاح: قال: ويجوز أن ينصب على المفعول معه، أي مع الليان، وهو بفتح اللام وكسرها والياء مشددة والكسر، أقيس مصدر وقيل صفة. ومعناه: الذي يلوى بالحق، أي يمطل به. قال الأعلم: هذا المثال في المصادر قليل لم يسمع إلا في هذا وفي شنيته شناتا فيمن سكن النون. ويقال: أفلس إذا صار ذا فلوس بعد الدراهم، وفلس: إذا صار عديما. والقيان: جمع قينة، وهي الأمة، سميت بذلك لأنها تصلح من شأن أهلها. 717 - وأنشد: ما الحازم الشّهم مقداما ولا بطل … إن لم يكن للهوى بالحقّ غلابا 718 - وأنشد: وما كنت ذا نيرب فيهم … ولا منمش فيهم منمل أنشده ابن الأعرابي في نوادره، وبعده: ¬

_ (¬1) ابن عقيل 2/ 27

أنمش بينهم دائبا … أدب وذو النّملة الموغل ولكنّني رائب صدعهم … رقوء لما بينهم مشمل يقال: انمش بينهم ونمش. ورقأ ما بينهم يرقأ إذا أصلح. 719 - وأنشد: فلسنا بالجبال ولا الحديدا (¬1) هو لعقبة بن الحارث الأسدي (¬2) يخاطب معاوية بن أبي سفيان، وصدره: معاوي، إنّنا بشر فاسجح وبعده: أكلتم أرضنا فجردتموها … فهل من قائم أو من حصيد ذروا خون الخلافة، واستقيموا، … وتأمير الأراذل والعبيد أتطمع في الخلود إذا هلكنا … فليس لنا ولا لك من خلود فهبنا أمّة هلكت ضياعا … يزيد أميرها وأبو يزيد قال التدمري في شرح أبيات الجمل: وقد بان بهذه الأبيات أن الصواب رواية ولا الحديد بالجر، ولكن سيبويه رواه بالنصب فتبعه الزجاج. ومعاوي: ترخيم معاوية. وأسجح: بسين مهملة ثم جيم ثم حاء مهملة، ارفق من السجاحة، وهي السهولة. وجردتموها: قشرتموها كما يجرد اللحم من العظم. وقوله: ¬

_ (¬1) الخزانة 1/ 343 و 2/ 143، وسيبويه 1/ 34 و 352 و 375 و 448 (¬2) في الخزانة: (عقيبة بن هبيرة الاسدي، شاعر جاهلي اسلامي).

فهل من قائم أو من حصيد كقوله تعالى: (مِنْها قائِمٌ وَحَصِيدٌ) يعني القرى التي أهلكت منها قائم قد بقيت حيطانه، ومنها حصيد قد محى أثره. والخون: الخيانة. والتأمير: تفعيل من الأمارة. والأراذل: الخساس من الرذالة، وهي الخساسة، وأصله من رذال المال. ويزيد: هو ابن معاوية. 720 - وأنشد: مشائيم ليسوا مصلحين عشيرة … ولا ناعب إلّا ببين غرابها (¬1) هو للأحوص اليربوعي، وقال الجاحظ وابن يسعون (¬2): للرياحي يهجو قوما. ووقع في شرح أبيات الايضاح عزوه لأبي ذؤيب، وقبله: فليس بيربوع إلى العقل حاجة … ولا دنس تسودّ منه ثيابها (¬3) فليس بنو كى إن كفرتم لهم … هذه أم كيف بعد سبابها (¬4) قال الزمخشري في شرح أبيات الكتاب: قصة القصيدة أن حربا وقعت في بني يربوع وبني دارم، فقتل من بني غدانة رجل، يقال له أبو بدر، فقالت بنو يربوع: لا نبرح حتى نأخذ ثأرنا! ولم يعلم القاتل، فاقبلوا يتفاوضون في أمر الديّة، فقال الأحوص ذلك. مشائيم: جمع مشؤم (¬5). والعشيرة: بنو العم ومن يخالطهم. والناعب: ¬

_ (¬1) الخزانة 2/ 140، والكامل 342، وسيبويه 1/ 83 و 154 و 418، والحيوان 3/ 133 لابي خولة الرياحي والبيان والتبيين 2/ 204 (¬2) في البيان 2/ 204 لابي الاحوص الرياحي. (¬3) كذا بالاصل، وفي الخزانة والبيان: سوى دنس تسود منه ثيابها. (¬4) في الخزانة والبيان: فكيف بنوكي مالك ان كفرتم … لهم هذه أو كيف بعد خطابها (¬5) وبعده كما في الخزانة: (كمقصور، قال في الصحاح: وقد شأم -

المصوت، وأكثر ما يستعمل في أصوات الغربان. وإذا ذكر في الإبل فإنما يراد به السير والسرعة، لا الصوت. قاله ابن السيرافي. قال: وإنما ذكر هذا البيت على طريق المثل، وإن لم يكن لهم غراب، كما يقال فلان مشؤم الطائر. ويقال: طائر الله لا طائرك. وقال التبريزي: وصف القوم بالشؤم وأنه لا يصلح على أيديهم أمر، وذكر الغراب لأنه عندهم لا ينعب الا بتفريقهم وتقويض خيامهم. وقال ابن يسعون: يروى (ولا ناعبا) بالنصب، عطفا على مصلحين. وبالرفع على القطع، أي ولا غرابها ناعب إلا ببين. وبالجر على توهم الباء في مصلحين، انتهى. 721 - وأنشد: غير أنّا لم تأتنا بيقين … فنرجّي ونكثر التّأميلا (¬1) 722 - وأنشد: فلقد تركت صبيّة مرحومة … لم تدر ما جزع عليك فتجزع (¬2) 723 - وأنشد: وإنّ شفائي عبرة مهراقة … وهل عند رسم دارس من معوّل تقدم شرحه في شواهده «2». 724 - وأنشد: (¬3) تناغى غزالا عند باب ابن عامر … وكحّل مآقيك الحسان بإثمد ¬

_ = فلان قومه يشأمهم فهو شائم: اذا جر عليهم الشؤم. وقد شيئم عليهم فهو مشئوم: اذا صار شؤما عليهم، وقوم مشائيم، وأنشد البيت. وقال السيد المرتضى - رحمه الله تعالى -: إن العرب لا تعرف هذا، وانما هو من كلام أهل الامصار، وانما تسمّي العرب من لحقه الشؤم مشئوما، كما في قول علقمة بن عبدة: ومن تعرّض للغربان يزجرها … على سلامته لابدّ مشئوم (¬1) الخزانة 3/ 606 (¬2) الخزانة 3/ 604، والبيت لمويلك المزموم. (¬3) في شواهد هل وانظر ص 772 الشاهد رقم 560

725 - وأنشد: فناغ لدى الأبواب حورا نواعما … وكحّل مآقيك الحسان بإثمد هذا من قصيدة لحسان بن ثابت رضي الله عنه وأوّلها: لعمر أبيك الخير يا شعث ما نبا … عليّ لساني في الخطوب ولا يدي لساني وسيفي صارمان كلاهما … ويبلغ ما لا يبلغ السّيف مذودي قوله: شعث: مرخم شعثا. ومذوده: لسانه لأنه يدفع به عن نفسه. 726 - وأنشد: وقائلة خولان فانكح فتاتهم تقدم شرحه في شواهد أنّ (¬1). 727 - وأنشد: عاضها الله غلاما بعد ما … شابت الأصداغ والضّرس نقد قال ابن السيرافي: عاضها: عوّضها ممن مات من أولادها غلاما ولدته بعد ما أسنت وشاب رأسها وتكسرت أسنانها، فأحبته أشد محبة لأنها قد يئست أن تلد غيره. والنقد: بالفتح، أكل في الضرس. والفعل نقد بالكسر. وقد استشهد به ابن السكيت على هذه اللفظة. ¬

_ (¬1) انظر الشاهد رقم 261 ص 468

728 - وأنشد: هوّن عليك فإنّ الأمو … ر بكفّ الإله مقاديرها فليس بآتيك منهيّها … ولا قاصر عنك مأمورها تقدم شرحهما (¬1). 729 - وأنشد: جفوني ولم أجف الأخلّاء إنّني … لغير جميل من خليليّ مهمل لم يسم قائله. والجفا: خلاف البر، يقال: جفوت الرجل أجفوه. ولا يقال جفيته. والأخلاء: جمع خليل. والجميل: الشيء الحسن، من الجمال وهو الحسن. ومهمل: اسم فاعل من الإهمال، وهو الترك. يقال: أهملت الشيء إذا خليت بينه وبين نفسه. والهمل: السدى. وقوله: (لغير جميل) متعلق بمهمل الذي هو خبر إن، ومن خليلي صفة لغير جميل، أي كائن من خليلي. 730 - وأنشد: أسكران كان ابن المراغة إذ هجا … تميما بجوّ الشّام أم متساكر (¬2) 731 - وأنشد: ربّه فتية دعوت إلى ما … يورث المجد دائبا فأجابوا لم يسم قائله. ودائبا: دائما. وفتية: تمييز، وقد جاء الضمير في ربه مفردا مع كون مميزه جمعا. ¬

_ (¬1) انظر الشاهد رقم 224 ص 427 - 428 (¬2) البيت للفرزدق، وهو في ديوانه 481، والخزانة 4/ 65 برواية: (بجوف الشام).

732 - وأنشد: ولو أنّ مجدا أخلد الدّهر واحدا … من النّاس أبقى مجده الدّهر مطعما (¬1) هو لحسان بن ثابت الأنصاري يرثي بها المطعم بن عدي، والد جبير بن مطعم. مات ولم يسلم. والدهر: هنا جمع الزمان، وهو منصوب بأخلد وما بقي. وأول الأبيات كما في رواية ابن اسحق: أعين، ألا ابكي سيّد النّاس واسفحي … بدمع وإن أنزفته فاسكبي الدّما وبكى عظيم المشعرين كليهما … على النّاس معروفا له ما تكلّما فلو كان مجدا يخلد الدّهر واحدا … من النّاس أبقى مجده الدّهر مطعما أجرت رسول الله منهم فأصبحوا … عبيدك ما لبّى مهلّ وأحرما وكان مطعم أجار النبيّ صلّى الله عليه وسلّم حين قدم الطائف لما دعا ثقيفا الى الاسلام، وهو أحد الذين قاموا في نقض الصحيفة التي كتبتها قريش على بني هاشم وبني المطلب. 733 - وأنشد: كسا حلمه ذا الحلم أثواب سؤدد … ورقّى نداه ذا النّدى في ذرا المجد (¬2) لم يسم قائله. والمعنى: كسا حلم الممدوح صاحب الحلم ثياب السيادة، وأعطى عطاه صاحب العطا في أعلا مراتب المجد. وسؤدد: بضم المهملة السيادة. ورقّى: بتشديد القاف، من الرقى، وهو الصعود والإرتفاع. والندى: بفتح النون العطاء. وذرا: بضم المعجمة جمع ذروة بكسرها. وذروة كل شيء أعلاه. 734 - وأنشد: وكائن بالأباطح من صديق … يراني لو أصبت هو المصابا (¬3) ¬

_ (¬1) ابن عقيل 1/ 175 (¬2) ابن عقيل 1/ 175 (¬3) الخزانة 2/ 454 وديوان جرير 17

هذا من قصيدة لجرير يمدح بها الحجاج بن يوسف، وأولها: سئمت من المواصلة العتابا … وأمسى الشّيب قد ورث الشّبابا وبعده: ومسرور، بأوبتنا إليه … وآخر لا يحبّ لنا إيابا ومنها. إذا سعر الخليفة نار حرب … رأى الحجّاج أثقبها شهابا 735 - وأنشد: لا أرى الموت يسبق الموت شيء … نغّص الموت ذا الغنى والفقيرا هو لسواد بن عدي (¬1). 736 - وأنشد: فأمّا الصّبر عنها فلا صبرا (¬2) قال الزبير بن بكّار في الموفقيات: حدثني موسى بن زهير بن منظور الفزاري، قال (¬3): كان رماح بن أبرد المعروف بابن ميادة يتشبب بأم جحدر بنت حسّان المرّية إحدى نساء بني جذيمة بن غيظ، فحلف أبوها ليخرجنّها الى رجل من ¬

_ (¬1) الخزانة 1/ 183 و 2/ 534 وامالي ابن الشجري 1/ 217 وسيبويه 1/ 30، والبيت لعدي بن زيد. وقيل لابنه سوادة بن عدي، والصحيح انه لعدي. (¬2) الاغاني 2/ 27 (الدار)، وسيبويه 1/ 193 (¬3) الاغاني 2/ 270 - 272 (الدار).

عشيرته ولا يزوّجها بنجد، فقدم عليه رجل منهم بالشام فزوّجه إياها، فلقى عليها ابن ميّادة شدّة، فرأيته ما لقي عليها، فلما خرج بها زوجها نحو بلاده اندفع يقول: ألا ليت شعري هل إلى أمّ جحدر … سبيل فأمّا الصّبر عنها فلا صبرا وهل تأتينّي الرّيح تدرج موهنا … بريّاك يعروري بها دنفا ضرّا (¬1) ألمّا على تيماء يسأل يهودها … فإنّ على تيماء من ركبها خبرا (¬2) وبالغمر قد جازت وجاز مطيّها … فأهلك روضات ببطن اللّوى خضرا (¬3) تدرج: تمضي. وموهنا: بفتح الميم وسكون الواو وكسر الهاء، نحو من نصف الليل. وبطن اللوى: بكسر اللام، موضع. 737 - وأنشد: وما شيء حميت بمستباح تقدّم شرحه في شواهد الهمزة (¬4). 738 - وأنشد: فيا ربّ ليلى أنت في كلّ موطن … وأنت الّذي في رحمة الله أطمع ¬

_ (¬1) في الاغاني: (بها جرعا عقرا). وتعروري: تركب، يقال: اعروري الفرس أو البعير أي ركبه عريا. الخبر - بالضم والكسر -: العلم بالشيء. (¬2) هذا البيت ركب فيه صدر بيت على عجز بيت آخر، وصحته كما (¬3) في الاغاني: وبالغمر قد جازت وجاز مطيها … عليه فسل عن ذلك نيان فالعمرا ويا ليت شعري هل يحلن أهلها … وأهلك روضات ببطن اللوى خضر (¬4) انظر ص 44، وهو مع الشاهد رقم 9 ص 42 من قصيدة واحدة لجرير.

تقدّم شرحه (¬1). 739 - وأنشد: نصف النّهار الماء غامره … ورفيقه بالغيب ما يدري (¬2) هو من قصيدة للمسيب بن علس بن مالك الضبعي (¬3)، خال الأعشى، أولها: أصرمت حبل الودّ من فتر … وهجرتها ورضيت بالهجر ومنها، وهو مخلص المديح: وإليك أعملت المطيّة من … سهل العراق وأنت بالعهر قيسا فإنّ الله فضّله … بمناقب معروفة عشر أنت الرّئيس، إذا هم نزلوا … وتواجهوا كالأسد والنّمر لو كنت من شيء سوى بشر … كنت المنوّر ليلة البدر (¬4) ولأنت أجود بالعطاء من الرّي … ان لمّا جاد بالقطر ولأنت أشجع من أسامة إذ … دعيت نزال ولجّ في الذّعر (¬5) ¬

_ (¬1) انظر الشاهد رقم 333 ص 559 (¬2) الخزانة 1/ 542 (¬3) ينسب الى الاعشى كما في الخزانة يمدح قيس بن معد بكرب. وليس في ديوان الاعشى. (¬4) هذا البيت لزهير، كما في الشعراء 88، وفيه انه للمسيب ص 129، وهو في شرح ديوان زهير 95 (¬5) البيت ببعض الاختلاف في الخزانة 1/ 545 وهو في الشعراء 88 ينسب الى زهير.

ولأنت أخبأ من مخبّأة … عذراء تقطن جانب الخدر (¬1) ولأنت أنطق حين تنطق من … لقمان لمّا عيّ بالفكر وله جفان يدلجون بها … للمعتفين وللّذي يسر 740 - وأنشد: لقد كان في حول ثواء ثويته … نقضّي لبانات ويسأم سائم (¬2) هذا للأعشى ميمون وقبله وهو مطلع القصيدة: هريرة ودّعها وإن لام لائم … غداة غد أم أنت للبين واحم وبعده: مبتّلة هيفاء رود شبابها … لها مقلتا ريم وأسود فاحم ووجه نقيّ اللّون صاف يزينه … مع الجيد لبّات لها ومعاصم وتضحك عن غرّ الثّنايا كأنّها … جنى أقحوان ننبته متناعم هي العيش لا تدنو ولا يستطيعها … من العيس إلّا المرقلات الرّواسم قال التدمري: تروى (هريرة) بالرفع والنصب. وهو اسم امرأة. والبين: الفراق. والواجم: الحزين الكئيب. والحول: السنة. وثواء: ثويته، أي اقامة أقمتها. ويروى: ثويتها، بفتح الثاء، على الخطاب، وضمها على التكلم. وفي الأغاني: عن يونس قال: كان عمرو بن العلاء يضعف قول الأعشى: ¬

_ (¬1) في الخزانة: (ولأنت أحيا ... جانب الكسر). (¬2) ديوان الاعشى 77 ق 9

لقد كان في حول ثواء ثويته جدا، ويقول: ما أعرف له معنى ولا وجها يصح. وقال أبو عبيدة: معناه في ثواء حول ثويته. واللّبانات: الحاجات، واحدها لبانة. ويسأم سائم، أي يمل ملول من السآمة، وهي الملالة. والمبتلة: التامة الأعضاء. والهيفاء: الرقيقة الخصرين. ورود: رطب. والوردة والرادة: الناعمة. والمقلة: شحمة العين التي تجمع البياض والسواد. والجيد: العنق. واللبات: واحدها اللبة، يعني النحر، وهو موضع القلادة من العنق. والمعاصم: جمع معصم، وهو موضع السوار من اليد، وأسفل من ذلك قليلا. 741 - وأنشد: كفاني، ولم أطلب، قليل من المال تقدّم شرحه (¬1). 742 - وأنشد: فأتت به حوش الفؤاد مبطّنا تقدّم شرحه في شواهد إلى (¬2). 743 - وأنشد: يا ربّ غابطنا لو كان يطلبكم … لاقى مباعدة منكم وحرمانا تقدّم شرحه في شواهد حرف الميم ضمن قصيدة جرير (¬3). ¬

_ (¬1) انظر ص 642، الشاهد رقم 400 (¬2) انظر ص 227 وهو مع الشاهد رقم 113 ص 226 من قصيدة واحدة. (¬3) انظر ص 712.

744 - وأنشد: إنارة العقل مكسوف بطوع هوى … وعقل عاصي الهوى يزداد تنويرا قال العيني (¬1): قيل أن قائله من المولدين، فعلى هذا ليس من شرط شواهد الكتاب. 745 - وأنشد: طول اللّيالي أسرعت في نقضي … نقضن كلّي ونقضن بعضي (¬2) قال الجاحظ في البيان (¬3): رأى معاوية هزاله وهو متعر فقال: أرى الّليالي أسرعت في نقضي … أخذن بعضي وتركن بعضي حنين طولي وطوين عرضي … أقعدنني من بعد طول النّهض وقال العيني في الكبرى (¬4): البيتان للأغلب العجلي، وكان من المعمرين. وأورد الأوّل بلفظ المصنف، والثاني: حنين طولي وطوين عرضي (¬5) والبيت استشهد به المصنف على تأنيث أسرعت مع عوده إلى طول، وهو مذكر لاكتسابه التأنيث من المضاف اليه. وعلى رواية الجاحظ: (أرى الليالي) لا شاهد فيه. وفي شرح سيبويه للزمخشري: هذا الرجز للأغلب، وقيل للعجاج، وأوّله: أصبحت لا يحمل بعضي بعضي … منفّها أروح مثل النّقض (¬6) طول اللّيالي أسرعت في نقضي … طوين طولي وحنين عرضي ¬

_ (¬1) 3/ 396 (¬2) الخزانة 2/ 168 وسيبويه 1/ 26 والمعمرين رقم 106 والمخصص 17/ 78. (¬3) 3/ 257 وفيه: (وتركن عرضي ..) (¬4) 3/ 395 (¬5) يلاحظ أن هذه الرواية هي الرواية التي انشدها السيوطي عن الجاحظ، وهذا خطأ، وصحة رواية الجاحظ: (... وتركن عرضي). (¬6) المنفه: الضعيف. والنقض: البعير أعياه السير واهزله.

ثمّ انتحين عن عظامي مخضي … أقعدنني من بعد طول نهضي وفي الأغاني (¬1): هذا الرجز للأغلب العجلي، وهو الأغلب بن جشم، أحد المعمرين، عمّر في الجاهلية عمرا طويلا وأدرك الاسلام فأسلم، وحسن إسلامه. وهاجر وتوجه الى الكوفة مع سعد بن أبي وقاص، واستشهد في وقعة نهاوند، يقال إنه أوّل من رجز الأراجيز فجعلها قصائد وتبعه الناس. 746 - وأنشد: وتشرق بالقول الّذي قد أذعته … كما شرقت صدر القناة من الدّم (¬2) هو للأعشى من قصيدة أولها (¬3): ألا قل لتيّا قبل بينتها اسلمي (¬4) … تحيّة مشتاق إليها متيّم تيا: تصغير (تا) من أسماء الاشارة. ويشرق: من شرق بريقه إذا غص: وهو من باب علم يعلم. وأذعته، بالذال المعجمة والعين المهملة، من الإذاعة، وهي الإفشاء. والقناة: الرمح. وأنث شرقت، وإن كان مسندا الى صدر وهو مذكر، لأنه اكتسب التأنيث من المضاف إليه. 747 - وأنشد: ستعلم ليلى أيّ دين تداينت … وأيّ غريم للتّقاضي غريمها تقدّم شرحه (¬5). ¬

_ (¬1) 18/ 164 (¬2) ديوان الاعشى 123 (¬3) ديوانه ص 119 ق 15 (¬4) في الديوان (مرّتها ...) (¬5) انظر الشاهد 655 ص 834

748 - وأنشد: كأنّ ثبيرا في عرانين وبله … كبير أناس في بجاد مزمّل هو من معلقة امرئ القيس المشهورة (¬1). وثبير: جبل. وعرانين: جمع عرنين، وهو الأنف. 749 - وأنشد: وقالت: متى يبخل عليك ويعتلل … يسؤك، وإن يكشف غرامك تدرب تقدّم شرحه في شواهد أن المفتوحة الخفيفة ضمن قصيدة امرئ القيس (¬2). 750 - وأنشد: على حين عاتبت المشيب على الصّبا … وقلت: ألمّا أصح والشّيب وازع تقدّم شرحه في الكتاب الثاني (¬3). 751 - وأنشد: لأجتذبن منهنّ قلبي تحلّما … على حين يستصبين كلّ حليم التحلّم: بتشديد اللام، تكلف الحلم، بكسر الحاء، وهو الأناة، ونصبه على الحال بمعنى متحلمها، أو المفعول له. واستصبيت فلانا: جعلته في عداد الصبيان. والبيت استشهد به على بناء حين لأضافته الى المضارع المبني. 752 - وأنشد: إذا قلت هذا حين أسلو يهيجني … نسيم الصّبا من حيث يطّلع الفجر ¬

_ (¬1) وهو في شرح القصائد السبع الطوال ص 106 وانظر الصحائف: 20 و 96 و 97 و 360 و 451 و 463 و 558 و 652 و 772 و 782 و 857 و 863 و 901. (¬2) انظر ص 92 (¬3) انظر ص 816

تقدّم شرحه في شواهد أما المخففة (¬1). 753 - وأنشد: ألم تعلمي يا عمرك الله أنّني … كريم على حين الكرام قليل وأنّي لا أخزى إذا قيل مملق … سخيّ وأخزى أن يقال بخيل هما لموبال بن جهم المدحجي، وقيل لمبشّر بن الهذيل الفزاري، وبعدهما (¬2): وإن لا يكن عظمي طويلا فإنّني … له بالخصال الصّالحات وصول إذا كنت في القوم الطّوال فضلتهم … بعارفة حتّى يقال طويل ولا خير في حسن الجسوم وطولها … إذا لم يزن حسن الجسوم عقول وكم قد رأينا من فروع طويلة … تموت إذا لم يحيهنّ أصول ولم أر كالمعروف، أمّا مذاقه … فحلو وأمّا وجهه فجميل عمرك الله: من عمر الرجل، بالكسر، يعمر، وعمرا: بفتح العين وضمها، أي عاش زمانا طويلا، استعمل في القسم بأنفسهم. أحدهما: وهو المفتوح، فإذا أدخل عليه اللام رفع على الإبتداء، والخبر محذوف. وإن لم يدخل عليه نصب نصب المصادر، فيقال: عمر الله ما فعلت كذا. وعمرك الله ما فعلت. ومعنى لعمر الله وعمر الله: أحلف ببقاء الله ودوامه. ومعنى عمر الله: أحلف بتعميرك الله، أي باقرارك له بالبقاء. ويأتي بمعنى سألت الله أن يطيل عمرك، من غير ارادة للقسم، وهو المراد هنا (¬3). ويا: هنا للتنبيه، وللنداء. والمنادى محذوف. والبيت ¬

_ (¬1) انظر ص 169 - 170 وهو مع الشاهد رقم 71 من قصيدة واحدة. (¬2) معجم الشعراء 446 (¬3) قال الدماميني: يا عمرك: يا تنبيهية، أو المنادى محذوف، وعمرك منصوب بمحذوف، أي أعمر عمرك بالله، أي أعمر قلبك بتذكير الله. وقال الامير في حاشيته 2/ 115: ويروى برفع اسم الجلالة على أن فاعل والمصدر مضاف للمفعول.

استشهد به على إعراب حين لإضافته إلى جملة صدرها معرب. وروى (حين) بالفتح على البناء، وهو قليل. 754 - وأنشد: أتاني أبيت اللّعن أنّك لمتني … وتلك الّتي تستكّ منها المسامع مقالة أن قد قلت سوف أناله … وذلك، من تلقاء مثلك، رائع تقدّم شرحهما في الكتاب الثاني (¬1). 755 - وأنشد: ولا تصحب الأردى فتردى مع الرّدى (¬2) 756 - وأنشد: قد جعل النّعاس يغرنديني … أطرده عنّي ويسرنديني (¬3) 757 - وأنشد: كما عسل الطّريق الثّعلب تقدّم شرحه في شواهد الخطبة (¬4). 758 - وأنشد: وما زرت ليلى أن تكون حبيبة … إليّ، ولا دين بها أنا طالبه (¬5) ¬

_ (¬1) انظر الشاهد رقم 622 ص 816 (¬2) عجز بيت وصدره: اذا كنت في قوم فصاحب خيارهم ... وينسب لعدي بن زيد. وقبله: عن المرء لا تسال وسل عن قرينه … فكل قرين بالمقارن يقتدي وانظر حاشية الامير 2/ 115. (¬3) قوله: يغرنديني بالغين المعجمة يعلوني ويغلبني وبمعناه يسرنديني (الشنقيطي) وهو منقول عن المغني. (¬4) انظر الشاهد رقم 2 ص 17 (¬5) ديوان الفرزدق 1/ 93

هو للفرزدق من قصيدة يمدح بها المطلب بن عبد الله بن حنطب المخزومي، أوّلها: تقول ابنة الغوثاء: مالك ههنا … وأنت تميميّ مع الشّرق جانبه فقلت لها: الحاجات يطرحن بالفتى … وهمّ تعناني معنى ركائبه وبعده البيت: ولكن أتينا خندفيّا كأنّه … هلال غيوم زال عنه سحائبه قوله: ولادين: بالجر عطف على أن، لأنه في تقدير لأن. وقوله: (بها) متعلق بطالبه. والباء بمعنى من. وجملة أنا طالبه صفة لدين. 759 - وأنشد: وأن يعرين إن كسي الجواري … فتنبو العين عن كرم عجاف قال المبرد في الكامل (¬1): من ظريف أخبار الخوارج (¬2) قول قطريّ بن الفجاءة المازني لأبي خالد (القنانيّ) «3» وكان من (قعد) (¬3) الخوارج: أبا خالد إنفر فلست بخالد … وما جعل الرّحمن عذرا لقاعد أتزعم أنّ الخارجيّ على الهدى … وأنت مقيم بين لصّ وجاحد فكتب اليه أبو خالد: لقد زاد الحياة إليّ حبّا … بناتي، إنّهنّ من الضّعاف ¬

_ (¬1) ص 894 - 895 (¬2) في الكامل: (من طريف) بالطاء المهملة. (¬3) مزيدة من الكامل.

أحاذر أن يرين الفقر بعدي … وأن يشربن زيفا بعد صاف (¬1) وأن يعرين إن كسي الجواري … فتنبو العين عن كرم عجاف (¬2) ولولا ذاك قد سوّمت مهري … وفي الرّحمن للضّعفاء كاف وزاد بعضهم فيه: أبانا من لنا إن غبت عنّا … وصار الحيّ بعدك في اختلاف قال المبرد: وهذا خلاف ما قاله عمران بن حطّان، وكان رأس القعدة من الصّفرية لما قتل أبو بلال مرداس ابن أدّية: لقد زاد الحياة إليّ بغضا … وحبّا للخروج أبو بلال أحاذر أن أموت على فراشي … وأرجو الموت تحت ذرى العوالي (¬3) فمن يك همّه الدّنيا فإنّي … لها والله ربّ العرش قالي (¬4) وأوردها صاحب الحماسة البصرية بلفظ: مخافة أن يرين البؤس بعدي وبلفظ: فيبدي الضّرّ عن رئم عجاف وزاد بعد هذا البيت: ¬

_ (¬1) كذا بالاصل، وفي الكامل: (رنقا) والرنق بالكدر. (¬2) العجاف - جمع عجفاء -، وهو جمع شاذ، والعجفاء: الهزيلة التي ذهب سمنها. (¬3) وبعده كما في الكامل 896: ولو انّى علمت بأن حتفي … كحتف أبي بلال لم ابال (¬4) في الكامل برؤية: (رب البيت).

وأن يضطرّهنّ الدّهر بعدي … إلى فجّ غليظ القلب جاف وقال: هي لعمران بن حطّان. وذكر المدائني: إنه لعيسى الخطمي. 760 - وأنشد: وأركب في الرّوع خيفانة … كسا وجهها سعف منتشر تقدّم شرحه في شواهد لا (¬1). ¬

_ (¬1) انظر ص 636 وهو مع الشاهد رقم 397 ص 635 من قصيدة واحدة

الكتاب الخامس

الكتاب الخامس 761 - وأنشد: لا يبعد الله التّلبّب وال … غارات إذ قال الخميس نعم (¬1) هو من قصيدة للمرقش الأكبر، واسمه عمرو وقيل عوف بن سعد بن مالك بن ضبيعة بن ثعلبة. وأول القصيدة (¬2): هل بالدّيار أن تجيب صمم … لو كان رسما ناطقا كلّم الدّار قفر والرّسوم كما … رقّش في ظهر الأديم قلم وبهذا البيت سمي مرقشا (¬3). ومنها: النّشر مسك والوجوه دنا … نير وأطراف الأكفّ عنم (¬4) ومنها: ليس على طول الحياة ندم … ومن وراء المرء ما يعلم يهلك والد ويخلف مو … لود وكلّ ذي أب يلتم (¬5) ¬

_ (¬1) المفضليات 240 (¬2) المفضلية رقم 54 (¬3) انظر الشعراء 162 واللسان 8/ 195 (¬4) اصلحنا: (الشعر مسك)، وفي المفضليات (اطراف البنان عنم). (¬5) في المفضليات (ييتم) بيائين.

وبعده البيت (¬1): والعدو بين المجلسين إذا … ولّى العشيّ وقد تنادى العمّ فائدة: قال الأموي: المرقش هذا هو الأكبر، وأما المرقش الأصغر فهو ابن أخي المرقش الأكبر، اسمه ربيعة بن سفيان بن سعد بن مالك بن ضبيعة بن قيس بن ثعلبة. والمرقش الأصغر عم طرفة بن العبد. ولهم مرقس، بفتح الميم والقاف وسين مهملة، طائي أحد بني معن بن عبود، واسمه عبد الرحمن. ولهم يرقش، بالياء، شاعر تميمي مدح العباس. 762 - وأنشد: تقيّ نقيّ لم يكثّر غنيمة … بنهكة ذي قربى ولا بحقلّد تقدّم شرحه في شواهد لو (¬2). 763 - وأنشد: يبسط للأضياف وجها رحبا … بسط ذراعيه بعظم كلبا (¬3) 764 - وأنشد: تركت بنا لوحا ولو شئت جاءنا … بعيد الكرى ثلج بكرمان ناصح (¬4) هذا من قصيدة لجرير يمدح بها عبد العزيز بن مروان، أولها (¬5): ¬

_ (¬1) اي بعد بيت الشاهد. (¬2) انظر ص 642، وهو مع الشاهد رقم 401 من قصيدة واحدة. (¬3) في المغني: (لعظم كلبا). (¬4) ديوانه 100 وفيه: (ولو شئت جادنا) كما في المغني. (¬5) الديوان 99 - 103

أربّت بعينيك الدّموع السّوافح … فلا العهد منسيّ ولا الرّبع نازح (¬1) وقبل هذا البيت: منعت شفاء النّفس ممّن تركته … به كالجوى ممّا تجنّ الجوانح وبعده: رأيت مثيل البرق تحسب أنّه (¬2) … قريب وأدنى صوبه منك نازح ومنها: مدحناك يا عبد العزيز وطالما … مدحت فلم يبلغ فعالك مادح تفدّيك بالآباء في كلّ موطن … شباب قريش والكهول الجحاجح والأرباب: الاقامة. واللزوم: للشيء. واللوح: العطش، يقال: لاح يلوح لوحا بالفتح، إذا عطش، وأمّا لاح بمعنى لمع ظهر فمصدره لواح، شبه ثغرها لبياضه بالثلج. وناصح: خالص البياض ناصح. وأضافه إلى كرمان لأنها بلاد ثلج. 765 - وأنشد: أفنى تلادي وما جمّعت من نشب … قرع القوارير أفواه الأباريق (¬3) هذا للأقيشر، واسمه المغيرة بن الأسود الأسدي (¬4). وقبله: أقول والكأس في كفّى أقلّبها … أخاطب الصّيد أبناء العماليق ¬

_ (¬1) في الديوان: (بارح). (¬2) في الاصل: (رأيتك مثل البرق لم يحسب أنه) كذا. (¬3) المؤتلف والمختلف 56 والشعراء 543، والعيني 3/ 508 - 509، والخزانة 2/ 282، والاغاني 11/ 276 (الدار)، واللسان 7/ 263 ورسالة الغفران 53. (¬4) وكذا في الشعراء 541 وخالفه صاحب الاغاني.

لا تشربن أبدا راحا مسوّدة … إلّا مع الشّمّ أبناء البطاريق (¬1) الصيد: بالكسر، جمع أصيد، وهو الملك الذي لا يلتفت الى غيره. والراح: الخمر. والمسودة: المتوالية. والشم: جمع أشم، مأخوذ من الشمم في الأنف. ويروى بدله: (الغرّ) جمع أغرّ، والبطاريق: كبار الروم، الواحد بطريق. والتلاد: المال القديم. والنشب: بالمعجمة، المال الأصيل. والقوارير: جمع قارورة. ويروى: القواقيز، بقافين وزاي جمع قاقوزة، وهي أوان يشرب بها (¬2). وأفواه: يروى بالرفع فاعلا، وبالنصب مفعولا، لأن من قرعك فقد قرعته. والأباريق: جمع ابريق. والبيت استشهد به على إضافة المصدر الى مفعوله على الأولى، والى فاعله على الثانية. 766 - وأنشد: أظلوم؟ إنّ مصابكم رجلا … أهدى السّلام تحيّة ظلم (¬3) هو للعرجى، كذا قال الحريري في درة الغواص وغيره. وقال العيني (¬4): الصحيح انه للحارث بن خالد بن العاص بن هشام بن المغيرة بن عبد الله المخزومي، وكذا في الاغاني من قصيدة أوّلها: ¬

_ (¬1) في الاغاني: لا أشربن أبدا راحا مسارقة، وفي حاشية الامير (مسودة) وفسرها: المتوالية كما هو هنا في الشرح. (¬2) القواقيز: ضرب من الرواطيم وهو الكؤوس الصغيرة، واضافة القرع الى القواقيز من اضافة المصدر الى فاعله، وأفواه الاباريق مفعوله. ويروى برفع الافواه، فيكون المصدر مضافا الى مفعوله، والافواه فاعله. وفي الاصل (القواقير) بقافين وراء، وهو خطأ لا يصح، أو تحريف. (¬3) ذيل ديوان العرجي ص 193 (اظليم)، وامالي ابن الشجري 1/ 93 بدون نسبة. ومعجم ما استعجم 504 للحارث بن خالد، وكرواية ذيل الديوان والاغاني 8/ 132 (ساسي). (¬4) 3/ 502

أقوى من آل ظليمة الحرم … فالعيرتان فأوحش الحطم (¬1) وبعد هذا البيت: أقصيته وأردت سلمكم (¬2) … فليهنه إذ جاءك السّلم ومنها: لفّاء ممكور مخلخلها … عجراء ليس لعظمها حجم (¬3) خمصانة قلق مرشّحها (¬4) … رود الشّباب علابها عظم أقوى: خلا. وظليمة: تصغير ظلمة (¬5)، وهي أم عمران زوجة عبد الله بن مطيع. وكان الحارث يتشبب بها ولما مات زوجها تزوّجها بعده. والحرم: بضم الحاء، موضع. وكذا العيرتان بفتح العين المهملة وسكون التحتية. والحطم: بضم الحاء وسكون الطاء المهملتين كلاهما موضعان. ولفاء: ضخمة الفخذين مكتنزة. ومخلخلها: موضع خلخالها، وهو الساق. يقال: امرأة ممكورة الساقين أي حدلاء. وعجراء، بمهملة وجيم وراء، سمينة، كذا قاله العيني. ورأيته في الأغاني بالزاي. وخمصانة: بضم الخاء المعجمة ضامرة البطن. ورود الشباب: حسنته. والرادة: الشابة الناعمة. والعلاب، بكسر المهملة، وسم في طول العنق. ¬

_ (¬1) كذا بالاصل، وصحتها كما في ذيل ديوان العرجي: أقوى من آل ظليمة الحزم … فالغمرتان فأوحش الخطم وفي معجم ما استعجم روى (الحزم) بفتح الحاء المهملة وسكون الزاي، وفيه (الخطم)، وهو موضع بقرب المدينة، والحزم: أمام الخطم على يسار طريق نخلة. وفي تاج العروس للزبيدي، عن الزبير بن بكار: العيرة: الجبل الذي عند الميل، على يمين الذاهب الى منى. العير: الجبل الذي يقابله، فهما العيرتان، وأياهما عنى الحارث بن خالد المخزومي في قوله ...). (¬2) في اللسان: (أقصدته ... إذ جاءه فلينفع). وفي ذيل الديوان 194 (وأراد). (¬3) رواية ذيل الديوان. (هيفاء مملوء مخلخلها - عجزاء). (¬4) رواية ذيل الديوان (موشّحها). (¬5) في اللسان: (تصغير ظلوم أو ظليم).

ويقال: علب اللحم، اذا اشتدّ. قوله: أظلوم، يروى: (أظليم) وهو الصحيح، وهو مرخم ظليمة. ومصابكم: مصدر ميمي بمعنى أصابتكم، وقد عمل عمل الفعل فأضيف الى فاعله. ورجلا: مفعول. والبيت استشهد به المصنف على ذلك. ومصابكم، اسم إن والخبر ظلم. وجملة: أهدى السلام، صفة رجلا، وتحية مصدر أهدى السلام من باب قعدت جلوسا. قال الصولي في كتاب الأوراق: حدّثنا القاسم بن إبراهيم وعون بن محمد وعبد الواحد بن عباس والطيب بن محمد بن يزيد، بعضهم عن بعض، قالوا: حدّثنا أبو عثمان المازني قال: كان سبب طلب الواثق لي أن مخارقا غنى في مجلسه: أظليم إنّ مصابكم رجلا … أهدى السّلام إليكم ظلم فقال مخارق: (رجل) فتابعه بعض من حضر وخالفه الباقون، فسأل الواثق عمن بقي من النحويين فذكرت له، فأمر بحملي، فلما دخلت إليه وسلمت عليه قال لي: ممن الرجل؟ فقلت: من بني مازن. قال: من مازن تميم أم مازن قيس أم مازن يمن. قلت: من مازن ربيعة. قال لي: ما اسبك. وهي لغة كثيرة في قومنا، فقلت، على القياس: أبي بكر. فضحك وقال: اجلس، واطمئن فسألني عن البيت فأنشدته: إنّ مصابكم رجلا. فقال: أين خبر أن. قلت: ظلم الحرف الذي في آخر البيت. أما ترى يا أمير المؤمنين أن البيت كله مغلق لا معنى له حتى يتم بهذا الحرف، إذا قال: أظليم إنّ مصابكم رجلا … أهدى السّلام إليكم ... فكأنه ما أفاد شيأ حتى يقول ظلم. قال: صدقت، قال: ألك ولد؟ قلت: بنية لا غير. قال: فما قالت حين ودّعتها؟ قلت: أنشدت شعر الأعشى (¬1): تقول ابنتي حين جدّ الرّحيل … وإنّا سواء ومن قد يتم (¬2) ¬

_ (¬1) ديوانه ص 41 من رقم 4 (¬2) ديوانه ص 41 من القطعة 4.

أبانا فلا رمت من عندنا … فإنّا بخير إذا لم ترم أرانا إذا أضمرتك البلا … د نجفى وتقطع منّا الرّحم قال: فما قلت لها. قلت: ما قال جرير: ثقي بالله ليس له شريك … ومن عند الخليفة بالنّجاح قال: ثق بالنجاح إن شاء الله، إن ههنا قوما يختلفون الى أولادنا فامتحنهم، فمن كان عالما ينتفع به ألزمناه إياهم، ومن كان بغير هذه الصفة قطعناه عنهم، فاجمعوا اليّ، فامتحنتهم، فما وجدت طائلا فحذروا ناحيتي، فقلت: لا بأس على أحد. فلما رجعت، قال: كيف رأيتهم؟ قلت: يفضل بعضهم بعضا في علوم، ويفضل الباقون في غيرها، وكل يحتاج إليه. فقال: إني خاطبت منهم واحدا فكان على غاية الجهل في خطابه! قلت: يا أمير المؤمنين، أكثر من تقدّم منهم بهذه الصفة، ولقد أنشدت فيهم: إنّ المعلّم لا يزال مضعّفا … ولو اعتلى فوق السّما بلواء من علّم الصّبيان أصبوا عقله … حتّى بني الخلفاء والأمراء فأعجبه ذلك وأمر لي بألف دينار. أخرجه في الأغاني من طريق الصولي. 767 - وأنشد: وهنّ وقوف ينتظرن قضاءه … بضاحي غداة أمره وهو ضامر (¬2) هو للشماخ، وقبله: كأنّ قتودي فوق جائب مطرد … من الحقب لاحته الجداد العواذر طوى ظمئها في جمرة القيظ بعد ما … جرت في عنان الشّعرتين الأماغر (1) ديوانه 98، وانظر حاشية الامير 2/ 119. ¬

_ (¬2) كذا بالاصل، وفي المغني: (يضاحي غداة أمره وهو ضامز) ويلاحظ قافية البيت برواية ابن هشام الزاي فيما يورد السيوطي أبيات من القصيدة على قافية الراء المهملة.

فظلّت بأعراف كأنّ عيونها … إلى الشّمس هل تدنو ركىّ نواكر وهنّ وقوف ينتظرن قضاءه … بضاحي عداة أمره وهو ضامر فلمّا رأين الورد منه عزيمة … مضين ولاقاهنّ خلّ مجاور القتود: أداة الرحل وأعواده. والجائب: الحمار الغليظ. والمطرد: مفعل من الطرد، وهو مطاردة الصائد اياه. والحقب: جمع أحقب، وهو الحمار الأبيض الحقوين. ولاحته: غيرته. والجداد: اليابسات اللبن، واحدها جدود. والعواذر: القليلات اللبن، واحدها عاذر. والظمؤ: مدّة بقاء الحمار بلا شرب. وجمرة القيظ: أحرّ القيظ وأشدّه. والقيظ: صميم الحرّ. وعنان الشعرتين أوّل حرّهما. والشعرتان: كوكبان، يقال لاحدهما العميصاء، وللأخرى اليمانية، وهي العبور. والأماغر: جمع أمغر، وهي الأرض الغليظة ذات الحجارة. وجرى الأماغر ههنا سيلانها، وهو كناية عن السراب. وظلت: أقامت. والأعراف: ظهور الرمال، واحدها عرف. والركى الآبار، واحدها ركية. والنواكر: الغوائر التي جف أكثر مائها. والضاحي: البارز من الأرض للضحى، وهو الشمس. والعداة: الأرض الكريمة الطيبة. والضامر: الساكت. والورد: طلب الماء. والخل: الطريق في الرمل. والمجاور: النافذ الى غيره. فائدة: الشماخ، اسمه معقل، وقيل الهشيم بن ضرار بن سنان. وقيل ابن حرملة الذبياني، صحابي. وهو وأخوه مزرد شاعر أيضا، وكذا أخوه جزء. قال الحطيئة في وصيته: أبلغوا الشماخ أنه أشعر غطفان (¬1). 768 - وأنشد: أتقرح أكباد المحبّين كالّذي … أرى كبدي من حبّ بثنة يقرح هو من قصيدة لجميل أوّلها: ¬

_ (¬1) انظر ص 475

أمن آل ليلى تغتدي أم تروّح … وللمغتدي أمضى هموما وأسرح ومنها: إذا أنت لم تظفر بشيء طلبته … فبعض التّأنّي في اللّبانة أنجح فو الله ما يدري جميل بن معمر … أليلى بقوّ أم بثينة أنزح وكلتاهما أمست ومن دون أهلها … لعوج المطايا والقصائد مسبح سلوا الواحدين المخبرين عن الهوى … وذو البثّ أحيانا يبوح فيصرح أتقرح أكباد المحبّين كالّذي … أرى كبدي من حبّ بثنة يقرح أسرح: أعجل. والتأبي: الرفق. واللبانة: الحاجة. والعوج: الضوامر. ومسبح: مذهب (¬1) بعيد. 769 - وأنشد: إذا شاؤوا أضرّوا من أرادوا … ولا يألوهم أحد ضرارا (¬2) 770 - وأنشد: إنّك إن يصرع أخوك تصرع (¬3) ¬

_ (¬1) وفي حاشية الامير 2/ 128: القرح: الجرح والضعف، أي كالقرح الذي ارى كبدي، على أن يقرح بالتحتية. (¬2) في المغني برواية: (اذا ما شاء ضروا ...) وبرواية السيوطي لا شاهد فيه، اذ أن الشاهد فيه هو حذف واو الجماعة وبقاء الضمة في (شاء). (¬3) ابن عقيل 2/ 132 وسيبويه 1/ 436 وامالي ابن الشجري 1/ 71 ولم ينسبه.

هو لجرير بن عبد الله البجلي. وقال الصغاني: هو لعمرو بن جثارم العجلي (¬1) وصدره: يا أقرع بن حابس يا أقرع والبيت استشهد به على رفع جزاء الشرط مع كون فعل الشرط مضارعا، وخرج على انه ليس بالجواب بل خبر إن. وجملة الشرط وقعت حشوا بين أن وخبرها، والجواب محذوف لدلالة الخبر عليه. 771 - وأنشد: خليليّ ما واف بعهدي أنتما لم يسم قائله. وتمامه: إذا لم تكونا لي على من أقاطع قوله: أقاطع من قاطع أخاه وقطعه. 772 - وأنشد: وحبّذا نفحات من يمانية تقدّم شرحه في حرف الميم ضمن قصيدة جرير (¬2). 773 - وأنشد: ألا حبّذا لولا الحياء وربّما … منحت الهوى ما ليس بالمتقارب (¬3) ¬

_ (¬1) في معجم الشعراء 60 (الخثارم) بالخاء الفوقية من بني عشيرة، جاهلي. (¬2) انظر ص 713، وهو مع الشاهد رقم 481 ص 711 من قصيدة واحدة. (¬3) الحماسة 3/ 340، وفيه: (لو ما الحياء ...).

هو لمرّار بن همّاس الطائي، ويقال لمرداس بن همّاس (¬1). وقبله: هويتك حتّى كاد يقتلني الهوى … وزرتك حتّى لا مني كلّ صاحب وحتّى رأى منّي أعاديك رقّة … عليك، ولولا أنت مالان جانبي قال أبو العلاء: تقدير البيت: ألا حبذا ذكر هذه النساء لولا أنني أستحيي أن أذكرهنّ. فألا: للتنبيه. وحبذا: كلمة المدح. وقوله: (وربما .. الخ) أي وربما منحت هواي ما لا مطمع في دنوّه. ويروى: من ليس، أي ربما أحببت من لا ينصفني ولا مطمع فيه، فما أو من موصولة مفعول ثان لمنحت، وجملة ليس بالمتقارب صلتها. والبيت استشهد به على حذف المخصوص بالمدح كما تقدّم تقريره. 774 - وأنشد: وإن مدّت الأيدي إلى الزّاد لم أكن … بأعجلهم إذ أجشع القوم أعجل (¬2) هذا من قصيدة للشنفرى الأزدي وأوّلها (¬3): أقيموا بني عمّي صدور مطيّكم … فإنّي إلى أهل سواكم لأميل فقد حمّت الحاجات واللّيل مقمر … وشدّت لطيّات مطايا وأرحل وفي الأرض منأى للكريم عن الأذى … وفيها لمن خاف القلى متحوّل لعمرك ما في الأرض ضيق على امرئ … سرى راغبا أو راهبا وهو يعقل ¬

_ (¬1) في الحماسة: (ابن همام) والبيتان التاليان في معجم الشعراء 445 وسماه المرزباني: (مرار بن ميّاس). (¬2) ابن عقيل 1/ 128 (¬3) ذيل الامالي 203 - 206

حمت الحاجات: أي قدّرت. والطيات: جمع طية، وهي الحاجة. والمطايا: جمع مطية. والأرحل: جمع رحل البيت. ومنأى: مفعل من النأي، وهو البعد. والقلى: بكسر القاف، البغض والعداوة. والأجشع: بجيم وشين معجمة وعين مهملة، أفعل من الجشع، وهو الحرص على الأكل، وفعله جشع بالكسر. ومن أبيات هذه القصيدة قوله: لئن كان من جنّ لأبرح طارقا … وإن يك إنسا ماكها الإنس تفعل (¬1) وقد استشهد به النحاة على جر الكاف الضمير شذوذا. 775 - وأنشد: إذا كانت الهيجاء وانشقّت العصا … فحسبك والضّحّاك سيف مهنّد قال ابن يسعون في شرح شواهد الايضاح: العصا هنا: الجماعة. ضرب انشقاق العصا مثلا في اختلاف الأقوام لهول المقام، وإن الضحاك فيه أعني حسام، وإنما ضرب المثل بها لقلة جدائها عند افتراق أجزائها. قال: والبيت استشهد به الفارسي على مدّ الهيجاء. قال: ويروى الضحاك بالرفع والنصب والجر. فالرفع على انه مبتدأ خبره سيف وخبر حسبك محذوف لدلالة الكلام عليه، لأنه في معنى الأمر، أي فلتكثر ولتشق، والضحاك سيفك الأوثق. والنصب على أنه مفعول معه مبتدأ وسيف خبره. والمعنى: كافيك سيف مع صحبة الضحاك وحضوره، أي حضور هذا السيف المغني عن سواه. والجر على أن الواو واو قسم أو عطفا على الكاف في حسبك. قال: وكلاهما مخالف للمعنى، لأن القصد الإخبار بأن الضحاك نفسه هو السيف الكافي لا الاخبار بأن المخاطب يكفيه ويكفي الضحاك سيف. ¬

_ (¬1) في ذيل الامالي 206: (فإن يك من ...)

776 - وأنشد: ها بيّنا ذا صريح النّصح فاصغ له (¬1) 777 - وأنشد: خرجت بها أمشي تجرّ وراءنا هو من معلقة امرئ القيس، وقد تقدّم شرحه في شواهد لو (¬2). 778 - وأنشد: عهدت سعاد ذات هوى معنّى … فزدت، وعاد سلوانا هواها لم يسم قائله. والمعنّى: الأسير في الحب، من عناه يعنيه. والعاني: الأسير. وسلوان: بضم السين، بمعنى السلوة. قال الأصمعي: يقول الرجل لصاحبه سقيتني سلوة وسلوانا، أي طيبت نفسي عنك. ويقال: السلوان دواء يسقاه الحزين فيسلو. ومعنى البيت: أنه لما كان مغرما بها كانت خالية، فلما زاد سلوانا زادت هي غراما. وقوله: ذات هوى: حال من المفعول، وهو سعاد. ومعنى: حال من الفاعل في عهدت. 779 - وأنشد: ومن يقترب منّا ويخضع نؤوه (¬3) لم يسم قائله. وتمامه: ولا يخش ظلما ما أقام ولا هضما نؤوه: من آواه يؤويه ايواء. والهضم: الظلم، وقوله: ويخضع بالنصب ¬

_ (¬1) صدر بيت وعجزه: وطع فطاعة مهد نصحه رشد وقائله مجهول. (¬2) انظر ص 652، وانظر من المعلقة ص 20 و 96 و 97 و 360 و 451 و 463 و 558 و 652 و 772 و 782 و 857 و 863 و 883. (¬3) ابن عقيل 2/ 134

بإضمار أن بعد الواو العاطفة على الشرط قبل الجواب. 780 - وأنشد: تمنّى ابنتاي أن يعيش أبوهما (¬1) هو للبيد من أبيات قالها قرب وفاته وتمامه: وهل أنا إلّا من ربيعة أو مضر … فقوما فقولا بالّذي تعلمانه ولا تخمشا وجها وتحلقا شعر … وقولا هو المرء الّذي لا صديقه أضاع ولا خان الخليل ولا غدر … إلى الحول ثمّ اسم السّلام عليكما ومن يبك حولا كاملا فقد اعتذر قوله: الى الحول متعلق بقولا. وقوله: ثم اسم السلام عليكما، كناية عن الأمر بترك ما كان قد أمرهما به من القول والبكاء. ولفظ اسم مقحمة. والمعنى: ثم السلام. وقد استشهد به البيضاوي في تفسيره، وابن أم قاسم في شرحه على ذلك. 781 - وأنشد: من الرّقش في أنيابها السّمّ ناقع تقدم شرحه في الكتاب الثاني ضمن قصيدة النابغة (¬2). 782 - وأنشد: ولست بالأكثر منهم حصى … وإنّما العزّة للكاثر (¬3) ¬

_ (¬1) الخزانة 2/ 219 و 4/ 454. وانظر شرح القصائد العشر 513 وفيه: (تخاف ابنتاي ...). (¬2) انظر ص 816، وهو مع الشاهد رقم 622 من قصيدة واحدة. (¬3) الخزانة 3/ 489، وابن عقيل 2/ 51

هذا من قصيدة للأعشى ميمون يهجو بها علقمة بن علاثة ويمدح عامر بن الطفيل، وأوّلها (¬1): شاقتك من نبلة أطلالها … بالشّطّ فالوتر إلى حاجر فركز مهراس إلى مادر … فقاع منفوحة ذي الحائر دار لها غيّر آياتها … كلّ ملثّ صوبه ماطر وقد رآها وسط أترابها … في الحيّ ذي البهجة والسّامر إذ هي مثل الغصن ميّالة … تروق عيني ذي الحجى الزّائر كبيعة صوّر محرابها … مذهّب ذي مرمر مائر أو بيضة في الدّعص مكنونة … أو درّة سيقت لدى تاجر قد حجم الثّدي على صدرها … في مشرق ذي بهجة نائر يشفي غليل الصّدر لاه بها … حوراء تصبي نظر النّاظر ليست بسوداء ولا عنفص … تسارق الطّرف إلى الدّاعر عهدي بها في الحيّ قد سربلت … صفراء مثل المهرة الضّامر عبهرة الخلق لباخيّة … تزّينه بالخلق الطّاهر لو أسندت ميتا إلى نحرها … عاش ولم ينقل إلى قابر حتّى يقول النّاس ممّا رأوا … يا عجبا للميّت النّاشر ¬

_ (¬1) ديوانه ص 139 ق 18 باختلاف الترتيب والالفاظ.

دعها فقد أعذرت في ذكرها … واذكر خنا علقمة الخاتر أسفها أم عدت يا ابن استها … لست على الأعداء بالقادر يحلف بالله لئن جاءه … عنّي ثنا من سامع خابر ليجعلنيّ ضحكة بعدها … جدّعت يا علقم من ناذر ليأتينه منطق فاحش … مستوثق للسّامع الآثر عضّ بما أبقى المواسي له … من أمّه في الزّمن الغابر وكنّ قد أبقين منه أذى … عند الملاقي وافر الشّافر لا تحسبنّي عنكم غافلا … فلست بالواني ولا الفاتر فارغم فإنّي طبن عالم … أقطع من شقشقة الهادر حولي ذوو الآكال من وائل … كاللّيل من باد ومن حاضر المطعمون الضّيف لمّا شتوا … والجاعلو القوّة على الياسر من كلّ كوماء سجوف إذا … جفّت من اللّحم مدى الجازر هم يطردون الفقر عن جارهم … حتّى يرى كالغصن الزّاهر كم فيهم من شطبة خيفق … وسابح ذي ميعة ضامر وكلّ جوب مترص صنعه … وصادق أكعبه حادر وكلّ مرنان لها أزمل … وصارم ذي هبّة باتر وفيلق شهباء ملمومة … تقصف بالدّارع والحاسر

باسلة الوقع سرابيلها … بيض إلى أقربها الطّاهر فانظر إلى كفّ وأسرارها … هل أنت إن أوعدتني ضائر إنّي رأيت الحرب إذ شمّرت … دارت بك الحرب مع الدّائر يا عجبا للدّهر إذ سويّا … كم ضاحك منكم وكم ساخر إنّ الّذي فيه تماروننا … بيّن للسّامع والنّاظر ما جعل الجدّ الظّنون الّذي … جنّب غيث اللّجب السّاطر (¬1) مثل الفراتيّ إذا ما طما … يقذف بالنّوصيّ والماهر (¬2) أقول لمّا جاءني فخره … سبحان من علقمة الفاجر علقم لا تسفه ولا تجعلن … عرضك للوارد والصّادر أؤوّل الحكم على وجهه … ليس قضائي بالهوى الجائر حكّمتموه فقضى بينكم … أبلج مثل القمر الزّاهر لا يأخذ الرّشوة في حكمه … ولا يبالي غبن الخاسر لا يرهب المنكر منكم ولا … يرجوكم الأتقى الآمر كم قد قضى شعري في مثله … فسار لي في منطق سائر إن ترجع الحكم إلى أهله … فلست بالمسدي ولا النّائر ¬

_ (¬1) في الديوان برواية: ما يجعل الجد الظنون الذي … جنب صوب اللجب الزاخر (¬2) كذا في الاصل، وفي الديوان (البوصي) وهو السفين، وكذلك الملاح.

ولست في السّلم بدي نائل … ولست في الهيجاء بالجاسر ولست بالأكثر منهم حصى … وإنّما العزّة للكاثر ولست في الأثرين من مالك … ولا إلى بكر ذوي النّاصر هم هامة الحيّ إذا ما دعوا … ومالك في السّؤدد القاهر ساد وألفى قومه سادة … وكابرا سادوك عن كابر فاقن حياء أنت ضيّعته … مالك بعد الجهل من عاذر علقم ما أنت إلى عاصر … النّاقض الأوتار والواتر واللّابس الخيل بخيل إذا … ثار الغبار الكبّة الثّائر إن تسد الخوص فلم تعدهم … وعامر ساد بني عامر (¬1) قد قلت شعري فمضى فيكما … واعترف المنفور للنّافر (¬2) لقد أسلّي النّفس حين اعترى … بجسرة دوسرة عاقر زنّافة كالفحل خطّارة … تلوي بشرجي مثبت فاتر شتّان ما يومي على كورها … ويوم حيّان أخي جابر أرمي بها البيد إذا أعرضت … وأنت بين القور والعاصر في مجدك شيّد بنيانه … يزلّ عنه ظفر الطّائر ¬

_ (¬1) في الديوان: (سدت بني الاحوص فلم تعدهم) ... (¬2) في الديوان: (قد قلت قولا فقضى بينكم).

قال شارح ديوان الأعشى: لما قال الأعشى هذه القصيدة هدر علقمة بن علاثة دمه وجعل له على كل طريق رصدا، فاتفق الأمر أن الأعشى يريد وجها ومعه دليل، فأخطأ به الطريق فألقاه في ديار عامر بن صعصعة، فأخذه رهط علقمة بن علاثة فأتوه به، فقال له علقمة: الحمد لله الذي أمكنني منك. فقال الأعشى (¬1): أعلقم قد صيّرتني الأمو … ر إليك وما أنت لي منقص فهبط نفسي فدتك النّفو (¬2) … س ولا زلت تنمي ولا تنقص فقال قوم علقمة: اقتله وأرحنا منه والعرب من شرّ لسانه، فقال علقمة: إذن تطلبوا بدمه ولا ينغسل عني ما قاله، ولا يعرف فضلي عند القدرة. فأمر به فحلّ وثاقه وألقى عليه حلة وحمله على ناقة وأحسن عطاءه، وقال: انج حيث شئت. وأخرج معه من بني كلاب من يبلغه مأمنه، فقال الأعشى بعد ذلك: علقم يا خير بني عامر … للضّيف والصّاحب والزّائر والضّاحك السّنّ على همّه … والغافر العثرة للعاثر وعلقمة بن علاثة صحابي قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو شيخ فأسلم وبايع، انتهى. وروى حديثا واحدا. وأخرج ابن مندة وابن عساكر من طريق الأعمش عن أبي صالح، حدثني علقمة بن علاثة قال: أكلت مع النبي صلّى الله عليه وسلم رؤسا. واستعمله عمر ابن الخطاب على حوران فمات بها. وأخرج أبو نعيم والخطيب وابن عساكر عن محمد بن سلمة قال: كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم وعنده حسان فقال: يا حسان، أنشدنا من شعر الجاهلية ما عفا الله لنا فيه، فأنشده حسان قصيدة الأعشى في علقمة بن علاثة: ¬

_ (¬1) ديوانه 369 ق 81 (¬2) كذا في الاصل، وفي الديوان: (فهب لي ذنوبي فدتك ...)

ما أنت إلى عامر … النّاقض الأوتار والواتر فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا تنشدني بعد اليوم يا حسان، فقال حسان: يا رسول الله، تمنعني من رجل مشرك هو عند قيصر أن أذكر هجاء له. فقال: يا حسان، إني ذكرت عند قيصر وعنده أبو سفيان بن حرب وعلقمة بن علاثة، فأما أبو سفيان فلم يترك فيّ، وأما علقمة فحسن القول، وانه لا يشكر الله من لا يشكر الناس. وأخرجه ابن عساكر من وجه آخر وفيه: فقال حسان: اعرض عن ذكر علقمة فان أبا سفيان ذكرني عند هرقل فشعّث (¬1) مني فردّ عليه علقمة، فقال حسان: يا رسول الله، من نالك شكره وجب علينا شكره. 783 - وأنشد: على أنّني بعد ما قد مضى … ثلاثون للهجر حولا كميلا (¬2) هو للعباس بن مرداس السلمي، وبعده: يذكّرنيك حنين العجول … ونوح الحمامة تدعو هديلا قال: فصل بين ثلاثين وبين مميزها (¬3)، شبهها بالضرورة. وكميل: بمعنى كامل. ويذكرنيك: متعلق على. والعجول: بفتح العين المعجمة وضم الجيم، الناقة التي فقدت ولدها. وقيل: التي ألقته قبل أن ينم بشهر أو شهرين. والحنين: مدّ الصوت اشتياقا الى إلف أو وطن أو ولد، وأصله في الإبل. ونوح الحمامة: صوت تستقبل به صاحبها، لأن أصل النوح التقابل. والهديل: عظيم صوت الحمام. وقيل: ذكره، وقيل: فرخه. تزعم الأعراب أنّ جارحا صاده في سفينة نوح فالحمام تبكيه الى يوم القيامة. فنصبه على الأول على المصدر لتدعو لأنه بمعنى تهدل، أو لفعل دل عليه تدعو. ومفعول تدعو محذوف، أو على الحال، أي هؤلاء. وعلى ¬

_ (¬1) في الاساس: شعّث مني فلان: اذا غضّ منك. (¬2) الخزانة 1/ 573، وانظر سيبويه 1/ 292 (¬3) وهو (حولا).

الآخرين على المفعول به لتدعو. قال الجاحظ (¬1): يقال في الحمام: هدل يهدل باللام، وربما قالوا بالراء. وقال أبو زيد: الجمل يهدر، ولا يقال باللام. 784 - وأنشد: له حاجب من كلّ أمر يشينه عزاه القالي في أماليه لمروان بن أبي حفصة (¬2)، وتمامه: وليس له عن طالب العرف حاجب وقبله: يصمّ عن الفحشاء حتّى كأنّه … إذا ذكرت في مجلس القوم غائب 785 - وأنشد: فارسا ما غادروه ملحما تقدم شرحه في شواهد لو (¬3). 786 - وأنشد: دعوني فيا لبّى إذ هدرت لهم (¬4) تمامه: شقاشق أقوام فاسكتها هدري ¬

_ (¬1) في الحيوان للجاحظ 3/ 74: (وأما أصحابنا فيقولون ان الجمل يهدر، ولا يكون باللام. والحمام يهدل، وربما كان بالراء). (¬2) الامالي 1/ 238، وفيه: (وأنشدنا أيضا، قال أنشدني أبي). ولم يعزو البيت الى أحد. وذكر الشاهد برواية: له حاجب عن كل ما يصم. الفتى (¬3) انظر ص 664 (¬4) انظر الخزانة 1/ 269.

787 - وأنشد: لقلت لبّيه لمن يدعوني (¬1) لم يسم قائله، وصدره: إنّك لو دعوتني ودوني … زوراء ذات مترع بيون زوراء: بفتح الزاي وسكون الواو والمدّ، البئر البعيد القعر، والأرض البعيدة أيضا. ومترع: قيل بالمثناة الفوقية والراء، من قولهم حوض ترع بالتحريك، إذا كان ممتلئا. وقيل: بالنون والزاي، من قولهم بئر نزوع إذا كانت قريبة القعر ينزع منها باليد، والأول أصح وأقرب. وبيون: بفتح الموحدة وضم التحتية المخففة ونون، البئر البعيدة القعر الواسعة. والبيت استشهد به على إضافة لبى إلى ضمير الغيبة شذوذا. 788 - وأنشد: فلبّى؛ فلبّى يدي مسور (¬2) قاله أعرابي من بني أسد وصدره: دعوت لما نابني مسورا لما نابني: أي لما أصابني من النائبة، فاللام جارة ولا موصولة له. قوله: (فلبى) أي قال لبيك: والأصل فلباني، فحذف المفعول. قوله (فلبى يدي مسور) أي فأجابة له مني بعد إجابة إذا سألني في أمر نابه جزاء لصنعه، وخص يديه بالذكر لأنهما اللتان أعطتاه المال. وقيل: ذكر اليدين على سبيل الإقحام والتأكيد. والفاء: في (فلبى) الأولى للعطف المؤذن بالتعقيب. والثانية سببية. والبيت استشهد به ¬

_ (¬1) ابن عقيل 2/ 9، واللسان (بين). (¬2) ابن عقيل 2/ 9، والخزانة 1/ 268، واللسان (لبى)، وسيبويه 1/ 176.

على إضافة لبى إلى الظاهر، وهو شاذ وعلى أنه ليس إسما مفردا، وإلا لم تقلب ألفه عند الإضافة الى الظاهر ياء كما يقال (على يد زيد). وذكر بعضهم أن لبى الأولى تكتب بالألف والثانية بالياء، ليعرف أن الاولى فعل والثانية مصدر منصوب بالياء. وقال الفارسي: لا حجة في البيت على ما ذكر لأنه يجوز في نحو هذه الألف التي تطرفت أي تقلب ياء في الوقف، فيقال في هذه: أفعى أفعى، بقلب الألف ياء. ومنهم من يجري الوصل مجرى الوقف. فيمكن أن يكون فلبي يدي مسور من ذلك. قال أبو حيان: وهذا الذي قاله الفارسي ممكن لو سمع من كلامهم (لبّى زيد). 789 - وأنشد: وقد جعلت إذا ما قمت يثقلني … ثوبي فأنهض نهض الشّارب الثّمل (¬1) هو لأبي حية النميري، واسمه المشمر بن الربيع بن زرارة. وقيل هو للحكم ابن عبدل الأعرج الأسدي من شعراء الدولة الأموية. وقيل انه وقع في البيت تحريف، وإنما هو هكذا: وقد جعلت إذا ما قمت يرجعني … ظهري فأنهض نهض الشّارب السّكر وكنت أمشي على رجليّ معتدلا … فصرت أمشي على أخرى من الشّجر وفي البيان للجاحظ (¬2): قال أبو ضبة في رجله: وقد جعلت إذا ما نمت يرجعني (¬3) … ظهري وقمت قيام الشّارب الظّهر قد كنت أمشي ... البيت ¬

_ (¬1) الخزانة 4/ 93، وفيه انه لعمرو بن أحمر الباهلي (¬2) 3/ 53. (¬3) في البيان: (... اوجعني ... قيام الشارف الظهر)

790 - وأنشد: نطوّف ما نطوّف ثمّ نأوي … ذوو الأموال منّا والعديم إلى حفر أسافلهنّ جوف … وأعلاهنّ صفّاح مقيم تقدم شرحهما في شواهد إذا ضمن قصيدة البرج (¬1). 791 - وأنشد: ما للجمال مشيها وئيدا (¬2) هو للزباء، ونسبه العيني للخنساء. وفي الأغاني قيل إنه مصنوع (¬3). وبعده: أجندلا يحملن أم حديدا … أم صرفانا باردا شديدا أم الرّجال قمّصا قعودا الجمال: جمع جمل. ووئيد: بفتح الواو وكسر الهمزة ودال مهملة، صوت شدة الوطء على الأرض يسمع كالدوي من بعده. والجندل: بفتح الجيم ودال مهملة بينهما نون ساكنة، الحجر. والصرفان: بفتح المهملتين وفاء. قال ثعلب في أماليه: وقد أنشد البيت، وزعم قوم انه الرصاص. وبارد: ثابت. وقال أبو عبيدة: هو جنس من التمر، لم يكن يهدي لها شيء كان أحب إليها منه من التمر. وقمصا: بضم القاف وتشديد الميم وصاد مهملة، من قمص الفرس، أي استن، وهو أن يطرح يديه ويرفعهما معا ويعجز رجليه. ويروى بدله (جثما) وهو جاثم من جثم: تلبد بالأرض. واستدل الكوفيون بقوله: (مشيها وئيدا) على جواز تقديم الفاعل. ¬

_ (¬1) انظر ص 281 (¬2) انظر ص 718 وهو في الاساس (وأد). (¬3) 15/ 256

وخرّجه البصريون على أنه مبتدأ حذف خبره وبقي معموله، أي مشيها يكون وئيدا ويوجد وئيدا. وقال أبو علي: مشيها بدل من الضمير في للجمال، أو مبتدأ. رويدا: حال سدّت مسد الخبر. ويروى (مشيها) بالنصب على المصدر أي يمشي مشيها. وبالجرّ بدل اشتمال من الجمال. 792 - وأنشد: فإن لا مال أعطيه فإنّي … صديق من غدوّ أو رواح 793 - وأنشد: بربّك هل ضممت إليك ليلى (¬1) عزى لقيس المجنون. أخرج في الأغاني عن الهيثم بن عدي قال (¬2): مرّ المجنون ذات يوم بزوج ليلى وهو جالس يصطلي في يوم شات، فوقف عليه، ثم أنشأ يقول: بربّك هل ضممت إليك ليلى … قبيل الصّبح أو قبّلت فاها (¬3) وهل زفّت عليك قرون ليلى … زفيف الأقحوانة في نداها (¬4) فقال: اللهم إذ حلّفتني فنعم! فقبض المجنون بكلتا يديه قبضتين من الجمر، ¬

_ (¬1) الخزانة 4/ 210 (بدينك). والاغاني 2/ 24 (الدار). (¬2) 2/ 24 (الدار). (¬3) في الخزانة: (وهل قبلت قبل الصبح فاها) (¬4) في الاغاني والخزانة (رفت) بالراء المهملة. قال البغدادي 4/ 213: رفت بفتح الراء المهملة من رف لونه يرف بالكسر رفيفا ورفا اذا برق وتلألأ، أراد شدة سواد شعرها، وصحفه ابن الملا في شرح المغني بجعل المهملة معجمة فقال: الزفيف: اهداء العروس ألى بعلها، وغفل عن عقله: (رفيف الأقحوانة وهي البابونج) والقرون: الذوائب، جمع قرن بفتح القاف وسكون الراء.

فما فارقهما حتى سقط مغشيا عليه، وسقط الجمر مع لحم راحتيه، فقام زوج ليلى مغموما بفعله متعجبا منه. 794 - وأنشد: وكوني بالمكارم ذكّريني … ودلّي دلّ ماجدة صناع (¬1) أنشده أبو زيد، وقبله: ألا يا أمّ فارغي لا تلومي … على شيء رفعت به سماعي المعنى: لا تلوميني على ما يرتفع به صيتي وذكري، وذكريني: كوني مذكرة لي بالمكارم (¬2). 795 - وأنشد: إنّ الّذين قتلتم أمس سيّدهم … لا تحسبوا ليلهم عن ليلكم ناما 796 - وأنشد: إنّي إذا ما القوم كانوا أنجيه … واضطرب القوم اضطراب الأرشيه هناك أوصيني ولا توصي بيه هو من أبيات الحماسة (¬3). وبعد المصراع الثاني: وشدّ فوق بعضهم بالأردية (¬4) ¬

_ (¬1) الخزانة 4/ 57، وحاشية الامير 2/ 147، وهو لبعض بني نهشل كاهلي. (¬2) وقوله: (ودلي) بفتح الدال، من باب خجل، الخفر. (¬3) 2/ 202 (¬4) في الحماسة: (بالأروية) وفسرها فقال: جمع رواء، وهو الحبل.

قال التبريزي: خبر (إن) في قوله: (أوصيني). والمعنى: إني أهل لأن يوصى إليّ حينئذ غيري، ولا يوصى غيري بي. و (ما) في ما القوم زائدة. وأنجيه: جمع نجي. والمعنى: صاروا فرقا لما حربهم (¬1) من الشر يتناجون ويتشاورون. واضطرب القوم: أي لجزعهم لم يثبتوا على الخيل. والأرشية: الدلاء، جمع رشا، بكسر الراء، وشد فوق بعضهم: أي خوف السقوط لضعف الاستمساك عند غلبة النعاس، أو لأنهم أسروا. 797 - وأنشد: أأكرم من ليلى عليّ فتبتغي … به الجاه أم كنت امرا لا أطيعها تقدم شرحه (¬2). 798 - وأنشد: نعم الفتى المرّيّ أنت إذا هم … حضروا لدى الحجرات نار الموقد (¬3) هو لزهير بن أبي سلمى من قصيدة يمدح بها سنان بن أبي حارثة المرّي، وأوّلها: لمن الدّيار غشيتها بالفدفد … كالوحي في حجر المسيل المخلد وقبل هذا البيت: وإلى سنان سيرها ووسيجها … حتّى تلاقيها بطلق الأسعد الفدفد: المكان المرتفع فيه صلابة وحجارة. ويقال: هي أرض مستوية. وقوله: ¬

_ (¬1) في الحماسة: (حزبهم) بالزاي المنقوطة. (¬2) انظر ص 221 وهو مع الشاهد رقم 108 من قصيدة واحدة. (¬3) شرح ديوان زهير 275، والخزانة 4/ 112

كالوحي: أي كالكتاب. وإنما جعل في حجر المسيل لأنه أصل له (¬1). والمخلد: المقيم، من أخلد، إذا أقام. والوسيج: بالجيم، ضرب من السّير. والطلق: اليوم الطيب لا برد فيه ولا أذى. الأسعد: اليمن، من السعود. والحجرات: جمع حجرة، وهي شدة الشتاء. والمرّيّ: نسبة الى مرّة، وهو نعت للفتى. والبيت استشهد به على نعت فاعل نعم. وأنت المخصوص بالمدح. 799 - وأنشد: أزمعت يأسا مبينا من نوالكم … ولن ترى طاردا للحرّ كاليأس هو من قصيدة للحطيئة يخاطب بها الزبرقان بن بدر. وقبله (¬2). لمّا بدا لي منكم عيب أنفسكم … ولم يكن لجراحي منكم آسي وبعده: جارا لقوم أطالوا هون منزله … وغادروه مقيما بين أرماس ملّوا قراه وهرّته كلابهم … وجرّحوه بأنياب وأضراس دع المكارم لا ترحل لبغيتها … واقعد، فإنّك أنت الطّاعم الكاسي من يفعل الخير لا يعدم جوائزه … لا يذهب العرف بين الله والنّاس أخرج الجمحي وابن عساكر عن يونس النحوي قال (¬3): كان سبب هجاء الحطيئة الزبرقان انه قدم المدينة، فقال: وددت أنّي أصبت رجلا يحملني وأصفيه مديحتي وأقتصر عليه. فقال الزبرقان: قد أصبته، تقدم على أهلي فإنّي على أثرك. وأرسل الى امرأته أن أكرمي مثواه. وكان مع الحطيئة ابنة جميلة، فكرهت امرأته مكانها ¬

_ (¬1) كذا بالاصل، وفي شرح الديوان: (وانما جعله في حجر المسيل لانه أصلب له). (¬2) الاغاني 2/ 184 - 185 (الدار) والشعراء 286 - 287 (¬3) الطبقات 96.

فأظهرت لهم جفوة، فأخذه بغيض بن عامر، وهو يومئذ ينازع الزبرقان الشرف، فبنى عليه قبّة، ونحر له فأكرمه كل الإكرام، فعمل الحطيئة هذه القصيدة فاستعداه الزبرقان الى عمر وادّعى عليه أنه هجاه فقال له: ما قال لك؟ فأنشده القصيدة فقال: ما أسمع هجاء انما اسمع معاتبة. فقال: وما تبلغ مروءتي الى أن آكل وأشرب؟ فسأل عمر حسان ولبيد: أترونه هجاه؟ قالا: نعم، فحبسه. وأخرج الزبير بن بكار وأبو الفرج وابن عساكر وغيرهم عن زيد بن أسلم عن أبيه قال: لما حبس عمر الحطيئة، كلمه عمرو بن العاص وغيره فيه فأخرجه من السجن فقال: ماذا تقول لأفراخ بذي مرخ … زغب الحواصل لا ماء ولا شجر؟ (¬1) غادرت كاسبهم في قعر مظلمة … فاغفر، هداك مليك النّاس يا عمر أنت الإمام الّذي من بعد صاحبه … ألقت إليك مقاليد النّهى البشر لم يؤثروك بها إذ قدّموك لها … لكن لأنفسهم كانت بك الخير فامنن على صبية بالرّمل مسكنهم … بين الأباطح يغشاهم بها القرر أهلي فداؤك كم بيني وبينهم … من عرض داوية تعمى بها الخبر فبكى عمر، ثم قال: أشيروا عليّ في الشاعر فانه يقول الهجو، ويشبب بالنساء، ويمدح الناس، ويرميهم بغير ما فيهم، ما أراني إلا قاطع لسانه. ثم قال: عليّ بالطست، فأتى بها. ثم قال: عليّ بالمخصف، لا بل عليّ بالسكين، فأتى بها. ثم قال: عليّ بالموسى، فهي أوجى. فقالوا: لا يعود يا أمير المؤمنين! قال: النجاء أذهب. فلما أدبر قال: يا حطيئة، فرجع إليه فقال: كأني بك قد دعاك فتى من قريش ¬

_ (¬1) رواية الطبقات 98: (... بذي مرخ - حمر الحواصل ....) وفي ياقوت (مرخ): الرواية المشهورة (بذي أمر) وذو أمر موضع بنجد من ديار غطفان. وانظر الاغاني 2/ 186 (الدار).

فبسط لك نمرقة، وكسر لك أخرى، ثم قال لك: غننا يا حطيئة، فطفقت تغنيه بأعراض المسلمين. قال: فو الله ما ذهبت الليالي حتى رأيت الحطيئة عند عبد الله بن عمر بن الخطاب قد بسط له نمرقة وكسر له أخرى وقال: غننا يا حطيئة! فغناه، فقلت: يا حطيئة، أما تذكر قول عمر لك، ففزع ثم قال: يرحم الله ذلك المرء، أما لو كان حيا ما فعلنا هذا. وقلت لعبد الله: سمعت أباك يذكر كذا وكذا فكنت ذلك الرجل. وفي البيان للجاحظ (¬1): كان عمر أعلم الناس بالشعر، ولكنه لما ابتلي بالحكم بين الحطيئة والزبرقان كره أن يتعرّض له بنفسه، فاستشهد حسان وأمثاله ثم حكم بما يعلم. وأخرج أبو الفرج في الاغاني عن أبي عمرو بن العلاء قال (¬2): لم تقل العرب قط بيتا أصدق من بيت الحطيئة: من يفعل الخير لا يعدم جوازيه وأخرج عن كعب الأخبار أنه سمع رجلا ينشد هذا البيت فقال: والذي نفسي بيده، إن هذا البيت لمكتوب في التوراة. 800 - وأنشد: إنّ من يدخل الكنيسة يوما … يلق فيها جآذرا وظباء تقدم شرحه (¬3). 801 - وأنشد: أظبي كان أمّك أم حمار (¬4) هو لخداش بن زهير، صدره: ¬

_ (¬1) 1/ 202 (¬2) 2/ 173، وانظر ص 268 من الشواهد. (¬3) في شواهد ان المكسورة المشددة ص 122 الشاهد رقم 45 (¬4) الخزانة 3/ 230 وسيبويه 1/ 23

فإنّك لا تبالي بعد حول وقد استشهد به سيبويه على الإخبار في باب كان بالمعرفة عن النكرة ضرورة. وقد أشكل على كثيرين فقالوا: إنما أخبر عن معرفة بمعرفة إذ اسم كان ضمير، وأجيب بأنه لا ضمير في كان بل ظبي اسمها قدم للضرورة. وكان الأصل أظبيا كان أمّك؟ بنصب الظبي ورفع الأم. ثم عكس الإعراب وترك الظبي في موضعه لانه خبر في المعنى، وإن كان مرفوعا. ورفع حمار لأنه تابع. وقيل: ليس ظبي اسما لكان المذكورة بل لكان مذكورة تفسرها المذكورة. والتقدير: أكان ظبي أمك. فالبيت من باب الاشتغال. ومعنى البيت: إن الإنسان إذا استغنى بنفسه لا يبالي عن من انتسب إليه من شريف أو وضيع. وضرب الظبي والحمار لهما مثلا. وذكر الحول لأن هذين يستغنيان بأنفسهما بعده. ثم أشار إلى أن الزمان لعدم جريه على مقتضى القياس قد التحق فيه الوضيع بالشريف، في قوله بعد هذا البيت: فقد لحق الأسافل بالأعالي … وماج القوم واختلط النّجار وعاد الفند مثل أبي قبيس … وصار مع المعلهجة العشار المعلهج: الهجين. 802 - وأنشد: وربّ السّموات العلى وبروجها … والأرض وما فيها: المقدّر كائن 803 - وأنشد: حنّت نوار ولات هنّا حنّت (¬1) ¬

_ (¬1) الخزانة 2/ 156 و 480. والشعراء 43 والمؤتلف والمختلف 84. وشرح التبريزي 3/ 35

هو لشبيب بن جعيل الثّعلبي. كان بنو قتيبة بن معين (¬1)، أسروه في حرب فأنشد ذلك يخاطب أمّه نوار بنت عمرو بن كلثوم، وتمامه: وبدا الّذي كانت نوار أجنّت … لما رأت ذات السّلا شربا لها (¬2) والفرت يعصر في الإناء أرنّت حنت: من الحنين، وهو الشوق. ونوار: علم امرأة من باب حذام (¬3). والواو في (ولات) للحال. قال المصنف في شواهده: وكذا وجدتها حيث وقعت قبل لات. ولات عند الفارسي مهملة. وهنا خبر. وحنت مبتدأ بإضمار ان مثل: (ومن آياته يريكم البرق) وعند ابن عصفور معملة. وحنت: بتقدير وفت، وحنت وهو الخبر. وعند الخباز إنها مهملة وهنا مضافة الى حنت. قال المصنف: ويرده ان اسم الاشارة لا يضاف. وذهب بعضهم الى أن هنا خبر لات واسمها محذوف، تقديره ليس الحيا حين حنينها. وبدا: بمعنى ظهر. وأجنت: بجيم، سترت. والسلا: بالقصر، الجلدة الرقيقة التي يكون فيها الولد من المواشي. وأرنت: صاحت. والبيت استشهد به ابن مالك على الاشارة بهنّا للزمان، وهي بضم الهاء وتشديد النون، لغة في هنا. وذكر أبو عبيدة: أنّ هذين البيتين لحجل بن نضلة. 804 - وأنشد: مضت سنة لعام ولدت فيه … وعشر قبل ذاك وحجّتان (¬4) هو للنابغة الجعدي، وقبله: ¬

_ (¬1) في الخزانة: (قنينة) بالنون، وأراها محرفة عن قتيبة، وهو قتيبة بن مع لا (معين) بن مالك بن أعصر الباهلي، وانظر جمهرة أنساب العرب 245، والاشتقاق 271. (¬2) كذا بالاصل، وفي المراجع السابقة: (لما رأت ماء السلا مشروبا) (¬3) في الخزانة: (ونوار فاعل حنّت مبني على الكسر في لغة الجمهور، وعند تميم معرب لا ينصرف). (¬4) انظر ص 614 و 615

ومن يك سائلا عنّي فإنّي … من الفتيان أيّام الختان وبعده: فقد أبقت صروف الدّهر عنّي … كما أبقت من السّيف اليماني قال ابن حبيب: أيام الختان وقعة لهم. قال قائل منهم: وقد لقوا عدوّهم أختنوهم بالرماح فسمى ذلك العام عام الختان (¬1). 805 - وأنشد: هذا وجدّكم الصّغار بعينه (¬2) قال سيبويه: هو لرجل من مذحج. وقال أبو رياش: هو لهمّام أخى حسان ابن مرّة (¬3). وقال الأصفهاني: هو لضمرة بن ضمرة. وقال الآمدي في المؤتلف: هو لابن أحمر من بني الحارث بن مرّة بن عبد مناة، باهلي. قال المصنف: ويشكل عليه نداؤه في ضمرة في أول القصيدة. وقال: وقد يكون نادى آخر اسمه كاسمه. وقال الحاتمي: هو لابن أحمر. وقال ابن الأعرابي: لرجل من بني عبد مناة قبل الاسلام بخمسمائة سنة يخاطب أبويه وأهله، وكانوا يؤثرون عليه أخاه جندبا، وأوّل القصيدة: يا ضمر أخبرني ولست بكاذب … وأخوك نافعك الّذي لا يكذب أمن السّويّة أن إذا استغنيتم … وأمنتم فأنا البعيد الأجنب وإذا الشّدائد بالشّدائد مرّة … أشجتكم فأنا الحبيب الأقرب ¬

_ (¬1) انظر ح 1 ص 615 (¬2) سيبويه 1/ 352 وابن عقيل 1/ 152 وحماسة البحتري 109 وفيه (الهوأن). ونسبه الى عامر بن جوين الطائي، وقال: وقد رويت لمنقذ بن مرة الكناني. وشرح التبريزي 2/ 382 والمؤتلف والمختلف 38، واللسان 7/ 362. وذيل الامالي 84، وذيل اللآلي 41 - 42 ومعجم الشعراء 471 - 472 (¬3) لعله (جساس بن مرة).

ولجندب سهل البلاد وعذبها … ولي الملاح وحزنهنّ المجدب وإذا تكون كريهة أدعى لها … وإذا يحاس الحيس يدعى جندب هذا لعمركم الصّغار بعينه … لا أمّ لي إن كان ذاك ولا أب عجبا لتلك قضيّة وإقامتي … فيكم على تلك القضيّة أعجب ضمر: مرخم ضمرة. وجملة: (ولست بكاذب) حالية، أو مستأنفة. فهي توصية له بالصدق على الأوّل، وثناء عليه به على الثاني. والسوية: العدل. والأجنب: يروى بالجيم والنون، من الجنابة، وهو البعد، وبالخاء المعجمة والياء، من الخيبة. وأشجتكم: من أشجاه إذا أغضبه. والملاح: بكسر الميم، جمع مليح وهو المالح. وضبطه العيني بضم الميم، وهو نبات الحمض، وأصده بتشديد اللام فخفف للضرورة. وقيل تخفيفه لغة، انتهى. والحزن: ما غلظ من الارض. والكريهة: القصة المكروهة، وأنثت بالتاء لغلبة الإسمية، كالنطيحة. يطلق على الحرب. والحيس: طعام فاضل عندهم يتخذ من تمر وسمن وأقط. وجندب: بفتح الدال وضمها. والصغار: بفتح الصاد، الذل والهوان. وفي البيت الإعتراض بين المبتدأ والخبر بالقسم. وبين المتعاطفين بالشرط. وزيادة الباء في كلمة العين المؤكدة بها. وقيل: ان بعينه في موضع الحال أي هذا الصغار. وقوله: لا أم لي، أي إنه لقيط لا يعرف له أب ولا أم إن رضي بهذا الصغار. وكان تامة، واستشهد به على رفع اسم الثاني مع تكرير لا مع فتح الأول، أما على الغاء الثانية ورفع تاليها بالعطف على محل الأولى مع اسمها، أو على إعمال الثانية عمل ليس. وعجبا: مصدر ثابت من أعجب. ويروى بالرفع على الابتداء. وإن كان نكرة لتضمنه معنى التعجب، أو لأنه مصدر في الأصل، وإنما عدل الى رفعه لافادة معنى الثبوت. 806 - وأنشد: زعمتني شيخا ولست بشيخ … إنّما الشّيخ من يدبّ دبيبا

هذا لأبي أميّة أوس الحنفي، وبعده: إنّما الشّيخ من يستره الحيّ … ويمشي في بيته محجوبا إن أراد الخروج خوّف بالذّئ … ب وإن كان لا يرى الحي ذيبا كيف يدعى شيخا أخو مضلّعات … ليس يثني تقلّبا وركوبا يدب: بكسر الدال، يدرج في المشي رويدا. ومضلعات: من الأضلاع، وهو الإمالة. ويقال: حمل مضلع، أي مثقل. وقوله: (ولست بشيخ) جملة حالية. والبيت أورده المصنف في التوضيح شاهدا على نصب زعم مفعولين. 807 - وأنشد: تعلّم شفاء النّفس قهر عدوّها (¬1) هو لزياد بن سيّار (¬2) بن عمرو بن جابر، من أقران النابغة وتمامه: فبالغ بلطف في التّحيّل والمكر وقد استشهد به النحاة، منهم المصنف في التوضيح على أن تعلم بمعنى أعلم بنصب مفعولين. 808 - وأنشد: فقلت: أجرني أبا خالد … وإلّا فهبني امرأ هالكا (¬3) هو لابن همّام السلولي. قال المصنف: قوله: (امرأ) مفعول ثان موطئ لقوله: هالكا. وهالكا صفة له، وهو المقصود بالمفعولية. ونظيره في باب الخبر: ¬

_ (¬1) ابن عقيل 1/ 156 (¬2) كذا، ولعلها (يسار). (¬3) ابن عقيل 1/ 158 ويروى: (أبا مالك).

(بل أنتم قوم تجهلون). وفي باب الحال: (أقبل زيد رجلا وراكبا). وفعل الشرط محذوف، أي وإن لا تجرني. ودخلت الفاء في الجواب لأنه انشاء ولأنه جامد. وقد استشهد بالبيت على تعدية هب بمعنى اعتقد الى مفعولين. 809 - وأنشد: لا نسب اليوم ولا خلّة تقدّم شرحه في شواهد لا (¬1). 810 - وأنشد: اعتاد قلبك من سلمى عوائده … وهاج أحزانك المكنونة الطّلل ربع قواء أذاع المعصرات بها … وكلّ حيران سار ماؤه خضل 811 - وأنشد: إنّ من لام في بني ابنة حسّ … ان ألمه وأعصه في الخطوب (¬2) هو للأعشى ميمون. وبعده: إنّ قيسا قيس الفعول وآل الأش … عث أمست أمداده لشعوب (¬3) كلّ عام يمدّني يحموم (¬4) عن … د وضع العنان أو بنجيب تلك حبلى منه وتلك ركابي (¬5) … هنّ صفر أولادها كالزّبيب قال شارع أبيات الايضاح: حذف الهاء التي هي ضمير الشأن للضرورة، ولولا تقديرها ما جزم بمن، ولذلك جزم المد لأن الشرط لا يعمل فيه ما قبله الإبتداء. ¬

_ (¬1) الشاهد رقم 363 ص 601 (¬2) ديوان الاعشى 335 ق 68 والخزانة 2/ 463 (¬3) رواية الديوان: (... الفعال ... امست اعداؤه) (¬4) كذا بالاصل، وفي الديوان: (بجموم) وفسره: فرس جموم (موفور النشاط). (¬5) في الديوان: تلك خيلي.

812 - [وأنشد: فلم أعط شيئا ولم أمنع] (¬1) أخرج مسلم في صحيحه والبيهقي في دلائل النبوّة عن رافع بن خديج: أن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم أعطى المؤلفة قلوبهم من سبي حنين كل رجل منهم مائة من الإبل، فأعطى أبا سفيان بن حرب مائة، وأعطى صفوان بن أمية مائة، وأعطى عيينة بن حصن مائة، وأعطي الأقرع بن حابس مائة، وأعطى علقمة بن علاثة مائة، وأعطي مالك بن عوف النضري مائة، وأعطي العباس بن مرداس ثمانين، فأنشأ يقول (¬2): أتجعل نهي ونهب العبي … د بين عيينة والأقرع فما كان حصن ولا حابس … يفوقان مرداس في مجمع وقد كنت في الحرب ذا تدرء … فلم أعط شيئا ولم أمنع وما كنت دون امرئ منهم … ومن تضع اليوم لا يرفع فأتمّ له رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مائة. وأخرج البيهقي عن عروة بن الزبير وموسى بن عقبة قالا: قال العباس بن مرداس السلمي حين رأى رسول الله صلّي الله عليه وسلّم يقسم الغنائم: وكانت نهابا تلافيتها … وكرّي على المهر بالأجرع وإيقاظي الحيّ أن يوقدوا … وإذ هجع النّاس لم أهجع فأصبح نهبي ونهب العبيد الأبيات بعده، فبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعاه وقال: أنت القائل: فأصبح نهبي ونهب العبيد بين الأقرع وعيينة؟ ¬

_ (¬1) مزيدة. (¬2) الشعراء 259 - 260 و 724

فقال أبو بكر: بأبي أنت وأمي، لم يقل كذلك ولا والله، ما أنت بشاعر، وما ينبغي لك، وما أنت برواية. قال: فكيف؟ فأنشده أبو بكر، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: هما سواء ما يضرّك بأيهما بدأت بالأقرع أم بعيينة. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اقطعوا عني لسانه، ففزع منها، وانما أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقطعوه بالعطية. العبيد اسم فرس له. وأورد ابن اسحق الأبيات، وزاد بعد قوله: فلم أعط شيئا ولم أمنع … إلّا أنا قليلا عطيتها عديد قوائمه الأربع نهبى: بفتح النون وسكون الهاء، هو الغنيمة ويجمع على نهاب. والعبيد: بضم العين، اسم فرس للعباس بن مرداس. وذا تدرء: عدة وقوّة على دفع الأعداء، بضم المثناة الفوقية وسكون الدال المهملة وفتح الراء آخره همزة، من الدرء، والتاء فيه زائدة. قوله: فلم أعط شيأ: أي طائلا، فحذف الصفة بدليل قوله: ولم أمنع. وقوله: يفوقان مرداس، استشهد به ابن مالك وغيره على منعه الصرف وهو مصروف للضرورة. 813 - وأنشد: وليست دارنا هاتا بدار (¬1) هو لعمران بن حطّان الخارجي، وصدره: وليس لعيشنا هذا مهاه وبعده: لنا إلّا ليال باقيات … وبلغتنا بأيّام قصار ولا تبقى ولا نبقي عليها … ولا في الأمر نأخذ بالخيار ¬

_ (¬1) الكامل 843

فائدة: [عمران بن حطان]

وما أموالنا إلّا عوار … سيأخذها المعير من المعار مهاه: وزنها فعال، ولامه هاء، أي صفاء ورونق ومنظر جميل، يقال: وجه له مهاه، هذا قول النحويين. وقال الأصمعي: مهاة، بالتاء، بوزن فعلة كحصاة. والمهاة: البلق والبقرة الوحشية. وقيل: إنه أيضا بمعنى الصفاء والرونق. ويروى: وليست دارنا الدّنيا بدار والبيت أورده المصنف شاهدا على الإشارة بهاتا. ولنا في البيت بعده في صلة البيت الأول. والبلغة: بمعنى البلوغ الى الوقت الذي هو الأجل. فائدة: [عمران بن حطّان] عمران بن حطّان السّدوسيّ الخارجي، أحد بني عمر بن شيبان، كان رأس الصّفرية وخطيبهم وشاعرهم، قالت له امرأته (¬1): أما زعمت إنك لم تكذب في شعر قط؟ قال: أو فعلت! قالت: أنت القائل: فهناك مجزأة بن ثو … ر كان أشجع من أسامه فيكون رجل أشجع من الأسد؟ فقال: أما رأيت مجزأة بن ثور فتح مدينة، والأسد لا يفتح مدينة. 814 - وأنشد: لهفي عليك للهفة من خائف … يبغي جوارك حين ليس مجير هو لشمردل اللّيثي من قصيدة يرثي بها منصور بن زياد، وبعده: أمّا القبور فإنّهنّ أوانس … بجوار قبرك والدّيار قبور ¬

_ (¬1) الكامل 560 و 854 ولباب الآداب 186 - 187

فائدة: [الشمردل بن عبد الله]

عمّت فواضله فعمّ مصابه … فالنّاس فيهم كلّه مأجور يثني عليك لسان من لم توله … خيرا لأنّك بالثّناء جدير ردّت صنائعه إليه حياته … فكأنّه من نشرها منشور والنّاس مأتمهم عليه واحد … في كلّ دار رنّة وزفير عجبا لأربع أذرع في خمسة … في جوفها جبل أشمّ كبير لهفى: مبتدأ، وعليك خبره. واللهفة: متعلق بما دل عليه لهفى. وحين ظرف ليبغي، ويبغي صفة لخائف، وخبر ليس محذوف، أي في الدنيا أو ينعشه أو نحو ذلك. وبناحين لإضافته الى ليس. والمعنى: بي كآبة وحسرة شديدة من أجل حسرة رجل نابه حوادث الدهر ما أخافه، طلب جوارك وقت لا مجير له، ثم لا يجدك. والجوار: بكسر الجيم، الأمان. وقوله: من نشرها، أي من نشر الناس لها وذكرها، فأضيف المصدر للمفعول. ومنشور: من نشر الله الميت. وأصل المأتم: النساء يجتمعن في الخير والشر، وجعله هنا المصيبة نفسها. والرنة: الفعلة من الرنين. وأذرع: بلا تاء مؤنثة. وخمسة: أي أشبار، والشبر مذكر. والأشم: الطويل الرأس العالي المرتفع. قال العيني: وصحف بعضهم البيت فقال: لهفي عليك كلهفة، بالكاف، وهو خطأ. والبيت أورده المصنف في التوضيح بلفظ حين لا فحين، مستشهد به على إهمال لات لعدم دخولها على الزمان. فائدة: [الشمردل بن عبد الله] الشمردل بن عبد الله بن رؤبة بن سلمة شاعر إسلامي، في أيام جرير والفرزدق (¬1). 815 - وأنشد: فقالت: على اسم الله أمرك طاعة تقدم شرحه في شواهد الباء (¬2). ¬

_ (¬1) في الاغاني 13/ 351 (الدار): الشمردل بن شريك بن عبد الملك بن رؤبة. وانظر الشعراء 685. (¬2) انظر ص 321، وهو في الشاهد رقم 145 ص 320 من قصيدة واحدة.

816 - وأنشد: علفتها تبنا وماء باردا (¬1) قال العيني في الكبرى: هذا رجز مشهور بين القوم لم أر أحدا عزاه الى راجزه، وتمامه: حتّى شتت همّالة عيناها (¬2) شتت: يروى بدله بدت. ومعناهما واحد. وهمّالة: من هملت العين، يعني صبت دمعها. ونصبه على التمييز. وقوله: ماء، على تقدير: وسقيتها، لا معطوف على التبن، لأن التبن ليس مما يعلف. وقال ابن عصفور: هو تضمين الفعل الأوّل معنى يتسلط به على الإسمين، أي اطعمتها، لأن التبن يطعم والماء أيضا مطعوم. قال تعالى: (وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي). ويقال: أطعمته ماء فكأنه قال: أطعمتها تبنا وماء. 817 - وأنشد: لها سبب ترعى به الماء والشّجر (¬3) هو لطرفة، وصدره: أعمر بن هند ما ترى رأي صرمة الهمزة: للنداء. وصرمة: بكسر الصاد المهملة وسكون الراء وفتح الميم، القطيع من الإبل نحو الثلاثين. والبيت استشهد به على مثل ما تقدم في علفتها تبنا وماء باردا. ¬

_ (¬1) ابن عقيل 1/ 210، والخزانة 1/ 330 و 499، والعيني 4/ 181، وأمالي المرتضى 2/ 259 (¬2) وجعله آخرون عجزا، وصدره: لما حططت الرحل عنها واردا (¬3) الخزانة 1/ 499

818 - وأنشد: وكنّا حسبنا كلّ بيضاء شحمة (¬1) قاله زفر بن الحارث بن معان بن يزيد الكلابي يوم مرج راهط، وهو موضع كانت فيه وقعة بالشام وفيها قتل الضحاك بن قيس الفهري، وتمامه: ليالي لاقينا جذام وحميرا وبعده: فلمّا قرعنا النّبع بالنّبع بعضه … ببعض أبت عيدانه أن تكسّرا ولمّا التقينا عصبة تغلبيّة (¬2) … يقودون جردا للمنيّة ضمّرا سقيناهم كأسا سقونا بمثلها … ولكنّهم كانوا على الموت أصبرا قوله: وكنا حسبنا: أي كنا نطمع في أمر فوجدناه على خلاف ما كنا نظن، وهو من قولهم في المثل: ما كل بيضاء شحمة، وما كل سوداء تمرة. والنّبع: شجر صلب ينبت في الجبال، تعمل منه القسي. ومن أمثالهم: النبع يقرع بعضه بعضا، فضربه مثلا لهم ولأعدائهم، وشهد لهم بالصبر في قوله: .. أبت عيدانه أن تكسّرا وتغلبية: بالغين المعجمة، بنو تغلب بن علوان (¬3). وجرد: جمع أجرد، وهو الفرس إذا رقت شعرته. وللمنية: متعلق بيقودون، أو بضمر، وهو جمع ضامر، من ضمر الفرس ضمورا خفّ لحمه. وقوله: أصبرا: أي أصبر منا، شهد لأعدائه أيضا بالغلبة. قال التبريزي: وبعضهم تأوّل البيت على أنه أراد أن القتل كان ¬

_ (¬1) الحماسة 1/ 150 (¬2) في الحماسة: (ولما لقينا). (¬3) كذا بالاصل، وفي الحماسة 1/ 152: (تغلب بن حلوان بن عمران ابن إلحاف بن قضاعة).

فائدة: [زفر بن الحارث]

فيهم أكثر. وهو فاسد لأن الخبر مشهور، وأن قوم زفر هزموا. فائدة: [زفر بن الحارث] زفر بن الحارث بن عبد عمرو بن معان بن يزيد بن عمرو بن الصعق أبو الهديل (¬1). ويقال: أبو عبد الله الكلابي سيد قيس في زمانه. ذكره أبو عروبة في الطبقة الأولى من التابعين من أهل الجزيرة. سمع عائشة ومعاوية، وروى عنه ثابت ابن الحجاج، وشهد وقعة صفين أميرا على أهل قنسرين. وشهد وقعة مرج راهط مع الضحاك بن قيس، ثم هرب ولحق بالجزيرة فتحصن بها ومات في أيام عبد الملك بن مروان. لخصته من تاريخ ابن عساكر. 819 - وأنشد: فإن شئت آليت بين المقا … م والرّكن والحجر الأسود نسيتك ما دام عقلي معي … أمدّ به أمد السّرمد 820 - وأنشد: وقولي إذا ما أطلقوا عن بعيرهم … يلاقونه حتّى يؤوب المنخّل تقدم شرحه في شواهد لا ضمن قصيدة النمر بن تولب (¬2). 821 - وأنشد: فو الله ما نلتم ولا نيل منكم … بمعتدل وفق ولا متقارب 822 - وأنشد: ونهنهت نفسي بعد ما كدت أفعله هو لبعض الطائبين يصف مظلمة همّ بها ثم صرف نفسه عنها. وقال العيني: ¬

_ (¬1) انظر الخزانة 1/ 499، والحماسة 1/ 150، والمؤتلف 129 (¬2) انظر ص 629 وهو مع الشاهد رقم 391 ص 628 من قصيدة واحدة.

هو لعامر بن جرير الطائي (¬1) وصدره: فلم أر مثلها حباسة واحد الحباسة: بالحاء والسين المهملتين والباء الموحدة، كالظلامة وزنا ومعنى. ورجل حبوس: أي ظلوم. وضبطه العيني بالخاء المعجمة. وقال: قال الجوهري: الحباسة: المغنم. ونهنهت: كففت. وأفعلة: قيل أصله أفعلها بضم اللام، فحذف الألف التي بعد الهاء وجعل فتحة الهاء على اللام كما في: (والكرامة ذات أكرمكم الله به) وهي لغة محكية عن الطائيين. وقيل: الأصل أفعلنه، حذف منه نون التأكيد. قال المصنف في شواهده: وهذا والقول الأوّل ضعيفان، والأرجح الثاني، لان ذلك قد عرف من لغة قبيلة، ولأن الضمير راجع الى الحباسة وهي مؤنث. فإذا قلنا أصله أفعلها كان جاريا على القياس والظاهر لا يعدل عنه، انتهى. ثم رأيت في الأغاني قال عامر بن جوين: فكم للسّعيد من هجان مؤبّله … تسير صحاحا ذات قيد ومرسله أردت بها فتكا فلم أرتمض له (¬2) … ونهنهت نفسي بعد ما كدت أفعله 823 - وأنشد: يا عمرو إنّك قد مللت صحابتي … وصحابتيك إخال ذاك قليل 824 - وأنشد: فلا وأبي لنأتيها جميعا … ولو كانت بها عرب وروم هو لعبد الله بن رواحة من أبيات قالها في غزوة مؤتة أوّلها: حملنا الخيل من آجام قرح … يعدّ من الحشيش لها العكوم ¬

_ (¬1) كذا بالاصل، وصحتها (عامر بن جوين) كما في الاغاني 9/ 93 (الثقافة). (¬2) في الاغاني: (فكم بالصعيد ...).

حدوناها (¬1) من الصّوّان سبتا … أزلّ كأنّ صفحته أديم أقامت ليلتين على معان … فأعقب بعد فترتها حموم فرحنا بالجياد مسوّمات … تنفّس من مناخرها السّموم فلا وأبي لنأتيها جميعا … ولو كانت بها عرب وروم وفقّأ الله أعينهم فجاءت … عوابس والغبار لها يزيم بذي لجب كأنّ البيض فيه … إذا برزت فوارسها النّجوم أوردها ابن اسحق في سيرته وابن عساكر في تاريخه. 825 - وأنشد: اضرب عنك الهموم طارقها … ضربك بالسّيف قونس الفرس قيل: قاله طرفة بن العبد، وقال ابن بري: انه مصنوع عليه. واضرب: من الضرب، بالضاد المعجمة والموحدة، وضبطه بعضهم: اصرف، بالصاد المهملة وبالفاء، من الصرف. قال العيني: وليس بصحيح. وأصله اضربن بنون التأكيد الخفيفة حذفت للضرورة وبقيت الفتحة. والهموم: مفعول. وطارقها بدل منه. وهو من طرق الرجل اذا أتى أهله ليلا. وضربك: مصدر نوعي مضاف إلى فاعله. وأصله: كضربك. وقونس: مفعول المصدر، وهو بفتح القاف والنون بينهما واو ساكنة وآخره سين مهملة، العظم الناتئ بين أذني الفرس. 826 - وأنشد: فألفيته غير مستعتب … ولا ذاكر الله إلّا قليلا (¬2) ¬

_ (¬1) كذا بالاصل، وفي حاشية الامير: (حذوناها) بالذاي المنقوطة. (¬2) ابن الشجري 1/ 346 والخزانة 4/ 554، والاغاني 12/ 310 (الدار) واللسان 1/ 578 و 11/ 447 وسيبويه 1/ 85، وانظر ديوان أبي الاسود 122 - 123

هو لأبي الأسود الدؤلي. أخرج أبو الفرج في الاغاني عن عوانة قال: كان أبو الأسود يجلس الى فناء امرأة بالبصرة فيتحدث إليها، وكانت برزة جميلة، فقالت له: يا أبا الأسود، هل لك أن أتزوّجك. فاني صناع الكف، حسنة التدبير، قانعة بالميسور، قال: نعم، فجمعت أهلها وتزوّجته، فوجدها على خلاف ما قالت، وأسرعت في ماله، ومدّت يدها الى خيانته، وأفشت سرّه، فغدا على من كان حضر تزويجه اياها فسألهم أن يجتمعوا عنده ففعلوا، فقال لهم: أريت أمرا كنت لم أبله … أتاني فقال اتّخذني خليلا (¬1) فخاللته ثمّ أكرمته … فلم أستفد من لديه فتيلا (¬2) وألفيته حين جرّبته … كذوب الحديث سروقا بخيلا فذكّرته ثمّ عاتبته … عتابا رقيقا وقولا جميلا وألفيته غير مستعتب … ولا ذاكر الله إلّا قليلا ألست حقيقا بتوديعه … وإتباع ذلك صرما طويلا؟ فقالوا: بلى والله يا أبا الأسود. قال: تلك صاحبتكم، وقد طلقتها، فانصرفت معهم. استشهد سيبويه بالبيت على حذف التنوين من ذاكر لالتقاء الساكنين ونصب ما بعده. قال الاعلم: وفيه وجهان: إما التشبيه بحذف النون الخفيفة لملاقاة ساكن نحو اضرب الرجل. وإما التشبيه بما حذف تنوينه من الأعلام الموصوفة بابن مضاف إلى علم. قال: والأحسن أن يكون حذف التنوين للضرورة. ¬

_ (¬1) أريت: أصله أرأيت، يقولون: أرأيتك - بفتح التاء - بمعنى أخبرني. وبلاه يبلوه: اختبره وامتحنه. (¬2) في الاغاني (من لدنه).

827 - وأنشد: وقتيل مرّة أثأرنّ فإنّه … فرغ، وإنّ أخاكم لم يثأر (¬1) هو لعامر بن الطّفيل، وهكذا أنشده وأنشده شارح أبيات الايضاح على وجه آخر فقال: قال ابن الطّفيل: فلأبغينّكم قنا وعوارضا (¬2) … ولأقبلنّ الخيل لابة ضرغد والخيل تردى بالكماة كأنّها … حدّ تتابع في الطّريق الأقصد (¬3) في ناشئ من عامر ومجرّب … ماض إذا انفلت العنان من اليد (¬4) فلأثأرنّ بمالك وبمالك … وأخي المروءات الّذي لم يسند (¬5) وقتيل مرّة أثأرنّ فإنّه … فرغ، وإنّ أخاهم لم يقصد يقال: بغيته: طلبته باجتهاد. وقنا: اسم جبل. وعوارض: من أرض بني أسد. وضرغد: بمعجمتين، أرض في ناحية غطفان. واللابة: الحرّة، وهي أرض ذات حجارة سود. والأصل: لأقبلن الخيل إلى اللابة، فحذف الى، وعدّى الفعل الى المفعول الثاني. وقد استشهد الفارسي في الايضاح بالبيت على ذلك. وقال: اقبل أيضا غير متعدّ، تقول: أقبلت بوجهي عليه، فحذف الشاعر حرفي عامل واحد. وقال شارح أبياته: قد حكى أبو زيد في نوادره: قبلت الماشية الوادي، وأقبلتها اياه، أنا أقبلت بها نحوه، فاذا ثبت ذلك كان متعديا بنفسه. ¬

_ (¬1) الخزانة 4/ 216 والمفضليات ص 364، المفضلية رقم 107، والاصمعيات ص 252 رقم 78 وفي جميع هذه المراجع برواية: فرع وإن أخاهم لم يقصد. (¬2) في المفضليات برواية: فلأنعينّكم الملا وعوارضا ولأهبطنّ. (¬3) كذا بالاصل، وفي المراجع السابقة: بالخيل تعثر في القصيد كأنها … حدأ تتابع في الطريق الأقصد (¬4) ليس هذا البيت في المراجع السابقة. (¬5) في المفضليات: (وأخي المروراة) وهو أخوه الحكم بن الطفيل.

828 - وأنشد: فطلّقها فلست لها بكفء … وإلّا يعل مفرقك الحسام تقدم شرحه في شواهد التنوين (¬1): 829 - وأنشد: قالوا: أخفت؟ فقلت: إنّ، وخيفتي … ما إن تزال منوطة برجاء 830 - وأنشد: قالت بنات العمّ: يا سلمى وإن … كان فقيرا معدما؟ قالت: وإن (¬2) قيل هو لرؤبة، وقبله: قالت سليمى: ليت لي بعلا يمن … يغسل جلدي وينسيني الحزن وحاجة ما إن لها عندي ثمن … ميسورة قضاء منّه ومن قالت بنات العمّ: يا سلمى وإن … كان فقيرا معدما؟ قالت: وإن سلمى وسليمى: واحد. ويمن: تخفيف النون، وأصله بالتشديد، لأنه من المنة، ومحله نصب صفة بعلا. والتقدير: يمن على. وجملة: يغسل، الخ، كاشفة كلمة يمن. وحاجة بالنصب عطفا على بعلا. والتقدير: يمن على، وهي قضاء الشهوة. وما نافية. وان زائدة. وميسور: صفة حاجة. ومن: أصله ومنى حذفت الياء والتشديد ضرورة. والمقدّم وجواب الشرط الأوّل محذوف، أي ترضى. وفيه شاهد آخر على دخول التنوين الغالي في أن، أورده كذلك المصنف في التوضيح بلفظ (وانن) في الموضعين. ¬

_ (¬1) انظر الشاهد رقم 555 ص 766 و 767. (¬2) الخزانة 3/ 630

831 - وأنشد: إن يكن طبّك الدّلال فلو في … سالف الدّهر والسّنين الخوالي هو لعبيد بن الأبرص من أبيات أوّلها (¬1): تلك عرسي غضبى تريد زيا … لي، ألبين تريد أم الدّلال إن يكن طبّك الفراق فلا … أحفل أن تعطفي صدور الجمال إن يكن طبّك الدّلال فلو في … سالف الدّهر واللّيالي الخوالي كنت بيضاء كالمهاة وإذ … آتيك نشوان مرخيا أذيالي فاتركي خطّ حاجبيك وعيشي … معنا بالرّجا أو التّأمالي زعمت أنّني كبرت وأنّي … قلّ مالي وضنّ عنّي الموالي وصحا باطلي وأصبحت شيخا … لا يواتي أمثالها أمثالي إن تريني تغيّر الرّأس منّي … وعلا الشّيب مفرقي وقذالي فبما أدخل الخباء على مه … ضومة الكشح طفلة كالغزال فتعاطيت جيدها ثمّ مالت … ميلان الكثيب بين الرّمال ثمّ قالت: فداء لنفسك نفسي … وفداء المال أهلك مالي الطب: بكسر الطاء المهملة وتشديد الباء الموحدة، العادة. والدلال: بفتح الدال المهملة وتخفيف اللام، التحاشي والتمانع على المحب، وفعله دل يدل من ¬

_ (¬1) انظر ديوانه 104 - 111، والعيني 4/ 461، والاغاني 19/ 90، وشعراء الجاهلية 605 واللسان 13/ 233 و 11/ 22 و 9/ 107 والبيان 1/ 199 - 200 وليس البيت هو اول القصيدة، وإنما أولها: ليس رسم على الدفين ببالي … فلوى ذروة فجنبي أثال

باب ضرب يضرب. والخوالي: المواضي، جمع خالية، يقول: ان كان عادتك الدلال فلو كان هذا فيما مضى لاحتملناه. والبيت استشهد به ابن مالك على حذف فعل لو الشرطية شرطها وجوابها، فإن تقديره: فلو كان ذلك في سالف الدهر لاحتملناه. 832 - وأنشد: وهل أنا إلّا من غزيّة إن غوت … غويت، وإن ترشد غزيّة أرشد (¬1) هذا من قصيدة لدريد بن الصّمة الجشمي، يرثي أخاه عبد الله، وأوّلها: أرثّ جديد الحبل من أمّ معبد … بعاقبة، وأخلفت كلّ موعد أعاذل مهلا بعض لومك واقصدي … وإن كان علم الغيب عندك فارشدي ومنها: فقلت لهم ظنّوا بألفي مدجّج … سراتهم في الفارسيّ المسرّد ارث: بالمثلثة، من أرث الثوب، أخلق. وظنوا: بمعنى أيقنوا. والمدجج: التام السلاح، من الدجة، بفتح الجيم، وهي شدة الظلمة، لأن كل من الظلمة والسلاح ساتر. وقيل: من الدج، وهو من المشي الرويد، لأن التام السلاح لا يسرع في مشيه. أو أراد بالفارسي المسرّد الدرع. ومن أبيات القصيدة: دعاني أخي والخيل بيني وبينه … فلمّا دعاني لم يجدني بقعدد وقد استشهد به المصنف في التوضيح على زيادة الباء في ثاني مفعولي وجد ¬

_ (¬1) الخزانة 4/ 513، والاصمعيات 112 (وما أنا ...) وجمهرة أشعار العرب 212، وشعراء الجاهلية 756، والاغاني 9/ 4 - 5، والعيني 2/ 121 والحماسة 2/ 306، والشعراء 726، وحماسة البحتري 108 واللسان 19/ 377 - 378

فائدة: [دريد بن الصمة]

لتقدم النفي. والقعدد: بضم القاف والدال الاولى، الضعيف المتأخر. فائدة: [دريد بن الصّمة] دريد بن الصّمة، اسمه معاوية بن الحارث بن بكر بن علقمة، فارس شجاع فحل جعله الجمحي أوّل الشعراء الفرسان (¬1). وأدرك الاسلام فلم يسلم. وحضر حنين مظاهرا للمشركين فقتل على شركه، ذكره في الأغاني (¬2). وابنه سلمة شاعر أيضا، وهو الذي رمى أبا عامر الاشعري بسهم فأصاب ركبته. ¬

_ (¬1) لم يذكره الجمحي في الطبقات، وهذا دليل على أن الطبقات التي وصلتنا من الكتاب غير تامة. (¬2) 9/ 2 - 19 (بولاق).

الكتاب السادس

الكتاب السادس 833 - وأنشد: بكرت عليه بكرة فوجدته … قعودا لديه بالصّريم عواذله (¬1) هذا من قصيدة لزهير بن أبي سلمى أوّلها (¬2): صحا القلب عن سلمى وأقصر باطله … وعرّي أفراس الصّبا ورواحله وقبل هذا البيت: وأبيض فيّاض يداه غمامة … على معتفيه ما تغبّ نوافله وبعده: يفدّينه طورا وطورا يلمنه … وأعيا فما يدرين أين مخاتله أخي ثقة لا تهلك الخمر ماله … ولكنّه قد يهلك المال نائله تراه إذا ما جئته متهلّلا … كأنّك تعطيه الّذي أنت سائله ترى الجند والأعراب يغشون بابه … كما وردت ماء الكلاب هوامله (¬3) ¬

_ (¬1) ديوان زهير 140 برواية (عليه غدوة) ويروي: (فرأيته) بدل (فوجدته)، والشعراء 100 (¬2) ديوانه 124 - 144 يمدح حصن بن حذيفة الفزاري. (¬3) البيت وما بعده ليس من القصيدة في صلب الديوان، وقد وردت في هامش الصفحة 142

إذا ما أتوا به قال مرحبا … لجوا الباب حتّى يأتي الجوع قاتله فلو لم يكن في كفّه غير نفسه … لجاد بها فليتّق الله سائله (¬1) قوله: صحا القلب، أي انكشف عنه ما كان به من سكر الباطل. وأقصر: كف. وعرى أفراس الصبا: مثل ضربه، أي تركت الصبا فلا أركبه. والصبا: الميل الى الباطل. والأبيض: السيد (¬2). وفياض: سخى. والمعتفون: الذين يأتونه فيطلبون ما عنده. وما تغب: أي انها دائمة لا تنقطع، لا يكون غاية في كل يوم. ونوافله: عطاياه (¬3). والصريم: قال ابن قتيبة: جمع صريمة، وهي القطعة من الرمل تنقطع من معظمه. قال أبو عبيدة: الصريم: الليل. وأراد أنه غدا عليه في بقية من الليل. ويقال الصريم: الصبح، لأنه يصرم بين الليل والنهار. وعواذله: يعذلنه على انفاق ماله. وقوله: يدرين: أي لا يدرين أين الأمر الذي يختلنه فيه أي كيف يخدعنه. وأخو ثقة: أي يوثق به. وقوله: لا يذهب الخمر ماله: لا يفنى ماله في اللذات لكن في المكارم. والنائل: النوال والعطاء. ومتهلل: ضاحك. والجند: الفرسان. والأعراب: الرجالة. والكلاب: بضم الكاف، ماء بأرض بني عامر. والهوامل: الإبل بلا راع. ولجوّا: ادخلوا. وقاتل الجوع: القرى. ومن أبيات هذه القصيدة قوله: فقلت تعلّم أنّ للصّيد غرّة … وإلّا تضيّعها فإنّك قاتله وقد استشهد به المصنف في التوضيح على وقوع تعلم على أنّ وصلتها. ¬

_ (¬1) من الغريب أن ينسب هذا البيت لزهير، وهو مشهور وسائر لأبي تمام من قصيدته في مدح المعتصم بالله التي أولها: أجل أيها الربع الذي حف أهله … لقد أدركت فيك النوى ما تحاول وهو في ديوان أبي تمام 3/ 29 وترتيبه في القصيدة رقم 37 (¬2) الأبيض: يريد به النقي من العيب. والعرب اذا وصفوا بالبياض لا يريدون به بياض اللون، وانما يريدون المدح بالكرم ونقاء العرض من الدنس والعيوب. (¬3) ويروى: (وفواضله) بدل (نوافله).

834 - وأنشد: ولكنّما أهلي بواد أنيسه … ذئاب تبغّى النّاس مثنى وموحد (¬1) هذا من قصيدة لساعدة بن جؤية يرثي بها ابنه أبا سفيان، وأوّلها (¬2): ألا بات من حولي نياما ورقّدا … وعاودني حزني الّذي يتجدّد وعاودني ديني فبثّ كأنّما … خلال ضلوع الصّدر شرع ممدّد بأوب يدي صنّاجة عند مدمن … غوىّ إذا ما ينتشي يتغرّد ولو أنّه إذ كان ما حمّ واقعا … بجانب من يحفى ومن يتودّد ولكنّما أهلي بواد أنيسه … ذئاب تبغّى النّاس مثنى وموحد أرى الدّهر لا يبقى على حدثانه … أبود بأطراف المناعة جلعد قوله: ديني: أي حالي. وخلال: بين. وشرع: بكسر المعجمة وسكون الراء آخره مهملة، الوتر الذي في الملاهي. والمعنى: كأن حنيني ضرب عود في أضلاعي. وأوب: رجوع وترديد في الضرب. ومدمن: أي للخمر. وينتشي: يسكر. ويتغرّد: يتغنى ويطرب. وحم: قدر. ويحفى: يكرم. ويرفق: يقول: لو كان ابني اذ أصابه ما قدرّ له من الموت بجانب من يودّه ويكرمه لكان أهون لما بي، ولكنه بواد ليس له أنيس مع الذئاب والوحش. وأورد المصنف البيت مستشهدا به على استعمال مثنى وموحد نعتين لذئاب، أو خبرين لمبتدأ محذوف، أي بعضهم مثنى وبعضهم موحد. وقيل: هما بدلان من ذئاب. ورده أبو حيان بقلة ولائهما العوامل. والإبدال انما يكون بالأسماء التي بابها ان تلي العوامل. ¬

_ (¬1) ديوان الهذليين 1/ 237 وفيه: (سباع تبغى ....). (¬2) ديوان الهذليين 1/ 236 - 242 وفيه: يرثي ابن أبي سفيان.

وتبغي أصله تبتغي، فحذف إحدى التاءين. يقال: تبغيته إذا طلبته وبغيته. والأبود: الأبد المتوحش. والمناعة: بلدة. وجلعد: غليظ. 835 - وأنشد: ولا أرض أبقل إبقالها (¬1) هو لرجل طائي، وهو عامر بن جوين بالتصغير، وصدره: فلا مزنة ودقت ودقها ومزنة: مبتدأ وأسم لا على إلغائها أو إعمالها عمل ليس. وهي واحدة المزن، وهو السحاب الأبيض. ويقال للمطر: حب المزن. قال المصنف: وهمّ ابن يسعون فقال: إنه المطر نفسه. ويردد قوله تعالى: (أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ). والودق: بالدال المهملة، المطر. ودقت تدق: قطرت. والجملة خبر المبتدأ، أو خبره، أو نعت لمزنة. والخبر محذوف أي موجودة. وودقها وابقالها مصدر ان تشبيهان. وأرض: اسم للبرية المزنة. وأبقل: خبرها، فمحله الرفع، أو نعت لاسمها، فمحله النصب والرفع. ويقال للمكان أول ما ينبت فيه البقل: أبقل، وقد يقال: بقل بقلا وبقولا. ولوجه الغلام أول ما ينبت فيه الشعر: بقل، لا غير. وأنكر جماعة واستشهد بقوله: بقل، على حذف التاء من الفعل المسند الى ضمير المؤنث المجازي منهم الأصمعي بقل في المكان، وادّعوا أن باقلا من الشواذ، كأعشب فهو عاشب، ضرورة. قال المصنف: وكأنه لما اضطر حمل الأرض على الموضع. وزعم ابن كيسان: ان ذلك جائز في النثر، وأن البيت بضرورة لتمكنه من أن يقول أبقلت ابقالها، بنقل كسرة الهمزة الى التاء، فتحذف الهمزة. وأجاب السيرافي: بأنه يجوز أن يكون هذا الشاعر ليس من لغته تخفيف الهمزة. وذكر ابن يسعون: أن بعضهم رواه بالتاء وبالنقل المذكور. قال المصنف: فإن صحت الرواية وصح أن القائل ذلك هو الذي قال: (ولا أرض أبقل) بالتذكير، صح لابن كيسان مدّعاه، وإلا ¬

_ (¬1) الخزانة 1/ 21 وابن عقيل 1/ 172

فقد كانت العرب ينشد بعضهم قول بعض، وكل يتكلم على مقتضى لغته التي فطر عليها، ومن هنا تكثرت الروايات في بعض الأبيات. وذكر ابن الغواص في شرح ألفية ابن معطي: أنه روى ابقالها، فلا شاهد فيه حينئذ. وزعم بعضهم أنه لا شاهد فيه على رواية النصب أيضا ذات، وان التقدير: ولا مكان أرض. فحذف المضاف وقال: أبقل، على اعتبار المحذوف. وقال: ابقالها على اعتبار المذكور. 836 - وأنشد: صفحنا عن بني ذهل … وقلنا: القوم إخوان (¬1) عسى الأيّام أن يرجع … ن قوما كالّذى كانوا هما من قصيدة للفند الزّمّاني قالها في حرب البسوس، وأولها: أقيدوا القوم إنّ الظّل … م لا يرضاه ديّان وإنّ النّار قد تص … بح يوما وهي نيران وفي العدوان للعدوا … ن توهين وإقران وفي القوم معا للقو … م عند البأس أقران وبعض الحلم يوم الجه … ل للذّلّة إذعان! صفحنا عن بني ذهل … وقلنا القوم إخوان عسى الأيّام أن يرجع … ن قوما كالّذى كانوا فلمّا صرّح الشّ … رّ بدا والشّرّ عريان (¬2) ¬

_ (¬1) الخزانة 2/ 57، والحماسة 1/ 21. (¬2) في الحماسة والخزانة: (فأمسى وهو عريان).

فائدة: [الفند]

ولم يبق سوى العدوا … ن دنّاهم كما دانوا أناس أصلنا منهم … ودنّا كالّذى دانوا وكنّا معهم نرمي … فنحن اليوم أخدان وفي الطّاعة للجا … هل عند الحرّ عصيان فلمّا أن أبوا صلحا … وفي ذلك خذلان شددنا شدّة اللّيث … غدا واللّيث غضبان (¬1) بضرب فيه تأميم … وتفجيع وإرنان (¬2) بطعن كفم الزّقّ … غذا والزّقّ ملآن فائدة: [الفند] الفند هذا اسمه شهل، بالمعجمة، ابن شيبان بن ربيعة بن زمّان بن مالك ابن صعب بن علي بن بكر بن وائل بن قاسط بن هنب بن افصى بن دعمي بن جذيلة بن أسد بن ربيعة بن نزار، من شعراء الجاهلية. وسمي فندا لأن بكر بن وائل بعثوا الى بني حنيفة في حرب البسوس يستنصرونهم فأمدّوهم به، فلما أتى بكرا، وهو مسنّ جدا، قالوا: وما يغني هذا عنا؟ قال: أما ترضون أن أكون لكم فندا تأوون إليه. والفند: القطعة العظيمة من الجبل. قوله: صفحنا: أي عفونا عن جرمهم، وأما أصفحت عنه فمعناه أضربت عنه. يرجعن قوما، يرونهم الى الصلة بعد القطيعة. ورجع: مصدر متعد، قال تعالى: (فَإِنْ رَجَعَكَ اللَّهُ) قوله: كالذي كانوا، قال التبريزي: يحتمل أن يكون معناه: كالذي كانوه قبل من الإلفة والاتفاق. ويحتمل أن يكون المراد: كانوا، فحذف النون تخفيفا. والفرق بينهما ¬

_ (¬1) في المراجع السابقة: (مشينا مشية الليث). (¬2) في المراجع السابقة: بضرب فيه توهين وتخضيع واقرأن

أنه أمل في الوجه الأول أن ترد الأيام أحوالهم كما كانت. وفي الثاني: أن ترجع الأيام أنفسها كما عهدت. وصرّح الشر: خلص فلم يشبه خير شبه باللبن الصريح، وهو الذي ذهبت رغوته، وإذا ذهبت الرغوة فاللبن عريان. وقيل: صرح بمعنى تبين. ويروى: فأمسى وهو عريان وأمسى: بمعنى صار، ويروى فأضحى. قال البياري: وهي وأخواتها قد يوصفن في الشعر توسعا موضع منازعة. والعدوان: الظلم والبغي، يقول: لما أصرّوا على البغي والظلم والقطيعة وأبوا أن يرعووا لم يبق الا أن نقاتلهم كما اعتدوا، ودناهم كما دانوا: أي حكمنا عليهم كما حكموا علينا، وجازيناهم كما اعتدوا علينا. وأطلق على فعلهم المجازاة من باب المشاكلة كقوله تعالى: (فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ) وفي المثل: كما تدين تدان. شددنا: حملنا. وغدا: بالمعجمة، وخص الغدوّ لأنه أشد لصولته ذاهبا لمطلبه لما عنده من سورة الجوع. ويروى: بالمهملة، أي عدا على فريسته. وكرّر الليث: ولم يأت بضميره تفخيما، وهم يفعلون ذلك في أسماء الاجناس والأعلام. وبضرب متعلق بشددنا. وغذا: بمعجمتين، أي سال، وهو في موضع الحال. قوله: (وفي العدوان ... البيت) أي في اعتدائنا عليهم بالجزاء قمع لعدوانهم وردع، وهو كقولهم: بالشر ترد عادية الشر. واقران: أي اطاقة، من أقرن له اقرانا أي أطاقه أي بمثل العدوان فيدفع شره. قال البياري: وأجود منه أن يجعل الاقران هنا اللين والخشوع، أي لا تذله وتقهره إلّا أن تقاتله بمثله، من قولهم: أقرن الجبن، واستقرن: إذا نضج. وقوله: (وبعض الحلم ... البيت) أي ارتكاب الحلم عند الجهل، دخول تحت الذل. وإذعان: أي انقياد له. وتوهين: تضعيف للمضروب. وتخضيع: تذلل. وارنان: رنة وتأوه منه لشدته. ويروى: تأميم وتفجيع، أي يصير النساء أيامى، أي فاقدات الأزواج لقلتهم، وتفجع الرجل بابنه وأخيه بقتله. وقوله: بطعن كفم الزّقّ

شبه الطعن ونجيع الدم بفم الزق إذا سال عن ملء. وقوله: والزّق ملآن: تتميم جاء بعد تمام المعنى، وفيه إقامة الظاهر مقام المضمر. 837 - وأنشد: إذ النّاس ناس والزّمان زمان أنشده صاحب الحماسة البصرية هكذا: ألا هل إلى أجبال سلمي بذى اللّوى … لوى الرّمل من قبل الممات معاد بلاد بها كنّا ونحن نحبّها … إذ النّاس ناس والبلاد بلاد لم يسم قائله. وقال في الأغاني (¬1): هما لرجل من عاد فيما ذكر. ثم أخرج عن حماد الرواية قال: حدثني ابن أخت لنا من مراد قال: وليت صدقات قوم من العرب فقال لي رجل منهم: ألا أريك عجبا؟ فأدخلني في شعب من جبل، فإذا أنا بسهم من سهام عاد قد نشب في ذروة من الجبل عليه مكتوب: ألا هل إلى أبيات شمح إلى اللّوى … من الرّمل يوما للنّفوس معاد بلاد بها كنّا وكنّا من اهلها … إذ النّاس ناس والبلاد بلاد ثم أخرجني الى ساحل البحر فإذا أنا بحجر عليه مكتوب: يا ابن آدم! يا عبد ربه، اتق الله ولا تعجل في أمرك فانك لن تسبق رزقك، ولا ترزق ما ليس لك. 838 - وأنشد: أنا أبو النّجم وشعرى شعرى (¬2) ¬

_ (¬1) 21/ 105 (¬2) الخزانة 1/ 211، والكامل 42 والاغاني 22/ 371 (الثقافة).

أخرج أبو الفرج في الأغاني عن الأصمعي قال: قال أبو النجم للعديل بن الفرخ: أرأيت قولك: فإن تك من شيبان أمّي فإنّني … لأبيض عجليّ شديد المفارق أكنت شاكا في نسبك حتى قلت هذا؟ فقال له العديل: أفشككت أنت في نفسك وشعرك حيث قلت: أنا أبو النّجم وشعرى شعرى … لله درّى ما يجنّ صدرى (¬1) فأمسك أبو النجم واستحيا. 839 - وأنشد: كادت النّفس أن تفيض عليه … مذ ثوى حشو ريطة وبرود (¬2) لم يسم قائله (¬3). وتفيظ: بالظاء المعجمة، يقال: فاظ الليث، بالظاء، وفاضت نفسه، بالضاد. قال الزجاج: وفاظت نفسه بالظاء جائز عند الجميع إلا ¬

_ (¬1) في الخزانة: (... ما أجن صدري) وبعده: من كلمات باقيات الحرّ … تنام عيني وفؤادي يسري مع العفاريت بأرض قفر وفي الكامل 42: (أنا أبو النجم وشعري شعري: أي شعري كما بلغك وكما كنت تعهد، وكذلك قولهم: الناس الناس، أي الناس كما كنت تعهدهم). وفي الخزانة: (على أن عدم مغايرة الخبر للمبتدأ انما هو للدلالة على الشهرة، أي شعري الآن هو شعري المشهور المعروف بنفسه لا شيء آخر). والدّر في الاصل اللبن، يقال في المدح لله درّه أي عمله. وقوله: ما أجنّ صدري، هو صيغة تعجب من الجنون، قال في الصحاح: وقولهم: ما أجنّه - في المجنون - شاذ لا يقاس عليه. (¬2) ابن عقيل 1/ 132 وفيه: (إذا غدا حشو). (¬3) قال العلامة الشنقيطي: هو لمحمد بن مبادر شاعر البصرة، وقبله: ليت شعري وهل درى حاملوه … ما الذي يحملون من عفاف وجود =

الأصمعي، فإنه لا يجمع بين الظاء والنفس، بل يقول: فاظ الرجل بالظاء، وفاضت نفسه بالضاد. وقال ابن بري: الذي يجوز فاظت نفسه بالظاء. يحتج بهذا البيت، وضمير عليه للميت المرثي. والريطة: بفتح الراء وسكون التحتية وفتح الطاء المهملة، الملائة إذا كانت قطعة واحدة ولم تكن ذات لفقين. والبرود: جمع برد. والبيت استشهد به المصنف في التوضيح على دخول إن في كاد. ¬

_ = قلت: ليس اسمه ابن مبادر - بالباء المنقوطة -، وانما هو (مناذر) والبيت من قصيدة طويلة يرثي عبد المجيد بن عبد الوهاب الثقفي وهي في الكامل 1225 - 1228، وطبقات ابن المعتز 122 - 124 ونهاية الأرب 3/ 83 ونسبت فيه خطأ لابن ميادة، ومنها أبيات متفرقة في الاغاني والزهرة 367 والموشح، وقد روي البيت الذي ذكره العلامة الشنقيطي بلفظ: ما دري نعشه ولا حاملوه … ما على النعش من عفاف وجود

الكتاب السابع

الكتاب السابع 840 - وأنشد: ألم أك جاركم ويكون بيني … وبينكم المودّة والإخاء؟ (¬1) هذا من قصيدة للحطيئة أولها: ألا قالت أمامة هل تعزّى؟ … فقلت أمام، قد غلب العزاء إذا ما العين فاض الدّمع منها … أقول بها قذى وهو البكاء لعمرك ما رأيت المرء تبقى … طريقته وإن طال البقاء على ريب المنون تداولته … فأفنته وليس له فناء إذا ذهب الشّباب فبان منه … فليس لما مضى منه لقاء (¬2) ومنها: ألا أبلغ بني عوف بن كعب … فهل قوم على خلق سواء ألم أك نائيا فدعوتموني … فجاء بي المواعد والرّجاء ألم أك جاركم ويكون بيني … وبينكم المودّة والإخاء ¬

_ (¬1) ابن عقيل 2/ 126، وسيبويه 1/ 425، وانظر الكامل 541 (¬2) ويروى (بقاء) كما في اللآلي 459

وإنّي قد علقت بحبل قوم … أعانهم على الحسب الثراء هم القوم الّذين إذا ألمّت … من الأيّام مظلمة أضاؤوا هم القوم الّذين علمتموهم … لوى الدّاعي إذا رفع اللّواء والبيت فيه شواهد، أحدها: ورود همزة الإستفهام للتقرير. والثاني: حذف نون أكن لاجتماع الشروط. والثالث: نصب المضارع بأن مقدرة بعد الواو لوقوعه بعد الإستفهام. وعلى ذلك أورده ابن مالك. 841 - وأنشد: تحلّم عن الأدنين واستبق ودّهم … ولن تستطيع الحلم حتّى تحلّما (¬1) هذا من قصيدة لحاتم الطائي الجواد، وأوّلها: أتعرف أطلالا ونؤيا مهدّما … كخطّك في رقّ كتابا منمنما أذاعت به الأرواح بعد أنيسه … شهورا وأيّاما وحولا محرّما ونفسك فاكرمها فإنّك إن تهن … عليك فلن تلقى لها الدّهر مكرما أهن للّذي تهوى التّلاد، فإنّه … إذا متّ صار المال نهبا مقسّما ولا تشقين فيه فيسعد وارث … به حين تخشى أغبر الجوف مظلما يقسّمه غنما ويشري كرامة … وقد سرت في خطّ من الأرض أعظما قليلا به ما يحمدنّك وارث … إذا اختار ممّا كنت تجمع مغنما تحلّم عن الأدنين واستبق ودّهم … ولن تستطيع الحلم حتّى تحلّما ¬

_ (¬1) سيبويه 2/ 240، وأساس البلاغة (حلم) والقصيدة في الخزانة 1/ 492 - 493 ببعض الاختلاف وهي تتعلق بالكرم ومكارم الاخلاق.

متى ترق أظعان العشيرة بالأنا … وترك الأذى يحسم لك الدّاء محسما وما تغشّتني في هواي لجاجة … إذا لم أجد ما في أمامي مقدّما إذا شئت نازيت امرأ السّوء ما نزا … إليك ولاطمت اللّئيم الملطّما وعوراء قد أعرضت عنها فلم تضر … وذي أود قوّمته فتقوّما وأغفر عوراء الكريم ادّخاره … وأعرض عن شتم اللّئيم تكرّما ولا أخذل المولى وإن كان خاذلا … ولا أشتم ابن العمّ إن كان مفحما ولا زادني عنه غناي تباعدا … وإن كان ذا نقص من المال معدما قال ابن يسعون: هذه الأبيات من أحسن ما قيل في مداراة الأقارب. 842 - وأنشد: فإنّ نكاحها مطر حرام تقدم شرحه في شواهد التنوين ضمن قصيدة الأحوص (¬1). ¬

_ (¬1) انظر 767 من قصيدة الشاهد رقم 552 ص 766 ويروى (مطر) بالرفع والنصب والجر.

الكتاب الثامن

الكتاب الثامن 843 - وأنشد: فتى هو حقّا غير ملغ قوله (¬1) … ولا تتّخذ يوما سواه خليلا 844 - وأنشد: إنّ امرأ خصّني يوما مودّته … على التّنائي لعندي غير مكفور هو لأبي زبيد الطائي يمدح أخاه لأمه وليد بن عقبة عامل الكوفة في خلافة عمثان رضي الله عنه. وسبب ذلك أن بني تغلب أخواله كانوا قد أخذوا له إبلا فاقتلعها منهم وليد المذكور، وبعده: أرعى وأروى وأدناني وأظهرني … على العدوّ بنصر غير تعذير أرعى: جعل إبله ترعى. وأروى: سقاها. والتعذير التقصير (¬2). 845 - وأنشد: أبى الله أن أسمو بأمّ ولا أب (¬3) هو لعامر بن الطّفيل، وصدره: فما سوّدتني عامر عن وراثة ¬

_ (¬1) كذا بالاصل، وصحتها كما في المغني (توله). (¬2) ورد هذا النص بالحرف الواحد في حاشية الامير 2/ 189 (¬3) الخزانة 3/ 527 والعيني 1/ 242 والشعراء 295 والكامل 140

قال الصولي: حدثني الحسن بن اسمعيل قال: سمعت المعتضد يقول: لا فخر أفخر من قول عامر بن الطفيل: وإنّي وإن كنت ابن سيّد عامر … وفارسها المشهور في كلّ موكب فما سوّدتني عامر عن وراثة … أبى الله أن أسمو بأمّ ولا أب ولكنّني أحمي حماها، وأتّقي … أذاها، وأرمي من رماها بمنكبي هذا والله السؤدد أن يشرف بنفسه، يزيد بذلك شرفه بآبائه، فإن نقص عنهم كان ذلك لاحقا به لا بهم. والأبيات المذكورة من قصيدة، أولها: تقول ابنة العمريّ مالك بعد ما … أراك صحيحا كالسّليم المعذّب السليم: اللديغ. وسوّدتني: من السيادة. وأسمو: من السمو، وهو العلو والارتفاع. والمنكب: بكسر الكاف وفتح الميم، رأس العرفاء في النكاية، وهي العرافة. وقيل أعوان العرفاء. والمعنى: وأرمي من رماها بجماعة رؤساء من الفوارس. وعامر بن الطفيل العامري، ورد على النبي صلّى الله عليه وسلّم ولم يسلم وتهدّده، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: اللهمّ اكفنيه بما شئت (¬1)! فأخذه الطاعون كما ثبت ذلك في كتاب المعجزات. وفي شرح شواهد الإيضاح أنه يكنى أبا الجزاز، بزائين. وقيل أبا جزيز بالتصغير. وأنه لما قدم كان له بضع وثمانون سنة، وكان أعور. 846 - وأنشد: إذا رضيت عليّ بنو قشير تقدم شرحه في شواهد على (¬2). ¬

_ (¬1) في الشعراء 294: (اللهم اكفني عامرا واهد بني عامر). (¬2) الشاهد رقم 215 ص 416

847 - وأنشد: فيها خطوط من سواد وبلق … كأنّه في الجلد توليع البهق تقدم شرحه في شواهد التنوين (¬1). 848 - وأنشد: ما إن رأيت ولا سمعت بمثله … كاليوم هانئ أينق جرب (¬2) قال القالي في أماليه: حدثنا أبو بكر، حدثنا أبو عامر (¬3) عن أبي عبيدة قال: خرجت تماضر بنت عمرو بن الحارث بن الشّريد، وهي الخنساء، وهي في زود لها جرّب، ثم نضت عنها ثيابها واغتسلت، ودريد بن الصّمّة يراها لا تراه، فقال دريد: حيّوا تماضر واربعوا صحبي … وقفوا فإنّ وقوفكم حسبي ما إن رأيت ولا سمعت بمثله … كاليوم هانئ أينق جرب متبذلا تبدو محاسنه … يضع الهناء مواضع النّقب متحسّرا نضخ الهناء به … نضخ العبير بريطة الهضب (¬4) أخناس قد هام الفؤاد بكم … واعتاده داء من الحبّ فسليهم عنّى خناس إذا … غضّ الجميع هناك ما خطبي (¬5) ¬

_ (¬1) انظر ص 764 والشاهد رقم 553 (¬2) الامالي 2/ 161، والاغاني 10/ 22 (الدار) برواية: (... به كاليوم طالي أنيق جرب)، وانظر حاشية الامير 2/ 190 (¬3) كذا بالاصل، وفي الامالي (أبو حاتم). (¬4) كذا بالاصل، وفي الامالي والاغاني: (العصب). ويروي: (العطب) بالضم وبضمتين، وهو القطن. وأصلحنا في الاصل (البصير) بالعبير، كما في المراجع السابقة. وكذا في الامالي، وفي الاغاني: (¬5) غضّ الجميع الخطب ما خطبي

قال القالي: النّقب، بكسر القاف، ويقال أيضا بفتحها، القطع المتفرّقة من الجرب في جانب البعير، والواحدة نقبة (¬1). وغضّ: من الغضاضة واللّين. وخناس: هي الخنساء الشاعرة المشهورة وأسمها تماضر. وأخرج أبو الفرج في الأغاني عن أبي عبيدة وابن الأعرابي وابن الكلبي مثل هذه القصة. وزاد: فلما أصبح غدا على أبيها يخطبها، فدخل عليها أبوها فقال: يا خنساء، أتاك فارس هوزان وسيّد جشم دريد بن الصّمّة يخطبك! فقالت: أنظرني حتى أشاور نفسي، ثم بعثت وليدة لها فقالت: انظري دريدا إذا بال، فإن وجدت بوله قد خرق الأرض ففيه بقية، وإن وجدته قد ساح على وجهها فلا فضل فيه. فاتّبعته وليدتها ثم عادت اليها فقالت: قد وجدت بوله قد ساح على وجه الأرض. فعاودها أبوها فقالت: يا أبه، أتراني تاركة بني عمّي مثل عوالي الرمّاح وناكحة شيخ بني جشم هامة اليوم أو غد! فصرف دريد. 849 - وأنشد: لما أغفلت شكرك فاصطنعني … فكيف ومن عطائك جلّ مالي 850 - وأنشد: يا ليت حظّي من نداك الصّافي … والفضل أن تتركني كفاف (¬2) هذا من رجز لرؤبة يخاطب به أباه العجّاج وقد سرق، أعني أباه، قصيدة له وأنشدها سليمان بن عبد الملك فأجازه عشرة آلاف درهم، فطلب منه ابنه نصيبا منها لكونه أجيز بشعره فأبى. وأخرج ابن عساكر في تاريخه من طريق أبي سعيد السّيرافي عن أبي بكر بن السراج عن أبي العباس المبرد عن الرياشي عن الأصمعي قال (¬3): قال رؤبة: خرجت مع أبي أريد (¬4) سليمان بن عبد الملك، فلما صرنا ببعض ¬

_ (¬1) النقب: بضم النون وتسكين القاف أو فتحها. ولم يذكر القالي انها بكسر القاف. وفيه: (في جلد البعير). (¬2) في المغني: (من جداك الصافي)، وهو في الخزانة 1/ 245 بلفظ: فليت حظي من جداك الضافي … والنفع ان تتركني كفاف (¬3) انظر الخزانة 1/ 246. (¬4) في الخزانة (يريد).

الطريق قال لي: أبوك راجز وجدّك راجز وأنت مفحم. قلت: أفأقول؟ قال: نعم، قلت: كم قد حسرنا من علاة عبس ثم أنشدته إياها فقال: اسكت فضّ الله فاك. فلما انتهينا الى سليمان قال له: ما قلت؟ فأنشده أرجوزتي، فأمر له بعشرة آلاف درهم. فلما خرجنا من عنده قلت: أتسكتني وتنشد أرجوزتي؟ فقال: اسكت ويلك! فإنك أرجز الناس. قال: فالتمست منه أن يعطيني نصيبا مما أخذه بشعري (فأبى) (¬1) فنابذته فقال (¬2): لطالما أجرى أبو الجحّاف … لبدته بعيدة الإتحاف (¬3) يأتي عن الأهلين والألّاف … سر هفته ما شئت من سرهاف (¬4) حتّى إذا ما آض ذا أعراف … كالكردن السّرود بالإكاف (¬5) قال: الّذي عندك لي صراف (¬6) … من غير ما كسب ولا اعتراف (¬7) ¬

_ (¬1) مزيدة. (¬2) انظر بالاضافة الى الخزانة اللآلي 788 (¬3) في الخزانة: (لهيئة بعيدة الاطراف). وفي اللآلي: (لفرقة طويلة التجافي). (¬4) وفي اللالي: (سرعفته)، أي أحسنت غذاءه، وكذلك سرهفته. (¬5) كذا بالاصل، وصحتها (كالكودن) كما في الخزانة واللالي، والامالي 2/ 166 والكودن: الهجين ولا يشد الإكاف الّا على القوي منها، وقوله: آض ذا أعراف، هذا مثل، يقول: صار مثل البرذون. والإكاف: البرذعة. وهذه صفات ذم له، يريد أنه حتى صار رجلا ذا لحية. (¬6) في اللآلي برواية: (قال: الذي جمّعت لي صواف). وصراف اسم فعل أمر بمعنى اصرف. وصواف - على رواية اللآلي - أي خوالص دون ولدك. (¬7) في الخزانة: (ولا احتراف) بالحاء المهملة.

فقال رؤبة يجيبه: إنّك لم تنصف أبا الجحّاف … وكان يرضى منك بالإنصاف ظلمتني غيّك ذو الإسراف … يا ليت حظّي من نداك الصّافي والفضل أن تتركني كفاف أبو الجحاف: بجيم ثم حاء مهملة وفاء، كنية رؤبة. وروى صاحب كتاب (مناقب الشبّان وتقديمهم على ذوي الأسنان) من طريق محمد بن سلام، عن أبي يحيى الضبي قال: كان رؤبة يرعى إبل أبيه حتى بلغ وهو لا يقرض الشعر، فتزوّج أبوه امرأة يقال لها عقرب، فعادت رؤبة، وكانت تقسم إبله على أولادها الصغار، فقال رؤبة: ما هم بأحق مني لها!، إني لأقاتل عنها السنين، وأنتجع بها الغيث. فقالت عقرب للعجّاج: اسمع هذا وأنت حي! فكيف بنا بعدك؟ فخرج فزبره وصاح به وقال له اتبع إبلك، (ثم قال) (¬1). لطالما أجرى أبو الجحّاف … وكان يرضى منك بالإنصاف لمّا رآني أرعشت أطرافي … استعجل الدّهر وفيه كاف يخترف الإلف عن الألّاف (¬2) في أبيات، فأنشد رؤبة يجيبه: إنّك لم تنصف أبا الجحّاف … وهو عليك دائم التّعطاف وكان يرضى منك بالإنصاف قال صاحب مناقب الشبان: قوله: ¬

_ (¬1) مزيدة. (¬2) كذا بالاصل، وفي الخزانة: (يخترم الالف ..).

استعجل الدّهر وفيه كاف كقول الآخر: يعين عليّ الدّهر والدّهر مكتف وقول كسرى: إذا أدبر الدّهر عن قوم كفى عدوّهم 851 - وأنشد: جالت لتصرعني فقلت لها اقصري … إنّي امرؤ قتلي عليك حرام (¬1) هو من قصيدة لامرئ القيس بن حجر قوافيها كلها مجرورة سوى هذا البيت فإنه وقع في الإقواء، وأولها (¬2): لمن الدّيار غشيتها بسحام … فعمايتين فهضب ذي أقدام دار لهند والرّباب وفرتنى … ولميس قبل حوادث الأيّام عوجا على الطّلل المحيل لأنّنا … نبكي الدّيار كما بكى ابن جذام ومنها: ومجدّة نسّأتها فتكمّشت … رتك النّعامة في طريق حام تخدي على العلّات سام رأسها … روعاء منسمها رثيم دام ¬

_ (¬1) ديوان امرئ القيس 116 وفيه (إني امرؤ صرعي)، وفي المغني بلفظ (جاءت لتصرعني)، وهو خطأ. (¬2) ديوانه 114 - 118

جالت لتصرعني فقلت لها اقصري … إنّي امرؤ قتلي عليك حرام فجزيت خير جزاء ناقة واحد … ورجعت سالمة القرى بسلام سحام، بمهملتين مضموم الأول. وذى أقدام: موضعان. وعمايتان: بمهملة، جبلان. وهضب وهند والرباب وفرتنا ولميس أسماء نساء (¬1). وعوجا: اعطفا. والمحيل: المتغير. ولأنّنا: لغة في لعلّنا. وقد استشهد بالبيت على ذلك. وابن جذام: شاعر قديم (¬2). ومجدة: ناقة سريعة. والواو واورب. ونسأتها: زجرتها. وتكمشت: أسرعت. ورتك: سرعة. وحام: حار من الشمس. وتحدى: تسرع. والعلاة: المشاد. وسام: مرتفع. وروعاء: نشيطة. والمنسم: طرف الخف. ورثيم: مجروح. ودام: نفر دمه. وجالت: اضطربت. وتصرعني: تسقطني واقصري: كفي. والبيت في ديوان امرئ القيس بلفظ: صرعي عليك حرام والقرى: بالقاف الظهر. 852 - وأنشد: طلبوا صلحنا ولات أوان تقدم شرحه في شواهد لات (¬3). 853 - وأنشد: ما تنقم الحرب العوان منّي ¬

_ (¬1) في الديوان: الهضب جمع هضبة، وهي قطعة من الجبل مرتفعة. (¬2) كذا، والمعروف انه ابن خذام، ويروى ابن حذام وابن حمام. وهو رجل من طئ لم يسمع شعره الذي بكى فيه ولا شعر ذكر فيه غير هذا البيت الذي ذكر امرؤ القيس، وانظر ابن سلام 33، والمؤتلف 11 و 129، والعمدة 1/ 70 (¬3) الشاهد رقم 398 ص 640.

تقدم شرحه في شواهد أم (¬1). 854 - وأنشد: يا ما أميلح غزلانا شدنّ لنا هو من أبيات أولها (¬2): حوراء لو نظرت يوما إلى حجر … لأثّرت سقما في ذلك الحجر يزداد توريد خدّيها إذا لحظت … كما يزيد نبات الأرض بالمطر فالورد وجنتها والخمر ريقتها … وضوء بهجتها أضوا من القمر يا من رأى الخمر في غير الكروم ومن … هذا رأى نبت ورد في سوى الشّجر ¬

_ (¬1) الشاهد رقم 56 ص 147 (¬2) القصيدة في ذيل ديوان العرجي 180 - 183، وعلق محققا الديوان على القصيدة بما يلي: (عن الخزانة 1/ 46 - 47 وفي المعاهد 3/ 167 ذكر الاختلاف في نسبته للمجنون أو لذي الرمة أو للعرجي أو للحسين بن عبدان الغزي، قال: والأكثرون على انه للعرجي، ونقل عن البغدادي والزهرة لابن داود: أن بعض الاعراب قال: يا سرحة الحي! أين الروح؟ واكبدي! … لهفا تذوب - وبيت الله - من حسر ما أنت عجماء عما قد سئلت، فما … بال المنازل لم تنطق ولم تحر؟ يا قاتل الله غادات قرعن لنا … حب القلوب بما استودعن من حور عنت لنا وعيون من يرامقها … مكنونة مقل الغزلان والبقر يا ما أميلح غزلانا شدن لنا … من هؤليائكن الضال والسحر وذكر الباخرزي في الدمية ص 27 - 29: في قوله: انسانة الحي: البيت أنه أول أبيات لرجل بدوي اسمه كامل الثقفي، والمظنون ان النسبة محرفة، فقد ذكر الباخرزي انه سمع هذه الابيات من رجل بدوي من زعماء المنتفق اسمه كامل البغدادي. وفي الخزانة: ان العيني ذكر المطلع وقال: هو من قصيدة للعرجي، قال: وجعل الصاغاني الابيات: بالله يا ظبيات، وما بعده، للحسين بن عبد الرحمن العربني، ولعله المذكور في المعاهد باسم الحسين بن عبد الله الغزي، ثم ذكر ان السخاوي قال في شرح المفصل: والنحاة ينشدون: يا ما أميلح ... البيت، ظنا منهم بأنه شعر قديم، وانما هو لعلي بن محمد العربني، وهو متأخر، وكان يروم التشبيه بطريقة العرب في الشعر. والشاهد أيضا في (الموفي في النحو الكوفي) ص 85 والانصاف 1/ 74.

كادت ترفّ عليها الطّير من طرب … لمّا تغنّت بتغريد على وتر بالله يا ظبيات القاع قلن لنا … ليلاي منكنّ أم ليلى من البشر يا ما أميلح غزلانا شدنّ لنا … من هؤ ليّائكنّ الضّال والسّمر هكذا رأيته بخط المصنف في بعض تعاليقه. ورأيت في الدمية للباخرزي: قوله: (بالله يا ظبيات القاع) بعد قوله: (يا ما أمليح)، وبعدهما قوله: إنسانة الحيّ؟ أم أدمانة السّمر؟ … بالنّهي، رقّصها لحن من الوتر! ولم يذكر غير هذه الثلاثة. وقال: إنها من مترنمات كامل الثقفي. قال: ولكامل هذا شعر بدوي، وصيت له بين الشعراء روي. والبيت: استشهد به المصنف كالنحاة على تصغير فعل التعجب. واستشهد غيره بعجزه على تصغير اسم الإشارة، وعلى اقترانه بالهاء. وقوله: بالله يا ظبيات القاع ... البيت. استشهد به أهل البديع على النوع المسمى تجاهل العارف. واستشهد به المصنف في التوضيح على تحريك ياء ظبية في الجمع بألف وتاء. وفي شواهد العيني: نسبة هذه الأبيات للعرجي. وأميلح: تصغير أملح، من ملح الشيء ملاحة. وشدنّ: بتشديد النون، جمع مؤنث من شدن الظبي شدونا، إذا صلح جسمه وإذا قوي وطلع قرناه واستغنى عن أمه فهو شادن. والضال: بمعجمة ولام خفيفة، السدر البري، واحده ضالة بالتخفيف أيضا. والسمر: بضم الميم، ضرب من شجر الطلح، الواحدة سمرة. وظبيات جمع ظبية. والقاع: المستوى من الأرض. 855 - وأنشد: يا صاح بلّغ ذوي الزّوجات كلّهم … أن ليس وصل إذا انحلّت عرا الذّنب 856 - وأنشد: لحب المؤقدين إليّ مؤسى … وجعدة إذ أضاءهما الوقود

هو من قصيدة لجرير يمدح بها هشام بن عبد الملك. أولها (¬1): عفا النّسران بعدك فالوحيد … ولا يبقى لجدّته جديد نظرنا نار جعدة هل نراها … أبعد غال ضوءك أم همود لحبّ المؤقدين إليّ مؤسى … وجعدة إذ أضاءهما الوقود تعرّضت الهموم لنا فقالت … جعادة: أيّ مرتحل تريد فقلت: لها الخليفة غير شكّ … هو المهديّ والحكم الرّشيد ومنها: هشام الملك والحكم المصفّى … يطيب إذا نزلت به الصّعيد يعمّ على البريّة منه فضل … وتطرق من مخافته الأسود وإن أهل الضّلالة خالفوكم … أصابهم كما لقيت ثمود وأمّا من أطاعكم فيرضى … وذو الأضغان يخضع مستقيد النسران: انقاء بالدهناء، واحدها نقا، وهو كثيب من الرمل. والوحيد وموسى ابنه. وجعدة: ابنته. وهما عطفان بيان للموقدين، كانا يوقدان نار القرى. وإذ أضاءهما: بدل اشتمال منهما. واللام في لحب للقسم. وحب: فعل ماض بضم الحاء وفتحها من أحب وحب. والمعنى: حبّب الله إليّ اضاءة وقودهما إياهما. 857 - وأنشد: ممّا حملن به وهنّ عواقد … حبك النّطاق فشبّ غير مهبّل ¬

_ (¬1) ديوانه 146 - 151

حملت به في ليلة مزؤودة … كرها وعقد نطاقها لم يحلل تقدم شرحه في شواهد الى (¬1). 858 - وأنشد: كيف تراني قالبا مجنّي … قد قتل الله زيادا عنّي (¬2) 859 - وأنشد: لنا قمراها والنّجوم الطّوالع تقدم شرحه في شواهد الخطبة (¬3). 860 - وأنشد: إلى ملك كاد الجبال لفقده … تزول وزال الرّاسيات من الصّخر 861 - وأنشد: يغشون حتّى ما تهرّ كلابهم تقدم شرحه (¬4). 862 - وأنشد: لعمرك ما الفتيان أن تنبت اللّحى … ولكنّما الفتيان كلّ فتى ند ¬

_ (¬1) انظر ص 227 وهما مع الشاهد رقم 113 من قصيدة واحدة. (¬2) هو للفرزدق والبيت في ديوانه 881، وزياد هو زياد بن أبيه. (¬3) انظر ص 13، وهو مع الشاهد رقم 1 ص 12 من قصيدة واحدة. (¬4) في شواهد حتى، الشاهد رقم 187 ص 378

863 - وأنشد: حتّى يكون عزيزا من نفوسهم … أو أن يبين جميعا وهو مختار (¬1) 864 - وأنشد: إن يسمعوا سبّة طاروا بها فرحا … عنّي وما سمعوا من صالح دفنوا (¬2) قاله قعنب بن أم صاحب من شعراء الحماسة، وبعده: صمّ إذا سمعوا خيرا ذكرت به … وإن ذكرت بشرّ عندهم أذنوا جهلا علينا وجبنا من عدوّهم … لبئست الخلّتان الجهل والجبن قوله: سبة: هي ما يسب به (¬3). وفرحا: مفعول له. ومعنى طاروا بها: كثروها في الناس وأذاعوها. وعنى بدل مني: أي من جهتي. وصم: خبره مقدرا. وأذنوا: بكسر المعجمة، استمعوا. وجهلا وجبنا: مصدران لعله، أي تجمعوا جهلا على الأقارب وجبنا على الأعداء. والجبن: ضد الشجاعة. بضم الباء وسكونها لغتان وقعا في البيت. وفيه من أنواع البديع التوشيح، وهو ختم الكلام بمثنى فسر بمفردين. 865 - وأنشد: إن تركبوا فركوب الخيل عادتنا … أو تنزلون، فإنّا معشر نزل (¬4) ¬

_ (¬1) حماسة أبي تمام 1/ 290 ونسبه ليزيد بن حمار السكوني، قاله من قصيدة يوم ذي قار وهو في المؤتلف 128 منسوب لعدي بن زيد. (¬2) الحماسة 4/ 24 (¬3) وفي الحماسة برواية: (ريبة). (¬4) ديوان الاعشى ص 63 من القطعة 6 وفيه برواية: (قالوا الركوب! فقلنا عاداتنا ...) ولا شاهد فيه بهذه الرواية وانظر ص 968.

هو من قصيدة للأعشى ميمون أولها: ودّع هريرة إنّ الرّكب مرتحل … وهل تطيق وداعا أيّها الرّجل وقبل هذا البيت: لئن منيت بنا عن غبّ معركة … لا تلفنا عن دماء القوم ننتفل قوله: ودّع، استشهد به أهل البديع على نوع من التجريد، وهو خطاب الإنسان نفسه. ومنيت: ابتليت، أي قد قدرت لنا وقدرنا لك. وعن: بمعنى بعد. وقد استشهد ابن مالك بالبيت على ذلك بالفاء بأحد النفل. قال المصنف: الكثيرون يروونه بالقاف وهو تصحيف. ومن أبيات هذه القصيدة ما استشهد به في البديع وهو: ما روضة من رياض الحزن معشبة … خضراء جاد عليها مسبل هطل يضاحك الشّمس منها كوكب شرق … مؤزّر بعميم النّبت مكتهل يوما بأطيب منها نشر رائحة … ولا بأحسن منها إذ دنا الأصل والحزن: بالفتح وزاي، اسم موضع، وهو في الأصل ضدّ السهل. ومسيل: سائل. وهطل: متتابع. ويضاحك: يميل معها حيث مالت. وكوكب: معظم الزهر، وكوكب كل شيء: معظمه. وشرق: ريان. وعميم: طويل. ومكتهل: ظاهر النور. والأصل جمع أصيل، وهو العشي. وبعد هذه الأبيات قوله: علّقتها عرضا، وعلّقت رجلا … غيري، وعلّق أخرى ذلك الرّجل وهذا البيت استشهد به المصنف في التوضيح على بناء الفعل للمجهول في الافعال الثلاثة لإقامة النظم. والعلاقة: بالفتح، الحب. وعرضا: بالعين المهملة، من عرض له كذا أتاه على غير قصد. وبعد هذا: فكلّنا مغرم يهذي بصاحبه … ناء ودان ومحبول ومحتبل

قالت هريرة لمّا جئت زائرها … ويلي عليك وويلي منك يا رجل قال المصنف في شواهده: هذا أخنث بيت قالته العرب (¬1). ومنها: كناطح صخرة يوما ليوهنها … فلم يضرها وأوهى قرنه الوعل استشهد النحاة بهذا البيت على إعمال اسم الفاعل إذا اعتمد على موصوف مقدر، لأن التقدير: كوعل ناطح. ومنها: أتنتهون (¬2) ولن ينهى ذوي شطط … كالطّعن يذهب فيه الزّيت والفتل استشهد به النحاة على وقوع الكاف اسما، فإنها في قوله: (كالطعن) اسم مرفوع على أنه فاعل ينهى. وقوله: يذهب فيه الزيت والفتل أي إنه يعالج بذلك. والفتل جمع فتيلة. ومنها: إمّا ترينا حفاة لا نعال لنا … إنّا كذلك ما نحفى وننتعل وقد استشهد المصنف بهذا البيت في حرف الميم. أخرج أبو الفرج عن الشعبي قال (¬3): الأعشى أغزل الناس في بيت، وأخنث الناس في بيت، وأشجع الناس في بيت، فأغزل في بيت قوله: غرّاء فرعاء مصقول عوارضها … تمشي الهوينى كما يمشي الوجي الوحل وأخنث بيت قوله: قالت هريرة لمّا جئت زائرها … ويلي عليك وويلي منك يا رجل وأشجع بيت قوله: ¬

_ (¬1) انظر ص 268 (¬2) في الديوان: (هل تنتهون؟ ولا ..) (¬3) 9/ 108 - 109 (الثقافة).

قالوا الطّراد! فقلنا تلك عادتنا … أو ينزلون، فإنّا معشر نزل (¬1) فائدة: في شرح ديوان الأعشى للآمدي، قال أبو الحرة: وجدت على ظهر كتاب المجاز لأبي عبيدة بخط أبي غسان، رفيع بن سلمة المعروف بديار صاحب أبي عبيدة، وحدثنا به السكري بعد حديثا يرفع إلى الأعشى أنه قال: لما خرجت أريد ابن قيس بن معدي كرب بحضرموت أضللت في أوائل أرض اليمن، لأنني لم أكن سلكت ذلك الطريق، فلما أضللت أصابني مطر، فرميت ببصري كل مرمى، أطلب لنفسي مكانا ألجأ اليه، فوقعت عيني على خباء من شعر، فقصدت نحوه فإذا أنا بشيخ على باب الخباء، فسلمت فردّ السلام، وأدخل ناقتي إلى بيت، الى جانب البيت الذي كان جالسا على بابه، وقال: احطط رحلك واسترح! قال: فحططت رحلي، وجاءني بشيء فجلست عليه. قال: من تكون وأين تقصد؟ قلت: أريد قيس بن معدي كرب، قال: أظنك قد مدحته بشعر؟ قلت: نعم. قال: أنشدنيه، فابتدأت أنشده قولي: رحلت سميّة غدوة أجمالها … غضبى عليك فما تقول بدا لها فقال: حسبك! أهذه القصيدة لك؟ قلت: نعم، ولم أكن أنشدته منها إلّا بيتا واحدا، فقال: من سميّة التي شببت بها؟ فقلت: لا أعرفها، ولكنه اسم ألقى في روعي فاستحسنته فتشببت. فنادى: يا سمية، اخرجي. فإذا جارية خماسية قد خرجت فوقفت وقالت: ما تشاء يا أبة، فقال: أنشدي عمك قصيدتي التي مدحت بها قيس بن معدي كرب وتشببت بك في أوّلها، فاندفعت فأنشأتها من أوّلها الى آخرها ما حرّفت منها حرفا واحدا، فلما أتمتها قال: انصرفي، فانصرفت. ثم قال: هل قلت شيأ غير هذه؟ قلت: نعم، كان بيني وبين ابن عم لي يقال له يزيد ابن مسهر، ويكنى أبا ثابت، كما يكون بين بني العم، فهجاني وهجوته فأفحمته، قال: وما قلت فيه؟ قال: قلت قصيدة أوّلها: ¬

_ (¬1) في الديوان 63 برواية: (قالوا الركوب ... أو تنزلون ...) وانظر هـ 4 ص 965

ودّع هريرة إنّ الرّكب مرتحل … وهل تطيق وداعا أيّها الرّجل (¬1) فأنشدته بيتا فقال: حسبك، ثم قال: من هريرة التي شببت بها؟ قلت: لا أعرفها، وسبيلها سبيل التي قبلها، أعني سمية، فنادى: يا هريرة! فإذا جارية قريبة السن من الأولى فقال: أنشدي عمك قصيدتي التي هجوت بها أبا ثابت يزيد بن مسهر، فأنشدتها من أوّلها الى آخرها ما حرّفت منها حرفا واحدا، فسقط في يدي وتحيرت وتغشتني رعدة، فلما رأى ما نزل بي قال: ليفرّج روعك أبا بصير، أنا هاجسك مسحل بن أوثاثة الذي ألقى على لسانك الشعر، فسكنت نفسي ورجعت إليّ وسكن المطر، فقلت له: أدللني على الطريق، فدلني عليه وأراني سمت مقصدي، وقال: لا تعج يمينا ولا شمالا حتى تقع ببلاد قيس. 866 - وأنشد: فلا تلحني فيها فإنّ بحبّها … أخاك مصاب القلب جمّ بلابله (¬2) هو من أبيات الكتاب ولم يسم قائله. قوله: تلحني: أي تلمني، من لحاه يلحاه إذا لامه وعذله. وضمير فيها للمحبوبة. وجمّ، بفتح الجيم وتشد الميم، أي عظيم. وكثير بلا بله: أي وساوسه، جمع بلبلة، وهي الوسوسة. قوله: بحبها متعلق بمصاب، فهو معمول خبر أن قدم على اسمها. 867 - وأنشد: أبعد بعد تقول الدّار جامعة لم يسم قائله. وتمامه: شملي بهم أم يقول البعد محتوما ¬

_ (¬1) ديوانه 27 ق 3 (¬2) الخزانة 3/ 572، وابن عقيل 1/ 137، وسيبويه 1/ 280

الشمل: الاجتماع. وجمع الله شملهم: اذا دعى لهم بتآلف. ومحتوما: بحاء مهملة، أي واجبا من الحتم، وهو الوجوب. والهمزة أوّل البيت للاستفهام. وبعد: ظرف. وبعد: ضد القرب. ويقول: بمعنى يظن. وهو عامل عمله لاجتماع شروطه، والمنصوبان بعده مفعولاه. ووقع الفصل بينه وبين الاستفهام بالظرف للتوسع فيه. 868 - وأنشد: إذن والله نرميهم بحرب قيل انه لحسان، وتمامه: يشيب الطّفل من قبل المشيب والبيت استشهد به على إعمال إذن مع الفصل بينها وبين الفعل بالقسم. 869 - وأنشد: وما كلّ من وافى مني أنا عارف هو من قصيدة لمزاحم بن الحارث، أوّلها: أشاقك بالهزين دارة بدت … من الحيّ واستلّت عليها العواصف صبا وشمالا نيرخا تعتضيهما … عثانين ثوبات الجنوب الرّفارف ومنها: وقالوا تعرّفها المنازل من منى … وما كلّ من وافى منى أنا عارف ولم أنس منها ليلة الجذع إذ مشت … إليّ وأصحابي منيح وواقف تعرّفها: أمر من تعرّف يتعرّف، من قولهم: تعرفت ما عند فلان، أي تطلبته

فائدة: [مزاحم بن الحارث]

حتى عرفته. أراد أنه اجتمع بمحبوبته في الحج ثم فقدها فسأل عنها فقالوا له تعرفها، يعني تطلبها وسل عنها في منازل الحجاج من منى. فقال: أنا لا أعرف كل من وافى منى حتى أسال. فائدة: [مزاحم بن الحارث] قائل هذه القصيدة مزاحم بن الحارث بن مصرّف بن الأعلم بن خويلد بن عوف ابن عامر بن عقيل بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة العقيلي، شاعر إسلامي (¬1). سئل جرير: من أشعر الناس؟ قال: غلام بناصفة، يأكل لحوم الوحش، يعني مزاحما. 870 - وأنشد: ومهمه مغبرّة أرجاؤه … كأنّ لون أرضه سماؤه هو برؤبة: والمهمه: المفازة، والجمع المهامه. ومغبرة: من أغبر الشيء إذا تلون بالغبرة. وأرجاؤه: أطرافه، جمع رجا، بالقصر، وهي رفع بمغبرة قوله: كأن لون أرضه: أراد كأن لون سمائه من غبرتها لون أرضه. فقلب التشبيه للمبالغة، وهو محل الاستشهاد هنا. واستشهد به المصنف في التوضيح على ثبوت صلة الضمير في (أرجاؤه وسماؤه)، وهو الواو بعد في الوقف ضرورة. ومن هذه الارجوزة قوله: وصيّحت في ليلة أصداؤه … داع دعا لم أدر ما دعاؤه 871 - وأنشد: ولا تهيّبني الموماة أركبها … إذا تجاوبت الأصداء بالسّحر هو لابن مقبل. 872 - وأنشد: وقد تلفّع بالقور العساقيل (¬2) ¬

_ (¬1) انظر الأغاني 19/ 27 (الثقافة) وفيه (مزاحم بن عمرو بن الحارث). (¬2) عجز بيت وصدره: (كأن أوب ذراعيها وقد عرفت) وهو من لامية كعب (بانت سعاد) وانظر ديوانه 16.

873 - وأنشد: فديت بنفسه نفسي ومالي … وما آلوك إلّا ما أطيق هو لعروة بن الورد (¬1). والآلو: تقصير، يقال آلا في الأمر يألو. ثم تضمن معنى منع فتعدّى تعديته، يقول: أفديك بنفسي ومالي وما أمنعك إلا ما أطيق منعه، يعني: لا أقدر أن أمنعك فداء نفسي ومالي لأني مجبول عليه. 874 - وأنشد: فلمّا أن جرى سمن عليها … كما طيّنت بالفدن السّياعا هو للقطامي يصف ناقته بالسمن. وفي رواية (بطنت) بدل (طينت) وكذا أورده جار الله في أساس البلاغة (¬2). يقال: سيع الجدار، أطلاه بالسياع، وهو الطين أو الجص. والفدن: القصر، شبّه جريان السمن في أعضائها على السريمة، وأخذ كل عضو منه بنصيبه بتطيين الفدن بالسياع. وجعل السياع للقصر كالبطانة للثوب. وفيه تشبيه الناقة بالقصر في العلو والارتفاع وجواب لما قوله بعده: أمرت بها الرّجال ليأخذوها … ونحن نظنّ أن لن تستطاعا 875 - وأنشد: إذا أحسن ابن العمّ بعد إساءة … فلست لشرّي بعده بحمول (¬3) 876 - وأنشد: مثل القنافذ هدّاجون قد بلغت … نجران أو بلغت سوآتهم هجر ¬

_ (¬1) ليس البيت في ديوان عروة ولا يوجد لعروة في ديوانه قصائد على حرف القاف. (¬2) مادة (فدن). (¬3) في المغنى برواية: فلست لشري فعله بحمول. وقال ابن هشام: أي فلست لشر فعليه.

هو للاخطل من قصيدة يهجو بها جريرا، وقبله: أمّا كليب بن يربوع فليس لها … عند التّفاخر إيراد ولا صدر يخالفون ويعصي النّاس أمرهم … وهم بغيب وفي عمياء ما شعروا 877 - وأنشد: قد سالم الحيّات منه القدما (¬1) هو من أرجوزة لأبي حيّان الفقعسي، وقيل لمساور بن هند العبسي. وبه جزم الترمذي والبطليوسي. وقيل للعجاج، وقال السيرافي: قائله التدمري. وقال الصغاني: قائله عبد بني عبس. وأوّل الأرجوزة: عبسيّة لم ترع قفّا أدرما … ولم يفحم عرفطيّا معجما كأنّ صوت شخبها إذا همى … بين أكفّ الحالبين كلّما شدّ عليهنّ البنان المحكما … سحيف أفعى في حشيّ أعشما مثل قنافير ملئن هشيما (¬2) … وقد وطئن حيث كانت قيما مشي الوطاب والوطاب الذمما … وقمعا يكسى ثمالا قشعما يحسبه الجاهل ما لم يعلما … شيخا، على كرسيّه معمّما لو أنّه أبان أو تكلّما … لكان إيّاه، ولكن أعجما أبغت ذا ضغة ملوما … عبد كرام لم يكن مكرما عذّبه الله بها وأعرما … وليدا حتّى إذا عسا واعرنزما ¬

_ (¬1) الخزانة 4/ 570. (¬2) كذا بالاصل، ولم أهتد لصحة ضبط وزن البيت.

قد سالم الحيّات منه القدما … الأفعوان والشّجاع الشّجعما وذات قرنين ضموز ضرزما عبسية: ابل بيض. والقف: بضم القاف وتشديد الفاء، ما غلظ من الأرض. والادرم: الذي لا نبات عليه. والعرفط: بضم المهملة والفاء وسكون الراء بينهما، ضرب من النبات. والشخب: بفتح الشين وسكون الخاء المعجمتين وموحده، خروج اللبن من الضرع. وهمى: سال. والسحيف: بفتح السين وكسر الحاء المهملتين وتحتية، وفاء الصوت. والحشيّ: بوزن فعيل، بحاء مهملة وشين معجمة وتشديد الياء، اليابس. والأعشم: من العشم، وهو الخبز اليابس. والقنافير: بقاف ثم نون ثم فاء آخره راء، جمع قنفور، وهو ثقب الفقحة. والهشيم: فرخ العقاب. والوطاب: جمع وطبه، وهو الزق الذي يجعل فيه اللبن. والذمم: المذمومة. والقمع: ما على التمرة من القمع. والثمالي: بضم المثلثة، جمع ثمالة، وهي الرغوة. والقشعم: من النسور والرجال: المسنّ. وعسا: من عسا الشيخ يعسو إذا ولى كبرا. واعرنزم: اجتمع. والأفعوان: بضم الهمزة، ذكر الأفاعي. والشجاع: الحية. وكذا الشجعم والميم فيه زائدة. وقال التدمري: الشجاع ذكر الحيات. والشجعم: الجريء المسلط. وقيل: الطويل. قال: وذات قرنين صفة الحية. وضموز: بفتح الضاد المعجمة وضم الميم وزاي، من ضمز اذا سكت. والضرزم: بكسر المعجمة وسكون الراء وفتح الزاي، يقال: أفعى ضرزم شديدة النهش. وقال البطليوسي يصف رجلا بغلظ القدمين وصلابتهما لطول الحفا، فذكر أنه يطأ على الحيات والعقارب فيقتلها، فقد سالمت قدميه كذلك. والبيت استشهد به على نصب الفاعل في لغة، وهو القدم. والحيان منصوب على المفعولية بالإصالة. وقيل أصله القدمان، مثنى مرفوع بالألف، فحذف النون ضرور. وقال ابن جني: الرواية الصحيحة برفع الحيات فاعلا ونصب القدم مفعولا ونصب الأفعوان وما بعده الذي، هو يدل على الرواية الأولى بفعل مضمر دل عليه سالم على هذه: أي سالمت القدم الأفعوان. وقوله يحبسه الجاهل .. البيت: استشهد به

في التوضيح على تأكيد المنفي بلم بالنون شذوذا. قال الأعلم يصف الشاعر به جبلا قد عمه الخصب وحفه النبات. وقال ابن هشام اللخميّ: ليس كذلك، وانما شبه اللبن في القعب لما عليه من الرغوة حين امتلأ بشيخ معمم فوق كرسي. هو وما قبله من الأبيات يدل على ذلك (¬1). 878 - وأنشد: هما خطّتا إمّا إسار ومنّة (¬2) هو من قصيدة لتأبط شرّا أوّلها: إذا المرء لم يحتل وقد جدّ جدّه … أضاع وقاسى أمره وهو مدبر ولكن أخا الحزم الّذي ليس نازلا (¬3) … به الخطب إلّا وهو للقصد مبصر فذاك قريع الدّهر ما عاش حولا … إذا سدّ منه منخر جاش منخر أقول للحيان وقد صفرت لهم … وطابي ويومي ضيّق الحجر معور هما خطّتا إمّا إسار ومنّة … وإمّا دم والقتل بالحرّ أجدر قال في الأغاني: كان تأبط شرّا يشتار عسلا من جبل ليس له غير طريق واحد، فأخذ لحيان عليه ذلك الموضع، وخيروه النزول على حكمهم أو إلقاء نفسه من الموضع الذي ظنوا أنه لا يسلم. فصب العسل الذي معه على الصفا وشد صدره على الزق ثم لصق على العسل، فلم يبرح ينزلق عليه حتى نزل سالما وجعل يكلمهم، وكان بينهم وبين الموضع الذي استقرّ به على الطريق مسيرة ثلاثة أيام. قوله: وقد جد جده: أي ازداد جدا وأضاع ضيعا. وقاسى أمره، أي شفي به وهو مول. والحزم: الشدة والضبط. وأخو الحزم: صاحبه الذي يستعدّ للأمر قبل نزوله، ¬

_ (¬1) البيت من شواهد سيبويه 2/ 152 وهو في أمالي ابن الشجري 1/ 347 وقال: (وقال آخر في وصف وطب مملوء لبنا ملفوف في غشاء: يحسبه ... البيت. أراد: يحسبه الجاهل به. (¬2) الخزانة 3/ 356، واللسان (خطط)، والاغاني 21/ 158 - 159 (¬3) في الاغاني: (ولكن أخو ..).

فذاك إشارة الى أخى الحزم. وقريع الدهر: يحتمل وجهين، أن يكون في معنى يختار الدهر، من قرعته أي اخترته بقرعتي. وأن يكون من قرعه بنو أبيه حتى جرب وبصر، وهو في الوجهين فعيل بمعنى. والحول: المتحوّل، من حال الى حال. قوله: اذا سدّ منه منخر: مثل للمكروب المضيق عليه. وجاش: من الجيش، وهو الحركة والاضطراب، أي لافتنانه في الحيل، لا يؤخذ عليه طريق الا أخذ في آخر. قوله: أقول للحبان، يعني مخاطبته اياهم على الحبل وقد صفرت لهم وطابى، أي خليت الأوعية من العسل الذي صبه. ومعور: من أعور الشيء، بدت عورته. وخطتا: تثنية خطة، وهي القصة والحالة. وحذفت النون لإضافتها الى اسار ودم، واغتفر الفضل بين المضاف والمضاف اليه بما. (ويروى) (¬1): إما فداء ومنة، ولا شاهد فيه على هذا. ومن أبيات القصيدة: فأبت إلى فهم وما كدت آيبا … وكم مثلها فارقتها وهي تصفر 879 - وأنشد: إنّ من صاد عقعقا لمشوم … كيف من صاد عقعقان وبوم (¬2) ¬

_ (¬1) مزيدة. (¬2) قال الدماميني: (يحتمل أنه على قصر المثني، وبوم محذوف الخبر، أي ومعهما بوم، والبوم والبومة طائر كلاهما للذكر والأنثى). وأنظر حاشية الامير 2/ 202. والعقعق: طائر كالغراب.

فهرس مراجع التحقيق

فهرس مراجع التحقيق 1 - أخبار أبي تمام للصولي:/ تحقيق خليل محمود عساكر ورفقاه/ مطبعة لجنة التأليف - القاهرة 2 - أدب الكاتب لابن قتيبة:/ تحقيق محمد محي الدين عبد الحميد/ المكتبة التجارية 1355 هـ 3 - أراجيز العرب:/ محمد توفيق البكري/ المكتبة الادبية 1346 هـ 4 - الاستيعاب لابي عمر بن عبد البر:/ تحقيق علي محمد البيجاوي/ مطبعة نهضة مصر 1380 هـ - 1960 م 5 - أسد الغابة في معرفة الصحابة: لابن الاثير الجزري/ مطبعة القاهرة 1286 هـ 6 - أسماء المغتالين من الاشراف في الجاهلية والاسلام وأسماء من قتل من الشعراء: لابن حبيب تحقيق عبد السلام محمد هارون/ مطبعة السنة المحمدية 1378 هـ 1958 م سلسلة نوادر المخطوطات 7 - الاشتقاق لابن دريد:/ تحقيق عبد السلام محمد هارون/ مطابع السنة المحمدية 1378 هـ 1958 م 8 - الاصابة في تمييز أسماء الصحابة لابن حجر: - / المكتبة التجارية - القاهرة 1939 9 - الاصمعيات:/ تحقيق أحمد محمد شاكر وعبد السلام محمد هارون/ دار المعارف 1370 هـ 1955 م 10 - الاصنام لابن الكلبي:/ تحقيق احمد زكي باشا/ دار الكتب المصرية 1343 هـ 1924 م 11 - اعجاز القرآن للباقلاني:/ تحقيق احمد صقر/ دار المعارف 1374 هـ 1954 م - سلسلة ذخائر العرب - 12 - الاغاني لابي الفرج الاصبهاني: - / مطابع التقدم 1323 هـ 13 - الاغاني لابي الفرج الاصبهاني: - / مطابع دار الكتب المصرية 1 - 13 1345 هـ - 1927 م 14 - الاغاني لابي الفرج الاصبهاني:/ تحقيق عبد الستار احمد فراج/ دار الثقافة - بيروت 1955 - 1961 15 - القاب الشعراء لابن حبيب:/ تحقيق عبد السلام محمد هارون/ من سلسلة نوادر المخطوطات مطابع لجنة التاليف 1374 هـ - 1955 م 16 - الف باء للبلوي:// مطبعة الوهبية 1287 هـ 17 - الامالي للزجاجي:// مطبعة السعادة 1324 هـ 18 - الامالي لابن الشجري ج 1:// مطبعة الامانة - القاهرة 1930 م 19 - الامالي للقالي:// دار الكتب المصرية 1344 هـ 20 - الامالي للمرتضى:/ تحقيق محمد ابو الفضل ابراهيم/ مطابع دار احياء الكتب المصرية 1373 هـ - 1954 م 21 - انباه الرواة للقفطي:/ تحقيق محمد ابو الفضل ابراهيم 1 - 3 / مطابع دار الكتب المصرية/ 1950 م 22 - الانصاف في مسائل الخلاف للانباري:/ تحقيق محمد محي الدين عبد الحميد/ المكتبة التجارية 1374 هـ - 1955 م

23 - أوضح المسالك لابن هشام:/ شرح محمد محي الدين عبد الحميد/ مطبعة النصر - القاهرة 1956 م 24 - الايجاز والاعجاز للثعالبي:// مطبعة الجوائب القسطنطينية 1301 25 - البيان والتبيين للجاحظ 1 - 3:/ تحقيق حسن السندوبي/ مطبعة الرحمانية - القاهرة 1351 هـ - 1932 م 26 - تاج العروس من جواهر القاموس للزبيدي:// المطبعة الوهبية 1278 هـ 1307 هـ 27 - تاريخ أبي الغداء:/ المختصر في اخبار البشر 1 - 4 / مطبعة الحسينية المصرية 1325 هـ 28 - تاريخ الطبري - الرسل والملوك:// طبعة أوربا مطبعة لجنة التاليف 1370 هـ 1951 م 29 - تحفة الأبية، فيمن نسب الى غير أبيه للفيروزأبادي:/ تحقيق عبد السلام محمد هارون/ سلسلة نوادر المخطوطات 30 - تذكرة ابن حمدون:// مكتبة الخانجي 1345 هـ 1927 م الرسائل النادرة 31 - التفصيل في شرح وأعراب شواهد ابن عقيل 1 - 2:/ لمحمد سيد كيلاني/ مطبعة البابي بمصر 1378 هـ - 1958 م 32 - التنبيه على أوهام أبي علي في أماليه:/ لأبي عبيد الله البكري/ مطابع دار الكتب المصرية 1342 هـ 33 - ثمار القلوب في المضاف والمنسوب للثعالبي:// مطابع لظاهر 34 - جمع الجواهر للحصري:/ تحقيق البيجاوي/ مطبعة الحلبي 1372 هـ 35 - جمهرة أشعار العرب:/ لأبي زيد القرشي/ دار صادر بيروت 1383 هـ 1963 م 36 - جمهرة انساب العرب لابن حزم:/ تحقيق عبد السلام محمد هارون/ سلسلة ذخائر العرب دار المعارف 1382 هـ - 1962 م 37 - حاشية الامير على المغني على هامش مغني اللبيب:/ للشيخ محمد الامير/ مطابع دار احياء الكتب العربية بلا تاريخ 38 - حماسة أبي تمام شرح التبريزي:/ تحقيق محمد محي الدين عبد الحميد 1 - 4 / المطبعة التجارية 1357 هـ - 1918 م 39 - حماسة أبي تمام شرح المرزوقي:/ تحقيق أحمد أمين وعبد السلام محمد هارون/ لجنة التأليف 1371 هـ 40 - حماسة البحتري:/ ضبط كمال مصطفى/ مطبعة الرحمانية 1929 م 41 - الحيوان للجاحظ:/ بتحقيق عبد السلام محمد هارون/ مطبعة الحلبي 1938 م 42 - خزانة الأدب للبغدادي:// مطبعة بولاق بمصر 1929 م 43 - خزانة الأدب للبغدادي:// مطبعة السلفية 1 - 4، 1347 هـ 44 - دمية القصر للباخرزي:/ راغب الطباخ/ مطبعة العلمية بحلب 1930 م 45 - ديوان أبي الاسود الدؤلي:/ تحقيق الشيخ محمد حسن آل ياسين/ مطبعة المعارف بغداد 1384 هـ 1964 م 46 - ديوان امرئ القيس:/ تحقيق محمد أبو الفضل ابراهيم/ سلسلة ذخائر العرب مطبعة دار المعارف 1384 هـ - 1964 م 47 - ديوان امرئ القيس:/ جمع حسن السندوبي/ مطبعة الرحمانية بمصر 1349 هـ 1930 م 48 - ديوان أمية بن أبي الصلت:/ جمع بشير يموت/ المكتبة الاهلية بيروت 1934 م 49 - ديوان أوس بن حجر:/ تحقيق محمد يوسف نجم/ دار صادر بيروت 1380 هـ 1960 م 50 - ديوان أبي تمام بشرح الخطيب التبريزي:/ تحقيق محمد عبده عزام 1 - 3 / سلسلة ذخائر العرب 1951

51 - ديوان جميل بثينة:/ تحقيق حسين نصار/ دار مصر للطباعة بلا تاريخ 52 - ديوان حاتم الطائي:// دار صادر بيروت 1953 م 53 - ديوان حسان بن ثابت:/ تحقيق عبد الرحمن البرقوقي/ القاهرة 1929 54 - ديوان حميد بن ثور:/ عبد العزيز الميمني/ دار الكتب المصرية 1371 هـ 1951 م 55 - ديوان ابن الدمينة:/ جمع ثعلب تحقيق احمد راتب النفاخ/ مكتبة دار العروبة القاهرة 1378 هـ - 1959 م 56 - ديوان ذي الرمة:/ نشر مكارتني - كلية كمبرج/ 1337 هـ - 1919 م 57 - ديوان سحيم عبد بني الحسحاس:/ تحقيق عبد العزيز الميمني/ 1369 هـ - 1950 م 58 - ديوان طرفة بن العبد:// دار صادر بيروت 1961 59 - ديوان عبيد بن الابرص:/ تحقيق حسين نصار/ مطبعة الحلبي 1377 هـ - 1957 م 60 - ديوان الله بن قيس الرقيات:/ تحقيق محمد يوسف نجم/ دار صادر بيروت 1378 هـ - 1958 م 61 - ديوان العرجي لابن جني:/ تحقيق خضر الطائي ورشيد العبيدي/ الشركة الاسلامية للطباعة بغداد 1375 هـ - 1956 م 62 - ديوان عروة بن الورد:/ تحقيق كرم البستاني/ دار صادر بيروت 1953 63 - ديوان عمر بن أبي ربيعة:/ شرح محمد العناني/ مطبعة السعادة - مصر 1330 هـ 64 - ديوان قيس بن الخطيم:/ حققه ابراهيم السامرائي واحمد مطلوب/ مطبعة العاني - بغداد 1381 هـ 1962 م 65 - قيس بن ذريح - قيس ولبنى شعر ودراسة:/ تحقيق دكتور حسين نصار/ دار مصر للطباعة 1379 هـ - 1960 م 66 - ديوان مجنون ليلى للوالبي:/ تحقيق الدكتور زكي مبارك/ مطبعة الحلبي بمصر 67 - ديوان ابن مقبل:/ تحقيق عزة حسن/ مطبعة الترقي بدمشق 1962 68 - ديوان النابغة الذبياني:/ كرم بستاني/ دار صادر بيروت 1953 69 - ديوان الهذليين:/ دار الكتب المصرية/ مصورة الدار القومية بمصر 1385 هـ - 1965 م 70 - ذيل الامالي للقالي:// دار الكتب المصرية 1344 هـ 71 - ذيل سمط اللالي:/ عبد العزيز الميمني/ لجنة التأليف والترجمة 1936 م 72 - رسالة الغفران للمعري:/ تحقيق بنت الشاطئ/ سلسلة ذخائر العرب دار المعارف 1957 م 73 - زهر الآداب وثمر الالباب للحصري:/ نشره زكي مبارك/ القاهرة 1925 م 74 - الزهرة لابن داود:/ تحقيق نيكل وابراهيم طوقان/ بيروت 1932 م 75 - سر الفصاحة للخفاجي:// القاهرة 1932 م 76 - سرح العيون، شرح رسالة ابن زيدون لابن نباتة:// مطبعة بولاق 1378 هـ 77 - سير اعلام النبلاء للذهبي:/ سلسلة ذخائر العرب/ دار المعارف 1957 م 78 - السير النبوية لابن هشام// طبعة أوربا 79 - سمط اللالى لابي عبيد البكري:/ عبد العزيز الميمني/ لجنة التأليف والترجمة والنشر 1936 م 80 - شذرات الذهب في أخبار من ذهب لابن العماد:// القاهرة 1350 هـ 81 - شرح أدب الكاتب للجواليقي:// مكتبة القدسي - القاهرة 1350 هـ شرح شواهد المغنى م 66

82 - شرح ديوان جرير:/ محمد اسماعيل الصاوي/ مصورة مكتبة الحياة بيروت بلا تاريخ 83 - شرح ديوان زهير:// دار الكتب المصرية 1944 م 84 - شرح ديوان عنترة:/ تحقيق الشلبي/ المكتبة التجارية بلا تاريخ 85 - شرح ديوان الفرزدق:/ محمد اسماعيل الصاوي/ مطبعة الصادي بمصر 1936 م 86 - شرح ديوان كعب بن زهير:// دار الكتب المصرية 1950 م 87 - شرح ديوان المتنبي للعكبري:// مطبعة بولاق 1278 هـ 88 - شرح شواهد ابن عقيل:/ للجرجاجي والعدوي/ البابي الحلبي - مصر بلا تاريخ 89 - شرح القصائد السبع الطوال للانباري:/ تحقيق عبد السلام محمد هارون/ دار المعارف 1963 م 90 - شرح مقامات الحريري للشريشي:// مطبعة بولاق 1300 هـ 91 - شذور الذهب لابن هشام:/ محمد محي الدين عبد الحميد/ مطبعة السعادة بالقاهرة 1953 م 92 - شعر الاخطل:/ الاب انطون صالحاني/ المطبعة الكاثوليكية بيروت 1891 م 93 - شعر الراعي النميري وأخباره:/ ناصر الحاني/ مطبوعات المجمع العلمي العربي بدمشق 1383 هـ - 1964 م 94 - شعر عروة بن حزام:/ تحقيق ابراهيم السامرائي واحمد مطلوب/ مجلة كلية الآداب بغداد 1961 95 - شعر المثقب العبدي:/ تحقيق الشيخ محمد حسين آل ياسين/ مطبعة المعارف بغداد 1375 هـ 1956 م 96 - شعراء الجاهلية:/ المسمى خطأ بشعراء النصرانية/ الكاثوليكية - بيروت 97 - الشعر والشعراء لابن قتيبة:/ تحقيق أحمد محمد شاكر/ دار احياء الكتب العربية 1364 - 1366 هـ 98 - الشواهد الكبرى للعيني:// بولاق 1299 هـ على هامش خزانة العرب 99 - شواهد الكتاب:/ جمع محمد عبد المنعم خفاجي/ المطبعة النموذجية 1368 هـ - 1949 م 100 - صبح الاعشى للقلقشندي// المطبعة الميرية بالقاهرة 1331 هـ 1913 م 101 - الصحاح للجوهري:/ تحقيق عبد الغفور العطار/ مطابع دار الكتاب العربي 1376 - 1377 هـ 102 - الصناعتين للعسكري: تحقيق البيجاوي وابو الفضل ابراهيم/ مطبعة البابي الحلبي 1952 م 103 - طبقات الشعراء لابن المعتز:/ تحقيق عبد الستار احمد فراح/ سلسلة ذخائر العرب دار المعارف 1956 104 - طبقات فحول الشعراء لابن سلام:/ تحقيق محمود محمد شاكر/ سلسلة ذخائر العرب دار المعارف 1956 105 - الطبقات الكبرى لابن سعد:// دار المعارف 1371 هـ 1952 م 106 - الطرائف الادبية:/ عبد العزيز الميمني/ لجنة التأليف 1937 م 107 - العقد الثمين في دواوين الشعراء الستة الجاهليين:/ نشرة أهلورد/ طبعة لندن 1870 م 108 - العقد الفريد لابن عبد ربه:/ تحقيق احمد امين ورفقاؤه/ لجنة التأليف 1370 هـ 109 - العمدة لابن رشيق:/ تحقيق محمد محي الدين عبد الحميد/ المكتبة التجارية 1374 هـ 110 - عيون الاثر في فنون المغازي والشمائل والسير:/ لابن سيد الناس/ مكتبة القدسي بالقاهرة 1356 هـ 111 - عيون الاخبار - لابن قتيبة:// دار الكتب المصرية 1343 هـ 112 - عيار الشعر لابن طباطبا العلوي:// تحقيق طه الحاجري 113 - الفرج بعد الشدة:/ للمحسن التنوخي/ 114 - فوات الوفيات لابن شاكر:/ تصحيح محمد محي الدين عبد الحميد/ مطبعة السعادة بلا تاريخ

115 - قاموس المحيط للفيروزأبادي:// شركة فن الطباعة بمصر 1954 116 - القرآن الكريم:// 117 - القصائد الهاشميات للكميت:// مطبعة الموسوعات بمصر 1321 هـ 118 - الكامل للمبرد:/ تحقيق زكي مبارك واحمد محمد شاكر/ مطبعة الحلبي 1356 هـ - 1937 م 119 - كتاب سيبويه:// مطبعة بولاق 1316 هـ 120 - كنى الشعراء ومن غلبت كنيته على اسمه:/ لابن حبيب تحقيق عبد السلام محمد هارون/ سلسلة نوادر المخطوطات لجنة التاليف 1374 هـ - 1955 م 121 - لباب الاداب: اسامة بن منقذ:/ تحقيق احمد محمد شاكر/ المطبعة الرحمانية بمصر 1354 هـ 122 - لسان العرب: ابن منظور:// مطبعة بولاق 1208 هـ 123 - لسان الميزان: ابن حجر:// حيدرأباد 124 - المؤتلف والمختلف: الآمدي:/ تحقيق كرينكو/ مكتبة القدسي بمصر 1354 هـ 125 - المبهج في تفسير اسماء شعراء الحماسة:// مطبعة الترقي بدمشق 1348 هـ 126 - مجالس ثعلب:/ تحقيق عبد السلام محمد هارون/ سلسلة ذخائر العرب دار المعارف 1948 م 127 - المجتبى لابن دريد:// حيدراباد 1362 هـ 128 - مجلة المجمع العلمي العربي:// دمشق 129 - مجمع الامثال:/ الميداني/ مصر 1352 هـ 130 - المحاسن والمساوئ: البيهقي:/ تحقيق محمد ابو الفضل ابراهيم/ مطبعة نهضة مصر 1380 هـ 1961 م 131 - محاضرات الابرار:/ الراغب الاصبهاني/ مصر 1326 هـ 132 - المخصص: ابن سيدة:// مطبعة بولاق 1319 هـ 133 - المردفات من قريش: المدائني:/ تحقيق عبد السلام هارون/ سلسلة نوادر المخطوطات لجنة التأليف 1370 هـ 1951 م 134 - المزهر: السيوطي:/ تحقيق جاد المولى وابراهيم البيجاوي/ مطبعة الباني الحلبي - بلا تاريخ 135 - مصارغ العشاق: ابن سراج:// مطبعة الجوائب 1301 هـ 136 - معاهد التنصيص: العباسي:/ تصحيح محمد محي الدين عبد الحميد/ مطبعة السعادة بمصر 1947 م 137 - معجم الادباء:/ ياقوت الحموي/ دار المامون بمصر 1323 هـ 138 - معجم البلدان:/ ياقوت الحموي/ مطبعة السعادة 1323 هـ 139 - معجم الشعراء: المرزباني:/ تحقيق عبد الستار احمد فراج/ البابي الحلبي بمصر 1960 م 140 - معجم ما استعجم: للبكري:/ تحقيق مصطفى السقا/ لجنة التأليف 1366 هـ 1947 م 141 - معجم مقاييس اللغة:/ ابن فارس تحقيق عبد السلام هارون/ دار احياء الكتب العربية 1366 هـ 142 - المعمرين من العرب:/ السجستاني/ المطبعة المحمودية التجارية بمصر بلا تاريخ 143 - المفضليات:/ تحقيق شاكر وهارون/ دار المعارف 1361 هـ 144 - الموازنة: الآمدي:/ تحقيق احمد صقر/ دار المعارف - سلسلة ذخائر العرب 145 - الموشح:/ المرزباني/ المطبعة السلفية بمصر 1323 هـ 146 - الموفي في النحو الكوفي:/ صدر الدين النغراوي الاستانبولي تحقيق محمد بهجة البيطار/ مطبوعات المجمع العلمي العربي دمشق 1370 هـ 1950 م 147 - نثار الازهار:/ ابن منظور/ مطبعة الجوائب 1298 هـ 148 - نسب قريش: الزبيري:/ تحقيق بروفنسال/ سلسلة ذخائر العرب - دار المعارف

149 - نقائض جرير والاخطل:// بيروت 1922 م 150 - نقائض جرير والفرزدق:// بريل 1908 151 - نقد الشعر: قدامة بن جعفر:/ تحقيق كمال مصطفى/ مطبعة السعادة 1963 م 152 - نهاية الارب: للنويري:// دار الكتب المصرية 1342 هـ 153 - النوادر: ابو علي القالي:// دار الكتب المصرية 1344 هـ 154 - النيروز: احمد بن فارس: تحقيق عبد السلام محمد هارون/ سلسلة نوادر المخطوطات لجنة التأليف 1373 هـ 1954 م 155 - وفيات الاعيان: ابن خلكان:// دار المأمون بمصر 156 - وقعة صفين: نصر بن مزاحم المنقري:/ تحقيق عبد السلام محمد هارون/ دار احياء الكتب العربية 1365 هـ * * *

§1/1