شرح شذور الذهب للجوجري
الجوجري
المجلد الأول
المجلد الأول مقدمة ... بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الحي القيوم، الذي جعل علم النحو مفتاحا للعلوم، وجعل العربية لغة كتابه العظيم ودينه القويم. والصلاة والسلام على خير الرسل أجمعين وأفصح من نطق بالضاد من العالمين. وبعد، فإن الله قد حفظ لنا اللغة العربية بحفظه للقرآن العظيم وهيأ لذلك أسباباً، منها اهتمام العلماء بعلم النحو الذي هو عماد العربية فألفوا فيه مصنفات بالغة الأهمية، منذ عصر التأليف وإلى عصرنا الحاضر، كان هدفها الأسمى هو الحفاظ على لغة القرآن العظيم. وكانت تصانيفهم مختلفة المنهاج بين تصنيف مستقل وشرح مسهب وآخر مختصر. ومن بين هذه المؤلفات كتاب "شرح شذور الذهب" لمحمد بن عبد المنعم الجوجري المتوفى سنة (889 هـ) . وهو شرح موسع على كتاب "شذور الذهب" لابن هشام الأنصاري. ويرجع اختياري لهذا الكتاب، موضوعا لرسالة العالمية (الماجستير) للأهمية البالغة في نظري والتي تكمن في الأمور التالية: الأول: أن هذا الكتاب هو أول وأقدم شرح كامل لشذور الذهب يصل إلينا بعد شرح مؤلفه "ابن هشام" وهذه ميزة خاصة به. الثاني: أن شخصية "الجوجري" لم تدرس من قبل مطلقا، ولم
يخرج له أي كتاب من كتبه. وبهذا تكون دراستي هذه، أول دراسة علمية مفصَّلة وشاملة عن حياة "الجوجري" وآثاره العلمية. الثالث: أن هذا الكتاب شرح شذور الذهب أحد كتب التراث التي يحرص طلاب العلم على اقتنائها، فأحببت أن أسهم في هذا المجال بإحياء أحد هذه الكتب ونشره بين طلاب المعرفة، لما يحتوي عليه من ثروة علمية كبيرة، ولاسيما أن هذا الكتاب شرح لشذور الذهب، وشروح شذور الذهب لم يطبع منها إلى الآن إلاَّ شرح "ابن هشام" نفسه على الشذور. وقد استقام عمود هذا البحث على قسمين: قسم الدراسة، وقسم التحقيق. القسم الأول: قسم الدراسة، وفيه فصلان: الفصل الأول: ابن هشام الأنصاري وكتابه "شذور الذهب". وفيه مبحثان: المبحث الأول: التعريف بابن هشام وما يتعلق بحياته العلمية. المبحث الثاني: كتاب شذور الذهب وقيمته العلمية. الفصل الثاني: الجوجري وحياته العلمية. وفيه مبحثان: المبحث الأول: التعريف بالجوجري. وتحته ثمانية مطالب: المطلب الأول: اسمه ونسبه وشهرته.
المطلب الثاني: مولده ونشأته وطلبه للعلم. المطلب الثالث: ثقافته ومكانته العلمية ووظائفه. المطلب الرابع: أخلاقه ومناقبه وثناء العلماء عليه. المطلب الخامس: مذهبه الفقهي والنحوي. المطلب السادس: شيوخه وتلاميذه. المطلب السابع: مؤلفاته وآثاره العلمية. المطلب الثامن: وفاته. المبحث الثاني: دراسة كتاب "شرح شذور الذهب" للجوجري وتحته ثمانية مطالب: المطلب الأول: موضوع الكتاب وعنوانه. المطلب الثاني: توثيق نسبة الكتاب لمؤلفه. المطلب الثالث: منهج المؤلف في الكتاب. المطلب الرابع: مصادر الجوجري في هذا الكتاب. المطلب الخامس: شواهد الكتاب. المطلب السادس: نقد الكتاب. المطلب السابع: موازنة بين شرح شذور الذهب للجوجري وشرح شذور الذهب لابن هشام. المطلب الثامن: أثره فيمن بعده. القسم الثاني: قسم التحقيق، وفيه: أ - وصف النسخ الخطية.
ب- المنهج المتبع في التحقيق. ج- النص المحقق. د- الفهارس الفنية للكتاب. وفي الختام أرى لزاما علي أن أتقدم بالشكر للعاملين على هذه الجامعة المباركة، وعلى رأسهم معالي مديرها الموقر وجميع القائمين على قسم الدراسات العليا وكلية اللغة العربية بالجامعة الإسلامية، وفي مقدمتهم فضيلة عميد الكلية. كما أتقدم بخالص الشكر وجزيل العرفان لفضيلة الشيخ الأستاذ الدكتور عبد الفتاح بحيري إبراهيم، الذي تكرم بالإشراف على هذه الرسالة، فقد منحني الكثير من جهده ووقته، وشملني بعلمه الوافر وأدبه الجم، وقد شهد له بذلك تلاميذه وزملاؤه. فجزاه الله عني خير الجزاء. كما أشكر، كذلك سائر أساتذتي وزملائي الكرام، وكل من أسدى لي معروفا أو عونا في إنجاز هذا العمل المبارك. وأخيرا أسأل الله عز وجل أن يجعل هذا العمل خالصا لوجهه الكريم، وأن يتقبله مني إنه ولي ذلك والقادر عليه. والحمد لله أولا وآخرا. وصلى الله وسلم على نبينا محمد بن عبد الله وآله وصحبه أجمعين. الباحث: نواف بن جزاء الحارثي المدينة النبوية
الباب الأول: قسم الدراسة
الباب الأول: قسم الدراسة الفصل الأول: ابن هشام الأنصاري وكتابه شذورات الذهب المبحث الأول: التعرف بابن هشام الأنصاري وما يتعلق بحياته العلمية ... المبحث الأول: التعريف بابن هشام وما يتعلق بحياته العلمية بإيجاز هو أبو محمد جمال الدين عبد الله بن يوسف بن أحمد بن عبد الله ابن هشام، الأنصاري الخزرجي، الحنبلي1. ولد في القاهرة في شهر ذي القعدة سنة 708 هـ، وتلقى فيها أنواع العلوم على أكابر الشيوخ في ذلك العصر، فمن مشايخه الشهاب عبد اللطيف بن المرحّل وتقي الدين السبكي وتاج الدين الفاكهاني ومحمد بن إبراهيم بن جماعة وشمس الدين بن السراج وأبو حيان الأندلسي. وقد اشتهر ابن هشام بالتواضع والبر والشفقة ودماثة الخلق وشهد له كثير من العلماء بسعة العلم ودقة التصنيف وبراعة التأليف مع التحقيق لكل مسألة يتعرض لها. أخذ عنه العلم تلامذة كثيرون منهم إبراهيم الأميوطي ونور الدين النابلسي وابن الفرات وناصر الدين النويري وعبد الله بن مفلح المقدسي.
وله مؤلفات كثيرة سيأتي ذكرها فيما بعد. وقد وافته منيته في شهر ذي القعدة سنة 761 هـ بالقاهرة، بعد عمرٍ بَلَغَ ثلاثاً وخمسين سنة، رحمه الله. تراثه العلمي: خلّف ابن هشام ثروة علمية كبيرة من المؤلفات، والشروح التي تدل على علو كعبه في مجال التأليف والتحقيق. غالبها في النحو والصرف. وفيما يلي ذكر لمؤلفاته مرتبة حسب الترتيب الأبجدي، مقتصرا على ما ثبتت نسبته له. وهي كما يلي: 1- اعتراض الشرط على الشرط وهي رسالة صغيرة حول هذا الموضوع، وقد نقلها السيوطي في كتابه الأشباه والنظائر1. وقام بتحقيق الرسالة د/ عبد الفتاح الحمّوز، ونشرها سنة 1406 هـ. 2- الإعراب عن قواعد الإعراب وهو كتاب يتحدث عن الجملة وشبه الجملة بأحكامهما المختلفة وقد طبع الكتاب أكثر من مرة 2. وقام بتحقيقه د/ رشيد العبيدي ونشره في بيروت سنة 1970م ثم نشر مرة أخرى في الرياض 1981م بتحقيق د/ علي فودة نيل.
3- إعراب "لا إله إلا الله" وهي رسالة صغيرة تقع مخطوطة في اثنتي عشرة صفحه في مكتبة عارف حكمت ضمن مجموع برقم 288. وقد حققها الدكتور حسن الشاعر ونشرها في مجلة الجامعة الإسلامية في العددين 81- 82، سنة 1409 هـ. 4- إعراب {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً} . وقد أوردها السيوطي في الأشباه والنظائر1. 5- إقامة الدليل على صحة التمثيل وفساد التأويل وهي رسالة وضعها المصنف ردا على اعتراض ورد إليه لذكره أمثله في التصريف. وهي تتعلق بالأبنية. وقد نشر الرسالة د/ هاشم طه شلاش في مجلة كلية الآداب ببغداد العدد السادس عشر. 6- أنت أعلَم ومالُك وهي رسالة صغيرة أوردها السيوطي في الأشباه والنظائر 2. 7- الألغاز النحوية وهي رسالة صغيرة في أبيات من الشعر مصعبة المباني مغمضة المعاني وقد ألغز قائلها إعرابها.
وقد طبع الكتاب مع حاشية الغزي عليه1. ثم طبع مفردا بتحقيق أسعد خضير في دمشق سنة 1393 هـ. 8- أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك وهو كتاب مشهور متداول. 9- التحصيل والتفصيل لكتاب التذييل والتكميل وهو كتاب كبير يقع في مجلدات2. 1 0- تخليص الشواهد وتلخيص الفوائد وهو شرح شواهد ابن الناظم على الألفية، ولكنه لم يتمه، وقد نشره محققاً د/ عباس الصالحي في بيروت 1406 هـ. 19- التذكرة في العربية نسب هذا الكتاب لابن هشام أكثر من ترجموا له، وذكروا أنه يقع في خمسة عشر مجلدا3. 12- توجيه النصب في إعراب و"فضلاً"، "خلافاً"، و"أيضاً" و"هلم جَرًّا". وهي رسالة صغيرة في توجيه النصب في ألفاظ مشهورة استعملها الناس قديما وحديثا.
وقد قام بتحقيق الرسالة د/ حسن موسى الشاعر، وصدرت طبعته الأولى في عمّان سنة 1404 هـ. 13- الجامع الصغير في النحو نشر الكتاب مرتين الأولى بتحقيق محمد شريف الزيبق في دمشق سنة 1388 هـ والثانية في القاهرة بتحقيق د/ أحمد الهرميل سنة 1400 هـ. 14- حواشٍ على الألفية 1 ومنه نسخة مخطوطة بدار الكتب المصرية برقم (187 - نحو 2) . 15- حواشي التسهيل ذكره السيوطي والشيخ خالد الأزهري3، وكذلك ذكرها الشمني4 عند حديثه عن (قط) . قال الشيخ خالد في التصريح 1/128: "قاله الموضح في حاشيته على التسهيل، ومن خطه نقلت". وهذا يدل دلالة قاطعة على نسبة الكتاب لابن هشام، وإن كان مفقوداً. 16- رسالة في الأسماء (أسماء خيل السباق) تقع الرسالة في ثماني ورقات ضمن المخطوط رقم (545) مجاميع
بدار الكتب المصرية1. 17- رسالة في استعمال المنادى في تسع آيات من القرآن الكريم ومنها نسخة بمكتبة برلين برقم (6884) 2. 18- رسالة في الشروط التي يتحقق بها التنازع وقد أوردها السيوطي في الأشباه والنظائر3. 19- رسالة في الكلام على "إنما". أوردها السيوطي في الأشباه والنظائر4. 20 - رسالة في قول السهيلي "أول ما أقول إني أحمد الله" بكسر همزة "إن" وأشار د/ أحمد عبد المجيد هريدي إلى أنها تقع في ورقتين بالمخطوط (102) مجاميع تيمور5. 21- رسالة في قوله تعالى: {لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْداً لِلَّهِ} أشار د/ هريدي إلى أنها تقع في ورقتين ضمن المخطوط رقم 102 مجاميع تيمور6.
22- رسالة في كاد، وأخواتها لها نسخة بدار الكتب المصرية تحت رقم 697 نحو 1. 23- رسالة في معاني حروف الجر لها نسخة بدار الكتب المصرية تحت رقم 96 نحو2. 24- رفع الخصاصة عن قراء الخلاصة 3 25- شذور الذهب، وهو مطبوع وسيأتي الكلام عليه 26- شرح التسهيل ذكره ابن حجر والسيوطي وابن العماد الحنبلي والشوكاني4 وذكروا أنه لم يتمه. 27- شرح شذور الذهب وهو شرح على متن الشذور السابق، وقد نشره الشيخ محي الدين عبد الحميد بالقاهرة. 28- شرح قصيدة بانت سعاد وقد طبع الكتاب مراتٍ عدةٍ 5، وكان آخرها بتحقيق د/ محمود
أبو ناجي في دمشق سنة 1982 م. 29- شرح قطر الندى وبل الصدى وهو شرح لكتابه قطر الندى، وقد نشره الشيخ محي الدين عبد الحميد. 30- شرح اللمحة البدرية لأبي حيان وقد حقق الكتاب مرتين، الأولى في بغداد سنة 1977م بتحقيق د/هادي نهر والثانية في القاهرة سنة 1405 هـ بتحقيق د/ صلاح روّاي، وهي أفضل من الأولى. 31- عمدة الطالب في تحقيق تصريف ابن الحاجب، في مجلدين نسبه له ابن حجر والسيوطي وابن العماد والشوكاني1. 32- فوح الشذا بمسألة كذا وقد نشر الرسالة د/ أحمد مطلوب ببغداد سنة 1963 م كما حققَتْها أيضا د/ سهير محمد خليفة بالقاهرة سنة 1988 م. 33- قطر الندى وبل الصدى وهي مقدمة صغيرة في النحو، وقد شرحها ابن هشام كما سبق. 34- المباحث المرضية المتعلقة ب"من الشرطية" وهي رسالة صغيرة قام بتحقيقها د/ مازن المبارك سنة 1408.
35- المسائل السفرية وهي أبحاث نحوية في مواضع من القرآن الكريم، وقد حققها د/علي حسين البواب في الرياض 1402 هـ. 36- مسألة في إعراب "خير" في قول جابر "كان يكفي من هو أوفى منك شعرا وخير منك" أوردها السيوطي في الأشباه والنظائر1. 37- مسألة في الاختلاف في قول القائل: "كأنك بالدنيا لم تكن وبالآخرة لم تزل" أوردها السيوطي في الأشباه والنظائر2. 38 - مسألة في شرح حقيقة الاستفهام والفرق بين أدواته أوردها السيوطي في الأشباه والنظائر 3. ومنه نسخة بمكتبة خسرو باشا بتركيا 4. 39- مسألة في تعدد ما بعد "إلا" على ثلاثة أقسام ومنه نسخة بمكتبة خسرو باشا بتركيا5. 40- مسألة في تصغير ووزن "يحيى" أوردها السيوطي في الأشباه والنظائر6.
41- مغني اللبيب عن كتب الأعاريب وهو أشهر كتب ابن هشام وأعظمها، وقد طبع طبعات عدة آخرها نشرة الشيخ محي الدين عبد الحميد بالقاهرة ثم حققه د/ مازن المبارك وعلى حمد الله في دمشق سنة 1964 م. 42- الموارد إلى عين القواعد وهو اختصار لكتابه "الإعراب عن قواعد الإعراب" ويسمى أيضا النكت المختصرة من قواعد الإعراب، والقواعد الصغرى وهي رسالة صغيرة، وقد نشرها حسن إسماعيل مروة تحت اسم (القواعد الصغرى) في ضمن كتابه (من رسائل ابن هشام النحوية) . 43- موقد الأذهان وموقظ الوسنان وهو ألغاز نحوية وأدبية، وقد طبعت طبعات كثيرة. وقام د/ علي فودة نيل بتحقيقها ونشرها في مجلة كلية الآداب بالرياض سنة 1980 م، كما نشرها حسن إسماعيل مروة في ضمن كتابه (رسائل ابن هشام النحوية) . 44- نزهة الطرف في علم الصرف وقد ذكره السيوطي في كتابه (النكت على الكافية والخلاصة وشذور الذهب ونزهة الطرف) ونقل منه نصوصا1
وذكره أيضا ابن حميد المكي في كتابه (السحب الوابلة) 1. وقد قام د/ أحمد عبد المجيد هريدي بتحقيقه تحقيقاً علمياً ونشره سنة 1410 هـ - 1990م. وأنكر نسبته إليه بعض المحققين، بناء على أن المعروف أن هذا الكتاب للميداني2. وقد نشر كتاب الميداني أيضاً وتصفحت الكتابين فاتضح لي أن بينهما فوارق جوهرية. قال د/ السيد عبد المقصود: "تأكد لي بما لا يدع مجالا للشك أن ما نقله السيوطي في النكت عن كتاب ابن هشام (نزهة الطرف) بعيد كل البعد عن (نزهة الطرف) للميداني ... " 3.
المبحث الثاني: كتابه شذورات الذهب وقيمته العلمية
المبحث الثاني: كتابه شذورات الذهب وقيمته العلمية ... المبحث الثاني: كتاب شذور الذهب وقيمته العلمية "شذور الذهب" لابن هشام من كتب النحو المختصرة وهو على اختصاره جامع لغالب أبواب النحو. منهجه: سار ابن هشام في تبويبه لكتاب شذور الذهب على طريقة مختلفة عما ألف في كتب النحو المعروفة في بعض المواضع، فقد بنى كتابه على مقدمة وأربعة عشر باباً مشتملة على بعض الفصول. أولاً: المقدمة. وقد عرف فيها الكلمة وأنواعها وعلامة كل نوع، ثم ذكر تعريف الكلام وأقسامه. ثانيا: الأبواب. الباب الأول عن الإعراب وأنواعه وعلاماته الأصلية ثم العلامات الفرعية بأبوابها المختلفة. ثم ذكر فصلا في الإعراب التقديري. الباب الثاني في البناء عَرَّف فيه البناء وذكر أنواع المبنيات وقسَّمها تقسيماً جديداً لم يُسبق إليه. قال السيوطي في كتابه المطالع السعيدة1: "قسَّم ابن هشام في الشذور المبني تقسيماً غريباً لم يُسْبَق إليه، وجعله على أقسام وقد تبعته على ذلك..".
فقد قسم علامات البناء ثمانية أقسام، جعلها أبوابا الأول: ما لزم البناء على السكون. الثاني: ما لزم البناء على السكون أو نائبه. الثالث: ما لزم البناء على الفتح. الرابع: ما لزم البناء على الفتح أو نائبه. الخامس: ما لزم البناء على الكسر. السادس: ما لزم البناء على الضم. السابع: ما لزم البناء على الضم أو نائبه. الثامن: ما ليس له قاعدة مستقرة. ثم عقد بابا ذكر فيه النكرة والمعرفة، ثم أقسام المعرفة. وبعد ذلك ذكر "المُعْرَبَات" وقسمها تقسيماً حاصراً، فبدأ أولاً بالمرفوعات من الأسماء والأفعال وهي عشرة أنواع، ثم ذكر المنصوبات من الأسماء والأفعال وهي خمسة، ثم ذكر المجرورات، وجعلها ثلاثة أقسام، ثم ذكر المجزومات، وأنواع الجوازم. وبعد أن انتهى من ذلك ذكر العوامل من الأفعال والأسماء المشبهة لها، وفي باب عمل الفعل ذكر مبحثا بديعا في تقسيم الفعل بحسب المفعول به فجعله - بحسب ذلك - سبعة أنواع: النوع الأول: ما لا يتعدى إلى المفعول أصلا، وهو اللازم، وذكر له سبع علامات. النوع الثاني: ما يتعدى إلى مفعول واحد دائما بحرف الجر نحو
(غَضِبَ) و (مَرّ) . النوع الثالث: ما يتعدى إلى مفعول واحد دائما بنفسه كأفعال الحواس. النوع الرابع: ما يتعدى إلى مفعول واحد تارة بنفسه، وتارة بحرف الجر نحو (شَكَر) و (نَصَح) و (قَصَد) . النوع الخامس: ما يتعدى لمفعول واحد تارة بنفسه ولا يتعدى إليه أخرى لا بنفسه ولا بالجار، نحو (فَغَر) و (شَحَا) . النوع السادس: ما يتعدى إلى اثنين، وجعله قسمين: ما يتعدى لمفعولين تارة ولا يتعدى إليهما تارة أخرى، نحو: (نقص) . وما يتعدى إليهما دائما، وهو ثلاثة أقسام: الأول: ما ثاني مفعوليه كمفعول (شكر) وهي عشرة أفعال. الثاني: ما أول مفعوليه فاعل في المعنى، نحو (أَعْطى) و (كسَا) . الثالث: ما أول مفعوليه وثانيهما مبتدأ وخبر في الأصل وهو أفعال القلوب. النوع السابع: ما يتعدى إلى ثلاثة مفاعيل، وهي سبعة أفعال، هي (أَعْلَم) و (أرَى) وما ضُمّن معناهما. بعد ذلك عقد باباً للأسماء العاملة عمل الفعل، وعددها عشرة أسماء. ثم ذكر باب التنازع، ثم باب الاشتغال وعقَّب على ذلك بذكر التوابع، وأقسامها الخمسة ثم بيَّن أحكام
تابع المنادى. وبعد ذلك عقد بابا بيّن فيه (موانع الصرف) . ثم ختم كتابه بباب العدد وكنايات العدد. أما بالنسبة لشواهد "شذور الذهب" فإنه كان يستشهد بالآيات القرآنية وأشعار العرب المحتج بشعرهم. وقد بلغت الشواهد الشعرية فيه سبعة عشر بيتا. أهم الشروح والحواشي على "شذرو الذهب": شذور الذهب من أهم المختصرات النحوية التي جمعت غالب أبواب النحو، ولكونه مختصرا كان بحاجة إلى شرح وتوضيح، لذلك كثرت حوله الشروح والحواشي والتقريرات، وكذلك كثرت الشروح حول شواهده. وقد بلغت شروح شذور الذهب التي وصلت إلينا عشرة شروحات، وبلغت الحواشي على شرح الشذور لابن هشام تسع حواش. وفيما يلي ذكر لأهم شروح هذا الكتاب: 1- شرح شذور الذهب لابن هشام المتوفى سنة 761 هـ. 2- شرح الصدور لشرح زوائد الشذور لمحمد بن عبد الدائم البرماوي المتوفى سنة 831 هـ1. وقد نسبه حاجي خليفة2 لبدر الدين حسن بن أبي بكر بن أحمد القدسي الحلبي المتوفى سنة 836 هـ.
وهذا الكتاب جعله مؤلفه خاصا بشرح الكلمات أو الجمل التي ذكرت في "شذور الذهب" ولم يشرحها ابن هشام في شرحه على الشذور. قال في مقدمته1: "لما كان كتاب شذور الذهب للعلامة أستاذ المتأخرين جمال الدين عبد الله بن هشام الأنصاري مختصرا جمع مبسوطات في العربية وأنموذجا لمفصّل قواعدها الكلية، وقد شرحه مصنفه رحمه الله بشرح كمّل به مقاصده وسهّل به موارده، غير أن في المتن جملاً خلا الشرح من إيضاحها، وقد حَلِي المتن بأوضاحها، كان الشيخ - رحمه الله- زاد بعضها بعد أن تم هذا الشرح واشتهر، وترك بعضها إما لوضوحها أو لغير ذلك مما يعتري البشر، جمعت هذه المواضع على الترتيب، شارحا لها على طريقة التسديد والتقريب.." ومنه نسخة مصورة بمركز البحث العلمي بجامعة أم القرى تحت رقم (355) . 3- السرور في شرح الشذور، لبدر الدين حسن بن أبي بكر بن أحمد القدسي الحنفي المتوفى سنة 831 هـ. ومنه نسخة مخطوطة بالقاهرة برقم (2/116) 2. 4- شرح شذور الذهب لمحمد بن عبد المنعم الجوجري المصري، المتوفى سنة 889 هـ. وهو الكتاب الذي بين أيدينا، وسيأتي الكلام عليه
بالتفصيل1. 5- بلوغ الأرب بشرح شذور الذهب. تأليف شيخ الإسلام زكريا ابن محمد بن أحمد الأنصاري المتوفى سنة 926 هـ. ولهذا الشرح نسخ كثيرة، أشار لها بروكلمان2. منها نسخة في (الظاهرية) بدمشق رقم (67) . وله أيضا نسخ بمكتبة الأزهر، منها نسخة برقم (363) 3 وقد حُقِّق الكتاب ودُرِسَ في رسالة علمية بالأزهر. 6- شفاء الصدور بشرح الشذور تأليف عبد الملك بن جمال العصامي بن صدر الدين بن عصام الإسفرائيني المشهور بملا عصام، المتوفى سنة 1037 هـ. وله نسخ في مواضع مختلفة، أشار إليها بروكلمان4، ومنه نسخة بمكتبة الأزهر برقم (1788) 27375. أما الحواشي على شرح الشذور لابن هشام فكثيرة منها حاشية عبادة العدوي المتوفى سنة 1193 هـ. وقد طبعت هذه الحاشية بالمطبعة الميمنية بالقاهرة سنة 1318هـ.
ومنها حاشية الدسوقي محمد بن أحمد بن عرفة المعروف بالدسوقي المالكي المتوفى سنة 1230 هـ. ولها نسخة مخطوطة بمكتبة الأزهر برقم (3325) 43061 1 ومنها حاشية الأمير محمد بن محمد بن أحمد بن عبد القادر المعروف بالأمير الكبير، المتوفى سنة 1232 هـ. وقد طبعت هذه الحاشية مع شرح الشذور لابن هشام في مطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده بمصر سنة 1359 هـ. وهناك حواشٍ وتقريرات أخرى كثيرة على "شذور الذهب"2.
الفصل الثاني: الجوجري وحياته العلمية
الفصل الثاني: الجوجري وحياته العلمية المبحث الأول: التعرف بالجوجري المطلب الأول: اسمه ونسبه وشهرته ... المطلب الأول: اسمه ونسبه وشهرته هو محمد بن عبد المنعم بن محمد بن محمد بن عبد المنعم بن أبي الطاهر إسماعيل، شمس الدين بن نبيه الدين الجوجري، ثم القاهري، الشافعي1. كذا ساق نسبه السخاوي في الضوء اللامع2. وتابعه على ذلك كل من ترجم للجوجري، بيد أن بعضهم اختصر نسبه، كالزركلي في الأعلام؛ حيث قال: "محمد بن عبد المنعم بن محمد الجوجري" 3. أما كنيته فلم تذكر ذلك كتب التراجم، ولكني وجدت في مقدمة كتابه شرح شذور الذهب أنه يكنى بأبي عبد الله؛ حيث جاء فيها "قال الشيخ الإمام العالم العلامة فريد عصره ووحيد دهره أبو عبد الله شمس الدين محمد الشافعي الجوجري..".
أما شهرته فقد اشتهر في بلدته بابن نبيه الدين، واشتهر في غيرها بالجوجري نسبة إلى بلدته التي ولد فيها، كما سيأتي. قال السخاوي: "ويعرف بين أهل بلده بابن نبيه الدين، وفي غيرها بالجوجري" 1. وجاء في البدر الطالع للشوكاني أنه (الجرجري) بالراء وليس بالواو، وضبطه بذلك، فقال: "محمد بن عبد المنعم بن محمد بن محمد بن عبد المنعم بن إسماعيل الجرجري بجيمين ومهملتين" 2. والصحيح أنه (الجوجري) بالواو، نسبة إلى بلدة (جوجر) قرب دمياط بمصر. قال الزركلي: "وعرَّفه بعضهم بالجرجري والجوهري وكلاهما تصحيف" 3.
المطلب الثاني: مولده ونشأته وطلبه للعلم
المطلب الثاني: مولده ونشأته وطلبه للعلم. ولد شمس الدين الجوجري في إحدى الجماديين، سنة إحدى وعشرين وثمانمائة من الهجرة (821) هـ، وقيل: في السنة التي بعدها. قال السخاوي: "ولد في إحدى الجماديين.، والظن أنه الثانية، سنة إحدى وعشرين وثمانمائة أو التي بعدها.. 1". وذلك في بلدة (جوجر) ، وهي بلدة صغيرة قرب دمياط. قال ياقوت الحموي: "جَوجَر بجيمين مفتوحتين وراء، بُليدة بمصر من جهة دمياط، في كورة السَّمَنُّودية.. 2". وفي هذه البلدة نشأ الجوجري مع عائلته، حتى بلغ السابعة من عمره فتوفي والده هناك، ثم رحل إلى القاهرة بصحبة جده لأبيه. وحين استقر الجوجري في القاهرة أكبّ على دراسة العلوم وحفظ المتون، وأكمل بها حفظ القرآن الكريم، وحفظ المنهاج في الفقه الشافعي، وألفية ابن مالك في النحو، وكثيرا من المختصرات. واشتغل بأخذ العلوم عن علماء عصره في صباه فأخذ علم النحو عن كبار العلماء في ذلك العصر، كالشّمُنِّي والكافيجي وجلال الدين المحلّي وأبى القاسم النويري، وغيرهم. ودرس على هؤلاء العلماء كتب النحو المشهورة، ومنها (شرح التسهيل) لابن مالك، فقد درسه على الكمال بن الهمام. ودرَس (المغني
لابن هشام) على الشمني والكافيجي والقاياتي وجلال الدين المحلي. وفي الصرف قرأ (شرح الجار بردي للشافية) على الشمس البدرشي وفي العروض والقوافي أخذ عن الشهاب الأبشيطي. وأخذ علم المعاني والبيان عن النويري والكافيجي والقاياتي وزين الدين جعفر العجمي وغيرهم. ودرس الفقه على شرف الدين السبكي وابن المجدي وعلم الدين البلقيني والقاياتي وجلال الدين المحلي وغيرهم، فأخذ عنهم (التنبيه) و (الحاوي) و (البهجة) و (المنهاج) وكلها كتب مشهورة في الفقه الشافعي. وقرأ في أصول الفقه على شيخه جلال الدين المحلي (شرحه لجمع الجوامع) . وأخذ التفسير عن الشمني والكافيجي وابن حجر. ودرَس علم الحديث وأصوله على الحافظ ابن حجر وزين الدين الزركشي والقاضي سعد الدين بن الديري، فأخذ عنهم الكتب الستة في الحديث وشرح نخبة الفكر لابن حجر والشفا للقاضي عياض. وفي علم الرياضيات والفرائض أخذ عن ابن المجدي والبوتيجي1. وبهذا نعرف حرص الجوجري على التزوّد من العلوم، وأخذه من كل علم بطرف. حتى أثمرت هذه الدراسة عن ثقافة واسعة في شتى العلوم. قال عنه العز الحنبلي: "إنه يعرف كل شيء في الدنيا"2.
المطلب الثالث: ثقافته ومكانته العلمية ووظائفه
المطلب الثالث: ثقافته ومكانته العلمية ووظائفه. نال الجوجري ثقافة واسعة، ولم يقتصر على فن معين ولكن برع في العلوم الشرعية واللغوية. وقد أذن له مشايخه بالإقراء والإفتاء، وتصدى لذلك قديما في حياة كثير من مشايخه، حتى كان شيخه (جلال الدين المحلّي) يرسل له الفضلاء للقراءة عليه في تصانيفه وغيرها. ونبه كثير من شيوخه بفضله وعلمه، وصار يعرف ب (شيخ القاهرة) 1. قال السخاوي: "كان المحلّي يرسل له الفضلاء للقراءة عليه في تصانيفه وغيرها ونوّه هو والمناوي به جدا، بل كان المناوي يناوله الفتوى ليكتب عليها، واستنابه في القضاء في ولايته الأولى فباشر قليلا.. 2". وقال ابن إياس الحنفي عنه: "كان عالما، فاضلا بارعا في العلوم" 3. وقد اهتم به طلاب العلم ورحلوا إليه من الأمصار، يؤكد ذلك كثرة تلاميذه الذين أخذوا عنه، ونجد منهم الشامي والمقدسي والمكي واليمني وغيرهم. قال السخاوي: "وأخذ عنه الفضلاء طبقة بعد أخرى، وصار بأخَرَة شيخ القاهرة، وقسموا عليه الكتب" ثم قال: "واتسعت حلقته جدا سيّما
حين تحول للمؤيَّديّة ثم جامع الأزهر، وقصد بالفتاوى.. 1". شعره: كان الجوجري ذا قريحة شعرية، يقول الشعر، وينظم القريض، وقد نظم في بعض العلوم منظومات بديعة، من ذلك منظومة له في (مبدأ نهر النيل ومنتهاه) تقع في 120 بيتا، ذكر فيها أمكنة مقاييس النهر ومن أنشأها من الخلفاء، وتطرق فيها إلى ذكر ما سوى النيل من الأنهار كنهر سيحون ونهر جيحون2. وله مراث في شيوخه، ذكر السخاوي3 أنه كتب له مرثية لشيخه المناوي ومقطوعة في النجم بن فهد. وله نظم مدح فيه شرحه للإرشاد، قال فيه4: ودونك للإرشاد شرحا منقحا ... خليقا بأوصاف المحاسن والمدح تكفل بالتحرير والبحث فارتقى ... وفي الكشف والإيضاح فاق على الصبح بعين الرضا فانظره إن جاء محسنا ... فقابله بالحسنى وإلاّ فبالصفح
ومن نظمه أيضا قوله: قل للذي يدعي حذقًا ومعرفةً ... هون عليك فللأشياء تقدير دع الأمور إلى تدبير مالكها ... فإن تركك للتدبير تدبير وفي كتابه هذا (شرح شذور الذهب) نظم بيتاً واحداً جمع فيه موانع الصرف، بألفاظها صريحة، وذلك حين قال: وإن أردت بيتا واحدا يجمعها كلها بصرائح أسمائها من غير اشتقاق، فقل: جمع ووزن وعدل وصف معرفة ... تركيب عجمة تأنيث زيادتها1 وقد نقل المتأخرون عنه هذا البيت وأُعجِبوا به. وله غير ذلك من المنظومات، فقد قال السخاوي حين ذكر بعض كتبه: "وغير ذلك من نظم ونثر" 2. أما الوظائف التي تقلدها فقد ذكر المؤرخون3 أنه تولى القضاء، والإفتاء والتدريس. أما القضاء فقد ذكر السخاوي4 أن الشيخ المناوي وهو من شيوخ الجوجري قد استناب الجوجري في القضاء في أثناء ولايته، فناب عنه فترة وجيزة، ثم تعفف عن ذلك، قال السخاوي: "وحمد العقلاء صنيعه في ترك القضاء".
وأما الإفتاء فقد تصدى للإفتاء قديما في حياة كثير من مشايخه. قال السخاوي: "كان المحلي يرسل له الفضلاء للقراءة عليه في تصانيفه وغيرها، ونوّه هو والمناوي به جدا، بل كان المناوي يناوله الفتوى ليكتب عليها" 1. ومعنى قوله: (يناوله الفتوى) أنه كان إذا جاءته قضية أو مسألة يُسأل عن حكمها أرسل بها إلى تلميذه الجوجري ليفتى فيها بما يراه لثقته به. ويأخذ برأيه. وقال الشوكاني: "ورغب الطلبة إليه وقصد بالفتاوى" 2. وأما التدريس فقد تولى التدريس في مدارس كثيرة في ذلك العصر، وأخذ عنه الفضلاء طبقة بعد أخرى، وصار شيخ القاهرة في ذلك الوقت. وتزاحم عليه الطلبة، وقسموا عليه الكتب، واتسعت حلقة تدريسه جدا. أما المدارس التي تولي التدريس فيها فهي3: 1- المدرسة المؤيدية. 2- جامع الأزهر. 3- المدرسة الخشابية. 4- المدرسة الشريفية. 5- المدرسة الظاهرية القديمة بمصر.
6- المدرسة الجانبكية. 7- مدرسة أم السلطان. 8- المدرسة القطبية. 9- المدرسة القجماسية. 10- المدرسة الكاملية. وقد جاور بمكة المكرمة في سنة تسع وستين وثمانمائة، وأقرأ الطلبة هناك، ودرسوا عليه. قال السخاوي: "وبالجملة فمحاسنه جمة والكمال لله" 1.
المطلب الرابع: أخلاقه ومناقبه وثناء العلماء عليه
المطلب الرابع: أخلاقه ومناقبه وثناء العلماء عليه. كان شمس الدين الجوجري يجمع بين العلم والأخلاق الحميدة، وتلك كانت سمة العلماء العاملين. وقد أثنى عليه العلماء خيرا، وذكروا من صفاته أنه كان حسن العشرة كثير التودد، متواضعا، ممتهنا لنفسه، غير متأنق في شيء1. قال السخاوي: "وقد سمعت العز الحنبلي غير مرة يقول: إنه يعرف كل شيء في الدنيا" 2. وقال السخاوي أيضا، بعد أن ذكر وظائفه،: "وبالجملة فمحاسنه جمة، والكمال لله". ثم قال في آخر ترجمته له: "وترجمته تحتمل أكثر مما ذكر" 3. وقال عنه ابن إياس الحنفي: "كان عالما فاضلا، بارعا في العلوم، عارفا بمذهب الإمام الشافعي رضي الله عنه ورحمه وله عدة مصنفات، وتولى عدّة تداريس، وشهرته تغني عن مزيد التعريف به" 4. وقال ابن العماد الحنبلي في ترجمته له:"الإمام العالم سليل العلماء" 5. ومن مناقبه وأخلاقه أيضا كثرة إحسانه للغرباء وتفقّده لأحوالهم
وقيامه بشؤونهم وبذل همته في مساعدتهم1. وقد أدى فريضة الحج أكثر من مرة، وجاور في مكة. وقد أحبّه قاضي مكة في ذلك الوقت، ووالى عليه بره وفضله2. قال السخاوي: "عنده نوع فتوّة وإحسان لكثير من الغرباء، وبذل همة في مساعدتهم" 3. وكان يبالغ في محبة مشايخه وأصحابه ويثني عليهم. قال السخاوي: "وكان بيننا من الود ما الله به عليم، بحيث إنه لم يزل يخبرني عن شيخه المحلّي بالثناء البالغ. بل طالع هو عقب موت ولد له كتابي (ارتياح الأكباد) فتزايد اغتباطه به، وأبلغ في تحسينه ما شاء، وأحضر إلي بعض تصانيف السيد السمهودي لأقرضها له، إلى غير ذلك من الجانبين" 4.
المطلب الخامس: مذهبه الفقهي والنحوي
المطلب الخامس: مذهبه الفقهي والنحوي أما مذهبه الفقهي فهو شافعي المذهب. دَرَس المذهب الشافعي على كبار علماء الشافعية في ذلك العصر، أمثال شرف الدين السبكي وجلال الدين المحلّي والمناوي1، وغيرهم. ودرّس الفقه الشافعي في الجامع الأزهر وغيره، وأفتى به في مسائل كثيرة. وشرح كثيرا من كتب الشافعية. وكان يوصف بالشافعي2، نسبة إلى مذهب الإمام الشافعي. أما مذهبه النحوي فقد اقتفى الجوجري في كتابه هذا طريقة المتأخرين الذين يجمعون بين المذهب البصري والمذهب الكوفي، ويختارون من بينهما ما يترجح لديهم، إلا أنهم في الأصول يسيرون على أصول البصريين دون تعصب لهم. وقد نهج الجوجري هذا النهج في كتابه "شرح شذور الذهب". فكان يذكر في المسألة الواحدة المذهبين، ثم يختار ما يراه راجحا وفي الغالب كان يطلق الأقوال في المسألة دون اختيار لواحد منها ويختار في بعض الأحيان ما رجحه العلامة ابن مالك في المسألة. وسيأتي لذلك مزيد تفصيل في مبحث دراسة الكتاب.
المطلب السادس: شيوخه وتلاميذه
المطلب السادس: شيوخه وتلاميذه. أولاً: شيوخه ذكرت فيما سبق أن الجوجري تحوّل من بلدته التي ولد فيها إلى القاهرة. وأنه تعلّم في القاهرة على كبار العلماء في ذلك العصر. وقد كثر العلماء الذين تلقى الجوجري العلوم عنهم، وهم من كبار العلماء المشهورين في عصره. وحاولت جمع أكبر عدد ممكن منهم، فكان من هؤلاء: 1- أحمد بن علي بن محمد، شهاب الدين أبو الفضل العسقلاني المصري الشافعي، الشهير بابن حجر العسقلاني، كان من كبار العلماء في علم الحديث وأصوله والفقه واللغة، وألف كتبا كثيرة، من أفضلها فتح الباري في شرح صحيح البخاري، والإصابة في تمييز الصحابة، وغراس الأساس في اللغة، وغير ذلك، توفي سنة 852 هـ. ذكر السخاوي في الضوء اللامع أن الجوجري درس علم الحديث وأصوله والتفسير على الحافظ ابن حجر1. 2- محمد بن محمد بن علي بن محمد بن إبراهيم بن عبد الخالق، المحب أبو القاسم النويري القاهري المالكي، فقيه مالكي، عالم بالقراءات والنحو، له (شرح المقدمات الكافية في النحو والصرف والعروض
والقافية) وغيرها، وتوفي 857 هـ1، وقد أخذ عنه الجوجري علم النحو والصرف، ودرس عليه بعض الكتب النحوية2. 3- محمد بن عبد الواحد بن عبد الحميد بن مسعود، الكمال بن همام الدين، القاهري الحنفي، يعرف بابن الهمام، كان إماما في الأصول والتفسير والفقه والفرائض والحساب والنحو والمعاني، قال عنه السخاوي: "إنه عالم أهل الأرض ومحقق أولي العصر" 3. مات سنة 861 هـ4.وذكر السخاوي أن الجوجري درس على ابن الهمام (شرح التسهيل) لابن مالك5. 4- محمد بن أحمد بن محمد بن إبراهيم بن أحمد، جلال الدين المحلي، أصولي، مفسر، له شرح (جمع الجوامع) وشرح الورقات في الأصول وكنز الراغبين في الفقه وله كتاب في التفسير أتمه الجلال السيوطي، وسمّي فيما بعد (تفسير الجلالين) ، وقد توفي جلال الدين المحلّي سنة 864 هـ6. وكان الجوجري قد أخذ عنه علم الأصول والنحو، ودرس عليه
كتاب (المغني) لابن هشام1. 5- صالح بن عمر بن رسلان، القاضي علم الدين البلقيني، القاهري الشافعي، شيخ الإسلام، من العلماء بالحديث والفقه، وله فيهما مؤلفات عدّة، توفي سنة 868 هـ بالقاهرة2. وقد أخذ عنه الجوجري الفقه الشافعي، وقرأ عليه غالب الكتب المؤلفة فيه3. 6- أحمد بن محمد، تقي الدين، أبو العباس بن الكمال التميمي القاهري الشهير بالشّمنِّي، إمام في النحو والتفسير والحديث، من كتبه المنصف من الكلام على مغني ابن هشام ومزيل الخفا عن ألفاظ الشفا. وقد أخذ عنه الجوجري النحو، ودرس عليه المغني لابن هشام4. وقد توفي الشمنّي في القاهرة سنة 872 هـ5. 7- محمد بن سليمان بن سعيد بن مسعود المحيوي، أبو عبد الله الرومي الحنفي، المعروف بالكافيجي، نسبة إلى كافية ابن الحاجب لكثرة قراءته وتدريسه لها. إمام مشهور، شاع ذكره، وأخذ الناس عنه طبقة بعد
أخرى، وزادت تصانيفه على المائة، ومن أفضلها شرح قواعد الإعراب لابن هشام وشرح كلمتي الشهادة وغيرهما. وقد ذكر السخاوي أن الجوجري أخذ عنه النحو وعلم المعاني والبيان1 وقد توفي الكافيجي سنة 879 هـ2. 8- أحمد بن رجب بن طنبغا، أبو العباس، شهاب الدين بن المجدي، عالم بالحساب والفرائض والفلك، وبرع في الفقه والنحو وغيرها، له مؤلفات عدّة في الحساب والهندسة والفلك والفرائض، وقد أخذ عنه الجوجري علم الرياضيات والفلك3. مات ابن المجدي بالقاهرة سنة 850 هـ4. 9- سعد بن محمد بن عبد الله، أبو السعادات، القاضي سعد الدين ابن الدَّيري، النابلسي الأصل، المقدسي الحنفي، كان من أوعية العلم، وله مناظرات مع كبار علماء عصره، وترك بعض المؤلفات في الفقه والعقائد. وقد ذكر السخاوي أن الجوجري درس عليه علم الحديث وأصوله5.
مات ابن الديري سنة 867 هـ1. 10- يحيى بن محمد، أبو زكريا، شرف الدين بن سعد الدين الحدادي، المناوي، اشتهر بإجادة الفقه، وأخذ الناس عنه طبقة بعد طبقة، وله مؤلفات عدّة في الفقه والحديث، منها (شرح مختصر المزني) . وكان الجوجري من تلاميذه، ودرس عليه الفقه. قال السخاوي: "واشتدت عنايته بملازمته، بحيث أخذ عنه التنبيه والحاوي والبهجة والمنهاج، تقسيما غير مرة" 2. وقد توفي المناوي سنة 871 هـ بالقاهرة3. 11- محمد بن محمد بن محمد، أبو الفضل، تقي الدين بن فهد الهاشمي المكي، من كبار المؤرخين في عصره، وله من المؤلفات: لحظ الألحاظ والباهر الساطع في السيرة النبوية وسيرة الخلفاء والملوك وقصص الأنبياء وغيرها. قال السخاوي في أثناء ترجمته للجوجري: "سمع على التقي بن فهد" 4. وقد توفي ابن فهد سنة 871 هـ بمكة المكرمة5. 12- جعفر زين الدين العجمي الحنفي، وصفه تلاميذه بالفضل
والديانة، وقرأ عليه الزين زكريا القاضي، والجوجري، وأخذ عنه علم المعاني والبيان وقد ترجم له السخاوي ترجمة مختصرة، ولم يذكر سنة وفاته1. 13- محمد بن محمد بن محمد، محب الدين بن شرف الدين القاياتي، المصري الشافعي، تولى القضاء فترة ثم صُرف عنه. وقد أخذ عنه الجوجري في الفقه والمعاني والبيان وغيرها2. مات سنة اثنتين وخمسين وثمانمائة من الهجرة3. 14- محمد بن علي بن محمد بن محمد بن علي بن عثمان، شمس الدين البدرشي، ثم القاهري الشافعي، يعرف بالبدرشي. ولد ونشأ بالقاهرة، وتعلم على علمائها، وكان خيّرا، عالما، صالحا، انتفع به الطلبة، وقد ذكر السخاوي أن الجوجري درس عليه شرح الجاربردي على الشافية في الصرف4. وقد مات البدرشي سنة 846 هـ 5. 15- محمد بن مراهم الدين (كذا) شمس الدين الشرواني ثم القاهري الشافعي، تقدم في الفنون، وكان إماما، علامة، محققا، وله حواش كثيرة على كتب في العقيدة والفقه وغيرهما.
وأخذ عنه كثير من الطلبة، منهم الجوجري وابن الصيرفي والسنباطي وغيرهم. وقد توفي سنة 873 هـ، وقد جاوز التسعين عاما1. وقد ذكر السخاوي2، أن الجوجري أخذ العلم أيضا عن جماعة آخرين، منهم زين الدين الزركشي والبوتيجي والشهاب السخاوي وشرف الدين السبكي، ولم أعثر على تراجم مفصلة لهم. ثانيا: تلاميذه لعل من أدل الأشياء على تبحر العالم في علومه وإخلاصه في تعليمه كثرة تلاميذه، وهذا ما ينطبق على (الجوجري) فقد بلغ عدد تلاميذه عددا كبيرا. قال السخاوي: "وأخذ عنه الفضلاء طبقة بعد أخرى، وصار بأخرة شيخ القاهرة، وقسموا عليه الكتب.." 3. وقال الشوكاني: "وقد عكف عليه الطلبة، وتنافسوا في الأخذ عنه"4. وقد حاولت الاقتصار على المشهورين منهم، وهم كما يلي: 1- إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن العلامة جلال الدين أحمد بن محمد، برهان الدين، أبو إسحاق الخجندي، المدني الحنفي، أحد أعيان
بلده وإمام الحنفية بها، أخذ العلم على كثير من العلماء، ومن بينهم (الجوجري) فقد أخذ عنه علم العربية. وتوفي سنة 898 هـ 1. 2- أحمد بن أحمد بن محمد بن عيسى، شهاب الدين البرنسي المغربي المالكي المعروف بزروق. قال السخاوي: "أقام بالقاهرة نحو سنة مديما للاشتغال عند الجوجري وغيره في العربية والأصول وغيرهما"2. مات سنة (856) هـ. 3- أحمد بن داود بن سليمان بن صلاح بن إسماعيل، الشهاب البيجوري القاهري الشافعي، عالم مشارك في الفقه وغيره، أذن له الجوجري في الإقراء من سنة ست وثمانين وثمانمائة. وقد توفي سنة (897) هـ. 3 4- أحمد بن علي بن أحمد بن يوسف بن أبي الحسن، الشهاب المنزلي ثم القاهري الأزهري، ويعرف بابن القطان. درس على كثير من العلماء منهم الشّمنِّي والكافيجي، وكذلك الجوجري، فقد أخذ عنه العربية وغيرها. وكان معروفا بتواضعه ولطافة عشرته 4. 5- أحمد بن علي بن حسين بن علي بن يوسف، الشهاب الدمياطي. ويعرف بالأشموني، لازم جماعة من العلماء كالعلم البلقيني والشهاب البيجوري في الفقه والعربية، وكذلك الجوجري، وقد أخذ عنه
علم المعاني. مات بحلب سنة تسعين وثمانمائة من الهجرة1. 6- أحمد بن محمد بن أبي بكر بن يحيي، الشهاب القرشي الحرضي الشافعي، يعرف بالزبيدي، ذكر السخاوي أنه لازم الجوجري، وقرأ عليه (الإرشاد) ووصفه بالشيخ الفاضل العالم الكامل، وأنه قرأه بفهم ودراية، بحيث اطلع على خباياه وفوائده.. ثم ذكر أنه كان السبب في تأليف الجوجري (شرح الإرشاد) 2. 7- أحمد بن محمد بن محمد بن أبي بكر بن أيوب، أبو الفضل القرشي المخزومي، المعروف بابن المحرقي3، أخذ عن جماعة من الفضلاء، منهم أبو السعادات البلقيني والجوجري، وأخذ عنه العربية، وقرأ عليه التوضيح لابن هشام. 8- إسماعيل بن أبي يزيد الزييدي اليماني ثم المكي الشافعي، ويعرف بابن بنت غَنَا، له شرح على الألفية، ودرَّس الطلبة في الفقه والعربية،، من شيوخه ابن عطيف والشمس الجوجري حين كان بمكة، وكان الجوجري يعظمه كثيرا4. 9- جعفر بن يحيي بن محمد بن عبد القوي المكي المالكي، المعروف بابن عبد القوي، ولد بمكة ونشأ بها، ثم ارتحل إلى القاهرة، وأخذ
عن شيوخها الفقه والعربية، وممن أخذ عنه العربية يحيى العلمي والجوجري، وقد اختصر الجوجري له شرحه على الشذور، وتوفي سنة (894) هـ1. 10- خالد بن عبد الله بن أبي بكر بن محمد الجرجي، الأزهري الشافعي النحوي، الإمام المشهور خالد الأزهري، صاحب التصريح، ويعرف أيضا بالوقاد. تحول إلى الأزهر، وقرأ في العربية على يعيش المغربي والشمني والعبادي، وكذلك قرأ على الجوجري. وقد توفي سنة (905) هـ بالقاهرة2. 11- عبد الحق بن محمد بن عبد الحق بن أحمد، شرف الدين ابن الشمس السنباطي ثم القاهري الشافعي، قدم القاهرة وأخذ عن علمائها كالجلال المحلي وابن الهمام والشمني والجوجري وغيرهم. مات سنه (931) 3. 12- عبد الخالق بن محمد بن إبراهيم بن عبد الرحمن، محيي الدين الصالحي الحنفي ويعرف بابن العقاب. عرض على جماعة من العلماء، ولازم الزين قاسم في الفقه وأصوله والحديث، وكذا أخذ عن الجوجري في العربية والصرف4.
13- عبد الرحمن بن أبي بكر بن عبد الرحمن، الوجيه بن الزكي المصري ثم المكي الشافعي، المعروف بابن الزكي، أخذ عن السخاوي بعض المؤلفات وأخذ أيضاً عن الجوجري بالقاهرة1. 14- عبد الرحمن بن علي بن صلاح الدين بن الزين القاهري الشافعي، ويعرف بابن الخطيب، أخذ الفقه عن الجوجري في عدة تقاسيم، وأخذ الفرائض والحساب عن البدر المارداني، وأخذ العلم أيضا عن السخاوي والسيوطي 2. 15- عبد الرحمن بن محمد بن علي بن أحمد بن أبي بكر المصري الشافعي، ويعرف بابن الأدمى. لازم جماعة من العلماء، منهم الجوجري، فقرأ عليه "شرح البهجة" وقرأ عليه أيضا شرحه للعمدة وشرحه لقصيدة البوصيري الهمزية 3. 16- عبد العزيز بن عمر بن محمد بن أبي الخير، المكي ابن نجم الدين ابن فهد، ويعرف أيضا بابن فهد، قدم القاهرة وأخذ عن علمائها، ومنهم شمس الدين الجوجري، فقد أخذ عنه شرحه على الإرشاد، وسمع عليه ألفية ابن مالك، ولازمه حين مجاورته بمكة فأخذ عنه شرحه على شذور الذهب، وغيره، ثم أذن له الجوجري في تدريس الفقه والنحو. وقد توفي
سنة 921 هـ1. 17- عبد الغفار بن أبي بكر بن محمد بن عبد الله، الزين النطوبسي ثم القاهري الأزهري الشافعي الضرير، ويعرف في بلده بابن بَيْته، قدم القاهرة وقطن الأزهر، وحفظ كتبا في فنون عدّة، كالشاطبية والرائية وألفيتي النحو والحديث، لازم الجوجري في عدّة تقاسيم. وقد توفي سنة 913 هـ2. 18- عبد الغني بن محمد بن حامد بن محمود، الزين الأنصاري القاهري المقرئ، المعروف بابن القصاص. أخذ الفقه والعربية عن قاسم الزبيري والجوجري3. 19- عبد القادر بن شعبان بن علي بن شعبان الغزي الشافعي، ويعرف بابن شعبان، عرض على جماعة من أهل بلده ومن أهل دمشق وبيت المقدس والقاهرة، فأخذ عن العبادي والجوجري والبرهان الأنصاري والبقاعي والكافيجي وغيرهم4. 20- عبد القادر بن محمد بن الفخر عثمان بن علي المحيوي، المارديني الأصل الحلبي الشافعي، ويعرف بابن الأبّار. برع في الفقه والعربية والفرائض والحساب وأقرأ الطلبة وأفتى، قدم القاهرة فأخذ
عن الجوجري شرحه للإرشاد وغيره، وكتب له إجازة. توفي سنة 914 هـ1. 21- عبد القادر بن أبي الفتح محمد بن موسى بن إبراهيم المحيوي الصالحي العنبري الشافعي، أحد جماعة الجوجري. قال السخاوي2: "وهو ممن انتصر لشيخه الجوجري، ورد على ابن السيوطي" 3. 22- عبد الكافي بن عبد القادر بن الشهاب أحمد بن أبي بكر بن أحمد بن علي التقي الحموي الأصل القاهري الشافعي، يعرف بابن الرسام. اشتغل بالعلم عند الزين زكريا والجوجري والبكري وغيرهم. وقد توفي سنة (884 هـ) 4. 23- عبد اللطيف بن عيسى بن الحصباي الأزهري الشافعي، أكثر من الاشتغال في الفقه عند عبد الحق السنباطي والجوجري في تقسيمهما. واشتغل في النحو والحديث وغيرهما5. 24- علي بن عبد الله بن أحمد بن أبي الحسن، الحسني السمهودي القاهري الشافعي، قدم القاهرة، ولازم الشمس الجوجري في الفقه
وأصوله والعربية، فقرأ عليه جميع التوضيح لابن هشام والخزرجية وشرحه للشذور. وقد توفي سنة (911 هـ) 1. 25- علي بن عبد المحسن بن علي بن عمر الأخطابي ثم الجارحي القاهري، ويعرف بالجارحي، برع في القراءات والنحو، وكان قد قرأ ألفية ابن مالك على الجوجري وابن قاسم، والتوضيح على الشيخ خالد الأزهري. وقد مات سنة (931 هـ) 2. 26- علي بن عمر بن أبي موسى بن ناصر الدين، نور الدين أبو الحسن الذيبي القاهري الشافعي، ويعرف بالذيبي، أخذ عن جماعة من العلماء منهم العبادي والعلم البلقيني والمناوي والجوجري 3. 27- علي بن محمد الأكبر بن علي بن محمد، نور الدين المصري المكي الشافعي المعروف بابن الفاكهي. من شيوخه العلم البلقيني والمناوي والمحلي والجوجري والكافيجي، وقد توفي سنة (880) هـ4. 28- عمر بن أحمد بن عمر بن ناصر بن أحمد السراج الصعيدي البلينائي الشافعي، ويعرف بابن ناصر، قدم القاهرة وأخذ فيها عن الجوجري في العربية والفرائض والحساب 5.
29- عمر بن محمد بن محمد بن علي بن أحمد بن عبد العزيز السراج القرشي العقيلي النويري المكي الشافعي، يعرف بابن أبي اليمن. أخذ عن جماعة من العلماء بمكة والقاهرة، ومنهم الشروانى والسنباطي والجوجري وقد توفي سنة (887) هـ1. 30- فضل بن يحيي بن محمد بن عبد القوي الكمال المكي المالكي اشتغل بالعلم في مكة والقاهرة، وأخذ عن عبد القادر المحيوي الألفية، وعن الجوجري التوضيح لابن هشام2. 31- مجلى بن أبي بكر بن عمر الضياء أبو المعالي الشاذلي الشافعي، حفظ كثيرا من مختصرات العلوم، وأخذ عن الجوجري الأصول والعربية3. 32- محمد بن إبراهيم بن علي بن أحمد بن إسماعيل الرضي أبو الفضل بن الجمال القلقشندي القاهري الشافعي، اشتغل بالفقه والعربية والمنطق، وكان من شيوخه الزين زكريا والجوجري4. 33- محمد بن أحمد بن طاهر، شمس الدين بن الجلال الخجندي الأصل، المدني الحنفي، يعرف بابن الجلال. طلب العلم ببلده، ثم ارتحل إلى القاهرة، وأخذ عن علمائها، ومنهم شمس الدين الجوجري، فقد درس
عليه في الأصول1. 34- محمد بن أحمد بن عبد الغني، بدر الدين بن أبي الفرج، قرأ على الجلال البكري وحضر دروس شمس الدين الجوجري، وزار بيت المقدس2. 35- محمد بن أحمد بن عيسى بن أحمد بن موسى الأمين البدراني الأصل الدمياطي الشافعي ويعرف بابن النجار3، ولد بالقاهرة ودرس على علمائها كابن أسد والشمس بن العماد والشهاب الحجازي والمناوي والجوجري وابن قاسم وغيرهم. 36- محمد بن سليمان بن داود بن محمد بن داود البدر أبو المكارم ابن العلم أبي الربيع المنزلي الدمياطي الشافعي، لازم في القاهرة الجوجري، حيث قرأ عليه المنهاج والتنبيه، وهما كتابان في الفقه الشافعي، وأخذ عنه ألفية ابن مالك، وأذن له في الإفتاء والتدريس4. 37- محمد بن عبد الرحمن بن يحبي بن موسى بن محمد الشمس بن التقي العساسي السمنودي الشافعي، يعرف بالسمنودي. قرأ في القاهرة على جماعة من العلماء منهم الجوجري فقد أخذ عنه
العربية1. 38- محمد بن علي بن محمد بن أحمد بن محمد بن ممدود، الشمس ابن العلاء بن ناصر الدين الغزي الشارنقاشي القاهري الشافعي. لازم الجوجري في الفقه والأصلين والعربية والصرف والمعاني والبيان والعروض وغيرها، وكان جل انتفاعه به، قرأ عليه في العربية شرح الرضي للكافية وشرح ابن الناظم والتوضيح والمغني، وفي الصرف شرح الجاربردي وشرح التصريف العزّي للتفتازاني، وفي العروض شرح الأبشيطي للخزرجية. وقد توفي سنة (897) هـ2. 39- محمد بن علي بن محمد الشمس الحليبي القاهري الشافعي ابن الأبار، ويعرف أيضا بالحليبي. من شيوخه الفخر المقسي والعبادي والجوجري والبقاعي وغيرهم3. 40- محمد بن عمر بن محمد بن عمر بن أبي بكر بن محمد بن أحمد ابن عبد القاهر بن هبة الله الجلال أبو بكر بن الزين أبي حفص بن الضياء بن النصيبي الشافعي. أخذ عن الجوجري والعبادي والشمني وغيرهم. وقد توفى سنة (916 هـ) 4. ا4- محمد بن أبي الفتح بن إسماعيل بن علي بن محمد بن داود جمال
الدين البيضاوي المكي درس على الجوجري وإمام الكاملية ولازمهما في أثناء مجاورتهما بمكة. وقد توفي سنة (898 هـ) 1. 42- محمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن موسى، شمس الدين أبو الوفاء بن الخواجا المكي الغزي الشافعي، ويعرف بابن النحاس. أخذ عن العبادي والبكري والجوجري وابن قاسم وغيرهم2. 43- محمد بن محمد بن أحمد، الشمس العامري الغزي الشافعي، ويعرف بالحجازي. أخذ العلم في القاهرة عن العبادي والبكري والجوجري وزكريا وابن قاسم. مات سنة (885 هـ) 3. 44- محمد بن محمد بن عرفات بن محمد بن ناصر الدين البساطي القاهري الأزهري، يعرف بابن الطحان، من شيوخه ابن قاسم والكافيجي والجوجري والديمي4. 45- محمد بن محمد بن علي بن يوسف سعد الدين بن الشمس الذهبي الشافعي، يعرف بالذهبي. قال السخاوي عنه: "لازم الجوجري حتى تميّز في فروع الفقه"5. 46- محمد بن محمد بن محمد بن علي بن أحمد بن عبد العزيز
الجمال أبو الخير بن أبي اليمن العقيلي النويري المكي الشافعي، أخذ عن جماعة من العلماء بمكة والقاهرة، منهم التقي القلقشندي والشمس الجوجري وغيرهما 1. 47- محمد أبو المعالي نجم الدين بن النجم بن ظهيره، لازم كثيرا من العلماء، ومنهم الجوجري، قال السخاوي: "أكثر من ملازمته في الفقه وأصوله" 2. 48- محمد بن محمد بن محمد بن محمد بن علي بن محمد بن إبراهيم ابن عبد الخالق، شمس الدين أبو الطيب بن أبي القاسم بن أبي عبد الله النويريي القاهري المالكي. أخذ العلم عن علماء عصره أمثال العلم البلقيني والمحلي والمناوي والجوجري حيث قرأ عليه شرح الألفية لابن عقيل. مات في رمضان سنة (873 هـ) 3. 49- محمد صلاح الدين أبو المعالي بن الشرف بن الجيعان. ولد في القاهرة، ولازم الجوجري في الفقه وغيره، بل كان أحد القراء في بعض تقاسيمه، وقرأ عليه الشفا للقاضي عياض4. 50- معمر بن يحيي بن محمد بن عبد القوي السراج، أبو اليَسَر المكي، وهو من أكثر تلاميذ الجوجري ملازمة له، فقد رحل إلى القاهرة
ولازم فيها شيخه شمس الدين الجوجري في الأصلين والعربية والمعاني والبيان والعروض والمنطق، وأكثر عنه جدا، بحيث كان جل انتفاعه به، وكان يرجحه على جل جماعته أو كلهم. وقد ألف شرحا على قطر الندى أكثر فيه من النقل عن شيخه الجوجري من شرحه على الشذور، وكان يصفه بشيخنا المحقق.. الخ. مات سنة (897 هـ) 1.
المطلب السابع: مؤلفاته وآثاره العلمية
المطلب السابع: مؤلفاته وآثاره العلمية ترك الجوجري مؤلفات في علوم مختلفة، منها ما هو في الفقه، ومنها ما هو في النحو واللغة، ومنها ما هو في التراجم، ومنها ما هو في الهندسة والبلدان. والناظر في مؤلفات الجوجري يلحظ أن غالبها كانت شروحا على كتب السابقين. وأنه قد اهتم بالفقه الشافعي فوضع فيه شرحين كبيرين على كتابين من كتب الشافعية. وقد ترك الجوجري أيضا فتاوى عدة، لكنها لم تجمع في كتاب واحد. وسأذكر فيما يلي ما ذكرته كتب التراجم من كتبه ومؤلفاته، مع النص على ما كان منها موجودا. والجدير ذكره أنه لم يطبع إلى الآن فيما علمت كتاب من كتب الجوجري. 1- تسهيل المسالك في شرح عمدة السالك 1. وهو شرح على كتاب (عمدة السالك) لابن النقيب في الفقه. 2- شرح الإرشاد 2. وهو شرح كبير يقع في أربعة مجلدات، شرح فيه كتاب (الإرشاد) وهو كتاب صغير في الفقه الشافعي، لابن المقري المتوفى سنة (836 هـ) اختصر فيه كتاب (الحاوي) الصغير للقزويني.
وكتاب (شرح الإرشاد) للجوجري مخطوط1. 3- شرح شذور الذهب 2. وهو شرح مطول على كتاب (شذور الذهب) لابن هشام. وهو الكتاب الذي بين أيدينا، وسيأتي الكلام عليه مفصلا. 4- خير القِرى في شرح أم القرى 3. وهو شرح مطول على قصيدة البوصيري الهمزية التي أولها: كيف ترقى رقيك الأنبياء وهي القصيدة المسماة (بأم القرى) ، وقد شرحها كثيرون. ومن شرح الجوجري نسخة في مكتبة الأوقاف العامة ببغداد تحت رقم (6/4866- مجاميع) ، وعدد أوراقها 113 ورقة4. وللجوجري أيضا شرح آخر مختصر على هذه القصيدة. 5- ترجمة الإمام الشافعي5. وهو مخطوط في الظاهرية 6.
6- شفاء الصدور في حل ألفاظ الشذور 1. وهو شرح مختصر على شذور الذهب لابن هشام. اختصره من شرحه السابق. وقد ذكر السخاوي2. أن الجوجري اختصر كتابه (شرح شذور الذهب) من أجل تلميذه جعفر بن يحبي بن عبد القوي. فلعل هذا التلميذ كان قد طلب من شيخه الجوجري اختصار كتابه (شرح الشذور) فقام بذلك. وقد ذكر بروكلمان أن هذا الكتاب مخطوط في رامبور في الهند، تحت رقم (133) 3 ولم أتمكن من الحصول على نسخة منه. 7- شرح المنفرجة 4. والمنفرجة قصيدة لأبي الفضل يوسف بن محمد بن يوسف، التوزي المعروف بابن النحوي المتوفى سنة (513 هـ) ، وقيل: إنها لأبي الحسين يحيى ابن العطار القرشي. وقد شرحها كثيرون، ومنهم الجوجري. ومطلع هذه القصيدة قوله: اشتدي أزمة تنفرجي ... قد آذن ليلك بالبلج ومنها نسخة تقع في أربع ورقات في مكتبة الأوقاف العامة ببغداد5.
8- منظومة في مبدأ نهر النيل ومنتهاه 1. وهي منظومة شعرية نظم فيها الجوجري كتاب (مبدأ النيل السعيد) لشيخه جلال الدين المحلي. وهذه المنظومة تقع في مائة وعشرين بيتا، ذكر فيها الجوجري أقيسة نهر النيل ومبدأها ومنتهاها، ومن أنشأها من الخلفاء، ثم تطرق إلى ذكر ما سواه من الأنهار كنهر سيحون ونهر جيحون. وهذا الكتاب مخطوط في دار الكتب المصرية برقم 17232. 9- نقد على الصحاح. لم يذكر أحد من أصحاب كتب التراجم هذا الكتاب للجوجري. وقد ذكره الأستاذ أحمد عبد الغفور عطار في أثناء إحصائه للكتب التي قامت بنقد كتاب الصحاح للجوهري، فقال: "محمد بن عبد المنعم الجوجري ألف كتابا أخذ فيه على الجوهري ونقده، فرد عليه السيوطي ردا عنيفا تجنى فيه عليه" 3 وكتاب السيوطي هذا سماه (اللقط الجوهري في رد خباط الجوجري) . وقد ذكره الأستاذ عطار أن منه نسخة في مكتبة شيخ الإسلام بالمدينة المنورة، تحت رقم (161) لغة. وقد بحثت عنه في المكتبة المذكورة فلم أجده.
وأما ما يتعلق بفتاواه فقد ذكر المترجمون أن الجوجري كانت له فتاوى كثيرة في مسائل عدة. من ذلك أنه استُفْتي مرة عن رؤية الله تعالى في الجنة هل تحصل للنساء؟ فأفتى بأنه لم يرد في ذلك شيء، ثم اطلع على كتاب للسيوطي ذكر فيه صحة رؤية النساء لربهم في الجنة، فردَّ عليه الجوجري بكتاب ينفي فيه ذلك. فقام السيوطي بتأليف كتاب رد فيه على الجوجري ما ذهب إليه، وسماه (اللفظ الجوهري في رد خباط الجوجري) . وقد ذكر الأستاذ أحمد عبد الغفور عطار1 أن بعض المستشرقين والباحثين العرب خلطوا بين هذا الكتاب وكتابه الأول، وظنوا أن (اللفظ الجوهري) هو الكتاب الذي ألفه السيوطي دفاعا عن الجوهري، مع أن هذا الكتاب الثاني يبحث في رؤية النساء. ومن كتاب السيوطي هذا نسخة مخطوطة بحوزة د/ محمد يعقوب تركستاني، تقع في خمس ورقات. وقد ذكر فيه السيوطي طرفا من النقاش الذي دار بينه وبين الجوجري في مسألة رؤية النساء في الجنة. وقد وقع بين الجوجري والسيوطي ما يقع عادة بين المتعاصرين من المنافسات والردود والخلافات الني تنشأ غالبا بين أهل كل عصر2.
المطلب الثامن: وفاته
المطلب الثامن: وفاته توفي الجوجري في شهر رجب سنة تسع وثمانين وثمانمائة من الهجرة (889هـ) وقد ذكر السخاوي يومه الذي توفي فيه بالتحديد، فقال: "ولم يزل على طريقته حتى مات شبه الفجأة في يوم الأربعاء ثاني عشر رجب سنة تسع وثمانين بالظاهرية القديمة، وصُلّي عليه بعد صلاة العصر بالجامع الأزهر في مشهد حافل جدا، ثم دفن بزاوية الشاب التائب، محل سكنه أيضا وتأسف الناس على فقده، ولم يخلف في مجموعه مثله.."1. وقد صلي عليه أيضا في دمشق صلاة الغائب، وذلك بعد شهر من وفاته. قال ابن طولون2 في حوادث شهر شعبان من سنة (889هـ) : "وفي يوم الجمعة ثاني عشرة صُلِّي غائبة بالجامع الأموي على شيخ الإسلام محمد بن محمد بن عبد المنعم الجوجري". وعلى ذلك يكون عمر الجوجري ثمانية وستين عاما. رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه عن الإسلام والعربية خيرا.
المبحث الثاني: دراسة كتاب شذورات الذهب للجوجري
المبحث الثاني: دراسة كتاب شذورات الذهب للجوجري المطلب الأول: موضوع الكتاب وعنوانه ... المطلب الأول: موضوع الكتاب وعنوانه هذا الكتاب شرح على متن (شذور الذهب) لابن هشام، شرح فيه مؤلفه الجوجري كتاب (شذور الذهب) لابن هشام شرحا موسعا، التزم فيه بنص متن الشذور. أما عنوان الكتاب فهو (شرح شذور الذهب) للجوجري. هذا هو ما جاء على غلاف النسخة الأصلية، وهو ما ذكرته كتب التراجم 1. وجاء في فهرست مخطوطات النحو والصرف بجامعة الإمام محمد ابن سعود الإسلامية أنه شرح شذور الذهب (شفاء الصدور) 2. والصحيح أن (شفاء الصدور) شرح آخر مختصر على شذور الذهب للجوجري أيضا، سماه (شفاء الصدور في حل ألفاظ الشذور) ، وأنه اختصره من شرحه المطول على (شذور الذهب) من أجل تلميذه
جعفر بن يحيى بن عبد القوي، كما ذكر ذلك السخاوي1. وقد سبق الكلام على مختصره هذا في مبحث مؤلفاته 2.
المطلب الثاني: توثيق نسبة الكتاب لمؤلفه
المطلب الثاني: توثيق نسبة الكتاب لمؤلفه كتاب (شرح شذور الذهب) ثابت النسبة لمؤلفه محمد بن عبد المنعم الجوجري. وقبل البدء في ذكر الأدلة على ذلك أود أن أذكر قصة حصلت لي مع هذا الكتاب. فقد كنت فيما سبق قد سجلت الكتاب على أنه لأحمد بن محمد ابن الهائم، بناء على دليلين: الأول: وجود ذلك على نسخة من نسخ الكتاب، وهي النسخة الموجودة في ذلك الوقت، ولم أعثر على غيرها، حيث جاء على غلافها ما يلي: (شرح شذور الذهب، الضوابط الحسان فيما يتقوم به اللسان لابن هشام لابن الهائم) . وقد نسبت كتب التراجم (الضوابط الحسان) لابن الهائم وعدته من مؤلفاته، فلما رأيت هذه العبارة على هذه النسخة من الكتاب اعتقدت أن هذا الكتاب هو كتاب (الضوابط الحسان) لابن الهائم، لوجود ذلك على غلاف النسخة. الثاني: نقل بعض المتأخرين نصا كاملا عن هذا الكتاب وصرح في أوله بأنه من كتاب (شرح شذور الذهب) لابن الهائم. فقد جاء في كتاب (إعراب آيات الشذور) 1 لأبي القاسم البجائي ما نصه: "قال ابن الهائم في (شرح الشذور) : هذا كله في المصدر الذي ليس بدلا من اللفظ بفعله، أما ما هو بدل من اللفظ بفعله فإنه يعمل وإن
لم يخلفه (أنْ) والفعل ولا (ما) ، والفعل..". وهذا النص موجود بتمامه في كتابنا هذا 1. وبعد أن انتهيت من تحقيق الكتاب ودراسة مؤلفه ذكر لي بعض الزملاء أن لديه كتابا يسمى (شرح شذور الذهب) لمحمد بن عبد المنعم الجوجري، وأنه قد حصل على نسخة له من تونس، وكان قد أحضره ليقدمه لرسالة الدكتوراه. فطلبت منه الكتاب للاطلاع عليه، لما له من علاقة بشذور الذهب، فأعارني الكتاب مشكورا، ولما تصفحت الكتاب فوجئت أن هذا الكتاب وهو شرح شذور الذهب هو الكتاب الذي قمت بتحقيقه من قبل على أنه لابن الهائم، لأن هذا الكتاب لا يختلف مع كتابي في شيء، إلا ما يكون من خلاف النسخ فقط. ولما رجعت مرة أخرى إلى كتب التراجم ظهر لي أن جميع كتب التراجم تنسب (شرح شذور الذهب) للجوجري، ولم تذكر لابن الهائم شرحا على شذور الذهب، وبعد ذلك ظهرت أمور أكدت لي بما لا يدع مجالا للشك أن هذا الكتاب الذي بين أيدينا هو شرح شذور الذهب لمحمد بن عبد المنعم الجوجري، وليس لابن الهائم. ولمّا تبيّن لي ذلك عرضت الأمر على قسم اللغويات الموقر بالجامعة، وبعد اقتناعهم بالأدلة التي قدمتها وافق القسم مشكورا على تصحيح نسبة الكتاب من أحمد بن محمد بن الهائم إلى محمد بن عبد المنعم الجوجري
المتوفى سنة (889 هـ) . وفيما يلي أذكر الأدلة التي تثبت صحة نسبة الكتاب للجوجري. وهذه الأدلة أنواع: أولا: ما ذكرته كتب التراجم: ترجم للجوجري كل من السخاوي في الضوء اللامع والشوكاني في البدر الطالع والزركلي في الأعلام وعمر رضا كحالة في معجم المؤلفين، وهؤلاء جميعا نصوا على أن (الجوجري) شرح شذور الذهب، وعدوا ذلك من مؤلفاته. قال السخاوي في الضوء اللامع: "كتَب على شذور الذهب مطولا ومختصرا" 1. وقال الشوكاني في البدر الطالع: "وشرح شذور الذهب شرحا مطولا وشرحا مختصرا" 2. وقال الزركلي في الأعلام: "من كتبه.. شرح شذور الذهب، مخطوط في الأحمدية" 3. وقال عمر كحالة في معجم المؤلفين: "من آثاره.. شرح شذور الذهب لابن هشام في النحو"4.
ثانيا: النقولات عن هذا الكتاب نقل عن هذا الكتاب بعض المؤلفين، منهم من صرح باسمه، ومنهم من لم يصرح بذلك، ولكن يتضح من النص أنه منقول عن هذا الشرح. وممن صرح باسمه معمر بن يحيي المكي (897 هـ) وهو تلميذ للجوجري. فإنه نقل عن هذا الكتاب نقولات كثيرة هي بنصها موجودة في كتابنا هذا. وسأكتفي بذكر موضعين من كتاب معمر المكي، وهما: 1- قال معمر المكي في كتابه (التعليقة المفيدة في العربية) ص 131 ما نصه: "وأما تقديرا فقال شيخنا المحقق شمس الدين الجوجري حفظ الله مهجته وخلد رفعته في شرحه على الشذور: "كأنه أراد بقوله: (تقديرا) نحو سيبويه من الأعلام المبنية إذا كانت مناداة فإن ضمة النداء وهي حركة بناء مقدرة فيه انتهى". وهذا النص موجود بتمامه في كتابنا هذا (شرح الشذور) ص.. 2- قال معمر المكي في (التعليقة المفيدة في العربية) ص 614: "قوله: (اسم) كالجنس، قال شيخنا أبقاه الله تعالى في شرحه على الشذور: فيه إعلام بجنسيته، وأنه ليس كالحال في كونه ظرفا أو مجرورا أو جملة. انتهى". وهذا الكلام ذكره الجوجري في باب التمييز ص 476 حيث قال: "فقوله: (اسم) إعلام بجنسيته، وأنه ليس كالحال في كونه ظرفا أو مجرورا أو جملة". وقد نقل معمر المكي أيضا نصوصا أخرى من كتاب شيخه (شرح
شذور الذهب) . ينظر (التعليقة المفيدة في العربية) ص 136 و147 و193 و228 و254 و331 و685 و743. ثالثا: بعض النصوص الواردة في الكتاب. ورد في هذا الكتاب بعض النصوص المنقولة عن علماء تأخرت وفاتهم عن وفاة ابن الهائم المتوفى سنة (815 هـ) . فقد ورد فيه نصوص من كتاب (شرح الصدر لشرح زوائد الشذور) . ومؤلف هذا الكتاب هو محمد بن عبد الدائم البرماوي المتوفى سنة (831) هـ وقيل (836) هـ فيبعد أن ينقل ابن الهائم عن هذا الكتاب الذي توفي صاحبه بعد وفاته بأكثر من ستة عشر عاما. وكذلك ورد في كتابنا هذا (شرح الشذور) نصوص من كتاب (حاشية الحفيد ابن هشام على التوضيح) . وقد توفي الحفيد سنة (835) هـ، وذكر العلماء أن حاشيته على التوضيح لم تجمع إلا بعد وفاته. فهذا دليل قاطع على أن هذا الكتاب الذي بين أيدينا ليس لابن الهائم، إذ لا يعقل أن ينقل ابن الهائم عن كتاب كُتب بعد وفاته بأكثر من عشرين سنة على أقل تقدير. رابعا: (ما جاء في أول الكتاب وآخره) . جاء في أول هذا الكتاب التصريح بنسبته لمحمد بن عبد المنعم الجوجري. فقد جاء على غلاف نسخة الأصل (شرح الجوجري على شذور الذهب) وجاء في مقدمة الكتاب في نسختي (أ) و (ب) ما يلي:
"قال الشيخ الإمام العلامة البحر الفهامة فريد عصره وحيد دهره أبو عبد الله شمس الدين محمد الشافعي الجوجري..". وورد في آخر الكتاب في النسخة التونسية التي رمزت لها بالحرف (ب) التصريح بانتهاء مؤلفه من مسوّدة كتابه هذا في سنة (862) هـ حيث جاء في [الورقة 213] قال مؤلفه: "فرغت من مسودته في حادي عشر ذي القعدة سنة اثنتين وستين وثمانمائة..". فهذا نص صريح في أن مؤلف هذا الكتاب قد فرغ من تأليفه في سنة (862) هـ فلا يعقل أن يكون هذا الكتاب لابن الهائم المتوفى سنة (815) هـ. وإنما المعقول أن يكون للجوجري المتوفى سنة (889) هـ الذي نسبته له كتب التراجم. الرد على الأدلة التي تنسب الكتاب لابن الهائم: لم ينسب أحد هذا الكتاب لابن الهائم إلا ما ورد في كتاب أبي القاسم البجائي عندما نقل نصا عنه، وهذه النسبة خاطئة بالتأكيد لما يلي: 1- أن جميع كتب التراجم لم تذكر لابن الهائم كتابا بهذا الاسم. 2- أن جميع الذين نقلوا نصوصا عن هذا الكتاب لم ينسبوه لابن الهائم، وقد نسبه بعضهم لمحمد بن عبد المنعم الجوجري. 3- أن هذا النص الذي نقله البجائي موجود في النسختين الأخريين اللتين نسب الكتاب فيهما صراحة للجوجري. 4- ما عرف عن أبي القاسم البجائي من تساهله في بعض النقولات
والكتب التي ينقل عنها، وتصريحه بأسماء مؤلفين آخرين لتلك الكتب غير مؤلفيها المعروفين. وقد ذكر ذلك محقق كتابه (إعراب آيات الشذور 1/ 79) . ويظهر أن البجائي لما نسب هذا الكتاب لابن الهائم كان قد اطلع على هذه النسخة وهي النسخة (ج) التي كتب اسم (ابن الهائم) على غلافها، فنقل النص عنها ونسب الكتاب إليه. يرجح ذلك أن أصل هذه النسخة محفوظ في تونس والبجائي تونسي أيضا. أما ما وجد على غلاف تلك النسخة من نسبة الكتاب لابن الهائم فليس ذلك دليلا على صحة نسبة الكتاب إليه، فكم من كتاب كتب على غلافه اسم آخر غير مؤلفه الحقيقي. ولاشك أن هذه النسبة خطأ وقع فيه ناسخ تلك النسخة، بدليل أنه كتب على النسخة ما يلي: (شرح شذور الذهب الضوابط الحسان فيما يتقوم به اللسان لابن هشام لابن الهائم) فنلحظ أن الناسخ قد أدخل عبارة (الضوابط الحسان) بعد قوله: (شرح شذور الذهب) ثم نسب الكتاب لابن الهائم. وكتاب (الضوابط الحسان) هو فعلا من كتب (ابن الهائم) وهو كتاب صغير في النحو، ولكنه مختلف كل الاختلاف عن كتابنا هذا (شرح الشذور) فيظهر أن الناسخ قد توهم أن (الضوابط الحسان) هو (شرح الشذور) فلذلك عدهما كتابا واحدا ونسبهما لابن الهائم. وهذه النسخة متأخرة جدا عن النسختين السابقتين، فقد كتبت
سنة (1109) هـ، فلا يصح اعتماد ما جاء على غلافها وإلغاء ما جاء في تلك النسختين الأخريين. وبهذا ثبت لنا خطأ نسبة هذا الكتاب لابن الهائم وصحة نسبته للجوجري. وعلى إثر ذلك قمت بنسخ الكتاب على النسخ التي حصلت عليها فيما بعد، وسيأتي الكلام على ذلك في مبحث وصف النسخ المعتمدة.
المطلب الثالث: منهج المؤلف في الكتاب
المطلب الثالث: منهج المؤلف في الكتاب سار شمس الدين الجوجري في شرحه لشذور الذهب على منهج تفصيلي يتمثل في النقاط التالية: ا- كان يورد نصا أو فقرة من (شذور الذهب) ثم يبدأ في شرحها وتوضيحها بالأمثلة والشواهد النحوية، وكان يشرح النص أو الفقرة كلمة كلمة، ويوضح ذلك بالأمثلة. 2- يذكر في الغالب مناسبة الباب أو النص الذي أورده من الشذور لما قبله. وهدفه من ذلك أن يسير الكلام على تسلسل واحد، وأن يقع الترابط بين نصوص الكتاب كلها. 3- يعقب الجوجري على شرحه لكل نص من نصوص الشذور بالتنبيهات التي يذكر تحتها مسائل كثيرة، بعضها فيه توضيح لما سبق شرحه، وبعضها فيه قياس لمسائل أخرى على ما ذكره، وبعضها بيان لخطأ وقع فيه بعض العلماء والرد عليه، وبعضها استدراك وتذييل لما ذكره ابن هشام، وبعضها اعتراض على ابن هشام ثم الإجابة عنه. 4- يكثر من إيراد الاعتراضات في صورة (فإن قيل) . ثم يجيب عن ذلك بصورة مقنعة. وفي الغالب ما يكون ذلك على طريقة أهل الجدل والمنطق، كأن يقول: (فإن قيل: كذا، قلنا: كذا) و (لا نسلم بذلك، وسلمنا
بذلك..) . 5- يذكر الجوجري مذاهب النحويين في المسائل الخلافية بين البصريين والكوفيين في الغالب، ويكتفي أحيانا قليلة بذكر مذهب البصريين فقط، ويهتم كثيرا بآراء ابن مالك، ويذكرها، وبخاصة إذا خالف الجمهور. وكثيرا ما يعزو الآراء إلى أصحابها. وكان في عرضه للمسائل الخلافية لا يتعصب لمذهب على آخر، بل كان يرجح ما يراه راجحا بالحجج الثابتة. فأحيانا يرجح مذهب البصريين، وأحيانا يختار مذهب الكوفيين. 6- يقوم أحيانا بتعريف للباب الذي سيشرحه من حيث اللغة والاصطلاح، كما فعل في باب الإعراب، حيث عرف الإعراب، لغة واصطلاحا، وكذلك فعل في باب التمييز. 7- ينتقد الجوجري بعض التعليلات النحوية لبعض العلماء ويورد عليها اعتراضات، كما فعل ذلك في تعليل بعض العلماء نصب جمع المؤنث السالم بالكسرة بدل الفتحة بأنه لو أعرب جمع المؤنث السالم بالحركات الثلاث لكان الفرع أوسع مجالا من الأصل. فرد عليهم بأن هذه العلة ضعيفة ومنقوضة1. 8- كثيرا ما يستعرض الشارح عبارة ابن هشام في شرحه على
الشذور، أو من كتبه الأخرى، ثم ينتقدها ويورد عليها اعتراضات 1. 9- يُتبع أحيانا شرحه لشذور الذهب، بتكملة أو تتمة، إذا أحسَّ أن المقام يتطلب إيضاحا أكثر مما جاء به في الشرح، وفيما إذا كان متن شذور الذهب لم يذكر المسألة أصلا، فإنه يتبع ذلك بهذه التكملة ويوردها تحت عنوان (تتمة في الكلام على كذا ... ) . كما فعل ذلك في أقسام الضمير وفي باب كان وأخواتها وأفعال القلوب. 10- الاعتذار للمصنف، فكثيرا ما يورد عليه أمورًا لم يذكرها ابن هشام ثم يعتذر عنه بما يناسب المقام2. وأحيانا يعترض على بعض التعريفات التي ذكرها ابن هشام3. 11- يقوم أحيانا قليلة بإعراب متن الشذور، كما فعل في باب الاشتغال. ويفسر أحيانا معاني الكلمات ويضبطها بالشكل كقوله: (خِدْن) بكسر الخاء وسكون الدال بمعنى صاحب. 12- كان الجوجري مولعاً بالتعليلات النحوية فكان يعلّل كثيرًا من الأحكام النحوية، وتأتي تعليلاته دقيقة جدا، من ذلك تعليلاته لبناء
(أي) الموصولة على الضم في حالة إضافتها وحذف صدر صلتها، ولإعرابها فيما عدا ذلك 1. وكذا تعليلاته لبعض العلامات المختصة بالاسم2. ومثل ذلك تعليلاته لبناء بعض المركبات3. 13- نلحظ استعمال الشارح للمصطلحات المنطقية كثيرا، مثل الكُلّي والجزئي والجنس والفصل والحَدّ والعلامة.. الخ. ويقوم أحيانا بتعريف بعض هذه المصطلحات، كقوله: "المراد بالجزئي ما يدخل تحت كُلّي، يصح كون ذلك الكلي خبرا عنه.."4. 14- يستعمل أحيانا قليلة اصطلاحات الكوفيين؛ كقوله في باب التعدي واللزوم: ".. كون الفعل لا يبنى منه اسم مفعول تام، أي مستغن عن صفة.."5. والمراد بالصفة هنا حرف الجر، وهذا مصطلح كوفي.
المطلب الرابع: مصادر الجوجري في هذا الكتاب
المطلب الرابع: مصادر الجوجري في هذا الكتاب اعتمد الجوجري في شرحه على (شذور الذهب) على مصادر أصيلة صرح بالنقل من بعضها، وأخذ من بعضها دون تصريح. وقد تنوعت مصادر الجوجري التي اعتمد عليها في هذا الباب بين كتب لغوية ومعاجم وكتب نحوية وصرفية وغير ذلك. أولا= كتب اللغة والمعاجم: كان الجوجري يفسر في الغالب ما يمر به من مفردات لغوية، ويذكر أحيانا اللغات الواردة في بعض الكلمات، وينقل ذلك عن كتب المعاجم فمن المعاجم التي صَرَّح بذكرها أو بأسماء مؤلفيها ما يلي: 1- الصحاح للجوهري، وقد نقل عنه الجوجري ثلاثة نصوص في ثلاثة مواضع1، ونقل منه في غيرها دون تصريح. 2- التكملة والذيل والصلة للصاغاني، وقد نقل عنه الجوجري نصا واحدا، قال في آخره: "حكاه الصاغاني."2. ثانيا= كتب النحو والصرف: نقل الجوجري في كتابه هذا نصوصا كثيرة من كتب النحو الأخرى، وقد صرَّح في أكثر هذه المواضع بالنقل منها. وقد اهتم الجوجري كثيرا بكتب العلامة ابن مالك فكان ينقل
منها آراءه في غالب المسائل التي ذكرها. ومن الكتب النحوية التي صرح بالنقل عنها ما يلي: 1- شرح التسهيل لابن مالك، وقد نقل عنه (أحد عشر) نصا1. 2- شرح الكافية الشافية لابن مالك، وقد نقل عنه (تسع) مرات2. 3- تسهيل الفوائد لابن مالك، وقد نقل عنه (إحدى عشرة) مرة3. وكان ينقل نصوصا كثيرة عن ابن مالك دون أن ينسبها إلى كتاب معين من كتب ابن مالك. وقد استطعت أن أوثق جميع هذه النصوص من كتب ابن مالك في مواضعها التي وردت فيها. 4- أوضح المسالك لابن هشام. وهو من الكتب التي اعتمد عليها الجوجري، ونقل عنه نصوصا بلغت العشرة 4. 5- شرح شذور الذهب لابن هشام. وقد نقل عنه في كتابه عشرين مرة5.
6- مغني اللبيب عن كتب الأعاريب لابن هشام وقد صرح بالنقل عنه في موضع واحد1. 7- كتاب سيبويه وقد نقل عنه نصوصا بلغت ستة نصوص2، ولكنه نقل بالواسطة؛ لأنه يندر في عصره رجوع العلماء إلى كتاب سيبويه مباشرة. 8- المحصول في شرح الفصول لابن إياز البغدادي وقد نقل عنه خمس مرات بالنص3. 9- الجامع الصغير في النحو لابن هشام، وقد نقل عنه مرتين4. 10- شرح الصدور لشرح زوائد الشذور للبرماوي. وقد نقل عنه ثلاثة نصوص وردت في هذا الكتاب5. 11- (اللباب) وقد نقل عنه مرة واحدة6. ولم يظهر لي مؤلف هذا الكتاب، فهناك كتابان بهذا الاسم، وهما اللباب في علل البناء والإعراب للعكبري ولباب الإعراب للاسفرائيني ولم أجد هذا النص الذي ذكره الجوجري في واحد منهما.
وقد نقل الجوجري أقوالا كثيرة ونصوصا متعددة عن كثير من العلماء لم يصرح بالكتب التي نقل عنها. ومن هؤلاء العلماء الخليل بن أحمد والكسائي والفراء وأبو حاتم السجستاني وابن السكيت والمبرد وثعلب والزجاج وابن السراج والزجاجي وأبو علي الفارسي وابن جني والرماني وابن الخشاب وابن الخباز والجرجاني والعكبري وأبو حيان الأندلسي وابن أم قاسم المرادي وغيرهم. وكان ينقل عن الرضي الاستراباذي كثيرا، ولم يصرح باسمه ولا باسم كتابه وإنما كان يقول عنه: "قال بعض المحققين"1. وكذلك نقل عن ابن هشام الحفيد بعض النصوص2 ولم يصرح باسمه. ويعد كتاب (توضيح المقاصد) للمرادي من أهم مصادر (الجوجري) . فقد نقل عنه نصوصا كثيرة، صرح في كثير منها باسم مؤلفه ولم يصرح في بعضها الآخر بذلك، إلا أنه لم يصرح باسم الكتاب نفسه. كذلك كتاب (شرح الألفية لابن الناظم) نقل عنه نصوصا وصرح باسمه مرة واحدة فقط3.
المطلب الخامس: شواهد الكتاب
المطلب الخامس: شواهد الكتاب يعتمد الاستدلال في النحو العربي على ثلاث ركائز هي السماع والقياس واستصحاب الحال. قال ابن الأنباري: "أدلة صناعة الإعراب ثلاثة نقل وقياس واستصحاب حال"1. وعرف النقل بأنه "الكلام العربي الفصيح، المنقول بالنقل الصحيح ومرادنا بالشواهد هنا الدليل الأول من هذه الأدلة، وهو النقل. والشواهد الخارج عن حد القلة إلى حد الكثرة"2. وجعله قسمين متواترا وآحادا، وعرف المتواتر بأنه "لغة القرآن وما تواتر من السنة وكلام العرب"، قال: "وهذا القسم دليل قطعي من أدلة النحو يفيد العلم"3.النحوية تتكون من أربعة أقسام هي: الشواهد القرآنية والشواهد الحديثية والشواهد الشعرية وأقوال العرب الفصحاء. وقد اهتم الجوجري بالشواهد النحوية جميعها، فكان يستشهد على المسائل النحوية بالآيات القرآنية، وما فيها من قراءات متواترة وشاذة، ويستشهد بالأحاديث النبوية، وبأشعار العرب الذين يحتج بشعرهم، وبما
ورد عن العرب من أقوال وحكم وأمثال. وإذا أردنا أن نتبين بالأرقام طريقة الجوجري في كيفية استشهاده بالأدلة السابق ذكرها، فسنعرضها على النحو التالي: أولا الشواهد القرآنية: تُعدّ آيات القرآن الكريم من أعظم الشواهد التي يحتج بها النحويون على المسائل النحوية، وقد استشهد الجوجري في هذا الكتاب بكثير من الآيات القرآنية بقراءاتها المختلفة، حيث بلغت الآيات التي وردت في شرحه على الشذور1. (355) آية من القرآن الكريم. واستدل بالقراءات المختلفة المتواترة منها والشاذة. وكان في عرضه للقراءات لا يعزو القراءة إلى مَن قرأ بها في الغالب وإنما يقول: (في قراءة بعضهم) أو (في قراءة) أو (قرأ بعضهم) 2. وقد عزا بعض القراءات لأصحابها، وذلك قليل3. ثانيا: الأحاديث النبوية: اختلف العلماء في الاحتجاج بالحديث الشريف على المسائل اللغوية والنحوية وحاصل خلافهم يرجع إلى ثلاثة أقوال ذكرها البغدادي في
خزانة الأدب1 وهي باختصار: الأول: جواز الاستشهاد بالحديث الشريف على مسائل النحو واللغة. وهذا مذهب ابن مالك والرضي الاستراباذي وغيرهما، وسبقهما إلى ذلك أبو البركات بن الأنباري. الثاني: منع الاحتجاج بالحديث النبوي على مسائل النحو واللغة. وهذا مذهب ابن الضائع وأبي حيان. وحجتهم أن الأحاديث النبوية رويت بالمعنى ولم تنقل عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بألفاظها، ولأن أئمة النحو المتقدمين لم يحتجوا بشيء منه. وقد رَدّ البغدادي هذا القول بأدلته، وقال2: "والصواب جواز الاحتجاج بالحديث للنحوي في ضبط ألفاظه، ويلحق به ما روي عن الصحابة وأهل البيت". الثالث: جواز الاحتجاج بالأحاديث التي اعتنى بنقل ألفاظها، كالأحاديث التي قصد بها بيان فصاحته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والأمثال النبوية. وهذا قول الشاطبي والسيوطي. والراجح: هو الاحتجاج بالحديث الشريف مطلقا؛ لأن الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أفصح من نطق بالضاد. وما زال العلماء يحتجون بالأحاديث
النبوية دون إنكار1 حتى جاء ابن الضائع وأبو حيان فمنعا ذلك. وقد جعلها الأنباري أصلا من أصول الاحتجاج في اللغة والنحو في كتابه (لمع الأدلة) 2. وقد سار الشارح الجوجري على هذا المذهب، فقد استشهد في كتابه هذا بسبعة عشر حديثا من الأحاديث النبوية على الأحكام والمسائل النحوية3. وكان ينص على ذلك ويقول: "الدليل على ذلك قوله عليه الصلاة والسلام كذا.."4. وقد يذكر الحديث كاملا5، وأحيانا يورد منه موضع الاستشهاد فقط، كما في قوله: (وفي الحديث "وأتْبعه بستٍّ من شوَّال") 6. ثالثاً: أشعار العرب يعد الشعر العربي من أهم أصول الاستدلال على المسائل والأحكام النحوية وقد أكثر النحاة منه في كتبهم، فقلما تجد كتابا نحويا ولو كان صغيرا إلا وتجد فيه أبياتا من أشعار العرب.
وقد بيّن العلماء الشعر الذي يصح الاحتجاج به، وذكروا أنه يبدأ من العصر الجاهلي وينتهي أواخر القرن الثاني، أي في حدود سنة (180) هـ تقريبا. وإذا نظرنا إلى الشواهد الشعرية في كتاب (شرح شذور الذهب) للجوجري تبين لنا كثرة الشواهد الشعرية التي أوردها الجوجري في هذا الكتاب، حيث بلغت أربعة وثمانين ومائة بيت من غير المكرر. وجميع هذه الشواهد من شعر العرب الفصحاء المحتج بشعرهم، عدا بيت واحد لشاعر مولد هو أبو فراس الحمداني، وقد ذكره للتمثيل به فقط. وطريقة الجوجري في إيراد الأبيات أنه لا ينسبها إلى قائليها في الغالب إلا أنه نسب بيتين أو ثلاثة فقط لأصحابها 1. وكان يورد البيت كاملا2، وأحيانا يورد شطر البيت أو موضع الشاهد منه فقط3. رابعا: أقوال العرب وأمثالهم سار الجوجري في شرحه على (شذور الذهب) على طريقة النحاة
في الاحتجاج بأقوال العرب وأمثالهم على القواعد النحوية. وقد ذكر أبو البركات بن الأنباري أن كلام العرب دليل قطعي من أدلة النحو يفيد العلم1. وقد بلغ عدد الشواهد من الأقوال والأمثال في هذا الكتاب ستة وأربعين قولا2، ما بين حكاية مسموعة عن العرب ومثل سائر وغير ذلك.
المطلب السادس: نقد الكتاب
المطلب السادس: نقد الكتاب يراد بالنقد هنا إبراز ما للكتاب من محاسن ومزايا وما عليه من مآخذ واعتراضات. وكتاب (شرح شذور الذهب) للجوجري، كغيره من المصنفات له ميزات ومحاسن، وعليه بعض المآخذ والاستدراكات، وإن كانت قليلة. فمن ميزات هذا الكتاب ما يلي: أولاً: أن هذا الشرح أقدم شرح كامل لكتاب (شذور الذهب) يصل إلينا بعد شرح مؤلفه ابن هشام. ثانياً: ذكره لمناسبة كل نص أو فقرة من نصوص (شذور الذهب) لما قبله، وهذا يعطي الكتاب ترابطا منطقيا بين جميع أبوابه. ثالثاً: ذكره التعليلات النحوية واستكثاره منها، حيث إنه قلما ترد مسألة نحوية إلا ويذكر لها التعليل المناسب، وبعض هذه التعليلات لم أجده في كتب النحو الأخرى. رابعاً: اعتناؤه بشرح جميع مفردات (شذور الذهب) فلم يترك في هذا المتن كلمة إلا وقد شرحها ووثق ذلك بالشواهد والأمثلة. خامساً: عزوه للآراء والمذاهب النحوية كان دقيقا وموفقا إلا في القليل النادر. سادساً: أنه كان ينص على قواعد عامة، مثل قوله في أثناء جوابه عن اعتراض ورد في باب المفعول معه: "لا يلزم من اعتبار أمر عند قوة
الداعي إليه اعتباره عند عدم قوته". سابعاً: ظهور براعة الشارح وثقافته في مجال علم الرياضيات فكثيرا ما يستخرج من الأبواب النحوية مسائل رياضية، كما فعل في باب الضمير وباب الإشارة، وكذلك في باب الصفة المشبهة، ففيه يظهر ذلك بوضوح. ثامناً: اعتماد كثير من المؤلفين المتأخرين على هذا الكتاب، وبخاصة الذين قاموا بشرح الشذور أو وضعوا حواشي على بعض شروحه. فقد وجدت الشيخ زكريا الأنصاري في شرحه على (شذور الذهب) قد اعتمد اعتمادا كبيرا على شرح الجوجري هذا، فهو قد قام بنقل غالب التعليلات التي ذكرها الجوجري وأحيانا ينقل عبارات كاملة بنصها دون الإشارة إلى مؤلفه1. وكذلك فعل العدوي في حاشيته على شرح شذور الذهب والفاكهي في شرحه على القطر، والشيخ خالد الأزهري في التصريح، فقد نقل عنه نصين كاملين إلا أنه لم يصرّح بالجوجري، بل قال: "قال بعضهم"2. ومن هؤلاء تلميذه معمر بن يحيي المكي، فقد نقل عنه نصوصا كثيرة في كتابه (التعليقة المفيدة في العربية) وقد صرح في كثير من المواضع بنقله عن هذا الكتاب. وسيأتي لهذا مزيد بحث في المطلب الثامن.
تاسعاً: ظهور شخصية مؤلف هذا الكتاب من خلال شرحه فهو لا يكتفي بإيراد الأقوال فقط، بل يورد الأقوال مقرونة بالأدلة ويناقش ويورد اعتراضات عليها ويجيب عن الاعتراضات التي ترد على القول الذي اختاره أو رجحه. ولكنه يعترض بأسلوب مؤدب، فكثيرا ما يقول: "وهذا القول فيه نظر" 1 ونحو ذلك، تأدبا مع كبار العلماء. عاشراً: يصرح الجوجري أحيانا بالسماع من بعض شيوخه مما يعطي النص توثيقا أكثر، فقد ذكر العلماء أن تلقي العلم بالسماع هو أعلى مراتب التحمل. قال في باب العَلَم: "وسمعت من بعض الأشياخ المحققين رحمه الله أن التحقيق هو الأول لثلاثة أوجه.. 2". هذه بعض المزايا التي ظهرت لي في أثناء قراءتي لهذا الشرح الكبير. وعلى الرغم من محاسن هذا الكتاب فإنه لا يخلو أيضا من بعض المآخذ والاعتراضات التي لا يخلو منها كتاب من كتب البشر، فقد قال الإمام الشافعي رحمه الله: "أبى الله لغير كتابه أن يتم". فمن المآخذ على كتاب شرح شذور الذهب للجوجري ما يلي: أولا: لم يبين الشارح في مقدمته منهجه الذي اتبعه في شرحه للكتاب، وإنما ذكر مقدمة مقتضبة بيّن فيها هدفه من تأليف الكتاب.
ثانيا: وقوع الشارح في بعض الأخطاء في حالات مختلفة، وذلك كما يلي: 1- أنه قد يذكر الآية دون ذكر موضع الاستشهاد منها: فقوله تعالى: {يُنَبِّئُكُمْ إِذَا مُزِّقْتُمْ} استشهد بها على جواز تعليق ما ينصب ثلاثة مفاعيل واقتصر على هذا الجزء من الآية1، مع أن الشاهد في آخرها، وهو كسرة همزة (إن) في قوله تعالى: {إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ.} . 2- من خلال عزوه لبعض الآراء النحوية، فقد نَسَب لبعض العلماء أقوالا ليست لهم. من ذلك ما نسبه لأبي علي الشلوبين في باب ظرف المكان من أنه يقول:"إن مفيد المقدار داخل في المبهم"2. والمعروف عنه أنه يقول: إن المقدر ليس داخلا في المبهم، كما ذكر ذلك في التوطئة، ونسبه له العلماء. ولكن هذا نادر وقليل جدا، ولا يكاد يعدو ما ذكرته. 3- من خلال نسبته نصوصا لبعض الكتب النحوية، وهي غير موجودة في هذه الكتب. فمن ذلك قوله في ص 801: "ووقع في شرح المصنف التمثيل
لهذا بقوله تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً وَإِبْرَاهِيمَ} . وهذه الآية لم ترد في شرح الشذور أصلا، وقد أوضحت ذلك في الحاشية. وقوله في ص 148 عند تعريفه للإسناد: "قال في التسهيل: تعلق خبر بمخبر عنه أو طلب بمطلوب". وهذا القول لم يرد في التسهيل لابن مالك بل في شرح التسهيل. ثالثا: توهمه أن (الناقص) في قول العرب: (الناقص والأشج أعدلا بني مروان) هو الوليد بن اليزيد1. بينما المعروف أن المراد بالناقص هنا هو (يزيد بن الوليد بن عبد الملك) كما بينت ذلك في موضعه. رابعا: استشهاده ببيت لشاعر متأخر زمانه عن عصور الاحتجاج، وهو أبو فراس الحمداني2. ولعل عذر (الشارح) في ذلك أن كثيرا من النحويين قد ذكروا هذا البيت فلعله اتبع طريقتهم، أو أنه ذكر هذا البيت من باب التمثيل فقط، بدلالة ذكره بيتا قبله شاهدا على القضية نفسها.
المطلب السابع: موازنة بين "شرح شذورات الذهب للجوجري" و"شرح شذورات الذهب لابن هشام
المطلب السابع: موازنة بين "شرح شذورات الذهب للجوجري" و"شرح شذورات الذهب لابن هشام ... المطلب السابع: موازنة بين "شرح شذور الذهب للجوجري"و"شرح شذور الذهب لابن هشام". لاشك أن الموازنة بين كتب العلماء من أدق الأمور وأصعبها لأنها تحتاج إلى قراءة متأنية لكل فقرة من فقرات هذه الكتب. وقد جرت عادة الباحثين بعقد موازنات بين الكتاب الذي يبحثون فيه وكتاب آخر يماثله في موضوعه. فاخترت كتاب (شرح شذور الذهب) لابن هشام لأعقد موازنةً بينه وبين موضوع الرسالة، وهو (شرح شذور الذهب) للجوجري. وبعد قراءتي للكتابين خرجت بفوارق أساسية وعامة بين الكتابين ألخصها فيما يلي: 1- لم يذكر الجوجري في مقدمته المنهج الذي اتبعه في الشرح، بينما ذكر ابن هشام منهجه الذي سار عليه في مقدمته للكتاب. 2- حَرَص الجوجري على ذكر مناسبة كل نص لما قبله1، حتى يكون الكتاب متسلسلا من أوله إلى آخره، لكن ابن هشام لم يذكر ذلك ولم يهتم به. 3- كان الجوجري يفسر متن (شذور الذهب) كلمة كلمة، ويعلق على كل نص منها، أما ابن هشام فكان يشرح النص كاملا دون تفسير لكلماته أو جزئياته.
4- اهتم الجوجري بذكر التنبيهات التي يلحقها في آخر كل باب ويودعها ذكر الخلافات النحوية والاعتراضات على بعض الأقوال والإجابة عنها ولم يرد ذكر لهذه التنبيهات في كتاب ابن هشام. 5- ينص الجوجري على ذكر المذاهب النحوية في المسائل الخلافية، وأقوال العلماء وأدلتهم في الغالب، ولم يهتم ابن هشام بذكر الخلافات النحوية إلا نادراً. 6- شرح شذور الذهب لابن هشام كتاب تعليمي، كما ذكر ذلك الأستاذ سعيد الأفغاني1. أما شرح الشذور للجوجري فهو كتاب مبسوط، توسع فيه شارحه جداً فأورد الأقوال والمذاهب والتعليلات. 7- كتاب الجوجري فيه مناقشة لأقوال العلماء واعتراضات عليها مع الاهتمام بذكر التعليلات النحوية2، بينما خلا كتاب ابن هشام من كل ذلك. هذه أهم الظواهر التي برزت لي أثناء قراءتي لهذين الكتابين. ولو أردنا أن نُطَبّق هذه الظواهر على الكتابين فلنأخذ مثلا باب الصفة المشبهة، فنسجد الفرق واضحا بين الكتابين من حيث الأسلوب والمنهج.
وفيما يلي سأنقل من هذا الباب نصوصا من كلا الكتابين. قال ابن هشام في باب الصفة المشبهة1: "الخامس من الأسماء العاملة عمل الفعل الصفة المشبهة"، ثم قال: ومثال ذلك قولك: (زيد حسن وجهَِه) بالنصب أو الجر، والأصل (وجهُه) بالرفع، لأنه فاعل في المعنى؛ إذ الحُسْن في الحقيقة إنما هو للوجه، ولكنك أردت المبالغة فحولت الإسناد إلى ضمير زيد، فجعلت (زيدا) نفسه حسنا وأخرت (الوجه) فضلةً، ونصبته على التشبيه بالمفعول به، لأن العامل، وهو (حَسَن) طالب له من حيث المعنى، لأنه معموله الأصلي، ولا يصح أن ترفعه على الفاعلية والحالة هذه لاستيفائه فاعله، وهو الضمير، فأشبه المفعول في قولك: زيد ضارب عمرًا لأن (ضاربا) طالب له، ولا يصح أن ترفعه على الفاعلية، فنُصب لذلك. فالصفة مشبهة باسم الفاعل المتعدي لواحد، ومنصوبها يشبه مفعول اسم الفاعل. ثم لك بعد ذلك أن تخفضه بالإضافة، وتكون الصفة حينئذ مشبهة أيضا، لأن الخفض ناشئ على الأصح عن النصب، لا عن الرفع، لئلا يلزم إضافة الشيء إلى نفسه، إذ الصفة أبداً عين مرفوعها وغير منصوبها.." ثم ذكر بعد ذلك الفوارق بين الصفة المشبهة واسم الفاعل. ثم قال: "ثم بينت أن الخفض له وجه واحد وهو الإضافة، وأن الرفع له وجهان، أحدهما أن يكون فاعلا، والثاني أن يكون بدلا من ضمير
مستتر في الصفة، وأن النصب فيه تفصيل، وذلك أن المنصوب إن كان نكرة ففيه وجهان؛ أحدهما: أن يكون انتصابه على التشبيه بالمفعول به، والثاني: أن يكون تمييزاً. وإن كان معرفة امتنع كونه تمييزا، وتعيَّن كونه مشبها بالمفعول به، لأن التمييز لا يكون إلا نكرة. ثم بينت أن جواز الرفع والنصب مطلق، وأن جواز الخفض مقيد بألاّ تكون الصفة بأل والمعمول مجرد منها ومن الإضافة لتاليها، وتضمن ذلك امتناع الجر في (زيد الحسنُ وجهَه) و (الحسن وجهُ أبيه) و (الحسنُ وجها) و (الحسنُ وجهُ أبٍ") . وقال الجوجري في باب الصفة المشبهة1: "هذا هو الخامس مما يعمل عمل الفعل، وهي الصفة المشبهة باسم الفاعل، وميزها الشيخ بقوله: (كل صفة صح..) إلى آخره، فقوله: (كل صفة) بمثابة الجنس، يدخل فيه اسم الفاعل والمفعول والمثال وغيرها. وقوله: (صح تحويل إسنادها..) إلى آخره بمثابة الفصل، ويخرج ما عداها من الصفات. واعلم أن اسم المفعول يصح أن يضاف إلى مرفوعه معنى، وإضافته تستلزم تحويل إسناده إلى ضمير موصوفه، نحو (زيد محمود المقاصد) والأصل: محمودة مقاصده، ثم حولت الإسناد إلى ضمير (زيد) ثم أضفت
فقلت: محمود المقاصد، وهو حينئذ جار مجرى الصفة المشبهة، فلا يضر دخوله في مميز الصفة. وقد اقتضى كلام المصنف أن اسم الفاعل لا يصح تحويل إسناده إلى ضمير موصوفه". ثم أحال القارئ في هذه القضية على ما ذكره في باب المشبه بالمفعول به. بعد ذلك ذكر الأمور التي خالفت الصفة المشبهة فيها اسم الفاعل كما ذكرها ابن هشام، ثم زاد على ما ذكره وجهين آخرين، فقال: "ومن وجوه الافتراق غير ما ذكره الشيخ، أنها تصاغ من اللازم دون المتعدي، وهو يصاغ منهما. ومنها أنها تكون مجارية للفعل كطاهر، وغير مجارية له وهو الغالب في المبنية من الثلاثي كحسن وجميل وضخم، واسم الفاعل لا يكون إلا مجاريا". ثم ذكر بعد ذلك أوجه الاشتراك والموافقة بين الصفة المشبهة واسم الفاعل فقال: "وذلك من أوجه: أحدها: أن كلاً منهما يدل على حدث ومن قام به. الثاني: أنهما يذكّران ويؤنثان. الثالث: أن كلاً منهما يُثنَّى ويجمع. الرابع: أن عملهما مشروط بالاعتماد المشروط في عمله، على ما تقدم فيه، من غير فرق. لأنه إذا شرط في اسم الفاعل الذي هو الأصل المشبه به ففي الفرع المشبه الذي هو الصفة أولى.
ثم تابع شرحه للصفة المشبهة بعد أن ذكر فقرة من الشذور، فقال: "الصفة المشبهة واسم الفاعل مشتركان في العمل، ومختلفان في التوجيه في الجملة. فوجه الرفع فيها الفاعلية أو الإبدال من الضمير، ووجه النصب في المعرفة التشبيه بالمفعول به، وفي النكرة التمييز، ووجه الجر الإضافة. فقوله: (فاعلا أو بدلا) أي في كل مرفوع. وقوله: (مشبها أو تمييزا) أي مشبها في المعرفة وتمييزا في النكرة. وقوله: (بالإضافة) أي أن الجر بسبب الإضافة، فلا ينافي ذلك كون العامل الإضافة، وهذه العبارة تكررت للمصنف ولغيره من النحاة، واعتُرض على ظاهرها، وقد علمت اندفاعه. وقوله: (إلا..) إلى آخره بيان لما يستوفى من عمل الصفة للجرّ وهو يحتاج إلى تمهيد، فنقول: إن الصفة تارة تكون بأل، وتارة تكون مجردة منها، وهي إما رافعة أو ناصبة أو جارة. فهذه ثلاثة أحوال مضروبة في حالتي اقترانها بأل وتجردها منها، تصير ستة، والمعمول له مع كل من هذه الستة ست حالات، لأنه إما بأل كالوجه، أو مضاف لما هو بأل كوجه الأب، أو مضاف للضمير كوجهه، أو مضاف لمضاف للضمير كوجه أبيه، أو مجرد كوجه، أو مضاف إلى المجرد كوجه أب، فتصير الصور ستا وثلاثين صورة، كلها تؤخذ من إطلاقه. إذا علمت ذلك، فقوله: (إلا إن كانت بأل وهو عار منها) استثناء من قوله: (أو تجره) فقط، أي أنك ترفع معمول الصفة وتنصبه مطلقا وتجره إلا إن كان.. إلى آخره.
فدخل تحته أربع صور ممنوعة: الأولى: أن تكون الصفة بأل والمعمول مجرور مضاف إلى ضمير، نحو (الحسن وجهه) . الثانية: أن تكون بأل والمعمول مجرور مضاف إلى مضاف إلى الضمير، نحو (الحسن وجه أبيه) . الثالثة: أن تكون بأل والمعمول مجرور مجرد من أل والإضافة، نحو (الحسن وجهٍ) . الرابعة: أن تكون بأل والمعمول مجرور مضاف إلى المجرد من أل والإضافة، نحو (الحسن وجهِ أبٍ) لأن الصفة في كل من هذه الصور بأل والمعمول في كل منها عارٍ من أل. ثم نقل عن بعض المتأخرين أنه أوصل الصور الحاصلة من الصفة ومعمولها إلى أربعة عشر ألف صورة ومائتين وست وخمسين صورة. ثم أخذ في تفصيل هذه الصور وذكر حالاتها مستشهدا لكل حالة ببعض الشواهد الشعرية والنثرية أو مُمثِّلاً لها بالأمثلة. ولو نظرنا إلى الشواهد في هذا الموضع لرأينا أن ابن هشام لم يستشهد فيه بأي شاهد، بينما استشهد فيه الجوجري بثلاثة شواهد شعرية وقولين من أقوال العرب.
المطلب الثامن: أثر هذا الشرح فيمن بعده
المطلب الثامن: أثر هذا الشرح فيمن بعده شرح شذور الذهب للجوجري مصدر مهم لكثير من المؤلفين الذين جاؤوا بعده، خصوصا الذين قاموا بشرح شذور الذهب أو كتبوا حواشي على شروحه، وكذلك تلاميذ الجوجري الذين اهتموا بشرح كتب ابن هشام، ونستطيع أن نتبين تأثر هؤلاء المؤلفين بكتاب الجوجري على النحو التالي: 1- الشيخ زكريا الأنصاري في شرحه على شذور الذهب، المسمى (بلوغ الأرب في شرح شذور الذهب) نقل نصوصا كثيرة عن هذا الكتاب، لكنه لم يصرح باسم الجوجري. من ذلك ما ورد في (بلوغ الأرب) الورقة 37/ أ: ". لأن الصفة لا تضاف إلى مرفوعها حتى يقدر تحويل إسنادها عنه إلى ضمير موصوفها، لأنهم لو لم يقدروا ذلك لزم إضافة الشيء لنفسه، ولأنهم يؤنثون الصفة في نحو (هند حسنة الوجه) . الخ.. وهذا النص بتمامه في شرح الشذور للجوجري. 2- معمر بن يحيى المكي وهو تلميذ للجوجري ويظهر بوضوح أثر هذا الشرح في كتابه (التعليقة المفيدة في العربية) فقد نقل عنه عشرة نصوص صرّح فيها بالنقل من كتاب شيخه (شرح شذور الذهب) ، ونقل منه في مواضع غيرها دون تصريح، فمن هذه النصوص: قوله في ص 131: "وأما تقديرا فقال شيخنا المحقق شمس الدين
الجوجري في شرحه على الشذور: كأنه أراد بقوله: (تقديراً) نحو سيبويه من الأعلام المبنية إذا كانت مناداة فإن ضمة النداء وهي حركة بناء مقدرة فيه. انتهى". وهذا النص في شرح الشذور للجوجري ص 227. وكذلك نقل عنه في الصفحات 136 و147 و193 و228 و254 و331و 614و 685 و743. 3- الشيخ خالد الأزهري وهو أيضا من تلاميذ الجوجري نقل عن كتاب شيخه (شرح الشذور) نصين كاملين، إلا أنه لم يصرح باسمه وإنما قال (قال بعضهم) ، وهذان النصان وردا في كتابه (التصريح) وهما: أ- قال في التصريح 1/319 في باب التنازع: "قال بعضهم: وفيه نظر لأن هذا يأتي فيما لو كان السببي منصوبا، نحو (زيدا ضربت وأكرمت أخاه) لأن أحد العامِلَين يعمل في السببي والآخر يعمل في ضميره فيلزم عدم ارتباط ناصب الضمير بالمبتدأ، فلا معنى لتقييد السببي بالمرفوع. قال: ولعل الوجه ما ذكره أبو محمد بن السيد البطليوسي من أن (غريمها) إن رُفع بمعنّى يكون (ممطول) قد جرى على غير من هو له، فيلزم ظهور الضمير، وإن رفع بممطول فهو خطأ، لأنه قد وُصف بمعنّى، والاسم الذي يعمل عمل الفعل إذا وصف لا يعمل شيئا، فلا يجوز مررت بضارب ظريف زيدا". انتهى. وقائل هذا النص هو الجوجري في (شرح الشذور) ص 741. ب- جاء في التصريح 2/85 في باب إعمال الصفة المشبهة أن
بعض المتأخرين قد أوصل الصور الحاصلة من الصفة ومعمولها إلى أربعة عشر ألف صورة ومائتين وست وخمسين صورة. ثم أخذ في تفصيل ذلك. وفي (شرح الشذور للجوجري) نجد هذا النص كاملا من ص 700 إلى 705. فيظهر أن الشيخ خالد الأزهري قد نقله عن كتاب شيخه الجوجري، ولم يصّرح بذلك.
الخاتمة وبعد هذه الدراسة المفصلة عن العلامة (شمس الدين الجوجري) وكتابه (شرح شذور الذهب) أريد أن أثبت في هذه الخاتمة أهم الأمور والنتائج التي توصلت إليها من خلال هذه الدراسة، وهي كما يلي: 1- اهتمام علمائنا السابقين بتأليف كتب مختصرة في النحو، ليسهل حفظها على المبتدئين، ومن ذلك كتاب (شذور الذهب) لابن هشام. وقد اهتم العلماء بهذه المختصرات، فأقاموا حولها الشروح والحواشي والتقريرات، ومن ذلك (شرح شذور الذهب) للجوجري. 2- أن هذا الكتاب، الذي بين أيدينا وهو شرح شذور الذهب هو لمحمد بن عبد المنعم الجوجري الشافعي المتوفى سنة (889) هـ وليس لابن الهائم، وقد أثبت ذلك بالأدلة الظاهرة في مبحث توثيق نسبة الكتاب. 3- كثرة تلاميذ الجوجري الذين تلقوا العلوم على يديه، وقد ذكرت منهم خمسين تلميذا، وأكثرهم من العلماء الذين لهم باع طويل في التأليف. 4- أن كتاب (شرح شذور الذهب) للجوجري هو أول شرح كامل لشذور الذهب يصل إلينا بعد شرح ابن هشام نفسه، ويتميز (شرح الجوجري) بالبسط والتوسع في استيعاب المسائل النحوية، وذكر مناسبة كل نص لما قبله.
5- اعتماد كثير من المؤلفين المتأخرين على (شرح شذور الذهب للجوجري) وتأثرهم به، والنقل عنه في مواضع كثيرة من كتبهم. منهم الشيخ خالد الأزهري في التصريح ويحيى بن معمر المكي في التعليقة.
الباب الثاني: قسم التحقيق
الباب الثاني: قسم التحقيق وصف النسخ الخطية المعتمدة في التحقيق ... القسم الثاني قسم التحقيق وفيه: أ – وصف النسخ الخطية المعتمدة في التحقيق، ونماذج منها. ب- المنهج المتبع في تحقيق هذا الكتاب. ج- النص المحقق.
أ – وصف النسخ الخطية المعتمدة في التحقيق اعتمدت في تحقيق هذا الكتاب على ثلاث نسخ، وفيما يلي وصفٌ لكل نسخة بالتفصيل: أولا: النسخة الأصلية، وهي من مخطوطات جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، تحت رقم (6403) وقد رمزت لها بالحرف (أ) . وقد اعتبرتها أصلا لقدمها، فقد نسخت في عصر المؤلف، بل جاء في فهرس النحو الذي أصدرته الجامعة أن هذه النسخة قد تكون بخط المؤلف. ولكن يتضح من آخرها أنها ليست نسخة المؤلف، هذا بالإضافة إلى ما وقع فيها من سقط في بعض المواضع بسبب انتقال النظر، وقد بينت ذلك في الحواشي. وجاء في آخر هذه النسخة ما يلي: ((قال وفرغت من مسودته في حادي عشر ذي القعدة سنة اثنين وستين وثمانمائة، وكان ابتدائي فيه في أوائل شهر رجب الفرد منها، وانتهت مبيّضته في سابع عشرين جمادى الأولى سنة ثلاثة وستين وثمانمائة..)) . وهذه النسخة كتبت بخط مغربي متفاوت، ففي أولها كان الخط دقيقا جدا إلى اللوحة 34/أ، ثم صار الخط كبيرا إلى آخر الكتاب. وعدد أوراقها (99) ورقة. وعدد الأسطر مختلف أيضا، فمن أول النسخة إلى اللوحة 34/أبلغ عدد الأسطر (27) سطرا في كل وجه، وبعد ذلك صار عدد الأسطر (23) سطرا. والنسخة مراجعة من الناسخ،
وقد أثبت أكثر الكلمات التي تسقط أثناء النسخ، وقد يضع علامتي تقديم وتأخير على بعض الكلمات. ولكن ذلك قليل، وجاء على غلافها عدة تملكات 1. وكُتب على الغلاف بخط كبير (شرح الجوجري على شذور الذهب) . ثانيا: نسخة المكتبة الأحمدية بتونس، وهي محفوظة في دار الكتب الوطنية بتونس تحت رقم (16258) وقد رمزت لها بالحرف (ب) . وتقع هذه النسخة في (213) صفحة، وتحتوي الصفحة الواحدة على (23) سطرا، وقد كتبت بخط مغربي أيضا، وظهر أنه قد سقط منها بسبب التصوير التصوير صفحتان، هما ص 71 وص 72. وتخلو هوامش هذه النسخة من التعليقات إلا ما جاء في الصفحة الأولى والثانية فقد كتب في هامشهما تملكات، وعبارات أخرى غير واضحة، وليس لها علاقة بالكتاب. ولم يكتب اسم الكتاب على غلافها، وإنما جاء في أعلى الصفحة الثانية ما نصه: (هذا السفر فيه شرح الجوجري على شذور الذهب) . ولم يذكر فيه أيضا اسم ناسخ هذه النسخة، وإنما كتب فيها تاريخ الانتهاء من نسخها، حيث جاء في آخرها ما يلي: ووافق الفراغ من نسخ هذا الشرح يوم الثلاثاء لاثنين وعشرين من شهر ربيع الثاني عام 1063 هـ.
ولا تخلو النسخة من بعض الأخطاء والسقطات. ويترك الناسخ كتابة كلمة (تنبيه) أو (تنبيهات) غالباً وبجعل لها فراغا بقدرها. ثالثا: نسخة المكتبة الوطنية بتونس، وهي محفوظة بالمكتبة الوطنية بتونس، تحت رقم (4462) ومنها نسخة مصورة بمركز البحث العلمي وإحياء التراث الإسلامي بجامعة أم القرى، تحت رقم (879) . وقد رمزت لها بالحرف (ج) . وهذه النسخة هي التي نسب فيها الكتاب لابن الهائم. وقد أثبت البحث زيف تلك النسبة؛ إذ لم يثبت لابن الهائم شرح على شذور الذهب، وإنما هذه نسخة ثالثة من نسخ شرح الشذور للجوجري. ومن هنا عددت هذه النسخة نسخة ثانوية من أجل ذلك. ويلاحظ عليها قلة السقط والخطأ فيها، ووجود بعض التصويبات في هوامشها وتقع هذه النسخة في (178) ورقة، لكل ورقة وجهان، إلا أن الورقة (66) تقع في وجه واحد. وعدد الأسطر في كل صفحة (17) سبعة عشر سطرا. والنسخة مكتوبة بخط مغربي كذلك. وناسخ هذه النسخة هو أبو القاسم بن منصور النائلي، كما جاء ذلك في آخر الكتاب. وكان تاريخ نسخها سنة 1109هـ.
ويلاحظ عليها كتابة الحرفين (ص) و (ش) بخط أحمر، وكتابة بعض العناوين بخط كبير. وعلى غلافها بعض التملكات لأشخاص مختلفين. وفيما يلي نماذج من المخطوطات الثلاث، تظهر صورة لوحة الغلاف والورقة الأولى والأخيرة من كل نسخة.
توجد هنا صورة الغلاف من النسخة الأصلية "أ"
توجد هنا صورة الصفحة الأولى من النسخة الأصلية "أ"
توجد هنا صورة الصفحة الأخيرة من النسخة الأصلية "أ"
توجد هنا صورة الصفحة الأولى من النسخة "ب"
توجد هنا صورة الصفحة الثانية من النسخة "ب" وفي أعلاها يظهر اسم الكتاب
توجد هنا صورة الصفحة الأخيرة من النسخة "ب"
توجد هنا صورة الغلاف من النسخة "جـ"
توجد هنا صورة الصفحة الأولى من النسخة "جـ"
توجد هنا صورة الصفحة الأخيرة من النسخة "جـ"
المنهج المتبع في تحقيق هذا الكتاب
ب- المنهج المتبع في تحقيق هذا الكتاب سرت في تحقيق هذا الكتاب على الأسس العلمية المتبعة في تحقيق النصوص. وفيما يلي أبين هذه الأسس التي سرت عليها في التحقيق: 1_ قمت بنسخ الكتاب على النسخة الأصلية المصورة من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض، وقابلتها على النسختين الأخريين، وأثبت الفوارق بينها في الحواشي، وأحيانا أثبت ما أراه صوابا من نسختي (ب) و (ج) مع التنبيه على ما في الأصل. 1- كتب النص وفقا للقواعد الإملائية المعروفة في العصر الحاضر. 2_ قابلت النصوص التي في الأصل على أصولها التي نقلت عنها، ك (شرح التسهيل لابن مالك) و (شرح الكافية الشافية) و (أوضح المسالك) و (شرح شذور الذهب) و (توضح المقاصد للمرادي) وغير ذلك، وأثبت الفروق التي بينها وبين ما ورد في الأصل. 3_ خرجت النصوص والأقوال النحوية من كتب أصحابها، وعزوت الأقوال المجهولة إلى قائليها ووثقتها من كتبهم. 4_ نسبت الآراء والمذاهب النحوية إلى أصحابها، وعلقت على المسائل التي تحتاج إلى تعليق في نظري، وأعدت ذلك إلى مراجعه الأصلية. 5_ عزوت الآيات القرآنية إلى سورها، وذكرت أرقام الآيات مع ضبطتها بالشكل التام.
6_ خرجت القراءات القرآنية، التي ذكرها الشارح، ونسبتها إلى أصحابها سواء أكانت القراءة متواترة أم شاذة، ووثقت ذلك من المصادر التي ذكرت فيها. 7_ خرجت الأحاديث النبوية الشريفة والآثار من كتب السنة وكتب الآثار المشهورة. 8_ خرجت الأمثال وأقوال العرب من كتب الأمثال والأدب واللغة. 9_ نسبت الأبيات الشعرية إلى أصحابها ووثقتها من دواوينهم ما استطعت إلى ذلك، ومن كتب المجموعات الشعرية وكتب النحو والشواهد، مراعيا التسلسل التاريخي، وأكملت منها ما لم يكمل الشارح، وشرحت غريب ألفاظها، وبينت الشاهد في كل بيت والبحر الذي نُظِم عليه. 10_ ترجمت للأعلام الذين وردت أسماؤهم في الكتاب من كتب التراجع المعروفة. 11_ عرفت بالمصطلحات العلمية التي وردت في ثنايا الكتاب. 12_ شرحت المفردات التي تحتاج إلى شرح وتوضيح، وضبطت بالشكل ما يحتمل أكثر من وجه في الضبط. 13_ صححت الخطأ الوارد في النسخ واستدركت السقط بين معقوفين، هكذا [] وأشرت في الحاشية إلى المصدر الذي نقلت عنه، وذلك قليل.
14_ وضعت أرقام صفحات الأصل على هوامش الصفحات، وذلك عند بداية كل ورقة، ورمزت لوجه الورقة بالحرف (أ) ولظهر الورقة بالحرف (ب) . الفهارس الفنية للكتاب: عملت فهارس شاملة للكتاب، تشمل فهرس الآيات القرآنية وفهرس الأحاديث والآثار، وفهرس الأمثال والأقوال، وفهرس الأشعار وفهرس الأعلام، وفهرس الأحاديث النبوية والآثار، وفهرس المواضع والأماكن، وفهرس المصادر والمراجع فهرسا عاما لموضوعات الكتاب. هذا وأسأل الله عز وجل أن ينفع بهذا الكتاب المسلمين عامة وطلاب العلم خاصة، وأن يجعله خالصا لوجه الكريم، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
الباب الثالث: نص الكتاب
الباب الثالث: نص الكتاب باب الكلام وما يتألف منه ... 2/أبسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا ومولانا محمد وآله وصحبه وسلم قال الشيخ الإمام العالم العلامة الحبر الفهامة فريد عصره ووحيد دهره أبو عبد الله شمس الدين محمد الشافعي الجوجري، رحمه الله تعالى1: أحمد الله، وأشكره، وأستهديه، وأستنصره وأصلي على سيدنا محمد2 أفضل أنبيائه، ومُبَلِّغ أنبائه، المصطفى المكرَّم صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وبعد، فهذا شرح على شذور3 الذهب في معرفة كلام العرب، يُسَهِّل موارده ويمهّد قواعده، ويوضح مقاصده، وينشر فوائده، ويعقِل شوارده4 على وجه ينتفع به المبتدئ، ولا يقصر عن إفادته المنتهي. وأسأل الله تعالى أن ينفع به، وأن يصل أسباب الخير بسببه. وهو حسبنا ونعم الوكيل.
قال الشيخ1 رحمه الله [تعالى] 2: ص: الكلمة قول مفرد. ش: قدّم بيان الكلمة على بيان الكلام، لأنها جزؤه3. والكلمة في اللغة تطلق على اللفظ4 المفيد5، كقولهم: "كلمة الشهادة ". وأما معناها في الاصطلاح فما ذكره المصنف. فقوله: (قول) كالجنس6، وهو اللفظ الدال على معنى، سواء كان7 مفردا، ك (زيد) ، أو8 مركبا مفيدا، ك (قام زيد) أو غير مفيد، ك (إن قام زيد) .
فيطلق القول1 على كل من الكلام والكلم والكلمة، وقد يطلق على غيرها، ك (إن قام) 2. فخرج ما لم يدل على معنى، ك (ديز) و (رفعج) مقلوبي (زيد) و (جعفر) . فليس واحد3 منهما قولا، فلا يكون في الاصطلاح كلمة، كغير اللفظ4. وقوله: (مفرد) كالفصل5، وهو ما لا يدل جزؤه على جزء معناه6 فخرج المركب، وهو ما يدل جزء لفظه على جزء معناه، ك (ضَرَبَا) ، و (ضَرَبُوا) فإن الفعل في كل منهما كلمة، والألف في الأول والواو في الثاني في كل منهما كلمة. ولو سميت بإحداهما لكان7 كلمة واحدة. لأنك حينئذ لا تجد لأحد الجزأين منه دلالة على جزء المعنى، وهو
الذات المسمّاة فيكون مفردا، بخلاف ما قبل 2/ب التسمية، حيث كان الفعل دالا على المسند والضمير دالا على المسند إليه، فكان مركبا. فإن قيل1: يرد على تفسيرَيْ2 المفرد والمركب نحو (ضَرَبَ) و (أَكَلَ) من الأفعال فإنه مفرد بلا خلاف، مع أنه داخل في تعريف المركب وخارج عن تعريف المفرد فإن الحدث مدلول حروفه المرتبة، والإخبار عن كون ذلك في الزمن الماضي مدلول وزنه الطارئ على حروفه، والوزن جزء اللفظ، إذ هو عبارة عن عدد الحروف مع مجموع الحركات والسكنات الموضوعة وضعا معيّنا، والحركات مما يُتلفظ به، فهو حينئذ كلمة مركبة من جزأين يدل كل منهما على جزء معناها. فالجواب كما قال بعضهم3: أن المراد بالتركيب أن تكون هناك أجزاء مترتبة مسموعة، هي ألفاظ أو حروف4، والهيئة مع المادة5 ليست بهذه المثابة، بل الجزآن مسموعان معا، فلا يلزم التركيب. تنبيهان: الأول: شمل هذا الحد الكلمة المقدّرة، كالضمير6 في، (قم)
لأنه1 إذا نُطق بها يكون قولا مفردا. إذ المراد بالقول المقول قوة أو فعلا2. الثاني: اختار القول على اللفظ3 لكونه جنسا قريبا إذ اللفظ يطلق عليه وعلى غيره4 ص: وهي اسم وفعل وحرف. ش: لما فرغ من تعريف الكلمة شرع في بيان أقسامها. وهي بإجماع من يعتد به ثلاثة5، الاسم والفعل والحرف. ودليل الحصر6 أنها إما أن تدل على معنى في نفسها أولا، الثاني
الحرف، والأول إما أن يقترن بأحد الأزمنة الثلاثة، أو لا، الأول الفعل، والثاني الاسم وهي قسمة1 دائرة بين النفي والإثبات، فتكون حاصرة2. ولما كانت معرفة الكلمة وسيلة إلى معرفة الكلام قدّم في ذكر أقسامها الاسم لأنه يتأتى الكلام من نوعه3، وأتى بعده بالفعل، لأنه يكون جزء كلام4 وأخّر الحرف لأنه5 لا يكون جزءاً له6. والمعنى أنّ كلّ واحدٍ من هذه الثلاثة يصدق عليه أنه كلمة، لأن تقسيم الكلمة إليها [من] 7 تقسيم الكلي إلى جزئياته. والمراد بالجزئي ما يدخل تحت كلّي، يصح كون ذلك الكلي خبرا عنه، نحو (الإنسان حيوان) 8.
وليس من تقسيم الكلي إلى أجزائه، حتى لا تصدق إلا بالثلاث مثل ما يقال: (السِّكَنْجَبِينُ1 خَلٌ وعَسَلٌ) . ولما كان المصنف في مقام بيان أقسام الكلمة وذلك يقتضي ألاّ يُخِّل ببيان بعض أقسامها اكتفى بمعونة المقام عن التصريح بالحصر في الأقسام الثلاثة. ولو أراد التصريح به لقال: 3/أإما اسم وإما فعل وإما حرف. أو نحوه. ص: (فالاسم ما يقبل (أل) أو النداء أو الإسناد إليه) . ش: لما قسم الكلمة إلى الثلاثة الأقسام2، استدعى ذلك ذكر ما يميز كل قسم منها عن أخويه، إذ لو لم يذكر لم تفد القسمة. والتمييز يحصل بالحد3 وبالعلامة4. وهو بالحد أضبط، لاطراده وانعكاسه، بخلاف العلامة، إذ لا
تنعكس، فإذ حُد الاسم بأنه ما دل على معنى في نفسه غير مقترن بزمن، صح أن يقال: كل ما هو كذلك فهو اسم، وما ليس كذلك فليس باسم، وإذا قيل يعرف بدخول (أل) ، فيقال: كل ما دخلت عليه (أل) فهو اسم، ولا يصح كل ما لم تدخل عليه (أل) فليس باسم1. وإنما اختار التمييز بالعلامة دون الحد، لأنه في مقام التعليم، وتمييز الأقسام لمن ليست متميزة عنده، وهو بالعلامة أسهل منه بالحد؛ إذ لا تحتاج العلامة لما يحتاج إليه الحدّ من الشرح. إذا علمت ذلك2 فالاسم يتميز عن أخويه بعلامات كثيرة3، ذكر المصنف منها ثلاثا: الأولى (أل) 4، قيل5: والمراد بها حرف التعريف، ولهذا كانت من خواصّ الاسم إذ لاحظّ لغيره فيه. وقيل6: المراد أعم من المعرِّفة، لتدخل الموصولة، وهو ظاهر
إطلاق المصنف ولهذا صرّح في الشرح1 وغيره بأن وصلها بالأفعال ضرورة. وأما من جوّزه2 في الاختيار، كابن مالك3، فيحتاج إلى الاحتراز عنها4. العلامة الثانية النداء، وهو الدعاء ب (يا) أو إحدى أخواتها، وهو من خواص الاسم، لأن المنادى مفعول به5، والمفعول به لا يكون إلا
اسما. فالعلامة حينئذ كون الكلمة مناداة، لا دخول حرف النداء. لأنه قد يدخل في اللفظ1 على الحرف، نحو {يَا لَيْتَني} 2 وعلى الفعل، نحو {أَلاَ ياَ اُسْجُدُوا} 3 في قراءة الكسائي4. وعلى الجملة الاسمية، نحو:
1- يا لعنةُ اللهِ والأقوامِ كُلِّهِمُ ... على رزاحٍ ومَن بالكفر إخوانا1 واختلف في ذلك2 على ثلاثة أقوال: فقيل: (يا) للنداء3. وقيل4: للتنبيه. وقيل: للنداء إنْ وليها أمر أو دعاء، لكثرته قبلها، وإلا فللتنبيه، وهذا مختار5 ابن مالك6.
العلامة الثالثة: الإسناد إليه. والإسناد كما قال في التسهيل1: "تعلق2 خبر بمخبر عنه، أو طلب بمطلوب ". وإنما كان من خواصّ الاسم كونُه مسندا إليه، لأن المسند إليه مخبر عنه في الأصل أو في الحال، ولا يخبر إلا عن لفظ دال على ذات في نفسه مطابقة والفعل لا يدل على الذات إلا ضمنا3، والحرف لا يدل على معنى في نفسه4. وإنما لم نذكر في حد الإسناد ما ذكره في الشرح5، وهو (أن تنسب6 إلى الكلمة ما تحصل به الفائدة) لأنه ربما يتوهم من ذكر 3/ب النسبة فيه اختصاصه بالإسناد الخبري دون الطلبي، لأن النسبة إلى الشيء الإخبار عنه. ولذلك لم يمثل له7 في الشرح إلا به8.
فإن قيل: فإنه يرد على حد التسهيل الإسناد في النسبة الإنشائية1 فليس تعلق خبر بمخبر عنه ولا طلب بمطلوب2. فالجواب3 أن الإنشاء إخبار في الأصل4 وقوله في التسهيل: (تعلق خبر بمخبر عنه) أي في الأصل5 أو في الحال. بل قال بعض العلماء6: إنه إخبار في الحال أيضا. وقد يكون المسند إليه اسما صريحا، ك (قام زيد) . وقد يكون مؤولا من (أن) والفعل، نحو {وأنْ تَصُوْمُوا خيرٌ لكم} 7. وقد تحذف (أنْ) قليلا8، كقولهم: (تَسْمعُ بالُمعيديّ خيرٌ مِنْ أنْ
تَرَاه) 1 أي أن تسمع به، أي سماعك به خير من رؤيتك له. ص: (والفعل إما ماض، وهو ما يقبل تاء التأنيث الساكنة كقامت [وقعدت] 2 ومنه نعم وبئس وعسى وليس) . ش: لما فرغ من ذكر علامات الاسم أخذ في ذكر علامات الفعل، ولما كان3 جنسا تحته ثلاثة أنواع ميّز كل نوع بعلامته الخاصة به؛ لأنه أبلغ في البيان. وقدم الماضي والأمر على المضارع لأنهما أقْعَدُ4 منه في باب الفعلية، إذ5لم يشبها الاسم مشابهة تلحقهما به في الإعراب، بخلافه6 وقدّم الماضي لأن علامة الأمر مركَّبة7، ولأن بعضهم8 يقول بإعرابه فله شَبَهُ بالمضارع.
وذكر للماضي علامة واحدة، وهي قبوله لتاء التأنيث الساكنة. كقامتْ وخرجتْ وأكلتْ وضربتْ.1 وقَيْد الساكنة احترز به عن المتحركة، ك (قائمة) . فإنها خاصة بالأسماء، وحركتها حينئذ حركة إعراب، وسُمع قليلا دخولها2 على الحرف، نحو (رُبَّتَ) و (ثُمَّتَ) 3 وحركتها حينئذ حركة بناء4. واختصت المتحركة بالأسماء على ما تقدم، والساكنة بالأفعال لخفة الاسم وثقل الفعل5، طلبا للاعتدال. وهي دالة على تأنيث الفاعل، فلا يقدح في كون بعض الأفعال ماضياً عدم دخولها عليه، لالتزام تذكير6 فاعله، كفعل التعجب7 وأفعال الاستثناء ك (ليس) و (لا يَكُونُ) و (مَا خَلا) و (ما عدا) 8.
وقوله: (ومنه.) إلى آخره يعني أنه بهذه العلامة المذكورة استُدل على فعلية هذه الكلمات الأربع. أما (نِعْمَ) و (بئس) فخلافا لمن قال باسميتهما1. وأما (عسى) و (ليس) فخلافاً لمن قال بحرفيتهما2. فمن دخولها على (نِعْمَ) الحديث "فبِهَا ونِعْمَتْ. "3. وعلى (بئس) أيضا الحديث "وأعوذ بك من الخيانة فإنها بئْسَتْ البِطانةُ4 ".
ومما يستدل به على فعليتهما ما حكاه الكسائي1 (بئْسُوا ونِعْموا) 2 فإن الضمير لا يتصل إلا بعامله3. ومما يستدل به أيضا على فعلية (عَسَى) و (لَيْس) غير قبولهما لتاء التأنيث الساكنة اتصال ضمائر الرفع بهما 4/أنحو4 {ليسُوا سَوَاءً} 5 {لَسْتُ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ} 6 {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ} 7 {هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ} 8. واستدل القائلون باسمية الأوّلين9 بدخول حرف الجر في نحو (ما
هي بنعِمَ الولد1) وقولهم: (على بئسَ العَيْرُ) 2. وأجيب بأن ذلك على تقدير القول، أي بمقول فيها، وعلى عير مقولٍ فيه3. واستدل من قال بحرفية (عسى) و (ليس) بعدم دلالتهما على الحدث والزمان وبتوقف إفادة معناهما4 وهو النفي والترجّي على غيرهما كسائر الحروف. والجواب: أما5 دعوى عدم الدلالة على الحدث والزمان، فممنوعة6.
وأما توقف إفادة1 معناهما على ذكر المتعلق بعدهما؛ فإنهما2 لما أشبها الحرف في عدم التصرف أعطيا حكمه في التوقف المذكور. لأن بعض الكلمات قد يعطى حكم بعضٍ آخر لمشابهة بينهما، كالمضارع3. تنبيه: قوله: (ومنه.) إلى آخره إشارة إلى الخلاف في هذه الكلمات الأربع وإلى الاستدلال على فعليتهما بالعلامة المذكورة، كما بينّا. ص: أو أمر، وهو ما دل على الطلب مع قبوله ياء المخاطبة، ك (قومِي) ومنه (هاتِ) و (تعالَ) . ش: هذا شروع في ذكر النوع الثاني من أنواع الفعل، وهو الأمر، وفيما يميزه وهو دلالته على الطلب مع قبوله ياء المخاطبة ك (قومي) فإنه دل على طلب القيام، وفيه ياء المخاطبة.
فلابد فيه من وجود1 الأمرين، حتى إذا دلت كلمة على الطلب ولم تقبل الياء ك (نَزَالِ) ، لا يكون أمرا، ولكنها تكون اسم فعل أمر2 وإذا قبلت الياء ولم تدل على الطلب ك (تقومين) و (تقعدين) فلا تكون أمرا، ولكنها تكون فعلا3 مضارعا. وقوله: (ومنه هات وتعال) بمعنى4 أن هاتين الكلمتين فعلا أمر. ومن زعم أنهما اسما فعلين5 فقد رُدَّ عليه بقبولهما ياء6 المخاطبة مع دلالتهما على الطلب7. و (هاتِ) آخره مكسور إلا إذا اتصل بضمير جماعة المذكرين فإنه يضم، فيقال: هاتُوا. و (تعالَ) آخره مفتوح أبداً. فإذا أمرت المذكر بهما يكون بناؤهما على حذف حرف العلة8
كما في قولك: ارْمِ واخْشَ. وإذا أمرت مؤنثا يكون بناؤهما على حذف النون، إذْ بناء الأمر على ما يجزم به مضارعه 1، كقولك للمؤنث: ارْمِي واخْشَيْ. تنبيهان: الأول: أفهم قوله: (ما دل على الطلب) دلالته عليه بذاته. فخرج نحو (لا تأكلي) فإنه وإن كان فيه ياء المخاطبة وفهم منه الطلب فإنه باعتبار كونه مُتَعَلَّقَ الحرف الطالب له2 وهو لا الناهية3. الثاني: قوله: (ومنه) إلى آخره إشارة إلى الخلاف في هاتين الكلمتين وإلى الاستدلال على فعليتهما بالعلامة المذكورة، كما سبق، وقد تقدم مثله4. ص: أو مضارع، وهو 4/ب ما يقبل (لم) ك (لم يقم) وافتتاحه بحرف من نأيت، مضموم إن كان الماضي رباعيا، ك (أُدَحْرِجُ) و (أُجيبُ) مفتوح في غيره، ك (أضْرِبُ) و (أستخرجُ) .
ش: المضارعة في اللغة المشابهة1. وسمي هذا بالمضارع لمشابهته الاسم2، وبسبب ذلك أعرب. وميّزه الشيخ بقبوله لفظة3 (لم) نحو لم يَقُمْ، ثم ذكر أنه لابد أن يفتتح بأحد حروف نأيت، وهي النون والهمزة والياء والتاء. كنقومُ وأقُوم4 ويَقُوم وتَقُومُ. والمراد همزة المتكلم أو إحدى أخواتها5، ليخرج نحو أكْرَمَ وتَعَلَّمَ ونَرْجَسَ6 ويَرْنَأَ7. ولما جعل المصنف التعويل في تمييزه على (لم) استغنى عن التقييد المذكور. ثم ذكر أن هذا الحرف الذي بُدئَ به المضارع مفتوح في الصور
كلها إلا في1 صورة واحدة فيُضم فيها، وهي أن يكون ماضيه رباعيا، أي على أربعة أحرف سواء كانت أصولا، ك (دحْرَجَ) فيقال في مضارعه: يُدَحْرِجُ بضم الأول، أو2 بعضها زائدا، ك (أَجَابَ) 3 فإن الهمزة زائدة، فتقول: يُجيب. فتفتح أول ما كان ماضيه على ثلاثة أحرف، ك (ضرب يضرب) أو على أكثر من أربعة4 ك (انطَلَقَ يَنطلِقُ واستخرجَ يَستخرجُ) . ص: والحرف ما عدا ذلك، ك (هل) و (في) و (لَمْ) . ش: لما ميز الأسماء والأفعال شرع يميز الحروف، فقال: (والحرف5 ما عدا ذلك) أي مالا يصلح معه شيء من علامات الأسماء ولا من علامات الأفعال. وقيدها في الشرح6 ب (المذكورة) . ولو حَذَفَ القيد لكان
أحسن1. ومثل بثلاثة أمثلة إشارة2 إلى أن الحرف على ثلاثة أنواع: غير مختص بالاسم ولا بالفعل، بل يدخل على النوعين، وهو (هل) نحو (هل قام زيد) و (هل زيد قائم) . ومختص بالاسم وهو (في) 3، ومختص بالفعل وهو (لم) 4. تنبيه: ما أشار إليه الشيخ من أن (هلْ) تدخل على الأسماء والأفعال لا ينافي ما ذكره في توضيح الألفية5 وغيره6 في باب الاشتغال من أنه يجب النصب7 إذا وقع الاسم بعد ما يختص بالفعل، ك (هلْ) . لأن المذكور في باب الاشتغال حيث كان في حيزِّها الفعل8، فلا
يجوز دخولها على غيره نحو (هل قام زيد) ، فلا يجوز (هل زيد قام) ، أما إذا لم يكن في حيزّها فعل دخلت على الأسماء1، نحو {فَهَلْ أَنْتُمْ شَاكِرُونَ} 2. ص: والكلام قول مفيد مقصود. ش: شرع يبين معنى الكلام في الاصطلاح. فقوله: (قول) هو كالجنس، يشمل المفرد والمركب المفيد وغيره. وقوله: (مفيد) كالفصل، يخرج ما كان من الأقوال غير مفيد، مفرداً نحو (زيد) أو مركبا نحو (إنْ قامَ زيدٌ) . والمراد بالمفيد ما دل على معنى يحسن السكوت عليه. قال بعضهم3: لأن الإفادة حيث وقعت قيداً للفظ أي أو القول4 5/أفالمراد بها الإفادة5 التامة، أي التركيبية6، إذ الإفرادية7 غير معتد بها في نظرهم.
وقوله: (مقصود) يخرج به كلام النائم1 ويخرج به جملة الخبر، ك (قام أبوه) من قولك: زيدٌ قامَ أبوُه، فإنها مقصودة لغيرها، لا لذاتها. وقد يقال: إذا كان المراد بالفائدة ما ذكر، فيكون قوله: (مقصود) مستدركا2 لأن ما يخرج به3 لا يحسن السكوت عليه، فلا يدخل فيما قبله. وهذا هو ظاهر صنعه في الشرح4، فإنه اقتصر على شرح قوله: (مفيد) ولم يشرح (مقصود) . وكذلك مشى على الاكتفاء بالإفادة في الجامع5 حيث قال: "والكلام قول مفيد "6 وكذلك في توضيح الألفية7. وكما أن قيد الإفادة يغني عن اعتبار القصد، فكذلك يغني عن اعتبار التركيب لأنه لا يفيد الفائدة المذكورة إلا ما كان مركبا، إما من اسمين
ك (هذا زيد) أو من فعل واسم ك (قاَمَ زيدٌ) . وتمثيلنا ب (هذا زيد) أحسن من التمثيل ب (زيدٌ قائمٌ) 1 لأنه ثلاث كلمات2 ولا يشترط أن يكون جزءا الكلام3 ملفوظين. بل قد يكونان ملفوظين كما مثلنا، أو يكون أحدهما ملفوظا دون الآخر، ك (قُمْ) و (خُذْ) 4. وقد يكونان معا غير ملفوظين، ك (نعم) في جواب من قال: هل زيد قائم؟ إذ الكلام هو المقدر بعدها5. وعلم بذلك ضَعف ما يقوله ابنُ6 طلحة من أن حروف الجواب
ك (نَعَم) و (لا) كلام1. هذا معنى الكلام اصطلاحا. وأما لغة فقال الشيخ في الشرح2 إنه يطلق على التكليم3، نحو: 2- قالوا كلامُكَ هِنْداً وهي مُصْغِيَةٌ ... يَكفيكَ قلتُ صحيحٌ ذاك لوْ كَانَا4 وعلى حديث النفس5، نحو: 3- إن الكَلامَ لَفِي الفُؤَادِ 6
وعلى ما أفاد مطلقا لفظا كان أو غيره، كالإشارة1 نحو قوله تعالى: {قال آيتُكَ ألاّ تُكَلِّمَ الناسَ ثلاثةَ أيامٍ إلا رمْزاً} 2. ص: وهو خبر وطلب وإنشاء. ش: قسَّم الكلام إلى ثلاثة أقسام قال في الشرح3: لأنه إن احتمل التصديق والتكذيب فهو الخبر ك: (قام زيد) وإن لم يحتمل، وتأخر وجود معناه عن وجود لفظه فهو الطلب ك: (اضْربْ) و (لا تَضْرِبْ) وإن لم يتأخر بل قارن فهو الإنشاء ك (بِعْتُ) و (أعتقتُ) . وذكر في شرح الزوائد4 أن كثيرا من النحويين وعلماء البيان
على أنه ينقسم إلى خبر وإنشاء فقط1. وأن المصنف رجع عن تثليث2 القسمة، وضَرَبَ3 على قوله: و (طلب) وقال4: إنه إنما ذكر5 ذلك على وجه التسامح. وأن الحق والتحقيق كون القسمة ثنائية، وأن الطلب داخل في الإنشاء. لأن الكلام إما أن يكون لنسبته خارج يمكن مطابقته أوْ لا، الأول الخبر، الثاني الإنشاء. ثم ذكر شارحُ 5/ب الزوائد لنفسه6 أن تثليث القسمة، كما في الشذور هو7 ظاهر ما في التسهيل8 والتوضيح9، وأنه الذي يظهر رجحانه.
لأن المرجع في التقسيم إن كان للاصطلاح فلا مُشَاحَّة فيه1، مع أن تكثير الأقسام أفيد إذ لا يحتاج بعد ذكر المطلوب باسمه إلى قَرينة. وإن كان للمعنى2 فمن ثَلَّثَ القسمة قال3: إن التمييز حصل بين الإنشاء والطلب بأن الإنشاء لا خارج له4، ولا اقتضاء فيه، والطلب فيه اقتضاء وهو واضح، وله خارج، لأن النسبة الواقعة بين جزأيه لا بدَّ لها إن وجدتْ من زمن تقع فيه وهو المستقبل، إذ هي مطلوبة والمطلوب لا يحصل إلا في المستقبل. وإذا ثبت أن له خارجا ثبتت مغايرته للإنشاء. ثم قال: وما استَدَل به5 من أن6 الطلب معناه الاستدعاء، وهو حاصل في الحال، ضعيف لا يعول عليه. انتهى7.
ولقائل أن يقول: أمّاَ ما ذكره في التسهيل والتوضيح، فلم يذكر في موضع الكلام على ذلك1. إنما ذكر في شرح الجملة الموصول بها كما صرح به هو2 والشيء قد يذكر في غير محله لا على وجه التحرير اعتماداً على ما يحرّر في موضعه، وأما الترديد3 فلنا أن نختار منه الرجوع إلى الاصطلاح. قوله: (لا مشاحة فيه) قلنا: مُسَلَّم، لكن إنما4 ينهض في تصحيح القسمة لا في كون الأحسن تثليثها5 أو عدمه، وهو محل النزاع. وأما قوله: إن تكثير6 القسمة أفيد فممنوع، بل ربما يكون الأفيد تركه لما يلزم من الانتشار. ولنا أن نختار منه الرجوع إلى المعنى. قوله: إن للطلب خارجا، قلنا: ممنوع، إذ المراد بالخارج أن يكون للكلام حال التكلم نسبة في الخارج موافقة أو مخالفة، ولا خارج للطلب
بهذا المعنى. وأما المطلوب إيقاعه فليس موجودا حال التكلم، بل قد لا يوجد أصلاً فكيف يكون خارجا. وأما تضعيف1 كون الطلب معناه الاستدعاء فضعيف ومنعه مكابرة، إذ كل عاقل يفهم الاستدعاء من الطلب. وأما ما استدل به2 على ذلك فمما لا يعوَّلُ عليه. [والله أعلم] 3.
باب الإعراب أثر ظاهر أو مقدر، يجلبه العامل في آخر الاسم المتمكن والفعل المضارع
ص: باب. الإعراب أثر ظاهر أو مقدر، يجلبه العامل في آخر الاسم المتمكن والفعل المضارع. ش: لما فرغ من بيان أقسام الكلمة والكلام شرع في بيان الإعراب والبناء اللذين لا يخلو آخر الكلمة عن أحدهما. وبدأ ببيان الإعراب لشرفه وشرف محلّه. وهو مصدر (أعرب) إما بمعنى (أَبانَ) وإما بمعنى تكلم بالعربية، وإما بمعنى (أزال) لأنه مأخوذ من "عَرِبَتْ معدةُ البعير "1 إذا تغيّرت2. فمعنى أعرب الكلمة، على هذا3 أزال عربها أي فسادها4. وقيل5: إنه من قولهم: امرأة عروب، إذا كانت متحببة إلى 6/أزوجها متحسنه؛ لأن الكلام إذا فُهم قرُب من قلب سامعه. قال ابن إياز6: "والمختار هو الأول7، لأن العرب لم تقصد
بإعراب كلمها تحسينا ولا تغييرا"1. هذا معناه لغة، وأما معناه2 اصطلاحا فعرفه بما ذكره. فقوله: (أثر) كالجنس، ومراده به الحركات والسكون وما قام مقام ذلك من حرف أو حذف3. وقوله: (ظاهر أو مقدر) ذكره ليفيد التصريح بعموم الجنس. فالظاهر كما في آخر (زيد) في الأحوال الثلاثة4، والمقدر كما في آخر (الفتى) فيها. وقوله: (يجلبه العامل) إلى آخره كالفصل يخرج به5 حركة النقل، كحركة الدال في {قَدَ أفلَحَ} 6 وحركة الإتباع كحركة النون من
(ابنم1) والراء من (امرئ) في الأحوال الثلاثة، فإنها تابعة لحركة الإعراب. وليس شيء من ذلك بإعراب2، إذ لم يجلبه العامل3. وقوله: (في آخر الاسم المتمكن والفعل المضارع) بيان لمحل الإعراب4 وليس احترازا عن شيء، فإن العامل لا يجلب أثرا في غير الآخر، وَبَيَانٌ لما يُعرب من الكلم السابقة. والذي يعرب منها هو الاسم المتمكن. والمراد به الذي يَسلَم5 من شبه الحرف المقتضي للبناء، كما ستعلمه من المبنيات. والفعل المضارع دون غيره من الأمر والماضي. ولابد في هذا من خلوّه عن نون التوكيد المباشرة، وعن نون الإناث فإنه مع الأولى يبنى على الفتح، ومع الثانية يبنى على السكون، كما سيأتي بيان ذلك. ولما كان ذلك يأتي في كلام المصنف6 استغنى
عن تقييده هنا. وقد فهم من كلامه أن ما عدا ذلك مبني، وهو الحروف بجملتها والأفعال الماضية وأفعال الأمر بجملتها، وكذلك المضارع الذي اتصلت به نون التوكيد، أو دخلته نون الإناث كما ذكرنا. وسيأتي ذلك مفصلا في أبواب البناء1 إن شاء الله تعالى.
باب علامات الاعراب ص: وأنواعه رفع ونصب في اسم وفعل، ك (زيد يقوم) وإن زيدا لن يقوم، وجر في اسم ك (بزيد) وجزم في فعل ك (لم يقم) . ش: أي الإعراب الذي عرفته1 له أنواع يتحقق في كل منها. وهي أربعة الرفع والنصب، ويدخلان في جميع المعربات أعني الأسماء والأفعال2، فالرفع كما في (زيد يقوم) والنصب كما في (إن زيدا لن يقوم) والجر ويختص بالاسم، ك (بزيدٍ وعمرٍو) 3. وإنما اختص به لأن المجرور مخبر عنه، والفعل لا يخبر عنه4. والجزم ويختص بالفعل، ك (لم يقم) . ولم يدخل في الأسماء، قيل5: لأن المنوّن منها إن جُزِم التقى فيه
ساكنان، الحرف المجزوم والتنوين، فيحرك1 الساكن الأول فيؤدي وجود الجزم إلى عدمه، وغير المنوّن محمول عليه. وقيل2: إنما اختص به ليكون فيه كالعوض من الجر الذي اختص3 به الاسم. وعبر المصنف تبعاً للبصريين4 عن أنواع الإعراب بالرفع والنصب والجر والجزم 6/ب وعن ألقاب البناء بالضم والفتح والكسر والسكون، فرقا بينهما5 ومراعاة للمناسبة، حيث عبّروا عن ألقاب البناء اللازم6 بما يدل على اللزوم وعن أنواع7 الإعراب المنتقلة بما يدل على الانتقال. تنبيه: قوله: (في اسم وفعل) أي بعده بلا فصل8.
لأن الحركات في الحقيقة أبعاض حروف العلة1، فضم الحرف الإتيان2 بعده بلا فصل ببعض الواو، وكسره الإتيان بعده بلا فصل ببعض الياء، ونصبه الإتيان بعده بلا فصل ببعض3 الألف، بدليل أنك إذا أشبعت الحركة صارت حرف مد تاما. وسمي الحرف متحركا كأنك حركته إلى مخرج حرف النداء 4، وبضد ذلك سكون الحرف، فالحركة بعد5 الحرف، لكنها من فرط اتصالها به يتوهم أنها6 معه لا بعده. ص: والأصل كون الرفع بالضمة والنصب بالفتحة والجر بالكسرة والجزم بالسكون. وخرج عن ذلك سبعة أبواب. ش: لمّا تقدم أن الإعراب أثر ظاهر7، وأن الأثر أعم من أن يكون
حركة أو حرفا أو سكونا، أو حذفا أخذ يبين الأصل من ذلك وغير الأصل. فذكر أن الأصل في الرفع أن يكون بالضمة، وفي النصب كونه بالفتحة، وفي الجر أن يكون بالكسرة، وفي الجزم كونه بالسكون1. فإن جاء واحد من هذه الأربعة بغير ما ذكر كان على خلاف الأصل. وتسمى الأبواب التي جاءت على خلاف الأصل أبواب النيابة. وهي سبعة كما ذكره المصنف، وهي باعتبار كيفية النيابة فيها أربعة أقسام: قسم نابت فيه حركة عن حركة في بعض الأحوال2، وهو بابان، باب ما لا ينصرف وباب الجمع بألف وتاء. وقسم ناب3 فيه حرف عن حركة في جميع الأحوال، وهو ثلاثة أبواب باب الأسماء الستة وباب المثنى وباب جمع المذكر السالم. وهذان القسمان خاصان بالأسماء. وقسم ناب فيه4 حرف وحذفه عن الحركة والسكون، وهو باب
الأمثلة الخمسة1. وقسم ناب فيه حذف حرف عن السكون، وهو باب الأفعال المعتلّة. وهذان القسمان كما ترى خاصان بالأفعال. ص: أحدها ما لا ينصرف، فإنه يجر بالفتحة، نحو بأفضل منه إلا إن أضيف أو دخلته (أل) نحو بأفضلكم وبالأفضل. ش: الباب الأول من أبواب النيابة ما لا ينصرف، وهو الفاقد للصرف. والصرف عند المحققين هو التنوين وحده2، وليس الجر داخلا في مسماه بدليل أن الشاعر متى3 اضطر إلى صرف الممنوع4 نوّنه5، وقيل6: إنه صرفه لضرورة الشعر مع أنه لا جرّ هناك. وإنما حذف الجر تبعا لحذف التنوين، لأنه لو بقي مجرورا بعد حذف
التنوين لالتبس بالمبني1، ك (نزال) 2. وحكمه أنه يُجرّ بالفتحة نحو مررت بأفضل منه، حملا للجر على النصب دون غيره؛ لأن الفتحة إلى الكسرة أقرب منها إلى الضمة، فحُملَتْ على الأقرب. يوضح ذلك ما قدمناه من أن الحركات أبعاض حروف العلة 7/أوالياء إلى الألف أقرب منها إلى الواو. وإنما يُمنَع الاسم الصرف إذا وجد فيه علتان فرعيتان من علل تسع أو واحدة منها تقوم مقامهما، كما سيأتي بيانه آخر الكتاب3 إن شاء الله تعالى. ويستثنى4 من جره بالفتحة مسألتان: الأولى: أن يضاف، نحو مررت بأفضلكم. الثانية: أن تدخله (أل) نحو مررت بالأفضل. تنبيهان: الأول: استثناء الشيخ لهاتين المسألتين من جر ما لا ينصرف بالفتحة يفهم منه أنه باق على منع صرفه، وهو أحد الأقوال5.
والثاني: أنهما مصروفان1، بناء على أن الصرف هو الجر [بالكسرة2] ، وهو3 ضعيف. والثالث: وهو التحقيق أنه إن زالت إحدى علتيه بالإضافة أو (أل) فمنصرف4 نحو مررت بأحمدكم، وإلا فغير منصرف5، نحو مررت بأحسنكم6. وهذا والمذهب الأول يَدُلاَّنِك على أن الصرف هو التنوين. والله أعلم. التنبيه الثاني: شمل إطلاقه (أل) المُعَرِّفة، نحو مررت بالأحسن7. والموصولة نحو: 4- وما أنت باليقظان ناظره إذا ... نسيت بما تهواه ذكر العواقب8
والزائدة نحو: 5- رأيتُ الوليد بن اليزيد مباركا1 ... ................................. وزاد في التسهيل2 بدل (أل) وهي الألف والميم، كقوله: 6-.................................. ... تَبيتُ بِليلِ امْأرْمَدِ اعتاد أوْ لَقَا3
ص: الثاني ما جمع بألف وتاء مزيذتين، ك (هندات) فإنه ينصب بالكسرة، نحو {خَلَقَ اللهُ السَّمَاوَاتِ} 1، {فَانْفِرُوا ثُبَاتٍ} 2 بخلاف {وَكُنْتُمْ أَمْوَاتاً} 3، ورأيت قضاةً، وأُلْحِق به (أولات) . ش: الباب الثاني من أبواب النيابة باب المجموع بألف وتاء مزيدتين. وسنذكر في باب جمع المذكر السالم4 حد جمع التصحيح الشامل له ولهذا، إن شاء الله تعالى5.
وهذه العبارة1 أحسن من عبارة من قال2: جمع المؤنث السالم لأنها تخرج ما مفرده مذكر، كحمّامٍ وحمّامات3. والمعنى أن الألف والتاء زيدتا في الاسم المفرد ليدل كلاهما على الجمع والتأنيث4 معا، وليست الألف بانفرادها دالة على الجمع5 والتاء دالة على التأنيث. بدليل أنك لو أسقطت الألف لم تدل التاء على تأنيث الجمع، و6 لو أسقطت التاء لم تدل الألف على الجمع، فإذًا كلا الحرفين دالُّ على كلا المعنيين. وهذا الجمع ينصب بالكسرة نيابة عن الفتحة. وأما رفعه وجره فعلى الأصل، ولهذا اقتصر المصنف رحمه الله على قوله: (فإنه ينصب بالكسرة) كما أنه اقتصر في7 الباب السابق8
على قوله: (فإنه يجر بالفتح) ، لمّا كان رفعه ونصبه على الأصل، لأنه يتكلم في النيابة. وإنما حملوا نصبه على جره قياسا على جمع المذكر السالم، فإنه حمل نصبه على جره1. وقيل: لأنه لو أعرب جمع المؤنث بالحركات الثلاث لكان الفرع وهو جمع المؤنث أوسع مجالا من الأصل وهو الجمع المذكر2. 7/ب ولقائل أن يقول: هذه العلة ضعيفة من حيث إنها لا تفيد أنهم لِم لَم يعكسوا؟ 3 ومنقوضة لأنهم جعلوا الجمع المؤنث أوسع مجالا، لأنهم4 جمعوا به العاقل ك (هند) و (هندات) وغيره ك (شجرة) و (شجرات) بخلاف الجمع المذكر فإنهم خصّوه بالعاقل5. فإن كانت التاء أصلية، كأموات جمع ميّت، نصب بالفتحة، وكذلك إذا كانت الألف أصلية، كقضاة، فإن أصله (قضَيَة) 6 تحركت الياء وانفتح ما قبلها فقلبت ألفا.
نحو قوله تعالى: {وَكُنْتُمْ أَمْوَاتاً} 1 وقولك: رأيت قضاةً. وألحق بهذا الجمع في النصب بالكسرة (أولاتُ) فإنه اسم جمع لا جمع، إذْ لا واحد له2. تنبيهان: أحدهما أنه مثل بمثالين لينبه على أن ما يجمع هذا الجمع بعضه مقيس وبعضه مسموع. فالمقيس (ثُبات) في جمع (ثُبة) يعني جماعة. والمسموع (سماوات) في جمع (سماء) فإنها ليست مما يجمع هذه الجمع بقياس3 كما اقتضته عبارة التسهيل 4، وصرِّح به في بعض شروحه5. التنبيه الثاني استفيد من تمثيله أيضا أن المفرد الذي فيه تاء التأنيث إذا
أُريد جمعه بالألف والتاء، فإن تاءه تحذف كما في ثُبَة وثُبات، ومُسلمة ومسلمات وسَجْدَة وسَجَدَات1 ص: الثالث (ذو) بمعنى صاحب، وما أضيف لغير الياء من أبٍ وأخٍ وحمٍ وهنٍ وفمٍ بغير ميم [فإنها] 2 تعرب بالواو والألف، والياء والأفصح في الهن النقص. ش: لما فرغ مما نابت فيه حركة عن حركة3 أخذ يذكر ما ناب فيه الحرف عن الحركة4، وهو ثلاثة أبواب، كما تقدم 5. وبدأ بالأسماء الستة لأنه ناب فيها عن كل حركة حرف، بخلاف بابي التثنية والجمع. والأسماء الستة6 هي (ذو) التي7 بمعنى صاحب وأبُوك وأَخوك وحَمُوك وفُوكَ وهَنُوكَ. وتعرب8 بالواو رفعا وبالألف نصبا وبالياء جرًّا.
كما يفهم من ترتيب الحروف في الذكر على ترتيب حركات الإعراب فيما سبق1. وقدّم (ذو) لأنها لا تفارق هذا الإعراب. وقيدّها بأن تكون بمعنى صاحب احترازاً من (ذو) الطائية التي هي بمعنى الذي، فإنها ملازمة للواو2. وقد تعرب بالحروف قليلا، كقوله: 7- فإما كرامٌ مُوسِرون لقيتُهُم ... فحَسْبِيَ من ذي عِندَهَمْ ما كفَانِيَا3. واشترط فيما عداها الإضافة لغير الياء، ولم يشترط ذلك فيها، لأنها ملازمة للإضافة إلى اسم جنس ظاهر4، فلا حاجة به لاشتراطها.
فخرج ما لم يضف منها، نحو هذا أبٌ، فيعرب بحركات ظاهرة. وما أضيف إلى الياء1، فيعرب بحركات مقدرة2، نحو هذا أبي. واشترط في الفم أن يكون بغير ميم، نحو هذا فوك، ليخرج ما كان بها، فإنه يعرب بالحركات الظاهرة مع التضعيف3، ودونه منقوصا4، نحو فمٌّ وفمٌ، وبالحركات المقدرة مقصوراً 8/أنحو (فَمَا) كَعَصًا. ولك تثليث فائه5 قصرا ونقصا وإتباعا لميمه6. فهذه عشر لغات7 أفصحها فتح فائه منقوصا8. ثم ذكر في الهن لغة أخرى9 هي أفصحهما، وهي أن يستعمل منقوصا10
ويعرب بالحركات نحو هذا هنُكَ. قال في الصحاح1: "وهي كلمة كناية، ومعناها شيء، تقول: هذا هنُك، أي2 شَيْؤُك3". انتهى. وقال بعضهم4: وكثرت الكناية به عن الفرج. تنبيهان: الأول: يشترط أيضا في إعراب هذه5 الأسماء بالحروف أن تكون مفردة، لا مثناة ولا مجموعة، وأن تكون مكبّرة، لا مصغّرة6. فإن ثنيت أو جمعت أعربت كما يعرب المثنى والمجموع وإن صغرت أعربت بالحركات. نحو هذا أُبَيُّك. واستغنى المصنف عن التصريح بهذين الشرطين بنطقه بها مفردة مكبّرة.
الثاني 1 ما ذكره من أن2 إعرابها بالحروف هو المشهور عندهم3، وعن سيبويه4 أنها ليست معربة بالحروف، بل بحركات مقدّرة على الحروف كإعراب المقصور. لكن أتبع فيها حركات ما قبل حروف الإعراب لحركات الإعراب، ثم حذفت الضمة للاستثقال فبقيت الواو ساكنة5، وحذفت الكسرة للاستثقال فانقلبت الواو ياءً لكسر ما قبلها،
وقلبت الواو المفتوحة1 ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها. قال بعضهم2: هذا هو الصحيح، لأنه يلزم على الأول3 أن يكون (فوك) 4 و (ذومال) معربين وهما على5 حرف واحد، إذ الإعراب زائد على الكلمة وهذا لا نظير له6. ص: الرابع المثنى ك (الزيدان) و (الهندان) فإنه يرفع بالألف ويجر وينصب بالياء المفتوح ما قبلها المكسور ما بعدها وألحق به (اثنان) و (اثنتان) و (ثنتان) مطلقا، و (كلا) و (كلتا) مضافين لمضمر. ش: الباب الرابع من أبواب النيابة باب المثنى، وهو الثاني مما ناب فيه الحروف عن 7 الحركات. وقدمه على الجمع لجريانه في المذكر والمؤنث والعاقل وغير العاقل ولأن التثنية أسبق من الجمع.
والمثنى هو الاسم الدال على اثنين 1 بزيادة في آخره صالحا للتجريد وعطف مثله عليه 2. ك (الزيدان) لمثنى المذكر و (الهندان) لمثنى المؤنث. فقوله: (الدال على اثنين) مخرج نحو رَجل ورجال. وقوله: (بزيادة في آخره) يخرج نحو3 شَفْع4 وكلا وكلتا5. وقوله: (صالح للتجريد) يخرج به اثنان واثنتان6. وقوله: (وعطف مثله عليه) يخرج7 نحو العُمَرين والقَمَرين فإنك لا
تعطف فيهما مِثْلاً بل غَيْرًا، فتقول: أبو بكر وعمر والشمس والقمر وهو من باب التغليب1. وقد اختُصِر في تعريفه فقيل 2 هو ما دل على اثنين وأغنى عن المتعاطفين. لكنه شامل لنحو العُمرين والقَمَرين وشَفْع و (زَكَا) 3، ولا كذلك الحدّ الأول4. فليتأمل. وحكم المثنى أن يرفع بالألف وينصب ويجرّ بالياء. وجعلت 5 الياء علامة لهما حملا للنصب على الجرّ 6، دون الرفع لاشتراكهما في كون كل منهما فضلة مستغنىً عنه، يستقل الكلام بدونه بخلاف 8/ب الرفع فإنه عمدة الكلام. وإنما قلنا: إن النصب محمول لأن حق الياء أن تكون للجر، لأن
علامته الأصلية الكسرة وهي بعض الياء، كما قدمنا1. وإنما حُرّك ما بعد علامة التثنية فراراً من التقاء الساكنين 2. وكانت الحركة كسرة لأنها الأصلية 3 في الفرار منه. وإنما فُتح ما قبلها لأن الألف لا يكون قبلها إلا فتحة 4، والياء محمولة عليها. ثم إنه أُلحق بالمثنى في إعرابه خمسة ألفاظ، ثلاثة منها بلا شرط وهي (اثْنان) للمذكر و (اثْنَتَان) للمؤنث في لغة أهل الحجاز5 و (ثِنتان) في لغة تميم6 والاثنان الباقيان (كِلا) و (كِلتا) بشرط إضافتهما إلى مضمر. فإن أُضيفا إلى مظهر7 لزمتهما الألف، وأُعربا بالحركات مقدَّرة8. وإنما جعلا 9 مع المضمر كالمثنى، ومع الظاهر بالحركات مقدرة
لأن الإضافة إلى الضمير فرع عن الإضافة إلى الظاهر، فجعل الأصل مع الأصل، والفرع مع الفرع 1. تنبيهات: الأول: لم يتعرض الشيخ لتعريف المثنى ولا لشروطه المذكورة في (كلام) غيره، وهي2 الإفراد3 والإعراب4 وعدم التركيب5 والتنكير6 وقبول التثنية، احترازا عما لا ثاني له في الوجود، ك (شمس) و (قمر) إذا روعيت الحقيقة واتفاق اللفظ7 واتفاق المعنى8، وعدم الاستغناء عن تثنيته بتثنية غيره9 وكأنه والله أعلم
اعتمد1 على قوله: (كالزيدان والهندان) فإنهما جامعان للشروط المذكورة، ومثل ذلك كاف في مقام الاختصار. التنبيه الثاني: ما صرّح به من إعراب المثنى بالحروف هو مذهب طائفة من النحويين2 ونسب إلى الزجاج3 والكوفيين4، وهو المشهور.
ومذهب سيبويه1 وموافقيه2 أن الإعراب مقدّر فيه، فتقدر الضمة في الألف والفتحة والكسرة في الياء. وفي إعرابه مذاهب أخر3 ليس هذا موضع ذكرها. التنبيه الثالث: في المثنى لغة أخرى، وهي لزوم الألف في الأحوال الثلاثة4، وهي لغة قبائل كثيرة من العرب5. قال ابن أم قاسم6: "وهي7 أحسن ما يخرج عليها قراءة {إِنَّ
هَذَان ِلِسَاحِرَانِ} 1. ص: الخامس جمع المذكر السالم، ك (الزيدون) و (المسلمون) فإنه يرفع بالواو ويجر وينصب بالياء المكسور ما قبلها المفتوح ما بعدها وألحق به (أولو) و (عالَمون) و (أرضون) و (سنون) و (عشرون) وبابهما و (أهلون) و (عِلَّيون) ونحوه. ش: هذا هو الباب الخامس من أبواب النيابة، وهو الباب2 الثالث مما نابت فيه الحروف عن الحركات، وهو جمع المذكر السالم، وأتى به
آخرها لما تقدم. وهو أحد قسمي جمع 1 التصحيح. وجمع التصحيح، كما قال في التسهيل 2: جعل الاسم القابل دليل ما فوق اثنين بزيادة في الآخر، مقدّر انفصالها لغير تعويض 3. فقوله: (الاسم) احتراز عن الفعل والحرف. وقوله: (القابل) تحرز به عن 9/أغير القابل كالشمس والقمر، إذ لا ثاني لكل منهما في الوجود، وكالمعرفة التي لا يمكن تنكيرها4، وكالأسماء المختلفة الألفاظ، إلا إن وقع تغليب5. وقوله: (ما فوق اثنين) تحرز به عن المثنى. وقوله: (بزيادة) إلى آخره يعني بها الواو والنون والياء والنون في المذكر والألف والتاء في المؤنث كما صرّح 6 به بعد. وهي مقدرة الانفصال من جهة أنها تحذف للنسب، وأن النون
تحذف للإضافة وخرج بذلك نحو (صَفْوان 1) فإن الألف والنون وإن زيدتا فيه فليستا في تقدير الانفصال، إذْ لا يحذفان. وقوله: (لغير تعويض) مخرج لنحو (سنين) فإنه ليس من هذا الجمع وإن ألحق به في الإعراب. وإنما خرج لأن الواو والياء والنون، وإن زيدت فيها وهي للتعويض، لأن واحده منقوص 2، فيستحق أن يجبر بالتكسير 3 ليرد إلى الأصل، كما في يد ودمٍ 4 فلمَّا لم يجبر 5 بذلك زيدت فيه 6 تعويضا. وحكمه أن يرفع بالواو ويجر وينصب بالياء. وإنما رفع بالواو ورفع المثنى بالألف، لأن المثنى أكثر دوراناً في
الكلام، كما تقدمت الإشارة إليه1، والألف خفيفة والواو ثقيلة، فجعل الخفيف في الكثير والثقيل في القليل، ليكثر ما يستخفونه ويقل ما يستثقلونه. قاله ابن إياز 2 في شرح الفصول 3. وضُمَّ ما قبل الواو وكُسِر ما قبل الياء ليكون ذلك دليلا على شدة الامتزاج 4، وليسلما 5 من التغيير والانقلاب. وحركت نون الجمع فراراً من التقاء الساكنين، وفتحت تخفيفا للفظ، إذ قبلها واو قبلها ضمة، وياء قبلها كسرة، فلو ضُمت أو كسرت لثقل اللفظ جدا 6. ثم إن ما يجمع هذا الجمع إما أن يكون عَلَماً ك (الزيدون) وإما أن يكون صفة ك (المسلمون) . ولا بد فيهما معا من أن يكونا 7 لمذكر، عاقل، خال من تاء التأنيث 8 وفي العَلَم خاصة أن يكون غير
مركب تركيبا إسناديا ولا مزجيا 1. وفي الصفة 2 خاصة أن تقبل التاء 3 أو تدل على التفضيل. 4 فلا يجمع ما كان منهما لمؤنث 5، نحو (زينب) و (حائض) . ولا ما كان منهما لما لا يعقل نحو (واشق) و (سابق) 6. ولا ما فيه تاء التأنيث، نحو (طلحة) و (وعلاّمة) ولا نحو (بَرَقَ نَحْرُه) ولا نحو (معْديكرب) ولا نحو (جريح) و (صبور) و (سكران) و (أحمر) 7.
وقد ألحق بهذا الجمع في الإعراب، وإن لم يكن منه ألفاظٌ. ذكر الشيخ بعضها وأشار إلى بعضها. فمما ذكره (أولو) بمعنى أصحاب، وهو اسم جمع 1.، إذ لا واحد له من لفظه. ومنه (عالَمون) وهو أيضا اسم جمع لا جمع عالَم؛ لأن العالَم أعم منه، كما قال الشيخ جمال الدين بن مالك2. ومنه (أرَضون) بفتح الراء، وهو جمع تكسير لأرْض بسكونها3. ومنه (سِنُون) وهو جمع تكسير لسنة وبابه، وهو4 كل ثلاثي حذفت لامه وعوِّض عنها هاء التأنيث، ولم يكسَّر5، أي لم يأت على
صيغة من صيغ جموع التكسير. 9/ب وإنما قلنا: إنه جمع تكسير، لأنه لم يسلم فيه بناء الواحد1. ومنه (عشرون) وبابه، والمراد به سائر العقود إلى آخر التسعين وهي أسماء جموع2، إذ لا واحد لشيء منها من لفظه. ومنه (أهلون) ومفرده أهل، وليس بعَلم ولا صفة، فهو جمع تصحيح3 لم يستوف الشروط. ومنه (عِلّيون) وهو اسم لأعلى الجنة4 فإنه في الأصل (فِعِّيل) من العلو، فجُمع جمع من يعقل ثم سمي به. وقوله: (ونحوه) أشار إلى نحو (عِلِّيّون) من كل ما سمي به نحو (زيدون) 5. ويجوز أن يريد كل ما تقدم ليدخل نحو (وابلون) وهو في معنى (أهلون) 6 إذ مفرده (وابل) وليس علماً ولا صفة.
تنبيهات: الأول: تلخص من ذلك أن الملحقات أربعة أنواع؛ أسماء جموع وجموع تكسير وجموع تصحيح لم تستوف الشروط وما سمّي به من ذلك. الثاني1: ما صرح به من إعراب المجموع بالحروف، كما تقدم في المثنى هو مذهب قطرب2 وجماعة من المتأخرين3، ونُسِبَ إلى الزجاج4 والكوفيين5. ومذهب سيبويه6 أنه معرب بحركات مقدرة في الواو والياء7.
الثالث1: اكتفى المصنف عن ذكر حدّ2 الجمع وشروطه بما ذكره من المثالين، لأنه أشار إلى العَلَم المستجمع للشروط ب (الزيدون) وإلى الصفة المستجمعة للشرائط ب (المسملون) . ويدخل في الصفة المشار إليها المصغَّر، فإن التصغير وصف في المعنى، فإذا صُغّر نحو رجل وغلام جُمِعَ بالواو والنون، فيقال: رُوَيجِلون3 وغُلَيِّمون. ص: والسادس يفعلان وتفعلان ويفعلون وتفعلون وتفعلين، فإنها ترفع ب [ثبوت] 4 النون وتنصب وتجزم بحذفها. وأما نحو {أتحاجُّونِي} 5 فالمحذوف نون الوقاية. وأما {إِلاّ أَنْ يَعْفُونَ} فالواو أصل، والفعل مبني، بخلاف {وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} 6.
ش: الباب السادس من أبواب النيابة، وهو مما يختص بالأفعال وقد ناب فيه الحرف وحذفه عن الحركتين والسكون 1. وهو كل فعل مضارع اتصل به ألف اثنين، سواء كانت اسما نحو الزيدان يفعلان وأنتما تفعلان، أو حرفا نحو يفعلان الزيدان وتفعلان المرأتان في لغة "يتعاقَبُون" 2 أو واو جماعة، سواء كانت اسما نحو الزيدون يفعلون وأنتم تفعلون. أو حرفا نحو يفعلون الزيدون، أو ياء مخاطبة اسما3 فقط، نحو أنْتِ تفعلين، وكلها ترفع بثبوت النون نيابة عن الضمة4، لأن النون أشبهت
حروف العلة التي الحركات أبعاضها، لأنها تدغم في الياء نحو {وَمَنْ يَقْنُتْ.} 1 وفي الواو نحو {مِن وَاقٍ} 2 و {مِن وَالٍ} 3. وتبدل منها4 الألف في الوقف، نحو رأيت زيداً. وتبدل من النون الخفيفة للتوكيد في الوقف نحو: 8-.................................... ... ....... واللهَ فاعْبُدا5 وجعلت علامة للرفع دون أخويه6 لأنه أسبق منهما 10/أومستغن
عنهما بدليل وجوده دونهما، كما في الفاعل والمبتدأ. ولا [يكونان] 1 إلا حيث يكون. ويجزم وينصب بحذفها. قال ابن إياز: "وحذفها علامة الجزم في الأصل، والنصب في ذلك محمول عليه. لأن منصوب جمع [المذكر السالم] 2 محمول في الياء على مجروره، فكذلك المنصوب محمول في الحذف على المجزوم، هذا مقتضى القياس "3. انتهى. مثال المرفوع قوله تعالى: {وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} 4. ومثال المجزوم والمنصوب قوله تعالى: {فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا} 5. قوله: وأما نحو {أتُحَاجُّونِي} 6 جواب عن سؤال تقديره أن يقال:
أيُّ النونين المحذوفة من {أتُحَاجُّونِي} 1 أهي نون الرفع؛ فيلزم حذفها من غير ناصب ولا جازم، وهو خلاف ما تقرر، أم نون الوقاية التي التزمت لتقي الفعل من الكسر، فيفوت الغرض الذي جيء بها لأجله؟ وتقرير الجواب أن المحذوف نون الوقاية 2. قوله: (فيفوت الغرض.) إلى آخره، قلنا: ممنوع إذ هو حاصل بنون الرفع. فتأمّل. قوله: وأما3 {إلاّ أن يَعْفُون} 4 دفع لسؤال يتوهم وروده على ما قرره من أنّ نصب هذه الأفعال بحذف النون، فيقول: إن (أنْ) ناصبة، إذ هي المصدرية والفعل الذي دخلت عليه منصوب بها، مع أن نونه ثابتة لم تحذف في النصب. ووجه الدفع أنّ هذه الواو والنون المتصلتين بهذا الفعل ليستا واو الجماعة ونون الرفع، بل هذه الواو من نفس الفعل، وهي لامه، هذه النون ضمير النسوة، والفعل غير معرب، بل هو مبني لمباشرة نون الإناث له،
ووزنه (يَفْعُلْن) . بخلاف {وأن تَعْفُوا} خطابا للرجال في {وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} 1. فإن الواو ضمير الجماعة، والنون للرفع، ولهذا حذفت للناصب، وأصله (تعفُوُوْن) والواو الأولى لام الفعل، والثانية ضمير الجماعة، فحذفت الأولى لالتقاء الساكنين بعد حذف حركتها، لاستثقالها بعد ضمة الفاء، فصار وزنه (تَفْعُون) 2. والله أعلم. تنبيه: قوله: (وهي يفعلان) إلى آخره يصح فيه اعتبار الألف والواو اسما وحرفا3، كما ذكرنا وتقديمه الجزم على النصب في قوله: (وتجزم وتنصب بحذفها) 4 قد يفهم منه أصالة الجزم، وأن النصب محمول عليه، كما ذكرنا. والله أعلم. ص: السابع الفعل المعتل الآخر، ك (يغزو) و (يخشى) و (يرمي)
فإنه يجزم بحذفه، ونحو {إِنَّهُ مَنْ يَتَّقيَِ وَيَصْبِرْ} 1 مؤوّل. ش: الباب السابع من أبواب النيابة، وهو خاتمتها، الفعل [المضارع] 2 المعتل الآخر. وهو ما آخره ألف أو واو أو ياء. وجزمه بحذف الآخر الذي هو حرف العلة، نحو لم يغْزُ، ولم يخْشَ، ولم يرمِ؛ لأن حروف العلة قد ضعفت وقربت بسكونها من الحركات، فلذلك تسلَّطَ عليها الجازم تسلّطه على الحركات، فحذفها3، كما يحذف الحركات. وقوله: (ونحو إنه) جواب سؤال يَرِدُ على ما قرره من 10/ب أن جزم المعتل بحذف حرف العلة، بأن يقال: إن {يتَّقي} مجزوم بدليل عطف {يصبِرْ} عليه مع أن حرف العلة 4 ثابت فيه. أو يقال: إن كان {يتَّقي} مرفوعا بدليل ثبوت الياء في آخره، فكيف عطف عليه {يصبِرْ} بالسكون؟ وإن كان مجزوما بدليل عطف
(يصْبِرْ) عليه فكيف تثبت الياء فيه؟ وتقرير الجواب عن ذلك أن الآية على هذه القراءة مؤوّلة. وتأويلها إما بأن (يتقي) مجزوم، كما ذكر السائل وهذه الياء تولّدت عن إشباع حركة القاف الباقية بعد حذف يائه للجازم1. أو أنه عومل معاملة الصحيح في جزمه بحذف الحركة. وهي لغة لبعض العرب2 حيث يراعي الحركة المقدرة، فيحذفها للجازم، كما يحذف الملفوظة، كما في قول الشاعر: 9- ألم يأتيك والأنباء تنمي ... بما لاقت لبُونَ بني زياد3
وكما في قوله: 10-.................................... ... لم تَهجُو ولم تَدَع1 وإلى هذه اللغة أشار في التسهيل بقوله: "وقد يقدَّر جزم المعتل في السعة"2. وإما بأن (يتّقي) مرفوع3، وتسكين راء (يصبِرْ) ليس جزما، وإنما هو للفرار من توالي حركات الباء والراء والفاء والهمزة4، أو لإجراء
الوصل مَجرى الوقف1 أو عطفا على المعنى2، لأن (مَنْ) الموصولة في معنى الشرطية لعمومها وإبهامها. ولذلك تأتي بعدها الفاء. والله أعلم.
ص: (فصل: تقدر الحركات [كلها] 1 في نحو (غلامي) ونحو (الفتى) ، ويسمى مقصورا، والضمة والكسرة في نحو (القاضي) ويسمى منقوصا، والضمة2 والفتحة في نحو (يخشى) ، والضمة في نحو (يدعو) و (يرمي) . ش: لما فرغ من أحد نوعي المعرب، وهو ما كان إعرابه ظاهرا، سواء كان بالأصالة أو بالنيابة، وأراد بيان النوع الثاني منه، وهو ما 3 كان إعرابه تقديريا ترجم له بالفصل. إذا علمت ذلك فنقول: الإعراب بالحركات المقدرة يجري في الأسماء والأفعال. وهو في كل منهما على قسمين، لأن المقدر إما جميع حركات إعراب ذلك المعرب أو بعضها4. فأما القسم الأول من الأسماء، وهو ما تقدر فيه حركات إعرابه كلها فهو شيئان؛ الشيء الأول المضاف إلى ياء المتكلم، وهو ما أشار إليه بنحو (غلامي) فإن رفعه ونصبه وجره بحركات مقدرة فيما قبل الياء، منع من ظهورها اشتغاله بكسرة مناسبة الياء. الشيء الثاني المقصور، وهو ما كان آخره ألفا لازمة قبلها فتحة
وهو ما أشار إليه بقوله: (ونحو الفتى) . وقدِّرت الثلاثة فيه لتعذر تحريك الألف1. وأما القسم الثاني من الأسماء، وهو ما تقدر فيه بعض حركات إعرابه، فهو المنقوص وإليه أشار بقوله: [نحو2] القاضي، والمراد به كل اسم [معرب] 3 آخره ياء لازمة قبلها كسرة فإنه يقدر فيه الضمة والكسرة لثقلهما على الياء. فتقول: جاء القاضي ومررت بالقاضي. وتظهر الفتحة لخفتها، ك (رأيت القاضيَ) . 11/أوأما الأفعال فالقسم الأول منها أعني ما تقدر فيه جميع حركاته هو الفعل المعتل بالألف فإنه تقدر فيه الضمة والفتحة، لتعذر تحريكها، كما تقدم. فتقول: هو يخشَى ولن يخْشَى، بضمة وفتحة مقدّرة على الألف4. والقسم الثاني منها، أعني ما تقدر فيه بعض حركاته هو الفعل المعتل بالواو والياء، فإنه تقدر فيهما الضمة لثقلها عليهما، وتظهر الفتحة فيهما لخفتها، نحو5 هو يدعو ويرمي، بضمة مقدرة فيهما، ولن يدعوَ ولنْ
يرمِيَ، بفتحة ظاهرة فيهما. تنبيهات: الأول: فهم من قوله: (وتقدر الحركات) خروج المثنى والمجموع على حدِّه المضافين إلى ياء المتكلم، على القول بأن إعرابهما بالحروف1. إذ هما معربان على هذا القول بالألف والواو رفعا والياء جرّاً ونصبا. وخالف ابن مالك2 وابن الحاجب3 رحمهما الله تعالى في المجموع حالة الرفع حينئذ4. فقالا: إنه معرب تقديراً، لعدم وجود الواو.
ورد عليهما بأنها موجودة، وإنما قلبت لموجب الإعلال 1. وكذلك يفهم من كلامه خروجهما على القول المنسوب لسيبويه2 في إعرابهما وهو أنه3 معرب بالحركات المقدرة. لأن تقدير الحركات على ذلك القول للتعذر أو للاستثقال، سواء أضيفا أو لم يضافا. التنبيه الثاني: سيأتي في كلام المصنف في المبنيات4 أن المبهم المضاف لمبني يجوز بناؤه وإعرابه5. ومن جملة المبنيات ياء المتكلم، فالمبهم المضاف إليها إن قدّر مبنيا فواضح كونه ليس مما نحن فيه6، وإن قدّر معربا فإعرابه تقديري كالواجب الإعراب7. وهذا لا بد منه، وإن لم يصرح به فيما علمت، فينبغي حمل كلام الشيخ8 على وجه يفهمه. التنبيه الثالث: ظاهر قوله: (في نحو غلامي) شمول المنقوص المضاف
إلى الياء فتقدّر فيه الحركات الثلاث حالة إضافته للياء، وقد دل كل كلامه في الشرح1 على استثنائه، واستثناؤه ظاهر حال الرفع والجر، لأن الحركة فيه مقدّرة حينئذ، ولو لم يضف للاستثقال. فالتقدير فيه ليس من حيثية الإضافة، ومشكل حال النصب، لأن الحركة الإعرابية كانت فيه ظاهرة قبل الإضافة، ثم قدّرت لأجلها، كما هو ظاهر إطلاقهم2. ولك أن تقول: ما المانع من جعله3 في حالة النصب4 معربا بالفتحة الظاهرة، وإن زالت لمقتضى الإدغام، لعدم كسرة المناسبة المتروكة للاستثقال؟. التنبيه الرابع: قوله: (ونحو الفتى) يدخل فيه ما كان منه مضافا إلى الياء فتقدّر فيه الحركات، لكونه مقصورا لا لكونه مضافا إلى الياء. وإنما أعاد لفظة (نحو) مع الفتى ليختص قوله: (ويسمى مقصورا) به. التنبيه الخامس: ما ذكره من أن كون المضاف للياء معربا في الأحوال الثلاثة هو مذهب الجمهور 5، خلافا لمن زعم 11/ب أنه مبني مطلقا
كابني الخباز1 والخشاب2 وغيرهما3. ولمن زعم أنه لا معرب ولا مبني كابن جني4.
واختار ابن مالك في التسهيل1 أنه معرب في الرفع والنصب بحركة مقدرة وفي الجر بالحركة الظاهرة. التنبيه السادس: قد علم مما تقرر أن ما قبل ياء المتكلم من المضاف إليها واجب الكسر لمناسبتها. ويستثنى من ذلك المقصور والمنقوص والمثنى والمجموع على حده 2، لأن الألف والمدغم لا يقبلان الحركة. التنبيه السابع: وهو خاص بعبارة الشرح3 قال فيه: "الثاني4 مما تقدر فيه الحركات الثلاث ما أضيف إلى ياء المتكلم، وليس مثنى ولا جمع مذكر سالما ولا منقوصا ولا مقصورا".
ثم قال1: "واحترزت بقولي: وليس مثنى ولا جمع مذكر سالما من نحو غلاماي2 ومُسلِميّ فإن الياء تثبت3 فيهما جرا ونصبا مدغمة في ياء المتكلم، والألف تثبت في المثنى رفعا، وليس شيء من الألف ولا من الحرف المدغم قابلا للحركة4. وقولي5: (ولا منقوصا) لأن ياء المنقوص تدغم في ياء المتكلم، فيكون كالمثنى والمجموع جرا ونصبا. وقولي: (ولا مقصورا) لأن المقصور تثبت ألفه قبل الياء، والألف لا تقبل الحركة فهو كالمثنى رفعا" انتهى. فظاهر كلامه الأول6 استثناء هذه المذكورات من وجوب تقدير الحركات الثلاث في المضاف إلى الياء، وقد علمت صحة ذلك وتعليله7 بالنسبة لما عدا المنقوص حالة النصب. وظاهر كلامه الثاني8 أنها مستثناة من وجوب كسر آخرها لمناسبة
ياء المتكلم، فإن الذي1 تحصل من كلامه في تعليل استثنائها أن الألف والمدغم لا يقبلان الحركة، وهذا إنما يناسب انتفاء كسرة المناسبة، لا انتفاء تقدير حركات الإعراب، كما لا يخفى. وبالجملة فأول كلامه وآخره ظاهرهما التدافع، اللهم إلا أن يحمل كلامه الثاني على أنه تفسير للمراد بكلامه الأول، وفيه ما فيه. فتأمل2. التنبيه الثامن: قوله: (والضمة والفتحة في نحو (يَخْشى) والضمة في نحو (يدعو) و (يرمي) هو مذهب سيبويه3. وغيره4 لا يرى الضمة والفتحة مقدّرة. قال الشيخ في بعض كتبه5: إن النحويين اختلفوا في الحروف الثلاثة الواو والألف والياء في الأفعال المعتلة حالة الرفع، وفي الألف فقط حالة النصب، هل الفتحة والضمة مقدّرة فيهن أم لا. وحَكَى عن سيبويه
ومن تبعه أنها مقدَّرة، كما تقدَّر مع (موسى) وعن غيره كابن السراج1 ومن تبعه أنها ليست مقدرة 2. قالوا: لأنّا إنما قدرنا في (موسى) لأن الإعراب في الاسم أصل، فتجب المحافظة عليه وفي الفعل فرع، فلا حاجة لتقديره إذا لم 12/أيوجد. وانْبَنى على هذا النظر فيهما حالة الجزم. ثم قال3: فعلى قول سيبويه لما دخل الجازم حذفت الضمة المقدّرة، واكتفي بها. ثم لمّا صارت صورة المجزوم والمرفوع واحدة فرقوا بينهما بحذف حرف العلة. فحرف العلة محذوف عند الجازم لا به4. وعلى قول غيره5: الجازم حذف حرف العلة نفسه. وصاحب هذا المذهب يقول: الجازم كالمُسَهِّل إن وجد فضلة
دفعها، وإلاّ أخذ من قُوى البَدَن1. ثم قال2: والتحقيق قول سيبويه، وأنشد: 11- إذا قالتْ حَذَامِ فَصَدِّقُوهَا ... فإنّ القولَ ما قَالَتْ حَذَامِ3 انتهى. وقد تبين أَنّ مَنْ يقول بالتقدير يقول: إن الجزم ليس بحذف الآخر، بل بحذف الحركة، وحُذِف الآخر للفرق. ومن يقول بعدم التقدير يقول: إن الجزم بحذف حرف العلة.
فقوله هنا بالتقدير1 لا يناسبه قوله في جزم هذه الأفعال: إنه بحذف الآخر إلاّ بضربٍ من المجاز2، لما بينهما من التلازم. وإنما يناسب من يقول بعدم التقدير. فليتأمل ذلك. والله أعلم.
باب البناء
ص: باب البناء ضد الإعراب، والمبني إما أن يطرد فيه السكون وهو المضارع المتصل بنون الإناث، نحو {يَتَرَبَّصْنَ} 1 والماضي المتصل بضمير رفع متحرك، ك (ضربْتُ) و (ضربْنَا زيداً) 2. ش: لما أنهى الكلام على الإعراب بقسميه المقدّر والملفوظ أخذ يتكلم في البناء، لأنهما متقابلان، ولذلك قال: (البناء ضد الإعراب) ، فأفاد أن التقابل بينهما تقابل الضدّين. والبناء في اللغة وضع شيء على شيء على صفة يراد بها الثبوت3. وأما في الاصطلاح فقال المصنف، رحمه الله: "ولما ذكرت أن البناء
ضد الإعراب فكأني قلت: البناء لزوم آخر الكلمة حالا واحدا لفظا أو تقديرا ". انتهى. 1 فكأنه أراد بقوله: (تقديرا) نحو "سيبويه" من الأعلام المبنية إذا كانت مناداة، فإن ضمة النداء وهي حركة بناء مقدرة فيه2. لكن قوله: (لزوم) إلى آخره ليس مناسبا لما ذكره في تفسير الإعراب من أنه أثر ظاهر إلى آخره، وإنما يناسب مَنْ تفسيره (تغيير أواخر الكلم....) إلى آخره، كما لا يخفى. فكان الأنسب على ما ذكره في الإعراب أن يقول في البناء نحو ما قاله في التسهيل3 (أنه ما جيء به لا لبيان مقتضى العامل من حركة أو حرف أو سكون أو حذف، وليس حكاية ولا نقلا ولا إتباعا ولا تخلُّصا من سكونين) 4. ثم إن المبني ينقسم على ما ذكره المصنف إلى مبني على السكون، ك {يَتَرَبَّصْنَ} 5 أو عليه أو على نائبه ك (قُم) و (قُوما) 6.
وإلى مبني على الفتح، نحو (خمسة عشر) . أو عليه أو على نائبه، نحو (لا رجلَ) و (لا رجلينِ) وإلى مبني على الكسر ك (سيبويه) و (نَزَال) أو عليه أو على نائبه 1. وإلى مبني على الضم، ك (حيث) 2 12/ب أو عليه أو على نائبه، ك (يا زيدُ) و (يا مسلمونَ) . وإلى ما ليس له قاعدة مستقرة، ك (قَدْ) و (أَيْنَ) و (أمسِ) ، و (مُنْذُ) . فأقسامه العقلية3 تسعة وهو تقسيم حاصر، إلا أن القسم السادس، وهو المبني على الكسر أو نائبه لم يوجد له مثال في كلامهم وإن اقتضته، القسمة. إذا عُلم ذلك فالقسم الأول ما لزم البناء على السكون، وهو شيئان: الأول الفعل المضارع الذي اتصل به ضمير النسوة4، نحو: النسوة
يَقُمْنَ ويُكرمنَ ويُدحرجنَ ويستخرجنَ. وإنما بُني المضارع في هذه الحالة لأنه إنما أعرب لشبهه بالاسم، فلما اتصلت به النون التي لا تتصل إلا بالفعل رجّح جانب الفعلية فرد إلى ما هو أصل الفعل، وهو البناء 1. وإنما بني على السكون لأنه الأصل 2. الشيء الثاني من المبني على السكون الفعل الماضي الذي اتصل به ضمير الرفع المتحرك ك (ضربتُ) و (ضربتَ) و (ضربتِ) و (ضَرَبْنَا) [زيدا] 3 و (ضربْنَ) وخرج بضمير الرفع ضمير النصب، ك (ضربَكَ) و (ضربَهُ) وفروعهما 4 فإنه مفتوح معها على الأصل 5. وبالمتحرك ضمير الرفع الساكن، ك (ضربَا) و (ضربُوا) فإنه مفتوح مع الأول، مضموم مع الثاني، كما سيأتي 6.
وإنّما بُني على السكون في ذلك لكراهية توالي1أربع متحركات2 فيما هو كالكلمة الواحدة 3. والله أعلم. ص: أو السكون أو نائبه، وهو الأمر، نحو اضْرب واضْربَا واضْربوا واضْربي واغزُ واخْشَ وارْمِ. ش: القسم الثاني من المبنيات ما لزم البناء على السكون أو نائبه. وهو شيء واحد، وهو فعل الأمر، فهو مبني على ما يجزم به مضارعه 4. وقد عرفت آنفا5 أن المضارع على ثلاثة أقسام: قسم يجزم بالسكون، وهو الصحيح الذي لم يتصل بآخره شيء. وقسم يجزم بحذف النون، وهو المضارع الذي اتصل به ألف الاثنين أو واو الجماعة أو ياء المخاطبة 6. وقسم يجزم بحذف آخره، وهو الفعل المعتل 7.
ففعل الأمر الصحيح الذي لم يتصل بآخره شيء يبنى على السكون، ك (اضْرب) و (قُمْ) كما أن مضارعه يجزم بالسكون، نحو لم يضْربْ ولم يقُمْ. والأمر الذي اتصل به ألف الاثنين، ك (قوما) أو واو الجماعة، ك (قُومُوا) أو ياء المخاطبة ك (قُومي) يبنى على حذف النون، كما أن مضارعه مجزوم بحذفها، نحو لم يقُوما ولم يقُوموا ولم تقُومي. والأمر المعتل مبني على حذف حرف العلة، ك (اغْزُ) و (اخْشَ) و (ارْمِ) كما أن مضارعه يجزم بحذفه، نحو لم يغْزُ ولم يخشَ ولم يرْمِ. وأما بناؤه فلأنه الأصل في الفعل 1. وأما كونه على صورة 13/أالفعل2 المضارع المجزوم فلأن الحركة والنونات علامات الإعراب فينافي البناء 3. ولأجل ذلك لم يحذف من الأمر نون النسوة، نحو (اضْرِبْنَ) لأنها ليست علامة الإعراب. ص: أو الفتح وهو سبعة الماضي المجرد، ك (ضرَب) و (ضَرَبَكَ) و (ضَرَبَا) 4.
ش: القسم الثالث من المبنيات ما لزم البناء على الفتح، وهو سبعة: الأول الماضي المجرد من ضمير الرفع المتحرك المتقدم ذكره- إذْ لا يتبادر من إطلاق المجرد في الاصطلاح إلا ذلك- إما بأن لم يتصل به شيء أصلا، ك (ضَرَبَ) . أو اتصل به ضمير المفعول، ك (ضَرَبَكَ) أو اتصل به ضمير رفع ساكن غير الواو ك (ضَرَبَا) ، فهو في كل ذلك مبني على الفتح. أما البناء فلأنه الأصل في الفعل، وأما الحركة فلأنه أشبه الاسم مشابهة مَّا1 في وقوعه موقعه2، نحو زيٌد ضرب وزيدٌ ضارب. وأما الفتح فلخفته. ص: والمضارع الذي باشرته نون التوكيد، نحو {لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُوننْ} 3 بخلاف [نحو] 4 {لتُبلوُنَّ} 5 {وَلا يَصُدّنّك} 6. ش: الثاني من الأمور السبعة المبنية على الفتح الفعل المضارع الذي اتصلت به نون التوكيد وباشرته، أي لم يفصل بينها وبينه7 فاصل، سواء كانت
النون ثقيلة نحو {ليُسجَننَّ} أو خفيفة، نحو {وَلَيَكُوننْ} . والتفصيل في البناء بين المباشرة وغيرها هو مذهب ابن مالك1 وجماعة2. وعلة البناء عندهم أن الفعل والنون لما رُكِّبا أشبها تركيب "خمسة عشر" فيبنى بناءهما3. وغيرهم4 لم يفرق في البناء بين المباشرة وغيرها، وجعل دخولها على الفعل مقتضيا لبنائه. وعلة البناء عندهم الرد إلى الأصل في الفعل وهو البناء لَمّا اتصل به5 ما لا يتصل إلا بالفعل. وأما الفتح فلخفّته. وقوله: (بخلاف نحو {لَتُبْلَوُنَّ} 6 {وَلا يَصُدُّنَّكَ} 7 أي فإن النون لم تباشر فيهما. أما {لَتُبْلَوُنَّ} فلأن الواو فاصلة بين الفعل والنون حسّاً؛ لأنها ليست لام الفعل، بل هي واو الجمع، حركت لأجل التقاء
الساكنين، وأن أصلة (لتُبلَوُون) بواو هي لام الفعل، لأنه من بلوته أي جَرَّبته، استثقلت الضمة على لام الفعل التي هي الواو الأولى فحذفت، فالتقى ساكنان فحذفت الواو، لأنها الساكن الأول، فصار (لتُبلوْن) فلما دخلت نون التوكيد الثقيلة صار (لتُبلَوْنَنَّ) فتوالت الأمثال أي النونات الثلاث، فحذفت نون الرفع، فالتقى ساكنان فحُرِّك الساكن الأول، وجعلت حركته ضمة دليلا على المحذوف، فصار (لتُبلَوُنَّ) . فإن قيل: لم لِم 1 تقلب الواو ألفا 2، لتحركها وانفتاح ما قبلها؟ فالجواب أن الحركة عارضة في الواو، ولأجل ذلك لا يجوز همزها مع انضمامها، ولو كانت أصلية لجاز ذلك 3. وأما {ولا يُصدّنك} 13/ب فلأن الواو فاصلة تقديرا، لأن أصلها (يصُدّونْك) فحذفت لالتقاء الساكنين4. وأما من يجعله5 مع نون التوكيد مبنيا مطلقا فإنه يقول: لما دخلت نون التوكيد صار (يصدّوننّك) فتوالت الأمثال فاستثقلت، فحذفت نون الرفع، فالتقى ساكنان، فحذفت الواو التي هي ضمير الجماعة إذ هي الساكن الأول، فصار (يصُدُّنّك) [والله أعلم] 6.
ص: وما رُكِّب من الأعداد والظروف والأحوال والأعلام، نحو أحد عشر ونحو 1 هو يأتينا صباح مساءَ وبعض القوم يسقط بينَ بينَ ونحو هو جاري بيتَ بيتَ، أي ملاصقا، ونحو (بعلبك) في لُغيَّة. ش: الثالث من الأمور المبنية على الفتح المركب العدديّ، ومثّل له ب (أحدَ عشرَ) والمراد بنحوه ما بعده إلى (تسعة عشر) . فتذكير العشرة في المذكر وتأنيثها في المؤنث، وعكس ذلك فيما دونها2. فكلُّها مبنية الجزءين على الفتح إلا اثني عشر واثنتي عشرة، فإن الجزءين لا يُبنيان، بل الجزء الأول معرب بالحروف3، والجزء الثاني مبني على الفتح. وإنما بني الجزءان في نحو4 (أحدَ عشرَ) لأن أصل (ثلاثة عشر) مثلاً ثلاثة وعشرة، ثم حذفت الواو قصداً لمزج الاسمين وتركيبهما، فبُني الأول لافتقاره إلى الثاني، والثاني لتضمنه الواو العاطفة5. وإنما كان بناؤهما على الحركة لا السكون الذي هو الأصل في البناء
للدلالة على أن لهما أصلا في الإعراب وأن البناء فيهما عارض. وإنما كانت فتحة قصداً لتخفيف الثقل الحاصل من التركيب 1. فإن قيل: فلم لم يمزج الاسمان في نحو (لا رجل وامرأةً) ، و12-.. لا أبَ وابناً … 2.. ... .......................... فالجواب لأن الثلاثة والعشرة 3 عبارة عن عدد واحد، كعشرة ومائة4، بخلاف (لا أب وابناً) وأما الاثنا عشر والاثنتا عشرة فإنما بُني
الجزء الأخير منهما دون الأول لأن علة بناء الأخير منهما وهي تضمن حرف العطف موجودة. وأما الأول منهما فإنهم أعربوه لوقوع العجز منه موقع النون، وما1 قبل النون محل الإعراب لا البناء 2. الرابع من الأمور المبنية على الفتح ما ألحق بالأعداد باعتبار التركيب من الظروف الزمانية والمكانية والأحوال. وبناء هذا النوع ليس واجبا، وإنما هو جائز، فتجوز إضافة أول الجزءين إلى ثانيهما 3. وإنما لم يجب بناء هذا النوع كما وجب بناء التركيب العددي لظهور علة البناء في العددي، وهي تضمن معنى الحروف، دون الأحوال والظروف، لأنه يحتمل أن يكون بتقدير الحرف، وأن لا يكون. وقوله: (هو يأتينا) إلى آخره أمثلة للمركبات المذكورة 4. فمثال ظرف الزمان (هو يأتينا صباحَ مساءَ) 5، ومثال ظرف المكان:
13-.... ..... ... بعضُ القومِ يَسقُطُ بَيْنَ بيْنَا 1 14/أومثال الحال (هُو جاري بَيْتَ بيْتَ) . وقوله: (أي ملاصقا) تقرير وبيان للحال. فهذه المُثُل وما أشبهها يُحتمل تقدير الحروف فيها، وهي جهة البناء، وعدم تقدير الحروف 2 وهي جهة الإعراب. وإذا قدرنا الحرف قلنا: معناه صباحاً فمساءً ووسطاً فَوَسَطاً وبَيْتَا فبَيْتاً. وإن لم تقدر حرف العطف فالمعنى صباحاً بعد مساءٍ ووسطاً بعد وسطٍ وبَيْتًا بعد بيتٍ، ونحو ذلك. [والله أعلم] 3 الخامس العَلَم المركب تركيب مزج في لغةٍ الأفصحُ خلافها، وإلى
ذلك أشار بقوله (في لُغَيَّة) بالتصغير. وعلة البناء فيه تشبيهه1 بالمركب العددي. واللغة الفصحى فيه أن يفتح جزؤه الأول إن لم يكن آخره ياء ساكنة، ك (بَعْلَبَكَّ) 2. فإن كان ياءً ساكنة بقيت على سكونها، ك (مَعدْيكرب) ويعرب جزؤه الثاني بإعراب ما لا ينصرف3 إن لم يكن كلمة (وَيْهِ) فإن كان4 فيبني على الكسر، ك (سيبويهِ) و (عمرويهِ) ونحوهما. ص: والزمن المبهم المضاف لجملة، وإعرابه مرجوح قبل الفعل المبني نحو (على حيْن عاتَبْت) 5 راجح قبل غيره، نحو {هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ} 6 ش: السادس من الأمور المبنية على الفتح اسم الزمان المبهم، أي الذي لا يدل على زمن بعينه، وهو قسمان؛ قسم بمعنى (إذا) أي لما يستقبل، وقسم بمعنى (إذْ) أي لِما مضى.
ويجوز فيهما معاً الإعراب والبناء إذا أضيفا إلى جملة، سواء كانت اسمية أو فعلية فعلها معرب أو مبني 1. أما الإعراب فلأنه الأصل في الأسماء، وأما البناء فحَمْلاً على ما هما بمعناه، أعني (إذْ) و (إذا) واختِير الفتح لخفّته. ثم إنه قد يترجح البناء على الإعراب، وذلك فيما إذا أضيف لفعل مبني، ماض أو مضارع اتصلت به إحدى النونين. فالأول2 كقوله: 14- عَلَى حِين عاتبتُ المَشيبَ علَى الصِّبا ... وقلتُ أَلَمَّا أصْحُ والشَّيْبُ وازع3 والثاني كقوله: 15-...... ...... ... على حين يستصْبينَ كلَّ حليم4
وقد يترجح الإعراب على البناء، وذلك إذا كانت الجملة اسمية أو فعلية فعلها معرب نحو1 هذا زمنُ الحاجُّ قادمٌ، وهذا زمن يقْدُم الحاجُّ. وإنما ترجح البناء قبل المبني والإعراب قبل المعرب طلبا2 للمناسبة. تنبيه: ما ذكره المصنف من رجحان الإعراب مع3 الجملة الاسمية والفعلية التي فعلها معرب هو مذهب الكوفيين4. وأما البصريون5 فإنهم يوجبون الإعراب.
وانتصر المصنف1 لمذهب الكوفيين بقوله تعالى: {هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ} 2 بالفتح في قراءة نافع3، وبقول الشاعر: 16-...... ...... ... على حينَ التواصلُ غيرُ دانِ 4 بفتح (حين) . والله أعلم. 14/ب ص: (والمبهم المضاف لمبني نحو: {وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ} 5 {وَمِنَّا دُونَ
ذَلِكَ} 1 {لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ} 2 ونحو {إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ} 3 [ويجوز إعرابه] 4. ش: السابع مما يبني على الفتح جوازا أيضا المبهم المضاف5 لمبني وهو ما لا يتضح معناه إلا بالمضاف إليه، وسواء كان زمانا أو غيره. وإنما بني هذا النوع لأنه لما أضيف إلى المبني اكتسب من بنائه6. ونظيره النكرة المضافة إلى معرفة حيث اكتسبت التعريف من المضاف إليه. واختير الفتح لخفته.
تنبيهات: الأول: مثل الشيخ بالآيات المذكورة على قراءة من قرأها بالفتح وذكر أربعة أمثلة؛ مثالين لما لا تحتمل الفتحة فيه أن تكون فتحة إعراب1، ومثالين لما تحتمل الفتحة فيه أن تكون فتحة إعراب، وهما الأخيران. فالأول منهما2 تحتمل الفتحة فيه أن تكون إعرابا، إما على أنه ظرف أو صفة لمحذوف3. والثاني 4 كذلك على أنه حال أو معمول لفعل محذوف5، كما قيل بكل من ذلك.
الثاني1 أعاد لفظة (نحو) مع المثال الأخير، ولعله ليفيد أن العلة عنده في بنائه إذا بني هي الإضافة إلى المبني2، لا لكونه مركبا مع (ما) كما قيل فيه3. التنبيه الثالث: يوجد في بعض نسخ المتن عدد المبنيات على الفتح خمسة وهو واضح، ووجهه جعل المركبات4 جميعها قسما واحدا. والله أعلم. ص: أو الفتح أو نائبه وهو اسم (لا) النافية للجنس إذا كان مفردا، نحو لارجلَ ولا رجالَ ولا رجلينِ ولا قائمينَ ولا قائماتَ. وفتح نحو (قائمات) أرجح من كسره. ش: القسم الرابع من المبنيات ما يبنى على الفتح أو نائب الفتح. وقد تقدم أنه ينوب عنه الياء والكسرة والألف، لكن الألف لا توجد مع المبني 5 لأن شرط البناء ألا يكون مضافا6والألف لا تكون
بدلا عن الفتحة إلا في مضاف، كما تقدم1. إذا علم ذلك فالمبني على الفتح أو نائبه الذي هو الياء أو الكسرة هو اسم (لا) النافية للجنس على سبيل2 التنصيص إذا كان مفردا3. فالمراد بالمفرد4هنا كما في باب النداء ما ليس مضافا ولا شبيها به. فخرج نحو لا غلامَ سفَر ولا طالعاً جبلا، فلا يبنى في واحد منهما، ودخل المفرد وجمع التكسير والمثنى والمجموع على حدّه وجمع المؤنث السالم كرَجل ورِجال ورجلين وقائمين وقائمات. فأما (رجل) و (رجال) فيبنيان [مع (لا) ] 5 على الفتح، لأن نصبهما به. وأما (رجلين) و (قائمين) فيبنيان معها6 على الياء، لأن نصبهما بها. وأما (قائمات) فيبنى على الكسر أو الفتح، والفتح فيه أرجح من الكسر7.
15/أوالتحقيق في علة بناء اسم (لا) أنه تضمن معنى (من) . لأن قولك: لا رجل بمنزلة لا من رجل1، ونظيره ما جاءني من رجل، فإنه نص في الاستغراق، بخلاف ما جاءني رجل. ويدل على [تضمّن] 2 معنى (مِنْ) ظهورها في قوله: 17- فقامَ يذودُ الناسَ عنها بسيفِهِ ... وقال ألا لاَ مِنْ سبيلٍ إلى هند3 وإنما بنيت النكرة على ما تنصب به4 ليكون البناء على ما استحقته النكرة في الأصل قبل البناء.
وإنما لم يبن المضاف ولا الشبيه به لأن الإضافة ترجح جانب الاسمية فيرد الاسم بسببها إلى ما يستحقه في الأصل من الإعراب1. فإن قيل: قد يبنى نحو (خمسة عشرك) 2 مع إضافته إلى الضمير فلم لا يُرد إلى أصله وهو الإعراب. فالجواب أن هذا3 نادر لا يلتفت إليه. وأما بناء جمع المؤنث السالم على الكسر فهو قياس الباب، لأنها حركة النصب. وعلى هذا فبعضهم4 ينوّنه حينئذ نظرا إلى أن التنوين للمقابلة لا للتمكين. والجمهور5 يتركون تنوينه نظرا إلى مشابهته لتنوين التمكين. وأما بناؤه على الفتح بلا تنوين فحذرًا من مخالفته لسائر المبنيات
بعد (لا) في حركة البناء، ولأجل ذلك رجحه المصنف1. ص: ولك في [الاسم] 2 الثاني من نحو (لا رجلَ ظريفٌ) و (لا ماءَ باردٌ) 3 النصب والرفع والفتح، وكذا الثاني من نحو (لاحولَ ولا قوةَ) إن فتحت الأول. وإن رفعته امتنع النصب [في الثاني] 4. وإن فُصِل النعت، أو كان هو والمنعوت غير مفرد امتنع الفتح) . ش: لما فرغ من الكلام على اسم (لا) أخذ يتكلم على حكم نعته وحكم المعطوف عليه. فأما النعت فإن كان اسم (لا) مفردا، وكان النعت5 مفردا متصلاً به، نحو لا رجلَ ظريفاً عندنا ولا ماءَ ماءً بارداً عندنا6، جاز فيه7 ثلاثة أوجه، النصب والرفع والفتح8.
فالنصب على محل النكرة، لأن محلها النصب، لأن (لا) عاملة عمل (إن) والبناء عارض. وأما الرفع فعلى محل (لا) مع اسمها، لأنهما في موضع المبتدأ1. وأما الفتح فعلى التركيب أي تركيب النعت مع المنعوت قبل دخول (لا) كخمسة عشر2. وإن فصل نحو (لا رجلَ في الدار ظريفا) ، أو كان3 غير مفرد نحو (لا رجلَ طالعاً جبلاً) 4 أو كان اسم (لا) غير مفرد، نحو (لا غلامَ سفرٍ حاضرٌ) 5 جاز في النعت الرفع والنصب، على ما قدمنا. وامتنع الفتح لامتناع التركيب، إذْ لا يتأتى مع الفاصل، ولا بين أكثر من شيئين. وأما العطف فإن كان مع تكرار (لا) نحو (لا رجلَ ولا امرأةً) ومثله (لا حولَ ولا قوةَ إلا بالله) 6 فلك فيما بعد (لا) الثانية ثلاثة
أوجه: 15/ب الفتح على تركيبه معها، والرفع إما على محل (لا) مع اسمها وإما على أنها عاملة عمل (ليس) والنصب [على العطف] 1 على محل اسم (لا) 2 كما قدمنا. وإن لم تتكرر (لا) امتنع الفتح3 وجاز الرفع والنصب، نحو لا رجل وامرأةٌ، على ما تقدم. وهذه الحالة لم يذكرها المصنف رحمه الله تعالى4. وهذا كله إذا كان الأول مفتوحا، فإن كان مرفوعا جاز في الثاني الرفع والفتح إن كررت (لا) وامتنع فيه النصب5، وهذا معنى قوله: (فإن رفعته امتنع النصب) 6 أي فإن رفعت الأول امتنع النصب في الثاني. تنبيه: تحرّر7 مما سبق أن في (لا حول ولا قوة إلا بالله) خمسة أوجه8
فتح الاسمين، ورفعهما، وفتح الأول ورفع الثاني، ورفع الأول وفتح الثاني، وفتح الأول ونصب الثاني. والله أعلم. ص: أو الكسر، وهو أربعة العلم المختوم ب (ويه) كسيبويه، والجرمي يجيز منع صرفه، و (فَعَالِ) للأمر، ك (نَزَالِ) [ودَرَاكِ1] ، وبنو أسد تفتحه و (فَعَالِ) سبّا للمؤنث، ك (فَسَاقِ) و (خَبَاثِ) ويختص هذا بالنداء. وينقاس هو ونحو (نَزَالِ) من كل فعل ثلاثي تام. ش: الخامس من المبنيات المبني على الكسر. وهو أنواع: الأول العلم المركب تركيب المزج إذا كان مختوما ب (ويه) . وبناؤه على الكسر، هو اللغة الفصحى. والعلة فيه طلب التخفيف تشبيها بالأصوات كما ذكره2 بعضهم3 في (أمْسِ) بل هذا أدخل في الشَّبَه4 بذلك منه5. وغير الفصيح فيه6 أن يعرب إعراب ما لا ينصرف للعلمية والتركيب، وهو مذهب الجرمي7 ومن تبعه.
الثاني (فَعَالِ) في الأمر، أي أن ما كان1 من أسماء الأفعال على وزن (فَعَالِ) ك (نَزَالِ) و (دَرَاكِ) و (حَذَارِ) فيُبنى على الكسر في أكثر اللغات لوقوعه موقع المبني 2 وكونه بمعناه. ولغة بني أسَد فتحه3. الثالث مما يبنى على الكسر (فَعَالِ) سبَّا للمؤنث إذا كان منادى، نحو يا فَساقِ ويا فجارِ. فإن ورد في غير النداء، كقوله: 18- أُطوِّفُ ما أُطوِّفُ ثمّ آوي ... إلى بيت قعيدته لَكَاعِ4
فهو ضرورة1. وعلة بنائه شبهه بفعال في الأمر في الزّنة2 والعدل. لأنهم يُقدّرونه معدولاً عن فاسقة وفاجرة. واختلف النحويون في هذين النوعين أعني (فَعَال) في الأمر و (فعال) في النداء سبّا للمؤنث 3. هل هما مقيسان أو مسموعان؟ فذهب المبرد 4 إلى أنهما سماعيان لا يدخلهما القياس5. وذهب16/أالجمهور 6 إلى أنهما مقيسان من كل فعل ثلاثي، فخرج
نحو (دَحْرَج) تام، فخرج (كان) وأخواتها، متصرف1، فخرج نحو (نِعْمَ) و (بِئْسَ) . واستغنى المصنف عن التصريح بقيد التصرف بقوله: (وينقاس هو ونَزَالِ من كل فعل) 2والله أعلم. ص: وفَعَالِ علمًا لمؤنث ك (حذَامِ) في لغة أهل الحجاز وكذلك (أمْسِ) عندهم إذا أريد به معين، وأكثر [بني] 3 تميم يوافقهم في نحو سَفَارِ ووَبَارِ مطلقا، وفي (أمْسِ) في النصب والجر، ويمنع الصرف في الباقي. ش: الرابع مما يبني على الكسر (فَعَالِ) علماً 4 لمؤنث كحذامِ وقطامِ في لغة أهل الحجاز5، سواء كان مختوما بالراء أو بغيرها من الحروف، تشبيها له بنحو (نَزَال) . قال الشاعر:
إذا قالتْ حَذَامِ فصدِّقوها ... فإنّ القوْلَ ما قالت حذَامِ 1 وهو عند بني تميم2 معرب إعراب ما لا ينصرف إما للعلمية والعدل عن (فاعلة) ، كما قال سيبويه 3، وإما للعلمية والتأنيث المعنوي كزينب، كما قال المبرد 4. ولك أن تقول: هذا5 أوضح لأنه لا يعدل إلى العدل إلا إذا لم يوجد علة غيره، وقد صح اعتبار التأنيث فلا يعدل عنه. هذا إن لم يختم بالراء، فإن ختم بها فجمهورهم يبنيه على الكسر، وغيرهم يسوّيه بغيره 6. الخامس مما يُبنى على الكسر (أمسِ) في لغة الحجازيين أيضا. وعلة بنائه عندهم تضمّن معنى اللام7 بشرط أن يراد به اليوم الذي
يليه يومُك، وألاّ يضاف، وألا تصحبه الألف واللام1 ولبني تميم فيه والحالة هذه لغتان2: فبعضهم يعربه إعراب ما لا ينصرف مطلقا 3 ويعتبره معدولا عن (الأمس) فيكون فيه العلمية والعدل، وجمهورهم يخص إعرابه بحالة الرفع، ويبنيه في غير ذلك. فإن فقد شرط من الشروط المذكورة أعرب مصروفا إجماعا. تنبيهات: الأول: يؤخذ اعتبار الشروط المذكورة في (أمْسِ) من حكاية عدم الصرف، لأنه لا يجتمع مع فقد شيء منها. وكأن المصنف استغنى بذلك عن التصريح بذكرها. والله أعلم. الثاني: جعل في4 المتن المبنيات على الكسر أربعة أنواع، فلم يدخل (أمسِ) في العدد، بل ذكره على سبيل الاستطراد، فإنه لما ذكر لغة الحجازيين في (حَذَامِ) استطرد فذكر لغتهم ولغة غيرهم في (أمسِ) ، وعدها في الشرح5 خمسة، فجعل (أمسِ) مقصودا بالعدد.
الثالث: شرط منع الصرف في (أمسِ) عند مَن اعتبره ألاَّ يقع ظرفا، فإن وقع ظرفا بني بالإجماع1. ص: أو الضم، وهو أربعة، ما قطع عن الإضافة لفظا 16/ب لا معنى من الظروف المبهمة ك (قبل) و (بعد) و (أول) وأسماء الجهات. ش: لما فرغ من المبنيات على الكسر، وكان المبني على الكسر أو نائبه لم يوجد2 شرع في المبني على الضم، وذكر أنه على أربعة أنواع: النوع الأول: الظروف المبهمة، أي التي لا يتضح معناها إلا بذكر المضاف إليه. وذلك ك (قبل) و (بعد) و (أول) وأسماء الجهات، وهي يمين وشمال وأمام ووراء وفوق وتحت. فإنها تبنى إذا قطعت عن الإضافة لفظا لا معنى3، بأن ينوى معنى المضاف إليه دون لفظه. واحترز عما إذا صرح بالمضاف إليه، ك (جئتك بعد المغرب وقبل العشاء) أو حذف المضاف إليه ونوي ثبوت لفظه فيبقى الإعراب، لكن
يُترك التنوين لوجود المعارض له وهو الإضافة1، وعمّا إذا حذف المضاف إليه ولم يُنو شيء، فإنه يبقى الإعراب، وينوّن، إذ لا معارض له لا لفظا ولا تقديرا. وإنما بنيت هذه الكلمات في هذه الحالة على حركة ليُعلم أن لها أصلا2 في الإعراب، وكانت ضمة لأنها أقوى الحركات، فجبرت هذه الكلمات بالبناء عليها، لما لحقها من الوهن بحذف المضاف إليه3. والله أعلم. ص: وما ألحق بها، وهو ليس غير4. ش: الثاني من المبني على الضم، ما ألحق بالظروف المذكورة وهو (غير) 5 الواقعة بعد (ليس) إذا حذف ما أضيف إليه لفظا. كقبضت6 عشرةً ليس غيرُ، والمعنى ليسَ غيرُها. وبنيت بناء الظروف المذكورة لاشتراكهما في الإبهام.
قال في الشرح 1: "ولا يحذف ما أضيفت إليه (غير) إلا بعد (ليس) ، وأما ما يقع في عبارات العلماء من قولهم: لا غيرُ، فلم تتكلم به العرب". انتهى. وفيه نظر، فقد قال الشاعر: 19- جوابًا به تنجو اعتَمدْ فَوَربِّنا ... لعَنْ عَمَلٍ أسلفتَ لاَ غيرُ تُسألُ2 حكاه ابن مالك3 وغيره4. ص: وألحق بها (عل) المعرفة، ولا تضاف5. ش: الثالث من المبنيات على الضم (عَلُ) ، بشرط أن يراد به معيّن نحو قوله: 20-............... ... وأتيت نحو بني كليب من عَلُ6
أي من فوقهم، ولو أُريد بها غير معيّن أعربت، كقوله: 21-............... ... كجلمودِ صَخَرٍ حطّه السيلُ من عَلِ1 أي من مكان عال. وأفاد عطف المصنف إياها على (ليس غير) أنها بُنيتْ تشبيها ب (قبل) و (بعد) . ومنه يؤخذ اشتراط كونها لمعين. ثم إن (عل) لا يضاف، خلافا لما وقع للجوهري2، واقتضاه
كلام ابن مالك1. ولا يستعمل إلا مجرورا بمن2، كما مثلنا. ص: وأيُّ الموصولة إذا أضيفت وكان صدر صلتها ضميرا محذوفا نحو {أَيُّهُم أَشَدُّ} 3 وبعضهم يعربها مطلقا. ش: الرابع من 17/أالمبنيات على الضم (أي) الموصولة، وذلك إذا أضيفت وكان صدر صلتها الذي هو المبتدأ ضميرا محذوفا4. نحو قوله تعالى: {لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ} 5، وقول الشاعر: 22-........ ....... ... فسلّم على أيُّهم أفضل6
واحترز بقوله: (إذا أضيفت) عما إذا لم تضف، سواء ذكر صدر صلتها، كأعجبني أيٌّ هو قائم أو1 لم يذكر، كأعجبني أيٌّ قائم. و (بحذف صدر صلتها) عمّا إذا ذكر كأعجبني أيهم هو قائم، فإنها معربة في هذه الحالات الثلاث2. وبعضهم3 أعرب4 (أيا) في الحالة الأولى أيضا. كما قرئت الآية5 بالنصب6، وروي البيت
بالجر1، ولهذا قال الشيخ: (وبعضهم يعربها مطلقا) . وإنما أعربت (أي) ، في الحالات الثلاث المذكورة، وبنيت في الحالة الأولى، لأن قياسها البناء، كأخواتها، وإعرابها على خلاف القياس، فلما نقصت صلتها التي هي مُبينة لها وموضحة رجعت إلى ما عليه2 أخواتها من البناء3. وكانت حركة بنائها ضمة تشبيها ب (قبل) و (بعد) ولهذه العلة يشير عطف المصنف4 لها على (قبل) و (بعد) كما نبهنا عليه فيما قبلها. فإن قلت5: فلم لم تبن عند حذف الصدر إذا كانت غير مضافة، نحو (لأضربنّ أيًّا أفضلُ) لنقص صلتها، كما قررت في المبنية. فالجواب: لئلا يجتمع عليها تغييران، تغيير البناء وتغيير حذف المضاف إليه بخلاف المضافة، فإنه ليس6 فيها إلا تغيير البناء فقط. والله أعلم.
ص: أو الضم، أو نائبه، وهو الألف والواو (وهو نوع واحد 1) وهو المنادى المفرد المعرفة، نحو يازيد و [يَا جِبَالُ] 2 ويازيدان ويازيدون. ش: الثامن3 ما بني على الضم أو نائبه الذي هو الألف والواو. وقد تقدم أنهما ينوبان عنه. وهذا المبني نوع واحد لاغير. ويجب أن يبنى على ما يرفع به لو كان معربا، وهو المنادى. والمنادى هو المطلوب إقباله بحرف نائب مناب أدعو. فخرج بالقيد الأخير4 قولك: أطلب إقبال زيد، فإنه ليس بحرف. وليس كل منادى يبنى، بل المنادى الذي اجتمع فيه أمران: الأمر الأول الإفراد، ونعني به ألا يكون مضافا ولا شبيها به، كما مر في باب (لا) النافية5. فيدخل فيه المركب المزجي، نحو يا معديكربُ والمثنى نحو يازيدان، والمجموع على حدّه نحو يازيدون ويا مسلمون، وجمع المؤنث السالم نحو (يا هنداتُ) . الأمر الثاني: التعريف، سواء كان تعريفه سابقا على النداء، نحو (يازيد) أو عارضا في النداء بسبب 17/ب القصد والإقبال، نحو (يارجل) مراداً به معين.
فخرج بالقيد الأول1 المضاف، ك (يا غلام زيد) والشبيه به، وهو ما اتصل به شيء من تمام معناه. ك (ياطالعا جبلا) . وبالقيد الثاني2 النكرة التي ليست مقصودة، كقول الأعمى: يا رجلاً خذ بيدي، فهي معربة بالنصب. كما سيذكره في باب المنصوبات. وإنما بُني المنادى المفرد المعرفة لشبهه بالمضمر3 لفظا ومعنى4 أما في اللفظ فلأنه مفرد، وأما في المعنى فلأنه مخاطب. وبُني على حركة إعلاما بأن له قَدَماً5 في الإعراب، وأن بناءه غير أصل. وكانت ضمة تنبيها على قوته وتمكينه في الأصل، قبل عروض النداء، والضمة أقوى الحركات وهي علامة العُمَد لا الفضلات. وقيل6: إنما بُني على الضم فرقا بين حركتي المنادى المعرب، نحو
ياقومَنا وياقومي والمنادى المبني، نحو يا قومُ، كما فعلوا ذلك في نحو قبلَك ومن قبلِك ومن قبْلُ. ص: وإما ألاّ يختص بشيء بعينه 1، وهو الحروف، كهَلْ وثُمّ وجَيرِ ومُنْذُ. ش: هذا هو الباب التاسع من المبنيات، وتقدم أنه يذكر فيه ما ليس له قاعدة مستقرة2 وهو مراده بقوله (ألاّ يختصُّ بشيء بعينه) . أي أن هذه3 المبنيات المذكورة في هذا الباب لا تختص بشيء من أنواع البناء، كما في الأبواب السابقة، حيث اختص كل باب منها بنوع4 من أنواع البناء، بل تتعاقب عليها أنواع البناء، على ما سنبين إن شاء الله تعالى. ثم إن هذا البناء 5 يكون تارة في الحروف وتارة في الأسماء. وبدأ المصنف بالحروف لأن الأصل فيها جميعها البناء بالإجماع، إذ ليس فيها مقتضى [الإعراب] 6 فإنها لا تتصرف ولا يتعاقب عليها من المعاني ما يحتاج لإعراب.
إذا علم ذلك فالأصل في البناء سواء كان في حرف أو في غيره أن يكون بالسكون لأنه أخف، فلا يعدل عنه إلا بسبب يقتضي العدول، وحينئذ فإذا جاء شيء مما الأصل فيه البناء كالحروف، وكذلك الأفعال، مبنيا على السكون فلا يسأل1 عنه لأنه جاء على أصله في الحالين2. وإن جاء مبنيا على حركة سئل عنه سؤالان: كأن يقال: ما سبب العدول إلى الحركة؟ ولم كانت كذا؟ وإن جاء شيء مما الأصل فيه الإعراب وهو الأسماء مبنيا على السكون3 سئل عنه سؤال واحد، وهو أنه لِم بُني؟ لأنه خرج بالبناء عن الأصل. وإن جاء مبنيا على حركة سئل عنه ثلاثة أسئلة. سؤال عن سبب بنائه، وسؤال عن سبب العدول 18/أإلى الحركة، ولم كانت الحركة كذا؟ ثم مثل للحرف بأربعة أمثلة. (هلْ) وهو مبني على السكون، و (ثُمّ) وهو مبني على الفتح فرارا من التقاء الساكنين وطلبا للتخفيف، و (جَير) 4 وهو مبني على الكسر، فرارا من التقاء الساكنين، بحركة أصلية5 في التخلص منه، و (منذُ) أي في لغة من يجرّ
بها1، وهذا قيد لكونها حرفا، لا لكونها مبنية على الضم، فإنها مبنية عليه، سواء كانت حرفا أم اسما. وإنما بنيت حال كونها اسما لموافقتها الحرفية لفظا ومعنى. وكان بناؤها على الحركة لأجل النون الساكنة، وكانت ضمة لشبهها بالغايات ك (قبل) و (بعد) إذْ هو على ثلاثة أحرف ثانيها ساكن2 أو إتباعا لضمة الميم3. والله أعلم. ص: وبقية 4 الأسماء غير المتمكنة، وهي سبعة. أسماء الأفعال، ك صهْ وآمينَ وإيهِ 5 وهيْت. ش: لما فرغ من الكلام على النوع الأول مما لا يدخل بناؤه تحت قاعدة مستقرة وهو الحروف، أخذ يتكلم على النوع الثاني من ذلك، وهي الأسماء التي ليست متمكنة، وهي سبعة. وبيان ذلك أن الاسم إن أشبه الحرف شبها قويا بلا معارض سُمّي مَبْنيًا وغيرَ متمكن، وإن لم يشبه الحرف الشبه المذكور سُمِّي معربًا ومتمكنا.
وهذه الأبواب السبعة مَبْنيةٌ وغير متمكنة لشبهها بالحرف شبها قويا بلا معارض كما سنبينه إن شاء الله تعالى في كل منها. فأولها أسماء الأفعال. والمقتضي لبنائها شبهها بالحرف في أنها تنوب عن الفعل ولا يدخل عليها عامل تتأثر به1. ألا ترى أن صهْ وآمينَ وإيهِ وهَيتَ كل واحد منها بمعنى الفعل، ولا يدخل عليها عامل فيؤثر فيها2. ف (صهْ) بمعنى اسكت، و (آمينَ) بمعنى استجب، و (إيهِ) ، بمعنى امض في حديثك و (هَيتَ) بمعنى تهيأت3. ولا يدخل عليها شيء من العوامل فتتأثر به. فأشبهت (ليت) و (لعل) مثلا، فإنهما نائبان عن أتمنى وأترجى4 ولا يدخل عليهما عامل فيؤثر فيهما. واحترز بانتفاء التأثير من المصدر النائب عن فعله، نحو (ضربا) في قولك: ضربًا زيدًا، فإنه نائب عن (اضرب) ، ولكنه يتأثر بالعوامل، تقول:
أعجبني ضربُ زيد، وكرهت ضربَ عمرو، وعجبت من ضربِ عمرو، فيكون معربا. وبني (آمين) 1 على الفتح فرارا من التقاء الساكنين وطلبا للتخفيف. ومثله (هيت) المفتوحة. و (إيهِ) على الكسر، لأنها الحركة المخلصة من التقاء الساكنين بالأصالة2. و (هيتِ) 18/ب المكسورة3 كذلك4، ومن بناها على الضم فقد شبهها ب (حيث) 5. ص: والمضمرات، ك (قومي) (و (قمتُ) و (قمتَ) و (قمتِ) . ش: الباب الثاني من الأبواب السبعة المبنية المضمرات. وبنيت لشبهها بالحرف في الوضع، لأن أكثرها على حرف واحد أو حرفين، فأشبهت باء الجر ولامه وواو العطف وفاءه، وقدْ وبلْ وهلْ، ونحو ذلك من الحروف، وما كان منها على أكثر من ذلك فمحمول على
ما كان على حرف أو حرفين1. وقيل: أشبهت الحروف في الافتقار إلى غيرها، لأن الضمائر لا تتم دلالتها على معانيها إلا بضميمة من مشاهدة أو غيرها2. وقيل: أشبهت الحروف في الجمود، إذْ لا تُثَنَّى ولا تُصَغَّر ولا تُجمع3. وقيل: بُنيت للاستغناء عن إعرابها باختلاف صيغها لاختلاف معانيها4. وما بعد الوجه الأول أعم منه. وحُركت التاء لكونها على حرف واحد، ثم لما كانت تاء المتكلم أعرف5 من تاء المخاطب خُصّت بالضمة التي هي أقوى الحركات. ولأصالة المذكر بالنسبة إلى المؤنث خصّ بالفتحة التي هي أخف الحركات. ولم يبق إلا الكسرة فأعطيتها تاء المخاطبة. ص: والإشارات ك (ذي) 6 و (ثَمّ) و (هؤلاء) . ش: الباب الثالث من مبنيات الأسماء أسماء الإشارة. والسبب في بنائها شبهها بالحرف في المعنى، لأنها أدت معنى من
المعاني وهو الإشارة1، والمعاني حقها أن تؤدى بالحروف، فإذا أَدّى اسم من الأسماء معنى من المعاني بُني، سواء وضع لذلك المعنى حرف كالشرط مثلا، أم لم يوضع له حرف كالإشارة2. ثم إن من أسماء الإشارة ما ضعف السبب فيه فأُعرب ك (هذان) و (هاتان) كما سيذكره المصنف في الباب الآتي. وفتح (ثَمّ) 3 تخلصا من التقاء الساكنين بأخف الحركات. وكسرت (هؤلاء) في اللغة المشهورة للتخلّص منه بالحركة4 الأصلية فيه. ومن ضمّ5 فقد راعى حركة الأول6. ص: والموصولات كالذي [والتي] 7 والذين والألاء8 فيمن
مدّه وذات فيمن بناه [وهو الأفصح] 1 إلا ذين، وتين واللذين واللتين فكالمثنى) 2. ش: الباب الرابع من مبينات الأسماء الموصولات جميعها إلا ما استثناه المصنف، وموجب بنائها شبهها بالحرف في الاستعمال3. لأنها مفتقرة افتقارا متأصلا إلى جملة، ألا ترى أنك تقول: جاء الذي، فلا يتم معناه حتى تقول: قام أبوه، ونحوه من الصلات. واحترز بأصالة الافتقار من نحو {هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ 19/أالصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ} 4 ف (يوم) مفتقر إلى ما بعده، لكنه افتقار عارض في بعض التراكيب دون بعض، بدليل أنك تقول: صمتُ يوما، وسرتُ يوما، فلا تحتاج إلى شيء. واحترز بذكر الجملة من نحو (سُبحان) و (عندَ) فإنهما مفتقران بالأصالة لكن إلى مفرد5، لا إلى جملة.
واستثنى المصنف لفظتين من أسماء الإشارة وهما (ذانِ) و (تانِ) ولفظتين من الموصولات وهما (اللذان) و (اللتان) ، فإنها معربة بإعراب المثنى، لِمَا عارض سبب البناء من مجيئها على صورة التثنية1 التي هي من خصائص الأسماء. تنبيه: قد عُلم مما تقدم أن (أيّا) الموصولة حيث أعربت تكون مستثناة. ولهذا لم يصرح هنا كما قال2 باستثنائها مع ما استثناه. وإنما أخر استثناء لفظتي الإشارة إلى هنا، وإن كان بابهما تقدم مراعاة الاختصار، ولاشتراكهما في الموجب لضعف الشبه 3. ولا يخفى أن استثناء الأربعة المذكورة إنما هو عند من يقول: إنها معربة4 وأما من يقول، كابن الحاجب5 وجماعة6: إنها صيغ موضوعة للمرفوع والمنصوب، وهي مبنية لقيام علة البناء، فلا. وقوله: (والألاء فيمن مدّه) احترز به عن لغة القصر7، فإنه حينئذ
لا يقبل الحركة. وقوله: (وذات فيمن بناه) احترز به عما إذا أعربتْ، وهي لغة قليلة1 حكاها بعضهم2، فلا يصح التمثيل بها حينئذ. ولا يخفى عليك بعد معرفة ما تقدم وجه التحريك في هذه المتحركات الثلاث3 ووجه اختصاص كل منها ببعض الحركات دون بعض. والله أعلم4. ص: وأسماء الشروط والاستفهام، ك (مَن) و (ما) و (أينَ) إلا (أيّا) فيهما، وبعض الظروف ك (إذ) والآن وأمس وحيثُ مثلَّثًا. ش: ذكر المصنف في هذا الكلام5 بقية الأبواب السبعة المبنية من الأسماء، وهي ثلاثة: أسماء الشروط وأسماء الاستفهام وبعض الظروف. فأما أسماء الشروط والاستفهام فبنيت لشبهها بالحرف في المعنى، كما تقدم. فالكلمات الثلاث الأولى6 تصلح للشرط والاستفهام. فمثالها في الشرط أن تقول7 مَن يقمْ أقمْ معه وما8 تفعل تجزَ به،
وأين تجلسْ أجلسْ. ومثالها في الاستفهام من قامَ؟ وما فعلت؟ وأين بيتُك؟. واستثنى المصنف من البابين1 (أيّا) فإنها معربة، وإن أدتْ المعنى فإنها استعملت شرطا، نحو {أَيَّمَا الأَجَلَيْنِ قَضَيْت} 2 واستفهاما، نحو {فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقّ} 3 لضعف الشبه فيها بما عارضه من مجيئها ملازمة للإضافة التي هي من خصائص الأسماء. ولا يخفى وجه الفتح في (أين) 4. 19/ب وأما بعض الظروف فأشار المصنف إلى أنه ليس داخلا تحت ضابط بقوله: ك (إذ والآن) إلى آخره. والمعنى أن بعض الظروف يبنى لشبهه بالحرف، وإن اختلف وجه الشبه بأن كان في بعض الأفراد غير ما في البعض5 الآخر. فأما (إذ) و (حيث) فوجهُ بنائهما افتقارهما افتقارا متأصلا إلى جملة كالموصولات، لأنك تتقول: جئتك إذْ، أو حيثُ، فلا يتم المعنى
فيهما حتى تقول: جاء زيد ونحوه. وأما (الآن) فلتضمنه معنى الإشارة1، وخفف بالفتح. وأما (أمسِ) ، فلتضمنه معنى اللام، كما تقدم2، وكسر على أصل التقاء الساكنين. وثُلث ثاء (حيث) ، أي حرك3 بالحركات الثلاث4 لكثرة الاستعمال.
باب نكرة
باب نكرة ... ص: باب الاسم نكرة، وهو ما يقبل رُبّ، ومعرفة وهي ستة. ش: الاسم ينقسم إلى نكرة ومعرفة. فالنكرة هي الأصل1، ولذلك قدمها المصنف، والمعرفة فرع عنها.
قال ابن إياز1: "والدليل على أصالة النكرة أنك لا تجد [اسما] 2 معرفة إلا وله اسم نكرة، وتجد كثيرا من النكرات لا معرفة له، والمستقل أولى بالأصالة، وأيضا فإن الشيء أول وجوده تلزمه الأسماء العامة، ثم تعرض بعد ذلك الأسماء الخاصة، ألا ترى أن الآدمي إذا وُلد يسمى ذكرا أو أنثى أو إنسانا أو مولودا أو رضيعا وبعد ذلك يوضع له3 الاسم والكنية واللقب" 40 انتهى. وقد ذُكر للمعرفة والنكرة حدود كثيرة. والأحسن كما ذكره بعض المحققين5 أن يقال في حد المعرفة: "هي ما أشير به إلى خارج مختص، إشارة وضعية. وفي حد النكرة هي ما لم يُشَر به إلى خارج مختص إشارة وضعية، فدخل في النكرة بعض الضمائر مما مرجعه غير مختص، نحو (رجل قائم أبوه) و (رُبَّه رجلا) و (بئس رجلاً) و (نعم رجلا) و (رُبَّ رجلٍ وأخيه) . فهذه الضمائر كلها نكرات، إذْ لم يسبق اختصاص مرجعها بحكم ولهذا يدخل عليها (رُبَّ) كما ذكر في الأمثلة. بخلاف ما اختص مرجعه بحكم فإنه داخل في حد المعرفة، لأن الضمير يصير معرفة برجوعه إلى
نكرة مختصة 1 بصفة، نحو (كل شاةٍ سوداءَ وسخلتِها بدرهم) و (جاءك رجل كريم وأخوه) ولهذا لا يجوز دخول (رُبَّ) على شيء منهما". انتهى2. وكلام المصنف يوافق هذا، فإنه ذكر أن علامة النكرة دخول (رُبَّ) عليها، أي وعلامة المعرفة عدم دخول (رُبَّ) عليها. وكأنه اكتفى بما ذكره في النكرة عن ذكر مقابله في المعرفة، لتقابلهما، أو اكتفى عن ذلك بعدّه لأنواعها وشرح كل نوع منها. وبالعلامة المذكورة استُدل على تنكير (من) و (ما) 20/أالواقعتين في نحو قول الشاعر: 23- رُبّما تَكره النّفُوس مِن الأمـ ... ـر لهُ فرْجةٌ كحَلِّ العِقال3 وقوله:
24- رُبَّ مَنْ أنضجتُ غيظا قلبَه قد تمنَّى لي موتاً لم يُطعْ 1 وقوله: (وهي ستة) يعني أن المعرفة ستة أنواع. وأهمل 2 سابعا، وهو المنادى المقصود، وكأنه استغنى بذكره في باب المبني على الضم أو نائبه 3. أو استغنى بذكر الضمير عن ذكره، لكونه فرعا عنه، إذْ تعريفه لوقوعه موقع كاف الخطاب4. وهي الضمير والعلم واسم الإشارة والموصول والمحلى بالألف واللام، والمضاف إلى واحد من هذه. وترتيب المصنف أبوابها الآتية على هذا الترتيب يُفهم أن ترتيبها في التعريف كذلك5، ويؤيده قوله6: (وبدأت بالضمير لأنه أعرفها) .
وفي ترتيبها في التعريف اختلاف كثير1، والذي اختاره الشيخ جمال الدين بن مالك في التسهيل2 أن أعرفها ضمير المتكلم ثم ضمير المخاطب ثم العلم ثم ضمير الغائب السالم عن الإبهام3 ثم اسم الإشارة والمنادى ثم الموصول وذو الأداة 4 في رتبة واحدة، والمضاف بحسب ما يضاف إليه 5. ص: أحدها المضمر، وهو ما دل على متكلم أو مخاطب أو غائب معلوم نحو {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ} 6 أو متقدم مطلقا نحو {وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ} 7 أو لفظا نحو {وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ} 8 أو رتبةً نحو {فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى} 9 أو مؤخر مطلقا نحو {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ} 10، {وَقَالُوا مَا هِيَ إِلاّ
حَيَاتُنَا الدُّنْيَا} 1 و (نِعم رجلا [زيد] 2 ورُبّه رجلاً، وقاما وقعد أخواك، وضربته زيداً، ونحو (جَزَى ربُّه عنِّي عدىَّ بن حاتم) 3 والأصح أن هذا ضرورة. ش: الباب الأول من أبواب المعارف باب الضمير، ويقال: المضمر [أيضا] 4 فهما اسمان لما وضع لمتكلم ك (أنا) أو لمخاطب ك (أنت) أو لغائب ك (هو) كذا عرفه المصنّف في بعض كتبه5. وعرفه هنا بقوله: (ما دل ... ) إلى آخره، والمقصود بهما واحد، إذ المراد بالدلالة الدلالة من حيث الوضع، وإلا لورد على قوله: (ما دل) إلى آخره (زيد) فيما إذا قال من اسمه (زيد) : زيدٌ فعل كذا، أو قيل له: يا زيدُ افعلْ كذا، أو قيل عن غائب اسمه (زيد) : زيدٌ فعل. فإن (زيدا) في المُثُل المذكورة دل على متكلم ومخاطب وغائب لكن 6لا من حيث الوضع. ثم إن ما وضع للغائب من الضمير لا بدّله من مفسِّر، ومفسِّره إما معلوم أي متعقل7 في الذهن، وإن لم يتقدم له ذكر، كقوله تعالى: {إِنَّا
أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} 1 فالضمير في (أنزلناه) للقرآن وهو معلوم. وإما مذكور متقدم مطلقا أي لفظا ورتبة، نحو: {وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ} 2 فإن القمر المفسر للضمير، كما هو 3 متقدم لفظا، فهو متقدم رتبة لأنه مبتدأ 4. أو متقدم 20/ب لفظا لا رتبة، نحو {وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ} 5 فضمير (ربه) يعود على (إبراهيم) وهو متقدم لفظا، متأخر رتبة، لأن الفاعل رتبته التقدم على المفعول. أو متقدم رتبة لا لفظا، كقوله تعالى: {فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى} 6 فالضمير في (نفسه) يعود على (موسى) وهو متقدم رتبة متأخر لفظا. أو متأخر مطلقا أي قد يكون مفسر الضمير متأخرا لفظا ورتبة، وذلك نوعان لأن المفسر إما جملة أو مفرد 7.
فالنوع الأول وهو مفسر ضمير الشأن، وذلك أن العرب تُقدّم قبل الجملة الاسمية أو الفعلية ضميرا 1، تكون الجملة خبرا عنه ومفسِّرة له. ويوحد الضمير، لأنه بمعنى الشأن أو الحديث، ولا يفعلون ذلك إلا في التعظيم، نحو {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ} 2. ولا يكون هذا الضمير مؤنثا إلا إذا كان في الكلام مؤنث، نحو قوله تعالى: {فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الأَبْصَارُ} 3. وحينئذ يسمى ضمير القصة. وأما النوع الثاني وهو المفرد فمنه أن يكون خبرا عن الضمير، نحو {وَقَالُوا مَا هِيَ إِلاّ حَيَاتُنَا الدُّنْيَا} 4. ومنه 5 أن يكون مميزا 6 لضمير (نعم وبئس) نحو (نِعمَ رجلا زيد) و {بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً} 7 ف (رجلا) و (بدلا) مفسِّران للضمير في (نعم) و (بئس) ، والتقدير نعم الرجل رجلاً وبئس البدلُ بدلاً.
ومنه1 أن يكون مميزا للضمير المجرور ب (رُبّ) نحو رُبّه رجلا، فإن (رجلا) هو مفسر الضمير في (رُبَّه) . ومنه نحو (قاما وقعد أخواك) من باب التنازع إذا أعلمنا الثاني واحتاج الأول لمرفوع، فإن البصريين يضمرونه2، لأنه يمتنع حذف العُمَد، فالإضمار قبل الذكر أسهل منه لوقوعه في غير ما موضع3. ومنه أن يكون مبدلا من الضمير قبله، كقولك: (ضربته زيداً) ومنه المفعول المؤخر الذي اتصل بالفاعل ضميرُهُ، نحو: 25- جزى ربُّه عنّي عديَّ بنَ حاتم ... جزاءَ الكلابِ العاويات وقد فعل5
ف (عدي) الذي هو المفعول المؤخر هو مفسر الضمير الذي اتصل بالفاعل وهو متأخر لفظا ورتبة. وصحح المصنف1 تبعا للجمهور2 أن هذا ضرورة، خلافا لابن مالك3 رحمه الله حيث جوزه، تَبَعا لابن جني4 وجماعة5، لكثرة ما ورد عن العرب منه. تَتِمّة في الكلام على شيء من أقسام الضمير مما لابد منه، فنقول: ينقسم الضمير إلى بارز ومستتر، لأنه إما أن يكون له صورة في اللفظ أو لا الأول البارز كتاء (قمت) والثاني المستتر كالمقدر في (قم) . والبارز ينقسم إلى منفصل ومتصل، لأنه إما أن يفتتح به النطق ويقع بعد (إلاّ) أو لا، والأول المنفصل ك (أنا) و (إياك) والثاني المتصل كالياء من (ابني) والتاء من (قمت) . والضمائر ترتقي إلى ستين ضميرا6، لأن كلاَّ من المتصل والمنفصل
في الأصل إما مرفوع أو منصوب أو مجرور، صارت ستة أقسام، سقط منها المجرور المنفصل، حتى لا يلزم 21/أتقديم المجرور على الجارّ1، بقيت خمسة، مرفوع منفصل ومتصل ومنصوب كذلك ومجرور متصل، وكل واحد من هذه الخمسة يحتمل في العقل ثمانية عشر وجها، ستة في المتكلم وستة في المخاطب وستة في الغيبة، لأن كلا من المتكلم والمخاطب والغائب إما واحد مذكر أو مؤنث [أو مثنى مذكر أو مؤنث] 2 أو مجموع مذكر أو مؤنث. واكْتُفي في الخطاب والغيبة بخمسة ألفاظ 3، وجعل اللفظ الدال على المثنى واحدا مشتركا بين المذكر والمؤنث، لقلة استعمال المثنى دون غيره4. وفي التكلم بلفظين5، لأن المتكلم يُرى في أكثر الأحوال، أو يُعلم بالصوت أنه مذكر أو مؤنث. فبقي اثنا عشر نوعا، وذلك ستون، وتضم إليها ياء المخاطبة6
فتصير أحداً1 وستين [ضميرا] 2. ص: الثاني العَلَم، وهو شخصي إن عيّن مسماه مطلقا، ك (زيد) . ش: الباب الثاني من أبواب المعارف باب العَلَم، وهو نوعان، جنسي، وسيأتي في كلام المصنف، وشخصي، وهو المذكور هنا، وأشار إلى تعريفه بقوله: (إن عيّن) إلى آخره يعني أن العلم الشخصي ما يعين مسماه تعيينا مطلقا. فخرج بالتعيين النكرات، فإنها لا تعين مسماها، وخرج بالإطلاق غير العَلَم من المعارف، فإن تعيينها لمسمياتها تعيين مقيد، مثل المحلى بالألف واللام لا يعين مسماه إلا ما دامت (أل) موجودة فيه، فإذا زالت منه زال التعيين، وكذلك الموصول لا يعين إلا إذا وجدت الصلة، فإذا فارقته الصلة فارقه التعيين، وخرج به أيضا العَلَم الجنسي3 فإن تعيينه مقيد بمشابهة ذي الأداة 4. تنبيه: قد يعرض في العلم اشتراك، ك (زيد) مثلا، يضعه شخص على
ولده1 وآخر كذلك، وهَلُمّ جرا2 فلا يعيّن حينئذ لتردده بين أشخاص كثيرة. وهذا لا يرد على المصنف، لأن المراد بالتعيين إنما هو باعتبار وضع واحد وهذه أوضاع متعددة 3. ص: وجنسي إن دل بذاته على ذي الماهية تارة، وعلى الحاضر أخرى ك (أسامة) . ش: لما فرغ من تمييز العَلَم الشخصي أخذ في تمييز العَلم4 الجنسي، وهو ما يعين مسماه بغير قيد5 تعيين ذي الأداة الجنسية، كقولك: أسامة أجرأ من ثعالة6، وأشار إلى هذا7 بقوله: (دل على ذي الماهية) أو تعيين ذي الأداة الحضورية، كقولك: هذا أسامة مقبلا، وإليه أشار بقوله: (وعلى8الحاضر أخرى) .
فالعلم الجنسي حينئذ بمعنى1 اسم الجنس المعرفة بالألف واللام. فإن قيل: فما الفرق من حيث المعنى بينه وبين اسم الجنس النكرة، ك (أسد) وهو الذي يعبر عنه بالنكرة في عُرف النحاة، وبالمطلق في عرف الأصوليين 2. فالجواب أن (أسداً) ونحوه وُضع ليدل على شخص، وذلك الشخص لا يمتنع أن يوجد 21/ب منه أمثال، فوُضع على السباع في جملتها، ووُضع (أسامة) بمعنى الأسدية المعقولة3 التي لا يمكن أن توجد خارج الذهن، بل هي موجودة في النفس ولا يمكن أن يوجد منها اثنان أصلا في الذهن، ثم صار (أسامة) يقع على الأشخاص لوجود ذلك المعنى الكلي في الأشخاص4. وقيل5: الجواب6 غير هذا، وهو أن اسم الجنس موضوع للحقيقة الذهنية7 وعَلَم الجنس موضوع لها من حيث حضورها الذهني. وذكر بعض شراح الألفية 8 أن هذا هو التحقيق دون الأول.
ويوافقه كلام جماعة من الأصوليين، حيث فرقوا بينهما بذلك، وزادوا أنه إذا أريد به الفرد فهو حقيقة، لما في الفرد من الماهية 1. وسمعت من بعض الأشياخ المحققين2- رحمه الله- أن التحقيق هو الأول3 لثلاثة أوجه: أحدها: أن الثاني يلزم عليه أن (رَجُلا) إذا استعمل في الشخص يكون مجازا لأنه مستعمل في غير ما وضع له. ثانيها: أن الأصل عدم اعتبار الواضع الحضورَ الذهني في عَلَم الجنس. ثالثها: أنه يلزم عليه أن (رجلاً) ونحوه لا يستعمل في حقيقة إلا في القضايا الطبيعية أي التي حُكِم فيها على الطبيعة4، أعني الحقيقة، نحو الرجل خيرٌ من المرأة، انتهى. ولمنْ قوّى الثاني أن يجيب عن الأول والأخير [من هذه الثلاثة] 5بكلام الأصوليين السابق 6.
ص: ومن العلم الكنية واللقب، ويؤخر عن الاسم تابعا له1 مطلقا أو مخفوضا بإضافته إن أفردا. ش: لما فرغ من تمييز نوعي العَلَم أخذ يذكر ما هو من أقسامه، سواء كان شخصيا أم جنسيا. وهو الكنية واللقب. فالكنية ما صدرت بأب أو أم، كأبي بكر وأم كلثوم وأبي المَضَّاء 2 وأم عِرْيَط 3. واللقب ما أشعر برفعة في المسمى أو ضَعَةٍ فيه، كزين العابدين4 وقُفَّة5. وقوله: (ويؤخر عن الاسم) يريد به أن اللقب إذا اجتمع مع الاسم الخاص أعني ما ليس بكنية ولا لقب من الأعلام كزيد وعمرو، فإنه يؤخر عن الاسم وجوبا 6. وفهم من ذلك أنه لا ترتيب بين الكنية وبين
الاسم ولا بينها وبين اللقب 1. ولا فرق في هاتين الحالتين بين المفردين وغيرهما. وأما الحالة الأولى فإذا أخر اللقب عن الاسم، ولم يكونا مفردين بأن كانا مركبين ك (عبد الله زين العابدين) [أو الاسم، مركبا واللقب مفرداً ك (عبد الله كرز) 2 أو بالعكس، ك (محمد زين العابدين) ] 3 امتنعت إضافة الأول إلى الثاني، وجاز إتباعه له بدلا أو عطف بيان 4. وإن كانا مفردين، ك (سعيد كرز) فإنه يجوز عند المصنف وجماعة من المحققين ذلك5، ووجه آخر، وهو إضافة الأول مراداً به المسمى إلى الثاني مرادا به الاسم. ومن أوجب الإضافة6 في مثل هذا، أخذاً من اقتصار
سيبويه1 على ذكرها فقد رُدَّ عليه2 بأن سيبويه إنما اقتصر عليه لكونه على خلاف الأصل، فيتوهم امتناعه، فأراد أن ينص على جوازه، ولا يلزم من اقتصاره عليه عدم جواز غيره الذي هو الأصل. تنبيه: كما يجوز الإتباع فيما ذكرنا يجوز القطع فيه بالرفع خبراً لمبتدأ محذوف، أو بالنصب مفعولا لفعل محذوف 3. ولم يذكره في المتن اكتفاءً بما سيأتي في التوابع. وقوّة كلامه يعطي أن من أقسام العَلَم الاسم الخاص، فلم يحتج إلى التصريح4 بذلك، ولو صرّح به لحسُن موقع قوله: (ويؤخر عن الاسم) والضمير في قوله: (ويؤخر) عائد على اللقب. وقوله: (مطلقا) أي في المفردين وغيرهما 5. وقوله: (إن أُفردا) شرط لجواز الإضافة 6. والله أعلم،
ص: الثالث الإشارة وهي (ذا) و (ذان) في التذكير، و (ذي) و (تي) و (تان) في التأنيث، و (أولاء) فيهما 1 ش: الباب الثالث من أبواب المعارف أسماء الإشارة. 22/أوالإشارة ألفاظها محصورة بالعدد، فلذلك استغنى المصنف عن حدّها 2. وحدّها في التسهيل بقوله: (ما وُضع لمسمى وإشارة إليه) 3. والإشارة إما لمفرد مذكر أو مؤنث، أو لمثنى مذكر أو مؤنث. فللمفرد المذكر (ذا) وللمؤنث ألفاظ كثيرة، منها (ذِيْ) و (تِيْ) 4 ولتثنية المذكر (ذانِ) في الرفع و (ذينِ) في الجر والنصب ولتثنية المؤنث (تان) رفعا و (تَيْنِ) جرّا ونصبا. ولم يثنوا ذِيْ [وذه] 5 خوف الالتباس.
ولجمعي المؤنث والمذكر (أولاء) فقط وفيه لغتان 1؛ المد وهو لغة أهل الحجاز، والقصر وهو لغة تميم. فالأقسام الوضعية خمسة والعقلية ستة. تنبيه: قوله: (الثالث الإشارة) أي أسماء الإشارة على حذف مضاف ولذلك قال: (وهي) إلى آخره. واقْتَصَر في تثنية المذكر والمؤنث على المرفوع ولم يذكر المنصوب والمجرور منهما للعلم بذلك مما قدَّمه. وذَكَر تثنية كل مفرد معه إيثاراً 2 للاختصار. وقوله: (في التذكير) أي 3 (ذا) 4 للمفرد المذكر و (ذان) للمثنى
المذكر، وكذا قوله (في التأنيث) أي (ذي) 1 و (تي) للمفرد المؤنث و (تان) للمثنى المؤنث. وقوله: (وأولاء) فيهما أي في التذكير والتأنيث2 أو في المذكر والمؤنث المفهومين منهما. ص: وتلحقه في البعد كاف حرفية3. مجردة من اللام مطلقا أو مقرونة بها إلا في المثنى وفي الجمع في لغة مَنْ مَدَّه، وهي الفصحى وفيما سبقته هاء التنبيه. ش: يعني أن المشار إليه إذا كان بعيداً لحقت اسم الإشارة كاف تدل على بعده، سواء كان معها لام أم لا. وهذا منه تصريح بأنه ليس للإشارة إلاّ4 مرتبتان قُرْبى وبُعْدى، وهي طريقة ابن مالك5 وغيره من المحققين6. لكن الجمهور7 على أن له ثلاث مراتب.
قُربَى وهي المجردة من اللام والكاف، وبُعدَى وهي المقرونة بهما ووُسطَى وهي التي بالكاف وحدها. وقوله: (حرفية) يريد به أن الكاف المذكورة حرف، وليست اسما وإن كانت تتصرّف [تَصَرُّفَ1] الكاف الاسمية من فتحها للمذكر وكسرها للمؤنث واتصالها بميم وألف للمثنى مطلقا وبميم لجمع المذكر السالم، وبنون لجمع المؤنث، ك (ذَلكَ) و (ذلكِ) و (ذالكما) و (ذالكم) و (ذالكنّ) . والدليل على حرفية الكاف المذكورة أنه ليس لها محل من الإعراب، أما الرفع [والنصب 2] فلانتفاء الرافع والناصب، وأما الجر فلأنه إما بالحرف ولا حرف، أو بالإضافة وأسماء 3 الإشارة لا تضاف لأنها لا تقبل التنكير 4. وقوله: (مطلقا) يعني أن الكاف تدخل وحدها على جميع أسماء الإشارة. وقد علمت أن أسماء الإشارة خمسة، وأن الكاف تتصرف على خمسة أوجه، فيجتمع من ذلك خمس 5 وعشرون صورة، خمس في المفرد
[المذكر] 1 وقد ذكرناها، وخمس في المفرد المؤنث، تقول: تاكَ، تاكِ، تاكما، تاكم، تاكنّ. وخمس في مثنى المذكر: ذانكَ، ذانكِ، ذانكما، ذانكم، ذانكنّ. وخمس في مثنى المؤنث: تانكَ، تانكِ، تانكما، تانكم، تانكنّ. وخمس في الجمع تقول: أولئكَ، أولئكِ، أولائكما، وأولئكم، وأولئكنّ. وإن اعتبرت المنصوب والمجرور، وبقية ألفاظ المؤنث، ودخول اللام وعدمه تكثر الصُّور2. وفيما ذكرناه كفاية فيقاس به غيره. وقوله: (إلا في المثنى) يعني أن اللام لا تدخل مع الكاف مع اسم الإشارة في ثلاث مسائل 3: الأولى المثنى مطلقا، أي سواء كان تثنية مذكر، ك (ذانكَ) أو مؤنث، ك (تانك) . فلا يقال: ذانلك ولا تانلك. المسألة الثانية الجمع في لغة من مدّه، وتقدم أنه لغة أهل الحجاز وهي الفصحى4 كما ذكره الشيخ5، فلا يقال: [أولئلك6] 22/ب
وتقول: (أولاك) ، أو (أو لالِك) إذا قصرت 1. المسألة الثالثة ما سبقه هاء التنبيه، نحو (هذا) فلا يقال: (هذا لك) 2 والله أعلم. ص: الرابع الموصول. ش: الرابع من المعارف الموصول، والمراد الاسمي، لأنه المتبادر عند الإطلاق. والظاهر أن إطلاقه3 على الحرفي مجاز، بدليل لزوم التقييد، ولو سُلِّم أن إطلاقه عليهما4 على السواء فقرينة ذكره في المعارف التي هي أحد قسمي الأسماء ترجح إرادة الاسمي دون الحرفي، ولهذا حدّه بما يختص بالاسمي حيث قال: ص: وهو ما افتقر إلى الوصل بجملة خبرية، أو ظرف أو مجرور تامّين، أو وصف صريح، وإلى عائد أو خَلَفه. ش: وهذا الحد يشمل نوعي الاسمي أي النص والمشترك، فإن كلا منهما مفتقر لما ذكر من الصلة والعائد. فالصلة إما أن تكون جملة أو ظرفا أو مجروراً أو صفة. فإن كانت جملة فسواء كانت اسمية أو فعلية فشرطها5 أن تكون خبرية. فلا يصح
الوصل بالجملة الإنشائية1. وأن تكون معهودة حتى يتميز بها الموصول عند المخاطب. إلا أن يكون ذلك في مقام التفخيم، فيحسن أن تكون مبهمة، نحو {فَغَشِيَهُمْ مِنَ الْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ} 2. وإن كانت ظرفا أو مجرورا فلا بد أن يكون تاماً أي مفيداً فائدة يحسن3 السكوت عليها، نحو جاء الذي عندك، أو الذي في الدار، فخرج ما لا يكون كذلك. ويجب أن يكون متعلقهما فعلا محذوفا، ك (استقر) ونحوه، ولا يجوز [تقديره] 4 ب (مستقرّ) ونحوه لكونه مفرداً5. والصفة6 لابد أن تكون صريحة، أي خالصة للوصفية، وتختص هذه
.. بالألف واللام، ك (الضارب) و (المضروب) و (الحسن) 1 بخلاف ما غلبت عليه الاسمية ك (الأبطح) 2 و (الأجرع) 3 و (الصاحب4) ووصلها بالفعل المضارع، كقوله: 26- ما أنت بالحكَم التُّرضى حكومته 5 ... ....... ........ أو بالظرف، كقوله:
27- من لا يزال شاكراً على الْمعه1 ... ...... ........ أو بالجملة الاسمية 2، كقوله: 28- مِن القومِ الرسولُ اللهِ منهم3 ... ....... ........ قليل أو ضرورة. وأما العائد فهو ضمير مطابق للموصول في الإفراد والتثنية والجمع، وتشتمل 4 عليه الصلة المذكورة غالبا. وقد يقوم مقامه الظاهر، وهو قليل، وعليه جاء 5 قول الشاعر:
29- سُعاد التي أضناكَ حبُّ سُعادا ... وإعراضها عنك استمرّ وزادا1 أي أضناك حبّها، فأقام الظاهر مقام الضمير. تنبيه: لابد من تأخير الصلة [عن2] الموصول، وألاّ يفصل بينها وبينه فاصل، فتقول: ضربتُ سوطاً الذي قام أبوه، ولا يجوز ضربت الذي- سوطا- قام أبوه3. ويؤخذ ذلك من قوله: (هو ما افتقر إلى الوصل بجملة) . ولم يصرّح المصنف باشتمال الصلة على العائد، لأنه أمر غالب كما ذكرنا لا لازم. لأن جملة الصلة قد لا تشتمل على الضمير، بل يكون المشتمِل عليه جملة أخرى معطوفة عليها بالفاء، نحو قولك: جاء الذي يقوم زيدٌ فيغضب، ف (يقوم زيد) 4 هو جملة الصلة، ولم يشتمل
على الضمير، بل المشتمل عليه جملة (فيغضب) 1 إذ الضمير فيها عائد على الموصول. وصرح في باب العطف بذلك حيث قال2: الفاء تختص بأن تعطف ما يصح أن يكون صلة على ما لا يصح أن يكون صلة أي لولا العطف المذكور وبالعكس أي يُعطف على الصلة مالا يصح كونه صلة، أي لولا العطف المذكور أيضا، [كقولك] 3: جاء الذي يغضب فيقوم زيد. فإن جملة (يقوم زيد) لا يصح كونها صلة، لولا العطف. ص: وهو (الذي) و (التّي) وتثنيتهما وجمعهما (الألَى) 4و (الذين) و (اللاتي) و (اللائي) . ش: قد علمت أن الموصول الاسمي قسمان، نصٌّ5 ومشترك فذكر الأول هنا، والمراد به ما وضع لمعنى واحد. فالموضوع للمفرد المذكر (الذي) وللمؤنث (التي) . وفيهما لغات، إثبات 23/أالياء ساكنة، ومشدّدة، إما مكسورة مطلقا،
أو جارية بوجوه الإعراب، وحذفها مع إبقاء ما قبلها على كسره أو مع تسكينه1. والموضوع لمثنى المذكر (اللذان) رفعا، و (اللذّينِ) نصبا وجرا ولمثنى المؤنث (اللتان) رفعاً و (اللتينِ) نصباً وجراً2. والموضوع لجمع المذكر (الألى) مقصورا كثيرا وممدوداً قليلا و (الذين) بالياء رفعا ونصبا وجرا 3. وربما جاء في الرفع بالواو قليلا، نحو: 30- نحن اللذون صبّحوا الصّباحا 4 ... ....... ........
ولجمع المؤنث (اللاتي) و (اللائي) . وقد يحذف ياؤهما1. تنبيه: قوله: (وهو الذي) أي للمذكر، (والتي) أي للمؤنث؛ لأن المذكر هو الأصل فقدَّمه، كما فعل في باب الإشارة إلا أنه قدّم فيها2 تثنية المذكر على إشارة المؤنث، نظرا إلى التذكير، وهنا قدّم ما وضع للمفرد المؤنث على تثنية المذكر، نظراً إلى الإفراد3 الذي هو الأصل، وليتأتى به الاختصار في قوله: (وتثنيتهما) . وقوله: (والألى والذين) أي لجمع المذكر، لأنه لم يبق إلا الجمع وجمع المذكر مقدّم، فرُدّ إليه (الألى) و (الذين) . وإلى المؤنث (الّلاتي) و (اللائي) 4. فإنه لما جعل هذه الأربعة للجمع، وهو نوعان، حَكَمْنَا بأن لكل نوع منهما لفظين، اعتمادا على الأصل من تساويهما في ذلك، إذ لولا ذلك لصرَّح بخلافه.
ص: وما بمعناهن، وهو (مَنْ) للعالِم و (ما) لغيره، و (ذو) عند طيء و (ذا) بعد (ما) أو (مَنْ) الاستفهاميتين إن لم تُلغَ و (أيّ) و (أل) في نحو الضارب والمضروب. ش: لما فرغ من النوع الأول أخذ يذكر النوع الثاني، وهو المشترك، وهو ما وُضع لمعان متعددة، وهي هذه الألفاظ الستة التي ذكرها. فإن كل لفظ منها وضع للمفرد المذكر والمفرد المؤنث ولتثنية كل منهما ولجمْعه، وهذا معنى قوله: (وما بمعناهن) يعني أن كل لفظ من هذه الألفاظ الستة يأتي لكل معنى من المعاني المتقدمة. فتأتى (مَنْ) للمفرد المذكر، نحو جاءني مَنْ قام أبوه، وللمؤنث كجاءني1 مَنْ قام أبوها، وللمثنى المذكر أو المؤنث كجاءني مَنْ قام أبوهما، ولجمع المذكر كجاءني مَنْ قام أبوهم، ولجمع المؤنث، نحو جاءني1 مَنْ قام أبوهن. وكذا الباقي. وقوله: (للعالِم 2) أي نحو {وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ} 3. وقد تأتي لغير العالِم إذا نُزّل منزلة العالِم، كقوله: {يَدْعُو مِنْ دُونِ اللهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ} 4 فإنهم بدعائهم الأصنام
نزَّلوهم1 منزلة العقلاء فلأجل ذلك استعملت (مَنْ) فيها. أو جمع مع العالِم فيما وقعت عليه (مَنْ) كقوله تعالى: {كَمَنْ لا يَخْلُقُ} 2 فإن (مَنْ لا يخلق) يشمل الآدميين والملائكة والأصنام. وإذا اجتمع مع العالِم في عموم سابق فصِّل بمَنْ، نحو {مَنْ يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ} 3 فإن (مَن يمشي على بطنه) غير عالم4، لكن سوّغ ذلك اجتماعه مع العالم في عموم (دابة) من قوله: {وَاللهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مَاءٍ} 5. وقوله: " و (ما) لغيره " أي (ما) لغير العالم، نحو {مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ} 6. وقد يأتي له مع العالم، نحو: {سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ} 7 وقد يأتي للمبهم أمره، كقول من رأى شبحا لا يعرف ما هو: انظر إلى ما ظهر. وقوله: (و (ذو) عند طيء) يعني أن من الموصولات المشتركة (ذو)
ولكنها خاصة بطيء دون غيرهم من العرب، نحو: 31-.............. ... وبئْري ذو حفرت وذو طويتُ 1 أي التي حفرت والتي طويت. والمشهور عندهم بناؤها على الضم2، وقد تعرب بالحروف، كقوله: ........ ....... ... فحسبي من ذي عندهم ما كفانيا3 أي من الذي عندهم. وقوله: (وذا) يعني أن من الموصولات المشتركة (ذا) ولكن بشروط ثلاثة: ألا تكون للإشارة، نحو مَنْ ذا4 الذاهب؟
وما1 ذا التواني؟ أي من هذا الذاهب؟ وما2هذا التواني؟ وأن يتقدمها استفهام إما ب (مَنْ) كقوله: 32-...... ...... ... فمنْ ذا يعزّي الحزينا3 أي فمن ذا الذي يعزّيه. 23/ب وإما ب (ما) نحو قوله: 33- ألا تسألان المرء ماذا يحاول4 ... ................
أي ما الذي يحاوله1. وألا تكون ملغاة، وذلك بتقديرها مركبة مع (ما) . ويدل على ذلك 2 إثبات ألف (ما) إذا دخل عليها جارّ، نحو عمّا ذا تسأل، لوقوعها في وسط الكلمة، ولولا اعتبار تركيبها لحذف الألف منها 3. وجوّز ابن مالك 4- تبعا للكوفيين- 5 إلغاءها بوجه آخر، وهو تقديرها زائدة 6. وقوله: (وأيُّ) 7 أي من الموصولات المشتركة (أيُّ) . وخالف في ذلك ثعلب 8.
ويرد عليه قول الشاعر: ....... ........ ... فسلِّم على أيُّهم أفضل1. أي الذي هو أفضل. ولا يعمل فيها إلا مستقبل متقدم2، خلافا للبصريين3. وقد قال الكسائي، جوابا لمن سأله لِمَ4 لا يعمل فيها الماضي: أيٌّ كذا خُلقتْ5. وهو جواب إقناعي، والجواب أن (أيَّا) مبهمة والمضارع مبهم6 ففيه مناسبة لها، بخلاف الماضي فلا إبهام فيه فيتنافيان. كذا في اللباب7.
وقد تقدم الكلام في إعرابها وبنائها في الباب السابق1. وقوله: (وأل) أي من الموصولات المشتركة (أل) (في نحو الضارب) أي في اسم الفاعل، نحو {إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ} 2 (و) في نحو (المضروب) أي في اسم المفعول، نحو {وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ} 3. وليست موصولا حرفيا 4، لعود الضمير عليها 5، ولأنها لا تؤول مع صلتها بمصدر. ولا حرف تعريف 6؛ لأنه لا يتقدم 7 عليها معمول مدخولها، فلا تقل 8: زيدٌ عمراً الضارب 9. تنبيه: لم يذكر المصنف الشرط الأول في موصولية (ذا) أعني ألا تكون للإشارة لتباين المعنيين، فلا يصح أحدهما حيث يصح الآخر.
ص: الخامس المحلّى بأل العهدية كجاء القاضي، ونحو {فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ.....} 1 الآية. أو الجنسية، نحو {وَخُلِقَ الإِنْسَانُ ضَعِيفاً} 2 ونحو {ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ} 3 ونحو {وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيّ} 4. ش: الباب الخامس من أبواب المعارف المحلّى بأل. أي المعرّف بها. ومذهب الخليل5 أن حرف التعريف (أل) والهمزة أصلية، وهي همزة قطع، وصلت لكثرة الاستعمال، وكان يُعبّر عنها بأل، ك (هل) ولا
يقول: الألف واللام1. وسيبويه2 يوافقه على أن حرف التعريف هو (أل) . ولكن يخالفه في أصالة الهمزة ويقول بزيادتها، فهي عنده زائدة معتدّ بها 3 في الوضع 4. هكذا نقل المذهبين الشيخ جمال الدين بن مالك في شرح التسهيل5 وقال: "إن مذهب الخليل أولى لسلامته من دعوى زيادة الحرف6". ونقل في شرح الكافية7 عن سيبويه8 أيضا أن اللام وحدها هي المعرِّفة. إذا علمت ذلك فهي على قسمين: عهدية، وهي التي عُهِد مصحوبها إما ذِهْنًا، كجاء القاضي.
أو ذكرا، نحو {مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ..} و {زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ..} 1، ومنها ما عُهِد مصحوبها بالحضور، نحو {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} 2 ونحو (القرطاس) لمن سدّد سهما. أو جنسية وهي التي لم يعهد مصحوبها بوجه من الوجوه السابقة، وحينئذ فإما أن تخلفها (كُلّ) حقيقة أو مجازا، أو لا تخلفها أصلا. فإن خلفتها (كلّ) 3 حقيقة فهي لاستغراق الأفراد، نحو {وَخُلِقَ الإنسَانُ ضَعِيفاً} 4 ونحو {إِنَّ الإنسَانَ لَفِي خُسْر} 5 فهي لشمول الأفراد. وإن خلفتها مجازا فهي لشمول خصائص الجنس مبالغة، نحو {ذَلِكَ الْكِتَابُ} 6 أي هو كل كتاب في صفات 7 المدح، ومثله (أنت الرجل علمًا) أي أنت كل رجل في هذه الصفة 8وإن لم تخلفها (كلُّ) أصلا
فهي لبيان الحقيقة 1، نحو {وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيّ} 2. ص: ويجب ثبوتها في فاعلي نعم وبئس المظهرين نحو: {نِعْمَ الْعَبْدُ} 3 و {بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ} 4 (فنعم ابن أخت القوم ... ) . ش: لما فرغ من تقسيم (أل) المعرّفة شرع يتكلم على أحكامها، ومن أحكامها وجوب ثبوتها، ووجوب حذفها. فبدأ بالكلام على وجوب 5 ثبوتها، وذلك في مسألتين: المسألة6 الأولى وهي ما ذكره في هذا الكلام فاعلا (نِعْمَ) و (بئس) إذا كانا ظاهرين لا مضمرين، فيجب اقترانهما ب (أل) أو إضافتهما 24/أإلى مقترن بها أو إلى مضاف إلى 7 مقترن بها. ومثل للأول ب {نِعْمَ الْعَبْدُ} 8 وللثاني ب {بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ} 9
وللثالث ب: 34- فنِعْمَ ابنُ أُختِ القَومِ1 ... ......... ........... ولما كان الفاعل في المُثُل الثلاثة يرجع تعريفه إلى (أل) على ما لا يخفى قال: (ويجب ثبوتها في فاعلي نعم وبئس ومثَّل بالأمثلة الثلاثة. ص: فأما المضمر فمستتر مفسر بتمييز، نحو نعم امرأً هرم ومنه {فَنِعِمَّا هِيَ} 2. ش: لما ذكر فاعل (نعم) و (بئس) الظاهر استطرد إلى ذكر فاعلهما المضمر، وإن لم يكن من باب (أل) في شيء.
ويجب فيه أن يكون مفردا، وأن يستتر وجوبا، وأن يفسر بتمييز، نحو: 35- نعم امرأً هرم 1 ... ...... ....... ........ ف (امرأً) تمييز،مفسِّر للضمير المستتر وجوبا في (نعم) [وتقول: نعم] 2 رجلا زيد ونعم رجلين الزيدان، ونعم رجالا الزيدون، ففاعل (نعم) في المثل الثلاثة ضمير مفرد تقديره (هو) . ومنه قوله تعالى: {فَنِعِمَّا هِيَ} 3 على أحد الرأيين4 المرجّح عنده، لجزمه5 به، وعدم حكاية مقابله في أن (ما) تمييز فتكون نكرة6 تامة.
وأما على الرأي الآخر، وهو أن (ما) فاعل فتكون (ما) معرفة 1. تنبيه: استغنى الشيخ عن التصريح بإفراد الضمير2 بذكر الاستتار، لأن الماضي لا يستتر فيه الضمير إلا إذا كان مفردا 3. ص: وفي نعتي الإشارة مطلقا و (أيّ) في النداء، نحو {يَا أَيُّهَا الأِنْسَانُ} 4 {مَالِ هَذَا الْكِتَابِ} 5 وقد يقال: يا أيُّهذا. ش: المسألة الثانية مما يجب ثبوت (أل) فيه نعت اسم الإشارة مطلقا أي سواء كان في النداء، نحو يا هذا الرجل6 أو في غيره، نحو هذا الرجل فعل كذا ونحو {مَالِ هَذَا الْكِتَابِ} 7. ونعت (أيّ) في النداء، نحو يا أيُّها الرجل8
و {يَا أَيُّهَا الأِنْسَانُ} 1. وقوله: (وقد يقال....) يشير به إلى أن (أيّا) قد تنعت باسم الإشارة نحو يا أيُّهذا الرجلُ، ويا أيُّهذا افْعلْ كذا. وكما ينعت باسم الإشارة فكذلك قد ينعت بموصول مبدوء ب (أل) نحو يا أيها الذي فعل كذا. وإنما وجب في نعت 2 (أيّ) ما ذكر لأنها مبهمة، ولأنها وصله لنداء ما فيه (أل) . تنبيهان: الأول قوله: (وقد يقال: يا أيهذا) يؤخذ منه أن اسم الإشارة حيث وقع نعتا لأيّ لا يجب نعته بمعرف بأل. وهو المرجّح عند ابن مالك 3 تبعا لابن عصفور4 وعليه جاء قول الشاعر:
36- يا أيُّهذانِ كُلا زادَكُما 1 ... .............. الثاني ما ذكره من وجوب ثبوت (أل) في نعت اسم الإشارة هو فيما إذا كان وصلة لنداء ما فيه (أل) بألاّ يستغنى عنه 2. أمّا إذا لم يكن كذلك فيجوز [حينئذ] 3 أن يستغنى عن التابع، ويقال: يا هذا، وأن يُتبع بالمضاف، نحو يا هذا أخا زيدٍ. والله أعلم. ص: وبجب حذفها في السعة من المنادى إلا من اسم الله تعالى والجملة المسمى بها، ومن المضاف إلا إن كان صفة معربة بالحروف أو
مضافة إلى معرف ب (أل) . ش: لما فرغ مما يجب فيه ثبوت (أل) شرع فيما يجب حذفها منه، فذكر أنها تحذف في موضعين: الموضع الأول: المنادى، والسبب في ذلك كراهية اجتماع تعريفين في كلمة واحدة، فلا تقل 1: يا الرجلُ، إلا في ضرورة الشعر 2. وعن ذلك احترز بقوله: (في السعة) . ويستثنى اسم الله تعالى، فيدخل عليه حرف النداء، وإن كان مبدوءا بأل نحو يا أللهُ. ولكن الأكثر فيه3 حذف حرف النداء وتعويض الميم المشددة آخره، نحو (اللهم) ولا يجمعون بين الميم وحرف النداء إلا في ضرورة4. ويستثنى أيضا الجملة المسمى5 بها إذا كانت مبدوءة بأل، نحو (يا المنطلق زيد) 6. وبعضهم7 استثنى المبدوء بأل من أسماء الأجناس المبدوء
بها، نحو (يا الخليفةُ هيبةً) والموصول1 المبدوء2 بأل، نحو الذي والتي. والجمهور 3 على خلافه. الموضع الثاني مما يجب فيه حذف (أل) 4 المضاف. ويستثنى موضعان تدخل فيهما (أل) عليه 5: أحدهما أن يكون المضاف صفة معربة بالحروف، أيّ 6 مثناة أو مجموعة نحو الضاربا زيدٍ والضاربو زيدٍ. ثانيهما أن يكون المضاف أيضا صفة والمضاف إليه معمولا لها، وهو24/ب بالألف واللام أيضا، نحو الضارب الرجلِ. وفي معنى ما هو بالألف واللام من ذلك ما هو مضاف إلى ما هي فيه كالضارب رأسِ الرجلِ أو مضاف إلى ضمير ما هي فيه، نحو:
37- الوُدّ أنتِ المستحقةُ صَفْوِهِ 1 ... ....... ........ فدخلت (أل) في (المستحقة) لإضافته إلى مضاف إلى ضمير ما فيه (أل) 2 وهو الوّدُ. تنبيهات: الأول إنما يجرد المضاف في أغلب3 أحواله عن الألف واللام، لأن الأهم من الإضافة تعريفُ المضاف وهو حاصل بالألف واللام 4 فتكون الإضافة كتحصيل الحاصل. وإلى المنكر تخصيص المضاف5، وفى المضاف المعرف التخصيص6
وزيادة وهي التعيين 1. الثاني لم يذكر في المتن اعتبار كون المضاف إليه معمولا للمضاف ليخرج مثل: (مصارع مِصْرَ 2) و (مضروب عمروٍ) 3. مما لم تضف فيه الصفة إلى معمولها 4، لندور مثل ذلك. الثالث: اقتصر في المتن والشرح 5 على كون المضاف إليه بالألف واللام ولم يذكر ما أضيف إلى مصحوبها، أو إلى ضميره إما لأنه في معنى ما ذكره أو لقلّته بالنسبة إلى 6 ما ذكره. ص: السادس المضاف 7 لمعرفة، كغلامي وغلام زيد. ش: السادس من المعارف المضاف لمعرفة، أيّ معرفة كانت ومثّل
بالمضاف إلى الضمير كغلامي. وإلى العلم كغلام زيد. وقد تقدم 1 أن المضاف في رتبة المضاف إليه، وأن المضاف إلى الضمير في رتبة العَلَم. 2 وسيأتي في باب الإضافة أن المضاف إذا كان صفة مضافة إلى معمولها لم تفده الإضافة تعريفا ولا تخصيصا3، ك (ضارب زيدٍ) و (معطي الدينارِ) وأنه إذا كان شديد التوغل في الإبهام4، ك (غير) و (مثل) لا يتعرف أيضا. فيُخصُّ به5 عموم قوله: المضاف لمعرفة6.
باب المرفوعات
ص: باب المرفوعات عشرة. ش: لما ذكر فيما سبق الإعراب ومحالَّه1 إجمالا أخذ يذكرها تفصيلا. وبدأ بالمرفوعات لكون المرفوعات عمدة الكلام، كالفاعل والمبتدأ والخبر، والمنصوب في الأصل فضلة، وإن وقع النصب في بعض العُمَد تشبيها له بالفضلات، كاسم (إن) وخبر (كان) ونحوه، والفضلة مؤخرة عن 2 العمدة. والمجرورات في الأصل منصوبة المحل، فهي أحط رتبة من المنصوبات في اللفظ والمحل فأخرت عنها. ص: أحدها الفاعل، وهو ما قُدّم الفعل أو شِبْهُه عليه، وأسند إليه على جهة قيامه به أو وقوعه منه، كعَلِمَ زيدٌ3 ومات بكرٌ وضَرَبَ عمرٌو و {مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ} 4. ش: بدأ من المرفوعات 5 بالفاعل. قال 6: لأن عامله لفظي وعامل المبتدأ معنوي، ولأن رفعه للفرق
بينه وبين المفعول. وقال غيره من المحققين 1: ينبغي أن يعلَّل تقديمه بكون الرفع في الأصل له وغيره محمول عليه 2. وقد ذكر المصنف 3 مثل ذلك في تقديم المفعول. وحدّه بقوله: (ما) إلى آخره، فقوله: (ما) 4 أي اسم، فهو كالجنس. وقوله: (قُدِّم الفعل) إلى آخره كالفصل. فخرج بقيد تقديم الفعل أو شبهه عليه المبتدأ في نحو زيدٌ قام، وزيدٌ قائم، لأنه وإن أسند الفعل أو شبهه فيهما5 إلى (زيد) لكنه لم يقدم عليه فهو مبتدأ لا فاعل. وقوله: (وأُسند) أي الفعل أو شبهه، (إليه) أي إلى الفاعل. فخرج المفعول من نحو ضربت زيدا، وأنا ضارب زيدا، لأنه صدق أنه قُدِّم عليه فعل أو شبهه، لكن لم يسند الفعل 6 أو شبهه إليه. وقوله: (على جهة قيامه به أو وقوعه منه) [فيه احتراز عن المفعول
الذي لم يُسمَّ فاعله فإنه على جهة وقوعه عليه] 1 لا على جهة قيامه به، أو وقوعه منه. وفيه أيضا تنويع للفاعل إلى نوعين: نوع يكون المسند وشبهه قائما به، كعَلِم زيد، ومات بكر، ومنه {مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ} 2. ونوع يكون المسند وشبهه واقعا منه، كضرب عمرو، ومنه زيدٌ ضاربٌ أبوه عمرا. والمراد بشبه الفعل 25/أاسم الفاعل والصفة المشبهة به والمصدر واسمه وأفعل التفضيل ونحو ذلك مما يعمل عمل الفعل3. فإن قيل: يدخل في هذا الحد المبتدأُ في نحو قولك: (قائم زيد) 4 لأن المسند قُدِّم عليه فالجواب هو5 مؤخر تقديرا، وتقديمه كَلاَ تقديم. ص: الثاني نائبه 6، وهو ما حذف فاعله وأقيم هو مقامه، وغُيّر عامله إلى طريقة (فُعِلَ) أو (يُفْعَل) أو (مفعول) . ش: الثاني من المرفوعات نائب الفاعل، ولهذا جعله تِلْوَه في
الترتيب. وهو الذي يعبر عنه بالمفعول الذي لم يسم فاعله. واستحسن المصنف 1 العبارة الأولى 2 على الثانية لوجهين: الأول: أنه قد يكون غير مفعول، من ظرف أو مصدر أو مجرور. الثاني صدق الثانية 3 على (دينارا) من قولك: أعطي زيد دينارا، وهو ليس بنائب4. انتهى وكلا الوجهين مما ينازع 5 فيه، وذلك لأن المفعول الذي لم يسمّ فاعله صار عَلَمًا بالغلبة في عُرفهم على ما يقوم مقام الفاعل من مفعول أو غيره بحيث لو أطلق على ما يقوم مقام الفاعل من مفعول أو غيره 6 فهم منه ذلك ولا يخرج عنه شيء، ولا يدخل فيه غيره، فليتأمل. وحدّه بقوله: (وهو ما..) إلى آخره، فقوله: (ما) كالجنس. وقوله: حذف [فاعله] 7 يخرج المفعول الذي ذُكر فاعله، كضربت
زيدا. وقوله: (وأقيم هو مقامه) يخرج ما حذف فاعله ولم يقم مقامه، ك (درهما) من قولك: أعطي زيدٌ درهماً، فإنه حذف فاعله لكنه لم يقم مقامه. ومقتضى قوله: (وغيّر عامله) إلى آخره أنه تتميم للحد. والظاهر تمامه1 بدونه، فإن الغرض بيان ماهية النائب، وهو حاصل بدون ذلك وتغيير الفعل إنما هو شرط لإنابته، وليس لنا ما ينوب عن الفاعل بعد حذفه مع عدم2 تغيير الفعل له حتى يحترز عنه، فإذاً لا حاجة إليه لا للإدخال ولا للإخراج، إلا أنه حسن3 لأن النائب لا يكون فعله إلا كذلك، ففيه مزيد إيضاح. إذا علمت ذلك فحذف الفاعل قد يكون للجهل به، كسُرق المتاعُ، أو لغرض لفظي، كتصحيح4 النظم، أو معنوي وهو كثير ومنه الخوف عليه وتعظيمه وتحقيره5. والتغيير الحاصل في الفعل بعد حذف الفاعل يكون في الماضي بضم أوله وكسر ما قبل آخره ليدخل في ذلك الثلاثي المجرد والمزيد، والرباعي
المجرد والمزيد فيه، نحو فُعِل ك (ضُرب) وأُفعِل ك (أُخرِج) وافتُعل ك (اقتُدر) واستُفعِل ك (استُخرِج) وفُعِل ك (عُلم) وفُوعِل ك (قُوتِل) ونحو فُعلِل ك (دُحرِج) وتُفُعلِل ك (تُدُحْرِج) 1. ويكون في المضارع بضم أوله 2 وفتح ما قبل آخره، فيدخل فيه ما كان من الثلاثي المجرد، ك (يُضرَب) والمزيد ك (يُقتَدَر) و (يُستخرَج) والرباعي المجرد ك (يُدحرَج) والمزيد ك (يُتدحرَج) 3 وأمثال ذلك. وأشار إلى نوعي التغيير المذكور بقوله: (إلى طريقة (فُعِل) أو (يُفعَل) فكأنه قال: إن كان ماضيا فضُمّ أوله واكسر ما قبل آخره، ك (فُعل) وإن كان مضارعا فضُمّ أوله وافتح ما قبل آخره، ك (يُفعل) . وخصّ الثلاثي بالذكر لكونه أصلاً. وقوله: (أو مفعول) يبيّن به أن رافع النائب، كما يكون فعلا، كذلك يكون شبه الفعل، ك (مفعول) 4. ولفظ مفعول في قوله: (أو مفعول) معطوف على (فُعِل) 5 [أي] 6
يغيّر شبه الفعل1 الذي هو العامل في النائب إلى طريقة مفعول ليعمَّ ذلك ما كان من الثلاثي المجرَّد ك (مفعول) وما كان من المزيد، ك (مُستخرَج) ، وما كان من الربا عي 2 ك (مُدَحْرَج) 3 أو المزيد ك (مُتَدَحْرَج به) . والله أعلم. ص: وهو المفعول به، نحو {وَقُضِيَ الأَمْر} 4 فإن فقد فالمصدر نحو {فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ} 5 {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ} 6 أو الظرف نحو (صِيْمَ رمضانُ) و (جُلِسَ أمامُكَ) والمجرور نحو {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ} 7 ومنه {لا يُؤْخَذْ مِنْهَا} 8. ش: أي النائب عن الفاعل بالأصالة هو المفعول به 25/ب نحو {وَقُضِيَ الأَمْرُ} 9 فإن أصله قضى اللهُ الأمر، فأنيب المفعول الذي هو (الأمر) عن الفاعل بعد حذفه في رفعه بعد أن [كان منصوبا، وعمديّته بعد أن كان فضلة، واستحقاق الاتصال بالفعل بعد أن كان 10] حقه الانفصال منه،
وتأنيث الفعل له 1. فإن فُقد المفعول به أُنيب عن الفاعل أحد هذه المذكورات، أعني المصدر المختص2. نحو {فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ} 3 إذْ المصدر فيها مختصُّ4. ونحو {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ} 5 لأن تقديره كما قال المصنف 6: فمن عُفي له عفوٌ ما 7 من جهة أخيه. أو ظرف الزمان، نحو صِيْم رمضانُ، أو المكان، كجُلس أمامُك، والجار والمجرور، ومثّل له بقوله تعالى: {غَيْرِ الْمَغْضُوب} 8 ف (عليهم) هو النائب
عن الفاعل. وقوله: ومنه {لاَ يُؤْخَذْ مِنْهَا} في قوله تعالى: {وَإِنْ تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ لا يُؤْخَذْ مِنْهَا} 1 ف (منها) نائب عن الفاعل مرفوع ب (يؤخذ) . وإنما قال الشيخ: (ومنه) لأن هذا الإعراب خلاف المتبادر إلى الفهم من ظاهر الآية، إذْ ظاهرها يقتضي أن النائب ضمير مستتر2 في (يُؤخذ) . وهو أيضا صحيح إن أُوِّل (يُوْخذ) ب (يُقبل) 3 ولأجل هذا4 عدل المصنف عنه 5. تنبيهات: الأول قوله: (فإن فُقِد) صريح في أنه لا ينوب بعض الأشياء مع وجود المفعول به، وهو مذهب جمهور البصريين6. ومذهب الأخفش7.
والكوفيين 1 جواز ذلك مطلقا. ونُقل عن الأخفش2 أيضا أنه إنما يجوز ذلك إذا تقدم النائب. ورجح ابن مالك3 مذهب الكوفيين، قال: لورود السماع بذلك، كقراءة أبي جعفر4 {لِيُجْزَيَ قَوْماً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} 5، وغير
ذلك1. الثاني ظاهر 2 قوله: (فالمصدر أو الظرف أو المجرور) أنه لا أوّلية لشيء منها على غيره 3. وقال بعضهم 4: المجرور أولى. ونُقل عن الشيخ أبي حيان 5 أوّلية ظرف المكان 6. الثالث استغنى بما ذكره من أمثلة هذه الأشياء عن ذكر شروطها، فيشترط في كل من المصدر والظرف الاختصاص والتصرف، وأن يكون ملفوظا به.
وفي المجرور ألاَّ يلزم الحرف الجار طريقة واحدة1 في الاستعمال ك (مُذ) و (رُبَّ) والكاف، وما خُصّ بقَسَم أو استثناء 2. فلا ينوب شيء من ذلك، كما لا تنوب الظروف غير المتصرفة 3. ص: ولا يحذفان، بل يستتران. ش: لما فرغ من ذكر حد الفاعل ونائبه شرع يبين أحكاما اشتركا فيها. فالأول [منها] 4 أنه لا يجوز حذف واحد منهما لأنهما عمدتان، والعُمَد لا يجوز حذفها. وخالف في هذا الحكم5بعض النحويين6 فجوّز حذفهما، متمسكا في الفاعل بظواهر وردت، وقياسا لنائبه عليه. فممّا تمسّك به في حذف الفاعل قوله عليه الصلاة والسلام: "لا يَزْني الزاني حينَ يَزْني وهو مؤمنٌ ولا يَشْرَبُ الخمرَ حينَ يشربُها وهو مؤمن"7
فإن (يشرب) لا يصح أن يجعل فاعله ضميراً يعود على (الزاني) المتقدم ذكره لفساد المعنى، إذ يصير الحديث (لا يشرب الزاني الخمر حين يشربها وهو مؤمن) 1 وليس ذلك مرادا، بل المراد أن الشارب للخمر لا يباشر شربها وهو مؤمن، كما أن الزاني لا يباشر الزِّنى وهو مؤمن. وجعل الجمهور2 فاعل (يَشْرب) ضميرا مستترا فيه عائدا على الشارب المفهوم من الشُّرب، مثل {اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} 3 أي العدل المفهوم من (اعدلوا) 4 وإلى هذا 5 يشير قول المصنف: (بل يستتران) . ص: ويحذف عاملهما جوازا، نحو زيد 6 لمن قال: من قام؟ أو من ضُرب؟. ووجوبا نحو {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ وَإِذَا الأَرْضُ مُدَّتْ} 7. ش: الحكم الثاني مما اشترك فيه الفاعل ونائبه أن عاملهما قد يحذف لقرينة تدل عليه،26/أوذلك على قسمين، جائز وواجب. فالجائز كأن يقع جوابا لسؤال، نحو هل قرأ أحد؟ وهل قام أحدٌ؟ وهل
ضُرب أحد؟ فتقول: (زيد) أي قرأ زيد وقام زيد وضُرِب زيد. وقوله: (نحو (زيد) لمن قال: من قام؟ أو من ضُرب) ذكره مثالا 1 لما حذف عامله منهما ف (زيد) في جواب من قام؟ فاعل أي قام زيد2، وفي جواب (من ضُرب) ؟ نائب عن الفاعل أي ضُرب زيد. وكذا مثِّل ابنُ الحاجب 3. والظاهر في مثل هذا المثال أنّ (زيدا) مبتدأ لا فاعل، والتقدير زيد القائم وزيد المضروب، ليطابق السؤال الجواب، إذ السؤال جملة اسمية فليكن الجواب كذلك 4 فالأنسب حينئذ أن يقدر السؤال بنحو هل قرأ أحد5 ليطابقه في الجواب قرأ زيد، فتكونان فعليتين، كما قررنا. والواجب ما فسّره فعل أسند إلى ضمير الفاعل أو نائبه، مثال الأول {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ} 6. ف (انشقت) مفسر للفعل المحذوف، والتقدير إذا انشقت السماءُ انشقت، ومثال الثاني {وَإِذَا الأَرْضُ مُدَّتْ} 7 والتقدير إذا مُدّت الأرضُ مُدّت8، ولا
يجوز فيهما إظهار هذا العامل لامتناع اجتماع العوض والمعوض منه. ص: ولا يكونان جملة، ونحو {وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ} 1 فعلى إضمار التبيين. ونحو {وَإِذَا قِيلَ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقّ} 2 فعلى الإسناد اللفظي) . ش: الحكم الثالث مما اشترك فيه الفاعل ونائبه أن كلاّ منهما لا يكون جملة، [بل مفردا 3. فإن جاء ما ظاهره أن الفاعل أو نائبه فيه جملة [فمؤول] 4، فمن الأول5] قوله تعالى: {وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ} 6 فإن ظاهره أن جملة7 {كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ} فاعل (تَبَيَّنَ) . وتأويله من وجهين: الأول أن الفاعل ضمير يعود على مصدر مفهوم من الفعل المذكور، وتقديره: وتبين لكم هو أي التبيين. وإلى هذا أشار المصنف بقوله: (على إضمار التبيين) . الثاني أنه ضمير يعود على معلوم من سياق الكلام، أي
تبين لكم هو أي حالهم1. ومما يوهم أن الجملة نائبة فيه عن الفاعل قوله تعالى: {وَإِذَا قِيلَ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقّ} 2. فإن ظاهره أن جملة {إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقّ} نائبة عن الفاعل3. وجوابه أنه ليس من الإسناد المعنوي الذي الكلام فيه، وإنما هو من الإسناد اللفظي، والإسناد اللفظي يجيئ في جميع الألفاظ 4 ص: (ويؤنث فعلهما لتأنيثهما، وجوبا في نحو (الشمسُ طَلَعتْ) وقامت هند أو الهندان أو الهندات. وجوازاً راجحا في نحو (طَلَعتْ الشمسُ) ومنه (قامتْ الرجالُ أو النساءُ أو الهنودُ وحضرت القاضيَ إمرأةٌ، ومثل قامت النساء (نعمت المرأةُ هند) ومرجوحا في نحو ما قام إلا هند. وقيل: ضرورة) . ش: الحكم الرابع مما اشتركا فيه تأنيث الفعل بتاء التأنيث الساكنة في آخر الماضي، وبتاء المضارعة في أول المضارع، لأجل تأنيثهما. وهو إما أن يكون واجبا أو جائزا راجحا أو مرجوحا. القسم الأول الواجب، وهو في مسألتين 5:
الأولى أن يكون الفاعل أو نائبه ضميراً مؤنثا، سواء كان تأنيث 1 مفسره2 حقيقيا، نحو هندٌ قامت أو تقوم، وهند ضُربت أو تُضرب. أو 3 مجازيا، نحو الشمس طَلَعتْ أو تَطْلُعُ، وأُطْلِعتْ أو تُطْلَع، وإلى هذا أشار المصنف بقوله: (في نحو الشمس طلعت) . الثانية أن يكون حقيقي التأنيث متصلا بالفعل، نحو قامتْ هند أو تَقومُ هند، وضُربتْ هند أو تُضرَب هند. وإلى هذا أشار بقوله: (وقامت هند) . والتزمت التاء في فعل المثنى والمجموع المؤنث الذي واحده حقيقي التأنيث، نحو قامت الهندانِ والهنداتُ لسلامة نظم واحده، وهو ما أشار إليه المصنف رحمه الله حيث مثَّل للمسألة الثانية من مسألتي وجوب التأنيث4، بقوله: (قامت هندٌ أو الهندانِ أو الهنداتُ) . القسم الثاني الراجح التأنيث، وهو أيضا 26/ب في مسألتين: المسألة الأولى أن يكون الفاعل 5 مجازي التأنيث، نحو طلعت الشمسُ [أو تطلع الشمسُ] 6 وأُطلِعت الشمسُ أو تُطلَع الشمسُ. وإلى هذه المسألة أشار بقوله: (في نحو طَلَعت الشمسُ) . ومن هذا الصيغة الدالة على الجمع، سواء كانت صيغة جمع تكسير
للمذكر كالرجال أو المؤنث كالهنود، أو اسم جمع كالنساء، أو اسم جنس ك (لَبِن) 1 أو جمع تصحيح لم يسلم فيه بناء الواحد، ك (سنون) 2. فإنه يجوز تأنيث الفعل باعتبار الجماعة وتذكيره باعتبار الجمع 3. وأما جمع المذكر السالم فيه بناء الواحد 4 فيتعين فيه التذكير، لأجل سلامة نظم الواحد فيه، ولذلك قال 5 الشيخ: (ومنه) إلى آخره، وسكت عنه 6. المسألة الثانية7 أن يكون منفصلا من فعله بفاصل غير (إلاّ) فإنه لا يجب فيه تأنيث الفعل، وإن كان حقيقي التأنيث. وأشار المصنف إلى هذه المسألة بقوله: (حَضَرت القاضيَ امرأةٌ) فيجوز ترك التأنيث 8 فيه للفصل بين الفعل وفاعله بالمفعول الذي هو
(القاضي) 1. وقوله: (ومثل قامت النساء نعمت المرأة هند) [أي أن فاعل (نعم) وإن كان حقيقي التأنيث، ك (نِعْمَتِ المرأةُ هند) ] 2 وفي معناه [فاعل (بئس) ] ك (بِئْسَت المرأةُ هند) يُعطى حكم جمع التكسير، وما أُلحق به في سقوط التاء وثبوتها مع فعله. فتقول: [نعمَ المرأةُ هند، و] نِعْمَت المرأةُ هند، وبئست المرأة هند، وبئس المرأة هند. وإن كان الفاعل حقيقي التأنيث، لأن الجنس مقصود بفاعل (نعم) و (بئس) على سبيل المبالغة في المدح والذم. القسم الثالث المرجوح التأنيث، وهو أن يكون الفاعل مفصولا من فعله ب (إلاّ) نحو ما قام إلا هند، لأنه مع الفصل ب (إلا) يكون الفعل مسندا في المعنى إلى مذكر3، فحمل على المعنى غالبا، وترك التأنيث. وقد يؤنث قليلا، نظرا إلى اللفظ، نحو ما قامت إلا هند. وقيل 4: إن التأنيث لا يجوز، وإن ورد منه في 5 كلام العرب شيء6
1 حُمل على الضرورة. والله أعلم. ص: ولا تلحقه علامة تثنية2 ولا جمع، وشذّ نحو (أكلوني البراغيثُ) . ش: الحكم الخامس مما اشترك فيه الفاعل ونائبه أن الفعل المسند إلى واحد منهما لا تلحقه علامة تثنية إن كان مثنى، نحو ضَرَبَ الزيدانِ عمرًا، وضُرب الزيدانِ، ولا علامة جمع إن كان مجموعا، نحو قام الزيدون وقام الرجال وضُرب الزيدون وضُرب 3 الرجال، ونحو قامت الهندات. ومن العرب4 من يلحق بالفعل مع الاثنين ألفا ومع الجمع المذكر واواً ومع جمع المؤنث نوناً. فمما جاء من ذلك مما اتصلت به الألف قوله: 38- أُلفيتا عيناك عند القفا 5 ... ... ... ... ... ...
ومما اتصلت به الواو قولهم: "أكلوني البراغيث"1. وقوله2: 39- يلومونني في اشتراء النخي
واختلف النحويون في ذلك ونحوه، فمن قائل: إن هذه اللواحق حروف دالة على تثنية الفاعل وجمعه، كما ألحقت تاء التأنيث دالة على ثأنيثه1. ومن قائل: إنها ضمائر2 وإنها الفاعل، والمرفوع بعدها إما مبتدأ مؤخر وإما بدل 3منها. وهذا الثاني ضعيف، لأن أئمة اللغة والنحو نقلوا أن اتصال هذه الأحرف بهذه الأفعال لغة لقوم معينين من العرب، وهم طيء وغيرهم4. وتقديم الخبر أو الإبدال من الضمائر شائع عند الجميع5، وإن أدى إلى الإضمار قبل الذكر. 27/أفإن قيل: فلم كان الفصيح الدلالة على تأنيث الفاعل وعدم
الدلالة على تثنيته وجمعه، وما الفرق؟ فالجواب أن تثنية الفاعل وجمعه يُعْلمان من لفظه، وتأنيثه قد لا يعلم من لفظه، بأن يكون مقدر التأنيث1. تنبيه: يؤخذ من قوله: (وشذّ..) إلى آخره أن هذه اللواحق للأفعال على هذه اللغة2 حروف دلُّوا بها على التثنية والجمع، إذْ لو كانت ضمائر، وكانت الظواهر بعدها أبدالا أو مبتدآت لما صحّ الحكم على ذلك بالشذوذ والخروج3 عن غالب اللغات، لما تقدم من أن تقديم الخبر على المبتدأ أو الإبدال لا يختصمان بأحد4 والله أعلم ص: الثالث المبتدأ، وهو المجرد عن العوامل اللفظية مخبرا عنه أو وصفا رافعا5 لمكتفى به. ش: الثالث من المرفوعات المبتدأ، وهو قسمان: مبتدأ له خبر، وهو الأكثر، ومبتدأ ليس له خبر ألبتة6، وإنما تم به
وبفاعله مبتدأ على ما سنبين. ولأجل كونه قسمين أتى المصنف في حدّه له ب (أو) الدالة على التقسيم فيه، وكأن حدّه هذا في قوة حدّين، فكأنه قال: القسم الأول هو المجرد.. إلى آخره والقسم الثاني هو الوصف.. إلى آخره. فقوله: (المجرد عن العوامل اللفظية) أي النواسخ للابتداء التي هي إن وكان وكاد وظن وما وأخوات كلٍّ منها، وغير النواسخ1، وسنوضح ذلك عند شرح الأمثلة. وقوله: (مخبرا عنه) يخرج الأسماء التي لا تركب2، فإنه يصدق عليها أنها مجردة عن العوامل اللفظية، فبذكر الإخبار خرجت. وقوله: (أو وصفاً) إلى آخره إشارة3 إلى القسم الثاني، يعني أن المبتدأ يكون مجردا عن العوامل اللفظية، وهو وصف رافع لمكتفى به. والمراد بالوصف اسم الفاعل واسم المفعول والصفة المشبَّهة4.
وب (مرفوع) الظاهر1، كقولك: أقائم الزيدان، أو الضمير، كقولك [بعد ذكر الزيدين2] : أقائم هما3. وب (المُكتفى به) فاعله الذي تمت به معه الفائدة. واحترز به عما لا يكتفى به، كقولك: أقائم أبواه زيد، فإن المرفوع بالوصف في هذا المثال4، وهو (أبواه) غير مكتفى به5، فلايكون مبتدأ، بل (زيد) هو المبتدأ والوصف خبره. ص: (فالأول كزيد قائم {وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُم} 6 و {هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللهِ} 7. والثاني: وشرطه تقدّم نفي أو استفهام، نحو (أقائم الزيدان) و (ما مضروبٌ العمَران) . ش: ذكر في هذا الكلام أمثلة قسمي المبتدأ، فمثَّل للقسم الأول بثلاثة أمثلة: الأول (زيد قائم) وهو مثال الاسم الصريح.
والثاني {وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُم} 1 وهو مثال لما هو غير صريح، بل مؤول به لأن {وَأَنْ تَصُومُوا} في تأويل صيامكم خير لكم2. والمبتدأ في المثالين مجرد من العوامل اللفظية. والثالث: {هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللهِ} 3 وهو مثال لما هو بمنزلة المجرد من العوامل اللفظية، وإن لم يكن في اللفظ مجردا منها4، لأن وجود الحرف الزائد، وهو (مِنْ) 5 في المثال المذكور كَلا وجودٍ. وقوله: (والثاني نحو أقائم) إلى آخره، ذكر له مثالين، وفصل بجملة اعتراضية6 أفاد بها شرط المبتدأ في القسم الثاني، وهو أن يتقدمه نفي إما بحرف، نحو ما مضروب العُمران، وهو مثال المصنف، أو بفعل نحو ليس قائمٌ البكران7، أو باسم، نحو غيرُ قائمٍ الزيدان8. أو استفهام إما بحرف، نحو أقائم الزيدان؟ وهو ما مثَّل به المصنف،
أو باسم نحو كيف قائمٌ الزيدان؟ 1. تنبيهات: الأول: جعلهم نحو {هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللهِ} 27/ب من المبتدأ، وقولهم: إنه بمنزلة المجرد يدل على أن المراد بالعوامل اللفظية أعم من النواسخ كما قدمنا وهو الظاهر كما قال بعض المحققين2، خلافا لمن قصره على النواسخ3. وتصريح المصنف بأنه من القسم الأول من قسمي المبتدأ هو أحد الوجهين في إعرابه وعليه4 فالخبر إما (غير الله) وإما محذوف أي لكم أو للأشياء، و (غير) صفة5. وثانيهما أنه من القسم الثاني6، و (غير الله) هو فاعله سد مسد الخبر7. والله أعلم. الثاني: احترز باللفظية عن العامل المعنوي، وهو الابتداء الذي هو
التجرد للإسناد، فإن الصحيح أنه العامل في المبتدأ1. الثالث: قوله: (أو وصفاً) صريح في أنه لا خبر له ألبتة، كما قدمنا، لأنه جعله في مقابلة المخبر عنه. وإنما كان هذا النوع من المبتدأ لا خبر له أصلا، لأنه في المعنى كالفعل والفعل لا خبر له. وإنما قلنا: إنه في المعنى كالفعل لأنه قصد به ما يقصد بالفعل إذا قيل: أيقوم الزيدان. الرابع جزمه باشتراط تقدم النفي أو الاستفهام هو مذهب جمهور البصريين2. ومذهب الأخفش والكوفيين3 أنه لايشترط ذلك، واستدلوا عليه بما لا تقوم به الحجة4. والله أعلم.
ص: ولا يبتدأ بنكرة إلا إن عمّت، نحو ما رجل في الدار، أو خصّت، نحو رجل صالح جاءني، وعليهما، {وَلَعَبْدٌ مُؤْمِن} 1. ش: لما فرغ من الكلام على تعريف المبتدأ أخذ يذكر ما هو كالشرط له فقال: إنه لا يكون نكرة غير مفيدة. وذلك لأن الغرض من الإخبار الإفادة وإذا كان المبتدأ نكرة غير معلومة امتنع الحكم عليها، لعدم2 الفائدة في الإخبار عنها. وقد يفيد الإخبار عن النكرة فيصح الابتداء بها حينئذ، وذلك في 3 مواضع متعددة ضابطها حصول الفائدة، كما علمت. إلا أن النحويين حاولوا تفصيل تلك4 المواضع وتعيينها، فأوردوا لذلك صُورا5. وذكر بعضهم6 أن ما أوردوه من ذلك يرجع إلى شيئين لاغير، وهما التعميم والتخصيص، وظاهر كلام المصنف في المتن اعتماد ذلك لقوله: (إلا إن عمّت أو خصّت) وفي الشرح7 تضعيفه لتعبيره فيه ب (زعم) .
ومَثَّل للعموم بقوله: (ما رجلٌ في الدار) لأن النكرة في سياق النفي تعمّ1 ومَثَّل للخصوص ب (رجل صالح جاءني) لأن الوصف يخصص الموصوف النكرة، فتحصل به فائدة2، ليست للرجل الذي لم يوصف. وقوله: وعليهما {وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ} 3 أي أن الابتداء في هذه الآية ب (عبد) سوغه التخصيص بالوصف ب (مؤمن) والتعميم في كل عبد مؤمن، لأن الغرض المستفاد منه الحكم بخيرية كل فرد من أفراد المؤمنين، أي [أن كل] 4 عبد اتصف بالإيمان فهو خير من مشرك. وهذا بخلاف قولك: رجل صالح جاءني، فإن الغرض المستفاد منه الحكم بمجيئ شخص مّا موصوف5 بالصلاح، فلاعموم فيه. وقال في شرح الزوائد: (قوله: وعليهما أي وعلى انحصار المسوِّغات في التخصيص والتعميم، ورجوع الصّور كلها إليهما صح الابتداء بالنكرة في الآية، لما في ذلك من التخصيص بالوصف) 6. انتهى وبعد أن علمت7 ما قررناه لا يخفى عليك ما
فيه1. والله أعلم. ص: الرابع الخبر، وهو ما تحصل به الفائدة مع مبتدأ غير الوصف المذكور ولا يكون زمانا والمبتدأ اسم ذات ونحو (الليلةَ الهلالُ) مؤول. ش: 28/ألما فرغ من المبتدأ طفق يبين خبره، وهو رابع المرفوعات. وحدّه بقوله: (ما تحصل به الفائدة) إلى آخره. فما تحصل به الفائدة كالجنس، يدخل فيه مع الخبر الفاعل بقسميه، أي مرفوع الفعل ومرفوع الوصف. وقوله: (مع مبتدأ) كالفصل يخرج مرفوع الفعل، فإنه ليس مع المبتدأ. وقوله: (غير الوصف) يخرج مرفوع الوصف2، فإنه ليس3 بخبر، وإن كان مع مبتدأ ذلك المبتدأ هو الوصف، بل هو فاعل الوصف المذكور4. وقوله: (ولايكون) إلى آخره يبين به أن الخبر يمتنع أن يكون اسم زمان في صورة واحدة، وهي5 أن يكون المبتدأ اسم ذات، كزيد وعمرو، فلا
يقال: زيد اليوم ولا عمرو غدا1، بخلاف ما إذا كان اسم معنى ك (الصوم اليومَ2 والسفر غداً) فلا يمتنع، وهذا بخلاف اسم المكان فإنه يخبر به عن الذات، نحو زيد أمامك، وعن المعنى نحو العلم عندك. وقوله: (نحو الهلال الليلة3 متأوّل) يشير إلى أنه إذا ورد من كلامهم ما ظاهره أنه أخبر فيه عن الذات باسم الزمان، نحو (الهلال الليلة) 4، وقول امرئ القيس5: (اليومَ خمرٌ وغدًا أمرٌ) 6 يؤوَّل. وتأويله أن يُقدَّر اسم معنى مضافا إلى اسم الذات، ويكون ذلك المقدَّر هو المبتدأ في الحقيقة، كرؤية الهلال الليلة وشرب الخمر اليوم. فيرجع إلى الإخبار عن اسم المعنى بالتأويل، هذا مذهب البصريين7. وذهب ابن مالك8 تبعا لطائفة 9 إلى أن نحو (الهلال الليلة) لا
يقدر فيه مضاف لأن الهلال يشبه اسم المعنى من جهة أنه يحدث في وقت دون آخر، فيجوز الإخبار عنه نفسه بالزمان. تنبيه: أفهم كلامه حيث اقتصر على منع هذه الصورة فقط صحة الإخبار بما عدا ذلك، فيجوز أن يكون الخبر مفردا جامدا، ك (هذا زيد) ومشتقا ك (زيد قائم) وشبيها1 بالمشتق، ك (زيد أسد) أي شجاع، وأن يكون جملة اسمية2 ك (زيد أبوه قائم) وفعلية، ك (زيد قام أبوه) وجارًّا ومجرورًا، ك (زيد في الدار) وظرف مكان، ك (زيد أمامك) في اسم الذات، و (العلم عندك) في اسم المعنى وظرف الزمان إذا كان المبتدأ اسم معنى، نحو (الرحيل غدا) . ص: الخامس اسم كان وأخواتها، [وهي] 3 أمسى وأصبح وأضحى وظلّ وبات وصار وليس مطلقا، وتالية لنفي أو شبهه زالَ ماضي يَزَالُ، وبرح وفتِئَ وانفكّ، وصلة ل (ما) الوقتية، نحو {مَا دُمْتُ حَيًّا} 4. ش: خامس المرفوعات ما رفعته (كان) وأخواتها، تشبيها بالفاعل، ويسمى اسمها، ونسبة الرفع إلى هذه الأفعال هو مذهب
البصريين1. وأما الكوفيون2 فإنهم لا يجعلون لهذه الأفعال عملا إلا في الخبر، لأن الاسم لم يتغير عما كان عليه. ويدل للبصرية أمران: الأول: أن كل فعل يرفع وقد ينصب وقد لا ينصب، وأما أنه ينصب ولا يرفع فلا. والثاني: اتصاله بها إذا كان ضميرا، نحو {كَانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ} 3 والضمير بالاستقراء لا يتصل إلا بعامله. وهذه الثلاثة عشر4 ثلاثة أقسام: قسم يعمل هذا العمل من غير شرط، وإليه أشار بقوله: (مطلقا) وهو الثمانية الأول منها. وقسم لا يعمله إلا بشرط أن يتقدمه نفي أو نهي أو دعاء، وإليه أشار بقوله: (وتالية لنفي أو شبهه) فأراد بشبهه النهي والدعاء. وهي الأربعة التالية للثمانية المذكورة (زال) ماضي (يَزَال) لا ماضي (يَزُول) ولا ماضي (يُزِيل) 5 فإنهما فعلان تامان. والأول منهما
قاصر1 28/ب والثاني متعد إلى واحد. و (بَرِحَ) و (فَتِىءَ) و (انْفَكَّ) . فالنفي، [نحو] 2 {وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ} 3 والنهي نحو قول الشاعر: 41- صَاحِ شمِّرْ ولا تَزَلْ ذاكر المو ... ت4................................... والدعاء، [نحو] 5: 2-......................................... ... ولازالَ مُنْهلاً بَجَرْعَائِكَ القَطْرُ6
والقسم الثالث: ما يعمل هذا العمل بشرط تقدم (ما) المصدرية الظرفية، وإليه أشار بقوله: (وصلة لما الوقتية (دام) نحو {مَا دُمْتُ حَيًّا} 1) أي مدة دوامي حيا. وسميت (ما) هذه مصدرية لكون (ما) 2تقدر بالمصدر، وهو الدوام. وظرفية لأنها تقدر بالظرف، وهو المدة. تنبيه: لم يصرح المصنف في (ما) الداخلة على (دام) 3باعتبار كونها مصدرية ولعله أحال على المثال، ورأى أن الوقتية يلزمها أن تكون مصدرية. والله أعلم. ص: ويجب حذف (كان) وحدها بعد (أمّا) في نحو أمّا أنت ذا نفر. ش: لما كانت (كان) هي أم الباب اختصت عن أخواتها بأمور: منها وجوب حذفها وحدها، أي مع بقاء اسمها وخبرها4.
وهذا هو مذهب الجمهور1، خلافا للمبرد2، فإنه جوَّز ذكرها3. وذلك4 في نحو: 43- ... أمّا أنت ذا نفر5 ... ................................... وأصله (افتخرت [عليّ] 6 لأن كنت ذا نفر) ثم قدمت العلة على
المعلول، لإفادة الاختصاص1، وقيل: لأن كنت ذا نفر افتخرت، ثم حذفت (كان) للاختصار فانفصل الضمير فصار (لأَن أنت ذا نفر) ثم حذف لام العلة للاختصار2 أيضا، وقيل: (أن أنت ذا نفر) ثم زيدت (ما) للتعويض من (كان) المحذوفة وأدغمت فيها النون لما بينهما من التقارب، فصار (أمَّا أنت ذانفر) 3. فإن قيل: قوله4 تحذف (كان) بعد (أمَّا) لا يصح، لأن (ما) كما علمت إنما زيدت للتعويض من (كان) المحذوفة، والإدغام مرتب على زيادتها، فلم توجد (أمَّا) إلا بعد حذف (كان) فكيف يصح أن يقال: تحذف بعد (أمَّا) . فالجواب: المراد أنه إذا وجد هذا التركيب وجب الحكم على (كان) بأنها محذوفة وأن موضعها بعد (أمَّا) أي بعد (أَنْ) المدغمة في (ما) قبل (أنت) فتأمّل. فإن قيل: ظاهر قوله: (في نحو أمّا أنت ذا نفر) أن حذفها مختص بضمير المخاطب، وأنه لا يكون مع ضمير المتكلم ولا مع الظاهر، فلا يقال: أمَّا أنا ذاهبا وأمَّا زيد قائما.
فالجواب أنه إنما خصّ ضمير المخاطب بالذكر لكونه لم يسمع من العرب حذفها إلا معه، وأما مع غيره فهو1 مقيس. وقد مثل سيبويه في الكتاب ب (أمَّا زيد ذاهبا) 2. فإن قيل: لِم كان الحذف هنا واجبا، وفيما سوى ذلك3 جائزا؟ فالجواب لأنهم عوضوا منها4 هنا (ما) وهم لايجمعون بين العوض والمعوض [منه] 5. ص: ويجوز حذفها مع اسمها بعد (إنْ) و (لو) الشرطيتين. ش: ومن الأمور التي اختصت بها (كان) جواز حذفها مع اسمها وإبقاء خبرها، وذلك كثير بعد (إنْ) و (لو) الشرطيتين قليل بعد غيرهما. مثال (إن) قولك: سِرْ مسرعا إن راكبا وإن ماشيا، وقولهم: "الناس مجزيون بأعمالهم إن خيرًا فخير وإن شرًّا فشر"6.
44- لا يَأْمَن الدهرَ ذو بغي ولو مَلِكًا ... جنودُه ضاق عنها السهلُ والجبلُ1 ومثال حذفها بدون (إنْ) و (لو) قوله: 45- مِن لدُ شَوْلاً2 ... ...................................... قدره سيبويه3: من لد أنْ كانتْ شولا
وظاهر كلام المصنف في الشرح1 تقييد جواز حذفها مع اسمها ب (إن) و (لو) فإنه قال: " وشرطه أن يتقدمها إنْ ولو". وقد عرفت2 أنه لا يمتنع حذفهما بعد غير3 (إنْ) و (لو) لكنه قليل. تتمَّة4: تحذف (كان) مع خبرها ويبقى اسمها، وهو ضعيف، كما تقدم. وتحذف مع اسمها وخبرها، وذلك بعد (إما) 5 في قوله: (افعل هذا إمّا لا) 6 أي إن كنت لا تفعل غيره، ف (ما) عوض من (كان) و (لا) هي النافية للخبر المحذوف. ص: وحذف نون مضارعها المجزوم إلا قبل ساكن أو ضمير متصل. ش: ومن الأمور التي اختصت بها (كان) أن نون مضارعها يجوز حذفها، ولكن بشروط:
أحدها أن يكون المضارع مجزوما، فلا تحذف من المرفوع والمنصوب. ثانيها أن يكون جزمه بالسكون، لا بالحذف، فلا تحذف مما جزم بحذف الآخر1. ثالثها: ألاّ يتصل آخرها بضمير نصب، فلا تحذف من نحو "إِنْ يَكُنْهُ فَلَنْ تُسَلَّطَ عَلَيهِ" 2 رابعها: ألا تتصل بساكن، فلا تحذف من نحو {لَمْ يَكُنِ اللهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ} 3. وخالف في هذا الشرط يونس4، متمسكا بنحو قوله:
46- فإن لم تَكُ المِرآةُ أبدت وَسَامةً ... فقد أبدت المرآةُ جَبْهَةَ ضَيْغَمِ1 فحذفت مع اتصال2 آخرها بساكن، وحمله الجماعة على الضرورة3. قال ابن مالك رحمه الله: "وبقوله أقول، لأنه ليس بضرورة، إذ كان يمكنه أن يقول: فإن تكن4 المرآة أخفت وسامة"5. قلت: وفيه نظر، لأن المرآة لا تتصف بإخفاء شيء، فلا يصح أن يراد هذا. والله أعلم. تنبيهان: الأول: لا فرق في هذا الحكم بين (كان) 6 الناقصة والتامة، ومن الحذف في التامة قوله تعالى: {وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا} 7.
الثاني: أطلق المصنف في المتن والشرح1 الجزم، ولم يقيده بالسكون ولابد منه، لكنه ترك القيد لأن الجزم بالسكون هو الأصل، فهو المتبادر عند الإطلاق. ص: السادس اسم أفعال المقاربة، وهي كاد وكَرَب وأوشك لدنو الخبر، وعسى واخلولق وحَرَى، لترجّيه، وطفِق وعَلَق وأنشأ وأخذ وجعل وهَبْ وهَلْهَلَ2 للشروع فيه. ش: الباب السادس من المرفوعات اسم هذه الأفعال. وتسميتها أفعال المقاربة مجاز من باب تسمية الشيء باسم جزئه3 تغليبا كتسميتهم الكلام كلمة، وذلك لأنها ثلاثة أقسام: قسم يدل على قرب الخبر، وهي الثلاتة الأول4، وقسم يدل على ترجّي الخبر5 وهي الثلاثة التي تليه6، وقسم يدل على الشروع فيه، وهو7 بقية الأفعال المذكورة، وكلها مشتركة في رفع الاسم ونصب
الخبر، ك (كان) . وإنما جُعِل لها باب على انفرادها لِمَا اشْتُرط في خبرها زيادة على خبر (كان) كما سيأتي بيانه في المنصوبات إن شاء الله تعالى. ص: السابع اسم ما حمل على (ليس) وهي أربعة (لات) في لغة الجميع ولا تعمل إلا في الحين بكثرة، أو الساعة أو الأوان بقلة، ولا يجمع بين جزأيها والأكثر كون المحذوف اسمها، نحو {وَلاتَ حِينَ مَنَاصٍ} 1. ش: السابع من المرفوعات اسم هذه الأحرف الأربعة التي حُمِلت على (ليس) فعملت عملها، وإنما حملت عليها لمشابهتها لها في نفي الحال غالبا. فمنها (لات) وأصلها (لا) ثم زيدت التاء لتأنيث اللفظ والمبالغة في معناه2. قال في التوضيح: "وعملها إجماع من العرب"3. وهو معنى قوله هنا: (في لغة الجميع) . ويشترط له شرطان: الأول أن يكون 29/ب معمولاها اسمي زمان، وذكر المصنف
أن1 الأكثر أن يكون ذلك الزمان لفظ الحين، ويقل كونه الساعة والأوان. وهذا منه كالتوسط في المسألة، فإن سيبويه2 رحمه الله نص على أنها لا تعمل إلا في الحين. فأخذ بعضهم3 بظاهره، وقصر عملها على لفظ الحين. وقال بعضهم4: المراد أسماء الزمان مطلقا، وهو ظاهر عبارة ابن مالك في التسهيل5حيث قال: "وتختص بالحين أو مرادفه". الثاني من الشرطين ألا يجتمع جزآها، أي اسمها وخبرها في الكلام، بل يجب حذف أحدهما. ويكثر حذف اسمها وإبقاء خبرها، نحو قوله تعالى: {وَلاتَ حِينَ مَنَاصٍ} 6 [بنصب (حين) ] 7 أي ليس الحين حين مناص.
ويقل عكسه، وعليه قُرئ {وَلاتَ حِينُ مَنَاصٍ} برفع حين1. ص: وما ولا النافيتان في لغة أهل الحجاز، و (إنْ) النافية في لغة أهل العالية، وشرط إعمالهن نفي الخبر وتأخيره، والاّ يليهنّ معموله وليس ظرفاً ولا مجروراً، وتنكير معمولي (لا) ، وألاّ يقترن اسم (ما) بإن الزائدة نحو {مَا هَذَا بَشَراً} 2 و (لا وَزَرٌ مما قضى اللهُ وَاقِيا) و (إنْ ذلك نافعَكَ ولاضَارّك) . ش: ذكر في هذا الكلام بقية الأحرف العاملة عمل (ليس) ، وهي ثلاثة (ما) و (لا) النافيتان في لغة الحجازيين3. و (إنْ) النافية أيضا في لغة أهل العالية4.
ولما اشتركت هذه الثلاثة1 في بعض الشروط واختص بعضها ببعض أخذ يذكر2 الشروط المشتركة أولاً، ثم ذكر الشروط المختصة. فأما الشروط المشتركة فهي ثلاثة: الأول نفي خبرهن، فلو انتقض النفي بإلا امتنع إعمالهن3، نحو {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاّ رَسُولٌ} 4 ولا5 رجلٌ إلا قائمٌ، وإنْ ذلك إلاّ نَافِعٌ لك. الثاني تأخر أخبارهن عن أسمائهن، كما مثل به، فلو تقدمت أخبارهن امتنع العمل. الشرط الثالث ألاّ يليهن معمول أخبارهن [بألاَّ يتقدم على أسمائهن وذلك لضعفهنّ في العمل، فلا يُتصرف في معمول أخبارهنّ] 6 بالتقديم. اللهم إلا أن يكون معمول أخبارهن ظرفا أو مجرورا، فإنه يجوز أن يَلِيهِنّ، ويتقدم على أسمائهنّ، لأنهم توسعوا في الظروف والمجرورات ما لم يتوسعوا في غيرها7.
وأما المختص من الشروط فمنه أنه يشترط1 في (لا) خاصة أن يكون اسمها وخبرها نكرتين، فلا تعمل في معرفة، فلا يقال: (لا زيد قائما) إلا قليلا كقوله: 47-.... .... لا الدارُ داراً ... ولا الجيرانُ جيرانًا2 ويشترط في (ما) خاصة ألا يقترن اسمها بإنْ الزائدة. فإن اقترن بها امتنع عملها، نحو قول الشاعر: 48- بني غدانة مَا إنْ أنتم ذهبٌ ... ولا صريفٌ ولكن أنتم الخزفُ3 وقد روي (ذهبا) بالنصب4، وأُوِّلَ على أنّ (إنْ) نافية مؤكدة ل (ما) لا زائدة5.
وقوله: (نحو) إلى آخره ذكر ثلاثة أمثلة للثلاثة الأحرف مستجمعة للشرائط مثالا ل (ما) وهو1 قوله تعالى: {مَا هَذَا بَشَرًا} 2 ف (هذا) اسمها و (بشرا) خبرها ومثله {مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ} 3. ومثالا ل (لا) وهو قول الشاعر: 49- ... .................. ... ولا وَزَرٌ مما قضى اللهُ واقِيا4 ومثله الشطر السابق عليه، وهو قوله: 49- تعزَّ فلاَ شيءٌ على الأرض باقيا ... .................................... ف (شيء) و (وَزَر) اسمان و (باقيا) و (واقيا) خبران. ومثالا ل (إن) وهو قوله: (إنْ ذلك نافِعَكَ) 5 ومثله القراءة الشاذة6
{إِنِ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ عِبَاداً أَمْثَالُكُمْ} 1. ف (ذلك) و (الذين) اسمان، و (نافعك) و (عبادا) خبران2. ص: الثامن خبر (إنّ) وأخواتها (أَنَّ) و (لكنَّ) و (كَأَنَّ) و (ليتَ) و (لعلَّ) نحو {إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ} 3. ش: الباب الثامن من المرفوعات خبر هذه الأحرف الستة التي تدخل على المبتدأ، فتنصبه ويسمى اسمها4، وعلى الخبر فترفعه، ويسمَّى خبرها5، وهذا طريقة البصريين6 من أنها عاملة في الجزأين. وطريقة الكوفيين7 30/أأنها ليست عاملة في الخبر، أي بل هو باق على رفعه، وقد تقدم نظير ذلك في (كان) وأخواتها8.
فالأول (إنَّ) بالكسر والتشديد، والثاني أَنَّ1 بالفتح والتشديد. ومعناهما التوكيد للنسبة ونفي الشك والإنكار عنها كقوله تعالى: {إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ} 2، وكقولك: إنّ زيدًا3 قائم. فإن قولك: زيد قائم بدونها4 يتطرق إلى النسبة في مثله شك وإنكار من السامع، فإذا جئت ب (إنَّ) أو (أنَّ) فقد أكدت تلك النسبة وصيرتها5، بحيث لا يليق معها شك أو إنكار لها6. والثالث (لكنّ) 7 وهو للاستدراك، نحو زيد شجاع لكنه بخيل، وللتوكيد نحو لو جاءني لأكرمته لكنه لم يجئ. والرابع (كأنّ) ومعناه التشبيه المؤكد8، لتركيبه من الكاف المفيدة للتشبيه و (أَنَّ) المفيدة للتوكيد9. والخامس (ليت) ومعناه التمني10، وهو طلب ما لا طمع فيه،
كقولك: ليت الشبابَ يعودُ، أو ما فيه بعد، كقول مَنْ لا يرجو مالا 1: ليت لي مالا فأحج منه. والسادس (لعل) ومعناه التوقع، ولا يكون إلا في الممكن، وهو الترجي في المحبوب والإشفاق في المكروه2. ص: ولا يجوز تقديمه مطلقا، ولا توسطه إلا إن كان ظرفا أو مجرورا نحو {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً} 3 {إِنَّ لَدَيْنَا أَنْكَالاً} 4. ش: هاتان مسألتان مختصتان5 بخبر هذه الأحرف. المسألة الأولى: أنه لا يجوز تقديم خبرها عليها مطلقا، أي سواء كان ظرفا أو مجرورا أو غيرهما، فلا يقال: قائم إن زيدا ولا في الدار إن زيدا. وسبب ذلك ضعف هذه الأحرف عن تقديم معموليها، وإن كانت عاملة عمل الأفعال، أي رافعة وناصبة، لكونها لم تَقْو قوتها6. المسألة الثانية: أنه لا يجوز توسط خبرها بينها وبين اسمها، لضعفها أيضا، إلا أن يكون الخبر ظرفا أو مجرورا فيجوز، لأجل التوسع في الظروف
والمجرورات كما تقدم، فلا يقال: إنّ قائمٌ زيدًا، ويجوز إنّ في الدار زيدًا وإنّ عندك عمرًا1 ومثله {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً} 2 و {إِنَّ لَدَيْنَا أَنْكَالاً} 3. وقد يجب ذلك4 لعارض، نحو إنّ في الدار صاحبَها، لئلا يعود الضمير على متأخر لفظا ورتبة 5. ص: وتكسر (إن) في الابتداء وفي أول الصلة والصفة والجملة الحالية والمضاف إليها ما يختص بالجمل، والمحكية بالقول وجواب القَسَم والمخبر بها عن اسم عين، وقيل اللام المعلقة. ش: ذكر في هذا الكلام المواضع التي يجب كسر همزة (إنّ) 6 فيها وضابط ذلك أنه لا يجوز7 أن يسد المصدر مسدّها ومسدّ معموليها وذكر المصنف من صور هذا الضابط تسعة 8: الأولى: أن تقع (إن) في الابتداء، إما حقيقية، نحو {إنّا
أَنْزَلْنَاهُ} 1 أو حكمها، نحو {أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ} 2: الثانية: أن تقع في ابتداء الصلة، نحو جاء الذي إنه فاضل، لأن الصلة لا تكون إلا جملة. بخلاف الواقعة في أثناء الصلة، نحو [جاء3] الذي عندي أنه فاضل؛ لأنها هي ومعمولاها حينئذ في تأويل المصدر، أي عندي فضله. الثالثة: أن تقع في ابتداء الصفة، نحو جاءني رجلٌ إنه فاضلٌ 4 بخلاف الواقعة في أثناء جملة الصفة، نحو جاء رجل عندي أنه فاضل. الرابعة: أن تقع في أول الجملة الحالية، سواء اقترنت بالواو، كجاء زيد وإنه راكب، أو لم تقترن بها، نحو {إِلاّ إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَام} 5. بخلاف الواقعة في أثنائها، كجاء زيد وعندي أنه ماش 6.
الخامسة: أن تقع في أول الجملة المضاف إليها ما يختص بالجُمل، ك (إذْ) و (حيثُ) نحو جلست إذْ إن زيدًا جالس. فإن وقعت في أثناء هذه الجملة فُتِحت، نحو جلست حيث 30/ب اعتقادي أنك جالس1. وقوله: والصفة والمضاف إليها وما بينهما مجرورات بالعطف على الصلة فيستفاد تقييد كسر (إن) لوقوعها في أول كل 2 منها. السادسة: أن تقع محكية بالقول3، نحو {وَقَالَ اللهُ إِنِّي مَعَكُم} 4. فإن ذُكرتْ بعد القول للتعليل فُتحت، لأنها حينئذ غير محكية، نحو (أَخصُّك بالقول أنك وَليٌّ) أي لأنك. وعن هذه احترز بقوله: (والمحكية) . السابعة: أن تقع جوابا لقَسَم، سواء كان مع اللام، نحو {وَالْعَصْرِ إِنَّ الإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ} 5: أو بدون اللام نحو {حم وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ إنَّا أَنْزَلْنَاهُ} 6. فإن قيل: أطلق المصنف وجوب الكسر في جواب القسم، وقد ذكر في
توضيح الألفية1 أنه يجوز الوجهان بعد فعل القسم، حيث لا لام، نحو قوله: 50- أو تحلفي بربِّكِ العَلِيِّ ... أنِّي أَبُو ذَيَّا لِكِ الصَّبِيِّ 2 وهو ينافيه. فالجواب لا منافاة لأن من فتح3 جعلها مجرورة ب (على) أي على أني4 فإطلاقه صحيح. الثامنة: أن تقع خبرا عن اسم عين، نحو زيد إنه فاضل5. بخلاف اسم المعنى، لأن الواقعة خبرا عنه فيها تفصيل ستعلمه 6، إن شاء الله تعالى7. التاسعة: أن تقع قبل لام معلّقة للفعل 8، نحو {وَاللهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ
وَاللهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ} 1. ص: وتكسر أو تفتح بعد (إذا) الفجائية والفاء الجزائية، وفي نحو أول قولي إني أحمد الله. ش: ذكر أن (إن) يجوز فيها الوجهان أي الكسر والفتح في ثلاث مسائل. وضابطها أن يصح اعتبار أن يسد المصدر مسدها ومسد معموليها واعتبار عدمه، كما أن ضابط وجوب الفتح أن يتعين اعتبار مسد المصدر مسدها ومسد معموليها كما سيتبين لك 2. المسألة الأولى: أن تقع بعد (إذا) الفجائية، كقولك: (خرجت فإذا إنَّ زيدًا واقف) فيجوز فتح (إن) وكسرها. فالفتح على التأويل بمصدر مرفوع بالابتداء والخبر محذوف، أي فإذا وقوفه حاصل، والكسر على عدم التأويل، أي فإذا هو واقف. قال ابن مالك 3: والكسر أولى لأنه لا يحوج إلى تقدير 4. المسألة الثانية: أن تقع فاء الجزاء، نحو قوله تعالى: {فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} 5
بعد قوله: {مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءاً بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ} . وقد قرىء بالوجهين1 فالكسر2 على جعل ما بعد الفاء جملة تامة. والفتح على التقدير بمصدر هو خبر مبتدأ محذوف تقديره فجزاؤه الغفران والرحمة، أو مبتدأ خبره محذوف أي فالغفران والرحمة جزاؤه. قال ابن أم قاسم: (والكسر أحسن في القياس) 3. المسألة الثالثة: نحو (قولي: إني أحمد الله) مما وقعت فيه خبرا عن قول ومخبر عنها بقول، وقائل4 القولين واحد. فيجوز الكسر على معنى أول قولٍ أفتتح به هذا المفتتح بأني 5. فلا يصدق على حَمْد بغير هذا اللفظ. والفتح على تقدير أول قولي حَمْدُ الله، فيصدق على أي قول تضمن حمداً. فلو لم تقع خبرا عن قول نحو (عملي6 أني أحمد الله)
فُتحت1 أو لم يخبر عنها بقول، نحو قولي: إني مؤمن، وجب الكسر 2 أو اختلف القائل، نحو قولي إنّ زيدا يحمد الله، كسرت 3 أيضا. ص: وتفتح في الباقي. ش: لما ذكر مواضع الكسر ومواضع جواز الوجهين ذكر أنّ [أنّ] 4 تُفتح في الباقي أي وجوبا، كما اقتضاه كلام المتن، وصرح به في الشرح5. يعني أنه يتعين فتح (أنَّ) فيما عدا ما ذكره من مواضع وجوب الكسر ومواضع جواز الوجهين. وهذا يشكل بذكرهم6 جواز الوجهين في مواضع أخر 7 غير هذه الثلاثة التي ذكرها المصنف، كأن تقع في موضع التعليل، نحو قوله تعالى: 31/أ {إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ} 8 فالكسر على أنه تعليل
مستأنف، والفتح على تقدير لام العلة، أي لأنه. وكالواقعة بعد (حتّى) أو بعد أمّا1 أو بعد (لا جرم) 2 أو بعد فعل3 قَسَم لا لام بعده4 أو بعد واو مسبوقة بمفرد صَلُح5 للعطف عليه، نحو {إِنَّ لَكَ أَلاّ تَجُوعَ فِيهَا وَلا تَعْرَى وَأَنَّكَ لا تَظْمَأُ فِيهَا} 6. قال بعضهم7، بعد أن حكى ما في8 شرح الشذور9 من10 الاقتصار على الثلاثة المواضع11 المذكورة، وما في التوضيح12 من كون
مواضع الوجهين تسعة: " والظاهر أن المذكور في شرح الشذور هو الوجه، لأن حكم هذه المسائل الثلاثة1 غير معلوم2 من وجوب الكسر ولا من وجوب الفتح3 وما ذكر فيه جواز الوجهين غير هذه الثلاثة فحكمه معلوم إما4 من وجوب الكسر وإما من وجوب الفتح"5 انتهى. وفيه نظر، لأن كل واحد من المواضع التسعة التي ذكر فيها جواز الوجهين لا يخرج بوجه الكسر فيه عن المذكور في مواضع الكسر كما أنه لا يخرج بوجه الفتح فيه عن المذكور في مواضع6 الفتح، فتأمّل. إذا علمت ذلك فمما يتعين فتح (أَنَّ) فيه أن تقع فاعلة أو مفعولة أو نائبة عن الفاعل أو خبرا عن اسم معنى7 أو مبتدأة أو مجرورة بالحرف أو الإضافة أو بدلا أو معطوفة. لتعين مسد المصدر مسدها ومسد معموليها، في8
هذه المواضع. ولا يجوز الكسر في شيء منها لما علمت1. الأمثلة {أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا} 2 {وَلا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللهِ} 3 {قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ} 4، (اعتقادي أنه فاضل) 5 {فَلَوْلا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ} 6 {ذَلِكَ بِأَنَّ اللهَ هُوَ الْحَقُّ} 7 {مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ} 8 {وَإِذْ
يَعِدُكُمُ اللهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ} 1 {اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ} 2. ص: التاسع خبر (لا) التي لنفي الجنس، نحو لا رجلَ أفضلُ من زيد، ويجب تنكيره كالاسم، وتأخيره، ولوظرفا، ويكثر حذفه إن عُلم، وتميم لا تذكره حينئذ. ش: التاسع من المرفوعات خبر (لا) التي لنفي الجنس، لأنه تقدم3 أنها تعمل عمل (إن) إذا كانت نافية للجنس4 على سبيل التنصيص. فإذا كانت غير نافية5 فلا عمل لها. وإذا كانت نافية للوحدة أو للجنس لا على سبيل التنصيص عملت عمل (ليس) . مثال المستجمعة6 للشرائط (لا رجلَ أفضلُ من زيد) .
وقوله: (ويجب تنكيره) إلى آخره ذكر فيه ثلاثة أحكام1 تتعلق بخبر (لا) 2. الحكم الأول: أنه يجب تنكيره كما يجب تنكير اسمها لما قدَّمنا من أنها لا تعمل إلا في النكرات مطلقا. الحكم الثاني: أنه يجب تأخيره عن الاسم، لضعفها في العمل فضعفت3 عن تقدم أخبارها. وإنما قلنا: إنها ضعيفة في العمل لأنها حرف مشترك، أي يدخل على الأسماء وعلى الأفعال، والقاعدة أن الحروف التي ليست مختصة لا تعمل. لكنها عملت على غير القياس الرفعَ تارة4 والنصبَ أخرى5، كما تقدم. فلا يجوز أن يتقدم خبرها على اسمها، ولو كان خبرها ظرفا أو مجرورا. الحكم الثالث: أنه يكثر حذفه6 إن عُلم، لأنه حَذْفٌ لدليل. بخلاف7 ما إذا جُهل، فإنه يجب ذكره عند جميع العرب8، لأنه
حذف لغير دليل. وسواء في ذلك الظرف وغيره على الصحيح1، خلافا لمن فصّل2. ومثال الحذف قوله تعالى: {قَالُوا لا ضَيْرَ} 3. وما ذكر من جواز ذكره إن عُلِم هو مذهب الحجازيين4. ومذهب التميميين والطائيين5 وجوب حذفه حينئذ6، استغناء عن ذكره بالعلم به7. وهذا معنى قوله: (وتميم لا تذكره) . ص: العاشر المضارع إذا تجرد عن ناصب وجازم. ش: العاشر من المرفوعات الفعل المضارع المجرد من الناصب
والجازم، الآتي بيانهما. وقد اختلف 31/ب في رافعه1. فذهب البصريون2 إلى أنه حلوله محل الاسم. وذهب الكوفيون3 إلى أنه تجرده من الناصب والجازم. وذهب ثعلب4 إلى أنه مضارعته للاسم. وذهب الكسائي5 إلى أنه حرف المضارعة. ورجح ابن مالك رحمه الله تعالى مذهب الكوفيين6، قال7: (لسلامته مما يرد على مذهب البصريين من النقض، وبيانه إما أن8 يريدوا بمحل الاسم محلا هو للاسم9 بالأصالة، وإن مَنَعَ الاستعمال منه أو10
يريدوا محلا هو للاسم1 مطلقا. فإن أرادوا الأول انتقض ب (لو) وأدوات التحضيض، فإنه يرتفع بعدها مع أنه ليس للاسم بالأصالة. وإن أرادوا الثاني انتقض ب (إنْ) الشرطية، فإنه لا يرفع بعدها، مع أن الاسم يقع بعدها في الجملة، نحو {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ} 2 انتهى3. فإن قال قائل4: إن ما ذكره الكوفيون باطل أيضا، لأن التجرد أمر عَدَمي والرفع وجودي، والعَدَمي لا يُعَلَّل به الوجودي. أجيب5 بأنا لا نُسَلَّم ذلك، بل يجوز تعليل الأمور الوضعية بالأعدام. سلّمنا6 أنه لا يجوز، فلا نسلم أن التجرد من الناصب والجازم عَدَمي، لأنه عبارة عن استعمال المضارع على أوّل أحواله، مخلصا عن لفظ يقتضي تغييره،
واستعمال الشيء والمجيء به على صفة ما ليس عدميا1. وقد يكون الفعل المضارع مجزوما بجازم مقدر، فيُظن أنه مجزوم مع تجرده، كقوله: 51- محمدُ تَفْدِ نَفْسَكَ كُلُّ نَفْسٍ ... إِذَا مَا خِفْتَ مِن شَيءٍ تَبَالاَ2 أي لتفد3. وقد تحذف الضمة4 لضرورة الشعر، فيسكّن5 ويصير على صورة
المجزوم المجرد، كقول امرىء القيس: 52- فاليومَ أشربْ غيرَ مُسْتَحْقِبٍ ... إثمًا من الله ولا وَاغِل1 والله أعلم 2.
المجلد الثاني
المجلد الثاني باب المنصوبات ... ص: باب المنصوبات خمسة عشر، أحدها المفعول به، وهو ما وقع عليه فعل الفاعل، ك (ضربت زيدا) . ش: لما فرع من المرفوعات شرع في ذكر المنصوبات. وبدأ منها بالمفاعيل، لأنها الأصل في النصب، وغيرها محمول عليها كما1 ذكرنا مثل ذلك في الفاعل2. وبدأ من المفاعيل بالمفعول به. قال3: "لأنه أحوج إلى الإعراب لإزالة التباسه4 بالفاعل". وحدّه بقوله: (هو ما وقع عليه.) إلى آخره. وهو5 بعينه حد ابن الحاجب6، رحمه الله تعالى. وفسَّر الوقوع في الشرح7 تبعا له أيضا8 بتعلقه بما لا يعقل إلا به. وأُورد على هذا التفسير أمران9: الأول: أنه يقتضي أن يكون المجرور في قولك: (قربت من زيد)
و (بعدت من عمرو) 1 و (سرت2 من البصرة إلى الكوفة) مفعولا به3، وليس في الاصطلاح مفعولا به، وإن صحّ أن يقال: إنه مفعول به بواسطة حرف الجر. الأمر الثاني: أنه يقتضي أن يكون (عمرو) من قولك: اشترك زيد وعمرو4 مفعولا به لأن معنى (اشترك) 5 لا يفهم بعد إسنادك6 إياه إلى (زيد) إلا بعد ذكر (عمرو) وليس (عمرو) 7 في هذا المثال بمفعول به. وقد يجاب عن الأمرين معا بأن المفهوم من قوله: (تعلقه) تعلقه8 بنفسه من غير واسطة، وهذا ظاهر، فيخرجان لأنهما بواسطة حرفي الجر والعطف. والله أعلم. وخرج بقوله: (ما وقع عليه فعل الفاعل) بقية المفاعيل. فإن المفعول المطلق هو نفس فعل الفاعل، والمفعول له وقع لأجله
فعل الفاعل، والمفعول معه وقع الفعل معه1، والظرف وقع فيه. ولا يعترض على هذا الحد بنحو (ما2 ضربت زيدا) . لأن الفعل إن أريد به لفظه الذي هو (ضَرَب) فهو مندفع عن المفعول3 وإن أريد به4 لفظ5 الفاعل والمفعول، فلا شك في اندفاعه أيضا6. تنبيهان: الأول: قوله (المفعول به) الضمير فيه يعود على الألف واللام، أي الذي 32/أيفعل به فعل ويوقع عليه7. وكذا الكلام في بقية المفاعيل. الثاني: العامل في المفعول به الفعل أو شبهه على الأشهر8، وإليه
يشير كلام المصنف، كما سيأتي1. وقال الفراء2: هو الفعل والفاعل3. وقال بعض الكوفيين4: إن عامله كونه مفعولا به. ص: ومنه ما أضمر عامله جوازا، نحو5 {قَالُوا خَيرًا} 6 ووجوبا في مواضع منها باب الاشتغال7 نحو {وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ} 8. ش: لما قرر أن المفعول به ما وقع عليه فعل الفاعل، وكان في هذه
العبارة إشعار بأنه العامل فيه، على ما هو الأشهر، كما بيّنا، أخذ يفرع1 على ذلك أن الفعل الذي هو العامل قد يحذف يعنى إذا علم. وحذفه على ضربين جائز وواجب: فالضرب الأول إما أن يكون لقرينة حالية، كقولك للمتأهب2 للحج، مكَّةَ بإضمار (تريد) . أو مقالية، كقولك: (زيدًا) لمن قال: من ضربت؟ أي ضربت زيدًا، ومنه قوله تعالى: {قَالُوا خَيرًا} 3 أي أنزل ربُّنَا خيرا4، جوابا ل {مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ} 5. والضرب الثاني واقع في ستة مواضع: الأول: المنصوب في باب الاشتغال، وهو الذي أشار إليه الشيخ بقوله نحو: {وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ} 6. وهو المنصوب بمفسَّر بعامل مشتغل بملابس المنصوب المذكور عنه7 ف (كل إنسان) عامله محذوف وجوبا وهو مفسَّر بأَلزَم وهم لا يجمعون
بين المفسِّر والمفسَّر. وإنما جعل العمل للمحذوف لاشتغال1 المذكور بالعمل في الضمير. ومثله (زيداً ضربته) 2 و (عمرًا مررت به) و (خالدًا ضربت رجلا يحبه) 3. وقال الفراء: الفعل المذكور عامل في الظاهر وضميره4. ورُدَّ عليه بأن المتعدّي لواحد يصير متعديا لاثنين5. وقال الكسائي6: هو العامل في الظاهر والمضمر7 ملغى. ورُدَّ عليه بأن الشاغل قد يكون ظاهرا لا ضميرا، نحو زيداً ضربت غُلاَمَه، فلا يستقيم إلغاؤه عن عمل العامل. وسيأتي في باب عمل الفعل الكلام على هذا الباب مستوفى8، إن
شاء الله تعالى1. تنبيه: قوله: (في مواضع) أراد به المنصوبات أنفسها، كما قررنا لا أبوابها، بدليل قوله2: (والمنادى، والمنصوب بأخص، والمنصوب باتّق) إلى آخره والله أعلم. ص: والمنادى وإنما يظهر نصبه إذا كان مضافا أو شبهه أو نكرة نحو يا عبدَ الله ويا طالعًا جبلاً، وقول الأعمى يا رجلاً خذ بيدي. ش: الموضع الثاني من المواضع الستة التي يجب فيها حذف عاملها3 المنادى أي مطلقا، سواء كان مفردا أو غير مفرد، معرفة أو نكرة. لكن بعضه يَظهر نصبه، وبعضه يُقَدَّر نصبه. فالمقدر النصب هو المبني على الضم، وقد تقدم في المبنيات4. والظاهر5، المضاف، ك (يا عبدَ الله) ومثله (يا غلامَ زيدٍ) وشبه المضاف، وهو ما اتصل به شيء من تمام معناه، ك (يا طالعًا جبلاً) ومثله (يا رفيقاً بالعباد) . والنكرة غير المقصودة، كقول الأعمى: يا رجلا خذ بيدي.
وانتصاب المنادى على أنه مفعول به، وناصبه الفعل المقدر، وهو مذهب سيبويه1. وأصله: ياأدعو زيدا، فحذف الفعل حذفا لازما، لكثرة الاستعمال، ولدلالة حرف النداء عليه وإفادته فائدته. وجعل المبرد2 الناصب له حرف النداء. وعلى هذا3 لا4 يكون مما حذف عامله. وعلى المذهبين5 (يازيد) جملة، وليس المنادى أحد جزءي الجملة، فعند سيبويه جزءا الجملة وهما الفعل والفاعل مقدّران6. وعند المبرد حرف النداء سدَّ مسدَّ الفعل فقط، والفاعل مقدر، وهذا مفهوم من تقديرهما7، فتفطن له.
ص: والمنصوب ب (أَخصّ) بعد ضمير المتكلم،1 32/ب ويكون بأل، نحو نحن العربَ أقرى الناس للضيف، ومضافا نحو "نحن معاشرَ الأنبياء لا نورث ما تركناه صدقة"2. و (أَيًّا) فيلزمها ما يلزمها في النداء، نحو أنا أفعلُ كذا أيُّها الرجل وعَلَماً قليلا، فنحو (بك اللهَ أرجو الفضل) شاذ من وجهين. ش: الثالث مما حذف عامله وجوبا المنصوب على الاختصاص. وهو اسم معمول ل (أَخُصُّ) واجب الحذف3. ويكون بأل نحو (نحن العربَ أقرى الناس للضيف) . ويكون مضافا، نحو "نحنُ مَعَاشرَ الأنبياءِ لا نُورثُ." 4 ويظهر فيهما النصب. ويكون5 (أيًّا) و (أيّةً) فيلزمهما ما يلزمهما6 في النداء7،
فيُضَمَّان وجوبا ويُوصفان لزوما باسم واجب الرفع محلى بأل. نحو (أنا أفعلُ كذا أيُّها الرجل) . و (اللهم اغفر لنا أيَّتها العصابة) . ويفارق1 المنادى في أحكام لفظية، وفي المعنى أيضا2. فأما الأحكام اللفظية: فمنها أنه ليس معه حرف نداء، لا لفظا ولا تقديرا3. ومنها أنه لا يقع في أول الكلام، بل في أثنائه، نحو4 (نحن معاشرَ الأنبياء) أو بعد تمامه كما في5 (أنا أفعلُ كذا أيُّها الرجلُ) . ومنها أنه يشترط أن يتقدم عليه اسم بمعناه، ويغلب في ذلك الاسم كونه ضمير متكلم، ولهذا قال المصنف: (بعد ضمير متكلم) . ومنها أنه يقلّ كونه علما6، ولهذا قال: (وعلما قليلا) . ومنها نصبه مع كونه مفردا7، كما في (نحن العربَ) و (بِك اللهَ) . ومنها أن8 يكون بأل قياسا9.
وقوله: (بك الله أرجو1 الفضل، شاذ من وجهين) . الوجهان هما كونه بعد ضمير مخاطب، وكونه علما. وأما مفارقته للمنادى في المعنى فلأن الغرض من ذكره تخصيص مدلوله من بين أمثاله بما نسب إليه، ف (أيها الرجل) مثلا، و (أيتها العصابة) لم يرد بهما المخاطب، بل أريد بهما ما دل عليه ضمير المتكلم السابق2، وهو (أنا) و (نحن) 3 في المثالين السابقين4. فتأمّل ذلك. ص: والمنصوب بالزم أو باتّق إن كرر أو عطف عليه أو كان إياك 5 نحو السلاحَ السلاحَ 6، ونحو السيفَ والرمحَ، ونحو الأسدَ الأسد 7،
ونحو {نَاقَةَ اللهِ وَسُقْيَاهَا} 1 وإياك من الأسد. ش: الرابع والخامس مما حذف عامله وجوبا المنصوب ب (الزم) والمنصوب ب (اتَّقِ) . أما المنصوب ب (الزم) فالمراد به المنصوب على الإغراء. والإغراء تنبيه المخاطب على فعل محمود ليفعله2. وأما المنصوب ب (اتَّقِ) فالمراد به المنصوب على التحذير. والتحذير تنبيه المخاطب على أمر مذموم ليجتنبه3. ويشترك الأمران4 في وجوب الحذف فيهما عند العطف أو التكرار، وينفرد التحذير بوجوب الحذف فيه إذا كان بلفظ (إياك) 5 وما عدا ذلك يجوز فيه إظهار العامل. مثال التكرار في الإغراء، نحو السلاحَ السلاحَ. ومثال العطف فيه: (السيفَ والرمحَ) . ومثال التكرار في التحذير الأسدَ الأسدَ6. ومثال العطف فيه قوله تعالى: {نَاقَةَ اللهِ وَسُقْيَاهَا} 7.
ومثال (إياك) قولهم: إياك من الأسد. ومثال الجائز1 في الإغراء قولك: (الصلاةَ جامعةً) وإن شئت ذكرت فقلت: احضروا الصلاة أو نحوه. ومثاله في التحذير قولك: الأسدَ، وإن شئت ذكرت العامل2، فقلت: احذر الأسد. تنبيهات: الأول: لما كان في الإغراء حث على الفعل قدِّر عامله (الزم) ونحوه3 (افعل) و (ائْت) . ولما كان التحذير عكسه قُدِّر عامله (اتّق) ونحوه (اجتنب) و (باعد) إشارة إلى حقيقتهما مع الاختصار4. الثاني: قد عُلم مما 33/أقدمناه5 أن التحذير إذا كان ب (إياك) أو إحدى أخواتها6 فإنه لا فرق في حذف العامل بين أن تعطف أو
تكرر1 أوْلا2. ولكن لابد من اعتبار حذف آخر مع حذف الفعل العامل. فإذا قلت: إياك والأسد، فالأصل: احذر تلاقي نفسِك والأسد، ثم حذف الفعل وفاعله ثم المضاف الأول3 وأنيب الثاني، ثم الثاني4 وأنيب الثالث فانتصب الضمير5 وانفصل. وإذا قلت: إياك من الأسد، فالأصل باعد نفسك من الأسد، ثم حذف الفعل وفاعله6 والمضاف، فانفصل الضمير7. وقيل: التقدير (أحذرك من الأسد) 8. فنحو (إياك الأسد) يمتنع9 على التقدير الأول، وهو مذهب
الجمهور1 وجائز على التقدير الثاني2. ونحو (إياك أن تفعل) جائز على المذهبين3، لكون (أنْ) يحذف معها الجارّ4 قياسا مطردا5. الثالث: فهم أيضا مما تقد أن (إيًّا) في هذا الباب لا تكون لمتكلم ولا لغائب وشذّ نحو قوله6: (وإيَّايَ وأن يحذفَ أحدُكم الأرنب) 7.
وقول بعضهم1: (إذا بلغ الرجل الستين فإيَّاه وإيَّا الشوابّ) 2. ص: والواقع في مَثَلٍ أو شبهه، نحو (الكلابَ على البقر) و (انته خيرًا لك) . ش: السادس3 من المواضع التي يحب حذف عاملها المفعول4 الواقع في مَثَل أو شبهه محذوف العامل، فإنه لا يجوز ذكر عامله، لأن الأمثال لا تُغيَّر، وكذا ما جرى مجراها. والمثل قول مركب مشهور شُبِّه مضربه بمورده5. وهو من الاستعارة التمثيلية6.
كقولهم: (الكلابَ على البقر) 1 و (الصيفَ ضيَّعتِ اللبنَ) 2 و (كِلَيهما وتمرا) 3 و (امرءًا ونفسه) 4. وأما5 ما جرى مجرى المثل فهو كل كلام اشتهر، فبسبب شهرته شُبّه بالمثل فأعطي حكمه، من أنه لا يغير، نحو {انْتَهُوا خَيْراً لَكُمْ} 6. وقد قدّر سيبويه7 العامل8 في هذه الآية (انتهوا عن التثليث وائتوا
خيرا لكم) 1. والكسائي قدره: (انتهوا2 يكن خيرا لكم) . قال بعضهم3: "وليس ذلك بوجه، لأن (كان) لا تقدر قياسا" أي4 في مثل هذا التركيب. وقال الفراء5:"لو كان على تقدير (كان) لجاز اتق الله محسنا"6. ص: الثاني المفعول المطلق، وهو المصدر الفضلة المؤكد لعامله أو المبيّن لنوعه أو عدده، ك (ضربت ضربًا) أو (ضربَ الأميرِ) أو (ضربتين) . ش: الباب الثاني من المنصوبات المفعول المطلق. وقيل له: (مطلق) لعدم تقييده بالجار، إذ يصدق عليه لفظ (مفعول) من غير7 صلة تُضَمّ إليه، بخلاف غيره من المفاعيل، إذ يقال: مفعول به وله وفيه ومعه. وعرّفه بقوله: (المصدر) إلى آخره.
فقوله: (المصدر) كالجنس. وقوله: (الفضلة) يخرج ما كان عمدة من المصادر، نحو ركوعك ركوع حسن1. وقوله: (المؤكِّد) إلى آخره يخرج ما عداه2 من المصادر الواقعة فضلة في الكلام، نحو قمت إجلالاً لك، وكرهت قيامك. فإن (إجلالا) و (قيامك) مصدران3 فضلتان، ولكنهما غير مؤكدين ولا مبينين لنوع ولا عدد4. ويخرج ما كان من المصادر مؤكِّدا5 لموافقه، نحو كرهت الفجورَ الفجورَ، فإنه وإن كان مؤكِّدًا لكن6 لا لعامله7. واستفيد من قوله: (المؤكد) إلى آخره أن المفعول المطلق ثلاثة أقسام8: مؤكِّد لعامله، ك (ضربت ضربًا) .
ومبيِّن لنوعه، ك (ضربت ضربَ الأمير) . ومبين لعدده، ك (ضربت ضربتين) . ومعنى كونه مؤكدا لعامله1 أنه مؤكد للمصدر الذي تضمنه العامل من غير زيادة، لأنك إذا قلت: (ضربت) فكأنك2 قلت: أحدثت ضربًا، فإذا قلت: ضربًا صار مجموع ذلك بمنزلة قولك: أحدثت ضربًا ضربًا3. فظهر أنه تأكيد للمصدر المتضمَّن4 خاصة، لا للإخبار5 والزمان اللذين تضمَّنهما6 الفعل أيضا. والمراد بمبيِّن النوع هو المختص، واختصاصه إما بإضافة، ك (ضرب الأمير) أو بنعت، نحو (ضربًا شديدًا) أو بالألف واللام، نحو (ضربته الضربَ) أي الضرب الذي تعرفه7، ونحو ذلك. ومعنى كونه مبينا لعدده أنه دال على عدد المرات، معينا كان،
ك (ضربت ضربتين) أو1 لا، ك (ضربت ضرباتٍ) فإنه دال على عدد 33/ب من الضربات مبهم. تنبيهان: أحدهما 2: أن المصدر المؤكد يسمى المبهم3، والمبين للعدد يسمى المعدود، والمبين للنوع يسمى المختص. وجعل المعدود مقابلا للمختص هي طريقة لبعضهم4. والظاهر كما في التسهيل5 إدراجه تحت المختص6. وعلى هذا فالمصدر قسمان مبهم ومختص، والمختص قسمان معدود وغير معدود. ثانيهما في نسبته7 كغيره من النحاة التأكيد للفعل توسع، لأنه
ليس إلا تأكيدا للمصدر الذي في ضمنه، كما علمت. ص: وما بمعنى المصدر مثله نحو 1 {فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ} 2 {وَلا تَضُرُّوهُ شَيْئاً} 3 {فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً} 4. ش: لما قرر الشيخ أن المفعول المطلق هو المصدر، وكان بعض ماليس بمصدر مما له دلالة على المصدر ينتصب مفعولا مطلقا، ذكر ذلك بقوله: (وما بمعنى المصدر مثله) أي في الانتصاب على المفعولية المطلقة. فمن ذلك (كل) 5 وهو مما ناب عن المصدر المبيِّن للنوع6، نحو قوله تعالى: {فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْل} 7 وقول الشاعر: 53- وقد يجمع الله الشتيتينب عدما ... يظنان كلّ الظن ألاّ تلاقيا8
ومنه أيضا ما دل على المصدر من النكرات المفيدة للعموم، لكونها في سياق النفي أو شبهه1 نحو {وَلا تَضُرُّوهُ شَيْئاً} 2 أي لا تضروه بنوع من أنواع الضرر3. ومنه وهو مما4 ناب عن المصدر المبيّن للعدد وهو نفس العدد نحو قوله تعالى: {فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَة} 5 ونحو ضربته ثلاثين ضربة. تنبيهان: الأول6: ما ذكره المصنف من أمثلة ما ناب عن المصدر في الانتصاب مفعولا مطلقا خاص بقسمي7 المبيِّن كما علمت والمصدر المؤكِّد كالمبيِّن في أن ما يدل عليه ينتصب مفعولا مطلقا نائبا عنه. فمن ذلك المرادف، نحو قعدت جلوسًا. ومنه المشارك له في مادّته، نحو {وَاللهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الأَرْضِ نَبَاتاً} 8 ونحو
{تَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلاً} 1. الثاني: ظهر مما ذكره المصنف رحمه الله أن بين المصدر والمفعول المطلق2 عموما وخصوصا من وجه، فيجتمعان في نحو (ضربت ضربا) 3 ويوجد المصدر بدون المفعول المطلق في نحو (قعودك حسن) ويوجد المفعول المطلق بدون المصدر في نحو4 (ضربته سوطا أو عصا) 5. والله أعلم. ص: الثالث المفعول له، وهو المصدر الفضلة المعلِّل لحدث شاركه في الزمان والفاعل، كقمت إجلالا لك. ش: الثالث من المنصوبات المفعول له، يقال له: المفعول لأجله ومن أجله. وحدّه الشيخ بقوله: (المصدر) إلى آخره. فالمصدر كالجنس، وخرج به نحو6 جئتك للسمن والعسل. و (الفضلة) كالفصل، مخرج لما كان عمدة من المصادر. وقوله: (المعلل لحدث) يخرج المفعول المطلق وغيره من المفعولات،
فإنه لا تعليل فيها1. وقوله: (شاركه2 في الزمان والفاعل) مخرج ما اختلف فيه زمان العلة والمعلول، نحو: 54-...... وقد نضّت لنوم ثيابها3 ... ........................... وما اختلف فيه فاعلهما، نحو: 55- وإني لتعروني لذكراكِ هِزةٌ4.. ... ............................
فإنه وإن صدق عليهما أنه فُعِل لأجلهما [فهما] 1 علتان له، لكن ليسا في الاصطلاح مفعولا لهما، فأخرجهما2 بقيد المشاركة في الزمان والفاعل3. تنبيهان: الأول: فهم من اقتصاره على ما ذكره من القيود أنه لا يشترط كونه قلبيا كالرغبة ونحوها، وهو مذهب الفارسي4. وخالف 34/أفي ذلك ابن الخباز5، فشرط كونه قلبيا6، واعتمده
المصنف في غير هذا الكتاب1. فنحو (جئتك قراءةَ العلمِ) يتعين2 جره عند ابن الخباز3، ويجوز نصبه عند غيره. الثاني أن المفعول له على نوعين: نوع لا يتقدم في الوجود4 على ما جعل علة له. ونوع يتقدم في الوجود على ما جعل علة [له] 5. والمثال الذي ذكره المصنف وهو (قمتُ إجلالا لك) من النوع الأول. ومثال النوع6 الثاني: قعد عن الحرب جبنًا. ص: ويجوز فيه [أن يجر بحرف التعليل] 7 ويجب في معلَّل فقد شرطا أن يُجرّ باللام أو نائبها. ش: ذكر في هذا الكلام مسألتين:
المسألة الأولى: أن1 المستوفي للشروط2 المذكورة لا يتعين نصبه، وإنما يجوز، لأنها شروط لجواز النصب، لا لتعيينه، لكن يكثر جره إن كان بأل، نحو ضربته للتأديبِ، ويقلّ إن كان بدونها، وليس مضافا، نحو: 56- مَن أَمَّكم لرغبةٍ فيكم ظَفَر3 ... ................................. ويستوي الجر والنصب في المضاف، نحو {يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللهِ} 4 {وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللهِ} 5. المسألة الثانية: أن ما فقد شرطا من الشروط مع كونه معلّلا به يجب جرّه باللام أو بغيرها مما يدل على التعليل6.
وأشار بقوله: (أو نائبها) إلى أن الأصل في إفادة التعليل هو اللام وأن غيرها من الحروف وإن أفاد التعليل فهو كالنائب عنها. ففاقد المصدرية نحو قوله1: {وَالأَرْضَ وَضَعَهَا لِلأَنَامِ} 2. وتقدم التمثيل لفاقد غيره3 من الشروط4. والله أعلم. ص: الرابع المفعول فيه، وهو ما ذكر فضلةً لأجل أمر وقع فيه من زمان مطلقا، أو مكان مبهم، أو مفيد مقدارًا، أو مادته مادة عامله كصمت يومًا أو يومَ الخميس، 34/ب وجلست أمامك، وسرت فرسخا، وجلست مجلسك. ش: الرابع من المنصوبات المفعول فيه، وهو المسمّى ظرفا. وقد عرفه الشيخ بقوله: (ما ذكر فضلة) إلى آخره5. فقوله: (ما ذكر فضلة) كالجنس يدخل فيه المفاعيل وغيرها من الفضلات.
وقوله: (لأجل أمر وقع فيه) كالفصل يخرج به بقية المفاعيل، كما في قوله تعالى: {يَخَافُونَ يَومًا} 1 وقوله تعالى: {اللهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَه} 2 فإنهما3 ذكرا لأجل أمر وقع عليهما لا فيهما، فهما من المفعول به. وقوله: (من زمان) إلى آخره مخرج لنحو قوله تعالى: {وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنّ} 4 إذا قدّر ب (في) 5 أي في نكاحهن6 فإنه فضلة ذكر لأمر وقع فيه، وهو الرغبة، لكنه ليس بزمان ولا مكان، وفيه تنويع للظرف7 إلى نوعين: ظرف زمان8، وأنه يكون مبهما9، كيوم وحين ولحظة وساعة
ومختصا، كيوم الخميس ويوم عرفة، وفهم ذلك من قوله: (مطلقا) . وظرف مكان، وأنه1 ثلاثة أقسام: مبهم وهو ما افتقر إلى غيره في بيان صورة2 مسماه، كأسماء الجهات3. ومفيد مقدارا، نحو بريد وميل وفرسخ4. وما اتحدت مادته ومادة عامله، ك (جلست مجلسَك) و (قعدت مقعدَك) . تنبيهان: الأول: مقتضى العطف5 في قوله: (مبهم أو مفيد مقدارا) أن المفيد للمقدار ليس داخلا في المبهم، وبه قال بعض النحويين6.
وقال الشلوبين1: إنه داخل فيه2. وصحح بعضهم3 أنه شبيه بالمبهم لا مبهم. قال المصنف: "وحقيقة الأمر أن فيه إبهاما واختصاصا، وعلى هذا يصح فيه القولان"4. انتهى. الثاني دخل في قوله5: (أو مادته مادة عامله) نحو سرني جلوسي مجلسك، وأعجبني قعودي مقعدك، وأنه لا فرق في العامل بين الفعل، كما 1 هو الأستاذ أبو علي عمر بن محمد الأشبيلي الأزدي، المعروف بالشلوبيني، وبعضهم يقول: الشلوبين بدون ياء النسب وهي تعني الأشقر والأبيض، ولد بأشبيلية، وتعلم فيها على كبار العلماء، ثم صار إماما في العربية، وتخرج على يديه جماعة من أهل الأندلس منهم ابن أبي الربيع وابن عصفور، صنف كتبا في العربية منها التوطئة وشرح الجزولية، توفي سنة 645 هـ. ينظر إنباه الرواة 2/332 واختصار القدح المعلى ص 152 وإشارة التعيين ص 241 والبغية 2/224 وشذرات الذهب 5/232. 2 هكذا نسب الشارح هذا القول للشلوبين، والصحيح عنه أنه يقول: إن المقدر ليس داخلا في المبهم، لأنه جعل الأقسام ثلاثة، قال في التوطئة: ظرف المكان مبهم ومعدود ومختص، التوطئة ص 210، وقد نسب له هذا القول أبو حيان في الارتشاف 2/250 والمرادي في توضيح المقاصد 2/93. 3 هو أبو حيان، قال في الارتشاف 2/250: "والصحيح أنه شبيه بالمبهم، ولذلك وصل إليه بنفسه". 4 شرح شذور الذهب ص 234. 5 في (أ) كرر العبارة من قوله (وجلست مجلسك وسرت فرسخا) إلى قوله: (الثاني دخل في قوله) ثم وضع كلمة (خط) بجانب المكرر إشارة إلى إلغائه.
مثَّل به المصنف وبين الاسم، كهذين المثالين، وما أشبههما. واحترز بذلك عما لا يتحد فيه 35/أمادة العامل والظرف، نحو: ذهبت في مرمى زيد1 ورميت في مذهب عمرو2. فلا يجوز في القياس جعل شيء من ذلك ظرفا، وما سمع من ذلك منصوبا ظرفا، كقولهم: (هو مني مقعَد القابلة، ومزجَر الكلب، ومناطَ الثريا) 3 فشاذ إن قدّر عامله الاستقرار4. فإن قدّر العامل في (المقعد) قَعَد، وفي (المزجر) زجر5، وفي (المناط) ناط لم يكن شاذا6. ص: والمكاني 7 غيرهن يجر ب (في) كصليت في المسجد.
ونحو (قالا خيمتي أم معبد) وقولهم: (دخلت الدار) على التوسع. ش: لما ذكر أن ظرف المكان يكون أحد الأقسام الثلاثة المذكورة فيما سبق وكان مقتضاه أن غيرها من الأماكن لا ينتصب ظرفا صرح بقضية ذلك، فقال: (والمكاني1 غيرهن) أي من الأقسام الثلاثة. (يجر بفي) أي لا ينتصب على الظرفية، بل يستعمل مجرورا ب (في) كما تقول: صليت في المسجد وأقمت في الدار وسكنت في البيت. ثم إنه استشعر سؤالا يرد على ذلك، وهو أنه قد ورد نصب المكاني2من غير المذكورات، وذلك في نحو قوله: (قالا خيمتي أم معبد) وأراد به قول الشاعر: 56- جزى اللهُ ربُّ الناس خير جزائه ... رفيقين قالا خيمتي أمِّ معبد3
وفي نحو دخلت الدارَ، وسكنت البيتَ. وأجاب1 عنه بأن النصب فيه ليس على الظرفية، حتى يرد على ما قرره، بل إنما هو على التوسع بإسقاط الخافض وإجراء القاصر مجرى المتعدي فيكون المنصوب شبيها بالمفعول به. وهذا الذي ذكره المصنف هو مذهب الفارسي2 واختاره ابن مالك3، ونسبه إلى سيبويه4. والثاني: أنه منصوب على الظرفية، وهو مذهب الشلوبين5 ونسبه إلى سيبويه6 وإلى الجمهور7 واختاره ابن الحاجب8. والثالث: أنه مفعول به و (دخل) يتعدى تارة بنفسه وتارة بحرف
الجر1 وهو مذهب الأخفش2. 35/ب والله أعلم. ص: الخامس المفعول معه، وهو الاسم الفضلة التالي واو المصاحبة مسبوقا بفعل أو ما فيه معناه وحروفه، كسرت والنيلَ وأنا سائر والنيلَ. ش: الباب الخامس من المنصوبات باب المفعول معه، وهو آخر المفاعيل الخمسة، وجُعل آخرها للتردد في كونه قياسيا أو سماعيا3. ولكون العامل لا يصل إليه إلا بواسطة الواو ذكره المصنف4. وحدّه بقوله: (الاسم الفضلة) إلى آخره. فالاسم كالجنس، والفضلة مخرج للعمدة. وقوله: (التالي واو المصاحبة) يخرج غيره من المفاعيل، فإنه ليس شيء منها بعد الواو. ومعنى المصاحبة كونه مشاركا لذلك المعمول الذي قبل الواو في ذلك الفعل في وقت واحد.
[ف (زيد) في] 1 قولك: سرتُ وزيدًا مشارك للمتكلم2 في السير في وقت واحد، أي وقع سيرهما معا. وفي قولك: سرت أنا وزيدٌ بالعطف مشارك3 في السير، لكن لا يلزم كون سيرهما في وقت واحد. وقوله: (مسبوقة) أي واو المصاحبة. وقوله: (بفعل) إلى آخره مخرج4 لنحو (هذا لك وأباك) 5 فلا يتكلم به بالنصب، وأما بالجر6، بدون إعادة الجار ففيه الخلاف الآتي في باب العطف7. وقوله: (كسرت والنيل) مثال للفعل. وقوله: (وأنا سائر والنيل) مثال لما فيه معنى الفعل وحروفه.
فإن قيل: فقد قالوا: (ما أنت وزيدا) 1 و (كيف أنت وزيدا) 2 فنصبوه على المفعول معه مع عدم الفعل والاسم الذي بمعناه وحروفه. فالجواب أن الفعل موجود تقديرا، لأن (أنت) فاعل بفعل محذوف، والتقدير: ما تكون3 وكيف تصنع4 ثم حذف الفعل وحده فبرز الضمير وانفصل. فإن قيل: مثل ذلك في نحو (هذا لك وأباك) 5 ويتكلم به بالنصب على المفعول معه، ويراعى فيه6 التقدير كما روعي في قولهم: (مالك 36/أ
وزيدا) 1 حيث أوجبوا فيه النصب على المفعول معه. فالجواب2 الفرق بينهما قوة الداعي إلى تقدير الفعل في (مالك وزيدا) بسبب تقديم (ما) الاستفهامية التي هي بالأفعال أولى. وتأخر الجار والمجرور لاقتضائه ما يتعلق به وجوبا، فصار كأنه مذكور، ولم يوجد في نحو (هذا لك) إلا داع واحد، وهو تأخر الجار والمجرور، ولا يلزم من اعتبار أمر عند قوة الداعي إليه اعتباره عند عدم قوته3. فائدة: العامل في المفعول معه ما سبقه من فعل أو شبهه4. وقال الجرجاني5: الواو6.
وقال الزجاج1: العامل فيه محذوف، والتقدير (سرت2 ولابست النيلَ) فيكون حينئذ مفعولا به. وقال الكوفيون3: هو منصوب على الخلاف4. فيكون العامل فيه معنويا. والأولى إحالة العامل5 على اللفظي ما لم يُضطر إلى المعنوي6. ص: السادس المشبّه بالمفعول به، نحو زيدٌ حسن وجهَه، وسيأتي. ش: السادس من المنصوبات المنصوب على التشبيه بالمفعول به. وهو معمول الصفة المشبهة باسم الفاعل. وهي الصفة التي استُحسنت إضافتها لفاعلها في المعنى ك (حسن الوجه) و (طاهر العِرض) 7.
فخرج نحو (زيد ضارب أبوه عمرا) فليس منها1. لأنه يمتنع أن يقال فيه: (ضارب أبيه) لالتباسه بالمفعول به2 ونحو (زيد كاتبٌ أبوه) فإنه لا يحسن فيه إضافة (كاتب) إلى (الأب) وإن فات اللبس3. وسبب عدم حسن ذلك أن الصفة لا تضاف لمرفوعها حتى يقدر تحويل4 إسنادها عنه إلى ضمير موصوفها. والدليل على ذلك أمران: أحدهما: أنهم لو لم يقدّروا ذلك لزم إضافة الشيء إلى نفسه5. والثاني: أنهم يؤنثون6 الصفة في نحو (هند حسنة الوجه) فحينئذ لم يحسن أن يقال: (كاتب الأب) لأن من كتب أبوه لان يصح إسناد الكتابة
إليه وحسن أن يقال: (حسن الوجه) لأن من حسن وجهه صح1 إسناد الحسن إلى جملته، / فيقال: (زيد حسن) فيكون في (حسن) ضمير عائد على (زيد) هو فاعل، ويصح لك حينئذ أن تذكر بعده2 (الوجه) أو (وجهه) منصوبا3. ولا يصح أن يكون تمييزا4 لتعريفه، فيكون منصوبا على أنه مشبه بالمفعول به، لأن عامله وهو الصفة وإن كان قاصرا5، شُبّه باسم فاعل الفعل المتعدي. ووجه الشبه بينهما الوصفية وقبول التثنية والجمع والتأنيث وطلب كل منهما بعد استيفاء فاعله ما بعده6. ص: السابع الحال، وهو وصف فضلة مسوق لبيان هيئة صاحبه أو تأكيده أو تأكيد عامله7 أو مضمون الجملة قبله، نحو {فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفاً يَتَرَقَّبُ} 8 {لآمَنَ مَنْ فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ
جَمِيعاً} 1 {فَتَبَسَّمَ ضَاحِكاً} 2 {وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولاً} 3 وقوله 4: أنا ابن دارة معروفا بها نسبي. ش: السابع من المنصوبات الحال، وهي5 قسمان: مؤسِّسة، وهي مالا يستفاد معناها6 بدونها. ومؤكِّدة، وهي بخلاف ذلك، أي ما استفيد معناها من غيرها7. وكان الأحسن تقسيمها وإفراد8 كل قسم بحدّ. لكن المصنف كثيرا ما يراعى الاختصار، ويحدّ الشيء المختلف الأقسام بحد واحد ويأتي فيه ب (أو) الدالة على تنويع المحدود وانقسامه، ومنه ما ذكره في هذا المحل. فقوله: (وصف) كالجنس، يدخل فيه الخبر في نحو (زيد قائم) والمبتدأ ك (القائم أخوك) والنعت في (جاءني رجلٌ راكبٌ) والتمييز في نحو (لله دَرّه9 عالماً)
ويخرج به (القهقرى) 1 في نحو (رجع زيد القهقرى) فإنه ليس بوصف. وقوله: (فضلة) كالفصل مخرج للخبر والمبتدأ. وقوله: (مسوق) إلى آخره فصل أخرج به النعت والتمييز المذكورين، فإن النعت مذكور لتخصيص المنعوت، والتمييز لبيان جنس المتعجب منه2 وبيان الهيئة وقع بهما ضمنا لا قصدا3. وقوله: (هيئة صاحبه أو تأكيده) بيان لأنواع الحال4، وهي كما تقدم مؤسِّسة وهي المسوقة لبيان هيئة 37/أصاحبها. ومؤكِّدة وهي أنواع: مؤكِّدة لصاحبها، ومؤكِّدة لعاملها، ومؤكِّدة لمضمون جملة قبلها. مثال المبيِّنة للهيئة {فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفاً يَتَرَقَّبُ} 5 ومثله قولك: جاء زيدٌ راكباً. ومثال المؤكِّدة لصاحبها قوله تعالى: {لآمَنَ مَنْ فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً} 6.
ومثال المؤكِّدة لعاملها قوله تعالى: {فَتَبَسَّمَ ضَاحِكاً مِنْ قَوْلِهَا} 1 وقوله2 {وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولاً} 3. وذكر لها المصنف هذين المثالين إشارة إلى أن المؤكدة لعاملها قد تكون مؤكِّدة له معنى فقط، كالمثال الأول4، أو لفظا ومعنى كالمثال الثاني. ومثال المؤكِّدة لمضمون الجملة قولك: زيد أبوك عطوفا، وقول سالم بن دارة اليربوعي5: 58- أنا ابنُ دارةَ معروفاً بها نسبي ... وهل بدارةَ يالَلناسِ من عارِ6
فقوله: (عطوفا) مؤكد1 لمضمون جملة (زيد أبوك) . وقوله: (معروفا) مؤكد2 لمضمون جملة (أنا ابن دارة) . ولابد في هذه الجملة أن يكون جزآها اسمين معرفتين جامدين، ولابد أن يتأخر الحال عنها، فلا يتقدم عليها، ولا يتوسط بين جزءيها3. وعامل هذه الحال محذوف وجوبا4، لتنزيل الجملة المذكورة بدلا من اللفظ به، وتقديره في نحو (زيد أبوك عطوفا) مما المبتدأ فيه (أنا) : أَحُقّه5 أو أعرفه وفي نحو (أنا ابن دارة) 6 مما المبتدأ فيه غيرُ (أنا) : أحق أو أعرف، أو أحقني أو أعرفني. تنبيهان: الأول: يؤخذ اعتبار شروط الجملة المذكورة من المثال.
وقد يقال: يؤخذ اشتراط تعريف جزأيها1 من ذكر التأكيد في الحال الحاصلة عنها، لأن التأكيد إنما يكون لشيء عُرف. ويؤخذ اشتراط الجمود من جعلها مؤكدة بالحال، لأنه إذا كان أحد جزأيها مشتقا أو شبيها به كان عاملا في الحال، وكانت مؤكدة لعاملها لا لمضمون الجملة. ويستفاد وجوب تأخير هذه الحال من قوله: (قبله) . التنبيه الثاني: كما تكون الحال مفردة تكون جملة اسمية أو فعلية، وظرفا، ومجرورا2. وشمل ذلك قوله في الحدّ: (وصف) . فإن 37/ب المراد به، كما قال3: وصف باللفظ أو بالقوة. ص: ويأتي من الفاعل ومن المفعول، ومنهما مطلقا، ومن المضاف إليه إن كان المضاف بعضه، نحو: {لحمَ أخيهِ مَيْتاً} 4 أو كبعضه: نحو {مِلّةَ
إِبرَاهِيمَ حَنِيفاً} 1 أو عاملا فيها، نحو {إليهِ مَرجعُكمْ جَمِيعاً} 2. ش: لما قسم الحال باعتبار وصفها القائم بها من التأسيس والتأكيد أخذ يقسمها باعتبار صاحبها، وهو تقسيم له3 أيضا، فقال: إنها تأتي من الفاعل4، أي يكون صاحب الحال فاعلا نحو جاء زيد راكبا، ونحو {فَخَرَجَ مِنْها خَائِفاً} 5. وتأتي من المفعول، أي يكون صاحب الحال مفعولا، نحو ضربتُ اللِّصَّ مكتوفاً، ونحو {وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولاً} 6. ومن الفاعل والمفعول، نحو لقيته راكبين. وقوله: (مطلقا) أي تأتي الحال من الفاعل ومن المفعول ومنهما بلا شرط. بخلاف مجيئها من المضاف إليه، فإنه مشروط بأن يكون المضاف بعضه7، أي بعض المضاف إليه، نحو قوله تعالى: {أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ
لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً} 1 وقولك: أعجبني وجهها مسفرة. ونحو2 قوله تعالى: {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا} 3. أو يكون كبعضه، أي يكون المضاف كبعض4 المضاف إليه، بأن يستقيم الكلام بحذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه، نحو قوله تعالى: {أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا} 5. أو عاملا، أي أو يكون6 المضاف عاملا في الحال، نحو أعجبني انطلاقك منفردا، وقوله تعالى: {إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً} 7 ونحو هذا شاربُ السويقِ ملتوتًا.
واعلم أن بعضهم1، منع مجيء الحال من المضاف إليه في الصورتين الأولَيين2، أعني إذا كان المضاف بعضا3، أو كبعض منه. لأنه يصير العامل في الحال غير العامل في صاحبها، وهو ممتنع4. والصواب اعتباره5، لأنه إذا كان بعض المضاف إليه أو كبعضه كانا كالشيء الواحد، وصح مجيء الحال منه، ألا ترى أنه لو قيل في الكلام: ونزعنا ما فيهم من غِلّ6، واتَّبِعوا إبراهيمَ حنيفا، 38/ألكان سائغا حسنا. ص: وحقها أن تكون نكرةً، منتقلةً، مشتقةً، وأن يكون صاحبُها معرفةً أو خاصا، أو عاما، أو مؤخرا، وقد يتَخَلَّفْنَ. ش: لما فرغ7 من ذكر الحال وأقسامها أخذ يذكر لها أوصافا معتبرة فيها. فمنها أن تكون نكرة. وإنما كان كذلك لأنه سيأتي8 أن الغالب في الحال أن تكون9
مشتقة، وصاحبها معرفة، فإذا كانت معرفة فربما توهم أنها صفة1. وقد يتخلف كونها نكرة بأن تتعرَّف في اللفظ، إما باللام، كجاؤوا الأولَ فالأولَ2، و: 59- أرسلَها العِراكَ3 ... ........................... أو بالضمير، ك (جاءَ وحدَهُ) 4. ومع ذلك فيحكم بتنكيرها معنى بتقدير (أل) زائدة، وأن الإضافة لا تفيد تعريفا.
هذا1 هو مذهب الجمهور2. وأجاز يونس3 والبغداديون4 أن تكون معرفة5. وقاسوا على نحو (ادْخلوا الأوّلَ فالأوّلَ) . وحينئذ فحكم المصنف بتخلف التنكير أراد به تخلفه في اللفظ، ليوافق مذهب الجمهور، ولو حُمل على التخلف لفظا ومعنى لصح ووافق المذهب الآخر. ومنها أن تكون منتقلة، أي غير لازمة للمتصف بها، كما في جاء زيدٌ راكباً، وضربْتُ اللِّصّ مكتوفاً. وهذا الوصف6 غالب، لا لازم، لورودها بدونه فيما إذا كانت مؤكدة لمضمون7 الجملة، ك (زيد أبوك عطوفا) 8.
أو دل عاملها على تجدد صاحبها، نحو (خلقَ اللهُ الزَّرافةَ يدَيها أطوَلَ مِن رجلَيها) 1. وفي غير ذلك2 أيضا، نحو قوله تعالى: {قَائِمًا بِالقِسْطِ} 3 ونحو {وخُلِقَ الإِنْسَانُ ضَعِيفًا} 4. ومنها أن تكون مشتقة، أي مصوغة من مصدر للدلالة على متصف. وهذا الوصف أيضا غالب، لا لازم. فتقع جامدة مؤولة بالمشتق، نحو بدت الجاريةُ قمرًا وتثنَّتْ غصنًا أي مضيئةً ومعتدلةً. وغير مؤولة بالمشتق، نحو {قُرآناً عرَبيًّا} 5 ونحو هذا حديدُك خاتَمًا وهذا مالُك 38/ب ذهباً6. ومنها أن يكون صاحبها معرفة. لأن الحال وصاحبها في المعنى خبر ومخبر عنه، فالأصل في صاحبها التعريف7، كما في المبتدأ. وقد8 يأتي9 نكرة بمسوّغ، كالمبتدأ.
فمن مسوغات1 تنكير صاحب الحال أن يكون خاصا أي مخصوصا، إما بوصف، نحو قول الشاعر: 60- نجَّيتَ يا ربِّ نوحاً واستَجبْتَ له ... في فُلُكٍ ماخرٍ في اليمِّ مشحُونَا2 أو بإضافة، نحو قوله تعالى: {فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ} 3 أو بمعمول نحو (عجبتُ مِن ضَرْبٍ أخوك4 شديداً) . ومن المسوغات لتنكيره أيضا أن يكون عاما، كأن يتلو نفيا أو شبهه وهو النهي والاستفهام. مثال النفي قولك: ما جاء أحدٌ راكباً. ومثال النهي قول الشاعر:
61- لا يركنَنْ أحدٌ إلى الإحجَامِ ... يومَ الوَغَى مُتخوِّفاً لحِمامِ1 ومثال الاستفهام قول الشاعر: 62- يا صاحِ هلْ حُمَّ عيشٌ باقياً فترى ... لنفسك العذرَ في إبعادِها الأملا2 ومن المسوغات لتنكيره3 أيضا أن يتأخر [عن] 4 الحال، نحو في 1 البيت من الكامل، وهو لقطرئ بن الفجاءة، وقد ورد في (ج) : (لا تركننْ أبدا) وهو لا يصح
الدار جالسا رجل، وقول الشاعر: 63- لِمَيَّة مُوحشاً طَلَلُ ... يَلوحُ كأنّه خَلَلُ1 وقد يأتي صاحب الحال نكرة بغير مسوّغ، كقوله: (عليه مائةٌ بِيضاً) 2 وفي الحديث3: "صلّى رجالٌ قياماً"4. تنبيهان: الأول: أشار إلى تخلف الأوصاف المذكورة، أو تخلف بعضها بقوله:
(وقد يتخلفْنَ) أي وقد تتخلف1 جميع الأوصاف المذكورة وقد يتخلف2 مجموعها في حال من الأحوال، لكنها ليست سواء في تخلفها. فإن منها ماتخلفه شاذ، ومنها ما تخلفه مطّرد، وإن كان قليلا. الثاني: يؤخذ من قوله: (مشتقة) 3 بالمعنى الذي عرفته أن الحال لا يكون مصدرا، لأن المصدر ليس بمشتق، بل مشتق منه. ولئلا يلزم الإخبار عن الذات بالمعنى. وإنما كان كذلك لأن الحال وصاحبها في المعنى خبر ومخبر عنه، كما تقرر4، فحق الحال أن تدل على ما يدل عليه نفس صاحبها، كالخبر بالنسبة إلى المبتدأ، فلذلك يصح (جاء زيد ضاحكا) 5 ويمتنع (جاء ضِحكًا) 6. لكن قد ورد من كلامهم ما وقع فيه المصدر حالا، قليلا في المعارف ك (جاء وحدَه) 7 39/أو (أرسلها العراكَ) وكثيرا في النكرات، ك (طَلَع
بغتةً) و (جاء ركْضًا) 1 وأُوِّلَ بالوصف، أي مباغتا2 وراكضا. وأجمع الفريقان البصريون3 والكوفيون4 على عدم اطراده إلا المبرد5 فقاسه فيما كان نوعا من العامل، ك (جاء سرعة) بخلاف (جاء ضِحكا) 6. وقاسه ابن مالك7 أيضا في مثل (أمّا علمًا فعالم) وفي نحو (زيدٌ زهيرٌ شعرًا) ، وفي مثل (أنت الرجل علمًا) 8.
وقد يعرب المنصوب في هذه الثلاثة تمييزا1. ص: الثامن التمييز، وهو اسم نكرة فضلة، يرفع إبهامَ اسمٍ أو إجمال نسبة ش: الباب الثامن من المنصوبات التمييز. وهو لغة فصل الشيء من غيره، وفي الاصطلاح ما قاله المصنف. فقوله: (اسم) إعلام بجنسيته، وأنه ليس كالحال في كونه ظرفا أو مجرورا أو جملة. وقوله: (نكرة) فصل2 مخرج لنحو (زيدٌ حسنٌ وجهَهُ) 3 وأما قوله: 64-. ................................ ... صددت وطِبْتَ النّفسَ ياقيسُ عن عمرٍو4
فخُرّج على زيادة (أل) 1. وقوله: (فضلة) مخرج لنحو قائم من (زيد قائم) فإنه اسم نكرة ولكنه2 ليس فضلة. وقوله: (يرفع إبهام اسم) إلى آخره يخرج الحال، نحو (جاء زيدٌ راكباً) . فإنه ليس رافعا لإبهام اسم ولا لإجمال نسبة، وإنما هو مبيّن للهيئة، ويفيد أن التمييز على نوعين3: نوع رافع إبهام اسم، ك (رَطْلٌ زيتاً) . ونوع رافع إجمال نسبة، ك (طبتَ نفساً) . وقد أُورد على هذا الحد (طويلا) من قولك: رأيتُ رجلا طويلاً4 فإنه اسم نكرة رافع إبهام اسم، وهو (رجل) لأنه ذات مبهمة
بالوضع صالح لكل فرد من أفراد الرجال، فبذكر أحد أوصافه تمييز1 عما يخالفه. ويمكن أن يجاب بأن الإبهام المرتفع بالتمييز هو فيما يرجع إلى الجنس. ألا ترى أنك إذا قلت: (عندي رطلٌ) ولم تذكر تمييزا تُرُدّد في جنس ذلك الرطل، فإذا قلت: (زيتا) ارتفع ذلك الإبهام، بخلاف (رأيت رجلا طويلا) فإن الإبهام المرتفع بالوصف بالنسبة إلى أمر زائد على الجنس فإن2 (رجلا) 3 يفيده4 , الله أعلم. ص: فالأول بعد 39/ب العدد، الأحد عشر فما فوقها إلى المائة، و (كم) الاستفهامية نحو 5 كَمْ عبداً ملكْتَ، وبعد المقادير، ك (شبر أرضاً) و (قفيز بُرًّا) وشبههن، نحو {مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا} 6 و (نحيٌ سمْناً) و (مثلُها زُبداً) و (مَوضعُ 7 راحةٍ سحاباً) وبعد فرعه، نحو (خاتمٌ حديداً) .
ش: لما ذكر أن التمييز نوعان أخذ يبين كل نوع على جهة التفصيل فذكر هنا النوع الأول، وهو الرافع إبهام1 اسم. فمنه الواقع بعد عدد، صريحا كان ذلك2 العدد، كالأحد عشر والإحدى عشرة وأخواتها3 والعشرين وأخواتها إلى آخر التسعين وهو المراد بقوله: (إلى المائة) كقوله تعالى {أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا} 4 وقوله: {اثْنَي عَشَرَ نقيباً} 5 وقوله: {ثلاثينَ ليلةً} 6 و {أَرْبَعِينَ لَيْلَةً} 7و {سَبْعِينَ رَجُلاً} 8 و {تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً} 9. أو غير صريح، وهو (كم) الاستفهامية، كقوله: كمْ عبداً ملكتَ وكمْ شخصا رأيت 10.
ومنه1 الواقع بعد ما يفيد مقدارا، وهو المراد بقوله: (بعد المقادير) . وهو إما أن 2 يفيد مساحة3 ك (شبر أرضا) أو كيلا، نحو (قفيز بُرًّا) أو وزنا نحو4 (مَنَوانِ عَسَلاً) 5. ومنه الواقع بعد ما يفيد شبه المقادير، وهو المراد بقوله: (وشبههنّ) . وهذا تارة يشبه الوزن، نحو {مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً} 6 أو يشبه الكيل، نحو (نحْي سَمْنًا) 7.أو يشبه المساحة، نحو (موضعُ راحةٍ سَحَابًا) 8 أو يحتمل مشابهة المساحة والوزن، نحو (على التمرةِ مثْلُها زُبْدًا) 9. ومنه الواقع بعد ما هو فرع له، نحو (خَاتَمٌ حَدِيداً) . فإن الخاتم فرع
الحديد. ومثله (بابٌ سَاجًا) 1 و (جُبّةً خَزًّا) . وقيل في هذا: إنه حال 2. تنبيهان: الأول تمثيله في (كم) الاستفهامية ب (كم عبدا ملكت) يفهم أمرين: أحدهما تعيّن إفراده 3، وهو الصحيح 4. وقيل: يجوز جمعه مطلقا 5. وقيل: يجوز إن كان السؤال عن الجماعات، نحو كم غلمانا لك. إذا أردت أصنافا من الغلمان. وهذا مذهب الأخفش 6. ثانيهما تعين نصبه7، وهو مذهب بعض النحويين8، سواء جُرَّت
(كَمْ) أم لم تُجَرّ. وقيل: يجوز جره مطلقا، 40/أسواء أيضا جُرَّتْ أَمْ لاَ1، حملا على (كَمْ) الخبرية. وقيل: يجوز إن جُرَّتْ2، ويمتنع إن لم تجر، وهذا هو الصحيح3، وينبغي حمل كلام الشيخ عليه لتمثيله ب (كم) غير مجرورة. الثاني: الناصب للتمييز الرافع لإبهام الاسم هو ذلك الاسمُ المبهمُ4. والله أعلم. ص: والثاني إما محولٌ 5 عن الفاعل، نحو {واشْتَعَلَ الرَّأسُ شَيْبًا} 6 أو عن المفعول، نحو {وَفَجَّرْنَا الأَرْضَ عُيُوناً} 7 أو عن غيرهما، نحو {أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالاً} 8. أو غير محول، نحو لِلهِ دَرُّهُ فَارِسًا.
ش: هذا بيان للنوع الثاني وهو الرافع لإبهام النسبة. وهو على نوعين 1: محوّل وغير محوّل2. النوع الأول المحوَّل، وهو أقسام. لأن النسبة المبهمة إما نسبة الفعل إلى الفاعل، نحو قوله تعالى: {واشْتَعَلَ الرَّأسُ شَيْبًا} 3 أي اشتعل من جهة الشيب. والأصل: واشتعل شيبُ الرأسِ، فحوّل الإسناد إلى الرأس، ونصب (شيب) 4 على التمييز. ومثله (طاب زيد نفسا) أصله طابت نفسُ زيد. وإما نسبة الفعل إلى المفعول، نحو قوله تعالى: {وَفَجَّرْنَا الأَرْضَ عُيُوناً} 5 والأصل: وفجرنا عيونَ الأرض، ثم أوقع الفعل على (الأرض) ونصب (العيون) على التمييز 6.
ومنه غَرَسْتُ الأَرْضَ شَجَراً، أصله غرست شجرَ الأرضِ وإما نسبة الخبر إلى المبتدأ، نحو (زيدٌ أكثرُ مالاً) . والأصل: مال زيد أكثر، ثم حول الإسناد إلى (زيد) ونصب (مالا) على التمييز ومثله (عمرو أطيب نفسا) ، أصله نفس عمرو أطيب1. النوع الثاني غير المحوَّل، وهو الواقع بعد ما يفيد التعجب، نحو (لِلهِ دَرُّهُ فارِساً) و (ما أَحْسَنَه رَجُلاً) و (أحْسِنْ به أباً) . تنبيه: الناصب للتمييز الرافع لإبهام النسبة2 هو المسند من الفعل أو شبهه3. خاتمة: يجوز في التمييز الرافع لإبهام الاسم أن يجُرّ بإضافة ذلك الاسم إليه ك (شبر أرض) و (قفيز برٍّ) 4. إلا أن يكون الاسم عددا، نحو (عشرين
رجلا) أو مضافا، نحو (مثلها زبدا) 1. ويجوز أيضا أن تجرّه ب (مِنْ) ك (رطل من زيت) و (قفيز من برّ) 2 إلا في 40/ب العدد، كما تقدم. وأما الرافع لإبهام النسبة 3 فلا يجر بالإضافة أصلا. ويجر ب (مِنْ) في نحو (ما أحسنه رجلا) و (لله دره فارسا) 4 لا في5 نحو (ما أحسنه أدبا) و (طاب نفسا) 6و {فَجَّرْنَا الأَرْضَ} 7. ص: التاسع المستثنى ب (ليس) أو ب (لا يكون) 8 أو ب (ما
خلا) أو ب (ما عدا) مطلقا. ش: الباب التاسع من المنصوبات المستثنى. وهو المذكور بعد (إلا) أو إحدى أخواتها. والمستثنى من حيث هو قد يكون منصوبا، وقد يكون غير منصوب، وقد ذكر هنا مع المنصوب غيره استيفاء للأقسام، وتتميما للفائدة. والأدوات التي يستثنى بها ثمانية ألفاظ1. حرفان وهما (إلاَّ) عند الجميع2 و (حاشا) عند سيبويه 3وفعلان، وهما (ليس) و (لا يكون) . ومترددان4 بين الحرفية والفعلية5، وهما (خلا) و (عدا) 6 واسمان، وهما (غير) و (سوى) .
وبدأ بالكلام على المستثنى ب (ليس) وما ذكر معها في هذا الكلام لتعين نصبه على كل تقدير، وفي كل حال، على ما سنبينه، ولذلك قال: (مطلقا) فكان تقديمه أهمّ. فأما المستثنى ب (ليس) و (لايكون) فهو واجب النصب، كقولك: قام القوم ليس زيدا ولا يكون زيدا. وإنما وجب نصبه لأنه خبرهما، واسمهما ضمير مستتر فيهما عائد إما على اسم الفاعل المفهوم من الفعل السابق، أي ليس هو أي1 القائم زيدا أو على البعض المدلول عليه بكلّه السابق، أي ليس هو أي بعض القائمين زيدا، والأول مذهب الكوفيين2، والثاني مذهب البصريين3. واختلفوا في جملة الاستثناء 4، هل لها محل أم لا 5؟ فقيل: محلها النصب على الحالية 6.
وقيل: لا 1، لأنها مستأنفة 2، وصححه ابن عصفور 3. وأما المستثنى ب (خلا) و (عدا) الواقعتين بعد (ما) فهو متعين النصب4 لتعين فعليتهما حينئذ، لأن (ما) مصدرية ولا يليها حرف جر. وبعضهم5 قدّرها زائدة، فجوز الجر 6. وهو شاذ7، لأنه لم يعهد زيادة (ما) قبل حروف الجر8، وإنما عهدت الزيادة9 بعدها. وموضع (ما) وصلتها نصب بلا خلاف.
وإن اختلفت، 41/أهل هو على الحال 1، أو على الظرفية على حذف مضاف2 فتقدير3 (قاموا ماعدا زيدا) أي مجاوزين زيدا، أو وقت4 مجاوزتهم زيدا. ص: أو ب (إلا) بعد كلام تام موجب، أو غير موجب وتقدَّم المستثنى نحو: {فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلاّ قَلِيلاً مِنْهُمْ} 5 و (مالي إلا آل أحمدَ شيعَةٌ) . ش: للمستثنى بإلا أحوال، لأنه6 تارة يكون الكلام تاما وتارة غير تام وإذا كان تاما فتارة يكون واجب النصب، وتارة يكون راجحه، وتارة يكون مرجوحه. وسنبين هذا كله إن شاء الله تعالى. وقدم المصنف ذكر ما يجب نصبه. فقوله: (أو بإلا) معطوف على قوله في الكلام السابق: (بليس) أي يجب نصب المستثنى بعد (ليس) وما ذكر معها مطلقا، وبعد (إلا) في حالتين7:
الحالة الأولى أن يكون بعد كلام تام موجب. والكلام التام1 هو الذي اشتمل على ذكر المستثنى منه. والموجب هو الذي لم يسبق بنفي أو شبهه، وهو النهي2 والاستفهام. ومثل له3 بقوله تعالى: {فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلاّ قَلِيلاً مِنْهُمْ} 4 ونحوه (قام القوم إلا زيدا) . الحالة الثانية أن يتقدم المستثنى على المستثنى منه، وهذا5 على قسمين: القسم الأول أن يكون الكلام موجبا، نحو (قام إلا زيدا القوم) فهذا واجب النصب6 باتفاق. والقسم الثاني أن يكون الكلام غير موجب، نحو (ما قام إلا زيدا القوم) . ومنه ما مثل به المصنف، وهو قول كُميت بن زيد الأسدي7 يمدح بني هاشم وأهل البيت:
65- ومالي إلا آلَ أحمدَ شيعةٌ ومالي إلا مذهبَ الحقِّ مذهبُ1 فإن تقديم المستثنى وقع في كل من شطريه2. وهذا واجب النصب أيضا3. إلا أن بعضهم4 جوّز فيه تفريغ العامل له5، وجعل المستثنى منه بدلا6. قال سيبويه7: "حدثني يونس أن قوما يوثق بعربيتهم8 يقولون:
(مالي إلا أبوك ناصرٌ) فيجعلون ناصراً1 بدلا" انتهى. وهو قليل، ولذلك لم يذكره الشيخ. تنبيهان: الأول: اقتصاره، في غير الموجب حيث تقدّم المستثنى الذي هو محل 41/ب الخلاف، على وجوب النصب، يفهم منه الوجوب في الموجب، والحالة هذه من باب الأولى. ويجوز أن يكون معنى الكلام: يجب نصب المستثنى ب (إلا) بعد كلام تام موجب، سواء تقدم المستثنى، والبعدية حينئذ تقديرية2 أو لم يتقدم، والبعدية حينئذ حقيقية (أو غير موجب) إذا تقدم المستثنى. ولو حذف قوله: (أو غير موجب) وقال: (أو تقدم المستثنى) لوفَّى بما ذكر مع الاختصار. التنبيه الثاني 3: إنما وجب نصب المستثنى من الموجب التام لأن التفريغ لا يجوز فيه، والإبدال لا يجوز لأن المبدل منه في حكم الساقط فيؤدي إلى التفريغ في الإثبات4 فلم يبق إلا النصب. واختلف في الناصب للمستثنى.
فقيل: هو (إلا) وهو مذهب المبرد1 والزجاج2، واختاره بعض المتأخرين3 واستدل له بما يطول ذكره. وبه يُشعر قول المصنف في الاستثناء المفرغ: (فلا أثر لإلاّ) . وقال الكسائي4: هو منصوب ب (أن) مقدرة، محذوفة الخبر5. وقال البصريون العامل فيه6 الفعل المتقدم أو معنى الفعل بتوسط (إلا) .
وقيل1: هو منصوب بأستثنى مضمرا. ص: وغير الموجب إن ترك فيه المستثنى منه فلا أثر فيه2 ل (إلا) ويسمى مفرغا، نحو ما قام إلا زيد. ش: لما فرغ من ذكر حكم الاستثناء3 من الكلام التام الموجب أخذ يتكلم على الاستثناء المفرغ، وهو مقابله من الوجهين، أعني أن اللفظ السابق عليه غير تام وغير موجب. وسمّي مفرغا لأن ما قبل إلاَّ تفرَّغ4 للعمل فيما بعدها، كما سنبين. وغير التام هو الذي لم يذكر فيه المستثنى منه. وغير الموجب كما تقدم أن يتقدمه نفي أو نهي أو استفهام. تقول في النفي: (ما قام إلا زيد) ، فترفع (زيد) ب (قام) و (ما رأيت إلا زيدا) فتنصبه ب (رأيت) و (ما مررت إلا بزيد) فتجره بالباء وصار الحكم معها كالحكم5 بدونها. ومثال النهي {وَلا تَقُولُوا عَلَى اللهِ إِلاّ الْحَقّ} 6. ومثال الاستفهام {فَهَلْ 42/ب
يُهْلَكُ إِلاّ الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ} 1. ص: وإن ذكر، وكان الاستثناء متصلا فإتباعه للمستثنى منه أرجح نحو {مَا فَعَلُوهُ إِلاَّ قَلِيلٌ} 2. أو منقطعا فتَمِيم تجيز إتباعه إن صح التفريغ. ش: ذكر في هذا الكلام ما كان نصبه مرجوحا، وما كان نصبه راجحا من المستثنى بإلاَّ. فأما الأول فهو المستثنى من كلام تام، وإليه أشار بقوله: (وإن ذكر) أي المستثنى منه، بشرط أن يكون غير موجب. وهذا معلوم من كونه جعله قسما من غير الموجب. وأن يكون الاستثناء متصلا، كما صرح به، أي المستثنى من جنس المستثنى منه. والأرجح إتباعه للمستثنى منه بدل بعض عند البصريين3. وعطف نسق4 عند الكوفيين5.
ونصبه على الاستثناء مرجوح، مع أنه عربي جيد1. مثاله قوله تعالى: {مَا فَعَلُوهُ إِلاّ قَلِيلٌ مِنْهُمْ} 2 قريء بالرفع3 على الإبدال، وبالنصب4 على الاستثناء. وأما الثاني، وهو ما كان النصب فيه راجحا فهو المستثنى من5 كلام تام غير موجب إذا كان منقطعا، أي المستثنى من غير جنس المستثنى منه، وصح فيه التفريغ. ومعنى صحة التفريغ أن يمكن تسلّط العامل السابق (إلا) 6 على المستثنى7. نحو قوله: 66- وبلدَةٍ ليسَ بها أنِيسُ ... إلاّ اليَعافِيرُ وإلاّ العِيسُ8
فإن المستثنى منه، وهو (أنيس) يصح إسقاطه وتسليط عامله وهو (ليس) على ما بعد (إلا) وهو (اليعافير) . والنصب فيه راجح عند تميم، وواجب عند الحجازيين1. فإن فقد الشرط الأخير، وهو صحة التفريغ نحو (ما زادَ هذا المالَ إلاّ ما نَقَصَ) 2 إذ لا يصح أن يقال3: (زاد النقصُ) تعيّن النصبُ إجماعاً4. ص: والمستثنى بغير وسوى مخفوض، وبخلا وعدا وحاشا مخفوض
أو منصوب، وتعرب (غير) باتفاق 1، و (سوى) على الأصح إعراب المستثنى بإلا. ش: أخذ يتكلم على حكم المستثنى ببقية الأدوات، وهي (غير) و (سوى) و (خلا) و (عدا) مجردتين عن (ما) و (حاشا) . وذكر أنها كلها مشتركة في خفض 42/ب المستثنى بها، وأن الخفض واجب بعد (غير) و (سوى) 2 جائز بعد الثلاثة الأخر. ولنبدأ بالكلام على المستثنى ب (غير) و (سوى) فنقول: أما (غير) فالأصل فيها أن تقع صفة. وقد تخرج على الصفة وتتضمن معنى (إلا) فيستثنى بها3 اسم مجرور بها لإضافتها إليه. ولا تخرج عن الجر أصلا. ويجب في لفظ (غير) أن يُعرب بما كان يعرب به المستثنى ب (إِلاَّ) وقد عرفت تفصيله. فيجب نصب (غير) بعد الكلام التام الموجب، نحو قاموا غيرَ زيد، وفي التام غير الموجب الذي لا يصح تفريغه، نحو (ما نفعَ هذا المالَ غيرَ الضررِ) 4.
ويترجح على الإبدال1 في التام الغير الموجب2 إذا كان منقطعا وصح التفريغ عند تميم نحو (ما فيها أحد غيرَ حمار) . ويتعين3 عند الحجازيين. ويترجح الإبدال على النصب في الكلام التام غير الموجب، إذا كان الاستثناء متصلا نحو (ما قاموا غيرُ زيد) بالضم و (ما رأيتهم غيرَ زيد) بالنصب و (ما مررت بهم غيرِ زيد) بالجر4. وأما (سوى) فالمستثنى بها كالمستثنى ب (غير) في وجوب خفضه أبدا. وأما هي نفسها فقال سيبويه5 والجمهور6: هي منصوبة على
الظرفية أبدا1 ولا تخرج عنها إلا في الشعر. وقال الرماني2 والعكبري3: هي ظرف غالبا وكغير قليلا. قال المصنف4: (وإلى هذا القول أذهب) .
وقال الزجاجي1 وابن مالك2: سوى كغير معنى وإعرابا فيستثنى بها اسمٌ مجرور بها، لإضافتها إليه، كما تقدم، وتعرب تقديرا بما يعرب به3 (غير) لفظا، خلافا لأكثر البصريين في ادعاء4 لزومها النصب على الظرفية، أي عدم التصرف. قال ابن مالك5 رحمه الله: "وإنما اخترت غير ما ذهبوا إليه لأمرين: أحدهما إجماع أهل اللغة على أن6 معنى قولك7: قاموا
سواك، وقاموا غيرك، واحد. فإن أحدا لا يقول: إن (سوى) هنا عبارة عن مكان أو زمان وما لم يدل على مكان ولا زمان1 43/أفهو بمعزل عن الظرفية. ثانيهما أن من حكم بظرفيتها حكم بلزومها إياها، وأنها لا تتصرف. والواقع في كلام العرب نثرا ونظما خلاف ذلك. فإنها قد أضيف2 إليها، وابتدىء بها وعملت فيها نواسخ الابتداء ونحوها من العوامل اللفظية". انتهى. وقد نُظر فيهما3 من أوجه4 ليس هذا موضع ذكرها. والله أعلم. وأما المستثنى بخلا وعدا فهو مجرور أو منصوب، لكن جره قليل. والكثير هو النصب5. فالجر على أنهما حرفان جاران متعلقان بالفعل أو معنى الفعل6، فموضعهما نصب7 والنصب على أنهما فعلان، والمنصوب مفعولهما، وفاعلهما ضمير عائد، إما على اسم الفاعل المفهوم من الفعل السابق،
وإما على البعض المدلول عليه بكلّه1 السابق2. كما تقدم في (ليس) و (لا يكون) 3 والتقدير4 قاموا خلا هو أي القائم أو بعضهم زيدا. والجملة إما حالية أو مستأنفة5، على ما تقدم في جملة (ليس) و (لا يكون) 6 أيضا. وأما المستثنى بحاشا فهو أيضا مجرور أو منصوب7. فإذا جُر كان8 حرفا، وفي متعلقها ما تقدم في متعلق (خلا) و (عدا) لا فرق بينها وبينهما في شيء من ذلك. وإن افترقا من وجه آخر،
قال سيبويه3: "لو قلت: (أتوني ما حاشا زيدا) لم يكن كلاما". وقد أجازه بعضهم4 على قلّة. قال ابن مالك: (وربما قيل: ما حاشا) 5. واستشهد على ذلك بقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أسامةُ أحبّ الناس إليَّ، ما حاشا فاطمةَ" 6 وقول الشاعر: 67- رأيتُ الناسَ مَا حاشَا قريشًا ... فإنّا نحنُ أفضلُهم فَعَالا7
ص: والبواقي 1 خبر (كان) وأخواتها وخبر (كاد) وأخواتها، ويجب كونه مضارعا، مؤخرا عنها، رافعا لضمير أسمائها 2، مجرداً من (أنْ) بعد أفعال الشروع ومقرونا بها بعد (حَرَى) و (اخْلولق) وندر تجرد خبر (عسى) و (أوشك) 43/ب واقتران خبر (كاد) و (كرب) . وربما رفع السببي بخبر (عسى) 3 ففي قوله: (وماذا عسى الحجاج يبلغ جهده) فيمن رفع (جهده) شذوذان. ش: اشتمل هذا الكلام على العاشر والحادي عشر من المنصوبات. وهما خبر (كان) وأخواتها وخبر (كاد) وأخواتها. فأما خبر (كان) وأخواتها فهو المسند إلى اسمها بعد دخولها، نحو كان زيد عالما وأصبح عمرو قائما وأمسى بكر فاضلا ولايزال قصدك ناجحا.
وله أحكام منها أنه يجوز توسطه بين هذه الأفعال وبين أسمائها مطلقا1 نحو قوله تعالى: {وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ} 2 وقول الشاعر: 68- لا طيب للعيشِ مادامَتْ منَغَّصةً ... لذاتُهُ بادِّكار الموت والهرم3 اللهم4 إلا أن يمنع مانع من ذلك، نحو {وَمَا كَانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلاّ مُكَاءً وَتَصْدِيَةً} 5.
ومنها أنه يجوز تقديمه1 على هذه الأفعال2 إلا خبر (دام) فلا يجوز تقديمه على (ما) المقترنة بها3 بالاتفاق4. وأما توسطه بينهما5 ففيه خلاف6، والصحيح المنع7. وإلا خبر (ليس) فلا يجوز عند جمهور البصريين8.
واستدل لهذا الحكم1 بقوله تعالى: {وَأَنْفُسَهُمْ كَانُوا يَظْلِمُونَ} 2 لأن تقديم المعمول يؤذن بتقديم العامل3. ومنها أن معموله4 يجوز أن يلي هذه الأفعال5 إن كان ظرفا أو مجرورا باتفاق فإن لم يكن أحدهما امتنع عند جمهور البصريين6، وجاز عند الكوفيين7.
وأما خبر (كاد) وأخواتها فهو1 مثل خبر (كان) إلا أنه اختص2 باعتبار أمور زائدة فيه ولذلك3 أفرد بباب. فمنها أنه يجب كونه جملة، وشذ مجيئه مفردا بعد (عسى) و (كاد) 4. وأن تكون الجملة فعلية، وشذ كونها اسمية بعد (جعل) 5. وأن يكون فعل هذه الجملة مضارعا، وشذ كونه ماضيا بعد (جعل) 6. وإلى ذلك كله أشار المصنف رحمه الله بقوله: (ويجب كونه مضارعا) . ومنها أنه لا يجوز تقديمه على شيء من هذه الأفعال7.
ومقتضى كلامه جواز توسطه بينها وبين 44/أأسمائها مطلقا، وهو مذهب المبرد1 والسيرافي2 والفارسي3. ومنعه الشلوبين4 فيما اقترن فيه الخبر بأنْ. ومنها أنه يجب أن يكون فاعل هذا المضارع ضميرا يعود على اسمها ولا يخرج عن ذلك من جميع هذه الأفعال إلا (عسى) فإنه يجوز فيها5 خاصة أن يرفع خبرُها السببيَّ. والمراد به الظاهر المتصل بضمير اسمها، نحو قول الشاعر: 69- وماذا عسى الحَجّاجُ يبلغُ جُهدَُه6 ... .. .. .. .. .. .. .. .. .. .. .. ..
يروى بنصب (جهده) على الأصل، وبرفعه على خلاف الأصل، لاتصاله بضمير اسمها، وإلى ذلك أشار الشيخ بقوله: (وربما رُفع السببي بخبر عسى) . وقوله: (ففي قوله..) إلى آخره. الشذوذان هما تجرد خبر (عسى) من (أن) ورفعه السببي. والله أعلم. ومنها وجوب اقترانه ب (أن) إن كان الفعل (حَرَى) 1 أو (اخْلولق) 2 نحو حرى زيد أن يأتي، واخلولقت السماء أن تمطر. فلا يجوز (حرى زيد يأتي) و (اخلولقت السماء تمطر) 3.
ومنها وجوب تجرده من (أن) في أفعال الشروع1. والحكمة2 في ذلك أن (أَنْ) تخلّص الفعل للاستقبال، والشروع للحال فبينهما تناف. فتقول: أخذ يقول، وشرع ينشد. ولا يجوز أخذ أن يقول، ولا [شرع] 3 أن ينشد. وأما الأفعال الأربعة الأخر، وهي عسى وأوشك وكاد وكرب، فإن الكثير في الأولين منها الاقتران، نحو {عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ} 4 وقوله: 70- فإنك مُوشك ألا تراها ... .. .. .. 5 والتجرد6 قليل، كقوله:
71- عسى الكرب الذي أمسيت فيه ... يكون وراءه فرج قريب1 وقوله: 72- يوشك من فرمن منيّته ... في بعض غراته يوافقها2 وفي الأخيرين3 يقل الاقتران، نحو قول الشاعر: 73- كادت النفس أن تفيض عليه4 ... ..................................
وقوله: 74-.. .. .. ... وقد كربت أعناقها أن تقطعا1 ويكثر التجرد2، نحو قوله تعالى: {يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ} 3 {تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ} 4 وقوله: 75- كَرَبَ القلب من جواه يذوب ... حين قال الوشاة هند غضوب5
تنبيهات: الأول: استغنى المصنف رحمه الله تعالى1 عن التصريح باشتراط كون الخبر جملة فعلية، باشتراط 44/ب كونه مضارعا، لاستلزامه لها، لأن الفعل لابد له من فاعل. الثاني: استثناء رفع خبر (عسى) السببي ساقط2 في بعض النسخ وثابت في كثير منها، وهي النسخة التي شرحُنا عليها، وعبارته فيه أحسن من عبارة التوضيح حيث قال: "ويجوز في (عسى) خاصة أن ترفع السببي"3. فإن الرافع له خبرها4 لا هي. الثالث: ذكر المصنف وغيره من النحاة أن هذه الأفعال ناقصة5 وظاهر مذهب سيبويه6 رحمه الله تعالى أنها تامة، وأن (أن) والفعل
بعدها منصوب على إسقاط الخافض. ولعل ذلك إنما هو لأجل أَنَّ جعلهما خبرا عنها لا يستقيم إلا بتقدير المبالغة أو حذف المضاف، لأن قولنا: (عسى زيد أن يقوم) إذا جعلنا (أنْ) والفعل فيه خبرا عن (زيد) يلزم منه الإخبار عن الذات بالمعنى، وهو ممتنع فيحتاج إلى التأويل المذكور، وهو إما المبالغة بجعل (زيد) نفس القيام وإما بتقدير مضاف وكأنه قيل: عسى أمر زيد القيام1. إذا علمت ذلك، فلا تكون هذه الأفعال على مذهب سيبويه ملحقة بكان2 لأن (أن) والفعل معها ليسا خبرا عنها. وقال الشيخ بدر الدين بن مالك3 رحمه الله تعالى: "والحق أن
أفعال المقاربة ملحقة ب (كان) إذا لم يقترن الفعل بعدها ب (أن) دون ما إذا اقترن" 1. انتهى. ووجهه أن الجار يطرد حذفه قبل (أنْ) 2 فقوي مذهب سيبويه به3 إذا اقترن الفعل ب (أن) ، دون ما إذا لم يقترن بها. ص: وخبر ما حمل على (ليس) . ش: الثاني عشر من المنصوبات خبر ما حمل على (ليس) وهي الأحرف الأربعة المتقدم ذكرها في المرفوعات، أعني (لات) ، و (لا) و (ما) الحجازية و (إن) النافية. وتقدم هناك سبب حملها على (ليس) 4. وينبغي أن يعلم هنا أن الباء تزاد بكثرة في خبر (ما) الحجازية بلا خلاف 5. وفي خبر التميمية على الأصح 6، نحو قوله تعالى:45/أ {وَمَا رَبُّكَ
بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ} 1 وتزاد بقلة في خبر (لا) نحو قوله: 76- فكن لي شفيعا يوم لا ذو شفاعة ... بمغنٍ فتيلاً عن سوادِ بن قَارِبِ2 والله أعلم. ص: واسم (إن) وأخواتها. وإن قرنت ب (ما) المزيدة ألغيت وجوبا إلا (ليت) فجوازا. وتُخفَّف ذوات النون 3. منها فتلغى (لكن) وجوبا [وكأن قليلا] 4 و (إنَّ) غالبا، ويغلب معها مهملةً اللام وكون الفعل التالي لها ناسخا، ويجب استتار اسم (أنَّ) وكون خبرها جملة، وكون الفعل [بعدها] 5 دعائيا أو جامدا أو مفصولا بتنفيس أو نفي أو شرط6 أو قد أو لو. ويغلب ل (كأنَّ) ما وجب ل (أَنَّ) إلا أن الفعل
بعدها [دائما] 1 خبري مفصول بقد أو لم 2 خاصة. ش: الباب الثالث عشر من المنصوبات اسم (إنَّ) وأخواتها وهي (أَنَّ) و (لكنَّ) و (كأنَّ) و (ليت) و (لعلَّ) . وذكر الشيخ رحمه الله لهذه الأحرف حالتين، وأردف كل حالة منهما ببيان حكمها. فأما الحالة الأولى فهي اتصال (ما) المزيدة بهذه الأحرف. وحكمها أنها تلغى، أي يبطل عملها. ولهذا سميت (ما) هذه كافة لأنها كفَّت ما اتصلت به من الأحرف عن العمل. وهذه الأحرف بالنسبة إلى هذا الإلغاء3 على قسمين: قسم يلغى وجوبا، وهو ماعدا (ليت) . وذلك لأنها قد أزالت اختصاصه بالأسماء4، فوجب إهماله. وقسم يلغى جوازا، وهو (ليت) . وذلك لأن (ليت) لم يَزُل اختصاصها5 بالأسماء بسبب اتصال (ما) بها6.
وإنما جاز إلغاؤها نظرا إلى أن (ما) كافة في الجملة. هذا مذهب سيبويه1، وهو الصحيح. وقيل2: إلغاؤها كلها على سبيل الجواز، وهو ضعيف. مثال ما عدا (ليت) : {قُل إِنّما يُوحَى إليّ أَنّما إلهُكم إلهٌ واحِدٌ} 3، وقوله: {كأَنّما يُساقُون إلى الموتِ وهُم ينظُرُون} 4. وقول الشاعر: 77-.... ................... ... ولكنَّما يُقْضَى فَسوْف يكون5
وقوله: 78- ... ...لًعلَّما ... أضَاءَتْ لك النّارُ الحِمارَ المُقيّدا1 ومثال (ليت) قول الشاعر: 79- قَالتْ ألا لَيْتما هذا الحمامُ لنا2 ... .... .... ..........................
يروى بنصب (الحَمَام) على الإعمال وبرفعه على الإلغاء. وأما 45/ب الحالة الثانية فهي تخفيف ذوات النون منها. وذوات النون كما علمت أربعة 1، وحكمها مختلف بعد تخفيفها. فمنها (لكنّ) وحكمها إذا خفّفت أن تهمل وجوبا. نحو قوله تعالى: {وَلَكِن اللهُ قَتَلَهُمْ} 2 في قراءة 3. هذا مذهب الجمهور4، وأجاز الأخفش ويونس5 إعمالها حينئذ6. ومنها (إنّ) المكسورة، ويجوز بعد تخفيفها إعمالها وإهمالها، لكن
إهمالها أكثر، وإليه أشار بقوله: (وإن غالبا) أي وتهمل (إن) غالبا. وإنما أهملت في الغالب لزوال اختصاصها بالأسماء. وإنما أعملت قليلا استصحابا لما كان1، نحو {وَإِنْ كُلاًّ لَمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ..} 2 ثم إنها لمّا أن أهملت صارت بصورة (إنْ) النافية، فخيف اللبس فجيء بعدها باللام فارقة بينهما. وهذه اللام إنما تجيء إذا لم تغن عنها قرينة لفظية، نحو (إنْ زيدٌ لن يقوم 3 أو معنوية، نحو قوله: 80- أنَا ابْنُ أُباة الضَّيْمِ مِن آلِ مالِكٍ ... وإِنْ مالكٌ كانتْ كِرامَ المَعَادِنِ4
وإلى هذا أشار الشيخ بقوله: (ويغلب 1معها مهملةً اللام) . وقوله: (وكون الفعل التالي2 لها ناسخا) هو معطوف على قوله: (اللام) أي يغلب مع (إنْ) المهملة أمران اللام وكون الفعل ناسخا. والأكثر في هذا الناسخ أن يكون ماضيا، نحو {وإنْ كانَتْ لكَبيَرةً} 3 ويكون مضارعا كثيرا، نحو {وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ} 4. ووقوع غير الناسخ بعدها ماضيا أكثر من وقوعه مضارعا، مثال الأول قوله: 81- شَلَّتْ يَمينُكَ إنْ قتلْتَ لَمُسلِماً ... حلّتْ عليك عُقُوبَةُ المُتَعَمّدِ 5
ومثال الثاني1 قوله: (إِنْ يَزينُك لنفْسُك وإنْ يَشِينُك لَهِيَهْ) ومنها (أن) المفتوحة. وحكمها بقاء عملها. ولكن يجب في اسمها كونه ضميرا، ويجب في خبرها أن يكون جملة. وأشار إلى الأمور الثلاثة3 بقوله: (ويجب استتار اسم (أنْ) وكون خبرها جملة) . ثم إن هذه الجملة قد تكون اسمية نحو قوله تعالى: {وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} 4 وقد تكون فعلية 46/أفعلها جامد، نحو قوله تعالى: {وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنْسَانِ إِلاَّ مَا سَعَى} 5 أو دعاء، نحو قوله تعالى: {والخَامِسةَ أنْ غَضِبَ الله
عليْها} 1 فلا تحتاج لفاصل. وقد يكون غير ذلك فيجب حينئذ الفصل بأحد أمور2: إما بتنفيس إما3 بالسين، نحو {عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى} 4، أو بسوف، كقوله: 82- واعلم فعلم المرء ينفعه ... أن سوف يأتي كل ما قدرا5 وإما6 بنفي إما بلا، نحو {وَحَسِبُوا أَلاّ تَكُونَ فِتْنَةٌ} 7. أو بلن، نحو {أَيَحْسَبُ أَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ} 8.
وإما بقد نحو قوله تعالى: {وَنَعْلَمَ أَنْ قَدْ صَدَقْتَنَا} 1 أو (لو) نحو {أَنْ لَوْ نَشَاءُ أَصَبْنَاهُمْ} 2. ومنها (كأن) وحكمها بقاء عملها3. ويجوز ثبوت اسمها وإفراد خبرها. وإذا حذف اسمها، وكان خبرها جملة اسمية لم تحتج لفاصل 4 وإن كانت فعلية وجب في فعلها5 أن يكون خبريا لا دعائيا، وفصلت ب (لم) أو (قد) 6. تنبيهان: الأول اعتباره للفاصل في الفعل الذي ليس بدعائي ولا جامد يؤخذ منه عدم الاحتياج إليه مع الجملة الاسمية كالفعلية التي فعلها جامد أو دعاء كما تقدم.
الثاني قوله: (ويغلب لكأنْ ما وجب لأنْ) 1 يقتضي أن إعمالها غالب وأنه يجوز إهمالها، كما شرحناه. وهو 2مذهب الزمخشري 3خلافا للجمهور 4. ص: واسم (لا) النافية للجنس، وإنما يظهر نصبه إن كان مضافا أو شبهه، نحو لا غلامَ سفرٍ عندنا ولا طالعاً جبلاً حاضرٌ. ش: الباب الرابع عشر من المنصوبات اسم (لا) النافية للجنس وهو5 على قسمين: مبني، وهو المفرد المتقدم ذكره بشروطه 6، وهو منصوب المحل لا 1 أي من العمل، فالعمل الواجب لأنْ المخففة غالب لكأنْ المخففة وليس واجبا. 2 أي إهمالها مذهب الزمخشري لأنه يرى أن (كأن) إذا خففت بطل عملها، ولكن ابن يعيش تأول قوله: يبطل عملها بأن المراد به أنها تعمل في ضمير الشأن. وهذا كلام غريب. ينظر المفصل ص 301 وشرح المفصل 8/82. 3 هو محمود بن عمر الزمخشري، من أهل خوارزم، كان واسع العلم، متبحرا في أكثر العلوم، ولد سنة 497 هـ، وجاور بمكة فسمي جار الله، صنف كتبا نافعة منها الكشاف والمفصل والفائق في غريب الحديث وأساس البلاغة. توفي سنة 538 هـ. ينظر نزهة الألباء ص290 وإنباه الرواة 3/265 ومعجم الأدباء 19/126 وبغية الوعاة 2/279. 4 مذهب الجمهور هو إعمال (كأن) إذا خففت وجوبا. ينظر التصريح 1/234 وهمع الهوامع 1/143 وشرح الأشموني 1/293. 5 في (ج) : (وهي) . 6 تقدم ذلك في المبنيات ص 246.
غير. وغير مبني، وهو ما ليس بمفرد، وهو المضاف والشبيه به وهو الذي اتصل به شيء من تمام معناه 1. ويظهر النصب في لفظه. فالمضاف نحو (لا غلامَ سفرٍ عندنا) . والشبيه به 2نحو: (لا طالعا جبلا حاضر) . وقوله: (اسم (لا) النافية للجنس) تصريح بأن المفرد وغيره معدودان من المنصوبات، لكن المفرد منصوب محلاَّ لا غير 3 وغيره4 منصوب لفظا أيضا وهو ظاهر. 46/ب ص:5 والمضارع بعد ناصب، وهو لن أو كي المصدرية مطلقا، أو إذن إن صُدرت وكان الفعل مستقبلا متصلا أو منفصلا بقسم أو بلا أو [بعد] 6 أن المصدرية [نحو {وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي
خَطِيئَتِي} 1 إن لم تسبق بعلم، نحو {عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى} 2. فإن سبقت بظن فوجهان، نحو {وَحَسِبُوا أَلاَّ تَكُونَ فِتْنَةٌ} 3. ش: الباب الخامس عشر من المنصوبات المضارع الداخل عليه أحد أدوات النصب الأربعة المذكورة، وهي لن وكي المصدرية وإذن وأنْ. وقدم (لن) لأنها لا تكون غير ناصبة، وأخر (أنْ) وإن كانت هي4 أم الباب وأقوى من غيرها في العمل، إذ تعمل ظاهرة ومقدرة، لانتشار الكلام فيها، واستتباعه ما يطول. فأما (لن) فهي لنفي المستقبل، ولا تقتضي تأبيد النفي5 ولا تأكيده6
ولا تقع دعائية1 وليس أصلها (لا) 2 ولا3 (لا أن) 4. وأما (كي) فلا بد أن تكون مصدرية، كما صرّح به الشيخ، احترازا من التعليلية فإن الناصب بعدها (أنْ) مضمرة، وليس هي الناصبة. وتتعين مصدريتها إن سبقتها اللام، نحو {لِكَيْلا تَأْسَوْا} 5 وتعليليتها6 إن تأخرت اللام أو (أن) نحو جئتك كي لتقضيني حقي7 وقوله: 83-.. .. ... .. كيما أن تغر وتخدعا 8
لأنه لا يفصل بين الحرف المصدري وصلته، والتوكيد خلاف الأصل فلا يرتكب 1 لغير ضرورة. ويصح الأمران في2 نحو قوله: {كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً} 3، وكذا في قول الشاعر: 84- أردتَ لِكيما أَنْ تَطِير بِقِرْبتي ... ..................................... 4
فيصح فيه اعتبار كونها تعليلية مؤكدة لللام 1 وأن تكون مصدرية و (أنْ) مؤكدة لها2. وقوله: (مطلقا) أي ينصب بلَنْ وكي المصدرية مطلقا عن الشروط المعتبرة في نصب أختيها. وأما (إذن) فهي حرف جواب وجزاء 3 وشرطها أن تتصدر، فلا تكون حشوا، وإليه أشار بقوله: (إن صُدرت) . ومتى وقعت حشوا أهملت 4، كقول الشاعر: 85- لئنْ عادَ لي عبدُ العزيز بمثلِهَا وأمْكَنَني منها إذَنْ لا أقيلُها5 وحمل على الضرورة نحو قوله: 86-.... .... ... إني إذَنْ أَهْلِكَ أو أَطِيرا 6
مما وقعت فيه عاملة وهى في حشو الكلام. ويجوز أن يقدر 47/أذلك محذوفا منه خبر (إنّ) و (إذَنْ) واقعة في الابتداء1. وبجوز النصب بها بعد الواو والفاء2. وأن يكون المنصوب بها مستقبلا، فلو قيل لك: أنا أحبك، فقلت3: (إذَنْ تَصْدُقُ) رفعت لأنه حالّ، وأدوات النصب تخلص الفعل للاستقبال فلا تعمل في الحال. وأن تتصل بالفعل المنصوب بها. وفي معناه4 أن يفصِل بينهما
القَسَمُ، أو (لا) كما صرح به المصنف. ووجهه أن النافي كالجزء من المنفي، فكأنه لا فاصل. وأما القَسَم فإنه زائد مؤكد فلم يمنع الفصل به من النصب هنا كما لم يمنع من الجر في قولهم: (إنّ الشّاةَ لتجْترُّ فتسمعُ صَوتَ واللهِ ربِّها) 1. واعلم أن سيبويه2حكى عن بعض العرب إلغاء (إذن) مع توفر الشروط. قال بعضهم3: (وهو القياس، لأنها غير مختصة والأكثرون أعملوها حملا لها على (ظن) لأنها مثلها في جواز تقديمها على الجملة وتأخرها عنها4 وتوسطها بين جزأيها، كما حملت (ما) على (ليس) وان كانت غير مختصة) 5. وأما (أنْ) فنحو قوله تعالى: {وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ} 6 وشرط نصبها ألاَّ تكون مخففة من الثقيلة. وربما أهملت، حملا على (ما) المصدرية، كما أعملت (ما) المصدرية
قليلا، حملا عليها1. فمن الأول2 قوله: 87- أن تَقْرَآنِ عَلَى أَسْماءَ وَيْحَكُما ... مَنّي السَّلاَمَ وَأَلاَّ تُشْعِرَا أَحَدًا3 ومن الثاني4 الحديث في بعض الروايات: "كما تكونوا يولى عليكم"5. والمخففة من الثقيلة هي الواقعة بعد ما يدل على التحقيق، سواء
كان بلفظ العلم أو الظن، والى ذلك أشار بقوله: (إن لم تُسبق بعلم) فإن المراد بالعلم ما دل على التحقيق، كما ذكرنا لا لفظ (علم) . فإن وقعت بعد ما يفيد ظنا، سواء كان بلفظ (ظن) أو ما أشبهه من (حسب) 1 ونحوه، جاز فيه اعتبار كونها مصدرية، حملا للظن على بابه، وكونها مخففة حملا له على اليقين. والى ذلك أشار المصنف2 بقوله: (فإن سبقت بظن 47/ب فوجهان) . ومثّل له بقوله تعالى: {وَحَسِبُوا أَلاَّ تَكُونَُ فِتْنَةٌ} 3. فمن نصبه4 جعلها مصدرية، ومن رفعه5 جعلها مخففة من الثقيلة6. ص: وتضمر (أنْ) بعد ثلاثة من حروف الجر، وهي (كي) نحو {كَيْلا يَكُونَ دُولَةً} 7 و (حتى) إن كان الفعل مستقبلا بالنظر إلى ما
قبلها، نحو {حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَى} 1 [وأسلمت حتى أدخل الجنة] 2 واللام تعليلية مع المجرد من (لا) نحو {لِيَغْفِرَ لَكَ الله} 3 بخلاف {لِئَلاَّ يَعْلَمَ} 4 أو جحودية نحو ما كنت أو لم أكن لأفعل. ش: قد أسلفا فيما سبق أن (أنْ) تعمل ظاهرة ومقدرة، وقد تقدم أمثلة ما تعمل فيه ظاهرة، والغرض الآن بيان ما تعمل فيه مضمرة. وإضمارها على قسمين واجب وجائز. وقد اشتمل هذا الكلام على إضمار (أنْ) بعد حروف الجر5. ومنها ما أضمرت بعده على سبيل الوجوب ومنها ما تضمر بعده على سبيل الجواز كما سنبينه إن شاء الله تعالى الحرف الأول مما تنصب (أنْ) المضارع بعده مضمرة هي (كي) التعليلية لا المصدرية، فإن تلك هي الناصبة كما تقدم 6 وهذا الإضمار على سبيل الوجوب فلا يظهر إلا في الشعر. وقد سبق ذكر ما يتعين أن تكون فيه تعليلية وما يتعين أن تكون فيه
مصدرية وما يجوز فيه الأمران. ومثالها قوله تعالى: {كَيْلا يَكُونَ دُولَةً} ف (يكون) منصوب1 بأن مضمرة لا تظهر 2. الثاني من الحروف التي تضمر بعدها (أنْ) وجوبا (حتّى) الجارّة وهي التي تدخل على الاسم الصريح، بمعنى (إلى) وتدخل على المضارع فيتعين حينئذ إضمار (أن) بعدها ناصبة لتكون4مع الفعل في تأويل مصدر مجرور ب (حتّى) 5. ولا يجوز إظهار (أنْ) بعدها لا في شعر ولا في نثر، ولا يكون الفعل بعدها إلا مستقبلا أو مؤولا به. وخرج بالجارّة العاطفة، وهي التي تعطف بعضاً6 على كلٍّ، كما سيأتي في باب التوابع7.
والابتدائية وهي الداخلة على جملة مضمونها غاية لشيء قبلها، كقول الشاعر: ..... .... .... . ... ... ... حتّى ماءُ دِجلةَ أشكَلُ1 وقولهم: (شربَتْ 48/أالإبلُ حتى يجيءُ البعير يجر بطنه) ولا يكون الفعل بعدها3 إلا حالا أو مؤولا به بخلاف الجارّة فلا بد أن يكون الفعل الذي بعدها مستقبلا4، كما تقدم. وذلك بالنظر إلى ما قبله5 سواء كان مستقبلا بالنظر أيضا إلى زمن التكلم أم لا. نحو قوله تعالى: {لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَى} 6
وقوله تعالى: {وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ} 1 في قراءة النصب2. واعلم أنه حيث انتصب المضارع ب (أنْ) بعد (حتى) فالغالب3 أن تكون (حتى) للغاية، نحو قوله تعالى4: {لَنْ نَبْرَحَ ... } الآية. وعلامتها صلوح (إلى) موضعها. وقد تكون للتعليل، كقوله: (جُد حتّى تُغني فقيرا) 5. وعلامتها صلوح كي6 في موضعها. وقال ابن مالك7 تبعا لبعضهم 8 (وقد تكون بمعنى إلاَّ أنْ) 9 كقوله: 89- ليس العطاء من الفضول سماحة ... حتى تجودَ وما لديك قليل10
أي إلا أن تجود. والذين لا يثبتون هذا المعنى يجعلون هذا البيت على معنى (إلى) 1. الثالث من الحروف الجارة التي تضمر2 بعدها (أنْ) هي اللام. وإضمار (أنْ) بعدها إما واجب أو جائز أو ممتنع. فإن كانت تعليلية وتجرد الفعل من (لا) فالإضمار جائز نحو جئتك لأقرأ، أي لأن أقرأ، ويجوز إظهارها. وإن قرن الفعل ب (لا) سواء كانت نافية أو مؤكدة وجب إظهار (أنْ) بعد اللام، وامتنع الإضمار3 نحو قوله تعالى: {لِئَلاّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ} 4.وقوله: {لِئَلاّ يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ} 5.
وان كانت لام الجحود1 وهي المسبوقة بكون منفي، ماض إما لفظا ومعنى أو معنى فقط2، وجب بعدها إضمار (أن) ولا يجوز إظهارها بحال من الأحوال3، نحو قوله تعالى: {مَا كَانَ اللهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ} 4 {لَمْ يَكُنِ اللهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ} 5. تنبيهات: الأول: أراد المصنف رحمه الله تعالى 6 بقوله: وتضمر (أن) مجرد الإضمار، أعمّ من أن يكون واجبا أو جائزا، بدليل أنه7 بعد أن استوفى ذكر مواضع الإضمار مطلقا بيّن مواضع الوجوب من مواضع الجواز. الثاني: تقييده اللام [48/ب] بما ذكره8 ربّما يخرج لام9 العاقبة10 واللام
المؤكدة1 بناء على مغايرتهما لها، وهو ظاهر صنعه في الشرح2، مع أن إضمار (أنْ) بعدهما جائز3 أيضا. ومذهب الجمهور4 رد لام العاقبة إلى التعليلية. وقال في شرح الزوائد5: (والمختار رد المؤكدة إليها) 6أيضا. الثالث: قوله: (أو جحودية) معطوف على قوله: (تعليلية) أي تضمر (أن) بعد اللام حال كونها تعليلية أو جحودية. وقوله: (ما كنت أو لم أكن لأفعل) تقديره: ما كنت لأفعل أو لم أكن لأفعل. ومثّل بمثالين أحدهما للماضي في اللفظ والمعنى، والثاني للماضي في المعنى فقط وهو المنفى ب (لم) 7. ص: وبعد ثلاثة من حروف8 العطف، وهي أو بمعنى (إلى) نحو لألزمنك أو تقضيني حقي، أو (إلا) نحو لأقتلنه أو يسلم وفاء السببية
وواو المعية مسبوقين بنفي محض أو طلب بغير اسم الفعل نحو {لا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا} 1 ونحوه2 {وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ} 3 ونحو {لا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي} 4 و (لا تَنْه عن خلق وتأتيَ مثله) . ش: لما فرغ من ذكر5 ما أضمرت (أنْ) بعده من الحروف الجارة أخذ يذكر ما أضمرت أيضا بعده من الحروف العاطفة. فمنها (أو) وتضمر (أنْ) بعدها وجوبا إذا صلُح في موضعها (إلى) نحو (لألزمنك أو تقضيَني حقي) أي إلى أن تقضيني حقي. أو (إلا) نحو (لأقتلنه أو يسلمَ) أي إلاّ أن يُسلم. والضابط في ذلك6 أن الفعل الذي بعدها إن كان مما ينقضي شيئا فشيئا فهو موضع7 (إلى) وإن لم يكن فهو موضع (إلاَّ) . فإن لم يصلح في موضعها أحدهما، وورد المضارع منصوبا بعدها نحو قول الشاعر:
90- فلولا رجال من رزام أعِزة ... وآل سُبيع أو أسوءك علقما1 جاز إظهار (أنْ) ولم يجب إضمارها. ومنها فاء السببية، وهي التي قصد بها الجزاء، إذا كانت مسبوقة بنفي محض، والمراد به ألاّ تتلو تقريرا2، نحو (ألم 3 تأتني فأحسنُ إليك) ، وألا يكون متلوا بنفي محض4نحو (ما تزال [49/أ] تأتينا فتحدثُنا) . وألاَّ ينتقض بإلاّ نحو (ما تأتينا إلاّ فتحدثُنا) 5.
أو كانت مسبوقة بطلب محض أيضا، وهو الذي أشار إليه الشيخ بقوله: (بغير اسم الفعل) . والمراد به أن يكون بفعلٍ أصلٍ في ذلك، فخرج الطلب بالمصدر، نحو (سقيا) أو باسم فعل1، نحو (صه) أو بلفظ الخبر، نحو (رحم الله زيدا) . فلا ينصب الفعل بعد شيء منها2. مثال ذلك (ما تأتينا فتحدثَنَا) بالنصب إذا قصدت معنى الجزاء والسببية، أي ما تأتينا محدثا3 فيكون المقصود نفي اجتماعها. أو4 (ما تأتينا فكيف تحدثَنا) فيكون المقصود نفي الثاني لانتفاء الأول. وخرجت الفاء التي لمجرد العطف، نحو (ما تأتينا فتحدثُنا) على معنى فما5 تحدثنا، والاستئنافية، نحو (ما تأتينا فتحدثُنا) على معنى ما تأتينا فأنت تحدثنا.
والفرق بينهما1 أن في الأول ما قبل الفاء وما بعدها منفيان، وفي الثاني ما قبلها منفي وما بعدها مثبت. ومنها واو المعية، وهي التي تفيد2 معنى (مع) فإن (أنْ) مضمرة 3 بعدها وجوبا أيضا بعد النفي والطلب بشرطيهما السابقين4. نحو (لا تأكل السمك وتشربَ اللبن) 5. أي لا يكن6 منك أكل للسمك مع شرب اللبن 7 فيكون ذلك نهيا عن الجمع بينهما، فلا يمتنع الإتيان بأحدهما منفردا. وخرجت الواو التي لمجرد العطف نحو (لا تأكلْ السمك وتشربْ اللبن) بجزم (تشرب) عطفا على (تأكل) ، فيكون ذلك نهيا عن كل واحد منهما. والاستئنافية نحو (لا تأكل السمك وتشربُ اللبن) 8، أي وأنت تشرب اللبن. فلا يجوز النصب أيضا، بل يجب الرفع، ويكون نهيا عن أكل السمك وإخبارا بشرب اللبن9
ومثل المصنف للنصب بعد الفاء الواقعة بعد النفي المذكور، بقوله تعالى {لا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا} 1. وللنصب بعد الواو الواقعة بعده بقوله2 تعالى: {وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ} 3 فإن قبله النفي في قوله تعالى: {وَلَمَّا يَعْلَمِ اللهُ الَّذِينَ [49/ب] جَاهَدُوا مِنْكُمْ} . وشمل الطلب المذكور الأمر، ومثاله بعد الفاء قوله: 91- يا ناقُ سيري عنقا فسيحا ... إلى سليمان فنستريحا4 ومثاله5 بعد الواو كقوله6:
92-فقلتُ ادْعِي وأدعوَ إن أنْدى لصوتٍ أن يُنادي داعيان1 والنهي2، ومثل المصنف3 له بعد الفاء بقوله تعالى: {وَلا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي} 4، وبعد الواو بقول أبي الأسود الدؤلي 5: 92- لا تنهَ عن خلقٍ وتأتيَ مثلَه ... عارٌ عليك إذا فعلتَ عظيم6
والدعاء 1 والاستفهام والعرض2 والتمني والتحضيض3 ولا تخفى أمثلتها 4 بعد الفاء والواو5.
تنبيهات: الأول: قوله: (وهي أو بمعنى إلى أو إلا) قد يتوهم منه مرادفة (أو) للحرفين المذكورين، وليس كذلك، بل هي (أو) العاطفة التي لأحد الشيئين. فلو عبّر بصلاحية أحد الحرفين موضعها، كما عبرنا لكان أحسن. الثاني: تقييده الطلب بغير اسم الفعل قد1 علمت أن في معنى اسم الفعل الخبر2 والمصدر، فكأنه قال: بغير اسم الفعل وما في معناه. وكأنه إنما اقتصر عليه 3 لأن الكسائي4 جوّز النصب بعد الطلب به5 كما في الطلب بالخبر، فينتفي الطلب بالمصدر من باب أولى، إذ لم يقل بالنصب بعده أحد فيما علمت. الثالث: قد علم مما تقرر أن النصب بعد الواو ليس على معنى النصب بعد الفاء 6، وإن اشتركا في شرطه. الرابع: ما ذكره من أن النصب بأنْ المقدرة بعد أو والواو والفاء هو الصحيح7.
ومذهب الكسائي1 أن أو والواو والفاء [هي الناصبة] 2. ومذهب الفراء وجماعة من الكوفيين3 أن النصب بالمخالفة. ويرد على الكسائي أن هذه حروف4 عاطفة فلا تصلح للعمل لعدم اختصاصها5. وعلى الفراء ومن معه أن العامل اللفظي حيث أمكن لا يعدل عنه إلى المعنوي كما تقدم. والله أعلم. ص: وبعد الفاء والواو وأو وثم إن عطفن على اسم خالص نحو {أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً} 6 ونحو (ولُبسُ عباءة وتقرَّ عيني) . ش: يعني 50/ب أن (أن) كما أضمرت بعد ما تقدم من الحروف، وهي (أو) والواو والفاء كذلك تضمر بعدهن وبعد (ثم) لكن في محل آخر، وهو ما إذا عطف أحد هذه الحروف7 على اسم خالص، أي من تأويل الفعل.
واحترز بذلك من نحو قولهم1: (الطائر فيغضبُ زيدٌ الذبابُ) فإنه لا ينصب الفعل وان كان العطف على اسم وهو (الطائر) ،لأنه في تأويل الفعل، أي الذي يطير. فمثال (أو) قوله تعالى: {أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً} 2 في قراءة النصب3 عطفا على (وَحْيَاَ) 4. ومثال الواو قول ميسون5 زوج معاوية، رضى الله عنه: 94- ولبسُ عباءةٍ وتقرَّ عَيني ... أحبُّ إليَّ من لُبْسِ الشُّفُوفِ6
بالنصب عطفا على (لبس) . ومثال الفاء قوله: 95- لَوْلاَ تَوَقُّع مُعْتَرٍّ فَأُرْضِيَهُ1 ... ............................... ومثال (ثم) قوله: 96- إَنِّي وقتلي سليكا ثم أعقله2 ... ..............................
تنبيه: اقتصاره على حذف (أنْ) بعد ما ذكره من الحروف يفهم منه أنها لا تحذف في غيره، وهو كذلك. لكن قد وردت مواضع شاذه، نصب الفعل فيها ب (أنْ) محذوفة وليست مما تقدم. فمن ذلك1 قولهم (خذ اللص قبل يأخذَك) 2 بالنصب. وقولهم (تسمَع بالمعيدي خير من أنْ تراه) 3 بالنصب أيضا. فيحفظ ما ورد منها ولا يقاس عليه. ص: ولك معهن ومع لام التعليل إظهار (أن) . ش: بَيّن في هذا الكلام ما يجب فيه إضمار (أَنْ) وما لا يجب مما تقدم. فذكر أنه يجوز إظهارها4 بعد هذه الأحرف الأربعة في مسألة العطف على اسم خالص، وبعد لام (كي) وهي5 المراد بقوله: (لام التعليل) .
وفهم من ذلك أن الإضمار واجب في غير ذلك. وهو سائر ما تقدم، ومنه1 لام الجحود. وتدخل2 لام العاقبة واللام المؤكدة أي الزائدة في لام التعليل، التي هي لام كي، على ما تقدم.
باب المجرورات
ص: باب المجرورات ثلاثة، المجرور بالحرف وهو 1 من وإلى وعن وعلى والباء، واللام وفي مطلقا. ش: لما أنهى الكلام على المنصوبات شرع في ذكر المجرورات، وهي ثلاثة أنواع: مجرور بالحرف، 50/ب ومجرور بالإضافة ومجرور بالمجاورة. وقدّم المجرور بالحرف على المجرور بالإضافة2 لكونها على معنى الحرف، حتى قيل3: إنه4 العامل في المضاف إليه الجر، فكأنها5 فرع
وأخر المجرور بالمجاورة لشذوذه1. والحروف الجارة منها ما يجر الظاهر والمضمر. وقدمه على غيره لعمومه، فإنه يدخل على الظاهر زمانا أو غيره وعلى الضمير، وإلى عمومه أشار بقوله: (مطلقا) . ومنها ما يختص ببعض ذلك وهو أنواع2 ستأتي. وذكر هنا القسم الأول، وهو سبعة: أحدها (مِنْ) نحو قوله تعالى: {وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ} 3 وتأتي للتبعيض، نحو {حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} 4 ولبيان الجنس، نحو {أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَب} 5 ولابتداء الغاية المكانية6 باتفاق، نحو {مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} 7 والزمانية على الأصح8، نحو {مِن أَوَّلِ يَوْمٍ} 9
وزائدة1، نحو {هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللهِ 2} وبمعنى البدل، نحو {أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ} 3 وللظرفية، نحو {مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الأَرْضِ} 4 وللتعليل، نحو {مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا} 5. ثانيها (إلى) نحو {إِلَى اللهِ مَرْجِعُكُمْ} 6، {إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ} 7. وتأتي لانتهاء الغاية زمانا ومكانا. نحو {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} 8 ونحو {مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى} 9. ثالثها (عن) نحو {لَقَدْ رَضِيَ اللهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ} 10 {رَضِيَ اللهُ
عَنْهُم} 1. وتارة للمجاوزة2، نحو سرت عن البلد3 ورميت عن القوس. وللبعدية، نحو {طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ} 4 أي بعده. وللاستعلاء، نحو {فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ} 5 أي على نفسه. وللتعليل، نحو {وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِي آلِهَتِنَا عَنْ قَوْلِك} 6 أي لأجل قولك7. رابعها (على) نحو {وَعَلَيْهَا وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ} 8. وتأتي للاستعلاء9 نحو صعدت على السطح.
وللظرفية، نحو {عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ} 1 أي في حين غفلة. وللمجاوزة، كقوله: 97- إذا رَضِيَتْ عَلَيَّ بَنُو قُشير لَعمرُ أَبيك أَعجبني رِضَاها2 أي عَنِّي. وللمصاحبة، نحو {وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلَى ظُلْمِهِمْ} 3 أي مع ظلمهم. خامسها الباء، نحو {آمنُوا بِاللهِ} 4, {آمنُوا بِهِ} 5. وتأتي/للاستعانة، نحو كتبت بالقلم، وللتعدية، نحو {ذَهَبَ اللهُ بِنُورِهِمْ} 6
أي أذهبه. وللتعويض، كبعت1 هذا بهذا. وللإلصاق نحو أمسكت2 بزيد. وللتبعيض3 نحو {عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا} 4 أي منها، وللمصاحبة، نحو {وَقَدْ دَخَلُوا بِالْكُفْرِ وَهُمْ قَدْ خَرَجُوا بِهِ} 5 أي مصاحبين معه. وللمجاوزة. نحو {فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيراً} 6 أي عنه. وللبدل، نحو أخذت الدرهم بالدينار، أي بدله. وللظرفية. نحو {نَجَّيْنَاهُمْ بِسَحَرٍ} 7 أي فيه. وللاستعلاء نحو {مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ} 8 أي عليه. وللسببية، نحو {فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ} 9 وزائدة، نحو {كَفَى بِاللهِ شَهِيداً} 10.
سادسها (اللام) نحو {لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ} 1 {لهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ} 2 وتأتي للملك، نحو {لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ} 3. وللاختصاص نحو (السرجُ للدابة) . وللتعدية، نحو (ما أضْرَبَ زيدًا لعمروٍ) 4. وللتعليل، نحو: وإنِّي لَتعروني لِذِكْرَاكِ هِزَّةٌ ... كما انتقض العصفورُ بلَّله القَطْر5 وزائدة نحو: 98-............................. ... مُلكاً أجارَ لمسلمٍ ومُعاهَد6ِ
وللتقوية1 نحو {فَعَّالٌ لِمَا يُريدُ} 2. ولانتهاء الغاية، نحو {لأجَلٍ مسمى} 3. وللقَسَم، نحو (لله لا يؤخر الأجل) . وللصيرورة: 99- لِدُوا للموت وابنوا للخراب ... فكلُّكم يصير إلى ذهاب4 وللبعديه {أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ} 5 أي بعده. وللاستعلاء نحو {يَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ} 6 أي عليها.
سابعها (في) نحو {وفي الأرض} 1، {وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الأَنْفُسُ} 2. وتأتي للظرفية المكانية، نحو {فِي أَدْنَى الأَرْضِ} 3 والزمانية، نحو {فِي بِضْعِ سِنِينَ} 4 والمجازية، نحو {فِي يُوسُفَ} 5. وللسببية، نحو {لَمَسَّكُمْ فِي مَا أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} 6. وللمصاحبة نحو {قَالَ ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ} 7 وللاستعلاء، نحو {فِي جُذُوعِ النَّخْلِ} 8 وللمقايسة، نحو {فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاّ قَلِيلٌ} 9. ص: والكاف وحتى والواو للظاهر مطلقا، والتاء لله وربِّ [مضافاً للكعبة أو الياء] 10 وكي لما الاستفهامية و (أنْ) المصدرية
وصلتها 1 ومنذ ومذ 2 لزمن غير مستقبل ولا مبهم. و (رُبّ) لضمير غيبة مفرد مذكر مميز بمطابق المعنى قليلا ومنَكَّر كثيرا 3. ش: لما فرغ من ذكر4 القسم الأول أخذ يذكر القسم الثاني. وهو الحروف 51/ب المختصة5 وهي أنوع: فمنها ما يختص بالظاهر مطلقا، أي أيّ ظاهر كان، فلا يختص بظاهر دون ظاهر ولا يدخل على ضمير. وهذا النوع ثلاثة أحرف. أولها الكاف، وتأتي للتشبيه، نحو {وَرْدَةً كَالدِّهَانِ} 6. وللتعليل، نحو {وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ} 7 أي لأجل هدايته إياكم8. وللاستعلاء، كقول بعضهم9، وقد قيل له: كيف أصبحت:
كخير1 أي على خير. وزائدة للتوكيد، نحو {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} 2 أي ليس شيءٌ مثلَه. ثانيها (حتى) ولا يجربها إلا آخر أو متصل بآخر، فلا يقال3 سهرت البارحة حتى نصفها. وتأتي لانتهاء الغاية المكانية، نحو (أكلت السمكة حتى رأسها) . والزمانية، نحو {سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ} 4. ثالثها الواو، ومعناها القسم، نحو والله والنبي والكعبة5. ومنها ما يختص بلفظ (الله) ولفظ (رَبّ) مضافا إلى الكعبة. أو إلى ياء المتكلم، وهو حرف واحد، وهو تاء القسم، تقول: تَاللهِ لأفعلنَّ، وتَرَبِّ الكعبة6، وتَرَبِّى لأقومن7.
ومنها ما يختص ببعض الظواهر أيضا، وهو1 (كي) . وذكر الشيخ أنه يجر به شيئان: أحدهما: ما2 الاستفهامية، يقولون إذا سألوا عن علّة الشيء: كيمه، والأكثر أن يقولوا: لمه. ثانيهما: (أن) المصدرية وصلتها، نحو جئتك كي تكرمني، إذا قُدّرت أنْ بعدها، أي كي أن تكرمني، وقد ظهرت في الضرورة كقوله: ............................... ... كَيْمَا أَنْ تَغَرَّ وَتَخْدَعَا3 ومنها ما يختص من الظاهر بالزمان، وهو (مذ) و (منذ) . ويشترط أن يكون غير مبهم، فلا تقول: جئتك مذ وقت أو منذ زمن. وأن يكون غير مستقبل، بأن يكون ماضيا. ومعناهما حينئذ ابتداء الغاية، كقوله: 100-............ ... ورَبْعٍ عَفَتْ آثارُه مُنْذُ أزْمَانِ4
أو حاضراً ومعناهما حينئذ الظرفية. نحو (ما رأيته منذ يومِنا) 1. ويمتنع أن تقول2: لا أراه منذ غد3. ومنها ما يختص بنوع من المضمرات وبنوع من المظهرات، وهو (رُبّ) . فأما الأول فهو ضمير الغيبة الملازم للإفراد والتذكير4، بشرط أن يفسر بتمييز 52/أعده مطابق 5 للمعنى وأما الثاني فهو النكرة، وهذا هو الكثير، والأول هو القليل6. فمن الأول قوله: رُبّه فتيةً دعوت إلى ما ... يورث المجد دائما فأجابوا7
ومن الثاني1 قولك: رُبّ رجل2 وهي موضوعة للتكثير والتقليل3. لكنها تستعمل للتكثير كثيرا، نحو، قوله: (يا رُبَّ كَاسيةٍ في الدنيا عاريةٌ يومَ القيامة) وللتقليل قليلا، كقوله: 102- ألا رب مولود وليس له ... أب وذي ولد لم يلده أبوان وذي شامة سوداءَ في حُرِّ وجْهِهِ ... مُجلَّلةً لا تنقضي لزمانِ ويكْمُلُ في خمسٍ وتِسعٍ شبابُُه ... ويهرُم في سبعِ مضت وثمَانِ5
يريد عيسى وآدم عليهما السلام – والقمر1. تنبيهات: الأول: قد ورد جرّ الكاف للضمير في قوله: 103-............ ... وأُمَّ أَوْعَالٍ كها أو أَقربا2
وقوله: 104- ولاتَرَى بعلاً ولاحَلائِلاَ ... كَهُو وَلاَ كَهُنّ إِلاّ حَاظِلا1 لكنه محكوم عليه بالشذوذ والضرورة، فلذلك لم يذكره المصنف. الثاني: مقتضى قوله: (وكي لما الاستفهامية أو أنْ المصدرية) . أنها لا تجر غيرهما2. ونقل عن الأخفش3 أنها تجر (ما) المصدرية وصلتها4 كقوله: 105- إذا أنت لم تنفع فضرّ فإنما ... يراد الفتى كيما يضُرّ وينفع5
وغير الأخفش يرى أن (ما) كافة لا مصدرية ويجعل (أن) المصدرية مضمرة 1 وكلام المصنف يوافق هذا2. الثالث: اختلف في الضمير المجرور ب (رُبَّ) . فقيل: معرفة كغيره من الضمائر3. وقيل4: نكرة لأنها لا تدخل إلا على النكرات5، وهو مقتضى كلام
المصنف فيما سبق وقد قدمنا الكلام عليه في بحث النكرة1. الرابع: بقي من حروف الجر2 خلا وعدا وحاشا ومتى ولعل ولم يذكرها المصنف هنا، لأن الثلاثة الأول تقدم له ذكرها في باب الاستثناء3، والأخيران شاذان4. ص: ويجوز حذفها معه، فيجب بقاء عملها، وذلك بعد الواو كثير والفاء وبل قليل5، وحذف اللام قبل (كي) وخافض (أنّ) و (أنْ) مطلقا. ش: ذكر في هذا الكلام ما يحذف من حروف الجر. فمنها ما يحذف مع بقاء عمله6، وهو (رُبَّ) الداخلة على النكرة 25/ب وهذا هو المراد بقوله: (ويجوز حذفها) أي حذف7 (رب) (معه) أي مع
المنكَّر 1. واحترز عن الجارة للضمير، فلا تحذف معه2. ثم إن حذفها مع المنكَّر قد يكون كثيرا، وذلك بعد الواو، كقوله: ... 105- ومَهْمَهٍ مُغْبَرةٍ أَرْجَاؤُهُ 3 ... وقد يكون قليلا، وذلك بعد الفاءء كقوله: 107 - فمثلِكَ حبلى قد طرقت ومرضعٍ4 ... .............
وبعد (بل) كقوله: 108- بل مَهْمَهٍ قطعتُ بعد مَهْمَه1 ... ...... ... .. . .. .. .. .. .. .... وقد تحذف2 بدون عاطف، كقوله: 109- رسمِ دار وقفتُ في طََلَلهِ ... كدتُ أقْضي الحياة مِن جَللِه3 وهو بدون العاطف أقل منه بعد (بل) . فقوله: (والفاء وبل) أي وبعد الفاء وبل.
ومنها اللام الداخلة على (كي) المصدرية لا الجارة، كما تقدم1 فإن حرف الجر لا يدخل على مثله، ولأجل ذلك لم يقيدها المصنف. نحو جئتك كي أراك، أي لكي أراك2. ومنها الجار الداخل على (أَن) المفتوحة المشددة النون أو الساكنة. وقوله: (مطلقا) راجع إلى كل من الخافض والمخفوض، أي سواء كان الجار لاما أو غيرهء وسواء كانت (أنّ) أو (أنْ) بعد حرف أم لم تكن 3. يعني4 أنه لا يشترط في حذف خافضهما شيء، كما شرط لحذف5 خافض غيرهما وقضية هذا الإطلاق أنه لا يشترط أمن اللبس. وإليه يميل كلامه في التوضيح6. لكنه صرّح في الجامع7 باشتراطه، موافقة لابن مالك8- رحمه الله تعالى - كما سنذكره9.
ويخرج بهذا الشرط نحو (رغبت في أن تفعل) فلا يصح حذف (في) لأنه بعد الحذف يوهم أن المعنى: رغبت عن أن تفعل. قال في التوضيح1: "ويشكل عليه، أي على هذا الشرط، أو على ابن مالك في اشتراطه إياه، قوله تعالى: {وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنّ} 2. والجواب عن الإشكال أنه حذف لقصد الإبهام ليرتدع بذلك من يرغب فيهن لجمالهنّ ومالهن، ومن يرغب عنهن لفقرهن ودمامتهن3. وهذا جواب حسن، لأنه4 عند إرادة الإبهام لا يخاف اللبس. تنبيهان: أحدهما جعل في التوضيح5 - تبعا للتسهيل6 - حذف (رب) بعد الفاء كثيرا 53/أوبعد الواو أكثر وبعد (بل) قليلا وبدونهن أقل. وظاهر المذكور هنا مخالفته.
وقد يقال: لا مخالفة، لأن جعله بعد الفاء قليلا إنما هو بالنسبة إلى الواو، وان كان1 كثيرا في نفسه. على أنه قد اعترض جعله بعد الفاء كثيرا. وأجيب2: بأن كثرته بالنسبة إلى (بل) . ولكون الحذف بدون عاطف أقل منه مع العاطف سكت المصنف عن ذكره ثانيهما: اختلف في المحل بعد حذف الجار قبل (أنَّ) و (أنْ) و (كي) هل هو3 نصب أو جر أو محتمل لهما؟ على ثلاثة مذاهب: قال ابن مالك: (ومذهب الخليل4 والكسائي5 في (أنّ) و (أنْ) أنهما في محل جر بعد حذفه، ومذهب سيبويه6 والفراء7 أنهما في محل
نصب. ويؤيد قول الخليل قول الشاعر، أنشده الأخفش1 110- وما زرت ليلى أن تكون حبيبة ... إليَّ ولا دينٍ بها أنا طالبه2 فجر المعطوف على (أنْ) فعلم أن (أنْ) في محل جر) . انتهى3. وجزم في التسهيل4 بالنصب. وهو ظاهر كلام المصنف في الجامع حيث قال: ((وحذفه مع (كي) و (أنّ) و (أنْ) إن لم يلبس، مقيس. وهل الموضع حينئذ نصب أو جر أو محتمل؟ أقوال)) 5. فقدم ذكر النصب6. ولقائل أن يقول: إن البيت لا حجة فيه7 ويجعل الجر فيه على
توهم دخول الجارّ على (أن) 1 ومثله قوله: 111- بدا ليَ أني لستُ مدْركَ ما مضى ... ولا سابقٍ شيئا إذا كان جائيا2 فجر (سابق) عطفا على توهم دخول الجار على (مدرك) . ولأجل ما علمت من الخلاف قال المصنف3 في (رُبّ) : (وتحذف فيجب بقاء عملها) وقال في الثلاثة: ((وحذف اللام قبل (كي) وخافض (أنّ) و (أن)) ) ، وسكت عن بقاء العمل وعدمه. ص: الثاني المجرور بالإضافة، كغلام زيد. ويجرَّد المضاف من تنوين أو نون تشبهه مطلقا ومن التعريف إلا فيما مرّ. ش: لما فرغ من النوع الأول من المجرورات شرع في النوع الثاني
منها وهو المجرور بسب الإضافة. والإضافة1 لغة الإسناد2 واصطلاحا 53/ب ضم كلمة إلى أخرى منزلة من الأولى منزلة التنوين مما قبله3 ك (غلام زيد) و (صاحب عمرو) . ويجب أن تحذف من المضاف لأجل الإضافة ما فيه من تنوين ظاهر ك (غلام زيد) أو مقدر ك (دراهم عمرو) 4. وما فيه من نون تشبه التنوين من جهة كونها تلي علامة الإعراب وهي نون التثنية وشبهها ونون جمع المذكر السالم وشبهه. ك (غلاما زيد) و (اثنا عمرو) 5 ونحو {وَالْمُقِيمِي الصَّلاةِ} 6 و (عشري
عمرو) 1. ولا تحذف نون تليها2 علامة الإعراب نحو3 (بساتين زيد) . و {شَيَاطِينَ الإِنْسِ} 4. وقولنا: تليها علامة الإعراب هو بناء على أن الإعراب5 بعد آخر المعرب من غير فاصل، كما قدمنا6،وهو الصحيح، لا على الآخر. وكما يجب لأجل الإضافة حذف التنوين والنون التي7 تشبهه كذلك يجب تجريد تعريفه، فلا تضاف المعرفة باقية على تعريفها8 فلا يقال: الغلام زيد، ولا: زيدكم وعمركم. إلا إن حذف اللام من الأول9،
وقدر الشيوع والتنكير1 فيما بعده2. وإنما كان كذلك لأن الغرض الأصل من الإضافة إلى المعرَّف التعريف وهو حاصل للمعرفة من غير إضافة. ويستثنى من هذا ما تقدم في باب المعرّف بالأداة من المواضع التي يجوز دخول (أل) فيها على المضاف. وهي أن يكون المضاف صفة والمضاف إليه معمولها، وهو بأل. أو مضاف إلى ما3 فيه (أل) أو إلى ضمير ما فيه (أل) . أو يكون المضاف المذكور مثنى أو جمعا على حد المثنى4. ك (الضارب الرجلِ) والضارب رأسِ الرجلِ، وكقوله: الودُّ أنتِ المستحقةُ صفْوِهِ5 ... .................................... والضاربا زيدٍ والضاربو عمرٍو. واعلم أنهم قد اختلفوا في الجارِّ للمضاف إليه، ما هو؟
فقيل: هو المضاف، وهو مذهب سيبويه1. وهو الراجح لاتصال الضمير به، والضمير لا يتصل إلا بعامله. وقيل2: جار مقدر. بدليل أنه قد ثبت عمل الحرف للجرّ3 وأن معنى (غلام زيد) (غلامٌ لزيد) . ورُدّ هذا بأن إضمار الجار ضعيف4. وأن معنى غلام زيد غير معنى غلام لزيد5 للتفاوت في 54/أالتنكير والتعريف. وقيل: العامل معنى، وهو الإضافة6. ووجهه أنه قد بطل عمل الحرف لما ذكرتم، وعمل الاسم خلاف القياس فتعين ما ذكرنا.
ورُدَّ بأن المعنى إنما يصار1 إليه، ويجعل عاملا عند تعذر اللفظ. وعمل المعنى أبعد من عمل الاسم. وإذا2 بطل المذهبان الأخيران بما3 علمت تعين الأول. والله أعلم. تنبيه: فهم من اقتصاره على حذف التنوين والنون أن غيرهما لا يحذف. قال ابن مالك4: "وقد تحذف تاء التأنيث في كلمات سُمِعتْ،5 ومنه قراءة بعضهم6: {ولَو أرَادوا الخروجَ لأعَدّوا لَه عُدَّه} 7 أي عدته" وظاهر كلام الفراء8 أنه قياس. وجعل منه قوله تعالى: {وَإِقَامَ
الصَّلاة} 1. ص: وإذا كان المضاف صفة والمضاف إليه معمولا لها سميت لفظية وغير محضة، ولم تفد تعريفا ولا تخصيصا، ك (ضارب زيد) و (مُعْطى الدينار) و (حسَن الوجهِ) . وإلا فمعنوية محضة تفيدهما، إلا إذا كان2 المضاف شديد الإبهام كغير و (مثل) و (خِدْن) أو موضعه مستحقا للنكرة، كجاء وحده، وكم ناقةٍ وفصيلِها لك، ولا أباله، فلا يتعرف. ش: ذكر في هذا الكلام الإضافة اللفظية والإضافة المعنوية وأحكامهما. فأما الإضافة3 اللفظية فضابطها أن يكون المضاف صفة شبيهة بالمضارع في كونها للحال أو الاستقبال، والمضاف إليه معمولا لتلك الصفة. والمراد بالصفة اسم الفاعل، كضارب زيد ومخرج عمرو. واسم المفعول كمضروب العبد ومُرَوّع القلب4 ومعطى الدينار. والصفة المشبهة، كحسن الوجه وعظيم الخلق وقليل الحظ. وكما
.. تسمى هذه الإضافة لفظية كذلك تسمى غير محضة1، لأنها في تقدير الانفصال، وحكمها أنها لا تفيد المضاف تعريفا ولا تخصيصا. وإنما لم تفده تعريفا2 لأنه وصف بها النكرة في قوله تعالى: {هَدْياً 54/ب بَالِغَ الْكَعْبَة} 3. فإن (بالغ) وقع صفة ل (هديا) وهو نكرة 4. ووقعت حالا في قول الشاعر: فأَتَتْ به حُوشَ الفُؤادِ5 ... ........................................... ودخل عليها (ربّ) في قوله:
112- يا رُبّ غابِطِنا لوْ كان يطلبُكم ... لاقى مُبَاعَدة منْكم وحِرمَانَا1 وإنما لم تفده تخصيصا لأن أصل قولنا: (ضاربُ زيدٍ) ضاربٌ زيداً فالاختصاص حاصل قبل الإضافة. وإنما تفيد2 أمرا لفظيا، كما قدمنا، وهو التخفيف أو رفع القبح أما التخفيف فبحذف3 التنوين الظاهر أو المقدّر، أو نون التثنية أو الجمع4. وأما رفع القبح5 ففي مثل قولك: (مررت بالرجلِ الحَسَن الوجْه) فإن في جره تخلّصا من قبح رفعه لخلو الصفة من ضمير يعود على الموصوف6.
ولهذا يمتنع الجر إذا كان هناك ضمير يعود على الموصوف1، نحو (الحسن وجهُهُ) . ومن قبح نصبه بإجراء وصف القاصر مُجرى وصف المتعدي2. ولهذا يمتنع الجر إذا كان للنصب جهة أخرى، نحو (الحَسَن وجهاً) 3 فإن النكرة تُنصب تمييزا. وأما المعنوية، وتسمى المحضة فهي ما عدا اللفظية، وأشار إلى ذلك بقوله: (وإلا فمعنوية محضة) . وأما حكمها فجعلها المصنف بالنسبة إليه نوعين: نوع يفيد التعريف تارة والتخصيص أخرى، ونوع لا يفيد إلا التخصيص. فأما النوع الأول فهو ما لم يكن المضاف فيه شديد الإبهام، أي متوغلا4 فيه ولا واقعا موقع نكرة لا تقبل التعريف.
نحو (غلام زيد) فيفيد تعريف (غلام) بإضافته إلى (زيد) و (غلام امرأة) فيفيد تخصيصه بإضافته إلى (امرأة) . وأما النوع الثاني فقد علمت أنه قسمان: القسم الأول الشديد الإبهام1، ك (غير) و (مثل) و (خِدْن) بكسر الخاء2 وسكون الدال بمعنى صاحب وك (حَسْب) 3. القسم الثاني الواقع موقع نكرة لا تقبل4 التعريف، كجاء وحده5 فهذا المضاف وقع موقع الحال، والحال لا يكون معرفة. و (كمْ ناقةٍ وفَصيلِها) . فهذا المضاف وهو (فصيلها) 6 واقع موقع النكرة التي لا تقبل التعريف لأن (كم) لا تجر المعارف7. ومثله (رُبّ رجلٍ وأخيه) فهذا المضاف، وهو (أخيه) 8 واقع
موقع نكرة لا تقبل التعريف 55/أ 1 أصلا لأن (رُبّ) لا تجر المعارف أيضا. ومن ذلك (لا أبا له) 2 بتقدير اللام زائدة فاصلة بين المتضايفين بدليل قوله: 114-............. ..... ... لا أَباكِ تُخوِّفيني3 فإنه واقع موقع نكرة لا تقبل التعريف، لأن (لا) لا تعمل في
معرفة1. فهذا النوع بقسميه لا تفيد فيه الإضافة تعريفا أصلا، وإنما مفادها فيه التخصيص لا غير. تنبيهان: الأول: قوله: (صفة ... ) إلى آخره ظاهر2 في التفسير الذي شرحناه به، وهو يقتضي3 خروج المصدر واسم التفضيل4. فتكون إضافتهما محضة، وهو الصحيح5 وذهب ابن الطراوة6 إلى أن إضافة المصدر غير
محضة1 سواء كانت إلى مرفوع أو منصوب2. ودليل الصحيح وصفه بالمعرفة3 في قوله: 115- إن وَجدي بكَ الشديدَ أراني ... عاذرًا مَنْ عهدتُ فيك عَذولا4 و5ذهب ابن السراج6 والفارسي7 إلى أن إضافة أفعل التفضيل
غير محضة. وهما محجوجان بصحة قولك: رأيت أفضلَ أهلِ1 البلدِ العالمَ الفقيهَ2. التنبيه الثاني: قد علمت أن قسمة الإضافة بالنسبة إلى المحضة وغيرها ثنائية. وزاد في التسهيل3 قسما ثالثا، فجعل القسمة ثلاثية، فقال: ((وإضافة الاسم إلى الصفة شبيهة بمحضة لا محضة، وكذا إضافة المسمى إلى الاسم، والصفة إلى الموصوف، والموصوف إلى4 القائم مقام الوصف، والمؤكّد إلى المؤكِّد، والملغى إلى المعتبر، والمعتبر إلى الملغى)) . انتهى. أمثلة ذلك: (مسجد الجامع) 5 و (سعيد كرزٍ) 6. 116-............ ... وإنْ سَقيتِ كرامَ النّاسِ فاسْقِينا7
117-عَلا زَيدُنا يَومَ النّقى رأسَ زَيدِكم1 ... ............ أي علا زيد صاحبنا2 رأس زيد صاحبكم. و (لقيته يومَ يومٍ وليلةَ ليلةٍ) 3. 18-..................... ... ثم اسمُ السّلامِ عليكُمَا4 ... ........................
ونحو: 119- أقامَ ببغدَادِ العِراقِ وشَوقُه ... لأهلِ دِمَشْقِ الشّامِ شوَقٌ مُبَرّحُ 1 ص: وتقدر بمعنى (في) نحو {بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ} 2 و [عثمان] 3 شهيد الدار. وبمعنى (من) في نحو خاتم حديد، وبجوز فيه نصب الثاني وإتباعه للأول، وبمعنى اللام في الباقي. ش: هذا التقسيم للإضافة باعتبار ما [55/ب] هي على معناه من الحروف وهي بهذا الاعتبار على ثلاثة أقسام:
الأول بمعنى (في) وضابطه أن يكون الثاني ظرفا للأول، نحو {بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ} واليه أشار بقوله: في نحو {بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ} . ومنه قوله تعالى1: {يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ} 2 وقولهم في عثمان رضي الله عنه: شهيد الدار3. قال ابن مالك: "وأغفل أكثر النحوبين الإضافة بمعنى (في) وهي ثابتة في الكلام الفصيح بالنقل الصحيح"4. أي والجمهور5 على أن الإضافة لا تتقدر بغير (من) واللام، وأما ما ذكر من أمثلة (في) فمقدر6 عندهم باللام على التوسع7. والثاني بمعنى (من) . وضابطها أن يكون الأول بعض8 الثاني مع
صحة إطلاق اسمه عليه1. وإلى ذلك أشار بقوله: (في نحو خاتَمُ حَديدٍ) . ألا ترى أن الخاتم بعض الحديد، وأنه يقال: هذا الخاتم حديد. وأفاد المصنف في هذا القسم أنه يجوز فيه نصب الثاني، فتقول: هذا خاتم حديدا على التمييز2. وقيل: على الحال، وهو مذهب سيبويه3. والأول هو الراجح4. وأنه يجوز فيه إتباعه للأول، فتقول: هذا خاتَمٌ حديدٌ. نعتاً5 على تأويله بالمشتق، أي مصوغ من حديد، أو بدلاً أو عطفَ بيان. الثالث أن تكون6 على معنى اللام، وهو ما عدا ذلك. أي وهو ما ليس الثاني فيه ظرفا للأول ولم يكن الأول بعض الثاني7 مع صحة إطلاق اسمه عليه.
إما بأن ينتفي الأمران1 معا، نحو ثوب زيد وغلامه. فإن الثوب والغلام ليسا بعضا2 من (زيد) ولا يصح إطلاقه عليهما. أو ينتفي أحدهما، إما البعضية مع صحة الإطلاق، نحو (يوم الخميس) ، فإن اليوم ليس بعض الخميس، ويصح أن تقول: اليوم الخميس. وإما عدم صحة الإطلاق3 مع ثبوت البعضية، نحو (يد زيد) فإن البعضية موجودة مع عدم4 صحة الإطلاق. وإلى ذلك كله أشار بقوله: (وبمعنى اللام في الباقي) . وهي لام الملك أو الاختصاص. تنبيه: قوله: (ويجوز) يؤخذ منه [56/أ] أرجحية الإضافة على وجهي الإتباع والنصب. والله أعلم. ص: الثالث المجرور للمجاورة5، وهو شاذ، نحو هذا جُحر ضَبٍّ
خَرِبٍ. وقوله: يا صاح بلغ ذوي الزوجات كلِّهم. وليس منه {وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ} 1 على الأصح. ش: النوع الثالث من المجرورات المجرور بالمجاورة. أي يكون سبب جر الاسم كونه ملاصقا لاسم قبله. وهو شاذ قياسا واستعمالا2. ويكون في النعت، وإليه أشار بقوله: (نحو هذا جحرُ ضبٍّ خَرِبٍ) 3 ف (خرب) نعت ل (جحر) وكان حقه الضم، لكنه جُرّ لمجاورته للمضاف إليه الذي هو (ضب) . وفي التوكيد، وإليه أشار بقوله: (وقوله) : 120- يَا صَاحِ بلِّغ ذَوي الزوجاتِ كُلِّهم ... أنْ ليسَ وصلٌ إذا انحلَّت عُرا الذَّنَبِ4
فقوله: (كلهم) تأكيد ل (ذوي) وهو منصوب، فكان حقه النصب لكنه جرّ لمجاورة (الزوجات) المجرور بالإضافة. ولك أن تقول: يجوز أن يكون تأكيدا للزوجات، فيكون جره على القياس ويكون قد استعمل ضمير المذكر للمؤنث1، وهو مما يأتي في الشعر. واختلف هل يكون في عطف النسق؟ فجوزه بعضهم2، وجعل منه {وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ} 3 والصحيح منع ذلك4، لأن العاطف فاصل يمنع المجاورة. وإلى ذلك أشار بقوله: (وليس منه..) إلى آخره. ف (أرجلكم)
معطوف على (رؤوسكم) . لكن1 يشكل على هذا أنه يصير مقتضى العطف أن تكون الرجلان ممسوحتين في الوضوء مع كونهما واجبتي الغسل فيه. وأجيب بأن المراد بالمسح الغسل، فإنه قد يطلق عليه لغة2. وإنما عبّر به لأنهما محل السّرف عادة، فأريد الاقتصاد3 في غسلهما4. وقيل5: المسح في الآية على بابه والمراد مسح الخف6. فإن قيل على هذا: إذا كان الخفان هما الممسوحان، فكيف صح أن يضيف المسح إلى الرجلين؟. فل ك أن تجيب بأن المسح إنما أضيف إليهما، لكونه بدلا عن غسلهما. والله أعلم.
باب المجزومات
ص: باب المجزومات [56/ب] الأفعال المضارعة الداخل عليها جازم وهو ضربان، جازم لفعل، وهو لَمْ ولَمّا ولام الأمر ولا في النهي. ش: لما أنهى القول في المجرورات تكلم على المجزومات. وأخرها عن1 المجرورات، لكون المجرورات أعلى رتبة فإنها الأسماء. والمجزومات هي الأفعال المضارعة بشرطها2، على ما عُرف في أول الكتاب، إذا دخل عليها جازم. والجازم ضربان، ضرب يجزم فعلا واحدا، وضرب يجزم فعلين. فأما الجازم لفعل فهو أربعة: الأول والثاني (لم) و (لَمَّا) ، ويشتركان بعد كونهما أداتي جزم3 من أوجه ويفترقان من أوجه. فأما أوجه الاشتراك، فمنها الحرفية، فكل واحد منهما حرف. ومنها النفي، فكل منهما يفيده. ومنها القلب للمضي، فكل منهما يقلب المضارع للمضي4، بحيث لا يفهم منه الحال والاستقبال.
وأما أوجه الافتراق، فمنها أن المنفي1 بلَم لا يلزم اتصاله بالحال2، بل قد يكون متصلا، نحو {وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا} 3. وقد يكون منقطعا، نحو {هَلْ أَتَى عَلَى الإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُورًا} 4 بخلاف (لَمَّا) فإنه يجب اتصال نفيها بالحال. ومنها أن الفعل5 بعد (لَمَّا) يجوز حذفه اختيارا6، ولا يحذف بعد (لم) إلا ضرورة، كقوله: 121- احفظْ وديعتك التي استُودِعتها ... يومَ الأعازبِ إن وُصلتَ وإنْ لم7 ومنها أن (لمَّا) ، لا تصحب شيئا من أدوات الشرط، وتصحبها (لم)
نحو إنْ لم ولو لم. ومنها أن (لم) قد يُرفع الفعل بعدها في لغة قوم1، كما صرح به ابن مالك في شرح التسهيل2. وعليها جاء قوله: 122-........ ... يومَ الصُّلَيفاءِ لم يُوفُونَ بالجارِ3 ولم تُحْك4 هذه اللغة في (لمّا) . الثالث لام الأمر، نحو قوله: {لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ} 5 ومنه الدعاء6، نحو {لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ} 7.
الرابع (لا) في النهي نحو {لاَ تَحْزَنْ} 1. ومنه الدعاء، نحو {لاَ تُؤَاخِذْنَا} 2. تنبيهات: الأول: قيّد بعضُهم3 (لمّا) فقال: (لَم ولَمّا أختها) واحترز بذلك من (لَمّا) [57/أ] التي بمعنى (إلا) و [مِن لَمّا] 4 التي هي حرف وجود لوجود5. واستغنى الشيخ عن هذا التقييد لأن التي بمعنى (إلا) يليها ماضي اللفظ مستقبل المعنى6، والتي هي حرف وجود يليها7 ماضي اللفظ والمعنى8، فلا يليها المضارع. الثاني: قال ابن مالك9: زعم بعض الناس10 أن (لَم) تنصب في
لغة، مستدلا بقراءة بعضهم1: {ألَمْ نشرَح لكَ صدرَك} 2، بفتح (نشرح) 3، وهو عند العلماء محمول على أنه مؤكد بالنون الخفيفة، ففتح لها ما قبلها، ثم حذفت ونُويت. الثالث: مذهب الجمهور4 أن (لَمّا) مركبة من (لَم) و (ما) . وقيل5: بسيطة. الرابع: اللام الطلبية محركة بالكسر، وفتحها لغة6. هذا إن خَلَت عن عاطف قبلها، فإن وَلِيتْ عاطفاً جاز تسكينها بعد الواو والفاء وثمّ، بل تسكينها بعد الواو والفاء أكثر من تحريكها7. الخامس: منع الجمهور8 حذف لام الأمر، وخصّوه بالشّعر.
وقال ابن مالك1: إن حذف لام الأمر وإبقاء عملها على ثلاثة أضرب كثير مطرد، وذلك بعد الأمر بالقول، نحو {قُلْ لِعِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلاةَ} 2 وقليل3 جائز في الاختيار، وذلك بعد قول غير أمر، نحو قوله: 123- قلتُ لبوَّابٍ لديهِ دارها ... تِيْذَنْ فإنِّي حَمْؤُها وجارُها4 وقليل مخصوص بالضرورة، وذلك دون تقدم قول، كقوله:
124- فلا تسْتطِل منّي بقائي ومدّتي ... ولكن يكنْ للخير منك نصيبُ1 السادس: احترز الشيخ بتقييد اللام بالأمر و (لا) بالنهي عن اللام غير الطلبية كالتي ينصب المضارع بعدها2، وعن (لا) غير الناهية كالزائدة والنافية3. ص: وجازم لفعلين، وهو أدوات الشرط، (إنْ) و (إذما) لمجرد التعليق وهما حرفان، و (مَنْ) للعاقل، و (ما) و (مهما) لغيره، و (متى) و (أيّان) للزمان، و (أين) و (أنّى) و (حيثما) للمكان، و (أيّ) بحسب ما تضاف إليه. ويسمى أولهما شرطا، ولا يكون ماضي المعنى ولا إنشاءً ولا جامدا، ولا مقرونا بتنفيس ولا ب (قد) 4 ولا ناف غير (لا) و (لم)
وثانيهما جوابا وجزاء. ش: ذكر في هذا [57/ب] الكلام ما يجزم فعلين. وتسمى أدوات الشرط، لإفادتها أن ما يليها شرط وسبب لما يليه، وقسمها ستة أقسام. لأن منها ما وضع للدلالة على مجرد التعليق1، وهو (إنْ) و (إذما) وهما حرفان. أما (إنْ) فبالاتفاق. وأما (إذ ما) فعلى الأصح2، لأنه مسلوب الدلالة على معناه الأصلي، مستعمل3 مع (ما) المزيدة4 بمعنى (إن) فكان حرفا. وقيل5: لم تسلب الدلالة على معناها الأصلي، الذي هو الزمان، فتكون6 اسما. ومنها ما وضع للدلالة على من يعقل، ثم ضمّن معنى الشرط، وهو (مَن) . ومنها ما وضع للدلالة على ما لا يعقل7، ثم ضمّن
معنى الشرط1، وهو (ما) و (مهما) . ومنها ما وضع للدلالة على الزمان، ثم ضمّن معنى الشرط2، وهو (متى) و (أيّان) . ومنها ما وضع للدلالة على المكان، ثم ضمن معنى الشرط، وهو (أين) و (أنّى) و (حيثما) . ومنها ما هو متردد بين المعاني الأربعة الأخيرة، وهو (أيّ) فإنها بحسب ما تضاف إليه، فتكون لمن يعقل في نحو (أيُّهم تقمْ أقمْ مَعه) ولما لا يعقل في نحو (أيَّ الدّوابِّ تركبْ أركبْ) ، وللزمان في نحو (أيَّ يومٍ تصمْ أصمْ) وللمكان في نحو (أيَّ مكان تجلسْ أجلسْ) . ثم إن هذين الفعلين اللذين يجزمان بهذه الأدوات يسمى أولهما شرطا وثانيهما جوابا وجزاء. فقوله: (وثانيهما) معطوف على (أولهما) . ووسّط بين المتعاطفين ذكر ما يعتبر في فعل الشرط. فيعتبر فيه ألاّ يكون ماضي المعنى، بل يكون مستقبلا في المعنى، وإن كان ماضيا في اللفظ لنكتة3. لأنه مفروض الحصول في الاستقبال فيمتنع
ثبوته1 ومضيه. وكذلك الجزاء أيضا لا يكون ماضي المعنى. لأن حصوله معلق على حصول مضمون الشرط في المستقبل، ويمتنع تعليق الحاصل الثابت على حصول ما يحصل في المستقبل2. ويعتبر فيه3 أيضا ألاَّ يكون إنشاءً. فلا تقُلْ4 [58/أ] : (إن قم) ولا (إن لا تقم) 5. وألاَّ يكون فعلا جامداً، كعسى وليس6 وألا يكون مقرونا بتنفيس كالسين وسوف فلا تقل7: (إنْ سيَقُمْ) ولا (إنْ سوف يقمْ أقمْ) . ولا مقرونا بقد. فلا تقل: (إنْ قد قام زيد قمْتُ) . وألا يكون مقرونا بأداة نفي غير (لا) و (لم) . فلا تقل8: (إنْ ما قام زيد9 أقم) . ولا
(إنْ لمّا تقم أقم) 1. وتقول: (إنْ لم تقم أقم) 2 و (إن لا تقم أقم) 3. تنبيهات: الأول في قوله: (وجازم لفعلين) تصريح بأن أدوات الشرط هي الجازمة لهما. وهو كذلك، لكن في الشرط بالاتفاق، ولا عبرة بمن شذ4. وفي الجزاء على الأصح المنسوب لسيبويه5، وهو مذهب محققي البصريين6. ومقابله ثلاثة أقوال: أحدها للأخفش7 أنه مجزوم بفعل الشرط. والثاني بالأداة والفعل معا. ونسب إلى سيبويه أيضا والخليل8.
والثالث أن الجزم بمجاورة الشرط، قياسا على الجر، وهو مذهب الكوفيين1. الثاني: أفهم كلامه أن (حيث) و (إذْ) لا يجزمان إلا إذا اقترنا ب (ما) 2 كما لفظ به. وأجاز الفراء 3 الجزم بهما مجردتين. وهو ضعيف4. وأما غيرهما5 فهو قسمان: قسم لا تلحقه (ما) وهو (مَن) و (مهما) و (ما) و (أنّى) . وقسم يجوز فيه الأمران، وهو (إنْ) و (أيّ) و (متى) و (أيّان) 6. الثالث: إنما لم يذكر من الجوازم (إذا) و (كيف) و (لو) لأن المشهور في (إذا) أنها لا تجزم إلا في الشعر، وإن زيد بعدها لفظة (ما)
وفي (كيف) عدم الجزم، خلافا للكوفيين 1 وإنما تقع بها المجازاة معنى لا عملا2 و (لو) لا يجزم بعدها إلا في الشعر على قول3. وقيل4: لا يجزم بعدها أصلا. الرابع: يؤخذ من تنصيصه على حرفية (إن) و (إذما) وسكوته عما عداهما أن5 ما عداهما أسماء. وهو كذلك. وإن كان في (مهما) خلاف ضعيف6. وحينئذ فلا بدأن يكون لها محل من الإعراب، وهو إما النصب أو
الرفع لأنها إما1 معمولة لفعل الشرط، أو الابتداء لا غير 2. فما كان منها اسم زمان أو مكان فهو أبدا في موضع نصب بفعل الشرط على الظرفية. وما كان غير ذلك فهو في موضع رفع3 بالابتداء إن كان فعل الشرط مشغولا عنه بالعمل في ضميره، كما في (منْ تُكرِمْهُ [58/ب] أُكرِمْهُ) و (ما تأمرْ به أفعلْه) . وإلا 4 فهو في موضع نصب 5 بفعل الشرط لفظا كما في (مَن تَضْرِب أضربْ) و (مَهْمَا تَصْنعْ أصنَعْ مِثْلَهُ) . أو محلا 6 كما في نحو (بِمَن تمرُرْ أَمْرُرْ) . الخامس يؤخذ أيضا7من قوله: (ويسمى أولهما شرطا وثانيهما جوابا وجزاء) أن الجزاء لا يتقدم على الشرط، ولا على أداته 8. فإن تقدم على أداة الشرط شبيه بالجواب فهو دليل عليه وليس إياه،
هذا هو مذهب جمهور البصريين 1. وذهب الكوفيون2 والمبرد3 وأبو زيد4 إلى أنه هو الجواب نفسه. وهو ضعيف. ص: وقد يكون واحدا من هذه فيقترن بالفاء، نحو {إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ} 5 الآية. {يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَلا يَخَافُ بَخْساً} 6 أو
جملة اسمية فيقترن بها، أوبإذا الفجائية، نحو {فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} 1 {إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ} 2. ش: هاتان مسألتان متعلقتان بالجزاء. إحداهما أنه إذا كان 3 واحدا من الأمور التي لا تصح أن تقع شرطا وجب اقترانه بالفاء. فقوله4: (وقد يكون) الضمير فيه يعود على الجزاء. والإشارة في قوله: (هذه) تعود على الأمور الممتنع جعل واحد منها شرطا، وذكر من أمثلة ذلك مثالين: أحدهما مثال ماضي المعنى، وهو الآية الأولى، وهي قوله تعالى 5: {إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ} 6. وثانيهما مثال ما إذا وقع الجزاء نهيا، وهو قوله: {فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَلا يَخَافُ بَخْسًا} 7 في قراءة من جزم (يخف) وجعل (لا)
ناهية 1. ومثال ما إذا وقع أمرا، نحو {إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي} 2. ومثال ما إذا وقع فعلا جامدا قوله تعالى: {إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مَالاً وَوَلَداً فَعَسَى رَبِّي} 3. والمقرون بقد، نحو {إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ} 4 وبالتنفيس قوله تعالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ} 5 وب (لن) نحو قوله تعالى: {وَمَا يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوهُ} 6. و (ما) نحو {فَإِنْ
تَوَلَّيْتُمْ فَمَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ} 1. وقد تحذف [59/أ] هذه الفاء في الضرورة، كقول الشاعر: 125- ومَنْ لا يَزَلْ ينقاد للغَي والصِّبا ... سيُلْفَى على طولِ السلامةِ نادِما2 المسألة الثانية إذا وقع 3 جملة اسمية فإنه يجب اقترانها إما بالفاء وإما بإذا الفجائية، نحو قوله تعالى: {فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} 4 وقوله تعالى: {وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ} 5. وإنما قامت (إذا) الفجائية6 مقام الفاء لأنها لا يبتدأ بها ولا تقع إلا
بعد ما هو معقب بما بعده1 فأشبهت الفاء 2، فقامت مقامها. وقد تأتي في الضرورة بدونهما، كقول الشاعر: 126- مَنْ يَفعلِ الحسناتِ اللهُ يَشكُرُها3 ... ................................ .. تنبيهان: الأول: لابد في الجملة الاسمية التي تقترن بإذا ألا تكون طلبية نحو (إن عصا فويل له) . وألاّ تدخل عليها أداة نفي، نحو (إن قام زيد فما عمرو قائم) . وألا تدخل عليها (إنَّ) نحو (إنْ قام زيد فإنَّ عمرا قائم) 4.
فهذه المواضع الثلاثة تتعين فيها الفاء، ولا يجوز فيها (إذا) . فإن قيل: فكيف أطلق المصنف؟ 1. قلنا: معنى كلامه أن الجزاء حيث امتنع أن يكون شرطا، فهو فيما عدا الجملة الاسمية يتعين ربطه بالفاء، وفيها2 لا يتعين بل إما هي وإما (إذا) الفجائية بحسب ما يقتضيه فلا يحتاج إلى ذكر شرط. على أنه يجوز أن يلاحظ خصوص3 المثال الذي مثل به، فإنه جامع للشروط الثلاثة. فإذا وُقف معه كان فيه إيماء إليها. الثاني: ظاهر كلامه أن (إذا) يربط بها الجواب بعد (إن) وغيرها من أدوات الشرط. وهو موافق لإطلاق النحويين 4. وظاهر عبارة التسهيل تخصيصه ب (إن) وصرّح به في التوضيح 6 تبعا له.
والمعتمد 1 إطلاقهم لقوله تعالى: {فَإِذَا أَصَابَ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ} 2. ولا منافاة بين هذا وبين ما تقدم من أن (إذا) ليست من الجوازم، فإنه لا يلزم من نفي الجزم عنها نفي إفادتها الشرطية 3. والله أعلم. ص: ويجوز [59/ب] حذف ما عُلم من شرط بعد (وإلاّ) نحو إفعل وإلا عاقبتك. أو جواب شرطه ماض، نحو {فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقاً فِي الأَرْض} 4، أو جملة شرط وأداته إن تقدمها طلب ولو باسمية أو باسم فعل 5، أو بما لفظه الخبر، نحو {قُلْ تَعَالَوْا أَتْل} 6 ونحو أين بيتك أزرك 7، و (حسبك حديث ينم الناس) ، وقال:
مكانك تحمدي أو تستريحي وشرط ذلك بعد النهي كون الجواب محبوبا، نحو: (لا تكفر تدخل الجنة) . ش: تضمن كلامه هذا ثلاث مسائل: الأولى: أنه يجوز حذف فعل الشرط إذا عُلم، ووقع بعد (وإلا) 1 نحو (افعل كذا وإلا عاقبتك) 2 تقديره وإلا تفعل عاقبتك، ومنه قول الشاعر: 127- فطلِّقْها فلستَ لها بكفءٍ ... وإلاّ يعلُ مِفرَقك الحُسامُ3 الثانية أنه يجوز حذف جواب الشرط إذا عُلم، وكان شرطه ماضيا،
نحو قوله تعالى: {فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقاً فِي الأَرْض} 1 الآية. تقديره فافعل. وقد فهم من كلامه أن ما لم يعلم من شرط أو جواب لكونه لا دليل عليه لا يجوز حذفه وهو واضح. وينبغي أن يعلم أن حذف الشرط أقل من حذف الجزاء، وإن كانا جائزين. وكلام المصنف2 لا يأبى هذا. وأنه لا يشترط في حذف الشرط تعويض (لا) من المحذوف3. وأنه لا يشترط في حذف الشرط أن تكون أداته (إنْ) بل يجوز في غيرها. وكلام المصنف ربما يفهم خلاف هذين4. الثالثة: أنه يجوز حذف الشرط وأداته مع جزم الجواب وذلك بعد الطلب، سواء كان5 الأمر أو النهي أو الدعاء أو الاستفهام أو التمني أو العرض أو التحضيض، إذا قصد معنى الجزاء وأسقطت الفاء نحو زرني أزرك، ومثله {قُلْ تَعَالَوْا أَتْل} 6 و (لا تدن من الأسد تسلمْ7) ، ورَبِّ
اغفرْ لي أدخلْ الجنة1 وهل تكرمْ زيدا يكرمْك2، وليت لي مالا أنفقْه3 وألا تنزلْ عندنا تُصبْ خيرا4 ولولا تأتينا تحدثْنا5. والتقدير إن تزرني أزرك، وإن لاتدن من الأسد تسلم وإن تغفر لي أدخل [60/أ] الجنة، وإن تكرم زيدا يُكرمك، وإن أرزق مالا أنفقه، وإن تنزل تُصب، وإن تأتنا تُحدثنا6. وسواء الطلب بالفعل كما تقدم أو بالجملة الاسمية نحو أين بيتُك أزرك، أو باسم الفعل، نحو: 128-.................................... ... مكانك تُحمدي أو تستريحي7
أو بما لفظه الخبر، نحو (حسبُك حديثٌ يَنَمْ الناسُ) 1. وشرط الجزم بعد النهي أن يكون الجزاء محبوبا2. نحو (لا تدنُ من الأسد تسلمْ) ، فالسلامة منه أمر محبوب. وكذا في (لا تكفر تدخلْ الجنة) فدخولها أمر محبوب. وعلى هذا فلا يصح أن تقول: لا تدن من الأسد يأكلْك، ولا تكفرْ تدخلْ النار3. ويعبر عن هذا أيضا بأن شرط جزم الجواب بعد النهي أن يصح إقامة شرط منفي مقامه. وخالف الكسائي4 في هذا الشرط، فجوّز الجزم في نحو لا تدن من الأسد يأكلْك، ولا تكفر تدخلْ النار، بتقدير: (إنْ تدنُ) و (إنْ تكفرْ) .
فلم يشترط في الشرط المقدر أن يكون منفيا. واستدل بقوله عليه الصلاة السلام1: "لا ترْجعوا بعدِي كفّارًا يضرِبْ بعضُكم رقاب بعض"2. فإنه لا يصح تقدير (لا) فيه3، مع أنه ورد مجزوما. وبقول أبي طلحة4 للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ5 (لا تُشْرفْ يُصبْك سهمٌ) 6 وتقديره إن تشرف يصبك سهم، ولا يصح تقديره: إلاَّ تشرف. وحمل الجماعة7 ذلك ونحوه على إبدال الفعل من الفعل8.
تنبيهان: أحدهما: لم يصرح المصنف باشتراط إسقاط الفاء، ولا بقصد معنى الجزاء اعتمادا على سياق الكلام، وعلى ما ذكره من الأمثلة. الثاني: اختلفوا في عامل الجزم بعد إسقاط الفاء في هذه المواضع. فقيل: إن لفظ الطلب ضمّن معنى حرف الشرط فجزم1. واختاره ابن مالك2، ونسبه لسيبويه والخليل3. وقيل: إن الطلب ناب عن حرف الشرط بعد حذفه فجزم، ونسب إلى السيرافي4 والفارسي5 وابن عصفور6. وقيل: الجازم حرف شرط مقدر دل عليه الطلب، وهو مذهب
أكثر المتأخرين1 وهو2 الراجح. وهو [60/ب] ظاهر كلام المصنف3 فإنه وإن لم يصرح بالجزم فقد صرح بأن جملة الشرط وأداته محذوفان، وذلك يقتضي جزم الجواب بالشرط المقدر. ولعل هذا هو عذره في عدم التصريح بالجزم. وقيل4: الجزم بلام مقدرة، فإذا قيل: ألا تنزل عندنا تُصبْ خيرا، فالتقدير لتصب خيرا. ص: ويجب الاستغناء عن جواب الشرط بدليله متقدما لفظا نحو هو ظالم إن فعل، أو نية نحو إن قمت أقوم. ومن ثَم امتنع في النثر إن تقم أقوم. وبجواب ما تقدم من شرط مطلقا، أو قسم إلاّ إن5 سبقه ذو خبر فيجوز ترجيح6 الشرط المؤخر. ش: لَما تكلم فيما سبق على جواز حذف الجواب أخذ يتكلم على وجوب حذفه، وذكر أنه يجب حذفه7 إذا كان دليله متقدما لفظا
أو نيّة. ومثل للأول1 بقوله: (هو ظالم إن فَعَل) والجواب محذوف تقديره2 (فهو ظالم) . وللثاني3 بقوله: (إنْ قمتَ أقومُ) لأن تقديره (أقومُ إنْ قمتَ) والجواب محذوف تقديره (أقم) . ف (أقوم) هو دليل الجواب4، وهو متقدم نية لا لفظا. ثم ذكر أنه يمتنع أن يقال5 في النثر: إنْ تقُمْ أقوم6، فإنه خاص بالضرورة، كقوله: 129- يا أقرع بن حابس يا أقرع ... إنك إن يُصرع أخوك تُصرع7
وقوله: (وبجواب ما تقدم) إلى آخره يعني أنه إذا اجتمع في الكلام شرط وقسم فالمتقدم منهما يُستغنى بجوابه عن جواب المتأخر. فتقول: (والله إن تقم لأقومَنّ) . فجُعل الجواب للقسم ويستغنى به عن جواب الشرط فيكون محذوفا وجوبا. وتقول: (إن تقمْ والله أقمْ) فجُعل الجواب للشرط لتقدمه، ويستغنى به عن جواب القسم، فيحذف وجوبا1. وقوله: (مطلقا) راجع للشرط، أي أن الشرط متى تقدم استحق الجواب وحُذف جواب القسم استغناء بجوابه، سواء سبق ذو خبر2، كقولك: زيد إن يقم والله أقم، أو لم [61/أ] يسبق ذو خبر، وقد تقدم في الأمثلة. وقوله: (إلا إن سبقه) هذا الاستثناء راجع إلى القسم، أي أن القَسَم متى تقدم استحق الجواب، وحُذف جواب الشرط استغناء عنه، إلا إن سبق في الكلام ذو خبر، فإنه يجوز في الكلام3 ترجيح الشرط بجعل الجواب له، وإن كان مؤخرا، كقولك: زيد والله إن تقم يقم
معك1. ولا يتعين أن تقول: (ليقومن) جوابا للقسم2. تنبيهات: الأول: جعْلُه (إنْ قمتَ أقومُ) على سبيل3 التقديم والتأخير، وأن جواب الشرط محذوف، وأن (أقوم) هو دليل الجواب، وهو مؤخر من تقديم هو مذهب سيبويه4. وذهب الكوفيون5 والمبرد6 إلى أنه الجواب بتقدير الفاء. وذهب قوم7 إلى أنه ليس على التقديم والتأخير، ولا على تقدير الفاء بل لأنه 8 لما لم يظهر لأداة الشرط تأثير في فعل الشرط، لكونه ماضيا ضعف عن العمل في الجواب.
الثاني: منعه (إن تقمْ أقومُ) في النثر يقتضي جوازه في الشعر1. وقيل: إنه خاص بالضرورة، كما قدمنا2. وبه صرح في بعض نسخ التسهيل3. ووقع في بعضها أنه قليل، ويوافق هذه النسخة قولُه في شرح الكافية4: (وقد يجيء الجواب مرفوعا والشرط مجزوم، ومنه قراءة طلحة ابن سليمان5 {أينَمَا تَكُونُوا يُدْركُكُمْ الموتُ} 6. واختلفوا في تخريج الرفع في ذلك. فذهب المبرد7 إلى أنه على حذف الفاء مطلقا. وفصّل سيبويه8 بين أن يكون قبله ما يمكن أن يطلبه9 فيكون على التقديم والتأخير أو لا10،
فيكون على حذف الفاء، وجوّز عكس ذلك1. وقيل: إن كانت الأداة اسم شرط فعلى إضمار الفاء، وإلا فعلى التقديم والتأخير2. إذا علمت ذلك فلا يظهر تعليل امتناع هذه الصورة3 إلا على القول الثالث في الأولى4، وهو أنه لما لم يظهر لأداة الشرط5 تأثير في الماضي ضعف عن العمل في الجواب. [61/ب] فليتأمل ذلك. التنبيه الثالث: تصريحه بترجيح جعل الجواب للشرط مع تأخره عند تقدم ذي خبر هو مذهب ابن عصفور6 وجماعة7. وهو مقتضى كلام ابن مالك في الخلاصة8. ونص في التسهيل9
والكافية1 على أن ذلك على سبيل التحتّم. الرابع: ظاهر كلامه أنه لا يجوز جعل الجواب للشرط المؤخر مع عدم تقدم ذي خبر، وهو موافق للجمهور2 في ذلك. وجوّزه الفراء3 وتبعه ابن مالك4، استدلالا بنحو قوله: 130- لئن كان ما حُدّثته اليوم صادقا ... أصم في نهار القيظ للشمس باديا5 فجعل الجواب، وهو (أصُمْ) للشرط، بدليل جزمه، مع تأخره عن القسم الذي آذنت به اللام، ولم يتقدم ذو خبر.
وأجاب الجمهور عن ذلك بأنه ضرورة، أو اللام1 زائدة2. ص: وجزم ما بعد فاء أو واو من فعل تالٍ للشرط أو الجواب قويّ، ونصبه ضعيف، ورفع تالي الجواب جائز. ش: إذا جاء فعل عَقِب واو أو فاء بعد الشرط وقبل الجواب، أو بعد الشرط والجواب معا جاز في ذلك الفعل وجهان: أحدهما قوي، وهو الجزم، عطفا على الشرط في الأول3، وعلى الجواب في الثاني4. وثانيهما ضعيف، وهو النصب بإضمار (أن) وجوبا5. وإنما أضمرت (أن) في ذلك، لأن مضمون الجزاء والشرط6 لم
يتحقق فأشبه الاستفهام1. ويختص2 الواقع بعد الجواب بوجه آخر، وهو الرفع على الاستئناف، ولا يجوز ذلك فيما بعد الشرط، لأنه يمتنع الاستئناف قبل مجيء الجواب. وحاصل ذلك أن الفعل المقرون بواو أو فاء إذا وقع بعد الشرط والجزاء جاز فيه الثلاثة3، وإذا وقع بينهما يجوز فيه الوجهان4. تنبيهان: أحدهما: قوله: (الجواب) 5 يشمل المجزوم وغيره6 وقد قرئ بالأوجه7 الثلاثة قوله تعالى: {ويُكَفِّرْ} 8 بعد قوله تعالى {وَإِنْ تُخْفُوهَا
وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ} 1. التنبيه الثاني: ألْحَقَ الكوفيون2 (ثُم) بالواو والفاء فأجازوا النصب بعدها، [62/أ] واستدلوا بقراءة الحسن3 {وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِراً إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكَهُ الْمَوْتُ} 4. وزاد بعضهم5 (أو) .
باب في عمل الفعل
ص: باب في عمل الفعل، كل الأفعال ترفع إما الفاعل أو نائبه أو المشبّه به. وتنصب الأسماء إلا المشبه بالمفعول به مطلقا، وإلا الخبر والتمييز والمفعول المطلق فناصبها الوصف والناقص والمبهم المعنى أو النسبة والمتصرف التام ومصدره ووصفه. ش: هذا الباب عقده المصنف لبيان عمل الأفعال، وكيفية عملها
فذكر أن الأفعال كلها ترفع. وذلك لأنها أبداً مسندة فلابد لها من مسند إليه ضرورة توقف الإسناد على تحقق الطرفين1. والمسندة هي إليه إما الفاعل فيما بني له2، ك (قَعَدَ زيدٌ) و (ماتَ عمرٌو) أو نائبه فيما بني الفعل له، ك (ضُرِب زيدٌ) و (قُتِل عمرٌو) . أو المشبّه بالفاعل3، وهو مرفوع (كان) وأخواتها، نحو كان زيدٌ قائماً وأمسى زيد مقيما4. فإنها ترفع المبتدأ، كما تقدم تشبيها بالفاعل، ويسمى اسمها. فجميع مرفوعات الفعل منحصرة في هذه الثلاثة، الفاعل ونائبه ومشبهه5 بمعنى أن كل مرفوع6 منها له رافع خاص من الأفعال لا يرفعه غيره7 لا أن كل فعل8 يرفع كل واحد من الثلاثة. ثم ذكر أن الأفعال كلها تنصب الأسماء، أي جميع الأسماء إلا ما
استثنى من ذلك. وهو1 أنواع: منها المشبّه بالمفعول به 2، فإنه من جملة الأسماء المنصوبة؛ ولا ينصبه الفعل بل الوصف، إذ لو نصبه فعل لكان مفعولا به، لا مشبها به. فلا عمل فيه للفعل أصلا، بخلاف غيره مما استثني فيعمل فيه بعض الأفعال دون بعض. فقوله فيه 3: (مطلقا) دون غيره من المستثنيات إشارة إلى ذلك. ومنها الخبر، فلا ينصبه كل فعل، بل لا ينصبه إلا الفعل الناقص الذي هو (كان) وأخواتها 4. ومنها التمييز، فلا ينصبه كل فعل، بل قد ينصبه الاسم المبهم ك (رطل زيتا) فالعامل في (زيتا) النصب هو [62/ب] المبهم الذي هو (رطل) . وقد ينصبه الفعل المبهم النسبة ك (طبت نفسا) . فالعامل في (نفسا) هو الفعل الذي هو (طبت) 5. ومنها المفعول المطلق فناصبه ليس إلا الفعل المتصرف التام لا الناقص، أو مصدره، أو الوصف المشتق من مصدره، ك (ضربت ضربا) 6 وقوله
تعالى1: {فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَاؤُكُمْ} 2 وقوله: {وَالصَّافَّاتِ صَفّاً} 3. ومنها المفعول به، فإنه لا ينصبه كل فعل، بل الأفعال بالنسبة إليه على سبعة أقسام، كما سيأتي4. وقد ظهر أن في كلام المصنف لفا ونشرا مرتبا5. وعلم من كلامه أيضا أن الحال والمستثنى والمفعول له والمفعول معه والمفعول فيه يعمل فيها6 كل فعل، سواء كان قاصرا أو متعديا. تامّا أو ناقصا، جامدا أو متصرفا7. والله أعلم.
ص: وإلا المفعول به، فإنها بالنسبة إليه سبعة أقسام، مالا يتعدى إليه أصلا، كالدال على حدوث ذات، ك (حَدَث) و (نبت) أو صفة حسية، ك (طال) و (خلق) [أو عَرَض، ك (مرض) و (فرح) ] 1 وكالموازن لانفعل2، ك (انكسر) أو فَعُل، ك (ظرُف) أو فَعَل أو فَعِل اللذين وصفهما على (فعيل) نحو (ذلّ) و (سمِن) وما يتعدى إلى واحد دائما بالجار، ك (غضب) و (مرّ) . ش: لما تقدم أن المفعول به لا ينصبه كل فعل، وأن الأفعال بالنسبة إليه على سبعة أقسام، أخذ في بيان تلك الأقسام. وتضمن هذا الكلام ذكر قسمين منها القسم الأول ما لا يصل إلى المفعول أصلا، لا بنفسه ولا بواسطة حرف الجر3. والقسم الثاني ما يتعدى إلى المفعول به بواسطة الجارّ. وذلك كغضب ومرّ، تقول: غضبت من زيد ومررت به. وكلا القسمين يسمى في الاصطلاح لازما وغير متعدّ وقاصرا. ويعرف اللازم بأمور، منها ما يرجع إلى المعنى ومنها ما يرجع
إلى اللفظ. فمما يرجع إلى المعنى الدلالة الدالة1 على حدوث ذات، ك (حدث المطر) و (نبت الزرع) . ومنها الدلالة الدالة2 على حدوث صفة حسية، ك (طال زيد) و (خَلِق الثوب) واحترز بالحسية عن المعنوية، [63/أ] ك (عَلِمَ) و (فَهِمَ) فإنه متعد3 تقول: علم النحو وفهم المسألة. وما4 يرجع إلى اللفظ أن يكون الفعل على وزن (انفعل) ك (انكسر) و (انجبر) أو على وزن (فَعُل) بضم العين ك (ظرف) و (شرف) 5. أو على وزن. (فعَل) بفتح العين، أو على وزن (فعِل) بكسر العين. بشرط أن يكون الوصف من هذين الوزنين على (فعِيل) 6. مثال الأول (ذَل) لقولهم: يذِلّ، بكسر الذال7.
ومثال الثاني (سَمِن) . وقد جاء وصف الفاعل منهما على (فعِيل) فقيل: ذليل وسمين. ومما يدل على اللزوم أيضا - غير ما ذكر المصنف هنا كون الفعل لا يبنى منه اسم مفعول تام، أي مستغن عن صلة1، نحو (خرج) فإنه لا يقال: مخروج، بل: مخروج به. وكونه لا يتصل به ضمير غير المصدر، فلا تقول: زيد خرجه عمرو، وإنما يقال: الخروج خرجه عمرو. وكونه يدل على عَرَض2، وهو ما ليس حركة جسم من وصف غير ثابت ك (مَرِض) و (كسِل) و (نهِم) إذا شبع3. وأن يكون موازنا ل (افعللّ) كاكْوهدّ4 الفرخ إذا ارتعَد، أو ل (افعنلل) ك (احرنجم) و (اقعنسس) 5. أو ل (افعنلى) كاحرنْبَى الديك6.
تنبيه: جعل المصنف العلامات1 التي ذكرها دالة على النوع الأول من نوعي اللازم، وهو ما لا يصل إلى المفعول به أصلا، لا بنفسه ولا بحرف جر صرّح بذلك في المتن والشرح2. وضم في غيرهما3 إليها ما ذكرناه زيادة على ما ذكره هنا. وجعل الجميع دالاًّ على مطلق اللزوم4. وهذا يفيد علامة النوع الثاني التي لم يذكرها هنا. ص: أو دائما بنفسه كأفعال الحواسّ، أو تارة وتارة ك (شكر) و (نصح) و (قصد) وما يتعدى [له] 5 بنفسه تارة ولا يتعدى إليه أخرى، ك (فغر) و (شحا) وما يتعدى إلى اثنين، فإما أن يتعدى إليهما تارة ولا يتعدى أخرى، ك (نقص) [وزاد] 6. أو يتعدى إليهما دائما، فإما ثانيهما كمفعول [63/ب] شكر، ك (أمر) و (استغفر) واختار وصدق وزوّج وكنى وسمّى، ودعا بمعناه7 و (كال) و (وزن) أو أولهما فاعل في
المعنى ك (أعطى) و (كسى) 1. أو أولهما وثانيهما مبتدأ وخبر في الأصل. ش: شرع في ذكر ما بقي من أقسام الأفعال بالنسبة إلى المفعول. وقد تقدم أنها سبعة، ذكر منها فيما سبق قسمين، وبقي خمسة. القسم الثالث من الأفعال ما يتعدى إلى المفعول به بنفسه دائما، وذلك كأفعال الحواس الخمس. السمع2، تقول: سمعت كلام زيد، قال الله تعالى: {حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللهِ} 3. والبصر، تقول: رأيت الهلال، قال الله تعالى: {يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلائِكَةَ} 4 والشم، تقول: شممت الطيب5.
والذوق، تقول: ذقت الطعام، قال الله تعالى: {لا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ} 1. واللمس، تقول: لمست الثوب، قال الله تعالى: {أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ} 2. القسم الرابع: ما يتعدى بنفسه إلى المفعول تارة، وبواسطة حرف الجر أخرى. ك (شكر) 3 تقول: شكرت زيدا وشكرت له، و (نصح) كنصحته ونصحت له و (قصد) كقصدت زيدا4 وقصدت له وقصدت إليه5. القسم الخامس: ما يتعدى إلى المفعول بنفسه تارة، ولا يتعدى، لا بنفسه ولا بحرف الجر تارة أخرى. وذلك كفغرفاه، وشحاه، ومعناهما فتحه. وفغرفوه وشحافوه، ومعناهما انفتح.
قال في الصحاح 1: (يتعدِّيان ولا يتعديان) . القسم السادس: ما يتعدى إلى مفعولين، وهذا القسم أضرب: ضرب يتعدى إليهما بنفسه تارة ولا يتعدى إليهما أخرى، لا بنفسه ولا بحرف الجر. تقول من الأول2: نقصت المال دينارا. ومن الثاني 3: نقص المال. وكذلك (زاد) . قال في الصحاح: (تقول: زاد الشيء أي ازداد، وزاده الله خيراً) 4 انتهى. وهو ظاهر في ذلك. وضرب يتعدى إلى اثنين دائما ويكون ثاني مفعوليه 5 كمفعول (شكر) يصل إليه بنفسه تارة وبحرف الجر أخرى. [64/أ] ووقع في بعض نسخ الشرح6 (ما ثاني مفعوليه كثاني مفعول7 شكر) والصواب (كمفعول شكر) كما عبّرنا.
فمنه (أمر) تقول أمرتك الخير1 وبالخير. و (استغفر) تقول: استغفرت الله ذنبا ومن ذنب. و (اختار) تقول: اخترت زيدا القوم2 ومن القوم. و (صدق) تقول: صدقته الحديث وفي الحديث. و (زوّج) تقول: زوّجته هندا وبهند. و (كنَى) بتخفيف النون، تقول: كنيته أبا عبد الله وبأبي عبد الله 3. و (سمّى) تقول: سمّيته محمدا وبمحمد. و (دعا) بمعنى (سمّى) تقول: دعوته زيدا وبزيد. و (كال) تقول: كلت زيداً طعامه 4 ولزيد طعامه. و (وزن) تقول: وزنت زيدا دراهمه ولزيد دراهمه. وقد يتبادر إلى الفهم أن (زيدا) في هذين التركيبين هو المفعول الأول5 فيكون مما دخل الحرف فيه على الأول، لا على الثاني، فلا يكون من باب الأفعال التي قبله. وليس كذلك، فقد نص المعربون6 كما ذكره المصنف في الشرح7 على أن المحذوف في قوله تعالى {وَإِذَا كَالُوهُمْ
أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ} 1 هو المفعول الأول. انتهى. وكأن أصل هذا التركيب، والله أعلم كالوا الطعام للناس ثم توسع2 فيه بحذف الجار. فلأجل ذلك جعل المحذوف من الآية المفعول الأول الذي هو الطعام. وضرب يكون أول مفعوليه فاعلا في المعنى، نحو كسوته جبّة وأعطيته درهما فالأول فاعل وآخذ3. وضرب يكون مفعولاه في الأصل مبتدأ وخبرا 4 ك (ظننت زيداً قائما) . فإن أصل مفعوليه (زيد قائم) وهما مبتدأ 5 وخبر. وقد أخذ في تفصيل القول فيه، فقال: ص: وهو أفعال القلوب، (ظنّ) لا بمعنى (اتّهم) وعَلِِم لا بمعنى عرف، ورأى لا من الرأي، ووجد لا بمعنى حزن أو حقد وحجا لا بمعنى قصد، وحسب وزعم وخال وجعل ودرى في لغيّة. وهبْ وتعلم،
بمعنى اعلم ويلزمان الأمر. وأفعال التصيير، ك (جعل) وتخذ 1 و (اتخذ) و (رد) و (ترك) . ش: يعني [64/ب] أن الذي يتعدى إلى مفعولين أصلهما المبتدأ والخبر منه ما يسمى أفعال القلوب، ومنه ما يسمى أفعال التصيير. وإنما قيل للأول ذلك لأن معانيه قائمة بالقلب2. وقيل للثاني أفعال التصيير لأنها للتحويل من حالة إلى حالة ك (صيرت الطين خَزَفا) ، فأردت انتقاله عن الطينية إلى الخزفية. فقوله: (وأفعال التصيير) مرفوع عطفا على قوله: (أفعال القلوب) . فمن أفعال القلوب (ظنّ) لا بمعنى (اتّهم) فإنها إذا كانت بمعنى (اتّهم) تعدت إلى واحد فقط3، كقوله: {وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِظَنِينَ} 4 أي بمتهم. وترد لليقين، كقوله تعالى: {الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ} 5
وللرجحان، وهو الغالب فيها، كقوله: 131- ظننتك إن شبّت لظى الحرب صاليا1 ... .... ..... ومنها (عَلِم) لا بمعنى عَرَف، فإنها إذا كانت بمعنى (عَرَف) تتعدى إلى واحد، نحو قوله تعالى: {وَاللهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئا} 2. وترد لليقين، وهو الغالب فيها، كقوله: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ} 3 وللرجحان، كقوله: {فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ} 4. ومنها (رأى) لا من الرأي أي المذهب. فإنها إذا كانت منه تعدت إلى واحد، كقولك: رأى أبو حنيفة5 حل
كذا1 ورأى الشافعي2 حرمته. وهي مثل (علم) في كونها يغلب استعمالها في اليقين. وتستعمل3 في الرجحان، ويجمعهما قوله تعالى: {إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيداً وَنَرَاهُ قَرِيباً} 4. منها (وَجَد) لا بمعنى حزِن، ولا بمعنى حقد5. فإنها إذا كانت بأحد المعنيين لا تتعدى. وهي تفيد في الخبر يقينا، قال تعالى: {تَجِدُوهُ عِنْدَ اللهِ هُوَ خَيْراً} 6. ومنها (حجا) لا بمعنى قصد. لأنها إذا كانت بمعنى قصد تعدت
لواحد، نحو حجوت بيت الله، أي قصدته1. وهي [65/أ] تفيد في الخبر رجحانا، كقوله: 132- قد كنت أحجو أبا عمرو أخا ثقة ... حتى ألمت بنا يوما ملمات2 ومنها (حسِبَ) وترد لليقين، كقوله: 133- حسبت التقى والجود خير تجارة3 ... ... ... ... ... .... .... ...
وللرجحان، وهو الغالب فيها1، كقوله: 134- وكنّا حسبنا كلَّ بيضاء شحمةً ... عشية لاقينا جذامَ وحِمْيرا 2 ومنها (زعم) وتفيد في الخبر رجحانا، كقوله: 135- زعمتني شيخا ولست بشيخ ... إنما الشيخ من يدبّ دبيبا3 والأكثر فيه4 وقوعه على (أنْ) و (أنّ) وصلتهما، كقوله تعالى:
{زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا} 1. وقول الشاعر: 136- وقد زعمت أنّي تغيرت بعدها ... ومن ذا الذي يا عَزّ لا يتغير2 ومنها (خال) وتفيد في الخبر رجحانا، كقوله: 137- إخالك إن لم تغضض الطرف ذا هوى3 ... ............................. .... ومنها4 (جعل) وهو للرجحان كقوله تعالى: {وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ
الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا} 1. ومنها (درى) وهو لليقين2، كقوله: 138- دُريت الوفيّ العهد يا عروَ فاغتبط ... فإن اغتباطا بالوفاء حميد3 هذا في لغة قليلة4. والأكثر فيه أن يتعدى بالباء لواحد5. فإن دخلت عليه الهمزة تعدّى لآخر بنفسه، نحو قوله تعالى: {وَلا أَدْرَاكُمْ بِهِ} 6.
ومنها (هَبْ) وهو للرجحان، كقوله: 139-....... ........ ... وإلاَّ فهبْنِي امرأً هالكاً1 وهذا2 ملازم لصيغة الأمر. ومنها (تعلّمْ) بمعنى (اعلم) ، وهو لليقين، كقوله: 140- تعلمْ شفاءَ النفس قهرَ عدوِّها ... ...... ...... 3
وهذا أيضا1 ملازم لصيغة الأمر كالذي قبله. وأما أفعال التصيير فذكر منها خمسة: أحدها (جعَل) نحو قوله تعالى: {فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُوراً} 2. ثانيها (تَخِذ) ، قال الشاعر: 141- تَخِذت غُراز إثرهم دليلا3 ... ..........................
ثالثها (اتّخذ) قال الله تعالى: {وَاتَّخَذَ اللهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً} 1. رابعها (رد) كقوله تعالى: {لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً} 2. خامسها (ترك) كقوله تعالى3: {وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْض} 4. تنبيهات: الأول: قد تحرر أن ما ذكره المصنف من أفعال على أربعة أقسام: ما يفيد اليقين، وهو (وَجَد) [65/ب] و (تعلّمْ) بمعنى اعلم و (دَرَى) . وما يفيد الرجحان، وهو (جَعل) و (حجا) و (هبْ) و (زعم) . وما يأتي لهما5 والغالب اليقين، وهو (رأى) 6 و (علم) ، وما يأتي لهما والغا لب7 الرجحان، وهو (ظنّ) و (حسب) و (خال) .
التنبيه الثاني 1: تأتي (رأى) بصرية، كقولك: رأيت الهلال أي أبصرته، فلا تتعدى إلا إلى واحد2. وكذلك من أفعال الباب ما يأتي لمعان أخر غير قلبية3. ولم يحترز الشيخ عن ذلك لأنه لا يشملها قوله: (أفعال القلوب) . والمعاني التي احترز عن ورود الأفعال بمعناها كلها قلبية. التنبيه 4 الثالث: ألحقوا (رأى) الحلمية5 برأى العلمية في التعدي لاثنين6، كقوله: 142- أراهم رُفقتي حتى إذا ما ... تجافى الليل وانخزل انخزالا7
الرابع: أدخل الكاف على أفعال التصيير1 ليشير به2 إلى أنها لا تنحصر فيما ذكره من الأفعال، وكأنه اقتصر على ما ذكره منها لشهرته3. ص: ويجوز إلغاء القلبية المتصرفة، متوسطة أو متأخرة. ش: لما ذكر أن أفعال القلوب وأفعال التصيير مشتركة في نصب المفعولين، وكانت أفعال القلوب مختصة عن أفعال التصيير4 بحكمين آخرين، وهما الإلغاء والتعليق أراد بيان ذلك. فبدأ بالإلغاء، وذكر أنه جائز5 لا واجب. وهو إبطال العمل لفظا ومحلا، لضعف العامل إما بسبب تأخره عن
المفعولين1، وإما بسبب توسطه بينهما2. فقوله: (القلبية) احترز به عن أفعال التصيير، فلا تلغى، كما علمت. وقوله: (المتصرفة) احترز به عن ما كان من أفعال القلوب غير متصرف، ك (هَبْ) و (تعلّمْ) فإنهما ملازمان لصيغة الأمر، كما تقدم، فلا يدخل فيهما الإلغاء3. مثال المؤخر4 عنهما زيد قائم أظن5 ويجوز الإعمال، فتقول: زيدا6 قائما أظن7. ومثال المتوسط زيد أظن قائم8. ويجوز الإعمال، فتقول: زيدا
أظن قائما1. [66/أ] تنبيهات: الأول: أفهم كلامه أن المتأخر والمتوسط2 سواء في جواز إلغائهما أي عدم امتناعه. وهو كذلك، لكن يتفاوتان في العمل. فإعمال المتأخر مرجوح وإلغاؤه راجح3، وإعمال المتوسط راجح وإلغاؤه مرجوح4. وقيل: هما سواء5. الثاني: أفهم أيضا كلامه أنه لا يجوز إلغاء العامل المتقدم على المفعولين وتحته صورتان: الأولى أن يتقدم عليه شيء من الكلام يخرجه عن أن يبتدأ به. والثانية أن يبتدأ به 6 ولا يتقدم عليه شيء.
فأما الصورة الأولى فتارة يكون المتقدم على العامل فيها لفظة (متى) ، وتارة يكون غير (متى) . فإن كان لفظة (متى) كقولك: متى ظننت زيداً قائما فصرح ابن أم القاسم1 بجواز الإلغاء فيها، لكن الإعمال أرجح2. وهو أيضا مقتضى عبارة المصنف في توضيح الألفية3، بل مقتضاها جواز إلغاء العامل الذي لم يبتدأ به، سواء تقدم عليه (متى) أو غيرها4. وإن كان غير (متى) امتنع إلغاؤه عند البصريين5. وأما الصورة الثانية6 فيمتنع الإلغاء فيها عندهم أيضا7. وجوّزه الأخفش والكوفيون8
فيهما1. واستدلوا بنحو قوله: 143- ... ... ... ... أنّى وجدت ملاك الشيمة الأدب2 وبقوله: 144-.... .... ....... ... وما إخال لدينا منك تنويل3
والبصريون1 يجعلون ذلك ونحوه إما من الإعمال، وأن المفعول الأول ضمير الشأن محذوفا2، أو من التعليق على إضمار لام الابتداء3. والله أعلم. ص: ويجب تعليقها قبل لام الابتداء أو القسم أو استفهام أو نفي بما مطلقا، أو بلا أو إنْ في جواب القسم أو لعل أو لو أو (كم) الخبرية. ش: لما فرغ من الإلغاء شرع في التعليق، فقال: (ويجب تعليقها) أي القلبية المتصرفة، فصرّح بوجوبه، بخلاف [66/ب] ما تقدم في الإلغاء حيث صرّح بجوازه.
وهو1 إبطال العمل في اللفظ فقط دون المحل، لمجيء ماله صدر الكلام بعد العامل المذكور. فمن ذلك2 لام الابتداء، نحو قوله تعالى: {وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ} 3. ومنه لام القسم، نحو علمت والله ليقومنّ زيد. وقول الشاعر: 145- ولقد علمت لتأتينَّ منيتي ... إنّ المنايا لا تطيش سهامها4
ومنه الاستفهام، وهو إما بأن يعترض حرف الاستفهام1 بين العامل والجملة، نحو قوله تعالى: {وَإِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ أَمْ بَعِيدٌ مَا تُوعَدُونَ} 2. وإما بأن يكون في الجملة اسم استفهام عمدة كان3 نحو قوله تعالى: {لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى} 4. أو فضلة، نحو قوله تعالى: {وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ} 5 وهو6 مفعول مطلق، لا مفعول به لأن اسم الاستفهام لا يعمل فيه ما قبله لأنه يخرجه عن الصدر7. ومنه النفي ب (ما) نحو علمت ما زيد قائم. سواء كان ذلك في غير جواب قسم، كما مثلنا، أو في جوابه، نحو علمت والله ما زيد قائم. ولهذا
قال الشيخ: (مطلقا) . ومنه النفي ب (لا) أو (إنْ) لكن لا مطلقا، بل في جواب قسم ملفوظ به أو مقدر، نحو علمت والله لا زيد في الدار ولا عمرو، وعلمت إن زيد قائم1. ومنه (لعل) نحو قوله تعالى: {وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ} 2 نقله المصنف3 من التذكرة لأبي علي4. ومنه (لو) الشرطية، كقوله: 146- وقد علم الأقوام لو أن حاتما ... أراد ثراء المال كان له وفر5
ومنه (كم) الخبرية، كما نقله1 عن بعضهم2، وأنه حمل عليه3 قوله تعالى: {أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لا يَرْجِعُونَ} 4. ونقل المصنف5 عن بعض المغاربة6 أن من المعلقات (إنّ) التي في خبرها اللام نحو (علمت إنَّ زيدا لقائم) . ثم بحث7 أن الظاهر أن المعلق اللام، لا (إنّ) ، ثم نقل عن ابن الخباز8 أن مذهب سيبويه9 أنه يجوز (علمت [67/أ] إنّ زيدا قائم) بالكسر10 مع عدم اللام. ثم قال: (فعلى هذا
المعلق (إن) . انتهى. أي فلما حكم بأنها1 المعلقة دون اللام2 كانت هي المعلقة مع وجودها. تنبيه: قد علم مما سبق أن الفرق بين الإلغاء والتعليق من وجهين3: أحدهما: أن الإلغاء جائز والتعليق واجب. والثاني: أن الإلغاء إبطال العمل مطلقا، لفظا ومحلا. بخلاف التعليق فإنه إبطاله لفظا فقط، حتى إنه يجوز أن يعطف بالنصب في التعليق دون الإلغاء. فيعطف على الجملة التي عُلق العامل عنها مفردا في معنى الجملة4. ومن أمثلة ذلك، لا من شواهده قول الشاعر: 147- وما كنت أدْري قَبْل عَزَّة ما البكا ... ولا مُوجعاتِ القلبِ حتّى تولّتِ5
بنصب (موجعات) . وإنما لم يجعل شاهدا لاحتمال زيادة (ما) وكون (البكاء) منصوبا1 أو غير ذلك2. تتمة3. كل ما تصرف من هذه الأفعال فلمتصرفاته4 ما له من الأحكام فإن كان ذلك الفعل مما يثبت له الأحكام الثلاثة، أعني الإعمال والإلغاء والتعليق ثبت لمتصرفاته، كأفعال القلوب. وإن كان ذلك الفعل لا يثبت له إلا العمل كأفعال التصيير ثبت لمتصرفاته العمل. فتقول: (أنا ظانٌّ زيداً قائماً) ، و (زيدٌ قائمٌ أنا ظانٌّ) و (أنا ظانّ لزيدٌ قائمٌ) 5 وتقول: (أنا اتّخذُ أو متّخذٌ الطّينَ خَزَفاً) . لا
غير1. والله أعلم. ص: وسُليم تُجيز2 إجراء القول مُجرى الظن. وغيرهم يخصه بتقول3 بعد استفهام متصل أو منفصل بظرف أو معمول 4. ش: لما تكلم على ما ينصب المفعولين مطلقا عند كل العرب أخذ يتكلم على ما ينصبهما عند بعض العرب، أو ينصبهما عند كل العرب ولكن لا مطلقا بل بشروط، وهو القول. واعلم أن القول وفروعه مما يتعدى إلى مفعول واحد. [67/ب] ومفعوله تارة يكون مفردا مؤديا معنى الجملة، كقلت: قصيدةً وشِعراً5. وتارة يراد به مجرد لفظه، نحو قلت له: يا إبراهيم6. أي أطلقت عليه هذا الاسم. وتارة يكون جملة فتحكى به، وتكون في موضع مفعوله7.
وقد يجرى مجرى الظن فينصب المبتدأ والخبر مفعولين عند بني سُليم مطلقا1 أي من غير شرط من الشروط الآتي ذكرها عند غيرهم. فتقول عندهم: (قال زيد عمراً قائما) . وعند غيرهم2 لابد من شروط أربعة: الأول: أن يكون القول فعلا ماضيا. الثاني: أن يكون بتاء الخطاب. وإلى هذين الشرطين أشار الشيخ بقوله: (وغيرهم) أي غير سُليم (يخصه بتقول) . فلفظ به مضارعا مبدوءا بالتاء. الثالث: أن يكون بعد الاستفهام3. وإلى هذا أشار بقوله: (بعد استفهام) . والرابع: أن يتصل الفعل بالاستفهام، أو يُفصل بينهما بأحد ثلاثة أمور. إما ظرف، كقوله:
148- أبَعْد بُعْدٍ تقولُ الدّارَ جامِعةً ... شَمْلي بِهم أمْ تقولُ البُعدَ محتوماً1 وإما2 مجرور، نحو أفي الدار تقولُ عمراً جالساً. وإما معمول، نحو قوله: 149- أجُهّالاً تقولُ بَنِي لُؤَيّ ... ......لَعَمْر أبيكَ أمْ مُتجاهِلينا3 وإلى هذا الشرط أشار بقوله: (متصل أو منفصل بظرف أو معمول) \
ولم يذكر المجرور1، لأنه في معنى الظرف، إذ هما أخوان. تنبيهان: الأول: إذا عمل2 القول عمل الظن فهل هو باق على معناه، أو صار بمعنى الظن. فيه خلاف3. قال ابن أم قاسم4: والظاهر أنه ضُمِّن معنى الظن. الثاني: هذه الشروط المذكورة لعمله عمل الظن عند غير بني سُليم إنما هي شروط لجواز العمل، لا لوجوبه5 فتجوز الحكاية6 مع استيفاء الشروط، نحو قوله تعالى: {أمْ تقوُلونَ إِنَّ إبْرَاهِيمَ} 7 الآية في قراءة
الخطاب1. وقد روي قول الشاعر: 150- عَلام تقولُ الرُّمحَُ يُثقلُ عَاتقي2 ... ..... ...................... [68/أ] بالوجهين، النصب على الإعمال لاستيفاء الشروط3 والرفع على عدمه4. ص: وما يتعدى إلى ثلاثة 5، وهو أَعْلَم وأَرَى، وما ضمّن 6
معناهما من (أنبأ) و (نبّأ) و (أخبر) و (خبّر) و (حدّث) . ش: هذا هو القسم السابع من أقسام الفعل بالنسبة إلى المفعول به وهو ما ينصب ثلاثة مفاعيل. وهو سبعة أفعال: أعْلَم وأرى، وهما أصل الباب1، وما ضمّن معناهما، وهو الأفعال الخمسة المذكورة2. مثال (أعلَم) : أعلمت زيدا عمرا قائما، ومثال (أرى) ،: أريت بكرا الهلال طالعا3، ومثال (أنبأ) : أنبأت زيدا هندا مقيمة، ومثال (نبّأ) : نبّأت خالدا عمرا قائما. ومثال (أخبر) : أخبرت زيدا عليا جالسا، ومثال (خبّر) 4: خبّرت زيدا سالما صحيحا. ومثال (حدَّث) حدّثت خالدا بكرا مسافرا. وستأتي أحكام هذه المفاعيل في المقالة الآتية: ص: ولا يجوز حذف مفعول في باب (ظنّ) ولا غير الأول في
باب (أعلم) 1 إلا لدليل. ش: تضمن هذا الكلام مسألتين: الأولى في بيان حذف2 المفعولين أو أحدهما في باب (ظنّ) . وجزم الشيخ بأنه لا يجوز فيه حذف مفعول إلا لدليل، وتحته صورتان: الصورة الأولى: أن يحذف المفعولان لدليل. الصورة الثانية: أن يحذف أحدهما أيضا للدليل3. مثال حذفهما للدليل قوله تعالى: {أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ} 4 أي تزعمونهم شركائي5، أو تزعمون أنهم شركاء6. ومثال حذف أحدهما للدليل قوله: 151- ولقد نزلْتِ فلا تظنّي غيره ... منّى بمنزلة المُحب المكرمِ7
أي لا تظنّي غيره واقعا. ويسمّى الحذف لدليل اختصارا1. واقتضى كلامه الجزم بأنه لا يجوز حذفهما، ولا حذف أحدهما اقتصارا، أي لغير دليل. وهو في حذفهما مذهب سيبويه2 والأخفش3 واختيار ابن مالك4. وفي حذف أحدهما إجماع5. لأن أصلهما المبتدأ والخبر. المسألة الثانية: في بيان الحذف6 [68/ب] المتعلق بباب (أعلم) .
ومقتضى كلامه أن المفعول الأول يحذف فيه مطلقا، سواء كان لدليل أم لا، وهو الصحيح عند الجمهور1. وأن للثاني والثالث فيه 2 مالهما في باب (ظن) من حذفهما لدليل، ومنعه لغيره. وحذف أحدهما كذلك 3. ولم يصرح بذكر المسألة الثانية4 في شرح المصنف5 ولا في شرح الزوائد6. تنبيه7: يجري في الثاني والثالث من مفاعيل (أعلم) و (أرى) إلغاء العامل وتعليقه بالنسبة إليهما على الصحيح8، خلافا لمن منعهما9 مطلقا10،
ولمن منعهما في المبني للفاعل دون المبني للمفعول1. وقد جاء على الإلغاء قول بعض العرب: (البركةُ أعلمنا الله مع الأكابر) 2 وقول الشاعر: 152- وأنت- أراني الله- أمنعُ عاصم ... وأرأفُ مُسْتكفىً وأسمحُ واهِبِ3 وعلى التعليق {يُنَبِّئُكُمْ إِذَا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ} 4 الآية.
باب الأسماء التي تعمل في عمل الفعل
باب الأسماء التي تعمل في عمل الفعل ... ص: باب الأسماء التي تعمل عمل الفعل. وهي 1 عشرة، أحدها المصدر، وهو اسم الحدث الجاري على الفعل 2 ك (ضرْب) و (إكرام) . وشرطه أن يخلفه فعل مع (أن) أو مع (ما) 3. ش: لما أنهى الكلام على عمل الفعل أخذ يذكر ما يعمل عمله من الأسماء وهي عشرة أشياء4 وبدأ بالمصدر لأنه أصل الفعل في الاشتقاق5. والمصدر هو اسم الحدث الجاري على الفعل. ف (اسم الحدث) بمثابة الجنس، يدخل فيه اسم المصدر. وقوله: (الجاري على الفعل) 6 معناه أنه مساو للفعل في استيفاء حروفه، وهو كالفصل7 مخرج لاسم المصدر، فإنه يخالف المصدر بخلوه
من بعض حروف الفعل، ك (عطاء) فإنه خال من همزة (أعطى) . وتمثيله ب (ضرْب) و (إكرام) إشارة إلى أنه لا فرق في عمل المصدر بين ما كان مصدرا لثلاثي ك (ضرْب) أو لأكثر منه ك (إكرام) . وقوله: (وشرطه) أي شرط عمل المصدر أن يكون مقدرا ب (أن) [69/أ] والفعل أي إذا أريد المضي أو الاستقبال. نحو عجبت من ضربك زيدا أمس أو غدا. والتقدير من أن ضربت زيدا أمس أو من أن تضرب زيدا غدا. أوب (ما) والفعل إن أريد الحال1. نحو (عجبت من ضربك زيدا الآن) ، والتقدير: مما تضرب زيدا الآن2. ويوجد في بعض النسخ3 (وشرطه ألا يصغر، ولا يُتبع قبل العمل ولا يحد بالتاء4، وأن يخلفه فعل مع (أن) أو مع (ما) . وشرح ما في هذه النسخة من الزيادة أن تقول: من شروط إعمال المصدر ألا يكون مصغرا، فلا يقال: أعجبني ضُرَيبُك زيدا. ويظهر أن يعلل بأن التصغير من خصائص الأسماء، فلا
يناسب الأفعال. فلما جاء على حالة لا تناسب الأفعال امتنع أن يعمل عملها. وهذا التعليل، وإن لم أره مصرحا به1، لكن كلامهم يفهمه. ومنه2 ألا يُتبع بتابع قبل العمل، سواء كان نعتا أو غيره، لأن المصدر ومعموله عندهم كموصول وصلته، فلا يحال بينه وبين معموله كما لا يحال بين الموصول وصلته. فلا يقال: أعجبني أكل الرغيفِ السريعُ زيدٌ3. على أن السريع نعت للمصدر. ولا: عرفتُ سوقك العنيفَ الإبلَ4. ومنه ألا يكون محدودا بالتاء5، فلا تقول: أعجبني ضربتك عمرا لأن6 دخول التاء عليه دالة على المرة يجعله بمنزلة أسماء الأجناس التي لا تناسب الأفعال. ومما لم يذكره من شروطه ألا يكون مجموعا. قال ابن مالك7، رحمه الله: (المصدر المجموع حقه ألا يعمل، لأن
لفظه إذا جُمع مغاير للفظ1 المصدر الذي هو أصل الفعل) قال: (فإن ظفرنا في كلام العرب بإعمال المحدود أو المجموع قبلناه ولم نقس عليه2) . وأنشد مما ورد عاملا فيه المجموع قول الشاعر: 153- قدْ جربوه فما زادت تجاربُهم ... أبا قدامة3........ بنصب (أبا قدامة) ب (تجاربهم) وهو مصدر مجموع. ومما لم يذكره أيضا ألا يكون مضمرا. [69/ب] ومعناه أن ضمير المصدر لا يعمل عمله4. فلا تقول: مروري بالمحسن حسن وهو بالمسيء قبيح.
ولا: ضربك المسيءَ حسن وهو المحسنَ1 قبيح. تريد: وضربك المحسن قبيح2 وذلك لعدم حروف الفعل. ولأجل ذلك لم يعمل محذوفا أيضا. ومنه ألا يكون مؤخرا عن معموله. ولك أن تقول: هذا الشرط مستفاد من جعله مع معموله كموصول وصلته فكما أن الصلة لا تتقدم على الموصول، كذلك معمول المصدر لا يتقدم عليه. ص: وعمله منونا أقيس، نحو {أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ يَتِيمًا} 3 ومضافا للفاعل أكثر، نحو {وَلَوْلا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ} 4 ومقرونا بأل ومضافا للمفعول ضعيف 5. ش: أخذ يبين حالات المصدر العامل وأحكامها. فمن حالاته أن يكون مجردا من الألف واللام والإضافة وهو المراد
بالمنوّن. وعمله حينئذ أقيس، لأنه نكرة فقوي شبهه بالفعل1. ومثاله قوله تعالى: {أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ يَتِيمًا} 2 ف (يتيما) مفعول ل (إطعام) . ومنها أن يكون مضافا إلى الفاعل، ناصبا للمفعول. وعمله حينئذ أكثر. لأن نسبة الحدث3 إلى من وقع منه أكثر منها4 لمن وقع عليه. ومثاله قوله تعالى: {وَلَوْلا دِفَاعُ اللهِ النَّاسَ} 5. ف (الناس) منصوب ب (دفاع) المضاف إلى الفاعل. ومنها أن يكون مقرونا بأل. وعمله ضعيف6. كقوله: 154- ضعيف النكاية أعداءَه ... يخال الفرار يراخي الأجل7
ومنها أن يكون مضافا إلى المفعول رافعا للفاعل، كقوله: 155- أفنى تلادي وما جمّعت من نَشَب ... قرعُ القواقيزِ أفواهُ الأباريق1 وعمله ضعيف أيضا2. وقيل3: إنه ضرورة.
ورُد َّبقوله عليه السلام: "وحجُّ البيتِ مَن استطاعَ إليهِ سبيلاً" 1، لأن تقديره: وأن يحجَّ البيتَ المستطيعُ. ومن حالاته أن يضاف إلى الفاعل ولا يذكر المفعول، نحو قوله تعالى: {رَبَّنا وتقَبَّل دعائي} 2. وأن يضاف إلى المفعول ولا يذكر الفاعل، نحو [70/أ] قوله تعالى: {لا يسْأَمُ الإنسانُ مِنْ دعاءِ الخيرِ} 3 وهما كثيران. ومنها أن يضاف إلى الظرف فيرفع وينصب4، نحو عجبتُ من ضرْبِ يومِ الجمعة زيدٌ عمرًا. قلت5: هذا كله في المصدر الذي ليس بدلا من اللفظ بفعله.
أما ما هو بدل1 من اللفظ بفعله فإنه يعمل وإن لم يخلفه (أنْ) والفعل، ولا (ما) والفعل. نحو قول الشاعر: 156-....... ........ ... فَنَدْلاً زُريقُ المَالَ نَدْلَ الثّعالبِ2 وكذلك قولك: ضربا زيدا. ف (زيدا) منصوب ب (ضربا) 3، وفيه ضمير مرفوع4 لأنه لما صار بدلا من الفعل عَمِل عمله وقام مقامه.
ص: الثاني اسم الفاعل، وهو ما اشتق من فعل لمن قام به على معنى الحدوث، ك (ضارب) و (مكرم) 1. فإن كان صلة لأل عمل مطلقا. وإلاّ عمل إن كان حالا أو استقبالا أو اعتمد، ولو تقديرا، على نفي أو استفهام أو مخبر عنه أو موصوف. ش: الباب الثاني مما يعمل عمل الفعل اسم الفاعل. والكلام فيه من وجهين: الوجه الأول في تعريفه، والوجه الثاني في أحكامه. أما تعريفه فقال الشيخ: (وهو2 ما اشتق....) إلى آخره. فقوله: (ما اشتق من فعل) المراد- كما قال3-: من مصدر فعل وهو كالجنس يدخل فيه كل مشتق. وقوله: (لمن قام به) كالفصل يخرج ما اشتق لمن وقع عليه4 أو فيه5 أو نحو ذلك. وقوله: (على معنى الحدوث) كفصل ثان يخرج اسم التفضيل والصفة المشبهة باسم الفاعل، فإنهما على معنى الثبوت.
وأما أحكامه فتارة يكون بأل، وتارة يكون مجردا منها. فإن كان صلة لأل، فإنه يعمل مطلقا، أي سواء كان بمعنى الحال أو الاستقبال أو المضي، وسواء اعتمد أو1 لم يعتمد2 فتقول: (جاء الضارب زيداً أمسِ أو الآن أو غداً) . وهذا معنى قوله: (مطلقا) . وإن كان مجردا من (أل) فإنه يعمل بشرطين. أحدهما أن يكون بمعنى الحال أو الاستقبال، لا بمعنى المضيّ3. ثانيهما أن يعتمد [70/ب] إما على نفي، نحو ما ضارب زيدٌ عمرا، أو استفهام، نحو (أضارب زيد عمرا) ، أو على مخبر عنه، نحو (زيد ضارب عمرا) ، أو موصوف، نحو (مررت برجل ضارب عمرا) 4. والاعتماد على المقدر كالاعتماد على الملفوظ، نحو (مهين ٌزيدٌ عمرا أم مكرمه) أي أمهين. ونحو {مُخْتَلِفٌ ألوَانُهُ} 5 أي صنف مختلف. ولهذا قال الشيخ: (ولو تقديرا) .
تنبيهات: الأول: إنما عمل اسم الفاعل إذا لم يكن صلة لأل حيث كان بمعنى الحال أو الاستقبال لأنه حينئذ يكون مشبها للمضارع في معناه، كما أشبهه في لفظه، لجريانه عليه في الحركات والسكنات 1. ولم يعمل إذا كان بمعنى الماضي لعدم جريانه على الفعل الذي هو بمعناه، وهو الماضي فهو مشبه له معنىً لا لفظا 2. وقال الكسائي 3 بجواز عمله إذا كان بمعنى الماضي أيضا فجوّز (أنا ضارب زيداً أمس) . متمسكا بقوله تعالى: {وَكَلْبُهُمْ بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ} 4 ف (ذراعيه) منصوب ب (باسط) وهو بمعنى المضي. وخرّجه الجماعة على حكاية الحال5. قال بعض المحققين6: ومعنى حكاية الحال أن يُفْرضَ ما كان واقعا
في الزمن الماضي واقعا في هذا الزمان، فيعبر عنه بلفظ المضارع. وإنما عمل مطلقا إذا كان صلة لأل لأنه حينئذ واقع موقع الفعل إذْ حق الصلة أن تكون جملة. وعمله حيث كان صلة مطلقا هو المشهور من قول النحويين1. ومن ادّعى الإجماع عليه2 حينئذ فدعواه مردودة بحكاية غيره3 عن جماعة من النحويين أنه لا يعمل مطلقا4. وعن جماعة آخرين أنه لا يعمل إلا إذا كان بمعنى المضي5. التنبيه الثاني: تثنية اسم الفاعل وجمعه تذكيرا وتأنيثا كالمفرد عملا وشرطاً6 فتقول: جاء الضاربان زيداً أمس أو غدا أو الآن، وجاء رجلان ضاربان زيدا الآن أو غدا. وتقول: جاء الضاربون [71/أ] زيدا الآن أو
غدا أو أمس 1. وجاء رجال ضاربون زيدا الآن أو غدا [لا] 2 أمس. وتقول: جاءت الضاربات زيدا الآن أو غدا أو أمس 3، وجاء نساء 4 ضاربات زيدا الآن أو غدا. التنبيه الثالث: إذا وجدت الشروط المذكورة لعمل اسم الفاعل، فإنه لا يتعين عمله، بل يجوز العمل المذكور، وتجوز الإضافة أيضا 5 فتقول: هذا ضاربٌ زيداً الآن أو غدا. وهذا ضاربُ زيدٍ الآن أو غدا 6. وقد قرىء بالوجهين {إِنَّ اللهَ بَالِغُ أَمْرِهِ} 7. النصب8 على الإعمال والجر 9 على الإضافة.
التنبيه الرابع: يوجد في بعض النسخ: (فإن صُغّر أو وصف لم يعمل) 1. وهذه الزيادة إن ثبتت فهي مأخوذة من التسهيل2، مقيدة لعمله بشرطين3 آخرين، هما عدم التصغير وعدم الوصف. أما الشرط الأول فخالف فيه الكسائي 4، مستدلا بقول بعضهم: (أظنني مرتحلا وسويّرا فرسخا) 5. قال ابن أم قاسم 6: (ولا حجة فيه لأن (فرسخا) ظرف، والظرف يكفيه رائحة الفعل) . وأما الشرط الثاني 7 فخالف أيضا فيه الكسائي8، فأجاز
إعماله مطلقا. وقيل: 1 يجوز إن كان العمل قبل الصفة 2، لأن ضعفه يحصل بعد ذكرها لا قبله. والله أعلم. ص: الثالث المثال، وهو ما حول [للمبالغة] 3 من فاعل إلى فَعّال أو مفعال أو فعول بكثرة، أو فعيل أو فعل بقلة. ش: الباب الثالث مما يعمل عمل الفعل أمثلة المبالغة4. وهي ما حوّل عن اسم فاعل الثلاثي لقصد المبالغة، والتكثير إلى (فعّال) بتشديد العين، كغفار. أو (مِفعال) بكسر الميم، كمِنحار، أو (فَعول) بفتح الفاء، كضَروب، أو (فعيل) كعليم، أو (فعِل) كحذر.
والثلاثة الأول أكثر من الأخيرين. فتعمل العمل السابق بالشروط السابقة 1. فإن وقعت صلة لأل عملت مطلقا. وإلاّ فبشرط الاعتماد لفظًا أو تقديراً على واحد مما سبق، وعدم المضي. قال الشاعر: 157- أخَا الحرْبِ لَبَّاساً إلَيها جِلاَلَهَا 2 ... ...... ....... وحكى سيبويه3عن العرب: (إنه لمنحار بوائكها) 4 وقال الشاعر: 158- ضَروب بنصل السيف سوقَ سمانها 5 ... ... ....
وقال: 159-[71/ب] فَتَاتَان أمَّا منهما فَشبيهَةٌ ... هِلالاً وأُخرى منهما تُشْبِهُ البَدْرا1 وقال: 160- أتَاني أنّهُم مَزِقُون عِرْضي2 ... .... .... ....
تنبيهان: الأول: سيأتي في كلام الشيخ التصريح بأن المثال كاسم الفاعل في شروط عمله. ولو سكت عن التصريح بذلك استغنى. ولو قال هنا: ما حوّل من فاعل للمبالغة، لكفاه. إذ قضيته أن سبب التحويل إرادة المبالغة، فبقي على عمله وشروطه السابقة. ولهذا يجري فيه كل ما أسلفناه في اسم الفاعل من إجراء التثنية وجمع المذكر والمؤنث 1 الصحيح والمكسَّر مجرى المفرد، ومن أن وجود الشروط لا توجب أن تعمل النصب، بل إما أن تعمل النصب 2 أو الجر على ما ذكر، ومن أنه يشترط عدم التصغير وعدم الوصف، على ما تقدم فيه من الخلاف من غير فرق. الثاني: قد يبنى (فَعَّال) و (مِفْعَال) و (فَعُول) و (فَعيل) 3 من
(أَفْعَلَ) 1 كقولهم: (درّاك) من أدرك، و (مهراق) من أهرق و (زَهُوق) من أَزْهَقَ، و (نَذِير) من أنذر. ولكنه قليل. ولأجل ذلك سكت عنه المصنف، بل ربما يفهم كلامه نفيه 2. ص: الرابع اسم المفعول، وهو ما اشتق من فعل لمن وقع عليه كمضروب ومكرم، وشرطهما كاسم الفاعل. ش: الباب الرابع من الأسماء العاملة عمل الفعل اسم المفعول. وحدّه بقوله: (وهو) إلى آخره. فقوله: (ما اشتق من فعل) بمنزلة الجنس. والمراد (من مصدر فعل) كما قال في الشرح3. وقوله: (لمن وقع عليه) بمثابة الفصل، مخرج للأفعال ولما وقع فيه الفعل4 ولاسم الفاعل وأفعل التفضيل والصفة المشبهة. ومثّل ب (مضروب) ، و (مكرَم) إشارة إلى أنه على نوعين: اسم مفعول الثلاثي. وقياسه أن يكون على وزن (مفعول) . وإليه أشار بقوله: (كمضروب) . واسم المفعول الزائد على ذلك.
وقياسه أن يكون بزنة المضارع بإبدال ميم مكان حرف المضارعة وفتح ما قبل آخره. وإليه [72/أ] أشار بقوله: (ومُكرَم) . وقوله: (وشرطهما كاسم الفاعل) . يريد أن شرط عمل المثال واسم المفعول كشرط اسم الفاعل. وقد قدمنا الكلام على المثال في ذلك فأغنى عن إعادته هنا. وأما اسم المفعول فإن كان صلة لأل عمل مطلقا 1. وإلا 2 فبشرط تقدم معتمد عليه، ولو تقديرا. وبشرط ألا يكون بمعنى الماضي. وعمله كعمل الفعل المبني للمفعول، فيرفع نائب الفاعل. فإن كان من متعد لاثنين أو لثلاثة رفع واحدا ونصب ما سواه، فتقول: زيد مُعطى أبوه درهما الآن أو غدا3، كما تقول يُعطى أبوه درهماً4. وتقول: المعطَى دينارا زيد. كما تقول: الذي يُعطى دينارا، أو الذي أُعطي دينارا زيد. ويأتي فيه كل ما تقدم 5 من إعمال تثنيته وجمعه. ص: الخامس الصفة المشبهة، وهي كل صفة صح6 تحويل
إسنادها إلى ضمير موصوفها. وتختص بالحال وبالمعمول السببي المؤخر. ش: هذا هو الخامس مما يعمل عمل الأفعال. وهو1 الصفة المشبّهة باسم الفاعل. وميزها الشيخ بقوله: (كل صفة صحّ..) إلى آخره. فقوله: (كل صفة) بمثابة الجنس، يدخل فيه اسم الفاعل والمفعول والمثال وغيرها. وقوله: (صح تحويل إسنادها) إلى آخره بمثابة الفصل، يخرج ما عداها من الصفات. واعلم أن اسم المفعول يصح أن يضاف إلى مرفوعه معنىً. وإضافته تستلزم تحويل إسناده إلى ضمير موصوفه. نحو زيدٌ محمودُ المقَاصِد. والأصل محمودةٌ مقاصدُه، ثم حوّلت الإسناد إلى ضمير (زيد) ثم أضفت فقلت: محمود المقاصد. وهو حينئذ جار مجرى الصفة المشبهة2، فلا يضر دخوله في مميّز الصفة3. وقد اقتضى كلام المصنف أن اسم الفاعل لا يصح تحويل إسناده إلى ضمير موصوفه. وقد تقدم الكلام في ذلك مستوفى في باب المشبّه بالمفعول به من المنصوبات فليراجع.
[72/ب] وقوله: (وتختص..) إلى آخره يريد به بيان ما فارقت الصفة فيه اسم الفا عل. وهو1 أمور2: منها أنها للحال، أي للزمن الحاضر الدائم، دون الماضي المنقطع، ودون المستقبل3 وهو4 يكون لأحد الأزمنة الثلاثة5. ومنها أن معمولها لا يكون إلا سببيا6، أي متصلا بضمير موصوفها، إما لفظا، نحو زيدٌ حسنٌ وجْهُهُ. وإما معنى، نحو زيد حسن الوجه، أي منه. ولا يكون إلا مؤخرا7. فلا يجوز (زيدٌ وجهُهُ حسنٌ) . والمراد بمعمولها ما عملت فيه بحق الشبّه8. فلا يَرِد (زيدٌ بكَ فرِحٌ) . لأن عملها في ذلك بما فيها من معنى الفعل9.
واسم الفاعل1 بخلافها في ذلك، فيكون معموله سببيّا وغيره، ومقدما ومؤخراً. ومن وجوه الافتراق2، غير ما ذكره الشيخ، أنها تصاغ من اللازم دون المتعدي، وهو يصاغ منهما3. ومنها أنها تكون مجارية للفعل، ك (طاهر) 4 وغير مجارية له، وهو الأغلب5 في المبنية من الثلاثي، ك (حَسَنَ) ، و (جميل) و (ضخم) ، واسم الفاعل لا يكون إلا مجاريا.
تنبيه1: قوله: (وتختص بالحال) يقتضي أنهما يشتركان. وذلك من أوجه2: أحدها أن كلا منهما يدل على حدث ومن قام به. الثاني أنهما يذكّران ويؤنثان3. الثالث أن كلاّ منهما يثنّى ويجمع4. الرابع أن عملهما مشروط بالاعتماد المشروط في عمله، على ما تقدم فيه، من غير فرق. لأنه إذا شُرط في اسم الفاعل الذي هو الأصل المشبَّه به ففي الفرع المشبّه الذي هو الصفة أولى. ص: وترفعه فاعلا أو بدلا، أو تنصبه مشبّها أو تمييزا أو تجّره بالإضافة، إلا إن كانت بأل وهو عار منها. ش: الصفة المشبهة واسم الفاعل مشتركان في العمل، ومختلفان في التوجيه في الجملة5.
فوجه الرفع فيها الفاعلية أو الإبدال من الضمير1. ووجه النصب في المعرفة التشبيه بالمفعول به2، وفي النكرة التمييز3 ووجه الجر الإضافة. فقوله: (فاعلا أو بدلا) [73/أ] أي في كل مرفوع. وقوله: (مشبها أو تمييزا) أي مشبّها في المعرفة وتمييزا في النكرة. وقوله: (بالإضافة) أي أن الجر بسبب الإضافة4. فلا ينافي ذلك كون العامل المضاف5. وهذه العبارة6 تكررت للمصنف ولغيره من النحاة7. واعتُرض على ظاهرها. وقد علمت اندفاعه. وقوله: (إلا) إلى آخره بيان لما يستثنى8 من عمل الصفة للجر وهو
يحتاج إلى تمهيد، فنقول: إن الصفة تارة تكون بأل وتارة تكون مجردة منها، وهي إما رافعة أو ناصبة أو جارة. فهذه ثلاثة أحوال مضروبة في حالتي اقترانها بأل وتجردها منها تصير ستة، والمعمول له مع كل من هذه الستة ست حالات: لأنه إما بأل (كالوجه) أو مضاف1لما هو بأل (كوجه الأب) أو مضاف للضمير (كوجهه) . أو مضاف لمضاف للضمير كوجه أبيه أو مجرد من أل والإضافة (كوجه) أو مضاف إلى المجرد (كوجه أب) 2. فتصير الصور ستا وثلاثين3صورة، وكلها تؤخذ من إطلاقه. إذا علمت ذلك، فقوله: (إلا إن كانت بأل وهو عار منها) استثناء من قوله: (أو تجرّه) 4فقط. أي أنك ترفع معمول الصفة وتنصبه مطلقا وتجره4 إلا أن كان إلى آخره، فدخل تحته أربع صور ممنوعة: الأولى: أن تكون الصفة5 بأل والمعمول مجرور مضاف إلى ضمير، نحو (الحسن وجهه) . الثانية: أن تكون بأل والمعمول مجرور6 مضاف إلى مضاف إلى'
الضمير، نحو (الحسن وجه أبيه) . الثالثة: [أن تكون بأل والمعمول مجرور مجرد من أل والإضافة، نحو (الحسن وجه) . الرابعة] 1: أن تكون بأل والمعمول مجرور مضاف إلى المجرد من أل والإضافة نحو (الحسن وجه أب) . لأن الصفة في كل من هذه الصور بأل والمعمول في كل منها عارٍ من أل 2. واعلم أن بعض المتأخرين3 أوصل الصور الحاصلة من الصفة ومعمولها إلى أربعة عشر ألف صورة ومائتين وست وخمسين صورة. لأنه جعل الصفة إما بأل أو بغير أل، هذه حالتان. ومعمولها إما [73/ب] بأل أو مضاف أو مجرد. وجعل المضاف ثمانية أنواع: الأول مضاف إلى ضمير الموصوف، نحو حسن وجهه. والثاني مضاف إلى مضاف إلى ضميره، نحو حسن وجه أبيه. والثالث: مضاف إلى المعرَّف بأل، نحو حسن وجه الأب.
والرابع مضاف إلى مجرّد، نحو [حسن] 1 وجه أب. والخامس: مضاف إلى ضمير مضاف إلى مضاف إلى ضمير الموصوف نحو (جميلة أنفه) من قولك: مررت بامرأة حسن وجه جاريتها جميلة أنفه2. والسادس: مضاف إلى ضمير معمول صفة أخرى، نحو (جميل خالها) من قولك: مررت برجل حسن الوجنة3 جميل خالها4. والسابع: مضاف إلى موصول. نحو (الطيبي كلِّ ما التاثت به الأزر) من قوله: 161- فعُج بها قبل الأخيار منزلة ... والطيبي كلِّ ما التاثت به الأزر5
والثامن مضاف إلى موصوف بجملة. نحو (رأيت رجلاً حديداً1 سنانُ رمحٍ يَطعَن به) 2. والمجرد من الإضافة و (أل) يشمل ثلاثة أنواع: الموصول، نحو قوله: 162- أسِيلاتُ أبْدانٍ رقاقٍ خُصُورُها ... وثيراتُ ما التفّتْ عليه المآزِرُ3 والموصوف، نحو (جمّ نوالٌ أعدّه) من قوله:
163- تَزورُ امرأً جَمّا نوالٌ أعَدَّه ... لمن أمَّهُ مستكفياً أزْمَةَ الدّهرِ1 وغيرهما2، نحو (مررت برجل حسن وجه3) . هذه اثنتا عشرة صورة4، مضروبة في الحالتين، أعني حالتي الصفة المتقدمتين من كونها بأل أو بغير أل5 تصير أربعا وعشرين6. وكل من هذه الأربع والعشرين7 إما مع الرفع أو مع النصب أو مع الجر، تصير اثنتين وسبعين صورة8. ويضم إليها صور ما إذا كان معمول الصفة ضميرا، وهي،
ثلاث1: الأولى: أن يكون مجرورا، وذلك إذا باشرته الصفة وخلت من (أل) نحو قولك: (مررت برجل حسن الوجه جميله) . الثانية: أن تفصل الصفة من الضمير، وهي مجردة من الألف واللام نحو (قريشُ نُجَبَاءُ النّاسِ2 ذرِّيةً وكرامُهُمُوها) 3. الثالثة: أن تتصل به، ولكن تكون الصفة بالألف [74/أ] وإلا نحو (زيد الحسن الوجه الجميلُهُ) . والضمير في هاتين الصورتين منصوب4. فصارت خمسة وسبعين5. والصفة إما أن تكون لمفرد مذكر أو لمثناه أو لمجموعه جمع سلامة أو جمع تكسير. أو لمفرد مؤنث أو لمثناة أو لمجموعه جمع سلامة أو جمع تكسير6 هذه ثمانية في خمسة وسبعين تصير ستمائة. وإذا نوّعت نفس الصفة إلى مرفوعة ومنصوبة ومجرورة وضربتها في الستمائة تصير ألفا وثمانمائة.
وإذا نوعت [معمول] 1 الصفة أيضا من وجه آخر إلى مفرد مذكر ومثناه وجمعيه، وإلى مفرد مؤنث ومثناه ومجموعيه كانت ثمانية2. فإذا ضربت فيها3 الألف وثمانمائة تصير أربعة عشر ألفا وأربعمائة. قال: ويستثنى من هذه الصور الضمير4، فإنه لا يكون مجموعا جمع تكسير ولا جمع سلامة. وجملة صوره مائة وأربع وأربعون. فالباقي أربعة عشر ألفا ومائتان وستة وخمسون. بعضها جائز وبعضها ممتنع، فيخرج منها الممتنع5 على ما تقدم6 0 انتهى وفي قوله: (ويستثنى) إلى آخره نظر7. ص: السادس اسم الفعل، نحو (بله زيدا) بمعنى دعة و (عليكه)
و (به) بمعنى الزمه والصق، و (دونكه) بمعنى خذه و (رويدَه) و (تيده) بمعنى أمهله، و (هيهات) و (شتان) بمعنى بعد وافترق و (أوّه) و (أفّ) بمعنى أتوجّع وأتضجّر. ش: هذا هو السادس مما يعمل عمل الفعل، وهو اسم الفعل. وهو عبارة عمّا ناب عن الفعل، وليس معمولا ولا فضلة1. فقولنا: (ما ناب عن الفعل) بمنزلة الجنس. ويدخل فيه مع اسم الفعل المصادر وأسماء الفاعلين والمفعولين والصفات المشبّهة والحروف ك (ليت) و (لعل) ونحوهما2. وقولنا: (وليس معمولا) كالفصل يخرج المصادر والصفات العاملة فإنها نائبة، عن الفعل مع أنها معمولة3. وقولنا: (ولا فضلة) يخرج الحروف العاملة. قال ابن مالك4: [74/ب] (لأن كل جملة بعض أجزائها حرف فإنه5 يتم بدونه كونها6 جملة، فثبت كون الحرف أبدا فضلة، لأن غير الفضلة
أبداً1 عمدة، والعمدة مسند أو مسند إليه2 وذلك ينافي الحرفية) . انتهى إذا علمت ذلك فاسم الفعل3 على ثلاثة أنواع: النوع الأول بمعنى الأمر، وهو الأكثر، ومن أجل ذلك بدأ به. ومنه (بلْه) بفتح الأول وسكون الثاني مبنيا على الفتح، بمعنى (دعْ) . فإذا قلت: بله زيدا. فكأنك قلت: دع زيدا. ومنه (عليك) منقول من جار ومجرور، هما (على) والكاف4 ويأتي تارة ومعناه (الزم) . فإذا قلت: عليكه فكأنك قلت: الْزَمْه. وتارة ومعناه (الْصق) . فإذا قلت: عليك به، فكأنك قلت: الصق به. ومنه (دونك) منقول من ظرف مضاف إلى ضمير المخاطب، ومعناه (خذ) . فإذا قلت: دونكه، فكأنك قلت: خذه. ومنه (رويد) وهو منقول من مصدر (أرود) 5 مصغرا تصغير
الترخيم1 ومعناه (أمهل) . فإذا قلت: رويدا زيدا، فكأنك قلت: أمهل زيدا. ومنه (تيْد) بمعنى (أمهل) أيضا2. فإذا قلت: تيدَ زيدا، فكأنك قلت: أمهل زيدا3. والنوع الثاني: بمعنى الماضي، وهو أكثر من الذي بمعنى المضارع. ومنه (هيهات) ومعناه بعد. وتاؤه مفتوحة عند الحجازيين4 ومكسورة عند تميم5 وبعضهم6 يضمها. ومن فتح وقف بالهاء، ومن كسر وقف بالتاء7 واختلف على الضم8.
فقيل1: يوقف بالتاء، وقيل: يوقف بالهاء2. وفيها ست وثلاثون لغة3، حكاها الصّغاني4. ومنه (شتّان) بفتح أوّله وتشديد ثانيه، مبنيا على الفتح، ومعناه (افترق) . النوع الثالث بمعنى المضارع. ومنه (أوّه) بفتح الهمزة وتشديد الواو المفتوحة. ومعناه (أتوجّع) .
وفيها لغات1، منها (أوّاه) ومنها (أوّه) بتشديد الواو مضمومة ومكسورة. ومنه (أف) بمعنى (أتضجر) 2. [75/أ] تنبيهان3: الأول: ترك الشيخ حدّ أسماء الأفعال كأنه لما قيل4 في حقيقتها من الاختلاف. فإن بعض البصريين5 ذهب إلى أنها أفعال، واستعملت استعمال الأسماء6. وذهب الكوفيون7 إلى أنها أفعال حقيقة. والصحيح أنها أسماء8 لقبولها التنوين والتعريف، ولمخالفة أوزانها
أوزان الأفعال. ثم القائلون باسميتها اختلفوا في مدلولها فقيل1: مدلولها لفظ الفعل. وقيل2: مدلولها المصدر. وقيل3: مدلولها مدلول الفعل وهو الحدث والزمان فإذا قلت: (صه) مثلا فعلى الأول4 هو اسم لقولك: اسكت. وعلى الثاني اسم لقولك: سكوتا. وعلى الثالث اسم لمعنى الأول5. إلا أن دلالة الفعل على الزمان بالصيغة ودلالتها على الزمان بالوضع. واختلفوا أيضا في إعرابها: فقيل: لا موضع لها من الإعراب، ونسب إلى الجمهور6. وقيل: في موضع نصب7.
وقيل: إنها في موضع رفع بالابتداء، وأغنى مرفوعها عن الخبر1 كما في (أقائم الزيدان) . التنبيه الثاني: قد علم من الأمثلة التي ذكرها المصنف وشرحناها أن اسم الفعل على قسمين: أحدهما: ما وضع من أول الأمر كذلك، ك (شتّان) و (صهْ) 2. وثانيهما: ما نقل من غيره، وهو إما منقول3 من ظرف أو جار ومجرور4 أو مصدر5. وعلم أيضا من الأمثلة أن اسم الفعل يعمل عمل الفعل6. فكما تقول: بعد زيد، كذلك تقول: هيهات زيد. وكما تقول: دع زيدا، كذلك تقول: بلْه زيدا. إلى غير ذلك مما تقدم. والله أعلم. ص: ولا يضاف، ولا يتأخر عن معموله، ولا ينصب في جوابه،
وما نوّن منه فنكرة. ش: ذكر في هذا الكلام لأسماء الأفعال أربعة أحكام. الحكم الأول أنها لا تضاف. قال المصنف1: (كما أن مسماها2، وهو الفعل، كذلك، ومن ثمّ، قالوا: إذا قلت: (بلْه زيدٍ) و (رويدَ زيدٍ) بالخفض كانا مصدرين، والفتحة فيهما فتحة [75/ب] إعراب) انتهى. ويحتاج إلى معرفة المعنى في عدم إضافتها على القولين الأخيرين في مسماها3. الحكم الثاني: أنها لا تتأخر عن معمولاتها. لأنها ضعيفة في العمل4. وقال الكسائي5: بجواز تقديمه. مستدلا بقوله تعالى: {كِتَابَ اللهِ
عَلَيْكُمْ} 1. وبقول الشاعر: 164- أيُّها المائح دلوي دونكا ... إنّي رأيت الناس يمدحونكا2 ولا حجة له فيهما. أما الآية فلكون (كتاب الله) يحتمل أن يكون مصدرا مؤكدّا لأن قبله {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ ... } 3 إلى آخره. فدل على أنه مكتوب عليكم، فكأنه قال: كتب الله عليكم ذلك كتابا4. وأما البيت فلاحتمال أن يكون (دلوي) مبتدأ، خبره (دونكا) أو مفعولا ب (خذ) مضمرا5. ولا يجوز أن يكون منصوبا ب (دونكا) مضمرا6. لأن
اسم الفعل لا يحذف دون معموله، ذكره الشيخ في المغني1. الحكم الثالث أن الفعل المضارع لا ينصب في جواب اسم الفعل، إذا قلت مثلا: (صهْ فينام الناس) . هذا هو مذهب الجمهور2. والمخالف فيه الكسائي وغيره3. وقد تقدمت المسألة في المنصوبات مبسوطة، فراجعها4. الحكم الرابع ما نوّن من هذه الأسماء فهو في حال تنوينه نكرة وما لم ينوّن فهو في حال عدم تنوينه معرفة. وقد التزم في بعضها التنكير5 فنونت أبدا، ك (واهاً) و (ويهاً) 6 كما التزم التنكير في (أحد) ونحوه7. والتزم في بعضها التعريف، فترك تنوينه، كما في (نَزَالِ) و (دَرَاكِ)
كما التزم التعريف1 في المضمرات والإشارات ونحوهما. وقد جاء بعضها بالوجهين، فنوّن حال تنكيره ك (إيهٍ) إذا أردت أن يزيدك مخاطبك من حديث أي حديث كان. وترك تنوينها حال تعريفها، ك (إيهِ) إذا أردت أن يزيدك من حدّثك2 من حديث معين. كما جاء بالوجهين نحو (كتاب) و (فرس) 3. والله أعلم. ص: السابع والثامن الظرف والمجرور المعتمدان. وعملهما عمل استقرّ. ش: السابع والثامن [76/أ] مما يعمل عمل الفعل الظرف والجار والمجرور، وذلك إذا وقع بعدهما مرفوع على أحد الأقوال. وتفصيل القول في ذلك أنه متى تقدم4 على واحد منهما نفي أو استفهام أو موصوف أو موصول أو صاحب خبر5 أو حال، نحو قولك: ما في الدار أحد، وأفي الدار6 زيد؟ ومررت برجل معه صقر، وجاء الذي في الدار أبوه، وزيد عندك أخوه، ومررت بزيد عليه
جبّة1، ووقع بعده مرفوع ففي وجه رفعه ثلاثة مذاهب: أحدها: الأرجح كونه مبتدأ مخبرا2 عنه بالظرف أو المجرور، ويجوز كونه فاعلا3. ثانيها: الأرجح كونه فاعلا، ويجوز كونه مبتدأ. وهو مختار الشيخ جمال الدين بن مالك4، وهو ظاهر كلام الشيخ5. ووجهه أن الأصل عدم التقديم والتأخير. ثالثها: أنه يجب كونه فاعلا، وهو منقول عن الأكثرين6. وحيث أعرب فاعلا، إما وجوبا أو راجحا أو مرجوحا، فهل عامله الفعل المحذوف أو الظرف أو المجرور لنيابتهما عن (استقر) ، وقربهما من الفعل لاعتمادهما، فيه خلاف7.
والمذهب المختار الثاني لوجهين: أحدهما: امتناع تقديم الحال في نحو (زيد في الدار جالسا) ولو كان العامل الفعل لم يمتنع1. ثانيهما: قول الشاعر: 165- فإن يك جُثماني بأرضِ سواكم ... فإنّ فؤادي عندكِ الدهرَ أجمعُ2 حيث3 رفع (أجمع) الذي هو توكيد للضمير المستتر في الظرف. ووجه الدلالة منه أن الضمير لا يستتر إلا في عامله. ولا يصح أن يكون توكيدا لضمير محذوف مع الاستقرار، لأن التوكيد والحذف متنافيان، ولا توكيداً لاسم (إن) على محله من الرفع بالابتداء4
لأن الطالب للمحل قد زال بوجود الناسخ1. هذا كله إذا اعتمد الظرف والمجرور على ما ذكر. أمّا إذا لم يعتمد، نحو (في الدار زيد) و (عندك عمرو) فالجمهور2 يوجبون3 الابتداء. والأخفش4 والكوفيون5 يجوّزون الابتداء والفاعلية؛ لأن الاعتماد عندهم ليس بشرط، كما تقدم [76/ب] في المبتدأ أنهم يجيزون في نحو (قائم زيد) أن يكون (قائم) مبتدأ و (زيد) فاعلا. وغيرهم6 يوجب كونهما على التقديم والتأخير7. ص: التاسع اسم المصدر، والمراد منه اسم الجنس المنقول عن موضوعه إلى إفادة الحدث، كالكلام والثواب. وإنما يعمله الكوفي والبغدادي 8. وأمّا نحو (إن مُصابك الكافر حسن) فجائز إجماعا، لأنه مصدر وعكسه نحو فَجَارِ وحَمَادِ.
ش: التاسع مما يعمل عمل الفعل اسم المصدر، وهو يطلق في الاصطلاح على ثلاثة أشياء1. الأول ما كان اسما لغير الحدث، ثم نقل إلى الحدث، كالكلام والعطاء. فإنهما في الأصل لما يُتكلم به ولما يُعطى، ثم نقلا إلى الإعطاء والتكلم وهو فعل الفاعل2. وهذا هو المراد بقوله: (اسم الجنس) إلى آخره. وهو الذي اختلف في عمله3: فأعمله الكوفيون والبغداديون4، ودليلهم قوله: 166-أكُفْراً بعدَ ردّ الموتِ عنِّي ... وبعدَ عطائِكَ المائَةَ الرّتاعَا5
ف (المائة) منصوبة ب (عطائك) الذي هو اسم مصدر. وغيرهم من البصريين1 يجعل2 العمل لفعل محذوف، ويمنع أن يكون اسم المصدر عاملا. وإطلاق اسم المصدر على هذا حقيقي. الثاني مما يطلق عليه اسم المصدر ما كان مبدوءا بميم زائدة لغير المفاعلة، ك (مضرب) و (مقتل) . وهذا يعمل عمل الفعل اتفاقا، لأنه في الحقيقة مصدر3 وإطلاق اسم المصدر عليه مجاز4. ولذلك لم يُختلف في عمله. وشاهد إعماله قوله: 167- أظَلُومُ إنّ مُصَابَكمْ رَجلاً ... أهْدى السّلامَ تحيّةً ظُلْمُ5 ... ...
فقوله: رجلا، مفعول (مصا بكم) باتفاق. ولهذا قال الشيخ: (وأما نحو إلى آخره) . الثالث مما يطلق عليه اسم المصدر ما كان علما1 على معنى كبَرَّة علما على المبرّة، و (فَجارِ) علما على الفجرة، و (حماد) علما على المحمدة2. وهذا لا يعمل بالاتفاق3 لمخالفته المصدر في عدم قصد الشياع، وعدم الإضافة4، وعدم قبول (أل) وعدم الوقوع موقع الفعل. ص: العاشر اسم التفضيل كأفضل وأعلم، ويعمل في تمييز5 [77/أ] وظرف وحال وفاعل مستتر مطلقا، لا في مصدر6 ومفعول به أو
معه، ولا في مرفوع ملفوظ به إلا في مسألة الكحل. ش: العاشر مما يعمل عمل الفعل اسم التفضيل. وهو كما قال بعض المحققين1 (المبني على (أفعل) لزيادة صاحبه على غيره في الفعل2، أي في الفعل المشتق هو منه. ويدخل في ذلك (خير) و (شرّ) لكونهما في الأصل (أخْيَر) و (أشر) ، فخففا بالحذف لكثرة الاستعمال. وقد يستعملان على القياس3.انتهى وقوله: (كأفضل) مثال لما بني من فعل قاصر4. وقوله: (وأعلم) مثال لما بني من فعل متعدّ5. وقوله: (ويعمل ... ) إلى آخره بيان لعمل أفعل التفضيل فذكر أنه يعمل في التمييز، نحو زيد أفضل منك أخا. وفي الظرف، نحو زيد أفضل منك اليوم. وفي الحال، نحو زيد أفضل منك متأدبا6. هذا بالنسبة إلى كونه ناصبا. وأما بالنسبة إلى كونه رافعا، فإنه يرفع الفاعل إذا كانا ضميرا مستترا. كما ذكرنا في الأمثلة الثلاثة، إذ أفعل التفضيل في كل منها رافع
لضمير مستتر1. وقوله: (إلا في مصدر....) إلى آخره فيه بيان ما لا يعمل فيه أفعل التفضيل. فذكر أنه لا ينصب المصدر، ولا المفعول به، ولا المفعول معه2 هذا بالنسبة إلى المنصوب. وأما بالنسبة إلى المرفوع فلا يرفع الفاعل إذا كان ضميرا منفصلا أو اسما ظاهرا إلا في مسألة الكحل3. والنكتة في أنه لا يرفع الفاعل الظاهر أو المنفصل إلا فيها أنه إنما قَصُر عن رفع الظاهر، لأنه ليس له فعل بمعناه. وفي مسألة الكحل يصح أن يقع فعل بمعناه4. وضابطها أن يلي أفعل5 التفضيل نفيا، ويكون مرفوعه6 مفضّلا على نفسه باعتبارين. نحو (ما رأيت رجلاً أحسنَ في عينه الكحلُ منه في عين زيد) . فيصح أن يقع موقعه فعل بمعناه، فتقول: ما رأيت رجلا يحسن
في عينه الكحل كحسنه في عين زيد. وإنما [77/ب] قلنا: بأنه فاعل، لأنه لو لم يكن فاعلا لكان مبتدأ فيلزم الفصل بين أفعل و (مِن) بأجنبي1. ص: وإذا كان بأل طابق، أو مجردا، أو مضافا لنكرة أفرد وذكر، أو لمعرفة فالوجهان. ش: لما فرغ من بيان عمل أفعل التفضيل أخذ يذكر حكمه بالنسبة إلى مطابقته لموصوفه وعدمها. وجعله على أربعة أقسام: القسم الأول: أن يكون بأل، نحو (الأفضل) . وذكر أنه يجب فيه أن يطابق الموصوف2. فتقول فيه: زيد الأفضل، وهند الفضلى، والزيدان الأفضلان والزيدون الأفضلون أو الأفاضل، والهندات الفضليات أو الفضّل. القسم الثاني: أن يكون مجردا من أل والإضافة، وذكر أنه يجب فيه الإفراد والتذكير نحو قوله تعالى: {قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ} 3 الآية.
وتقول: الزيدان أفضل من عمرو، والزيدون أفضل من بكر والهندات أفضل منه. القسم الثالث: المضاف لنكرة. نحو زيد أفضل رجل، وهند أفضل امرأة. وحكمه حكم المجرد من أل والإضافة1. ولذلك جمعهما الشيخ فقال: (أو جردا أو مضافا لنكرة أفرد وذكر) . فتقول: زيد أفضل رجل، والزيدان أفضل رجلين، والزيدون أفضل رجال، وهند أفضل امرأة، والهندان أفضل امرأتين، والهندات أفضل نساء. القسم الرابع: أن يكون مضافا لمعرفة، نحو زيد أفضل الرجال، وذكر أنه يجوز فيه الوجهان، أي المطابقة وعدمها2 نحو الزيدان أفضلا الرجال، وأفضل الرجال، والزيدون أفضلو الرجال وأفضل الرجال. تنبيه: محل جواز الوجهين في المضاف لمعرفة أن يكون (أفعل) مرادا به التفضيل.
أما إذا لم يقصد به التفضيل، كقولهم: (الناقصُ والأشجُّ أعدلا بني مروان) 1. أي عادلا بني مروان. يعنون الوليد بن اليزيد2 وعمر بن عبد العزيز3 فلابد من المطابقة للموصوف. ولم يحتج [78/أ] المصنف إلى تقييده بذلك لأن ورود (أفعل) لغير قصد التفضيل مجاز4. تتمّة5: يجب مجيء (مِن) بعد أفعل التفضيل جارة للمفضول في المجرد من (أل) والإضافة، نحو زيد أفضل من عمرو. وقد تحذف6، نحو {وَالآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى} 7.
ومحل إتيان (من) بعده في ذلك ألا يكون المجرور بها اسم استفهام. فإن كان وجب تقدم (من) ومجرورها على اسم التفضيل نحو (أنت ممّن أفضل) ؟ 1. ويمتنع دخولها2 في المقرون بأل والمضاف بقسميه3. ص: ولا يبنى هو ولا أفعل4 التعجب، وهى5 ما أفعلَه وأفعِلْ به وفَعُل6 إلا من فعل ثلاثي مجرد لفظا أو تقديرا تام، متفاوت المعنى، غير لون ولا عيب7، ولا منفى، ولا مبنى للمفعول. ش: لما فرغ من ذكر أحكام أفعل التفضيل شرع في بيان ما يبنى منه ولما شاركه في ذلك أفعال8 التعجب ضمّها إليه فقال: (ولا يبنى هو) أي أفعل التفضيل المتقدّم، ولا (أفعال التعجب) . أي ولا تبنى أفعال التعجب إلا مما اجتمعت فيه الشروط المذكورة.
ولنتكلم أولا على معنى التعجب، وعلى أفعاله، ثم نعود إلى شرح الشروط المذكورة، تكميلا للفائدة، فنقول: التعجب استعظام زيادة في وصف الفاعل خفي سببها وخرج بها المتعجب منه عن نظائره، أو قلّ نظيره. فقولنا: في وصف الفاعل1احتراز عن وصف المفعول فلا يقال: [ما أضرب] 2زيدا، تعجبا من الضرب الواقع عليه. وقولنا: خفي سببها، احتراز من الأمور الظاهرة الأسباب فلا يتعجب منها. ولهذا قالوا: إذا ظهر السبب بطل العجب3. واعتبرت قلة نظائره أو الخروج عنها، لأن ما تكثر نظائره في الوجود لا يُستعظم فلا يتعجب منه4. وأما أفعاله، والمراد الصيغ المشتمل كل منها على فعله، فجعلها المصنف ثلاثة: الأولى: (ما أفعلَه) والثانية: (أَفْعِلْ به) وهاتان [78/ب] هما الصيغتان المشهورتان له5.
فأما الصيغة الأولى، وهي (ما أفعلَه) فأجمعوا فيها على اسمية (ما) وكونها مبتدأ1. واختلفوا في (أفعَلَ) . فقال البصريون2والكسائي3: إنه فعل بدليل اتصال نون الوقاية به4. وقال بقية الكوفيين 5: إنه اسم6 بدليل تصغيره7. وأما الصيغة الثانية فأجمعوا8 فيها على فعلية (أفعِلْ) 9.
ثم قال البصريون1: لفظه الأمر ومعناه الخبر2. وقال الفراء وجماعة3: لفظه ومعناه الأمر4، وفيه ضمير والباء للتعدية. ثم اختلف هؤلاء فقال بعضهم5: الضمير للحُسن. وقال بعضهم6: للمخاطب7، والتزم إفراده لجريانه مجرى المثل. وأما الصيغة الثالثة، وهي (فَعُل) فلم يشتهر عدّها من صيغه، ونقلها ابن إياز عن ابن عصفور، فقال في شرح الفصول (قال ابن عصفور8: ومن ألفاظه (فَعُل) مثل فضُل زيد، وظرُف عمرو، وضرُب الرجل، أي ما
ضربه ويجوز [دخول] 1 الباء الزائدة على الفاعل، فيقال: (ضرُب بزيد) إجراءً له مجرى أَضرِبْ بزيد، لأنهما في معنى واحد) . انتهى كلام ابن إياز2. وفي تمثيله ما يرشد إلى أنه لا فرق في إفادة فعل التعجب بين كونه أصلا، أو محوّلا، كظرف وضرب3. وهو كذلك. إذا علمت ذلك فلنعد إلى شرح الشروط التي ذكرها الشيخ لما تبنى صيغ التعجب وأفعل التفضيل منه، فنقول: لا يبنى شيء من هذه المذكورات إلا مما اجتمعت فيه أمور4: أحدها أن يكون فعلا، فلا يبنى من الجلف5 والحمار فلا يقال: ما أجْلَفه ولا هو أجلف من زيد6. ثانيها7 أن يكون ثلاثيا، مجردا من الزيادة لفظا وتقديرا فلا يبنى من نحو (دَحْرَجَ) لأنه رباعي، ولا من نحو (استخرج) لأنه وإن كان ثلاثيا
لكنه ليس1 مجردا بل مزيد فيه، ولا من نحو (حَوِلَ) و (عَوِر) لأنها وإن كانت ثلاثية مجردة في اللفظ، لكنها2 [79/أ] ليست مجردة في التقدير، لأن تقديرها (احولّ) و (اعورّ) ، بدليل عدم القلب مع تحركها وانفتاح ما قبلها، فلولا أن ما قبل العين ساكن في التقدير لوجب فيها القلب المذكور. ثالثها: أن يكون تاما، فلا يبنى من فعل ناقص، ك (كان) . رابعها: أن يكون متفاوت المعنى، أي قابلا للتفاضل بالنسبة لمن يقوم به فلا يبنى من نحو فني ومات. خامسها: ألا يدل على لون أو عيب، فلا يبنى من نحو (عَرِجَ) (وشهِل) ، ويعبّر عن هذا بألا يكون اسم الفاعل على أفعل فعْلاء3. سادسها: أن يكون غير منفي، فلا يبنى من منفي4 سواء كان ملازما للنفي، نحو (ما عاج بالدواء) 5 أي ما انتفع به، أم غير ملازم،
ك (ما قام زيد) . سابعها: ألا يكون مبنيا للمفعول. فلا يبنى من نحو (ضُرب) و (عُلم) 1. تنبيهات: الأول: ما ذكره من أن للتعجب ثلاث صيغ هو بالنسبة لما يدل عليه بالوضع، لا لما يدل عليه بالقرينة. فإنه يدل عليه بها2 صيغ كثيرة3، نحو (للهِ دَرّه فارساً) 4 و"سبحانَ اللهِ إنّ المؤمنَ لا يَنْجُس"5. الثاني: لم يذكر من شروط ما تبنى6 هذه الصيغ منه كونه متصرفا7 كما ذكره غيره8، وكما ذكره هو في غير هذا الكتاب9، استغناء بما يفهمه
السياق، إذ الكلام في شروط ما تبنى منه هذه الصيغ، والجامد لا يقبل ذلك. الثالث: يتوصل إلى التعجب من الزائد على ثلاثة، ومما وصفه على (أفعَل فعلاء) ب (ما أشدّ) ونحوه1، وينصب مصدرهما بعده، أوب (اشدُد) ونحوه، ويجر مصدرهما بالباء2، فتقول: ما أشدّ استخراجه واشدُد باستخراجِه3. وكذا المنفي والمبنى للمفعول إلا أن مصدرهما يكون مؤولا، لا صريحا، نحو ما أكثر ألاَّ يقوم، وما أعظم ما ضُرب. وأما الناقص، فإن قيل: إن له مصدرا4 فمن النوع الأول5، وإلا فمن الثاني6. وأما ما لا يتفاوت معناه والجامد فلا يتعجب منهما7 ألبتة8.
وما يتوصل به إلى التعجب مما لا يتعجب منه بلفظه يُتوصل به إلى التفضيل، ويجاء بعده بمصدر ذلك الفعل تمييزا، فتقول: هو أشد استخراجا وحمرة1
باب التنازع
باب التنازع ... ص: باب. وإذا تنازع 1 من الفعل أو شبهه عاملان فأكثر ما تأخر من معمول فأكثر فالبصري يختار إعمال المجاور فيضمر في غيره مرفوعه، ويحذف منصوبه إن استغني عنه وإلا أخره. والكوفي الأسبق، فيضمر في غيره ما يحتاجه. ش: لما فرغ من ذكر الأفعال، وما يعمل عملها، شرع يذكر تنازعهما في العمل، فقال: (وإذا تنازع) وهو شرط، جوابه الجملة الاسمية وهي قوله: (فالبصري ... ) إلى آخره. فأفاد ما يشترط في التنازع في جملة الشرط وما اتصل بها، وأفاد حكم التنازع في جملة الجواب وما اتصل بها2. وبعضهم3 يسمّي هذا الباب باب الإعمال.
فأما ما يشترط فيه فمنه1 أن يكون العامل فعلا أو شبهه، فلا يكون التنازع بين حرفين2، ولا بين حرف وغيره. ويدخل في ذلك3 أن يكونا فعلين أو اسمين يشبهانهما4، أو اسما مشبها بفعل، أو فعلا فاسما كذلك5. وإلى هذا الشرط6 أشار بقوله: (من الفعل أو شبهه) . وقوله: (عاملان) يدخل تحته المتفقان في العمل والمختلفان فيه7. وقوله: (فأكثر) يفيد أن التنازع قد يقع بين ثلاثة عوامل وأكثر منها. مثال الثلاثة الحديث (تُسبِّحون وتُكبِّرون وتُحمِّدون دُبر كلّ صلاة ثلاثاً وثلاثين) 8.
فوقع فيه تنازع ثلاثة أفعال1 في الظرف والمصدر2. وقال بعضهم3: إنه لم يوجد تنازع بين أكثر من ثلاثة. وهو لا ينافي الجواب المتقدم4. وقد ذكر بعضهم5 مثالا للأربعة قوله: 168- طلبْتُ فلمْ أُدْرِك بوجْهي فلَيتني ... فَعلتُ فلَم أبْغ النّدى عند سَائبِ6 ومنها أن يكون المعمول المتنازع فيه مؤخرا عما يطلبه من العوامل المتنازعة.
[80/أ] فلا يقع التنازع في معمول متقدم، نحو زيدا ضربت وأكرمت1 ولا في معمول متوسط، نحو ضربت زيدا وأكرمت2 وإليه أشار بقوله: (ما تأخر) . وقوله: (من معمول فأكثر) يشير به إلى أن المعمول المتنازع فيه لا يشترط أن يكون واحدا، بل يجوز أن يكون أكثر كما تقدم في الحديث. وقد ذُكر له شروط أخرى. منها أن يكون العاملان متصرفين3. فلا يقع التنازع بين جامدين، ولا بين جامد وغيره4. ومنها أن يكون المعمول مطلوبا لكل من العاملين من حيث المعنى فلا يقع التنازع بين فعلين أُكّد أحدهما بالآخر، لأن الثاني لم يؤت به إلا للتوكيد، فلا عمل له، وذلك نحو قوله: 169- ... ... ... ... أتاكِ أتاكِ اللاّحقونَ احْبسِ احبسِ5
ومنها ألا يكون1 سببيا مرفوعا2، كقول الشاعر: 170- قضَى كلّ ذي دَينٍ فوفَّى غريمَه ... وعَزّةُ ممطولٌ مُعَنًّى غريمُها3
لأنه لو كان من التنازع وأعملنا أحدهما في المتنازع فيه، وهو (غريمها) وأضمرنا في الآخر ضميره لزم عدم ارتباطه بالمبتدأ الذي هو (عزة) . كذا وجهه ابن أم قاسم في شرح الألفية1. وفيه نظر، فإن هذا يأتي فيما لو كان السببي منصوبا، كقولك زيدا ضربت [وأكرمت] 2 غلامه. فلا معنى حينئذ لتقييد السببي بالمرفوع. ولعل الوجه ما ذكره أبو3 محمد بن السيد4، حيث
قال1: إن (غريمها) إن رفع ب (بمعنى) فممطول قد جرى على غير من هو له فيلزم ظهور الضمير، وإن رفع2 بممطول فهو خطأ، لأنه قد وصف بمعنى، والاسم الذي يعمل عمل الفعل إذا وصف لا يعمل شيئا فلا يجوز (مررت بضارب ظريف زيدا) . والله أعلم. فإن قيل: فلم سكت المصنف عن هذه الشروط الثلاثة؟. فالجواب أما الشرط الأول3 فلم يشترطه ابن مالك4، ولذلك جوّز في التسهيل5 تنازع فعلي التعجب6. فكأن المصنف هنا تبعه في ذلك، وإن كان قد صرح في غير هذا الكتاب بخلافه7. وأما الشرط [80/ب] الثاني8 فهو مفهوم من كلامه، لأن التنازع يستلزم أن يكون المتنازع فيه مطلوبا لكل من المتنازعين. لأنه إذا طلبه
أحدهما دون الآخر، فغير الطالب كيف يقال: إنه ينازع الآخر الطالب له1. وأما الثالث2 فإن أكثر النحويين3 لم يذكره، بل أجاز بعضهم4 في البيت المذكور5 التنازع. لكن شرطه في التسهيل6، وتابعه المصنف في توضيح الألفية7 فكأن المصنف مشى هنا على طريقة الأكثرين8. والله أعلم. وأما حكم المتنازعين فاتفق أهل البصرة والكوفة من النحويين على جواز إعمال أيهما شئت9. لكن اختلفوا في الراجح.
فالبصرية1 ترجح إعمال الأخير لقربه2 والكوفية3 ترجح إعمال الأول لسبقه. فقول الشيخ: (فالبصري يختار المجاور، والكوفي الأسبق) 4 تصريح بمذهب كل فريق، وإشارة إلى علته5. فإذا أعملنا الأخير، فإن احتاج غيره واحدا كان6 أو أكثر لمرفوع فالبصريون يضمرونه7. وهذا معنى قوله: (فيضمر في غيره مرفوعه) . وذلك لامتناع حذف العمد8، ولأن الإضمار قبل الذكر قد جاء في غير هذا الباب9 وقد تقدم في باب الضمير.
هذا هو الصحيح1. وقيل2: يحذف3. وإن احتاج لمنصوب لفظا أو محلا، فإن أوقع حذفه في لبس نحو (استعنت واستعان علي زيدبه) 4، أو كان العامل من باب (كان) نحو (كنت وكان زيد صديقا إياه) ، أو من باب (ظن) نحو (ظنّني وظننت زيدا قائما إياه) وجب إضمار المعمول مؤخرا5، كما في الأمثلة. وإن لم يوقع حذفه في لبس، وكان العامل من غير بابي كان وظنَّ وجب حذف المنصوب6، نحو ضربت وضربني زيد. وهذا معنى قوله:
(ويحذف منصوبه إن استغني عنه وإلا أخره) . فشمل قوله: (وإلا أخره) ما أوقع حذفه في لبس، وما هو من باب كان أو من باب ظن. فإن الأول لا يُستغنى عنه لمكان اللبس. والثاني1 لا يستغنى عنه، [81/أ] لأن أصله المبتدأ، لكن رجح المصنف في التوضيح جواز حذفه إذا كان من باب كان وظن، قال (لأنه حَذْف لدليل) 2. وإن أعملنا الأول أعملنا الأخير في ضميره مرفوعا كان أو منصوبا أو مجرورا، وهذا معنى قوله: (فيضمر في غيره ما يحتاجه) . نحو قام وقعدا أخواك3 أو (قام وضربتهما أخواك) أو (قام ومررت بهما أخواك) 4. وأجاز بعضهم5 حذف غير المرفوع، وهو ضعيف.
باب الاشتغال
باب الاشتغال ... ص: باب، وإذا شغل 1 فعلا أو وصفا ضميرُ اسم سابق أو ملابس لضميره عن نصبه وجب نصبه بمحذوف مماثل للمذكور 2، إن
تلا ما يختص بالفعل كإنْ الشرطية وهلاَّ ومتى. وترجح إن تلا ما الفعل به أولى1، كالهمزة و (ما) النافية. أو عاطفا على فعلية غير مفصول بأمّا نحو {أَبَشَراً مِنَّا وَاحِداً نَتَّبِعُهُ} 2 {وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ} 3. أو كان المشغول طلبا. ووجب رفعه بالابتداء إن تلا ما يختص به كإذا الفجائية، أو تلاه ماله الصدر ك (زيدٌ هلْ رأيتَه) وهذا خارج عن أصل الباب4، ومثله {وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ} 5 و (زيدٌ ما أحسنَه) . وترجح في نحو (زيد ضربته) 6، واستويا في نحو (زيدٌ قائمٌ وعمراً 7 أكرمتُه) . ش: هذا الباب مترجم بباب اشتغال العامل عن المعمول. ومناسبته للأبواب السابقة8 واضحة9.
وحدّه كما يؤخذ من كلام الشيخ: أن يتقدم اسم ويتأخر عنه عامل مشغول عن العمل فيه بالعمل في ضميره أو ملابسه، كقولك: زيدا ضربته فيقتضي مشغولا وشاغلا1 ومشغولا عنه. فقوله: (فعلا أو وصفا) بيان2 لعمل المشغول وأنه لا يتعين كونه فعلا بل يكون أيضا وصفا، كقولك: (زيدا3 أنا ضاربه الآن أو غدا) . فلا يقوم غير الصفة كالمصدر واسم الفعل مقامها في ذلك. ولابد أن يكون هذا الوصف صالحا للعمل فيما قبله، بخلاف (زيد أنا الضاربه) 4 [81/ب] و (وجه الأبُ زيدٌ حسَنُه) لأن الصلة والصفة المشبهة لا يعملان فيما قبلهما. وقوله: (ضمير اسم) بيان للشاغل، وهو مرفوع فاعلا بقوله (شغل) وقوله: (فعلا) مفعوله. وقوله: (أو ملابس لضميره) معطوف على الفاعل. يعني أن الشاغل للعامل عن العمل في الاسم السابق إما ضمير ذلك الاسم السابق، كما في مثال: زيدا ضربته5. وإما ملابس ذلك الضمير، كما في زيدا ضربت غلامه6.
وقوله: (عن نصبه) بيان للمشغول عنه. يعني أن العامل المذكور اشتغل عن نصب لفظ الاسم المذكور، كما في: زيدا ضربته1 أو محله كما في: هذا ضربته2. إذا علمت ذلك فاعلم أن الاسم السابق تارة يجب نصبه وتارة يترجح وتارة يجب رفعه وتارة يترجح أيضا3 وتارة يستوي فيه الرفع والنصب. لكن مسائل وجوب الرفع ليست من الباب في شيء4، لأنه لا يصدق عليها حد الاشتغال، ولهذا يقع في بعض النسخ عقب ذكرها: (وهذا خارج عن أصل الباب) . وذكرها حينئذ في الباب إنما هو لتكميل الفائدة باستيفاء الأقسام. فقوله: (وجب نصبه) إشارة إلى مسائل تعين النصب، وهو جواب للشرط في قوله: (إذا شغل) 5. وقوله: (بمحذوف) أي أن النصب في الاسم السابق يجب أن يكون بعامل محذوف ولا يكون بالمذكور لاشتغاله. وقوله: (مماثل) أي مماثل للعامل المذكور.
والمماثلة المذكورة إما في اللفظ والمعنى، وذلك في نحو: زيدا ضربته1. أو في المعنى فقط، وذلك في نحو: زيدا مررت به، فإنك تقدر (جاوزت) 2 وفي نحو: زيدا ضربت غلامه، فإنك تقدر (أهنت) زيدا. وقوله: (إن تلا) أي الاسم السابق. وقوله: (ما) مفعول لقوله: (تلا) ، وهي موصولة أو موصوفة. وقوله: (يختص بالفعل) صلة أو صفة. وفي (يختص) ضمير عائد على (ما) . وقوله: [82/أ] (كإن الشرطية) وما عطف عليه أمثلة لما يختص بالفعل. فإذا وقع الاسم السابق بعد (إن) الشرطية3 المذكورة وجب نصبه نحو (إنْ زيدًا لقيته فأكرمه) 4. وكذلك إذا وقع بعد (إذا) نحو (إذا زيدا لقيته أو تلقاه فأكرمه) . واحترز بالشرطية عن غيرها كالنافية والزائدة، وغير (إِنْ) و (إذا) من أدوات الشرط، ك (مهما) في كونه يختص بالأفعال. لكن لا يقع الاشتغال بعده إلا في الشعر، وأما في الكلام5 فلا يليه إلا صريح الفعل،
كما صرّح به المصنف في توضيح الألفية1. وإذا وقع بعد (هلاّ) - وهي من أدوات التحضيض، نحو هلا زيدا أكرمته وجب نصبه لكونها تختص بالأفعال، وأخواتها مثلها في ذلك2. وإذا وقع بعد (متى) الاستفهامية وجب أيضا نصبه، وكذا بقية أدوات الاستفهام إلا الهمزة فلا يجب النصب بعدها بل يترجح على ما سيأتي، إلا أن الاشتغال بعد أدوات الاستفهام المذكورة لا يقع إلا في الشعر، كما صرّح به أيضا المصنف3. وقوله: (إن تلا ما الفعل به أولى) إعرابه كما تقدم في قوله: (إن تلا ما يختص بالفعل) . وهو إشارة إلى مسائل ترجح النصب، وذكر منها ثلاثا: الأولى: أن يقع السابق بعد شيء الأولى أن يليه الفعل، ولذلك أمثلة، منها همزة الاستفهام، نحو قوله تعالى: {أَبَشَراً مِنَّا وَاحِداً نَتَّبِعُهُ} 4. ومنها النفي بما، نحو (ما زيدا رأيته) . وفي معنى (ما) النافية (إنْ) و (لا) النافيتان5.
وقوله (أو عاطفا) إشارة إلى الثانية من مسائل ترجح النصب. فقوله: (عاطفا) منصوب عطفا على قوله: (ما) أي وترجح النصب إن تلا الاسم السابق عاطفا، أيّ عاطف كان، على جملة فعلية سابقة، ولم يفصل ذلك العاطف بأمّا. كقولك1: قام زيد وعمرا أكرمته، نحو قوله تعالى [82/ب] {وَالأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ} 2 بعد قوله تعالى: {خَلَقَ الإِّنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ} 3. واحترز عن المفصول بأَمَّا، نحو (ضربت زيدا وأمَّا عمرو فأهنته) 4 فالمختار فيه الرفع، لأن (أَمَّا) تقطع ما بعدها عما قبلها5. قال الشيخ6: "وحتى ولكن وبل كالعاطف، نحو ضربت القوم حتى زيدا ضربته". انتهى. وإنما لم يجعلها عاطفة هنا، وإن كانت معدودة في باب العطف من أدواته، لأن شرط العطف بها إفراد معطوفها، كما سيأتي7، وهي هنا إذا
وليها المنصوب كان بعدها1 جملة لكنهم نزلوها منزلة العاطف فأعطوها حكمه. والله أعلم. وقوله: (أو كان المشغول طلبا) إشارة إلى المسألة الثالثة من مسائل ترجح النصب. أي وترجح النصب على الرفع إذا كان الفعل المشغول طلبا وهو الأمر والدعاء، ولو بصيغة الخبر. نحو زيدا اضْربه2، واللهم عبدك ارحمه3 وزيدا غفر الله له4. وقوله: (ووجب رفعه) إشارة إلى مسائل وجوب الرفع: فمنها أن يتلو الاسم ما يختص بالابتداء5، ك (إذا) الفجائية، نحو (خرجت فإذا زيد يضربه عمرو) . وإنما وجب الرفع لأنه لو نُصب لولي (إذا) الفجائية الفعل وهي لا يليها إلا المبتدأ والخبر. فالضمير في قوله: (به) يرجع إلى الابتداء6. وقوله: (أو تلاه ما له الصدر) أي ويجب الرفع إن تلا الاسم شيء7 له صدر الكلام، ك (هل) الاستفهامية، نحو زيد هل رأيته.
ومثله (ما) التعجبية، نحو زيد ما أحسنه! لأن ماله صدر الكلام يمنع ما بعده أن يعمل فيما قبله1. ومن ذلك قوله تعالى: {وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ} 2 فيتعين فيه رفع (كلّ) ولا يجوز نصبه. لأن (فعلوه) صفة له، والصفة لا تعمل في الموصوف3. وإنما لم تكن مسائل الرفع من باب الاشتغال، كما تقدم لأنه [83/أ] لا يصح فيها أن يعمل العامل المشغول في الاسم السابق لما تبيّن. والقاعدة أن ما لا يعمل لا يفسِّر عاملا. ووقع في نسخة قبل قوله: (أو تلاه) لفظة (قيل) 4 وهي إشارة إلى خلاف في ذلك، ولم أقف عليه5.
وقوله: (وترجح) بصيغة الماضي، وهو إشارة إلى ما ترجح رفعه1. وضابطه ألاَّ يوجد ما يوجب نصب المشتغل عنه2، ولا ما يرجح نصبه على رفعه، ولا ما يستوي بينهما. وهذا هو الأصل في باب الاشتغال، نحو (زيد ضربته) لعدم احتياجه3 إلى تقدير. فيكون مرفوعا بالابتداء، وتكون جملة الكلام حينئذ اسمية. ويجوز النصب، وهو مرجوح لاحتياجه إلى تقدير الناصب، وتكون جملة الكلام حينئذ فعلية4. وقوله: (واستويا) إشارة إلى ما يستوي فيه الرفع والنصب، وذلك في نحو (زيد قام وعمرا أكرمته) . وضابطه أن يبنى الفعل المذكور على اسم غير (ما) التعجبية5 ويقع الاسم بعد عاطف غير مفصول بأَمَّا، وفي الجملة المعطوفة ضمير يعود على الاسم المذكور، أو يكون العطف بالفاء6.
وإنما استويا لأن الرفع يتضمن عطف جملة اسمية على مثلها، وهي جملة (زيد قام) والنصب أيضا يتضمن عطف فعلية على مثلها، وهي جملة (قام) التي هي الجملة الصغرى1. فالتشاكل بين المتعاطفين حاصل على التقديرين2.
باب التوابع
باب التوابع ... ص: باب. يتبع ما قبله في إعرابه خمسة. ش: لما أنهى الكلام على المعرب بالأصالة والاستقلال شرع يتكلم فيما إعرابه بتبعية غيره، ويسمى تابعا. والتابع هو المشارك لما قبله في إعرابه الحاصل والمتجدد1 غير خبر. فخرج بالحاصل والمتجدد خبر المبتدأ، والمفعول الثاني، وحال المنصوب2.
وخرج بغير خبر (حامض) من قولك: (هذا حلو حامض) . وهذا الحد لا يشمل من التأكيد ما [83/ب] كان لفظيا في حرف أو في فعل غير معرب، إذ لا إعراب1 تقع فيه المشاركة2. وقوله: (ما قبله) يعم الاسم والفعل، فكما يتبع الاسمُ الاسمَ فكذلك يتبع الفعلُ الفعلَ3. وقوله: (في إعرابه) يفهم أن العامل في التابع هو العامل في المتبوع، وهو ظاهر مذهب سيبويه4، واختاره ابن مالك5، خلافا لمن خصّص ذلك بغير البدل6، وقال: إن العامل فيه مقدّر7. ويفهم من قوله: (ما قبله) أن التابع لا يتقدم على المتبوع، وهو كذلك8.
وقوله: (خمسة) هي التوكيد1 والنعت وعطف البيان والبدل وعطف النسق. ودليل الحصر فيها الاستقراء2. ومن فصل التوكيد اللفظي عن المعنوي جعلها3 ستا. ومن أطلق العطف ليدخل فيه البيان والنسق جعلها أربعا. ص: أحدها التوكيد، وهو تابع يقرر أمر المتبوع4 في النسبة أو الشمول، فالأول نحو5 جاءني زيد نفسه، والزيدان أنفسهما6 والزيدون أنفسهم، والهندات أنفسهنّ والعين كالنفس. والثاني: نحو جاء الزيدان كلاهما والهندان كلتاهما، واشتريت العبد كله، والعبيد كلهم، والأمة كلها7 والإماء كلهن. ش: إنما قدم الشيخ التوكيد على النعت، لأن التوكيد يحقق المتبوع،
والنعت يبين صفته، وما يدل على تحقيق الشيء متقدّم على ما يدل على صفته1. والتوكيد والتأكيد كل منهما مصدر (أكد) 2، وسمّى به التابع3. وهو على قسمين: لفظي، وسيأتي. ومعنوي، وحدّه الشيخ بقوله: (تابع....) إلى آخره. فقوله: (تابع) كالجنس يدخل فيه التوابع كلها. وقوله: (يقرر أمر المتبوع) إلى آخره يخرج ما عداه من التوابع. وقوله: (في النسبة أو الشمول) أفاد به أن التأكيد المعنوي4 نوعان: أحدهما: ما يرفع توهم الإضافة إلى المتبوع5 وهذا معنى قوله: (يقرر أمر المتبوع في النسبة) . وثانيهما: ما يرفع توهم إرادة الخصوص بما ظاهره العموم6،
وهذا معنى قوله1: [84/أ] (أو الشمول) . ف (أو) للتنويع في المحدود لا للترديد2 في الحد. وقوله: (فالأول) أي الذي يقرر أمر المتبوع في النسبة يكون بالنفس ويكون بالعين، كما يستفاد من قوله: (والعين كالنفس) . فتقول في تأكيد المفرد: جاء زيد نفسه أو عينه، وجاءت هند نفسها أو عينها. وتقول في تأكيد3 المثنى: جاء الزيدان أنفسهما أو أعينهما، وجاءت الهندان أنفسهما أو أعينهما4. وتقول في تأكيد الجمع: جاء الزيدون أنفسهم أو أعينهم، وجاءت الهندات أنفسهن أو أعينهن. وبيان التقرير في ذلك أنك إذا اقتصرت على قولك: (جاء زيد) احتمل أن الجائي خبره أو متاعه، وأنك ارتكبت المجاز، فإذا أتيت بالنفس أو بالعين ارتفع ذلك الاحتمال. قوله: (والثاني) أي النوع الثاني من نوعي التوكيد المعنوي وهو ما
يفيد تقرير أمر المتبوع في الشمول، يكون بألفاظ1 ذكر المصنف منها (كِلا) نحو جاء الزيدان كلاهما و (كلتا) نحو جاءت الهندان كلتاهما. و (كُلاّ) نحو اشتريت العبد كله، والعبيد كلهم والأمة كلها والإماء كلهن. وبيان تقرير الشمول في التوكيد بهذه الألفاظ أنك تقول: (جاءني الزيدان) ، وأنت تريد أحدهما، كما في قوله تعالى: {يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ} 2 أي من أحدهما3، فبقولك: (كلاهما) ارتفع ذلك الاحتمال. ومن أجل ذلك لا يؤكد نحو (اختصم الزيدان) لأنه لا يصح اختصم أحد الزيدين4: وكذا تقول في (اشتريت العبد) 5 ونحوه.
تنبيهات: التنبيه الأول: فهم من تمثيله وجوب اتصال النفس والعين بضمير مطابق للمؤَّكد، وكذلك فهم منه وجوب اتصال (كِلاَ) و (كِلتَا) بالضمير المطابق أيضا. وهو كذلك. التنبيه الثاني: فهم منه أيضا أنه يشترط أن يكون لفظ النفس والعين طِبق المؤكد في الإفراد والجمع دون [84/ب] التثنية. فإنه تجمع فيها1 النفس والعين على (أفعل) أيضا2. لكن ربما يتوهم من كلامه تعيُّن الجمع فيها، وليس كذلك. فيجوز الإفراد، فتقول: (جاء الزيدان نفسهما) . والتثنية نحو (جاء الزيدان نفساهما) والإفراد أرجح من التثنية3. التنبيه الثالث: لم يذكر من ألفاظ النوع الثاني (جميعا) و (عامة) ، لندور4 التوكيد بهما، وإن ذكرهما غيره5
وحكمهما1 في [اتصال] 2 الضمير حكم الثلاثة3. فمن التوكيد ب (جميع) قول امرأة لولدها: 171- فداك حيّ خولان ... جميعهم وهمدان4 والتوكيد ب (عامة) كقولك: اشتريت العبد عامته5. ص: ولا تؤكد نكرة مطلقا. ش: اختلف6 هل يجوز توكيد النكرة أم لا7؟ منع
ذلك1 المصنف مطلقا، أي سواء أفادت أو لم تفد، تبعا للبصريين2. وذهب الكوفيون3 إلى الجواز إن أفادت وتبعهم ابن مالك4. قال المصنف في التوضيح5: "وهو الصحيح، وتحصل الفائدة بأن يكون المؤكد محدودا والتوكيد من ألفاظ الإحاطة، ك (اعتكفت أسبوعا كلَّه) . وعليه جاء قول الشاعر: 172- لكنه شاقه أن قيل ذا رجب ياليت عدّة حول كلِّه رجب6
ولا يجوز (صمت زمنا كله) لكون المؤكد غير محدود، ولا (شهرا نفسه) 1 لكون التوكيد2 ليس من ألفاظ الإحاطة. واعلم أن ألفاظ التوكيد كلها معارف3. أما ما كان منها مضافا إلى الضمير فتعريفه واضح4 وأما ما لم يضف، ولم يذكره المصنف، نحو (أجمع) وتوابعه5 فقيل: بنية الإضافة6، ونُسب إلى
سيبويه1 وقيل2: بالعلمية3، فإنه علق على معنى الإحاطة والله أعلم. ص: ويؤكد بإعادة اللفظ4 أو مرادفه، نحو {دَكّاً دَكّاً} 5 و {فِجَاجاً سُبُلاً} 6. ولا يعاد ضمير متصل ولا حرف غير جوابي إلا مع 7 ما تصل به. ش: هذا مثال التوكيد اللفظي. وهو اللفظ المكرر به ما قبله، لفظا ومعنى، نحو {دَكّاً دَكّاً} 8. أو معنى فقط، نحو {فِجَاجاً سُبُلاً} 9. لأن معنى الفجاج والسّبل واحد، وإن اختلفا لفظا10 ولهذا
قال: 1 [85/أ] (بإعادة اللفظ أو مرادفه) . ثم إن هذا التأكيد قد يكون في الاسم، كما مثل به. وقد يكون في الفعل، كقوله: فأيْنَ إلى أيْن النَّجَاةُ ببغلتي....... ... أتاكِ أتَاكِ اللاّحقون احْبِسِ احْبِسِ2 وفي الحرف، نحو (نَعَمْ نَعَم) و (لا لا) 3. ويكون في المفرد كهذه الأمثلة، وفي الجملة، والأكثر اقترانها حينئذ بالعاطف، نحو {كَلاَّسَيَعْلَمُونَ ثُمَّ كَلاَّسَيَعْلَمُونَ} 4 وقد لا تقترن به، نحو قوله: عليه الصلاة السلام: "والله لأغزونَّ قريشاً، والله لأغزونَّ قريشاً والله لأغزونَّ قريشاً"5.
وقد يتعين ترك العاطف إذا توهم التعدد، نحو ضربت زيدا ضربت زيدا1. ولمّا كان التوكيد اللفظي يجري في جميع الألفاظ، وكان يعتبر في بعض الألفاظ إذا جاءت مؤكدة اتصالها بما اتصل بمتبوعها أشار إلى ذلك بقوله: (ولا يعاد ضمير متصل) إلى آخره. وبيانه أن التأكيد إذا كان2 لضمير متصل وجب أن يتصل به ما اتصل بمتبوعه3، فتقول: (عجبت منك منك) و (قمت قمت) و (ضربتك ضربتك) . وكذلك إذا كان بحرف غير جوابي4 وجب أن يتصل بالمؤكِّد ما اتصل بالمؤكد من ظاهر أو ضمير5. نحو (إن زيدا إن زيدا قائم) ، أو
(إن زيدا إنه قائم) . فعلى هذا قوله: (ما اتصل به) أي أن ما اتصل بالمؤكد يعاد بلفظه ومعناه، أو بمعناه دون لفظه. ص: الثاني النعت، وهو تابع مشتق أو مؤول به، يقتضي1 تخصيص متبوعه أو توضيحه أو مدحه أو ذمه أو توكيده أو الترحم عليه. ش: الثاني من التوابع النعت، ويقال له: الوصف والصفة2 وحدّه المصنف بما ذكره. فقوله: (تابع) جنس يشمل الخمسة3. وقوله: (مشتق أو مؤول به) مخرج لما كان من التوابع بغيرهما. والمراد بالمشتق ما دل على حدث وصاحبه، ك (ضارب) و (مضروب) و (حسن) و (أفضل) 4. والمراد بالمؤول به المشبه للمشتق في المعنى، كاسم الإشارة و (ذو) بمعنى (صاحب) ، وأسماء النسب5.
فتقول: مررت بزيد [85/ب] هذا، أي الحاضر، وبرجل ذي مال، أي صاحب مال1، وبرجل دمشقي، أي منسوب إلى دمشق. وقوله: (يقتضي) إلى آخره يخرج ما كان من التوابع مشتقا أو شبهه، كقولك: زيد قائم قائم، وشجاع شجاع2. وقولك: زيد أسد وشجاع، وعمرو طويل وفاضل. فإن المشتق وشبهه في هذه الأمثلة لا يقتضي تخصيصا ولا توضيحا ولا غيرهما من الأمور المذكورة في الحدّ. وأتى فيه ب (أو) لينبه على أنواعه. أي أن من النعت ما يكون لتخصيص المتبوع3، كقولك: جاءني رجل4 تاجر، أو تاجر أبوه. ومنه ما يكون لتوضيح المتبوع5، كقولك: جاءني زيد التاجر أو التاجر أبوه. ومنه ما يقتضي مدح المتبوع، كقولك: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} 6. ومنه ما يقتضي ذمُّه، كقولك: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم.
ومنه ما يقتضي تأكيده، نحو قوله تعالى: {نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ} 1. ومنه ما يقتضي الترحم عليه، كقولك: اللهم إني عبدُك المسكين2. وذكر بعضهم3 أن النعت قد يكون للتعميم، نحو (إن الله يرزق عباده الطائعين والعاصين) . وقد يكون للتفصيل، نحو (مررت برجلين عربي وعجمي) . أو الإبهام نحو (تصدّق بصدقة قليلة أو كثيرة) . انتهى. وقد يُدّعى دخول الأولين4 في التوضيح، والثالث5 في التأكيد، فليتأمل. تنبيه 6: قد ينعت بالجملة، ولكن بشروط: أن يكون المنعوت نكرة لفظا ومعنى7 أو معنى فقط8. وأن تكون
الجملة مشتملة على ضمير يربطها بالموصوف. وأن تكون خبرية، أي محتملة للصدق والكذب. نحو قوله تعالى: {وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللهِ} 1. وقد ينعت بالمصدر، ولكنه سماعي2. قالوا: هذا رجل عدل أو رضا3. واختلف في تخريجه البصريون والكوفيون: فقال الكوفيون4: هو على التأويل بالمشتق، أي عادل ومرضي. وقال البصريون5: هو على تقدير مضاف، أي ذو عدل وذو رضا6 فهو راجع إلى المؤول بالمشتق. فدخوله في كلام
الشيخ1 واضح. وكذلك دخول الجملة، لأنها أيضا تؤول بالمشتق2. لأن قولك: مررت برجل قام أبوه، في معنى (قائم أبوه) . والله أعلم. [86/أ] ص: ويتبعه 3 في واحد من أوجه الإعراب، وفي التعريف والتنكير، لا يكون أخص منه. فنحو (مررت بالرجل صاحبك) بدل، ونحو (بالرجل الفاضل) و (بزيد الفاضل) نعت. وأمره في الإفراد والتذكير وأضدادهما كالفعل، ولكن يترجح نحو 4 جاءني رجل قعود غلمانه على (قاعد) . وإما (قاعدون) فضعيف. ش: لما قدّم حدّ النعت أخذ يتكلم على حكمه من جهة تبعيته للمنعوت في الإعراب5 وغيره، فقال: إن النعت يتبع المنعوت في واحد من أوجه الإعراب الثلاثة: الرفع والنصب والجر، ويتبعه في واحد من التعريف والتنكير فلا تنعت معرفة بنكرة6، ولا عكسه7. فتقول: جاءني
الرجل الفاضل، ورجل فاضل. وهذان الأمران1 لابد منهما في كل نعت، سواء رفع ضمير المنعوت كما مثّلنا، أو رفع الظاهر، كجاءني رجل قائم أبوه، أو الرجل القائم أبوه. ثم إنه لما بين أنه يتبعه في التعريف والتنكير شرط فيه ألا يكون أخص، أي أعرف من المنعوت2. فإذا قلت: مررت بالرجل صاحبك، كان صاحبك3 بدلا لا نعتا لأنه4 مضاف إلى الضمير، فهو أعرف من المحلّى بأل. ودخل في كلامه النعت بمساوي المنعوت في التعريف، وبدونه فيه. وإلى ذلك أشار بقوله: (ونحو بالرجل الفاضل وبزيد الفاضل نعت) 5. فالأول مثال للمساوي، والثاني مثال للأدْون6، لأن العَلَم أعرف
من ذي الأداة. وقوله: (وأمره في الإفراد) إلى آخره إشارة إلى كيفية تبعية النعت للمنعوت في غير المذكورات من الإفراد وضديه، وهما التثنية والجمع، ومن التذكير وضدّه، وهو التأنيث، فقال: إن أمر النعت في ذلك كالفعل. وبيان ذلك أن النعت إن رفع ضمير المنعوت طابقه في ذلك1 أيضا، سواء كان معناه له أو لسببيه. نحو مررت برجل حسن، أو حسن الوجه2. وإن رفع سببيه، أي المتحمل لضميره3 أفرد مطلقا لرفعه [86/ب] الظاهر4، ووافق في التذكير والتأنيث5 مرفوعه لا متبوعه. نحو مررت برجلين حسنة جاريتهما. كما أن الفعل كذلك6.
لكن يستثنى من كونه كالفعل في الإفراد مسألة واحدة وهي أن يكون السببي جمعا، فإنه يجوز أن يكون النعت جمع تكسير فتقول: مررت برجل كرام غلمانه. بل يكون أرجح من الإفراد1. ولهذا قال: (ولكن يترجح) إلى آخره. وقوله: (وأما قاعدون فضعيف) يعني أن النعت إذا رفع جمعا قوي كونه مفردا أو جمع تكسير، كما تقدم. وأما كونه جمع سلامة، نحو (مررت برجال حسنين غلمانهم) فهو ضعيف. لأنه خاص بلغة طيئ2 دون غيرهم من العرب. ص: ويجوز قطعه إن عُلم متبوعه بدونه بالرفع أو النصب. ش: هذه مسألة متعلقة بالنعت ختم بها بابه. وهي أن المنعوت متى عُرف دون3 النعت جاز في النعت القطع، بأن يرفع أو ينصب. فالرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف، والنصب على أنه مفعول لفعل محذوف. فيقطع من الجر إليهما. فيصير في نعت المجرور ثلاثة أوجه، نحو مررت بامرىء القيس الشاعر، بالأوجه الثلاثة4 ومن النصب إلى
الرفع، ومن الرفع إلى النصب، فيصير في نعت كل من المرفوع والمنصوب وجهان1. ومتى احتاج المنعوت إلى النعت في تخصيصه أو توضيحه فلا يجوز قطعه. وإذا تعددت النعوت واستغني عنها كلها جاز قطعها كلها2. وإن احتاج إليها كلها وجب إتباعها كلها3. وان استغنى عن بعضها دون بعض جاز في البعض المستغنى عنه الإتباع والقطع، وتعين الإتباع في غيره4. والله أعلم ص: الثالث عطف البيان، وهو تابع غير صفة يوضح متبوعه أو يخصصه5، نحو (أقسم بالله أبو حفص عمر) . ونحو {كفارةٌ طعامُ مساكينَ} 6.
ش: الثالث [87/أ] من التوابع عطف البيان. قال الشيخ: (وهو تابع ... ) إلى آخره. فقوله: (تابع) يشمل الخمسة. وقوله: (غير صفة) يخرجها1. وقوله: (يوضح ... ) إلى آخره يعني أن عطف البيان يؤتى به لتوضيح متبوعه أو تخصيصه كالصفة، إلا أن هذا2 في الجامد وتلك3 في المشتق. وبهذا تخرج بقية التوابع4. ومثل له بمثالين أحدهما لتوضيح المعرفة، وهو5: 173- أَقسمَ باللهِ أبو حفصٍ عمر6 ...
فعمر بيان لأبي حفص، ذكر لإيضاحه. وثانيهما: لتخصيص النكرة، وهو قوله تعالى: {أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ} 1. ف (طعام) بيان ل (كفارة) ذكر لتخصيصها. وفهم من ذلك أن البيان والمبين لا يكونان مختلفين في التعريف والتنكير. وتجويز عطف البيان في النكرات مذهب الكوفيين2 وجماعة3 ومشى عليه المصنف4 تَبَعًا لهم. وغيرهم5 يخصّه بالمعارف. ص: ويتبعه في أربعة من عشرة. ويجوز إعرابه بدل كل إن لم يجب
ذكره، ك (هند قام زيد أخوها) 1 و [لم يمتنع] 2 إحلاله محل الأول3، نحو يا زيد الحارث و (أنا ابن التارك البكري بشر) . و (يا نصر نصرٌ نَصْرَا) . ويمتنع في نحو: {مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ} 4 و (يا سعيدُ كرز) و (قرأ قالون عيسى) . ش: يعني أن عطف البيان يتبع المبيّن في أربعة من عشرة، واحد من أوجه الإعراب الثلاثة، وواحد من الإفراد والتثنية والجمع وواحد من التعريف والتنكير، وواحد من5 التذكير والتأنيث. وقوله: (ويجوز) أشار به إلى قاعدة، وهي أن كل ما أعرب بيانا جاز أن يعرب بدل كلٍّ من كلّ6. واستثنى منها ثلاث مسائل: الأولى7: أن يكون واجب الذكر غير مستغنى عنه كقولك: هند قام زيد أخوها. ف (أخوها) بيان ل (زيد) 8 ولا يصح أن يعرب بدلا9، لأن البدل في نية تكرار العامل، فيصير من جملة أخرى10 فيبقى المبتدأ بلا رابط.
المسألة الثانية: أن يمتنع إحلاله محل الأول، نحو (يا زيد [87/ب] الحارث) . فإنه لو أعرب بدلا لحل محل الأول، فقيل: يا الحارث ولا يصح ذلك، لأن (أل) وحرف النداء لا يجتمعان1. ومنه: 174- أنا ابن التارك البَكري بِشْر عليه الطير ترقبه وقوعا2 فإنه لا يصح أن يعرب (بشر) بدلا من (البكري) لأنه لا يحل محله لأنه يلزم إضافة (التارك) إلى (بشر) فيضاف ما فيه الألف واللام إلى الخالي عنها، وعن الإضافة لتاليها، وليس معربا بالحروف. وهو لا يجوز عند الجمهور3، ويجوز عند الفراء4.
المسألة الثالثة نحو1 قول الشاعر: 175- إنّي وأسْطارٍ سُطِرن سطراً ... لَقائلٌ يا نصْرُ نصْرٌ نصْراَ2 مما وقع فيه البيان منوّنا والمبين منادى. ف (نصر) الأول هو المبين، و (نصر) الثاني عطف بيان على اللفظ3 والثالث عطف بيان على المحل4. ولا يصح إعرابهما بدلا، لأنهما منوّنان والمنادى لاينوّن5. وقد استُشكل جعلهما بيانا6، لأنه لابد من مخالفة بين المبيّن
والمبيِّن، فينبغي أن يعربا توكيدا لفظيا. ويكون أحدهما تابعا على اللفظ والآخر على المحل1. قوله: (ويمتنع) إشارة إلى مسائل لا يجوز أن يكون التابع فيهابيانا، ويتعيّن أن يكون بدلا. وهي أيضا ثلاث2: المسألة الأولى، نحو قوله تعالى: {آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ} 3 فيجب أن يعرب (مقام إبراهيم) بدلا لا بيانا، لأن (آيات بينات) نكرة، وهو4 معرفة. وانفرد بتجويز ذلك الزمخشري5. المسألة الثانية: قولك: (يا سعيد كرزُ) بغير تنوين فيعرب بدلا، لا بيانا. لأن البدل في باب النداء حكمه حكم المستقل، و (كرز) إذا نودي يضم ولا ينون، بخلاف البيان في باب النداء6 فيرفع وينصب، ولا يجوز ضمّه من غير تنوين. وسيأتيك بيان هذا في باب تابع المنادى7 إن شاء الله تعالى.
المسألة الثالثة نحو قولك1: (قرأ قالون عيسى) 2 مما الأول فيه فيه أعرف من الثاني3. فيعرب بدلاً، ولا يعرب بيانا4. لأن [88/أ] البيان لا يكون أدْون5 في التعريف من لمبيّن6. بل إما أن يكون أعرف أو مساويا7. وقد شرط بعضهم8 أن يكون أعرف.
ص: الرابع البدل، وهو التابع المقصود بالحكم بلا واسطة. ش: الرابع من التوابع البدل. وتسميته بذلك طريقة البصريين1. والكوفيون يسمونه الترجمة والتبيين2. وربما سمّوه بالتكرير3. قوله: (التابع) جنس دخل فيه الخمسة4. وقوله: (المقصود) يخرج النعت والتوكيد وعطف البيان فإن كلاّ منها مكمّل5 للمقصود، وليس مقصودا6. ويخرج أيضا المعطوف ب (لا) وب (بل) بعد النفي وب (لكن) نحو جاء زيد لا عمرو، وما جاء زيد بل عمرو، ولكن عمرو. ويخرج أيضا المعطوف بالواو، نحو جاء زيد وعمرو، وما جاء زيد ولا عمرو. وإنما قلنا: إن المعطوف بالواو خرج بقوله: (المقصود) حملا له على
المستقل1 بالقصد، فإن المعطوف بالواو، وإن كان مقصودا فليس مستقلا بالقصد، بل المعطوف والمعطوف عليه مقصودان. ولم يبق سوى المعطوف ب (بل) بعد الإثبات، نحو جاء زيد بل عمرو، فإنه مستقل بالقصد بالحكم فخرج بقوله: (بلا واسطة) 2. ص: وهو إما بدل كل، نحو {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمْتَ عَلَيْهِمْ} 3 أو بعض نحو: {مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً} 4 أو اشتمال نحو {قتالٍ فيه} 5 أو إضراب، نحو (ما كتب له نصفها ثلثها ربعها) 6. أو نسيان أو غلط، كجاء زيد وعمرو7. والأحسن عطف هذه الثلاثة ب (بل) . ش: لما فرغ من حدّ البدل أخذ يبين أقسامه، وجعلها ستة:
الأول: بدل الكل من الكل، وسماه ابن مالك المطابق1 نحو قوله تعالى: {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} 2 فإنه بدل كل من {الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} 3. الثاني بدل البعض من الكل، سواء كان ذلك البعض نصفا أو أقل أو أكثر، على الصحيح4. نحو (أكلت الرغيف نصفه أو ثلثه أو ثلثيه) خلافا لمن زعم أنه لا يكون إلا فيما دون [88/ب] النصف5. نحو قوله تعالى: {مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً} 6 فإنه بدل بعض من (الناس) في قوله تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ} 7.
الثالث: بدل الاشتمال، وهو ما صحّ الاستغناء عنه بالأول، وليس مطابقا ولا بعضا1 نحو قوله تعالى: {قِتَالٌ فِيهِ} 2. فإنه بدل اشتمال من {الشَّهْرُ الْحَرَامُ} في قوله تعالى: {يَسْأَلونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَام} . الرابع: بدل الإضراب. وهو ما يقصده ذكر متبوعه كما تقدم ذكره3، ويسمى أيضا بدل البَداء4. نحو قوله عليه السلام: (ثلثها) إلى (عشرها) من حديث "إِنَّ الرجلَ ليصلي الصلاة وما كتب له نصفُها ثلثُها ... إلى عشرها" 5. ف (ثلثها) وما بعده أبدال إضراب، و (نصفها) مبدل منه. الخامس بدل النسيان وهو ما يقصد ذكر متبوعه أيضا، ولكن يتبين فساد قصده.
فهو حينئذ بدل عن لفظ، ذلك اللفظ ذُكر نسيانا كقولك: جاء زيد عمرو. فإنه يصح أن تكون1 قصدت ذكر (زيد) ثم تبين لك فساد هذا القصد، وأنه لم يجىء، وأن الجائي إنما هو عمرو، فذكرته2. السادس: بدل الغلط. وهو ما لم يقصد ذكر متبوعه، ولكن سبق إليه اللسان. فهو حينئذ بدل عن اللفظ الذي ذكر غلطا. ويصح أن يمثل له أيضا بنحو (جاء زيدٌ عمرو) 3. بأن يكون إنما قصد4 الإخبار بالمجيء عن (عمرو) ولكن سبق اللسان إلى (زيد) 5. وقوله (والأحسن) إلى آخره أي الأحسن في هذه الثلاثة الأخيرة، وهي بدل الإضراب وبدل النسيان وبدل الغلط، أن يعطف فيها التابع ب (بل) فيكون من عطف النسق6.
تنبيهات: الأول: لابد في بدل البعض وبدل الاشتمال من ضمير عائد على المبدل منه1، وذلك الضمير إما مذكور، كما تقدم2، أو مقدر. ففي بدل البعض كما في الآية السابقة {مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً} 3 أي منهم. وفي بدل الاشتمال كما في قوله [89/أ] تعالى: {قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ النَّارِ} 4: أي فيه. وجعل ابن مالك5 اتصال الضمير بالمذكورين كثيرا، لا شرطا، واستدل بهاتين الآيتين. الثاني: لابد في بدل الاشتمال6 من إمكان فهم معناه عند حذفه ومن حسن الكلام [على تقدير حذفه] 7.
ولأجل ذلك جُعل نحو (أعجبني زيد أخوه) بدَل إضراب1 إذ لا يصح الاستغناء عنه بالأول. وكذلك نحو (أسرجت زيدا فرسَه) 2. لأنه، وإن فهم معناه في الحذف فلا يحسن استعماله، بل لا يستعمل. وبتقدير أن يرد مثله فيحمل على الغلط3. الثالث: زاد بعضهم4 في أقسام البدل بدل كل من بعض، كقول امرىء القيس: 176- كأنّي غداةَ البينِ يومَ تحمَّلوا 5 ... .... ................ .... .....
ونفاه الجمهور1، وتأوّلوا البيت 2. ص: ويوافق متبوعه ويخالفه في الإظهار والتعريف وضدّيهما، لكن لا يبدل ظاهر من ضمير حاضر [إلا بدل بعض أو اشتمال، مطلقا، أو] 3 بدل كل إن أفاد4 الإحاطة. ش: شرع في أحكام البدل. وقد علمت أنه من جملة التوابع، فيوافق متبوعه في واحد من أوجه الإعراب جزما5.
وأما التعريف والتنكير فلا تلزم موافقته1 لمتبوعه فيهما. فبدل المعرفة من المعرفة، نحو {الحَمِيدِ اللهِ} 2 في قراءة من جرّ3 والنكرة من النكرة نحو {مَفَازاً حَدَائِقَ وَأَعْنَاباً} 4. والمعرفة من النكرة نحو {صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ صِرَاطِ اللهِ} 5. والنكرة من المعرفة نحو {بِالنَّاصِيَةِ نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ} 6. هذا مذهب البصريين7، واشترط الكوفيون في بعض هذه الصور شروطا8 لا
نطيل بذكرها1. وأما التذكير والتأنيث والإفراد والتثنية والجمع، فإن كان بدل كل وافق متبوعه فيها، مالم يمنع مانع من التثنية أو الجمع. لكون أحدهما مصدرا2، نحو {مَفَازًا حَدَائِقَ} 3. أو قصد التفصيل4، نحو: 177- وكنْتُ كذِي رِجْلين رِجْلٍ صحيحةٍ ... ورِجْلٍ رَمى فيها الزَّمانُ فشَلّتِ5
[89/ب] وإن كان غيره من أنواع البدل لم تلزم موافقته فيها1. ويبدل الظاهر من الظاهر، كما تقدم. ويبدل المضمر من المضمر الموافق له2. ومن المُظهَر على رأي3 وخالف ابن مالك4 وجماعة5 في
ذلك، فمنعوا أن يقع الضمير بدلا1. وأما إبدال الظاهر من المضمر ففيه تفصيل. وهو أن الضمير إن كان2 لغائب أبدل منه الظاهر مطلقا3، نحو (ضربته زيدا) ، وإن كان لحاضر أبدل منه4 بدل البعض، نحو قوله5: 178- أوْعدني بالسجن والأداهم ... رِجْلي فرِجلي شثنة المناسم6 وبدل7 الاشتمال، نحو:
179- ذريني إن أمركِ لن يطاعا ... وما ألفيتِني حلمي مضاعا1 وأما بدل الكل فإن أفاد معنى الإحاطة جاز، نحو (جئتم صغيركم وكبيركم) 2. وإلا3 فمذهب جمهور البصريين المنع4. تنبيه: قوله: (يوافق متبوعه، ويخالفه ... ) إلى آخره بيّن به أن البدل والمبدل قد يتفقان في التعريف والتنكير، فتبدل المعرفة من المعرفة والنكرة من النكرة، وقد يختلفان في ذلك، فتبدل المعرفة من النكرة وعكسه. وكذا القول في الإظهار والإضمار. وأما الإفراد وضدّه والتأنيث وضدّه فسكت عن ذكر الموافقة
فيها والمخالفة، لمّا كان حكمها يفهم من تقسيم البدل إلى الأقسام المتقدمة. فإن منها ما اشتراطها1 فيه واضح، كبدل الكل، ما لم يمنع مانع كما تقدم، وبقية الأقسام عدم اشتراطها فيه واضح. فإن بدل البعض، مثلا، قد يكون مفردا من جمع أو مثنى2، أو مؤنثا من كلٍّ مذكر3. وقس عليه4 وتأمل يتضح لك. وقوله: (لكن..) إلى آخره أخرج به صورة لا يجوز فيها إبدال الظاهر من الضمير، وهي الصورة المتقدمة5. فاقتضى ذلك جواز المخالفة بينهما في جميع ما عداها من الصور، كما تقدم شرح ذلك. وهو صريح في مخالفة ابن مالك6. ص: الخامس عطف النسق.
الشيخ في توضيح الألفية1-: تابع يتوسط بينه وبين متبوعه أحد الأحرف الآتي ذكرها 2. فقوله: (تابع) جنس يدخل فيه الخمسة. وقوله: (يتوسط) إلى آخره فصل مخرج لبقية التوابع. فإن قيل: يرد على هذا الحد الجملة المقرونة ب (ثُم) المؤكد بها جملة أخرى، نحو قوله تعالى: {كَلاّ سَيَعْلَمُونَ ثُمَّ كَلاّ سَيَعْلَمُونَ} 3. والصفة المعطوفة على صفة أخرى، كقوله: 180- إلى المَلِك القَرْم وابنِ الهُمَام ... وليثِ الكتيبَةِ في المُزدَحَم4 فإنه يصدق على هذين أن كلا منهما تابع متوسط بينه وبين متبوعه حرف العطف.
فالجواب أن المراد بقوله: (يتوسط) أي في الإتباع1 فتبعية2 الثاني للأول في عطف النسق بواسطة الحرف فهو3 مُتْبع، ولا كذلك (ثم) في المثال الأول والواو في المثال الثاني، فانهما ليسا بمُتْبِعَين، إذ التبعية حاصلة في التوكيد ولو لم يكن حرف وكذلك في النعت4. وإطلاق العاطف على هذين5 إطلاق مجازي. والله أعلم. ص: وهو بالواو لمطلق الجمع، وبالفاء للجمع والترتيب والتعقيب وبثم للجمع والترتيب والمهلة وب (حتى) للجمع والغاية. ش: أحرف العطف على ثلاثة أقسام: ما يشرك6 في اللفظ والمعنى من غير شرط، وما يشرك فيهما بشرط، وما يشرك في اللفظ فقط. والكلام الآن على القسم الأول، وهو أربعة حروف: الأول: الواو، وهي لمطلق الجمع، فيعطف الشيء على مصاحبه نحو {فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَصْحَابَ السَّفِينَةِ} 7. وعلى سابقه نحو {ولقَدْ أرْسَلنا نُوحاً
وإبرَاهيمَ} 1 وعلى لاحقه نحو {كَذَلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ} 2. ووقع في شرح المصنف التمثيل لهذا بقوله: {ولقَدْ أرْسَلنا نوحاً وإبرَاهِيمَ} 3 وهو سبق قلم4. وقال ابن مالك5: (وكونها6 للمعية راجح [90/ب] وللترتيب كثير، ولعكسه قليل) . وقال الشيخ في المغني7: (وقول8 بعضهم9: إنها للجمع المطلق10
غير سديد، لتقييد الجمع بقيد الإطلاق، وإنما هي للجمع لا بقيد) . الثاني: الفاء، وهي للجمع بين المتعاطفين في الحكم، وترتيب المعطوف على المعطوف عليه والتعقيب. وهو في كل شيء بحسبه1، نحو قوله تعالى: {ثُم َّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ} 2 وقوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَتُصْبِحُ الأرْضُ مُخْضَرَّةً} 3، وتقول: دخلت البصرة فبغداد، وتزوج فلان فولد له. ونحو ذلك. وتقتضي السببية كثيرا إن كان المعطوف جملة، نحو قوله تعالى: {فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ} 4. الثالث: (ثُمّ) وهي كالفاء في إفادة الجمع والترتيب، لكن تخالفها في أنها للمهلة، أي التراخي، نحو قوله تعالى: {ثُمَّ إِذَا شَاءَ أَنْشَرَهُ} 5. وذكر في التسهيل6 أن (ثُمّ) قد توضع موضع الفاء، كما توضع الفاء موضع (ثم) . فمن الأول قوله:
181- كهزّ الرّديني تحت العجاج ... جرى في الأنابيب ثم اضطرب1 ومن الثاني قوله تعالى: {فَجَعَلَهُ غُثَاءً أَحْوَى} 2 في أحد الأقوال3. الرابع (حتى) وهي للجمع أيضا وللغاية4 أي أنها تفيد كون المعطوف بها غاية لما قبله، إما في زيادة أو نقص، وكل منهما حسّي ومعنوي.
فالزيادة الحسية، نحو (فلان يهب1 الأعداد الكثيرة حتى الألوف) . والمعنوية نحو2 (مات الناس حتى الأنبياء) . والنقص الحسي، نحو (المؤمن يُجزى بالحسنات حتى مثقال3 الذرة) . والمعنوي نحو4 (غلبك5 الناس حتى الصبيان) . ص: وبأمْ المتصلة، وهي المسبوقة بهمزة التسوية أو بهمزة يُطلب بها وبأم التعيين، وهي في غير ذلك منقطعة مختصة بالجمل، ومرادفة لبلْ، وقد تضمّن مع ذلك معنى الهمزة، وبأو بعد الطلب للتخيير أو للإباحة، وبعد الخبر للشك أو للتشكيك أو للتقسيم. ش: هذا هو [91/أ] القسم الثاني، وهو ما يشرك بين المتعاطفين في اللفظ والمعنى، بشرط ألا يقتضي إضرابا6، وهو حرفان: الأول (أمْ) وهي نوعان، متصلة ومنقطعة7. النوع الأول المتصلة، وهي إما أن تكون مسبوقة بهمزة التسوية وهي8
الداخلة على جملة في محل المصدر، وتكون تلك الجملة هي والجملة المعطوفة عليها فعليتين، نحو {سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ} 1. أو اسميتين، نحو قوله: 182- ولست أبالي بعد فقْدي مالكا أموتي ناء أم هو الآن واقع2 أو مختلفتين3، نحو {سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنْتُمْ صَامِتُونَ} 4. وإما: أن تكون مسبوقة بهمزة يطلب بها وبأم التعيين نحو قوله تعالى:
{أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا} 1. والفرق بينهما2 من أربعة أوجه3: الأول: الواقعة بعد همزة التسوية لا تستحق4 جوابا، لأن المعنى فيها ليس على الاستفهام. والثاني: أن الكلام معها5 للتصديق والتكذيب، لأنه خبر. الثالث: أنها لا تقع إلا بين6 جملتين. الرابع: أن الجملتين معها في تأويل المصدر. بخلاف التي يطلب بها وبأم التعيين، فإنها تطلب جوابا، ولا يحتمل معها الجواب تكذيبا ولا تصديقا، وتقع بين مفردين وبين جملتين ليستا في تأويل المصدر. وإنما سميت (أم) في هذين الموضعين متصلة لأن ما قبلها وما بعدها7 لا يستغنى بأحدهما عن الآخر8.
الثاني: المنقطعة، وهي الخالية من ذلك. وهي مختصة بالجمل، فلا تدخل على مفرد، لكن الجملة بعدها قد يكون جزآها مفردين، وقد يكون أحدهما مذكورا والآخر مقدرا1، كما سيأتي في قوله: (إنها لإبل أم شاء) . ولا يفارقها معنى الإضراب، وهذا معنى قوله: (ومرادفة لِبَلْ) فتفيده2 إما مجردا عن إفادتها الاستفهام نحوُ {أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّور} 3 أي بل هل تستوي4. فليس مفاد (أم) هنا سوى الإضراب، إذ لا يدخل استفهام على استفهام. وإما5 [91/ب] مع إفادتها الاستفهام. وهو إما حقيقي، نحو (إنها لإبل أم شاء) 6 أي بل أهي شاء7. أو إنكاري، نحو {أَمِ اتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُقُ بَنَاتٍ} 8. أي بل آتخذ9؟
لئلا يلزم الإخبار باتخاذ البنات، وهو مُحال. وسميت هذه منقطعة لوقوعها بين جملتين مستقلتين. الحرف الثاني (أو) 1. وتقع تارة بعد الطلب، وتارة بعد الخبر. ومعناها بعد الأول2 إما التخيير، نحو تزوّج زينب أو أختها. ويمتنع معه الجمع. وإما الإباحة، نحو جالس العلماء أو الزهاد، ويجوز معه الجمع. وبعد الثاني3 الشك، نحو {قَالُوا لَبِثْنَا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ} 4 أو الإبهام من المتكلم على السامع، نحو قوله تعالى: {وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدىً أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ} 5 وهو المراد بقوله: (أو التشكيك) . والتقسيم نحو6 الكلمة اسم أو فعل أو حرف. وذكر ابن مالك7 أن الواو في مثل هذا أجود من (أو)
ولم يُذكر في شرح المصنف1 ولا في شرح الزوائد2 مجيئها للتقسيم، مع كونه مذكورا في المتن3. وقد تأتي4 للإضراب، على خلاف فيه5. ومُثّل له6 بقوله تعالى: {وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِائَةِ أَلفٍ أَوْ يَزِيدُونَ} 7 أي بل يزيدون. ص: وب (بل) بعد النفي أو النهي لتقرير متلوّها وإثبات نقيضه لتاليها، ك (لكنْ) وبعد الإثبات والأمر لنقل حكم ما قبلها لما بعدها. وب (لا) للنفي.
ش: هذا هو القسم الثالث من أقسام حروف العطف1 فمنه (بل) . ويعطف بها بعد النفي والنهي، وبعد الإثبات والأمر. فأما العطف بها بعد النفي فنحو ما جاء زيد بل عمرو. وبعد النهي فنحو لا يقم زيد بل عمرو. وتفيد حينئذ مع كل منهما تقرير حكم ما قبلها. وهو الذي عبّر عنه الشيخ بمتلوّها، وإثبات نقيضه لما بعدها2، وهو الذي عبّر عنه الشيخ ب (تاليها) . وقوله: (كلكِنْ) أي أن (بل) فيما ذكر3 مثل (لكنْ) والمعنى أن (لكن) إذا جاءت بعد نفي أو نهي فإنها تفيد تقرير حكم ما قبلها وإثبات نقيضه لما بعدها. نحو قولك4: (ما جاء زيد لكن عمرو) ، و (لا تضرب زيدا [92/أ] لكن عمرا) . فيستفاد من ذلك تقرير عدم المجيء وعدم الضرب لزيد وإثباتهما لعمرو. وأما العطف بها5 بعد الإثبات فنحو (جاء زيد بل عمرو) 6.
وبعد الأمر فنحو اضْرب زيدا بل عمرا. وتفيد حينئذ نقل حكم ما قبلها، وهو المجيء في المثال الأول عن (زيد) وإثباته ل (عمرو) . وفي المثال الثاني لإزالة الأمر بضرب (زيد) وإثبات الأمر بضرب (عمرو) ويصير (زيد) في المثالين كأنه مسكوت عنه. ومنه1 (لا) وتفيد نفي الحكم عن معطوفها. لأنه يعطف بها بعد الإثبات، نحو جاء زيد لا عمرو، وبعد الأمر، نحو (اضرب زيدا لا عمرا) وبعد النداء، على الأصح2، نحو (يا ابنَ أخي لا ابنَ عمّي) . تنبيهات: الأول: ظاهر كلام المصنف3 أن (لكنْ) ليست عاطفة لأنه ذكرها على وجه التشبيه بها في إفادة معناها، ولو أراد أنها عاطفة4 لقال:
وب (لكن) كما في أختيها1. ويحتمل أنه أراد أن (بل) ك (لكن) في العطف والمعنى2، وعدُّه في الشرح3 لها من أدوات العطف يرجح هذا الاحتمال. وكونها عاطفة هو مذهب أكثر النحويين4. ومذهب يونس5 أنها ليست عاطفة6. الثاني: يؤخذ من قوله: (وبلا للنفي) أنها لابد أن تسبق بإيجاب أو أمر، حتى يصح نفيه بها7. وسكت الشيخ عن ذكر شروط أخرى في (لا) و (لكن) لكونها مختلفا فيها8.
الثالث: يجوز حذف المعطوف عليه ب (لا) نحو جئتك لا لتضرني1. أي جئتك لتنفعني لا لتضرني2. الرابع: جوّز المبرد3 في (بل) بعد النفي والنهي أن تكون ناقلة معناهما لما بعدها. فإذا قلت: ما جاء زيد بل عمرو، يكون معناه (بل ما جاء عمرو) وهو مخالف للجمهور4 في ذلك.
وحجتهم عليه امتناع النصب في نحو (ما زيد قائما بل قاعد) عند جميع العرب1 فما ذكره مخالف لاستعمالهم2. ص: ولا يعطف غالبا على ضمير رفع متصل، ولا يؤكد بالنفس أو [92/ب] العين إلا بعد توكيده بمنفصل، أو بعد3 فاصل ما، ولا على ضمير خفض إلا بإعادة الخافض. ش: لما فرغ من ذكر حروف العطف شرع يذكر أحكاما تتعلق بالباب. منها أنه لا يعطف على الضمير المرفوع المتصل إلا بعد توكيده بمنفصل، نحو قوله تعالى: {لَقَدْ كُنْتُمْ أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُم} 4 أو بعد وجود أيّ فاصل كان، نحو قوله تعالى: {مَا أَشْرَكْنَا وَلا آبَاؤُنَا} 5 للفصل ب (لا) . وقوله: (غالبا) أيضا إشارة إلى أنه قد ورد العطف عليه من غير فصل6 نحو قول الشاعر:
183-..... ..... ... ما لم يكن وأبٌ له لينا لا 1 وقول بعض العرب: (مررْتُ برجلٍ سَواءٍ والعَدَمُ) 2 أي مستو هو والعدم3. وفي قوله: (غالبا) أيضا إشارة إلى أنه، ولو كان قليلا فهو مطرد4. وقوله: (ضمير) فيه احتراز عن الظاهر، فيعطف عليه بلاشرط5. وقوله: (رفع) احترز به عن ضمير النصب، فهو كالظاهر6 وعن ضمير الجر، فإنه سيذكر حكمه.
وقوله: (متصل) احترز به عن المنفصل1، فيعطف عليه بلا شرط2. ومنها3 أنه لا يؤكد هذا الضمير4 بالنفس والعين إلا بعد أن يؤكد بضمير منفصل5. وقد يقال: إن قوله: (غالبا) راجع لمسألتي العطف والتوكيد، وقد تقدم الكلام عليه في العطف6. وأما في مسألة التوكيد فقد صرّح بتقييدها به في التسهيل7. وهو يفيد أنه قد يؤكد بالنفس أو بالعين من غير توكيد بمنفصل وهو ما صرّح به الأخفش، حيث قال: إنه يجوز، على ضعف (قاموا أنفسُهم) 8، واقتضته عبارة الفارسي حيث قال: (لا يحسن ... ) 9. وظاهر قوله: (أو بعد فاصل) أنه أيضا راجع للمسألتين فيقتضي
جواز (قوموا – يا زيدون- أنفسكم) 1، لوجود الفصل بالنداء2. ومنها أن العطف على الضمير المخفوض لابد فيه من إعادة الخافض، نحو (زيد مررت به وبعمرو) و (أنا [93/أ] صاحبك وصاحب عمرو) 3. وقد يقال: إن قوله: (غالبا) قيد في هذه المسألة أيضا، فيجوز العطف عليه من غير إعادة الجارّ. وهو4، على هذا موافق ليونس5 والأخفش6 والكوفيين7 واختيار8 الشلوبين9 وابن مالك10.
ومذهب جمهور البصريين1 أن إعادة الجار لازمة إلا في الضرورة. واستدل الأولون2 بقوله تعالى: {تَسَاءَلونَ بِهِ والأرْحَامِِ} 3 بالخفض4 في قراءة حمزة5، عطفا على الضمير المجرور في (به) . وبقول الشاعر:
84- فاليومَ قد جئْتَ تُؤذينَا وتَشتُمُنا ... فَاذْهبْ فمَا بكَ والأيَّامِ من عَجبِ1 عطفا على الضمير المجرور في (بك) . وقول العرب، فيما حكاه قطرب: (ما فيها غيرُه وفَرَسِه) 2. ص: [فصل] 3 وإذا أتبع المنادى ببدل أو نسق مجرد من (أل) فهو كالمنادى المستقل مطلقا. وتابع المنادى المبني غيرهما يرفع أو ينصب، إلا تابع (أيّ) فيرفع، وإلا تابع المضاف المجرد من (أل) فينصب، كتابع المعرَب
ش: لما اختص تابع المنادى عن سائر التوابع بأحكام أفرده بالذكر. وهو على أربعة أقسام: القسم الأول: ما حكمه تابعا كحكمه لو كان منادى مستقلا، وهو البدل والمعطوف عطف النسق، إذا كان مجردا من (أل) سواء كان متبوعهما مبنيا أو معربا، كما يفهم من قوله: (إذا أتبع المنادى) حيث أطلقه ولم يقيده بالمبني، بخلاف ما بعده من الأقسام الآتية، فإنها خاصة بتابع المبني، ولذلك قال: (وتابع المنادى المبني غيرهما) . تقول: يا زيدُ بشرُ، ويا زيد وبشرُ بالضم1 وتقول: يا زيدُ أبا عبد الله، ويا زيدُ وأبا عبد الله2 بالنصب3 وكذلك4 تقول: يا عبدَ الله بشرُ ويا عبدَ الله وبشرُ بالضم، ويا عبدَ الله أبا علي ويا عبد الله وأبا علي. وسبب ذلك أن البدل في نية تكرار العامل، والعاطف كالنائب عن [93/ب] العامل5 هذا هو مذهب الجمهور6.
وأجاز الكوفيون1 والمازني2 النصب في النسق. وأشار ابن مالك في التسهيل3 إلى تقويته. القسم الثاني: ما يجوز فيه الرفع والنصب، وهو شيئان: أحدهما: النعت المضاف المقرون بأل، نحو يا زيد الحسن الوجه4. ثانيهما: النعت أو التوكيد أو البيان المجرد عن الإضافة، والمنسوق إذا كان بأل. نحو يا زيد الحسنُ والحسنَ ويا تميم أجمعون وأجمعين ويا
غلام بشرٌ وبشراً1. وقال الله تعالى: {يا جِبالُ أوِّبي مَعَه والطّيرَ} 2. قرئ بالرفع3 والنصب4. ووجه ذلك أما النصب فالإتباع للمحل5، وأما الضم فالإتباع للفظ6، وإن كان حركة [بناء] 7 وحركة البناء لا تُتبع، فإنها لاطّرادها في باب البناء صارت كحركة الإعراب فأُتْبعت. فإن قيل: ما الفرق بين نوعي النسق، حيث أعطي الأول حكم
المستقل وجاز في الثاني الوجهان؟ فالجواب أن (أل) في القسم الثاني1 يمنع من تقديره منادى، إذْ حرف النداء لا يجتمع معها2، فلا يعطى حكم المستقل، بخلاف القسم الأول3. الثالث ما يتعين رفعه. وهو نعت (أيّ) وفي معناه (أيّة) لأنها مؤنثته4. نحو {يَا أَيُّهَا النَّاسُ} 5 {يَآ أَيَّتُهَا النَّفْسُ} 6. وإنما وجب رفعه مراعاة للفظ المنادى7، وأيضا فلأنه8 هو المقصود بالنداء9. القسم الرابع: ما يجب نصبه مراعاة لمحل المنادى وهو ما اجتمع فيه أمران: أحدهما: أن يكون نعتا أو بيانا أو توكيدا وهو المراد بقوله:
(التابع ... ) بقرينة السياق. والثاني: أن يكون مضافا مجردا من (أل) . نحو يا زيدُ صاحبَ عمرو، ويا زيدُ أبا عبد الله، ويا تميم كلَّهم أوكلَّكم1. فإن قيل: فلم لا يجوز الرفع في هذا القسم2؟ فالجواب أنه لو جاز لزم عليه أن يفضُل3 الفرع الأصل فإنه لو كان منادى لوجب [94/أ] نصبه4. فإن قيل فلأي شيء ألحق المضاف المقرون بأل بالمفرد في جواز الوجهين؟ فالجواب لأن إضافته غير محضة، فلم يعتد بها5. وقوله (كتابع المعرب) وهو المضاف وشبهه، يجب أن يكون منصوبا إلا في البدل والنسق المجرد من (أل) فإنهما كالمنادى المستقل، كما أفاده قوله: (وإذا أتبع المنادى) على ما تقدم.
باب موانع الصرف
ص: باب موانع الصرف تسعة، يجمعها قوله:
اجمع وزِنْ عادلا أنّث بمعرفة ... ركّب وزدْ عجمة فالوصف قد كملا ش: لما كانت الأسماء التي لا تنصرف شبيهة بالأفعال كان لذكرها عقب الأسماء التي أشبهت الأفعال في العمل مناسبة. فالاسم إن أشبه الحرف سمِّى مبنيا وغير متمكن1، كما تقدم في أول الكتاب وإن لم يشبه الحرف سمِّي معربا ومتمكنا. وهذا المتمكن إما أن يشبه الفعل أو لا. فالثاني يُسَمّى منصرفا وأمكن، والأول يسمّى غير منصرف وغير أمكن، وهو ما عقد المصنف هذا الباب لبيانه. والمعتبر من شبه الفعل في منع الصرف هو كون الاسم فيه علتان فرعيتان مختلفتان2، مرجع إحداهما اللفظ، ومرجع الأخرى المعنى. أو فرعية تقوم مقام الفرعيتين. وذلك لأن في الفعل فرعية عن الاسم في اللفظ، وهي3 اشتقاقه من المصدر4. وفرعية في المعنى، وهي احتياجه إلى الفاعل ونسبته إليه، والفاعل لايكون إلا اسما، فالاسم من هذا الوجه أصل للفعل لاحتياجه إليه، والفعل فرع عنه، فلا يكمل شبه الاسم بالفعل بحيث يحمل عليه في الحكم
إلا إذا كانت فيه الفرعية كما في الفعل. وحينئذ يثقل فيه ما يثقل في الفعل فلا يدخله التنوين ولا الجر، كما لا يدخلان في الفعل1. فإن قيل: لمّا شابه الاسم الفعل منع [94/ب] الصرف، مع أن الفعل أيضا شابه الاسم، فَلِم لم يُحمل عليه2؟ فالجواب أن الاسم تطفل على الفعل فيما هو من خواصه3، فأعطي حكمه، واندفع التحكم 4. والاسم الذي لا ينصرف نوعان: نوع يمتنع صرفه بعلة واحدة، وهو شيئان: ما فيه ألف التأنيث، وصيغة منتهى الجموع. ونوع يمتنع صرفه بعلتين، وهذا قسمان: قسم يمتنع صرفه معرفةً5، وينصرف نكرة. وهو ما كانت العَلَميّة إحدى علتيه، وهو سبعة؛ لأن العلمية إما أن يكون معها فيه6 التركيب أو الألف والنون أو التأنيث أو العجمة أو وزن الفعل أو ألف الإلحاق7 أو العدل،
وقسم يمتنع صرفه معرفة ونكرة1. وهو ما وضع صفة، وكان في آخره ألف ونون، أو كان موازنا للفعل أو معدولا2. فمجموع الموانع تسعة. وهي الجمع والوزن والعدل والتأنيث والتعريف والتركيب وزيادة الألف والنون3 والعجمة والوصف. وقد نظم4 بعض النحويين5 بيتا واحدا، أورده المصنف فجمع التسعة المذكورة فيه، بعضها بصريح اسمه6 وبعضها بما يشاركه في الاشتقاق. وإن أردت بيتا واحدا يجمعها كلها بصرائح أسمائها، من غير اشتقاق، فقل: جمعٌ ووزنٌ وعدلٌ وصفُ معرفةٌ ... تركيبُ عجمةُ تأنيثٌ زيادتها7
ولابد لكل واحدة من هذه العلل من تفصيل وبيان، وسيأتي الشرح على جميعها إن شاء الله تعالى. فإن قيل: لِمَ لَمْ يمنع الاسم الصرف بعلة واحدة؟ فالجواب لئلا تلزم مخالفة1 الأصل، إذ الأصل في الأسماء الصرف والأسماء التي تشبه الأفعال من وجه واحد كثيرة، فيكون أكثر الأسماء غير منصرف، وأيضا فإن العلة الواحدة ليس لها من القوة ما يخرج الاسم عن أصله2. وشبهوا/ ذلك ببراءة الذمّة3، حيث كانت الأصل لم تصِرْ مشتغلة إلا بشهادة عدلين. ص: فالتأنيث بالألف ك (بُهْمى) و (صحراء) . والجمع المماثل لمساجد4 ومصابيح كل منهما يستقل بالمنع. ش: تضمّن هذا الكلام بيان النوع الأول، وهو ما يمتنع صرفه بعلّة واحدة، والمستقل بالمنع شيئان لا غير:
الأول: ألف التأنيث، سواء كانت مقصورة، ك (بُهْمى) 1 أو ممدودة كصحراء، وسواء كانت في صفة، ك (حمراء) و (حبلى) أو اسم، كما تقدم، وسواء كان مدخولها علما ك (رضوى) 2 و (زكريا) أو نكرة، كما تقدم، وسواء كان جمعا، ك (جَرْحى) و (أصدقاء) أو مفردا، كما تقدم. وإنما استقلّت بمنع الصرف لأنها زيادة دالّة على التأنيث لازمة لبناء ما هي فيه بخلاف غيرها. ففي المؤنث بها فرعية في اللفظ هي لزوم الزيادة، حتى كأنها من أصول الكلمة، وفرعية في المعنى هي دلالته على التأنيث، والتأنيث فرع التذكير3. الثاني: الجمع المماثل لمساجد ومصابيح، وهو الجمع الذي لا نظير له في الآحاد. وضابطه أن يكون أوله مفتوحا وثالثه ألف بعدها حرفان أو ثلاثة أوسطها ساكن، وما يلي الألف مكسور لفظا أو تقديرا4.
ولا يشترط أن يكون أوله ميمٌ، كما تقدم، بل يدخل فيه ما أوله ميم، وما أوله غير ميم، ك (دراهم) و (دنانير) . لأن المعتبر موافقته لمفاعل1 ومفاعيل في الهيئة، لا في الحروف. وإنما استقل بالمنع لأن فيه فرعيّة من جهة [الدلالة على الجمعيّة] 2 وهي راجعة إلى المعنى، وفرعيّة من جهة عدم النظير3، وهي راجعة إلى اللفظ. ص: والبواقي4 منها ما لا يمنع إلا مع العلمية، وهو5 التأنيث كفاطمة وطلحة وزينب، ويجوز في نحو (هند) وجهان، بخلاف نحو (سقر) و (بَلْخ) و (زيد) لامرأة، والتركيب المزجي كمعديكرب والعجمة كإبراهيم. [95/ب] ش: لما فرغ المصنف من الكلام على العلّتين المستقل كل منهما بمنع الصرف أخذ يتكلم على العلل الغير المستقلة. وقسمها إلى ما يتوقف تأثيره في منع الصرف على انضمام العلمية
إليه، وإلى ما يؤثر منضما إلى العلمية تارة وإلى الصفة أخرى1. فأما الأول2 فهو ثلاثة: الأول التأنيث، أي بغير الألف، لما تقدم من استقلالها بالمنع. فإن كان بالتاء مُنع مع العلمية مطلقا، أي سواء كان ما هي3 فيه علما على مؤنث، كفاطمة، أو على مذكر كطلحة. وسواء كان زائدا على ثلاثة أم4 لا، محرك الوسط أم لا، أعجميا أم لا5، منقولا من المذكر إلى المؤنث أم لا. وإن كان مؤنثا بغير التاء، وهو الموضوع للدلالة على مؤنث، ويُسمّى مؤنثا بالتعليق6، فهو مؤثر في منع الصرف أيضا، مطلقا في الأحوال المتقدمة. لكن لا يتحتم تأثيره في المنع إلا إن زاد ما هي فيه على ثلاثة أحرف، ك (زينَب) ، لأن الزائد فيه منزَّل7 منزلة التاء. أو كان ثلاثيا محرك الوسط، نحو (سَقر) 8 لتنزيل حركته منزلة الزائد. أو
كان أعجميا، نحو (بلْخ) 1 اسم بلدة. لأن العجمة لما انضمت إلى العلمية والتأنيث تحتم المنع. أو منقولا من المذكر إلى المؤنث، نحو (زيد) إذا سُمّي به امرأة، لأنه حصل بنقله إلى المؤنث ثقل عادل خفة اللفظ2. وما عدا ذلك من الثلاثي3 يجوز فيه وجهان4 الصرف، نظرا إلى خفة وسطه بالسكون، وعدمه، نظرا إلى5 وجود السببين6. فإن قيل: فأيّ الوجهين أرجح؟ فالجواب أن المنع أرجح عند الجمهور7 والصرف أرجح عند أبي علي8. قال بعضهم9: ومذهب أبي علي غلط10.
فائدتان: الأولى: إذا كان المؤنث ثنائيا جاز فيه الوجهان1 ذكره2 سيبويه3. ومقتضى كلام التسهيل4 أن المنع أجود. الثانية: إذا سُمّى مذكر بمؤنث، فإن كان ثلاثيا صُرف مطلقا على الصحيح5. وإن كان زائدا على الثلاثة لفظا، نحو (سُعاد) [96/أ] أو تقديرا نحو (جَيَل) مخفف جَيْأل6 بالنقل7، مُنع من الصرف8.
الثاني 1: التركيب المزجي، والمراد به جعل الاسمين اسما واحدا، لا بإضافة ولا بإسناد، بل بتنزيل ثانيهما من أولهما منزلة تاء التأنيث2. والمركب المزجي نوعان: أحدهما ما ختم ب (ويه) . ك (سيبويه) . وهذا مبني على الأشهر، كما تقدم في المبنيات. وإنما لم يحترز عنه لتقدم ذكره هناك. وثانيهما ما ختم بغير (وَيْه) وفيه ثلاث لغات 3: إحداها، وهي أفصحها، إعرابه إعراب ما لا ينصرف، ويبنى أول جزءيه على الفتح، إن لم يكن آخره ياء، فإن كان آخره ياء سُكِّن، نحو (معديكرب) و (قالي قلا) 4. اللغة الثانية أن يعرب إعراب المتضايفين5، ويكون ثاني جزأيه كالمستقل. فإن كان فيه مع العلمية سبب يؤثر مُنع الصرف، ك (هرمز) في
(رام هرمز) 1 فإن فيه العجمة مع التعريف. وإلا صُرف ك (موت) من (حضر موت) 2 فإنه ليس فيه مع العلمية سبب آخر. اللغة الثالثة أن يبنى الجزآن على الفتح، إلا أن يعتل الأول فيسكن3. وهو في هذه اللغة مشبّه ب (خمسة عشر) . واحترز بتقييده بالمزجي عن الإضافي والإسنادي، وقد تقدم حكمهما، وعن تركيب العدد4، وقد تقدم حكمه أيضا. الثالث: العجمة، وإنما تؤثر إذا كان الاسم من أوضاع العجم وعلميته في اللغة العجمية5، وزائدا على الثلاثة، كما سيأتي التصريح بذلك في كلام المصنف، نحو (إبراهيم) و (إسماعيل) و (إسحاق) و (يعقوب) . وخرج ما نقل من لسانهم وهو نكرة، نحو (لجام) 6، وما كان نكرة
في لسانهم ثم نُقل إلى العلمية1. وخرج الثلاثي، ولو كان عَلَماً في العجمية2، لأنها سبب ضعيف فلا تؤثر في الثلاثي، بخلاف التأنيث. قال ابن مالك3: وممن صرّح بإلغاء عجمة الثلاثي مطلقا السيرافي4 وابن برهان5 وابن خروف6، [96/ب] ولا أعلم لهم من المتقدمين
مخالفا) . انتهى. والمراد بالعجمي غير العربي، ولا يختص بلغة الفرس. ص: وما يمنع تارة مع العلمية وأخرى مع الصفة، وهو العدل كعمر وزُفر وك (مَثْنَى) و (ثلاث) و (أخر) مقابل (آخرين) والوزن ك (أحمد) وأحمد والزيادة ك (عثمان) و (غضبان) 1. ش: لما فرغ من ذكر ما لا يؤثر من العلل إلا مع العلمية أخذ في ذكر ما يؤثر منها مع العلمية تارة، ومع الصفة أخرى. وهو أيضا ثلاثة: الأول العدل، وهو صرف لفظ أولى بالمسمّى إلى لفظ آخر2. فأمّا تأثيره مع العلمية ففي نحو (عُمر) و (زُفر) فكل منهما ممنوع الصرف للعلمية والعدل في الأول عن (عامر) وفي الثاني عن (زافر) . ومنه (زُحل) 3 و (جُشم)
و (قُثم) 1.و (جُمح) 2.و (قُزح) 3.و (دلف) 4. وطريق العلم بعدل هذا النوع سماعه غير مصروف5 عاريا عن سائر الموا نع6. فإن ورد (فُعل) العَلَم7 مصروفا علمنا أنه ليس معدولا، نحو (أُدَد) 8 وإن وجد (فُعل) العَلَم ممنوعا، وفيه مع العلمية مانع لم يجعل معدولا نحو (طُوى) 9 فإن فيه مع العلمية التأنيث.
وأما تأثيره فيه1 مع الصفة فقد أشار الشيخ إليه بقوله: (كمثْنى وثُلاثَ وأُخَر) يعني أن الصفة المعدولة نوعان: أحدهما موازن (فُعال) بضم الأول، أو (مَفْعل) بفتح الأول كأحاد ومَوْحد وثناء ومثنى وثلاث ومثلث ورُباع ومربع فهذه ثمانية ألفاظ متفق عليها2. واختلف فيما بعدها إلى العشرة فمنعها قوم3 وأثبتها آخرون4. والأصح عند المصنف5 وجماعة6 ثبوتها. قال الشيخ أبو حيّان7: (والأصح أن البناءين8 مسموعان من
واحد إلى عشرة، حكى ذلك أبو عمرو الشيباني1. وحكى أبو حاتم2 وابن السكيت3 من أحاد إلى عشار) . قال: (ومن حفظ حجة على من لم يحفظ) . انتهى.
ثانيهما (أخر) بضم أوله وفتح ثانيه، مقابل (آخرين) إذ هو جمع (أخرى) أنثى [97/أ] (آخر) بفتح الخاء1. وهو معدول عن (آخر) بوزن المفرد، مرادا به جمع المؤنث لأن حقه أن يستغنى فيه بأفْعَل عن فُعل بضم أوله، لتجرده من (أل) 2 كما يستغنى ب (أكبر) عن (كُبر) 3 نحو رأيتها مع نسوة أكبر منها4. الثاني: الوزن، أي وزن الفعل. فأما تأثيره مع العلمية فكما في (أحمد) ونحوه ك (شمّر) 5 علما لفرس. و (دُئِل) علما لقبيلة6.
وأما تأثيره مع الصفة فكما في أحمر ونحوه كأفضل وأكمر1 وآدر2. الثالث،: الزيادة، أي زيادة الألف والنون. فالمؤثرة في العلم، ك (عثمان) ونحوه مروان وعُمران. والمؤثر ة في الصفة، ك (غضبان) ونحوه سكران وعطشان. وسيأتي في المقالة الآتية الكلام على شرط الوزن والزيادة وغيرهما، إن شاء الله تعالى. ص: وشرط تأثير الصفة أصالتها وعدم قبولها التاء ف (أرنب) وصفوان 3 بمعنى ذليل وقاس وأرْمل 4 ويعمل وندمان من المنادمة منصرفة. وشرط العجمة كون علميتها في العجمية والزيادة على الثلاثة، ف (نوح) منصرف. وشرط الوزن اختصاصه بالفعل، ك (شمّر) و (ضُرِب) علمين، أو افتتاحه بزيادة 5 هي بالفعل أولى، ك (أحمر) وك (أفكل) علما.
ش: أخذ يبيّن شروطا لبعض الموانع المتقدمة، فمن ذلك ما يشترط في الصفة، وهو أمران الأول أصالتها. بمعنى أن تكون الكلمة من أول الأمر دالة على الوصفية، ليخرج ما وُضع اسما ثم عرضت له، ولذلك صُرف (صفوان) بمعنى قاسٍ و (أرنب) بمعنى ذليل1، لأن وصفيتهما عارضة، لأنهما وضعا اسمين2. ومثلهما في ذلك (أربع) في نحو (مررت بنسوة أربع) لأنه وضع اسما3، فلم يُلتفت إلى ما طرأ له من الوصفية. وإذا وضعت الكلمة من أول الأمر صفة ثم عرضت لها التسمية4 يمتنع صرفها اعتبارا بالأصل عند الأكثرين5. ومن ذلك أبطح وأدهم وأرقم6. فإنها وضعت [97/ب] صفات، فلم يلتفت إلى ما طرأ لها من الاسمية. وربما اعتدّ بعضهم7 باسميتها فصرفها.
الثاني: ألا تقبل التاء، سواء كانت الصفة على (أفْعل) أو على (فعْلان) 1. وعدم قبولها التاء إما لأنه لا مؤنث لها، ك (أكمر) للكبير رأس الذّكر و (آدر) لمن بخصيته نفخة، وك (لحيان) 2 للكبير اللحية. أو لها3 مؤنث لكنه على أفعل فعْلاء أو فعلان فَعْلى أو فُعْلى4 كأحمر وحمراء وسكران وسكرى وأفضل وفُضلى. بخلاف نحو (أرمل) 5 لقبوله التاء فإنه يقال: أرملة، وبخلاف (يعمل) 6 فإنه يقال: يعملة7 فتقبل التاء أيضا فهما8 مصروفان. وجميع أبنية (فعْلان) مؤنثاتها على (فعْلى) فتمتنع من الصرف إلا أربع
عشرة لفظة1 وردت مؤنثاتها على2 (فعلانة) فصرفت وقد ذكر الشيخ جمال الدين بن مالك، في نظم له3 منها اثنتي عشرة لفظة. وزيدت عليه اثنتان4. وهي (حَبْلان) للعظيم البطن5 و (دَخْنان) لليوم المظلم6 و (سخنان) لليوم الحار7 و (سيفان) للرجل الطويل الممشوق8
و (صحيان) 1 لليوم الذي لا غيم فيه2 و (صوجان) للبعير اليابس الظهر3 و (علاّن) للكثير النسيان4 و (قشوان) للدقيق الساقين5 و (مصّان) 6 و (موتان) للبليد الميّت القلب7 و (ندمان) للنديم8 و (نصران) للواحد من النصارى و (أليان) للكبير الإلية9 و (خمصان) 10. ومنه ما يشترط في العجمة، وقد تقدم الكلام عليه فيما سبق،
فراجعه. ومنه ما يشترط في الوزن، وهو أن يكون مختصا بالفعل ك (شمّر) 1 بتشديد الميم. فإنّ (فعّل) من الأوزان المختصة بالفعل2. وك (ضُرِب) مبنيا للمفعول، فإنه أيضا من الأوزان المختصة3. فإنْ لم يكن مختصا فشرطه أن يكون العلم الموازن مبدوءا بزيادة هي بالفعل أولى، بأن تدل في الفعل ولا تدّل في الاسم. وذلك ك (أحمر) وك (أفكل) 4. فإن الهمزة فيهما لا تدل، وهي في موازنهما من الفعل، نحو (أذهب) و (أكتب) دالةٌ على المتكلم5. تنبيهات: الأول: لم يذكر المصنف- رحمه الله6- مما يمنع مع العلمية7 ألف
الإلحاق المقصورة1 لأنها في معنى ألف [98/أ] التأنيث المقصورة2. فكأنه استغنى بذكر ألف التأنيث عنها. الثاني: بقي من شروط الوزن أن يكون لازما، ليخرج نحو (امرىء) لأنه في النصب نظير (اذْهب) وفي الجر نظير (اضْرب) وفي الرفع نظير (اكتُب) 3.فيكون مصروفا على الأحوال كلها4. وأن يكون باقيا، ليخرج نحو (قيل) و (رُدّ) 5. ولم يحتج المصنف لذكرهما6 لأن ما أخرجاه لم يبق فيه الوزن، لذهابه بالإعراب والإعلال. الثالث: يلتحق بالنوعين اللّذَين ذكرهما المصنف لوزن الفعل، وهما
المختص والمبدوء1 بزيادة هي بالفعل أولى ما يكون غالباً في الفعل2، وإن لم يكن مبدوءاً بزيادة تدل فيه. ك (إثمد) 3 و (إصبع) 4 و (أُبلم) 5 أعلاما. فإن وجود موازنها في الفعل أكثر كالأمر من (ضَرَبَ) و (ذَهَبَ) و (كَتَبَ) 6. ويدخل هذا في قوله: (أو افتتاحه بزيادة هي بالفعل أولى) . فتأمّل7.
باب العدد
ص: باب العدد. الواحد والاثنان وما وازن فاعلا، [ك (ثالث) ] 1
والعشرة مركبة يذكَّرن مع المذكر ويؤنثن مع المؤنث. والثلاثة والتسعة وما بينهما مطلقا، والعشرة مفردة بالعكس. ش: قال الجوهري1: "عددت الشيء عدًّا أي2 أحصيته، والاسم العدد والعديد". والمقصود الذي عَقد هذا الباب له بيان حكم الألفاظ المعدود بها تذكيرا وتأنيثا وتمييزاً. وتضمّن هذا الكلام بيان حكمها في التذكير والتأنيث. فالواحد والاثنان وما كان من ألفاظ العدد على وزن (فاعل) مفرداً كان ك (ثالث) و (رابع) و (عاشر) أو مركبا، ك (ثالث عشر) و (حادي وعشرين) 3 وكذلك العشرة إذا كانت مركبة، نحو (أحد عشر) كلها مشتركة في حكم واحد، وهو أنها تذكّر مع المذكر وتؤنث مع المؤنث. فتقول في المذكر: واحد واثنان، والجزء الرابع، والخامس عشر والخامس والعشرون. وفي [98/ب] التأنيث: واحدة واثنتان والمقامة 4 الرابعة والخامسة عشرة 5
والخامسة والعشرون. وأما الثلاثة والتسعة وما بينهما وهو الأربعة والخمسة والستة والسبعة والثمانية، سواء كانت مفردة، ك (ثلاثة رجال) و (أربع نسوة) أو مركبة ك ثلاثة عشر رجلا، و (أربع عشرة امرأة) 1، وهذا معنى قوله: (مطلقا) . والعشرة إذا كانت مفردة، أي غير مركبة نحو عشرة رجال وعشر نسوة، فكلها على عكس الحكم السابق فتذكر مع المؤنث وتؤنث مع المذكر 2 كما مثلنا. قال ابن مالك 3: وإنما حذفت التاء من عدد المؤنث وأثبتت في عدد المذكر في هذا القسم لأن 4 الثلاثة وأخواتها أسماء جماعات كزمرة وأمة وفرقة، فالأصل أن تكون بالتاء لتوافق5 نظائرها، فاستصحب الأصل مع المذكر، لتقدّم رتبته وحذفت مع المؤنث، فرقا6، لتأخر رتبته) . انتهى. وهو معنى حسن. وقد ذكره غيره من النحويين7.
تنبيهات: الأول: محل هذا الحكم ألا يقصد بالثلاثة والعشرة وما بينهما العدد المطلق. فأما إذا قصد بهن العدد المطلق كانت كلها بالتاء نحو ثلاثة نصف ستة. وكانت كلها أيضا غير مصروفة، لأنها أعلام1، خلافا لبعضهم2. الثاني: محلّه أيضا ما إذا كان المعدود مذكورا، فأما إذا كان محذوفا، فيجوز أن تحذف التاء مع المذكر 3. حكى الكسائي4 عن أبي الجراح5: (صُمنا من الشهر خمسا) 6 وحكى الفراء (أفطرنا خمسا) 7 وفي الحديث (وأتبعه بست من شوّال) 8.
الثالث إذا كان المعدود صفة فالمعتبر حال الموصوف المنوي، لا حالها1 قال الله تعالى: {فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا} 2 أي عشر حسنات أمثالها. ولولا ذلك لقيل: عشرة. لأن المثل مذكر. ص: وتمييز المائة وما فوقها مفرد مخفوض. والعشرة [99/أ] مفردة وما دونها مجموع مخفوض إلا المائة فمفردة 3. ش: لما فرغ من ذكر التأنيث والتذكير في لفظ العدد أخذ في ذكر تمييز العدد، وما يعتبر فيه، وذكر في هذا المقالة نوعين منه، الأول تمييز 4، المائة وما فوقها من المائتين والثلاثمائة 5 إلى الألف وما فوقه كألفين وثلاثة آلاف. وذكر أنه يكون مفردا مخفوضا. فتقول: مائة رجل ومائتا رجل ومائة امرأة ومائتا امرأة وألف رجل وألف امرأة وألفا رجل وألفا امرأة، وثلاثة آلاف رجل وثلاثة آلاف امرأة، وهكذا.
وقد تضاف المائة إلى جمع، كقراءة من قرأ {ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ} 1 وقد تميز2 بمفرد منصوب، كقوله: 185- إذا عاش الفتى مائتين عاما ... فقد ذهب المسرّة والفتاء 3 ولا يقاس على هذا عند الجمهور4.
والثاني1 تمييز العشرة إذا كانت مفردة، وما دونها كالتسعة والثلاثة وما بينهما. وذكر أنه يكون مجموعا مخفوضا 2. إلا إذا كان لفظ المائة 3 فيتعين فيه أن يكون مفردا. فتقول: عشرة رجال وعشر نساء، وتسعة رجال وتسع نساء وثلاثة رجال وثلاث [نساء] 4 وستة أيام وست ليال وتسعمائة رجل وثلثمائة5 امرأة. تنبيهات: الأول: المراد من قوله: (مجموع) جمعُ القلة من أمثلة التكسير6 إن وُجد للاسم جمعُ قلّة وكثرة. فإن أهمل أحدهما أضيف إلى الموجود 7. وقد يضاف إلى جمع8 الكثرة، لقلة استعمال القلة، نحو ثلاثة شُسوع،
لقلة استعمال أشساع 1. أو لخروج جمع القلة عن القياس، نحو {ثَلاثَةَ قُرُوءٍ} 2 لأن واحده (قرء) ك (فلْس) وجمعه على أفعال شاذ3. ولا يُؤْثَر 4 جمع الكثرة على جمع القلة في غير ذلك إلا نادرا. وأما جمع التصحيح فلا يضاف إليه إلا إن أهمل تكسيره، نحو {سَبْعَ بَقَرَاتٍ} 4 أو جاور ما أهمل تكسيره، نحو {َسَبْعَ سُنْبُلاتٍ} 5 [99/ب] لمجاورته ل (بقرات) 6، أو قل استعمال غيره، نحو (ثلاث سُعادات) لقلة (سَعائد) . فإن كثر استعمال غيره، ولم يجاور ما أهمل تكسيره لم يضف إليه إلا قليلا، نحو (ثلاثة أحمدين) و (ثلاث زينبات) 7.
للقليل والكثير امتنعت1. ويجوز أن يحمل قوله: (مجموع) على ما يفيد الجمعية سواء كان اسم جنس أو اسم جمع أو جمع قلة أو غير ذلك2. ويُحمل قوله: (مخفوض) على أعم من المخفوض بالإضافة أو بالحرف، ليشمل الصُّور كلها، وإن كان بعضها أكثر من بعض. التنبيه الثاني قوله: (إلا المائة) استثناء من قول: (وما دونها) 3 لأنهم لا يضيفون العشرة4 إلى المائة، فلا يقولون: عشر مائة استغناء بالألف. وحكى الفراء5 أن بعض العرب يقولون: عشر مائة، وأن أهل هذه اللغة هم الذين يقولون: عشر مئين. وعلى مراعاة هذه اللغة يصح عود الاستثناء إلى الجميع. التنبيه الثالث: يأتي تمييز الثلاثة وما بعدها إلى التسعة لفظ المائة
مجموعا، كقوله: 186- ثلاث مئين لِلْمُلُوكِ وَفَى بِها1 ... ....... ........ قال ابن أم قاسم2: (ويظهر في كلام سيبويه3 جواز جمع المائة في الكلام) .
ص: و (كم) الخبرية كالعشرة والمائة، والاستفهامية المجرورة كالأحد عشر والمائة، ولا يميز الواحد والاثنان1، و (ثنتا حنظل) ضرورة. ش: لما كانت (كم) الخبرية والاستفهامية كنايتين عن العدد، إذ الخبرية معناها عدد كثير، والاستفهامية [100/أ] معناها أيّ عدد؟ ذكر تمييزهما في باب العدد. فأمّا تمييز الخبرية فهو مجرور مجموع، نحو كمْ رجالٍ جاؤوك. أو مفرد، نحو: كم رجلٍ جاءك. والإفراد أكثر وأبلغ2. وأشار إلى جمعه بتشبيهها بالعشرة وإلى إفراده بتشبيهها3 بالمائة. وأمّا تمييز الاستفهامية فتارة يكون منصوبا وتارة يكون مجرورا. وإنما يجوز فيه الوجهان4 إذا كانت مجرورة بالباء، نحو قولك: بكم درهماً5 اشتريت ثوبك، ويجوز (بكم درهم) . فالنصب6 هو الذي أشار إليه بالتشبيه بالأحد عشر7.
والجر هو الذي أشار إليه بالتشبيه بالمائة1. أمّا غير المجرورة فيتعين في تمييزها النصب2، كما يتعيّن في تمييز الأحد عشر وأخواتها. ولمّا قدمهما3 لم يعد ذكرهما هنا. وقوله: (ولا يميّز الواحد والاثنان) أي لا يقال: واحد رجل، ولا اثنا رجلين4 ولا واحدة امرأةٍ، ولا اثنتا امرأتين. لأن قولك: (رجل) يفيد الجنسية والوحدة وقولك: (رجلان) يفيد الجنسية وشفع الواحد5 فلا حاجة إلى الجمع بينهما6. وقول: (وثنتا حنظل..) جواب سؤال تقديره أن العرب قد نطقت بتمييز الاثنتين، فقالت: 187-...... ....... ... ..... فيه ثنتا حنظل7
فكيف يمنع؟ وأجاب عن ذلك بأنه، وإن وردمن كلامهم، فهو ضرورة. وليكن هذا آخر ما قصدنا إيراده1 في هذا الشرح المبارك، جعله الله تعالى خالصا لوجهه وموجبا للفوز لديه ونفع به مؤلفه وكاتبه والناظر فيه2. قال مؤلفه3: وفرغت من مسوّدته في حادي عشر ذي القعدة سنة اثنتين4 وستين وثمانمائة. وكان ابتدائي فيه في أوائل شهر رجب الفرد منها. وانتهت مبيّضته في سابع عشرين5 من جمادى الأولى سنة ثلاث
وستين وثمانمائة1 وحسبنا الله ونعم 2 الوكيل، نعم المولى ونعم النصير ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم3.
وربما يُخرج قوله: (مجموع) ما إذا كان التمييز اسم جنس أو اسم جمع، وهو حينئذ يجرّ بمن، نحو {فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ} 1. وقد أضيف إليه2 في قوله تعالى: {تِسْعَةُ رَهْطٍ} 3 وقوله- عليه الصلاة والسلام-: (خَمس ذودٍ) 4 وجرة5متفق عليه، والإضافة إليه مختلف فيها. فقيل6: تجوز على قلّة. وقيل: مقصورة على السماع7، وهو ما صرح به في التسهيل8 قيل: 9 إن كان لا يستعمل إلا في القلة جازت10، وإن استعمل
مصادر ومراجع
مصادر ومراجع ... فهرس المصادر والمراجع أالمصادر والمراجع المخطوطة: التذييل والتكميل لشرح التسهيل لأبي حيان الأندلسي. وهو عدة أجزاء مصورة في جامعة الإمام محمد بن سعود بالرياض تحت رقم [ف - 7322] و [ف - 7323] و [ف 7324] و [ف 7325] . التعليقة على المقرب لابن النحاس. حاشية الحفيد ابن هشام على أوضح المسالك. مصورة في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية تحت رقم [ف 9238] . شرح التسهيل لابن مالك. نسخة مصورة عن نسخة دار الكتب المصرية برقم [10/نحو] . شرح شذور الذهب للشيخ زكريا الأنصاري وهو (بلوغ الأرب في شرح شذور الذهب) . نسخة مصورة عن نسخة دار الكتب المصرية تحت رقم [1147/نحو] . شرح الصدور لشرح زوائد الشذور. لأحمد بن عبد الدائم البرماوي الشافعي. نسخة مصورة بمركز البحث العلمي في جامعة أم القرى، تحت رقم (305) . المسائل والأجوبة لابن السيد البطليوسي. نسخة مصورة في مركز البحث العلمي بجامعة أم القرى. تحت رقم [402/نحو] .
المحصول في شرح الفصول للحسين بن بدر بن إياز البغدادي. نسخة خطية بمكتبة عارف حكمت، تحت رقم (175/415) . ب - المصادر والمراجع المطبوعة القرآن الكريم. ائتلاف النصرة في اختلاف نحاة الكوفة والبصرة. تأليف عبد اللطيف بن أبي بكر الزبيدي، تحقيق د/ طارق الجنابي، الطبعة الأولى، نشر عالم الكتب - بيروت. (ابن هشام الأنصاري - آثاره ومذهبه النحوي) . للدكتور علي فودة نيل. نشر عمادة شئون المكتبات بجامعة الملك سعود بالرياض - الطبعة الأولى 1405هـ. إتحاف فضلاء البشر في القراءات الأربع عشر. للشيخ أحمد بن عبد الغني الدمياطي البناء، الطبعة الأولى بمطبعة عبد الحميد أحمد حنفي - القاهرة 1359هـ. أخبار النحويين البصريين ومراتبهم. لأبي سعيد الحسن بن عبد الله السيرافي. تحقيق د/محمد إبراهيم البنا. دار الاعتصام - القاهرة. الطبعة الأولى 1405هـ
اختصار القدح المعلى. لابن سعيد علي بن موسى المتوفى سنة 685 هـ تحقيق إبراهيم الأبياري، دار الكتاب اللبناني - بيروت، الطبعة الثانية 1400 هـ. ارتشاف الضرب من لسان العرب، لأبي حيان الأندلسي. تحقيق د/مصطفى النماس. مطبعة المدني بالقاهرة الطبعة الأولى 1408 هـ. أساس البلاغة للزمخشري المتوفى سنة 538 هـ تحقيق الأستاذ عبد الرحيم محمود، دار المعرفة - بيروت. الاستغناء في الاستثناء. لشهاب الدين القرافي. تحقيق محمد عبد القادر عطاء، دار الكتب العلمية - بيروت. أسرار العربية. لأبي البركات عبد الرحمن بن محمد الأنباري. تحقيق محمد بهجت البيطار. مطبعة الترقي بدمشق 1377 هـ. أسماء خيل العرب وأنسابها وذكر فرسانها لأبي محمد الأسود الغندجاني. تحقيق د / محمد علي سلطاني. مؤسسة الرسالة 1402 هـ. إشارة التعيين في تراجم النحاة واللغويين. لعبد الباقي بن عبد الحميد اليماني. تحقيق د/ عبد المجيد دياب - الطبعة الأولى 1406 هـ - الرياض.
الأشباه والنظائر في النحو. لجلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي، تحقيق د/ عبد العال سالم مكرم، الطبعة الأولى 1406 هـ مؤسسة الرسالة بيروت الأشباه والنظائر من أشعار المتقدمين والجاهلية والمخضرمين. للخالدين. تحقيق د/ السيد محمد يوسف. مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر 1965م. الاشتقاق، لأبي بكر محمد بن دريد. تحقيق الأستاذ / عبد السلام هارون، مكتبة الخانجي - مصر. الإصابة في تمييز الصحابة. لشيخ الإسلام ابن حجر العسقلاني. الطبعة الأولى سنة (1328 هـ) . مطبعة السعادة بمصر. في أصول اللغة. تأليف مجمع اللغة العربية بالقاهرة. الهيئة العامة لشئون المطابع الأميرية 1388 هـ. الأصول في النحو. لأبي بكر بن السراج، تحقيق د/ عبد الحسين الفتلي، مؤسسة الرسالة - بيروت - الطبعة الأولى 1405 هـ. الأضداد لمحمد بن القاسم الأنباري، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم. اعتراض الشرط على الشرط. لجمال الدين ابن هشام الأنصاري. تحقيق د / عبد الفتاح الحموز، دار عمان - عمان، الطبعة الأولى 1406 هـ.
إعراب آيات الشذور لأبي القاسم البجائي، تحقيق الزميل الأستاذ سعد بن محمد الرشيد، رسالة ماجستير، مطبوعة على الآلة الكاتبة 1410 هـ. إعراب ثلاثين سورة من القرآن الكريم. لابن خالويه. دار الكتب المصرية 1941م. الإعراب عن قواعد الإعراب لابن هشام الأنصاري. إعراب القرآن، لأبي جعفر النحاس، تحقيق د/ زهير زاهد، الناشر عالم الكتب. بيروت - الطبعة الثانية 1405 هـ. إعراب لا إله إلا الله لابن هشام الأنصاري. تحقيق د/ حسن بن موسى الشاعر. نشر في مجلة الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، العددين 82.81، سنة 1409 هـ. الأعلام، للزر كلي، دار العلم للملايين - بيروت، الطبعة الثامنة 1410 هـ. أعلام النساء، تأليف عمر رضا كحالة. مؤسسة الرسالة - بيروت. الإغراب في جدل الإعراب لأبي البركات بن الأنباري. تحقيق الأستاذ سعيد الأفغاني، ومعه كتاب (لمع الأدلة) لابن الأنباري أيضا. مطبعة الجامعة السورية، دمشق 1377 هـ.
الإفصاح في شرح أبيات مشكله الإعراب. لأبي نصر الحسن بن أسد الفارقي. تحقيق الأستاذ سعيد الأفغاني، مؤسسة الرسالة - بيروت، الطبعة الثالثة 1400 هـ. إقامة الدليل على صحة التمثيل وفساد التأويل لابن هشام الأنصاري. تحقيق وتعليق هاشم طه شلال، مطبعة المعارف بغداد. الاقتراح في أصول النحو. لجلال الدين السيوطي، تحقيق د/ محمود فجال. مطبعة الثغر، الطبعة الأولى 1409 هـ. الاقتضاب في شرح أدب الكتاب. لأبي محمد بن السيد البطليوسي. تحقيق الأستاذ مصطفى السقا، ود/حامد عبد المجيد. الهيئة المصرية العامة للكتاب 1981م. الألغاز النحوية لابن هشام الأنصاري. تحقيق أسعد خضير، دمشق، 1393 هـ. الألفاظ الفارسية المعربة لأدي شير. طبع لبنان 1980م. مكتبة لبنان. الألفاظ لابن السكيت. وقف على طبعة وضبطه الأب لويس شيخو اليسوعي، المطبعة الكاثوليكية للآباء اليسوعيين بيروت، 1897م. ألفية ابن مالك في النحو والصرف، طبعة دار الكتاب العربي بيروت.
أمالي الزجاجي. لأبي القاسم الزجاجي، تحقيق الأستاذ عبد السلام هارون، طبعة دار الجيل بيروت، الطبعة الثانية 1407 هـ. أمالي السهيلي لأبي القاسم عبد الرحمن السهيلي، تحقيق د/ محمد إبراهيم البناء، مطبعة السعادة القاهرة، الطبعة الأولى 1390 هـ. الأمالي الشجرية، لهبة الله بن على الشجري، طبع دائرة المعارف العثمانية 1349. الأمثال لأبي عبيد القاسم بن سلام، تحقيق د/ عبد المجيد قطامش دار المأمون للتراث بيروت، الطبعة الأولى 1400 هـ. إنباه الرواة على أنباه النحاة، لجمال الدين على بن يوسف القفطي، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم، نشر دار الفكر العربي القاهرة، الطبعة الأولى 1406 هـ. الإنصاف في مسائل الخلاف بين النحويين البصريين والكوفيين. لأبي البركات عبد الرحمن بن محمد بن الأنباري، تحقيق الشيخ محمد محي الدين عبد الحميد، المكتبة العصرية بيروت. الأنموذج في النحو، لمحمود بن عمر الزمخشري. تحقيق أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك. لابن هشام الأنصاري. تحقيق الشيخ محمد محي الدين عبد الحميد. دار إحياء التراث العربي بيروت الطبعة السادسة 1980م.
إيضاح الشعر شرح الأبيات المشكلة الإعراب. لأبي على الفارسي. حققه د/ حسن هنداوي، دار القلم دمشق، الطبعة الأولى 1407 هـ. إيضاح شواهد الإيضاح للحسن بن عبد الله القيسي. تحقيق د/ محمد بن حمود الدعجاني، دار الغرب الإسلامي بيروت. الطبعة الأولى 1408 هـ. الإيضاح العضدي، لأبي على الفارسي، تحقيق د/ حسن شاذلي فرهود، دار العلوم الرياض، الطبعة الثانية 1408 هـ. الإيضاح في شرح المفصل. لابن الحاجب، تحقيق د/ موسى بناي العليلي، مطبعة العاني بغداد 1982م. الإيضاح في علل النحو. لأبي القاسم عبد الرحمن بن إسحاق الزجاجي. تحقيق د/ مازن المبارك دار النفائس بيروت. الطبعة الرابعة 1402 هـ. الإيضاح في علوم البلاغة، الخطيب القزويني، تحقيق د/ محمد عبد المنعم خفاجي دار الكتاب اللبناني الطبعة الخامسة 1403 هـ. إيضاح المكنون في الذيل على كشف الظنون. لإسماعيل باشا البغدادي، مكتبة الفيصلية مكة المكرمة. البحر المحيط، لأبي حيان الأندلسي، نشر دار الفكر الطبعة الثانية 1403 هـ.
البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع، لمحمد بن علي الشوكاني. مطبعة السعادة مصر، الطبعة الأولى. البسيط في شرح الجمل. لعبيد الله بن أحمد بن أبي الربيع، تحقيق د/ عياد بن عيد الثبيتي، دار الغرب الإسلامي بيروت، الطبعة الأولى، 1407 هـ. بغية الوعاة في طبقات اللغويين والنحاة. لجلال الدين السيوطي. تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم، المكتبة العصرية بيروت. البلغة في تراجم أئمة اللغة. لمحمد بن يعقوب الفيروز آبادي، تحقيق د/ محمد المصري - مطبعة الفيصل الكويت، الطبعة الأولى 1407 هـ. البيان في غريب إعراب القرآن. لأبي البركات بن الأنباري، تحقيق د/ طه عبد الحميد طه، الهيئة المصرية العامة للكتاب 1400 هـ. تاج العروس من جواهر القاموس. لمحمد مرتضى الزبيدي، دار الفكر للطباعة والنشر. تاريخ الأدب العربي. لكارل بروكلمان. الطبعة الألمانية، ليدن 1943م. والطبعة العربية ترجمة عبد الحليم النجار. الطبعة الثالثة، دار المعارف.
التبصرة والتذكرة. لعبد الله بن علي بن إسحاق الصيمري. تحقيق د/ فتحي أحمد مصطفى. دار الفكر دمشق، الطبعة الأولى 1402 هـ. التبيان في إعراب القرآن. لأبي البقاء العكبري، تحقيق علي محمد البجاوي دار إحياء الكتب العربية. التبين عن مذاهب النحويين البصريين والكوفيين. لأبي البقاء العكبري، تحقيق د/ عبد الرحمن بن سليمان العثيمين. دار الغرب الإسلامي بيروت، الطبعة الأولى 1406 هـ. تحصيل عين الذهب من معدن جوهر الأدب. للأعلم الشنتمري، مطبوع على حاشية كتاب سيبويه طبعة بولاق. تخليص الشواهد وتلخيص الفوائد. لابن هشام الأنصاري. تحقيق د/ عباس مصطفى الصالحي، دار الكتاب العربي بيروت، الطبعة الأولى 1406 هـ. التذكرة في القرءات الثمان. لطاهر بن غلبون، تحقيق د/ عبد الفتاح بحيري إبراهيم. الناشر مطبعة الزهراء للإعلام العربي القاهرة، الطبعة الأولى 1410 هـ. تسهيل الفوائد وتكميل المقاصد. للعلامة ابن مالك. تحقيق د/ محمد كامل بركات. دار الكتاب العربي، الطبعة الأولى 1387 هـ. التصريح بمضمون التوضيح. للشيخ خالد بن عبد الله الأزهري. مطبعة عيسى البابي الحلبي مصر.
68 التعريفات، للشريف علي بن محمد الجرجاني. دار الكتب العلمية بيروت. تعليق الفرائد على تسهيل الفوائد. لمحمد بن أبي بكر الدماميني. تحقيق د/ محمد بن عبد الرحمن المفدي. مطابع الفرزدق التجارية الرياض، الطبعة الأولى 1403 هـ. التعليقة المفيدة في العربية (شرح قطر الندى) لمعمر بن يحيى المكي، رسالة ماجستير، مطبوعة على الآلة الكاتبة بتحقيق حسان بن عبد الله الغنيمان. تلقيح الألباب في عوامل الإعراب. لأبي بكر محمد بن عبد الملك الشنتريني. تحقيق/د معيض بن مساعد العوفي. دار المدني للطباعة جدة، الطبعة الأولى 1410 هـ. التكملة والذيل والصلة. للحسن الصاغاني. تحقيق عبد العليم الطحاوي وآخرين، مطبعة دار الكتب، القاهرة 1979م. تهذيب اللغة لمحمد بن أحمد الأزهري، تحقيق الأستاذ عبد السلام هارون وآخرين القاهرة 1964 م. توجيه النصب في إعراب (فضلا وخلافا وأيضا وهلم جرا) . لابن هشام الأنصاري. تحقيق د/ حسن موسى الشاعر. الطبعة الأولى عمان 1404 هـ.
توضيح المقاصد والمسالك بشرح ألفية ابن مالك. لابن أم قاسم المرادي، تحقيق د/عبد الرحمن على سليمان القاهرة، الطبعة الأولى 1396 هـ. التوطئة. لأبي على الشلوبيني. تحقيق د/ يوسف أحمد المطوع. مطابع سجل العرب القاهرة. الطبعة الثانية 1401 هـ. التيسير في القراءات السبع. للإمام أبي عمرو الداني. عني بتصحيحه أور توبرتزل، دار الكتاب العربي بيروت، الطبعة الثانية 1404 هـ. الجامع الصغير في الحديث. لجلال الدين السيوطي. مطبعة مصطفى البابي الحلبي مصر. الجامع الصغير في النحو. لابن هشام الأنصاري. تحقيق د/ محمد الزئبق، دمشق، 1388 هـ. الجُمل. لعبد القاهر الجرجاني. تحقيق د/ علي حيدر دمشق 1392 هـ. الجمل في النحو. لأبي القاسم الزجاجي، تحقيق د/ على توفيق الحمد، مؤسسة الرسالة بيروت. الطبعة الرابعة 1408 هـ. جمهرة أنساب العرب لابن حزم، تحقيق الأستاذ عبد السلام هارون. دار المعارف مصر.
جمهرة اللغة. لأبي بكر بن دريد الأزدي، تحقيق / رمزي بعلبكي. دار العلم للملايين بيروت. الطبعة الأولى 1987 م. الجنى الداني في حروف المعاني، لابن أم قاسم المرادي. تحقيق د/ فخر الدين قباوة والأستاذ محمد نديم فاضل. دار الآفاق الجديدة بيروت. الطبعة 1403 هـ. حاشية الخضري على شرح ابن عقيل على الألفية. للشيخ محمد الخضري، مطبعة مصطفى البابي الحلبي، الطبعة الأخيرة 1359 هـ. حاشية الدماميني على مغني اللبيب. المطبعة البهية مصر. حاشية الصبان على الأشموني. مطبوع مع شرح الأشموني، مطبعة عيسى البابي الحلبي القاهرة. حاشية العدوي على شذور الذهب. لابن عبادة العدوي. مطبعة دار إحياء الكتب العربية. حاشية ياسين العليمي على التصريح، مطبوع على هامش التصريح، مطبعة عيسى البابي الحلبي. حاشية الشيخ ياسين العليمي على شرح الفاكهي لقطر الندى مطبوع بهامش شرح القطر للفاكهي، مطبعة مصطفى البابي الحلبي بمصر. الحجة في القراءات السبع، لابن خالويه، تحقيق د/ عبد العال سالم مكرم، مؤسسة الرسالة بيروت، الطبعة الخامسة 1410 هـ.
حجة القراءات، لابن زنجلة، تحقيق الأستاذ سعيد الأفغاني، مؤسسة الرسالة بيروت، الطبعة الثانية 1399 هـ. الحجة للقراء السبعة، لأبي علي الفارسي، تحقيق بدر الدين قهوجي وبشير جويجاتي، دار المأمون للتراث، الطبعة الأولى 1404 هـ. الحدود في النحو، للإمام عبد الله بن أحمد الفاكهي، تحقيق د/ المتولي رمضان أحمد الدميري، 1408 هـ. الحلل في شرح أبيات الجمل، لابن السيد البطليوسي، تحقيق د/ مصطفى إمام، الدار المصرية للطباعة والنشر القاهرة، الطبعة الأولى 1979م. خزانة الأدب ولب لباب لسان العرب، للشيخ عبد القادر البغدادي، تحقيق الأستاذ عبد السلام هارون، مطبعة المدني القاهرة، الطبعة الأولى 1403 هـ. الخصائص، لأبي الفتح بن جني، تحقيق الأستاذ محمد علي النجار، عالم الكتب بيروت، الطبعة الثالثة 1403 هـ. الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة، لأحمد بن حجر العسقلاني، حيدر آباد 1950م.
الدرر اللوامع على همع الهوامع، للشيخ أحمد بن الأمين الشنقيطي، تحقيق د/ علي سالم مكرم، دار البحوث العلمية الكويت، الطبعة الأولى 1401 هـ. درة الغواص في أوهام الخواص، للقاسم بن علي الحريري، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم، دار نهضة مصر للطبع والنشر القاهرة، 1975م. دلائل الإعجاز، للشيخ عبد القاهر الجرجاني، تحقيق الأستاذ محمود شاكر، مكتبة الخانجي مصر. ديوان أبي الأسود الدؤلي، صنعة أبي سعيد السكري، تحقيق محمد حسن آل ياسين، دار الكتاب الجديد بيروت، الطبعة الأولى 1974م. ديوان أبي دؤاد الإيادي، نشره جوستاف جرونيام، ضمن كتاب (دراسات في الأدب العربي) بيروت 1959م. ديوان أبي طالب، صنعة أبي هفان العبدي، تصحيح وتعليق محمد صادق آل بحر العلوم النجف 1356 هـ. ديوان أبي العتاهية، تحقيق د/ شكري فيصل، مكتبة الملاح دمشق. ديوان أبي النجم العجلي، صنعه وشرحه علاء الدين آغا، النادي الأدبي بالرياض 1404 هـ. ديوان أبي نواس، دار صادر بيروت.
ديوان الأحوص الأنصاري، جمع وتحقيق عادل سليمان جمال، الهيئة المصرية العامة للتأليف والنشر القاهرة 1390 هـ. ديوان أحيحة بن الجلاح الأوسي، جمع وتحقيق د/ حسن محمد باجودة، شركة مكة للطباعة والنشر، نشر نادي الطائف الأدبي 1399 هـ. ديوان الأخطل التغلبي. دار إحياء التراث العربي بيروت. ديوان الأعشي الكبير. تحقيق د/ محمد محمد حسين مؤسسة الرسالة - بيروت، الطبعة السابعة 1403 هـ. ديوان أعشي همدان وأخباره. جمع وتحقيق د/ حسن أبو ياسين، دار العلوم للطباعة والنشر الرياض، الطبعة الأولى 1403 هـ. ديوان الأفوه الأودي (طبع في ضمن الطرائف الأدبية) . تحقيق الأستاذ عبد العزيز الميمني، دار الكتب العلمية بيروت. ديوان الإمام على بن أبي طالب. تحقيق د/ محمد عبد المنعم خفاجي، دار ابن زيدون بيروت. ديوان امرئ القيس بن حجر. تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم. دار المعارف مصر، الطبعة الرابعة. ديوان أمية بن أبي الصلت. تحقيق د/ عبد الحفيظ السلطلي. المطبعة التعاونية دمشق، الطبعة الثانية 1977 م. ديوان جران العود النميري. رواية أبي سعيد السكري، مطبعة دار الكتب المصرية، الطبعة الأولى 1350 هـ.
ديوان جرير بن عطية، بشرح محمد بن حبيب. تحقيق د/ نعمان أمين طه، دار المعارف مصر، الطبعة الثالثة. ديوان جميل بثينة. جمع وتحقيق د/ حسين نصار. دار مصر للطباعة. ديوان حاتم الطائي صنعة يحيى بن مدرك الطائي. تحقيق د/ عادل سليمان. مطبعة المدني القاهرة الطبعة الثانية 1411 هـ. ديوان حسان بن ثابت الأنصاري. تحقيق د/ وليد عرفات، دار صادر 1974 م. ديوان الحطيئة، برواية وشرح ابن السكيت. تحقيق د/ نعمان أمين طه. مطبعة المدني القاهرة، الطبعة الأولى 1407 هـ. ديوان حميد بن ثور. تحقيق الأستاذ عبد العزيز الميمني، نسخة مصورة عن طبعة دار الكتب، الدار القومية للطباعة والنشر القاهرة 1384 هـ. ديوان الخوارج. جمعه وحققه د/ نايف معروف بغداد، الطبعة الأولى. ديوان ذي الرمة، شرح أبي نصر الباهلي، رواية أبي العباس ثعلب، تحقيق د/ عبد القدوس أبو صالح، مؤسسة الإيمان بيروت، الطبعة الثانية 1402 هـ. ديوان رؤبة بن العجاج. باعتناء وليم بن الورد، نشر دار الآفاق الجديدة بيروت، الطبعة الثانية 1400 هـ.
ديوان زهير بن أبي سلمى بشرح ثعلب. تحقيق د/ فخر الدين قباوة، الطبعة الأولى 1402 هـ. ديوان الطرماح بن حكيم الطائي. تحقيق د/ عزة حسن دمشق، الطبعة الأولى 1388 هـ. ديوان العباس بن مرداس السلمي. جمع وتحقيق د/ يحيى الجبوري، مؤسسة الرسالة، الطبعة الثانية 1412 هـ. ديوان عبيد بن الأبرص. تحقيق د/ حسين نصار، مكتبة مصطفى البابي الحلبي مصر، الطبعة الأولى 1377 هـ. ديوان عبيد الله بن قيس الرقيات. تحقيق د /محمد يوسف نجم، دار صادر بيروت. ديوان العجاج بن رؤبة بشرح الأصمعي. تحقيق د/عزة حسن. مكتبة دار الشرق بيروت. ديوان عدي بن زيد العبادي. جمع وتحقيق محمد جبار المعيبد بغداد 1965م. ديوان عمر بن أبي ربيعة. تحقيق الشيخ محمد محيي الدين عبد الحميد. مطبعة السعادة مصر 1960 م. ديوان عنترة بن شداد العبسي. تحقيق محمد سعيد مولوي. المكتب الإسلامي بيروت. الطبعة الثانية 1403 هـ. ديوان الفرزدق. طبعة دار صادر بيروت.
136 ديوان القطامي. تحقيق د/ إبراهيم السامرائي وأحمد مطلوب. دار الثقافة بيروت 1960 م. ديوان قيس بن الخطيم. تحقيق د/ ناصر الدين الأسد. دارصادر بيروت، الطبعة الثانية 1387 هـ. ديوان كثير عزة. جمعه وحققه د/ إحسان عباس، دار الثقافة بيروت 1391 هـ. ديوان كعب بن زهير، بشرح السكري. طبعة دار الكتب المصرية، الطبعة الأولى 1369 هـ. ديوان كعب بن مالك الأنصاري. دراسة وتحقيق د / سامي مكي العاني. مطبعة المعارف بغداد، الطبعة الأولى 1966م. ديوان لبيد بن ربيعه العامري. تحقيق د / إحسان عباس الكويت، الطبعة الثانية 1984م. ديوان ليلى الأخيلية. جمع وتحقيق د / خليل إبراهيم العطية وجليل العطية بغداد، الطبعة الثانية 1397 هـ. ديوان مجنون ليلى. جمع وتحقيق د / عبد الستار أحمد فراج. دار مصر للطباعة القاهرة 1962 م. ديوان النابغة الجعدي = شعر النابغة الجعدي. جمع وتحقيق / عبد العزيز رباح، منشورات المكتب الإسلامي بدمشق، الطبعة الأولى 1384 هـ.
ديوان النابغة الذيباني. تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم. دار المعارف مصر، الطبعة الثانية 1985 م. السبعة لابن مجاهد. تحقيق شوقي ضيف. دار المعارف مصر، الطبعة الثالثة 1980 م. السحب الوابلة على ضرائح الحنابلة لابن حميد المكي الحنبلي. نشر مكتبة الإمام أحمد، الطبعة الأولى 1409 هـ. سر الصناعة الإعراب. لأبي الفتح عثمان بن جني، تحقيق د / حسن هنداوي، دار القلم - دمشق، الطبعة الأولى 1405 هـ. سنن أبي داود. للإمام أبي دواد سليمان بن الأشعث السجستاني. تحقيق الشيخ محمد محيي الدين عبد الحميد. سنن الترمذي. لأبي عيسى محمد بن سورة الترمذي. تحقيق الشيخ أحمد محمد شاكر. دار إحياء التراث العربي - بيروت. سنن النسائي بشرح جلال الدين السيوطي. دار الريان للتراث - مصر. سير أعلام النبلاء لشمس الدين الذهبي، تحقيق د/ بشار عواد معروف وآخرين، الطبعة الأولى بيروت، مؤسسة الرسالة. السيرة النبوية لابن هشام. طبعة مصطفى البابي الحلبي - الطبعة الثانية 1375 هـ.
شذرات الذهب في أخبار من ذهب. لعبد الحي بن العماد الحنبلي. دار المسيرة بيروت. الطبعة الثانية 1399 هـ. شذور الذهب في معرفة كلام العرب لابن هشام الأنصاري. مطبعة البابي الحلبي مصر، الطبعة لأخيرة. شرح أبيات سيبويه ليوسف بن عبد الله بن أبي سعيد السيرافي. تحقيق د/ محمد علي سلطاني، دار المأمون للت راث دمشق 1979م. شرح أبيات مغني البيب. لعبد القادر بن عمر البغدادي. تحقيق عبد العزيز رباح وأحمد دقاق. دار المأمون للتراث دمشق، الطبعة الأولى 1393 هـ. شرح أشعارالهذليين. لأبي سعيد السكري. تحقيق عبد الستار أحمد فراج، مطبعة المدني القاهرة، الطبعة الأولى 1965 م. شرح الأشموني على ألفية ابن مالك. طبعة عيسى البابي الحلبي مصر. شرح ألفية ابن مالك لابن عقيل. تحقيق محمد محي الدين عبد الحميد. دار المعرفة مصر، الطبعة العشرون 1400 هـ. شرح ألفية ابن مالك لمحمد بن محمد بن محمد بن مالك المعروف بابن الناظم، تحقيق د/ عبد الحميد السيد عبد الحميد، دار الجيل بيروت.
شرح ألفية ابن مالك للمكودي دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع. شرح ألفية ابن معط. لعبد العزيز بن جمعة الموصلي، المعروف بابن القواس. تحقيق د/علي موسى الشوملي، مطابع الفرزدق الرياض، الطبعة الأولى 1405 هـ. شرح الأنموذج في النحو. لمحمد بن عبد الغني الأردبيلي، تحقيق د/ حسن شاذلي فرهود، دار العلوم للطباعة والنشر الرياض الطبعة الأولى 1411 هـ. شرح التسهيل لابن مالك. الجزء الأول، تحقيق د/عبد الرحمن السيد، مطابع سجل العرب، الطبعة الأولى 1974م. شرح تنقيح الفصول للإمام القرافي. تحقيق طه عبد الرؤوف سعد. مكتبة الكليات الأزهرية، الطبعة الأولى 1393 هـ. شرح الجمل لابن عصفور، تحقيق د/ صاحب أبو جناح الموصل، الطبعة الأولى 1402 هـ. ديوان الحماسة للمرزوقي. تحقيق الأستاذين أحمد أمين وعبد السلام هارون، مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر القاهرة 1387 هـ. شرح الشافية للرضي، تحقيق محمد نور الحسن وآخرين، دار الكتب العلمية بيروت 1402 هـ.
شرح شذور الذهب لابن هشام الأنصاري، تحقيق محمد محي الدين عبد الحميد، المكتبة العصرية بيروت، الطبعة الأولى 1986م. شرح شواهد الشافية لعبد القادر البغدادي، مطبوع مع شرح الشافية للرضي. شرح عمدة الحافظ وعدة اللافظ. للعلامة ابن مالك. تحقيق د/عدنان الدوري. مطبعة العاني بغداد 1397 هـ. شرح القصائد السبع الطوال، لمحمد بن القاسم الأنباري، تحقيق الأستاذ عبد السلام هارون، دار المعارف مصر، الطبعة الرابعة 1400 هـ. شرح قصيدة (بانت سعاد) لابن هشام الأنصاري، تحقيق د/ محمود حسن أبو ناجي، مؤسسة علوم القرآن الطبعة الثالثة 1404 هـ. شرح قطر الندى وبل الصدى، لابن هشام الأنصاري، تحقيق الشيخ محيي الدين عبد الحميد، مطبعة السعادة مصر 1983م. شرح قطر الندى للفاكهي، ومعه حاشية ياسين على شرح الفاكهي، مطبعة مصطفى البابي الحلبي مصر، الطبعة الثانية 1390 هـ. شرح قواعد الإعراب للكافيجي، تحقيق د/ فخر الدين قباوة، دار طلاس دمشق، الطبعة الأولى 1989م.
شرح الكافية للرضي الاستراباذي، دار الكتب العلمية بيروت، 1405 هـ. شرح الكافية الشافية، لابن مالك تحقيق د/ عبد المنعم أحمد هريدي، دار المأمون للتراث، الطبعة الأولى 1402 هـ. نشر مركز البحث العلمي بجامعة أم القرى. شرح كتاب سيبويه لأبي سعيد الحسن بن عبد الله السيرافي، الجزء الأول، تحقيق د/رمضان عبد التواب ود/ محمود فهمي حجازي ود/ محمد هاشم عبد الدايم، الهيئة المصرية العامة للكتاب، الطبعة الأولى. شرح لامية العرب لأبي البقاء العكبري، تحقيق د/ محمد خير الحلواني، دار الآفاق الجديدة بيروت، الطبعة الأولى 1403 هـ. شرح اللمحة البدرية في علم العربية، لابن هشام الأنصاري، تحقيق د/ صلاح روّاي، دار مرجان للطباعة، الطبعة الثانية. شرح اللمع لعبد الواحد بن برهان العكبري، تحقيق د/ فائز فارس الكويت، الطبعة الأولى 1984م. شرح المفصل لابن يعيش الحلبي، عالم الكتب بيروت. شرح الملوكي في التصريف، لابن يعيش الحلبي، تحقيق د/ فخر الدين قباوة، المكتبة العربية بجلب، الطبعة الأولى 1393 هـ. شرح المفضليات للقاسم بن بشار الأنباري، نشر كارلوس لايل 1920م، تصوير مكتبة المثنى بغداد.
شرح هاشميات الكميت، لأبي رياش أحمد بن إبراهيم القيسي، تحقيق د/ نوري حمود القيسي ود/ داود سلوم، عالم الكتب بيروت، الطبعة الثانية 1406 هـ. شعر إبراهيم بن هرمة القرشي، جمع وتحقيق محمد نفاع وحسين عطوان، مطبوعات مجمع اللغة العربية بدمشق. شعر ابن أحمر الباهلي، جمع وتحقيق د/ حسين عطوان، مطبوعات مجمع اللغة العربية بدمشق. شعر ابن ميّادة، جمع وتحقيق د/حنا جميل حداد، دمشق 1402 هـ. شعر الحارث بن خالد المخزومي، جمعه د/ يحيى الجبوري بغداد 1972م. شعر أبي زبيد الطائي، في ضمن (شعراء إسلاميون) جمع وتحقيق د/نوري حمود القيسي، عالم الكتب بيروت، الطبعة الثانية 1405 هـ. شعر زيد الخيل الطائي، جمع وتحقيق د/ أحمد مختار البزرة، دار المأمون للتراث دمشق، الطبعة الأولى 1408 هـ. شعر سابق البربري، جمع وتحقيق د/ بدر أحمد ضيف، دار المعرفة الجامعية الاسكندرية، 1987م. شعر عبد الله بن معاوية، جمعه عبد الحق الراضي، مؤسسة الرسالة بيروت، الطبعة الأولى 1396 هـ.
شعر عمرو بن معديكرب الزبيدي، جمع وتحقيق مطاع الطرابيشي، طبع مجمع اللغة العربية بدمشق، الطبعة الثانية 1405 هـ. شعر أبي فراس الحمداني، شرح عباس عبد الساتر، دار الكتب العلمية بيروت، الطبعة الأولى 1404 هـ. شعر قيس بن زهير، جمع وتحقيق عادل البياني النجف 1972م. شعر المرار بن سعيد الفقعسي في ضمن (شعراء أمويون) القسم الثاني، جمع وتحقيق د/ نوري حمود القيسي الموصل 1396 هـ. شعر هدبة بن الخشرم العذري، جمع د/ يحيى الجبوري، الطبعة الثانية 1406 هـ. الشعر والشعراء لابن قتيبة، تحقيق الشيخ أحمد محمد شاكر، دار المعارف مصر، الطبعة الثانية. شفاء العليل في إيضاح التسهيل، لمحمد بن عيسى السلسيلي، تحقيق د/ عبد الله البركاتي، المكتبة الفيصلية مكة المكرمة، الطبعة الأولى 1406 هـ. شواهد التوضيح والتصحيح لمشكلات الجامع الصحيح، لابن مالك، تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي، دار الكتب العلمية بيروت. الصحاح، تاج اللغة وصحاح العربية، لإسماعيل بن حماد الجوهري، تحقيق الأستاذ أحمد عبد الغفور عطار، الطبعة الثانية 1402 هـ.
صحيح البخاري، للإمام أبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري، دار إحياء التراث العربي بيروت. صحيح مسلم، للإمام مسلم بن الحجاج القشيري، تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي، دار إحياء الكتب العربية القاهرة، الطبعة الأولى 1374 هـ. ضرائر الشعر لابن عصفور، تحقيق السيد إبراهيم محمد، دار الأندلس للطباعة والنشر، الطبعة الأولى 1980م. الضوء اللامع لأهل القرن التاسع، لشمس الدين السخاوي، مكتبة الحياة بيروت. طبقات الشافعية، لابن قاضي شهبة، تحقيق د/ عبد العليم خان، دائرة المعارف العثمانية الهند، الطبعة الأولى 1398 هـ. طبقات فحول الشعراء، لمحمد بن سلام الجمحي، تحقيق محمود محمد شاكر، مطبعة المدني القاهرة، الطبعة الأولى 1974م. طبقات المفسرين للداوودي. دار الكتب العلمية بيروت. طبقات النحويين واللغويين، لأبي بكر محمد بن الحسن الزبيدي، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم، دار المعارف مصر، الطبعة الثانية.
العين للخليل بن أحمد الفراهيدي، تحقيق د/ مهدي المخزومي ود/ إبراهيم السامرائي، مؤسسة الأعلمي بيروت، الطبعة الأولى 1408 هـ. غاية النهاية في طبقات القراء، لابن الجزري، تحقيق د. براجستراسر، دار الكتب العلمية بيروت، الطبعة الثالثة 1402 هـ. الغرة المخفية في شرح الدرة الألفية، لابن الخباز، تحقيق حامد محمد العبدلي، دار الأنبار بغداد. غريب الحديث، لأبي عبيد القاسم بن سلام، طبعة حيدر آباد، 1965م. الفائق في غريب الحديث لجار الله الزمخشري. تحقيق علي محمد البجاوي ومحمد أبو الفضل إبراهيم. مطبعة عيسى البابي الحلبي مصر، الطبعة الثانية. فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية، جمع وتحقيق الشيخ عبد الرحمن ابن محمد بن قاسم النجدي. فتح الباري شرح صحيح البخاري، لابن حجر العسقلاني. دار نشر الكتب الإسلامية، لاهور باكستان.
الفرائد الجديدة، يحتوي على المطالع السعيدة للسيوطي، تحقيق الشيخ عبد الكريم المدرس، إحياء التراث الإسلامي بغداد. فرحة الأديب في الرد على ابن السيرافي، للأسود الغندجاني، تحقيق د/ محمد علي سلطاني دمشق 1401 هـ. فصل المقال، لأبي عبيد البكري، تحقيق د/ إحسان عباس، مؤسسة الرسالة بيروت، الطبعة الثانية 1391 هـ. الفصول الخمسون، لابن معط، تحقيق د/ محمود محمد الطناحي، مطبعة عيسى البابي الحلبي. فهرس الفقه الشافعي بالمكتبة الظاهرية 1390 هـ. فهرس المخطوطات العربية مكتبة الأوقاف العامة ببغداد، كتب آداب اللغة العربية وعلومها، عبد الله الجبوري، مطبعة العاني بغداد. فهرس مكتبة الأزهر 1382 هـ. فهرس النحو والصرف بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، إعداد د/ علي البواب، مطابع جامعة الإمام الرياض، الطبعة الأولى 1407 هـ. الفوائد الضيائية شرح كافية ابن الحاجب، لعبد الرحمن الجامي العصامي، تحقيق د/ أسامة طه الرفاعي بغداد 1403 هـ. في أصول النحو للأستاذ سعيد الأفغاني، دار الفكر، الطبعة الثالثة 1383 هـ.
القاموس المحيط، لمحمد بن يعقوب الفيروز آبادي، مطبعة السعادة مصر. قطر الندى وبل الصدى لابن هشام الأنصاري، دار إحياء الكتب العربية مصر، 1344 هـ. الكافية في النحو، لابن الحاجب، تحقيق د/ طارق نجم عبد الله، مكتبة دار الوفاء جدة، الطبعة الأولى 1407 هـ. الكامل، لأبي العباس محمد بن يزيد المبرد، تحقيق محمد أحمد الدالي، مؤسسة الرسالة بيروت، الطبعة الأولى 1406 هـ. كتاب الجيم، لأبي عمرو الشيباني، تحقيق إبراهيم الأبياري، الهيئة المصرية العامة للكتاب 1974م. كتاب سيبويه، لأبي بشر عمرو بن عثمان بن قنبر المعروف بسيبويه، تحقيق الأستاذ عبد السلام هارون، مطبعة المدني القاهرة، الطبعة الثانية 1402 هـ. الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل، لجار الله الزمخشري، مكتبة المعارف الرياض. كشف الخفاء ومزيل الإلباس عما اشتهر من الأحاديث على ألسنة الناس، لإسماعيل العجلوني، مؤسسة الرسالة، الطبعة الخامسة 1405 هـ.
كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون، لمصطفى بن عبد الله الشهير بحاج خليفة، دار الفكر بيروت. الكشف عن وجوه القراءات السبع، لمكي بن أبي طالب، تحقيق د/ محي الدين رمضان، مؤسسة الرسالة بيروت، الطبعة الرابعة 1407 هـ. اللامات، لأبي القاسم الزجاجي، تحقيق مازن المبارك، دار الفكر دمشق، الطبعة الثانية 1405 هـ. لسان العرب، لابن منظور الإفريقي، دار صادر بيروت. لمع الأدلة، لأبي البركات بن الأنباري، تحقيق الأستاذ سعيد الأفغاني، نشر مع كتاب الإغراب في جدل الإعراب لابن الأنباري، مطبعة الجامعة السورية دمشق 1377 هـ. اللمع في العربية، لأبي الفتح بن جني، تحقيق حامد المؤمن، عالم الكتب بيروت، الطبعة الثانية 1405 هـ. ليس في كلام العرب، لابن خالويه، تحقيق الأستاذ أحمد عبد الغفور عطار مكة المكرمة، الطبعة الثانية 1399 هـ. المؤتلف والمختلف في أسماء الشعراء وكناهم وألقابهم، للحسن بن بشر الآمدي، تصحيح الأستاذ ف. كرنكو، مكتبة القدسي ودار الكتب العلمية بيروت، الطبعة الثانية 1402 هـ.
ما يجوز للشاعر في الضرورة، للقزاز القيرواني، تحقيق د/ رمضان عبد التواب ود/صلاح الدين الهادي، مطبعة المدني القاهرة. ما ينصرف وما لا ينصرف، لأبي إسحاق الزجاج. تحقيق هدى محمود قراعة، مطابع الأهرام التجارية القاهرة، الطبعة الأولى 1391 هـ. المباحث المرضية المتعلقة بمن الشرطية، لابن هشام الأنصاري، تحقيق د/ مازن المبارك. المبسوط في القراءات العشر، لأحمد بن الحسين بن مهران الأصبهاني، تحقيق سبيع حاكمي، دار القبلة للثقافة الإسلامية جدة، الطبعة الثانية 1408 هـ. المبين في شرح ألفاظ الحكماء والمتكلمين، لسيف الدين الآمدي، تحقيق د/ حسن محمود الشافعي القاهرة 1403 هـ. مجاز القرآن، لأبي عبيدة معمر بن المثنى، تحقيق محمد فؤاد سزكين، مؤسسة الرسالة بيروت، الطبعة الثانية 1401 هـ. مجالس ثعلب، لأبي العباس أحمد بن يحيى ثعلب، تحقيق الأستاذ عبد السلام هارون، دار المعارف مصر، الطبعة الأولى 1368 هـ. مجالس العلماء لأبي القاسم الزجاجي، تحقيق الأستاذ عبد السلام هارون، مكتبة الخانجي القاهرة، الطبعة الثانية 1403 هـ. مجمع الأمثال للميداني، تحقيق محمد محي الدين عبد الحميد، منشورات دار النصر بيروت.
المحتسب في تبيين وجوه شواذ القراءات، لأبي الفتح بن جني، تحقيق علي النجدي ناصف وزميله، دار سزكين للطباعة والنشر، الطبعة الثانية 1406 هـ. مختارات ابن الشجري، تحقيق محمود زناتي، القاهرة. المختار من بدائع الزهور في وقائع الدهور، لابن إياس الحنفي، مطبعة الشعب مصر. مختصر في شواذ القرآن من كتاب البديع، لابن خالويه، عني بنشره براجستراسر، مكتبة المتنبى القاهرة. المخصص لابن سيدة، دار الفكر بيروت، مصورة عن طبعة بولاق. المدرسة النحوية في مصر والشام، تأليف د/ عبد العال سالم مكرم. المذكر والمؤنث، لأبي بكر محمد بن القاسم الأنباري، تحقيق د/ طارق عبد عون الجنابي، مطبعة العاني بغداد، الطبعة الأولى 1987م. مراتب النحويين، لأبي الطيب عبد الواحد بن علي اللغوي، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم، دار الفكر العربي، الطبعة الثانية 1394 هـ. المرتجل في شرح الجمل، لعبد الله بن أحمد بن الخشاب، تحقيق علي حيدر، دار الحكمة، دمشق 1392 هـ.
المرصع في أسماء الآباء والأبناء، لابن الأثير، تحقيق د/ إبراهيم السامرائي، مطبعة الإرشاد بغداد 1971م. المزهر في علوم اللغة وأنواعها، لجلال الدين السيوطي، تحقيق محمد أحمد جاد المولى ومحمد أبو الفضل إبراهيم وعلي البجاوي، دار التراث القاهرة، الطبعة الثالثة. المسائل البصريات، لأبي علي الفارسي، تحقيق د/ محمد أحمد الشاطر، مطبعة المدني القاهرة، الطبعة الأولى 1405 هـ. المسائل البغداديات، لأبي علي الفارسي، تحقيق صلاح الدين عبد الله السنكاوي، مطبعة العاني بغداد. المسائل الحلبيات، لأبي علي الفارسي، تحقيق د/ حسن هنداوي، دار القلم بيروت، الطبعة الأولى 1407 هـ. المسائل السفرية في النحو، لابن هشام الأنصاري، تحقيق د/ علي حسين البواب الرياض 1402 هـ. المساعد على تسهيل الفوائد، لابن عقيل، تحقيق د/ محمد كامل بركات، طبع دار الفكر، دمشق، الطبعة الأولى 1400 هـ، نشر مركز البحث العلمي بجامعة أم القرى. المستصفى من علم الأصول، لحجة الإسلام أبي حامد الغزالي، المطبعة الأميرية ببولاق، الطبعة الأولى 1322 هـ. المستقصى في أمثال العرب، لجار الله الزمخشري، دار الكتب العلمية بيروت، الطبعة الثانية 1408 هـ.
مسند الإمام أحمد بن حنبل، دار الفكر بيروت. حروف المعاني، لأبي القاسم الزجاجي، تحقيق د/ علي توفيق الحمد، مؤسسة الرسالة بيروت، الطبعة الثانية 1406 هـ. معاني الحروف، لعلي بن عيسى الرماني، تحقيق د/ عبد الفتاح إسماعيل شلبي، مكتبة الطالب الجامعي مكة المكرمة، الطبعة الثانية 1407 هـ. معاني القرآن، للأخفش الأوسط، تحقيق د/ فائز فارس، الطبعة الأولى 1400 هـ، الكويت. معاني القرآن، للفراء، تحقيق الأستاذ محمد علي النجار وأحمد يوسف نجاتي، عالم الكتب بيروت، الطبعة الثالثة 1403 هـ. معاني القرآن وإعرابه، لأبي إسحاق الزجاج، تحقيق د/ عبد الجليل شلبي، عالم الكتب بيروت، الطبعة الأولى 1408 هـ. معجم الأدباء، لياقوت الحموي، دار الفكر بيروت، الطبعة الثالثة. معجم البلدان، لياقوت الحموي، دار صادر بيروت. معجم الشعراء لأبي عبيد الله المرزباني، نشر د/ ف كرنكو، مكتبة القدسي الطبعة الثانية، 1402 هـ. المعجم الكبير للطبراني، حققه حمدي السلفي، مكتبة ابن تيمية، القاهرة. معجم المؤلفين، لعمر رضا كحالة، مكتبة المثنى بيروت.
المعرب من الكلام الأعجمي على حروف المعجم، لأبي منصور الجواليقي، تحقيق الأستاذ أحمد محمد شاكر، دار الكتب القاهرة 1389 هـ. معرفة القراء الكبار على الطبقات والأعصار لشمس الدين الذهبي، تحقيق بشار عواد معروف وشعيب الأرناؤوط وصالح مهدي عباس، مؤسسة الرسالة بيروت، الطبعة الأولى 1404 هـ. مغني اللبيب عن كتب الأعاريب، لابن هشام الأنصاري، تحقيق د/ مازن المبارك ومحمد علي حمد الله ومراجعة الأستاذ سعيد الأفغاني بيروت، الطبعة الخامسة 1979م. مفاكهة الخلان في حوادث الزمان، لشمس الدين محمد بن طولون، تحقيق محمد مصطفى، دار إحياء الكتب العربية القاهرة، 1381 هـ. المفصل في علم العربية، لجار الله الزمخشري، دار الجيل بيروت، الطبعة الثانية. المفضليات، للمفضل بن محمد الضبي، تحقيق الأستاذين أحمد محمد شاكر وعبد السلام هارون بيروت، الطبعة السادسة. المقاصد النحوية في شرح شواهد شروح الألفية، للإمام بدر الدين العيني، مطبوع على هامش خزانة الأدب، طبعة بولاق. المقتصد في شرح الإيضاح، لعبد القاهر الجرجاني، تحقيق د/ كاظم بحر المرجان، المطبعة الوطنية عمَّان 1982م.
المقتضب لأبي العباس المبرد، تحقيق الشيخ محمد عبد الخالق عضيمة، عالم الكتب بيروت. المقدمة الجزولية في النحو، لأبي موسى عيسى بن عبد العزيز الجزولي، تحقيق د/ شعبان عبد الوهاب محمد 1407 هـ. المقرب، لابن عصفور الأندلسي، تحقيق أحمد عبد الستار الجواري وعبد الله الجبوري، مطبعة العاني بغداد، الطبعة الأولى 1391 هـ. الملخص في ضبط قوانين العربية، لابن أبي الربيع. تحقيق د/ علي ابن سلطان الحكمي، الطبعة الأولى 1405 هـ. من تاريخ النحو، تأليف الأستاذ سعيد الأفغاني، دار الفكر، الطبعة الثانية 1398 هـ. المنصف شرح كتاب التصريف للمازني، تأليف أبي الفتح بن جني، تحقيق إبراهيم مصطفى وعبد الله أمين، مطبعة مصطفى البابي الحلبي، الطبعة الأولى 1373 هـ. المنصف من الكلام على مغني ابن هشام للشمني المتوفى سنة 872 هـ، وبهامشه تحفة الغريب بشرح مغني اللبيب للدماميني، المتوفى سنة 827 هـ، المطبعة البهية بمصر. الموطأ للإمام مالك بن أنس، تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي، دار إحياء الكتب العربية القاهرة.
نتائج الفكر، للسهيلي، تحقيق د/ محمد إبراهيم البناء دار الرياض للنشر والتوزيع. نزهة الألباء في طبقات الأدباء، لأبي البركات بن الأنباري، تحقيق د/ إبراهيم السامرائي، مكتبة المنار الأردن، الطبعة الثالثة 1405 هـ. نزهة الطرف في علم الصرف، للميداني، تحقيق د/ السيد محمد عبد المقصود درويش، دار الطباعة الحديثة، الطبعة الأولى 1402 هـ. نزهة الطرف في علم الصرف لابن هشام الأنصاري. تحقيق د/ أحمد عبد المجيد هريدي، مكتبة الزهراء القاهرة، الطبعة الأولى 1410 هـ. نشأة النحو، للشيخ محمد الطنطاوي، تعليق عبد العظيم الشناوي ومحمد عبد الرحمن الكردي، الطبعة الثانية 1389 هـ. النشر في القراءات العشر، لابن الجزري، أشرف على تصحيحه الشيخ علي محمد الضباع، دار الكتب العلمية بيروت. نظم العقيان في أعيان الأعيان، لجلال الدين السيوطي، حرره فيليب حتّي 1927م، المكتبة العلمية بيروت.
النكت الحسان في شرح غاية الإحسان، لأبي حيان الأندلسي، تحقيق د/ عبد الحسين الفتلي، مؤسسة الرسالة بيروت، الطبعة الأولى 1405 هـ. النكت في تفسير كتاب سيبويه، للأعلم الشنتمري، تحقيق د/ زهير عبد المحسن سلطان الكويت، الطبعة الأولى 1407 هـ. نكت الهميان في نكت العميان، لصلاح الدين الصفدي، وقف على طبعه الأستاذ أحمد زكي، المطبعة الجمالية بمصر، 1329 هـ. نهاية السول في شرح منهاج الأصول، لجمال الدين الأسنوي، عالم الكتب بيروت. النوادر في اللغة، لأبي زيد الأنصاري، تحقيق د/ محمد عبد القادر أحمد، دار الشروق بيروت، الطبعة الأولى 1401 هـ. نوادر المخطوطات تحقيق الأستاذ عبد السلام هارون، مطبعة مصطفى البابي الحلبي، الطبعة الثانية 1392 هـ. نيل الأوطار شرح منتقى الأخبار، للشيخ محمد بن علي الشوكاني، مكتبة دار التراث القاهرة. هدية العارفين بأسماء المؤلفين وآثار المصنفين من كشف الظنون، لإسماعيل باشا البغدادي، مكتبة الفيصلية مكة المكرمة.
همع الهوامع شرح جمع الجوامع، لجلال الدين السيوطي. عني بتصحيحه محمد بدر الدين النعسان، مكتبة الكليات الأزهرية مصر، الطبعة الأولى 1327 هـ. الوحشيات، وهو الحماسة الصغرى، لأبي تمام الطائي، تحقيق الشيخ عبد العزيز الميمني، دار المعارف مصر، الطبعة الثالثة. وفيات الأعيان وأنباء الزمان، لشمس الدين بن خلكان، تحقيق د/ إحسان عباس، دار صادر بيروت.