شرح سنن ابن ماجه للسيوطي وغيره

السيوطي

شرح سنن ابن ماجه

شرح سنَن ابْن مَاجَه

باب اتباع السنة

قَوْله بَاب اتِّبَاع الخ وَهَذَا أحسن بالترتيب حَيْثُ بَدَأَ بِأَبْوَاب اتِّبَاع السّنة إِشَارَة الى ان التصنيف فِي جمع السّنَن أَمر لَا بُد مِنْهُ وتنبيها للطَّالِب على أَن الاخذ بِهَذِهِ السّنَن من الْوَاجِبَات الدِّينِيَّة ثمَّ عقب هَذِه الْأَبْوَاب أَبْوَاب العقائد من الْإِيمَان وَالْقدر لِأَنَّهَا أول الْوَاجِبَات على الْمُكَلف ثمَّ عقب بفضائل الصَّحَابَة لأَنهم مبلغوا السّنَن إِلَيْنَا فَمَا لم يثبت عدالتم لَا يتم لنا الْعلم بالسنن والاحكام قَوْله بَاب اتِّبَاع الخ قدم بَاب اتِّبَاع السّنة على جَمِيع الْأَبْوَاب امتثالا لقَوْله تَعَالَى قل إِن كُنْتُم تحبون الله فَاتبعُوني يحببكم الله (إنْجَاح الْحَاجة للعلامة الفهامة الْفَائِق على أقرانه الْعَارِف بِاللَّه الشَّيْخ عبد الْغَنِيّ المجددي الدهلوي) قَوْله [1] شريك بن عبد الله النَّخعِيّ الْكُوفِي القَاضِي بواسط ثمَّ الْكُوفَة أَبُو عبد الله صَدُوق يُخطئ كثيرا تغير حفظه مُنْذُ ولي الْقَضَاء بِالْكُوفَةِ وَكَانَ عادلا فَاضلا عابدا شَدِيدا على أهل الْبدع من الثَّامِنَة مَاتَ سنة سبع أَو ثَمَان وَسبعين (تقريب) قَوْله الْأَعْمَش سُلَيْمَان بن مهْرَان الْأَسدي الْكَاهِلِي أَبُو مُحَمَّد الْكُوفِي الْأَعْمَش ثِقَة حَافظ عَارِف بِالْقِرَاءَةِ ورع لَكِن يُدَلس من الْخَامِسَة مَاتَ سنة سبع وَأَرْبَعين أَو ثَمَان وَكَانَ مولده أول إِحْدَى وَسِتِّينَ (تقريب) قَوْله أَبُو هُرَيْرَة الدوسي الصَّحَابِيّ الْجَلِيل حَافظ الصَّحَابَة اخْتلف فِي اسْمه وَاسم أَبِيه قيل عبد الرَّحْمَن بن صَخْر وَقيل بن غنم وَقيل عبد الله بن عَائِذ وَقيل بن عَامر وَقيل بن عَمْرو وَقيل سكين بن ذرمة وَقيل بن هَانِئ وَقيل مزمل وَقيل بن صَخْر وَقيل عَامر بن عبد شمس وَقيل بن عُمَيْر وَقيل يزِيد بن عشرقة وَقيل عبد نهم وَقيل عبد شمس وَقيل غنم وَقيل عبيد بن غنم وَقيل عَمْرو بن غنم وَقيل بن عَامر وَقيل سعيد بن الْحَارِث هَذَا الَّذِي وقفنا عَلَيْهِ من الِاخْتِلَاف فِي ذَلِك وَيقطع بِأَن عبد شمس وَعبد نهم غير بعد أَن سلم وَاخْتلف فِي أَيهَا أرجح فَذهب الْأَكْثَرُونَ الى الأول وَذهب جمع من النسابين الى عَمْرو بن عَامر مَاتَ سنة سبع وَقيل ثَمَان وَقيل تسع وَخمسين وَهُوَ بن ثَمَان وَسبعين سنة (تقريب) قَوْله مَا أَمرتكُم الخ أَي بِأَمْر من أُمُور الدّين حَيْثُ قَالَ فِي حَدِيث التابير أَنْتُم أعلم بِأُمُور دنياكم 12 فَخر قَوْله مَا أَمرتكُم بِهِ الخ قَالَ بن عَسَاكِر فِي الْأَطْرَاف هَذَا مُخْتَصر من الحَدِيث الَّذِي يَلِيهِ وَمَا فِيهِ شَرْطِيَّة فِي الْمَوْضِعَيْنِ (مِصْبَاح الزجاجة للسيوطي) قَوْله وَمَا نَهَيْتُكُمْ الخ تمسك لمن قَالَ ان الأَصْل فِي الْأَشْيَاء الْإِبَاحَة (إنْجَاح الْحَاجة) قَوْله [2] فَإِذا أَمرتكُم بِشَيْء الخ قَالَ أَبُو الْفتُوح الطَّائِي فِي الْأَرْبَعين قَالَ أَبُو دَاوُد الْفِقْه يَدُور على خَمْسَة أَحَادِيث الْأَعْمَال بِالنِّيَّاتِ والحلال بَين وَالْحرَام بَين وَمَا نَهَيْتُكُمْ عَنهُ فَانْتَهوا وَمَا أَمرتكُم بِهِ فَأتوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُم وَلَا ضرار قَالَ الْحَافِظ أَبُو الْفضل الْعِرَاقِيّ فِي أَمَالِيهِ وَكَانَ مُسَمَّاهُ خَمْسَة بعد جملَة الْأَمر وَجُمْلَة النَّهْي حديثين فَإِنَّهُمَا قاعدتان من قَوَاعِد الْفِقْه قلت وَقد علل ذَلِك بِأَن اجْتِنَاب الْمنْهِي أسهل من فعل الْمَأْمُور لِأَنَّهُ ترك فَلِذَا لم يُقيد بِمَا قيد بِهِ الْمَأْمُور من الِاسْتِطَاعَة لَكِن اخْرُج الطَّبَرَانِيّ هَذَا الحَدِيث بِلَفْظ فَإِذا أَمرتكُم بِشَيْء فاتوه وَإِذا نَهَيْتُكُمْ عَن شَيْء فَاجْتَنبُوهُ مَا اسْتَطَعْتُم وَالظَّاهِر أَن هَذَا الْقلب من بعض رُوَاته وَقد عقدوا فِي عُلُوم الحَدِيث نوع المقلوب وَله أَمْثِلَة عديدة (زجاجة للسيوطي) قَوْله [4] لم يعده بِسُكُون الْعين أَي لم يتجاوزه وَلم يقصر عَنهُ أَي لم يقف عَنهُ فَلَا يعْمل بِهِ بل يقف عِنْد حَده فَلَا يتَأَخَّر عَنهُ وَلَا يتعداه وَهَذَا مَشْهُور من سيرة بن عمر رَضِي الله عَنهُ انه كَانَ شَدِيد الِاتِّبَاع لآثار رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ روى أَحْمد بِسَنَد صَحِيح عَن مُجَاهِد قَالَ كنت اسافر مَعَ بن عمر فِي سفر فحاد عَنهُ فَسئلَ لم فعلت قَالَ رَأَيْت رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فعل هَذَا فَفعلت وروى الْبَزَّار عَن بن عمر أَنه كَانَ يَأْتِي شَجَرَة بَين مَكَّة وَالْمَدينَة فيقيل تحتهَا ويخبر أَن النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يفعل ذَلِك وروى الْبَزَّار بِسَنَد حسن عَن زيد بن اسْلَمْ قَالَ رَأَيْت بن عمر محلول الْإِزَار وَقَالَ رَأَيْت رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ محلول الْإِزَار (مِصْبَاح الزجاجة مُخْتَصرا) قَوْله لم يعده أَي لم يتجاوزه الى غَيره بل يعْمل تِلْكَ الْمِقْدَار وَلم يقصر عَنهُ وَكَانَ رَضِي الله عَنهُ مُتبعا لسنته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إنْجَاح) قَوْله [5] الْفقر هُوَ بِهَمْزَة الِاسْتِفْهَام وَنصب الْفقر على أَنه مفعول مقدم (زجاجة) قَوْله حَتَّى لَا يزِيغ الخ أَي حَتَّى لَا يمِيل قلب أحدكُم امالة الا طلب الزِّيَادَة وهيه بِسُكُون الْيَاء كلمة ليستزاد بهَا الشَّيْء وَيحْتَمل ان يكون بِفَتْح الْيَاء وَالْهَاء فِي آخرهَا للْوَقْف وَهِي ضميرا مؤنثا غَائِبا يرجع الى الدُّنْيَا أَي حَتَّى لَا يمِيل قلب أحدكُم الا الى الدُّنْيَا (إنْجَاح الْحَاجة) قَوْله لَا تزَال طَائِفَة قَالَ الْقُرْطُبِيّ الطَّائِفَة الْجَمَاعَة وَقَالَ فِي النِّهَايَة الْجَمَاعَة من النَّاس وَيَقَع على الْوَاحِد لِأَنَّهُ أَرَادَ نفسا طَائِفَة وَسُئِلَ إِسْحَاق بن رَاهَوَيْه عَنهُ فَقَالَ الطَّائِفَة دون الْألف وسيبلغ هَذَا الْأَمر الى أَن يكون عدَّة المتمسكين بِمَا كَانَ عَلَيْهِ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابه يسلم بذلك أَن لَا يعجبهم كَثْرَة أهل الْبَاطِن انْتهى وَأخرج بن أبي حَاتِم فِي تَفْسِيره عَن مُجَاهِد قَالَ الطَّائِفَة الْوَاحِدَة الى الف واخرج أَيْضا عَن بن عَبَّاس قَالَ الطَّائِفَة الرجل والنفر وَفِي الصِّحَاح الْجَوْهَرِي عَن بن عَبَّاس الطَّائِفَة الْوَاحِد فَمَا فَوْقه قَالَ أَحْمد بن حَنْبَل فِي هَذِه الطَّائِفَة إِن لم يَكُونُوا هم أهل الحَدِيث فَلَا أَدْرِي من هم أخرجه الْحَاكِم فِي عُلُوم الحَدِيث قَالَ القَاضِي عِيَاض وَإِنَّمَا أَرَادَ أهل السّنة وَالْجَمَاعَة وَمن يعْتَقد مَذْهَب أهل الحَدِيث وَقَالَ النَّوَوِيّ يحْتَمل أَن يكون هَذِه الطَّائِفَة مُتَفَرِّقَة فِي أَنْوَاع الْمُؤمنِينَ مِمَّن يُقيم أَمر الله من مُجَاهِد وفقيه ومحدث وزاهد وَأمر بِالْمَعْرُوفِ وَغير ذَلِك من أَنْوَاع الْخَيْر وَلَا يلْزم اجْتِمَاعهم فِي كَانَ وَاحِد بل يجوز ان يَكُونُوا مُتَفَرّقين فِي أقطار الأَرْض قَوْله [6] لَا تزَال الخ أَقُول لَا تعَارض بَين هَذَا وَبَين حَدِيث لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى يُقَال فِي الأَرْض الله الله وَلَا تقوم السَّاعَة الا على شرار الْخلق لِأَن مَعْنَاهُ ان هَذِه الطَّائِفَة تبقى الى حِين مَجِيء الرّيح الَّتِي تقبض روح كل مُؤمن ثمَّ يبْقى شرار الْخلق عَلَيْهِم تقوم السَّاعَة قَوْله

[8] بكر بن زرْعَة هُوَ خولاني شَامي لَيْسَ عِنْد المُصَنّف سوى هَذَا الحَدِيث وَلَيْسَ لَهُ عِنْد بَقِيَّة السِّتَّة شَيْء قَالَ فِي التَّقْرِيب عَمْرو بن الْأسود وَقد يصغر [9] قَامَ مُعَاوِيَة الخ لَعَلَّ غَرَض مُعَاوِيَة بن أبي سُفْيَان من رِوَايَة هَذَا الحَدِيث بِهَذِهِ الاهتمام الِاسْتِدْلَال على حَقِيقَة أشياعه وَأَتْبَاعه لِأَن الطَّائِفَة الظاهره الْغَالِبَة المنصورة فِي زَمَانه لم يكن الا هُوَ واتباعه فَلَو لم تكن تِلْكَ الطَّائِفَة على الْحق قَوَّامَة على أَمر الله لما صدق هَذَا الحَدِيث (إنْجَاح الْحَاجة) قَوْله الا وَطَائِفَة الخ قَالَ الْقُرْطُبِيّ أَي منصورون غالبون وَقَالَ الْحَافِظ بن حجر أَي غالبون على من خالفهم أَو المُرَاد بالظهور أَنهم غير مستترين بل مَشْهُورُونَ قَالَ وَالْأولَى أولى وَفِي رِوَايَة لمُسلم قاهرين (زجاجة) قَوْله من خذلهم أَي وَترك معانتهم (إنْجَاح) قَوْله [10] أبي أَسمَاء الرَّحبِي اسْمه عَمْرو بن مرْثَد وَيُقَال عبد الله ثِقَة من الثَّالِثَة كَذَا فِي التَّقْرِيب الرَّحبِي نِسْبَة الى رحبة الْكُوفَة (إنْجَاح) قَوْله حَتَّى يَأْتِي أَمر الله قَالَ الْقُرْطُبِيّ أَي السَّاعَة كَمَا قد جَاءَ مُفَسرًا فِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى وَقَالَ النَّوَوِيّ ثمَّ الْحَافِظ بن حجر المُرَاد بِأَمْر الله هبوب تِلْكَ الرّيح الَّتِي تقبض روح كل مُؤمن وَهُنَاكَ يتَحَقَّق خلو الأَرْض عَن مُسلم فضلا عَن عَالم فضلا عَن مُجْتَهد وَأما الرِّوَايَة بِلَفْظ حَتَّى تقوم السَّاعَة فَهِيَ مَحْمُولَة على اشرافها بِوُجُود أخر اشراطها (زجاجة) قَوْله [11] فَخط خطا الخ هَذَا الحَدِيث استدركه الْمزي فِي الْأَطْرَاف على أبي الْقَاسِم بن عَسَاكِر ثمَّ قَالَ لَيْسَ فِي السماع وَلم يذكرهُ بن عَسَاكِر وَسَيَأْتِي أَحَادِيث كَثِيرَة من هَذَا الْقَبِيل استدركها (إنْجَاح الْحَاجة) قَوْله ثمَّ وضع يَده الخ الظَّاهِر من قَوْله فِي الْخط الْأَوْسَط وَغَيره من سِيَاق الحَدِيث ان الخطوط الْأَرْبَعَة كَانَت موازية لِلْخَطِّ الْأَوْسَط وَيحْتَمل أَن يكون على أَنَّهَا كَانَت مقاطعة لَهُ تطبيقا لهَذِهِ الرِّوَايَة مَعَ الرِّوَايَة الْمَشْهُور فِي الْأُصُول (إنْجَاح الْحَاجة) قَوْله [14] من أحدث فِي أمرنَا هَذَا مَا لم يكن فِي أَمر الدّين من المأكل والمشأرب والملابس فَإِن الْإِنْسَان يسع لَهُ مَا صدر مِنْهُ فِي هَذِه الْأَشْيَاء وان كَانَ اتِّبَاعه عَلَيْهِ السَّلَام أولى من كل شَيْء (إنْجَاح الْحَاجة) قَوْله مَا لَيْسَ مِنْهُ أَي مَا لم يكن من وسائله فَإِن الْوَسِيلَة دَاخِلَة فِيهِ وَلِهَذَا قَالَ الشَّيْخ المجدد رضى الله عَنهُ ان الْعُلُوم الَّتِي هِيَ وَسَائِل الْأَمر الدّين كالصرف والنحو دَاخله فِي السّنة وَلَا يُطلق عَلَيْهَا سَام الْبِدْعَة فَإِن الْبِدْعَة عِنْده رَضِي الله عَنهُ لَيْسَ فِيهَا حسن الْبَتَّةَ وَلِهَذَا يَقُول تتْرك الْبِدْعَة الْحَسَنَة وان كَانَ نورها مثل فلق الصُّبْح فَإِن الْبِدْعَة لَا محَالة رَافِعَة للسّنة ان فعل شَيْئا لم يَفْعَله عَلَيْهِ السَّلَام كَانَ مُخَالفا لَهُ فِي ذَلِك وان لم يفعل شَيْئا فعله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ كَذَلِك وَلِهَذَا منع رض تلفظ بِالنِّيَّةِ عِنْد ابْتِدَاء الصَّلَاة فَإِنَّهُ يثبت عَنهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا عَن الصَّحَابَة وَلَا عَن أحد من الْمُجْتَهدين وَمن الْعلمَاء من يقسم الْبِدْعَة الى الْحَسَنَة والسيئة وَمَعَ ذَلِك قَالَ علماءنا ان اتيان السّنة وَلَو كَانَ أمرا يَسِيرا كادخال الرجل الْأَيْسَر فِي الخلا ابْتِدَاء أولى من الْبِدْعَة الْحَسَنَة وان كَانَ أمرا فخيما كبناء الْمدَارِس (إنْجَاح الْحَاجة) قَوْله

[15] ان رجلا من الْأَنْصَار قَالَ القَاضِي وَحكى الدَّاودِيّ ان هَذَا الرجل الَّذِي خَاصم الزبير كَانَ منافقا وَقَوله فِي الحَدِيث أَنه أَنْصَارِي لَا يُخَالف هَذَا لِأَنَّهُ كَانَ من قبيلتهم لَا من الْأَنْصَار الْمُسلمين قَوْله ان كَانَ قلت قَالَ الْعلمَاء لَو صدر مثل هَذَا الْكَلَام الَّذِي تكلم بِهِ الْأنْصَارِيّ الْيَوْم من انسان من نسبته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الى هوى كَانَ كفرا وَجَرت على قَائِله أَحْكَام الْمُرْتَدين قَالُوا إِنَّمَا تَركه النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَنَّهُ كَانَ فِي أول الْإِسْلَام يتألف النَّاس ويصبر على أَذَى الْمُنَافِقين وَيَقُول لَا يتحدث النَّاس أَن مُحَمَّدًا يقتل أَصْحَابه وَقد قَالَ الله تَعَالَى وَلَا تزَال تطلع على خَائِنَة مِنْهُم الا قَلِيلا مِنْهُم فَاعْفُ عَنْهُم وَاصْفَحْ هَكَذَا قَالَ القَاضِي وَالنَّوَوِيّ قَوْله احسب الخ هَكَذَا قَالَ طَائِفَة فِي سَبَب نُزُولهَا وَقيل نزلت فِي رجلَيْنِ تحاكما الى النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام فَحكم على أَحدهمَا فَقَالَ ارفعني الى عمر بن الْخطاب وَقيل فِي يَهُودِيّ ومنافق اخْتَصمَا الى النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلم يرض الْمُنَافِق بِحكمِهِ وَطلب الحكم عِنْد الكاهن قَالَ بن جرير يجوز انها نزلت فِي الْجَمِيع نووي هُوَ بِلَال سيوطي فِي تَهْذِيب التَّهْذِيب لِابْنِ حجر حَفْص بن عمر أَبُو عَمْرو وَيُقَال أَبُو عمر وَقَالَ شَيخنَا وَفِي الْأَطْرَاف بِخَط المُصَنّف وَأبي عمر حَفْص بن عمر والربالي انْتهى لَا تبتاعوا أَي لَا تشتروا وَقَوله وَلَا نظرة النظرة النَّسِيئَة وَقَوله يَا أَبَا الْوَلِيد هُوَ كنية عبَادَة رض (إنْجَاح) قَوْله لست فِيهَا وأمثالك هَذَا عطف على الضَّمِير الْمَرْفُوع الْمُتَّصِل بِدُونِ تأكيده بمنفصل بِوُقُوع الْفَصْل بَينه وَبَين الْمَعْطُوف عَلَيْهِ (إنْجَاح) قَوْله [19] فظنوا برَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الخ أَي فاقبلوه واعزموا عَلَيْهِ فَإِن الْوُجُوه الممكنة فِي فعل من أَفعاله أَو قَول من أَقْوَاله مُتعَدِّدَة أحْسنهَا مَا ثَبت عَنهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاسْتقر أَمر الصَّحَابَة عَلَيْهِ توضيح الْمقَام ان الشَّارِع رُبمَا يتَكَلَّم بِكَلَام وَيحْتَمل الْمعَانِي وَالْوُجُوه اما لعمومه أَو لاشتراكه واجماله أَو مجازه فَالَّذِي فِي قلبه زيغ يتبع مَا تشابه مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَة وابتغاء تَأْوِيله مثلا ورد نساءكم حرث لكم فَأتوا حَرْثكُمْ انى شِئْتُم أَي كَيفَ شِئْتُم فأحل الغبى الْإِتْيَان فِي الادبار وَمَا تَأمل النَّهْي الْوَارِد عَنهُ وَعَلِيهِ حُرْمَة اتيان الْحَائِض من جِهَة التقذر كَذَلِك حمل حَدِيث بن عَبَّاس جمع رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الظّهْر وَالْعصر فِي الْمَدِينَة بِلَا خوف وَلَا مطر مَعَ احْتِمَال الْجمع الصُّورِي على الْجمع الْحَقِيقِيّ مُخَالفَة لاجماع الْأمة وَالنَّص النَّاطِق أَن الصَّلَاة كَانَت على الْمُؤمنِينَ كتابا موقوتا وَهَكَذَا كل من خَالف الْإِجْمَاع من أهل الْأَهْوَاء بِظَاهِر النُّصُوص من الْفرق الضَّالة فَهَذَا الحَدِيث منطبق عَلَيْهِ لِأَنَّهُ أول النض على مُرَاده وَاللَّازِم أَن يحمل على الرَّسُول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا هُوَ مُنَاسِب لورعه وتقواه أَو فظنوا برَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي يَلِيق بِشَأْنِهِ من الْهدى والتقى فَإِنَّهُ لَا يَأْمُرنَا الا بِالْخَيرِ وان كَانَ بعض الْأُمُور مُخَالفا للطبع وَالْعَادَة فَإِن النَّفس مجبولة على الشَّرّ وَعَسَى أَن تكْرهُوا شَيْئا وَهُوَ خير لكم الْآيَة (إنْجَاح) قَوْله ثَنَا المَقْبُري هُوَ سعيد بن كيسَان يكنى بَابا سعد وَأَبوهُ يكنى بِأبي سعيد كَانَ ينزل بنواحي الْمقْبرَة فنسب إِلَيْهَا (إنْجَاح) قَوْله لَا أَعرفن وَفِي رِوَايَة لَا أَلفَيْنِ قَوْله على أريكته أَي سَرِيره المزين بالحلل والأثواب قيل المُرَاد بِهَذِهِ الصّفة الترفيه والدعة كَمَا هُوَ عَادَة المتكبر والمتجبر الْقَلِيل الاهتمام بِالدّينِ يَعْنِي لزم الْبَيْت وَقعد عَن طلب الْعلم وَالْمعْنَى لَا يجوز الاعراض عَن حَدِيثه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَان المعرض عَنهُ معرض عَن الْقُرْآن (مرقاه مُخْتَصرا) قَوْله مَا قيل من قَول لاخ هَذَا من قَول النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَي مَا نقل عني من قَول حسن فالقائل انا (إنْجَاح) قَوْله [22] قَالَ لرجل يَا بن أخي إِذا حدثتك الرجل هُوَ بن عَبَّاس لما عَارض أَبَا هُرَيْرَة فِي حَدِيث الْوضُوء مِمَّا مست النَّار قَائِلا انتوضأ من الدّهن انتوضأ من الْحَمِيم كَمَا فِي رِوَايَة التِّرْمِذِيّ (إنْجَاح) قَوْله قَالَ أَو دون ذَلِك أَو فَوق ذَلِك الخ احْتِيَاط فِي نقل الحَدِيث وَلذَا تردد وَقَالَ ذَلِك القَوْل (إنْجَاح) قَوْله [24] قَالَ أَو كَمَا قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمن الْآدَاب أَن لم يكن الحَدِيث مَحْفُوظًا بِلَفْظِهِ أَن يَقُول كَمَا قَالَ أَو غَيره (إنْجَاح) قَوْله [25] قَالَ كبرنا أَي بلغنَا حد الشيخوخة قَوْله والْحَدِيث عَن رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَدِيد وَفِيه تَرْجَمَة الْبَاب (إنْجَاح) قَوْله

[27] عبد الْعَظِيم الْعَنْبَري هُوَ نِسْبَة الى عنبر أبي حَيّ من تَمِيم (إنْجَاح) قَوْله فَإِذا ركبتم الصعب والذلول فهيهات أَي إِذا نقلتم الحَدِيث بِلَا إِدْرَاك وَتَحْقِيق وجئتم بِكُل شَيْء فلَان نَأْخُذ مِمَّا تنقولنه مِنْهُ الا مَا نظن صدقه فَأَما من نسي أَو أَخطَأ أَو نقل الحَدِيث من مُتَّهم على ظن صدقه فَلَيْسَ هُوَ مورد الْوَعيد إِذْ غَايَته انه ترك التَّحْقِيق والتدقيق كَمَا هُوَ شان الْمُحدثين الْمُحَقِّقين فَلَعَلَّهُ يُعَاتب فِي ذَلِك (إنْجَاح الْحَاجة لمولانا الْمُعظم الشَّيْخ عبد الْغَنِيّ المجددي الدهلوي المُهَاجر) [30] فَليَتَبَوَّأ الخ يُقَال تبوأ الدَّار إِذا اتخذ مسكنا وَهُوَ أَمر مَعْنَاهُ الْخَبَر يَعْنِي فَأن الله يبوءه وَتَعْبِيره بِصِيغَة الْأَمر للاهانة وَلذَا قيل الْأَمر فِيهِ للتهكم والتهديد إِذْ هُوَ ابلغ فِي التَّغْلِيظ وَالتَّشْدِيد من أَن يُقَال كَانَ مَقْعَده فِي النَّار وَمن ثمَّ كَانَ ذَلِك كَبِيرَة وَيُؤْخَذ من الحَدِيث ان من قَرَأَ حَدِيثه وَهُوَ يعلم ان يلحن فِيهِ سَوَاء كَانَ فِي ادائه أَو اعرابه يدْخل فِي هَذَا الْوَعيد الشَّديد لِأَنَّهُ بلحنه كَاذِب عَلَيْهِ وَفِيه إِشَارَة الى أَن من نقل حَدِيثا وَعلم كذبه يكون مُسْتَحقّا للنار الا أَن يَتُوب لَا من نقل من راو عَنهُ عَلَيْهِ السَّلَام أَو رأى فِي كتاب وَلم يعلم كذبه هَكَذَا فِي الْمرقاة وَالطِّيبِي قَوْله من كذب الخ قَالَ بن الصّلاح حَدِيث من كذب عَليّ متواتر فَإِن ناقله من الصَّحَابَة جم غفير قيل اثْنَان وَسِتُّونَ مِنْهُم الْعشْرَة المبشرة وَقيل لَا يعرف حَدِيث اجْتمع عَلَيْهِ الْعشْرَة الا هَذَا ثمَّ عدد الروَاة كَانَ فِي التزايد فِي كل قرن (طيبي) قَوْله من كذب على الخ استنبط مِنْهُ بعض الجهلة ق الروافض ان من قَالَ على رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا يكون نَافِعًا لامته لم يدْخل فِي مورد الحَدِيث فَإِن على للضَّرَر وَهُوَ قَول مَرْدُود مُخَالف لاجماع الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ لَيْسَ هَذَا مَحل بَيَانه (إنْجَاح الْحَاجة) قَوْله [35] إيَّاكُمْ وَكَثْرَة الحَدِيث حذر من كَثْرَة التحديث لقَوْله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ المكثر لَا يَأْمَن ان يدْخل شَيْء لَيْسَ مِنْهُ فَلْيحْفَظ (إنْجَاح الْحَاجة) قَوْله حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة وَمُحَمّد بن بشار من هُنَا الى اخر الْبَاب لَيْسَ عِنْد أبي قدامَة وَهَذَانِ الحديثان اوردهما الْمزي فِي الْأَطْرَاف ثمَّ نقل فِي كليهمَا عَن أبي الْقَاسِم أَنه قَالَ لكل وَاحِد من الْحَدِيثين لَيْسَ فِي سَمَاعي (إنْجَاح) قَوْله [38] فَهُوَ أحد الْكَاذِبين ضبط هَذَا اللَّفْظ بِصِيغَة التَّثْنِيَة وَالْجمع وَالْأول اشهر وَالْمرَاد مُسَيْلمَة الْكذَّاب وَالْأسود الْعَنسِي وهما ادّعَيَا النُّبُوَّة فِي زمن رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَوجه تَشْبِيه هَذَا الْكَاذِب بهما انهما ادّعَيَا نزُول الْوَحْي عَلَيْهِمَا وَهَذَا أَيْضا ادخل فِي الْوَحْي مَا لم يكن فِيهِ (إنْجَاح) قَوْله محم بن عَبدك الْكَاف فِي عَبدك عَلامَة التصغير فِي اللُّغَة الفارسية وَهَذَا الحَدِيث أوردهُ الْمزي فِي الْأَطْرَاف ثمَّ نقل عَن بن عَسَاكِر أَنه قَالَ لَيْسَ هَذَا فِي سَمَاعنَا وَلَيْسَ عِنْد أبي قدامَة أَيْضا (إنْجَاح الْحَاجة) قَوْله الْخُلَفَاء الرَّاشِدين الَّذين اتبعُوا رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قولا وفعلا وَعَملا وهم الْخُلَفَاء الْخَمْسَة بعده صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعنِي أَبَا بكر وَعمر وَعُثْمَان وعليا وَالْحسن رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم الَّذين ينطبق على خلافتهم هَذَا الحَدِيث الْخلَافَة بعدِي ثلثون سنة فَهَذِهِ الْخَمْسَة لَا شكّ لَاحَدَّ من أهل السّنة انهم موارد لحَدِيث الْخلَافَة وَمن الْعلمَاء من عمم كل من كَانَ على سيرته عَلَيْهِ السَّلَام وَمن الْعلمَاء وَالْخُلَفَاء كالأئمة الْأَرْبَعَة المتبوعين الْمُجْتَهدين وَالْأَئِمَّة العادلين كعمر بن عبد الْعَزِيز كلهم موارد لهَذَا الحَدِيث (إنْجَاح) قَوْله [43] وجلت الخ الوجل الْفَزع وذرفت الْعين تذرف جرى دمعها موعظة مُودع بِالْكَسْرِ وَالْإِضَافَة الَّتِي لَا يتْرك الْمُودع شَيْئا مِمَّا لَا بُد مِنْهُ أَن يعظ والنواجذ اخر الاضراس (إنْجَاح) قَوْله والسمع وَالطَّاعَة الخ قَالَ فِي النِّهَايَة أَي اطيعوا صَاحب الْأَمر واسمعوا لَهُ وان كَانَ عبدا فَحذف كَانَ وَهِي مُرَادة وَقَالَ الطَّيِّبِيّ هَذَا ورد على سَبِيل الْمُبَالغَة لَا التَّحْقِيق كَمَا جَاءَ من بني لله مَسْجِدا وَلَو كمفحص قطاة يَعْنِي لَا تتنكفوا عَن طَاعَة من ولي عَلَيْكُم وَلَو كَانَ أدنى خلق (زجاجة) قَوْله عضوا عَلَيْهَا الخ العض بالنواجذ مثل فِي التَّمَسُّك بهَا بِجَمِيعِ مَا يُمكن من الْأَسْبَاب الْمعينَة عَلَيْهِ كمن يتَمَسَّك بِشَيْء يَسْتَعِين عَلَيْهِ بِأَسْنَانِهِ استظهارا للمحافظة (زجاجة) قَوْله كل بِدعَة الخ هَذَا اللَّفْظ لَا يَسْتَقِيم الا على رَأْي من لم ير الْبِدْعَة حَسَنَة وَأما من يَقُول بالبدعة الْحَسَنَة فَعنده هَذَا عَام فخصوص مِنْهُ الْبَعْض وَتَحْقِيق قد مر (إنْجَاح) قَوْله

[43] من يَعش الخ قد وَقع كَمَا قَالَ عَلَيْهِ السَّلَام وَاخْتِلَاف كثير بَين الصَّحَابَة وَكَذَلِكَ الحروب الْوَاقِعَة بَينهم بِسَبَب الِاخْتِلَاف كحرب الْجمل والصفين وَغَيرهمَا وَكَذَلِكَ حروب الْخَوَارِج وَالرَّوَافِض فِي زمنهم واما الِاخْتِلَاف بخلافة الصّديق رَضِي الله عَنهُ فَزَالَ بِحَمْد الله تَعَالَى لاجماعهم وتوافقهم عَلَيْهَا (إنْجَاح) قَوْله كَالْجمَلِ الْأنف انف ككتف تَعْبِير اشْتَكَى انه من الْبرة كَذَا فِي الْقَامُوس فَالظَّاهِر من شَأْن الْبَعِير إِذا كَانَ فِي تِلْكَ الْحَالة أَنه يُطِيع صَاحبه حَيْثُ مَا قَادَهُ فالمؤمن تَحت أوَامِر الله ونواهييه منقاد ومطاع انجاح كَانَ هَذَا من حَدِيث أبي الْحسن الْقطَّان فَإِنَّهُ لم يذكرهُ فِي الْأَطْرَاف وَلَيْسَ فِي كتب أَسمَاء الرِّجَال ذكر لمُحَمد بن عَبدك من خطّ شَيْخه وَيَعْنِي عبد الله بن سَالم الْبَصْرِيّ [45] كَانَ الخ الْإِنْذَار التخويف وَهَذَا النَّوْع من الْإِنْذَار ابلغ فِي انزجار الْقُلُوب كَمَا أَن من شَأْن الْوَعْظ والنصيحة التسامح (إنْجَاح) قَوْله بعثت أَنا الخ انما قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِك لِأَن وجوده الشريف الْعَلامَة الأولى للساعة فبعدها عَلَامَات أخر وَلَيْسَ بَينه وَبَين السَّاعَة أمة سوى أمته فَإِذا هلك أمته قَامَت الْقِيَامَة (إنْجَاح الْحَاجة) قَوْله اَوْ ضيَاعًا أَي عيالا سمى ضيَاعًا لخوف هلاكهم وضياعهم فعلي أَي عَليّ اداءه ان كَانَ دينا والى نَفَقَة عِيَاله ان كَانَ عيالا (إنْجَاح الْحَاجة) قَوْله [46] هما اثْنَتَانِ أَي انما هما خصلتان اثْنَتَانِ فَإِن المرأ إِذا اقْتدى بهما حسن إِسْلَامه (إنْجَاح) قَوْله شَرّ الْأُمُور الخ قَالَ فِي النِّهَايَة جمع محدثه بِالْفَتْح وَهِي مَا لم يكن مَعْرُوفا فِي كتاب وَلَا سنة وَلَا إِجْمَاع وَقَالَ الطَّيِّبِيّ روى شَرّ بِالنّصب عطفا على اسْم أَن وبالرفع عطفا على مَحل ان مَعَ اسْمهَا (زجاجة) قَوْله وكل بِدعَة ضَلَالَة وَقَالَ فِي النِّهَايَة الْبِدْعَة بدعتان بِدعَة هدى وبدعة ضلال فَمَا كَانَ فِي خلاف مَا أَمر الله وَرَسُوله فَهُوَ فِي حيّز اللَّذَّة والانكار وَمَا كَانَ وَاقعا تَحت عُمُوم مَا ندب الله اليه وحض أَو رَسُوله فَهُوَ فِي حيّز الْمَدْح وَمَا لم يكن لَهُ مِثَال مَوْجُود كنوع الْجُود والسخاء وَفعل الْمَعْرُوف فَهُوَ من الْأَفْعَال المحمودة وَلَا يجوز أَن يكون ذَلِك فِي خلاف مَا ورد الشَّرْع بِهِ لِأَن النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد جعل لَهُ فِي ذَلِك ثَوابًا فَقَالَ من سنّ سنة حَسَنَة فَلهُ اجرها واجر من عمل بهَا وَقَالَ فِي ضدها من سنّ سنة سَيِّئَة فَعَلَيهِ وزرها ووزر من عمل بهَا وَذَلِكَ إِذا كَانَ فِي خلاف مَا أَمر الله وَرَسُوله وَمن هَذَا النَّوْع قَول عمر رَضِي الله عَنهُ فِي التَّرَاوِيح نعمت الْبِدْعَة وَهَذِه لما كَانَت من افعال الْخَيْر وداخلة فِي حيّز الْمَدْح سَمَّاهَا بِدعَة ومدحها لِأَن النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام لم يسنها لَهُم وانما صلاهَا ليَالِي ثمَّ تَركهَا وَلم يحافظ عَلَيْهَا وَلَا جمع النَّاس لَهَا وَمَا كَانَت فِي زمن أبي بكر وَإِنَّمَا جمع عمر النَّاس عَلَيْهَا وندبهم إِلَيْهَا فَبِهَذَا سَمَّاهَا بِدعَة وَهِي على الْحَقِيقَة سنة لقَوْله عَلَيْهِ السَّلَام عَلَيْكُم بِسنتي وَسنة الْخُلَفَاء الرَّاشِدين من بعدِي وَقَوله اقتدوا بالذين من بعدِي أبي بكر وَعمر وَعلي التَّأْوِيل يحمل قَوْله كل محدثة بِدعَة وَإِنَّمَا يُرِيد مِنْهَا مَا خَالف أصُول الشَّرِيعَة وَلم يُوَافق لسنة وَأكْثر مَا يسْتَعْمل الْبِدْعَة عرفا الذَّم انْتهى وَقَالَ النَّوَوِيّ قَوْله وكل بِدعَة ضَلَالَة عَام مَخْصُوص كَقَوْلِه تَعَالَى تدمر كل شَيْء وَقَوله وَأُوتِيت من كل شَيْء وَالْمرَاد بهَا غَالب الْبدع والبدعة كل شَيْء عمل على غير مِثَال سَابق وَفِي الشَّرْع احداث مَا لم يكن فِي عهد رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الامام أَبُو مُحَمَّد عبد الْعَزِيز بن عبد السَّلَام فِي أخر كتاب الْقَوَاعِد الْبِدْعَة مقسمة على خَمْسَة أَقسَام وَاجِبَة كالاشتغال بِعلم النَّحْو الَّذِي يفهم بِهِ كَلَام الله تَعَالَى وَكَلَام رَسُوله لَان حفظ الشَّرِيعَة وَاجِب وَلَا يَتَأَتَّى الا بذلك وَمَا لَا يتم الْوَاجِب الا بِهِ فَهُوَ وَاجِب وكحفظ غَرِيب الْكتاب وَالسّنة وكتدوين أصُول الْفِقْه وَالْكَلَام فِي الْجرْح وَالتَّعْدِيل ونميز الصَّحِيح من السقيم ومحرمة كمذاهب الْقَدَرِيَّة والجبرية والمرجية والمجسمة وَالرَّدّ على هَؤُلَاءِ من الْبدع الْوَاجِبَة لِأَن حفظ الشَّرِيعَة من هَذِه الْبدع فرض كَافِيَة ومندوبة كأحداث الرَّبْط والمدارس وكل إِحْسَان لم يعْهَد فِي الْعَصْر الأول وكالتراويح وَالْكَلَام فِي دقائق التصوف وكجمع المحافل للاستدلال فِي الْمسَائِل ان قصد بذلك وَجه الله ومكروه كزخرفة الْمَسَاجِد وتزويق المصاحب ومباحة كالمصافحة عقيب الصُّبْح وَالْعصر والتوسع فِي لذيذ المأكل والمشارب والملابس والمساكن وتوسيع الأكمام (زجاجة) قَوْله الا لَا يطولن الخ الامد الْمدَّة أَي لَا يلقين الشَّيْطَان فِي قُلُوبكُمْ طول الْبَقَاء فتقسوا أَي تغلظ قُلُوبكُمْ (إنْجَاح الْحَاجة) قَوْله والسعيد الخ أَي السعيد من قبل النصحية بِسَبَب غَيره من فَوت الاقارب والاحباب (إنْجَاح) قَوْله فان الْكَذِب الخ فِيهِ اشعار بِأَن من اختصل بخصال حميدة بِحَمْد بِمَحَامِد بليغة وَمن اختصل بخصال ردية يذم بقبائح شنيعة (إنْجَاح) قَوْله [47] عناهم الله أَي قصدهم الله تَعَالَى وَفِي رِوَايَة إِذا رَأَيْت فالخطاب لعَائِشَة ذمّ وَإِذا كَانَ بِصِيغَة الْجمع فالخطاب بعامة النَّاس فاحذروهم أَي فاحذورا عَن صحابتهم ومجالستهم فَإِن مصاحبة أهل الْبِدْعَة مَمْنُوعَة (إنْجَاح) قَوْله [49] أبي عبلة بِسُكُون الْمُوَحدَة اسْمه شمر بِكَسْر الْمُعْجَمَة كَذَا فِي التَّقْرِيب (إنْجَاح الْحَاجة) قَوْله

[51] ربض الْجنَّة هُوَ بِفَتْح الْبَاء الْمُوَحدَة مَا حولهَا خَارِجا عَنْهَا تَشْبِيها لَهَا بالامكنة الَّتِي تكون حول المدن وَتَحْت القلاع كَذَا فِي الْمجمع (إنْجَاح) قَوْله بَاب اجْتِنَاب الرَّأْي وَالْقِيَاس الي الْقيَاس المذموم وَهُوَ مَا كَانَ من جِهَة رَأْيه لَا الْقيَاس المستنبط من الْكتاب وَالسّنة فَإِنَّهُ فِي حكمهمَا وَأول من قَاس بِرَأْيهِ إِبْلِيس حَيْثُ قَالَ خلقتني من نَار وخلقته من طين (إنْجَاح) قَوْله رُؤَسَاء أَي خَليفَة وقاضيا ومفتيا واماما وشيخا وَهُوَ جمع رَأس أَو رءوساء جمع رَئِيس كِلَاهُمَا صَحِيح وَالْأول شهر (إنْجَاح) قَوْله الإفْرِيقِي نِسْبَة الى الافريقة هِيَ بِلَاد وَاسِعَة قبالة الأندلس كَذَا فِي الْقَامُوس (إنْجَاح) قَوْله فضل أَي فضول وزائد على الْحَاجة انجاح قَوْله السّنة الْقَائِمَة هِيَ الدائمة المستمرة الَّتِي الْعَمَل بهَا مُتَّصِل لم يتْرك وَالْفَرِيضَة العادلة أَي السِّهَام والمذكورة فِي الْكتاب وَالسّنة من غير جرح إِلَّا أَنَّهَا مستنبطة من الْكتاب وَالسّنة وَإِن لم يرد بهَا نَص كَذَا فِي الدّرّ النثير 12 إنْجَاح الْحَاجة [57] الطنافسي بِفَتْح الْمُهْملَة وَتَخْفِيف النُّون وَبعد الْألف فَاء ثمَّ مُهْملَة نِسْبَة الى التنافس جمع طنفسة وَهِي نوع من الْبسَاط (إنْجَاح) قَوْله [59] لَا يدْخل الْجنَّة الخ اسْتُفِيدَ مِنْهُ ان الْإِيمَان وَالْكبر لَا تجتمعان لِأَن الْمُؤمن يدْخل الْجنَّة الْبَتَّةَ والمتكبر لَا يدخلهَا فَالْمُرَاد من الْكبر الْكبر عَن احكام الله تَعَالَى الَّذِي هُوَ الْكفْر كَمَا ذكر فِي الْقُرْآن كَانُوا عَن اياتنا يَسْتَكْبِرُونَ وَالْمرَاد مُطلق الْكبر فَالْمُرَاد عَن الدُّخُول الدُّخُول الأولى (إنْجَاح) قَوْله [60] فَمَا مجادلة الخ أَي لَيْسَ مجالدة أحدكُم فِي الدُّنْيَا لخصمه فِي الْأَمر الْحق الَّذِي ثَبت وَتبين عِنْده ازيد واغلب أَشد من مجادلتهم لرَبهم فِي حق اخوانهم (إنْجَاح) قَوْله أبي عمر أَن الخ امسه عبد الْملك بن حبيب مَشْهُور بكنيته الْجونِي بِفَتْح الْجِيم وَسُكُون الْوَاو وَالنُّون مَنْسُوب الى الجون بطن من كِنْدَة (إنْجَاح) قَوْله حراورة جمع حرور كغملس هُوَ الْغُلَام الْقوي والضعيف ضِدّه كَذَا فِي الْقَامُوس وَالْمرَاد هَهُنَا هُوَ الأول (إنْجَاح) قَوْله [61] ثمَّ تعلمنا الخ اسْتُفِيدَ مِنْهُ ان تعلم علم العقائد قبل تعلم الْفِقْه وَالْقُرْآن (إنْجَاح) قَوْله [62] صنفان الخ هَذَا الحَدِيث أخرجه التِّرْمِذِيّ من هَذَا الطَّرِيق وَمن رِوَايَة الْقَاسِم بن حبيب وَقَالَ حسن غَرِيب وهذ انتقده الْحَافِظ سراج الدّين الْقزْوِينِي فِيمَا انتقده على المصابيح من الْأَحَادِيث زعم انها مَوْضُوعَة ورد عَلَيْهِ الْحَافِظ صَلَاح الدّين العلائي ثمَّ الْحَافِظ أَبُو الْفضل بن حجر قَالَ التوربشتي فِي شرح المصابيح الصِّنْف النَّوْع قيل المرجية هم الَّذين يَقُولُونَ الْإِيمَان قَول بِلَا عمل فيؤخرون الْعَمَل من القَوْل وَهَذَا غلط لأَنا وجدنَا أَكثر أَصْحَاب الْملَل والنحل ذكرُوا ان المرجية الجبرية الَّذين يَقُولُونَ بِإِضَافَة الْفِعْل الى العَبْد كاضافته الى الجمادات والجبرية خلاف الْقَدَرِيَّة وَسميت الجبرية المرجية لأَنهم يرحبون أَمر الله ويرتكبون الْكَبَائِر يذهبون فِي ذَلِك الى الافراط كَمَا تذْهب الْقَدَرِيَّة الى التَّفْرِيط وكلا الْفرْقَتَيْنِ على شفا جرف هار والقدرية إِنَّمَا نسبوا الى الْقدر وَهُوَ مَا يقدره الله تَعَالَى لأَنهم يدعونَ أَن كل عبد خَالق فعله من الْكفْر وَالْمَعْصِيَة وَنَفَوْا أَن ذَلِك بِتَقْدِير الله تَعَالَى قَالَ وَقَوله لَيْسَ لَهما نصيب فِي الْإِسْلَام رُبمَا يتَمَسَّك بِهِ من يكفر الْفَرِيقَيْنِ وَالصَّوَاب أَن لَا يُسَارع الى تَكْفِير هَل الْأَهْوَاء المتاؤلين لأَنهم لَا يقصدون بذلك اخْتِيَار الْكفْر وَقد بذلوا وسعهم فِي إِصَابَة الْحق فَلم يحصل لَهُم غير مَا زَعَمُوا فهم اذن بِمَنْزِلَة الْجَاهِل والمجتهد الْمُخطئ وَهَذَا القَوْل هُوَ الَّذِي ذهب اليه الْمُحَقِّقُونَ من الْعلمَاء وَقد احتاطوا احْتِيَاطًا فيجرى قَوْله لَيْسَ لَهما نصيب مجْرى الاتساع فِي بَيَان سوء حظهم وَقلة نصِيبهم من الْإِسْلَام نَحْو قَوْلك الْبَخِيل لَيْسَ لَهُ نصيب انْتهى زجاجة مُخْتَصرا قَوْله [63] يَا مُحَمَّد لَعَلَّ هَذَا نقل بِالْمَعْنَى فَإِن النداء بيا مُحَمَّد لَا يجوز لَهُ عَلَيْهِ السَّلَام وَقَالَ الله تَعَالَى لَا تجْعَلُوا دُعَاء الرَّسُول بَيْنكُم كدعاء بَعْضكُم بَعْضًا وَقيل الْخطاب مَخْصُوص لبني ادم لَا بِالْمَلَائِكَةِ ويردان نزُول جِبْرَائِيل كَانَ لتعليم الْأمة فيناسب ان يُنَادي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا يجوز لَهَا وَيُؤَيّد التَّأْوِيل الأول الحَدِيث الأتي فَإِن النداء فِيهِ بيا رَسُول الله (إنْجَاح) قَوْله مَا الْإِيمَان الْإِيمَان وَالْإِسْلَام يترادفان تَارَة كَقَوْلِه تَعَالَى فأخرجنا من كَانَ فِيهَا من الْمُؤمنِينَ فَمَا وجدنَا فِيهَا غير بَيت من الْمُسلمين وَتارَة يُطلق الْإِسْلَام على الانقياد الظَّاهِرِيّ والايمان على الاذعان القلبي كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى قَالَت الاعراب آمنا قل لم تؤمنوا وَلَكِن قُولُوا أسلمنَا (إنْجَاح) قَوْله كَأَنَّك ترَاهُ وَهُوَ الَّذِي تسميه الصُّوفِيَّة بالعرفان وَيُسمى الأول بِالْمُشَاهَدَةِ وَالثَّانِي بالحضور القلبي الَّذِي يُسمى فِي اصْطِلَاح النقشبندية بنسبت يادداشت (إنْجَاح) قَوْله ربتها الرب السَّيِّد والربة السيدة وَأشهر مَا قيل فِي قَوْله ان تَلد الْأمة ربتها ان السَّبي والغنائم تكْثر وَالنَّاس يبالغون فِي اتِّخَاذ السراري فعده من العلامات يجوزان يكون لاعراض النَّاس عَن سنة النِّكَاح وَيجوز أَن يكون لظُهُور الدّين واتساع رقْعَة الْإِسْلَام ويلي ذَلِك قيام السَّاعَة وَقيل المُرَاد أَنه يفشي العقوق حَتَّى يقهر الْوَلَد أمه قهره كسيد أمته وَقيل المُرَاد أَن النَّاس لَا يحتاطون فِي أَمر الْجَوَارِي وَقد يَنْتَهِي الى أَن تبَاع أُمَّهَات الْأَوْلَاد وَرُبمَا يَقع فِي يَد ابْنهَا وَهُوَ لَا يدْرِي انها أمه وتسميه الْوَلَد رَبًّا وربة على الأول بِاعْتِبَار أَنه فِي الْحُرِّيَّة والشرف كسيدها الْمُنعم عَلَيْهَا بِالْعِتْقِ (زجاجة مَعَ اخْتِصَار) قَوْله

[64] فِي خمس الخ فَإِن قيل كَيفَ ينْحَصر علم الْغَيْب فِي الْخَمْسَة مَعَ المغيبات سواهَا بِكَثْرَة لَا يعلمهَا الا الله قيل هَذِه الْخَمْسَة امهاتها واصولها واما مَا صدر عَن الْأَوْلِيَاء من إِظْهَار بَعْضهَا كَمَا ان الصّديق أخبر بِأَن مَا فِي بطن خَارِجَة زَوجته بنت فتوفى وَولدت بعد وَفَاته أم كُلْثُوم بنته فَهَذَا من الظَّن لَا من الْعلم (إنْجَاح الْحَاجة) [65] الْإِيمَان معرفَة الخ هَذَا الحَدِيث لَا يَصح عِنْد الْمُحدثين وحكموا عَلَيْهِ بِالْوَضْعِ والافة فِيهِ من أبي الصَّلْت الْهَرَوِيّ لِأَنَّهُ عبد السَّلَام بن صَالح بن سُلَيْمَان مولى قُرَيْش قَالَ الْعقيلِيّ أَنه كَذَّاب وَقَالَ فِي التَّقْرِيب صَدُوق لَهُ مَنَاكِير وَكَانَ يتشيع وَحكم بن الْجَوْزِيّ أَيْضا بِوَضْعِهِ قَالَ عَليّ الْقَارِي فِي كتاب الصِّرَاط الْمُسْتَقيم لمجد الدّين الفيوز أبادي الحَدِيث الْمَشْهُور الْإِيمَان قَول وَعمل وَيزِيد وَينْقص والايمان لَا يزِيد وَلَا ينقص كُله غير صَحِيح وَذكر الزَّرْكَشِيّ فِي أول كِتَابه عَن البُخَارِيّ أَنه سُئِلَ عَن حَدِيث الْإِيمَان لَا يزِيد وَلَا ينقص فَكتب من حدث بِهَذَا اسْتوْجبَ الضَّرْب الشَّديد وَالْحَبْس الطَّوِيل (إنْجَاح) قَوْله الْإِيمَان معرفَة بِالْقَلْبِ الخ اورد بن الْجَوْزِيّ هَذَا الحَدِيث فِي الموضوعات وَقَالَ أَبُو الصَّلْت مُتَّهم لَا يجوز الِاحْتِجَاج بِهِ قَالَ وَتَابعه عَن عَليّ بن مُوسَى عبد الله بن أَحْمد الطَّائِي وَهُوَ يروي عَن أهل الْبَيْت نُسْخَة بَاطِلَة وعَلى بن غراب وَهُوَ سَاقِط يحدث الموضوعات وَمُحَمّد بن سهل البَجلِيّ وَدَاوُد بن سُلَيْمَان وهما مَجْهُولَانِ وَالْحق أَن الحَدِيث لَيْسَ بموضوع وثقة بن معِين وَقَالَ لَيْسَ مِمَّن يكذب وَقَالَ فِي الْمِيزَان رجل صَالح الا أَنه شيعي وعَلى بن غراب روى عَنهُ النَّسَائِيّ وَبَان ماجة ووثق بن معِين وَالدَّارَقُطْنِيّ قَالَ أَحْمد مَا أرَاهُ الا انه كَانَ صَدُوقًا قَالَ الْخَطِيب كَانَ غاليا فِي التَّشَيُّع واما رواياته فقد وصفوها بِالصّدقِ وَذكر الْمزي فِي التَّهْذِيب متابعات لهَذَا الحَدِيث قلت وَوجدت لَهُ متابعات اخر أخرجه الْبَيْهَقِيّ وَابْن السّني والديلمي وَغَيرهم زجاجة مُخْتَصرا قَوْله [67] حَتَّى أكون الخ قَالَ الْبَيْضَاوِيّ لم يرو حب الطَّبْع بل أَرَادَ حب الِاخْتِيَار الْمُسْتَند الى الْإِيمَان الْحَاصِل من الِاعْتِقَاد لِأَن حب الْإِنْسَان لنَفسِهِ وَولده طبع مركوز غريزي خَارج عَن حد الِاسْتِطَاعَة وَلَا يُكَلف الله نفسا الا وسعهَا وَلَا سَبِيل الى قلبه وهواه وان كَانَ فِيهِ هَلَاكه قَالَ الطَّيِّبِيّ قَوْله لَا سَبِيل الى قلبه لَيْسَ بِمُطلق وَذَلِكَ ان الْمُحب قد يَنْتَهِي فِي الْمحبَّة الى ان يتَجَاوَز الْحَد فيؤثر هوى المحبوب على نَفسه فضلا عَن وَلَده (زجاجة) قَوْله لَا تدْخلُوا الخ يحصل من مَجْمُوع الجملتين ان لَا تدْخلُوا الْجنَّة حَتَّى تحَابوا فَالْمُرَاد بِالدُّخُولِ الدُّخُول الأولى والا فَمن آمن بِاللَّه وَرَسُوله وان لم يعْمل بِعَمَل قطّ يدْخل الْجنَّة (إنْجَاح) قَوْله هرج الْأَحَادِيث الْهَرج بِفَتْح فَسُكُون الْفِتْنَة والاختلاط كَذَا فِي الْمجمع يَعْنِي قبل اخْتِلَاط الْأَحَادِيث من قبل أنفسهم فِي الدّين الْمنزل (إنْجَاح) قَوْله فِي آخر مَا نزل أَي فِي سُورَة بَرَاءَة فَالْمُرَاد من الاخر الاخر الاضافي لَا التحقيقي لِأَن آخر الْآيَات على أصح الْأَقْوَال وَاتَّقوا يَوْمًا ترجعون فِيهِ الى الله الخ ذكره الْبَغَوِيّ فِي المعالم قَوْله قَالَ خلع الْأَوْثَان الخ الْقَائِل أنس بن مَالك أَي التَّوْبَة هِيَ خلع الْأَوْثَان أَي ترك عبادتها وَآخر الْآيَة فَخلوا سبيلهم ان الله غَفُور رَحِيم (إنْجَاح) قَوْله وَأَقَامُوا الخ لم يذكر الْجمع مَعَ أَنه أَيْضا فرض فَلَعَلَّ وَجهه ان الْمُشْركين كَانُوا مقرين لِلْحَجِّ وَلم يَكُونُوا مقرين للصلوة وَالزَّكَاة فَلهَذَا اهتم الله تَعَالَى بشأنهما وَأَيْضًا الصَّلَاة وَالزَّكَاة تتكرران وَلَا يتَكَرَّر الْحَج (إنْجَاح) قَوْله [74] الْإِيمَان يزِيد الخ قَالَ بن حجر ذهب السّلف الى أَن الْإِيمَان يزِيد وَينْقص وَأنْكرهُ أَكثر الْمُتَكَلِّمين قَالَ النَّوَوِيّ والاظهر ان التَّصْدِيق يزِيد وَينْقص بِكَثْرَة النّظر ووضح الْأَدِلَّة وايمان الصّديق رَضِي الله عَنهُ أقوى من ايمان غَيره قلت وَالْحق ان النزاع بَينهم نزاع لَفْظِي وَمَال كَلَامهم وَاحِد (فَخر) قَوْله

[76] فَيُؤْمَر بِأَرْبَع كَلِمَات لكتابتها وشقي أم سعيد خبر مُبْتَدأ مَحْذُوف أَي هُوَ شقي أم سعيد وَهَذِه كِتَابَة ثَانِيَة وَالْكِتَابَة الأولى قد كتبت قبل خلق ادم عَلَيْهِ إِسْلَام (إنْجَاح) قَوْله حَتَّى مَا يكون الخ قَالَ الْقَارِي فِي الحَدِيث تَنْبِيه على أَن السالك يَنْبَغِي أَن لَا يغتر بِأَعْمَالِهِ الْحَسَنَة ويجتنب الْعجب وَالْكبر والأخلاق السَّيئَة وَيكون بَين الْخَوْف والرجاء وَمُسلمًا بالرضاء تَحت حكم الْقَضَاء وَكَذَا إِذا صدرت مِنْهُ الْأَعْمَال السَّيئَة فَلَا ييأس من روح الله فَإِنَّهَا إِذا امدت عين الْعِنَايَة الحقت الْآخِرَة بالسابقة وَكَذَا الْحَال بِالنِّسْبَةِ الى الْغَيْر فِي الْأَعْمَال فَلَا يحكم لَاحَدَّ انه من أهل الْجنَّة والدرجات وان عمل بأعمل من الطَّاعَات أَو ظهر عمله من خوارق الْعَادَات وَلَا يحكم فِي حق أحد أَنه من أهل النَّار أَو الْعُقُوبَات وَلَو صدر مِنْهُ جَمِيع السَّيِّئَات والمظالم والتبعات فَإِن الْعبْرَة بخواتيم الْحَالَات وَلَا يطلع عَلَيْهَا غير عَالم الْغَيْب والشهادات مرقاه قَالَ فِي الديباجة مَوْضُوع وَكَذَا قَالَ بن رَجَب الزبيرِي فِي شَرحه على هَذَا الْكتاب تابعين فِي ذَلِك بن الْجَوْزِيّ وَقَالَ السُّيُوطِيّ وَالْحق ان الحَدِيث لَيْسَ بموضوع وَبَين ذَلِك فِي حَاشِيَته على هَذَا الْكتاب من خطّ شَيخنَا حَدِيث أبي حَاتِم لم يذكرهُ فِي الْأَطْرَاف فَكَأَنَّهُ من زيادات أبي الْحسن الْقطَّان [77] لعذبهم وَهُوَ غير ظَالِم لَهُم قَالَ الطَّيِّبِيّ فِيهِ إرشاد وَبَيَان شاف لإِزَالَة مَا طلب مِنْهُ لِأَن هدم بِهِ قَاعِدَة القَوْل بالْحسنِ والقبح عقلا لِأَن مَالك السَّمَاوَات وَالْأَرْض وَمَا فِيهِنَّ يتَصَرَّف فِي ملكه كَيفَ يَشَاء فَلَا يتَصَوَّر مِنْهُ الظُّلم لِأَنَّهُ لَا يتَصَرَّف فِي ملك غَيره ثمَّ عطف عَلَيْهِ قَوْله وَلَو رَحِمهم الخ ايذانا بِأَن رَحمته لِلْخلقِ لَيست بايجابهم ومسببة عَن اعمالهم بل هُوَ فضل وَرَحْمَة وَلَو يَشَاء ان يُصِيب برحمته الْأَوَّلين والاخرين لَا يخرج ذَلِك عَن حكمته (زجاجة) قَوْله مَا قبل مِنْك الخ هَذَا دَلِيل على أَن الْأَعْمَال وَالصَّدقَات تقبل مَعَ الْإِيمَان فَإِذا لم يكن الرجل مُؤمنا أَو كَانَ فِي ايمانه نُقْصَان كالمبتدع والزنادق لَا يقبل مِنْهُم اعمالهم اما إِذا كَانَ خَالِصا فِي ايمان وان ارْتكب الْمعاصِي فَشَأْنه لَيْسَ كَذَلِك (إنْجَاح) قَوْله ان مت على غير هَذَا أَي غير هَذَا الِاعْتِقَاد دخلت النَّار دُخُول غير الخلود لِأَن أهل الْقبْلَة يُعَذبُونَ فِي النَّار ثمَّ يخرجُون (إنْجَاح) قَوْله ان تَأتي أخي عبد الله بن مَسْعُود انما أرْسلهُ الى عبد الله وَهُوَ الى حُذَيْفَة وَهُوَ الى زيد لِيَزْدَادَ طمأنينة قلب السَّائِل (إنْجَاح) قَوْله [79] واستعن بِاللَّه الخ أَي لَا تعتمد فِي حرصك على نَفسك فَعَسَى ان تحبوا شَيْئا وَهُوَ شَرّ لكم فَإِذا استعنت بِاللَّه عز وَجل فَإِنَّهُ تَعَالَى لَا يعينك الا بِمَا هُوَ خير لَك وَلَا تعجز أَي لَا تعتذر عَن ترك أَعمال الْبر قَائِلا بِأَنَّهُ لَو كَانَت مقدرَة لي لفَعَلت تِلْكَ فَإِن هَذَا من الشَّيْطَان وَلِهَذَا قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لعَلي حِين أيقظه لصَلَاة اللَّيْل فَاعْتَذر وَقَالَ أَنْفُسنَا بيد الله لَو شَاءَ لبعثنا فَقَالَ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ الْإِنْسَان أَكثر شَيْء جدلا (إنْجَاح) قَوْله فحج آدم مُوسَى أَي غَلبه بِالْحجَّةِ وَلَا يُمكن مثله لكل عَاص لِأَنَّهُ مَا دَامَ فِي دَار التَّكْلِيف فَفِي لومه زجر وعبرة لغيره وآدَم عَلَيْهِ السَّلَام خرج عَن دَار التَّكْلِيف وَغفر ذَنبه فَلم يبْق فِي لومه سوء التخجيل وَقيل إِنَّمَا احْتج فِي خُرُوجه من الْجنَّة بِأَن الله تَعَالَى خلقه ليجعل خَليفَة فِي الأَرْض لَا أَنه نفى عَن نَفسه الذَّنب (إنْجَاح) قَوْله لَا يُؤمن عبد الخ قَالَ الْمظهر هَذَا النَّفْي أصل الْإِيمَان لَا نفي الْكَمَال فَمن لم يُؤمن بِوَاحِد من الْأَرْبَعَة لم يكن مُؤمنا (زجاجة) قَوْله [82] طُوبَى لهَذَا عُصْفُور الخ إِنَّمَا انكر صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا القَوْل على عَائِشَة لِأَنَّهَا شهِدت لَهُ بِالْإِيمَان وطفل الْمُسلم وانكان تَابعا لِأَبَوَيْهِ وَلَكِن ايمان الابوين لَا يجْزم عَلَيْهِ وَأما اطفال الْمُشْركين ففيهم أقاويل وَسكت أَبُو حنيفَة فِي هَذِه المسئلة وَقَالَ بَعضهم هم من أهل الْجنَّة لأَنهم لم يعملوا شرا وَقَالَ بَعضهم هم فِي النَّار تبعا لِآبَائِهِمْ لقَوْله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الوائدة والمؤودة كِلَاهُمَا فِي النَّار وَقَالَ بَعضهم هم من خدام أهل الْجنَّة وَقَالَ الشَّيْخ المجدد رَضِي الله عَنهُ حكم سكان شَوَاهِق الْجبَال وَحكم اطفال الْمُشْركين كَحكم الْبَهَائِم يحشرون ثمَّ يصيرون تُرَابا لِأَن الْجنَّة جَزَاء الْأَعْمَال قَالَ الله تَعَالَى تِلْكَ الْجنَّة الَّتِي اورثتموها بِمَا كُنْتُم تَعْمَلُونَ وَالنَّار بعد تَبْلِيغ الرُّسُل وَالصَّبِيّ لم يُشَاهد رَسُولا قطّ قَالَ الله تَعَالَى وَمَا كُنَّا معذبين حَتَّى نبعث رَسُولا (إنْجَاح) قَوْله طُوبَى لهَذَا عُصْفُور الخ قَالَ الطَّيِّبِيّ هَذَا لَيْسَ من بَاب التَّشْبِيه إِذْ لَيْسَ المُرَاد ان هُنَا عصفورا وَهَذَا مشابه لَهُ وَلَيْسَ من بَاب الِاسْتِعَارَة لِأَن الطَّرفَيْنِ مذكوران إِذا التَّقْدِير هُوَ عُصْفُور والمقدر كالملفوظ بل هُوَ من بَاب الاوباح كَقَوْلِه تَحِيَّة بَينهم ضرب وَجمع وَقَوْلهمْ الْقَلَم أحد اللسانين جعل بالادعاء التَّحِيَّة والقلم ضَرْبَيْنِ أَحدهمَا الْمُتَعَارف وَالْمرَاد غير الْمُتَعَارف فَجعلت العصفور صنفين الْمُتَعَارف والاطفال من أهل الْجنَّة وبينت بقولِهَا من عصافير الْجنَّة ان المُرَاد الثَّانِي وَقَوْلها لم يعْمل السوء بِبَيَان لالحاق الطِّفْل بالعصوفر وَجعل مِنْهُ كَمَا جعل الْقَلَم لِسَانا بِوَاسِطَة افصاحهما عَن الْأَمر الْمُضمر (زجاجة) قَوْله أَو غير ذَلِك فِي الْفَائِق الْهمزَة للاستفهام وَالْوَاو عاطفة على مَحْذُوف وَغير مَرْفُوع لعامل مُضْمر تَقْدِيره وَقع هَذَا أَو غير ذَلِك وَيجوز أَن يكون أَو الَّتِي لَاحَدَّ الامرين أَي الْوَاقِع هَذَا أَو غير ذَلِك قَالَ الطَّيِّبِيّ يجوز أَن يكون بِمَعْنى بل كَأَنَّهُ صلى اله عَلَيْهِ وَسلم لم يرتض بقولِهَا فَاضْرب عَنهُ واثبت مَا يُخَالِفهُ لما فِيهِ من الحكم والجزم بِتَعْيِين ايمان أَبَوي الصَّبِي أَو أَحدهمَا إِذْ هُوَ تبع لَهما وَيرجع معنى الِاسْتِفْهَام الى هَذَا لِأَنَّهُ إِنْكَار للجزم وَتَقْرِير لعدم التَّعْيِين قَالَ وَلَعَلَّ المُرَاد كَانَ قبل إِنْزَال مَا انْزِلْ عَلَيْهِ فِي ولدان الْمُؤمنِينَ قَالَ النَّوَوِيّ اجْمَعْ من يعْتد بِهِ ان من مَاتَ من اطفال الْمُسلمين فَهُوَ من أهل الْجنَّة لِأَنَّهُ لَيْسَ مُكَلّفا وَتوقف من لَا يعْتد بِهِ للْحَدِيث وَالْجَوَاب أَن النَّهْي اما للمسارعة الى الْقطع بِلَا دَلِيل يكون عِنْدهَا قَاطع أَو لِأَنَّهُ قبل أَن يعلم أَن اطفال المسملين فِي الْجنَّة مِصْبَاح الزجاجة للسيوطي قَوْله

[85] عَن عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده قَالَ الامام النَّوَوِيّ أنكر بَعضهم حَدِيث عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده باعتبارات شعيبا سمع من مُحَمَّد هُوَ أَبوهُ عَن جده عبد الله بن عَمْرو فَيكون حَدِيثه مُرْسلا لَكِن الصَّحِيح أَنه سمع من جده عبد الله فَحَدِيثه لهَذَا الطَّرِيق مُتَّصِل مِصْبَاح الزجاجة [86] يحيى بن أبي حَيَّة بِمُهْملَة وتحتية أَبُو جناب بجيم وَنون خَفِيفَة وأخره مُوَحدَة هُوَ مَشْهُور بهَا ضَعَّفُوهُ لِكَثْرَة تدليسه وَأَبوهُ أَبُو حَيَّة مَجْهُول كَذَا فِي التَّقْرِيب (إنْجَاح الْحَاجة) قَوْله لَا عدوى لاخ هَذَا الحَدِيث يُعَارضهُ الحَدِيث الثَّانِي وَهُوَ لَا يُورد ممرض على مصحح وهما صَحِيحَانِ فَيجب الْجمع بَينهمَا فَأَقُول يُمكن الْجمع بِأَن يُقَال ان فِي حَدِيث لاعد وَبَيَان ابطال مَا كَانَت الْجَاهِلِيَّة تعتقده أَن الْمَرَض يعدي بطبعها لَا بِفعل الله تَعَالَى وَفِي الحَدِيث لَا يُورد الخ إرشاد الى الِاحْتِرَاز مِمَّا يحصل الضَّرَر عِنْده فِي الْعَادة بِفعل الله تَعَالَى وَقدره لَا بطبعها (فَخر) قَوْله لَا طيرة قَالَ النَّوَوِيّ الطير التشاؤم وَأَصله الشَّيْء الْمَكْرُوه من قَول أَو فعل أَو مرئي وَكَانُوا يَتَطَيَّرُونَ بالسوانج والبوارح فينفرون الظباء والطيور فَإِن أخذت ذَات الْيَمين تبركوا بِهِ ومضوا فِي سفرهم وحوائجهم وان أخذت ذَات الشمَال رجعُوا عَن سفرهم وحاجتهم وتشاءموا بهَا فَكَانَت تصدهم فِي كثير من الْأَوْقَات عَن مصالحهم فنفى الشَّرْع ذَلِك وأبطله وَنهى عَنهُ وَأخْبر أَنه لَيْسَ لَهُ تَأْثِير بنفع وَلَا ضرّ فَهَذَا معنى قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام لَا طيرة وَفِي حَدِيث أخر الطَّيرَة شرك أَي اعْتِقَاد أَنَّهَا تَنْفَع أَو تضر إِذْ عمِلُوا بمقتضاها معتقدين تأثيرها فَهُوَ شرك لأَنهم جعلُوا لَهَا اثرا فِي الْفِعْل والايجاد قَوْله وَلَا هَامة قَالَ جُمْهُور أهل اللُّغَة بتَخْفِيف الْمِيم وَقَالَت طَائِفَة بتشديدها قَالَ الْقَارِي وَهُوَ اسْم طير يتشاءم بهَا النَّاس وَهُوَ طير كَبِير يضعف بَصَره بِالنَّهَارِ ويطير بِاللَّيْلِ ويصوت وَيُقَال لَهُ بوم وَقيل كَانَت الْعَرَب تزْعم ان عِظَام الْمَيِّت إِذا بليت تصير هَامة تخرج من الْقَبْر وتتردد وَتَأْتِي أَخْبَار أَهله وَقيل كَانَت الْعَرَب تزْعم أَنه روح الْقَتِيل الَّذِي لَا يدْرك ثباره تصير هَامة فَتَقول اسقوني اسقوني فَإِذا أدْرك ثباره طارت فَأبْطل صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِك الِاعْتِقَاد (مرقاة) قَوْله [89] اعزل عَنْهَا الْعَزْل اراقة الْمَنِيّ خَارج الْفرج خوفًا من تعلق الْوَلَد وَهُوَ جَائِز من أمته بِلَا اذن وَمن الْحرَّة بأذنها وَمن امة الْغَيْر بِإِذن سَيِّدهَا وَلَكِن التّرْك أولى هَكَذَا قَالَ الْفُقَهَاء الْحَنَفِيَّة (إنْجَاح) قَوْله [90] لَا يزِيد فِي الْعُمر الا الْبر قيل إِنَّمَا إِذا بر فَلَا يضيع عمره فَكَأَنَّهُ يُزَاد فِي الْعُمر حَقِيقَة قَالَ النَّوَوِيّ إِذا علم الله ان زيدا يَمُوت سنة كَذَا فالمحال أَن يَمُوت قبلهَا أَو بعْدهَا فالاجال الَّتِي علم الله لَا يزِيد وَلَا ينقص فَتعين تَأْوِيل الزِّيَادَة انها بِالنِّسْبَةِ الى ملك الْمَوْت أَو غَيره مِمَّن وكل بِقَبض الْأَرْوَاح وَأمر بِالْقَبْضِ بعد اجال محدودة فَإِنَّهُ تَعَالَى بعد ان يَأْمُرهُ بذلك أَو يثبت فِي اللَّوْح الْمَحْفُوظ ينقص مِنْهُ أَو يزِيد على مَا سبق بِهِ علمه فِي كل شَيْء وَهُوَ معنى قَوْله يمحو الله مَا يَشَاء وَيثبت الخ 12 قَوْله وَلَا يرد الْقدر الخ فِي تَأْوِيله وَجْهَان أَحدهمَا أَن يُرَاد بِالْقدرِ مَا يحافظ مِمَّا يخافه العَبْد من نزُول الْمَكْرُوه ويتوقاه فَإِذا أوفق للدُّعَاء دفع الله عَنهُ فَتكون تَسْمِيَته بِالْقدرِ مجَازًا وَالثَّانِي ان يُرَاد بِهِ الْحَقِيقَة وَمعنى رد الدُّعَاء الْقدر تهوينه وتيسير لِلْأَمْرِ فِيهِ حَتَّى يكون الْقَضَاء النَّازِل كَأَنَّهُ لم ينزل بِهِ وَيُؤَيِّدهُ الدُّعَاء ينفع مِمَّا ينزل وَمِمَّا لم ينزل هَذَا حَاص مَا قَالَه التوربشتي قَوْله ان مجوس الخ شبه منكري الْقدر بالمجوس لِأَن الْمَجُوس يثبتون الهين يزدْ ان للخير واهرمن للشر والقدرية يثبتون الِاخْتِيَار لكل عبد ويسلبون عَن رَبهم وَيَقُولُونَ ان خَالق الشَّرّ لَيْسَ هُوَ الله تَعَالَى لِأَن الاصلح وَاجِب عَلَيْهِ وَلِهَذَا قَالَ علماءنا الْمُعْتَزلَة اسوء حَالا من الْمَجُوس لِأَن الْمَجُوس يثبتون الهين وَهَؤُلَاء يثبتون الهة كَثِيرَة (إنْجَاح) قَوْله

[93] اني ابرأ الخ قَالَ القَاضِي أصل الْخلَّة الافتقار وَمن الروع وَهُوَ الْخَوْف فترحم أَي قَالَ رَحْمَة الله عَلَيْك مَعَ صاحبيك أَي فِي الدّين والبعث يَوْم الْحَشْر والمرافق فِي الْجنَّة (إنْجَاح الْحَاجة) [95] كهول أهل الْجنَّة الكهول بِضَم الْكَاف جمع كهل وَهُوَ من انْتهى شبابه وَهُوَ من الرِّجَال من زَاد على ثَلَاثِينَ سنة الى أَرْبَعِينَ وَقيل من ثَلَاث وَثَلَاثِينَ الى الْخمسين وصفهما بالكهولة بِاعْتِبَار مَا كَانُوا فِي الدُّنْيَا والا فَلَا كهل فِي الْجنَّة فَالْمَعْنى سيد امن مَاتَ كهلا من الْمُسلمين وَقيل أَرَادَ هَهُنَا الْحَلِيم الْعَاقِل أَي يدخلهما الله الْجنَّة عُلَمَاء عقلاء لمعات قَوْله أَي أَصْحَابه كَانَ احب اليه الخ اعْلَم ان الْمحبَّة تخْتَلف بالأسباب والاشخاص فقد يكون للجزئية وَقد يكون بِسَبَب الْإِحْسَان وَقد يكون بِسَبَب الْحسن وَالْجمال وَأَسْبَاب اخر لَا يُمكن تفاصيلها ومحبته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لفاطمة بِسَبَب الْجُزْئِيَّة والزهد وَالْعِبَادَة ومحبته لعَائِشَة بِسَبَب الزَّوْجِيَّة والتفقة فِي الدّين ومحبته لأبي بكر وَعمر وَأبي عُبَيْدَة بِسَبَب الْقدَم فِي الْإِسْلَام وإعلاء الدّين ووفور الْعلم فَإِن الشَّيْخَيْنِ لَا يخفي حَالهمَا لَاحَدَّ من النَّاس وَأما أَبُو عُبَيْدَة فقد فتح الله تَعَالَى على يَدَيْهِ فتوحا كَثِيرَة فِي خلَافَة الشَّيْخَيْنِ وَسَماهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمِين هَذِه الْأمة وَالْمرَاد فِي هَذِه الحَدِيث محبته عَلَيْهِ السَّلَام لهَذَا السَّبَب فَلَا يضر مَا جَاءَ فِي الْأَحَادِيث شدَّة محبته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لعَائِشَة وَفَاطِمَة رَضِي الله عَنْهُمَا لِأَن تِلْكَ الْمحبَّة بِسَبَب آخر (إنْجَاح) قَوْله [104] عَطاء الْمَدِينِيّ أَقُول إِذا نسبت الى مَدِينَة الرَّسُول قلت مدنِي وَالِي مَدِينَة الْمَنْصُور قلت مديني الى مَدَائِن كسْرَى قلت مدائني ومدين بِالْفَتْح قَرْيَة شُعَيْب النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام كَذَا فِي الصراح قَوْله أول من يصافحه الخ قَالَ الْحَافِظ عماد الدّين بن كثير فِي جَامع المسانيد هَذَا الحَدِيث مُنكر جدا وَمَا أبعد أَن يكون مَوْضُوعا والأفة فِيهِ من دَاوُد بن عَطاء انْتهى (زجاجة) قَوْله [105] أعز الْإِسْلَام الخ لَعَلَّه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعَا بأيمان أبي جهل وَعمر بن الْخطاب اولا وَلما علم ان كفر أبي جهل مُقَدّر فِي تَقْدِير الهي أيس من ايمانه ودعا لعمر خَاصَّة (إنْجَاح الْحَاجة) قَوْله [107] بِامْرَأَة تتوضا اعْلَم ان الْوضُوء فِي الْجنَّة اما للنظافة وَأما للرغبة فِي الصَّلَاة وَغَيرهَا من الْعِبَادَات لَا أَن الْجنَّة دَار التَّكْلِيف (إنْجَاح الْحَاجة) قَوْله [109] لكل نَبِي رَفِيق أَي خَاص ورفيقي فِيهَا أَي فِي الْجنَّة عُثْمَان وَهُوَ لَا يُنَافِي كَون غَيره أَيْضا رَفِيقًا لَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعَ هَذَا تَخْصِيص ذكره اشعار بتعظيم مَنْزِلَته وَرفع قدره (مرقاة) قَوْله [110] قد زَوجك الخ ان أم كُلْثُوم ورقية بِنْتي رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَتَا اولا تَحت عتبَة وعتيبة ابْني أبي لَهب وَكَانَا لم يدخلا بهما فَقَالَ أَبُو لَهب لابْنَيْهِ طلقا بِنْتي مُحَمَّد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فطلقاهما فزوجهما رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاحِدَة بعد أُخْرَى بعثمان رَضِي الله عَنهُ وَلذَلِك الشّرف سمى بِذِي النورين (إنْجَاح الْحَاجة) قَوْله [111] فقربها أَي قَالَ ان ياتيانها قريب فَإِن أول فتْنَة وَقعت فِي الْإِسْلَام فتْنَة عُثْمَان رَضِي الله عَنهُ (إنْجَاح) قَوْله [112] فأرادك المُنَافِقُونَ الخ فِيهِ دَلِيل على ان قتلة عُثْمَان كَانُوا منافقين اما فِي الْإِيمَان واما فِي الْأَعْمَال وان عبد الرَّحْمَن بن عَوْف أصَاب الْحق فِي اسْتِخْلَاف فَإِنَّهُ بَايعه أَو لَا من أهل الشورى (إنْجَاح) قَوْله مَا مَنعك الخ أَي عِنْد فتْنَة عُثْمَان رَضِي الله عَنهُ (إنْجَاح) قَوْله

[113] قَالَ يَوْم الدَّار هُوَ الْيَوْم الَّذِي حبس عُثْمَان فِي الدَّار والعهد الْمَذْكُور هَهُنَا هُوَ مَا مر فِي حَدِيث يَا عُثْمَان ان ولاك الله الخ (إنْجَاح) [115] بِمَنْزِلَة هَارُون من مُوسَى ومنزلة هَارُون من مُوسَى كَانَت وزارة وَهِي لَا تَقْتَضِي فَضله وتقدمه فِي الْخلَافَة على أبي بكر لِأَن الْخلَافَة غير الوزارة (إنْجَاح) قَوْله بِمَنْزِلَة هَارُون من مُوسَى قَالَ القَاضِي هَذَا الحَدِيث مِمَّا تعلّقت بِهِ الروافض والامامية وَسَائِر فرق الشِّيعَة فِي أَن الْخلَافَة كَانَت حَقًا لعَلي وانه اوصى لَهُ بهَا قَالَ ثمَّ اخْتلف هَؤُلَاءِ فكفرت الروافض سَائِر الصَّحَابَة فِي تقديمهم غَيره وَزَاد بَعضهم فَكفر عليا لِأَنَّهُ لم يقم فِي طلب حَقه بزعمهم وَهَؤُلَاء أسخف مذهبا وَلَا شكّ فِي كفر من قَالَ هَذَا لِأَن من كفر الْأمة كلهَا والصدر الأول فقد أبطل نقل الشَّرِيعَة وَهدم الْإِسْلَام وَأما من عدا هَؤُلَاءِ الغلاة فَإِنَّهُم لَا يسلكون هَذَا المسلك فَأَما الامامية وَبَعض الْمُعْتَزلَة فيقولن هم مخطئون فِي تَقْدِيم غَيره لَا كفار وَبَعض الْمُعْتَزلَة لَا يَقُول بالتخطية لجَوَاز تَقْدِيم الْمَفْضُول عِنْدهم وَهَذَا الحَدِيث لَا حجَّة فِيهِ لَاحَدَّ مِنْهُم بل فِيهِ اثبات ان الْفَضِيلَة لعَلي وَلَا تعرض فِيهِ لكَونه أفضل من غَيره أَو مثله وَلَيْسَ فِيهِ دلَالَة لاستخلافه بعده لِأَن النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انما قَالَ هَذَا لعَلي حِين اسْتَخْلَفَهُ فِي الْمَدِينَة فِي غَزْوَة تَبُوك وَيُؤَيّد هَذَا ان هَارُون الْمُشبه بِهِ لم يكن خَليفَة بعد مُوسَى بل توفى فِي حَيَاة مُوسَى وَقبل وَفَاته بِنَحْوِ أَرْبَعِينَ سنة على مَا هُوَ مَشْهُور عِنْد أهل الاخبار والقصص قَالُوا وَإِنَّمَا اسْتخْلف حِين ذهب لميقات ربه للمناجات (نووي) قَوْله فَنزل فِي بعض الطَّرِيق أَي بغدير خم بِضَم خاء مُعْجمَة وَتَشْديد مِيم اسْم لغيضة على ثَلَاثَة أَمْيَال من الْجحْفَة بهَا غَدِير مَاء وَفِي الْقَامُوس غَدِير خم مَوضِع بِالْجُحْفَةِ بَين الْحَرَمَيْنِ قَوْله [118] سيد شباب أهل الْجنَّة سُئِلَ النَّوَوِيّ عَن معنى هَذَا الحَدِيث فَقَالَ مَعْنَاهُ أَنَّهُمَا سيدا كل من مَاتَ شَابًّا وَدخل الْجنَّة فَإِنَّهُمَا توفيا وهما شَيْخَانِ وكل أهل الْجنَّة يكونُونَ أَبنَاء ثَلَاث وَثَلَاثِينَ وَلَكِن لَا يلْزم كَون السَّيِّد فِيمَن يسودهم فقد يكون أكبر سنا مِنْهُم وَقد يكون أَصْغَر سنا قَالَ وَلَا يجوز أَن يُقَال وَقع الْخطاب حِين كَانَا شابين فَإِن هَذَا القَوْل جهل ظَاهر وَغلط فَاحش لِأَن النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ توفّي وَالْحسن وَالْحُسَيْن دون ثَمَان سِنِين فَلَا يسميان شابين (زجاجة) قَوْله وأبوهما خير مِنْهُمَا فِيهِ فَضِيلَة لعَلي فَإِنَّهُ سيد السيدين (إنْجَاح) قَوْله [120] لَا يَقُولهَا أَي جملَة انا الصّديق الْأَكْبَر بعد الا كَذَّاب الظَّاهِر وَالله اعْلَم أَنه اسْتثْنى بقوله بعد أَبَا بكر الصّديق رَضِي لَا الى صديقيه الْكُبْرَى حصلت لَهما لِأَنَّهُمَا رَضِي آمنا برَسُول اله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمُجَرَّد نزُول الْوَحْي لَكِن الصّديق كَانَ عَاقِلا بالغاء وَعلي كَانَ صبيان وَقَوله صليت قبل النَّاس الالف وَاللَّام فِيهِ للْعهد لَا للْجِنْس لِأَن رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قطعا أَو المُرَاد مِنْهُ صليت قبل فَرضِيَّة الصَّلَوَات لِأَن الصَّلَاة فرضت فِي الْإِسْرَاء لَيْلَة السبت سَابِع عشرَة من رَمَضَان قبل الْهِجْرَة بِسنة وَنصف وَذكر خير الرَّمْلِيّ عَن بَعضهم ان فرض الصَّلَاة نزل بِمَكَّة قبل الْهِجْرَة بعد اثْنَتَيْ عشرَة سنة من النُّبُوَّة وَمن قبل كَانُوا يسبحون ويهللون 12 (إنْجَاح) قَوْله [121] من كنت مَوْلَاهُ فعلي مَوْلَاهُ قَالَ فِي النِّهَايَة الْمولى اسْم يَقع على جمَاعَة كَثِيرَة فَهُوَ الرب الْمَالِك وَالسَّيِّد والمنعم وَالْمُعتق والناصر والمحب التَّابِع وَالْجَار وَابْن الْعم والحليف والصهر وَالْعَبْد وَالْمُعتق والمنعم عَلَيْهِ وَهَذَا الحَدِيث يحمل على أَكثر الْأَسْمَاء الْمَذْكُورَة وَقَالَ الشَّافِعِي عَنى بذلك وَلَاء الْإِسْلَام كَقَوْلِه تَعَالَى ذَلِك بِأَن الله مولى الَّذين آمنُوا وان الْكَافرين لَا مولى لَهُم وَقيل سَبَب ذَلِك ان أُسَامَة قَالَ لعَلي رَضِي لست مولَايَ انما مولَايَ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَك مِصْبَاح الزجاجة قَوْله [122] وان حوارِي الزبير قَالَ فِي النِّهَايَة أَي خاصتم وناصرت وَقَالَ عِيَاض ضَبطه جمَاعَة من الْمُحَقِّقين بِفَتْح الْيَاء وَضَبطه أَكْثَرهم بِكَسْرِهَا (زجاجة) قَوْله [124] وهدية بن عبد الْوَهَّاب بِفَتْح الْهَاء وَكسر الدَّال وَتَشْديد التَّحْتَانِيَّة كَذَا فِي التَّقْرِيب وَقَوله يَا عُرْوَة كَانَ أَبَوَاك أَي جداك من الْأَب الْأُم وَهُوَ أَبُو بكر رَضِي وَالثَّانِي الزبير رَضِي (إنْجَاح الْحَاجة) قَوْله [128] رَأَيْت يَد طَلْحَة شلاء الخ هَذَا مِمَّا يَقْتَضِي ان طَلْحَة اسْتشْهد وَمَات مَعَ حَيَاته لَا عرض نَفسه للْقَتْل وَجعلهَا فدَاء على رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَأَنَّهُ قضى نحبه وَكَانَ طَلْحَة رَضِي جعل نَفسه يَوْم وَاحِد وقاية للنَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى جرح فِي جسده من بَين طعن وَضرب وَرمي بضع وَثَمَانُونَ جِرَاحَة وَكَانَت الصَّحَابَة إِذا ذكرُوا يَوْم أحد قَالُوا ذَلِك الْيَوْم كُله لطلْحَة قَالَه فِي اللمعات (إنْجَاح) قَوْله

[129] مَا رَأَيْت رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جمع أَبَوَيْهِ لَاحَدَّ الخ قيل الْجمع بَينه وَبَين خبر زبير أَن عليا لم يطلع على ذَلِك أَو أَرَادَ بذلك التَّقْيِيد بِيَوْم أحد انْتهى وَالظَّاهِر الِاطِّلَاع الْمُقَيد بالروية بِنَفسِهِ أَو السماع بِنَفسِهِ بِلَا وَاسِطَة وَهُوَ لَا يُنَافِي ان اطلع على تفديته للزبير بِوَاسِطَة الْغَيْر انجاح قَالَ شَيخنَا هَذَا الحَدِيث أوردهُ الْمزي فِي الْأَطْرَاف وَعَزاهُ وَلابْن ماجة فَقَط ثمَّ قَالَ لم يذكرهُ أَبُو الْقَاسِم وَهُوَ فِي الرِّوَايَة مَعَ أَنه الحمه الله تَعَالَى فِي التَّهْذِيب لم يرقم على الْعَلَاء بن صَالح عَلامَة بن ماجة كَذَا فِي التَّقْرِيب الا أَنه فِي التَّهْذِيب أورد هَذَا الحَدِيث بِعَيْنِه وَعَزاهُ الى النَّسَائِيّ فِي الخصائص فَقَط بِهَذَا السَّنَد الا أَن شَيْخه فِيهِ أَحْمد بن سُلَيْمَان الرهاوي عَن عبيد الله بن مُوسَى فعله لم يستحضر كَون بن ماجة رَوَاهُ أَيْضا فَلم يرقم عَلَيْهِ عَلامَة وَتَبعهُ فِي التَّقْرِيب انْتهى وَقَالَ بن رَجَب فِي حَاشِيَته على بن ماجة رَوَاهُ النَّسَائِيّ فِي خَصَائِص عَليّ قَالَ الذَّهَبِيّ فِي الْمِيزَان هَذَا كذب على عَليّ انْتهى 13 [132] مَا اسْلَمْ الخ لَعَلَّ هَذَا فِي زَعمه لِأَن أَبَا بكر وعليا وبلالا وَخَدِيجَة وَزيد بن حَارِثَة أَسْلمُوا من قبل الا انه لم يشْعر بِإِسْلَامِهِمْ لِأَن النَّاس كَانُوا مختفين (إنْجَاح) قَوْله واني لثلث الْإِسْلَام قَالَ الطَّيِّبِيّ يَعْنِي يَوْم أسلمت كنت ثَالِث من أسلم فَأَكُون ثلث أهل الْإِسْلَام وَبقيت على مَا كنت عَلَيْهِ سَبْعَة أَيَّام ثمَّ أسلم بعد ذَلِك من أسلم (زجاجة) قَوْله [133] كَانَ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَاشَ عشرَة وَفِي رِوَايَة أُخْرَى الْعَاشِر أَبُو عُبَيْدَة بن الْجراح وَلَا مُنَافَاة بَينهمَا لِأَن هَذَا القَوْل فِي مجْلِس وَالْقَوْل الاخر فِي مجْلِس اخر وَأَيْضًا لَيْسَ فِيهِ الْحصْر فَلَا يُنَافِي الزِّيَادَة (إنْجَاح) قَوْله [134] اثْبتْ حراء الحراء بِمَكَّة على ثلثة اميال كَانَ يتعبد فِيهِ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قبل الْبعْثَة وَقد قَالَ هَذَا القَوْل حِين ترك الْجَبَل سُرُورًا بقدومه عَلَيْهِ قَالَ النَّوَوِيّ الصَّحِيح انه مُذَكّر مَمْدُود مَصْرُوف وَفِي هَذَا الحَدِيث معجزات لرَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهَا اخباره ان هَؤُلَاءِ شُهَدَاء وماتوا كلهم غير النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأبي بكر شُهَدَاء فَإِن عمر وَعُثْمَان وعليا وَطَلْحَة وَالزُّبَيْر قتلوا ظلما شُهَدَاء فَقتل الثَّلَاثَة مَشْهُور وَقتل الزبير بوادي السبَاع بِقرب الْبَصْرَة أَي وقْعَة الْجمل منصرفا تَارِكًا لِلْقِتَالِ وَكَذَلِكَ طَلْحَة اعتزل النَّاس تَارِكًا لِلْقِتَالِ فَأَصَابَهُ سهم فَقتله وَقد ثَبت ان من قتل ظلما فَهُوَ شَهِيد وَالْمرَاد شُهَدَاء فِي أَحْكَام الْآخِرَة وَعظم ثَوَاب الشُّهَدَاء وَأما فِي الدُّنْيَا فيغسلون وَيصلى عَلَيْهِم وَفِيه بَيَان فَضِيلَة هَؤُلَاءِ وَفِيه اثبات التميز فِي الْحِجَارَة وَجَوَاز التَّزْكِيَة وَالثنَاء فِي وَجهه إِذْ لم يخف عَلَيْهِ فتْنَة باعجاب وَنَحْوه واما ذكر سعد بن أبي وَقاص فِي الشُّهَدَاء فَقَالَ القَاضِي إِنَّمَا سمى شَهِيد لِأَنَّهُ مشهود لَهُ بِالْجنَّةِ انْتهى قَالَ الْقَارِي وَفِي سعد بن أبي وَقاص مشكلل لِأَن سعد مَاتَ فِي قصره بالعقيق فتوجيه هَذَا أَن يكون بالتغليب أَو يُقَال كَانَ مَوته بِمَرَض يكون فِي حكم الشَّهَادَة انْتهى قَوْله [136] هَذَا أَمِين هَذِه الْأمة قَالَ الطَّيِّبِيّ أَي هُوَ الثِّقَة المرضي والامانة مُشْتَركَة بَينه وَبَين غَيره من الصَّحَابَة لَكِن النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خص بَعضهم بِصِفَات غلبت عَلَيْهِ وَكَانَ بهَا أخص مِصْبَاح الزجاجة قَوْله [137] لاستخلفت بن أم عبد هُوَ عبد الله بن مَسْعُود وَأمه أم عبد تكنى بِهِ وَكَانَت امْرَأَة تقية قديمَة الْإِسْلَام وَفِيه فَضِيلَة جليلة لمعاشر الْحَنَفِيَّة والقراء العاصمية فَإِن أَبَا حنيفَة رح وعاصما اخذا الفقة وَالْقِرَاءَة عَنهُ (إنْجَاح) قَوْله لاستخلفت بن أم عبد قَالَ التوربشتي لَا بُد أَن يؤل هَذَا الحَدِيث على أَنه أَرَادَ بِهِ تأميره على جَيش بِعَيْنِه أَو استخلافه فِي أَمر من أُمُور حَيَاته وَلَا يجوز ان يحمل على غير ذَلِك فَإِنَّهُ وان كَانَ من الْعلم بمَكَان وَله الْفَضَائِل الجمة والسوابق الجليلة فَإِنَّهُ لم يكن من قُرَيْش وَقد نَص صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ان هَذَا الْأَمر فِي قُرَيْش فَلَا يَصح حمله الا على الْوَجْه الَّذِي ذكرنَا انْتهى وَابْن أم عبد هُوَ عبد الله بن مَسْعُود رضى الله عَنهُ 12 (زجاجة) قَوْله ان يقْرَأ الْقُرْآن غضا قَالَ فِي النِّهَايَة الغض الطري الَّذِي لم يتَغَيَّر أَرَادَ طَرِيقه فِي الْقِرَاءَة وهيئته وَقيل أَرَادَ الْآيَات الَّتِي سَمعهَا مِنْهُ من أول سُورَة النِّسَاء الى قَوْله تَعَالَى وَجِئْنَا بك على هَؤُلَاءِ شَهِيدا (زجاجة) قَوْله حَتَّى انهاك حَتَّى غَايَة للاذن أَي مَا لم انهك عَن الدُّخُول فَأَنت فِي دخولك عَليّ بِالِاخْتِيَارِ تدخل مَتى شِئْت وَهَذَا بِسَبَب أَنه كَانَ خَادِمًا لرَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَفِي تكررا الاستيذان حرج (إنْجَاح) قَوْله [140] فيقطعون حَدِيثهمْ وَكَانَ قطع حَدِيثهمْ اما لأَنهم كَانُوا يسرون من الْعَبَّاس حسدا بِهِ وَأما لأَنهم يرونه أَجْنَبِيّا يخَافُونَ افشاء السِّرّ فأوعدهم رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بذلك الْوَعيد (إنْجَاح الْحَاجة) قَوْله

[141] بَين خليلين وَفِيه منقبة عَظِيمَة للْعَبَّاس لِأَن من كَانَ بَين الخليلين يصي حَظّ من النحلة وَهِي مرتبَة عَظِيمَة لَا يدْرك كنهها وَمَا كَانَ لَهُ هَذِه الْمرتبَة الا لِقَرَابَتِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وللارض من كاس الْكِرَام نصيب (إنْجَاح) قَوْله أبي الجحاف بِتَقْدِيم الْجِيم على الْحَاء الْمُشَدّدَة قَوْله فقد احبني لِأَن من أحب رجلا احب حَبِيبه وَمن ابغض رجلا أبْغض بغيضه فَلِذَا جعل الْحبّ فِي الله والبغض فِي الله من أفضل الْإِيمَان انجاح الْحَاجة لمولانا الْمُعظم الشَّيْخ عبد الْغنى المجددي الدهلوي قَالَ بن رَجَب الزبيرِي انْفَرد بِهِ المُصَنّف وَهُوَ حَدِيث مَوْضُوع فَإِن عبد الْوَهَّاب قَالَ أَبُو دَاوُد يضع الحَدِيث وَهَذَا الحَدِيث من بلاياه نقل من خطّ شَيخنَا [145] عَن السدى هُوَ بِضَم الْمُهْملَة وَشدَّة الدَّال مَنْسُوب الى سدة صفة بَاب مَسْجِد كوفة كَذَا فِي الْمُغنِي (إنْجَاح) قَوْله [147] الى مشاشه المشاش بِضَم أَوله رُؤُوس الْعِظَام كالمرفقين والكتفين والركبتين أَي دخل الْإِيمَان فِي قلبه ورسخ فِي صَدره حَتَّى سرى الى عروقه وعظامه فِي سَائِر الْجَسَد وَكَانَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْعُو اللَّهُمَّ اجْعَل فِي قلبِي نورا وَفِي سَمْعِي نورا وَفِي بَصرِي نورا حَتَّى يَقُول واجعلني نورا المُرَاد مِنْهُ نور الْإِيمَان (إنْجَاح) قَوْله [148] الا اخْتَار الارشد الْأَمر الا بشد مَا كَانَ انفع لنَفسِهِ وَكَانَ أرْفق لمن تبعه وَكَانَ السّلف يحبونَ ان يعملوا لأَنْفُسِهِمْ مَا كَانَ أقرب الى الِاحْتِيَاط ويأمرون غَيرهم مَا كَانَ أسهل لَهُم فَإِنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّمَا بعثتم ميسرين وَلم تبعثوا معسرين وَفِي هَذَا الحَدِيث دَلِيل على أَن الرشد مَعَ عَليّ رَضِي الله عَنهُ فِي خِلَافه وان مُعَاوِيَة رَضِي أَخطَأ فِي اجْتِهَاده وَلم يكن على الرشد لِأَن عمرا رَضِي الله عَنهُ اخْتَار مرافقة عَليّ وَكَانَ مَعَه يَوْم صفّين حَتَّى اسْتشْهد فِي ذَلِك الْحَرْب (إنْجَاح) قَوْله [149] عَن أبي ربيعَة الايادي مَنْسُوب الى الاياد وبالتحتانية على وزن عباد هُوَ بن نزار بن معد كَذَا فِي الْمُغنِي (إنْجَاح) قَوْله [150] عَاصِم بن أبي النجُود بمفتوحة وَضم جِيم هُوَ أَبُو عَاصِم الْمقري وبهذلة أمه (إنْجَاح) قَوْله فَمَنعه الله أَي حفظه من ايذاء المشكرين (إنْجَاح) قَوْله وَأما سَائِرهمْ الخ فَإِنَّهُم مَا كَانَ لَهُم قرَابَة بِمَكَّة لِأَن بِلَالًا وصهيبا وعمار كَانُوا الموَالِي والمقداد من كِنْدَة حلفا (إنْجَاح) قَوْله وصهروهم الخ أَي القوهم فِي الشَّمْس ليذوب شحمهم الصهر اذابة الشَّحْم كَذَا فِي الدّرّ النثير (إنْجَاح) قَوْله وَقد واتاهم أَصله اتاهم بِالْهَمْزَةِ ثمَّ قلبت الْهمزَة بِالْوَاو كَمَا فِي المؤامرة بِمَعْنى الْمُشَاورَة أَصله مأمرة والايتاء مَعْنَاهُ الْإِعْطَاء يُؤْتونَ الزَّكَاة أَي يُعْطون أَي قد وافقوا الْمُشْركين على مَا أَرَادوا مِنْهُم تقية والتقية فِي مثل هَذِه الْحَال جَائِزَة لقَوْله تَعَالَى الا من أكره وَقَلبه مطمئن بِالْإِيمَان وَالصَّبْر على اذاهم مُسْتَحبّ وَقد علمُوا على الرُّخْصَة وَعمل بِلَال على الْعَزِيمَة (إنْجَاح) قَوْله فَإِن هَانَتْ عَلَيْهِ الخ أَي حقر بِنَفسِهِ فِي وحدانية الله تَعَالَى وَجعل هُوَ قَتله فِي سَبِيل الله أيسر من اجراء كلمة الْكفْر (إنْجَاح) قَوْله وَمَا يُؤْذِي الخ الْوَاو للْحَال أَي وَالْحَال انه مَا يُؤْذِي أحد غَيْرِي فِي تِلْكَ الْأَيَّام لِأَن النَّاس بأسرهم كَانُوا كفَّارًا (إنْجَاح) قَوْله وَلَقَد اتت على ثَالِثَة أَي لَيْلَة ثَالِثَة (إنْجَاح) قَوْله ذُو كبد أَي ذُو حَيَاة الا مِقْدَار مَا يحمل بِلَال ويواريه تَحت إبطه (إنْجَاح) قَوْله [152] خير بِلَال أَي على الْإِطْلَاق والا فَلَا حرج أَو أَرَادَ الشَّاعِر من يُسَمِّي بِهَذَا الِاسْم فِي زَمَنه (إنْجَاح) قَوْله [153] جَاءَ خباب الخ ولاحاصل ان عمر رَضِي الله عَنهُ كَانَ يقدم فِي مَجْلِسه أولى الْفضل من الصَّحَابَة مِمَّن سبقت لَهُ السوابق فِي الْإِسْلَام من التكاليف الشاقة وَكَانَ عمار مِمَّن عذب فِي الله تَعَالَى شَدِيدا وَلذَا قدمه فِي الْمرتبَة على الْخَبَّاب فَكَانَ الْخَبَّاب عرض لعمر بِأَنَّهُ لَو كَانَ سَبَب التَّقَدُّم فِي مجلسك التعذيب فِي الله تَعَالَى فَإنَّا كَذَلِك وَفِيه جَوَاز الْمَدْح فِي مُوَاجهَة الرجل ان كَانَ لَا يخَاف على دينه وَجَوَاز إِظْهَار بعض الْأَعْمَال الصَّالِحَة إِظْهَارًا للنعم الإلهية لقَوْله جلّ شَأْنه وَأما بِنِعْمَة رَبك فَحدث (إنْجَاح) قَوْله

[154] ارْحَمْ أمتِي الخ لَيْسَ لهَذَا الحَدِيث مُنَاسبَة بِمَا قبله وَلَا مُطَابقَة بالترجمة لَعَلَّ تَرْجَمَة هَذَا سقط من بعض النساخ (إنْجَاح) قَوْله عَن خَالِد الْحذاء بمفتوحه وَشدَّة ذال مُعْجمَة قد قيل ان خَالِدا مَا حذا الغلا قطّ وَلَا بَاعهَا بل نزل فيهم وَلذَا نسب اليه كَذَا فِي الْمُغنِي (إنْجَاح) قَوْله مَا اقلت الغبراء أَي مَا حملت الأَرْض وَلَا اظلت الخضراء أَي السَّمَاء اصدق بِالنّصب مفعول للفعلين على سَبِيل التَّنَازُع هَذَا على سَبِيل الْمُبَالغَة وَفِيه فَضِيلَة لَهُ بِأَنَّهُ كَانَ ناطقا بِالْحَقِّ لَا يخَاف فِي الله لومة لائم حَتَّى شقّ على أَصْحَابه وَزعم عُثْمَان رَضِي الله عَنهُ خوف الْفِتْنَة فَأخْرجهُ الى الربذَة فَكَانَ فَردا مَعَ زَوجته وَغُلَامه حَتَّى توفّي فَاخْرُج جنَازَته كَانَ عبد الله بن مَسْعُود قدم من الشَّام الى الْمَدِينَة فَرَأى فِي الطَّرِيق جنَازَته فَسَأَلَ فَأخْبر بذلك فترحم عَلَيْهِ وَقَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رحم الله أَبَا ذَر يَعش فَذا وَيَمُوت فَذا ويحشر فَذا وَقَوله اصدق لهجة لَا يُنَافِي اصدقية غَيره من الصَّحَابَة (إنْجَاح) قَوْله سعد بن معَاذ هُوَ سيد الْأَوْس من الْأَنْصَار (إنْجَاح) [158] اهتز الخ الهز فِي الأَصْل الْحَرَكَة واهتز تحرّك فَاسْتَعْملهُ فِي معنى الارتياح أَي ارْتَاحَ لصعوده حِين صعد بِهِ واستبشر لكرامته على ربه وَأَرَادَ فَرح أهل الْعَرْش بِمَوْتِهِ (فَخر) قَوْله فَضَائِل جرير الخ وَكَانَ جرير طَوِيل الْقَامَة جميلا حسنا وَلذَا سَمَّاهُ أَمِير الْمُؤمنِينَ عمر رَضِي الله عَنهُ يُوسُف هَذِه الْأمة (إنْجَاح) قَوْله مَا حجبني الخ أَي مَا مَنَعَنِي من مجْلِس الرِّجَال أَو من إِعْطَاء طلبته مِنْهُ (إنْجَاح) قَوْله مَا أدْرك الخ وَمَعْنَاهُ لَو انفق أحدكُم مثل أحد ذَهَبا مَا بلغ ثَوَابه فِي ذَلِك ثَوَاب نَفَقَة أحد أَصْحَابِي مدا وَلَا نصف مد وَسبب تَفْضِيل نَفَقَتهم انها كَانَت فِي وَقت الضَّرُورَة وضيق الْحَال وَلِأَن انفاقهم كَانَ فِي نصرته عَلَيْهِ السَّلَام وَكَذَا جهادهم وَقد قَالَ الله تَعَالَى لَا يَسْتَوِي مِنْكُم من انفق من قبل الْفَتْح وَقَاتل الْآيَة مَعَ مَا كَانَ فِي أنفسهم من الْمَشَقَّة والنور والخشوع وَالْإِخْلَاص نووي مُخْتَصرا قَوْله [164] الْأَنْصَار شعار الخ الشعار هُوَ الثَّوْب الَّذِي يَلِي الْبدن لِأَنَّهُ يَلِي شعره والدثار هوالثوب الَّذِي يكون فَوق الشعار فَمَعْنَى الحَدِيث هم الْخَاصَّة وَالنَّاس الْعَامَّة كَذَا فِي الدّرّ النثير (إنْجَاح) قَوْله لَكُنْت امْرأ الخ لَيْسَ المُرَاد مِنْهُ الِانْتِقَال عَن النّسَب الولادي لِأَنَّهُ حرَام مَعَ انه نسبه عَلَيْهِ السَّلَام أفضل الْأَنْسَاب وَإِنَّمَا أَرَادَ النّسَب البلادي وَمَعْنَاهُ لَوْلَا الْهِجْرَة من الدّين ونسبتها دينية لَا تنتسب الى داركم قيل أَرَادَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اكرام الْأَنْصَار والتعريض بِأَن لَا صفة بعد الْهِجْرَة أَعلَى من النُّصْرَة هَذَا حَاصِل مَا قَالَه الغوي (فَخر) قَوْله الْخَوَارِج وَهِي فرقة من أهل الْبَاطِل خَرجُوا على عَليّ رَضِي الله عَنهُ وَلَهُم عقائد فَاسِدَة من بغض عُثْمَان وَعلي وَعَائِشَة وَمن وَقع بَينهم الْحَرْب من الصَّحَابَة ويكفرون من ارْتكب الْكَبِيرَة قَاتلهم عَليّ وَمُعَاوِيَة رَضِي الله عَنْهُمَا (إنْجَاح) قَوْله مُخْدج بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة وَفتح الدَّال الْمُهْملَة أَخّرهُ جِيم ناقصها ومؤدن الْيَد ومودون الْيَد كمكرم ومضروب ناقصها وصغيرها ومثدن الْيَد بالمثلثةوفتح الدَّال الْمُشَدّدَة الْمُهْملَة صغيرها ومجتمعها وَقيل أَصله مثند يُرِيد أَنه يشبه ثندير الثدي كسنبلة وَهِي رَأسه فَقدم الدَّال على النُّون مثل جذب وجبذ ويروى موتن بِالتَّاءِ من ايتنت الْمَرْأَة إِذا ولدت مَيتا وَهُوَ أَن يخرج رجلا الْوَلَد اولا كَذَا فِي الدّرّ النثير (إنْجَاح) قَوْله [167] وَلَوْلَا ان تبطروا الخ البطر الطغيان عِنْد النِّعْمَة أَي وَلَوْلَا خوف البطر مِنْكُم بِسَبَب الثَّوَاب الَّذِي أعد لقاتليهم فتعجبوا بِأَنْفُسِكُمْ لاخبرتكم (إنْجَاح) قَوْله أَحْدَاث الْأَسْنَان الخ من كَانَ فِي أول الْعُمر الأحلام جمع حلم بِالضَّمِّ وَهُوَ الْعقل يَقُولُونَ من خير قَول النَّاس أَي اقولاهم بظاهرها خير وَحسن لَكِن مُخَالف لعقائدهم واعمالهم وَلذَا قَالَ لَهُم عَليّ رَضِي حِين قَالَ بَعضهم لَا حكم الا لله كلمة حق أُرِيد بهَا الْبَاطِل أَي نَحن نؤمن بِتِلْكَ الْكَلِمَة وَلَكِن لَا نأول على مَا تأولتم بِهِ (إنْجَاح) قَوْله تراقيهم جمع ترقوة هِيَ الْعظم الَّذِي بَين ثغرة النَّحْر والعاتق وَزنهَا فَعَلُوهُ بِالْفَتْح وهما ترقوتان من الْجَانِبَيْنِ وَالْمعْنَى ان قرائتهم لَا يرفعها الله وَلَا يقبلهَا كَأَنَّهَا لم يُجَاوز حُلُوقهمْ والمروق خُرُوج السهْم من الرَّمية من الْجَانِب الاخر والرمية الصَّيْد الَّذِي ترميه فيفذ فِيهِ السهْم كَذَا فِي الدّرّ النثير والقاموس (إنْجَاح) قَوْله [169] فِي الحرورية الخ هُوَ قوم من الْخَوَارِج مَنْسُوب الى الحرورا بلد بِالْكُوفَةِ النصل حَدِيدَة السهْم وَالرمْح وَالسيف مَا لم يكن لَهُ مقبض والرصاف جمع رصفة وَهِي عصبته تلوي مدْخل النصل فِي السهْم والقدح بِالْكَسْرِ هُوَ سهم وقبيل ان يراش وينصل القذذ بِضَم ثمَّ فتح جمع قُذَّة بِالضَّمِّ ريش السهْم كَذَا فِي الدّرّ النثير والقاموس أَي فَشك فِي تعلق شَيْء من الدَّم بالريش فَلَا يرى فِيهِ أَيْضا وَفِيه دَلِيل على أَن كَثْرَة الصَّلَاة وَالصِّيَام والقربات لَا ينفع مَعَ العقيدة الْفَاسِدَة انجاح الْحَاجة لمولانا الْمُحدث شاه عبد الْغَنِيّ الدهلوي رَحمَه الله تَعَالَى قَوْله [170] هم شَرّ الْخلق والخليقة قَالَ فِي النِّهَايَة الْخلق النَّاس والخليقة الْبَهِيمَة وَقيل هما بِمَعْنى وَاحِد وَيُرَاد بهما جَمِيع الْخَلَائق (زجاجة) قَوْله

[171] نَاس من أمتِي فِيهِ اشعار بِأَن أهل الْأَهْوَاء دَاخِلَة فِي أمته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا لم تكن اهواءهم مُوجبَة للردة وَلِهَذَا لم يكفر أحد من السّلف الْخَوَارِج انجاح قَالَ الْمزي فِي الْأَطْرَاف وَقد وَقع فِي بعض نسخ بن ماجة عَن أبي هُرَيْرَة وَهُوَ وهم أَيْضا وَفِي رِوَايَة إِبْرَاهِيم بن دِينَار عَن بن ماجة عَن أبي سعيد على الصَّوَاب لَكِن بن دِينَار لم يذكرهُ الا من طَرِيق وَكِيع وَحده انْتهى والْحَدِيث مَعْرُوف عَن أبي سعيد أخرجه السِّتَّة عَنهُ نقل من خطّ شَيخنَا بالجعرانة هِيَ بِكَسْر أَوله وَسُكُون ثَانِيه وَقد تكسر الْعين وتشدد الرَّاء وَقَالَ الشَّافِعِي رح التَّشْدِيد خطاء مَوضِع بَين مَكَّة والطائف سمى بريطة بنت سعد كَانَت تلقب بالجعرانة وَهِي المرادة فِي قَوْله تَعَالَى كَالَّتِي نقضت غزلها كَذَا فِي الْقَامُوس (إنْجَاح) قَوْله [174] كلما خرج قرن قطع الخ أَي أهلك وَدَمرَ وَلَفظ عشْرين مرّة يحْتَمل ان يكون مقولة بن عمر فَيكون سَماع بن عمر هَذَا الْكَلَام مِنْهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكثر من عشْرين مرّة وَيحْتَمل ان يكون من مقولة النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَالْمُرَاد مِنْهُ وَالله أعلم ان أهل الْحق يقاتلونهم ويقطعون دابرهم أَكثر من عشْرين مرّة فِي كل قرن وَمَعَ ذَلِك يبْقى مِنْهُم فرقة حَتَّى يخرج فِي عراضهم ومواجهتهم الدَّجَّال الْحَاصِل ان أهل الْأَهْوَاء وان قَاتلهم أهل الْحق فِي قرن وَاحِد أَكثر من عشْرين مرّة لَا يتركون اهواءهم (إنْجَاح) قَوْله [175] سِيمَا هُوَ التحليق لَيْسَ فِيهِ ذمّ التحليق بل هِيَ عَلامَة لتِلْك الْفرْقَة قَوْله [177] كَمَا ترَوْنَ هَذَا الْقَمَر قَالَ فِي جَامع الْأُصُول قد يخيل الى بعض السامعين ان الْكَاف فِي قَوْله كَمَا ترَوْنَ كَاف التَّشْبِيه للمرئي وَإِنَّمَا هُوَ كَاف التَّشْبِيه للرؤية وَهُوَ فعل الرَّائِي وَمَعْنَاهُ ترَوْنَ ربكُم رُؤْيَة يزاح مَعهَا الشَّك كرؤيتكم الْقَمَر لَيْلَة الْبَدْر وَلَا ترتابون فِيهِ وَلَا تمترون (زجاجة) قَوْله لَا تضَامون فِي رُؤْيَته روى بتَخْفِيف الْمِيم من الضيم الظُّلم الْمَعْنى انكم تَرَوْنَهُ جَمِيعًا لَا يظلم بَعْضكُم فِي رُؤْيَته فيراه الْبَعْض دون الْبَعْض وبتشديد من الضمام الظُّلم المعني انكم تَرَوْنَهُ جَمِيعًا لَا يظلم بَعْضكُم على بعض من ضيق كَمَا يجْرِي عَنهُ رُؤْيَة الْهلَال انما يرَاهُ كل مِنْكُم موسعا عَلَيْهِ مُنْفَردا بِهِ (زجاجة) قَوْله فَإِن اسْتَطَعْتُم الخ قَالَ القَاضِي تَرْتِيب قَوْله فَإِن اسْتَطَعْتُم على قَوْله سَتَرَوْنَ بِالْفَاءِ يدل على ان المواظب على إِقَامَة الصَّلَاة والمحافظة عَلَيْهَا خليق بِأَن يرى ربه (إنْجَاح) قَوْله [180] مخليا بِهِ أَي مُنْفَردا بِنَفسِهِ أَي التجلي الْخَاص يَقع لكل وَاحِد من الْمُؤمنِينَ كَمَا ان كل مُؤمن لَهُ تعلق خَاص بجناب الرب تبَارك وَتَعَالَى فِي الدُّنْيَا بِسَبَبِهِ فَيحصل الْمَنَافِع لذاته وَيَدْعُو مِنْهُ مَا يَشَاء الله تَعَالَى وَالله يُعْطي كل وَاحِد بِحَسب سُؤَاله حَتَّى قَالُوا ان من مَرَاتِب الْقرب والوصول اليه تَعَالَى بِعَدَد انفاس الْخَلَائق فَإِنَّهُ تعالا لَا يُحِيط بكنهه أحد كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى مثل نوره كمشكاة فِيهَا مِصْبَاح الْآيَة (إنْجَاح) قَوْله عَن وَكِيع بن حدس بمهملات وَضم أَوله وثانيه وَقد يفتح ثَانِيَة وَيُقَال بِالْحَاء بدل الْعين (إنْجَاح) قَوْله ضحك رَبنَا قَالَ بن حبَان فِي صحيحيه الْعَرَب تضيف الْفِعْل الى الْأَمر كَمَا تضيفه الى الْفَاعِل قَالَ فَقَوله ضحك رَبنَا يُرِيد ضحك الله مَلَائكَته وعجبهم فنسب الضحك الَّذِي كَانَ من الْمَلَائِكَة الى الله على سَبِيل الْأَمر والإرادة (زجاجة) قَوْله لن نعدم الخ أَي لن نفقد الْخَيْر من رب يضْحك لِأَن الضحك عَلامَة الرضاء فَإِذا رَضِي رَبنَا عَنَّا كَيفَ يدخلنا النَّار ولانها دَار الخزي رَبنَا انك من تدخل النَّار فقد اخزيته (إنْجَاح) قَوْله [182] كَانَ فِي عماء بِالْفَتْح وَالْمدّ سَحَاب قَالَ أَبُو عُبَيْدَة لَا نَدْرِي كَيفَ كَانَ ذَلِك العماء وَفِي رِوَايَة كَانَ فِي عمي بِالْقصرِ وَمَعْنَاهُ لَيْسَ مَعَه شَيْء وَقيل هُوَ أَمر لَا تُدْرِكهُ عقول بني أَدَم وَلَا يبلغ كنهه الْوَصْف الفطن قَالَ الْأَزْهَرِي نَحن نؤمن بِهِ وَلَا نكيف أَي نجري اللَّفْظ على مَا جَاءَ عَلَيْهِ من غير تَأْوِيل كَذَا فِي الدّرّ النثير (إنْجَاح) قَوْله كَانَ فِي عماء قَالَ القَاضِي نَاصِر الدّين بن الْمُنِير وَجه الاشكال فِي الحَدِيث الظَّرْفِيَّة والفوقية والتحتية قَالَ وَالْجَوَاب ان فِي بِمَعْنى على وعَلى بِمَعْنى الِاسْتِيلَاء أَي كَانَ مستوليا على هَذَا السَّحَاب الَّذِي خلق مِنْهُ الْمَخْلُوقَات كلهَا وَالضَّمِير فِي فَوْقه يعود الى السَّحَاب وَكَذَلِكَ تَحْتَهُ أَي كَانَ مستوليا على هَذَا السَّحَاب الَّذِي فَوْقه الْهَوَاء وَتَحْته الْهَوَاء وروى بِلَفْظ الْقصر فِي عمى وَالْمعْنَى عدم مَا سواهُ كَأَنَّهُ قَالَ كَانَ لم يكن مَعَه شَيْء بل كل شَيْء كَانَ عدما عمي لَا مَوْجُودا وَلَا مدْركا والهواء الْفَرَاغ أَيْضا الْعَدَم كَأَنَّهُ قَالَ كَانَ وَلَا شَيْء مَعَه وَلَا فَوق وَلَا تَحت انْتهى (زجاجة) قَوْله

[183] عَن صَفْوَان بن مُحرز بِتَقْدِيم الرَّاء الْمُهْملَة المكسور على الزَّاي (إنْجَاح) قَوْله وَقَالَ خَالِد هُوَ بن الْحَارِث شيخ حميد بن مسْعدَة فِي لفظ على رُؤُوس الاشهاد انه لم يتَّصل سَنَده وَبَقِيَّة الحَدِيث مَوْصُول بِلَا انْقِطَاع (إنْجَاح) قَوْله كذبُوا الخ أَي قَالُوا مَالا يَلِيق بِشَأْنِهِ (إنْجَاح) قَوْله الْعَبادَانِي نِسْبَة الى عبادات بِفَتْح أَوله وَتَشْديد ثَانِيَة هُوَ جَزِيرَة أحَاط بهَا شعبتا دجلة ساكبتين فِي بَحر فَارس كَذَا فِي الْقَامُوس انجاح الْحَاجة لمولانا الْمُعظم الشَّيْخ عبد الْغَنِيّ المجددي الدهلوي بِفَتْح الشين جمع ناش الى جمَاعَة أَو بسكونه كَأَنَّهُ تَسْمِيَة بالمصدرية بَينا أهل الْجنَّة فِي نعيمهم الخ هَذَا الحَدِيث أوردهُ بن الْجَوْزِيّ فِي الموضوعات من طَرِيق عبد الله بن عبيد الله وَهُوَ أَبُو عَاصِم الْعَبادَانِي الْفضل وَقَالَ مَوْضُوع الْفضل رجل سوء قَالَ وَقَالَ الْعقيلِيّ هَذَا الحَدِيث لَا يعرف الا لعبد الله بن عبيد الله وَلَا يُتَابع عَلَيْهِ انْتهى وَالَّذِي رائيته فِي كتاب الْعقيلِيّ مَا نَصه عبد الله بن عبيد الله أَبُو عَاصِم الْعباد اني مُنكر الحَدِيث وَكَانَ الْفضل يرى الْقدر كَاد ان يغلب على حَدِيثه الْوَهم لم يرد على ذَلِك وَهَذَا التَّضْعِيف لَا يَقْتَضِي الحكم على حَدِيثهمَا بِالْوَضْعِ ثمَّ ان لَهُ طَرِيقا أخر من حَدِيث أبي هُرَيْرَة وَقد سقته فِي اللالىء المصنوعة فِي اواخر كتاب الْبَعْث (زجاجة) قَوْله قد أشرف عَلَيْهِم هَذَا يعم الرِّجَال وَالنِّسَاء لعُمُوم لفظ أهل الْجنَّة وَقد اخْتلف فِي النِّسَاء هَل يرَوْنَ رَبهم على أَقْوَال وافردت المسئلة بالتأليف (زجاجة) قَوْله [185] فَينْظر من عَن ايمن مِنْهُ أَي يرى كل جِهَته من الْجِهَات لكَي يجد انيسا أَو شَفِيعًا فينجو بِسَبَبِهِ (إنْجَاح) قَوْله وَلَو بشق تَمْرَة الخ قَالَ المظهري يعين إِذا عَرَفْتُمْ ذَلِك فاحذروا من النَّار وَلَا تظلموا أحدا وَلَو بشق تَمْرَة وَقَالَ الطَّيِّبِيّ يحْتَمل ان يُقَال الْمَعْنى إِذا عَرَفْتُمْ ان لَا ينفعكم فِي ذَلِك الْيَوْم شَيْء الا الْأَعْمَال الصَّالِحَة وان امامكم النَّار فاجعلوا الصَّدَقَة جنَّة بَيْنكُم وَبَينهَا وَلَو بشق تَمْرَة زجاجة للسيوطي قَوْله [186] فِي جنَّة عدن قَالَ النَّوَوِيّ أَي والناظرون فِي جنَّة عدن فَهِيَ ظرف للنَّاظِر وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ فِي جنَّة عدن مُتَعَلق بِمَحْذُوف فِي مَوضِع الْحَال من الْقَوْم كَأَنَّهُ قَالَ كائنين فِي جنَّة عدن وَقَالَ الطَّيِّبِيّ على وَجهه حَال من رِدَاء الْكِبْرِيَاء وَالْعَامِل معنى النَّفْي وَقَوله فِي جنَّة عدن مُتَعَلق بِمَعْنى الِاسْتِقْرَار فِي الظّرْف (زجاجة) قَوْله [187] للَّذين أَحْسنُوا الْحسنى وَزِيَادَة أَي الَّذين اجادوا الْأَعْمَال الصَّالِحَة وقربوها بإخلاص الْحسنى أَي المثوبة الْحسنى وَهِي الْجنَّة ونكر قَوْله زِيَادَة ليُفِيد ضربا من التفخيم والتعظيم بِحَيْثُ لَا يُقَاد قدره وَلَا يكتنهه كنهه وَلَيْسَ ذَلِك الالقاء وَجهه الْكَرِيم طيبي قَوْله ان لكم عِنْد الله موعدا الخ أَي بَقِي شَيْء زَائِد هما وعد الله لكم من النعم وَالْحُسْنَى وَزِيَادَة (إنْجَاح) قَوْله جَاءَت المجالة وَهِي خَوْلَة بنت ثَعْلَبَة بن أَصْرَم الْأَنْصَارِيَّة الخزرجية وَيُقَال خُوَيْلَة بِالتَّصْغِيرِ وَزوجهَا أَوْس بن الصَّامِت (إنْجَاح) قَوْله [189] كتب ربكُم على نَفسه بِيَدِهِ الخ غَرَض الْمُؤلف من إِيرَاد هَذَا الحَدِيث هَهُنَا وَالله أعلم ان فِيهِ اثبات لكتابته بِالْيَدِ تَعَالَى وَالرَّحْمَة وهما صفتان وَكَيْفِيَّة الصِّفَات ان نؤمن بهَا وَلَا نتكلم فِي تَأْوِيلهَا وَفِيه حجَّة على الْجَهْمِية كَمَا نرى (إنْجَاح) قَوْله كتب ربكُم الخ قَالَ التوربشتي يحْتَمل أَن يكون المُرَاد بِالْكتاب اللَّوْح الْمَحْفُوظ وَيحْتَمل ان يكون المُرَاد الْقَضَاء الَّذِي قَضَاهُ وَقَالَ النَّوَوِيّ غضب الله تَعَالَى وَرَحمته يرجعان الى عُقُوبَة العَاصِي واثابة الْمُطِيع وَالْمرَاد بِالسَّبقِ هَهُنَا وبالغلبة فِي الحَدِيث الاخر كَثْرَة الرَّحْمَة وشمولها كَمَا يُقَال غلب على وزان قَوْله تَعَالَى كتب ربكُم على نَفسه الرَّحْمَة أَي أوجب ووعد أَن يرحمهم قطعا بِخِلَاف مَا يَتَرَتَّب على مُقْتَضى الْغَضَب من الْعقَاب فَإِن الله تَعَالَى عَفْو كريم يتَجَاوَز عَنهُ بفضله قَالَ الشَّاعِر وَإِنِّي وان اوعدته ووعدته بمخلب ايعادي منجز موعدي (زجاجة) قَوْله [190] وكلم أَبَاك كفاحا أَي مُوَاجهَة لَيْسَ بَينهمَا حجاب وَلَا رَسُول كَذَا فِي الدّرّ النثير وَفِي الحَدِيث اشكال وَهُوَ ان الله تَعَالَى قَالَ مَا كَانَ لبشر ان يكلمهُ الله الا وَحيا أَو من وَرَاء حجاب أَو يُرْسل رَسُولا فَيُوحِي بأذنه مَا يَشَاء فَالْجَوَاب ان الْآيَة مَخْصُوصَة بدار الدُّنْيَا فَلَا يتَصَوَّر فِي الدُّنْيَا كَلَام الله تَعَالَى مَعَ عَبده مُوَاجهَة لَان اجساد الدُّنْيَا كثيفة لَا يَلِيق بهَا التجلي الذاتي لِأَن الله تَعَالَى لما تجلى للجبل جعله دكا وخر مُوسَى صعقا وَأما فِي الْآخِرَة فالتجليات تحصل للأرواح أَو للأجساد المثالية لاجساد الْجنَّة وَفِي حَدِيث اشكال آخر وَهُوَ ان روح الْمَدْيُون مَحْبُوس بِدِينِهِ لَا يعرج فِي السَّمَاء كَمَا جَاءَ فِي الْأَحَادِيث وَلَكِن هَذَا مَحْمُول على مَا إِذا لم يتْرك الْمَيِّت وَفَاء دينه وَكَانَ عبد الله بن عَمْرو بن حزَام أَبُو جَابر ترك لدينِهِ وَفَاء واهتمام جَابر وانكساره كَانَ بِسَبَب اسْتِيفَاء الدّين بِالتَّرِكَةِ وَلِهَذَا قَالَ اسْتشْهد أبي وَترك عيالا ودينا وَيُمكن ان يُجَاب عَنهُ بِأَن عدم كَون روحه مَحْبُوسًا لِأَن شَهَادَته سَبَب لعفو حُقُوق الْعباد وَقَالَ الشَّيْخ المجدد رض يحبس روح الْمَدْيُون بعد مَوته إِذا لم يصل لروحه العروج فِي الدُّنْيَا فَإِذا حصل لَهُ العروج بالسلوك والجذبة لم يحْبسهُ شَيْء بعد الْمَوْت (إنْجَاح) قَوْله امواتا أَي كَسَائِر الْأَمْوَات بل لَهُم خُصُوصِيَّة وَهِي انهم يُعْطون اجسادا متشكلة بطيور خضر (إنْجَاح) قَوْله

[192] يقبض الله الأَرْض وَذَلِكَ بَين النفحتين وَالْمرَاد بِالْيَمِينِ يَده الْمُقَدّس لِأَن كلتا يَدَيْهِ يمن وَهُوَ منزه عَن الْجِهَات (إنْجَاح الْحَاجة) [193] وَسبعين سنة قَالَ الطَّيِّبِيّ المُرَاد بالسبعين هَهُنَا التكثير لَا التَّحْدِيد لما ورد ان مَا بَين السَّمَاء وَالْأَرْض وَبَين كل سَمَاء مسيرَة خَمْسمِائَة سنة وَجمع الْحَافِظ بن حجر بِأَن خَمْسمِائَة بِاعْتِبَار البطيء وَهَذَا بِاعْتِبَار الحثيث (زجاجة) قَوْله ثَمَانِيَة أَو عَال وهم مَلَائِكَة على صُورَة الأوعال كَمَا قَالَ الله تَعَالَى وَيحمل عرش رَبك فَوْقهم يَوْمئِذٍ ثَمَانِيَة وأوعال جمع وعل بِالْكَسْرِ تَيْس الْجَبَل (إنْجَاح) قَوْله ثمَّ الله فَوق ذَلِك قَالَ الطَّيِّبِيّ أَرَادَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ان يشغلهم عَن السفليات الى العلويات والتفكر فِي ملكوت السَّمَاوَات وَالْعرش ثمَّ يترقوا إِلَى معرفَة خالقهم ويستنكفوا عَن عبَادَة الْأَصْنَام وَلَا يشركوا بِاللَّه فَأخذ فِي الترقي من السَّحَاب ثمَّ من السَّمَاوَات ثمَّ من الْبَحْر ثمَّ من الأوعال من الْعَرْش إِلَى ذِي الْعَرْش فالترقي بِحَسب العظمة لَا الْمَكَان فَإِن الله تَعَالَى فَوق ان يكون الْعَرْش منزله ومستقره بل الله خالقه وَهُوَ منزه عَن الْجِهَة وَالْمَكَان (زجاجة) قَوْله قَالُوا الْحق أَي عبروا عَن قَول الله تَعَالَى وَمَا قَضَاهُ وَقدره بِلَفْظ الْحق والمجيب الْمَلَائِكَة المقربون كجبرئيل وَمِيكَائِيل وَنَحْوهمَا وقله الْحق مَنْصُوب على أَنه صفة مصدر مَحْذُوف تَقْدِيره قَالُوا قَالَ الله تَعَالَى القَوْل الْحق وَيحْتَمل الرّفْع بِتَقْدِير قَوْله الْحق وَالْقَوْل يجوز أَن يُرَاد بِهِ كلمة كن وان يُرَاد بِالْحَقِّ مَا يُقَابل الْبَاطِل وَالْمرَاد بكن مَا هُوَ من سَببهَا الْحَوَادِث اليومية بِأَن يغْفر ذَنبا ويفرج كربا وَيرْفَع قوما وَيَضَع اخرين ويعز ذليلا ويذل عَزِيزًا وَهَكَذَا وَيجوز ان يُرَاد بِهِ القَوْل المسطور فِي اللَّوْح الْمَحْفُوظ زجاجة مُخْتَصرا قَوْله [195] حجابه النُّور أَي حجابه خلاف الْحجب الْمَعْهُودَة فَهُوَ محتجب عَن خلقه بأنوار عزه وجلاله وَلَو كشف ذَلِك الْحجب وتجلى لم يبْق مَخْلُوق الا احْتَرَقَ وَفِي الْقَامُوس سبحات وَجه الله انواره وَفِي الدّرّ النثير قَالَ أَبُو عُبَيْدَة أَي جَلَاله ونوره قَالَ وَلم اسْمَع سبحات الا فِي هَذَا الحَدِيث (إنْجَاح) قَوْله [196] ثمَّ قَرَأَ أَبُو عُبَيْدَة الَّذِي روى هَذَا الحَدِيث عَن أبي مُوسَى الْآيَة الَّتِي فِي شَأْن مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام وأولها إِذْ ق ال مُوسَى لأَهله اني انست نَارا سأتيكم مِنْهَا بخر أَو جذوة من النَّار لَعَلَّكُمْ تصطلون فَلَمَّا جاءها نُودي ان بورك من فِي النَّار الْآيَة وغرض أبي عُبَيْدَة عَن قِرَاءَة هَذِه الْآيَة ان مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام مَعَ عَظمته وجلاته احتجب عَن رُؤْيَته تَعَالَى بالنَّار وَمَا رَآهُ سُبْحَانَهُ وَلذَا نزه ذَاته بقوله تَعَالَى وَسُبْحَان الله رب الْعَالمين أَي منزه ذَاته تَعَالَى ان يرَاهُ أحد فِي الدُّنْيَا وَأما رُؤْيَة نَبينَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلم تكن فِي الدُّنْيَا لِأَنَّهَا كَانَت فِي الْمِعْرَاج والمعراج فِي عَالم آخر غير هَذَا الْعَالم وَمَعَ ذَلِك أنكرها كثير من الصَّحَابَة وَمن بعدهمْ (إنْجَاح) قَوْله [198] يَأْخُذ الْجَبَّار الخ قَالَ الْبَيْضَاوِيّ عبر عَن افناء الله هَذِه المظلة والمقلة ورفعهما من الْبَين واخراجهما من ان تَكُونَا مأوى لبني ادم بقدرته الباهرة الَّتِي يهون عَلَيْهَا الْأَفْعَال الْعِظَام الَّتِي تتضال دونهَا القوى وَالْقدر وتتحير فِيهَا الإفهام والفكر على طَريقَة التَّمْثِيل وَقَالَ المظهري اعْلَم ان الله تَعَالَى منزه عَن الْحَدث وَصفَة الْأَجْسَام وكل مَا ورد فِي الْقُرْآن وَالْأَحَادِيث فِي صِفَاته مِمَّا يُنبئ عَن الْجِهَة والفوقية والاستقرار وَالنُّزُول وَنَحْوهَا فَلَا نَخُوض فِي تَأْوِيله بل نؤمن بِمَا هُوَ مَدْلُول تِلْكَ الْأَلْفَاظ على الْمَعْنى الَّذِي أَرَادَ الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى مَعَ التَّنْزِيه عَمَّا يُوهم الجسمية والجهة (زجاجة) قَوْله وَقبض بِيَدِهِ أَي قبض رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ حِكَايَة عَن ربه تَعَالَى ثمَّ يَقُول أَي الله مَعْطُوف على يَأْخُذ وَالْجُمْلَة السَّابِقَة من مقولة الرَّاوِي مُعْتَرضَة وَكَانَ تحركه وتميله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من هيبته وعظمته تَعَالَى (إنْجَاح) قَوْله [200] أرَاهُ الخ لَعَلَّ هَذَا قَول أبي سعيد الْخُدْرِيّ أَي اظن ان النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ خلف الكتيبة وَهِي الْقطعَة الْعَظِيمَة من الْجَيْش أَي إِذا فر هَذَا الكتيبة من الْقِتَال وَخَافَ رجل وَاحِد مِنْهُم عَن التولي يَوْم الزَّحْف فبرز نَفسه لِلْقِتَالِ وَهَذَا اصعب الْأُمُور (إنْجَاح) قَوْله [202] عَن أم الدَّرْدَاء الخ اسْمهَا هجيمة وَقيل جهيمة وَهِي الصُّغْرَى وَأما الْكُبْرَى فأسمها خيرة وَلَا رِوَايَة لَهَا فِي هَذَا الْكتاب وَهِي صحابية وَالصُّغْرَى تابعية ثِقَة وفقيهة من الثَّالِثَة كَذَا فِي التَّقْرِيب (إنْجَاح) قَوْله

[204] فَحَث عَلَيْهِ لَعَلَّ هَذَا الرجل كَانَ مُحْتَاجا فَرغب النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على الصَّدَقَة فَقَالَ رجل من الْحَاضِرين عِنْدِي كَذَا وَكَذَا من الْعَطاء لَهُ فاستن بذلك الرجل رجال آخَرُونَ فتصدقوا على الْفَقِير حَتَّى مَا بَقِي فِي الْمجْلس رجل إِلَّا تصدق عَلَيْهِ 12 إنْجَاح الْحَاجة من اسْتنَّ أَي من اتى بطريقة مرضية فاستن بِهِ أَي فاقتدى بِهِ كَذَا فِي الْمجمع 12 (إنْجَاح) قَوْله فَعَلَيهِ وزره الخ وَلَا يُعَارض هَذَا الحَدِيث قَوْله تَعَالَى لَا تزر وَازِرَة وز أُخْرَى فَإِن من سنّ سنة سَيِّئَة فَجَزَاؤُهُ هَذَا لِأَن الاضلال وزر لَا يُسَاوِيه وز وَلذَلِك يَقُول أهل النَّار رَبنَا أرنا الَّذين اضلانا من الْجِنّ والأنس نجعلهما تَحت اقدامنا ليكونا من الاسفلين وَالْمرَاد من الْجِنّ إِبْلِيس وَمن الانس قابيل لِأَنَّهُمَا أول من سنّ الْكفْر وَالْقَتْل انجاح وَقَالَ الْقَارِي وَحِكْمَة ذَلِك ان من كَانَ سَببا فِي ايجاد الشَّيْء صحت نِسْبَة ذَلِك الشَّيْء اليه على الدَّوَام وبدوام نسبته اليه يُضَاف ثَوَابه وعقابه لِأَنَّهُ الأَصْل فِيهِ (مرقاة) قَوْله [206] من دَعَا الى هدى الخ قَالَ الْبَيْضَاوِيّ افعال الْعباد وان كَانَت غير مُوجبَة وَلَا مقتضية للثَّواب وَالْعِقَاب بذواتها الا أَنه تَعَالَى أجْرى عَادَته بربط الثَّوَاب وَالْعِقَاب بهَا ارتباط المسببات بالأسباب وَفعل العَبْد مَاله تَأْثِير فِي صدوره بِوَجْه فَكَمَا يَتَرَتَّب الثَّوَاب وَالْعِقَاب على مَا يباشره وَيُزَاد لَهُ يَتَرَتَّب كل مِنْهُمَا على مَا هُوَ مسبب فِي فعله كالارشاد اليه والحث عَلَيْهِ ولماكانت الْجِهَة الَّتِي بهَا اسْتوْجبَ الْمُسَبّب الْأجر وَالْجَزَاء غير الْجِهَة الَّتِي اسْتوْجبَ بهَا الْمُبَاشر لم ينقص أجره من أجره شَيْئا وَقَالَ الطَّيِّبِيّ الْهدى فِي الحَدِيث مَا يَهْتَدِي بِهِ من الْأَعْمَال وَهُوَ بِحَسب التنكير مُطلق شَائِع فِي جنس مَا يُقَال لَهُ هجى يُطلق على الْقَلِيل وَالْكثير والعظيم والحقير فاعظمن هدى من دَعَا الى الله وادناه هدى من دَعَا الى اماطة الْأَذَى عَن طَرِيق الْمُسلمين وَمن ثمَّ عظم شَأْن الْفَقِيه الدَّاعِي الْمُنْذر حَتَّى فضل وَاحِد مِنْهُم على ألف عَابِد لِأَن نَفعه يعم الْأَشْخَاص ولاعصار الى يَوْم الدّين (زجاجة) قَوْله [207] عمل بهَا بعده أَي بعد استنانه فَإِنَّهُ من اقْتدى بِهِ فِي حيواته أَو بعد مماته كَانَ لَهُ من اجورهم أَو اوزارهم (إنْجَاح) قَوْله لَازِما لدعوته أَي لأهل دَعوته فَإِن من دَعَا النَّاس الى شَيْء كَانَ اتِّبَاعه مَعَه قَالَ الله تَعَالَى احشروا الَّذين ظلمُوا أَو زاجهم وَمَا كَانُوا يعْبدُونَ من دون الله فاهدوهم الى صِرَاط الْجَحِيم أوالمراد من الدعْوَة جَزَاء دَعوته فَإِن الْأَعْمَال تَجِيء مَعَ عاملها يَوْم الْقِيَامَة حَسَنَة كَانَت أَو سَيِّئَة (إنْجَاح) قَوْله من احيا سنة الخ قَالَ المظهري السّنة مَا وَضعه رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من احكام الدّين وَهِي قد تكون فرضا كَزَكَاة الْفطر وَغير فرض كَصَلَاة الْعِيد وَصَلَاة الْجَمَاعَة وَقِرَاءَة الْقُرْآن فِي غير الصَّلَاة وَتَحْصِيل الْعلم وَمَا أشبه ذَلِك واحياءها ان يعْمل بهَا ويحرض النَّاس عَلَيْهَا ويحثهم على اقامتها (زجاجة للسيوطي) قَوْله [211] خَيركُمْ الخ قَالَ المظهري يَعْنِي إِذا كَانَ خير الْكَلَام كَلَام الله فَكَذَلِك خير النَّاس بعد النَّبِيين من يتَعَلَّم الْقُرْآن ويعلمه وَقَالَ الْقَارِي لَكِن لَا بُد من تَقْيِيد التَّعَلُّم والتعليم بالإخلاص وَقَالَ الطَّيِّبِيّ أَي خير النَّاس بِاعْتِبَار التَّعَلُّم والتعليم من تعلم الْقُرْآن (مرقاة) قَوْله قَالَ وَأخذ بيَدي الخ لَعَلَّ هَذَا القَوْل قَول عَاصِم بن بَهْدَلَة لِأَنَّهُ كَانَ امام الْقُرَّاء فِي زَمَنه وانتشر قرأته فِي الافاق أَي قَالَ عَاصِم اخذ مُصعب بن سعد بيد فاقعدني مقعدي هَذَا أَي مجْلِس تَعْلِيم الْقُرْآن وَالله أعلم (إنْجَاح) قَوْله الاترجة هُوَ بِضَم الْهمزَة وَسُكُون التَّاء وَضم الرَّاء وَتَشْديد الْجِيم فِي رِوَايَة البُخَارِيّ بنُون سَاكِنة بَين الرَّاء وَالْجِيم المخففة وَفِي الْقَامُوس الأترج والأترجة والترنج والترنجة مَعْرُوف وَهِي أحسن الثِّمَار عِنْد الْعَرَب قَالَ الطَّيِّبِيّ اعْلَم ان كَلَام الله تَعَالَى لَهُ تَأْثِير فِي بَاطِن العَبْد وَظَاهره وان الْعباد متفاوتون فِي ذَلِك فَمنهمْ من لَهُ النَّصِيب الاوفر من ذَلِك التَّأْثِير وَهُوَ الْمُؤمن الْقَارِي وَمِنْهُم من لَا نصيب لَهُ بِالْكُلِّيَّةِ وَهُوَ الْمُنَافِق الْحَقِيقِيّ وَمِنْهُم من لَهُ تاثير فِي ظَاهره دون بَاطِنه وَهُوَ الْمرَائِي أَو بِالْعَكْسِ هُوَ الْمُؤمن الَّذِي لم يقرء (مرقاة مَعَ اخْتِصَار) قَوْله وشفعه فِي عشرَة الخ فِيهِ رد على الْمُعْتَزلَة حَيْثُ قَالُوا أَن الشَّفَاعَة لَا تكون فِي حط الْوزر بل تكون فِي رفع الدرجَة فَقَط بِنَاء على مَا اخترعوه بِأَن مرتكب الْكَبِيرَة يخلد فِي النَّار (فَخر) قَوْله

[215] أهل الله الخ قَالَ فِي النِّهَايَة أَي حفظَة الْقُرْآن الْعَامِلُونَ بِهِ هم أَوْلِيَاء الله والمختصون بِهِ اخْتِصَاص أهل الْإِنْسَان بِهِ قَوْله واقرأوه وارقدوا وَالظَّاهِر أَن الْوَاو فِي قَوْله وارقدوا بِمَعْنى أَو فَهُوَ مثل قَوْله تَعَالَى أمنُوا أَو لَا تؤمنوا فَالْمُرَاد مِنْهُ ان من شَاءَ قَرَأَ فَلهُ الْأجر وَمن شَاءَ رقد فَعَلَيهِ الْوزر ثمَّ بَين المثالين أَو الْوَاو للْجمع أَي اجْمَعُوا الْقِرَاءَة مَعَ الرقود كَمَا كَانَ دابه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِحَيْثُ لَا تشَاء الا درايته مُصَليا وَلَا تشَاء الا درايته نَائِما انجاح الْحَاجة لمولانا الْمُحدث شاه عبد الْغَنِيّ الدهلوي رَحمَه الله تَعَالَى [219] يَا أَبَا ذَر لِأَن تَغْدُو فتعلم أَيَّة الخ الحَدِيث يدل على أَن تعلم الْعلم خير من كَثْرَة الْأَعْمَال لِأَن تعلم أَيَّة خير من مائَة رَكْعَة وَلِهَذَا قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعلمَاء وَرَثَة الْأَنْبِيَاء وَقَالَ أَحْمد الجامي رَحمَه الله للشَّيْخ المودود الحشتي الصُّوفِي الْجَاهِل مسخرة للشَّيْطَان فَاذْهَبْ تعلم الْعلم اولا ثمَّ ارشد النَّاس الى سَبِيل الرشاد كَمَا كَانَ آباؤك يَفْعَلُونَ وَدلّ الحَدِيث أَيْضا على أَن الْعَالم ان لم يعْمل بِعِلْمِهِ بِحَيْثُ جَاءَهُ الْمَوْت بَغْتَة أَو اشْتغل فِي تَعْلِيم النَّاس بِحَيْثُ فَاتَهُ الْأَعْمَال جوزي بِمثل مَا جوزي الْعَامِل وَلذَا قَالَ فقهاؤنا ان الْعَالم إِذا صَار مرجعا للنَّاس وسعة ترك السّنَن الرَّوَاتِب وَلم يجز لَهُ ان يخرج الى الْغَزْوَة وَالْجهَاد إِذا لم يكن فِي الْبَلَد عَالم غَيره وَفِي الحَدِيث دَلِيل أَيْضا على ان تعلم الْعلم خير من تعلم الْقُرْآن إِذا قَرَأَ مَا يَصح بِهِ الصَّلَاة بِعشر دَرَجَة وَلذَلِك قَالَ الْفُقَهَاء الْحَنَفِيَّة يؤم الْقَوْم أعلمهم بِكِتَاب الله ثمَّ أقرؤهم بِهِ (إنْجَاح الْحَاجة) قَوْله [221] الْخَيْر عَادَة وَالشَّر لجاجة الخ المُرَاد مِنْهُ وَالله اعْلَم ان الْإِنْسَان مجبول على الْخَيْر قَالَ الله تَعَالَى فطْرَة الله الَّتِي فطر النَّاس عَلَيْهَا لَا تَبْدِيل لخلق الله ذَلِك الدّين الْقيم وَلَكِن أَكثر النَّاس لَا يعلمُونَ وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا من مَوْلُود لَا وَقد يُولد على الْفطْرَة فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَو ينصرَانِهِ أَو يُمَجِّسَانِهِ الحَدِيث وَالشَّر لجاجة واللجاجة بِالْفَتْح الْخُصُومَة وَيُقَال للنَّفس اللجوج لِأَنَّهُ مَنْصُوب بعداوة الْإِنْسَان كَمَا جَاءَ فِي الْخَبَر اعدى عَدوك نَفسك الَّتِي بَين جنبيك فَالْمُرَاد مِنْهُ ان النَّفس تتلج وتضطر الى الشرارة فَالْوَاجِب على كل انسان ان يزِيل تِلْكَ الشرارة عَن نَفسه بِمَا جَاءَ من موعظة الله وَرَسُوله فَإِن الْأَنْبِيَاء قد بعثوا التَّزْكِيَة النُّفُوس قد افلح من زكاها وَقد خَابَ من دساها (إنْجَاح) قَوْله [223] ان الْأَنْبِيَاء لم يورثوا دِينَارا وَلَا درهما وَذَلِكَ إِشَارَة الى رذالة الدُّنْيَا وانهم لم يَأْخُذُوا مِنْهَا الا بِقدر ضرورتهم فَلم يورثوا مِنْهَا شَيْئا مُبَالغَة فِي تنزيههم عَنْهَا وَلذَا قَالَ قيل الصُّوفِي لَا يملك وَلَا يملك وَفِيه ايملو الى كَمَال توكلهم على الله تَعَالَى فِي أنفسهم واولادهم وأشعار بِأَن طَالب الدُّنْيَا لَيْسَ من الْعلمَاء الْوَرَثَة وَلَا يرد الِاعْتِرَاض بِأَنَّهُ كَانَ لبَعض الْأَنْبِيَاء غناء كثير لِأَن المُرَاد أَنهم مَا تركُوا بعدهمْ مِيرَاثا لأولادهم وازواجهم وَيذكر عَن أبي هُرَيْرَة رض أَنه مر يَوْمًا فِي السُّوق على المشتغلين بتجاراتهم فَقَالَ أَنْتُم هَهُنَا وميراث رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَسْجِد فَقَامُوا سرَاعًا فَلم يَجدوا فِيهِ الا الْقُرْآن أَو الذّكر أَو مجَالِس الْعلم فَقَالُوا أَيْن مَا قلت يَا أَبَا هُرَيْرَة فَقَالَ هَذَا مِيرَاث مُحَمَّد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقسم بَين ورثته وَلَيْسَ مواريثه دنياكم (إنْجَاح) قَوْله [224] طلب الْعلم فَرِيضَة على كل مُسلم سُئِلَ الشَّيْخ مُحي الدّين النَّوَوِيّ عَن هَذَا الحَدِيث فَقَالَ أَنه ضَعِيف وان كَانَ صَحِيحا وَقَالَ تِلْمِيذه الْحَافِظ جمال الدّين الْمزي هَذَا الحَدِيث روى من طَرِيق تبلغ رُتْبَة الْحسن وَهُوَ كَمَا قَالَ فَأَنِّي رَأَيْت لَهُ خمسين طَرِيقا وَقد جمعتها فِي جُزْء قَالَ الْبَيْهَقِيّ فِي الْمدْخل اما أَرَادوا الله اعْلَم الْعلم الْعَام الَّذِي لَا يسع الْبَالِغ الْعَاقِل جَهله أَو علم مَا يطْرَأ لَهُ خَاصَّة أَو أَرَادَ أَنه فَرِيضَة على كل مُسلم حَتَّى يقوم بِهِ من فِيهِ كِفَايَة ثمَّ روى عَن بن الْمُبَارك انه سُئِلَ عَن تفسيرهذا الحَدِيث فَقَالَ لَيْسَ هُوَ الَّذِي يظنون انما طلب الْعلم فَرِيضَة ان يَقع الرجل فِي شَيْء من أُمُور دينه فَيسْأَل عَنهُ حَتَّى يُعلمهُ وَقَالَ الْبَيْضَاوِيّ المُرَاد من الْعلم هُنَا مَالا مندوحة للْعَبد عَن تعلمه كمعرفة الصَّانِع وَالْعلم بوحدانيته ونبوة رَسُوله وَكَيْفِيَّة الصَّلَاة فَإِن تعلمه فرض عين (زجاجة) قَوْله وَوَاضِع الْعلم عِنْد غير أَهله قَالَ الطَّيِّبِيّ يشْعر بِأَن كل علم يخْتَص باستعداد وَله أهل فَإِذا وَضعه فِي غير مَوْضِعه فقد ظلم فَمثل معنى الظّهْر بتقليلد اخس الْحَيَوَان بأنفس الْجَوَاهِر التسجين ذَلِك الْوَضع والتنفير عَنهُ قَالَ الشَّيْخ أَبُو حَفْص السهروردي اخْتلف فِي الْعلم الَّذِي هُوَ فَرِيضَة قيل هُوَ علم الْإِخْلَاص وَمَعْرِفَة النَّفس والنفوس وَمَا يفْسد الْأَعْمَال لِأَن الْإِخْلَاص مَأْمُور بِهِ كَمَا ان الْعَمَل مَأْمُور بِهِ وخدع النَّفس وغرورها وشهواتها تخرب مباني الْإِخْلَاص الْمَأْمُور بِهِ فَصَارَ علم ذَلِك فرضا وَقيل معرفَة الخواطر وتفصيلها لِأَن الخواطر منشاء الْفِعْل وَبِذَلِك يعرف الْفرق بَين لمة الْملك وَبَين لمة الشَّيْطَان وَقيل هُوَ طلب علم الْحَلَال حَيْثُ كَانَ أكل الْحَلَال فَرِيضَة وَقيل هُوَ علم البيع وَالشِّرَاء وَالنِّكَاح وَالطَّلَاق إِذا أَرَادَ الدُّخُول فِي شَيْء من ذَلِك يجب عَلَيْهِ طلب علمه وَقيل هُوَ علم الْفَرَائِض الْخمس الَّتِي بني عَلَيْهِ الْإِسْلَام وَقيل هُوَ علم التَّوْحِيد بِالنّظرِ وَالِاسْتِدْلَال أَو النَّقْل وَقيل هُوَ علم الْبَاطِن وَهُوَ مَا يزْدَاد بِهِ العَبْد يَقِينا وَهُوَ الَّذِي يكْتَسب بِصُحْبَة الصَّالِحين والزهاد والمتعبدين فهم وارثو علم النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (زجاجة) قَوْله [226] انبط الْعلم من الانباط نبط الْعلم أَي ظَهره ويفشيه والاستنباط الاستخراج والنبط والنبيط المَاء الَّذِي يخرج لمن فعر الْبِئْر إِذا حضرت كَذَا فِي الدّرّ النثير أَي جِئْت لإِظْهَار الْعلم وتحصيله من الْعلمَاء (إنْجَاح) قَوْله

[227] من جَاءَ مَسْجِدي هَذَا الخ هَذَا بَيَان الْمَوَانِع لَا انه مَخْصُوص بِالْمَسْجِدِ النَّبَوِيّ كَمَا فِي حَدِيث مُسلم مَا اجْتمع قوم فِي بَيت من بيُوت الله يَتلون كتاب الله وَيَتَدَارَسُونَهُ بَينهم الا نزلت عَلَيْهِم السكينَة الحَدِيث أَو هَذِه الْفَضِيلَة مُخْتَصَّة بِالْمَسْجِدِ النَّبَوِيّ على ساكنها الف الف تحيات والمساجد الاخر تبع لَهَا فِي تِلْكَ الْفَضَائِل انجاح الْحَاجة لمولانا الْمُحدث شاه عبد الْغَنِيّ الدهلوي رَحمَه الله [229] فَإِن شَاءَ اعطاهم أَي فضلا مَا عِنْده من الثَّوَاب وان شَاءَ مَنعهم أَي عدلا وَفِي تَقْدِيم الْإِعْطَاء على الْمَنْع إِيمَاء الى سبق رَحمته غَضَبه وَفِي الحَدِيث رد على الْمُعْتَزلَة حَيْثُ أوجبوا الثَّوَاب فاستحقوا الْعقَاب (مرقاة) قَوْله وَإِنَّمَا بعثت معلما أَي بتعليم الله لَا يالتعلم من الْخلق وَلذَا اكْتفى بِهِ ثمَّ جلس مَعَهم كَذَا قَالَ الطَّيِّبِيّ أَو جلس مَعَهم لاحتياجهم الى التَّعْلِيم مِنْهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا أَشَارَ بقوله بعثت معلما وَالله أعلم (مرقاة) قَوْله نضر الله الخ قَالَ فِي النِّهَايَة أَي نعمه ويروى بِالتَّخْفِيفِ وَالتَّشْدِيد من النضارة وَهِي فِي الأَصْل حسن الْوَجْه والبريق وَإِنَّمَا أَرَادَ حسن خلقه وَقدره (زجاجة) قَوْله نضر الله الخ قَالَ الطَّيِّبِيّ النضرة الْحسن والرونق يتَعَدَّى وَلَا يتَعَدَّى خص بالبهجة وَالسُّرُور والمنزلة فِي النَّاس فِي الدُّنْيَا ونعمة فِي الْآخِرَة حَتَّى يرى رونق الرضاء وَالنعْمَة لَان سعى فِي نضارة الْعلم وتجديد السّنة انْتهى وَرب للتكثير أَي رب حَامِل فقه الى من هُوَ افقه مِنْهُ وَقيد التَّبْلِيغ بكما سَمعه إِذا المُرَاد تَبْلِيغ الشَّيْء الْعَام الشَّامِل للخلال الثَّلَاث والاقوال والافعال الصادرة من النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابه بِدَلِيل منا كَمَا فِي رِوَايَة وَالسَّامِع امْرأ وَهُوَ أَعم من العَبْد قَوْله ثَلَاث لَا يغل الخ من الاغلال وَهُوَ الْخِيَانَة ويروى بِفَتْح الْيَاء من الغل هُوَ الحقد والشحناء وَيحْتَمل ان يكون قَوْله عَلَيْهِنَّ حَالا من الْقلب الْفَاعِل فَيكون الْمَعْنى قلب الرجل الْمُسلم حَال كَونه متصفا بِهَذِهِ الْخِصَال الثَّلَاث لَا يصدر عَنهُ الْخِيَانَة والحقد والشحناء وَلَا يدْخلهُ مِمَّا يُزِيلهُ عَن الْحق وَالْحَاصِل ان هَذِه الْخِصَال الثَّلَاث مِمَّا يستصلح بِهِ الْقُلُوب فَمن تمسك بهَا طهر قلبه من الْخِيَانَة والحقد وَغَيرهمَا من الرذائل وَيحْتَمل ان يكون قَوْله عَلَيْهِنَّ مُتَعَلقا بقوله يغل أَي لَا يخون فِي هَذِه الْخِصَال يَعْنِي ان من شَأْن قلب الْمُسلم ان لَا يخون وَلَا يحْسد فِيهَا بل يَأْتِي بهَا بتمامهما بِغَيْر نُقْصَان فِي حق من حُقُوقهَا (إنْجَاح) قَوْله اخلاص الْعَمَل لله معنى الْإِخْلَاص ان يقْصد بِالْعَمَلِ وَجهه وَرضَاهُ فَقَط دون غَرَض آخر دُنْيَوِيّ أَو اخرون كنعم الْجنَّة ولذاتها أَو لَا يكون لَهُ غَرَض دُنْيَوِيّ من سمعة ورياء وَالْأول اخلاص الْخَاصَّة وَالثَّانِي اخلاص الْعَامَّة وَقَالَ الفضيل بن عِيَاض الْعَمَل لغير الله شرك وَترك الْعَمَل لغير الله رِيَاء وَالْإِخْلَاص ان يخلصك الله مِنْهُمَا والنصيحة وَهِي إِرَادَة الْخَيْر للْمُسلمين أَي كافتهم وَلُزُوم جَمَاعَتهمْ أَي مُوَافقَة الْمُسلمين فِي الِاعْتِقَاد وَالْعَمَل الصَّالح من صَلَاة الْجُمُعَة وَالْجَمَاعَة وَغير ذَلِك (مرقاة) قَوْله [233] أملاه علينا هَذَا قَول مُحَمَّد بن بشار أَي املأ هَذَا الحَدِيث علينا يحيى بن سعيد من كِتَابَة (إنْجَاح) قَوْله وَعَن رجل آخر هُوَ حميد بن عبد الرَّحْمَن هُوَ أفضل فِي نَفسِي الظَّاهِر أَنه قَول قُرَّة بن خَالِد يَقُول ان بن سِيرِين حَدثنَا هَذَا الحَدِيث من رجل آخر هُوَ أفضل عِنْدِي من عبد الرَّحْمَن (إنْجَاح) قَوْله [236] فَرب حَامِل فقه غير فَقِيه لَكِن يحصل لَهُ الثَّوَاب لنفعه بِالنَّقْلِ وَرب حَامِل فقه فقد يكون فَقِيها وَلَا يكون افقه فيحفظه ويعيه ويبلغه الى من هُوَ افقه مِنْهُ فينبط مِنْهُ مَالا يفهمهُ الْحَامِل أَو الى من يصير افقه مِنْهُ إِشَارَة الى فَائِدَة النَّقْل والداعي اليه (مرقاة) قَوْله ان هَذَا الْخَيْر خَزَائِن الخ يَعْنِي الدّين الْغَرَض مِنْهُ ان أُمُور الدّين من الوحدانية وَالصَّلَاة وَالزَّكَاة وَغَيرهَا أَسبَاب لخزائن الْآخِرَة لِأَن الْأَعْمَال أَسبَاب الْجَزَاء فَمن كَانَ أَعماله حَسَنَة كَانَ جَزَاؤُهُ حسنا وَبِالْعَكْسِ وَالْمرَاد من مَفَاتِيح الْخَيْر الرِّجَال الَّذين سببهم الله تَعَالَى لِعِبَادِهِ بإيصال الْخَيْر من أهل الْمعرفَة وَالْعلم وَالْجهَاد والرياسة فِي ذَلِك الْأَمر للأنبياء عَلَيْهِم السَّلَام ثمَّ للصحابة ثمَّ لغَيرهم من الْمُجْتَهدين وَالْعُلَمَاء والزهاد والعارفين كَمَا أَن رياسة الشَّرّ لَا بليس وَالله يهدي من يَشَاء الى صِرَاط مُسْتَقِيم (إنْجَاح الْحَاجة) قَوْله

[241] ولد صَالح يَدْعُو لَهُ إِنَّمَا ذكر دعاءه تحرضيا للْوَلَد على الدُّعَاء لِأَبِيهِ حَتَّى قيل يحصل للوالد ثَوَاب من عمل الْوَلَد الصَّالح سَوَاء دَعَا لِأَبِيهِ أم لَا كَمَا ان من غرس شَجَرَة يَجْعَل للغارس ثَوَاب بِأَكْل ثَمَرَتهَا سَوَاء دعال لَهُ الْأكل أم لَا قَوْله وَصدقَة تجْرِي يبلغهُ اجرها فيدوم اجرها كالوقف فِي وُجُوه الْخَيْر وَفِي الازهار قَالَ أَكْثَرهم هِيَ الْوَقْف وَشبه مِمَّا يَدُوم أجره وَقَالَ بَعضهم هِيَ الْقَنَاة واللين الْجَارِيَة المسيلة مرقاة ان يُوطأ عقباه تَوْطِئَة الْعقب كِنَايَة عَن الْمَشْي خلف أحد يُقَال فلَان موطأ الْعقب أَي كثير الِاتِّبَاع يتبعهُ النَّاس ويمشون وَرَاءه كَذَا فِي الدّرّ النثير (إنْجَاح) قَوْله [244] يَأْكُل مُتكئا قيل المُرَاد من الاتكاء التربع لِأَن المتربع إِذا جلس كَانَ اعْتِمَاده على الأَرْض أتم بِخِلَاف التورك والاقعاء لِأَن هَذَا من ديدن أهل الشرة والتبختر والاقعاء وَنَحْوه من عَادَة المتواضعين لهَذَا قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أكل كَمَا يَأْكُل العَبْد لِأَن العَبْد أَكثر مَا يكون مَشْغُولًا بِالْخدمَةِ فَلَمَّا تيسير لَهُ الْفَرَاغ للْأَكْل فيأكل كَيْفَمَا تيَسّر لَهُ الْأكل مقعيا أَو متوركا مثلا وَفِيه كَمَال التَّوَاضُع عَنهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إنْجَاح) قَوْله وَلَا يطَأ الخ أَي لَا يمشي خَلفه رجلَانِ وَكَانَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول خلوا ظَهْري للْمَلَائكَة والضرورة تنْدَفع بالخادم الْوَاحِد فاكثاره لَا يكون الا للاحتشام والتجمل والتكلف وَعباد الله لَيْسُوا بمتكلفين كَمَا ورد فِي الحَدِيث وَسَيَجِيءُ وضاحة ذَلِك فِي الحَدِيث الَّاتِي (إنْجَاح) قَوْله قَالَ أَبُو الْحسن هُوَ عَليّ بن إِبْرَاهِيم بن سَلمَة الْقطَّان تلميذ بن ماجة صَاحب هَذِه النُّسْخَة عَادَته ان يذكر بعض أسانيده بِلَا وَاسِطَة بن ماجة من الشُّيُوخ الآخرين فِي هَذِه النُّسْخَة لعلوه كَذَا هَهُنَا ذكر السندين الآخرين فِي كل وَاحِد مِنْهُمَا شَيْخَانِ بَينه وَبَين حَمَّاد بن سَلمَة وبواسطة بن ماجة تكون بَينه وَبَين حَمَّاد ثَلَاث وسائط (إنْجَاح) قَوْله [245] وقر ذَلِك الخ وقر فِي الْقلب سكنه فِيهِ وَثَبت كَذَا فِي الدّرّ النثير (إنْجَاح) قَوْله لِئَلَّا يَقع فِي نَفسه الخ كَانَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قدوة للنَّاس فَفعله عَلَيْهِ السَّلَام لتحذيرهم عَن ذَلِك والا فذاته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ارْفَعْ وَأبْعد ان يَقع فِي نَفسه شَيْء من الْكبر (إنْجَاح) قَوْله بَاب الوصاة اوصاه ووصاه توصية عهد إِلَيْهِم وَالِاسْم الوصاة بِالْفَتْح والوصاية وَالْوَصِيَّة كلهَا بِفَتْح الْوَاو كَذَا فِي الْقَامُوس (إنْجَاح) قَوْله واقنوهم أَي علموهم وَاجْعَلُوا لَهُم قنية من الْعلم يستغنون بهَا إِذا احتاجوا اليه كَذَا فِي الْمجمع الْقنية بِالْكَسْرِ وَالضَّم مَا اكْتَسبهُ وخزنه لِحَاجَتِهِ كَذَا فِي الْقَامُوس (إنْجَاح) قَوْله قبض رجلَيْهِ تواضعا للمسلين وَقَوله [248] فرحبوا بهم الترحيب الدُّعَاء بالرحبة والتفسح وَهَذَا من عَادَة الْعَرَب يَقُولُونَ للداخل عَلَيْهِم مرْحَبًا وَفعله مقدراي ارحبوامرحبا أَو لقِيت مرْحَبًا وسعة والتحية الدُّعَاء بِالْحَيَاةِ وَكَانَ عَادَة أهل الْجَاهِلِيَّة انهم يدعونَ بطول الْبَقَاء كَقَوْلِهِم عمرك الله الف سنة وَالْمرَاد هَهُنَا التَّحِيَّة الشَّرْعِيَّة من التَّسْلِيم والمصافحة (إنْجَاح) قَوْله قَالَ فَأَدْرَكنَا الخ الظَّاهِر انه من قَول الْحسن الْبَصْرِيّ كَانَ يشكو عَن شَأْن رجال نصبوا أنفسهم لتعليم الْعلم ثمَّ تجبروا وتكبروا من تَعْلِيمه للْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِين وَلم يكن هَذَا الا بعد الصَّحَابَة رضوَان الله تَعَالَى عَلَيْهِم وَالله اعْلَم (إنْجَاح الْحَاجة) قَوْله من علم لَا ينفع أَي لَا يهذب الْأَخْلَاق الْبَاطِنَة فيسري مِنْهَا الى الْأَفْعَال الظَّاهِرَة وَيحصل بهَا الثَّوَاب الاجل وانشدت يَا من تقاعد عَن مَكَارِم خلقه لَيْسَ افتخار بالعلوم الذاخرة من لم يهذب علمه أَخْلَاق لم ينتقع بِعُلُومِهِ فِي الْآخِرَة (زجاجة) قَوْله وَمن دُعَاء لَا يسمع قَالَ فِي النِّهَايَة أَي لَا يُسْتَجَاب وَلَا يعْتد بِهِ فَكَأَنَّهُ غير مسموع يُقَال اسْمَع دعائي أَي اجبه لِأَن غَرَض السَّائِل الْإِجَابَة وَالْقَبُول (زجاجة) قَوْله وَمن قلب لَا يخشع الخ قَالَ الطَّيِّبِيّ أعلم ان فِي كل من الْقَرَائِن الْأَرْبَع مَا يشْعر بِأَن وجوده مبْنى على غَايَة وان الْغَرَض مِنْهُ تِلْكَ الْغَايَة وَذَلِكَ ان تَحْصِيل الْعُلُوم انما هُوَ للِانْتِفَاع بهَا فَإِذا لم ينْتَفع لَا يخلص مِنْهُ كفاف بل يكون وبالا فَلذَلِك استعاذ مِنْهُ وان الْقلب إِنَّمَا خلق لِأَن يخشع بهَا ربه وينشرح لذَلِك الصَّدْر ويقذف النُّور فِيهِ فَإِذا لم يكن كَذَلِك كَانَ الْقلب قاسيا فَيجب ان يستعاذ مِنْهُ قَالَ الله تَعَالَى فويل للقاشية قُلُوبهم وان النَّفس انما يعْتد بهَا إِذا تجافت عَن دَار الْغرُور وانابت الى دَار الخلود وَالنَّفس مهما كَانَت منهومة لَا تشبع حريصة على الدُّنْيَا كَانَت إِحْدَى عَدو للمرء فَأولى مَا يستعاذ مِنْهُ هِيَ وَعدم استجابة الدُّعَاء دَلِيل على أَن الدَّاعِي لم ينْتَفع بِعِلْمِهِ وَلم يخشع قلبه وَلم تشبع نَفسه زجاجة للامام الْهمام جلال الدّين السُّيُوطِيّ رَحْمَة الله عَلَيْهِ قَوْله وَلَا تخَيرُوا الخ التخير التَّمَكُّن والتقرر المُرَاد مِنْهُ لَا تمكنوا فِي قُلُوب النَّاس لِتَكُونُوا صدر للمجالس فَإِنَّهُ من أَشد اغراض الدُّنْيَا لِأَن اخر مَا يخرج من قُلُوب الصديقين حب الجاه وَهَذِه عقبَة كئودة للْعُلَمَاء لَا ينجو مِنْهُ الا المخلصون (إنْجَاح الْحَاجة) قَوْله

[254] فَالنَّار النَّار مبتداء خَبره مَحْذُوف أَي النَّار أولى بِهِ كَرَّرَه للتَّأْكِيد للإهتمام فِي الزّجر وَالله اعْلَم انجاح الْحَاجة قَالَ فِي الْأَطْرَاف كَذَا قَالَ أَي بن ماجة فِي سنَنه انْتهى وَقد أورد الحَدِيث فِي الْأَطْرَاف فِي تَرْجَمَة شُعَيْب بن مُحَمَّد بن عبد لله بن عَمْرو وَالِد عَمْرو بن شُعَيْب عَن جده عبد الله بن عَمْرو وَعَزاهُ الى أبي دَاوُد وَابْن ماجة نقل من خطّ شَيخنَا ويقرأون الْقُرْآن الخ أَي بِالْقِرَاءَةِ وَتَفْسِير الْآيَات وياتون الْأُمَرَاء لَا لحَاجَة ضَرُورِيَّة إِلَيْهِم بل لإِظْهَار الْفَضِيلَة والطمع لما فِي أَيْديهم من المَال والجاه فَإِذا قيل لَهُم كَيفَ يجمعُونَ بن التفقه والتقرب إِلَيْهِم يَقُولُونَ نأتي الْأُمَرَاء فنصيب أَي نَأْخُذ من دنياهم ونعتزلهم أَي نبعد عَنْهُم بديننا بِأَن لَا نشاركهم فِي اثم يرتكبونه قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا يكون ذَلِك أَي لَا يَصح وَلَا يَسْتَقِيم مَا ذكر من الْجمع بَين الضدين ثمَّ مثل وَقَالَ كَمَا لَا يجتني أَي لَا يُؤْخَذ من القتاد بِفَتْح الْقَاف شجر كُله شوك الا الشوك لِأَنَّهُ لَا يُثمر الا الجرحة والألم فالاستثناء مُنْقَطع كَذَلِك لَا يجتنى أَي لَا يحصل من قربهم الا الْخَطَايَا وَهِي مضرَّة فِي الدَّاريْنِ (مرقاة) قَوْله [256] للقراء هُوَ بِضَم الْقَاف الرجل المتعبد يُقَال تقْرَأ تنسك أَي تعبد وَالْجمع القراؤن والقراء أَيْضا جمع قَارِئ مثل كَافِر وكفار (فَخر) قَوْله يزورون الْأُمَرَاء من غير ضَرُورَة تلجئهم بهم بل طَمَعا فِي مَالهم وجاههم وَلذَا قَالَ بئس الْفَقِير على بَاب الْأَمِير وَنعم الْأَمِير على بَاب الْفَقِير فَإِن الأول مشْعر بِأَنَّهُ مُتَوَجّه الى الدُّنْيَا وَالثَّانِي مشير بِأَنَّهُ متقرب الى الْآخِرَة قَوْله الجورة جمع جَائِر أَي الظلمَة لِأَن زِيَارَة الْأَمِير الْعَادِل عبَادَة (مرقاة) قَوْله [257] صانوا الْعلم أَي حفظوه عَن المهانة بِحِفْظ أنفسهم عَن المذلة وملازمة الظلمَة ومصاحبة أهل الدُّنْيَا قَوْله لسادوا بِهِ أَي فاقوا بالسيادة وفضيلة السَّعَادَة بِسَبَب الصيانة والوضع عِنْد أهل الْكَرَامَة دون أهل الاهانة أهل زمانهم أَي كمالا وشرفا لِأَن من شَأْن أهل الْعلم ان يكون الْمُلُوك فَمن دونهم تَحت اقدامهم واقلامهم وطوع ارائهم واحكامهم قَالَ الله تَعَالَى يرفع الله الَّذين آمنُوا مِنْكُم وَالَّذين اتوا الْعلم دَرَجَات مرقاه قَوْله [262] انه سمع الخ كَانَ أَبَا هُرَيْرَة خَافَ من نَفسه حرص الجاه وَالدُّنْيَا فتمنى أَنه لم يظْهر علمه لَاحَدَّ لَكِن لما نظر فِي وَعِيد الكتمان اختارا فشاءه على الكتمان لِأَنَّهُ من ابتلى ببليتين اخْتَار أهونهما وَلِهَذَا لَا يَنْبَغِي للْعَالم وَالْعَامِل ان يتركا اعمالهما بِسَبَب خوف الجاه والرياء وَلَكِن يجتهدان بليغا فِي الِاحْتِرَاز عَن هَذِه البلية الْعَظِيمَة وَلِهَذَا قَالُوا اعرف النَّاس بِاللَّه تَعَالَى اشدهم خشيَة وَخَوف أبي هُرَيْرَة عَن ذَلِك الْأَمر وشهيقه وغشية ثَلَاث مرار مَشْهُور (إنْجَاح) قَوْله إِذا لعن الخ المُرَاد مِنْهُ أهل الْبَاطِل من الروافض والخوارج وَغَيرهم أَي من أدْرك هَذَا الزَّمَان فَعَلَيهِ إِظْهَار مَنَاقِب الصَّحَابَة وفضائلهم مثلا وَقد تصدى بهَا جمَاعَة من أَئِمَّة الْمُسلمين حَتَّى اسْتشْهد الامام أَبُو عبد الرَّحْمَن النَّسَائِيّ صَاحب السّنَن على إِظْهَار فَضِيلَة عَليّ رَضِي الله عَنهُ حِين سَأَلَهُ رجل من المبتدعة حَيْثُ قَالَ أَلا تذكر فَضِيلَة مُعَاوِيَة فَقَالَ اما يَكْفِي لمعاوية ان يكون حَاله كفافأ واني لَهُ الْفَضَائِل بِجنب عَليّ رَضِي الله عَنهُ فجروه من الْمِنْبَر وضربوه ضربا شَدِيدا حَتَّى حمل الى بَيته وَمَات وَقتل وامتحن الامام أَحْمد بن حَنْبَل فِي فتْنَة خلق الْقُرْآن والعملاء الاخر قد ابتلوا ببلايا بِسَبَب التصنيف وَإِظْهَار الْحق لَا يكَاد حصرهم (إنْجَاح الْحَاجة) قَوْله [264] من سُئِلَ عَن علم الخ قَالَ الْخطابِيّ هَذَا فِي الْعلم الَّذِي يلْزمه تَعْلِيمه إِيَّاه كمن رأى من يُرِيد الْإِسْلَام وَيَقُول عَلمنِي الْإِسْلَام وَكَمن رأى حَدِيث عهد بِالْإِسْلَامِ لَا يحسن الصَّلَاة يَقُول عَلمنِي كَيفَ أُصَلِّي وَكَمن جَاءَ مستفتيا فِي حَلَال وَحرَام يَقُول افتوني وارشدوني فَإِنَّهُ يلْزم فِي هَذِه الْأُمُور أَن لَا يمْنَع الْجَواب فَمن فعل كَانَ آثِما مُسْتَحقّا للوعيد وَلَيْسَ كَذَلِك فِي نوافل الْعُلُوم الَّتِي لَا ضَرُورَة بِالنَّاسِ الى مَعْرفَتهَا وَمِنْهُم من يَقُول هُوَ علم الشَّهَادَة (زجاجة) قَوْله من سُئِلَ عَن علم وَهُوَ علم يحْتَاج اليه السَّائِل فِي أَمر وَنهي ثمَّ كتمه بِعَدَمِ الْجَواب أَو بِمَنْع الْكتاب الجم أَي ادخل فِي فَمه لجام لِأَنَّهُ مَوضِع خُرُوج الْعلم وَالْكَلَام قَالَ الطَّيِّبِيّ شبه مَا يوضع فِي فِيهِ من النَّار بلجام فِي فَم الدَّابَّة يَوْم الْقِيَامَة بلجام من النَّار مُكَافَأَة لَهُ حَيْثُ ألْجم نَفسه بِالسُّكُونِ فَشبه بِالْحَيَوَانِ الَّذِي سخر وَمنع من قصد مَا يُريدهُ فَإِن الْعَالم من شَأْنه ان يدعوا الى الْحق قَالَ السَّيِّد هَذَا فِي الْعلم اللَّازِم التَّعْلِيم كاستعلام كَافِر عَن الْإِسْلَام مَا هُوَ أَو حَدِيث عهد عَن تَعْلِيم صَلَاة حضر وَقتهَا وكالمستفتي فِي الْحَلَال وَالْحرَام فَإِنَّهُ يلْزم فِي هَذِه الْأُمُور الْجَواب لَا نوافل الْعُلُوم الْغَيْر الضرورةية (مرقاة) قَوْله [265] أَمر الدّين بدل من أَمر النَّاس يَعْنِي ان هَذَا الْوَعيد مُخْتَصّ بكتمان علم الدّين لَا النصائع الدُّنْيَوِيَّة لِأَن كتمان الْمَنَافِع الدُّنْيَوِيَّة جَائِز لِأَن النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ من اسْتَطَاعَ ان ينفع أحدا من الْمُسلمين فلينفعه فكتمان أهل الصناعات صناعاتهم مَمْنُوع أَيْضا وَلَكِن لَا بِهَذِهِ الْمرتبَة الَّتِي تسْتَحقّ بهَا هَذَا الْوَعيد بل أَهْون من كتمان الدّين وَأما مَا ينفع فِي الدُّنْيَا ويضر فِي الْآخِرَة فكتمانه مستحسن جدا (إنْجَاح) قَوْله

أبواب الطهارة وسننها أي من الحديث والخبث وأصلها النظافة من كل عيب حسي

أَبْوَاب الطَّهَارَة وسننها أَي من الحَدِيث والخبث وَأَصلهَا النَّظَافَة من كل عيب حسي أَو معنوي وَمِنْه قَوْله تَعَالَى انهم اناس يتطهرون وَلما كَانَت الْعِبَادَة نتيجة الْعلم وَالصَّلَاة أفضل الْعِبَادَات وَالطَّهَارَة من شُرُوطهَا المتوقف صِحَّتهَا عَلَيْهَا عقب أَبْوَاب الْعلم بِأَبْوَاب الطَّهَارَة واختصت من بَين شُرُوطهَا لكَونهَا غير قَابِلَة للسقوط ولكثرة ماسئلها الْمُحْتَاج إِلَيْهَا هَذَا وَقَالَ الْغَزالِيّ للطَّهَارَة مَرَاتِب تَطْهِير الظَّاهِر من الْحَدث والخبث ثمَّ تَطْهِير الْجَوَارِح عَن الجرائم ثمَّ تَطْهِير الْقلب عَن الْأَخْلَاق المذمومة ثمَّ تَطْهِير السِّرّ عَمَّا سوى الله تَعَالَى (إنْجَاح الْحَاجة لشاه عبد الْغَنِيّ) [267] يتَوَضَّأ بِالْمدِّ الخ قَالَ النَّوَوِيّ اجْمَعْ الْمُسلمُونَ على أَن المَاء الَّذِي يَجْزِي فِي الْوضُوء وَالْغسْل غير مُقَدّر بل يَكْفِي فِيهِ الْقَلِيل وَالْكثير إِذا وجد شَرط الْغسْل وَهُوَ جَرَيَان المَاء على الْأَعْضَاء قَالَ الْعلمَاء وَالْمُسْتَحب ان لَا ينقص فِي الْغسْل عَن صَاع وَلَا فِي الْوضُوء عَن صَاع خَمْسَة ارطال وَثلث بالغدادي وَالْمدّ رَطْل وَثلث وَبِه يَقُول الشَّافِعِي وَذَلِكَ مُعْتَبر على التَّقْرِيب لَا على التَّحْدِيد وَعند الْحَنَفِيَّة الصَّاع ثَمَانِيَة ارطال وَالْمدّ رطلان (فَخر) قَوْله قد كَانَ يجزى من هُوَ خير الخ يَعْنِي ان كنت تُرِيدُ الطَّهَارَة والنظافة للِاحْتِيَاط وَالتَّقوى فَكَانَ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ احوط وَاتَّقَى مِنْك وان كنت تزْعم ان المَاء لَا يصل الى شعرك للكثرة فَكَانَ النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكثر شعرًا مِنْك فالغرض ان الْإِسْرَاف فِي المَاء بِسَبَب التوهمات الْبَاطِلَة مَمْنُوع عَنهُ (إنْجَاح) قَوْله [271] لَا يقبل الله صَلَاة الا بِطهُور هُوَ بِالضَّمِّ الطُّهْر وبالفتح المَاء الَّذِي يتَطَهَّر بِهِ نسختان قَالَ بن الْحجر أَي لَا تصح إِذْ نفى الْقبُول اما بِمَعْنى نفي الصِّحَّة كَمَا هَهُنَا واما بِمَعْنى نفي الثَّوَاب قَوْله [272] وَلَا صَدَقَة هِيَ الَّتِي طَهَارَة النَّفس من رذيلة الْبُخْل وَقلة الرَّحْمَة قَوْله من غلُول بِالضَّمِّ على مَا فِي النّسخ المصححة أَي مَال حرَام وَاصل الْغلُول الْخِيَانَة فِي الْغَنِيمَة قَالَ بعض الْعلمَاء من تصدق بِمَال حرَام ويرجوا الثَّوَاب كفر (مرقاة) قَوْله [275] مِفْتَاح الصَّلَاة الخ قَالَ المظهري الدُّخُول فِي الصَّلَاة تَحْرِيمًا لِأَنَّهُ يحرم الْأكل وَالشرب وَغَيرهمَا على الْمصلى وسمى التسلي تحليلا لتحليل مَا كَانَ محرما على الْمصلى لِخُرُوجِهِ عَن الصَّلَاة قَالَ الطَّيِّبِيّ شبه الشُّرُوع فِي الصَّلَاة بِالدُّخُولِ فِي حرم الْملك المحمي عَن الاغيار وَجعل فتح بَاب الْحرم بالتطهر عَن الادناس وَجعل الِالْتِفَات الى الْغَيْر والاشتغال بِهِ تحليلا تَنْبِيها على التَّكْمِيل بعد الْكَمَال (زجاجة) قَوْله وتحليلها التَّسْلِيم هَذَا على مَذْهَب الْجُمْهُور ظَاهر وَأما أَبُو حنيفَة فَيَقُول الْمُصَلِّي يخرج من صلَاته بصنعة الَّذِي يُخَالف الصَّلَاة لَكِن مَعَ الْكَرَاهَة فَالْمُرَاد من الحَدِيث التَّحْلِيل الَّذِي يَلِيق بشأن الْمُصَلِّي على وَجه الْكَمَال وَهُوَ التَّسْلِيم (إنْجَاح) قَوْله [277] اسْتَقِيمُوا وَلنْ تُحْصُوا قَالَ فِي النِّهَايَة أَي اسْتَقِيمُوا فِي كل شَيْء حَتَّى لَا تميلوا وَلنْ تُطِيقُوا الاسْتقَامَة من قَوْله تَعَالَى علم ان لن تحصوه أَي لن تُطِيقُوا عده وَضَبطه وَقَالَ المظهري أَي الزموا الصِّرَاط الْمُسْتَقيم فِي الدّين فِي الْإِتْيَان بِجَمِيعِ المأمورات والانتهاء عَن جَمِيع المناهي وَقَالَ الْبَيْضَاوِيّ الاسْتقَامَة اتِّبَاع الْحق وَالْقِيَام بِالْعَدْلِ وملازمة الْمنْهَج الْمُسْتَقيم وَذَلِكَ خطب عَظِيم لَا يتَصَدَّى لاحصائه إِلَّا من استضاء قلبه بالانوار القدسية وتخلص عَن الظُّلُمَات الانسية وايده الله من عِنْده وَقَلِيل مَا هُوَ وَأخْبرهمْ بعد الْأَمر بذلك انهم لَا يقدرُونَ على ايفاء حَقه وَالْبُلُوغ الى غَايَته كَيْلا يغفلوا عَنهُ فَلَا يتكلوا على مَا يأْتونَ بِهِ وَلَا يَيْأَسُوا من رَحْمَة الله تَعَالَى فِيمَا يزرون وَقيل مَعْنَاهُ لن تُحْصُوا ثَوَابه وَقَالَ الطَّيِّبِيّ لما أَمرهم بالاستقامة وَهِي الشاقة جدا تَدَارُكه بقوله وَلنْ تُحْصُوا رَحْمَة ورافة من الله تَعَالَى على هَذِه الْأمة كَمَا قَالَ تَعَالَى فَاتَّقُوا الله مَا اسْتَطَعْتُم بعد مَا انْزِلْ اتَّقوا الله حق تُقَاته (زجاجة) قَوْله [279] وَنِعما ان اسْتَقَمْتُمْ نعما أَصله نعم مَا فأدغم الْمِيم الأول فِي الْمِيم الثَّانِي كَقَوْلِه تَعَالَى ان الله نعما يعظم بِهِ وَمَا مَوْصُولَة أَي نعم الَّذِي أمرْتُم بِهِ فِيهِ مُبْهَم وشيئا تميز يفسره وان اسْتَقَمْتُمْ مَخْصُوص بالمدح أَي نعم الشَّيْء أَو شَيْئا استقامتكم (إنْجَاح الْحَاجة) قَوْله [280] شطر الْإِيمَان قَالَ فِي النِّهَايَة لِأَنَّهُ يطهر نَجَاسَة الْبَاطِن وَالْوُضُوء يطهر نَجَاسَة الظَّاهِر مِصْبَاح الزجاجة قَوْله [281] لَا ينهزه أَي لَا يحركه النهز الدّفع نهزته دَفعته ونهز رَأسه حركه كَذَا فِي الْمجمع (إنْجَاح) قَوْله وَلَا ينهز الخ بالزاي أَي لم ينْو بِخُرُوجِهِ غَيرهَا وَاصل النهز الدّفع يُقَال نهزت الرجل انهزه إِذا دَفعته ونهز رَأسه إِذا حركه (زجاجة) قَوْله

[282] خرجت خطاياه من فِيهِ أَي بعض الْخَطَايَا أوالخطايا الْمُتَعَلّقَة بالفم وَهُوَ الظَّاهِر وَهُوَ مُقَيّد بالصغائر قَوْله وانفه تَقْرِيره أَيْضا على مَا سبق (مرقاة) قَوْله نَافِلَة قَالَ الطَّيِّبِيّ أَي زَائِدَة على تَكْفِير السَّيِّئَات وَهِي دفع الدَّرَجَات لِأَنَّهَا كفرت بِالْوضُوءِ وَالنَّفْل الزِّيَادَة وَالْفضل مِصْبَاح الزجاجة للعلامة جلال الدّين السُّيُوطِيّ رَحمَه الله تَعَالَى عَن عبد الرَّحْمَن الْبَيْلَمَانِي هُوَ مولى عمر بن الْخطاب الْبَيْلَمَانِي بِفَتْح الْمُوَحدَة وَسُكُون التَّحْتِيَّة مَوضِع بِالْيمن أَو بالسند أَو بِالْهِنْدِ وَمِنْه السيوف البيلمانية كَذَا فِي الْقَامُوس (إنْجَاح) قَوْله [284] غر محجلون الغر جمع الْأَغَر وَهُوَ الْأَبْيَض الْوَجْه والمحجل من الدَّوَابّ الَّتِي قَوَائِمهَا بيض مَأْخُوذ من الحجل وَهُوَ الْقَيْد كَأَنَّهَا مُقَيّدَة بالبياض وَاصل هَذَا فِي الْخَيل مَعْنَاهُ انهم إِذا دعوا على رُؤُوس الاشهاد أَو الى الْجنَّة كَانُوا على هَذِه الصّفة قَالَ الْقَارِي قلت من هُنَا اسْتدلَّ بَعضهم ان الْوضُوء من خَصَائِص هَذِه الْأمة وَأنْكرهُ اخرون وَقَالُوا لَيْسَ الْوضُوء مُخْتَصًّا بِهَذِهِ الْأمة انما الْمُخْتَص بهَا الْغرَّة التحجيل لحَدِيث هَذَا وضوئي ووضوء الْأَنْبِيَاء قبلي وَأجَاب الاولون بِأَن هَذَا الحَدِيث ضَعِيف وَلَو سلم صِحَّته يحْتَمل ان يكون الْأَنْبِيَاء اخْتصّت بِالْوضُوءِ دون الْأُمَم (فَخر) قَوْله غر محجلون غرجمع أغر من الْغرَّة وَهِي الْبيَاض فِي الْجَبْهَة والتحجيل بَيَاض الرجلَيْن وَالْيَدَيْنِ (إنْجَاح) قَوْله [285] وَلَا تغتروا من الْغرَّة بِفَتْح أَو كسر بِمَعْنى الانخداع أَي لَا تغتروا وَلَا تنخدعوا بِهَذِهِ الْبشَارَة الْعَظِيمَة حَتَّى تجترؤا على الْأَعْمَال السَّيئَة فَإِن هَذَا الحَدِيث وَأَمْثَاله مَحْمُولَة على الصَّغَائِر وَالصَّغِيرَة إِذا اصر عَلَيْهَا تصير كَبِيرَة كَمَا قَالُوا لَا كَبِيرَة مَعَ الاسْتِغْفَار وَلَا صَغِيرَة مَعَ الاصرار فَمَا جَاءَ فِي الْأَحَادِيث الْجُمُعَة الى الْجُمُعَة كَفَّارَة لما بَينهمَا وَكَذَلِكَ فِي صَوْم رَمَضَان وَالْحج وَالصَّلَاة مَحْمُولَة عَلَيْهَا والا لم يكن بفرضية التَّوْبَة معنى قَالَ الله تَعَالَى وَالَّذين يجتنبون كَبَائِر الْإِثْم وَالْفَوَاحِش الا اللمم أَن رَبك وَاسع الْمَغْفِرَة وتفصيل الْمقَام فِي شرح الْمشكاة لملا على الْقَارِي من شَاءَ فَلْينْظر ثمَّ (إنْجَاح) قَوْله [286] السِّوَاك هُوَ بِالْكَسْرِ مَا يدلك بِهِ الْأَسْنَان من العيدان قَالَ النَّوَوِيّ يسْتَحبّ أَن يستاك بِعُود من آراك وَيسْتَحب أَن يبْدَأ من جَانب الْأَيْمن من فَمه عرضا لَا طولا لِئَلَّا يدمي لحم أَسْنَانه قَوْله يشوص فَاه الخ قَالَ فِي النِّهَايَة أَي يدلك أَسْنَانه وينقيها وَقيل هُوَ أَن يستاك من سفل إِلَى علو وَاصل الشوص الْغسْل (زجاجة) قَوْله [287] لَوْلَا ان اشق الخ لَوْلَا خشيَة وُقُوع الْمَشَقَّة عَلَيْهِم لأمرتهم أَي لفرضت عَلَيْهِم بِالسِّوَاكِ أَي بفرضيته عِنْد كل صَلَاة أَي وضوئها لما روى بن خُزَيْمَة فِي صحيحي وَالْحَاكِم وَقَالَ صَحِيح الْإِسْنَاد وَالْبُخَارِيّ تَعْلِيقا فِي كتاب الصَّوْم عَن أبي هُرَيْرَة ان رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَوْلَا ان اشق على أمتِي لأمرتهم بِالسِّوَاكِ عِنْد كل وضوء وَلخَبَر أَحْمد وَغَيره لَوْلَا ان اشق على أمتِي لامرتهم بِالسِّوَاكِ عِنْد كل طهُور فَتبين مَوضِع السِّوَاك عِنْد كل صَلَاة وَالشَّافِعِيَّة يجمعُونَ بَين الْحَدِيثين بِالسِّوَاكِ فِي ابْتِدَاء كل مِنْهُمَا (مرقاة) قَوْله [288] ثمَّ ينْصَرف فيستاك أَي يُبَالغ فِي السِّوَاك بِحَيْثُ يستاك بعد كل شُفْعَة أَو بعد كل صَلَاة وَظَاهر الحَدِيث حجَّة لمن يرى سنية السِّوَاك عِنْد الصَّلَاة (إنْجَاح) قَوْله [289] مطهرة للفم الخ قَالَ المظهري مطهرة مصدر ميمي يحْتَمل أَن يكون بِمَعْنى الْفَاعِل أَي مطهر للفم وَكَذَا المرضاة أَي مُحَصل لرضاء الله تَعَالَى وَيجوز أَن يكون بِمَعْنى الْمَفْعُول أَي مرضِي للرب وَقَالَ الطَّيِّبِيّ يُمكن ان يُقَال ان يكون اسْما أَي السِّوَاك مَظَنَّة الطَّهَارَة والرضى (زجاجة) قَوْله ان احفي مقادم فمي أَي استأصل اسناني من كَثْرَة اسْتِعْمَال السِّوَاك بِسَبَب كَثْرَة وَصِيَّة جِبْرَائِيل ومداومتي عَلَيْهِ (إنْجَاح) قَوْله [293] وانتقاص المَاء يُرِيد انتقاص الْبَوْل بِالْمَاءِ إِذا غسل المذاكير بِهِ وَقيل هُوَ الانتضاح بِالْمَاءِ والمشهود بِالْقَافِ وَصوب الْفَاء وَأَرَادَ انضحه على الذّكر والنقصة نضح الدَّم الْقَلِيل وَجمعه قصّ قَالَ الطَّيِّبِيّ فسره وَكِيع بالاستنجاء وَغَيره بانتقاص الْبَوْل بِاسْتِعْمَال المَاء فِي غسل المذاكير لِأَنَّهُ إِذا لم يغسل نزل مِنْهُ شَيْء فشيء فيعسر استبراءه وَالْمَاء مفعول الانتقاص لَو أُرِيد بِهِ الْبَوْل وفاعله لَو أُرِيد بِهِ مَاء يغسل بِهِ وَهُوَ يَجِيء مُتَعَدِّيا ولازما انْتهى وَفِي الْفَائِق انتقاص المَاء هُوَ ان يغسل مذاكيره ليرتد الْبَوْل لِأَنَّهُ إِذا لم يغسل نزل مِنْهُ الشَّيْء بعد الشَّيْء فيعسر اسْتِبْرَاء فَلَا يخلوا المَاء ان يُرَاد بِهِ الْبَوْل فَيكون الْمصدر مُضَافا الى الْمَفْعُول وان يُرَاد بِهِ المَاء الَّذِي يغسل بِهِ فَيكون مُضَافا الى الْفَاعِل على معنى التَّعْدِيَة مِصْبَاح الزجاجة قَوْله

[294] قَالَ من الْفطْرَة أَي من سنَن الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم السَّلَام الَّذِي أمرنَا ان نقتدي بهم فَكَانَ فطرنا عَلَيْهَا كَذَا نقل عَن أَكثر الْعلمَاء (مرقاة) قَوْله والسواك قيل لَا يسن فِي الْمَسْجِد إِذا خشِي تطائر شَيْء من الرِّيق أَو نَحوه ثمَّ السِّوَاك سنة بالِاتِّفَاقِ وَقَالَ دَاوُد وَاجِب وَزَاد إِسْحَاق فَقَالَ ان تَركه عَامِد ابطلت صلَاته (مرقاة) قَوْله وقص الشَّارِب قَالَ بن حجر فَيسنّ احفاءه حَتَّى يبدء حمرَة الشّفة الْعليا وَلَا يحفيه من أصل وَالْأَمر باحفاءه مَحْمُول على مَا ذكر وَخرج بِقصَّة حَلقَة فَهُوَ مَكْرُوه وَقيل حرَام لِأَنَّهُ مثلَة وَقيل سنة لرِوَايَة بِهِ قَوْله وتقليم الاظفار أَي يحصل سنيتها بِأَيّ كَيْفيَّة كَانَت واولاها ان يبْدَأ فِي الْيَدَيْنِ بمسبحة الْيُمْنَى ثمَّ الْوُسْطَى ثمَّ البنصر ثمَّ الْخِنْصر ثمَّ الْإِبْهَام ثمَّ خنصر الْيَد الْيُسْرَى ثمَّ بنصرها ثمَّ وسطاها ثمَّ مسبحتها ثمَّ ابهامها وَفِي الرجلَيْن يبدء بخنصر الْيُمْنَى وَيخْتم بخنصر الْيُسْرَى (مرقاة) قَوْله ونتف الابط بِالسُّكُونِ وبكسر قلع شعره بِحَذْف الْمُضَاف وَعلم مِنْهُ ان حلقه لَيْسَ بِسنة وَقيل النتف أفضل لمن قوى عَلَيْهِ (مرقاة) قَوْله وَغسل البارجم بِفَتْح الْبَاء وَكسر الْجِيم أَي العقد الَّتِي على ظهر مفاصل الْأَصَابِع وَالَّتِي فِي بَاطِنهَا وَقَالَ التوربشتي البراجم مفاصل الْأَصَابِع اللَّاتِي بَين الاساجع والرواجب والرواجب بِالْجِيم وَالْبَاء الْمُوَحدَة المفاصل الَّتِي تلِي الأنأمل وَبعدهَا البراجم وَبعدهَا الاساجع كَذَا نَقله لَا يهرى والظاهران المُرَاد غسل جَمِيع عقدهَا (مرقاة) قَوْله والانتضاح وَهُوَ ان يَأْخُذ الرجل قَلِيلا من المَاء فيرش بِهِ مذاكيره بعد الْوضُوء لدفع وَسْوَسَة القطرة فَخر الْحسن حَدِيث جَعْفَر بن أَحْمد بن عمر كَأَنَّهُ من زيادات أبي الْحسن الْقطَّان نقل من خطّ شَيخنَا [295] وَحلق الْعَانَة قَالَ بن الْملك لَو ازال شعرهَا بِغَيْر الْحلق لَا يكون فعله هَذَا على وَجه السّنة وَفِيه ان إِزَالَته قد يكون بالنورة وَقد ثَبت انه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتعْمل النورة على مَا ذكره السُّيُوطِيّ فِي رسَالَته نعم لَو ازالها بالقص مثلا لَا يكون أَتَيَا بِالسنةِ على وَجه الْكَمَال قَالَ بن حجر وَحلق الْعَانَة وَلَو للْمَرْأَة كَمَا اقْتَضَاهُ إِطْلَاق الحَدِيث ظَاهر فِيهِ لَكِن قَيده الْأَكْثَرُونَ بِالرجلِ وَقَالُوا الأولى للْمَرْأَة النتف لِأَنَّهُ ألطف وَأبْعد لنفرة الحليل من بقايا أثر الْحلق وَلِأَن شَهْوَة الْمَرْأَة اضعاف شَهْوَة الرجل إِذْ جَاءَ ان لَهَا تسعا وَتِسْعين جُزْء مِنْهَا وللرجل جُزْء وَاحِد والنتف يضعهفا وَالْحلق يقويها فَأمر كلا مِنْهُمَا بِمَا هُوَ الانسب بِهِ (مرقاة) قَوْله غفرانك تَقْدِيره اغْفِر غفرانك وَالْمعْنَى أَسأَلك غفرانك وَذكر فِي تعقيبه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْخُرُوج بِهَذِهِ الدُّعَاء وَجْهَان أَحدهمَا انه اسْتغْفر من الْحَالة الَّتِي اقْتَضَت هجران ذكر الله تَعَالَى فَإِنَّهُ يذكر الله تَعَالَى فِي سَائِر حالاته الا عِنْد الْحَاجة وَثَانِيهمَا ان الْقُوَّة البشرية قَاصِرَة عَن الْوَفَاء بشكر مَا انْعمْ الله عَلَيْهِ من تسويغ الطَّعَام وَالشرَاب وترتيب الْغذَاء على وَجه الْمُنَاسب لمصْلحَة الْبدن الى اوان الْخُرُوج فلجأ الى الاسْتِغْفَار اعترافا بالقصور عَن بُلُوغ حق تِلْكَ النعم (مرقاة) قَوْله [302] كَانَ يذكر الله الخ لَا يتَصَوَّر هَذَا الذّكر الا بِالْقَلْبِ فَإِن الذّكر اللساني لَا يتَصَوَّر فِي كل احيان لِأَن الْإِنْسَان لَا يَخْلُو أما أَن يكون نَائِما أَو يقظان فالنائم يكون غافلا عَن ذكر اللِّسَان وَكَذَلِكَ يقظان إِذا كَانَ فِي القاذورات فَذكر اللِّسَان هَهُنَا مَكْرُوه بِخِلَاف الذّكر القلبي فَإِن تعلق الْقلب بجناب الْبَارِي فِي النّوم واليقظة سَوَاء وَلذَا قَالَ شَيخنَا الْمجد رض الْحَالة النامية فَوق حَالَة الْيَقَظَة لعدم تعلق الْبَاطِن بِالظَّاهِرِ وَحَالَة السكرات فَوق حَالَة الْمَنَام وَحَالَة البرزخ فَوق حَالَة السكرات وَحَالَة العرصات فَوق حَالَة البرزخ وَحَالَة أهل الْجنَّة فَوق حَالَة أهل العرصات لأَنهم يرَوْنَ الله عيَانًا قَالَ الله تَعَالَى للَّذين أَحْسنُوا الْحسنى وَزِيَادَة وفسرت الزِّيَادَة فِي الحَدِيث بِرُؤْيَة الله عز وَجل وهذ كُله لمن لَهُ ذوق فِي الْقلب لَا للَّذي هُوَ الى الظَّاهِر الْمَحْض مُسْتَقِيم قَالَ الله تَعَالَى الا من اتى الله بقلب سليم فِي الحَدِيث خير الذّكر الْخَفي وَخير الرزق مَا يَكْفِي وَجَاء عَن النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيْضا أفضل الذّكر الْخَفي الَّذِي لَا يسمع الْحفظَة سَبْعُونَ ضعفا إِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة جمع الله الْخَلَائق لحسابهم وَجَاءَت الْحفظَة بِمَا حفظوا وَكَتَبُوا قَالَ لَهُم انْظُرُوا هَل بَقِي لَهُ من شَيْء فَيَقُولُونَ مَا تركنَا شَيْئا مِمَّا علمناه وحفظناه الا وَقد احصيناه وكتبناه يَقُول الله ان لَك عِنْدِي حَسَنَة لَا تعلمه وانا اجزيك بِهِ وَهُوَ الذّكر الْخَفي ذكره السُّيُوطِيّ فِي البدور السافرة عَن أبي يعلى الْموصِلِي عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا كَمَا ذكره عَليّ الْقَارِي وَقَالَ فِيهِ حجَّة لساداتنا النقشبندية (إنْجَاح) قَوْله لَا باس بِهِ الْغَرَض أَنه إِذا كَانَ الْمَكَان صافيا لَا يقر المَاء فِيهِ جَازَ الْبَوْل فِي ذَلِك الْمَكَان فَأَما إِذا كَانَ كالحفرة الَّتِي يسْتَقرّ فِيهَا الْبَوْل وَالْمَاء فَالظَّاهِر هَهُنَا التلوث بالرشاشة انجاح الْحَاجة لمولانا شاه عبد الْغَنِيّ الدهلوي قَوْله نهى رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الخ قَالَ الْخطابِيّ النَّهْي نهي تَنْزِيه وَعلة النَّهْي انه يبدئ الْعَوْرَة بِحَيْثُ يرَاهُ النَّاس وَلَا يَأْمَن من رُجُوع الْبَوْل اليه انْتهى أَقُول وَمن هَهُنَا علم أَنه عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام مَا بَال قَائِما الا لعذر مرض منع عَن الْقعُود أَو لعدم وجدانه مَكَانا للقعود لامتلاء الْموضع من النَّجَاسَة مثلا أَو للتداوي من وجع الصلب أَو لبَيَان الْجَوَاز وَقَول عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا أَنه يَبُول قَاعد الا يُنَافِي ذَلِك لِأَن عَادَته الشريف كَانَ كَذَلِك يَعْنِي يَبُول قَاعِدا وَقَالَ الْمُحدث الدهلوي وَحَدِيث عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا مُسْتَند الى علمهَا فَيحمل على مَا وَقع فِي الْبيُوت فَخر الْحسن قَوْله

[309] الرجل أعلم بِهَذَا الخ المُرَاد مِنْهُ حُذَيْفَة أَو الْمُغيرَة بن شُعْبَة لانهما رويا الحَدِيث فِي الْبَوْل قَائِما وغرض سُفْيَان ان الرجل يحضر فِي مَكَان لَا تحضره الْمَرْأَة فَكَانَ رِوَايَة عَائِشَة فِي بَيتهَا وروايتهما فِي السّفر فَلَا يُنكر عَلَيْهِمَا بِعَدَمِ رُؤْيَة عَائِشَة ثمَّ اسْتدلَّ سُفْيَان بِفعل الْعَرَب وَاسْتشْهدَ بِحَدِيث عبد الرَّحْمَن بن حَسَنَة انجاح الجاحة لمولانا شاه عبد الْغَنِيّ المجددي الدهلوي رَحمَه الله تَعَالَى [310] فَلَا يمس ذكره بِفَتْح السِّين أَو كسرهَا وَلَا يستنجي بِيَمِينِهِ فان قيل كَيفَ يستنجي بِالْحجرِ فَإِن اخذه بِشمَالِهِ وَالذكر بِيَمِينِهِ فقد مس ذكره بهَا وَهِي مَنْهِيّ عَنهُ وَكَذَلِكَ الْعَكْس قُلْنَا طَريقَة ان يَأْخُذ الذّكر بِشمَالِهِ ويمسحه على جِدَار أَو حجر كَبِير بِحَيْثُ لَا يسْتَعْمل يَمِينه فِي ذَلِك أصلا كَذَا فِي المظهري (مرقاة) قَوْله [311] مَا تَغَنَّيْت وَلَا تمنيت المُرَاد مِنْهُ الْغناء الْمَعْرُوف ويستدل بِالْحَدِيثِ من يرى بِكَرَاهَة الْغناء مُطلقًا كَمَا اعْتمد عَلَيْهِ صَاحب الْهِدَايَة والدر وتفصيله لَا يُنَاسب هَذَا الْمقَام وَقَوله وَمَا تمنيت أَي مَا كذبت وَهُوَ من الامنية بِمَعْنى الْكَذِب كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى وَمِنْهُم أُمِّيُّونَ لَا يعلمُونَ الْكتاب الا اماني وَقد أَخطَأ من فسره فِي الحَدِيث بِخِلَافِهِ وَالله اعْلَم (إنْجَاح) قَوْله [313] انا لكم مثل الْوَالِد أَي فِي الشَّفَقَة قَوْله اعلمكم أَي أُمُور دينكُمْ قَوْله فَلَا تستقبلوا الْقبْلَة وَلَا تستدبروها أَي مُطلقًا كَمَا هُوَ مَذْهَبنَا وتقييده بالبنيان مُخَالف لظاهره وواقعة حَال لَا يُفِيد الْعُمُوم مَعَ انه أَمر اسْتِحْبَاب وَلَا يلْزم من جَوَاز الاستدبار فِي الْبُنيان جَوَاز الِاسْتِقْبَال فِيهِ قَوْله وَأمر بِثَلَاثَة أَحْجَار أَي بأخذها أَو باستعمالها قَوْله وَنهى عَن الروث والرمة أَي عَن استعمالهما فِي الِاسْتِنْجَاء والروث السرجين قيل المُرَاد بِهِ كل نجس والرمة بِكَسْر الرَّاء وَتَشْديد الْمِيم الْعِظَام البالية جمع رَمِيم يُسمى بذلك لِأَن الْإِبِل ترمها أَي تأكلها وَفِي شرح السّنة تَخْصِيص النَّهْي بهما يدل على الِاسْتِنْجَاء بِكُل مَا يقوم مقَام الْأَحْجَار فِي الانقاء وَهُوَ كل جامد طَاهِر قالع للنَّجَاسَة غير مُحْتَرم من مدر وخشب وخرق وخذف انْتهى قَالُوا والكاغذ وان كَانَ بَيَاضًا فَهُوَ مُحْتَرم الا إِذا كتب عَلَيْهِ نَحْو الْمنطق وَلم يكن فَهِيَ ذكر الله تَعَالَى فَيجوز بِهِ الِاسْتِنْجَاء (مرقاة) قَوْله والقى الروثة والْحَدِيث دَلِيل للحنفية لِأَن الْعدَد للاستنجاء لَيْسَ بِسنة وَالْغَرَض مِنْهُ الانقاء حَتَّى لَو نقى بِوَاحِد أَو اثْنَيْنِ كَفاهُ وَإِذا لم ينق فِي الثَّلَاثَة يزِيد حَتَّى يحصل الانقاء وَقَالَ الشَّافِعِي رَحمَه الله التَّثْلِيث فِي الِاسْتِنْجَاء سنة وَلَا كَلَام فِي أَفضَلِيَّة التَّثْلِيث إِذا حصلت التنقية بهَا وَالله اعْلَم (إنْجَاح) قَوْله [318] شرقوا الخ قَالَ فِي شرح السّنة هَذَا خطاب لأهل الْمَدِينَة وَلمن كَانَت قبلته على ذَلِك السمت فَأَما من كَانَت قبلته الى جِهَة الْمغرب والمشرق فَإِنَّهُ ينحرف الى الْجنُوب أَو الشمَال (مرقاة) قَوْله [321] نهاني الخ الحَدِيث مَحْمُول على الْكَرَاهَة التنزيهية لِأَنَّهُ ترك الْأَدَب وَقيل يضر عِنْد الْأَطِبَّاء أَيْضا والا فقد ثَبت ان النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شرب قَائِما وَكَذَلِكَ عَن عَليّ واما فضلَة لوضوء وَمَاء زَمْزَم فَيُسْتَحَب شربهما قَائِما كَمَا ثَبت فِي الْأَحَادِيث الصَّحِيحَة وَالله أعلم (إنْجَاح) قَوْله وان ابول الخ اخْتلف الْعلمَاء فِي اسْتِقْبَال الْقبْلَة واستدبارها هَل مَنعه مَخْصُوص بالصحاري أَو عَام فِي الصَّحَارِي والبلدان فالحنفية على الْعُمُوم ودليلهم الْعقل وَالنَّقْل أما الْعقل فَلِأَن ترك الْأَدَب مسَاوٍ فِي الْمَوْضِعَيْنِ فَمَا وَجه تَخْصِيص الْبلدَانِ من الصَّحَارِي وَأما النَّقْل فَمَا مر قبيل هَذَا الْبَاب وَحَدِيث بن عمر الَّذِي هُوَ فِي هَذَا الْبَاب مَحْمُول على أَن بن عمر رَآهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ جَالس للاستبراء أَو للاستنجاء وَالنَّظَر الاولي لَا تفِيد علم كَيْفيَّة الْجُلُوس على وَجه التَّحْقِيق لِأَن النّظر الثَّانِي فِي ذَلِك الْحَال مَمْنُوع فادعاء النّسخ بِرُؤْيَة هَذِه الْحَالة مُشكل وَقد ثَبت عَن أبي أَيُّوب الْأنْصَارِيّ انه حدث بِحَدِيث الْمَنْع ثمَّ قَالَ قدمنَا الشَّام فَوَجَدنَا مراحيض قد بنيت نَحْو الْقبْلَة فننحرف عَنْهَا ونستغفر الله وَأما الشَّافِعِي فيخصص النَّهْي بالصحاري وَقَوله [322] على ظهر بيتنا المُرَاد بَيت حَفْصه كَمَا فِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى لآنها كَانَت أُخْته فاضاف بَيتهَا اليه (إنْجَاح الْحَاجة لمولانا الْمُعظم شاه عبد الْغَنِيّ المجددي الدهلوي) قَوْله

باب الاستبراء بعد البول استبراء الذكر استنقاء من البول استنثر من البول

[324] استقبلوا بمقعدتي أَي بكنيفي يَعْنِي اني اسْتقْبل الْقبْلَة فَمَا منعكم عَن الِاتِّبَاع بِي وَالْغَرَض مِنْهُ تَجْوِيز هَذَا الْفِعْل والْحَدِيث رِجَاله ثِقَات معتمدون لَكِن لما عَارض حَدِيث النَّهْي الَّذِي هُوَ أَيْضا صَحِيح بِلَا اخْتِلَاف فَكَانَ الْمصير اليه أولى لَان النَّهْي مقدم على الْأَمر عِنْد التَّعَارُض كَمَا هُوَ مُبين فِي أصُول الْفِقْه وَيحْتَمل ان يكون هَذَا قبل النَّهْي وَالله اعْلَم (إنْجَاح الْحَاجة) بَاب الِاسْتِبْرَاء بعد الْبَوْل اسْتِبْرَاء الذّكر استنقاء من الْبَوْل استنثر من الْبَوْل اجتذبه واستخرج بَقِيَّته من الذّكر عِنْد الِاسْتِنْجَاء حَرِيصًا عَلَيْهِ مهتما بِهِ والنجو مَا يخرج من الْبَطن من ريح أَو غَائِط واستنجى اغْتسل مِنْهُ بِالْمَاءِ أَو تمسح بِالْحجرِ كُله من الْقَامُوس (إنْجَاح) قَوْله [328] ويسكت عَمَّا سمعُوا لَان التَّبْلِيغ قد حصل من جِهَة غَيره وَاحْتِمَال الزِّيَادَة وَالنُّقْصَان لَا يَأْمَن عَلَيْهِ أحد وَالْمُعْتَمد بِهِ سَبَب التبوء فِي النَّار كَمَا مر فالترك كَانَ عِنْده اصلح لحاله وَالله اعْلَم (إنْجَاح) قَوْله اتَّقوا الْملَاعن الثَّلَاث جمع ملعنة وَهِي الفعلة الَّتِي يلعن بهَا فاعلها كَأَنَّهَا مَظَنَّة لللعن وَمحل لَهُ قَوْله البرَاز قَالَ فِي النِّهَايَة هُوَ بِالْفَتْح اسْم للفضاء الْوَاسِع فكنوا بِهِ بِمن قضى الْحَاجة كَمَا كنوا عَنهُ بالخلاء لأَنهم كَانُوا يتبرزون فِي الامكنة الخالية من النَّاس قَالَ الْخطابِيّ المحدثون يَرْوُونَهُ بِالْكَسْرِ قَوْله فِي الْمَوَارِد قَالَ فِي النِّهَايَة أَي المجاري والطرق الى المَاء وَاحِدهَا مورد وَهُوَ مفعل من الْورْد يُقَال وَردت المَاء ارده وردا إِذا حَضرته لتشرب والورود المَاء الَّذِي ترد عَلَيْهِ قَوْله وقارعة هِيَ وَسطه وَقيل أَعْلَاهُ (زجاجة) قَوْله اتَّقوا الْملَاعن الثَّلَاث وَوَقع فِي رِوَايَة مُسلم اتَّقوا اللعانين وَفِي رِوَايَة أبي دَاوُد اتَّقوا اللاعنين قَالَ النَّوَوِيّ الرِّوَايَتَانِ صحيحيتان قَالَ الْخطابِيّ المُرَاد بالاعنين الْأَمر ان الجالبان لللعن الحاملان النَّاس عَلَيْهِ والداعيان اليه وَذَلِكَ ان من فعلهمَا شتم وَلعن بِمَعْنى عَادَة النَّاس لَعنه فَلَمَّا صَار سَببا لذَلِك اضيف اللَّعْن إِلَيْهِمَا قَالَ وَقد يكون الاعن بِمَعْنى الملعون والملاعن مَوَاضِع اللَّعْن قلت فعلى هَذَا يكون التَّقْدِير اتَّقوا الامرين الملعون فاعلهما وَهَذَا على رِوَايَة أبي دَاوُد وَأما رِوَايَة مُسلم فَمَعْنَاه وَالله اعْلَم اتَّقوا فعل اللعانين أَي صَاحِبي اللَّعْن وهما اللَّذَان يلعنهما النَّاس فِي الْعَادة قَالَ الْخطابِيّ وَغَيره من الْعلمَاء المُرَاد بالظل هُنَا مستظل النَّاس الَّذِي اتخذوه مقيلا ومناخا ينزلونه ويقعدون فِيهِ وَلَيْسَ كل ظلّ يحرم الْقعُود تَحْتَهُ فقد قعد النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَحت حائش النّخل لِحَاجَتِهِ وَله ظلّ بِلَا شكّ وَأما قَوْله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي يتخلى فِي طَرِيق النَّاس فَمَعْنَاه يتغوط فِي مَوضِع يمر بِهِ النَّاس وَنهى عَنهُ فِي الظل وَالطَّرِيق لما فِيهِ من ايذاء الْمُسلمين بتنجيس من يمر بِهِ ونتنه واستقذاره انْتهى قَالَ فِي التوشيح التخلي التفرد لقَضَاء الْحَاجة غائطا أَو بولا فَإِن التنجس والاستقذار مَوْجُود فِيهَا فَلَا يَصح تَفْسِير النَّوَوِيّ بالتغوط وَلَو سلم فالبول يلْحق بِهِ قِيَاسا وَالْمرَاد بِالطَّرِيقِ الطَّرِيق المسلوك لَا المهجور الَّذِي لَا يسْلك الا نَادرا وَطَرِيق الْكفَّار لَيْسَ بِمُرَاد والخطابي أَرَادَ بالظل مَا اتخذ مقيلا أَو منَاخًا وَيلْحق بِهِ الْبَعْض الشَّمْس فِي الشتَاء انْتهى قَالَ بن حجر والظل فِي الصَّيف وَمثله الشَّمْس فِي الشتَاء أَي فِي مَوضِع يسد فَيْء فِيهِ النَّاس بهَا ثمَّ لَا يخفي ان عدم تَقْيِيد الظل بالصيف أولى قَوْله [329] إيَّاكُمْ والتعريس هُوَ نزُول الْمُسَافِر آخر اللَّيْل للنوم والاستراحة على جواد الطَّرِيق جمع جادة وَهُوَ مُعظم الطَّرِيق وَفِي رِوَايَة وَإِذا عرستم افجتنبوا الطَّرِيق وَهُوَ أَمر إرشاد لِأَن الحشرات وَذَوَات السمُوم تمشي فِي اللَّيْل على الطَّرِيق لسهولتها ولتأكل مَا يسْقط من مَأْكُول ورمة قَالَ الطَّيِّبِيّ يطْرق فِيهَا الحشرات وَذَوَات السمُوم وَالسِّبَاع لتلتقط مَا يسْقط من الْمَارَّة (فَخر) قَوْله [333] عَن يُونُس بن خباب بِفَتْح خاء مُعْجمَة وَشدَّة مُوَحدَة (إنْجَاح) قَوْله عَن جَعْفَر الخطمي نِسْبَة الى خطمة فَخذ من الْأَوْس هم بَنو عبد الله بن مَالك بن أَوْس (إنْجَاح الْحَاجة لمولانا الْمُعظم الشَّيْخ عبد الْغَنِيّ المجددي الدهلوي رَحمَه الله تَعَالَى) قَوْله [337] من استجمر أَي استنجى بِحجر فليوتر ثَلَاثًا أوخمسا أَو سبعا من فعل فقد أحسن أَي بَالغ فِي الْحسن وَمن لَا فَلَا حرج إِذا الْمَقْصُود الانقاء وَهَذَا يدل دلَالَة وَاضِحَة على جَوَاز الِاسْتِنْجَاء بِأَقَلّ من ثَلَاثَة أَحْجَار وَعدم شَرط الايتار وَهُوَ مَذْهَب أبي حنيفَة قَوْله فليلفظ بِكَسْر الْفَاء أَي فليرم وليطرح مَا أخرجه بالخلال من بَين اسنانه قَوْله من لاك عطف على مَا تخَلّل أَي مَا أخرجه بِلِسَانِهِ قيل اللاك ادارة الشَّيْء بِلِسَانِهِ وَمن لَا فَلَا حرج وَإِنَّمَا نفى الْحَرج لِأَن لم يتيقين خُرُوج الدَّم مَعَه وان يتقين حرم اكله قَوْله بمقاعد بن ادم أَي يتَمَكَّن من وَسْوَسَة الْغَيْر الى النّظر الى مَقْعَده قَوْله وَمن فعل أَي تستر بالكثيب فقد أحسن وَمن لَا فَلَا حرج أَي إِذا لم يره أحد وَأما عِنْد الضَّرُورَة فالحرج على من نظر اليه قَالَه الْقَارِي قلت الِاسْتِجْمَار مسح مَحل الْبَوْل وَالْغَائِط بالجمار وَهِي الْأَحْجَار الصغار وَهُوَ مُخْتَصّ بِالْمَسْحِ بالأحجار بِخِلَاف الاستطابة والاستنجاء فَإِنَّهُمَا يطلقان على الْمسْح سَوَاء كَانَ بالأحجار أَو بِالْمَاءِ (فَخر الْحسن) قَوْله

[338] وَمن اكتحل أَي من أَرَادَ الاكتحال فليوتر أَي ثَلَاثًا مُتَوَالِيَة فِي كل عين وَقيل ثَلَاثًا فِي الْيُمْنَى واثنين فِي الْيُسْرَى ليَكُون الْمَجْمُوع وترا والتثليث علم من فعله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَت لَهُ مكحلة يكتحل مِنْهَا كل لَيْلَة ثَلَاثَة فِي هَذِه وَثَلَاثَة فِي هَذِه قَوْله من فعل فقد أحسن أَي فعل فعلا حسنا يُثَاب عَلَيْهِ لِأَنَّهُ سنة رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلِأَنَّهُ يتخلق بأخلاق الله تَعَالَى فَإِن الله وتر يحب الْوتر وَهَذَا يدل على اسْتِحْبَاب الايتار فِي الْأُمُور قَوْله وَمن لَا أَي يفعل الْوتر فَلَا حرج قَالَ الطَّيِّبِيّ وَفِيه دَلِيل على أَن أَمر النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يدل على الْوُجُوب والا لما احْتَاجَ الى بَيَان سُقُوط وُجُوبه بقوله فَلَا حرج أَي لَا أَثم مرقاة فِي الْأَطْرَاف عَن زُهَيْر بن مُحَمَّد قَالَ قَالَ سَالم هُوَ بن عبد الله الْخياط من خطّ شَيخنَا وَلما سَاق فِي الْأَطْرَاف السَّنَد كَمَا ذكر بن ماجة قَالَ وَرَوَاهُ أَبُو بكر بن أبي شيبَة عَن وَكِيع فَلم يقل عَن أَبِيه وَهُوَ الصَّحِيح قَالَ البُخَارِيّ قَالَ وَكِيع عَن يعلى عَن أَبِيه وَهُوَ وهم انْتهى نقل من خطّ شَيخنَا [341] حَتَّى اني آوى لَهُ الخ أَوَى لَهُ يأوى رق لَهُ أَي انزحم عَلَيْهِ من تبعيد وركيه مَا يتَحَمَّل من شدَّة تَكْلِيفه وَكَانَ فكهما للِاحْتِيَاط والاستنزاه من رشاش الْبَوْل (إنْجَاح) قَوْله [343] نهى أَن يبال فِي المَاء الراكد أَي الَّذِي لَا يجْرِي والْحَدِيث حجَّة للحنفية حَيْثُ قَالُوا ان المَاء الدَّائِم يَتَنَجَّس بخلط النَّجَاسَة والا لم يكن للنَّهْي عَن الْبَوْل فَائِدَة وَفِي رِوَايَة فِي المَاء الناقع وَهُوَ المَاء الْمُجْتَمع (إنْجَاح) قَوْله [347] وَمَا يعذبان فِي كَبِير قَالَ بن الْملك قَوْله فِي كَبِير شَاهد على وُرُود فِي للتَّعْلِيل قَالَ بَعضهم مَعْنَاهُ انهما لَا يعذبان فِي أَمر يشق وَيكبر عَلَيْهِمَا الِاحْتِرَاز عَنهُ والا لكانا معذورين كسلسل الْبَوْل والاستحاضة أَو فِيمَا يستعظمه النَّاس وَلَا يجتري عَلَيْهِ فَإِنَّهُ لم يشق عَلَيْهِمَا الاستنثار عِنْد الْبَوْل وَترك النميمة وَلم يرد ان الْأَمر فيهمَا بَين غير كَبِير فِي الدّين قَالَ فِي النِّهَايَة كَيفَ لَا يكون كَبِيرا وهما يعذبان فِيهِ انْتهى وَتَبعهُ بن حجر وَفِيه انه يجوز التعذيب على الصَّغَائِر أَيْضا كَمَا هُوَ مُقَرر فِي العقائد خلافًا للمعتزلة فَالْأولى ان يسْتَدلّ على كَونهمَا كبيرتين بقوله عَلَيْهِ السَّلَام فِي رِوَايَة انه كَبِير أَي عِنْد الله قَوْله [347] لَا يستنزه من الْبَوْل المودي الى بطلَان الصَّلَاة غَالِبا وَهُوَ من جملَة الْكَبَائِر قَوْله وَأما الاخر فَكَانَ يمشي بالنميمية أَي الى كل وَاحِد من الشخصين اللَّذين بَينهمَا عَدَاوَة أَو يلقِي بَينهمَا عَدَاوَة بِأَن ينْقل لَك وَاحِد مِنْهُمَا مَا يَقُول الاخر من الشتم والاذى قَالَ النَّوَوِيّ النميمة نقل كَلَام الْغَيْر لقصد الاضرار وَهُوَ من أقبح القبائح (مرقاة) قَوْله [350] وَهُوَ يتَوَضَّأ يحْتَمل ان يكون المُرَاد من التوضي الْبَوْل بطرِيق الِاسْتِعَارَة لِأَن الِاسْتِعَارَة بَين السَّبَب والمسبب وَغَيرهمَا من المناسبات والمناسبة هَهُنَا ظَاهِرَة وعَلى هَذَا فمناسبة الحَدِيث بترجمة الْبَاب صَرِيحَة وَأما إِذا كَانَ المُرَاد من الْوضُوء الِاسْتِنْجَاء والعرفي فَتكون الْمُنَاسبَة بالاستنباط وَهُوَ أَنه إِذا سلم على الرجل وَهُوَ غير متوضي وَسعه ترك رد السَّلَام فَفِي حَالَة الْبَوْل أولى لكنه يَنْبَغِي ان يعلم أَن غير المتوضي إِذا سلم عَلَيْهِ فَالْأولى ان يرد السَّلَام بعد التوضي إِذْ التَّيَمُّم إِذا كَانَ لَا يخَاف غيبوبة الْمُسلم واما إِذا خَافَ رد السَّلَام عَلَيْهِ فِي حَاله لِأَن الْأَمر إِذا دَار بَين الْوُجُوب وَالْكَرَاهَة التنزيهية الْمعبر عَنْهَا بترك الِاسْتِحْبَاب يُرَاعِي الْوُجُوب واما فِي حَالَة قَضَاء الْحَاجة وَالْبَوْل فَلَا يردهُ أصلا لِأَن الْمُسلم قد ارْتكب الْإِثْم لِأَن السَّلَام فِي هَذِه الْحَالة مَكْرُوه فَلَا يسْتَحق الْجَواب وَهَذَا كُله لِأَن السَّلَام من أَسمَاء الله تَعَالَى فَذكر الله تَعَالَى على الطَّهَارَة أولى وَكَذَا رد السَّلَام إِذا كَانَ الرجل يَأْكُل أَو يشرب وَهُوَ مَشْغُول فِي تِلَاوَة الْقُرْآن وَذكر الله أَو الْمُسلم فَاسق على الاعلان أَو مُبْتَدع فَلَا يجب رد السَّلَام بل يكره فِي الاخيرين إِذا لم يخف مِنْهُمَا الْفِتْنَة وتفصيله فِي كتب الْفِقْه وَالتَّفْسِير وَالله اعْلَم قَوْله الا مس مَاء يَعْنِي استنجى بِالْمَاءِ وَيفهم من سِيَاق الحَدِيث ان مَكَان الطَّهَارَة كَانَ خَارج الكنيف وَهُوَ احوط (إنْجَاح) قَوْله فِيهِ رجال ضمير فِيهِ لمَسْجِد قبا أَو مَسْجِد الْمَدِينَة قَوْله

[355] يحبونَ ان يَتَطَهَّرُوا التطهر الْمُبَالغَة فِي الطَّهَارَة وَيحْتَمل التَّثْلِيث قَالَه الطَّيِّبِيّ وَالله يحب المطهرين أَي يرضى عَنْهُم أَو يعاملهم مُعَاملَة الْمُحب مَعَ محبوبه قَوْله فَهُوَ ذَاك أَي ثَنَاء الله تَعَالَى عَلَيْكُم اثر لطهركم الْبَالِغ قَالَه الطَّيِّبِيّ قَوْله فَعَلَيْكُم أَي الزموا كَمَال الطَّهَارَة قَالَه بن حجر والاظهر ان الْإِشَارَة الى الِاسْتِنْجَاء فَإِنَّهُ أقرب مَذْكُور ومخصوص بهم والا فالوضوء والاغتسال كَانَ الْمُهَاجِرُونَ يفعلهما أَيْضا وَالله أعلم مرقاة قَالَ فِي الْأَطْرَاف هِلَال بن عِيَاض وَيُقَال عِيَاض بن هِلَال وَيُقَال عِيَاض بن أبي زُهَيْر وَيُقَال عِيَاض بن عبد الله بن أبي زُهَيْر نقل من خطّ شَيخنَا هُوَ الْحَفرِي هُوَ الثَّوْريّ [356] عَن زيد الْعمي بتَشْديد الْمِيم وَالْيَاء نسبته الى الْعَمَل وَإِنَّمَا سمى زيد بِهِ لِأَنَّهُ كلما سُئِلَ عَن شَيْء كَانَ يَقُول حَتَّى اسْأَل عمي كَذَا فِي الْمُغنِي وَأَبُو الصّديق بِكَسْر الصَّاد وَتَشْديد الدَّال والناجي على وزن فَاعل من النَّجْوَى لقبه وَلَيْسَ مَنْسُوبا (إنْجَاح) قَوْله كَانَ يغسل مقعدته ثَلَاثًا أَي يغسل مقعدته تكَرر ثَلَاثًا أَي يغسل مقعدته مرّة ثمَّ يغسل يَده ثمَّ يغسل مقعدته ثمَّ يغسل يَده هَكَذَا ثَلَاثًا والا فَلَا معنى للتثليث وَقَوله فَوَجَدنَا دَوَاء أَي من الْأَمْرَاض الردية كالبواسير وَغَيرهَا (إنْجَاح) قَوْله [359] الغيضة بِالْفَتْح الاجمة ومجتمع الشّجر فِي مغيض مَاء كَذَا فِي الْقَامُوس قَوْله ان نوكي اسقيتنا أَي نربط فمها بالخيوط وَغَيرهَا والوكاء ككساء رِبَاط الْقرْبَة وَغَيرهَا وَقَوله ونغطي انيتنا أَي نسترها بِالْعودِ وَغَيره لِئَلَّا يدْخل فِيهَا شَيْء من الموذيات (إنْجَاح) قَوْله [361] مخمرة أَي مغطاة ومستورة (إنْجَاح) قَوْله [362] لَا يكل طهوره الخ هَذَا بِاعْتِبَار الْغَالِب لِأَن الاستعان فِي الْأُمُور التعبدية غير مستحسنة والا فقد ثَبت ان الصَّحَابَة رض كَانُوا يخدمونه فِي السّفر والحضر وَقد مر فِي حَدِيث عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا كنت اضع لرَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ ثَوْبَان انا صببت لَهُ وضوءه وَكَانَ بن مَسْعُود صَاحب الاداوة والنعلين فَظهر مِنْهُ انه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ لَا يكل بِنَفسِهِ أُمُوره الى أحد وَلَو تصدى لذَلِك أحد من الصَّحَابَة رَغْبَة فِي شرف خدمته لَا يمنعهُ أَيْضا (إنْجَاح) قَوْله وَلَا صدقته وَجهه مأموران التَّوْكِيل فِي الصَّدَقَة يُخرجهَا من السِّرّ الى الْعَلَانِيَة وَقد قَالَ الله تَعَالَى وان تخفوفها فَهُوَ خير لكم ولان الْمُتَصَدّق عَلَيْهِ قد يستحيي فِي بعض الْموَاد عَن بعض الْأَشْخَاص وَالله أعلم (إنْجَاح الْحَاجة) قَوْله يضْرب جَبهته وَإِنَّمَا يضْربهُ حزنا وتأسفا وتعجبا لَان أَبَا هُرَيْرَة كَانَ كثير الحَدِيث وَكَانَ النَّاس يَقُولُونَ فِي شَأْنه مَالا يَلِيق بِهِ فينفي ذَلِك الْوَهم عَنهُ مستدلا بِأَنَّهُ لَو كذب لَكَانَ عَلَيْهِ الْإِثْم لِأَنَّهُ ورد من كذب عَليّ مُتَعَمدا فَليَتَبَوَّأ مَقْعَده من النَّار وَيكون لكم الهناء أَي الرَّاحَة لِأَن الهناء مَا أَتَى الْإِنْسَان بِلَا مشقة من النِّعْمَة (إنْجَاح) قَوْله عفروه التعفير الزاق الشَّيْء بِالتُّرَابِ للْغسْل وَغَيره وَهَذَا مُسْتَحبّ لَا وَاجِب (إنْجَاح) قَوْله

[366] إِذا ولغَ الْكَلْب الخ ولغَ يلغ ولوغا شرب مِنْهُ بِلِسَانِهِ وَأكْثر مَا يكون فِي السبَاع وَفِي الْأَحَادِيث حجَّة على مَالك رَحمَه الله فَإِن الطّهُور إِنَّمَا يكون عَن خبث أَو حدث وَلَا حَدِيث هَهُنَا فَتعين الْخبث والنجاسة وحجته قَوْله تَعَالَى فَكُلُوا مِمَّا أمسكن عَلَيْكُم وَلم يَأْمر بِغسْل مَا أَصَابَهُ فَم الْكَلْب وَجَوَابه أَنه سَاكِت وَدلّ الحَدِيث على الْغسْل فيضل كَذَا فِي الْمجمع (إنْجَاح) قَوْله إِذا ولغَ الْكَلْب قَالَ النَّوَوِيّ قَالَ أهل اللُّغَة يُقَال ولغَ الْكَلْب فِي الْإِنَاء يلغ بِفَتْح اللَّام فيهمَا ولغا إِذا شرب بِطرف لِسَانه وَأما احكام الْبَاب فَفِيهِ دلَالَة ظَاهِرَة لمَذْهَب الشَّافِعِي وَغَيره مِمَّن يَقُول بِنَجَاسَة وَعَلِيهِ الْجُمْهُور وَلَا فرق بَين الْكَلْب الْمَأْذُون فِي اقتنائه وَغَيره وَلَا بَين الْكَلْب البدوي والحضري لعُمُوم اللَّفْظ وَفِي مَذْهَب مَالك أَرْبَعَة أَقْوَال طَهَارَته ونجاسته وطهارة سور الْمَأْذُون فِي اتِّخَاذه دون غَيره وَهَذِه الثَّلَاثَة عَن مَالك وَالرَّابِع عَن عبد الْملك بن الْمَاجشون الْمَالِكِي أَنه يفرق بَين البدوي والحضري وَفِيه الْأَمر بإراقته وَفِيه وجوب غسل نَجَاسَة ولوغ الْكَلْب بِسبع مَرَّات وَهَذَا مَذْهَبنَا وَمذهب مَالك وَأحمد والجماهير وَقَالَ أَبُو حنيفَة يَكْفِي غسله ثَلَاث مَرَّات وَأما الْجمع بَين الرِّوَايَات فقد جَاءَ فِي رِوَايَة سبع مَرَّات وَفِي رِوَايَة سبع مَرَّات اولاهن بِالتُّرَابِ وَفِي رِوَايَة اخراهن واولاهن وَفِي رِوَايَة سبع مَرَّات السَّابِعَة بِالتُّرَابِ وَفِي رِوَايَة سبع مَرَّات وعفروه الثَّامِنَة بِالتُّرَابِ وَقد روى الْبَيْهَقِيّ وَغَيره هَذِه الرِّوَايَات كلهَا وفيهَا دَلِيل على أَن التَّقْيِيد بِالْأولَى وبغيرها لَيْسَ على الِاشْتِرَاط بل المُرَاد إِحْدَاهُنَّ واما رِوَايَة وعفروه الثَّامِنَة بِالتُّرَابِ فمذهبنا وَمذهب الجماهير أَن المُرَاد اغسلوه سبعا وَاحِدًا مِنْهُنَّ بِالتُّرَابِ مَعَ المَاء فَكَانَ التُّرَاب قَائِم مقَام غسله فسميت ثامنة لهَذَا 12 نووي مُخْتَصرا قَوْله من الطوافين الخ الطَّائِف الْخَادِم الَّذِي يخدمك بِرِفْق شبهها بالمماليك وخدمة الْبَيْت الَّذين يطوفون للْخدمَة قَالَ الله تَعَالَى طَوَّافُونَ عَلَيْكُم بَعْضكُم على بعض والحقا بهم لِأَنَّهَا خادمة أَيْضا حَيْثُ تقتل الموذيات أَو لِأَن الْأجر فِي مواساتها كَمَا فِي مواساتهم وَهَذَا يدل على أَن سورها طَاهِر وَبِه يَقُول الشَّافِعِي وَعَن أبي حنيفَة انه مَكْرُوه كَذَا ذكره بن الْملك قَوْله عَلَيْكُم فتمسحون بِأَيْدِيكُمْ وثيابكم فَلَو كَانَت نجسه لامرتكم بالمجانبة عَنْهَا قَوْله أَو الطوافات شكّ من الرَّاوِي كَذَا قَالَه بن الْملك وَقَالَ فِي الازهار شبه ذكورها بالطوافين واناثها بالطوافات وَقَالَ بن حجر لَيست للشَّكّ لوروده بِالْوَاو فِي رِوَايَات اخر بل للتنويع وَيكون ذكر الصِّنْفَيْنِ من الذُّكُور والاناث (مرقاة) قَوْله الْهِرَّة لَا تقطع الخ أَي لَا تقطع حُضُور الصَّلَاة لِأَنَّهَا من مَتَاع الْبَيْت الى مَا يتمتع بِهِ فِيهِ لمرافق الْبَيْت لأكل الحشرات وَيكون النَّفس مُعْتَادَة بالفتها فَلَا تقطع حُضُورهَا أَو لَا تقطع الْهِرَّة كَمَا يقطع الْكَلْب وَالْحمار كَمَا جَاءَ فِي الْأَحَادِيث وَلَو كَانَت نَجِسَة تقطعتها كَالْكَلْبِ وَفِيه مُنَاسبَة للتَّرْجَمَة لَكِن أَحَادِيث قطع الْكَلْب وَغَيره مَنْسُوخَة وَالله اعْلَم انجاح الْحَاجة لعبد الْغَنِيّ بعض أَزوَاج النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهِي مَيْمُونَة خَالَة بن عَبَّاس قَوْله فَقَالَ ان المَاء لَا يجنب بِضَم الْيَاء وَكسر النُّون وَيجوز فتح الْيَاء وَضم النُّون قَالَ الزعفارني أَي لَا يصير جنبا قَالَ اتوربشتي المَاء إِذا غمس فِيهِ الْجنب يَده لم ينجس فَرُبمَا سبق الى فهم بَعضهم ان الْعُضْو الَّذِي عَلَيْهِ الْجَنَابَة فِي سَائِر الاحكام كالعضو الَّذِي عَلَيْهِ النَّجَاسَة فَيحكم بِنَجَاسَة المَاء من غمس الْعُضْو الْجنب كَمَا يحكم بِنَجَاسَة من غمس الْعُضْو النَّجس فِيهِ فَبين ان الْأَمر بِخِلَاف ذَلِك انْتهى كَلَامه فَإِن قلت كَيفَ الْجمع بَين هَذَا الحَدِيث وَحَدِيث عبد الله بن سرجس نهى رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ان يغْتَسل الرجل بِفضل الْمَرْأَة قلت هَذَا الحَدِيث يدل على الْجَوَاز وَذَلِكَ على ترك الأولى فالنهي للتنزيه قَالَه الطَّيِّبِيّ مرقاه قَوْله الصَّحِيح هُوَ الأول الظَّاهِر أَن المُرَاد من الأول رِوَايَة عَاصِم الْأَحول عَن أبي حَاجِب وَمن الثَّانِي رِوَايَة عَن عبد الله بن سرجس وَيحْتَمل ان يكون المُرَاد بِالْأولِ نهي غسل الرجل بِفضل وضوء الْمَرْأَة وَبِالثَّانِي نهي غسل الْمَرْأَة بِفضل وضوء الرجل وَيُمكن ان يكون الأول الْجَوَاز فِي الفضلين وَالثَّانِي عدم الْجَوَاز (إنْجَاح الْحَاجة) قَوْله كنت الخ قَالَ النَّوَوِيّ واما تَطْهِير الرجل وَالْمَرْأَة من اناء وَاحِد فَهُوَ جَائِز بِإِجْمَاع الْمُسلمين لهَذِهِ الْأَحَادِيث الَّتِي فِي الْبَاب واما تظهير الْمَرْأَة بِفضل الرجل جَائِز بِالْإِجْمَاع أَيْضا وَأما تَطْهِير الرجل بفضلها فَهُوَ جَائِز عندنَا وَعند مَالك وَأبي حنيفَة وجماهير الْعلم سَوَاء خلت بِهِ أَو لم تخل قَالَ بعض أَصْحَابنَا وَلَا كَرَاهَة فِي ذَلِك للاحاديث الصَّحِيحَة الْوَارِدَة بِهِ وَذهب أَحْمد بن حَنْبَل وَدَاوُد الى أَنَّهَا إِذا خلت بِالْمَاءِ واستعملته لَا يجوز للرجل اسْتِعْمَال فَضلهَا وروى هَذَا عَن عبد الله بن سرجس وَالْحسن الْبَصْرِيّ وروى عَن أَحْمد رح كمذهبنا وروى عَن الْحسن وَسَعِيد بن الْمسيب كَرَاهَة فَضلهَا مُطلقًا وَالْمُخْتَار مَا قَالَه الجماهير لهَذِهِ الْأَحَادِيث الصَّحِيحَة فِي تَطْهِيره صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ أَزوَاجه وكل وَاحِد مِنْهُمَا يسْتَعْمل فضل صَاحبه وَلَا تَأْثِير للخلوة وَقد ثَبت فِي الحَدِيث الاخر انه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اغْتسل بِفضل بعض أَزوَاجه رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَأَصْحَاب السّنَن قَالَ التِّرْمِذِيّ هُوَ حَدِيث حسن صَحِيح وَأما الحَدِيث الَّذِي جَاءَ فِيهِ النَّهْي وَهُوَ حَدِيث الحكم بن عَمْرو فَأجَاب الْعلمَاء عَنهُ بأجوبة أَحدهَا أَنه ضَعِيف ضعفه أَئِمَّة الحَدِيث مِنْهُم البُخَارِيّ وَغَيره الثَّانِي أَن المُرَاد النَّهْي عَن فضل اعضائها وَهُوَ التساقط مِنْهَا وَذَلِكَ مُسْتَعْمل الثَّالِث ان النَّهْي للاستحباب وَالْأَفْضَل وَالله أعلم قَوْله فِي قَصْعَة وَهُوَ ظرف كَبِير قَوْله [378] فِيهَا أثر الْعَجِين وَهُوَ الدَّقِيق المعجون بِحَيْثُ لم يكن أَثَره فِي تِلْكَ الْقَصعَة كثيرا مغيرا للْمَاء وَجَاز الطَّهَارَة بِهِ عِنْد أبي حنيفَة خلافًا للشَّافِعِيّ ذكره بن الْملك (مرقاة) قَوْله [384] الا شَيْء من نَبِيذ وَهُوَ مَاء يلقِي فِيهِ تمرات ليحلو وَقيل النَّبِيذ هُوَ التَّمْر أَو الزَّبِيب المنبوذ أَي الملقي فِي المَاء ليتغير ملوحته ومرارته فِي الْحَلَاوَة قَوْله تَمْرَة طيبَة وَمَاء طهُور فِيهِ دَلِيل على أَن التوضي بنبيذ التَّمْر جَائِز وَبِه قَالَ أَبُو حنيفَة خلافًا للشَّافِعِيّ إِذا تغير 12 (مرقاة) قَوْله لَيْلَة الْجِنّ قَالَ الطَّيِّبِيّ لَيْلَة الْجِنّ الَّتِي جَاءَت الْجِنّ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وذهبوا بِهِ الى قَوْله ليتعلموا مِنْهُ الدّين انْتهى ان قلت وَقد صَحَّ عَن بن مَسْعُود انه قَالَ مَا حضرت لَيْلَة الْجِنّ وَهَذَا الحَدِيث يدل على أَنه حضرها فَمَا التطبيق بَينهمَا قلت يحمل هَذَا على تعدد الْوَاقِعَة فَمرَّة حضرها وَمرَّة لم يحضرها كَذَا سَمِعت (فَخر) قَوْله فِي سطيحة قَالَ فِي النِّهَايَة السطيحة من المزاد مَا كَانَ من جلدين قوبل أَحدهمَا بِالْآخرِ فسطح عَلَيْهِ وَتَكون صَغِيرَة وكبيرة وَهِي من أواني الْمِيَاه 12 (زجاجة) قَوْله

[386] هُوَ الطّهُور أَي المطهر مَاءَهُ لأَنهم سَأَلُوهُ عَن تَطْهِير مَائه لَا عَن طَهَارَته والحصر فِيهِ للْمُبَالَغَة وَهَذَا يدل على أَن التوضي بِمَاء الْبَحْر جَائِز مَعَ تغير طعمه ولونه كَذَا قَالَه بن الْملك قَوْله والحل ميتَته فالميتة من السّمك حَلَال بالِاتِّفَاقِ وَفِيمَا عداهُ خلاف محلهَا كتب الْفِقْه قَالَ الْقَارِي فِي الْمرقاة فِي شرح السّنة لم يصحح مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل حَدِيث الحكم بن عمر ووان ثَبت فمنسوخ شَيخنَا مُحَمَّد هُوَ بن يحيى كَذَا نسبه فِي الْأَطْرَاف من خطّ شَيخنَا [393] فَلَا يدْخل يَده فِي الْإِنَاء الخ قَالَ الشَّافِعِي وَغَيره من الْعلمَاء ان أهل الْحجاز كَانُوا يستنجون بالأحجار وبلادهم حارة فَإِذا نَام أحدهم عرق فَلَا يَأْمَن النَّائِم ان يطوف يَده على ذَلِك الْموضع النَّجس أَو على بثرة أَو قملة وَفِي هَذَا الحَدِيث دلَالَة الْمسَائِل كَثِيرَة مِنْهَا أَن مَوضِع الِاسْتِنْجَاء لَا يطهر بالاستنجاء بل يبْقى نجسا معفوا عَنهُ فِي حق الصَّلَاة وَمِنْهَا اسْتِحْبَاب غسل النَّجَاسَة ثَلَاثًا لِأَنَّهُ إِذا أَمر بِهِ فِي المتوهمة فَفِي المحققة أولى وَمِنْهَا اسْتِحْبَاب الاخذ بالاحوط فِي الْعِبَادَات وَغَيرهَا مَا لم يخرج عَن حد الِاحْتِيَاط الى حد الوسوسة وَمِنْهَا اسْتِحْبَاب اسْتِعْمَال أَلْفَاظ الْكِنَايَات فِيمَا يتحاشى من التَّصْرِيح بِهِ فَإِنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا يدْرِي فِيمَا باتت يَده وَلم يقل فَلَعَلَّ يَده وَقعت على دبره أَو ذكره أَو نَجَاسَة أَو نَحْو ذَلِك وان كَانَ هَذَا معنى قَوْله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا إِذا علم ان السَّامع يفهم بِالْكِنَايَةِ الْمَقْصُود فَإِن لم يكن كَذَلِك فَلَا بُد من التَّصْرِيح لينفي اللّبْس والوقوع فِي خلاف الْمَطْلُوب وعَلى هَذَا يحمل مَا جَاءَ من ذَلِك مُصَرحًا بِهِ هَذِه فَوَائِد من الحَدِيث غير الْفَائِدَة الْمَقْصُودَة هَهُنَا وَهِي النَّهْي عَن غمس الْيَد فِي الْإِنَاء قبل غسلهَا وَهَذَا مجمع عَلَيْهِ لَكِن الجماهير من الْعلمَاء الْمُتَقَدِّمين والمتأخرين على أَنه نهى تَنْزِيه لَا تَحْرِيم فَلَو خَالف وغمس لم تفْسد المَاء وَلم يَأْثَم الغامس وَحكم عَن الْحسن الْبَصْرِيّ أَنه ينجس ان كَانَ قَامَ من نوم اللَّيْل وَهُوَ ضَعِيف جدا فَإِن الأَصْل فِي المَاء وَالْيَد الطَّهَارَة فَلَا ينجس بِالشَّكِّ وقواعد الشَّرْع متظاهرة على هَذَا وَلَا يُمكن ان يُقَال الظَّاهِر فِي الْيَد النَّجَاسَة وَأما الحَدِيث فَمَحْمُول على التَّنْزِيه ثمَّ مَذْهَبنَا ان هَذَا الحكم لَيْسَ مَخْصُوصًا بِالْقيامِ من النّوم بل الْمُعْتَبر فِيهِ الشَّك فِي نَجَاسَة الْيَد فَمَتَى شكّ فِي نجاستهما كره لَهُ غمسها فِي الْإِنَاء سَوَاء قَامَ من نوم اللَّيْل أَو النَّهَار أَو شكّ فِي نجاستها من غير نوم وَهَذَا مَذْهَب جُمْهُور الْعلمَاء وَحكم عَن أَحْمد أَنه قَالَ ان قَامَ من نوم اللَّيْل كره كَرَاهَة تَحْرِيم وان قَامَ من نوم النَّهَار كره كَرَاهَة تَنْزِيه وَوَافَقَهُ عَلَيْهِ دَاوُد الظَّاهِرِيّ اعْتِمَادًا على لفظ الْمبيت فِي الحَدِيث وَهَذَا مَذْهَب ضَعِيف جدا فَإِن النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نبه على الْعلَّة بقوله فَإِنَّهُ لَا يدْرِي فيمَ باتت يَده وَمَعْنَاهُ انه لَا يَأْمَن النَّجَاسَة على يَده وَهَذَا عَام لوُجُود احْتِمَال النَّجَاسَة فِي نوم اللَّيْل وَالنَّهَار واليقظة وَذكر اللَّيْل أَولا لكَونه الْغَالِب وَلم يقْتَصر عَلَيْهِ خوفًا من توهم أَنه مَخْصُوص بِهِ بل ذكر الْعلَّة بعده نووي مُخْتَصرا قَوْله لَا وضوء لمن لم يذكر اسْم الله قَالَ الْبَيْضَاوِيّ هَذِه لصيغة حَقِيقَة فِي نفي الشَّيْء وَيُطلق مجَازًا على نفي الِاعْتِدَاد بِهِ لعدم صحه نَحْو لَا صَلَاة الا بِطهُور لَو كَمَا لَهُ نَحْو لَا صَلَاة لِجَار الْمَسْجِد الا فِي الْمَسْجِد وَالْأول اشيع وَأقرب الى الْحَقِيقَة فَتعين الْمصير اليه مَا لم يمْنَع مَانع وَهَهُنَا مَحْمُولَة على نفي الْكَمَال قَالَه فِي الزجاجة وَقَالَ الْقَارِي خلافًا لأهل الظَّاهِر لما روى بن عمر وَابْن مَسْعُود أَنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ من تَوَضَّأ وَذكر اسْم الله عَلَيْهِ كَانَ طهُور الْجَمِيع بدنه وَمن تَوَضَّأ وَلم يذكر اسْم الله كَانَ طهُور الْأَعْضَاء وضوؤه وَالْمرَاد الطَّهَارَة من الذُّنُوب لِأَن الحَدِيث لَا يتجزئ قَوْله

[400] وَلَا صَلَاة لمن لَا يُصَلِّي على النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَعَلَّ المُرَاد مِنْهُ الصَّلَاة عَلَيْهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْعُمر مرّة وَهِي فرض على من آمن بِاللَّه وَرَسُوله امتثالا لقَوْل الله جلّ ذكره يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا صلوا عَلَيْهِ وسلموا تَسْلِيمًا وَالْمرَاد مِنْهُ الصَّلَاة عِنْد ذكره صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ أَيْضا وَاجِب وَهل تكَرر الْوُجُوب عِنْد تجدّد الذّكر وَيَكْفِي فِي مجْلِس الذّكر مرّة فَفِيهِ اخْتِلَاف مَشْهُور بَين الطَّحَاوِيّ الْكَرْخِي لحديثه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهُوَ جدير ان لَا تقبل لَهُ صَلَاة وان سقط عَنهُ فشتان مَا بَين المقبولية وَسُقُوط الْأَدَاء فَإِن المقبولية لَا تحصل الا بالاتقياء وَإِنَّا يتَقَبَّل الله من عباده الْمُتَّقِينَ أَو المُرَاد مِنْهُ الصَّلَاة عَلَيْهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي نفس الصَّلَاة بعد التَّشَهُّد وَهِي وَاجِبَة عِنْد الشَّافِعِي رَحمَه الله وَسنة عِنْد أبي حنيفَة رح فَتَأْوِيل الحَدِيث عِنْد الْحَنَفِيَّة عدم كَمَال الصَّلَاة كَمَا ان الحَدِيث فِي جملَة لَا صَلَاة لمن لَا يحب الْأَنْصَار مَا دلّ بِهِ بالِاتِّفَاقِ فَإِن من لم يحب الْأَنْصَار لَيْسَ بِكَافِر بِالْإِجْمَاع فَإِن الْكَافِر هُوَ من لَا يقبل لَهُ عمل وَلَا يسْقط عَن ذمَّته وَفِي التَّسْمِيَة أَيْضا اخْتِلَاف وَمحله كتب الْفِقْه وَالله أعلم 12 (إنْجَاح) [404] من كف وَاحِد فِيهِ حجَّة للشَّافِعِيّ كَذَا قَالَه بن الْملك وَغَيره من أَئِمَّتنَا والاظهر ان قَوْله من كف تنَازع فِيهِ الفعلان وَالْمعْنَى مضمض من كف واستنشق من كف وَقيد الْوحدَة احْتِرَاز عَن التثينة (مرقاة) قَوْله من كف وَاحِد قَالَ التِّرْمِذِيّ قَالَ بعض أهل الْعلم الْمَضْمَضَة وَالِاسْتِنْشَاق من كف وَاحِد يُجزئ وَقَالَ بَعضهم يفرقهما أحب إِلَيْنَا وَقَالَ من الشَّافِعِي ان جَمعهمَا من كف وَاحِد فَهُوَ جَائِز وان فرقهما فَهُوَ أحب إِلَيْنَا قَوْله فانتثر وروى فاستنثر نثر ينثر بِالْكَسْرِ أَي امتخط واستنثر استفعل مِنْهُ أَي استنشق المَاء ثمَّ استخرج مَا فِي الْأنف وَقيل هُوَ من تَحْرِيك النثر وَهِي طرف الْأنف قَوْله وَإِذا استجمرت أَي استنجيت بالجمرة وَهِي الْحجر فليوتر أَي ثَلَاثًا أَو خسما أَو سبعا قَالَ الطَّيِّبِيّ والايتاران يتحراه وترا الْأَمر للاستحباب لما ورد من فعل فقد أحسن الخ (مرقاة) قَوْله أَخْبرنِي عَن الْوضُوء أَي كَمَاله وَقَالَ بن حجر أَي الْوضُوء الْكَامِل الزَّائِد على مَا عَرفْنَاهُ قَوْله [407] قَالَ أَسْبغ الْوضُوء بِضَم الْوَاو أَي أتم فَرَائِضه وسننه قَوْله وَبَالغ فِي الِاسْتِنْشَاق أَي بايصال المَاء الى بَاطِن الْأنف قَوْله الا ان تكون صَائِما أَي فَلَا تبالغ لِئَلَّا يصل الى بَاطِنه فَيبْطل الصَّوْم وَكَذَا حكم الْمَضْمَضَة مرقاة مَعَ اخْتِصَار قَوْله [409] من تَوَضَّأ فلينتثر قَالَ التِّرْمِذِيّ اخْتلف أهل الْعلم فِيمَن ترك الْمَضْمَضَة وَالِاسْتِنْشَاق فَقَالَ طَائِفَة مِنْهُم إِذا تَركهمَا فِي الْوضُوء حَتَّى صلى عَاد وراوا ذَلِك فِي الْوضُوء والجنابة سَوَاء وَبِه يَقُول بن أبي ليلى وَعبد الله بن الْمُبَارك وَأحمد وَإِسْحَاق وَقَالَ أَحْمد الِاسْتِنْشَاق أوكد من الْمَضْمَضَة قَالَ وَقَالَت طَائِفَة من أهل الْعلم يُعِيد فِي الْجَنَابَة وَلَا يُعِيد فِي الْوضُوء وَهُوَ قَول سُفْيَان الثَّوْريّ وَبَعض أهل الْكُوفَة وَقَالَت طَائِفَة لَا يُعِيد فِي الْوضُوء وَلَا فِي الْجَنَابَة لانهما سنة من النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَا تجب الْإِعَادَة على من تَركهمَا فِي الْوضُوء وَلَا فِي الْجَنَابَة وَهُوَ قَول مَالك وَالشَّافِعِيّ انْتهى القَوْل المُرَاد من قَوْله وَبَعض أهل الْكُوفَة الامام أَبُو حنيفَة وَمن تبعه فَإِن قلت مَا وَجه التَّفْرِقَة فِي أَنَّهُمَا يكونَانِ سنة فِي الْوضُوء وواجبا فِي الْغسْل قلت لِأَنَّهُ ورد فِي الْغسْل صِيغَة الْمُبَالغَة وَهِي فاطهروا فِي قَوْله تَعَالَى وان كُنْتُم جنبا فاطهروا والفم والا نف من ظَاهر الْبدن من وَجه وَمن بَاطِنه من وَجه فَفِي الْغسْل ينزلان منزلَة ظَاهر الْبدن من كل وَجه نظر الى صِيغَة الْمُبَالغَة فَيجب غسلهمَا احْتِيَاطًا بخلافهما فِي الْوضُوء فَإِنَّهُمَا ليسَا بمذكروين فِي أَيَّة الْوضُوء صَرَاحَة وَلَا كِنَايَة وَإِنَّمَا فعلهمَا النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيسنّ فعلهمَا الْبَتَّةَ (فَخر) قَوْله [410] تَوَضَّأ مرّة مرّة الخ قَالَ التِّرْمِذِيّ وَالْعلم على هَذَا عِنْد عَامَّة أهل الْعلم ان الْوضُوء يُجزئ مرّة ومرتين أفضل وأفضله ثَلَاث وَلَيْسَ بعده شَيْء وَقَالَ بن الْمُبَارك لَا آمن إِذا زَاد فِي الْوضُوء على الثَّلَاث ان يَأْثَم وَقَالَ أَحْمد وَإِسْحَاق لَا يزِيد على الثَّلَاث الا رجل مبتلى انْتهى قَوْله [419] فَقَالَ هَذَا وضوء الْقدر أَي الْقدر الَّذِي لَا يلام مصاحبه عَلَيْهِ لِأَنَّهُ وسط بَين الامرين فَإِن الْوضُوء مرّة من نقص مِنْهَا لَا تقبل لَهُ صَلَاة وَالْوُضُوء ثَلَاثًا هُوَ أَسْبغ الْوضُوء الَّذِي جزاءه مَا ذكر وَهَذَا مَا بَينهمَا وَهَذَا إِذا لم يكن فِي المَاء قلَّة أَو فِي الْوَقْت ضيق وَأما عِنْد الضَّرُورَة فجزاء الوضوئين الاخيرين أَيْضا على وَجه الْكَمَال وَلِهَذَا شَرعه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيَانا للْجُوَاز (إنْجَاح) قَوْله

[420] هَذَا وَظِيفَة الْوضُوء الْوَظِيفَة كسفينة مَا يقدر لَك فِي الْيَوْم من طعم أَو رزق أَو نَحوه والعهد وَالشّرط كَذَا فِي الْقَامُوس وَالْمرَاد هَهُنَا هُوَ الشَّرْط أَي هَذَا شَرط للْوُضُوء من لم يَأْتِ بِهِ لَا يجوز لَهُ الصَّلَاة وَالْمرَاد مِنْهُ الْوضُوء الْمُقدر الَّذِي لَا يسع لَاحَدَّ تَركه وَلَو تَركه لم يكن لَهُ صَلَاة وَالله أعلم أنجاح الْحَاجة لمولانا الْمُعظم شاه عبد الْغَنِيّ المجددي الدهلوي رَحمَه الله تَعَالَى أعطَاهُ الله كِفْلَيْنِ من الْأجر أَي حظين مِنْهُ وَفِيه اشكال بِأَنَّهُ من لم يتم الْوضُوء بِالثُّلثِ وَكَانَ لَهُ أَجْرَانِ فَلَا يلام وَلَا يُعَاقب على ترك التَّثْلِيث وَقد اتّفقت كلمة الْفُقَهَاء على ان التَّثْلِيث سنة وتارك السّنة أما معاقب على قَول وَأما معاتب على قَول آخر فَالْجَوَاب عَنهُ ان إِعْطَاء الْأجر لَا يُنَافِي الْإِسَاءَة فِي الْجُمْلَة فالاجر لَهُ بِفعل مُوجبه الْإِسَاءَة بِتَرْكِهِ اكماله فالاساءة من جِهَة واجر من جِهَة فَتَأمل (إنْجَاح) قَوْله [421] يُقَال لَهُ ولهان بفتحيتين مصدر وَله رنوله ولهانا وَهُوَ ذهَاب الْعقل والتحيز من شدَّة الوجد وَغَايَة الْعِشْق فَسمى بِهِ شَيْطَان الْوضُوء اما الشدَّة حرصه على طلب الوسوسة فِي الْوضُوء وَأما لالقائه النَّاس بالوسوسة فِي مهواه الْحيرَة حَتَّى يرى صَاحبه حيران ذَاهِب الْعقل لَا يدْرِي كَيفَ يلْعَب بِهِ الشَّيْطَان وَلم يعلم هَل وصل المَاء الى الْعُضْو أم لَا وَكم مرّة غسله فَهُوَ بِمَعْنى اسْم الْفَاعِل أَو بَاقٍ على مصدريته للْمُبَالَغَة كَرجل عدل (مرقاة) قَوْله فَاتَّقُوا وسواس المَاء قَالَ الطَّيِّبِيّ أَي وسواسه هَل وصل المَاء الى أَعْضَاء الْوضُوء أم لَا وَهل غسل مرَّتَيْنِ أَو مرّة وَهل طَاهِر أَو نجس أَو بلغ قُلَّتَيْنِ أَو لَا قَالَ بن الْملك وَتَبعهُ بن حجر أَي وسواس الولهان وضع المَاء مَوضِع ضمير مُبَالغَة فِي كَمَال الوسواس فِي شَأْن المَاء أَو لشدَّة ملازمته لَهُ قَوْله وظلم أَي على نَفسه بترك مُتَابعَة النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وبمخالفته أَو لِأَنَّهُ اتعب نَفسه فِيمَا زَاد على الثَّلَاثَة من غير حُصُول ثَوَاب لَهُ أَو لِأَنَّهُ اتلف المَاء بِلَا فَائِدَة قَوْله [425] فَقَالَ أَفِي الْوضُوء اسراف بِنَاء على مَا قيل الْأَخير فِي سرف وَلَا سرف فِي خير فَظن ان لَا اسراف فِي الطَّاعَة وَالْعِبَادَة فاستفسر بقوله فِي الْوضُوء اسراف فَأَجَابَهُ عَلَيْهِ السَّلَام بقوله نعم وان كنت الخ فَإِن فِيهِ اسراف الْوَقْت وتضييع الْعُمر أَو تجَاوز عَن حد الشَّرْعِيّ كَمَا تقدم ويحتم ان يُرَاد بالاسراف الْإِثْم (مرقاة) قَوْله [426] اسباغ الْوضُوء الاسباغ على ثَلَاثَة أَنْوَاع فرض وَهُوَ اسْتِيعَاب الْمحل وَسنة وَهُوَ الْغسْل ثَلَاثَة ومستحب وَهُوَ الاطالة مَعَ التثلث كَذَا نقل عَن الْمُحدث المشتهر بَين الافاق مَوْلَانَا مُحَمَّد إِسْحَاق الدهلوي وطنا والمكي مطجعا قَوْله [427] على المكاره قَالَ فِي النِّهَايَة هِيَ جمع مُكْرَهَة بِفَتْح الْمِيم وَهُوَ مَا يكرههُ الْإِنْسَان ويشق عَلَيْهِ والكره بِالضَّمِّ وَالْفَتْح الْمَشَقَّة وَالْمعْنَى ان يتَوَضَّأ مَعَ الْبرد الشَّديد والعلل يتَأَذَّى مَعهَا بِمَسّ المَاء وَمَعَ اهوازه وَالْحَاجة الى طلبه وَالسَّعْي فِي تَحْصِيله وابتياعه بالث من الغالي وَمَا اشبه ذَلِك من الْأَسْبَاب الشاقة (زجاجة) قَوْله وَكَثْرَة الخطا وَهِي جمع خطة بِضَم الْخَاء الْمُعْجَمَة وَهِي مَا بَين الْقَدَمَيْنِ كثرتها اما الْبعد الدَّار أَو على سَبِيل التّكْرَار قَوْله الى الْمَسَاجِد أَي للصَّلَاة وَغَيرهَا من الْعِبَادَات وَلَا دلَالَة فِي الحَدِيث على فَضِيلَة الدَّار الْبَعِيدَة عَن الْمَسْجِد على الْقَرِيبَة مِنْهُ كَمَا ذكره بن حجر فَإِنَّهُ لَا فَضِيلَة للبعد فِي ذَاته بل فِي تحمل الْمَشَقَّة المترتبة عَلَيْهِ وَكَذَا لَو كَانَ للدَّار طَرِيقَانِ الى الْمَسْجِد يَأْتِي من الْأَبْعَد لَيْسَ لَهُ ثَوَاب على قدر الزِّيَادَة (مرقاة) قَوْله وانتظار الصَّلَاة الخ قَالَ الْمظهر إِذا صلى بالجمالة أَو مُنْفَردا ينْتَظر صَلَاة أُخْرَى وَيتَعَلَّق فكره بهَا أما بِأَن يجلس ينتظرها أَو يكون فِي بَيته أَو يشْتَغل بِكَسْبِهِ وَقَلبه مُعَلّق بهَا ينْتَظر حُضُورهَا فَكل ذَلِك دَاخل فِي هَذَا الحكم وَيُؤَيِّدهُ مَا ورد وَرجل قلبه مُعَلّق بِالْمَسْجِدِ إِذا خرج مِنْهُ حَتَّى يعود اليه زجاجة للسيوطي قَوْله [430] فخلل لحيته أَي ليصير المَاء عَلَيْهَا من كل جَانب كَانَ هَذَا حِين غسل الْوَجْه لِأَنَّهُ من تَمَامه لَا بعد فَرَاغه كَمَا توهم (مرقاة) قَوْله [431] مرَّتَيْنِ أَي يفعل ذَلِك الْفِعْل من التَّخْلِيل وتفريج الْأَصَابِع مرَّتَيْنِ (إنْجَاح) قَوْله [432] عَرك عارضيه عركة دلكه وحكه أَي ذَلِك عراضيه ثمَّ شَبكَ لحيته أَي ادخل أَصَابِعه فِي أصُول شعر اللِّحْيَة من تحتهَا والشبيك إِدْخَال الشَّيْء فِي الشَّيْء وتشبيك الْيَدَيْنِ إِدْخَال أَصَابِع الْيَد فِي أَصَابِع الْأُخْرَى (إنْجَاح) قَوْله

[434] ثمَّ تمضمض واستنثر قَالَ جُمْهُور أهل اللُّغَة وَالْفُقَهَاء والمحدثون الِاسْتِنْشَاق هُوَ إِخْرَاج المَاء من الْأنف بعد الِاسْتِنْشَاق وَقَالَ بن الْأَعرَابِي وَابْن قُتَيْبَة الاستنثار هُوَ الاستنثاق وَالصَّوَاب الأول وَيدل عَلَيْهِ الرِّوَايَة الْأُخْرَى استنشق واستنثر لجمع بَينهمَا قَالَ أهل اللُّغَة هُوَ مَأْخُوذَة من النثرة وَهِي طرف الْأنف وَقَالَ الْخطابِيّ هِيَ الْأنف وَالْمَشْهُور الأول (نووي) قَوْله مسح رَأسه اخْتلف الْعلمَاء فِي مسح الرَّأْس فَذهب الشَّافِعِي فِي طَائِفَة الى أَنه يسْتَحبّ فِيهِ الْمسْح ثَلَاث مَرَّات كَمَا فِي بَاقِي الْأَعْضَاء وَذهب أَبُو حنيفَة وَمَالك وَأحمد وَالْأَكْثَرُونَ الى أَن السّنة مرّة وَاحِدَة لَا يُزَاد عَلَيْهَا وَالْأَحَادِيث الصَّحِيحَة فِيهَا الْمسْح مرّة وَاحِدَة وَفِي بَعْضهَا الاقتصاء على قَوْله مسح وَاحْتج الشَّافِعِي بِحَدِيث عُثْمَان رَضِي الله عَنهُ فِي صَحِيح مُسلم أَن النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأ ثَلَاثًا ثَلَاثًا وَبِمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي سنَنه أَنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مسح رَأسه ثَلَاثًا وبالقياس على بَاقِي الْأَعْضَاء 12 (نووي) [438] فَمسح رَأسه مرَّتَيْنِ هَذَا مُخَالف لاكثر الْأَحَادِيث الصِّحَاح فَإِن الْمَرْوِيّ عَنهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَالِبا الْمسْح مرّة وَفِي بعض الرِّوَايَات جَاءَ تثليث الْمسْح أَيْضا فَتَأْوِيل هَذَا الحَدِيث وَالله اعْلَم أَن المُرَاد مِنْهُ إقبال الْيَدَيْنِ وادباهما كَمَا فِي حَدِيث عبد الله بن زيد أَنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مسح رَأسه فَأقبل لَهما وادبر بَدَأَ بِمقدم رَأسه ثمَّ ذهب بهما الى قَفاهُ ثمَّ ردهما حَتَّى رَجَعَ الى الْمَكَان الَّذِي بَدَأَ مِنْهُ والْحَدِيث مر فِي أول الْبَاب فَحصل التطبيق وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق (إنْجَاح) قَوْله [439] ظاهرهما وباطنهما قَالَ الضميري وَغَيره من أَصْحَابنَا ظاهرهما مَا يَلِي الرَّأْس وباطنهما مَا يَلِي الْوَجْه وَقَالَ أَبُو بكر من الْمَالِكِيَّة اخْتلف الْمُتَأَخّرُونَ فِي ظاهرهما على وَجْهَيْن فَمنهمْ من قَالَ هُوَ مَا وَقعت بِهِ المواجهة وَقَالَ اخرون هُوَ مَا يَلِي الرَّأْس قَالَ وَهُوَ الْأَظْهر (مرقاة) قَوْله [444] يمسح الماقين تَثْنِيَة ماق بِالْفَتْح وَسُكُون الْهمزَة أَي يدلكهما قَالَ التوربشتي الماق طرف الْعين الَّذِي يَلِي الْأنف والاذن واللغة الْمَشْهُورَة موق قَالَ الطَّيِّبِيّ أَنما مسحهما على الِاسْتِحْبَاب مُبَالغَة فِي الاسباغ لَان الْعين قَلما تَخْلُو من كحل وَغَيره أَو رمض فيسل فَينْعَقد على طرف الْعين وَمسح كلا الطَّرفَيْنِ احوط لِأَن الْعلَّة مُشْتَركَة قلت وَلَعَلَّ إِيرَاد التَّثْنِيَة بِهَذِهِ النُّكْتَة (مرقاة) قَوْله [445] عبد الْكَرِيم الْجَزرِي قَالَ فِي التَّقْرِيب عبد الْكَرِيم بن مَالك الجذري أَبُو سعيد مولى بن أُميَّة وَهُوَ الخضرمي ثِقَة متقن من السَّادِسَة وَقَالَ فِي الْمُغنِي والجزري بِالْجِيم وَالزَّاي المفتوحتين وبراء مَنْسُوب الى جَزِيرَة وَهِي بِلَاد بَين الْفُرَات ودجلة قَوْله الاذنان من الرَّأْس وَفِي شرح السّنة اخْتلف المشائخ فِي أَنه هَل يُؤْخَذ للاذنين مَاء جَدِيدا أم لَا قَالَ الشَّافِعِي هما عضوان عليحدتان يمسحان ثَلَاثًا بِثَلَاثَة مياه جَدِيدَة وَذهب أَكْثَرهم الى أَنَّهُمَا من الرَّأْس يمسحان مَعَه أَي بِمَاء الرَّأْس وَبِه أَخذ أَبُو حنيفَة رح وَمَالك وَأحمد كَذَا قَيده بن الْملك وَقَالَ الزُّهْرِيّ هما من الْوَجْه يمسحان مَعَه وَقَالَ الشّعبِيّ ظاهرهما من الرَّأْس وباطنهما من الْوَجْه وَقَالَ حَمَّاد يغسل ظاهرهما وباطنهما وَقَالَ إِسْحَاق الاختياران يمسح مقدمهما مَعَ الْوَجْه ومؤخرهما مَعَ الرَّأْس مرقاة وَقَالَ الرافع تَقْدِيم الْيُمْنَى على الْيُسْرَى انما هُوَ فِي كل عضوين يتعسر غلسلهما دفْعَة وَاحِدَة كاليدين وَالرّجلَيْنِ واما الاذنان فَلَا يسْتَحبّ الْبدَاءَة فيهمَا بِالْيَمِينِ لَان مسحهما مَعًا أَهْون ذكره الأبهرى قَوْله حرك خَاتمه الْخَاتم إِذا كَانَ بِحَيْثُ يصل المَاء تَحْتَهُ بِدُونِ تحريكه فتحريكه مُسْتَحبّ وَإِذا كَانَ بِحَيْثُ لم يصل المَاء تَحْتَهُ بِدُونِ تحريكه فتحريكه وَاجِب ليتم الْوضُوء فَخر الْحسن قَوْله العراقيب جمع عرقوب وَهُوَ بِالضَّمِّ عصب غليظ فَوق عقب الْإِنْسَان كَذَا فِي الْقَامُوس 12 إنْجَاح الْحَاجة لمولانا الْمُعظم شاه عبد الْغَنِيّ المجدي الدهلوي رَحمَه الله تَعَالَى قَوْله

[450] ويل للاعقاب من النَّار أَرَادَ صَاحبهَا وَقيل نَفسهَا لعدم غسلهَا لأَنهم كَانُوا لَا يستقصون غسل ارجلهم فِي الْوضُوء وَهُوَ جمع عقب بِفَتْح عين وَكسر قَاف وَيفتح الْعين وتكسر مَعَ سُكُون الْقَاف مُؤخر الْقدَم وَاسْتدلَّ بِهِ على عدم جَوَاز مسحها كَذَا فِي الْمجمع قَالَ على فِي الْمرقاة قَالَ النَّوَوِيّ هَذَا الحَدِيث دَلِيل على وجوب غسل الرجلَيْن وان الْمسْح لَا يُجزئ وَعَلِيهِ جُمْهُور الققهاء فِي الْأَمْصَار والاعصار (إنْجَاح الْحَاجة) قَوْله ويل للاعقاب من النَّار اسبغوا الْوضُوء قَالَ النَّوَوِيّ وَمُرَاد مُسلم بإيراده هُنَا الِاسْتِدْلَال بِهِ على وجوب غسل الرجلَيْن وان الْمسْح لَا يُجزئ وَهَذِه مَسْأَلَة اخْتلف النَّاس فِيهَا على مَذَاهِب فَذهب جمع من الْفُقَهَاء من أهل الْفَتْوَى فِي الإعصار والامصار الى أَن الْوَاجِب غسل الْقَدَمَيْنِ مَعَ الْكَعْبَيْنِ وَلَا يُجزئ مسحهما وَلَا يجب الْمسْح مَعَ الْغسْل وَلم يثبت خلاف هَذَا عَن أحد يعْتد بِهِ فِي الْإِجْمَاع وَقَالَت الشِّيعَة الْوَاجِب مسحهما وَقَالَ بن جرير والجبائي رَأس الْمُعْتَزلَة يتَخَيَّر بَين الْمسْح وَالْغسْل وَقَالَ بعض أهل الظَّاهِر يجب الْجمع بَين الْمسْح وَالْغسْل وَتعلق هَؤُلَاءِ المخالفون للجماهير بِمَا لَا تظهر فِيهِ دلَالَة وَقد أوضحت دَلَائِل المسئلة وَجَوَاب مَا تعلق بِهِ المخالفون فِي شرح الْمُهَذّب بِحَيْثُ لم يبْق للمخالف شُبْهَة أصلا الا وضح جوابها وَمن احصر مَا تذكره ان جَمِيع من وصف وضوء رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَوَاطِن مُخْتَلفَة وعَلى صِفَات مُتعَدِّدَة متفقون على غسل الرجلَيْن وَقَوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ويل للاعقاب من النَّار فتواعدها بالنَّار لعدم طَهَارَتهَا وَلَو كَانَ الْمسْح كَافِيا لما تواعد من ترك غسل عَقِبَيْهِ وَقد صَحَّ من حَدِيث عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده ان رجلا قَالَ يَا رَسُول الله كَيفَ الطّهُور فَدَعَا بِمَاء فَغسل كفيه ثَلَاثًا الى أَن قَالَ ثمَّ غسل رجلَيْهِ ثَلَاثًا ثمَّ قَالَ هَكَذَا الْوضُوء فَمن زَاد على هَذَا أَو نقص فقد أَسَاءَ وظلم هَذَا حَدِيث صَحِيح أخرجه أَبُو دَاوُد وَغَيره بأسانيدهم الصَّحِيحَة وَالله أعلم انْتهى وَلَا أجد فِي كتاب الله الا الْمسْح هَذَا صَرِيح فِي ان بن عَبَّاس خَالف جُمْهُور الصَّحَابَة فِي هَذِه المسئلة وَهَذَا مَذْهَب شَاذ تفرد بِهِ بن عَبَّاس وَقد انْعَقَد إِجْمَاع أهل السّنة بعده على غسل الرجلَيْن وَالله اعْلَم انجاح وَقَالَ فِي التوشيح وَاسْتدلَّ بِهِ على عدم جَوَاز مسحهما قَالَ النَّوَوِيّ اجْمَعْ عَلَيْهِ الصَّحَابَة وَالْفُقَهَاء والشيعة أوجب الْمسْح وَفِي نظر فقد نقل بن التِّين التَّخْيِير عَن بعض الشافعيين وَرَأى عِكْرِمَة يمسح عَلَيْهِمَا وَثَبت عَن جمَاعَة يعْتد بهم فِي الْإِجْمَاع بأسانيد صَحِيحَة كعلي وَابْن عَبَّاس وَالْحسن وَالشعْبِيّ وَآخَرين وَقَالَ الْكرْمَانِي وَفِيه رد للشيعة المتمسكين بِظَاهِر قِرَاءَة ارجلكم بِالْجَرِّ وَمَا روى عَن عَليّ وَغَيرهم فقد ثَبت عَنْهُم الرُّجُوع انْتهى وَقَالَ التِّرْمِذِيّ وَفقه هَذَا الحَدِيث أَنه لَا يجوز الْمسْح على الْقَدَمَيْنِ إِذا لم يكن عَلَيْهِمَا خفان أَو جوز بِأَن انْتهى قَوْله [460] وَرجلَيْهِ الى الْكَعْبَيْنِ مَعْطُوف على قَوْله وَجهه وَيَديه لَا على قَوْله بِرَأْسِهِ كَمَا هُوَ الْمُتَبَادر الى الاذهاب (إنْجَاح) قَوْله [462] لما يخرج من الْبَوْل الخ أَي لاجل خُرُوج الْبَوْل بعد الْوضُوء فَمَا مَصْدَرِيَّة وَمن زَائِدَة أَو تبعيضية وَالْحَاصِل مِنْهُ وَالله أعلم ان نضحه يمْنَع خُرُوج الْبَوْل من قَصَبَة الذّكر فَإِن رُطُوبَة الثَّوْب وبرودته مانعتان لخُرُوج القطرة وَهَذَا هُوَ السِّرّ فِي الِاسْتِنْجَاء بِالْمَاءِ وَأَيْضًا فِيهِ إِزَالَة الْوَهم والوسوسة وَيُمكن ان يكون م مَوْصُولَة وَمن للْبَيَان وعَلى التَّقْدِيرَيْنِ الْمُضَاف مَحْذُوف وَهُوَ الْمَنْع أَو الدّفع أَي لدفع مَا يخرج (إنْجَاح) قَوْله [463] إِذا تَوَضَّأت فانتضح الانتقضاح والنضح وَاحِد وَهُوَ أَن يَأْخُذ قَلِيلا من المَاء فيرش بِهِ مذاكيره لينتفي عَنهُ الوسواس والنضح أَيْضا الْغسْل كَذَا فِي الدّرّ النثير (إنْجَاح) قَوْله بَاب المنديل أَي اسْتِعْمَال الثَّوْب لإِزَالَة الرُّطُوبَة ونفشها (إنْجَاح) قَوْله بَاب المنديل أَي اسْتِعْمَال الثَّوْب لإِزَالَة الرُّطُوبَة قَالَ التِّرْمِذِيّ وَقد رخص قوم من أهل الْعلم من أَصْحَاب رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمن بعدهمْ فِي المنديل بعد الْوضُوء وَمن كرهه انما كرهه من قبل انه قيل ان الْوضُوء يُوزن وروى ذَلِك عَن سعيد بن الْمسيب وَالزهْرِيّ انْتهى وَقَالَ الزَّيْلَعِيّ لَا بَأْس بالتمسح بالمنديل بعد الْوضُوء وروى ذَلِك عَن عُثْمَان وَأنس وَالْحسن بن عَليّ ومسروق قَوْله [466] ثمَّ اتيناه بملحفة ورسية الخ الملحفة مَا يُغطي بِهِ الْجَسَد ورسية أَي مصبوغة بالورس هُوَ نَبَات كالسمسم لَيْسَ الا بِالْيمن يزرع فَيبقى عشْرين سنة والعكن بِالضَّمِّ مَا طوى وَثني من لحم الْبدن سمنا انجاح الْحَاجة لمولانا الْمُعظم الشَّيْخ عبد الْغَنِيّ المجددي الدهلوي قَوْله بَاب الْوضُوء فِي الصفر هُوَ بِالضَّمِّ شَيْء من المعدنيات كالنحاس يتَّخذ مِنْهُ الْأَصْنَام والظروف وَيُقَال لَهُ بِالْفَارِسِيَّةِ برنج قد كره بعض الْفُقَهَاء الْوضُوء من أنيته وَمن أنية النّحاس وَالْحَدِيد وَمثل ذَلِك والْحَدِيث يدل على جَوَازه وَلَعَلَّ مُرَادهم بِالْكَرَاهَةِ كَرَاهَة تنزيهية لِأَن اسْتِعْمَال ظروف الْخذف أولى وَأقرب الى التَّوَاضُع والْحَدِيث لبَيَان الْجَوَاز وَمَعَ ذَلِك لم أجد فِي مَحل ان النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأ من اناء الطين الا مَا ذكر الْغَزالِيّ فِي الاحياء وَكَانَ لَهُ مطهرة فخار يتَوَضَّأ فِيهَا وَيشْرب مِنْهَا لَكِن قَالَ الْحَافِظ الْعِرَاقِيّ فِي تَخْرِيجه لم اقف لَهُ على أصل وَكَذَلِكَ نقل الْغَزالِيّ عَن بَعضهم قَالَ أخرجت لشعبة مَاء فِي اناء صفر فَأبى أَن يتَوَضَّأ مِنْهَا وَنقل كَرَاهِيَة ذَلِك عَن بن عمر وَأبي هُرَيْرَة (إنْجَاح) قَوْله عَن عبد الْعَزِيز بن الْمَاجشون بِفَتْح جِيم وَقيل بِكَسْر هاو شين مُعْجمَة مُعرب مَا هكون أَي شبه الْقَمَر سمي بِهِ لحمرة وجنته كَذَا فِي الْمُغنِي (إنْجَاح) قَوْله

[474] فَيصَلي وَلَا يتَوَضَّأ هَذَا من خصوصياته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِن نوم الْأَنْبِيَاء مَحل الْوَحْي قَالَ إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام يَا بني اني أرى فِي الْمَنَام اني اذبحك فَلَا يكون ذَلِك النّوم محلا لحواسهم وان النّوم ساجا على الْهَيْئَة المسنونة لَا ينْقض غير الْأَنْبِيَاء أَيْضا لِأَن السَّجْدَة على الْهَيْئَة المسنونة مشْعر بِبَقَاء حواسه فالوكيع مَا حمل عدم الإنتقاض على خواصه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ 12 إنْجَاح وكاء السه الوكاء خيط يرْبط فَم السقاء وَغَيره السّنة الدبر وَالْمرَاد أَن الْيَقظَان يعرف خُرُوج الرّيح والنائم لَا يعرفهُ فَكَانَ الْعين وكاء السّنة (إنْجَاح) قَوْله [478] لَكِن من غَائِط الخ أَي أمرنَا ان ننزع خفافنا من الْجَنَابَة إِذا اغتسلنا وَلَكِن لَا ننزعها ثَلَاثَة أَيَّام من غَائِط وَبَوْل إِذا توضأنا بل نمسح عَلَيْهَا هَذَا فِي السّفر هَكَذَا فِي مجمع الْبحار (إنْجَاح) قَوْله الْوضُوء من مس الذّكر قَالَ القَاضِي الْوضُوء فِي اللُّغَة غسل بعض الْأَعْضَاء وتنظيفه من الوضأة بِمَعْنى النَّظَافَة وَالشَّرْع نَقله الى غسل الْأَعْضَاء الْمَخْصُوصَة انْتهى فَالْأولى ان يحمل فِي هَذِه الْأَبْوَاب على الْوضُوء بِمَعْنى اللّغَوِيّ لِئَلَّا يخْتَلف مَعَاني الْأَحَادِيث الْوَارِدَة المنطوقة بِالْفِعْلِ فِي الْوَاحِد وبالعدم فِي الْأُخْرَى وَلِئَلَّا تضطر بالْقَوْل بالنسخ (إنْجَاح الْحَاجة) قَوْله إِذا مس أحدكُم الخ يُعَارضهُ حَدِيث عَن طلق رض وَنقل عَن الْخطابِيّ انه قَالَ تَذَاكر أَحْمد بن حَنْبَل وَابْن معِين وتكلما فِي الاخبار الَّتِي رويت فِي هَذَا الْبَاب وَكَانَ عَاقِبَة امرهما ان اتفقَا على سُقُوط الِاحْتِجَاج بِحَدِيث طلق وبسرة أَي لِأَنَّهَا تَعَارضا فتساقطا وَقَالَ الْمظهر على تَقْدِير تعارضهما نعود الى أَقْوَال الصَّحَابَة قَالَ عَليّ وَابْن مَسْعُود وَأَبُو الدَّرْدَاء وَحُذَيْفَة وعمار رَضِي الله عَنْهُم ان الْمس لَا يبلطل وَبِه اخذ أَبُو حنيفَة وَقَالَ عَمْرو ابْنه وَابْن عَبَّاس وَسعد بن أبي وَقاص وَأَبُو هُرَيْرَة وَعَائِشَة رض بِالْبُطْلَانِ وَبِه أَخذ الشَّافِعِي كَذَا فِي الْمرقاة قَوْله [483] انما هُوَ مِنْك أَي فَهُوَ مكس بَقِيَّة اعضائه فَلَا نقض بِهِ نقل الطَّحَاوِيّ عَن عَليّ قَالَ مَا أُبَالِي انفى مسست اذني أَو ذكري وَعَن بن مَسْعُود مَا أُبَالِي ذكري مسست فِي الصَّلَاة أَو اذني وانفى وَعَن كثير من الصَّحَابَة نَحوه وَعَن سعد لما سُئِلَ عَن مس الذّكر فَقَالَ انكان شَيْء مِنْك نجسا فاقطعه لَا بَأْس بِهِ وَعَن الْحسن انه كَانَ يكره مس الذّكر فَإِن فعل لم ير عَلَيْهِ وضوء (مرقاة) قَوْله انما هُوَ مِنْك وَفِي رِوَايَة عَنهُ وَهل هُوَ الا بضعَة مِنْهُ قَالَ الامام مُحي السّنة هَذَا مَنْسُوخ لَان أَبَا هُرَيْرَة اسْلَمْ بعد قدوم طلق وَقد روى أَبُو هُرَيْرَة عَن النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذا افضى أحدكُم بِيَدِهِ الى ذكره لَيْسَ بَينه وَبَينهَا شَيْء فَليَتَوَضَّأ رَوَاهُ الشَّافِعِي وَالدَّارَقُطْنِيّ وَرَوَاهُ النَّسَائِيّ عَن بسرة الا أَنه لم يذكر لَيْسَ بَينه وَبَينهَا شَيْء انْتهى اعْترض التوربشتي على مُحي السّنة بِأَن ادِّعَاء النّسخ فِيهِ مَبْنِيّ على الِاحْتِمَال وَهُوَ خَارج عَن الِاحْتِيَاط الا إِذا اثْبتْ هَذَا الْقَائِل ان طلقا توفّي قبل إِسْلَام أبي هُرَيْرَة أَو رَجَعَ الى أرضه وَلم يبْق لَهُ صُحْبَة بعد ذَلِك مَا يدْرِي هَذَا الْقَائِل ان طلقا سمع هَذَا الحَدِيث بعد إِسْلَام أبي هُرَيْرَة وَذكر الْخطابِيّ فِي المعالم ان أَحْمد بن حَنْبَل كَانَ يرى الْوضُوء من مس الذّكر وَكَانَ بن معِين يرى خلاف ذَلِك وَفِيه دَلِيل ظَاهر على أَن لَا سَبِيل الى معرفَة النَّاسِخ والمنسوخ لَهما كَذَا نَقله الطَّيِّبِيّ قَوْله الْوضُوء مِمَّا غيرت النَّار ذهب جَمَاهِير الْعلمَاء الى انه لم ينْتَقض الْوضُوء بِأَكْل مَا مسته النَّار وَمِمَّنْ ذهب اليه الْخُلَفَاء الْأَرْبَعَة وَابْن مَسْعُود وَابْن عَبَّاس وَابْن عَمْرو أَبُو هُرَيْرَة وَأبي وَعَائِشَة وَغَيرهم وَذهب اليه جَمَاهِير التَّابِعين وَهُوَ مَذْهَب الْأَئِمَّة الْأَرْبَعَة وَإِسْحَاق وَغَيرهم وَذهب طَائِفَة الى الْوُجُوب الشَّرْعِيّ وَهُوَ مَرْوِيّ عَن عمر بن عبد الْعَزِيز وَالْحسن الْبَصْرِيّ وَالزهْرِيّ وَأبي قلَابَة وَأبي مجلز وَاحْتج هَؤُلَاءِ بِهَذَا الحَدِيث وَقَالَ الْجُمْهُور انه مَنْسُوخ بِحَدِيث جَابر قَالَ كَانَ آخر الامرين من رَسُول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ترك الْوضُوء مِمَّا مست النَّار وَهُوَ حَدِيث صَحِيح رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَغَيرهمَا من أهل السّنَن أَو المُرَاد بِالْوضُوءِ غسل الْفَم وَالْكَفَّيْنِ وَهَذَا الْخلاف كَانَ فِي الصَّدْر الأول ثمَّ اجْتمع الْعلمَاء بعد ذَلِك على أَنه لَا يجب الْوضُوء بِأَكْل مَا مسته النَّار هَذَا حَاصِل مَا قَالَه النَّوَوِيّ قَوْله توضؤوا قَالَ القَاضِي الْوضُوء فِي اللُّغَة غسل بعض الْأَعْضَاء وتنظيفه من الوضأة بِمَعْنى النَّظَافَة وَالشَّرْع نَقله الى الْفِعْل الْمَخْصُوص وَقد جَاءَ على أَصله أَي فِي الْمَعْنى اللّغَوِيّ وَمن نَظَائِره غسل الْيَدَيْنِ لإِزَالَة الدسومة تَوْفِيقًا بَينه وَبَين حَدِيث بن عَبَّاس وَغَيره وَحمل الْبَعْض على الْوضُوء الشَّرْعِيّ وَقَالَ لَو سلم كَانَ هَذَا الحكم فِي أَوَائِل الْإِسْلَام ثمَّ نسخ كَذَا فِي الْمرقاة وَقَالَ الامام فِي السّنة هَذَا ممسوخ بِحَدِيث بن عَبَّاس قَالَ ان رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أكل كتف شَاة ثمَّ صلى وَلم يتَوَضَّأ مُتَّفق عَلَيْهِ (فَخر) قَوْله [486] مِمَّا مست النَّار أَي من أكل مَا مسته النَّار وَهُوَ الَّذِي اثرت فِيهِ النَّار كَاللَّحْمِ والديس وَغير ذَلِك (مرقاة) قَوْله

[490] وَلم يتَوَضَّأ قَالَ الطَّيِّبِيّ فِيهِ دَلِيل على أَن أكل مَا مسته النَّار لَا يبطل الْوضُوء وَقَالَ الْقَارِي أعلم ان مَا مسته النَّار كالطعام الْمَطْبُوخ وَالْخَبَر لَا وضوء مِنْهُ بِالْإِجْمَاع وَحكى عَن بعض الصَّحَابَة كَابْن عَمْرو أبي هُرَيْرَة وَزيد بن ثَابت إِيجَاب الْوضُوء مِنْهُ وَإِنَّمَا اخْتِلَاف الْأَئِمَّة فِي أكل لحم الْجَزُور فَقَوْل أبي حنيفَة وَمَالك وَالشَّافِعِيّ فِي جَدِيد الْمَرْجُوح من مذْهبه انه لَا ينْتَقض وَقَالَ أَحْمد ينْتَقض وَهُوَ الْقَدِيم الْمُخْتَار عِنْد بعض أَصْحَاب الشَّافِعِي 12 شرح موطأ للقاري [494] من لُحُوم الْإِبِل اخْتلف الْعلمَاء فِي أكل لُحُوم الْجَزُور فَذهب الْأَكْثَرُونَ الى انه لَا ينْقض الْوضُوء وَمِمَّنْ ذهب اليه الْخُلَفَاء الْأَرْبَعَة وَابْن مَسْعُود وَأبي بن كَعْب وَابْن عَبَّاس وَأَبُو الدَّرْدَاء وَأَبُو طَلْحَة وجماهير التَّابِعين وَمَالك وَأَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ وأصحابهم وَذهب الى انْتِقَاض الْوضُوء بِهِ أَحْمد بن حَنْبَل وَإِسْحَاق وَيحيى بن يحيى وَأَبُو بكر بن الْمُنْذر وَابْن خُزَيْمَة وَاخْتَارَهُ الْحَافِظ أَبُو بكر الْبَيْهَقِيّ وَحكى عَن أَصْحَاب الحَدِيث مُطلقًا وَحكى عَن جمَاعَة من الصَّحَابَة رَضِي الله عَنْهُم وَاحْتج هَؤُلَاءِ بِحَدِيث الْبَاب وَقَوله عَلَيْهِ السَّلَام نعم فَتَوَضَّأ من لُحُوم الْإِبِل وَعَن الْبَراء بن عَازِب قَالَ سُئِلَ النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَن الْوضُوء من لُحُوم الْإِبِل فَأمر بِهِ قَالَ أَحْمد بن حَنْبَل وَإِسْحَاق صَحَّ عَن النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا حديثان حَدِيث جَابر وَحَدِيث الْبَراء وَهَذَا الْمَذْهَب أقوى دَلِيلا وان كَانَ الْجُمْهُور على خِلَافه وَقد أجَاب الْجُمْهُور عَن هَذَا الحَدِيث بِحَدِيث جَابر كَانَ آخر الامرين من رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ترك الْوضُوء مِمَّا مست النَّار وَلَكِن هُنَا الحَدِيث عَام وَحَدِيث الْوضُوء من لُحُوم الْإِبِل خَاص وَالْخَاص مقدم على الْعَام وَالله أعلم واما إِبَاحَته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّلَاة فِي مرابض الْغنم دون مبارك الْإِبِل فَهُوَ مُتَّفق عَلَيْهِ وَالنَّهْي عَن مبارك الْإِبِل وَهِي اعطانها نهى تَنْزِيه وَسبب الْكَرَاهَة مَا يخَاف نفارها وتهويشها على الْمصلى وَالله أعلم (نووي) قَوْله من لُحُوم الْإِبِل وَهُوَ وَاجِب عِنْد أَحْمد بن حَنْبَل وَعند غَيره المُرَاد من الْوضُوء غسل الْيَدَيْنِ والفم لما فِي لحم الْإِبِل من رَائِحَة كريهة ودسومة غَلِيظَة بِخِلَاف لحم الْغنم أَو مَنْسُوخ بِحَدِيث جَابر رَضِي الله عَنهُ (مرقاة) قَوْله [497] صلوا فِي مراح الْغنم الخ وَذَلِكَ لَا لنجاسته فَإِنَّهُ مَوْجُود فِي الْمَوْضِعَيْنِ بل لِأَن الْإِبِل تزدحم فِي المنهل وَإِذا شريت رفعت رؤوسها لَا يُؤمن نفارها وتفرقها فتؤذي الْمصلى أَو تذهبه عَن صلَاته أَو تنجسه برشاش أبوالها مجمع قَوْله [498] فَإِن لَهُ دسما قَالَ الطَّيِّبِيّ هَذَا الْجُمْلَة تَعْلِيل للتمضمض وَقيل الْمَضْمَضَة مُسْتَحبَّة عَن كل مَاله دسومة إِذْ يبْقى فِي الْفَم بَقِيَّة نضل الى بَاطِنه فِي الصَّلَاة فعلى هَذَا يَنْبَغِي ان يمضمض من كل مَا خيف مِنْهُ الْوُصُول الى الْبَطن طرد اللعلة وَقَالَ بن الْملك هَذَا عِنْد الشَّافِعِيَّة وَأما عندنَا فَفِي الظَّهِيرِيَّة لَو أكل السكر والحلواء ثمَّ شرع فِي الصَّلَاة والحلاوة فِي فَمه فَدخل الرِّيق لَا يفْسد (مرقاة) قَوْله [499] فمضمضوا الخ الْأَمر مَحْمُول على الِاسْتِحْبَاب فَإِن الْفُقَهَاء صَرَّحُوا بِأَن من أكل السكر ثمَّ شرع فِي الصَّلَاة ويجد ذوقه وحلاوته فِي فِيهِ فَدخل الرِّيق فِي جَوْفه لَا تفْسد صلَاته وَكَذَا دسومة اللَّبن انجاح الْحَاجة لمولانا الْمُعظم شاه عبد الْغَنِيّ المجددي الدهلوي رَحمَه الله تَعَالَى قَوْله [502] قبل بعض نِسَائِهِ قَالَ بن الْهمام قد روى الْبَزَّار فِي سَنَده بِإِسْنَاد حسن عَن عَائِشَة انه كَانَ يقبل بعض نِسَائِهِ فَلَا يتَوَضَّأ انْتهى ثمَّ اخْتلف الْعلمَاء فِي المسئلة فَقَالَ أَبُو حنيفَة رح الْمس لَا يبطل الْوضُوء بِدَلِيل هَذَا الحَدِيث وَقَالَ الشَّافِعِي وَأحمد يبطل بِمَسّ الأجنبيات وَعند مَالك يبطل بالشهوة والا فَلَا (مرقاة) قَوْله [504] عَن الْمَذْي هُوَ مَاء ارق من الْمَنِيّ يخرج عَن الملاعبة أَو النّظر قَالَ بن حجر وَهُوَ مَاء رَقِيق اصفر يخرج عِنْد الشَّهْوَة الضعيفة وَفِي حكمه الودي بِالْمُهْمَلَةِ وَهُوَ مَاء أَبيض شخين يخرج عقيب الْبَوْل أَو عِنْد حمل شَيْء ثقيل (مرقاة) قَوْله وضوء النّوم أَي الْوضُوء لمن أَرَادَ ان ينَام وَهَذَا الْوضُوء مُسْتَحبّ لِأَن الرجل إِذا نَام على طهر وَذكر الله لم تضر بِهِ وساوس الشَّيْطَان (إنْجَاح) قَوْله [508] ثمَّ غسل الخ هَذَا على وضوء الْعرفِيّ وَالْأولَى فِي ذَلِك الْوَقْت أَيْضا الْوضُوء الْمَشْرُوع للصَّلَاة وَفعله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَحْمُول على بَيَان جَوَاز الِاكْتِفَاء بهَا الْقدر أَيْضا أَحْيَانًا (إنْجَاح) قَوْله فَلَقِيت كريبا الخ فِي هَذَا الْإِسْنَاد زِيَادَة وضاحة فَإِن سَلمَة بن كهيل لم يذكر أَبنَاء بكير فِي السَّنَد السَّابِق وَذكر هَهُنَا وَبَين وَجهه انه سمع بكير أول وهلة ثمَّ لَقِي كريبا فشافه بذلك الحَدِيث مِنْهُ (إنْجَاح) قَوْله

[510] كَانَ يتَوَضَّأ الخ فِي الحَدِيث اشعار بِأَن تَجْدِيد الْوضُوء كَانَ وَاجِبا عَلَيْهِ ثمَّ نسخ بِشَهَادَة الحَدِيث الَّاتِي قَالَ السخاوي يحْتَمل ان يكون وَاجِبا عَلَيْهِ خَاصَّة ثمَّ نسخ يَوْم الْفَتْح لحَدِيث بُرَيْدَة وَيحْتَمل أَنه كَانَ يَفْعَله اسْتِحْبَابا ثمَّ خشِي ان يظنّ وجوبا فَتَركه لبَيَان الْجَوَاز 12 مرقاة صلى الصَّلَوَات الخ قَالَ النَّوَوِيّ فِي هَذَا الحَدِيث أَنْوَاع من الْعلم مِنْهَا جَوَاز الصَّلَوَات المفروضات والنوافل بِوضُوء وَاحِد مَا لم يحدث وَهَذَا جَائِز بِإِجْمَاع من يعْتد بِهِ وَحكى أَبُو جَعْفَر الطَّحَاوِيّ وَأَبُو الْحسن بن بطال فِي شرح صَحِيح البُخَارِيّ عَن طَائِفَة من الْعلمَاء انهم قَالُوا يجب الْوضُوء لكل صَلَاة وان كَانَ متطهرا وَاحْتَجُّوا بقول الله تَعَالَى إِذا قُمْتُم الى الصَّلَاة فَاغْسِلُوا وُجُوهكُم الْآيَة وَمَا اظن هَذَا الْمَذْهَب يصحح عَن أحد ولعلهم أَرَادوا اسْتِحْبَاب تجيديد الْوضُوء عِنْد كل صَلَاة وَدَلِيل الْجُمْهُور الْأَحَادِيث الصَّحِيحَة مِنْهَا هَذَا الحَدِيث وَأما الْآيَة الْكَرِيمَة فَالْمُرَاد بهَا وَالله اعْلَم إِذا قُمْتُم محدثين وَقيل انها مَنْسُوخَة بِفعل النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهَذَا القَوْل ضَعِيف وَيسْتَحب تَجْدِيد الْوضُوء وَهُوَ ان يكون على طَهَارَة ثمَّ يتَطَهَّر ثَانِيًا من غير حدث وَفِي شَرط اسْتِحْبَاب التَّجْدِيد وَجه اصحها أَنه يسْتَحبّ لمن صلى بِهِ صَلَاة سَوَاء كَانَت فَرِيضَة أَو نَافِلَة وَالثَّانِي لَا يسْتَحبّ الا لمن صلى فَرِيضَة وَالثَّالِث يسْتَحبّ لمن فعل بِهِ مَا لَا يجوز الا بِطَهَارَة كمس الْمُصحف وَسُجُود التِّلَاوَة وَالرَّابِع يسْتَحبّ وان لم يفعل بِهِ شَيْئا أصلا بِشَرْط ان يَتَخَلَّل بَين التَّجْدِيد وَالْوُضُوء مَا يَقع بِمثلِهِ تَفْرِيق وَلَا يسْتَحبّ تَجْدِيد الْغسْل على الْمَذْهَب الصَّحِيح الْمَشْهُود حكم الامام الْحَرَمَيْنِ وَجها انه يسْتَحبّ نووي مَعَ اخْتِصَار قَوْله [513] حَتَّى يجد الخ قَالَ الطَّيِّبِيّ نفى جنس أَسبَاب التوضي وَاسْتثنى مِنْهُ الصَّوْت وَالرِّيح والنواقض كَثِيرَة وَلَعَلَّ ذَلِك فِي صُورَة مَخْصُوصَة يَعْنِي بِحَسب السَّائِل فَالْمُرَاد نفي جنس الشَّك واثبات التيقن أَي لَا ينْصَرف عَن الصَّلَاة وَلَا يتَوَضَّأ عَن شكّ مَعَ سبق ظن الطَّهَارَة الا ويتيقن الصَّوْت أَي رَائِحَة الرّيح انْتهى وَقَالَ فِي السّنة وَفِي الحَدِيث دَلِيل على ان الرّيح الْخَارِجَة من أحد السَّبِيلَيْنِ يُوجب الْوضُوء وَقَالَ أَصْحَاب أبي حنيفَة خُرُوج الرّيح من الْقبل لَا يُوجب الْوضُوء وَفِيه دَلِيل على ان الْيَقِين لَا يَزُول بِالشَّكِّ فِي شَيْء من الشَّرْع وَهُوَ مَذْهَب عَامَّة أهل الْعلم انْتهى وتوجيه قَول الْحَنَفِيَّة انه نَادِر فَلَا يَشْمَلهُ النَّص كَذَا قيل وَالصَّحِيح مَا قَالَ بن الْهمام من ان الرّيح الْخَارِج من الذّكر اخْتِلَاج لَا ريح فَلَا ينْتَقض كَالرِّيحِ الْخَارِجَة من جِرَاحَة الْبَطن (مرقاة) قَوْله حَتَّى يسمع صَوتا أَو يجد ريحًا مَعْنَاهُ يعلم وَجوز أَحدهمَا وَلَا يشْتَرط السماع والشم بِإِجْمَاع الْمُسلمين وَهَذَا الحَدِيث أصل من أصُول الْإِسْلَام وَقَاعِدَة عَظِيمَة من قَوَاعِد الْفِقْه وَهِي ان الْأَشْيَاء يحكم ببقاءها على أُصُولهَا حَتَّى يتَيَقَّن خلاف ذَلِك وَلَا يضرّهُ الشَّك الطَّارِئ عَلَيْهَا فَمن ذَلِك مَسْأَلَة الْبَاب الَّتِي ورد فِيهِ الحَدِيث وَهِي أَن من تَيَقّن الطَّهَارَة وَلَا فرق بَين حُصُول هَذَا الشَّك فِي نفس الصَّلَاة وَحُصُول خَارج الصَّلَاة هَذَا مَذْهَبنَا وَمذهب الجماهير من السّلف وَالْخلف واما إِذا تَيَقّن الْحَدث وَشك فِي الطَّهَارَة فَإِنَّهُ يلْزم الْوضُوء بِإِجْمَاع الْمُسلمين وَمن مسَائِل الْقَاعِدَة الْمَذْكُورَة من شكّ فِي طَلَاق زَوجته أَو عتق عَبده أَو نَجَاسَة المَاء الطَّاهِر أَو طَهَارَة النَّجس ونجاسة الثَّوْب أَو الطَّعَام أَو غَيره أَو أَنه صلى ثَلَاث رَكْعَات أَو أَرْبعا أَو انه ركع وَسجد أم لَا وَأَنه نوى الصَّوْم وَالصَّلَاة وَهُوَ فِي اثناء هَذِه الْعِبَادَات وَمَا اشبه هَذِه الامثلة فَكل هَذَا الشكوك لَا تَأْثِير لَهَا وَالْأَصْل عدم هَذَا الْحَادِث نووي مُخْتَصرا قَوْله [517] إِذا بلغ المَاء قُلَّتَيْنِ الخ الْقلَّة الجرة الْكَبِيرَة الَّتِي تسع فِيهَا مِائَتَيْنِ وَخمسين رطلا بالبغدادي فالقلتان خَمْسمِائَة رَطْل وَقيل سِتّمائَة رَطْل وَقدر الْقلَّتَيْنِ يُسمى كثيرا ودونهما يُسمى قَلِيلا وَقَالَ القَاضِي الْقلَّة الَّتِي يستقى بهَا لِأَن الْيَد تقلها وَقيل الْقلَّة مَا يستقله الْبَعِير كَذَا ذكره الطَّيِّبِيّ وَفِي رِوَايَة أَرْبَعِينَ قلَّة وَأَرْبَعين غربا أَي دلوا وَهِي وان لم تصح توقع الشُّبْهَة وَقَالَ الطَّحَاوِيّ من عُلَمَائِنَا خبر الْقلَّتَيْنِ صَحِيح وَإِسْنَاده ثَابت وَإِنَّمَا تَرَكْنَاهُ لأَنا لَا نعلم مَا القلتان وَلِأَنَّهُ روى قُلَّتَيْنِ أَو ثَلَاثًا على الشَّك وَقَالَ بن الْهمام الحَدِيث ضَعِيف وَمن ضعفه الْحَافِظ بن عبد الْبر وَالْقَاضِي إِسْمَاعِيل بن أبي إِسْحَاق وَأَبُو بكر بن الْعَرَبِيّ المالكيون انهى وَلَا يخفى ان الْجرْح مقدم على التَّعْدِيل كَمَا فِي النخبة فَلَا يَدْفَعهُ لتصحيح بعض الْمُحدثين لَهُ مِمَّن ذكره بن حجر وَغَيره كَذَا فِي الْمرقاة وَقَالَ صَاحب الْهِدَايَة ضعفه أَبُو دَاوُد وَقَالَ وَلنَا حَدِيث المستيقظ من مَنَامه وَقَوله عَلَيْهِ السَّلَام لَا يبولن أحدكُم فِي المَاء الدَّائِم وَلَا يغتسلن فِيهِ من الْجَنَابَة من غير فصل انْتهى قَوْله [519] وَلنَا مَا غبر طهُور بِفَتْح الطَّاء أَي مَا بَقِي طهُور وشراب لنا يَعْنِي ان الله قسم لَهَا فِي هَذِه المَاء مَا أخذت بطونها مِمَّا شربتها حَقّهَا الَّذِي لَهَا وَمَا فضلته فَهُوَ حَقنا قَالَ بن الْهمام يحمل هَذِه الْأَحَادِيث الى المَاء الْكثير أَو على مَا قبل تَحْرِيم لُحُوم السبَاع (مرقاة) قَوْله [520] ان المَاء لَا يُنجسهُ شَيْء أَي مَا لم يتَغَيَّر وَإِنَّمَا قيد بِهِ ليجتمع النُّصُوص الْوَارِدَة فِي هَذَا الْبَاب لِأَن فِي بَعْضهَا ورد الا مَا غلب على رِيحه وطعمه ولونه وَقَالَ الْقَارِي بِدَلِيل الْإِجْمَاع على نَجَاسَته التَّغَيُّر (فَخر)

[522] وَإِنَّمَا ينضح من بَوْل الذّكر قَالَ الطَّحَاوِيّ النَّضْح الْوَارِد فِي بَوْل الصَّبِي المُرَاد مِنْهُ الصب يُجزئ فِيهِ الصب لِأَن بَوْل الْغُلَام يكون فِي مَوضِع وَاحِد لضيق مخرجه وَبَوْل الْجَارِيَة يتفرق فِي مَوَاضِع لسعة مخرجها وَقَالَ القَاضِي المُرَاد من النَّضْح رش المَاء بِحَيْثُ يصل الى جَمِيع موارد الْبَوْل من غير جري وَالْغسْل اجراء المَاء على مواردها والفارق بَين الصَّبِي والصبية ان بولها بِسَبَب اسْتِيلَاء الرُّطُوبَة والبرودة على مزاجها يكون اغلظ وانتن يفْتَقر فِي ازالتها الى مزِيد مُبَالغَة بِخِلَاف الصَّبِي انْتهى وَقَالَ الْخطابِيّ لَيْسَ تجوز من النَّضْح فِي الصَّبِي من أجل أَن بَوْله لَيْسَ بِنَجس وَلكنه من أجل التَّخْفِيف هَذَا هُوَ الصَّوَاب وَمن قَالَ هُوَ طَاهِر فقد أَخطَأ انْتهى الْحَاشِيَة الْمُتَعَلّقَة بصفحة هَذَا قَوْله [525] لقنت أَي فهمت وَلما كَانَ هَذَا الْمَعْنى فِيهِ الغموض والسائد مَا فهم فَعبر الْمَعْنى الْمَذْكُور بالعبارة الْآتِيَة وخلاصتها ان خلقَة ادم من التُّرَاب وَالْمَاء وهما طاهران وخلقة حَوَّاء من اللَّحْم وَالدَّم لِأَنَّهَا خلقت من الضلع الْأَيْسَر لادم عَلَيْهِ السَّلَام وهما نجسان اما الدَّم فَظَاهر وَأما اللَّحْم فلكرامة الْإِنْسَان وَقَول الشَّافِعِي فِيهِ غموض ظَاهر وَكَانَ رَحمَه الله فِي منصب الِاجْتِهَاد وَقُوَّة الاستنباط يفهم مَالا يفهم غَيره وَأما غَيره من الْفُقَهَاء فقد فرقوا بَينهمَا بِقرب مبال الْجَارِيَة من الامعاء وَبعده من الْغُلَام (إنْجَاح) قَوْله [526] ثَنَا مَحل هُوَ بِضَم أَوله وَكسر ثَانِيَة وَشدَّة اللَّام بن خَليفَة (إنْجَاح الْحَاجة) قَوْله [528] لَا تزرموه افعال من الزرم بِتَقْدِيم الزَّاي على الرَّاء أَي لَا تقطعوا عَلَيْهِ بَوْله فيتضرر باحتباس الْبَوْل أَو ينتشر النَّجَاسَة فِي الْمَسْجِد بعد ان كَانَ فِي مَحل وَاحِد مِنْهُ (إنْجَاح الْحَاجة) قَوْله فصب عَلَيْهِ قَالَ بن الْملك فِي شرح الْمَشَارِق اسْتدلَّ بِهِ الشَّافِعِي على أَن الأَرْض النَّجِسَة يطهر بصب المَاء قلت يجوز ان يكون الصب لتسكين رِيحه فِي تِلْكَ الْحَالة لَا للتطهير بل التَّطْهِير يحل باليبس بِخَبَر زَكَاة الأَرْض يبسها قَالَه الْقَارِي

قَوْله [529] احتظرت وَاسِعًا الْحَظْر الْمَنْع وَمِنْه وَمَا كَانَ عَطاء رَبك مَحْظُورًا وَمِنْه الْمَحْظُور بِمَعْنى الْمحرم من حظوته إِذا منعته كَذَا فِي الْمجمع وَالْمرَاد هُنَا منعت شَيْئا وَاسِعًا واحتجرته وَهِي رَحْمَة الله تَعَالَى قَالَ الله ورحمتي وسعت كل شَيْء (إنْجَاح) قَوْله فشج يَبُول بِالْفَاءِ الْأَصْلِيَّة والشين وَالْجِيم فِي الْقَامُوس فشج يفشج كضرب يضْرب فرج بَين رجلَيْهِ ليبول كفشر بتَشْديد الشين انْتهى وَفِي الْمجمع الفشج تفريج مَا بَين الرجلَيْن وَهُوَ دون التفاج وروى بتَشْديد الشين والتفشيج أَشد من الفشج انْتهى فَالْمُرَاد انه تهَيَّأ وَفرج رجلَيْهِ للبول (إنْجَاح) قَوْله وَلم يؤنب الخ التأنيب الْمُبَالغَة فِي التوبيخ والتعنيف كَذَا فِي الدّرّ النثير انجاح الْحَاجة لمولانا الْمُعظم الشَّيْخ عبد الْغَنِيّ المجددي الدهلوي رَحمَه الله تَعَالَى قَوْله يطهره مَا بعده هَذَا يؤول بِأَن السوال انما صدر فِيمَا جر من الثِّيَاب على مَكَان يَابِس من القذر إِذْ رُبمَا ينشبث شَيْء مِنْهَا فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يطهره مَا بعده أَي إِذا انجر على مَا بعده فِي الأَرْض ذهب مَا علق بِهِ من الْيَابِس وَهَذَا التَّأْوِيل على تَقْدِير صِحَة الحَدِيث مُتَعَيّن عِنْد الْكل لانعقاد الْإِجْمَاع على ان الثَّوْب إِذا اصابته نَجَاسَة لَا يطهر الا بِالْغسْلِ كَذَا قَالَ على وَغَيره قَوْله ان الْمُسلم لَا ينجس يُقَال بِضَم الْجِيم وَفتحهَا لُغَتَانِ وَفِي ماضيه لُغَتَانِ نجس ونجس بِكَسْر الْجِيم وَضمّهَا فَمن كسرهَا فِي الْمَاضِي فتحهَا فِي الْمُضَارع وَمن ضمهَا فِي الْمَاضِي ضمهَا فِي الْمُضَارع أَيْضا وَهَذَا قِيَاس مطرد عِنْد أهل الْعَرَبيَّة وَهَذَا الحَدِيث أصل عَظِيم فِي طَهَارَة الْمُسلم حَيا وَمَيتًا فاما الْحَيّ فطاهر بِإِجْمَاع الْمُسلمين حَتَّى الْجَنِين إِذا القته أمه وَعَلَيْهَا رُطُوبَة فرجهَا هَذَا حكم الْمُسلم الْحَيّ وَأما الْمَيِّت فَفِيهِ خلاف الْعلمَاء وَللشَّافِعِيّ فِيهِ قَولَانِ الصَّحِيح مهما انه طَاهِر وَلِهَذَا غسل وَلقَوْله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا ينجس وَذكر البُخَارِيّ فِي صَحِيحه عَن بن عَبَّاس تَعْلِيقا الْمُسلم لَا ينجس حَيا وَلَا مَيتا هَذَا حكم الْمُسلم وَأما الْكَافِر فَحكمه فِي الطَّهَارَة والنجاسة حكم الْمُسلم هَذَا مَذْهَبنَا وَمذهب الجماهير من السّلف وَالْخلف وَأما قَول الله عز وَجل أَنما الْمُشْركُونَ نجس فَالْمُرَاد نَجَاسَة الِاعْتِقَاد والاستقذار وَلَيْسَ المُرَاد ان اعضاءهم نَجِسَة كنجاسة الْبَوْل وَالْغَائِط وَنَحْوهمَا فَإِذا ثَبت طَهَارَة الادمي مُسلما كَانَ أَو كَافِرًا فعرقه ولعابه ودمعه طاهران سَوَاء كَانَ مُحدثا أَو جنبا أَو حَائِضًا أَو نفسَاء وَهَذَا كُله بِإِجْمَاع الْمُسلمين وَكَذَلِكَ الصّبيان ابدانهم وثيابهم ولعابهم مَحْمُولَة على الطَّهَارَة حَتَّى يتَيَقَّن النَّجَاسَة فَيجوز الصَّلَاة فِي ثِيَابهمْ والاكل مَعَهم من الْمَائِع اذاغمسوا أَيْديهم فِيهِ وَدَلَائِل هَذَا كُله من السّنة وَالْإِجْمَاع مَشْهُودَة وَفِي هَذَا الحَدِيث احترام أهل الْفضل وان يوقرهم جليسهم ومصاحبهم فَتكون على أكمل الهيئات وَأحسن الصِّفَات وَقد اسْتحبَّ الْعلمَاء لطَالب الْعلم ان يحسن حَاله فِي حَال مجالسة شَيْخه متطهرا متنظفا بِإِزَالَة الشُّعُور الْمَأْمُور بازالتها وقص الاظفار وَإِزَالَة الروائح الكريهة والملابس الْمَكْرُوهَة وَغير ذَلِك فَإِن ذَلِك من اجلال الْعلم وَالْعُلَمَاء وَفِي هَذَا الحَدِيث أَيْضا من الْآدَاب أَن الْعَالم إِذا رأى من تَابعه أمرا يخَاف عَلَيْهِ فِيهِ خلاف الصَّوَاب سَأَلَهُ عَنهُ وَقَالَ لَهُ صَوَابه وَبَين لَهُ حكمه 12 نووي مُخْتَصرا [538] انما كَانَ يَكْفِيهِ ان يفركه الخ اخْتلف الْعلمَاء فِي طَهَارَة مني الادمي فَذهب مَالك وَأَبُو حنيفَة الى نَجَاسَته الا ان أَبَا حنيفَة قَالَ يَكْفِي فِي تَطْهِيره فركه إِذا كَانَ يَابسا وَهُوَ رِوَايَة عَن أَحْمد وَقَالَ مَالك لَا بُد من غسله رطبا ويابسا وَقَالَ اللَّيْث هُوَ نجس وَلَا تُعَاد الصَّلَاة مِنْهُ وَقَالَ الْحسن لَا تُعَاد الصَّلَاة من الْمَنِيّ فِي الثَّوْب وان كَانَ كثيرا وتعاد مِنْهُ فِي الْجَسَد وان قل وَذهب كَثِيرُونَ الى أَن الْمَنِيّ طَاهِر روى ذَلِك عَن عَليّ بن أبي طَالب وَسعد بن أبي وَقاص وَابْن عمر وَعَائِشَة وَدَاوُد أَحْمد فِي أصح الرِّوَايَتَيْنِ وَهُوَ مَذْهَب الشَّافِعِي وَأَصْحَاب الحَدِيث وَقد غلط من أوهم ان الشَّافِعِي مُنْفَرد بِطَهَارَتِهِ وَدَلِيل الْقَائِلين بِالنَّجَاسَةِ رِوَايَة الْغسْل وَدَلِيل الْقَائِلين بِالطَّهَارَةِ رِوَايَة الفرك فَلَو كَانَ نجسا لم يكف فركه كَالدَّمِ وَغَيره وَقَالُوا وَرِوَايَة الْغسْل مَحْمُولَة على الِاسْتِحْبَاب والتنزيه قَالَه النَّوَوِيّ قلت الَّذِي يثبت من الْأَحَادِيث فِي هَذَا الْبَاب أما الْغسْل وَأما الفرك فَإِذن لَا بُد إِزَالَة الْمَنِيّ من الثَّوْب بِالْغسْلِ أَو بالفرك ان كَانَ الْمَنِيّ قَابلا للفرك أَي غليظا لِأَن الفرك كَمَا قَالَ الطَّيِّبِيّ الدَّلْك حَتَّى يذهب الْأَثر من الثَّوْب وَالظَّاهِر انهما شرعا لإِزَالَة نَجَاسَة الْمَنِيّ وَيدل على نَجَاسَة الحَدِيث الَّاتِي فِي الْبَاب الَّاتِي عَن مُعَاوِيَة أَنه سَأَلَ أُخْته أم حَبِيبَة زوج النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي فِي الثَّوْب الَّذِي يُجَامع فِيهِ قَالَت نعم إِذا لم ير فِيهِ أَذَى وَأَيْضًا الحَدِيث الآخر فِي هَذَا الْبَاب عَن جَابر بن سَمُرَة قَالَ سَأَلَ رجل رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الثَّوْب الَّذِي يَأْتِي فِيهِ أَهله قَالَ نعم الا ان يرى فِيهِ شَيْئا فيغسله فقد مران مَا قَالَ الامام انه نجس يَكْفِي فِي تظهيره الفرك هُوَ الْحق رحم الله على من انصف وَلَا تعسف (فَخر) قَوْله بَاب مَا جَاءَ فِي الْمسْح على الْخُفَّيْنِ اجْمَعْ من يعْتد بِهِ فِي الْإِجْمَاع على جَوَاز الْمسْح على الْخُفَّيْنِ فِي السّفر والحضر سَوَاء كَانَ لحَاجَة أَو بغَيْرهَا حَتَّى يجوز للْمَرْأَة مُلَازمَة بَيتهَا والزمن الَّذِي لَا يمشي وانما انكرته الشِّيعَة والخوارج وَلَا يعْتد بخلافهم وَقد روى عَن مَالك رِوَايَات فِيهِ الْمَشْهُود من مذْهبه كمذهب الجماهير وَقد روى الْمسْح على الْخُفَّيْنِ خلائق لَا يُحصونَ من الصَّحَابَة قَالَ الْحسن الْبَصْرِيّ حَدثنِي سَبْعُونَ من أَصْحَاب رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يمسح على الْخُفَّيْنِ وَاخْتلف الْعلمَاء فِي أَن الْمسْح على الْخُفَّيْنِ أفضل أم غسل الرجلَيْن فمذهب أَصْحَابنَا الى أَن الْغسْل أفضل لكَونه الأَصْل وَذهب اليه جماعات من الصَّحَابَة مِنْهُم عمر بن الْخطاب وَابْنه عبد الله وَأَبُو أَيُّوب الْأنْصَارِيّ رض وَذهب جمَاعَة من التَّابِعين الى ان الْمسْح أفضل وَذهب اليه الشّعبِيّ وَالْحكم والحماد عَن أَحْمد رِوَايَتَانِ أصَحهمَا الْمسْح أفضل وَالثَّانيَِة هما سَوَاء وَاخْتَارَهُ بن الْمُنْذر

قَوْله [543] كَانَ يعجبهم حَدِيث جرير لِأَن إِسْلَام جرير كَانَ بعد نزُول الْمَائِدَة مَعْنَاهُ ان الله تَعَالَى قَالَ فِي سُورَة الْمَائِدَة فَاغْسِلُوا وُجُوهكُم وايديكم الى الْمرَافِق وامسحوا برؤسكم وارجلكم فَلَو كَانَ إِسْلَام جرير مُتَقَدما على نزُول الْمَائِدَة لاحتمل كَون حَدِيثه فِي مسح الْخُف مَنْسُوخا بِآيَة الْمَائِدَة فَلَمَّا كَانَ إِسْلَامه مُتَأَخِّرًا علمنَا ان حَدِيثه يعْمل بِهِ وَهُوَ مُبين بِأَن المُرَاد بِآيَة الْمَائِدَة غير صَاحب الْخُف فَيكون السّنة مخصصة لِلْآيَةِ قَالَه النَّوَوِيّ وَنقل الْقَارِي عَن أبي حنيفَة انه قَالَ مَا قلت بِالْمَسْحِ حَتَّى جَاءَنِي فِيهِ مثل ضوء النَّهَار وَقَالَ قَالَ اكرخي أَخَاف الْكفْر على من لَا يرى الْمسْح على الْخُفَّيْنِ لِأَن الْآثَار الَّتِي جَاءَت فِيهِ فِي حيّز التَّوَاتُر وَقَالَ أَبُو يُوسُف خَبرا الْمسْح يجوز بِهِ نسخ الْكتاب لشهرته قَوْله وَمسح على الْخُفَّيْنِ اخْتلفُوا فِي قدر الاجزاء فَقَالَ أَبُو حنيفَة يجْزِيه قدر ثَلَاثَة أَصَابِع وَقَالَ الشَّافِعِي مَا يَقع عَلَيْهِ اسْم الْمسْح وَقَالَ مَالك الِاسْتِيعَاب مرقاة لعَلي الْقَارِي هُوَ ضرب من الْبرد وَفِيه محمرة وَلها اعلام فِيهَا بعض الخشونة وَقيل حلل حبا وَيحمل من الْبَحْرين من قَرْيَة تسمى قطرا وَاسْتدلَّ بِهِ على التعمم بالحمرة وَقد يُقَال بِأَنَّهُ مَخْصُوص بذلك الزَّمَان وَنَحْوه والان صَار التعمم بِهِ شعار السمرَة فَيكْرَه أَو يحرم توشيخ [549] ان النَّجَاشِيّ الخ هُوَ بِالتَّخْفِيفِ لقب ملك حبشة واسْمه اصحمة أسلم عِنْد قدوم جَعْفَر الطيار بِالْحَبَشَةِ مُهَاجرا وَمَات فِي زَمَنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأخْبر جِبْرَائِيل عَلَيْهِ السَّلَام بِمَوْتِهِ فصلى عَلَيْهِ النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ اصحابه وكشف لَهُ جنَازَته (إنْجَاح) قَوْله [550] مسح أَعلَى الْخُف وأسفله وَلِهَذَا قَالَ الشَّافِعِي مسح أَعْلَاهُ وَاجِب مسح اسفله سنة وَذكر فِي اخْتِلَاف الْأَئِمَّة السّنة ان يمسح أَعلَى الْخُف وأسفله عِنْد الثَّلَاثَة وَقَالَ أَحْمد السّنة ان يمسح الاه فَقَط وان اتقصر على أَعْلَاهُ اجزأه بالِاتِّفَاقِ وان اقْتصر على اسفله لم يزيه بالِاتِّفَاقِ وَالْمَشْهُور عَن أبي حنيفَة كمذهب أَحْمد وَذكر بن الْملك فِي شرح المصابيح أَنه قَالَ الشَّيْخ الامام مُحي السّنة هَذَا مُرْسل لم يثبت إِسْنَاده الى الْمُغيرَة انْتهى (مرقاة) قَوْله مسح أَعلَى الْخُف الخ أَقُول هَذَا الحَدِيث ضَعِيف ضعفه أَبُو دَاوُد وَقَالَ التِّرْمِذِيّ هَذَا حَدِيث مَعْلُول وَسَأَلت أَبَا زرْعَة وَمُحَمّد يَعْنِي البُخَارِيّ عَن هَذَا الحَدِيث فَقَالَا لَيْسَ بِصَحِيح انْتهى والمعلول على مَا فِي كتب الْأُصُول هُوَ مَا فِيهِ سَبَب خَفِي يَقْتَضِي رده وَقيل مَا وهم ثِقَة بِرَفْع أَو تغير إِسْنَاد أَو زِيَادَة أَو نقص يُغير الْمَعْنى وَنقل السَّيِّد جمال الدّين عَن التِّرْمِذِيّ أَنه قَالَ لم يسْندهُ عَن ثَوْر بن يزِيد غير الْوَلِيد بن مُسلم وَبِالْجُمْلَةِ لَيْسَ هَذَا الحَدِيث قَابلا للاحتجاج لَا سِيمَا إِذا كَانَ الحَدِيث الصَّحِيح يدل على خلاف ذَلِك وَهُوَ مَا رَوَاهُ الدَّارمِيّ وَأَبُو دَاوُد وَاللَّفْظ لَهُ عَن عَليّ انه قَالَ لَو كَانَ الدّين بالرائ لَكَانَ أَسْفَل الْخُف أولى لي بِالْمَسْحِ من الاعه وَقد رَأَيْت رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يمسح على ظَاهر خفيه أَي على أَعلَى خفيه (فَخر) قَوْله [552] ائْتِ عليا الخ علم مِنْهُ ان الْمَفْضُول يرد جَوَاب الْفَتْوَى الى الْفَاضِل وَفِيه تورع عَائِشَة رض وانها كَانَت تحب عليا وَمَا وَقع مِنْهَا كَا بخطأ الِاجْتِهَاد فَافْهَم انجاح قَوْله وَلَو مضى الخ أَي لَو كرر السَّائِل الْمَسْأَلَة فِي فوقيت الْمسْح لجعلها أَي مُدَّة الْمسْح خمْسا (إنْجَاح الْحَاجة) قَوْله [552] يَأْمُرنَا أَن نمسح الخ قلت فِي هَذَا الحَدِيث دلَالَة وَاضِحَة لمَذْهَب الْجُمْهُور ان الْمسْح على الْخُفَّيْنِ موقت بِثَلَاثَة أَيَّام ولياليها للْمُسَافِر وَيَوْم وَلَيْلَة للمقيم وَنقل عَن جَمَاهِير الْعلمَاء الصَّحَابَة وَمن بعدهمْ كَذَلِك وَهَذَا مَذْهَب الْأَئِمَّة الْمُجْتَهدين غير مَالك فَإِنَّهُ قَالَ بِعَدَمِ التَّوْقِيت وَهُوَ قَول قديم للشَّافِعِيّ وحجته فِي ترك التَّوْقِيت مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد عَن أبي عمَارَة أَنه قَالَ لرَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ امسح على الْخُفَّيْنِ قَالَ نعم قَالَ يَوْمًا ويومين قَالَ وَثَلَاثًا حَتَّى بلغ سبعا قَالَ وَمَا با لَك وَقَول خُزَيْمَة وَهُوَ وَلَو مضى السَّائِل على مَسْأَلَة لجعلها خمْسا وَأجَاب الْجُمْهُور عَن حَدِيث أبي عمَارَة بِأَن هَذَا الحَدِيث ضَعِيف بالِاتِّفَاقِ وَعَن قَول خُزَيْمَة بِأَن هَذَا زَعمه وَهُوَ لَيْسَ بِحجَّة سِيمَا إِذا كَانَ الحَدِيث الصَّحِيح يدل على خِلَافه وَابْتِدَاء الْمدَّة عِنْد الْجُمْهُور من حِين الْحَدث بعد لبس الْخُف لَا من اللّبْس وَلَا من حِين الْمسْح ثمَّ ان الْحَدث عَام مَخْصُوص بِحَدِيث صَفْوَان قَالَ أمرنَا رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذا كُنَّا مسافرين أَو سفر أَن لَا ننزع خفافنا ثَلَاثَة أَيَّام ولياليهم الا من جَنَابَة (فَخر) قَوْله [559] على الجوربين والنعلين الجورب هُوَ مَا يلبس فِي الرجل لدفع الْبُرُودَة وَنَحْوه مِمَّا لَا يُسمى خفافا وَلَا جرموقا فَلَا يجوز الْمسْح عَلَيْهِمَا الا ان يَكُونَا مجلدين بِأَن كَانَ الْجلد اعلاهما واسفلهما أَي استوعب الْجلد مَا يستر الْقدَم مَعَ الكعب أَو متنعلين بِأَن كَانَ الْجلد أسفلهما فَقَط أَي جعل الْجلد على مَا يَلِي الأَرْض مِنْهُمَا وَقَالَ لَا يجوز الْمسْح عَلَيْهِمَا إِذا كَانَا ثخينين مستمسكين على السَّاق قَالَه الْحلَبِي كَذَا فِي الْمرقاة وَقَالَ الشَّيْخ عبد الْحق الدهلوي الجورب خف يلبس على الْخُف الى الكعب لدفع الْبرد أَو لصيانة الْخُف الاسفل من الدَّرن والفسالة وَيُقَال لَهُ الجرموق والموق أَيْضا وَقَالَ الشَّيْخ وَالطِّيبِي وَمعنى الحَدِيث ان يكون قد لبس النَّعْلَيْنِ فَوق الجوربين كَمَا قَالَ الْخطابِيّ وَقَالَ لم يقْتَصر على مسحها بل ضم إِلَيْهَا مسح النَّعْلَيْنِ فعلى من يدعى جَوَاز الاقتصاء على مسحها الدَّلِيل فَتدبر وَقَالَ الشَّيْخ الْمسْح على النَّعْلَيْنِ مَنْسُوخ كَذَا فِي السّنَن للدارمي أَقُول ان هَذَا الْكَلَام على تَقْدِير صِحَة هَذَا الحَدِيث وَإِلَّا فقد نقل تَضْعِيفه عَن الامام أَحْمد وَابْن مهْدي وَمُسلم قَالَ النَّوَوِيّ كل مِنْهُم لَو انْفَرد قدم على التِّرْمِذِيّ بن ماجة مَعَ ان الْجرْح مقدم على التَّعْدِيل قَالَ فِي الْهِدَايَة وروى عَن أبي حنيفَة رَجَعَ الى قَوْلهمَا وَعَلِيهِ الْفَتْوَى فَخر الْحسن قَوْله الْخمار قَالَ مُحَمَّد بلغنَا ان الْمسْح على الْعِمَامَة كَانَ فَترك قَوْله [568] مَا نزل بك الخ أَي أَمر من الْحزن والاهتمام الا جعل الله لَك مخرجا أَي طَرِيقا سهلا لِلْخُرُوجِ مِنْهُ وَيجْعَل للْمُسلمين فِيهِ بركَة ليستنوا بِهِ مِنْهُ قصَّة الْإِفْك فَإِنَّهَا قصَّة جعلت تَطْهِيرا لعَائِشَة واقتداء للْمُسلمين فِي شناعة القذارة وللمحصنات وَلُزُوم الْحَد على الافكين وَمِنْهَا قصَّة خُرُوجه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الى البقيع لَيْلَة الْبَرَاءَة ولاهتمامها وَبَيَان سَبَب خُرُوجه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهَا وَغير ذَلِك من شرب الْعَسَل فِي بَيت زَيْنَب وَغَيرهَا وَالله اعْلَم (إنْجَاح)

قَوْله [569] فَلم تصل لِأَنَّهُ كَانَ يتَوَقَّع الْوُصُول إِلَى المَاء قبل خُرُوج الْوَقْت أَو لاعتقاد أَن التَّيَمُّم إِنَّمَا هُوَ عَن الْحَدث الْأَصْغَر وَهَذَا هُوَ الْأَظْهر وَقيل إِنَّه لم يعلم الحكم وَلم يَتَيَسَّر لَهُ سوال ذَلِك الحكم مِنْهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (مرقاة) وَمسح بهَا وَجهه وكفيه هَذَا الحَدِيث يدل على مَذْهَب من يَقُول يَكْفِي ضربه وَاحِدَة للْوَجْه وَالْكَفَّيْنِ وَأجِيب بِأَن المُرَاد صُورَة الضَّرْب للتعليم لَا للْبَيَان مَا يحصل بِهِ التَّيَمُّم فَلَا يدل على انه يَكْفِي ضربه وَاحِدَة وَالْمرَاد بالكفين الذراعان اطلاقا لاسم الْجُزْء على الْكل وَقد أوجب الله تَعَالَى غسل الْيَدَيْنِ الى الْمرْفقين فِي الْوضُوء ثمَّ قَالَ بعد ذَلِك فِي التَّيَمُّم فامحسوا بوجوهكم وايديكم والظاهران الْيَد الْمُطلقَة هَهُنَا هِيَ الْمقيدَة فِي الْوضُوء فِي الأول لاية فَلَا يتْرك هَذَا الظَّاهِر الا بِصَرِيح وَقَالَ الْخطابِيّ الِاقْتِصَار على الْكَفَّيْنِ أصح رِوَايَة وَوُجُوب مسح الذراعين اشبه بالأصول وَأَصَح فِي الْقيَاس (فَخر) قَوْله بَاب فِي التَّيَمُّم ضربتين قَالَ الشَّيْخ فِي شرح المشكوة اعْلَم ان الْأَحَادِيث وَردت فِي الْبَاب مُخْتَلفَة متعارضة جَاءَت فِي بَعْضهَا ضربتين وَفِي بَعْضهَا ضَرْبَة وَاحِدَة وَفِي بَعْضهَا مُطلق الضَّرْب وَفِي بَعْضهَا كفين وَفِي بَعْضهَا يدين الى الْمرْفقين وَفِي بَعْضهَا يدين مُطلقًا وأخذنا بِأَحَادِيث ضربتين ومرفقين اخذا بِالِاحْتِيَاطِ فأخذنا بِأَحَادِيث الضربتين لاشتمال الضربتين على ضَرْبَة واخذنا بِأَحَادِيث مسح الذراعين لاشتمال مسح الذراعين على مسح الْكَفَّيْنِ دون الْعَكْس وَأَيْضًا التَّيَمُّم طَهَارَة نَاقِصَة فَلَو كَانَ مَحَله أَكثر بِأَن يستوعب الى الْمرْفقين وَكَانَ للْوَجْه وَالْيَدَيْنِ ضَرْبَة على حِدة لَكَانَ أحسن وَأولى والى الِاحْتِيَاط أقرب وَأولى لَا يُقَال الى الاباط أقرب الى الِاحْتِيَاط لِأَن حَدِيث الاباط لَيْسَ بِصَحِيح فَإِن قلت التَّعَارُض على تَقْدِير ان يكون الْأَحَادِيث مُتَسَاوِيَة فِي الْمرتبَة والمحدثون حكمُوا بِأَن أَحَادِيث الضربتين والمرفقين غير مَذْكُورَة فِي الصِّحَاح قُلْنَا عدم ذكرهَا فِي الصِّحَاح مَحل بحث كَمَا نقلنا عَن الْحَاكِم وَالدَّارَقُطْنِيّ على أَن عدم صِحَّتهَا وقوتها فِي زمن الإئمة الَّذين استدلوا بهَا مَحل منع إِذْ يحْتَمل ان تطرق الضعْف والوهن فِيهَا بعدهمْ من جِهَة لبن بعض الروَاة الَّذين رووها بعد زمن الْأَئِمَّة فالمتأخرون من الْمُحدثين الَّذين جاؤوا بعدهمْ اوردوها فِي السّنَن دون الصِّحَاح وَلَا يلْزمه من وجود الضعْف فِي الحَدِيث عِنْد الْمُتَأَخِّرين وجوده عِنْد الْمُتَقَدِّمين مثلا رجال الْإِسْنَاد فِي زمن أبي حنيفَة كَانَ وَاحِد من التَّابِعين يرْوى عَن الصَّحَابِيّ أَو اثْنَيْنِ أَو ثَلَاثَة وان لم يَكُونُوا مِنْهُم كَانُوا ثِقَات من أهل الضَّبْط والإتقان ثمَّ روى ذَلِك الحَدِيث من بعده من لم يكن فِي تِلْكَ الدرجَة فَصَارَ الحَدِيث عِنْد عُلَمَاء الحَدِيث مثل البُخَارِيّ وَالْمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وأمثالهم ضَعِيفا وَلَا يضر ذَلِك فِي الِاسْتِدْلَال بِهِ عِنْد أبي حنيفَة فَتدبر فَهَذِهِ نُكْتَة جَيِّدَة قَوْله [580] ثمَّ يستدفئ بِي أَي يطْلب الدفاءة بِفتْحَتَيْنِ وَالْمدّ وَهِي الْحَرَارَة مني بِأَن يضع اعضاءه الشَّرِيفَة بعد الْغسْل على اعضاءي من غير حَائِل ويجعلني مَكَان الثَّوْب الَّذِي يستدفأ بِهِ ليجد السخونه من بدني قَالَ الطَّيِّبِيّ وَمِنْه قَوْله تَعَالَى وَلكم فِيهَا دفئ أَي تَتَّخِذُونَ من أوبارها وأصوافها مَا تستدفئون بِهِ وَفِيه ان بشرة الْجنب طَاهِرَة لِأَن الاستدفاء انما يحصل من مس الْبشر لمعات ومرقاة

قَوْله [583] يَا فَتى يشد الخ غَرَض إِسْمَاعِيل وَالله اعْلَم من هَذَا القَوْل توهين تِلْكَ الرِّوَايَة فَإِن رِوَايَات تَجْدِيد الْوضُوء بعد الْجِمَاع قبل النّوم أَشد قُوَّة مِنْهَا كَمَا سَيَجِيءُ فِي بَاب الَّاتِي وَالظَّاهِر أَن أَبَا اسحقا هُوَ عمر بن عبد الله الْهَمدَانِي السبيعِي ومدار الحَدِيث عَلَيْهِ فَإِن الْأَعْمَش وَأَبا الْأَحْوَص وسُفْيَان كلهم رووا عَنهُ وَهُوَ ان كَانَ ثِقَة عابدا لَكِن احتلط بِأخرَة كَمَا فِي التَّقْرِيب والاختلاط من أَسبَاب الضعْف فَقَالَ إِسْمَاعِيل ان رائ انه لَو كَانَ لَهُ سَنَد آخر يصير هَذَا السَّنَد قَوِيا بِالْغَيْر وَالِاحْتِمَال الا بعد ان يُقَال هَذَا القَوْل من أَلْفَاظ التَّوْفِيق أَي يشد هَذَا الحَدِيث فِي الْحِفْظ وَالْكِتَابَة ويحفظ وَالله اعْلَم انجاح الْحَاجة لمولانا الْمُعظم شاه عبد الْغَنِيّ المجددي الدهلوي رَحمَه الله تَعَالَى قَوْله إِذا تَوَضَّأ المُرَاد بِالْوضُوءِ بالشرعي لَا غسل الذّكر وَنَحْوه لما رَوَاهُ الشَّيْخَانِ عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت كَانَ النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذا كَانَ جنبا فَأَرَادَ أَن يَأْكُل أَو ينَام تَوَضَّأ وضوءه للصَّلَاة فَيسنّ للْجنب إِذا أَرَادَ أَن ينَام أَو يُؤَخر الْغسْل لحَاجَة أَو غَيرهَا ان يتَوَضَّأ الْوضُوء الشَّرْعِيّ مرقاة فَليَتَوَضَّأ قَالَ بن الْملك لِأَن هَذَا اطيب وَأكْثر للنشاط والتلذذ وَفِي هَذَا الحَدِيث وَأَحَادِيث السَّابِقَة إِشَارَة الى أَنه يسْتَحبّ للْجنب ان يغسل ذكره وَيتَوَضَّأ وضوءه للصَّلَاة إِذا أَرَادَ أَن يَأْكُل أَو يشرب أَو يُجَامع مرّة أُخْرَى أَو ينَام وَقيل المُرَاد بِهِ فِي الْأكل وَالشرب غسل الْيَدَيْنِ وَعَلِيهِ جُمْهُور الْعلمَاء لِأَنَّهُ جَاءَ مُفَسرًا فِي خبر النَّسَائِيّ وقاس بَعضهم هُوَ فِي الْعود وللوطي غسل فرجه كَرِوَايَة ثمَّ أَرَادَ أَن يعود فليغسل فرجه قيل وَعَلِيهِ الْجُمْهُور أَيْضا قَوْله [588] يطوف على نِسَائِهِ أَي يَدُور على نِسَائِهِ يجامعهن بِغسْل وَاحِد فَإِن قيل أقل الْقسم لَيْلَة فَكيف طَاف على الْجَمِيع فَالْجَوَاب ان وجوب الْقسم عَلَيْهِ مُخْتَلف فِيهِ قَالَ أَبُو يُوسُف لم يكن وَاجِبا عَلَيْهِ بل كَانَ يقسم بالتسوية تَبَرعا وتكرما والاكثرون على وُجُوبه وَكَانَ طَوَافه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ برضائهن أما الطّواف بِغسْل وَاحِد فيحتم أَنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأ فِيمَا بَينه أَو تَركه لبَيَان الْجَوَاز وروى البُخَارِيّ عَن قَتَادَة عَن أنس قَالَ كَانَ النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدُور على نِسَائِهِ فِي السَّاعَة الْوَاحِدَة فِي اللَّيْل وَالنَّهَار وَهن أحدى عشرَة انْتهى وَالْمرَاد بقوله هن إِحْدَى عشرَة الْأزْوَاج المطهرات جملتهن لَا الموطؤات فِي لَيْلَة وَاحِدَة إِذْ مِنْهُنَّ خَدِيجَة وَهِي لم تَجْتَمِع مَعَهُنَّ قَالَ فِي الْمَوَاهِب فَهَؤُلَاءِ أَزوَاجه اللَّاتِي دخل بِهن لَا خلاف فِي ذَلِك خَدِيجَة وَعَائِشَة وَحَفْصَة وَأم حَبِيبَة وَأم سَلمَة وَسَوْدَة وَزَيْنَب ومَيْمُونَة وَأم الْمَسَاكِين وَجُوَيْرِية وَصفِيَّة وَجَاء فِي البُخَارِيّ ان قيل الانس أَو كَانَ يطيقه فَقَالَ كُنَّا نتحدث انه أعْطى قُوَّة ثَلَاثِينَ رجلا وَعند الْإِسْمَاعِيلِيّ عَن معَاذ قُوَّة أَرْبَعِينَ وَأَرَادَ كل رجل من رجال أهل الْجنَّة وكل رجل من رجال أهل الْجنَّة يعْطى قُوَّة مائَة رجل فَيكون صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أعْطى قُوَّة أَرْبَعَة آلَاف رجل فَيكون صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أفضل من سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام لِأَنَّهُ أعطي قُوَّة مائَة رجل أَو ألف وَالْحكمَة فِي زِيَادَته وَقلة الْأكل ان الله تَعَالَى جمع لَهُ بَين الفضيليتين فِي الْأُمُور الاعتبارية كَمَا جمع الله لَهُ بَين الفضيليتين فِي الْأُمُور الشَّرِيعَة حَتَّى يكون حَاله كَامِلا فِي الدَّاريْنِ بل فِيهِ خرق الْعَادة لِأَن من قل اكله قل جمَاعه غَالِبا وَهَذَا يدل على أَنه فِي غَايَة من الصَّبْر على الْجِمَاع بِالنِّسْبَةِ الى مَا أعْطى من قوته كَذَا فِي الْمرقاة قَوْله [596] شَيْئا من الْقُرْآن أَي لَا الْقَلِيل وَلَا الْكثير وَبِه قَالَ الشَّافِعِي وَله ان يَقُول بِسم الله وَالْحَمْد لله على قصد الذّكر وَجوز مَالك قِرَاءَة الْقُرْآن للحائض لخوف النسْيَان وللجنب بعض أَيَّة دون تَمامهَا وَعَن أبي حنيفَة رِوَايَتَانِ أَحدهمَا كمالك وأصحهما كشافعي وَفِي شرح السّنة اتَّفقُوا على ان الْجنب لَا يجوز لَهُ قِرَاءَة الْقُرْآن وَلَا تقْرَأ الْحَائِض الا طرف الْآيَة (مرقاة) قَوْله [597] الْحَارِث بن وجيه بِوَزْن فعيل وَقيل بِفَتْح الْوَاو وَسُكُون الْجِيم بعْدهَا مُوَحدَة كَذَا فِي التَّقْرِيب (إنْجَاح) قَوْله [598] كَفَّارَة لما بَينهَا أَي تكفر الذُّنُوب كلهَا غير الْكَبَائِر وَلَا يُرِيد اشْتِرَاط الغفران باجتنابها كَذَا فِي الْمجمع وَقَالَ الْقَارِي ان الْكَبِيرَة لَا يكفرهَا الصَّلَاة وَالصَّوْم وَكَذَا الْحَج وَإِنَّا يكفرهَا التَّوْبَة الصَّحِيحَة لَا غَيرهَا نقل بن عبد الْبر الْإِجْمَاع عَلَيْهِ بعده حكى فِي تمهيده عَن بعض معاصريه ان الْكَبَائِر يكفرهَا غير التَّوْبَة ثمَّ قَالَ وَهَذَا جهل وموافقة للمرجية فِي قَوْلهم انه لَا يضر مَعَ الْإِيمَان ذَنْب وَهُوَ مَذْهَب بَاطِلَة بِإِجْمَاع الْأمة انْتهى قَالَ القَاضِي عِيَاض مَا فِي الْأَحَادِيث من تَكْفِير الصَّغَائِر فَقَط فَهُوَ مَذْهَب أهل السّنة فَإِن الْكَبَائِر لَا يكفرهَا الا التَّوْبَة أَو رَحْمَة الله تَعَالَى فَهِيَ لَا تكفر بِعَمَل فَإِن قلت إِذا وجد بعض المكفرات فَمَا يكفر غَيره قلت جاب العلماءعن ذَلِك بَان كل وَاحِد صَالح للتكفير فَإِن وجد صغرة أَو صغائر كفرها والا كتبتب لَهُ بِهِ حَسَنَات وَرفعت لَدَيْهِ دَرَجَات قَالَ النَّوَوِيّ وان صَارَت كَبِيرَة أَو كَبَائِر رجونا أَن يُخَفف من كبائره أَي من عَذَابهَا انْتهى قَوْله [599] فَمن ثمَّ عاديت شعري أَي مَخَافَة ان لَا يصل المَاء الى جَمِيع شعري أَي عاملت مَعَ رَأْسِي مُعَاملَة المعادي مَعَ الْعَدو من الْقطع والجز فجززته أَي قطعته (مرقاة) قَوْله فَقلت مقولة أم سَلمَة وَفِي الْمُوَطَّأ فَقَالَت لَهَا عَائِشَة قَالَ القَاضِي عِيَاض وَيحْتَمل ان عَائِشَة وَأم سَلمَة كلتاهما انكرتا عَلَيْهِ فَأجَاب النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا أجابها وان كَانَ أهل الحَدِيث يَقُولُونَ الصَّحِيح هُنَا أم سَلمَة لَا عَائِشَة قَالَ بن حجر وَهُوَ جمع حسن لَا يمْتَنع حُضُور أم سَلمَة وَعَائِشَة عِنْد النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مجْلِس وَاحِد انْتهى (مرقاة)

قَوْله [603] ان تحثى ثَلَاث حثيات الْأَصَح أَن هَذَا الحكم مُخْتَصّ بِالنسَاء دون الرِّجَال قَوْله حثيات بِفَتَحَات أَي مَرَّات قَالَ بن الْملك لَيْسَ المُرَاد مِنْهُ الْحَضَر فِي ثَلَاث بل إِيصَال المَاء الى الشّعْر فَإِن وصل المَاء الى ظَاهره مر فالثلاث سنة وَإِلَّا فَالزِّيَادَة وَاجِبَة إِلَى أَن يصل المَاء 12 (مرقاة) [605] لَا يغْتَسل أحدكُم الخ هَذَا النَّهْي انما يكون فِي المَاء الْقَلِيل لِأَنَّهُ يصير مُسْتَعْملا باغتسال الْجنب (إنْجَاح) قَوْله حَدثنَا غنْدر هُوَ لقب مُحَمَّد بن جَعْفَر لِأَنَّهُ أَكثر من السوال فِي مجْلِس بن جريج فَقَالَ لَهُ مَا تُرِيدُ يَا غنْدر فَلَزِمَهُ وَيُقَال للمبرم الْملح غنْدر كَمَا فِي الْقَامُوس (إنْجَاح) قَوْله المَاء من المَاء أعلم ان الْأمة مجتمعة الان على وجوب الْغسْل بِالْجِمَاعِ وان لم يكن مَعَه إِنْزَال على وُجُوبه بالإنزال وَكَانَت جمَاعَة من الصَّحَابَة على أَنه لَا يجب الا بالإنزال ثمَّ رَجَعَ بَعضهم وانعقد الْإِجْمَاع بعد الآخرين وَفِي الْبَاب حَدِيث إِنَّمَا المَاء من المَاء مَعَ حَدِيث أبي بن كَعْب عَن رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الرجل يَأْتِي أَهله ثمَّ لَا ينزل قَالَ يغسل ذكره وَيتَوَضَّأ وَفِيه الحَدِيث الاخر إِذا جلس أحدكُم بَين شعبها الْأَرْبَع ثمَّ جهدها فقد وَجب عَلَيْهِ الْغسْل وان لم ينزل قَالَ الْعلمَاء الْعلم على هَذَا الحَدِيث وَأما حَدِيث المَاء من المَاء فالجمهور من الصَّحَابَة وَمن بعدهمْ قَالُوا انه مَنْسُوخ ويعنون بالنسخ ان الْغسْل من الْجِمَاع بِغَيْر إِنْزَال كَانَ سَاقِطا ثمَّ صَار وَاجِبا وَذهب بن عَبَّاس وَغَيره الى أَنه لَيْسَ مَنْسُوخا بل المُرَاد بِهِ نفي وجوب الْغسْل بِالرُّؤْيَةِ فِي النّوم إِذا لم ينزل وَهَذَا الحكم بَاقٍ بِلَا شكّ وَأما حَدِيث أبي بن كَعْب فَفِيهِ جوابان أَحدهمَا انه مَنْسُوخ وَالثَّانِي انه مَحْمُول على مَا إِذا بَاشَرَهَا فِيمَا سوى الْفرج (نووي) قَوْله [606] أَو اقحطت على بِنَاء الْمَجْهُول من فحوط الْمَطَر وَقد تكني عَن عدم الْإِنْزَال (إنْجَاح)

قَوْله [610] إِذا جلس الرجل بَين شعبها الْأَرْبَع ثمَّ جهدها الخ اخْتلف الْعلمَاء فِي المُرَاد بِالشعبِ الْأَرْبَع فَقيل هِيَ اليدان وَالرجلَانِ وَقيل الرّجلَانِ والفخذان وَقيل الرّجلَانِ والشفران وَاخْتَارَ القَاضِي عِيَاض شعب الْفرج الْأَرْبَع والشعب النواحي واحدتها شُعْبَة وَأما من قَالَ اشعبها فَهُوَ جمع شعب وَمعنى جهدها حضرها كَذَا قَالَه الْخطابِيّ وَقَالَ غَيره بلغ مشقتها يُقَال جهدته واجهدته بلغت مشقته قَالَ القَاضِي عِيَاض الأولى ان يكون جهد بِمَعْنى بلغ جهده فِي الْعلم فِيهَا والجهد الطَّاقَة وَهُوَ إِشَارَة الى الْحَرَكَة وَتمكن صُورَة الْعَمَل وَهُوَ نَحْو قَول من قَالَ حفرهَا أَي كدها بحركته والا فآي مشقة بلغ بهَا فِي ذَلِك وَمعنى الحَدِيث ان إِيجَاب الْغسْل لَا يتَوَقَّف على نزُول الْمَنِيّ بل مَتى غَابَتْ الْحَشَفَة فِي الْفرج وَجب الْغسْل على الرجل وَالْمَرْأَة وَهَذَا الاخلاف فِيهِ الْيَوْم وَقد كَانَ فِيهِ خلاف لبَعض الصَّحَابَة وَمن بعدهمْ ثمَّ انْعَقَد الْإِجْمَاع (نووي) قَوْله فَرَأى بللا الخ ظَاهر الحَدِيث يُوجب الِاغْتِسَال من رُؤْيَة البلل وان لم يتيقين انها المَاء الدافق وَهُوَ قَول جمَاعَة من التَّابِعين وَبِه قَالَ أَبُو حنيفَة وَأكْثر الْعلمَاء على أَنه لَا يُوجب الْغسْل حَتَّى يعلم أَنه بَلل المَاء الدافق وَاسْتَحَبُّوا الْغسْل احْتِيَاطًا وَلم يَخْتَلِفُوا فِي عدم الْوُجُوب إِذا لم ير البلل وان رأى فِي النّوم أَنه احْتَلَمَ كَذَا فِي الْمرقاة وَقَالَ التِّرْمِذِيّ إِذا اسْتَيْقَظَ الرجل فَرَأى بلة انه يغْتَسل وَهُوَ قَول سُفْيَان وَأحمد وَقَالَ بعض أهل الْعلم من التَّابِعين إِنَّمَا يجب عَلَيْهِ الْغسْل إِذا كَانَت البلة بلة نُطْفَة وَهُوَ قَول الشَّافِعِي وَإِسْحَاق وَإِذا رأى احتلاما وَلم ير بلة فَلَا غسل عَلَيْهِ عِنْد عَامَّة أهل الْعلم انْتهى قَوْله سُئِلت الخ على صِيغَة الْمَجْهُول أَي سَأَلَني النَّاس عَن صَلَاة النَّفْل فِي السّفر فتتبعت من يُخْبِرنِي عَن فعل رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَا وجدت أحد أَو يحْتَمل ان يكون بِصِيغَة الْمَعْلُوم أَي بالغت فِي السُّؤَال فَلم أجد أحد الخ المُرَاد من عَام الْفَتْح فتح مَكَّة وَاخْتلفُوا فِي هَذِه الصَّلَاة فَقَالَ بَعضهم كَانَت هَذِه الصَّلَاة شكرا لِلْفَتْحِ وَقد صادفت وَقت الضُّحَى وَقد فعلهَا سعد بن أبي وَقاص حِين فتح كنوز كسْرَى اتبَاعا لفعله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقيل كَانَت تِلْكَ صَلَاة الضُّحَى وَلَا يبعد ان يقْصد بِتِلْكَ الصَّلَاة كلا الْأَمريْنِ وَالله أعلم (إنْجَاح) قَوْله استحاض بِهَمْزَة مَضْمُومَة وَفتح التَّاء وَهَذِه الْكَلِمَة ترد على بِنَاء الْمَفْعُول يُقَال استحيضت الْمَرْأَة فَهِيَ مُسْتَحَاضَة إِذا اسْتمرّ بهَا الدَّم بعد أَيَّام حَيْضهَا ونفاسها (مرقاة) قَوْله واستدفرى أَي استثفرى بِثَوْب والاستثفار أَن تشد فرجهَا بِخرقَة عريضة بعد ان تحثي قطنا وتوثق طرفيها فِي شَيْء تشده على وَسطهَا فتمنع بذلك سيل الدَّم نِهَايَة وَصلي قَالَ الْفُقَهَاء مَا نقص عَن أقل الْحيض أَو زَاد على أَكْثَره أَو كثر النّفاس أَو على عَادَة وَقد جَاوز الْأَكْثَر وَاسْتمرّ بهَا أَو فاراته حَامِل فَهُوَ اسْتِحَاضَة وان كَانَت مُبتَدأَة فحيضها أَكثر الْمدَّة وان كَانَت مُعْتَادَة فعادتها حيض وَمَا زَاد فَهُوَ اسْتِحَاضَة وَالظَّاهِر ان هَذِه الْمَرْأَة السائلة مُعْتَادَة هَذَا عندنَا وَعند البَاقِينَ يعْمل بالتميز فِي المبتدأة ان كَانَ دَمًا اسود يحكم بِأَنَّهُ من الْحيض كَمَا جَاءَ فِي الحَدِيث عَن عُرْوَة إِذا كَانَ دم الْحيض فَإِنَّهُ دم اسود يعرف الى اخره وَعِنْدنَا لَا يعْمل بالتميز لخفائه لمعات قَوْله وَلَيْسَ بالحيضة لِأَنَّهُ يخرج من عرق فِي أقْصَى الرَّحِم ثمَّ مُجْتَمع فِيهِ ثمَّ ان كَانَ ثمَّ جَنِين تغذي بِهِ وَلم يخرج مِنْهُ وان لم تكن لَهُ جَنِين تخرج فِي أَوْقَات الصِّحَّة على مَا اسْتَقر لَهُ من الْعَادة غَالِبا وَهَذِه من عرق فِي أدناه (مرقاة) قَوْله [625] أَيَّام اقرائها جمع قرء وَهُوَ مُشْتَرك بَين الْحيض وَالطُّهْر وَالْمرَاد بِهِ هَهُنَا الْحيض للسابق واللحاق وَيُؤْخَذ مِنْهُ ان الْقُرْء حَقِيقَة فِي الْحيض كَمَا هُوَ مَذْهَبنَا خلافًا للشَّافِعِيّ (مرقاة) قَوْله فَإِذا أَقبلت الْحَيْضَة بِالْكَسْرِ اسْم للْحيض وَقيل المُرَاد بهَا الْحَالة الَّتِي كَانَت تحيض فِيهَا وَهِي تعرفها فَيكون رد الى الْعَادة وَقيل المُرَاد بهَا الَّتِي تكون للْحيض من قُوَّة الدَّم فِي اللَّوْن والقوام فَيكون رد الى التميز قَالَ الطَّيِّبِيّ اخْتلفُوا فِي التميز فَأَبُو حنيفَة منع اعْتِبَار التميز مُطلقًا وَالْبَاقُونَ عمِلُوا بالتميز فِي حق المبتدأة (مرقاة) قَوْله [627] احتشي كرسفا أَي ادخلي قطنا فِي بَاطِن الْفرج الْخَارِج ليمنع خُرُوجه الى ظَاهر الْفرج (إنْجَاح) قَوْله أَن اثج الثج السيلان أَي اصب صبا لَا يُمكن ان يمْتَنع من الْخُرُوج بالكرسف (إنْجَاح) قَوْله تلجمي وَأي شدي الْخِرْقَة على هَيْئَة اللجام وَهُوَ المُرَاد بالاستثفار كَمَا جَاءَ فِي رِوَايَة (إنْجَاح) قَوْله فِي علم الله أَي رجوعك الى تِلْكَ الْعَادة مندرج فِي مَا أعلمك على لساني أَو فِي جملَة مَا علم الله وشرعه للنَّاس (مرقاة) قَوْله أَو سَبْعَة أَيَّام لَيْسَ أَو للشَّكّ وَلَا للتَّخْيِير بل المُرَاد اعتبري مَا وَافَقَك من عادات النِّسَاء الْمُمَاثلَة لَك الْمُشَاركَة لَك فِي السن والقرابة والمسكن فَكَأَنَّهَا كَانَت مُبتَدأَة فَأمرهَا بِاعْتِبَار غَالب عادات النِّسَاء كَذَا اخْتَار الطَّيِّبِيّ فِي تَوْجِيهه وَمِنْهُم من ذهب الى أَن أَو للشَّكّ من بعض الروَاة وَإِنَّمَا يكون النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد ذكر أحد العددين اعْتِبَارا بالغالب من حَال نسَاء قَومهَا وَقَالَ التوربشتي يحْتَمل أَنَّهَا أخْبرته بعادتها قبل أَن يُصِيبهَا مَا أَصَابَهَا وَمِنْهُم من قَالَ ان ذَلِك من قَول النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقد خَيرهَا بن كل وَاحِد من العددين على سَبِيل التَّحَرِّي وَالِاجْتِهَاد وَقَوله فصلى الخ فَهَذَا أول الامرين الْمَأْمُور بهما وَثَانِي الامرين ان تغسل فِيهَا أما عِنْد كل صَلَاة فُرَادَى وَأما بِالْجمعِ بَين صَلَاتي الظّهْر وَالْعصر وصلاتي الْمغرب وَالْعشَاء وَلما كَانَ الأول من هذَيْن الصُّورَتَيْنِ اعني الِاغْتِسَال عِنْد كل صَلَاة اشق وأصعب نزل رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الى الثَّانِي اعني الْجمع بَين الصَّلَاتَيْنِ (مرقاة) قَوْله اقرصيه بالصَّاد الْمُهْملَة قَالَ فِي النِّهَايَة القرص الدَّلْك بأطراف الْأَصَابِع والاظفار مَعَ صب المَاء عَلَيْهِ حَتَّى يذهب اثره وَهُوَ ابلغ فِي غسل الدَّم من غسله بِجَمِيعِ الْيَد (زجاجة) قَوْله تنضح قَالَ فِي شمس الْعُلُوم نضح بِالْفَتْح وينضح كَذَلِك وبالكسر أَيْضا فِي النِّهَايَة النَّضْح الرش يسْتَعْمل فِي الصب شَيْئا فَشَيْئًا وَهُوَ المُرَاد هَهُنَا قَالَه الطَّيِّبِيّ وَقَالَ بن الْملك فلتمسحيه بِيَدِهَا مسحا شَدِيدا قبل الْغسْل حَتَّى ينشت ثمَّ تنضحه أَي تغسله بِمَاء بِأَن تصب عَلَيْهِ شَيْئا فَشَيْئًا حَتَّى تذْهب اثره تَحْقِيقا لإِزَالَة النَّجَاسَة قلت وَيُؤَيِّدهُ حَدِيث حكيه ثمَّ اقرصيه (مرقاة) قَوْله [631] احرورية أَنْت بِفَتْح حاء وَضم رَاء أولى أَي خارجية فانهم يوجبون قَضَاء صَلَاة الْحيض وهم طَائِفَة من الْخَوَارِج نسبوا الى حروراء بِالْمدِّ وَالْقصر وَهُوَ مَوضِع قريب من الْكُوفَة كَانَ مجمعهم وتحكيمهم فَهِيَ وهم أحد الْخَوَارِج الَّذين قَاتلهم عَليّ رَضِي الله عَنهُ وَكَانَ عِنْدهم تشدد فِي أَمر الْحيض وشبهتا لَهُم مجمع قَوْله

[635] يملك اربه قَالَ فِي النِّهَايَة أَكثر الْمُحدثين يَرْوُونَهُ بِفَتْح الْهمزَة وَالرَّاء ويعنون الْحَاجة وَبَعْضهمْ يَرْوُونَهُ بِكَسْر الْهمزَة وَسُكُون الرَّاء وَله تَأْوِيلَانِ أَحدهمَا انه الْحَاجة وَالثَّانِي ارادت بِهِ الْعُضْو وعنت بِهِ من الْأَعْضَاء الذّكر خَاصَّة (زجاجة) قَوْله ان تأتزر أَي تعقد الْإِزَار فِي وَسطهَا اتقاء عَن مَوضِع الْأَذَى وَهَذَا يدل على جَوَاز الِاسْتِمْتَاع بِمَا فَوق الْإِزَار دون مَا تَحْتَهُ وَهُوَ قَول أبي حنيفَة وَمَالك وَالشَّافِعِيّ فِي الْجَدِيد مرقاة حَدثنَا أَبُو سَلمَة يحيى بن خلف الخ هَكَذَا فِي الْأَطْرَاف عزاهُ لِابْنِ ماجة وَلَيْسَ فِيهَا طَرِيق عبد الله بن الْجراح عَن أبي الْأَحْوَص عَن عبد الْكَرِيم كَمَا فِي بعض النّسخ وَالظَّاهِر ان الَّذِي فِي بعض النّسخ اشْتِبَاه حصل من بعض النساخ بِحَدِيث بن عَبَّاس الَّاتِي فِي بَاب فِي كَفَّارَة من اتى حَائِضًا فوضعوه فِي غير مَوْضِعه وخلطوا وَالله اعْلَم وَلذَا انبهنا عَلَيْهِ ثمَّ يُبَاشِرهَا اسْتدلَّ أَبُو حنيفَة وَمَالك وَالشَّافِعِيّ بِهَذَا الحَدِيث وَقَالُوا يحرم ملامسة الْحَائِض من السُّرَّة الى الرّكْبَة وَعند أبي يُوسُف وَمُحَمّد وَفِي وَجه لأَصْحَاب الشَّافِعِي ان يحرم المجامعة فَحسب ودليلهم قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام اصنعوا كل شَيْء الا النِّكَاح كَذَا نَقله الطَّيِّبِيّ وَلَعَلَّ قَوْله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لبَيَان الرُّخْصَة وَفعله عَزِيمَة تَعْلِيما للْأمة لِأَنَّهُ أحوط فَإِن من يرتع حول الْحمى يُوشك ان يَقع فِيهِ وَيُؤَيِّدهُ مَا ورد من معَاذ بن جبل قَالَ قلت يَا رَسُول الله مَا يحل لي من امْرَأَتي وَهِي حَائِض قَالَ مَا فَوق الْإِزَار وَالتَّعَفُّف عَن ذَلِك أفضل رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيره كَذَا فِي الْمرقاة قَوْله [639] من أَتَى حَائِضًا أَي جَامعهَا أَو امْرَأَة فِي دبرهَا مُطلقًا سَوَاء كَانَت حَائِضًا أَو غَيرهَا فِي تَخْصِيص الْمَرْأَة دلَالَة على أَن اتيان الذّكر أَشد نكيرا قَوْله وكاهنا قَالَ فِي الْجمع الكاهن من يتعاطى الْخَبَر عَن كوائن مَا يسْتَقْبل وَيَدعِي معرفَة الاسرار وَمن أَتَى كَاهِنًا يشْتَمل العراف والمنجم والكاهن وَقَالَ الشَّيْخ اتكان المُرَاد الْإِتْيَان باستحلال وتصديق فالكفر مَحْمُول على ظَاهره وان كَانَ بِدُونِهَا فَهُوَ مَحْمُول على كفران النِّعْمَة أَو فِيهِ تَغْلِيظ وَتَشْديد كَذَا قَالَ الطَّيِّبِيّ وعَلى الْقَارِي قَوْله [640] يَأْتِي امْرَأَته وَهِي حَائِض الخ قَالَ الْخطابِيّ قَالَ أَكثر الْعلمَاء لَا شَيْء عَلَيْهِ ويستغفر الله وَزَعَمُوا أَن هَذَا مُرْسل أَو مَوْقُوف على بن عَبَّاس وَلَا يَصح مُتَّصِلا مَرْفُوعا ثمَّ أعلم ان وطئ الْحَائِض فِي الْفرج عمد احرام بالِاتِّفَاقِ فَلَو وطي قَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك وَالشَّافِعِيّ فِي الْجَدِيد الرَّاجِح من مذْهبه وَأحمد فِي أحدى رِوَايَته اسْتغْفر الله وَيَتُوب عَلَيْهِ وَلَا شَيْء عَلَيْهِ وَلَكِن يسْتَحبّ عِنْد الشَّافِعِي ان يتَصَدَّق بديناران وطي فِي إقبال الدَّم وبنصفه فِي ادباره (مرقاة) قَوْله [641] انْقَضى شعرك قد علم من هَذَا ان غسل الْحيض اكد وَأَشد فِي التَّنْظِيف والتطهير من غسل الْجَنَابَة لِأَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمر بِنَقْض الرَّأْس فِيهِ بِخِلَاف غسل الْجَنَابَة والمصلحة الْأُخْرَى ان غسل الْجَنَابَة أَكثر وقوعا فنقض شعر الرَّأْس فِي كل يَوْم مثلا أَكثر حرجا مِنْهُ وَقد يجوز للْحَرج مَا لَا يجوز لغيره (إنْجَاح) قَوْله [642] ان أَسمَاء أَسمَاء هَذِه لَعَلَّهَا بنت يزِيد بن السكن الْأَنْصَارِيَّة (إنْجَاح) قَوْله فرْصَة بِكَسْر الْفَاء قِطْعَة من صوف أَو قطن أَو خرقَة تمسح بهَا الْمَرْأَة من الْحيض من فرصت الشَّيْء إِذا قطعته قَوْله ممسكة أَي مطيبة بالمسك قَوْله فتطهيري بهَا أَي بالفرصة أَي استعملها فِي مَوضِع الَّذِي اصابها دم الْحيض حَتَّى تصير مطيبا أَو تزيل رَائِحَة كريهة (مرقاة) قَوْله [643] اتعرق الخ قَالَ فِي النِّهَايَة يُقَال عرقت الْعظم واعترقته وتعرقته إِذا أخذت عَنهُ اللَّحْم بأسنانك انْتهى قَالَ الْقَارِي وَهَذَا يدل على جَوَاز مواكلة الْحَائِض ومجالستها وعَلى أَن اعضاءها من الْيَد والفم وَغَيرهَا لَيست بنجسة وَمَا نسب الى أبي يُوسُف من أَن بدنهَا نجس فَغير صَحِيح (مرقاة) قَوْله [644] يَسْأَلُونَك الخ قَالَ قَول جُمْهُور الْمُفَسّرين ثمَّ الْأَذَى مَا يتَأَذَّى بِهِ الْإِنْسَان قيل سمى بذلك لِأَن لَهُ لونا كريها ورائحة مُنْتِنَة ونجاسة موذية مَانِعَة عَن الْعِبَادَة وَقَالَ الْبَغَوِيّ والخطابي التنكير فِي أَذَى للقلة أَي أَذَى يسير لَا يتَعَدَّى وَلَا يتَجَاوَز الى غير مَحَله وحريمه فتجتنب وَلَا تخرج من الْبَيْت كَفعل الْيَهُود الْمَجُوس (مرقاة) قَوْله [646] عَن شَيبَان النَّحْوِيّ هَذَا مَنْسُوب الى نحوة بطن من الازدلا الى علم النَّحْو كَذَا فِي التَّقْرِيب قَوْله انما هُوَ عرق الخ أَي دم عرق يخرج من انفجار عرق أَو افْتِتَاح فَمه وَدم الْحيض فَضله تجمع فِي الرَّحِم ثمَّ تخرج مِنْهَا قَوْله وهيب اولهما الخ روى هَذَا الحَدِيث معمر ووهيب عَن أَيُّوب لَكِن فِي رِوَايَة معمر عَن أَيُّوب عَن بن سِيرِين عَن أم عَطِيَّة وَفِي رِوَايَة وهيب عَن أَيُّوب عَن حَفْصَة عَن أم عَطِيَّة وَحَفْصَة هَذَا أُخْت بن سِيرِين فَكَانَ مُحَمَّد بن يحيى أَشَارَ الى أَن رِوَايَة أَيُّوب عَن حَفْصَة عَن أم عَطِيَّة أصح وَأولى من رِوَايَة عَن بن سِيرِين عَن أم عَطِيَّة فحاصل الْمَعْنى ان رِوَايَة وهيب أولى من معمرو لَا يبعد ان بن سِيرِين وَأُخْته حَفْصَة كليهمَا سمعا عَن أم عَطِيَّة هَذَا الْخَبَر وَأَيوب روى عَنْهُمَا (إنْجَاح) قَوْله عَن مُسِنَّة هِيَ بِضَم مِيم وَشدَّة سين مُهْملَة كَذَا فِي الْمُغنِي انجاح الْحَاجة لمولانا الْمُعظم شاه عبد الْغَنِيّ المجددي الدهلوي رَحمَه الله قَوْله [648] وَكُنَّا نطلي وُجُوهنَا بالورس وَهُوَ نبت أَصْغَر من الكلف قَالَ صَاحب الْمجمع الكلف لون بَين سَواد وَحُمرَة وكدرة تعلو الْوَجْه وَمِنْه كُنَّا نطلي وُجُوهنَا بالورس من الكلف انْتهى قَوْله

[649] وَأَظنهُ هُوَ أَبُو الْأَحْوَص واسْمه أَبُو الْأَحْوَص الْحَنَفِيّ الْكُوفِي هُوَ سَلام بن سليم كَذَا فِي التَّقْرِيب لاسلام بن سلم بل لم يذكرهُ صَاحب التَّقْرِيب أصلا فَلَا يكون فِي رُوَاة هَذِه الْكتب من اسْمه سَلام بن سَلمَة انجاح الْحَاجة لمولانا الْمُعظم الشَّيْخ عبد الْغَنِيّ المجددي الدهلوي رَحمَه الله تَعَالَى [654] فاختبأت مولاة لَهَا الاختباء الاختفاء والتستر وَامْرَأَة خباءة كهمزة لَازِمَة بَيتهَا كَذَا فِي الْقَامُوس والمولاة الْمُعتقَة بِفَتْح التَّاء واختباؤها كَانَ بِسَبَب الْبلُوغ فَإِن التستر وَاجِب عَلَيْهَا عِنْد الْبلُوغ وَلذَا شقّ لَهَا النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من عمَامَته لتستر بهَا وتختمرها (إنْجَاح) قَوْله [655] لَا يقبل الله صَلَاة حَائِض الخ قَالَ فِي النِّهَايَة الَّتِي بلغت من الْمَحِيض وَجرى عَلَيْهَا الْقَلَم وَلم يرو فِي أَيَّام حَيْضهَا لِأَن الْحَائِض لَا صَلَاة عَلَيْهَا مِصْبَاح الزجاجة للسيوطي قَوْله [656] فَلم يكن بنهانا عَنهُ يَعْنِي ان هَذَا الخضاب لَيْسَ من قبيل تَغْيِير خلق الله والا لنهانا النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنهُ بل من بَاب حفظ خلق الله عَن الْعُيُوب والاختضاب عَم من ان يكون للشعر أَو لِلْيَدَيْنِ أَو الرجلَيْن بِالْحِنَّاءِ وَهِي السّنة الفارقة بَين الرجل وَالْمَرْأَة وَتَركه للْمَرْأَة مَكْرُوه كَمَا جَاءَ فِي الحَدِيث أَن النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انكر فِي الْمُبَايعَة على امْرَأَة لم تخضبه بِالْحِنَّاءِ قَالَ لَا أَدْرِي ايد رجل أم وامراة وَقَالَ لَو كنت امْرَأَة لغيرت اظفارك يَعْنِي بِالْحِنَّاءِ الحَدِيث فِي المشكاوة بِرِوَايَة أبي دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَقد قَالَ فقهاؤنا يجوز للحائض وَالْجنب ان تختضب ثمَّ تَغْتَسِل (إنْجَاح) قَوْله [657] انْكَسَرت إِحْدَى زندي هِيَ تَثْنِيَة زند مُضَافَة الى يَاء الْمُتَكَلّم وَهِي موصل طرف الذِّرَاع فِي الْكَفّ وهما زندان كَذَا فِي الْقَامُوس (إنْجَاح) قَوْله [659] فمج فِيهِ المج الصب مج لُعَابهَا إِذا قَذفهَا وَقيل لَا يكون مجا حَتَّى تبَاعد كَذَا فِي الْمجمع والمج فِي الْإِنَاء مِنْهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَبت كثيرا وَالصَّحَابَة كَانُوا يتبركون وَقد مج فِي بعض الابار فعذب ماءها بعد ان كَانَ مالحا وَأما غَيره صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَا يسع لَهُ أَن يفعل ذَلِك لِأَن فِيهِ ايذاء الْمُسلمين لكَرَاهَة الطبعية ذَلِك وَقد نهى عَن التنفس فِي الْإِنَاء لاحْتِمَال خُرُوج اللعاب والبزاق وَأما إِذا كَانَ الرجل لَا يتحرج النَّاس بمجد بل يتبركون ويستشفون بِهِ فَلَا بَأْس لعدم عِلّة النَّهْي وَالله أعلم (إنْجَاح الْحَاجة) قَوْله

[662] مَا رَأَيْت فرج رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقُول لَيْسَ هَذَا مطردا فِي سَائِر أَزوَاجه والا لَكَانَ ذَلِك مَمْنُوعًا عَلَيْهِنَّ فقد أخرج بن سعد ولطبراني من طَرِيق سعد بن مَسْعُود وَعمارَة بن غراب الْيحصبِي ان عُثْمَان بن مَظْعُون قَالَ يَا رَسُول الله اني لَا احب ان ترى امْرَأَتي عورتي فَقَالَ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ان الله تَعَالَى جعلهَا لَك لباسا وجعلك لَهَا لباسا واهلي يرَوْنَ عورتي وَأَنا أرى ذَلِك (زجاجة) قَوْله فَرَأى لمْعَة وَهِي بِالضَّمِّ قِطْعَة من النبت أخذت باليبس جمعهَا ككتاب وَالْجَمَاعَة من النَّاس والموضع لَا يُصِيبهُ المَاء فِي الْوضُوء وَالْغسْل كَذَا فِي الْقَامُوس فَقَالَ بجمته أَي اخذ بِشعر رَأسه فبلها عَلَيْهِ أَي عصر ماءها على الْموضع الَّذِي بَقِي يَابسا (إنْجَاح) قَوْله فَأمره أَن يُعِيد الْوضُوء وَالصَّلَاة هَذَا الحَدِيث معَارض لما سبق فِي الْبَاب السَّابِق عَن عَليّ رض قَالَ جَاءَ رجل الى النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ إِنِّي اغْتَسَلت من الْجَنَابَة الخ أَي قَوْله لَو كنت مسحت بِيَدِك لأجزاك فَالْأَمْر بِإِعَادَة الْوضُوء وَالصَّلَاة لَا يكون الا للتهديد كَمَا أَمر النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِإِعَادَة الْوضُوء لرجل يُصَلِّي وَهُوَ مسيل إزَاره وَلَا خلاف فِي أَن اسبال الْإِزَار لَيْسَ ناقضا للْوُضُوء فَأمره بِهِ للتهديد لكفارة الذَّنب الَّذِي أصَاب من اسبال إزَاره فَإِن الْوضُوء يكفر السَّيِّئَات وَفِي الدّرّ بَيَان سنَن الْوضُوء وَالْوَلَاء بِكَسْر الْوَاو غسل الْمُتَأَخر أَو مَسحه قبل جفاف الأول بِلَا عذر حَتَّى لَو فني مَاءَهُ فَمضى لطلبه لَا بَأْس بِهِ مثل الْغسْل وَالتَّيَمُّم وَعند مَالك فرض انْتهى عبَادَة الدّرّ 12 إنْجَاح الْحَاجة لمولانا عبد الْغَنِيّ [667] غَابَ الشَّفق وَهُوَ الْحمرَة عِنْد الْأَئِمَّة الثَّلَاثَة أَي مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد وَبِه قَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد غير أبي حنيفَة فَإِن اشهر الرِّوَايَة عَنهُ ان الشَّفق هُوَ الْبيَاض قَالَ فِي الدّرّ الشَّفق وَهُوَ الْحمرَة عِنْدهمَا وَبِه قَالَت الثَّلَاثَة واليه رَجَعَ الامام كَمَا هُوَ فِي شُرُوح الْمجمع وَغَيره فَكَانَ هُوَ الْمَذْهَب قَالَ صدر الشَّرِيعَة وَبِه يُفْتى وَفِي الْمَوَاهِب وَعَلَيْهَا الْفَتْوَى ورجحها فِي الشَّرْح أَي الْبُرْهَان قَالَ وَهُوَ مَرْوِيّ عَن عمر وَعلي وَابْن عَبَّاس وَعبادَة بن الصَّامِت وَشَدَّاد بن أَوْس وَأبي هُرَيْرَة وَعَلِيهِ اطباق أهل اللِّسَان انْتهى لَكِن قَالَ بن الْهمام لَا تساعده رِوَايَة وَلَا دراية وَكَذَا نقل عَنهُ الْحلَبِي فِي شرح الْمنية وَقَالَ الْعَيْنِيّ وَقَالَ عمر بن عبد الْعَزِيز وَابْن الْمُبَارك وَالْأَوْزَاعِيّ فِي رِوَايَة وَمَالك فِي رِوَايَة وَزفر بن الْهُذيْل وَأَبُو ثَوْر والمبرد وَالْفراء لَا يخرج حَتَّى يغيب الشَّفق الْأَبْيَض وروى ذَلِك عَن أبي بكر الصّديق وَعَائِشَة وَأبي هُرَيْرَة ومعاذ بن جبل وَأبي بن كَعْب وَعبد الله بن الزبير واليه ذهب أَبُو حنيفَة انْتهى لقَوْله عَلَيْهِ السَّلَام وَآخر وَقت الْمغرب إِذا اسود الْأُفق وَاخْتَارَهُ الثَّعْلَب كَذَا فِي الْبُرْهَان وَقَالَ الطَّحَاوِيّ مَا حَاصله انهم اجْمَعُوا ان الْحمرَة الَّتِي قبل الْبيَاض من وَقتهَا وَأما اخْتلَافهمْ فِي الْبيَاض الَّذِي بعْدهَا فَقَالَ بَعضهم حكمه حكم الْحمرَة وَقَالَ آخَرُونَ حكمه خلاف حكم الْحمرَة فَنَظَرْنَا فِي ذَلِك فَرَأَيْنَا الْفجْر فَوَجَدنَا الْجَمْرَة وَالْبَيَاض وقتا لصَلَاة وَاحِدَة فالنظر على ذَلِك ان يكون الْبيَاض والحمرة فِي الْمغرب أَيْضا وقتا لصَلَاة وَاحِدَة انْتهى وَلَا يخفى ان الِاحْتِيَاط فِي تَأْخِير الْعشَاء أولى قَوْله اخرها فَوق الَّذِي كَانَ أَي اخر الْعَصْر من الْغَد فَوق التَّأْخِير الَّذِي كَانَ اخرها بالْأَمْس (إنْجَاح) قَوْله وَقت صَلَاتكُمْ بَين مَا رَأَيْتُمْ هَذَا خطاب للسَّائِل وَغَيره وَتَقْدِيره وَقت صَلَاتكُمْ فِي الطَّرفَيْنِ الَّذين صليت فيهمَا وَفِيمَا بَينهمَا وَترك ذكر الطَّرفَيْنِ لحُصُول علمهما بِالْفِعْلِ أَو يكون المُرَاد مَا بَين الْإِحْرَام بِالْأولَى وَالسَّلَام من الثَّانِيَة وَاقْتصر صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على بَيَان وَقت الِاخْتِيَار وَلم يستوعب وَقت الْجَوَاز وَهَذَا جَاءَ فِي كل الصَّلَوَات سوى الظّهْر كَذَا قَالَه النَّوَوِيّ (فَخر) قَوْله [668] انه كَانَ قَاعِدا على مياثر جمع ميثرة هُوَ بِكَسْر مِيم وَسُكُون همزَة وطاء من حَرِير أَو صوف أَو غَيره وَقيل اغشية للسرج وَقيل أَنَّهَا جُلُود السبَاع وَهُوَ بَاطِل كَذَا فِي الْمجمع أَي كَانَ عمر بن عبد الْعَزِيز قَاعِدا عَلَيْهَا (إنْجَاح) قَوْله فَقَالَ لَهُ عُرْوَة الخ يحْتَمل ان عمر بن عبد الْعَزِيز أخر الْعَصْر عَن وَقت الِاخْتِيَار وَهُوَ مصير ظلّ كل شَيْء مثلَيْهِ فَأنْكر عَلَيْهِ عُرْوَة وَاسْتدلَّ بِالْحَدِيثِ كَذَا سمعته استاذي (فَخر) قَوْله عَن عبد الله عَن الْأَعْمَش هَكَذَا وجدنَا هَذِه الْعبارَة فِي النسختين بِلَا وَاو الْعَطف فِي قَوْله عَن الْأَعْمَش وَفِي نُسْخَة وَالْأَعْمَش عَن أبي صَالح وَالْمعْنَى لَا يَسْتَقِيم الا بواو الْعَطف فَإِن الظَّاهِر ان الْأَعْمَش روى عَن إِبْرَاهِيم عَن عبد الله وَأَيْضًا عَن أبي صَالح عَن أبي هُرَيْرَة وَيُؤَيِّدهُ رِوَايَة التِّرْمِذِيّ فَإِنَّهُ روى عَن عبيد بن أَسْبَاط عَن أَبِيه عَن الْأَعْمَش عَن أبي صَالح عَن أبي هُرَيْرَة (إنْجَاح) قَوْله [672] أَصْبحُوا بالصبح وَفِي رِوَايَة التِّرْمِذِيّ اسفروا بِالْفَجْرِ قَالَ التِّرْمِذِيّ وَقَالَ الشَّافِعِي وَأحمد وَإِسْحَاق معنى الْأَسْفَار أَن يَصح الْفجْر فَلَا يشك فِيهِ وَلم يرد أَن معنى الْأَسْفَار تَأْخِير الصَّلَاة قَالَ بن الْهمام تَأْوِيل الْأَسْفَار بتبيين الْفجْر حَتَّى لَا يكون شكّ فِي طلوعه لَيْسَ بِشَيْء إِذا لم يتَبَيَّن لم يحكم بِصِحَّة الصَّلَاة فضلا عَن إِصَابَة الْأجر على أَن فِي بعض الرِّوَايَات مَا يَنْفِيه اسفروا بِالْفَجْرِ كلما اسفرتم فَهُوَ أعظم للاجر أَو قَالَ لاجوركم وروى الطَّحَاوِيّ بِسَنَدِهِ عَن إِبْرَاهِيم قَالَ مَا اجْتمع أَصْحَاب رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على شَيْء كَمَا اجْتَمعُوا على التَّنْوِير وَهَذَا إِسْنَاد صَحِيح وَلَا يجوز اجْتِمَاعهم على خلاف مَا فارقهم رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيلْزم كَونه لَعَلَّهُم بنسخ التغليس الْمَرْوِيّ من حَدِيث عَائِشَة كَانَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي الصُّبْح الحَدِيث وَحَدِيث بن مَسْعُود رَضِي فِي الصَّحِيحَيْنِ ظَاهر فِيمَا ذَهَبْنَا إِلَيْهِ وَهُوَ مَا رَأَيْت رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلى صَلَاة الا لميقاتها الا صَلَاتَيْنِ صَلَاة الْمغرب وَالْعشَاء بِجمع وَصلى الْفجْر يَوْمئِذٍ قبل ميقاتها مَعَ أَنه كَانَ بعد الْفجْر كَمَا يفِيدهُ لفظ البُخَارِيّ وَصلى الْفجْر حِين بزغ الْفجْر فَعلم ان المُرَاد قبل ميقاتها الَّذِي اعْتَادَ الْأَدَاء فِيهِ انْتهى قَوْله [675] فَلم يشكنا قَالَ فِي النِّهَايَة أَي شكوا اليه حر الشَّمْس وَمَا يُصِيب اقدامهم إِذا خَرجُوا الى الظّهْر وسالوه تَأْخِيرهَا فَلم يشكهم أَي فَلم يجبهم اليه وَلم يزل شكواهم من اشكيته إِذا ازلت شكواه وَإِذا حَملته على الشكوى وَالْفُقَهَاء يذكرُونَهُ فِي السُّجُود فَإِنَّهُم كَانُوا يضعون أَطْرَاف ثِيَابهمْ تَحت جباههم فِي السُّجُود من شدَّة الْحر فنهوا عَنهُ وَلما شكوا اليه لم يصلح لَهُم السَّجْدَة على طرف الثَّوْب (زجاجة) قَوْله

[684] مَلأ الله الخ دُعَاء عَلَيْهِم واخراجه فِي صُورَة الْخَبَر تَأْكِيدًا واشعارا بِأَنَّهُ من الدَّعْوَات المجابة سَرِيعا وَقَوله بُيُوتهم وقبورهم نَارا قَالَ الطَّيِّبِيّ أَي جعل الله النَّار مُلَازمَة لَهُم فِي الْحَيَّات وَالْمَمَات وعذبهم فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة باشتغال قُبُورهم نَارا (مرقاة) قَوْله شغلونا أَي باشتغالنا بِحَفر الخَنْدَق أَو بِالْقِتَالِ وَكَانَ ذَلِك قبل نزُول صَلَاة الْخَوْف (مرقاة) [686] عَن صَلَاة الْوُسْطَى أَي من فعل الصَّلَاة الْوُسْطَى قَالَ بن حجر هِيَ عِنْد الْكُوفِيّين من إِضَافَة الْمَوْصُوف الى الصّفة والبصريون يقدرُونَ محذوفا وَالْمرَاد بِالصَّلَاةِ الْوُسْطَى صَلَاة الْعَصْر كَمَا جَاءَ مُصَرحًا وَهُوَ مَذْهَب أَكثر الصَّحَابَة قَالَ بن الْملك وَقَالَ النَّوَوِيّ فِي مَجْمُوعه الَّذِي يَقْتَضِيهِ الْأَحَادِيث الصَّحِيحَة انها الْعَصْر وَهُوَ الْمُخْتَار وَقَالَ الْمَاوَرْدِيّ نَص الشَّافِعِي أَنَّهَا الصُّبْح وَصحت الْأَحَادِيث أَنَّهَا الْعَصْر فَكَانَ هَذَا هُوَ مذْهبه لقَوْله إِذا صَحَّ الحَدِيث فَهُوَ مذهبي وَقَالَ الطَّيِّبِيّ وَهَذَا مَذْهَب كثير من الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ واليه ذهب أَبُو حنيفَة وَأحمد وَدَاوُد الحَدِيث نَص فِيهِ وَقيل الصُّبْح وَعَلِيهِ بعض الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ وَهُوَ الْمَشْهُور من مَذْهَب مَالك وَالشَّافِعِيّ وَقيل الظّهْر وَقيل الْمغرب وَقيل الْعشَاء وَقيل أخفا الله تَعَالَى فِي الصَّلَاة كليلة الْقدر وَسَاعَة الْإِجَابَة فِي الْجُمُعَة انْتهى وَقيل صَلَاة الضُّحَى أَو التَّهَجُّد والاوابين أَو الْجُمُعَة أَو الْعِيد أَو الْجِنَازَة قَوْله فَكَأَنَّمَا وتر أَهله وَمَاله بنصبهما ورفعهما أَي سلب وَأخذ أَي فَكَأَنَّمَا فقدهما بِالْكُلِّيَّةِ أَو نقصهما قَالَ السَّيِّد روى بِالنّصب على أَنه مفعول لوتر وَالضَّمِير فِي وتر مفعلول مَا لم يسم فَاعله وَهُوَ عَائِد الى الَّذِي تفوته فَالْمَعْنى اصيب بأَهْله وَمَاله وَمثله قَوْله تَعَالَى وَلنْ يتركم أَعمالكُم وروى بِالرَّفْع على أَن وتر بِمَعْنى أَخذ فَيكون أَهله وَمَاله هُوَ الْمَفْعُول الَّذِي لم يسم فَاعله وَفِي الْفَائِق أَي خرب أَهله وَمَاله وسلب فَبَقيَ وترا فَرد بِلَا أهل وَمَال وخصت بِالذكر لكَونهَا الْوُسْطَى وَلكَون وَقت الِاشْتِغَال بِالْبيعِ وَالشِّرَاء قَوْله [687] إِلَى مواقع نبله بِفَتْح النُّون وَسُكُون الْمُوَحدَة أَي مساقط سَهْمه قَالَ الطَّيِّبِيّ يَعْنِي يُصَلِّي الْمغرب فِي أول الْوَقْت بِحَيْثُ لَو رمى سهم يرى أَيْن سقط قلت فَلَا خلاف فِي اسْتِحْبَاب تَعْجِيل الْمغرب عِنْد الْفُقَهَاء مرقاة وزجاجة قَوْله [688] إِذا تَوَارَتْ بالحجاب وَفِي رِوَايَة إِذا وَجَبت أَي سَقَطت الشَّمْس فِي الْفَائِق أصل الْوُجُوب السُّقُوط قَالَ تَعَالَى فَإِذا وَجَبت جنوبها وَالْمرَاد بسقوطها غيبوبتها جَمِيعًا كَذَا فِي الْمرقاة وَقَالَ فِي النِّهَايَة الْحجاب هَهُنَا الْأُفق يُرِيد حِين غَابَتْ الشَّمْس بالافق واستترت بِهِ كَذَا فِي الزجاجة قَوْله [689] حَتَّى تشتبك النُّجُوم أَي تظهر جَمِيعهَا وتختلط بَعْضهَا بِبَعْض وَهَذَا يدل على ان لَا كَرَاهَة بِمُجَرَّد الطُّلُوع وَفِي شرح السّنة اخْتَار أهل الْعلم من الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ وَمن بعدهمْ بتعجيل الْمغرب انْتهى وَمَا وَقع من تَأْخِيره صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَحَادِيث صَحِيحَة فَمَحْمُول على بَيَان الْجَوَاز (مرقاة) قَوْله [691] الى ثلث اللَّيْل أَي فِي الصَّيف أَو نصف اللَّيْل أَي فِي الشتَاء وَيحْتَمل التنويع وَهُوَ الْأَظْهر وَيحْتَمل الشَّك من الرَّاوِي (مرقاة) قَوْله [692] مَا انتظرتم لِأَن الْمَقْصُود من الصَّلَاة ذكر الله تَعَالَى اخْتلفُوا فِي أَفضَلِيَّة تَعْجِيل الْعشَاء وتأخيرها فَمن فضل التَّأْخِير احْتج بِهَذِهِ الْأَحَادِيث وَمن فضل التَّقْدِيم احْتج بِأَن الْعَادة الْغَالِبَة لرَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَقْدِيمهَا وَإِنَّمَا أَخّرهَا فِي أَوْقَات يسيرَة لبَيَان الْجَوَاز والعذر قلت فِي الِاحْتِجَاج الثَّانِي نظر ظَاهره لِأَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَص على الْعذر للْعَمَل بِالْعَادَةِ الْغَالِبَة فَلَا معنى لبَيَان الْجَوَاز والعذر (مرقاة) قَوْله [694] حَبط عمله أَي بَطل كَمَال عمل يَوْمه ذَلِك وَإِذا لم يثبت ثَوابًا موفرا بترك الصَّلَاة الْوُسْطَى فتعبيره بالحبوط وَهُوَ الْبطلَان للتهديد وَالتَّشْدِيد وَالْمرَاد الْمُبَالغَة فِي نُقْصَان الثَّوَاب إِذْ حَقِيقَة الحبط إِنَّمَا هُوَ بِالرّدَّةِ إِذا مَاتَ على ذَلِك لقَوْله تَعَالَى وَمن يرتدد مِنْكُم عَن دينه فيمت وَهُوَ كَافِر فَأُولَئِك حبطت أَعْمَالهم فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة فَيحمل الحبوط على نُقْصَان عمله فِي يَوْمه لَا سِيمَا فِي الْوَقْت الَّذِي يقرب أَن يرفع أَعمال الْعباد الى الله تَعَالَى وَقيل المُرَاد بِالْعَمَلِ عمل الدُّنْيَا الَّذِي بِسَبَب الِاشْتِغَال بترك الصَّلَاة أَي لَا يسْتَمْتع بِهِ قَوْله يُصليهَا قد اخْتلف أهل الْعلم فِي الرجل ينَام عَن الصَّلَاة أَو ينساها إِذا اسْتَيْقَظَ وَيذكر وَهُوَ فِي غير وَقت الصَّلَاة عِنْد طُلُوع الشَّمْس أَو غُرُوبهَا فَقَالَ بَعضهم يُصَلِّي وان كَانَ عِنْد طُلُوع الشَّمْس أَو غُرُوبهَا وَهُوَ قَول أَحْمد وَقَالَ بَعضهم لَا يُصَلِّي حَتَّى تطلع الشَّمْس أَو تغرب وَبِه قَالَت الْحَنَفِيَّة لما رَوَاهُ البُخَارِيّ عَن بن عمر رض قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذا طلع حَاجِب الشَّمْس فأخروا الصَّلَاة حَتَّى ترْتَفع وَإِذا غَابَ حَاجِب الشَّمْس فاخروها حَتَّى تغيب قَوْله شَيْئا وَفِي بعض الرِّوَايَات يسير أَي زَمَانا يَسِيرا أَو اقتيادا قَلِيلا وَلم يقْض الصَّلَاة فِي ذَلِك الْمَكَان لِأَنَّهُ مَوضِع غلب عَلَيْهِم الشَّيْطَان أَو لِأَن بِهِ شَيْطَانا كَمَا فِي رِوَايَة تحولوا بِنَا عَن هَذَا الْوَادي فَإِن بِهِ شَيْطَانا وَقيل آخر ليخرج وَقت الْكَرَاهَة وَبِه قَالَ أَبُو حنيفَة وَمن جوز قَضَاء الْفَائِتَة فِي الْوَقْت الْمنْهِي قَالَ أَرَادَ أَن يتَحَوَّل عَن الْمَكَان الَّذِي اصابتهم فِيهِ هَذِه الْغَفْلَة وَقد ورد أَنه عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ تحولوا عَن مَكَانكُمْ الَّذِي اصابكم فِيهِ هَذِه الْغَفْلَة كَذَا ذكره بن الْملك (مرقاة) قَوْله أقِم الصَّلَاة لذكري اللَّام فِيهِ للْوَقْت أَي أقِم الصَّلَاة لذكرها يَعْنِي وَقت ذكرهَا لِأَنَّهُ إِذا ذكرهَا ذكر الله يَعْنِي أقِم الصَّلَاة إِذا ذكرتنا أَو يقدر الْمُضَاف أَي لذكر صَلَاتي أَو وضع ضمير الله مَوضِع ضمير الصَّلَاة لشرفها وخصوصيتها وَقُرِئَ للذِّكْرَى (مرقاة) قَوْله

[698] لَيْسَ فِي النّوم تَفْرِيط أَي تَقْصِير ينْسب الى النَّائِم فِي تَأْخِير الصَّلَاة أعلم ان هَذِه الْقِصَّة وَقع مرَّتَيْنِ بِلَا ارتياب الْمرة الأولى فِي وقْعَة خَيْبَر وَالثَّانِي فِي غَزْوَة تَبُوك وَقد أخرج مُسلم قصَّة غَزْوَة تَبُوك مفصلا وَفِي حَدِيثه من المعجزات والفوائد الجمة وَيفهم من بعض الْأَحَادِيث أَنَّهَا وَقعت ثَلَاث مرار فَلَو كَانَت ثَلَاث مرار لَا حَاجَة الى التطبيق وان كَانَت مرَّتَيْنِ فَيحصل التطبيق بالتعسر وَأما إِذا كَانَت مرّة وَاحِدَة فَلَا يحصل التطبيق أصلا لِأَن اخْتِلَاف متون الْأَحَادِيث كَثِيرَة جدا وَالله أعلم بِحَقِيقَة الْحَال [699] من أدْرك من الصُّبْح الخ قَالَ النَّوَوِيّ قَالَ أَبُو حنيفَة يبطل صَلَاة الصُّبْح بِطُلُوع الشَّمْس والْحَدِيث حجَّة عَلَيْهِ وَجَوَابه مَا ذكر صدر الشَّرِيعَة ان الْمَذْكُور فِي كتب أصُول الْفِقْه ان الْجُزْء الْمُقَارن للاداء سَبَب لوُجُوب الصَّلَاة واخر وَقت الْعَصْر وَقت نَاقص إِذْ هُوَ وَقت عبَادَة الشَّمْس فَوَجَبَ نَاقِصا فَإِذا اداه اداه كَمَا وَجب فَإِذا اعْترض الْفساد بالغروب لَا تفْسد وَالْفَجْر كل وقته وَقت كَامِل لِأَن الشَّمْس لَا تعبد قبل طُلُوعهَا فَوَجَبَ كَامِلا فَإِذا اعْترض الْفساد تفْسد لِأَنَّهُ لم يودها كَمَا وَجب فَإِن قيل هَذَا تَعْلِيل فِي مَوضِع النَّص قُلْنَا لما وَقع التَّعَارُض بَين هَذَا الحَدِيث وَبَين النَّهْي الْوَارِد عَن الصَّلَاة فِي الْأَوْقَات الثَّلَاثَة رَجعْنَا الى الْقيَاس كَمَا هُوَ حكم التَّعَارُض وَالْقِيَاس رجح هَذَا الحَدِيث فِي صَلَاة الْعَصْر وَحَدِيث النَّهْي فِي صَلَاة الْفجْر وَأما سَائِر الصَّلَوَات فَلَا يجوز فِي الْأَوْقَات الثَّلَاثَة بِحَدِيث النَّهْي الْوَارِد إِذْ لَا معَارض لحَدِيث النَّهْي فِيهَا (مرقاة) قَوْله لَا سمر بعْدهَا هَذَا على سَبِيل الْغَالِب وَأما أَحْيَانًا فَكَانَ يسمر لبَعض حوائج الْمُسلمين مَعَ أبي بكر وَعمر كَمَا فِي رِوَايَة التِّرْمِذِيّ وَعلة الْمَنْع ان السمر أَوَائِل اللَّيْل يمْنَع الرجل من صَلَاة التَّهَجُّد لِأَن الْإِنْسَان رُبمَا يتَكَلَّم مَلِيًّا فَيمْنَع عَن صَلَاة اللَّيْل بِغَلَبَة النّوم وَأَيْضًا ان هَذَا الْوَقْت تَخْلُو عَن الشواغل فَكَانَ الاهتمام بِذكر الله أولى قَوْله [704] لَا تغلبنكم الخ قَالَ الطَّيِّبِيّ يُقَال غَلبه على كَذَا غصبه مِنْهُ وَفِي الاساس غلبته على الشَّيْء اخذته مِنْهُ وَالْمعْنَى لَا تتعرضوا لما هُوَ من عَادَتهم من تسميتهم الْعشَاء بالعتمة فيغصب مِنْكُم الاعراب الْعشَاء الَّتِي سَمَّاهَا الله تَعَالَى بهَا فتبدلوا بهَا الْعَتَمَة فالنهي على الظَّاهِر للاعراب وعَلى الْحَقِيقَة لَهُم وَقَالَ التوربشتي الاعراب يحلبون الْإِبِل بعد غيبوبة الشَّفق ويسمون ذَلِك الْوَقْت الْعَتَمَة وَكَانَ ذَلِك فِي اللُّغَة الْعَرَبيَّة فَلَمَّا جَاءَ الْإِسْلَام وتمهدت قَوَاعِده وَأكْثر الْمُسلمُونَ أَن يَقُولُوا صَلَاة الْعَتَمَة بدل صَلَاة الْعشَاء قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تغلبنكم الاعراب أَي لَا تطلقوا هَذَا الِاسْم على مَا هُوَ تداول بَينهم فيغلب مصطلحهم على الِاسْم الَّذِي جِئتُكُمْ بِهِ من عِنْد الله تَعَالَى كَذَا فِي الزجاجة وَأما مَا جَاءَ فِي الحَدِيث إِطْلَاق الْعَتَمَة على الْعشَاء فَقيل ذَلِك كَانَ قبل نزُول الْآيَة الَّتِي فِيهَا ذكر صَلَاة الْعشَاء أَو كَانَ فِي صدر الْإِسْلَام جَائِز ثمَّ مَنعهم لِئَلَّا يغلب لِسَان الْجَاهِلِيَّة وَقَالَ النَّوَوِيّ ان اسْتِعْمَال الْعَتَمَة لبَيَان الْجَوَاز وَالنَّهْي للتنزيه اوانه خُوطِبَ بالعتمة من لَا يعرف الْعشَاء لِأَنَّهَا أشهر عِنْد الْعَرَب من الْعشَاء وَإِنَّمَا كَانُوا يطلقون الْعشَاء على الْمغرب (فَخر) قَوْله بَدْء الْأَذَان وَهُوَ فِي اللُّغَة الاعلام وَفِي الشَّرْع اعلام بِدُخُول وَقت الصَّلَاة بِذكر مَخْصُوص وَهُوَ مَشْرُوع للصلوات الْخمس بِالْإِجْمَاع وَالْمَشْهُور ان شرعيته فِي السّنة الأولى من الْهِجْرَة وَقيل فِي الثَّانِيَة ثمَّ الْمَشْهُور انه ثَبت برؤيا عبد الله بن زيد ورؤية عمر بن الْخطاب وَقد وَقع فِي الْأَوْسَط للطبراني ان أَبَا بكر رأى أَيْضا الْأَذَان وَفِي الْوَسِيط للغزالي أَنه رَوَاهُ بضعَة عشر رجلا وَصرح بَعضهم بأَرْبعَة عشر وَقَالَ بن حجر لَا يثبت شَيْء من ذَلِك الا لعبد الله بن زيد وقصة عمر جَاءَ فِي بعض الطّرق وَالصَّحِيح أَنه ثَبت إِذا اوحى اليه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعد رُؤْيا عبد الله بن زيد وَقد وَقع فِيمَا رَوَاهُ عبد الرَّزَّاق وَأَبُو دَاوُد فِي الْمَرَاسِيل من طَرِيق عبيد بن عمر اللَّيْثِيّ أحد كبار التَّابِعين أَن عمر لما رأى الْأَذَان جَاءَ يخبر النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد سَبَقَك بذلك الْوَحْي وَهَذَا أصح لمعات قَوْله [706] فَأكْرم بِهِ هُوَ فعل التَّعَجُّب فَمَعْنَاه مَا أعجب هَذِه الْكَرَامَة حَيْثُ أَتَى بِهِ ملك من جَانب الله تَعَالَى لَدَى أَي عِنْدِي بشيرا بالبشارة الْعَظِيمَة حَيْثُ عمل بِهِ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والمؤمنون من بعده ذَلِك فَكَانَ عبد الله بن زيد بن عبد ربه سَبَب الاستنان هَذَا الْعَمَل وَفِي الحَدِيث من سنّ سنة حَسَنَة فَلهُ اجرها وَأجر من عمل بهَا فَأَي بِشَارَة أفضل من ذَلِك فِي لَيَال والى بِهن أَي تتَابع بِهن فَكَانَ رَأْي هَذِه الرُّؤْيَا ثَلَاث لَيَال متواليا وَثَلَاث بدل من الضَّمِير أَو من لَيَال وَبَقِيَّة الْبَيْت ظَاهِرَة (إنْجَاح الْحَاجة) قَوْله [707] وَزَاد بِلَال الخ وَسبب زِيَادَته مَا سَيَجِيءُ قَرِيبا ان بِلَالًا اتى النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُؤذنهُ لصَلَاة الْفجْر فَقيل هُوَ نَائِم فَقَالَ اصلاة خير من النّوم وَفِي رِوَايَة النَّسَائِيّ من حَدِيث أبي مَحْذُورَة كنت أَقُول فِي اذان الْفجْر الأول حَيّ على الْفَلاح الصَّلَاة خير من النّوم وَفِي بعض الرِّوَايَات ان عمر رض زَاد هَذَا اللَّفْظ فَلَعَلَّهُ كَانَ فِي زَمَنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثمَّ ترك ثمَّ عمر رض أَمر بذلك (إنْجَاح الْحَاجة) قَوْله

باب الترجيع

بَاب الترجيع هُوَ اعادة الشَّهَادَتَيْنِ بِصَوْت عَال بعد ذكرهمَا بخفض الصَّوْت قَالَ بن الْملك الترجيع فِي الشَّهَادَتَيْنِ سنة عِنْد الشَّافِعِي بِهَذَا الحَدِيث وَعند أبي حنيفَة لَيْسَ بِسنة لِاتِّفَاق الرِّوَايَات على ان لَا تَرْجِيع فِي اذان بِلَال وَابْن أم مَكْتُوم الى ان توفيا وأولنا الحَدِيث بِأَن تَعْلِيمه عَلَيْهِ السَّلَام أَبَا مَحْذُورَة الْأَذَان عقيب إِسْلَامه فَأَعَادَ عَلَيْهِ السَّلَام كلمة الشَّهَادَة وكررها ليثبت فِي قلبه فَظن أَبُو مَحْذُورَة انه من الْأَذَان انْتهى ذكره على القارى فِي الْمرقاة [708] فِي حجر أبي مَحْذُورَة بن معير أَبُو مَحْذُورَة صَحَابِيّ مَشْهُور اسْمه أَوْس وَقيل سَمُرَة وَقيل سَلمَة وَقيل سلمَان وَأَبُو معير بِكَسْر الْمِيم وَسُكُون الْعين الْمُهْملَة وَفتح التَّحْتَانِيَّة وَقيل عُمَيْر بن لوذان كَذَا فِي التَّقْرِيب وَقَوله حِين جهزه أَي جهز أَبُو مَحْذُورَة عبد الله بن محيريز والتجهيز التهيأ لاسباب السّفر وَالتِّجَارَة (إنْجَاح) قَوْله متنكبون أَي معرضون عَن الْأَذَان أَو عَن الْإِسْلَام وَقَوله فصرخنا نحكيه نهزأ بِهِ أَي ننقل حِكَايَة الْمُؤَذّن استهزاء بالصراح وَالصَّوْت (إنْجَاح) قَوْله فَقَالَ قل الله أكبر قَالَ القَاضِي عِيَاض وَاعْلَم ان الْأَذَان كلمة جَامِعَة لعقيدة الْإِيمَان مُشْتَمِلَة على نوعية من العقليات والسمعيات فأوله اثبات الذَّات وَمَا يسْتَحقّهُ من الْكَمَال والتنزيه عَن اضدادها وَذَلِكَ بقوله الله أكبر وَهَذِه اللَّفْظَة مَعَ اخْتِصَار لَفظهَا دَالَّة على مَا ذَكرْنَاهُ ثمَّ صرح بِإِثْبَات الوحدانية وَنفي ضدها من الشّركَة المستحيلة فِي حَقه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَهَذِه عُمْدَة الْإِيمَان والتوحيد الْمُقدمَة على كل وظائف الدّين ثمَّ صرح بِإِثْبَات النُّبُوَّة وَالشَّهَادَة بالرسالة لنبينا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهِي قَاعِدَة عَظِيمَة بعد الشَّهَادَة بالوحدانية وموضعها بعد التَّوْحِيد لِأَنَّهَا من بَاب الْأَفْعَال الْجَائِزَة الْوُقُوع وَتلك الْمُقدمَات من بَاب الْوَاجِبَات وَبعد هَذِه الْقَوَاعِد كملت العقائد العقليات فِيمَا يجب ويستحيل وَيجوز فِي حَقه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ثمَّ دَعَا الى مَا دعاهم اليه من الْعِبَادَات فَدَعَاهُمْ الى الصَّلَاة وعقبها بعد اثبات النُّبُوَّة لِأَن معرفَة وُجُوبهَا من جِهَة النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا من جِهَة الْعقل ثمَّ دَعَا بالفلاح وَهُوَ الْفَوْز والبقاء فِي النَّعيم الْمُقِيم وَفِيه اشعار بِأُمُور الْآخِرَة من الْبَعْث وَالْجَزَاء وَهِي اخر تراجم عقائد الْإِسْلَام ثمَّ كرر ذَلِك بِإِقَامَة الصَّلَاة للاعلام بِالشُّرُوعِ فِيهَا وَهُوَ مُتَضَمّن لتأكيد الْإِيمَان وتكرار ذكره عِنْد الشُّرُوع فِي الْعِبَادَة بِالْقَلْبِ وَاللِّسَان وليدخل الْمصلى فِيهَا على بَيِّنَة من أمره وبصيرة من ايمانه ويستشعر عَظِيم مَا دخل فِيهِ وعظمة حق من يُعِيدهُ وجزيل ثَوَابه انْتهى قَوْله ثمَّ أمرهَا على وَجهه فِيهِ الْتِفَات من التَّكَلُّم الى الْغَيْبَة وَكَانَ امرار الْيَد على سَبِيل التعطف والتلطف وَكَانَ كَذَلِك حَيْثُ رسخ الْإِيمَان فِي قلبه وحبب اليه بعد أَن كَانَ أكره شَيْء اليه (إنْجَاح) قَوْله فَذهب كل شَيْء أَي من البغض والعناد لِلْإِسْلَامِ ولأهله وَعدم محبته صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ورسوخ محبَّة الْكفَّار قَوْله وَعَاد ذَلِك كُله محبَّة ثَبت هَذَا الْأَمر بفيض أَمر أُرِيد رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على الصَّدْر وببركته (إنْجَاح الْحَاجة) قَوْله بِالْأَبْطح الابطح فِي اللُّغَة مسيل وَاسع فِيهِ دقاق الْحَصَى صَار علما للمسيل الَّذِي يَنْتَهِي اليه السَّيْل من وَادي منى وَهُوَ الْموضع الَّذِي يُسمى محصبا أَيْضا كَذَا فِي الْمرقاة قَوْله فَاسْتَدَارَ أَي عِنْد الحيعلتين وَفِي الْبُرْهَان ويستدير بهما فِي صومعته إِذا لم يسْتَطع التَّبْلِيغ بتحويل وَجهه يَمِينا وَشمَالًا مَعَ ثبات قَدَمَيْهِ مكانهما بِأَن كَانَت متسعة لما فِي التِّرْمِذِيّ رَأَيْت بِلَالًا يُؤذن ويدورالحديث انْتهى قَوْله معلقتان قَالَ الطَّيِّبِيّ هُوَ صفة خصلتان وللمسلمين خير وصيامهم وصلاتهم بَيَان للخصلتين وَلَا شكّ ان المتبادران قَوْله معلقتان خبر ونكارة الْمُبْتَدَأ قد تكلمنا فِيهِ مرَارًا بِأَن الْمدَار على الإفادة كَمَا ذكره الرضى ثمَّ بَعْدَمَا اخْتَارَهُ الظَّاهِر ان يَجْعَل الْخَبَر قَوْله صِيَامهمْ وصلاتهم كَمَا لَا يخفى لمعات قَوْله [715] أَمرنِي رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ان اثوب فِي الْفجْر المُرَاد من التثويب هَهُنَا قَول الْمُؤَذّن فِي اذان الْفجْر الصَّلَاة خير من النّوم وَنقل هَذَا عَن أَحْمد وَأما التثويب الَّذِي أحدثه النَّاس وَهُوَ أَن يَقُول الْمُؤَذّن بعد الْأَذَان إِذا استبطاء النَّاس الصَّلَاة الصَّلَاة أَو حَيّ على الصَّلَاة حَيّ على الصَّلَاة مثلا فَهُوَ أَمر مُحدث لَا يجوز وَقَالَ التِّرْمِذِيّ وروى عَن مُجَاهِد قَالَ دخلت مَعَ عبد الله بن عمر مَسْجِدا وَقد أذن فِيهِ وَنحن نُرِيد أَن نصلي فِيهِ فثوب الْمُؤَذّن فَخرج عبد الله بن عمر من الْمَسْجِد وَقَالَ اخْرُج بِنَا من عِنْد هَذَا المبتدع وَلم يصل فِيهِ انْتهى وَقَالَ التوربشتي اما النداء بِالصَّلَاةِ الصَّلَاة الَّذِي يعتاده النَّاس بعد الْأَذَان على أَبْوَاب الْمَسَاجِد فَإِنَّهُ بِدعَة يدْخل فِي الْقسم الْمنْهِي عَنهُ انْتهى (فَخر) قَوْله [717] وَمن اذن فَهُوَ يُقيم فَيكْرَه ان يُقيم غَيره وَبِه قَالَ الشَّافِعِي وَعند أبي حنيفَة لَا يكره لما روى ان بن أم مَكْتُوب رُبمَا كَانَ يُؤذن وَيُقِيم بِلَال وَرُبمَا كَانَ عَكسه والْحَدِيث مَحْمُول على مَا إِذا لحقه الوحشة بِإِقَامَة غَيره قَالَه بن الْملك (مرقاة) قَوْله

[718] فَقولُوا مثل قَوْله عَام مَخْصُوص بِحَدِيث عمر أَنه يَقُول فِي الحيعلتين لَا حول وَلَا قُوَّة الا بِاللَّه اعْلَم انه يسْتَحبّ للسامع إِذا اذن الْمُؤَذّن ان يَقُول مثل قَوْله الا فِي الحيعلتين فَإِنَّهُ يَقُول لَا حول وَلَا قُوَّة الا بِاللَّه وَإِذا أَقَامَ يَقُول مثل قَوْله الا انه يَقُول فِي لفظ الْإِقَامَة اقامها الله وادامها وَإِذا ثوب فَيَقُول فِي اذان الْفجْر الصَّلَاة خير من النّوم يَقُول صدقت وبررت وبالحق نطقت كَذَا سَمِعت من شَيخنَا مَوْلَانَا رشيد أَحْمد طيب الله ثراه (فَخر) قَوْله فَقولُوا مثل قَوْله قَالَ الشَّيْخ واجابه الْمُؤَذّن وَاجِبَة وَيكرهُ التَّكَلُّم عِنْد الْأَذَان وَلَو تعدد المؤذنون فِي مَسْجِد وَاحِد فالحرمة للْأولِ وَلَو سمع الْأَذَان من جِهَات وَجب عَلَيْهِ إِجَابَة مُؤذن مَسْجده وَلَو كَانَ فِي الْمَسْجِد لَا يجب وَلم يكن آثِما لحُصُول الفعلية انْتهى لمعات [724] الْمُؤَذّن يغْفر لَهُ مد صَوته قَالَ فِي النِّهَايَة الْمَدّ الْقدر يُرِيد بِهِ قدر الذُّنُوب أَي يغْفر لَهُ ذَلِك الى مُنْتَهى صَوته وَهُوَ تَمْثِيل لسعة الْمَغْفِرَة نَحْو لَو لقيتني بقراب الأَرْض خَطَايَا لقيتك بهَا مغْفرَة وَيرى مدى صَوته والمدى الْغَايَة أَي يستكمل مغْفرَة الله إِذا اسْتَنْفَذَ وَسعه فِي رفع صَوته فَبلغ الْغَايَة فِي الْمَغْفِرَة إِذا بلغ الْغَايَة فِي صَوته وَقيل هُوَ تَمْثِيل أَرَادَ مَكَانا يَنْتَهِي اليه الصَّوْت لَو قدر أَن يكون بَين اقصاه وَبَين الْمُؤَذّن ذنُوب تملأ تِلْكَ الْمسَافَة لغفرها الله مِصْبَاح الزجاجة قَوْله [725] المؤذنون أطول النَّاس اعناقا قَالَ فِي النِّهَايَة أَي أَكثر اعمالا يُقَال لفُلَان عنق من الْخَيْر أَي قِطْعَة وَقيل أَرَادَ طول الرّقاب لِأَن النَّاس يَوْمئِذٍ فِي الكرب وهم متطلعون لِأَن يُؤذن لَهُم فِي دُخُول الْجنَّة وَقيل أَرَادَ انهم يكونُونَ يَوْمئِذٍ رُؤَسَاء سادة وَالْعرب تصف السَّادة بطول الاعناق وروى أطول اعناقا بِكَسْر الْهمزَة أَي أَكثر اسراعا وَأعجل الى الْجنَّة يُقَال أعنق يعنق اعناقا فَهُوَ معنق وَالِاسْم الْعُنُق بِالتَّحْرِيكِ وَفِي سنَن الْبَيْهَقِيّ من طَرِيق أبي بكر بن أبي دَاوُد سَمِعت أبي يَقُول لَيْسَ معنى الحَدِيث ان اعناقهم تطول بل معنى ذَلِك ان النَّاس يعطشون يَوْم الْقِيَامَة فَإِذا عَطش الْإِنْسَان انطوت عُنُقه والمؤذنون لَا يعطشون فاعناقهم قَائِمَة (زجاجة) قَوْله [728] من اذن ثِنْتَيْ عشرَة سنة الخ وَلَا تعَارض فِيهِ بِالْحَدِيثِ السَّابِق لِأَن الزِّيَادَة لَا تنافى الْقلَّة وَيحْتَمل ان يُرَاد بهما كَثْرَة التأذين فَحِينَئِذٍ يكون الْعبْرَة بِمَفْهُوم الْعدَد أَو يكون الْفرق بِحَسب اخلاص النِّيَّة جدا ولغيرها فَمن اذن سبع سِنِين بالإخلاص الْكَامِل كتب لَهُ بَرَاءَة من النَّار وَمن ثَبت نِيَّته فِي الْجُمْلَة تكون لَهُ فِي ثِنْتَيْ عشرَة سنة وَالله اعْلَم (إنْجَاح) قَوْله وَمن اذن ثِنْتَيْ عشرَة الخ قَالَ القَاضِي جلال الدّين البُلْقِينِيّ سُئِلت عَن الْحِكْمَة فِي ذَلِك فَظهر لي فِي الْجَواب ان الْعُمر الْأَقْصَى مائَة وَعِشْرُونَ سنة والاثنى عشرَة عشر هَذَا الْعُمر وَمن سنة الله تَعَالَى أَن الْعشْر يقوم مقَام الْكل كَمَا قَالَ الله تَعَالَى من جَاءَ بِالْحَسَنَة فَلهُ عشر امثالها وكما قَالَ الطَّبَرَانِيّ فِي إِيجَاب الْعشْر فِي العشرات إِذا دَفعه بِمَنْزِلَة من تصدق بِكُل الْعشْر وَكَانَ هَذَا يصدق بِالدُّعَاءِ الى الله تَعَالَى بِكُل عمره لَو عَاشَ هَذَا الْقدر الَّذِي هَذَا عشره فَكيف إِذا كَانَ دونه وَأما حَدِيث من اذن سبع سِنِين فَإِنَّهَا عشر الْعُمر الْغَالِب (زجاجة) قَوْله [729] فَأمر بِلَال الخ فِيهِ حجَّة للشَّافِعِيّ وَلنَا مَا روى بن أبي شيبَة بِسَنَد رِجَاله رجال الصَّحِيحَيْنِ ان عبد الله بن زيد الْأنْصَارِيّ جَاءَ الى النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُول الله رَأَيْت فِي الْمَنَام كَانَ رجلا قَامَ وَعَلِيهِ بردَان اخضران فَأَقَامَ على حَائِط فَأذن مثنى مثنى وَأقَام مثنى مثنى وَقَالَ الطَّحَاوِيّ فَأذن مثنى وَأقَام مثنى وَالْجَوَاب عَن الْأَمر بالايتار بهَا أَنه من بَاب الِاخْتِصَار فِي بعض الْأَحْوَال تَعْلِيما للْجُوَاز لَا يسمتر سنة بِدَلِيل مَا روى الطَّحَاوِيّ وَابْن الْجَوْزِيّ ان بِلَالًا كَانَ يثني الْإِقَامَة الى ان مَاتَ كَذَا فِي الْبُرْهَان شرح مواهب الرَّحْمَن قَوْله [733] فقد عصى الخ قَالَ الطَّيِّبِيّ وَأما للتفصيل حَتَّى يَقْتَضِي شَيْئَيْنِ فَصَاعِدا وَالْمعْنَى اما من ثَبت فِي الْمَسْجِد وَأقَام للصَّلَاة فِيهِ فقد أطَاع أَبَا الْقَاسِم وَأما هَذَا فقد عصى قَوْله [734] فَهُوَ مُنَافِق أَي مُنَافِق فِي الْعَمَل لَا فِي الْإِيمَان فَإِن عمله يشبه عمل الْمُنَافِقين قَالَ جلّ ذكره إِذا قَامُوا الى الصَّلَاة قَامُوا كسَالَى (إنْجَاح) قَوْله

[736] من بنى لله مَسْجِدا قَالَ الطَّيِّبِيّ التَّنْوِين فِي مَسْجِدا للتقليل وَفِي بَيْتا للتنكير أوالتعظيم ليُوَافق الحَدِيث الَّاتِي من بنى لله مَسْجِدا كمفحص قطاة الحَدِيث انْتهى قلت وَليكن إِشَارَة الى زِيَادَة المثوبة بِهِ كمية وَكَيْفِيَّة لِئَلَّا يرد عَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى من جَاءَ بِالْحَسَنَة فَلهُ عشر أَمْثَالهَا (مرقاة) قَوْله بنى الله لَهُ مثله أَي مثل الْمَسْجِد فِي الْقدر وَلكنه أنفس مِنْهُ بِزِيَادَات كَثِيرَة أَو مثله فِي مُسَمّى الْبَيْت وَإِن كبر مساحته أَو يرد أَن فَضله على بيُوت الْجنَّة كفضل الْمَسْجِد على بيُوت الدُّنْيَا وَهَذَا لمن بنى فِي مَظَنَّة الصَّلَاة 12 مجمع الْبحار [738] كمفحص قطاة المفحص بِفَتْح الْمِيم والحاء الْمُهْملَة مَوضِع تجثم هِيَ عَلَيْهِ وتبيض فِيهِ ماخوذ من الفحص وَهُوَ الْبَحْث والكشف كَأَنَّهَا تفحص عِنْد التُّرَاب أَي تكشفه كَذَلِك الا فحوص والقطاة ضرب من الْحمام ذَوَات اطواق يشبه الفاختة والقماري وَهَذَا الْموضع لَا يَكْفِي للصَّلَاة فَيحمل على الْمُبَالغَة أَو على ان يشْتَرك جمَاعَة فِي بِنَاء أَو يزِيد فِيهِ قدر مُحْتَاجا اليه كَذَا فِي الْمجمع أَو هَذَا بطرِيق ضرب الْمِثَال وَالْمرَاد مِنْهُ الْمَسْجِد الصَّغِير وَهَكَذَا مماثلة فِي الْجنَّة فِي الصغر وَالْكبر (إنْجَاح) قَوْله تشييد شاد الْحَائِط طلاه بالشيد وَهُوَ مَا يطلى بِهِ الْحَائِط من جص وَغَيره انجاح وَفِي شرح الشَّيْخ أَي باعلاء بناءها وزخرفتها وتزويقها وَهَذَا بِدعَة لم يَفْعَله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَنَّهُ زَائِدَة على قدر الْحَاجة وَلِأَن فِيهِ مُوَافقَة الْيَهُود وَالنَّصَارَى كَمَا سيجئ قَوْله [740] كَمَا شرفت الخ فِي شرح السّنة كَانَت الْيَهُود وَالنَّصَارَى تزخرف الْمَسَاجِد عِنْدَمَا حرفوا أَمر دينهم وَأَنْتُم تصيرون الى مثل حَالهم فِي الاهتمام بِالْمَسْجِدِ وتزيينها وَكَانَ الْمَسْجِد على عهد رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِاللَّبنِ وسقفه بِالْجَرِيدِ وعمده خشب النّخل زَاد فِيهِ عمر رض فبناه بِاللَّبنِ وَالْحَدِيد وَأعَاد عمده خشبا ثمَّ غير عُثْمَان رض فَزَاد فِيهِ زِيَادَة كَثِيرَة وَبنى جِدَاره وعمده بِالْحِجَارَةِ المنقوشة وبالجص والنورة وسقفه بالساج (مرقاة) قَوْله الا زخرفوا الخ أَي زَينُوا أَو أصل الزخرف الذَّهَب أَي نقشوها وموهوها بِالذَّهَب وَهَذَا وَعِيد شَدِيد لمن تصدى بعمارة الظَّاهِر وتخريب الْبَاطِن فَإِن الصَّحَابَة رض كَانُوا ارغب النَّاس فِي أَعمال الْخَيْر واسرعهم فِي أَفعَال الْبر وَمَا شيدوا مَسَاجِدهمْ الا قَلِيلا وَفِي أَمْثَال هَذِه المواطن التَّخَلُّص عَن الرِّيَاء والسمعة وَالْعجب أَشد وأصعب فَإِن الْإِنْسَان قد يرى عمله خياأ وَهُوَ شَرّ قَالَ جلّ ذكره عَسى ان تكْرهُوا شَيْئا وَهُوَ خير لكم وَعَسَى ان تحبوا شَيْئا وَهُوَ شَرّ لكم وَالله يعلم وَأَنْتُم لَا تعلمُونَ (إنْجَاح) قَوْله [743] حَيْثُ كَانَ الخ أَي اصنامه وَإِنَّمَا صنع هَذَا لانتهاك الْكفْر وايذاء الْكفَّار حَيْثُ عبدُوا غير الله هَهُنَا (إنْجَاح) قَوْله [744] عَن الْحِيطَان جمع حَائِط وَالْمرَاد هَهُنَا الْبُسْتَان والعذرات النَّجَاسَات فَإِنَّهُم يلقونها فِي أصُول الْأَشْجَار والزروع لتحصل الْقُوَّة النباتية فَإِذا سقيت أَي فَإِذا أجْرى المَاء فِيهَا مرَارًا حَيْثُ لَا يبْقى فِيهِ أثر النَّجَاسَة فَيصير ذَلِك الْمَكَان طَاهِر فَيجوز الصَّلَاة فِيهِ فَلَا بَأْس بِبِنَاء الْمَسْجِد فِي مثل ذَلِك الْمَكَان وَفِيه التَّرْجَمَة (إنْجَاح) قَوْله الْمقْبرَة بِفَتْح الْبَاء وَضمّهَا وَقَالَ بن حجر بتثليثها وَفِي الْقَامُوس الْمقْبرَة مُثَلّثَة الْبَاء مَوضِع الْقَبْر قَالَ الْقَارِي اخْتلفُوا فِي هَذَا النَّهْي هَل هُوَ للتنزيه أَو للتَّحْرِيم ومذهبنا الأول وَمذهب أَحْمد التَّحْرِيم بل وَعدم انْعِقَاد الصَّلَاة قَالَ شَارِح الْمنية فِي الفتاوي لَا بَأْس بِالصَّلَاةِ فِي الْمقْبرَة إِذا كَانَ فِيهَا مَوضِع للصَّلَاة وَلَيْسَ فِيهِ قبر وَقَالَ القَاضِي من اتخذ مَسْجِدا فِي جوَار صَالح أوصلى فِي مَقْبرَة وَقصد الِاسْتِظْهَار بِرُوحِهِ ووصول اثر من اثر عِبَادَته اليه لَا للتعظيم لَهُ والتوجه نَحوه فَلَا حرج عَلَيْهِ الا ترى ان مرقد إِسْمَاعِيل عَلَيْهِ السَّلَام فِي الْمَسْجِد الْحَرَام عِنْد الْحطيم وان ذَلِك الْمَسْجِد أفضل مَكَان يتحَرَّى الْمُصَلِّي لصلاته وَالنَّهْي عَن الصَّلَاة فِي الْمَقَابِر مُخْتَصّ بالقبور المنبوشة لما فِيهَا من النَّجَاسَة واختلاط التربة بصديد الْمَوْتَى حَتَّى لَو كَانَ الْمَكَان طَاهِر فَلَا بَأْس وَمِنْهُم من ذهب الى انه يكره الصَّلَاة فِي الْمقْبرَة مُطلقًا لظَاهِر الحَدِيث (مرقاة) قَوْله [746] فِي المزبلة بِفَتْح الْبَاء وَقيل بضَمهَا الْموضع الَّذِي يكون فِيهِ الزبل وَهُوَ السرجين وَمثله سَائِر النَّجَاسَات والجزرة بِكَسْر الزَّاي وَيفتح هُوَ الْموضع الَّذِي ينْحَر فِيهِ الْإِبِل ويذبح الْبَقر وَالشَّاة نهى عَنْهَا لأجل النَّجَاسَة فِيهَا من الدِّمَاء والارواث وَجَمعهَا مجازر قَارِعَة الطَّرِيق الْإِضَافَة للْبَيَان أَي وَسطه فَالْمُرَاد الطَّرِيق الَّذِي يقرعه النَّاس وَالدَّوَاب بأرجلهم لاشتغال الْقلب بالخلق عَن الْحق وَلذَا شَرط بَعضهم ان يكون فِي الْعمرَان لَا فِي الْبَريَّة وَالْحمام لِأَنَّهُ مَحل النَّجَاسَة ومأوى الشَّيْطَان وَهُوَ مَأْخُوذ من الْحَمِيم وَهُوَ مَحل لسلخ الثِّيَاب أَي نَزعهَا وَالتَّعْلِيل بِأَن دُخُول النَّاس يشْغلهُ غير مطرد وَيُمكن ان يُقَال الِاعْتِبَار للأغلب (مرقاة) قَوْله [747] لَا تجوز فِيهَا أَي بِلَا كَرَاهَة فَإِن الصَّلَاة الْكَامِلَة هِيَ الَّتِي اديت مَعَ جَمِيع شرائطها وآدابها (إنْجَاح الْحَاجة) قَوْله ظهر بَيت الله إِذْ نفس الارتقاء الى سطح الْكَعْبَة مَكْرُوه لاستعلائه عَلَيْهِ الْمنَافِي للأدب قَوْله وعطن الْإِبِل وَهُوَ مبرك الْإِبِل حول المَاء وَجمعه معاطن وَقَالَ بن الْملك هُوَ جمع معطن بِكَسْر الطَّاء وَهُوَ الْموضع الَّذِي يبرك فِيهِ الْإِبِل عِنْد الرُّجُوع عَن المَاء وَيسْتَعْمل بالموضع الَّذِي يكون الْإِبِل فِيهِ بِاللَّيْلِ وَقَالَ لِأَن هَذَا الْموضع مَحل النَّجَاسَة فَإِن صلى فِيهَا بِغَيْر السجادة بطلت وَمَعَ السجادة يكره للرائحة الكريهة انْتهى وَهَذَا ان لم يكن الْإِبِل فِيهَا وَأما إِذا كَانَت فَالصَّلَاة مَكْرُوهَة حِينَئِذٍ مُطلقًا لشدَّة نفارها مرقاة مَعَ تَغْيِير يسير قَوْله ومحجة الطَّرِيق بِشدَّة الْجِيم أَي الطَّرِيق المسلوكة الَّتِي حضرت وحفت من كَثْرَة الْمَشْي وَفِي الْقَامُوس المحج بِضَمَّتَيْنِ أَي الطَّرِيق المحضرة (إنْجَاح) قَوْله وَلَا يشهر فِيهِ الخ شهر السَّيْف إِخْرَاجه من غمده وَلَعَلَّ المُرَاد من قبض الْقوس قَبضه لرمي السِّهَام أَي لَا يلْعَب فِيهِ برمي السِّهَام لِأَن الْمَسْجِد مُجْتَمع النَّاس وَعَسَى ان يجرح فِيهِ رجل بِشَهْر السِّلَاح وَقبض الْقوس وَقد صرح فقهاءنا بِأَن كل فعل لم يبن الْمَسَاجِد لَهَا كالخياطة وَالْكِتَابَة وَتَعْلِيم الصّبيان لَا يجوز فِيهِ وَتَمَامه فِي كتب الفقة (إنْجَاح) قَوْله [749] وَعَن تناشد الاشعار تناشد الشّعْر انشد بَعضهم بَعْضًا وَالْمرَاد الالاشعار المذمومة الْبَاطِلَة واما مَا كَانَ فِي مدح الْحق وَأَهله وذم الْبَاطِل فَلَا يمْنَع لِأَنَّهُ قد كَانَ يفعل ذَلِك بَين يَدي رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا ينْهَى عَنهُ لعلمه بالغرض الصَّحِيح وَصَحَّ ان حسانا وَكَعب بن الزبير كَانَا ينشدان الشّعْر فِي الْمَسْجِد بِحَضْرَتِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وروى أَحْمد فِي مُسْنده انه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الشّعْر كَالْكَلَامِ حسنه كحسنه وقبيحه كقبيحه (مرقاة) قَوْله [750] وَاتَّخذُوا على أَبْوَابهَا الْمَطَاهِر الخ جمع مطهرة أَي مَحل الطَّهَارَة من الِاسْتِنْجَاء وَالْغسْل وَالْوُضُوء والتجمير ايقاد الطّيب وَالْجمع كفرد جمع جُمُعَة أَي فِي وَقت صَلَاة الْجُمُعَة فتجمير الْمَسَاجِد مُسْتَحبَّة فِي يَوْم الْجُمُعَة (إنْجَاح) قَوْله

[751] كُنَّا ننام الخ وَهَذِه رخصَة لِابْنِ السَّبِيل وَالْمُسَافر فَإِن بن عمر مَا كَانَ لَهُ حِينَئِذٍ أهل وَأما لغيرة فَيكْرَه الاعتياد بِالنَّوْمِ فِيهِ وَلَو دخل أحد للصَّلَاة فَنَامَ هُنَا فَلَا بَأْس بِهِ لِأَن الصَّحَابَة كَانُوا يَفْعَلُونَ ذَلِك 12 (إنْجَاح) [752] يعِيش وَهُوَ يعِيش بن طخفة بن قيس وَعكس بن ماجة فَقَالَ يعِيش بن قيس بن طخفة قَالَ فِي التَّقْرِيب بِكَسْر أَوله وَسُكُون الْخَاء الْمُعْجَمَة ثمَّ فَاء وَيُقَال بِالْهَاءِ وَيُقَال بالغين الْمُعْجَمَة بن قيس الْغِفَارِيّ صَحَابِيّ لَهُ حَدِيث فِي النّوم على البط (فَخر) قَوْله أَي مَسْجِد وضع أول ظرف مَقْطُوع الْإِضَافَة مَبْنِيّ على الضَّم والمضاف اليه مَحْذُوف وَهُوَ الازمان أَي فِي أول الازمان قبل كل الْمَسَاجِد (إنْجَاح) قَوْله أَرْبَعُونَ عَاما فِيهِ اشكال لِأَن الْكَعْبَة بناها إِبْرَاهِيم والسمجد الْأَقْصَى بناه سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام وَبَينهمَا أَكثر من ألف سنة والاوجه فِي الْجَواب مَا ذكره بن الْجَوْزِيّ ان الْإِشَارَة فِي الحَدِيث الى أول الْبناء وَوضع أساس الْمَسْجِد وَلَيْسَ إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام أول من بنى الْكَعْبَة وَلَا سُلَيْمَان أول من بنى بَيت الْمُقَدّس فقد روينَا ان أول من بنى الْكَعْبَة آدم عَلَيْهِ السَّلَام ثمَّ انْتَشَر وَلَده فِي الأَرْض فَجَائِز ان يكون بَعضهم قد وضع بَيت الْمُقَدّس ثمَّ بنى إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام الْكَعْبَة وَقَالَ الشَّيْخ قد وجت مَا يشْهد لَهُ فَذكر بن هِشَام ان ادم عَلَيْهِ إِسْلَام لما بنى الْكَعْبَة امْرَهْ الله تَعَالَى بالسير الى بَيت الْمُقَدّس وان يبنيه فبناه ونسك فِيهِ وَبِنَاء ادم الْبَيْت مَشْهُور كَذَا فِي بعض الشُّرُوح وَذكره الشَّيْخ فِي اللمعات قَوْله [754] عَن مَحْمُود بن الرّبيع وَهُوَ من صغَار الصَّحَابَة لِأَنَّهُ عقل مجة مجها رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمن عقل شَيْئا مِنْهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صغره مَعَ الْإِسْلَام يعد صحابيا على الصَّحِيح وَقد ترْجم البُخَارِيّ فِي صَحِيحه بَاب مَتى يَصح سَماع الصَّغِير فأورد فِي ذَلِك الْبَاب هَذَا الحَدِيث (إنْجَاح) قَوْله قد أنْكرت من بصر أَي وجدته على خلاف عَادَته من رُؤْيَة المناظر (إنْجَاح) قَوْله على خزيرة هِيَ لحم يقطع صغَارًا وَيصب عَلَيْهِ مَاء كثير فَإِذا انضج ذَر عَلَيْهِ الدَّقِيق فَإِن لم يكن فِيهَا دَقِيق فَهِيَ عصيدة وَقيل هِيَ حساء من دَقِيق ودسم وَقيل إِذا كَانَ من دَقِيق فَهِيَ حريرة وَإِذا كَانَ من نخالة فَهِيَ خزيرة وَقيل هِيَ بحاء مُهْملَة وَرَاء مكررة مَا يكون من اللَّبن كَذَا فِي الْمجمع وَفِي الحَدِيث التَّبَرُّك بآثار الصَّالِحين وَالصَّلَاة فِي الْمَكَان الَّذِي صلوا فِيهِ ورخصة التَّخَلُّف عَن الْجَمَاعَة للأعمى والاستيذان فِي دُخُول بَيت الْغَيْر وَالصَّلَاة فِي بَيته قبل الْجُلُوس وَالصَّلَاة فِي الْمَكَان الَّذِي يحب ان يُصَلِّي فِيهِ لِأَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا صلى الا بعد سُؤَاله عَنهُ وَالصَّلَاة النَّافِلَة مَعَ الْجَمَاعَة أَحْيَانًا بِلَا تداع وَأما الْمُوَاظبَة عَلَيْهَا والتداعي لَهَا فمكروهان كَمَا فِي كتب الْفِقْه وَتَفْسِير التداعي الزِّيَادَة على الثَّلَاثَة وَقيل الْأَذَان وَفِيه اطعام الطَّعَام لزائر وَقبُول دَعوته (إنْجَاح) قَوْله [756] فَحل هُوَ حَصِير يعْمل من سقف فحال النَّحْل وَهُوَ فَحلهَا وَذكرهَا الَّذِي يلقح مِنْهُ كَذَا فِي الدّرّ فكنس أَي اخْرُج كناسته ورش أَي نضح وَهَذَا اللتنظيف والتطهير (إنْجَاح) قَوْله رأى نخامة وَفِي رِوَايَة رأى بصاقا وَفِي رِوَايَة مخاطا قَالَ أهل اللُّغَة المخاط من الْأنف والبصاق والبزاق من الْفَم والنخامة وَهِي النخاعة من الرَّأْس أَيْضا وَمن الصَّدْر وَيُقَال تفخم وتفخع نووي شرح مُسلم قَوْله وليبزق عَن شِمَاله الخ قَالَ النَّوَوِيّ هَذَا فِي غير الْمَسْجِد أما الْمُصَلِّي فِي الْمَسْجِد فَلَا يبزق الا فِي ثَوْبه لقَوْله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ البزاق فِي الْمَسْجِد خَطِيئَة فَكيف يَأْذَن فِيهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنَّمَا نهى عَن البصاق عَن الْيَمين تَشْرِيفًا لَهَا وَفِي رِوَايَة البُخَارِيّ فَلَا يبصق أَمَامه وَلَا عَن يَمِينه فَإِن عَن يَمِينه ملكا انْتهى قَوْله فِي قبْلَة الْمَسْجِد أَي جِدَاره الَّذِي يَلِي الْقبْلَة وَلَيْسَ المُرَاد الْمِحْرَاب لِأَن المحاريب من المحدثات بعده صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمن ثمَّ كره جمع من السّلف اتخاذها وَالصَّلَاة فِيهَا وَأول من أحدث ذَلِك عمر بن عبد الْعَزِيز وَهُوَ يَوْمئِذٍ عَامل للوليد بن عبد الْملك على الْمَدِينَة لما أسس مَسْجِد النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهدمه وَزَاد فِيهِ (مرقاة) قَوْله

[763] كَانَ الله قبل وَجهه مَعْنَاهُ ان يقْصد ربه بالتوجه الى الْقبْلَة فَيصير بالتقدير كَأَن مَقْصُوده بَينه وَبَين الْقبْلَة فَأمر ان يصان تِلْكَ الْجِهَة عَن البزاق قَالَه الْقَارِي وَقَالَ النَّوَوِيّ أَي الْجِهَة الَّتِي عظمها فَلَا يُقَابل هَذِه الْجِهَة بالبصاق الَّتِي هُوَ الاستخفاف لمن يبزق عَلَيْهِ واهانته وتحقيره (فَخر) قَوْله فَلَا يتنخمن أحدكُم قبل وَجهه الظَّاهِر انه عَام فِي الْمَسْجِد وَغَيره أَي لَا يسْقط البزاق اماه نَحْو الْقبْلَة وَتَخْصِيص الْقبْلَة مَعَ اسْتِوَاء جَمِيع الْجِهَات بِالنِّسْبَةِ الى الله تَعَالَى لتعظيمها فَإِنَّمَا يُنَاجِي الله وَمن يُنَاجِي أحدا مثلا لَا يبصق نَحوه قَوْله وَلَا عَن يَمِينه تَعْظِيمًا للْيَمِين وَزِيَادَة لشرفها فَإِن عَن يَمِينه ملكا يكْتب الْحَسَنَات الَّتِي هِيَ عَلامَة الرَّحْمَة فَهُوَ أشرف وَقد ورد أَنه أَمِير على ملك الْيَسَار يمنعهُ عَن كِتَابَة السَّيِّئَات الى ثَلَاث سَاعَات لَعَلَّه يرجع الى الطَّاعَات قَوْله وليبزق عَن شِمَاله وَقد اسْتشْكل لِأَن على الْيَسَار أَيْضا ملك آخر كَاتب السَّيِّئَات وَأجِيب بِأَن الصَّلَاة أم الْحَسَنَات الْبَدَنِيَّة فَلَا دخل لكاتب السَّيِّئَات فِيهَا وَقيل عَن يَمِينه ملك وَعَن يسَاره قرينه والبصاق حِينَئِذٍ إِنَّمَا يَقع على القرين والشيطان وَلَعَلَّ ملك الْيَسَار حِينَئِذٍ يكون بِحَيْثُ لَا يصير شَيْء من ذَلِك كَذَا فِي الْمرقاة قَالَ النَّوَوِيّ اعْلَم ان البزاق فِي الْمَسْجِد خَطِيئَة مُطلقًا سَوَاء احْتَاجَ الى البزاق أَو لم يحْتَج بل يبزق فِي ثَوْبه فَإِن بزق فِي الْمَسْجِد فقد ارْتكب الْخَطِيئَة وَعَلِيهِ ان يكفر هَذِه الْخَطِيئَة بدفن البزاق هَذَا هُوَ الصَّوَاب ان البزاق خَطِيئَة كَمَا صرح بِهِ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَهُ الْعلمَاء وللقاضي عِيَاض فِيهِ كَلَام بَاطِل حَاصله أَن البزاق لَيْسَ بخطيئة الا فِي حق من لم يدفنه وَأما من أَرَادَ دَفنه فَلَيْسَ بخطيئة وَاسْتدلَّ لَهُ بأَشْيَاء بَاطِلَة فَقَوله هَذَا غلط صَرِيح مُخَالف لنَصّ الحَدِيث وَلما قَالَه الْعلمَاء نبهت عَلَيْهِ لِئَلَّا يغتر بِهِ وَأما قَوْله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كفارتها دَفنهَا فَمَعْنَاه ان ارْتكب هَذِه الْخَطِيئَة فَعَلَيهِ تكفيرها كَمَا ان الزِّنَا وَالْخمر وَقتل الصَّيْد فِي الْإِحْرَام مُحرمَات وخطايا وَإِذا ارتكبها فَعَلَيهِ عقوبتها انْتهى عَن انشاد الضوال فِي الْمَسْجِد أَي طلبَهَا بِرَفْع الصَّوْت قَوْله من دَعَا الى الْجمل الْأَحْمَر أَي من وجد الْجمل الْأَحْمَر فدعاني اليه وَكَانَ قد فقد جمله (إنْجَاح) قَوْله نهى عَن انشاد الضَّالة فِي الْمَسْجِد قَالَ أهل اللُّغَة يُقَال نشدت الدَّابَّة إِذا طلبتها وانشدتها إِذا عرفتها قَالَ النَّوَوِيّ وَيلْحق بِهِ مَا فِي مَعْنَاهُ من البيع وَالشِّرَاء والاجارة وَنَحْوهَا من الْعُقُود وَكَرَاهَة رفع الصَّوْت الى الْمَسْجِد قَالَ القَاضِي قَالَ مَالك وَجَمَاعَة من الْعلمَاء يكره رفع الصَّوْت فِي الْمَسْجِد بِالْعلمِ وَغَيره وَأَجَازَ أَبُو حنيفَة وَمُحَمّد بن سَلمَة من أَصْحَاب مَالك رفع الصَّوْت فِيهِ بِالْعلمِ وَالْخُصُومَة وَغير ذَلِك مِمَّا يحْتَاج اليه النَّاس لِأَنَّهُ مجمعهم وَلَا بُد لَهُم مِنْهُ انْتهى قَوْله [767] لم تبن لهَذَا أَي لنشد الضَّالة وَنَحْوه بل بنيت لذكر الله تَعَالَى وَالصَّلَاة وَالْعلم والمذاكرة فِي الْخَيْر وَقد منع بعض الْعلمَاء تَعْلِيم الصّبيان فِي الْمَسْجِد واجازه آخَرُونَ قَالَ القَاضِي فِيهِ دَلِيل على منع عمل الصَّانِع فِي الْمَسْجِد كالخياطة وَشبههَا انْتهى قَوْله [768] فصلوا فِي مرابض الْغنم جمع مربض هُوَ مأوى الْغنم وَلَا تصلوا فِي اعطان الْإِبِل جمع عطن وَهُوَ مبرك الْإِبِل حول المَاء وَذَلِكَ لَا للنَّجَاسَة فَإِنَّهَا مَوْجُود فِي المرابض بل الْإِبِل تزدحم فِي المنهل فَإِذا شربت رفعت رؤوسها وَلَا يُؤمن نفارها وتفرقها فتؤذي الْمصلى أَو تذهبه عَن صلَاته أَو تنجسه برشاش أبوالها قَوْله [774] لَا ينهزه الا الصَّلَاة نهزه كمنعه وضربه دَفعه كَذَا فِي الْقَامُوس وَالْمعْنَى لَا يَدْفَعهُ وَلَا يُخرجهُ الا الصَّلَاة (إنْجَاح) قَوْله لَضَلَلْتُمْ قَالَ الطَّيِّبِيّ وَهَذَا يدل على أَن المُرَاد بِالسنةِ الْعَزِيمَة وَقَالَ بن الْهمام لَا تنَافِي الْوُجُوب فِي خُصُوص ذَلِك الْإِطْلَاق لِأَن سنَن الْهدى أَعم من الْوَاجِب وَقَوله لَضَلَلْتُمْ يَقْتَضِي بِوُجُوب الْجَمَاعَة ظَاهرا وَفِي رِوَايَة لأبي دَاوُد عَنهُ لكَفَرْتُمْ وَقد روى الْجفَاء كل الْجفَاء وَالْكفْر والنفاق من سمع مُنَادِي الله يُنَادي الى الصَّلَاة فَلم يجبهُ رَوَاهُ أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ فَيُفِيد الْوَعيد مِنْهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على ترك الْجَمَاعَة فِي الْمَسْجِد وَإِنَّمَا يُقَال لهَذَا الْوَاجِب سنة لكَونه ثَبت بِالسنةِ أَي الحَدِيث مرقاه قَوْله [777] الا مُنَافِق قَالَ بن الْهمام يَعْنِي ان وصف النِّفَاق يثبت عَن التَّخَلُّف لِأَن التَّخَلُّف لَا يَقع الا من مُنَافِق فَإِن الْإِنْسَان قد يتَخَلَّف كسلا مَعَ صِحَة الْإِسْلَام ويقين التَّوْحِيد وَعدم النِّفَاق (مرقاة) قَوْله التسترِي مَنْسُوب الى تستر كجندب بلد وششتر بشينين معجمتين لحن وسورها أول سور وضع بعد الطوفان كَذَا فِي الْقَامُوس (إنْجَاح) قَوْله

[778] بِحَق السَّائِلين الخ اعْلَم انه لَا حق لأحد فِي الْحَقِيقَة على الله تَعَالَى وَلَا يجب عَلَيْهِ شَيْء عِنْد أهل السّنة وَإِنَّمَا هُوَ رَأْي الْمُعْتَزلَة أَلا ان لَهُ مَعْنيين أَحدهمَا اللُّزُوم وَالثَّانِي الِالْتِزَام فَالْأول كَمَا قُلْنَا وَالثَّانِي تفضل مِنْهُ واحسان حَيْثُ الْتزم لنا بأعمالنا مَا لسنا أَهلا لذَلِك فَهُوَ الْجواد والمنعم يفضل على عباده بِمَا يَشَاء فَهَذَا الْمَعْنى ورد فِي الْأَحَادِيث فَافْهَم انجاح الْحَاجة لمولانا الْمُعظم شاه عبد الْغَنِيّ المجددي الدهلوي رَحمَه الله تَعَالَى الابعد فالابعد الخ تَقْدِيره الا بعد من الْمُصَلِّين أعظم اجرا من الْأَقْرَب فالابعد من هَذَا الابعد أعظم اجرا مِنْهُ وَالْحَاصِل أَن الْبعد مَا كَانَ زَائِدا فالاجر كَذَلِك وَقَوله [782] من الْمَسْجِد أَي من كَانَ مَسْجده بعد فثوابه كَذَلِك وَلَيْسَ الْغَرَض مِنْهُ أَن الْمَسْجِد الابعد أعظم اجرا من مَسْجِد محلته فَإِنَّهُ لَو فعل ذَلِك لربما ضَاعَ مَسْجِد محلته وخلا فَيدْخل فِي الْوَعيد قَالَ الله تَعَالَى وَمن أظلم مِمَّن منع مَسَاجِد الله ان يذكر فِيهَا اسْمه وسعى فِي خرابها الْآيَة وَلذَا فضل فقهاؤنا مَسْجِد محلته على الْجَامِع كَمَا فِي الدّرّ والتطبيق ان ثَوَاب الْجَامِع ازيد فِي الكمية وثواب مَسْجِد محلته فِي الْكَيْفِيَّة وَأما إِذا كَانَ مَسْجِد محلته لَا يخرب بذهابه الى الْجَامِع فَلَا حرج عَلَيْهِ فِي طلب زِيَادَة الثَّوَاب لِأَن هُنَا ثَوَاب خَمْسمِائَة صَلَاة وَالله أعلم (إنْجَاح) قَوْله [783] وَكَانَ لَا تخطئه أَي لَا تفوته فتوجعت لَهُ أَي حزنت وترحمت الرمض هُوَ شدَّة الْحر وَمِنْه رَمَضَان وَإِنَّمَا سمى بِهِ لأَنهم لما نقلوا أَسمَاء الشُّهُور عَن اللُّغَة الْقَدِيمَة سَموهَا بالازمنة الَّتِي وَقعت فِيهَا فَوَافَقَ هَذَا الشَّهْر شدَّة الْحر والوقع بِالتَّحْرِيكِ ان تصيب الْحِجَارَة الْقدَم فيوهنهما والطنب وَاحِد اطناب الْخَيْمَة فاستعير للجانب والناحية أَي مَا أحب ان بَيْتِي الى جَانب بَيته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَنِّي احتسب عِنْد الله كَثْرَة الخطا من بَيْتِي الى الْمَسْجِد بل أحب أَن أكون بَعيدا مِنْهُ ليكْثر ثوابي فِي خطاي كَذَا فِي الْمجمع وَقَوله فَحملت بِهِ حملا أَي فَحملت من مقَالَة هَذِه ثقالته فِي قلبِي لكَمَال حرصه على الْخَيْر (إنْجَاح الْحَاجة) قَوْله [784] ارادت بَنو سَلمَة الخ بِكَسْر اللَّام قَبيلَة من الْأَنْصَار وَكَانَ بَينهم وَبَين الْمَسْجِد مَسَافَة بعيدَة وَلذَا أَرَادوا قربه وَقَوله ان يعروا الْمَدِينَة أَي تَخْلُو محلّة من محلاتها فتخرب عمارتها وَالْعلَّة وان كَانَت عرو الْمَدِينَة لَكِن النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ علل لَهُم بِمَا كَانُوا احرص فِيهِ وَهُوَ ازدياد طلب الثَّوَاب فَلَا مُنَافَاة (إنْجَاح) قَوْله ارادت بَنو سَلمَة الخ قَالَ الطَّيِّبِيّ بَنو سَلمَة بطن من الْأَنْصَار وَلَيْسَ فِي سَلمَة بِكَسْر اللَّام غَيرهم كَانَت دِيَارهمْ على بعد من الْمَسْجِد وَكَانَ يجهدهم فِي سَواد اللَّيْل وَعند وُقُوع الأقطار وامتداد الْبرد فأرادوا ان يَتَحَوَّلُوا قرب الْمَسْجِد فكره النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ان يعرى جَوَانِب الْمَدِينَة فرغبهم فِيهَا عِنْد الله تَعَالَى من الْأجر على نقل الخطا وَلَا يُنَافِي هَذَا الحَدِيث وَالَّذِي بعده مَا ورد من ان شوم الدَّار عدم سماعهَا الْأَذَان لِأَن الشامة من حَيْثُ أَنه رُبمَا أدّى الى فَوت الْوَقْت وَالْجَمَاعَة وَله الْفضل من حَيْثُ كَثْرَة الخطى المستلزمة لِكَثْرَة الْأجر فالحيثية مُخْتَلفَة وروى أَحْمد خير فضل الدَّار الْبَعِيدَة عَن الْمَسْجِد على الْقَرِيبَة كفضل الْفَارِس على الْقَاعِد مرقاة مَعَ اخْتِصَار قَوْله [788] خمْسا وَعشْرين دَرَجَة قَالَ التوربشتي ذكر فِي هَذَا الحَدِيث خمْسا وَعشْرين دَرَجَة وَفِي حَدِيث بن عمر بِسبع وَعشْرين دَرَجَة وَجه التَّوْفِيق ان يُقَال عرفنَا من تفَاوت الْفضل ان الزَّائِد مُتَأَخّر عَن النَّاقِص لِأَن الله تَعَالَى يزِيد عباده من فَضله وَلَا ينقصهم من الْمَوْعُود شَيْئا فَإِنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بشر الْمُؤمنِينَ اولا بِمِقْدَار من فَضله ثمَّ رأى ان الله تَعَالَى يمن عَلَيْهِ وعَلى أمته فبشرهم بِهِ وحثهم على الْجَمَاعَة وَأما وَجه قصر الْفَضِيلَة على خمس وَعشْرين وعَلى سبع وَعشْرين أُخْرَى فمرجعه الى الْعُلُوم النَّبَوِيَّة الَّتِي لَا يُدْرِكهَا الْعُقَلَاء إِجْمَالا فضلا عَن التَّفْصِيل وَذكر النَّوَوِيّ ثَلَاثَة أوجه الأول ان ذكر الْقَلِيل لَا يَنْفِي الْكثير وَالثَّانِي مَا ذكره التوربشتي وَالثَّالِث أَنه يخْتَلف باخْتلَاف حَال الْمصلى وَالصَّلَاة فلبعضهم خمس وَعِشْرُونَ ولبعضهم سبع وَعِشْرُونَ بِحَسب كَمَال الصَّلَاة والمحافظة على قِيَامهَا والخشوع فِيهَا وَشرف الْبقْعَة والأمام انْتهى وَالظَّاهِر ان هَذِه الْفَضِيلَة لمُجَرّد الْجَمَاعَة مَعَ قطع النّظر عَمَّا ذكر لِأَن بعض البقع يزِيد اضعافا كثيرا فَالْمُعْتَمَد مَا ذكره التوربشتي (مرقاة) قَوْله فَأحرق قيل هَذَا يحْتَمل ان يكون عَاما فِي جَمِيع النَّاس وَقيل المُرَاد بِهِ المُنَافِقُونَ فِي زَمَانه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالظَّاهِر الثَّانِي إِذْ مَا كَانَ أحد يتَخَلَّف عَن الْجَمَاعَة فِي زَمَانه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الا مُنَافِق ظَاهر النِّفَاق أَو الشاك فِي دينه قَالَ النَّوَوِيّ فِيهِ دَلِيل على أَن الْعقُوبَة كَانَت فِي بدع الْإِسْلَام باحراق المَال وَقيل اجْمَعْ الْعلمَاء على منع الْعقُوبَة بالتحريق فِي غير المتخلف عَن الصَّلَاة والقتال وَالْجُمْهُور على منع تحريق متاعهما وَقَالَ بن حجر لَا دَلِيل فِيهِ بِوُجُوب الْجَمَاعَة عينا بِالَّذِي قَالَ بِهِ أَحْمد وَدَاوُد لِأَنَّهُ وَارِد فِي قوم الْمُنَافِقين وَقَالَ القَاضِي الحَدِيث يدل على وجوب الْجَمَاعَة وَظَاهر نُصُوص الشَّافِعِي يدل على أَنَّهَا من فروض الكافية قلت ظَاهر الحَدِيث على الْوُجُوب فَإِنَّهُ لَو كَانَ كِفَايَة لما اسْتحق بعض التاركين التعذيب قَالَ بن الْهمام كَانَ الْقَائِل بالكفاية يَقُول الْمَقْصُود من الْجَمَاعَة إِظْهَار الشعار وَهُوَ يحصل بِفعل الْبَعْض وَهُوَ ضَعِيف إِذْ لَا شكّ فِي أَنَّهَا كَانَت تُقَام على عَهده فِي مَسْجده صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعَ ذَلِك قَالَ فِي المتخلفين مَا قَالَ وَلم يصدر مثله عَنهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَن يتَخَلَّف عَن الْجَنَائِز وَذهب الْأَكْثَرُونَ مِنْهُم أَبُو حنيفَة وَمَالك الى أَنَّهَا سنة مُؤَكدَة وتمسكوا بِالْحَدِيثِ السَّابِق الْوَارِد فِي بَاب فضل الصَّلَاة فِي جمَاعَة وَهُوَ صَلَاة الرجل فِي جمَاعَة تزيد على صلَاته فِي بَيته الى آخر الحَدِيث وَأَجَابُوا عَن هَذَا الحَدِيث بِأَن التحريق لاستهانهم وَعدم مبالاتهم بهَا لَا لمُجَرّد التّرْك مرقاة مُخْتَصرا قَوْله [794] عَن ودعهم الْجَمَاعَات وَهِي جمع جمَاعَة واخرج مُسلم فِي بَاب الْجَمَاعَة بِلَفْظ الْجُمُعَات وَفِي بعض نسخ سنَن بن ماجة أَيْضا كَذَلِك وَلَكِن تَرْجَمَة الْبَاب لَا يساعد هَذَا اللَّفْظ الا ان يُقَال الْجمع بِسُكُون الْمِيم فَإِنَّهُ بِمَعْنى الْجَمَاعَة فَيكون هَذَا جمع لفظ الْجمع وَهَذَا وَعِيد شَدِيد انجاح الْحَاجة لمولانا الْمُعظم شاه عبد الْغَنِيّ المجددي الدهلوي رَحمَه الله تَعَالَى قَوْله

[795] عَن الزبْرِقَان بِالْكَسْرِ لقب الْحُسَيْن بن بدر الصَّحَابِيّ لجماله أَو لصفرة عمَامَته أَو لِأَنَّهُ لبس حلَّة وَرَاح إِلَى ناديهم فَقَالُوا زبرق الْحُسَيْن كَذَا فِي الْقَامُوس وَهُوَ غير الَّذِي ذكر هَهُنَا وَلكنه ضبطناه لضبط اللُّغَة وَالَّذِي ذكر هَهُنَا زبرقان بن عَمْرو بن أُميَّة وَيُقَال بن عبد الله بن عَمْرو بن أُميَّة الضمرِي من الساسة كَذَا فِي التَّقْرِيب 12 إنْجَاح الْحَاجة [798] أَرْبَعِينَ لَيْلَة الخ فِي عدد أَرْبَعِينَ سر للسالكين نطق بِهِ الْكتاب عَن رب الْعَالمين وواعدنا مُوسَى ثَلَاثِينَ لَيْلَة وأتممناها بِعشر فتم مِيقَات ربه أَرْبَعِينَ لَيْلَة وَسنة سيد الْمُرْسلين فقد جَاءَ فِي الحَدِيث من رِوَايَة أبي نعيم والديلمي من اخلص لله أَرْبَعِينَ يَوْمًا ظَهرت ينابيع الْحِكْمَة من قلبه على لِسَانه فَكَأَنَّهُ جعل هَذَا الْقدر من الزَّمَان معيارا لكماله فِي كل شَأْن كَمَا كملت لَهُ الاطوار كل طور فِي هَذَا الْمِقْدَار وَالله أعلم بحقائق الاسرار وروى الْبَزَّار وَأَبُو يعلى خبر لكل شَيْء صفوة وصفوة الصَّلَاة التَّكْبِيرَة الأولى فحافظوا عَلَيْهَا وَمن ثمَّ كَانَ ادراكها سنة موكدة وَكَانَ السّلف إِذا فَاتَتْهُمْ عزوا أنفسهم ثَلَاثَة أَيَّام فَإِذا فَاتَتْهُمْ الْجَمَاعَة عزوا أنفسهم سَبْعَة أَيَّام فَإِن فَاتَتْهُمْ الْجُمُعَة عزوا أنفسهم سبعين يَوْمًا مرقاة ويستنبط من هَذَا أَن من أدْرك الرَّكْعَة الأولى مَعَ الامام فقد أدْرك تَكْبِيرَة الِافْتِتَاح لِأَن مَا فِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى يدل على ذَلِك واردها صَاحب الْمشكاة وَقد اخْتلفُوا فِي تَكْبِيرَة الِافْتِتَاح فَمنهمْ من يَقُول من أدْرك تَكْبِيرَة مَعَ تَكْبِيرَة الامام وَمِنْهُم من يَقُول من أدْرك الامام قبل شُرُوع الْقِرَاءَة وَمِنْهُم من يَقُول مَا قُلْنَا انفا الأول مشدود الثَّالِث فِيهِ تَخْفيف وَمَعَ ذَلِك يُؤَيّدهُ الحَدِيث وَالله أعلم (إنْجَاح) قَوْله [800] مَا توطن رجل أَي بِشدَّة ملازمته إِيَّاهَا وَلَيْسَ المُرَاد مِنْهُ توطن الْمَكَان الْخَاص فِي الْمَسْجِد فَإِنَّهَا هُوَ مَنْهِيّ عَنهُ فِي الحَدِيث الآخر وَالله أعلم (إنْجَاح) قَوْله تبشبش الله كَمَا يتبشبش بِهِ انسه وواصله وَهُوَ من الله تَعَالَى الرضاء الاكرام (إنْجَاح) قَوْله [801] وعقب الخ أَي بَقِي وَخلف قد حفزه النَّفس أَي جهده وضاقه وَقد حسر أَي كشف لَعَلَّ حسر الرُّكْبَتَيْنِ كَانَ بِسَبَب السرعة لَا بِالْقَصْدِ (إنْجَاح) قَوْله [802] فَاشْهَدُوا لَهُ بِالْإِيمَان أَي بِأَنَّهُ مُؤمن قَالَ بن حجر وَقد يسْتَشْكل بِحَدِيث عَائِشَة الَّذِي فِيهِ إِنْكَاره صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوْلهَا فِي طِفْل الْأنْصَارِيّ الَّذِي مَاتَ طُوبَى لَهُ عُصْفُور من عصافير الْجنَّة وَيُمكن ان يحمل هَهُنَا على الْأَمر بِالشَّهَادَةِ ظنا وَمَا فِي تِلْكَ على الْقطع بِأَنَّهُ فِي الْجنَّة وَيُؤَيِّدهُ مَا فِي حَدِيث بن مَظْعُون انه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انكر على من قطع لَهُ بِالْجنَّةِ وَقَالَ الطَّيِّبِيّ فَاشْهَدُوا لَهُ أَي اقْطَعُوا لَهُ القَوْل بِالْإِيمَان لِأَن الشَّهَادَة قَول صدر من مواطاة الْقلب على سَبِيل الْقطع (مرقاة) قَوْله انما يعمر مَسَاجِد الله أَي بابتنائها وتزيينها أَو احيائها بِالْعبَادَة والدروس قَالَ صَاحب الْكَشَّاف عمارتها تكنيسها وتنظيفها وتنويرها بالمصابيح وتعظيمها واعتيادها لِلْعِبَادَةِ وَالذكر وصيانتها مِمَّا لم تبن لَهُ الْمَسَاجِد من حَدِيث الدُّنْيَا فضلا عَن فضول الحَدِيث (مرقاة) قَوْله [804] سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك أعلم ان سُبْحَانَكَ مصدر مُضَاف مفعول مُطلق للنوع أَي اسبحك تسبيحا لائقا بجنابك الاقدس وَالْبَاء فِي بحَمْدك للملابسة وَالْوَاو للْعَطْف وَالتَّقْدِير واسبحك تسبيحا متلبسا بحَمْدك فَيكون الْمَجْمُوع فِي معنى سُبْحَانَ الله وَالْحَمْد لله وَهُوَ أظهر الْوُجُوه لمعات قَوْله وتبارك اسْمك أَي كثرت بركَة اسْمك وَتَعَالَى جدك أَي عظمتك أَي مَا عرفُوا حق معرفتك وَلَا عظموك حق عظمتك وَلَا عَبَدُوك حق عبادتك (مرقاة) قَوْله [805] بَابي أَنْت وَأمي قَالَ التوربشتي الْبَاء مُتَعَلقَة بِمَحْذُوف قيل هُوَ اسْم فَيكون مَا بعده مَرْفُوعا تَقْدِيره أَنْت مفدى بَابي وامي وَقيل هُوَ فعل أَي فديتك وَمَا بعده مَنْصُوب قَوْله اللَّهُمَّ باعد الخ اعْلَم انه قد ورد فِي الْأَحَادِيث الصَّحِيحَة الْأَدْعِيَة والاذكار فِي استفتاح الصَّلَاة وَمذهب أبي حنيفَة وَمُحَمّد الِاقْتِصَار على قَوْله سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك الخ وَكَذَلِكَ عِنْد أَحْمد وَمَالك فِي ظَاهر مَذْهَبهمَا وَعند أبي يُوسُف يجمع بَين سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ والتوجيه وَهُوَ قَوْله وجهت وَجْهي الخ وَمَا روى ذَلِك فَهُوَ مَحْمُول على التَّهَجُّد بل النَّوَافِل مُطلقًا وَقَالَ بَعضهم مَحْمُول على الِابْتِدَاء لمعات قَوْله

[807] بكرَة وَأَصِيلا أَي فِي أول النَّهَار وَآخره منصوبان على الظَّرْفِيَّة وَالْعَامِل سُبْحَانَ وَخص هذَيْن الْوَقْتَيْنِ لِاجْتِمَاع مَلَائِكَة اللَّيْل وَالنَّهَار وَيُمكن ان يكون وَجه التَّخْصِيص تَنْزِيه الله تَعَالَى عَن التَّغَيُّر فِي أَوْقَات تغير الْكَوْن وَالله أعلم وَقَالَ الطَّيِّبِيّ الْأَظْهر ان يُرَاد بهما الدَّوَام كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى وَلَهُم رزقهم فِيهَا بكرَة وعشيا (مرقاة) قَوْله ونفخه الخ قَالَ الطَّيِّبِيّ النفخ كِنَايَة عَن الْكبر كَانَ الشَّيْطَان ينْفخ فِيهِ بالوسوسة فيعظمه فِي عينه والنفث عبارَة من الشّعْر لِأَنَّهُ ينفث الْإِنْسَان من فِيهِ كالرقية انْتهى (مرقاة) قَوْله همزه الموتة هُوَ بِضَم الْمِيم وَفتح التَّاء نوع من الْجُنُون والصرع يعترى الْإِنْسَان فَإِذا فاق عَاد عَلَيْهِ كَمَال غَفلَة كالنائم ونفثه الشّعْر أَي المذموم مِمَّا فِيهِ هجو مُسلم أَو كفر أَو فسق لما فِي البُخَارِيّ ان من الشّعْر حِكْمَة أَي قولا صَادِقا مطابقا للحق قَالَ الطَّيِّبِيّ ان كَانَ هَذَا التَّفْسِير من متن الحَدِيث فَلَا عدُول وان كَانَ من بعض الروَاة فالانسب ان يُرَاد بالنفث السحر لقَوْله تَعَالَى وَمن شَرّ النفاثات وان يُرَاد بِالْهَمْزَةِ الوسوسة لقَوْله تَعَالَى قل رب أعوذ بك من همزات الشَّيَاطِين أَي الخطرات فَإِنَّهُم يحرضون النَّاس على الْمعاصِي مرقاة لعَلي الْقَارِي [812] يفْتَتح الخ ظَاهره أَنه لَا يقْرَأ الْبَسْمَلَة وَهُوَ لَيْسَ بِمُرَاد فان قرَاءَتهَا فِي الصَّلَاة مجمع عَلَيْهَا لم يُخَالف فِيهَا أحد فَمَعْنَاه عندنَا أَنه يسر بالبسملة كَمَا يسر بالتعوذ ثمَّ يجْهر بِالْحَمْد لله وَعند الشَّافِعِي مَعْنَاهُ مَا ذكر التِّرْمِذِيّ أَنه كَانَ يبتدأ بقرأة فَاتِحَة الْكتاب قبل السُّورَة وَلَيْسَ مَعْنَاهُ انه كَانَ لَا يقْرَأ بِسم الله قَالَ الْقَارِي وَهَذَا ظَاهر فِي أَنه كَانَ يسر بالبسملة كَمَا هُوَ مَذْهَبنَا أَو لَا يَأْتِي بهَا كَمَا هُوَ مَذْهَب مَالك وَمَا رَوَاهُ أَحْمد أَنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يجْهر أول الْفَاتِحَة بالبسملة وان رَوَاهُ عشرُون صحابيا فَمَحْمُول على كَونه فِي بعض الاحيان للتعليم أَو لبَيَان الْجَوَاز وَكَانَ يسمعهُ من يَلِيهِ نعم لَو صَحَّ فَهُوَ حجَّة على مَالك ان لم يكن مُرَجّح عِنْد التَّعَارُض لمعات ومرقاة قَوْله [815] وقلما الخ قَائِله يزِيد بن عبد الله حَاصله ان أَبَاهُ كَانَ أَشد إنكارا بالبدعات والمحدثات (إنْجَاح) قَوْله وَمَعَ عُثْمَان لم يذكر عليا رَضِي الله عَنهُ لِأَن عليا رَضِي الله عَنهُ عَاشَ فِي خِلَافَته بِالْكُوفَةِ وَمَا أَقَامَ بِالْمَدِينَةِ الا عسيار يَسِيرا لَعَلَّ بن الْمُغَفَّل لم يُدْرِكهُ وَلم يضْبط صلَاته (إنْجَاح) قَوْله [817] فَلَا أقسم وَهَذَا يُوهم ان رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اكْتفى بِقِرَاءَة هَذِه الْآيَة فَيُفِيد التَّخْفِيف فِي الصُّبْح وَهُوَ مُخَالف لما ثَبت عَنهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلم يرو عَنهُ أَنه اكْتفى قطّ بِمَا دون ثَلَاث أيات وَأما قَول بن حجر يحْتَمل أَنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اقْتصر على هَذِه الْآيَة لأمر مُهِمّ لَهُ فَهُوَ بعيد جدا إِذْ لَو كَانَ لنقل وَذكر فِي شرح السّنة ان الشَّافِعِي قَالَ يَعْنِي بِهِ إِذا الشَّمْس كورت بِنَاء على أَن قِرَاءَة السُّورَة بِتَمَامِهَا وان قصرت أفضل من بَعْضهَا وان طَال فَالْمَعْنى قِرَاءَة سُورَة فِيهَا هَذِه الْآيَة (مرقاة) قَوْله [819] فيطيل فِي الرَّكْعَة الأولى تَطْوِيل لقِرَاءَة فِي الرَّكْعَة الأولى وَهُوَ مَذْهَب الْأَئِمَّة فِي الصَّلَوَات كلهَا وَذهب مُحَمَّد من أَصْحَابنَا وَعِنْدَهُمَا مَخْصُوص بِصَلَاة الْفجْر إِعَانَة للنَّاس على إِدْرَاك الْجَمَاعَة لِأَن الرَّكْعَتَيْنِ اسْتَويَا فِي حق الْقِرَاءَة فليستويان فِي الْمِقْدَار ويستأنس بِهِ بالرواية فِي حَدِيث مُسلم عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ رض قَالَ كُنَّا نحرز قيام رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الظّهْر وَالْعصر فحرزنا قِيَامه فِي الرَّكْعَتَيْنِ الاوليين من الظّهْر قدر قِرَاءَة ألم تَنْزِيل السَّجْدَة وَفِي رِوَايَة فِي كل رَكْعَة قدر ثَلَاثِينَ آيَة انْتهى بِخِلَاف الْفجْر لِأَنَّهُ وَقت نوم وغفلة وَحَدِيث الاطالة مَحْمُول على الاطالة من حَيْثُ الثَّنَاء والتعوذ وَالتَّسْمِيَة وَبِمَا دون ثَلَاث آيَات وَقَالَ فِي الْخُلَاصَة ان قَول مُحَمَّد أحب كَذَا فِي اللمعات قَوْله على ذكر عِيسَى وَهُوَ قَوْله تَعَالَى وَجَعَلنَا بن مَرْيَم وَأمه آيَة الْآيَة (إنْجَاح) قَوْله [820] شرقة الخ شَرق بريقه أَي غص كَذَا فِي الْقَامُوس فَلم يتَمَكَّن من إتْمَام السُّورَة (إنْجَاح) قَوْله [821] يَوْم الْجُمُعَة لَعَلَّ الْحِكْمَة فِي قرائتهما يَوْم الْجُمُعَة أَن فيهمَا ذكر المبدأ والمعاد وَخلق آدم وَالْجنَّة وَالنَّار وأهلهما وأحوال يَوْم الْقِيَامَة وكل ذَلِك كَائِن وَيَقَع يَوْم الْجُمُعَة (مرقاة) قَوْله [825] لَيْسَ لَك فِي ذَلِك خير كَأَنَّهُ علم أَنه لَا يُطيق هَذِه الاطالة فَإِن قلت أَمر رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْأَئِمَّة بتَخْفِيف الصَّلَاة وأطالها بِنَفسِهِ قُلْنَا لَعَلَّه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُطِيل إِذا قل النَّاس فينتظرهم فِي الصَّلَاة لكَي يدركوا الْجَمَاعَة وَمَا كَانَ فعله ذَلِك على سَبِيل الدَّوَام لِأَنَّهُ فِي الحَدِيث الَّاتِي قدر الرَّكْعَة الأولى من الظّهْر ثَلَاثِينَ آيَة وَهَذَا الْمِقْدَار لَا يحْتَمل هَذِه الاطالة كَمَا لَا يخفى وَالْوَجْه الثَّانِي ان الصَّلَاة خلف النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَت لَا تثقل على الْمُسلمين لقُوَّة الْحُضُور وَالْعلَّة فِيهِ ثقالة الْقَوْم فَكَانَ الْأَمر بِالتَّخْفِيفِ لغيره وَالله أعلم (إنْجَاح) قَوْله [827] من فلَان وَهُوَ عمر بن عبد الْعَزِيز وَقيل عَليّ بن أبي طَالب وَقيل عَمْرو بن سَلمَة (إنْجَاح) قَوْله ثَنَا المَسْعُودِيّ واسْمه عبد الرَّحْمَن بن عبد الله (إنْجَاح) قَوْله

[829] ويسمعنا الْآيَة أَحْيَانًا وَلَا يلْزم من ذَلِك الْجَهْر بِالْآيَةِ كلهَا حَتَّى يلْزم الْجَهْر فِي صَلَاة المخافة فَإِنَّهُ من قَرَأَ طرفا من الْآيَة يعلم بذلك انه يقْرَأ الْآيَة الْفُلَانِيَّة فيتأسى النَّاس فَلَا حرج فِيهِ وَالله أعلم (إنْجَاح) قَوْله ويسمعنا الْآيَة أَحْيَانًا ذَلِك مَحْمُول على أَنه لغَلَبَة الِاسْتِغْرَاق فِي التدبر يحصل الْجَهْر من غير قصد أَو لبَيَان الْجَوَاز أَو يعلم انه يقْرَأ أَو يقْرَأ كَذَا ليتأسوا بِهِ كَذَا قَالُوا وَالظَّاهِر من الأسماع قَصده 12 لمعات [831] يقْرَأ فِي الْمغرب بالمرسلات عرفا أَي أَحْيَانًا لبَيَان الْجَوَاز والا فالمستحب فِيهَا قِرَاءَة الْقصار الْمفصل وَكَانَ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام قد يُطِيل فِي الْمغرب الْقِرَاءَة لِأَن الصَّحَابَة كَانُوا كثير الْحِرْص على اسْتِمَاع الْقُرْآن مِنْهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقد يُطِيل الْقِرَاءَة للتعلم وَهَاتَانِ العلتان مَفْقُود تان الْيَوْم (إنْجَاح) قَوْله [832] يقْرَأ فِي الْمغرب بِالطورِ قَالَ بن الْملك هَذَا يدل على أَن وَقت الْمغرب بَاقٍ الى غرُوب الشَّفق لِأَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام يقْرَأ على التأني وَسورَة الطّور إِذا قَرَأت على التأني يقرب الْفَرَاغ مِنْهَا عِنْد غرُوب الشَّفق وَهُوَ اسْتِدْلَال غَرِيب مِنْهُ لاحْتِمَال أَنه قَرَأَ بَعْضهَا فِي الرَّكْعَتَيْنِ أَو قَرَأَ بَعْضهَا فِي رَكْعَة وَبَعضهَا فِي أُخْرَى وعَلى تَقْدِير أَنه قَرَأَ فِي كل رَكْعَة السُّورَة بكمالها لم يخرج الْوَقْت لِأَنَّهَا ثمن الْجُزْء وَنحن نتدارس جزئين من الْقُرْآن بعد صَلَاة الْمغرب الى آذان الْعشَاء مَعَ أَن الشَّافِعِي جوز اطالة الصَّلَاة الى خُرُوج الْوَقْت (مرقاة) قَوْله [837] لَا صَلَاة الخ اسْتدلَّ الشَّافِعِيَّة وَغَيره بِهَذَا على أَن قِرَاءَة الْفَاتِحَة فرض وَقَالَ الْحَنَفِيَّة لَيْسَ الْفَرْض عندنَا الا مُطلق الْقِرَاءَة لقَوْله تَعَالَى فاقرؤا مَا تيَسّر من الْقُرْآن وتقييده بِالْفَاتِحَةِ زِيَادَة على النَّص وَذَا لَا يجوز فَعلمنَا بكلا النصين اعني الْآيَة والْحَدِيث ففرضنا الْقِرَاءَة مُطلقًا بِالْآيَةِ وأوجبنا بِالْحَدِيثِ الْفَاتِحَة بِأَن النَّفْي فِي قَوْله لَا صَلَاة للكمال وَالدَّلِيل عَلَيْهِ مَا يَأْتِي من صلى صَلَاة لم يقْرَأ فِيهَا بِأم الْقُرْآن فَهِيَ خداج غير تَمام لِأَنَّهُ يدل على النُّقْصَان لَا على الْبطلَان لِأَنَّهُ وَقع مثل هَذَا فِي ترك الدُّعَاء بعد الصَّلَاة وَأَيْضًا من الدَّلِيل على عدم فَرضِيَّة الْفَاتِحَة قَوْله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِين يعلم الْأَعرَابِي إِذا قُمْت الى الصَّلَاة فَكبر ثمَّ اقْرَأ مَا تيَسّر مَعَك من الْقُرْآن الحَدِيث رَوَاهُ البُخَارِيّ إِذْ لَو كَانَت فرضا لأَمره الْبَتَّةَ لِأَن الْمقَام مقَام التَّعْلِيم فَلَا يجوز تَأْخِير الْبَيَان عَنهُ وَمَا قَالَ النَّوَوِيّ من أَن حَدِيث مَا تيَسّر مَحْمُول على الْفَاتِحَة لِأَنَّهَا ميسرَة قَالَ الْعَيْنِيّ هُوَ تمشية لمذهبه بالتحكم وخارج عَن معنى كَلَام الشَّارِع لِأَن تركيب الْكَلَام لَا يدل عَلَيْهِ أصلا لِأَن ظَاهره يتَنَاوَل الْفَاتِحَة وَغَيرهَا مِمَّا يُطلق عَلَيْهِ اسْم الْقُرْآن وَسورَة الْإِخْلَاص أَكثر تيسيرا من الْفَاتِحَة فَمَا معنى تعْيين الْفَاتِحَة فِي التَّيْسِير وَهَذَا تحكم بِلَا دَلِيل انْتهى قَوْله لَا صَلَاة الخ قد اسْتدلَّ الشَّافِعِي وَأحمد فِيمَا هُوَ الْمَشْهُور من مذْهبه على تعْيين الْفَاتِحَة وَكَونهَا ركنا فِي الصَّلَاة بِهَذَا الحَدِيث وَعِنْدنَا وَعند أَحْمد فِي رِوَايَة قِرَاءَة آيَة من الْقُرْآن لقَوْله تَعَالَى فاقرؤا مَا تيَسّر من الْقُرْآن وَالْجَوَاب عَمَّا تمسك بِهِ الشَّافِعِي انه مُشْتَرك الدّلَالَة لِأَن النَّفْي لَا يرد الا على النّسَب الَّذِي هُوَ مُتَعَلق الْجَار لَا على نفس الْمُفْرد فَيكون تَقْدِيره صَحِيحَة فيوافق مذْهبه أَو كَامِلَة فيخالفه وَقدر الثَّانِي فِي نَحْو لَا صَلَاة لِجَار الْمَسْجِد الا فِي الْمَسْجِد وَلَا صَلَاة للْعَبد الابق فَيقدر هَهُنَا أَيْضا وَهُوَ الْمُتَيَقن لمعات قَوْله [839] فِي فَرِيضَة أَو غَيرهَا هَذَا الحَدِيث ضَعِيف لِأَن مُحَمَّد بن الْفضل رمى بالتشييع وان كَانَ صَدُوقًا وَأَبُو سُفْيَان السَّعْدِيّ اسْمه طريف بن شهَاب ضَعِيف كَمَا فِي التَّقْرِيب وَلَو سلمنَا صِحَّته فَالْمُرَاد نفي الْكَمَال لَا نفي نفس الصَّلَاة فعلى هَذَا الحَدِيث حجَّة للحنفية لأَنهم ينفون كَمَال الصَّلَاة بترك الْفَاتِحَة وَالسورَة وَمَا يقوم مقَامهَا من الْآيَات فَإِنَّهُم يرَوْنَ قِرَاءَة الْفَاتِحَة وَضم السُّورَة مَعهَا وَاجِبَة فَافْهَم وَلَا دلَالَة للْحَدِيث على وجوب الْقِرَاءَة خلف الامام فَإِن الْمُؤْتَم يقْرَأ حكما لما كَانَ قِرَاءَة الامام قِرَاءَة لَهُ فَلَا يلْزم نفي كَمَال صَلَاة الْمُؤْتَم (إنْجَاح) قَوْله

[840] كل صَلَاة لَا يقْرَأ الخ ذهب أَبُو حنيفَة الى أَن المقتدى لَا يقْرَأ الْفَاتِحَة فِي السّريَّة وَلَا فِي الجهرية لقَوْله تَعَالَى وَإِذا قرئَ الْقُرْآن فَاسْتَمعُوا لَهُ وانصتوا والانصات فِي اللُّغَة عدم الْكَلَام أَو السُّكُوت للاستماع وَفِي الْقَامُوس اسْتمع لَهُ واليه اصغى أَي مَال يسمعهُ ونصت وأنصت سكت ونصته وَله سكت لَهُ واستمع لحديثه انْتهى فالاستماع يخص فِي الجهرية والانصات يعم فَيجب السُّكُوت عِنْد الْقِرَاءَة مُطلقًا وَهَذَا بِنَاء على أَن وُرُود الْآيَة فِي الْقِرَاءَة فِي الصَّلَاة اخْرُج الْبَيْهَقِيّ عَن الامام أَحْمد قَالَ اجْمَعْ النَّاس على ان هَذِه الْآيَة فِي الصَّلَاة واخرج عَن مُجَاهِد قَالَ كَانَ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام يقْرَأ فِي الصَّلَاة فَسمع قِرَاءَة فَتى من الْأَنْصَار فَنزل وَإِذا قرئَ الْقُرْآن فَاسْتَمعُوا لَهُ وانصتوا واخرج بن مردوية فِي تَفْسِيره بِسَنَدِهِ عَن مُعَاوِيَة بن قُرَّة قَالَ سَأَلت بعض أشياخنا من أَصْحَاب رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحْسبهُ قَالَ عبد الله بن مُغفل كل من سمع الْقُرْآن وَجب عَلَيْهِ الِاسْتِمَاع الْإِنْصَات قَالَ إِنَّمَا نزلت هَذِه الْآيَة وَإِذا قرئَ الْقُرْآن فَاسْتَمعُوا فِي القرأة خلف الإِمَام فِي المدارك ظَاهره وجوب الإستماع والإنصات وَقت قِرَاءَة الْقُرْآن فِي الصَّلَاة وَغَيرهَا وَقيل مَعْنَاهُ وَإِذا تَلا عَلَيْكُم الرَّسُول الْقُرْآن عِنْد نُزُوله فَاسْتَمعُوا لَهُ وَجُمْهُور الصَّحَابَة على انه فِي اسْتِمَاع الْمُؤْتَم وَقيل فِي اسْتِمَاع الْخطْبَة وَقيل فيهمَا وَهُوَ الاصلح وَفِي المعالم الْأَصَح أَنَّهَا نزلت فِي اسْتِمَاع الْمُؤْتَم لَا فِي اسْتِمَاع الْخطْبَة لِأَن الْآيَة مَكِّيَّة وَالْجُمُعَة فرضت فِي الْمَدِينَة وَلقَوْله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذا قَرَأَ فانصتوا رَوَاهَا مُسلم زِيَادَة فِي حَدِيث إِذا كبر الامام فكبروا روى أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة عَن أبي هُرَيْرَة نَحوه فَإِن قلت قَالَ أَبُو دَاوُد فِي سنَنه ان لَفْظَة فانصتوا لَيست بمحفوظة والخطاء عَن أبي خَالِد الْأَحْمَر قلت رد قَول أبي دَاوُد الْحَافِظ عبد الْعَظِيم الْمُنْذِرِيّ فِي مُخْتَصره وَقَالَ أَبُو خَالِد الْأَحْمَر سُلَيْمَان بن حبَان من الثِّقَات حَتَّى اجْتمعَا البُخَارِيّ وَالْمُسلم فِي الرِّوَايَة عَنهُ وَصَححهُ بن خُزَيْمَة مَعَ زِيَادَة فانصتوا وَفِي سَنَد الْمُسلم سُلَيْمَان بن بِلَال التَّيْمِيّ ثِقَة كَمَا فِي التَّقْرِيب فَلَا يلْتَفت الى مَا نقل النَّوَوِيّ عَن الْحَافِظ تَضْعِيف هَذَا الزِّيَادَة بعد صِحَة طرقها وثقة رواتها والى مَا نقل عَن أبي على أَنه قد خَالف سُلَيْمَان التَّيْمِيّ فِيهَا جَمِيع أَصْحَاب قَتَادَة لِأَن حَاصله أَن سُلَيْمَان ذكر لَفْظَة فانصتوا عَن قَتَادَة وَلم يذكر غَيره من أَصْحَاب قَتَادَة عَنهُ وَهُوَ كَمَا ترى لَا يقْدَح فِي صِحَّته لِأَن زِيَادَة الثِّقَة مَقْبُولَة كَمَا تقرر فِي أصُول الحَدِيث فَإِن قيل يخصص هَذِه الْآيَة بِمَا سوى الْفَاتِحَة بِحَدِيث عبَادَة بن الصَّامِت رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَأَبُو دَاوُد وَلَا تَفعلُوا الا بِأم الْقُرْآن فَإِنَّهُ لَا صَلَاة لمن لم يقْرَأ بهَا قلت لَا لِأَن هَذَا الحَدِيث ضَعِيف لِأَن فِي سَنَده مُحَمَّد بن إِسْحَاق وَهُوَ مُدَلّس فِي التَّقْرِيب مُحَمَّد بن إِسْحَاق بن يسَار أَبُو بكر المطلبي مَوْلَاهُم الْمدنِي نزيل الْعرَاق امام الْمَغَازِي صَدُوق مُدَلّس وَرمى بالتشيع وَالْقدر من صغَار الطَّبَقَة الْخَامِسَة انْتهى وَقَالَ الْعَيْنِيّ مُحَمَّد بن إِسْحَاق بن يسَار مُدَلّس قد كذبه مَالك وَضَعفه أَحْمد وَقَالَ لَا يَصح الحَدِيث عَنهُ وَقَالَ أَبُو زرْعَة لَا نقضي لَهُ بِشَيْء فَلَا يحْتَج بِهِ لِأَن حكم من ثَبت عَنهُ التَّدْلِيس إِذا كَانَ عدلا ان لَا يقبل مِنْهُ الا مَا صرح فِيهِ بِالْحَدِيثِ على الْأَصَح كَمَا فِي النخبة فِي الْمقَام الاخر مِنْهُ عنعنة المعاصر مَحْمُولَة على السماع الا من المدلس فَإِنَّهَا لَيست مَحْمُولَة على السماع انْتهى وَهَذَا إِذا سلم ان مُحَمَّد بن إِسْحَاق صَدُوق وَأما إِذْ ان الى مَا قَالَ مَالك وَأحمد وَأَبُو زرْعَة أَنه كَانَ وَضَعِيف فَتَصِير رِوَايَته كَأَن لم يكن شَيْئا مَذْكُورا وَإِن سلم صِحَّته فَلَا يجوز الزِّيَادَة بِخَبَر الْوَاحِد لكَونه ظنيا على النَّص الْقطعِي على أَنه يُعَارضهُ حِين إِذن مَا روى مَالك فِي الْمُوَطَّأ وَالتِّرْمِذِيّ عَن جَابر يَقُول من صلى رَكْعَة لم يقْرَأ فِيهَا بِأم الْقُرْآن فَلم يصل ان يكون وَرَاء الامام وَقَالَ التِّرْمِذِيّ هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح وَرَوَاهُ الطَّحَاوِيّ عَن جَابر مَرْفُوعا وَمَا روى مُحَمَّد فِي الْمُوَطَّأ بِسَنَدِهِ على شَرط الشَّيْخَيْنِ عَن جَابر عَن النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ من صلى خلف الامام فَإِن قِرَاءَة الامام قِرَاءَة لَهُ وَمَا روى بن ماجة عَن جَابر قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من كَانَ لَهُ امام فقراءة الامام لَهُ قِرَاءَة وَمَا روى مُسلم بِسَنَدِهِ عَن عَطاء انه سَأَلَ زيد بن ثَابت عَن الْقِرَاءَة مَعَ الامام فَقَالَ لَا قِرَاءَة مَعَ الامام فِي شَيْء وَمَا روى النَّسَائِيّ عَن كثير بن مرّة عَن أبي الدَّرْدَاء أَنه يَقُول سُئِلَ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي كل صَلَاة قِرَاءَة قَالَ نعم قَالَ رجل من الْأَنْصَار وَجَبت هَذِه فَالْتَفت الى وَكنت أقرب الْقَوْم مِنْهُ فَقَالَ مَا أرى الامام إِذا أم الْقَوْم الا قد كفاهم وَمَا روى مَالك عَن نَافِع عَن بن عمر انه كَانَ إِذا سُئِلَ هَل يقْرَأ أحد مَعَ الامام قَالَ إِذا صلى أحدكُم مَعَ الامام فحسبه قِرَاءَة الامام فَإِذا صلى وَحده فليقرأ وَكَانَ بن عمر لَا يقْرَأ خلف الامام وَبِالْجُمْلَةِ لم يثبت وجوب قِرَاءَة الْفَاتِحَة على المقتدى بل الإحتياط أَن لَا يَقْرَأها الْمُقْتَدِي لما فِيهِ من الْوَعيد روى مُحَمَّد فِي الْمُوَطَّأ عَن زيد بن ثَابت قَالَ من قَرَأَ خلف الإِمَام فَلَا صَلَاة لَهُ وروى عَن دَاوُد عَن قيس القرأ الْمدنِي قَالَ أَخْبرنِي بعض ولد سعد بن أبي وَقاص ان سعد قَالَ وددت الَّذِي يقْرَأ خلف الامام فِي فِيهِ جَمْرَة وروى أَيْضا فِي مؤطاه عَن دَاوُد بن قيس عَن عجلَان عَن عمر بن الْخطاب قَالَ لَيْت فِي فَم الَّذِي يقْرَأ خلف الامام حجرا وَقَالَ مُحَمَّد فِي مؤطاه لَا قِرَاءَة خلف الإِمَام فِيمَا جهر وَلَا فِيمَا لم يجْهر فِيهِ بذلك جَاءَت عَامَّة الْأَخْبَار وَهُوَ قَوْله أبي حنيفَة وَقَالَ الْقَارِي فِي شرح الْمُوَطَّأ نَاقِلا عَن الْكرْمَانِي وَعَن الشّعبِيّ قَالَ أدْركْت سبعين بدر يؤاكلهم على أَنه لَا قِرَاءَة خلف الإِمَام 12 فَخر الْحسن رَحمَه الله تَعَالَى [843] كُنَّا نَقْرَأ الخ لَعَلَّ هَذَا كَانَ باجتهادهم فَلَمَّا أحس رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنعهم وَقَالَ من كَانَ لَهُ امام فَإِن قِرَاءَة الامام لَهُ قِرَاءَة كَمَا سيجيئ فِي بَاب إِذا قَرَأَ الامام فانصتوا (إنْجَاح) قَوْله [853] ترك النَّاس الخ هَذَا إِنْكَار من أبي هُرَيْرَة على ترك الْجَهْر بالتأمين فَلَعَلَّ حَدِيث الْإخْفَاء لم يبلغهُ (إنْجَاح) قَوْله إِذا قَالَ غير المغضوب عَلَيْهِم الخ قَالَ بن الْهمام روى أَحْمد وَأَبُو يعلى وَالطَّبَرَانِيّ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك فِي حَدِيث شُعْبَة عَن عَلْقَمَة بن وَائِل عَن أَبِيه انه صلى مَعَ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا بلغ غير المغضوب عَلَيْهِم وَلَا الضَّالّين قَالَ آمين اخفى بهَا صَوته وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَغَيرهمَا من حَدِيث سُفْيَان عَن وَائِل بن حجر وَذكر الحَدِيث فِيهِ وَرفع بهَا صَوته فقد خَالف سُفْيَان شُعْبَة فِي الرّفْع وَلما اخْتلف فِي الحَدِيث عدل صَاحب الْهِدَايَة الى مَا روى عَن بن مَسْعُود أَنه كَانَ يخفى لِأَنَّهُ يُفِيد أَن الْمَعْلُوم مِنْهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْإخْفَاء كَذَا فِي الْمرقاة وَقَالَ فِي اللمعات وَورد فِي الْجَهْر بالتأمين أَحَادِيث وَهُوَ مَذْهَب الشَّافِعِي وَأحمد وَفِي مَذْهَب مَالك خِلَافه وَفِي مَذْهَب أبي حنيفَة يسر بالتأمين مُطلقًا وَأورد التِّرْمِذِيّ فِي جَامعه حَدِيث رفع الصَّوْت بآمين وخفضها وَرجح حَدِيث الْجَهْر وَنقل عَن البُخَارِيّ كَذَلِك قَالَ وَعَلِيهِ عمل أَكثر الْعلمَاء من الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ انْتهى وَقد صحّح بعض الْعلمَاء حَدِيث الْخَفْض أَيْضا وروى عَن عمر بن الْخطاب رض أَنه قَالَ يخفى الامام أَرْبَعَة أَشْيَاء التَّعَوُّذ والبسملة وآمين وسبحانك اللَّهُمَّ وَعَن بن مَسْعُود مثله وروى السُّيُوطِيّ فِي جمع الْجَوَامِع عَن أبي وَائِل قَالَ كَانَ عمر رض وعَلى رض لَا يجهران بالبسملة وَلَا بالتعوذ وَلَا بآمين رَوَاهُ بن جرير والطَّحَاوِي وَابْن شاهين فِي السّنَن وَأورد بن الْهمام عَن أَحْمد وَأبي يعلى وَالطَّبَرَانِيّ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك من حَدِيث شُعْبَة عَن عَلْقَمَة عَن أبي وَائِل فِي الخفاء وَعَن أبي دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَغَيرهمَا من حَدِيث سُفْيَان عَن أبي وَائِل فِي الْجَهْر وَقَالَ كلا الْحَدِيثين مَعْلُول والاعتماد على حَدِيث بن مَسْعُود رض قَوْله فسمعناها مِنْهُ يدل هَذَا على أَنه تأمينه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحْيَانًا كَانَ بالجهر لكَي يعلمُوا مَا فعله كَمَا كَانَ قد يسمع الْآيَة أَحْيَانًا فِي السّريَّة وَالله أعلم (إنْجَاح) قَوْله [856] مَا حسدتكم الى آخِره لَعَلَّ سَبَب حسدهم ان هذَيْن الامرين مطبوعان لَهُم وَلَا يعْملُونَ بهما لِئَلَّا يلْزمهُم التأسي والاقتداء بِأَهْل الْإِسْلَام (إنْجَاح) قَوْله

[858] رفع يَدَيْهِ الخ فِي فتح الْقَدِير أَنه اجْتمع الامام أَبُو حنيفَة مَعَ الْأَوْزَاعِيّ بِمَكَّة فَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ مَا لكم لَا ترفعون أَيْدِيكُم عِنْد الرُّكُوع وَالرَّفْع مِنْهُ فَقَالَ أَبُو حنيفَة لاجل أَنه لم يَصح عَن رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ شَيْء أَي لم يَصح معنى إِذْ هُوَ معَارض والا فإسناده صَحِيح فَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ كَيفَ لم يَصح وَقد حَدثنِي الزُّهْرِيّ عَن سَالم عَن أَبِيه عبد الله بن عمرَان رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يرفع يَدَيْهِ إِذا افْتتح الصَّلَاة وَعند الرُّكُوع وَعند الرّفْع مِنْهُ فَقَالَ أَبُو حنيفَة حَدثنَا عَن إِبْرَاهِيم عَن عَلْقَمَة والأسو عَن عبد الله بن مَسْعُود ان النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ لَا يرفع يَدَيْهِ الا عِنْد الِافْتِتَاح ثمَّ لَا يعود فَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ أحَدثك عَن الزُّهْرِيّ عَن سَالم عَن أَبِيه وَتقول حَدثنَا حَمَّاد عَن إِبْرَاهِيم فَقَالَ أَبُو حنيفَة حَمَّاد افقه من الزُّهْرِيّ وَكَانَ إِبْرَاهِيم افقه من سَالم وعلقمة لَيْسَ دون بن عمر أَي فِي الْفِقْه وان كَانَ لِابْنِ عمر صُحْبَة وَالْأسود لَهُ فضل كثير وَعبد الله عبد الله فرجح أَبُو حنيفَة لفقه الروَاة كَمَا رجح الْأَوْزَاعِيّ لعلو الْإِسْنَاد انْتهى وروى عَاصِم بن كُلَيْب ان عليا رَضِي الله عَنهُ يرفع يَدَيْهِ فِي أول تَكْبِيرَة الصَّلَاة ثمَّ لَا يرفع وَلَا يفعل بعد النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خِلَافه الا بعد قيام الْحجَّة عِنْده على نسخ مَا كَانَ مرقاة وَفِيه من الْآثَار مَا رَوَاهُ الطَّحَاوِيّ ثمَّ الْبَيْهَقِيّ من حَدِيث الْحسن بن عَيَّاش بِسَنَدِهِ الى الْأسود قَالَ رَأَيْت عمر بن الْخطاب يرفع يَدَيْهِ فِي أول تَكْبِيرَة ثمَّ لَا يعود قَالَ وَرَأَيْت إِبْرَاهِيم وَالشعْبِيّ يفْعَلَانِ ذَلِك قَالَ الطَّحَاوِيّ هَذَا الحَدِيث صَحِيح فَإِن مَدَاره على الْحسن بن عَيَّاش وَهُوَ ثِقَة حجَّة ذكر ذَلِك يحيى بن معِين وَغَيره افترى عمر بن الْخطاب خَفِي عَلَيْهِ ان النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يرفع يَدَيْهِ فِي الرُّكُوع وَالسُّجُود وَعلم من دونه وَمن هُوَ مَعَه يرَاهُ يفعل لَا يُنكر ذَلِك عَلَيْهِ هَذَا عندنَا محَال وَفعل عمر هَذَا وَترك أَصْحَاب رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِيَّاه على ذَلِك دَلِيل صَرِيح على أَن هَذَا هُوَ الْحق الَّذِي لَا يَنْبَغِي لأحد خِلَافه انْتهى أَقُول جَاءَت فِي الرّفْع وَعَدَمه أَحَادِيث وآثار كَثِيرَة فالشافعي وَمن وَافق مذْهبه يَقُول ان الرّفْع سنة وَأَبُو حنيفَة يَقُول لم يثبت عِنْدِي سنيته لتعارض الْأَدِلَّة ولاحتمال النّسخ وَعدم الرّفْع عِنْدِي احوط لَان الرّفْع ان كَانَ فِي نفس الْأَمر سنة وَلم يَفْعَله الْمصلى فَلَا حرج لِأَن صلَاته حِينَئِذٍ أَيْضا يكون كَامِلا لَهُ لِأَن صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلى مرّة أُخْرَى وَلم يرفع يَدَيْهِ وَظَاهر أَن صلَاته هَذِه أَيْضا كَانَت كَامِلَة وَمَا أَظن أحدا أَن يجترى على أَن يَقُول ان صلَاته هَذِه لَيست بمجردة عَن النُّقْصَان وان كَانَ مَنْسُوخا فِي الْوَاقِع فَفعله فِيهَا مُوجب لنقصانها لِأَن الرّفْع حِينَئِذٍ لَا يكون من افعال الصَّلَاة وَفعل مَالا يكون من افعال الصَّلَاة فِيهَا مُوجب لنقصانها الْبَتَّةَ وَالْحَاصِل أَن الامام يَقُول بِعَدَمِ ثُبُوت سنية الرّفْع لَا بِثُبُوت عدم سنية الرّفْع وَلَا بِثُبُوت سنية عدم الرّفْع كَذَا سَمِعت استاذي مَوْلَانَا الْمُعظم مولوي مُحَمَّد قَاسم الْحَاشِيَة الْمُتَعَلّقَة بصفحة هَذَا قَوْله [871] لَا صَلَاة الخ عِنْد الْجُمْهُور مَحْمُول على الظَّاهِر وَعند أبي حنيفَة على نفي الْكَمَال (إنْجَاح) قَوْله [872] لَو صب عَلَيْهِ المَاء أَي على ظَهره أَي فِي قَعْر عظم الصلب وَيَقَع ذَلِك القعر عِنْد استوائه وَلَو كَانَ مائلا الى أحد الجوانب لخرج المَاء من هَذَا الْجَانِب (إنْجَاح) قَوْله فطبقت قَالَ فِي الْمجمع التطبيق هُوَ أَن يجمع بَين أَصَابِع يَدَيْهِ ويجعلهما بَين رُكْبَتَيْهِ فِي الرُّكُوع وَالتَّشَهُّد قلت وَهُوَ مَنْسُوخ بالِاتِّفَاقِ (فَخر) قَوْله

[875] رَبنَا وَلَك الْحَمد بِالْوَاو وَورد بِدُونِهَا قَالَ الطَّيِّبِيّ والمختاران الْوَجْهَيْنِ جائزان وَلَا رُجْحَان لأَحَدهمَا على الاخر وَقَالَ القَاضِي عِيَاض على اثبات الْوَاو يكون قَوْله رَبنَا مُتَعَلق بِمَا قبله تَقْدِيره سمع الله لمن حَمده يَا رَبنَا فاستجب حمدنا ودعاءنا وَلَك الْحَمد انْتهى قَالَ الشَّيْخ فِي اللمعات هَذَا الحَدِيث تمسك امام أَبُو حنيفَة أَي فِي اتيان الامام بالتسميع وَالْمَأْمُوم بالتحميد وان لَا يجمع الامام بَينهمَا لِأَن هَذَا قسْمَة وَالْقِسْمَة تنَافِي الشّركَة وَلِهَذَا لَا يَأْتِي المقتدى بالتسميع عندنَا وَمذهب مَالك أَيْضا مثل مَذْهَب أبي حنيفَة وَكَذَا مَذْهَب أَحْمد فِي الْمَشْهُور عَنهُ تمسكا بِالْحَدِيثِ الْمَذْكُور وَعند الشَّافِعِي كَمَا ذكره الطَّيِّبِيّ الْجمع بَينهمَا للامام والماموم وَالْمُنْفَرد لِأَنَّهُ ثَبت أَنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ صلوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي انْتهى وَكَذَا قَالَ النَّوَوِيّ قَالَ القادري فِيهِ ان الدَّلِيل القولي أقوى من الدَّلِيل الْفعْلِيّ لِأَن قَوْله تشريع لَا يحْتَمل الخصوصية بِخِلَاف فعله وَأَيْضًا يحمل جمعه على حَالَة الِانْفِرَاد وافراده على حَالَة الْجمع وَبِه يحصل الْجمع ويوافق قَوْله صلوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي وَالله أعلم لمعات ومرقاة قَوْله مَلأ السَّمَاوَات بِالنّصب وَهُوَ أشهر صفة مصدر مَحْذُوف وَقيل حَال أَي حَال كَونه ماليا لتِلْك الْأَجْسَام على تَقْدِير تجسمه وبالرفع صفة الْحَمد والملاء بِالْكَسْرِ مَا يَأْخُذهُ الْإِنَاء إِذا امْتَلَأَ وَهُوَ مجَاز عَن الْكَثْرَة قَالَ المظهري هَذَا تَمْثِيل إِذا الْكَلَام لَا يقدر بالمكائيل وَلَا تسعه الْأَدْعِيَة إِنَّمَا المُرَاد مِنْهُ تكْثر الْعدَد حَتَّى لَو قدر أَن تِلْكَ الْكَلِمَات تكون اجساما تملأ الْأَمَاكِن لبلغت من كثرتها مَا تملأ السَّمَاوَات والارضين قَوْله بعد أَي بعد ذَلِك أَي مَا بَينهمَا أَو غير مَا ذكر من الْعَرْش والكرسي وَمَا تَحت الثرى وَالْمرَاد بملاء مَا شِئْت مَا تعلق بِهِ مشيته قَالَ التوربشتي هَذَا أَي مَلأ مَا شِئْت يُشِير الى الِاعْتِرَاف بِالْعَجزِ من أَدَاء حق الْحَمد 12 (مرقاة) [879] ذكرت الجدود الخ جمع جد بِالْفَتْح وَهُوَ الثروة والرفعة فِي الدُّنْيَا أَي ذكر الصَّحَابَة ان فلَانا ذُو ثروة فِي الْخَيل وَفُلَان فِي الْإِبِل وَهَكَذَا فكره صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَن الدُّنْيَا ذَاهِبَة ومتاعها قَلِيل وَدُنْيا الرجل لَا تَنْفَع من الله شَيْئا يَوْم لَا ينفع مَال وَلَا بنُون الا من أَتَى الله بقلب سليم فَأنْكر صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ فِي الصَّلَاة وَقَالَ اللَّهُمَّ لَا مَانع الخ (إنْجَاح) قَوْله لَا ينفع ذَا الْجد الخ الْمَشْهُور فتح الْجِيم بِمَعْنى العظمة والخط وَالْعِتْق أَو النّسَب قَالَ التوربشتي أَي لَا ينفع ذَا الْغنى مِنْك غناءه وَإِنَّمَا يَنْفَعهُ الْعَمَل بطاعتك فَمَعْنَى مِنْك عنْدك وَيحْتَمل وَجها آخر أَي لَا يُسلمهُ من عذابك غناهُ قَالَ المظهري أَي لَا يمْنَع عَظمَة الرجل وغناه عذابك عَنهُ ان شِئْت عَذَابه وَقيل لَا ينفع مَعْطُوف على مَا قبله أَي لَا ينفع عطاءه كَمَا لَا يضر مَنعه وَذَا الْجد منادى الى الْجد وَقيل الْجد أَب الْأَب أَو أَب الْأُم أَي لَا ينفع ذَا النّسَب الشريف نسبه مِنْك وَقَالَ الرَّاغِب الْمَعْنى لَا يتَوَصَّل الى ثَوَاب الله فِي الْآخِرَة بالجد وَإِنَّمَا ذَلِك بِالطَّاعَةِ انْتهى أَو فِي بعض الرِّوَايَات وَقيل من النّسخ بِكَسْر الْجِيم فَالْمَعْنى لَا يَنْفَعهُ مُجَرّد جده وجهده وَإِنَّمَا يَنْفَعهُ التَّوْفِيق وَالْقَبُول مِنْك بِعَمَلِهِ (مرقاة) قَوْله فَلَو أَن بهمة بِفَتْح الْبَاء وَسُكُون الْهَاء ولد الضَّأْن والمعز أكبر من السخلة (إنْجَاح) قَوْله بالقاع القاع الْمَكَان المستوي الْوَاسِع فِي وطاءة من الأَرْض يعلوه مَاء السَّمَاء فيمسكه وَيُسَوِّي بِذَاتِهِ والنمرة بِفَتْح النُّون وَكسر الْمِيم مَكَان قريب العرفات والعفرة بِالضَّمِّ بَيَاض لَيْسَ بناضع خَالص وَنَظره الى عفريته لِأَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يبعد عضديه عَن جَنْبَيْهِ (إنْجَاح الْحَاجة) قَوْله [882] وضع رُكْبَتَيْهِ الخ وَعَلِيهِ الْعَمَل عِنْد أَكثر أهل الْعلم مِنْهَا أَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ وَأحمد عملا بِهَذَا الحَدِيث وَذهب مَالك وَالْأَوْزَاعِيّ وَأحمد فِي رِوَايَة الى أَن يضع يَدَيْهِ قبل رُكْبَتَيْهِ بِحَدِيث أبي هُرَيْرَة إِذا سجد أحدكُم فَلَا يبرك كَمَا يبرك الْبَعِير وليضع يَدَيْهِ قبل رُكْبَتَيْهِ وَلَا يخفى ان أول هَذَا الحَدِيث يُخَالف آخِره لِأَنَّهُ إِذا وضع يَدَيْهِ قبل رُكْبَتَيْهِ فقد برك برك الْبَعِير وأوله الْمنْهِي عَنهُ وَمَا قيل فِي توفيقه أَن الرّكْبَة من الْإِنْسَان فِي الرجلَيْن وَمن ذَوَات الْأَرْبَع فِي الْيَدَيْنِ فَرده صَاحب الْقَامُوس فِي سفر السَّعَادَة وَقَالَ هَذَا وهم وَغلط ومخالف لائمة اللُّغَة وَقَالَ على الْقَارِي وَالَّذِي يظْهر لي وَالله أعلم أَن هَذَا الحَدِيث آخِره الْقلب على بعض الروَاة وَأَنه كَانَ لَا يضع يَدَيْهِ قبل رُكْبَتَيْهِ وَقَالَ بَعضهم هَذَا الحَدِيث مَنْسُوخ بِحَدِيث مُصعب بن سعد بن أبي وَقاص عَن أَبِيه قَالَ كُنَّا نضع الْيَدَيْنِ قبل الرُّكْبَتَيْنِ فَأمرنَا بِوَضْع الرُّكْبَتَيْنِ قبل الْيَدَيْنِ رَوَاهُ بن خُزَيْمَة قلت قَالَ الْخطابِيّ حَدِيث وَائِل بن حجر اثْبتْ من حَدِيث أبي هُرَيْرَة انْتهى وَإِذا اخْتلف الحديثان فَالْعَمَل على أقواهما أولى (فَخر) قَوْله [885] إِذا سجد العَبْد الخ وَقَالَ التِّرْمِذِيّ وَعَلِيهِ الْعَمَل عِنْد أهل الْعلم وان سجد على الْجَبْهَة وَحدهَا بِدُونِ الْأنف قَالَ قوم من أهل الْعلم يَكْفِي وَالْأَكْثَر على أَنه لَا يَكْفِي وَمذهب الْحَنَفِيَّة السَّجْدَة بالجبهة وَالْأنف هُوَ الْأَفْضَل والاقتصار على أَحدهمَا جَائِز أَيْضا فَإِن كَانَ بالجبهة وَحدهَا جَازَ عِنْد ابيحنيفة وصاحبيه جَمِيعًا فِي رِوَايَة بِلَا كَرَاهَة وَفِي رِوَايَة بِكَرَاهَة وان كَانَ بالأنف وَحده لم يخر عِنْد صَاحِبيهِ وَفِي رِوَايَة عِنْده أَيْضا وَفِي الْأُخْرَى عَنهُ جَائِز وَلَكِن مَعَ كَرَاهَة وَدَلِيله أَن السُّجُود عبارَة عَن وضع الْوَجْه وَهُوَ الْمَذْكُور فِي الْمَشْهُور وَلَا يُمكن وضع جَمِيع الْوَجْه لِأَن الْأنف والجبهة عظمان ناتيان يمنعان عَن وضع الْبَعْض وَإِذا تعذر وضع الْكل فالمأمور بِهِ وضع الْبَعْض وللوجه أَجزَاء مُتعَدِّدَة الْجَبْهَة والانف والخدان والذقن وَلم يجز وضع الْخَدين والذقن لتعيين الشَّارِع الْجَبْهَة والانف وَأَيْضًا فِي وضع الْخَدين لَا يحصل الا مَعَ انحراف عَن الْقبْلَة وَلَيْسَ فِي وضع الذقن فِي الْعرف تَعْظِيم فَتعين الْوَجْه والانف فَإِن كَانَ بهما كَانَ أفضل بِلَا شُبْهَة وان كَانَ بالجبهة جَازَ لذكرها فِي بعض الْأَحَادِيث اسْتِقْلَالا وان كَانَ بالأنف وَحده فَلهُ صُورَة جَوَاز لكَونه بعض الْوَجْه وَوَضعه يتَضَمَّن التَّعْظِيم وَجَوَاز السُّجُود بالجبهة وَحدهَا مِمَّا اتّفق عَلَيْهِ الْجُمْهُور الا عِنْد مَالك وَالْأَوْزَاعِيّ وَالثَّوْري وَأما وضع الْيَدَيْنِ والركبتين فَهُوَ سنة عِنْد الْحَنَفِيَّة وَالشَّافِعِيّ لتحَقّق السُّجُود بِدُونِهِ وَمَا جَاءَ فِي بعض الرِّوَايَة بِلَفْظ أمرت ان اسجد الخ فَالْمُرَاد بِالْأَمر الْمَعْنى الشَّامِل للْوُجُوب وَالنَّدْب وَهُوَ طلب الْفِعْل وَالْمُخْتَار عِنْد الْفَقِيه أبي اللَّيْث أَنه إِذا لم يضع الْمُصَلِّي ركبته على الأَرْض لم يكف وَأما وضع الْقَدَمَيْنِ فَقَالَ الْقَدُورِيّ فرض كَذَا فِي الْهِدَايَة لِأَن السُّجُود مَعَ رفع الْقَدَمَيْنِ أشبه بالتلاعب دون التَّعْظِيم وَيَكْفِي فِي الْجَوَاز وضع أصْبع وَاحِدَة وان رفع أحد قَدَمَيْهِ جَازَ مَعَ كَرَاهَة كَذَا فِي فتح الْقَدِير قَوْله [886] كُنَّا لناوى الخ أَي نترحم عَلَيْهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لحُصُول الْمَشَقَّة لَهُ فان السَّجْدَة بِهَذِهِ الْهَيْئَة اشق من السَّجْدَة كَهَيئَةِ النِّسَاء (إنْجَاح) قَوْله

[890] وَذَلِكَ أدناه قَالَ بن الْملك أَي أدنى الْكَمَال فِي الْعدَد وأكمله سبع مَرَّات والاوسط خمس مَرَّات وَقَالَ التِّرْمِذِيّ تجب أَن لَا ينقص الرجل فِي الرُّكُوع وَالسُّجُود من ثلث تسبيحات وروى عَن بن الْمُبَارك أَنه قَالَ يسْتَحبّ للامام ان يسبح خمس تسبيحات لكَي يدْرك من خَلفه ثَلَاث تسبيحات انْتهى قَوْله فليعتدل قَالَ الْكرْمَانِي أَي توسطوا بَين الافتراش وَالْقَبْض وبوضع الْكَفَّيْنِ على الأَرْض وَرفع الْمرْفقين عَنْهَا وَعَن الجنبين والبطن عَن الفخذين إِذْ هُوَ أشبه بالتواضع وأبلغ فِي تَمْكِين الْجَبْهَة وَأبْعد من الكسالة وَقَوله وَلَا يفترش الخ فِي النِّهَايَة فِي معنى الافتراش هُوَ أَن يبسط ذِرَاعَيْهِ فِي السُّجُود وَلَا يرفعهما عَن الأَرْض كبسط الْقلب وَالذِّئْب راعيه انْتهى 12 [894] لَا تقع بَين السَّجْدَتَيْنِ بِضَم التَّاء وَسُكُون الْقَاف من الاقعاء وَهُوَ أَن يضع اليتيه على الأَرْض وَينصب رُكْبَتَيْهِ كَذَا فِي الْهِدَايَة وَقَالَ هُوَ الصَّحِيح وَقَالَ بن الْهمام هَذَا احْتِرَاز من قَول الْكَرْخِي هُوَ أَن ينصب قَدَمَيْهِ كَمَا فِي السُّجُود وَينصب اليتيه على عَقِبَيْهِ لِأَن الْمَذْكُور فِي الحَدِيث هُوَ صفة الْكَلْب وَهِي مَا ذكرنَا وَمَا قَالَ الْكَرْخِي مَكْرُوه أَيْضا وَلِأَن الاقعاء بذلك التَّفْسِير يكون بَين السَّجْدَتَيْنِ وَبِهَذَا التَّفْسِير يكون فِي حَال السُّجُود وَالتِّرْمِذِيّ بعد عقد بَاب فِي كَرَاهَة الاقعاء فِي السُّجُود وإيراد حَدِيث عَليّ وتضعيف بعض رُوَاته عقد بَابا آخر فِي رخصَة الاقعاء وَارِد حَدِيثا عَن بن عَبَّاس قا هوسنة نَبِيكُم صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ كَانَ بعض أهل الْعلم من أَصْحَاب النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُونَ لَا بَأْس بِهِ وَهَذَا قَول بعض أهل مَكَّة من أهل الْفِقْه وَالْعلم وَكَثِيرًا هَل الْعلم يكْرهُونَ الاقعاء بَين السَّجْدَتَيْنِ وَقَالَ بن الْهمام روى الْبَيْهَقِيّ عَن بن عَمْرو بن الزبير أَنهم كَانُوا يقعون فَالْجَوَاب الْمُحَقق عَنهُ ان الاقعاء على ضَرْبَيْنِ أَحدهمَا مُسْتَحبّ وَهُوَ أَن يضع اليتيه على عَقِبَيْهِ وَركبَتَاهُ على الأَرْض وَهُوَ الْمَرْوِيّ عَن العبادلة والمنهي ان يضع اليتيه وَيَديه على الأَرْض وَينصب سَاقيه فَتدبر لمعات قَوْله [900] يعلمنَا التَّشَهُّد الخ اعْلَم ان أَبَا حنيفَة وَجُمْهُور الْعلمَاء اخْتَارُوا تشهد بن مَسْعُود لِأَنَّهُ أصح وَاخْتَارَ مَالك تشهد عمر رض وَالشَّافِعِيّ وَأحمد اختارا التَّشَهُّد لِابْنِ عَبَّاس قَالَ الْقَارِي فِي شرح المؤطا قَالَ بن الْهمام تشهد بن مَسْعُود اتّفق الْأَئِمَّة السِّتَّة عَلَيْهِ لفظا وَمعنى وَهُوَ نَادِر لِأَن أَعلَى دَرَجَات الصَّحِيح عِنْدهم مَا اتّفق عَلَيْهِ الشَّيْخَانِ وَلَو فِي أَصله فَكيف إِذا اتّفق السِّتَّة على لَفظه وَتشهد بن عَبَّاس مَعْدُود من أَفْرَاد مُسلم وان رَوَاهُ غير البُخَارِيّ من السّنة انْتهى قَالَ مُحَمَّد فِي المؤطا وَكَانَ بن مَسْعُود يكره ان يُزَاد فِيهِ حرف أَو ينقص وَهَذَا مِنْهُ يدل على غَايَة حفظه وَنِهَايَة ضَبطه وَذكر بن الْهمام قَالَ أَبُو حنيفَة أَخذ حَمَّاد بيَدي وَعَلمنِي التَّشَهُّد وَقَالَ حَمَّاد أَخذ إِبْرَاهِيم بيَدي وَعَلمنِي التَّشَهُّد وَقَالَ إِبْرَاهِيم اخذ عَلْقَمَة بيَدي وَعَلمنِي التَّشَهُّد وَقَالَ عَلْقَمَة أَخذ عبد الله بن مَسْعُود بيَدي وَعَلمنِي التَّشَهُّد وَقَالَ عبد الله اخذ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بيَدي وَعَلمنِي التَّشَهُّد كَمَا يعلمني السُّورَة وَكَانَ يَأْخُذ علينا بِالْوَاو وَالْألف وَاللَّام انْتهى وَالْمعْنَى انه كَانَ يَقُول التَّحِيَّات لله والصلوات والطيبات بِالْوَاو العاطفة وبالالف وَاللَّام مَوضِع السَّلَام قَوْله

[903] قد عَرفْنَاهُ فَكيف الصَّلَاة قَالَ الْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه إِشَارَة الى السَّلَام على النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي التَّشَهُّد فَيكون قَوْله فَكيف الصَّلَاة المُرَاد بِهِ فِي التَّشَهُّد أَيْضا قَالَه السُّيُوطِيّ فِي الزجاجة قلت ان سلم ذَلِك فَالْمَعْنى انا أمرنَا بِالسَّلَامِ وَالصَّلَاة عَلَيْك فقد علمنَا ذَلِك من السَّلَام فِي التَّشَهُّد فَكيف الصَّلَاة عَلَيْك فَلَو كَانَ أَمر الصَّلَاة لَكَانَ مُبينًا عِنْدهم مَعَ السَّلَام وَالله أعلم قَوْله كَمَا صليت الخ قَالَ الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان ذكر الْحَلِيمِيّ فِي معنى هَذَا التَّشْبِيه ان الله تَعَالَى أخبر ان الْمَلَائِكَة قَالَت فِي بَيت إِبْرَاهِيم مُخَاطبَة لسارة رَحْمَة الله وَبَرَكَاته عَلَيْكُم أهل الْبَيْت إِنَّه حميد مجيد وَقد علمنَا ان النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من أهل بَيت إِبْرَاهِيم فَكَذَلِك أَله كلهم فَمَعْنَى قَوْلنَا اللَّهُمَّ صل وَبَارك على مُحَمَّد الخ أَي اجب دُعَاء ملائكتك الَّذين دعوا لأهل بَيت إِبْرَاهِيم فَقَالُوا رحمت الله وَبَرَكَاته عَلَيْكُم أهل الْبَيْت فِي مُحَمَّد وَآل مُحَمَّد كَمَا أَجَبْته فِي الْمَوْجُودين كَانُوا يَوْمئِذٍ من أهل بَيت إِبْرَاهِيم فَإِنَّهُ واله من أهل بَيته أَيْضا وَلذَلِك ختم على هَذَا الدُّعَاء بِأَن يَقُول إِنَّك حميد مجيد فَإِن الْمَلَائِكَة ختم على هَذَا الدُّعَاء بِأَن يَقُول إِنَّك حميد مجيد انْتهى مِصْبَاح الزجاجة قَوْله كَمَا صليت على إِبْرَاهِيم ذكر فِي وَجه تَخْصِيصه من بَين الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم السَّلَام وُجُوه أظهرها كَونه جد النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقد أَمر بمتابعته فِي الْأُصُول وعَلى آل إِبْرَاهِيم وَهُوَ إِسْمَاعِيل وَإِسْحَاق واولادهما وَفِي هَذَا التَّشْبِيه اشكال مَشْهُور وَهُوَ أَن الْمُقَرّر كَون الْمُشبه دون الْمُشبه بِهِ ولاواقع هَهُنَا عَكسه وَأجِيب بأجوبة مِنْهَا ان هَذَا قبل أَن يعلم أَنه أفضل وَمِنْهَا أَنه قَالَ تواضعا وَمِنْهَا ان التَّشْبِيه فِي الأَصْل لَا فِي الْقدر كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى أحسن كَمَا أحسن الله إِلَيْك وَمِنْهَا ان الْكَاف للتَّعْلِيل وَمِنْهَا أَن التَّشْبِيه يتَعَلَّق بقوله وعَلى آل مُحَمَّد وَمِنْهَا أَن التَّشْبِيه إِنَّمَا هُوَ الْمَجْمُوع بالمجموع فَإِن الْأَنْبِيَاء من آل إِبْرَاهِيم كَثِيرَة وَهُوَ أَيْضا مِنْهُم وَمِنْهَا أَن التَّشْبِيه من بَاب الحاق بِمَا لم يشْتَهر بِمَا اشْتهر وَمِنْهَا ان الْمُقدمَة الْمَذْكُورَة مَرْفُوعَة بل قد يكون التَّشْبِيه بِالْمثلِ وَبِمَا دونه كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى مثل نوره كمشكوة فِيهَا مِصْبَاح الْآيَة (مرقاة) [906] فَأحْسنُوا الصَّلَاة عَلَيْهِ واحسان الصَّلَاة اخْتِيَار افضلها وأكملها فِي الْمعَانِي وَاخْتلفُوا فِي أفضلهَا فَذهب أَكْثَرهم الى ان أفضلهَا مَا هِيَ مأثورة فِي الصَّلَاة اللَّهُمَّ صل على مُحَمَّد وعَلى آل مُحَمَّد كَمَا صليت الخ وَقَول بن مَسْعُود يدل على أَفضَلِيَّة الْمَذْكُورَة فِي هَذِه الرِّوَايَة وَلَا شكّ ان هَذِه الصَّلَاة أفضلهَا فِي الْمعَانِي والمباني لِأَن فِي آخرهَا الصَّلَاة المأثورة فِي الصَّلَاة وَفِي أَولهَا مَا لَا يخفى من حسنها (إنْجَاح) قَوْله لَا تَدْرُونَ الخ فِيهِ وَهُوَ ان الصَّلَاة معروضة عَلَيْهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْبَتَّةَ فَإِنَّهُ قد جَاءَ ان لله مَلَائِكَة سياحين يبلغون من أمتِي السَّلَام وَمَا من مُسلم صلى عَليّ الا رد الله عَليّ روحي الخ فَلم جَاءَ بن مَسْعُود بِكَلِمَة لَعَلَّ الدَّال على الرَّجَاء بِلَا يَقِين فَجَوَابه ان الترجي فِي قبولية الصَّلَاة فَإِن عرضه لَا يكون الا بِشَرْط الْقبُول لعدم اخْتِلَاطه بالرياء وَالْعجب فَإِن الْهَدِيَّة لَا تقبل عِنْد الْخِيَار الا مَا كَانَ مِنْهُ مُخْتَار والا ترد على صَاحبهَا (إنْجَاح) قَوْله [908] من نسي الصَّلَاة عَليّ الخ لَعَلَّ المُرَاد بِالنِّسْيَانِ تَركهَا وَالنِّسْيَان يسْتَعْمل فِي التّرْك كثيرا كَمَا فِي قَوْله جلّ ذكره يَا لَيْتَني مت قبل هَذَا وَكنت نسيا منسيا أَي متروكة الذّكر بِحَيْثُ لَا يذكر فِي أحد وَأما نِسْيَان الْمَعْرُوف فَلَيْسَ فِي وسع الْإِنْسَان وَلِهَذَا قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ان الله تَعَالَى رفع عَن أمتِي الْخَطَأ وَالنِّسْيَان وَمَا اسْتكْرهُوا عَلَيْهِ (إنْجَاح الْحَاجة) قَوْله [909] وَمن فتْنَة الْمحيا وَالْمَمَات قَالَ الشَّيْخ أوبو النجيب السهروردي قدس الله روحه يُرِيد بفتنة الْمحيا الِابْتِلَاء مَعَ زَوَال الصَّبْر والرضاء والوقوع فِي الافات والاصرار على الْفساد وَترك مُتَابعَة طَرِيق الْهدى وبفتنة الْمَمَات سوال مُنكر وَنَكِير مَعَ الْحيرَة وَالْخَوْف وَعَذَاب الْقَبْر وَمَا فِيهِ من الْأَهْوَال والشدائد طيبي قَوْله الْمَسِيح الدَّجَّال قيل سمى الدَّجَّال مسيحا لِأَن أحد عَيْنَيْهِ ممسوحة فَيكون فعيلا بِمَعْنى مفعول أَو لِأَنَّهُ يمسح الأَرْض أَي يقطعهَا فِي أَيَّام محدودة فَيكون بِمَعْنى فَاعل قَالَه الطَّيِّبِيّ وَأما الْمَسِيح الَّذِي هُوَ لقب عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام فاصله المسيحا بالعبرانية وَهُوَ الْمُبَارك أَو لِأَنَّهُ يمسح ذَا آفَة فيبر أَمر قَوْله مَا أحسن الخ الدندنة الصَّوْت الْخَفي كصوت الذُّبَاب والذنابير بِحَيْثُ يسمع صَوت وَلَا يفهم كَلِمَاته وَمَعْنَاهُ لَا أعرف دعاءك الْخَفي الَّذِي تَدْعُو بِهِ فِي الصَّلَاة وَلَا صَوت معَاذ وَكَانَ معَاذ أَمَام الْقَوْم فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حولهَا تدندن أَي حول الْجنَّة أَي نَحن أَيْضا نَدْعُو الله تَعَالَى بِدُخُول الْجنَّة ونعوذ بِهِ من النَّار (إنْجَاح) قَوْله وَيُشِير بِأُصْبُعِهِ قَالَ الطَّيِّبِيّ أَي يرفعها عِنْد قَوْله لَا إِلَه لمناسبة الرّفْع للنَّفْي ويضعها عِنْد الا الله لملايمة الْوَضع للاثبات ومطابقة بَين القَوْل وَالْفِعْل حَقِيقَة (مرقاة) قَوْله وَحلق الْإِبْهَام قَالَ الطَّيِّبِيّ وللفقهاء فِي كَيْفيَّة عقدهَا وُجُوه أَحدهَا عقد ثَلَاثَة وَخمسين وَهُوَ أَن يعْقد الْخِنْصر والبنصر وَيُرْسل المسبحة وَيضم الْإِبْهَام الى أصل المسبحة كمارواه بن عمر وَالثَّانِي ان يضم الْإِبْهَام الى الْوُسْطَى المقبوضة كالقابض ثَلَاثًا وَعشْرين كَمَا رَوَاهُ بن الزبير وَالثَّالِث ان يقبض الْخِنْصر والبنصر وَيُرْسل المسبحة ويحلق الْوُسْطَى والإبهام كَمَا رَوَاهُ وَائِل بن حجر والاخير هُوَ الْمُخْتَار عندنَا قَالَ الرَّافِعِيّ الاخبار وَردت بهَا جَمِيعًا وَكَانَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يضع مرّة هَكَذَا وَمرَّة هَكَذَا (مرقاة) قَوْله [913] وضع يَدَيْهِ الخ ظَاهره مُوَافق لما فِي الدّرّ المختاران الْمُفْتِي بِهِ عندنَا انه يُشِير باسطا أَصَابِعه كلهَا قَالَ بن الْهمام لَا شكّ ان وضع الْكَفّ مَعَ قبض الْأَصَابِع لَا يتَحَقَّق حَقِيقَة فَالْمُرَاد وَالله أعلم وضع الْكَفّ ثمَّ قبض الْأَصَابِع بعد ذَلِك عِنْد الْإِشَارَة وَهُوَ الْمَرْوِيّ عَن مُحَمَّد فِي كَيْفيَّة الْإِشَارَة قَالَ يقبض خِنْصره وَالَّتِي تَلِيهَا ويحلق الْوُسْطَى والابهام وَيضم المسبحة وَكَذَا عَن أبي يُوسُف فِي الامالي وَهَذَا فرع تَصْحِيح الْإِشَارَة وَعَن كثير من الْمَشَايِخ أَنه لَا يُشِير أصلا وَهُوَ خلاف الرِّوَايَة والدراية انْتهى وَفِي الْمُوَطَّأ لمُحَمد كَانَ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذا جلس فِي الصَّلَاة وَوضع كَفه الْيُمْنَى على فَخذه الْيُمْنَى وَقبض أَصَابِعه كلهَا وَأَشَارَ بِأُصْبُعِهِ الَّتِي تلِي الْإِبْهَام وضع كَفه الْيُسْرَى على فَخذه الْيُسْرَى قَالَ مُحَمَّد وبصنع رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَأْخُذ وَهُوَ قو أبي حنيفَة قَالَ الْقَارِي وَكَذَا قَول مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد وَلَا يعرف فِي المسئلة خلاف السّلف من الْعلمَاء وَإِنَّمَا خالفوا فِيهَا بعض الْخلف فِي مَذْهَبنَا من الْفُقَهَاء قَوْله

[917] يَوْم الْجمل الخ يَوْم الْجمل يَوْم وَقع الْحَرْب بَين عَليّ رض وَعَائِشَة رض وَكَانَت تطلب قتلة عُثْمَان وَمَعَهَا الزبير وَطَلْحَة وَكَانَت راكبة على الْجمل فسميت المعركة بالجمل (إنْجَاح) قَوْله مُحَمَّد الصغاني مَنْسُوب الى صغانيان بالصَّاد الْمَفْتُوحَة والغين الْمُعْجَمَة هُوَ كورة عَظِيمَة بِمَا وَرَاء النَّهر مُعرب جغانيان كَذَا فِي الْقَامُوس وَقَالَ النِّسْبَة اليه صغاني وصاغاني (إنْجَاح) قَوْله كَانَ يسلم الخ ذهب مَالك الى أَنه يسلم وَاحِدَة قبل وَجهه اخذ بِهَذَا الحَدِيث وَالثَّلَاثَة على أَنه يسلم بتسليمتين لما سبق من حَدِيث بن مَسْعُود رَوَاهُ الْخَمْسَة وَمُسلم بِمَعْنَاهُ قَالَ بن الْهمام حَدِيث بن مَسْعُود أرجح مِمَّا اخذ بِهِ مَالك من حَدِيث عَائِشَة وروى عَن أَحْمد فِي تَأْوِيل حَدِيث عَائِشَة ان مَعْنَاهُ انه كَانَ يجْهر بِتَسْلِيمَة وَاحِدَة قَالَ بن قدامَة وَالْمعْنَى فِي هَذَا ان الْجَهْر فِي غير الْقِرَاءَة انما هُوَ للاعلام وَقد حصل بِالْأولَى وَقَالَ معنى قَول عَائِشَة تِلْقَاء وَجهه أَنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يبتدى بقوله السَّلَام عَلَيْكُم الى الْقبْلَة ثمَّ يلْتَفت عَن يَمِينه ويساره والتفاته كَانَ فِي أثْنَاء سَلَامه 12 لمعات [921] فَردُّوا عَلَيْهِ أَي نوى الرَّد على الامام بالتسليمة الثَّانِيَة من على يَمِينه وبالاولى من على يسَاره وَبِهِمَا من على محاذاته (مرقاة) قَوْله لم يقْعد الا مِقْدَار مَا يَقُول الخ قَالَ بن الْهمام مُقْتَضى الْعبارَة ان يفصل بِذكر قدر ذَلِك تَقْرِيبًا فَأَما مَا يكون من زِيَادَة غير مُتَقَارِبَة مثل الْعدَد السَّابِق من التسبيحات والتحمديات والتكبيرات فَيَنْبَغِي استنان تَأْخِيره عَن السّنة الْبَتَّةَ وَكَذَا آيَة الْكُرْسِيّ وَمَا ورد فِي الاخبار لَا يَقْتَضِي وصل هَذِه الْأَذْكَار بل كَونهَا عقيب السّنة انْتهى لمعات مُخْتَصرا قَوْله عَليّ بن الْقَاسِم قَالَ فِي التَّقْرِيب صَوَابه عبد الا على كَذَا عِنْد من ذكر اسْمه على ورقم عَلَيْهِ لِابْنِ ماجة وَفِي ذكر عبد الا عَليّ رقم عَلَيْهِ لِابْنِ ماجة وَقَالَ عبد الا على بن الْقَاسِم الْهَمدَانِي أَبُو الْبشر النصري اللؤلؤئي انْتهى لَكِن الَّذِي فِي بن ماجة على بن الْقَاسِم مَوْلَانَا شاه عبد الْعَزِيز قدس سره قَوْله [926] فَأَيكُمْ يعْمل الخ يَعْنِي إِذا حَافظ على الخصلتين حصل الفان وَخَمْسمِائة حَسَنَة فِي يَوْم وَلَيْلَة فيعفى عَنهُ بِعَدَد كل حَسَنَة سَيِّئَة فَأَيكُمْ يَأْتِي بِأَكْثَرَ من هَذَا من السَّيِّئَات حَتَّى لَا يصير معفوا عَنهُ فَمَا لكم لَا تأتون بهما وَلَا تحصونهما سيد قَوْله وَكَيف الخ أَي كَيفَ لَا يُحْصى الْمَذْكُورَات فِي الخصلتين وَأي شَيْء يصرفنا عَنْهُمَا فَهُوَ استبعاد لَهما فِي الاستحصاء فَرد استبعادهم بِأَن الشَّيْطَان يوسوس لَهُ فِي الصَّلَاة حَتَّى يغْفل عَن الذّكر عَقِيبه وينومه عِنْد الِاضْطِجَاع بذلك سيد قَوْله [927] وَرُبمَا قَالَ الخ شكّ سُفْيَان وَالْقَائِل بقوله قلت أَبُو ذَر كَانَ سُفْيَان شكّ فِي أَن أَبَا ذَر قَالَ قلت لرَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَو قَالَ قيل للنَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إنْجَاح) قَوْله ادركتم من قبلكُمْ من مُتَقَدِّمي الْإِسْلَام عَلَيْكُم من هَذِه الْأمة أَو تدركون بِهِ جَمِيع من سبقكم من الْأُمَم وتسبقون بِهِ من بعدكم من متأخري الْإِسْلَام مِنْكُم الْمَوْجُودين من عصركم كَذَا فِي اللمعات وَقَالَ فِي الْمجمع ادركتم من قبلكُمْ أَي من أهل الْأَمْوَال فِي الدَّرَجَات اولا يسبقكم من بعدكم لَا من أَصْحَاب الْأَمْوَال وَلَا من غَيرهم وَلَا يمْتَنع أَن يفوق الذّكر مَعَ سهولة الْأَعْمَال الشاقة نَحْو الْجِهَاد وَأَن ورد أفضل الْأَعْمَال آخرهَا لِأَن فِي الْإِخْلَاص فِي الذّكر من الْمَشَقَّة سِيمَا الْحَمد حَال الْفقر بِالصبرِ بِهِ أعظم قَوْله وفتم من بعدكم من الْفَوْت أَي جاوزتم وسبقتم وتركتموهم خلفكم فَإِن الْإِنْسَان إِذا جَاوز وَسبق فَاتَ من كَانَ مَعَه وَترك (إنْجَاح) قَوْله لَا أَدْرِي الخ جَاءَ فِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى على التَّحْقِيق التَّكْبِير أَرْبعا وَثَلَاثِينَ (إنْجَاح) قَوْله [929] فَكَانَ ينْصَرف الخ يَعْنِي ان الْأَمر وَاسع لم يجب الِاقْتِصَار على جَانب وَاحِد لِأَنَّهُ قد صَحَّ الامران عِنْد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلما يرْوى عَن عَليّ رض أَنه قَالَ انكانت حَاجته عَن يَمِينه اخذ عَن يَمِينه وان كَانَت حَاجته عَن يسَاره اخذ عَن يسَاره قَالَ الْقَارِي فَإِن اسْتَوَى الجانبان فَيَنْصَرِف الى أَي جَانب شَاءَ وَالْيَمِين أولى لِأَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يحب التَّيَامُن فِي كل شَيْء انْتهى فَعلم من هَذَا أَن الِانْصِرَاف على الْيَمين مَنْدُوب وعَلى الشمَال رخصَة كَذَا يفهم من الطَّيِّبِيّ وَقَول بن مَسْعُود رض لَا يَجْعَل أحدكُم للشَّيْطَان فِي نَفسه جُزْء يرى أَن حَقًا عَلَيْهِ ان لَا ينْصَرف الا عَن يَمِينه هَذَا إِذا اعْتقد الْوُجُوب كَمَا يدل كلمة عَلَيْهِ قَالَ الطَّيِّبِيّ فِيهِ ان من أصر على أَمر مَنْدُوب وَجعل عزما وَلم يعْمل بِالرُّخْصَةِ فقد أصَاب مِنْهُ الشَّيْطَان من الاضلال فَكيف من أصر على بِدعَة أَو مُنكر انْتهى هَذَا مَحل تذكر للَّذين يصرون على الِاجْتِمَاع فِي الْيَوْم الثَّالِث للْمَيت ويدونه أرجح من حُضُور الْجَمَاعَة قَوْله فابدؤوا بالعشاء بِفَتْح الْعين هُوَ مَا يُوكل فِي ذَلِك الْوَقْت وَقيل مَا يُوكل بعد الزَّوَال وَاخْتلفُوا فِي هَذَا الْأَمر فالجمهور على أَنه للنَّدْب وَقيل للْوُجُوب وَبِه قَالَت الظَّاهِرِيَّة وَقَالَ ميرك نقلا عَن التَّصْحِيح وَهَذَا إِذا كَانَ جائعا وَنَفسه متشوق الى الْأكل وَفِي الْوَقْت سَعَة وَمَا أحسن مَا روينَا عَن أبي حنيفَة لِأَن يكون أكلي كُله صَلَاة أحب من أَن يكون صَلَاتي كلهَا أكلا والا فَيبْدَأ بِالصَّلَاةِ لِأَن النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يحتز من كتف شَاة فدعى الى الصَّلَاة فألقاها وَقَامَ يُصَلِّي عمده الْقَارِي ومرقاة قَوْله

[936] استفتحت الخ أَي طلبت فتح الْبَاب عَن أهل بَيْتِي وَالسَّمَاء الْمَطَر لم تبل اسافل نعالنا كِنَايَة عَن قلَّة الْمَطَر كَانَ أَبَاهُ انكر عَلَيْهِ خُرُوجه للصَّلَاة فِي هَذِه اللَّيْلَة مُعَللا بِأَن رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رخص فِي عدم الْحُضُور للْجَمَاعَة بِسَبَب قَلِيل من الْمَطَر انجاح الْحَاجة صلوا فِي رحالكُمْ قَالَ فِي الْقَامُوس الرحل مركب للبعير كالراحول جمعه ارحال وارحل ومسكنك وَمَا تستصحبه من الاناث انْتهى وَالْمرَاد هَهُنَا الْمَعْنى الْأَوْسَط قَالَ بن الْهمام عَن أبي يُوسُف سَأَلت أَبَا حنيفَة عَن الْجَمَاعَة فِي طين وروغة أَي وَحل كَثِيرَة فَقَالَ لَا أحب تَركهَا وَقَالَ مُحَمَّد فِي الْمُوَطَّأ فِي الحَدِيث رخصَة مر قَوْله مَا يستر الْمُصَلِّي أَي مَا يصلح ستْرَة لَهُ من النَّاس وَالدَّوَاب فَإِن الْمُرُور بَين يَدَيْهِ مَمْنُوع انجاح قَالَ الْقَارِي وتكفي قدر ذِرَاع فِي غلظ أصْبع وَقَالَ النَّوَوِيّ قَالَ الْعلمَاء الْحِكْمَة فِي الستْرَة كف الْبَصَر عَمَّا وَرَاءَهَا وَمنع من يجتاز بِقُرْبِهِ قَالَ أَصْحَابنَا يَنْبَغِي أَن يدنو من الستْرَة وَلَا يزِيد على ثَلَاثَة أَذْرع وسترة الامام ستْرَة الْمَأْمُوم وَيجْعَل الستْرَة على حَاجِبه الْأَيْمن أَو الْأَيْسَر (مرقاة) قَوْله [940] مثل مؤخرة الرحل قَالَ النَّوَوِيّ المؤخرة بِضَم الْمِيم وَكسر الْخَاء وهمزة سَاكِنة وَيُقَال بِفَتْح الْخَاء مَعَ فتح الْهمزَة وتشديدالخاء وَمَعَ اسكان الْهمزَة وَتَخْفِيف الْخَاء وَيُقَال آخِرَة الرحل بِهَمْزَة ممدودة وَكسر الْخَاء فَهَذَا أَربع لُغَات وَهِي الْعود الَّذِي فِي آخر الرحل وَفِي هَذَا الحَدِيث النّدب الى الستْرَة بَين يَدي الْمُصَلِّي وَبَيَان ان أقل الستْرَة مؤخرة الرحل وَهِي قدر عظم الذِّرَاع وَهُوَ نَحْو ثُلثي ذِرَاع وَيحصل بِأَيّ شَيْء أَقَامَهُ بَين يَدَيْهِ هَكَذَا وَشرط مَالك ان يكون فِي غلظ الرمْح قَالَ الْعلمَاء وَالْحكمَة فِي الستْرَة كف الْبَصَر عَمَّا وَرَاءَهَا وَمنع من يجتاز بِقُرْبِهِ وَاسْتدلَّ القَاضِي عِيَاض بِهَذَا الحَدِيث على أَن الْخط بَين يَدي الْمُصَلِّي لَا يَكْفِي قَالَ وان كَانَ قد جَاءَ بِهِ حَدِيث وَأخذ بِهِ أَحْمد رح فَهُوَ ضَعِيف وَاخْتلف فِيهِ فَقيل يكون مقوسا كَهَيئَةِ الْمِحْرَاب وَقيل قَائِما بَين يَدي الْمُصَلِّي الى الْقبْلَة وَقيل من جِهَة يَمِينه الى شِمَاله قَالَ وَلم ير مَالك وَلَا عَامَّة الْفُقَهَاء الْخط هَذَا كَلَام القَاضِي وَحَدِيث الْخط رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَفِيه ضعف واضطراب اخْتلف قَول الشَّافِعِي فِيهِ فاستحبه فِي سنَن حَرْمَلَة وَفِي الْقَدِيم ونفاه فِي الْبُوَيْطِيّ وَقَالَ جُمْهُور أَصْحَابه باستحبابه وَلَيْسَ فِي حَدِيث مؤخرة الرحل دَلِيل على بطلَان الْخط انْتهى قَوْله [942] ويحتجره بِاللَّيْلِ أَي يَتَّخِذهُ حجرَة لنَفسِهِ وَكَانَ ذَلِك الْعَمَل فِي الِاعْتِكَاف غَالِبا كَمَا فِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى فَإِن الْمُعْتَكف لَا بُد لَهُ من مَكَان مَخْصُوص يمنعهُ عَن المشاغل وَأما صلَاته بِاللَّيْلِ فِي غير الِاعْتِكَاف فَكَانَت غَالِبا فِي بَيته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إنْجَاح) قَوْله [943] فليخط خطا قَالَ بن الْهمام وَأما الْخط فقد اخْتلفُوا حسب اخْتلَافهمْ فِي الْوَضع إِذا لم يكن مَعَه مَا يغرزه أَو يَضَعهُ فالمانع يَقُول لَا يحصل الْمَقْصُود بِهِ إِذْ لَا يظْهر من بعيد والمجيز يَقُول ورد الْأَثر بِهِ وَاخْتَارَ صَاحب الْهِدَايَة الأول وَالسّنة أولى بالاتباع مَعَ أَنه يظْهر فِي الْجُمْلَة إِذا الْمَقْصُود جمع الخاطر بربط الخيال بِهِ كَيْلا ينتشر انْتهى قَوْله [944] لِأَن يقوم أَرْبَعِينَ المُرَاد من العددالتكثير والا فَالرِّوَايَة الْآتِيَة عَن أبي هُرَيْرَة معَارض لَهُ (إنْجَاح) قَوْله لِأَن يقوم أَرْبَعِينَ قَالَ الْكرْمَانِي تَخْصِيص الْأَرْبَعين بِالذكر لكَون كَمَال طور الْإِنْسَان بالاربعين كالنطفة والمضغة والعلقة وَكَذَا بُلُوغ الاشد قَوْله [948] هن اغلب أَي النِّسَاء تغلبن على الرِّجَال أَحْيَانًا بالتفاته قَالَ زَيْنَب لم تمْتَنع من الْمُضِيّ بِمَنْعه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ واخاها امْتنع فَمَا مر بَين يَدَيْهِ وَعمر وَزَيْنَب هَذَانِ ايتام سَلمَة ربيبا رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إنْجَاح) قَوْله [949] يقطع الصَّلَاة الخ اخْتلف الْعلمَاء فِي هَذَا فَقَالَ بَعضهم يقطع هَؤُلَاءِ الصَّلَاة قَالَ أَحْمد يقطعهَا الْكَلْب الْأسود وَفِي قلبِي من الْحمار وَالْمَرْأَة شَيْء وَجه قَوْله ان الْكَلْب لم يَجِيء فِي الترخيص فِيهِ شَيْء يُعَارض هَذَا الحَدِيث وَأما الْمَرْأَة فَفِيهَا حَدِيث عَائِشَة وَهُوَ أَن النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي وَأَنا مُعْتَرضَة بَينه وَبَين الْقبْلَة الخ وَفِي الْحمار حَدِيث بن عَبَّاس وَهُوَ أَقبلت رَاكِبًا على أتان الى أَن قَالَ فمررت بَين يَدي الصَّفّ فَنزلت وَأرْسلت للأتان ترتع وَدخلت فِي الصَّفّ فَلم يُنكر عَليّ أحد وَقَالَ الْأَئِمَّة الثَّلَاثَة وَجُمْهُور الْعلمَاء من السّلف وَالْخلف لَا تبطل الصَّلَاة بمرور شَيْء من هَؤُلَاءِ وَلَا من غَيرهم وَقَالُوا هَذَا الحَدِيث على أَن المُرَاد بِالْقطعِ نقص الصَّلَاة لشغل الْقلب بِهَذِهِ الْأَشْيَاء وَلَيْسَ المُرَاد إِبْطَالهَا وَمِنْهُم من يدعى نسخه بِالْحَدِيثِ الاخر لَا يقطع صَلَاة الْمَرْء شَيْء وادراؤا مَا اسْتَطَعْتُم وهذاغير مرضِي لِأَن النّسخ لَا يُصَار اليه الا إِذا تعذر الْجمع بَين الْأَحَادِيث وتأويلها وَعلمنَا التَّارِيخ وَلَيْسَ هُنَا تَارِيخ وَلَا تعذر الْجمع والتأويل بل يتَأَوَّل على مَا ذَكرْنَاهُ مَعَ أَن حَدِيث لَا يقطع صَلَاة الْمَرْء شَيْء ضَعِيف قَالَه النَّوَوِيّ قَوْله يقطع الصَّلَاة الخ فِي الْمعرفَة للبيهقي من طَرِيق حَرْمَلَة قَالَ سَمِعت الشَّافِعِي يَقُول فِي تَفْسِير هَذَا الحَدِيث يقطع عَن الذّكر والشغل بهَا والالتفات إِلَيْهَا لِأَنَّهَا تفْسد الصَّلَاة نَقله السُّيُوطِيّ فِي الزجاجة قَالَ الشَّيْخ وَإِنَّمَا خص هَذِه الثَّلَاثَة لشدَّة الشّغل فِي الْمَرْأَة وملازمة الشَّيَاطِين للحمار وغلظة النَّجَاسَة من الْكَلْب وَالْجُمْهُور من الصَّحَابَة وَمن بعدهمْ على أَنه لَا تقطع شَيْء مِمَّا يمر وَالْمرَاد من الْأَحَادِيث الْوَارِدَة الْمُبَالغَة فِي الْحَث على نصب الستْرَة انْتهى قَوْله الْكَلْب الْأسود الشَّيْطَان قيل المُرَاد هُوَ الظَّاهِر فَإِن الشَّيَاطِين وَالْجِنّ يتشكلون بأشكال الافاعي وَالْكلاب كَمَا فِي الحَدِيث وَقيل تَشْبِيه الْكَلْب الْأسود بالشيطان لكَمَال خسته ودناءته وَكَثْرَة نَومه وَشدَّة ايذائه وَيسْتَعْمل مثل هَذَا الْكَلَام فِي المتنفرات طبعا كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى كَأَنَّهُ رُؤُوس الشَّيَاطِين وَهَذِه لشدَّة التهويل وَالله أعلم (إنْجَاح) قَوْله

باب النهي أن يسبق الامام بصيغةالمجهول أي يسبق المقتدي الامام انجاح 7

[953] فبادره رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَي سابقه وسارع الى الْقبْلَة لدفعه عَن الْمُرُور بَين يَدَيْهِ وَفرض بن عَبَّاس ان مُرُور هَذِه الْأَشْيَاء يمْنَع حُضُور الْقلب فِي الصَّلَاة حَيْثُ يشغل الْمُصَلِّي بهما فَلَا فَارق بَين الْكَلْب والجدي فَلَا بُد من منع الْمُرُور سَوَاء كَانَ انسانا أَو دَابَّة شريفة أَو خسيسة انجاح الْحَاجة لمولانا شاه عبد الْغَنِيّ رح فليقاتله قَالَ القَاضِي عِيَاض اجْمَعُوا على أَنه لَا يلْزمه مقاتلته بِالسِّلَاحِ وَلَا مَا يُؤَدِّي الى هَلَاكه فَإِن دَفعه بِمَا يجوز فَهَلَك من ذَلِك فَلَا قَود عَلَيْهِ بالِاتِّفَاقِ وَهل يجب الدِّيَة مذهبان وَاخْتلفُوا فِي معنى قَاتله فالجمهور على أَن مَعْنَاهُ الدّفع بالقهر لَا جَوَاز الْقَتْل وَالْمَقْصُود الْمُبَالغَة فِي كَرَاهَة الْمُرُور عَيْني قَوْله [955] فَإِن مَعَه القرين القرين الشَّيْطَان كَمَا جَاءَ فِي الحَدِيث مَا مِنْكُم من أحد الا وَقد وكل بِهِ قرين من الْجِنّ الخ يَعْنِي مَعَه شَيْطَانه غلب عَلَيْهِ ويحثه على الْمُرُور فليقاتل وليدفعه (إنْجَاح) قَوْله [956] كاعتراض الْجِنَازَة الِاعْتِرَاض صيرورة الشَّيْء حَائِلا بَين الشَّيْئَيْنِ قَالَ الطَّيِّبِيّ جعلت نَفسهَا بِمَنْزِلَة الْجِنَازَة دلَالَة على أَنه لم يُوجد مَا يمْنَع الْمُصَلِّي من حُضُور الْقلب ومناجاة الرب بِسَبَب اعتراضها بَين يَدَيْهِ بل كَانَت كالسترة وَفِيه دَلِيل على أَن مُرُور الْمَرْأَة لَا يفْسد الصَّلَاة (مرقاة) قَوْله [957] بحيال مَسْجِد الخ أَي بحذائه وَالْمرَاد من الْمَسْجِد مُصَلَّاهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَيته (إنْجَاح) قَوْله [959] خلف المتحدث والنائم لِأَن حَدِيثه يقطع حُضُور قلبه عَن الصَّلَاة وَلَعَلَّ المُرَاد بالنائم من كَانَ قَرِيبا مِنْهُ فَرُبمَا يتقلب فيضيق الْمُصَلِّي والا فقد كَانَت عَائِشَة تنام مُعْتَرضَة بَينه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَين الْقبْلَة كَمَا مر الحَدِيث فِي أول الْبَاب (إنْجَاح) قَوْله بَاب النَّهْي أَن يسْبق الامام بصيغةالمجهول أَي يسْبق الْمُقْتَدِي الامام (إنْجَاح) قَوْله [960] يعلمنَا ان لَا نبادر الامام الخ قَالَ الْمظهر السّنة للْمَأْمُوم ان يتَخَلَّف عَن الامام فِي أَفعَال الصَّلَاة يَسِيرا وان لم يتَخَلَّف بل سوى مَعَ الامام جَازَ الا فِي تَكْبِيرَة الْإِحْرَام إِذْ لَا بُد للْمَأْمُوم أَن يصبر حَتَّى يفرغ الامام من التَّكْبِير انْتهى ومذهبنا ان المطابعة بطرِيق المواصلة وَاجِبَة حَتَّى لَو رفع الامام من الرُّكُوع أَو السُّجُود قبل تَسْبِيح المقتدى ثَلَاثًا فَالصَّحِيح أَنه يُوَافق الامام وَلَو رفع رَأسه من الرُّكُوع أَو السُّجُود قبل الامام يَنْبَغِي ان يعود وَلَا يصير ذَلِك ركوعين (مرقاة) قَوْله [961] ان يحول الله رَأسه راس حمَار وَفِي رِوَايَة صورته صُورَة حمَار قيل هَذَا كِنَايَة عَن بلادته وَعدم فهمه معنى الْإِمَامَة والا يتمام والا فقد نرى حسا أَنه لم يحول وَفِيه ان الثَّابِت خشيَة التَّحْوِيل لَا وُقُوعه وَلَعَلَّ المُرَاد تحويله فِي الْآخِرَة لَا فِي الدُّنْيَا قَالَ بن حجر يحْتَمل ان يكون حَقِيقَته فَيكون ذَلِك مسخا خَاصّا والممتنع المسخ الْعَام كَمَا صرحت بِهِ الْأَحَادِيث وَأَن يكون مجَازًا عَن البلادة وَيُؤَيّد الأول مَا حكم عَن بعض الْمُحدثين انه ذهب رجل الى دمشق لأخذ الحَدِيث عَن شيخ مَشْهُور بهَا فَقَرَأَ عَلَيْهِ جملَة لكنه كَانَ بَينه وَبَينه حجاب وَلم ير وَجهه فَلَمَّا طَالَتْ ملازمته لَهُ وَرَأى حرصه على الحَدِيث كشف لَهُ السّتْر فَرَأى وَجهه وَجه حمَار فَقَالَ وَاحْذَرْ يَا بني ان تسبق الامام فَإِنِّي لما مر بِي الحَدِيث استبعدت وُقُوعه فسبقت الامام فَصَارَ وَجْهي كَمَا ترى أَقُول لَعَلَّ وَجه المسخ استبعاد وُقُوعه والاظهر أَن هَذَا تهديد كَذَا فِي الْمرقاة قَوْله [962] اني قد بدنت بتَشْديد الدَّال أَي كَبرت وَثقل بدني من الضعْف (إنْجَاح) قَوْله إِنِّي قد بدنت قَالَ أَبُو عبيد هَكَذَا روى فِي الحَدِيث بِالتَّخْفِيفِ وَإِنَّمَا هُوَ بِالتَّشْدِيدِ أَي كَبرت واستنت وَالتَّخْفِيف من البدانة وَهِي كَثْرَة اللَّحْم وَلم يكن صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سمينا وَقَالَ فِي النِّهَايَة قد جَاءَ فِي صفته دون متماسك وَهُوَ الَّذِي يمسك بعض اعضائه بَعْضًا فَهُوَ معتدل الْخلق قَالَ الْبَيْهَقِيّ لم نضبط عَن شُيُوخنَا بدنته أَو بدنت أَو بدنت بدنه وَاخْتَارَ أَبُو عبيد بِالتَّشْدِيدِ وَنصب الدَّال يَعْنِي كَبرت وَمن بدنت بِرَفْع الدَّال فَإِنَّهُ أَرَادَ كَثْرَة اللَّحْم (زجاجة) قَوْله [963] فمهما اسبقكم بِهِ الخ أَي اللحظة الَّتِي أسبقكم بهَا فِي ابْتِدَاء الرُّكُوع وتفوت عَنْكُم تدركونها إِذا رفعت رَأْسِي من الرُّكُوع لِأَن اللحظة الَّتِي يسْبق بهَا الامام عِنْد الرّفْع تكون بَدَلا عَن اللحظة الأولى للمأمومين فالغرض مِنْهُ أَن التَّأْخِير الثَّانِي يقوم مقَام الْمُتَأَخر الأول فَيكون مِقْدَار رُجُوع الامام وَالْمَأْمُوم سَوَاء وَكَذَا السَّجْدَة (إنْجَاح) قَوْله [964] ان من الْجفَاء الخ المُرَاد من الْجفَاء الظُّلم والتعدي يَعْنِي مسح الْجَبْهَة فِي الصَّلَاة وَهُوَ وضع الشَّيْء فِي غير مَحَله فَإِن الصَّلَاة مَحل الخضوع والخشوع والسكون وَمسح الْجَبْهَة ينافيها وَلذَا قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لافلح يَا أَفْلح ترب وَجهك الحَدِيث وَأما بعد الصَّلَاة فَلَا بَأْس بمسحها (إنْجَاح) قَوْله [965] لَا تفقع اصابعك التفقيع فرقعة الْأَصَابِع وغمز مفاصلها حَتَّى تصوت (زجاجة) قَوْله إِذا تثاءب بِالْهَمْزَةِ وَقيل بِالْوَاو هُوَ فتح فِيهِ لكسل أَو فَتْرَة أوامتلاء أَو غَلَبَة نوم وكل ذَلِك غير مرضِي لِأَنَّهُ يكون سَببا للكسل عِنْد الطَّاعَة والحضور فِيهَا وَقَوله [968] يضْحك مِنْهُ أَي من ذَلِك القَوْل أَو من صَاحبه حَيْثُ أفسد صلواته قَالَ الطَّيِّبِيّ أَي يرضى بِتِلْكَ الفعلة (مرقاة) قَوْله [969] من الشَّيْطَان قَالَ القَاضِي أضَاف هَذِه الْأَشْيَاء الى الشَّيْطَان لِأَنَّهُ يُحِبهَا ويتوسل بهَا الى مَا يمنعهُ من قطع الصَّلَاة وَالْمَنْع من الْعِبَادَة (مرقاة) قَوْله

[970] لَا تقبل لَهُم صَلَاة قَالَ بن الْملك أَرَادَ نفي كَمَال الصَّلَاة قلت لَا يلْزم من نفي الْقبُول نُقْصَان أصل الصَّلَاة إِذْ المُرَاد بِنَفْي الْقبُول نفي الثَّوَاب وَلَو كَانَت الصَّلَاة على وَجه الْكَمَال (مرقاة) قَوْله الادبار قَالَ فِي النِّهَايَة أَي بعد مَا يفوت وَقتهَا وَقيل دبار جمع دبر وَهُوَ آخر أَوْقَات الشَّيْء كادبلر السُّجُود وَالْمرَاد أَنه يَأْتِي الصَّلَاة حِين ادبر وَقتهَا قَوْله وَمن اعتبد محررا أَي أَي اتَّخذهُ عبدا وَهُوَ أَن يعتقهُ ثمَّ يَكْتُمهُ إِيَّاه أَو يعتقله بعد الْعتْق فيستخدمه كرها أَو يَأْخُذ حرا فيدعيه عبدا ويتملكه (زجاجة) [971] وَزوجهَا عَلَيْهَا ساخط قَالَ المظهري هَذَا إِذا كَانَ السخط لسوء خلقهَا ونشوزها وَقَوله واخوان متصارمان أَي متهاجران قَالَ الطَّيِّبِيّ أَعم من أَن يكون من جِهَة النّسَب أَو الدّين (زجاجة) قَوْله [973] فأقامني عَن يَمِينه قَالَ فِي شرح السّنة فِي الحَدِيث فَوَائِد مِنْهَا جَوَاز الصَّلَاة نَافِلَة بِالْجَمَاعَة وَمِنْهَا أَن الْمَأْمُوم الْوَاحِد يقف على يَمِين الامام وَمِنْهَا جَوَاز الْعَمَل الْيَسِير فِي الصَّلَاة وَمِنْهَا عدم جَوَاز تقدم الْمَأْمُوم على الامام لِأَن النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اداره من خَلفه كَمَا فِي رِوَايَة وَكَانَ ادارته من بَين يَدَيْهِ أيسر وَمِنْهَا جَوَاز الصَّلَاة خلف من لم ينْو الْإِمَامَة لِأَن النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شرع فِي صلَاته مُنْفَردا ثمَّ ائتم بِهِ بن عَبَّاس ثمَّ قَالَ أورد عَلَيْهِ كَيفَ جَازَ النَّفْل بِجَمَاعَة وَهُوَ بِدعَة أُجِيب إِذا كَانَ بِلَا اذان وَلَا إِقَامَة بِوَاحِد أَو اثْنَيْنِ يجوز على مَا نقُول كَانَ التَّهَجُّد عَلَيْهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فرضا فَهُوَ اقْتِدَاء المتنفل بالمفترض وَلَا كَرَاهَة انْتهى وَفِي الْهِدَايَة وان صلى خَلفه أَو على يسَاره جَازَ وَهُوَ مسييء مرقاة بِتَغَيُّر قَوْله [976] فتختلف قُلُوبكُمْ يفهم من هَذَا الحَدِيث ان الْقلب تَابع للاعضاء فيعارض الحَدِيث الْمَشْهُور الا ان فِي الْجَسَد مُضْغَة إِذا صلحت صلح الْجَسَد كُله وَإِذا فَسدتْ فسد الْجَسَد كلهَا الا وَهِي الْقلب فالتحقيق فِي هَذَا الْمقَام ان بَين الْقلب والاعضاء تعلق عَجِيب وتأثير غَرِيب بِحَيْثُ يسري مُخَالفَة كل الى الاخر الا ترى ان تبريد الظَّاهِر يُؤثر فِي الْبَاطِن وَبِالْعَكْسِ (مرقاة) قَوْله ليليني قَالَ الطَّيِّبِيّ من حق هَذَا اللَّفْظ ان يحذف مِنْهُ الْيَاء لِأَنَّهُ على صِيغَة الْأَمر وَوجدنَا بِإِثْبَات الْيَاء وسكونها فِي سَائِر كتب الحَدِيث وَالظَّاهِر أَنه غلط وَقَالَ النَّوَوِيّ هُوَ بِكَسْر اللَّام وَتَخْفِيف من غير يَاء قبل النُّون وَيجوز اثبات الْيَاء مَعَ تَشْدِيد النُّون على التَّأْكِيد قَوْله فأذنا وأقيما أَي يُؤذن وَيُقِيم احدكما أَي فليقع الْأَذَان وَالْإِقَامَة مِنْكُمَا وَقَوله وليومكما أَي ليكن إِمَامًا أكبركما وَلَعَلَّهُمَا كَانَا متساويين فِي الْعلم وَالْقِرَاءَة والورع وَالْمرَاد أكبركما فِي الْفضل لمعات قَوْله اقرأهم الخ وَبِه قَالَ أَحْمد وَأَبُو يُوسُف اخذا بِهَذَا الحَدِيث وَأَمْثَاله وَذهب أَبُو حنيفَة وَمُحَمّد وَمَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد فِي رِوَايَة الى أَن يقدم الافقه على الاقرأ ومتمسكهم ان الْقِرَاءَة مقتصر إِلَيْهَا الرُّكْن وَأحد وَالْعلم لسَائِر الْأَركان وَقَالُوا ان الْأَحَادِيث الدَّالَّة على تَقْدِيم الاقرأ لِأَن أقرأهم كَانَ أعلمهم لأَنهم كَانُوا يتلقون الْقُرْآن بأحكامه فَقدم فِي الحَدِيث وَلَا كَذَلِك فِي زَمَاننَا فقدمنا الا علم كَذَا فِي الْهِدَايَة لمعات وَقَالَ بن الْهمام أحسن مَا يسْتَدلّ بِهِ لتقديم الأعلم على الاقرأ حَدِيث مروا أَبَا بكر فَليصل بِالنَّاسِ وَكَانَ ثمَّة من هُوَ اقْرَأ مِنْهُ لَا أعلم دَلِيل الأول قَوْله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اقرأهم أبي وَدَلِيل الثَّانِي قَول أبي سعيد كَانَ أَبُو بكر أعلمنَا وَهَذَا آخر الْأَمريْنِ من رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيكون هُوَ الْمعول عَلَيْهِ انْتهى قَوْله وَلَا يؤم الرجل الخ أَي فِي مَوضِع يملكهُ أَو يتسلط عَلَيْهِ بِالتَّصَرُّفِ كصاحب الْمجْلس وَإِمَام الْمَسْجِد فَإِنَّهُ أَحَق من غَيره وان كَانَ أفقه فَإِن شَاءَ تقدم وان شَاءَ يقدم غَيره وَلَو مفضولا مجمع قَوْله [980] على تكرمته هِيَ الْموضع الْخَاص لجُلُوس الرجل من فرَاش وسرير مِمَّا يعد لاكرامه وَهِي تفعلة من الْكَرَامَة (زجاجة) قَوْله

[981] يقدم فتيَان قومه إِنَّمَا ترك سهل الْإِمَامَة مَعَ فضيلته ومسنيته للتورع وَالْخَوْف كَمَا بَينه وَلِأَن الفتيان احفظ من الشُّيُوخ للمسائل الشَّرْعِيَّة وَالشَّيْخ رُبمَا يخطي وَلَا يشْعر بِهِ (إنْجَاح) قَوْله الامام ضَامِن الخ قَالَ فِي النِّهَايَة أَرَادَ بِالضَّمَانِ هَهُنَا الْحِفْظ وَالرِّعَايَة لَا ضَمَان الغرامة لِأَنَّهُ يحفظ على الْقَوْم صلواتهم فَهُوَ كالمتكفل لَهُم صِحَة صلواتهم وَقَالَ الْبَيْضَاوِيّ الامام متكفل لصَلَاة الْجَمِيع فَيحْتَمل الْقِرَاءَة عَنْهُم أما مُطلقًا عِنْد من لَا يُوجب الْقِرَاءَة على الْمَأْمُوم أَو إِذا كَانُوا مسبوقين ويحفظ عَلَيْهِم الْأَركان وَالسّنَن وَعدد الرَّكْعَات ويتولى السفارة بَينهم وَبَين رَبهم فِي الدُّعَاء (زجاجة) قَوْله يوجز من الإيجاز وَهُوَ ضد الإطناب أَمر النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الحَدِيث السَّابِق بالايجاز وَهَهُنَا فعله بِنَفسِهِ فَعلم ان الإيجاز مَعَ الْإِكْمَال مَنْدُوب لِأَنَّهُ ثَبت بقول النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفعله عُمْدَة الْقَارِي وَقَالَ الشَّيْخ الدهلوي يَنْبَغِي ان يعلم أَنه لَيْسَ المُرَاد بِالتَّخْفِيفِ وَترك التَّطْوِيل ان يتْرك سنة الْقِرَاءَة والتسبيحات ويتهاون فِي ادائها بل أَن يقْتَصر على قِرَاءَة الْمفصل باقسامها على مَا عين مِنْهَا فِي الصَّلَاة ويكتفي على ثَلَاث مَرَّات من التَّسْبِيح بأدائها كَمَا يَنْبَغِي مَعَ رِعَايَة القومة والجلسة وَأكْثر مَا يُرَاد بتَخْفِيف الصَّلَاة الْوَارِد فِي الْأَحَادِيث تَخْفيف الْقِرَاءَة وَقيل المُرَاد أَن تطويله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يرى بِالنِّسْبَةِ الى صَلَاة الآخرين فِي غَايَة الْقلَّة يَعْنِي لَو كَانَ غَيره صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقْرَأ فِي مثل هَذِه الصَّلَاة الصَّلَاة يرى طَويلا وَيُورث ملالة بِخِلَافِهَا عَنهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّهُ كَانَ يُورث شوقا ونشاطا وَلَذَّة وحضورا باستماع عَنهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَيْضًا كَانَ فِي قِرَاءَة سرعَة وطي لِسَان يتم فِي أدنى سَاعَة كثيرا مِنْهَا 12 لمعات واقدر النَّاس الخ أَي قدر بِالظَّنِّ والتخمين النَّاس الَّذين أَنْت امامهم بأضعف من كَانَ فيهم وَالْمرَاد مِنْهُ وَالله أعلم أجعَل النَّاس كلهم كَأَنَّهُمْ ضعفاء بِسَبَب الرجل الْوَاحِد الَّذِي هُوَ أضعفهم فعلى هَذَا الامام مقتدي فِي هَذَا الْأَمر بِالنَّاسِ كلهم وَالْمرَاد من الْبعيد بعيد الدَّار وَيحْتَمل أَن يكون قَوْله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بأضعفهم بَدَلا من النَّاس بدل الْبَعْض من الْكل فَمَعْنَاه واقدر بأضعفهم وَالله أعلم (إنْجَاح) قَوْله [989] فاتجوز الخ وَبِه اسْتدلَّ بعض الشَّافِعِيَّة على أَن الامام إِذا كَانَ رَاكِعا فأحس بداخل يُرِيد الصَّلَاة مَعَه ينْتَظر ليدرك فَضِيلَة الرَّكْعَة وَذَلِكَ لِأَنَّهُ إِذا جَازَ التَّجَوُّز لَهُ لحاجةالانسان فِي بعض أُمُور الدُّنْيَا فَلهُ ان يزِيد فِيهَا لِلْعِبَادَةِ بل هَذَا أَحَق وَأولى وَمِمَّنْ أجَاز ذَلِك الشّعبِيّ وَالْحسن وَابْن أبي ليلى وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ وَلَا دلَالَة فِيهِ لِأَن هَذَا زِيَادَة عمل بِخِلَاف الْحَذف وَقَالَ أَبُو حنيفَة اخشى عَلَيْهِ أمرا عَظِيما يَعْنِي الشّرك وَقَالَ مَالك ينْتَظر لِأَنَّهُ يضر من خَلفه وَهُوَ قَول أبي حنيفَة وَالشَّافِعِيّ وَقيل ينْتَظر مَا لم يشق عل أَصْحَابه وَهُوَ قَول أَحْمد وَإِسْحَاق عَيْني ملتقطا قَوْله [992] يتمون الخ وَهَذَا يدل على كَثْرَة الْمَلَائِكَة وَالْمعْنَى لَا يشرعون فِي الصَّفّ حَتَّى يكمل الَّذِي قبله قَوْله ويتراصون أَي يتضامون ويتلاصقون حَتَّى يتَّصل المناكب وَلَا يكون فُرْجَة من رص الْبناء لصلق بعضه بِبَعْض قَالَ تَعَالَى إِن الله يحب الَّذين يُقَاتلُون فِي سَبيله صفا كَأَنَّهُمْ بُنيان مرصوص (مرقاة) قَوْله [993] من تَمام الصَّلَاة أَي من كَمَال الصَّلَاة أَو من حسن تَمام الصَّلَاة وَلَا خَفَاء ان تَسْوِيَة الصَّفّ لَيست من حَقِيقَة الصَّلَاة وَإِنَّمَا هِيَ من حسنها وكمالها وان كَانَت هِيَ فِي نَفسهَا سنة أَو وَاجِبَة أَو مُسْتَحبَّة على اخْتِلَاف الْأَقْوَال كَذَا فِي الْعَيْنِيّ وَقَالَ تَسْوِيَة الصَّفّ من سنَن الصَّلَاة عِنْد أبي حنيفَة وَالشَّافِعِيّ وَمَالك وَزعم بن حزم أَنه فرض لِأَن إِقَامَة الصَّلَاة فرض فَمَا كَانَ من الْفَرْض فَهُوَ فرض عَيْني قَوْله [994] أَو ليخالفن الله أَي يكون الْوَاقِع أحد الامرين يُرِيد ان كلا مِنْهُم يصرف وَجهه عَن الاخر ويوقع بَينهم التباغض فَإِن إقبال الْوَجْه على الْوَجْه من أثر الْمَوَدَّة والالفة وَقيل أَرَادَ بهَا تحويلها الى الادبار وَقيل تغير صُورَة الى صُورَة أُخْرَى كَذَا فِي النِّهَايَة وَالْمجْمَع وَقَالَ المظهري أدب الظَّاهِر عَلامَة أدب الْبَاطِن فَإِن لم يطيعوا أَمر الله وَرَسُوله فِي الظَّاهِر يُؤَدِّي ذَلِك الى اخْتِلَاف الْقُلُوب فيورث كدورة فيسري ذَلِك الى الظَّاهِر فَيَقَع مِنْكُم عَدَاوَة بِحَيْثُ يعرض بَعْضكُم عَن بعض (مرقاة) قَوْله [998] لكَانَتْ قرعَة الخ مَنْصُوب أما بِنَزْع الْخَافِض أَو على الخبرية لكَانَتْ وَاسم كَانَت مَحْذُوف وَتَقْدِيره لكَانَتْ النجَاة من الْخُصُومَة فِي التَّقْدِيم والزحمة فِيهِ بِقرْعَة يَعْنِي لَو يعلمُونَ فَضِيلَة الصَّفّ الأول لازدحموا واختصموا فِي تَحْصِيله فَلَا يحصل التَّقَدُّم الا بِسَبَب الْقرعَة (إنْجَاح) قَوْله خير صُفُوف النِّسَاء آخرهَا لبعدهن من الرِّجَال وشرها أَولهَا لقربهن من الرِّجَال وَقَالَ بن الْملك لَان مرتبَة النِّسَاء مُتَأَخِّرَة عَن مرتبَة الذُّكُور فَيكون آخر الصُّفُوف أليق بمرتبتهن وَقَالَ الطَّيِّبِيّ الرِّجَال مأمورون بالتقدم فَمن كَانَ أَكثر تقدما فَهُوَ أَشد تَعْظِيمًا لأمر الشَّرْع فَيحصل لَهُ من الْفَضِيلَة مَالا يحصل لغيره وَأما النِّسَاء فمأمورات بالاحتجاب بل بالتأخر أَيْضا للْخَبَر الْمَشْهُور أخروهن من حَيْثُ أخرهن الله فهن لذَلِك شَرّ من اللَّاتِي يكن فِي الصَّفّ الْأَخير وَالظَّاهِر أَن الصَّفّ الأول مَا لم يكن مَسْبُوقا بصف آخر وَقَالَ بن حجر الصَّفّ الأول هُوَ الَّذِي يَلِي الامام (مرقاة) قَوْله [1002] كُنَّا ننهى الخ لَعَلَّ سَبَب النَّهْي أَنه مُوجب للفرقة وَالْجَمَاعَة سَبَب الجمعية وَهَذَا إِذا كَانَ الْمَكَان وَاسِعًا وَأما إِذا ضَاقَ الْمَكَان وازدحم النَّاس فَلَا بُد من الصُّفُوف بَين السَّوَارِي وَقَوله نطرد عَنْهَا أَي نزجر بالعنف انجاح قَالَ التِّرْمِذِيّ قد كره قوم من أهل الْعلم ان يصف بَين السَّوَارِي وَبِه يَقُول أَحْمد وَإِسْحَاق وَرخّص قوم من أهل الْعلم فِي ذَلِك قَالَ فِي الْعَيْنِيّ وَالْفَتْح إِذا كَانَ مُنْفَردا لَا بَأْس بِالصَّلَاةِ بَين الساريتين بِخِلَاف الْجَمَاعَة لِأَن ذَلِك يقطع الصُّفُوف وتسوية الصُّفُوف فِي الْجَمَاعَة مَطْلُوبَة قَوْله

[1003] اسْتقْبل صَلَاتك أَي اسْتِحْبَابا لارتكاب الْكَرَاهَة قَالَ الطَّيِّبِيّ إِنَّمَا أمره بِإِعَادَة الصَّلَاة تَغْلِيظًا وتشديدا وَقَالَ القَاضِي ذهب الْجُمْهُور الى أَن الِانْفِرَاد خلف الصَّفّ مَكْرُوه غير مُبْطل قَالَ بن الْهمام رَوَاهُ بن حبَان فِي صَحِيحه وَقَالَ بن حجر وَصَححهُ بن حبَان وَالْحَاكِم ويوافق الْخَبَر الصَّحِيح أَيْضا لَا صَلَاة الَّذِي خلف الصَّفّ وَمِنْهَا اخذ أَحْمد وَغَيره بطلَان صَلَاة الْمُنْفَرد عَن الصَّفّ مَعَ إِمْكَان الدُّخُول فِيهِ وَحمل أَئِمَّتنَا الأول على النّدب وَالثَّانِي على الْكَمَال ليوافقا حَدِيث البُخَارِيّ عَن أبي بكرَة أَنه دخل وَالنَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَاكِع فَرَكَعَ قبل ان يصل الى الصَّفّ فَذكر للنَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ زادك الله حرصا لَا تعد أَي لَا تفعل ثَانِيًا وَلَو كَانَ الِانْفِرَاد مُفْسِدا لم تكن صلَاته منعقدة لاقتران الْمُفْسد بتحريمها مَعَ ان حَدِيث الْبَاب وان صَححهُ وَحسنه التِّرْمِذِيّ لَكِن علله بن عبد الْبر بِأَنَّهُ مُضْطَرب وَضَعفه الْبَيْهَقِيّ كَذَا فِي الْمرقاة وَأورد فِي الظَّهِيرِيَّة وَلَو جَاءَ والصف مُتَّصِل انْتظر حَتَّى يَجِيء الاخر فَإِن خَافَ فَوت الرَّكْعَة جذب وَاحِدًا من الصَّفّ إِن علم أَنه لَا تؤذيه وان اقْتدى خلف الصُّفُوف جَازَ كَمَا فِي حَدِيث أبي بكرَة أَنه قَامَ خلف الصَّفّ فَقَالَ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا أَبَا بكرَة زادك الله حرصا وَلَا تعد 12 [1007] من عمر ميسرَة الْمَسْجِد الخ لما بَين صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَضِيلَة ترك النَّاس قيامهم بالميسرة فتعطلت الميسرة فأعلمهم ان فَضِيلَة الميمنة إِذا كَانَ الْقَوْم سَوَاء فِي جَانِبي الامام واما إِذا كَانَ النَّاس فِي الميمنة أَكثر لَكَانَ لصَاحب الميسرة كفلان من الْأجر وَالْحَاصِل أَنه يسْتَحبّ توَسط الامام (إنْجَاح) قَوْله [1008] وَاتَّخذُوا من مقَام إِبْرَاهِيم مصلى وَهُوَ أَمر اسْتِحْبَاب ومقام إِبْرَاهِيم الْحجر الَّذِي فِيهِ اثر قَدَمَيْهِ أَو الْموضع الَّذِي كَانَ فِيهِ حِين قَامَ عَلَيْهِ ودعا النَّاس الى الْحَج أَو رفع بِنَاء الْبَيْت وَهُوَ مَوْضِعه الْيَوْم وَقيل المُرَاد بِهِ الْأَمر بركعتي الطّواف لما روى جَابر أَنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما فرغ من طَوَافه عمد الى مقَام إِبْرَاهِيم فصلى خَلفه رَكْعَتَيْنِ وَقَرَأَ وَاتَّخذُوا من مقَام إِبْرَاهِيم مصلى وَقيل مقَام إِبْرَاهِيم الْحرم كُله وَقيل مَوَاقِف الْحَج قَالَه الْبَيْضَاوِيّ وَكَيْفِيَّة الدّلَالَة على التَّرْجَمَة فعلى قَول من فسر مقَام إِبْرَاهِيم الْكَعْبَة فَظَاهر وَأما على قَول من قَالَ هُوَ الْحرم كُله فَيُقَال أَن من للتَّبْعِيض ومصلى أَي قبْلَة أَو مَوضِع الصَّلَاة وَالْمرَاد من التَّرْجَمَة مَا جَاءَ فِي الْقبْلَة وَمَا يتَعَلَّق بهَا وَهَذَا أظهر لِأَن الْمُتَبَادر الى الْفَهم من الْمقَام الْحجر الَّذِي وقف عَلَيْهِ إِبْرَاهِيم وموضعه مَشْهُور قَالَ الْخطابِيّ سَأَلَ عمر رض رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ان يَجْعَل ذَلِك الْحجر الَّذِي فِيهِ أثر مقَامه بَين يَدي الْقبْلَة فَيقوم الامام عِنْده فَنزلت الْآيَة كرماني قَوْله [1010] صلينَا أَي بِالْمَدِينَةِ وَاخْتلفُوا فِي الْجِهَة الَّتِي كَانَ النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُتَوَجها إِلَيْهَا للصَّلَاة بِمَكَّة فَقَالَ بن عَبَّاس وَغَيره كَانَ يُصَلِّي الى بَيت الْمُقَدّس وَقَالَ آخَرُونَ الى الْكَعْبَة وَهُوَ ضَعِيف يلْزم مِنْهُ النّسخ مرَّتَيْنِ وَالْأول أصح كَذَا فِي التَّلْخِيص قَوْله بعد دُخُوله الى الْمَدِينَة بشهرين هَذَا لَا يُطَابق الرِّوَايَات الصَّحِيحَة الْوَارِدَة فِي أَن صرف الْقبْلَة كَانَ فِي رَجَب وغزوة بدر فِي رَمَضَان وَالظَّاهِر أَنه من وهم الروَاة والعبارة الصَّحِيحَة قبل بدر بشهرين أَو بعد خُرُوجه من الْمَدِينَة نَحْو بدر بشهرين وَالله سُبْحَانَهُ أعلم شمس الْعُلُوم مَوْلَانَا الْمُحدث الشَّيْخ عبد الْعَزِيز الدهلوي قدس سرهم قَوْله [1011] مَا بَين الْمشرق الخ قَالَ فِي النِّهَايَة أَرَادَ بِهِ الْمُسَافِر إِذا التبست عَلَيْهِ قبْلَة وَأما الْحَاضِر فَيجب عَلَيْهِ التَّحَرِّي وَالِاجْتِهَاد وَهَذَا إِنَّمَا يَصح لمن كَانَت الْقبْلَة فِي جنوبه أَو فِي شِمَاله وَيجوز أَن يكون أَرَادَ بِهِ قبْلَة أهل الْمَدِينَة ونواحيها فَإِن الْكَعْبَة جنوبها (زجاجة) قَوْله [1012] فَلَا يجلس حَتَّى يرْكَع رَكْعَتَيْنِ قَالَ بن بطال اتّفق أَئِمَّة الْفَتْوَى على أَنه مَحْمُول على النّدب والارشاد مَعَ استحبابهم الرُّكُوع أَي الصَّلَاة لكل من دخل الْمَسْجِد لما روى أَن كبار أَصْحَاب رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يدْخلُونَ الْمَسْجِد ثمَّ يخرجُون وَلَا يصلونَ وَأوجب أهل الظَّاهِر على كل دَاخل فِي وَقت يجوز فِيهِ الصَّلَاة وَقَالَ بَعضهم فِي كل وَقت كَذَا فِي الْكرْمَانِي قَالَ بن حجر تعَارض الْأَمر بِالصَّلَاةِ للداخل بِحَدِيث النَّهْي عَنْهَا فِي وَقت الطُّلُوع وَنَحْوه فَذهب الشَّافِعِيَّة الى تَخْصِيص النَّهْي وَالْحَنَفِيَّة الى عَكسه قَوْله [1015] فَلَا يؤذينا بهَا الخ قَالَ النَّوَوِيّ فَذهب بعض الْعلمَاء الى أَن النَّهْي خَاص لمَسْجِد رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بقوله مَسْجِدنَا وَالْجُمْهُور على أَنه عَام لكل مَسْجِد لما ثَبت فِي بعض الرِّوَايَات فَلَا يقربن الْمَسَاجِد ثمَّ قَالَ الثوم وَنَحْوه من الْبُقُول حَلَال بِإِجْمَاع من يعْتد بِهِ وَحكى تَحْرِيمهَا عَن أهل الظَّاهِر لِأَنَّهَا يمْنَع من حُضُور الْجَمَاعَة وَهِي عِنْدهم فرض عين كرماني قَوْله [1016] فَلَا يَأْتِين الْمَسْجِد الْغَرَض مِنْهُ وَالله أعلم ان اتيان الْمَسْجِد ضَرُورِيّ فَمن فعل شَيْئا يُوجب حرمانه كَانَ مسيئا أَي لَا يَأْكُل من هَذِه الشَّجَرَة فَيمْتَنع من دُخُول الْمَسْجِد وَأَشد مِنْهُ من يسْتَعْمل التنباك شربا أَو سعوطا فَإِنَّهُ يتَأَذَّى النَّاس بِهِ فدخول الْمَسْجِد بعد اسْتِعْمَال هَذَا أَشد وَاغْلُظْ وَهَذَا الْأَمر يكثر وُقُوعه وَالنَّاس عَنهُ غافلون وَمحل حلّه وحرمته كتب الْفِقْه (إنْجَاح) قَوْله

[1017] كَانَ يُشِير بِيَدِهِ فِي شرح السّنة أَكثر الْفُقَهَاء على أَنه لَا يرد بِلِسَانِهِ وَلَو رد بطلت صلَاته وَيُشِير بِأُصْبُعِهِ وَيَده وَقَالَ بن حجر انه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَشَارَ بِيَدِهِ كَمَا صَححهُ التِّرْمِذِيّ وَقَالَ الْخطابِيّ رد السَّلَام بعد الْخُرُوج عَن الصَّلَاة سنة وَقد رد النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على بن مَسْعُود بعد الْفَرَاغ عَن الصَّلَاة وَبِه قَالَ أَحْمد وَجَمَاعَة من التَّابِعين (مرقاة) قَوْله لشغلا بِضَم الشين والغين وبسكون الْغَيْن والتنوين فِيهِ للتنويع أَي نوعا من الشّغل لَا يَلِيق مَعَه الِاشْتِغَال لغيره قَالَه الْكرْمَانِي وَيجوز أَن يكون للتعظيم أَي شغلا عَظِيما وَهُوَ اشْتِغَال بِاللَّه تَعَالَى دون غَيره فِي مثل هَذِه الْحَالة عَيْني قَوْله واعلمنا بِصِيغَة الْمَجْهُول أَي من جِهَة الْغَيْر فكأنهم تحروا أَولا ثمَّ سَأَلُوا عَن غَيرهم فَأخْبرُوا أَو كَانَ الْأَمر على خلاف ذَلِك وَلِهَذَا بَين بقوله فَلَمَّا طلعت الشَّمْس الحَدِيث وَيحْتَمل أَن يكون بِصِيغَة الْمَعْلُوم بِمَعْنى جعلنَا عَلامَة للجهة الَّتِي صلينَا إِلَيْهَا لتبين حَالهَا بعد الطُّلُوع (إنْجَاح) [1021] وَلَا عَن يَمِينك زَاد فِي رِوَايَة البُخَارِيّ فَإِن عَن يَمِينه ملكا وَلَا بُد من وَجه يَقْتَضِي الْمَنْع بِالْيَمِينِ لأجل الْملك إِذْ الْملك فِي يسَاره أَيْضا وَذَلِكَ الْوَجْه هُوَ أَن يُقَال ان ملك الْيَمين يكْتب حَسَنَات الْمُصَلِّي فِي حَالَة صلَاته وَلما كَانَت الصَّلَاة تنْهى عَن الْفَحْشَاء كَانَ ملك الْيَسَار فَارغًا وَأحسن مَا قيل فِيهِ ان لكل أحد قرينا أَي شَيْطَانا وموقعه يسَاره كَمَا ورد فِي حَدِيث أبي امامة على مَا رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فَإِنَّهُ يقوم بَين يَدي الله وَملكه عَن يَمِينه وقرينه عَن يسَاره فَلَعَلَّ الْمُصَلِّي إِذا تفل عَن يسَاره يَقع على قرينه وَهُوَ الشَّيْطَان وَلَا يُصِيب الْملك كَذَا فِي الْخَيْر الْجَارِي والعيني وَيُؤَيِّدهُ مَا ورد فِي دفع الحنزب بالتفل على الْيَسَار قَوْله [1023] حَتَّى يَنْقَلِب أَي عَن الصَّلَاة أَو يحدث حدث سوء أَي يفعل أمرا كَانَ منافيا لخشوع الصَّلَاة وحضورها أَو المُرَاد من الْحَدث نَاقض الْوضُوء وَإِنَّمَا نسب الى سوء لِأَن عروضه فِي الصَّلَاة يكون من الشَّيْطَان غَالِبا وَالله اعْلَم (إنْجَاح) قَوْله [1026] ان كنت فَاعِلا فَمرَّة وَاحِدَة قَالَ النَّوَوِيّ مَعْنَاهُ لَا تفعل وان فعلت فافعل وَاحِدَة لَا تزد وَهَذَا نهى كَرَاهَة تَنْزِيه فِيهِ كَرَاهِيَة وَاتفقَ الْعلمَاء على كَرَاهَة الْمسْح لِأَنَّهُ يُنَافِي التَّوَاضُع وَلِأَنَّهُ يشغل الْمُصَلِّي قَالَ القَاضِي وَكره السّلف مسح الْجَبْهَة فِي الصَّلَاة قبل الِانْصِرَاف يَعْنِي من الْمَسْجِد مِمَّا يتَعَلَّق بهَا من تُرَاب وَنَحْوه قَوْله [1027] فَإِن الرَّحْمَة تواجهه أَي تنزل عَلَيْهِ وَتقبل اليه فَلَا يَلِيق لعاقل يلهي من شكر تِلْكَ النِّعْمَة الخطيرة بِهَذِهِ الفعلة الحقيرة أَو لَا يَنْبَغِي فَوت تِلْكَ النِّعْمَة أَو الرَّحْمَة بمزاولة هَذِه الْغَفْلَة والذلة الاحالة الضَّرُورَة (مرقاة) قَوْله [1028] يُصَلِّي على الْخمْرَة قَالَ فِي النِّهَايَة هِيَ مِقْدَار مَا يضع الرجل عَلَيْهِ وَجهه فِي سُجُوده من حَصِير أَو نسيجة خوص وَنَحْوه من الثِّيَاب وَلَا يكون خمرة الا فِي هَذَا الْمِقْدَار وَسميت خمرة لِأَن خيوطها مستورة بسعفها وَقد جَاءَ مَا يدل على إِطْلَاق الْخمْرَة على الْكَبِير من نوعها (زجاجة) قَوْله [1029] على حَصِير فِي الْفَائِق فِيهِ دَلِيل على جَوَاز الصَّلَاة على شَيْء يحول بَينه وَبَين الأَرْض سَوَاء نبت من الأَرْض أم لَا وَقَالَ القَاضِي عِيَاض الصَّلَاة على الأَرْض أفضل الا لحَاجَة كحر أَو برد أَو نَجَاسَة انْتهى قَوْله [1033] بسط ثَوْبه يحْتَمل الثَّوْب الملبوس كالفاضل من كمه أَو ذيله أوالثوب الَّذِي يقلعه من جِسْمه قَالَه الْعَيْنِيّ وَالظَّاهِر الثِّيَاب الملبوسة فَالْحَدِيث يدل على جَوَاز السَّجْدَة على ثوب الْمُصَلِّي كَمَا ذهب اليه أَبُو حنيفَة فَهُوَ حجَّة على الشَّافِعِي فِي عدم تجويزه السُّجُود على ثوب وَهُوَ لابسه وَأول الحَدِيث بِأَن المُرَاد مِنْهَا الثَّوْب الْغَيْر الملبوس قَوْله [1034] والتصفيق للنِّسَاء لِأَن صوتهن عَورَة وَهُوَ عِنْد الْفُقَهَاء ان تضرب الْمَرْأَة بطن كفها الْأَيْمن على ظهر كَفه الْيُسْرَى وَالتَّسْبِيح هُوَ قَول سُبْحَانَ الله كرماني قَوْله [1037] يُصَلِّي فِي نَعْلَيْه هَذَا إِذا كَانَا طاهرين ويتمكن مَعَهُمَا من إتْمَام السُّجُود بِأَن يسْجد على جَمِيع أَصَابِع رجلَيْهِ وَمَعَ ذَلِك الْأَدَب خلع النَّعْلَيْنِ وَأما إِذا لم يكن طاهرين أَو لم يتَمَكَّن من إتْمَام السُّجُود فخلعهما وَاجِب قَالَ الطَّيِّبِيّ إِذا أصَاب الْخُف أَو النَّعْل وَنَحْوه من النَّجَاسَة ان كَانَ لَهَا جرم فجف ومسحه بِالتُّرَابِ أَو بالرمل على سَبِيل الْمُبَالغَة يطهر وَكَذَلِكَ بالحك وان لم يكن لَهَا جرم كالبول وَالْخمر فَلَا بُد من الْغسْل بالِاتِّفَاقِ رطبا كَانَ أَو يَابسا (مرقاة) قَوْله من موطئ أَي مَا يُوطأ من الْأَذَى فِي الطَّرِيق الوطاء الدوس بالقدم أَي لَا نعيد الْوضُوء من الْأَذَى بل نغسل مَوضِع الوطئ من الْقدَم كَذَا فِي الْمجمع (إنْجَاح) قَوْله

باب سجود القرآن أعلم ان الأئمة اختلفوا في وجوب سجود التلاوة وعدمه فذهب

[1043] ان تلتمع أَي مَخَافَة الا تلتمع أبصاركم أَي تختلس من التمع بِهِ إِذا اختلسه واختطف بِسُرْعَة كَذَا فِي الْمجمع (إنْجَاح) [1044] أَو ليخطفن الله أَي ليسلبن الله أَبْصَارهم ان لم ينْتَهوا عَن ذَلِك قَالَ الطَّيِّبِيّ أَو هَهُنَا للتَّخْيِير تهديدا أَي ليَكُون أحد الامرين كَقَوْلِه تَعَالَى لنخرجنك يَا شُعَيْب وَالَّذين آمنُوا مَعَك من قريتنا أَو لتعودن فِي ملتنا وَفِي الْمشكاة بِرِوَايَة مُسلم لينتهين أَقوام عَن رفعهم أَبْصَارهم عِنْد الدُّعَاء فِي الصَّلَاة الى السَّمَاء أَي خُصُوصا عِنْد الدُّعَاء لإيهام ان الْمَدْعُو فِي الْجِهَة الْعليا مَعَ تعاليه عَن الْجِهَات كلهَا والا فَرفع الابصار مُطلقًا فِي الصَّلَاة مَكْرُوه وَقَالَ القَاضِي عِيَاض اخْتلفُوا فِي كَرَاهَة رفع الْبَصَر الى السَّمَاء فِي الدُّعَاء فِي غير الصَّلَاة فكره القَاضِي شُرَيْح وَآخَرُونَ وَجوزهُ الْأَكْثَرُونَ لِأَن السَّمَاء قبْلَة الدُّعَاء كَمَا ان الْكَعْبَة قبْلَة الصَّلَاة فَلَا يكره رفع الْبَصَر اليه كَمَا لَا يكره رفع الْيَد فِي الدُّعَاء انْتهى وَصَحَّ أَيْضا أَنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يرفع بَصَره الى السَّمَاء فَلَمَّا نزل الَّذين هم فِي صلَاتهم خاشعون طأطأ رَأسه (مرقاة) قَوْله اوكلكم يجد ثَوْبَيْنِ هُوَ بِهَمْزَة الِاسْتِفْهَام فَإِن قلت مَا الْمَعْطُوف عَلَيْهِ بِالْوَاو قلت مُقَدّر أَي أَنْت سَائل عَن مثل هَذَا الْكَلَام وَمَعْنَاهُ لَا سُؤال عَن مثل هَذَا الظَّاهِر ولاثوبين لكلكم إِذْ الِاسْتِفْهَام للانكار كَذَا فِي الْكرْمَانِي وَفِي الْخَيْر الْجَارِي وَيُسْتَفَاد مِنْهُ الحكم بِجَوَاز الصَّلَاة فِي ثوب وَاحِد وَهُوَ مَذْهَب الْجُمْهُور من الْعلمَاء انْتهى قَالَ الْعَيْنِيّ كل مَا روى من منع الصَّلَاة فِي ثوب وَاحِد فَهُوَ مَحْمُول على الْأَفْضَل لَا على عدم الْجَوَاز وَقيل هُوَ مَحْمُول عَليّ التَّنْزِيه قَوْله متوشحا التوشح ان يَأْخُذ طرف ثوب أَلْقَاهُ على مَنْكِبه الْأَيْمن من تَحت يَده الْيُسْرَى وَيَأْخُذ طرفه الَّذِي أَلْقَاهُ على الْأَيْسَر تَحت يَده الْيُمْنَى ثمَّ يعقدها على صَدره والمخالفة بَين طَرفَيْهِ والاشتمال بِالثَّوْبِ بِمَعْنى التوشح مجمع قَوْله على عَاتِقيهِ العاتق مَا بَين الْمنْكب الى أصل الْعُنُق وَالْحكمَة فِي ذَلِك ان لَا يخلوا العاتق من شَيْء لِأَنَّهُ أقرب الى الْأَدَب وأنسب الى الْحيَاء من الرب وأكمل فِي أَخذ الزِّينَة وَالله أعلم قَالَ النَّوَوِيّ قَالَ مَالك وَأَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ وَالْجُمْهُور هَذَا الْأَمر للنَّدْب لَا للْوُجُوب وَلَو صلى فِي ثوب وَاحِد سَاتِر عَوْرَته لَيْسَ على عَاتِقه شَيْء صحت صلَاته مَعَ الْكَرَاهَة وَأما أَحْمد وَبَعض السّلف فَذَهَبُوا الى أَنه لَا يَصح صلَاته عملا بِظَاهِر الحَدِيث (مرقاة) قَوْله بَاب سُجُود الْقُرْآن أعلم ان الْأَئِمَّة اخْتلفُوا فِي وجوب سُجُود التِّلَاوَة وَعَدَمه فَذهب الامام أَبُو حنيفَة وَأَبُو يُوسُف وَمُحَمّد الى الْوُجُوب والائمة الثَّلَاثَة على أَنَّهَا سنة وفعلها أفضل من تَركهَا وَفِي رِوَايَة عَن أَحْمد أَيْضا وَاجِبَة إِن كَانَت فِي الصَّلَاة وَفِي خَارِجهَا الا وَالْحجّة لنا قَوْله تَعَالَى فَمَا لَهُم لَا يُؤمنُونَ وَإِذا قرئَ عَلَيْهِم الْقُرْآن لَا يَسْجُدُونَ الدَّال على إِنْكَار ترك السَّجْدَة عِنْد تِلَاوَة الْقُرْآن وقرنه مَعَ عدم الْإِيمَان كَانَ تَركهَا وَعدم الْإِيمَان من قبيل وَاحِد وَأَيْضًا السَّجْدَة جُزْء الصَّلَاة اقْتصر عَلَيْهَا للتَّخْفِيف فَيكون فرضا كالقيام فِي صَلَاة الْجِنَازَة لمعات قَوْله [1052] يَا ويله قَالَ بن الْملك أَصله يَا ويلي قلبت الْيَاء هَاء وَالْوَيْل الْحزن والهلاك كَأَنَّهُ يَقُول يَا حزني وَيَا هلاكي احضر فَهَذَا وقتك وأوانك قَالَ الطَّيِّبِيّ نِدَاء الويل للتحسر على مَا فَاتَ مِنْهُ من الْكَرَامَة وعَلى حُصُول اللَّعْن والخيبة (مرقاة) قَوْله [1053] فَأَتَاهُ رجل قَالَ ميرك هُوَ أَبُو سعيد الْخُدْرِيّ كَمَا جَاءَ مُصَرحًا فِي رِوَايَة وَقيل ملك من الْمَلَائِكَة كَذَا فِي الْمرقاة وَقَالَ بن الْهمام وَيَقُول فِي سَجْدَة التِّلَاوَة مَا يَقُول فِي سَجْدَة الصَّلَاة على الْأَصَح وَاسْتحبَّ بَعضهم سُبْحَانَ رَبنَا ان كَانَ وعد رَبنَا لمفعولا لِأَنَّهُ تَعَالَى قَالَ ويخرون للاذقان سجدا وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبنَا ان كَانَ وعد رَبنَا لمفعولا قَوْله

[1055] إِحْدَى عشرَة هَذَا لَا يُنَافِي فِي الزِّيَادَة غَايَته ان أَبَا الدَّرْدَاء يسْجد مَعَه إِحْدَى عشرَة سَجْدَة وَلم يحضر فِي غَيرهَا وَلَكِن الْعدَد الَّذِي يَأْتِي فِي الحَدِيث الَّاتِي يُنَافِي سَجْدَة النَّجْم فَلَعَلَّ هَذَا وهم من بعض الروَاة (إنْجَاح) قَوْله ثَلَاث من الْمفصل وَهِي النَّجْم وَإِذا انشقت واقرأ قَالَ أَبُو دَاوُد وروى أَبُو الدَّرْدَاء عَن النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِحْدَى عشرَة سَجْدَة وَإِسْنَاده واه انْتهى قَالَ الْمُنْذِرِيّ حَدِيث أبي الدَّرْدَاء الَّذِي أَشَارَ اليه أَبُو دَاوُد وَأخرجه التِّرْمِذِيّ وَابْن ماجة وَقَالَ التِّرْمِذِيّ غَرِيب انْتهى وَقَالَ بن الْهمام حَدِيث عَمْرو بن الْعَاصِ أخرجه أَبُو دَاوُد وَابْن ماجة عَن عبد الله بن منين بميم مَضْمُومَة وبنونين وَهُوَ ضَعِيف قَالَ الطَّيِّبِيّ وَاخْتلفُوا فِي عدَّة سَجدَات الْقُرْآن فَقَالَ أَحْمد خمس عشرَة أخذا بِظَاهِر حَدِيث عَمْرو هَذَا فَادْخُلْ سَجْدَة ص فِيهَا وَقَالَ الشَّافِعِي أَربع عشرَة سَجْدَة مِنْهَا ثِنْتَانِ فِي الْحَج وَثَلَاث فِي الْمفصل وَلَيْسَت سَجْدَة ص مِنْهُنَّ بل هِيَ سَجْدَة شكر كَمَا جَاءَ مُصَرحًا فِي قَوْله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سجدها دَاوُد تَوْبَة وَنحن نسجدها شكرا أَي على النِّعْمَة الَّتِي آتاها الله تَعَالَى دَاوُد وَهِي قبُول التَّوْبَة وَقَالَ أَبُو حنيفَة أَربع عشرَة فأسقط الثَّانِيَة من الْحَج وَأثبت سَجْدَة ص وَقَالَ مَالك أحدى عشرَة فاسقط سَجْدَة ص وسجدات الْمفصل وَهُوَ القَوْل الْقَدِيم للشَّافِعِيّ وَاتَّفَقُوا على الْإِتْيَان بهَا فرضا أَو نفلا وَذهب بَعضهم ان مَا كَانَ مِنْهَا فِي آخر سُورَة فالركوع يَكْفِي عَن السَّجْدَة وَهُوَ قَول بن مَسْعُود انْتهى وَهُوَ مَذْهَب أبي حنيفَة وتفصيله مَا ذكر فِي شرح الْمنية كل سَجْدَة وَجَبت فِي الصَّلَاة فَرَكَعَ ونواها فِيهِ أَو لم ينْو فَسجدَ للصَّلَاة سَقَطت مِنْهُ إِذا لم يقْرَأ بعْدهَا ثَلَاث آيَات (مرقاة) قَوْله سجدنا الخ وروى أَبُو دَاوُد عَن بن عَبَّاس ان النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يسْجد فِي شَيْء من الْمفصل مُنْذُ تحول الى الْمَدِينَة وَبِه أَخذ مَالك وَقَالَ التوربشتي ذَلِك الحَدِيث ان صَحَّ لم يلْزم فِيهِ حجَّة لما صَحَّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ سجدنا مَعَ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي إِذا السَّمَاء انشقت الحَدِيث وَأَبُو هُرَيْرَة مُتَأَخّر وَلِأَن كثيرا من الصَّحَابَة يروونها فِيهِ فالاثبات أولى بِالْقبُولِ وَلِأَن بن عَبَّاس يروي فِي الصِّحَاح أَنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سجد فِي النَّجْم وَلَا شكّ ان الحَدِيث الْمَرْوِيّ فِي الصِّحَاح أقوى من الْمَرْوِيّ فِي الحسان مرقاة لمولانا على الْقَارِي

[1060] ارْجع فصل الخ امْرَهْ بِالْإِعَادَةِ لكَونه لم يتم الرُّكُوع وَالسُّجُود صرح بذلك بن أبي شيبَة وَلَفظه دخل رجل فصلى صَلَاة خَفِيفَة لم يتم ركوعها وسجودها الخ كَذَا فِي الْعَيْنِيّ والقسطلاني اسْتدلَّ بِهَذَا الحَدِيث الشَّافِعِي وَأحمد وَأَبُو يُوسُف على فَرضِيَّة الطُّمَأْنِينَة والقومة والجلسة فَإِنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نفى عَن الرجل الصَّلَاة وَكَانَ قد ترك الطُّمَأْنِينَة والقومة والجلسة وَعند أبي حنيفَة وَمُحَمّد الاطمينان فِي الرُّكُوع وَالسُّجُود فِي ظَاهر الرِّوَايَة على تَخْرِيج الْكَرْخِي وَاجِب يجب سَجْدَة السَّهْو بتركة وعَلى تَخْرِيج الْجِرْجَانِيّ سنة وَأما القومة والجلسة فَسنة وَعَلِيهِ بعض الْمَالِكِيَّة وَمِمَّنْ قَالَ أَنَّهَا لَيست بِفَرْض حمل الحَدِيث على الزّجر والتهديد وَالدَّلِيل عَلَيْهِ مَا روى التِّرْمِذِيّ عَن رِفَاعَة بن رَافع بعد هَذَا الحَدِيث من قَوْله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذا فعلت ذَلِك فقد تمت صَلَاتك وَإِن انتقصت مِنْهُ شَيْئا انتقصت من صَلَاتك وَكَانَ هَذَا أَهْون عَلَيْهِم من الأولى انه من انْتقصَ من ذَلِك انْتقصَ من صلَاته وَلم تذْهب كلهَا لمعات قَوْله إِذا قُمْت الخ إِنَّمَا أخر صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَعْلِيمه الى آخر ثَلَاث مَرَّات للتهديد أَو لَعَلَّه يفهم من إِنْكَاره فَلَمَّا علم غباوته أظهر الْأَمر بِالْمَعْرُوفِ وَالسّنة فِي الْأَمر بِالْمَعْرُوفِ أَولا الْإِشَارَة وَالْكِنَايَة وَآخر التَّصْرِيح والتشريح وَالله أعلم (إنْجَاح) قَوْله متوركا اخْتلف الْعلمَاء فِي هَذِه المسئلة على أَرْبَعَة أَقْوَال فَقَالَ بَعضهم بتوركه فِي التشهدين وَهُوَ قَول مَالك وَقَالَ بَعضهم بالافتراش فيهمَا وَهُوَ قَول أبي حنيفَة وَبَعْضهمْ بالتورك فِي تشهد بعده السَّلَام سَوَاء كَانَ هُنَاكَ تشهدان أَو تشهد وَاحِد وَفِي غَيره الافتراش وَهُوَ قَول الشَّافِعِي وَقل بَعضهم كل صَلَاة فِيهَا تشهدان فَفِي الْأَخير مِنْهُمَا يتورك وان كَانَ فِيهَا تشهد وَاحِد يفترش وَهُوَ مَذْهَب أَحْمد وَقيل وَجه قَول أبي حنيفَة ان فِي كثير من الْأَحَادِيث وَقع ذكر الافتراش مُطلقًا فَبَان أَن السّنة فِي التَّشَهُّد هَذَا وَأَن جُلُوس النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي التَّشَهُّد كَانَ هَكَذَا من غير تَقْيِيد بِالْأولَى أَو بِالْأُخْرَى فَفِي مُسلم عَن عَائِشَة رض كَانَ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يفْتَتح الصَّلَاة بِالتَّكْبِيرِ الى أَن قَالَت وَكَانَ يفترش رجله الْيُسْرَى وينقلب رجله الْيُمْنَى وَفِي سنَن النَّسَائِيّ عَن بن عمر عَن أَبِيه قَالَ من سنة الصَّلَاة نصب الْقدَم الْيُمْنَى واستقباله بأصابعها الْقبْلَة وَالْجُلُوس على اليسرة كَذَا قَالَ بن الْهمام وَأَيْضًا هَذَا الْجُلُوس أشق وَأَشد وَأفضل للأعمال احمزها وَقد وَقع فِي بعض الْأَحَادِيث التورك فِي تشهد الاخر فحملوها على حَالَة الْعذر أَو كبر السن أَو طول الْأَدْعِيَة لِأَن الْمَشَقَّة فِيهِ أقل لمعات قَوْله صَلَاة السّفر رَكْعَتَانِ قَالَ بن الْملك ذهب الشَّافِعِي الى جَوَاز الْقصر والاتمام فِي السّفر وَعند أبي حنيفَة لَا يجوز الاتمام بل يَأْثَم وَاسْتدلَّ أَبُو حنيفَة بِمَا رَوَاهُ البُخَارِيّ عَن عَائِشَة قَالَت الصَّلَاة أول مَا فرضت رَكْعَتَانِ فأقرت صَلَاة السّفر وأتمت صَلَاة الْحَضَر قَالَ الْعَيْنِيّ حَدِيث عَائِشَة وَاضح فِي أَن الرَّكْعَتَيْنِ للْمُسَافِر فرض فَلَا يجوز خِلَافه وَلَا الزِّيَادَة عَلَيْهِ وَمِمَّنْ ذهب الى هَذَا عمر بن عبد الْعَزِيز ان صَحَّ عَنهُ فِي السّفر رَكْعَتَانِ لَا يَصح غَيرهمَا ذكره بن خرم محتجا بِهِ وَحَمَّاد بن أبي سُلَيْمَان وَهُوَ قَول أبي حنيفَة وَبَعض أَصْحَاب مَالك وروى عَن مَالك أَيْضا وَهُوَ الْمَشْهُور عَنهُ انه قَالَ من أتم فِي السّفر أعَاد فِي الْوَقْت وَاسْتَدَلُّوا بِحَدِيث عمر بن الْخطاب صَلَاة السّفر رَكْعَتَانِ تَمام غير قصر الحَدِيث وَرَوَاهُ النَّسَائِيّ أَيْضا بِسَنَد صَحِيح وَعند بن حزم صَحَّ عَن بن عمر قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ السّفر رَكْعَتَانِ من ترك السّنة كفر وَعَن بن عَبَّاس من صلى فِي السّفر أَرْبعا كمن صلى فِي الْحَضَر رَكْعَتَيْنِ وَهُوَ قَول عمر وَعلي وَابْن عَبَّاس وَابْن مَسْعُود وَجَابِر وَابْن عَمْرو الثَّوْريّ وَأما إتْمَام عُثْمَان رض فَاخْتَلَفُوا فِي تَأْوِيله قيل أَنه رأى الْقصر والاتمام جائزين وَقيل لِأَنَّهُ تأهل بِمَكَّة وَقيل لِأَن الاعراب حَضَرُوا مَعَه فَفعل ذَلِك لِئَلَّا يَظُنُّوا أَن فرض الصَّلَاة رَكْعَتَانِ ابدا أَي حضرا وسفرا لَكِن بَقِي الاشكال فِي إتْمَام عَائِشَة لِأَنَّهَا أخْبرت بفرضية الرَّكْعَتَيْنِ فِي حق الْمُسَافِر ثمَّ أتمتها فَكيف تتمّ فَلِذَا سَأَلَ الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة مَا بَال عَائِشَة تتمّ فَأجَاب بقوله تأولت مَا تَأَول عُثْمَان فَأُجِيب بِأَن سَبَب إتْمَام عُثْمَان أَنه كَانَ يرى الْقصر مُخْتَصًّا بِمن كَانَ شاخصا سائرا وَأما من أَقَامَ فِي أثْنَاء السّفر فَهُوَ يتم لِأَنَّهُ فِي حكم الْمُقِيم وَالدَّلِيل عَلَيْهِ مَا رَوَاهُ أَحْمد بِإِسْنَاد حسن عَن عباد بن عبد الله بن الزبير قَالَ لما قدم علينا مُعَاوِيَة حَاجا صلى بِنَا الظّهْر رَكْعَتَيْنِ بِمَكَّة ثمَّ انْصَرف الى دَار الندوة فَدخل عَلَيْهِ مَرْوَان وَعَمْرو بن عُثْمَان فَقَالَا لقد عبت أَمر بن عمك وَقَالَ وَكَأن عُثْمَان أتم الصَّلَاة إِذا قدم مَكَّة ثمَّ إِذا خرج الى منى وعرفة قصر الصَّلَاة فَإِذا فرغ من الْحَج وَأقَام بمنى أتم الصَّلَاة انْتهى فَبِهَذَا التَّأْوِيل يرْتَفع الِاخْتِلَاف بَين خبر عَائِشَة وفعلها عَيْني قَوْله وَلَا نجد صَلَاة السّفر الخ فَإِن قلت كَيفَ يَصح قَوْله وَلَا نجد صَلَاة السّفر فِي الْقُرْآن مَعَ أَنه تَعَالَى قَالَ وَإِذا ضَرَبْتُمْ فِي الارض فَلَيْسَ عَلَيْكُم جنَاح أَن تقصرُوا من الصَّلَاة الْآيَة قلت كَانَ السَّائِل حمل هَذِه الْآيَة على صَلَاة الْخَوْف بِدَلِيل قَوْله تَعَالَى وان خِفْتُمْ وَجعل الْخَوْف شرطا للقصر بِحَسب الظَّاهِر مَعَ أَنه لَا مَفْهُوم لهَذَا الشَّرْط عِنْد الْجُمْهُور وَوَقع صَرِيحًا على مَا كَانَ الْأَمر عِنْد نزُول الْآيَة فَبين بن عمر أَنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قصرالصلاة فِي السّفر مَعَ عدم الْخَوْف وَكَانَ أعلم بِتَأْوِيل الْآيَة فاستننا بسنته واقتدينا بقدوته (إنْجَاح الْحَاجة) [1069] كَانَ يجمع بَين الْمغرب وَالْعشَاء الخ قَالَ الْعَيْنِيّ سلمنَا ان الْجمع رخصَة لَكِن حملناه على الْجمع الصُّورِي حَتَّى لَا يُعَارض الْخَبَر الْوَاحِد الْآيَة القطعية هُوَ قَوْله تَعَالَى حَافظُوا على الصَّلَوَات وَالصَّلَاة الْوُسْطَى أَي ادوها فِي وَقتهَا وَقَوله تَعَالَى ان الصَّلَاة كَانَت على الْمُؤمنِينَ كتابا موقوتا وَمَا قُلْنَا هُوَ الْعَمَل بِالْآيَةِ وَالْخَبَر وَبِه يحصل التَّوْفِيق بَين الَّتِي ظَاهرهَا معَارض وَمَا قَالُوا يُؤَدِّي إِلَى ترك الْعَمَل بِالْآيَةِ وَفِي الْمُوَطَّأ قَالَ مُحَمَّد بلغنَا عَن عمر بن الْخطاب رَضِي أَنه فِي كتب فِي الْآفَاق ينهاهم أَن يجمعوا بَين الصَّلَاتَيْنِ ويخبرهم أَن الْأَحَادِيث الْجمع بَين الصَّلَاتَيْنِ فِي وَقت وَاحِد كَبِيرَة من الْكَبَائِر أخبرنَا بذلك الثِّقَات عَن الْعَلَاء بن الْحَارِث عَن مَكْحُول انْتهى قَوْله [1071] فَلم يزدْ على رَكْعَتَيْنِ أَي على الْفَرْض يَعْنِي لَا يتَنَفَّل بالنوافل والرواتب وَقَالَ التِّرْمِذِيّ اخْتلف أهل الْعلم بعد النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَأى بعض أَصْحَاب النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ان يتَطَوَّع الرجل فِي السّفر وَبِه يَقُول أَحْمد وَإِسْحَاق وَلم ير طَائِفَة من أهل الْعلم أَن يُصَلِّي قبلهَا وَلَا بعْدهَا وَمعنى من لم يتَطَوَّع فِي السّفر قبُول الرُّخْصَة وَمن تطوع فَلهُ فِي ذَلِك فضل كثير وَهُوَ قَول أَكثر أهل الْعلم يختارون التَّطَوُّع فِي السّفر لَكِن روى التِّرْمِذِيّ عَن بن أبي ليلى حَدِيث بن عمر وَفِيه صليت مَعَه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الظّهْر فِي السّفر رَكْعَتَيْنِ وَبعدهَا رَكْعَتَيْنِ وَكَذَا قَالَ فِي الْمغرب قَالَ الْعَيْنِيّ فَيحمل حَدِيث النَّفْي على الْغَالِب من أَحْوَاله وَمَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ على أَنه فعله فِي بعض الْأَوْقَات لبَيَان الِاسْتِحْبَاب انْتهى والاوجه أَن يحمل حَدِيث النَّفْي على حَالَة السّير وَحَدِيث الثُّبُوت على حَالَة الْقَرار كَمَا هُوَ الْمُخْتَار من مَذْهَبنَا قَوْله [1073] ثَلَاثًا لِلْمُهَاجِرِ بعد الصَّدْر أَي بعد الرُّجُوع من منى وَهَذَا كَانَ خُصُوصِيَّة لأَصْحَاب النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذين هَاجرُوا من مَكَّة كَيْلا يتعلقوا بوطنهم وَيرغبُوا فِي مسكنهم وَلِأَنَّهُم لَو أَقَامُوا كثيرا لَا يُؤمن عَلَيْهِم فِيهَا الْمَوْت وَالْمَوْت فِي بلد هَاجر مِنْهُ غير مستحسن وَلِهَذَا أَرِنِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سعد بن خَوْلَة أَن مَاتَ بِمَكَّة وَأما مُنَاسبَة هَذَا الحَدِيث بِالْبَابِ فَلَيْسَ بِظَاهِر اللَّهُمَّ الا أَن يحمل على أَن الْإِقَامَة فِي موسم الْحَج وَثَلَاثَة أَيَّام بعده لَا يخرج عَن كَونه مُسَافِرًا لِأَنَّهُ لَو كَانَ قَوْلنَا لمنعهم صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَن الْإِقَامَة بِمَكَّة (إنْجَاح) قَوْله [1074] قدم النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الخ مُنَاسبَة الحَدِيث بِالْبَابِ مَا تقدم فَإِنَّهُ إِذا دخل فِي الرَّابِعَة وَصدر من منى فِي الثَّالِث عشر وَأقَام بعده ثَلَاثَة أَيَّام لَكَانَ الْمَجْمُوع اثْنَي عشر يَوْمًا فَعلم ان الْإِقَامَة بِهَذَا الْمِقْدَار لَا يُخرجهُ عَن كَونه مُسَافِرًا للحجاج وَلغيره (إنْجَاح الْحَاجة) قَوْله [1078] بَين العَبْد أَي الْمُسلم خبر مقدم وَقَوله ترك الصَّلَاة مبتداء مُؤخر تَقْدِيره تَركهَا وصلَة بَينه وَبَينهَا قَالَ القَاضِي يحْتَمل أَن يؤول ترك الصَّلَاة بِالْحَدِّ الْوَاقِع بَينهمَا فَمن تَركهَا دخل الْحَد وَحَام حول الْكفْر دونا مِنْهُ أَو يُقَال ان ترك الصَّلَاة وصلَة بَين العَبْد وَالْكفْر وَالْمعْنَى أَنه يُوصل اليه وَيحْتَمل ان يُقَال الْكَلَام على خلاف الظَّاهِر إِذْ ظَاهره ان يُقَال بَين الْإِيمَان أَو بَين الْمُؤمن وَالْكَافِر فَوضع العَبْد مَوضِع الْمُؤمن لِأَن الْعُبُودِيَّة ان يخشع لمَوْلَاهُ ويشكر نعمه فَكَأَنَّهُ قيل الْفرق بَين الْمُؤمن وَال

[1079] الْعَهْد الَّذِي بَيْننَا وَبينهمْ الصَّلَاة قَالَ الْبَيْضَاوِيّ الضَّمِير الْغَائِب لِلْمُنَافِقين شبه الْمُوجب لابقاءهم وحقن دِمَاءَهُمْ بالعهد الْمُقْتَضِي لَا بَقَاء الْمعَاهد والكف عَنهُ وَالْمعْنَى ان الْعُمْدَة فِي إِجْرَاء احكام الْإِسْلَام عَلَيْهِم تشبههم بِالْمُسْلِمين فِي حُضُور صلَاتهم وَلُزُوم جَمَاعَتهمْ وانقيادهم للْأَحْكَام الظَّاهِرَة فَإِذا تركُوا ذَلِك كَانُوا هم وَسَائِر الْكفَّار سَوَاء وَقَالَ الطَّيِّبِيّ يُمكن أَن يكون الضَّمِير عَاما فِيمَن تَابع رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْإِسْلَامِ سَوَاء كَانَ منافقا أم لَا زجاجة قَوْله عبد الله بن مُحَمَّد الْعَدوي رَمَاه وَكِيع بِالْوَضْعِ [1082] وَالله ان ذَا الْعَجز الخ أَي عده سوال وَجه الاسْتِغْفَار لَهُ لعجز أَي حمق وَظَاهر هَذَا الحَدِيث يُخَالف الحَدِيث السَّابِق فَإِن ظَاهر الحَدِيث يدل على ان هَذَا القَوْل مِنْهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صدر فِي أول خطْبَة خطبهَا فِي مَسْجِد الْجُمُعَة حِين قدم الْمَدِينَة كَمَا هُوَ الْمُتَبَادر وَفهم من ذَلِك انها لم تكن وَاجِبَة قبل ذَلِك فَهُوَ مُخَالف لما هُوَ فِي هَذَا الحَدِيث وَوجه التطبيق مَا قَالَ فقهاؤنا من انها وَجَبت بِمَكَّة وَلم تقم بهَا لعدم الْقُدْرَة على اظهارها لِأَن اظهارها أقوى من إِظْهَار جمَاعَة الصَّلَوَات الْخمس وَقَالَ الْحلَبِي فِي سيرته وَفِي الإتقان مِمَّا تَأَخّر نُزُوله عَن حكمه آيَة الْجُمُعَة لِأَنَّهَا مَدَنِيَّة وَالْجُمُعَة فرضت بِمَكَّة (إنْجَاح) قَوْله [1083] اضل الله عَن الْجُمُعَة الخ فِيهِ دلَالَة لمَذْهَب أهل السّنة أَن الْهدى والاضلال وَالْخَيْر وَالشَّر كُله بِإِرَادَة الله تَعَالَى وَهُوَ فعله خلافًا للمعتزلة قَالَ القَاضِي الظَّاهِر انه فرض عَلَيْهِم تَعْظِيم يَوْم الْجُمُعَة بِغَيْر تعْيين ووكل الى اجتهادهم لإِقَامَة شرائعهم فِيهِ فَاخْتلف اجتهادهم فِي تَعْيِينه وَلم يهدهم الله لَهُ وفرضه على هَذِه الْأمة مُبينًا وَلم يكله الى اجتهادهم ففازوا بتفضيله قَالَ وَقد جَاءَ ان مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام أَمرهم بِالْجمعَةِ وأعلمهم بفضلها فناظروه ان السبت أفضل فَقيل لَهُ دعهم قَالَ القَاضِي وَلَو كَانَ مَنْصُوصا لم يَصح اخْتلَافهمْ فِيهِ بل كَانَ يَقُول خالفوا فِيهِ قلت وَيُمكن ان يكون أمروا بِهِ صَرِيحًا وَنَصّ على عينه فَاخْتَلَفُوا فِيهِ بل يلْزم تَعْيِينه أم لَهُم ابداله وابدلوه وغلطوا فِي ابداله (نووي) قَوْله [1084] فِيهِ خمس خلال الخ قَالَ الْبَيْضَاوِيّ لَا شكّ ان خلق أَدَم عَلَيْهِ السَّلَام فِيهِ يُوجب لَهُ شرفا ومزية وَكَذَا وَفَاته فَإِنَّهُ سَبَب لوصوله الجناب الاقدس والخلاص عَن المنكبات وَكَذَا قيام السَّاعَة لِأَنَّهُ من أَسبَاب توصل أَرْبَاب الْكَمَال الى مَا أعد لَهُم من النَّعيم الْمُقِيم قَالَ الرَّاغِب الْمَوْت أحد الْأَسْبَاب الموصلة الى النَّعيم فَهُوَ وَإِن كَانَ فِي الظَّاهِر فنَاء واضمحلالا لَكِن فِي الْحَقِيقَة ولادَة ثَانِيَة وَهُوَ بَاب من أَبْوَاب الْجنَّة مِنْهُ يتَوَصَّل إِلَيْهَا وَلَو لم يكن لم تكن الْمنية من الله تَعَالَى على الْإِنْسَان قَالَ الله تَعَالَى خلق الْمَوْت والحيوة وَقدم الْمَوْت على الْحَيَاة تَنْبِيها على أَنه يتَوَصَّل مِنْهُ الى الْحَيَاة الْحَقِيقِيَّة وعده من الالاء فِي قَوْله تَعَالَى كل من عَلَيْهَا فان (زجاجة) قَوْله خمس خلال الخ قَالَ القَاضِي عِيَاض الظَّاهِر أَن هَذِه الْفَضَائِل المعدودة لَيست لذكر فَضِيلَة لِأَن إِخْرَاج ادم وَقيام السَّاعَة لَا يعد فَضِيلَة وَإِنَّمَا هُوَ بَيَان لما وَقع فِيهِ من الْأُمُور الْعِظَام وَمَا سيقع لتأهب العَبْد فِيهِ بِالْأَعْمَالِ الصَّالِحَة لنيل رَحْمَة الله وَدفع نقمته وَقَالَ أَبُو بكر الْعُزَّى الْجَمِيع من الْفَضَائِل وَخُرُوج آدم من الْجنَّة هُوَ سَبَب وجود الذُّرِّيَّة وَهَذَا النَّسْل الْعَظِيم وَوُجُود الرُّسُل والأنبياء وَالصَّالِحِينَ والأولياء وَلم يخرج مِنْهَا طردا بل لقَضَاء طَار ثمَّ يعود إِلَيْهَا وَأما قيام السَّاعَة فسبب لتعجيل جَزَاء الْأَنْبِيَاء وَالصديقين وَغَيرهم وَإِظْهَار كرامتهم وشرفهم قَوْله وَقد أرمت قَالَ الحبر لي كَذَا يرويهِ المحدثون وَلَا أعرف وَجهه وَالصَّوَاب ارمت فَتكون التَّاء لتأنيث الْعِظَام أَو رممت أَي صرت رميما وَقَالَ غَيره إِنَّمَا هُوَ أرمت بِوَزْن ضربت وَأَصله ارممت أَي بليت فحذفت إِحْدَى الميمين كَمَا قَالُوا احست فِي احسست وَقيل إِنَّمَا هُوَ ارمت بتَشْديد التَّاء على أَنه ادغم إِحْدَى الميمين فِي التَّاء وَهَذَا قَول سَاقِط لِأَن الْمِيم لَا تُدْغَم فِي التَّاء ابدا وَقيل يجوز ان يكون ارمت بِضَم الْهمزَة بِوَزْن أمرت من قَوْلهم ارمت الْإِبِل تأرم إِذا تناولت الْعلف وقلعته من الأَرْض (زجاجة) قَوْله [1087] من غسل الخ قَالَ فِي النِّهَايَة ذهب كثير من النَّاس ان غسل أَرَادَ بِهِ المجامعة قبل الْخُرُوج الى الصَّلَاة لِأَن ذَلِك يجمع غض الطّرف فِي الطَّرِيق يُقَال غسل الرجل امْرَأَته بِالتَّشْدِيدِ وَالتَّخْفِيف إِذا جَامعهَا وَقد روى مخففا وَقيل أَرَادَ غسل غَيره واغتسل هُوَ لِأَنَّهُ إِذا جَامع زَوجته احوجها الى الْغسْل وَقيل أَرَادَ بِغسْل غسل أعضاءه للْوُضُوء ثمَّ تغسل للْجُمُعَة وَقيل هَذَا بِالْمَعْنَى وَاحِد وكرره للتَّأْكِيد (زجاجة) قَوْله [1089] على كل محتلم أَي بَالغ قَالَ النَّوَوِيّ المُرَاد بِالْوُجُوب وجوب اخْتِيَار كَقَوْل الرجل لصَاحبه حَقك وَاجِب على وَقَالَ مُحَمَّد فِي الْمُوَطَّأ بِسَنَدِهِ عَن حَمَّاد عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ قَالَ أَي حَمَّاد سَأَلته عَن الْغسْل يَوْم الْجُمُعَة وَالْغسْل عَن الْحجامَة وَالْغسْل فِي الْعِيدَيْنِ قَالَ ان اغْتَسَلت فَحسن وان تركت فَلَيْسَ عَلَيْك فَقلت لَهُ الم يقل رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من رَاح الى الْجُمُعَة فليغتسل قَالَ بلَى وَلَكِن لَيْسَ من الْأُمُور الْوَاجِبَة وَإِنَّمَا هُوَ كَقَوْلِه تَعَالَى واشهدوا إِذا تبايعتم الْآيَة وَيُؤَيِّدهُ مَا أخرجه أَبُو دَاوُد عَن عِكْرِمَة ان نَاسا من أهل الْعرَاق جاؤوا فَقَالُوا يَا بن عَبَّاس اترى الْغسْل وَاجِبا يَوْم الْجُمُعَة فَقَالَ لَا وَلكنه طهُور وَخير لمن اغْتسل وَمن لم يغْتَسل فَلَيْسَ عَلَيْهِ بِوَاجِب وَسَأُخْبِرُكُمْ كَيفَ بَدَأَ الْغسْل كَانَ النَّاس مجهودين يلبسُونَ الصُّوف ويعملون على ظُهُورهمْ وَكَانَ مَسْجِدهمْ ضيقا مُتَقَارب السّقف إِنَّمَا هُوَ عَرِيش فَخرج رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي يَوْم حَار وعرق النَّاس فِي ذَلِك الصُّوف حَتَّى ثارت مِنْهُم ريَاح حَتَّى أَذَى بَعضهم بَعْضًا فَلَمَّا وجد عَلَيْهِ السَّلَام تِلْكَ الرِّيَاح قَالَ يَا أَيهَا النَّاس إِذا كَانَ هَذَا الْيَوْم فاغتسلوا الى أَن قَالَ بن عَبَّاس ثمَّ جَاءَ الله بِالْخَيرِ ولبسوا غير الصُّوف وَكفوا الْعَمَل ووسع مَسْجِدهمْ هُوَ وَذهب بعض الَّذِي كَانَ يُؤْذى بَعضهم بَعْضًا من الْعرق فَهَذَا يُشِير الى أَن الْغسْل كَانَ وَاجِبا كَمَا ذهب اليه مَالك ثمَّ صَار سنة كَمَا ذهب اليه الْجُمْهُور شرح مؤطا للقاري قَوْله [1091] فبها ونعمت الْبَاء مُتَعَلقَة بِمَحْذُوف أَي اخذ بالخصلة المحسنة ونعمت لتِلْك الْخصْلَة انجاح الْحَاجة قَوْله

[1082] نَقِيع هُوَ مَوضِع بنواحي الْمَدِينَة وَقَوله هزم هُوَ مَوضِع بهَا قَوْله لم تغش أَي لم تباشر قَوْله بكر أَي اتى الصَّلَاة أول وَقتهَا وابتكر أَي أدْرك أول الْخطْبَة وهما بِمَعْنى كرر للتَّأْكِيد نِهَايَة قَوْله وَاجِب أَي متأكد قَوْله وَمن مس الْحَصَى المُرَاد بِمَسّ الْحَصَى تَسْوِيَة الأَرْض للسُّجُود [1092] الأول فَالْأول قَالَ النَّوَوِيّ فِي المسئلة خلاف مَشْهُور فمذهب مَالك وَبَعض الشَّافِعِيَّة كامام الْحَرَمَيْنِ ان المُرَاد بالساعات لحظات لَطِيفَة بعد الزَّوَال لِأَن رواح الْمَذْكُور فِي رِوَايَة البُخَارِيّ وَكَانَ التهجير الذّهاب بعد الزَّوَال لُغَة وَمذهب الْجُمْهُور اسْتِحْبَاب التَّكْبِير إِلَيْهَا من أول النَّهَار وَقَالَ الْأَزْهَرِي فِي لُغَة الْعَرَب الرواح الذّهاب سَوَاء كَانَ أول النَّهَار وَآخره أَو فِي اللَّيْل وَهَذَا هُوَ الصَّوَاب الَّذِي يَقْتَضِيهِ الحَدِيث لِأَنَّهُ لَا فَضِيلَة لمن أَتَى بعد الزَّوَال لِأَن التَّخَلُّف بعد النداء حرَام وَلِأَن ذكر السَّاعَات إِنَّمَا هُوَ للحث على التبكير إِلَيْهَا وَالتَّرْغِيب فِي فَضِيلَة السَّبق وانتظارها والاشتغال بالنفل وَالذكر وَنَحْوه وَهَذَا يحصل بالذهاب بعد الزَّوَال كَذَا فِي الْكرْمَانِي والعيني قَوْله الدَّجَاجَة والبيضة وهم ليسَا من الْهدى وَإِنَّمَا هُوَ من الْإِبِل وَالْبَقر وَفِي الْغنم خلاف فَهُوَ من بَاب اكلت طَعَاما أَو شرابًا ومتقلدا سَيْفا ورمحا مجمع قَوْله فَإِنَّمَا يَجِيء لحق الى الصَّلَاة أَي بِحَق وَاجِب الَّذِي وَجب عَلَيْهِ لَا لنيل الثَّوَاب وَالْفرق بَينهمَا ظَاهر لِأَن من جَاءَ لطلب الثَّوَاب يحصل لَهُ الثَّوَاب وَمن جَاءَ لإِزَالَة الْحق واسقاطه عَنهُ فَإِنَّمَا ينجو من الْعقَاب (إنْجَاح) قَوْله [1094] وَمَا رَابِع أَرْبَعَة بِبَعِيد الظَّاهِر من هَذَا الْكَلَام التَّعَجُّب والاستفهام أَي أَي مِقْدَار رَابِع أَرْبَعَة من بعيد الثَّوَاب أَي بعده من الثَّوَاب أَي مِقْدَار يَعْنِي كثير فَكَأَنَّهُ هدد نَفسه بِالتَّأْخِيرِ وَقَالَ الْغَزالِيّ أول بِدعَة حدثت فِي الْإِسْلَام تَأْخِير الرواح الى الْجُمُعَة وفقنا الله تَعَالَى بِحسن عِبَادَته وَيحْتَمل ان يكون مَا نَافِيَة فَمَعْنَاه لَيْسَ رَابِع أَرْبَعَة بِبَعِيد أَن يبعد من الْخَيْر وَالْجنَّة وَالله أعلم قَوْله مهنته بِفَتْح الْمِيم وَكسرهَا وَسُكُون الْهَاء أَي بذلة وخدمة يَعْنِي غير الثَّوْبَيْنِ اللَّذين مَعَه فِي سَائِر الْأَيَّام نِهَايَة والمرقاة قَوْله [1099] مَا كُنَّا نقِيل بِفَتْح النُّون من القيلولة وَهِي الاسْتِرَاحَة فِي نصف النَّهَار وَلَا نتغدى بِالدَّال الْمُهْملَة هُوَ الطَّعَام الَّذِي يُوكل قبل نصف النَّهَار قَوْله الا بعد الْجُمُعَة قَالَ الطَّيِّبِيّ هَذَا كِنَايَة عَن التبكير أَي لَا يتغدون وَلَا يستريحون وَلَا يشتغلون بمهم وَلَا يهتمون بِأَمْر سواهُ انْتهى وَالْمعْنَى انهم يَفْعَلُونَ مَا ذكر بعد الْجُمُعَة عوضا عَمَّا فاتهم وَلَيْسَ مَعْنَاهُ أَنه يَقع تفديهم وَمَقِيلهمْ بعد الْجُمُعَة حَقِيقَة لكَون الْخطْبَة وَالصَّلَاة قبل الزَّوَال فَيكون حجَّة لِأَحْمَد لِأَن عِنْده صَلَاة الْجُمُعَة قبل الزَّوَال جَائِزَة قَالَ بن الْهمام اما مَا رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ وَغَيره من حَدِيث عبد الله بن سيدان قَالَ شهِدت الْجُمُعَة مَعَ أبي بكر الصّديق رض فَكَانَ خطبَته قبل الزَّوَال وَذكر عَن عمر رض عُثْمَان رض نَحوه فقد اتَّفقُوا على ضعف بن سيدان (مرقاة) قَوْله فَيْئا الْفَيْء هُوَ مَا بعد الزَّوَال من الظل سمي بِهِ لرجوعه من جَانب إِلَى جَانب كَذَا فِي الْعَيْنِيّ وَلَيْسَ فِيهِ نفيا للفيء مُطلقًا بل للفيء الْكثير الَّذِي يستظل ويستراح بِهِ فَلَا يكون حجَّة لِأَحْمَد 12 قَوْله وَهُوَ قَائِم قَالَ الْعَيْنِيّ قَالَ شَيخنَا فِيهِ شرح التِّرْمِذِيّ فِيهِ اشْتِرَاط الْقيام فِي الْخطْبَتَيْنِ الا عِنْد الْعَجز واليه ذهب الشَّافِعِي وَأحمد فِي رِوَايَة انْتهى قلت لَا يدل الحَدِيث على الِاشْتِرَاط غَايَة مَا فِي الْبَاب إِنَّه يدل على السّنيَّة وَالْجَوَاب عَن كل حَدِيث ورد فِيهِ الْقيام وَعَن قَوْله

[1108] وَتَرَكُوك قَائِما بِأَن ذَلِك أَخْبَار عَن حَالَته الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا عِنْد انفضاضهم وَبِأَن النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يواظب على الشَّيْء الْفَاضِل مَعَ جَوَاز غَيره وَنحن نقُول بِهِ وَمن أقوى الْحجَج لنا مَا رَوَاهُ البُخَارِيّ جلس ذَات يَوْم على الْمِنْبَر وَجَلَسْنَا حوله وَحَدِيث سهل مرى غلامك النجار يعْمل الى أَعْوَاد اجْلِسْ عَلَيْهِنَّ إِذا كلمت انْتهى قَالَ بن الْهمام دخل كَعْب بن عجْرَة الْمَسْجِد يَوْم الْجُمُعَة وَابْن أم الحكم يخْطب قَاعِدا فَقَالَ انْظُرُوا الى هَذَا الْخَبيث يخْطب قَاعِدا وَالله تَعَالَى يَقُول وَإِذا رَأَوْا تِجَارَة أَو لهوا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوك قَائِما رَوَاهُ مُسلم وَلم يحكم هُوَ وَلَا غَيره بِفساد تِلْكَ الصَّلَاة فَعلم أَنه لَيْسَ بِشَرْط عِنْدهم فتح الْقَدِير قَوْله إِذا خطب فِي الْحَرْب الخ وَهَذِه الْخطْبَة لَيست خطْبَة الْجُمُعَة بل خطْبَة الْوَعْظ والنصيحة لِأَن الْحَرْب قَلما وَقع فِي الْحَضَر وَلَيْسَ على الْمُسَافِر صَلَاة الْجُمُعَة وَسبب الاتكاء على الْقوس التفاؤل بِالْفَتْح لِأَن الْقوس وَالسيف آلتا الْحَرْب وَفِي الدّرّ وحاشيته لاستاذنا الشَّيْخ عَابِد السندي يخْطب الامام بِسيف فِي بَلْدَة فتحت بِهِ أَي بِالسَّيْفِ كمكة وَالْحكمَة فِي مشروعيته ثمَّ أَن يُرِيهم أَنهم إِذا رجعُوا عَن الْإِسْلَام نحاربهم فَإِنَّهُ مَا زَالَ فِي أَيْدِينَا والا لَا يَأْخُذ الْخَطِيب السَّيْف بل إنْشَاء توكأ بعصا كالمدينة فَإِنَّهَا فتحت طَوْعًا بِلَا سيف وَفِي الْحَاوِي الْقُدسِي وَإِذا فرغ الْمُؤَذّن قَامَ الامام الْخَطِيب وَالسيف بيساره وَهُوَ متكأ عَلَيْهِ قَالَ فِي النَّهر يُمكن الْجمع بِأَن يتقلد مَعَ الاتكاء وَفِي الْخُلَاصَة يكره الاتكاء على قَوس أَو عَصا لَكِن فِي الْقُهسْتَانِيّ ان اخذ الْعَصَا سنة كالقيام كَمَا فِي الجلالي وَقد أخرج بن أبي شيبَة فِي مُصَنفه عَن يزِيد بن الْبَراء عَن أَبِيه ان النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خطبهم يَوْم عيد وَفِي يَده قَوس أَو عَصا وَعَن يحيى قَالَ رَأَيْت عمر بن عبد الْعَزِيز يخْطب وَبِيَدِهِ قضيب انْتهى انجاح الْحَاجة لمولانا الْمُعظم الشَّيْخ عبد الْغَنِيّ المجددي الدهلوي طَوَوْا الصُّحُف أَي طوى الْمَلَائِكَة صحف دَرَجَات السَّابِقين ويستمعون الْخطْبَة شيخ لنا هَذَا الشَّيْخ مُحَمَّد بن عمر الْوَاقِدِيّ ثِيَاب النمار وروى النمور جمع نمر أَي جُلُود السبَاع لم يفرق بَين اثْنَيْنِ أَي بَين اثْنَيْنِ لَا فُرْجَة بَينهمَا ليحصل لَهما الْأَذَى فليغتسل فِيهِ إِشَارَة الى أَن الْغسْل للصَّلَاة لَا لليوم وَهُوَ الصَّحِيح اللَّهُمَّ اغْفِر لمؤلفه وكاتبه وَلمن سعى فِيهِ قَوْله يجلس بَينهمَا الخ الْقعدَة بَينهمَا سنة عِنْد الْحَنَفِيَّة وَعند الشَّافِعِي وَاجِب ف عبد الرَّحْمَن بن سعد ضَعِيف سلم مَذْهَب الشَّافِعِي وَأحمد أَن الامام إِذا صعد على الْمِنْبَر يسلم وَعند أبي حنيفَة وَمَالك لَا يسلم والْحَدِيث الَّذِي روى الْمُؤلف ضَعِيف لحَال بن لَهِيعَة قَالَ بن حجر هُوَ صَدُوق من السَّابِعَة اخْتَلَط بعد احتراق كتبه وَأما عَمْرو بن خَالِد الْقرشِي مَوْلَاهُم أَبُو خَالِد كُوفِي نزيل وَاسِط مَتْرُوك ورماه وَكِيع بِالْكَذِبِ من الثَّامِنَة وَمَا روى عَنهُ من السِّتَّة أحد غير بن ماجة واما عَمْرو بن خَالِد التَّمِيمِي الَّذِي هُوَ من الْعَاشِرَة فَثِقَة فَإِن كَانَ هُوَ فَالْحَدِيث مُنْقَطع لِأَن الْعَاشِرَة مِمَّن لم يلق التَّابِعين وَمَعْلُوم ان بن لَهِيعَة عَن كبار اتِّبَاع التَّابِعين وَبَين موتيهما خمس وَخَمْسُونَ سنة (إنْجَاح) قَوْله [1112] فصل رَكْعَتَيْنِ قَالَ النَّوَوِيّ هَذَا صَرِيح فِي الدّلَالَة لمَذْهَب الشَّافِعِي وَأحمد وَإِسْحَاق وفقهاء الْمُحدثين أَنه إِذا دخل الْجَامِع يَوْم الْجُمُعَة والأمام يخْطب يسْتَحبّ لَهُ ان يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ تَحِيَّة الْمَسْجِد وَيكرهُ الْجُلُوس قبل أَن يُصَلِّيهمَا وَأَنه يتجوز فيهمَا ليستمع الْخطْبَة وَحكى هَذَا أَيْضا عَن الْحسن الْبَصْرِيّ وَغَيره من الْمُتَقَدِّمين وَقَالَ القَاضِي قَالَ مَالك وَاللَّيْث وَأَبُو حنيفَة وَجُمْهُور السّلف وَالصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ لَا يُصَلِّيهمَا وَهُوَ مَرْوِيّ عَن عمر وَعُثْمَان وعَلى رض وحجتهم الْأَمر بالإنصات للامام وَأولُوا حَدِيث الْبَاب وَنَحْوه أَنه كَانَ عُريَانا فَأمره النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْقيامِ ليراه النَّاس ويتصدقوا عَلَيْهِ وَهَذَا تَأْوِيل بَاطِل يردهُ صَرِيح قَوْله إِذا جَاءَ أحدكُم يَوْم الْجُمُعَة والأمام يخْطب فليركع رَكْعَتَيْنِ ويتجوز فيهمَا وَهَذَا نَص لَا يتَطَرَّق اليه تَأْوِيل قلت أجَاب أَصْحَابنَا أَي الْحَنَفِيَّة بأجوبة غير هَذَا الأول انه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انصت لَهُ حَتَّى فرغ من صلَاته وَالدَّلِيل عَلَيْهِ مَا أخرجه بن أبي شيبَة بِسَنَدِهِ عَن مُحَمَّد بن قيس ان النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَيْثُ امْرَهْ أَن يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ امسك عَن الْخطْبَة حَتَّى فرغ من ركعتيه ثمَّ عَاد الى الْخطْبَة وَكَذَا يُؤَيّدهُ مَا روى الدَّارَقُطْنِيّ مُسْندًا ومرسلا وَقَالَ وَهَذَا الْمُرْسل هُوَ الصَّوَاب وَالثَّانِي ان ذَلِك كَانَ قبل شُرُوعه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْخطْبَة وصرحه النَّسَائِيّ فِي سنَنه الْكُبْرَى وَبَوَّبَ عَلَيْهِ وَالثَّالِث ان ذَلِك كَانَ مِنْهُ قبل أَن ينْسَخ الْكَلَام فِي الصَّلَاة ثمَّ لما نسخ فِي الصَّلَاة نسخ أَيْضا فِي الْخطْبَة لِأَنَّهَا شطر صَلَاة الْجُمُعَة وَشَرطهَا كَمَا صرحه الطَّحَاوِيّ عُمْدَة الْقَارِي قَوْله [1116] من تخطى الخ قَالَ الْبَيْضَاوِيّ أَي من تجَاوز رقابهم بالخطو عَلَيْهَا وروى اتخذ مَبْنِيا للْفَاعِل وَمَعْنَاهُ أَن صَنِيعه هَذَا يُؤَدِّيه الى جَهَنَّم فَكَأَنَّهُ جسر اتَّخذهُ الى جَهَنَّم وبالبناء للْمَفْعُول وَمَعْنَاهُ أَنه يَجْعَل يَوْم الْقِيَامَة جِسْرًا يمر عَلَيْهِ من يساق الى جَهَنَّم مجازاة لَهُ بِمثل عمله (زجاجة) قَوْله [1117] إِذا نزل مَذْهَب أبي حنيفَة أَن من وَقت خُرُوج الامام للخطبة الى أَن شرع فِي الصَّلَاة الصَّلَاة وَالْكَلَام كِلَاهُمَا حرَام وَعِنْدَهُمَا لَا بَأْس بالْكلَام بعد الْخُرُوج قبل الشُّرُوع وَبعد النُّزُول عَن الْمِنْبَر لمعات قَوْله [1121] من أدْرك من الْجُمُعَة رَكْعَة الخ قَالَ فِي الْهِدَايَة وَمن أدْرك الامام يَوْم الْجُمُعَة صلى مَعَه مَا أدْركهُ وَبنى عَلَيْهِ الْجُمُعَة لقَوْله عَلَيْهِ السَّلَام مَا ادركتم فصلوا وَمَا فاتكم فاقضوا وان كَانَ أدْركهُ فِي التَّشَهُّد أَو فِي سُجُود السَّهْو بنى عَلَيْهَا الْجُمُعَة عِنْدهمَا وَقَالَ مُحَمَّد أَن أدْرك مَعَه أَكثر الرَّكْعَة الثَّانِيَة بنى عَلَيْهَا الْجُمُعَة وان ادركها اقلها بنى الظّهْر انْتهى وَالْمرَاد بادراك أَكثر الرَّكْعَة الثَّانِيَة ادراكها فِي الرُّكُوع لَا بعد الرّفْع مِنْهُ قَالَ الشَّيْخ بن الْهمام وَلَهُمَا إِطْلَاق الحَدِيث الْمَذْكُور وَمَا رَوَاهُ من أدْرك رَكْعَة من الْجُمُعَة أضَاف إِلَيْهَا رَكْعَة أُخْرَى والاصلى أَرْبعا ثمَّ يثبت لمعات قَوْله

[1124] ان أهل قبا كَانُوا يجمعُونَ الخ وروى التِّرْمِذِيّ عَن رجل من أهل قبَاء عَن أَبِيه قَالَ أمرنَا النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَن فَشهد الْجُمُعَة من قبَاء قبَاء بِضَم الْقَاف وخفة الْمُوَحدَة مَعَ مد وَقصر مَوضِع بميلين أَو ثَلَاثَة من الْمَدِينَة وَقَالَ التِّرْمِذِيّ هَذَا حَدِيث لَا نعرفه الا من هَذَا الْوَجْه وَلَا يَصح فِي هَذَا الْبَاب عَن النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْء وَقد روى عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْجُمُعَة على من أَواه اللَّيْل الى أَهله هَذَا حَدِيث إِسْنَاده ضَعِيف وَمعنى الحَدِيث أَن الْجُمُعَة وَاجِبَة على من كَانَ بَين وَطنه وَبَين الْموضع الَّذِي يصلى فِيهِ الْجُمُعَة مَسَافَة يُمكن لَهُ الرُّجُوع بعد أَدَاء الْجُمُعَة إِلَى وَطنه قبل اللَّيْل وَيُسمى هَذَا مَسَافَة الْعَدْوى على خلاف مَسَافَة الْقصر الَّذِي يصير بِهِ مُسَافِرًا قَالَ الطَّيِّبِيّ وَبِهَذَا قَالَ أَبُو حنيفَة رض بشرطان يكون وَطنه ينْقل الى ديوَان الْمصر الَّذِي يَأْتِيهِ للْجُمُعَة وان كَانَ لوطنه ديوَان غير ديوَان الْمصر لم يجب عَلَيْهِ الْإِتْيَان قَالَ بن الْهمام وَمن كَانَ من تَوَابِع الْمصر فَحكمه حكم أهل الْمصر فِي وجوب الْجُمُعَة عَلَيْهِ وَاخْتلفُوا فِيهِ فَعَن أبي يُوسُف ان كَانَ الْموضع يسمع فِيهِ النداء من الْمصر فَهُوَ من تَوَابِع الْمصر والا فَلَا وَعنهُ أَنَّهَا تجب فِي ثَلَاث فراسخ وَقَالَ بَعضهم قدر ميل وَقيل قدر ميلين وَقيل سِتَّة أَمْيَال وَقيل أَن أمكنه ان يحضر الْجُمُعَة ويبيت بأَهْله من غير تكلّف تجب عَلَيْهِ الْجُمُعَة والا فَلَا قَالَ فِي الْبَدَائِع وَهَذَا حسن انْتهى وَقَالَ الشَّافِعِي وَأحمد وَإِسْحَاق لَا تجب الْجُمُعَة الا على من سمع النداء فَخر الْحسن فقد لغوت يحرم فِي الْخطْبَة الْكَلَام وَإِن كَانَ أَمر بِالْمَعْرُوفِ أَو تسبيحا 12 ف عَنهُ أنيت أَي أخرت الْمَجِيء وأبطأت [1125] من ترك الْجُمُعَة أَي اكْتفى بِالظّهْرِ عَن الْجُمُعَة تهاونا بهَا الظَّاهِر أَن المُرَاد بالتهاون التكاسل وَعدم الْجد فِي أَدَائِهِ لَا الاهانة وَالِاسْتِخْفَاف فَإِنَّهُ كفر وَالْمرَاد بَيَان كَونه مَعْصِيّة عَظِيمَة تَقْتَضِي الى الطَّبْع وَالدّين وَجَاء عَن بن عَبَّاس ان من ترك الْجُمُعَات مُتَوَالِيَة فقد نبذ الْإِسْلَام وَرَاء ظَهره لمعات قَوْله طبع على قلبه أَي ختم قَالَ القَاضِي اخْتلف المتكلمون فِي هَذَا اخْتِلَافا كثيرا فَقيل هُوَ اعدام اللطف وَأَسْبَاب الْخَيْر وَقيل هُوَ خلق الْكفْر فِي صُدُورهمْ وَهُوَ قَول أَكثر مُتَكَلم أهل السّنة قَالَ غَيرهم هم الشَّهَادَة عَلَيْهِم وَقيل هُوَ عَلامَة جعلهَا الله تَعَالَى فِي قُلُوبهم لتعرف بهَا الْمَلَائِكَة من يمدح وَمن يذم انْتهى قَوْله [1127] ان يتَّخذ الصبة بصاد مُهْملَة وموحدة قَالَ فِي النِّهَايَة أَي جمَاعَة مِنْهَا تَشْبِيها بِجَمَاعَة النَّاس وَقد اخْتلف فِي عَددهَا فَقيل مَا بَين الْعشْرين الى الْأَرْبَعين من الضَّأْن والمعز وَقيل من الْمعز خَاصَّة وَقيل نَحْو الْخمسين وَقيل مَا بَين السِّتين الى السّبْعين والصبة من الْإِبِل نَحْو خمس أَو سِتّ (زجاجة) قَوْله ان يتَّخذ الصبة بِالضَّمِّ أَي جمَاعَة مِنْهَا وَهِي مَا بَين الْعشْرين الى الْأَرْبَعين من الضان والمعز كَذَا فِي الْمجمع قَوْله فيتعذر عَلَيْهِ الْكلأ وَهُوَ الْحَشِيش الْيَابِس بِقرب الْبَلَد فيرتفع أَي يبعد لطلب الْكلأ الى مواقع الْقطر والمطر فيثقل عَلَيْهِ الذّهاب الى الْجُمُعَة حَتَّى يتَكَرَّر تَركهَا فيطبع الله على قلبه بالقسوة والغفلة فَيكون من أحد الاعراب قَالَ الله تَعَالَى الاعراب أَشد كفرا ونفاقا وَفِيه وَعِيد شَدِيد لمن يضيع نَفسه لحظ الدُّنْيَا وَيتْرك الْآخِرَة هَذَا إِذا كَانَ لانهماكه فِي الدُّنْيَا وَأما إِذا عزل عَن النَّاس لطلب السَّلامَة للدّين فَلَيْسَ هُوَ بمذموم لحَدِيث النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُوشك أَن يكون خير مَال الْمُسلم غنم يتبع بهَا شعف الْجبَال ومواقع الْقطر يفر بِدِينِهِ وَأما تَحْقِيق الْمقَام فمحله أدب الصُّحْبَة من كتاب الاحياء للغزالي نفعنا الله تَعَالَى بأنفاسه المقدسة (إنْجَاح الْحَاجة) قَوْله [1128] فليتصدق الخ قَالَ بن حجر وَهَذَا التَّصَدُّق لَا يرفع اثم التّرْك أَي بِالْكُلِّيَّةِ حَتَّى يُنَافِي خبر من ترك الْجُمُعَة من غير عذر لم يكن لَهَا كَفَّارَة دون الْقِيَامَة وَإِنَّمَا يُرْجَى بِهَذَا التَّصَدُّق تَخْفيف الْإِثْم وَذكر الدِّينَار وَنصفه لبَيَان الاكمل فَلَا يُنَافِي ذكر الدِّينَار وَنصفه صَاع حِنْطَة وَنصفه فِي رِوَايَة أبي دَاوُد (مرقاة) قَوْله [1130] فصلى سَجْدَتَيْنِ فِي بَيته وَبِه يَقُول الشَّافِعِي وَأحمد وَعند ابيحنيفة يصلى بعد الْجُمُعَة أَرْبعا للْحَدِيث الَّاتِي إِذا صليتم بعد الْجُمُعَة فصلوا أَرْبعا وَبِمَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ من كَانَ مِنْكُم مُصَليا بعد الْجُمُعَة فَليصل أَرْبعا وَقَالَ هَذَا حَدِيث حسن صحيخ وَبِه قَالَ الثَّوْريّ وَابْن الْمُبَارك وَعند أبي يُوسُف وَمُحَمّد يُصَلِّي سِتّ رَكْعَات لما فِي التِّرْمِذِيّ وروى عَن عَليّ بن أبي طَالب أَنه أَمر أَن يُصَلِّي بعد الْجُمُعَة رَكْعَتَيْنِ ثمَّ أَرْبعا وَبِمَا روى التِّرْمِذِيّ عَن عَطاء قَالَ رَأَيْت بن عمر صلى بعد الْجُمُعَة رَكْعَتَيْنِ ثمَّ صلى بعد ذَلِك أَرْبعا قَالَ الشَّيْخ فِي اللمعات وَأما الصَّلَاة قبل الْجُمُعَة فثابتة وَقد أنكرهُ بعض الْمُحدثين وبالغوا فِي الْإِنْكَار وَقَالَ صَاحب سفر السَّعَادَة الَّذين قَالُوا بسنية الْجُمُعَة قبلهَا إِنَّمَا قَالُوا بهَا قِيَاسا على الظّهْر واثبات السّنَن بِالْقِيَاسِ غير جَائِز أعلم ان فِي جَامع الْأُصُول عَن ثَعْلَبَة بن أبي مَالك الْقرظِيّ أَنه قَالَ كَانُوا فِي زمن عمر بن الْخطاب رض يصلونَ يَوْم الْجُمُعَة قبل الْخطْبَة وَإِذا خرج جلس على الْمِنْبَر فَأذن الْمُؤَذّن الحَدِيث وَفِي صَحِيح مُسلم عَن أبي هُرَيْرَة من اغْتسل ثمَّ اتى الْجُمُعَة فصلى مَا قدر لَهُ ثمَّ أنصت وَأورد فِي السّنة قبل الْجُمُعَة وَأورد السُّيُوطِيّ فِي جمع الْجَوَامِع من كَانَ مُصَليا يَوْم الْجُمُعَة فَليصل قبلهَا أَرْبعا وَبعدهَا أَرْبعا وَفِي أداب أَيْضا من حَدِيث أبي دَاوُد عَن نَافِع قَالَ كَانَ بن عمر يُطِيل فِي الصَّلَاة قبل الْجُمُعَة وَبعدهَا وَيَقُول هَكَذَا كَانَ يَفْعَله رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انْتهى قلت وَفِي التِّرْمِذِيّ وروى عَن عبد الله بن مَسْعُود أَنه كَانَ يُصَلِّي قبل الْجُمُعَة أَرْبعا وَفِي الْبَاب السَّابِق من هَذَا الْكتاب عَن بن عَبَّاس قَالَ كَانَ النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يرْكَع قبل الْجُمُعَة أَرْبعا لَا يفصل فِي شَيْء مِنْهُنَّ (فَخر) قَوْله [1137] ان فِي الْجُمُعَة سَاعَة أعلم ان الْأَقْوَال فِي تعْيين هَذِه السَّاعَة كَثِيرَة تبلغ كَمَا ذكرُوا الى ثَلَاثَة وَثَلَاثِينَ قولا أرجحها وأقواها قَولَانِ أَحدهمَا مَا بَين ان يجلس الامام الى أَن يقْضِي الصَّلَاة وَثَانِيهمَا آخر ساعةمن الْيَوْم وَقَالَ فِي فتح الْبَارِي وَمَا عداهما مُوَافق لأَحَدهمَا أَو ضَعِيف الْإِسْنَاد وَمَوْقُوف اسند قَائِله بِاجْتِهَادِهِ من غير سَماع وتوقيف ثمَّ الْأَكْثَرُونَ على أَن ارجحه القَوْل الْأَخير قَالَ الامام أَحْمد أَكثر الْأَحَادِيث فِي هَذَا الْجَانِب وَقَالَ بن عبد الْبر اثْبتْ شَيْء فِي هَذَا الْبَاب حَدِيث عبد الله بن سَلام وَرجحه أَكثر الْأَئِمَّة وَنَصّ الشَّافِعِي عَلَيْهِ وَحَدِيث أبي مُوسَى سَمِعت رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول فِي شَأْن سَاعَة الْجُمُعَة هِيَ مَا بَين ان يجلس الامام الى أَن تقضي الصَّلَاة وان كَانَ مَذْكُورا فِي صَحِيح مُسلم لَكِن فِي إِسْنَاده مقَالا وَهَذِه من جملَة السَّاعَات الَّتِي وَقعت فِي بعض أَحَادِيث مُسلم وَرجح جمَاعَة من الْعلمَاء القَوْل الأول وَقَالَ الْبَيْهَقِيّ قَالَ مُسلم حَدِيث أبي مُوسَى أصح وأجود شَيْء فِي هَذَا الْبَاب وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ هَذَا الحَدِيث نَص فِي مَوضِع الْخلاف فليلتفت الى غَيره وَقَالَ النَّوَوِيّ هُوَ الصَّحِيح بل الثَّوَاب الَّذِي لَا يجوز غَيره قَالَ العَبْد الضَّعِيف وَقد صَحَّ عَن سيدتنا فَاطِمَة الزهراء انها كَانَت تسلط خادمة ترقب آخر سَاعَة من الْيَوْم فيذكر الله ويدعوه وَقيل ان هَذِه السَّاعَة كَانَت فِي زمن الرَّسُول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثمَّ رفعت نَقله بن عبد الْبر عَن قوم وزيفه وَالصَّحِيح أَنَّهَا بَاقِيَة لمعات قَوْله

[1139] فَأَشَارَ الى رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَو بعض سَاعَة كَأَنَّهُ أَشَارَ بذلك الى تقليلها أَي ان تِلْكَ أقل من أَن يُطلق عَلَيْهَا اسْم السَّاعَة بل قريب ان يُقَال هِيَ بعض السَّاعَة وَفِيه إِشَارَة الى تقليلها جدا انجاح الْحَاجة لمولانا الْمُعظم الشَّيْخ عبد الْغَنِيّ المجددي الدهلوي رَحمَه الله تَعَالَى [1140] وَرَكْعَتَيْنِ قبل الظّهْر بِهِ يَقُول الشَّافِعِي وَأحمد وَالْأَحَادِيث فِي أَربع قبل الظّهْر كَثِيرَة وَجَاء عَن الشَّافِعِي وَأحمد أَيْضا أَربع وَلَكِن بتسليمتين وَبِالْجُمْلَةِ وَجه التطبيق بَين الْأَحَادِيث الْوَارِدَة فِي الْأَرْبَع والواردة فِي الرَّكْعَتَيْنِ أما بِأَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي فِي بَيته أَرْبعا فرأته عَائِشَة وَكَانَ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ إِذا أَتَى الْمَسْجِد تَحِيَّة فَظن أَبُو هُرَيْرَة أَنَّهُمَا سنة الظّهْر وَأما بِأَن اعْتِقَاد أبي هُرَيْرَة أَن سنة الظّهْر رَكْعَتَانِ والاربع صَلَاة آخرى كَانَ يُصليهَا فِي وَقت الزَّوَال لِأَنَّهَا تفتح عِنْدهَا أَبْوَاب السَّمَاء كَذَا فِي اللمعات قَوْله وَرَكْعَتَيْنِ أَظُنهُ قَالَ قبل الْعَصْر لَعَلَّ الظَّن من أبي صَالح وَالِد سُهَيْل لِأَن التِّرْمِذِيّ ذكر الحَدِيث عَن عَائِشَة ثمَّ قَالَ وَفِي الْبَاب عَن أم حَبِيبَة وَأبي هُرَيْرَة وَأبي مُوسَى وَابْن عمر فَلَو كَانَ الشَّك من أبي هُرَيْرَة لذكره أَيْضا وَذكر فِي حَدِيث عَائِشَة أَربع رَكْعَات قبل الظّهْر وَلم يذكر الْعَصْر خلاف مَا فِي هَذِه الرِّوَايَة وَهَذَا الظَّن لَا يبعد أَن يكون خلافًا للْوَاقِع فَإِن فِي الرِّوَايَات المتيقنة فِي الثُّبُوت وَلَيْسَت رَكْعَتَيْنِ قبل الظّهْر بل أَربع رَكْعَات وَأما قبل الْعَصْر فقد ثَبت الركعتان وَأَرْبع رَكْعَات أَيْضا الا على سَبِيل التَّأْكِيد وَلم يُصَرح أحد من الْفُقَهَاء بتوكيد سنة الْعَصْر فَكَانَ الْمصير الى مَا جَاءَ فِي الرِّوَايَات الصَّحِيحَة أولى وَقَالَ النَّوَوِيّ لَيْسَ فِي الصحيحن ذكر رَكْعَتَيْنِ قبل الْعَصْر (إنْجَاح الْحَاجة) قَوْله [1144] كَانَ الْأَذَان فِي اذنيه المُرَاد من الْأَذَان الْإِقَامَة أَي كَأَنَّهُ يسمع صَوت الْمُؤَذّن حِين يقوم وَهَذَا كِنَايَة عَن التَّعْجِيل والسرعة (إنْجَاح) قَوْله [1148] قرا فِي الرَّكْعَتَيْنِ الخ وَالْحكمَة فِي تَخْصِيص هَاتين السورتين لِأَنَّهُمَا اشتملتا من عبَادَة الله وتوحيده وتنزيهه وَالرَّدّ على الْكَافرين فِيمَا يتعتقدونه وَيدعونَ اليه فَكَانَ الِافْتِتَاح بهما أول الصُّبْح ليشهد بِهِ الْمَلَائِكَة وَلذَلِك قَالَ النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيث نَوْفَل الْأَشْجَعِيّ اقْرَأ قل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ ثمَّ نم علىخاتمها فَإِنَّهَا بَرَاءَة من الشّرك كَذَا فِي الْمرقاة قَوْله [1151] إِذا أُقِيمَت الصَّلَاة الخ قَالَ بن الْملك سنة الْفجْر مَخْصُوصَة عَن هَذَا القَوْل النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تدعوهما وان طردتكم الْخَيل رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فَقُلْنَا يُصَلِّيهمَا مَا لم يخْش فَوت الرَّكْعَة الثَّانِي انْتهى قَالَ فِي الْهِدَايَة وَمن انْتهى الى الامام فِي صَلَاة الْفجْر وَهُوَ لم يصل رَكْعَتي الْفجْر ان خشِي ان تفوته رَكْعَة وَيدْرك الْأُخْرَى يُصَلِّي رَكْعَتي الْفجْر عِنْد بَاب الْمَسْجِد لِأَنَّهُ أمكنه الْجمع بَين الفضيلتين وان خشِي فوتهما دخل مَعَ الامام لِأَن ثَوَاب الْجَمَاعَة أعظم والوعيد بِالتّرْكِ الزم وَالتَّقْيِيد الْأَدَاء عِنْد بَاب الْمَسْجِد يدل على الْكَرَاهَة فِي الْمَسْجِد إِذا كَانَ الامام فِي الصَّلَاة قَالَ بن الْهمام لما روى عَنهُ عَلَيْهِ السَّلَام إِذا اقيمت الصَّلَاة فَلَا صَلَاة الا الْمَكْتُوبَة وَلِأَنَّهُ يشبه مُخَالفَة للْجَمَاعَة فَيَنْبَغِي ان لَا يُصَلِّي فِي الْمَسْجِد إِذا لم يكن عِنْد بَاب الْمَسْجِد مَكَان لِأَن ترك المركوه مقدم على فعل السّنة غير ان الْكَرَاهَة تَتَفَاوَت وان كَانَ الامام فِي الصَّيف فصلانه فِي الشتوي اخف من صلَاته فِي الصيفي وَأَشد مَا يكون كَرَاهَة ان يُصَلِّيهمَا مخالطا للصف كَمَا يَفْعَله كثير من الجهلة انْتهى قَوْله [1153] أَرْبعا يُرِيد انه لَا يشرع بعد إِقَامَة الْفجْر الا الْفَرِيضَة فَإِن من صلى السّنة بعْدهَا صَار كَأَنَّهُ صلى أَرْبعا فَرِيضَة مجمع قَوْله [1154] فَسكت الخ وَفِي التِّرْمِذِيّ فَلَا إِذن قَالَ بن الْملك هَذَا يدل على جَوَاز قَضَاء سنة الصُّبْح بعد فَرْضه لمن لم يصلها قبله وَبِه قَالَ الشَّافِعِي قَالَ الْقَارِي ان الحَدِيث لل يثبت كَمَا قَالَ التِّرْمِذِيّ وَإسْنَاد هَذَا الحَدِيث لَيْسَ بِمُتَّصِل مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ لم يسمع من قيس فَلم يكن حجَّة على أبي حنيفَة (مرقاة) قَوْله

[1158] صلاهَا بعد الرَّكْعَتَيْنِ الخ هَذَا الحَدِيث يُؤَيّد قَول أبي يُوسُف حَيْثُ يَقُول يقْضِي الْأَرْبَع بعد شُفْعَة كَمَا فِي الْجَامِع الصَّغِير للحسامي وَعند مُحَمَّد يقْضِي قبل شُفْعَة وَفِي الْمَنْظُومَة وشروحها الْخلاف على الْعَكْس وَفِي غَايَة الْبَيَان يحْتَمل أَن يكون عَن كل من الامامين رِوَايَتَانِ وبتقديم الْأَرْبَع على الرَّكْعَتَيْنِ يُفْتِي جَوْهَرَة وَرجح فِي فتح الْقَدِير تَقْدِيم الرَّكْعَتَيْنِ لِأَن الْأَرْبَع فَاتَت عَن موضعهَا الْمسنون فَلَا يفوت الثنتان بِلَا ضَرُورَة أَقُول هَذَا هُوَ الْحق إنْشَاء الله تَعَالَى للْحَدِيث الْوَارِد بِهِ وَالله اعْلَم انجاح الْحَاجة قَوْله من ثابر أَي واظب انجاح الْحَاجة عبد الله بن مَالك بِالتَّنْوِينِ لَان بُحَيْنَة أم عبد الله ومالكا أَبوهُ وهما صفتان لعبد الله منْجَاب هُوَ بمكسورة وَسُكُون نون بن الْحَارِث مُغنِي [1159] فصليتهما الخ هَذَا يدل على أَن قَضَاء السّنة سنة وَبِه اخذ الشَّافِعِي وَالظَّاهِر ان هَذَا من خصوصياته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لعُمُوم النَّهْي للْغَيْر وَلِأَنَّهُ ورد فِي حَدِيث أَنه كَانَ يُصَلِّيهمَا دَائِما وَقد ذكر الطَّحَاوِيّ بِسَنَدِهِ حَدِيث أم سَلمَة وَزَاد فَقلت يَا رَسُول الله فنقضيهما إِذا فاتنا قَالَ لَا انتهي فَمَعْنَى الحَدِيث كَمَا قَالَه بن حجر أَي وَقد علمت ان من خصائصي اني إِذا عملت عملا وادمت عَلَيْهِ فَمن ثمَّ فعلتهما ونهيت غَيْرِي عَنْهُمَا لَكِن خَالف كَلَامه حَيْثُ قَالَ وَمن هَذَا اخذ الشَّافِعِي ان ذَات السَّبَب لَا تكره فِي تِلْكَ الْأَوْقَات وَلَا يخفي أَنه إِذا كَانَ من خصوصياته فَلَا يصلح للاستدلال وَالله أعلم بِحَقِيقَة الْحَال قَالَ القَاضِي اخْتلفُوا فِي جَوَاز الصَّلَاة فِي أَوْقَات الثَّلَاثَة وَبعد صَلَاة الصُّبْح الى الطُّلُوع وَبعد صَلَاة الْعَصْر الى الْغُرُوب فَذهب دَاوُد الى جَوَاز الصَّلَاة فِيهَا مُطلقًا وَقد روى عَن جمع من الصَّحَابَة فلعلهم لم يسمعوا نَهْيه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَحَمَلُوهُ على التَّنْزِيه دون التَّحْرِيم وَخَالفهُم الْأَكْثَرُونَ فَقَالَ الشَّافِعِي لَا يجوز فِيهَا فعل صَلَاة لَا سَبَب لَهَا أما الَّذِي لَهُ سَبَب كالمنذورة وَقَضَاء الْفَائِتَة فَجَاز كَحَدِيث كريب وَاسْتثنى أَيْضا مَكَّة واستواء الْجُمُعَة وَقَالَ أَبُو حنيفَة يحرم فعل كل صَلَاة فِي الْأَوْقَات الثَّلَاثَة سوى عصر يَوْمه عِنْد الاصفرار وَيحرم الْمَنْذُورَة والنافلة بعد الصَّلَاتَيْنِ دون الْمَكْتُوبَة الْفَائِتَة وَسجْدَة التِّلَاوَة وَصَلَاة الْجِنَازَة (مرقاة) قَوْله [1161] إِذا كَانَت الشَّمْس الخ حَاصِل الحَدِيث إِذا ارْتَفَعت الشَّمْس من جَانب الْمشرق مِقْدَار ارتفاعها وَقت الْعَصْر صلى الضُّحَى وَهَذِه هِيَ الضحوة الصُّغْرَى وَهُوَ وَقت الْإِشْرَاق وَهَذَا الْوَقْت هُوَ أَوسط وَقت الْإِشْرَاق واعلاها واما دُخُول وقته فَبعد طُلُوع الشَّمْس وارتفاعها مِقْدَار رمح أَو رُمْحَيْنِ حِين تصير الشَّمْس بازغة وَيَزُول وَقت الْكَرَاهَة وَكَانَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي هَذِه الصَّلَاة غَالِبا رَكْعَتَيْنِ وَقد أَمر بالاربع أَيْضا وَفِي الحَدِيث الْقُدسِي يَا بن ادم اركع لي أَربع رَكْعَات أول النَّهَار اكفك آخِره وَأما الصَّلَاة الثَّانِيَة فَهِيَ الضحوة الْكُبْرَى فَكَانَ يُصليهَا أَحْيَانًا وَيَتْرُكهَا أَحْيَانًا ووقتها فِي الحَدِيث الاخر حِين ترمض الفصال وَهَذِه السَّاعَة حِين تبقى السَّاعَة النجومية من الزَّوَال غَالِبا وَهَذَا الْمِقْدَار أدنى رَكْعَات الضُّحَى وَقد جَاءَ ثَمَانِيَة واثنتا عشرَة وَأما الصَّلَاة الثَّالِثَة فَهِيَ أما فَيْء الزَّوَال أَو سنة الظّهْر (إنْجَاح) قَوْله بِالتَّسْلِيمِ الخ لَيْسَ المُرَاد مِنْهُ تَسْلِيم التَّحْلِيل بل الدُّعَاء بِالتَّسْلِيمِ على الْمَلَائِكَة المقربين والنبين كَمَا هُوَ فِي التَّشَهُّد (إنْجَاح) قَوْله [1162] بَين كل اذانين صَلَاة أَي بَين الْأَذَان وَالْإِقَامَة قَالَ بن الْجَوْزِيّ فَائِدَة هَذَا الحَدِيث أَنه يُمكن ان يتَوَهَّم المتوهم ان الْأَذَان للصَّلَاة يمْنَع ان يفعل سوى الصَّلَاة الَّتِي اذن لَهَا فَتبين ان التَّطَوُّع بَين الْأَذَان وَالْإِقَامَة جَائِز كَذَا ذكر فِي فتح الْبَارِي وَالصَّوَاب أَن المُرَاد بَيَان أَن مَعَ كل فَرِيضَة نفلا وَيَنْبَغِي ان يُصَلِّي بَينهمَا نَافِلَة لشرف الْوَقْت وَكَثْرَة الثَّوَاب وَأما الاشكال بالمغرب فَجَوَابه القَوْل بالنسخ فِيهَا وَأَنَّهَا خصت من الْعُمُوم وَكَذَا قَالَ الشَّيْخ فِي اللمعات قَالَ التوربشتي إِنَّمَا ذهب أَبُو حنيفَة الى كَرَاهَة النَّافِلَة قبل صَلَاة الْمغرب لحَدِيث بُرَيْدَة الْأَسْلَمِيّ رَضِي الله عَنهُ ان النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبا بكر وَعمر لم يصلوها وَمَا رَوَاهُ غَيره من الصَّحَابَة فَهُوَ مَنْسُوخ وَعَن بن عمر قَالَ مَا رَأَيْت أحدا يُصَلِّيهمَا على عهد النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَفِيهِ دَلِيل على نسخ مَا كَانَ قبل رويته وَتَمَامه فِي فتح الْقَدِير (إنْجَاح) قَوْله [1163] فَيرى انها الْإِقَامَة الخ أَي فيظن ان النَّاس قد قَامُوا الصَّلَاة الْمغرب وَلَيْسَ الْأَمر كَذَلِك لأَنهم كَانُوا يقومُونَ عِنْد اسْتِمَاع الْأَذَان لاداء هَاتين الرَّكْعَتَيْنِ (إنْجَاح) قَوْله [1167] سِتّ رَكْعَات الْمَفْهُوم ان الرَّكْعَتَيْنِ الراتبتين داخلتان فِي السِّت قَالَه الطَّيِّبِيّ فَيصَلي المؤكدتين بِتَسْلِيمَة وَفِي الْبَاقِي الْخِيَار قَوْله لم يتَكَلَّم فِيمَا بَينهُنَّ أَي فِي أثْنَاء ادائهن وَقَالَ بن حجر إِذا اسْلَمْ من كل رَكْعَتَيْنِ قَوْله بسؤاي بِكَلَام سيء وَبِمَا يُوجب سوء قَوْله عدلن بِصِيغَة الْمَجْهُول وَقيل بالمعلوم كَذَا فِي الْمرقاة قَوْله عدلن الخ قَالَ الْبَيْضَاوِيّ فَإِن قلت كَيفَ تعادل الْعِبَادَة القليلة الْعِبَادَات الْكَثِيرَة فَإِن تَضْييع لما زَاد عَلَيْهَا من الْأَفْعَال الصَّالِحَة قلت الفعلان ان اخْتلفَا نوعا فَلَا اشكال وان اتفقَا فَلَعَلَّ الْقَلِيل يكْتَسب بمقارنة مَا يَخُصُّهُ من الْأَوْقَات والاحوال مَا يرجحه على أَمْثَاله (زجاجة) قَوْله [1168] الزوفي بِفَتْح الزَّاي وَسُكُون الْوَاو وبفاء نِسْبَة الى الزوف هُوَ بطن من مُرَادة وَلَيْسَ لَهُ ولشيخه عبد الله بن أبي عَمْرو مرّة الزوفي وَلَا لشيخ شَيْخه خَارِجَة بن حذافة عِنْد المُصَنّف وَأبي دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ إِلَّا هَذَا الحَدِيث الْوَاحِد وَلَيْسَ لَهُم رِوَايَة فِي بَقِيَّة الْكتب السِّتَّة وَقَالَ البُخَارِيّ وَرِوَايَته عَن خاجرة مُنْقَطع 12 (إنْجَاح) قَوْله

[1169] لَيْسَ بحتم الخ قَالَ الْعَيْنِيّ لم يقل أحد أَن وجوب الْوتر كوجوب الصَّلَاة انْتهى فَحِينَئِذٍ لَا يُخَالف قَول أبي حنيفَة هَذَا الحَدِيث لِأَن قَوْله بِوُجُوب الْوتر لَا يُرِيد بِهِ أَنه كَالصَّلَاةِ الْخمس قَالَ القَاضِي أَبُو الطّيب وَأَبُو حَامِد ان الْعلمَاء كَافَّة قَالَت انه سنة حَتَّى أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد وَقَالَ أَبُو حنيفَة وَحده وأجب هَكَذَا اذكر الْعَيْنِيّ ثمَّ رد كَلَامهمَا وَأثبت قَول عدَّة من الْعلمَاء بِوُجُوب وَلَو سلم فَلَا يضر أَبَا حنيفَة خلاف أحد إِذا كَانَ استدلاله بالأخبار مِنْهَا مَا فِي السّنَن الا التِّرْمِذِيّ قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْوتر حق وَاجِب على كل مُسلم الحَدِيث قَالَ بن الْهمام وَرَوَاهُ بن حبَان وَالْحَاكِم وَقَالَ على شَرطهمَا وَمِنْهَا حَدِيث أبي سعيد قَالَ قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من نَام عَن وتر أَو نَسيَه فليصله إِذا أصبح أَو ذكره وَقَالَ الْحَاكِم صَحِيح على شَرط الشَّيْخَيْنِ وَمِنْهَا مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْوتر حق فَمن لم يُوتر فَلَيْسَ منا كَرَّرَه وَهَذَا الحَدِيث صَحِيح وَلِهَذَا أخرجه الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك وَصَححهُ وَتَمام المبحث فِي فتح الْقَدِير والعمدة للعيني قَوْله مَا بَين كل اذانين الخ أَي بَين الْأَذَان وَالْإِقَامَة السّنَن الرَّوَاتِب نِهَايَة وانجاح قَوْله فِي بُيُوتكُمْ أَي الْأَفْضَل كَونهَا فِيهَا لِأَنَّهُ أبعد من الرِّيَاء وَلِأَن فِيهِ حَظّ الْبيُوت من الْبركَة عَن عبد الله بن أبي عَمْرو مرّة الزوفي صَوَابه عبد الله بن مرّة وَابْن أبي هرة قَوْله ان الله قد أمدكم أَي زادكم وَالْأَصْل فِي الْمَزِيد أَن يكون من جنس الْمَزِيد عَلَيْهِ فَخر الْحسن [1170] لَيْسَ لَك الخ أَشَارَ عبد الله الى ان الاعراب لَيست بداخلة فِي أَمر هَذَا الحَدِيث لِأَن أَكْثَرهم جُفَاة غِلَاظ لَا يتعلمون الْقُرْآن فَكَانَ عِنْد عبد الله سنية الْوتر لأَصْحَاب الْقُرْآن الَّذين يتلونه اناء اللَّيْل وهم يَسْجُدُونَ وَعند الْجُمْهُور من آمن بِالْقُرْآنِ فَهُوَ من أَهله فَدخل جَمِيع الْمُسلمين فِي الْخطاب وَالله أعلم (إنْجَاح) قَوْله [1172] قَالَ يُونُس بن أبي إِسْحَاق حَدثنِي أبي قَالَ شَبابَة ان يُونُس بن أبي إِسْحَاق حَدثنَا عَن أَبِيه وَهُوَ أَبُو إِسْحَاق فَلَعَلَّ تَأْخِير الْفِعْل عَن معموله للاختصاص فَإِن تَقْدِيم مَا حَقه التَّأْخِير يُوجب الِاخْتِصَاص وَحَاصِله ان شَبابَة قَالَ حَدثنَا يُونُس (إنْجَاح) قَوْله [1173] وَفِي الثَّالِثَة الخ قَالَ الْقَارِي ان أَبَا دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة رووا الحَدِيث عَن أبي وَلم يذكرُوا المعوذتين فَلَا اعْتِمَاد على حَدِيث عَائِشَة لِأَن عبد الْعَزِيز بن جريج على مَا ذكره فِي التَّقْرِيب لين وَقَالَ الْعجلِيّ لم يسمع عَن عَائِشَة وَأَخْطَأ خصيف فَصرحَ بِسَمَاعِهِ عَن عَائِشَة قَوْله [1174] ويوتر بِرَكْعَة قَالَ النَّوَوِيّ وَهُوَ مَذْهَبنَا وَمذهب الْجُمْهُور وَقَالَ أَبُو حنيفَة لَا يَصح الايتار بِوَاحِدَة وَلَا يكون الرَّكْعَة الْوَاحِدَة صَلَاة قطّ وَالْأَحَادِيث الصَّحِيحَة ترد عَلَيْهِ قلت مَعْنَاهُ يُوتر بِسَجْدَة الى رَكْعَة وَرَكْعَتَيْنِ قبلهَا فَيصير وتره ثَلَاثًا وَلأبي حنيفَة أَيْضا أَحَادِيث صَحِيحَة ترد عَلَيْهِم مِنْهَا مَا رَوَاهُ النَّسَائِيّ فِي سنَنه بِإِسْنَادِهِ الى عَائِشَة قَالَت كَانَ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُوتر بِثَلَاث لَا يسلم الا فِي آخِرهنَّ ذكره الْعَيْنِيّ وَأورد رِوَايَات اخر أَيْضا وَقَالَ روى بن أبي شيبَة ناحفص بن عمر عَن الْحسن الْبَصْرِيّ قَالَ اجْمَعْ الْمُسلمُونَ على ان الْوتر ثَلَاث لَا يسلم الا فِي آخِرهنَّ وَقَالَ بن الْهمام روى الْحَاكِم وَقَالَ على شَرطهمَا عَن عَائِشَة ان رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُوتر بِثَلَاث لَا سلم الا فِي آخِرهنَّ وَكَذَا روى النَّسَائِيّ عَنْهَا الى ان قَالَ مَعَ ان أَكثر الصَّحَابَة عَلَيْهِ انْتهى مُخْتَصرا 12 قَوْله اجْعَل أَرَأَيْت الخ هَذَا من بن عمر على أبي مجلز فَإِنَّهُ لما حدث عَن رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَارضه أَبُو مجلز بقوله أَرَأَيْت غضب عَلَيْهِ وَكَانَ الصَّحَابَة رض يكْرهُونَ أَشد الْكَرَاهَة مُعَارضَة الحَدِيث حَتَّى بن عَمْرو رَضِي ترك الْكَلَام مَعَ ابْنه بِلَال حِين حدث عَن رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تمنعوا اماء الله مَسَاجِد الله فعارضه وَلَده بِلَال فَقَالَ وَالله لنمنعنهن فَغَضب عَلَيْهِ بن عمر وسبه حَتَّى قيل انه لم يتَكَلَّم مَعَه فِي حَيَاته وَكَذَلِكَ لما حدث أَبُو هُرَيْرَة بقوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْوضُوء مِمَّا غيرت النَّار وَقَالَهُ بن عَبَّاس انتوضأ من الْحَمِيم فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَة يَا بن أخي إِذا سَمِعت الحَدِيث من رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَا تضرب لَهُ مثلا وَكَذَلِكَ عمرَان بن حُصَيْن وَغَيرهم من الصَّحَابَة فَالْحَاصِل ان بن عمر عَاتب أَبَا مجلز وَقَالَ أجعَل أَي قَوْلك أَرَأَيْت عِنْد ذَلِك النَّجْم وَهِي كِنَايَة عَن غَايَة الْبعد أَي بعد عَنَّا قَوْلك كبعد مَا بَين السَّمَاء وَالْأَرْض والسماك ككتاب نجمان نيران وَقيل هما رجلا الْأسد والاسد برج من بروج السَّمَاء ثمَّ أعَاد بن عمر الحَدِيث تهديد اله وَالله أعلم (إنْجَاح) قَوْله [1176] البتيراء بِالتَّصْغِيرِ من البتر وَهُوَ الْقطع والابتر مَقْطُوع الذَّنب وسمى الرَّكْعَة الْوَاحِدَة البتيراء لِأَنَّهَا مَقْطُوعَة من شُفْعَة وَكَانُوا يرونها مَكْرُوهَة (إنْجَاح) قَوْله [1177] ويوتر بِوَاحِدَة روى التِّرْمِذِيّ من حَدِيث عَليّ بن أبي طَالب كَانَ النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُوتر بِثَلَاث الحَدِيث وَقَالَ فِي الْبَاب عَن عمرَان بن حُصَيْن وَعَائِشَة وَابْن عَبَّاس وَأبي أَيُّوب وَقد ذهب قوم من أهل الْعلم من أَصْحَاب النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَغَيرهم الى هَذَا وراو ان يُوتر الرجل بِثَلَاث وَقَالَ سُفْيَان ان شِئْت أوتر بِثَلَاث وَإِن شِئْت أوتر بِرَكْعَة وَقَالَ وَالَّذِي نستحب أَن يُوتر بِثَلَاث رَكْعَات وَهُوَ قَول بن الْمُبَارك وَأهل الْكُوفَة وَقَالَ فِي الْهِدَايَة رَوَت عَائِشَة رض ان النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُوتر بِثَلَاث رَكْعَات بِتَسْلِيمَة وَاحِدَة وَقَالَ بن الْهمام رَوَاهُ الْحَاكِم وَقَالَ على شَرطهمَا وروى النَّسَائِيّ عَنْهَا قَالَت كَانَ النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يسلم فِي رَكْعَتي الْوتر وَقَالَ الْحَاكِم قيل لِلْحسنِ ان بن عمر كَانَ يسلم فِي الرَّكْعَتَيْنِ من الْوتر فَقَالَ عمر كَانَ افقه مِنْهُ وَكَانَ ينْهض فِي الثَّانِيَة بِالتَّكْبِيرِ وَقَالَ الطَّحَاوِيّ بِإِسْنَادِهِ عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي زايد عَن أَبِيه قَالَ ادعيت عَن الْفُقَهَاء السَّبْعَة ان الْوتر ثَلَاث لَا يسلم الا فِي آخِرهنَّ وروى عَن أبي الْعَالِيَة أَنه قَالَ علمنَا أَصْحَاب رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ان الْوتر مثل صَلَاة الْمغرب ملتقط من اللمعات قَوْله [1178] عَن أبي الجوراء هُوَ بِفَتْح الْحَاء الْمُهْملَة وَسُكُون الْوَاو وبراء وَمد كنية ربيعَة بن شَيبَان كَذَا فِي الْمُغنِي (إنْجَاح) قَوْله فِي قنوت الْوتر الْقُنُوت يَجِيء لمعان فِي الْقَامُوس الْقُنُوت الطَّاعَة وَالسُّكُوت وَالدُّعَاء وَالْقِيَام فِي الصَّلَاة والانصات عَن الْكَلَام واقنت دَعَا على عدوه وَأطَال الْقيام فِي الصَّلَاة وادام الْحَج وادام الْغَزْو تواضع لله وَالْمرَاد هَهُنَا الذّكر وَالدُّعَاء الْمَخْصُوص على مَذْهَب الْأَكْثَرين بِخِلَاف مَا نقل عَن بعض المشائخ ويروى ذَلِك عَن مُحَمَّد أَنه لَا يُوَقت دُعَاء فِي الْقُنُوت وَفِي غَيره من مَوَاضِع الدُّعَاء كالطواف وَنَحْوه لِأَن تعْيين الدُّعَاء يذهب برقة الْقلب وَيُورث السامة والاكثرون على التَّوْقِيت لِأَنَّهُ رُبمَا يجْرِي على اللِّسَان مِمَّا يشبه كَلَام النَّاس إِذا لم يُوَقت فَيفْسد الصَّلَاة وَلَا شكّ ان هَذَا الْخلاف لَا يكون فِيمَا ثَبت توقيته فِي الشَّرْع وَفِيه يلْزم التَّوْقِيت إِمَّا وجوبا فِيمَا يجب اواستحبابا فِيمَا يسْتَحبّ وَاسْتثنى فِي الْمُحِيط والذخيرة من عدم التَّعْيِين اللَّهُمَّ انا نستعينك واللهم اهدنا وَعِنْدنَا الموقت من الْقُنُوت هُوَ اللَّهُمَّ انا نستعينك لِأَن الصَّحَابَة اتَّفقُوا عَلَيْهِ وَلَو اكتفوا بِهِ جازوا الأولى ان يقْرَأ بعده اللَّهُمَّ أَحَدنَا فِيمَن هديت وَذكر الشمني عَن أبي اللَّيْث اللَّهُمَّ اغْفِر لي ثَلَاث مَرَّات انْتهى وَقيل يَقُول رَبنَا اتنا فِي الدُّنْيَا حَسَنَة الخ وَقيل من لم يحسن الْقُنُوت يقْرَأ باللهم اغْفِر لي وربنا اتنا كَذَا فِي شرح بن الْهمام وَهَذَا عندنَا وَعند الشَّافِعِيَّة يقرؤون اللَّهُمَّ اهدنا ويكتفون بِهِ وَلَا يرَوْنَ انا نستعينك من الْقُنُوت وَقَالُوا لَيْسَ رِوَايَة فِي الصَّحِيحَيْنِ وَالسّنَن الْمَعْرُوفَة وَلَكِن أَئِمَّتنَا اثبتوه بطرق صَحِيحَة عَن الطَّبَرَانِيّ وَغَيره وَأورد بن الْهمام عَن أبي دَاوُد من حَدِيث خَالِد بن أبي عمرَان بَيْنَمَا رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْعُو على مُضر إِذا جَاءَهُ جِبْرَائِيل فَأَوْمأ عَلَيْهِ ان اسْكُتْ فَسكت فَقَالَ يَا مُحَمَّد ان الله لم يَبْعَثك سبابا وَلَا لعانا وَإِنَّمَا بَعثك رَحْمَة للْعَالمين لَيْسَ لَك من الْأَمر شَيْء ثمَّ علمه اللَّهُمَّ انا نستعينك ونؤمن بك ونخضع ونترك من يكفرك اللَّهُمَّ الى قَوْله ان عذابك بالكفار مُلْحق لمعات قَوْله

[1180] لَا يرفع يَد الخ وَالْغَرَض بِنَفْي رفع الْيَدَيْنِ هَهُنَا نفي رفعهما على خلاف الْعَادة الْمَعْرُوفَة فِي الدُّعَاء لَا نفي نفس الرّفْع لِأَن الرّفْع مَنْدُوب الِاتِّفَاق وَلِهَذَا فسر الرّفْع فِي آخر الحَدِيث بقول حَتَّى يرى بَيَاض إبطَيْهِ وَوجه الْمُنَاسبَة بالترجمة ان رفع الْيَدَيْنِ عِنْد الدُّعَاء من الْآدَاب والقنوت دُعَاء فَرفع الْيَدَيْنِ عِنْده يكون ادبا واليه ذهب الشَّافِعِي وَالله أعلم انجاح قَوْله حَدثنَا أَحْمد بن مَنْصُور طعن فِيهِ أَبُو دَاوُد لمذهبه فِي الْوَقْف فِي الْقُرْآن [1182] فيقنت قبل الرُّكُوع وَهُوَ مَذْهَب أبي حنيفَة وَفِي النَّسَائِيّ كَانَ يُوتر بِثَلَاث يقرء فِي الأولى بسبح اسْم رَبك الْأَعْلَى وَفِي الثَّانِيَة بقل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ وَفِي الثَّالِثَة بقل هُوَ الله أحد ويقنت قبل الرُّكُوع فَإِن قلت روى هَذَا الحَدِيث غير وَاحِد وَلم يذكر قبل الرُّكُوع قلت لَا بَأْس بِهِ لِأَن زِيَادَة الثِّقَة مَقْبُولَة وَمَا فِي حَدِيث أنس انه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قنت بعد الرُّكُوع كَمَا هُوَ مَذْهَب الشَّافِعِي وَأحمد وَهُوَ رِوَايَة عَن مَالك فَالْمُرَاد مِنْهُ ان ذَلِك كَانَ شهرا فَقَط بِدَلِيل مَا فِي الصَّحِيح عَن عَاصِم الْأَحول قَالَ سَأَلت أنسا عَن الْقُنُوت فِي الصَّلَاة قَالَ نعم فَقلت قبل الرُّكُوع أَو بعده قَالَ قبله قلت فَإِن فلَانا أَخْبرنِي عَنْك انك قلت بعده قَالَ كذب إِنَّمَا قلت بعد الرُّكُوع شهرا فَعلم ان مَا رَوَاهُ أَصْحَاب السّنَن أَنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قنت بعد الرُّكُوع المُرَاد بِهِ أَنه قنت شهرا فِي صَلَاة الصُّبْح يَدْعُو على احياء من الْعَرَب وَأما فِي الْوتر فقنت قبل الرُّكُوع دَائِما مَعَ أَن أَكثر الصَّحَابَة يقنتون قبل الرُّكُوع روى بن أبي شيبَة عَن عَلْقَمَة عَن بن مَسْعُود ان أَصْحَاب النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانُوا يقنتون فِي الْوتر قبل الرُّكُوع (فَخر) قَوْله [1189] فِي هَذَا الحَدِيث دَلِيل الخ قلت لَا مُخَالفَة بَين الْحَدِيثين فَإِن هَذَا الحَدِيث لبَيَان وقته والْحَدِيث الأول للُزُوم قَضَائِهِ فَإِنَّهُ لَيْسَ فِي الحَدِيث الأول ان وقته الصُّبْح فَلَا أَدْرِي ان مُحَمَّد بن يحيى مَا عَنى بذلك اللَّهُمَّ الا ان يكون سَببا غامضا فِي الْإِسْنَاد مَا فهمناه وَالله أعلم (إنْجَاح الْحَاجة) قَوْله [1190] فَمن شَاءَ فليوتر بِخمْس الخ قَالَ الطَّحَاوِيّ وَلَوْلَا الْإِجْمَاع على خلاف هَذَا لَكَانَ جَائِز ان يُقَال من أوتر فَهُوَ مُخَيّر فِي وتره كَمَا جَاءَ فِي هَذَا الْخَبَر لَكِن دلّ الْإِجْمَاع على نسخ هَذَا انْتهى اللَّهُمَّ اغْفِر لَهُ قَوْله

[1195] مَيْمُون بن مُوسَى المرئي هُوَ بِفتْحَتَيْنِ مَقْصُورا مَنْسُوب الى امْرِئ الْقَيْس وَقَوله عَن الْحسن عَن أمه اسْمهَا خيرة مولاة لأم سَلمَة كَذَا فِي التَّقْرِيب (إنْجَاح) قَوْله كَانَ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ بعد الْوتر وَهَذَا الْبَيَان جَوَاز الصَّلَاة بعد الْوتر وَقد جَاءَ ذَلِك فِي الصَّحِيحَيْنِ عَن عَائِشَة كَانَ يُصَلِّي ثَلَاث عشر رَكْعَة يُصَلِّي ثَمَان رَكْعَات ثمَّ يُوتر ثمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ وَهُوَ جَالس الحَدِيث وروى أَحْمد فِي مُسْنده عَن أم سَلمَة وَأبي امامة ان رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي بعد الْوتر رَكْعَتَيْنِ الخ وروى ذَلِك عَن جمَاعَة من الصَّحَابَة غير من ذكر وَلَكِن هَذَا مَعَ حَدِيث اجعلوا آخر صلواتكم بِاللَّيْلِ وترا معَارض وَاسْتشْكل ذَلِك على كثير من الْعلمَاء وَأنكر الامام مَالك حَدِيث الرَّكْعَتَيْنِ بعد الْوتر وَقَالَ لم يَصح وَقَالَ الامام أَحْمد لَا أصليهما وَلَا أمنع مِنْهُمَا وَأحمد وجماهير الْعلمَاء قَائِلُونَ بذلك لوروده فِي الصِّحَاح وَقَالُوا إِنَّمَا صلاهما بَيَانا لجَوَاز التَّنَفُّل بعد الْوتر وعَلى هَذَا يكون قَوْله اجعلوا آخر صَلَاتكُمْ بِاللَّيْلِ وترا مَحْمُولا على الِاسْتِحْبَاب لَا الْوُجُوب وَذَلِكَ أحب وافضل قَالَ النَّوَوِيّ الصَّوَاب ان هَاتين الرَّكْعَتَيْنِ فعلهمَا رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعد الْوتر جَالِسا لبَيَان جَوَاز الصَّلَاة بعد الْوتر ولبيان جَوَاز النَّفْل جَالِسا وَلم يواظب على ذَلِك بل فعله مرّة أَو مرَّتَيْنِ أَو مَرَّات قَليلَة وَلَا تغتر بقولِهَا كَانَ يُصَلِّي فَإِن الْمُخْتَار الَّذِي عَلَيْهِ الْأَكْثَرُونَ ان لَفْظَة كَانَ لَا يلْزم مِنْهَا الدَّوَام وَلَا التّكْرَار وَإِنَّمَا هِيَ فعل مَاض يدل على وُقُوعه مرّة فَإِن دلّ دَلِيل على التّكْرَار عمل بِهِ والا فَلَا تَقْتَضِيه بوضعها وَإِنَّمَا تأولنا حَدِيث الرَّكْعَتَيْنِ جَالِسا لِأَن الرِّوَايَات الْمَشْهُورَة فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيرهمَا مصرحة بِأَن آخر صلَاته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي اللَّيْل كَانَ وترا وَفِي الصَّحِيحَيْنِ أَحَادِيث كَثِيرَة مَشْهُورَة بِالْأَمر بِجعْل آخر صَلَاة اللَّيْل وترا مِنْهَا اجعلوا آخر صَلَاتكُمْ بِاللَّيْلِ وترا فَكيف يظنّ بِهِ مَعَ هَذِه الْأَحَادِيث انه يداوم على رَكْعَتَيْنِ بعد الْوتر ويجعلهما آخر صَلَاة اللَّيْل وَأما مَا أَشَارَ اليه القَاضِي عِيَاض من تَرْجِيح الْأَحَادِيث الْمَشْهُورَة ورد رِوَايَة الرَّكْعَتَيْنِ فَلَيْسَ بصواب لِأَن الْأَحَادِيث إِذا صحت وَأمكن الْجمع بَينهمَا تعين وَقد جَمعنَا بَينهَا انْتهى مُخْتَصرا قَوْله سنة أَي طَريقَة مسلوكة مستمرة لَا تتْرك فِي السّفر كالنوافل (مرقاة) [1198] إِذا صلى رَكْعَتي الْفجْر اضْطجع الخ قَالَ القَاضِي فِي هَذَا الحَدِيث ان الِاضْطِجَاع بعد رَكْعَتي الْفجْر وَفِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى عَن عَائِشَة عِنْد مُسلم ان الِاضْطِجَاع كَانَ بعد صَلَاة اللَّيْل وَقبل رَكْعَتي الْفجْر قَالَ وَفِيه رد على الشَّافِعِي فِي قَوْله ان الِاضْطِجَاع بعد رَكْعَتي الْفجْر سنة قَالَ وَذهب مَالك وَجُمْهُور الْعلمَاء وَجَمَاعَة من الصَّحَابَة كإبن مَسْعُود الى أَنه بِدعَة وَأَشَارَ الى أَن رِوَايَة الِاضْطِجَاع بعد رَكْعَتي الْفجْر مرجوحة قَالَ وَيقدم رِوَايَة الِاضْطِجَاع قبلهمَا قَالَ وَلم يقل أحد فِي الِاضْطِجَاع قبلهمَا أَنه سنة فَكَذَا بعدهمَا قَالَ وَقد ذكر مُسلم عَن عَائِشَة فَإِن كنت مستيقظة حَدثنِي والا اضْطجع فَهَذَا يدل على أَنه لَيْسَ بِسنة وَأَنه تَارَة كَانَ يضطجع قبل وَتارَة بعد وَتارَة لَا يضطجع قَالَ النَّوَوِيّ وَالصَّوَاب ان الِاضْطِجَاع بعد سنة الْفجْر سنة لحَدِيث أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذا صلى أحدكُم رَكْعَتي الْفجْر فليضطجع رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ بِإِسْنَاد صَحِيح على شَرط البُخَارِيّ وَمُسلم قَالَ التِّرْمِذِيّ هُوَ حَدِيث حسن صَحِيح فَهَذَا صَرِيح فِي الامرر بالاضطجاع فَإِن حَدِيث عَائِشَة بالاضطجاع بعْدهَا وَقبلهَا وَحَدِيث بن عَبَّاس قبلهَا فَلَا يُخَالف هَذَا فَإِنَّهُ لَا يلْزم من الِاضْطِجَاع قبلهَا أَن لَا يضطجع بعْدهَا وَلَعَلَّه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ترك الإضطجاع بعْدهَا فِي بعض الْأَوْقَات بَيَانا للْجُوَاز لَو ثَبت التّرْك وَلم يثبت فَلَعَلَّهُ كَانَ يضطجع قبل وَبعد وَإِذا صَحَّ الحَدِيث فِي الْأَمر بالاضطجاع بعْدهَا مَعَ رِوَايَات الْفِعْل الْمُوَافقَة لِلْأَمْرِ بِهِ تعين الْمصير اليه وَإِذا أمكن الْجمع بَين الْأَحَادِيث لم يجز رد بَعْضهَا انْتهى قلت وَقَالَ الامام أَبُو حنيفَة ان كَانَ للاستراحة وَدفع الثّقل الْحَاصِل من صَلَاة اللَّيْل فَحسن وَفعله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ لهَذَا قَوْله [1200] كَانَ يُوتر على بعيره دلّ هَذَا الحَدِيث على جَوَاز الْوتر على الرَّاحِلَة وَأورد مُحَمَّد فِي مؤطاه اثار كَثِيرَة عَن بن عَمْرو غَيره من الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ انهم كَانُوا ينزلون للوتر وَأورد عَن مُجَاهِد قَالَ صَحِبت بن عمر من مَكَّة الى الْمَدِينَة فَكَانَ يُصَلِّي الصَّلَوَات كلهَا على رَاحِلَته مُتَوَجها الى جِهَة الْمَدِينَة الى أَن قَالَ الا الْفَرَائِض وَالْوتر فَإِنَّهُ كَانَ ينزل لَهَا فَسَأَلته عَن ذَلِك فَقَالَ كَانَ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يفعل كَذَلِك وروى الطَّحَاوِيّ بِإِسْنَاد صَحِيح عَن بن عمر انه كَانَ يُصَلِّي على رَاحِلَته ويوتر بِالْأَرْضِ وَيَزْعُم ان رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَذَلِك كَانَ يفعل وَإِذا تَعَارَضَت النُّصُوص وَجب الْمصير الى جَانب الِاحْتِيَاط وَالِاحْتِيَاط فِي أَن يُوتر على الأَرْض فَخر قَوْله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَزَاد أَو نقص الخ قَالَ التِّرْمِذِيّ بعد مَا روى عَن زيد بن أَرقم قَالَ كُنَّا نتكلم خلف رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الصَّلَاة يكلم الرجل منا صَاحبه الى جنبه حَتَّى نزلت وَقومُوا لله قَانِتِينَ فَأمرنَا بِالسُّكُوتِ ونهينا عَن الْكَلَام وَالْعَمَل عَلَيْهِ عِنْد أَكثر أهل الْعلم قَالُوا إِذا تكلم الرجل عَامِدًا فِي الصَّلَاة أَو نَاسِيا أعَاد الصَّلَاة وَهُوَ قَول الثَّوْريّ وَابْن الْمُبَارك وَقَالَ بَعضهم إِذا تكلم عَامِدًا فِي الصَّلَاة أعَاد الصَّلَاة وان كَانَ نَاسِيا أَو جَاهِلا أجزاه وَبِه يَقُول الشَّافِعِي انْتهى وَقَالَ الْعَيْنِيّ وَاسْتدلَّ بِهِ قوم على ان الْكَلَام فِي الصَّلَاة من الْمَأْمُومين على وَجه إصْلَاح الصَّلَاة لَا يُفْسِدهَا وان كَانَ من الامام والمأمومين فِيهَا على السَّهْو لَا يقطع الصَّلَاة وَهُوَ مَذْهَب مَالك وَرَبِيعَة وَالشَّافِعِيّ وَأحمد وَإِسْحَاق وَقَالَ أَبُو حنيفَة وَالثَّوْري فِي الْأَصَح تبطل صلَاته نَاسِيا كَانَ أَو جَاهِلا وَأَجَابُوا عَن الحَدِيث بِأَنَّهُ مَنْسُوخ وَذَلِكَ ان عمر بن الْخطاب عمل بعد النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِخِلَاف مَا كَانَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عمله يَوْم ذِي الْيَدَيْنِ وَالْحَال أَنه مِمَّن حضر يَوْم ذِي الْيَدَيْنِ فلولا الانتساخ عِنْده لما فعل وَأَيْضًا فَإِن عمر فعل بِحَضْرَة الصَّحَابَة وَلم يُنكره أحد فَصَارَ إِجْمَاعًا انْتهى قَوْله [1208] فَلم يستتم قَائِما الخ هَذَا فِي ظَاهر الْمَذْهَب وَهُوَ الْأَصَح فتح وَكَذَا فِي التَّبْيِين والبرهان وَقَالَ فِي الامداد وَاتَّبَعنَا متن مواهب الرَّحْمَن وَشَرحه الْبُرْهَان بِصَرِيح الحَدِيث الَّذِي روينَاهُ وَهُوَ ظَاهر الرِّوَايَة وَفِي الْهِدَايَة والكنز انكان الى الْقعُود أقرب عَاد وان كَانَ الى الْقيام أقرب لَا يعود وَذَلِكَ لِأَن الأَصْل أَن مَا يقرب الى الشَّيْء يَأْخُذ حكمه كفناء الْمصر وحريم البير وقربه الى الْقعُود بِأَن رفع اليتيه من الأَرْض وَركبَتَاهُ عَلَيْهَا أَو مَا لم ينصب النّصْف الاسفل وَصَححهُ فِي الْكَافِي فَكَأَنَّهُ لم يقم أصلا وان كَانَ الى الْقيام أقرب فَكَأَنَّهُ قد قَامَ وَهُوَ فرض قد تلبس بِهِ فَلَا يجوز رفضه لاجل وَاجِب وَهَذَا التَّفْصِيل مَرْوِيّ عَن أبي يُوسُف وَاخْتَارَهُ مشائخ بخارا وارتضاه أَصْحَاب الْمُتُون وَقد جزم فِي المبسوطان ظَاهر الرِّوَايَة عوده مَا لم يستتم قَائِما وَلَا يعدل عَن ظَاهر الرِّوَايَة كَذَا فِي طوالع الْأَنْوَار شرح در الْمُخْتَار مَعَ الِاخْتِصَار (إنْجَاح) قَوْله

[1209] فليجعلها وَاحِدَة الخ أعلم ان ظَاهر هَذَا الحَدِيث يدل على أَنه مَبْنِيّ على مَا يستيقن وَلَا يعْمل بِالتَّحَرِّي وَهُوَ مَذْهَب الْجُمْهُور وَقَالَ أَبُو حنيفَة يعيدان شكّ أول مرّة أَي لم يكن الشَّك عَادَة لَهُ والا يتحَرَّى بِالظَّنِّ الْغَالِب وَيعْمل بِهِ وَبعد التَّحَرِّي ان لم يحصل غَلَبَة الظَّن فِي جَانب وَاحِد يَبْنِي على الاقل وَيسْجد للسَّهْو لِأَن الْبناء على الظَّن الْغَالِب أصل مُقَرر فِي الشَّرْع كَمَا فِي الْقبْلَة وَغَيرهَا وَقد جَاءَ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَن بن مَسْعُود أَنه قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذا شكّ أحد فليتحر بِالصَّوَابِ وَيتم عَلَيْهِ وَفِي جَامع الْأُصُول من حَدِيث النَّسَائِيّ عَن بن مَسْعُود من أوهم فِي صلَاته فليتحر الصَّوَاب ثمَّ يسْجد سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ جَالس وَقَالَ مُحَمَّد فِي مؤطاه ان الْآثَار فِي بَاب التَّحَرِّي كَثِيرَة وَقَالَ ان لم يَجْعَل كَذَلِك فَالنَّجَاةُ من السَّهْو وَالشَّكّ مُتَعَذر وَفِي صُورَة كثير الشَّك حرج عَظِيم وَالْحَاصِل أَنه ثَبت فِي هَذَا الْبَاب أَحَادِيث ثَلَاثَة أَحدهَا إِذا شكّ أحدكُم فِي الصَّلَاة فليستأنف أَو كَمَا قَالَ وَثَانِيها من شكّ فِي صلَاته فليتحر الصَّوَاب وَثَالِثهَا هَذَا الحَدِيث الَّذِي فِي الْكتاب النَّاطِق بِالْبِنَاءِ على مَا استيقن فَجمع أَبُو حنيفَة بَينهَا بِحمْل الأول على عرُوض الشَّك أول مرّة وَالثَّانِي على صُورَة وُقُوع التَّحَرِّي على أحد الْجَانِبَيْنِ وَالثَّالِث على عدم وُقُوع التَّحَرِّي عَلَيْهِ وَهَذَا كَمَال الجامعية الَّذِي ابتنى مَذْهَب أبي حنيفَة رح عَلَيْهِ وَالوهم مني فَإِن قلت كَيفَ يَتَأَتَّى الْوَهم من إِبْرَاهِيم مَعَ مُلَاحظَة قَوْله ازيد فِي الصَّلَاة شَيْء فَإِنَّهُ صَرِيح فِي انه زَاد قلت يحْتَمل أَن يكون مَعْنَاهُ ازيد فِي بَاب الصَّلَاة حكم جَدِيد أَو ورد بتنقيصها فَلَا يُنَافِي الْوَهم عبد الْعَزِيز [1212] ثمَّ يسْجد سَجْدَتَيْنِ لَيْسَ فِيهِ تعْيين مَحل السُّجُود وَقد روى الدَّارَقُطْنِيّ مَرْفُوعا إِذا سهى أحدكُم فَلم يدر ازاد أَو نقص فليسجد سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ جَالس ثمَّ يسلم وروى أَبُو دَاوُد نَحوه فَإِن قلت هَذِه الرِّوَايَات تدل على أَن سَجْدَتي السَّهْو قبل السَّلَام قلت رِوَايَات الْفِعْل متعارضة فَبَقيَ لنا رِوَايَة القَوْل وَهُوَ حَدِيث ثَوْبَان لكل سَهْو سَجْدَتَانِ بعد مَا يسلم من غير فصل من الزِّيَادَة وَالنُّقْصَان سالما من الْمعَارض فتعمل بِهِ ثمَّ اخْتلفُوا فِي المُرَاد بِالْحَدِيثِ فَقَالَ الْحسن الْبَصْرِيّ وظائفة من السّلف بِظَاهِرِهِ وَقَالُوا إِذا شكّ الْمُصَلِّي فَلم يدر زَاد أَو نقص فَلَيْسَ عَلَيْهِ الا سَجْدَتَيْنِ وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد وَآخَرُونَ مَتى شكّ فِي صلَاته لزمَه الْبناء على الْيَقِين عملا بِحَدِيث أبي سعيد رَوَاهُ مُسلم قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذا شكّ أحدكُم فِي صلَاته فَلم يدر كم صلى اثلاثا أم أَرْبعا فليطرح الشَّك وليبن على مَا استيقن ثمَّ يسْجد سَجْدَتَيْنِ قبل أَن يسلم الحَدِيث هَذَا زبدة مَا فِي الْعَيْنِيّ قَوْله قَالَ الطنافسي هَذَا الأَصْل الطنافسي هُوَ عَليّ بن مُحَمَّد بن إِسْحَاق هُوَ بِفَتْح الْمُهْملَة وَتَخْفِيف النُّون وَبعد الالف فَاء ثمَّ مُهْملَة نِسْبَة الى الطنافس جمع طنفسه مُثَلّثَة الطَّاء وَالْفَاء وبكسر الطَّاء وَفتح الْفَاء وَبِالْعَكْسِ وَهِي الْبسط والثبات كَذَا فِي الْقَامُوس وَهَذَا الأَصْل أَي هَذَا الأَصْل مُتَّفق عَلَيْهِ عِنْد الْعلمَاء لَا يَصح لأحد ان يُخَالِفهُ وَإِنَّمَا الِاخْتِلَاف فِي أُمُور أخر (إنْجَاح) قَوْله [1213] إِذا فَصليت الخ أَي إِذا كَانَ الْأَمر كَذَلِك من عدم التَّقْصِير فِي الصَّلَاة فَمَا هُوَ الا النسْيَان فَاعْلَم انك صليت رَكْعَتَيْنِ واخرج مُحَمَّد فِي الْمُوَطَّأ ان النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّمَا انسى لاسن أَي إِنَّمَا يعرض على النسْيَان من جَانب الله تَعَالَى لاقتدى بذلك النسْيَان وَذَلِكَ رَحْمَة من الله تَعَالَى على أمته لكَي يعلمُوا فعل نَبِيّهم صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهَذَا من الْعَوَارِض البشرية نظرا على النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَغَيْرِهِ وَتَحْقِيق الْمقَام فِي الشِّفَاء للْقَاضِي عِيَاض من شَاءَ فليراجعه (إنْجَاح) قَوْله [1214] فهاباه الخ الْمَعْنى إِنَّمَا غلب عَلَيْهِمَا احترامه وتعظيمه أَي عَن الِاعْتِرَاض عَلَيْهِ وَأما ذُو الْيَدَيْنِ فغلب عَلَيْهِ حرصه على تَعْلِيم الْعلم كَذَا فِي فتح الْبَارِي قَوْله فَقَالَ يَا رَسُول الله اسْتدلَّ بِهِ قوم على أَن الْكَلَام فِي الصَّلَاة من الْمَأْمُومين على وَجه إصْلَاح الصَّلَاة لَا يُفْسِدهَا وان كَانَ من الامام والمأمومين فِيهَا على السَّهْو لَا يقطع الصَّلَاة وَهُوَ مَذْهَب مَالك وَرَبِيعَة وَالشَّافِعِيّ وَأحمد وَإِسْحَاق وَقَالَ أَبُو حنيفَة وَالثَّوْري فِي الْأَصَح تبطل صلَاته نَاسِيا كَانَ أَو جَاهِلا وَأَجَابُوا عَن الحَدِيث أَنه مَنْسُوخ وَذَلِكَ أَن عمر بن الْخطاب عمل بعد النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِخِلَاف مَا كَانَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عمله يَوْم ذِي الْيَدَيْنِ وَالْحَال أَنه مِمَّن حضر يَوْم ذِي الْيَدَيْنِ فلولا ثَبت الانتساخ عِنْده لما فعل وَأَيْضًا فَإِن عمر فعل بِحَضْرَة الصَّحَابَة وَلم يُنكره وَاحِدًا فَصَارَ إِجْمَاعًا عَيْني مُخْتَصرا قَوْله فَقَامَ فصلى اسْتشْكل فِيهِ لِأَنَّهُ كَانَ قَائِما أُجِيب بِأَن المُرَاد بقوله فَقَامَ أَي اعتدل لِأَنَّهُ كَانَ مُسْتَندا الى الْخَشَبَة وَقيل هُوَ كِنَايَة عَن الدُّخُول فِي الصَّلَاة كَذَا فِي الْعَيْنِيّ قَوْله [1220] خرج النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الخ قلت استنباط صِحَة الْبناء من هَذَا الحَدِيث غير صَحِيح لِأَن التَّحْرِيمَة لم تَنْعَقِد مَعَ الْجَنَابَة بِإِجْمَاع الْعلمَاء فَكيف يَصح الْبناء وَمعنى الحَدِيث أَنه صلى بهم الصَّلَاة استينافا وابتداءها بِتَحْرِيمِهِ على حِدة وَقد جَاءَ فِي بعض الرِّوَايَات مَا يشد أَرْكَان مَا ذكرنَا مَوْلَانَا شاه عبد الْعَزِيز قدس سره قَوْله وَكبر وَفِي البُخَارِيّ انتظرنا ان يكبر وَفِي رِوَايَة مُسلم قبل ان يكبر وَمَا ورد فِي أبي دَاوُد دخل فِي صَلَاة الْفجْر فَكبر ثمَّ أَوْمَأ إِلَيْهِم وَمَا رَوَاهُ مَالك أَنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كبر فِي صلَاته من الصَّلَوَات ثمَّ أَشَارَ بِيَدِهِ ان امكثوا وَنَحْوه روى بن ماجة فَإِذا قيل أَنَّهُمَا وَاقِعَتَانِ فَلَا تعَارض والا فَمَا فِي الصَّحِيح أصح عَيْني مُخْتَصرا قَوْله [1221] أَو قلس هُوَ بِفَتْح أَوله وَسُكُون ثَانِيه مَا يخرج من الْحلق مَلأ الْفَم أَو دونه وَلَيْسَ بقيء فَإِن عَاد فَهُوَ قيء كَذَا فِي الْقَامُوس وَفِي الْمجمع القلس بالحركة وَقيل بِسُكُون (إنْجَاح) قَوْله ثمَّ ليبن الخ الحَدِيث مُوَافق للحنفية وَأما الحَدِيث السَّابِق فَلَيْسَ فِيهِ الْمُطَابقَة للتَّرْجَمَة فَإِنَّهُ لَيْسَ فِيهِ ذكر الْبناء وَلما كَانَ قَرِيبا من مَعْنَاهُ فِي الصُّورَة حَيْثُ خرج صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكبر ثمَّ أَشَارَ إِلَيْهِم ثمَّ جَاءَ فصلى فَنَاسَبَ بِهَذَا الْمَعْنى للتَّرْجَمَة وَلَا نعلم اخْتِلَافا بَين الْعلمَاء فِي أَن الْجنب لَا يَصح شُرُوعه فِي الصَّلَاة وان كَانَ الْمُؤلف فهم هَذَا الْمَعْنى بقوله ثمَّ أَشَارَ إِلَيْهِم فَلَيْسَ بِبَعِيد وَالله أعلم انجاح وَلقَائِل ان يَقُول ان حَدِيث ذِي الْيَدَيْنِ الثَّالِث فِي صَحِيح مُسلم فَإِنَّهُ تكلم فِي الصَّلَاة حِين سلم النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على الرَّكْعَتَيْنِ سَاهِيا وتكليم بعض الصَّحَابَة وَالنَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ حجَّة لِلْجُمْهُورِ بِأَن كَلَام النَّاسِي وَمن يظنّ انه لَيْسَ فِيهَا لَا يُفْسِدهَا فَإِن أُجِيب بِأَن حَدِيث ذِي الْيَدَيْنِ مَنْسُوخ كَانَ الْكَلَام فِيهَا مُبَاحا مَمْنُوع لرِوَايَة أبي هُرَيْرَة وَهُوَ مُتَأَخّر الْإِسْلَام وان أُجِيب بِجَوَاز ان يرويهِ عَن غَيره وَلم يكن حَاضر افغير صَحِيح لما فِي صَحِيح مُسلم عَنهُ بَينا أَنا أُصَلِّي مَعَ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وسَاق الْوَاقِعَة وَهُوَ صَرِيح فِي حُضُوره وَلم أر عَنهُ جَوَابا شافيا بَحر الرَّائِق قَوْله العشى هُوَ آخر النَّهَار قَوْله فَخرج سرعَان النَّاس وَهُوَ أَوَائِل النَّاس خُرُوجًا من الْمَسْجِد وهم أَصْحَاب الْحَاجَات غَالِبا توشيح قَوْله

[1222] فليمسك على أَنفه أَي ليحتال أَنه مرعوف وَلَيْسَ هَذَا من الْكَذِب بل من التعاريض بِالْفِعْلِ [1223] فعلى جنب قلت جَاءَ فِي هَذِه الرِّوَايَة على جنب وَفِي رِوَايَة الدَّارَقُطْنِيّ عَنهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي الْمَرِيض الى أَن قَالَ فَإِن لم يسْتَطع صلى مُسْتَلْقِيا رِجْلَاهُ مِمَّا يَلِي الْقبْلَة فَقَالَ فقهاؤنا كلا الْفِعْلَيْنِ جائزان لَكِن الْأَفْضَل الاستلقاء لِأَن فِي حَالَة الاستلقاء يَقع إِشَارَة جبهة الْمُصَلِّي الى الْقبْلَة بِخِلَاف حَالَة الِاضْطِجَاع فَخر قلت وَيُمكن التَّوْفِيق بَين الرِّوَايَتَيْنِ بِأَن نقُول أَنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمر عمرَان بن الْحصين أَن يُصَلِّي على جنب أَن لم يسْتَطع الْقيام وَلَا الْقعُود لِأَنَّهُ كَانَ يشتكي ناصور فَلَعَلَّهُ كَانَ الناصور بِحَيْثُ لم يسْتَطع الاستلقاء قَوْله [1224] على يَمِينه الضَّمِير يحْتَمل أَن يكون رَاجعا اليه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَعْنَاه كَانَ جُلُوسه على شقَّه وَقدمه الْأَيْمن لَا على هَيْئَة التورك وَيحْتَمل أَن يكون رَاجعا الى وَائِل فَيكون فِيهِ الْتِفَات من التَّكَلُّم الى الْغَيْبَة انجاح أَقُول أَن ارجاع الضَّمِير الى وَائِل لَيْسَ مِمَّا يَنْبَغِي فَإِن المُرَاد بقوله وَهُوَ وجع ان صَلَاة النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسا على يَمِينه كَانَ بِسَبَب الْمَرَض قَوْله ركع قَاعِدا لَا تعَارض بَين الْحَدِيثين لِأَن الْكَيْفِيَّة مُخْتَلفَة بِحَسب الْأَوْقَات فَإِن المتطوع أَمِير نَفسه ان شَاءَ صلى قَائِما وان شَاءَ صلى قَاعِدا وَإِن شَاءَ شرع قَائِما حَتَّى إِذا اثقل عَلَيْهِ الْقيام وَجلسَ وَركع وَسجد جَالِسا وان شَاءَ شرع قَاعِدا فَلَمَّا يبْقى من قِرَاءَته مَا لَا يثقل عَلَيْهِ الْقيام فِيهَا قَامَ وَركع وَسجد قَائِما وَالله اعْلَم (إنْجَاح) قَوْله [1229] وَهُوَ يُصَلِّي جَالِسا أَي النَّفْل أما صَلَاة الْفَرْض قَاعِدا مَعَ الْقُدْرَة على الْقيام فَبَاطِل إِجْمَاعًا بل من انكر وجوب الْقيام كفر لِأَنَّهُ مَعْلُوم من الدّين بِالضَّرُورَةِ فتح الْبَارِي قَوْله على النّصْف قَالَ بن الْملك هَذَا الحَدِيث مَحْمُول على التَّنَفُّل قَاعِدا مَعَ الْقُدْرَة على الْقيام لِأَن المتنفل قَاعِدا مَعَ الْعَجز عَن الْقيام يكون ثَوَابه كثوابه قَائِما انْتهى قَوْله [1231] وَمن صلى نَائِما أَي مُسْتَلْقِيا أَو على جنب قَالَ الشَّيْخ الحَدِيث يدل على أَنه يجوز أَن يتَطَوَّع نَائِما مَعَ الْقُدْرَة على الْقيام وَالْقعُود وَقد ذهب قوم الى جَوَازه وَقيل هُوَ قَول الْحسن وَهُوَ الْأَصَح وَقَالَ الْقَارِي وَمذهب أبي حنيفَة أَنه لَا يجوز والْحَدِيث فِي حق المفترض الْمَرِيض الَّذِي أمكنه الْقيام أَو الْقعُود مَعَ شدَّة وَزِيَادَة فِي الْمَرَض أَقُول وان امعنت النّظر فيلوح لَك ان قَول الْحسن حسن جدير بِأَن يتلَقَّى بِالْقبُولِ وان الحَدِيث لَيْسَ فِي حق المفترض الْمَرِيض فَتدبر قَوْله [1232] فانكن الخ الْخطاب لجنس عَائِشَة أَي أنتن صَوَاحِب يُوسُف فِي التظاهر على مَا ترَوْنَ وَكَثْرَة الحاحكن هَكَذَا فِي الْمجمع وَقَالَ بن حجر وَوجه المشابهة ان زليخا استدعت النسْوَة واظهرت لَهُنَّ الاكرام بالضيافة ومرادها زِيَادَة على ذَلِك وَهُوَ أَن ينظرن الى حسن يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام ويعذرنها فِي محبتها وان عَائِشَة اظهرت ان سَبَب ارادتها صرف الْإِمَامَة عَن أَبِيهَا كَونه لَا يسمع الْمَأْمُومين الْقِرَاءَة لبكائه ومرادها زِيَادَة على ذَلِك وَهُوَ أَن لَا يتشاؤم النَّاس بِهِ وَقد صرحت هِيَ بذلك فَقَالَت قد راجعت وَمَا حَملَنِي على كَثْرَة مراجعتي بِهِ الا انه لم يَقع فِي قلبِي ان يحب النَّاس بعده رجلا قَامَ مقَامه ابدا لحَدِيث كَمَا فِي البُخَارِيّ فتح الْبَارِي قَوْله وَالنَّاس يأتمون بِأبي بكر أَي بِاعْتِبَار أَنه كَانَ مبلغا لَهُم وَكَانَ يرفع صَوته بِالتَّكْبِيرِ وَذَلِكَ لِأَن النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ قَاعِدا وَغلب عَلَيْهِ الضعْف فَلم يرفع صَوته بِالتَّكْبِيرِ بِحَيْثُ يبلغهم جَمِيعًا كَذَا فِي الْخَيْر الْجَارِي وَقَالَ الْعَيْنِيّ قَالَ الشَّافِعِي لم يصل بِالنَّاسِ فِي مرض مَوته فِي الْمَسْجِد الا مرّة وَاحِدَة وَهِي هَذِه الَّتِي صلى فِيهَا قَاعِدا وَكَانَ أَبُو بكر فِيهَا إِمَامًا ثمَّ صَار مَأْمُوما يسمع النَّاس التَّكْبِير فلأجل ذَلِك كَانَ أَبُو بكر كالامام فِي حَقهم وَاسْتدلَّ بِهِ الْبَعْض على جَوَاز اسْتِخْلَاف الامام بِغَيْرِهِ ضَرُورَة بصنع أبي بكر انْتهى وَحمل الْبَعْض اسْتِخْلَاف أبي بكر على الْحصْر عَن الْقِرَاءَة كَمَا فِي الدّرّ الْمُخْتَار يجوز أَن يسْتَخْلف إِذا حصر عَن الْقِرَاءَة قدر الْمَفْرُوض لحَدِيث أبي بكر فَإِنَّهُ لما احس النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حصر عَن الْقِرَاءَة فَتَأَخر فَتقدم صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأتم قلت وَفِي قلبِي من هَذَا الْوَجْه شَيْء فَإِن الْأَلْفَاظ الْوَارِدَة فِي الْأَحَادِيث الاخر تأبى عَن ذَلِك الْوَجْه فَتدبر وَالظَّاهِر أَنه لَفْظَة حصر هَهُنَا للامتناع عَن الْقِرَاءَة أَي السُّكُوت عَنْهَا لَا الْمَعْنى الَّذِي أَرَادَهُ فِي الدّرّ الْمُخْتَار وَالله أعلم قَوْله [1233] أَي كَمَا أَنْت مَا مَوْصُولَة وَأَنت مبتداء وَخَبره مَحْذُوف أَي أَنْت عَلَيْهِ أَو فِيهِ أَي كن أَنْت مشابها لما أَنْت عَلَيْهِ وَيجوز ان يكون الْكَاف زَائِدَة أَي الزم الَّذِي أَنْت عَلَيْهِ وَهُوَ الْإِمَامَة (إنْجَاح) قَوْله

[1234] أَنبأَنَا عبد الله بن دَاوُد من كِتَابه فِي بَيته الْجَار وَالْمَجْرُور أما مُتَعَلق بأنبأنا أَي قَالَ نصر أَنبأَنَا عبد الله فِي بَيته والتخصيص لإِرَادَة ان هَذَا الانباء مَا كَانَ فِي مجْلِس التدريس وَيحْتَمل أَن يكون مُتَعَلقا بالمحذوف فَمَعْنَاه من كِتَابه الكائنة فِي بَيته وَالله أعلم انجاح الْحَاجة قَوْله يهادي بَين رجلَيْنِ أَي يمشي بَينهمَا مُعْتَمدًا عَلَيْهِمَا من الضعْف قَوْله ان مَكَانك أَي الزم مَكَانك فَجَاءَت بَرِيرَة لَعَلَّهَا جَاءَت فأقامت رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثمَّ لحق مَعهَا الْعَبَّاس كَمَا فِي رِوَايَة صَحِيحَة ان أَحدهمَا الْعَبَّاس والاخر عَليّ وَقد يضْطَر الْمَرِيض الى رجال بِسَبَب ضعفه وَالله أعلم (إنْجَاح) قَوْله [1235] نَدْعُو لَك أَبَا بكر الخ لَا يَقْتَضِي هَذَا الحَدِيث ان عَائِشَة أنْكرت دُعَاء عَليّ بل لما رَأَتْ انه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعَا عليا علمت ان هَذَا الدُّعَاء لَا يَخْلُو عَن الْحِكْمَة والمصلحة فَأَرَادَتْ ان يُصِيب هَذَا الْخَيْر أَبَا بكر كَمَا يُصِيب عليا وكذل حَفْصَة وَأم الْفضل وَلِهَذَا لم يُنكر النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قولهن وَالظَّاهِر ان هَذِه الْوَاقِعَة كَانَت لَيْلَة الْجُمُعَة من ربيع الأول لِأَن أول صَلَاة صلاهَا أَبُو بكر صَلَاة الْعشَاء فَإِنَّهُ روى البُخَارِيّ عَن بن عَبَّاس انه قَالَ ان أم الْفضل سمعته وَهُوَ يقْرَأ بالمرسلات عرفا فَقَالَ يَا بني لقد ذَكرتني بِقِرَاءَتِك هَذِه السُّورَة انها لآخر مَا سَمِعت رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقْرَأ بهَا فِي الْمغرب وَفِي رِوَايَة عقيل عَن بن شهَاب انها آخر صَلَاة النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَذكر البُخَارِيّ فِي بَاب الْوَفَاة وَلَفظه ثمَّ مَا صلى لنا بعْدهَا حَتَّى قَبضه الله تَعَالَى وَلَكِن هَذَا معَارض لما رَوَاهُ البُخَارِيّ فِي بَاب إِنَّمَا جعل الامام ليؤتم بِهِ من حَدِيث عَائِشَة ان الصَّلَاة الَّتِي صلاهَا النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَصْحَابِهِ فِي مرض مَوته كَانَت صَلَاة الظّهْر وعَلى هَذَا كَانَت هَذِه الْوَاقِعَة يَوْم الْخَمِيس وَلَعَلَّ هَذِه الْوَاقِعَة هِيَ الَّتِي طلب فِيهَا القرطاس وَأما التطبيق بَين الْحَدِيثين فَقَالَ الْعَيْنِيّ ان الصَّلَاة الَّتِي حكتها عَائِشَة كَانَت فِي مَسْجِد النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالَّتِي حكتها أم الْفضل كَانَت فِي بَيته كَمَا رَوَاهُ النَّسَائِيّ صلى بِنَا الْمغرب فِي بَيته فَقَرَأَ المرسلات فَمَا صلاهَا بعد حَتَّى قبض وَمَا ورد فِي رِوَايَة أم الْفضل خرج إِلَيْنَا الحَدِيث فَمَحْمُول على أَنه خرج من مَكَانَهُ الَّذِي كَانَ رَاقِد فِيهِ وَالله أعلم (إنْجَاح) قَوْله قَالَ وَكِيع وَكَذَا السّنة أَي الِاقْتِدَاء بالامامين والتأسي بِإِمَام فِي عين الصَّلَاة إِذا كَانَ أفضل من الأول جَائِز عِنْد بعض الْعلمَاء وَقَالُوا هَذَا آخر الْفِعْل مِنْهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يقبل النّسخ وَهُوَ قَول وَكِيع وَالْجُمْهُور خصوا بِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالُوا ان غَيره لَا يُقَاس عَلَيْهِ (إنْجَاح) قَوْله انما جعل الامام ليؤتم بِهِ فَمَعْنَاه عِنْد الشَّافِعِي وَطَائِفَة فِي الْأَفْعَال الظَّاهِرَة والا فيجوزان يُصَلِّي خلف المتنفل وَعَكسه وَالظّهْر خلف الْعَصْر وَعَكسه وَقَالَ مَالك وَأَبُو حينفة وَآخَرُونَ لَا يجوز ذَلِك وَقَالُوا معنى الحَدِيث ليؤتم بِهِ فِي الْأَفْعَال والنيات وَأما قَوْله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِذا صلى جَالِسا فصلوا جُلُوسًا فَاخْتلف الْعلمَاء فِيهِ فَقَالَت طَائِفَة بِظَاهِرِهِ وَمِمَّنْ قَالَ بِهِ أَحْمد وَالْأَوْزَاعِيّ وَقَالَ مَالك فِي رِوَايَة لَا يجوز صَلَاة الْقَادِر على الْقيام خلف الْقَاعِد لَا قَائِما وَلَا قَاعِدا وَقَالَ أَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ وَجُمْهُور السّلف لَا يجوز للقادر على الْقيام ان يُصَلِّي خلف الْقَاعِد الا قَائِما وَاحْتَجُّوا بِأَن النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلى فِي مرض وَفَاته بعد هَذَا قَاعِدا وَأَبُو بكر وَالنَّاس خَلفه قيَاما وَإِن بعض الْعلمَاء زعم أَن أَبَا بكر كَانَ هُوَ الإِمَام وَالنَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مقتديه لَكِن الصَّوَاب أَن النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ هُوَ الإِمَام وَقد ذكره مُسلم وَغَيره صَرِيحًا أَو كَالصَّرِيحِ فَقَالَ فِي رِوَايَته عَن أبي بكر بن أبي شيبَة بِإِسْنَادِهِ عَن عَائِشَة قَالَت فجَاء رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى جلس عَن يسَار أبي بكر وَكَانَ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي بِالنَّاسِ جَالِسا وَأَبُو بكر قَائِما يَقْتَدِي أَبُو بكر بِصَلَاة النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ويقتدى النَّاس بِصَلَاة أبي بكر قَالَه النَّوَوِيّ فَإِن قلت رِوَايَة التِّرْمِذِيّ عَن عَائِشَة قَالَت صلى النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَرضه الَّذِي توفّي فِيهِ خلف أبي بكر قَاعِدا وَقَالَ حسن صَحِيح وَكَذَا مَا روى النَّسَائِيّ عَن أنس يدل على أَن بَابا بكر كَانَ إِمَامًا فَمَا هُوَ جَوَابه قلت جَوَابه مَا قَالَ الْبَيْهَقِيّ ان الصَّلَاة الَّتِي كَانَ فِيهَا النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِمَامًا صَلَاة الظّهْر يَوْم السبت أَو الْأَحَد وَالَّتِي كَانَ فِيهَا مَأْمُوما صَلَاة الصُّبْح يَوْم الْإِثْنَيْنِ وَهِي آخر صَلَاة صلاهَا حَتَّى خرج من الدُّنْيَا (فَخر) قَوْله [1238] وصلينا وَرَاءه قعُود هَذَا يُخَالف حَدِيث عَائِشَة لِأَن فِيهِ فصلوا قيَاما أُجِيب عَنهُ بأجوبة الأول ان فِي رِوَايَة أنس اختصارا وَكَأَنَّهُ اختصر على مَا على اليه الْحَال بعد أمره لَهُم بِالْجُلُوسِ الثَّانِي مَا قَالَه الْقُرْطُبِيّ وَهُوَ أَن يحْتَمل ان يكون بَعضهم قعد من أول الْحَال وَهُوَ الَّذِي حَكَاهُ أنس وَبَعْضهمْ قَامَ حَتَّى أَشَارَ إِلَيْهِم بِالْجُلُوسِ وَهُوَ الَّذِي حكته عَائِشَة الثَّالِث مَا قَالَه قوم وَهُوَ احْتِمَال تعدد الْوَاقِعَة وَيدل رِوَايَة أبي دَاوُد عَن جَابر أَنهم دخلُوا يعودونه مرَّتَيْنِ فصلى بهم فيهمَا وَبَين ان الأولى كَانَت نَافِلَة وأقرهم على الْقيام وَهُوَ جَالس وَالثَّانيَِة كَانَت فَرِيضَة وابتدؤا قيَاما فَأَشَارَ إِلَيْهِم بِالْجُلُوسِ وَنَحْوه عِنْد الْإِسْمَاعِيلِيّ عُمْدَة الْقَارِي قَوْله فجحش أَي خدش وقشر جلده (إنْجَاح) قَوْله

[1241] فَكَانُوا يقنتون فِي الْفجْر الخ اخْتلف فِي قنوت الصُّبْح وَالشَّيْخ بن الْهمام أورد الْأَحَادِيث الْوَارِدَة فِي ذَلِك عَن رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَن الْخُلَفَاء الْأَرْبَعَة وَغَيرهم كثيرا وَأجَاب عَن ذَلِك بتعليل تِلْكَ الْأَحَادِيث وتضعيف رواتها وَقرر بعد التنقيد وَالتَّحْقِيق ان ذَلِك كَمَا قَالَ صَاحب الْهِدَايَة مَنْسُوخ تمسكا بِمَا رَوَاهُ الْبَزَّار وَابْن أبي شيبَة وَالطَّبَرَانِيّ والطَّحَاوِي كلهم من حَدِيث بن مَسْعُود أَنه قَالَ لم يقنت رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الصُّبْح الا شهرا ثمَّ تَركه ثمَّ لم يقنت قبله وَلَا بعده وَقَالَ روى الْخَطِيب فِي كتاب الْقُنُوت عَن أنس ان النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ لَا يقنت الا إِذا دَعَا لقوم أَو دَعَا عَلَيْهِم وَهُوَ صَحِيح وَمَا روى الْخَطِيب بِخِلَاف ذَلِك الْبَقِيَّة على ص 88 وَغَيره عَن أبي جَعْفَر الرَّازِيّ عَن أنس مَا زَالَ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقنت فِي الصُّبْح حَتَّى فَارق الدُّنْيَا فقد شنع عَلَيْهِ بن الْجَوْزِيّ بِمَا لَا يجوز ذكره وأبطله وَأسْندَ بعض الروَاة فِيهَا بِالْوَضْعِ على أنس وَقد صَحَّ حَدِيث أبي مَالك الْأَشْجَعِيّ عَن أَبِيه أَنه قَالَ أَي بني مُحدث يَعْنِي الْمُوَاظبَة والمداومة على قنوت الصُّبْح وَأخرج عَن بن أبي شيبَة عَن أبي بكر رض وَعمر وَعُثْمَان رض أَنهم كَانُوا لَا يقنتون فِي الْفجْر وَأخرج عَن عَليّ رض لما قنت فِي الصُّبْح انكر النَّاس عَلَيْهِ فَقَالَ استنصرنا على عدونا وَأخرج عَن بن عَبَّاس وَابْن مَسْعُود وَابْن عمر وَابْن الزبير أَنهم كَانُوا لَا يقنتون فِي صَلَاة الْفجْر وَبِالْجُمْلَةِ لَو كَانَ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قنت فِي صَلَاة الْفجْر كَانَت سنة راتبة لم يخف ذَلِك ونقلوه كنقل جهر الْقِرَاءَة وكل مَا روى عَن فعله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ان صَحَّ فَهُوَ مَحْمُول على النَّوَازِل بِالدُّعَاءِ لقوم أَو عَليّ قوم وَهَذَا خُلَاصَة كَلَام بن الْهمام مَعَ اخْتِصَار لمعات الْحَاشِيَة الْمُتَعَلّقَة بصفحة هَذَا قَوْله [1244] اللَّهُمَّ انج الْوَلِيد الخ هَذَا مِثَال للدُّعَاء لأحدكما ان قَوْله اللَّهُمَّ اشْدُد وطأتك الخ مِثَال للدُّعَاء على أحد وَكَانَ هَؤُلَاءِ الصَّحَابَة الَّذين دَعَا لَهُم بانجاء اسراء فِي أَيدي الْكفَّار بِمَكَّة قَالَ الْعَيْنِيّ وليد بن الْوَلِيد هُوَ أَخُو خَالِد بن الْوَلِيد وَحبس بِمَكَّة ثمَّ أفلت ببركة دُعَائِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسَلَمَة بن هِشَام هُوَ أَخُو أبي جهل قديم الْإِسْلَام عذب فِي الله ومنعوه أَن يُهَاجر وَعَيَّاش بن أبي ربيعَة هُوَ أَخُو أبي جهل لَامة أوثقه أَبُو جهل بِمَكَّة وَهَؤُلَاء الثَّلَاثَة أَسْبَاط الْمُغيرَة كل وَاحِد مِنْهُم بن عَم الاخر انْتهى قَوْله [1246] لعن الله الْعَقْرَب الخ فِيهِ جَوَاز اللَّعْن على المؤذيات وَأما لعن الْحَيَوَانَات على التشخيص فَغير جَائِز لِأَن النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هدد امْرَأَة لعنت ناقتها وَقَالَ لَا تصحبنا مَعنا لِأَنَّهَا ملعونة وَفِي الحَدِيث لَيْسَ الْمُؤمن بالطعان وَلَا بِاللّعانِ (إنْجَاح) قَوْله [1247] ثَنَا منْدَل مثلث الْمِيم سَاكن النُّون بن عَليّ الْعَنزي وَيُقَال اسْمه عَمْرو ومندل لقبه (إنْجَاح) قَوْله [1248] نهى عَن صَلَاتَيْنِ الخ قَالَ بن بطال تَوَاتَرَتْ الْأَحَادِيث عَن النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنه نهى عَن الصَّلَاة بعد الصُّبْح وَبعد الْعَصْر قَالَ الْعَيْنِيّ فَدلَّ على أَن صلَاته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعد الْعَصْر كَانَت مَخْصُوصَة بِهِ دون أمته خير جاري قَوْله بَاب مَا جَاءَ فِي السَّاعَات الخ قَالَ فِي اللمعات هَذَا يَشْمَل السَّاعَات الثَّلَاثَة الَّتِي يحرم فِيهَا الصَّلَاة وَهِي وَقت الطُّلُوع والغروب والإستواء وَالَّتِي يكون فِيهَا وَهِي مَا بعد الْفجْر وَالْعصر ثمَّ عندنَا يَشْمَل النَّهْي الْفَرْض وَالنَّفْل فَفِي الثَّلَاثَة الأول لَا يجوز الصَّلَاة أَدَاء وَلَا قَضَاء الا عصر يَوْمه وَلَا صَلَاة الْجِنَازَة وَلَا سَجْدَة التِّلَاوَة وَقد جَاءَ فِي صَلَاة الْجِنَازَة إِذا حضرت فِي هَذِه الْأَوْقَات وَفِي سَجْدَة التِّلَاوَة إِذا تليت فِيهَا وَيجوز فِي الآخرين وَإِذا شرع فِي النَّفْل جَازَ وَقطع وَقضى فِي وَقت غير مَكْرُوه وان أتم خرج عَن الْعهْدَة وَالْقطع أفضل كَذَا فِي شرح بن الْهمام عَن الْمَبْسُوط وَعند الشَّافِعِي وَأحمد يجوز الْقَضَاء قَوْله [1251] فَإِن جَهَنَّم تسجر قَالَ فِي النِّهَايَة أَي توقد كَأَنَّهُ أَرَادَ الابراد بِالظّهْرِ وَقيل أَرَادَ مَا فِي آخرَانِ الشَّمْس إِذا اسْتَوَت قارنها الشَّيْطَان فَلَعَلَّ سجر جَهَنَّم ح لمقارنته وتهيته لسجود عبادها انْتهى قَوْله وتطلع بَين قَرْني الشَّيْطَان قَالَ فِي النِّهَايَة أَي ناحيتي رَأسه وَقيل الْقرن الْقُوَّة أَي حِين تطلع يَتَحَرَّك الشَّيْطَان وينشط فَيكون كالمعين لَهَا وَقيل بَين قرنيه أَي امتيه الْأَوَّلين والآخرين وَكله تَمْثِيل لمن يسْجد لَهُ وَكَانَ الشَّيْطَان رَسُول لَهُ ذَلِك فَإِذا سجد لَهَا كَانَ كَأَن الشَّيْطَان مقترن بهَا وَقَالَ النَّوَوِيّ أَي حزبيه اللَّذين يبعثهما للاغواء وَقيل جَانِبي رَأسه فَإِنَّهُ يدني رَأسه الى الشَّمْس فِي هذَيْن الْوَقْتَيْنِ ليَكُون الساجدون لَهَا كالساجدين لَهُ ويخيل لنَفسِهِ ولاغوائه انهم يَسْجُدُونَ لَهُ وح يكون لَهُ ولشيعته تسلط فِي تلبيس الْمُصَلِّين انْتهى قَوْله

[1254] لَا تمنعوا قَالَ الْمظهر فِيهِ دَلِيل على أَن صَلَاة التَّطَوُّع فِي الْأَوْقَات الْمَكْرُوهَة غير مَكْرُوهَة بِمَكَّة لشرفها لينال النَّاس فضيلتها فِي جَمِيع الْأَوْقَات وَبِه قَالَ الشَّافِعِي وَأحمد وَإِسْحَاق وَعند أبي حنيفَة قَوْله بن أبي امْرَأَة عبَادَة بن الصَّامِت هُوَ بن حرَام اسْمَع عبد الله بن عَمْرو صَحَابِيّ وَقَوله يَعْنِي أَي يروي حكمهَا حكم سَائِر الْبِلَاد فِي الْكَرَاهَة لعُمُوم النَّهْي وَقيل أَنه نَاسخ لما سواهُ وَلِأَن الْحرم رَاجِح قَالَ بن الْملك وَالظَّاهِر أَن المُرَاد بقوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آيَة سَاعَة شَاءَ فِي الْأَوْقَات الْغَيْر مَكْرُوهَة تَوْفِيقًا بَين النُّصُوص انْتهى كَذَا فِي الْمرقاة [1258] يُصَلِّي الخ قَالَ بن الْهمام لَا يخفى ان هَذَا الحَدِيث إِنَّمَا يدل على بعض مَا ذهب اليه أَبُو حنيفَة وَهُوَ مَشى الطَّائِفَة الأولى وإتمام الطَّائِفَة الثَّانِيَة فِي مَكَانهَا خلف الامام وَقد روى تَمَامه مَوْقُوفا على بن عَبَّاس من رِوَايَة أبي حنيفَة ذكره مُحَمَّد فِي كتاب الْآثَار وسَاق إِسْنَاد الامام وَلَا يخفى ان ذَلِك مِمَّا لَا مجَال فِيهِ لِأَنَّهُ تغير بالمثاني فِي الصَّلَاة فَالْمَوْقُوفُ فِيهِ كالمرفوع انْتهى قَوْله [1259] وَيسْجد الخ قَالَ الْقَارِي اجْمَعُوا على ان صَلَاة الْخَوْف ثَابِتَة الحكم بعد موت النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَحكى عَن الْمُزنِيّ أَنه قَالَ مَنْسُوخَة وَعَن أبي يُوسُف أَنه مُخْتَصَّة برَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لقَوْله تَعَالَى وَإِذا كنت فيهم وَأجِيب بِأَنَّهُ قيد واقعي نَحْو قَوْله تَعَالَى ان خِفْتُمْ فِي صَلَاة الْمُسَافِر ثمَّ اتَّفقُوا على ان جَمِيع الصِّفَات المروية عَن النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صَلَاة الْخَوْف مُعْتَد بهَا وَإِنَّمَا الْخلاف بَينهم فِي التَّرْجِيح قيل جَاءَت فِي الاخبار سِتَّة عشر نوعا وَقيل أقل وَقيل أَكثر وَقد اخذ بِكُل رِوَايَة جمع من الْعلمَاء وَمَا أحسن قَول أَحْمد وَلَا حرج على من صلى بِوَاحِدَة لما صَحَّ عَنهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ بن حجر وَالْجُمْهُور على أَن الْخَوْف لَا يُغير عدد الرَّكْعَات (مرقاة) قَوْله لمَوْت احداي خير وَلَا لِحَيَاتِهِ أَي وَلَا لولادة شرير فِي شرح السّنة زعم أهل الْجَاهِلِيَّة ان كسوف الشَّمْس وخسوف الْقَمَر يُوجب حُدُوث تغير فِي الْعَالم من موت وولادة وضرر وقحط وَنَحْوهَا فَأعْلم النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ان كل ذَلِك بَاطِل ذكره الْعلي الْقَارِي وَقَالَ الْعَيْنِيّ فَإِن قلت الحَدِيث ورد فِي حق من زعم ان ذَلِك لمَوْت إِبْرَاهِيم بن النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَا فَائِدَة قَوْله [1262] وَلَا لِحَيَاتِهِ إِذْ لم يقل بِهِ أحد قلت فَائِدَته دفع توهم من يَقُول لَا يلْزم من نفى كَونه سَببا للفقدان ان لَا يكون سَببا للايجاد فَعم الشَّارِع النَّفْي عَيْني وكرماني قَوْله فَإِذا تجلى الله الخ أَي تجلى بِالنورِ الَّذِي هُوَ نوره انطمس ضوء مَا كَانَ من خلقه بِسَبَب الْخُشُوع وَهَذَا الحَدِيث يدل على أَن كسوف الشَّمْس وخسوف الْقَمَر لَا ينْحَصر بحيلولة الاجرام كَمَا زعمت الْحُكَمَاء وان كَانَ الْأَمر أَحْيَانًا بِحَسب قواعدهم (إنْجَاح) قَوْله فَإذْ تجلى الله الخ قَالَ بن الْقيم فِي كِتَابه مِفْتَاح دَار السَّعَادَة قَالَ أَبُو حَامِد الْغَزالِيّ هَذِه الزِّيَادَة لم يَصح نقلهَا فَيجب تَكْذِيب ناقلها وَلَو صحت لَكَانَ تَأْوِيلهَا أَهْون من مُكَابَرَة أُمُور قَطْعِيَّة فكم ظواهر أولت بالأدلة الْعَقْلِيَّة الَّتِي لَا تَنْتَهِي فِي الوضوح الى هَذَا الْحَد قَالَ بن الْقيم وَإسْنَاد هَذِه الزِّيَادَة لَا مطْعن فِيهِ ورواتها كلهم ثِقَات حفاظ لَكِن لَعَلَّ هَذِه اللَّفْظَة مدرجة فِي الحَدِيث من كَلَام بعض الروَاة وَلِهَذَا لَا تُوجد فِي سَائِر أَحَادِيث الْكُسُوف فقد رَوَاهَا عَن النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بضعَة عشر صحابيا فَلم يذكر أحد مِنْهُم فِي حَدِيثه هَذِه اللَّفْظَة فَمن هُنَا يخَاف ان تكون ادرجت فِي الحَدِيث ادراجا وَلَيْسَت من لفظ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على أَن هُنَا مسلكا بديع المأخذ يقبله الْعقل السَّلِيم وَهُوَ أَن كسوف الشَّمْس وَالْقَمَر يُوجب لَهما من الْخُشُوع والخضوع بانمحاء نورهما وانقطاعه عَن هَذَا الْعَالم مَا لم يكن فِيهِ ذهَاب سلطانهما وبهائهما وَذَلِكَ مُوجب لَا محَالة لَهما من الْخُشُوع والخضوع لرب الْعَالمين وعظمته وجلاله مَا يكون سَببا لتجلى الرب تبَارك وَتَعَالَى لَهما وَلَا يستنكر أَن يكون تجلى الله سُبْحَانَهُ لَهما فِي وَقت معِين كَمَا يدنو من أهل الْموقف عَشِيَّة عَرَفَة فَيحدث لَهما ذَلِك التجلي خشوعا آخر لَيْسَ هُوَ الْكُسُوف وَلم يقل النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ان الله إِذا تجلى لَهما انكسفا وَلَكِن اللَّفْظَة عِنْد أَحْمد وَالنَّسَائِيّ ان الله إِذا بدا لشَيْء من خلقه خشع لَهُ ولظف بن ماجة فَإِذا تجلى الله الخ فههنا خشوعان خشوع أوجب كسوفهما بذهاب ضوءهما فتجلى الله فيهمَا فَحدث لَهما عِنْد تجليه خشوع آخر بِسَبَب التجلي كَمَا حدث للجبل إِذْ تجلى الله تَعَالَى ان صَار دكا وساخ فِي الأَرْض وَهُوَ غَايَة الْخُشُوع لَكِن الرب تَعَالَى ابقاهما عناية بخلقة لانتظام مصالحهم بهما انْتهى وَقَالَ القَاضِي تَاج الدّين السُّبْكِيّ انكاران الله إِذا تجلى لشَيْء من خلقه خشع لَهُ لَيْسَ بجيد فَإِنَّهُ مَرْوِيّ فِي النَّسَائِيّ وَغَيره وَلَكِن تَأْوِيله ظَاهر فَأَي بعد فِي أَن الْعَالم بالجزئيات وَمِقْدَار الكائنات سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يقدر فِي أزل الآزال خسوفهما بتوسط الأَرْض بَين الْقَمَر وَالشَّمْس وَفَوق جرم الْقَمَر بَين النَّاظر وَالشَّمْس وَيكون ذَلِك هُوَ وَقت تجليه سُبْحَانَهُ عَلَيْهِمَا فالتجلي سَبَب لكسوفهما فقضاء الْعَادة بذلك يقارن توَسط الأَرْض وَفَوق جرم الْقَمَر وَلَا مَانع من ذَلِك انْتهى قلت وَهَذَا التَّأْوِيل أقرب الى لفظ الحَدِيث من تَأْوِيل بن الْقيم (زجاجة) قَوْله

[1263] ثمَّ كبر فَرَكَعَ الخ قَالَ الْخطابِيّ اخْتلفت الرِّوَايَات فِي هَذَا الْبَاب فروى انه ركع رَكْعَتَيْنِ فِي أَربع رَكْعَات وَأَرْبع سَجدَات وروى أَنه ركعهما فِي رَكْعَتَيْنِ وَأَرْبع سَجدَات وروى أَنه ركع رَكْعَتَيْنِ فِي سِتّ رَكْعَات وَأَرْبع سَجدَات وروى أَنه ركع رَكْعَتَيْنِ فِي عشر ركوعات وَأَرْبع سَجدَات وَقد ذكر أَبُو دَاوُد أنواعا مِنْهَا قَالَ الْعَيْنِيّ قَالَ الطَّيِّبِيّ صَلَاة الْكُسُوف والخسوف رَكْعَتَانِ بِالصّفةِ الَّتِي ذكرت أَي بتكرير الرُّكُوع عِنْد الشَّافِعِي وَأحمد وَأما عِنْد أبي حنيفَة فَهِيَ رَكْعَتَانِ فِي كل رَكْعَة رُكُوع وَاحِد وسجودان وَيُصلي الْكُسُوف والخسوف بِجَمَاعَة عِنْد الشَّافِعِي وَأحمد وفرادى عِنْد أبي حنيفَة أَي أَن لم يُوجد أَمَام الْجَمَاعَة عِنْد الْكُسُوف وَأما عِنْد مَالك فَيصَلي كسوف الشَّمْس جمَاعَة وخسوف الْقَمَر فُرَادَى وركوعها كَسَائِر الصَّلَاة قَالَ الشَّيْخ الدهلوي ثمَّ عندنَا صَلَاة كسوف الشَّمْس رَكْعَتَانِ بِالْجَمَاعَة كَهَيئَةِ النَّافِلَة فِي كل رَكْعَة رُكُوع وَاحِد مَعَ تَطْوِيل الْقِرَاءَة من غير خطْبَة وَلَيْسَ فِي خُسُوف الْقَمَر جمَاعَة وَعند الشَّافِعِي يُصَلِّي كل مِنْهُمَا بِجَمَاعَة وخطبة وركوعين فِي كل رَكْعَة وَكَذَا عِنْد أَحْمد فِي الْمَشْهُور من مذْهبه وَلنَا حَدِيث بن عمر النَّاطِق بِمَا ذكر كَذَا فِي الْهِدَايَة وَأورد الامام بن الْهمام أَحَادِيث بروايات مُتعَدِّدَة صَحِيحَة وحسنة مثبتة لمَذْهَب الْحَنَفِيَّة وَتكلم على أَحَادِيث تعدد الرُّكُوع فَإِنَّهَا اضْطَرَبَتْ فِيهِ الروَاة فَإِن مِنْهُم من روى ركوعين وَثَلَاث وَنَحْوهَا وَالِاضْطِرَاب مُوجب للضعف فَوَجَبَ ان يُصَلِّي على هُوَ الْمَعْهُود وَهُوَ الْمُوَافق لروايات الْإِطْلَاق نَحْو قَوْله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذا كَانَ ذَلِك فصلوا كَمَا مر قَوْله أبي أبي امْرَأَة عبَادَة بن الصَّامِت هُوَ بن حرَام اسْمه عبد الله بن عَمْرو صَحَابِيّ وَقَوله يَعْنِي أَي يروي قَوْله يجر ثَوْبه أَي من العجلة قَوْله حَتَّى انجلت أَي انْكَشَفَ وَعَاد نورها قَوْله فَإِذا تجلى الخ أَي إِذا ظهر نوره أَي ظهر ظهورا بِلَا كَيفَ [1264] فَلَا نسْمع الخ هَذَا يدل على أَن الامام لَا يجْهر بِالْقِرَاءَةِ فِي صَلَاة الْكُسُوف وَبِه قَالَ أَبُو حنيفَة وَتَبعهُ الشَّافِعِي وَغَيره فِي الصَّحِيحَيْنِ عَن رِوَايَة عَائِشَة جهر النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صَلَاة الْكُسُوف وَبِه احْتج أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد وَأحمد وَإِسْحَاق فَإِذا حصل التَّعَارُض وَجب التَّرْجِيح بِأَن الأَصْل فِي النَّهَار الْإخْفَاء (مرقاة) قَوْله [1265] دنت وَفِي البُخَارِيّ رَأَيْت الظَّاهِر أَنه كشف الله تَعَالَى الْحجاب وطوى الْمسَافَة الَّتِي بَينه وَبَين الْجنَّة حَتَّى أمكنه ان يتَنَاوَل مِنْهَا عنقودا وَمن الْعلمَاء من حمل هَذَا على ان الْجِنّ مثلت لَهُ فِي الْحَائِط كَمَا ترى الصُّورَة فِي الْمَرْأَة فَرَأى جَمِيع مَا فِيهَا كَمَا ورد لقد مثلت وَفِي رِوَايَة مُسلم لقد صورت وَمِنْهُم من تَأَول الرُّؤْيَة بِالْعلمِ وَقد أبعد لعدم الْمَانِع من الاخذ بِالْحَقِيقَةِ والعدول عَن الأَصْل من غير ضَرُورَة عَيْني قَوْله وَأَنا فيهم قد أنزل الله تَعَالَى الامانين فِي هَذِه الْأمة الاسْتِغْفَار وَوُجُود نَبينَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِينَا قَالَ الله تَعَالَى وَمَا كَانَ الله ليعذبهم وَأَنت فيهم وَمَا كَانَ الله معذبهم وهم يَسْتَغْفِرُونَ فَلَمَّا رأى رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَذَاب النَّار هاله ذَلِك فَقَالَ اتعذب وانا فيهم وَقد وَعَدتنِي بِعَدَمِ تعذيبهم مَعَ وجودي فيهم (إنْجَاح) قَوْله [1266] كَمَا يُصَلِّي فِي الْعِيد ظَاهر هَذَا الحَدِيث يُؤَيّد مَذْهَب الشَّافِعِي حَيْثُ اعْتبر التَّكْبِيرَات الزَّائِدَة وَتَقْدِيم الصَّلَاة على الْخطْبَة وتأوله الْجُمْهُور على أَن المُرَاد كَصَلَاة الْعِيد فِي الْعدَد والجهر بِالْقِرَاءَةِ وَفِي كَونهَا قبل الْخطْبَة لَا فِي التَّكْبِيرَات (مرقاة) قَوْله [1267] وقلب رِدَاءَهُ أَي فَجعل عطافه الْأَيْمن على عَاتِقه الْأَيْسَر وعطافه الْأَيْسَر على عَاتِقه الْأَيْمن رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَاد حسن كَذَا فِي الْقُسْطَلَانِيّ قَالَ أَبُو حنيفَة ان التَّحْوِيل لَيْسَ بِسنة لِأَن الاسْتِسْقَاء دُعَاء وَسَائِر الْأَدْعِيَة لَا يقلب فِيهِ الرِّدَاء وَمَا فعله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ تفاؤلا وَالدَّلِيل عَلَيْهِ مَا جَاءَ مُصَرحًا بِهِ فِي الْمُسْتَدْرك من حَدِيث جَابر وَصَححهُ قَالَ وحول رِدَاءَهُ لِيَتَحَوَّل الْقَحْط وَنَحْوه فِي مُسْند إِسْحَاق من قَول وَكِيع وَكَذَا فِي الطَّبَرَانِيّ من حَدِيث أنس هَذَا زبدة مَا قَالَه بن الْهمام أَو عرف صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْوَحْي تغير الْحَال عِنْد قلبه الرِّدَاء فَلَو فعل غَيره يتَعَيَّن ان يكون تفاؤلا وَهُوَ تَحت الِاحْتِمَال فَلَا يتم بهَا الِاسْتِدْلَال كَذَا فِي شرح الْمُوَطَّأ قَوْله [1268] فصلى بِنَا رَكْعَتَيْنِ قَالَ مُحَمَّد وَأَبُو يُوسُف السّنة ان يُصَلِّي الامام رَكْعَتَيْنِ بِجَمَاعَة كَهَيئَةِ صَلَاة الْعِيد وَبِه قَالَ مَالك وَأحمد وَالشَّافِعِيّ وَقَالَ أَبُو حنيفَة لَيْسَ فِي الاسْتِسْقَاء صَلَاة مسنونة فِي جمَاعَة فَإِن صلى النَّاس وحدانا جَازَ إِنَّمَا الاسْتِسْقَاء الدُّعَاء وَالِاسْتِغْفَار لقَوْله تَعَالَى اسْتَغْفرُوا ربكُم انه كَانَ غفارًا يُرْسل السَّمَاء عَلَيْكُم مدرارا علق بِهِ نزُول الْغَيْث لَا بِالصَّلَاةِ فَكَانَ الأَصْل فِيهِ الدُّعَاء وَيُؤَيِّدهُ مَا فِي سنَن سعيد بن مَنْصُور بِسَنَد جيد الى الشّعبِيّ قَالَ خرج يَوْمًا عمر يَسْتَسْقِي فَلم يزدْ على الاسْتِغْفَار فَقَالُوا مَا رَأَيْنَاك اسْتَسْقَيْت فَقَالَ طلبت الْغَيْث بِمَجَادِيح السَّمَاء الَّذِي يسْتَنْزل بِهِ الْمَطَر ثمَّ قَرَأَ اسْتَغْفرُوا ربكُم ثمَّ تُوبُوا اليه وَأجِيب عَن الْأَحَادِيث الَّتِي فِيهَا الصَّلَاة بِأَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فعلهَا مرّة وَتركهَا أُخْرَى وذالا يدل على السّنة وَإِنَّمَا يدل على الْجَوَاز كَذَا فِي الْعَيْنِيّ قَوْله [1269] مريعا بِفَتْح الْمِيم وَضمّهَا أَي كثيرا فِي شرح السّنة ذَا مرعة وخصب ويروى مربعًا بِالْبَاء أَي بِفَتْح الْمِيم وَكسر الْبَاء أَي منبتا للربع ويروى مرتعا أَي بِفَتْح التَّاء أَي ينْبت مَا ترتع الْإِبِل وكل مخصب يرتع وَمِنْه يرتع ويلعب طيبي قَوْله فَمَا جمعُوا أَي مَا صلوا صَلَاة الْجُمُعَة حَتَّى احيوا أَي امطروا وَالظَّاهِر أَن هَذَا الرجل هُوَ الَّذِي طلب الاسْتِسْقَاء فِي الْخطْبَة وَحَدِيثه مشتهرا أخرجه البُخَارِيّ وَغَيره (إنْجَاح) قَوْله [1272] وأبيض يستسقى الخ هَذَا الْبَيْت من قصيدة طَوِيلَة انشدها أَبُو طَالب أَولهَا لما رَأَيْت الْقَوْم لَا ود فيهم وَقد قطعُوا كل العرى والوسائل وَكَانَ استسقى بِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ صَغِير فِي زمن عبد الْمطلب كَمَا قَالَ بَعضهم وَقيل كَانَ هَذِه الْقِصَّة بَعْدَمَا ألْقى بعض الاشقياء فرث الْجَزُور على ظَهره صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فعلى هَذَا كَانَت الْقِصَّة بعد الْبعْثَة وَقَالَ الشَّيْخ الدهلوي وَقَول أبي طَالب لَا يَقْتَضِي وُقُوع الاسْتِسْقَاء بل يَقْتَضِي أَنه لَو استسقى بِهِ لسقى الله الْخلق بدعائه كَذَا فِي المدارج مُخْتَصرا وَالْمرَاد من الْأَبْيَض ذَاته ويستسقى صفته أَي لَونه أَبيض وَصفته أَنه يستسقى بِهِ وثمال ككتاب الغياث الَّذِي يقوم بِأَمْر قومه كَذَا فِي الْقَامُوس أَي هُوَ غياث الْيَتَامَى بِأَنَّهُم رزقوا بِسَبَبِهِ والارملة المحتاجة أَو المسكينة والعصمة الْعِفَّة أَي سَبَب لعفة الارامل من السُّؤَال والاحتياج أَو من الزِّنَا لِأَن الْفقر يسود وَجه الْإِنْسَان كَمَا قيل الْفقر سَواد الْوَجْه فِي الدَّاريْنِ انجاح قَوْله فَلَا نسْمع لَهُ صَوتا قَالَ بن حجر ان ثَبت هَذَا الحَدِيث لَا يدل على نفي الْجَهْر قَوْله تخدشها أَي تفرس جلدهَا قَوْله خشَاش الأَرْض وَهِي حشرات الأَرْض قَوْله أَمِير هُوَ الْوَلِيد بن عقبَة قَوْله متبذلا التبذل ترك التزين قَوْله مترسلا الترسل التمهل وَالثَّانِي قَوْله

[1270] طبقًا أَي ماليا للْأَرْض وَقَوله غير رائث قَوْله مَا يتزود لَهُم رَاع أَي لَيْسَ لَهُم رَاع بِسَبَب هَلَاك الْمَوَاشِي وَقَوله فَلَا يخْطر لَهُم فَحل أَي لَا يَتَحَرَّك ذَنبه هز الا لشدَّة الْقَحْط وَإِنَّمَا يَفْعَله عِنْد الشِّبَع والامن قَوْله مغيثا أَي مشبعا قَوْله مريئا أَي مَحْمُود الْعَافِيَة غير ضار قَوْله غدقا أَي المَاء الْكثير [1275] أخرجت الْمِنْبَر الخ وَأعلم أَنه قد ذكر فِي هَذَا الحَدِيث حكمان أَحدهمَا أَنه لم يكن فِي الْمصلى فِي زمن النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْبَر وَقد ورد فِي الصَّحِيح أَنه كَانَ ينْصَرف من الصَّلَاة فَيقوم مُقَابل النَّاس وَلابْن خُزَيْمَة خطب يَوْم عيد قَائِما على رجلَيْهِ وَمُقْتَضى ظَاهر هَذَا الحَدِيث ان من اتخذ الْمِنْبَر هُوَ مَرْوَان وَقَالَ مَالك ان أول من خطب النَّاس فِي الْمصلى على الْمِنْبَر عُثْمَان بن عَفَّان كَلمهمْ على مِنْبَر من طين بناه كثير بن الصَّلْت لَكِن هَذَا معضل وَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ أصح وَيحْتَمل ان يكون عُثْمَان فعل ذَلِك مرّة ثمَّ أَعَادَهُ مَرْوَان وَلم يطلع على ذَلِك أَبُو سعيد وَثَانِيهمَا أَن السّنة فِي الْعِيدَيْنِ الصَّلَاة قبل الْخطْبَة وَعمل أَبُو بكر رض وَعمر رَضِي الله عَنهُ بعده كَذَلِك وَقَالَ التِّرْمِذِيّ وَعَلِيهِ الْعَمَل عِنْد أهل الْعلم من الصَّحَابَة وَغَيرهم وَقَالُوا أول من خطب قبل الصَّلَاة مَرْوَان حِين كَانَ أَمِير الْمَدِينَة من قبل مُعَاوِيَة وَقَالَ فِي فتح الْبَارِي اخْتلف فِي أول من غير ذَلِك فرواية طَارق بن شهَاب عَن أبي سعيد صَرِيحَة فِي أَنه مَرْوَان وَقيل بل سبقه الى ذَلِك عُثْمَان رض فروى بن الْمُنْذر بِإِسْنَاد صَحِيح الى الْحسن الْبَصْرِيّ قَالَ أول من خطب قبل الصَّلَاة عُثْمَان صلى بِالنَّاسِ ثمَّ خطبهم يَعْنِي على الْعَادة فَرَأى نَاسا لم يدركوا الصَّلَاة فَفعل ذَلِك أَي صَار يخْطب قبل الصَّلَاة وَهَذِه الْعلَّة غير الَّتِي اعتل بهَا مَرْوَان وان عُثْمَان راعي مصلحَة الْجَمَاعَة فِي ادراكهم الصَّلَاة وَأما مَرْوَان فراعى مصلحتهم فِي اسماعهم الْخطْبَة لَكِن قيل انهم كَانُوا فِي زمن مَرْوَان يتعمدون ترك سَماع الْخطْبَة لما فِيهَا من سبّ من لَا يسْتَحق السب والافراط فِي مدح بعض النَّاس فعلى هَذَا إِنَّمَا رَاعى مصلحَة نَفسه وَيحْتَمل أَن يكون عُثْمَان فعل ذَلِك أَحْيَانًا بِخِلَاف مَرْوَان فواظب عَلَيْهِ فَلذَلِك نسب اليه بِدَلِيل ان البُخَارِيّ وَمُسلمًا وَأَبا دَاوُد وَالنَّسَائِيّ اخْرُجُوا عَن بن عَبَّاس قَالَ حضرت يَوْم الْعِيد مَعَ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأبي بكر وَعمر وَعُثْمَان فَكَانُوا يصلونَ قبل الْخطْبَة قَالَ القَاضِي وروى عبد الرَّزَّاق عَن بن جريج عَن الزُّهْرِيّ قَالَ من أحدث الْخطْبَة قبل الصَّلَاة فِي الْعِيد مُعَاوِيَة وروى بن الْمُنْذر عَن بن سِيرِين انه فعل ذَلِك زِيَاد بِالْبَصْرَةِ قَالَ وَلَا مُخَالفَة بَين هذَيْن الاثرين وَأثر مَرْوَان لِأَن كلا من مَرْوَان وَزِيَاد كَانَ عَاملا لمعاوية فَيحمل على أَنه ابْتَدَأَ ذَلِك فَتَبِعَهُ عماله انْتهى لمعات مُخْتَصرا قَوْله [1277] فِي الأولى سبعا الخ أعلم ان الْأَحَادِيث فِي تَكْبِيرَات الْعِيدَيْنِ جَاءَت مُخْتَلفَة وَلذَلِك اخْتلفت مَذَاهِب الْأَئِمَّة فَعِنْدَ الثَّلَاثَة سبع فِي الرَّكْعَة الأولى وَخمْس فِي الثَّانِيَة وَعند الامام أَبُو حنيفَة ثَلَاث فِي الأولى وَثَلَاث فِي الْآخِرَة زَائِدَة على تَكْبِيرَة الِافْتِتَاح وَالرُّكُوع وَهَذَا مَذْهَب بن مَسْعُود وَمَا ذهب اليه الشَّافِعِي وَغَيره مَذْهَب بن عَبَّاس وَقد وَقع الْكَلَام فِي أَسَانِيد مذاهبهم وَنقل الشَّيْخ بن الْهمام عَن أَحْمد بن حَنْبَل أَنه قَالَ لَيْسَ فِي تَكْبِيرَات الْعِيدَيْنِ عَن النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيث صَحِيح وَإِنَّمَا أَخذ فِيهَا بِفعل أبي هُرَيْرَة وَلَكِن قَالَ فِي شرح كتاب الْخرقِيّ روى عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده أَن النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذكر ثِنْتَيْ عشرَة تَكْبِيرَة سبعا فِي الأولى وخمسا فِي الْآخِرَة رَوَاهُ أَحْمد وَابْن ماجة وَقَالَ أَحْمد انا اذْهَبْ الى ذَلِك وَكَذَلِكَ ذهب اليه بن الْمَدِينِيّ وَصحح الحَدِيث وَكَذَلِكَ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَلِحَدِيث عَمْرو بن عَوْف الْمُزنِيّ مَعَ أَنه روى عَن جمَاعَة من الصَّحَابَة انْتهى وَقَالَ بن الْهمام ان أَبَا دَاوُد ان روى مَا ذكرنَا وَلَكِن روى مَا يُعَارضهُ أَيْضا وَهُوَ ان سعيد بن أبي الْعَاصِ سَأَلَ أَبَا مُوسَى الْأَشْعَرِيّ وَحُذَيْفَة بن الْيَمَان كَيفَ كَانَ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يكبر فِي الْأَضْحَى وَالْفطر فَقَالَ أَبُو مُوسَى كَانَ تكبيره أَربع تَكْبِيرَة على الْجَنَائِز فَقَالَ حُذَيْفَة صدق فَقَالَ أَبُو مُوسَى كَذَلِك كنت أكبر فِي الْبَصْرَة حَيْثُ كنت عَلَيْهِم وَسكت عِنْد أَبُو دَاوُد ثمَّ الْمُنْذِرِيّ فِي مُخْتَصره وَهُوَ نَاطِق بحديثين إِذْ تَصْدِيق حُذَيْفَة رِوَايَة كمثله وسكوت أبي دَاوُد وَالْمُنْذِرِي تَصْحِيح أَو تَحْسِين مِنْهُمَا مَعَ ان الْمَرْوِيّ عَن بن عَبَّاس مُضْطَرب انْتهى مُخْتَصرا لمعات قَوْله

باب ما جاء في التقليس التقليس الضرب بالدف والغناء واستقبال الولاة عند

[1284] فَحَدثني أخي عَنهُ وَفِي الْأَطْرَاف اسْم أَخِيه سعيد وَقيل أسعث وَفِي التَّقْرِيب لَهُ أَرْبَعَة أخوة أَشْعَث وخَالِد والنعمان وَسَعِيد (إنْجَاح) [1291] لم يصل قبلهَا وَلَا بعْدهَا فِيهِ دَلِيل على أَنه لَا صَلَاة قبل الْعِيد وَلَا بعْدهَا قَالَ التِّرْمِذِيّ وَفِي الْبَاب عَن عبد الله بن عمر وَأبي سعيد وَحَدِيث بن عَبَّاس حَدِيث حسن صَحِيح وَالْعَمَل عَلَيْهِ عِنْد بعض أهل الْعلم من أَصْحَاب النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَغَيرهم وَقد رأى طَائِفَة من أهل الْعلم الصَّلَاة بعد صَلَاة الْعِيدَيْنِ وَقبلهَا من أَصْحَاب النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَغَيرهم وَالْقَوْل الأول أصح انْتهى وَفِي شرح كتاب الْخرقِيّ فِي مَذْهَب أَحْمد اسْتخْلف على رض أَبَا مَسْعُود على النَّاس فَخرج يَوْم عيد فَقَالَ يَا أَيهَا النَّاس انه لَيْسَ من السّنة ان يُصَلِّي قبل الامام رَوَاهُ النَّسَائِيّ وَقَالَ الزُّهْرِيّ لم اسْمَع أحدا من عُلَمَائِنَا يذكر أَي أحد من سلف هَذِه الْأمة كَانَ يُصَلِّي قبل تِلْكَ الصَّلَاة وَبعدهَا رَوَاهُ الْأَثْرَم وروى عَن أبي سعيد أَن النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ لَا يُصَلِّي قبل الْعِيد شَيْئا فَإِذا رَجَعَ الى منزله صلى رَكْعَتَيْنِ رَوَاهُ بن ماجة وَأحمد وَفِي الْهِدَايَة وَلَا يتَنَفَّل فِي الْمصلى قبل صَلَاة الْعِيد لِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَام لم يفعل مَعَ حرصه على الصَّلَاة ثمَّ قيل الْكَرَاهَة فِي الْمصلى خَاصَّة وَقيل فِيهِ وَفِي غَيره عَامَّة لِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَام لم يَفْعَله انْتهى وَقَالُوا المُرَاد بِهَذَا النَّفْي أَنه لَيْسَ قبل الصَّلَاة صَلَاة مسنونة لَا أَنَّهَا يكره فِي حد ذَاته وَفِي فتح الْبَارِي قَالَ الْكُوفِيُّونَ يصلونَ بعْدهَا لَا قبلهَا والبصريون يصلونَ قبلهَا لَا بعْدهَا والمدنيون لَا قبلهَا وَلَا بعْدهَا وبالاول قَالَ الْأَوْزَاعِيّ وَالثَّوْري وَالْحَنَفِيَّة وَبِالثَّانِي قَالَ الْحسن الْبَصْرِيّ وَجَمَاعَة وبالثالث قَالَ الزُّهْرِيّ وَابْن جريج وَأحمد وَالشَّافِعِيّ وَجَمَاعَة من السّلف لَا كَرَاهَة فِي الصَّلَاة قبلهَا وَلَا بعْدهَا انْتهى لمعات قَوْله [1298] الى البلاط بِفَتْح مُوَحدَة وَقيل بِكَسْرِهَا ضرب من الْحِجَارَة يفرش بِهِ الأَرْض ثمَّ سمى بِهِ الْمَكَان اتساعا وَهُوَ مَوضِع بِالْمَدِينَةِ بَين مَسْجده والسوق مجمع قَوْله [1299] وَيرجع فِي غير الطَّرِيق الخ قَالَ التِّرْمِذِيّ قد اسْتحبَّ بعض أهل الْعلم للامام إِذا خرج فِي طَرِيق أَن يرجع فِي غَيره اتبَاعا للْحَدِيث بِهِ وَقَالَ الشَّافِعِي وَقَالَ فِي الْفَتْح وَالَّذِي فِي الام أَنه يسْتَحبّ للامام وَالْمَأْمُوم وَبِه قَالَ أَكثر الشَّافِعِيَّة وَقَالَ الرَّافِعِيّ لم يتَعَرَّض فِي الْوَجِيز الا للامام وبالتعميم قَالَ أَكثر أهل الْعلم انْتهى ثمَّ قد كثرت الْأَقْوَال فِي ذَلِك فَمِنْهَا أَنه فعل ذَلِك يشْهد لَهُ بقاع ومواضع متكثرة مُخْتَلفَة وَيشْهد الطريقان وسكانهما من الْجِنّ والأنس وَقيل ليسوي بَينهمَا فِي مزية الْفضل بمروره صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقيل لإِظْهَار شَعَائِر الْإِسْلَام فيهمَا وَقيل لإِظْهَار ذكر الله وإشاعته وَقيل تغيظا الْكَافرين وترهيبهم بِإِظْهَار شَوْكَة الْإِسْلَام ورفعة اعلام الدّين ولعزة أَهله وكثرتهم لمعات مُخْتَصرا قَوْله بَاب مَا جَاءَ فِي التقليس التقليس الضَّرْب بالدف والغناء واستقبال الْوُلَاة عِنْد قدومهم بأصناف اللَّهْو كَذَا فِي الْقَامُوس وَفِي الْعَيْنِيّ قَالَ الْقُرْطُبِيّ اما الْغناء فَلَا خلاف فِي تَحْرِيمه لِأَنَّهُ من اللَّهْو واللعب المذموم بالِاتِّفَاقِ فَأَما مَا يسلم من الْمُحرمَات فَيجوز الْقَلِيل مِنْهُ فِي الاعراس والاعياد وشبههما وَمذهب أبي حنيفَة تَحْرِيمه وَبِه يَقُول أهل الْعرَاق وَمذهب الشَّافِعِي كَرَاهَته وَهُوَ الْمَشْهُور من مَذْهَب مَالك وَاسْتدلَّ جمَاعَة من الصُّوفِيَّة بِحَدِيث الْبَاب وَمَا فِي البُخَارِيّ على إِبَاحَة الْغناء وسماعه بالة وَغير الة وَقَالَ بعض مشائخنا مُجَرّد الْغناء وَالِاسْتِمَاع اليه مَعْصِيّة حَتَّى قَالُوا اسْتِمَاع الْقُرْآن بالألحان مَعْصِيّة حَتَّى قَالُوا اسْتِمَاع الْقُرْآن بالألحان مَعْصِيّة التَّالِي وَالسَّامِع اثمان وَاسْتَدَلُّوا بقوله تَعَالَى وَمن النَّاس من يَشْتَرِي لَهو الحَدِيث جَاءَ فِي التَّفْسِير المُرَاد بِهِ الْغناء انْتهى وَفِي مجمع الْبحار قَالَ الطَّيِّبِيّ وَأما مَا أحدثه المتصوفة من السماع بالأبا فَلَا خلاف فِي تَحْرِيمه (إنْجَاح) قَوْله [1302] تقلسون قَالَ يُوسُف بن عدي أحد رُوَاة الحَدِيث التقليس ان تقف الْجَوَارِي وَالصبيان على أَفْوَاه الطَّرِيق يَلْعَبُونَ بالطبل وَغير ذَلِك رَوَاهُ الْخَطِيب وَابْن عَسَاكِر فِي تاريخهما وَفِي مُسْند أَحْمد عَن الشّعبِيّ قَالَ هُوَ اللّعب وَفِي تَارِيخ بن عَسَاكِر قَالَ زِيَاد بن أَيُّوب سُئِلَ هشيم عَن التقليس الضَّرْب بالدف قَالَ نعم (زجاجة) قَوْله [1304] والعنزة تحمل بِفَتَحَات وَهِي أقصر من الرمْح فِي طرفها زج وَاسْتشْكل بِمَا فِي البُخَارِيّ وَسَيَجِيءُ فِي هَذَا الْكتاب أَيْضا فِي بَاب لبس السِّلَاح فِي يَوْم الْعِيد من النَّهْي عَن حمل السِّلَاح يَوْم الْعِيد وَأجِيب بَان النَّهْي إِنَّمَا هُوَ عِنْد خوف التأذي بِهِ قَالَه الْقُسْطَلَانِيّ قَوْله فَإِذا بلغ الْمُصَلِّي هُوَ بِضَم الْمِيم مَوضِع بِالْمَدِينَةِ مَعْرُوف بَينه وَبَين بَاب الْمَسْجِد ألف ذِرَاع عَيْني قَوْله [1307] جِلْبَاب هُوَ بِكَسْر الْجِيم وَسُكُون اللَّام وبموحدتين بَينهمَا ألف ثوب أقصروا عرض من الْخمار أَو هُوَ المقنعة أَو ثوب وَاسع يُغطي صدرها وظهرها أَو هُوَ كالملحفة أَو هُوَ كالازار أَو الْخمار قسطلاني قَوْله

[1308] الْحيض بِضَم حاء وَتَشْديد يَاء جمع حَائِض الْأَمر بالاعتزال والاجتناب اما لِئَلَّا يلْزم الِاخْتِلَاف بَين النَّاس من صَلَاة بَعضهم وَترك صَلَاة بَعضهم اولئلا يَتَنَجَّس الْموضع أولئلا تؤذي ان حدث أَذَى مِنْهَا ثمَّ أعلم ان هَذَا كَانَ فِي ذَلِك الزَّمَان لَا مِنْهُنَّ عَن الْمفْسدَة بِخِلَاف الْيَوْم وَلِهَذَا صَحَّ عَن عَائِشَة م قَالَت لَو رأى رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أحدث النِّسَاء لمنعهن من الْمَسْجِد كَمَا منعت نسَاء بني إِسْرَائِيل فَإِذا كَانَ الْأَمر قد تغير فِي زمن عَائِشَة حَتَّى قَالَت هَذَا القَوْل فَمَاذَا يكون الْيَوْم الَّذِي عَم الْفساد فِيهِ ونشب الْمعاصِي فِي الصغار والكبار 12 عُمْدَة القاريء [1310] ثمَّ رخص الخ لَو اجْتمع العيدان فِي يَوْم وَاحِد لم يلْزم الا صَلَاة أَحدهمَا لما أخرجه أَبُو دَاوُد ان مُعَاوِيَة بن أبي سُفْيَان سَأَلَ زيد بن أَرقم قَالَ شهِدت مَعَ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَذكر الحَدِيث وَعند النَّسَائِيّ صلى الْعِيد أول النَّهَار ثمَّ رخص فِي الْجُمُعَة وَعند أبي دَاوُد عَن أبي هُرَيْرَة ان رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ اجْتمع فِي يومكم هَذَا عيدَان فَمن شَاءَ أَجزَأَهُ من الْجُمُعَة وَإِنَّا مجمعون وَثَبت عِنْد البُخَارِيّ من حَدِيث عَليّ وَأخرج النَّسَائِيّ عَن عَطاء بن أبي رَبَاح قَالَ اجْتمع عيدَان على عهد بن الزبير فَأخر الْخُرُوج حَتَّى تَعَالَى النَّهَار ثمَّ خرج فَخَطب فَأطَال الْخطْبَة ثمَّ نزل فصلى وَلم يصل النَّاس يَوْمئِذٍ الْجُمُعَة فَذكر ذَلِك لِابْنِ عَبَّاس فَقَالَ أصَاب السّنة أَي فِي ترك الْجُمُعَة لِأَن بن عَبَّاس نَهَاهُ عَن تَقْدِيم الْخطْبَة كَمَا ثَبت عِنْد البُخَارِيّ وَقيل الأولى الِاكْتِفَاء بِصَلَاة الْجُمُعَة لفرضيتها وَقيل بِصَلَاة الْعِيد لإِظْهَار شرفها وَيُؤَيِّدهُ مَا قدمْنَاهُ من الْأَحَادِيث وَاتِّبَاع السّنة أولى وَمن أَرَادَ تَفْصِيله فَعَلَيهِ لحاشية الدّرّ لاستاذنا الشَّيْخ عَابِد السندي (إنْجَاح) قَوْله [1313] فِي الْمَسْجِد أَي مَسْجِد الْمَدِينَة قَالَ بن الْملك يَعْنِي كَانَ النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي صَلَاة الْعِيد فِي الصَّحرَاء الا إِذا اصابهم مطر فَيصَلي فِي الْمَسْجِد والافضل ادائها فِي سَائِر الْبِلَاد وَفِي مَكَّة خلاف انْتهى وَالظَّاهِر ان الْمُعْتَمد فِي مَكَّة أَن يُصَلِّي فِي الْمَسْجِد الْحَرَام على مَا عَلَيْهِ الْعَمَل فِي هَذِه الْأَيَّام وَلم يعرف خلاف عَنهُ عَلَيْهِ السَّلَام وَلَا عَن أحد من السّلف الْكِرَام فَإِنَّهُ مَوْضُوع بِحكم قَوْله تَعَالَى ان أول بَيت وضع للنَّاس لعُمُوم عباداتهم من صَلَاة الْجَمَاعَة وَالْجُمُعَة والعيد وَالِاسْتِسْقَاء والجنازة والكسوف والخسوف وَهُوَ وَجه مَا قَالَ بعض علماءنا ان الصَّلَاة على الْمَيِّت غير مَكْرُوهَة فِي الْمَسْجِد الْحَرَام (مرقاة) قَوْله [1314] نهى عَن ان يلبس الخ لِأَن لبس السِّلَاح فِي المجامع والاعياد يُوجب اضرار الْمُسلمين وَيحْتَمل خُرُوج السِّلَاح من غمده فِي حَالَة الْغَضَب إِذا كَانَ بَينهم مناقشة فَهَذَا تَركه أولى (إنْجَاح) قَوْله [1316] وَيَوْم عَرَفَة قَالَ فِي الدّرّ وَسن غسل فِي عَرَفَة بعد الزَّوَال قَالَ فِي النَّهر وَلَا بُد فِي تَحْصِيل السّنة من كَون الِاغْتِسَال فِي الْجَبَل وَمثله فِي الْبَحْر قَالَ الرحمتي لم يظْهر وَجهه إِذْ الْمُتَعَيّن فِي السّنة وُقُوع الْغسْل دَاخل حُدُود عَرَفَة سَوَاء كَانَ فِي الْجَبَل أَو فِي السهل وَقَالَ بن أَمِير الْحَاج وَلَا أَظن أحدا أَنه قَالَ لليوم فَقَط بل الظَّاهِر أَنه للوقوف وَلذَا قيد ببعد الزَّوَال (إنْجَاح) قَوْله [1317] حِين التَّسْبِيح أَي وَقت صَلَاة السبحة وَهِي النَّافِلَة وَفِي الزجاجة الى حِين تصلي صَلَاة الضُّحَى وَقَالَ الْعَيْنِيّ وَذَلِكَ إِذا مضى وَقت الْكَرَاهَة وَفِي رِوَايَة صَحِيحَة للطبراني وَذَلِكَ حِين تسبح الضُّحَى قَوْله [1319] صَلَاة اللَّيْل مثنى مثنى وَفِي رِوَايَة صَلَاة اللَّيْل وَالنَّهَار كَمَا سَيَجِيءُ احْتج بِهِ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد وَمَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد أَن صَلَاة اللَّيْل مثنى مثنى وَهُوَ أَن يسلم فِي آخر كل رَكْعَتَيْنِ وَأما صَلَاة النَّهَار فأربع عِنْدهمَا وَعند أبي حنيفَة أَربع فِي اللَّيْل وَالنَّهَار وَعند الشَّافِعِي فيهمَا مثنى مثنى ذكر الْعَيْنِيّ مَعَ الدَّلَائِل لكل وَاحِد مِنْهُم قلت لَا كَلَام فِي الْجَوَاز لِأَن الاخبار وَردت على كلا النحوين وَإِنَّمَا الْكَلَام فِي أَن أَيهمَا أفضل فَكل قَالَ بِمَا ترجح عِنْده (فَخر) قَوْله

[1320] اوتر بِوَاحِدَة قَالَ بن الْهمام لَيْسَ فِي الحَدِيث دلَالَة على ان الْوتر وَاحِدَة بتحريمة مستأنفة فَيحْتَاج الى الِاشْتِغَال بجوابه إِذْ يحْتَمل كلا من ذَلِك وَمن كَونه إِذا خَافَ الصُّبْح صلى وَاحِدَة مُتَّصِلَة فانى يُقَاوم الصرائح الَّتِي ذَكرنَاهَا وَغَيرهَا كثيرا تَرَكْنَاهُ مَخَافَة الطول مَعَ ان أَكثر الصَّحَابَة عَلَيْهِ أَي على ان الْوتر ثَلَاث رَكْعَات بتحريمة انْتهى [1325] وَتشهد الخ قَالَ الْحَافِظ أَبُو الْفضل الْعِرَاقِيّ فِي شرح التِّرْمِذِيّ الْمَشْهُور فِي هَذِه الرِّوَايَة انها افعال مضارعة حذف مِنْهَا إِحْدَى التائين وَيدل عَلَيْهِ قَوْله فِي دواية أبي دَاوُد وان تشهد وَوَقع فِي بعض الرِّوَايَات بِالتَّنْوِينِ فِيهَا على الاسمية وَهُوَ تَصْحِيف من بعض الروَاة لما فِيهِ من الِابْتِدَاء بالنكرة الَّتِي لم تُوصَف وَأَيْضًا فَلَا يتَقَيَّد قَوْله وتباءس وَمَا بعده يكون ذَلِك فِي كل رَكْعَتَيْنِ وَلَا يكون الْكَلَام تَاما لعدم الْخَبَر الْمُفِيد الا ان يكون قَوْله تشهد بَيَانا لقَوْله مثنى مثنى وَيكون قَوْله وتباءس وَمَا بعده مَعْطُوفًا على خبر قَوْله الصَّلَاة أَي الصَّلَاة مثنى مثنى وتباءس وتمسكن وَقَالَ أَبُو مُوسَى الْمَدِينِيّ يجوز أَن يكون أمرا أَو خَبرا انْتهى فعلى الِاحْتِمَال الأول يكون تشهد وَمَا بعده خبر وَمَا على الْأَمر وَفِيه بعد قَوْله بعد ذَلِك وتقنع فَالظَّاهِر أَنه خبر انْتهى وَقَالَ فِي النِّهَايَة تباءس من البوس الخضوع والفقر وَيجوز أَن يكون أمرا أَو خَبرا وتمسكن أَي تذل وتخضع وَهُوَ تفعل من السّكُون وَالْقِيَاس ان يُقَال تسكن وَهُوَ الْأَكْثَر الافصح وَقد جَاءَ على الأول أحرف قَليلَة قَالُوا تمدرع وتمنطق وتمندل وتقنع يَديك أَي ترفعهما (زجاجة) قَوْله [1328] وسننت الخ فَإِن قلت كَيفَ يَسْتَقِيم قَوْله سننت لكم مَعَ أَنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا كَانَ ينْطق عَن الْهوى ان هُوَ الا وحى يُوحى فَكيف نسب الى ذَاته سنية الْقيام قلت لَيْسَ الْغَرَض مِنْهُ فعله من الرَّأْي بل لما علم بِالْوَحْي شرف قيام رَمَضَان فعل ذَلِك لتستنوا بسنته فَإِن فَضِيلَة الشَّيْء لَا يعرف الا بِالْوَحْي ثمَّ التَّحْقِيق ان اجْتِهَاده صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد يكون بِلَا نزُول وَحي من جِهَة الرَّأْي كَمَا فِي اسارى بدر وَغَيرهَا وَالِاجْتِهَاد يحْتَمل الخطاء وَالصَّوَاب وَلَكِن فِي غير النَّبِي الثَّبَات على الخطاء جَائِز وخطاه عَفْو بل يُثَاب عَلَيْهِ وَفِي حقة صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَمْنُوع لِأَنَّهُ لَو كَانَ كَذَلِك أَي ثَبت على الخطاء لارتفع الْأمان عَن الشَّرْع لِأَنَّهُ مصدر الْوَحْي وَالتَّحْقِيق فِي كتب الْأُصُول (إنْجَاح) قَوْله [1330] بَال فِي اذنيه لِاسْتِحَالَة ان يكون حَقِيقَة لِأَنَّهُ ثَبت أَنه يَأْكُل وَيشْرب وينكح وَقَالَ الطَّحَاوِيّ هُوَ اسْتِعَارَة عَن تحكمه فِيهِ وانقياده لَهُ وَخص الْإِذْن دون الْعين فَإِن المسامع هِيَ موارد الانتباه وَخص الْبَوْل من الاخبثين لِأَنَّهُ أسهل مدخلًا فِي التجاويف كرماني قَوْله [1332] قَالَت أم سُلَيْمَان الخ هَذَا الحَدِيث أوردهُ بن الْجَوْزِيّ فِي الموضوعات وَأعله بِيُوسُف بن مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر فَإِنَّهُ مَتْرُوك قَالَ فِيهِ أَبُو زرْعَة أَنه صَالح الحَدِيث وَقَالَ بن عدي ارجو انه لَا بَأْس بِهِ (زجاجة) قَوْله [1333] حسن وَجهه الخ هَذَا الحَدِيث مدرج عده شَارِح النخبة من الْقسم الرَّابِع فِي المدرج وَهُوَ أَن يَسُوق الْإِسْنَاد فَيعرض لَهُ عَارض فَيَقُول كلَاما من قبل نَفسه فيظن بعض من سَمعه ان ذَلِك الْكَلَام هُوَ متن ذَلِك الْإِسْنَاد فيرويه عَنهُ كَذَلِك قَالَ صَاحب امعان النّظر مِثَاله حَدِيث روى بن ماجة عَن إِسْمَاعِيل بن مُحَمَّد الطلح عَن ثَابت بن مُوسَى الزَّاهِد عَن شريك الحَدِيث قَالَ الْحَاكِم دخل ثَابت بن مُوسَى على شريك بن عبد الله القَاضِي وَالْمُسْتَمْلِي بَين يَدَيْهِ وَشريك يَقُول حَدثنَا الْأَعْمَش عَن أبي سُفْيَان عَن جَابر رض قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلم يذكر الْمَتْن فَلَمَّا نظر الى ثَابت بن مُوسَى قَالَ من كثرت صلَاته بِاللَّيْلِ حسن وَجهه بِالنَّهَارِ وَإِنَّمَا أَرَادَ ثَابتا لزهده وورعه فطن ثَابت انه روى هَذَا الحَدِيث مَرْفُوعا بِهَذَا الْإِسْنَاد فَكَانَ ثَابت يحدث بِأَنَّهُ عَن شريك عَن الْأَعْمَش الخ لَكِن قَالَ بن حبَان هَذَا قَول شريك قَالَ عقيب حَدِيث الْأَعْمَش عَن أبي جَابر يعْقد الشَّيْطَان على قافية رَأس أحدكُم فادرجه ثَابت ذَا الْخَبَر ثمَّ سَرقه مِنْهُ جمَاعَة ضعفاء لرد حد ثَوَابه عَن شريك وَقَالَ الْعِرَاقِيّ فِي الألفية فِي بحث الْمَوْضُوع وَمِنْه نوع وَضعه لم يقْصد نَحْو حَدِيث ثَابت من كَثْرَة صَوته وَهَذَا مَا اختصرت من بعض حَوَاشِي شرح نخبة الْفِكر من أَرَادَ التَّفْصِيل فَعَلَيهِ بحواشيه (إنْجَاح) قَوْله حسن وَجهه الخ قَالَ الْعقيلِيّ هَذَا الحَدِيث بَاطِل لَيْسَ لَهُ أصل وَلَا يُتَابع ثَابتا عَلَيْهِ ثِقَة وَأوردهُ بن الْجَوْزِيّ فِي الموضوعات وَقَالَ هَذَا الحَدِيث لَا يعرف الا لِثَابِت وَهُوَ رجل صَالح وَكَانَ دخل على شريك الى آخر الْقِصَّة وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن كَامِل أبي الاصبغ قَالَ قلت لمُحَمد بن عبد الله بن نمير مَا تَقول فِي ثَابت بن مُوسَى قَالَ شيخ لَهُ فضل واسلام وَدين وَصَلَاح وَعبادَة قلت مَا تَقول فِي هَذَا الحَدِيث قَالَ غلط من الشَّيْخ وَأما غير ذَلِك فَلَا يتَوَهَّم عَلَيْهِ وَقد تواردت أَقْوَال الْأَئِمَّة على ان هَذَا الحَدِيث من الْمَوْضُوع على سَبِيل الْغَلَط لَا التعمد (زجاجة) قَوْله

[1334] انجفل أَي أَسْرعُوا الذّهاب اليه قَالَ فِي الدّرّ النثير أَي ذَهَبُوا مُسْرِعين (إنْجَاح) [1337] نزل بحزن أَي بِسَبَب حزن وأجله بِحَيْثُ يخَاف الْإِنْسَان مواعيده ينظر مَا هُوَ كَائِن وكل كتاب الله نَذِير قَالَ الله تَعَالَى وَهَذَا كتاب انزلناه مُبَارَكًا مُصدق الَّذِي بَين يَدَيْهِ ولتنذر أم الْقرى وَمن حولهَا الْآيَة وَهَذَا لَا يُخَالف الْبشَارَة للْمُؤْمِنين فَإِن الْعلَّة الغائبة فِي إرْسَال الرُّسُل الى الْكفَّار التنذير ليؤمنوا بِهِ والبشارة متفرعة على الْإِيمَان فالتقدم الذاتي التنذير وَالْمُؤمن وَاحِد من ألف فَلِذَا غَلبه على الْبشَارَة وَالله أعلم (إنْجَاح) قَوْله فَمن لم يَتَغَنَّ بِهِ قَالَ فِي النِّهَايَة أَي من لم يسْتَغْن بِهِ عَن غَيره من تَغَنَّيْت وَتَغَانَيْت واستغنيت وَقيل أَرَادَ من لم يجْهر بِالْقِرَاءَةِ وَيشْهد لَهُ الحَدِيث الاخر زَينُوا الْقُرْآن بِأَصْوَاتِكُمْ وكل من رفع صَوته ووالاه فصوته عِنْد الْعَرَب غناء قَالَ بن الْأَعرَابِي كَانَت الْعَرَب تتغنى بالركباني إِذا ركبت وَإِذا جَلَست فِي الافنية وعَلى أَكثر أحوالها فَلَمَّا نزل الْقُرْآن أحب النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ان يكون هجيراهم بِالْقُرْآنِ مَكَان التَّغَنِّي بالركباني (زجاجة) قَوْله فَمن لم يَتَغَنَّ بِهِ قَالَ الطَّيِّبِيّ يحْتَمل كَونه بِمَعْنى التَّغَنِّي وَبِمَعْنى الِاسْتِغْنَاء لما لم يكن مُبينًا بالسابق واللاحق وَرجح الِاسْتِغْنَاء بِأَن فَلَيْسَ منا أَي من أهل سنتنا وَعِيد وَلَا خلاف ان قاريه من غير تَحْسِين صَوته يُثَاب فَكيف يسْتَحق الْوَعيد وَأَقُول يُمكن كَون مَعْنَاهُ لَيْسَ منا معشر الْأَنْبِيَاء مِمَّن يحسن صَوته وَيسمع الله مِنْهُ بل يكون من جملَة من هُوَ نَازل عَن مرتبتهم كَذَا فِي الْمجمع قَوْله [1338] هَذَا سَالم الخ وَسَالم هَذَا من أفضل الصَّحَابَة وقرائهم وَإِنَّمَا هُوَ مولى امْرَأَة من قُرَيْش وَنسب الى أبي حُذَيْفَة لِأَنَّهُ تبناه وَفِيه جَوَاز اسْتِمَاع المراة قِرَاءَة الرجل الصَّالح (إنْجَاح) قَوْله [1339] حسبتموه يخْشَى الله كَانَ هَذَا مَأْخُوذ من قَوْله لَو خشع قلب هَذَا لخشعت جوارحه أخرجه الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِين رأى رجلا يعبث فِي الصَّلَاة وَقد قيل كل اناء يترشح بِمَا فِيهِ وَفِيه جَوَاز الِاسْتِدْلَال بِظَاهِر الْحَال على مريرة البال وَالله أعلم (إنْجَاح) قَوْله [1340] لله أَشد اذنا الخ أَي مستمعا من اذن يَأْذَن اذنا بِالتَّحْرِيكِ اسْتمع أَي أَشد مُقبلا بالرأفة وَالرَّحْمَة والقنية الْمَرْأَة الْمُغنيَة (إنْجَاح) قَوْله [1342] زَينُوا الْقُرْآن بِأَصْوَاتِكُمْ قيل هُوَ قلب أَي زَينُوا أَصْوَاتكُم بِالْقُرْآنِ بِمَعْنى الهجوا بقرَاءَته وتزينوا بِهِ وَلَيْسَ ذَلِك على تطريب القَوْل والتحزين كَقَوْلِه من لم يَتَغَنَّ بِالْقُرْآنِ أَي يلهج بتلاوته كَمَا يلهج سَائِر النَّاس بِالْغنَاءِ والطرب وَقيل لَا قلب بل مَعْنَاهُ الْحَث على ترتيل أَمر بِهِ فَكَانَ الزِّينَة للمرتل لَا لِلْقُرْآنِ كَمَا يُقَال ويل للشعر من رُوَاته السوء فَهُوَ رَاجع الى الرَّاوِي لَا الشّعْر فَكَأَنَّهُ تَنْبِيه للمقصر فِي الرِّوَايَة على اللّحن والتصحيف وَسُوء الْأَدَاء وحث لغيره على التوقي مِنْهُ فَكَذَا هَذَا يدل على مَا يزين من الترتيل والتدبر ومراعاة الاعراب وَقيل أَرَادَ بِالْقُرْآنِ الْقِرَاءَة أَي زَينُوا قراءتكم الْقُرْآن بِأَصْوَاتِكُمْ وَيشْهد لَهُ وان لَا قلب فِيهِ حَدِيث لكل شَيْء حلية وَحلية الْقُرْآن حسن الصَّوْت انْتهى كَذَا فِي الزجاجة قَوْله [1345] فنزلوا الاحلاف الخ أَي نزل أَصْحَاب رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الاحلاف وهم قوم من ثَقِيف كَذَا فِي الْقَامُوس وَإِنَّمَا نزلوهم على الْمُغيرَة لِأَن الْمُغيرَة هُوَ بن شُعْبَة بن أبي عَامر بن مَسْعُود بن معقب الثَّقَفِيّ كَذَا فِي التَّقْرِيب فَكَانَ نزولهم عَلَيْهِ بِهَذِهِ الْمُنَاسبَة (إنْجَاح) قَوْله حَتَّى يراوح الخ أَي يعْتَمد على أحداهما مرّة وعَلى الْأُخْرَى أُخْرَى ليوصل الرَّاحَة الى كل مِنْهُمَا مِصْبَاح الزجاجة قَوْله قَالُوا ثَلَاث وَخمْس الخ أَي ثَلَاث سور فِي الحزب الأول وَهِي الْبَقَرَة وَآل عمرَان وَالنِّسَاء وَخمْس سور فِي الحزب الثَّانِي وَهِي الْمَائِدَة والانعام والاعراف والانفال والبراءة وَسبع سور فِي الحزب الثَّالِث وَهِي يُونُس وَهود ويوسف ورعد وَإِبْرَاهِيم وَالْحجر والنحل وتسع فِي الرَّابِع وَهِي بني إِسْرَائِيل والكهف وَمَرْيَم وطه والأنبياء وَالْحج والمؤمنون والنور وَالْفرْقَان وَإِحْدَى عشرَة فِي الْخَامِس وَهِي الشُّعَرَاء والنمل والقصص وَالْعَنْكَبُوت وَالروم ولقمان والسجدة والاحزاب وسبأ والفاطر وَيس وَثَلَاث عشرَة فِي السَّادِس وَهِي الصافات وَالصَّاد وَالزمر والحواميم السَّبع وَمُحَمّد وَالْفَتْح والحجرات وحزب الْمفصل وَهُوَ السَّابِع من سُورَة قَاف الى سُورَة النَّاس آخر الْقُرْآن وَهِي المنالز السَّبع الْمَشْهُورَة بفمي بشوق (إنْجَاح) قَوْله

[1346] استمتع من قوتي الخ أَي انْتفع فِي زمن قوتي وشبابي فَإِن الشَّيْخ الْكَبِير يكْتب لَهُ مَا كَانَ يعْمل فِي حَال اجْتِهَاده وقوته وَلما علم صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انه لَا يُطيق ذَلِك بل يقتر ويكسل أَحْيَانًا مَنعه عَن ذَلِك م وَلِأَن الْغَرَض من الْقِرَاءَة الترتيل وتدبر الْمعَانِي كَمَا قَالَ جلّ ذكره ورتل الْقُرْآن ترتيلا وَذَا لَا يحصل بِقِرَاءَة الْقُرْآن فِي لَيْلَة وَاحِدَة كَمَا هُوَ مشَاهد فِي زَمَاننَا فَكَانَ الإكتفاء على رِعَايَة الْحَال أولى 12 إنْجَاح فاقرأه فِي سبع وَفِي البُخَارِيّ وَلَا تزد على ذَلِك قَالَ الْقُسْطَلَانِيّ وَغَيره لَيْسَ النَّهْي للتَّحْرِيم كَمَا ان الْأَمر فِي جَمِيع مَا مر فِي الحَدِيث لَيْسَ للْوُجُوب خلافًا لبَعض الظَّاهِرِيَّة حَيْثُ قَالَ بِحرْمَة قِرَاءَته فِي أقل من ثَلَاث قَالَ النَّوَوِيّ وَأكْثر الْعلمَاء على أَنه لَا تَقْدِير فِي ذَلِك وَإِنَّمَا بِحَسب النشاط وَالْقُوَّة فعلى هَذَا يخْتَلف باخْتلَاف الْأَحْوَال والاشخاص فَمن كَانَ من أهل الْفَهم وتدقيق الْفِكر اسْتحبَّ لَهُ ان يقْتَصر على الْقدر الَّذِي لَا يخل بِهِ الْمَقْصُود من التدبر واستخراج الْمعَانِي وَكَذَا من كَانَ لَهُ شغل بِالْعلمِ أَو غَيره من مهمات الدّين ومصالح الْمُسلمين يسْتَحبّ لَهُ ان يقْتَصر على الْقدر الَّذِي لَا يخل بِمَا هُوَ فِيهِ وَمن لم يكن كَذَلِك فَالْأولى لَهُ الاستكثار مَا أمكنه من غير خُرُوج الى الملال هَذَا كُله من الْفَتْح وَفِي الإتقان قَالَ أَبُو اللَّيْث فِي الْبُسْتَان يَنْبَغِي للقاري ان يخْتم فِي السّنة مرَّتَيْنِ ان لم يقدر على الزِّيَادَة وَقد روى الْحسن بن زِيَاد عَن أبي حنيفَة انه قَالَ من قَرَأَ الْقُرْآن فِي كل سنة مرَّتَيْنِ فقدأدى حَقه لِأَن النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرَأَ على جِبْرَائِيل عَلَيْهِ السَّلَام فِي السّنة الَّتِي قبض فِيهَا مرَّتَيْنِ وَقَالَ غَيره وَيكرهُ تَأْخِير خَتمه أَكثر من أَرْبَعِينَ يَوْمًا نَص عَلَيْهِ أَحْمد انْتهى قَوْله [1347] لم يفقه الخ قَالَ الطَّيِّبِيّ أَي لم يفهم ظَاهر مَعَانِيه وَأما فهم دقائقه فَلَا يَفِي بِهِ الاعمار وَالْمرَاد نفي الْفَهم لَا نفي الثَّوَاب وَقَالَ الشَّيْخ ظَاهره الْمَنْع من ختم الْقُرْآن فِي أقل من هَذِه الْمدَّة وَلَكنهُمْ قَالُوا قد اخْتلفت عادات السّلف فِي مُدَّة الْخَتْم فَمنهمْ من كَانَ يخْتم فِي كل شَهْرَيْن ختمة وَآخَرُونَ فِي كل شهر وَفِي كل عشر وَفِي اسبوع الى أَربع وكثيرون فِي ثَلَاث وكثيرون فِي يَوْم وَلَيْلَة وَجَمَاعَة ثَلَاث ختمات فِي يَوْم وَلَيْلَة وَختم بعض ثَمَانِي ختمات فِي يَوْم وَلَيْلَة وَالْمُخْتَار أَنه يكره التَّأْخِير فِي الختمة أَكثر من أَرْبَعِينَ يَوْمًا وَكَذَا التَّعْجِيل من ثَلَاثَة أَيَّام وَالْأولَى أَن يخْتم فِي الاسبوع وَالْحق أَن ذَلِك يخْتَلف باخْتلَاف الْأَشْخَاص انْتهى قَوْله [1350] ان تُعَذبهُمْ الخ هَذِه الْآيَة من قَول عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام فِي حق قومه وَكَأَنَّهُ عرض رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَال أمته على الله سُبْحَانَهُ واستغفر لَهُم لمعات قَوْله [1354] رُبمَا جهر الخ فَيجوز كل من الامرين وَاخْتلفُوا فِي الْأَفْضَل خَارج الصَّلَاة وَرجح كلا الطَّائِفَة والمختاران مَا كَانَ اوفر فِي الْخُشُوع وَأبْعد عَن الرِّيَاء فَهُوَ أفضل قَوْله

[1355] إِذا تهجد من اللَّيْل فِي الْقَامُوس الهجود النّوم كالتهجد وهجدوته جد اسْتَيْقَظَ ضِدّه غلب فِي الصَّلَاة بِاللَّيْلِ وَقيل التَّهَجُّد بِمَعْنى ترك الهجود والتجنب عَنهُ كالتاثم بِمَعْنى التجنب عَن الْإِثْم وَقَوله أَنْت نور السَّمَاوَات وَالْأَرْض قَالَ الطَّيِّبِيّ أَي منورهما يَعْنِي كل شَيْء استنار مِنْهَا واستضاء فبقدرتك ووجودك والاجرام النيرة بَدَائِع فطرتك والحواس وَالْعقل خلقك وعطيتك وَقَالَ الشَّيْخ أَي منورهما وهادي أهلهما وَقيل أَنْت المنزه عَن كل عيب يُقَال فلَان منور أَي مبرأ من كل عيب وَقيل هُوَ اسْم مدح يُقَال فلَان نور الْبَلَد أَي مزينه كَذَا فِي بعض الشُّرُوح وَعند أهل التَّحْقِيق هُوَ مَحْمُول على ظَاهره والنور عِنْدهم هُوَ الظَّاهِر بِنَفسِهِ والمظهر لغيره وَقَوله أَنْت قيام الخ الْقيام والقيم والقيوم بِمَعْنى الدَّائِم الْقَائِم بتدبير الْخلق الْمُعْطِي لَهُم مَا بِهِ قوامهم أَو الْقَائِم بِنَفسِهِ الْمُقِيم لغيره وروى بالألفاظ الثَّلَاثَة وَقَوله وَمن فِيهِنَّ التَّخْصِيص بالعقلاء لشرفهم وللاهتمام بِذكر قيوميته لَهُم لِأَن وجود الْعقل رُبمَا يُوهم بقيامهم بِأَنْفسِهِم وتدبيرهم لَهُم وَقَوله أَنْت الْحق أَي الْمُحَقق الْمَوْجُود الثَّابِت بِلَا توهم عدم وَقَوله وَوَعدك الْحق الْحصْر للْمُبَالَغَة وَهَذِه النُّكْتَة تجْرِي فِي قَوْله وقولك حق لَكِن وعده سُبْحَانَهُ لما تضمن أُمُور عَجِيبَة لَا تتناهى من نعيم الْجنَّة ورؤية وَجهه الْكَرِيم خص الْمُبَالغَة بِهِ وَقَوله ولقاؤك حق أَي المصيرة الى الْآخِرَة وَقيل رؤيتك وَقد يُرَاد بِهِ الْمَوْت لكَونه وَسِيلَة الى اللِّقَاء وَقَوله أسلمت أَي خضعت واستسلمت وَإِلَيْك انبت أَي رجعت فِي جَمِيع اموري فِي الظَّاهِر وَالْبَاطِن وَالتَّوْبَة والانابة كِلَاهُمَا بِمَعْنى الرُّجُوع ومقام الانابة أَعلَى وَأَرْفَع وَقَوله وَبِك خَاصَمت أَي بحجتك وقوتك ونصرتك خَاصَمت الْأَعْدَاء وَقَوله إِلَيْك حاكمت أَي رفعت أَمْرِي إِلَيْك فَلَا حكم الا لَك والمحاكمة رفع الْأَمر الى القَاضِي وَقَوله وَلَا إِلَه غَيْرك تَأْكِيد وتصريح بِنَفْي الوهية الْغَيْر بَعْدَمَا علم من حصر الالوهية فِيهِ سُبْحَانَهُ لمعات [1359] ثَلَاث عشرَة رَكْعَة ورد فِي هَذَا الْبَاب رِوَايَات مُخْتَلفَة قَالَ الْقُسْطَلَانِيّ أَي تَارَة سبع رَكْعَات وَتارَة تسع رَكْعَات وَتارَة إِحْدَى عشرَة رَكْعَة بِحَسب اتساع الْوَقْت وتضييقة أَو عذر من مرض وَغَيره أَو كبر سنّ قَوْله [1361] مِنْهَا ثَمَان الخ أَي للتهجد سور الْوتر ويوتر بِثَلَاث وَرَكْعَتَيْنِ بعد الْفجْر هما سنة الْفجْر (إنْجَاح) قَوْله [1362] عتبته الخ العتبة محركة اسكفة الْبَاب والعليا مِنْهَا والفسطاط الخباء وَنَحْوهَا كَذَا فِي الْقَامُوس (إنْجَاح) قَوْله خفيفتين لعلهما رَكعَتَا الْوضُوء وَيسْتَحب فِيهَا التَّخْفِيف لوُرُود الاخبار بِهِ فعلا وقولا لمعات قَوْله [1363] فَوضع الخ قَالَ فِي شرح السّنة فِي الحَدِيث فَوَائِد مِنْهَا جَوَاز الصَّلَاة نَافِلَة بِالْجَمَاعَة وَمِنْهَا جَوَاز الْعَمَل الْيَسِير فِي الصَّلَاة وَفِي الْهِدَايَة وان صلى خَلفه أَو يسَاره جَازَ وَهُوَ مسيئ وَأورد عَلَيْهِ كَيفَ النَّفْل بِجَمَاعَة وَهُوَ بِدعَة أُجِيب بِأَنَّهُ إِذا كَانَ بِلَا اذان وَإِقَامَة بِوَاحِد أَو اثْنَيْنِ يجوز على انا نقُول كَانَ التَّهَجُّد عَلَيْهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فرضا فَهُوَ اقْتِدَاء المتنفل بالمفترض (مرقاة) قَوْله [1364] اللَّيْل الْأَوْسَط بَيَان للجوف وَهُوَ بِعَيْنِه جَوف اللَّيْل وَهَذَا لَا يُنَافِي الحَدِيث الَّاتِي بنزول الرب تبَارك وَتَعَالَى حِين يبْقى ثلث اللَّيْل الاخر لَان الْجوف يُطلق على مَا بَين المبتداء والمنتهى فوسط اللَّيْل النّصْف الْأَوْسَط مثلا وَالثلث الاخر أفضل سَاعَات تِلْكَ الْجوف فَإِن بعض سَاعَة أفضل من بعض وَذَلِكَ حِين النُّزُول (إنْجَاح) قَوْله [1366] ينزل رَبنَا النُّزُول والصعود والحركات من صِفَات الْأَجْسَام وَالله تَعَالَى متعال عَنهُ وَالْمرَاد نزُول الرَّحْمَة وقربه تَعَالَى من الْعباد بانزال الرَّحْمَة وافاضة الْأَنْوَار وَإجَابَة الدَّعْوَات واعطاء الْمسَائِل ومغفرة الذُّنُوب وَعند أهل التَّحْقِيق النُّزُول صفة الرب تَعَالَى وتقدس يتجلى بهَا فِي هَذَا الْوَقْت يُؤمن بهَا ويكف عَن التَّكَلُّم بكيفيتها كَمَا هُوَ حكم سَائِر الصِّفَات المتشابهات مِمَّا ورد فِي الشَّرْع كالسمع وَالْبَصَر وَالْيَد والاستواء وَنَحْوهَا وَهَذَا هُوَ مَذْهَب السّلف وَهُوَ أسلم والتأويل طَريقَة الْمُتَأَخِّرين وَهُوَ أحكم وَبِالْجُمْلَةِ هُوَ وَقت جعله الله تَعَالَى مَحل ظُهُور الاسرار وهبوط الْأَنْوَار كَمَا يجده أهل الذَّوْق والعرفان لمعات قَوْله ينزل رَبنَا الخ قَالَ النَّوَوِيّ فِيهِ مذهبان مشهوران للْعُلَمَاء ومختصرهما ان أَحدهمَا وَهُوَ مَذْهَب جُمْهُور السّلف وَبَعض الْمُتَكَلِّمين انه يُؤمن بِأَنَّهَا حق على مَا يَلِيق بِاللَّه تَعَالَى وان ظَاهرهَا الْمُتَعَارف فِي حَقنا غير مُرَاد وَلَا يتَكَلَّم فِي تَأْوِيلهَا مَعَ اعْتِقَاد تَنْزِيه الله تَعَالَى عَن صِفَات الْمَخْلُوق وَعَن الِانْتِقَال والحركات وَسَائِر سمات الْخلق وَالثَّانِي مَذْهَب أَكثر الْمُتَكَلِّمين وجماعات من السّلف وَهُوَ محكي هُنَا عَن مَالك وَالْأَوْزَاعِيّ انها تتَنَاوَل على مَا يَلِيق بهَا بِحَسب مواطنها فعلى هَذَا تأولوا هَذَا الحَدِيث تأويلين أَحدهمَا تَأْوِيل مَالك بن أنس وَغَيره مَعْنَاهُ تنزل رَحمته وَأمره أَو مَلَائكَته كَمَا يُقَال فعل السُّلْطَان كَذَا إِذا فعله اتِّبَاعه بأَمْره وَالثَّانِي أَنه على الِاسْتِعَارَة وَمَعْنَاهُ الإقبال على الداعين بالإجابة واللطف وَالله أعلم قَوْله حِين يبْقى ثلث اللَّيْل الاخر وَفِي رِوَايَة لمُسلم حِين يمْضِي ثلث اللَّيْل الأول وَفِي الرِّوَايَة الثَّانِيَة فِي بن ماجة إِذا ذهب من اللَّيْل نصفه أَو ثُلُثَاهُ قَالَ القَاضِي عِيَاض الصَّحِيح رِوَايَة حِين يبْقى ثلث اللَّيْل الْآخِرَة كَذَا قَالَه شُيُوخ الحَدِيث وَهُوَ الَّذِي تظاهرت عَلَيْهِ الاخبار بِلَفْظِهِ وَمَعْنَاهُ قَالَ وَيحْتَمل ان يكون النُّزُول بِالْمَعْنَى المُرَاد بعد الثُّلُث الأول وَقَول من يسألني بعد الثُّلُث الْأَخير هَذَا كَلَام القَاضِي قلت وَيحْتَمل ان يكون النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أعلم بِأحد الْأَمريْنِ فِي وَقت فَأخْبر بِهِ ثمَّ أعلم بالاخر فِي وَقت اخر فَاعْلَم وَسمع أَبُو هُرَيْرَة الْخَبَرَيْنِ فنقلهما جَمِيعًا وَسمع أَبُو سعيد الْخُدْرِيّ خبر الثُّلُث الأول فَقَط فَأخْبر بِهِ مَعَ أبي هُرَيْرَة كَمَا ذكره مُسلم فِي الرِّوَايَة الْأَخِيرَة وَهَذَا ظَاهر وَفِيه رد لما أَشَارَ اليه القَاضِي من تَضْعِيف رِوَايَة الثُّلُث الأول وَكَيف يضعفها وَقد رَوَاهُ مُسلم فِي صَحِيحه بِإِسْنَاد وَلَا مطْعن فِيهِ عَن صحابيين أبي سعيد وَأبي هُرَيْرَة (نووي) قَوْله [1367] ان الله يُمْهل أَي يُمْهل النائمين والشاغلين لكَي يستريحوا من تَعب النَّهَار كَأَنَّهُ أَشَارَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الى أَن أول اللَّيْل صَالح للتجلي وَالنُّزُول وَلكنه تَعَالَى يمهلهم فِي ذَلِك الْوَقْت لهَذَا الْمَعْنى (إنْجَاح) قَوْله

[1370] فيسب نَفسه أَي إِذا دَعَا لنَفسِهِ فَهُوَ لَا يعقل يَدْعُو على نَفسه كَذَا فِي اللمعات وَقَالَ بن الْملك أَي يقْصد أَن يسْتَغْفر لنَفسِهِ بِأَن يَقُول اللَّهُمَّ اغْفِر مثلا فيسب نَفسه بَان يَقُول اللَّهُمَّ اعفر والعفر التُّرَاب فَيكون دُعَاء عَلَيْهِ بالذل والهوان [1371] فليقعد أَي عَن الْقيام بِالْعبَادَة الْحَاصِل أَن سالك طَرِيق الْآخِرَة يَنْبَغِي أَن يجْتَهد فِي الْعِبَادَة من الصَّلَاة وَغَيرهَا بِقدر الطَّاقَة ويختار سَبِيل الاقتصاد فِي الطَّاعَة ويحترز عَن السلوك على وَجه السامة والملالة فَإِن الله لَا يَنْبَغِي أَن يُنَاجِي عَن ملالة وكسالة وَإِذا فتر وَضعف وَقعد عَن الْقيام واشتغل بِنَوْع من الْمُبَاحَات من الْكَلَام والمنام على قصد حُصُول النشاط فِي الْعِبَادَة فَإِنَّهُ يعد طَاعَة وَإِن كَانَ من الْعَادة وَلذَا قيل نوم الْعَالم عبَادَة (مرقاة) قَوْله [1372] فاستعجم فِي الْقَامُوس استعجم الْقُرْآن أَو الْقِرَاءَة لم يقدر عَلَيْهَا الْغَلَبَة النعاس (إنْجَاح) قَوْله [1374] من صلى الخ ضعف التِّرْمِذِيّ هَذَا الحَدِيث من جِهَة عمر بن أبي خثعم قَالَ ميرك نَاقِلا عَن التَّصْحِيح وَالْعجب من مُحي السّنة كَيفَ سكت عَلَيْهِ وَهُوَ ضَعِيف بِإِجْمَاع أهل الحَدِيث قلت يُنَافِيهِ مَا رَوَاهُ بن خُزَيْمَة فِي صَحِيحه مَعَ أَنهم اجْمَعُوا على جَوَاز الْعَمَل بِالْحَدِيثِ الضَّعِيف فِي فَضَائِل الْأَعْمَال قَالَ ميرك وَعَن مُحَمَّد بن عمار بن يَاسر يُصَلِّي بعد الْمغرب سِتّ رَكْعَات وَقَالَ رَأَيْت حَبِيبِي الرَّسُول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلى بعد الْمغرب سِتّ رَكْعَات وَقَالَ من صلى بعد الْمغرب سِتّ رَكْعَات غفر لَهُ ذنُوبه وان كَانَت مثل زبد الْبَحْر حَدِيث غَرِيب رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الثَّلَاثَة (مرقاة) قَوْله [1377] لَا تَتَّخِذُوا الخ أَي لَا تجعلوها كالقبور فَلَا تصلوها فِيهَا كالميت لَا يُصَلِّي فِي قَبره وَأَيْضًا من لَا يذكر الله كالميت وبيته كالقبر لَهُ وَقيل لَا تجعلوها كمقابر لَا يجوز فِيهَا الصَّلَاة وَالْأول أوجه إِذا الْمُنَاسب على الثَّانِي الْمَقَابِر لَا الْقُبُور وَكَذَا فِي الْمجمع هَذَا يدل على أَفضَلِيَّة النَّوَافِل فِي الْبَيْت مُطلقًا قَالَه الْقُسْطَلَانِيّ وَفِي حَاشِيَة الْهِدَايَة من جَامع الصَّغِير أَن صلى الْمغرب فِي الْمَسْجِد صلى السّنة فِيهِ وان خَافَ الشّغل بعد الرُّجُوع الى الْبَيْت وان لم يخف ذَلِك فَالْأَفْضَل أَن يكون فِي الْبَيْت انْتهى وَمَا ورد عَنهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انه كَانَ يُطِيل الْقِرَاءَة فِي الرَّكْعَتَيْنِ بعد الْمغرب حَتَّى يتفرق أهل الْمَسْجِد رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَيحمل على بَيَان الْجَوَاز لمعات قَوْله [1379] غير أم هَانِئ أَي بنت أبي طَالب وَاسْمهَا فاخته قَالَ بن بطال لَا حجَّة فِي هَذَا القَوْل وَيرد عَلَيْهِ مَا روى عَنهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلى الضُّحَى وَأمر بصلاتها من طرق صَحِيحَة هَذَا مَا ذكره الْعَيْنِيّ وَأورد خَمْسَة وَعشْرين طَرِيقا فِي ثُبُوته قَوْله [1381] نعم أَرْبعا أَي لَا ينقص عَن أَربع وَفِي الاحياء انه يَنْبَغِي ان يقْرَأ فِيهَا وَالشَّمْس وَاللَّيْل وَالضُّحَى والانشراح وروى عَن عَائِشَة فِي هَذَا الْبَاب أَحَادِيث مُخْتَلفَة فِي التِّرْمِذِيّ عَن عبد الله بن شَقِيق قَالَ قلت لعَائِشَة أَكَانَ النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي الضُّحَى قَالَت لَا الا ان يَجِيء من مغيبة أَي سَفَره فمرادها من النَّفْي عدم المداومة كَمَا حكى النَّوَوِيّ فِي الْخُلَاصَة عَن الْعلمَاء ان معنى قَول عَائِشَة مَا رَأَيْته يسبح سبْحَة الضُّحَى أَي لم يداوم عَلَيْهَا وَكَانَ يُصليهَا فِي بعض الْأَوْقَات فَتَركهَا خشيَة أَن يفْرض وَبِهَذَا يجمع بَين الْأَحَادِيث وَكَذَا أَقُول بن عمر أَنَّهَا محدثة وَأَنَّهَا لمن أحسن مَا أَحْدَثُوا أجَاب القَاضِي عَنهُ أَنَّهَا بِدعَة أَي ملازمتها مرقاة وعيني مُخْتَصرا قَوْله [1383] اني استخيرك الخ أَي اطلب مِنْك بَيَان مَا هُوَ خير لي بعلمك الْبَاء فِيهِ وَفِي قَوْله بقدرتك للتَّعْلِيل أَي بانك اعْلَم واقدر قَوْله واستقدرك أَي اطلب مِنْك ان تجْعَل لي قدرَة عَلَيْهِ وَأَسْأَلك من فضلك الْعَظِيم إِذْ كل عطاءك فضل لَيْسَ لأحد عَلَيْك حق فِي نعْمَة وَأَنت علام الغيوب استأثرت بهَا لَا يعلمهَا غَيْرك الا من ارتضيته عَيْني مُخْتَصرا قَوْله

[1385] اللَّهُمَّ اني أَسأَلك الخ هَذَا الحَدِيث أخرج النَّسَائِيّ وَالتِّرْمِذِيّ فِي الدَّعْوَات مَعَ اخْتِلَاف يسير وَقَالَ التِّرْمِذِيّ حسن صَحِيح وَصَححهُ الْبَيْهَقِيّ وَزَاد فَقَامَ وَقد أبْصر وَفِي رِوَايَة فَفعل الرجل فَيرى ذكر شَيخنَا عَابِد السندي فِي رسَالَته والْحَدِيث يدل على جَوَاز التوسل والاستشفاع بِذَاتِهِ المكرم فِي حَيَاته وَأما بعد مماته فقد روى الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير عَن عُثْمَان بن حنيف الْمُقدم ان رجلا كَانَ يخْتَلف الى عُثْمَان بن عَفَّان رض فِي حَاجَة لَهُ فَكَانَ لَا يلْتَفت اليه وَلَا ينظر فِي حَاجته فلقي بن حنيف فَشكى اليه ذَلِك فَقَالَ لَهُ بن حنيف ائْتِ الْمِيضَاة فَتَوَضَّأ ثمَّ ائْتِ الْمَسْجِد فصل رَكْعَتَيْنِ ثمَّ قل اللَّهُمَّ اني أَسأَلك واتوجه إِلَيْك بنبينا مُحَمَّد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بني الرَّحْمَة يَا مُحَمَّد إِنِّي اتوجه إِلَيْك الى رَبك فتقضي حَاجَتي وتذكر حَاجَتك فَانْطَلق الرجل فَصنعَ مَا قَالَ ثمَّ أَتَى بَاب عُثْمَان فجَاء البواب حَتَّى أَخذه بِيَدِهِ فَأدْخلهُ على عُثْمَان فأجلسه مَعَه على الطنفسة فَقَالَ حَاجَتك فَذكر حَاجته فقضاها لَهُ ثمَّ قَالَ مَا ذكرت حَاجَتك حَتَّى كَانَ السَّاعَة وَقَالَ مَا كَانَت لَك من حَاجَة فاذكرها ثمَّ ان الرجل خرج من عِنْده فلقي بن حنيف الْبَقِيَّة ص 99 وَلَا يلْتَفت الي حَتَّى كَلمته فِي فَقَالَ بن حنيف وَالله مَا كَلمته وَلَكِنِّي شهِدت رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ واتاه ضَرِير فَشكى اليه ذهَاب بَصَره فَقَالَ لَهُ النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَو تصبر فَقَالَ يَا رَسُول الله لَيْسَ لي قَائِد وَقد شقّ عَليّ فَقَالَ لَهُ النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ايت الْمِيضَاة وَتَوَضَّأ ثمَّ صل رَكْعَتَيْنِ ثمَّ ادْع بِهَذِهِ الدَّعْوَات قَالَ بن حنيف فوَاللَّه مَا تفرقنا وَلَا طَال بِنَا الحَدِيث حَتَّى دخل علينا الرجل كَأَن لم يكن بِهِ ضَرَر قطّ وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ من طَرِيقين نَحوه وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير والمتوسط بِسَنَد فِيهِ روح بن صَلَاح وثقة بن حبَان وَالْحَاكِم وَفِيه ضعف وَبَقِيَّة رِجَاله رجال الصَّحِيح وَقد كتب شَيخنَا الْمَذْكُور رِسَالَة مُسْتَقلَّة فِيهَا التَّفْصِيل من أَرَادَ فَليُرَاجع إِلَيْهَا وَذكر فِيهَا حَدِيث الْبَيْهَقِيّ وَابْن أبي شيبَة عَن مَالك الدَّار قَالَ أصَاب النَّاس قحط فِي زمَان عمر بن الْخطاب فجَاء رجل الى قبر النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُول الله استسق الله لامتك فَإِنَّهُم قد هَلَكُوا فَأَتَاهُ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَنَامه فَقَالَ ائْتِ عمر فاقرأه السَّلَام وَأخْبرهُ والقصة مَذْكُورَة فِي الِاسْتِيعَاب لِابْنِ عبد الْبر والمسئلة الْمَذْكُورَة قد شغفت فِيهَا النَّاس فِي زَمَاننَا وفيهَا تَفْصِيل حسن وَلَكِن لَا يَلِيق بِهَذَا الْمقَام والْحَدِيث مَا قل وَكفى خير مِمَّا كثر والهى انجاح الحا مُتَعَلقَة ص 99 قَوْله [1386] الا احبوك أَي الا اعطيك من حبا يحبو إِذا أعطَاهُ والحباء الْعَطِيَّة وَقَوله رمل عالج بالتوصيف وَهُوَ مَا تراكم من الرمل وَدخل بعضه فِي بعض كَذَا فِي الْمجمع (إنْجَاح) قَوْله تقْرَأ فِي كل رَكْعَة الخ قَالَ بن الْملك هَذَا الحَدِيث يدل على ان التَّسْبِيح بعد الْقِرَاءَة وَبِه اخذ أَئِمَّتنَا وَكَانَ عبد الله بن الْمُبَارك يسبح قبل الْقِرَاءَة خمس عشرَة مرّة ثمَّ بعد الْقِرَاءَة عشرا وَلَا يسبح بعد الرّفْع من السَّجْدَتَيْنِ وَالْبَاقِي كَمَا فِي الحَدِيث وَيَنْبَغِي للمتعبدان يعْمل بِحَدِيث بن عَبَّاس تَارَة وبعمل بن الْمُبَارك أُخْرَى وَهِي ان يَفْعَلهَا بعد الزَّوَال قبل الظّهْر وان يقْرَأ فِيهَا تَارَة بالزلزلة وَالْعَادِيات وَالْفَتْح الْإِخْلَاص وان يكون دُعَائِهِ بعد التَّشَهُّد قبل السَّلَام ثمَّ يسلم وَيَدْعُو لِحَاجَتِهِ فَفِي كل شَيْء ذكرته وَردت السّنة وَاخْتلف المتقدمون والمتأخرون فِي تَصْحِيح هَذَا الحَدِيث فصححه بن خُزَيْمَة وَالْحَاكِم وَحسنه جمَاعَة قَالَ الْعَسْقَلَانِي هَذَا حَدِيث حسن وَقد أَسَاءَ بن الْجَوْزِيّ بِذكرِهِ فِي الموضوعات هَذَا كُله ملتقط من الْمرقاة قَوْله [1387] الا افْعَل لَك عشر خِصَال الخ المُرَاد بهَا أَنْوَاع الذُّنُوب المتعددة بقوله أَوله وَآخره الى قَوْله سره وعلانيته وَالتَّقْدِير افْعَل لَك وَاعْلَم لَك بِمَا يكفر عشر خِصَال وَقيل المُرَاد بهَا التسبيحات فَإِنَّهَا فِيمَا سوى الْقيام عشرا عشرا وَالْمعْنَى افْعَل لَك امرك بهَا كَذَا ذكره الشَّيْخ (إنْجَاح) قَوْله [1389] اكنت تَخَافِينَ ان يَحِيف الله الخ الحيف الظُّلم يَعْنِي اظننت اني ظلمتك بِجعْل نوبتك لغيرك وَهَذَا منَاف لمن تصدى بِمنْصب الرسَالَة وَقَوْلها قد قلت وَمَا بِي ذَلِك أَي لَيْسَ يَلِيق بشأني ان انسبك الى الحيف وَالظُّلم وَلَكِن ذهابك الى بعض نِسَائِك لَيْسَ بحيف وظلم حَقِيقَة لِأَن الْقِسْمَة بَينهُنَّ مَا كَانَت عَلَيْهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بواجبه لقَوْله تَعَالَى ترجى من تشَاء مِنْهُنَّ وتووى إِلَيْك من تشَاء الى آخر الْآيَة انجاح الْحَاجة لمولانا الْمُعظم الشَّيْخ عبد الْغَنِيّ المجددي الدهلوي عَم فيضه قَوْله

[1390] أَو مُشَاحِن قَالَ فِي النِّهَايَة هُوَ المعادي قَالَ الْأَوْزَاعِيّ أَرَادَ بالمشاحن هُنَا صَاحب بِدعَة مفارق جمَاعَة وَلَعَلَّ المُرَاد مَا يَقع بَين الْمُسلمين من النَّفس الامارة لَا للدّين (زجاجة) [1392] فَخر سَاجِدا قد اخْتلف الْعلمَاء فِي السَّجْدَة المنفردة خَارج الصَّلَاة هَل هِيَ جَائِزَة ومسنونة وَعبادَة مُوجبَة للتقرب الى الله أم لافقال بَعضهم بِدعَة حرَام وَلَا أصل لَهَا فِي الشَّرْع وعَلى هَذَا يثبتون حُرْمَة السَّجْدَة بعد الْوتر وَمَا جَاءَ فِي الحَدِيث ان رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُطِيل السُّجُود للدُّعَاء المُرَاد بهَا السَّجْدَة الصلواتية كَمَا يفهم من سِيَاق تِلْكَ الْأَحَادِيث صَرِيحًا وَعند بَعضهم جَائِزَة مسنونة وَنقل عَن بعض الْحَنَفِيَّة أَنَّهَا جَائِزَة مَعَ الْكَرَاهَة وَاسْتدلَّ المجوزون بِحَدِيث عَائِشَة فِي صَلَاة اللَّيْل قَالَت كَانَ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي إِحْدَى عشرَة رَكْعَة يسلم من كل رَكْعَتَيْنِ ويوتر بِوَاحِدَة فَيسْجد السَّجْدَة من ذَلِك قدر مَا يقْرَأ أحدكُم خمسين آيَة قبل أَن يرفع رَأسه قَالُوا المُرَاد انه كَانَ يسْجد شكرا لتوفيقه بذلك هَذَا الْمِقْدَار وَمن فِي من ذَلِك تعليلية وَالْفَاء فِي فَيسْجد للتعقيب وَهَذَا الِاسْتِدْلَال ضَعِيف وَالظَّاهِر الْمُتَبَادر من تبعيضية وَالْفَاء لتفصيل الْإِجْمَال وَالْمرَاد بِالسَّجْدَةِ جِنْسهَا يَعْنِي كَانَ يُطِيل السُّجُود فِي الْوتر كَذَا قَالَ الطَّيِّبِيّ وتفصيل الْكَلَام ان السَّجْدَة خَارج الصَّلَاة على عدَّة أَقسَام أَحدهَا سَجْدَة السَّهْو وَهُوَ فِي حكم سَجْدَة الصَّلَاة وَثَانِيها سَجْدَة التِّلَاوَة وَلَا خلاف فِيهَا وَثَالِثهَا سَجْدَة الْمُنَاجَاة بعد الصَّلَاة وَظَاهر كَلَام الْأَكْثَرين انها مَكْرُوهَة وَرَابِعهَا سَجْدَة الشُّكْر على حُصُول نعْمَة واندفاع بلية وفيهَا اخْتِلَاف فَعِنْدَ الشَّافِعِي وَأحمد سنة وَهُوَ قَول مُحَمَّد وَالْأَحَادِيث والاثار فِي ذَلِك كَثِيرَة وَعند أبي حنيفَة وَمَالك لَيْسَ بِسنة بل هِيَ مَكْرُوهَة وهم يَقُولُونَ ان المُرَاد بِالسَّجْدَةِ الْوَاقِعَة فِي تِلْكَ الْأَحَادِيث والاثار الصَّلَاة عبر عَنْهَا بِالسَّجْدَةِ وَهُوَ كثير اطلاقا للجزء على الْكل أَو هُوَ مَنْسُوخ وَقَالُوا نعم الله لَا تعد وَلَا تحصى وَالْعَبْد عَاجز عَن أَدَاء شكرها فالتكليف بهَا وَلَو كَانَ بطرِيق السّنة والاستحباب يُؤَدِّي الى التَّكْلِيف بِمَا لَا يُطَاق هَذَا وَلَكِن العاملين بِهِ يُرِيدُونَ النعم الْعَظِيمَة الَّتِي تحدث نَادرا ينتظرها أَو لَا ينتظرها وَكَذَلِكَ وَقع فِي السّنة لأكل نعْمَة مثل الْوُجُود ولوازمه الدائمة الثَّابِتَة وَمَا وَقع ذَلِك من بعض الْخُلَفَاء الرَّاشِدين بعده صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يبطل القَوْل بالنسخ كَمَا روى عَن أبي بكر الصّديق بعد وُصُول من قتل مُسَيْلمَة الْكذَّاب وَعَن عَليّ بقتل ذِي الثدية الْخَارِجِي رَئِيس الْخَوَارِج وَعَن كَعْب بن مَالك لبشارة قبُول تَوْبَته الَّذِي تخلف عَن غَزْوَة تَبُوك لمعات قَوْله [1396] عَن سُفْيَان بن عبد الله فِي بعض الْحَوَاشِي صَوَابه سُفْيَان بن عبد الرَّحْمَن قَالَه الْبَاجِيّ وَكَذَا قَالَ فِي الْأَطْرَاف وَالصَّوَاب عَن سُفْيَان بن عبد الرَّحْمَن كَمَا فِي حَدِيث قُتَيْبَة (إنْجَاح) قَوْله غَزْوَة السلَاسِل الخ السلَاسِل هُوَ رمل ينْعَقد بعضه على بعض كَذَا فِي الْقَامُوس وَهَذِه الْغَزْوَة كَانَ فِي زمن مُعَاوِيَة وَلَيْسَت هَذِه الْغَزْوَة غَزْوَة عمر بن الْعَاصِ لِأَنَّهَا كَانَت فِي زَمَنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سنة ثَمَان وَقَوله فرابطوا المرابطة ربط الْخَيل فِي الثغور مُقَابل الْعد وَكَذَا فِي الْقَامُوس وَقَوله فاتنا الْغَزْوَة الخ لَعَلَّ فَوت الْغَزْوَة كَانَ بِسَبَب الْقُصُور مِنْهُم وَلِهَذَا تدارك عَاصِم بِالْعَمَلِ الصَّالح بعْدهَا والا فَلَيْسَ فِيهِ مَعْصِيَته أصلا وان لم يكن لَهُ عذر وَقَوله فِي الْمَسَاجِد الْأَرْبَعَة وَهِي الْمَسْجِد الْحَرَام وَالْمَسْجِد النَّبَوِيّ وَالْمَسْجِد الْأَقْصَى وَمَسْجِد القباء (إنْجَاح) قَوْله [1398] طرفِي النَّهَار قَالُوا المُرَاد بطرفي النَّهَار صَلَاة الْفجْر وَالظّهْر إِذْ هما فِي الطّرف الأول من الْيَوْم وَالْعصر وَالْمغْرب إِذْ هما فِي الطّرف الثَّانِي مِنْهُ وَجعل الْمغرب فِيهِ تَغْلِيب إِذْ هُوَ مجَاز الْمُجَاورَة وَفسّر صَاحب الْكَشَّاف وَتَبعهُ الْبَيْضَاوِيّ طرفِي النَّهَار بالغدوة والعشية وَفسّر صَلَاة الغدوة بِصَلَاة الصُّبْح وَصَلَاة العشية بالمغرب وَالْعشَاء وَلَكِن الْبَيْضَاوِيّ خص صَلَاة العشية بالعصر وَصَاحب الْكَشَّاف فَسرهَا بِالظّهْرِ وَالْعصر لِأَن مَا بعد الزول عشى وعَلى قَول الْبَيْضَاوِيّ لَا يَشْمَل الْآيَة الصَّلَوَات الْخمس وَلَا بَأْس بِهِ وَزلفًا من اللَّيْل بِضَم الزَّاي وَفتح اللَّام جمع زلفة بِسُكُون اللَّام كالظلم فِي ظلمَة من ازلفه إِذا قربه وَالْمرَاد بِهِ السَّاعَات لِأَنَّهَا يقرب بَعْضهَا مَعَ بعض وَلِأَنَّهَا يقرب من النَّهَار لمعات قَوْله [1399] فَوضع عني شطرها وَبعده فراجعت رَبِّي فَقَالَ هِيَ خمس وَهِي خَمْسُونَ وَهَذَا الْمَذْكُور هَهُنَا لَا يُخَالف مَا فِي رِوَايَة الْمُسلم عَن أنس بن مَالك فحط عني خمْسا الى آخِره فَالْمُرَاد بحط الشّطْر هَهُنَا أَنه حط مَرَّات بمراجعات فَهَذَا هُوَ الظَّاهِر وَقَالَ القَاضِي عِيَاض المُرَاد بالشطر هَهُنَا الْجُزْء وَهُوَ الْخمس وَلَيْسَ المُرَاد بِهِ النّصْف وَهَذَا الَّذِي قَالَه مُحْتَمل وَلَكِن لَا ضَرُورَة اليه فَإِن هَذَا الحَدِيث أَي حَدِيث الْكتاب مُخْتَصر لم يذكر فِيهِ كرات الْمُرَاجَعَة وَالله أعلم وَاحْتج الْعلمَاء بِهَذَا الحَدِيث على جَوَاز نسخ الشَّيْء قبل فعله كَذَا فِي النَّوَوِيّ قَوْله [1400] فنازل أَي النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْنِي طلب النُّزُول والانحطاط وراجع وسال مرّة بعد أُخْرَى عَن ربكُم وَفِي بعض الْحَوَاشِي أورد الحَدِيث فِي الْأَطْرَاف عَن بن ماجة فِي مُسْند بن عَبَّاس ثمَّ قَالَ كَذَا قَالَ وَالصَّوَاب عَن بن عمر (إنْجَاح) قَوْله

[1401] عَن المخدجي ذكر فِي التَّقْرِيب هُوَ مزابي دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة قَالَ رَاوِي حَدِيث الْوتر عَن عبَادَة بن الصَّامِت قيل اسْمه رفيع وَغير ذَلِك (إنْجَاح) قَوْله عهد أَي وعد والعهد حفظ الشَّيْء مراعاته حَالا فحالا سمى مَا كَانَ من الله تَعَالَى عهدا مجَازًا وَلِأَنَّهُ وعد القائمين بِحِفْظ عَهده ان لَا يعذبهم ووعده حقيق بِأَن لَا يخلفه فَسمى وعده عهدا لِأَنَّهُ أوثق من كل وعد (مرقاة) قَوْله عهدا قَالَ الْبَيْضَاوِيّ شبه وعد الله باثابة الْمُؤمنِينَ اعمالهم بالعهد الموثوق الَّذِي لَا يُخَالف ووكل أَمر التارك إِلَى مشيته تجويزا للعفو وَإنَّهُ لَا يجب على الله شَيْء وَمن ديدن الْكِرَام مُحَافظَة الْوَعْد والمسامحة فِي الْوَعيد 12 مِصْبَاح الزجاجة السُّيُوطِيّ التارك الى مَشِيئَته تجوزي الْعَفو وَأَنه لَا يجب على الله شَيْء وَمن ديدن الْكِرَام مُحَافظَة الْوَعْد والمسامحة فِي الْوَعيد مِصْبَاح الزجاجة للسيوطي بَين ظهرانيهم أَي بَينهم فَلفظ ظهراني مقحم وَفِي الْقَامُوس وظهرانيهم وَلَا تكسر النُّون أَي وَسطهمْ وَفِي الدّرّ النثير زيدت فِي الظّهْر الف وَنون مَفْتُوحَة توكيدا وَمَعْنَاهُ ان ظهرا مِنْهُم قدامه وظهرا وَرَاءه فَهُوَ مكفوف من جانبيه انْتهى (إنْجَاح) قَوْله [1404] فِي مَسْجِدي هَذَا بِالْإِشَارَةِ يدل على ان تَضْعِيف الصَّلَاة فِي مَسْجِد الْمَدِينَة يخْتَص بمسجده صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي كَانَ فِي زَمَانه مَسْجِد دون مَا حدث فِيهِ بعده من الزِّيَادَة فِي زمن الْخُلَفَاء الرَّاشِدين تَغْلِيبًا لاسم الْإِشَارَة وَبِه صرح النَّوَوِيّ فَخص التَّضْعِيف بذلك بِخِلَاف الْمَسْجِد الْحَرَام فَإِنَّهُ لَا يخْتَص بِمَا كَانَ لِأَن الْكل يعمه اسْم الْمَسْجِد الْحَرَام ذكره الْعَيْنِيّ قَالَ الْقَارِي وَاعْترض عَلَيْهِ بن تَيْمِية وَأطَال فِيهِ والمحب الطَّبَرِيّ وَأورد آثَار واستدلالا بهَا وَبَان الْإِشَارَة فِي الحَدِيث إِنَّمَا هِيَ لاخراج غَيره من الْمَسَاجِد المنسوبة اليه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَان الامام مَالك سُئِلَ عَن ذَلِك فَأجَاب بِعَدَمِ الخصوصية انْتهى مُخْتَصرا قَالَ الشَّيْخ وَالْمُخْتَار عِنْد الْجُمْهُور أَن الحكم بالمضاعفة يَشْمَل لما زيد عَلَيْهِ فقد ورد لَو مد هَذَا الْمَسْجِد الى صنعاء الْيمن كَانَ مَسْجِدي وَقد نقل الْمُحب الطَّبَرِيّ رُجُوع النَّوَوِيّ عَن تِلْكَ الْمقَالة وَاسم الْإِشَارَة للتميز والتعظيم أَو للِاحْتِرَاز عَن مَسْجِد قبَاء ثمَّ لَا يخفى ان الحكم فِي غير الصَّلَاة من الْعِبَادَات كَذَلِك فِي المضاعفة وَقد روى ذَلِك الْبَيْهَقِيّ عَن جَابر رض كَذَا ذكر فِي فتح الْبَارِي قَوْله أفضل من الف صَلَاة الخ قَالَ الْكرْمَانِي الِاسْتِثْنَاء يحْتَمل أمورا ثَلَاثَة ان يكون الْمَسْجِد الْحَرَام مُسَاوِيا لمَسْجِد رَسُول الله وَأفضل مِنْهُ وادون مِنْهُ وَقَالَ الْجُمْهُور مَسْجِد مَكَّة أفضل من مَسْجِد الْمَدِينَة وَعكس الامام مَالك رح انْتهى وَعَامة أهل الْفِقْه والأثر ان الصَّلَاة فِي مَسْجِد الْحَرَام أفضل بِظَاهِر الْأَحَادِيث الْمَذْكُورَة فِيهِ ذكر الْعَيْنِيّ وَيدل عَلَيْهِ رِوَايَة بن ماجة صَلَاة فِي مَسْجِدي بِخَمْسِينَ الف صَلَاة وَصَلَاة فِي مَسْجِد الْحَرَام بِمِائَة الف صَلَاة وَالله تَعَالَى أعلم قَالَ الْقُسْطَلَانِيّ وَاسْتثنى القَاضِي عِيَاض الْبقْعَة الَّتِي دفن فِيهَا النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَحكى الِاتِّفَاق على أَنَّهَا أفضل بقاع الأَرْض بل قَالَ بن عقيل الْحَنْبَلِيّ انها أفضل من الْعَرْش انْتهى قَوْله [1408] حكما يُصَادف حكمه أَي سَأَلَ ربه ان يوتيه حكما يُوَافق حكم الله تَعَالَى واليه إِشَارَة فِي قَوْله تَعَالَى ففهمناها سُلَيْمَان 12 (إنْجَاح) قَوْله وأمااثنتان فقد أعطيهما الخ أَي الحكم وَالْملك وَأما الحكم فقد علم من قَوْله تَعَالَى ففهمناها سُلَيْمَان وَأما الْملك فَمن قَوْله تَعَالَى وسخرنا لَهُ الرّيح تجْرِي بأَمْره رخاء حَيْثُ أصَاب وَالشَّيَاطِين كل بِنَاء وغواص وَآخَرين مُقرنين فِي الأصفاد وَأما الدُّعَاء الثَّالِث وَهُوَ طلب الْمَغْفِرَة لمن أَتَى مَسْجده فاستجابته متوقعة أَيْضا لِأَن الله تَعَالَى لما اسْتَجَابَ دعاءه فِي أَمر الدُّنْيَا فَكيف لَا يستجيب دعاءه فِي أَمر الآخرى 12 (إنْجَاح) قَوْله

[1409] لَا تشدوا الرّحال هُوَ كِنَايَة عَن السّفر أَي لَا يقْصد مَوضِع بنية التَّقَرُّب إِلَى الله إِلَّا إِلَى هَذِه الثَّلَاثَة تَعْظِيمًا لشأنها وَاخْتلف فِي شدها إِلَى قُبُور الصَّالِحين وَإِلَى الْمَوَاضِع الفاضلة فمحرم ومبيح كَذَا فِي الْمجمع قَالَ بن حجر قَالَ الشَّيْخ أَبُو مُحَمَّد الْجُوَيْنِيّ يحرم عملا بِظَاهِر الحَدِيث وَأَشَارَ القَاضِي حُسَيْن إِلَى اخْتِيَاره وَبِه قَالَ عِيَاض وَطَائِفَة وَيدل عَلَيْهِ مَا رَوَاهُ أَصْحَاب السّنَن من إِنْكَار أبي بصرى الْغِفَارِيّ على أبي هُرَيْرَة خُرُوجه إِلَى الطّور وَقَالَ لَهُ لَو أَدْرَكتك قبل أَن تخرج مَا خرجت وَاسْتدلَّ بِهَذِهِ الحَدِيث وَوَافَقَهُ أَبُو هُرَيْرَة وَالصَّحِيح عِنْد إِمَام الْحَرَمَيْنِ وَغَيره من الشَّافِعِيَّة أَنه لَا يحرم وَأَجَابُوا عَن الحَدِيث بأجوبة مِنْهَا أَن المُرَاد أَن الْفَضِيلَة التَّامَّة فِي شدّ الرّحال إِلَى هَذِه الْمَسَاجِد بِخِلَاف غَيره فَإِنَّهُ جَائِز وَمِنْهَا أَن المُرَاد أَنه لَا تشد الرّحال إِلَى مَسْجِد من الْمَسَاجِد للصَّلَاة فِيهِ غير هَذِه وَأما قصد زِيَارَة قبر صَالح وَنَحْوهَا فَلَا يدْخل تَحت النَّهْي وَيُؤَيِّدهُ مَا فِي مُسْند أَحْمد قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَنْبَغِي للْمُصَلِّي أَن يشد رحاله إِلَى مَسْجِد غير الْمَسْجِد الْحَرَام وَالْمَسْجِد الْأَقْصَى ومسجدي انْتهى قَالَ الْقَارِي الرّحال جمع رحْلَة وَهُوَ كور الْبَعِير وَالْمرَاد نفي فَضِيلَة شدها ومربطها إِلَّا ثَلَاثَة مَسَاجِد قيل نفى مَعْنَاهُ نهى أَي لَا تشد الرّحال إِلَى غَيرهَا لِأَن مَا سوى الثَّلَاثَة متساو فِي الرُّتْبَة غير متفاوت فِي الْفَضِيلَة وَكَانَ الترحل إِلَيْهِ ضائعا عَيْشًا وَفِي شرح مُسلم للنووي قَالَ أَبُو مُحَمَّد يحرم شدّ الرّحال الى غير الثَّلَاثَة وَهُوَ غلط وَفِي الاحياء ذهب بعض الْعلمَاء الى الِاسْتِدْلَال بِهِ على الْمَنْع من الرحلة لزيارة الْمشَاهد وقبور الْعلمَاء وَالصَّالِحِينَ وَمَا تبين الى ان الْأَمر كَذَلِك بل الزِّيَارَة مامور بهَا بِخَبَر كنت نَهَيْتُكُمْ عَن زِيَارَة الْقُبُور الا فزوروها والْحَدِيث إِنَّمَا ورد نهيا عَن الشد بِغَيْر الْمَسَاجِد لتماثلها بل لَا بلد الا وفيهَا مَسْجِد فَلَا معنى للرحلة الى مَسْجِد آخر وَأما الْمشَاهد فَلَا تساوى بل بركَة زيارتها على قدر درجاتهم عِنْد الله ثمَّ لَيْت شعري هَل يمْنَع ذَلِك الْقَائِل شدّ الرّحال لقبور الْأَنْبِيَاء كإبراهيم ومُوسَى وَيحيى وَالْمَنْع من ذَلِك فِي غَايَة الاحالة وَإِذا جوز ذَلِك لقبور الْأَنْبِيَاء والأولياء فِي معناهم فَلَا يبعد ان يكون ذَلِك من أغراض الرحلة كَمَا أَن زِيَارَة الْعلمَاء فِي الْحَيَاة من الْمَقَاصِد (مرقاة) [1413] وَصلَاته فِي الْمَسْجِد الْحَرَام الخ فِي الدّرّ أفضل الْمَسَاجِد مَكَّة ثمَّ الْمَدِينَة ثمَّ الْمُقَدّس ثمَّ قبَاء ثمَّ الاقدم ثمَّ الْأَعْظَم ثمَّ الْأَقْرَب وَمَسْجِد أستاذه لدرسه أَو لسَمَاع الاخبار أفضل اتِّفَاقًا وَمَسْجِد حيه أفضل من الْجَامِع وَفِي الطوالع شَرحه قيل الْأَفْضَلِيَّة بِالنِّسْبَةِ الى أهل الْمحلة دون غَيرهم لِئَلَّا يودي الى تَعْطِيل مَسْجِد الْمحلة وَهَذَا مُخَالف لما ذكره صَاحب الْأَشْبَاه فِي أَحْكَام الْمَسْجِد من ان الْجَوَامِع أفضل من مَسَاجِد الْمحَال وَذَلِكَ لِأَن فِيهِ خلافًا فهما قَولَانِ قَالَ التُّمُرْتَاشِيّ فِي شرح الْجَامِع الصَّغِير ترك الْجَمَاعَة فِي مَسْجِد حيه وَصلى عَامَّة صلواته أَو بَعْضهَا فِي جمَاعَة جَامع مصره أَيهمَا أفضل قيل جمَاعَة مَسْجِد حيه أفضل وَقيل جمَاعَة الْمَسْجِد الْجَامِع أفضل وَلَو كَانَ متفقها فجماعة مَسْجِد أستاذه أفضل انْتَهَت عبارَة الطوالع مُخْتَصرا قلت والتطبيق بَين الرِّوَايَتَيْنِ ان الْجَامِع أفضل من حَيْثُ الكمية وَمَسْجِد حيه أفضل من حَيْثُ الْكَيْفِيَّة فَإِن الْعدَد زَائِد فِي الْجَامِع وَهُوَ خَمْسمِائَة ومسجده وان لم يكن فِيهِ ذَلِك الْعدَد لَكِن كَيْفيَّة الثَّوَاب ازيد من كميته الا ترى ان الْفُلُوس أَكثر عددا من الدِّينَار فَلْيحْفَظ (إنْجَاح) قَوْله [1414] فَقَالَ رجل الخ فَإِن قلت ان فِي الحَدِيث الصَّحِيح ان النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمر امْرَأَة من الْأَنْصَار ان مري غلامك النجار أَن يعْمل الى اعوادا اكلم النَّاس عَلَيْهَا وَفِي هَذَا الحَدِيث سوال الرجل من اصحابه ليعْمَل ذَلِك الْمِنْبَر فَالْجَوَاب ان الرجل لَعَلَّ هُوَ ذَلِك الْغُلَام فَطلب مِنْهُ النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تعميل ذَلِك الْمِنْبَر وَكَانَ عبد الْأَنْصَارِيَّة طلب النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْإِجَازَة من سيدته الْأَنْصَارِيَّة فَلَمَّا امرته بذلك عمله وَاسم الْغُلَام باتوم الرُّومِي (إنْجَاح) قَوْله فَهِيَ الَّتِي على الْمِنْبَر أَي تِلْكَ الدَّرَجَات الثَّلَاث الَّتِي كَانَت لمنبر النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَي الَّتِي الْيَوْم على الْمِنْبَر كَمَا هُوَ مشَاهد فِي أَكثر الْمَسَاجِد وَأما الزِّيَادَة على الثَّلَاث فَلَيْسَتْ بمسنونة لِأَنَّهَا للتجمل وَالله أعلم (إنْجَاح) قَوْله خار أَي صات صَوت الْبَقَرَة لفراقه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَأْخُوذ من الخوار بِالضَّمِّ صَوت الْبَقَرَة (إنْجَاح) قَوْله الارضة وَهِي بِالتَّحْرِيكِ دويبة صَغِيرَة مثل الْقمل تَأْكُل الْخشب يسميها أهل الْهِنْد ديمك (إنْجَاح) قَوْله وَعَاد رفاتا من رفت فأرفت وترفت أَي تكسر والرفات كل مَا رق وَكسر كَذَا فِي الْمجمع (إنْجَاح) قَوْله [1416] اثل الغابة قَالَ الْخطابِيّ هُوَ شَجَرَة الطرفا والغابة أَرض على تِسْعَة أَمْيَال من الْمَدِينَة وَبهَا وَقعت قصَّة العرينيين وَقَالَ الْكرْمَانِي الغابة الاجمة وَمَوْضِع بالحجاز قَوْله عمله فلَان اخْتلفُوا فِيهِ على سَبْعَة أَقْوَال وأشبه الْأَقْوَال انه شَمْعُون وَالْجمع بَين الْأَقْوَال الْمَذْكُورَة بِأَن يحمل على وَاحِد بِعَيْنِه والبقية أعوانه وَلَا يجوز أَن يكون الْكل قد اشْتَركُوا فِي الْعَمَل لِأَن الرِّوَايَات الْكَثِيرَة تدل على أَنه لم يكن بِالْمَدِينَةِ الا نجارا وَاحِد عَيْني وَقَوله

[1421] طول الْقُنُوت أَي أفضل أَرْكَان الصَّلَاة وأفعالها طول الْقيام أَو أفضل الصَّلَاة صَلَاة فِيهِ الْقُنُوت والقنوت يَجِيء لمعان كَثِيرَة فِي الْقَامُوس الْقُنُوت الطَّاعَة وَالسُّكُوت وَالدُّعَاء وَالْقِيَام فِي الصَّلَاة والامساك عَن الْكَلَام واقنت دَعَا على عدوه وَأطَال الْقيام فِي صلَاته وادام الْحَج وادام الغرو وتواضع لله والاكثرون على ان المُرَاد فِي الحَدِيث الْقيام وَقد وَقع الِاخْتِلَاف بَين الْعلمَاء فِي أَن الْقيام أفضل أَو السُّجُود فَقَالَ طَائِفَة مِنْهُم الْقيام أفضل فَيكون تطويله وتكميله أهم لِأَنَّهُ ادخل فِي الْخدمَة وَالْمَشَقَّة وَالْقِيَام بهَا أَكثر لِأَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ فِي صَلَاة اللَّيْل يطول قِيَامه وَلَو كَانَ السُّجُود أفضل لَكَانَ طوله وَلِأَن الذّكر الَّذِي شرع فِي الْقيام أفضل الْأَذْكَار وَهُوَ الْقُرْآن فَيكون هَذَا الرُّكْن أفضل الْأَركان وَلقَوْله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أفضل الصَّلَاة طول الْقُنُوت وَالْمرَاد بِالْقُنُوتِ هَهُنَا الْقيام بالِاتِّفَاقِ وَقَالَت طَائِفَة السُّجُود أفضل لِأَنَّهُ ورد فِي الحَدِيث أقرب مَا يكون العَبْد من ربه وَهُوَ ساجد وَلقَوْله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لمن سَأَلَ مرافقته فِي الْجنَّة اعني م بِكَثْرَة السُّجُود وَلِأَن السُّجُود دلّ على الذلة والخضوع وَقَالَ بَعضهم فِي صَلَاة اللَّيْل طول الْقيام أفضل وَفِي النَّهَار كَثْرَة الرُّكُوع وَالسُّجُود وَقيل هما متساويان ذكره فِي اللمعات 12 [1425] أول مَا يُحَاسب الخ قَالَ الْأَبْهَرِيّ وَجه الْجمع بَين هَذَا وَبَين قَوْله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أول مَا يقْضِي بَين النَّاس يَوْم الْقِيَامَة الدِّمَاء ان الأول من حق الله وَالثَّانِي من حُقُوق الْعباد انْتهى وَالْأول من الْعِبَادَات وَالثَّانِي من فعل السَّيِّئَات (مرقاة) قَوْله [1429] عَن نقرة الْغُرَاب قَالَ فِي النِّهَايَة يُرِيد تَخْفيف السُّجُود وَأَنه لَا يمْكث فِيهِ الا قدر وضع الْغُرَاب منقاره فِيمَا يُرِيد أكله وَقَوله وَعَن فرشة السَّبع وَهُوَ أَن يبسط ذِرَاعَيْهِ فِي السُّجُود وَلَا يرفعهما عَن الأَرْض كَمَا يبسط الْكَلْب وَالذِّئْب ذِرَاعَيْهِ قَوْله وان يوطن الرجل الخ قَالَ فِي النِّهَايَة مَعْنَاهُ ان يألف الرجل مَكَانا مَعْلُوما من الْمَسْجِد مَخْصُوصًا يُصَلِّي فِيهِ كالبعير لَا يأوي من عطن الا الى مَكَان دمث قد أوطنه واتخذه منَاخًا وَقيل مَعْنَاهُ ان يبرك على رُكْبَتَيْهِ قبل يَدَيْهِ إِذا سجد كبروك الْبَعِير أَو طَنَّتْ الأَرْض ووطنتها واستوطنتها أَي اتخذتها وطنا ومحلا مِصْبَاح الزجاجة قَوْله وَعَن فرشة السَّبع قَالَ بن حجر يكره ذَلِك لقبح الْهَيْئَة المنافية للخشوع والاداب الا لمن أَطَالَ السُّجُود وشق عَلَيْهِ اعْتِمَاد كفيه فَوضع ساعديه على رُكْبَتَيْهِ لخَبر شكى أَصْحَاب رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مشقة السُّجُود عَلَيْهِم إِذا تفرجوا فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَعِينُوا بالركب رَوَاهُ جمَاعَة مَوْصُولا انْتهى قَوْله ان يوطن الرجل الخ قَالَ النَّوَوِيّ انما ورد النَّهْي عَن ايطان مَوضِع فِي الْمَسْجِد للخوف من الرِّيَاء لَا فِي الْبَيْت لحَدِيث عتْبَان أَيْن تحب ان أُصَلِّي من بَيْتك فأشرت الى نَاحيَة قَوْله [1430] فَأَقُول لَهُ قَائِله يزِيد وَيزِيد هَذَا كَانَ مولى لسَلمَة وَكَانَ فِي مَسْجده صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَوضِع خَاص للمصحف كَانَ ثمه من عهد عُثْمَان قَوْله فَيَقُول اني رَأَيْت الخ هَذَا تَوْجِيه تحريه وَأما وَجه تحري النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِيَّاهَا فَلم يعلم من ذَلِك وَأما وَجه تَخْصِيص وضع الْمُصحف عِنْدهَا فَلَعَلَّهُ هُوَ تحري النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِيَّاهَا للصَّلَاة وَالله تَعَالَى أعلم كَذَا فِي الْخَيْر الْجَارِي قَوْله يتحَرَّى هَذَا الْمقَام ظَاهره يُخَالف للْحَدِيث السَّابِق فَإِنَّهُ نهى فِيهِ ان يوطن الرجل الْمَكَان الَّذِي يُصَلِّي فِيهِ والتطبيق بَينهمَا ان التَّحَرِّي دون التوطين لِأَن التوطين يَسْتَدْعِي التَّمَلُّك وَلَيْسَ الْمَسْجِد مَحل التَّمَلُّك بِخِلَاف مَا لَو تحرى الْمَكَان المتبرك بِلَا إِرَادَة التوطن فَإِن بَينهمَا بونا بَعيدا أَو جَاءَ فِي بعض الرِّوَايَات ان الصَّحَابَة قَالُوا يَا رَسُول الله الا نَبْنِي لَك بِنَاء فِي المنا فَقَالَ النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا المنا مناخ من سبق وَهَكَذَا فِي جَمِيع مجَالِس الْخَيْر من الذّكر والوعظ وَكَثِيرًا مَا نشاهد فِي زَمَاننَا من الجهلة الْعَوام انهم يُقَاتلُون على الْمَكَان الْمَخْصُوص فِي الْجَامِع ومجالس الذّكر والوعظ وَأعظم من ذَلِك انهم ياتونه مُتَأَخِّرًا ويقدمون خدمهم لحراسة الْمَكَان فَمَا اجهله اما لَو قصدُوا أَو سبقوا الى الْمَكَان المتبرك بِلَا جِدَال وَلَا نزاع فَمَا أحسن هَذَا قَالَ الله تَعَالَى وَاتَّخذُوا من مقَام إِبْرَاهِيم مصلى وَقَالَ النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَو يعلمُونَ مَا فِي الصَّفّ الأول لاستهموا (إنْجَاح الْحَاجة) قَوْله [1432] فتوذي من خَلفك لِأَنَّك إِذا وضعتهما وَرَاءَك تَكُونَانِ قُدَّام من كَانَ فِي الصَّفّ الْمُؤخر فَيَتَأَذَّى وَرَحْمَة الله تَعَالَى يواجه الْمُصَلِّي فَيكون هَذَا الْفِعْل اساءة فَتعين وضع النِّعَال بَين الْقَدَمَيْنِ لَا غير وَالصَّلَاة مَعَهُمَا (إنْجَاح) قَوْله

[1433] للْمُسلمِ على الْمُسلم سِتَّة يدل على ان العيادة واخواته من حُقُوق الْإِسْلَام غير مَخْصُوص بالصحبة وَيفهم عَن بعض الْكتب انها من حُقُوق الصُّحْبَة وَلِهَذَا اورد فِي جَامع الْأُصُول بَاب العيادة فِي حُقُوق الصُّحْبَة وَذكرهَا الامام حجَّة الْإِسْلَام فِي حُقُوق الْإِسْلَام أَو الأول مُسَامَحَة لجعل الْإِسْلَام فِي حكم الصُّحْبَة فَإِن الْمُسلمين كلهم كَانُوا فِي عهد رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اصحابه بِالْمَعْنَى الْأَعَمّ قَوْله يسلم عَلَيْهِ وَهِي سنة لكنه أفضل من الْفَرْض لما فِيهِ من التَّوَاضُع والتسبب لاداء الْوَاجِب واما رد السَّلَام فَفرض كِفَايَة وَقَوله ويجيبه إِذا دَعَاهُ أَي للضيافة إِذا لم يكن هُنَاكَ بِدعَة من الملاهي والمناهي قَالَ الامام الْغَزالِيّ وَمن جملتهما طَعَام المباهاة والمفاخرة فَإِن السّلف كَانُوا يكرهونها قَوْله ويشمته الخ التشميت بالشين وَالسِّين جَوَاب الْعَاطِس بيرحمك الله وَالْأول أفْصح وأبلغ فبالمعجمة مُشْتَقّ مِمَّا اشتق مِنْهُ الشوامت بِمَعْنى قَوَائِم الدَّابَّة فَكَأَنَّهُ دُعَاء بثبات الْقدَم على الْخَيْر وَمن شماته بِمَعْنى الْفرج ببلية الْعَدو وَبَاب التفعيل للإبعاد والازالة وبالمهملة من السمت وَالْهدى والتشميت مُسْتَحبّ وَقيل سنة عين على الْوَاحِد وَسنة كِفَايَة على الْجمع قَوْله ويعوده أَي يزوره إِذا مرض مُسلم أَو ذمِّي قريب للعائد صلَة لرحم وَحقا لجوار قَوْله وَيتبع جنَازَته المُرَاد بِهِ مَا يَشْمَل صلَاتهَا فَإِنَّهَا فرض كِفَايَة وَذكر الِاتِّبَاع اهتماما واشارة الى أَنه يَنْبَغِي ان يتَوَقَّف بعد الصَّلَاة ويتبعها والتوقف الى الدّفن أفضل وَفِي شرح السّنة هَذِه كلهَا من حُقُوق الْإِسْلَام يَسْتَوِي فِيهَا جَمِيع الْمُسلمين برهم وفاجرهم دون الْفَاجِر الْمظهر بِفُجُورِهِ قَالَ الْمظهر إِذا دَعَا الْمُسلم الْمُسلم الى الضِّيَافَة والمعادة يجب عَلَيْهِ طَاعَته إِذا لم يكن ثمَّة مَا يتَضَرَّر بِهِ فِي دينه من الملاهي ورد السَّلَام وَاتِّبَاع الْجِنَازَة فرض كِفَايَة واما تشميت الْعَاطِس إِذا حمد الله وعيادة الْمَرِيض فَسنة وَيجوز ان يعْطف السّنة على الْوَاجِب ان دلّ عَلَيْهِ الْقَرِينَة كَمَا يُقَال صم رَمَضَان وَسِتَّة من شَوَّال ذكره الطَّيِّبِيّ هَذَا زبدة مَا فِي الْمرقاة واللمعات [1436] مَاشِيا فِيهِ اسْتِحْبَاب الْمَشْي الى أُمُور الْخَيْر من عِيَادَة الْمَرِيض وَاتِّبَاع الْجَنَائِز وَالصَّلَاة وإنجاح الْحَوَائِج وَغير ذَلِك قَالَ الله تَعَالَى انا نكتب مَا قدمُوا واثارهم الا بِعُذْر إنْجَاح الْحَاجة قَوْله [1437] لَا يعود مَرِيضا الا بعد ثَلَاث حكم الذَّهَبِيّ وَغَيره بِأَن هَذَا الحَدِيث مَوْضُوع قَالَ على الْقَارِي اما حَدِيث أنس هَذَا فضعيف جدا تفرد بِهِ مسلمة بن على وَهُوَ مَتْرُوك وَقد سُئِلَ عَنهُ أَبُو حَاتِم فَقَالَ هُوَ حَدِيث بَاطِل قَالَ الْجُمْهُور العيادة لَا تتقيد بِزَمَان لإِطْلَاق قَوْله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عودوا الْمَرِيض انْتهى (إنْجَاح) قَوْله [1438] فنفسوا لَهُ التَّنْفِيس التَّفْرِيج أَي فَرجوا لَهُ واذهبوا كربه فِيمَا يتَعَلَّق باجله بِأَن تدعوا لَهُ بطول الْعُمر وَذَهَاب الْمَرَض وان تَقولُوا لَا بَأْس طهُور وَلَا تخف سيشفيك الله وَلَيْسَ من مرضك صعبا وَمَا أشبه ذَلِك فَإِنَّهُ وان لم يرد شَيْئا من الْمَوْت الْمُقدر وَلَا يطول عمره لَكِن يطيب نَفسه ويفرجه وَيصير ذَلِك سَببا لانتعاس طَبِيعَته وتقويتها فيضعف الْمَرَض وَقَوله يطيب بِنَفسِهِ الْبَاء زَائِدَة فِي الْفَاعِل نَحْو كفى بِاللَّه أَو للتعدية وَفِي بعض النّسخ ويطيب نَفسه من التطييب وَنَفسه مفعول لمعات قَوْله [1439] إِذا اشْتهى مَرِيض أحدكُم الخ أَي اشتهاء صَادِقا فَإِنَّهُ عَلامَة الصِّحَّة وَقد لَا يضر لبَعض المرضى الْأكل مِمَّا يَشْتَهِي إِذا كَانَ قَلِيلا ويقوى الطبيعة ويفضي الى الصِّحَّة وَلَكِن فِيمَا لَا يكون ضَرَره غَالِبا وَبِالْجُمْلَةِ لَيْسَ هَذَا حكما كليا بل جزئيا وَقَالَ الطَّيِّبِيّ مَبْنِيّ على التَّوَكُّل أَو على الياس من حَيَاته وَقد جَاءَ فِي الحَدِيث لَا تكْرهُوا مرضاكم على الطَّعَام وَالشرَاب فَإِن الله يُطعمهُمْ ويسقيهم وَالْحكمَة فِيهِ ظَاهِرَة لِأَن طبيعة الْمَرِيض مَشْغُول بانضاج مادته واخراجه وَلَو أكره على الطَّعَام وَالشرَاب بِكُل الطبيعة من فعلهَا وتشغل بهضمها وَيبقى الْمَادَّة فجَاء لَا ينضج لمعات قَوْله [1442] فِي خرافة الْجنَّة قَالَ فِي النِّهَايَة الخرفة بِالضَّمِّ اسْم لما يخْتَرف من النخيل حِين يدْرك يَعْنِي ان الْعَائِد فِيمَا يجوز من الثَّوَاب كَأَنَّهُ على نخيل الْجنَّة يخْتَرف ثمارها وَقيل الْمَعْنى أَنه على طَرِيق تُؤَدِّيه الى الْجنَّة وَقَالَ الْبَيْضَاوِيّ الخرفة مَا يجتني من الثِّمَار وَقد يتجوز بهَا عَن الْبُسْتَان من حَيْثُ أَن محلهَا وَهُوَ الْمَعْنى بهَا هُنَا أَو على تَقْدِير الْمُضَاف أَي فِي مَوضِع خزفتها (زجاجة) قَوْله [1448] اقرؤها عِنْد مَوْتَاكُم أَي الَّذِي حَضَره الْمَوْت قَالَ الطَّيِّبِيّ والسر فِي ذَلِك وَالْعلم عِنْد الله ان السُّورَة الْكَرِيمَة مشحونة بتقرير أُمَّهَات علم الْأُصُول وَجَمِيع الْمسَائِل الْمُعْتَبرَة من النُّبُوَّة وَكَيْفِيَّة الدعْوَة وأحوال الْأُمَم واثبات ان افعال الْعباد مستندة الى الله تَعَالَى واثبات التَّوْحِيد وَنفي الضِّدّ وامارات السَّاعَة وَبَيَان الْإِعَادَة والحشر وَغير ذَلِك قَالَ بن حبَان المُرَاد بِهِ من حَضَره الْمَوْت وَيُؤَيِّدهُ مَا أخرج بن أبي الدُّنْيَا وَابْن مرْدَوَيْه مَا من ميت يقْرَأ عِنْد رَأسه يس الا هون الله عَلَيْهِ وَخَالفهُ بعض الْمُتَأَخِّرين فَأخذ بِظَاهِر الحَدِيث فَقَالَ بل تقْرَأ عَلَيْهِ بعد مَوته وَذهب بعض الى أَنه يقْرَأ عَلَيْهِ عِنْد الْقَبْر وَيُؤَيِّدهُ خبر بن أبي عدي وَغَيره من زار قبر وَالِديهِ أَو أَحدهمَا فِي كل جُمُعَة فَقَرَأَ عِنْدهمَا يس غفر لَهُ بِعَدَد كل حرف مِنْهَا مرقاة مَعَ اخْتِصَار قَوْله [1449] يَقُول ان الخ قَالَ الطَّيِّبِيّ جَوَاب عَن اعتذار نَحن اشغل أَي أَنْت مِمَّن لَا يشغل عَمَّا كلفتك بل أَنْت مِمَّن قَالَ فِيهِ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَيْت وَكَيْت وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ ذهب بعض الْعلمَاء الى أَن أَرْوَاح الْمُؤمنِينَ كلهم فِي الْجنَّة يَعْنِي انه غير مُخْتَصّ بِالشُّهَدَاءِ قَوْله [1451] وَعِنْدهَا حميم لَهَا أَي قريب لَهَا يخنقه الْمَوْت الخنق بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة ثمَّ النُّون ثمَّ الْقَاف حبس النَّفس واضطراره وَالْحَاصِل ان قَرِيبا لعَائِشَة قد اضطره الْمَوْت بِسوء التنفس كَمَا يحصل عِنْد الغرغرة فَحصل لَهَا الْحزن بِسَبَب الخنق واضطراره فَدفعهُ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَن هَذِه عَلامَة صَالِحَة لِلْمُؤمنِ فَإِن الدُّنْيَا سجن الْمُؤمن وَلَا تبئى مادته الْبَأْس وَهُوَ الْعَذَاب والشدة فِي الْحَرْب وَالْغَرَض هَهُنَا ان لَا تحزني سَكَرَات الْمَوْت فَإِنَّهُ رَحْمَة من الله تَعَالَى والمتبائس الكاره والحزين كَمَا فِي الْقَامُوس انجاح كعكا هُوَ خبز فَارسي مُعرب قَوْله لقنوا مَوْتَاكُم المُرَاد من حَضَره الْمَوْت قَوْله

[1449] ان لقِيت فلَانا المُرَاد بِهِ وَلَدهَا بشر قَوْله فِي طير خضر أَي على صورتهَا قَوْله تعلق بشجر الْجنَّة أَي تَأْكُل أثمارها [1452] يَمُوت بعرق الجبين هَذَا كِنَايَة عَن الشدَّة فِي الْمَوْت ليمحص من ذنُوبه أَو يرفع درجاته أَو كِنَايَة عَن كدة فِي طلب الْحَلَال والرياضة فِي الْعِبَادَة الى وَقت الْمَوْت وان عرق الجبين عَلامَة تتبين من الْمُؤمن عِنْد مَوته نقل ذَلِك عَن بن سِيرِين لمعات قَوْله [1453] إِذا عاين من المعاينة وَهِي الْمُشَاهدَة فالكافر يرى مَلَائِكَة الْعَذَاب وَالْمُؤمن يرى مَلَائِكَة الرَّحْمَة فَحِينَئِذٍ يَنْقَطِع مَعْرفَته من النَّاس وَأما مَا يحصل لبَعض الْمَوْتَى ذهولهم عَن النَّاس قبل مَوته أَيَّامًا فَهُوَ بِسَبَب شدَّة الْمَرَض والغشى لَا بِسَبَب المعاينة وَالله أعلم (إنْجَاح) قَوْله [1458] ان رايتن أَي احتجتن الى أَكثر من ثَلَاث أَو خمس للانقاء قَوْله بِمَاء وَسدر مُتَعَلق باغسلنها قَالَ القَاضِي هَذَا لَا يَقْتَضِي اسْتِعْمَال السدر فِي جَمِيع الغسلات وَالْمُسْتَحب اسْتِعْمَاله فِي الكرة الأولى لتنزيل الاقذار وَيمْنَع مِنْهُ تسارع الْفساد وَيدْفَع الْهَوَام وَقَوله فأذنني بِالْمدِّ وَكسر الذَّال وَتَشْديد النُّون الأولى أَمر لجَماعَة النِّسَاء من الايذان وَهُوَ الاعلام وَقَوله آذناه بِالْمدِّ أَي اعلمناه (مرقاة) قَوْله اشعرنها إِيَّاه من الاشعار وَهُوَ الْبَأْس الشعار والشعار الثَّوْب الَّذِي يَلِي الْجَسَد وَالضَّمِير الأول للغاسلات وَالثَّانِي للْمَيت وَالثَّالِث للحق وَكَذَا قَالَ الْقُسْطَلَانِيّ وَقَالَ الشَّيْخ وَهَذَا الحَدِيث أصل فِي التَّبَرُّك باثار الصَّالِحين ولباسهم كَمَا يَفْعَله بعض مريدي المشائخ من لبس أقمصهم فِي الْقَبْر وَالله أعلم لمعات قَوْله [1459] ومشطناها الخ أَي جعلنَا شعائرها ثَلَاثَة ضفائر بعد أَن حللناه بالمشط وَبِه قَالَ الشَّافِعِي وَعند الْحَنَفِيَّة يَجْعَل ضفيرتان على صدرها وَأما قَوْلهَا فمشطناها لَيْسَ فِي الحَدِيث إِشَارَة من النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى ذَلِك وَإِنَّمَا هُوَ قَول أم عَطِيَّة 12 عَيْني قَوْله [1460] وَلَا تنظر الخ مُطَابقَة الحَدِيث بِالْبَابِ ان الْغَاسِل يَنْبَغِي ان يستر عَورَة الْمَيِّت وَلَا ينظر إِلَيْهَا وَهُوَ من أدب الْغسْل وَقد علم مِنْهُ ان عَورَة الْمَيِّت كعورة الْحَيّ وَقد ذكر فقهاؤنا ان الْعُضْو الْمَقْطُوع من مَحل الْعَوْرَة عَورَة كشعر الْعَانَة وَالذكر الْمَقْطُوع فَلَا يحل النّظر اليه وَقد علم مِنْهُ ان القاء شعر الْعَانَة فِي الحمامات مَكْرُوه وَحرَام بِسَبَب ان أَجزَاء الْإِنْسَان مكرمَة وَلِهَذَا أمروا بدفن الاشعار مُطلقًا والاظفار وَهَذِه المسئلة كثير وُقُوعهَا وَالنَّاس عَنْهَا غافلون (إنْجَاح) قَوْله [1461] المأمونون من الْأَمَانَة فِي الدّين لِئَلَّا يذكر مساوي الْمَيِّت عِنْد النَّاس لِأَن الْمُؤمن المؤتمن لَا يفضح الْمُؤمن وَفِي حَدِيث مُسلم كل الْمُسلم على الْمُسلم حرَام دَمه وَمَاله وَعرضه (إنْجَاح) قَوْله [1463] من غسل مَيتا فليغتسل وَفِي التِّرْمِذِيّ من غسله الْغسْل وَمن حمله الْوضُوء قَالَ الْخطابِيّ لَا أعلم من الْفُقَهَاء مَا يُوجب الْغسْل من غسل الْمَيِّت وَلَا الْوضُوء من حمله وَلَعَلَّه أَمر ندب قلت بل هُوَ مسنون وَذهب بَعضهم إِلَى وُجُوبه وَأَكْثَرهم حملُوا على إِصَابَة رشاشة من نَجَاسَة رُبمَا كَانَت على بدن الْمَيِّت وَلَا يدْرِي مَكَانَهُ وَمن حمله أَي مَسّه فَليَتَوَضَّأ وَقيل مَعْنَاهُ ليكن على وضوء حَال حمله ليتهيأ للصَّلَاة عَلَيْهِ كَذَا فِي الْمجمع وَفِي الْمُوَطَّأ لمُحَمد لَا وضوء على من حمل جَنَازَة وَلَا من حنط مَيتا أَو كَفنه أَو غسله وَهُوَ قَول أبي حنيفَة انْتهى قَالَ شَارِحه عَليّ الْقَارِي فَمَا أخرجه أَبُو دَاوُد وَابْن ماجة وَابْن حبَان عَن أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا من غسل الْمَيِّت فليغتسل وَمن حمله فَليَتَوَضَّأ مَحْمُول على الِاحْتِيَاط أَو على من لَا يكون لَهُ طَهَارَة فَيكون مستعد للصَّلَاة فَلَا يفوتهُ شَيْء مِنْهَا انْتهى قَوْله [1464] لَو كنت اسْتقْبلت الخ أَي لَو علمت قبل هَذَا الاوان مَا علمت دبره مَا غسل النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غير نِسَائِهِ لِأَن عصمَة نِكَاح النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَنْقَطِع بِالْمَوْتِ كَمَا روى البُخَارِيّ عَن عمار بن يَاسر انه قَالَ فِي عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا أَنَّهَا زَوجته فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة فَإِذا كَانَ الْأَمر كَذَلِك فَغسل من يحل نظره الى عَورَة الْمَيِّت أولى من غسل غَيره لِأَنَّهُ رُبمَا ينْكَشف من عَورَة الْمَيِّت مَعَ التستر شَيْء فَلهَذَا غسل على فَاطِمَة رض لِأَنَّهَا كَانَت زَوجته فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَبِهَذَا تمسك الشَّافِعِي بِغسْل الْمَرْأَة زَوجهَا أما الْحَنَفِيَّة فَإِنَّهُم لَا يجوزونه بِسَبَب قطه عصمَة النِّكَاح وَالْقِيَاس على أَزوَاج النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَو على فَاطِمَة رَضِي الله عَنْهَا قِيَاس مَعَ الْفَارِق وَتَمَامه فِي كتب الْفِقْه (إنْجَاح) قَوْله [1466] عَن بن بُرَيْدَة الخ بن بُرَيْدَة هَهُنَا هُوَ سُلَيْمَان بن بُرَيْدَة قَالَ فِي التَّقْرِيب بن بُرَيْدَة هُوَ عبد الله وَأَخُوهُ سُلَيْمَان قَالَ الْبَزَّار حَيْثُ روى عَلْقَمَة بن مرْثَد ومحارب وَمُحَمّد بن حجادة عَن بن بُرَيْدَة فَهُوَ سُلَيْمَان وَكَذَا الْأَعْمَش عِنْدِي واما من عداهم فَهُوَ عبد الله إنْجَاح الْحَاجة لمولانا الْمُعظم الشَّيْخ عبد الْغَنِيّ الدهلوي قَوْله [1451] لَا تبئسي لَا تحزني قَوْله [1454] وَقد شقّ بَصَره أَي انْفَتح قَوْله فاغمضه أَي اغمض صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عينه لِئَلَّا يقبح منظره قَوْله تبعه الْبَصَر أَي فِي الذّهاب فَلم يبْق لانفتاح بَصَره فَائِدَة قَوْله

[1456] عُثْمَان بن مَظْعُون وَهُوَ أَخ رضاعي لَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوْله حنطه الحنوط طيب مخلوط من كافور وصندل أَو نَحْوهمَا انجاح الْحَاجة لمولانا شاه عبد الْغَنِيّ المجددي الدهلوي رَحمَه الله تَعَالَى [1467] مَا يلْتَمس من الْمَيِّت أَي مِمَّا يخرج من الْمخْرج من الْأَذَى فقد يحصل هَذَا للْمَيت لاسترخاء المفاصل وَقَوله فَقَالَ بِأبي أَي يفْدِيه بِأَبِيهِ أَنْت الطّيب الخ (إنْجَاح) قَوْله [1468] بير غرس فِي الْقَامُوس بير غرس بير بِالْمَدِينَةِ وَمِنْه الحَدِيث غرس من عُيُون الْجنَّة انْتهى (إنْجَاح) قَوْله [1471] فِي ثَلَاثَة أَثوَاب قَمِيصه الخ وَهَذَا الحَدِيث أخرجه أَبُو دَاوُد وروى مُحَمَّد بن الْحسن فِي الْآثَار عَن أبي حنيفَة عَن حَمَّاد بن سُلَيْمَان عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ ان النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كفن فِي حلَّة يَمَانِية وقميص وَأخرجه عبد الرَّزَّاق فِي مُصَنفه وَأخرج عبد الْحق نَحوه وروى عبد الله بن الْمُغَفَّل ان النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كفن فِي قَمِيصه الَّذِي مَاتَ فِيهِ وَهُوَ مَذْهَب أبي حنيفَة وَلذَلِك اسْتحبَّ مَالك الْقَمِيص كَقَوْلِنَا الا أَنه قَالَ لَيْسَ الْقَمِيص من الثَّلَاثَة بل خَارِجا عَنْهَا فَالسنة عِنْده أَرْبَعَة اثواب وَلَكِن قَوْله مُخَالف لما أخرجه أَبُو دَاوُد وَابْن ماجة وَغَيرهمَا من التَّثْلِيث فِي الْعدَد وَهَذَا مُخَالف من حَدِيث الصَّحِيحَيْنِ عَن عَائِشَة لَيْسَ فِيهَا قَمِيص وَلَا عِمَامَة وَقد احْتج بِهِ الشَّافِعِي على ان الْمَيِّت يُكفن فِي ثَلَاث لفائف وَبِه قَالَ أَحْمد (إنْجَاح) قَوْله [1476] ينْهَى عَن النعي النعي الاعلام بِالْمَوْتِ قَالَ التِّرْمِذِيّ قد كره بعض أهل الْعلم النعي والنعي عِنْدهم ان يُنَادي فِي النَّاس بِأَن فلَانا مَاتَ ليشهدوا جنَازَته وَقَالَ بعض أهل الْعلم لَا بَأْس بِأَن يعلم الرجل قرَابَته انْتهى وَالظَّاهِر أَن المُرَاد بالنعي الْمنْهِي عَنهُ النداء فِي الشوارع والاسواق لِأَنَّهُ رسم الْجَاهِلِيَّة وَهُوَ مَنْهِيّ عَنهُ وَكَانُوا يبعثون الى الْقَبَائِل ينعون مَعَ صِيحَ وعويل فَمَا لم يكن كَذَلِك وَكَانَ الْمَيِّت عَالما زاهدا فَلَا يكره لِأَن النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نعى النَّجَاشِيّ فِي الْيَوْم الَّذِي مَاتَ فِيهِ وَأَيْضًا نعى جَعْفَر بن أبي طَالب وَزيد بن حَارِثَة وَعبد الله بن رَوَاحَة وَتَمَامه فِي حَاشِيَة الشَّيْخ عَابِد السندي على الدّرّ (إنْجَاح) قَوْله [1477] أسْرع الخ قَالَ الْعَيْنِيّ المُرَاد التَّوَسُّط بَين شدَّة السَّعْي وَالْمَشْي الْمُعْتَاد بِدَلِيل قَوْله فِي حَدِيث أبي بكرَة وانا لنكاد ان نرمل مُقَارنَة الرمل لَيْسَ بالسعي الشَّديد وَيدل عَلَيْهِ مَا رَوَاهُ بن أبي شيبَة من حَدِيث عبد الله بن عمر وان أَبَاهُ اوصاه قَالَ أَنْت إِذا حَملتنِي على السرير فامش مشيا بَين المشيتين وَكن خلف الْجِنَازَة فَإِن مقدمها للْمَلَائكَة وَخَلفهَا النَّبِي آدم انْتهى قَوْله [1480] وَأَنْتُم ركبان فِي الازهار كره الرّكُوب خلف الْجِنَازَة لِأَنَّهُ تنعم وتلذذ وَهُوَ غير لَائِق فِي هَذِه الْحَالة قلت حمل فعل الصَّحَابَة على هَذَا لَا سِيمَا فِي حَضرته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ ماش مستبعد جدا قَالَ وَالْجمع بَين هَذَا الحَدِيث وَبَين قَوْله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الحَدِيث اللَّاحِق الرَّاكِب خلف الْجِنَازَة ان ذَلِك فِي حق الْمَعْذُور بِمَرَض أَو شلل أَو عرج وَنَحْو ذَلِك وَهَذَا فِي غير الْمَعْذُور وَهَذَا الحَدِيث يدل على أَن الْمَلَائِكَة تحضر الْجِنَازَة وَالظَّاهِر أَن ذَلِك عَام مَعَ الْمُسلمين بِالرَّحْمَةِ وَمَعَ الْكفَّار باللعنة قَالَ أنس مرت جَنَازَة برَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَامَ فَقيل انها جَنَازَة يَهُودِيّ فَقَالَ انا قمنا للْمَلَائكَة رَوَاهُ النَّسَائِيّ انْتهى وَفِيه إِيمَاء الى ندب الْقيام لتعظيم الكبراء والفضلاء (مرقاة) قَوْله [1482] يَمْشُونَ أَمَام الْجِنَازَة اخْتلفُوا فِي الْمَشْي مَعَ الْجِنَازَة فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَالْأَوْزَاعِيّ الْمَشْي خلفهَا أحب وَقَالَ الثَّوْريّ وَطَائِفَة كِلَاهُمَا سَوَاء وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد قدامها أفضل كَذَا قَالَ الشمني وَقَالَ لنا مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ من حَدِيث أبي هُرَيْرَة ان النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ من صلى على جَنَازَة فَلهُ قِيرَاط وَمن اتبعها حَتَّى يوضع فِي الْقَبْر فَلهُ قيراطان وروى عبد الرَّزَّاق فِي مُصَنفه عَن معمر عَن بن طَاوس عَن أَبِيه قَالَ مَا مَشى رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى مَاتَ الا خلف الْجِنَازَة ومروي هُوَ وَابْن أبي شيبَة عَن عبد الرَّحْمَن بن ابزى قَالَ كنت فِي جَنَازَة وَأَبُو بكر وَعمر يمشيان امامها وَعلي خلفهَا فَقلت لعَلي أَرَاك تمشي خلف الْجِنَازَة قَالَ هُوَ أظهر وادخل فِي الايقاظ والتفكر وَأقرب الى المعاونة إِذا احْتِيجَ إِلَيْهَا وروى التِّرْمِذِيّ وَأَبُو دَاوُد عَن بَان عمرَان الْجِنَازَة متبوعة وَمن تقدمها فَكَأَنَّهُ لَيْسَ مَعهَا وَدَلِيل الثَّلَاثَة هَذَا الحَدِيث الْمَذْكُور فِي الْكتاب وَقَالُوا أَيْضا ان الْقَوْم شُفَعَاء وَالشَّفِيع يتَقَدَّم فِي الْعَادة وَمن سوى الامرين قَالَ الدَّلَائِل متعارضة فَيجوز الامران وَلِحَدِيث الْمُغيرَة بن شُعْبَة الْمَذْكُور فِي الْبَاب الْمُتَقَدّم وَأَيْضًا روى زين عَن أنس أَنه قَالَ أَنْتُم شُفَعَاء فامشوا عَن خلف وامام وَيَمِين وشمال وروى فِي كتب الْفِقْه عَن أبي حنيفَة انه قَالَ لَا بَأْس بِالْمَشْيِ أَمَام الْجِنَازَة وَعَن يَمِينه ويساره لمعات قَوْله [1484] الْجِنَازَة متبوعة هَذَا الحَدِيث أَيْضا يُؤَيّد مَذْهَب أبي حنيفَة وَأَبُو ماجد الرَّاوِي رجل مَجْهُول وَنقل عَن ميزَان الِاعْتِدَال ان أَبَا ماجد عَن بن مَسْعُود لَا يعرف وَقَالَ النَّسَائِيّ هُوَ مُنكر الحَدِيث وَقَالَ البُخَارِيّ ضَعِيف انْتهى لمعات قَوْله [1469] حبرَة الْحبرَة من الْبرد مَا كَانَ موشيا مخططا قَوْله [1470] ثَلَاث رياط الرياط جمع ريطة وَهِي كل ملاءة لَيست بلفقين أَو كل ثوب رَقِيق قَوْله سحُولِيَّة هُوَ بِالْفَتْح منسوبة الى سحول قَرْيَة بِالْيمن وبالضم الثِّيَاب الْبيض قَوْله [1471] الْحلَّة وَهِي ازار من برود الْيمن وَلَا يُطلق الا على الثَّوْبَيْنِ من جنس وَاحِد قَوْله

[1474] فليحسن كَفنه أَي ينظفه ويعطره أَي ليختير انظف الثِّيَاب وَلم يرد بِهِ مَا يَفْعَله المبذرون رِيَاء [1486] لَا تُؤخر الْجِنَازَة إِذا حضرت فِي الدّرّ كره تَأْخِير الْجِنَازَة وَصلَاته وَدَفنه ليُصَلِّي عَلَيْهِ جمع عَظِيم بعد صَلَاة الْجُمُعَة الا إِذا خيف فَوتهَا وَذكر شَيخنَا العابد السندي أَي صَلَاة الْجُمُعَة بِسَبَب دَفنه وَلَو اجهز الْمَيِّت صَبِيحَة يَوْم الْجُمُعَة يكره تَأْخِير الصَّلَاة وَدَفنه ليُصَلِّي عَلَيْهِ الْجمع الْعَظِيم وَلَو خَافُوا فَوت الْجُمُعَة بِسَبَب دَفنه يُؤَخر الدّفن وَيقدم صَلَاة الْعِيد على صَلَاة الْجِنَازَة وَيقدم الْجِنَازَة على الْخطْبَة قَالَ الشَّيْخ الرحمتي أَنه لَا يُؤَخر الا الدّفن دون الصَّلَاة حَيْثُ لم يُوجد مَا يُوجب تَأْخِيرهَا قَالَ وَفِي تَأْخِير الصَّلَاة مضرَّة لِأَنَّهُ رُبمَا يخرج من الْمَيِّت مَا يتلوث بِهِ الاكفان فَيمْتَنع عَن صِحَة الصَّلَاة عَلَيْهِ لاشْتِرَاط طَهَارَة بدنه وكفنه (إنْجَاح) قَوْله [1487] لَا تتبعوني بمجمر هُوَ كمنبر على اسْم الالة وَهُوَ مَا يُوقد فِيهِ الطّيب وَإِنَّمَا مَنعه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَن فِي إِحْضَار النَّار تفاولا شرا وَبِهَذَا علم كَرَاهَة وقود النَّار وَلَو للطيب عِنْد الْمَقَابِر وَفِي حَدِيث أبي دَاوُد لعن الله زوارات الْقُبُور والمتخذين عَلَيْهَا الْمَسَاجِد والسرج (إنْجَاح) قَوْله [1492] إِنَّكُم شُهَدَاء الله الْخطاب للصحابة وَمن كَانَ على صفتهمْ من الْإِيمَان وَحكى بن التِّين ان ذَلِك مَخْصُوص بالصحابة لأَنهم كَانُوا ينطقون بالحكمة بِخِلَاف من بعدهمْ ثمَّ قَالَ وَالصَّوَاب ان ذَلِك يخْتَص بالثقات والمتقين وَحَاصِل الْمَعْنى ان ثناؤهم عَلَيْهِ بِالْخَيرِ يدل على ان أَفعاله كَانَت خيرا فَوَجَبت لَهُ الْجنَّة وثناؤهم عَلَيْهِ بِالشَّرِّ يدل على ان أَفعاله كَانَت شرا فَوَجَبت لَهُ النَّار وَذَلِكَ لِأَن الْمُؤمنِينَ شُهَدَاء بَعضهم على بعض كَذَا فِي الْعَيْنِيّ قَوْله [1493] فَقَامَ وَسطهَا الرِّوَايَة الْمَشْهُورَة بِالتَّحْرِيكِ وَقد يسكن وَالْفرق بَينهمَا ان المتحرك مَا بَين الطَّرفَيْنِ والساكن اسْم قَالُوا المتحرك سَاكن والساكن متحرك وَاسْتدلَّ بِهِ الشَّافِعِي على ان الْمُسْتَحبّ ان يقف الامام عِنْد عجيزة الْمَرْأَة وَالْمذهب عندنَا ان يقوم الامام حذاء صدر الْمَيِّت رجلا كَانَ أَو امْرَأَة ويناسبه رِوَايَة وسط وَقَالَ الشَّيْخ بن الْهمام هَذَا لَا يُنَافِي كَونه الصَّدْر بل الصَّدْر وَسطه بِاعْتِبَار توَسط الْأَعْضَاء إِذْ فَوْقه يَدَاهُ وراسه وَتَحْته بَطْنه وفخذاه وَيحْتَمل انه وقف كَمَا قُلْنَا الا انه مَال الى العجيزة فِي حَقّهَا فَظن الرَّاوِي ذَلِك لتقارب المحلين وَقد قَالَ الشمني انه روى عَن أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف انه يقوم من الْمَرْأَة حذاء العجيزة كَمَا هُوَ مَذْهَب الْجَمَاعَة لمعات قَوْله [1495] قَرَأَ على الْجِنَازَة بِفَاتِحَة الْكتاب قَالَ عُلَمَاؤُنَا لَا يقْرَأ الْفَاتِحَة الا ان يَقْرَأها بنية الثَّنَاء وَلم يثبت الْقِرَاءَة عَن رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي موطأ مَالك عَن نَافِع ان بن عمر كَانَ لَا يقْرَأ فِي صَلَاة الْجِنَازَة وَيُصلي بعد التَّكْبِيرَة الثَّانِيَة كَمَا يُصَلِّي فِي التَّشَهُّد وَهُوَ الأولى كَذَا قَالَ الشَّيْخ بن الْهمام وَهَذَا مَذْهَب أبي حنيفَة وَمَالك وَالثَّوْري وَكَانَ عمل الصَّحَابَة فِي ذَلِك مُخْتَلفا وَقَالَ الطَّحَاوِيّ لَعَلَّ قِرَاءَة بعض الصَّحَابَة الْفَاتِحَة فِي صَلَاة الْجِنَازَة كَانَ بطرِيق الثَّنَاء وَالدُّعَاء لَا على وَجه الْقِرَاءَة وَعند مَالك وَالشَّافِعِيّ يقْرَأ الْفَاتِحَة وَيظْهر من كَلَام فتح الْبَارِي ان مُرَادهم بذلك مَشْرُوعِيَّة الْقِرَاءَة لَا وُجُوبهَا وَقَالَ الْكرْمَانِي يجب لمعات وإنجاح الْحَاجة للشَّيْخ الْعَارِف بِاللَّه شاه عبد الْغَنِيّ المجددي الدهلوي قدس سره قَوْله

[1498] وصغيرنا قَالَ بن حجر الدُّعَاء للصَّغِير ليرْفَع الدَّرَجَات ويدفعه مَا ورد فِي الْمُوَطَّأ عَن أبي هُرَيْرَة انه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلى على طِفْل لم يعْمل خَطِيئَة قطّ فَقَالَ اللَّهُمَّ قه من عَذَاب الْقَبْر وضيقه وَيُمكن ان يكون المُرَاد بالصغير وَالْكَبِير الشَّاب وَالشَّيْخ فَلَا اشكال وَنقل التوربشتي عَن الطَّحَاوِيّ انه سُئِلَ عَن الاسْتِغْفَار للصبيان فَقَالَ مَعْنَاهُ السوال من الله ان يغْفر لَهُ مَا كتب فِي اللَّوْح الْمَحْفُوظ ان يَفْعَله بعد الْبلُوغ من الذُّنُوب كَذَا فِي الزجاجة والمرقاة قَوْله فتوفه على الْإِيمَان خصّه بِالْإِيمَان لِأَن الْإِسْلَام أَكثر مَا يُطلق على الْأَعْمَال الظَّاهِرَة وَلَيْسَ هَذَا وَقتهَا كَذَا قيل وَالْحق أَنَّهُمَا مُتَرَادِفَانِ يدل عَلَيْهِ تعكيس الْعبارَة فِي الرِّوَايَات الْأُخْرَى وَقَالَ الطَّيِّبِيّ المُرَاد بِالْإِسْلَامِ فِي الرِّوَايَة الأولى الانقياد والاعمال الظَّاهِرَة وَفِي الثَّانِيَة الاستسلام وإخلاص الْعَمَل وَهُوَ فَوق الْإِيمَان قَالَه الشَّيْخ فِي اللمعات وَقَالَ الطَّحَاوِيّ لَا يخفي مُنَاسبَة الْإِيمَان بِالْمَوْتِ فَإِن الْإِسْلَام يكون بِالْأَعْمَالِ الْمُكَلف بهَا وَذَلِكَ لَا يكون الا فِي الْحَيَاة وَصِحَّة الْبدن والايمان مَدَاره الِاعْتِقَاد وَذَلِكَ هُوَ الْمُعْتَبر عِنْد الْمَوْت انْتهى [1499] فِي ذِمَّتك وحبل جوارك قَالَ فِي النِّهَايَة كَانَ من عَادَة الْعَرَب ان يخيف بَعضهم بَعْضًا وَكَانَ الرجل إِذا أَرَادَ سفرا اخذ عهدا من سيد كل قَبيلَة فَيَأْمَن بِهِ مَا دَامَ فِي حُدُودهَا حَتَّى يَنْتَهِي الى الْأُخْرَى فَيَأْخُذ مثل ذَلِك فَهَذَا حَبل الْجوَار أَي مَا دَامَ مجاور أرضه أَو هُوَ من الاجارة الْأمان والنصرة (زجاجة) قَوْله [1501] لم يُوَقت من التَّوْقِيت بِمَعْنى التَّعْيِين أَي لم يعينوا دُعَاء مَخْصُوصًا فَإِن قلت الْأَمر كَذَلِك فِي ادعية الصَّلَاة فَإِنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ثمَّ ليتخير بعده مَا شَاءَ من دُعَاء قُلْنَا الْفرق بَين ادعية الصَّلَاة وَبَين ادعية الْجِنَازَة ان صَلَاة الْجِنَازَة قد شرعت للدُّعَاء الْمَحْض وَلذَلِك لَا يجوز الْحَنَفِيَّة قِرَاءَة الْفَاتِحَة الْأَبْنِيَة الدُّعَاء فالامر فِيهِ التَّخَلُّص فِي الدُّعَاء وَلذَا ترى فِي الحَدِيث السَّابِق التَّخْصِيص بِأَن فلَان بن فلَان فِي ذِمَّتك وحبل جوارك الخ وان كَانَ هَذَا الْكَلَام يشبه كَلَام النَّاس وَالدُّعَاء بِهَذَا النمط فِي صَلَاة ذَات رُكُوع مَمْنُوع فَافْتَرقَا وَالْمرَاد من التخير فِي دُعَاء الصَّلَوَات اخْتِيَار مَا كَانَ مأثورا وَلَا يشبه كَلَام النَّاس (إنْجَاح) قَوْله [1502] وَكبر عَلَيْهِ أَرْبعا وَفِي رِوَايَة زيد بن أَرقم بعد هَذَا الْبَاب خمْسا قَالَ القَاضِي اخْتلفت الْآثَار فِي ذَلِك فجَاء من رِوَايَة بن أبي خَيْثَمَة ان النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يكبر أَرْبعا وخمسا وستا وَسبعا وَثَمَانِية حَتَّى مَاتَ النَّجَاشِيّ فَكبر عَلَيْهِ أَرْبعا وَثَبت على ذَلِك حَتَّى توفّي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ وَاخْتلفت الصَّحَابَة فِي ذَلِك من ثَلَاث تَكْبِيرَات الى تسع وروى عَن عَليّ أَنه كَانَ يكبر على أهل بدر سِتا وعَلى سَائِر الصَّحَابَة خمْسا وعَلى غَيرهم أَرْبعا قَالَ بن عبد الْبر وانعقد الْإِجْمَاع بعد ذَلِك على أَربع واجمع الْفُقَهَاء وَأهل الْفَتْوَى بالأمصار على أَربع على مَا جَاءَ فِي الْأَحَادِيث الصِّحَاح وَمَا سوى ذَلِك عِنْدهم شذوذ لَا يلْتَفت اليه قَالَ وَلَا نعلم أحدا من فُقَهَاء الْأَمْصَار يُخَمّس الا بن أبي ليلى انْتهى قَالَ الْعَيْنِيّ وَبِه احْتج جَمَاهِير الْعلمَاء مِنْهُم أَبُو حنيفَة وَمَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد وَقد أجمع عَلَيْهِ أَي على الْأَرْبَع فِي زمن عمر بن الْخطاب كَمَا ذكر الطَّحَاوِيّ انْتهى وروى الْبَيْهَقِيّ بِإِسْنَاد من أبي وَائِل قَالَ كَانُوا يكبرُونَ على عهد رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سبعا وخمسا وستا وأربعا فَجمع عمر النَّاس على أَربع وَقَالَ الشمني قَالَ مُحَمَّد فِي الْآثَار عَن أبي حنيفَة عَن حَمَّاد عَن إِبْرَاهِيم ان النَّاس كَانُوا يكبرُونَ على الْجَنَائِز خمْسا وستا وأربعا حَتَّى قبض النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثمَّ كبروا ذَلِك فِي ولَايَة أبي بكر ثمَّ ولى عمر فَفَعَلُوا ذَلِك فَقَالَ لَهُم عمر انكم أَصْحَاب مُحَمَّد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَتى تختلفون يخْتَلف النَّاس بعدكم وَالنَّاس حَدِيث عهد بِجَهْل فَأَجْمعُوا على كل شَيْء يجمع عَلَيْهِ من بعدكم فَاجْتمع رَأْي أَصْحَاب رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ان ينْظرُوا اخر جَنَازَة كبر عَلَيْهَا فيأخذونه ويرفضوا مَا سواهُ فوجدوا اخر جَنَازَة كبر عَلَيْهَا أَرْبعا فَأَجْمعُوا عَلَيْهِ انْتهى ثمَّ أَنه لَا دُعَاء بعد التَّكْبِيرَة الرَّابِعَة بل يسلم من غير ذكر بعْدهَا فِي ظَاهر الرِّوَايَة وَاسْتحْسن بعض المشائخ رَبنَا آتنا فِي الدُّنْيَا حَسَنَة وَفِي الْآخِرَة حَسَنَة وقنا عَذَاب النَّار وربنا لَا تزغ قُلُوبنَا بعد إِذْ هديتنا الايتين كَذَا فِي فتح الْقَدِير قَوْله [1507] الطِّفْل يُصَلِّي عَلَيْهِ قَالَ الشَّيْخ عندنَا وَعند الشَّافِعِي هَذَا مَخْصُوص بِأَن يستهل وَهُوَ ان يكون مِنْهُ مَا يدل على الْحَيَاة من حَرَكَة عُضْو أَو رفع صَوت وَالْمُعْتَبر فِي ذَلِك خُرُوج أَكْثَره حَيا حَتَّى لَو خرج أَكْثَره وَهُوَ يَتَحَرَّك صلى عَلَيْهِ وَفِي الْأَقَل لَا وروى النَّسَائِيّ عَن جَابر إِذا اسْتهلّ الصَّبِي صلى عَلَيْهِ وَورث وَرَوَاهُ الْحَاكِم عَن أَبى الزبير وَقَالَ صَحِيح والْحَدِيث الْمَذْكُور صَححهُ التِّرْمِذِيّ بِإِسْنَادِهِ لَكِن الْحصْر مقدم على الْإِطْلَاق عِنْد التَّعَارُض كَذَا قَالَ بن الْهمام وَعند أَحْمد يصلى عَلَيْهِ من غير استهلال لهَذَا الحَدِيث وَلِحَدِيث بن عمر جَاءَ فِي مَعْنَاهُ وَقَالَ إِذا بلغ أَرْبَعَة اشهر فِي الْبَطن جَازَ وان لم يستهل لِأَنَّهُ ينْفخ فِيهِ الرّوح فِي هَذِه الْمدَّة غَايَته انه خرج مَيتا وَصَلَاة الْجِنَازَة إِنَّمَا يكون على الْمَيِّت وهم يَقُولُونَ انه لَا يُسمى مَيتا الا إِذا خرج حَيا ثمَّ مَاتَ لمعات وإنجاح الْحَاجة قَوْله

[1511] وَلَو عَاشَ لعتقت أَخْوَاله القبط الخ لِأَن أمهَا مَارِيَة كَانَت من القبط وهم قوم من أهل مصر وَكَانَت أم إِسْمَاعِيل عَلَيْهِ السَّلَام هَاجر أَيْضا مِنْهُم وَهَذِه الشّرطِيَّة الْمُتَّصِلَة بالشرطية السَّابِقَة أَي لَو عَاشَ إِبْرَاهِيم لَكَانَ صديقا نَبيا وعتقت أَخْوَاله لكرامته بِالنُّبُوَّةِ والا فَنَفْس الْولادَة كَانَت مُوجبَة لهَذِهِ الْكَرَامَة وَقد تكلم بعض النَّاس فِي صِحَة هَذَا الحَدِيث كَمَا ذكره السَّيِّد جمال الدّين الْمُحدث فِي رَوْضَة الأحباب وَقَالَ بن عبد الْبر لَا أَدْرِي مَا معنى هَذَا القَوْل لِأَن أَوْلَاد نوح عَلَيْهِ السَّلَام مَا كَانُوا أَنْبيَاء قَالَ الشَّيْخ الدهلوي وَهَذِه جرْأَة عَظِيمَة قلت ان كَانَ معني هَذَا القَوْل ان هَذَا الحَدِيث لم يَصح رَفعه من حَيْثُ انه روى بن ماجة بِسَنَد فِيهِ أَبُو شيبَة إِبْرَاهِيم بن عُثْمَان الْعَبْسِي قَاضِي وَاسِط وَهُوَ مَتْرُوك الحَدِيث كَمَا قَالَ بن حجر فَمُسلم وَلَكِن لَا يخفى ان الطَّرِيق الْمَوْقُوف الَّذِي أخرجه البُخَارِيّ فِي بَاب من تسمى بأسماء الْأَنْبِيَاء صَحِيح لَا شكّ فِي صِحَّته وَقد أخرج الْمُؤلف أَيْضا بِهَذَا الطَّرِيق من حَدِيث مُحَمَّد بن عبد الله بن نمير عَن مُحَمَّد بن بشر عَن إِسْمَاعِيل قَالَ قلت لعبد الله بن أبي أوفى الخ وَلَا يخفى ان الحَدِيث الْبَقِيَّة ص 109 كَمَا بَين فِي أصُول الحَدِيث وَهَذَا الحَدِيث كَذَلِك لِأَنَّهُ لما علم ان ولد النَّبِي لَا يلْزم ان يكون نَبيا لزم ان يكون هَذَا القَوْل أَي لَو قضى ان يكون بعد مُحَمَّد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَبِي لعاش ابْنه من جِهَة سَمَاعه عَن النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَن الرَّأْي يُخَالِفهُ وَالْكَلَام فِي الحَدِيث من حَيْثُ مَعْنَاهُ مُشكل لِأَن النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاتم النَّبِيين فَأُجِيب بِأَن التَّعْلِيق بالمحال يسْتَلْزم الْمحَال وَلَا يُنَافِي ذَلِك أَن النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ختم بِهِ النُّبُوَّة وَأَمْثَاله فِي كتاب الله تَعَالَى كَثِيرَة كَقَوْلِه تَعَالَى وَلَئِن اتبعت أهواءهم بعد مَا جَاءَك من الْعلم مَالك من الله من ولي وَلَا نصير وَقَوله تَعَالَى وَلَوْلَا ان ثَبَّتْنَاك لقد كدت تركن إِلَيْهِم شَيْئا قَلِيلا إِذا لاذقناك ضعف الْحَيَاة وَضعف الْمَمَات ثمَّ لَا تَجِد لَك علينا نَصِيرًا وَالْغَرَض أَن الشّرطِيَّة المحالية لَا تَسْتَلْزِم الْوُقُوع وَلَو كَانَ كَذَلِك لزم كذب الْمُتَكَلّم تَعَالَى الله عَن ذَلِك علوا كَبِيرا وَقد بحث الشَّيْخ عبد الْحق الْمُحدث الدهلوي فِي هَذِه المسئلة فِي مدارجه تَحت حَدِيث لَو بَقِي إِبْرَاهِيم لَكَانَ نَبيا فَليُرَاجع إنْجَاح الْحَاشِيَة الْمُتَعَلّقَة بصفحة هَذِه قَوْله وَمَا اسْترق الخ أَي إِذا غزا عَسْكَر الْإِسْلَام مَعَهم لم يسعهم استرقاق القبط (إنْجَاح) قَوْله [1512] درت لبنية الْقسم أَي كثر لبن ثديها وامتلئت من درت الثدي إِذا وفر لبنهما واللبينة أَي ذَات اللَّبن أَي الَّتِي كَانَت ترْضِعه فِي الْقَامُوس شَاة لبون ولبنة ولبينة وملبن كمحسن ذَات لبن أَو نزل فِي ضرْعهَا (إنْجَاح) قَوْله [1513] فَجعل يُصَلِّي الخ هَذَا الحَدِيث يدل على مَشْرُوعِيَّة الصَّلَاة على الشَّهِيد كَمَا هُوَ مَذْهَب أبي حنيفَة وَهُوَ معَارض بِمَا فِي البُخَارِيّ عَن جَابر أَنه عَلَيْهِ السَّلَام لم يصل على قَتْلَى أحد قُلْنَا حَدِيث جَابر معَارض بِحَدِيث عَطاء بن أبي رَبَاح ان النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلى على قَتْلَى أحد أخرجه أَبُو دَاوُد فِي الْمَرَاسِيل وَهَذَا مُثبت وَحَدِيث البُخَارِيّ ناف والمثبت أولى من النَّافِي كَمَا فِي الْأُصُول والمرسل عِنْد الْمُخَالف حجَّة إِذا اعتضد بِرَفْع مَعْنَاهُ وَقد روى الحاتم عَن جَابر قَالَ فقد رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَمْزَة حِين فَاء النَّاس من الْقِتَال فَقَالَ رجل رَأَيْته عِنْد تِلْكَ الشَّجَرَة فجَاء رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحوه فَلَمَّا رَآهُ وراى مَا مثل بِهِ شهق وَبكى فَقَامَ رجل من الْأَنْصَار فَرمى عَلَيْهِ بِثَوْب ثمَّ جِيءَ بِحَمْزَة فصلى عَلَيْهِ ثمَّ بِالشُّهَدَاءِ فيوضعون الى جَانب حَمْزَة فَيصَلي عَلَيْهِم ثمَّ يرفعون وَيتْرك حَمْزَة حَتَّى صلى على الشُّهَدَاء كلهم قَالَ الْحَاكِم صَحِيح الْإِسْنَاد الا ان فِي سَنَده مفضل بن صَدَقَة أَبَا حَمَّاد الْحَنَفِيّ وَهُوَ وان ضعفه يحيى وَالنَّسَائِيّ فقد قَالَ الْأَهْوَازِي كَانَ عَطاء بن مُسلم يوثقه وَكَانَ عَمْرو بن مُحَمَّد بن شُعَيْب يثني عَلَيْهِ ثَنَاء تَاما وَقَالَ بن عدي مَا أرى بِهِ بَأْسا فَلَا يقصر عَن دَرَجَة الْحسن سِيمَا إِذا اعضده غَيره وَقد أخرج أَحْمد عَن بن مَسْعُود وضع عَلَيْهِ السَّلَام وَحَمْزَة وَجِيء بِرَجُل من الْأَنْصَار فَوضع على جنبه فَصلي عَلَيْهِ فَرفع الْأنْصَارِيّ وَترك حَمْزَة ثمَّ ذكر الحَدِيث حَتَّى قَالَ فصلى عَلَيْهِ يَوْمئِذٍ سبعين صَلَاة وَهَذَا أَيْضا لَا يسْقط عَن دَرَجَة الْحسن لِأَن زَاوِيَة عَطاء بن السَّائِب وان تغير فِي آخر عمره لَكِن يحْتَمل ان حَمَّاد بن سَلمَة اخذ عَنهُ قبل التَّغَيُّر قَالَ بن الْهمام وَبسط فِيهِ القَوْل وَفِيه أَيْضا ثمَّ قدم رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَمْزَة فَكبر عَلَيْهِ عشرا ثمَّ يجاء بِالرجلِ فَيُوضَع وَحَمْزَة مقَامه حَتَّى صلى عَلَيْهِ سبعين صَلَاة وَكَانَ الْقَتْلَى يَوْمئِذٍ سبعين وَهَذَا لَا ينزل عَن دَرَجَة الْحسن وَذكر الْوَاقِدِيّ قصَّة جَيش عَمْرو بن الْعَاصِ فِي زمن أبي بكر رَضِي الله عَنهُ حِين بَعثه الى أَيْلَة وَأَرْض فلسطين وَذكر ان عَمْرو بن الْعَاصِ صلى على الْمُسلمين وَقد اسْتشْهدُوا مِنْهُم ثَلَاثُونَ وَمِائَة وَكَانَ مَعَ عَمْرو تِسْعَة آلَاف من الْمُسلمين (إنْجَاح) قَوْله [1518] الا فِي الْمَسْجِد فِي هَذَا الحَدِيث دَلِيل لمن يَقُول بِجَوَاز صَلَاة الْجِنَازَة فِي الْمَسْجِد لِأَن رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلى فِي الْمَسْجِد واستدلت عَائِشَة على الصَّحَابَة فَلم ينكروا بل سكتوا فَصَارَ إِجْمَاعًا والْحَدِيث السَّابِق ضَعِيف ضعفه أَحْمد بن حَنْبَل أَو مؤول كَمَا بَسطه النَّوَوِيّ فِي شرح مُسلم فَليُرَاجع اليه مُحَمَّد طَاهِر قَوْله [1524] وكفنه فِي قَمِيص فَإِن قلت مَا وَجه إِعْطَاء الْقَمِيص مَعَ انه راس الْمُنَافِقين قيل أعطَاهُ اكراما لِابْنِهِ الصَّالح وَقيل تأليفا لغيره مَعَ علمه ان قَمِيصه لَا يَنْفَعهُ مَعَ كفره فروى أَنه اسْلَمْ من الْخَزْرَج الف لما راوه يطْلب الِاسْتِشْفَاء بِثَوْبِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ أَكْثَرهم إِنَّمَا البسه مكافاة لما صنع فِي الباس عَبَّاس عَمه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَمِيصه يَوْم بدر كَمَا ذكره البُخَارِيّ ملتقط من عَيْني قَوْله وَلم يصل عَلَيْهِم وَلم يغسلوا وَهَذَا مِمَّا اتّفق عَلَيْهِ الْعلمَاء قَوْله [1519] حِين يقوم قَائِم الظهيرة أَي حِين تقوم الشَّمْس وَقت الزَّوَال فِي عين النَّاظر قَوْله حِين تضيف أَي تميل قَوْله [1520] ادخل رجلا قَبره هُوَ عبد الله ذُو النجادين قَوْله

[1523] مَا ذَاك لَك أَي مَا يَنْبَغِي ذَلِك بشأنك فَإِنَّهُ مُنَافِق أَو نقبر فِيهِنَّ المُرَاد مِنْهُ صَلَاة الْجِنَازَة لِأَن الدّفن غير مَكْرُوه وَقَالَ بن حجر مَكْرُوه [1525] صلوا على كل ميت هَذَا مَخْصُوص بِالْمُسْلِمين وَأهل الْقبْلَة لِأَن فِي الحَدِيث الاخر صلوا على كل بر وَفَاجِر وَلِهَذَا قَالَ فِي السراج ان الصَّلَاة خلف الْفَاسِق أفضل من الِانْفِرَاد (إنْجَاح) قَوْله [1526] فدب أَي مَشى اليه بالبطؤ كدبيب النَّمْل وَعدم صلواته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ للزجر والا فقاتل النَّفس لَيْسَ بِكَافِر وَكَذَلِكَ لم يصل صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على من مَاتَ مديونا ويستنبط مِنْهُ ان الامام الْأَعْظَم إِذا لم يصل على مِثَال هَؤُلَاءِ للزجر يسع ذَلِك لَهُ وَلَا يسع لغيره من الْمُسلمين (إنْجَاح) قَوْله [1527] فصلى عَلَيْهَا أعلم ان الصَّلَاة على الْقَبْر مُخْتَلف فِيهِ بَين الْعلمَاء فَذهب الْجُمْهُور الى مشروعيتها سَوَاء صلى اولا أَو لَا وَالنَّخَعِيّ وَمَالك وَأَبُو حنيفَة على أَنه يُصَلِّي ان لم يصل اولا والا فَلَا وَقَالَ أَبُو حنيفَة وَأَبُو يُوسُف مَا جَاءَ من ذَلِك لم يكن على وَجه الصَّلَاة وَإِنَّمَا كَانَ دُعَاء واستغفار أَو كَانَ ذَلِك من خَصَائِص النُّبُوَّة كَمَا يفهم من قَوْله وان الله ينورها لَهُم بصلاتي عَلَيْهِم كَذَا فِي اللمعات واليه أَشَارَ مُحَمَّد فِي مؤطأه حَيْثُ قَالَ وَلَيْسَ صَلَاة النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا كَغَيْرِهِ الا ترى انه صلى على النَّجَاشِيّ بِالْمَدِينَةِ وَقد مَاتَ بِالْحَبَشَةِ فَصَلَاة رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بركَة وطهور فَلَيْسَتْ كَغَيْرِهَا من الصَّلَوَات وَهُوَ قَول أبي حنيفَة انْتهى قَوْله [1528] كنت قَائِلا صَائِما هَذَا يدل على ان دَفنهَا كَانَ بِالنَّهَارِ وَأكْثر رِوَايَات الصِّحَاح تدل على انها مَاتَت بِاللَّيْلِ فَلم يشْعر بهَا النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا فِي آخر الْبَاب من هَذَا الْكتاب فَيحمل على تعدد الْوَاقِعَة وَلَكِن فِيهِ اشكالا آخر وَهُوَ أَنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما مَنعهم عَن دفن الْمَيِّت بِلَا استيذانه مرّة فَكيف فعلوا خِلَافه مرّة أُخْرَى فغايته ان يكون هَذَا وهما من بعض رُوَاته وَالله اعْلَم (إنْجَاح) قَوْله [1534] ان النَّجَاشِيّ الخ لقب ملك الْحَبَشَة بتَخْفِيف الْيَاء قَالَ صَاحب الْمغرب سَمَاعا من الثِّقَات وَهُوَ اخْتِيَار الفارابي وَعَن صَاحب التكملة بِالتَّشْدِيدِ وَعَن الْهَرَوِيّ كلتا اللغتين وَأما تَشْدِيد الْجِيم فخطأ كَذَا فِي الْعَيْنِيّ قَالَ الشَّيْخ وَهُوَ لقب ملك الْحَبَشَة كَانَ رجلا صَالحا واسْمه اصحمة وَهُوَ بِالْعَرَبِيَّةِ عَطِيَّة والْحَدِيث متمسك الشَّافِعِي فِي الصَّلَاة على الْغَائِب وَنحن نقُول رفع سَرِيره حَتَّى رَآهُ بِحَضْرَتِهِ أَو كشف لَهُ فَيكون صَلَاة من خَلفه كَالصَّلَاةِ على ميت رَآهُ الامام بِحَضْرَتِهِ دون الْمَأْمُومين وَهَذَا غير مَانع من الِاقْتِدَاء وَقيل ذَلِك مَخْصُوص بالنجاشي فَلَا يلْحق بِهِ غَيره وَقَالَ الْقَارِي وَعَن بن عَبَّاس قَالَ كشف النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَن سَرِير النَّجَاشِيّ حَتَّى رَآهُ وَصلى عَلَيْهِ قَوْله [1538] فَكبر أَرْبعا يدل على ان تَكْبِيرَات الْجِنَازَة أَربع وَبِه احْتج جَمَاهِير الْعلمَاء مِنْهُم أَبُو حنيفَة وَمَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد وَقد أجمع عَلَيْهِ فِي زمن عمر بن الْخطاب كَذَا ذكره الطَّحَاوِيّ عَيْني قَوْله [1539] مَا القيراطان الخ القيراط بِكَسْر الْقَاف قَالَ الْجَوْهَرِي هُوَ نصف دانق والدانق سدس دِرْهَم قَالَه الْقُسْطَلَانِيّ وَفِي الْقَامُوس القيراط والقراط بكسرهما يخْتَلف وَزنه بِحَسب الْبِلَاد فبمكة أَربع سدس دِينَار وبالعراق نصف عشرَة انْتهى وَفِي الْمجمع هُوَ عبارَة عَن ثَوَاب مَعْلُوم عِنْد الله وَفسّر بجبل عَظِيم وَتَفْسِيره بِالْجَبَلِ تَفْسِير للمقصود لَا للفظ وَيحْتَمل الْحَقِيقَة بِأَن يَجْعَل عمله جسما قدر جبل فيوزن والاستعارة عَن نصيب كَبِير انْتهى قَوْله [1526] مشاقص جمع مشقص وَهُوَ نصل السهْم إِذا كَانَ طَويلا غير عريض (زجاجة) قَوْله [1527] كَانَت تقم الْمَسْجِد أَي تكنسه (زجاجة) قَوْله [1528] كنت قَائِلا هُوَ من القيلولة انجاح الْحَاجة

[1542] حَتَّى تخلفكم بِضَم التَّاء وَكسر اللَّام الْمُشَدّدَة أَي تصيرون وَرَاءَهَا غائبين عَنْهَا قَالَ القَاضِي اخْتلف النَّاس فِي هَذِه المسئلة فَقَالَ مَالك وَأَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ الْقيام مَنْسُوخ وَقَالَ أَحْمد وَإِسْحَاق وَابْن حبيب والماجشون المالكيان هُوَ مُخَيّر قَالَ وَاخْتلفُوا فِي قيام من يشيعها عِنْد الْقَبْر فَقَالَ جمَاعَة من الصَّحَابَة وَالسَّلَف لَا يقْعد حَتَّى تُوضَع قَالُوا والنسخ إِنَّمَا هُوَ فِي قيام من مرت بِهِ وَبِهَذَا قَالَ الْأَوْزَاعِيّ وَأحمد وَإِسْحَاق وَمُحَمّد بن الْحسن قَالَ اخْتلفُوا فِي الْقيام على الْقَبْر حَتَّى تدفن فكرهه قوم وَعمل بِهِ آخَرُونَ روى عَن عُثْمَان وعَلى وَابْن عمر رض وَغَيرهم هَذَا كَلَام القَاضِي وَالْمَشْهُور فِي مَذْهَبنَا ان الْقيام لَيْسَ مُسْتَحبّ وَقَالُوا هُوَ مَنْسُوخ بحدي على وَاخْتَارَ الْمُتَوَلِي من أَصْحَابنَا انه مُسْتَحبّ وَهَذَا هُوَ الْمُخْتَار فَيكون الْأَمر بِهِ للنَّدْب وَالْقعُود بَيَانا للْجُوَاز وَلَا يَصح دَعْوَى النّسخ فِي مثل هَذَا لَان النّسخ إِنَّمَا يكون إِذا تعذر الْجمع بَين الْأَحَادِيث وَلم يتَعَذَّر (نووي) قَوْله [1549] كَانَ على رؤوسهم الطير قَالَ الطَّيِّبِيّ هُوَ كِنَايَة عَن اطراقهم رؤوسهم وسكوتهم وَعدم التفاتهم يَمِينا وَشمَالًا أَي على رَأس كل وَاحِد الطير يُرِيد صيدها وَلَا يَتَحَرَّك وَهَذِه كَانَت صفة مجْلِس رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذا تكلم اطرق جلساءه كَأَنَّهَا على رؤوسهم الطير وَأَصله ان الْغُرَاب إِذا وَقع على رَأس الْبَعِير فيلتقط مِنْهُ الحلمة والحمنانة فَلَا يُحَرك الْبَعِير رَأسه لِئَلَّا ينفر عَنهُ الْغُرَاب (مرقاة) قَوْله [1550] وَفِي سَبِيل الله مُتَعَلق بِفعل مَحْذُوف وَفِي بِمَعْنى على أَي تدفنه فِي سَبِيل الله وَالْغَرَض مِنْهُ ان تشيعنا الْجِنَازَة وصلاتنا عَلَيْهَا ودفننا لَهَا بِسَبَب حكم الله وَدينه قَالَ الله تَعَالَى قل هَذِه سبيلي ادعوا الى الله على بَصِيرَة انا وَمن اتبعني الْآيَة فَسمى الدّين سَبِيلا وَالله أعلم (إنْجَاح) قَوْله [1551] وسل رَسُول رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَعْدا الخ أَي جرد السل والاسلال انتزاع الشَّيْء واخراجه فِي رفق كسل السَّيْف وَذَلِكَ بِأَن يوضع الْجِنَازَة فِي مُؤخر الْقَبْر ثمَّ أخرج من قبل رَأسه وادخل الْقَبْر وَبِه اخذ الشَّافِعِي وَعِنْدنَا السّنة ان يوضع الْجِنَازَة الى الْقبْلَة من الْقَبْر وَيحمل مِنْهُ الْمَيِّت وَيُوضَع فِي الْقَبْر وَهَكَذَا كَانَ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يدْخل الْمَيِّت فِي الْقَبْر كَمَا روى التِّرْمِذِيّ عَن بن عَبَّاس ان النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دخل قبرا لَيْلًا فأسرج لَهُ بسراج فَأخذ من قبل الْقبْلَة لِأَن جَانب الْقبْلَة مُعظم فَيُسْتَحَب الادخال مِنْهُ والاخبار فِي دفن النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَاءَت متعارضه لِأَن فِي رِوَايَة الشَّافِعِي عَن بن عَبَّاس سل رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من قبل رَأسه وَفِي رِوَايَة بن ماجة عَن أبي سعيد ان رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخذ من قبل الْقبْلَة واستقبل اسْتِقْبَالًا فتساقطا وَلم يكن فِي حجرَة النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَعَة فِي ذَلِك الْجَانِب لِأَن قَبره ملصق بالجدار وَكَذَلِكَ هُنَا للضَّرُورَة فان قلت مَا روى التِّرْمِذِيّ عَن بن عَبَّاس ان النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دخل قبرا لَيْلًا الخ إِسْنَاده ضَعِيف كَمَا قَالَ مُحي السّنة فِي شرح السّنة لِأَن فِيهِ الْحجَّاج بن أَرْطَاة ومنهال بن خَليفَة وَقد اخْتلفُوا فيهمَا قلت بذلك ينحط الحَدِيث عَن دَرَجَة الصَّحِيح لَا الْحسن وَلذَا حسنه التِّرْمِذِيّ وَقَالَ أَيْضا وَفِي الْبَاب عَن جَابر وَيزِيد بن ثَابت هُوَ أَخُو زيد بن ثَابت وَحَدِيث بن عَبَّاس حَدِيث حسن صَحِيح وَقد ذهب بعض أهل الْعلم وَقَالُوا يدْخل الْمَيِّت الْقَبْر من قبل الْقبْلَة وَقَالَ بَعضهم ويسل سلا انْتهى (فَخر) قَوْله [1554] اللَّحْد لنا والشق لغيرنا قَالَ النَّوَوِيّ اللَّحْد بِفَتْح اللَّام وَضمّهَا مَعْرُوف وَهُوَ الشق تَحت الْجَانِب القبلي من الْقَبْر وَفِيه دَلِيل لمَذْهَب الشَّافِعِي والاكثرين فِي ان الدّفن فِي اللَّحْد أفضل من الشق إِذا أمكن اللَّحْد واجمعوا على جَوَاز اللَّحْد والشق انْتهى وَقَالَ الشَّيْخ ان كَانَ المُرَاد بضمير الْجمع لنا الْمُسلمُونَ وبغيرنا الْيَهُود وَالنَّصَارَى مثلا فَلَا شكّ انه يدل على أَفضَلِيَّة اللَّحْد بل على كَرَاهَة غَيره وان كَانَ المُرَاد بغيرنا الْأُمَم السَّابِقَة فَفِيهِ أَيْضا أشعار بالأفضلية وعَلى كل تَقْدِير لَيْسَ اللَّحْد وَاجِبا والشق مَنْهِيّا عَنهُ والا لما كَانَ يَفْعَله أَبُو عُبَيْدَة وَهُوَ لَا يكون الا بِأَمْر من الرَّسُول أَو تَقْرِير مِنْهُ وَأَيْضًا لم يتفقوا على أَن أَيهمَا جَاءَ أَو لَا عمل عمله فَهَذَا من الاختيارات دون السّنَن أَي اللَّحْد هُوَ الَّذِي نؤثره ونختاره والشق اخْتِيَار من قبلنَا وَقيل المُرَاد بغيرنا غير أهل الْمَدِينَة من مَكَّة وَغَيرهَا لِأَن أَرض الْمَدِينَة صلبة صَالِحَة للحد بِخِلَاف ارْض مَكَّة وَهَذَا مَحل نظر وَقَالَ الطَّيِّبِيّ وَيُمكن أَنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنى بضمير الْجمع نَفسه أَي اوثر لي اللَّحْد وَهُوَ أَخْبَار عَن الْكَائِن فَيكون معْجزَة وَالله أعلم لمعات قَوْله

[1556] الحدوا اللَّحْد بِفَتْح اللَّام وبضم والالحاد فِي اللُّغَة الْميل وَفِي الشَّرْع الشق الَّذِي يحْفر فِي عرض الْقَبْر فِي جَانب الْقبْلَة يُقَال لحد الْقَبْر كمنع والحده عمل لَهُ لحد أَو لحد الْمَيِّت دَفنه وَالْحَد وأجاء بوصل الْهمزَة من اللَّحْد وبقطعها من الْإِلْحَاد وَاللَّبن بِفَتْح اللَّام وَكسر الْبَاء ككتف واللبنة وَاحِدهَا على مِثَال كلم وَكلمَة وَجَاء بكسرتين وَقَالَ النَّوَوِيّ فِيهِ اسْتِحْبَاب اللَّحْد وَنصب اللَّبن وَأَنه فعل ذَلِك برَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِاتِّفَاق الصَّحَابَة رَضِي الله عَنْهُم وَقد نقلوا ان عدد لبنَاته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تسع انْتهى [1557] رجل يلْحد الرِّوَايَة بِفَتْح الْيَاء من بَاب فتح وَهُوَ أَبُو طَلْحَة الْأنْصَارِيّ وَآخر يضرح أَي يشق وَهُوَ أَبُو عُبَيْدَة بن الْجراح فَإِنَّهُ كَانَ يشق فِي وسط الْقَبْر وَيُطلق عَلَيْهِ الشق بِفَتْح الشين هُوَ الضريح والضريح يُقَال للقبر أَيْضا باللحد وَبلا لحد من الضرح بِمَعْنى الدّفع وضرح للْمَيت حفر لَهُ ضريحا وَاخْتلفت الصَّحَابَة فِي أَيهمَا يفعل للنَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فاتفقوا على ان أَي الرجلَيْن جَاءَ اولا عمل عمله فجَاء أَبُو طَلْحَة فلحد فَلَا شكّ ان اللَّحْد يكون هُوَ الْأَفْضَل وَمَعَ ذَلِك قيل اللَّحْد أفضل ان كَانَت الأَرْض صلبة والشق أفضل ان كَانَت رخوة كَذَا نقل عَن الْجَزرِي لمعات قَوْله [1561] أعلم قبر عُثْمَان بن مَظْعُون من الاعلام وَفِيه ان جعل الْعَلامَة على الْقَبْر وَوضع الْأَحْجَار ليعرفه النَّاس سنته وَهُوَ أَي عُثْمَان بن مَظْعُون أول من مَاتَ من الْمُهَاجِرين بِالْمَدِينَةِ وَأول من دفن بِالبَقِيعِ مِنْهُم وَمَا شرب الْخمر فِي الْجَاهِلِيَّة وَقَالَ لَا اشرب مَا يضْحك من هُوَ دوني وَكَانَ من أكَابِر أهل الصّفة وَأول من ضم اليه إِبْرَاهِيم بن رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلما مَاتَت زَيْنَب بنت رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الحقي بسلفنا الْخَيْر عُثْمَان بن مَظْعُون كَذَا فِي اللمعات قَوْله [1562] نهى عَن تقصيص الْقُبُور قَالَ النَّوَوِيّ التقصيص بِالْقَافِ والصادين الْمُهْمَلَتَيْنِ هُوَ التجصيص والقصة بِفَتْح الْقَاف وَتَشْديد الصَّاد هِيَ الجص وَفِي هَذَا الحَدِيث كَرَاهَة تجصيص الْقَبْر وَفِي الحَدِيث الَّاتِي كَرَاهَة الْبناء عَلَيْهِ هَذَا مَذْهَب الشَّافِعِي وَجُمْهُور الْعلمَاء قَالَ أَصْحَابنَا تجصيص الْقَبْر مَكْرُوه وَالْقعُود عَلَيْهِ حرَام وَكَذَا الِاسْتِنَاد اليه والاتكاء عَلَيْهِ واما الْبناء عَلَيْهِ فَإِن كَانَ فِي ملك الْبَانِي فمكروه وان كَانَ فِي مَقْبرَة مسبلة فَحَرَام نَص عَلَيْهِ الشَّافِعِي والاصحاب قَالَ الشَّافِعِي فِي الام وَرَأَيْت الْأَئِمَّة بِمَكَّة يأمرون بهدم مَا يبْنى وَيُؤَيّد لهَذَا قَوْله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا قبرا مشرفا الا سويته انْتهى قَوْله [1567] عَن أبي الْخَيْر مرْثَد بن عبد الله الْيَزنِي مَنْسُوب الى يزن محركة أَصله يزان بطن من حمير كَذَا فِي الْقَامُوس (إنْجَاح) قَوْله أَو اخصف نَعْلي برجلي أَي اخرزوا خيط وَهُوَ كِنَايَة عَن تحمل التَّعَب وَالْمَشَقَّة فَإِن خصف النَّعْل بِالرجلِ عسير جدا أفلو فرض فلايا من الرجل إِذا خصف نَعله بِرجلِهِ ان يجرح ابرته الرجل وَهَذَا الحَدِيث دَلِيل لمن كره الْمَشْي وَالْجُلُوس على الْمَقَابِر وروى عَن أبي حنيفَة وَمَالك جَوَازه وتأولوا الحَدِيث الْوَارِدَة فِيهِ على الْجُلُوس للْحَدَث وَالْغَائِط وَقد بسط الْعَيْنِيّ كَلَامه فِي شرح البُخَارِيّ وَعلم مِنْهُ ان الْمَيِّت لَهُ شُعُور وَلِهَذَا منع عَن التكشف فِي الْمَقَابِر كَمَا ان قَضَاء الْحَاجة فِي وسط السُّوق مَمْنُوع للتكشف للنَّاس (إنْجَاح) قَوْله [1568] مَا تنقم على الله الخ من نقم كضرب وَعلم كره الْأَمر وَمَا استفهامية وَالْمرَاد مِنْهُ أَي شَيْء تكره على الله تَعَالَى مَعَ أَنه أنعمك هَذِه النِّعْمَة الْعَظِيمَة حَيْثُ تمشي مَعَ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْغَرَض إِظْهَار نعْمَة الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَلِهَذَا أقرّ بن الخصاصية بذلك ثمَّ أعلم ان الْمَشْي فِي النِّعَال فِي الْقُبُور كرهه قوم بِهَذَا الحَدِيث لِأَن السبتية نعل تتَّخذ من جُلُود الْبَقر المدبوغة بالقرظ وَسميت بذلك لِأَن شعرهَا قد سبت عَنْهَا أَي حلق وازيل كَذَا فِي الدّرّ النثير وَجوزهُ آخَرُونَ لحَدِيث مُسلم ان الْمَيِّت يسمع قرع نعَالهمْ وَيحْتَمل ان يكون النَّهْي للتنزيه أَو المُرَاد من قرع النِّعَال صَوتهَا خَارج الْمَقَابِر (إنْجَاح) قَوْله

[1571] فزوروها قَالَ الطَّيِّبِيّ زِيَارَة الْقَبْر مَأْذُون فِيهَا الرِّجَال وَعَلِيهِ عَامَّة أهل الْعلم واما النِّسَاء فقد روى عَن أبي هُرَيْرَة ان رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لعن زوارات الْقُبُور فَرَأى بعض أهل الْعلم ان هَذَا كَانَ قبل أَن يرخص فِي زِيَارَة الْقُبُور فَلَمَّا رخص عَمت الرُّخْصَة لَهُنَّ فِيهِ انْتهى قَالَ الْقَارِي أَقُول هَذَا الْبَحْث مَوْقُوف على التَّارِيخ والا فَظَاهر هَذَا الحَدِيث الْعُمُوم لِأَن الْخطاب فِي نَهَيْتُكُمْ كَمَا انه عَام للرِّجَال وَالنِّسَاء على وَجه التغليب وأصالة الرِّجَال فَكَذَلِك الحكم فِي فزوروها مَعَ ان مَا قيل من ان الرُّخْصَة عَامَّة لَهُنَّ واللعن كَانَ قبل الرُّخْصَة مَبْنِيّ على الِاحْتِمَال أَيْضا وَقيل يكره لَهُنَّ الزِّيَارَة لقلَّة صبرهن وجزعهن قَالَ النَّوَوِيّ واجمعوا على ان زيارتها سنة لَهُم وَهل يكره للنِّسَاء وَجْهَان قطع الْأَكْثَرُونَ بِالْكَرَاهَةِ وَمِنْهُم من قَالَ يكره وَقَالَ الْعَيْنِيّ زِيَارَة الْقُبُور مَكْرُوهَة للنِّسَاء بل حرَام فِي هَذَا الزَّمَان قلت لِأَن فِي خروجهن فتْنَة وَلما يكره خروجهن الى الْمَسَاجِد لخوف الْفِتْنَة فَهَذَا يكره بِالْأولَى لَكِن لَا يكره زِيَارَة قَبره صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُنَّ عِنْد الْجُمْهُور فَخر فَقَالُوا نستخير رَبنَا الخ أَي نطلب الْخَيْر ورضاء الرَّحْمَن فِيمَا يفعل فَإِنَّهُ لَا يفعل بِرَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الا مَا كَانَ خيرا فَأَيّهمَا من صَاحب اللَّحْد اوالضريح أَي الشق سبق تَرَكْنَاهُ يفعل فعله (إنْجَاح الْحَاجة) [1573] ان أبي كَانَ يصل الرَّحِم وَكَانَ وَكَانَ أَي عد مَنَاقِب أَبِيه من افعال الْبر وَالْخَيْر فَكَأَنَّهُ قَالَ وَكَانَ يطعم الْمِسْكِين وَكَانَ يفك الرَّقَبَة مثلا فَسَأَلَ عَن النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ان أَبَاهُ مَعَ هَذِه الْأَوْصَاف الجميلة أَيْن مدخله أَي فِي الْجنَّة أم فِي النَّار فَأَجَابَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنَّهُ فِي النَّار ثمَّ فسره وَرفع حزنه بِأَن الْمُشرك لَا يَنْفَعهُ شَيْء من الصَّدقَات والمبرات وَأما وَالِد النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ففيهما أَقْوَال المتقدمون بأجمعهم على أَنَّهُمَا مَاتَا على الْكفْر وَهُوَ مَرْوِيّ عَن أبي حنيفَة وتمسكوا بِحَدِيث الْبَاب وَغَيره وَبَعض الْمُتَأَخِّرين اثبتوا اسلامهما فَتَارَة يَقُولُونَ انهما احييا وأسلما وَهَذَا القَوْل واه حَيْثُ رده الْقُرْآن وَالْأَحَادِيث الصَّحِيحَة قَالَ الله تَعَالَى فَلَمَّا رَأَوْا بأسنا قَالُوا آمنا بِاللَّه وَحده وكفرنا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكين فَلم يَك يَنْفَعهُمْ ايمانهم لما رَأَوْا بأسنا وَقَالَ تَعَالَى وَلَيْسَت التَّوْبَة للَّذين يعْملُونَ السَّيِّئَات حَتَّى إِذا حضر أحدهم الْمَوْت قَالَ اني تبت الان وَلَا الَّذين يموتون وهم كفار وَأما حَدِيث ذهبت بِقَبْر أُمِّي فَسَأَلت ان يُحْيِيهَا الخ رَوَاهُ الْخَطِيب عَن عَائِشَة مَرْفُوعا وَرَوَاهُ بن شاهين عَنْهَا قَالَ بن الْبَاجِيّ هُوَ مَوْضُوع وَفِي إِسْنَاده مُحَمَّد بن زِيَاد النقاش لَيْسَ بِثِقَة وَأحمد بن يحيى البيرمي وَمُحَمّد بن يحيى البيرمي مَجْهُولَانِ وَقد أَطَالَ فِي اللالي الْكَلَام على هَذَا الحَدِيث وَقَالَ الصَّوَاب الحكم عَلَيْهِ بالضعف لَا بِالْوَضْعِ وَحَدِيث شفعت فِي هَؤُلَاءِ النَّضر أُمِّي وَأبي وَعمي أبي طَالب وَأخي من الرضَاعَة يَعْنِي بن السعدية رَوَاهُ الْخَطِيب عَن بن عَبَّاس مَرْفُوعا وَقَالَ بَاطِل ذكره الشَّوْكَانِيّ وَتارَة بِأَن أهل الفترة مَا كَانُوا مُشْرِكين وَلَا يخفى سخافة هَذَا القَوْل وَقد صنف الْحَافِظ السُّيُوطِيّ رِسَالَة مختصرة فِي هَذَا الْبَاب قلت وَالْقَوْل الثَّالِث السُّكُوت فِي هَذَا الْبَحْث فَإِن الْكَلَام فِيهِ رُبمَا يطول فيخل بِحَضْرَة النُّبُوَّة بِمَا هُوَ أهل لذَلِك صلوَات الله وَسَلَامه عَلَيْهِ وَتَأَول حَدِيث الْبَاب من قَالَ بإسلامهما بِأَن المُرَاد من أَبِيه أبي طَالب عَمه والْحَدِيث الأول بِأَنَّهَا مَاتَت معصومة فَلَا تحْتَاج الى الاسْتِغْفَار كَمَا ان الصَّبِي لَا يسْتَغْفر لَهُ (إنْجَاح) قَوْله حَيْثُ مَا مَرَرْت الخ هَذَا من محَاسِن الْأَجْوِبَة فَإِنَّهُ لما وجد الْأَعرَابِي فِي نَفسه لاطفه النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعدل الى جَوَاب عَام فِي كل مُشْرك وَلم يتَعَرَّض الى الْجَواب عَن وَالِده صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَفْي وَلَا اثبات وَيحْتَمل ان يكون المُرَاد بالاب الْمَسْئُول عَنهُ عَمه أَبَا طَالب فَإِنَّهُ رباه يَتِيما وَكَانَ يُقَال لَهُ أَبوهُ تكَرر ذَلِك فِي الْأَحَادِيث وَلم يعرف وَالِده صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَالَة شرك مَعَ صغر سنه جدا فَإِنَّهُ توفّي وَهُوَ بن سِتّ عشرَة سنة وَقد قَالَ سُفْيَان بن عُيَيْنَة فِي قَوْله تَعَالَى حِكَايَة عَن السَّيِّد إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام واجنبني وَبني ان نعْبد الْأَصْنَام مَا عبد أحد من ولد إِسْمَاعِيل صنما قطّ وَقد روى ان الله تَعَالَى احيى للنَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والداه حَتَّى آمنا بِهِ وَالَّذِي نقطع بِهِ انهما فِي الْجنَّة ولي فِي ذَلِك عدَّة مؤلفات وعَلى ذَلِك حجج قَوِيَّة وَمن أقواها انهما من أهل الفترة وَقد أطبق أَئِمَّتنَا الشَّافِعِيَّة والاشعرية على ان من لم تبلغه الدعْوَة لَا يعذب وَيدخل الْجنَّة لقَوْله تَعَالَى وَمَا كُنَّا معذبين حَتَّى نبعث رَسُولا فَقَالَ الْحَافِظ بن حجر فِي كتاب الْإِصَابَة ورد عدَّة طرق فِي حق شيخ الْهَرم وَمن مَاتَ فِي الفترة وَمن ولد اكمه وَمن ولد مَجْنُونا أَو طَرَأَ عَلَيْهِ الْجُنُون قبل ان يبلغ وَنَحْو ذَلِك ان كلا مِنْهُم يُدْلِي بِحجَّة وَيَقُول لَو عقلت واذكرت لامنت فَترفع لَهُم نَار وَيُقَال ادخلوها فَمن دَخلهَا كَانَت لَهُ بردا وَسلَامًا وَمن امْتنع أدخلها كرها هَذَا معنى مَا ورد من ذَلِك قَالَ وَنحن نرجو ان يدْخل عبد الْمطلب وَأهل بَيته فِي جملَة من يدخلهَا طَائِعا فينجو الا أَبَا طَالب فَإِنَّهُ أدْرك الْبعْثَة وَلم يُؤمن وَثَبت فِي الصَّحِيح انه فِي ضحضاح من نَار (زجاجة) قَوْله لقد كلفني الخ هَذَا مَخْصُوص بِهِ أَو الْأَمر للنَّدْب لَا للْوُجُوب وَالْمرَاد بالمشرك وَالْكَافِر من تَيَقّن كفره وَالله اعْلَم (إنْجَاح) قَوْله

[1578] هَل تدلين أَي تدخلين الْمَيِّت فِي الْقُبُور من الاولاء يُقَال اوليت الدَّلْو وليتها إِذا ارسلتها فِي البير كَذَا فِي الْمجمع ومازورات حَال أَي حَال كونكن مازورات من الْوزر وَهُوَ الْإِثْم وَهَذَا على سَبِيل المشاكلة وَالْقِيَاس موزورات وخروجهن مَعَ الْجَنَائِز مَنْهِيّ عَنهُ لِأَنَّهُ يُنَافِي التستر إنْجَاح الْحَاجة [1587] فَرَأى عمر امْرَأَة أَي تبْكي فصاح بهَا للزجر والتهديد وروى أَحْمد عَن بن عَبَّاس قَالَ مَاتَت زَيْنَب بنت رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبَكَتْ النِّسَاء فَجعل عمر يضربهن بِسَوْط فَأَخَّرَهُ النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ وَقَالَ مهلا يَا عمر ثمَّ قَالَ واياكن ونعيق الشَّيْطَان الحَدِيث (إنْجَاح) قَوْله والعهد قريب أَي فالصبر صَعب وَلذَا قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّبْر أَي الْكَامِل عِنْد الصدمة الأولى وَالْوَاو لمُطلق الْجمع وَعكس فِيهِ التَّرْتِيب الطبيعي لِأَن قرب الْعَهْد يُورث شدَّة الْقلب وَهِي يُورث دمع الْعين ثمَّ الظَّاهِر ان بكاءها كَانَ بِصَوْت لَكِن لَا ترفعه فَنَهَاهَا عمر سد الْبَاب الذريعة حَتَّى لَا ينجر الى النِّيَاحَة الذمومة لَا سِيمَا فِي حَضْرَة النُّبُوَّة فَأمره صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِتَرْكِهَا وَأظْهر عذرها فِي أفعالها وَعلم مِنْهُ ان مُجَرّد الْبكاء غير مَكْرُوه إِجْمَاعًا وَقد صدر الْبكاء عَنهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْد موت ابْنه إِبْرَاهِيم حَيْثُ قَالَ الْعين تَدْمَع وَالْقلب تحزن فالنهي فِي الحَدِيث الَّذِي أوردهُ مَحْمُول على الْبكاء المذموم مرقاة مُخْتَصرا قَوْله [1588] لبَعض بَنَات الخ أَي زَيْنَب كَمَا صرح بِهِ بن أبي شيبَة قَالَه الْقَارِي وَالِابْن هُوَ عَليّ بن الْعَاصِ بن الرّبيع قَالَه الدمياطي وَقَالَ بن بطال بل بنتهَا امامة وَلم تمت فِي مَرضهَا ذَلِك وَقيل بل الْبِنْت الداعية فَاطِمَة وَالِابْن محسن بن عَليّ توشيح قَوْله [1589] فَقَالَ لَهُ المعزي أما أَبُو بكر وَأما عمر هَذَا تَفْسِير لقَوْله المعزى فَكَانَ المعزي ظن ان بكاءه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ منَاف لمرتبة النُّبُوَّة لِأَنَّهُ حصل لَهُ بِسَبَب الْجزع على ابْنه فَعرض لقَوْله أَنْت أَحَق من عظم الله حَقه أَي من شَأْن الْأَنْبِيَاء ان يصبروا ويشكروا على المحن وَالْبَلَاء فَإِنَّهُ فعل المحبوب والمحبوب مُعظم وَهنا تَحْقِيق شرِيف وَهُوَ أَن النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُتَوَجّه الى الْخلق وَالْوَلِيّ مُتَوَجّه الى الْحق فَمن توجه الى الْحق لَا يلْتَفت الى مَا سواهُ لذهوله ونسيانه عَن الكائنات حَتَّى قَالَ قَائِلهمْ أُرِيد لانسى ذكرهَا فَكَأَنَّمَا مثل لي ليلى بِكُل مَكَان وَقد روى عَن بعض انه مَاتَ لَهُ ولد فَضَحِك وَعَن بَعضهم انه أخبر بِمَوْت وَلَده فَقَالَ جرو الْكَلْب مَاتَ وَلم يهتم بذلك وَهَذَا مقَام مزلة الصُّوفِيَّة اقدامهم فضلا عَن الْعَوام حَتَّى قَالَ بعض الكبراء أَن الْولَايَة أفضل من النُّبُوَّة وَأول الشُّرَّاح كَلَامه بِأَن ولَايَة ذَلِك النَّبِي أفضل من نبوته لِأَن الْوَلِيّ ملتفت الى الله وَالنَّبِيّ ملتفت الى الْخلق وَقد بَالغ شَيخنَا القطب الرباني المجدد للألف الثَّانِي فِي شناعة هَذَا القَوْل وَأطَال الْكَلَام فِيهِ وَحَاصِله ان التَّوَجُّه الى الْخلق عَيْني لَيْسَ كتوجه الْعَوام فَإِنَّهُ بعد وُصُوله الى مرتبَة عين الْيَقِين رَجَعَ الى الْخلق من الحكم الرباني وَهُوَ مَعَ ذَلِك كَائِن مَعَ النَّاس بَائِن عَنْهُم وَهُوَ يُعْطي كل ذِي حق حَقه فكينونته مَعَ الْخلق مَعَ هَذِه الْبَيْنُونَة ارْفَعْ حَالا مِمَّن كَانَ مَعَ الْحق فَقَط وَهَذَا التَّحْقِيق قَطْرَة من بحاره رَضِي الله عَنهُ من أَرَادَ الِاطِّلَاع عَلَيْهِ فَعَلَيهِ بمكاتيبه (إنْجَاح) قَوْله لَوْلَا أَنه الخ أَي لَو لم يكن الْمَوْت وَعدا صَادِقا واجتماعنا مَعَك فِي البرزخ أَو فِي الْآخِرَة مَوْعُود من الله تَعَالَى لحزننا عَلَيْك أَكثر مِمَّا حزننا هَذَا القَوْل مِنْهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيَة لَهُ وَلمن مَاتَ لَهُ حميم فَإِن الْإِنْسَان إِذا تَأمل وَنظر أَن هَذِه الْمُفَارقَة قَليلَة وان الْمَآل الى الْآخِرَة وثمة يجْتَمع الاولون مَعَ الآخرين لهانت عَلَيْهِ مصائب الْفِرَاق إنْجَاح الْحَاجة قَوْله [1590] ان للزَّوْج الى آخِره يَعْنِي ان للزَّوْج فِي قلب الْمَرْأَة لشعبة من الْمحبَّة والالفة لَيْسَ تِلْكَ الشعبة من الْمحبَّة لشَيْء اخر أَي لَاحَدَّ فِي قَلبهَا وَلِهَذَا إِذا سَمِعت بِمَوْت أَخِيهَا استرجعت فَقَط وَإِذا سَمِعت بِمَوْت زَوجهَا تندب بالتأوه والحزن 12 (إنْجَاح) قَوْله [1591] وَلَا يبْكين الخ بكاءهن على موتاهن كَانَ قبل النَّهْي وَأما بعد وَاقعَة أحد فقد حرم فَلَا يَنْبَغِي لأحد ان يبكي بعد هَذِه الْوَاقِعَة وَالله أعلم (إنْجَاح) قَوْله [1592] المراثي قَالَ فِي النِّهَايَة هُوَ ان ينْسب الْمَيِّت فَيُقَال وافلاناه قَالَ الْخطابِيّ انما كره من المراثي النِّيَاحَة على مَذْهَب الْجَاهِلِيَّة فَأَما الثَّنَاء وَالدُّعَاء للْمَيت فَغير مَكْرُوه لِأَنَّهُ رثى غير وَاحِد من الصَّحَابَة وَذكر فِيهِ وَفِي الصَّحَابَة كثير من المراثي (زجاجة) قَوْله [1594] واكاسياه من قَوْلهم كسوت الرجل إِذا البست لَهُ الْكسْوَة وَهَذَا تجزع بِإِظْهَار مَا كَانَ يحصل لَهَا بِسَبَب الْمَيِّت من رَاحَة المعاش من الْكسْوَة وَالطَّعَام (إنْجَاح) قَوْله يتعتع أَي يعنف من قَوْلهم تعتعه إِذا حركه بعنف أَي يزْجر الْمَيِّت بعد هَذِه الصِّفَات (إنْجَاح) قَوْله

[1596] إِنَّمَا الصَّبْر الخ قَالَ الْخطابِيّ الْمَعْنى ان الصَّبْر الَّذِي يحمد عَلَيْهِ صَاحبه مَا كَانَ عِنْد مفاجأة الْمُصِيبَة بِخِلَاف مَا بعد ذَلِك فَإِنَّهُ بعد الْأَيَّام يسلو وَقَالَ الطَّيِّبِيّ إِذْ هُنَاكَ سُورَة الْمُصِيبَة فيثاب على الصَّبْر وَبعدهَا تنكسر سورتها فَيصير الصَّبْر طبعا فَلَا يُثَاب عَلَيْهَا [1599] ورجاء ان يخلفه الله أَي يخلف الله أَبَا بكر فِي أمته وَقد فعله الله تَعَالَى مَا رجى فَإِنَّهُ أحكم دينه وابرم حكمه وَقَاتل الْمُرْتَدين والمعاندين فجزاه الله تَعَالَى عَن أمته خير الْجَزَاء (إنْجَاح) قَوْله فليتعز بمصيبته أَي ليتسل قلبه عَن الْمُصِيبَة الَّتِي أَصَابَته بالمصيبة الَّتِي هِيَ بِسَبَب وفاتي لِأَنَّهُ لَا شَيْء أَشد على الْمُسلمين من موت رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَنَّهُ كَانَ امنة لأمته فَإِذا مَاتَ أصَاب النَّاس من الْفِتَن والاهواء والاعمال والتغير مَالا يكَاد يُحْصى (إنْجَاح) قَوْله [1602] من عزى مصابا الخ هَذَا الحَدِيث أوردهُ بن الْجَوْزِيّ فِي الموضوعات وَقَالَ تفرد بِهِ عَليّ بن عَاصِم عَن مُحَمَّد بن سوقة وَقد كذبه شُعْبَة وَيزِيد بن هَارُون وَيحيى بن معِين وَقَالَ التِّرْمِذِيّ بعد إِخْرَاجه يُقَال أَكثر مِمَّا ابْتُلِيَ بِهِ عَليّ بن عَاصِم بِهَذَا الحَدِيث نقموا عَلَيْهِ انْتهى وَقَالَ الْبَيْهَقِيّ تفرد بِهِ عَليّ بن عَاصِم وَهُوَ أحد مَا أنكر عَلَيْهِ قَالَ وَقد روى أَيْضا عَن غَيره وَقَالَ الْخَطِيب هَذَا الحَدِيث مِمَّا أنكرهُ النَّاس على عَليّ بن عَاصِم وَكَانَ أَكثر كَلَامهم فِيهِ بِسَبَبِهِ وَقد رَوَاهُ عبد الحكم بن مَنْصُور وروى عَن سُفْيَان الثَّوْريّ وَشعْبَة وَإِسْرَائِيل وَمُحَمّد بن الْفضل وَعبد الرَّحْمَن بن مَالك بن مغول والْحَارث بن عمر بن الْمقري كلهم عَن بن سوقة وَلَيْسَ شَيْء مِنْهَا ثَابتا وَقَالَ الْحَافِظ بن حجر كل المتابعين لعَلي بن عَاصِم أَضْعَف مِنْهُ بِكَثِير وَلَيْسَ فِيهَا رِوَايَة يُمكن التَّعَلُّق بهَا الا طَرِيق إِسْرَائِيل فقد ذكرهَا صَاحب الْكَمَال من طَرِيق وَكِيع عَنهُ وَلم أكف على اسنادها بعد وَقَالَ الصّلاح العلائي قد رَوَاهُ إِبْرَاهِيم بن مُسلم ذكره بن حبَان فِي الثِّقَات وَلم يتَكَلَّم فِيهِ أحد وَقيس بن الرّبيع صَدُوق مُتَكَلم فِيهِ لَكِن حَدِيثه يُؤَيّد رِوَايَة عَليّ بن عَاصِم وَيخرج بِهِ عَن ان يكون ضَعِيفا واهيا فضلا عَن أَن يكون مَوْضُوعا انْتهى (زجاجة) قَوْله [1603] الا تَحِلَّة الْقسم قَالَ فِي النِّهَايَة قيل أَرَادَ بالقسم قَوْله تَعَالَى وان مِنْكُم الا واردها تَقول الْعَرَب ضَربته تحليلا وضربته تعزيرا إِذا لم يُبَالغ فِي ضربه وَهَذَا مثل فِي الْقَلِيل المفرط الْقلَّة وَهُوَ أَن يُبَاشر من الْفِعْل الَّذِي يقسم عَلَيْهِ الْمِقْدَار الَّذِي يبر بِهِ قسمه فَالْمَعْنى لَا تمسه النَّار الا مسته يسيرَة مثل تَحِلَّة قسم الْحَالِف وَيُرِيد بتحلته الْوُرُود على النَّار والاجتياز بهَا وَالتَّاء فِي التحلة زَائِدَة وَقَالَ القَاضِي عِيَاض قَوْله الا تَحِلَّة الْقسم مَحْمُولَة على الِاسْتِثْنَاء عِنْد الْأَكْثَر وَعبارَة عَن الْقلَّة عِنْد بَعضهم يُقَال مَا ضربه الا تحليلا إِذا لم يُبَالغ فِي الضَّرْب قدرا يُصِيب مِنْهُ مَكْرُوه وَقيل الا بِمَعْنى الْوَاو أَي لَا تمسه النَّار كثيرا وَلَا قَلِيلا وَلَا مِقْدَار تَحِلَّة الْقسم انْتهى وَقَالَ بن الْحَاجِب فِي أَمَالِيهِ الحَدِيث مَحْمُول على الْوَجْه الثَّانِي فِي قَوْلك مَا تَأْتِينَا فتحدثنا وَلَا يَسْتَقِيم على الْوَجْه الأول لِأَن معنى الأول ان يكون الْفِعْل الأول سَببا للثَّانِي كَقَوْلِك مَا تَأْتِينَا فتحدثنا أَي لَو اتيتنا وَلَيْسَ عِلّة لقَوْله لَا يَمُوت لرجل لِأَنَّهُ يُؤَدِّي الى عكس الْمَعْنى الْمَقْصُود وَيصير الْمَعْنى ان الْأَوْلَاد سَبَب لولوج النَّار وَالْمَقْصُود ضد الْمَعْنى الْمَذْكُور وَإِذا حمل على الْوَجْه الثَّانِي وَهُوَ ان الْغَرَض ان الثَّانِي لَا يكون عقب الأول أَفَادَ الْفَائِدَة الْمَقْصُودَة بِالْحَدِيثِ إِذْ يصير الْمَعْنى ان ولوج النَّار لَا يكون عقب موت الْأَوْلَاد وَهُوَ الْمَقْصُود فَإِنَّهُ إِذا لم يكن الولوج مَعَ موت الْأَوْلَاد وَجب دُخُول الْجنَّة إِذْ لَيْسَ بَين الْجنَّة وَالنَّار منزلَة أُخْرَى فِي الْآخِرَة فَثَبت ان الْخَبَر لَا يُمكن حمله الا على الْوَجْه الثَّانِي لَا على الْوَجْه الأول انْتهى وَقَالَ الاشرفي الْفَاء إِنَّمَا تنصب الْمُضَارع بتقديران إِذا كَانَ بَين مَا قبلهَا وَمَا بعْدهَا سَبَبِيَّة وَلَا سَبَبِيَّة هُنَا إِذْ لَا يجوز ان يكون موت الْأَوْلَاد وَعَدَمه سَببا لولوجهم النَّار فالفاء بِمَعْنى الْوَاو وَالَّتِي للجمعية وَتَقْدِيره لَا يجْتَمع لمُسلم موت ثَلَاثَة من الْأَوْلَاد وولوج النَّار وَنَظِيره مَا من عبد يَقُول بِسم الله الَّذِي لَا يضر مَعَ اسْمه شَيْء فيضره بِالنّصب وَتَقْدِيره لَا يجْتَمع لعَبْدِهِ هَذِه الْكَلِمَات ومضرة شَيْء إِيَّاه انْتهى (زجاجة) قَوْله [1604] لم يبلغُوا الْحِنْث قَالَ فِي النِّهَايَة أَي لم يبلغُوا مبلغ الرِّجَال فَيجْرِي عَلَيْهِم الْقَلَم فَيكْتب عَلَيْهِم الْحِنْث وَهُوَ الْإِثْم قَالَ الْجَوْهَرِي بلغ الْغُلَام الْحِنْث أَي المعصة وَالطَّاعَة (زجاجة) قَوْله [1607] لسقط الخ قَالَ فِي النِّهَايَة السقط بِالْكَسْرِ وَالْفَتْح وَالضَّم وَالْكَسْر أَكْثَرهَا الْوَلَد الَّذِي يسْقط من بطن أمه قبل تَمَامه يَعْنِي ان ثَوَاب السقط أَكثر من ثَوَاب كبار من الْأَوْلَاد وَلِأَن فعل الْكَبِير يَخُصُّهُ أجره وثوابه وان شَاركهُ الْأَب فِي بعضه وثواب السقط موفر على الْأَب (زجاجة) قَوْله

[1610] لما جَاءَ نعي جَعْفَر قَالَ فِي اللمعات النعي بفتحالنون وَسُكُون الْعين الاخبار بِمَوْت أحد والنعي على وزن فعيل بِمَعْنى خبر الْمَوْت وَقد جَاءَ بِمَعْنى الناعي أَي الْمخبر وَيصِح حمله عَلَيْهِ وَالْأول بل الثَّانِي أظهر وَفِي الحَدِيث دَلِيل على أَنه يسْتَحبّ للجيران والأقارب تهية طَعَام لأهل الْمَيِّت قَالَ بن الْهمام وَيسْتَحب لجيران أهل الْمَيِّت والاقرباء والاياعد تهيئة طَعَام لَهُم يشبعهم يومهم وليلتهم لقَوْله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اصنعوا لآل جَعْفَر طَعَاما فقد أَتَاهُم مَا يشغلهم وَقيل ثَلَاثَة أَيَّام مُدَّة التَّعْزِيَة وَيكرهُ اتِّخَاذ الضِّيَافَة من أهل الْمَيِّت لِأَنَّهُ شرع فِي السرُور لَا فِي الشرور وَهِي بِدعَة مستقبحة انْتهى [1611] حَتَّى كَانَ حَدِيثا فَترك أَي ترك عمله أَو ترك من حَيْثُ السّنة بل صَار بِدعَة مذمومة قَالَ السُّيُوطِيّ فِي الدّرّ النثير الْأَمر الْحَادِث الْمُنكر الَّذِي لَيْسَ بِمَعْرُوف فِي السّنة والمفاد من هَذَا الحَدِيث وَالله أعلم ان هَذَا الْأَمر كَانَ فِي الِابْتِدَاء على الطَّرِيقَة المسنونة ثمَّ صَار حَدثا فِي الْإِسْلَام حَيْثُ صَار مفاخرة ومباهاة كَمَا هُوَ الْمَعْهُود فِي زَمَاننَا لِأَن النَّاس يَجْتَمعُونَ عِنْد أهل الْمَيِّت فيبعث اقاربهم اطعمة لَا تَخْلُو عَن التَّكَلُّف فَيدْخل بِهَذَا السَّبَب الْبِدْعَة الشنيعة فيهم وَأما صَنْعَة الطَّعَام من أهل الْمَيِّت إِذا كَانَ للْفُقَرَاء فَلَا بَأْس بِهِ لِأَن النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قبل دَعْوَة الْمَرْأَة الَّتِي مَاتَ زَوجهَا كَمَا فِي سنَن أبي دَاوُد وَأما إِذا كَانَ للأغنياء والاضياف فمنوع ومكروه لحَدِيث أَحْمد وَابْن ماجة فِي الْبَاب الَّاتِي كُنَّا نرى الِاجْتِمَاع وصنعة الطَّعَام من أهل الْمَيِّت من النِّيَاحَة أَي نعد وزره كوزر النوح (إنْجَاح) قَوْله [1613] موت غربَة شَهَادَة هَذَا الحَدِيث أوردهُ بن الْجَوْزِيّ فِي الموضوعات من وَجه آخر عَن عبد الْعَزِيز وَلم يصب فِي ذَلِك وَقد سقت لَهُ طرقا كَثِيرَة فِي اللالئ المصنوعة قَالَ الْحَافِظ بن حجر فِي التَّخْرِيج إِسْنَاد بن ماجة ضَعِيف لِأَن الْهُذيْل مُنكر الحَدِيث وَذكر الدَّارَقُطْنِيّ فِي الْعِلَل الْخلاف فِيهِ على الْهُذيْل وَصحح قَول من قَالَ عَن الْهُذيْل عَن عبد الْعَزِيز عَن نَافِع عَن بن عمر (زجاجة) قَوْله موت غربَة شَهَادَة قَالَ أهل التَّحْقِيق الغربة غربتان غربَة بالجسم وغربة بِالْقَلْبِ وَهُوَ الْمشَار اليه بقوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كن فِي الدُّنْيَا كَأَنَّك غَرِيب أَو كعابر سَبِيل وعد نَفسك من أهل الْقُبُور وَهُوَ يحصل بتحصيل الْمَوْت الارادي وَترك التَّعَلُّق بِمَا سوى الله لمعات قَوْله [1614] قيس لَهُ أَي قدر لَهُ الى مُنْقَطع اثره أَي مَوضِع انْقَطع فِيهِ سَفَره وانْتهى اليه فَمَاتَ فِيهِ وَالْمرَاد اثر اقدام وَقَالَ الطَّيِّبِيّ المُرَاد بالأثر الاجل يُسمى اثرا لِأَنَّهُ يتبع الْعُمر وَأَصله أَيْضا من أثر الاقدام فَإِن من مَاتَ لَا يبْقى لاقدامه اثر فأفهم وَقَوله فِي الْجنَّة مُتَعَلق بقيس وَظَاهر الْعِبَادَة انه يعْطى لَهُ فِي الْجنَّة مَكَان هَذَا الْمِقْدَار وَهَذَا لَيْسَ بِمُرَاد فَإِن هَذَا الْمِقْدَار من الْمَكَان لَا اعْتِبَار بِهِ فِي جنب سَعَة الْجنَّة الا ان يُقَال المُرَاد ثَوَاب عمل عمله فِي مثل هَذَا الْمسَافَة لَا يخْتَص بِعَمَلِهِ فِي مولده وَقَالَ الطَّيِّبِيّ المُرَاد أَنه يفسح لَهُ فِي قَبره مِقْدَار مَا بَين قَبره وَبَين مولده وَيفتح لَهُ بَاب الْجنَّة فَتَأمل لمعات قَوْله [1615] من مَاتَ مَرِيضا الخ هَذَا الحَدِيث أوردهُ بن الْجَوْزِيّ فِي الموضوعات وَأعله إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن أبي يحيى الْأَسْلَمِيّ فَإِنَّهُ مَتْرُوك قَالَ وَقَالَ أَحْمد بن حَنْبَل إِنَّمَا هُوَ من مَاتَ مرابطا وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ ثَنَا بن مخلد ثَنَا أَحْمد بن عَليّ الابار ثَنَا بن أبي سكينَة الْحلَبِي قَالَ سَمِعت إِبْرَاهِيم بن أبي يحيى يَقُول حدثت بن جريج بِهَذَا الحَدِيث من مَاتَ مرابطا فروى عني من مَاتَ مَرِيضا وَمَا هَكَذَا حدثته مِصْبَاح الزجاجة قَوْله [1616] ككسره حَيا يَعْنِي فِي الْإِثْم قَالَ الطَّيِّبِيّ الْإِشَارَة الى أَنه لَا يهان الْمَيِّت كَمَا لَا يهان الْحَيّ قَالَ بن عبد الْبر يُسْتَفَاد مِنْهُ أَن الْمَيِّت يتألم بِجَمِيعِ مَا يتالم بِهِ الْحَيّ وَمن لَازمه ان يستلذ بِمَا يستلذ بِهِ الْحَيّ وَالله أعلم انْتهى قَوْله [1618] فَقلت أَي أمه هُوَ مخفف أُمَّاهُ وَالْهَاء للسكتة قَوْله اشْتَكَى أَي مرض فعلق ينفث أَي طفق وَشرع قَوْله فَجعلنَا نشبه نفثه الخ النفث كالنفخ الصَّوْت يخرج من الْفَم وان كَانَ مَعَ الرِّيق فَهُوَ التفل وَهَذَا أقل من التفل كَذَا فِي الْقَامُوس وَالْغَرَض مِنْهُ وَالله أعلم انه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من شدَّة الْمَرَض والضعف ينفث على جسده الشريف كَمَا ينفث آكل الزَّبِيب زبيبه وَذَلِكَ أَن أكل الزَّبِيب ينفخه قَلِيلا لقلَّة التُّرَاب وَالْغُبَار عَلَيْهِ بِخِلَاف أكل الشّعير وَغَيره فَإِن فِيهِ النفخ أَشد لِأَنَّهُ مقشر وَقيل هَذَا تَشْبِيه لغلظة بزاقه لِأَنَّهُ من أكل زبيبا يغلظ بزاقه فَكَأَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَار بزاقه بِسَبَب الْحمى غليظا وَذَلِكَ بِسَبَب يبس رطوبته الغريزية وَالله أعلم وَقَوله فَلَمَّا ثقل أَي اشْتَدَّ مَرضه وَقَوله ان يدرن عَلَيْهِ أَي كَمَا كَانَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدُور عَلَيْهِنَّ فِي حَال الصِّحَّة كَذَلِك يدرن عَلَيْهِ فِي حَالَة الْمَرَض (إنْجَاح) قَوْله لم تسمه عَائِشَة فَإِن قلت فَلم لم تسم عَائِشَة قلت لِأَن الْعَبَّاس كَانَ دَائِما يلازم أحد جانبيه وَأما جَانب الاخر فَتَارَة كَانَ عَليّ فِيهِ وَتارَة أُسَامَة فلعدم ملازمته لذَلِك لم يذكرهُ لَا للعداوة وَلَا لنحوها حاشا من ذَلِك كرماني قَوْله [1619] والحقني بالرفيق الْأَعْلَى الرفيق جمَاعَة الْأَنْبِيَاء الساكنين أَعلَى عليين فعيل بِمَعْنى جمَاعَة كالصديق والخليط يَقع على الْوَاحِد وَالْجمع وَمِنْه وَحسن أُولَئِكَ رَفِيقًا والرفيق الْمرَافِق فِي الطَّرِيق وَقيل مَعْنَاهُ الحقني بِاللَّه يُقَال الله رَفِيق بعباده من الرِّفْق والرأفة قَالَ الْكرْمَانِي أَي الْمَلأ الْأَعْلَى من الْمَلَائِكَة أَو الَّذين أنعم الله عَلَيْهِم من النَّبِيين وَالصديقين وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ انْتهى قَوْله

[1622] أَشد عَلَيْهِ الوجع قَالَ الْقَارِي شدَّة الْمَوْت لَيست من المنذرات بِسوء الْعَاقِبَة بل لرفع الدَّرَجَات الْعَالِيَة [1623] بِالْمَاءِ أَي لتبريد حرارة الْمَوْت أَو لدفع الغشي أَو لتنظيف الْوَجْه عِنْد التَّوَجُّه الى ربه (مرقاة) قَوْله [1624] كَأَنَّهُ ورقة مصحف قَالَ النَّوَوِيّ هُوَ عبارَة عَن الْجمال البارع وَحسن الْبشرَة وصفاء الْوَجْه واستنارته والمصحف مثلث الْمِيم (زجاجة) قَوْله [1626] كَانَ وَصِيّا قَالَ الْقُرْطُبِيّ الشِّيعَة قد وضعُوا أَحَادِيث أَن النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أوصى بالخلافة لعَلي فَرد عَلَيْهِم جمَاعَة من الصَّحَابَة ذَلِك وَكَذَا من بعدهمْ فَمن ذَلِك مَا استدلت بِهِ عَائِشَة كَمَا سَيَأْتِي وَمن ذَلِك ان عليا لم يدع لنَفسِهِ وَلَا بعد الْخلَافَة وَلَا ذكره أحد من الصَّحَابَة يَوْم السَّقِيفَة كَذَا فِي الْفَتْح وَفِي سر الْحلَبِي قَالَ على رَضِي الله عَنهُ لَو كَانَ من النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عهد فِي ذَلِك مَا تركت الْقِتَال على ذَلِك وَالنَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يمت فِي مرّة بل مكث أَيَّامًا وليالي يَأْتِيهِ الْمُؤَذّن فيؤذنه بِالصَّلَاةِ فيأمر أَبَا بكر يُصَلِّي بِالنَّاسِ وَهُوَ يرى مَكَاني فَلَمَّا مَاتَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اخترنا لدنيانا من رضيه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لديننا فَبَايَعْنَاهُ انْتهى مُخْتَصرا قَوْله [1627] ان يُمِيتك مرَّتَيْنِ قيل هُوَ على على حَقِيقَته وَأَشَارَ بذلك الى الرَّد على مَا قَالَ عمر رَضِي الله عَنهُ وَغَيره انه سَيَجِيءُ فَيقطع أَيدي رجال لِأَنَّهُ لَو صَحَّ ذَلِك للَزِمَ ان يَمُوت موتَة أُخْرَى فَأخْبر أَنه أكْرم على الله من ان يجمع عَلَيْهِ موتتين كَمَا جمعهَا على غَيره كَالَّذِين اخْرُجُوا من دِيَارهمْ وهم الوف وكالذي مر على قَرْيَة وَهَذَا أوضح الْأَجْوِبَة وأسلمها وَقل أَرَادَ أَنه لَا يَمُوت موتَة أُخْرَى فِي الْقَبْر كَغَيْرِهِ أَو يحيى ليسأل ثمَّ يَمُوت وَهَذَا جَوَاب الدَّاودِيّ وَقيل كنى بِالْمَوْتِ الثَّانِي عَن الكرب إِذْ لَا يلقِي بعد كرب هَذَا الْمَوْت كربا آخر وَأغْرب من قَالَ المُرَاد بالموتة الْأُخْرَى موت الشَّرِيعَة لَا يجمع الله عَلَيْك موتك وَمَوْت شريعتك وَيُؤَيّد هَذَا القَوْل قَول أبي بكر بعد ذَلِك فِي خطبَته من كَانَ يعبد مُحَمَّدًا فَإِن مُحَمَّد قد مَاتَ وَمن كَانَ يعبد الله فَإِن الله حَيّ لَا يَمُوت قَالَه الْقُسْطَلَانِيّ وَقَالَ الْكرْمَانِي فِي الحَدِيث جَوَاز تَقْبِيل الْمَيِّت وان تسجية الْمَيِّت مُسْتَحبّ صِيَانة من الانكشاف وَستر صورته المتغيرة عَن الاعين قَوْله

[1628] يصلونَ قَالَ النَّوَوِيّ اخْتلف هَل صلى عَلَيْهِ فَقيل لم يصل عَلَيْهِ أحد أصلا وَإِنَّمَا كَانَ النَّاس يدْخلُونَ ارسالا يدعونَ وينصرفون وَاخْتلف هَؤُلَاءِ فِي عِلّة ذَلِك فَقيل لفضيلته فَهُوَ غَنِي عَن الصَّلَاة عَلَيْهِ وَهَذَا ينكسر بِغسْلِهِ وَقيل بل لِأَنَّهُ لم يكن هُنَاكَ امام وَهَذَا غلط فَإِن امامة الْفَرَائِض لم تتعطل وَلِأَن بيعَة أبي بكر كَانَت قبل دَفنه وَكَانَ إِمَام النَّاس قبل الدّفن الصَّحِيح الَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُور أَنهم صلوا فُرَادَى فَكَانَ يدْخل فَوْج يصلونَ فُرَادَى ثمَّ يخرجُون ثمَّ يدْخل فَوْج آخر فيصلون كَذَلِك ثمَّ دخلت النِّسَاء بعد الرِّجَال ثمَّ الصّبيان وَإِنَّمَا اخروا دَفنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من يَوْم الْإِثْنَيْنِ الى لَيْلَة الْأَرْبَعَاء أَو آخر نَهَار الثلثاء للاشتغال بِأَمْر الْبيعَة ليَكُون لَهُم إِمَام يرجعُونَ الى قَوْله ان اخْتلفُوا فِي شَيْء من أُمُور تَجْهِيزه وَدَفنه وينقادون لأَمره لِئَلَّا يُؤَدِّي الى النزاع وَاخْتِلَاف الْكَلِمَة وَكَانَ هَذَا أهم الْأُمُور انْتهى قلت وَنقل عَن عَليّ أَنه قَالَ لم يؤم النَّاس على رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أحد لِأَنَّهُ كَانَ إمامكم فِي الْحَيَّات وَبعد الْمَمَات وَأول من صلى عَلَيْهِ كَانَ أهل بَيته عَليّ وعباس وَبَنُو هَاشم ثمَّ الْمُهَاجِرُونَ ثمَّ الْأَنْصَار فَخر الْحسن قَوْله اخذ قطيفة هُوَ كسَاء لَهُ خمل قَالَ النَّوَوِيّ القاها شقران وَقَالَ كرهت ان يلبسهَا أحد بعد رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقد نَص الشَّافِعِي وَالْعُلَمَاء على كَرَاهَة وضع قطيفة أَو مضربة أَو مخدة وَنَحْو ذَلِك تَحت الْمَيِّت وشذ عَنْهُم الْبَغَوِيّ فَقَالَ لَا بَأْس بذلك لهَذَا الحَدِيث وَالصَّوَاب كَرَاهَته كَمَا قَالَ الْجُمْهُور وَأَجَابُوا عَن الحَدِيث بِأَن شقران انْفَرد بِفعل ذَلِك وَإِنَّمَا فعله لما ذكرنَا عَنهُ من كَرَاهَة ان يلبسهَا أحد بعده وَخَالفهُ غَيره فروى الْبَيْهَقِيّ عَن بن عَبَّاس انه كره ان يَجْعَل تَحت الْمَيِّت ثوب فِي قَبره انْتهى وَقَالَ بن عبد الْبر انها أخرجت قبل اهالة التُّرَاب [1631] وَمَا نفضنا النفض هُوَ تَحْرِيك الشَّيْء ليزول عَنهُ التُّرَاب وَغَيره وَقَوله حَتَّى انكرنا قُلُوبنَا أَي تَغَيَّرت حَال قُلُوبنَا بِمُجَرَّد وَفَاتَ النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إنْجَاح) قَوْله [1633] نَظرنَا هَكَذَا وَهَكَذَا كالمتحير إِذا ضل السَّبِيل وَلَا يجد من يسلكه لِأَن رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وان خلف بعده الْكتاب وَالسّنة لَكِن يحْتَاج فهيما الى الرَّأْي وَالِاجْتِهَاد وَهُوَ يحْتَمل الْخَطَأ وَالصَّوَاب (إنْجَاح) قَوْله [1634] فَتلفت فِي الْقَامُوس لغته يلفته لواه وَصَرفه عَن رَأْيه وَمِنْه الِالْتِفَات والتلفت وغرضها رض ان حُضُور الصَّلَاة كَانَ مَعَ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على أتم الْوُجُوه لوُجُود المرشد الْكَامِل وَعدم الْفِتْنَة والحائل فَلذَلِك مَا كَانَ يعدو أَي يتَجَاوَز بصر أحدهم مَوضِع قَدَمَيْهِ وَتغَير حَالهم فِي خلَافَة الصّديق حَتَّى عدا بصرهم الى مَوضِع الجبين وَهُوَ مَوضِع السُّجُود والحظ فِي خلَافَة الْفَارُوق وَلَكِن لم يشتت بصرهم عَن الْقبْلَة وزالت فِي الدولة العثمانية بِسَبَب حُدُوث الْفِتْنَة وَفِيه ان الشَّيْخَيْنِ كَانَا أولى بالخلافة من الخلتين لِعَظَمَة شَأْنهمَا وَتحمل ثقل النُّبُوَّة وَقَالَ بن مَسْعُود مَا زلنا أعزة مذ أسلم عمر وَمَا زلنا اذلة مذ مَاتَ عمر أنجاح قَوْله [1635] الى أم أَيمن هِيَ أم أُسَامَة بن زيد بن حَارِثَة كَانَت مولاة النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ ورثهَا من أَبِيه وَهِي حاضنة وَكَانَ يُحِبهَا وَيُحب أَوْلَادهَا وَزوجهَا زيد بن حَارِثَة غُلَام خَدِيجَة الْكُبْرَى رض الَّذِي وهبته لرَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَذَا ذكره بعض الْمُحَقِّقين وَتوفيت بعد شَهَادَة عمر بِعشْرين يَوْمًا (إنْجَاح) قَوْله [1636] وَفِيه النفخة أَي النفخة الثَّانِيَة الَّتِي توصل الْأَبْرَار الى النَّعيم الْمُقِيم الْبَاقِيَة وَفِيه الصعقة أَي الصَّيْحَة وَالْمرَاد بِهِ الصَّوْت الْحَائِل الَّذِي يَمُوت الْإِنْسَان من هوله وَهِي النفخة الأولى (مرقاة) قَوْله معروضة عَليّ يَعْنِي على وَجه الْقبُول فِيهِ والا فَهِيَ دَائِما تعرض عَلَيْهِ بِوَاسِطَة الْمَلَائِكَة الا عِنْد رَوْضَة فيسمعها بِحَضْرَتِهِ (مرقاة) قَوْله ارمت بِفَتْح الرَّاء وَإِسْكَان الْمِيم وَفتح التَّاء المخففة ويروى بِكَسْر الرَّاء أَي بليت وَقيل الْبناء للْمَفْعُول من الارم وَهُوَ الْأكل أَي صرت مَأْكُولا للْأَرْض وَقيل بِالْمِيم الْمُشَدّدَة التَّاء الساكنة أَي أرمت الْعِظَام وَصَارَت رميما ويروى أرممت بالميمين أَي صرت رميما (مرقاة) قَوْله تَأْكُل اجساد الْأَنْبِيَاء وَكَذَلِكَ سَائِر الْأَمْوَات أَيْضا يسمعُونَ السَّلَام وَالْكَلَام ويعرض عَلَيْهِم أَعمال اقاربهم نعم الْأَنْبِيَاء يكون حياتهم على الْوَجْه الاكمل (مرقاة) قَوْله [1638] كل عمل الخ قَالَ الْبَيْضَاوِيّ لما أَرَادَ بقوله كل عمل الْحَسَنَات من الْأَعْمَال وضع الْحَسَنَة فِي الْخَبَر مَوضِع الضَّمِير الرَّاجِع الى المبتداء وَالْمعْنَى ان الْحَسَنَات يضاعفن جزاءها من عشر أَمْثَالهَا الى سبع مائَة الا الصَّوْم فَإِن ثَوَابه لَا يقاده قدر وَلَا يقدر على احصائه الا الله تَعَالَى وَلذَلِك يتَوَلَّى جزاءه بِنَفسِهِ وَلَا يكله الى الْمَلَائِكَة والموجب لاخْتِصَاص الصَّوْم بِهَذَا الْفضل امران أَحدهمَا ان سَائِر الْعِبَادَات مِمَّا يطلع الْعباد عَلَيْهِ وَالصَّوْم سر بَينه وَبَين الله تَعَالَى خَالِصا لوجه الله تَعَالَى ويعامله بِهِ طَالبا الرضاه واليه أَشَارَ بقوله فَإِنَّهُ لي وَثَانِيهمَا ان سَائِر الْحَسَنَات رَاجِعَة الى صرف المَال والاشتغال الْبدن بِمَا فِيهِ رِضَاهُ وَالصَّوْم يتَضَمَّن كسر النَّفس وتعريض الْبدن للنقصان والنحول مَعَ مَا فِيهِ من الصَّبْر على مقبض الْجُوع وحرقة الْعَطش فبينه وَبَينهَا بعد بعيد واليه أَشَارَ بقوله يدع شَهْوَته وَطَعَامه من أَجلي انْتهى (زجاجة) قَوْله أَنا اجزى بِهِ بَيَان لِكَثْرَة ثَوَابه لِأَن الْكَرِيم إِذا أخبر انه يتَوَلَّى بِنَفسِهِ الْجَزَاء اقْتضى عَظمَة وسعة أَي انا اجازيه لَا غَيْرِي بِخِلَاف سَائِر الْعِبَادَات فَإِن جزاءها قد يُفَوض الى الْمَلَائِكَة وَقد أَكْثرُوا فِي معنى قَوْله الصَّوْم لي وَأَنا اجزي بِهِ ملخصه ان الصَّوْم لَا يَقع فِيهِ الرِّيَاء كَمَا يَقع فِي غَيره لِأَنَّهُ لايطهر من بن ادم بِفِعْلِهِ وَإِنَّمَا هُوَ شَيْء فِي الْقلب أَو انه احب الْعِبَادَات الى الله أَو الْإِضَافَة للتشريف وان الِاسْتِغْنَاء عَن الطَّعَام وَنَحْوه من صِفَات الرب فَلَمَّا يقرب الصَّائِم اليه بِمَا يُوَافق صِفَاته إِضَافَة إِلَيْهِ وَأَن الصّيام لم يعبد بِهِ غير الله تَعَالَى وَاتَّفَقُوا على ان المُرَاد بالصيام هُنَا صِيَام من سلم صِيَامه من الْمعاصِي قولا وفعلا فتح الْبَارِي وعيني مُخْتَصرا قَوْله

[1642] صفدت الشَّيَاطِين الخ قَالَ القَاضِي عِيَاض يحْتَمل انه على ظَاهره وَحَقِيقَته وان تصفيد الشَّيَاطِين وتغليق أَبْوَاب جَهَنَّم وتفتيح أَبْوَاب الْجنَّة عَلامَة لدُخُول الشَّهْر وتعظيم لِحُرْمَتِهِ وَيكون التصفيد ليمتنعوا من ايذاء الْمُسلمين والتهويش عَلَيْهِم قَالَ وَيجوز ان يكون المُرَاد الْمجَاز وَتَكون إِشَارَة الى كَثْرَة الثَّوَاب وَالْعَفو وَلِأَن الشَّيَاطِين يقل أغواءهم وايذاءهم فيصيرون كالمصفدين وَيكون تصفيدهم عَن أَشْيَاء دون أَشْيَاء وَالنَّاس دون نَاس وَيُؤَيِّدهُ رِوَايَة فتحت أَبْوَاب الرَّحْمَة وَجَاء فِي حَدِيث آخر صفدت مَرَدَة الشَّيَاطِين قَالَ القَاضِي وَيحْتَمل ان يكون فتح أَبْوَاب الْجنَّة عبارَة عَمَّا يَفْتَحهُ الله تَعَالَى لِعِبَادِهِ من الطَّاعَات فِي هَذَا الشَّهْر الَّتِي لَا تقع فِي غَيره عُمُوما كالصيام وَالْقِيَام وَفعل الْخيرَات والانكفاف عَن كثير من المخالفات وَهَذِه أَسبَاب لدُخُول الْجنَّة وأبواب لَهَا وَكَذَلِكَ تغليق أَبْوَاب النَّار وتصفيد الشَّيَاطِين عبارَة عَمَّا ينكفون عَنهُ من المخالفات وَمعنى صفدت غللت والصفد بِفَتْح الْفَاء الغل بِضَم الْغَيْن وَهُوَ معنى سلسلت فِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى انْتهى قَوْله صفدت بِلَفْظ الْمَجْهُول من التصفيد يصفده شده وأوثقه كأصفده وصفده وككتاب مَا يوثق بِهِ الاسير من قيد وَقَوله ومردة الْجِنّ بِفَتَحَات جمع مَا ورد وَهُوَ الغالي الشَّديد المتجرد للشر وَالْمرَاد من التصفيد والتغليق وَالْفَتْح الْمَذْكُورَة اما حقائقها أَو كِنَايَة عَن قلَّة اغواء الشَّيَاطِين وَفعل الْخيرَات والكف عَن المخالفات وَأغْرب من قَالَ بتخصيصه بِزَمَان النُّبُوَّة وَإِرَادَة الشَّيَاطِين المسترق للسمع وَالظَّاهِر الْعُمُوم وَلعدم خصوصها فِي ذَلِك الزَّمَان برمضان الا ان يُرَاد الْكَثْرَة أَو الْغَلَبَة لمعات وَفتحت أَبْوَاب الْجنَّة قَالَ الشَّيْخ فِي اللمعات فتح أَبْوَاب الْجنَّة كِنَايَة عَن التَّوْفِيق لِلْخَيْرَاتِ الَّذِي هُوَ سَبَب لدُخُول الْجنَّة وَكَذَلِكَ فتح أَبْوَاب السَّمَاء كَمَا فِي رِوَايَة كِنَايَة عَن تَنْزِيل الرَّحْمَة وَكَثْرَتهَا وتواترها وَيُؤَيِّدهُ رِوَايَة فتحت أَبْوَاب الرَّحْمَة وغلق أَبْوَاب جَهَنَّم كِنَايَة عَن تخلص نفوس الصوام من بواعث الْمعاصِي بقمع الشَّهَوَات وَلَا يحسن حملهَا على الظَّاهِر لِأَن ذكرهَا على سَبِيل لمن على الصوام وَأي فَائِدَة فِي فتح بَاب السَّمَاء وَكَذَا فِي فتح أَبْوَاب الْجنَّة وغلق أَبْوَاب جَهَنَّم لِأَنَّهُ لَا يدْخل فِيهَا أحد مَا دَامَ فِي هَذِه الدَّار الا ان يُقَال الْمَقْصُود بَيَان شرف رَمَضَان وفضله على سَائِر الشُّهُور وانزال الرَّحْمَة والتوفيق والتخلص الْمَذْكُور حَاصِل أَيْضا أَو يحمل ذَلِك على أَن الْأَمر مُتَعَلق بِمن مَاتَ من صوام رَمَضَان من صالحي أهل الْإِيمَان وعصاتهم الَّذين استحقوا الْعقُوبَة فوصول الرّوح من الْجنَّة وَعدم إِصَابَة نفح جَهَنَّم وسمومها عَلَيْهِم فِي عَالم البرزخ أَكثر وأوفر على تَقْدِير الْفَتْح والغلق كَذَا قيل انْتهى قَوْله ونادى مُنَاد يَا باغي الْخَيْر أقبل الخ قَالَ الطَّيِّبِيّ أَي طَالب الثَّوَاب اقبل هَذَا أَو انك فَإنَّك تُعْطى ثَوابًا كثيرا لعلم قَلِيل وَذَلِكَ لشرف الشَّهْر وَيَا من يسْرع وَيسْعَى فِي الْمعاصِي تب وارجع الى الله هَذَا أَو أَن قبُول التَّوْبَة قَوْله وَللَّه عُتَقَاء ولعلك تكون مِنْهُم قَوْله وَذَلِكَ فِي كل لَيْلَة قَالَ الطَّيِّبِيّ الْإِشَارَة اما للبعيد وَهُوَ النداء أَو للقريب وَهُوَ لله عُتَقَاء قلت الثَّانِي أرجح بِدَلِيل الحَدِيث الَّذِي يَلِيهِ وَأما ونادى فَإِنَّهُ مَعْطُوف على صفدت الَّذِي هُوَ جَوَاب إِذا كَانَت أول لَيْلَة (زجاجة) قَوْله [1645] من صَامَ هَذَا الْيَوْم أَي الْيَوْم الَّذِي يشك فِيهِ وَهُوَ الْيَوْم الْمُحْتَمل لِأَن يكون أول رَمَضَان بِأَن غم هلاله بغيم أَو غَيره وَالْمرَاد الصَّوْم بنية رَمَضَان وَالْمُخْتَار عِنْد أبي حنيفَة وَالشَّافِعِيّ وَمَالك وَأكْثر الْأَئِمَّة ان لَا يَصُوم يَوْم الشَّك وان صَامَ فليصم بنية النَّفْل وَيسْتَحب ذَلِك عندنَا لمن صَامَ يَوْمًا يعْتَاد وللخواص وَيفْطر غَيرهم بعد نصف النَّهَار وَقَالَ أَحْمد وَجَمَاعَة إِذا كَانَ بالسماء غيم فَلَيْسَ صَوْم الشَّك ويحسب صَوْمه عَن رَمَضَان وَكَانَ بن عَمْرو وَكثير من الصَّحَابَة إِذا مضى من شعْبَان تِسْعَة وَعِشْرُونَ يَوْمًا التمسوا الْهلَال فَإِن رَأَوْهُ أَو سمعُوا خَبره صَامُوا والا فَإِن كَانَ المطلع صافيا بِغَيْر عِلّة أَصْبحُوا مفطرين وان كَانَ فِيهِ عِلّة صَامُوا وَحمل الْجُمْهُور على صَوْم النَّفْل لمعات قَوْله [1654] فَإِن غم عَلَيْكُم أَي حَال بَيْنكُم وَبَينه غيم فِيهِ دلَالَة لمَذْهَب مَالك وَأبي حنيفَة وَالشَّافِعِيّ وَالْجُمْهُور أَنه لَا يجوز صَوْم يَوْم الشَّك وَلَا يَوْم الثَّلَاثِينَ من شعْبَان عَن رَمَضَان إِذا كَانَت لَيْلَة الثَّلَاثِينَ لَيْلَة غيم قَوْله فاقدروا لَهُ بِكَسْر الدَّال وَضمّهَا وَقيل الضَّم خطاء رِوَايَة قَالَ النَّوَوِيّ اخْتلف الْعلمَاء فِي معنى فاقدروا لَهُ فَقَالَت طَائِفَة مَعْنَاهُ ضيقوا لَهُ وقدروه تَحت السَّحَاب وَمِمَّنْ قَالَ بِهَذَا أَحْمد وَغَيره مِمَّن يجوز صَوْم لَيْلَة الْغَيْم عَن رَمَضَان وَقَالَ بن شُرَيْح وَجَمَاعَة فيهم مطرف بن عبد الله وَابْن قُتَيْبَة وَآخَرُونَ مَعْنَاهُ قدروه بِحِسَاب الْمنَازل وَذهب مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأَبُو حنيفَة وَجُمْهُور السّلف وَالْخلف الى ان مَعْنَاهُ قدرُوا لَهُ تَمام الْعدَد ثَلَاثِينَ يَوْمًا اواحتج الْجُمْهُور بالروايات الْمَذْكُورَة فِي مُسلم وَغَيره فأكملوا الْعدَد ثَلَاثِينَ وَهُوَ تَفْسِير لَا قدرُوا لَهُ وَلِهَذَا لم يجتمعا فِي رِوَايَة بل تَارَة يذكر هَذَا ويؤكده رِوَايَة فاقدروا ثَلَاثِينَ قَالَ الْمَازرِيّ حمل جُمْهُور الْفُقَهَاء قَوْله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فاقدروا لَهُ على ان المُرَاد إِكْمَال الْعدة ثَلَاثِينَ كَمَا فسره فِي حَدِيث آخر قَالُوا وَلَا يجوز ان يكون المُرَاد حِسَاب المنجمين لِأَن النَّاس لَو كلفوا بِهِ ضَاقَ عَلَيْهِم لِأَنَّهُ لَا يعرفهُ الا افراد وَالشَّرْع انما يعرف النَّاس بِمَا يعرف جماهيرهم انْتهى قَوْله

[1659] شهرا عيد لَا ينقصان الخ أَي فِي الحكم وان نقصا فِي الْعدَد أَي يَنْبَغِي ان لَا يعرض فِي قُلُوبكُمْ شكّ إِذا صمتم تسعا وَعشْرين يَوْمًا أَو ان يَقع فِي الْحَج خطاء لم تكن فِي نسككم نقص (زجاجة) قَوْله شهرا عيد لَا ينقصان الخ قَالَ النَّوَوِيّ وَالأَصَح ان مَعْنَاهُ لَا ينقص اجرهما وَالثَّوَاب الْمُرَتّب عَلَيْهِمَا وان نقص عددهما وَقيل مَعْنَاهُ لَا ينقصان جَمِيعًا فِي سنة وَاحِدَة غَالِبا وَقيل لَا ينقص ثَوَاب ذِي الْحجَّة عَن ثَوَاب رَمَضَان لِأَن فِيهِ الْمَنَاسِك حَكَاهُ الْخطابِيّ وَهُوَ ضَعِيف وَالْأول هُوَ الصَّوَاب الْمُعْتَمد وَمَعْنَاهُ ان قَوْله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من صَامَ رَمَضَان إِيمَانًا واحتسابا غفر لَهُ مَا تقدم من ذَنبه وَقَوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من قَامَ ايمانا واحتسابا وَغير ذَلِك فَكل هَذِه الْفَضَائِل تحصل سَوَاء تمّ عدد رَمَضَان أم نقص وَالله أعلم انْتهى [1661] صَامَ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي السّفر وَأفْطر اخْتلف الْعلمَاء فِي صَوْم رَمَضَان فِي السّفر فَقَالَ بعض أهل الظَّاهِر لَا يَصح صَوْم رَمَضَان فِي السّفر فَإِن صَامَهُ لم ينْعَقد وَيجب قَضَاءَهُ بِظَاهِر الْآيَة وَبِحَدِيث لَيْسَ من الْبر الصّيام فِي السّفر وَفِي الحَدِيث الاخر أُولَئِكَ العصاة وَقَالَ جَمَاهِير الْعلمَاء وَجَمِيع أهل الْفَتْوَى يجوز صَوْمه فِي السّفر وَينْعَقد ويجزيه وَاخْتلفُوا فِي ان الصَّوْم أفضل أم الْفطر أم هما سَوَاء فَقَالَ مَالك وَأَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ وَالْأَكْثَرُونَ ان الصَّوْم أفضل لمن اطاقه بِلَا مشقة ظَاهِرَة وَلَا ضَرَر فَإِن تضرر بِهِ فالفطر أفضل وَاحْتَجُّوا بِصَوْم النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعبد الله بن رَوَاحَة وَغَيرهمَا وَبِغير ذَلِك من الْأَحَادِيث وَلِأَنَّهُ يحصل بِهِ بَرَاءَة الذِّمَّة فِي الْحَال وَقَالَ سعيد بن الْمسيب وَالْأَوْزَاعِيّ وَأحمد وَإِسْحَاق وَغَيرهم الْفطر أفضل مُطلقًا وَحَكَاهُ بعض بعض أَصْحَابنَا قولا للشَّافِعِيّ وَهُوَ غَرِيب وَاحْتَجُّوا بِمَا سبق لأهل الظَّاهِر وَبِحَدِيث حَمْزَة بن عَمْرو الْأَسْلَمِيّ الْمَذْكُور فِي مُسلم وَهُوَ قَوْله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هِيَ رخصَة من الله فَمن اخذ بهَا فَحسن وَمن احب ان يَصُوم فَلَا جنَاح عَلَيْهِ فَظَاهره تَرْجِيح الْفطر وَأجَاب الْأَكْثَرُونَ بِأَن هَذَا كُله فِيمَن يخَاف ضَرَرا أَو يجد مشقة كَمَا هُوَ صَرِيح فِي الْأَحَادِيث واعتمدوا حَدِيث أبي سعيد الْخُدْرِيّ الْمَذْكُور فِي مُسلم قَالَ كُنَّا نغزوا مَعَ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رَمَضَان فمنا الصَّائِم وَمنا الْمُفطر فَلَا يجد الصَّائِم على الْمُفطر وَلَا الْمُفطر على الصَّائِم يرَوْنَ أَن من وجد قُوَّة صَامَ فَإِن ذَلِك حسن ويرون أَن من وجد ضعفا فَأفْطر فَإِن ذَلِك حسن وَهَذَا صَرِيح فِي تَرْجِيح مَذْهَب الْأَكْثَرين وَهُوَ تَفْضِيل الصَّوْم لمن اطاقه بِلَا ضَرَر وَلَا مشقة ظَاهِرَة وَقَالَ بعض الْعلمَاء الْفطر وَالصَّوْم سَوَاء لتعادل الْأَحَادِيث وَالصَّحِيح قَول الْأَكْثَرين نووي قَوْله [1663] فِي الْيَوْم الْحَار الشَّديد الْحر الشَّديد الْحر صفة ثَانِيَة لليوم وَالْإِضَافَة لفظية لَا يُفِيد تعريفا فِي الْمُضَاف فَلهَذَا عرف بِاللَّامِ وَهَذَا الصّفة مَعْنَاهُ الْمُبَالغَة انجاح قَوْله 3 رخص رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ للحبلى الخ قَالَ بعض أهل الْعلم الْحَامِل والمرضع تفطران وتقضيان وتطعمان وَبِه يَقُول سُفْيَان وَمَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد وَقَالَ بَعضهم يفطران ويطعمان وَلَا قَضَاء عَلَيْهِمَا وان شاءتا قضتا وَلَا إطْعَام عَلَيْهِمَا وَبِه قَالَ إِسْحَاق وَمذهب أَئِمَّتنَا ان تفطرا ان خافتا على ولديهما وتقضيا مَكَانَهُ وَلَا إطْعَام عَلَيْهِمَا (إنْجَاح) قَوْله [1671] وَقعت على امْرَأَتي الخ مَذْهَب لعلماء كَافَّة وجوب الْكَفَّارَة على الْجَامِع عَامِدًا إِجْمَاعًا افسد بِهِ صَوْم يَوْم من رَمَضَان وَالْكَفَّارَة عتق رَقَبَة فَإِن عجز عَنْهَا فصوم شَهْرَيْن مُتَتَابعين فَإِن عجز فاطعام سِتِّينَ مِسْكينا فَعِنْدَ الشَّافِعِي لكل مِسْكين مد من طَعَام ورطل وَثلث بالبغدادي وَعند أبي حنيفَة لكل مِسْكين نصف صَاع فَإِن قلت فِي هَذَا الحَدِيث دلَالَة على مَذْهَب الشَّافِعِي لِأَن الْعرق مَا يسع فِيهِ خَمْسَة عشر صَاعا قلت قَالَ فِي الْمغرب الْعرق مَا يسع ثَلَاثِينَ صَاعا فَإِذن يدل هَذَا الحَدِيث على مَذْهَب أبي حنيفَة على انه لَا دلَالَة فِيهِ على ان الْعرق كل مَا وَجب عَلَيْهِ من الْكَفَّارَة (فَخر) قَوْله إِذا اتى بمكتل يدعى الْعرق قَالَ فِي الدّرّ النثير المكتل بِكَسْر الْمِيم الزنبيل الْكَبِير قيل انه يسع خَمْسَة عشر صَاعا وَالْجمع مكاتل والعرق بِفَتْح الْعين وَالرَّاء زنبيل منسوج من خوص (إنْجَاح) قَوْله فأطعمه عِيَالك إِنَّمَا اذن لَهُ فِي إطْعَام عِيَاله لِأَنَّهُ كَانَ مُحْتَاجا ومضطر الى الْإِنْفَاق على عِيَاله فِي الْحَال وَالْكَفَّارَة على التَّرَاخِي فَأذن لَهُ فِي أكله وإطعام عِيَاله وَبقيت الْكَفَّارَة فِي ذمَّته وَإِنَّمَا لم يبين لَهُ بَقَاؤُهَا فِي ذمَّته لِأَن تَأْخِير الْبَيَان الى وَقت الْحَاجة جَائِز عِنْد جَمَاهِير الاصوليين وَهَذَا هُوَ الصَّوَاب فِي معنى الحَدِيث (نووي) قَوْله [1672] لم يجزه صِيَام الدَّهْر كُله وَفِي رِوَايَة لم يقْضِي عَنهُ صَوْم الدَّهْر قَالَ الشَّيْخ فِي اللمعات هَذَا من بَاب التَّشْدِيد وَالْمُبَالغَة والا فالكفارة بصيام شَهْرَيْن تجزى عَنهُ انْتهى أَقُول وَيُمكن ان يكون مَعْنَاهُ ان صِيَام الدَّهْر كُله لَا يبلغ دَرَجَة صَوْم وَاحِد فِي الثَّوَاب أَو فِي الْكَيْفِيَّة وان كَانَ الْكَفَّارَة بصيام شَهْرَيْن ترفع الْوُجُوب عَن الذِّمَّة (إنْجَاح) قَوْله

[1673] فَإِنَّمَا أطْعمهُ الله الخ هَذَا بَيَان رَحْمَة الله يرحم الله تَعَالَى عباده بأنواع الرحمات لَا يعدها وَلَا يحصرها الْإِنْسَان الضَّعِيف العنوان (إنْجَاح) [1677] السِّوَاك قَالَ الْمظهر لَا يكره السِّوَاك فِي جَمِيع النَّهَار بل سنة عِنْد أَكثر أهل الْعلم وَهُوَ مَذْهَب مَالك وَأبي حنيفَة لِأَنَّهُ تَطْهِير وَقَالَ بن عمر رض يكره بعد الزَّوَال لِأَن خلوف الصَّائِم اثر الْعِبَادَة والخلوف يظْهر عِنْد خلو الْمعدة من الطَّعَام وخلو الْمعدة لَا يكون عِنْد الزَّوَال غَالِبا وَإِزَالَة اثر الْعِبَادَة مَكْرُوهَة وَبِه قَالَ الشَّافِعِي وَأحمد قَالَ الشمني الخلوف بِضَم الْخَاء تغير رَائِحَة الْفَم من خلو الْمعدة وَذَلِكَ لَا يَزُول بِالسِّوَاكِ بل إِنَّمَا يَزُول اثره الظَّاهِر على السنين من الاصفرار (مرقاة) قَوْله [1678] اكتحل قَالَ الْمظهر الاكتحال لَيْسَ بمكروه وان ظهر طعمه فِي الْحلق عِنْد الْأَئِمَّة الثَّلَاثَة وَكَرِهَهُ أَحْمد (مرقاة) قَوْله [1681] وبإسناده عَن أبي قلَابَة أَي بِإِسْنَاد أَحْمد بن يُوسُف الى أبي قلَابَة وَفِي بعض النّسخ ثَنَا أَحْمد بن يُوسُف السّلمِيّ ثَنَا عبد الله الرَّحبِي ثَنَا شَيبَان عَن أبي قلَابَة (إنْجَاح) قَوْله أفطر الحاجم والمحجوم قَالَ الْبَيْضَاوِيّ وَذهب الى ظَاهر الحَدِيث جمع من الْأَئِمَّة وَقَالُوا يفْطر الحاجم والمحجوم مِنْهُم الامام أَحْمد وَإِسْحَاق وَقَالَ آخَرُونَ تكره الْحجامَة للصَّائِم وَلَا يفْسد الصَّوْم بهَا وحملوا الحَدِيث على التَّشْدِيد وإنهما نقصا أجر صيامهما وابطلاه بارتكاب هَذَا الْمَكْرُوه أَو مَعْنَاهُ تعرضا للافطار كَمَا يُقَال هلك فلَان إِذا تعرض للهلاك (زجاجة) قَوْله [1682] احْتجم الخ أَي وَلم يفْطر وَهَذَا هُوَ مَذْهَب الامام أبي حنيفَة وَمَالك وَالشَّافِعِيّ وَهُوَ الْمَرْوِيّ من فعله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَمَاعَة من الصَّحَابَة سعد بن أبي وَقاص وَعبد الله بن عمر وَزيد بن أَرقم وَأم سَلمَة رَضِي الله عَنْهُم وَذهب الامام أَحْمد وَطَائِفَة من الْعلمَاء الى ان الْحجامَة تفطر الحاجم والمحجوم لحَدِيث مرو عُلَمَاء وَمذهب أَحْمد بالغوا فِي تَصْحِيحه وتأييد مَذْهَبهم ونصرته بالمعقول وَالْمَنْقُول وَالْجُمْهُور أولُوا ذَلِك الحَدِيث بِأَن المُرَاد بالإفطار التَّعَرُّض لَهُ والوقوع فِيهِ اما الحاجم فلوصول شَيْء إِلَى جَوْفه بمص القارورة وَأما المحجوم فلعروض الضعْف لمعات قَوْله [1683] يقبل الخ قَالَ الشَّيْخ وَالْمذهب عندنَا انه لَا بَأْس بالقبلة إِذا آمن على نَفسه الْجِمَاع أَو الْإِنْزَال وَيكرهُ ان لم يَأْمَن لِأَن الْقبْلَة لَيْسَ بمفطر وَيُمكن ان يُفْضِي الى الْإِفْطَار فِي الْعَاقِبَة فَفِي حَالَة الامن يعْتَبر ذَاتهَا وَفِي غير حَالَة الا من يعْتَبر عَاقبَتهَا وَقَالَ مُحَمَّد فِي الْمُوَطَّأ والكف أفضل وَهُوَ قَول أبي حنيفَة والعامة والمباشرة فِي حكم التَّقْبِيل فِي ظَاهر الرِّوَايَة ويروى عَن مُحَمَّد أَنه يكره الْمُبَاشرَة الْفَاحِشَة لغَلَبَة خوف الْفِتْنَة فِيهَا وَفِي الْمَوَاهِب ان مَذْهَب الشَّافِعِي وَأَصْحَابه ان الْقبْلَة لَيست بمحرمة على من لم يَتَحَرَّك الشَّهْوَة بهَا لَكِن الأولى تَركهَا وَأما من تحرّك الشَّهْوَة فَهِيَ حرَام فِي حَقه على الْأَصَح لمعات قَوْله [1685] عَن شُتَيْر بن شكل فِي الْقَامُوس شُتَيْر كزبير بن شكل بِفتْحَتَيْنِ تَابِعِيّ وَقَالَ فِي التَّقْرِيب يُقَال انه أدْرك الْجَاهِلِيَّة (إنْجَاح) قَوْله [1686] قد أفطر هَذَا تحذير مِنْهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انهما تعرضا للافطار وَلَعَلَّه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد علم من حَالهمَا انهما لَا يملكَانِ انفسهما عَن الوقاع والا فقد روى أَبُو سعيد الْخُدْرِيّ انه عَلَيْهِ السَّلَام رخص فِي الْقبْلَة للصَّائِم والحجامة رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ وَقَالَ رُوَاته كلهم ثِقَات كَذَا ذكر الشَّيْخ عَابِد السندي فِي حَاشِيَة الدّرّ (إنْجَاح) قَوْله [1689] من لم يدع قَول الزُّور هُوَ الْكَذِب والبهتان وَالْعَمَل بِهِ أَي الْعَمَل بِمُقْتَضَاهُ من الْفَوَاحِش وَمَا نهى الله تَعَالَى عَنهُ فَلَا حَاجَة لله ان يدع طَعَامه وَشَرَابه قَالَ الْبَيْضَاوِيّ الْمَقْصُود من إِيجَاب الصَّوْم ومشروعيته لَيْسَ نفس الْجُوع والعطش بل مَا يتبعهُ من كسر الشَّهَوَات وإطفاء نائرة الْغَضَب وتطويع النَّفس الامارة للنَّفس المطمئنة فَإِذا لم يحصل لَهُ شَيْء من ذَلِك وَلم يكن لَهُ من صِيَامه الا الْجُوع والعطش لم يبال الله تَعَالَى بصومه وَلم ينظر اليه نظر قبُول وَقَوله فَلَا حَاجَة لله مجَاز عَن عدم الِالْتِفَات لَهُ وَالْقَبُول بِنَفْي السَّبَب وَإِرَادَة الْمُسَبّب مِصْبَاح الزجاجة للسيوطي رَحمَه الله قَوْله [1692] تسحرُوا الخ قَالَ فِي النِّهَايَة السّحُور بِالْفَتْح اسْم مَا يتسحر بِهِ من الطَّعَام وَالشرَاب وبالضم الْمصدر وَالْفِعْل نَفسه وَأكْثر مَا يرْوى بِالْفَتْح وَقيل ان الصَّوَاب بِالضَّمِّ لِأَنَّهُ بِالْفَتْح الطَّعَام وَالْبركَة والاجر وَالثَّوَاب فِي الْفِعْل لَا فِي الطَّعَام انْتهى وَمن نظمي يَا معشر الصوام فِي الحرور ومبتغى الثَّوَاب والاجور تنزهواعن رفث وزور وان اردتم عرف الْقُصُور تسحرُوا فَإِن فِي السّحُور بركَة فِي الْخَبَر الْمَأْثُور (زجاجة) قَوْله

[1695] هُوَ النَّهَار كَانَ هَذَا القَوْل من حُذَيْفَة جَوَاب للسَّائِل حِين سَأَلَهُ أَي وَقت كَانَ إِذا تسحرت مَعَ النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ فِي جَوَابه هُوَ النَّهَار وَهَذَا كِنَايَة عَن كَمَال تَأْخِير السّحُور يُقَال لمن قَارب الشَّيْء انه دخل فِيهِ وَكَقَوْلِه تَعَالَى إِذا بلغن الاجل أَي قاربن الاجل أَو انه كنى عَن الصُّبْح الْكَاذِب لِأَن الصُّبْح الْكَاذِب إِذا أَضَاء وهم النَّاظر أَن الصُّبْح الصَّادِق قد طلع أَو يحمل هَذَا على الْخُصُوص وَفِي بعض النّسخ عقيب هَذَا الحَدِيث قَالَ أَبُو إِسْحَاق حَدِيث حُذَيْفَة مَنْسُوخ لَيْسَ بِشَيْء (إنْجَاح الْحَاجة) [1696] وَلَيْسَ الْفجْر ان يَقُول هَكَذَا أَي يَسْتَنِير مستطيلا الى فَوق وَالْقَوْل يَجِيء بِمَعْنى كل فعل وَفِي الْمجمع وَفِيه فَقَالَ بِثَوْبِهِ الْعَرَب تجْعَل القَوْل عبارَة عَن جَمِيع الْأَفْعَال نَحْو قَالَ بِيَدِهِ أَي اخذ وَقَالَ بِرجلِهِ أَي مَشى وَقَالَت لَهُ العينان سمعا وَطَاعَة أَي أَوْمَأت وَقَالَ بِالْمَاءِ على يَده أَي قلب وَقَالَ بِثَوْبِهِ أَي رَفعه وَكله مجَاز كَمَا روى فِي حَدِيث السَّهْو مَا يَقُول ذُو الْيَدَيْنِ قَالُوا صدق روى أَنهم أومؤا برؤسهم أَي نعم وَلم يتكلموا وَيَجِيء بِمَعْنى أقبل وَمَال واستراح وَضرب وَغلب وَقَالَ بِأُصْبُعِهِ أَي أَشَارَ بهَا الى فَوق وَحَدِيث فَقَالَ نَبِي الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالحجاب أَي اخذ ثمَّ قَالَ بِيَدِهِ هَكَذَا أَي ضربهَا بِيَدِهِ انْتهى (إنْجَاح) قَوْله [1698] فَإِن الْيَهُود الخ قَالَ الطَّيِّبِيّ فِي هَذَا التَّعْلِيل دَلِيل على أَن قوام الدّين الحنيف على مُخَالفَة الْأَعْدَاء من أهل الْكتاب وَأَن فِي موافقتهم سلما للدّين (زجاجة) قَوْله [1700] لَا صِيَام الخ يشْتَرط التبييت عِنْد مَالك فِي كل صَوْم فرضا كَانَ أَو نفلا نظرا الى عُمُوم الحَدِيث وَبِه قَالَ الشَّافِعِي وَأحمد فِي غير النَّفْل وَعند الْحَنَفِيَّة يجوز صَوْم رَمَضَان وَالنَّفْل وَالنّذر الْمعِين بنية من نصف النَّهَار الشَّرْعِيّ وَشرط للقضا وَالْكَفَّارَة وَالنّذر الْمُطلق ان يبيت النِّيَّة لِأَنَّهَا غير مُعينَة فَلَا بُد من التَّعْيِين فِي الِابْتِدَاء وَالدَّلِيل لنا فِي الْفَرْض مَا روى فِي سنَن الْأَرْبَعَة عَن بن عَبَّاس قَوْله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعد مَا شهد عِنْده الْأَعرَابِي بِرُؤْيَة الْهلَال الا من أكل فَلَا يَأْكُل بَقِيَّة يَوْمه وَمن لم يَأْكُل فليصم اما حَدِيث حَفْصَة مَعَ أَنه قد اخْتلف فِي رَفعه فَمَحْمُول على نفي الْكَمَال لمعات بِأَدْنَى تَغْيِير قَوْله [1702] مُحَمَّد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَه أَي مَا قلت هَذَا الحَدِيث من عِنْد نَفسِي بل اتبَاعا لقَوْل النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بعض الرِّوَايَات أَن أَبَا هُرَيْرَة سمع هَذَا الحَدِيث عَن فضل بن عَبَّاس وَلم يسمع مِنْهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَذكر مُحَمَّد بن الْحسن فِي الْمُوَطَّأ ان أَبَا بكر بن عبد الرَّحْمَن يَقُول كنت انا وَأبي عِنْد مَرْوَان بن الحكم وَهُوَ أَمِير الْمَدِينَة فَذكر ان أَبَا هُرَيْرَة قَالَ من صبح جنبا أفطر فَقَالَ أَقْسَمت عَلَيْك يَا عبد الرَّحْمَن لتذهبن الى أم الْمُؤمنِينَ عَائِشَة وَأم سَلمَة تسألهما عَن ذَلِك فَذهب عبد الرَّحْمَن وَذَهَبت مَعَه حَتَّى دخلت على عَائِشَة فسلمنا عَلَيْهَا ثمَّ قَالَ عبد الرَّحْمَن يَا أم الْمُؤمنِينَ كُنَّا عِنْد مَرْوَان آنِفا فَذكر ان أَبَا هُرَيْرَة يَقُول من أصبح جنبا أفطر ذَلِك الْيَوْم قَالَت لَيْسَ كَمَا قَالَ أَبُو هُرَيْرَة وَذكر الْقِصَّة وَفِيه وَلما بعث مَرْوَان حَدِيث عَائِشَة الى أبي هُرَيْرَة فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَة لَا علم لي بذلك إِنَّمَا أخبرنيه مخبر فَعلم ان أَبَا هُرَيْرَة رَجَعَ من هَذَا القَوْل وَالله تَعَالَى أعلم بِالصَّوَابِ (إنْجَاح) قَوْله [1705] فَلَا صَامَ وَلَا أفطر اخْتلفُوا فِي تَوْجِيه مَعْنَاهُ فَقيل هَذَا دُعَاء عَلَيْهِ كَرَاهِيَة بصنعه وزجرا لَهُ عَن فعله وَالظَّاهِر أَنه أَخْبَار فَعدم افطاره فَظَاهر وَأما عدم صَوْمه فمخالفة السّنة وَقيل لِأَنَّهُ يسْتَلْزم صَوْم الْأَيَّام المنهية وَهُوَ حرَام وَقيل لِأَنَّهُ ضَرَر وَرُبمَا يُفْضِي الى القاء النَّفس الى التَّهْلُكَة والى الْعَجز عَن الْجِهَاد والحقوق الْآخِرَة لمعات قَوْله [1707] يَأْمر بصيام الْبيض وَهِي الْأَيَّام الَّتِي لياليهن مُقْمِرَة وَهِي اللَّيَالِي اللَّاتِي لَا ظلمَة فِيهَا وَهِي لَيْلَة الْبَدْر وَمَا قبلهَا وَمَا بعْدهَا وَالْبيض بِكَسْر الْبَاء جمع أَبيض أضيف الْبيَاض الى الْأَيَّام تَقْدِيره الْأَيَّام اللَّاتِي لياليهن بيض قَالَه الطَّيِّبِيّ اخْتلف الْعلمَاء فِي تعْيين أَيَّام الْبيض حَاصِل الْخلاف فِي تَقْرِير أَيَّام الْبيض تِسْعَة أَقْوَال أَحدهَا لَا تعْيين وَيكرهُ تعينها الثَّانِي الثَّلَاثَة الأول من الشَّهْر وَالثَّالِث من الثَّانِي عشر الى الرَّابِع عشر الرَّابِع من الثَّالِث عشر الى الْخَامِس عشر وَهُوَ قَول أَكثر أهل الْعلم وَالْخَامِس أَولهَا أول سبت من أول الشَّهْر ثمَّ من أول ثلثاء من شهر الَّذِي يَلِيهِ وَهَكَذَا وَالسَّادِس أَولهَا أول خَمِيس من أول شهر ثمَّ من أول اثْنَيْنِ من الشَّهْر الَّذِي يَلِيهِ وَهَكَذَا أَو السَّابِع أول اثْنَيْنِ ثمَّ خَمِيس ثمَّ هَكَذَا الثَّامِن أول يَوْم والعاشر وَالْعشْرُونَ وَالتَّاسِع أول كل عشرَة قَالَ الْقُسْطَلَانِيّ بَقِي آخر وَهُوَ آخر ثَلَاث من الشَّهْر فَتلك عشرَة كَامِلَة هَذَا حَاصِل مَا قَالَه الْعَيْنِيّ قَوْله

[1710] كَانَ يَصُوم حَتَّى نقُول قد صَامَ أَي نَسْتَكْثِر صِيَامه ونقول قد صَامَ فَلَا يتْركهُ ابدا فَإِنَّهُ اعْتَادَ بذلك وَكَذَلِكَ فِي الْفطر (إنْجَاح) قَوْله كَانَ يَصُوم شعْبَان الا قَلِيلا هَذَا تَفْسِير للْأولِ وَبَيَان ان قَوْلهَا كُله أَي غالبه وَقيل كَانَ يَصُومهُ كُله فِي وَقت ويصوم بعضه فِي سنة أُخْرَى وَقيل كَانَ يَصُوم تَارَة من أَوله وَتارَة من آخِره وَتارَة بَينهمَا وَمَا يخلي مِنْهُ شَيْئا بِلَا صِيَام لَكِن فِي سِنِين وَقيل فِي تَخْصِيص شعْبَان بِكَثْرَة الصَّوْم لكَونه ترفع فِيهِ أَعمال الْعباد وَقيل غير ذَلِك فَإِن فِي الحَدِيث الاخران أفضل الصَّوْم بعد رَمَضَان صَوْم الْمحرم فَكيف أَكثر مِنْهُ فِي شعْبَان دون الْمحرم فَالْجَوَاب لَعَلَّه لم يعلم بِفضل الْمحرم الا فِي آخر الْحَيَاة قبل التَّمَكُّن من صَوْمه أَو لَعَلَّه كَانَ يعرض فِيهِ اعذار تمنع من اكثار الصَّوْم فِيهِ كسفر وَمرض وَغَيرهمَا قَالَ الْعلمَاء وَإِنَّمَا لم يستكمل غير رَمَضَان لِئَلَّا يظنّ وُجُوبه (نووي) [1713] عَن عبد الله بن معبد الزماني بِكَسْر الزَّاي وَتَشْديد مَنْسُوب الى زمَان فِي الْقَامُوس زمَان بِالْكَسْرِ والشد جد للغند الزماني وَاسم الفند سهل بن شَيبَان بن ربيعَة بن زمَان بن مَالك بن صَعب بن عَليّ بن بكر بن وَائِل انْتهى (إنْجَاح) قَوْله وددت اني طوقت ذَلِك لَعَلَّ المُرَاد مِنْهُ طَاقَة أمته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُطيق أَكثر من ذَلِك وأكمل وَالله أعلم (إنْجَاح) قَوْله وددت اني طوقت ذَلِك فِي النِّهَايَة أَي ليته جعل دَاخِلا فِي طاقتي وقدرتي وَلم يكن عَاجِزا عَن ذَلِك غير قَادر عَلَيْهِ لضعف فِيهِ وَلَكِن يحْتَمل أَنه خَافَ الْعَجز عَنهُ للحقوق الَّتِي يلْزمه لنسائه فَإِن ادامة الصَّوْم تخل لحظوظهن مِنْهُ (زجاجة) قَوْله [1714] صَامَ نوح الدَّهْر الخ قَالَ النَّوَوِيّ ذهب جَمَاهِير الْعلمَاء الى جَوَاز صَوْم الدَّهْر إِذا لم يصم الْأَيَّام الْمنْهِي عَنْهَا وَهِي العيدان والتشريق ذهب الشَّافِعِي وَأَصْحَابه ان سرد الصّيام إِذا أفطر الْعِيدَيْنِ والتشريق لَا كَرَاهَة فِيهِ بل هُوَ مُسْتَحبّ بِشَرْط ان لَا يلْحقهُ بِهِ ضَرَر وَلَا يفوت حَقًا فَإِن تضرر أَو فَوت حَقًا فمكروه وَاسْتَدَلُّوا لحَدِيث حَمْزَة بن عمر رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم انه قَالَ يَا رَسُول الله إِنِّي اسرد الصَّوْم أفأصوم فِي السّفر فَقَالَ إِن شِئْت فَصم وَلَفظ رِوَايَة مُسلم فأقره صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على سرد الصّيام وَلَو كَانَ مَكْرُوها لم يقره لَا سِيمَا فِي السّفر وَقد ثَبت عَن بن عمر أَنه كَانَ يسْرد الصّيام وَكَذَلِكَ أَبُو طَلْحَة وَعَائِشَة وخلائق من السّلف وَأَجَابُوا عَن حَدِيث لَا صَامَ من صَامَ الابد بأجوبة أَحدهَا انه مَحْمُول على حَقِيقَته بِأَن يَصُوم مَعَه الْعِيدَيْنِ والتشريق وَبِهَذَا أجابت عَائِشَة رض وَالثَّانِي انه مَحْمُول على من تضرر بِهِ أَو فَوت بِهِ حَقًا وَالثَّالِث ان معنى لَا صَامَ انه لَا يجد من مشقة مَا يجدهَا غَيره فَيكون خير الادعاء انْتهى مُخْتَصرا قَوْله الا يَوْم الْفطر وَيَوْم الْأَضْحَى قد علم من هَذَا ان هذَيْن الْيَوْمَيْنِ كَانَا معظمين فِي الْأُمَم السَّابِقَة وَأَيْضًا لَا مُنَافَاة بِمَا ورد وَقد ابدلكم الله بهما خيرا يَعْنِي ان هذَيْن الْيَوْمَيْنِ خير من يَوْم النيروز والمهرجان وَكَانَ أهل الشّرك يظهرون السرُور فيهمَا إِذْ يجوز أَنَّهُمَا كَانَا معظمين سَابِقًا ثمَّ جَعلهمَا الله تَعَالَى شَرِيعَة لنبينا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لإِظْهَار السرُور فيهمَا وَفِيه دَلِيل لمن يجوز صَوْم الدَّهْر (إنْجَاح) قَوْله [1716] كَانَ كَصَوْم الدَّهْر وَذَلِكَ لِأَن الْحَسَنَة بِعشر امثالها فشهر رَمَضَان قَامَ مقَام عشرَة اشهر وَسِتَّة أَيَّام بِمَنْزِلَة شَهْرَيْن (إنْجَاح) قَوْله [1717] من صَامَ يَوْمًا فِي سَبِيل الله قَالَ المظهري يَعْنِي من جمع بَين تحمل مشقة الصَّوْم ومشقة الْغَزْو قَالَ الأشرقي وَيحْتَمل ان يكون مَعْنَاهُ من صَامَ يَوْمًا لله ولوجهه قَوْله [1718] زحزح الله أَي باعد الله عَن النَّار سبعين خَرِيفًا قَالَ فِي النِّهَايَة الخريف الزَّمَان الْمَعْرُوف من فُصُول السّنة مَا بَين الصَّيف والشتاء وَيُرَاد بِهِ السّنة لِأَن الخريف لَا يكون فِي السّنة الا مرّة وَاحِدَة فَإِذا انْقَضى الخريف انْقَضى السّنة (زجاجة) قَوْله [1719] أَيَّام منى أَيَّام أكل وَشرب فِيهِ دَلِيل من قَالَ لَا يَصح صَومهَا بِحَال وَهُوَ أظهر الْقَوْلَيْنِ للشَّافِعِيّ وَبِه قَالَ أَبُو حنيفَة وَغَيرهمَا وَقَالَ جمَاعَة من الْعلمَاء يجوز صَومهَا لكل أحد تَطَوّعا وَغَيره حَكَاهُ بن الْمُنْذر عَن الزبير وَابْن عَمْرو بن سِيرِين وَقَالَ مَالك وَالْأَوْزَاعِيّ وَإِسْحَاق وَالشَّافِعِيّ فِي أحد قوليه يجوز صَومهَا للمتمتع إِذا لم يجد الْهدى وَلَا يجوز لغيره (نووي) قَوْله

[1723] نهى رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَن صَوْم يَوْم الْجُمُعَة الخ قَالَ النَّوَوِيّ فِي هَذَا الحَدِيث دلَالَة ظَاهِرَة لقَوْل جُمْهُور أَصْحَاب الشَّافِعِي وموافقيهم انه يكره إِفْرَاد يَوْم الْجُمُعَة بِالصَّوْمِ الا أَن يُوَافق عَادَة لَهُ فَإِن وَصله بِيَوْم قبله أَو بعده وَوَافَقَ عَادَة لَهُ بِأَن نذر ان يَصُوم يَوْم شِفَاء مريضه ابدا فَوَافَقَ يَوْم الْجُمُعَة لم يكره لهَذَا الحَدِيث وَأما قَول مَالك فِي الْمُوَطَّأ لم أسمع أحدا من أهل الْعلم وَالْفِقْه وَمن يَقْتَدِي بِهِ ينْهَى عَن صِيَام يَوْم الْجُمُعَة وصيامه حسن وَقد رَأَيْت بعض أهل الْعلم يَصُومهُ واراه كَانَ يتحراه فَهَذَا الَّذِي قَالَه هُوَ الَّذِي رَآهُ وَقد رآى غَيره خلاف مَا رآى هُوَ وَالسّنة مقدم على مَا رَآهُ هُوَ وَغَيره وَقد ثَبت النَّهْي عَن صَوْم يَوْم الْجُمُعَة فَيتَعَيَّن القَوْل بِهِ وَمَالك مَعْذُور فَإِنَّهُ لم يبلغهُ قَالَ الدَّاودِيّ من أَصْحَاب مَالك لم يبلغ مَالِكًا هَذَا الحَدِيث وَلَو بلغه لم يُخَالِفهُ قَالَ الْعلمَاء وَالْحكمَة فِي النَّهْي عَنهُ ان يَوْم الْجُمُعَة يَوْم دُعَاء وَذكر وَعبادَة من الْغسْل وَالتَّكْبِير الى الصَّلَاة وانتظارها واستماع الْخطْبَة واكثار الذّكر بعْدهَا فاستحب الْفطر فِيهِ ليَكُون اعون لَهُ على هَذِه الْوَظَائِف وادائها بنشاط وَهُوَ نَظِير الْحَاج يَوْم عَرَفَة بِعَرَفَة فَإِن السّنة لَهُ الْفطر فَإِن قيل لَو كَانَ كَذَلِك لم يزل النَّهْي وَالْكَرَاهَة بِصَوْم قبله أَو بعده لبَقَاء الْمَعْنى فَالْجَوَاب انه يحصل لَهُ بفضيلة الصَّوْم الَّذِي قبله وَبعده مَا يجر مَا قد يحصل من فتور أَو تَقْصِير فِي وظائف يَوْم الْجُمُعَة بِسَبَب صَوْمه وَقيل سَبَب خوف الْمُبَالغَة فِي تَعْظِيمه بِحَيْثُ يفتتن بِهِ كَمَا افْتتن قوم بالسبت وَهَذَا ضَعِيف منتقض بِصَلَاة الْجُمُعَة وَغَيرهَا مِمَّا هُوَ مَشْهُور من وظائف يَوْم الْجُمُعَة وتعظيمه وَقيل سَبَب النَّهْي لِئَلَّا يعتقدوا وُجُوبه وَهَذَا منتقض بِيَوْم الْإِثْنَيْنِ فَإِنَّهُ ينْدب صَوْمه وبيوم عَرَفَة وَيَوْم عَاشُورَاء فَالصَّوَاب مَا قدمنَا انْتهى [1726] لَا تَصُومُوا يَوْم السبت المُرَاد بِالنَّهْي إِفْرَاد السبت بِالصَّوْمِ الا الصَّوْم مُطلقًا لما روى عَن أم سَلمَة قَالَت كَانَ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُوم يَوْم السبت وَيَوْم الْأَحَد أَكثر مَا يَصُوم من الْأَيَّام وَيَقُول انهما يَوْمًا عيد للْمُشْرِكين فانا أحب ان اخالفهم رَوَاهُ أَحْمد وَالْأولَى ان يُقَال انه عَلَيْهِ السَّلَام أَمر بترك صَوْمه لِئَلَّا يلْزم تَعْظِيمه بِالصَّوْمِ فِيهِ فَفِيهِ مُخَالفَة للْيَهُود وان كَانُوا لَا يصومونه لاجل انه عيد لَهُم فهم يعظمونه بِالْوَجْهِ الآخر وَصَامَ صيامهما لمخالفتهم وَبِالْجُمْلَةِ سَبَب النَّهْي أَمر آخر وَسبب الْفِعْل أَمر آخر كَذَا سَمِعت (فَخر) قَوْله [1729] مَا رَأَيْت رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَامَ الْعشْر قطّ أَي عشر ذِي الْحجَّة قَود ثَبت فِي الْأَحَادِيث فَضِيلَة الصَّوْم فِي هَذِه الْأَيَّام فَضِيلَة مُطلق الْعَمَل فِيهَا وَثَبت صَوْمه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهَا وَحَدِيث عَائِشَة لَا ينافيها لِأَنَّهَا انما أخْبرت عَن عدم رؤيتها فلعلها لم تطلع على عشرَة صِيَام النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهَا أَو كَانَ لَهُ مَانع من مرض أَو سفر أَو غَيرهمَا وَجَاء فِي البُخَارِيّ انه قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا من أَيَّام الْعَمَل الصَّالح فِيهَا أفضل من عشر ذِي الْحجَّة وَمثله روى بن ماجة وَفِي صَحِيح بن عوَانَة وصحيح بن حبَان عَن جَابر رَضِي الله عَنهُ مَا من أَيَّام أفضل من عشر ذِي الْحجَّة وَلَو نذر أحد صِيَام أفضل أَيَّام السّنة انْصَرف الى هَذِه الْأَيَّام وان نذر صَوْم يَوْم أفضل من سَائِر الْأَيَّام فالى يَوْم عَرَفَة وان نذر صَوْم يَوْم من الاسبوع فالى يَوْم الْجُمُعَة وَالْمُخْتَار ان أَيَّام هَذِه الْعشْرَة أفضل لما فِيهَا من يَوْم عَرَفَة وليالي عشرَة رَمَضَان لما فِيهَا من لَيْلَة الْقدر وَهَذَا هُوَ القَوْل الْفَصْل لمعات قَوْله [1730] وَالَّتِي بعده فَإِن قيل كَيفَ يكون ان يكفر السّنة الَّتِي بعده مَعَ أَنه لَيْسَ للرجل ذَنْب فِي تِلْكَ السّنة بعد قيل مَعْنَاهُ يحفظ الله تَعَالَى ان يُذنب أَو يُعْطِيهِ من الرَّحْمَة وَالثَّوَاب بِقدر مَا يكون كَفَّارَة للسّنة الْمَاضِيَة وَالسّنة الْقَابِلَة إِذا جَاءَت وَاتفقَ لَهُ فِيهَا ذنُوب مصابيح قَوْله [1733] يَصُوم عَاشُورَاء ويامر بصيامه قَالَ القَاضِي عِيَاض وَكَانَ بعض السّلف يَقُول كَانَ صَوْم عَاشُورَاء فرضا وَهُوَ بَاقٍ على فرضيته لم ينْسَخ قَالَ وانقرض الْقَائِلُونَ بِهَذَا أَو حصل الْإِجْمَاع على أَنه لَيْسَ بِفَرْض وَإِنَّمَا هُوَ مُسْتَحبّ وروى عَن بن عمر كَرَاهَة قصد صَوْمه وتعيينه بِالصَّوْمِ وَالْعُلَمَاء مجمعون على اسْتِحْبَابه وتعيينه للأحاديث واما قَول بن مَسْعُود كُنَّا نصومه ثمَّ ترك فَمَعْنَاه انه لم يبْق كَمَا كَانَ من الْوُجُوب والتأكد لَا النّدب قَوْله [1734] قَالُوا هَذَا يَوْم الخ قَالَ الْمَازرِيّ خبر الْيَهُود غير مَقْبُول فَيحْتَمل ان النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أوحى اليه بصدقهم فِيمَا قَالُوهُ أَو تَوَاتر عِنْده النَّقْل بذلك حَتَّى حصل لَهُ الْعلم بِهِ قَالَ القَاضِي عِيَاض ردا على الْمَازرِيّ قد روى مُسلم ان قُريْشًا كَانَت تصومه فَلَمَّا قدم النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَة صَامَهُ فَلم يحدث لَهُ بقول الْيَهُود حكم يحْتَاج الى الْكَلَام عَلَيْهِ وَإِنَّمَا هِيَ صفة حَال وَجَوَاب سُؤال فَقَوله صَامَهُ لَيْسَ فِيهِ أَنه ابْتَدَأَ صَوْمه حِينَئِذٍ بقَوْلهمْ وَلَو كَانَ هَذَا لحملناه أَنه أخبرهُ بِهِ من أسلم من عُلَمَائهمْ كَابْن سَلام وَغَيره قَالَ القَاضِي وَقد قَالَ بَعضهم يحْتَمل انه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَصُومهُ بِمَكَّة ثمَّ ترك صِيَامه حَتَّى علم مَا عِنْد أهل الْكتاب فِيهِ فصامه قَالَ القَاضِي وَمَا ذَكرْنَاهُ أولى بِلَفْظ الحَدِيث قلت الْمُخْتَار قَول الْمَازرِيّ ومختصر ذَلِك أَنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَصُومهُ كَمَا يَصُومهُ قُرَيْش فِي مَكَّة ثمَّ قدم الْمَدِينَة فَوجدَ الْيَهُود يصومونه فصامه أَيْضا بِوَحْي أَو تَوَاتر أَو اجْتِهَاد لَا بِمُجَرَّد أَخْبَار أحادهم (نووي) قَوْله نَحن أَحَق بمُوسَى مِنْكُم لأَنا مصدقون وعاملون بِحكمِهِ حَيْثُ أمرنَا بايمان مُحَمَّد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَآمَنا بِهِ وعظمنا حق تَعْظِيم مُوسَى لَا بالافراط وَلَا بالتفريط ويستنبط من هَذَا الحَدِيث ان مُطلق التَّشْبِيه بالكفار لَيْسَ بممنوع بل الْمَمْنُوع مَا كَانَ من خصوصياتهم ان كَانُوا غير متبعين بالشريعة كالمجوس والهنود وَأما من كَانَ اتبع شَرِيعَة نبيه فَفعل فعلا حسنا وَلم ينْه عَنهُ نَبينَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فاتباعهم لَيْسَ بممنوع فِي ذَلِك فَكَانَ النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يحب مُوَافقَة أهل الْكتاب مِمَّا لم يُؤمر بِهِ وَاسْتدلَّ بِهَذَا الحَدِيث من جوز تعْيين الْأَيَّام بِعبَادة خَاصَّة بِسَبَب خَاص كالتصدق على أَرْوَاح الْأَمْوَات يَوْم وفاتهم لِأَن النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خص عَاشُورَاء بِالصَّوْمِ وَخص يَوْم الْإِثْنَيْنِ كَذَلِك لِأَنَّهُ ولد فِيهِ وَفِيه انْزِلْ عَلَيْهِ الْوَحْي (إنْجَاح) قَوْله

[1736] لَئِن بقيت الى قَابل الخ قَالَ النَّوَوِيّ ذهب جَمَاهِير الْعلمَاء من السّلف وَالْخلف الى أَن عَاشُورَاء هُوَ الْيَوْم الْعَاشِر من الْمحرم وَهَذَا ظَاهر الْأَحَادِيث وَمُقْتَضى اللَّفْظ وَعَن بن عَبَّاس ان يَوْم عَاشُورَاء هُوَ الْيَوْم التَّاسِع من الْمحرم وان النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَصُوم التَّاسِع ويتأوله على أَنه مَأْخُوذ من اظماء الْإِبِل فَإِن الْعَرَب تسمي الْيَوْم الْخَامِس من أَيَّام الْوُرُود ريعاء وكذابا فِي الْأَيَّام على هَذِه النِّسْبَة فَيكون التَّاسِع عشر وَهَذَا بعيد ثمَّ ان حَدِيث بن عَبَّاس هَذِه يرد عَلَيْهِ لِأَنَّهُ قَالَ قَالَ النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَئِن بقيت الى قَابل لأصومن الْيَوْم التَّاسِع وَزَاد مُسلم قَالَ فَلم يَأْتِ الْعَام الْمقبل حَتَّى توفّي رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهَذَا تَصْرِيح بِأَن الَّذِي كَانَ يَصُومهُ لَيْسَ هُوَ التَّاسِع فَتعين كَونه الْعَاشِر لَكِن يسْتَحبّ صَوْم التَّاسِع لِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَام نوى صِيَامه وَلَعَلَّ السَّبَب فِي صَوْم التَّاسِع مَعَ الْعَاشِر ان لَا يتشبه باليهود فِي افراد الْعَاشِر وَفِي الحَدِيث إِشَارَة الى هَذَا انْتهى مَعَ تَغْيِير [1741] اشهر الْحرم وَهِي رَجَب وَذُو الْقعدَة وَذُو الْحجَّة وَالْمحرم وَهَذِه الْأَشْهر كَانَت مُحرمَة فِي دين إِبْرَاهِيم وَإِسْمَاعِيل عَلَيْهِمَا السَّلَام وَكَانَت الْعَرَب تمسك بِهِ وَكَانُوا يعظمون ويحرمون الْقِتَال فِيهَا كَمَا فِي المدارك ثمَّ ان تعظيمها الان بَاقِيَة فِي شريعتنا اولا فالجمهور قَالُوا ان حُرْمَة الْقِتَال مَنْسُوخَة لقَوْله تَعَالَى فَاقْتُلُوا الْمُشْركين حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَأما تَكْثِير الثَّوَاب فِي هَذِه الْأَشْهر فقد ثَبت بالأخبار فالحرمة بِهَذَا الْمَعْنى مَوْجُودَة فِي شريعتنا وَالله أعلم (إنْجَاح) قَوْله صم شهر الصَّبْر المُرَاد بِشَهْر الصَّبْر شهر رَمَضَان وَقَوله وَيَوْما بعده أَي صم فِي اشهر الْبَاقِيَة يَوْمًا وَاحِدًا فِي كل شهر وَلَيْسَ المُرَاد صَوْم يَوْم الْفطر لِأَنَّهُ مَنْهِيّ عَنهُ وَفِي بعض النّسخ أَشَارَ لضعف هَذَا الحَدِيث حَيْثُ قَالَ قَالَ أَبُو إِسْحَاق أَبُو مجيبة الْبَاهِلِيّ لَا يعرف وَهُوَ ضَعِيف بِمَعْنى الحَدِيث وَيحْتَمل ان يكون المُرَاد من قَوْله بعده شهر شَوَّال فَقَط وَالله اعْلَم (إنْجَاح) قَوْله [1742] شهر الله الَّذِي الخ الْإِضَافَة الى الله للتعظيم قَالَ الطَّيِّبِيّ أَرَادَ يَوْم عَاشُورَاء فَيكون من بَاب ذكر الْكل وَإِرَادَة الْبَعْض لَكِن الظَّاهِر ان المُرَاد جَمِيع شهر الْمحرم وَفِي خبر أبي دَاوُد وَغَيره صم من الْمحرم واترك صم من الْمحرم واترك صم من الْمحرم واترك وَأما أَحَادِيث صَوْم رَجَب فَقَالَ الْحَافِظ انها مَوْضُوعَة (مرقاة) قَوْله [1743] نهى عَن صِيَام رَجَب وَهَذَا لِأَن أهل الْجَاهِلِيَّة كَانُوا يعظمونه وروى عَن خَرشَة بن الحراشة قَالَ رَأَيْت عمر بن الْخطاب يضْرب بأكف الرِّجَال على صَوْم رَجَب وَيَقُول رَجَب وَمَا رَجَب إِنَّمَا رَجَب شهر يعظمه أهل الْجَاهِلِيَّة فَلَمَّا جَاءَ الْإِسْلَام ترك رَوَاهُ بن أبي شيبَة وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط ووردت الاخبار بِفضل صِيَامه أَيْضا لِأَنَّهُ من جملَة الْأَشْهر الْحرم فَلَعَلَّهُ نهى أَولا ثمَّ أجَاز أَو بِالْعَكْسِ وَمن أَرَادَ تَفْصِيل الْمقَام فَعَلَيهِ بِكِتَاب مَا ثَبت بِالسنةِ فِي أَيَّام السّنة للشَّيْخ عبد الْحق الْمُحدث الدهلوي (إنْجَاح) قَوْله [1745] الصّيام نصف الصَّبْر لِأَن الزَّمَان مُشْتَمل على اللَّيْل وَالنَّهَار وَالصَّوْم يكون فِي النَّهَار وَكَمَال الصَّبْر بامساك الْفَم والفرج لما ورد من ضمن لي مَا بَين لحيتيه وَرجلَيْهِ ضمنت لَهُ بِالْجنَّةِ أَو يحمل الصَّبْر على اتيان الاوامر وَاجْتنَاب النواهي قاطبة وَيجْعَل المفطرات الثَّلَاث نصفه لِأَن مُعظم هَذِه الْأُمُور تداول بالفرج والفم فَلَمَّا امسكهما حصل لَهُ نصف الصَّبْر وَالله أعلم (إنْجَاح) قَوْله [1749] وَفضل رزق بِلَال مُبْتَدأ أَي الرزق الْفَاضِل على مَا يَأْكُل فِي الْجنَّة أَي جَزَاء لَهُ عَن صَوْمه الْمَانِع عَن أكله قَالَ الطَّيِّبِيّ الظَّاهِر ان يُقَال ورزق بِلَال فِي الْجنَّة الا أَنه ذكر لَفْظَة وَفضل تَنْبِيها على أَنه رزق الَّذِي هُوَ بدل من هَذَا الرزق زَائِد عَلَيْهِ (مرقاة) قَوْله تسبح عِظَامه لَا مَانع من حمله على حَقِيقَته وان الله تَعَالَى بفضله يكْتب لَهُ ثَوَاب ذَلِك التَّسْبِيح (مرقاة) قَوْله [1750] فَلْيقل الخ قَالَ بن الْملك أَمر صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدْعُو حِين يُجيب الدَّاعِي أَن يعْتَذر عَنهُ بقوله إِنِّي صَائِم وَإِن كَانَ يسْتَحبّ إخفاء النَّوَافِل لِئَلَّا يُؤَدِّي ذَلِك الى عَدَاوَة وبغض فِي الدَّاعِي وَفِي رِوَايَة فَليصل أَي الرَّكْعَتَيْنِ وَقيل فَليدع والضابطة عِنْد الشَّافِعِي ان الضَّيْف ينظر فَإِن كَانَ المضيف يتَأَذَّى بترك الْإِفْطَار فالافضل الْإِفْطَار والا فَلَا (مرقاة) قَوْله [1752] وَلَو بعد حِين الْحِين يسْتَعْمل لمُطلق الْوَقْت ولستة اشهر ولاربعين سنة وَالله أعلم بالمراد وَالْمعْنَى لَا أضيع حَقك وَلَو مضى زمَان طَوِيل (مرقاة) قَوْله [1753] ان للصَّائِم الخ قَالَ الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول امة مُحَمَّد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد خصت من بَين الْأُمَم فِي شَأْن الدُّعَاء فَقيل ادْعُونِي استجب لكم وَإِنَّمَا كَانَ ذَلِك للأنبياء فاعطيت هَذِه الْأمة مَا أَعْطَيْت الْأَنْبِيَاء فَلَمَّا دخل التَّخْلِيط فِي أُمُورهم من أهل الشَّهَوَات الَّتِي استولت على قُلُوبهم وحجبت قُلُوبهم وَالصَّوْم يمْنَع النَّفس عَن الشَّهَوَات فَإِذا ترك شَهْوَته من قلبه صفا الْقلب وَصَارَت دَعوته بقلب فارغ قد زايلته ظلمَة الشَّهَوَات ونورته الْأَنْوَار فَإِن كَانَ مَا سَأَلَ فِي الْمَقْدُور لَهُ عجل وان لم يكن كَانَ مذخورا لَهُ فِي الْآخِرَة مِصْبَاح الزجاجة قَوْله حَدثنَا دَاوُد بن عَطاء ضَعِيف قَوْله مُوسَى بن عُبَيْدَة ضَعِيف قَوْله من فطر صَائِما أَي اطعمه وسقاه عِنْد افطاره من كسب حَلَال كَمَا فِي رِوَايَة قَوْله [1747] وصلت عَلَيْكُم الْمَلَائِكَة أَي دعت لكم وبركت قَوْله الْغَدَاء بِالنّصب هُوَ بِالنّصب بِفعل مُضْمر أَي احضره أَو ائته قَوْله [1752] ودعوة الْمَظْلُوم يرفعها الله هَذَا كِنَايَة عَن ايصالها الى مصعد الْقبُول والاجابة قَوْله [1754] حَدثنَا جبارَة بن الْمُغلس ضَعِيف قَوْله منْدَل بن عَليّ ضَعِيف قَوْله [1755] لَا يَغْدُو يَوْم الْفطر أَي لَا يذهب الى الْمصلى

باب في ليلة القدر إنما سميت بها لأنه يقدر فيها الارزاق ويقضي ويكتب

[1757] فليطعم عَنهُ الخ بِهَذَا قَالَ الْجُمْهُور لَا يَصُوم أحد عَن أحد بل يطعم عَنهُ وَبِه قَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك وَالشَّافِعِيّ فِي أصح قوليه عِنْد أَصْحَابه وتأولوا مَا رَوَاهُ الشَّيْخَانِ عَن عَائِشَة صَامَ عَنهُ وليه أَي تدارك بِالْإِطْعَامِ فَكَأَنَّهُ صَامَ عَنهُ وَذهب أَحْمد الى ظَاهره يَعْنِي يَصُوم عَنهُ وليه وَهُوَ أحد قولي الشَّافِعِي وَصَححهُ النَّوَوِيّ وَقَالَ بعض الشَّافِعِيَّة يُخَيّر بَين الصَّوْم والافطار وَيُؤَيّد قَول الْجُمْهُور مَا رَوَاهُ مَالك أَنه بلغه ان بن عمر كَانَ يسْأَل هَل يَصُوم أحد عَن أحد وَيُصلي أحد عَن أحد قَالَ لَا يَصُوم أحد عَن أحد وَلَا يُصَلِّي أحد عَن أحد (فَخر) قَوْله [1763] فَلَا يَصُوم الا بإذنهم لِأَن صَاحب الْمنزل يحرم عَن أَدَاء حُقُوق الضَّيْف فَيَتَأَذَّى بِسَبَبِهِ (إنْجَاح) قَوْله بَاب فِي لَيْلَة الْقدر إِنَّمَا سميت بهَا لِأَنَّهُ يقدر فِيهَا الارزاق وَيَقْضِي وَيكْتب الاجال والاحكام الَّتِي تكون فِي تِلْكَ السّنة لقَوْله تَعَالَى فِيهَا يفرق كل أَمر حَكِيم وَقَوله تَعَالَى تنزل الْمَلَائِكَة وَالروح فِيهَا بِإِذن رَبهم من كل أَمر وَالْقدر بِهَذَا الْمَعْنى يجوز فِيهِ تسكين اللَّام وَالْمَشْهُور تحريكه لمعات قَوْله [1766] إِنِّي اريت بِصِيغَة الْمَجْهُول من الرُّؤْيَا أَو من الروية أَي أبصرتها وَإِنَّمَا أرى علامتها وَهِي السُّجُود فِي المَاء والطين كَمَا وَقع فِي البُخَارِيّ عَيْني قَوْله فِي الْعشْر الاواخر الخ قد اخْتلف الْعلمَاء فِيهَا فَقيل هِيَ أول لَيْلَة من رَمَضَان وَقيل لَيْلَة سبع عشرَة وَقيل لَيْلَة ثَمَان عشرَة وَقيل لَيْلَة تسع عشرَة وَقيل لَيْلَة إِحْدَى وَعشْرين وَقيل لَيْلَة ثَلَاث وَعشْرين وَقيل لَيْلَة خمس وَعشْرين وَقيل لَيْلَة سبع وَعشْرين وَقيل لَيْلَة تسع وَعشْرين وَقيل آخر لَيْلَة من رَمَضَان وَقيل فِي اشفاع هَذِه الافراد وَقيل فِي السّنة كلهَا وَقيل فِي جَمِيع شهر رَمَضَان وَقيل يتَحَوَّل فِي اللَّيَالِي الْعشْر كلهَا وَذهب أَبُو حنيفَة الى أَنَّهَا فِي رَمَضَان تتقدم وتتأخر وَعند أبي يُوسُف وَمُحَمّد لَا تتقدم وَلَا تتأخر لَكِن غير مُعينَة وَقيل هِيَ عِنْدهمَا فِي النّصْف الْأَخير من رَمَضَان وَعند الشَّافِعِي فِي الْعشْر الْأَخير لَا تنْتَقل وَلَا تزَال الى يَوْم الْقِيَامَة وَقَالَ أَبُو بكر الرَّازِيّ هِيَ غير مَخْصُوصَة بِشَهْر من الشُّهُور وَبِه قَالَ الحنفيون وَفِي قاضيخان الْمَشْهُور عَن أبي حنيفَة انها تَدور فِي السّنة وَقد تكون فِي رَمَضَان وَقد تكون فِي غَيره وَصَحَّ ذَلِك عَن بن مَسْعُود وَابْن عَبَّاس وَعِكْرِمَة وَغَيرهم فَإِن قلت مَا وَجه هَذِه الْأَقْوَال قلت لَا مُنَافَاة لِأَن مَفْهُوم الْعدَد لَا اعْتِبَار لَهُ وَعَن الشَّافِعِي وَالَّذِي عِنْدِي أَنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُجيب على نَحْو مَا يسْأَل عَنهُ يُقَال لَهُ نلتمسها فِي لَيْلَة كَذَا فَيَقُول التمسوها فِي لَيْلَة كَذَا وَقيل ان رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يحدث بميقاتها جزما فَذهب كل وَاحِد من الصَّحَابَة بِمَا سَمعه والذاهبون الى سبع وَعشْرين هم الْأَكْثَرُونَ هَذَا مَا قَالَه الْعَيْنِيّ قَالَ فِي الْفَتْح وَجزم أبي بن كَعْب بِأَنَّهَا لَيْلَة سبع وَعشْرين وَفِي التوشيح وَقد اخْتلف الْعلمَاء فِيهَا على أَكثر من أَرْبَعِينَ قولا وارجاها اوتار الْعشْر الْأَخير وارجى الاوتار لَيْلَة إِحْدَى وَعشْرين وَثَلَاث وَعشْرين وَسبع وَعشْرين وَاخْتلف هَل هِيَ خَاص لهَذِهِ الْأمة أم لَا انْتهى قَوْله [1768] وَشد الميزر أَي إزَاره كَقَوْلِهِم ملحفة ولحاف وَهُوَ كِنَايَة اما عَن ترك الْجِمَاع وَإِمَّا عَن الاستعداد لِلْعِبَادَةِ وَالِاجْتِهَاد وَالزَّائِد على مَا هُوَ عَادَته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ واما عَنْهُمَا كليهمَا مَعًا عُمْدَة الْقَارِي قَوْله [1769] اعْتكف عشْرين يَوْمًا قيل السَّبَب فِي ذَلِك انه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ علم بِانْقِضَاء أَجله فَأَرَادَ ان يستكثر من أَعمال الْخَيْر ليسن للْأمة الِاجْتِهَاد فِي الْعَمَل إِذا بلغُوا أقْصَى الْعُمر ليلقه الله على خير أَعْمَالهم وَقيل السَّبَب فِيهِ ان جِبْرَائِيل كَانَ يُعَارضهُ بالقران فَلَمَّا كَانَ الْعَام الَّذِي قبض فِيهِ عَارض بِهِ مرَّتَيْنِ فَلذَلِك اعْتكف قدر مَا كَانَ يعْتَكف مرَّتَيْنِ وَقَالَ بن الْعَرَبِيّ يحْتَمل ان يكون سَبَب ذَلِك انه لما ترك الإعتكاف فِي الْعشْر الْأَخير بِسَبَب مَا قوع من أَزوَاجه وَاعْتَكف بدله عشرا من شَوَّال اعْتكف فِي الْعَام الَّذِي يَلِيهِ عشْرين ليتَحَقَّق قَضَاء الْعشْر فِي رَمَضَان انْتهى وَأقوى من ذَلِك إِنَّه إِنَّمَا اعْتكف فِي ذَلِك الْعَام عشْرين لِأَنَّهُ كَانَ فِي الْعَام الَّذِي قبله مُسَافِرًا وَيحْتَمل تعدد هَذِه الْقِصَّة بِتَعَدُّد السَّبَب فَيكون مرّة بِسَبَب ترك الِاعْتِكَاف لعذر السّفر وَمرَّة بِسَبَب عرض الْقُرْآن مرَّتَيْنِ فتح الْبَارِي قَوْله

[1771] إِذا أَرَادَ ان يعْتَكف صلى الصُّبْح الخ احْتج بِهِ من يَقُول يبْدَأ الِاعْتِكَاف من أول النَّهَار وَبِه قَالَ الْأَوْزَاعِيّ وَالثَّوْري وَاللَّيْث فِي أحد قوليه وَقَالَ مَالك وَأَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ وَأحمد يدْخل فِيهِ قبيل غرُوب الشَّمْس إِذا أَرَادَ اعْتِكَاف شهر أَو اعْتِكَاف عشر وَأولُوا على انه دخل الْمُعْتَكف وَانْقطع فِيهِ وتخلى بِنَفسِهِ بعد صَلَاة الصُّبْح لَا أَن ذَلِك وَقت ابْتِدَاء الِاعْتِكَاف بل كَانَ من قبل الْمغرب معتكفا لَا يُنَافِي جملَة الْمَسْجِد فَلَمَّا صلى الْفجْر انْفَرد قَالَه النَّوَوِيّ قلت وَقد ورد فِي الحَدِيث الصَّحِيح إِذا اعْتكف اتخذ حجرَة من حَصِير فَيدْخل الْمَسْجِد فِي اللَّيْلَة ثمَّ يدْخل فِي وَقت الصُّبْح فِي ذَلِك الْموضع أَي فِي الْحُجْرَة من الْحَصِير فَخر قَوْله فرط فِيهِ من التَّفْرِيط أَي قصر فِي ادائه وَمِنْه قَوْله تَعَالَى وَمَا فرطنا فِي الْكتاب من شَيْء أَي مَا قَصرنَا وَمَا تركنَا بل أحصينا جَمِيع الْأَشْيَاء فِيهِ إنْجَاح الْحَاجة قَوْله أَبُو بكر الْمدنِي ضَعِيف قَوْله عبد الله بن عبد الله الْأمَوِي لين الحَدِيث ت انجاح الْحَاجة لمولانا شاه عبد الْغَنِيّ المجددي الدهلوي [1772] فَأمره ان يعْتَكف احْتج بِهِ الشَّافِعِي على ان الصَّوْم لَيْسَ بِشَرْط الِاعْتِكَاف لِأَن اللَّيْلَة لَيْسَ محلا لَهُ أَي للصَّوْم وَأجِيب عَنهُ بِأَنَّهُ قد جَاءَ فِي رِوَايَة صَحِيحَة أَنه قَالَ عمر اني نذرت فِي الْجَاهِلِيَّة ان اعْتكف يَوْمًا كَمَا روى مُسلم وَالنَّسَائِيّ وَقد جمع بن حبَان بَين الرِّوَايَتَيْنِ بِأَنَّهُ نذر اعْتِكَاف يَوْم وَلَيْلَة فَمن اطلق لَيْلَة أَرَادَ بيومها وَمن اطلق يَوْمًا أَرَادَ بليلته وَقَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك الْأَكْثَرُونَ يشْتَرط فِي الِاعْتِكَاف الصَّوْم فَلَا يَصح اعْتِكَاف مفطر وَاحْتَجُّوا بِمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد عَن عَائِشَة قَالَت السّنة على الْمُعْتَكف ان لَا يعود مَرِيضا الى ان قَالَت وَلَا اعْتِكَاف الا بِصَوْم الحَدِيث وَبِمَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ عَن بن عمر وَابْن عَبَّاس ان الْمُعْتَكف يَصُوم وَكَذَا روى عبد الرَّزَّاق عَن بن عَبَّاس انه قَالَ من اعْتكف لزم عَلَيْهِ الصَّوْم ولمواظبة النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على ذَلِك وَبِالْجُمْلَةِ أَكثر الْأَحَادِيث تدل على اشْتِرَاط الصَّوْم للمعتكف وَبِه قَالَ بن عمر وَابْن عَبَّاس وَعَائِشَة وَعُرْوَة وَالزهْرِيّ وَالْأَوْزَاعِيّ وَالثَّوْري وَأحمد وَإِسْحَاق فِي رِوَايَة عَنْهُمَا (فَخر) قَوْله [1774] وَرَاء إسطوانة التَّوْبَة وَهِي الَّتِي أوثق بهما لبَابَة بن الْمُنْذر نَفسه حِين فشى سر النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الحكم على بني قُرَيْظَة بِقَتْلِهِم وَأَشَارَ الى حَلقَة وَنزل يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تخونوا الله وَالرَّسُول الْآيَة وَحلف ان لَا يحله الا النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا نزلت تَوْبَته بعد ثَلَاثَة أَيَّام حلّه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَفسِهِ (إنْجَاح) قَوْله [1776] الا لحَاجَة وَفِي رِوَايَة مُسلم الا لحَاجَة الْإِنْسَان فَسرهَا الزُّهْرِيّ بالبول وَالْغَائِط وَكَذَا غسل الْجَنَابَة لوُجُوب خُرُوجه من الْمَسْجِد إِذْ ذَاك اتَّفقُوا عَلَيْهِ وَقد اخْتلفُوا فِي غير مَا ذكر مثل العيادة وشهود الْجِنَازَة فَقَالَ الْأَئِمَّة الْأَرْبَعَة لَا يجوز الْخُرُوج لشَيْء مِنْهَا وَقَالَ الْحسن وَالنَّخَعِيّ يجوز الْخُرُوج للمعتكف لَهَا وَبِالْجُمْلَةِ أَكثر الْأَحَادِيث تدل على أَن لَا يجوز لَهُ الْخُرُوج للعيادة وشهود الْجِنَازَة وَغَيرهمَا الا مَا لَا بُد مِنْهُ من الْبَوْل وَالْغَائِط وَغسل الْجَنَابَة كَمَا روى أَبُو دَاوُد عَن عَائِشَة قَالَت السّنة على الْمُعْتَكف ان لَا يعود مَرِيضا وَلَا يشْهد جَنَازَة الحَدِيث قَالَ الطَّيِّبِيّ من خرج لقَضَاء حَاجته وَاتفقَ عِيَادَة الْمَرِيض وَالصَّلَاة على الْمَيِّت فَلم ينحرف عَن الطَّرِيق وَلم يقف فِيهِ وقوفا أَكثر من قدر الصَّلَاة على الْمَيِّت لم يبطل اعْتِكَافه عِنْد الْأَئِمَّة الْأَرْبَعَة والا بَطل انْتهى قلت يُؤَيّد مَا قَالَ الطَّيِّبِيّ مَا روى أَبُو دَاوُد عَن عَائِشَة قَالَت كَانَ النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يعود الْمَرِيض وَهُوَ معتكف فيمر هُوَ فَلَا يعرج يسْأَل عَنهُ أَي لَا يمْكث (فَخر) قَوْله [1777] الْمُعْتَكف يتبع الْجِنَازَة الخ هَذَا الحَدِيث تفرد بِهِ بن ماجة من السِّتَّة ذكره الْمزي فِي الْأَطْرَاف بِرِوَايَة أنس بن مَالك فَقَط وَقَالَ عبد الْخَالِق أحد المجاهيل قَالَ بن حجر عبد الْخَالِق غير مَنْسُوب عَن أنس مَجْهُول من الْخَامِسَة فَالْحَدِيث كَمَا ترى لَا يُعَارض أَحَادِيث الصِّحَاح وَهُوَ مَا روى أَصْحَاب السّنَن عَن عَائِشَة قَالَت السّنة للمعتكف ان لَا يعود مَرِيضا وَلَا يتبع جَنَازَة وَلَا يمس امْرَأَة وَلَا يُبَاشِرهَا الحَدِيث فَلَعَلَّ لفظ لَا سقط فِي رِوَايَة عبد الْخَالِق عَن أنس أَو يأول أَحَادِيث السّنَن بِأَن المُرَاد من السّنة الْأَوْلَوِيَّة وَفِي حَدِيث أنس بَيَان الْجَوَاز وَفِي التاتار خَانِية عَن الْحجَّة لَو شَرط وَقت النِّيَّة ان يخرج لعيادة الْمَرِيض أَو صَلَاة الْجِنَازَة أَو حُضُور مجْلِس الْعلم جَازَ ذَلِك كَمَا فِي الدّرّ (إنْجَاح) قَوْله [1779] على رِسْلكُمَا أَي اثبتا وَلَا تعجلا يُقَال لمن يَتَأَتَّى وَيعْمل الشَّيْء على هينته قَوْله انها صَفِيَّة الخ اخْرُج بن عَسَاكِر فِي تَارِيخه من طَرِيق أبي مُحَمَّد بن أبي حَاتِم ثَنَا مُحَمَّد بن روح عَن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد الشَّافِعِي قَالَ كُنَّا فِي مجْلِس بن عُيَيْنَة وَالشَّافِعِيّ حَاضر فَحدث حَدِيث انها صَفِيَّة فَقَالَ بن عُيَيْنَة للشَّافِعِيّ مَا فقه هَذَا الحَدِيث يَا أَبَا عبد الله قَالَ ان كَانَ الْقَوْم اتهموا النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانُوا بتهمتهم النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كفَّارًا لَكِن النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أدب من بعده فَقَالَ إِذا كُنْتُم هَكَذَا فافعلوا هَكَذَا حَتَّى لَا يظنّ بكم ظن السوء لَا ان النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يتهم وَهُوَ أَمِين الله فِي أرضه فَقَالَ بن عُيَيْنَة جَزَاك الله خيرا يَا أَبَا عبد الله (زجاجة) قَوْله انها صَفِيَّة الخ قَالَ بن حجر ان النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم ينسبهما الى أَنَّهُمَا يظنان بِهِ سوء لما تقرر عِنْده من صدق إيمانهما وَلَكِن خشِي عَلَيْهِمَا ان يوسوس لَهما الشَّيْطَان بذلك لِأَنَّهُمَا غير معصومين فقد يُفْضِي بهما ذَلِك الى الْهَلَاك فبادر الى اعلامهما حسما للمادة وتعليما لمن بعده إِذا وَقع لَهُ مثل ذَلِك كَمَا قَالَ الشَّافِعِي انْتهى فتح الْبَارِي قَوْله

باب من استفاد مالا المراد بالمال المستفاد المال الذي حصل للرجل في

[1783] فَإِن هم اطاعوا لذَلِك فاعلمهم الخ يدل على ان الْكفَّار غير مخاطبين بالفروع وَهُوَ الْمَذْهَب عِنْد الْحَنَفِيَّة وَقد تقرر ذَلِك فِي علم الْأُصُول وَيَنْبَغِي ان يعلم ان ثَمَرَة الْخلاف إِنَّمَا تظهر فِي عَذَاب الْآخِرَة فعندنا إِنَّمَا يُعَذبُونَ لترك الْإِيمَان فَقَط وَعند الشَّافِعِيَّة لَهُ ولترك الْأَعْمَال أَيْضا وَأما طلب الْأَعْمَال مِنْهُم فِي الدُّنْيَا فَلَا بالِاتِّفَاقِ لعدم صِحَّتهَا بِدُونِ الْإِيمَان كَمَا حقق فِي مَوْضِعه هَذَا وَأما تَقْدِيم الاعلام بالصلوات قبل الاعلام بِالزَّكَاةِ فلفضلها على سَائِر الْأَعْمَال لَا لاشتراطها بهَا لمعات قَوْله فَإِن هم اطاعوا لذَلِك الخ من قبيل مَا حذف عَامله على شريطة التَّفْسِير كَقَوْلِه تَعَالَى وان أحد من الْمُشْركين استجارك فَأَجره تَقْدِيره فَإِن اطاعوك الخ إنْجَاح الْحَاجة [1787] فَقَالَ لَهُ قَول الله الَّذين يكنزون الخ هَذَا سوال من الْأَعرَابِي بِمَعْنى الْآيَة فحرف الِاسْتِفْهَام مَحْذُوف أَي مَا معنى قَول الله عز وَجل وغرضه وَالله أعلم ان الْأَعرَابِي لما رأى بن عمر فِي الثروة من المَال فَعرض عَلَيْهِ بِهَذِهِ الْآيَة جهلا مِنْهُ بِمَعْنَاهُ وَلذَا قَالَ بن عمر مَا أُبَالِي لَو كَانَ لي ذَهَبا مثل أحد الخ وَكَانَ رَضِي الله عَنهُ كثير الْمِيرَاث والخيرات قَالَ بن حجر عتق الف عبد وَحمل على الف فرس فِي سَبِيل الله وَكَانَ مَعَ ذَلِك زاهدا فِي الدُّنْيَا لَا يقبل الْأَعْمَال من الْقَضَاء والخلافة وحاله أظهر من الشَّمْس (إنْجَاح) قَوْله [1789] لَيْسَ فِي المَال حق الخ ذكر فِي بعض الْحَوَاشِي أخرجه التِّرْمِذِيّ عَن فَاطِمَة بنت قيس بِلَفْظ ان فِي المَال لَحقا سوى الزَّكَاة وَلم يُبينهُ فِي الْأَطْرَاف على اخْتِلَاف روايتي التِّرْمِذِيّ وَابْن ماجة وَقد استدركه عَلَيْهِ الْحَافِظ بن حجر قلت استدرك بن حجر على الْمزي انه ترك ذكر الِاخْتِلَاف مَعَ هَذَا البون الْبعيد بَين النَّفْي والاثبات وَلَا يتَحَمَّل هَذَا الْموضع تَصْحِيف قلم النَّاسِخ فَإِن تَرْجَمَة بَاب التِّرْمِذِيّ تَقْتَضِي الاثبات حَيْثُ قَالَ بَاب مَا جَاءَ ان فِي المَال حَقًا سوى الزَّكَاة وترجمة بن ماجة نَفْيه حَيْثُ قَالَ بَاب مَا أدّى زَكَاة فَلَيْسَ بكنز غَايَته ان التِّرْمِذِيّ ضعف الحَدِيث وَقَالَ أَبُو حَمْزَة مَيْمُون الْأَعْوَر يضعف وَنسب هَذَا القَوْل أَي ان فِي المَال لَحقا الخ الى الشّعبِيّ وَقَالَ هَذَا أصح وَحَاصِل الْكَلَام ان الاثبات وَالنَّفْي إِذا تَعَارضا كَانَ الاثبات أولى عِنْد التَّعَارُض وَيُؤَيّد قَول الله عز وَجل الَّذين هم يراءون وَيمْنَعُونَ الماعون فأوعد الله جلّ ذكره بِالْوَيْلِ لمن منع الماعون وَهُوَ الشَّيْء التافه كالقصعة والمغرفة فَإِن هَذِه الْأَشْيَاء لَيْسَ لِلزَّكَاةِ فِيهَا مدخلًا الا ان يفرق بَينهمَا بِأَن الْحق الْمَفْرُوض يُؤدى بِالزَّكَاةِ وَلذَا قَالَ إِذا اديت زَكَاة مَالك فقد قضيت مَا عَلَيْك وَهَذِه الْأَشْيَاء وان كَانَت مأمورة بهَا لَكِن حكمهَا لَيْسَ كالفرض فَهَذِهِ من مَكَارِم الْأَخْلَاق وَالْمُؤمن لَا يكمل ايمانه الا بمكارم الْأَخْلَاق وَهَذَا الْقرب هُوَ الْمُسَمّى بِقرب النَّوَافِل عِنْد الصُّوفِيَّة وَذَلِكَ بِقرب الْفَرَائِض وَفِي الحَدِيث الصَّحِيح لَا يزَال عَبدِي يتَقرَّب بالنوافل حَتَّى أحببته فَإِذا احببته كنت سَمعه الَّذِي يسمع بِي الحَدِيث فاحفظه فَإِن الْفرق غامض (إنْجَاح) قَوْله [1790] اني قد عَفَوْت عَنْكُم الخ قد يشْعر هَذَا الْكَلَام سبق الْوُجُوب ثمَّ نسخه وَلَيْسَ بِصَرِيح فِي ذَلِك بل يَكْفِي فِي ذَلِك سبق ذَنْب من إمْسَاك المَال عَن الْإِنْفَاق وَسَيَجِيءُ تَأْوِيل الحَدِيث عِنْد أبي حنيفَة رح بخيل الْغُزَاة ورقيق الْخدمَة كَذَا فِي اللمعات (إنْجَاح) قَوْله إِنِّي قد عَفَوْت عَنْكُم الخ قَالَ الشَّيْخ ذهب أَبُو حنيفَة الى ان الْخَيل إِذا كَانَت سَائِمَة ذُكُورا وإناثا فصاحبها بِالْخِيَارِ ان شَاءَ أعْطى من كل فرس دِينَارا وَإِن شَاءَ قَومهَا وَأعْطى من كل مِائَتَيْنِ خَمْسَة دَرَاهِم وَهُوَ قَول زفر وَقَالا زَكَاة فِي الْخَيل وَهُوَ قَول الشَّافِعِي لقَوْله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ على الْمُسلم فِي عَبده وَلَا فِي فرسه صَدَقَة وَقَوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي كل فرس سَائِمَة دِينَار وَتَأْويل مَا روياه فرس الْغَازِي وَهُوَ الْمَنْقُول عَن زيد بن ثَابت والتخيير بَين الدِّينَار والتقويم مأثور عَن عمر رض كَذَا فِي الْهِدَايَة وَفِي شرح بن الْهمام وَفِي فَتَاوَى قاضيخان قَالُوا الْفَتْوَى على قَوْلهمَا وَكَذَا رجح قَوْلهمَا فِي الاسرار وَأما شمس الْأَئِمَّة وَصَاحب التُّحْفَة فرجحا قَول أبي حنيفَة وَحَدِيث لَيْسَ على الْمُسلم فِي عَبده وَلَا فرسه صَدَقَة رَوَوْهُ فِي الْكتب السِّتَّة وَزَاد مُسلم الا صَدَقَة الْفطر انْتهى وَقد جَاءَ فِي عدم وجوب زَكَاة الْخَيل أَخْبَار وآثار كَثِيرَة وَجَاء فِي تَأْوِيله بفرس الْغَازِي أَيْضا أَقْوَال من السّلف وَيُؤَيِّدهُ ظَاهر الْإِضَافَة فِي فرسه كَمَا فِي عَبده فَافْهَم وَأما إِذا كَانَ للتِّجَارَة فَلَا خلاف فِي وجوب الزَّكَاة لكَونهَا كَسَائِر أَمْوَال التِّجَارَة وَأما إِذا كَانَت سَائِمَة لَا للتِّجَارَة وَلَا للغزو فَفِيهِ الْخلاف وَجَاء فِي حَدِيث جَابر عِنْد الْبَيْهَقِيّ وَالدَّارَقُطْنِيّ فِي الْخَيل السَّائِمَة فِي كل فرس دِينَار والْحَدِيث الَّذِي ذكر فِي الْهِدَايَة رَوَاهُ جَعْفَر بن مُحَمَّد عَن أَبِيه عَن جَابر وَالْكَلَام فِيهِ كثير ذكرنَا بَعْضًا مِنْهُ فِي شرح سفر السعادت لمعات قَوْله بَاب من اسْتَفَادَ مَالا المُرَاد بِالْمَالِ الْمُسْتَفَاد المَال الَّذِي حصل للرجل فِي اثناء الْحول من هبة أَو مِيرَاث وَمثله وَلَا يكون من نتائج المَال السَّابِق وَاخْتلف فِيهِ فَقَالَ الشَّافِعِي رح لَا يلْحق بالسابق بل يسْتَأْنف لَهُ مُدَّة حوله وَعند أبي حنيفَة رح يلْحق بِالْمَالِ الأول فِي حولان الْحول وَأما الْمُسْتَفَاد الَّذِي يكون من نتائج المَال السَّابِق فَلَا اخْتِلَاف فِيهِ بل اتَّفقُوا على أَنه يلْحق بِالْمَالِ الأول فِي الْمدَّة إنْجَاح الْحَاجة قَوْله

[1797] فَلَا تنسوا ثَوَابهَا لكيلا يحصل لكم التَّعَب فِي إخْرَاجهَا فَإِن الْإِنْسَان يثقل عَلَيْهِ إِخْرَاج مَاله بِلَا سَبَب وَالسَّبَب الاخروي أَعلَى وافضل من الدنيوي فَإِذا اخلصتم نيتكم فَادعوا بِهَذَا الدُّعَاء فَإِنَّهُ يصير عِنْد خلوص النِّيَّة مغنما وَعند عدمهَا مغرما انجاح الْحَاجة لمولانا الْمُعظم الشَّيْخ عبد الْغَنِيّ المجددي الدهلوي هُوَ الَّذِي لَا شعر على رَأسه لِكَثْرَة سمه وَطول عمره مِصْبَاح الزجاجة للسيوطي [1798] بنت مَخَاض بِفَتْح الْمِيم وبالخاء وَالضَّاد المعجمتين الْأُنْثَى من الْإِبِل وَهِي الَّتِي تمّ لَهَا عَام سميت بِهِ لِأَن أمهَا ان لَهَا ان تلْحق بالمخاض وَهُوَ وجع الْولادَة وان لم تحمل قسطلاني قَوْله بنت لبون وَهِي الَّتِي عَلَيْهَا سنتَانِ وَدخل فِي الثَّالِثَة فَصَارَت أمه لبونا أَي ذَات لبن بِولد آخر كَذَا فِي الْمجمع قَالَ بن الْهمام ان الْوَاجِب فِي الْإِبِل هُوَ الاناث بِخِلَاف الْبَقر وَالْغنم فَإِنَّهُ يَسْتَوِي فيهمَا الذُّكُورَة والانوثة انْتهى قَوْله حَقه الحقة بِكَسْر الْحَاء وَتَشْديد الْقَاف هِيَ الَّتِي طعنت فِي الرَّابِعَة سميت بذلك لِأَنَّهَا اسْتحقَّت الرّكُوب وَالْحمل (مرقاة) قَوْله [1800] جَذَعَة الْجَذعَة من اسنان الدَّوَابّ وَهُوَ مَا كَانَ مِنْهَا شَابًّا فتيا وَهُوَ من الْإِبِل مَا تمّ لَهُ أَربع سِنِين وَمن الْبَقر والمعز مَا تمّ لَهُ سنة وَقيل من الْبَقر مَاله سنتَانِ وَمن الضَّأْن مَا تمت لَهُ سنة وَقيل أقل مِنْهَا كَذَا فِي مجمع الْبحار وَقَالَ الْقُسْطَلَانِيّ سميت بهَا لِأَنَّهَا جذعت مقدم اسنانها أَي اسقطت انْتهى قَوْله [1805] فَإِن زَادَت قَالَ القَاضِي والْحَدِيث على استقراء الْحَسَنَات بَعْدَمَا جَاوز الْعدَد الْمَذْكُور يَعْنِي إِذا زَادَت الْإِبِل على الْمِائَة وَالْعِشْرين لم يسْتَأْنف الْفَرِيضَة وَهُوَ مَذْهَب أَكثر أهل الْعلم وَقَالَ النَّخعِيّ وَالثَّوْري وَأَبُو حنيفَة تسْتَأْنف فَإِذا زَادَت على الْمِائَة وَالْعِشْرين خمس لزم حقتان وشَاة وَهَكَذَا الى بنت مَخَاض وَبنت لبون على التَّرْتِيب السَّابِق وَاحْتَجُّوا بِمَا روى عَن عَاصِم عَن ضَمرَة عَن عَليّ رض فِي حَدِيث الصَّدَقَة فَإِذا زَادَت الْإِبِل على عشْرين وَمِائَة ترد الْفَرَائِض الحَدِيث مراة قَوْله [1800] وَيُعْطِيه الْمُصدق هُوَ بتَخْفِيف الصَّاد وَكسر الدَّال عَامل الزَّكَاة الَّذِي يستوفيها من اربابها يُقَال صدقهم يُصدقهُمْ فَهُوَ مُصدق (زجاجة) قَوْله [1801] قَرَأت فِي عَهده أَي فِي كِتَابه الَّذِي كتب لَهُ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَن يعْمل بِحَسبِهِ (إنْجَاح) قَوْله لَا يجمع بَين متفرق قَالَ الْعَيْنِيّ وَغَيره اخْتلف الْعلمَاء فِي تَأْوِيل هَذَا الحَدِيث فَقَالَ مَالك فِي الْمُوَطَّأ تَفْسِير لَا يجمع بَين متفرق ان يكون ثَلَاثَة أنفس لكل وَاحِد أَرْبَعُونَ شَاة فَإِذا اظلهم الْمُصدق جمعوها ليؤدوا شَاة وَلَا يفرق بَين مُجْتَمع بِأَن يكون للخليطين ماءتا شَاة وشاتان فَيكون عَلَيْهِمَا فِيهَا ثَلَاث شِيَاه فيفرقونها حَتَّى لَا يكون على كل أحد الا شَاة وَاحِدَة فنهوا عَن ذَلِك وَهُوَ قَول الثَّوْريّ وَالْأَوْزَاعِيّ وَقَالَ الشَّافِعِي تَفْسِيره وان يفرق السَّاعِي الأول ليَأْخُذ من كل وَاحِد شَاة وَفِي الثَّانِي ليَأْخُذ ثَلَاثًا الْمَعْنى وَاحِد لَكِن صرف الْخطاب الشَّافِعِي الى السَّاعِي كَمَا حكى عَنهُ الدَّاودِيّ وَصَرفه مَالك الى الْمَالِك وَقَالَ الْخطابِيّ عَن الشَّافِعِي انه صرف إِلَيْهِمَا انْتهى هَذَا مَا قَالَه الْعَيْنِيّ والقسطلاني قَالَ بن الْهمام إِذا كَانَ النّصاب بَين الشُّرَكَاء وَصحت الْخَلْط بَينهم باتحاد السَّرْح والمرعى والمراح والراعي والفحل والمحلب تجب الزَّكَاة فِيهِ عِنْده أَي عِنْد الشَّافِعِي لقَوْله عَلَيْهِ السَّلَام لَا يجمع بَين متفرق الحَدِيث وَفِي عدم الْوُجُوب تَفْرِيق الْمُجْتَمع وَعِنْدنَا لَا تجب وَإِلَّا لَوَجَبَتْ على كل أحد فِيمَا دون النضار لنا هَذَا الحَدِيث فَفِي وجوب الْجمع بَين الْأَمْلَاك المتفرقة إِذْ المُرَاد الْجمع والتفريق فِي الْأَمْلَاك الْأَمْكِنَة أَلا ترى أَن النضار المتفرق فِي أمكنة مَعَ وحدة الْملك تجب فِيهِ فَمَعْنَى لَا يفرق بَين مُجْتَمع أَن لَا يفرق السَّاعِي بَين الثَّمَانِينَ مثلا وَالْمِائَة وَالْعِشْرين ليجعلها نصابين أَو ثَلَاثَة وَلَا يجمع بَين متفرق انه لَا يجمع مثلا بَين النصابين المتفرقة بِالْملكِ بِأَن يكون مُشْتَركَة ليجعلها نِصَابا وَالْحَال أَنه لكل عشرُون فتح الْقَدِير قَوْله خشيَة الصَّدَقَة مَنْصُوب على انه مفعول لَهُ والخشية خشيتان خشيَة السَّاعِي ان يقل الصَّدَقَة وخشية رب المَال ان يكثر الصَّدَقَة فَأمر لكل وَاحِد مِنْهُمَا أَلا يحدث شَيْئا فَأمر لكل وَاحِد مِنْهُمَا الا يحدث شَيْئا من الْجمع والتفريق عَيْني قَوْله ململمة أَي سَمِينَة قَالَ فِي الْمجمع هِيَ المستديرة سمنا من اللَّحْم الضَّم وَالْجمع وَقَوله تُقِلني أَي تحملنِي من الاقلال (إنْجَاح الْحَاجة) قَوْله [1805] فَفِي كل مائَة شَاة قَالَ الطَّيِّبِيّ مَعْنَاهُ ان تزيد مائَة فَتَصِير أَربع مائَة فَيجب أَربع شِيَاه انْتهى قَالَ الْعَيْنِيّ وَقد أجمع الْعلمَاء على ان لَا شَيْء فِي أقل من أَرْبَعِينَ من الْغنم وان فِي الْأَرْبَعين شَاة وَفِي مائَة وَإِحْدَى وَعشْرين شَاتَان وَفِي ثَلَاث مائَة ثَلَاث شِيَاه فَإِذا زَادَت وَاحِدَة فَلَيْسَ فِيهَا شَيْء الى أربعمائه فَفِيهَا أَربع شِيَاه ثمَّ فِي كل مائَة شَاة وَهَذَا قَول أبي حنيفَة وَمَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد فِي الصَّحِيح عَنهُ وَالثَّوْري وَإِسْحَاق وَالْأَوْزَاعِيّ وَجَمَاعَة أهل الْأَثر وَهُوَ قَول عَليّ وَابْن مَسْعُود وَقَالَ الشّعبِيّ وَالْحسن إِذا زَادَت على ثَلَاثمِائَة وَاحِدَة فَفِيهَا أَربع شِيَاه الى أَربع مائَة فَإِذا زَادَت وَاحِدَة يجب فِيهَا خمس شِيَاه وَهِي رِوَايَة عَن أَحْمد وَهُوَ مُخَالف للآثار وَفِيه ان شَرط وجوب الزَّكَاة فِي الْغنم السّوم عِنْد أبي حنيفَة وَهِي الراعية فِي كلاء مُبَاح أَي أَكثر الْحول انْتهى قَوْله [1800] هَذِه فَرِيضَة الخ أَي هَذِه نُسْخَة فَرِيضَة الصَّدَقَة فَحذف الْمُضَاف للْعلم بِهِ قَوْله مُسِنَّة هِيَ من الْبَقر الَّتِي دخلت فِي الثَّالِثَة قَوْله [1803] تبيعا أَو تبيعة هُوَ ولد الْبَقر أول سنة وَطعن فِي الثَّانِيَة قَوْله تَيْس هُوَ فَحل الْغنم وَقَوله

[1805] ذَات عوار أَي لَا تُؤْخَذ ذَات عيب قَوْله هرمة بِفَتْح الْهَاء وَضمّهَا وَكسر الرَّاء الْكَبِير الَّتِي سقط اسنانها قَامُوس [1806] على مِيَاههمْ أَي فِي مَوضِع تَجْتَمِع فِيهِ الْغنم لشرب المَاء وَالْعرب يسْتَعْمل المَاء فِي الْقرى لِأَن المَاء فِي بِلَادهمْ قَلِيل فَإِذا رَأَوْا عينا أَو بيرا اتَّخذُوا ذَلِك الْموضع مسكنا فَيكون الْمَعْنى لَا تُؤْخَذ صَدَقَاتهمْ الا فِي بِلَادهمْ وقراهم (إنْجَاح) قَوْله وَلَك خليطين الخ قَالُوا أَرَادَ بِهِ إِذا كَانَ بَين رجلَيْنِ إِحْدَى وَسِتُّونَ مثلا من الْإِبِل لأَحَدهمَا سِتّ وَثَلَاثُونَ وَللْآخر خمس وَعِشْرُونَ فَإِن كل وَاحِد يرجع على شَرِيكه بِحِصَّة مَا أَخذ السَّاعِي من ملكه زَكَاة شَرِيكه فتح الْقَدِير قَوْله وَلَا تَيْس الا ان يَشَاء الْمُصدق قَالَ فِي النِّهَايَة رَوَاهُ أَبُو عبيد بِفَتْح الدَّال والشتديد يُرِيد صَاحب الْمَاشِيَة أَي الَّتِي أخذت صَدَقَة مَاله وَخَالفهُ عَامَّة الروَاة فَقَالُوا بِكَسْر الدَّال هُوَ عَامل الزَّكَاة وَقَالَ أَبُو مُوسَى الرِّوَايَة بتَشْديد الصَّاد وَالدَّال مَعًا وَكسر الدَّال وَهُوَ صَاحب المَال وَأَصله الْمُتَصَدّق فأدغمت التَّاء فِي الصَّاد وَالِاسْتِثْنَاء من التيس خَاصَّة فَإِن الهرمة وَذَات العوار لَا يجوز اخذهما فِي الصَّدَقَة الا ان يكون المَال كُله كَذَلِك وَهَذَا إِنَّمَا يتَّجه إِذا كَانَ الْغَرَض من الحَدِيث النَّهْي عَن أَخذ التيس لِأَنَّهُ فَحل الْمعز وَقد نهى عَن أَخذ الْفَحْل فِي الصَّدَقَة لِأَنَّهُ معز بِرَبّ المَال لِأَنَّهُ يعز عَلَيْهِ الا ان يسمح بِهِ فَيُؤْخَذ وَالَّذِي شَرحه الْخطابِيّ فِي المعالم ان الْمُصدق بتَخْفِيف الصَّاد الْعَامِل وانه وَكيل الْفُقَرَاء فِي الْقَبْض فَلهُ ان يتَصَرَّف لَهُم بِمَا يرَاهُ يُؤَدِّي الى اجْتِهَاده (زجاجة) قَوْله [1808] المعتدي الخ قَالَ فِي النِّهَايَة هُوَ ان يُعْطِيهَا غير مستحقيها وَقيل ان السَّاعِي إِذا اخذ خِيَار المَال فالمالك رُبمَا يمنعهُ فِي السّنة الْأُخْرَى فَيكون السَّاعِي سَبَب ذَلِك فهما فِي الْإِثْم سَوَاء (زجاجة) قَوْله [1811] حَيْثُ كُنَّا نضعه يسْتَحبّ ان تقسم الصَّدَقَة حَيْثُمَا أخذت اللَّهُمَّ الا إِذا كَانَ غَيرهم أحْوج واحق فَتحمل الصَّدَقَة من بلد الى بلد وَمن قوم الى قوم (إنْجَاح) قَوْله [1812] وَلَا فِي فرسه هَذَا حجَّة لمن لم ير الصَّدَقَة على الْفرس وَمن رأى الصَّدَقَة على الْخَيل فَأجَاب عَن الحَدِيث بَان المُرَاد بِهِ فرس الْغَازِي كَمَا هُوَ الْمَنْقُول عَن زيد بن ثَابت وَقَالَ إِذا كَانَ الْخَيل سَائِمَة ذُكُورا واناثا فصاحبها بِالْخِيَارِ ان ان شَاءَ أعْطى من كل فرس دِينَار وان شَاءَ قوم وَأعْطى من كل مِائَتَيْنِ خَمْسَة دَرَاهِم وَهَذَا التَّخْيِير مأثور عَن عمر رض وَهَذَا مَذْهَب أبي حنيفَة وَالْأول مَذْهَب أبي يُوسُف وَمُحَمّد كَذَا فِي الْهِدَايَة وَتَمام الْبَحْث فِي فتح الْقَدِير (مرقاة) قَوْله [1814] خُذ الْحبّ الخ اخْتلفُوا فِي زَكَاة الْبُقُول والخضراوات والفواكه الَّتِي لَا تبقى وَلَا تدخر الى تَمام السّنة فَعِنْدَ الْأَئِمَّة لَا تجب فِيهَا الزَّكَاة وَفِي التَّمْر وَالزَّبِيب تجب إِذا كَانَ خَمْسَة أوسق فَصَاعِدا وَعند أبي حنيفَة يجب الْعشْر فِي كل مَا يخرج من الأَرْض قَلِيلا كَانَ أَو كثيرا الا فِي الْقصب والحطب والحشيش وَالْحجّة لأبي حنيفَة قَوْله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا اخرجته الأَرْض فَفِيهِ الْعشْر لمعات قَوْله [1817] أَو كَانَ بعلا قَالَ الْأَزْهَرِي هُوَ مَا نبت من النخيل فِي أَرض يقرب مَاؤُهَا فرسخت عروقها فِي المَاء فاستغنت عَن مَاء السَّمَاء والانهار وَغَيرهَا كَذَا فِي الْمجمع (إنْجَاح) قَوْله بالسواني جمع سانية وَهِي نَاقَة يَسْتَقِي عَلَيْهَا كَذَا فِي الْمجمع وَالْمرَاد مِنْهُ مَا يحصل بالمشقة (إنْجَاح) قَوْله [1818] بالدوالى جمع دالية فِي الْقَامُوس الدالية المنجنون والناعورة وَشَيْء يتَّخذ من خوص يشد فِي رَأس جذع طَوِيل وَالْأَرْض تسقى بِدَلْو ومنجنون والمنجنون والمنجنين والدولاب يَسْتَقِي عَلَيْهِ والمحالة يثنى عَلَيْهَا والناعوة الدولاب ودلو يَسْتَقِي بهَا كَذَا فِي الْقَامُوس (إنْجَاح) قَوْله يحْتَمل ترك السَّقْي أَي ترك سقيها الى خمس سِنِين أَو سِتّ لَا ييبس لاتصال عروقها بِالْمَاءِ إنْجَاح الْحَاجة قَوْله والغيل سيل الخ إِنَّمَا فسر الغيل وَهُوَ السَّيْل الْقَلِيل لمشاكلته بالبعل وَلَعَلَّ فِي بعض الرِّوَايَات الغيل مَكَان البعل فَلذَلِك فسره (إنْجَاح) قَوْله [1819] من يخرص عَلَيْهِم كرومهم جمع كرم بِمَعْنى الْعِنَب وَمَا ورد لَا تسموا الْعِنَب كرما فَإِن الْكَرم قلب الْمُؤمن قَالَ فِي الْقَامُوس لَيْسَ الْغَرَض حَقِيقَة النَّهْي عَن تَسْمِيَته كروما وَلكنه رمز الى ان هَذَا النَّوْع من غير أناسى الْمُسَمّى بِالِاسْمِ الْمُشْتَقّ من الْكَرم أَنْتُم احقاء بِأَن لَا قابلوه لهَذِهِ التَّسْمِيَة غيرَة للْمُسلمِ التقى ان يُشَارك فِيمَا سَمَّاهُ الله بِهِ وَخَصه بِأَن جعله صفة فضلا بَان تسموه بالكريم من لَيْسَ بِمُسلم فَكَأَنَّهُ قَالَ ان تَأتي لكم ان لَا تسموه مثلا بِالْكَرمِ وَلَكِن بالخفة أَو المحيلة فافعلوا وَقَوله فَإِنَّمَا الْكَرم أَي فَإِنَّمَا الْمُسْتَحق للاسم الْمُشْتَقّ من الْكَرم الْمُسلم انْتهى (إنْجَاح) قَوْله

باب صدقة الفطر قد اختلف فيها على ثلاثة مقالات الأول في فرضيته ففرض عند

[1820] اشْترط عَلَيْهِم الخ أَي اشْترط بهم ان يسكنوا فِيهِ على ان لَيْسَ لَهُم من الأَرْض وَالْمَال نصيب وَقَوله فحزر بِالْحَاء الْمُهْملَة بِتَقْدِيم الزَّاي الْمُعْجَمَة على الرَّاء الْمُهْملَة م أَي خرص إنْجَاح قَوْله سقى بالنضح أَي مَا سقى من الْآبَار بالغرب نَحوه لمعات قَوْله سقت السَّمَاء [1821] قد علق رجل اقناء اوقنوا الخ القنو بِكَسْر الْقَاف وَسُكُون النُّون العذق بِمَا فِيهِ من الرطب وَجمعه اقناء كَذَا فِي الْمجمع والدقدقة جلبة النَّاس وأصوات حوافر الدَّوَابّ كَذَا فِي الْقَامُوس (إنْجَاح) قَوْله [1822] يظنّ انه جَائِز أَي نَافق بِحَيْثُ وَضعه بَين الْجيد ولايلام عَلَيْهِ فَبين صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ان الله يعلم مَا يسر وَمَا يخفي والحشف الردى من التَّمْر (إنْجَاح) قَوْله [1823] ان لي نحلا وَهُوَ مَشْهُور وَالْمرَاد ان لي أَيْضا فِيهَا نحل الْعَسَل قَوْله أدّى الْعشْر اثبات الْيَاء فِيهِ لبَيَان الأَصْل قَوْله احمها الى أَي اعطها الى الْحمى يُقَال أحميت الْمَكَان فَهُوَ محمي إِذا جعلته حمى وَهَذَا شَيْء حمي أَي مَحْظُور لَا يقرب مِنْهُ كَذَا فِي الْمجمع قَوْله فحماها لي أَي اقطعها لي بِحَيْثُ لَا يصل إِلَيْهَا غَيْرِي بعد أَدَاء الْعشْر فَإِن الْعشْرَة يسْقط بِعَفْو الامام إِذا كَانَ الأَرْض عشريا وَمَا روى أَنه لَا حمى الا لله وَرَسُوله فَمَحْمُول على الكلاء وَكَذَا فِي الْمجمع قَوْله فحماها لي أَي اقطعها لي بِحَيْثُ لَا يصل إِلَيْهَا غَيْرِي بعد أَدَاء الْعشْر فَإِن العشره يسْقط بِعَفْو الامام إِذا كَانَ الأَرْض عشريا وَمَا روى أَنه لَا حمى الا لله وَرَسُوله فَمَحْمُول على الكلاء والعشب فَإِنَّهُ لَيْسَ فيهمَا حق لَاحَدَّ الا ان يَشَاء الامام ان يحميها لمواشي بَيت المَال (إنْجَاح) قَوْله [1824] اخذ من الْعَسَل الْعشْر قَالَ مُحَمَّد فِي المؤطا أما الْعَسَل فَفِيهِ الْعشْر إِذا أصبت مِنْهُ الشَّيْء الْكثير خَمْسَة افراق وَالْفرق سِتّ وَثَلَاثُونَ رطلا فَصَاعِدا وَأما أَبُو حنيفَة فَقَالَ فِي قَليلَة وكثيرة الْعشْر وَقد بلغنَا عَن النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ان جعل فِي الْعَسَل الْعشْر انْتهى قَالَ على الْقَارِي وَقَالَ الشَّافِعِي لَا شَيْء فِي الْعَسَل الْجبلي وروى التِّرْمِذِيّ وَابْن ماجة عَن بن عمر مَرْفُوعا فِي الْعَسَل فِي كل عشر ازق زق انْتهى (إنْجَاح) قَوْله بَاب صَدَقَة الْفطر قد اخْتلف فِيهَا على ثَلَاثَة مقالات الأول فِي فرضيته فَفرض عِنْد الشَّافِعِي وَاجِب عِنْد أبي حنيفَة وَالثَّانِي فِيمَن يجب عَلَيْهِ فَعِنْدَ الشَّافِعِي على كل مُسلم وَعند أبي حنيفَة على كل من لَهُ نِصَاب وان لم يحل عَلَيْهِ الْحول وَالثَّالِث فِي قدر الْوَاجِب فَعِنْدَ الشَّافِعِي هُوَ الصَّاع من كل شَيْء وَعند أبي حنيفَة نصف صَاع من بر أَو زبيب وَصَاع من غَيرهمَا ثمَّ اخْتِلَاف رَابِع لَا يخْتَص بِصَدقَة الْفطر وَهُوَ الِاخْتِلَاف فِي كميته الصَّاع فَعِنْدَ أبي حنيفَة ثَمَانِيَة أَرْطَال وَهُوَ الْعِرَاقِيّ وَعند الشَّافِعِي خَمْسَة ارطال وَثلث وَهُوَ الْمدنِي (إنْجَاح) قَوْله بَاب صَدَقَة الْفطر وَهُوَ فرض عِنْد الشَّافِعِي وَكَذَا عِنْد أَحْمد فِي ظَاهر ومذهبه وَسنة مُؤَكدَة عِنْد مَالك وواجب عندنَا بِمَعْنى الْمُقَابل للْفَرض ثمَّ أعلم أَنه قد وَقع فِي بعض الْأَحَادِيث نصف صَاع من الْبر لَكِن بِلَفْظِهِ مدان من قَمح والصاع أَرْبَعَة امداد وَقد جَاءَ فِي بَعْضهَا نصف صَاع من قَمح وَفِي بَعْضهَا نصف صَاع من بر صَاع مِنْهُ من اثْنَيْنِ وَفِي بَعْضهَا صَاع مُطلقًا وَفِي بَعْضهَا صَاع من طَعَام أَو صَاع من شعير أَو صَاع من تمر أَو اقط أَو من زبيب فَقيل المُرَاد بِالطَّعَامِ الْحِنْطَة على مَا هُوَ الْمُتَعَارف وبقرينة مقابلتها بالأشياء الْمَذْكُورَة وَقيل المُرَاد بِهِ الذّرة لِأَنَّهُ كَانَ متعارفا عِنْد أهل الْحجاز فِي ذَلِك الْوَقْت وَكَانَت غَالب أقواتهم وَالْوَاجِب عِنْد مَالك وَالشَّافِعِيّ هُوَ الصَّاع من كل مِنْهُمَا وَعِنْدنَا وَعند أَحْمد كَمَا قَالَ النَّوَوِيّ وَعَلِيهِ سُفْيَان الثَّوْريّ وَابْن الْمُبَارك نصف صَاع من بر أَو صَاع من تمر أَو شعير وَالَّذِي وَقع فِي الحَدِيث من مُطلق الصَّاع مَحْمُول على التَّطَوُّع كَمَا جَاءَ عَن عَليّ رض فِي رِوَايَة النَّسَائِيّ أَنه قَالَ فِي نوبَة خِلَافَته ان الْوَاجِب نصف صَاع من بر أَو صَاع من تمر أَو شعير أما إِذا أوسع الله عَلَيْكُم اجْعَلُوهَا صَاعا من بر وَغَيره وَفِي لفظ لأبي دَاوُد فَلَمَّا قدم على أَي بِالْبَصْرَةِ ورآى رخص الشّعير فَقَالَ قد أوسع الله عَلَيْكُم فَلَو جعلتموها صَاعا من كل شَيْء فَلَا شكّ ان الصَّاع الَّذِي قَالَ بِهِ على رض كَانَ تَطَوّعا فَالَّذِي وَقع فِي زمَان النُّبُوَّة كَانَ تَطَوّعا أَيْضا هَذَا مَا قَالَه الشَّيْخ فِي اللمعات وَأَنا أَقُول ان أَكثر الْأَحَادِيث مصرحة فِي أَن إِيجَاب نصف صَاع من الْبر كَانَ فِي زمن النُّبُوَّة مِنْهَا مَا روى أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ عَن بن عَبَّاس قَالَ فِي آخر رَمَضَان اخْرُجُوا صَدَقَة صومكم فرض رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذِه الصَّدَقَة صَاعا من تمر أَو شعير أَو نصف صَاع من قَمح الحَدِيث وَمِنْهَا مَا روى التِّرْمِذِيّ عَن عمر بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده أَن النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعث مناديا فِي فجاج مَكَّة أَلا إِن صَدَقَة الْفطر وَاجِبَة على كل مُسلم ذكر أَو أُنْثَى حر أَو عبد صَغِير أَو كَبِير مدا من قَمح أَو سواهُ أَو صَاع من طَعَام وَفِي هَذَا الحَدِيث أطلق الطَّعَام على مَا سوى الْبر وَمِنْهَا مَا روى عبد الله بن ثَعْلَبَة أَو ثَعْلَبَة بن عبد الله بن أبي صعير عَن أَبِيه قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَاع من بر أَو قَمح عَن كل اثْنَيْنِ الحَدِيث (فَخر) قَوْله

[1830] أَو صَاع من سلت هُوَ بِالضَّمِّ الشّعير أَو ضرب مِنْهُ أَو الحامض مِنْهُ كَذَا فِي الْقَامُوس وَقَالَ فِي الْمجمع ضرب من الشّعير أَبيض لَا قشر لَهُ وَقيل هُوَ نوع من الْحِنْطَة وَالْأول أصح انجاح الْحَاجة لمولانا الْمُعظم الشَّيْخ عبد الْغَنِيّ المجددي الدهلوي رَحمَه الله تَعَالَى [1835] وَكَانَت صناع الْيَدَيْنِ هَذِه عِلّة لِكَثْرَة مَالهَا فَإِنَّهَا كَانَت تعْمل باليدين وَقَوْلها هَكَذَا وَهَكَذَا كِنَايَة عَن كَثْرَة الْإِنْفَاق عَلَيْهِم وَالله اعْلَم (إنْجَاح) قَوْله [1836] خير لَهُ من ان يسْأَل النَّاس قَالَ النَّوَوِيّ فِيهِ الْحَث على الصَّدَقَة والاكل من عمل يَده والاكتساب بالمباحات كالحطب والحشيش النابتين فِي موَات وَقَوله اعطوه أَو منعُوهُ قَالَ الْعَيْنِيّ لِأَن حَال الْمَسْئُول أما الْعَطاء فَفِيهِ الْمِنَّة وذل السوال وَأما الْمَنْع فَفِيهِ الخيبة والحرمان اعْلَم ان مدَار هَذَا الحَدِيث على كَرَاهِيَة المسئلة وَهِي على ثَلَاثَة أوجه حرَام ومكروه ومباح فالحرام من سَأَلَ وَهُوَ غَنِي من زَكَاة أَو أظهر من الْفقر فَوق مَا هُوَ لَهُ وَالْمَكْرُوه لمن سَأَلَ وَعِنْده مَا يمن عَن ذَلِك وَلم يظْهر من الْفقر فَوق مَا هُوَ بِهِ والمباح لمن سَأَلَ بِالْمَعْرُوفِ قَرِيبا أَو صديقا وَأما السوال عِنْد الضَّرُورَة فَوَاجِب لاحياء النَّفس وادخله الدَّاودِيّ فِي الْمُبَاح وَأما الاخذ من غير مَسْأَلَة وَلَا اشراف نفس فَلَا بَأْس بِهِ انْتهى قَوْله [1837] وَمن يتَقَبَّل لي بِوَاحِدَة وَقع هَذَا موقع الِاسْتِفْهَام أَو وَقع الْوَاو مَحل الْجَواب كَأَنَّهُ قَالَ من يتكفل لي بخصلة وَاحِدَة وَهِي عدم السوال تكفلت لَهُ بِالْجنَّةِ (إنْجَاح) قَوْله [1839] وَلَا لذِي مرّة سوى الْمرة بِالْكَسْرِ وَالتَّشْدِيد قُوَّة الْخلق وشدته وَالْعقل والاحكام وَالْقُوَّة وَطَاعَة الْحَبل وَالْمرَاد بالسوى على وزن الْغنى صَحِيح الْأَعْضَاء مستوي الْخلق وَقَالَ الطَّيِّبِيّ وَذَلِكَ كِنَايَة عَن كَونه كسوبا فَإِن من كَانَ ظَاهر الْقُوَّة غير أَنه اخرق لَا كسب لَهُ فَتحل لَهُ الزَّكَاة وَقد اخذ الشَّافِعِي بِهَذَا الحَدِيث وَقَالَ بِعَدَمِ حل الزَّكَاة للقوى الْقَادِر على الْكسْب وَعِنْدنَا تحل الزَّكَاة لمن لَا يملك مِائَتي دِرْهَم وان كَانَ قَوِيا قَادِرًا على الْكسْب لِأَن رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعث معَاذًا الى الْيمن ان يَأْخُذ الصَّدَقَة عَن اغنيائهم ويصرفها الى الْفُقَرَاء من غير فرق بَين الاقوياء والضعفاء وَهُوَ آخر الامرين من رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقد كَانَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعْطي الصَّدَقَة فُقَرَاء الصَّحَابَة الَّذين هم اصحاء اقوياء فَهَذَا الحَدِيث مَنْسُوخ أَو المُرَاد بِهِ انه لَا يَنْبَغِي لمن لَهُ قُوَّة وقدرة على الْكسْب ان يرضى بِهَذِهِ المذلة والدناءة وَالله أعلم لمعات قَوْله [1840] خدوشا جمع خدش يُقَال خدش الْجلد إِذا قشره بِعُود أَو نَحوه أَو خموشا جمع خَمش بِمَعْنى الخدش أَو كدوحا بِمَعْنى الخدش أَيْضا وكل اثر من خدش أَو عض فَهُوَ كدح (زجاجة) قَوْله خموشا الخ يحْتَمل ان يكون الْأَلْفَاظ الثَّلَاثَة جمعا وان يكون مصدرا وَهُوَ الظَّاهِر قَالَ التوربشتي هَذِه الْأَلْفَاظ مُتَقَارِبَة الْمعَانِي وَكلهَا تعرف عَن اثر مَا يظْهر على الْجلد وَاللَّحم من ملاقاة الْجَسَد مَا يقشر أَو يجرح وَالظَّاهِر انه قد اشْتبهَ على الرواي لفظ النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذكر سائرها احْتِيَاطًا واستقصاء فِي مُرَاعَاة أَلْفَاظه وَيُمكن ان يفرق بَينهمَا فَتَقول الكدح دون الخدش والخدش دون الخمش وَقَالَ الطَّيِّبِيّ فَيكون ذَلِك إِشَارَة الى أَحْوَال السَّائِلين من الافراط والاقلال والتوسط وَأَقُول ويناسب ذَلِك ذكر الخدش فِي الْبَين فاعلاها الخمش ثمَّ الخدش ثمَّ الكدح وَالله أعلم لمعات قَوْله وَمَا يُغْنِيه قَالَ خَمْسُونَ درهما فِي رِوَايَة أبي دَاوُد وَمَا الْغَنِيّ الَّذِي لَا يَنْبَغِي مَعَه المسئلة قَالَ قدر مَا يغديه ويعشيه وَفِي رِوَايَة مَالك وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من سَأَلَ مِنْكُم وَله أُوقِيَّة أَو عدلها فقد سَأَلَ الحافا قَالُوا والاوقية يَوْمئِذٍ أَرْبَعُونَ درهما فَأخذ الشَّافِعِي بِالْأولِ وَأحمد وَإِسْحَاق وَابْن الْمُبَارك بِالثَّانِي وَبَعض الْعلمَاء بالثالث وَأخذ أَبُو حنيفَة وَأَصْحَابه بِأَن يملك مِائَتي دِرْهَم وان لم تكن ناميا وَقد ورد ذَلِك فِي الحَدِيث وَذكره فِي الْكَافِي وَقَالَ الطَّيِّبِيّ قد روى مُرْسلا من سَأَلَ النَّاس وَله عدل خمس أَوَاقٍ فقد سَأَلَ الحافا وَخمْس أَوَاقٍ تكون مِائَتي دِرْهَم لِأَنَّهُ أيسر على النَّاس وَقَالَ فِي الْكَافِي وَهُوَ نَاسخ للأحاديث الاخر وَالله أعلم لمعات مَعَ تَغْيِير قَوْله [1842] وَلَا يقبل الله الا الطّيب المُرَاد بالطيب هَهُنَا الْحَلَال وَقَوله الا اخذها الرَّحْمَن بِيَمِينِهِ الخ قَالَ الْمَازرِيّ قد ذكرنَا اسْتِحَالَة الْجَارِحَة على الله سُبْحَانَهُ وان هَذَا الحَدِيث وَشبهه إِنَّمَا عبر بِهِ على مَا اعتادوا فِي خطابهم ليفهموا فَكفى هَهُنَا عَن قبُول الصَّدَقَة بأخذها فِي الْكَفّ وَعَن تَضْعِيف اجرها بالتربية قَالَ القَاضِي عِيَاض لما كَانَ شَيْء الَّذِي يرتضي ويعز يتلَقَّى بِالْيَمِينِ وَيُؤْخَذ بهَا اسْتعْمل فِي مثل هَذَا واستعير للقبول والرضاء قَالَ وَقيل عبر بِالْيَمِينِ هَهُنَا عَن جِهَة الْقبُول والرضاء إِذْ الشمَال بضده فِي هَذَا قَالَ وَقيل المُرَاد بكف الرَّحْمَن هَهُنَا وبيمينه كف الَّذِي تدفع اليه الصَّدَقَة واضافها اليه تَعَالَى إِضَافَة ملك واختصاص لوضع هَذِه الصَّدَقَة فِيهَا لله عز وَجل قَالَ وَقد قيل فِي تربيتها وتعظيمها حَتَّى تكون أعظم من الْجَبَل ان المُرَاد بذلك تَعْظِيم اجرها وتضعيف ثَوَابهَا قَالَ وَيصِح ان يكون على ظَاهره وان تعظم ذَاتهَا ويبارك الله فِيهَا ويزيدها من فَضله حَتَّى تثقل فِي الْمِيزَان وَقَوله كَمَا يربى أحدكُم فلوه أَو فَصِيله قَالَ أهل اللُّغَة الفلو الْمهْر سمى بذلك لِأَنَّهُ فلى عَن أمه أَي فصل وعزل والفصيل ولد النَّاقة إِذا فصل من ارضاع أمه فعيل بِمَعْنى مفعول كجريح وقتيل بِمَعْنى مَجْرُوح ومقتول وَفِي الفلو لُغَتَانِ فصيحتان افصحهما وأشهرهما فتح الْفَاء وَضم اللَّام وَتَشْديد الْوَاو وَالثَّانيَِة كسر الْفَاء وَإِسْكَان اللَّام وَتَخْفِيف الْوَاو (نووي) قَوْله [1845] بعض مَا قد مضى من عهد الشَّبَاب لَعَلَّ عُثْمَان رأى بِهِ قشفا ورثاثة هَيئته فَحمل ذَلِك على فقد الزَّوْجَة الَّتِي ترفيه وَيُؤْخَذ مِنْهُ ان معاشرة الزَّوْجَة الشَّابَّة تزيد فِي الْقُوَّة والنشاة بِخِلَاف عكسها فبالعكس فتح قَوْله لَئِن قلت ذَلِك الخ لَعَلَّ غَرَضه من نقل هَذَا الحَدِيث ان هَذَا الْأَمر للشاب وانا لست مِنْهُم إنْجَاح الْحَاجة قَوْله الْبَاءَة بِالْمدِّ بِمَعْنى الْجِمَاع مُشْتَقَّة من الْبَاءَة للمنزل ثمَّ قيل لعقدالنكاح بَاء لِأَن من تزوج امْرَأَة بوأها منزلا فَهُوَ يتبوأ من أَهله كَمَا يتبوأ من منزله وَفِيه حذف مُضَاف أَي مُؤنَة الْبَاءَة من الْمهْر وَالنَّفقَة لِأَن قَوْله وَمن لم يسْتَطع عطف على من اسْتَطَاعَ فَلَو حمل الْبَاءَة على الْجِمَاع لم يستقم قَوْله [1846] فَإِن الصَّوْم لَهُ وَجَاء لِأَنَّهُ لَا يُقَال للعاجز هَذَا كَذَا فِي الْمرقاة قَوْله

[1845] فَإِنَّهُ لَهُ وَجَاء قَالَ فِي النِّهَايَة الوجاء ان ترض انثيا الْفَحْل رضَا شَدِيدا يذهب شَهْوَة الْجِمَاع وَينزل فِي قطعه منزلَة الخصا وَقيل هُوَ ان توجأ الْعُرُوق والخصيان بحالهما أَرَادَ ان الصَّوْم يقطع النِّكَاح كَمَا يقطعهُ الوجاء (زجاجة) [1846] فَمن لم يعْمل بِسنتي أَي اعْرِض عَن طريقتي استهانة وزهدا فِيهَا لَا كسلا وتهاونا فَلَيْسَ مني أَي من اشياعي كَذَا فِي الْمرقاة قَالَ فِي الْفَتْح المُرَاد بِالسنةِ الطَّرِيقَة لَا الَّتِي مُقَابل الْفَرْض وَالرَّغْبَة عَن الشَّيْء الاعراض عَنهُ الى غَيره وَالْمرَاد من ترك طريقتي وَأخذ طَريقَة غَيْرِي فَلَيْسَ مني ولمح بذلك الى الطَّرِيقَة الرهبانية فَإِنَّهُم الَّذين ابتدعوا التَّشْدِيد كَمَا وَصفهم الله تَعَالَى وَقد عابهم بِأَنَّهُم مَا دعوا بِمَا التزموها وَطَرِيقَة النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الحنيفية السمحاء فيفطر ليتقوى على الصّيام وينام ليتقوى على الْقيام ويتزوج لكسر الشَّهْوَة واعفاف النَّفس وَقَوله فَلَيْسَ مني ان كَانَت الرَّغْبَة عَنهُ بِضَرْب من التَّأْوِيل يعْذر صَاحبه فِيهِ فَمَعْنَى انه لَيْسَ مني أَي لَيْسَ على طريقتي وَلَا يلْزم ان يخرج وان كَانَت الرَّغْبَة اعراضا فَمَعْنَى لَيْسَ مني على ملتي لِأَن اعْتِقَاد ذَلِك نوع من الْكفْر انْتهى مَعَ اخْتِصَار قَوْله [1848] التبتل هُوَ الِانْقِطَاع عَن النِّسَاء وَترك النِّكَاح وَامْرَأَة بتول أَي مُنْقَطِعَة عَن الرِّجَال لَا شَهْوَة لَهَا فيهم وَسميت مَرْيَم وَفَاطِمَة بهَا لانقطاعهما عَن نسَاء زمانهما فضلا أَو دينا أَو عَن الدُّنْيَا الى الله تَعَالَى مجمع الْبحار قَوْله [1850] ان يطْعمهَا إِذا طعم الخ يُقَال اطعم إِذا أكل بِنَفسِهِ شَيْئا وأطعمه غَيره كَذَلِك كسى كرضى واكتسى إِذا لبسهَا بِنَفسِهِ وكساه يكسوه من حد نصر إِذا البس غَيره كَذَا يفهم من الْقَامُوس وَالْمجْمَع فَالْمَعْنى ان الزَّوْج إِذا أكل طَعَاما فَيَنْبَغِي ان يُوكله زَوجته وَإِذا لبس ثيابًا بِنَفسِهِ البسها إِيَّاهَا أَيْضا (إنْجَاح) قَوْله [1851] اسْتَوْصُوا الخ الاستيصاء قبُول الْوَصِيَّة أَي اوصيكم بِهن خيرا فاقبلوا فِيهِنَّ وصيتي كَذَا فِي الْمجمع العواني جمع عانية وَهِي الاسير قَوْله غير ذَلِك أَي غير استحلال الْفرج وَبَين بطرِيق الْكِنَايَة (إنْجَاح) قَوْله فَلَا يوطئن فرشكم أَي لَا يَأْذَن لأحد من الرِّجَال ان يتحدث اليهن وَكَانَ التحديث من الرِّجَال وَالنِّسَاء من عادات الْعَرَب لَا يرَوْنَ ذَلِك عَيْبا وَلَا يعدونه رِيبَة الى ان نزلت اية الْحجاب وَلَيْسَ المُرَاد بوطئ الْفراش نفس الزِّنَا فَإِن ذَلِك محرم على الْوُجُوه كلهَا فَلَا معنى لاشْتِرَاط الْكَرَاهَة وَالْمُخْتَار مَنعهنَّ عَن اذن أحد فِي الدُّخُول وَالْجُلُوس فِي الْمنَازل سَوَاء كَانَ محرما أَو امْرَأَة الا برضاء الزَّوْج كَذَا فِي الطَّيِّبِيّ وَالنِّهَايَة قَوْله [1852] لَكَانَ نولها ان تفعل أَي يَنْبَغِي لَهَا ان تفعل نقل الْجبَال فِي الْقَامُوس نولك ان تفعل بِفَتْح النُّون وَسُكُون الْوَاو ونوالك ومنوالك أَي يَنْبَغِي لَك ان تنَاوله انْتهى (إنْجَاح) قَوْله [1853] لاساقفتهم الخ الاساقفة والاساقف جمع الاسقف وهم عَالم النَّصَارَى وَرَئِيسهمْ كَذَا فِي بعض الْحَوَاشِي وَفِي الْقَامُوس اسقف النَّصَارَى وسقفهم كارون وقطرب وقفل رئيسهم لَهُم فِي الدّين أَو الْملك المتخاشع فِي مشيته أَو الْعَالم وَهُوَ فَوق القسيس وَدون المطران انْتهى (إنْجَاح) قَوْله وبطارقتهم البطارقة بِفَتْح الْمُوَحدَة جمع بطرِيق وَهُوَ الحاذق بِالْحَرْبِ وأمورها بلغتهم وَهُوَ ذُو منصب عِنْدهم كَذَا فِي الْمجمع وَفِي الْقَامُوس البطريق ككبريت الْقَائِد من قواد الرّوم تَحت يَده عشرَة آلَاف رجل ثمَّ الترخان بِفَتْح أَوله على خَمْسَة آلَاف ثمَّ القومس كجووب على مِائَتَيْنِ وَالرجل المختال المزهو والسمين من الطير جمعه بطاريق انْتهى (إنْجَاح) قَوْله فَلَا تَفعلُوا الخ وَإِنَّمَا نَهَاهُم النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وان كَانَ السَّجْدَة لغير الله تَعَالَى على وَجه التَّحِيَّة لَيْسَ بِكفْر كَمَا زعم بعض الْفُقَهَاء لَكِن لَا كَلَام فِي حرمته عِنْد الْجُمْهُور للنَّبِي الْوَارِد فِيهِ لِأَن الصَّحَابَة رض إجلاء عَن هَذِه الوسمة (إنْجَاح) قَوْله على قتب هُوَ بِالتَّحْرِيكِ للجمل كالاكاف لغيره وَهُوَ حث لَهُنَّ على مطاوعة الْأزْوَاج وَلَو فِي هَذِه الْحَال فَكيف فِي غَيرهَا وَقيل كن إِذا اردن الْولادَة جلسن على قتب وَيَقُلْنَ أَنه اسلس لخُرُوج الْوَلَد فاريدت تِلْكَ الْحَالة كَذَا فِي الْمجمع (إنْجَاح) قَوْله [1856] أحدكُم الخ قَالَ بن الْهمام فِي نظم أحد الثَّلَاثَة من خير مَا يتَّخذ الْإِنْسَان فِي دُنْيَاهُ كَيْمَا يَسْتَقِيم دينه قلبا شكُورًا وَلِسَانًا ذاكرة وزجة صَالِحَة تعينه إنْجَاح الْحَاجة قَوْله [1857] من زَوْجَة صَالِحَة لِأَنَّهَا مُعينَة على الْأُمُور الْآخِرَة وَلذَا فسر عَليّ رض فِي قَوْله تَعَالَى رَبنَا اتنا فِي الدُّنْيَا حَسَنَة بِالْمَرْأَةِ الصَّالِحَة وَفِي الْآخِرَة حَسَنَة بالحور الْعين وقنا عَذَاب النَّار بِالْمَرْأَةِ السليطة (مرقاة) قَوْله وان اقْسمْ عَلَيْهَا الخ هَذَا اللَّفْظ يحْتَمل مَعْنيين أَحدهمَا ان الزَّوْج طلب الْحلف مِنْهَا على شَيْء فَحَلَفت عَلَيْهِ استوفته واتمت لَهُ وَثَانِيهمَا انه قَالَ اقسمت عَلَيْك ان لَا تفعلي كَذَا مثلا ان لَا تخرجي من الْبَيْت فاطاعته وان كَانَ فِي هَذِه الصُّورَة لَا ينْعَقد الْيَمين شرعا وَلَكِن شدَّة تدينها وإطاعتها لَا تَقْتَضِي ان تخَالف امْرَهْ (إنْجَاح) قَوْله [1858] لحسبها بِفَتْح الْمُهْمَلَتَيْنِ مَا يعد الْإِنْسَان من مفاخرة آباءه قَالَه الْكرْمَانِي وَفِي الْمرقاة هُوَ مَا يكون فِي الشَّخْص وابائه من الْخِصَال الحميدة شرعا أَو عرفا انْتهى قَوْله فاظفر الخ جَزَاء شَرط مَحْذُوف أَي إِذا تحققت نَفسهَا فاظفر أَيهَا المسترشد لَهَا فَإِنَّهَا تكتسب مَنَافِع الدَّاريْنِ قَالَ الْبَيْضَاوِيّ من عَادَة النَّاس ان يَرْغَبُوا فِي النِّسَاء بِإِحْدَى الْأَرْبَع واللائق بأرباب الديانَات وَذَوي المروات ان يكون الدّين مطمح نظرهم فِي كل شَيْء لَا سِيمَا فِيمَا يَدُوم امْرَهْ وَلذَا اخْتَارَهُ الرَّسُول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بأكد وَجه وأبلغه فَأمر بالظفر الَّذِي هُوَ غَايَة البغية كَذَا فِي الْكرْمَانِي قَوْله تربت يداك هَذَا دُعَاء فِي أَصله الا ان الْعَرَب يستعملها للانكار والتعجب والتعظيم والحث على الشَّيْء وَهَذَا هُوَ المُرَاد بِهِ هَهُنَا كرماني قَوْله

[1859] ان يرديهن أَي يهلكهن من الردى وَهُوَ الْهَلَاك وَالسَّبَب فِيهِ ان الْحسن رُبمَا يُخرجهَا الى التَّبَخْتُر قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من تزوج امْرَأَة لعزها لم يزده الله الا ذلا وَمن تزَوجهَا لمالها لم يزده الا فقرا وَمن تزَوجهَا لحسنها لم يزده الادناءة وَمن تزوج امْرَأَة لم يردهَا الا ان يغض بَصَره بَارك الله لَهُ فِيهَا وَبَارك لَهَا فِيهِ رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط مرقاة وَلأمة خرماء بخاء مُعْجمَة وَرَاء مُهْملَة فِي الْمجمع أصل الخرم الثقب والشق الأخرم المثقوب الْإِذْن وَالَّذِي قطعت وترة الفزاد طرفه شَيْئا لَا يبلغ الجدع وانخرم ثقبه أَي انْشَقَّ وَإِذا لم ينشق فَهُوَ أخرم وَالْأُنْثَى خرماء انْتهى (إنْجَاح) قَوْله [1860] فَهَلا بكرا أَي هلا تزوجت بكرا وَقَوله تلاعبها التلاعب عبارَة عَن الالفة التَّامَّة والمحبة الْكَامِلَة فَإِن الثّيّب قد تكون معلقَة الْقلب بِالزَّوْجِ الأول عِنْد عدم وجدان الثَّانِي كَمَا تُرِيدُ فَلم يكن محبتها كَامِلَة من اللّعب وَقيل من اللعاب وَالْأول أبين مجمع الْبحار قَوْله [1861] اعذب افواها العذب المَاء الطّيب فَالْمُرَاد عذوبة الرِّيق وَقيل عذوبة الْأَلْفَاظ وَقلة هذاها وفحشها مَعَ زَوجهَا لبَقَاء حياءها قَوْله انتق ارحاما أَي أَكثر اولادا يُقَال للْمَرْأَة الْكَثِيرَة الْأَوْلَاد ناتق لِأَنَّهَا ترمي بالاولاد رميا والنتق الرَّمْي وَالْمعْنَى ارحامهن أَكثر قبولا للنطفة لقُوَّة حرارة ارحامهن لَكِن الْأَسْبَاب لَيست بمؤثرة الا بِإِذن الله وَقَوله ارضى باليسير أَي ارضى بِيَسِير من الارفاق لِأَنَّهَا لم تتعود فِي سالف الزَّمَان دون معاشرة الْأزْوَاج مَا يدعوها الى اسْتِقْلَال مَا تصادفه فِي المستأنف لمعات قَوْله [1862] فليتزوج الْحَرَائِر لكونهن طاهرات مطهرات بِالنِّسْبَةِ الى الاماء فَلَا بُد يسري ذَلِك الى الْأزْوَاج لمعات قَوْله [1864] فَجعلت اتخبأ لَهَا هُوَ الانفعال من الخباء فِي الْقَامُوس خباء كمنعه ستره كخبأه واختبأه انْتهى وَالْمعْنَى جعلت وشرعت ان اسْتُرْ عَن عُيُون النَّاس لكَي أَرَاهَا (إنْجَاح) قَوْله فَلَا بَأْس الخ قَالَ الشَّيْخ فِي اللمعات وَيجوز النّظر الى الْمَرْأَة الَّذِي يُرِيد أَن يَتَزَوَّجهَا عندنَا وَعند الشَّافِعِي وَأحمد وَأكْثر الْعلمَاء وَجوز مَالك بِإِذْنِهَا وروى عَنهُ الْمَنْع مُطلقًا وَلَو بعث امْرَأَة تصفها لَهُ لكأن ادخل فِي الْخُرُوج عَن الْخلاف قَوْله [1865] فَإِنَّهُ احرى أَي أقرب وأنسب وَأولى وَقَوله ان يُؤْدم بَيْنكُمَا قَالَ بن الْملك يُقَال ادم الله بَيْنكُمَا يادم ادما بِالسُّكُونِ أَي اصلح والف وَفِي الْفَائِق الادم والا يدام الْإِصْلَاح والتوفيق من ادم الطَّعَام وَهُوَ اصلاحه بالادام وَجعله مُوَافقا للطعم فالتقدير بِهِ فالجار وَالْمَجْرُور اقيم مقَام الْفَاعِل ثمَّ حذف أَو نزل الْمُتَعَدِّي منزلَة اللَّازِم أَي يُوقع الادم بَيْنكُمَا يَعْنِي يكون بَيْنكُمَا الالفة والمحبة لِأَن تزَوجهَا إِذا كَانَ بعد معرفَة فَلَا يكون بعْدهَا ندامة وَقيل بَيْنكُمَا نَائِب الْفَاعِل مرقات قَوْله [1866] كرها ذَلِك أَي طبعا لَا إنكارا لامره صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّهُ كفر وَهَهُنَا كَرَاهَة الطَّبْع أَيْضا مذمومة لقَوْله تَعَالَى فَلَا وَرَبك لَا يُؤمنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوك فِيمَا شجر بَينهم ثمَّ لَا يَجدوا فِي أنفسهم حرجا مِمَّا قضيت ويسلموا تَسْلِيمًا (إنْجَاح) قَوْله فَذكر من موافقتها أَي ذكر غَيره ان تِلْكَ الْمَرْأَة وَافَقت طبعه حَيْثُ رأى قبل النِّكَاح مَا يدعوا مِنْهَا اليه بقول النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنْجَاح الْحَاجة قَوْله [1867] لَا يخْطب الرجل على خطْبَة أَخِيه هُوَ ان يخْطب الرجل الْمَرْأَة ويتفقا على صدَاق ويتراضيا وَلم يبْق الا العقد وَأما قبل ذَلِك فَلَا يمْنَع مرقات قَوْله [1870] الايم أولى بِنَفسِهَا من وَليهَا المُرَاد من الايم الثّيّب الْبَالِغَة وَحجَّة الشَّافِعِي حَدِيث أبي مُوسَى لَا نِكَاح الا بولِي وَحَدِيث عَائِشَة أَيّمَا امْرَأَة لم ينْكِحهَا الْوَلِيّ فنكاحها بَاطِل الخ وَحجَّتنَا هَذَا الحَدِيث وَقَوله تَعَالَى فَإِن طَلقهَا فَلَا تحل لَهُ حَتَّى تنْكح زوجا غَيره فأسند النِّكَاح إِلَيْهَا فَعلم انه يجوز بعبادتها وَقَوله سُبْحَانَهُ وَلَا تعضلوهن ان ينكحن ازواجهن فاضاف النِّكَاح الى النِّسَاء وَنهى عَن مَنعهنَّ مِنْهُ وَظَاهره ان الْمَرْأَة تصلح ان تنْكح نَفسهَا وَكَذَا قَوْله تَعَالَى فَإِذا بلغن أَجلهنَّ فَلَا جنَاح عَلَيْكُم فِيمَا فعلن فِي أَنْفسهنَّ بِالْمَعْرُوفِ فأباح سُبْحَانَهُ فعلهَا فِي نَفسهَا من غير شَرط الْوَلِيّ وَتكلم على حَدِيث أبي مُوسَى لَا نِكَاح الا بولِي بَان مُحَمَّد بن الْحسن روى عَن أَحْمد أَنه سُئِلَ عَن النِّكَاح بِغَيْر ولي اثْبتْ فِيهِ شَيْء عَن النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَيْسَ ثَبت فِيهِ شَيْء عِنْدِي عَن النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثمَّ هُوَ مَحْمُول على نفي الْكَمَال أَو يُقَال بِمُوجبِه فَإِن نِكَاح الْمَرْأَة الْعَاقِلَة تنْكح نَفسهَا كَنِكَاح بولِي وَالنِّكَاح بِغَيْر ولي إِنَّمَا هُوَ نِكَاح الْمَجْنُونَة وَالصَّغِيرَة إِذْ لَا ولَايَة لَهُم على أنفسهم وَتكلم على حَدِيث عَائِشَة بِأَنَّهُ رِوَايَة سُلَيْمَان بن مُوسَى قد ضعفه البُخَارِيّ وَقَالَ النَّسَائِيّ فِي حَدِيثه شَيْء وَقَالَ أَحْمد فِي رِوَايَة أبي طَالب حَدِيث عَائِشَة لَا نِكَاح الا بولِي لَيْسَ بِالْقَوِيّ وَقَالَ فِي رِوَايَة الْمروزِي لَا يَصح الحَدِيث عَن عَائِشَة لِأَنَّهَا زوجت بَنَات أَخِيهَا وَقد روى عَن الْقَاسِم قَالَ زوجت عَائِشَة بنت عبد الرَّحْمَن بن أبي بكر من بن الزبير عِنْد عدم عبد الرَّحْمَن فَأنْكر ذَلِك فَقَالَت عَائِشَة أَو ترغب عَن بن الْجَوَارِي هذاملتقط من اللمعات قَوْله

[1873] يدعى خداما بِكَسْر الْمُعْجَمَة وخفة الدَّال الْمُهْملَة كَذَا فِي التَّقْرِيب وَلَكِن ضبط فِي الْمُغنِي بذال مُعْجمَة وَقَوله كَانَت ثَيِّبًا قَالَ فِي الْمرقاة ظَاهره مُوَافق لمَذْهَب الشَّافِعِي وَعِنْدنَا يحمل على أَنَّهَا كَانَت بَالِغَة انْتهى قلت وَلَو سلم كَونهَا ثَيِّبًا لَا يخفى ان وُقُوع الْوَاقِعَة للثيب بِحَسب الِاتِّفَاق لَا يُوجب ان يكون حكم الْبكر مُخَالفا لَهَا وَحكم الْبكر مُصَرحًا يَأْتِي فِي حَدِيث بن عَبَّاس وَالله اعْلَم (إنْجَاح) [1874] ليرْفَع بِي خسيسته أَي فقره وحقارته والخسيس الدني الحقير يُقَال رفعت من خسيسته إِذا فعلت بِهِ فعلا يكون بِهِ رفعته كَذَا فِي الْقَامُوس هَذَا الْكَلَام يحْتَمل ان يكون رَاجعا الى أبي أَي يُرِيد أبي ان يزِيل حقارة نَفسه ودنائته بِسَبَب تزويجي بِابْن أَخِيه الْغَنِيّ فعلى هَذَا يكون الْأَب فَقِيرا وَابْن أَخِيه غَنِيا مُوسِرًا وَيحْتَمل ان يكون رَاجعا الى بن أَخِيه فعلى هَذَا يكون فَقِيرا مُحْتَاجا وَكَانَت المراة أَو أَبوهَا من أهل الْيَسَار وَهَذَا أقرب وَالله أعلم (إنْجَاح) قَوْله [1876] فوعكت على بِنَاء الْمَجْهُول أَي اخذتني الْحمى والوعك الْحمى وَقيل المها فتمزق شعري أَي سقط يُقَال مزق شعره تمزق وانمزق وَإِذا انْتَشَر وتساقط من مرض وَغَيره قَوْله حَتَّى وفى لي أَي تمّ وكمل جميمة تَصْغِير جمة وَهِي من شعر الرَّأْس مَا سقط على الْمَنْكِبَيْنِ تَعْنِي صَار الى الشّعْر جمة بعد ان ذهب وَسقط بِالْمرضِ كَذَا فِي الْمجمع (إنْجَاح) قَوْله واني لفي ارجوحة هِيَ بِضَم همزَة وَسُكُون رَاء وَضم جِيم بعْدهَا مُهْملَة خَشَبَة تلعب بهَا الصّبيان يكون وَسطهَا على مَكَان مُرْتَفع ويجلسون على طرفيها ويحركونها فيرتفع جَانب ويخفض جَانب فصرخت لي أَي صاحت لي (إنْجَاح) قَوْله وَإِنِّي لانهج هُوَ بِفَتْح الْهمزَة وَالْهَاء وَبِضَمِّهَا وَكسرهَا أَي اتنفس من الاعياء والنهج بالحركة والنهج الربو وتواتر التنفس من شدَّة الْحَرَكَة أَو فعل مُتْعب على خير طَائِر أَي حَظّ وَنصِيب فَلم يرعني من الروع بِفَتْح الرَّاء يفزع مفاجأة أَي لم يفاجئني وَلم يفزعني وَيُقَال فِي شَيْء لَا يتَوَقَّع وُقُوعه فيهجم فِي غير حِينه ومكانه كَذَا فِي الْمجمع (إنْجَاح) قَوْله [1878] قَالَ بن عمر فزوجنيها خَالِي قدامَة فَإِن بن عمر أمه زَيْنَب بنت مَظْعُون وَعُثْمَان وَقُدَامَة ابْنا مَظْعُون فهما خالان لِابْنِ عمر وَهَذَا الحَدِيث لَيْسَ فِيهِ شَيْء يدل على صغر الْمَنْكُوحَة بل قَوْله وَلم يشاورها يدل على كَونهَا كَبِيرَة لِأَن الْمُشَاورَة عَادَة لَا تكون الا من الْكَبِيرَة وَيُطلق الْجَارِيَة على فتية النِّسَاء كَمَا فِي الْقَامُوس فَكيف يَصح بِهِ الاستدال فَالظَّاهِر ان عَمها زَوجهَا بِغَيْر مشاورتها فَلم يجز النِّكَاح فَلم ينْعَقد لِأَنَّهُ كَنِكَاح الْفُضُولِيّ وَمذهب جَمَاهِير الْأَئِمَّة ان نِكَاح الْكَبِيرَة لَا ينْعَقد الا بِرِضَاهَا ثمَّ مَذْهَبنَا ان الْوَلِيّ الْأَقْرَب إِذا أنكح الصَّغِيرَة بِلَا غبن فَاحش فِي الْمهْر أَو بكفو ينْعَقد النِّكَاح وَلها خِيَار الْفَسْخ بعد الْبلُوغ أَو الْعلم بِالنِّكَاحِ بعده وان انكح الْأَب وَالْجد بِغَبن فَاحش أَو بِغَيْر كفو صَحَّ أَيْضا وَلَا خِيَار لَهَا بعد الْبلُوغ كَمَا فِي كتب الْفِقْه (إنْجَاح) قَوْله [1879] فنكاحها بَاطِل قَالَ بن الْهمام الحَدِيث الْمَذْكُور وَنَحْوه معَارض لقَوْله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الايم أَحَق بِنَفسِهَا من وَليهَا رَوَاهُ مُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَمَالك فِي الْمُوَطَّأ وَابْن ماجة انْتهى قَالَ الْقَارِي فَخص هَذَا الحَدِيث فِيمَن نكحت غير الكفو وَفِي اللمعات وَيُؤَيّد مَذْهَب الْحَنَفِيَّة قَوْله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما خطب أم سَلمَة قَالَت لَيْسَ أحد من أوليائي حَاضر قَالَ لَيْسَ من أوليائك حَاضرا وغائبا إِلَّا ويرضاني وَقَالَ لابنها عمر بن أبي سَلمَة وَكَانَ صَغِيرا قُم فزوج رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فزوج بِغَيْر ولي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنَّمَا أَمر ابْنهَا بِالتَّزْوِيجِ على وَجه الملاعبة إِذْ قد نقل أهل الْعلم بالتاريخ انه كَانَ صَغِيرا قيل بن سِتّ وبالاجماع لَا يَصح ولَايَة مثل ذَلِك وَلِهَذَا قَالَ لَيْسَ أحد من اوليائي حَاضرا قَوْله [1883] نهى رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَن الشّغَار الخ قَالَ الْعلمَاء الشّغَار بِكَسْر الشين الْمُعْجَمَة وبالغين الْمُعْجَمَة أَصله فِي اللُّغَة الرّفْع يُقَال شغر الْكَلْب إِذا رفع رجله ليبول كَأَنَّهُ قَالَ لَا ترفع رجل بِنْتي حَتَّى ارْفَعْ رجل بنتك وَقيل هُوَ من شغر الْبَلَد إِذا خلا لخلوه عَن الصَدَاق وَيُقَال شغرت الْمَرْأَة إِذا رفعت رجلهَا عِنْد الْجِمَاع قَالَ بن قُتَيْبَة كل وَاحِد مِنْهُمَا يشغر عِنْد الْجِمَاع وَكَانَ الشّغَار من نِكَاح الْجَاهِلِيَّة وَإِجْمَاع الْعلمَاء على انه مَنْهِيّ عَنهُ لَكِن اخْتلفُوا هَل هُوَ نهي يَقْتَضِي ابطال النِّكَاح أم لَا فَعِنْدَ الشَّافِعِي يَقْتَضِي ابطاله وَحَكَاهُ الْخطابِيّ عَن أَحْمد وَإِسْحَاق وَأبي عبيد وَقَالَ مَالك يفْسخ قبل الدُّخُول وَبعده وَفِي رِوَايَة عَنهُ قبله لَا بعده وَقَالَ جمَاعَة يَصح بِمهْر الْمثل وَهُوَ مَذْهَب أبي حنيفَة وَحكى عَن عَطاء وَالزهْرِيّ وَاللَّيْث وَهُوَ رِوَايَة عَن أَحْمد وَإِسْحَاق وَبِه قَالَ أَبُو ثَوْر وَابْن جرير واجمعوا على ان غير الْبَنَات من الاخوات وَبَنَات الْأَخ والعمات وَبَنَات الاعمام والاماء كالبنات فِي هَذَا وَصورته الْوَاضِحَة زَوجتك بِنْتي على ان تزَوجنِي بنتك وَيَضَع كل وَاحِدَة صدَاق الْأُخَر أَي فَيَقُول قبلت (نووي) قَوْله

[1887] لَا تغَالوا الخ غلا يغلو غلاء فَهُوَ غال ضد رخص وَالْمرَاد لَا تكثروا صدقَات النِّسَاء فَإِنَّهَا الضَّمِير للمغالاة قَوْله حَتَّى يكون لَهَا عَدَاوَة أَي للْمَرْأَة عَدَاوَة فِي نَفسه أَي فِي نفس الزَّوْج لِأَنَّهُ لَا يَسْتَطِيع أَدَاء الْمهْر لكثرته وَالْمَرْأَة تطلبه مِنْهُ وَيعْتَذر الرجل بِأَنِّي قد تعبت لَك مثل علق الْقرْبَة إنْجَاح الْحَاجة لمولانا الشَّيْخ عبد الْغَنِيّ الْمُحدث المجددي الدهلوي قد كلفت إِلَيْك علق الْقرْبَة وَهُوَ حَبل تعلق بِهِ أَي تحملت لاهلك كل شَيْء حَتَّى علق الْقرْبَة وَيُقَال فِي أَمر يُوجد فِيهِ كلفة ومشقة كَذَا فِي الْمجمع وَقَوله أَو عرق الْقرْبَة أَي تكلفت إِلَيْك وتعبت حَتَّى عرقت كعرق الْقرْبَة أَي كسيلان مَائِهَا وَقيل أَرَادَ بِهِ عرق حاملها من ثقلهَا وَقيل أَرَادَ بِهِ اني قصدتك وسافرت إِلَيْك واحتجت الى عرق الْقرْبَة وَهُوَ مَاؤُهَا وَقيل أَرَادَ إِنِّي كلفت لَك مَا لم يبلغهُ أحد ومالا يكون لِأَن الْقرْبَة لَا تعرق وَقيل عرق الْقرْبَة الشدَّة كَذَا فِي الْمجمع (إنْجَاح) قَوْله وَكنت رجلا عَرَبيا مولدا المولد من ولد بالعرب كَذَا فِي الْقَامُوس فَمَعْنَاه اني ولدت بالعرب وَلم أكن عَرَبيا فَلم أحسن فيهم الْعَرَبيَّة الفصيحة ومحاوراتها وأمثالها لاختلاط أَبَوي بالعجم (إنْجَاح) قَوْله [1889] وَلَو خَاتمًا من حَدِيد وَفِيه جَوَاز قلَّة الصَدَاق مِمَّا يتمول لِأَن خَاتم الْحَدِيد فِي غَايَة من الْقلَّة وَهُوَ مَذْهَب جَمَاهِير الْعلمَاء وَقَالَ مَالك أَقَله ربع دِينَار وَقَالَ أَبُو حنيفَة أَقَله عشرَة دَرَاهِم قَالَ بن الْهمام لنا قَوْله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من حَدِيث جَابر وَلَا مهر أقل من عشرَة دَرَاهِم رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيّ وَله شَاهد يعضده وَهُوَ مَا روى عَن عَليّ قَالَ لَا تقطع الْيَد فِي أقل من عشرَة دَرَاهِم وَلَا يكون الْمهْر أقل من عشرَة دَرَاهِم رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فَيحمل كل مَا أَفَادَ ظَاهره كَونه أقل من عشرَة على انه الْمُعَجل وَذَلِكَ لِأَن الْعَادة عِنْدهم كَانَ تَعْجِيل بعض الْمهْر قبل الدُّخُول وَإِذا كَانَ ذَلِك معهودا وَجب حمل مَا خَالف مَا روينَاهُ عَلَيْهِ جمعا بَين الْأَحَادِيث قَوْله [1894] كل أَمر ذِي بَال الخ قَالَ القَاضِي تَاج الدّين السُّبْكِيّ فِي الطَّبَقَات الْكُبْرَى مَا ملخصه هَذَا الَّذِي أخرجه بن حبَان فِي صَحِيحه وَالْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك وَقضى بن العلاج بِأَنَّهُ حسن دون الصَّحِيح وَفَوق الضَّعِيف محتجا بِأَن رِجَاله رجال الصَّحِيحَيْنِ سوى قُرَّة فَإِنَّهُ لم يخرج لَهُ سوى مُسلم فِي الشواهد مَقْرُونا بِغَيْرِهِ وَلَيْسَ لَهَا حكم الْأُصُول وَقد قَالَ الْأَوْزَاعِيّ مَا أحد أعلم بالزهري مِنْهُ وَقَالَ يزِيد بن السمط أعلم النَّاس بالزهري قُرَّة وَقد قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ ان مُحَمَّد بن كثير رَوَاهُ عَن الْأَوْزَاعِيّ عَن الزُّهْرِيّ لم يذكرهُ قُرَّة وَلذَلِك حدث بِهِ خَارِجَة بن مُصعب وَبشر بن إِسْمَاعِيل عَن الْأَوْزَاعِيّ عَن الزُّهْرِيّ وَلم يذكر قُرَّة فَلَعَلَّ الْأَوْزَاعِيّ سَمعه من قُرَّة عَن الزُّهْرِيّ وَمن الزُّهْرِيّ فَحدث بِهِ مرّة كَذَا وَمرَّة كَذَا وَقد رَوَاهُ مُحَمَّد بن الْوَلِيد الزبيدِيّ عَن الزُّهْرِيّ عَن عبد الله بن كَعْب بن مَالك عَن أَبِيه فَلَعَلَّ الزُّهْرِيّ سَمعه من أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة وَمن بن كَعْب عَن أَبِيه وَرَوَاهُ مُحَمَّد بن كثير المصفي عَن الْأَوْزَاعِيّ عَن يحيى عَن الزُّهْرِيّ عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة فَظن بعض الْمُحدثين انه يحيى بن أبي كثير أحد الْأَئِمَّة من شُيُوخ الْأَوْزَاعِيّ وَلَيْسَ كَذَلِك فَإِن يحيى الْمشَار اليه هُوَ قُرَّة بن عبد الرَّحْمَن قَالَ بن حبَان كَانَ إِسْمَاعِيل بن عَيَّاش يَقُول ان اسْمه يحيى وقرة لقب وَقد روى بِلَفْظ كل أَمر وبلفظ كل كَلَام وباثبات ذِي بَال حذفه وبلفظ فَهُوَ اقْطَعْ بِإِدْخَال الْفَاء فِي الْخَبَر وَلَيْسَ ذَلِك فِي أَكثر الرِّوَايَات وَجَاء مَوضِع يبْدَأ يفْتَتح وَمَوْضِع بِالْحَمْد بِالْحَمْد لله وبحمد الله وَالصَّلَاة على وبذكر الله وببسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم وَمَوْضِع اقْطَعْ اجذم والابتر وَالْأَمر فِي ذَلِك قريب والاثبت سندا اثبات ذِي بَال وَالْمعْنَى انه مهتم بِهِ يَعْنِي بِحَالهِ ملقى عَلَيْهِ بَال صَاحبه واما الْحَمد والبسملة فَجَائِز ان يَعْنِي بهما مَا هُوَ الْأَعَمّ مِنْهُمَا وَهُوَ ذكر الله وَالثنَاء عَلَيْهِ على الْجُمْلَة اما بِصِيغَة الْحَمد أَو غَيرهَا وَيدل على ذَلِك رِوَايَة ذكر الله وَحِينَئِذٍ فَالْحَمْد وَالذكر والبسملة سَوَاء وَجَائِز ان يَعْنِي خُصُوص الْحَمد وخصوص الْبَسْمَلَة وَحِينَئِذٍ فرواية الذّكر أَعم فَيَقْضِي بهَا على الرِّوَايَتَيْنِ الاخريين لِأَن الْمُطلق إِذا قيد بقيدين متنافيين لم يحمل على وَاحِد مِنْهُمَا وَيرجع الى أصل الْإِطْلَاق وَإِنَّمَا قُلْنَا ان خُصُوص الْحَمد والبسملة متنافيين لِأَن الْبدَاءَة إِنَّمَا تكون بِوَاحِد وَلَو وَقع الِابْتِدَاء بِالْحَمْد لما وَقع بالبسملة وَعَكسه وَيدل على ان المُرَاد الذّكر فَتكون هِيَ الرِّوَايَة الْمُعْتَبرَة لِأَن غَالب الْأَعْمَال الشَّرْعِيَّة غير مفتحة بِالْحَمْد كَالصَّلَاةِ فَإِنَّهَا مفتحة بِالتَّكْبِيرِ وَالْحج وَغير ذَلِك انْتهى مِصْبَاح الزجاجة قَوْله [1895] اعلنوا الخ أَي بِالْبَيِّنَةِ فَالْأَمْر للْوُجُوب أَو بالاظهار والاشتهار فَالْأَمْر للاستحباب (مرقاة) قَوْله [1896] وَالصَّوْت قيل المُرَاد بالصوت الذّكر والتشهير بَين النَّاس وَفِي شرح السّنة ان بعض النَّاس يذهب الى السماع يَعْنِي سَماع الْغناء الْمُتَعَارف الْآن وَهَذَا خطأ انْتهى أَقُول إِذا ثَبت إِبَاحَة ضراب الدفوف فَكيف لَا يُبَاح سَماع الْغناء وَقد ثَبت ذَلِك فِي الاعياد والاعراس كَذَا فِي اللمعات قَوْله [1897] صَبِيحَة عرسي أَي زفافي قيل كَانَ ذَلِك قبل الْحجاب وَقَالَ بن حجر وَالَّذِي وضح لنا بالأدلة القوية من خَصَائِصه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَوَاز الْخلْوَة للأجنبية وَالنَّظَر إِلَيْهَا كَذَا ذكر السُّيُوطِيّ فِي حَاشِيَة البُخَارِيّ وَهَذَا غَرِيب فَإِن الحَدِيث لَا دلَالَة فِيهِ على كشف وَجههَا وَلَا على الْخلْوَة بهَا بل ينافيها مقَام الزفاف وَقَوله جاريتان المُرَاد بَنَات الْأَنْصَار قيل تِلْكَ الْبَنَات لم تكن بالغات حد الشَّهْوَة وَكَانَ دفهن غير مصحوب بجلاجل وَفِيه دَلِيل على جَوَاز الْغناء وَضرب الدُّف عِنْد النِّكَاح والزفاف للاعلان واما مَا فِيهِ جلاجل فَيَنْبَغِي ان يكون مَكْرُوها بالِاتِّفَاقِ وَقَوله وتند بِأَن بِضَم الدَّال من الندبة بِضَم النُّون وَهِي عد خِصَال الْمَيِّت ومحاسنه قَوْله قتلوا يَوْم بدر فَإِن معوذ أَو اخاه قتلا يَوْم بدر قَوْله

[1898] بِمَا تقاولت الخ أَي قَالَ بَعضهم لبَعض وتفاخر من اشعار الْحَرْب والشجاعة وَفِي رِوَايَة تقاذفت بقاف وذال مُعْجمَة من الْقَذْف وَهُوَ هجو بَعضهم للْبَعْض وَفِي بَعْضهَا تعازفت بَينهم بِعَين مُهْملَة وزاي من العزف وَهُوَ الصَّوْت الَّذِي لَهُ دري وَقَوله يَوْم بُعَاث والاشهر فِيهِ منع الصّرْف قيل اسْم مَوضِع بِالْمَدِينَةِ على الميلين وَقيل اسْم حصن لِلْأَوْسِ وَقيل مَوضِع بديار بني قُرَيْظَة فِيهِ أَمْوَالهم وَقع فِيهِ حَرْب بن الْأَوْس والخزرج قبيلتي الْأَنْصَار وَكَانَت فِيهِ مقتلة عَظِيمَة واستمرت الْحَرْب والعداوة فيهم الى مائَة وَعشْرين سنة فارتفعت بِالْإِسْلَامِ وَفِي ذَلِك نزلت اية يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا اذْكروا نعْمَة الله عَلَيْكُم إِذْ كُنْتُم أَعدَاء فألف بَين قُلُوبكُمْ فاصبحتم بنعمته اخوانا وَالشعر الَّذِي كَانَتَا تُغنيَانِ كَانَ فِي وصف الْحَرْب والشجاعة وَفِي ذكره مَعُونَة لأمر الدّين وبذكر الْفَوَاحِش وَالْمُنكر من القَوْل فمحظور لمعات ان لكل قوم عيد الخ دلّ الحَدِيث على إِبَاحَة مِقْدَار يسير فِي يَوْم الْعِيد وَغَيره من مَوَاضِع يُبَاح السرُور فِيهَا وَيكون من شَعَائِر الْإِسْلَام كالأعراس والولائم لمعات قَوْله [1900] اهديتم الخ ان كَانَ من هدي مُجَردا فالهمزة للاستفهام وان كَانَ من الْأَعْدَاء فهمزة الِاسْتِفْهَام مَحْذُوف لمعات قَوْله فحيانا الخ أَي ابقانا الله تَعَالَى وابقاكم وَسلمنَا وَإِيَّاكُم خبر مَعْنَاهُ الدُّعَاء وَتَمَامه وَلَوْلَا الْحِنْطَة السمراء لم تسمن عذاراكم أَي بناتكم الْبكر والسمرة بياضه تختلط حمرَة (مرقاة) قَوْله [1902] تقبل بِأَرْبَع وتدبر بثمان قَالَ بن فَارس فِي الْمُجْمل يُرِيد أَطْرَاف العكن من ذِي الْجَانِب وَذي المجانب وَقَالَ القالي فِي أَمَالِيهِ قَالَ أَبُو بكر بن الْأَنْبَارِي يَعْنِي انها تقبل بِأَرْبَع عُكَن فَإِذا رَأَيْت من خلف رَأَيْت لكل عكنته طرفين فَصَارَت ثمانيا وَمثله قَول كَعْب بن زُهَيْر ثنت بِأَرْبَع مِنْهَا على ظهر أَربع فهن بمثنياتهن ثَمَانِي وَمِمَّا قيل فِي هَذِه المرءة أَيْضا انها تمشي على سِتّ إِذا أَقبلت وعَلى أَربع إِذا أَدْبَرت قَالَ بن الْأَثِير فِي النِّهَايَة يَعْنِي بالست يَديهَا وثدييها ورجليها أَي انها الْعظم ثدييها ويديها كَأَنَّهَا تمشي مكبة والاربع رجلاها والتياها وإنهما كادتا تمسان الأَرْض لعظمها قَالَ وَهِي ينت غيلَان الثقفية وَفِي الْفَتْح ان اسْمهَا بادية بموحدة ثمَّ تحتية وَقيل بنُون بدلهَا وأبوها الَّذِي اسْلَمْ على عشر نسْوَة وَفِي النِّهَايَة انها كَانَت تَحت عبد الرَّحْمَن بن عَوْف (زجاجة) قَوْله [1906] لَا تَقولُوا هَكَذَا لأَنهم كَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّة يَقُولُونَ فَنهى عَن كَرَاهَة لعادتهم وَلما فِيهِ من كَرَاهَة الْبَنَات (إنْجَاح) قَوْله على وزن نواة هُوَ اسْم الْخَمْسَة دَرَاهِم كَمَا ان النش اسْم لعشرين درهما أَي مِقْدَار خَمْسَة دَرَاهِم وزنا من الذَّهَب وَقَالَ الامام أَحْمد بن حَنْبَل النواة هِيَ ثَلَاثَة دَرَاهِم وَثَلَاث وَقَالَ بعض الْمَالِكِيَّة هِيَ ربع الدِّينَار كرماني قَوْله [1907] أولم وَلَو بِشَاة ظَاهر هَذِه الْعبارَة انه للقلة أَي وَلَو بِشَيْء قَلِيل كالشاة وَقد يجِئ مثل هَذِه الْعبارَة لبَيَان التكثير والتبعيد كَمَا فِي قَوْله ولي بالصين فَقيل وَهُوَ المُرَاد هُنَا لِأَن كَون الشَّاة قَليلَة لم يعرف فِي ذَلِك الزَّمَان وَقد ثَبت كَون الْوَلِيمَة بِأَقَلّ من ذَلِك كالسويق وَالتَّمْر قَالَه فِي اللمعات وَقَالَ الْعَيْنِيّ الْوَلِيمَة هِيَ الطَّعَام الَّذِي يصنع على الْعرس وَمن ذهب الى ايجابها أَخذ بِظَاهِر الْأَمر وَهُوَ مَحْمُول عِنْد الْأَكْثَر على النّدب انْتهى قَالَ الْقَارِي قيل انها تكون بعد الدُّخُول وَقيل عِنْد العقد وَقيل عِنْدهمَا وَاسْتحبَّ أَصْحَاب لَك ان يكون سَبْعَة أَيَّام وَالْمُخْتَار أَنه على قدر حَال الزَّوْج انْتهى قَوْله [1911] من اعراض الْبَطْحَاء أَي احاليه واطرافه والبطحاء مسيل وَاسع فِيهِ دقاق الْحَصَى قَوْله ثمَّ حشونا مرفقتين ليفا الحشو مَا يدْخل بَين بطانة الثَّوْب وظهارته والمرفقة مَا يتوسد بِهِ والليف قشر النَّخْلَة وَيكون رَقِيقا أَي ادخلنا فِي الوسادتين قشر النَّخْلَة والنفش ندف الشَّيْء بالأصابع لكَي ينتشر يُقَال نفشت الصُّوف أَو الْقطن إِذا انشرته للتليين فالغرض انهما انفشتا ذَلِك الليف بأيديهما ثمَّ ادخلتاه فِي الوسادتين أحسن من عرس فَاطِمَة أَي فِي الْيمن وَالْبركَة وَقلة الْمُؤْنَة لِأَن كَثْرَة الْمُؤْنَة شوم (إنْجَاح) قَوْله [1913] يدعى لَهَا الاغنياء اما إِشَارَة الى عِلّة كَونهَا شَرّ أَبنَاء على مَا هُوَ الْعَادة فَيكون مستأنفة وَيكون المُرَاد بالوليمة جِنْسهَا أَو تَقْيِيد فَيكون صفة للوليمة فَلَا يشكل بِأَنَّهُ قد أولم النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكيف يكون شَرّ قَوْله فقد عصى الله وَرَسُوله ظَاهره الْوُجُوب لِأَن الْعِصْيَان لَا يُطلق الا على ترك الْوَاجِب وَهُوَ مَحْمُول على تَأَكد الِاسْتِحْبَاب وَعَلِيهِ الْجُمْهُور مُخْتَصرا قَوْله [1914] فليجب قيل إِجَابَة الْوَلِيمَة مُسْتَحبَّة وَقيل وَاجِبَة وَقيل فرض كِفَايَة لِأَنَّهَا إكرام فَأشبه رد السَّلَام وَهَذَا إِذا عين الدَّاعِي الْمَدْعُو بالدعوة فَلَو لم يُعينهُ لم يجب الْإِجَابَة بل لَا يسْتَحبّ وَيسْقط الْإِجَابَة باعذار نَحْو كَون الشُّبْهَة فِي الطَّعَام أَو حُضُور الاغنياء فَقَط أَو من لَا يَلِيق مُجَالَسَته أَو يَدْعُو لجاهة أَو لتعاونه على بَاطِل أَو كَون الْمُنكر هُنَاكَ مثل الْغناء وفرش الْحَرِير لمعات قَوْله

باب العزل العزل هو ان يجامع فإذا قارب الإنزال نزع وانزل خارج الفرج وهو

[1915] حق أَي ثَابت وَلَا نرم فعله واجابته أَو وَاجِب وَهَذَا عِنْد من ذهب الى ان الْوَلِيمَة وَاجِبَة أَو سنة مُؤَكدَة فَإِنَّهَا فِي معنى الْوَاجِب قَالَ الطَّيِّبِيّ يسْتَحبّ للمرأ إِذا أحدث الله بِهِ نعْمَة ان يحدث لَهُ شكرا قَوْله وَطَعَام يَوْم الثَّانِي مَعْرُوف أَي سنة كَمَا فِي رِوَايَة لِأَنَّهُ رُبمَا يخبر مَا عَسى ان يصدر عَنهُ تَقْصِير وتخلف عَنهُ بعض الاصدقاء فَإِن السّنة مكملة للْوَاجِب ومتمة أَو الطَّعَام الْيَوْم الثَّالِث والرياء وَسُمْعَة [1917] لَيْسَ بك على أهلك يُرِيد نَفسه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا قبيلتها هُوَ ان أَي مذلة أَي لَيْسَ اقتصاري على الثُّلُث لَهو انك على وَلعدم رغبتي فِيك بل لِأَن حكم الشَّرْع كَذَلِك قَوْله سبعت للنسائي قَالَ الْقَارِي بعد مَا ذكر معنى الحَدِيث بَقِي انه لما كَانَت الْأَيَّام الثَّلَاثَة حق الثّيّب خَالِصَة لَهَا فَكَانَ يَنْبَغِي ان يَدُور عَلَيْهِنَّ أَرْبعا أَرْبعا لَا سبعا سبعا وَأَجَابُوا بِأَن طلبَهَا لَهُ مَا هُوَ أَكثر من حَقّهَا اسقط اختصاصها لما كَانَ مَخْصُوصًا بهَا فَتدبر مرقات مُخْتَصرا قَوْله [1919] أَو لم يضرّهُ اخْتلف فِي الضَّرَر الْمَنْفِيّ فَقيل الْمَعْنى لم يُسَلط عَلَيْهِ من أجل بركَة التَّسْمِيَة بل يكون من جملَة الْعباد الَّذِي قيل فيهم ان عبَادي لَيْسَ لَك عَلَيْهِم سُلْطَان وَقيل لم يطعن فِي بَطْنه كَمَا جَاءَ فِي البُخَارِيّ ان كل بني ادم يطعن الشَّيْطَان فِي بَطْنه حِين يُولد الا من اسْتثْنى وَقيل المُرَاد لم يصرعه وَقيل لم يضرّهُ فِي بدنه وَقَالَ بن دَقِيق يحْتَمل ان لَا يضرّهُ فِي دينه أَيْضا وَقيل لم يضرّهُ بمشاركة أَبِيه فِي جماع أمه كَمَا جَاءَ عَن مُجَاهِد ان الَّذِي يُجَامع لَا يُسَمِّي يلتف الشَّيْطَان على حليله فيجامع مَعَه وَلَعَلَّ هَذَا أقرب كَذَا فِي فتح الْبَارِي قَوْله [1920] عوراتنا الخ مَنْصُوب بِنَزْع الْخَافِض أَي افت فِي عوراتنا أَو خبر مُبْتَدأ مَحْذُوف أَي هَذِه عوراتنا والعورة كل أَمر يستحي مِنْهُ وكل مُمكن للستر والسوءة كَذَا فِي الْقَامُوس وَقَوله مَا نأتي مِنْهَا وَمَا ننتهي أَي أَمر يجوز لنا التكشف مِنْهَا وَأي أَمر نَتْرُك التكشف مِنْهُ (إنْجَاح) قَوْله ان كَانَ الْقَوْم بَعضهم فِي بعض أَي فِي الْقَرَابَة وَالْجُلُوس أَو السكونة فيتعسر على أحدهم التستر البليغ كَمَا هُوَ عَادَة فِي السفلة عِنْد خلوهم فِي بُيُوتهم حَيْثُ لَا يستر بَعضهم من بعض كَمَا يَنْبَغِي فِي الخلوات فَلم يجوز ذَلِك رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إنْجَاح) قَوْله [1921] تجرد العيرين تَثْنِيَة العير بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة وَسُكُون التَّحْتِيَّة هُوَ حمَار الْوَحْش إنْجَاح الْحَاجة قَوْله [1924] ان الله لَا يستحي الْحيَاء مَا يعثر الْإِنْسَان من تخوف مَا يعاب ويذم والتغير على الله محَال فَهُوَ مجَاز من التّرْك الَّذِي هُوَ غَايَة الْحيَاء أَي ان لَا يتْرك من قَول الْحق واظهاره وَفِي جعل هَذِه مُقَدّمَة للنَّهْي الْوَارِد بعده إِشَارَة لشناعة هَذَا الْفِعْل واستهجانه وَفِيه دَلِيل تَحْرِيم ادبار الزَّوْجَات والمملوكات وَمن إجَازَة فقد أَخطَأ خطأ عَظِيما قَالَ الطَّيِّبِيّ هَذَا ان فعله بأجنبيه فَحكمه حكم الزِّنَا وان فعله بامرأته أَو بأمته فَهُوَ محرم لَكِن لَا يرْجم وَلَا يحد لَكِن يُعَزّر وَقَالَ النَّوَوِيّ اما الْمَفْعُول فَإِن كَانَ صَغِيرا أَو مَجْنُونا أَو مكْرها فَلَا حد عَلَيْهِ (مرقاة) قَوْله بَاب الْعَزْل الْعَزْل هُوَ ان يُجَامع فَإِذا قَارب الْإِنْزَال نزع وَانْزِلْ خَارج الْفرج وَهُوَ مَكْرُوه عندنَا فِي كل حَال وكل مرأة سَوَاء رضيت أم لَا لِأَنَّهُ طَرِيق الى قطع النَّسْل وَلِهَذَا جَاءَ فِي الحَدِيث الآخر تَسْمِيَة بالوأد الْخَفي لِأَنَّهُ قطع طَرِيق الْولادَة كَمَا يقتل الْمَوْلُود بالوأد وَأما التَّحْرِيم فَقَالَ أَصْحَابنَا لَا يحرم فِي مملوكته وَلَا فِي زَوجته الْأمة سَوَاء رضيتا أم لَا لِأَن عَلَيْهِ ضَرَرا فِي مملوكته بمصيرها أم ولد وَامْتِنَاع بيعهَا وَعَلِيهِ ضَرَرا فِي زَوجته الرقيقة بمصير وَلَده رَقِيقا تبعا لأمه واما زَوجته الْحرَّة فَإِن اذنت فِيهِ لم يحرم والا فَوَجْهَانِ أصَحهمَا لَا يحرم ثمَّ هَذِه الْأَحَادِيث مَعَ خَيرهَا يجمع بَينهمَا بِأَن مَا ورد فِي النَّهْي مَحْمُول على كَرَاهَة التَّنْزِيه وَمَا أورد فِي الْإِذْن فِي ذَلِك مَحْمُول على انه لَيْسَ بِحرَام وَلَيْسَ مَعْنَاهُ نفي الْكَرَاهَة وللسلف خلاف كنحو مَا ذَكرْنَاهُ من مَذْهَبنَا وَمن حُرْمَة بِغَيْر اذن الزَّوْجَة الْحرَّة قَالَ عَلَيْهَا ضَرَر فِي الْعَزْل فيشير لجوازه اذنها (نووي) قَوْله

[1929] لَا تنْكح الْمَرْأَة على عَمَّتهَا الخ هَذَا دَلِيل لمَذْهَب الْعلمَاء كَافَّة انه يحرم الْجمع بَين الْمَرْأَة وعمتها وَبَينهَا وَبَين خَالَتهَا سَوَاء كَانَت عمَّة وَخَالَة حَقِيقِيَّة وَهِي أُخْت الْأَب وَأُخْت الام أَو مجازية وَهِي أُخْت أبي الْأَب وَأبي الْجد وان علا أَو أُخْت أم الام وَأم الْجدّة أَو مجازية من جهتي الام والاب وان علت فكلهن بِإِجْمَاع الْعلمَاء يحرم الْجمع بَينهمَا وَقَالَت طَائِفَة من الْخَوَارِج والشيعة يجوز وَاحْتَجُّوا بقوله تَعَالَى واحل لكم مَا وَرَاء ذَلِكُم وَاحْتج الْجُمْهُور بِهَذِهِ الْأَحَادِيث خصوا بهَا الْآيَة وَالصَّحِيح الَّذِي عَلَيْهِ جُمْهُور الاصوليين جَوَاز تَخْصِيص عُمُوم الْقُرْآن بِخَبَر الْوَاحِد لِأَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُبين للنَّاس مَا أنزل إِلَيْهِم من كتاب الله وَأما الْجمع بَينهمَا فِي الوطى بِملك الْيَمين كَالنِّكَاحِ فَهُوَ حرَام عِنْد الْعلمَاء كَافَّة وَعند الشِّيعَة مُبَاح وَيُبَاح أَيْضا الْجمع بَين الاختين بِملك الْيَمين قَالُوا قَوْله تَعَالَى وان تجمعُوا بَين الاختين إِنَّمَا هُوَ فِي النِّكَاح وَقَالَ الْعلمَاء كَافَّة هُوَ حرَام كَالنِّكَاحِ لعُمُوم قَوْله تَعَالَى وان تجمعُوا بَين الاختين وَقَوْلهمْ انه مُخْتَصّ بِالنِّكَاحِ لَا يقبل بل جَمِيع الْمَذْكُورَات فِي الْآيَة مُحرمَات بِالنِّكَاحِ وبملك الْيَمين جَمِيعًا وَمِمَّا يدل عَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى وَالْمُحصنَات من النِّسَاء الا مَا ملكت ايمانكم فَإِن مَعْنَاهُ ان ملك الْيَمين يحل وطيها بِملك الْيَمين لأنكاحها فَإِن عقد النِّكَاح عَلَيْهَا لَا يجوز لسَيِّدهَا وَأما بَقِي الاقارب كالجمع بَين بِنْتي الْعم وبنتي الْخَالَة أَو نَحْوهمَا فَجَائِز عِنْد الْعلمَاء كَافَّة الا مَا حَكَاهُ القَاضِي عَن بعض السّلف انه حُرْمَة واما الْجمع بَين زَوْجَة الرجل وبنته من غَيرهَا فَجَائِز عندنَا وَعند مَالك وَأبي حنيفَة وَالْجُمْهُور وَقَالَ الْحسن وَعِكْرِمَة وَابْن أبي لَيْلَة لَا يجوز دَلِيل الْجُمْهُور قَوْله تَعَالَى واحل لكم مَا وَرَاء ذَلِكُم [1932] لَا حَتَّى تَذُوقِي عُسَيْلَته الخ هُوَ تَصْغِير عسلة وَهِي كِنَايَة عَن الْجِمَاع شبه لذته بلذة الْعَسَل وحلاوته وَفِي هَذَا الحَدِيث ان الْمُطلقَة ثَلَاثًا لَا تحل لمطلقها حَتَّى تنْكح زوجا ويطأها ثمَّ يفارقها وتنقضي عدتهَا فَأَما مُجَرّد عقده عَلَيْهَا فَلَا يبيحها للاول وَبِه قَالَ جَمِيع الْعلمَاء من الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ وَمن بعدهمْ وَانْفَرَدَ سعيد بن الْمسيب فَقَالَ إِذا عقد الثَّانِي عَلَيْهَا ثمَّ فَارقهَا حلت للْأولِ وَلَا يشْتَرط وطي الثَّانِي لقَوْله تَعَالَى حَتَّى تنْكح زوجا غَيره وَالنِّكَاح حَقِيقَة فِي العقد على الصَّحِيح وَأجَاب الْجُمْهُور بِأَن هَذَا الحَدِيث مُخَصص لعُمُوم الْآيَة ومبين للمراد بهَا قَالَ الْعلمَاء وَلَعَلَّ سعيدا لم يبلغهُ هَذَا الحَدِيث (نووي) قَوْله [1936] الا أخْبركُم بالتيس الْمُسْتَعَار التيس هُوَ الذّكر من الظباء والمعز والوعول وَإِذا اتى عَلَيْهِ سنته كَذَا فِي الْقَامُوس وَقد يستعار لمن ألْقى جِلْبَاب الْحيَاء من وَجهه فيتعرض للنِّسَاء لِأَن الشَّهْوَة فِي التيس كَثِيرَة فَلَمَّا يغترعن الْجِمَاع (إنْجَاح) قَوْله [1937] يحرم من الرَّضَاع مَا يحرم من النّسَب وَاسْتثنى مِنْهُ بعض الْمسَائِل كَأُمّ أُخْته وَأُخْت ابْنه وَامْرَأَة أَبِيه وَجدّة الْوَلَد وتفصيل ذَلِك فِي كتب الْفِقْه ثمَّ قَالَ طَائِفَة هَذَا الْإِخْرَاج تَخْصِيص للْحَدِيث بِدَلِيل الْعقل والمحققون على انه لَيْسَ تَخْصِيصًا لِأَنَّهُ أحَال مَا يحرم من الرَّضَاع على مَا يحرم بِالنّسَبِ وَمَا يحرم بِالنّسَبِ هُوَ مَا تعلق بِهِ خطاب تَحْرِيم وَقد تعلق بِمَا عبر عَنهُ بِلَفْظ الامهات وَالْبَنَات وأخواتكم وعماتكم وخالاتكم وَبَنَات الْأَخ وَبَنَات الْأُخْت فَمَا كَانَ من مُسَمّى هَذِه الْأَلْفَاظ متحققا فِي الرَّضَاع حرم فِيهِ والمذكورات لَيْسَ شَيْء مِنْهَا من مُسَمّى هَذِه الْأَلْفَاظ فَكيف تكون مَخْصُوصَة وَهِي غير متناولة كَذَا فِي الْمرقاة قَوْله [1938] أُرِيد على بنت حَمْزَة الخ أَي قصد وَدلّ على خطْبَة فَاطِمَة بنت حَمْزَة وَقد دله على ذَلِك عَليّ رض فَلَمَّا علم النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بذلك اعتذر بِأَنَّهَا حرَام عَلَيْهِ (إنْجَاح) قَوْله [1939] فِي خير هُوَ صُحْبَة النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوْله فَإِن ذَلِك لَا يحل لي لِأَنَّهُ جمع بَين الاختين وَهَذَا السوال مِنْهَا كَانَ قبل علمهَا بِالتَّحْرِيمِ أَو ظنت ان جَوَازه من خَصَائِصه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَن أَكثر احكام نِكَاحه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُخَالف احكام انكحة الْأمة قَوْله ثويبة هِيَ مولاة أبي لَهب بَشرته بولادته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأعْتقهَا (إنْجَاح) قَوْله [1941] لَا تحرم الرضعة الخ اخْتلف الْعلمَاء فِي الْقدر الَّذِي يثبت بِهِ حكم الرَّضَاع فَقَالَ أَبُو ثَوْر وَأَبُو عبيد وَابْن الْمُنْذر وَدَاوُد يثبت بِثَلَاث رَضعَات وَلَا يثبت بِأَقَلّ لهَذَا الحَدِيث وَقَالُوا هُوَ مُبين لِلْقُرْآنِ وَقَالَت عَائِشَة وَالشَّافِعِيّ لَا يثبت بِأَقَلّ من خمس رَضعَات للْحَدِيث الَّاتِي وَقَالَ جُمْهُور الْعلمَاء يثبت برضعة وَاحِدَة حَكَاهُ بن الْمُنْذر عَن عَليّ وَابْن مَسْعُود وَابْن عمر وَابْن عَبَّاس وَعَطَاء وطاؤس وَابْن الْمسيب وَالْحسن وَمَكْحُول وَالزهْرِيّ وَقَتَادَة وَالْحكم وَحَمَّاد وَأَبُو حنيفَة وَمَالك وَالْأَوْزَاعِيّ وَالثَّوْري لعُمُوم قَوْله تَعَالَى وأمهاتكم الَّاتِي ارضعنكم وَلم يذكر عدد أَو خبر الْوَاحِد لَا يصلح ان يُقيد إِطْلَاق الْكتاب قَالَ القَاضِي عِيَاض وَقد شَذَّ بعض النَّاس فَقَالَ لَا يثبت الرَّضَاع الا بِعشر رَضعَات وَهَذَا بَاطِل مَرْدُود (فَخر) قَوْله

[1943] فَقَالَ النَّبِي ارضعيه الخ قَالَ النَّوَوِيّ وَقَالَ القَاضِي لَعَلَّهَا حلتبته ثمَّ شربه من غير ان يمس ثديها وَلَا الْتَقت بشرتاهما وَهَذَا الَّذِي قَالَه القَاضِي حسن وَيحْتَمل أَنه عَفا عَن مَسّه للْحَاجة كَمَا خص بالرضاعة مَعَ الْكبر انْتهى اخْتلف الْعلمَاء فِي هَذِه المسئلة فَقَالَت عَائِشَة ودلؤد يثبت حُرْمَة الرَّضَاع برضاع الْبَالِغ كَمَا يثبت برضاع الطِّفْل لهَذَا الحَدِيث وَقَالَ سَائِر الْعلمَاء من الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ وعلماء الاماصر أَي الان لَا يثبت الا بارضاع من لَهُ دون سنتَيْن الا أَبَا حنيفَة فَقَالَ سنتَيْن وَنصف وَقَالَ زفر ثَلَاث سِنِين وَعَن مَالك رِوَايَة سنتَيْن وَأَيَّام وَاحْتج الْجُمْهُور وَبِقَوْلِهِ تَعَالَى والوالدات يرضعن اولادهن حَوْلَيْنِ كَامِلين لمن أَرَادَ ان يتم الرضَاعَة وَبِالْحَدِيثِ الَّذِي ذكره مُسلم وَغَيره إِنَّمَا الرضَاعَة بعد المجاعة وبأحاديث مَشْهُورَة وحملوا حَدِيث سهلة على انه مُخْتَصّ بهَا وبسالم وَقد روى مُسلم وَغَيره عَن أم سَلمَة انها كَانَت تَقول أبي سَائِر أَزوَاج النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ان يدخلن عَلَيْهِنَّ أحدا بِتِلْكَ الرضَاعَة وقلن لعَائِشَة وَالله مَا ترى هَذِه الا رخصَة ارخصها رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لسالم خَاصَّة فَمَا هُوَ بداخل علينا أحد بِهَذِهِ الرضَاعَة وَلَا رَأينَا انْتهى قَوْله لعن رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُحَلّل الخ إِنَّمَا لعن الْمُحَلّل لِأَنَّهُ نكح على قصد الْفِرَاق وَالنِّكَاح شرع للدوام وَصَارَ كالتيس الْمُسْتَعَار على مَا وَقع فِي الحَدِيث واللعن على الْمُحَلّل لَهُ لِأَنَّهُ صَار سَببا لمثل هَذَا النِّكَاح وَالْمرَاد إِظْهَار خساستهما لِأَن الطَّبْع المسقيم يتنفر عَن فعلهمَا لَا حَقِيقَة اللَّعْن وَقيل الْمَكْرُوه اشْتِرَاط الزَّوْج التَّحْلِيل فِي القَوْل لَا فِي النِّيَّة بل قد قيل أَنه مأجور بِالنِّيَّةِ لقصد الْإِصْلَاح لمعات اللَّهُمَّ غفر لمصححه [1948] أَتَانِي عمي من الرضَاعَة الخ وَفِي رِوَايَة الْمُسلم عَن عَائِشَة انها قَالَت يَا رَسُول الله لَو كَانَ فلَانا حَيا لعمها من الرضَاعَة دخل على قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نعم الخ قَالَ النَّوَوِيّ اخْتلف الْعلمَاء فِي عَم عَائِشَة الْمَذْكُور فَقَالَ أَبُو الْحسن الْقَابِسِيّ هما عمان لعَائِشَة من الرضَاعَة أَحدهمَا أَخُو أَبِيهَا أبي بكر من الرضَاعَة ارتضع هُوَ وَأَبُو بكر من امْرَأَة وَاحِدَة وَالثَّانِي أَخُو أَبِيهَا من الرضَاعَة الَّذِي هُوَ أَبُو القعيس وَأَبُو القعيس أَبوهَا من الرضَاعَة وَأَخُوهُ أَفْلح عَمها وَقيل هُوَ عَم وَاحِد وَهَذَا غلط فَإِن عَمها فِي هَذِه الرِّوَايَة حَيّ أَتَانِي يسْتَأْذن وَفِي رِوَايَة الْمُسلم ميت فالصوات مَا قَالَه الْقَابِسِيّ وَذكر القَاضِي قَوْلَيْنِ ثمَّ قَالَ قَول الْقَابِسِيّ أشبه لِأَنَّهُ لَو كَانَ وَاحِد لفهمت حكمه من الْمرة الأولى وَلم تحتجب مِنْهُ بعد ذَلِك فَإِن قيل فَإِذا كَانَ عمين كَيفَ سَأَلت عَن الْمَيِّت واعلمها النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انه عَم لَهَا يدْخل عَلَيْهَا واحتجبت عَن عَمها الاخر أخي أبي القعيس حَتَّى اعلمها النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنَّهُ عَمها يلج عَلَيْهَا فَهَلا اكتفت بِأحد السوالين فَالْجَوَاب أَنه يحْتَمل ان أَحدهمَا كَانَ عَمَّا من أحد الابوين والاخر مِنْهُمَا أَو عَمَّا أَعلَى والاخر أدنى أَو نَحْو ذَلِك من الِاخْتِلَاف فخافت ان تكون الْإِبَاحَة مُخْتَصَّة صَاحب الْوَصْف الْمَسْئُول عَنهُ اولا ثمَّ اخْتلف الرِّوَايَة فِي عَمها من الرضَاعَة فجَاء فِي رِوَايَة عَن عَائِشَة ان افلح أَخا أبي القعيس جَاءَ يسْتَأْذن عَلَيْهَا وَفِي رِوَايَة افلح بن أبي قعيس وَفِي رِوَايَة اسْتَأْذن عَليّ عمي من الرضَاعَة أَبُو الْجَعْد فَردته قَالَ لي هِشَام إِنَّمَا هُوَ أَبُو القعيس وَفِي رِوَايَة افلح بن قعيس قَالَ الْحَافِظ الصَّوَاب الرِّوَايَة الأولى وَهِي الَّتِي كررها مُسلم فِي أَحَادِيث الْبَاب وَهِي الْمَعْرُوفَة فِي كتب الحَدِيث وَغَيرهَا ان عَمها من الرضَاعَة هُوَ افلح أَخُو أبي القعيس وكنية افلح أَبُو الْجَعْد والقعيس انْتهى قَوْله [1949] فليلج عَلَيْك الخ قَالَ النَّوَوِيّ هَذَا الحَدِيث وَأَمْثَاله متفقة على ثُبُوت حريَّة الرَّضَاع وأجمعت الْأمة على ثُبُوتهَا بَين الرَّضِيع والمرضعة وَأَنه يصير ابْنهَا يحرم عَلَيْهِ نِكَاحهَا ابدا وَيحل لَهُ النّظر إِلَيْهَا أَو الْخلْوَة بهَا والمسافرة وَلَا يَتَرَتَّب عَلَيْهِ إحكام الامومة من كل وَجه فَلَا يتوارثان وَلَا يجب على وَاحِد مِنْهُمَا نَفَقَة الاخر وَلَا يعْتق عَلَيْهِ بِالْملكِ وَلَا ترد لَهُ شَهَادَته لَهَا وَلَا يعقل عَنْهَا وَلَا يسْقط عَنْهَا الْقصاص بقتْله فهما كالاجنبين فِي هَذِه الاحكام واجمعوا أَيْضا على انتشار الْحُرْمَة بَين الْمُرضعَة واولاد الرَّضِيع وانه فِي ذَلِك كولدها من النّسَب لهَذِهِ الْأَحَادِيث وَلَا الرجل الْمَنْسُوب ذَلِك اللَّبن اليه لكَونه زوج الْمَرْأَة أَو وطيها يملك أَو شُبْهَة فمذهبنا وَمذهب الْعلمَاء كَافَّة ثُبُوت حُرْمَة الرَّضَاع بَينه وَبَين الرَّضِيع وَيصير ولدا لَهُ واولاد الرجل اخوة الرَّضِيع واخواته وَيكون اخوة الرجل أعمام الرَّضِيع واخواته عماته وَيكون أَوْلَاد الرَّضِيع أَوْلَاد الرجل وَلم يُخَالف فِي هَذَا الا أهل الظَّاهِر وَابْن علية فَقَالُوا لَا تثبت حُرْمَة الرَّضَاع بَين الرجل والرضيع وَنَقله الْمَازرِيّ عَن بن عمر عَائِشَة وَاحْتَجُّوا بقوله تَعَالَى امهاتكم اللَّاتِي ارضعنكم واخواتكم من الرضَاعَة وَلم يذكر الْبِنْت والعمة كَمَا ذكرهمَا فِي النّسَب وَاحْتج الْجُمْهُور بِهَذِهِ الْأَحَادِيث الصَّحِيحَة الصَّرِيحَة فِي عَم عَائِشَة وَحَفْصَة وَأَجَابُوا عَمَّا احْتَجُّوا بِهِ من الْآيَة انه لَيْسَ فيهمَا نَص بِإِبَاحَة الْبِنْت والعمة وَنَحْوهمَا لِأَن ذكر الشَّيْء لَا يذل على سُقُوط الحكم عَمَّا سواهُ وَلم يُعَارضهُ دَلِيل آخر كَيفَ وَقد جَاءَت هَذِه الْأَحَادِيث الصَّحِيحَة انْتهى قَوْله [1955] أَو حباء الخ الحباء ككتاب الْعَطِيَّة وَفِي الْقَامُوس حبا فلَانا أعطَاهُ بِلَا جَزَاء وَلَا من أَو عَام وَالِاسْم الحباء ككتاب انْتهى وَالْمرَاد من عصمَة النِّكَاح عقده وَإِنَّمَا سَاغَ هَذَا لِأَن المعطية إِذا كَانَت قبل النِّكَاح فالغرض مِنْهُ امالة نفس الْمَرْأَة إِلَيْهِ بِأَنَّهُ جَاءَ فِي الحَدِيث تهادوا تحَابوا كَمَا فِي الْجَامِع الصَّغِير فَلَمَّا مَال طبعها إِلَيْهِ وَوصل مَقْصُوده الَّذِي عقدَة النِّكَاح زَالَ ذَلِك السَّبَب فَيكون الْهَدِيَّة لمن اعطيها تكرما مَاله وَجَزَاء الْإِحْسَان لِأَنَّهُ كَانَ سفيرا بَينهمَا أَو كَانَ ذَلِك الرجل الْمُعْطِي لَهُ وفيهَا من أَبِيهَا واخيها لِأَن اكرام الرجل بِسَبَب بنته أَو أُخْته مستحسن جدا وَلِهَذَا قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَق مَا يكرم الرجل بِهِ ابْنَته أَو أُخْته (إنْجَاح) قَوْله [1956] بِغَيْر شَيْء أَي بِغَيْر تَعب ومنة مَعَ أَنَّهَا مَعَ مُشْتَمِلَة على الْفَوَائِد العزيزة (إنْجَاح) قَوْله

[1957] وَجعل عتقهَا صَدَاقهَا هَذَا مَحْمُول على انها وهبت لَهُ صداقه أَو هُوَ من خواصه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْأَقْرَب ان يُقَال انها وهبت لَهُ نَفسهَا فَإِنَّهُ نِكَاح بِلَا مهر وَهُوَ فِي معنى الْهِبَة وَهُوَ أَيْضا من خواصه وَعند جمَاعَة يجوز ان يَجْعَل الْعتْق مهْرا لمعات [1962] خرجنَا مَعَ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الخ قَالَ بَعضهم التَّحْرِيم وَقع يَوْم خَيْبَر على التأييد وان الَّذِي كَانَ يَوْم فتح مَكَّة مُجَرّد توكيد التَّحْرِيم من غير تقدم الْإِبَاحَة وَهَذَا لَيْسَ بِصَحِيح لِأَن الَّذِي أخرجه مُسلم فِي الْإِبَاحَة يَوْم اوطاس صَرِيح فِي ذَلِك فَلَا يجوز اسقاطها وَلَا مَانع من تكْرَار الْإِبَاحَة بل الصَّوَاب الْمُخْتَار كَمَا قَالَه النَّوَوِيّ ان الْإِبَاحَة وَالتَّحْرِيم وَقعا مرَّتَيْنِ فَكَانَت حَلَالا قبل خَيْبَر ثمَّ حرمت يَوْم خَيْبَر ثمَّ ابيحت يَوْم اوطاس ثمَّ حرمت يَوْمئِذٍ بعد ثَلَاثَة أَيَّام تَحْرِيمًا مؤيدا الى يَوْم الْقِيَامَة وَاسْتمرّ التَّحْرِيم وَقد اخْرُج هَذَا الحَدِيث مُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة كَمَا ذكره الْمزي لَكِن رِوَايَة الْمُؤلف فِي حجَّة الْوَدَاع وَإِنَّمَا هُوَ وهم قَالَ النَّوَوِيّ وَيسْقط رِوَايَة إباحتها يَوْم حجَّة الْوَدَاع لِأَنَّهَا مروية عَن سُبْرَة الْجُهَنِيّ وَإِنَّمَا روى الثِّقَات الاثبات عَنهُ الْإِبَاحَة يَوْم فتح مَكَّة وَالَّذِي فِي حجَّة الْوَدَاع إِنَّمَا هُوَ التَّحْرِيم فَيُؤْخَذ من حَدِيثه مَا اتّفق عَلَيْهِ جُمْهُور الرِّوَايَة وَوَافَقَهُ غَيره من الصَّحَابَة من النَّهْي عَنْهَا يَوْم الْفَتْح وَيكون تَحْرِيمهَا يَوْم حجَّة الْوَدَاع تَأْكِيدًا واشاعة وَأما قَول الْحسن فِي عمْرَة الْقَضَاء لَا قبلهَا وَلَا بعْدهَا تردها الْأَحَادِيث الثَّابِتَة فِي تَحْرِيمهَا يَوْم خَيْبَر وَهُوَ قبل عمْرَة الْقَضَاء انْتهى والتطبيق بَين يَوْم اوطاس وَفتح مَكَّة ظَاهر لاتصالهما فِي السّفر الْوَاحِد وَفِيه تَفْصِيل لَا يَلِيق بِهَذَا الْمقَام (إنْجَاح) قَوْله برد كبرد أَي لما رَأَتْ شبابه وجماله مَالَتْ نَفسهَا اليه وَلم تمل الى جودة برد أَخِيه واعتذرت بِأَن الْبرد مماثل للبرد فَلَا تَرْجِيح لأَحَدهمَا على الاخر (إنْجَاح) قَوْله حرمهَا الى يَوْم الْقِيَامَة هَذَا الحَدِيث مُحكم لَا يحْتَمل التَّأْوِيل والنسخ لصون الشَّارِع عَن الْكَذِب كَمَا هُوَ مُبين فِي الْأُصُول فَلهَذَا رَجَعَ بعض الصَّحَابَة الَّذين افتوا بِجَوَاز للمتعة الى تَحْرِيمهَا (إنْجَاح) قَوْله [1965] وَهُوَ محرم وَبِهَذَا قَالَ أَبُو حنيفَة يجوز للْمحرمِ النِّكَاح وَرجح حَدِيث بن عَبَّاس على حَدِيث يزِيد لِأَن بن عَبَّاس احفظ وأتقن وَافقه مِنْهُ وَمعنى حَدِيث عُثْمَان الْمحرم لَا ينْكح وَلَا ينْكح وَلَا يخْطب ان هَذِه الْأُمُور لَيست من شَأْن الْمحرم وَلَيْسَ مَعْنَاهُ انه لَا يجوز هَذِه الْأُمُور فَالْحَاصِل ان النَّهْي للتنزيه أَو للتَّحْرِيم وَالله أعلم (فَخر) قَوْله [1967] إِلَّا تَفعلُوا الخ أَي ان لم تزوجوا من ترْضونَ دينه وخلقه وترغبوا فِي مُجَرّد الْحسب وَالْجمال تكن فتْنَة وَفَسَاد لِأَنَّهُمَا جالبان إِلَيْهَا وَقيل ان نظرتم الى صَاحب مَال وجاه يبْقى أَكثر النِّسَاء وَالرِّجَال بِلَا تزوج فيكثر الزِّنَا وَيلْحق الْعَار والغيرة بالأولياء فَيَقَع الْقَتْل ويهيج الْفِتْنَة وَفِيه حجَّة لمَالِك على الْجُمْهُور فَإِنَّهُ يُرَاعِي الْكَفَّارَة فِي الدّين فَقَط مجمع الْبحار قَوْله [1968] تخَيرُوا لنُطَفِكُمْ أَي تخَيرُوا من النِّسَاء ذَوَات الدّين وَالصَّلَاح وَذَوَات النّسَب الشريف لِئَلَّا تكون الْمَرْأَة من أَوْلَاد الزِّنَا فَإِن هَذِه الرذيلة تتعدى الى أَوْلَادهَا قَالَ الله تَعَالَى الزَّانِي لَا ينْكح الا زَانِيَة أَو مُشركَة والزانية لَا ينْكِحهَا الا زَان أَو مُشْرك وَإِنَّمَا أَمر بِطَلَب الكفو للمجانسة وَعدم لُحُوق الْعَار وَقَوله وَانْكِحُوا إِلَيْهِم من بَاب الْأَفْعَال أَي زوجوا مولياتكم من الْبَنَات والاخوات أَيْضا بالاكفاء وَالْوَجْه مَا مر إنْجَاح الْحَاجة لمولانا الْمُعظم الشَّيْخ عبد الْغَنِيّ المجددي الدهلوي قَوْله [1969] امْرَأَتَانِ الخ الظَّاهِر ان الحكم غير مَقْصُور على امْرَأتَيْنِ بل هُوَ اقْتِصَار على الاوفى فَإِنَّهُ لَو كَانَت ثَلَاث أَو أَربع كَانَ السُّقُوط على حسبها لمعات قَوْله

[1971] هَذَا فعلي الخ قَالَ الشَّيْخ أَي الْقسم ورعاية البيتوتة وَالْمرَاد بِمَا لَا أملك الْمحبَّة وَالْجِمَاع قَالَ الطَّيِّبِيّ أَرَادَ بِهِ الْحبّ وميل الْقلب قَالَ وَفِيه دَلِيل على ان الْقسم كَانَ فرضا على الرَّسُول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا على غَيره حَتَّى كَانَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُرَاعِي التَّسْوِيَة بَينهُنَّ فِي مَرضه مَعَ مَا يلْحقهُ من الْمَشَقَّة على مَا رَوَت عَائِشَة الحَدِيث وَذهب بَعضهم الى ان الْقسم بَينهُنَّ لم يكن وَاجِبا عَلَيْهِ وَاحْتج بِمَا روى انه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يطوف على نِسَائِهِ فِي لَيْلَة وَاحِدَة وَقَالَ بَعضهم كَانَ هَذَا قبل ان يسن الْقسم وَيحْتَمل ان يكون باذنهن انْتهى وَالْمذهب عِنْد الْحَنَفِيَّة انه لم يكن الْقسم وَاجِبا على رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لقَوْله تَعَالَى ترجى من تشَاء مِنْهُنَّ وتؤى إِلَيْك من تشَاء ورعاية ذَلِك كَانَ تفضلا لَا وجوبا وَالله أعلم لمعات [1973] وَلَك يومي أَي لَك يومي من هَذِه الدورة لَا مُطلقًا فَإِنَّهُ لم يثبت عَن رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ترك نوبَة صَفِيَّة كَمَا ثَبت تَركه نوبَة سَوْدَة رَضِي الله عَنْهُن (إنْجَاح) قَوْله [1976] عثر أُسَامَة أَي وَقع ومكيا على الأَرْض وَعتبَة الْبَاب اسكفته أَو الْعليا مِنْهَا أَي سقط أُسَامَة لزلة قدمه باسكفة الْبَاب فشج وَجهه أَي جرح اميطي أَي ازيلي عَنهُ فتقذرته أَي كرهته فَجعل يمص عَنهُ الدَّم أَي يطهره ويمجه أَي يُزِيلهُ عَن وَجهه لَيْسَ المُرَاد من المص والمج المص بِاللِّسَانِ أَو الْأَسْنَان فَإِن الدَّم السَّائِل نجس حَتَّى انفقه أَي اروجه بالكسوة والحلي وَفِيه اسْتِحْبَاب تَزْيِين النِّسَاء للزواج وَالْخطْبَة (إنْجَاح) قَوْله [1979] سابقني أَي فِي الْعَدو والجري فسبقته أَي غلبت وَتَقَدَّمت عَلَيْهِ وَالْمرَاد حسن المعاشرة قَالَ القَاضِي يجوز السباق فِي أَرْبَعَة أَشْيَاء فِي الْخُف والحافر والنصل والري وَالْمَشْي بالاقدام يَعْنِي بِهِ الْعَدو وَيجوز إِذا كَانَ الْبَدَل من جَانب وَاحِد بِأَن قَالَ ان سبقتك فلي كَذَا أَو ان سبقتني فَلَا شَيْء مرقات قَوْله [1980] فَتَنَكَّرت أَي غيرت هيئتي والنكرة خلاف الْمعرفَة وتنقبت أَي القيت النقاب على وَجْهي كَيْلا يعرفنِي أحد وَكَانَ هَذَا الروية صَفِيَّة فَإِن الفرة لَا تسمح عَن الفرة وَقَوله قلت أرسل تَعْنِي لما احتضني أَي التزمني وعانقني قلت أرسل عَليّ بِنَاء الْأَمر من الْإِرْسَال أَي ارسلني وَقَوْلها يَهُودِيَّة جَوَاب لسواله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْنِي لما قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَيفَ رَأَيْت قلت هَذِه يَهُودِيَّة وسط يهوديات وَهَذَا تَعْرِيض مِنْهَا على حَدِيث عهدها بِالْإِسْلَامِ وَكَانَت من وَلَدهَا رون عَلَيْهِ السَّلَام وَكَانَ أَبوهَا حييّ بن أَخطب من غِلَاظ الْيَهُود أَو مَعْنَاهُ اترك يَهُودِيَّة فِي يهوديات (إنْجَاح) قَوْله [1981] احسبك أَي يَكْفِيك مثل حَسبك دِرْهَم أَي كَفاك وَقَوْلها إِذا قلبت وَفِي نُسْخَة ان انقلبت أَي حولت والبنية تَصْغِير بنت ارادت بِهِ تحقير عَائِشَة وَكَذَلِكَ الدريعة فَإِنَّهَا تَصْغِير درعة وَهِي قَمِيص النِّسَاء وَقَالَ فِي النِّهَايَة ارادت بِهِ ساعديها وغرضها ان تَحْويل ساعدي عَائِشَة يَكْفِيك لشدَّة حبك لَهَا فَلَا تلْتَفت الى النِّسَاء الاخر وَكَانَ دُخُول عَائِشَة على زَيْنَب حِين الْغَضَب بِغَيْر الْإِذْن فازدادت غَضبا عي غضب لِأَنَّهَا كَانَت تسامى عَائِشَة وَتقول زوجكن أهلوكن وَقد زَوجنِي الله فَوق سبع سماوات حَيْثُ نزل فِي شَأْنهَا فقد زَوَّجْنَاكهَا وَقَول النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لعَائِشَة دُونك اسْم فعل بِمَعْنى خذي حقل حَيْثُ اطالت عَلَيْك اللِّسَان لقَوْله لَا يحب الله الْجَهْر بالسوء من القَوْل الا من ظلم وَقَوْلها قد يبس رِيقهَا أَي لشدَّة الخجالة وَالْغَضَب حَيْثُ لم تَجِد الى الْجَواب سَبِيلا (إنْجَاح) قَوْله [1982] يسرب الى أَي يُرْسل من التسريب (إنْجَاح) قَوْله [1983] الى مَا يجلد أحدكُم الخ الي بِمَعْنى اللَّام وَمَا استفهامية وَمَعْنَاهَا أَي شَيْء نَحْو قَوْله تَعَالَى وَمَا تِلْكَ بيمينك يَا مُوسَى فَمَعْنَاه لأي شَيْء يجلد أحدكُم أَي باعث على ضربهَا مَعَ انه يضاجعها ويلاعبها فالضرب على هَذَا الْوَجْه يَقْتَضِي المنافرة وَإِنَّمَا الزَّوْجَة للموانسة ثمَّ ان ضربهَا على هَذَا النمط اى كَجلْد الْأمة مَمْنُوع لَا مُطلق الضَّرْب لِأَن ضرب التَّأْدِيب عِنْد عصيانها غير مبرح جَائِز قَالَ الله تَعَالَى واضربوهن فَإِن اطعنكم فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلا إنْجَاح الْحَاجة قَوْله يضاجعها أَي يرجع الى قَضَاء شَهْوَته أَي لَا يجمع بَين الضَّرْب والمضاجعة (مرقاة) قَوْله [1984] وَلَا ضرب بِيَدِهِ شَيْئا أَي أحدا من الْمُسلمين بِالْقَصْدِ والا فقتال الْكفَّار ثَبت مِنْهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على وَجه الْكَمَال (إنْجَاح) قَوْله ذئرن كعلمن أَي اجترئن ونشزن وَقَوله [1985] فَلَا تَجِدُونَ أُولَئِكَ خياركم أَي لَا تَجِدُونَ أُولَئِكَ الَّذين ضربوا نِسَاءَهُمْ بِلَا وَجه مُعْتَد بِهِ من خياركم وصلحائكم (إنْجَاح) قَوْله

[1986] لَا يسْأَل عبارَة عَن عدم التحرج والتأثم قَوْله فِيمَا يضْرب امْرَأَته أَي إِذا رَاعى شَرط الضَّرْب وحدوده قَالَ الطَّيِّبِيّ الضَّمِير الْمَجْرُور رَاجع الى مَا هُوَ عبارَة عَن النُّشُوز مَنْصُوص عَلَيْهِ فِي قَوْله تَعَالَى واللاتي تخافون نشوزهن الى قَوْله اضربوهن (مرقاة) [1987] لعن الْوَاصِلَة أَي الَّتِي تصل شعرهَا بِشعر اخر زورا وَالْمسْتَوْصِلَة أَي الَّتِي تطلب هَذَا الْفِعْل من غَيرهَا وتأمر ان تفعل بهَا ذَلِك وَهِي نعم الرجل وَالْمَرْأَة فأنث اما بِاعْتِبَار النَّفس أَو لِأَن الْأَكْثَر ان الْمَرْأَة هِيَ الآمرة أَو الراضية قَالَ النَّوَوِيّ الْأَحَادِيث صَرِيحَة فِي تَحْرِيم الْوَصْل مُطلقًا وَهُوَ الظَّاهِر الْمُخْتَار وَقد فَصله أَصْحَابنَا فَقَالُوا ان وصلت شعر آدَمِيّ فَهُوَ حرَام بِلَا خلاف لِأَنَّهُ يحرم الِانْتِفَاع بِشعرِهِ وَسَائِر اجزائه لكرامته وَأما الشّعْر الطَّاهِر من غير الادمي فَإِن لم يكن لَهَا زوج فَهُوَ حرَام وانكان فثلثة أوجه اصحها ان فعلته بِإِذن الزَّوْج أَو السَّيِّد جَازَ وَقَالَ مَالك وللطبري والاكثرون الْوَصْل مَمْنُوع بِكُل شَيْء شعر أَو صوف أَو خرق أَو غَيرهَا وَاحْتَجُّوا بالأحاديث وَقَالَ اللَّيْث النهى مُخْتَصّ بالشعر فَلَا بَأْس بموصلة بصوف أَو غَيره وَقَالَ بَعضهم يجوز بِجَمِيعِ ذَلِك وَهُوَ يرْوى عَن عَائِشَة لَكِن الصَّحِيح عَنْهَا كَقَوْل الْجُمْهُور والواشمة اسْم فَاعل من الوشم وَهُوَ غرز الابرة وَنَحْوهَا فِي الْجلد حَتَّى تسبيل الدَّم ثمَّ يحشره بالكحل والنيل والنورة فيخضر والمستوشمة أَي من أَمر بذلك قَالَ النَّوَوِيّ وَهُوَ حرَام على الفاعلة وَالْمَفْعُول بهَا والموضع الَّذِي وشم يكون نجسا فَإِن أمكن إِزَالَته بالعلاج وَجب وان لم يكن الا بِالْجرْحِ فَإِن خَافَ مِنْهُ التّلف أَو فَوت عضوا أَو منفعَته لم يحب إِزَالَته وَإِذا تَابَ لم يبْق عَلَيْهِ الْإِثْم وان لم يخف شَيْئا من ذَلِك لَزِمته إِزَالَته ويعصى بِتَأْخِيرِهِ (مرقاة) قَوْله لعن الْوَاصِلَة قَالَ فِي النِّهَايَة أَي الَّتِي تصل شعرهَا بِشعر آخر وَالْمسْتَوْصِلَة الَّتِي تَأمر من يفعل بهَا ذَلِك وَعَن عَائِشَة لَيست الْوَاصِلَة الَّتِي تعنون وَلَا بَأْس ان يعرى الْمَرْأَة فتصل قرنا من قُرُونهَا بصوف اسود وَإِنَّمَا الْوَاصِلَة من كَانَت فِي شبيتها فَإِذا اسنت وصلتها بالقيادة قَالَ أَحْمد مَا سَمِعت بِأَعْجَب مِنْهُ انْتهى قَوْله [1989] وَالْمُتَنَمِّصَات بِكَسْر الْمِيم وَهِي الَّتِي تطلب إِزَالَة الشّعْر من الْوَجْه بالمنقاش وَقَوله وَالْمُتَفَلِّجَات لِلْحسنِ أَي نسَاء يفعلنه باسنانهن للتحسين قَالَ النَّوَوِيّ هِيَ من تبر وَمَا بَين اسنانها وتفعله الْعَجُوز إِظْهَار للصغر لِأَن هَذِه الفرجة تكون للصغائر فَإِذا عجزت وَكَبرت سنهاء توحشت قَوْله لِلْحسنِ يُشِير الى انه لَو فعله لعلاج أَو عيب لَا بَأْس بِهِ وَهَذَا لَا يدل على ان كل تغير حرَام إِذا الْمُغيرَات لَيست صفة مُسْتَقلَّة فِي الذَّم بل قيد للمتفلجات انْتهى قَوْله [1990] تزَوجنِي النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي شَوَّال الخ قَالَ النَّوَوِيّ فِيهِ اسْتِحْبَاب التَّزْوِيج والتزوج وَالدُّخُول فِي شَوَّال وقصدت عَائِشَة بِهَذَا الْكَلَام رو مَا كَانَت الْجَاهِلِيَّة عَلَيْهِ وَمَا يتخيله بعض الْعَوام الْيَوْم من كَرَاهَة التَّزَوُّج وَالتَّزْوِيج وَالدُّخُول فِي شَوَّال وَهَذَا بَاطِل لَا أصل لَهُ وَهُوَ من آثَار الْجَاهِلِيَّة كَانُوا يَتَطَيَّرُونَ بذلك لما فِي اسْم شَوَّال من الاشالة وَالرَّفْع انْتهى قَوْله تسْتَحب ان تدخل الخ قَالَ الشَّيْخ عبد الْأَحَد السرهندي أعلم ان الْعَامَّة لَا يرَوْنَ النِّكَاح فِي هَذَا الشَّهْر مُبَارَكًا وَهُوَ كَمَا ترى بَاطِل جدا لِأَن ازدواج عَائِشَة مَعَ النَّبِي الْكَرِيم صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ فِيهِ والخاصة لَا يوافقونهم فِيهِ (إنْجَاح) قَوْله [1992] امرها ان تدخل الخ يحْتَمل ان يكون قَوْله ان تدخل بِصِيغَة الْمَجْهُول وَقَوله امْرَأَة مَرْفُوعا فعلى هَذَا يكون الْأَمر عَاما وَمعنى امرها أَي قَالَ عِنْدهَا وجاهها وان يكون بِصِيغَة الْمَعْرُوف أَي أَمر عَائِشَة ان تدخل الرجل الْفُلَانِيّ امْرَأَته فعلى هَذَا تكون الْوَاقِعَة خَاصَّة وَلَعَلَّ الْمَرْأَة هِيَ الَّتِي كَانَت فِي حضَانَة عَائِشَة فزوجتها بِرَجُل من الْأَنْصَار كَمَا مر الحَدِيث فِي بَاب الْغناء ثمَّ أعلم ان هَذَا حكم الْجَوَاز والا فقد أَمر رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عليا بتعجيل مهر فَاطِمَة حَتَّى أَمر بِبيع درعه الحطمة حِين اعتذر (إنْجَاح) قَوْله [1993] وَقد يكون الْيمن قَالَ الْخطابِيّ الْيمن والشوم علامتان لَا يُصِيب الْإِنْسَان من الْخَيْر وَالشَّر وَلَا يكون شَيْء من ذَلِك الا بِقَضَاء اليه وَهَذِه الْأَشْيَاء الثَّلَاثَة محَال وظروف جعلت مواقع لَيْسَ لَهَا بأنفسها وطباعها فعل وَلَا تَأْثِير فِي شَيْء الا انها لما كَانَت أَعم الْأَشْيَاء الَّتِي تقيينها الْإِنْسَان وَكَانَ فِي غَالب أَحْوَاله لَا يَسْتَغْنِي عَن دَار يسكنهَا ووزوجة يعاشرها وَفرس يرتبط وَلَا يَخْلُو عَن عَارض خيرا ومكروه فِي زَمَانه فأضيف الْيمن والشوم إِلَيْهَا اضافته مَحل وَمَكَان وهما صادران عَن مشْيَة الله عز وَجل قَوْله [1994] ان كَانَ فَفِي الْفرس الخ أَي انكان مَا يكره وَيخَاف عاقبته فَفِي هَذِه الثَّلَاث وخصمها مَعَ ان الشوم قد يكون فِي غير الثَّلَاثَة لِأَنَّهُ لما أبطل مَذْهَب الْعَرَب فِي التطير بالسوانح والبوارح من الطير والظباء قَالَ فَإِن كَانَ لأحدكم دَار يكره سكناهَا أَو امْرَأَة يكره صحبتهَا أَو فرس يكره ارتباطها فليفارقها بالانتقال وبطلاق وَالْبيع وَقيل ان شوام الدَّار ضيقها وَسُوء جارها وشوام الْمَرْأَة ان لَا تَلد وشوم الْفرس ان لَا يغزى عَلَيْهَا قَالَ الْكرْمَانِي وَسُوء خلقهَا فَلَا يُنَافِي كَون الْخَيْر معقودا فِي نَوَاصِيهَا لِأَنَّهُ بالغزو وَلِأَنَّهُ فسر الْخَبَر بالاجر وَالْغنيمَة فَلَا يُنَافِي التشائم بِهِ وَقيل شوم الْمَرْأَة غلاء مهرهَا وَسُوء خلقهَا وخصها لِأَنَّهَا أَعم مَا تقيني وَقَالَ مَالك وَطَائِفَة هُوَ على ظَاهره وَأَنه قد يحصل الْقَوْم بِقَضَاء الله فِيهَا انْتهى قَوْله [1996] من الْغيرَة مَا يحب الله الْغيرَة تغير يحصل للْإنْسَان بِسَبَب مَا يلْحقهُ بِهِ عَار ثمَّ الْعَار لَا يخلوا اما ان يكون بِسَبَب أَمر ديني وَهُوَ أَمر مَحْمُود وَأما بِسَبَب أَمر يعده الجهلة والفسقة شينا وَيكون فِي الْوَاقِعَة زينا كَمَا راج فِي فساق الْهِنْد عدم تَزْوِيج النِّسَاء اللَّاتِي مَاتَ ازواجهن وَفِي الافاغنه عدم تَزْوِيجهَا بِغَيْر اقارب الزَّوْج وَلِهَذَا الْأَمر يخْتَلف بعرف كل بلد لِأَن للْعُرْف مدخلًا عَظِيما يحْسب أهل بلد عارا فِي أَمر وَلَا يحْسب أهل غير هَذَا الْبَلَد عارا فِيهِ فَهَذِهِ الْغيرَة مذمومة رحم الله عبدا تبع سنة نبيه واجتنب عَن وساوس غوية (إنْجَاح) قَوْله فالغيرة فِي الرِّيبَة أَي يكون فِي مَوَاضِع التهم وَالشَّكّ والتردد بِحَيْثُ يُمكن اتهامها فِيهِ كَمَا كَانَت زَوجته أَو أمته تدخل على أَجْنَبِي أَو يدْخل أَجْنَبِي عَلَيْهَا وَيجْرِي بَينهمَا مزاح وانبساط واما إِذا لم يكن كَذَلِك فَهُوَ من ظن السوء الَّذِي نهينَا عَنهُ لمعات قَوْله

[1997] مَا غرت بِكَسْر الْغَيْن من غَار يغار غيرَة والغيرة الحمية والانفة وَقَوله ماغرت مَا مَصْدَرِيَّة أَي مَا غرت على أحد من نِسَائِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مثل غيرتي على خَدِيجَة قَوْله من ذكر رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المُرَاد عد فضائلها وخصالها وتكريرها كَذَا فِي اللمعات من قصب قَالَ جُمْهُور الْعلمَاء المُرَاد بِهِ قصب اللؤلو المجوف كالقصر المنيف وَقيل قصب من ذهب منظوم بالجوهر قَالَ أهل اللُّغَة الْقصب من الْجَوْهَر مَا استطال مِنْهُ فِي تجويف قَالُوا وَيُقَال لكل مجوف قصب وَقد جَاءَ فِي الحَدِيث مُفَسّر بِبَيْت من لؤلؤة مخبأة وفسروه بمجوفة قَالَ الْخطابِيّ المُرَاد بِالْبَيْتِ هَهُنَا الْقصر (نووي) قَوْله [1998] ان بني هِشَام بن الْمُغيرَة استأذنوني ان ينكحوا ابنتهم عَليّ بن أبي طَالب فَلَا اذن لَهُم الخ وَفِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى وان فَاطِمَة بنت مُحَمَّد بضعَة مني وانا أكره ان يفتنوها الخ وَفِي رِوَايَة لمُسلم واني لست احرم حَلَالا وَلَا أحل حَرَامًا وَلَكِن وَالله لَا تَجْتَمِع بنت رَسُول الله الخ اما الْبضْعَة فبفتح الْبَاء لَا يجوز غَيره وَهِي قِطْعَة اللَّحْم وَكَذَلِكَ المضغة بِضَم الْمِيم وَأما يربيني فبفتح الْيَاء قَالَ إِبْرَاهِيم الْحَرْبِيّ الريب مَا رَابَك من شَيْء خفت عقباه وَقَالَ الْفراء راب واراب بِمَعْنى قَالَ الْعلمَاء فِي هَذَا الحَدِيث تَحْرِيم ايذاء النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكُل حَال وعَلى كل وَجه وان تولد ذَلِك الايذاء مِمَّا كَانَ أَصله مُبَاحا وَهِي فِي هَذَا بِخِلَاف غَيره قَالُوا وَقد أعلم صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِإِبَاحَة نِكَاح بنت أبي جهل لعَلي بقوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لست احرم حَلَالا وَلَكِن نهى عَن الْجمع بَينهمَا لعلتين منصوصتين إِحْدَاهمَا ان ذَلِك يُؤَدِّي الى أَذَى فَاطِمَة فَيَتَأَذَّى حِينَئِذٍ النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيهْلك من اذاه فَنهى عَن ذَلِك لكَمَال شفقته على عَليّ وعَلى فَاطِمَة وَالثَّانيَِة خوف الْفِتْنَة عَلَيْهَا بِسَبَب الْغيرَة وَقيل لَيْسَ المُرَاد بِهِ النَّهْي عَن جَمعهمَا بل مَعْنَاهُ أعلم من فضل الله انهما لَا يَجْتَمِعَانِ كَمَا قَالَ أنس بن النَّضر وَالله لَا تكسر ثنية الرّبيع وَيحْتَمل ان المُرَاد تَحْرِيم جَمعهمَا وَيكون معنى لَا احرم حَلَالا أَي لَا أَقُول شَيْئا يُخَالف حكم الله فَإِذا أحل شَيْئا لم احرمه وَإِذا حرمه لم احلله وَلم اسْكُتْ عَن تَحْرِيمه لِأَن سكوتي تَحْلِيل لَهُ وَيكون من جملَة مُحرمَات النِّكَاح الْجمع بَين بنت نَبِي الله وَبنت عَدو الله (نووي) قَوْله [1999] فَحَدثني فصدقني أَي كلمني بِكَلَام ووعدني فِي حَالَة الْكفْر بإرسال ابْنَتي الى فصدقني فِيهِ وارسلها اليه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنجاج قَوْله [2002] هَل فِيهَا اورق الخ قَالَ النَّوَوِيّ اما الاورق فَهُوَ الَّذِي فِيهِ سَواد لَيْسَ بصاف وَمِنْه قيل للرماد اورق وللحمامة وَرْقَاء وَجمعه ورق بِضَم الْوَاو وَإِسْكَان الرَّاء وَالْمرَاد بالعرق هَهُنَا الأَصْل من النّسَب تَشْبِيها بعرق الثَّمَرَة وَفِي هَذَا الحَدِيث ان الْوَلَد يلْحق الزَّوْج وان خَالف لَونه لَونه حَتَّى لَو كَانَ الْأَب أَبيض وَالْولد اسود أَو عَكسه لحقه وَلَا يحل لَهُ نَفْيه بِمُجَرَّد الْمُخَالفَة فِي اللَّوْن وَكَذَا لَو كَانَ الزَّوْجَانِ أبيضين فجَاء الْوَلَد اسود أَو عَكسه لاحْتِمَال انه نَزعه عرق من اسلافه وَفِي هَذَا الحَدِيث ان التَّعْرِيض بِنَفْي الْوَلَد لَيْسَ نفيا وان التَّعْرِيض بِالْقَذْفِ لَيْسَ قذفا وَفِيه الِاحْتِيَاط للأنساب والحاقها بِمُجَرَّد الْإِمْكَان انْتهى قَوْله عَسى عرق نَزعهَا أَي قلعهَا وأخرجها من الوان فَحلهَا ولقاحها وَفِي الْمثل الْعرق نزاع والعرق الأَصْل مَأْخُوذ من عرق الشَّجَرَة وَيُقَال فلَان لَهُ عرق فِي الْكَرم وَالْمعْنَى ان وَرقهَا إِنَّمَا جَاءَ لِأَنَّهُ كَانَ فِي اصولها الْبَعِيدَة مَا كَانَ بِهَذَا اللَّوْن أَو بالوان تحصل الورقة من اختلاطها فَإِن امزجة الْأُصُول قد تورث وَكَذَلِكَ تورث الْأَمْرَاض والالوان يتبعهَا وَفَائِدَة الحَدِيث الْمَنْع عَن نفي الْوَلَد بِمُجَرَّد الامارات الضعيفة بل لَا بُد من تَحْقِيق وَظُهُور دَلِيل قوي كَانَ لم يكن وطيها أَو اتت بِولد قبل سِتَّة اشهر من ابْتَدَأَ وطيها كَذَا فِي الْمرقاة قَوْله [2004] أَوْصَانِي أخي الخ كَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّة يضْربُونَ الضراب على الاماء فيكتسبن بِالْفُجُورِ وَكَانَت السَّادة ياتونها أَيْضا فَإِذا جَاءَت بِولد اسْتَلْحقهُ الزَّانِي أَو السَّيِّد الْحق بِهِ وان تنَازعا فِيهِ عرض على الْقَائِف وَكَانَت عتبَة صنع هَذَا الصَّنِيع فوصى اخاه سيد قَوْله بنكاحها الأول قَالَ بَعضهم ان الْبَاء فِي قَوْله

[2009] بنكاحها للسَّبَبِيَّة فَكَانَ معنى الحَدِيث ان النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رد زَيْنَب ابْنَته على أبي الْعَاصِ بِسَبَب النِّكَاح الأول لَا انه يعْقد لَهَا نِكَاحا جَدِيدا فَيحصل التطبيق بَين الحَدِيث الَّاتِي وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق (إنْجَاح) [2010] بِنِكَاح جَدِيد أَي لم يحدث شَيْئا من الزِّيَادَة فِي الصَدَاق وَنَحْوه وَهُوَ تَأْوِيل حسن وَالْجمع إِذا أمكن أولى من اهدار أَحدهمَا (مرقاة) قَوْله عَن الغيال بِكَسْر الْمُعْجَمَة أَي الارضاع حَال الْحمل والغيل بِالْفَتْح اسْم ذَلِك اللَّبن وَفِي النِّهَايَة الغيلة بِكَسْر الِاسْم من الغيل وبالفتح هُوَ ان يُجَامع امْرَأَته وَهِي مرضع وَكَذَلِكَ إِذا حبلت وَهِي مرضع وَقيل كِلَاهُمَا بِمَعْنى وَقيل الْكسر للاسم وَالْفَتْح للمرة وَقيل لَا يَصح الْفَتْح الا مَعَ حذف التَّاء انْتهى كَانَ الْعَرَب يحترزون عَن الغيلة ويزعمون انها تضر الْوَلَد وَكَانَ ذَلِك من المشهورات الذائعة عِنْدهم فَأَرَادَ النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ان يُنْهِي لذَلِك فَرَأى ان فَارس وَالروم يَفْعَلُونَ ذَلِك وَلَا يبالون بِهِ ثمَّ انه لَا يعود على أَوْلَادهم بِضَرَر فَلم ينْه مرقات قَوْله [2012] ليدرك الْفَارِس الخ تَوْضِيحه ان الْمَرْأَة إِذا جومعت وحملت فسد لَبنهَا وَإِذا اغتذى بِهِ الطِّفْل بَقِي اثره فِي بدنه وافسد مزاجه واصا صَار رجلا فَركب فرسا فركض بهَا رُبمَا أدْركهُ ضعف الغيل فَيسْقط من متن فرسه وَكَانَ ذَلِك كَالْقَتْلِ فنهي النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَن الارضاع حَال الْحمل وَيحْتَمل ان يكون النَّهْي للرِّجَال أَي لَا تجامعوا فِي حَال الارضاع كَيْلا تحمل نساءكم فَيهْلك الارضاع فِي حَال الْحمل أَوْلَادكُم وَهَذَا نهي تَنْزِيه لَا تَحْرِيم قَالَ الطَّيِّبِيّ نَفْيه لأثر الغيل فِي الحَدِيث السَّابِق كَانَ ابطالا لَا اعْتِقَاد الْجَاهِلِيَّة كَونه موثرا واثباته لَهُ هُنَا لِأَنَّهُ سَبَب فِي الْجُمْلَة مَعَ كَون الموثر الْحَقِيقِيّ هُوَ الله تَعَالَى كَذَا فِي الْمرقاة قَوْله [2013] حاملات الخ خبر مُبْتَدأ مَحْذُوف أَي هَذِه النِّسَاء موصوفات بِهَذِهِ الصِّفَات الحميدة الشاقة من الْأَوْلَاد ووضعهن ورافتهن عَلَيْهِم وَقَوله لَوْلَا مَا يَأْتِين أَي لَوْلَا صنيعهن بأنهن يبذون بِاللِّسَانِ ويؤذين ازواجهن ويحملنهم الى مَا طَاقَة لَهُم دخلن الْجنَّة بِشَرْط أَدَاء الصَّلَاة أَي مُجَرّد أَدَاء الصَّلَاة يَكْفِي فِي نجاتهن لَو أحسن الى ازواجهن فَكَانَ هَذِه المتاعب والمشاق كَانَ لاسقاط اوزارهن لَكِن اسْتثْنى من الاوزار اثْنَيْنِ كفران العشير وَترك الصَّلَاة فَلهَذَا قَالَ مَا تَجِد من النِّسَاء من كَانَت مطيعة لزَوجهَا حافظة على صلواتها (إنْجَاح) قَوْله [2015] لَا يحرم الْحَرَام الْحَلَال هَذِه الْجُمْلَة يحْتَمل مَعْنيين أَحدهمَا ان تَحْرِيم الرجل على نَفسه شَيْئا لاجل الزّهْد أَو التقشف أَو الْغَضَب لَا يحرم الْحَلَال الَّذِي أحله الله تَعَالَى كَمَا كَانَ بعض الصَّحَابَة حرم على نَفسه أكل اللَّحْم وَبَعْضهمْ النِّكَاح وَبَعْضهمْ الْمَنَام فزجروا على ذَلِك لقَوْله تَعَالَى يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تحرموا طَيّبَات مَا أحل الله لكم وَلَا تَعْتَدوا ان الله لَا يحب الْمُعْتَدِينَ وكذك النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما حرم مَارِيَة الْقبْطِيَّة على نَفسه حِين ضاجعها فِي بَيت حَفْصَة واطلعت على ذَلِك فَنزلت يَا أَيهَا النَّبِي لم تحرم مَا أحل الله لَك فالحلال الَّذِي احله الله لَا يحرم بِالتَّحْرِيمِ بل يُعَاتب الرجل على تَحْرِيمه وَالْمعْنَى الثَّانِي مَا قَالَ بَعضهم من ان هَذِه الْجُمْلَة يتَفَرَّع عَلَيْهَا مسَائِل مِنْهَا أَن نِكَاح المراة الْخَامِسَة بعد الْأَرْبَع لَا يحرم الَّتِي قبله وَمِنْهَا ان نِكَاح الْأُخْت الْأُخْرَى لَا يحرم الْأُخْت الأولى والى غير ذَلِك فَمَعْنَاه ان ارْتِكَاب الْحَرَام لَا يحرم الْحَلَال الَّذِي كَانَ قبله وَلَكِن يَنْبَغِي ان هَذَا لَيْسَ على الْإِطْلَاق بل الزِّنَا ببنت الْمَرْأَة يحرم أمه وَالْجِمَاع فِي حَالَة الْإِحْرَام قبل الْوُقُوف يحرم اجْتِمَاعهمَا فِي قَابل إِذا قربا من ذَلِك الْموضع الَّذِي وَاقعهَا فِيهِ عِنْد الشَّافِعِي فِي قَول وَكَذَلِكَ نقل عَن عَليّ وَابْن عَبَّاس وَابْن عمر فَكَانَ هَذَا زجرا فَافْهَم (إنْجَاح) [2016] قَوْله ثمَّ رَاجعهَا قَالَ الشَّيْخ الدهلوي فِي المدارج ان النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طلق حَفْصَة وَاحِدَة فَلَمَّا بلغ هَذَا الْخَبَر عمر رَضِي الله عَنهُ فاهتم لَهُ فاوحى الى النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَاجع حَفْصَة فَإِنَّهَا صَوَّامَة قَوَّامَة وَهِي زَوجتك فِي الْجنَّة (إنْجَاح) قَوْله [2017] قد طَلقتك قد رَاجَعتك الخ هَذَا الْأَمر كَانَ قبل نزُول الْآيَة الطَّلَاق مَرَّتَانِ الْآيَة وَلم يكن تَغْلِيظ الْمَرْأَة على الرجل فَمَتَى شَاءَ طَلقهَا وَمَتى شَاءَ رَاجعهَا فَلَمَّا نزلت هَذِه الْآيَة جعلت الطلقات الثَّلَاث حدا للتغليظ فَلَا تحل للزَّوْج بعده حَتَّى تنْكح زوجا غَيره ويطأها هَذَا الزَّوْج الاخر (إنْجَاح) قَوْله [2019] ثمَّ تحيض ثمَّ تطهر قيل فَائِدَة التَّأْخِير الى الطُّهْر الثَّانِي لِئَلَّا يصير الرّجْعَة لغَرَض الطَّلَاق فَيجب ان يمسك زَمَانا وَقيل انه عُقُوبَة لَهُ على مَعْصِيَته وَقيل وَجهه ان الطُّهْر الأول مَعَ الْحيض الَّذِي طلق فِيهَا كَمَا مر وَاحِد فَلَو طَلقهَا فِي أول الطُّهْر كَانَ كمن طلق فِي الْحيض وَهَذَا الْوَجْه ضَعِيف كَمَا لَا يخفي وَقيل ذَلِك ليطول مقَامه مَعهَا فَلَعَلَّهُ يُجَامِعهَا فَيذْهب مَا فِي نَفسه من سَبَب طَلاقهَا فيمسكها وَبِالْجُمْلَةِ مقتضي هَذَا الْوُجُوه كلهَا ان لَا يكون الْإِمْسَاك الى الطُّهْر الثَّانِي وَاجِبا بل أولى وَاجِب لمعات قَوْله [2022] أَرَأَيْت ان عجزاي عجز عَن النُّطْق بالرجعة أَو ذهب عقله عَنْهَا لم يكن ذَلِك محلا بالطلقة واستحمق أَي تكلّف الْحمق بِمَا فعل من الطَّلَاق للحائض قَالَ النَّوَوِيّ هُوَ اسْتِفْهَام إِنْكَار أَي نعم يحْتَسب طَلَاقه وَلَا يمْنَع احتسابه لعَجزه وقائله بن عمر كَذَا فِي الْجمع (إنْجَاح) قَوْله

[2023] مرّة فَلْيُرَاجِعهَا هَذَا يدل على وُقُوع الطَّلَاق مَعَ كَونه حَرَامًا لِأَن الْمُرَاجَعَة بِدُونِ الطَّلَاق محَال وَعَلِيهِ الجماهير من الصَّحَابَة وَمن بعدهمْ خلافًا للظاهرية وَالرَّوَافِض والخوارج لأَنهم قَالُوا لَا يَقع لِأَنَّهُ مَنْهِيّ عَنهُ فَلَا يكون مَشْرُوعا فَإِن قيل المُرَاد بالرجعة الرجعةاللغوية قُلْنَا حمل اللَّفْظ على الْحَقِيقَة الشَّرْعِيَّة أولى واقدم مَعَ ان فِي حَدِيث يُونُس بن جُبَير مَا يشد أَرْكَان مَا ذكرنَا وَهُوَ أَنه قَالَ سَأَلت بن عمر عَن تطليق الرجل امْرَأَته الْحَائِض فَذكر هُوَ قصَّته فَقَالَ يُونُس قلت يعْتد بِتِلْكَ قَالَ أَي بن عمر رَضِي أَرَأَيْت ان عجز واستحمق يَعْنِي نعم يحْتَسب طَلَاقه (فَخر) قَوْله أَو حَامِل دلّ على اجْتِمَاع الْحيض وَالْحمل وَقيل الْحَامِل إِذا كَانَت حائضة حل طَلاقهَا إِذْ لَا تَطْوِيل للعدة فِي حَقّهَا لِأَن عدتهَا بِوَضْع الْحمل وَعِنْدنَا ان الْحَامِل لَا تحيض وَمَا راته من الدَّم فَهُوَ اسْتِحَاضَة (مرقاة) [2026] طيب نَفسِي بتطليقة هُوَ من بَاب التفعيل من طَابَ يطيب طيبا وَهُوَ السرُور أَي اسرر نَفسِي بتطليقة وَاحِدَة الظَّاهِر انها كَانَت لَا تحبه وتريد ان تخرج من تَحْتَهُ خُرُوجًا لَا يتَمَكَّن من مراجعتها فطلبت مِنْهُ الطَّلَاق الْوَاحِدَة لما احست الْمَخَاض وَعلمت ان اولات الْأَحْمَال اجلهن ان يَضعن حَملهنَّ وَكَانَ ذَلِك لاجل الخداع وَالْمَكْر وَقَوله سبق الْكتاب أَي كتاب الله وَحكم أَجله أَي بأجله أَي بعدة طَلَاق الْحَامِل وَهِي وضع الْحمل وَلَو بعد لَحْظَة فقد انْقَضتْ وَوَقعت الْبَيْنُونَة وَقَوله اخطبها الى نَفسهَا أَي كن وَاحِدًا من الْخطاب لَاحق لَك فِي نَفسهَا لخروجها عَن الْعدة (إنْجَاح) قَوْله [2027] فَلَمَّا تعلت ويروى تعالت ارْتَفَعت وطهرت وَهُوَ من تعلى من علته إِذا برأَ أَي خرجت من نفَاسهَا وسلمت تشوفت أَي تزينت للخطاب كَذَا فِي الْمجمع (إنْجَاح) قَوْله فقد مضى اجلها لِأَن عدَّة الْحَامِل وضع الْحمل قَالَ الشَّيْخ وَهَذَا مَذْهَبنَا لعُمُوم قَوْله تعالىواولات الاحمال اجلهن ان يَضعن حَملهنَّ وَهُوَ مُتَأَخّر نَاسخ لقَوْله تَعَالَى وَالَّذين يتوفون مِنْكُم ويذرون ازواجا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَة اشهر وَعشرا وَلذَا قَالَ بن مَسْعُود رض من شَاءَ بأهلته ان سُورَة النِّسَاء الْقصرى وَهُوَ سُورَة يَا أَيهَا النَّبِي إِذا طلّقْتُم النِّسَاء وفيهَا قَوْله تَعَالَى واولات الاحمال اجلهن الْآيَة بعد سُورَة النِّسَاء الطُّولى وَهِي سُورَة الْبَقَرَة الَّتِي فِيهَا قَوْله تَعَالَى وَالَّذين يتوفون الْآيَة لمعات مَعَ اخْتِصَار [2028] قَوْله فتزوجي قلت هَذَا يدل على ان عدَّة الْحَامِل المتوفي عَنْهَا زَوجهَا بِوَضْع الْحمل لَا بعد الاجلين كَمَا روى عَن عَليّ رَضِي وَابْن عَبَّاس رَضِي (فَخر) قَوْله [2030] سُورَة النِّسَاء الْقصرى وَهِي سُورَة يَا أَيهَا النَّبِي إِذا طلّقْتُم النِّسَاء وفيهَا قَوْله تَعَالَى واولات الاحمال اجلهن ان يَضعن حَملهنَّ الْآيَة (إنْجَاح) قَوْله [2031] امكثي فِي بَيْتك وَفِي الْمُوَطَّأ لمُحَمد أخبرنَا مَالك حَدثنَا نَافِع ان بن عمر كَانَ يَقُول لَا تبيت المبتوتة وَلَا المتوفي عَنْهَا زَوجهَا الا فِي بَيتهَا قَالَ مُحَمَّد وَبِهَذَا نَأْخُذ اما المتوفي عَنْهَا فانها تخرج لحوائجها أَي حَيْثُ لَا نَفَقَة لَهَا وَلَا تبيت الا فِي بَيتهَا وَأما الْمُطلقَة مبتوتة كَانَت أَو غير مبتوتة فَلَا تخرج لَيْلًا وَلَا نَهَار الِاسْتِحْقَاق نَفَقَتهَا مَا دَامَت فِي عدتهَا وَهُوَ قَول أبي حنيفَة والعامة من فقهاءنا موطأ مَعَ شَرحه للقاري قَوْله [2032] ان فَاطِمَة أَي بنت قيس كَانَت من الْمُهَاجِرَات الأول وَكَانَ لَهَا عقل وجمال وَتَزَوجهَا أَبُو عَمْرو بن حَفْص فَخرج مَعَ عَليّ لما بَعثه الى الْيمن فَبعث إِلَيْهَا بتطليقة ثَالِثَة بقيت لَهَا وَأمر ابْني عميه ان يدْفَعَا إِلَيْهَا تَمرا وشعيرا فاستقلت ذَلِك فشكت الى النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَهَا لَيْسَ لَك سُكْنى وَلَا نَفَقَة هَكَذَا اخْرُج مُسلم كَذَا فِي الْفَتْح وَقَوله وَحش أَي خَال لَا سَاكن فِيهِ قَوْله فخيف عَلَيْهَا أَي على نَفسهَا أَو على الدَّار من دُخُول السَّارِق وَغَيره لمعات قَوْله فَلذَلِك ارخص لَهَا أَي للانتقال الى بَيت أم شريك أَو الى بَيت بن أم مَكْتُوم كَذَا فِي الْمرقاة قَالَ فِي الْفَتْح يَعْنِي لَا حجَّة فِيهِ بِجَوَاز انْتِقَال الْمُطلقَة من منزلهَا من غير سَبَب لِأَن انْتِقَال فَاطِمَة كَانَت عَن بَيتهَا لعِلَّة وَهُوَ ان مَكَانهَا كَانَ وحشا مخوفا عَلَيْهِ اولأنها كَانَت لسنة استطالت على احمائها

[2034] قَوْله فَقَالَ بلَى فجدي نخلك الخ أَي فَأَتَت النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسَأَلته أَلَيْسَ الى الْخُرُوج للجذاذ فَقَالَ بلَى وتر لَهُ فَإنَّك عَسى الخ تَعْلِيل لِلْخُرُوجِ وَيعلم مِنْهُ انه لَوْلَا التَّصَدُّق مِنْهَا لما جَازَ الْخُرُوج لَهَا وَاو للتنويع ومعروفا أَي من التَّطَوُّع والهدية وَالْإِحْسَان الى الْجِيرَان يَعْنِي ان يبلغ مَالك نِصَابا تودي زكوته والا تفعلي مَعْرُوفا من الصَّدَقَة النَّافِلَة والتقرب والاهداء وَفِيه ان حفظ المَال واخفاءه للْفِعْل الْمَعْرُوف مرخص والْحَدِيث يدل على خُرُوج الْمُعْتَدَّة بِالطَّلَاق لاصلاح مَا لَا بُد مِنْهُ وَلَكِن مَذْهَب الْحَنَفِيَّة خلاف ذَلِك فَإِنَّهُم قَالُوا لَا تخرج الْمُعْتَدَّة برجعى أَو بَائِن مكلفة من بَيتهَا أصلا لَا لَيْلًا وَلَا نَهَارا اولا الى صحن دَار فِيهَا منَازِل لغَيْرهَا كَمَا فِي الدَّار وَهَذَا لِأَن نَفَقَتهَا على زَوجهَا فِي قَوْلهم فَلَا حَاجَة لخروجها بِخِلَاف الْمُعْتَدَّة بِالْمَوْتِ وَجَوَاب الحَدِيث عَلَيْهِم مُشكل فلعلهم وجدوا الحَدِيث مُخَالفا للنَّص الصَّرِيح وَهُوَ قَوْله تَعَالَى اسكنوهن من حَيْثُ سكنتم من وجدكم فَلَا تضاروهن لتضيقوا عَلَيْهِنَّ (إنْجَاح) [2035] ان زَوجهَا طَلقهَا ثَلَاثًا وَهَذَا هُوَ الصَّحِيح الْمَشْهُور الَّذِي رَوَاهُ الْحفاظ وَاتفقَ على رِوَايَته الثِّقَات على اخْتِلَاف الفاظهم فِي انه طَلقهَا ثَلَاثًا أَو البتته أَو آخر ثَلَاث تَطْلِيقَات وَجَاء فِي آخر مُسلم فِي حَدِيث الْجَسَّاسَة مَا يُوهم انه مَاتَ عَنْهَا قَالَ الْعلمَاء وَلَيْسَ هَذِه الرِّوَايَة على ظَاهرهَا بل هِيَ وهم أَو مأولة وَأما قَوْله طَلقهَا ثَلَاثًا وَفِي رِوَايَة مُسلم انه طَلقهَا البتته وَفِي رِوَايَة لَهُ طَلقهَا آخر ثَلَاث تَطْلِيقَات وَفِي رِوَايَة طَلقهَا طَلْقَة كَانَت بَقِيَّة من طَلاقهَا وَفِي رِوَايَة طَلقهَا فَقَط وَالْجمع بَين هَذِه الرِّوَايَات انه كَانَ طَلقهَا قبل هَذَا طليقتين ثمَّ طَلقهَا هَذِه الْمرة الطَّلقَة الثَّالِثَة فَمن روى انه طَلقهَا مُطلقًا أَو طَلقهَا وَاحِدَة أَو طَلقهَا آخر ثَلَاث تَطْلِيقَات فَهُوَ ظَاهر وَمن روى البتته فمراده طَلقهَا طَلَاقا صَارَت بِهِ مبتوته بِالثلَاثِ وَمن روى ثَلَاثًا أَرَادَ تَمام الثَّلَاث قَوْله فَلم يَجْعَل لَهَا رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُكْنى وَلَا نَفَقَة اخْتلف الْعلمَاء فِي الْمُطلقَة الْبَائِن الْحَائِل أَي غير الْحَامِل هَل لَهَا النَّفَقَة وَالسُّكْنَى أم لَا فَقَالَ عمر رض وَأَبُو حنيفَة وَآخَرُونَ لَهَا السُّكْنَى وَالنَّفقَة وَقَالَ بن عَبَّاس رض وَأحمد رض لَا سُكْنى لَهَا وَلَا نَفَقَة وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَآخَرُونَ يجب لَهُ السُّكْنَى وَلَا نَفَقَة لَهَا وَاحْتج من أوجبهما جَمِيعًا بقوله تَعَالَى اسكنوهن من حَيْثُ سكنتم من وجدكم فَهَذَا أَمر بِالسُّكْنَى وَأما النَّفَقَة فلانها محبوسة عَلَيْهِ وَقد قَالَ عمر رض لَا نَدع كتاب رَبنَا وَسنة نَبينَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بقول امْرَأَة جهلت أَو نسيت قَالَ الْعلمَاء الَّذِي فِي كتاب رَبنَا انما هُوَ اثبات السُّكْنَى قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ قَوْله وَسنة نَبينَا هَذِه زِيَادَة غير مَحْفُوظَة لم يذكرهَا جمَاعَة من الثِّقَات وَاحْتج من لَو يُوجب نَفَقَة وَلَا سُكْنى بِحَدِيث فَاطِمَة بنت قيس وَاحْتج من أوجب السُّكْنَى دون النَّفَقَة لوُجُوب السُّكْنَى بِظَاهِر قَوْله تَعَالَى اسكنوهن من حَيْثُ سكنتم وَلعدم وجوب النَّفَقَة بِحَدِيث فَاطِمَة مَعَ ظَاهر قَوْله تَعَالَى وان كن اولات حمل فانفقوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضعن حَملهنَّ فمفهومه انهن إِذا لم يكن حوامل لَا ينْفق عَلَيْهِنَّ وَأجَاب هَؤُلَاءِ عَن حَدِيث فَاطِمَة فِي سُقُوط النَّفَقَة بِمَا قَالَه سعيد بن الْمسيب وَغَيره انها كَانَت امْرَأَة لسنة واستطالت على احمائها فَأمرهَا بالانتقال فَتكون عِنْد بن أم مَكْتُوم وَقيل لِأَنَّهَا خَافت فِي ذَلِك الْمنزل بِدَلِيل مَا فِي مُسلم من قَوْلهَا أَخَاف ان يقتحم عَليّ وَلَا يُمكن شَيْء من هَذَا التَّأْوِيل فِي سُقُوط نَفَقَتهَا انْتهى مَا قَالَ النَّوَوِيّ أَقُول فِي المدارك عَن عمر رَضِي لَا نَدع كتاب رَبنَا وَسنة نَبينَا بقول امْرَأَة نسيت أَو شبه لَهَا سَمِعت النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول لَهَا اسكني وَالنَّفقَة كَمَا رَوَاهُ مُسلم قَالَ بن الْملك وَكَانَ ذَلِك بِمحضر من الصَّحَابَة يَعْنِي فَيكون ذَلِك بِمَنْزِلَة الْإِجْمَاع قَوْله [2038] فنكون لَهُ بِمَنْزِلَة مشَاهد آخر الحَدِيث مُخَالف لمَذْهَب الْحَنَفِيَّة فَإِن عِنْدهم نِصَاب الشَّهَادَة فِي الْحُقُوق من المَال وَالنِّكَاح وَالطَّلَاق وَالْوكَالَة وَالْوَصِيَّة رجلَانِ أَو رجل وَامْرَأَتَانِ لقَوْله تَعَالَى فاستشهدوا شهيدين من رجالكم الْآيَة إنْجَاح الْحَاجة قَوْله [2041] وَعَن الْمُبْتَلى حَتَّى يبرأ المُرَاد بِهِ من اصابته البلية وَزَالَ عقله بِسَبَب الغشى أَو السِّرّ سَام وَنَحْوه فَإِن الْمُبْتَلى الْعَاقِل مُكَلّف (إنْجَاح) [2043] قَوْله ان الله تجَاوز عَن أمتِي الْخَطَأ الخ وَبِه قَالَ الشَّافِعِي ان طَلَاق الْمُكْره لَا يَقع وَقَالَ مَالك وَأحمد فِيمَا إِذا كَانَ الْإِكْرَاه بِغَيْر حق لَا يَصح طَلَاقه وَهُوَ مَرْوِيّ عَن عَليّ وَابْن عمر وَشُرَيْح وَعمر بن عبد الْعَزِيز وَلنَا مَا روى مُحَمَّد بِإِسْنَادِهِ عَن صَفْوَان عمر الطَّائِي ان امْرَأَة كَانَت تبغض زَوجهَا فَوَجَدته نَائِما فاخذت شفرة وَجَلَست على صَدره ثمَّ حركته قَالَت لتطلقني ثَلَاثًا أَو لأذبحنك فناشدها اليه فَأَبت فَطلقهَا ثَلَاثًا ثمَّ جَاءَ الى رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلَهُ عَن ذَلِك فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا قيلولة فِي الطَّلَاق وروى أَيْضا عَن عمر رَضِي انه قَالَ أَربع مبهمات معضلات لَيْسَ فِيهِنَّ رويد النِّكَاح وَالطَّلَاق وَالْعتاق وَالصَّدَََقَة وَحَدِيث ان الله تجَاوز الخ من بَاب الْمُقْتَضى وَلَا عُمُوم لَهُ وَلَا يجوز تَقْدِير حكم الَّذِي يعم احكام الدُّنْيَا وَأَحْكَام الْآخِرَة بل اما حكم الدُّنْيَا وَإِمَّا حكم الْآخِرَة وَالْإِجْمَاع على ان حكم الْآخِرَة وَهُوَ المواخذة مُرَاد فَلَا يُرَاد الاخر مَعَه وَلَا عمم فَخر

[2048] قَوْله لَا طَلَاق قبل نِكَاح الخ قَالَ فِي الْهِدَايَة وَإِذا أضَاف الطَّلَاق الى النِّكَاح وَقع عقب النِّكَاح مثل ان يَقُول لامْرَأَة ان تَزَوَّجتك فَأَنت طَالِق أَو كل امْرَأَة اتزوجها فَهِيَ طَالِق وَقَالَ الشَّافِعِي لَا يَقع لقَوْله عَلَيْهِ السَّلَام لَا طَلَاق قبل النِّكَاح انْتهى قَالَ بن الْهمام واخرج أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَلَا طَلَاق لَهُ فِيمَا لَا يملك وَالْجَوَاب عَن الْأَحَادِيث انها مَحْمُولَة على نفي التَّنْجِيز لِأَنَّهُ هُوَ الطَّلَاق اما الْمُعَلق فَلَيْسَ بِطَلَاق بل لَهُ عرضة ان يعبر طَلَاقا وَذَلِكَ عِنْد الشَّرْط وَالْحمل مأثور عَن السّلف كالشعبي وَالزهْرِيّ قَالَ عبد الرَّزَّاق أخبرنَا معمر عَن الزُّهْرِيّ انه قَالَ فِي رجل قَالَ كل امْرَأَة اتزوجها فَهِيَ طَالِق وكل امة اشتريها فَهِيَ حرَّة هُوَ كَمَا قَالَ فَقَالَ لَهُ معمر أَو لَيْسَ قد جَاءَ لَا طَلَاق قبل النِّكَاح وَلَا عتق الا بعد ملك قَالَ انما ذَلِك ان يَقُول الرجل امْرَأَة فلَان طَالِق وَعبد فلَان مُعتق انْتهى وَقَالَ بل لَا دلَالَة على نفي تَعْلِيقه بل على نفي تنجيزه فَإِن قيل لَا معنى لحمله على التَّنْجِيز لِأَنَّهُ ظَاهر يعرفهُ كل أحد فَوَجَبَ حمله على التَّعْلِيق فَالْجَوَاب صَار ظَاهرا بعد اشتهار حكم الشَّرْع فِيهِ لَا قبله فقد كَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّة يطلقون قبل التَّزَوُّج تنجيزا ويعدون ذَلِك طَلَاقا فنفي ذَلِك صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الشَّرْع فِي هَذِه الْأَحَادِيث وَغَيرهَا انْتهى مُخْتَصرا [2050] فَقَالَت أعوذ بِاللَّه مِنْك قَالَ فِي الْفَتْح ان عَائِشَة وَحَفْصَة دخلتا عَلَيْهَا أول مَا قدمت فمشطتاها وخضبتاها وَقَالَت لَهَا إِحْدَاهمَا ان النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعجبهُ من الْمَرْأَة إِذا دخل عَلَيْهَا ان تَقول أعوذ بِاللَّه مِنْك انْتهى قَوْله الحقي بأهلك بِفَتْح الْحَاء وَكسر الْهمزَة وَقيل بِالْعَكْسِ كِنَايَة عَن الطَّلَاق يشْتَرط فِيهِ النِّيَّة بِالْإِجْمَاع وَالْمعْنَى الحقي بأهلك لِأَنِّي طَلقتك سَوَاء كَانَ لَهَا أهل أم لَا قسطلاني [2051] قَوْله فَردهَا عَلَيْهِ أَي على ركَانَة أَي أَمر بالرجعة وَطَلَاق الْبَتَّةَ عِنْد الشَّافِعِي رَجْعِيَّة لهَذَا الحَدِيث وان نوى اثْنَيْنِ أَو ثَلَاثًا فَهُوَ على مَا نوى وَعند مَالك ثَلَاث وَعند أبي حنيفَة بَائِنَة فَتَأْوِيل الرَّد عِنْده تَجْدِيد النِّكَاح لمعات قَوْله مَا اشرف هَذَا الحَدِيث هَذَا لبَيَان شرف إِسْنَاده وَكَثْرَة فَائِدَته وَعلي بن مُحَمَّد الطنافسي هُوَ الَّذِي فِي صدر إِسْنَاد الحَدِيث الرَّاوِي عَن وَكِيع وَقَوله تَركه نَاجِية أَي لم يقبل رِوَايَته بِسَبَب عِلّة ثبتَتْ عِنْده وَقَوله وَأحمد جبن عَنهُ أَي لم يجترأ على رِوَايَته وَهَذَا أَيْضا يدل على ضعف أبي عبيد قلت لَا أَدْرِي سَبَب الحاق هَذِه الْعبارَة هُنَا فَإِنَّهُ لَا أعرف فِي هَذَا الْإِسْنَاد رجلا يكنى أَبَا عبيد وَالله أعلم (إنْجَاح) [2052] قَوْله فاخترناه فَلم يره شَيْئا وَفِي رِوَايَة فاخترناه فَلم يعده طَلَاقا وَفِي رِوَايَة فاخترناه فَلم يعددها علينا شَيْئا قَالَ النَّوَوِيّ فِي هَذِه الْأَحَادِيث دلَالَة لمَذْهَب مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأبي حنيفَة وَأحمد وجماهير الْعلمَاء ان من خير زَوجته فاختارته لم يكن ذَلِك طَلَاقا وَلَا يَقع بِهِ فرقة وروى عَن عَليّ وَزيد بن ثَابت وَالْحسن وَاللَّيْث بن سعد ان نفس التَّخْيِير يَقع بِهِ طَلْقَة بَائِنَة سَوَاء اخْتَارَتْ زَوجهَا أم لَا وَحَكَاهُ الْخطابِيّ والنقاش عَن مَالك قَالَ القَاضِي لَا يَصح هَذَا عَن مَالك ثمَّ هُوَ مَذْهَب ضَعِيف مَرْدُود بِهَذِهِ الْأَحَادِيث الصَّحِيحَة الصَّرِيحَة وَلَعَلَّ الْقَائِلين بِهِ لم تبلغهم هَذِه الْأَحَادِيث انْتهى قَوْله [2056] مَا اعتب الخ قَالَ الْكرْمَانِي اعتب بِضَم فوقية وَكسرهَا من عتب عَلَيْهِ إِذا وجد عَلَيْهِ وروى اعيب بتحتية أَي لَا اغضب وَلَا أُرِيد مُفَارقَته لسوء خلقه وَلَا نُقْصَان دينه وَلَكِن اكرهه طبعا فَأَخَاف على نَفسِي مَا يُنَافِي مُقْتَضى الْإِسْلَام من النُّشُوز وَلَكِنِّي أكره لَوَازِم الْكفْر من المعاداة والنفاق وَالْخُصُومَة وروى انها قَالَت رَأَيْته اشدهم سوادا واقصرهم قامة واقبحهم منْظرًا [2057] قَوْله لبسقت على وَجهه البسق والبزاق والبصاق بِمَعْنى وَاحِد وَهُوَ مَاء الْفَم إِذا اخْرُج مِنْهُ وَمَا دَامَ فِيهِ فريق كَذَا فِي الْقَامُوس ويستنبط من هَذَا الحَدِيث ان الْمَرْأَة إِذا علمت بكفران العشير بِسَبَب الدمامة يصلح لَهَا الْخلْع بِلَا كَرَاهَة والدمامة الْقبْح فِي الصُّورَة انجاح

قوله اللعان من اللعن وهو الطرد والبعد سمى به لكونه سبب البعد بينهما

[2058] قَوْله لَا عدَّة عَلَيْك الخ استدلت الْحَنَابِلَة وَالشَّافِعِيّ فِي الْقَدِيم بِهَذَا الحَدِيث وَأَمْثَاله ان الْخلْع فسخ لِأَنَّهُ لَو كَانَ طَلَاقا يجب عَلَيْهَا الْعدة قَالَ بن الْهمام وَأما مَا ذَكرُوهُ عَن عُثْمَان فبتقدير ثُبُوته لَيْسَ فِيهِ سوى انه قَالَ لَا عدَّة عَلَيْهَا وَلَا تنْكح حَتَّى تحيض حَيْضَة وَاصل هَذَا مَا روى من حَدِيث بن عَبَّاس ان امْرَأَة ثَابت بن قيس اخْتلعت مِنْهُ فَأمر النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ان تَعْتَد بِحَيْضَة فَسمى الْحَيْضَة عدَّة رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ ثمَّ رَأَيْنَاهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حكم فِي خلع امْرَأَة ثَابت رض بِأَنَّهَا طَلْقَة على مَا فِي البُخَارِيّ أَنه قَالَ لَهُ أقبل الحديقة وَطَلقهَا تَطْلِيقَة فَقَوْل عُثْمَان لاعدة عَلَيْهَا يَعْنِي الْعدة الْمَعْهُودَة للمطلقات وللشارع ولَايَة الايجاد والاعدام فَهَذَا يفيدك بِتَقْدِير صِحَة عدم التلازم بَين عدم الْعدة وَكَونه فسخا على ان الَّذِي نعرفه من حَدِيث عُثْمَان هَذَا هُوَ مَا رَوَاهُ مَالك عَن نَافِع ان بيع بنت معوذ جَاءَت هِيَ وعمها الى عبد الله بن عمر فَأَخْبَرته انها اخْتلعت من زَوجهَا فِي زمَان عُثْمَان فَبلغ ذَلِك عُثْمَان فَلم يُنكر فَقَالَ بن عمر عدتهَا أَو عدتك عدَّة الْمُطلقَة وَقَالَ بلغنَا عَن سعيد بن الْمسيب وَسليمَان بن يسَار وَابْن شهَاب انهم كَانُوا يَقُولُونَ عدَّة المختلعة ثَلَاثَة قُرُوء وروى مَالك عَن أم بكرَة الأسْلَمِيَّة انها اخْتلعت من زَوجهَا فارتفعا الى عُثْمَان فَأجَاز ذَلِك وَقَالَ هِيَ طَلْقَة بَائِنَة الا ان تكون سميت شَيْئا فَهُوَ على مَا سميت وروى بن أبي شيبَة بِسَنَدِهِ عَن بن مَسْعُود وَعلي قَالَ لَا تكون طَلْقَة بَائِنَة الا فِي فديَة أَو ايلاء وروى عبد الرَّزَّاق عَن بن الْمسيب رض ان النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جعل الْخلْع تَطْلِيقَة وَكَذَا مَا أخرجه الدَّارَقُطْنِيّ وَسكت عَلَيْهِ فَثَبت ان الْخلْع طَلَاق كَمَا قَالَ أَبُو حنيفَة لَا فسخ كَمَا قَالَ غَيره [2061] الى من بعض نِسَائِهِ أَي حلف ان لَا يدْخل عَلَيْهَا قَالَ الْعَيْنِيّ وَإِنَّمَا عداهُ بِمن حملا على الْمَعْنى وَهُوَ الِامْتِنَاع من الدُّخُول وَهُوَ يتَعَدَّى بِمن وَالْمرَاد مِنْهُ الْحلف لَا ايلاء الشَّرْع وَهُوَ الْحلف على ترك قرْبَان مرأته أَرْبَعَة اشهر أَو أَكثر كرماني [2062] قَوْله ظَاهَرت الظِّهَار مصدر ظَاهر من امْرَأَته إِذا قَالَ لَهَا أَنْت عَليّ كَظهر أُمِّي أَو كبطنها أَو كفخذها أَو كفرجها أَو كَظهر أُخْتِي أَو عَمَّتي فَإِذا قَالَ هَذَا يصير مُظَاهرا بِلَا نِيَّة فَيحرم وطيها عَلَيْهِ ودواعيه حَتَّى يكفر فَإِن وطي تَابَ واستغفر وَكفر للظهار فَقَط وَقيل عَلَيْهِ أُخْرَى وَلَا يعود الى وطيها ثَانِيًا قبل الْكَفَّارَة كَذَا فِي الدّرّ لقَوْله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَا تَقربهَا حَتَّى تفعل مَا امرك الله قَوْله حَتَّى يَنْسَلِخ الخ قَالَ الطَّيِّبِيّ فِيهِ دَلِيل على الظِّهَار الْمُؤَقت وَقَالَ بن الْهمام لَو ظَاهر وَاسْتثنى يَوْم الْجُمُعَة مثلا لم يجز (مرقاة) قَوْله سَوف نسلمك بجريرتك الجريرة الْجِنَايَة والذنب جر على نَفسه وَغَيره كَذَا فِي الْقَامُوس وَمَعْنَاهُ نسلمك بِسَبَب ذَنْبك الَّذِي اذنبت الى رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيحكم فِيهِ بِأَمْر الله عَلَيْك (إنْجَاح) [2063] قَوْله ويخفي على بعضه عطف على قَوْلهَا لَا اسْمَع فغرضها ان بعض كَلَام خَوْلَة لَا أسمع أصلا وَبَعضه خَفِي عَليّ وان سَمِعت صَوتهَا وَلَكِن مَا تبين قَوْله ا (إنْجَاح) قَوْله أكل شَبَابِي الخ اشارت الى زَوجهَا وَهُوَ أَوْس بن الصَّامِت أَي افنى شَبَابِي فَلَمَّا كَبرت بِحَيْثُ لَا رَغْبَة للرِّجَال فِي نِكَاحي ظَاهر مني وَقَوله نثرت لَهُ بَطْني أَي بِسَبَب الْأَوْلَاد وللنثر التَّفَرُّق وَهَذَا مجَاز لِأَن الْبَطن لَا تنثر وَهَذَا كَقَوْلِهِم سَأَلَ الْمِيزَاب أَي نثرت أَوْلَاد بَطْني وَيجوز ان يكون قَوْلهَا نثرت بِصِيغَة الْمُتَكَلّم وبطني مَفْعُولا والمضاف محذوفا أَي فرقت انا لزوجي أَوْلَاد بَطْني أَي ولدت لَهُ اولادا كثيرا وَهَذَا هُوَ الظَّاهِر (إنْجَاح) [2064] قَوْله كَفَّارَة وَاحِدَة فِي شرح السّنة وَهُوَ قَول أَكثر أهل الْعلم وَبِه قَالَ مَالك وَأَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ وَأحمد وَقيل إِذا وَاقعهَا قبل ان يكفر وَجب عَلَيْهِ كفارتان (مرقاة) قَوْله اللّعان من اللَّعْن وَهُوَ الطَّرْد والبعد سمى بِهِ لكَونه سَبَب الْبعد بَينهمَا وَلَو جرد لفظ اللَّعْن فِي الْخَامِسَة تَسْمِيَة الْكل باسم الْجُزْء وَسَببه قذف الرجل امْرَأَته قذفا يُوجب الْحَد فِي الاجانب وَلها شُرُوط مشروحة فِي كتب الْفِقْه شرح موطا للقاري

[2066] قَوْله ايقتل بِهِ اخْتلفُوا فِي من قتل رجلا وجده مَعَ امْرَأَته قد زنى قَالَ الْجُمْهُور لَا يقتل قَوْله بل يلْزمه الْقصاص الا ان يقوم بذلك بَيِّنَة أَو يعْتَرف لَهُ وَرَثَة الْقَتِيل وَيكون الْقَتِيل مُحصنا وَالْبَيِّنَة أَرْبَعَة من الْعُدُول من الرِّجَال يشْهدُونَ على الزِّنَا وَأما فِيمَا بَينه وَبَين الله ان كَانَ صَادِقا فَلَا شَيْء عَلَيْهِ لمعات قَوْله فعاب أَي كره ان يسْأَل أمرا فِيهِ فَاحِشَة وَلَا يكون لَهُ حَاجَة وَكَأَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما لم يطلع على وُقُوع الْحَادِثَة قَالَ ذَلِك حملا لسواله على سوال من يسْأَل من شَيْء لَيْسَ لَهُ فِيهِ حَاجَة كَذَا فِي الْخَيْر الْجَارِي وَقَالَ النَّوَوِيّ المُرَاد كَرَاهَة الْمسَائِل الَّتِي لَا يحْتَاج إِلَيْهَا وَلَيْسَ المُرَاد الْمسَائِل الْمُحْتَاج إِلَيْهَا إِذا وَقعت فقد كَانَ الْمُسلمُونَ يسْأَلُون عَن النَّوَازِل فَيُجِيبهُمْ بِغَيْر كَرَاهَة وَسبب كَرَاهَة ذَلِك مَا قَالَ الشَّافِعِي كَانَت للمسألة فِيمَا لم ينزل الله زمن نزُول الْوَحْي مَمْنُوعَة لِئَلَّا ينزل الْوَحْي بِتَحْرِيم مَا لم يكن محرما قَوْله كذبت عَلَيْهَا يَعْنِي ان امسكت هَذِه الْمَرْأَة فِي نِكَاحي فَلم افارقها يلْزم كَأَنِّي كذبت فِيمَا قذفتها لِأَن الْإِمْسَاك يُنَافِي كَونهَا زَانِيَة فَلَو امسكتها فكاني قلت هِيَ عفيفة لم تزن وَقَوله ففارقها إِنَّمَا فَارقهَا لِأَنَّهُ ظن ان اللّعان لَا يحرمها عَلَيْهِ وَلم يَقع التَّفْرِيق من رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيْضا فَهَذَا يُؤَيّد ان الْفرْقَة بِاللّعانِ لَا يحصل الا بِقَضَاء القَاضِي بهَا بعد التلاعن كَمَا سَيَجِيءُ وَهُوَ مَذْهَب أبي حنيفَة وَاحْتج غَيره بِأَنَّهُ لَا يفْتَقر الى قَضَاء القَاضِي لقَوْله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا سَبِيل لَك عَلَيْهَا قلت يُمكن ان يكون هَذَا من قَضَاء القَاضِي وَالْجُمْهُور على انه يَقع الْفرْقَة بِنَفس اللّعان وَيحرم عَلَيْهِ نِكَاحهَا على التابيده لمعات قَوْله اسحم أَي اسود قَوْله أَو عج الدعج بِفتْحَتَيْنِ والدعجة بِالضَّمِّ شدَّة سَواد الْعين مَعَ سعتها قَوْله قد صدق لِأَنَّهُ كَانَ الرجل الَّذِي نسب اليه الزِّنَا مَوْصُوفا بِهَذِهِ الصِّفَات وَفِيه جَوَاز الاستدال بالشبه بِنَاء على الْأَمر الْغَالِب العادي لمعات قَوْله كَأَنَّهُ وحرة فِي الْقَامُوس محركة وزغة كسام ابرص وَقيل دويبة حَمْرَاء تلزق الأَرْض زجاجة وعيني قَوْله الا كَاذِبًا لِأَن عُوَيْمِر كَانَ بِهَذِهِ الصّفة قَوْله على النَّعْت الْمَكْرُوه وَهُوَ الْأسود وَإِنَّمَا كره لِأَنَّهُ يسْتَلْزم تحقق الزِّنَا عَيْني [2067] فَنزلت وَالَّذين يرْمونَ الخ أَي يقذفون وَهُوَ نَص فِي ان نزُول الْآيَة فِي هِلَال والْحَدِيث السَّابِق ظَاهره فِي ان النُّزُول فِي عُوَيْمِر وَالصَّحِيح هُوَ الأول لِأَنَّهُ قد جَاءَ فِي رِوَايَة مُسلم فِي قصَّة هِلَال وَكَانَ أول رجل لَاعن فِي الْإِسْلَام وَفِي الحَدِيث السَّابِق فَوَجَدَهُ قد أنزل عَلَيْهِ لَا مُعَارضَة فِيهِ لِأَن مَعْنَاهُ قد أنزل فيهمَا مَا نزل فِي هِلَال لِأَنَّهُ ذَلِك شَامِل لجَمِيع النَّاس وَيحْتَمل تكْرَار النُّزُول نووي مُخْتَصر قَوْله الْعَينَيْنِ أَي الَّذِي يَعْلُو جفون عينه سَواد مثل الْكحل من غير اكتحال وَقَوله سابغ الاليتين أَي عظيمهما من السبوغ بِالْمُوَحَّدَةِ يُقَال للشَّيْء إِذا كَانَ تَاما وافيا وافرا أَنه سابغ وَقَوله خَدلج السَّاقَيْن أَي سمينهما (مرقاة) قَوْله لَكَانَ لي وَلها شان أَي لَوْلَا ان الْقُرْآن حكم بِعَدَمِ إِقَامَة الْحَد وَالتَّعْزِير على المتلاعنين لفَعَلت بهَا مَا يكون عِبْرَة للناظرين وَتَذْكِرَة للسامعين قَالُوا فِي الحَدِيث دَلِيل على ان الْحَاكِم لَا يلْتَفت الى المظنة والامارات والقرائن وَإِنَّمَا يحكم بِظَاهِر مَا يَقْتَضِيهِ الْحجَج والدلائل وَيفهم من كَلَامهم هَذَا لِأَن الشّبَه والقيافة لَيست حجَّة وَإِنَّمَا هُوَ من امارة ومظنة فَلَا يحكم بهَا كَمَا هُوَ مَذْهَبنَا لمعات [2069] قَوْله فَفرق فِيهِ تَنْبِيه على ان الْفرْقَة بَينهمَا لَا يكون الا بتفريق الْحَاكِم وَقَالَ زفر يَقع الْفرْقَة بِنَفس تلاعنهما وَهُوَ الْمَشْهُور من مَذْهَب مَالك والمروي عَن أَحْمد وَابْن عَبَّاس وَقَالَ الشَّافِعِي تقع الْفرْقَة بِلعان الرجل وَحده شرح مؤطأ قَوْله وَالْحق الْوَلَد بِالْمَرْأَةِ قَالَ مُحَمَّد وَبِهَذَا نَأْخُذ إِذا نفى الرجل ولد امْرَأَته ولاعن فرق بَينهمَا وَلزِمَ الْوَلَد أمه وَهُوَ قَول أبي حنيفَة والعامة من فقهاءنا مؤطأ [2070] قَوْله واعطاها الْمهْر قد انْعَقَد الْإِجْمَاع على ان الْمَدْخُول تسْتَحقّ جَمِيع الْمهْر اما قبل الدُّخُول فَعِنْدَ أبي حنيفَة وَمَالك وَالشَّافِعِيّ لَهَا نصف الْمهْر كَغَيْر من المطلقات قبل الدُّخُول وَاخْتلف الرِّوَايَات عَن أَحْمد فتح الْبَارِي [2071] قَوْله لَا ملاعنة بَينهُنَّ أَي وَبَين ازواجهن كَمَا فِي نُسْخَة وَلَا بُد من هَذَا التَّقْدِير فِي شرح الْوِقَايَة فَإِن كَانَ أَي الزَّوْج الْقَاذِف عبدا أَو كَافِرًا أَو محدودا فِي قذف حد أَي وَلَا لعان وان صلح هُوَ شَاهد أَو هِيَ امة أَو كَافِرَة أَو محدودة فِي قذف أَو صبية أَو مَجْنُونَة أَو زَانِيَة فَلَا حد عَلَيْهِ وَلَا لعان مر قَوْله [2072] نجْعَل الْحَلَال حَرَامًا من شرب الْعَسَل أَو مَارِيَة الْقبْطِيَّة قَالَه بن كثير وَالصَّحِيح انه كَانَ فِي تَحْرِيمه الْعَسَل وَقَالَ الْخطابِيّ الْأَكْثَر على ان الْآيَة وَهُوَ لم تحرم مَا أحل الله لَك فِي تَحْرِيم مَارِيَة حِين حرمهَا على نَفسه وَرجحه فِي فتح الْبَارِي قسطلاني [2073] قَوْله فِي الْحَرَام يَمِين أَي إِذا حرم على نَفسه شَيْئا مِمَّا اجل الله زَوجتك كَانَت أَو غَيرهَا فَلَا يكون طَلَاقا بل يَمِين فيكفر كَفَّارَة يَمِين وَلَا يحرم عَلَيْهِ ذَلِك الشَّيْء وَهُوَ الْمَذْهَب عندنَا وَاسْتدلَّ على مَا ذهب اليه بقوله تَعَالَى لقد كَانَ لكم الْآيَة يُشِير بذلك الى قصَّة تَحْرِيم النَّبِي الْكَرِيم نِسَائِهِ كَذَا فِي اللمعات [2074] قَوْله فَخَيرهَا الخ قَالَ النَّوَوِيّ اجمعت الْأمة على انها إِذا أعتقت كلهَا تَحت زَوجهَا وَهُوَ عبد كَانَ لَهَا الْخِيَار فِي فسخ النِّكَاح فَإِن كَانَ حرا فَلَا خِيَار لَهَا عِنْد مَالك وَالشَّافِعِيّ وَالْجُمْهُور وَقَالَ أَبُو حنيفَة لَهَا الْخِيَار وَاحْتج بِرِوَايَة من روى انه كَانَ زَوجهَا حرا وَقد ذكرهَا مُسلم من رِوَايَة شُعْبَة بن عبد الرَّحْمَن بن الْقَاسِم لَكِن قَالَ شُعْبَة ثمَّ سَأَلته عَن زَوجهَا فَقَالَ لَا أَدْرِي انْتهى وَيُمكن الْجمع بَين الرِّوَايَتَيْنِ بِأَن يُقَال انه كَانَ فِي أَصله عبدا ثمَّ صَار حرا كَذَا فِي الْفَتْح [2076] قَوْله هُوَ لنا هَدِيَّة قَالَ النَّوَوِيّ فِيهِ دَلِيل على انه إِذا تغير الصّفة تغير حكمهَا فَيجوز للغني شراءها من الْفَقِير وأكلها إِذا اهداها اليه وللهاشمي وَلغيره مِمَّن لَا تحل لَهُ الزَّكَاة ابْتِدَاء انْتهى قَوْله الْوَلَاء لمن اعْتِقْ يَعْنِي من اشْترى عبدا أَو امة وَاشْترط ان الْوَلَاء للْبَائِع فَالْولَاء للْمُشْتَرِي الْمُعْتق وَالشّرط فَاسد كَذَا فِي الْمرقاة وَقَالَ النَّوَوِيّ وَقد اجْمَعْ الْمُسلمُونَ على ثُبُوت الْوَلَاء لمن اعْتِقْ عَبده أَو أمته عَن نَفسه وَإنَّهُ يَرث بِهِ وَأما الْعَتِيق فلايرث سَيّده عِنْد الجماهير وَقَالَ جمَاعَة من التَّابِعين يَرِثهُ كَعَكْسِهِ انْتهى [2077] قَوْله بِثَلَاث حيض لِأَنَّهَا بعد الْعتْق صَارَت حرَّة وعدة الْحرَّة ثَلَاث حيض كوامل إنْجَاح

[2079] قَوْله وعدتها حيضتان دلّ ظَاهر الحَدِيث على ان الْعبْرَة فِي الطَّلَاق وَالْعدة بِالْمَرْأَةِ وَلَا عِبْرَة بحريّة الزَّوْج وَكَونه عبدا كَمَا هُوَ مَذْهَبنَا وَقَالَ الشَّافِعِي يتعلقان بِالرجلِ وَدلّ أَيْضا على ان الْعدة بِالْحيضِ دون الطُّهْر وان المُرَاد من قَوْله تَعَالَى ثَلَاثَة قُرُوء الْحيض لَا الاطهار ورحم الله من انصف وَلم يتعسف (مرقاة) [2081] انما الطَّلَاق لمن اخذ بالساق كِنَايَة عَن الْجِمَاع أَي انما يملك الطَّلَاق من يملك الْجِمَاع فَلَيْسَ للسَّيِّد جبر على عَبده إِذا انكح أمته (إنْجَاح) قَوْله [2082] لقد تحمل أَبُو الْحسن الخ الحَدِيث أخرجه أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة كَذَا ذكره الْمزي وَقَالَ أَبُو دَاوُد وَسمعت أَحْمد بن حَنْبَل قَالَ عبد الرَّزَّاق قَالَ بن الْمُبَارك المعمر أَبُو الْحسن هَذَا تحمل صَخْرَة عَظِيمَة قَالَ أَبُو دَاوُد وَأَبُو الْحسن هَذَا روى عَنهُ الزُّهْرِيّ وَقَالَ وَكَانَ من الْفُقَهَاء وَقَالَ أَبُو دَاوُد وَأَبُو الْحسن مَعْرُوف وَلَيْسَ الْعَمَل على هَذَا الحَدِيث قلت قد أَشَارَ بن الْمُبَارك بثقالة هَذَا القَوْل الى انه لَيْسَ الْعَمَل على هَذَا أَيْضا فَإِنَّهُ من قَالَ بِاعْتِبَار الطَّلَاق بِالنسَاء لَا يَقُول بِهَذَا لِأَنَّهَا كَانَت وَقت الطَّلَاق رقيقَة وَمن قَالَ بِاعْتِبَار الطَّلَاق بِالرِّجَالِ كالشافعي لَا يَقُوله أَيْضا لِأَنَّهُ كَانَ وَقت الطَّلَاق رَقِيقا فَإِن التطليقتين وقعتا فِي حَال رقيتهما فكمل النّصاب للغلظة فَلَا تحل لَهُ حَتَّى تنْكح زوجا غَيره وَإِنَّمَا لم تقبل هَذِه الرِّوَايَة لشذوذها (إنْجَاح) [2083] قَوْله عدَّة أم الْوَلَد أَرْبَعَة أشهر وَعشرا هَذَا عندنَا فِي صُورَة مَاتَ مَوْلَاهَا وَزوجهَا وَلم يدر الأول لِأَن الْمولى ان كَانَ مَاتَ اولا ثمَّ مَاتَ الزَّوْج وَهِي حرَّة فَلَا تجب الْعدة بِمَوْت الْمولى وَتعْتَد للوفاة عدَّة الْحَرَائِر أَرْبَعَة اشهر وَعشرا وان كَانَ الزَّوْج مَاتَ اولا وَهِي امة لَزِمَهَا شَهْرَان وَخَمْسَة أَيَّام لَا يلْزمهَا بِمَوْت الْمولى شَيْء لِأَنَّهَا مُعْتَدَّة الزَّوْج فَفِي حَال يلْزمهَا أَرْبَعَة اشهر وَعشرا وَفِي حَال نصفهَا فلزمها الْأَكْثَر احْتِيَاطًا ذكره الشَّيْخ عَابِد السندي فِي الطوالع وَأما إِذا مَاتَ مَوْلَاهَا أَو اعتقها لَزِمَهَا ثَلَاث حيض كوامل عِنْد أبي حنيفَة كَمَا فِي الدّرّ (إنْجَاح) [2084] قَوْله فَهِيَ تُرِيدُ ان تكحلها الخ فِي هَذَا الحَدِيث والْحَدِيث الَّاتِي عَن أم عَطِيَّة وَلَا تكتحل دَلِيل على تَحْرِيم الاكتحال على الْعَادة سَوَاء احْتَاجَت اليه أم لَا وَجَاء فِي الحَدِيث الاخر فِي الْمُوَطَّأ وَغَيره فِي حَدِيث أم سَلمَة اجعليه بِاللَّيْلِ وامسحيه بِالنَّهَارِ وَوجه الْجمع بَين الْأَحَادِيث انها إِذا لم يحْتَج اليه لَا يحل لَهَا وان احْتَاجَت لم يجز بِالنَّهَارِ وَيجوز بِاللَّيْلِ مَعَ ان الأولى تَركه فَإِن فعلته مسحته بِالنَّهَارِ فَحَدِيث الْإِذْن فِيهِ لبَيَان انه بِاللَّيْلِ للْحَاجة غير حرَام وَحَدِيث النَّهْي مَحْمُول على عدم الْحَاجة وَحَدِيث الَّتِي اشتكت عينهَا فَنَهَاهَا مَحْمُول على انه نهى تَنْزِيه وتاوله بَعضهم على انه لم يتَحَقَّق الْخَوْف على عينهَا (نووي) قَوْله قد كَانَت إحداكن الخ مَعْنَاهُ لَا يستكثرن الْعدة وَمنع الاكتحال فِيهَا فَإِنَّهَا مُدَّة قَليلَة وَقد خففت عنكن وَصَارَت أَرْبَعَة اشهر وَعشرا بعد ان كَانَت سنة وَفِي هَذَا تَصْرِيح بنسخ اعْتِدَاد السّنة الْمَذْكُورَة فِي سُورَة الْبَقَرَة فِي الْآيَة الثَّانِيَة واما رميها بالبعرة على رَأس كحول فقد فسره فِي الحَدِيث وَهِي مَا قَالَت زَيْنَب كَانَت المراة إِذا توفّي عَنْهَا زَوجهَا دخلت حشفا أَي بَيْتا صَغِيرا ولبست شَرّ ثِيَابهَا وَلم تمس طيبا وَلَا شَيْئا حَتَّى تمر بهَا سنته ثمَّ تُؤْتى بِدَابَّة حمَار أَو شَاة أَو طير فتفتض أَي تكسر مَا هِيَ فِيهِ من الْعدة بطائر تمسح بِهِ قبلهَا وتنتبذه فقلما تفتض بِشَيْء الامات ثمَّ تخرج فتعطي بَعرَة فترمي بهَا ثمَّ تراجع بعد مَا شَاءَت من طيب أَو غَيره (نووي) قَوْله [2087] الا ثوب عصب هُوَ برد من برود الْيمن يعصب غزله أَي يجمع ويشد ثمَّ يصْبغ ثمَّ ينسج فياتي موشيا لبَقَاء مَا عصب مِنْهُ أَبيض لم يَأْخُذ صبغا وَالنَّهْي للمعتدة عَمَّا يصْبغ بعد النسج كَذَا قَالَ بعض الشُّرَّاح من عُلَمَائِنَا وَتَبعهُ الطَّيِّبِيّ قَالَ بن الْهمام وَفسّر فِي الحَدِيث بِأَنَّهَا ثِيَاب من الْيمن فِيهَا بَيَاض وَسَوَاد وَيُبَاح لَهَا لبس الْأسود عِنْد الْأَئِمَّة الْأَرْبَعَة انْتهى وَمعنى الحَدِيث النَّهْي عَن جَمِيع الثِّيَاب المصبوغة للزِّينَة الا ثوب العصب لَعَلَّ لم يحصل الزِّينَة مِنْهُ فَأَجَازَهُ (فَخر) قَوْله الا عِنْد أدنى طهرهَا الخ أَي عِنْد أقرب أَيَّام طهرهَا فَإِنَّهُ عِنْد طهرهَا يجوز لَهَا اسْتِعْمَال الْقطن الممسك أَو المطيب يجذب رُطُوبَة الرَّحِم وَهَذَا كالعلاج للنِّسَاء فَإِنَّهُ بعد جذب الرُّطُوبَة يحصل التطهر كَامِلا (إنْجَاح) قَوْله من قسط واظفار قَالَ النَّوَوِيّ الْقسْط فبضم الْقَاف وَيُقَال فِيهِ كست وَهُوَ الاظفار نَوْعَانِ مَعْرُوف من البخور وليسا من مَقْصُود الطّيب رخص فِيهِ للمغتسلة من الْحيض لإِزَالَة الرَّائِحَة الكريهة تتبع بِهِ اثر الدَّم لَا للتطيب انْتهى

[2089] قَوْله فَجعل عَلَيْهِ مائَة محر رأى ذَلِك الرجل على نَفسه تَحْرِير مائَة رَقَبَة نذرا مُعَلّقا على طَلَاق امْرَأَته بِحَيْثُ ان طلق امْرَأَته لزمَه اعتاق مائَة رَقَبَة أَو جعل ذَلِك كَفَّارَة لعصيان الْوَالِد وَلَكِن لَا يحْتَملهُ قَول أبي الدَّرْدَاء اوف بِنَذْرِك وَقَوله يُصَلِّي الضُّحَى وَصلى مَا بَين الظّهْر وَالْعصر بَيَان لِكَثْرَة تعبد أبي الدَّرْدَاء (إنْجَاح) [2093] لَا واستغفر الله قَالَ الْبَيْضَاوِيّ أَي اسْتغْفر الله ان كَانَ الْأَمر على خلاف ذَلِك وَهُوَ ان لم يكن يَمِينا لكنه مشابهه من حَيْثُ انه اكد الْكَلَام وَلذَلِك سَمَّاهُ يَمِينا وَقَالَ الطَّيِّبِيّ والاوجه ان يُقَال ان الْوَاو فِي قَوْله واستغفر الله للْعَطْف وَهُوَ يَقْتَضِي مَعْطُوفًا عَلَيْهِ محذوفا والقرينة لَفْظَة لَا لِأَنَّهَا لَا تخلوا اما ان تكون توطية للقسم كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى لَا أقسم أَو ردا للْكَلَام السَّابِق وانشاء قسم وعَلى كلا التَّقْدِيرَيْنِ الْمَعْنى لَا أقسم بِاللَّه واستغفر الله وَيُؤَيِّدهُ مَا ذهب اليه المظهري من قَوْله إِذا حلف رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بمين لَغْو كَانَ يَقُول واستغفر الله عقبه تداركا لما جرى على لِسَانه من غير قصد وانكان معفوا عَنهُ لما نطق بِهِ الْقُرْآن ليَكُون دَلِيلا لامته على الِاحْتِرَاز عَنهُ (زجاجة) [2094] قَوْله ذَاكِرًا وَلَا أثر أَي مَا حَلَفت بهَا ذَاكِرًا أَي قَائِلا من قبل نَفسِي وَلَا آثرا أَي نَاقِلا عَن غَيْرِي وَهُوَ بِمد فَاعل وَمن الْأَثر كَذَا فِي الْجمع [2095] قَوْله بالطواغي قَالَ الْبَيْضَاوِيّ جمع طاغية وَهِي فاعلة من الطغيان وَالْمرَاد بهَا الْأَصْنَام سميت بذلك لِأَنَّهَا سَبَب الطغيان فَهِيَ كالفاعلة وَقيل الطاغية مصدر سمى بهَا الصَّنَم للْمُبَالَغَة ثمَّ جمع على طواغ كَذَا فِي الزجاجة وَقَالَ الشَّيْخ انما نهوا عَن ذَلِك لِئَلَّا يسْبق على لسانهم جَريا على عَادَة الْجَاهِلِيَّة والافهم بريؤن عَنْهَا انْتهى قَوْله [2098] من حلف بِملَّة سوى الْإِسْلَام نَحْو ان فعل كَذَا فَهُوَ يَهُودِيّ أَو نَصْرَانِيّ أَو برِئ من الْإِسْلَام أَو من النَّبِي أَو من الْقُرْآن قَوْله كَاذِبًا بانكان قد فعله انكان الْحلف على الْمَاضِي اولا يفعل ان كَانَ فِي الْمُسْتَقْبل قَوْله فَهُوَ كَمَا قَالَ ظَاهر الحَدِيث انه يصير كَافِرًا اما بِمُجَرَّد الْحلف أَو بعد الْحِنْث كَذَا قَالَ الطَّيِّبِيّ وَقَالَ الشَّيْخ مَذْهَب كثير من الْأَئِمَّة انه يَمِين يجب فِيهِ الْكَفَّارَة عِنْد الْحِنْث وَهُوَ الْمَذْهَب عندنَا لِأَنَّهُ لما علق الْكفْر بذلك الْفِعْل فقد حرم الْفِعْل وَتَحْرِيم الْحَلَال يَمِين وَكَذَا عِنْد أَحْمد فِي اشهر الرِّوَايَتَيْنِ وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَغَيرهمَا من أهل الْمَدِينَة انه لَيْسَ يَمِين وَلَا كَفَّارَة فِيهِ لِأَن ذَلِك لَيْسَ باسم الله وَلَا صفته فَلَا يدْخل فِي الْإِيمَان الْمَشْرُوعَة وَقد قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من كَانَ حَالفا فَلَا يحلف الا بِاللَّه وَلم يتَعَرَّض فِي الحَدِيث الْكَفَّارَة بل قَالَ فَهُوَ كَمَا قَالَ وَأَيْضًا اخْتلفُوا فِي أَنه يصير بِهِ كَافِرًا اولا فَقَالَ بَعضهم المُرَاد بقوله فَهُوَ كَمَا قَالَ التهديد وَالْمُبَالغَة فِي الْوَعيد كَمَا فِي قَوْله من ترك الصَّلَاة مُتَعَمدا فقد كفر وَهُوَ الْمَذْهَب عندنَا وَقَالَ بَعضهم يكفر لِأَنَّهُ اسقط حُرْمَة الْإِسْلَام ورضى بالْكفْر ملتقط من اللمعات [2101] قَوْله من حلف بِاللَّه فليصدق بِصِيغَة الْمَعْرُوف من الْمُجَرّد أَي يَنْبَغِي للْحَالِف ان يحلف بِاللَّه صَادِقا لِأَن الْيَمين الْغمُوس من أكبر الْكَبَائِر وَقَوله من حلف لَهُ بِاللَّه فَحلف هُنَا بِصِيغَة الْمَجْهُول وَهَذَا الحكم للمستحلف كَمَا ان الحكم السَّابِق للْحَالِف فالغرض ان الْحَالِف إِذا حلف بِاللَّه يحبب على المستحلف تَصْدِيقه وَلَا يستحلفه لغير الله تَعَالَى كَالطَّلَاقِ وَالْعتاق وَبِغير ذَات الله تَعَالَى كَمَا هُوَ شَائِع فِي الجهلاء والسفهاء بِأَنَّهُم يحلفُونَ بِاللَّه تَعَالَى فجاءة وَلَا يحلفُونَ بمعتقدهم من مشائخهم ومعبوديهم أصلا اتَّخذُوا احبارهم وَرُهْبَانهمْ اربابا من دون الله فَالْحَاصِل ان الْحَالِف إِذا بلغ فسقه بِحَيْثُ استعظم غير الله تَعَالَى على ذَاته فَلَيْسَ هُوَ محلا للصدق لِأَن فسقه بلغ الى حد الْكفْر والمستحلف لَا يستحلفه بِغَيْرِهِ تَعَالَى لِأَنَّهُ لَا عِبْرَة بحلفه أصلا فَإِن الْفَاجِر لَا يتحاشى عَن الْحلف كَاذِبًا بِفُجُورِهِ فَلَا فَائِدَة فِي حلفه وَلذَا اوعد النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المستحلف بقوله من لم يرض بِاللَّه فَلَيْسَ من الله أَي لَيْسَ من دين الله بِشَيْء وَلَعَلَّ هَذَا مَحْمُول على أهل الْإِسْلَام وَأما تَحْلِيف الْكَفَرَة بِأَكْل لحم الْبَقَرَة فِي حق كفرة الْهِنْد فِي قَضَاء الْحُقُوق فقد جوزه بعض الْفُقَهَاء لِأَنَّهُ لَا يصلح ان يحكم عَلَيْهِ بقول الشَّارِع من حلف بِاللَّه فليصدق لِأَن الْمُكَلف بِهَذِهِ الْفُرُوع أهل الْإِسْلَام لَا الْكفَّار وَالله أعلم بِحَقِيقَة الْحَال (إنْجَاح) [2102] قَوْله كذبت بصرى أَي فِي جنب عَظمَة الله تَعَالَى لِأَنِّي لَا أَظن أحدا يحلف بِاللَّه كَاذِبًا وَهَذَا محمل الحَدِيث السَّابِق من حلف لَهُ بِاللَّه فليرض (إنْجَاح) [2103] قَوْله انما الْحلف حنث أَو نَدم الْحِنْث الذَّنب أَي لَا يخلوا الْحلف غَالِبا عَن الْحِنْث أَو الندامة لِأَن اللِّسَان فِي حَالَة الْغَضَب يسْبق غَالِبا على الْحلف على أَمر ضَرُورِيّ من الْأكل وَالشرب أَو تَحْرِيم حَلَال غَيرهمَا فَإِذا أصر على ذَلِك وَلَا يُطيق تحمله نَدم وَإِن لم يصر وَنقض الْحلف إِثْم فإمَّا أَن يتداركه بِالْكَفَّارَةِ فَهُوَ أَيْضا ندامة لِأَنَّهُ صرف المَال بِلَا غَرَض ديني أَو دُنْيَوِيّ وَإِنَّمَا مآله إِزَالَة الْإِثْم وَلَو كَانَ لم يحلف مَا أَثم واهان لَا يكفر فَيبقى تَحْرِيمه (إنْجَاح) قَوْله

[2107] وَالله إنْشَاء الله التَّعْلِيق بالمشية هَهُنَا الظَّاهِر انه للتبرك والا فحقيقته ترفع الْقسم الَّذِي هُوَ الْمَقْصُود أَو لتأكيد الحكم وَتَقْرِيره قسطلاني [2108] فليأت الَّذِي هُوَ خير وليكفر وَكَذَا رِوَايَة مُسلم وَهُوَ يعضد مَذْهَب الْحَنَفِيَّة ان لَا يجوز التَّكْفِير قبل الْحِنْث لِأَن الْكَفَّارَة لستر الْجِنَايَة وَلَا جِنَايَة قبل الْحِنْث فَلَا يجوز ذهب الشَّافِعِي الى جَوَاز التَّكْفِير قبل الْحِنْث كَذَا فِي الْعَيْنِيّ [2110] قَوْله فبره ان لَا يتم على ذَلِك ثمَّ الْحِنْث بر بِاعْتِبَار المَال لِأَن حنث الْيَمين يصلح الْكَفَّارَة وَقَطِيعَة الرَّحِم مثلا لَا يَصح مَعَ عَظمَة الْعقُوبَة فِي ذَلِك فالغرض إِذا مَا حلف على أَمر مُنكر يَنْبَغِي ان يَحْنَث فِي الْيَمين وَيكفر لذَلِك فَهَذَا بره كَمَا جَاءَ فَإِن تَركهَا كَفَّارَة وَقَوله ان لَا يتم أَي لَا يصر على ذَلِك إنْجَاح الْحَاجة لمولانا الْمُعظم الشَّيْخ عبد الْغَنِيّ المجددي الدهلوي عَم فيضه قَوْله [2111] فِي كَفَّارَة على وزن فعالة بِالتَّشْدِيدِ من الْكفْر وَهُوَ التغطية وَمِنْه قيل للزارع كَافِر لِأَنَّهُ يُغطي البذور كَذَلِك الْكَفَّارَة لِأَنَّهَا تكفر الذُّنُوب أَي تستره وَاخْتلفُوا فِي مِقْدَار الاطعام فَقَالَت طَائِفَة يُجزئهُ لكل انسان مد من طَعَام من مد الشَّارِع وروى ذَلِك عَن بن عَبَّاس وَابْن عمر وَزيد بن ثَابت وَأبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنْهُم وَهُوَ قَول عَطاء وَالقَاسِم وَسَالم وفقهاء السَّبْعَة وَبِه قَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَالْأَوْزَاعِيّ وَأحمد وَإِسْحَاق وَقَالَت طَائِفَة يطعم لكل مِسْكين نصف صَاع من حِنْطَة وان أعطي تَمرا أَو شَعِيرًا فصاعا روى هَذَا عَن عمر بن الْخطاب وعَلى وَزيد بن ثَابت فِي رِوَايَة وَهُوَ قَول النَّخعِيّ وَالشعْبِيّ وَالثَّوْري وَأبي حنيفَة رض وَسَائِر الْكُوفِيّين عَيْني [2112] قَوْله كفر رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِصَاع من تمر هَذَا الحَدِيث يُؤَيّد مَذْهَب أبي حنيفَة لَكِن قَالَ فِي بعض الْحَوَاشِي قَالَ الزُّهْرِيّ هَذَا الحَدِيث واه وَفِي سَنَده عمر بن عبد الله بن يعلى وَكَانَ ضَعِيفا فَاسِقًا يشرب الْخمر وَلَيْسَ لَهُ عِنْد الْمُؤلف سوى هَذَا الحَدِيث (إنْجَاح) [2114] قَوْله إِذا استلج أحدكُم الخ بجيم مُشَدّدَة قَالَ فِي النِّهَايَة هُوَ استفعل من اللجاج وَمَعْنَاهُ ان يحلف على شَيْء وَيتْرك غَيره خيرا مِنْهُ فيقيم على يَمِينه وَلَا يَحْنَث وَلَا يكفر فَذَلِك اثم لَهُ وَقيل هُوَ ان يرى انه صَادِق فِيهَا مُصِيب فيلج فِيهَا وَلَا يكفرهَا وَقد جَاءَ فِي بعض الطّرق إِذا استلجح أحدكُم بِإِظْهَار الْإِدْغَام (زجاجة) قَوْله إِذا استلج أَي إِذا اصر واقام عَلَيْهِ وَلم يتَحَلَّل مِنْهُ بِالْكَفَّارَةِ وآثم بِلَفْظ افْعَل لتفضيل فَإِن قلت هَذَا يشْعر بِأَن إِعْطَاء الْكَفَّارَة فِيهِ اثم لِأَن الصِّيغَة يَقْتَضِي الِاشْتِرَاك قلت نفس الْحِنْث فِيهِ اثم لِأَنَّهُ يسْتَلْزم عدم تَعْظِيم اسْم الله تَعَالَى وَبَين إِعْطَاء الْكَفَّارَة وَبَينه مُلَازمَة عَادَة قَالَ النَّوَوِيّ مَبْنِيّ الْكَلَام على توهم الْحَالِف فَإِنَّهُ يتَوَهَّم ان عَلَيْهِ اثما فِي الْحِنْث وَلِهَذَا يلج فِي عدم التَّحَلُّل بِالْكَفَّارَةِ فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي اللجاج أَكثر لَو ثَبت الْإِثْم وَالله اعْلَم بِالصَّوَابِ وَمعنى الحَدِيث انه إِذا حلف يَمِينا يتَعَلَّق بِهِ أَو بأَهْله ويتضررون بِعَدَمِ حنثه وَلَا يكون فِي الْحِنْث مَعْصِيّة يَنْبَغِي لَهُ ان يَحْنَث وَيكفر فَإِن قَالَ لَا أحنث وأخاف الْإِثْم فِيهِ فَهُوَ مُخطئ بل استمراره فِي ادامة الضَّرَر على أَهله أَكثر اثما من الْحِنْث وَلَا بُد من تَنْزِيله على مَا إِذا لم يكن الْحِنْث فِيهِ مَعْصِيّة إِذْ لَا يجوز الْحِنْث فِي الْمعاصِي كرماني [2116] قَوْله قد عرفت فلَانا وَالَّذِي الخ فَلَا تَجْعَلهُ محروما من هَذَا الثَّوَاب الجزيل وَقَوله فَمد النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَده أَي لِلْبيعَةِ كَمَا بَايع الْمُهَاجِرين وَكَانَ ذَلِك لابرار قسم عَبَّاس رض وَلَعَلَّ مس الْيَد كَانَ ليحصل لَهُ ثَوَاب الْهِجْرَة وَقَوله لَا هِجْرَة أَي لَا يُمكن تحقق الْهِجْرَة لِأَن الْبَلَد قد أسلم أَهله وَفتح فشرفه بالبيعة تطييبا لخاطر الْعَبَّاس وَاعْتذر عَن حُصُول الْهِجْرَة (إنْجَاح) [2118] قَوْله ان كنت لاعرفها لكم أَي كنت اعرف عَظمَة هَذِه الْمقَالة لكم والان انهاكم عَن تِلْكَ وَالله أعلم إنْجَاح

قوله من ورى في يمينه من التورية وهي كتمان الشيء وإظهار خلاف ذلك

قَوْله من ورى فِي يَمِينه من التورية وَهِي كتمان الشَّيْء وَإِظْهَار خلاف ذَلِك بالتعريض حَيْثُ يفهم الْمُخَاطب خلاف ارادته وَهَذَا جَائِز للمظلوم أَو عِنْد الِاضْطِرَاب وَقد ثَبت تورية الْغَزَوَات عَن رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهَذِه الْمصلحَة دينية لكَي لَا يطلع الْخصم على مُرَاده جَاءَ فِي بعض الرِّوَايَات المعاريض مندوحة بِالْكَذِبِ أَي وَاسِعَة وَفِيه تَفْصِيل أَكثر من ذَلِك لَيْسَ هَذَا مَحَله إنْجَاح الْحَاجة لمولانا الْمُعظم الشَّيْخ عبد الْغَنِيّ الدهلوي [2120] على نِيَّة المستحلف فَإِن اضمر الْحَالِف تَأْوِيلا على غير نِيَّة المستحلف من الْحِنْث وَبِه قَالَ أَحْمد (مرقاة) [2121] قَوْله على مَا يصدقك بِهِ صَاحبك أَي خصمك ومدعيات وَالْمعْنَى أَنه وَاقع عَلَيْهِ لَا يُؤثر فِيهِ التورية فَإِن الْعبْرَة فِي الْيَمين لقصد المستحلف ان كَانَ مُسْتَحقّا لَهَا والا فَالْعِبْرَة لقصد الْحَالِف قلَّة تورية هَذَا خُلَاصَة كَلَام عُلَمَائِنَا كَذَا فِي الْمرقاة وَقَالَ فِي النِّهَايَة أَي يجب عَلَيْك ان تحلف لَهُ على مَا يصدقك بِهِ إِذا حَلَفت لَهُ وَقَالَ الطَّيِّبِيّ يَمِينك مُبْتَدأ وعَلى مَا يصدقك بِهِ خَبره أَي وَاقع عَلَيْهِ لَا تُؤثر فِيهِ التورية فِي النَّوَوِيّ وَهُوَ مَحْمُول على استحلاف القَاضِي (زجاجة) [2122] قَوْله نهى رَسُول الله الخ وَالنَّهْي عَن النّذر على اعْتِقَاد أَنه يرد من الْقدر شَيْئا وَلما كَانَ عَادَة النَّاس انهم ينذرون لجلب النافع وَدفع المضار وَذَلِكَ فعل البخلاء نهوا عَن ذَلِك وَأما غير الْبَخِيل فَيعْطى بِاخْتِيَارِهِ بِلَا وَاسِطَة النّذر فَفِي النَّهْي عَن النّذر لهَذَا الْغَرَض ترغيب على النّذر وعَلى جِهَة الْإِخْلَاص لمعات [2123] قَوْله وَلَكِن يغلبه الْقدر الضَّمِير يرجع الى بن ادم وَالْمعْنَى ان الْقدر يكَاد وان يفوت بن ادم من جِهَة تشَتت الْأَسْبَاب عَلَيْهِ واجتماع الْمَوَانِع مَا قدر لَهُ كلمة مَا فِيهِ للتوقيت وَهُوَ قيد لفَوَات الْقدر وغلبته عَلَيْهِ يَعْنِي لَا يبلغ بن ادم الى مَا قدر بِهِ من مطالبه زَمَانا قدر لَهُ عدم الْبلُوغ فيستخرج بِهِ أَي بِالنذرِ من الْبَخِيل فييسر عَلَيْهِ مَا لم يكن ييسر عَلَيْهِ من قبل ذَلِك من اجْتِمَاع الْأَسْبَاب وارتفاع الْمَوَانِع فيصل الى الْمَطْلُوب الْمُقدر وَالله سُبْحَانَهُ أعلم خَاتم الْمُحدثين مَوْلَانَا شاه عبد الْعَزِيز الدهلوي قدس سره قَوْله فييسر عَلَيْهِ الخ ان الْبَخِيل إِذا لحقته مضرَّة مثلا فيطلب رَفعهَا فينذر فَبعد حُصُول مطلبه يسهل عَلَيْهِ إِخْرَاج المَال لِأَن الْإِنْسَان إِذا ابتلى ببليتين اخْتَار ايسرهما وَهَذَا كالتهديد لَهُ وَأما قَوْله تَعَالَى مدحا يُوفونَ بِالنذرِ فَمَحْمُول على مَا إِذا نذر واعتق ان الله تَعَالَى هُوَ يسهل الْأُمُور وَهُوَ الضار النافع وَالنّذر كالذرائع والوسائل فَيكون الْوَفَاء بِالنذرِ طَاعَة وَلَا يكون مَنْهِيّا عَنهُ وَالنَّهْي عَنهُ مَا ذكر أَو النّذر الَّذِي يعْتَقد انه مغن عَن الْقدر بِنَفسِهِ كَمَا زَعَمُوا وَكم جمَاعَة فِي عهدنا هَذَا نراهم يَعْتَقِدُونَ ذَلِك لما شاهدوا من غَالب الْأَحْوَال حُصُول المطالب بِالنذرِ كَذَا ذكره الطَّيِّبِيّ (إنْجَاح) [2124] قَوْله لَا نذر فِي مَعْصِيّة كمن نذر بِذبح وَلَده ثمَّ لَا كَفَّارَة فِي النّذر عِنْد الشَّافِعِيَّة وَعِنْدنَا الْيَمين من مُوجبَات النّذر ولوازمه لِأَن النّذر إِيجَاب الْمُبَاح وَهُوَ يسْتَلْزم تَحْرِيم الْحَلَال وَتَحْرِيم الْحَلَال يَمِين بِدَلِيل قَوْله تَعَالَى يَا أَيهَا النَّبِي لم تحرم مَا أحل الله لَك كَذَا فِي اللمعات قَالَ مُحَمَّد فِي الْمُوَطَّأ من نذر نذرا فِي مَعْصِيّة فليطع الله أَي يتْرك يَمِينه وَهُوَ قَول أبي حنيفَة انْتهى قَوْله فِيمَا لَا يملك صورته ان يَقُول ان شفى الله مريضي فَالْعَبْد الْفُلَانِيّ حر وَلَيْسَ فِي ملكه وان دخل بعد ذَلِك فِي ملكه لم يلْزمه الْوَفَاء بنذره بِخِلَاف مَا إِذا علق عتق عبد بِملكه فَإِنَّهُ يعْتق عندنَا بعد التَّمَلُّك لمعات [2125] قَوْله كَفَّارَة يَمِين وَبِه قَالَ أَبُو حنيفَة وَهُوَ حجَّة على الشَّافِعِي قَالَ الطَّيِّبِيّ أَي لَا وَفَاء فِي نذر مَعْصِيّة وان نذر أحد فِيهَا فَعَلَيهِ الْكَفَّارَة وكفارته ككفارة الْيَمين وَإِنَّمَا قدر الْوَفَاء لِأَن لَا لنفي الْجِنْس يَقْتَضِي نفي الْمَاهِيّة فَإِذا نفيت ينتقي بِمَا يتَعَلَّق بهَا وَهُوَ غير صَحِيح لقَوْله بعده وكفارته ككفارة يَمِين فَإِذا يتَعَيَّن تَقْدِير الْوَفَاء (مرقاة) [2127] قَوْله وَلم يسمه أَي من نذر بَان قَالَ نذرت نذرا أَو عَليّ نذر وَلم يعين النّذر أَنه صَوْم أَو غَيره فكفارته كَفَّارَة يَمِين قَالَ النَّوَوِيّ اخْتلف الْعلمَاء فِي قَوْله كَفَّارَته كَفَّارَة يَمِين فَحَمله جُمْهُور أَصْحَابنَا على نذر الْحَاج وَهُوَ ان يَقُول الرجل يُرِيد الِامْتِنَاع من كَلَام زيد مثلا ان كلمت زيدا فَللَّه عَليّ حجَّة أَو عمْرَة أَو غَيرهمَا فَكَلمهُ فَهُوَ مُخَيّر بَين كَفَّارَة يَمِين وَبَين مَا الْتَزمهُ قلت لَا يظْهر حمل لم يسمه على الْمَعْنى الْمَذْكُور مَعَ ان التَّخْيِير خلاف الْمَفْهُوم من الحَدِيث قَالَ وَحمله مَالك وكثيرون على النّذر الْمُطلق كَقَوْلِه عَليّ نذر قلت هُوَ الْحق قَالَ وَحمله أَحْمد وَبَعض أَصْحَابنَا على نذر الْمعْصِيَة كمن نذر ان يشرب الْخمر قلت مَعَ بعده يردهُ عطف قَوْله وَمن نذر فِي مَعْصِيّة كَمَا فِي رِوَايَة لِأَن الأَصْل فِي الْعَطف الْمُغَايرَة (مرقاة) [2129] قَوْله فَأمرنِي ان أوفى قَالَ الطَّيِّبِيّ دلّ الحَدِيث على ان نذر الْجَاهِلِيَّة إِذا كَانَ مُوَافقا لحكم الْإِسْلَام وَجب الْوَفَاء قَالَ بن الْملك أَي بعد الْإِسْلَام وَعَلِيهِ الشَّافِعِي وَقَالَ أَبُو حنيفَة لَا يَصح نَذره انْتهى قَالَ الْعَيْنِيّ عندنَا لَا يَصح نذر الْكَافِر لِأَن فعل الْكَافِر لم يكن تقربا الى الله تَعَالَى لِأَنَّهُ حِين كَانَ يُوجِبهُ يقْصد بِهِ الَّذِي يعبده من دون الله وَذَلِكَ مَعْصِيّة فَدخل فِي قَوْله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا نذر فِي مَعْصِيّة الله وَأما حَدِيث عمر فَالْجَوَاب عَنهُ اما أمره بِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ان يَفْعَله الان على انه طَاعَة الله تَعَالَى وَقَالَ بَعضهم المُرَاد بذلك تَأْكِيد الايفاء بِالنذرِ قَوْله

[2133] ليصم عَنْهَا الْوَلِيّ قَالَ الْقُسْطَلَانِيّ وَبِهَذَا اخذ الظَّاهِرِيَّة وَقَالُوا يجب قَضَاء النّذر عَن الْمَيِّت صوما كَانَ أَو صَلَاة وَقَالَت الشَّافِعِيَّة يجوز النِّيَابَة عَن الْمَيِّت فِي الصَّلَاة وَالْحج وَغَيرهمَا لتضمن أَحَادِيث بذلك وَعند الْحَنَفِيَّة لَا يُصَلِّي أحد عَن أحد وَلَا يَصُوم أحد عَن أحد وَنقل بن بطال إِجْمَاع الْفُقَهَاء على انه لَا يُصَلِّي أحد عَن أحد فرضا وَلَا سنة لَا عَن حَيّ وَلَا عَن ميت انْتهى [2138] من عمل يَده وَذَلِكَ لِأَن فِيهِ إِيصَال النَّفْع الى الكاسب والى غَيره والسلامة عَن البطالة المؤديةالى الفضول وَكسر النَّفس وَالتَّعَفُّف عَن ذل السوال كرماني قَوْله [2139] التَّاجِر الْأمين الصدوق قَالَ الشَّيْخ كِلَاهُمَا من صِيغ الْمُبَالغَة فَفِيهِ تَنْبِيه على رِعَايَة الْكَمَال فِي هذَيْن الصفتين حَتَّى ينَال هَذِه الدرجَة الرفيعة الْعَظِيمَة وَقَالَ الطَّيِّبِيّ أَي من تحرى الصدْق والامانة كَانَ فِي زمرة الْأَبْرَار من الشُّهَدَاء وَالصديقين وَمن تحرى خلافهما كَانَ فِي زمرة الْفجار من الفسقة أَو العاصين انْتهى قَوْله [2140] السَّاعِي على الارملة وَالْمَسَاكِين أَي الكاسب لَهما الْعَامِل بمؤنتهما وَهِي من لَا زوج لَهَا تزوجت أم لَا وَقيل الأولى فَقَط مجمع قَوْله [2141] عَن معَاذ بن عبد الله بن خبيب عَن أَبِيه عَن عَمه ذكر فِي التَّقْرِيب اسْم عَمه عبيد سَمَّاهُ بن مندة انْتهى وَفِي بعض الْحَوَاشِي نَاقِلا عَن السُّيُوطِيّ عَن عَمه قَالَ الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك اسْمه يسَار بن عبد الْحَيّ (إنْجَاح) قَوْله [2145] كُنَّا نسمي على صِيغَة الْمَجْهُول الْمُتَكَلّم من التَّسْمِيَة والسماسرة بِفَتْح السِّين الأولى وَكسر الثَّانِيَة جمع سمسار بِالْكَسْرِ الْمُتَوَسّط بَين البَائِع وَالْمُشْتَرِي وَيُطلق على معَان أخر مَالك بِشَيْء وقيمه والسفير بَين المحبين وسمسار الأَرْض الْعَالم بهَا وَالْمرَاد هُنَا الْمَعْنى الأول قَوْله باسم هُوَ أحسن مِنْهُ فَقَالَ يَا معشر التُّجَّار انما كَانَ اسْم التُّجَّار أحسن من السماسرة لِأَن التِّجَارَة مَذْكُورَة فِي مَوَاضِع عديدة من الْقُرْآن فِي مقَام الْمَدْح وَالَّذِي يتوسط بَين البَائِع وَالْمُشْتَرِي يكون تَابعا وَقد يكون مائلا عَن الْأَمَانَة والديانة وَسَمَّاهُمْ تجارًا لكَوْنهم مصاحبين لَهُم مَعَ شُمُول التُّجَّار التَّابِعين أَيْضا لمعات قَوْله [2146] ان التُّجَّار يبعثون الخ قَالَ الْبَيْضَاوِيّ لما كَانَ من ويدن التُّجَّار التَّدْلِيس فِي الْمُعَامَلَات والايمان الكاذبة وَنَحْوهَا حكم عَلَيْهِ بِالْفُجُورِ وَاسْتثنى من اتَّقى الْمَحَارِم وَتوفى يَمِينه وَصدق فِي حَدِيثه (زجاجة) قَوْله [2149] بالقراريط قَالَ فِي النِّهَايَة القيراط جُزْء من أَجزَاء الدِّينَار وَهُوَ نصف عشرَة فِي أَكثر الْبِلَاد وَأهل الشَّام يجعلونه من أَرْبَعَة وَعشْرين وَالْيَاء فِيهِ بدل من الرَّاء فَإِن أَصله قراط (زجاجة) قَوْله

[2151] ان أَصْحَاب الصُّور يُعَذبُونَ وَفِي رِوَايَة البُخَارِيّ أَشد النَّاس عذَابا عِنْد الله المصورون وَالْمرَاد من يصور الْحَيَوَان دون الشّجر وَغَيره إِذْ الْفِتْنَة فِيهِ أعظم وَلِأَن الْأَصْنَام الَّذين يعْبدُونَ كَانَت على صور الْحَيَوَان كَذَا فِي الْمجمع قَالَ النَّوَوِيّ هَذَا مَحْمُول على من صور الْأَصْنَام فيعبد فَلهُ أَشد عَذَاب لِأَنَّهُ كَافِر وَقيل هَذَا فِيمَن قصد المضاهاة بِخلق الله تَعَالَى واعتقد ذَلِك وَهُوَ أَيْضا كَافِر وعذابه أَشد وَأما من لم يقصدهما أَي لم يقْصد بصورته الْعِبَادَة وَلَا المضاهاة فَهُوَ فَاسق لَا يكفر كَسَائِر الْمعاصِي مرقاة مَعَ شَيْء زَائِد [2152] اكذب النَّاس الصباغون والصواغون قَالَ فِي النِّهَايَة هم صباغوا الثِّيَاب وصاغة الْحلِيّ لأَنهم يمطلون بالمواعيد وَقيل أَرَادَ الَّذين يصبغون الْكَلَام ويصوغونه أَي يغيرونه ويخرصونه وأصل الصَّبْغ التَّغْيِير وَفِي تَارِيخ الْخَطِيب عَن أبي عبيد الْقَاسِم بن سَلام انه سُئِلَ عَن تَفْسِير هَذَا الحَدِيث فَقَالَ إِنَّمَا الصّباغ الَّذِي يزِيد فِي الحَدِيث من عِنْده يزينه بِهِ وَأما الصَّائِغ فَهُوَ الَّذِي يصوغ الحَدِيث لَهُ أصل وَقَالَ الْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه بعد حِكَايَة كَلَام أبي عبيد وَيحْتَمل ان يكون المُرَاد بِهِ الْعَامِل بيدَيْهِ وَهُوَ صَرِيح فِيمَا روى فِيهِ عَن أبي سعيد وَإِنَّمَا نسبه الى الْكَذِب لِكَثْرَة مواعيده الكاذبة مَعَ علمه بِأَنَّهُ لَا يَفِي بهَا قَالَ وَفِي صِحَة الحَدِيث نظر مِصْبَاح الزجاجة قَوْله الحكرة هُوَ فِي الأَصْل الظُّلم واساءة المعاشرة وَفِي الشَّرْع احتباس الاقوات لانتظار الغلاء بِهِ بِأَن يَشْتَرِي الطَّعَام فِي وَقت الغلاء ليغلو وَأما ان جَاءَ بِهِ من قَرْيَة أَو اشْتَرَاهُ فِي وَقت الرُّخص واوخره وَبَاعه فِي وَقت الغلاء فَلَيْسَ باحتكار وَكَذَا لَا يحرم الاحتكار فِي غير الاقوات بِهِ لمعات قَوْله [2153] الجالب مَرْزُوق الخ قوبل الملعون بالمزروق والمقابل الْحَقِيقِيّ مَرْحُوم أَو محروم ليعم فالتقدير التَّاجِر مَرْحُوم ومرزوق لتوسعته على النَّاس والمحتكر مَلْعُون ومحروم لتضييقه عَلَيْهِم حليبي قَوْله [2154] لَا يحتكر الا خاطئ قَالَ أهل اللُّغَة الخاطئ بِالْهَمْز هُوَ العَاصِي الْإِثْم وَهَذَا الحَدِيث صَرِيح فِي تَحْرِيم الاحتكار قَالَ أَصْحَابنَا الاحتكار الْمحرم هُوَ الاحتكار فِي الاقوات خَاصَّة وَهُوَ ان يَشْتَرِي الطَّعَام فِي وَقت الغلاء للتِّجَارَة وَلَا يَبِيعهُ فِي الْحَال بل يدخره ليغلو ثمنه فَأَما إِذا جَاءَهُ من قَرْيَة أَو اشْتَرَاهُ فِي وَقت الرُّخص واوخره وابتاعه فِي وَقت الغلاء لِحَاجَتِهِ الى اكله أَو ابتاعه ليَبِيعهُ فِي وقته فَلَيْسَ باحتكار وَلَا تَحْرِيم فِيهِ وَأما غير الاقوات فَلَا يحرم الاحتكار فِيهِ بِكُل حَال قَالَ الْعلمَاء وَالْحكمَة فِي تَحْرِيم الاحتكار دفع الضَّرَر عَن عَامَّة النَّاس كَمَا أجمع الْعلمَاء على انه لَو كَانَ عِنْد انسان طَعَام واضطر النَّاس اليه وَلم يَجدوا غَيره اجبر على بَيْعه دفعا للضَّرَر عَن النَّاس وَأما مَا ذكر فِي مُسلم عَن سعيد بن الْمسيب وَمعمر رَاوِي الحَدِيث انهما كَانَا يحتكران فَقَالَ بن عبد الْبر وَآخَرُونَ انما يحتكران الزَّيْت وحملا الحَدِيث على احتكار الْقُوت عِنْد الْحَاجة اليه والغلاء وَكَذَا حمله الشَّافِعِي وَأَبُو حنيفَة وَآخَرُونَ وَهُوَ الصَّحِيح (نووي) قَوْله [2157] ان سرك ان تطوق بهَا الخ الحَدِيث يدل على تَحْرِيم اخذ الْأُجْرَة على تَعْلِيم الْقُرْآن كَمَا ذهب اليه الزُّهْرِيّ وَأَبُو حنيفَة وَإِسْحَاق كَمَا ان الحَدِيث السَّابِق فِي الْبَاب السَّابِق يدل على جَوَازه وَهُوَ مَذْهَب الْمُتَأَخِّرين من فقهائنا لظُهُور التواني فِي الْعِبَادَات وَالْجَوَاب عَن أبي حنيفَة ان الحَدِيث السَّابِق فِيهِ جَوَاز اخذ الْأُجْرَة على الرّقية بِالْقُرْآنِ وَلَا نزاع فِيهِ لِأَنَّهَا لَيست بِعبَادة وانما النزاع فِي تَعْلِيمه وَقَالَ الطَّيِّبِيّ فِي تَأْوِيل هَذَا الحَدِيث انه كَانَ مُتَبَرعا للتعليم نَادِيًا للاحتساب فكره رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ان يضيع أجره وَيبْطل حِصَّة مَا حَسبه بِمَا يَأْخُذ هَدِيَّة فحذره مِنْهُ وَذَلِكَ لَا يمْنَع ان يقْصد بِهِ الْأُجْرَة ابْتِدَاء ويشرط عَلَيْهِ كَمَا ان من رد ضَالَّة انسان احتسابا لم يكن لَهُ ان يَأْخُذ عَلَيْهِ اجرا وَلَو شَرط عَلَيْهِ أول أَمر اجرا جَازَ (إنْجَاح) قَوْله ان سرك الخ قَالَ الطَّيِّبِيّ اخذ بِظَاهِرِهِ أَبُو حنيفَة وَإِسْحَاق فحرما اخذ الْأُجْرَة على تَعْلِيم الْقُرْآن وتأوله غَيرهمَا على انه كَانَ مُتَبَرعا بالتعليم نَادِيًا لاحتساب فِيهِ فكرة رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَن يضيع أجره وَيبْطل حسبته بِمَا يَأْخُذ هَدِيَّة فحذر مِنْهُ وَذَلِكَ لَا يمْنَع أَن يقْصد بِهِ الْأجر ابتدا انْتهى وَهَذَا الْجَواب لَيْسَ بناهض وَالْأولَى أَن يَدعِي أَن الحَدِيث مَنْسُوخ بِحَدِيث الرّقية الَّذِي قبله وَحَدِيث ان أَحَق مَا اخذتم عَلَيْهِ اجرا كتاب الله وَقَالَ الذَّهَبِيّ فِي الْمِيزَان مدَار هَذَا الحَدِيث على مُغيرَة بن زِيَاد عَن عبَادَة بن نسي عَن الْأسود بن ثَعْلَبَة عَن عبَادَة وَالْأسود لَا يعرف قَالَه بن الْمَدِينِيّ انْتهى مَا فِي الزجاجة قلت وَمن الْمَعْلُوم ان النّسخ لَا يُصَار اليه الا إِذا تعذر الْجمع وَهنا الْجمع مُمكن كَمَا هُوَ الظَّاهِر (فَخر) قَوْله [2159] نهى عَن ثمن الْكَلْب قَالَ الْقَارِي وَهُوَ مَحْمُول عندنَا على مَا كَانَ فِي زَمَنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِين أَمر بقتْله وَكَانَ الِانْتِفَاع بِهِ يَوْمئِذٍ محرما ثمَّ رخص فِي الِانْتِفَاع حَتَّى روى انه قضى فِي كلب صيد قَتله رجل بِأَرْبَعِينَ درهما وَقضى فِي كلب مَاشِيَة بكبش ذكره بن الْملك انْتهى قَالَ النَّوَوِيّ واما النَّهْي عَن ثمن الْكَلْب وَكَونه شَرّ الْكسْب وَكَونه خبيثا فَيدل على تَحْرِيم بَيْعه وانه لَا يَصح بَيْعه وَلَا يحل ثمنه وَلَا قِيمَته على متلفه سَوَاء كَانَ معلما أم لَا وَسَوَاء كَانَ مِمَّا يجوز اقتناؤه أم لَا وَبِهَذَا قَالَ جَمَاهِير الْعلمَاء مِنْهُم أَبُو هُرَيْرَة وَالْحسن الْبَصْرِيّ وَرَبِيعَة وَالْأَوْزَاعِيّ وَالْحكم وَحَمَّاد وَالشَّافِعِيّ وَأحمد وَدَاوُد وَابْن الْمُنْذر وَغَيرهم وَقَالَ أَبُو حنيفَة يَصح بيع الْكلاب الَّتِي فِيهَا مَنْفَعَة وَتجب الْقيمَة على متلفها وَحكى بن الْمُنْذر عَن جَابر وَعَطَاء وَالنَّخَعِيّ جَوَاز بيع كلب الصَّيْد دون غَيره وَعَن مَالك رِوَايَات دَلِيل الْجُمْهُور هَذِه الْأَحَادِيث وَأما الْأَحَادِيث الْوَارِدَة فِي النَّهْي عَن ثمن الْكَلْب الا كلب صيد وَفِي رِوَايَة الا كَلْبا ضاريا وان عُثْمَان غرم انسانا ثمن كلب قَتله عشْرين بَعِيرًا وَعَن بن عَمْرو بن الْعَاصِ التغريم فِي اتلافه وَكلهَا ضَعِيفَة بِاتِّفَاق أَئِمَّة الحَدِيث قَوْله [2161] عَن ثمن السنور قَالَ النَّوَوِيّ واما النَّهْي عَن ثمن السنور فَهُوَ مَحْمُول على انه لَا ينفع أَو على انه نهى تَنْزِيه حَتَّى يعْتَاد النَّاس بهبته وإعارته والسماحة بِهِ كَمَا هُوَ الْغَالِب فَإِن كَانَ مهما ينْتَفع وَبَاعه صَحَّ البيع وَكَانَ ثمنه حَلَالا هَذَا مَذْهَبنَا وَمذهب الْعلمَاء كَافَّة الا مَا حكى بن الْمُنْذر عَن أبي هُرَيْرَة وطاؤس وَمُجاهد وَجَابِر بن زيد انه لَا يجوز بَيْعه وَاحْتَجُّوا بِالْحَدِيثِ وَأجَاب الْجُمْهُور عَنهُ بِأَنَّهُ مَحْمُول على مَا ذَكرْنَاهُ قَوْله

[2162] أعطَاهُ أجره قَالَ النَّوَوِيّ قد اخْتلف الْعلمَاء فِي كسب الْحجام فَقَالَ الْأَكْثَرُونَ من السّلف وَالْخلف لَا يحرم كسب الْحجام وَلَا يحرم اكله لَا على الْحر وَلَا على العَبْد وَهُوَ الْمَشْهُور من مَذْهَب أَحْمد وَقَالَ فِي رِوَايَة عَنهُ وَقَالَ بهَا فُقَهَاء الْمُحدثين يحرم على الْحر دون العَبْد وَاعْتمد وَأما روى مُسلم وَغَيره شَرّ لكسب مهر الْبَغي وَثمن الْكَلْب وَكسب الْحجام واشباهه وَاحْتج الْجُمْهُور بِحَدِيث بن عَبَّاس رَضِي ان النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ احْتجم وَأعْطى الْحجام أجره وَقَالَ لَو كَانَ سحتا لم يُعْطه النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وحملوا الْأَحَادِيث الَّتِي فِي النَّهْي على التَّنْزِيه وَالِانْتِفَاع عَن دني الاكساب والحث على مَكَارِم الْأَخْلَاق ومعالي الْأُمُور وَلَو كَانَ حَرَامًا لم يفرق فِيهِ بَين الْحر وَالْعَبْد كَمَا فِي رِوَايَة فَإِنَّهُ لَا يجوز للرجل ان يطعم عَبده مَا لَا يحل انْتهى [2167] فاجملوه أَي اذابوه واحتالوا بذلك فِي تَحْلِيله وَذَلِكَ لِأَن الشَّحْم الْمُذَاب لَا يُطلق عَلَيْهِ لفظ الشَّحْم فِي عرف الْعَرَب بل يَقُولُونَ انه الودك وَفِي الحَدِيث فَائِدَة عَظِيمَة من النَّهْي عَن أَمْثَال هَذِه الْحِيَل فاحفظه قَوْله [2168] عَن بيع الْمُغَنِّيَات وَفِي رِوَايَة لَا تَبِيعُوا الْقَيْنَات جمع قَيْنَته بِفَتْح الْقَاف وَسُكُون الْيَاء وَهِي الْأمة الْمُغنيَة أَو عَم وَالْمرَاد فِي الحَدِيث للمغنيات خَاصَّة ثمَّ النَّهْي عَن بيعهَا وشرائها لَيْسَ صَرِيحًا فِي كَون البيع فَاسد الْجَوَاز أَن يكون لكَونه إِعَانَة وتوسلا الى محرم وَهُوَ السَّبَب لحُرْمَة ثمنهن كَمَا فِي بيع الْعصير من النباذ اعني الَّذِي يعْمل الْخمر وَلَهو الحَدِيث إِضَافَة من قبيل خَاتم فضَّة وَلَفظه عَام ليثمل الْغناء وَغَيرهَا لكنه نزلت فِي الْغناء لمعات قَوْله [2170] نهى عَن الْمُلَامسَة والمنابذة وَمعنى هَذَا الحَدِيث ان يَقُول إِذا نبذت إِلَيْك بالشَّيْء فقد وَجب البيع بيني وَبَيْنك وَالْمُلَامَسَة ان يَقُول إِذا لمست الشَّيْء فقد وَجب البيع وان كَانَ لَا يرى مِنْهُ شَيْئا مثل مَا يكون فِي الجراب أَو غير ذَلِك وَإِنَّمَا كَانَ هَذَا من بُيُوع أهل الْجَاهِلِيَّة فَنهى عَن ذَلِك [2171] قَوْله لَا يبع بَعْضكُم الخ المُرَاد بِالْبيعِ البايعة أَعم من الشِّرَاء وَالْبيع وَهَذَا إِذا تراضى المتعاقدان على مبلغ ثمن فِي المساومة فَأَما إِذا لم يركن أَحدهمَا الى الاخر فَلَا بَأْس بِهِ طيبي قَوْله [2174] لَا تناجشوا من النجش وَهُوَ ان يمدح سلْعَة لينفقها ويروجها أَو يزِيد فِي الثّمن وَلَا يُرِيد شراءها ليَقَع غَيره فِيهِ وَأَصله تنفر الْوَحْش من مَكَان الى مَكَان كَذَا فِي الْجمع وَإِنَّمَا نهى عَنهُ لما فِيهِ من التَّعْزِير وَإِنَّمَا اتى بِصِيغَة التفاعل لِأَن التُّجَّار يتعاوضون فِي ذَلِك فيفعل هَذَا بِصَاحِبِهِ على ان يكافيه بِمثلِهِ لمعات قَوْله [2177] لَا يَبِيع حَاضر لباد قَالَ الطَّيِّبِيّ نهى عَن بيع الْحَاضِر للبادي وَهُوَ ان يَأْخُذ البادي من البدوي مَا حمله الى الْبَلَد ليَبِيعهُ بِسعْر الْيَوْم حَتَّى يَبِيع لَهُ على التدريج بِثمن ارْفَعْ وَالْعلَّة فِيهِ تفوية الرِّبْح وتضييق الرزق على النَّاس فعلى هَذَا لَو كَانَ الْمَتَاع كاسدا فِي الْبَلَد إِمَّا لكثرته أَو لندور الْحَاجة اليه لم يحرم ذَلِك لفقد الْمَعْنى فَإِن الحكم الْمَنْصُوص كَمَا يعم بِعُمُوم الْعلَّة يخص بخصوصها انْتهى قَوْله [2178] لَا تلقوا الاجلاب هُوَ جمع جلب بِفَتْح الْجِيم وَاللَّام هم الَّذين يجلبون الْإِبِل وَالْغنم للْبيع قَوْله فصاحبه بِالْخِيَارِ قَالَ بن الْملك اعْلَم ان تلقي الجلب وَالشِّرَاء مِنْهُم بارخص حرَام عِنْد الشَّافِعِي وَمَالك ومكروه عِنْد أبي حنيفَة وَأَصْحَابه إِذا كَانَ مضرا بِأَهْل الْبَلَد أَو لبس فِيهِ السّعر على التُّجَّار ثمَّ لَو تلقاهم رجل وَاشْترى مِنْهُم شَيْئا لم يقل أحد بِفساد بَيْعه لَكِن الشَّافِعِي اثْبتْ الْخِيَار للْبَائِع بعد قدومه وَمَعْرِفَة تلبس السّعر عَلَيْهِ بِظَاهِر الحَدِيث وَقَالَ أَئِمَّتنَا لَا خِيَار لَهُ لِأَن لُحُوق الضَّرَر كَانَ للتقصير من جِهَة أَي اعْتمد على خبر المُشْتَرِي الَّذِي كل همته تنقيص الثّمن وَأما الحَدِيث فمتروك الظَّاهِر لِأَن الشِّرَاء إِذا كَانَ بِسعْر الْبَلَد أَو أَكثر لَا يثبت الْخِيَار للْبَائِع فِي أصح قولي الشَّافِعِي فَلَا ينْهض حجَّة (إنْجَاح) قَوْله

[2181] أَو يُخَيّر الخ قَالَ بَعضهم يُخَيّر بِإِسْكَان الرَّاء عطفا على قَوْله مَا لم يَتَفَرَّقَا وَيحْتَمل نصب الرَّاء على ان أَو بِمَعْنى الا ان انْتهى وَاخْتَارَ الْعَيْنِيّ الثَّانِي فَقَط قَالَ النَّوَوِيّ معنى أَو يُخَيّر أَحدهمَا الاخر يَقُول لَهُ اختر أَي امضأ البيع فَإِذا اخْتَار وَجب البيع أَي لزم وابرم قَالَ الْخطابِيّ هَذَا أوضح شَيْء فِي ثُبُوت خِيَار الْمجْلس وَهُوَ مُبْطل لكل تَأْوِيل مُخَالف لظَاهِر الْأَحَادِيث وَكَذَلِكَ قَوْله فِي آخِره وان تفَرقا بعد ان تبَايعا فِيهِ الْبَيَان الْوَاضِح ان التَّفَرُّق بِالْبدنِ هُوَ الْقَاطِع للخيار وَلَو كَانَ مَعْنَاهُ التَّفَرُّق بالْقَوْل لخلا الحَدِيث عَن فَائِدَة انْتهى قَالَ الْعَيْنِيّ هَذَا أوضح شَيْء فِي ثُبُوت خِيَار الْمجْلس فِيمَا إِذا أوجب أحد المتبائعين والاخر مُخَيّر ان شَاءَ رده وان شَاءَ قبله وَأما إِذا حصل الْإِيجَاب وَالْقَبُول فِي الطَّرفَيْنِ فقد تمّ فَلَا خِيَار بعد ذَلِك الا بِشَرْط شَرط فِيهِ أَو خِيَار الْعَيْب وَالدَّلِيل عَلَيْهِ حَدِيث سَمُرَة أخرجه النَّسَائِيّ وَلَفظه ان النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ البيعان بِالْخِيَارِ مَا لم يَتَفَرَّقَا وياخذ كل وَاحِد مِنْهُمَا من البيع مَا هوى ويتخيران ثَلَاث مَرَّات قَالَ الطَّحَاوِيّ قَوْله وَيَأْخُذ كل مِنْهُمَا مَا هوى يدل على ان الْخِيَار الَّذِي للمتبايعين انما هُوَ قبل انْعِقَاد الْمَبِيع بَينهمَا فَيكون العقد بَينه وَبَين صَاحبه فِيمَا يرضاه مِنْهُ لَا فِيمَا سَوَاء إِذْ لَا خلاف بَين الْقَائِلين فِي هَذَا الْبَاب بِأَن الِافْتِرَاق الْمَذْكُور فِي الحَدِيث هُوَ بعد البيع الابدان انه لَيْسَ للْمُبْتَاع ان يَأْخُذ بِمَا رضى بِهِ من الْمَبِيع وَيتْرك بَقِيَّته وَإِنَّمَا لَهُ عِنْده ان يَأْخُذ كُله أَو يَدعه كُله انْتهى فَدلَّ هَذَا ان التَّفَرُّق بالأقوال لَا بالأبدان عَيْني [2184] عمرك الله بيعا أَي أَطَالَ الله عمرك وبيعا مفعول بِفعل مَحْذُوف أَي بِعْتُك بيعا وغرض الْأَعرَابِي اخْتِيَار البيع كَمَا كَانَ غَرَضه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَخْيِير الْأَعرَابِي إنْجَاح الْحَاجة قَوْله [2186] إِذا اخْتلف البيعان أَي إِذا اخْتلف البَائِع وَالْمُشْتَرِي فِي قدر الثّمن أَو شَرط الْخِيَار أَو غَيرهمَا من الشَّرَائِط فمذهب الشَّافِعِي ان يحلف البَائِع انه مَا بَاعه بِكَذَا بل بَاعه بِكَذَا ثمَّ المُشْتَرِي مُخَيّر ان شَاءَ رَضِي بِمَا حلف انه مَا اشْتَرَاهُ الا بِكَذَا فَإِذا تحَالفا فَإِن رضى أَحدهمَا بقول الاخر فَذَاك وان لم يرضيا فسخ القَاضِي العقد بَينهمَا سَوَاء كَانَ الْمَبِيع بَاقِيا اولا ومتمسكه الحَدِيث الَّذِي فِي التِّرْمِذِيّ إِذا اخْتلف البيعان فَالْقَوْل قَول البَائِع والمبتاع بِالْخِيَارِ بِإِطْلَاقِهِ وَعِنْدنَا ان كَانَ الِاخْتِلَاف فِي الثّمن وَكَانَ الْمَبِيع بَاقِيا يَتَحَالَفَانِ لما جَاءَ عَن بن مَسْعُود إِذا اخْتلف المتبائعان والسلعة قَائِمَة وَلَا بنية لأَحَدهمَا تحَالفا وترادا الان كل وَاحِد مِنْهُمَا مدعي ومنكر وَهَذَانِ لم يكن لأَحَدهمَا بَيِّنَة بعد ان يُقَال لكل وَاحِد ان ترْضى بقول صَاحبه والا فسخنا البيع فَإِن لم يتراضيا اسْتحْلف الْحَاكِم كل وَاحِد مِنْهُمَا على دَعْوَى الاخر وان كَانَ لأَحَدهمَا بَيِّنَة فذك وان أَقَامَ كل وَاحِد مِنْهُمَا بَيِّنَة كَانَت الْبَيِّنَة مثبتة للزِّيَادَة أولى وَلَو كَانَ الِاخْتِلَاف فِي الثّمن وَالْبيع جَمِيعًا فَبَيِّنَة البَائِع أولى فِي الثّمن وَبَيِّنَة المُشْتَرِي أولى فِي الْمَبِيع نظرا الى زِيَادَة الاثبات وَلَا يحالف عندنَا فِي الاجل وَشطر الْخِيَار وَقبض بعض الثّمن كَذَا فِي الْهِدَايَة وَالْأَحَادِيث الْمَذْكُورَة كلهَا قد تكلم فِيهِ فالمدار على الحَدِيث الْمَشْهُور لَو يُعْطي النَّاس دَعوَاهُم لادعى نَاس دِمَاء قوم وَأَمْوَالهمْ لَكِن الْبَيِّنَة على الْمُدعى وَالْيَمِين على من انكر لمعات قَوْله [2187] لَا تبع مَا لَيْسَ عنْدك كالابق أَو مَا لم يقبض أَو مَال لغير وَيسْتَثْنى مِنْهُ السّلم بالشرائط الْمُعْتَبرَة فِيهِ وَكَذَا بيع مَال الْغَيْر جَائِز مَوْقُوفا عِنْد الْأَئِمَّة الثَّلَاثَة سوى الشَّافِعِي فَإِنَّهُ لَا يجوزه كَذَا فِي اللمعات قَوْله [2192] نهى عَن بيع العربان وَهُوَ ان يَشْتَرِي السّلْعَة وَيُعْطِي البَائِع درهما أَو أقل أَو أَكثر على انه ان تمّ البيع حسب من الثّمن والا لَكَانَ للْبَائِع وَلم يرجعه مُشْتَرِي وَهُوَ بيع بَاطِل لما فِيهِ من الشَّرْط وَالْغرر واجازه أَحْمد سيد قَوْله [2194] بيع الْحَصَاة وَهُوَ ان يلقِي الْحَصَاة فَإِذا وَقعت على شَيْء فَهُوَ الْمَبِيع وَهُوَ من بُيُوع الْجَاهِلِيَّة سيد قَوْله [2195] عَن بيع الْغرَر قَالَ الطَّيِّبِيّ النَّهْي عَن بيع الْغرَر أصل عَظِيم من أصُول كتاب الْبيُوع وَيدخل فِيهِ مسَائِل كَثِيرَة غير متحصرة كَبيع الْمَعْدُوم والمجهول وَمَا لَا يقدر على التَّسْلِيم ومالا يتم ملك البَائِع عَلَيْهِ واشباه ذَلِك مِمَّا يلْزم مِنْهُ الْغرَر من غير حَاجَة وَبيع الْمُنَابذَة وَالْمُلَامَسَة وحبل الْحَبل والحصاة وعسب الْفَحْل واشباهها من الْبيُوع الَّتِي جَاءَ فِيهَا نُصُوص دَاخِلَة فِي الْغرَر لَكِن أفردت بِالذكر لكَونهَا من بياعات الْجَاهِلِيَّة الْمَشْهُورَة واجمعوا على جَوَاز غرر حقير كالجبة المحشوة بالقطن وَلَو بيع حشوها بِانْفِرَادِهِ لم يجز واجمعوا أَيْضا على جَوَاز اجارة الدَّار وَالدَّابَّة وَالثَّوْب وَنَحْو ذَلِك شهرا مَعَ ان الشَّهْر قد يكون ثَلَاثِينَ يَوْمًا وَقد يكون تِسْعَة وَعشْرين وعَلى جَوَاز دُخُول الْحمام بِالْأُجْرَةِ مَعَ اخْتِلَاف النَّاس فِي صب المَاء وَفِي قدر مكثهم وعَلى جوازالشرب من السقاء بِالْعِوَضِ مَعَ جَهَالَة قدر المشروب وَاخْتِلَاف عَادَة الشاربين وتحريره ان مدَار الْبطلَان بِسَبَب الْغرَر بِغَيْر حَاجَة وان دعت حَاجَة الى ارتكابه وَلَا يُمكن الِاحْتِرَاز عَنهُ الا بِمَشَقَّة أَو كَانَ الْغرَر حَقِيرًا جَازَ البيع انْتهى كَلَام الطَّيِّبِيّ مُخْتَصرا قَوْله [2197] عَن بيع حَبل الحبلة جمع حابل كظالم وظلمة وَاخْتلفُوا فِي المُرَاد بِالنَّهْي فَقَالَ جمَاعَة هُوَ البيع بِثمن مُؤَجل الى ان تَلد النَّاقة ويلد ولد هاوية قَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ لِأَن الرَّاوِي وَهُوَ بن عمر قد فسره بِهَذَا وَقَالَ آخَرُونَ هُوَ بيع ولد ولد النَّاقة فِي الْحَال وَهَذَا تَفْسِير أهل اللُّغَة وَبِه قَالَ أَحْمد وَإِسْحَاق وَهَذَا أقرب الى اللُّغَة طيبي مُخْتَصرا قَوْله

[2196] وَعَن ضَرْبَة الغائص هُوَ ان يَقُول اغوص فِي الْبَحْر غوصة كَذَا فَمَا اخرجته فَهُوَ لَك لِأَنَّهُ غرر مجمع [2198] وَلَا أَرَاك المُرَاد نهي الرجل عَن ترك الِاكْتِسَاب فِي هَذِه الْمدَّة لَا نهي نَفسه عَن الروية (مرقاة) قَوْله الا لذِي فقر مدقع أَي شَدِيد من اوقع إِذا الصق بالدقعاء وَهُوَ التُّرَاب قَوْله غرم أَي غَرَامَة وَدين مفظع أَي ثقيل وفضيح قَوْله أَو دم موجع بِكَسْر الْجِيم وَفتحهَا أَي مؤلم وَالْمرَاد دم يوجع بِهِ الْقَاتِل اولياءه بَان يلْزمهُم الدِّيَة وَلَيْسَ لَهُم مَا تُؤدِّي بِهِ الدِّيَة وَيطْلب أَوْلِيَاء الْمَقْتُول مِنْهُم وتنبعث الْفِتْنَة والمخاصمة بَينهم وَقيل هُوَ الَّذِي يوجع أَوْلِيَاء الْمَقْتُول فَلَا يكَاد تِلْكَ الْفِتْنَة تطفأ فِيمَا بَينهم فَيقوم لَهُ من يتَحَمَّل الْحمالَة كَذَا فِي الْمرقاة (إنْجَاح الْحَاجة) قَوْله [2199] أقاله الله عثرته أَي تَعبه ومشقته وعثر عثر اكبى كَذَا فِي الْقَامُوس وَقَوله أقَال أَي أَزَال ثمَّ الاقالة وان كَانَ بِمَعْنى الْأَعَمّ لَكِن إِيرَاد الْمُؤلف هَذَا الحَدِيث فِي هَذَا الْبَاب يدل على اقالة البيع وَصورته إِذا اشْترى أحد شَيْئا من رجل ثمَّ نَدم على اشترائه اما لظُهُور الْغبن فِيهِ أَو لزوَال حَاجته اليه أَو لغدام الثّمن فَرد الْمَبِيع على البَائِع وَقبل البَائِع رده ازال الله مشقته وعثرته يَوْم الْقِيَامَة لِأَنَّهُ إِحْسَان مِنْهُ على المُشْتَرِي لِأَن البيع كَانَ قد بت فَلَا يَسْتَطِيع المُشْتَرِي فَسخه (إنْجَاح) قَوْله [2204] فاستامي بِهِ الخ اعْلَم ان السّوم قد يكون بِإِظْهَار الثّمن الْقَلِيل مَعَ ارادته بِأخذ ذَلِك الشَّيْء بِالثّمن الْكثير لعلمه بقميته فَهَذَا يكون غبنا وَهُوَ مَمْنُوع وَأما إِذا أَرَادَ الشِّرَاء بذلك الثّمن وَلم يعرض البَائِع بذلك الشَّيْء فَزَاد فِي ثمنه شَيْئا فَالظَّاهِر انه لَيْسَ بممنوع وَيُشِير اليه مَا يَجِيء فِي الحَدِيث الاتى من ازدياد الثّمن لجَابِر انه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَاد لجَابِر دِينَارا بعد دِينَار الى عشْرين دِينَارا نظنه بِعَدَمِ رضائه (إنْجَاح) قَوْله [2205] حَتَّى بلغ عشْرين دِينَارا وَفِي رِوَايَة لمُسلم فَبِعْته بوقية وَفِي رِوَايَة بِخمْس أَوَاقٍ وَزَاد فِي أُوقِيَّة وَفِي بَعْضهَا بأوقيتين وَدِرْهَم أَو دِرْهَمَيْنِ وَفِي بَعْضهَا بأوقية ذهب وَفِي بَعْضهَا أَرْبَعَة دَنَانِير وَذكر البُخَارِيّ أَيْضا اخْتِلَاف الرِّوَايَات وَزَاد بثمانمائة دِرْهَم وَفِي رِوَايَة بِعشْرين دِينَار كَمَا فِي هَذَا الْكتاب وَفِي رِوَايَة أَحْسبهُ بِأَرْبَع أَوَاقٍ قَالَ البُخَارِيّ وَقَول الشّعبِيّ بوقية أَكثر قَالَ القَاضِي عِيَاض قَالَ أَبُو جَعْفَر الدَّرَاورْدِي لاوقيتيه الذَّهَب قدرهَا مَعْلُوم وأوقية الْفضة أَرْبَعُونَ درهما قَالَ وَسبب اخْتِلَاف هَذِه الرِّوَايَات انهم ردوا بِالْمَعْنَى وَهُوَ جَائِز فَالْمُرَاد أُوقِيَّة ذهب كَمَا فسره فِي رِوَايَة سَالم بن أبي الجعة عَن جَابر وَيحمل عَلَيْهَا رِوَايَة من روى الوقية مُطلقَة وَأما من روى خمس أَوَاقٍ فَالْمُرَاد خمس أَوَاقٍ من الْفضة وَهِي بِقدر قيمَة أُوقِيَّة الذَّهَب فِي ذَلِك الْوَقْت فَيكون الاخبار بأوقية الذَّهَب عَمَّا وَقع بِهِ العقد وَعَن أَوَاقٍ الْفضة عَمَّا حصل بِهِ الايفاء وَلَا يتَغَيَّر الحكم وَيحْتَمل ان يكون هَذَا كُله زِيَادَة على الاوقية كَمَا قَالَ فَمَا زَالَ يزيدني وَأما رِوَايَة أَرْبَعَة دَنَانِير فوافقه أَيْضا لِأَنَّهُ يحْتَمل ان يكون أُوقِيَّة الذَّهَب حِينَئِذٍ وزن أَرْبَعَة دَنَانِير وَأما رِوَايَة اوقيتين فَيحْتَمل أَن إِحْدَاهمَا وَقع بهَا البيع وَالْأُخْرَى زِيَادَة كَمَا قَالَ ونراد فِي أُوقِيَّة وَقَوله وَدِرْهَم أَو دِرْهَمَيْنِ مُوَافق لقَوْله وَزَاد فِي قِيرَاط وَأما رِوَايَة عشْرين دِينَارا فَمَحْمُول على دَنَانِير صغَار كَانَت لَهُم وَرِوَايَة أَربع أَوَاقٍ شكّ فِيهَا الرَّاوِي فَلَا اعْتِبَار بهَا وَالله أعلم وَفِي مُسلم فِي هَذِه الرِّوَايَة فَبِعْته بوقية واستثنيت عَلَيْهِ حملانه الى أَهله احْتج بِهِ أَحْمد وَمن وَافقه فِي جَوَاز بيع الدَّابَّة وَيشْتَرط البَائِع بِنَفسِهِ ركُوبهَا وَقَالَ مَالك يجوز ذَلِك إِذا كَانَت مَسَافَة الرّكُوب قريبَة وَحمل هَذَا الحَدِيث على هَذَا وَقَالَ الشَّافِعِي وَأَبُو حنيفَة وَآخَرُونَ لَا يجوز ذَلِك سَوَاء قلت الْمسَافَة أَو كثرت وَينْعَقد البيع وَاحْتَجُّوا بِالْحَدِيثِ السَّابِق فِي النَّهْي عَن بيع الثنيا وَبِالْحَدِيثِ الاخر فِي النَّهْي عَن بيع وَشرط وَأَجَابُوا عَن حَدِيث جَابر بِأَنَّهَا قَضيته عين تتطرق إِلَيْهَا احتمالات قَالُوا وَلِأَن النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرَادَ ان يُعْطِيهِ الثّمن وَلم يرد حَقِيقَة البيع قَالُوا وَيحْتَمل ان الشَّرْط لم يكن فِي نفس العقد وَإِنَّمَا يضر الشَّرْط إِذا كَانَ فِي نفس العقد وَلَعَلَّ الشَّرْط كَانَ سَابِقًا فَلم يُؤثر ثمَّ تبرع صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بأركابه (نووي) قَوْله [2206] نهى رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَن السّوم الخ وَفِي النِّهَايَة هُوَ ان يسادم بسلعته فِي ذَلِك الْوَقْت لِأَنَّهُ وَقت ذكر الله تَعَالَى لَا يشْتَغل فِيهِ بِشَيْء غَيره وَقيل يجوز أَن يكون من رعى الْإِبِل لِأَنَّهَا ان رعت قبل طُلُوع الشَّمْس والمرعى ند أَصَابَهَا مِنْهُ الوباء وَرُبمَا قَتلهَا وَذَلِكَ مَعْرُوف عِنْد أَرْبَاب الْإِبِل من الْعَرَب وَقَوله وَعَن ذبح ذَات الدراي ذَات اللَّبن وَيجوز أَن يكون مصدر در اللَّبن إِذا جرى (زجاجة) قَوْله

[2208] المسبل إزَاره هُوَ الَّذِي يطول ثَوْبه ويرسله الى الأَرْض إِذا مَشى وَإِنَّمَا يفعل ذَلِك كبرا واختيالا قَوْله والمنان عطاءه هُوَ الَّذِي لَا يُعْطي شَيْئا الا مِنْهُ واعتد بِهِ على من أعطَاهُ قَوْله والمنفق سلْعَته بِالتَّشْدِيدِ من النِّفَاق ضدا لَك أَو نفقت السّلْعَة فَهِيَ نافقة وانفقتها ونفقتها إِذا جَعلتهَا نافقة (زجاجة) [2209] إيَّاكُمْ وَالْحلف فِي البيع فَإِنَّهُ ينْفق ثمَّ يمحق يَعْنِي الْحلف يروج المَال فِي الْحَال ثمَّ ينقص وَيذْهب الْبركَة فِي المَال قَالَ النَّوَوِيّ وَفِيه النَّهْي عَن كَثْرَة الْحلف فِي البيع فَإِن الْحلف من غير حَاجَة مَكْرُوه وينضم اليه هُنَا ترويج السّلْعَة وَرُبمَا اغْترَّ المُشْتَرِي بِالْيَمِينِ وَالله اعْلَم انْتهى قَوْله [2210] من اشْترى نخلا قد ابرت الخ قَالَ أهل اللُّغَة يُقَال ابرت النّخل آبره ابرا بِالتَّخْفِيفِ كاكلته اكلا وأبرته بِالتَّشْدِيدِ أَو بره تأبيرا كعلمته أعلمهُ تَعْلِيما وَهُوَ ان يشق طلع النَّخْلَة ليذر فِيهِ شَيْء من طلع ذكر النّخل والابار هُوَ شقَّه سَوَاء حط فِيهِ شَيْء أم لَا وَلَو تأبرت بِنَفسِهَا أَي تشققت فَحكمهَا فِي البيع حكم الموبرة بِفعل الادمي هَذَا مَذْهَبنَا وَفِي هَذَا الحَدِيث جَوَاز الابار للنخل وَغَيره من الثِّمَار وَقد اجْمَعُوا على جَوَازه وَقد اخْتلف الْعلمَاء فِي حكم بيع النّخل الْمَبِيعَة بعد التَّأْبِير وَقَبله هَل تدخل فِيهَا ثَمَر عِنْد إِطْلَاق بيع النَّخْلَة من غير تعرض للثمرة بِنَفْي وَلَا إِثْبَات فَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَاللَّيْث والاكثرون ان بَاعَ النَّخْلَة بعد التَّأْبِير فثمرتها للْبَائِع الا ان يشترطها المُشْتَرِي بَان يَقُول اشْتريت النَّخْلَة بثمرتها هَذِه وان بَاعهَا قبل التَّأْبِير فثمرتها للْمُشْتَرِي فَإِن شَرطهَا البَائِع جَازَ عِنْد الشَّافِعِي والاكثرين وَقَالَ مَالك لَا يجوز شَرطهَا للْبَائِع وَقَالَ أَبُو حنيفَة هِيَ للْبَائِع قبل التَّأْبِير وَبعده فَأَما الشَّافِعِي وَالْجُمْهُور فَأخذُوا فِي المؤبرة بمنطوق الحَدِيث وَفِي غَيرهَا بمفهومه وَهُوَ دَلِيل الْخطاب وَهُوَ حجَّة عِنْدهم وَأما أَبُو حنيفَة فَأخذ بمنطوقه فِي المؤبرة وَهُوَ لَا يَقُول بِدَلِيل الْخطاب فَالْحق غير المؤبرة بالمؤبرة (نووي) قَوْله [2211] وَمن ابْتَاعَ عبدا لَهُ مَال الخ قَالَ النَّوَوِيّ وَفِي هَذَا الحَدِيث دلَالَة لمَالِك وَقَول الْقَدِيم للشَّافِعِيّ ان العَبْد إِذا ملكه سَيّده مَاله ملكه لكنه إِذا بَاعه بعد ذَلِك كَانَ مَاله للْبَائِع الا ان يشْتَرط المُشْتَرِي بِظَاهِر هَذَا الحَدِيث وَقَالَ الشَّافِعِي فِي الْجَدِيد وَأَبُو حنيفَة لَا يملك العَبْد شَيْئا أصلا وتأولا الحَدِيث على ان المُرَاد ان يكون فِي يَد العَبْد شَيْء من مَال السَّيِّد فأضيف ذَلِك المَال الى العَبْد للاختصاص وَالِانْتِفَاع لَا للْملك كَمَا يُقَال جلّ الدَّابَّة وَجل الْفرس والا فَإِذا بَاعَ السَّيِّد العَبْد فَذَلِك المَال للْبَائِع لِأَنَّهُ ملكه الا ان يشْتَرط المتباع فَيصح لِأَنَّهُ يكون قد بَاعَ شَيْئَيْنِ العَبْد وَالْمَال الَّذِي فِي يَده بِثمن وَاحِد وَذَلِكَ جَائِز انْتهى قَوْله [2212] جَمعهمَا الظَّاهِر وَالله أعلم ان الضَّمِير الْمَرْفُوع المستكن فِي قَوْله جمع رَاجع الى رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فعلى هَذَا لَا تعلق لهَذِهِ الْجُمْلَة بِالْجُمْلَةِ السَّابِقَة الشّرطِيَّة بل جَزَاء الْجمل السَّابِقَة مَحْذُوف وَهُوَ قَوْله فثمرتها للْبَائِع وَكَذَلِكَ مَال العَبْد للْبَائِع وَجُمْلَة جَمعهمَا كالتفسير لهَذَا الحكم أَي جمع رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الحكم وَهُوَ عدم تملك المُشْتَرِي ثَمَرَة النّخل وَمَال العَبْد بِأَن ثَمَرَة النّخل وَمَال العَبْد لَا يخرجَانِ عَن ملك البَائِع الا بِالشّرطِ حَاصله ان الْمُؤلف يَقُول ان رِوَايَة نَافِع عَن بن عمر رض كَرِوَايَة سَالم عَنهُ الا ان سالما روى الجملتين المشرطيتين مَعَ الِاسْتِثْنَاء على حِدة على حِدة ونافعا روى الجملتين مَجْمُوعَة مَعَ الِاسْتِثْنَاء الْوَاحِد (إنْجَاح) قَوْله [2214] لَا تَبِيعُوا الثَّمَرَة حَتَّى يَبْدُو صَلَاحهَا أَي يظْهر وَزَاد مُسلم فِي هَذِه الرِّوَايَة قَالَ أَي بن عمر يَبْدُو صَلَاحه حمرته وصفرته وَفِي رِوَايَة حَتَّى يزهو قَالَ الْخطابِيّ هَكَذَا يرْوى حَتَّى يزهو أَو الصَّوَاب فِي الْعَرَبيَّة حَتَّى يزهي والازهاء فِي الثَّمر ان يحمر أَو يصفر وَذَلِكَ عَلامَة الصّلاح فِيهَا وَدَلِيل خلاصها من الافة قَالَ النَّوَوِيّ فَإِن بَاعَ الثَّمَرَة قبل بَدو صَلَاحهَا بِشَرْط الْقطع صَحَّ بِالْإِجْمَاع قَالَ أَصْحَابنَا وَلَو شَرط الْقطع ثمَّ لم يقطع فَالْبيع صَحِيح وَيلْزمهُ البَائِع بِالْقطعِ فَإِن تَرَاضيا على ابقائه جَازَ وان بَاعهَا بِشَرْط التبقية فَالْبيع بَاطِل بِالْإِجْمَاع لِأَنَّهُ ريما تلفت الثَّمَرَة قبل اوراكها فَيكون البَائِع قد أكل مَال أَخِيه بِالْبَاطِلِ كَمَا جَاءَت بِهِ الْأَحَادِيث وَمَا إِذا شَرط الْقطع فقد انْتَفَى هَذَا الضَّرَر وان بَاعهَا مُطلقًا بِلَا شَرط فمذهبنا وَمذهب الْجُمْهُور ان البيع بَاطِل لإِطْلَاق هَذِه الْأَحَادِيث وَإِنَّمَا صححناه بِشَرْط الْقطع للاجماع فخصصنا الْأَحَادِيث بِالْإِجْمَاع فِيمَا إِذا شَرط الْقطع وَلِأَن الْعَادة فِي الثِّمَار الابقاء فَصَارَ كالمشروط وَأما إِذا بِيعَتْ الثَّمَرَة بعد بَدو صَلَاحهَا فَيجوز بيعهَا مُطلقًا وبشرط الْقطع وبشرط التبقية لمَفْهُوم هَذِه الْأَحَادِيث ثمَّ إِذا بِيعَتْ بِشَرْط التبقية أَو مُطلقًا يلْزم البَائِع بتبقيتها الى اوان الْجذاذ لِأَن ذَلِك هُوَ الْعَادة فِيهَا هَذَا مَذْهَبنَا وَبِه قَالَ مَالك وَقَالَ أَبُو حنيفَة يجب شَرط الْقطع انْتهى قَوْله بَاب بيع الثِّمَار سِنِين والجائحة قَوْله [2218] سِنِين ظرف أَي فِي سِنِين وَصورته بَاعَ الرجل ثَمَرَة بستانه الَّتِي تخرج الى أَرْبَعَة سِنِين مثلا بِقِيمَة مَعْلُومَة فَهَذَا البيع بَاطِل الْجَهَالَة الْمَبِيع كَمَا سَيَأْتِي وَقَوله والجائحة مَعْطُوف على بيع أَي بَاب الْجَائِحَة إِذا اصابت فِي النخيل وَالزَّرْع فَمَا حكمهَا (إنْجَاح) قَوْله [2219] فأصابته جَائِحَة فَلَا يَأْخُذ الخ قَالَ النَّوَوِيّ اخْتلف الْعلمَاء فِي الثَّمَرَة إِذا بِيعَتْ بعديد وَإِصْلَاح وَسلمهَا البَائِع الى المُشْتَرِي بِالتَّخْلِيَةِ بَينه وَبَينهَا ثمَّ تلفت قبل اوان الْجذاذ بِآفَة سَمَاوِيَّة هَل تكون من ضَمَان البَائِع أَو المُشْتَرِي فَقَالَ الشَّافِعِي فِي أصح قوليه وَأَبُو حنيفَة وَآخَرُونَ هِيَ من ضَمَان المُشْتَرِي وَلَا يجب وضع الْجَائِحَة لَكِن يسْتَحبّ وَقَالَ الشَّافِعِي فِي الْقَدِيم وَطَائِفَة هِيَ من ضَمَان البَائِع وَيجب وضع الْجَائِحَة وَقَالَ مَالك ان كَانَ دون الثُّلُث لم يجب وَضعهَا وانكانت الثُّلُث فَأكْثر وَجب وَضعهَا انْتهى قَوْله [2220] بِعْت من رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رجل سَرَاوِيل إِنَّمَا سَمَّاهُ رجلا بِكَسْر الرَّاء لِأَنَّهَا تلبس فِي الرجل وَالظَّاهِر ان شِرَاءَهُ كَانَ للبس وَفِي الحَدِيث أول من تسرول إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام وَأمر نَبينَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ باتباعه لَكِن مَا صَحَّ فِي الرِّوَايَة الصَّحِيحَة لبسه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ السَّرَاوِيل والْحَدِيث الَّذِي يرْوى فِي لبسه قيل هُوَ مَوْضُوع (إنْجَاح) قَوْله

[2224] فَإِذا هُوَ مغشوش أَي مبادل كَمَا جَاءَ فِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى والبل يُفِيد الثقالة فِي الطَّعَام وَأَيْضًا يتَغَيَّر بِهِ رِيحه وطعمه خُصُوصا فِي الصَّيف فيغتر بِهِ المُشْتَرِي وَفِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى ان البَائِع اعتذر انه اصابه سمأ فَقَالَ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهَلا جعلته فَوق الطَّعَام إنْجَاح الْحَاجة [2230] فَأَقُول كلت فِي وَسَقَى هَذَا الخ أَي كنت أَقُول للْمُشْتَرِي اني كلت فِي وَسقي وَهُوَ حمل الْبَعِير كَذَا أَو كَذَا أَي عشْرين صَاعا أَو ثَلَاثِينَ صَاعا مثلا فيعتمد المُشْتَرِي على قولي فادفع اليه أَو سَاق التَّمْر بكيل معِين وَأخذ شفى والشف بِفَتْح الشين وكسره وَشدَّة الْفَاء الزِّيَادَة وَالْفضل أَي اخذ فضل الْمعِين وَهُوَ الْمَشْرُوط من المُشْتَرِي من النَّقْد والحبوب فدخلني من ذَلِك شَيْء أَي شكّ وريبة بِعَدَمِ حُضُور المُشْتَرِي عِنْد الْكَيْل وَهُوَ يُفْضِي الى الْجَهَالَة والنزاع فَلذَلِك قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذا سميت الْكَيْل فكله أَي كُله عِنْد المُشْتَرِي ثَانِيًا ليزول الشُّبْهَة بجري الصاعين (إنْجَاح) قَوْله [2231] مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن الْيحصبِي نِسْبَة الى يحصب مُثَلّثَة الصَّادِر وَهُوَ حَيّ بِالْيمن وَالنِّسْبَة أَيْضا مُثَلّثَة الصَّاد لَا بِالْفَتْح فَقَط كَمَا زعم الْجَوْهَرِي كَذَا فِي الْقَامُوس (إنْجَاح) قَوْله كيلوا طَعَامكُمْ الخ أَمر للْجَمَاعَة ويبارك لكم بِالْجَزْمِ جَوَابه قَالَ بن بطال الْكَيْل مَنْدُوب اليه فِيمَا يُنْفِقهُ الْمَرْء على عِيَاله انْتهى ثمَّ السِّرّ فِي الْكَيْل انه يعرف بِهِ مَا يقوته وَمَا يستعده كَذَا فِي الْعَيْنِيّ قَالَ فِي مجمع الْبحار قَالُوا أَرَادَ ان يكيله عِنْد الْإِخْرَاج مِنْهُ لِئَلَّا يُخرجهُ أَكثر من الْحَاجة أَو أقل بِشَرْط ان يبْقى الْبَاقِي مَجْهُولا انْتهى فعلى هَذَا لَا يرد حَدِيث عَائِشَة كَانَ عِنْدِي شطر شعير مَا كلت مِنْهُ حَتَّى طَال عَليّ فكلته ففنى لِأَنَّهَا كالت مَا بَقِي وَكَذَا لَا يُعَارضهُ حَدِيث لَا توكي فيوكى الله عَلَيْك لِأَنَّهُ فِي معنى الإحصاء على الْخَادِم والتضييق اما إِذا اكتال على معنى الْمَقَادِير وَمَا يَكْفِي الْإِنْسَان فَهُوَ الَّذِي فِي حَدِيث الْبَاب كَذَا قَالَه الْعَيْنِيّ قَالَ صَاحب الْفَتْح وَالَّذِي يظْهر لي ان حَدِيث الْمِقْدَام مَحْمُول على الطَّعَام الَّذِي يَشْتَرِي فالبركة يحصل فِيهِ بِالْكَيْلِ لامتثال أَمر الشَّارِع وَإِذا لم يمتثل الْأَمر فِيهِ بالإكتيال نزعت الْبركَة مِنْهُ بشوم الْعِصْيَان وَحَدِيث عَائِشَة مَحْمُول على انها كالته للاختبار فَلذَلِك دخله النَّقْص قَالَ الْعَيْنِيّ هَذَا لَيْسَ بِظَاهِر فَكيف يَقُول حَدِيث الْمِقْدَام مَحْمُول على الطَّعَام الَّذِي يشترى بل هَذَا غير صَحِيح لِأَن البُخَارِيّ ترْجم على حَدِيث الْمِقْدَام باستحباب الْكَيْل وَالطَّعَام الَّذِي يشترى الْكَيْل فِيهِ وَاجِب فَهَذَا الظُّهُور الَّذِي رَوَاهُ يُفْضِي الى ان جعل الْمُسْتَحبّ وَاجِبا وَالْوَاجِب مُسْتَحبا انْتهى قَوْله [2232] كيلوا طَعَامكُمْ الخ قَالَ المظهري الْغَرَض من كيل الطَّعَام معرفَة مِقْدَار مَا يَبِيع الرجل وَيَشْتَرِي لِئَلَّا يكون مَجْهُولا وَكَذَا لَو لم يكل مَا ينْفق على الْعِيَال مَا يعرف مَا يدّخر لتَمام السّنة فَأمر بِالْكَيْلِ ليَكُون على علم ويقين وَمن رَاعى أمره صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يجد بركَة عَظِيمَة فِي الدُّنْيَا وَأجر عَظِيما مِصْبَاح الزجاجة قَوْله [2233] ان الزبير بن الْمُنْذر بن أبي اسيد وَهُوَ السَّاعِدِيّ وَفِي بعض النّسخ سعد بن الْمُنْذر بن أبي حميد السَّاعِدِيّ وَكِلَاهُمَا من الثَّالِثَة وَالله اعْلَم وَلَكِن صَاحب التَّقْرِيب ذكر الزبير بن الْمُنْذر بعلامة بن ماجة وَذكر سعد بن الْمُنْذر بعلامة فَضَائِل الْأَنْصَار لأبي دَاوُد وَذكر بن حجر فِي تَرْجَمَة الزبير فِي التَّهْذِيب روى لَهُ بن ماجة هَذَا الحَدِيث الْوَاحِد وَذكر الحَدِيث الْمَذْكُور بِهَذَا السَّنَد إنْجَاح الْحَاجة قَوْله ذهب الى سوق النبيط الخ النبيط جيل بِكَسْر الْجِيم أَي صنف من النَّاس ينزلون بالبطائح بَين العراقين كالنبط والانباط وَالنِّسْبَة اليه نبطى محركة ونباطي مُثَلّثَة كَذَا فِي الْقَامُوس فَلَعَلَّ ذَاك السُّوق كَانَ مَنْسُوبا إِلَيْهِم بِوَجْه مَا وَإِنَّمَا قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ هَذَا لكم للخداع فيهم وَالله أعلم (إنْجَاح) قَوْله فَلَا ينتقصن بالبخس فِي الْكَيْل وَالْوَزْن وَلَا يضربن عَلَيْهِ خراج لِأَن الْأَسْوَاق فِي الْبِلَاد حق الْعَامَّة فَلَيْسَ للأمير ان يضْرب عَلَيْهِم خراجا بِالْبيعِ وَالشِّرَاء فِيهِ كَمَا هُوَ عَادَة الظلمَة (إنْجَاح الْحَاجة) قَوْله [2234] غَدا برايه الْإِيمَان قَالَ الطَّيِّبِيّ هَذَا تَمْثِيل لبَيَان حزب الله تَعَالَى وحزب الشَّيْطَان فَمن أصبح يَغْدُو الى الْمَسْجِد كَأَنَّهُ يرفع الْإِيمَان وَيظْهر شعار الْإِسْلَام ويوهن أَمر الْمُخَالفين وَفِي ذَلِك ورد الحَدِيث فذلكم الرِّبَاط وَمن أصبح يَغْدُو الى السُّوق هُوَ من حزب الشَّيْطَان يرفع اعلامه ويشتد من شوكته وَهُوَ فِي توهين دينه انْتهى قَوْله

[2235] من قَالَ حِين دخل السُّوق الخ قَالَ الطَّيِّبِيّ انما خص السُّوق بِالذكر لِأَنَّهُ مَكَان الِاشْتِغَال عَن الله وَعَن ذكره بِالتِّجَارَة وَالْبيع وَالشِّرَاء فَمن ذكر الله تَعَالَى فِيهِ دخل فِي زمرة من قيل فِي حَقهم رجال لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَة وَلَا بيع عَن ذكر الله مِصْبَاح الزجاجة للسيوطي [2236] فِي البكور البكور والتبكير الْفِعْل أول الْوَقْت وَالْمرَاد هُنَا أول النَّهَار قَوْله [2239] بيع الْمُصراة اسْم مفعول من التصرية يُقَال صريت النَّاقة بِالتَّخْفِيفِ وصريتها بِالتَّشْدِيدِ وأصريتها إِذا حفتلها كَذَا فِي الْعَيْنِيّ والتصرية حبس اللَّبن فِي ضروع الْإِبِل وَالْغنم لتباع كَذَلِك يغتر بهَا المُشْتَرِي والمصراة هِيَ الَّتِي تفعل بهَا ذَلِك وَهِي المحفلة لمعات قَوْله فَهُوَ بِالْخِيَارِ ثَلَاثَة أَيَّام الخ قَالَ الْعَيْنِيّ ظَاهر الحَدِيث ان الْخِيَار لَا يثبت الا بعد الْحَلب وَالْجُمْهُور على انه إِذا علم بالتصرية ثَبت لَهُ الْخِيَار وَلَو لم يحلب لَكِن لما كَانَ التصرية لَا يعرف غَالِبا الا بعد الْحَلب ذكر قيدا فِي ثُبُوت الْخِيَار انْتهى قَالَ الشَّيْخ فِي اللمعات اعْلَم ان ثُبُوت الْخِيَار فِي الْمُصراة ورد صَاع من تمر أَو طَعَام هُوَ مَذْهَب الشَّافِعِي وَمَالك وَأحمد وَأبي يُوسُف مَعَ خلاف مَذْهَب أَحْمد فِي أَنه يجب على الْفَوْر أَو بعد ثَلَاثَة أَيَّام وَأما مَذْهَب أبي حنيفَة وَطَائِفَة من الْعِرَاقِيّين وَمَالك فِي رِوَايَة انه إِنَّمَا يثبت بِالشّرطِ لَا بِدُونِهِ وَلَا يجب رد صَاع لِأَنَّهُ يُخَالف الْقيَاس الصَّحِيح من كل وَجه لِأَن الأَصْل ان الشَّيْء إِنَّمَا يضمن بِالْمثلِ أَو بِالْقيمَةِ فِي بَاب الْعد وإنات أَو بِالثّمن فِي بَاب الْبياعَات الصَّحِيحَة وَهَذَا ثَابت بِالْكتاب وَالسّنة وَالْإِجْمَاع وَالْقِيَاس الصَّحِيح يَقْتَضِي وجوب الْقيمَة وَالتَّمْر لَيْسَ بِقِيمَة اللَّبن قطعا وَلَا ثمنه وَلَا مماثلة بَينهمَا صُورَة وَلَا معنى اما من حَيْثُ الصُّورَة فَظَاهر وَأما من حَيْثُ الْمَعْنى فلَان الْمثل من حَيْثُ الْمَعْنى لجَمِيع الْأَشْيَاء إِنَّمَا هُوَ الدَّرَاهِم وَالدَّنَانِير فَيكون الْعَمَل بِهِ مُوجبا لاسنداد بَاب الْقيَاس الصَّحِيح وَالْأَصْل عندنَا ان كَانَ الرَّاوِي مَعْرُوفا بِالْعَدَالَةِ وَالْحِفْظ والضبط دون الْفِقْه وَالِاجْتِهَاد مثل أبي هُرَيْرَة رض وَأنس بن مَالك رض فَإِن وَافق حَدِيثه الْقيَاس قيل بِهِ والا ترك الا لضَرُورَة وَتَمَامه فِي أصُول الْفِقْه انْتهى قَوْله [2240] من بَاعَ محفلة هِيَ الشَّاة أَو الْبَقَرَة أَو النَّاقة لَا يحلبها صَاحبهَا أَيَّامًا حَتَّى يجْتَمع لَبنهَا فِي ضرْعهَا فَإِذا احتلبها المُشْتَرِي حسبها عزيزة فزاده فِي ثمنهَا ثمَّ يظْهر لَهُ بعد ذَلِك نقص لَبنهَا عَن أَيَّام تحفيلها وَسميت محفلة لِأَن اللَّبن حفل فِي ضرْعهَا أَي جمع مِصْبَاح الزجاجة قَوْله [2242] أَن خراج العَبْد بضمانة قَالَ التِّرْمِذِيّ تَفْسِير الْخراج بِالضَّمَانِ هُوَ الرجل الَّذِي يَشْتَرِي العَبْد فيستغله ثمَّ يجد بِهِ عَيْبا فَيردهُ على البَائِع فالغلة للْمُشْتَرِي لِأَن العَبْد لَو هلك هلك من مَال المُشْتَرِي وَنَحْو هَذَا من الْمسَائِل يكون فِيهِ الْخراج بِالضَّمَانِ انْتهى قَوْله هلك من مَال المُشْتَرِي أَي لم يكن لَهُ على البَائِع شَيْء أَي الْخراج مُسْتَحقّ بِسَبَب الضَّمَان مجمع قَوْله [2243] قد استغل غلامي أَي اخذ الْغلَّة والاجرة من الْغُلَام المُشْتَرِي وَالْغلَّة الدخلة من كِرَاء دَار وَأُجْرَة غُلَام وَفَائِدَة أَرض كَذَا فِي الْقَامُوس وَصُورَة المسئلة اشْترى رجل غُلَاما وَبَقِي عِنْده أَيَّامًا ثمَّ وجد بِهِ عَيْبا أوردهُ بِشَرْط الْخِيَار فكسب العَبْد الَّذِي اكْتسب عِنْد المُشْتَرِي للْمُشْتَرِي لِأَنَّهُ إِذا هلك فِي هَذِه الْأَيَّام عِنْد المُشْتَرِي لم يرجع على البَائِع لِأَنَّهُ كَانَ فِي ضَمَان المُشْتَرِي وَالْبَاء فِي بِالضَّمَانِ مُتَعَلقَة بِمَحْذُوف تَقْدِيره الْخراج مُسْتَحقّ بِالضَّمَانِ كَذَا ذكره الطَّيِّبِيّ قَوْله [2244] عُهْدَة الرَّقِيق ثَلَاثَة أَيَّام أَي ذمَّة العَبْد على البَائِع الى ثَلَاثَة أَيَّام أَي ان المُشْتَرِي يملك الرَّد على البَائِع بوجدان الْعَيْب الى ثَلَاثَة أَيَّام ويسعه الرَّد فِيهِ وَأما بعد ثَلَاثَة أَيَّام فَلَا فَلَعَلَّ هَذَا مَحْمُول على الْعُيُوب الَّتِي تتبين فِي قَلِيل من الْمدَّة وَأما الْعُيُوب الَّتِي تعرف بالممارسة أَو الْبُرْهَان بِأَنَّهَا كَانَت عِنْد البَائِع فَلهُ الرَّد مَتى ظَهرت عِنْد الْحَنَفِيَّة وَالله أعلم وَفِي بعض الْحَوَاشِي نَاقِلا عَن النِّهَايَة مَا أصَاب المُشْتَرِي من عيب فِي الْأَيَّام الثَّلَاثَة فَهُوَ من مَال البَائِع وَيرد ان شَاءَ بِلَا بنية فَإِن وجد بِهِ عَيْبا بعد الثَّلَاثَة فَلَا يرد الا بِبَيِّنَة قلت والْحَدِيث مُضْطَرب الْمَتْن أَيْضا فَإِن فِي رِوَايَة سَمُرَة ثَلَاثَة أَيَّام وَفِي رِوَايَة عقبَة بن عَامر لَا عُهْدَة بعد أَربع وَالْعَمَل على هَذَا الحَدِيث مُشكل وَالله أعلم إنْجَاح الْحَاجة قَوْله

[2250] بَين الوالدة وَوَلدهَا قَالُوا تَخْصِيص الذّكر بهَا لوفور شَفَقَة الام أَو لوُقُوع الْقَضِيَّة فِيهَا والحقوا بهَا الْأَب وَالْجد وَالْجدّة وَالْمذهب عندنَا كَرَاهَة تَفْرِيق الصَّغِير عَن ذِي رحم محرم وَالتَّقْيِيد بالصغير يخرج الْكَبِير وحد الْكَبِير عِنْد الشَّافِعِي ان يبلغ سبع سِنِين أَو ثَمَانِي وَعِنْدنَا ان يَحْتَلِم وَقَالَ أَحْمد لَا يفرق بَين الوالدة وَوَلدهَا وان كبر واحتلم ثمَّ الْكَرَاهَة مَذْهَب أبي حنيفَة وَمُحَمّد وَعند أبي يُوسُف إِذا كَانَت الْقَرَابَة قرَابَة ولاد لَا يجوز بيع أَحدهمَا بِدُونِ الاخر عَنهُ لَا يجوز فِي الْكل لمعات لَا دَاء هُوَ الْعَيْب الْبَاطِن فِي السّلْعَة الَّذِي لم يطلع عَلَيْهِ المُشْتَرِي قَوْله وَلَا غائلة هِيَ ان يكون مسروقا فَإِذا ظهر واستحقه مَالِكه غال مَال مُشْتَرِيه الَّذِي اداه فِي ثمنه أَي اتلفه وأهلكه قَوْله وَلَا خبثه قَالَ فِي النِّهَايَة أَرَادَ بالخبثة الْحَرَام كَمَا عبر عَن الْحَلَال بالطيب والخبثة نوع من أَنْوَاع الْخبث أَرَادَ أَنه عبد رَقِيق لِأَنَّهُ من قوم لَا يحل سَبْيهمْ كمن أعْطى عهدا أَو امانا أَو من هُوَ حرفي الأَصْل (زجاجة) قَوْله [2253] الذَّهَب بِالذَّهَب رَبًّا الخ قَالَ النَّوَوِيّ أصل الرباء الزِّيَادَة يُقَال رَبًّا الشَّيْء يَرْبُو إِذا زَاد واربى الرجل إِذا عَامل بالربا وَقد أجمع الْمُسلمُونَ على تَحْرِيم الرِّبَا فِي الْجُمْلَة وان اخْتلفُوا فِي ضابطه وتفاريعه قَالَ الله تَعَالَى وَأحل الله البيع وَحرم الربوا وَالْأَحَادِيث فِيهِ كَثِيرَة مَشْهُورَة وَنَصّ النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على تَحْرِيم الرِّبَا فِي سِتَّة أَشْيَاء الذَّهَب وَالْفِضَّة وَالْبر وَالشعِير وَالتَّمْر وَالْملح فَقَالَ أهل الظَّاهِر لَا رَبًّا فِي غير هَذِه السِّتَّة بِنَاء على اصلهم فِي نفي الْقيَاس قَالَ جَمِيع الْعلمَاء سواهُم لَا يخْتَص بالستة بل يتَعَدَّى الى مَا فِي مَعْنَاهَا وَهُوَ مايشاركها فِي الْعلَّة وَاخْتلفُوا فِي الْعلَّة الَّتِي هِيَ سَبَب تَحْرِيم الرِّبَا فِي السِّتَّة فَقَالَ الشَّافِعِي الْعلَّة فِي الذَّهَب وَالْفِضَّة كَونهمَا جنس الاثمان فَلَا يتَعَدَّى الرِّبَا مِنْهُمَا الى غَيرهمَا من الموزونات وَغَيرهَا لعدم الْمُشَاركَة قَالَ وَالْعلَّة فِي الْأَرْبَعَة الْبَاقِيَة كَونهَا مطعومة فيتعدى الرِّبَا مِنْهَا الى كل مطعوم وَأما مَالك فَقَالَ فِي الذَّهَب وَالْفِضَّة كَقَوْل الشَّافِعِي وَقَالَ فِي الْأَرْبَعَة الْعلَّة فِيهَا كَونهَا تدخر للقوت وَتصْلح لَهُ فعداه الى الزَّبِيب لِأَنَّهُ كالتمرة والى القطنة لِأَنَّهَا فِي معنى الْبر وَالشعِير واما أَبُو حنيفَة فَقَالَ الْعلَّة فِي الذَّهَب وَالْفِضَّة الْوَزْن وَفِي الْأَرْبَعَة الْكَيْل فيتعدى الى مَوْزُون من نُحَاس وحديد وَغَيرهمَا والى كل مَكِيل كالجص والاشنان وَغَيرهمَا وَقَالَ سعيد بن الْمسيب وَأحمد وَالشَّافِعِيّ فِي الْقَدِيم الْعلَّة فِي الْأَرْبَعَة كَونهَا مطعومة موزونة أَو مكيلة بِشَرْط الامرين فعلى هَذَا لَا رَبًّا فِي الْبِطِّيخ والسفرجل وَنَحْوه مِمَّا لَا يُكَال وَلَا يُوزن وَأجْمع الْعلمَاء على جَوَاز بيع الربوى بربوى لَا يُشَارِكهُ فِي الْعلَّة مُتَفَاضلا ومؤجلا وَذَلِكَ كَبيع الذَّهَب بِالْحِنْطَةِ وَبيع الْفضة بِالشَّعِيرِ وَغَيره من الْمكيل وَأَجْمعُوا على انه لَا يجوز بيع الرِّبَوِيّ بِجِنْسِهِ واحدهما مُؤَجل وعَلى أَنه لَا يجوز التَّفَاضُل إِذا بيع بِجِنْسِهِ حَالا كالذهب بِالذَّهَب وعَلى انه لَا يجوز التَّفَرُّق قبل التَّقَابُض إِذا بَاعه بِجِنْسِهِ أَو بِغَيْر جنسه عَمَّا يُشَارِكهُ فِي الْعلَّة كالذهب بِالْفِضَّةِ وَالْحِنْطَة بِالشَّعِيرِ وعَلى انه يجوز التَّفَاضُل عِنْد اخْتِلَاف الْجِنْس إِذا كَانَ يدا بيد كصاع حِنْطَة بصاعي شعير وَلَا خلاف بَين الْعلمَاء فِي شَيْء من هَذَا الا مَا سَنذكرُهُ عَن بن عَبَّاس فِي تَخْصِيص الرِّبَا بِالنَّسِيئَةِ قَالَ الْعلمَاء وَإِذا بيع الذَّهَب بِذَهَب اوالفضة بِفِضَّة سميت مراطلة وَإِذا بِيعَتْ الْفضة بِذَهَب سمى صرفا وَإِنَّمَا سمى صرفا لصرفه عَن مُقْتَضى الْبياعَات من جَوَاز التَّفَاضُل والتفرق قبل الْقَبْض والتأجيل وَقيل من صريفهما وَهُوَ تسويتهما فِي الْمِيزَان انْتهى قَوْله [2256] وَالدِّرْهَم بالدرهم وَالدِّينَار بالدينار لَا فضل بَينهمَا الا وزنا هَذِه الْجُمْلَة مستأنفة مُبتَدأَة وخبرها مَحْذُوف تَقْدِير الْكَلَام الدِّرْهَم بالدرهم وَالدِّينَار بالدينار يجوز بَيْعه وَقَوله لَا فضل بَينهمَا كالتفسير لَهَا والا وزنا بدل من لَا فضل بَينهمَا والا بِمَعْنى غير وَتَقْدِير الْكَلَام هَهُنَا غير ان توزنوا وزنا مُسَاوِيا وَهُوَ معنى لَا فضل بَينهمَا فَمَعْنَى الْكَلَام الدِّرْهَم بالدرهم وَالدِّينَار بالدينار بِشَرْط ان لَا يكون التَّفَاضُل بَينهمَا من حَيْثُ الْوَزْن جَائِز بَيْعه وَالله أعلم (إنْجَاح) قَوْله [2257] سَمِعت بن عَبَّاس يَقُول غير ذَلِك أَي يَقُول ان الرِّبَا فِيمَا إِذا كَانَ أحد الْعِوَضَيْنِ بِالنَّسِيئَةِ وَأما إِذا كَانَا متفاضلين فَلَا ربوا فِيهِ أَي لَا يشْتَرط عِنْده الْمُسَاوَاة فِي الْعِوَضَيْنِ بل يجوز بيع الدِّرْهَم بِالدِّرْهَمَيْنِ يدا بيد وَنفل انه رَجَعَ عَنهُ لما بلغه حَدِيث أبي سعيد كَذَا فِي الْمرقاة (إنْجَاح) قَوْله [2258] وَيحدث ذَلِك عَنهُ أَي ينْقل هَذِه الْحِكَايَة عَن بن عَبَّاس بالشهرة لست تفردت بِسَمَاعِهِ عَنهُ وَفِي بعض النّسخ فَأخذت ذَلِك عَنهُ أَي أخذت ذَلِك الْفتيا عَن بن عَبَّاس رض كَانَ هَذَا مَذْهَب بن عَبَّاس رض قبل ان يبلغهُ هَذَا الحَدِيث عَن أبي سعيد وَغَيره فَلَمَّا بلغه الحَدِيث رَجَعَ عَن ذَلِك (إنْجَاح) قَوْله

[2259] الذَّهَب بالورق احْفَظُوا إِنَّمَا قَالَ ذَلِك سُفْيَان لكيلا يذهب ذَاهِب الى ان الرِّبَا منحصر فِي اتِّحَاد الْجِنْس فَأَشَارَ بقوله احْفَظُوا ان اتِّحَاد المعيار كالظرف والكيل مُؤثر فِي التَّحْرِيم فَلَا يجوز بيع الوزني بالوزني نَسِيئَة وان جَازَ مُتَفَاضلا فِي صُورَة اخْتِلَاف الْجِنْس إنْجَاح الْحَاجة قَوْله إِنَّمَا الربوا فِي النَّسِيئَة قَالَ بَعضهم ان هَذَا الحَدِيث مَنْسُوخ بِالْحَدِيثِ السَّابِقَة وَيدل على نسخه أَيْضا اتِّفَاق الْعلمَاء على ترك الْعَمَل بِظَاهِرِهِ قلت لَا حَاجَة الى القَوْل بالنسخ بل يُقَال انه مَحْمُول على الْأَجْنَاس الْمُخْتَلفَة فَإِنَّهُ لَا رَبًّا فِيهِ من حَيْثُ التَّفَاضُل أَو يُقَال انه مَحْمُول على غير الربويات وَهُوَ كَبيع الدّين بِالدّينِ مُؤَجّلا بَان يكون لَهُ عِنْده ثوب مَوْصُوف فيبيعه بِعَبْد مَوْصُوف مُؤَجّلا فَإِن بَاعه بِهِ حَالا جازا وَيُقَال انه مُجمل وَحَدِيث عبَادَة وَغَيره مُبين فَوَجَبَ الْعَمَل بالمبين وَينزل الْمُجْمل عَلَيْهِ (فَخر) [2262] فَلَا تفارق صَاحبك وَبَيْنك وَبَينه لبس الْوَاو فِي قَوْله وَبَيْنك حَالية واللبس بِمَعْنى الْخَلْط وَمَعْنَاهُ ان قبض الْفضة بدل الذَّهَب وَعَكسه جَائِز بِشَرْط اتِّحَاد الْمجْلس بِحَيْثُ لَا يبْقى الِاخْتِلَاط بَين البَائِع وَالْمُشْتَرِي بِأَن تَأْخُذ كل الْعِوَض فِي مجلسك وَلَا تُفَارِقهُ مَا لم تقبضه كُله وَلَا يبْقى لَك عَلَيْهِ شَيْء وَوَجهه ان هَذَا الاخذ بيع جَدِيد لِأَن البيع الأول لزم لَهُ على المُشْتَرِي الدَّنَانِير مثلا واستبدل دنانيره بِدَرَاهِم فَصَارَ هَذَا لبيع بيع صرف والنسية فِيهِ حرَام فَإِنَّهُ إِذا تبدل الْمجْلس فَصَارَ كَأَنَّهُ أعْطى الدَّنَانِير فِي مجْلِس وَأخذ الدَّرَاهِم فِي مجْلِس آخر وَهَذَا حرَام (إنْجَاح) قَوْله [2263] نهى رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَن كسر سكَّة الْمُسلمين الخ أَي عَن كسر النُّقُود المروجة من الدَّرَاهِم وَالدَّنَانِير والجائزة الرائجة وَقَوله الامن بَأْس أَي الا ان تكسر تِلْكَ السِّكَّة بِسَبَب خوف لُحُوق الضَّرَر على الْمُسلمين من الْغِشّ وَغَيره فَإِنَّهُ روى عَن بعض السّلف ان تخريب الدِّرْهَم الزيف خير من تصدق سبعين درهما فَفِي الحَدِيث النَّهْي عَن الْكسر بِثَلَاثَة شَرَائِط الشَّرْط الأول ان يكون سكَّة الْإِسْلَام وَالثَّانِي ان تكون رائجة وَالثَّالِث ان لَا يكون فِيهَا بَأْس وضرر على الْمُسلمين فَلَو ازال سكَّة الْكفَّار لم يكن موردا للنَّهْي وَكَذَا لَو ازال السِّكَّة العير الرائجة أَو الزيفة (إنْجَاح) قَوْله نهى عَن كسر سكَّة الْمُسلمين الخ قَالَ فِي النِّهَايَة أَرَادَ الدَّرَاهِم وَالدِّينَار المضروبة يُسمى كل وَاحِد مِنْهَا سكَّة لِأَنَّهُ طبع بالحديد وَاسْمهَا السِّكَّة قَوْله الا من بَأْس أَي لَا تكسر الامن أَمر يَقْتَضِي كسرهَا اما لرداءتها أَو شكّ فِي صِحَة نقدرها وَكره ذَلِك لما فِيهِ من اسْم الله تَعَالَى وَقيل لِأَن فِيهِ اضاعة المَال وَقيل إِنَّمَا نهى عَن كسرهَا على ان تُعَاد تبرا فَأَما للنَّفَقَة فَلَا وَقيل كَانَت الْمُعَامَلَة بهَا فِي صدر الْإِسْلَام عدد الا وزنا وَكَانَ بَعضهم يقْتَصّ اطرافها فنهوا عَنهُ (زجاجة) قَوْله [2265] نهى رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَن الْمُزَابَنَة وَهِي مُشْتَقَّة من الزَّبْن وَهُوَ الْمُخَاصمَة والمدافعة وَقد اتّفق الْعلمَاء على تَحْرِيم بيع الرطب بِالتَّمْرِ فِي غير الْعَرَايَا وَأَنه رَبًّا واجمعوا أَيْضا على تَحْرِيم بيع الْعِنَب بالزبيب واجمعوا أَيْضا على تَحْرِيم بيع الْحِنْطَة فِي سنبلها بحنطة صَافِيَة وَهِي المحاقلة مَأْخُوذَة من الحقل وَهُوَ الْحَرْث وَمَوْضِع الزَّرْع وَسَوَاء عِنْد جمهورهم كَانَ الرطب وَالْعِنَب على شجر أَو مَقْطُوعًا وَقَالَ أَبُو حنيفَة ان كَانَ مَقْطُوعًا جَازَ بَيْعه بِمثلِهِ من الْيَابِس (نووي) قَوْله [2269] قَالَ يحيى الْعرية الخ أَي قَالَ يحيى بن سعيد فِي تَفْسِير الْعرية ان يَشْتَرِي الرجل ثَمَر النخلات بِطَعَام أَهله الْبَاء للبدلية أَي بدل طَعَام أَهله وَالْمرَاد من الطَّعَام هَهُنَا هُوَ التَّمْر خَاصَّة لِأَنَّهُ مورد النَّهْي بِسَبَب الرِّبَا وَقَوله رطبا حَال من مفعول يَشْتَرِي أَي حَال كَون ذَلِك التَّمْر رطبا بِأَن كَانَ على رُؤُوس النّخل يخرصها تَمرا وَصورته ان يخرص الرجل ان ثَمَر النخلات مثلا عشرَة أَو سُقْ فيعطيه المُشْتَرِي ذَلِك الْمِقْدَار تَمرا يَابسا وَهَذَا غير جَائِز الا فِيمَا دون خَمْسَة أوسق عِنْد الْجُمْهُور للضَّرُورَة وَلم يجزه أَبُو حنيفَة وَقَالَ فِي تَأْوِيله ان صَاحب الْعرية رُبمَا يُعْطي الْمِسْكِين ثمَّ نخل عَن بستانه فيتحرج من دُخُوله عَلَيْهِ فيعطيه بدله تَمرا يَابسا فَلَيْسَ هَذَا فِي الْحَقِيقَة بيعا بل كَانَ التَّصَدُّق اولا بثمر النخلات ثمَّ بدله مِنْهُ الى التَّمْر لدفع حرج الْمِسْكِين وَهَذَا جَائِز لِأَن التَّمْر الْمَوْهُوب اولا لم يصر ملكا للْفَقِير مَا دَامَ مُتَّصِلا بِملك الْوَاهِب فَمَا يُعْطِيهِ من التَّمْر الْيَابِس لَا يكون عوضا عَنهُ هَل هبة مُبتَدأَة وَإِنَّمَا سمى بيعا مجَازًا (إنْجَاح) قَوْله [2272] اشْترى صَفِيَّة بسبعة أرؤس هَذَا مُخَالف لما هُوَ عِنْد النَّسَائِيّ وَغَيره من ان النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لدحية خُذ من السَّبي جَارِيَة غَيرهَا وَكَانَت وَقعت فِي سهم دحْيَة فَلَعَلَّهُ لما أمره صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأخذ الْجَارِيَة الْوَاحِدَة غَيرهَا لم يرض بذلك لِأَن صَفِيَّة كَانَت سيدتهم وَبنت رئيسهم فَعوضهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بسبعة ارؤس وَالله اعْلَم (إنْجَاح) قَوْله [2273] الرِّبَا سَبْعُونَ حوبا الْحُوب الذَّنب وَمِنْه قَوْله تَعَالَى انه كَانَ حوبا كَبِيرا أَي اثم الربوا وَلَا بُد هَذَا التَّقْدِير ليطابق قَوْله [2274] أيسرها أَن ينْكح أمه أَي يجامعه (إنْجَاح) قَوْله [2275] الرِّبَا ثَلَاثَة وَسَبْعُونَ بَابا قَالَ الْعِرَاقِيّ فِي تَخْرِيج الاحياء الْمَشْهُور انه بِالْمُوَحَّدَةِ وَكَذَا أوردهُ بن ماجة فِي أَبْوَاب التِّجَارَات وتصحف على الْغَزالِيّ بِالْمُثَنَّاةِ فَأوردهُ فِي بَاب ذمّ الجاه والرياء قَالَ وَقد روى الْبَزَّار حَدِيث بن مَسْعُود بِلَفْظ الرِّبَا بضع وَسَبْعُونَ بَابا وَالشِّرَاء مثله وَهَذِه الزِّيَادَة قد يسْتَدلّ بهَا على انه الرِّيَاء بِالْمُثَنَّاةِ لاقترانه بالشرك انْتهى (زجاجة) قَوْله

[2276] ان اخر مَا نزلت اية الرِّبَا الخ وَهِي الَّذين يَأْكُلُون الرِّبَا لَا يقومُونَ الْآيَة فَهِيَ غير مَنْسُوخَة وَلَا مشتبهة فَلِذَا لم يُفَسِّرهَا النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوْله فدعوا الرِّبَا والريبة أَي فاتركوا الْحِيلَة فِي حلهَا وَهِي المُرَاد بالريبة طيبي قَوْله فدعوا الرِّبَا والريبة قَالَ فِي النِّهَايَة قيل إِنَّمَا هِيَ ربية من الرِّبَا كالحبية من الاحتباء والربية بِضَم الرَّاء وخفة لُغَة فِي الرِّبَا وَالْقِيَاس ربوة وَالَّذِي جَاءَ فِي الحَدِيث ربية بِالتَّشْدِيدِ لم تعرف فِي اللُّغَة قَالَ الزَّمَخْشَرِيّ سَبِيلهَا ان تكون فعولة من الرِّبَا زجاجة للسيوطي [2280] إِلَى أجل مَعْلُوم قَالَ الْعَيْنِيّ والْحَدِيث حجَّة على الشَّافِعِي وَمن مَعَه فِي عدم اشْتِرَاط الاجل وَهُوَ مُخَالفَة للنَّص الصَّرِيح ثمَّ انه اخْتلفُوا فِي حد الاجل فَقَالَ بن حزم الاجل سَاعَة فَمَا فَوْقهَا وَعند بعض أَصْحَابنَا لَا يكون أقل من نصف يَوْم وَعند بَعضهم لَا يكون أقل من ثَلَاثَة أَيَّام وَقَالَت الْمَالِكِيَّة يكره أقل من يَوْمَيْنِ وَقَالَ اللَّيْث خَمْسَة عشر يَوْمًا انْتهى قَوْله [2281] فَقَالَ ان بني فلَان أَسْلمُوا الْقَوْم من الْيَهُود أَي كنى عبد الله بن سَلام يَبْنِي فلَان عَن قوم من الْيَهُود وَأخْبر بِأَنَّهُم أَسْلمُوا أَي آمنُوا وَقَوله من عِنْده هَذِه جملَة شَرْطِيَّة محذوفة الْجَزَاء أَي من كَانَ عِنْده شَيْء من المَال فليسلم إِلَيْهِم أَي فليعقد عقد السّلم مَعَهم وَعَلِيهِ يدل قَوْله فَقَالَ رجل من الْيَهُود عِنْدِي كَذَا وَكَذَا وَقَوله لَيْسَ من حَائِط بني فلَان أَي لَيْسَ هَذَا الشَّرْط مُعْتَبرا فِي الشَّرْع لِأَن بعض الْحِيطَان يهْلك ثمارها فِي بعض الاحيان فَلَيْسَ فِي وسع الرجل الايفاء من حَائِط معِين بل يَكْفِي فِي بَيَان الْمُسلم فِيهِ الْقدر وَالْجِنْس وَالصّفة وَالنَّوْع والاجل (إنْجَاح) قَوْله [2282] فِي السّلم يَعْنِي هَل يجوز السّلم الى من لَيْسَ عِنْده الْمُسلم فِيهِ فِي تِلْكَ الْمدَّة قَالَ الْكُوفِيُّونَ وَالثَّوْري وَالْأَوْزَاعِيّ ان السّلم لَا يجوز الا ان يكون الْمُسلم فِيهِ مَوْجُودا فِي أَيدي النَّاس فِي وَقت العقد الى حِين حُلُول الاجل فَإِن انْقَطع فِي شَيْء من ذَلِك لم يجز وَهُوَ مَذْهَب بن عمر رض وَابْن عَبَّاس رض وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد وَإِسْحَاق وَأَبُو ثَوْر يجوز السّلم فِيمَا هُوَ مَعْدُوم فِي أَيدي النَّاس إِذا كَانَ مَأْمُون الْوُجُود عِنْد حُلُول الاجل فِي الْغَالِب فَإِن كَانَ يَنْقَطِع لم يجز عَيْني قَوْله [2283] الى غَيره الضَّمِير فِي غَيره اما رَاجع الى الْمُخَاطب أَي لاتبعه من غير قبل الْقَبْض أَو الى الشَّيْء أَي لَا تتبدل الْمَبِيع قبل الْقَبْض بِغَيْرِهِ سيد قَوْله [2284] حَتَّى يَبْدُو صَلَاحه اسْتدلَّ بَعضهم بِهَذَا الحَدِيث وَنَحْوه على جَوَاز السّلم فِي النّخل الْمعِين من الْبُسْتَان الْمعِين لَكِن بعد بَدو صَلَاحه وَهُوَ مَذْهَب الْمَالِكِيَّة أَيْضا وَهَذَا الِاسْتِدْلَال ضَعِيف قَالَ بن الْمُنْذر اتِّفَاق الْأَكْثَر على منع السّلم فِي بُسْتَان معِين لِأَنَّهُ غرر وَهُوَ مَذْهَب أبي حنيفَة أَيْضا عَيْني مُخْتَصرا قَوْله السّلم فِي الْحَيَوَان قَالَ التِّرْمِذِيّ اخْتلفُوا فِي السّلم فِي الْحَيَوَان فَرَأى بعض أهل الْعلم من أَصْحَاب النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَغَيرهم السّلم فِي الْحَيَوَان جَائِزا وَهُوَ قَول الشَّافِعِي وَأحمد وَإِسْحَاق وَكره بعض أهل الْعلم من أَصْحَاب النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَغَيرهم السّلم فِي الْحَيَوَان وَهُوَ قَول الثَّوْريّ وَأهل الْكُوفَة انْتهى لِأَن الْحَيَوَان لَا يتَعَيَّن لاجل التَّفَاوُت الْفَاحِش فِي افراده وَحَدِيث الْبَاب لَيْسَ فِيهِ دَلِيل على جَوَاز السّلم إِذا السّلف رُبمَا يُطلق على الْقَرْض فَالظَّاهِر انه المُرَاد فِي حَدِيث الْبَاب يدل عَلَيْهِ قَوْله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذا جَاءَ أهل الصَّدَقَة فقضيناك لِأَنَّهُ لَيْسَ اجلا مَعْلُوما (إنْجَاح) قَوْله [2285] استسلف أَي اقرض فِيهِ حجَّة لمن قَالَ بِجَوَاز قرض الْحَيَوَان وَهُوَ قَول الْأَوْزَاعِيّ وَاللَّيْث وَمَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد وَإِسْحَاق وَأجَاب المانعون بِأَنَّهُ مَنْسُوخ بأية الربوا وَهُوَ قَول أبي حنيفَة وفقهاء الْكُوفَة قَالُوا ان استقراض الْحَيَوَان لَا يجوز فَلَا يجوز الاستقراض الا مِمَّا لَهُ مثل كالمكيلات والموزونات والعدديات المتقاربة فَلَا يجوز قرض مَا لَا مثل لَهُ لِأَنَّهُ لَا سَبِيل الى إِيجَاب رد الْعين والى إِيجَاب الْقيمَة لاخْتِلَاف تَقْوِيم المقومين فَتعين ان الْوَاجِب رد الْمثل فَيخْتَص جَوَازه بِمَالِه مثل كَذَا فِي الْعين قَوْله [2288] اشتركت انا وَسعد وعمار الخ صُورَة هَذِه الشّركَة شركَة التقبل تسمى شركَة الصَّنَائِع والاعمال والابدان وَهِي ان يتَّفقَا صانعان على ان يتقبلا الْأَعْمَال الَّتِي يُمكن اسْتِحْقَاقهَا وَمِنْه تَعْلِيم الْكِتَابَة وَالْقُرْآن وَالْفِقْه على الْمُفْتِي بِهِ وَيكون الْكسْب بَينهمَا على مَا شرطا مُطلقًا فِي الْأَصَح لِأَنَّهُ لَيْسَ بِرِبْح بل عمل فصح تقويمه كَمَا فِي الدّرّ الْمُخْتَار الظَّاهِر ان هَذِه لَيست بشركة فَاسِدَة كاحتشاش واصطياد وَسَائِر الْمُبَاحَات لِأَن الْمُقَاتلَة من جملَة الصَّنَائِع وَلِهَذَا ترى النَّاس يَأْخُذُونَ فنونها وقواعدها من اساتذة هذاالفن (إنْجَاح) قَوْله [2289] والمقارضة فسروها بالمضاربة وَهُوَ ان يدْفع الى أحد مَالا ليتجر فِيهِ وَالرِّبْح بَينهمَا على مَا يشترطان لِأَنَّهُ عقد على الضَّرْب فِي الأَرْض وَالسَّعْي فِيهَا كَذَا فِي الْقَامُوس قَوْله

[2291] وان أبي يُرِيد ان يجتاح أَي يستأصل وَمِنْه الْجَائِحَة بِمَعْنى الشدَّة والهلكة وَهَذِه النَّفَقَة وَاجِبَة على مُوسر وَلَو صَغِيرا يسَار الْفطْرَة على الارجح وَفِي الْخُلَاصَة المختاران الْكسْوَة تدخل فِي نَفَقَة أَبَوَيْهِ وَفِي الْمُنْتَقى للْفَقِير ان يسرق من ابْنه الْمُوسر مَا يَكْفِيهِ ان أَبى وَلَا قاضى ثمه والا اثم ثمَّ النَّفَقَة بَين الابْن وَالْبِنْت بِالسَّوِيَّةِ وَقيل كالارث وَبِه قَالَ الشَّافِعِي كَذَا فِي الدّرّ (إنْجَاح) [2293] خذي لَك ولولدك مَا يَكْفِيك بِالْمَعْرُوفِ وَفِي رِوَايَة البُخَارِيّ خذي مَا يَكْفِيك وولدك فَلَا اشكال فِي هَذَا التَّرْكِيب واما رِوَايَة الْمُؤلف فَلَا بُد فِيهَا من تَقْدِير لكَي يَصح عطف ولدك عَلَيْهِ بِأَن يُقَال خذي لَك ولولدك مَا يَكْفِيك وإياه ان كَانَ ولدك مجرورا وخذي أَنْت وولدك انكان مَرْفُوعا وَيحْتَمل ان يكون الْوَاو بِمَعْنى مَعَ فَيكون ولدك مَنْصُوبًا لِأَنَّهُ مفعول مَعَه وَمَعْنَاهُ عِنْد الْحَنَفِيَّة خذي من جنس حَقك مَا يَكْفِيك لَا مُطلقًا (إنْجَاح) قَوْله خذي مَا يَكْفِيك الخ فِيهِ ان من لَهُ حق على غَيره وَهُوَ عَاجز عَن اسْتِيفَائه يجوز لَهُ ان يَأْخُذ من مَاله قدر حَقه بِغَيْر اذنه قَالَ الطَّيِّبِيّ وَمنعه مَالك وَأَبُو حنيفَة وان للْمَرْأَة مدخلًا فِي كَفَالَة أَوْلَادهَا والانفاق عَلَيْهِم من مَال أَبِيهِم وان القَاضِي يقْضِي بِعِلْمِهِ لِأَن النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يكلفها بِالْبَيِّنَةِ وَقَوله بِالْمَعْرُوفِ يدل على ان النَّفَقَة بِقدر من غير اسراف وتقتير لمعات قَوْله [2295] لَا تنْفق الْمَرْأَة الخ قَالَ محيي السّنة الْعَمَل على هَذَا عِنْد عَامَّة أهل الْعلم ان الْمَرْأَة لَيْسَ لَهَا ان يتَصَدَّق بِشَيْء من مَال الزَّوْج دون اذنه وَكَذَلِكَ الْخَادِم ويأثمان ان فعلا ذَلِك وَحَدِيث عَائِشَة خَارج على عَادَة أهل الْحجاز انهم يطلقون الْأَمر للأهل وَالْخَادِم فِي الْإِنْفَاق وَالتَّصَدُّق مِمَّا يكون فِي الْبَيْت إِذا حضرهم السَّائِل أَو نزل بهم الضَّيْف وخصهم على لُزُوم تِلْكَ الْعَادة طيبي قَوْله [2296] يُجيب دَعْوَة الْمَمْلُوك مطابقته بالترجمة ان دَعْوَة الْمَمْلُوك مَا كَانَ الا من مَال سَيّده فَلَو لم يكن هَذَا الْعَطاء جَائِزا للْعَبد لما قبل دَعوته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهَذَا مَحْمُول فِيمَا يتَسَامَح بِهِ سَيّده وَلَا يتَضَرَّر بِهِ كاعطاء اللُّقْمَة القليلة مثلا أَو يُجِيز سَيّده هَذِه التَّصَرُّفَات فِي حَقه فَصَارَ ماذونا فِيهِ وَفِيه دَلِيل على كَمَال تواضعه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إنْجَاح) قَوْله [2297] فَقلت لَا انْتهى أَي لَا أمتنع من إطْعَام مِسْكين إِذا استطعمني فَقَالَ النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لمَوْلَاهُ الْأجر بَيْنكُمَا فَلم تَمنعهُ وَلَعَلَّ مَوْلَاهُ علم أَن الْأجر بإعطائه مُحَصل لَهُ فَيبقى النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا انتقش فِي ذهنه (إنْجَاح) قَوْله مَا اطعمته إِذا كَانَ جائعا أَو ساغبا وهما بِمَعْنى وَاحِد أَي كَانَ اللَّازِم عَلَيْك اطعامه فِي حَالَة الْجُوع لِأَنَّهُ كَانَ ضيفا لَك وَقَوله [2298] وَلَا عَلمته إِذا كَانَ جَاهِلا بِأَن مَال الْغَيْر لَا يحل لَك فَإِن الْجَاهِل العَاصِي يعْذر وَقد رخص بَعضهم لِابْنِ السَّبِيل فِي أكل الثِّمَار للْغَيْر لما روى عَن بن عمر كَمَا سَيَأْتِي إِذا مر أحدكُم بحائط الخ وَعند أَكْثَرهم لَا يُبَاح الا بِإِذن الْمَالِك الا لضَرُورَة المجاعة وحملوا أَحَادِيث الْبَاب على ذَلِك لِأَنَّهَا لَا تقادم النُّصُوص الَّتِي وَردت فِي تَحْرِيم مَال الْمُسلم والمضطر ان وجد ميتَة وَطَعَامًا لغيره الْأَصَح عندنَا ان يَأْكُل الْميتَة لَا الطَّعَام ذكره الطَّيِّبِيّ (إنْجَاح) قَوْله [2299] وكل مِمَّا سقط تقدم تَحْقِيقه سَابِقًا وَحمل بَعضهم هَذَا الْأَمر على الْعرف فَإِن عرف بعض الْبِلَاد انهم لَا يمْنَعُونَ من أَخذ مَا سقط فِي اسافل الشّجر عِنْد عدم اتِّخَاذ الخبنة فجريان الْعرف دَلِيل قوي على عدم تَحْرِيمهَا فَإِن الْعرف لَهُ مدْخل عَظِيم فِي الْحل وَالْحُرْمَة كَمَا بَين فِي كتب الْفِقْه (إنْجَاح) قَوْله [2302] فينتثل طَعَامه أَي يسْتَخْرج وَيُؤْخَذ من نثل الرَّكية ينثلها استخرج ترابها ونثل الكنانة استخرج نبلها ونثرها كَذَا فِي الْقَامُوس حَاصله انه كَمَا يكون لأهل الزَّرْع زراعتهم فِي تَحْصِيل الْقُوت كَذَلِك أَي يكون لأهل الضَّرع لبن مَوَاشِيهمْ فَكَمَا ان السّرقَة حرَام من مشربَة الطَّعَام والمشربة بِفَتْح الرَّاء وَقد يضم وَفتح الْمِيم الغرفة والعلية تكون لحفظ الطَّعَام كَذَلِك ضروع مَوَاشِيهمْ مَحل حفظ طعامهم وَهُوَ اللَّبن فَلَا يحل حلب مَوَاشِيهمْ بِدُونِ اذنهم (إنْجَاح) قَوْله [2303] عَن سليط بن عبد الله الطهوي بِضَم الطَّاء وَفتح الْهَاء كَذَا فِي التَّقْرِيب قَالَ فِي الْقَامُوس طهية كسمية قَبيلَة وَالنِّسْبَة طهوى بِسُكُون الْهَاء وَضم الطَّاء وَفتحهَا وَقد يفتح هاءهما إنْجَاح الْحَاجة لمولانا الْمُعظم الْمُحدث الشَّيْخ عبد الْغَنِيّ المجددي الدهلوي قَوْله إِذْ رَأينَا بِلَا مصرورة بعضاه الشّجر الخ المصرورة من صر النَّاقة وَبهَا يصرها بِالضَّمِّ صرا شدّ ضرْعهَا كَذَا فِي الْقَامُوس وَفِي الْمجمع من عَادَتهم ان تصر ضروع الحلوبات إِذا أرْسلت الى المرعى فَإِذا راحت عشيا حلت تِلْكَ الاصرة وحلبت فَهِيَ مصرورة ومصررة والصرار بِكَسْر أَوله الرِّبَاط انْتهى والعضاة والعضاهة بِالْكَسْرِ أعظم الشّجر والخبط أَو كل ذَات شوك أَو مَا طَال مِنْهَا وَعظم والعضة كعنب والقمة بِالْكَسْرِ وَتَشْديد الْمِيم بِمَعْنى الشَّحْم وَالسمن وَهَهُنَا بِمَعْنى الْقُوت من قَوْلهم قُمْت الشَّاة أَي أكلت وقم الرجل أَي أكل مَا على الخوان كَذَا فِي الْقَامُوس وَقَوله بعد الله أَي بعد حفظ الله تَعَالَى وحمايته لَهُ هَذَا الرزق بِسَبَب ظَاهر التقوية ابدانهم (إنْجَاح) قَوْله إِذا رَأينَا ابلا مصرورة قَالَ فِي النِّهَايَة كَانَ من عَادَة الْعَرَب إِن تصر ضروع الحلوبات إِذا أرسلوها إِلَى المراعي سارحة ويسمون ذَلِك الرباطة فَإِذا رجعت عشيا حلت تِلْكَ الأصرة وحليت فَهِيَ مصرورة ومصررة قَوْله بعضاه الشّجر العضاه شجر أم غيلَان وكل شجر عَظِيم لَهُ شوك الْوَاحِد عضة بِالتَّاءِ واصله عضهة وَقيل واحده عضاهة وعضهت العضة قطعتها (زجاجة) قَوْله

[2305] الْإِبِل عز لأَهْلهَا الخ أَي سَبَب الْغرُور والتكبر كَمَا فِي الحَدِيث الاخر الْخُيَلَاء فِي الْفَدادِين من أهل الْوَبر والسكنية فِي أهل الْغنم وَقَوله وَالْخَيْر مَعْقُود الخ إِشَارَة الى فَضِيلَة الْجِهَاد (إنْجَاح) [2307] باتخاذ الْغنم الخ قَالَ الشَّوْكَانِيّ حَدِيث أَمر رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الاغنياء باتخاذ الْغنم وامر الْفُقَرَاء باتخاذ الدَّجَاج رَوَاهُ بن عدي عَن بن عَبَّاس مَرْفُوعا وَكَذَا الْعقيلِيّ وَقَالَ لَا يَصح وَفِي إِسْنَاده على بن عُرْوَة وَضاع قلت وَكَذَلِكَ سَاقه الْمُؤلف من طَرِيق عَليّ بن عُرْوَة ذكر فِي التَّقْرِيب على بن عُرْوَة الْقرشِي الدِّمَشْقِي مَتْرُوك من الثَّامِنَة (إنْجَاح) قَوْله [2308] فقد ذبح بِغَيْر سكين قَالَ فِي النِّهَايَة مَعْنَاهُ التحذير من طلب الْقَضَاء والحرص عَلَيْهِ أَي من تصدى للْقَضَاء وتولاه فقد تعرض للذبح فليحذر وَالذّبْح هُنَا مجَاز عَن الْهَلَاك فَإِنَّهُ من أسْرع أَسبَابه وَقَوله بِغَيْر سكين يحْتَمل وَجْهَيْن أَحدهمَا الذّبْح فِي الْعرف إِنَّمَا يكون بالسكين قعدل عَنهُ ليعلم ان الَّذِي أَرَادَ بِهِ مَا يخَاف عَلَيْهِ من هَلَاك دينه دون هَلَاك بدنه وَالثَّانِي ان الَّذِي يَقع بِهِ رَاحَة للذبيحة وخلاصها من الالم إِنَّمَا يكون بالسكين فَإِذا ذبح بِغَيْر سكين كَأَنَّهُ ذبحه تعذيبا لَهُ فَضرب بِهِ الْمثل ليَكُون ابلغ فِي الحذر وَأَشد فِي التوقي مِنْهُ مِصْبَاح الزجاجة قَوْله فقد ذبح بِغَيْر سكين قَالَ الطَّيِّبِيّ أَرَادَ بِهِ الْقَتْل بِغَيْر سكين كالخنق والتغريق وَنَحْوه فَإِنَّهُ اصعب أَو أَرَادَ هَلَاك دينه وشتان بَين ذبحتين فَإِن الذّبْح بالسكين عناء سَاعَة والاخر عناء عمر وَيُمكن ان يُقَال أَرَادَ انه جعل قَاضِيا فَيَنْبَغِي ان يَمُوت جَمِيع دواعيه الخبيثة وشهواته الردية وَعَلِيهِ فالقضاء مَرْغُوب فِيهِ وَعلي الْأَوَّلين مرهوب عَنهُ فَإِن خطره كثير لِأَنَّهُ قَلما عدل القَاضِي لِأَن النَّفس مائلة الى من يُحِبهُ ويخدمه أَو من لَهُ منصبة يتَوَقَّع جاهه انْتهى قَوْله [2313] لعنة الله على الراشي وَهُوَ الْمُعْطِي والمرتشي وَهُوَ الاخذ وَإِنَّمَا يلحقهما الْعقُوبَة إِذا اسْتَويَا فِي الْقَصْد والإرادة فرشى الْمُعْطِي لينال بِهِ بَاطِلا ويتوصل بِهِ الى ظلم فَأَما إِذا أعْطى ليتوصل بِهِ الى حق أَو ليدفع بِهِ عَن نَفسه مضرَّة فَإِنَّهُ غير دَاخل فِي هَذَا الْوَعيد هَذَا مَا قَالَه الطَّيِّبِيّ وَقَالَ الشَّيْخ هَذَا يَنْبَغِي ان يكون فِي غير الْقُضَاة والولاة لِأَن السَّعْي فِي إِصَابَة الْحق الى مُسْتَحقّه وَدفع الظُّلم عَن الْمَظْلُوم وَاجِب عَلَيْهِم فَلَا يجوز لَهُم الاخذ عَلَيْهِ وَأَيْضًا قيل إِذا كَانَ عمل يسْتَأْجر عَلَيْهِ بِمِقْدَار هَذِه الْأُجْرَة فيأخذها لَا يحرم واما كلمة أَو عمل قَلِيل لَا يُؤْخَذ عَلَيْهِ هَذِه الْأُجْرَة فَهُوَ حرَام انْتهى قَوْله [2315] لقلنا ان القَاضِي الخ جَزَاء لَوْلَا حَدِيث بن بُرَيْدَة الخ يَعْنِي حَدِيث بن بُرَيْدَة نفي هَذَا الحكم وَهُوَ ان القَاضِي الْمُجْتَهد فِي الْجنَّة لِأَنَّهُ فِي حَدِيثه رجل علم الْحق فَقضى بِهِ وَالْعلم يُنَافِي الِاجْتِهَاد فَإِن الْمُجْتَهد بَين الظنين وبالعلم يبْقى الظَّن الْوَاحِد وَهُوَ الصَّوَاب لَكِن هَذَا الحَدِيث مَحْمُول على التهديد والا فالمجتهد الْمُصِيب لَهُ اجران والمخطئ لَهُ أجر وَاحِد كَمَا مر من حَدِيث عَمْرو بن الْعَاصِ وَإِذا حمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِين قَالَ معَاذ اجْتهد برأيي بعد كتاب الله وَسنة رَسُوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَو لم يكن الْأَمر كَذَلِك بِحَيْثُ لَا يحكم على النَّاس بِالِاجْتِهَادِ فِي قضاياهم لهلكوا وَفَسَد مَعَايشهمْ لِأَن كل حكم من الاحكام يرْوى بِعَيْنِه الْبَتَّةَ وَلذَلِك روى عَن بعض السّلف لَو لم يعْذر الله تَعَالَى دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام حِين حكم فِي نفش غنم الْقَوْم فِي زرع الْغَيْر وَخَالفهُ سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام فَحَمدَ سُلَيْمَان يَقُوله ففهمناها سُلَيْمَان وَعذر دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام بقوله وكلا اتيناه حكما وعلما لهلك الْقُضَاة إنْجَاح الْحَاجة لمولانا الْمُعظم الشَّيْخ عبد الْغَنِيّ المجددي الدهلوي عَم فيضهم قَوْله لقلنا ان القَاضِي الخ أَقُول قد خَفِي وَجه التطبيق على أبي هَاشم والا فَلَا تعَارض بَينهمَا لِأَن قَول الْحَاكِم إِذا اجْتهد فَلهُ أجر وان أَخطَأ فِيمَا إِذا كَانَ مُسْتَوْفيا بشرائط الِاجْتِهَاد وبذل وَسعه فِي اسْتِخْرَاج الحكم من المدارك الشَّرْعِيَّة وَقَوله قضى النَّاس على جهل فِيمَا إِذا لم يكن مُسْتَوْفيا شَرَائِط الِاجْتِهَاد أَو لم يبْذل وَسعه فِي اسْتِخْرَاج الحكم من المدارك الشَّرْعِيَّة بل اسْتندَ الى الرَّائِي الْمَحْض لمولانا الْمُحدث الشَّيْخ عبد الْعَزِيز الدهلوي قدس سره قَوْله

[3317] وَلَعَلَّ بَعْضكُم ان يكون الحن الخ قَالَ فِي النِّهَايَة اللّحن الْميل عَن جِهَة الاسْتقَامَة لحن فِي كَلَامه إِذا مَال عَن صَحِيح الْمنطق أَرَادَ ان بَعْضكُم يكون اعرف بِالْحجَّةِ وافطن لَهَا من غَيره لحنت لفُلَان إِذا قلت لَهُ قولا تفهمه وتخفي على غَيره لِأَنَّك تميله بالتورية عَن الْوَاضِح الْمَفْهُوم انْتهى قَالَ النَّوَوِيّ فَإِن قيل هَذَا يدل على انه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد يقر على الْخَطَأ وَقد اطبق الاصوليون على انه لَا يقر عَلَيْهِ أُجِيب بِأَنَّهُ فِيمَا حكم الِاجْتِهَاد وَهَذَا فِي فصل الْخُصُومَات بِالْبَيِّنَةِ والاقرار والنكول وَهُوَ حجَّة لِلْجُمْهُورِ والائمة الثَّلَاثَة على أبي حنيفَة فِي انه يحل وطي من حكم بنكاحها زور وَلَا يحل الْأَمْوَال مَعَ ان الابضاع أولى بِالِاحْتِيَاطِ انْتهى قَالَ الطَّيِّبِيّ اللّحن صرف الْكَلَام عَن سنَنه بِإِزَالَة اعراب أَو تَصْحِيف وَهُوَ المذموم لَا لصرف بِنَحْوِ تَعْرِيض أَي هُوَ أبين كلَاما واقدر على الْحجَّة وَنبهَ بقوله إِنَّمَا انا بشر ان الْوَضع الْبُشْرَى يَقْتَضِي ان لَا يدْرك من الْأُمُور الا ظَاهرهَا وعصمته انما هُوَ عَن الذُّنُوب فَإِنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يُكَلف فِيمَا لم ينزل الا مَا كلف غَيره وَهُوَ الِاجْتِهَاد انْتهى قَوْله قِطْعَة من نَار قَالَ الْكرْمَانِي أَي حرَام عَلَيْهِ مرجعه النَّار وَفِيه ان حكم الْحَاكِم لَا ينعذ بَاطِنا وَلَا يحل حَرَامًا [2321] لَو يعْطى النَّاس الخ قَالَ النَّوَوِيّ هَذَا الحَدِيث قَاعِدَة كَبِيرَة من قَوَاعِد احكام الشَّرْع فَفِيهِ انه لَا يقبل قَول الْإِنْسَان فِيمَا يَدعِيهِ بِمُجَرَّد دَعْوَاهُ بل يحْتَاج الى بَيِّنَة أَو تَصْدِيق الْمُدَّعِي عَلَيْهِ فَإِن طلب يَمِين الْمُدعى عَلَيْهِ فَلهُ ذَلِك وَقد بَين صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الحكم فِي كَونه لَا يعْطى بِمُجَرَّد دَعْوَاهُ لِأَنَّهُ لَو كَانَ أعْطى بمجردها لادعى قوم دِمَاء قوم وَأَمْوَالهمْ واستبيح وَلَا يُمكن الْمُدعى عَلَيْهِ ان يصون مَاله وَدَمه وَأما الْمُدَّعِي فيمكنه صيانتها بِالْبَيِّنَةِ وَفِي هَذَا الحَدِيث دلَالَة لمَذْهَب أبي حنيفَة وَالشَّافِعِيّ وَالْجُمْهُور من سلف الْأمة وَخَلفهَا ان الْيَمين تتَوَجَّه على كل من ادّعى عَلَيْهِ حق سَوَاء كَانَ بَينه وَبَين الْمُدَّعِي اخْتِلَاط أم لَا وَقَالَ مَالك وَجُمْهُور اصحابه وَالْفُقَهَاء السَّبْعَة فُقَهَاء الْمَدِينَة ان الْيَمين لَا تتَوَجَّه الا على من بَينه وَبَينه خلْطَة لِئَلَّا يبتذل السُّفَهَاء أهل الْفضل بتحليفهم مرَارًا فِي الْيَوْم الْوَاحِد فاشترطت الْخلطَة دفعا لهَذِهِ الْمفْسدَة وَاخْتلفُوا فِي تَفْسِير الْخلطَة فَقيل هِيَ مَعْرفَته بمعاملته ومدانيته بِشَاهِد أَو شَاهِدين وَقيل يَكْفِي الشُّبْهَة وَقيل هِيَ ان يَلِيق بِهِ الدَّعْوَى بِمِثْلِهَا على مثله وَقيل ان يَلِيق بِهِ ان يعاملها بِمِثْلِهَا وَدَلِيل الْجُمْهُور حَدِيث الْبَاب وَلَا أصل لاشْتِرَاط الْخلطَة فِي كتاب وَلَا سنة وَلَا إِجْمَاع انْتهى قَوْله وَلَكِن الْيَمين على الْمُدعى عَلَيْهِ وَلم يذكر فِي هَذَا طلب الْبَيِّنَة من الْمُدَّعِي لِأَنَّهُ ثَابت مُقَرر فِي الشَّرْع فَكَأَنَّهُ قَالَ الْبَيِّنَة على الْمُدَّعِي فَإِن لم يكن لَهُ بَيِّنَة فاليمين على الْمُدعى عَلَيْهِ (إنْجَاح) قَوْله [2323] وَهُوَ فِيهَا فَاجر إِنَّمَا لم يقل كَاذِب لِأَن الْكَذِب عدم مُطَابقَة الْوَاقِع وَرُبمَا لَا يكون الْخَبَر مطابقا للْوَاقِع ويعتقه الْحَالِف مطابقا لَهُ فَيحلف عَلَيْهِ وَلَا يسْتَحق الْوَعيد لِأَن معرفَة الْوَاقِع لَيْسَ فِي سَعَة وَلَا يُكَلف الله نفسا الا وسعهَا فاورد لفظ فَاجر أشعارا بَان الْوَعيد على من حلف على يَمِين كَاذِبَة مَعَ اعْتِقَاد كَونهَا كَاذِبَة لِأَن الْفُجُور إِنَّمَا يتَحَقَّق بِهِ مَوْلَانَا الْمُحدث الدهلوي الْعَلامَة الشَّيْخ عبد الْعَزِيز قدس الله اسراره قَوْله [2325] بِيَمِين آثمة أَي ذَات اثم وَلم يقل كَاذِبَة لِأَن الْكَذِب عدم مُطَابقَة الْوَاقِع وَرُبمَا لَا يكون الْخَبَر مطابقا للْوَاقِع ويعتقد الْحَالِف مطابقته فَيحلف عَلَيْهِ وَلَا يسْتَحق الْوَعيد لِأَن معرفَة الْوَاقِع لَيْسَ فِي وَسعه وَلَا يُكَلف الله نفسا الا وسعهَا فلفظه آثمة وفاجرة اشعار بِأَن الْوَعيد لمن حلف على يَمِين كَاذِبَة مَعَ اعْتِقَاد كَونهَا كَاذِبَة (إنْجَاح) قَوْله عِنْد منبري هَذَا يدل على التَّغْلِيظ فِي الْيَمين بِحَسب الْمَكَان كَمَا يغلظ بِحَسب الازمان مثل بعد صَلَاة الْعَصْر وَقيل كَانَت عَادَتهم فِي زمن النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ التخاصم فِي الْمَسْجِد عِنْد الْمِنْبَر فَيَقَع الْحلف عِنْده فَلذَلِك خص الْمِنْبَر بِالذكر لمعات قَوْله [2326] وَهُوَ أَبُو يُونُس الْقوي إِنَّمَا سمى الْقوي لقُوته على الْعِبَادَة وَالطّواف لِأَنَّهُ بَكَى حَتَّى عمي وَصَامَ حَتَّى حَتَّى صلى وَقَامَ حَتَّى قعد وعيي وَكَانَ يطوف بِالْبَيْتِ فِي الْيَوْم وَاللَّيْلَة سبعين اسبوعا كَمَا ذكره الْحَافِظ بن حجر فِي التَّهْذِيب (إنْجَاح) قَوْله [2329] ان يستهما على الْيَمين أَي اقترعا قَالَ الطَّيِّبِيّ صُورَة المسئلة ان رجلَيْنِ إِذا تداعيا مَتَاعا فِي يَد ثَالِث وَلم يكن لَهما بَيِّنَة وَقَالَ الثَّالِث لم اعْلَم بذلك فَحكمهَا ان تقرع بَين المتداعيين فَأَيّهمَا خرجت الْقرعَة يحلف مَعهَا وَيَقْضِي لَهُ بذلك الْمَتَاع يَعْنِي ان الْمُدعى عَلَيْهِ غير مُنكر بل يَقُول لَا اعْلَم لمن هُوَ فَفِي هَذِه الصُّورَة يحلف أحد المتداعيين الَّذِي خرجت لَهُ الْقرعَة وَكَانَ ذَلِك لكَون كل مِنْهُمَا مُنكر الْحق الاخر وَالله أعلم لمعات قَوْله [2330] وَلَيْسَ لوَاحِد مِنْهُمَا بَيِّنَة وَفِي رِوَايَة أبي دَاوُد فَبعث كل وَاحِد مِنْهُمَا شَاهِدين قَالَ الْقَارِي يجوز ان يكون الْقِصَّة مُتعَدِّدَة وَيجوز ان يكون متحدة الا ان الشَّهَادَتَيْنِ لما تَعَارضا تساقطا فتصيرا كمن لَا بَيِّنَة لَهما انْتهى قَوْله [2332] دخلت فِي حَائِط قوم الخ وَذَلِكَ لِأَن الْعرف على ان أَصْحَاب الحوائط يحفظونها بِالنَّهَارِ وَأَصْحَاب الْمَوَاشِي يحفظونها بِاللَّيْلِ فَإِذا حولوا الْعَادة كَانَ خَارِجا عَن رسوم الْحِفْظ هَذَا إِذا لم يكن مَالك الدَّابَّة مَعهَا فإنكان مَعهَا فَعَلَيهِ ضَمَان مَا أتلف سَوَاء كَانَ راكبها أَو سائقها أَو قائدها وَهَذَا مَذْهَب مَالك وَالشَّافِعِيّ وَذهب أَصْحَاب أبي حنيفَة الى انه إِذا لم يكن مَعهَا صَاحبهَا فَلَا ضَمَان لَيْلًا كَانَ أَو نَهَارا سيد قَوْله

[2333] فَدَفعهَا الى حَفْصَة الخ كَانَ هَذَا الضَّمَان صوريا فَإِن القصعتين كَانَتَا للنَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والا فالقصعات لَيست من ذَوَات الْأَمْثَال غَالِبا (إنْجَاح) [2334] غارت امكم من الْغيرَة الْخطاب بقوله غارت امكم عَام لكل من سمع بِهَذِهِ الْقِصَّة من الْمُؤمنِينَ اعتذارا مِنْهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِئَلَّا يكون صنيعها على مَا يذم بل يجرى على عَادَة الضرائر من الْغيرَة فَإِنَّهَا مركبة فِي نفس الْبشر بِحَيْثُ لَا يقدر ان يَدْفَعهَا عَن نَفسهَا وَقيل خطاب لمن حضر من الْمُؤمنِينَ طيبي قَوْله فَلَا يمنعهُ اخْتلفُوا فِيهِ هَل هُوَ للنَّدْب أم على الْإِيجَاب وَفِيه قَولَانِ للشَّافِعِيّ ولاصحابه أصَحهمَا النّدب وَبِه قَالَ أَبُو حنيفَة وَالثَّانِي الْإِيجَاب وَبِه قَالَ أَحْمد وَأَصْحَاب الحَدِيث وَهُوَ الظَّاهِر من قَول أبي هُرَيْرَة مَالِي أَرَاكُم عَنْهَا معرضين الخ وَذَلِكَ لأَنهم توقفوا عَن الْعَمَل بِهِ وَمعنى قَوْله [2335] لأرمين بهَا بَين اكتافكم أَي اقضي لَهَا واصرحها واوجعكم بالتقريع بهَا كَمَا يضْرب الْإِنْسَان بالشَّيْء بَين كَتفيهِ وَأجَاب الاولون بِأَن اعراضهم إِنَّمَا كَانَ لأَنهم فَهموا مِنْهُ النّدب لَا الْإِيجَاب وَلَو كَانَ وَاجِبا لما اطبقوا على الاعراض عَنهُ طيبي قَوْله [2336] من بلمغيرة أَي من بنى مُغيرَة وَقَوله اعْتِقْ أَحدهمَا أَي علق عتق عَبده على غرز خَشَبَة أَخِيه فِي جِدَاره أَي لَو أجَاز الشَّارِع بغرز خَشَبَة فِي جداري لاعتقت عَبدِي وَلذَلِك تكلّف بِبِنَاء الاسطوانه حِين علم بِالْحَدِيثِ بِاتِّفَاق رجال كثير من الْأَنْصَار قَوْله [2338] اجعلوا الطَّرِيق سَبْعَة أَذْرع يَعْنِي إِذا كَانَ طَرِيق بَين ارْض قوم أَرَادوا عمارتها فَإِن اتَّفقُوا على شَيْء فَذَاك وان اخْتلفُوا فِي قدره جعل سَبْعَة أَذْرع هَذَا مُرَاد الحَدِيث وَأما إِذا وجد طَرِيق مسلوك وَهُوَ أَكثر من سَبْعَة أَذْرع فَلَا يجوز لأحد ان يستولي على شَيْء مِنْهُ لَكِن لَهُ عمَارَة مَا حواليه من الْموَات وتملكه بالاحياء بِحَيْثُ لَا يضر المارين طيبي ولمعات قَوْله [2340] لَا ضَرَر وَلَا ضرار الضَّرَر بِكَسْر أَوله من ضاره وَالضَّرَر بِمَعْنى وَاحِد وَهُوَ خلاف النَّفْع كَذَا قَالَه الْجَوْهَرِي فالجمع بَينهمَا للتَّأْكِيد وَالْمَشْهُور ان بَينهمَا فرقا ثمَّ قيل للْأولِ الحاق مفْسدَة بِالْغَيْر مُطلقًا وَالثَّانِي الحاق مفْسدَة بِالْغَيْر على وَجه الْمُقَابلَة وَقَالَ بن حبيب الضَّرَر عِنْد أهل الْعَرَبيَّة الْإِثْم والضرار الْفِعْل فَمَعْنَى الأول لَا تدخل على أَخِيك ضَرَرا لم يدْخلهُ على نَفسه وَمعنى الثَّانِي لَا يضار أحد بِأحد وَفِيه تَفْصِيل سوى ذَلِك وَظَاهر الحَدِيث تَحْرِيم جَمِيع أَنْوَاع الضَّرَر الا بِدَلِيل لِأَن النكرَة فِي سِيَاق النَّفْي تعم وَاخْتلف المجتهدون فِي تصرف الْإِنْسَان فِي ملكه بِمَا يضر بجاره كفتح كوَّة وتعلية بِنَاء مشرف وَغَيرهمَا فأباحه الشَّافِعِي وان اضر بالمالك وَمنعه ان اضر بالمالك كَذَا ذكره بن حجر فِي الْفَتْح الْمُبين وَفِي الدّرّ يمْنَع صَاحب السّفل عَلَيْهِ علو من ان يتدا أَي يدق الوتد فِي سفله وَهُوَ الْبَيْت التحتاني أَو ينقب كوَّة بِلَا رِضَاء الاخر وَهَذَا عِنْده وَهُوَ الْقيَاس وَقَالَ الْكل يفعل مَا لَا يضر وَفِي النّصاب الأَصْل من تصرف فِي ملكه تَصرفا يضر بحارة ضَرَرا بَينا يمْنَع والا فَلَا وَعَلِيهِ الْفَتْوَى وَهَذَا الحَدِيث أخرجه الدَّارَقُطْنِيّ عَن عَائِشَة وَأبي هُرَيْرَة مَعَ الشَّك وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي سعيد وَالْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك وَقَالَ صَحِيح على شَرط مُسلم ذكره بن حجر وَفصل فِيهِ تَفْصِيلًا حسنا (إنْجَاح) قَوْله [2342] من شاق الخ الشقاق الْخلاف والعداوة كَذَا فِي الْقَامُوس وشق بِمَعْنى صَعب يُقَال شقّ عَلَيْهِ أَي اوقعه فِي الْمَشَقَّة (إنْجَاح) قَوْله [2343] يدعيان فِي خص هُوَ بِالضَّمِّ وَقيل بِالْكَسْرِ بَيت يعْمل من الْخشب والقصب وَجمعه خصاص واخصاص سمى بِهِ لما فِيهِ من الخصاص وَهِي الْفرج والأثقاب كَذَا فِي الْمجمع إنْجَاح الْحَاجة لمولانا الْمُعظم الشَّيْخ عبد الْغَنِيّ الدهلوي قَوْله عَن دهثم بمثلثة بن قرَان بِضَم الْقَاف وَتَشْديد الرَّاء العكلي وَيُقَال الْحَنَفِيّ الْيَمَانِيّ مَتْرُوك من السَّابِعَة كَذَا فِي التَّقْرِيب (إنْجَاح) قَوْله يليهم القمط بِالْكَسْرِ حَبل يشد بِهِ الاخصاص وَالْمرَاد بهَا معاقد القمط والْحَدِيث ان صَحَّ فَهُوَ دَلِيل على الْقَضَاء بِالظَّاهِرِ وَلذَا قَالَ عُلَمَائِنَا الْجِدَار لمن كَانَ جذوعه عَلَيْهِ (إنْجَاح) قَوْله [2344] فِي هَذَا الحَدِيث ابطال الْخَلَاص قيل صورته إِذا بَايع الرجل مَتَاعه من رجل اولا فَبَاعَ وَكيله من رجل آخر أَو بِالْعَكْسِ فَالْبيع للْأولِ مِنْهُمَا فَلَا يجْبر البَائِع الثَّانِي على تَخْلِيص الْمَبِيع من المُشْتَرِي الأول وان اشْترط عِنْد البيع لِأَن تصرف الأول نَافِذ قطعا (إنْجَاح) قَوْله [2345] فجزاهم الخ من التجزية أَي قسمهم وَفِي التِّرْمِذِيّ فَقَالَ لَهُ قولا شَدِيدا أَي كَرَاهَة لفعله وتغليظا لَهُ بِعِتْق العبيد كلهم وَلَا مَال لَهُ سواهُم وَعدم رِعَايَة الْوَرَثَة وَلذَا انفذه من الثُّلُث شَفَقَة على الْيَتَامَى وَدلّ الحَدِيث على ان الاعتاق فِي مرض الْمَوْت ينفذ من الثُّلُث لتَعلق حق الْوَرَثَة بِمَالِه وَكَذَا التَّبَرُّع كَالْهِبَةِ وَنَحْوهَا كَذَا فِي اللمعات (إنْجَاح) قَوْله [2346] ان رجلَيْنِ تدارا من الدرء وَهُوَ الدّفع أَي تدافعا واختصما وَذَلِكَ بَان ادّعى كل مِنْهُمَا انه اشْتَرَاهُ من فلَان وَلَعَلَّ البَائِع كَانَ غَائِبا وَلِهَذَا امرهما صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالاستهام وَهُوَ طلب السهْم من الْقرعَة (إنْجَاح) قَوْله

[2348] وَجعل عَلَيْهِ ثُلثي الدِّيَة بِنَاء على انهم شُرَكَاء فِي الدعْوَة فَإِن سوى بَينهم جعل لكل وَاحِد مِنْهُم ثلث الدِّيَة إِذْ لَا بَيِّنَة لوَاحِد مِنْهُمَا وَلذَا احْتِيجَ الى الْقرعَة فالقرعة افاد لُحُوق النّسَب من الَّذِي خرجت لَهُ الْقرعَة وَلَا يلْزم مِنْهُ سُقُوط الدَّعْوَى مُطلقًا إِذا الْقرعَة للتخصيص لَا للاثبات فقد استوفى صَاحب الْقرعَة حَقه مَعَ حقيهما فَلذَلِك حكم كرم الله وَجهه بِثُلثي الدِّيَة وَهَذَا اجْتِهَاد مِنْهُ والا فقد أخرج أَبُو دَاوُد عَن عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده ان النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قضى ان كَانَ من امة لم يملكهَا أَو من امة عاهر بهَا فَإِنَّهُ لَا يلْحق وَلَا يَرث وان كَانَ الَّذِي يدعى لَهُ هُوَ ادَّعَاهُ فَهُوَ ولد زنية من حرَّة كَانَ أَو من امة وَلذَا ضحك النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على قَضَائِهِ رض بِهَذَا الاسلوب العجيب قَوْله بَدَت نَوَاجِذه أَي أقْصَى الاضراس وَهِي أَرْبَعَة وَهِي الانياب أَو الَّتِي تلِي الانياب أَو هِيَ الاضراس كلهَا جمع ناجذ كَذَا فِي الْقَامُوس (إنْجَاح) [2349] فَرَأى أُسَامَة وزيدا وهما نائمان فِي الْمَسْجِد وَكَانَ المُنَافِقُونَ يقدحون فِي نسب أُسَامَة لكَونه اسود وَكَانَ زيد أَبيض وانكانت أم أُسَامَة وَهِي أم ايمن سَوْدَاء فَلَمَّا حكم هَذَا الْقَائِف بالحاق نسبه بزيد وَكَانَت الْعَرَب تعتمد قَول الْقَائِف فَرح النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لكَونه زاجرا لَهُم عَن اللَّعْن فِي نسبه وَلَا يلْزم من هَذَا اعْتِبَار كَون الْقَائِف فِي اثبات النّسَب فِي الشَّرْع وَإِنَّمَا الْمَقْصُود الزام الْكفَّار فِي الطعْن فِي نسبه وَهُوَ الْمَذْهَب عندنَا وَالشَّافِعِيّ وَغَيره يعتبرون القيافة كَمَا إِذا جَاءَت جَارِيَة بَين شَرِيكَيْنِ بِولد وَدعَاهُ كل وَاحِد مِنْهُمَا عندنَا يَجْعَل ولدا لكل مِنْهُمَا فِي حكم الشَّرْع لمعات قَوْله [2350] اخبرينا اشبهنا الخ صَاحب الْمقَام هوابراهيم عَلَيْهِ السَّلَام وَالْمقَام هُوَ الْحجر الَّذِي كَانَ يقوم عَلَيْهِ عِنْد بِنَاء الْكَعْبَة فاثرت قدمه اثر الشَّرِيفَة فِيهِ وَإِنَّمَا أمرت بجبر الكساء لكَي لَا يبْقى على الأَرْض اثر وَالْأَرْض سهلة النِّيَّة وَكَانَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اشبه النَّاس بإبراهيم عَلَيْهِ السَّلَام كَمَا رَوَاهُ مُسلم عَن جَابر ان النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ رَأَيْت إِبْرَاهِيم فَإِذا أقرب من رَأَيْت بِهِ شبها صَاحبكُم يَعْنِي نَفسه (إنْجَاح) قَوْله [2351] خير غُلَاما وَهُوَ مَذْهَب الشَّافِعِي وَأما عندنَا قَالُوا إِذا صَار مستغنيا بِأَن يَأْكُل وَحده وَيشْرب وَحده ويلبس وَحده قيل ويستنجي وَحده وَيتَوَضَّأ وَحده فالاب أَحَق بِهِ والخصاف قدر الِاسْتِغْنَاء بِسبع سنَن وَعَلِيهِ الْفَتْوَى وَكَذَا فِي الْكَافِر وَغَيره لَا مَا قيل أَنه يقدر بتسع لِأَن الْأَب مَأْمُور بأَمْره بِالصَّلَاةِ إِذا بلغ سبعا وَإِنَّمَا يكون ذَلِك إِذا كَانَ الْوَلَد عِنْده وَأجَاب الْحَنَفِيَّة عَن هَذَا الحَدِيث بِوَجْهَيْنِ أَحدهمَا انه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعَا ان يوفق الِاخْتِيَار الا نظر على مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي الطَّلَاق وَالنَّسَائِيّ فِي الْفَرَائِض ثمَّ خَيره وَقَالَ اللَّهُمَّ اهده لامه وَثَانِيهمَا انه كَانَ بَالغا ملتقط من المرقات [2354] قَوْله احجر عَلَيْهِ الْحجر الْمَنْع عَن التَّصَرُّفَات قَالَ التِّرْمِذِيّ الْعَمَل على هَذَا الحَدِيث عِنْد بعض أهل الْعلم وَقَالُوا يحْجر على الرجل الْحر فِي البيع وَالشِّرَاء إِذا كَانَ ضَعِيف الْعقل وَهُوَ قَول أَحْمد وَإِسْحَاق وَلم ير بَعضهم ان يحْجر على الْحر الْبَالِغ قَوْله [2355] قد أَصَابَته آمة أَي جِرَاحَة بلغت أم الدِّمَاغ وَهِي غشاء مُحِيط بمخ الدِّمَاغ وَلذَا فسد عقله والْحَدِيث دَلِيل لأبي حنيفَة انه لَا يحْجر على حر مُكَلّف لسفه وَعِنْدَهُمَا يحْجر على الْحر بالسفه والغفلة قَالَ فِي الدّرّ بقولهمَا يُفْتِي صِيَانة لمَاله إنْجَاح الْحَاجة قَوْله فَقل لَا خلابه قَالَ النَّوَوِيّ وَمعنى لَا خلابة لَا خديعة أَي لَا تحل لَك خديعتي اولا يلْزَمنِي خديعتك وَهَذَا الرجل هُوَ حبَان بن مُنْقد بن عَمْرو الْأنْصَارِيّ والديحي وواسع ابْني حبَان شَهدا أحدا وَقيل بل هُوَ وَالِده مُنْقد بن عَمْرو كَمَا فِي رِوَايَة بن ماجة وَكَانَ قد بلغ مائَة وَثَلَاثِينَ سنة وَكَانَ قد شج فِي بعض مغازيه مَعَ النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بعض الْحُصُون بجمر فأصابته فِي رَأسه مأمومة فَتغير بهَا لِسَانه وعقله لَكِن لم يخرج عَن التَّمْيِيز وَذكر الدَّارَقُطْنِيّ انه كَانَ ضريرا وَقد جَاءَ فِي رِوَايَة لَيست بثابتة ان النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جعل لَهُ مَعَ هَذَا القَوْل الْخِيَار ثَلَاثَة أَيَّام فِي كل سلْعَة يبتاعها وَاخْتلف الْعلمَاء فِي هَذَا الحَدِيث فَجعله بَعضهم خَاصّا فِي حَقه وان المغابنة بَين الْمُتَبَايعين لَازِمَة لَا خِيَار للمغبون بِسَبَبِهَا سَوَاء قلت أم كثرت وَهَذَا مَذْهَب الشَّافِعِي وَأبي حنيفَة وَآخَرين وَهِي أصح الرِّوَايَتَيْنِ عَن مَالك وَقَالَ البغداديون من الْمَالِكِيَّة للمغبون الْخِيَار لهَذَا الحَدِيث بِشَرْط ان يبلغ الْغبن ثلث الْقيمَة فَإِن كَانَ دونه فَلَا وَالصَّحِيح الأول لِأَنَّهُ لم يثبت ان النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اثْبتْ لَهُ الْخِيَار وَإِنَّمَا قَالَ لَهُ قل لَا خلابة أَي لَا خديعة وَلَا يلْزم من هَذَا ثُبُوت الْخِيَار وَلِأَنَّهُ لَو ثَبت أَو أثبت لَهُ الْخِيَار كَانَت قَضيته عين لَا عُمُوم لَهَا فَلَا ينفذ مِنْهُ الى غَيره الا بِدَلِيل انْتهى قَوْله [2356] وَلَيْسَ لكم الا ذَلِك أَي لَيْسَ لكم زَجره وحبسه لِأَنَّهُ ظهر افلاسه وَإِذا ثَبت افلاس الرجل لَا يجوز حَبسه بِالدّينِ بل يخلى ويمهل الى ان يحصل لَهُ مَال فَيَأْخُذ الْغُرَمَاء حِينَئِذٍ أَو الْمَعْنى لَيْسَ لكم فِي هَذَا الْوَقْت الا مَا أَصَابَكُم فَإِذا حصل لَهُ بعد ذَلِك مَال فتأخذون مِنْهُ بَقِيَّتكُمْ وَلَيْسَ مَعْنَاهُ انه لَيْسَ لكم ابدا الا مَا وجتم وَبَطل مَا بَقِي لكم من ديونكم قَالَ الله تَعَالَى وان كَانَ ذُو عسرة فنظرة الى ميسرَة كَذَا ذكر الطَّيِّبِيّ (إنْجَاح) قَوْله [2357] خلع معَاذ بن جبل من غُرَمَائه بِبيع مَاله كُله وَكَانَ رَضِي الله عَنهُ سخيالا يمسك شَيْئا فَلم يزل يدان حَتَّى غرق مَاله كُله فِي الدّين كَمَا رَوَاهُ سعيد فِي سنَنه وَقَوله استخلصني بِمَالي ثمَّ استعملني لِأَنَّهُ صَار فَقِيرا مُحْتَاجا فراعى رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَاله فِي الْفقر وَلم يراع فِي حُقُوق النَّاس (إنْجَاح) قَوْله

[2358] من وجد مَتَاعه الخ قد اخْتلف الرِّوَايَات عَن أبي هُرَيْرَة فِي هَذَا الْبَاب فَقَالَ فِي رِوَايَة من وجد مَتَاعه بِعَيْنِه فَهُوَ أَحَق بِهِ بِغَيْر ذكر البيع وَفِي رِوَايَة مَعَ ذكر البيع وَمَعَ قيد انه لم يكن قبض من ثمنهَا شَيْئا فَهُوَ أُسْوَة الْغُرَمَاء وَفِي رِوَايَة أَيّمَا رجل مَاتَ أَو افلس فَصَاحب الْمَتَاع أَحَق بمتاعه وَفِي رِوَايَة أَيّمَا امْرأ مَاتَ وَعِنْده مَال امْرِئ بِعَيْنِه اقْتضى مِنْهُ شَيْئا أَو لم يقتض فَهُوَ أُسْوَة للْغُرَمَاء فَقَالَ الشَّافِعِي وَأحمد إِذا أفلس الرجل أَو مَاتَ وَعِنْده مَتَاع بِعَيْنِه قد اشْتَرَاهُ فصاحبه أَحَق من غَيره وَقَالَ النَّخعِيّ وَالْحسن الْبَصْرِيّ وَابْن شبْرمَة ووكيع وَأَبُو حنيفَة وصاحباه ان البَائِع اسرة للْغُرَمَاء فِي الْمَوْت والافلاس جَمِيعًا وَقَالَ مَالك فِي الافلاس مثل قَول الشَّافِعِي وَفِي الْمَوْت مثل قَول أبي حنيفَة وَلكُل حجَّة فِي هَذِه الْأَحَادِيث فَتَأمل (فَخر) [2363] احْفَظُونِي فِي أَصْحَابِي أَي راعوني فِي حُقُوق صحبتهم لي فَإِن الصُّحْبَة لَا تعدل بهَا فَضِيلَة وَكَذَلِكَ راعوني فِي الَّذين يلون الصَّحَابَة الَّذين اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَان وهم الِاتِّبَاع ثمَّ اتِّبَاع اتباعهم انجاع قَوْله [2364] خير الشُّهُود من أدّى شَهَادَته قبل ان يسْأَلهَا قَالَ النَّوَوِيّ وَفِي المُرَاد بِهَذَا الحَدِيث تَأْوِيلَانِ أصَحهمَا تَأْوِيل مَالك وَأَصْحَاب الشَّافِعِي انه مَحْمُول على من عِنْده شَهَادَة لإِنْسَان بِحَق وَلَا يعلم ذَلِك الْإِنْسَان انه شَاهد فَيَأْتِي اليه فيخبره بِأَنَّهُ شَاهد لَهُ وَالثَّانِي انه مَحْمُول على شَهَادَة الْحِسْبَة وَذَلِكَ فِي غير حُقُوق الادميين المختصة بهم فمما تقبل فِيهِ شَهَادَة الْحِسْبَة الطَّلَاق وَالْعِتْق وَالْوَقْف والوصايا الْعَامَّة وَالْحُدُود نَحْو ذَلِك فَمن علم شَيْئا من هَذَا النَّوْع وَجب عَلَيْهِ رَفعه الى القَاضِي واعلامه بِهِ وَالشَّهَادَة قَالَ الله تَعَالَى وَأقِيمُوا الشَّهَادَة لله وَكَذَا فِي النَّوْع الأول يلْزم من عِنْده شَهَادَة لإِنْسَان لَا يعلمهَا ان يُعلمهُ إِيَّاهَا لِأَنَّهَا امانة لَهُ عِنْده وَحكى التَّأْوِيل الثَّالِث انه مَحْمُول على الْمجَاز وَالْمُبَالغَة فِي أَدَاء الشَّهَادَة بعد طلبَهَا لَا قبله كَمَا يُقَال الْجواد يُعْطي قبل السوال أَي يعْطى سَرِيعا عقب السوال السوال من غير توقف قَالَ الْعلمَاء وَلَيْسَ فِي هَذَا الحَدِيث مناقضة للْحَدِيث الاخر فِي ذمّ من يَأْتِي الشَّهَادَة قبل ان يستشهد فِي قَوْله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يشْهدُونَ وَلَا يسشتهدون وَقد تَأَول الْعلمَاء هَذَا تأويلات اصحها تَأْوِيل أَصْحَابنَا انه مَحْمُول على من مَعَه شَهَادَة لآدَمِيّ عَالم بهَا فَيَأْتِي فَيشْهد بهَا قبل ان تطلب مِنْهُ وَالثَّانِي انه مَحْمُول على شَاهد الزُّور فَيشْهد بِمَا لَا أصل لَهُ وَلم يستشهد وَالثَّالِث انه مَحْمُول على من ينْتَصب شَاهدا وَلَيْسَ هُوَ من أهل الشَّهَادَة وَالرَّابِع انه مَحْمُول على من يشْهد لقوم بِالْجنَّةِ أَو بالنَّار من غير تَوْقِيف وَهَذَا ضَعِيف انْتهى قَوْله [2365] حَتَّى بلغ فَإِن امن بَعْضكُم بَعْضًا أَي فَإِن امن بعض الدائنين بعض المديونين بِحَسب ظَنّه فَلم يتوثق بِالْكِتَابَةِ وَالشُّهُود وَالرَّهْن فَلَا حرج عَلَيْهِ وَلَيْسَ المُرَاد بالنسخ النّسخ الاصطلاحي فَإِن الْأَمر فِيمَا قبله للارشاد وَالنَّدْب وعَلى تَقْدِير التَّسْلِيم فَإِن هَذِه الشّرطِيَّة لَا يرفع الحكم السَّابِق لِأَنَّهَا مقرونة بِشَرْط الامن فالنسخ هَهُنَا بِمَعْنى التَّخْصِيص أَي ان الاحكام السَّابِقَة لمن لم يَثِق بأمانة الْمَدْيُون وَمن يَثِق بهَا فَلَا بَأْس لَهُ بِعَدَمِ الْكِتَابَة وَالشُّهُود وَالرَّهْن (إنْجَاح الْحَاجة) قَوْله [2368] قضى بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِد أَي كَانَ للْمُدَّعِي شَاهد وَاحِد فامره صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ان يحلف على مَا يَدعِيهِ بَدَلا عَن الشَّاهِد الاخر وَبِه قَالَ الْأَئِمَّة الثَّلَاثَة وَقَالَ أَبُو حنيفَة لَا يجوز الحكم بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِين بل لَا بُد من شَاهِدين بقوله تَعَالَى واستشهدوا شهيدين من رجالكم فَإِن لم يَكُونَا رجلَيْنِ فَرجل وَامْرَأَتَانِ وَقَالَ واشهدوا ذوى عدل مِنْكُم وَلَا يجوز نسخ الْكتاب بِخَبَر وَاحِد مُحْتَمل وَأَيْضًا اللَّام فِي الْبَيِّنَة وَالْيَمِين للاستغراق ليَكُون جَمِيع الْبَينَات فِي جَانب الْمُدَّعِي وَجَمِيع الْإِيمَان فِي جَانب الْمُنكر قَالَ التوربشتي وَوجه الحَدِيث عِنْد من لَا يرى الْقَضَاء بِالْيَمِينِ وَالشَّاهِد الْوَاحِد انه قضى بِيَمِين الْمُدعى عَلَيْهِ بعد ان أَقَامَ الْمُدَّعِي شَاهدا وَاحِدًا وَعجز عَن إتْمَام الْبَيِّنَة وللتوفيق بذلك لم يرَوا ان يحكموا بِأَقَلّ من ذَلِك الا بِدَلِيل قَطْعِيّ لمعات قَوْله [2372] عدلت شَهَادَة الزُّور بالاشراك بِاللَّه أَي جعلت الشَّهَادَة الكاذبة مُقَابلَة للاشراك بِاللَّه فِي الْإِثْم لِأَن الشرَاك كذب على الله بِمَا لَا يجوز وَشَهَادَة الزُّور كذب على العَبْد بِمَا لَا يجوز وَكِلَاهُمَا غير وَاقع فِي الْوَاقِع وَقَالَ الطَّيِّبِيّ انما سَاوَى قَول الزُّور والشرك لِأَن الشّرك من بَاب الزُّور فَإِن الْمُشرك زاعم ان الوثن يحِق الْعِبَادَة مرقات قَوْله [2373] لن تَزُول قد مَا شَاهد الزُّور أَي فِي العرصاة والمحشر وَمثله حَدِيث التِّرْمِذِيّ عَن بن مَسْعُود رض عَن النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَزُول قدما بن آدم يَوْم الْقِيَامَة حَتَّى يسْأَل عَن خمس عَن عمره فِيمَا افناه الحَدِيث فَمَعْنَاه انه يَدُوم شَاهد الزُّور فِي الْمَحْشَر بالمتاعب والمشاق حَتَّى يكون مآله ان يُوجب الله لَهُ النَّار (إنْجَاح) قَوْله [2374] أجَاز شَهَادَة أهل الْكتاب الخ وان اخْتلفَا مِلَّة كاليهود وَالنَّصَارَى وخصص صَاحب الدّرّ خمس مسَائِل على مَا فِي الْأَشْبَاه وَتبطل بِإِسْلَامِهِ قبل الْقَضَاء وَكَذَا بعده لَو بعقوبة كقود تجر (إنْجَاح) قَوْله

[2475] فَكل بَيْنك نحلت الخ قَالَ النَّوَوِيّ أما قَوْله نحلت فَمَعْنَاه وهبت وَفِي هَذَا الحَدِيث انه يَنْبَغِي ان يسوى بَين أَوْلَاده فِي الْهِبَة ويهب لكل وَاحِد مِنْهُم مثل الاخر وَلَا يفضل ويسوى بَين الذّكر وَالْأُنْثَى وَقَالَ بعض أَصْحَابنَا يكون الذّكر مثل حَظّ الانثيين وَالصَّحِيح الْمَشْهُور أَنه يسوى بَينهمَا بِظَاهِر الحَدِيث فَلَو فضل بَعضهم أَو وهب لبَعْضهِم دون بعض فمذهب الشَّافِعِي وَمَالك وَأبي حنيفَة انه مَكْرُوه وَلَيْسَ بِحرَام وَالْهِبَة صَحِيحَة وَقَالَ طَاوس وَعُرْوَة وَمُجاهد وَالثَّوْري وَأحمد وَإِسْحَاق وَدَاوُد هُوَ حرَام وَاحْتَجُّوا بِرِوَايَة لَا اشْهَدْ على جور وبغيرها من أَلْفَاظ الحَدِيث وَاحْتج الشَّافِعِي وموافقوه بقوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فاشهد على هَذَا غَيْرِي قَالُوا وَلَو كَانَ حَرَامًا أَو بَاطِلا لما قَالَ هَذَا الْكَلَام فَإِن قيل قَالَه تهديدا قُلْنَا الأَصْل فِي كَلَام الشَّارِع غير هَذَا وَيحْتَمل عِنْد إِطْلَاقه صِيغَة افْعَل على الْوُجُوب أَو النّدب فَإِن تعذر ذَلِك فعلى الْإِبَاحَة وَأما قَوْله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا اشْهَدْ على جور فَلَيْسَ فِيهِ انه حرَام لِأَن الْجور هُوَ الْميل عَن الاسْتوَاء والاعتدال وكل مَا خرج عَن الِاعْتِدَال فَهُوَ جور سَوَاء كَانَ حَرَامًا أَو مَكْرُوها وَقد وضح بِمَا قدمْنَاهُ ان قَوْله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اشْهَدْ على هَذَا غَيْرِي دَلِيل على انه لَيْسَ بِحرَام فَيجب تَأْوِيل الْجور على انه مَكْرُوه كَرَاهَة تَنْزِيه وَفِي هَذَا الحَدِيث ان هبة بعض الْأَوْلَاد دون بعض صَحِيحَة وانه ان لم يهب البَاقِينَ مثل هَذَا اسْتحبَّ رد الأول انْتهى يحْتَمل ان يُرَاد بِهِ الْخِيَانَة فِي امانات النَّاس وَيحْتَمل ان يُرَاد الْأَعَمّ الشَّامِل للخيانة فِي احكام الله فَتكون المُرَاد بالخائن الْفَاسِق [2380] من اعمر رجلا عمري لَهُ ولعقبه الخ قَالَ النَّوَوِيّ واما عقب الرجل فبكسر الْقَاف ويجوزاسكانها مَعَ فتح الْعين وَكسرهَا وهم أَوْلَاد الْإِنْسَان مَا تَنَاسَلُوا قَالَ أَصْحَابنَا الْعمريّ ثَلَاثَة أَحْوَال أَحدهَا ان يَقُول اعمرتك هَذِه الدَّار فَإِذا مت فَهِيَ لورثتك فَتَصِح بِلَا خلاف وَيملك بِهَذَا اللَّفْظ رَقَبَة الدَّار وَهِي هبة لَكِنَّهَا بِعِبَارَة طَوِيلَة فَإِذا مَاتَ فالدار لوَرثَته فَإِن لم يكن لَهُ وَارِث فلبيت المَال وَلَا يعود الى الْوَاهِب بِحَال الْحَال الثَّانِي ان يقْتَصر على قَوْله جَعلتهَا لَك عمرك وَلَا يتَعَرَّض لما سواهُ فَفِي صِحَة هَذَا العقد قَولَانِ للشَّافِعِيّ أصَحهمَا وَهُوَ الْجَدِيد صِحَّته وَله حكم الْحَال الأول الثَّالِث ان يَقُول جَعلتهَا لَك عمرك فَإِذا مت عَادَتْ الي أَو الى ورثتي ان كنت مت فَفِي صِحَّته خلاف عِنْد أَصْحَابنَا وَالأَصَح عِنْدهم صِحَّته وَيكون لَهُ حكم الْحَال الأول وَاعْتمد واعلى الْأَحَادِيث الصَّحِيحَة الْمُطلقَة الْعُمْرَى جَائِزَة وَقَالَ أَبُو حنيفَة بِالصِّحَّةِ كنحو مَذْهَبنَا وَبِه قَالَ الثَّوْريّ وَغَيره وَقَالَ أَحْمد تصح الْعُمْرَى الْمُطلقَة دون الموقتة فَقَالَ مَالك فِي أشهر الرِّوَايَات عَنهُ الْعُمْرَى فِي جَمِيع الْأَحْوَال تمْلِيك لمنافع الدَّار وَلَا يملك فِيهَا رُتْبَة الدَّار بِحَال انْتهى قَوْله [2382] لَا رقبى فَمن ارقب الخ صُورَة الرقبى ان يَقُول جعلت لَك هَذِه الدَّار فَإِن مت قبلك فَهُوَ لَك وان مت قبلي عَاد الي لِأَن كل وَاحِد يراقب موت صَاحبه قَالَ فِي الْهِدَايَة والرقبى بَاطِلَة عِنْد أبي حنيفَة وَمُحَمّد وَقَالَ أَبُو يُوسُف جَائِزَة لِأَن قَوْله دَار لَك تمْلِيك وَقَوله رقبى شَرط فَاسد كالعمرى وَلَهُمَا انه عَلَيْهِ السَّلَام أجَاز الْعمريّ ورد الرقبى انْتهى قَوْله [2384] كَمثل الْكَلْب الخ اعْلَم ان الرُّجُوع فِي الصَّدَقَة وَالْهِبَة بعد اقباضهما جَائِز عندنَا الا بِأَسْبَاب سَبْعَة ذكرت فِي الْفِقْه وَعند الشَّافِعِي وَمَالك وَأحمد لَا يجوز الرُّجُوع لهَذَا الحَدِيث فَإِنَّهُم حملوه على الْحُرْمَة وَلنَا قَوْله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْوَاهِب أَحَق بهبته مَا لم يثب مِنْهَا أَي لم يعوض وَهَذَا الحَدِيث لَا يدل على الْحُرْمَة لِأَن قَوْله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَالْكَلْبِ يدل على عدم حرمته لِأَن الْكَلْب غير متبعد فالقيء لَيْسَ حَرَامًا عَلَيْهِ وَالْمرَاد القنزيه عَن فعل يشبه فعل الْكَلْب كَذَا فِي اللمعات قَوْله [2387] مَا لم يثب مِنْهَا أَي مَا لم يعوض مِنْهَا قَالَ فِي الدّرّ فَإِن قَالَ خُذ عوض هِبتك أَو بدلهَا أَو فِي مقابلتها وَنَحْو ذَلِك فَقَبضهُ الْوَاهِب سقط الرُّجُوع وَلَو لم يذكر انه عوض رَجَعَ كل فِي هِبته وَهَذَا الحَدِيث دليلنا على ان الرُّجُوع عَن الْهِبَة بعد قبضهَا جَائِز الا بِأَسْبَاب سَبْعَة يجمعها حُرُوف دمع خزقه أَي الزِّيَادَة الْمُتَّصِلَة وَمَوْت أحد الْعَاقِدين والعوض وَالْخُرُوج عَن ملك الْمَوْهُوب لَهُ والزوجية والقرابة والهلاك وَعند الشَّافِعِي وَمَالك وَأحمد لَا يجوز الرُّجُوع لحَدِيث الْعَائِد فِي هِبته كَالْكَلْبِ يعود فِي قيئه ثمَّ الْأَصَح عندنَا ان الرُّجُوع مَكْرُوه تَحْرِيمًا وَقيل تَنْزِيها والْحَدِيث أَيْضا مَحْمُول على الْكَرَاهَة (إنْجَاح) قَوْله [2388] لَا يجوز لامْرَأَة فِي مَالهَا الخ أَي لَا يجوز التَّصَرُّف فِي ملاها أَيْضا الا بِإِذن زَوجهَا إِذا هُوَ ملك عصمتها أَي عصمَة النِّكَاح والعصمة بِالْكَسْرِ الْمَنْع وَإِنَّمَا يُطلق على النِّكَاح لِأَن الْمَرْأَة تمنع بِسَبَب عَن الْخطاب وَهَذَا الْأَمر بطرِيق الْمصلحَة فَإِن الْمَرْأَة رُبمَا تجترئ وَتصرف فِي مَالهَا فتفقر بذلك التَّصَرُّف والا فجماهير الْعلمَاء على خلاف ذَلِك وَالدَّلِيل على ذَلِك امضاء تصرف الصحابيات بِلَا نَكِير فَصَارَ هَذَا الْأَمر تقريرا من النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وإجماعا من الصَّحَابَة بعد ذَلِك وَالله اعْلَم (إنْجَاح) قَوْله [2392] لَا تبتع صدقتك قَالَ بن الْملك ذهب بعض الْعلمَاء الى ان شِرَاء الْمُتَصَدّق صدقته حرَام لظَاهِر الحَدِيث والاكثرون على كَرَاهَة تَنْزِيه لكَون الْقبْح فِيهِ لغيره وَهُوَ ان الْمُتَصَدّق عَلَيْهِ رُبمَا يتَسَامَح الْمُتَصَدّق فِي الثّمن بِسَبَب تقدم إحسانه فَيكون كالعائد فِي صدقته فِي ذَلِك الْمِقْدَار الَّذِي سومح (مرقاة) قَوْله [2393] فَرَأى مهْرا أَو مهرَة من أفلائها الخ الافلاء جمع فَلَو وَهُوَ مهر الْفرس أَي وَلَدهَا وَقَوله تثب كَذَا فِي نُسْخَة من وثب يثب مِثَال واوى أَي تثب مائلا الى فرسه وتطلب نزو الْفرس عَلَيْهَا للْحَمْل فكره اشترائها من اجل ان نسل الْفرس الْمُتَصَدّق بهَا يكون فِي بَيته وَفِي بعض النّسخ تنْسب من النِّسْبَة مَجْهُولا وَفِي بَعْضهَا تنتسب من الانتساب على بِنَاء الْمَعْرُوف أَي لَهَا نِسْبَة الى فرسه بِأَن كَانَت من نسلها إنْجَاح الْحَاجة لمولانا الْمُعظم الشَّيْخ عبد الْغَنِيّ الدهلوي قَوْله

[2394] ورد عَلَيْك الْمِيرَاث نِسْبَة مجازية أَي ردهَا الله عَلَيْك بِالْمِيرَاثِ وَصَارَت الْجَارِيَة ملكا لَك بِالْإِرْثِ وعادت إِلَيْك بِالْوَجْهِ الْحَلَال وَالْمعْنَى ان هَذَا لَيْسَ من بَاب الْعود فِي الصَّدَقَة لِأَنَّهُ لَيْسَ أمرا اختياريا قَالَ بن الْملك وَقيل يحب صرفهَا الى الْفَقِير لِأَنَّهَا صَارَت حَقًا لله تَعَالَى انْتهى وهذاتعليل فِي مَوضِع النَّص فَلَا يعقل (مرقاة) [2396] أصبت مَالا بِخَيْبَر قَالَ الطَّيِّبِيّ اسْمهَا ثمغ بِفَتْح الْمُثَلَّثَة وَسُكُون الْمِيم والغين الْمُعْجَمَة وَفِي الْقَامُوس ثمغ بِالْفَتْح مَال بِالْمَدِينَةِ كَانَ لعمر رَضِي الله عَنهُ وَقفه وَهَذَا يدل على ان الثمغ اسْم مَال بِالْمَدِينَةِ لَا بِخَيْبَر وَالله اعْلَم لمعات قَوْله حبست صحّح فِي النّسخ بِالتَّشْدِيدِ وَفِي مجمع الْبحار عَن الْكرْمَانِي ان شِئْت حبست أَصْلهَا هُوَ التَّشْدِيد واحبست أَي وقفت وحبست بالخفة أَي منعته وضيقت عَلَيْهِ وَحكى الخفة أَي فِي الْموقف يُرِيد ان يقف أصل الْملك ويبيح الثَّمر لمن وَقفهَا عَلَيْهِ انْتهى قَوْله [2397] احْبِسْ أَصْلهَا أَي اجْعَلْهُ وَقفا حَبِيسًا وَقَوله سبل ثَمَرَتهَا أَي ابح ثَمَرَتهَا مِمَّن وقفتها عَلَيْهِ سبلته إِذا ابحته كَأَنَّك جعلت اليه طَرِيقا مطروقة كَذَا فِي الْمجمع قَوْله [2398] الْعَارِية بِالتَّخْفِيفِ وَالتَّشْدِيد مُؤَدَّاة أَي وَاجِب على الْمُسْتَعِير اداءها وايصالها الى الْمُعير وينطبق هَذَا على الْقَوْلَيْنِ اعني القَوْل بِوُجُوب الضَّمَان فِيهَا كَقَوْل الشَّافِعِي وَالْقَوْل بِعَدَمِ وُجُوبه كَقَوْل أبي حنيفَة لَكِن على الأول تودي عينا حَال الْقيام وَقِيمَة عِنْد التّلف وَقَوله والمنحة مَرْدُودَة المنحة فِي الأَصْل بِمَعْنى الْعَطِيَّة وَالْهِبَة وَأكْثر مَا يُطلق على النَّاقة يُعْطِيهَا الرجل الاخر ليشْرب درها وَتطلق فِي غير النَّاقة أَيْضا كَمَا قَالَ الطَّيِّبِيّ المنحة مَا يمنحه الرجل صَاحبه من ذَات در ليشْرب درها أَو شَجَرَة ليَأْكُل ثَمَرهَا أَو ارضا ليزرعها وعَلى التقادير المنحة تمْلِيك الْمَنْفَعَة لَا تمْلِيك الأَصْل فَوَجَبَ اداءها لمعات قَوْله [2401] من أودع وَدِيعَة الخ الْوَدِيعَة مَا يتْرك عِنْد الْأمين وَهِي أخص من الْأَمَانَة وَلَا بُد هَهُنَا من تَقْدِير فِي الْكَلَام أَي من أودع وَدِيعَة عِنْد الْأمين فَهَلَك فِي يَده بِلَا تعدِي فَلَا ضَمَان عَلَيْهِ وَلَكِن هَذَا مَخْصُوص بِمَا إِذا كَانَت الْوَدِيعَة بِأَجْر وَاشْتِرَاط الضَّمَان على الْأمين بَاطِل بِهِ يُفْتِي كَمَا فِي الدّرّ وتفصيلها فِي كتب الْفِقْه (إنْجَاح) قَوْله بَاب الْأمين يتجر فِيهِ فيربح أَي يتجر فِي مَال الْأَمَانَة ومرجع الضَّمِير ترك لدلَالَة سِيَاق الْكَلَام وَصورته مَا إِذا كَانَ المَال وَدِيعَة عِنْد رجل أَو أَمر الرجل وَكيله بشرَاء شَيْء فاتجر فِي ذَلِك المَال الْمُودع أَو الْوَكِيل فِي المَال الْمَدْفُوع اليه بِلَا رِضَاهُ فَهَل يجوز لَهُ ذَلِك التَّصَرُّف أم لَا وَحدث الْبَاب يَقْتَضِي جَوَاز ذَلِك وَكَذَلِكَ فَحَدِيث البُخَارِيّ فِي قصَّة أَصْحَاب الْغَار الَّذِي عمل فِي فرق الارز حَتَّى جمع الْبَقر وراعيها وَبِه قَالَ بعض الْعلمَاء ان بَاعَ الرجل مَال غَيره كَانَ مَوْقُوفا على اجازته وَمن لم يجوز حمل الحَدِيث على الْوكَالَة الْمُطلقَة وَالله اعْلَم (إنْجَاح) قَوْله [2403] مطل الْغَنِيّ المطل التسويف بالعدة وَالدّين كالمماطله وَاتبع بِلَفْظ الْمَجْهُول بِإِسْكَان التَّاء وَالْمرَاد احيل من الْحِوَالَة وفليتبع بِلَفْظ الْمَعْلُوم مُخَفّفَة وَقد يشدد أَي فليقبل حوالته ومليئ بِالْهَمْزَةِ على وزن كريم وَقد يُقَال بِالْيَاءِ الْمُشَدّدَة كغنى وَالْأَمر للنَّدْب وَقيل للْوُجُوب كَذَا فِي اللمعات قَالَ السُّيُوطِيّ قَالَ الْخطابِيّ فِي ان اتبع أحدكُم ان أَصْحَاب الحَدِيث يَرْوُونَهُ بتَشْديد التَّاء وَصَوَابه بسكونها على وزن اكرم (زجاجة) قَوْله [2406] من مَعْدن قَالَ لَا خير فِيهَا وَإِنَّمَا رو هَذَا المَال لِأَن الْمَعْدن ان كَانَ فِي دَار الْإِسْلَام ووجده مُسلم أدّى خمسه لحَدِيث وَفِي الرِّكَاز الْخمس وَبَاقِيه لمَالِكهَا ان ملكت وان كَانَ فِي الْجَبَل والمفازة فللواجد وَلم يعلم انه اخذ من ملك الْغَيْر أَو الْمَفَازَة فَكَانَ التورع من اخذه أولى وَلذَلِك رده النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأدّى دينه من قبل نَفسه (إنْجَاح) قَوْله [2407] صلوا على صَاحبكُم فِيهِ زجر وَتَشْديد على الدّين والمماطلة فِي ادائه قَوْله انا اتكفل بِهِ قَالَ الطَّيِّبِيّ فِيهِ دَلِيل على جَوَاز الضَّمَان عَن الْمَيِّت وان لم يتْرك وفاءه وَهُوَ قَول أَكثر أهل الْعلم وَقَالَ أَبُو حنيفَة لَا يجوز إِذا لم يكن ترك وَفَاء انْتهى وَيُمكن ان يُقَال انه لم يكن ضَامِنا بل وعد بِأَن اؤدى دينه كَمَا هُوَ مشْعر رِوَايَة للْمُصَنف لمعات قَوْله

[2409] كَانَ الله مَعَ الدَّائِن حَتَّى يقْضِي دينه مَا لم يكن فِيمَا يكره الله أَي إِذا كَانَ الدّين فِي رِضَاء الرب لنفقة الاهل والعيال وَالتَّصَدُّق فِي نَوَائِب الْحق وَنِيَّة الْقَضَاء وَقد روى من ادان دينا بنية الْقَضَاء وكل لَهُ ملك بِالدُّعَاءِ وَقد روى عَن الصَّحَابَة والأولياء الصَّالِحين فِي ذَلِك مَالا يُحْصى وقصة الزبير قد أخرجه البُخَارِيّ فِي بَاب بركَة مَال الْغَازِي حَيا وَمَيتًا وَفِيه كَرَامَة عظمى لَهُ رضى الله عَنهُ وَكَذَلِكَ عمر رَضِي الله عَنهُ مَاتَ مديونا وقصص الصَّالِحين فِيهِ كَثِيرَة وَكَذَلِكَ قَالَ الشَّيْخ المجدد رَضِي الله عَنهُ كوشف عَليّ ان حَدِيث صَاحب الدّين مأسور بِدِينِهِ فِي حق من لم يكن فانيا فِي الله وباقيا بِهِ فَإِن هَذَا الرجل ان لخط نَفسه فَإِنَّهُ قد فنى نَفسه مَعَ حظوظها وَلذَلِك يقْضِي الله تَعَالَى دين هَذِه الْعباد من حَيْثُ لم يحتسبوا قلت وَقد جربت هَذَا الْأَمر فِي وَالِدي المرشد وَشَيْخه رحمهمَا الله تَعَالَى عَلَيْهِمَا إنْجَاح الْحَاجة لمولانا الْمُعظم الشَّيْخ عبد الْغَنِيّ المجددي الدهلوي [2411] من اخذ أَمْوَال النَّاس أَي بطرِيق الْقَرْض أَو بِوَجْه من الْمُعَامَلَات حَال كَونه يُرِيد اتلافها يَعْنِي قصد مُجَرّد الاخذ وَلَا ينظر الى الْأَدَاء قَوْله اتلفه الله يَعْنِي يذهبه من يَده فَلَا ينْتَفع بِهِ لسوء نِيَّته وَيبقى عَلَيْهِ الدّين ويعاقب بِهِ يَوْم الْقِيَامَة كَذَا فِي الْعَيْنِيّ قَوْله [2412] من الْكبر والغلول وَالدّين قَالَ الْحَافِظ أَبُو الْفضل الْعِرَاقِيّ الْمَشْهُور فِي الرِّوَايَة بِالْبَاء الْمُوَحدَة وَالرَّاء وَذكر الْجَوْزِيّ فِي جمع المسانيد عَن الدَّارَقُطْنِيّ انه الْكَنْز بالنُّون وَالزَّاي وَلذَا ذكره بن مرْدَوَيْه فِي تَفْسِير وَالَّذين يكنزون الذَّهَب وَالْفِضَّة (زجاجة) قَوْله [2413] وان قَالُوا لَا قَالَ صلوا على صَاحبكُم الخ وَإِنَّمَا يتْرك الصَّلَاة عَلَيْهِ ليحرض النَّاس على قَضَاء الدّين فِي حيوتهم والتوصل الى البرأة مِنْهَا لِئَلَّا تفوتهم صَلَاة النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا فتح الله عَلَيْهِ الْبِلَاد يُصَلِّي عَلَيْهِم وَيَقْضِي دين من لم يخلف وَفَاء قيل انه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقْضِيه من مَال مصَالح الْمُسلمين وَقيل من خَالص مَال نَفسه وَقيل هَذَا الْقَضَاء وَاجِبا عَلَيْهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقيل تبرع مِنْهُ وَاخْتلف فِي قَضَاء دين من مَاتَ وَعَلِيهِ دين فَقيل يجب قَضَاؤُهُ من بَيت المَال وَقيل لَا يجب وَمعنى هَذَا الحَدِيث ان النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ انا قَائِم بمصالحكم فِي حَيَاة أحدكُم وَمَوته وانا وليه فِي الْحَالين فغن كَانَ عَلَيْهِ دين قَضيته من عِنْدِي ان لم يخلف وَفَاء وان كَانَ لَهُ مَال فَهُوَ لوَرثَته لَا اخذ مِنْهُ شَيْئا وان خلف عيالا مُحْتَاجين ضَائِعين فليأتوا الي فعلى نَفَقَتهم ومؤنتهم (نووي) قَوْله [2416] وَمن ترك دينا أَو ضيَاعًا قَالَ فِي النِّهَايَة هُوَ الْعِيَال واصله مصدر ضَاعَ يضيع فَسمى بِهِ الْعِيَال وان كسرت الضَّاد كَانَ جمع ضائع كجائع وجياع وَقَالَ الْكرْمَانِي هُوَ بِالْفَتْح الْهَلَاك ثمَّ سمى بِهِ كل مَا هُوَ بصدد ان يضيع من ولد أَو عِيَال لَا قيم بأمرهم وَقَالَ النَّوَوِيّ وَكَانَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اولا لَا يُصَلِّي على من مَاتَ مديونا زجرا لَهُ فَلَمَّا فتح الله تَعَالَى الْفتُوح عَلَيْهِ كَانَ يقْضِي دينه وَكَانَ من خَصَائِصه وَالْيَوْم لَا يجب على الامام ذَلِك انْتهى قَوْله [2418] وَمن أنظرهُ بعد حلّه أَي بعد حُلُول أَجله وَهَذَا يتَصَوَّر فِي الدّين كَمَا ان الصُّورَة الأولى فِي الْقَرْض لِأَن التَّأْجِيل فِي الْقَرْض مَمْنُوع وَقَوله كَانَ لَهُ مثله أَي مثل مَال الدّين بَان كَانَ لَهُ مثلا على رجل الف دِرْهَم فَانْظُرْهُ الى عشرَة أَيَّام كَانَ لَهُ ثَوَاب صَدَقَة عشرَة آلَاف دِرْهَم وَفِي الصُّورَة الأولى لم يبين مِقْدَار الثَّوَاب لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ اجل معِين فَلَا يضْطَر المقروض كَمَا يضْطَر الْمَدْيُون بعد حُلُول الاجل وَالله اعْلَم (إنْجَاح) قَوْله [2420] أتجوز فِي السِّكَّة قَالَ النَّوَوِيّ التَّجَوُّز والتجاوز مَعْنَاهُمَا الْمُسَامحَة فِي الِاقْتِضَاء والاستيفاء وَقبُول مَا فِيهِ نقص يسير وَفِي هَذِه الْأَحَادِيث فضل انظار الْمُعسر والوضع عَنهُ اما كل الدّين واما بعضه من كثير أَو قَلِيل وَفضل الْمُسَامحَة فِي الِاقْتِضَاء وَفِي الِاسْتِيفَاء سَوَاء استوفى من مُوسر أَو مُعسر وَفضل الْوَضع من الدّين وانه لَا يحتقر شَيْء من افعال الْخَيْر فَلَعَلَّهُ سَبَب السَّعَادَة وَالرَّحْمَة انْتهى قَوْله [2422] خُذ حَقك فِي عفاف الْعِفَّة كف عمالا يحل لَهُ وَلَا يجمل كَذَا فِي الْقَامُوس وَالْمرَاد هَهُنَا وَالله اعْلَم اجمال الطّلب بِلَا فجور فِي القَوْل وَالْعَمَل فَإِنَّهُ قد عد من آيَات الْمُنَافِق قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذا خَاصم فجروان يطْلب مِنْهُ المَال الَّذِي يكْتَسب فِي الْعِفَّة لَا بِالْكَسْبِ الْمحرم كالعقود الْفَاسِدَة والاعمال الشنيعة قَوْله واف أَو غير واف أَي يطْلب الْحَلَال سَوَاء وَفِي بِحقِّهِ أَو لم يَفِ فَإِن اخذ المَال لَا يطيب وَالله اعْلَم (إنْجَاح) قَوْله [2425] فَتكلم بِبَعْض الْكَلَام مثل قَوْله انكم يَا بني عبد الْمطلب كثير المطل وَاسم هَذَا الرجل زيد كَمَا أخرجه الطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَابْن حبَان وَالْبَيْهَقِيّ ذكره الشَّيْخ عبد الْعَزِيز الدهلوي فِي تَفْسِير انك لعَلي خلق عَظِيم (إنْجَاح) قَوْله

[2426] حَتَّى قَالَ لَهُ احرج عَلَيْك الا قضيتني من الْحَرج وَهُوَ الضّيق أَي اوقعك فِي الْحَرج والضيق الا قضيتني بديني وَقَوله هلا مَعَ صَاحب الْحق كُنْتُم أَي اللَّائِق بشأنكم ان تَكُونُوا مَعَ صَاحب الْحق وَهُوَ الْأَعرَابِي الَّذِي تقاضاه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انجاح الْحَاجة لمولانا الْمُعظم الشَّيْخ عبد الْغَنِيّ المجددي الدهلوي قَوْله فَأَما ذكر أَو ذكر أَي ذكر بِذَاتِهِ من غير تلقين أحد أَو ذكر من الله أَو من قبل الْمَلَائِكَة والتجوز فِي السِّكَّة ان يَأْخُذ الزيف مثلا بدل الرائجة والتجوز فِي النَّقْد ان يُؤَخر فِي طلبه وَانْظُر الْمُعسر أَي امهله حَتَّى يتسهل عَلَيْهِ الْأَدَاء انجاح الْحَاجة لَا قدست امة أَي لَا زكيت وَلَا طهرت وَغير متعتع أَي بِلَا اكراه فِي الْقَامُوس تعتعه تلتله وحركه العنف واكره فِي الْأَمر حَتَّى قلق وَفِي الْكَلَام تردد من حصر أَو عي انْتهى وَهَذَا من كَمَال رافته وشفقته على النَّاس قيل ان الرجل كَانَ كَافِرًا فَأسلم بمشاهدة هَذَا الْخلق الْأَعْظَم وَقَالَ يَا رَسُول الله مَا رَأَيْت اصبر مِنْك لِأَن ظَاهر هَذِه الْقِصَّة ان الرجل هُوَ زيد كَمَا مضى (إنْجَاح) قَوْله بَاب الْحَبْس فِي الدّين قَالَ بن الْهمام الْحَبْس مَشْرُوع بِالْكتاب لِأَنَّهُ المُرَاد بِالنَّفْيِ الْمَذْكُور فِي قَوْله تَعَالَى أَو ينفوا من الأَرْض وبالسنة على مَا سلف انه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حبس رجلا فِي تُهْمَة وَذكر الْخصاف ان نَاسا من أهل الْحجاز اقْتَتَلُوا فَقتل بَينهم قَتِيلا فَبعث إِلَيْهِم رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فحبسهم وَلم يكن فِي عَهده صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأبي بكر سجن إِنَّمَا كن يحبس فِي الْمَسْجِد أَو الدهليز حَتَّى اشْترى عمر رض دَارا بِمَكَّة بأَرْبعَة آلَاف دِرْهَم واتخذه محبسا وَقيل بل لم يكن فِي زمن عمر وَلَا عُثْمَان أَيْضا الى زمن عَليّ فبناه وَهُوَ أول سجن بني فِي الْإِسْلَام قَالَ فِي الْفَائِق ان عليا بنى سجنا من قصب فَسَماهُ نَافِعًا فنقبه اللُّصُوص وتسيب النَّاس مِنْهُ ثمَّ بنى سجنا من مدر فَسمى محبسا أَو المخبس مَوضِع التخبيس وَهُوَ التذليل والمحبوس فِي الدّين لَا يخرج لصوم رَمَضَان وَلَا لعيد وَلَا لجمعة وَلَا لصَلَاة جمَاعَة وَلَا لحج فَرِيضَة وَلَا لحضور جَنَازَة بعض أَهله وَلَو أعْطى كَفِيلا بِنَفسِهِ لِأَنَّهُ يشرع لتضجر قلبه فيسارع لقَضَاء وَلِهَذَا قَالُوا يَنْبَغِي ان يكون موضعا خشنا وَلَا يبسط لَهُ فرَاش وَلَا وطأ وَلَا يدْخل لَهُ أحد يسْتَأْنس بِهِ انْتهى قَوْله [2427] قَالَ وَكِيع واثنى عَلَيْهِ خير أَي اثنى وبر على مُحَمَّد بن مَيْمُون وَقَوله هَذَا يدل على توثيقه (إنْجَاح) قَوْله لي الْوَاجِد أَي مطله يُقَال لواه يلويه ليا واصله لويا فأدغمت الْوَاو فِي الْيَاء وَقَوله يحل عرضه وعقوبته فسر عبد الله بن الْمُبَارك احلال عرضه باغلاظ القَوْل لَهُ وعقوبته بِالْحَبْسِ وَمعنى الحَدِيث ان الصاحب الدّين ان يذمه ويصفه بِسوء الْقَضَاء وَطلب من القَاضِي حَبسه (فَخر) قَوْله [2429] تقاضى بن أبي حَدْرَد دينا الخ أَي طَالبه بِهِ وَأَرَادَ الْقَضَاء وَفِي هَذَا الحَدِيث جَوَاز الْمُطَالبَة بِالدّينِ فِي الْمَسْجِد والشفاعة الى صَاحب الْحق والاصلاح بَين الْخُصُوم وَحسن التَّوَسُّط بَينهم وَقبُول الشَّفَاعَة فِي غير مَعْصِيّة وَجَوَاز الْإِشَارَة واعتمادها لقَوْله فاومى بِيَدِهِ الشّطْر (نووي) قَوْله [2430] الى عطائه أَي الى الاجل الَّذِي يُعْطي فِيهِ أَمْوَال النَّاس وحقوقهم من بَيت المَال وَهَذَا يدل على ان الْقَرْض الى اجل كَانَ جَائِزا عِنْده والا فالأجل فِي الْقَرْض لَغْو عندنَا وَقَوله فَللَّه أَبوك هَذِه كلمة مدح يعْتَاد الْعَرَب الثَّنَاء بهَا فَإِذا وجد مِنْهُ مَا يحمد عَلَيْهِ قيل لله أَبوك حَيْثُ اتى بمثلك كَذَا ذكره بن الْملك (إنْجَاح) قَوْله الا كَانَ كصدقتها مرّة ظَاهر هَذَا الحَدِيث منَاف للْحَدِيث الَّاتِي ان الصَّدَقَة بِعشْرَة امثالها وَالْقَرْض بِثمَانِيَة عشر فَإِن فِيهِ ازدياد ثَوَاب الْقَرْض على الصَّدَقَة فِي أول الوهلة فَلَعَلَّ هَذَا باخْتلَاف نيات الْأَشْخَاص وَاعْتِبَار التسامح فِي الِاقْتِضَاء غَيره أَو يحمل على ان الْعدَد لَا مَفْهُوم لَهُ فِيهِ أَو كَثْرَة الثَّوَاب وَلَكِن يردهُ قَوْله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا بَال الْقَرْض أفضل من الصَّدَقَة أَو الثَّانِي يحمل على الْحَاجة وَالْأول على غَيرهَا (إنْجَاح الْحَاجة) قَوْله [2431] الصَّدَقَة بِعشر امثالها وَالْقَرْض بِثمَانِيَة عشر قَالَ الشَّيْخ سراج الدّين البُلْقِينِيّ الحَدِيث دَال على ان دِرْهَم الْقَرْض بدرهم صَدَقَة لَكِن الصَّدَقَة لم يعد مِنْهَا شَيْء وَالْقَرْض عَاد مِنْهُ دِرْهَم فَسقط مُقَابِله وَبَقِي ثَمَانِيَة عشر مِصْبَاح الزجاجة للسيوطي اللَّهُمَّ اغْفِر لمؤلفه ولكاتبه وَلمن سعى فِيهِ ولوالديهم أَجْمَعِينَ آمين قَوْله

[2432] الرجل تضعف قوته الْقُوَّة بتَشْديد الْوَاو أَي شوكته فيستدين لينفق من ذَلِك على العساكر أَو يؤلف قُلُوب بعض الْكفَّار وَيحْتَمل بتَخْفِيف الْوَاو أَيْضا فَيكون المُرَاد من الضعْف الْقلَّة أَي تقل قوته ورزقه فَيُصِيبهُ الْفَاقَة فَلَا يَسْتَطِيع مَعهَا الْحَرْب باعداء الله وَقَوله الغربة بِالْعينِ الْمُهْملَة وَالزَّاي الْمُعْجَمَة ثمَّ الْمُوَحدَة التجرد فِي الْقَامُوس العزب محركة من لَا أهل لَهُ وَالِاسْم الْعزبَة والعزوبة بضَمهَا وَالْفِعْل كنصر وتعزب ترك النِّكَاح انْتهى [2441] لَا يغلق الرَّهْن وروى الشَّافِعِي الحَدِيث بِتَمَامِهِ عَن سعيد مُرْسلا ان رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا يغلق الرَّهْن الرَّهْن من صَاحبه الَّذِي رَهنه لَهُ غنمه وَعَلِيهِ غرمه فالرهن الأول مصدر وَالثَّانِي بِمَعْنى الْمَفْعُول أَي لَا يمْنَع الارهان الْمَرْهُون من الرَّاهِن أَي يسع المراهن التَّصَرُّف فِيهِ من الرّكُوب والحلب وَغَيرهمَا فَكَانَ الارهان لاعتماد الْمُرْتَهن خَالِصا وَلَيْسَ لَهُ التَّصَرُّف فِي ذَلِك وَعَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ انه سُئِلَ عَن غلق الرَّهْن فَكَانَ يَقُول ان لم افتكه الى غَد فَهُوَ لَك ذكره الطَّيِّبِيّ نجاح قَوْله لَا يغلق الرَّهْن قَالَ فِي النِّهَايَة يُقَال غلق الرَّهْن يغلق غلوقا إِذا بَقِي فِي يَد الْمُرْتَهن لَا يقدر راهنه على تخليصه وَالْمعْنَى انه لَا يسْتَحقّهُ الْمُرْتَهن إِذا لم يستفكه صَاحبه وَكَانَ هَذَا من فعل الْجَاهِلِيَّة ان الرَّاهِن إِذا لم يؤد مَا عَلَيْهِ فِي الْوَقْت الْمعِين ملك الْمُرْتَهن الرَّهْن فابطله الْإِسْلَام (زجاجة) قَوْله [2442] وَمن كنت خَصمه خصمته أَي غلبته فَهُوَ من قبيل المغالبة أَي من خاصمته فَخَصمته الْبَتَّةَ للْحَدِيث الصَّحِيح من نُوقِشَ فِي الْحساب عذب أخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم (إنْجَاح) قَوْله رجل أعْطى بِي حذف فِيهِ الْمَفْعُول تَقْدِيره أعْطى الْعَهْد باسمى وَالْيَمِين بِهِ ثمَّ نقض الْعَهْد وَلم يَفِ بِهِ قَوْله وَرجل بَاعَ حرا أَي عَالما مُتَعَمدا فَإِن كَانَ جَاهِلا فَلَا يدْخل فِي هَذَا قَوْله فَأكل ثمنه خص الْأكل بِالذكر لِأَنَّهُ أعظم مَقْصُود كَذَا فِي الْفَتْح والعيني قَوْله [2445] وَعقبَة رجْلي الْعقبَة بِالضَّمِّ النّوبَة وَالْبدل كَذَا فِي الْقَامُوس وَيُقَال لمن ركب بَعِيرًا نوبَة بعد نوبَة لَهُ عقبَة من فلَان فَكَأَنَّهُ شَرط فِي الْأجر طَعَام بَطْنه وركوب الْبَعِير بالنوبة وَإِضَافَة الرجل الى الْعقبَة لملابسة بَينهمَا وَقَوله جعل أَبَا هُرَيْرَة إِمَامًا أَي قدوة فِي الدّين فَهَذَا إِظْهَار نعْمَة الله تَعَالَى متمسكا بقوله تَعَالَى وَأما بِنِعْمَة رَبك فَحدث وأمثال هَذَا كَثِيرَة من الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ والأولياء الصَّالِحين وَإِنَّمَا الْمَمْنُوع مدح النَّفس على وَجه الْفَخر وَالْخُيَلَاء وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انا سيد ولد ادم وَلَا فَخر (إنْجَاح) قَوْله [2447] وَيشْتَرط جلدَة أَي صلبه مستوية قَوْله فخيره الْيَهُودِيّ أَي أعطَاهُ الْيَهُودِيّ الْخِيَار من التَّمْر لِأَن الْعَجْوَة أَعلَى انواعها (إنْجَاح) قَوْله [2446] عَجْوَة الْعَجْوَة نوع من التَّمْر يضْرب الى السوَاد فِيهِ من يصبح بسبعة تمرات عَجْوَة لم يضرّهُ سحر وَلَا سم وَهُوَ من أَجود تمر الْمَدِينَة وَدفع السحر والسم من خاصية ذَلِك النَّوْع أَو من دُعَائِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْبركَةِ مجمع قَوْله وَاشْترط انها جلدَة هِيَ بِالْفَتْح وَالْكَسْر الْيَابِسَة الى جَيِّدَة كَذَا فِي الدّرّ النثير وَيُسْتَفَاد مِنْهُ ان اشْتِرَاط الاجير النَّوْع الْجيد من الشَّيْء يجوز وَعند عدم الِاشْتِرَاط يجب الْوسط (إنْجَاح) قَوْله [2448] لونك منكفئا أَي متغيرا الخمص الْجُوع وَكَذَا المخمصة لحذرة مَا اسود بِإِظْهَار والتارزة حَشَفَة يابسة وكل قوي صلب يَابِس تأرز وسمى الْمَيِّت تأرز اليسبه كَذَا فِي الْمجمع (إنْجَاح) قَوْله [2449] نهى عَن المحاقلة وَهِي مفاعلة من الحقل وَهُوَ الزَّرْع إِذا تشعب قبل ان تغلظ سوقه وَقيل الأَرْض الَّتِي تزرع وَيُسمى القراح والمحاقلة هُنَا هِيَ اكتراء الأَرْض بِالْحِنْطَةِ وَقيل هِيَ الْمُزَارعَة على النَّصِيب الْمَعْلُوم كالثلث وَالرّبع وَنَحْوهمَا وَقيل بيع الطَّعَام فِي سنبله بِالْبرِّ وَقيل بيع الزَّرْع قبل ادراكه وَإِنَّمَا نهى عَنْهَا لِأَنَّهَا من الْمكيل وَلَا يجوز فِيهِ إِذا كَانَا من جنس وَاحِد الا مثلا بِمثل ويدا بيد وَهَذَا مَجْهُول لَا يدْرِي أَيهمَا أَكثر وَفِيه النَّسِيئَة كَذَا فِي مجمع الْبحار وَهَذِه الْعلَّة تُوجد فِي المزانبة فَلِذَا نهى عَنْهَا أَيْضا إنْجَاح الْحَاجة لمولانا الْمُعظم الشَّيْخ عبد الْغَنِيّ الدهلوي قَوْله نهى الخ هَذَا دَلِيل لمَانع الْمُزَارعَة وَحمل المجوزون الْأَحَادِيث الْوَارِدَة فِي النَّهْي على مَا إِذا اشْترطَا لكل وَاحِد مِنْهُمَا قِطْعَة مُعينَة من الأَرْض وَأعلم ان الْأَحَادِيث فِي هَذَا الْبَاب جَاءَت مُخْتَلفَة وَحَدِيث النَّهْي عَن رَافع بن خديج أَيْضا جَاءَت مُخْتَلفَة تَارَة قَالَ سَمِعت رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتارَة قَالَ حَدثنِي بعض عمومتي وَتارَة أَخْبرنِي اعمامي وَلِهَذَا اخْتلف الْعلمَاء فِي حكمه فَذهب أَبُو حنيفَة الى فَسَادهَا مُطلقًا والى فَسَاد الْمُسَاقَاة أَيْضا وَذهب صَاحِبَاه وَأحمد وَإِسْحَاق وَكثير من الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ الى جَوَازهَا مُطلقًا وَذهب الشَّافِعِي الى جَوَازهَا تبعا للمساقاة إِذا كَانَ الْبيَاض خلال النخيل بِحَيْثُ لَا يُمكن أَو يعسر افرادها بِالْعَمَلِ كَمَا فِي خَيْبَر وَلَا يجوز افرادها لهَذَا الحَدِيث وَأَبُو حنيفَة تَأَول مُعَامَلَته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ يهود خَيْبَر بِأَنَّهُ إِنَّمَا استعملهم بدل الْجِزْيَة وان الشّطْر الَّذِي دفع إِلَيْهِم كَانَ منحه مِنْهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ومعونة لَهُم على مَا كلفهم من الْعَمَل وَبِالْجُمْلَةِ بَاب التَّأْوِيل من الْجَانِبَيْنِ مَفْتُوح وَالْفَتْوَى عِنْد الْحَنَفِيَّة أَيْضا على الْجَوَاز دفعا للْحَاجة كَذَا فِي الطَّيِّبِيّ واللعمات قَوْله

[2451] فَإِن أَبى فليمسك ارضه دلّ الحَدِيث على ان مواجرة الأَرْض مَمْنُوعَة مُطلقًا سَوَاء كَانَ بِالثُّلثِ أَو بِالربعِ أَو بِالذَّهَب وَالْفِضَّة لَكِن الثَّانِي جَائِز بِالْإِجْمَاع وَقد دلّ على جَوَازه حَدِيث سعيد بن الْمسيب عَن رَافع الَّذِي رَوَاهُ الْمُؤلف فِي أول الْبَاب وَكَذَلِكَ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ رجل استكرى ارضا بِذَهَب أَو فضَّة الحَدِيث وَأما الِاخْتِلَاف فِي المخابرة فمشهور فِي كتب الْفِقْه والْحَدِيث وَتَأْويل الحَدِيث وَالله اعْلَم انه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حكم بذلك حِين رأى فِي النَّاس الْخَصَاصَة والفاقة كَمَا نهى عَن ترك لُحُوم الْأَضَاحِي فَوق ثَلَاثَة أَيَّام فَلَمَّا وسع الله تَعَالَى على الْمُسلمين إجَازَة بِالذَّهَب وَالْفِضَّة لعدم الْمُنَازعَة وَعدم الْجَهَالَة أَي فِي ذَلِك العقد وَلَكِن المخابرة لَا يَخْلُو عَن جَهَالَة لِأَن الثُّلُث وَالرّبع ليسَا بمشخصين فَلذَلِك اخْتلف الْفُقَهَاء فِيهَا وَحَدِيث رَافع فِي هَذَا الْبَاب لَا يَخْلُو عَن اضْطِرَاب وَلذَا رده بعض الصَّحَابَة وَالله أعلم (إنْجَاح) [2453] فَترك عبد الله كراءها وَالْبُخَارِيّ لم يذكر هَذِه الزِّيَادَة وَذكر بعده فَقَالَ بن عمر قد علمت انا كُنَّا نكرِي مزارعنا على عهد رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا على الْأَرْبَعَاء وَشَيْء من التِّبْن وَقَالَ عَلَيْهِ الْكرْمَانِي قد علمت الْخطاب لرافع وَالْأَرْبِعَاء جمع ربيع وَهُوَ النَّهر الصَّغِير حَاصِل حَدِيث بن عمر هَذَا انه انكر على رَافع إِطْلَاقه فِي النَّهْي عَن كِرَاء الأَرْض وَيَقُول الَّذِي نهى عَنهُ النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ الَّذِي كَانُوا يدْخلُونَ فِيهِ الشُّرُوط الْفَاسِدَة وَهِي أَنهم كَانُوا يشترطون مَا على الْأَرْبَعَاء وَطَائِفَة من التِّبْن وَهُوَ مَجْهُول وَقد يسلم هَذَا ويصيب ذَاك آفَة أَو بِالْعَكْسِ فتضيع الْمُزَارعَة وَيبقى الْمزَارِع أَو رب الأَرْض بِلَا شَيْء وَأما النَّهْي عَن كِرَاء الأَرْض بِبَعْض مَا يخرج مِنْهَا إِذا كَانَ ثلثا أَو ربعا أَو مَا اشبه ذَلِك فَلم يثبت (إنْجَاح) قَوْله [2456] لما سمع اكثار النَّاس الخ أَي بالطعن والتشنيع فِي حق من كرى الأَرْض لحَدِيث رَافع بن خديج وَقَوله الا منحها أَي هلا اعارها أحدكُم اخاه الْمُسلم فَكَأَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتحبَّ إِذا كَانَ لرجل ارْض فاضلة ان يعير الْمُسلم وَلم يحرم نفس كرائها وَقَالَ البُخَارِيّ زارع عَليّ وَسعد بن مَالك وَعبد الله بن مَسْعُود وَعمر بن عبد الْعَزِيز وَالقَاسِم وَعُرْوَة وَآل أبي بكر وَآل عمر وَآل عَليّ على الثُّلُث وَالرّبع وَكَذَلِكَ روى عَن عمر (إنْجَاح) قَوْله [2459] وَاشْترط ثلث جداول والقصارة بِضَم الْقَاف مَا يبْقى فِي النّخل بعد الانتخال أَو مَا يخرج من القت عد دوسته الأولى أَو القشرة الْعليا من الْحبَّة وَفِي بعض النّسخ العصارة بِالْعينِ المضمومة من قَوْلهم عصر الزَّرْع تعصير انبتت اكمام سنبله وَالْمرَاد هَهُنَا وَالله أعلم التِّبْن كَمَا صرح فِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى (إنْجَاح) قَوْله [2461] فَسمع رَافع قَوْله أَي قَول النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَا تكروا المزرع وَلم يعلم انه مُعَلّق على الشَّرْط السَّابِق وَهُوَ صُورَة النزاع والجداول فتعميم رَافع غير صَحِيح وَلَعَلَّ هَذَا الْخَبَر لما بلغ رَافعا رَجَعَ عَن التَّعْمِيم كَمَا روى عَن حَنْظَلَة بن قيس انه سُئِلَ عَنهُ فَقَالَ لم ننه ان نكرِي الأَرْض بالورق كَمَا مر الحَدِيث إنْجَاح الْحَاجة قَوْله [2465] فَلَا يكريها بِطَعَام مُسَمّى قَالَ النَّوَوِيّ اخْتلفت الْعلمَاء فِي كِرَاء الأَرْض فَقَالَ طَاوس وَالْحسن الْبَصْرِيّ لَا يجوز لكل حَال سَوَاء أكرأها بِطَعَام أَو ذهب أَو فضَّة أَو بِجُزْء عَن زَرعهَا لإِطْلَاق حَدِيث النَّهْي عَن كِرَاء الأَرْض وَقَالَ الشَّافِعِي وَأَبُو حنيفَة وكثيرون تجوز إِجَارَتهَا بِالذَّهَب وَالْفِضَّة وبالطعام وَالثيَاب وَسَائِر الْأَشْيَاء سَوَاء كَانَ من جنس مَا يزرع فِيهَا أم من غَيره وَلَكِن لَا تجوزاجارتها بِجُزْء مَا يخرج مِنْهَا كالثلث وَالرّبع وَهِي المخابرة وَلَا يجوز أَيْضا ان يشْتَرط لَهُ زرع قِطْعَة مُعينَة وَقَالَ ربيعَة يجوز الذَّهَب وَالْفِضَّة فَقَط وَقَالَ مَالك يجوز بِالذَّهَب وَالْفِضَّة وَغَيرهمَا الا الطَّعَام وَقَالَ أَحْمد وَأَبُو يُوسُف وَمُحَمّد بن الْحسن وَجَمَاعَة من الْمَالِكِيَّة وَآخَرُونَ يجوز اجارتها بِالذَّهَب وَالْفِضَّة وَتجوز الْمُزَارعَة بِالثُّلثِ وَالرّبع وَغَيرهمَا وَبِهَذَا قَالَ بن شُرَيْح وَابْن خُزَيْمَة والخطابي وَغَيرهم من محققي أَصْحَابنَا وَهُوَ الرَّاجِح الْمُخْتَار وَأما الشَّافِعِي وموافقوه فاعتمدوا بِصَرِيح رِوَايَة رَافع بن خديج وثابت الضَّحَّاك فِي جَوَاز الاجارة بِالذَّهَب وَالْفِضَّة وَنَحْوهمَا وتأولوا أَحَادِيث النَّهْي بتأويلين أَحدهمَا حملهَا على إِجَارَتهَا بِمَا على الماذيانات أَو بزرع قِطْعَة مُعينَة أَو بِالثُّلثِ وَالرّبع وَيجوز ذَلِك كَمَا فسره الروَاة فِي هَذِه الْأَحَادِيث الَّتِي ذَكرنَاهَا وَالثَّانِي حملهَا على كَرَاهَة التَّنْزِيه والارشاد الى اعارتها كَمَا نهى عَن بيع الْغرَر نهى تَنْزِيه بل يتواهبونه وَنَحْو ذَلِك وَهَذَانِ التأويلان لَا بُد مِنْهُمَا أَو من أَحدهمَا للْجمع بَين الْأَحَادِيث وَقد أَشَارَ الى هذاالتأويل الثَّانِي البُخَارِيّ وَغَيره وَمَعْنَاهُ عَن بن عَبَّاس انْتهى قَوْله

[2467] عَامل أهل خَيْبَر بِشَطْر الخ قَالَ النَّوَوِيّ فِي هَذِه الْأَحَادِيث جَوَاز المساقات وَبِه قَالَ مَالك وَالثَّوْري وَاللَّيْث وَالشَّافِعِيّ وَأحمد وَجَمِيع فُقَهَاء الْمُحدثين وَأهل الظَّاهِر وجماهير الْعلمَاء وَقَالَ أَبُو حنيفَة لَا يجوز وَتَأَول هَذِه الْأَحَادِيث على ان خَيْبَر فتحت عنْوَة وَكَانَ أَهلهَا عبيد لرَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَا اخذه فَهُوَ لَهُ وَمَا تَركه فَهُوَ لَهُ وَاحْتج الْجُمْهُور بظواهر هَذِه الْأَحَادِيث وَبِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اقركم مَا اقركم الله وَهَذَا صَرِيح فِي أَنهم لم يَكُونُوا عبيدا قَالَ القَاضِي وَقد اخْتلفُوا فِي خَيْبَر هَل فتحت عنْوَة أَو صلحا أَو بجلاء أَهلهَا عَنْهَا أَو بِغَيْر قتال أَو بَعْضهَا صلحا وَبَعضهَا عنْوَة وَبَعضهَا جلاء عَنهُ أَهله أَو بَعْضهَا صلحا وَبَعضهَا عنْوَة قَالَ وَهَذَا أصح الْأَقْوَال وَهِي رِوَايَة عَن مَالك وَبِه قَالَ بن عُيَيْنَة قَالَ وَفِي كل قَول اثر مَرْوِيّ وَفِي رِوَايَة لمُسلم ان رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا ظهر على خَيْبَر أَرَادَ إِخْرَاج الْيَهُود مِنْهَا وَكَانَت الأَرْض حِين ظهر عَلَيْهَا لله وَلِرَسُولِهِ وللمسلمين وَهَذَا يدل لمن قَالَ عنْوَة إِذْ حق الْمُسلمين إِنَّمَا هُوَ فِي العنوة وَظَاهر قَول العنوة وَظَاهر قَول من قَالَ صلحا انهم صولحوا على كَون الأَرْض للْمُسلمين انْتهى من ثَمَر أَو زرع يحْتَج بِهِ الشَّافِعِي وموافقوه وهم الْأَكْثَرُونَ فِي جَوَاز الْمُزَارعَة تبعا للمساقاة وان كَانَت الْمُزَارعَة لَا تجوز مُنْفَرِدَة وَقَالَ مَالك لَا يجوز الْمُزَارعَة لَا مُنْفَردا وَلَا تبعا الا مَا كَانَ من الأَرْض بَين الشّجر وَقَالَ أَبُو حنيفَة وَزفر الْمُزَارعَة وَالْمُسَاقَاة فاسدتان سَوَاء جَمعهمَا أَو فرقهما وَقَالَ بن أبي ليلى وَأَبُو يُوسُف وَمُحَمّد وَسَائِر الْكُوفِيّين وفقهاء الْمُحدثين وَأحمد بن خُزَيْمَة وَابْن شُرَيْح وَآخَرُونَ تجوز الْمُسَاقَاة والمزارعة مجتمعتين وَيجوز كل وَاحِدَة مِنْهُمَا مُنْفَرِدَة وَهَذَا هُوَ الظَّاهِر الْمُخْتَار بِحَدِيث خَيْبَر وَلِأَن الْمُسلمين فِي جَمِيع الْأَمْصَار والاعصار مستمرون على الْعلم بالمزارعة والمشاقاة كالمزارعة (نووي) قَوْله [2470] فاتركوه فنزلوا عَنْهَا وَفِي رِوَايَة مُسلم فَتَرَكُوهُ فنقصت فَمَعْنَاه نَقَصُوا بثمرة النّخل عَن الْمِقْدَار السَّابِق وَقَوله إِنَّمَا هُوَ الظَّن ان كَانَ يُغني شَيْئا تلميح الى قَوْله تَعَالَى ان الظَّن لَا يُغني من الْحق شَيْئا فَعلم ان هَذَا الْأَمر مِنْهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ بطرِيق الِاجْتِهَاد والمشورة فَمَا كَانَ وَاجِب الِاتِّبَاع قَالَ الطَّيِّبِيّ وَفِي الحَدِيث دلَالَة على ان رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا الْتفت الى الْأُمُور الدُّنْيَوِيَّة قطّ وَمَا كَانَ على بَال مِنْهُ سوى الْأُمُور الاخروية قلت ان كَانَ مُرَاده من الْأُمُور الدُّنْيَوِيَّة مَا يتَعَلَّق بِأَهْل الحرفة كالمزارع وَالتِّجَارَة مثلا فَمُسلم وان كَانَ المُرَاد بهَا مَا يتَعَلَّق بقوام الابدان وَإِصْلَاح مَا بَينه فَلهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِك شَأْن خَاص يتحير فِيهِ الفهوم والمواجيد كأحكام الْمَوَارِيث وَإِقَامَة الحروب والمعاملات الدُّنْيَوِيَّة من البيع وَالشِّرَاء فَمَا ذَلِك الا من مدد سماوي فَتَأمل (إنْجَاح) قَوْله [2471] يؤبرونه التَّأْبِير هُوَ إصْلَاح النّخل وتلقيحها قَوْله فَصَارَ شيصا فِي الْقَامُوس الشيص بِالْكَسْرِ ثمولا يشْتَد نواة كالشصاء أَو ارْض التَّمْر وَالْوَاحد بهَا انْتهى وَفِي الْمجمع وَقد لَا يكون لَهُ النَّوَوِيّ وَهُوَ الروي من الْبُسْر انْتهى (إنْجَاح) قَوْله [2474] يَا حميراء الخ قَالَ فِي النِّهَايَة الْحُمَيْرَاء تَصْغِير الْحَمْرَاء يُرِيد الْبَيْضَاء وَقد تكَرر فِي الحَدِيث وَهَذَا الحَدِيث أوردهُ بن الْجَوْزِيّ فِي الموضوعات واعله بعلي بن زيد بن جدعَان وَقَالَ بَعضهم كل حَدِيث ورد فِيهِ الْحُمَيْرَاء ضَعِيف وَاسْتثنى من ذَلِك مَا أخرجه الْحَاكِم من طَرِيق عبد الْجَبَّار بن الْورْد عَن عمار الذَّهَبِيّ عَن سَالم بن أبي الْجَعْد عَن أم سَلمَة قَالَت ذكر النَّبِي خُرُوج بعض أُمَّهَات الْمُؤمنِينَ فَضَحكت عَائِشَة فَقَالَ انظري يَا حميراء وان لَا تَكُونِي أَنْت الحَدِيث قَالَ الْحَاكِم صَحِيح على شَرط البُخَارِيّ وَمُسلم (زجاجة) قَوْله وَمن سقى مُسلما الخ قَالَ الوكاني رَوَاهُ بن عدي من حَدِيث عَائِشَة من سقى مُسلما الخ وَفِيه فَكَأَنَّمَا احيى نسمَة مُؤمنَة قَالَ وَفِيه مُتَّهم مَتْرُوك (إنْجَاح) قَوْله [2475] ملح سد مأرب اسْم مَوضِع فِي الْقَامُوس مارب كمنزل مَوضِع بِالْيمن مملحة وَالْمَاء الْعد بِالْكَسْرِ هُوَ مَاله مَادَّة لَا تَنْقَطِع كَالْعَيْنِ وَالْكثير وَالْقَدِيم وَالظَّاهِر هُنَا بِمَعْنى الْكَثْرَة كَذَا فِي اللمعات وَقَوله قد اقلتك على ان تَجْعَلهُ مني صَدَقَة أَي بِشَرْط ان لَا تهبه غَيْرِي وتجعله وَقفا للْمُسلمين وَقَوله جَوف مُرَاد قَالَ فِي الْقَامُوس هُوَ مَوضِع بِأَرْض مُرَاد وَهُوَ الْمَذْكُور فِي تَفْسِير قَوْله تَعَالَى انا ارسلنا نوحًا الى قومه (إنْجَاح) قَوْله فاستقال الخ قَالَ السُّبْكِيّ الظَّاهِر ان استقالته تطييب لِقَلْبِهِ تكرما مِنْهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَوله هُوَ مِنْك صَدَقَة مُبَالغَة فِي مَكَارِم الْأَخْلَاق (زجاجة) قَوْله [2476] وَرَأى نَاسا يبيعون المَاء أَي المَاء الْغَيْر المحرز فَإِن المحرز بِإِنَاء أوجب يُفِيد الْملك فَلَا ينْتَفع بِهِ أحد الا بِإِذن صَاحبه باحرازه كَذَا فِي الدّرّ (إنْجَاح) قَوْله [2477] عَن بيع فضل المَاء أَي إِذا كَانَ لَهُ مَاء فَإِن فضل عَن حَاجته وَالنَّاس يَحْتَاجُونَ اليه لم يجز لَهُ ان يمنعهُ وكذك حكم الكلاء الا ان يحميه الْوَالِي (إنْجَاح) قَوْله [2478] لَا يمْنَع أحدكُم فضل مَاء ليمنع بِهِ الكلاء قَالَ النَّوَوِيّ مَعْنَاهُ ان تكون لإِنْسَان بير مَمْلُوكَة لَهُ بالفلاة وفيهَا مَاء فَاضل عَن حَاجته وَيكون هُنَاكَ كلاء لَيْسَ عِنْده مَاء الا هَذِه فَلَا يُمكن أَصْحَاب الْمَوَاشِي رعيه الا إِذا حصل لَهُم السَّقْي من هَذِه الْبِئْر فَيحرم عَلَيْهِ منع فضل هَذَا المَاء للماشية وَيجب بذله بِلَا عوض لِأَنَّهُ إِذا منع بذله امْتنع النَّاس من رعي ذَلِك الكلاء خوفًا على مَوَاشِيهمْ من الْعَطش وَيكون بِمَنْعه المَاء مَانِعا من رعي الكلاء وَأما الرِّوَايَة الأولى نهى عَن بيع فضل المَاء فَهِيَ مَحْمُولَة على هَذَا الثَّانِيَة الَّتِي فِيهَا ليمنع بِهِ الكلاء وَيحْتَمل انه فِي غَيره وَيكون نهي تَنْزِيه قَالَ أَصْحَابنَا يجب بذلك أفضل المَاء بالفلاة وَأعلم ان الْمَذْهَب الصَّحِيح ان من نبع فِي ملكه مَاء صَار مَمْلُوكا لَهُ وَقَالَ بعض أَصْحَابنَا لَا يملكهُ اما إِذا اخذ المَاء اناء من المَاء الْمُبَاح فَإِنَّهُ يملكهُ هَذَا هُوَ الصَّوَاب وَقد نقل بَعضهم الْإِجْمَاع انْتهى قَوْله [2479] وَلَا يمْنَع نقع الْبِئْر أَي فضل مَائِهَا لِأَنَّهُ ينقع بِهِ الْعَطش أَي يرْوى يُقَال شرب حَتَّى نقع أَي روى وَقيل النَّقْع المَاء الناقع وَهُوَ الْمُجْتَمع (زجاجة) قَوْله [2480] فِي شراج الْحرَّة الشراج بِكَسْر الشين الْمُعْجَمَة جمع شرجة هِيَ مسيل المَاء من الْحرَّة أَي الأَرْض ذَات الْحِجَارَة الى السهل فَتَلَوَّنَ أَي تغير بسب الْغَضَب وَقَوله حَتَّى يرجع الى الْجدر الْجدر بِفَتْح الْجِيم وَسُكُون الدَّال الْحَائِط أَي حَتَّى يبلغ المَاء الى جَمِيع الأَرْض وقدروه بِأَن تبلغ كَعْب الْإِنْسَان كَذَا فِي اللمعات وَالرجل هُوَ حَاطِب وَقيل غَيره وَمن نسبه الى النِّفَاق فَهُوَ مجترئ لِأَنَّهُ لَا يُطلق الْأنْصَارِيّ على من اتهمَ بِهِ كَذَا فِي الْمجمع قَوْله

[2481] فِي سيل مهزور بِتَقْدِيم الزَّاي على الرائ وَادي بني قُرَيْظَة بالحجاز فَأَما بِتَقْدِيم الرَّاء على الزَّاي فموضع سوق الْمَدِينَة تصدق بِهِ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على الْمُسلمين (زجاجة) قَوْله فِي سيل المهز وراسم وَاد قَوْله الْأَعْلَى على فَوق الاسفل أَي فِي اسْتِحْقَاق المَاء وَجُمْلَة يسقى الا على الخ كالتفسير لَهُ (إنْجَاح) [2483] وَكَذَلِكَ أَي يصل الْحق فِي المَاء من الْأَعْلَى الى الاسفل حَتَّى تتمّ الْبَسَاتِين أَو يفنى المَاء وَعلم مِنْهُ ان المَاء إِذا لم يسْتَوْف الْبَسَاتِين كلهَا لَيْسَ لصَاحب الاسفل النزاع مَعَ الْأَعْلَى فِي اخذ المَاء مَا لم يبلغ الْأَعْلَى الى الْكَعْبَيْنِ (إنْجَاح) قَوْله [2484] تبدأ الْخَيل ضبط بَعضهم هَذَا اللَّفْظ مهمزا من التبدأته هُوَ من البدأ فَمَعْنَاه تبدأ الْخَيل يَوْم وردهَا على المَاء على غَيرهَا من الْمَوَاشِي كالابل وَالْغنم وَذَلِكَ الِابْتِدَاء كشرفها لِأَنَّهَا الى الْجِهَاد وَيحْتَمل ان يكون اللَّفْظ مضاعفا من بدد بِمَعْنى التَّفْرِيق فِي الْقَامُوس جَاءَت الْخَيل بدادا وبددا مُتَفَرِّقَة فعلى هَذَا مَعْنَاهُ ان لَا يزاحم الْخَيل على المَاء بل يجاء بِوَاحِد بِعَدَد أحد مُتَفَرِّقَة لكَي لَا يتَأَذَّى بِهِ النَّاس أَو الدَّوَابّ من حوافها (إنْجَاح) قَوْله [2485] كل قسم قسم فِي الْجَاهِلِيَّة الخ أَي كل قسم من الْمَوَارِيث وَحُقُوق المَاء وَغَيرهَا قسم قبل مَجِيء الْإِسْلَام لَا يُغير الْإِسْلَام ذَلِك التَّقْسِيم (إنْجَاح) قَوْله [2487] مدر شائها أَي مِقْدَار مد حبالها يُدْلِي بهَا الى الْبِئْر قَالَ فِي الدّرّ حَرِيم بِئْر الناضح كبئر العطن وَهِي الَّتِي ينْزع المَاء مِنْهَا بِالْيَدِ والعطن مناخ الْإِبِل حول الْبِئْر أَرْبَعُونَ ذِرَاعا من كل جَانب وَقَالا ان كَانَ للناضح فستون وَفِي شرح الشَّرّ نبلالية عَن شرح الْجمع لَو عمق الْبِئْر فَوق أَرْبَعِينَ يُزَاد عَلَيْهَا انْتهى لَكِن نسبه الْقُهسْتَانِيّ لمُحَمد ثمَّ قَالَ ويفتى بقول الامام انْتهى (إنْجَاح) قَوْله [2488] قضى فِي النَّخْلَة والنخلتين الخ أَي قضى لرجل تكون الشَّجَرَة أَو الشجرتان فِي النّخل أَي فِي الْبُسْتَان فالنخلة الأولى بِمَعْنى الشَّجَرَة وَالثَّانِي بِمَعْنى الْبُسْتَان وَيُطلق على الْبُسْتَان مجَاز فيختلفون فِي حُقُوق ذَلِك أَي يخْتَلف صَاحب الْبُسْتَان من صَاحب النخيل المعدودة فِي قطع حريمها لِأَن الشّجر إِذا كَانَ قَرِيبا من الاخر يجتذب قوته الى الثَّانِي وَذَلِكَ مُخْتَلف باخْتلَاف الْأَشْجَار ولذك يحرم لكل شَجَرَة مَا يَقْتَضِي قوتها فِي تجربتهم فَحرم رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ للنخلة مِقْدَار طولهَا وَهُوَ المُرَاد من مبلغ جريدها وَفِي الدّرّ وحريم الشّجر يغْرس فِي أَرض الْموَات خَمْسَة أَذْرع من كل جَانب فَلَيْسَ لغيره ان يغْرس فِيهِ إنْجَاح الْحَاجة قَوْله [2490] قمنا ان لَا يُبَارك لَهُ أَي حقيق وجدير يَعْنِي بيع الأَرْض والدور وَصرف ثمنهَا فِي المنقولات غير مُسْتَحبّ لِأَنَّهَا كَثِيرَة الْمَنَافِع قَليلَة الافة لَا يسرقها سَارِق وَلَا يلْحقهَا غَارة ذكره الطَّيِّبِيّ (إنْجَاح) قَوْله من بَاعَ رباعا الرباع بِالْكَسْرِ الرَّاء جمع ربع بِالْفَتْح وَهِي الدَّار بِعَينهَا حَيْثُ كَانَت والمحلة والمنزل (إنْجَاح) قَوْله [2495] أَحَق بسقبه السقب محركا الْقرب وَهَذَا الحَدِيث يدل على ثُبُوت الشُّفْعَة للْجَار وَالثَّانِي يأوله للشَّرِيك فَإِنَّهُ يُسمى جارا وَقد يَجْعَل الْبَاء للسَّبَبِيَّة الْأَصْلِيَّة أَحَق وَيُرَاد أَنه أَحَق بِالْبرِّ والمعونة بِسَبَب قربه وجواره وَقَالَ التوربشتي هَذَا تعسف وَقد علم ان الحَدِيث قد روى عَن الصَّحَابِيّ فِي قصَّة صَار الْبَيَان مَقْرُونا بِهِ وَلِهَذَا أوردهُ عُلَمَاء النَّقْل فِي كتب الْأَحْكَام فِي بَاب الشُّفْعَة وأولهم وأفضلهم البُخَارِيّ ذكره بِقصَّة عَمْرو بن الشريد انْتهى وَفِي الْهِدَايَة آخر هَذَا الحَدِيث قيل يَا رَسُول الله مَا سقبه قَالَ شفعته لمعات قَوْله [2497] قضى بِالشُّفْعَة الخ الشُّفْعَة مُشْتَقَّة من الشفع وَهُوَ الضَّم سميت بهَا لما فِيهَا من ضم الْمُشْتَرَاة إِلَى عقار الشكيع احْتج هَذَا الحَدِيث الْأَئِمَّة الثَّلَاثَة قَالُوا إِنَّمَا يثبت الشُّفْعَة للشَّرِيك وَلَا يثبت للْجَار وَعند أبي حنيفَة وَفِي رِوَايَة عَن أَحْمد يثبت للْجَار أَيْضا وَاحْتج بِحَدِيث جَابر قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْجَار أَحَق بشفعة جَاره ينْتَظر بِمَا رَوَاهُ الْخَمْسَة قَالَ التِّرْمِذِيّ إِنَّه حسن غَرِيب لَكِن قد تكلم فِيهِ بَعضهم وَقَالَ بعض الْمُحدثين انه صَحِيح وَمن تكلم فِيهِ تكلم بِلَا حجَّة وَعَن أنس ان رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ جَار الدَّار أَحَق بِالدَّار رَوَاهُ النَّسَائِيّ وَابْن حبَان كَذَا فِي اللمعات قَوْله مُحَمَّد بن حَمَّاد الطهراني بِكَسْر الطَّاء الْمُهْملَة وَسُكُون الْهَاء ثِقَة حَافظ قَالَ فِي اللّبَاب نسبته الى طهران الرّيّ وَفِي الْقَامُوس طهران بالكسرة قَرْيَة بأصبهان وقرية بِالريِّ انْتهى (إنْجَاح) قَوْله

[2500] الشُّفْعَة كحل العقال يَعْنِي انها لَا تبقى كَمَا ان الْإِبِل إِذا حلت عقالها لَا يمْكث حينا مَا لِأَنَّك إِذا سَمِعت بِبيع الأَرْض الاحقة من ارضك وَسكت عَلَيْهِ خرجت من حَقك فَلَا يسع لَك طلب الشُّفْعَة بعد السُّكُوت وَهَذَا مُوَافق لما هُوَ فِي جَوَاهِر الْفَتَاوَى انه على الْفَوْر وَعَلِيهِ الْفَتْوَى بِخِلَاف مَا فِي الْمُتُون يطْلبهَا الشَّفِيع فِي مجْلِس علمه وان امْتَدَّ الْمجْلس كَذَا فِي الدّرّ (إنْجَاح) قَوْله الشُّفْعَة كحل العقال قَالَ السُّبْكِيّ فِي شرح الْمِنْهَاج الْمَشْهُور ان مَعْنَاهُ إِنَّهَا تفوت إِذا لم يبتدر إِلَيْهَا كالبعير الشرد إِذا يحل عقاله وَقيل مَعْنَاهُ حل البيع من الشَّخْص وإيجابه للْغَيْر (زجاجة) [2501] إِذا سبق بِالشِّرَاءِ لَعَلَّ هَذَا مَحْمُول على علم الشَّرِيك الاخر وسكوته والا فَالشُّفْعَة بِقدر رُؤُوس الشفعاء عندنَا وَهَذَا الحَدِيث مُخَالف أَيْضا للْحَدِيث السَّابِق فِي الْبَاب الأول الْمَرْوِيّ عَن جَابر ينْتَظر بهَا انكان غَائِبا قَالَ فِي الدّرّ لَو كَانَ بَعضهم غَائِبا يقْضِي بِالشُّفْعَة بَين الْحَاضِرين فِي الْجَمِيع لاحْتِمَال عدم طلبه فَلَا يُؤَخر بِالشَّكِّ وَكَذَا لَو كَانَ الشَّرِيك غَائِبا فَطلب الْحَاضِر يقْضِي لَهُ بِالشُّفْعَة كلهَا ثمَّ إِذا حضر وَطلب قضى لَهما فَلَو مثل الأول قضى لَهُ بِبَعْضِه وَلَو فَوْقه فبكله وَلَو دونه مَنعه وَفِيه أَيْضا صبي شَفِيع لاولى لَهُ لَا تبطل شفعته فَحَدِيث الْبَاب لَا يَخْلُو عَن اشكال لِأَن الْمسَائِل الثَّلَاث الْمَذْكُورَة فِي الحَدِيث الْمَذْهَب فِي كلهَا خِلَافه وَفِي إِسْنَاده مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن الْبَيْلَمَانِي وَهُوَ ضَعِيف قد اتهمه بن عدى وَابْن حبَان ذكره بن حجر وَمُحَمّد بن الْحَارِث ان كَانَ هُوَ بن زِيَاد بن الرّبيع الْحَارِثِيّ الْبَصْرِيّ فضعيف أَيْضا كَذَا ذكره فِي التَّقْرِيب (إنْجَاح) قَوْله [2502] ضَالَّة الْمُسلم حرق النَّار هُوَ بالحركة وَقد يسكن أَي ضَالَّة الْمُؤمن إِذا اخذها انسان ليستملكها ادته الى النَّار كَذَا فِي مجمع الْبحار وَقَالَ الشَّيْخ فِي اللمعات هَذَا وَعِيد لمن لم يراع احكام الشَّرْع فِيهَا قَالَ فِي الدّرّ الْمُخْتَار ندب دَفعه لمَالِكهَا لَا لنَفسِهِ ان امن على نَفسه تَعْرِيفهَا والا فالترك أولى وَفِي الْبَدَائِع وان اخذها لنَفسِهِ حرم لِأَنَّهَا كالغصب وَجب لخوف ضياعها (إنْجَاح) قَوْله [2503] كنت مَعَ أبي بالبوازيج بِفَتْح الْبَاء الْمُوَحدَة وَالْوَاو كسر الزاء الْمُعْجَمَة وَإِسْكَان الْيَاء ثمَّ الْجِيم قَالَ فِي الْقَامُوس بلد قريب تكريت فتحهَا جرير البَجلِيّ مِنْهُ مَنْصُور بن الْحسن البَجلِيّ والجريري وَمُحَمّد بن عبد الْكَرِيم البوازيجيان انْتهى قَوْله فراحت الْبَقر من الرواح وَهُوَ طرد النعم الى مراحها والمراح بِالضَّمِّ المأوى إنْجَاح الْحَاجة قَوْله لَا يأوي الضَّالة الا ضال قَالَ فِي النِّهَايَة الضَّالة الضائعة من كل مَا يفنى من الْحَيَوَان وَغَيره يُقَال ضل الشَّيْء إِذا ضَاعَ وَهُوَ فِي الأَصْل فاعلة ثمَّ اتَّسع فِيهَا فَصَارَت من الصِّفَات الْغَالِبَة وَتَقَع على الذّكر وَالْأُنْثَى والاثنين وَالْجمع وَالْمرَاد بهَا فِي الحَدِيث الضَّالة من الْإِبِل وَالْبَقر مِمَّا يحمي نَفسه وَيقدر على الابعاد فِي طلب المرعى وَالْمَاء بِخِلَاف الْغنم (زجاجة) قَوْله [2504] اعرف عفاصها هُوَ بِكَسْر الْعين الْوِعَاء الَّذِي يكون فِيهِ النَّفَقَة من جلد أَو خرقَة وَغير ذَلِك من العفص وَهُوَ الثني والعطف وَبِه سمى الْجلد الَّذِي يَجْعَل على راس القارورة عفاصا وَقَوله ووكائها بِكَسْر الْوَاو الْمَدّ الَّذِي يرْبط بِهِ الصرة والكيس وَغَيرهمَا مِصْبَاح الزجاجة قَوْله [2505] فليشهد من الاشهاد وَهُوَ أَمر ندب وَقيل أَمر وجوب قَالُوا وَالْحكمَة فِيهِ دفع طمع النَّفس وان لَا يعد من تركته على تَقْدِير الْفُجَاءَة أَقُول وان لَا يدعى صَاحبهَا الزِّيَادَة عَن حَقه وَهُوَ ظَاهر لمعات قَوْله [2506] ثمَّ عرفهَا سنة وَمحل تَعْرِيف مَحل وجدانها ان أمكن والاسواق وأبواب الْمَسَاجِد فِي ادبار الصَّلَوَات وَنَحْو ذَلِك من مجامع النَّاس وَلَا يعرف فِي الْمَسْجِد للنَّهْي عَن ذَلِك وَوَقته النَّهَار وَصفَة التَّعْرِيف ان يَقُول من ضَاعَ لَهُ شَيْء أَو تفقد أَو ذهب وَلَا يذكر الصّفة ثمَّ التَّقْدِير بِسنة هُوَ قَول مُحَمَّد وَالشَّافِعِيّ وَمَالك وَأحمد بِظَاهِر الحَدِيث وَالصَّحِيح عِنْد أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف انه غير مُقَيّد بِمدَّة مَعْلُومَة وَذكر السّنة فِي الحَدِيث وَقع اتِّفَاقًا بِاعْتِبَار الْغَالِب قَالَ فِي الْهِدَايَة ان كَانَ أقل من عشرَة دَرَاهِم عرفهَا أَيَّامًا وان كَانَت عشرَة فَصَاعِدا عرفهَا شهرا وان كَانَت مائَة أَو أَكثر عرفهَا حولا وَهَذِه رِوَايَة عَن أبي حنيفَة وَقَوله أَيَّامًا على حسب مَا يرى وَقدره مُحَمَّد فِي الأَصْل بالحول من غير تَفْصِيل بَين الْقَلِيل وَالْكثير وَقيل الصَّحِيح ان شَيْئا من هَذِه التقادير لَيْسَ بِلَازِم ويفرض الى رَأْي الْمُلْتَقط فيعرفها الى ان يغلب على ظَنّه ان صَاحبهَا لَا يطْلب بعد ذَلِك والتعريف فِيمَا لَا يبْقى كالاطعمة الْمعدة للْأَكْل وَبَعض الثِّمَار الى ان يخَاف فَسَاده قَوْله فَإِن جَاءَ من يعرفهَا أَي فَردهَا اليه فعندنا يجب الرَّد ان أَقَامَ الْبَيِّنَة وَلَا يجب بِدُونِهِ وَحل الدّفع عِنْد إِعْطَاء الْعَلامَة وَلَا يجْبر على ذَلِك عندنَا وَهُوَ قَول الشَّافِعِي والعلامة مثل ان يُسمى وزن الدَّرَاهِم وعددها ووكائها ووعائها قَوْله والا سَبِيل مَالك ذهب الشَّافِعِي وَأحمد الى أَنه بعد السّنة يتملكها الْمُلْتَقط غَنِيا كَانَ أَو فَقِيرا وَذهب بعض الصَّحَابَة الى انه يتَصَدَّق بهَا الْغَنِيّ وَلَا يتملكها وَهُوَ قَول بن عَبَّاس وَالثَّوْري وَابْن الْمُبَارك وَأَصْحَاب أبي حنيفَة ثمَّ بعد التَّصَدُّق ان جَاءَ صَاحبهَا فَهُوَ بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ اخْتَار ثَوَاب الصَّدَقَة وَإِن شَاءَ ضمن الْمُلْتَقط ملتقط من اللمعات قَوْله ثمَّ عرفهَا سنة قَالَ الْعَيْنِيّ اخْتلف الرِّوَايَات فِيهِ فَفِي رِوَايَة عرفهَا ثَلَاثًا وَفِي الْأُخْرَى حولا وَفِي الْأُخْرَى حَوْلَيْنِ قَالَ الْمُنْذِرِيّ لم يقل أحد من أَئِمَّة الْفَتْوَى ان اللّقطَة تعرف ثَلَاثَة اعوام الارواية عَن عمر رض وَقد روى عَن عمر أَيْضا انها تعرف سنة قَوْله [2508] مَا اخْرُج الجرذ الجرذ كصرو ضرب من الفار جمعه جرذان وَفَائِدَة التَّرْجَمَة ان مَا أخذت الطُّيُور أَو حشرات الأَرْض من مَال فَحكمه حكم اللّقطَة (إنْجَاح) قَوْله فَإِنَّمَا يبعر كَمَا تبعر الْإِبِل أَي بِسَبَب قلَّة الْغذَاء وَعدم الدسومة يضعون كَمَا تضع الشَّاة وَالْبَعِير من البعرات (إنْجَاح) قَوْله فشلت على وزن قلت بالشين الْمُعْجَمَة أَي رفعت من شالت النَّاقة بذنبها أَي رفعته وَفِي بعض النّسخ بِالسِّين واللامين مضاعفا من سل يسل وَهُوَ الانتزاع من قَوْله فسللت السَّيْف أَي نتزعته (إنْجَاح) قَوْله فَلم يفن اخرها حَتَّى مَاتَ الظَّاهِر ان هَذِه كلمة مدح أَي اسْتَجَابَ الله تَعَالَى دَعْوَة نبيه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْبركَة فِيهِ حَيْثُ لم يفن ذَلِك المَال الى مَوته وَإِنَّمَا سَأَلَهُ النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَعَلَّك اتبعت يدك فِي الْحجر لِأَن هَذَا لشين بِهِ لِأَنَّهُ حرص على المَال فَإِنَّهُ روى عَنهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انه قَالَ مَا جَاءَك من هَذَا المَال أَنْت غير مشرف وَلَا سَائل فَخذه ومالا فَلَا تتبعه نَفسك أخرجه الشَّيْخَانِ عَن عمر بن الْخطاب والمقداد مَاتَ سنة 33 صَحَابِيّ مَشْهُور من السَّابِقين ذكره بن حجر (إنْجَاح) قَوْله [2509] وَفِي الرِّكَاز الْخمس المُرَاد بالوكاز عِنْد الْحَنَفِيَّة الْمَعْدن وَعند أهل الْحجاز دَفِين أهل الْجَاهِلِيَّة لمعات قَوْله

[2512] بَاعَ الْمُدبر أهل الحَدِيث على جَوَاز بيع الْمُدبر واليه ذهب الشَّافِعِي وَأحمد وَذهب أَبُو حنيفَة وَمَالك الى انه لَا يجوز وَأولُوا الحَدِيث بِأَن المُرَاد فِيهِ الْمُدبر الْمُقَيد بِأَن قَالَ إِن مت من مرضِي هَذَا وشهري هَذَا فَأَنت حر وَهَذَا الْمُدبر لَا يعْتق بِخِلَاف الْمُطلق بِدَلِيل أَحَادِيث الْأُخَر (إنْجَاح) [2514] الْمُدبر من المثلث نقل فِي بعض الْحَوَاشِي عَن شرح السّنة ان عتق الْمُدبر يكون من الثُّلُث عِنْد عَامَّة أهل الْعلم وَحكى عَن إِبْرَاهِيم وَسَعِيد بن جُبَير ومسروق ان الْمُدبر يعْتق من جَمِيع المَال وَالله أعلم (إنْجَاح) قَوْله هَذَا خطأ لَعَلَّ هَذَا من قبل عَليّ بن ظبْيَان بِمُعْجَمَة مَفْتُوحَة ثمَّ مُوَحدَة سَاكِنة لِأَنَّهُ ضَعِيف كَمَا فِي التَّقْرِيب (إنْجَاح) قَوْله [2516] ذكرت أم إِبْرَاهِيم أَي بن رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهِي المارية الْقبْطِيَّة أهديت لرَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَولدت مِنْهُ إِبْرَاهِيم وَمَات وَهُوَ فِي أَيَّام الرَّضَاع إنْجَاح الْحَاجة قَوْله قَالَ بن ماجة قَالُوا هَذَا لازواج النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاصَّة كَذَا فِي نُسْخَة أَي الْحجاب قبل الْأَدَاء خُصُوص بأزواجه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأما غَيْرهنَّ فالاحتجاب لَهُنَّ من مواليهن بعد الْأَدَاء وَفِيه دَلِيل على ان عبد الْمَرْأَة محرمها وَبِه قَالَ الشَّافِعِي خلافًا لأبي حنيفَة قَالَ قاضيخان وَالْعَبْد فِي النّظر الى مولاته الْحرَّة الَّتِي لَا قرَابَة بَينه وَبَينهَا بِمَنْزِلَة الرجل الْأَجْنَبِيّ ذكر عَليّ الْقَارِي فَتَأْوِيل الحَدِيث بِأَن المُرَاد مِنْهُ الاحتجاب المفرط فَإِن العَبْد لِكَثْرَة دُخُوله وَخُرُوجه وخدمته لسيدته لَا تحتجب عَنهُ حق احتجاب كَالْكَلَامِ مَعَه وَالنَّظَر الى الْكَفَّيْنِ وَالْوَجْه كَمَا تحتجب من غَيره من الاجانب ذكر فِي المدارك فِي تَفْسِير قَوْله تَعَالَى وَمَا ملكت ايمانهن قَالَ سعيد بن الْمسيب لَا يَغُرنكُمْ سُورَة النُّور فَإِنَّهَا فِي الاماء دون الذُّكُور (إنْجَاح) قَوْله [2521] ان بَرِيرَة اتتها وَهِي مُكَاتبَة قَالَ النَّوَوِيّ فِي هَذَا الحَدِيث فَوَائِد أَحدهَا ان بَرِيرَة كَانَت مُكَاتبَة وباعها الموَالِي واشترتها عَائِشَة واقر النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بيعهَا فاحتج بِهِ طَائِفَة من الْعلمَاء فِي أَنه يجوز بيع الْمكَاتب وَمِمَّنْ جوزه عَطاء وَالنَّخَعِيّ وَأحمد وَمَالك فِي رِوَايَة عَنهُ وَقَالَ بن مَسْعُود وَرَبِيعَة وَأَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ وَبَعض الْمَالِكِيَّة وَمَالك فِي رِوَايَة عَنهُ لَا يجوز بَيْعه وَقَالَ بعض الْعلمَاء يجوز بَيْعه لِلْعِتْقِ لَا للاستخدام وَأجَاب من أبطل بَيْعه عَن حَدِيث بَرِيرَة بِأَنَّهَا عجزت نَفسهَا وفسخوا الْكِتَابَة الْموضع الثَّانِي قَوْله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فافعلي وَفِي رِوَايَة مُسلم اشتريها واعتقيها واشترطي لَهُم الْوَلَاء وَهَذَا مُشكل من حَيْثُ انها اشترتها وشرطت لَهُم الْوَلَاء وَهَذَا الشَّرْط يفْسد البيع وَمن حَيْثُ انها خدعت البائعين وشرطت لَهُم مَالا يَصح وَلَا يحصل لَهُم وَكَيف اذن لعَائِشَة فِي هَذَا وَلِهَذَا الاشكال انكر بعض الْعلمَاء هَذَا الحَدِيث بجملته وَهَذَا مَنْقُول عَن يحيى بن أَكْثَم وَاسْتدلَّ بِسُقُوط هَذِه اللَّفْظَة فِي كثير من الرِّوَايَات وَقَالَ جَمَاهِير الْعلمَاء هَذِه اللَّفْظَة صَحِيحَة وَاخْتلفُوا فِي تَأْوِيلهَا فَقيل معنى اشترطي لَهُم الْوَلَاء أَي اظهري حكم الْوَلَاء وَقيل المُرَاد الزّجر والتوبيخ لَهُم لِأَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ بَين لَهُم حكم الْوَلَاء وان هَذَا الشَّرْط لَا يحل فَلَمَّا لجوا فِي اشْتِرَاطه وَمُخَالفَة الْأَمر قَالَ لعَائِشَة هَذَا يَعْنِي لَا تبالي سَوَاء شرطته أم لَا فَإِنَّهُ شَرط بَاطِل مَرْدُود فعلى هَذَا لَا يكون لَفْظَة اشترطي أَو افعلي للْإِبَاحَة وَالأَصَح فِي تَأْوِيل الحَدِيث مَا قَالَه أَصْحَابنَا فِي كتب الْفِقْه ان هَذَا الشَّرْط خَاص فِي قصَّة عَائِشَة وَاحْتمل هَذَا الْإِذْن وإبطاله فِي هَذِه الْقِصَّة الْخَاصَّة وَهِي قَضِيَّة عين لَا عُمُوم لَهَا قَالُوا وَالْحكمَة فِي اذنه ثمَّ ابطاله ان يكون ابلغ فِي قطع عَادَتهم فِي ذَلِك وزجرهم عَن مثله كَمَا اذن لَهُم صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْإِحْرَام بِالْحَجِّ فِي حجَّة الْوَدَاع ثمَّ أَمرهم بفسخه وَجعله عمْرَة وَقد يتَحَمَّل الْمفْسدَة الْيَسِيرَة لتَحْصِيل مصلحَة عَظِيمَة انْتهى قَوْله

باب المرتد عن دينه المرتد هو الراجع عن دين الإسلام أعلم إذا ارتد

[2522] من أعتق نَصِيبا لَهُ الخ اجْمَعْ الْعلمَاء على ان نصيب الْمُعْتق يعْتق بِنَفس الاعتاق وَاخْتلفُوا فِي حكمه إِذا كَانَ الْمُعْتق مُوسِرًا فَقَالَ الشَّافِعِي وَالْأَوْزَاعِيّ وَالثَّوْري وَأَبُو يُوسُف وَمُحَمّد وَأحمد وَإِسْحَاق انه عتق بِنَفس الاعتاق وَيقوم عَلَيْهِ نصب شَرِيكه بِقِيمَة يَوْم الاعتاق وَيكون وَلَاء جَمِيعه للْمُعْتق وَقَالَ أهل الظَّاهِر وَهُوَ الْمَشْهُور من مَذْهَب مَالك انه لَا يعْتق الا بِدفع الْقيمَة وَقَالَ أَبُو حنيفَة للشَّرِيك الخياران شَاءَ استسعى العَبْد فِي نصف قِيمَته وان شَاءَ اعْتِقْ نصِيبه وَالْوَلَاء بَينهمَا وَإِن شَاءَ قوم نصِيبه على شَرِيكه الْمُعْتق ثمَّ يرجع الْمُعْتق بِمَا دفع الى شَرِيكه على العَبْد يستسعيه فِي ذَلِك وَالْوَلَاء كُله للْمُعْتق وان كَانَ الْمُعْتق مُعسرا فَاخْتَلَفُوا فِيهِ أَيْضا فَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد ينفذ الْعتْق فِي نصيب الْمُعْتق فَقَط وَلَا يُطَالب الْمُعْتق بِشَيْء وَلَا يستسعى العَبْد بل يبْقى نصيب الشَّرِيك رَقِيقا كَمَا كَانَ لحَدِيث بن عمر الَّاتِي والا فقد عتق مِنْهُ مَا عتق وَقَالَ بن شبْرمَة وَالْأَوْزَاعِيّ وَأَبُو حنيفَة وَابْن أبي ليلى وَسَائِر الْكُوفِيّين وَإِسْحَاق يستسعى العَبْد فِي حِصَّة الشَّرِيك ثمَّ قَالَ بن أبي ليلى يرجع العَبْد مَا أدّى فِي سعايته على مُعْتقه وَقَالَ أَبُو حنيفَة وَغَيره لَا يرجع وَاخْتَارَ الطَّحَاوِيّ قَوْلهمَا وَهُوَ الضَّمَان مَعَ الْيَسَار والسعاية مَعَ الاعسار وَلَا يرجع الْمُعْتق على العَبْد وَالْوَلَاء للْمُعْتق وَقَوله عَلَيْهِ السَّلَام فِي الرجل يعْتق نصِيبه ان كَانَ غَنِيا ضمن وان كَانَ فَقِيرا سعى فِي حِصَّة الاخر (فَخر) [2529] فَمَال العَبْد لَهُ قَالَ الطَّيِّبِيّ فِيهِ بَيَان ان العَبْد لَا ملك لَهُ بِحَال فَإِن السَّيِّد لَو ملك لَا يملك لِأَنَّهُ مَمْلُوك فَلَا يجوز ان يكون مَالِكًا كَالْبَهَائِمِ قَوْله فَمَال العَبْد إِضَافَة المَال الى العَبْد مجَاز لَا أَنه ملك لَهُ كَمَا يُضَاف السرج الى الْفرس وَمذهب مَالك وَالشَّافِعِيّ فِي الْقَدِيم ان العَبْد إِذا أملكهُ سَيّده مَالا ملكه وَله وَلكنه إِذا بَاعه بعد ذَلِك كَانَ مَاله للْبَائِع الا ان يشْتَرط الحَدِيث (إنْجَاح) قَوْله [2530] عتقا هنيا من هُنَا يهنا هناء بِمَعْنى الْعَافِيَة يُقَال هُوَ هنيئ أَي سَائِغ فَمَعْنَاه واعتقك عتقا سائغا بِلَا مشقة وتعب من ترك المَال الَّذِي كَانَ فِي قبضتك فَإِن كَانَ هَذَا الحَدِيث مَحْمُولا على التَّبَرُّع فَلهُ معنى والا فَهُوَ مُخَالف للْحَدِيث السَّابِق من اعْتِقْ عبد الخ وَالله اعْلَم إنْجَاح الْحَاجة لمولانا الْمُحدث الشَّيْخ عبد الْغَنِيّ المجددي الدهلوي قَوْله [2531] سُئِلَ عَن ولد الزِّنَا أَي عَن حَاله وَمَاله أَي عَن عتقه فَإِن قلت مَا بَال ولد الزِّنَا حَيْثُ عوتب بِمثل هَذَا العتاب مَعَ ان التَّقْصِير من أَبَوَيْهِ قلت هَذَا تَعْرِيض بالزاني لكَونه سَببا فِي ذَلِك وَذَلِكَ لِأَن النُّطْفَة الخبيثة لَا يتَوَلَّد مِنْهَا الا خَبِيث وَمَعَ ذَلِك هُوَ من بَاب التَّشْدِيد وَقيل فِي تَأْوِيله أَيْضا ان المُرَاد بِهِ من يواظب على الزِّنَا كَمَا يُقَال للشجعان بَنو الْحَرْب وللغافل بن الدُّنْيَا وَالله اعْلَم (إنْجَاح) قَوْله بَاب الْمُرْتَد عَن دينه الْمُرْتَد هُوَ الرَّاجِع عَن دين الْإِسْلَام أعلم إِذا ارْتَدَّ الْمُسلم وَالْعِيَاذ بِاللَّه عرض عَلَيْهِ الْإِسْلَام وكشفت عَنهُ شبهته لَو كَانَت وَالْعرض مُسْتَحبّ لِأَن الدعْوَة بلغته وَعرض الْإِسْلَام هُوَ الدعْوَة اليه ودعوة من بلغته الدعْوَة مُسْتَحبّ وَيحبس ثَلَاثَة أَيَّام فَإِن اسْلَمْ والا قتل وَيجب الْحَبْس الى ثَلَاثَة أَيَّام ان استمهل الْمُرْتَد والا لم يجب وَفِي رِوَايَة عَن أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف انه يسْتَحبّ ان يؤجله ثَلَاثَة أَيَّام طلب ذَلِك أَو لم يطْلب وَإِنَّمَا تعيّنت الثَّلَاثَة لِأَنَّهَا مُدَّة ضربت لابلاء الْعذر بِدَلِيل حَدِيث حبَان بن منقذ فِي الْخِيَار ثَلَاثَة أَيَّام ضربت للتأمل لدفع الْغبن وَبِمَا أخرجه مَالك فِي الْمُوَطَّأ عَن عمر ان رجلا أَتَاهُ من قبل أبي مُوسَى فَقَالَ لَهُ هَل من معرفَة خبر فَقَالَ نعم رجل ارْتَدَّ عَن الْإِسْلَام فَقَتَلْنَا فَقَالَ هلا حبستموه فِي بَيت ثَلَاثَة أَيَّام واطعمتموه فِي كل يَوْم رغيفا لَعَلَّه يَتُوب ثمَّ قَالَ عمر اللَّهُمَّ ان لم احضر وَلم آمُر وَلم ارْض لَكِن ظَاهر تبري عمر رض يَقْتَضِي الْوُجُوب فتأويله انه لَعَلَّه طلب التَّأْجِيل وَعَن الشَّافِعِي ان على الامام ان يؤجله ثَلَاثَة أَيَّام وَلَا يحل لَهُ ان يقتل قبل ذَلِك لِأَن ارتداد الْمُسلم يكون عَن شُبْهَة ظَاهرا فَلَا بُد من مُدَّة يُمكنهُ التَّأَمُّل فقدرناه بِالثلَاثِ وَلنَا قَوْله تَعَالَى فَاقْتُلُوا الْمُشْركين من غير قيد الامهال وَكَذَا قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام من بدل دينه فَاقْتُلُوهُ وَلِأَنَّهُ كَافِر حَرْبِيّ بلغته الدعْوَة فَيقْتل للْحَال من غير استمهال وَهَذَا لِأَنَّهُ لَا يجوز تَأْخِير الْوَاجِب لامر موهوم وَالصَّحِيح من قَول الشَّافِعِي انه إِذا تَابَ فِي الْحَال والا قتل بقوله عَلَيْهِ السَّلَام من بدل دينه فَاقْتُلُوهُ من غير تَقْيِيد بانظار وَهُوَ اخْتِيَار بن الْمُنْذر وَكَيْفِيَّة تَوْبَته ان يتبرأ عَن الْأَدْيَان كلهَا سوى الْإِسْلَام لِأَنَّهُ لادين لَهُ وَلَو تَبرأ عَمَّا انْتقل اليه كَفاهُ لحُصُول الْمَقْصُود واما الْمُرْتَدَّة فَلَا تقتل وَلَكِن تحبس ابدا حَتَّى تسلم أَو تَمُوت هَذَا عِنْد أبي حنيفَة وَعند الْأَئِمَّة الثَّلَاثَة تقتل الْمُرْتَدَّة لقَوْله عَلَيْهِ السَّلَام من بدل دينه فَاقْتُلُوهُ وَلنَا مَا روى الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه بِسَنَدِهِ عَن معَاذ بن جبل ان رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ حِين بَعثه الى الْيمن أَيّمَا رجل ارْتَدَّ عَن الْإِسْلَام فَادعه فَإِن تَابَ فاقبل مِنْهُ وان لم يتب فَاضْرب عُنُقه وَأَيّمَا امْرَأَة ارْتَدَّت عَن الْإِسْلَام فادعها فَإِن تابت فاقبل مِنْهَا وان ابت فاستبتها وَمَا روى أَبُو يُوسُف عَن أبي حنيفَة عَن عَاصِم بن أبي النجُود عَن أبي رزين عَن بن عَبَّاس قَالَ لَا تقتل النِّسَاء إِذا هن ارتددن عَن الْإِسْلَام وَلَكِن تحبس ويدعين الى الْإِسْلَام ويجبرن عَلَيْهِ وَفِي بلاغات مُحَمَّد قَالَ بلغنَا عَن بن عَبَّاس انه قَالَ إِذا ارْتَدَّت الْمَرْأَة عَن الْإِسْلَام حبست فتح الْقَدِير قَوْله [2536] حَتَّى يُفَارق الْمُشْركين الى الْمُسلمين بِأَن يُهَاجر من دَارهم فَإِن الْهِجْرَة من دَار الْكفْر وَاجِب فَفِي حَدِيث التِّرْمِذِيّ انا برِئ من مُسلم مُقيم بَين أظهر الْمُشْركين قَالُوا يَا رَسُول الله لم قَالَ لَا يترا أَي نَارا هما لِأَن الْإِنْسَان لَا يتَمَكَّن على دينه فِي ديار الْمُشْركين وَيحْتَمل ان يكون الْمَعْنى حَتَّى يُفَارق الْمُشْركين فِي زيهم وعادتهم الى زِيّ الْمُسلمين فِي الْعَادَات والمعاملات فَإِن من تشبه بِقوم فَهُوَ مِنْهُم وَالله أعلم إنْجَاح الْحَاجة قَوْله [2537] إِقَامَة حد من حُدُود الله الخ قَالَ الطَّيِّبِيّ وَذَلِكَ لِأَن فِي اقامتها زجر لِلْخلقِ عَن الْمعاصِي والذنُوب وَسبب الْفَتْح أَبْوَاب السَّمَاء بالمطر وَفِي الْقعُود عَنْهَا والتهاون بهَا انهماكهم فِي الْمعاصِي وَذَلِكَ سَبَب لاخذهم بِالسِّنِينَ والجدب واهلاك الْخلق وَخص اللَّيْلَة تتميما لِمَعْنى الخصب (زجاجة) قَوْله [2538] أَظُنهُ عَن جرير بن يزِيد قيل الْقَائِل هُوَ عمر وبن رَافع فَكَأَنَّهُ علم ان رَاوِي هَذَا الحَدِيث جرير بن يزِيد لَا عِيسَى بن يزِيد فاستدرك على عبد الله بن الْمُبَارك انه وهم فِي رِوَايَة عَن عِيسَى بن يزِيد مَعَ انه مروى عَن جرير بن يزِيد وهما من السَّابِعَة لَكِن جرير بن يزِيد ضَعِيف وَعِيسَى بن يزِيد الْأَزْرَق قَاضِي سرخس مَقْبُول وَالله أعلم (إنْجَاح) قَوْله [2540] اقيموا حُدُود الله فِي الْقَرِيب والبعيد يحْتَمل ان يُرَاد بهما الْقرب والبعد فِي النّسَب أَو الْقُوَّة والضعف وَالثَّانِي انسب وَلَا تأخذكم عطف على اقيموا نهيا تَأْكِيدًا لِلْأَمْرِ وَيجوز ان يكون خَبرا بِمَعْنى النَّهْي مِصْبَاح الزجاجة للسيوطي قَوْله

[2542] فها أَنا إِذا بَين اظهركم هَا حرف تَنْبِيه أَي خلي سبيلي وَتركت ذَلِك الْيَوْم فَأَنا مَوْجُود الى الان بَيْنكُم واظهر مقحم وغرض الْمُؤلف ان الصَّبِي الْغَيْر الْبَالِغ لَا يحكم عَلَيْهِ بِالْقَتْلِ وَالرِّدَّة وَغَيرهمَا وَلَكِن هَذَا إِذا لم يعلم بُلُوغه من الْخَارِج بالاحتلام وَالْحيض وَغَيرهمَا فَإِنَّهُ فِي معارك الحروب لَا يتَبَيَّن مثل ذَلِك فَلَمَّا حكم رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِإِشَارَة سعد بن معَاذ بِالْقَتْلِ على قُرَيْظَة اجمعهم الا الصّبيان فحد بَين الصَّغِير وَالْكَبِير بانبات الْعَانَة وَفِيه دَلِيل على ان كشف الْعَوْرَة يجوز للضَّرُورَة (إنْجَاح) [2545] ادفعوا الْحُدُود الخ أَي قبل ان يصل الى الامام فَإِن الامام إِذا سلك سَبِيل الْخَطَأ فِي الْعَفو الَّذِي صدر مِنْكُم خير من ان يسْلك سَبِيل الْخَطَأ فِي الْعقُوبَة بِأَن يُعَاقب بخطأ وَعدم تشخيص الْقَضِيَّة فَإِذا وصلت اليه وَجب عَلَيْهِ الانفاذ فعلى هَذَا مضمونه مَضْمُون قَوْله تعافوا الْحُدُود والخطب لغير الْأَئِمَّة وَقد يحمل على دَرْء الامام الْحُدُود بقوله أبه جُنُون اشرب الْخمر ولعلك قبلت أَو غمزت وَنَحْوهَا فالخطاب مَعَ الامام قَالَه فِي اللمعات وَقَالَ عَليّ الْقَارِي هَذَا التَّأْوِيل الْأَخير مُتَعَيّن والتأويل الأول لَا يلائمه قَوْله فَمن كَانَ لَهُ مخرج فَخلوا سَبيله كَمَا جَاءَ فِي رِوَايَة التِّرْمِذِيّ فَإِن عَامَّة الْمُسلمين مأمورون بالستر مُطلقًا انْتهى قَوْله [2546] حَتَّى يَفْضَحهُ بهَا فِي بَيته أَي بِهَذِهِ الْعَوْرَة أَي الْعَيْب فِي بَيته أَي مَعَ وجود ستره وَهَذَا مآل قَوْله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تظهر الشماتة لاخيك فيعافيه الله ويبتليك فَفِيهِ عُقُوبَة من جِهَتَيْنِ الِابْتِلَاء بِتِلْكَ البلية ثمَّ اظهاره بَين النَّاس وان ستره على نَفسه وَقد جرب هَذَا الْأَمر مرَارًا نجانا الله تَعَالَى وَجَمِيع الْمُسلمين عَن هَذِه البلية الْعَظِيمَة (إنْجَاح) قَوْله [2548] تطهر خير لَهَا ان تطهر وتزكى عَن هَذَا الجرم هُوَ إِقَامَة الْحَد عَلَيْهَا خير لَهَا من عَذَاب الْآخِرَة وَقَوله فَلَمَّا سمعنَا لين قَوْله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنَّهُ لم يشدد علينا حَيْثُ قَالَ تطهر خير لَهَا زَعمنَا انه ينْتَفع لَهُ الشَّفَاعَة وَلذَلِك أَتَيْنَا أُسَامَة (إنْجَاح) قَوْله [2549] اقْضِ بَيْننَا بِكِتَاب الله مَبْنِيّ على انه كَانَ فِي كتاب الله اية الرَّجْم ثمَّ نسخت تِلَاوَته فصح القَوْل بِأَنَّهُ كتاب الله وَقيل المُرَاد بِكِتَاب الله هُنَا حكمه وَإِنَّمَا قَالَ اقْضِ بَيْننَا بِكِتَاب الله مَعَ انه لَا يحكم الا بِهِ لانهما كَانَا سَأَلَا قبل ذَلِك من النَّاس وعلما ان حكمهم لم يكن بِكِتَاب الله فجاءا عِنْد رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ليحكم بِهِ قَوْله وتغريب عَام التَّغْرِيب دَاخل فِي الْحَد عِنْد بعض الْعلمَاء وَعِنْدنَا هُوَ سياسة وتعزير مفوض الى رَأْي الامام ومصلحته قَوْله بَعثه رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ليقيم الْحَد عَلَيْهَا ان اعْترفت وَهَذَا لَا يدل على كِفَايَة اعْتِرَاف وَاحِد فِي الزِّنَا كَمَا هُوَ مَذْهَب الشَّافِعِي فَلَعَلَّ المُرَاد الِاعْتِرَاف الْمَعْهُود فِي الشَّرْع وَهُوَ أَربع مَرَّات لمعات قَوْله واغد يَا أنيس قَالَ النَّوَوِيّ هَذَا مَحْمُول على اعلانها بِأَن أَبَا العسيف قَذفهَا بِابْنِهِ فتعرفها بَان لَهَا عَلَيْهِ حد الْقَذْف هَل هِيَ طالبة بِهِ أم تَعْفُو عَنهُ أَو تعترف بِالزِّنَا فَإِن اعْترفت فَلَا يجد الْقَاذِف وَعَلِيهِ الرَّجْم لِأَنَّهَا كَانَت مُحصنَة وَلَا بُد من هَذَا التَّأْوِيل لِأَن ظَاهره انه بعث لطلب إِقَامَة حد الزِّنَا وتجسسه وَهَذَا غير مُرَاد لِأَن حد الزِّنَا لَا يتجسس وَلَا يَتَقَرَّر بل لَو اقربه الزَّانِي يسْتَحبّ ان يلقن بِهِ الرُّجُوع كَذَا فِي الطَّيِّبِيّ قَوْله [2551] ان كَانَت احلتها لَهُ هَذَا مُخَالف لما سَيَأْتِي عَن سَلمَة بن المحبق ان رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رفع اليه رجل وطيء جَارِيَة امْرَأَة فَلم يجده وَفِي رِوَايَة التِّرْمِذِيّ اورؤا الْحُدُود عَن الْمُسلمين مَا اسْتَطَعْتُم الحَدِيث وَذكر أَنه مَوْقُوف على عَائِشَة وان الْوَقْف أصح من الرّفْع وَعِنْدنَا لَا يضر ذَلِك فَإِن مَالا يدْرك بِالرَّأْيِ فَالْمَوْقُوفُ فِيهِ مَحْمُول على السماع بل المبسوطة تجْرِي بَين الزَّوْجَيْنِ بِالِانْتِفَاعِ بالأموال فعندنا هَذِه الصُّورَة من صور الشُّبْهَة بِالْفِعْلِ فَيسْقط الْحَد لأجل الشُّبْهَة ان ظن ان وطيها حَلَال لَهُ وعَلى أَي حَال فليت هَذِه صُورَة الرَّجْم لِأَن الاحصان من شَرَائِطه وَيحْتَمل ان النُّعْمَان بن بشير حكم بِالْقِيَاسِ بِزَعْمِهِ انه قضى رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَوَقعت لَهُ شُبْهَة وَالله أعلم إنْجَاح وَقَالَ الْخطابِيّ هَذَا الحَدِيث لَيْسَ بِمُتَّصِل وَلَيْسَ الْعَمَل عَلَيْهِ قَالَه السُّيُوطِيّ قَوْله

[2553] أَو كَانَ حمل أَي من غير ذَات الزَّوْج وَلَكِن لَا يخفى ان هَذَا لَا يعلم الا باعترافها بِأَنَّهَا من غير ذَات الزَّوْج فَإِنَّهُ يجوز ان تنْكح نِكَاحا سرا بِلَا ولي وَذَلِكَ جَائِز فِي مَذْهَب الْحَنَفِيَّة فَيحْتَمل ان يكون ذَلِك الْحمل من مثل ذَلِك النِّكَاح فَلَا يحكم عَلَيْهَا بِالْحَدِّ (إنْجَاح) قَوْله الشَّيْخ وَالشَّيْخَة الخ قَالَ بن الْحَاجِب فِي اماليه وَقد سُئِلَ مَا الْفَائِدَة فِي ذكر الشَّيْخ وَالشَّيْخَة وهلا قيل الْمُحصن والمحصنة هَذَا من البديع فِي بَاب الْمُبَالغَة ان يعبر عَن الْجِنْس فِي بَاب الذَّم بالانقص الا خس وَفِي بَاب الْمَدْح بِالْأَكْثَرِ والاعلى فَيُقَال لعن الله السَّارِق يسرق ربع دِينَار فَيقطع يَده وَالْمرَاد يسرق ربع دِينَار فَصَاعِدا الى أَعلَى مَا يسرق وَقد يُبَالغ فيذكر مَا لَا يقطع بِهِ تقليلا كَمَا فِي الحَدِيث لعن الله السَّارِق يسرق الْبَيْضَة فَيقطع يَده وَقد علم انه لَا يقطع بالبيضة وَتَأْويل من أَوله بَيْضَة الْحَرْب يأباه الفصاحة انْتهى مِصْبَاح الزجاجة قَوْله فَارْجُمُوهُمَا وَتَمَامه نكالا من الله وَالله عَزِيز حَكِيم أَي الثّيّب والثيبة كَذَا فسره مَالك فِي المؤطا والا ظهر تفسيرهما بالمحصن والمحصنة وَوَقع فِي رِوَايَة وَايْم الله لَوْلَا ان يَقُول النَّاس زَاد فِي كتاب الله لكتبتها أخرجه الْأَئِمَّة الا النَّسَائِيّ قَالَ بن الْهمام الرَّجْم عَلَيْهِ إِجْمَاع الصَّحَابَة وَمن بعدهمْ من عُلَمَاء الْمُسلمين وإنكار الْخَوَارِج للرجم بَاطِل كَذَا فِي الْمرقاة [2554] أقرّ أَربع مَرَّات أَي فِي أَربع مجَالِس بِشَرْط غيبوبة فِي كل مرّة وَكَانَت الشَّهَادَات الْأَرْبَع بِمَنْزِلَة الشُّهُود الْأَرْبَع وَفِي شرح السّنة يحْتَج بِهَذَا الحَدِيث من يشْتَرط التّكْرَار فِي الْإِقْرَار بِالزِّنَا حَتَّى يُقَام عَلَيْهِ الْحَد ويحتج أَبُو حنيفَة بمجيئه من الجوانب الْأَرْبَع على انه يشْتَرط ان يقر أَربع مَرَّات فِي أَربع مجَالِس وَمن لم يشْتَرط التّكْرَار قَالَ إِنَّمَا رده بعد أُخْرَى لشُبْهَة دَاخِلَة فِي أمره وَلذَلِك دَعَاهُ وَسَأَلَهُ أبك جُنُون الخ فَرده للكشف عَن حَاله لِأَن التّكْرَار فِيهِ يشْتَرط انْتهى وَفِيه ان هَذَا التَّأْوِيل إِنَّمَا يتم لَو كَانَ المأخذ منحصرا على هَذَا الدَّلِيل وَلم يُوجد التّكْرَار فِي غير هَذَا الشَّخْص (مرقاة) قَوْله فَهَلا تَرَكْتُمُوهُ قَالَ بن الْملك فِيهِ ان الْمقر على نَفسه بِالزِّنَا لَو قَالَ مَا زَنَيْت أَو كذبت أَو رجعت سقط عَنهُ الْحَد فَإِن رَجَعَ فِي اثناء إِقَامَة الْحَد عَلَيْهِ سقط الْبَاقِي وَقَالَ جمع لَا يسْقط إِذْ لَو سقط لصارما عز مقتولا خطأ فَتجب الدِّيَة على عواقل القاتلين قُلْنَا انه لم يرجع صَرِيحًا لِأَنَّهُ هرب والهرب لَا يسْقط الْحَد وَتَأْويل قَوْلهَا هلا تَرَكْتُمُوهُ لينْظر فِي أمره اهرب من الم الْحِجَارَة أَو رَجَعَ من اقراره بِالزِّنَا قَالَ بن الْهمام فَإِذا هرب فِي الرَّجْم فَإِن كَانَ مقرا يتْرك وَلَا يتبع وان كَانَ مشهودا عَلَيْهِ اتبع ورجم حَتَّى يَمُوت لِأَن هربه رُجُوع ظَاهر ورجوعه يعْمل فِي اقراره لافي رُجُوع الشُّهُود انْتهى (مرقاة) قَوْله [2555] فشكت عَلَيْهَا ثِيَابهَا أَي جمعت عَلَيْهَا ولفت لِئَلَّا تنكشف فِي تقلبها واضطرابها كَأَنَّهَا نظمت عَلَيْهَا وزرت بشوكة أَو خلال وَقيل مَعْنَاهُ أرْسلت عَلَيْهَا ثِيَابهَا وَالشَّكّ الِاتِّصَال والصدق كَذَا فِي الْمجمع وَفِي الْقَامُوس شكه بِالرُّمْحِ انتظمه وَفِي السِّلَاح دخل وَالْبَعِير لزق عضده بالجنب انْتهى (إنْجَاح) قَوْله ثمَّ صلى عَلَيْهَا هَذِه اللَّفْظَة عِنْد عَامَّة رُوَاة صَحِيح مُسلم بِفَتْح الصَّاد وَاللَّام اعني على صِيغَة الْمَعْلُوم فَيدل على صَلَاة النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعند الطَّبَرِيّ وَفِي رِوَايَة بن أبي شيبَة وَأبي دَاوُد بِضَم الصَّاد وَكسر اللَّام وَهُوَ الْأَظْهر فَلَا يدل على ذَلِك وَقد جَاءَ فِي رِوَايَة أبي دَاوُد لم يصل عَلَيْهِ بِصِيغَة الْمَعْلُوم يَعْنِي لم يصل النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بل أَمر الْقَوْم بِأَن يصلوا وَمن هَهُنَا اخْتلف الْأَئِمَّة فِي الصَّلَاة على الْحُدُود فكرهه مَالك وَقَالَ أَحْمد لَا يُصَلِّي الامام وَأهل الْفضل وَقَالَ أَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ وَغَيرهمَا يصلى عَلَيْهِ وعَلى كل من هُوَ أهل لَا إِلَه إِلَّا الله من أهل الْقبْلَة وان كَانَ فَاسِقًا ومحدودا وَهُوَ رِوَايَة عَن أَحْمد لمعات قَوْله [2558] بِيَهُودِيٍّ محمم أَي مسود الْوَجْه والحمة الفحم جمعه حمم كصرد قَوْله فَأمر بِهِ فرجم قَالُوا هَذَا الرَّجْم كَانَ تهديدا لَهُم حَيْثُ تكاتموا الْآيَة الْمنزلَة من كَلَام الله تَعَالَى والا فالكافر لَا يرْجم عندنَا لِأَن الْإِسْلَام من شَرَائِط الاحصان (إنْجَاح) قَوْله [2559] لَو كنت راجما أحدا الخ أَي ان الرِّيبَة وَالشَّكّ لَا يوجبان الْحَد وَلَو كَانَا موجبين لرجمت هَذِه وَفِيه ان الِاسْتِدْلَال بالقرائن جَائِز غير أَنه لَا يعْمل عَلَيْهِ بل يجْتَنب عَن مصاحبة مثل هَذَا الشَّخْص فَإِنَّهُ ورد اتَّقوا من مَوَاضِع التهم واحترسوا من النَّاس بِسوء الظَّن وَقَوله جلّ ذكره ان بعض الظَّن اثم فَالْمُرَاد بِهِ الْعَمَل على ذَلِك الظَّن فالحدود تندرأ بِالشُّبُهَاتِ وان الظَّن لَا يُغني من الْحق شَيْئا لِأَنَّهُ رُبمَا يُخطئ وَبِه يحصل التطبيق وَالله اعْلَم (إنْجَاح) قَوْله [2561] فَاقْتُلُوا الْفَاعِل وَالْمَفْعُول بِهِ فِي شرح السّنة اخْتلفُوا فِي حد اللوطي فَذهب الشَّافِعِي فِي أظهر قوليه وَأَبُو يُوسُف وَمُحَمّد الى ان حد الْفَاعِل حد الزَّانِي ان كَانَ مُحصنا يرْجم وان لم يكن مُحصنا يجلد مائَة جلدَة وعَلى الْمَفْعُول بِهِ عِنْد الشَّافِعِي على هَذَا القَوْل جلد مائَة وتغريب عَام رجلا كَانَ أَو امْرَأَة مُحصنا أَو غير مُحصن لِأَن التَّمْكِين فِي الدبر لَا يحصنها فَلَا يلْزمهَا حد الْمُحْصنَات وَذهب قوم الى ان اللوطي يرْجم مُحصنا كَانَ أَو غير مُحصن وَبِه قَالَ مَالك وَأحمد وَالْقَوْل الاخر للشَّافِعِيّ انه يقتل الْفَاعِل وَالْمَفْعُول بِهِ كَمَا هُوَ ظَاهر الحَدِيث وَقد قيل فِي كَيْفيَّة قَتلهمَا هدم بِنَاء عَلَيْهِمَا وَقيل رميهما من شَاهِق كَمَا فعل بِقوم لوط وَعند أبي حنيفَة يُعَزّر وَلَا يجلد قَالَه الطَّيِّبِيّ قلت وَحجَّة أبي حنيفَة مَا رَوَاهُ رزين بِسَنَدِهِ عَن بن عَبَّاس ان عليا احرقهما وَأَبا بكر هدم عَلَيْهِمَا حَائِطا لِأَن الظَّاهِر ان الاحراق وَهدم الْحَائِط كَانَا تعزيرا لاحدا (فَخر) قَوْله [2564] فَاقْتُلُوهُ سياسة لاحدا فَإِن الْجِنَايَة فِيهَا أَشد من غَيرهَا لِأَن فِيهَا اتلاف حق الْقَرَابَة أَو المُرَاد بِهِ الاستحلال فَإِنَّهُ كفر وَفِي الحَدِيث ان الزِّنَا بحليلة جَاره أَشد وَإِنَّمَا هُوَ لازدياد الْحق بِسَبَب الجرار فَكيف بالاقارب (إنْجَاح) قَوْله واقتلوا الْبَهِيمَة زَاد التِّرْمِذِيّ فَقيل لِابْنِ عَبَّاس مَا شان الْبَهِيمَة فَقَالَ مَا سَمِعت من رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِك شَيْئا وَلَكِن أرى رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كره ان يُوكل من لَحمهَا أَو ينْتَفع بهَا وَقد عمل بهَا ذَلِك الْعَمَل وَذكر أَصْحَابنَا حِكْمَة أُخْرَى وَهِي خوف ان يَأْتِي بِخلق مشوة يشبه خلق الادمي وَأكْثر الْفُقَهَاء كَمَا حَكَاهُ الْخطابِيّ على عدم الْعَمَل بِهَذَا الحَدِيث فَلَا تقتل الْبَهِيمَة وَلَا من وَقع عَلَيْهَا وَإِنَّمَا عَلَيْهِ التَّعْزِير تَرْجِيحا لما رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ عَن بن عَبَّاس قَالَ من اتى بَهِيمَة فَلَا حد عَلَيْهِ قَالَ التِّرْمِذِيّ هَذَا أصح من الحَدِيث الأول وَالْعَمَل على هَذَا عِنْد أهل الْعلم (زجاجة) قَوْله

باب من شرب الخمر مرارا قال النووي وأما الخمر فقد اجمع المسلمون على

[2567] أَمر برجلَيْن وَامْرَأَة فَضربُوا أحدهم الرّجلَانِ حسان بن ثَابت الشَّاعِر ومسطح بن اثاثة وَالْمَرْأَة حمْنَة بنت الجحش أُخْت أم الْمُؤمنِينَ زَيْنَب وانهم اشْتَركُوا مَعَ الْمُنَافِقين عبد الله بن أبي بن سلول وَأَصْحَابه فِي قذف الصديقة وانما لم يحد الْمُنَافِقين لِأَن الْحَد للتطهير وهم لَيْسُوا أَهلا لذَلِك فَكَأَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وكل أَمرهم الى الْآخِرَة وَأما الَّذين فِي قُلُوبهم مرض فَزَادَهُم رجسا الى رجسهم وماتوا وهم كافرون إنْجَاح الْحَاجة [2569] مَا كنت أدّى بِصِيغَة الْمُتَكَلّم من ودى يَدي كوقي يقي يُقَال وداه أعْطى دِيَته أَي مَا كنت أعْطى الدِّيَة من أحد من المحدودين على الزِّنَا وَالْقَذْف وَغَيرهمَا لَو مَاتُوا بِسَبَبِهِ لِأَن حَدهمْ ثَابت بِالْكتاب وَالسّنة وَأما حد الْخمر فَهُوَ اجْتِهَاد مِنْهُ كرم الله وَجهه قلت وَهَذَا للِاحْتِيَاط والا فالمجتهد الْمُخطئ أجر كَمَا الْمُصِيب اجران وَهَذَا الِاحْتِيَاط أَيْضا فِي حَقه وَأما نَحن فمامورون بِاتِّبَاع الْخُلَفَاء الرَّاشِدين وَقد شَارك مَعَه عمر وَعُثْمَان وَصَارَ بعدهمْ الْإِجْمَاع فَكَانَ حكم هَذَا الْحَد كَغَيْرِهِ من الْحُدُود (إنْجَاح) قَوْله [2571] لما جيىء بالوليد بن عقبَة الى عُثْمَان الخ هُوَ وليد بن عقبَة بن أبي معيط أَخُو عُثْمَان لأمه وَكَانَ واليا على الْكُوفَة من جَانِبه فِي خِلَافَته فصلى يَوْمًا بِالنَّاسِ الصُّبْح أَرْبعا وَكَانَ قد شرب الْخمر وَقَالَ وازيدكم فَقَالَ عبد الله بن مَسْعُود مَا زلنا فِي زِيَادَة مذ وليت علينا وَقَول عُثْمَان لعَلي دُونك بن عمك لِلْقَرَابَةِ بَين بني أُميَّة وَبني هَاشم يلحقون بالجد الْأَعْلَى وَهُوَ عبد منَاف ودونك اسْم فعل بِمَعْنى الْأَمر وَفِيه اغراء أَي خُذ بن عمك (إنْجَاح) قَوْله فجلده على أَي أَمر على عبد الله بن جَعْفَر فجلده وعَلى يعد حَتَّى بلغ أَرْبَعِينَ كَمَا هُوَ مُصَرح فِي رِوَايَة مُسلم أعلم انه وَقع فِي البُخَارِيّ ان عليا رض جلد ثَمَانِينَ وَوَقع فِي مُسلم ان عليا جلد أَرْبَعِينَ وَهِي قَضِيَّة وَاحِدَة قَالَ القَاضِي الْمَعْرُوف من مَذْهَب عَليّ الْجلد فِي الْخمر ثَمَانِينَ وَمِنْه قَوْله فِي قَلِيل الْخمر وكثيرها ثَمَانُون جلدَة وروى عَنهُ جلد الْمَعْرُوف بالنجاشي ثَمَانِينَ قَالَ وَالْمَشْهُور ان عليا هُوَ الَّذِي أَشَارَ على عمر بِإِقَامَة الْحَد ثَمَانِينَ كَمَا جَاءَ فِي المؤطا وَغَيره قَالَ وَهَذَا كُله يرجح رِوَايَة من روى ان جلد الْوَلِيد ثَمَانِينَ قَالَ وَيجمع بَينه وَبَين مَا ذكره مُسلم من رِوَايَة الْأَرْبَعين بِمَا روى انه جلده بِسَوْط لَهُ رأسان فَضَربهُ بِرَأْسِهِ أَرْبَعِينَ فَتكون جُمْلَتهَا ثَمَانِينَ قَالَ وَيحْتَمل ان يكون عَائِدًا الى الثَّمَانِينَ الَّتِي فعلهَا عمر رض انْتهى قَالَ النَّوَوِيّ وَاخْتلف الْعلمَاء فِي قدر حد الْخمر فَقَالَ الشَّافِعِي وَأَبُو ثورود وَأهل الظَّاهِر وَآخَرُونَ حَده أَرْبَعُونَ قَالَ الشَّافِعِي وَللْإِمَام ان يبلغ بِهِ ثَمَانِينَ وَتَكون الزِّيَادَة على الْأَرْبَعين تعزيرات على تسببه فِي إِزَالَة عقله وَفِي تعرضه للقذف وَالْقَتْل وأنواع الايذاء وَترك الصَّلَاة وَغير ذَلِك وَنقل القَاضِي عَن الْجُمْهُور من السّلف وَالْفُقَهَاء مِنْهُم مَالك وَأَبُو حنيفَة وَالْأَوْزَاعِيّ وَالثَّوْري وَأحمد وَإِسْحَاق انهم قَالُوا حَده ثَمَانُون وَاحْتَجُّوا بِأَنَّهُ الَّذِي اسْتَقر عَلَيْهِ إِجْمَاع الصَّحَابَة وان فعل النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يكن للتحديد ثمَّ هَذَا الَّذِي ذَكرْنَاهُ هُوَ حد الْحر فَأَما العَبْد فعلى النّصْف من الْحر كَمَا فِي الزِّنَا وَالْقَذْف وأجمعت الْأمة على ان الشَّارِب يحد سَوَاء سكر أم لَا انْتهى قَوْله بَاب من شرب الْخمر مرَارًا قَالَ النَّوَوِيّ وَأما الْخمر فقد اجْمَعْ الْمُسلمُونَ على تَحْرِيم شرب الْخمر واجمعوا على وجوب الْحَد على شاربها سَوَاء شرب قَلِيلا أَو كثيرا واجمعوا على انه لَا يقتل لشربها وان تكَرر ذَلِك مِنْهُ هَكَذَا حكى الْإِجْمَاع فِيهِ التِّرْمِذِيّ وخلائق وَحكى القَاضِي عَن طَائِفَة شَاذَّة انهم قَالُوا يقتل بعد جلده أَربع مراة للْحَدِيث الْوَارِد فِي ذَلِك وَهَذَا القَوْل بَاطِل مُخَالف لاجماع الصَّحَابَة فَمن بعدهمْ على انه لَا يقتل وان تكَرر مِنْهُ أَكثر من أَربع مَرَّات وَهَذَا الحَدِيث مَنْسُوخ قَالَ جمَاعَة دلّ الْإِجْمَاع على نسخه وَقَالَ بَعضهم نسخه قَوْله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يحل دم امْرَأَة مُسلم الا بِإِحْدَى ثَلَاث النَّفس بِالنَّفسِ وَالثَّيِّب الزَّانِي والتارك لدينِهِ المفارق للْجَمَاعَة انْتهى قَوْله [2576] من حمل علينا السِّلَاح الخ قَالَ فِي النِّهَايَة أَي حمل على الْمُسلمين لاسلامهم فَلَيْسَ بِمُسلم وان لم يحملهُ لَهُ فقد اخْتلف فِيهِ وَقيل مَعْنَاهُ لَيْسَ مثلنَا وَقيل لَيْسَ متخلقا باخلاقنا وَلَا عَاملا بسنتنا انْتهى قَوْله [2578] فاجتووا الْمَدِينَة أَي اصابهم الجوي وَهُوَ الْمَرَض وداء الْجوف إِذا تطاول وَذَلِكَ إِذا لم يوافقهم هواءها واستوخموها وَيُقَال اجتريت الْبَلَد إِذا كرهت الْمقَام فِيهِ وان كنت فِي نعْمَة قَوْله وَسمر أَعينهم بِضَم سين وخفة مِيم وَقد يشدد أَي احمي لَهُم مسامير الْحَدِيد ثمَّ كحلهم بهَا وَفعله قصاصا لأَنهم سملوا عين الرَّاعِي وَقَطعُوا يَده وَرجله وغرزوا الشوك فِي لِسَانه وعينه حَتَّى مَاتَ والحرة ارْض ذَات حِجَارَة سود (فَخر) قَوْله [2579] وسمل أَعينهم أَي فقأها بحديدة محماة أَو غَيرهَا وَهُوَ بِمَعْنى السمر قَالَ فِي النِّهَايَة وَإِنَّمَا فعل ذَلِك لأَنهم فعلوا بالرعاة مثله وقتلوهم فجازاهم على صنيعهم بِمثلِهِ وَقيل اما هَذَا كَانَ قبل ان تنزل الْحُدُود فَلَمَّا نزلت نهى عَن الْمثلَة (زجاجة) قَوْله

[2583] لعن الله السَّارِق الخ أَي ابعده الله تَعَالَى عَن رَحمته وَالْمذهب ان اللَّعْن على رجل مَخْصُوص لم ينص كفره عَن الشَّارِع كابليس وَفرْعَوْن وَأبي جهل غير جَائِز وإنكان كَافِرًا لأَنا لَا نقطع بِسوء الخاتمة لَاحَدَّ وَلم يبين الشَّارِع لنا وَلذَا منع السّلف عَن اللَّعْن على يزِيد وجوزوا اللَّعْن على قَاتل مُؤمن لقَوْله تَعَالَى من قتل مُؤمنا مُتَعَمدا فجزاءه جَهَنَّم خَالِدا فِيهَا وَغَضب الله عَلَيْهِ ولعنه وَاعد لَهُ عذَابا عَظِيما فاللعن على قوم مَخْصُوص بِفعل كالسرقة وَالْقَتْل جَائِز وَقد ورد أَمْثَاله على لِسَان الشَّرْع كثيرا ثمَّ المُرَاد من الْبَيْضَة قيل بَيْضَة الْحَدِيد وَهُوَ مَا يلْبسهُ الْمُحَارب عِنْد الْقِتَال وَمن الْحَبل هُوَ حَبل السَّفِينَة وهما ذُو ثمن وَقيل المُرَاد مِنْهُمَا الشَّيْء الْيَسِير فَإِن عشرَة دَرَاهِم مثلا يسيرَة فِي جنب الْيَد بِفَوَات الْمَنْفَعَة الْعَظِيمَة بقطعها فَكَأَنَّهُ قَالَ لعن الله السَّارِق يسرق الشَّيْء التافه فتقطع يَده بِسَبَبِهِ (إنْجَاح) قَوْله يسرق الْبَيْضَة قَالَ فِي النِّهَايَة يَعْنِي بالبيضة الخوذة وَقَالَ بن قُتَيْبَة الْوَجْه فِي الحَدِيث ان الله لما انْزِلْ وَالسَّارِق والسارقة فَاقْطَعُوا ايديهما قَالَ النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لعن الله السَّارِق يسرق الْبَيْضَة فتقطع يَده على ظَاهر مَا نزل عَلَيْهِ يَعْنِي بَيْضَة الدَّجَاجَة وَنَحْوهَا ثمَّ أعلم الله بعد ان الْقطع لَا يكون الا فِي ربع دِينَار فَمَا فَوْقه وانكرتا وَيْلَهَا بالخوذة لِأَن هَذَا لَيْسَ مَوضِع تَكْثِير لما يَأْخُذهُ السَّارِق إِنَّمَا هُوَ مَوضِع تقليل فَإِنَّهُ لَا يُقَال قبح الله فلَانا عرض نَفسه للضرب فِي عقد جَوْهَر إِنَّمَا يُقَال لعن الله فلَانا تعرض لقطع يَده فِي خلق رث أَو كبة شعر (زجاجة) قَوْله يسرق الْبَيْضَة قيل أَرَادَ بَيْضَة الْفضة وحبل السَّفِينَة والا فالبيضة وَالْحَبل المعروفان من الْأَشْيَاء التافهة وَلَا يَصح فِيهَا قطع الْعُضْو وَالْحق ان ذَلِك وَارِد بطرِيق التَّمْثِيل وَلَيْسَ الْغَرَض بَيَان حكم الْقطع فيهمَا بخصوصهما وَهَذَا كَمَا جَاءَ فِي حَدِيث الْجُمُعَة من قرب دجَاجَة من قرب بَيْضَة مَعَ ان الدَّجَاجَة والبيضة لَا يَصح التَّقَرُّب بهما وَإِنَّمَا الْغَرَض تَصْوِير الثَّوَاب الْقَلِيل لمولانا الْمُعظم الشَّيْخ عبد الْعَزِيز الدهلوي قدس الله سره [2585] لَا تقطع الْيَد الا فِي ربع دِينَار وَبِه اخذ الشَّافِعِي وَذهب مَالك وَأحمد الى انه سبع دِينَار أَو ثَلَاثَة دَرَاهِم وَقَالَ أَبُو حنيفَة وَأَصْحَابه لَا يقطع الا فِي عشرَة دَرَاهِم وَقَالُوا ان الاخذ بِالْأَكْثَرِ فِي هَذَا الْبَاب أولى احتيالا للدرء فاعرف انه قد قيل فِي ثمن الْمِجَن أَكثر مِمَّا ذكر وَلِحَدِيث ايمن رَوَاهُ الْحَاكِم عَن مُجَاهِد عَن ايمن قَالَ لم تقطع الْيَد على عهد رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الا فِي ثمن الْمِجَن وثمنه يَوْمئِذٍ دِينَار وَقد اخْتلف فِي تَقْوِيم الْمِجَن فروى ثَلَاثَة أَو عشرَة فَيجب الاخذ بِالْأَكْثَرِ لايجاب الشَّرْع الدرء مَا أمكن ثمَّ يقوى مَا رَوَاهُ النَّسَائِيّ بِسَنَدِهِ عَن عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده قَالَ كَانَ ثمن الْمِجَن على عهد رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عشرَة دَرَاهِم وَقَالَ التِّرْمِذِيّ وَقد روى عَن بن مَسْعُود أَنه قَالَ لَا قطع الا فِي دِينَار أَو عشرَة دَرَاهِم وَهُوَ مُرْسل وروى الدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن عَليّ رَضِي قَالَ لَا تقطع الْيَد فِي أقل من عشرَة دَرَاهِم وَلَا يكون الْمهْر أقل من عشرَة دَرَاهِم وَقَالَ مُحَمَّد بلغنَا ذَلِك عَن عَليّ وَعبد الله بن عمر وعامر وَإِبْرَاهِيم فتح الْقَدِير مُخْتَصرا قَوْله [2589] فبيعوه بنش النش عشرُون درهما وَهُوَ بِإِظْهَار الْعَيْب لِأَنَّهُ لَا يَلِيق الْمُسلم ان يغتر الْمُسلم وَفِي الحَدِيث الصَّحِيح تحب لاخيك مَا تحب لنَفسك قَالَ الطَّيِّبِيّ العَبْد إِذا سرق قطع آبقا كَانَ أَو غير آبق وَعَن عمر بن عبد الْعَزِيز أَمر بِهِ وَهُوَ قَول مَالك وَالشَّافِعِيّ وَعَامة أهل الْعلم (إنْجَاح) قَوْله [2590] من رَقِيق الْخمس أَي المَال الَّذِي خمس من الْمغنم وَإِنَّمَا لم يقطعهُ إِمَّا بِعَدَمِ الْحِرْز وَإِمَّا لكَونه فِي دَار الْحَرْب وَذَلِكَ بِسَبَب خوف الارتداد واللحوق بهم وَالله أعلم (إنْجَاح) قَوْله [2595] فَهَلا قبل ان تَأتِينِي بِهِ أَي فَهَلا تَصَدَّقت وَتركت حَقك قبل وُصُوله الي وَأما الْآن فَقَطعه وَاجِب لَيْسَ لَك فِيهِ حق بل هُوَ حق الشَّرْع ثمَّ انهم شرطُوا فِي كَون الْمَسْجِد حوزا ان يكون هُنَا محافظ وَقَالَ فِي الدّرّ وَيعْتَبر أَي الْحَافِظ فِي الْمَسْجِد لِأَنَّهُ لَيْسَ بحرز وَبِه يغتي انْتهى (إنْجَاح) قَوْله [2596] مَا اخذ فِي أكمامه الاكمام جمع كم وَهُوَ بِالْكَسْرِ دُعَاء الطّلع وغطاء النُّور كالكمامة بِالْكَسْرِ فيهمَا وَجمعه اكمة واكمام وكمام كَذَا فِي الْقَامُوس (إنْجَاح) قَوْله فَاحْتمل أَي حمل تِلْكَ الثِّمَار وَذهب بهَا فثمنه أَي فَعَلَيهِ غَرَامَة ثمنه وَمثله مَعَه وَهَذِه سياسة والا فقد قَالَ الله جلّ ذكره فَمن اعْتدى عَلَيْكُم فاعتدوا عَلَيْهِ بِمثل مَا اعْتدى عَلَيْكُم وَمَا كَانَ فِي الجرن فِي الْقَامُوس الجرن بِالضَّمِّ وكامير ومنير البيدر انْتهى وَفِي الْمجمع هُوَ مَوضِع لتجفيف التَّمْر وَهُوَ لَهُ كالبيدر للحنطة وَالشعِير انْتهى فَفِيهِ الْقطع قَالَ الطَّيِّبِيّ الْحِرْز مَشْرُوط فَلَا قطع الا فِيمَا سرق من حرز وَالْمُعْتَبر فِيهِ الْعرف قلت اما عندنَا فَلَا قطع فِيمَا يتسارع اليه الْفساد كاللبن وَاللَّحم والفواكه الرّطبَة لقَوْله عَلَيْهِ السَّلَام لَا قطع فِي ثَمَر وَقَوله عَلَيْهِ السَّلَام لَا قطع فِي الطَّعَام وَالْمرَاد مَا يتسارع اليه الْفساد كالمهيا للْأَكْل وَمَا فِي مَعْنَاهُ كَاللَّحْمِ وَالتَّمْر كَذَا فِي اللمعات (إنْجَاح) قَوْله وان أكل وَلم يَأْخُذ فَلَيْسَ عَلَيْهِ وَهَذَا أَيْضا مَحْمُول على الْعرف فَإِن لم يرض بِهِ صَاحب الْبُسْتَان فيعزر قَالَ الشَّاة الحريسة أَي الَّتِي تحرس بِالْجَبَلِ فَفِيهِ ثمنهَا وَمثله مَعَه وَهَذَا أَيْضا سياسة كَمَا مر والنكال الْعقُوبَة وَقَوله مَا كَانَ فِي المراح وَهُوَ مأوى الْإِبِل وَالْغنم بِاللَّيْلِ فَفِيهِ الْقطع للحرز (إنْجَاح) قَوْله [2597] مَا اخالك سرقت بِكَسْر الْهمزَة أفْصح أَي مَا اظنك وَفِيه انه لَو انكر فَلَا قطع قَالَ فِي الدّرّ وَندب تلقينه كَيْلا يقر بِالسَّرقَةِ وَأما إِذا كَانَ عَلَيْهِ شُهُود فَلَا يسْقط الْحَد (إنْجَاح) قَوْله اسْتغْفر الله الخ هَذَا مِنْهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يدل على ان الْحَد لَيْسَ مطهرا بِالْكُلِّيَّةِ مَعَ فَسَاد النِّيَّة وَإِنَّمَا مطهر لعين ذَلِك الذَّنب فَلَا عتاب عَلَيْهِ ثَانِيًا من جِهَة الرب قَالَ القَاضِي بِهَذَا الحَدِيث يستشهد على ان للامام ان يعرض للسارق بِالرُّجُوعِ قَالَ بن الْهمام وَيجب الْقطع بِإِقْرَارِهِ مرّة وَاحِدَة وَهَذَا عِنْد أبي حنيفَة وَمَالك وَالشَّافِعِيّ وَأكْثر عُلَمَاء الْأمة وَقَالَ أَبُو يُوسُف لَا يقطع وَهُوَ قَول أَحْمد وَابْن أبي ليلى وَزفر وَابْن شبْرمَة لهَذَا الحَدِيث حَيْثُ لم يقطعهُ الا بعد تكْرَار اقراره وَلأبي حنيفَة مَا اسنده الطَّحَاوِيّ الى أبي هُرَيْرَة فِي هَذَا الحَدِيث قَالُوا يَا رَسُول الله ان هَذَا سرق فَقَالَ مَا اخاله سرق فَقَالَ السَّارِق بلَى يَا رَسُول الله قَالَ اذْهَبُوا بِهِ فاقطعوه ثمَّ احسموه ثمَّ ائْتُونِي بِهِ قَالَ فَذهب بِهِ فَقطع الحَدِيث فقد قطعه بِإِقْرَارِهِ مرّة انْتهى (مرقاة) قَوْله

[2601] لَا يجلد أحد فَوق عشر جلدات قَالَ الطَّيِّبِيّ قَالَ أَصْحَابنَا هَذَا الحَدِيث مَنْسُوخ وَاسْتَدَلُّوا بِأَن الصَّحَابَة جاوزوا من عشرَة أصوات وَقَالَ أَصْحَاب مَالك هَذَا كَانَ مُخْتَصًّا بِزَمن النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ ضَعِيف انْتهى وَقَالَ الشَّيْخ الْمَذْهَب عندنَا أَن أَكْثَره تسعةثلاثون وَأقله ثَلَاث جلدات وَقَالَ أَبُو يُوسُف يبلغ التَّعْزِير خَمْسَة وَسبعين وَالْأَصْل فِيهِ قَوْله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من بلغ حدا فِي غير حد فَهُوَ من الْمُعْتَدِينَ وَإِذا حدد تبليغه حدا فَأَبُو حنيفَة وَمُحَمّد نظرا الى أدنى الْحَد وَهُوَ حد العَبْد فِي الْقَذْف فصرفاه اليه وَذَلِكَ أَرْبَعُونَ فنقصا مِنْهُ سَوْطًا وَأَبُو يُوسُف اعْتبر أقل الْحَد فِي الْأَحْرَار إِذا الأَصْل هُوَ الْحُرِّيَّة ثمَّ نقص سَوْطًا فِي رِوَايَة عَنهُ وَهُوَ قَول زفر وَهُوَ الْقيَاس وَفِي ظَاهر الرِّوَايَة نقص خَمْسَة وَهُوَ مأثور عَن عَليّ ثمَّ قدر الادنى بِثلث جلدات لِأَن مَا دونهَا لَا يَقع بِهِ الزّجر وَذكر مشائخنا ان أدناه على مَا يرَاهُ الامام كَذَا فِي الْهِدَايَة لمعات قَوْله لَا يجلد أحد فَوق عشر جلدات الخ فَإِن قلت هَذَا الحَدِيث يُعَارض الحَدِيث السَّابِق اعني قَوْله إِذا قَالَ الرجل للرجل يَا لوطي فاجلدوه عشْرين وَإِذا قَالَ الرجل للرجل يَا مخنث فاجلدوا عشْرين فَكيف التَّوْفِيق قلت المُرَاد بِحَدّ من حُدُود الله مَا قدره الله تَعَالَى وَلَو على لِسَان رَسُوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَوَاء كَانَ من حُدُود الْمَعْرُوفَة أَو التعزيرات فَلَا اشكال لشمس الْعُلُوم مَوْلَانَا عبد الْعَزِيز الدهلوي [2603] فَهُوَ كَفَّارَته أَي يكفر اثم ذَلِك وَلم يُعَاقب بِهِ فِي الْآخِرَة وَهَذَا خَاص بِغَيْر الشّرك وَأخذ أَكثر الْعلمَاء من هَذَا ان الْحُدُود كَفَّارَات وتنافيه خبر لَا أَدْرِي الْحُدُود كَفَّارَات أم لَا اجابوا عَنهُ بِأَنَّهُ قبل هَذَا الحَدِيث لِأَنَّهُ فِيهِ نفي الْعلم وَفِي هَذَا إثْبَاته (مرقاة) قَوْله [2604] فَالله اعْدِلْ ان يثنى عُقُوبَته أَي بِأَن يُكَرر فِي الْآخِرَة مَعَ عَذَاب الدُّنْيَا قَوْله فستره الله عَلَيْهِ لكَمَال الرأفة وَالرَّحْمَة فَهَذَا من اذنب فِي السِّرّ وَلِهَذَا ورد كل أمتِي معافى الا المجاهرون قَوْله قد عَفا عَنهُ أَي فِي الدُّنْيَا بالستر فَإِن إِظْهَار الجريمة فِيهِ نوع من الْعقَاب (إنْجَاح) قَوْله [2606] انْتظر حَتَّى اجيئ الخ اسْتِفْهَام إِنْكَار أَي لَا انْتظر حَتَّى اجيئ بأَرْبعَة شُهَدَاء قَوْله الى مَا ذَاك مَا زَائِدَة أَي الى ذَلِك الاجل الَّذِي اطلب فِيهِ الشُّهَدَاء وَقد قضى الزَّانِي حَاجته وَقَوله أَو أَقُول عطف على انْتظر فَهَذَا أَيْضا مَحل الِاسْتِفْهَام أَي لَا افشي سر هَذَا فَإِنِّي لَو افشيته يضْربُونَ عَليّ حد الْقَذْف وَلَا يقبلُونَ لي شَهَادَة وَلَعَلَّ هَذَا قبل نزُول اللّعان فَإِن اللّعان يدرء الْحَد عَن الْقَاذِف لَو كَانَ الزَّوْج وَقَوله كفى بِالسَّيْفِ شَاهد أَي إِذا قَتلهمَا على هَذِه الْحَال يصدق الْقَاتِل فَلَا حَاجَة الى الشُّهُود ثمَّ لما علم صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْفِتْنَة فِي هَذِه الْفتيا رَجَعَ وَقَالَ لَا افتي بذلك وَلَو افتيت بذلك يتتابع أَي يتَكَرَّر السكارى وَأَصْحَاب الْغيرَة الْقَتْل ثمَّ يعْتَذر بِفعل الْفَاحِشَة فَعلم من الحَدِيث ان هَذَا الرجل وان عذر ديانَة لِأَنَّهُ فِي مَحل الْمَدْح حَيْثُ قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسمعوا مَا يَقُول سيدكم وَفِي رِوَايَة أُخْرَى انا أغير مِنْهُ وَالله اغير مني لَكِن لَا يقبل عذره قَضَاء وَقَوله سَمِعت أَبَا زرْعَة يَقُول الخ أَشَارَ بن ماجة انه لم يسمع هَذَا الحَدِيث عَن عَليّ بن مُحَمَّد وَفَاته مِنْهُ مَعَ ان عليا شَيْخه لَكِن أَبَا زرْعَة اسنده الى عَليّ بن مُحَمَّد فَصَارَ وَاسِطَة بَينه وَبَين بن ماجة وَالله اعْلَم والغيران كسكران صفة من الْغيرَة (إنْجَاح) قَوْله [2608] واصفى من الاصفاء بِمَعْنى الاستصفاء قَالَ فِي الْقَامُوس استصفى مَاله أَي اخذه كُله انْتهى أَي اقتله وَأخذ مَاله كُله وَهَذَا يدل على ان قَتله وَأخذ مَاله كَانَ بِسَبَب كفره وردته أَي فعله استحلالا والا فالمحدود لَا يُؤْخَذ مَاله إنْجَاح الْحَاجة قَوْله [2610] حرَام تَشْدِيد وتغليظ وَالْمرَاد المستحل اولا يدْخل مَعَ السَّابِقين أَو مَحْمُول على الزّجر لِأَنَّهُ يُؤَدِّي الى فَسَاد عريض لمعات قَوْله [2611] خَمْسمِائَة عَام وَفِي رِوَايَة مائَة عَام وَفِي الفردوس الف عَام وَذَلِكَ بِسَبَب اخْتِلَاف دَرَجَات بِالْأَعْمَالِ وَلَيْسَ عدم وجدان الرَّائِحَة كِنَايَة عَن عدم دُخُول الْجنَّة بل عدم وجدان أول مَا يحدها الصالحون كَذَا فِي اللمعات قَوْله [2612] لَا نقفوا منا الخ بِتَقْدِيم الْقَاف على الْفَاء من قفا يقفو قفوا وقفُوا وَهُوَ الْقَذْف بِالْفُجُورِ صَرِيحًا ورميا بِأَمْر قَبِيح فغرضه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انا لَا نقذف امنا بالحاق النّسَب مِمَّن لَيْسَ مِنْهُ وَذَلِكَ مُقْتَض للنَّفْي من الإباء أَيْضا فَلذَلِك اكده صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولانتفى من ابائنا وَكِنْدَة بِالْكَسْرِ لقب ثَوْر بن عفير أبي حَيّ من الْيمن لِأَنَّهُ كند أَبَاهُ بكفران النِّعْمَة وَلحق باخواله وَالنضْر بن كنَانَة أَبُو قُرَيْش ولذك قيل ان النَّضر بن كنَانَة اجْتمع فِي ثَوْبه يَوْمًا فَقَالُوا تقرش والتقرش الِاجْتِمَاع وَقيل سموا بذلك لتجمعهم الى الْحرم وَقيل غير ذَلِك (إنْجَاح) قَوْله

[2613] قد كتب عَليّ الشقوة أَي قد قدر عَليّ الشقوة وَهِي الشدَّة والعسر فآذن لي فِي الْغناء فِي غير فَاحِشَة فَإِنَّهُ كنى بالفاحشة عَن اللواطة وَغَيرهَا من افعال المخنثين قَوْله وَلَا كَرَامَة وَلَا نعْمَة عين أَي لَا كَرَامَة لَك من هَذَا الْفِعْل أَو لَا اكرمك بِالْإِجَازَةِ فِيهِ نعم عين ونعمة ونعام ونعيم بِفَتْح نونهن ونعمى ونعامى ونعام وَنعم ونعمة بِضَم نونهن ونعمة ونعام بِكَسْر نونهما وَينصب الْكل بِفعل مُقَدّر أَي افْعَل ذَلِك انعاما لعينك وإكراما وأنعم بك عينا أَي اقربك عين من تحبه أَو أقرّ عَيْنك بِمن تحبه كَذَا فِي الْقَامُوس وَقَوله أَي عَدو الله تهديدا لَهُ (إنْجَاح) قَوْله وَلَو كنت تقدّمت إِلَيْك الخ أَي بِالنَّهْي عَن ذَلِك الْفِعْل الشنيع لفَعَلت بك وَفعلت من التَّعْزِير وَالْحَبْس وَغَيرهمَا قَوْله حلقت رَأسك مثلَة هَذَا أَيْضا تهديدا وَفِيه جَوَاز حلق الرَّأْس لأهل الْمعاصِي قلت هَذَا لَيْسَ بالمثلة الممنوعة لِأَن حلق الرَّأْس جَائِز بالِاتِّفَاقِ وَلَيْسَ فِيهِ غَرَض الا التهديد للعاصي والمثلة الْمُحرمَة قطع الْأَطْرَاف كالانف والاذن وَفِيه جَوَاز نفي أهل الْمعاصِي وَقد نفى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مخنثا من أهل الْمَدِينَة وَقَوله احللت سلبك بِفَتْح اللَّام هُوَ مَا يسلب من اللبَاس وَغَيره وَهَذَا أَيْضا تهديدا وَقَوله لَا يستر من النَّاس بهديه الْهدى بِفَتْح الْهَاء وَسُكُون الدَّال فِي اخره يَاء السِّيرَة أَي بعادته وسيادته الْقَدِيمَة فِي الدُّنْيَا وَفِي بعض النّسخ بهدبة بِالْبَاء الْمُوَحدَة فِي آخِره والهدب بِضَمَّتَيْنِ وبالضم خمل الثَّوْب (إنْجَاح) [2614] مخنثا وَهُوَ الَّذِي يتشبه بِالنسَاء فِي اخلاقه وَكَلَامه وحركاته وسكناته فَتَارَة يكون هَذَا خلقَة فَلَا ذمّ لَهُ وَلَا اثم عَلَيْهِ وَلذَا لم يُنكر النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اولا دُخُوله على النِّسَاء وَتارَة يكون بتكلف وَهُوَ مَلْعُون بِالْحَدِيثِ الْمَشْهُور وَأما دُخُوله على أُمَّهَات الْمُؤمنِينَ فلانهن اعتقدن انه من غير أولي الاربة فَلَمَّا سمع عَلَيْهِ السَّلَام مِنْهُ الْكَلَام الَّاتِي علم انه من ذَوي الاربة فَمنع قَوْله تقبل بِأَرْبَع أَي بِأَرْبَع عُكَن فِي الْبَطن من قدامها لاجل السّمن فَإِذا أَقبلت رؤيت موَاضعهَا شاخصة من كَثْرَة الغصون وتدبر بثمان أَي أَطْرَاف هَذِه العكن من وَرَائِهَا عِنْد مُنْقَطع الجنبين وَقَالَ الاكمل وَذَلِكَ ان العكن جمع عكنة وَهِي الطي الَّذِي فِي المبطن من السّمن وَهِي تقبل بِهن من كل نَاحيَة ثِنْتَانِ وَلكُل وَاحِدَة طرفان فَإِذا أَدْبَرت صَارَت الْأَطْرَاف ثَمَانِيَة هَذَا يدل على منع الخنث والخصي والمجبوب من الدُّخُول على النِّسَاء مرقاة مُلَخصا قَوْله [2615] أول مَا يقْضِي الخ وَفِي رِوَايَة أول مَا يحكم بَين الْعباد فِي الدِّمَاء هَذَا لتعظيم أَمر الدِّمَاء وَلَيْسَ هَذَا الحَدِيث مُخَالفا لقَوْله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ان أول مَا يُحَاسب بِهِ العَبْد صلوته لِأَن ذَلِك فِي حق الله وَهَذَا فِيمَا بَين الْعباد وَكَذَا قَالَ الطَّيِّبِيّ قَوْله [2616] على بن ادم الأول صفة لِابْنِ وَهُوَ قابيل قتل اخاه هابيل حِين تزوج كل باخته الَّتِي مَعَ الاخر فِي بطن وَاحِد لِأَن شَرِيعَة ادم ان بطُون حَوَّاء كَانَت بِمَنْزِلَة الاقارب الاباعد كَذَا فِي الْمرقاة وَقَالَ الْكرْمَانِي على بن ادم الأول قابيل لِأَنَّهُ أجْرى النَّاس على الْقَتْل ويجزى على الاجواء لَا على الْقَتْل وَهُوَ أول قتل وَقع فِي الْعَالم وَقَالَ الطَّيِّبِيّ كفل من دَمهَا أَي نصيب من اثمه وَقَيده بِالْأولِ لِأَنَّهُ فِي بَينه كَثْرَة وَهَذَا يدل على ان قابيل أول مَوْلُود من بنيه انْتهى قَوْله [2618] لم يتند بِدَم من الندى بالنُّون وَالدَّال الْمُهْملَة وَهُوَ الثرى والمطر والبلل فَمَعْنَاه لم يبلل يَده وكفه من دم حرَام وَالله أعلم (إنْجَاح) قَوْله [2620] بِشَطْر كلمة الشّطْر نصف الشَّيْء وجزؤه أَي أعَان على قَتله بِأَدْنَى كلمة تكون سَبَب سفك دَمه فَكيف من أَمر بِهِ أَو شرك فِي قَتله إنْجَاح الْحَاجة قَوْله [2621] واني لَهُ الْهدى هَذَا مَذْهَب تفرد بِهِ بن عَبَّاس من الصَّحَابَة وَتَبعهُ فِي ذَلِك الْمُعْتَزلَة والخوارج وَقد نقل عَن بن عَبَّاس الرُّجُوع أَيْضا فَإِن الْأَحَادِيث الصِّحَاح تدل على صِحَة تَوْبَته وَعَلِيهِ إِجْمَاع الْأمة وَأما ادِّعَاء عدم النّسخ فَلَا يضرنا لأَنا لَا نسلم ان معنى الْآيَة على وَجههَا بل المُرَاد من الخلود الْمكْث الْكثير ويأول أَيْضا بِأَن هَذَا جَزَاؤُهُ ان جوزي وَقَول الْمُعْتَزلَة بِالْخرُوجِ عَن الْإِيمَان يُخَالف قَوْله تَعَالَى يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا كتب عَلَيْكُم الْقصاص فِي الْقَتْلَى فلولا وجود الْإِيمَان لم يخاطبوا بِهِ وَقيل من قَتله لايمانه أَو مستحلا لقَتله وهما كفر (إنْجَاح) قَوْله فَقَالَ بعد تِسْعَة وَتِسْعين نفسا إِنَّمَا قَالَ هَذَا إنكارا أَي كَيفَ تقبل تَوْبَته بعد قتل تِسْعَة وَتِسْعين نفسا وَقَوله فانتضى بالنُّون وَالضَّاد سَيْفه أَي سَله (إنْجَاح) قَوْله احتفز بِنَفسِهِ من الحفز بِالْحَاء الْمُهْملَة ثمَّ الْفَاء ثمَّ الزائ الْمُعْجَمَة حفزه يحفزه دَفعه من خَلفه واحتفز فِي مشيته احتث واجتهد كَذَا فِي الْقَامُوس وَفِي البُخَارِيّ وَمُسلم فنَاء بصدره نَحْوهَا أَي نَهَضَ بِجهْد ومشقة فَمَعْنَاه سعى فِي توجهه الى الْقرْيَة الصَّالِحَة بِكَمَال حَده واجتهاده (إنْجَاح) قَوْله [2623] فَهُوَ الْخِيَار بَين إِحْدَى ثَلَاث ظَاهره ان الِاخْتِيَار لاولياء الْمَقْتُول ان شاؤوا اقتصوا وان شاؤوا أخذُوا الدِّيَة وَهُوَ مَذْهَب الشَّافِعِي وَأحمد وَعَن أبي حنيفَة وَمَالك لَا يثبت الدِّيَة الا برضى الْقَاتِل وَهُوَ أحد قولي الشَّافِعِي لِأَن مُوجب الْقَتْل عمدا هُوَ الْقصاص لقَوْله تَعَالَى كتب عَلَيْكُم الْقصاص فِي الْقَتْلَى الا انه يُقيد بِوَصْف الْعمد لقَوْله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعمد قَود أَي مُوجبه فإيجاب المَال زِيَادَة فَلَا يكون للْوَلِيّ اخذ الدِّيَة الا برضى الْقَاتِل والمسئلة مُخْتَلف فِيهَا بَين الصَّحَابَة وَمن بعدهمْ وَيُمكن حمل الحَدِيث على ذَلِك أَيْضا فَافْهَم لمعات قَوْله

[2625] فَقَامَ اليه الْأَقْرَع بن حَابِس الخ وقصته ان محلم بن جثامة اللَّيْثِيّ قتل رجلا من أَشْجَع فعيينة بن حصن يطْلب دم الْأَشْجَعِيّ لِأَنَّهُ من قيس واقرع بن حَابِس يدْفع عَن محلم لِأَنَّهُ من خندف كَذَا فِي أَسد الغابة واقرع وعيينة كَانَا من الْمُؤَلّفَة الْقُلُوب وَكَانَا رئيسي قومهما وَقَول مكيتل مَا شبهت هَذَا الْقَتِيل فِي عزة بِكَسْر الْمُهْملَة ثمَّ الزائي الْمُعْجَمَة الْمُشَدّدَة بِمَعْنى الْغَلَبَة وَفِي بعض النّسخ بالغين الْمُعْجَمَة المضمومة وَالرَّاء الْمُهْملَة بِمَعْنى الْبيَاض وَيُطلق على الشَّرِيعَة لوضوحها وبياضها لقَوْل النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تركتكم على مِلَّة بَيْضَاء لَيْلهَا كنهارها تعرض المكيتل ان تَشْبِيه هَذَا الْقَتِيل لَو لم يتدارك بِجِنَايَتِهِ وقصاصه مَعَ وجود هَذِه الْغَلَبَة والنصرة فِي الْإِسْلَام كغنم وَردت على المَاء فرميت أَولهَا فنفرت بِسَبَبِهَا آخرهَا أَي لَو لم يتدارك فِي أول الْإِسْلَام لم يكن صلاحا لآخر الْمُسلمين فَيكون سَببا للصلة (إنْجَاح) [2626] وَذَلِكَ ثَلَاثُونَ حقة الخ هَذَا مَذْهَب الشَّافِعِي وَمُحَمّد اخذا بِهَذَا الحَدِيث وَمذهب أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف مائَة من الْإِبِل ارباعا خمس وَعِشْرُونَ بنت مَخَاض وَخمْس عشرُون بنت لبون وَخمْس وَعِشْرُونَ حقة وَخمْس وَعِشْرُونَ جَذَعَة تمسكا بِحَدِيث السَّائِب بن يزِيد ان النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قضى فِي الدِّيَة بِمِائَة من الْإِبِل ارباعا والْحَدِيث الَّذِي تمسك بِهِ الشَّافِعِي غير ثَابت لاخْتِلَاف الصَّحَابَة فالاخذ بالمتيقن أولى لمعات قَوْله [2627] قَتِيل الْخَطَأ شبه الْعمد قَتِيل السَّوْط الخ فِيهِ وُجُوه من الاعراب أَحدهَا ان يكون شبه الْعمد صفة الْخَطَأ وَهُوَ معرفَة وَجَاز لِأَن الشّبَه الْعمد وَقع بَين الضدين ثَانِيهَا ان يُرَاد بالْخَطَأ الْجِنْس فَهُوَ بِمَنْزِلَة النكرَة وقتيل السَّوْط اما بَدَلا أَو بَيَانا وَثَالِثهَا ان يكون شبه الْعمد بَدَلا من الْخَطَأ وقتيل السَّوْط بَدَلا من الْبَدَل وَقَوله مائَة من الْإِبِل خبر قَتِيل الْخَطَأ وَفِي شرح السّنة الحَدِيث يدل على اثبات عمد الْخَطَأ فِي الْقَتْل وَزعم بَعضهم ان الْقَتْل لَا يكون الا عمدا مَحْضا أَو خطأ مَحْضا وَأما شبه الْعمد فَلَا يعرف وَهُوَ قَول مَالك وَاسْتدلَّ أَبُو حنيفَة بِحَدِيث عبد الله بن عمر وعَلى ان الْقَتْل بالمثقل شبه عمد لَا يُوجب الْقصاص وَلَا حجَّة لَهُ فِيهِ لِأَن الحَدِيث فِي السَّوْط والعصا الْخَفِيفَة الَّتِي لَا يقْصد بهَا الْقَتْل وَذَلِكَ لِأَن الْغَالِب من أَمر السِّيَاط والعصا انها تكون خَفِيفَة وَالْقَتْل الْحَاصِل بهَا يكون بطرِيق شبه الْعمد وَأما الثّقل الْكَبِير فَيلْحق بالمحد وَالَّذِي هُوَ معد للْقَتْل انْتهى وَأَنت ترى ان الْعَصَا باطلاقها تَشْمَل لثقيلة والخفيفة فتخصيصها الى دَلِيل مثله أَو أقوى مِنْهُ (مرقاة) قَوْله [2628] الا ان كل ماثرة كَانَت الخ من الْأَثر محركة هُوَ بَقِيَّة الشَّيْء أَي كل بَقِيَّة من بقايا الْجَاهِلِيَّة من الْعَادَات والرسوم مَوْضُوعَة وَتَحْت قدمي هَاتين فانا لَا نكلف بعد ان فتحنا مصرا من امصار الْجَاهِلِيَّة بأحكامهم وَإِنَّمَا نتكلف بعد ان دَخَلنَا وتسلطنا عَلَيْهِم وَإِنَّمَا اسْتثْنى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سدانة الْبَيْت أَي خدمتها وسقاية الْحَاج لمصْلحَة لَهُم وَيَنْبَغِي للامام إِذا رأى مصلحَة فِي بعض احكامهم يمضيها على مَا كَانَ عَلَيْهِ (إنْجَاح) قَوْله [2629] جعل الدِّيَة اثْنَا عشر الْفَا وَبِه اخذ الشَّافِعِي وَعند أبي حنيفَة الدِّيَة من الْإِبِل مائَة وَمن الْعين الف دِينَار وَمن الْوَرق عشرَة آلَاف دِرْهَم لما روى عَن عمر ان النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قضى بِالدِّيَةِ فِي قَتِيل بِعشْرَة آلَاف دِرْهَم كَذَا فِي اللمعات وَقَالَ الشمني الدِّيَة من الذَّهَب الف دِينَار وَمن الْفضة عشرَة آلَاف دِرْهَم وَمن الْإِبِل مائَة وَقَالَ الشَّافِعِي من الْوَرق اثْنَا عشر الْفَا وَبِه قَالَ مَالك وَأحمد وَإِسْحَاق وَلنَا هُوَ قَول الثَّوْريّ وَأبي ثَوْر من أَصْحَاب الشَّافِعِي مَا روى الْبَيْهَقِيّ من طَرِيق الشَّافِعِي قَالَ مُحَمَّد بن الْحسن بلغنَا عَن عمر انه فرض على أهل الذَّهَب الف دِينَار وَمن الْوَرق عشرَة آلَاف دِرْهَم حَدثنَا بذلك أَبُو حنيفَة عَن الْهَيْثَم عَن الشّعبِيّ عَن عمر قَالَ فَقَالَ أهل الْمَدِينَة فرض عمر رَضِي على أهل الْوَرق اثْنَي عشر الف دِرْهَم قَالَ مُحَمَّد بن الْحسن صدقُوا وَلكنه فَرضهَا اثْنَي عشر الْفَا وزن سِتَّة وَذَلِكَ عشرَة آلَاف انْتهى قَوْله [2631] فِي دِيَة الْخَطَأ الخ اعْلَم ان دِيَة الْخَطَأ الْمَحْض اخماس بالِاتِّفَاقِ الا ان الشَّافِعِي يقْضِي بِعشْرين بن لبون مَكَان بن مَخَاض وَهَذَا الحَدِيث حجَّة عَلَيْهِ وَمَا قَالَ صَاحب المشكوة ان خشفا مَجْهُول لَا يعرف الا بِهَذَا الحَدِيث لَيْسَ بِصَحِيح قَالَ بن حجر فِي التَّقْرِيب خشف بِكَسْر أَوله وَسُكُون الْمُعْجَمَة بعْدهَا فَاء بن مَالك الطَّائِي وَثَّقَهُ النَّسَائِيّ من الثَّانِيَة انْتهى وَذكره بن حبَان فِي الثِّقَات وروى الْأَرْبَعَة عَنهُ هَذَا الحَدِيث وَابْن ماجة حَدِيثا اخر كَذَا ذكرُوا وَحجَّة الشَّافِعِي مَا روى فِي شرح السّنة ان النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ودى قَتِيل خَيْبَر بِمِائَة من ابل الصَّدَقَة وَلَيْسَ فِي اسنان ابل الصَّدَقَة بن مَخَاض إِنَّمَا فِيهَا بن لبون (فَخر) قَوْله [2632] وَذَلِكَ قَوْله وَمَا نقموا الا ان أغناهم الله الخ قَالَ الْبَغَوِيّ فِي شَأْن نُزُولهَا ان مولى الْجلاس قتل فَأمر رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بدية اثْنَي عشر الف دِرْهَم فاستغنى قَالَ الْكَلْبِيّ كَانُوا أَي المُنَافِقُونَ قبل قدوم النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَة فِي ضنك من الْعَيْش فَلَمَّا قدم عَلَيْهِم النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ استغنوا بالغنائم قَالَ بن الْأَثِير فَتَابَ بعد ذَلِك الْجلاس عَن النِّفَاق وَحسنت تَوْبَته (إنْجَاح) قَوْله [2634] وَالْخَال وَارِث من لَا وَارِث لَهُ دلّ على مِيرَاث ذَوي الْأَرْحَام دلَالَة وَاضِحَة فرحم الله على من اذعن الْحق وَلم يأوله بِأَنَّهُ على طَريقَة الْجُوع زَاد من لَا زَاد لَهُ سيد قَوْله [2635] فِي عمية بِكَسْر عين وَضمّهَا وبكسر مِيم وياء مشددتين هِيَ الْأَمر الْأَعْمَى لَا يستبين وَجهه كتقاتل الْقَوْم عصبيته قَالَ فِي النِّهَايَة هِيَ فعيلة من الْعَمى الضَّلَالَة كالقتال فِي العصبية والاهواء قَوْله أَو عصبية هِيَ المحاماة والمدافعة والعصبي هُوَ الَّذِي يغْضب لعصبته أَي اقاربه ويحامي عَنْهُم يَعْنِي ان يُوجد بَينهم قَتِيل يعمى امْرَهْ وَلَا يتَبَيَّن قَاتله وَلَا حَال قَتله فَلهُ حكم الْخَطَأ تجب فِيهِ الدِّيَة قَوْله وَمن قتل عمدا فَهُوَ قَود أَي بصدد ان يُقَاد ومستوجب لَهُ اطلق الْمصدر على الْمَفْعُول بِاعْتِبَار مايؤل قَوْله وَمن حَال دونه أَي دون الْقَاتِل أَي منع الْمُسْتَحق عَن الْقصاص فَعَلَيهِ لعنة الله الخ (فَخر) قَوْله لَا يقبل مِنْهُ صرف وَلَا عدل قَالَ فِي الْقَامُوس الصّرْف فِي الحَدِيث التَّوْبَة وَالْعدْل الْفِدْيَة أَو هُوَ النَّافِلَة وَالْعدْل الْفَرِيضَة اوبالعكس أَو هُوَ الْوَزْن وَالْعدْل الْكَيْل وَهُوَ الِاكْتِسَاب وَالْعدْل الْفِدْيَة وَالْحِيلَة انْتهى (إنْجَاح) قَوْله [2636] فاستعدى عَلَيْهِ أَي طلب الْغَوْث والعون مِنْهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوْله وَلم يقْض لَهُ بِالْقصاصِ الظَّاهِر انه رضى بِالدِّيَةِ بعد قَول النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خُذ الدِّيَة بَارك الله لَك فِيهَا أَو كَانَ ضربه بالْخَطَأ (إنْجَاح) قَوْله

[2637] لَا قَود فِي المأمومة وَهِي الَّتِي تصل بِأم الدِّمَاغ وَهِي الغشاء الَّتِي فِيهَا الدِّمَاغ والجائفة هِيَ الَّتِي وصلت الى الْجوف والمنقلة الْجراحَة الَّتِي نقلت الْعظم بعد الْكسر وَإِنَّمَا لم يحكم فِيهَا بِالْقصاصِ لِانْعِدَامِ الممائلة وفيهَا حُكُومَة عدل وتفسيرها فِي كتب الْفِقْه (إنْجَاح) [2639] فِي الْجَنِين بعزة عبد أَو امة هِيَ العَبْد أَو الْأمة وَقيل بِشَرْط الْبيَاض فيهمَا وَأَصلهَا بَيَاض فِي وَجه الْفرس وَلَيْسَ ذَلِك شرطا عِنْد الْفُقَهَاء إِنَّمَا الْغرَّة عِنْدهم مَا بلغ ثمنهَا نصف عشر الدِّيَة وَهَذَا إِذا سَقَطت مَيتا فَإِن سقط حَيا ثمَّ مَاتَ فَفِيهِ الدِّيَة كَامِلَة وروى عبد أَو امة أَو فرس أَو بغل قيل هما غلط من الرَّاوِي أَو هما على سَبِيل الْقيمَة إِذا عدمت الرقَاق قَالَ الْكرْمَانِي بِالضَّمِّ وَشدَّة الرَّاء بِالتَّنْوِينِ وَعبد بدل وروى بِالْإِضَافَة مجمع الْبحار قَوْله ان هَذَا ليقول بقول شَاعِر وَفِي رِوَايَة إِنَّمَا هَذَا من اخوان الْكُهَّان انكر عَلَيْهِ قَوْله الْبَاطِل فِي مُقَابلَة الشَّارِع وَزَاد يعِيبهُ بالتكلف بالسجع الَّذِي هُوَ من عَادَة أهل الكهانة فِي ترويج اقاويلهم الْبَاطِلَة ليستميلوا بِهِ قُلُوب أهل البطالة وَلَيْسَ مذموما على الْإِطْلَاق لوُقُوعه فِي الْقُرْآن وَكَلَام النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنَّمَا المذمومة مِنْهُ مَا يتَكَلَّف بِهِ وَيكون الْغَرَض ترويج الْبَاطِل لمعات قَوْله [2641] فَقضى رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْجَنِين قَالَ الشمني وَمن ضرب بطن امْرَأَة يجب غرَّة خمس مائَة دِرْهَم على عَاقِلَته ان القت مَيتا وَالْقِيَاس ان لَا يجب فِي الْجَنِين السَّاقِط مَيتا شَيْء لِأَنَّهُ لم يتَيَقَّن لِحَيَاتِهِ فَإِن قيل الظَّاهِر انه حَيّ أُجِيب بِأَن الظَّاهِر لَا يصلح حجَّة للاستحقاق وَوجه الِاسْتِحْسَان مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ ان النَّبِي قضى فِي جَنِين من بني الْحَيَّانِ بغرة عبد أَو امة وَإِنَّمَا فسرنا الْغرَّة بِخمْس مائَة دِرْهَم لما فِي رِوَايَة بن أبي شيبَة فِي مُصَنفه عَن إِسْمَاعِيل بن عَيَّاش عَن زيد بن اسْلَمْ عَن عمر بن الْخطاب قوم الْغرَّة خمس مائَة دِينَار وكل دِينَار بِعشْرَة دَرَاهِم واخرج الْبَزَّار فِي مُسْنده عَن عبد الله بن بُرَيْدَة عَن أَبِيه ان امْرَأَة حذفت امْرَأَة فَقضى رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي وَلَدهَا بِخمْس مائَة وَنهى عَن الْحَذف (مرقاة) قَوْله بغرة عبد وان تقتل بهَا لِأَن هَذِه الْجِنَايَة اشْتَمَلت على جنايتين فَفِي الْجِنَايَة الأولى وَهِي قتل الْجَنِين حكم بالغرة وَفِي الْجِنَايَة الثَّانِيَة حكم بقتلها الثُّبُوت قتل الْعمد قَالَ فِي الدّرّ فِي تَفْسِير قتل الْعمد وَهُوَ ان يتَعَمَّد ضربه فِي أَي مَوضِع من جسده بالة تفرق الاجزاء مثل سلَاح ومثقل من خشب أَو من حَدِيد جوهره وَقَالَ مُوجبه الْإِثْم والقود عينا لَا الْكَفَّارَة (إنْجَاح) قَوْله [2642] ورث امْرَأَة الخ نقل الطَّيِّبِيّ عَن على انه كَانَ لَا يُورث من دِيَة الزَّوْج الزَّوْجَة وَلَا الاخوة من الام لمعات قَوْله [2644] قضى ان عقل أهل الْكِتَابَيْنِ نصف عقل الْمُسلم قَالَ أَحْمد دِيَة الْكِتَابِيّ نصف دِيَة الْمُسلم وَقَالَ الشَّافِعِي دِيَة الْكَافِر ثلث دِيَة الْمُسلم وَهُوَ أَرْبَعَة آلَاف دِرْهَم وَقَالَ فِي الْهِدَايَة لنا قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام دِيَة كل ذِي عهد فِي عَهده الف دِينَار وَكَذَا قضى أَبُو بكر وَعمر وَذكر فِي حَاشِيَة الْهِدَايَة عَن الْمَبْسُوط عَن الزُّهْرِيّ ان أَبَا بكر وَعمر كَانَا يجعلان دِيَة الَّذِي مثل دِيَة الْمُسلم وَعَن بن مَسْعُود دِيَة الَّذِي مثل دِيَة الْمُسلم على عهد رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأبي بكر وَعمر وَعُثْمَان فَلَمَّا كَانَ زمن مُعَاوِيَة جعلهَا على النّصْف وَتَمام الجث فِي اللمعات (إنْجَاح) قَوْله [2648] على عَاقِلَة القاتلة قَالَ فِي الْمجمع الْعقل الدِّيَة وَأَصله ان من يقتل يجمع الدِّيَة من الْإِبِل فيعقلها بِفنَاء أَوْلِيَاء الْمَقْتُول أَي يشدها فِي عقلهَا يُسَلِّمهَا إِلَيْهِم ويقبضوها مِنْهُ يُقَال عقل الْبَعِير عقلا وَجَمعهَا عقول الْعَاقِلَة الْعصبَة والاقارب من قبل الْأَب الَّذين يُعْطون دِيَة قَتِيل الْخَطَأ وَهِي صفة جمَاعَة اسْم فَاعل من الْعقل قَوْله لزَوجهَا وَوَلدهَا تَخْصِيص التوريث لزَوجهَا وَوَلدهَا لأَنهم كَانُوا من ورثتها والا فَالظَّاهِر ان مِيرَاثهَا لورثتها كَمَا مر كَذَا فِي اللمعات قَوْله الْقصاص فِي السن قَالَ بن بطال اجْمَعُوا على قلع السن بِالسِّنِّ فِي الْعمد وَاخْتلفُوا فِي سَائِر عِظَام الْجَسَد فَقَالَ لَك فِيهَا الْقود الا مَا كَانَ مجوفا أَو كَانَ كالمأمومة فَفِيهَا الدِّيَة وَقَالَ الشَّافِعِي وَاللَّيْث وَالْحَنَفِيَّة لَا قصاص فِي الْعظم غير السن لِأَن دون السن حَائِل من جلد وَلحم وَعصب يتَعَذَّر مَعَه الْمُمَاثلَة وَقَالَ الطَّحَاوِيّ اتَّفقُوا على انه لَا قصاص فِي عظم الرَّأْس فَيلْحق بهَا سَائِر الْعِظَام عَيْني قَوْله [2649] لَا تكسر لَيْسَ رد كَحكم رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بل هُوَ أَخْبَار بِعَدَمِ الْكسر ثِقَة بِاللَّه ان يرضى الْخصم سيد قَوْله [2651] قضى فِي السن أَي الْوَاحِد خمْسا وَفِي كلهَا كل الدِّيَة إِذا كَانَ خطأ سَوَاء كَانَ ضرسا أَو ثنية لما فِي كتاب عَمْرو بن حزم فِي السن خمس من الْإِبِل لِأَن الْكل فِي أصل الْمَنْفَعَة وَهُوَ المضغ سَوَاء وَبَعضهَا وانكان فِيهِ زِيَادَة مَنْفَعَة لَكِن فِي الْبَعْض الاخر جمال وَهُوَ الْمَنْفَعَة فِي الادمي وَإِنَّمَا قيدنَا بالْخَطَأ لِأَن الْعمد فِيهِ الْقصاص (مرقاة) قَوْله

[2652] هَذِه وَهَذِه سَوَاء يَعْنِي الْخِنْصر والابهام أَي هما مستويان فِي الدِّيَة وان كَانَ الْإِبْهَام أقل مفصلا من الْخِنْصر اذني كل أصْبع عشر الدِّيَة وَهُوَ عشر من الْإِبِل [2655] فِي المواضح خمس خمس أَي فِي كل وَاحِد من الموضحات خمس من الْإِبِل قَالَ فِي الْمجمع الْمُوَضّحَة الَّتِي تبدي وضح الْعظم أَي بياضه وَجمعه مواضح وَالَّتِي فِيهَا خمس من الْإِبِل مَا كَانَ فِي الرَّأْس وَالْوَجْه فاما فِي غَيرهمَا فَحُكُومَة عدل قَوْله [2656] كعضاض الْفَحْل وَفِي رِوَايَة كَمَا يعَض الْفَحْل الْفَحْل الذّكر من كل حَيَوَان وَيُرَاد ذكر الْإِبِل كثيرا وَهُوَ المُرَاد هَهُنَا وَكَذَا حكم من اضْطر الى الدّفع كلامرأة تدفع عَن نَفسهَا من قصد الْفُجُور بهَا مثلا لَكِن يَنْبَغِي ان يرفق فِي الدّفع الا من قصد الْقَتْل كن شهر سَيْفا أَو عَصا لَيْلًا فِي مصر أَو نَهَارا فِي طَرِيق فِي غير مصر فَقتله الْمَشْهُور عَلَيْهِ عمدا فَلَا شَيْء عَلَيْهِ كَذَا فِي الْهِدَايَة لمعات قَوْله [2658] فهما فِي الْقُرْآن وَفِي بعض الرِّوَايَة الا فهما أَي لَيْسَ عندنَا الا فهما وَالْمرَاد مِنْهُ مَا يستنبط بِهِ الْمعَانِي وَيدْرك بِهِ الإشارات والعلوم الْخفية والاسرار الْبَاطِنَة الَّتِي تظهر للْعُلَمَاء الراسخين فِي الْعلم قَوْله أَو مَا فِي هَذِه الصَّحِيفَة وَفِي رِوَايَة مَا فِي الصَّحِيفَة وَهِي صحيفَة كتب فِيهَا بعض الاحكام لَيْسَ فِي الْقُرْآن مِنْهَا الْعقل يَعْنِي احكام الدِّيات وفكاك الاسير بِفَتْح الْفَاء وَيجوز كسرهَا اسْم من فك الاسير اخلصه وفكاك الرَّهْن مَا يفك وان لَا يقتل مُسلم بِكَافِر سَوَاء كَانَ ذِمِّيا أَو حَرْبِيّا وَهُوَ مَذْهَب كثير من الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ وَمن بعدهمْ وَهُوَ مَذْهَب الْأَئِمَّة الثَّلَاثَة وَعند بعض الْعلمَاء يقتل الْمُسلم بالذمي واليه ذهب كثير من الْأَئِمَّة وَهُوَ مَذْهَب الْحَنَفِيَّة وَقيل كَانَ فِي الصَّحِيفَة من الاحكام غير مَا ذكر لكنه لم يذكر هَهُنَا بِأَنَّهُ لم يكن مَقْصُودا كَذَا فِي اللمعات قَوْله [2660] لَا يقتل مُؤمن بِكَافِر أَي كَافِر حَرْبِيّ بِدَلِيل قَوْله وَلَا ذُو عهد فِي عَهده أَي لَا يجوز قَتله مَا دَامَ فِي عَهده غير نَاقض إِيَّاه فَالْمُرَاد بِذِي عهد هُوَ الذِّمِّيّ وَلما يجز قَتله يقتل الْمُسلم بقتْله فَلَا يُنَافِي مَذْهَب أبي حنيفَة انه يقتل الْمُسلم بالذمي فَافْهَم وَقيل مَعْنَاهُ لَا يقتل الذِّمِّيّ فِي عَهده بِكَافِر وَالْكَافِر الَّذِي يقتل الذِّمِّيّ بِهِ لَا بُد ان يكون حَرْبِيّا فبهذه الْقَرِينَة يكون المُرَاد بالكافر الَّذِي لَا يقتل الْمُسلم بِهِ الْحَرْبِيّ ليتلازم الْمَعْطُوف والمعطوف عَلَيْهِ لمعات مُخْتَصرا قَوْله [2661] لَا يقتل بِالْوَلَدِ الْوَالِد ان كَانَ المُرَاد بِهِ عدم الاقتصاص عَن الْوَالِد ان قتل وَلَده وَهُوَ الظَّاهِر فَفِيهِ خلاف مَالك فَإِنَّهُ قَالَ يُقَاد إِذا ذبحه ذبحا وان قتل الْوَالِد وَلَده ضربا بِالسَّيْفِ فَلَا قصاص عَلَيْهِ لاحْتِمَال انه ضربه تأديبا وأتى على النَّفس من غير قصد وان ذبحه فَعَلَيهِ الْقصاص لِأَنَّهُ عمد بِلَا شُبْهَة وَلَا تَأْوِيل بل جِنَايَة الْأَب اغلظ لِأَن فِيهِ قطع الرَّحِم وَهُوَ كمن زنى بابنته فَإِنَّهُ يلْزم الْحَد والْحَدِيث حجَّة عَلَيْهِ وان كَانَ المُرَاد عدم قتل الْوَالِد بِجِنَايَة وَلَده وَقَتله احداكما كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّة فَهَذَا مُتَّفق عَلَيْهِ وَالْمعْنَى الأول أظهر وأوفق بِالْبَابِ لمعات قَوْله [2663] من قتل عَبده قَتَلْنَاهُ الخ قَالَ الْخطابِيّ هَذَا زجر ليرتدعوا فَلَا يقدموا على ذَلِك كَمَا قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي شَارِب الْخمر إِذا شرب فاجلدوه فَإِن عَاد فاجلدوه ثمَّ قَالَ فِي الرَّابِعَة أوالخامسة فَإِن عَاد فَاقْتُلُوهُ ثمَّ لم يقْتله حِين جِيءَ بِهِ وَقد شرب رَابِعا أَو خَامِسًا وَقد تَأَوَّلَه بَعضهم على انه إِنَّمَا جَاءَ فِي عبد كَانَ يملكهُ فَزَالَ عَنهُ ملكه فَصَارَ كفوا لَهُ بِالْحُرِّيَّةِ وَذهب بَعضهم الى ان الحَدِيث مَنْسُوخ بقوله الْحر بِالْحرِّ وَالْعَبْد بِالْعَبدِ الى والجروح قصاص انْتهى وَذهب أَصْحَاب أبي حنيفَة الى ان الْحر يقتل بِعَبْد غَيره دون عبد نَفسه وَذهب الشَّافِعِي وَمَالك الى انه لَا يقتل الْحر بِالْعَبدِ وان كَانَ عبد غَيره وَذهب إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ وسُفْيَان الثَّوْريّ الى انه يقتل بِالْعَبدِ وان كَانَ عبد نَفسه (مرقاة) قَوْله [2666] على اوضاح لَهَا الاوضاح بِالْحَاء الْمُهْملَة جمع وضح محركة وَهِي حلى من الْفضة والخلخال أَي قَتلهَا بِسَبَب الْحلِيّ الَّذِي كَانَ عَلَيْهَا وَقَوله ثمَّ سَأَلَهَا الثَّالِثَة وسمى الْيَهُودِيّ الَّذِي قَتلهَا فَأَشَارَتْ برأسها ان نعم ثمَّ قتل الْيَهُودِيّ لم يكن على صرف اقرارها بل أقرّ الْيَهُودِيّ كَمَا فِي رِوَايَة الشَّيْخَيْنِ فَإِن قَول الْمَجْنِي عَلَيْهِ لَا يَكْفِي وَفَائِدَة السُّؤَال عَن الْمَقْتُول ان يعرف الْقَاتِل وَيتَعَيَّن الْمُدَّعِي عَلَيْهِ فَيُطَالب فَإِن أقرّ ثَبت والا فَلَيْسَ عَلَيْهِ شَيْء بِدُونِ الْحجَّة وَعَلِيهِ الْجُمْهُور وروى عَن مَالك انه اثْبتْ الْقصاص بِمُجَرَّد قَول الْمَقْتُول وَفِيه دَلِيل على ان الْقَتْل بالمثقل يُوجب الْقصاص واليه ذهب الْجُمْهُور وَهُوَ مَذْهَب الصاجين ثمَّ الْقود عِنْد الْحَنَفِيَّة إِنَّمَا هُوَ بِالسَّيْفِ فَقَط لحَدِيث لَا قَود الا بِالسَّيْفِ وَلِأَن الْمُمَاثلَة لَا تحصل بالرضخ إنْجَاح الْحَاجة قَوْله

باب القسامة هو اسم بمعنى القسم وقيل مصدر يقال قسم يقسم قسامة إذا حلف

[2669] الا لَا يجني جَان الا على نَفسه هَذَا رد على مَا كَانَ عَلَيْهِ أهل الْجَاهِلِيَّة فَإِنَّهُ إِذا قتل وَاحِد مِنْهُم أخذُوا بجريمته أهل بَيت الْقَاتِل فَأبْطل صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَادَتهم هَذِه فَإِن الظَّاهِر ان الْجِنَايَة من وَاحِد فَأخذ غَيره ظلم (إنْجَاح) [2673] العجماء جرحها جَبَّار العجماء بِالْمدِّ هِيَ كل حَيَوَان سوى الادمي وَسميت الْبَهِيمَة عجماء لِأَنَّهَا لَا تَتَكَلَّم والجبار بِضَم الْجِيم وَتَخْفِيف الْبَاء الهدر قَالَ النَّوَوِيّ فَأَما قَوْله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ العجماء جرحها جَبَّار فَمَحْمُول على مَا إِذا اتلفت شَيْئا بِالنَّهَارِ أَو اتلفت بِاللَّيْلِ بِغَيْر تَفْرِيط من مَالِكهَا أَو اتلفت شَيْئا وَلَيْسَ مَعهَا أحد فَهَذَا غير مَضْمُون وَهُوَ مُرَاد الحَدِيث فَأَما إِذا كَانَ مَعهَا سائق أَو قَائِد أَو رَاكب فاتلفت بِيَدِهَا اوبرجلها أَو فمها وَنَحْوه وَجب ضَمَان فِي مَال الَّذِي هُوَ مَعهَا سَوَاء كَانَ مَالِكهَا أَو مُسْتَأْجر أَو مستعير أَو غَاصبا أَو مودعا أَو وَكيلا أَو غَيره الا ان يتْلف آدَمِيًّا فَتجب دِيَته على عَاقِلَته الَّذِي مَعهَا وَالْكَفَّارَة فِي مَاله وَالْمرَاد بِجرح العجماء اتلافها سَوَاء كَانَ بِجرح أَو غَيره قَالَ القَاضِي جمع الْعلمَاء على ان جِنَايَة الْبَهَائِم بِالنَّهَارِ لَا ضَمَان فِيهَا إِذا لم يكن مَعهَا أحد فَإِن كَانَ مَعهَا رَاكب أَو سائق أَو قَائِد فجمهور الْعلمَاء على ضَمَان مَا اتلفته وَقَالَ دَاوُد وَأهل الظَّاهِر الضَّمَان بِكُل حَال الا ان يحملهَا الَّذِي هُوَ مَعهَا على ذَلِك أَو يَقْصِدهُ وجمهورهم على ان الضاربة من الدَّوَابّ كَغَيْرِهَا أَعلَى مَا ذَكرْنَاهُ وَقَالَ مَالك وَأَصْحَابه يضمن مَالِكهَا مَا اتلفت وَكَذَا قَالَ أَصْحَاب الشَّافِعِي يضمن إِذا كَانَت مَعْرُوفَة بالافساد لِأَن عَلَيْهِ ربطها وَالْحَالة هَذِه واما إِذا اتلفت لَيْلًا فَقَالَ مَالك يضمن صَاحبهَا مَا اتلفته وَقَالَ الشَّافِعِي وَأَصْحَابه يضمن ان فرط فِي حفظهَا والافلا وَقَالَ أَبُو حنيفَة لَا ضَمَان فِيمَا اتلفته الْبَهَائِم لَا فِي ليل وَلَا فِي نَهَار وجمهورهم على انه لَا ضَمَان فِيمَا رعته نَهَارا وَقَالَ اللَّيْث وَسَحْنُون يضمن انْتهى قَوْله والمعدن جَبَّار مَعْنَاهُ ان الرجل يحْفر الْمَعْدن فِي ملكه أَو فِي موَات فيمر بهَا مارا فَيسْقط فِيهَا فَيَمُوت أَو يسْتَأْجر اجراء يعْملُونَ فِيهَا فَيَقَع عَلَيْهِم فيموتوا فَلَا ضَمَان فِي ذَلِك وَكَذَا البير جَبَّار مَعْنَاهُ انه يحفرها فِي ملكه أَو فِي موَات فَيَقَع فِيهَا انسان أَو غَيره ويتلف فَلَا ضَمَان وَكَذَا لَو اسْتَأْجرهُ بحفرها فَوَقَعت عَلَيْهِ فَمَاتَ فَلَا ضَمَان فَأَما إِذا حفر البير فِي طَرِيق الْمُسلمين أَو فِي ملك غَيره بِغَيْر اذنه فَتلف فِيهَا انسان فَيجب ضَمَانه على عَاقِلَة حافرها وَالْكَفَّارَة فِي مَال الْحَافِر وان تلف بهَا غير الادمي وَجب ضَمَانه فِي مَال الْحَافِر (نووي) قَوْله بَاب الْقسَامَة هُوَ اسْم بِمَعْنى الْقسم وَقيل مصدر يُقَال قسم يقسم قسَامَة إِذا حلف وَقد يُطلق على الْجَمَاعَة الَّذين يقسمون قَالَ فِي النِّهَايَة فَأَما تَفْسِيرهَا شرعا فَمَا روى أَبُو يُوسُف عَن أبي حنيفَة انه قَالَ فِي الْقَتِيل يُوجد فِي الْمحلة أَو فِي دَار رجل من الْمصر ان كَانَ بِهِ جِرَاحَة أَو اثر ضرب أَو اثر خنق وَلَا يعْمل من قَتله يقسم خَمْسُونَ رجلا من أهل الْمحلة كلهم مِنْهُم بِاللَّه مَا قتلته وَلَا عملت لَهُ قَاتلا انْتهى قَالَ القَاضِي حَدِيث الْقسَامَة أصل من أصُول الشَّرْع وَقَاعِدَة من قَوَاعِد الاحكام وركن من أَرْكَان مصَالح الْعباد وَبِه اخذ الْعلمَاء كَافَّة من الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ وَمن بعدهمْ من عُلَمَاء الْأَمْصَار والحجازبين والشاميين والكوفيين وان اخْتلفُوا فِي كَيْفيَّة الاخذ بِهِ وروى عَن جمَاعَة ابطال الْقسَامَة وانه لَا حكم لَهَا وَلَا عمل بهَا وَمِمَّنْ قَالَ بِهَذَا سَالم بن عبد الله وَقَتَادَة وَابْن علية وَالْبُخَارِيّ وَغَيرهم وَعَن عمر بن عبد الْعَزِيز رِوَايَتَانِ وَاخْتلف الْقَائِلُونَ بهَا فِيمَا إِذا كَانَ الْقَتْل عمدا هَل تجب الْقصاص بهَا فَقَالَ مَالك وَالْأَوْزَاعِيّ وَأحمد وَإِسْحَاق وَهُوَ قَول الزُّهْرِيّ وَغَيره وَهُوَ قَول الشَّافِعِي فِي الْقَدِيم وروى عَن بن الزبير وَعمر بن عبد الْعَزِيز وَقَالَ أَبُو حنيفَة وَأَصْحَابه وَالثَّوْري وَالشَّافِعِيّ فِي أصح قوليه وَغَيرهم لَا يجب بهَا الْقصاص وَإِنَّمَا تجب الدِّيَة وَهُوَ مَرْوِيّ عَن الْحسن الْبَصْرِيّ وَالشعْبِيّ وَالنَّخَعِيّ وروى أَيْضا عَن أبي بكر وَعمر وَابْن عَبَّاس وَمُعَاوِيَة وَاخْتلفُوا فِيمَن يحلف فِي الْقسَامَة فَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد وَغَيرهم يحلف الْأَوْلِيَاء وَيجب الْحق بحلفهم خمسين يَمِينا فَإِن نكلوا ردَّتْ على أهل الْمحلة انْتهى أَقُول وَقَالَ أَبُو حنيفَة وَالثَّوْري وَغَيرهمَا يحلف أهل الْمحلة لقَوْله عَلَيْهِ السَّلَام الْبَيِّنَة على الْمُدَّعِي وَالْيَمِين على من انكر وَبِمَا روى عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَغَيرهمَا عَن الزُّهْرِيّ عَن سعيد بن الْمسيب ان النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَدَأَ باليهود فِي الْقسَامَة وَجعل الدِّيَة عَلَيْهِم لوُجُود الْقَتِيل بَين اظهرهم (فَخر) قَوْله [2677] وَألقى فِي فَقير هُوَ بِتَقْدِيم الْفَاء على الْقَاف على وزن كَبِير بير يغْرس من فِيهَا وَجمعه فقر بِضَمَّتَيْنِ أَي الحفرة الَّتِي حول النَّخْلَة تحفر لتسقى النّخل وَقَوله تحلفون وتستحقون دم صَاحبكُم وَفِي رِوَايَة استحقوا قتيلكم بِصِيغَة الْأَمر لههنا اشكالان أَحدهمَا انه كَيفَ أَمر بِتَقْدِيم الْأَكْبَر مَعَ ان الْمُدَّعِي كَانَ هُوَ الْأَصْغَر اعني عبد الرَّحْمَن وَثَانِيهمَا انه كَيفَ عرضت الْيَمين على الثَّلَاثَة وَالْوَارِث ولي الْمَقْتُول هُوَ عبد الرَّحْمَن خَاصَّة أُجِيب عَن الأولى بِأَن المُرَاد كَانَ سَماع صُورَة الْقَضِيَّة فَإِذا أُرِيد حَقِيقَة الدَّعْوَى تكلم الْمُدَّعِي وَبِأَنَّهُ يحْتَمل ان عبد الرَّحْمَن وكل حويصة وَهُوَ الْأَكْبَر وَعَن الثَّانِي بِأَنَّهُ اورد لفظ الْجمع لعدم الالتباس وَالْخطاب لعبد الرَّحْمَن مُنْفَرد أَو قَوْله فوداه أَي اعطاهم الدِّيَة من عِنْده لدفع الْفِتْنَة إنْجَاح الْحَاجة قَوْله [2680] قَالَ يَقُول أَرَأَيْت ان استرقني مولائي أَي قَالَ الرَّاوِي فِي تَفْسِير قَوْله على من نصرتي يَقُول أَي يعرض وَيُرِيد ذَلِك العَبْد الْمَجْبُوب ان لم ينفذ مولائي عتقك اياي بل يَجْعَلنِي رَقِيقا لَهُ فَمن ينصرني إِذا فَأجَاب صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ينصرك كل مُؤمن (إنْجَاح) قَوْله [2681] ان من اعْفُ النَّاس الخ الْعَفِيف الْكَاف عَمَّا لَا يحل وَلَا يحمل والقتلة بِالْكَسْرِ الْحَالة وبالفتح الْمرة وَهُوَ عَام الْقَتْل قصاصا أَو حدا أَو ذَبِيحَة كَذَا فِي الْمجمع فاهل الْإِيمَان إِذا قتلوا فِي المعارك والغزوات وبطريق الْحَد وَالْقصاص أَو ذَبَحُوا ذَبِيحَة وَغَيرهَا كفوا فِي كل ذَلِك عَمَّا لَا يحل وَلَا يجمل فِي حَقهم فَكَانَ ذَلِك مرضيا عِنْد الله تَعَالَى ومستحسنا فَكَانَ هَذَا الْقَتْل سَببا لرضاء الله تَعَالَى فَكَانَ هَذَا الْقَاتِل اعْفُ النَّاس عَمَّا لَا يحل وَلَا يجمل لَهُ كَمَا قيل اكرخول بفتوى بريزي رداست وَالله اعْلَم قَوْله

[2683] الْمُسلمُونَ تَتَكَافَأ دِمَاؤُهُمْ أَي تتساوى فِي الْقصاص والديات قَوْله وهم يَد على من سواهُم أَي هم مجتمعون على اعدائهم لَا يسعهم التخاذل بل يعاون بَعضهم بَعْضًا على جَمِيع الْأَدْيَان والملل كَأَنَّهُ جعل أَيْديهم يدا وَاحِدَة وفعلهم فعلا وَاحِدًا قَوْله يسْعَى بذمهم ادناهم أَي إِذا أعْطى أحدا لجيش الْعَدو امانا جَازَ ذَلِك على الْمُسلمين وَلَيْسَ لَهُم ان يخفروه وَلَا ان ينقضوا عَلَيْهِ عَهده قَوْله وَلَا يرد عَلَيْهِم اقصاهم أَي ابعدهم وَذَلِكَ فِي الْغَزْو أَي إِذا دخل الْعَسْكَر ارْض الْحَرْب فَوجه الامام مِنْهُ السَّرَايَا فَمَا غنمت من شَيْء أخذت مِنْهُ مَا سمى لَهَا ورد مَا بَقِي على الْعَسْكَر لأَنهم وان لم يشْهدُوا الْغَنِيمَة لكِنهمْ ردع السَّرَايَا وَظهر يرجعُونَ إِلَيْهِم (زجاجة) قَوْله الْمُسلمُونَ تَتَكَافَأ أَي تتساوى وهم يَد أَي كَأَنَّهُمْ يَد وَاحِد فِي التعاون والتناصر فِيمَا بَينهم وَفِي الحَدِيث الَّاتِي فِي آخر الْبَاب وَيُجِير على الْمُسلمين ادناهم الاجارة الْأمان أَي يتكفل مِنْهُم ادناهم الْأمان مثلا الْمَرْأَة إِذا امنت كَافِرًا دخل فِي الْأمان فَلَا يسع لَاحَدَّ من الْمُسلمين التَّعَرُّض لَهُ بِالْقَتْلِ وَغَيره (إنْجَاح الْحَاجة) [2687] من مسيرَة سبعين عَاما لَا يُعَارض هَذَا مَا فِي الحَدِيث الَّذِي قبله من مسيرَة أَرْبَعِينَ لِأَن الْعدَد لَا مَفْهُوم لَهُ بل يُرَاد بِهِ الْكَثْرَة بطرِيق الْمجَاز وَعدم وجدان الرّيح كِنَايَة عَن عدم دُخُول الْجنَّة ان كَانَ مستحلا فَهُوَ على ظَاهره والا فَالْمُرَاد بِهِ الدُّخُول الأولى اوب طَرِيق التهديد (إنْجَاح) قَوْله [2688] لمشيت فِيمَا بَين رَأس الْمُخْتَار وَجَسَده كِنَايَة عَن قَتله وَالْمُخْتَار هُوَ بن أبي عبيد الَّذِي قتل عبيد الله بن زِيَاد والى الْكُوفَة زاعما انه اخذ بثار الْحُسَيْن بن عَليّ ثمَّ استولى على الْكُوفَة وَادّعى النُّبُوَّة كَمَا نبه عَلَيْهِ فِي الرِّوَايَة الْآتِيَة صَرِيحًا بقوله قَامَ جِبْرَائِيل من عِنْدِي السَّاعَة واليه الْإِشَارَة فِي قَوْله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ثَقِيف كَذَّاب ومبير وَقَالَ عبد الله بن عصمَة يُقَال الْكذَّاب هُوَ الْمُخْتَار بن أبي عبيد والمبير هُوَ الْحجَّاج بن يُوسُف وَقَالَ هِشَام بن حسان احصوا من قَتلهمْ الْحجَّاج صبرا فَبلغ مائَة الف وَعشْرين الْفَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وروى مُسلم فِي الصَّحِيح عَن أَسمَاء بنت أبي بكر انها قَالَت لحجاج حِين قتل ابْنهَا عبد الله بن الزبير ان رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدثنَا ان فِي ثَقِيف كذابا ومبيرا فَأَما الْكذَّاب فرأيناه وَأما المبير فَلَا اخالك الا إِيَّاه وَكَأن ثقيفا قيل كَانَ يبغض عليا قَتله معصب بن الزبير فِي خلَافَة أَخِيه عبد الله بن الزبير (إنْجَاح) قَوْله من أَمن رجلا الخ لَعَلَّهُم آمنُوا الْمُخْتَار حِين اخذ بثأر الْحُسَيْن لِأَن الْمُسلمين فرححوا بذلك فَرحا شَدِيدا فَلَمَّا بلغ حَده الى حدا الارتداد نقموا عَلَيْهِ وقتلوه أَو الْأمان كَانَ عَن جمَاعَة وَالْقَتْل عَن جمَاعَة أُخْرَى وهم مُصعب بن الزبير وَأَصْحَابه (إنْجَاح) قَوْله [2690] وَكَانَ مكتوفا بنسعة أَي مشدودا يَدَاهُ من خلف بنسعة هِيَ الْكسر قِطْعَة سيرتنسج عريضا على هَيْئَة اعنة النِّعَال يشد بِهِ الرِّجَال (إنْجَاح) قَوْله [2691] فاقتله فَإنَّك مثله أَي فِي نفس الْقَتْل لافي الْجِنَايَة فَإِن جَزَاء سَيِّئَة سَيِّئَة مثلهَا وَإِمَّا عرض رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَذَا القَوْل لكَي يعْفُو عَنهُ فَكَانَ ذَلِك التَّعْرِيض للْمصْلحَة وَكَانَ يَنْبَغِي لَهُ ان يعْفُو عَنهُ لقَوْل رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اعْفُ فَإِن اطاعته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَخْلُو عَن الْمصلحَة الدِّينِيَّة أَو الدُّنْيَوِيَّة وَإِنَّمَا ورد موعدا للوعيد لعدم امتثاله امْرَهْ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهَذَا التَّأْوِيل الثَّانِي يُؤَيّدهُ قَوْله عبد الرَّحْمَن بن الْقَاسِم فَلَيْسَ لَاحَدَّ بعد النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الخ إنْجَاح الْحَاجة قَوْله فاقتله فَإنَّك مثله قَالَ النَّوَوِيّ الصَّحِيح فِي تَأْوِيله انه مثله فِي انه لَا فضل وَلَا منَّة لأَحَدهمَا على الاخر لِأَنَّهُ استوفى حَقه مِنْهُ بِخِلَاف مالو عفى عَنهُ فَإِنَّهُ كَانَ لَهُ الْفضل والْمنَّة وجزيل ثَوَاب الْآخِرَة وَجَمِيل الثَّنَاء فِي الدُّنْيَا وَقيل فَهُوَ مثله فِي انه قَاتل وان اخْتلفَا فِي التَّحْرِيم والاباحة لكنهما اسْتَويَا فِي طاعتهما الْغَضَب ومتابعة الْهوى لَا سِيمَا وَقد طلب النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُ الْعَفو انْتهى قَوْله فَإنَّك مثله قَالَ فِي النِّهَايَة فِي رِوَايَة أبي هُرَيْرَة ان الرجل قَالَ وَالله مَا أردْت قَتله فَمَعْنَاه انه قد ثَبت قَتله إِيَّاه وانه ظَالِم لَهُ فَإِن صدق هُوَ فِي قَوْله انه لم يرد قَتله ثمَّ قَتله قصاصا كنت ظَالِما مثله لِأَنَّهُ قد يكون الْقَتْل خطأ (زجاجة) قَوْله [2696] أَبُو بكر كَانَ يتأمر الخ الظَّاهِر ان هَذَا الْكَلَام من الْهُذيْل بن شُرَحْبِيل على سَبِيل الِاسْتِفْهَام للانكار وحرف الِاسْتِفْهَام مُقَدّر يُرِيد إِنْكَار ان يكون من جَانِبه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصِيّا بالخلافة أحدا بعده وَيكون أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ بِذَاتِهِ أَمِيرا ويتركه أَي لَيْسَ شَأْن أبي بكر ان يصير أَمِيرا على من كَانَ وَصِيّا بالخلافة لِأَنَّهُ رَضِي الله عَنهُ مَا كَانَ محبا للخلافة وحريصا على الامارة بل كَانَ متنفرا عَنْهَا وكارها لَهَا وَيرد ان يثبت أَمر الْخلَافَة لغيره فيتبعه هُوَ بِنَفسِهِ وَلذَا رد الْأَمر يَوْم السَّقِيفَة على عمر بن الْخطاب وَأبي عُبَيْدَة بن الْجراح وَقَالَ بَايعُوا أَيهمَا شِئْتُم فَلَمَّا لم يجد بدا من الْخلَافَة تَأمر بالثقالة والكلفة لِأَن عمر رَضِي لم يرض وَأخذ بِيَدِهِ لِلْبيعَةِ (إنْجَاح) قَوْله فخزم أَنفه بخزام قَالَ فِي النِّهَايَة مَعْنَاهُ لَو كَانَ على معهودا عَلَيْهِ بالخلافة لَكَانَ فِي أبي بكر من الطَّاعَة والانقياد اليه مَا يكون فِي الْجمل الذَّلِيل المنقاد بحزامته وَهِي بمعجمتين حَبل فِي انف الْبَعِير (إنْجَاح) قَوْله مَا حق امرء مُسلم مَا بِمَعْنى لَيْسَ وَقَوله

[2699] ان يبيت لَيْلَتَيْنِ صفة ثَانِيَة لامرئ ويوصي فِيهِ صفة لشَيْء والمستثنى خبر وَقيد لَيْلَتَيْنِ تَأْكِيد وَلَيْسَ بتحديد يَعْنِي لَا يَنْبَغِي لَهُ ان يمْضِي عَلَيْهِ زمَان وان كَانَ قَلِيلا والا وَصيته مَكْتُوبَة فِيهِ حث على الْوَصِيَّة وَمذهب الْجُمْهُور انها مَنْدُوبَة وَقَالَ الشَّافِعِي مَا الحزم وَالِاحْتِيَاط لمُسلم الا ان يكون وَصيته مَكْتُوبَة عِنْده وَقَالَ دَاوُد وَغَيره من أهل الظَّاهِر هِيَ وَاجِبَة لهَذَا الحَدِيث ولادلالة لَهُم فِيهِ على الْوُجُوب لَكِن ان كَانَ على الْإِنْسَان دين أَو وَدِيعَة لزمَه الايصاء بذلك وَيسْتَحب تَعْجِيلهَا وان يَكْتُبهَا فِي صحيفَة وَيشْهد عَلَيْهِ فِيهَا وان تجدّد لَهُ أَمر يحْتَاج الى الْوَصِيَّة بِهِ الْحَقْهُ بهَا طيبي [2700] المحروم من حرم وَصيته أَي المحروم عَن الْخَيْر أَو الطَّرِيقَة المرضية السّنيَّة من حرم وَصيته اما بِتَرْكِهَا مُطلقًا فعلى هَذَا كَانَ الحَدِيث يُوجب الْوَصِيَّة لَكِن نسخ بِآيَة الْمِيرَاث أَو لمن كَانَ على ذمَّته حُقُوق النَّاس فَغَفَلَ عَن الْوَصِيَّة وَمَات وأبطل الْحُقُوق وَصَارَ على غير سَبِيل وَسنة أَو المُرَاد من حرم الْوَصِيَّة عَن الطَّرِيقَة المرضية بِحَيْثُ اضر فِي الْوَصِيَّة بِأَن اوصى أَكثر من ثلث مَاله أَو اوصى لبَعض ورثته فَإِنَّهُ لَا وَصِيَّة لوَارث (إنْجَاح) قَوْله [2706] فَقَالَ نعم وَأَبِيك لتنبأن أَي لتخبرن وَمَا بعده جَوَاب عَن سُؤَاله بِأَن أَحَق النَّاس مِنْك بِحسن صحبتك أمك فَإِن قيل هَذَا الحَدِيث مُخَالف لحَدِيث الشَّيْخَيْنِ عَن بن عمر ان رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ان الله تَعَالَى يَنْهَاكُم ان تحلفُوا بابائكم من كَانَ حَالفا فليحلف بِاللَّه أَو ليصمت وَقد جَاءَ عَن بن عَبَّاس لِأَن احْلِف بِاللَّه تَعَالَى مائَة مرّة فآثم خير من ان احْلِف لغيره فأبر كَذَا فِي الْمرقاة وَالْجَوَاب ان هَذِه الْكَلِمَة تجرى على اللِّسَان لَا يقْصد بهَا الْيَمين بل هُوَ من جملَة مَا يُزَاد فِي الْكَلَام لمُجَرّد تَقْرِير التَّأْكِيد وَلَا يُرَاد بِهِ الْقسم كَمَا يُزَاد صِيغَة النداء لمُجَرّد الِاخْتِصَاص دون الْقَصْد الى النداء كَذَا ذكره القَاضِي والا ظهر ان هَذَا وَقع قبل وُرُود النَّهْي أَو بعده لبَيَان الْجَوَاز ليدل على ان النَّهْي لَيْسَ للتَّحْرِيم ذكره على الْقَارِي قلت يرد هَذَا التَّأْوِيل حَدِيث التِّرْمِذِيّ من حلف بِغَيْر الله فقد اشرك قَالَ السَّيِّد فَكَأَنَّهُ اشرك اشراكا جليا فَيكون زجر الْمُبَالغَة فَهَذَا الْمُبَالغَة لَا تكون الا بِالتَّحْرِيمِ فَكَانَ التَّأْوِيل بِعَدَمِ الْقَصْد بَان جرى على اللِّسَان بِلَا إِرَادَة أولى وَالله اعْلَم إنْجَاح الْحَاجة قَوْله ثمَّ أمك الخ اسْتدلَّ بِهِ من قَالَ للام ثَلَاثَة أَمْثَال مَا للْأَب من الْبرد ذَلِك لصعوبة الْحمل ثمَّ الْوَضع ثمَّ الرَّضَاع وَهَذِه تنفرد بهَا الام ثمَّ تشارك الْأَب بالتربية كَذَا ذكر السُّيُوطِيّ اخذ ذَلِك من تكْرَار حق الام ثَلَاث مَرَّات وَالظَّاهِر ان يكون تَأْكِيد اومبالغة لرعاية حق الام وَذَلِكَ لتهاون أَكثر النَّاس فِي حَقّهَا بِالنِّسْبَةِ الى الْأَب وَالْمَذْكُور فِي كتب الْفِقْه ان حق الْوَالِد أعظم من حق الوالدة وبرها أوجب كَذَا فِي شرعة الْإِسْلَام ذكر الشَّيْخ فِي اللمعات قَوْله وَهُوَ لَهُم أَي للْوَرَثَة فَلَا ينفعك الْوَصِيَّة لَهُم فَإِن لَهُم وان كرهت وَلَا لغَيرهم فِي هَذَا الزَّمَان الا فِي الثُّلُث (إنْجَاح) قَوْله [2707] اني يعجزني أَي كَيفَ يعجزني وَأَشَارَ بِمثل هَذِه الى نُطْفَة المنى فَإِنَّهَا تشبه البزاق إنْجَاح الْحَاجة لمولانا الشَّيْخ عبد الْغَنِيّ كَأَن الله لَهُ قَوْله [2708] وَلَيْسَ يَرِثنِي يَعْنِي لَيْسَ لي وَارِث من أَصْحَاب الْفَرَائِض الا ابْنَتي أَو مِمَّن أَخَاف عَلَيْهِ الضّيَاع الا ابْنَتي بِقَرِينَة ان تذر وَرثتك وَلَيْسَ المُرَاد انه لَا وَارِث لَهُ غير ابْنَته بل كَانَ لَهُ عصبَة كَثِيرَة قَوْله وان تذر مُبْتَدأ بِتَأْوِيل الْمصدر وَخير خَبره وَقيل يجوز ان يكون ان شَرْطِيَّة وَخير جزاءه بِحَذْف الْمُبْتَدَأ وَالْفَاء لَكِن قد حكم النُّحَاة بِعَدَمِ جَوَاز حذف الْفَاء عَن الْجَزَاء إِذا كَانَ جملَة اسمية وَلَا الْتِفَات الى قَوْلهم بعد ان صحت الرِّوَايَة بل يصير حجَّة عَلَيْهِم وَقد جَاءَ فِي كَلَامهم أَيْضا وَلَيْسَ ذَلِك بضرورة الشّعْر بل جَاءَ فِي السعَة على قلَّة قَوْله يَتَكَفَّفُونَ تكفف السَّائِل واستكف طلب بكفه كَذَا فِي الْقَامُوس وَفِي النِّهَايَة استكف وتكفف مد كَفه للسوال أَو سَأَلَ كفا كفا من الطَّعَام وَمَا يكف الْجُوع طيبي ولمعات قَوْله [2709] زِيَادَة لكم فِي أَعمالكُم بِأَن خيروا وتصدقوا من الثُّلُث ان فاتكم ذَلِك فِي صحتكم وهذاتكرم من الله تَعَالَى حَيْثُ إجَازَة والا فَحق الْوَرَثَة تعلق بِهِ أَيْضا (إنْجَاح) قَوْله [2710] لم تكن لَك وَاحِدَة مِنْهُمَا أَي لَا حق لَك فِي وَاحِدَة مِنْهُمَا الا اني ترحمت عَلَيْك فأجزت لَك التَّصَدُّق بِثلث مَعَ اقْتِضَاء الْمَانِع وَهُوَ اسْتِحْقَاق الْوَرَثَة والكظم بِالتَّحْرِيكِ مخرج النَّفس من الْحلق وَالْمرَاد بِهِ امارة الْمَوْت قَوْله وَصَلَاة عبَادي عَلَيْك أَي اسْتِغْفَار الْمُؤمنِينَ لَك بِأَن أمرت عبَادي بَان يَقُولُوا رَبنَا اغْفِر لنا ولاخواننا الَّذين سبقُونَا بِالْإِيمَان وَورد أَن دُعَاء الاحياء للأموات يصل إِلَيْهِم كأمثال الْجبَال (إنْجَاح) قَوْله

باب فرائض الصلب وهو بالضم وبالتحريك عظم من لدن الكاهل الى العجز وهو

[2712] لتقصع بجرتها فِي الْقَامُوس قصع كمنع ابتلع جرع المَاء والناقة بجرتها ردتها الى جوفها أَو مضغتها أَو هُوَ بعد الدسع وَقبل المضغ وَهُوَ ان تملأ بهَا فَاه أَو شدَّة المضغ انْتهى وَفِي الْمجمع الجرة هِيَ مَا يُخرجهُ الْبَعِير من بَطْنه ليمضغه ويبتلع اجتر الْبَعِير يجتر (إنْجَاح) قَوْله لتقصع بجرتها أَرَادَ شدَّة المضغ وَضم بعض الْأَسْنَان على الْبَعْض وَقيل قصع الجرة خُرُوجهَا من الْجوف الى الشدق ومتابعة بَعْضهَا بَعْضًا وَإِنَّمَا تفعل النَّاقة ذَلِك إِذا كَانَت مطمئنة وَإِذا خَافت شَيْئا لم تخرجها مِصْبَاح الزجاجة قَوْله فَلَا يجوز لوَارث كَانَت الْوَصِيَّة للأقارب فرض قبل نزُول اية الْمِيرَاث لقَوْله تَعَالَى كتب عَلَيْكُم إِذا حضر أحدكُم الْمَوْت ان ترك خير الْوَصِيَّة للْوَالِدين والاقربين فَلَمَّا نزلت اية الْمَوَارِيث نسخت الْوَصِيَّة لمعات قَوْله الْوَلَد للْفراش وللعاهر الْحجر أَي الزَّانِي من عهر عهرا أَو عهورا إِذا اتى الْمَرْأَة لَيْلًا للفجور ثمَّ غلب على الزِّنَا مُطلقًا يَعْنِي لَا حَظّ للزاني فِي الْوَلَد وَإِنَّمَا هُوَ لصَاحب الْفراش أَي لصَاحب أم وَهُوَ زَوجهَا أَو مَوْلَاهَا كَقَوْلِه الاخر لَهُ التُّرَاب أَي لَا شَيْء لَهُ وَقيل هُوَ الرَّجْم وَضعف بِأَنَّهُ لَيْسَ كل زَان مرجوما وَلِأَنَّهُ لَا يلْزم من رجمه نفي الْوَلَد فَالْمَعْنى لَهُ الخيبة لَا النّسَب قَالَ الطَّيِّبِيّ أَي الْوَلَد مَنْسُوب لصَاحب الْفراش أَي الْمَرْأَة لِأَنَّهُ يفترشها الزَّوْج والصاحب السَّيِّد أَو الزَّوْج أَو الواطي بِشُبْهَة [2715] وَأَنْتُم تقرؤنها الخ يَعْنِي قد قدمت الْوَصِيَّة فِي هَذِه الْآيَة على الدّين مَعَ ان النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قضى بِالدّينِ قبل الْوَصِيَّة فَلَا تظنوا الْمُخَالفَة بَين الْآيَة وَفعله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ واعلمو ان الدّين مقدم فِي الحكم وان كَانَ مُؤَخرا فِي الذّكر وتأخيره فِي الذّكر إِنَّمَا هُوَ للاعتناء بشأن الْوَصِيَّة لكَونهَا شاقة على نفوس الْوَرَثَة قَوْله وان أَعْيَان بِفَتْح الْهمزَة بِتَقْدِير الْجَار عطف على قَوْله بِالدّينِ أَي وَقضى بِأَن أَعْيَان الخ وَقَوله دون بنى العلات يَعْنِي ان أَعْيَان بني الام يَعْنِي الاخوة لأَب وَأم إِذا اجْتَمعُوا مَعَ بني العلات يَعْنِي الاخوة لأَب فالميراث للاخوة من اب وَأم وهم مقدمون على الاخوة لأَب لقُوَّة الْقَرَابَة فَلَا يوهمكم ذكر الاخوة فِي الْقُرْآن التَّسْوِيَة لمعات قَوْله [2717] ان أُمِّي افتلتت من الفلت وَهِي المفاجاة والفجاءة من غير تردد وتدبر وافتتلت على بِنَاء الْمَجْهُول مَاتَت فجاءة (إنْجَاح) قَوْله [2718] وَلَا تَقِيّ مَالك بِمَالِه أَي لَا تجْعَل مَاله وقاية لمَالِك فترته على وَجهه وتتصرف فِي مَال الْيَتِيم فقسم الْأَمر بَين الْغَنِيّ وَالْفَقِير فالغني يستعفف عَن اكله وَالْفَقِير يَأْكُل قوتا مُقَدرا محتاطا فِي اكله عَن إِبْرَاهِيم مَا سد الْجُوع ووارى الْعَوْرَة كَذَا فِي المدارك (إنْجَاح) قَوْله [2719] فَإِنَّهُ نصف الْعلم قَالَ السُّبْكِيّ فِي شرح الْمِنْهَاج قيل جعلت نصف الْعلم تَعْظِيمًا لَهُ وَقيل لِأَنَّهُ مُعظم احكام الْأَمْوَات فِي مُقَابلَة احكام الاحياء وَقيل لِأَنَّهُ إِذا بسطت فروعه وجزئياته كَانَ مِقْدَار بَقِيَّة أَبْوَاب الْفِقْه قيل هَذَا الحَدِيث من الْمُتَشَابه لَا يدرى مَعْنَاهُ كَمَا قيل بذلك فِي حَدِيث قل هُوَ الله أحد ثلث الْقُرْآن وَقل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ ربع الْقُرْآن (زجاجة) قَوْله بَاب فَرَائض الصلب وَهُوَ بِالضَّمِّ وبالتحريك عظم من لدن الْكَاهِل الى الْعَجز وَهُوَ مقرّ مني الرجل قَالَ الله تَعَالَى يخرج من بَين الصلب والترائب وترائب الْمَرْأَة عِظَام الصَّدْر حَيْثُ يكون القلادة وَيُرَاد مِنْهُ الْوَلَد وَقد خصص فِي الْبَاب الاناث لوضوح مَسْأَلَة الذّكر فَإِنَّهُ للذّكر مثل حَظّ الانثيين وانما يصير الْوَلَد من أهل الْفَرَائِض إِذا كَانَ أُنْثَى والا فعصبة بِنَفسِهِ ان كَانَ ذكرا وعصبة بِغَيْرِهِ ان كَانَ مَعَه أُنْثَى (إنْجَاح) قَوْله [2721] تَكْمِلَة الثُّلثَيْنِ مَعْنَاهُ ان حق الْبَنَات الثُّلُثَانِ وَقد أخذت الصلبية الْوَاحِدَة النّصْف لقُوَّة الْقَرَابَة فَبَقيَ سدس من حق الْبَنَات فتأخذ بَنَات الابْن وَاحِدَة كَانَت أَو مُتعَدِّدَة وَقَوله وَمَا بَقِي فللأخت لقَوْله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاجْعَلُوا الاخوات مَعَ الْبَنَات عصبته واليه ذهب أَكثر الصَّحَابَة وَهُوَ قَول جُمْهُور الْعلمَاء خلافًا لِابْنِ عَبَّاس متمسكا بقوله تَعَالَى وان امْرُؤ هلك لَيْسَ لَهُ ولد وَله أُخْت فلهَا نصف مَا ترك فقد جعل الْوَلَد حاجبا للْأُخْت وَلَفظ الْوَلَد يتَنَاوَل الذّكر وَالْأُنْثَى فَلَا مِيرَاث للْأُخْت مَعَ الْوَلَد ذكرا كَانَ أَو أُنْثَى بِخِلَاف الْأَخ فَإِنَّهُ يَأْخُذ مَا بَقِي من الْأُنْثَى بالعصوبة وَأجِيب بَان المُرَاد بِالْوَلَدِ هَهُنَا هُوَ الذّكر بِدَلِيل قَوْله تَعَالَى وَهُوَ يَرِثهَا ان لم يكن لَهَا ولد أَي بن بالِاتِّفَاقِ لِأَن الْأَخ يَرث مَعَ الِابْنَة وَقد تأيد ذَلِك بِالسنةِ لمعات قَوْله [2722] فَأعْطَاهُ ثلثا أَو سدسا وَفِي رِوَايَة أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ وَأبي دَاوُد عَن عمرَان بن حُصَيْن قَالَ جَاءَ رجل الى رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ان ابْني مَاتَ فَمَالِي من مِيرَاثه قَالَ لَك السُّدس فَلَمَّا ولى دَعَاهُ قَالَ لَك سدس اخر فَلَمَّا ولى دَعَاهُ قَالَ ان السُّدس الاخر طعمة قَالُوا فِي صُورَة المسئلة بَان مَاتَ رجل وَخلف بنتين وَهَذَا السَّائِل الَّذِي هوالجد فللبنتين الثُّلُثَانِ فَبَقيَ الثُّلُث فَدفع السُّدس اليه بِالْفَرْضِ ثمَّ دفع سدسا آخر للتعصيب وَلم يدْفع الثُّلُث مرّة وَاحِدَة لِئَلَّا يتَوَهَّم ان فَرْضه الثُّلُث وَإِنَّمَا سَمَّاهُ طعمة لكَونه زَائِدا على أصل الْفَرْض الَّذِي لَا يتَغَيَّر كَذَا فِي اللمعات فَمَا ذكره الْمُؤلف بالتزويد ثلثا اوسدسا من شكّ الرواي فَإِنَّهُ أعْطى اولا سدسا ثمَّ صَار ثلثا بِالتَّعْصِيبِ لَو كَانَ الْقِصَّة وَاحِدَة (إنْجَاح) قَوْله

[2729] لَا يَرث الْمُسلم الْكَافِر الخ قَالَ النَّوَوِيّ اجْمَعْ الْمُسلمُونَ على ان الْكَافِر لَا يَرث الْمُسلم وَأما الْمُسلم فَلَا يَرث الْكَافِر أَيْضا عِنْد جَمَاهِير الْعلمَاء من الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ وَمن بعدهمْ وَذَهَبت طَائِفَة الى تَوْرِيث الْمُسلم من الْكَافِر وَهُوَ مَذْهَب معَاذ بن جبل وَمُعَاوِيَة وَسَعِيد بن الْمسيب ومسروق وَغَيرهم وروى أَيْضا عَن أبي الدَّرْدَاء والعشبي وَالزهْرِيّ وَالنَّخَعِيّ نَحوه على خلاف بَينهم فِي ذَلِك وَالصَّحِيح عَن هَؤُلَاءِ كَقَوْل الْجُمْهُور وَاحْتَجُّوا بِحَدِيث الْإِسْلَام يَعْلُو وَلَا يعلى عَلَيْهِ حجَّة الْجُمْهُور هَذَا الحَدِيث الصَّحِيح الصَّرِيح وَلَا حجَّة فِي حَدِيث الْإِسْلَام يَعْلُو وَلَا يعلى عَلَيْهِ لِأَن المُرَاد بِهِ فضل الْإِسْلَام على غَيره وَلم يتَعَرَّض فِيهِ الْمِيرَاث فَكيف يتْرك بِهِ نَص حَدِيث لَا يَرث الْمُسلم الْكَافِر وَلَعَلَّ هَذِه الطَّائِفَة لم يبلغهَا هَذَا الحَدِيث وَأما الْمُرْتَد فَلَا يَرث الْمُسلم بِالْإِجْمَاع وَأما الْمُسلم فَلَا يَرث الْمُرْتَد عِنْد الشَّافِعِي وَمَالك وَرَبِيعَة وَابْن أبي ليلى وَغَيرهم بل يكون مَاله فَيْئا للْمُسلمين وَقَالَ أَبُو حنيفَة والكوفيون وَالْأَوْزَاعِيّ وَإِسْحَاق يَرِثهُ وَرَثَة من الْمُسلمين وروى ذَلِك عَن عَليّ وَابْن مَسْعُود وَجَمَاعَة من السّلف لَكِن قَالَ الثَّوْريّ وَأَبُو حنيفَة مَا كَسبه فِي إِسْلَامه فَهُوَ للْمُسلمين وَقَالَ الاخرون الْجَمِيع لوَرثَته من الْمُسلمين وَأما تَوْرِيث الْكفَّار بَعضهم من بعض كاليهودي من النَّصْرَانِي وَعَكسه والمجوسي مِنْهُمَا وهما مِنْهُ فَقَالَ بِهِ الشَّافِعِي وَأَبُو حنيفَة وَآخَرُونَ وَمنعه مَالك قَالَ الشَّافِعِي لَكِن لَا يَرث حَرْبِيّ من ذمِّي وَلَا ذمِّي من حَرْبِيّ انْتهى فَإِن قيل الحَدِيث الَّاتِي فِي آخر الْبَاب وَهُوَ لَا يتوارث أهل ملتين يدل على ان لَا يتوارث بعض الْكفَّار كاليهود وَالنَّصَارَى من بعض كَمَا هُوَ مَذْهَب مَالك قلت المُرَاد بالملتين الْإِسْلَام وَالْكفْر لِأَن الْكفْر مِلَّة وَاحِدَة وَالله أعلم (فَخر) [2732] فماتوا فِي طاعون عمواس هَذَا الطَّاعُون وَقع فِي زمَان عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ فِي الشَّام وَمَات فِيهِ بشر كثير من الصَّحَابَة وَقَوله جَاءَ بَنو معمر يخاصمونه فِي وَلَاء اختهم وَفِي أم وَائِل بنت معمر الجمحية لزعمهم ان مِيرَاث الْوَلَاء والى الأَصْل أَي الى الْمُعتقَة وَهِي أم وَائِل فردهم عمر بقوله مَا أحرز الْوَلَد الْوَالِد فَهُوَ لعصبته وَفِي اللمعات تَحت حَدِيث التِّرْمِذِيّ يَرث الْوَلَاء من يَرث المَال هَذَا مَخْصُوص بعصبته إِذْ لاترث النِّسَاء الْوَلَاء الا مِمَّن اعتقته أَو اعْتِقْ من اعتقته وَضعف التِّرْمِذِيّ حَدِيثه وَقَالَ إِسْنَاده لَيْسَ بِقَوي إنْجَاح الْحَاجة لمولانا الْمُعظم الشَّيْخ عبد الْغَنِيّ المجددي رَحِمهم الله تَعَالَى قَوْله رجلا من أهل قريته قَالَ الشَّيْخ فِي اللمعات قَالُوا كَانَ ذَلِك تصدقا أَو ترفقا أَو لِأَنَّهُ كَانَ لبيت المَال ومصرفه مصَالح الْمُسلمين فَوَضعه فِي أهل قريته لقربهم أَو لما رأى من الْمصلحَة انْتهى وَفِي حَاشِيَة السَّيِّد على المشكوة قَالَ القَاضِي ان الْأَنْبِيَاء كَمَا لَا يُورث عَنْهُم لَا يَرِثُونَ عَن غَيرهم انْتهى (إنْجَاح) قَوْله هُوَ أهم الى من أَمر الْكَلَالَة لِأَنَّهُ نزلت فِيهِ آيتان وحكمهما مُخْتَلف وَلَا تَقْيِيد فِي اللَّفْظ بالأخوة الاخيافية فِي الْآيَة الأولى وبالاعيانية وَالْعَلَانِيَة فِي الْآيَة الثَّانِيَة حَتَّى يُمكن الْجمع فَهِيَ مَحل الالتباس ان لم يرجع الى بَيَان الرَّسُول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لمولانا الْمُحدث الشَّيْخ عبد الْعَزِيز الدهلوي قدس سره قَوْله يَا عمر تكفيك اية الصَّيف الخ وَإِنَّمَا قَالَ اية الصَّيف لِأَن الْكَلَالَة أنزلت فِي شَأْنهَا ايتان أَحدهمَا فِي الشتَاء وَهِي قَوْله تَعَالَى إِن كَانَ رجل يُورث كَلَالَة الْآيَة وَالْأُخْرَى فِي الصَّيف وَهُوَ قَوْله تَعَالَى يستفتونك قل الله يفتيكم الْآيَة وَإِنَّمَا أحَال على آيَة الصَّيف لِأَن فِيهَا من الْبَيَان مَا لَيْسَ فِي آيَة الشتَاء لَكِن هَذَا لبَيَان لَا يرْوى الظمآن لِأَن الْكَلَالَة من لَا ولد لَهُ وَلَا وَالِد وَهُوَ قَول كثير من الصَّحَابَة وَجُمْهُور الْعلمَاء وَحَدِيث أبي سَلمَة ان رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَن الْكَلَالَة فَقَالَ من لَيْسَ لَهُ ولد وَلَا وَالِد موضح لذَلِك فأولوا اية الصَّيف بَان الْوَلَد مُشْتَقّ من الْولادَة فَيتَنَاوَل الْوَالِد والاقرب مِنْهُ مَا قَالَه الْجَصَّاص ترك ذكر الْوَالِد فِي اية الصَّيف لكَونه مفهوما من أول السُّورَة لِأَنَّهُ قَالَ الله تَعَالَى فِي حق من مَاتَ فَإِن لم يكن لَهُ ولد وَورثه أَبَوَاهُ فلأمه الثُّلُث فَإِن كَانَ لَهُ اخوة فلأمه السُّدس أعْطى الْمِيرَاث لِلْأَبَوَيْنِ وَبَين نصيب الام فِي الْحَالَتَيْنِ فَعلم ان بَاقِيه للْأَب وَلم يُعْط للأخوة مِيرَاثا مَعَ وجود الْأَب وَفِي اية الصَّيف أعْطى للأخوة الْكَلَالَة مِيرَاثا فَعلم ان الْكَلَالَة من لَا وَالِد لَهُ أَيْضا وَإِنَّمَا أحَال النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لعمر رَضِي على اية الصَّيف الْقَابِلَة لهَذِهِ التأويلات تحريضا لَهُ على النّظر فِيهَا وان لَا يرجع السى السوال وَلذَا روى ان النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طعنه بِأُصْبُعِهِ فِي صَدره وَقت ذكر الحَدِيث ذكره بن الْملك فِي شرح الْمَشَارِق (إنْجَاح) قَوْله

[2736] وان قتل أَحدهمَا صَاحبه خطأ ورث من مَاله الخ قلت هَذَا مُخَالف لما فِي كتب الْحَنَفِيَّة ان قتل الْخَطَأ مُوجب للحرمان قَالَ فِي الشريفي بِخِلَاف الْمُخطئ فَإِنَّهُ مبَاشر للْقَتْل بِفِعْلِهِ فَيلْزمهُ الْكَفَّارَة والحرمان وَقَالَ أَيْضا الحرمان بِاعْتِبَار التَّقْصِير فِي الْحِرْز وَيتَصَوَّر نِسْبَة التَّقْصِير الى الْمُخطئ دونهاالى الصَّبِي وَالْمَجْنُون قلت وَالْقَاعِدَة عِنْدهم ان الْقَتْل الَّذِي يتَعَلَّق بِهِ وجوب الْقصاص أَو الْكَفَّارَة مَانع من الْإِرْث وَأما إِذا قتل مُوَرِثه قصاصا أَو حدا أَو دفعا عَن نَفسه فَلَا يحرم أصلا فَكَانَ الْحَنَفِيَّة لم يجْعَلُوا هَذَا الحَدِيث مصادما للْحَدِيث السَّابِق فَإِنَّهُ مُطلق حَقنا لدم الْمُؤمن فَرُبمَا يجترئ الرجل على الْقَتْل عمدا ويحيل بالْخَطَأ وَالله أعلم إنْجَاح 2 المُرَاد بهَا الوارثة إِذا لم يكن للْمَيت ولد وَلَا وَالِد وَتَكون الْكَلَالَة مَنْصُوبَة على تَقْدِير يُورث وارثة كَلَالَة أَو انه اسْم للْمَيت الَّذِي لَيْسَ لَهُ ولد وَلَا وَالِد ذكرا كَانَ الْمَيِّت أَو أُنْثَى أَو انه اسْم الْوَرَثَة الَّذين لَيْسَ فيهم ولد وَلَا وَالِد أَو انه اسْم لِلْمَالِ الْمَوْرُوث (نووي) [2740] فَلَا ولى رجل ذكر قَالَ الْعلمَاء المُرَاد باولى رجل أقرب رجل مَأْخُوذ من الْوَلِيّ بِإِسْكَان اللَّام على وزن الرَّمْي وَهُوَ الْقرب وَلَيْسَ المُرَاد باولى هُنَا أَحَق بِخِلَاف قَوْلهم الرجل أولى بِمَالِه لِأَنَّهُ لَو حمل هُنَا على أَحَق لخلا عَن الْفَائِدَة لأَنا لَا نَدْرِي من هوالاحق وَوصف الرجل بِأَنَّهُ ذكر تَنْبِيها على سَبَب اسْتِحْقَاقه وَهُوَ الذُّكُورَة الَّتِي هِيَ سَبَب الْعُصُوبَة وَسبب التَّرْجِيح فِي الْإِرْث وَلِهَذَا جعل للذّكر مثل حَظّ الانثيين وحكمته ان الرِّجَال تلحقهم مُؤَن كَثِيرَة بِالْقيامِ بالعيال والضيفان وارفاد القاصدين ومواساة السَّائِلين وَتحمل الغرامات وَغير ذَلِك وَهَذَا الحَدِيث فِي تَوْرِيث الْعَصَبَات وَقد اجْمَعْ الْمُسلمُونَ على ان مَا بَقِي بعد الْفُرُوض فَهُوَ المعصبات يقدم الا قرب فالاقرب فَلَا يَرث عاصب بعيد مَعَ وجود قريب فَإِذا خلف بِنْتا وأخا وَعَما فللبنت النّصْف فرضا وَالْبَاقِي للْأَخ وَلَا شَيْء للعم (نووي) قَوْله [2741] فَدفع النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِيرَاثه اليه ذهب جُمْهُور الْعلمَاء الى ان الاسفل فِي الْعتَاقَة لَا يَرث بِمَال واولوا هَذَا الحَدِيث بِأَنَّهُ وَقع مِيرَاثه اليه تَبَرعا انما كَانَ الْحق لبيت المَال وَقَالُوا ان قسْمَة الْمَوَارِيث أَمر وسع فِيهِ الشَّرْع قَالَ الله تَعَالَى وَإِذا حضر الْقِسْمَة اولو الْقُرْبَى واليتامى وَالْمَسَاكِين فارزقوهم مِنْهُ فمبناه على أدنى مُنَاسبَة من الْمَيِّت فَلَا غرو ان يدْفع النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِيرَاثه الى مُعتقة الاسفل لِأَنَّهُ حق بَيت المَال وَهُوَ أَيْضا من مستحقيه مَعَ مَاله من الْمُنَاسبَة بِالْمَيتِ فَافْهَم الْمُحدث الدهلوي الشَّيْخ عبد الْعَزِيز قدس سره قَوْله [2742] الْمَرْأَة تحوز أَي تجمع وَفِي نُسْخَة تحرز وَفِي شرح السّنة هَذَا الحَدِيث غير ثَابت عِنْد أهل المنقل وَاتفقَ أهل الْعلم على انها تَرث مِيرَاث عتيقها وَأما الْوَلَد الَّذِي نَفَاهُ الرجل بِاللّعانِ فَلَا خلاف فِي ان أَحدهمَا لَا يَرث من صَاحبه لِأَن التَّوَارُث كَانَ بِسَبَب النّسَب وَقد انْتَفَى النّسَب بِاللّعانِ وَأما نسبه عَن الام فثابت فيتوارثان واما اللَّقِيط فَمَحْمُول على أَنَّهَا أولى بَان يصرف إِلَيْهِمَا مَا خافه من غَيرهَا صرف مَال بَيت المَال الى اتِّحَاد الْمُسلمين لِأَنَّهُ تَرثه كَذَا فِي الطَّيِّبِيّ (إنْجَاح) قَوْله [2743] وَقد عرفه ان نسبه ثَابت عَنهُ ثمَّ انكر جحود الْقطع الْإِرْث عَنهُ (إنْجَاح) قَوْله [2744] قَالَ كفر بامرئ ادّعى الى نسب لَا يعرفهُ هَذَا التَّرْكِيب من قبيل تسمع بالمعبدي خير من ان ترَاهُ اعني قَوْله ادّعى الى نسب فعل قَائِم مقَام الْمُبْتَدَأ وَكفر خَبره مقدم عَلَيْهِ يَعْنِي ادعاءه الى نسب غير نسبه كفران للنعمة لَا حق بِهِ وَمعنى قَوْله لَا يعرفهُ انه انتسب الى نسب الا يعلم انه نسبه فَإِن من علم انه مِنْهُم بِسَبَب الْجَهَالَة وَفِي الْوَاقِع لَيْسَ مِنْهُم فَلَيْسَ دَاخِلا فِي هَذَا الْوَعيد وَقَوله أَو جَحده أَي جحد نسبا لَهُ وَهَذَا لَازم للدعوة فَإِن الدعْوَة الى الْغَيْر لَا يكون الا وَيكون الْجُحُود من نسبه وَقَوله وان دق أَي بِسَبَب النّسَب بِزَعْمِهِ فَلَا يَنْبَغِي لَهُ ان يَنْتَفِي عَن ابائه لِأَن الظَّن لَا يُغني من الْحق شَيْئا وَلذَا لم يرخص النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّفْي لرجل ولدت امْرَأَته غُلَاما اسود وَقَالَ اني انكرته كَمَا فِي رِوَايَة الشَّيْخَيْنِ إنْجَاح الْحَاجة قَوْله [2746] كل مستلحق بِصِيغَة الْمَفْعُول أَي الَّذِي طلب الْوَرَثَة الحاقه بهم وَمعنى اسْتَلْحقهُ ادَّعَاهُ قَوْله استلحق بِبِنَاء الْمَجْهُول صفة كاشفة بعد أَبِيه أَي بعد موت أَبِيه واضافة الْأَب اليه بِاعْتِبَار الادعاء والاستلحاق الَّذِي يَدعِي بِالتَّخْفِيفِ وَبِنَاء الْمَجْهُول أَي الْمُسْتَلْحق لَهُ أَي لِأَبِيهِ يَعْنِي ينْسبهُ النَّاس اليه بعد موت سيد تِلْكَ الْأمة وَلم يُنكره أَبوهُ فِي حَيَاته حَتَّى مَاتَ (إنْجَاح) قَوْله وَلَيْسَ لَهُ فِيمَا قسم قبله فسره مُحَمَّد بن رَاشد بقوله يعين بذلك مَا قسم فِي الْجَاهِلِيَّة قبل الْإِسْلَام كَمَا ذكره الْمُؤلف بعد إِيرَاد الحَدِيث ثمَّ اعْلَم ان تَصْدِيق بعض الْوَرَثَة يثبت النّسَب فِي حق المقرين وَإِنَّمَا يثبت فِي حق غَيرهم حَتَّى النَّاس كَافَّة ان تمّ نِصَاب الشَّهَادَة وبهم بِأَن شهد مَعَ الْمقر رجل اخر كَذَا لَو صدق الْمقر عَلَيْهِ الْوَرَثَة وهم من أهل لتصديق فَيثبت النّسَب وَلَا يُمكن الرُّجُوع كَذَا فِي الدّرّ (إنْجَاح) قَوْله [2747] عَن بيع الْوَلَاء وهبته الْوَلَاء بِفَتْح الْوَاو والمدلغة الْمُقَارنَة والمناصرة وَشرعا عبارَة عَن عصوبة متراخية عَن عصوبة النّسَب يَرث مَعهَا الْمُعْتق ويلي أَمر النِّكَاح وَالصَّلَاة عَلَيْهِ وَقدر ورد الْوَلَاء لمن اعْتِقْ رَوَاهُ أَحْمد قَالَه الْقَارِي فِي شرح المؤطا وَقَالَ الشَّيْخ ذهب الْجُمْهُور من الْعلمَاء من السّلف وَالْخلف الى عدم جَوَازه لِأَنَّهُ لحْمَة كلحمة النّسَب وَأَجَازَهُ بَعضهم قَالَ النَّوَوِيّ فِي شرح مُسلم ولعلهم لم يبلغهم الحَدِيث انْتهى قَوْله [2750] إِذا اسْتهلّ الصَّبِي المُرَاد امارة الْحَيَاة من عطاس أَو تنفس أَو حَرَكَة دَالَّة على الْحَيَاة قَوْله [2752] أولى النَّاس بحياة ومماته قيل كَانَ الموَالِي يتوارثون فِي بَدْء الْإِسْلَام ثمَّ نسخ وَقيل المُرَاد هُوَ أولى بالنصرة فِي حَال الْحَيَاة وبالصلاة عَلَيْهِ بعد الْمَوْت لمعات قَوْله

[2753] فَهُوَ عَليّ ضَامِن أَي مَضْمُون كَمَا سَيَأْتِي فِي حَدِيث أبي سعيد الْخُدْرِيّ وَمَعْنَاهُ انه فِي ذمَّة الله وكفالته (إنْجَاح) قَوْله من أجر أَو غنيمَة يَعْنِي لَا يَخْلُو من الشَّهَادَة أَو السَّلامَة فعلى الأول يدْخل الْجنَّة بعد الشَّهَادَة فِي الْحَال وعَلى الثَّانِي لَا يَنْفَكّ من أجر أَو غنيمَة مَعَ جَوَاز الِاجْتِمَاع بَينهمَا فَهِيَ قَضِيَّة مَانِعَة الْخُلُو لَا مَانِعَة الْجمع وَقيل ان أَو بِمَعْنى الْوَاو وَبِه جزم بن عبد الْبر والقرطبي ورجحها التوربشتي وَالتَّقْدِير بِأَجْر وغنيمة وَقد وَقع كَذَلِك فِي رِوَايَة الْمُسلم كرماني وَفتح الْبَارِي [2754] كَمثل الصَّائِم الْقَائِم الَّذِي لَا يفتر حَتَّى يرجع قَالَ الطَّيِّبِيّ فَإِن قلت فَلم شبهت حَال الْمُجَاهِد بِحَال الصَّائِم الْقَائِم قلت فِي نيل الثَّوَاب الجزيل بِكُل حَرَكَة وَسُكُون فِي كل حِين واوان لِأَن المُرَاد من الصَّائِم الْقَائِم من لَا يفتر سَاعَة من سَاعَات اناء اللَّيْل وأطراف النَّهَار من صَامَهُ وَصلَاته انْتهى وَقَالَ الشَّيْخ فِي اللمعات يَعْنِي ان الْمُجَاهِد وان كَانَ يفتر بعض اوقاته بِالنَّوْمِ والاكل وَغير ذَلِك لكنه فِي حكم من لَا يفتر عَن الْعِبَادَة قطعا انْتهى قَوْله [2755] غدْوَة بِالْفَتْح الْمرة الْوَاحِدَة من الغدو وَهُوَ الْخُرُوج فِي أَي وَقت كَانَ من أول النَّهَار الى انتصافه والروحة الْمرة الْوَاحِدَة من الرواح وَهُوَ الْخُرُوج فِي أَي وَقت كَانَ من زَوَال الشَّمْس الى غُرُوبهَا وَقَوله فِي سَبِيل الله أَي الْجِهَاد وَقَوله خير من الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا أَي أفضل من صرف مَا فِي الدُّنْيَا كلهَا لَو ملكهَا انسان لِأَنَّهُ زائل وَنعم الْآخِرَة بَاقِيَة كَذَا فِي الْفَتْح والكرماني قَوْله [2757] لغدوة أَو رَوْحَة الخ أَي انفاقها فِيهَا لَو ملكهَا أَو من نَفسهَا لَو ملكهَا وتصور تعميرها لِأَنَّهُ زائل لَا محَالة وهما عبارَة عَن وَقت وَسَاعَة مُطلقًا لَا مُقَيّدا بالغدوة والرواح طيبي قَوْله [2758] من جهز غازيا الخ قَالَ فِي النِّهَايَة تجهيز الْغَازِي تحميله واعداد مَا يحْتَاج اليه فِي غَزْوَة وَمِنْه تجهيز الْمَيِّت والعروس قَوْله [2760] أفضل دِينَار يُرَاد بِهِ الْعُمُوم وَقَوله يُنْفِقهُ الرجل الخ يَعْنِي الْإِنْفَاق على هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَة على التَّرْتِيب أفضل من الْإِنْفَاق على غَيرهم ذكره بن الْملك قَوْله على فرس أَي دَابَّة مربوطة فِي سَبِيل الله من نَحْو الْجِهَاد قَوْله على اصحابه أَي حَال كَونهم مجاهدين (مرقاة) قَوْله [2763] من لَقِي الله وَلَيْسَ لَهُ اثرا أَي عَلامَة من جِرَاحَة أَو تَعب نفساني أَو بذل مَال أَو تهية أَسبَاب الْمُجَاهدين أَقُول هُوَ يعم الْجِهَاد مَعَ الْعَدو والشيطان وَالنَّفس والاثر يكون بِحَسب الْجِهَاد وسيماهم فِي وجوهم من اثر السُّجُود قَوْله وَلَيْسَ لَهُ اثر الْأَثر بِفتْحَتَيْنِ مَا بَقِي من الشَّيْء والا عَلَيْهِ قَالَ القَاضِي وَالْمرَاد هَب هَهُنَا الْعَلامَة أَي من مَاتَ بِغَيْر عَلامَة من عَلَامَات الْغَزْو من جِرَاحَة أَو غُبَار طَرِيق أَو تَعب بدن أَو صرف مَال أَو تهية أَسبَاب قَوْله فِيهِ ثلمة بِضَم الْمُثَلَّثَة وَسُكُون اللَّام أَي خلل ونقصان بِالنِّسْبَةِ الى كَمَال سَعَادَة الشَّهَادَة ومجاهدة المجاهدة وَيُمكن ان يكون الحَدِيث مُقَيّدا بِمن فرض عَلَيْهِ الْجِهَاد وَمَات من غير الشُّرُوع فِي تهية الْأَسْبَاب الموصلة الى المُرَاد (مرقاة) قَوْله [2766] من رابط لَيْلَة الخ اعْلَم ان الرَّبْط فِي اللُّغَة الشد والرباط مصدر من بَاب المفاعلة وَيَجِيء بِمَعْنى مَا ربط بِهِ وَفِي الشَّرْع مُلَازمَة ثغر الْعَدو كالمرابطة وَهِي فِي الأَصْل ان يرْبط كل من الْفَرِيقَيْنِ خيولهم فِي ثغره وكل مِنْهُمَا معد لصَاحبه فَسمى الْمقَام فِي الثغر رِبَاطًا وَمِنْه قَوْله تَعَالَى وَصَابِرُوا وَرَابطُوا وَقَوله واعدوا لَهُم مَا اسْتَطَعْتُم من قُوَّة وَمن رِبَاط الْخَيل لمعات قَوْله من رابط لَيْلَة الخ قَالَ الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان الْقَصْد من هَذَا وَنَحْوه من الاخبار بَيَان تَضْعِيف أجر الرِّبَاط على غَيره وَذَلِكَ يخْتَلف باخْتلَاف النَّاس فِي نياتهم واخلاصهم وَيخْتَلف باخْتلَاف الْأَوْقَات (زجاجة) قَوْله كالف لَيْلَة الخ وَلَا يدل على افضليته من المعركة وَمن انْتِظَار الصَّلَاة لِأَن هَذَا فِي حق من فرض عَلَيْهِ المرابطة بِنصب الامام كَذَا فِي اللمعات قَوْله [2767] وَأمن بِلَفْظ الْمَاضِي الْمَعْلُوم من الامن ويروى أَو من بِلَفْظ الْمَاضِي الْمَجْهُول من الْإِيمَان قَوْله من الفتان بِفَتْح الْفَاء فَقَالَ من الْفِتْنَة وَالْمرَاد من يفتن فِي الْقَبْر من ملك الْعَذَاب والدجال والشيطان ويروى بِضَم الْفَاء جمع فاتن شَامِلًا لجَمِيع هَؤُلَاءِ وَمن عداهم لمعات قَوْله وامن من الفتان قَالَ الشَّيْخ ولي الدّين المُرَاد بِهِ مسايلة مُنكر ونكر عَلَيْهِمَا السَّلَام وَيحْتَمل ان يكون المُرَاد انهما لَا يجيئان اليه وَلَا يختبرانه بِالْكُلِّيَّةِ بل يَكْفِي مَوته مرابطا فِي سَبِيل الله شَاهدا على صِحَة إيمَانه وَيحْتَمل انهما يجيئان اليه لَكِن يانس بهما بِحَيْثُ انهما لَا يضرانه وَلَا يردعانه وَلَا يحصل لَهُ بِسَبَب بحثهما فتْنَة مِصْبَاح الزجاجة للسيوطي قَوْله

[2768] لرباط يَوْم فِي سَبِيل الله الخ قَالَ الْحَافِظ زكي الدّين الْمُنْذِرِيّ فِي التَّرْغِيب اثار الْوَضع لائحة على هَذَا الحَدِيث وَلَا عجب لِأَنَّهُ من رِوَايَة عمر بن صبيح قَالَ الْحَافِظ عماد الدّين بن كثير فِي جَامع المسانيد اظن هَذَا الحَدِيث ان يكون مَوْضُوعا لما فِيهِ من المجازفة وَلِأَنَّهُ من رِوَايَة عمر بن صبيح أحد الْكَذَّابين المعروفين بِوَضْع الحَدِيث مِصْبَاح الزجاجة قَوْله من وَرَاء عَورَة الْمُسلمين الخ الْعَوْرَة الْخلَل فِي الثغر وَغَيره وكل مُمكن للستر والسؤة كل أَمر يتحيى مِنْهُ وَالْمرَاد هَهُنَا هُوَ الأول فَمَعْنَاه من وَرَاء خلل الثغور والثغر مَا يَلِي دَار الْحَرْب وَمَوْضِع المخافة من فروج الْبلدَانِ كَذَا فِي الْقَامُوس وَهَذَا الحَدِيث ضَعِيف لِأَن عمر بن صبيح بن عمرَان التَّيْمِيّ الْعَدوي أَبُو نعيم الْخُرَاسَانِي مَتْرُوك كذبه بن رَاهَوَيْه كَذَا فِي التَّقْرِيب إنْجَاح الْحَاجة [2769] حارس الحرس الْإِضَافَة بيا أنية أَي الحارس الْكَائِن من الحرس والحرس بِفتْحَتَيْنِ جمع حارس أَو الحرس بِمَعْنى المحروس وَهُوَ الْعَسْكَر فَهُوَ مصدر بِمَعْنى الْمَفْعُول (إنْجَاح) قَوْله عَن سعيد بن خَالِد ذكر فِي التَّقْرِيب سعيد بن أبي خَالِد بن أبي طَوِيل الْقرشِي الصيدلاني مُنكر الحَدِيث من الْخَامِسَة وَمِنْهُم من فرق بَين سعيد بن خَالِد بن أبي طَوِيل وَبَين سعيد بن أبي خَالِد بن أبي طَوِيل الْقرشِي فَلَا يَخْلُو هَذَا الحَدِيث عَن الْقدح وَالله أعلم (إنْجَاح) قَوْله [2770] حرس لَيْلَة الخ قَالَ الذَّهَبِيّ فِي الْمِيزَان هَذِه عبارَة عَجِيبَة لَو صحت لَكَانَ مَجْمُوع ذَلِك الْفضل ثَلَاثمِائَة الف الف سنة وَسِتِّينَ الف الف سنة وَسَعِيد ضعفه أَبُو زرْعَة وَغَيره وَقَالَ بن عَسَاكِر فِي تَارِيخه قَالَ أَبُو مُحَمَّد بن أبي حَاتِم سَأَلت أبي عَن سعيد بن خَالِد بن أبي طَوِيل فَقَالَ لَا اعْلَم روى عَنهُ غير مُحَمَّد بن سعيد بن شَابُور وَلَا يشبه حَدِيثه حَدِيث أهل الصدْق بل هُوَ مُنكر الحَدِيث وَأَحَادِيثه عَن أنس لَا تعرف وَقَالَ بن حبَان يرْوى عَن أنس مَالا يُتَابع عَلَيْهِ وَلَا يجوز الِاحْتِجَاج بِهِ (زجاجة) قَوْله [2772] لن تراعوا بِفَتْح التَّاء وَضم الْعين من الروع بِمَعْنى الْفَرْع وَلنْ هَهُنَا بِمَعْنى لَا فِي النَّهْي ويروى لم تراعوا قَالُوا ان الْعَرَب قد تضع لم وَلنْ مَوضِع لَا بقلة أَو هُوَ خبر بِمَعْنى النَّهْي أَي لَا تفزعوا وَلَا تخافوا أَو مَعْنَاهُ لَا روع وَلَا فزع فتخافوا (إنْجَاح) قَوْله [2773] إِذا استفرتم فانفروا قَالَ فِي النِّهَايَة الاستنفار الاستنجاد والاستنصار أَي إِذا طلب مِنْكُم النُّصْرَة فأجيبوا وانفروا خَارِجين الى الْإِعَانَة ونفير الْقَوْم جَمَاعَتهمْ الَّذين ينفرون فِي الْأَمر قَالَ النَّوَوِيّ أَي إِذا دعَاكُمْ السُّلْطَان الى الْغَزْو فاذهبوا نووي وزجاجة قَوْله [2776] قَالَت نَام رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرِيبا مني الخ اتّفق الْعلمَاء على انها كَانَت محرما لَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاخْتلفُوا فِي كَيْفيَّة ذَلِك فَقَالَ بن عبد الْبر وَغَيره كَانَت إِحْدَى خَالَته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من الرضَاعَة وَقَالَ اخرون بل كَانَت خَالَة لِأَبِيهِ أَو لجده عبد الْمطلب لِأَن كَانَت أمه من بني النجار وَقَوْلها فَقلت يَا رَسُول الله مَا اضحكك هَذَا الضحك فَرحا وسرورا بِكَوْن أمته يبْقى بعده متظاهرة أُمُور الْإِسْلَام قَائِمَة بِالْجِهَادِ حَتَّى فِي الْبَحْر قَوْله كالملوك على الاسرة قيل هُوَ صفة لَهُم فِي الْآخِرَة إِذا خلوا الْجنَّة وَالأَصَح انه صفة لَهُم فِي الدُّنْيَا أَي يركبون مراكب الْمُلُوك لسعة حَالهم واستقامة أَمرهم وَكَثْرَة عَددهمْ وَقَوْلها فِي الْمرة الثَّانِيَة فَادع الله ان يَجْعَلنِي مِنْهُم قَالَ أَنْت من الْأَوَّلين هَذَا دَلِيل على ان رُؤْيَاهُ الثَّانِيَة غير الأولى وانه عرض عَلَيْهِ غير الْأَوَّلين وَاخْتلف الْعلمَاء مَتى جرت الْغَزْوَة الَّتِي توفيت فِيهَا أم حرَام فِي الْبَحْر فقد ذكر فِي الحَدِيث فَخرجت مَعَ زَوجهَا عبَادَة غَازِيَة أول مَا يركب الْمُسلمُونَ الْبَحْر مَعَ مُعَاوِيَة فصرعت عَن دابتها فَمَاتَتْ قَالَ القَاضِي أَكثر أهل السّير والاخبار ان ذَلِك كَانَ فِي خلَافَة عُثْمَان وان فِيهَا ركبت أم حرَام وَزوجهَا على فرس فصرعت عَن دابتها هُنَاكَ فَتُوُفِّيَتْ وعَلى هَذَا يكون قَوْله فِي زمَان مُعَاوِيَة كَمَا فِي مُسلم مَعْنَاهُ فِي زمَان غَزْوَة فِي الْبَحْر لَا فِي أَيَّام خِلَافَته قَالَ وَقيل بل كَانَ ذَلِك فِي خِلَافَته قَالَ وَهُوَ أظهر فِي دلاله قَوْله فِي زَمَانه نوول قَوْله [2778] والمائد فِي الْبَحْر هُوَ اسْم فَاعل من ماد يميد إِذا مَال وتحرك وَهُوَ الَّذِي يَدُور رَأسه من ريح الْبَحْر واضطراب السَّفِينَة بالامواج والمتشحط فِي دَمه الَّذِي يتخبط فِيهِ ويضطرب ويتمرغ كَذَا فِي النِّهَايَة (إنْجَاح) قَوْله

[2780] ستفتح عَلَيْكُم قَالَ الشَّوْكَانِيّ فِي هَذَا الحَدِيث رَوَاهُ بن ماجة فِي سنَنه عَن أنس مَرْفُوعا وَفِي إِسْنَاده دَاوُد بن المحبر وَهُوَ وَضاع وَفِي إِسْنَاده ضَعِيف ومتروك اخر أَيْضا وَقد أوردهُ بن الْجَوْزِيّ فِي الموضوعات فَأصَاب وَلَعَلَّ هَذَا الحَدِيث هُوَ الَّذِي يُقَال ان فِي سنَن بن ماجة حَدِيثا مَوْضُوعا (إنْجَاح) قَوْله ستفتح عَلَيْكُم الحَدِيث أوردهُ الرَّافِعِيّ فِي تَارِيخ قزوين وَقَالَ مَشْهُور رَوَاهُ عَن دَاوُد جمَاعَة مِنْهُم الْحَارِث بن أبي أُسَامَة وَإِسْمَاعِيل بن رَاشد وَإِبْرَاهِيم بن الْوَلِيد وَسليمَان بن خلال أَبُو خَلاد الْمُؤَدب وأودعه الامام بن ماجة فِي سنَنه والحفاظ يقربون كِتَابه بالصحيحين وَسنَن أبي دَاوُد وَالنَّسَائِيّ ويحتجون بِمَا فِيهِ وَرَوَاهُ عبد الرَّحْمَن بن أبي حَاتِم عَن أَبِيه عَن إِبْرَاهِيم بن الْوَلِيد عَن دَاوُد لَكِن يَحْكِي تَضْعِيف دَاوُد عَن أَحْمد وعَلى بن الْمَدِينِيّ وَأبي زرْعَة وَأبي حَاتِم وَالربيع بن صبيح بِفَتْح الضَّاد يرْوى عَنهُ الثَّوْريّ ووكيع وَأَبُو نعيم وَعبد الرَّحْمَن بن مهْدي وَفِي الْجرْح وَالتَّعْدِيل لِابْنِ أبي حَاتِم ان أَحْمد وَأَبا زرْعَة اثنيا عَلَيْهِ وَيحيى بن معِين ضعفه انْتهى والْحَدِيث اورد بن الْجَوْزِيّ فِي الموضوعات من طَرِيق بن ماجة وَقَالَ مَوْضُوع وَدَاوُد وَضاع وَالربيع ضَعِيف وَيزِيد مَتْرُوك وَقَالَ الْمزي هُوَ حَدِيث مُنكر لَا يعرف الا من رِوَايَة دَاوُد (زجاجة) [2781] قَالَ أَبُو عبد الله بن ماجة الخ ظَاهره ان المعاتب هُوَ جاهمة لَكِن الصَّحِيح ان المعاتب هُوَ عَبَّاس بن مرداس السّلمِيّ وَأَبوهُ كَمَا اخْرُج مُسلم عَن رَافع بن خديج قَالَ أعْطى رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَا سُفْيَان بن حَرْب وَصَفوَان بن أُميَّة وعيينة بن حصن والاقرع بن حَابِس كل انسان مِنْهُم مائَة من الْإِبِل وَأعْطى عَبَّاس بن مرداس دون ذَلِك فَقَالَ عَبَّاس بن مرداس اتجعل نَهْبي وَنهب العبيد بَين عُيَيْنَة والاقرع فَمَا كَانَ بدور لَا حَابِس يَفُوقَانِ مرداس فِي الْمجمع وَمَا كنت دون امْرأ مِنْهُمَا وَمن يخْفض الْيَوْم لَا يرفع قَالَ فَأَتمَّ لَهُ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مائَة وَالْعَبِيد اسْم فرس عَبَّاس (إنْجَاح) قَوْله [2782] فَارْجِع إِلَيْهِمَا الخ قَالَ فِي در الْمُخْتَار لَا يفْرض الْجِهَاد على صبي وَبَالغ لَهُ ابوان أَو أَحدهمَا لِأَن طاعتهما فرض عين وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ للْعَبَّاس بن مرداس لما أَرَادَ الْجِهَاد الزم أمك فَإِن الْجنَّة عِنْد رجل أمك قلت الصَّوَاب ان السَّائِل هُوَ مُعَاوِيَة بن جاهمة السّلمِيّ أَو أَبوهُ جاهمة كَمَا فِي الرِّوَايَتَيْنِ السابقتين وَالْغَالِب على الظَّن ان السَّائِل جاهمة لِأَن مُعَاوِيَة صحبته مُخْتَلف فِيهَا وجاهمة صَحَابِيّ وَالله أعلم (إنْجَاح) قَوْله [2784] وانا الْغُلَام الْفَارِسِي قد علم من هَذَا ان الانتساب الى الْجَاهِلِيَّة غير مَحْمُود فَإِن أهل فَارس كَانُوا مُشْرِكين وَالْأَنْصَار شعار النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَنْبَغِي لكل مُسلم ان لَا يفتخر بِأَهْل الْجَاهِلِيَّة وَعلم مِنْهُ أَيْضا ان الْأَنْصَارِيَّة لَيست مُخْتَصَّة بأوس وخزرج بل كل نصر الْإِسْلَام فَهُوَ أَنْصَارِي وَإِنَّمَا صَارَت الشُّهْرَة بِهَذَا اللقب لِلْأَوْسِ والخزرج للغلبة (إنْجَاح) قَوْله [2786] الْخَيْر مَعْقُود بنواصي الْخَيل وَفِي رِوَايَة الْمُسلم معقوص ومعناهما ملوي مظفور فِيهَا وَالْمرَاد بالناصية هَهُنَا الشّعْر المسترسل على الْجَبْهَة قَالَ الْخطابِيّ وَغَيره قَالُوا وكنى بالناصية عَن جَمِيع ذَات الْفرس يُقَال فلَان مبارك الناصية ومبارك الْغرَّة أَي الذَّات وَفِي هَذِه الْأَحَادِيث اسْتِحْبَاب رِبَاط الْخَيل واقتنائها للغزو وقتال اعداد الله وان فَضلهَا وَخَيرهَا وَالْجهَاد بَاقٍ الى يَوْم الْقِيَامَة وَأما الحَدِيث الآخر ان الشوم قد يكون فِي الْفرس فَالْمُرَاد بِهِ غير الْخَيل الْمعدة للغزو وَنَحْوه أَو ان الْخَيْر والشوم يَجْتَمِعَانِ فِيهَا فَإِنَّهُ فسر الْخَيْر بِالْأَجْرِ والمغنم لَا يمْتَنع مَعَ هَذَا ان يكون الْفرس مِمَّا يتشاءم بِهِ (نووي) قَوْله [2788] فِي مرج هُوَ بِالتَّحْرِيكِ الأَرْض الواسعة ذَات نَبَات كَثِيرَة قَوْله اسنت من الإستنان وَهُوَ الْعَدو والشرف محركة الْعُلُوّ الْمَكَان العالي والشوط أَو نَحْو ميل كَذَا فِي الْمجمع والقاموس قَوْله وَلَا ينسى حق ظُهُورهَا وبطونها وَفِي الرِّوَايَة الصَّحِيحَة الَّتِي أخرجه مُسلم وَغَيره لم ينسى حق الله فِي ظُهُورهَا وَلَا رقابها فَحق الظُّهُور إِعَادَتهَا فِي نَوَائِب الْمُسلمين وَحقّ الرّقاب أَدَاء زَكَاتهَا كَمَا عَلَيْهِ أَبُو حنيفَة وَأما تَأْوِيل رِعَايَة بطونها فَلَعَلَّ المل دبه تفقدها فِي شبعها وديها روى عَن بعض الصَّالِحين أَنه كَانَ يخْدم فرسه بِذَاتِهِ فَسئلَ عَنهُ فَقَالَ إِنِّي غزوت يَوْمًا عَلَيْهِ فِي سَبِيل الله فَكَانَ للْمُسلمين جَوْلَة فتقاعد الْفرس فَقلت إِنَّا لله وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُون فَقَالَت الْفرس بِلِسَان فصيح إِنَّا لله وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُون حِين تتركني فِي بَيْتك عِنْد جاريتك فَمن يَوْمئِذٍ تحملت على أَن أخدمها بِنَفسِهَا والبذخ محركة الْفَخر (إنْجَاح) قَوْله [2789] خير الْخَيل الأدهم فِي الْمجمع الأدهم من الْخَيل مَا يشْتَد سوَاده والأقرح هُوَ الَّذِي فِي جَبهته قرحَة بِالضَّمِّ وَهُوَ بَيَاض يسير فِي وَجه الْفرس دون الْغرَّة والمحجل هُوَ الَّذِي يرْتَفع الْبيَاض فِي قوائمه إِلَى مَوضِع الْقَيْد ويجاوز الأرساغ وَلَا يُجَاوز الرُّكْبَتَيْنِ لِأَنَّهَا مَوضِع الأحجال وَهِي الخلاخيل والقيود وَلَا يكون التحجيل بِالْيَدِ وَالْيَدَيْنِ مَا لم يكن مَعَه رجل أَو رجلَانِ والأرثم هُوَ مَا فِي أَنفه وشفته الْعليا بَيَاض وطلق الْيَد هُوَ بِضَم طاء وَلَام أَي يطلقهَا لَيْسَ فِيهَا تحجيل انْتهى (إنْجَاح) قَوْله فكميت وَهُوَ الْفرس الَّذِي بَين السوَاد والحمرة وَقيل الَّذِي ذَنبه وعرفه أسودان وَالْبَاقِي أَحْمَر قَوْله على هَذِه الشية قَالَ فِي النِّهَايَة الشية كل لون يُخَالف مُعظم لون الْفرس وَغَيره واصله من الوشي النقش والتلو عوض من الْوَاو المحذوفة كالزنة وَالْوَزْن وَأَصلهَا وشى أَرَادَ على هَذِه الصّفة وَهَذَا اللَّوْن من الْخَيل (زجاجة) قَوْله [2790] يكره الشكال بِكَسْر الشين قَالَ فِي الْقَامُوس الشكال ككتاب اسْم للحبل الَّذِي يشد بِهِ قَوَائِم الدَّابَّة وَفِي الْخَيل أَن يكون ثَلَاث قَوَائِم مِنْهُ محجلة والواحدة مُطلقَة وَعَكسه أَيْضا انْتهى وَقَالَ فِي النِّهَايَة إِنَّمَا سمى شكالا تَشْبِيها بالشكال الَّذِي يشكل بِهِ الْخَيل لِأَنَّهُ يكون فِي ثَلَاثَة قَوَائِم غَالِبا وَقيل ان يكون إِحْدَى يَدَيْهِ وَإِحْدَى رجلَيْهِ من خلاف محجلتين وَهُوَ ظَاهر عبارَة الْكتاب وَيُمكن حمله على الْمَعْنى الأول فَافْهَم وَوجه كَرَاهَة الشكال مفوض الى علم الشَّارِع وَقَالَ فِي النِّهَايَة إِنَّمَا كرهه لِأَنَّهُ كالمشكول صُورَة تفاؤلا وَيُمكن ان يكون قد جرب ذَلِك الْجِنْس فَلم يكن فِيهِ نجابة وَقيل إِذا كَانَ مَعَ ذَلِك اغر زَالَت الْكَرَاهَة لزوَال شبه الشكال كَذَا فِي اللمعات (إنْجَاح) قَوْله [2792] من رجل مُسلم بَيَان من من قَاتل أَي الْإِسْلَام شَرط لنيل هَذِه الْبشَارَة إنْجَاح الْحَاجة قَوْله

باب ما يرجى فيه الشهادة قد اورد المؤلف في هذاالباب أحاديث ذكر فيها

[2793] احْلِف بِاللَّه لتنزلنه طَائِعَة أَي احْلِف بِاللَّه على ان اقْتُل فِي سَبيله ثمَّ لتنزلن الْجنَّة فالهاء اما للسكتة أَو للضمير فَهُوَ رَاجع الى الْجنَّة بِتَأْوِيل الْبُسْتَان وَيُمكن ان يُقَال انه أَرَادَ بقوله الْجنَّة الْقَتْل فِي سَبِيل الله أعَاد ضمير الْمُذكر اليه بِاعْتِبَار المُرَاد وَقد أوفى رَضِي الله عَنهُ بِمَا احْلِف عَلَيْهِ فَإِنَّهُ اسْتشْهد فِي غَزْوَة مُؤْتَة حَيْثُ اسْتشْهد زيد بن حَارِثَة وجعفر الطيار فِيهِ فَضِيلَة لَهُ رَضِي الله عَنهُ لِأَنَّهُ من عباد الله الَّذين لَو اقسموا على الله لابرهم كَمَا قَالَ النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حق أنس بن النَّضر رَضِي (إنْجَاح) [2798] كَأَنَّهُمَا ظئران الخ فِي الْقَامُوس الظِّئْر بِالْكَسْرِ العاطفة على ولد غَيرهَا الْمُرضعَة لَهُ فِي النَّاس وَغَيرهم الذّكر وَالْأُنْثَى والفصيل الْوَلَد الَّذِي فصل عَن الرضَاعَة والبراح كسحاب المتسع من الأَرْض لَا زرع بهَا وَلَا شَيْء فَالْمُرَاد ان زوجيته من الْحور تأتيان مشتاقتين اليه كالمرضعة الَّتِي فقدت وَلَدهَا فاشتاقت اليه إنْجَاح الْحَاجة قَوْله [2799] وَيرى مَقْعَده من الْجنَّة قَالَ الْقَارِي يَنْبَغِي ان يحمل قَوْله وَيرى مَقْعَده على انه عطف تَفْسِير لقَوْله وَيغْفر لَهُ لِئَلَّا يزِيد الْخِصَال على سِتّ وَلِئَلَّا يلْزم التّكْرَار فِي قَوْله ويجار من عَذَاب الْقَبْر إِذا الاجارة مِنْهُ وَجه فِي الْمَغْفِرَة إِذا حملت على ظَاهره وَقَوله من الْفَزع الْأَكْبَر فِيهِ إِشَارَة الى قَوْله تَعَالَى لَا يحزنهم الْفَزع الْأَكْبَر قيل هُوَ عَذَاب النَّار وَقيل الْعرض عَلَيْهَا وَقيل ذبح الْمَوْت فيئس الْكفَّار عَن التَّخَلُّص من النَّار بِالْمَوْتِ وَقيل اطباق النَّار على الْكفَّار وَقيل النفخة الْأَخِيرَة لقَوْله تَعَالَى وَيَوْم ينْفخ فِي الصُّور فَفَزعَ من فِي السَّمَاوَات وَمن فِي الأَرْض الا مَا شَاءَ الله قَوْله [2802] الا مس القرصة بِفَتْح الْقَاف من القرص وَهُوَ عض النملة وَفِي الْقَامُوس هُوَ اخذ لحم الْإِنْسَان بأصبعيك حَتَّى تولمه ولسع البارغيث وَقَالَ الطَّيِّبِيّ وَذَلِكَ فِي شَهِيد يتلذذ مهجته فِي سَبِيل الله طيبا بِهِ نَفسه أَقْوَال يحْتَمل ان يكون المُرَاد ان الم الْقَتْل للشهيد بِالْقِيَاسِ الى الذَّات الَّتِي يجد بعد الْمَوْت لَيْسَ الا بِمَنْزِلَة الم القرصة فليطب نفسا بذلك وَذَلِكَ فِي كل شَهِيد يكون قِتَاله فِي سَبِيل الله لمعات قَوْله بَاب مَا يُرْجَى فِيهِ الشَّهَادَة قد اورد الْمُؤلف فِي هذاالباب أَحَادِيث ذكر فِيهَا الْأَنْوَاع من الشُّهَدَاء وللحافظ السُّيُوطِيّ رِسَالَة الفها فِي تعداد الشُّهَدَاء فَذكر فِيهَا نَحوا من ثَلَاثِينَ فَمنهمْ صَاحب الْحَيّ وَمِنْهُم اللديغ والشريق وَالَّذِي يفترسه السَّبع والمتردي عَن الْجَبَل وَمن قتل دون مَاله وَمن قتل دون دَمه وَمن قتل دون دينه وَمن قتل دون أَهله وَالْمَيِّت على فرَاشه فِي سَبِيل الله والمقتول دون مظْلمَة وَالْمَيِّت إِذا عف وكتم والمائد فِي الْبَحْر الَّذِي يُصِيبهُ القئ فَهِيَ والغيورة من النِّسَاء والصابرة مِنْهُنَّ كَمَا عِنْد الطَّبَرَانِيّ ان الله كتب الْغيرَة على النِّسَاء وَالْجهَاد على الرِّجَال فَمن صَبر مِنْهُنَّ كَانَ لَهَا أجر شَهِيد وَمن قَالَ فِي الْيَوْم خمْسا وَعشْرين مرّة اللَّهُمَّ بَارك لي فِي الْمَوْت وَفِي مَا بعد الْمَوْت وعدها بِطُولِهَا إنْجَاح الْحَاجة قَوْله [2803] وَالْمَرْأَة تَمُوت بِجمع قَالَ فِي النِّهَايَة هِيَ الَّتِي تَمُوت وَفِي بَطنهَا ولد وَقيل الَّتِي تَمُوت بكرا وَالْجمع بِالضَّمِّ بِمَعْنى المجوع كالذخر بِمَعْنى المذخور وَكسر الْكسَائي الْجِيم وَالْمعْنَى انها مَاتَت مَعَ شَيْء مَجْمُوع فِيهَا غير مُنْفَصِل عَنْهَا من حمل أَو بكارة مِصْبَاح الزجاجة قَوْله والمجنوب قَالَ فِي النِّهَايَة هُوَ الَّذِي اخذته ذَات الْجنب وَقيل أَرَادَ بالمجنوب الَّذِي يشتكي جنبه مُطلقًا وَذَات الْجنب هِيَ الدُّبَيْلَة والدمل الْكَبِير الَّتِي تظهر فِي مَا بطن الْجنب وتنفجر الى دَاخل وقلما يسلم صَاحبهَا وَصَارَت ذَات الْجنب علما لَهَا وان كَانَت فِي الأَصْل صفة مُضَافَة مِصْبَاح الزجاجة قَوْله [2804] والمطعون شَهِيد قَالَ بن الْأَثِير الطَّاعُون الْمَرَض الْعَام وَالْبَاء الَّذِي يفْسد الْهَوَاء فَيفْسد بِهِ الامزجة والابدان وَقَالَ القَاضِي أَبُو بكر بن الْعَرَبِيّ الطَّاعُون الوجع الْغَالِب الَّذِي يطفي الرّوح قَالَ فِي الْمجمع الطَّاعُون الْمَوْت الْكَبِير وَقيل بِئْر وورم مؤلم جدا يخرج مَعَ لَهب ويسود مَا حوله أَو يخضر وَيجْعَل مَعَه خفقان الْقلب والقئ وَيخرج فِي الْمرَافِق والآباط غَالِبا وَقَالَ بن سينا الطَّاعُون مَادَّة سميَّة تحدث ورما انْتهى قَوْله [2807] وَلَكِن الانك بِالْمدِّ هُوَ الرصاص الْأَبْيَض وَقيل الْأسود وَلم يجِئ على افْعَل وَاحِد غير هَذَا وَقيل يحْتَمل ان يكون فَاعِلا لَا افعلا وَهُوَ أَيْضا شَاذ والعلابي سَاكن الْيَاء ومشددها جمع علياء وَهُوَ عصب فِي الْعُنُق يَأْخُذ الْكَاهِل كَانَت الْعَرَب تشد اجفان سيوفها بالعلابي الرّطبَة فيجف عَلَيْهَا وتشد الرماح بهَا إِذا تصدعت فتيبس وتقوى (زجاجة) قَوْله

[2808] تنفل سَيْفه ذَا الفقار فِي الْقَامُوس ذُو الفقار بِالْفَتْح سيف الْعَاصِ بن منبة قتل يَوْم بدر فَصَارَ الى النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثمَّ صَار الى عَليّ كرم الله وَجهه انْتهى وَإِنَّمَا سمى بِهِ لِأَنَّهُ كَانَ فِي ظَهره خروز يشبه الفقرات وَقَوله تنفل الى اخذه لنَفسِهِ نفلا أَي زِيَادَة (إنْجَاح) [2809] لم ترفع ضَالَّة لِأَن رفع الضَّالة إِنَّمَا هُوَ لإيفائها الى من نَسِيَهَا وضلها فَإِن فعل ذَلِك عمدا لَا يرفعها أحد فيضيع وان رَفعهَا لَا يوصلها الى مَالِكهَا بِزَعْمِهِ انه تَركهَا عمدا (إنْجَاح) قَوْله [2811] ارموا واركبوا أَي لَا تقصرُوا على الرَّمْي مَاشِيا واجمعوا بَين الرَّمْي وَالرُّكُوب أَو الْمَعْنى اعلموا هَذِه الْفَضِيلَة وتعلموا الرَّمْي وَالرُّكُوب بتأديب الْفرس والتمرين كَمَا يُشِير اليه آخر الحَدِيث وَقَالَ الطَّيِّبِيّ عطف واركبوا يدل على الْمُغَايرَة وان الرَّامِي يكون رَاجِلا والراكب رامحا فَيكون معنى قَوْله وان ترموا أحب الى من ان تركبوا ان الرَّمْي بِالسَّهْمِ احب الى من الطعْن بِالرُّمْحِ انْتهى والاظهر ان مَعْنَاهُ ان معالجة الرَّمْي وتعلمه أفضل من تَأْدِيب الْفرس وتمرين ركُوبه لما فِيهِ من الْخُيَلَاء وَالْكبر وَلما فِي الرَّمْي من النَّفْع الْأَعَمّ مَعَ ان لَا دلَالَة فِي الحَدِيث على الرمْح أصلا كَذَا فِي الْمرقاة قَوْله [2813] من قُوَّة فَسرهَا الزَّمَخْشَرِيّ والبيضاوي بِكُل مَا يتقوى بِهِ فِي الْحَرْب وَقَالَ الْبَيْضَاوِيّ لَعَلَّه انما خصّه رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالرَّمْي لِأَنَّهُ اقواه لمعات قَوْله [2815] فَقَالَ رميا الخ مَنْصُوب بِفعل مُقَدّر أَي ارموا وَالْمرَاد من الْأَب إِسْمَاعِيل عَلَيْهِ السَّلَام (إنْجَاح) قَوْله [2818] ان راية الخ فِي النِّهَايَة الرَّايَة الْعلم الضخم وَكَانَ اسْم راية النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعقَاب وَفِي الْمغرب اللِّوَاء علم الْجَيْش وَهُوَ دون الرَّايَة لِأَنَّهُ شقة ثوب تلوى وتشد الى عود الرمْح والراية علم الْجَيْش ويكنى بِأم الْحَرْب وَهِي فَوق اللِّوَاء قَالَ الْأَزْهَرِي وَالْعرب أَو يهمزها واصلها الْهَمْز وَأنكر أَبُو عبيد والأصمعي الْهَمْز قَالَ التوربشتي الرَّايَة هِيَ الَّتِي تتولاها صَاحب الْحَرْب وَيُقَاتل عليا واليها تميل الْمُقَاتلَة واللواء عَلامَة كبكبة الْأَمِير تَدور مَعَه حَيْثُ دارت طيبي قَوْله كَانَت سَوْدَاء قَالَ بن الْملك أَي مَا غَالب لَونه اسود بِحَيْثُ يرى من الْبعيد اسود لَا انه خَالص السوَاد لما فِي التِّرْمِذِيّ من انها كَانَت من نمرة قَالَ الْقَارِي والنمرة بردة فِيهَا تخطيط سَواد وَبَيَاض كلون النمر الْحَيَوَان الْمَشْهُور لمعات قَوْله [2820] لَيْسَ الْحَرِير قَالَ النَّوَوِيّ يجوز لَيْسَ الْحَرِير للضَّرُورَة كَمَا فِي الْحَرْب وَاحْتَاجَ اليه لحر أَو برد وَيجوز لدفع الْقمل فِي السّفر وَكَذَا فِي الْحَضَر على الْأَصَح وَقَالَ فِي الْهِدَايَة وَلَا بَأْس يلبس الْحَرِير والديباج فِي الْحَرْب عِنْدهمَا لما روى الشّعبِيّ انه عَلَيْهِ السَّلَام رخص فِي لبس الْحَرِير والديباح فِي الْحَرْب وَلِأَن فِيهِ ضَرُورَة فَإِن الْخَالِص مِنْهُ ادْفَعْ لمعرة السِّلَاح وأهيب فِي عين الْعَدو لبريقه وَيكرهُ عِنْد أبي حنيفَة لِأَنَّهُ لَا فصل فِيمَا روينَا والضرورة تنْدَفع بالمخلوط وَهُوَ الَّذِي لحْمَته حَرِير وسداه غير ذَلِك والمحظور لَا يستباح الا لضَرُورَة وَمَا رَوَاهُ مَحْمُول على الْمَخْلُوط قَالَ بن الْهمام أَقُول فِيهِ نظر لِأَنَّهُ مَا رَوَاهُ ترخيص النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي لبس الْحَرِير والديباح فِي الْحَرْب وَالْحمل على الْمَخْلُوط ان صَحَّ فِي الْحَرِير لَا يَصح فِي الديباج لِأَن الديباح فِي اللُّغَة وَالْعرْف مَا كَانَ كُله حَرِيرًا قَالَ فِي الْمغرب الديباج الَّذِي سداه وَلحمَته ايريسم وَقَالَ الشُّرَّاح جملَة وُجُوه هَذِه الأول مَا يكون كُله حَرِيرًا وَهُوَ الديباج لَا يجوز لبسه فِي غير الْحَرْب بالِاتِّفَاقِ وَأما فِي الْحَرْب فَعِنْدَ أبي حنيفَة لَا يجوز وَعِنْدَهُمَا يجوز وَالثَّانِي مَا يكون سداه حَرِيرًا وَلحمَته غَيره وَلَا بَأْس لبسه فِي الْحَرْب وَغَيره وَالثَّالِث عكس الثَّانِي وَهُوَ مُبَاح فِي الْحَرْب دون غَيره فقد صَرَّحُوا فِي كَلَامهم هَذَا بِأَن الديباج مَا كَانَ كُله حَرِيرًا فَلَا مجَال للْحَمْل على الْمَخْلُوط فِي حَقه انْتهى قَوْله [2821] وَعَلِيهِ عِمَامَة سَوْدَاء قيل كَانَ مصبوغا باللون الْأسود وَقيل قد اسود من لبس المغفر وَالْأول أولى وَمَا روى عَن بعض الْأَئِمَّة من كَرَاهَة لبس السوَاد يردهُ هَذَا الحَدِيث (إنْجَاح) قَوْله [2823] عَن خَارِجَة بن زيد هُوَ من الْفُقَهَاء السَّبْعَة من أهل الْمَدِينَة وَأَبوهُ زيد بن ثَابت جَامع الْقُرْآن (إنْجَاح) قَوْله تشييع الْغُزَاة التشييع الْخُرُوج مَعَ الْمُسَافِر للتوديع وَمَعَ الْجِنَازَة للدفن قَوْله فأكففه أَي ادفعه واصرفه الى رَحْله (إنْجَاح) قَوْله

[2826] إِذا اشخص السَّرَايَا أَي رَفعهَا أَو ارسلها وشخوص الْمُسَافِر خُرُوجه من منزله كَذَا فِي الْمجمع وَفِي الْقَامُوس وشخصه ازعجه وَفُلَان حَان سيره وذهابه انْتهى يعين إِذا بعث السَّرَايَا الى جِهَة ودعهم وَيَقُول للذاهب هَذِه الْكَلِمَات (إنْجَاح) [2827] يَا أَكْثَم غز مَعَ غير قَوْمك لَعَلَّ النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عرف سوء أَخْلَاق قومه خُزَاعَة فَدلَّ على مفارقتهم سِيمَا فِي الْغَزْو وَالسّفر فَإِن السّفر يقطع بأخلاق حَسَنَة وَيُمكن ان يُقَال انه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا امْرَهْ بالغزو مَعَ غير قومه لِأَن الرفيق فِي الْغَزْو وَالسّفر إِذا كَانَ أَجْنَبِيّا لَا يُرَاعِي حَاله فِي كل أَمر بل يُخَالِفهُ ويغلظ مَعَه ويسوء اخلاقه فَلَا بُد من تحمل اساءته ومخالفته فَلِذَا يحسن أَخْلَاق أَكْثَم بِخِلَاف مَا إِذا كَانَ الرفيق من قومه (إنْجَاح) قَوْله يَا أَكْثَم غز مَعَ غير قَوْمك الحَدِيث قَالَ بن أبي حَاتِم سَمِعت أبي يَقُول العاملي مَتْرُوك والْحَدِيث بَاطِل وَقَالَ الذَّهَبِيّ فِي الْمِيزَان العاملي كَذَّاب واسْمه الحكم بن عبد الله بن خطَّاف وَقَالَ الْحَافِظ بن حجر فِي الْإِصَابَة قد أخرجه بن سَنَده من طرق أُخْرَى عَن أَكْثَم بن الجون الْخُزَاعِيّ نَفسه وَأَشَارَ إِلَيْهَا بن عبد الْبر قلت وَقد أخرجه بن عَسَاكِر فِي تَارِيخه من طَرِيق عبد الْملك بن مُحَمَّد بن أبي الزَّرْقَاء عَن أبي سَلمَة العاملي وَعَن أبي بشير قَالَا ثَنَا الزُّهْرِيّ عَن أنس بِهِ قَالَ بن عَسَاكِر وَأَبُو بشير هَذَا هُوَ عِنْدِي الْوَلِيد بن مُحَمَّد المؤقري انْتهى والمؤقري مَتْرُوك أَيْضا ثمَّ بن عَسَاكِر وَقد خَالفه عبد الله بن عبد الْجَبَّار فِي إِسْنَاده فَرَوَاهُ عَن الحكم بن عبد الله بن خطَّاف عَن الزُّهْرِيّ فَذكر الحَدِيث قَالَ بن عَسَاكِر وَكَذَا قَالَ غز مَعَ قَوْمك وَالْمَحْفُوظ مَعَ غير قَوْمك انْتهى قلت وَكَانَ وَجهه ان الْإِنْسَان يُرَاعِي التحفظ مَعَ غير قومه مَالا يراعيه مَعَ قومه وَمن هَذَا النمط مَا أخرجه بن عَسَاكِر عَن أبي أَيُّوب الْأنْصَارِيّ قَالَ من أَرَادَ ان يكثر علمه وَأَن يعظم حمله فليجالس غير عشيرته (زجاجة) قَوْله [2829] إيَّاكُمْ والسرية الخ أَي اتَّقوا عَن مرافقة السّريَّة الَّتِي فِيهَا هَاتَانِ الخصلتان الْجُبْن عِنْد لِقَاء الْعدَد والخيانة فِي الْغَنِيمَة فَإِنَّهُمَا أَعلَى أَسبَاب الْهَزِيمَة فالرقيق قبل الطَّرِيق (إنْجَاح) قَوْله [2830] لَا يختلجن بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة أَي لَا يَتَحَرَّك فِيهِ شَيْء من الرِّيبَة وَالشَّكّ قَوْله ضارعت فِيهِ نَصْرَانِيَّة قَالَ فِي النِّهَايَة المضارعة المشابهة والمقاربة قَالَه إِحْدَى حِين سَأَلَهُ عَن طَعَام النَّصَارَى فَكَأَنَّهُ أَرَادَ لَا يتحركن ي قَلْبك شكّ ان شابهت بِهِ النَّصَارَى حرَام أَو حَيْثُ أَو مَكْرُوه وَذكر الْهَرَوِيّ لَا يحتلجن بِالْحَاء الْمُهْملَة ثمَّ قَالَ يَعْنِي لَا يدْخل فِي قَلْبك شَيْء مِنْهُ فَإِنَّهُ نظيف فَلَا ترتا بن فِيهِ وَسِيَاق الحَدِيث لَا يُنَاسب هَذَا التَّفْسِير (زجاجة) قَوْله ضارعت فِيهِ أَي شابهت نَصْرَانِيَّة لِأَن النَّصَارَى يتحرزون عَن طَعَام لم يكن من ملتهم (إنْجَاح) قَوْله [2831] قَالَ ولقيه وَكَلمه وَالْغَرَض مِنْهُ اثبات سَماع رُوَيْم عَن أبي ثَعْلَبَة فَيكون الحَدِيث مُتَّصِلا لَا مُنْقَطِعًا قَوْله فأرحضوها أَي فاغسلوها بِالْمَاءِ قَالَ الطَّيِّبِيّ إِنَّمَا نهى عَن الْأكل فِيهَا لأَنهم كَانُوا يطبخون فِيهَا الْخِنْزِير وَيَشْرَبُونَ فِيهَا الْخمر انْتهى وَيشْهد بِهِ مَا ذكره أَبُو دَاوُد مُقَيّدا قَالَ انا نجاور أهل الْكتاب وهم يطبخون فِي قدروهم الْخِنْزِير وَيَشْرَبُونَ فِي آنيتهم الْخمر الحَدِيث فَعلم من هَذَا أَن الَّذين يستعملون النَّجَاسَات فِي آنيتهم كآكلي الْميتَة وشاربي الْخمر فَلَا يجوز اسْتِعْمَال ظروفهم بِدُونِ الْغسْل وَلَا أكل الطَّعَام الْمَطْبُوخ فِي آنيتهم وَالله أعلم (إنْجَاح) قَوْله [2833] الْحَرْب خدعة قَالَ فِي النِّهَايَة يرْوى بِفَتْح الْخَاء وَضمّهَا مَعَ سُكُون الدَّال وَبِضَمِّهَا مَعَ فتح الدَّال فَالْأول مَعْنَاهُ الْحَرْب يَنْقَضِي أمرهَا بخدعة وَاحِدَة من الخداع أَي ان الْقَاتِل إِذا خدع مرّة وَاحِدَة لم يكن لَهَا اقالة وَهُوَ أفْصح الرِّوَايَات وأصحها وَمعنى الثَّانِي هُوَ الِاسْم من الخداع وَمعنى الثَّالِث ان الْحَرْب تخدع الرِّجَال وتمنيهم وَلَا تفي لَهُم كَمَا يُقَال رجل لعبه وضحكه للَّذي يكثر اللّعب والضحك (زجاجة) قَوْله [2835] لنزلت هَذِه الْآيَة فِي هَؤُلَاءِ الرَّهْط السِّتَّة يَوْم بدر وروى عَن قَتَادَة فِي قَوْله هَذَانِ خصمان الخ قَالَ اخْتصم الْمُسلمُونَ وَأهل الْكتاب فَقَالَ أهل الْكتاب نَبينَا قبل نَبِيكُم وَكِتَابنَا قبل كتابكُمْ فَنحْن أولى بِاللَّه مِنْك وَقَالَ الْمُسلمُونَ كتَابنَا يقْضِي على الْكتب كلهَا وَنَبِينَا خَاتم الْأَنْبِيَاء فَنحْن أولى بِاللَّه مِنْكُم فَأنْزل الله الْآيَة وَقَالَ بن أبي نجيح عَن مُجَاهِد فِي هَذِه الْآيَة مثل الْكَافِر وَالْمُسلم اخْتَصمَا وَهَذِه يَشْمَل الْأَقْوَال كلهَا وينتظم فِيهِ قصَّة بدر وَغَيرهَا فَإِن الْمُؤمنِينَ يُرِيدُونَ نصْرَة دين الله والكافرين يُرِيدُونَ إطفاء نور الْإِيمَان وَخذ لِأَن الْحق وَظُهُور الْبَاطِل وَهَذَا اخْتِيَار بن جريج وَهُوَ حسن قسطلاني قَوْله [2838] من قتل فَلهُ السَّلب اخْتلف الْعلمَاء فِي معنى هَذَا الحَدِيث فَقَالَ الشَّافِعِي وَالْأَوْزَاعِيّ وَاللَّيْث وَالثَّوْري وَأَبُو ثَوْر وَأحمد وَإِسْحَاق وَغَيرهم يسْتَحق الْقَاتِل سلب الْقَتِيل فِي جَمِيع الحروب سَوَاء قَالَ أَمِير الْجَيْش قبل ذَلِك من قتل قَتِيلا فَلهُ سلبه أم لم يقل ذَلِك قَالُوا وَهَذِه فَتْوَى من النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأخبار عَن حكم الشَّرْع فَلَا يتَوَقَّف على قَول أحد وَقَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك وَمن تابعهما لَا يسْتَحق ذَلِك الْقَاتِل بِمُجَرَّد الْقَتْل سلب الْقَاتِل بل هُوَ لجَمِيع الْغَانِمين كَسَائِر الْغَنِيمَة الا ان يَقُول الْأَمِير قبل الْقِتَال من قتل قَتِيلا فَلهُ سلبه وحملوا الحَدِيث على هَذَا وَجعلُوا هَذَا اطلاقا من النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَيْسَ بفتوى وأخبار عَام (نووي) قَوْله [2839] يبيتُونَ أَي يصابون لَيْلًا حَيْثُ يَقع عَلَيْهِم جَيش الْمُسلمين غرَّة وَإِنَّمَا أجَاز قتل النِّسَاء وَالصبيان فِي البيات لتعذر الاحتناب عَنْهُم فَإِن اللَّيْل لَا يتَمَيَّز فِيهِ والا فعلى الْإِطْلَاق قتل النِّسَاء وَالصبيان مَنْهِيّ عَنهُ كَمَا أخرجه الشَّيْخَانِ (إنْجَاح) قَوْله قَالَ هم مِنْهُم قَالَ القَاضِي وَهِي الصَّحِيح وَأما الرِّوَايَة الَّاتِي فِي النَّهْي عَن قتل النِّسَاء وَالصبيان فَلَيْسَتْ بِشَيْء بل هِيَ تَصْحِيف قلت وَلَيْسَت بَاطِلَة كَمَا ادّعى القَاضِي بل لَهَا وَجه وَتَقْدِيره سُئِلَ عَن حكم صبيان الْمُشْركين الَّذين يبيتُونَ فيصاب من نِسَائِهِم وصبيانهم بِالْقَتْلِ فَقَالَ هُوَ من آبَائِهِم أَي لَا بَأْس بذلك لِأَن احكام آبَائِهِم جَارِيَة عَلَيْهِم فِي الْمِيرَاث وَفِي النِّكَاح وَفِي الْقصاص والديات وَغير ذَلِك وَالْمرَاد إِذا لم يتعمدوا من غير ضَرُورَة واما الحَدِيث الَّاتِي فِي النَّهْي فَالْمُرَاد بِهِ إِذا تميزوا وَهَذَا الحَدِيث الَّذِي ذَكرْنَاهُ من جَوَاز بياتهم وَقتل النِّسَاء وَالصبيان فِي البيات هُوَ مَذْهَبنَا وَمذهب مَالك وَأبي حنيفَة وَالْجُمْهُور فِي هَذَا الحَدِيث دَلِيل لجوار البيات وَجَوَاز الاغارة على من بلغتهم الدعْوَة من غير اعلامهم بذلك وَفِيه ان أَوْلَاد الْكفَّار حكمهم فِي الدُّنْيَا حكم ابائهم وَأما فِي الْآخِرَة ففيهم إِذا مَاتُوا قبل الْبلُوغ ثَلَاثَة مَذَاهِب الصَّحِيح انهم فِي الْجنَّة وَالثَّانِي فِي النَّار وَالثَّالِث لَا يجْزم فيهم بِشَيْء (نووي) قَوْله

[2840] شننناها عَلَيْهِم غَارة أَي اوقعنا من قَوْلهم شن الْغَارة عَلَيْهِم صبها من كل وَجه كَذَا فِي الْقَامُوس (إنْجَاح) [2842] فافرجوا لَهُ الخ أَي النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَي تركُوا الزحام عَنْهَا وَإِنَّمَا أَمر خَالِدا لِأَنَّهُ كَانَ على مُقَدّمَة الْجَيْش والعسيف الاجير وَالتَّابِع للْخدمَة (إنْجَاح) قَوْله يُخطئ الثَّوْريّ فِيهِ لِأَنَّهُ رَوَاهَا عَن أبي الزِّنَاد عَن المرقع بن عبد الله بن صَيْفِي عَن حَنْظَلَة الْكَاتِب وَإِنَّمَا هِيَ عَن المرفع عَن جده رَبَاح بن الرّبيع ذكر الْمزي فِي الْأَطْرَاف رِوَايَة رَبَاح أخرجه أَبُو دَاوُد فِي الْجِهَاد وَالنَّسَائِيّ فِي السّير وَقَالَ فِي تَرْجَمَة حَنْظَلَة بن الرّبيع الثَّوْريّ يُخطئ فِيهِ رَوَاهُ مُغيرَة بن عبد الرَّحْمَن عَن أبي الزِّنَاد عَن مُرَقع عَن جده رَبَاح بن الرّبيع أخي حَنْظَلَة الْكَاتِب وَكَذَلِكَ عمر وبن مُرَقع عَن أَبِيه (إنْجَاح) قَوْله [2844] حرق نخل بني النَّضِير وَهِي البويرة بِضَم الْبَاء الْمُوَحدَة وَهِي مَوضِع نخل بني النَّضِير واللينة الْمَذْكُورَة فِي الْقُرْآن هِيَ أَنْوَاع التَّمْر كلهَا الا الْعَجْوَة وَقيل كرام النّخل وَقيل كل النّخل وَقيل كل الْأَشْجَار للينها وَقد ذكرنَا قبل هَذَا ان أَنْوَاع نخل الْمَدِينَة مائَة وَعِشْرُونَ نوعا من الحَدِيث جَوَاز فَقطع شجر الْكفَّار وإحراقه وَبِه قَالَ عبد الرَّحْمَن بن الْقَاسِم وَنَافِع وَمَالك وَالثَّوْري وَأَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ وَأحمد وَإِسْحَاق وَالْجُمْهُور وَقَالَ أَبُو بكر الصّديق وَاللَّيْث بن سعد وَأَبُو ثَوْر وَالْأَوْزَاعِيّ فِي رِوَايَة عَنهُ لَا يجوز (نووي) قَوْله وَهِي البويرة مصغرة البورة مَوضِع قرب الْمَدِينَة ونخل لبنى النَّضِير وَمن لينَة أَي شَجَرَة وَقَوله [2845] يَقُول شَاعِرهمْ أَي شَاعِر الْمُسلمين وَهُوَ حسان بن ثَابت بن الْمُنْذر بن حرَام بالمهملتين المفتوحتين الْأنْصَارِيّ شَاعِر رَسُول الله الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ فان أَي سهل والسراة جمع سرى على غير قِيَاس بِمَعْنى شرِيف وَرَئِيس وَبَنُو لؤَي قُرَيْش أَي على سادتهم وأشرافهم وهم النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأقاربه ومستطير أَي منتشر (إنْجَاح) قَوْله [2846] غزونا مَعَ أبي بكر هوَازن لَعَلَّه رَضِي الله عَنهُ كَانَ أَمِيرا عَلَيْهِم وَقت الْمُقَاتلَة والا فَهَذِهِ الْغَزْوَة مَعَ فتح مَكَّة وَهِي غَزْوَة حنين قَوْله عَلَيْهَا قشع وَهُوَ بِفَتْح قَاف وبكسر وَسُكُون مُعْجمَة النطع وَقيل أَرَادَ بِهِ الفرو الْخلق كَذَا فِي الْمجمع قَوْله فَقَالَ الله أَبوك هَذِه كلمة جَارِيَة على السّنة الْعَرَب عِنْد الْمَدْح أَي كَانَ أَبوك لله حَيْثُ اتى بمثلك (إنْجَاح) قَوْله مَا احرز الْعَدو الخ إِذا اغنم الْمُشْركُونَ مَال الْمُسلم ثمَّ وجده الْمُسلم هَل يكون هُوَ أَحَق بِهِ أَو يدْخل فِي الْغَنِيمَة فَقَالَ الشَّافِعِي لَا يملك أهل الْحَرْب بالغلبة شَيْئا من مَال الْمُسلمين ولصاحبه اخذه قبل الْقِسْمَة وَبعدهَا وَعَن على وَالزهْرِيّ وَالْحسن لَا يرد أصلا وَقَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك وَأحمد ان وجد صَاحبه قبل الْقِسْمَة فَهُوَ أَحَق بِهِ وان وجده بعد الْقِسْمَة فَلَا يَأْخُذهُ الا بِالْقيمَةِ وَقَالَ أَبُو حنيفَة وَالثَّوْري فِي الابق ان صَاحبه أَحَق بِهِ مُطلقًا كَذَا فِي فتح الْبَارِي قَوْله [2849] كركرة بِفَتْح الكفاين وكسرهما كَذَا فِي الْمُغنِي وجامع الْأُصُول وَقَالَ النَّوَوِيّ هُوَ بِفَتْح الْكَاف الأولى وَكسرهَا وَالثَّانيَِة مَكْسُورَة فِيهَا (مرقاة) قَوْله [2850] فَأخذ مِنْهُ قردة أَي قِطْعَة مِمَّا ينسل مِنْهُ وَهُوَ الرِّدَاء مَا يكون من الْوَبر وَالصُّوف وَمَا تمعط مِنْهَا وَجَمعهَا قرد بحركة رائهما وبرة بِفَتَحَات شعر الْإِبِل قَوْله وشنار أَي عُقُوبَة وَفِي الْقَامُوس الشنار بِالْفَتْح الْعَيْب والعارف الْأَمر الْمَشْهُور بالشنعة انْتهى (إنْجَاح) قَوْله [2852] نفل فِي البدأة الخ النَّفْل اسْم لزِيَادَة يخص بهَا الامام بعض الْجَيْش على مَا يُعينهُ من الْمَشَقَّة لمزيد سعى واقتحام خطر والتنفيل إِعْطَاء النَّفْل وَكَانَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ينفل الرّبع فِي البدأة وَهِي ابْتِدَاء سفر الْغَزْو وَكَانَ إِذا نهضت سَرِيَّة من جملَة الجيس وابتدروا الى الْعَدو واوقعوا بطَائفَة مِنْهُم فَمَا غنموا كَانَ يُعْطِيهِ مِنْهَا الرّبع ويشركهم سَائِر الْعَسْكَر فِي ثَلَاثَة ارباعه وَكَانَ ينفل الثُّلُث فِي الرّجْعَة وَهِي قفول الجيس من الْغَزْو فَإِذا قَفَلُوا أَو رجعت طَائِفَة مِنْهُم فأوقعوا الْعَدو مرّة ثَانِيَة كَانَ يعطيهم مِمَّا غنموا الثُّلُث لِأَن نهو ضمهم بعد القفول اشق والخطر فِيهِ أعظم وَحكى عَن مَالك انه كَانَ يكره التَّنْفِيل طيبي قَوْله

[2853] لَا نقل بعد رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَعَلَّ هَذَا مَذْهَب تفرد بِهِ عَمْرو بن شُعَيْب أَو جده أَي جد عَمْرو وَهُوَ مُحَمَّد أَو جد شُعَيْب وَهُوَ عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ رَضِي والتمسك بِحَدِيث يرد الْمُسلمُونَ قويهم على ضعيفهم لَيْسَ بسديد فَإِن الظَّاهِر مِنْهُ وَالله أعلم ان مُرَاد عَمْرو بن شُعَيْب ان الْمُسلم الَّذِي بَاشر الْحَرْب والقتال لَا يسْتَقلّ بِأخذ النَّفْل بل لَهُ سهم من شَارك فِي الْحَرْب من الضُّعَفَاء الَّذين لم يباشروها مثله وَإِنَّمَا معنى الحَدِيث مَا ذكر وافي شرح حَدِيث أبي دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة يرد عَلَيْهِ اقصاهم أَي مَا أَخذ من الْغَنِيمَة ابعدهم من جَيش الامام يرد عَليّ اقربهم وَهَذَا إِذا خرجت جيوش الْمُسلمين الى الْغَزْو ثمَّ انْفَصل مِنْهُم سَرِيَّة عِنْد قربه من بِلَاد الْعَدو فيردون مَا أخذُوا على الْجَيْش الَّذِي ورائهم وَلَا ينفر دون بِهِ بل يكونُونَ شُرَكَاء فِيهِ لأَنهم وان لم يشاركوا السّريَّة فِي أَخذ الْغَنِيمَة كَانُوا ردء للسرية وَيدل على هَذَا الْمَعْنى حَدِيث عَمْرو بن شُعَيْب هَذَا على مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي تَفْسِيره يرد سراياهم على قعيدته وَهُوَ مُخْتَار الْبَيْضَاوِيّ فمفعول يرد مَحْذُوف أَي الْغَنِيمَة الا انه لَا تنفل تِلْكَ السّريَّة مُطلقًا وعَلى هَذَا التَّسْلِيم فَلَيْسَ فِي الحَدِيث تَخْصِيص حَيَاة النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من الْمَمَات قَالَ فِي الدّرّ وَندب للامام ان ينفل وَقت الْقِتَال حضا وتحريضا فَيَقُول من قتل قَتِيلا فَلهُ سلبه فالتحريض نَفسه وَاجِب لِلْأَمْرِ بِهِ وَلَو نفل السّريَّة وَسمع الْعَسْكَر دونهَا فَلهم النَّفْل اسْتِحْسَانًا ظهيرية وَجَاز التَّنْفِيل بِالْكُلِّ أَو بِقدر مِنْهُ لسرية لَا لعسكر وَلَا ينفل بعد الاحراز بِدَارِنَا الا من الْخمس انهى مُخْتَصرا ورد حَدِيث مَكْحُول بِحَدِيث شُعَيْب لَا يَسْتَقِيم أَيْضا فَإِنَّهُ ثِقَة فَقِيه وَلَكِن يُرْسل كثير أَو إرْسَال التَّابِعِيّ لايضرنا (إنْجَاح) [2854] للفارس ثَلَاثَة اسهم الخ قَالَ فِي الْهِدَايَة للفارس سَهْمَان وللراجل سهم عِنْد أبي حنيفَة وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد للفارس ثَلَاثَة اسهم وَهُوَ قَول الشَّافِعِي أروى بن عمر ان النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسهم للفارس ثَلَاثَة اسهم وللراجل سهم وَلأبي حنيفَة مَا روى بن عَبَّاس ان النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أعْطى للفارس سَهْمَيْنِ وللراجل سَهْما فتعارض فعلاه فَيرجع الى قَوْله وَقد قَالَ عَلَيْهِ السَّلَام للفارس سَهْمَان وللراجل سهم كَيفَ وَقد روى عَن بن عمر ان النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قسم للفارس سَهْمَيْنِ وَإِذا تَعَارَضَت روايتاه ترجح رِوَايَة غَيره انهى مُخْتَصرا وَتَمَامه فِي فتح الْقَدِير قَوْله [2855] عُمَيْرًا مولى أبي اللَّحْم هُوَ اسْم فَاعل من أبي يأبي وكنى بذلك لِأَنَّهُ كَانَ لَا يَأْكُل لَحْمًا مُطلقًا أَو لحم مَا ذبح للأصنام وَفِي اسْمه اخْتِلَاف وَهُوَ صَحَابِيّ قديم مَشْهُور شهد بدر أَو قتل يَوْم حنين وَعُمَيْر مَوْلَاهُ أَيْضا صَحَابِيّ غفاري حجازي شهد فتح خَيْبَر مَعَ مَوْلَاهُ (مرقاة) قَوْله من خرثي الْمَتَاع بِضَم الْخَاء وَسُكُون الرَّاء وَكسر الْمُثَلَّثَة وَتَشْديد الْيَاء أَي اثاث الْبَيْت واسقاطه كالقدر وَغَيره وَإِنَّمَا رضخه بِهَذَا لِأَنَّهُ كَانَ مَمْلُوكا وَقَوله أجره أَي لصِغَر سني أَو قصر قامتي (مرقاة) قَوْله [2860] وان اسْتعْمل عَلَيْكُم عبد حبشِي الخ أَي ان اسْتَعْملهُ الامام الْأَعْظَم على الْقَوْم لَا ان العَبْد الحبشي هُوَ الامام الْأَعْظَم فَإِن الْأَئِمَّة من قُرَيْش وَقيل المُرَاد بِهِ الامام الْأَعْظَم على سَبِيل الْفَرْض وَالتَّقْدِير وَهُوَ مُبَالغَة فِي الْأَمر بِطَاعَتِهِ وَالنَّهْي عَن شقاقه ومخالفته قَالَ الْخطابِيّ قد يضْرب الْمثل بِمَا لَا يكَاد يَصح فِي الْوُجُود وَقَوله كَانَ رَأسه زبيبة أَي كالزبيبة فِي صغره وسواده قَالَ الطَّيِّبِيّ شبه رَأسه بالزبيبة لصغره وَأما لِأَن شعر رَأسه سقطط كالزبيبة تحقيرا لشأنه انْتهى وَهَذَا أَيْضا من بَاب الْمُبَالغَة فِي طَاعَة الْوَالِي وان كَانَ صَغِيرا مَعَ ان الْحَبَشَة تُوصَف بصغر الرَّأْس الَّذِي هُوَ نوع من الحقارة (مرقاة) قَوْله [2861] ان أَمر عَلَيْكُم عبد حبشِي مجدع الجدع قطع الْأنف أَو الْإِذْن أَو الشّفة وَهُوَ بالأنف أخص فَإِذا اطلق غلب عَلَيْهِ يُقَال رجل اجدع ومجدوع أَي مَقْطُوع الْأنف فَإِن قيل شَرط الامام الْحُرِّيَّة والقرشية وسلامة الْأَعْضَاء قلت نعم لَو انْعَقَد بِأَهْل الْحل وَالْعقد اما من استولى بالغلبة تحرم مُخَالفَته وتنفذ احكامه وَلَو عبدا أَو فَاسِقًا مُسلما وَأَيْضًا لَيْسَ فِي الحَدِيث أَنه يكون إِمَامًا بل يُفَوض اليه الامام أمرا من الْأُمُور مجمع قَوْله [2862] انْتهى الى الربذَة الربذَة بِالْفَتْح مَوضِع قريب الْمَدِينَة أَقَامَ أَبُو ذَر فِيهَا حِين اعتزل عُثْمَان اليه بِسَبَب ان النَّاس كَانُوا يزدحمون عَلَيْهِ بِسَبَب بعض فتياه فَمَاتَ هُنَا وَدفن (إنْجَاح) قَوْله

[2863] ليصطلوا أَي ليطلبوا الْحر لإِزَالَة الْبرد أَو ليصطنعوا صنيعا من الطَّبْخ وَغَيره والدعابة بِضَم الدَّال المزاح (إنْجَاح) قَوْله فتحجزا أَي عقدوا معقد الْإِزَار وتهيئوا للوقوع وَهَذِه الرِّوَايَة مُخَالفَة لرِوَايَة البُخَارِيّ من وُجُوه الأول انه روى عَن عَليّ رَضِي قَالَ بعث النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَرِيَّة وامر عَلَيْهِم رجلا من الْأَنْصَار وَأمرهمْ ان يطيعوه قَالَ شراحه هُوَ عبد الله بن حذافه السَّهْمِي وَهُوَ مهَاجر وَلَعَلَّه اطلق عَلَيْهِ انصاريا بِاعْتِبَار حلف أَو غير ذَلِك ورقاته الْكتاب يدل على انه كَانَ الْأَمِير عَلَيْهِم عَلْقَمَة وَالثَّانِي ان رِوَايَة البُخَارِيّ تدل على ان تأمير عبد الله بن حذافة كَانَ من جِهَة النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهَذِه الرِّوَايَة تدل على انه كَانَ من جِهَة عَلْقَمَة وَالثَّالِث يعْمل من رِوَايَة البُخَارِيّ كَون عبد الله أَمِيرا على السّريَّة كلهَا وَمن هَذِه الرِّوَايَة كَونه أَمِيرا على المستأذنين مِنْهُم فَقَط وَالرَّابِع ان فِي رِوَايَة البُخَارِيّ فَغَضب وَقَالَ أَلَيْسَ قد أَمر النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ان تطيعوني فِي رِوَايَة بن ماجة وَكَانَت فِيهِ دعابة أَي مزاح قَالَ الْقُسْطَلَانِيّ ذكر انب سعد رَضِي فِي طبقاته ان سَبَب هَذِه السّريَّة انه بلغه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ان نَاسا من الْحَبَشَة تزاحموا على جدة فَبعث عَلَيْهِم عَلْقَمَة بن جزز فِي ربيع الآخر سنة 9 فَانْتهى بهم على جَزِيرَة فِي الْبَحْر فَلَمَّا خَاضَ الْبَحْر إِلَيْهِم هربوا فَلَمَّا رَجَعَ تعجل بعض الْقَوْم الى أَهله فَأمر عبد الله بن حذافة على من تعجل بِهَذَا الْأَمر وَيحْتَمل ان عبد الله بن حذافة كَانَ أَمِير أَيْضا من قبل النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا أَمر فِي غَزْوَة مَوته ثَلَاثَة امراء زيد بن حَارِثَة وجعفر بن أبي طَالب عبد الله بن رَوَاحَة وَلَكِن وَاحِدًا بعد وَاحِد فَلهَذَا الْمَعْنى جمع البُخَارِيّ فِي تَرْجَمَة أكباب سَرِيَّة عبد الله بن حذافة السَّهْمِي وعلقمة بن مجزز الردلجي وان عَلْقَمَة عُيَيْنَة للامارة على المسأذنين مِنْهُم ويحتلم ان قَوْله كَانَت فِيهِ دعابة بَيَان لحاله لَا ان الدعابة سَبَب الْأَمر وَقَوله إِنَّمَا كنت امزح مَعكُمْ اعتذار مِنْهُ على وَجه لطيف فَلَا مُخَالفَة بَين الرِّوَايَتَيْنِ (إنْجَاح) [2866] والمنشط وَالْمكْره أَي فِي حَالَة النشاط وَالْكَرَاهَة وَقَوله واسر كلمة الخ لَعَلَّ الاسرار بِسَبَب انه لَا يُطيق كل وَاحِد حمل هَذَا الْأَمر الثقيل عَلَيْهِ قَالَ الله تَعَالَى فَاتَّقُوا الله مَا اسْتَطَعْتُم واسمعوا واطيعوا فِيهِ جَوَاز تَجْدِيد الْبيعَة من الشَّيْخ الْوَاحِد على أُمُور مُخْتَلفَة أَو على أَمر وَاحِد لزِيَادَة الشدَّة والتوثيق بِهِ إنْجَاح الْحَاجة قَوْله والاثرة علينا بِفتْحَتَيْنِ اسْم من اثر بِمَعْنى اخْتَار أَي على اخْتِيَار شخص علينا بِأَن نؤثره على أَنْفُسنَا كَذَا قيل والا ظهر ان مَعْنَاهُ وعَلى الصَّبْر على إِيثَار الْأُمَرَاء أنفسهم علينا وَحَاصِله ان عَليّ الاثرة لَيست بصلَة للمبايعة بل مُتَعَلق بمقدر رَأْي بَايَعْنَاهُ على ان نصبر على الاثرة علينا كَذَا فِي الْمرقاة قَوْله [2870] بعد الْعَصْر هَذَا لَيْسَ بِقَيْد وَإِنَّمَا خرج مخرج الْغَالِب إِذْ كَانَت عَادَتهم الْحلف بِمثلِهِ وَقيل لِأَن وَقت الْعَصْر وَقت تعظم فِيهِ الْمعاصِي لِأَنَّهُ وَقت صعُود مَلَائِكَة النَّهَار عَيْني قَوْله [2871] تسوسهم الْأَنْبِيَاء من السياسة وَهِي الرياسة والتأديب على الرّعية وَلَا يُنَاقض هَذَا بِقصَّة طالوت فَإِنَّهُ كَانَ ملكا لَا نَبيا ونبيهم كَانَ الشمويل عَلَيْهِ السَّلَام لِأَن الْمُلُوك كَانُوا تباعا لأنبيائهم فَلَمَّا امروا بِهِ اطاعوهم فَكَانَت السياسة حَقِيقَة للنَّبِي وَالْملك كَانَ نَائِبا مِنْهُ (إنْجَاح) قَوْله اوفوا ببيعة الأول فَالْأول قَالَ النَّوَوِيّ وَمعنى هَذَا الحَدِيث إِذا بُويِعَ الْخَلِيفَة بعد خَليفَة فبيعة الأول صَحِيحَة يجب الْوَفَاء بهَا وبيعة الثَّانِي بَاطِلَة يحرم الْوَفَاء وَيحرم عَلَيْهِ طلبَهَا وَسَوَاء عقدوا للثَّانِي عَالمين بِعقد الأول أم جاهلين وَسَوَاء كَانَا فِي بلدين أَو بَلَدا وَاحِد هما فِي بلد الامام الْمُنْفَصِل والاخر فِي غَيره هَذَا هُوَ الصَّوَاب الَّذِي عَلَيْهِ جَمَاهِير الْعلمَاء وَقيل يكون لمن عقدت لَهُ فِي بلد الامام وَقيل يقرع بَينهم وَهَذَانِ فاسدان وَاتفقَ الْعلمَاء على انه لَا يجوز ان يعْقد لخليفتين فِي عصر وَاحِد سَوَاء اتسعت دَار الْإِسْلَام أم لَا انْتهى قَوْله [2872] ينصب لكل غادر لولد قَالَ أهل اللُّغَة اللِّوَاء الرَّايَة الْعَظِيمَة لَا يملكهَا الا صَاحب جَيش الْحَرْب أَو صَاحب دَعْوَة الْجَيْش وَيكون النَّاس تبعا لَهُ قَالُوا فَمَعْنَى لكل غادر لِوَاء أَي عَلامَة يشهر بهَا فِي النَّاس لِأَن مَوْضُوع اللِّوَاء الشُّهْرَة مَكَان الرئيس عَلامَة لَهُ وَكَانَت الْعَرَب تنصب اللوية فِي الْأَسْوَاق الحقلة لغدرة الغادر لتشهيره بذلك واما الغادر فَهُوَ الَّذِي يواعد على أَمر وَلَا يَفِي بِهِ يُقَال غدر يغدر بِكَسْر الدَّال فِي الْمُضَارع وَفِي هَذِه الْأَحَادِيث بَيَان غلظ تَحْرِيم الْغدر لَا سِيمَا من صَاحب الْولَايَة الْعَامَّة لِأَن غدره يتَعَدَّى ضَرَره الى خلق كثيرين وَقيل لِأَنَّهُ غير مُضْطَر الى الْغدر لقدرته على الْوَفَاء كَمَا جَاءَ فِي الحَدِيث الصَّحِيح فِي تَعْظِيم كذب الْملك وَالْمَشْهُور ان هَذَا الحَدِيث وَارِد فِي ذمّ الامام الغادر وَذكر القَاضِي احْتِمَالَيْنِ أَحدهمَا هَذَا وَهُوَ نهى الامام ان يغدر فِي عهوده لرعيته وللكفار وَغَيرهم أَو غدره للامانة الَّتِي قلدها لرعيته وَالْتزم الْقيام بهَا والمحافظة عَلَيْهَا وَمَتى خَانَهُمْ أَو ترك الشَّفَقَة عَلَيْهِم أَو الرِّفْق بهم فقد غدر بعهده وَالِاحْتِمَال الثَّانِي ان يكون المُرَاد نهي الرّعية عَن الْغدر بالامام فَلَا يشق عَلَيْهِ الْعَصَا وَلَا يتَعَرَّض لما يخَاف حُصُول فتْنَة بِسَبَبِهِ وَالصَّحِيح الأول (نووي) قَوْله [2873] بِقدر غدرته أَي يطول ذَلِك اللِّوَاء بِقدر طول غدرته فَيكون على استه للفضيحة (إنْجَاح) قَوْله [2875] يمْتَحن بقول الله الخ أَي يُبَايِعهُنَّ على هَذَا الْمَذْكُور فِي الْآيَة وَقَوْلها فَعَن اقربها من الْمُؤْمِنَات فقد أقرّ بالمحنة مَعْنَاهُ فقد بَايع الْبيعَة الشَّرْعِيَّة وَقَوْلها وَالله مَا مست يَد رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَد امْرَأَة الخ فِيهِ ان بيعَة النِّسَاء بالْكلَام من غير أَخذ كف وَفِيه ان بيعَة الرِّجَال بِأخذ الْكَفّ مَعَ الْكَلَام وَفِيه ان كَلَام الْأَجْنَبِيَّة يُبَاح سَمَاعه عِنْد الْحَاجة وان صورتهَا لَيْسَ بِعَوْرَة وَإنَّهُ لَا يلمس بشرة الْأَجْنَبِيَّة من غير ضَرُورَة تتطبب وفصد وحجامة وَقلع ضرس وكحل عين وَنَحْوهَا مِمَّا لَا يُوجد امْرَأَة تَفْعَلهُ جَازَ للرجل الْأَجْنَبِيّ فعله للضَّرُورَة (نووي) قَوْله

[2876] وَهُوَ لَا يَأْمَن ان يسْبق أَي لَا يعلم انه سَابق الْبَتَّةَ فَلَيْسَ بقمار وَمن ادخل فرسا بَين فرسين وَقد أَمن ان يسْبق أَي علم وَعرف ان هَذَا الْفرس سَابق غير مَسْبُوق فَهُوَ قمار ثمَّ ان كَانَ المَال من جِهَة وَاحِدَة من عرض النَّاس أَو من جِهَة أحد المسابقين فَقَط فَجَائِز وَلَا يجوز ان كَانَ من كل مِنْهُمَا الا بِمُحَلل ان سبق الْمُحَلّل اخذ السبقين وان سبق فَلَا شَيْء عَلَيْهِ وبالمحلل يخرج عَن الْقمَار لِأَنَّهُ كَون الرجل مترددا بَين الْغرم وَالْغنم وَذَا يَنْفِي بالمحلل ثمَّ إِذا جَاءَ الْمُحَلّل اولا ثمَّ المستبقان مَعًا أَو مُرَتبا أَخذ السَّابِق سبقة وَاحِدَة وان جَاءَ الْمُحَلّل واحدهما مَعًا ثمَّ جَاءَ الثَّانِي اخذ السابقان كَذَا فِي الطَّيِّبِيّ قَوْله يمْتَحن أَي يختبرن من المحنة محنة اختبره كامتحنه وَالِاسْم المحنة بِالْكَسْرِ كَذَا فِي الْقَامُوس (إنْجَاح) [2877] فَكَانَ يُرْسل الى ضمرت الخ الاضمار والتضمير ان يقلل عَلفهَا مُدَّة وَتدْخل بَيْتا كنينا وتجلل فِيهِ لتعرق ويجف عرقها فيجف لَحمهَا وتقوى على الجري من الحفياء الى ثنية الْوَدَاع قَالَ سُفْيَان بن عُيَيْنَة بَين ثنية الْوَدَاع والحفياء خَمْسَة أَمْيَال أَو سِتَّة وَقَالَ مُوسَى بن عقبَة سِتَّة أَو سَبْعَة وَأما ثنية الْوَدَاع فَهِيَ عِنْد الْمَدِينَة سميت بذلك لِأَن الْخَارِج من الْمَدِينَة يمشي مَعَه المودعون إِلَيْهَا النَّوَوِيّ قَوْله [2878] الا فِي خف أَو حافر وَزَاد التِّرْمِذِيّ وَأَبُو دَاوُد أَو نصل فِي النِّهَايَة السَّبق بِفَتْح بَاء مَا يَجْعَل من المَال وَهنا على الْمُسَابقَة وبالسكون مصدر سبقت وَصَحَّ الْفَتْح وَالْمعْنَى لَا يحل اخذ المَال الْمُسَابقَة الا فِي هَذِه الثَّلَاثَة وَهِي الْإِبِل وَالْخَيْل والسهام وَقد الْحق بهَا الْفُقَهَاء مَا كَانَ بمعناها قَالَ الطَّيِّبِيّ وَيدخل فِي مَعْنَاهَا البغال وَالْحمير والفيل لِأَنَّهَا اغنى من الْإِبِل فِي الْقِتَال واليه ذهب جمَاعَة لِأَنَّهُ عدَّة لِلْقِتَالِ انْتهى قَوْله [2880] كَانَ ينْهَى ان يُسَافر بِالْقُرْآنِ الخ فِيهِ النَّهْي عَن المسافرة بالمصحف الى ارْض الْكفَّار لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَة فِي الحَدِيث وَهُوَ خوف ان ينالوه فينتهكوا حرمته فَإِن امنت هَذِه الْعلَّة بَان يدْخل فِي جَيش الْمُسلمين الظَّاهِر عَلَيْهِم فَلَا كَرَاهَة وَلَا منع عَنهُ حِينَئِذٍ لعدم الْعلَّة هَذَا هُوَ الصَّحِيح وَبِه قَالَ أَبُو حنيفَة وَالْبُخَارِيّ وَآخَرُونَ وَقَالَ مَالك وَجَمَاعَة من أَصْحَابنَا بِالنَّهْي مُطلقًا (نووي) قَوْله [2886] عَن بن عَبَّاس عَن الْفضل أَو أَحدهمَا عَن الاخر أَي اما روى عبد الله بن عَبَّاس عَن الْفضل بن عَبَّاس وَهُوَ اخوه الْأَكْبَر وَإِنَّمَا يُطلق بن عَبَّاس على عبد الله فَقَط للشهرة وَأما روى أحد الآخرين عَن الاخر وَفِي هَذِه الصُّورَة لَا يدرى الرِّوَايَة من الْمَرْوِيّ عَنهُ (إنْجَاح) قَوْله وَلَو قلت نعم لَو جبت فَفِيهِ دَلِيل للْمَذْهَب الصَّحِيح انه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يجْتَهد فِي الاحكام وَلَا يشْتَرط فِي حكمه ان يكون بِوَحْي وَقيل يشْتَرط وَهَذَا الْقَائِل يُجيب عَن هَذَا الحَدِيث بِأَنَّهُ لَعَلَّه اوحى اليه ذَلِك واجمعت الْأمة على ان الْحَج لَا يجب فِي الْعُمر الا مرّة وَاحِدَة بِأَصْل الشَّرْع وَقد تجب زِيَادَة بِالنذرِ وَكَذَا إِذا أَرَادَ دُخُول الْحرم لحَاجَة لَا تكَرر كزيارة تِجَارَة (نووي) قَوْله [2887] تابعوا بَين الْحَج وَالْعمْرَة أَي إِذا اعتمرتم فحجوا وَإِذا حججتم فاعتمروا (إنْجَاح) قَوْله الْعمرَة الى الْعمرَة كَفَّارَة مَا بَينهمَا هَذَا ظَاهر فِي فَضِيلَة الْعمرَة وانها مكفرة الْخَطَايَا الو بَين العمرتين وَالْمرَاد بالخطايا الصَّغَائِر لِأَن الْكَبَائِر كَمَا قَالَ القَاضِي انما يكفر بِالتَّوْبَةِ أَو رَحْمَة الله وفضله وَهُوَ مَذْهَب أهل السّنة وَاحْتج بَعضهم فِي نصْرَة مَذْهَب الشَّافِعِي وَالْجُمْهُور فِي اسْتِحْبَاب تكْرَار الْعمرَة فِي السّنة الْوَاحِدَة مرَارًا وَقَالَ مَالك وَأكْثر أَصْحَابه يكره ان يعْتَمر فِي السّنة أَكثر من عمْرَة قَالَ القَاضِي وَقَالَ اخرون لَا يعْتَمر فِي شهر أَكثر من عمْرَة وَاعْلَم ان جَمِيع السّنة وَقت الْعمرَة فَتَصِح فِي كل وَقت مِنْهَا الا فِي حق من هُوَ متلبس بِالْحَجِّ فَلَا يَصح اعتماره حَتَّى يفرغ من الْحَج وَلَا تكره الْعمرَة عندنَا لغير الْحَاج فِي يَوْم عَرَفَة والاضحى والتشريق وَسَائِر السّنة وَبِهَذَا قَالَ مَالك وَأحمد وجماهير الْعلمَاء وَقَالَ أَبُو حنيفَة يكره فِي خَمْسَة أَيَّام يَوْم عَرَفَة والنحر وَأَيَّام التَّشْرِيق وَقَالَ أَبُو يُوسُف تكره فِي أَرْبَعَة أَيَّام وَهِي عَرَفَة والتشريق وَاخْتلف الْعلمَاء فِي وجوب الْعمرَة فمذهب الشَّافِعِي وَالْجُمْهُور انها وَاجِبَة وَمِمَّنْ قَالَ بِهِ عَمْرو بن عمر وَابْن عَبَّاس وَالثَّوْري وَأحمد وَإِسْحَاق وَقَالَ مَالك وَأَبُو حنيفَة وَأَبُو ثَوْر هِيَ سنة وَلَيْسَت بواجبة وَحكى أَيْضا عَن النَّخعِيّ قَوْله [2888] وَالْحج المبرور لَيْسَ لَهُ جَزَاء الا الْجنَّة الْأَصَح الْأَشْهر ان المبرور هُوَ الَّذِي لَا يخالطه اثم مَأْخُوذ من الْبر وَهُوَ الطَّاعَة وَقيل هُوَ المقبول وَمن عَلامَة الْقبُول ان يرجع خيرا مِمَّا كَانَ وَلَا يُعَاد والمعاصي وَقيل هُوَ الَّذِي لَا رِيَاء فِيهِ وَقيل الَّذِي لَا يتعقبه مَعْصِيّة وهما داخلان فِيمَا قبلهمَا وَمعنى لَيْسَ لَهُ جَزَاء الا الْجنَّة انه لَا يقْتَصر لصَاحبه من الْجَزَاء على تَكْفِير بعض ذنُوبه بل لَا بُد أَن يدْخل الْجنَّة (نووي) قَوْله [2889] فَلم يرْفث الخ قَالَ القَاضِي الرَّفَث اسْم للفحش من القَوْل وَقيل هُوَ الْجِمَاع وَقيل هُوَ التَّصْرِيح بِذكر الْجِمَاع قَالَ الْأَزْهَرِي هِيَ كلمة جَامِعَة لكل مَا يُريدهُ الرجل من الْمَرْأَة وَكَانَ بن عَبَّاس يَخُصُّهُ بِمَا خُوطِبَ بِهِ النِّسَاء قَالَ وَمعنى كَيَوْم وَلدته أمه أَي بِغَيْر ذَنْب اما الفسوق فالمعصية انْتهى قَوْله على رَحل رث الرث بتَشْديد الْمُثَلَّثَة الْبَالِي أَي لَا على الْمحمل تواضعا لبيت الله والقطيفة رثار لَهُ خمل كَذَا فِي الْقَامُوس أَي كَانَ لِبَاسه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قطيفة لَا أَدْرِي تقوم بأَرْبعَة دَرَاهِم أَو أقل من ذَلِك أَو المُرَاد غطاء الرجل (إنْجَاح) قَوْله

[2891] جوَار بِضَم الْجِيم وبهمزة من جَار كمنع جارا وجورا رفع صَوته بِالدُّعَاءِ وتضرع واستغاث كَذَا فِي الْقَامُوس قَوْله ثنية هرشا أَو لفت هرشي كسكرى ثنية قرب الْجحْفَة ولفت بِالْكَسْرِ ثنية جبل قديد بَين الْحَرَمَيْنِ وَيفتح كَذَا فِي الْقَامُوس قَوْله وخطام نَاقَته خلبة بِالضَّمِّ وبضمتين فِي اخره بَاء مُوَحدَة الليف الْحَبل الصلب وَالرَّقِيق مِنْهُ كَذَا فِي الْقَامُوس (إنْجَاح) [2892] الْحَاج والعمار الخ الْحَاج هُوَ وَاحِد الْحجَّاج وَقد يُطلق على الْجَمَاعَة مجَازًا والوفد من يقصدون الْأُمَرَاء قَوْله ان دَعْوَة اجابهم المعني ظَاهر وَفِي بعض النّسخ دعاهم فاجابوه أَي دعاهم الله تَعَالَى بقوله إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام واذن فِي النَّاس بِالْحَجِّ يأتوك رجَالًا وعَلى كل ضامر يَأْتِين من كل فج عميق فَدَعَاهُمْ إِبْرَاهِيم على جبل أبي القبيس فَأَجَابُوهُ وهم فِي اصلاب آبَائِهِم (إنْجَاح) قَوْله [2894] وَقَالَ يَا أخي مُصَغرًا مُضَافا الى يَاء الْمُتَكَلّم وَفِيه ان الْفَاضِل يطْلب الدُّعَاء من الْمَفْضُول وَفِي رِوَايَة أبي دَاوُد فَقَالَ كلمة مَا يسرني ان بهَا الدُّنْيَا إنْجَاح الْحَاجة قَوْله [2896] التفل بمثناة فوقية وَلَام الَّذِي قد ترك اسْتِعْمَال الطّيب من التفل والرائحة الكريهة وَقَوله العج هُوَ رفع الصَّوْت بِالتَّلْبِيَةِ وَقَوله الثج هِيَ الْمُثَلَّثَة سيلان دِمَاء الْهَدْي والاضاحي مِصْبَاح الزجاجة قَوْله [2898] لَا تُسَافِر الْمَرْأَة سفر ثَلَاثَة أَيَّام الخ وَفِي الرِّوَايَة الْآتِيَة عَن أبي هُرَيْرَة مسيرَة يَوْم وَاحِد وعَلى تَقْدِير لَيْسَ المُرَاد التَّحْدِيد بل كل مَا يُسمى سفرا نهى المراة ان تُسَافِر فِيهِ بِغَيْر محرم وَلم يثبت عِنْد الْمُحدثين من الشَّارِع للسَّفر واحكامه حد معِين بل يشْتَمل كل مَسَافَة قَصِيرَة وطويلة والوارد فِي الْأَحَادِيث السّفر مُطلقًا وَقد كَانَ الْأَسْفَار الَّتِي قصر فِيهَا النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّلَاة مُتَفَاوِتَة بَعْضهَا قريبَة وَبَعضهَا بعيدَة بِالْجُمْلَةِ لم يجد كَحُرْمَةِ مسافرة الْمَرْأَة بِغَيْر محرم حد معِين وَقد وَقع فِي رِوَايَة بن عَبَّاس السّفر مُطلقًا من غير ذكر حد معِين وَنقل الطَّيِّبِيّ عَن القَاضِي عِيَاض انه قَالَ اتّفق الْعلمَاء على انه لَيْسَ لَهَا ان تخرج فِي غير الْحَج وَالْعمْرَة الا مَعَ ذِي محرم الا الْهِجْرَة من دَار الْحَرْب لِأَن اقامتها فِي دَار الْكفْر حرَام إِذا لم تستطع إِظْهَار الدّين وَسَوَاء فِي ذَلِك الشَّابَّة والكبيرة وَلَو كَانَت مَعَ نسْوَة ثِقَات يجوز وَلَو وجدت امْرَأَة وَاحِدَة ثِقَة لَا وَالْمحرم من حرم عَلَيْهِ نِكَاحه على التَّأْبِيد فَلَا يجوز السّفر مَعَ أُخْت الْمَرْأَة وعمتها مثلا مَعَ زَوجهَا لمعات مَعَ تَغْيِير يسير قَوْله [2900] اكتتبت بِلَفْظ الْمَاضِي الْمَجْهُول الْمُتَكَلّم من الاكتتاب افتعال من الْكتب وَالْكِتَابَة أَي كتب واثبت أَمْسَى فِيمَن يخرج الى غَزْوَة يُقَال اكتتب الرجل إِذا كتب اسْمه فِي ديوَان السُّلْطَان استفتى فِي ان يخرج الى الْغَزْو أَو الى الْحَج مَعَ امْرَأَته فافتاه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَن يحجّ مَعَ امْرَأَته لِأَن الْغَزْو يقوم غَيره فِيهِ مقَامه بِخِلَاف الْحَج مَعهَا وَلم يكن لَهَا محرم غَيره لمعات قَوْله [2903] ثمَّ حج عَن شبْرمَة بِضَم الشين وَالرَّاء وَسُكُون الْمُوَحدَة بَينهمَا ثمَّ حج بِلَفْظ الْأَمر يدل بِظَاهِرِهِ على ان النِّيَابَة إِنَّمَا يجوز بعد أَدَاء فرض الْحَج واليه ذهب جمَاعَة من الْأَئِمَّة وَالشَّافِعِيّ وَأحمد مِنْهُم وَذهب اخرون الى انه يجوز بِدُونِهِ وَهُوَ مَذْهَبنَا وَمذهب مَالك لمعات قَوْله [2904] فَإِن لم تزِدْه خير الخ أَي اللَّائِق بشأنك ان تبر بأبيك وتحج عَنهُ فَإِن لم تستطع زِيَادَة الْخَيْر وَالْإِحْسَان اليه من الصَّدَقَة وَالْحج وأعمال الْبر لم تزِدْه شَرّ السب أَبِيك كَمَا جَاءَ فِي الحَدِيث الاخر ان من أكبر الْكَبَائِر ان يسب الرجل أَبَاهُ قَالُوا وَكَيف يسب الرجل أَبَاهُ يَا رَسُول الله قَالَ يسب أَبَا الرجل فيسب أَبَاهُ ويسب أم الرجل فيسب أمه إنْجَاح الْحَاجة قَوْله [2906] وَلَا الظعن قَالَ فِي الْمجمع هُوَ بِفَتْح ظاء وَسُكُون عين وحركتها الرَّاحِلَة أَي لَا يقوى على السّير وَلَا على الرّكُوب من كبر السن وَقَوله حج عَن أَبِيك قَالَ مُحَمَّد فِي الْمُوَطَّأ وَبِهَذَا نَأْخُذ لَا بَأْس بِالْحَجِّ عَن الْمَيِّت وَعَن الْمَرْأَة وَالرجل إِذا بلغا من الْكبر مَالا يستطيعان ان يحجا وَهُوَ قَول أبي حنيفَة والعامة من فقهائنا انْتهى وَفِي در الْمُخْتَار حج الْفَرْض يقبل النِّيَابَة عِنْد الْعَجز فَقَط لَكِن بِشَرْط دوَام الْعَجز الى الْمَوْت لِأَنَّهُ فرض الْعُمر حَتَّى يلْزم الْإِعَادَة بِزَوَال الْعذر وبشرط نِيَّة الْحَج عَنهُ أَي عَن الْأَمر فَيَقُول احرمت عَن فلَان ولبيت عَن فلَان وَلَو نسي اسْمه فَنوى عَن الْأَمر صَحَّ وتكفي نِيَّة الْقلب هَذَا أَي اشْتِرَاط دوَام الْعَجز الى الْمَوْت إِذا كَانَ الْعَجز كالحبس وَالْمَرَض يُرْجَى زَوَاله وان لم يكن كَذَلِك كالعمى والزمانة سقط الْفَرْض بِحَجّ الْغَيْر عَنهُ فَلَا اعادة مُطلقًا سَوَاء اسْتمرّ ذَلِك الْعذر بِهِ أم لَا وَلَو حج وَهُوَ صَحِيح ثمَّ عجز وَاسْتمرّ لم يجزه لفقد الشَّرْط انْتهى قَوْله

[2907] ان أبي شيخ قد افند أَي ضعف وَعجز وخرف كَمَا فِي قصَّة يَعْقُوب عَلَيْهِ السَّلَام اني لَا أجد ريح يُوسُف لَوْلَا ان تفندون أَي تسفهوني بِالْكبرِ قَالَ فِي الْمجمع أصل الفند الْكَذِب وافند تكلم بالفند ثمَّ قَالُوا للشَّيْخ إِذا هرم قد افند لِأَنَّهُ لَا يتَكَلَّم بالمخرف من الْكَلَام عَن سنَن الصِّحَّة وافنده الْكبر إِذا اوقعه فِي الفند وافند كثر كَلَامه من الخرف (إنْجَاح) [2908] الا مُعْتَرضًا أَي مُتبعا ومشوقا عَلَيْهِ والاعتراض الْمَنْع وَالْأَصْل فِيهِ ان الطَّرِيق إِذا اعْترض فِيهِ بِنَاء أَو غَيره يمْنَع السابلة عَن سلوكه يُقَال اعْترض أَي صَار كالخشبة المعترضة فِي النَّهر إنْجَاح الْحَاجة قَوْله [2909] افاحج عَنهُ الْفَاء الدَّاخِلَة عَلَيْهَا الْهمزَة معطوفة على مَحْذُوف أَي ايصح مني ان اكون نائبة فاحج عَنهُ وَفِيه دَلِيل على ان حج الْمَرْأَة عَن الرجل يجوز وَزعم الْبَعْض انه لَا يجوز لِأَن الْمَرْأَة تلبس فِي الْإِحْرَام مَالا يلْبسهُ الرجل وَفِيه دَلِيل على ان الْحَج عَن الْغَيْر عِنْد عَجزه فِي الْفَرْض يجوز إِذا استوعب الْعَجز الى الْمَوْت وَفِي النَّفْل يجوز عِنْد الْقُدْرَة أَيْضا طيبي ولمعات قَوْله [2911] بِالشَّجَرَةِ أَي بِذِي الحليفة فَإِنَّهُ كَانَ بهَا شَجَرَة فَسمى بِتِلْكَ (إنْجَاح) قَوْله [2912] لَا تَطوف بِالْبَيْتِ وَذَلِكَ لاشْتِرَاط الطَّهَارَة فِي الطّواف كَمَا عِنْد الْأَئِمَّة أَو لجل حُرْمَة دُخُول الْمَسْجِد كَمَا هُوَ مَذْهَبنَا وَاشْتِرَاط الطَّهَارَة فِي الطّواف عِنْد الْأَئِمَّة بِحَدِيث رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ عَن بن عَبَّاس ان النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الطّواف حول الْبَيْت مثل الصَّلَاة الحَدِيث لَكِن لَا يخفى انه لَيْسَ المُرَاد حَقِيقَتهَا لِأَن طَهَارَة الثَّوْب واستقبال الْقبْلَة وَالْقِرَاءَة وَسَائِر الْأَركان لَيْسَ بمعتبر لَكِن الطَّهَارَة أفضل عندنَا لمعات قَوْله [2913] وتستثفر قَالَ فِي النِّهَايَة فِي معنى الاستثفار هُوَ ان تشد فرجهَا بِخرقَة عريضة بعد ان تحتشي قطنا وتوثق طرفيها فِي شَيْء تشده على وَسطهَا فتمنع بذلك سيل الدَّم انْتهى قَوْله [2914] يهل أهل الْمَدِينَة الاهلال رفع الصَّوْت بِالتَّلْبِيَةِ عِنْد الدُّخُول فِي الْإِحْرَام ذكره السُّيُوطِيّ قَوْله [2915] من ذِي الحليفة بِالتَّصْغِيرِ وَهُوَ مَوضِع قريب الْمَدِينَة اشْتهر الان ببير على قَوْله وَأهل الشَّام أَي إِذا وردوا من غير طَرِيق الْمَدِينَة وَكَذَا أهل الْمصر من الْجحْفَة بِضَم الْجِيم وَسُكُون الْحَاء وَهُوَ الْمُسَمّى برابغ قَوْله وَأهل نجد وَكَذَا أهل الطَّائِف وَمن حَولهمْ من أهل الْمشرق من قرن بِفَتْح الْقَاف فَسُكُون موضح مشمهور عِنْد أَهله كَذَا ذكره على الْقَارِي فِي شرح الْمُوَطَّأ وَفِي الْمجمع وَيُسمى قرن الْمنَازل وَقرن الثعالب وَفِي الْمرقاة ذِي الحليفة مَوضِع على فرسخين من الْمَدِينَة والجحفة مَوضِع بَين مَكَّة وَالْمَدينَة من الْجَانِب الشَّامي يُحَاذِي ذَا الحليفة وَقرن الْمنَازل بِسُكُون الرَّاء جبل مدور املس كَأَنَّهُ بَيْضَة ويلملم بِفَتْح الْيَاء واللامين وَيُقَال الملم جبل من تهَامَة على لَيْلَتَيْنِ من مَكَّة قَوْله من ذَات عرق هِيَ مَوضِع من شَرْقي مَكَّة بَينهمَا مرحلتان يوازي قرن نجد سمى بذلك لِأَن هُنَاكَ عرقا وَهُوَ الْجَبَل الصَّغِير وَهِي والعقيق متقاربان لَكِن العقيق قبيل ذَات عرق وَفِي صِحَة الْحَدِيثين مقَال وَالأَصَح عِنْد الْجُمْهُور ان النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا بَين لأهل الْمشرق ميقاتا وَإِنَّمَا حد ثمَّ عمر حِين فتح الْعرَاق وَقَالَ الشَّافِعِي يَنْبَغِي ان يحرم من العقيق احْتِيَاطًا وجمعا بَين الْحَدِيثين طيبي مُخْتَصرا قَوْله اللَّهُمَّ اقبل بقلوبهم أَي اقبل بقلوب أهل الْمشرق الى دينك فَإِن الْفِتَن من هَهُنَا كَمَا جَاءَ فِي الْأَحَادِيث وَالله أعلم قَوْله [2916] فِي الغرز الغرز للابل كالركاب للْفرس وَفِي الْقَامُوس هُوَ ركاب من جلد (إنْجَاح) قَوْله أهل من عِنْد مَسْجِد ذِي الحليفة وَبِه أَخذ الشَّافِعِي وَعِنْدنَا يُلَبِّي بعد الصَّلَاة وَهُوَ قَول مَالك قَالَ فِي الْهِدَايَة ثمَّ يُلَبِّي عقيب صلَاته لما روى ان النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لبّى فِي دبر صلَاته فَإِن لبّى بعد مَا اسْتَوَت بِهِ رَاحِلَته جَازَ وَلَكِن الْأَفْضَل مَا روينَا وَالْمَشْهُور فِي مَذْهَب أَحْمد بعد الصَّلَاة وَالْمجَاز عِنْد بعض اصحابه عِنْد الاسْتوَاء وروى سعيد بن جُبَير قَالَ قلت لعبد الله بن عَبَّاس يَا بن عَبَّاس عجبت لاخْتِلَاف أَصْحَاب رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي اهلال رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ اني لَا اعْلَم النَّاس بذلك أهل بِالْحَجِّ حِين فرغ من ركعتيه فَسمع ذَلِك فِيهِ أَقوام فَحفِظت عَنهُ ثمَّ ركب فَلَمَّا استعلت بِهِ نَاقَته أهل فَقَالُوا إِنَّمَا أهل حِين استعلت بِهِ نَاقَته ثمَّ مضى رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا علا على شرف الْبَيْدَاء أهل وَأدْركَ ذَلِك مِنْهُ أَقوام فَقَالُوا إِنَّمَا هَل حِين علا من الْبَيْدَاء وَايْم الله لقد أوجب فِي مُصَلَّاهُ وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَبِمَا ذكر يحصل بِهِ التَّوْفِيق بَين الرِّوَايَات لمعات قَوْله [2917] اني عِنْد ثفنات الخ قَالَ فِي الْقَامُوس الثفنة بِكَسْر الْفَاء من الْبَعِير الرّكْبَة وَمَا مس الأَرْض من كركرته وَسعد اناته وأصول افخاذه ومنك الرّكْبَة ومجتمع السَّاق والفخذ وَمن الْخَيل موصل الفخذين فِي السَّاقَيْن من باطنهما انْتهى (إنْجَاح) قَوْله [2918] تلقفت من لقف كسمع لقفا ولقفانا محركة تنَاول بِسُرْعَة كَذَا فِي الْقَامُوس فَمَعْنَاه تناولت وتعلمت بِسُرْعَة مِنْهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إنْجَاح) قَوْله لبيْك لبيْك خُلَاصَة مَعْنَاهُ اجبتك إِجَابَة بعد إِجَابَة وكرره للتَّأْكِيد أَو أَحدهمَا فِي الدُّنْيَا والاخر فِي الْأُخْرَى أَو لبيْك ظَاهر ولبيك بَاطِنا قَوْله وَسَعْديك أَي اساعد طَاعَتك بعد مساعدة فِي خدمتك شرح مؤطا قَوْله

باب الظلال للمحرم أي الدوام على التلبية وذكر الله والإقامة عليه للمحرم

[2923] فَلْيَرْفَعُوا أَصْوَاتهم بِالتَّلْبِيَةِ قَالَ الشَّافِعِي التَّلْبِيَة سنة وَلَيْسَت بِشَرْط لصِحَّة الْحَج وَلَا وَاجِبَة وَلَو تَركهَا لَا يلْزمه دم وَلَكِن فَاتَتْهُ الْفَضِيلَة وَقَالَ بعض أَصْحَابنَا أَي الشَّافِعِيَّة هِيَ وَاجِبَة يجْبر بِالدَّمِ وَقَالَ بَعضهم هِيَ شَرط لصِحَّة الْإِحْرَام وَقَالَ مَالك لَيست بواجبة وَمن تَركهَا لزمَه دم قَالَ الشَّافِعِي وَمَالك ينْعَقد الْحَج بِالنِّيَّةِ بِالْقَلْبِ من غير لفظ وَقَالَ أَبُو حنيفَة لَا ينْعَقد الا بانضمام التَّلْبِيَة أَو سوق الْهدى الى النِّيَّة كَذَا فِي الطَّيِّبِيّ بَاب الظلال للْمحرمِ أَي الدَّوَام على التَّلْبِيَة وَذكر الله وَالْإِقَامَة عَلَيْهِ للْمحرمِ كَمَا قَالَ صَاحب الْقَامُوس مَكَان ظَلِيل أَي ذُو ظلّ أَو دائمة والظلة الْإِقَامَة انْتهى فَإِن الدَّائِم والمقيم على الشَّيْء كَأَنَّهُ ألْقى ظله عَلَيْهِ إنْجَاح الْحَاجة قَوْله [2925] يُضحي الله يَوْمه يُلَبِّي أَي يظل سَائِر الْيَوْم ملبيا من قَوْلهم اضحى يفعل كَذَا صَار فَاعله فِي الضحوة أوفى الضُّحَى والضحوة وَقت ارْتِفَاع النَّهَار وَالضُّحَى فويقه كَذَا فِي الْقَامُوس فَإِن اضحى وظل من الْأَفْعَال النَّاقِصَة لاقتران مَضْمُون الْجُمْلَة بوقتيهما وَقَوله حَتَّى تغيب الشَّمْس أَي يصير ويدوم ملبيا من وَقت ارتفاعها الى غيبوبتها أَي لبّى من أول الْيَوْم الى اخره الاغابت الشَّمْس بذنوبه وَهِي كِنَايَة عَن تعلق مغْفرَة الْبَارِي تَعَالَى عِنْد مَجِيء اللَّيْل (إنْجَاح) قَوْله [2926] طيبت رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لاحرامه الخ وَفِيه دلَالَة على اسْتِحْبَاب الطّيب عِنْد إِرَادَة الْإِحْرَام وانه لَا بَأْس باستدامته بعد الْإِحْرَام وَإِنَّمَا يحرم ابتداؤه فِي الْإِحْرَام وَبِه قَالَ خلائق من الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ وجماهير الْمُحدثين وَالْفُقَهَاء مِنْهُم سعد بن أبي وَقاص وَابْن عَبَّاس وَابْن الزبير وَمُعَاوِيَة وَعَائِشَة وَأم حَبِيبَة ووأبو حنيفَة وَالثَّوْري وَأَبُو يُوسُف وَأحمد وَدَاوُد وَغَيرهم وَقَالَ اخرون بِمَنْعه مِنْهُم الزُّهْرِيّ وَمَالك وَمُحَمّد بن الْحسن وَحكى أَيْضا عَن جمَاعَة من الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ قَالَ القَاضِي وَتَأَول هَؤُلَاءِ حَدِيث عَائِشَة هَذَا على انه تطيب ثمَّ اغْتسل بعده فَذهب الطّيب قبل الْإِحْرَام وَيُؤَيّد هَذَا قَوْلهَا فِي رِوَايَة مُسلم طيبت رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْد احرامه ثمَّ طَاف على نِسَائِهِ ثمَّ أصبح محرما فَظَاهر انه إِنَّمَا تطيب لمباشرة نِسَائِهِ ثمَّ زَالَ بِالْغسْلِ بعده لَا سِيمَا وَقد نقل انه كَانَ يتَطَهَّر من كل وَاحِدَة قبل الْأُخْرَى وَلَا يبْقى مَعَ ذَلِك وَقَوْلها كَأَنِّي انْظُر الى وبيص الطّيب الخ المُرَاد بِهِ اثره لَا جرمه هَذَا كَلَام القَاضِي وَلَا يُوَافق عَلَيْهِ بل الصَّوَاب مَا قَالَه الْجُمْهُور ان التَّطَيُّب مُسْتَحبّ للاحرام لقولها طيبته لاحرامه وَهَذَا ظَاهر فِي ان الطّيب للاحرام لَا للنِّسَاء ويعضده قَوْلهَا كَأَنِّي انْظُر الى وبيص الطّيب والتأويل الَّذِي قَالَه القَاضِي غير مَقْبُول لمُخَالفَته الظَّاهِر وَأما قَوْله [2926] ولحله قبل ان يفِيض فَفِيهِ دلَالَة الاستباحة الطّيب بعد رمي جَمْرَة الْعقبَة والمحلق وَقبل الطّواف وَهَذَا مَذْهَب الشَّافِعِي وَأبي حنيفَة وَالْعُلَمَاء كَافَّة الا مَالِكًا فكرهه قبل طواف الافاضة وَهُوَ محجوج بِهَذَا الحَدِيث (نووي) قَوْله لَا يلبس القمص الخ إِنَّمَا أجَاب بَعْدَمَا لَا يجوز لبسه مَعَ ان السوال فِي الظَّاهِر كَانَ عَمَّا يجوز لبسه لِأَنَّهُ الْمَقْصُود وَمَا يتَعَلَّق ببيانه الْغَرَض بل غَرَض السَّائِل أَيْضا هَذَا الْمَعْنى وان كَانَ عِبَارَته فِي السوال عَمَّا يجوز لبسه وَذَلِكَ ظَاهر وَالْمرَاد يلبس الْقَمِيص والسراويل مثلا لبسهما على وَجه مُتَعَارَف فيهمَا وَيُقَال انه لبسهما فَلَو ألْقى على الْبدن كالرداء لم يلْزم شَيْء والبرانس جمع الْبُرْنُس بِضَم الْبَاء وَالنُّون وَسُكُون الرَّاء بَينهمَا ويفسر بقلنسوة طَوِيلَة وَهَذَا التَّفْسِير قَاصِر وَقيل هُوَ كل ثوب رَأسه مِنْهُ يلتزق وراعة أَو جُبَّة أَو ممطر أَو هُوَ ثوب مَشْهُور يجلب من بِلَاد الشَّام يلبس فِي الْمَطَر يستر سَائِر الْبدن مَعَ الرَّأْس والعنق حَاصِل الحَدِيث انه يحرم على الرجل الْمحرم لبس الْمخيط والمطيب وَستر الرَّأْس وَالدَّلِيل على اخْتِصَاص الحكم بِالرِّجَالِ مَا ورد فِي إباحتها للنِّسَاء لمعات قَوْله [2929] قليلبس سَرَاوِيل الا ان يفقد أَي ازارا يَعْنِي وَلَكِن وَقت فقدان الْإِزَار فَهَذَا كالتفسير لقَوْله [2931] من لم يجد ازارا فَإِن مَالهمَا وَاحِد (إنْجَاح) قَوْله التوقي فِي الْإِحْرَام عَمَّا لَا يحل لَهُ فِيهِ قَوْله [2933] وَكَانَت زاملتنا وزاملة أبي بكر وَاحِدَة الزاملة هِيَ الَّتِي يحمل عَلَيْهَا من الْإِبِل وَغَيرهَا فَمَعْنَاه كَانَ الْإِبِل المركوبة لي وَلأبي بكر وَاحِدَة مَعَ غُلَامه وَفِي بعض النّسخ زمالتنا وزمالة أبي بكر قَالَ فِي الْمجمع أَي مركوبهما واداتهما وَمَا كَانَ مَعَهُمَا من أَدَاة السّفر انْتهى (إنْجَاح) قَوْله [2932] فطأطأه حَتَّى بَدَأَ الى رَأسه طأطأ الثَّوْب أَي خفضه فَمَعْنَاه خفض الثَّوْب وابرز رَأسه لكَي يرى المستفتي حَاله وَكَيْفِيَّة غسله (إنْجَاح) قَوْله

[2936] أَو سعدي بنت عَوْف هِيَ امْرَأَة طَلْحَة بن عبيد الله أحد الْعشْرَة المبشرة لَهَا صُحْبَة كَذَا ذكر الْحَافِظ بن حجر فِي التَّقْرِيب لَكِن قَالَ سعدى بنت المرية وَأما بن الْأَثِير سَاق هَذَا الحَدِيث فِي أَسد الغابة بِعَيْنِه وَقَالَ غير مَنْسُوب وَذكر سعدى بنت عمر والمرية نَاقِلا عَن أبي عمر وَنقل عَن بن مندة وَأبي نعيم سعدى بنت عَوْف بن خَارِجَة بن سِنَان وَهِي امْرَأَة طَلْحَة بن عبيد الله أم يحيى بن طَلْحَة وَمَا ذكر هَذَا الحَدِيث فِي رِوَايَتهَا وَأَسْمَاء بنت أبي بكر هِيَ زَوْجَة الزبير بن الْعَوام فَهِيَ جدة أبي بكر من جَانب الْأَب وَأما سعدى فلعلها كَانَت جدته من قبل الْأُم وضباعة بنت عبد الْمطلب الصَّحِيح انها بنت الزبير بن عبد الْمطلب فَهِيَ بنت عَم النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَا يَسْتَقِيم على هَذَا قَول النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا عمتاه لِأَنَّهَا لَيست عمته بل بنت عَمه وَفِي حَدِيث الصَّحِيحَيْنِ ضباعة بنت الزبير قَالَ النَّوَوِيّ وَهِي بنت عَم النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأما قَول صَاحب الْوَسِيط هِيَ ضباعة الأسْلَمِيَّة فغلط فَاحش إنْجَاح الْحَاجة لمولانا الْمُحدث الشَّيْخ عبد الْغَنِيّ المجددي الدهلوي غفر لَهُ فاحرمي واشترطي الخ قَالَ النَّوَوِيّ فَفِيهِ دلَالَة لمن قَالَ يجوز ان يشْتَرط الْحَاج والمعتمر فِي احرامه انه ان مرض تحلل وَهُوَ قَول عمر بن الْخطاب وَعلي وَابْن مَسْعُود وَآخَرين من الصَّحَابَة وجماية من التَّابِعين وَأحمد وَإِسْحَاق وَأبي ثَوْر وَهُوَ الصَّحِيح من مَذْهَب الشَّافِعِي وحجتهم هَذَا الحَدِيث الصَّحِيح الصَّرِيح وَقَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك وَبَعض التَّابِعين لَا يَصح الِاشْتِرَاط وحملوا الحَدِيث على انه قَضِيَّة عين وَأَنه مَخْصُوص بضباعة وَأَشَارَ القَاضِي الى تَضْعِيف الحَدِيث فَإِنَّهُ قَالَ قَالَ الْأصيلِيّ لَا يثبت فِي الِاشْتِرَاط إِسْنَاد صَحِيح قَالَ قَالَ النَّسَائِيّ لَا أعلم سَنَده عَن الزُّهْرِيّ غير معمر وَهَذَا الَّذِي عرض بِهِ القَاضِي وَقَالَ الْأصيلِيّ تَضْعِيف الحَدِيث غلط فَاحش جدا نبهت عَلَيْهِ لِئَلَّا يغتر بِهِ لِأَن هَذَا الحَدِيث مَشْهُور فِي صَحِيح البُخَارِيّ وَمُسلم وَسنَن أبي دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَسَائِر الْكتب الحَدِيث الْمُعْتَمد من طرق مُتعَدِّدَة بأسانيد كَثِيرَة عَن جمَاعَة من الصَّحَابَة وَفِيمَا ذكره مُسلم من تنويع طرقه ابلغ كِفَايَة وَفِي هَذَا الحَدِيث دَلِيل على ان الْمَرَض لَا يُبِيح التَّحَلُّل إِذا لم يكن اشْتِرَاطه فِي حَال الْإِحْرَام انْتهى قَوْله [2942] وَهل ترك لنا عقيل منزلا فعقيل هَذَا هُوَ بن أبي طَالب وَكَانَ تسلط على تَرِكَة أبي طَالب لِأَنَّهُ اسْلَمْ بعد على وجعفر وهما هَاجر الى النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَقِي عقيل وطالب فِي مَكَّة والطالب لم يثبت إِسْلَامه وَكَانَا ورثا أَبَا طَالب لانهما كَانَا وَقت وَفَاتَ أبي طَالب كَافِرين وَعلي وجعفر قد أسلما وهاجرا وَالْمُسلم لَا يَرث الْكَافِر (إنْجَاح) قَوْله نخيف بني كنَانَة وَيُسمى المحصب أَيْضا وَيُسمى بشعب أبي طَالب أَيْضا وقصتها مَا ذكر بن حجر فِي شرح الهمزية ان قُريْشًا لما رَأَتْ عزة النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اجْمَعُوا على ان يقتلوه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبلغ ذَلِك أَبَا طَالب فَأتوا اليه بعمارة بن الْوَلِيد أعز فتي فيهم ليأخذه بدل بن أَخِيه فَأبى وَجمع بني هَاشم وَبني الْمطلب فادخلوا رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شِعْبهمْ ومنعوه مِمَّن أَرَادوا قَتله وأجابوه لذَلِك حَتَّى كفاهم حمية على عَادَة الْجَاهِلِيَّة فَلَمَّا رَأَتْ قُرَيْش ذَلِك اجْتَمعُوا وائتمروا ان يكتبوا كتابا يتعاقدون ان لَا ينكحوهم وَلَا يبايعو عَنْهُم حَتَّى يسلمُوا رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهِم وَكَتَبُوا ذَلِك فِي صحيفَة بِخَط بَعضهم فشلت يَدَاهُ وعلقوا الصَّحِيفَة فِي جَوف الْكَعْبَة وَكَانَ ذَلِك هِلَال الْمحرم سنة سبع من النُّبُوَّة فَدخل بَنو هَاشم وَبَنُو الْمطلب مَعَ أبي طَالب الا أَبَا لَهب لَعنه الله واقاموا على ذَلِك سنتَيْن أَو ثَلَاثًا حَتَّى جهدوا وَكَانَ لَا يصل إِلَيْهِم شَيْء الا يسير فشق ذَلِك الْأَمر على بعض قُرَيْش فأرادوا نقض المعاهدة وشق الصَّحِيفَة وَكَانَ رَأْسهمْ هِشَام بن الْحَارِث وَتَبعهُ زُهَيْر بن عَاتِكَة ومطعم وَزُهَيْر بن أُميَّة وَأَبُو البخْترِي وَزَمعَة واجتمعوا بالحجون وَقَالَ زُهَيْر يَا أهل مَكَّة انا نَأْكُل الطَّعَام ونلبس الثِّيَاب وَبَنُو هَاشم فِيمَا ترَوْنَ وَالله لَا اقعد حَتَّى تشق هَذِه الصَّحِيفَة الظالمة القاطعة فتعرض لَهُ أَبُو جهل لَعنه الله فَالْحَاصِل ان الْمطعم قَامَ الى الصَّحِيفَة يشقها فَوجدَ الأَرْض وَهِي دويدة تَأْكُل الْخشب قد اكلتها الا بِاسْمِك اللَّهُمَّ وَكَانَ النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أخبر أَبَا طَالب ان الارضة أكل الصَّحِيفَة الا اسْم الله تَعَالَى فَقَالَ اربك أخْبرك قَالَ نعم فَأخْبرهُم أَبُو طَالب وَقَالَ اتركوها فَإِن صدق فَانْتَهوا عَن قطيعتنا والا دَفعته اليكم فنظروها فَإِذا هِيَ كَمَا قَالَ النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا مُخْتَصر مَا ذكره بن حجر إنْجَاح الْحَاجة قَوْله [2943] رَأَيْت الاصيلع عمر بن الْخطاب هُوَ تَصْغِير الاصلع وَهُوَ من حسر مقدم رَأسه من الشّعْر لنُقْصَان مَادَّة الشّعْر فِي تِلْكَ الْبقْعَة وَكَانَ عمر رَضِي الله عَنهُ كَذَلِك والتصغير للشفقة والمحبة والاستلام افتعال من السَّلَام بِمَعْنى التَّحِيَّة وَأهل الْيمن يسمونه الرُّكْن الْأسود الْمحيا أَي ان النَّاس يحيونه بِالسَّلَامِ وَقيل من السَّلَام بِالْكَسْرِ وَهِي الْحِجَارَة واحدتها سَلمَة بِكَسْر اللَّام اسْتَلم الْحجر إِذا لمسه أَو تنَاوله كَذَا فِي الْمجمع فالاستلام مس بِالْيَدِ فَقَط والتقبيل بالفم أَو مس الْيَد وتقبيلها (إنْجَاح) قَوْله إِنَّك حجر الخ إِنَّمَا قَالَ ذَلِك لِئَلَّا يغتر بعض قريب الْعَهْد بِالْإِسْلَامِ الَّذين قد ألفوا عبَادَة الْأَحْجَار وتعظيمها ورجاء نَفعهَا وَخَوف الضَّرَر بالتقصير فِي تعظيمها فخاف ان يرَاهُ بَعضهم يقبله فيفتتن بِهِ فَبين انه لَا ينفع وَلَا يضر وان كَانَ امْتِثَال مَا شرع فِيهِ ينفع بِاعْتِبَار الْجَزَاء وَالثَّوَاب وليسمع فِي الْمَوْسِم وفيشتهر فِي الْبلدَانِ الْمُخْتَلفَة وَفِيه الْحَث على الِاقْتِدَاء برَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي تقبيله وَنبهَ على انه لَوْلَا الِاقْتِدَاء لما فعلته طيبي قَوْله [2946] الاركن الْأسود وَالَّذِي يَلِيهِ وَهُوَ الْمُسَمّى بالركن الْيَمَانِيّ وَكَانَت الى جِهَة مسَاكِن الجمحيين وَكَذَا جَاءَ عَن بن عمر رَضِي رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَبِه قَالَ الْجُمْهُور وَهُوَ مَذْهَب امامنا أبي حنيفَة (إنْجَاح) قَوْله [2947] بمحجن بِيَدِهِ المحجن بِكَسْر الْمِيم عَصا معوجة الرَّأْس وَقَوله فَوجدَ فِيهَا حمامة عيدَان الْحَمَامَة طَائِر مَعْرُوف قد صَنَعُوا صورها من عيدَان ووضعوها فِي الْكَعْبَة والعيدان بِالْفَتْح الطوَال من النّخل واحدتها بهاء وَكَذَا فِي الْقَامُوس (إنْجَاح) قَوْله [2949] مَعْرُوف بن خَرَّبُوذ بِفَتْح الْخَاء الْمُعْجَمَة وَالرَّاء الْمُشَدّدَة وَضم الْبَاء الْمُوَحدَة مُحدث لغَوِيّ مكي كَذَا فِي الْقَامُوس إنْجَاح الْحَاجة قَوْله

[2952] يَقُول فيمَ الرملان الخ أَي أَي حَاجَة الان الى الرمل لِأَن مشروعيته كَانَت لإِظْهَار الجلادة وَالْقُوَّة حِين قَالَت قُرَيْش قد جَاءَكُم قوم وهنتهم حمى يثرب والحين قد اطأ الله أَي قوى الله الْإِسْلَام ثمَّ اعتذر بقوله وَايْم الله وأيم حرف الْقسم أَي احْلِف بِاللَّه مَا نَدع شَيْئا قد استنه رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِن فَضِيلَة اتِّبَاعه انفع من كل نفع والرملان بِالتَّحْرِيكِ مصدر قَالَ فِي الْقَامُوس رمل فلَانا رملا ورملانا محركتين ومرملا هرول انْتهى وَقيل تَثْنِيَة رمل وَالْمرَاد بهما الرمل فِي الطّواف وَالسَّعْي بَين الميلين الاخضرين (إنْجَاح) [2953] حَتَّى إِذا بلغُوا الرُّكْن الْيَمَانِيّ مَشوا الخ هَذَا مُخَالف لرِوَايَة مُسلم عَن جَابر ثمَّ مَشى عَن يَمِينه فَرمَلَ ثَلَاثًا وَمَشى أَرْبعا وَلما فِي رِوَايَة الصَّحِيحَيْنِ سعى ثَلَاثَة اطواف وَمَشى أَرْبَعَة وَهُوَ الْمَذْهَب عندنَا وَيُمكن ان يكون المُرَاد بِالْمَشْيِ من الرُّكْن قلَّة الرمل والهرولة بِنِسْبَة السَّابِق بِسَبَب الزحمة بَين الرُّكْنَيْنِ كَمَا هُوَ الْمشَاهد فِي زَمَاننَا (إنْجَاح) قَوْله [2954] طَاف مضطبعا قَالَ فِي النِّهَايَة هُوَ ان يَأْخُذ الْإِزَار وَالْبرد فَيجْعَل وَسطه تَحت إبطه الْأَيْمن ويلقي طَرفَيْهِ على كتفه الْأَيْسَر من جهتي صره وظهره وسمى بِهِ لابداء الضبعين وَيُقَال للابط الضبع للمجاورة انْتهى وَقَالَ الطَّيِّبِيّ وَقيل انما فعله إِظْهَارًا للتشجع كالرمل فِي الطّواف قَوْله [2955] وَلَوْلَا ان قَوْمك حَدِيث عهد بِكفْر الخ أَرَادَ قرب عَهدهم بالْكفْر وَالْخُرُوج مِنْهُ الى الْإِسْلَام وَإنَّهُ لم يتَمَكَّن الدّين فِي قُلُوبهم فَلَو هدمت رُبمَا انفروا مِنْهُ وَقَوله لنظرت هَل اغيره وَفِي مُسلم لنقضت الْكَعْبَة ولجعلتها على أساس إِبْرَاهِيم قَالَ النَّوَوِيّ وَفِي هَذَا الحَدِيث دَلِيل الْقَوَاعِد من الاحكام مِنْهَا إِذا تَعَارَضَت الْمصَالح أَو تَعَارَضَت مصلحَة ومفسدة وَتعذر الْجمع بَين فعل الْمصلحَة وَترك الْمفْسدَة بُدِئَ بالاهم لِأَن النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أخبر أَن نقض الْكَعْبَة وردهَا الى مَا كَانَت عَلَيْهِ من قَوَاعِد إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام مصلحَة وَلَكِن تعارضه مفْسدَة أعظم مِنْهُ وَهِي خوف الْفِتْنَة لبَعض من أسلم قَرِيبا وَذَلِكَ لما كَانُوا يعتقدونه من فضل الْكَعْبَة فيرون تغيرها عَظِيما فَتَركهَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمِنْهَا فكر ولي الْأَمر فِي مصَالح رَعيته واجتنابه مَا يخَاف مِنْهُ تولد ضَرَر يلهيهم فِي دين أَو دنيا الا الْأُمُور الشَّرْعِيَّة كأخذ الزَّكَاة وَإِقَامَة الْحُدُود وَنَحْو ذَلِك وَمِنْهَا تألف قُلُوب الرّعية وان لَا ينفروا وَلَا يتَعَرَّض الا يخَاف تنفيرهم بِسَبَبِهِ مَا لم يكن فَهِيَ ترك أَمر شَرْعِي قَالَ الْعلمَاء بنى الْبَيْت خمس مَرَّات بنته الْمَلَائِكَة ثمَّ إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام ثمَّ قُرَيْش فِي الْجَاهِلِيَّة وَحضر النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا الْبناء وَله خمس وَثَلَاثُونَ سنة وَقيل خمس وَعِشْرُونَ وَفِيه سقط على الأَرْض حِين رفع إزَاره ثمَّ بناه بن الزبير ثمَّ الْحجَّاج بن يُوسُف وَاسْتمرّ الى الان على بِنَاء الْحجَّاج وَقيل بنى مرَّتَيْنِ أُخْرَيَيْنِ أَو ثَلَاثًا قَالَ الْعلمَاء وَلَا يُغير عَن هَذَا الْبناء وَقد ذكرُوا ان هَارُون الرشيد سَأَلَ مَالك بن أنس عَن هدمها وردهَا الى بِنَاء بن الزبير للاحاديث الْمَذْكُورَة فِي الْبَاب فَقَالَ مَالك نشدتك الله يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ ان تجْعَل هَذَا الْبَيْت لعبة للملوك لَا يشار أحدا لَا نقضه وبناه فتذهب هيبته من صُدُور النَّاس انْتهى قَوْله [2957] وَمن طَاف فَتكلم أَي بِتِلْكَ الْكَلِمَات وَهُوَ فِي حَالَة الطّواف وَإِنَّمَا كرر من طَاف ليناط بِهِ غير مَا نيط بِهِ اولا وليبرز الْمَعْنى الْمَعْقُول فِي صُورَة الْمشَاهد المحسوس كَذَا قَالَ الطَّيِّبِيّ وَيُمكن ان يكون مَعْنَاهُ تكلم بِكَلَام النَّاس دون مَا ذكر من التَّسْبِيح وَغَيره مُقَابلا لقَوْله وَلَا يتَكَلَّم الا بسبحان الله أَي لَا يتَكَلَّم بِغَيْر ذكر الله فَيكون مُقَابِله أَي يتَكَلَّم بِغَيْر ذكره مَعَ ذَلِك يكون لَهُ ثَوَاب لكنه يكون كالخائض فِي الرَّحْمَة برجليه وأسفل بدنه لكَونه عَالما دَعَاهَا وَلَا يبلغ الرَّحْمَة الى أَعْلَاهُ لكَونه بِغَيْر ذكر الله وَإِذا لم يتَكَلَّم الا بِذكر الله يسْتَغْرق فِي بَحر الرَّحْمَة من قدمه الى رَأسه وَمن أَسْفَله الى أَعْلَاهُ هَكَذَا يختلج فِي الْقلب معنى الحَدِيث وَالله أعلم لمعات قَوْله كخائض المَاء برجليه إِنَّمَا شبهه بخائض المَاء برجليه لعدم النَّفْع التَّام بِهَذَا الطّواف فَإِن من خَاضَ المَاء بِرجلِهِ لَا بِكُل جسده لَا يحصل لَهُ التطهر وَلَا التبرد وَلَا ينقى من الدنس فَكَذَلِك هَذَا (إنْجَاح) قَوْله [2858] قَالَ بن ماجة هَذَا بِمَكَّة خَاصَّة أَي الصَّلَاة بِغَيْر الستْرَة مَخْصُوصَة بِمَكَّة والا فالمرور بَين يَدي الْمُصَلِّي حرَام وان قَامَ الْمُصَلِّي فِي ممر النَّاس فالوزر عَلَيْهِ وَخص الْفُقَهَاء من الْمصلى الى مَوضِع النّظر فِي الصَّحرَاء وَالْمَسْجِد الْكَبِير وَأما فِي الْبَيْت وَالْمَسْجِد الصَّغِير فَلَا يحل الْمُرُور من بَين يَدَيْهِ مُطلقًا (إنْجَاح) قَوْله [2859] هَكَذَا قَرَأَهَا وَاتَّخذُوا بِكَسْر الْخَاء أَي بِكَسْر الْخَاء بِصِيغَة الْأَمر وهما قراءتان وَالثَّانيَِة بِفَتْح الْخَاء بِصِيغَة الْمَاضِي إنْجَاح الْحَاجة قَوْله

باب الملتزم هو ما بين الحجر الأسود والباب من جدار بيت الله تعالى سمي

بَاب الْمُلْتَزم هُوَ مَا بَين الْحجر الْأسود وَالْبَاب من جِدَار بَيت الله تَعَالَى سمي بذلك لِكَثْرَة الْتِزَام النَّاس ذَلِك الْمَكَان ومعانقتهم إِيَّاه وَهُوَ نَحْو أَربع خطوَات وَمن الاماكنة المعدودة لقبُول الدُّعَاء إنْجَاح الْحَاجة للشَّيْخ الْمُحدث مَوْلَانَا عبد الْغَنِيّ المجددي الدهلوي هُوَ بِكَسْر الرَّاء مَوضِع من مَكَّة بِعشْرَة أَمْيَال فِيهِ قبر مَيْمُونَة زوج النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقد اتّفق التَّزَوُّج وَالْبناء بهَا وموتها فِي هَذَا الْموضع [2964] ان رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ افرد الْحَج قَالَ الشَّيْخ ولي الله الْمُحدث الدهلوي فِي المسوى شرح المؤطا التَّحْقِيق فِي هَذِه المسئلة ان الصَّحَابَة لم يَخْتَلِفُوا فِي حِكَايَة مَا شاهدوه من أَفعَال النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من انه احرم من ذِي الحليفة وَطَاف أول مَا قدم وسعى بَين الصَّفَا والمروة ثمَّ خرج يَوْم التَّرويَة الى منى ثمَّ وقف بِعَرَفَات ثمَّ بَات بِمُزْدَلِفَة ووقف بالمشعر الْحَرَام ثمَّ رَجَعَ الى منى وَرمى وَنحر وَحلق ثمَّ طَاف طواف الزِّيَارَة ثمَّ رمى الْجمار فِي الْأَيَّام الثَّلَاثَة وَإِنَّمَا اخْتلفُوا فِي التَّعْبِير عَمَّا فعل بِاجْتِهَاد وآرائهم فَقَالَ بَعضهم كَانَ ذَلِك حجا مُفردا وَكَانَ الطّواف الأول للقدوم وَالسَّعْي لاجل الْحَج وَكَانَ بَقَاؤُهُ على الْإِحْرَام لِأَنَّهُ قصد الْحَج وَقَالَ بَعضهم كَانَ تمتعا يَسُوق الْهدى وَكَانَ الطّواف الأول للْعُمْرَة كَأَنَّهُمْ سموا طواف الْقدوم وَالسَّعْي بعده عمْرَة وان كَانَ لِلْحَجِّ وَقَالَ بَعضهم كَانَ ذَلِك قُرْآنًا وَالْقُرْآن لَا يحْتَاج الى طوافين وسعيين وَهَذَا الِاخْتِلَاف سَبيله سَبِيل الِاخْتِلَاف فِي الاجتهاديات اما انه سعى تَارَة أُخْرَى بعد طواف الزِّيَارَة فَإِنَّهُ لم يثبت فِي الرِّوَايَات الْمَشْهُورَة بل ثَبت عَن جَابر انه لم يسع بعده انْتهى قَوْله [2965] ان رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ افرد الْحَج أعلم ان أَحَادِيث هَذِه الْأَبْوَاب متظاهرة على جَوَاز افراد الْحَج عَن الْعمرَة وَجَوَاز التَّمَتُّع وَالْقرَان وَقد اجْمَعْ الْعلمَاء على جَوَاز الْأَنْوَاع الثَّلَاثَة والافراد ان يحرم بِالْحَجِّ فِي اشهره يفرغ مِنْهُ ثمَّ يعْتَمر والتمتع ان يحرم بِالْعُمْرَةِ فِي اشهر الْحَج ويفرغ مِنْهَا ثمَّ يحجّ من عَامه وَالْقرَان ان يحرم بهما جَمِيعًا وَكَذَا لَو أحرم بِالْعُمْرَةِ ثمَّ احرم بِالْحَجِّ قبل طوافها صَحَّ وَصَارَ قَارنا فَإِن قيل كَيفَ وَقع اخْتِلَاف الصَّحَابَة فِي صفة حجَّته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهِي حجَّة وَاحِدَة وكواحد مِنْهُم يخبر عَن مُشَاهدَة فِي قصَّة وَاحِدَة قَالَ القَاضِي قد أَكثر النَّاس الْكَلَام على هَذِه الْأَحَادِيث فَمن مطيل مكثر وَمن مقتصر مُخْتَصر وأوسعهم فِي ذَلِك نفسا أَبُو جَعْفَر الطَّحَاوِيّ الْحَنَفِيّ فَإِنَّهُ تكلم فِي ذَلِك فِي زِيَادَة على الف ورقة وَتكلم مَعَه فِي ذَلِك أَيْضا أَبُو جَعْفَر الطَّبَرِيّ ثمَّ الْحَافِظ بن عبد الْبر وَغَيره وَأولى مَا يُقَال فِي هَذَا على مَا فحصناه من كَلَامهم واشبه بمساق الْأَحَادِيث ان النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَاحَ للنَّاس فعل هَذِه الْأَنْوَاع الثَّلَاثَة ليدل على جَوَاز جَمِيعهَا وَلَو أَمر بِوَاحِد لَكَانَ غَيره يظنّ انه لَا يُجزئ فأضيف الْجَمِيع اليه وَأخْبر كل وَاحِد بِمَا أمره بِهِ وَنسبه الى النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِمَّا لأَمره بِهِ وَإِمَّا لتأويله عَلَيْهِ وَإِمَّا احرامه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَفسِهِ فَأخذ بالأفضل فَأحْرم مُفردا لِلْحَجِّ وَبِه تظاهرت الرِّوَايَات الصَّحِيحَة وَأما الرِّوَايَات بِأَنَّهُ كَانَ مُتَمَتِّعا فمعناها أَمر بِهِ وَأما الرِّوَايَات بِأَنَّهُ كَانَ قَارنا فإخبار عَن حَالَته الثَّانِيَة لَا عَن ابْتِدَاء احرامه بل أَخْبَار عَن حَاله حِين أَمر اصحابه بالتحلل من حجهم وَقَلبه الى عمْرَة لمُخَالفَة الْجَاهِلِيَّة الا من كَانَ مَعَه هدى وَكَانَ هُوَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمن مَعَه هدى فِي آخر احرامهم قارنين يَعْنِي انهم ادخُلُوا الْعمرَة على الْحَج وَفعل ذَلِك مواساة لأَصْحَابه وتأنيسا لَهُم فِي فعلهَا فِي أشهر الْحَج لكَونهَا كَانَت مُنكرَة عِنْدهم فِي أشهر الْحَج وَلم يُمكنهُ التَّحَلُّل مَعَهم بِسَبَب الْمهْدي وَقَالَ الْخطابِيّ قد أنعم الشَّافِعِي بِبَيَان هَذَا فِي كِتَابه اخْتِلَاف الحَدِيث فالوجيز الْمُخْتَصر من جَوَامِع مَا قَالَ ان مَعْلُوما فِي لُغَة الْعَرَب جَوَاز إِضَافَة الْفِعْل الى الْأَمر كجواز اضافته الى الْفَاعِل كَقَوْلِك بني فلَان وَأَرَادَ إِذا أَمر ببنائها وَضرب الْأَمِير فلَانا إِذا أَمر بضربه ورجم النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا عزا وَقطع سَارِق رِدَاء صَفْوَان وَإِنَّمَا أَمر بذلك وَمثله كثير فِي الْكَلَام وَكَانَ أَصْحَاب رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُم الْمُفْرد والمتمتع والقارن كل مِنْهُم يَأْخُذ عَنهُ أَمر نُسكه ويصدر عَن تَعْلِيمه فَجَاز ان يُضَاف كلهَا الى رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على معنى انه أَمر بهَا وَأذن فِيهَا قَالَ وَيحْتَمل ان بَعضهم سَمعه يَقُول لبيْك بِحجَّة فَحكى انه افرد وخفي عَلَيْهِ قَوْله عمْرَة فَلم يحك الا مَا سمع وَسمع أنس وَغَيره الزِّيَادَة وَهِي لبيْك بِحجَّة وَعمرَة وَلَا يُنكر قبُول الزِّيَادَة وَإِنَّمَا يحصل التَّنَاقُض لَو كَانَ الزَّائِد نافيا لقَوْل صَاحبه فَأَما إِذا كَانَ مثبتا لَهُ وزائدا عَلَيْهِ فَلَيْسَ فِيهِ تنَاقض وَيحْتَمل ان الرَّاوِي سَمعه يَقُول لغيره على وَجه التَّعْلِيم فَيَقُول لَهُ لبيْك بِحجَّة وَعمرَة على سَبِيل التَّلْقِين فَهَذِهِ الرِّوَايَات الْمُخْتَلفَة ظَاهرا لَيْسَ فِيهَا تنَاقض وَالْجمع بَينهَا سهل كَمَا ذكرنَا انْتهى قَوْله [2968] فَسَمعته يَقُول لبيْك عمْرَة وَحجَّة أَي قَارنا بَينهمَا وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَن جَابر انه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لبّى بِالْحَجِّ وَحده وَلمُسلم فِي لفظ أهل باحج مُفردا وَعند الشَّيْخَيْنِ عَن بن عمر انه كَانَ مُتَمَتِّعا وَفِيهِمَا أَيْضا عَن عَائِشَة قَالَت تمتّع رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْعُمْرَةِ الى الْحَج وتمتع النَّاس مَعَه قَالَ النَّوَوِيّ فِي الْمَجْمُوع وَالصَّوَاب الَّذِي نعتقد أَنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ احرم اولا بِالْحَجِّ مُفردا ثمَّ أَدخل عَلَيْهِ الْعمرَة فَصَارَ قَارنا فَمن روى انه كَانَ مُفردا وهم الْأَكْثَرُونَ اعتمدوا أول الْإِحْرَام وَمن روى انه كَانَ قَارنا اعْتمد اخره وَمن روى انه كَانَ مُتَمَتِّعا أَرَادَ التَّمَتُّع اللّغَوِيّ وَهُوَ الِانْتِفَاع وَقد انْتفع ان كَفاهُ من النُّسُكَيْنِ فعل وَاحِد وَلم يحْتَج الى افراد كل وَاحِد مِنْهُمَا بِعَمَل انْتهى (إنْجَاح) قَوْله [2970] لهَذَا اضل من بعيره وَإِنَّمَا قَالَ هَذَا لِأَن الْقرَان كن عِنْدهمَا مَكْرُوها فَلَمَّا قَارن هَذَا الرجل نسباه الى الْجَهَالَة بِهَذَا القَوْل وَلذَلِك زجرهما عمر رَضِي مَعَ أَنه كَانَ أَيْضا يمْنَع عَن التَّمَتُّع وَيَقُول انه مَخْصُوص بأصحاب النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ امتثالا لقَوْله جلّ ذكره واتموا الْحَج وَالْعمْرَة لله وَلَكِن إِنْكَاره كَانَ مَحْمُولا على ترك الِاسْتِحْبَاب وَخَالفهُ فِيهِ أَكثر الصَّحَابَة إنْجَاح الْحَاجة قَوْله

[2972] طَوافا وَاحِدًا المُرَاد بقوله طَوافا وَاحِدًا أَي طَاف لكل وَاحِد مِنْهُمَا طَوافا يشبه الطّواف الاخر قَالَ الْقَارِي وَلنَا مَا روى النَّسَائِيّ عَن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن الْحَنَفِيَّة قَالَ طفت مَعَ أبي وَقد جمع بَين الْحَج وَالْعمْرَة فَطَافَ لَهما طوافين وسعى سعيين وحَدثني ان عليا رَضِي فعل ذَلِك وحدثه ان رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فعل ذَلِك وَبِه قَالَ بن مَسْعُود وَالشعْبِيّ وَالنَّخَعِيّ وَجَابِر بن زيد وَعبد الرَّحْمَن بن الْأسود وَالثَّوْري وَالْحسن بن صَالح انْتهى شرح مؤطأ مُخْتَصرا [2978] قَالَ فِي ذَلِك بعد رجل بِرَأْيهِ الخ إِشَارَة الى عمر رض قَالَ عَليّ الْقَارِي لِأَنَّهُ رأى الافراد أفضل مِنْهُمَا وَلم ينْه عَنْهُمَا على وَجه التَّحْرِيم كَمَا مر آنِفا وَأخرج التِّرْمِذِيّ عَن سَالم بن عبد الله انه سمع رجلا من أهل الشَّام وَهُوَ يسْأَل عبد الله بن عمر عَن التَّمَتُّع بِالْعُمْرَةِ الى الْحَج فَقَالَ عبد الله بن عمر هِيَ حَلَال قَالَ الشَّامي ان أَبَاك قد نهى عَنْهَا فَقَالَ عبد الله بن عمر أَرَأَيْت ان كَانَ أبي نهى وصنعها رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أأمر أبي يتبع أم أَمر رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ الرجل بل أَمر رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لقد صنعها رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَن بن عَبَّاس قَالَ تمتّع رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بكر وَعمر وَعُثْمَان وَأول من نهى عَنهُ مُعَاوِيَة وَفِي الْبَاب عَن عَليّ وَجَابِر وَسعد أَسمَاء بنت أبي بكر وَابْن عمر ذكره التِّرْمِذِيّ (إنْجَاح) قَوْله قَالَ فِي ذَلِك بعد رجل بِرَأْيهِ الخ إِشَارَة الى عمر قَالَ الْمَازرِيّ اخْتلف فِي الْمُتْعَة الَّتِي نهى عَنْهَا عمر فِي الْحَج فَقيل هِيَ فسخ الْحَج الى الْعمرَة وَقيل هِيَ الْعمرَة فِي أشهر الْحَج ثمَّ الْحَج من عَامه وعَلى هَذَا انما نهى ترغيبا فِي الافراد الَّذِي هُوَ أفضل لَا انه يعْتَقد بُطْلَانهَا أَو تَحْرِيمهَا وَقَالَ القَاضِي عِيَاض ظَاهر حَدِيث عمر ان هَذَا وَحَدِيث الَّاتِي عَن أبي مُوسَى ان الْمُتْعَة الَّتِي اخْتلفُوا فِيهَا إِنَّمَا هِيَ فسخ الْحَج الى الْعمرَة وَلِهَذَا كَانَ عمر رَضِي يضْرب النَّاس عَلَيْهَا وَلَا يَضْرِبهُمْ على مُجَرّد التَّمَتُّع فِي اشهر الْحَج وَإِنَّمَا ضَربهمْ على مَا اعتقده هُوَ وَسَائِر الصَّحَابَة ان فسخ الْحَج الى الْعمرَة كَانَ خُصُوصا فِي تِلْكَ السّنة للحكمة الَّتِي قدمنَا ذكرهَا قَالَ بن عبد الْبر لَا خلاف بَين الْعلمَاء ان التَّمَتُّع المُرَاد بقول الله تَعَالَى فَمن تمتّع بِالْعُمْرَةِ الى الْحَج فَمَا اسْتَيْسَرَ من الْهدى هُوَ الاعتمار فِي أشهر الْحَج قبل الْحَج قَالَ وَمن التَّمَتُّع أَيْضا الْقرَان لِأَنَّهُ تمتّع بِسُقُوط سَفَره للنسك الاخر من بَلَده قَالَ وَمن التَّمَتُّع أَيْضا فسخ الْحَج للْعُمْرَة هَذَا كَلَام القَاضِي قَالَ النَّوَوِيّ قلت والمختاران عمر وَعُثْمَان وَغَيرهمَا انما نهوا عَن الْمُتْعَة الَّتِي هِيَ الاعتمار فِي أشهر الْحَج ثمَّ الْحَج من عَامه ومرادهم نهى اولوية التَّرْغِيب فِي الافراد لكَونه أفضل وَقد انْعَقَد الْإِجْمَاع بعد هَذَا على جَوَاز الافراد والتمتع وَالْقُرْآن من غير كَرَاهَة وَإِنَّمَا اخْتلفُوا فِي الْأَفْضَل مِنْهَا انْتهى قلت الظَّاهِر من قَول عمر فِي الحَدِيث الَّاتِي وَلَكِنِّي كرهت ان يظلوا بِهن معرسين تَحت الاراك ثمَّ يروحون بِالْحَجِّ تقطر رؤوسهم ان الافراد أفضل من الْمُتْعَة لَا انه لَا يجوز الْمُتْعَة رَأْسا وَالله أعلم (فَخر) قَوْله [2980] بل لَا بُد الابد مَعْنَاهُ انه يجوز الْعمرَة فِي أشهر الْحَج الى يَوْم الْقِيَامَة وَالْمَقْصُود ابطال مَا زَعمه أهل الْجَاهِلِيَّة من ان الْعمرَة لَا يجوز فِي أشهر الْحَج وَقيل مَعْنَاهُ جَوَاز الْقرَان وَتَقْدِير الْكَلَام دخلت افعال الْعمرَة فِي الْحَج الى يَوْم الْقِيَامَة وَقيل جَوَاز فسخ الْحَج الى الْعمرَة قلت نسخه لمن لم يكن مَعَه هدى جوزه أَحْمد وَطَائِفَة من الظَّاهِرِيَّة وَخَصه الْأَئِمَّة الثَّلَاثَة وَالْجُمْهُور بالصحابة للْحَدِيث الَّاتِي عَن قريب عَن أبي ذَر قَالَ كَانَت الْمُتْعَة لأَصْحَاب مُحَمَّد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاصَّة (فَخر) قَوْله [2981] ذبح رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَن أَزوَاجه قَالَ النَّوَوِيّ هَذَا مَحْمُول على انه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ استأذنهن فِي ذَلِك فَإِن تضحية الْإِنْسَان عَن غَيره لَا يجوز الا بِإِذْنِهِ وَاسْتدلَّ بِهِ مَالك فِي ان التَّضْحِيَة بالبقر أفضل من بَدَنَة وَلَا دلَالَة لَهُ فه لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ ذكر تَفْضِيل الْبَقر لِأَن قَوْله دخل علينا بِلَحْم بقر لم تدل على انه أفضل اولا فَلَا حجَّة فيهمَا لما قَالَ وَذهب الشَّافِعِي وَأَبُو حنيفَة والاكثرون الى ان التَّضْحِيَة بالبدنة أفضل من الْبَقَرَة لقَوْله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من رَاح فِي السَّاعَة الأولى فَكَأَنَّمَا قرب بَدَنَة وَمن رَاح فِي السَّاعَة الثَّانِيَة فَكَأَنَّمَا قرب بقرة الى آخِره انْتهى قَوْله [2983] قومِي عني إِنَّمَا قَالَ لَهَا هَذَا لِئَلَّا يَقع الْفِتْنَة بَينهمَا لِأَنَّهَا كَانَت متزينة بالثياب بِسَبَب خُرُوجهَا عَن الْإِحْرَام وَقَوله ان اثب عَلَيْك أَي اقع عَلَيْك (إنْجَاح) قَوْله [2984] بل لنا خَاصَّة وَبِه قَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك وَالشَّافِعِيّ والجماهير يَعْنِي قَالُوا ان فسخ الْحَج مُخْتَصّ بالصحابة فِي تِلْكَ السّنة لَا يجوز بعْدهَا لَهُم ولغيرهم وَإِنَّمَا امروا بِهِ فِي تِلْكَ السّنة ليخالفوا مَا كَانَت عَلَيْهِ الْجَاهِلِيَّة من تَحْرِيم الْعمرَة فِي اشهر الْحَج وَلما الَّذِي فِي حَدِيث سراقَة لِعَامِنَا هَذَا أم لَا بُد فَقَالَ لَا بُد ابد فَمَعْنَاه جَوَاز الاعتمار فِي أشهر الْحَج فَالْحَاصِل من مَجْمُوع طرق الْأَحَادِيث ان الْعمرَة فِي أشهر الْحَج جَائِزَة الى يَوْم الْقِيَامَة وَكَذَلِكَ الْقرَان وان فسخ الْحَج الى الْعمرَة مُخْتَصّ بِتِلْكَ السّنة وَقَالَ أَحْمد وَطَائِفَة لَيْسَ خَاصّا بل هُوَ بَاقٍ الى يَوْم الْقِيَامَة فَيجوز لكل من احرم بِالْحَجِّ وَلَيْسَ مَعَه هدى ان يقلب احرامه عمْرَة ويتحلل باعمالها وَيرد قَوْلهم هَذَا الحَدِيث الصَّحِيح وَغَيره (فَخر) قَوْله بل لنا خَاصَّة وَسَببه انهم كَانُوا يرَوْنَ الْعمرَة فِي اشهر الْحَج من افجر الْفُجُور فَأَمرهمْ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لرفع هَذَا الظَّن فَلَمَّا علمُوا عَاد الْأَمر الى الْمَنْع أَي منع فسخ الْحَج الى الْعمرَة فَكَانَ لَهُم خَاصَّة (إنْجَاح) قَوْله [2986] فلعمري مَا أتم الله الخ قَالَ النَّوَوِيّ مَذْهَب جَمَاهِير الْعلمَاء من الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ وَمن بعدهمْ ان السَّعْي بَين الصَّفَا والمروة ركن من أَرْكَان الْحَج لَا يَصح الا بِهِ وَلَا يجْبر بِدَم وَلَا غَيره وَمِمَّنْ قَالَ بذلك مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد وَإِسْحَاق وَأَبُو ثَوْر وَقَالَ بعض السّلف هُوَ تطوع وَقَالَ أَبُو حنيفَة هُوَ وَاجِب فَإِن تَركه عصى وجبر بِالدَّمِ وَصَحَّ حجه انْتهى قَوْله

[2987] لَا يقطع الابطح الاشد أَي لَا يقطع الْمَكَان الَّذِي فِيهِ الْحَصَا الا عدوا والابطح هُوَ المسيل بَين الجبلين قد شدت فِيهِ هَاجر أم إِسْمَاعِيل عَلَيْهِ السَّلَام حِين التمست مَاء وَكَانَ ترى ابْنهَا على الجبلين وَيخْفى عَلَيْهَا حِين تنزل فِي بطن الْوَادي فتسعى تسرع صعُود الْجَبَل وَترى ابْنهَا وَقد فعلت ذَلِك سبع مَرَّات لشدَّة الْعَطش فَنزل جِبْرَائِيل وَضرب جنَاحه على الأَرْض فنبع المَاء وَهُوَ زَمْزَم (إنْجَاح) [2989] الْحَج جِهَاد وَالْعمْرَة تطوع قلت وَهُوَ مَذْهَبنَا قَالَ فِي الْبَحْر هُوَ الصَّحِيح من الْمَذْهَب وَالظَّاهِر من الرِّوَايَة فَإِن مُحَمَّدًا نَص فِي كتاب الْحَج ان الْعمرَة تطوع وَاسْتدلَّ فِي غَايَة الْبَيَان بِمَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَصَححهُ عَن جَابر ان النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَن الْعمرَة أَوَاجِبَة هِيَ قَالَ لَا وَإِن تَعْتَمِرُوا هُوَ أفضل وَعَن بن عَبَّاس وَأبي هُرَيْرَة الْحَج جِهَاد وَالْعمْرَة تطوع وَصحح فِي الْجَوْهَرَة وَكَذَلِكَ قَاضِي خَان وُجُوبهَا اسْتِدْلَالا بقوله تَعَالَى واتموا الْحَج وَالْعمْرَة لله قُلْنَا المامور بِهِ فِي الْآيَة الاتمام وَذَلِكَ بعد الشُّرُوع وَتَمام الْبَحْث فِي حَاشِيَة الدّرّ لشَيْخِنَا العابد السندي وَهَذَا الحَدِيث من افراد بن ماجة وَمعنى الْحَج جِهَاد أَي فِي الثَّوَاب أَو الْفَرْضِيَّة وَالله أعلم (إنْجَاح) قَوْله [2991] عَن وهب بن خنبش بِمُعْجَمَة وَنون وموحدة ومعجمة بِوَزْن جَعْفَر وَالأَصَح ان اسْمه وهب يُقَال هرم صَحَابِيّ نزل الْكُوفَة (إنْجَاح) قَوْله عمْرَة فِي رَمَضَان تعدل حجَّة أَي تقوم مقَامهَا فِي الثَّوَاب لَا لِأَنَّهَا تعدلها لَهَا فِي كل شَيْء فَإِنَّهُ لَو كَانَ عَلَيْهِ حجَّة فَاعْتَمَرَ فِي رَمَضَان لَا يُجزئهُ عَن الْحجَّة وَفِي رِوَايَة لمُسلم تقضي حجَّة أَو حجَّة مَعَ ومعناهما وَاحِد (فَخر) قَوْله [2996] الا فِي ذِي الْقعدَة اعْلَم انه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اعْتَمر أَربع عمر إِحْدَاهُنَّ كَانَت فِي الْقعدَة عَام الْحُدَيْبِيَة سنة سِتّ من الْهِجْرَة وصدوا فِيهَا فتحللوا وحسبت لَهُم عمْرَة وَالثَّانيَِة فِي ذِي الْقعدَة سنة سبع وَهِي عمْرَة الْقَضَاء وَالثَّالِثَة فِي ذِي الْقعدَة سنة ثَمَان وَهِي عَام الْفَتْح وَالرَّابِعَة مَعَ حجَّته وَكَانَ احرامها فِي ذِي الْقعدَة وأعمالها فِي ذِي الْحجَّة وَإِنَّمَا اعْتَمر النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذِه الْعمرَة فِي ذِي الْقعدَة الْفَضِيلَة هَذَا الشَّهْر ولمخالفة الْجَاهِلِيَّة فِي ذَلِك فانهم كَانُوا يرونه من افجر الْفُجُور فَفعله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّات فِي هَذِه الْأَشْهر ليَكُون ابلغ فِي بَيَان جَوَازه فِيهَا وأبلغ فِي ابطال مَا كَانَت الْجَاهِلِيَّة عَلَيْهِ كَذَا فِي النَّوَوِيّ قَوْله [2998] قَالَ فِي رَجَب الخ قَالَ النَّوَوِيّ وَأما قَول بن عمر ان إِحْدَى الْعُمر فِي رَجَب فقد أنكرته عَائِشَة وَسكت بن عمر حِين انكرته قَالَ الْعلمَاء هَذَا يدل على انه اشْتبهَ عَلَيْهِ أَو نسي أَو شكّ وَلِهَذَا سكت عَن الْإِنْكَار على عَائِشَة ومراجعتها بالْكلَام انْتهى قَوْله وَمَا اعْتَمر الا وَهُوَ مَعَه اشارت عَائِشَة الى انه نسي لَا انه جهل أَمر رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إنْجَاح) قَوْله [2999] امْرَهْ ان يردف عَائِشَة الخ فِيهِ دَلِيل على جَوَاز الارداف إِذا كَانَت الدَّابَّة مطيقة وَفِيه جَوَاز ارداف الرجل المراة من مَحَارمه وَالْخلْوَة بهَا وَلِهَذَا مجمع عَلَيْهِ وَقَوله فيعمرها من التَّنْعِيم من الاعمار وَفِيه دَلِيل لما قَالَه الْعلمَاء ان من كَانَ بِمَكَّة وَأَرَادَ الْعمرَة فميقاته لَهَا أدنى اكحل وَلَا يجوز ان يحرم بهَا فِي الْحرم وان احرم بهَا فِي الْحرم لزمَه دم لتَركه الْمِيقَات وَيصِح عمرته وَقَالَ مَالك لَا يجْزِيه حَتَّى يخرج الى الْحل قَالَ الْعلمَاء وَإِنَّمَا وَجب الْخُرُوج الى الْحل ليجمع فِي نُسكه بَين الْحل وَالْحرم كَمَا ان الْحَاج يجمع بَينهمَا فَإِنَّهُ يقف بِعَرَفَات وَهِي فِي الْحل ثمَّ يدْخل مَكَّة للطَّواف وَغَيره قَالَ القَاضِي لَا بُد من احرامه من التَّنْعِيم خَاصَّة قَالُوا وَهُوَ مِيقَات للمعتمرين من مَكَّة وَهَذَا شَاذ وَالْجُمْهُور على ان جَمِيع جِهَات الْحل سَوَاء لَا يخْتَص بِالتَّنْعِيمِ (فَخر) قَوْله [3000] فَكَانَ من الْقَوْم من أهل بِعُمْرَة الخ هَذَا الحَدِيث يدل على ان بَعضهم كَانُوا متمتعين وَبَعْضهمْ مفردين بِالْحَجِّ وَحَدِيث أبي سعيد رَوَاهُ مُسلم وَهُوَ خرجنَا مَعَ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نصرخ بِالْحَجِّ صراخا يدل على انهم كَانُوا مفردين بِالْحَجِّ وَحَدِيث أنس رَوَاهُ البُخَارِيّ وَهُوَ كنت رَدِيف أبي طَلْحَة وانهم ليصرخون بهما جَمِيعًا الْحَج وَالْعمْرَة وَحَدِيث الشَّيْخَيْنِ عَن عَائِشَة يدل على ان بَعضهم كَانُوا متمتعين وَبَعْضهمْ كَانُوا قارنين وَبَعْضهمْ كَانُوا مفردين وَوجه الْجمع ان الْفِعْل ينْسب الى الْأَمر كَقَوْلِك ضرب الْأَمِير فلَانا أَي أَمر بضربه وَكَانَ من أَصْحَاب النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُم الْمُفْرد وَمِنْهُم الْقَارِن وَمِنْهُم الْمُتَمَتّع وكل ذَلِك مِنْهُم بصدد بأَمْره وتعليمه فَجَاز ان يُضَاف كل ذَلِك اليه وَكَذَلِكَ اخْتلفت الاخبار فِي فعله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَل كَانَ قَارنا وَفِيه أَحَادِيث كَثِيرَة مروية عَن سَبْعَة عشر من عِظَام الصَّحَابَة أَو كَانَ مُفردا بِالْحَجِّ وَفِيه أَيْضا أَحَادِيث كَثِيرَة وَجَاء فِي التَّمَتُّع أَيْضا أَحَادِيث صَحِيحَة وَذكروا فِي توفيقها وترجيحها فِي كَونه قَارنا وُجُوهًا مُتَعَددًا مِنْهَا مَا قَالَ النَّوَوِيّ وَالصَّحِيح انه كَانَ مُفردا اولا ثمَّ احرم بِالْعُمْرَةِ بعد ذَلِك فَصَارَ قَارنا فَمن روى وَالْقرَان اعْتبر اخر الْأَمر وَمن روى التَّمَتُّع أَرَادَ التَّمَتُّع اللّغَوِيّ وَهُوَ الِانْتِفَاع والارتفاق وَقد ارتفق بالقران كارتفاق التَّمَتُّع وَزِيَادَة وَهِي الِاقْتِصَار على فعل وَاحِد كَذَا فِي الطَّيِّبِيّ واللمعات قَوْله

[3003] اعْتَمر رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَربع عمر الخ أَقُول كَانَت إِحْدَاهُنَّ فِي ذِي الْقعدَة عَام الْحُدَيْبِيَة سنة سِتّ من الْهِجْرَة وصدوا فِيهَا فتحللوا وحسبت لَهُم عمْرَة وَالثَّانيَِة فِي ذِي الْقعدَة وَهِي سنة سبع وَهِي عمْرَة الْقَضَاء وَالثَّالِثَة فِي ذِي الْقعدَة سنة ثَمَان وَهِي عَام الْفَتْح وَالرَّابِعَة مَعَ حجَّته وَكَانَ احرامها فِي ذِي الْقعدَة وأعمالها فِي ذِي الْحجَّة وَفِي الْعَيْنِيّ قَالَ بن حبَان فِي صَحِيحه ان عمْرَة الْجِعِرَّانَة كَانَت فِي شَوَّال قَالَ الْمُحب الطَّبَرِيّ وَلم ينْقل ذَلِك أحد غَيره فِيمَا علمت وَالْمَشْهُور انها فِي ذِي الْقعدَة وَأما قَول بن عمر ان إِحْدَاهُنَّ فِي رَجَب فقد انكرته عَائِشَة وَسكت بن عمر حِين انكرته قَالَ الْعلمَاء هَذَا يدل على انه اشْتبهَ عَلَيْهِ أَو نسي أَو شكّ وَلِهَذَا سكت عَن الْإِنْكَار على عَائِشَة فَهَذَا الَّذِي ذكرته هُوَ الصَّوَاب وَأما القَاضِي عِيَاض فَقَالَ ذكر بن عَبَّاس وَكَذَا أنس ان الْعمرَة الرَّابِعَة كَانَت مَعَ حجَّته فَيدل على انه كَانَ قَارنا وَقد رده كثير من الصَّحَابَة قَالَ وَقد قُلْنَا ان الصَّحِيح ان النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ مُفردا أَو هَذَا يرد قَول بن عَبَّاس وَأنس وَردت عَائِشَة قَول بن عمر رَضِي قَالَ فَحصل ان الصَّحِيح ثَلَاث عمر وَلَا يعلم للنَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اعتمار الا مَا ذَكرْنَاهُ وَاعْتمد مَالك فِي الْمُوَطَّأ على انهن ثَلَاث عمر هَذَا كَلَام القَاضِي وَهُوَ قَول بَاطِل وَالصَّوَاب انه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اعْتَمر أَربع عمر كَمَا صرح بِهِ بن عَبَّاس وَابْن عمر وَأنس وجزموا الرِّوَايَة بِهِ فَلَا يجوز رد روايتهم بِغَيْر جازم وَأما قَوْله ان النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ فِي حجَّة الْوَدَاع مُفردا لَا قَارنا فَلَيْسَ كَمَا قَالَ بل الصَّوَاب ان النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ مُفردا فِي أول احرامه ثمَّ احرم بِالْعُمْرَةِ فَصَارَ قَارنا وَلَا بُد من هَذَا التَّأْوِيل قَالَ الْعلمَاء وَإِنَّمَا اعْتَمر النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذِه الْعُمر فِي ذِي الْقعدَة لفضيلة هَذَا الشَّهْر ولمخالفة الْجَاهِلِيَّة فِي ذَلِك فَإِنَّهُم كَانُوا يرونه من افجر الْفُجُور فَفعله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّات فِي هَذِه الْأَشْهر ليَكُون بَالغ فِي بَيَان جَوَازه فِيهَا وأبلغ فِي ابطال مَا كَانَت الْجَاهِلِيَّة عَلَيْهِ نووي مَعَ زِيَادَة [3009] فِي وَادي نمرة وَهِي كفرحة يَعْنِي بِكَسْر ثَانِيَة وَفتح أَوله مَوضِع بِعَرَفَات أَو الْحَبل الَّذِي عَلَيْهِ انصاب الْحرم عَليّ يَمِينك خَارِجا من المازيين تُرِيدُ الْموقف ومسجدها مَعْرُوف كَذَا فِي الْقَامُوس إنْجَاح الْحَاجة قَوْله [3011] كُنَّا وقوفا فِي مَكَان نباعده أَي نظن مَكَان وقوفنا بَعيدا من موقف الامام وَفِي التِّرْمِذِيّ وَأبي دَاوُد ويباعده عمر وَمن موقف الامام جدا كَذَا فِي بعض الْحَوَاشِي قَوْله فَأَتَانَا بن مربع بِكَسْر الْمِيم وَسُكُون الرَّاء بعْدهَا مُوَحدَة مَفْتُوحَة ذكره فِي تَرْجَمَة زيد بن مربع وَقَالَ صَحَابِيّ أَكثر مَا يَجِيء مُبْهما وَقيل اسْمه يزِيد وَقيل عبد الله (إنْجَاح) قَوْله [3013] دَعَا لامته عَشِيَّة عَرَفَة الخ العشية من الزَّوَال الى غرُوب الشَّمْس وَهَذَا الحَدِيث أخرجه أَبُو دَاوُد فِي الْأَدَب وَالْبَيْهَقِيّ فِي كتاب الْبَعْث والنشور نَحوه وللحافظ بن حجر كتاب مؤلف سَمَّاهُ قُوَّة الْحجَّاج فِي عُمُوم الْمَغْفِرَة للحجاج رد فِيهِ على بن الْجَوْزِيّ حَيْثُ حكم على هَذَا الحَدِيث بِالْوَضْعِ وَأورد فهيه شَوَاهِد للْحَدِيث تَقْتَضِي قوته فَليُرَاجع حَاشِيَة السُّيُوطِيّ كَذَا ذكره بعض المحشين (إنْجَاح) قَوْله دَعَا لامته عَشِيَّة عَرَفَة الخ هَذَا الحَدِيث أوردهُ بن الْجَوْزِيّ فِي الموضوعات وَأعله بكنانة فَإِنَّهُ مُنكر الحَدِيث جدا ورد عَلَيْهِ الْحَافِظ بن حجر فِي مؤلف سَمَّاهُ قُوَّة الْحجَّاج فِي عُمُوم الْمَغْفِرَة للحجاج قَالَ فِيهِ حكم بن الْجَوْزِيّ على هَذَا الحَدِيث بِأَنَّهُ مَوْضُوع مَرْدُود فَإِن الَّذِي ذكره لَا ينتهض دَلِيلا على كَونه مَوْضُوعا وَقد اخْتلف قَول بن حبَان فِي كنَانَة فَذكره فِي الثِّقَات وَذكره فِي الضُّعَفَاء وَذكر بن مندة انه قيل ان لَهُ روية من النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَولده عبد الله فِيهِ كَلَام بن حبَان أَيْضا وكل ذَلِك لَا يَقْتَضِي الحكم على الحَدِيث بِالْوَضْعِ بل غَايَته ان يكون ضَعِيفا ويعتضده بِكَثْرَة طرقه وَهُوَ بمفرده يدْخل فِي حد المحسن على رَأْي التِّرْمِذِيّ وَلَا سِيمَا بِالنّظرِ فِي مَجْمُوع طرقه وَقد اخْرُج أَبُو دَاوُد فِي سنَنه طرفا مِنْهُ وَسكت عَلَيْهِ فَهُوَ صَالح عِنْده وَأخرجه الْحَافِظ غياث الدّين الْمَقْدِسِي فِي الْأَحَادِيث المختارة مَا لَيْسَ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَقَالَ الْبَيْهَقِيّ بعد ان أخرجه فس شعب الْإِيمَان هَذَا الحَدِيث لَهُ شَوَاهِد كَثِيرَة قد ذَكرنَاهَا فِي كتاب الْبَعْث فَإِن صَحَّ شواهده فَفِيهِ الْحجَّة وان لم يَصح فقد قَالَ الله تَعَالَى وَيغْفر مَا دون ذَلِك لمن يَشَاء وظلم بَعضهم بَعْضًا دون الشّرك وَقد جَاءَ لهَذَا الحَدِيث شَوَاهِد فِي أَحَادِيث صِحَاح انْتهى مِصْبَاح الزجاجة قَوْله [3014] مَا من يَوْم أَكثر الخ قَالَ أَبُو الْبَقَاء أَكثر مَرْفُوع وَصفا ليَوْم على الْموضع لِأَن تَقْدِيره مَا يَوْم وَمن زَائِدَة وعبدا نَصبه بيعتق وَالتَّقْدِير مَا يَوْم أَكثر عتقا من هَذَا الْيَوْم وَيكون عبدا على هَذَا جِنْسا فِي مَوضِع الْجمع أَي من ان يعْتق عبيدا وَيجوز ان يكون التَّقْدِير أَكثر عبدا يعتقهُ الله فعبدا مَنْصُوب على التميز بِأَكْثَرَ وَمن زَائِدَة وموضعه نعت لعبد وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ روينَا أَكثر رفعا ونصبا فرفعه على التميمية ونصبه على الحجازية وَهُوَ فِي الْحَالين خبر لَا وصف والمجروران بعده مبينان فَمن يَوْم عَرَفَة يبين الأكثرية مَا هِيَ وَمن ان يعْتق يبين الْمُمَيز وتقديرالكلام مَا يَوْم أَكثر من يَوْم عَرَفَة عتقا من النَّار وَقَالَ الطَّيِّبِيّ مَا بِمَعْنى لَيْسَ واسْمه يَوْم وَمن زَائِدَة وَأكْثر خَبره وَمن الثَّانِيَة أَيْضا زَائِدَة وَمن يَوْم عَرَفَة مُتَعَلق بِأَكْثَرَ أَي لَيْسَ يَوْم أَكثر عتاقه فِيهِ من يَوْم عَرَفَة قَوْله وَأَنه ليدنو قَالَ الْبَيْضَاوِيّ لما كَانَ الْحَج عَرَفَة وَالْحج يهدم مَا قبله كَانَ مَا فِي عَرَفَة من الْخَلَاص عَن الْعَذَاب وَالْعِتْق من النَّار أَكثر مَا يكون فِي سَائِر الْأَيَّام وَلما كَانَ النَّاس يَتَقَرَّبُون الى الله تَعَالَى فِي ذَلِك الْيَوْم بأعظم القربات وَالله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ابر بهم والطف مِنْهُ فِي سَائِر الْأَيَّام عبر عَن هَذَا الْمَعْنى بالدنو مِنْهُم فِي الْموقف أَي يدنو مِنْهُم بفضله وَرَحمته قَوْله ثمَّ يباهي بهم الْمَلَائِكَة أَي يفاخر بهم وَالْمعْنَى انه يُحِلهُمْ من قربه وكرامته مَحل الشَّيْء المباهي بِهِ انْتهى (زجاجة) قَوْله لَيْلَة جمع وَهِي اللَّيْلَة الْعَاشِرَة وَالْجمع علم للمزدلفة اجْتمع فِيهَا ادم وحوا لما اهبطا كَذَا فِي الْمجمع (إنْجَاح) قَوْله [3015] قَالَ الْحَج عَرَفَة يَعْنِي ان الرُّكْن الْأَعْظَم لِلْحَجِّ هوالوقوف بهَا كَأَنَّهَا هِيَ الْحَج فَإِن إِدْرَاك الْحَج مَوْقُوف على إِدْرَاك الْوُقُوف بهَا حَتَّى ان من اخر الْوُقُوف بهَا حَتَّى خرج وقته فقد فَاتَهُ الْحَج بِخِلَاف سَائِر احكامه فبتأخيرها لَا يفوت الْحَج (إنْجَاح) قَوْله

[3016] اني انضيت رَاحِلَتي أَي هزلتها وجعلتها نضوا بِكَسْر النُّون وَسُكُون الضَّاد دَابَّة هزلتها الْأَسْفَار واذهبت لَحمهَا كَذَا فِي الْمجمع وَقَالَ فِي الْقَامُوس وانضاه هزله وَأَعْطَاهُ نضوا وَالثَّوْب ابلاه كانتضاه انْتهى وَفِي رِوَايَة التِّرْمِذِيّ فَقلت يَا رَسُول الله اني جِئْت من جبل طي اكللت رَاحِلَتي أَي اتعبتها فحاصل معنى انضيت واكللت وَاحِد إنْجَاح من حَبل بِالْحَاء الْمُهْملَة التل المستطيل من الرمل وَقيل الضخم مِنْهُ وَهُوَ المنضبط هَهُنَا وان كَانَ من الْحِجَارَة فَهُوَ بِالْجِيم والتفث مَا يَفْعَله الْمحرم إِذا حل كقص الشَّارِب والاظفار وَحلق الْعَانَة وَقيل اذهاب الشعث والدرن والوسخ مُطلقًا كَذَا فِي الدّرّ النثير (إنْجَاح) قَوْله [3017] يسير حِين دفع أَي انْصَرف والعنق بِالْمُهْمَلَةِ وَالنُّون المفتوحتين وبالقاف السّير السَّرِيع والفجوة هِيَ مَوضِع متسع بَين الشَّيْئَيْنِ وَالنَّص التحريك حَتَّى يتَخَرَّج أقْصَى سير النَّاقة واصله أقْصَى الشَّيْء وغايته ثمَّ سمى بِهِ ضرب من السّير السَّرِيع كَذَا فِي الْمجمع (إنْجَاح) قَوْله [3018] نَحن قواطن الْبَيْت أَي سكان حرم الله قطن قطونا أَقَامَ أَو خدام بَيت الله من قَوْلهم قطن فلَانا خدمه فَهُوَ قاطن جمعه قطان وقاطنة وقطين كَذَا فِي الْقَامُوس فالقواطن جمع قاطن على خلاف الْقيَاس أَو جمع قاطنة جمع قاطن (إنْجَاح) قَوْله [3019] ثمَّ لم يحل أحد أَي رحالهم وَالْغَرَض انهم جمعُوا بَين العشائين بِلَا فاصلة فَإِن حل الرّحال يَقْتَضِي الفاصلة (إنْجَاح) قَوْله [3021] فَلَمَّا انخنا الخ أَي فَلَمَّا اجلسنا رواحلنا حكم بِصَلَاة الْعشَاء بِإِقَامَة جَدِيدَة وَلم يُكَرر للاذان لَهَا (إنْجَاح) قَوْله [3022] اشرق ثبير الخ بِفَتْح مُثَلّثَة وَكسر مُوَحدَة منادى أَي ليطلع عَلَيْك الشَّمْس كي نفيض وَكَانُوا لَا يفيضون الا بعد ظُهُور نور الشَّمْس على الْجبَال فخالفهم النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَفَاضَ قبل الطُّلُوع وَهُوَ جبل عَظِيم بِمُزْدَلِفَة يسَار الذَّاهِب الى منى وبمكة خَمْسَة جبال تسمى ثبيرا كَذَا فِي الْمجمع (إنْجَاح) قَوْله اشرق ثبير كَيْمَا نغير قَالَ فِي النِّهَايَة ثبير جبل بمنى أَي ادخل أَيهَا الْجَبَل فِي الشروق وَهُوَ ضوء الشَّمْس كَيْمَا نغير أَي ندفع للنحر وَذكر بَعضهم ان أَيَّام التَّشْرِيق بِهَذَا سميت وَقَالَ فِي حرف الْعين كَيْمَا نعير أَي نَذْهَب سَرِيعا يُقَال اعار يعير إِذا أسْرع فِي الْعَدو وَقيل أَرَادَ نغير على لُحُوم الْأَضَاحِي من الاغارة والنهب (زجاجة) قَوْله [3023] بِمثل حَصى الْخذف بِفَتْح الْخَاء وَسُكُون الذَّال الْمُعْجَمَة رميك حَصَاة أَو نواة تَأْخُذ مَا بَين اصبعيك وَتَرْمِي بهَا (إنْجَاح) قَوْله واوضع أَي أسْرع الدَّابَّة فِي وادى المحسر بِضَم مِيم وَكسر سين مُشَدّدَة لِأَن قيل أَصْحَاب الْفِيل حسر فِيهِ أَي اعيي كَذَا فِي الْمجمع وَالطِّيبِي وَقَالَ فِي در الْمُخْتَار وَهُوَ وَاد بَين منى ومزدلفة فَلَو وقف بِهِ لم يحز على الْمَشْهُور انْتهى (إنْجَاح) قَوْله [3024] تطول عَلَيْكُم أَي تفضل وتكرم عَلَيْكُم بِأَن اعطاكم فَوق أَعمالكُم بَان وهب مسيئكم لمحسنكم أَي بِقبُول شَفَاعَة الْمُحْسِنِينَ ودعائهم غفر لمسيئكم أَيْضا (إنْجَاح) قَوْله [3025] اغيلمة بني عبد الْمطلب بدل من ضمير قدمنَا قَالَ فِي النِّهَايَة هُوَ تَصْغِير اغلمة جمع غُلَام خلاف الْقيَاس إِذْ لم يرو فِي جمعه اغلمة وانما قَالُوا غلمة وَمثله اصبية جمع صبية وَيُرِيد بالاغيلمة الصّبيان وَلذَلِك صغرهم واللطح بحاء مُهْملَة الضَّرْب بالكف وَلَيْسَ بالشديد (إنْجَاح) قَوْله ابيني بِضَم الْهمزَة ثمَّ مُوَحدَة مَفْتُوحَة ثمَّ يَاء سَاكِنة ثمَّ نون مَكْسُورَة ثمَّ يَاء مُشَدّدَة قيل هُوَ تَصْغِير ابْني كاعمى وَهُوَ اسْم مُفْرد يدل على الْجمع أَو جمع بن مَقْصُورا كَمَا جَاءَ مَمْدُود أَبنَاء كَذَا فِي فتح الْوَدُود حَاشِيَة سنَن أبي دَاوُد (إنْجَاح) قَوْله [3027] كَانَت امْرَأَة ثبطة هِيَ بِفَتْح الثَّاء الْمُثَلَّثَة وَكسر الْبَاء الْمُوَحدَة واسكانها وَفَسرهُ فِي الْمُسلم بِأَنَّهَا الثَّقِيلَة أَي ثَقيلَة الْحَرَكَة بطيئة من التثبيط وَهُوَ التعويق (نووي) قَوْله [3028] بِمثل حَصى الْخذف قَالَ النَّوَوِيّ فِيهِ دَلِيل على اسْتِحْبَاب كَون الْحَصَى فِي هَذَا الْقدر وَهُوَ كَقدْر رحبة الباقلا وَلَو رمى بأكبر أَو أَصْغَر جَازَ مَعَ الْكَرَاهَة انْتهى قلت والخذف هُوَ رميك حَصَاة أَو نواة تأخذها بَين سبابتيك ترمي بهَا أَو تتَّخذ فخذفته من خشب ثمَّ ترمي بهَا الْحَصَاة بَين ابهامك والسبابة انْتهى فِي الْهِدَايَة كَيْفيَّة الرَّمْي ان يضع العصاة على ظهر إبهامه ويستعين بالمسبحة قَالَ بن الْحمام هَذَا التَّفْسِير يحْتَمل وَجْهَيْن أَحدهمَا ان يضع طرف إبهامه الْيُمْنَى على وسط السبابَة وَيَضَع الْحَصَاة على ظهر الْإِبْهَام كَأَنَّهُ عَاقد سبعين فيرميها والاخر ان يحلق سبابته ويضعها على مفصل إبهامه كَأَنَّهُ عَاقد عشرَة انْتهى قَوْله

[3030] لما اتى عبد الله بن مَسْعُود الخ قَالَ النَّوَوِيّ فِي هَذَا الحَدِيث فَوَائِد مِنْهَا اثبات رمي جَمْرَة الْعقبَة يَوْم النَّحْر وَهُوَ مجمع عَلَيْهِ وَهُوَ وَاجِب وَهُوَ أحد أَسبَاب التَّحَلُّل وَهِي ثَلَاثَة رمي جَمْرَة الْعقبَة يَوْم النَّحْر فطواف الافاضة مَعَ سَعْيه ان لم يكن سعى وَالثَّالِث الْحلق عِنْد من يَقُول انه نسك وَهُوَ الصَّحِيح فَلَو ترك رمي جَمْرَة الْعقبَة حَتَّى فَاتَت أَيَّام التَّشْرِيق فحجه صَحِيح وَعَلِيهِ دم هَذَا قَول الشَّافِعِي وَأبي حنيفَة وَالْجُمْهُور وَقَالَ بعض أَصْحَاب مَالك الرَّمْي ركن لَا يَصح الْحَج الا بِهِ وَحكى بن جرير عَن بعض النَّاس ان رمي الْجمار إِنَّمَا شرع حفظ للتكبير وَلَو تَركه وَكبر اجزأه وَنَحْوه عَن عَائِشَة وَالصَّحِيح الْمَشْهُور مَا قدمْنَاهُ وَمِنْهَا كَون الرَّمْي سبع حَصَيَات وَهُوَ مجمع عَلَيْهِ وَمِنْهَا اسْتِحْبَاب التَّكْبِير مَعَ كل حَصَاة وَهُوَ مَذْهَب الْعلمَاء كَافَّة قَالَ القَاضِي واجمعوا على انه لَو ترك التَّكْبِير لَا شَيْء عَلَيْهِ وَمِنْهَا اسْتِحْبَاب كَون الرَّمْي من بطن الْوَادي فَيُسْتَحَب ان يقف تحتهَا فِي بطن الْوَادي فَيجْعَل مَكَّة عَن يسَاره وَمنى عَن يَمِينه وَيسْتَقْبل الْعقبَة والجمرة ويرميها بالحصيات السَّبع وَهَذَا هُوَ الصَّحِيح وَبِه قَالَ جُمْهُور الْعلمَاء وَقَالَ بعض أَصْحَابنَا يسْتَحبّ أَن يقف مُسْتَقْبل الْكَعْبَة وَتَكون الْجَمْرَة عَن يَمِينه كَمَا يدل عَلَيْهِ رِوَايَة بن ماجة وَالصَّحِيح الأول وَقَالَ بعض أَصْحَابنَا وَيسْتَحب أَن يقف مُسْتَقْبل الْجَمْرَة مستد برماكة وَأَجْمعُوا على أَنه من حَيْثُ رَمَاهَا جَازَ سَوَاء اسْتَقْبلهَا أَو جعلهَا عَن يَمِينه أَو عَن يسَاره أَو رَمَاهَا من فَوْقهَا أَو اسفلها أَو وقف فِي وَسطهَا ورماها واما رمي بَاقِي الجمرات فِي أَيَّام التَّشْرِيق فَيُسْتَحَب من فَوْقهَا انْتهى مَعَ تَغْيِير يسير قَوْله رمي الَّذِي أنزلت الخ فِيهِ جَوَاز قَول سُورَة الْبَقَرَة وَسورَة النِّسَاء وَغَيرهمَا وَبِهَذَا قَالَ جَمَاهِير الْعلمَاء وَإِنَّمَا خص البقرةلأن مُعظم احكام الْمَنَاسِك فِيهَا فَكَأَنَّهُ قَالَ هَذَا مقَام من أنزلت عَلَيْهِ الْمَنَاسِك وَأخذ عَنهُ الشَّرْع وَبَين الاحكام فاعتمدوه وَأَرَادَ بذلك الرَّد على من يَقُول يقطع التَّلْبِيَة من الْوُقُوف بِعَرَفَات (فَخر) قَوْله [3037] فِي البيتوتة أَي فِي منى يَعْنِي رخص فِي تَركهَا ليَالِي أَيَّام التَّشْرِيق لأَنهم مشغلون برعي الْإِبِل وحفظها فلواخذوا بالْمقَام وَالْمَبِيت بمنى لضاعت أَمْوَالهم (إنْجَاح) قَوْله [3038] فلبينا عَن الصّبيان ورمينا عَنْهُم وَفِي رِوَايَة التِّرْمِذِيّ عَن جَابر كُنَّا إِذا حجَجنَا مَعَ النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُنَّا نلبي عَن النِّسَاء ونرمي عَن الصّبيان قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيث غَرِيب لَا نعرفه الا من هَذَا الْوَجْه وَقد اجْمَعْ أهل الْعلم ان الْمَرْأَة لَا يُلَبِّي عَنْهَا غَيرهَا بل هِيَ تلبي وَيكرهُ لَهَا رفع الصَّوْت بِالتَّلْبِيَةِ وَفِي در الْمُخْتَار فَلَو أحرم صبي عَاقل أَو احرم عَنهُ أَبوهُ صَار محرما وَيَنْبَغِي ان يجرده قبله ويلبسه ازارا أَو رِدَاء مَبْسُوطا وَظَاهره ان احرامه عَنهُ مَعَ عقله صَحِيح فَمنع عَدمه أولى انْتهى (إنْجَاح) قَوْله [3039] حَتَّى رمى جَمْرَة الْعقبَة قَالَ النَّوَوِيّ هَذَا دَلِيل على انه يستديم التَّلْبِيَة حَتَّى يشرع فِي رمي جَمْرَة الْعقبَة غَدَاة يَوْم النَّحْر وَهَذَا مَذْهَب أبي حنيفَة وَالثَّوْري وَالشَّافِعِيّ وَأبي ثَوْر وجماهير الْعلمَاء من الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ وفقهاء الْأَمْصَار وَمن بعدهمْ وَقَالَ الْحسن الْبَصْرِيّ يُلَبِّي حَتَّى يُصَلِّي الصُّبْح يَوْم عَرَفَة ثمَّ يقطع وَحكى عَن عَليّ وَابْن عمر وَعَائِشَة وَمَالك وَجُمْهُور فُقَهَاء الْمَدِينَة انه يُلَبِّي حَتَّى تَزُول الشَّمْس يَوْم عَرَفَة وَلَا يُلَبِّي بعد الشُّرُوع فِي الْوُقُوف وَقَالَ أَحْمد وَإِسْحَاق وَبَعض السّلف يُلَبِّي حَتَّى يفرغ من رمي جَمْرَة الْعقبَة وَدَلِيل الشَّافِعِي وَأبي حنيفَة وَالْجُمْهُور هَذَا الحَدِيث الصَّحِيح وَغَيره وَلَا حجَّة للآخرين فِي مخالفتها فَيتَعَيَّن اتِّبَاع السّنة انْتهى قَوْله [3043] اللَّهُمَّ اغْفِر المحلقين قد أجمع الْعلمَاء على جَوَاز الِاقْتِصَار على أحد الامرين ان شَاءَ اقْتصر على الْحلق وان شَاءَ على التَّقْصِير وعَلى ان الْحلق أفضل من التَّقْصِير الا مَا حَكَاهُ بن الْمُنْذر عَن الْحسن الْبَصْرِيّ انه كَانَ يَقُول يلْزمه الْحلق فِي أول حجَّة وَلَا يجْزِيه التَّقْصِير وَهَذَا ان صَحَّ عَنهُ مَرْدُود بالنصوص وَإِجْمَاع من قبله ومذهبنا الْمَشْهُور الْحلق أَو التَّقْصِير نسك من مَنَاسِك الْحَج وَالْعمْرَة وَبِهَذَا قَالَ الْعلمَاء كَافَّة وَأَقل مَا يجزى من الْحلق أَو التَّقْصِير عِنْد الشَّافِعِي ثَلَاث شَعرَات وَعند أبي حنيفَة ربع الرَّأْس وَعند أبي يُوسُف نصف الرَّأْس وَعند مَالك وَأحمد أَكثر الرَّأْس وَعَن مَالك فِي رِوَايَة انه كل الرَّأْس واجمعوا ان الْأَفْضَل حلق جَمِيعه أَو تَقْصِير جَمِيعه وَلَا ينقص فِي التَّقْصِير عَن قدر الا نملة من أَطْرَاف الشّعْر والمشروع فِي حق النِّسَاء وَالتَّقْصِير وَيكرهُ لَهُنَّ الْحلق فَلَو حلقن حصل النّسك وَيقوم مقَام الْحلق وَالتَّقْصِير النتف والاحراق والقص وَغير ذَلِك من أَنْوَاع إِزَالَة الشّعْر وَأَيْضًا اتّفق الْعلمَاء على ان الْأَفْضَل فِي الْحلق وَالتَّقْصِير ان يكون بعد رمي جَمْرَة الْعقبَة وَبعد ذبح الْهدى ان كَانَ مَعَه وَقبل طواف الافاضة سَوَاء كَانَ قَارنا أَو مُفردا وَوجه فَضِيلَة الْحلق على التَّقْصِير انه ابلغ فِي الْعِبَادَة وَأول على صدق النِّيَّة فِي التذلل لله تَعَالَى وَلِأَن المقصر سبق على نَفسه الشّعْر الَّذِي هُوَ زِينَة والحاج مَأْمُور بترك الزِّينَة بل هُوَ أَشْعَث اغبر وَالله اعْلَم كَذَا فِي النَّوَوِيّ قَوْله [3045] لم ظَاهَرت أَي نصرت واعنت لَهُم بِالدُّعَاءِ ثَلَاث مَرَّات قَالَ فِي الْمجمع نَاقِلا من النِّهَايَة ظَاهر بَين درعين أَي جمع لبس أَحدهمَا فَوق أُخْرَى وَكَأَنَّهُ من التظاهر التعاون انْتهى (إنْجَاح) قَوْله لم يشكوا أَي لم يوقعوا أنفسهم فِي الشَّك بل ائْتَمرُوا بِمَا أَمرهم الله تَعَالَى بِهِ وَفِيه دَلِيل على ان التَّقْدِيم فِي الذّكر لَا يَخْلُو عَن الْمصلحَة وَلذَلِك قَالَ النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على الصَّفَا نبدأ بِمَا بَدَأَ الله بِهِ ان الصَّفَا والمروة من شَعَائِر الله فَكَذَلِك فِي قَوْله تَعَالَى مُحَلِّقِينَ رؤسكم وَمُقَصِّرِينَ لَا تخافون (إنْجَاح) قَوْله

[3046] انى لبدت رَأْسِي التلبيد ان يَجْعَل فِي الشّعْر شَيْء من صمغ عِنْد الْإِحْرَام لِئَلَّا يشعث ويقمل ابقاء على الشّعْر من طول مكثه فِي الْإِحْرَام وَقَالَ الطَّيِّبِيّ هُوَ ضفر الرَّأْس بصمغ أَو عسل أَو خطى انْتهى فَإِن قيل أَي دخل للتلبيد فِي عدم الاحلال قلت هُوَ بَيَان انه مستعد من أول الْأَمر بِأَن يَدُوم احرامه الى ان يبلغ الْهدى مَحَله إِذْ التلبيد إِنَّمَا يحْتَاج اليه من طَال امد احرامه (فَخر) قَوْله [3048] منى كلهَا منحر وَزَاد مُسلم فَانْحَرُوا فِي رحالكُمْ يَعْنِي ان مناكلها منحر يجوز النَّحْر فِيهَا فَلَا تتكلفوا النَّحْر فِي مَوضِع نحري بل يجوز لكم النَّحْر فِي مَنَازِلكُمْ من منى قَوْله وكل فجاج مَكَّة بِالْكَسْرِ جمع فج بِالْفَتْح هُوَ الطَّرِيق الْوَاسِع بَين جبلين طَرِيق ومنحر يَعْنِي أَي طَرِيق يدْخل مَكَّة جَازَ وَفِي أَي مَوضِع مِنْهَا ينْحَر الْهدى جَازَ وان لم يكن طَرِيقا دخل أَو نحر فِيهِ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوْله وكل عَرَفَة موقف يَعْنِي ان عَرَفَة كلهَا موقف يجوز الْوُقُوف فِيهَا فَلَا تتكلفوا الْوُقُوف فِي مَوضِع وُقُوفِي بل يجوز الْوُقُوف فِي جُزْء من أَجزَاء عَرَفَات والعرفة اسْم للمكان الْمَخْصُوص وَقد يَجِيء بِمَعْنى الزَّمَان وَأما عَرَفَات بِلَفْظ الْجمع فَيَجِيء بِمَعْنى الْمَكَان فَقَط وَلَعَلَّ جمعه بِاعْتِبَار نواحيه وأطرافه قَالَ النَّوَوِيّ وَأما عَرَفَات فحدها جَاوز وَادي عُرَنَة الى الْجبَال الْقَابِلَة مِمَّا يَلِي بساتين بن عَامر هَكَذَا نَص عَلَيْهِ الشَّافِعِي وَجَمِيع اصحابه وَنقل الازرقي عَن بن عَبَّاس انه قَالَ حد عَرَفَات من جبل المشرف على بطن عُرَنَة الى جبال عَرَفَات الى وصيق بِفَتْح الْوَاو وَكسر الصَّاد الْمُهْملَة وَآخره قَاف الى ملتقى وصيق وَادي عُرَنَة وَقيل فِي حَدهَا غير هَذَا مِمَّا هُوَ مقارب لَهُ انْتهى قَوْله وكل الْمزْدَلِفَة موقف قَالَ النَّوَوِيّ الْمزْدَلِفَة فمعروفة سميت بذلك من التزلف والازدلاف وَهُوَ التَّقَرُّب لِأَن الْحجَّاج إِذا افاضوا من عَرَفَات ازدلفوا إِلَيْهَا أَي مضوا إِلَيْهَا وتقربوا مِنْهَا وَقيل سميت بذلك لمجيئ إِلَيْهَا فِي زلف من اللَّيْل أَي سَاعَات وَتسَمى جمعا لِاجْتِمَاع النَّاس فِيهَا وَأعلم ان الْمزْدَلِفَة كلهَا من الْحرم قَالَ الْأَزْرَقِيّ فِي تَارِيخ مَكَّة وَالْمَاوَرْدِيّ وأصحابنا فِي كتب الْمَذْهَب وَغَيرهم حد مُزْدَلِفَة مَا بَين مازمي عَرَفَة ووادي محسر وَلَيْسَ الحدان مِنْهَا وَيدخل فِي الْمزْدَلِفَة جَمِيع تِلْكَ الشعاب والحبال الدَّاخِلَة فِي الْحَد الْمَذْكُور انْتهى هَكَذَا فِي الشُّرُوح (فَخر) قَوْله [3049] لَا حرج اعْلَم ان افعال الْحَج يَوْم النَّحْر أَرْبَعَة الرَّمْي وَالذّبْح وَالْحلق وَالطّواف وَاخْتلفُوا فِي ان هَذَا التَّرْتِيب سنة أَو وَاجِب فَذهب جمَاعَة وَمِنْهُم الامام أَبُو حنيفَة وَمَالك الى الْوُجُوب وَقَالُوا المُرَاد بِنَفْي الْحَرج رفع الْإِثْم للْجَهْل وَالنِّسْيَان لَكِن الدَّم وَاجِب وَقَالَ الطَّيِّبِيّ ان بن عَبَّاس روى مثل هَذَا الحَدِيث وَأوجب الدَّم فلولا انه فهم ذَلِك وَعلم انه المُرَاد لما أَمر بِخِلَافِهِ لمعات قَوْله [3054] قد رما إِذا فرغ الخ لفظ قدر مَا بِصِيغَة الْمَاضِي أَي قدر مِقْدَار وَقت إِذا فرغ من رمى الْجمار صلى الظّهْر فِي مَسْجِد الْخيف وَأما بِصِيغَة الْمصدر وَكَانَ بِمحل الظّرْف من قَوْله يَرْمِي أَي يرْمى فِي وَقت لَو صَار الْفَرَاغ مِنْهُ لصار الْوَقْت وقتا مُعْتَادا لِلظهْرِ (إنْجَاح) قَوْله ثَلَاث لَا يغل عَلَيْهِنَّ قلب مُؤمن الخ لَا يغل بِفَتْح الْيَاء وَضمّهَا وبكسر الْغَيْن فَالْأول من الغل الحقد وَالثَّانِي من الاغلال الْخِيَانَة الْمَعْنى ان الْمُؤمن لَا يخون فِي هَذِه الثَّلَاثَة وَلَا يدْخلهُ دغل يُزِيلهُ عَن الْحق حِين يفعل شَيْئا من ذَلِك وَقد مر الحَدِيث مَعَ بَيَانه (إنْجَاح) قَوْله [3056] وَلُزُوم جَمَاعَتهمْ أَي مُوَافقَة للْمُسلمين فِي الِاعْتِقَاد وَالْعَمَل الصَّالح من صَلَاة الْجُمُعَة وَالْجَمَاعَة وَغير ذَلِك قَوْله فَإِن دعوتهم الخ الْمَعْنى ان دَعْوَة الْمُسلمين قد احاطت بهم فتحر سهم عَن كيد الشَّيْطَان وَعَن الضَّلَالَة كَذَا فِي شرح المشكوة (إنْجَاح) قَوْله [3057] على نَاقَته المخضرمة أَي مَقْطُوعَة طرف الْإِذْن وَهِي العضبا أَي كوش بريده قَوْله الا واني مستنقذ اناسا ومستنقذ مني اناس الخ الأول بكسرالقاف وَالثَّانِي بِفَتْحِهَا من الاستنقاذ وَهُوَ التَّمْيِيز والتخليص عَمَّا وَقع فِيهِ أَي اني طَالب نجاة اناس بشفاعتي لتخليصهم ومستنقذ مني اناس أَي وهم يخلصون ويباعدون مني وَيحكم بهم الى النَّار وَهَذَا إِشَارَة الى من ارْتَدَّ من الْعَرَب فِي خلَافَة الصّديق رَضِي الله عَنهُ وَهَذَا الحَدِيث فِيهِ غرابة من جِهَة بعض الْأَلْفَاظ كَمَا أَشَارَ اليه الْمُؤلف والا فَهُوَ بِمَعْنَاهُ مروى من رِوَايَة الشَّيْخَيْنِ إنْجَاح حَاشِيَة صفحة 22 قَوْله

باب نزول المحصب قال النووي في هذا الباب الأحاديث في نزول النبي صلى

[3062] زَمْزَم لما شرب لَهُ أَي لكل مُهِمّ من مهمات الدُّنْيَا وَالْآخِرَة اخْرُج هَذَا الحَدِيث الْحَاكِم وَصَححهُ الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب وَابْن حبَان وَمن الْمُتَقَدِّمين بن عُيَيْنَة وَمن الْمُتَأَخِّرين الْحَافِظ بن حجر واشتهر عَن الشَّافِعِي انه شربه للرمي فَكَانَ يُصِيب من كل عشرَة تِسْعَة وَلَا يُحْصى كم شرب من الْأَئِمَّة لامورنا لَو هابه وَبَعْضهمْ للعطش يَوْم الْقِيَامَة وَأولى مَا يشرب لتحقيق الْإِيمَان والثبات عَلَيْهِ وَهُوَ أفضل الْمِيَاه الْمَوْجُودَة حَتَّى الْكَوْثَر كَمَا صَحَّ عَن السراج البُلْقِينِيّ لِأَنَّهُ غسل من الصَّدْر الشريف وَالنَّظَر إِلَيْهَا وَالطهُور مِنْهَا يحط الْخَطَايَا وَمَا امتلى جَوف أحد من زَمْزَم الا مَلأ علما وَبرا وافردت فضائلها بالتأليف كَذَا ذكره شَيخنَا عَابِد السندي فِي حَاشِيَة الدّرّ إنْجَاح مَاء زَمْزَم لما شرب لَهُ هَذَا الحَدِيث مَشْهُور على الْأَلْسِنَة كثيرا وَاخْتلف الْحفاظ فِيهِ فَمنهمْ من صَححهُ وَمِنْهُم من حسنه وَمِنْهُم من ضعفه وَالْمُعْتَمد الأول وجازف من قَالَ ان حَدِيث الباذنجان لما أكل لَهُ أصح مِنْهُ فَإِن حَدِيث الباذنجان مَوْضُوع كذب مِصْبَاح الذجاجة قَوْله [3063] دخل رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْم الْفَتْح الْكَعْبَة الخ ثَبت من هَذَا الحَدِيث ان النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دخل الْكَعْبَة وَصلى فِيهَا بَين العمودين وَذكر مُسلم بِإِسْنَادِهِ عَن أُسَامَة وَابْن عَبَّاس ان النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعَا فِي نَوَاحِيهَا وَلم يصل وَأجْمع أهل الحَدِيث على الاخذ بِرِوَايَة بِلَال كَمَا فِي هَذَا الْكتاب لِأَنَّهُ مُثبت فمعه زِيَادَة علم فَوَجَبَ تَرْجِيحه وَالْمرَاد الصَّلَاة الْمَعْهُودَة ذَات الرُّكُوع وَالسُّجُود وَلِهَذَا قَالَ بن عمر ثمَّ لمت نَفسِي ان لَا اكون سألتة كم صلى وَأما نفي أُسَامَة فسببه انهم لما دخلُوا الْكَعْبَة اغلقوا الْبَاب وَاشْتَغلُوا بِالدُّعَاءِ فَرَأى أُسَامَة النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْعُو ثمَّ اشْتغل أُسَامَة بِالدُّعَاءِ فِي نَاحيَة من نواحي الْبَيْت وَالنَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي نَاحيَة أُخْرَى وبلال قريب مِنْهُ ثمَّ صلى النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَآهُ بِلَال رض لقُرْبه وَلم يره أُسَامَة لبعده وَكَانَت صَلَاة خَفِيفَة فَلم يرهَا أُسَامَة لاغلاق الْبَاب مَعَ بعده واشتغاله بِالدُّعَاءِ وَجَاز لَهُ نَفيهَا عملا بظنه واما بِلَال فحققها فَأخْبر بهَا وَاخْتلف الْعلمَاء فِي الصَّلَاة فِي الْكَعْبَة إِذا صلى مُتَوَجها الى جِدَار مِنْهَا أَو الى الْبَاب وَهُوَ مَرْدُود فَقَالَ الشَّافِعِي وَالثَّوْري وَأَبُو حنيفَة وَأحمد وَالْجُمْهُور يَصح فِيهَا صَلَاة النَّفْل وَصَلَاة الْفَرْض وَقَالَ مَالك تصح فِيهَا صَلَاة النَّفْل الْمُطلق وَلَا يَصح الْفَرْض وَلَا الْوتر وَلَا رَكعَتَا الْفجْر وَلَا رَكعَتَا الطّواف وَقَالَ مُحَمَّد بن جرير واصبنع الْمَالِكِي وَبَعض أهل الظَّاهِر لَا تصح فِيهَا صَلَاة ابدا لَا فَرِيضَة وَلَا نَافِلَة وَحَكَاهُ القَاضِي عَن بن عَبَّاس أَيْضا وَدَلِيل الْجُمْهُور حَدِيث بِلَال وَإِذا صحت النَّافِلَة صحت الْفَرِيضَة لِأَنَّهُمَا فِي الْموضع سَوَاء فِي الِاسْتِقْبَال فِي حَال النُّزُول وَإِنَّمَا يَخْتَلِفَانِ فِي الِاسْتِقْبَال فِي حَال السّير فِي السّفر قَوْله فاغلقوها إِنَّمَا اغلقوا الْبَاب عَلَيْهِم ليَكُون اسكن لقُلُوبِهِمْ واجمع لخشوعهم وَلِئَلَّا يجْتَمع النَّاس ويدخلوا ويزدحموا فِينَا لَهُم ضَرَر ويتهوش عَلَيْهِم الْحَال بِسَبَب لغطهم قَوْله صلى على وَجهه حِين دخل بَين العمودين عَن يَمِينه هَكَذَا هُوَ هُنَا وَفِي رِوَايَة الْمُسلم جعل عمودين عَن يسَاره وعمودا عَن يَمِينه وَفِي رِوَايَة للْبُخَارِيّ عمودين عَن يَمِينه وعمودا عَن يسَاره وَهَكَذَا هُوَ فِي الْمُوَطَّأ وَفِي سنَن أبي دَاوُد وَكله من رِوَايَة مَالك وَفِي رِوَايَة البُخَارِيّ عمودا عَن يَمِينه وعمودا عَن يسَاره وَفِي هَذَا الحَدِيث دَلِيل على ان دُخُوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْكَعْبَة وَصلَاته فِيهَا كَانَ يَوْم الْفَتْح وَهَذَا لَا خلاف فِيهِ وَلم يكن يَوْم حجَّة الْوَدَاع (نووي) قَوْله [3064] وَهُوَ قرير الْعين هِيَ كِنَايَة عَن السرُور فَقلت أَي استفسرت وَجه الْحزن إنْجَاح الْحَاجة لمولانا الْمُعظم الشَّيْخ عبد الْغَنِيّ المجددي الدهلوي قَوْله [3065] اسْتَأْذن الْعَبَّاس رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ان يبيت الخ هَذَا الحَدِيث يدل على المسئلتين إِحْدَاهمَا ان الْمبيت بمنى ليَالِي أَيَّام التَّشْرِيق مَأْمُور بِهِ وَهَذَا مُتَّفق عَلَيْهِ لَكِن اخْتلفُوا هَل هُوَ وَاجِب أم سنة وَللشَّافِعِيّ فِيهِ قَولَانِ أصَحهمَا الْوَاجِب وَبِه قَالَ مَالك وَأحمد وَالثَّانِي سنة وَبِه قَالَ بن عَبَّاس وَالْحسن وَأَبُو حنيفَة فَمن اوجبه أوجب الدَّم فِي تَركه وان قُلْنَا سنة لم يجب الدَّم بِتَرْكِهِ لَكِن يسْتَحبّ وقِي قدر الْوَاجِب فِي هَذَا الْمبيت قَولَانِ للشَّافِعِيّ أصَحهمَا الْوَاجِب مُعظم اللَّيْل وَالثَّانِي سَاعَة المسئلة الثَّانِيَة يجوز لأهل السِّقَايَة ان يتْركُوا هَذَا الْمبيت وَيذْهب الى مَكَّة ليستقوا بِاللَّيْلِ المَاء من زَمْزَم ويجعلوه فِي الْحِيَاض مسبلا للشاربين وَغَيرهم وَلَا يخْتَص ذَلِك بآل الْعَبَّاس بل كل من تولى السِّقَايَة كَانَ لَهُ هَذَا وَكَذَا لَو احدثت سِقَايَة أُخْرَى كَانَ للقائم بشأنها ترك الْمبيت هَذَا هُوَ الصَّحِيح وَقَالَ بعض أَصْحَابنَا يخْتَص الرُّخْصَة بسقاية الْعَبَّاس وَقَالَ بَعضهم يخْتَص بآل الْعَبَّاس وَقَالَ بَعضهم يخْتَص ببني هَاشم من آل الْعَبَّاس وَغَيرهم فَهَذِهِ أَرْبَعَة أوجه لِأَصْحَابِنَا أَصَحهَا الأول واعلى أَن سِقَايَة أحباس حق لآل الْعَبَّاس كَانَت الْعَبَّاس فِي الْجَاهِلِيَّة وأقرها النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُ فَهِيَ لآل الْعَبَّاس بدا (نووي) قَوْله بَاب نزُول المحصب قَالَ النَّوَوِيّ فِي هَذَا الْبَاب الْأَحَادِيث فِي نزُول النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْأَبْطح يَوْم النَّفر وَهُوَ المحصب وان أَبَا بكر وَعمر وَابْن عمر وَالْخُلَفَاء كَانُوا يَفْعَلُونَهُ وان عَائِشَة وَابْن عَبَّاس كَانَا يَقُولَانِ بِهِ ويقولان هُوَ منزل اتفاقي لَا مَقْصُود فَحصل خلاف بَين الصَّحَابَة فمذهب أبي حنيفَة وَمَالك وَالشَّافِعِيّ وَالْجُمْهُور اسْتِحْبَابه اقْتِدَاء برَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْخُلَفَاء الرَّاشِدين وَغَيرهم واجمعوا على من تَركه لَا شَيْء عَلَيْهِ وَيسْتَحب ان يُصَلِّي بِهِ الظّهْر وَالْعصر وَالْمغْرب وَالْعشَاء ويبيت بِهِ بعض اللَّيْل أَو كُله اقْتِدَاء برَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والمحصب والحصبة والأبطح والبطحاء وَخيف بني كنَانَة اسْم لشَيْء وَاحِد وَاصل الْخيف كل مَا انحدر عَن الْجَبَل وارتفع عَن المسيل انْتهى قَوْله [3070] لَا ينفرن أحدا الخ فِيهِ دلَالَة لمن قَالَ بِوُجُوب طواف الْوَدَاع وَأَنه إِذا تَركه لزمَه دم وَهُوَ الصَّحِيح فِي مَذْهَبنَا وَبِه قَالَ أَكثر الْعلمَاء مِنْهُم الْحسن الْبَصْرِيّ وَالْحكم وَأحمد وَالثَّوْري وَأَبُو حنيفَة وَأحمد وَإِسْحَاق وَأَبُو ثَوْر وَقَالَ مَالك وَدَاوُد وَابْن الْمُنْذر هُوَ سنة لَا شَيْء فِي تَركه وَعَن مُجَاهِد رِوَايَتَانِ كالمذهبين (نووي) قَوْله [3072] حَاضَت صَفِيَّة الخ فِي هَذَا الحَدِيث دَلِيل على سُقُوط طواف الْوَدَاع عَن الْحَائِض وَالنُّفَسَاء وَلَا يلْزمهَا بِتَرْكِهِ دم وَبِه قَالَ الْأَئِمَّة الْأَرْبَعَة وَالْعُلَمَاء كَافَّة الا مَا حَكَاهُ بن الْمُنْذر عَن عَمْرو بن عمر وَزيد انهم امروها بالْمقَام لطواف الْوَدَاع لَكِن الحَدِيث يردهُ وَالله اعْلَم مَوْلَانَا فَخر الْحسن قَوْله [3073] عقري حلقي وَفِي شرح جَامع الْأُصُول أَي عقرهَا الله واصاب بعقر فِي جَسدهَا وَظَاهره الدُّعَاء عَلَيْهَا وَلَيْسَ بِهِ حَقِيقَة قَالَ أَبُو عبيد الصَّوَاب تنوينهما لِأَنَّهُمَا مصدرا حلق وعقر قَالَ الزَّمَخْشَرِيّ هما صفتان للْمَرْأَة المشومة أَي انها تعقر قَومهَا وتحلقهم أَي تستأصلهم من شومها عَلَيْهِ وهما خبر هِيَ محذوفة أَو مصدر ان عَليّ فعلى كالشكوى وَقيل الالف للتأنيث كسكرى وَقَالَ فِي النِّهَايَة يَعْنِي اصابها الله بوجع فِي حلقها خَاصَّة كَذَا يَرْوُونَهُ غير منون كغضبى حَيْثُ هُوَ جَاءَ على الْمُؤَنَّث وَالْمَعْرُوف فِي اللُّغَة التَّنْوِين على انه مصدر مَحْذُوف وَالْفِعْل أَي حلقها الله حلقا وعقرها عقرا وَيُقَال لَا من يعجب مِنْهُ عقرا حلقا انْتهى قَوْله [3074] فَأَهوى بِيَدِهِ الى رَأْسِي أَي امدها اليه فَحل زرى وَاحِد من ازرار الْقَمِيص قَوْله فَقَامَ فِي نساجة هُوَ بِكَسْر نون وخفة سين مُهْملَة وبجيم ضرب من الملاحف منسوجة سميت بمصدر نسجت نساجة وروى ساجة بِحَذْف النُّون وَهِي الطيلسان الْأَخْضَر كَذَا فِي الْمجمع إنْجَاح

[3077] قَوْله على مشجب هُوَ بِكَسْر مِيم وَسُكُون مُعْجمَة وَفتح جيمه خشبات مَنْصُوبَة تُوضَع عَلَيْهِ الثِّيَاب قَوْله فعقد تسعا وَهُوَ العقد الْمَشْهُور بِأَن تضم رُؤُوس الانامل الثَّلَاث الْخِنْصر والبنصر وَالْوُسْطَى بوسط رَاحَة كَفه الْيُمْنَى وتضع رَأس السبابَة فِي أصل الْإِبْهَام قَوْله فَأذن فِي النَّاس بِلَفْظ الْمَجْهُول وَفِي رِوَايَة بِلَفْظ الْمَعْرُوف أَي اعْلَم نجاح قَوْله بشر كثير ورد فِي بعض الرِّوَايَات انهم كَانُوا أَكثر من الْحصْر والاحصاء وَلم يعينوا عَددهمْ وَقد بلغُوا فِي غَزْوَة تَبُوك الَّتِي آخر غزوات النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مائَة الف وَحجَّة الْوَدَاع كَانَت بعد ذَلِك وَلَا بُد ان يزدادوا فِيهَا ويروى مائَة الف وَأَرْبَعَة عشر الْفَا وَفِي رِوَايَة مائَة الف وَأَرْبَعَة وَعِشْرُونَ الْفَا وَالله أعلم (إنْجَاح) قَوْله فَكَانَ أبي يَقُول الخ هَذَا قَول جَعْفَر الصَّادِق وَأَبوهُ مُحَمَّد بن عَليّ الباقر وَلَا أعلم الا ذكره عَن رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَي قَالَ مُحَمَّد لَا أعلم جَابر الا ذكر عَن رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ القرأة فِي الرَّكْعَتَيْنِ بِسُورَة قل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ وَسورَة الْإِخْلَاص فَكَانَ جَابر شكّ فِي هَذَا فَلهَذَا بَينه إنْجَاح الْحَاجة قَوْله ثمَّ رَجَعَ الى الْبَيْت الخ فِيهِ دلَالَة لما قَالَه الْعلمَاء انه يسْتَحبّ للطائف طواف الْقدوم إِذا فرغ من الطّواف وَصلَاته خلف الْمقَام ان يعود الى الْحجر الْأسود فيستلمه ثمَّ يخرج من بَاب الصَّفَا ليسعى وَاتَّفَقُوا على ان هَذَا الإستلام لَيْسَ بِوَاجِب وَإِنَّمَا هُوَ سنة لَو تَركه لم يلْزمه دم قَوْله نبدأ بِمَا بَدَأَ الله بِهِ قَالَ الْعلمَاء يشْتَرط فِي السَّعْي ان يبْدَأ بالصفا وَقد ثَبت فِي رِوَايَة النَّسَائِيّ بِإِسْنَاد صَحِيح ان النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ابدأوا بِمَا بَدَأَ الله بِهِ بِصِيغَة الْأَمر قَوْله فرقى عَلَيْهِ فِيهِ انه يَنْبَغِي ان يرقى على الصَّفَا والمروة وَهَذَا الرقى سنة لَا وَاجِب قَوْله حَتَّى رأى الْبَيْت وَكَانَ إِذْ ذَاك يرى من الصَّفَا والان حجبها بِنَاء الْحرم (فَخر) قَوْله وَهزمَ الْأَحْزَاب وَحده قَالَ النَّوَوِيّ مَعْنَاهُ هَزَمَهُمْ بِغَيْر قتال من الادميين وَلَا بِسَبَب من جهتهم وَالْمرَاد الْأَحْزَاب الَّذين تحزبوا على رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْم الخَنْدَق وَكَانَ الخَنْدَق فِي شَوَّال سنة أَربع من الْهِجْرَة وَقيل سنة خمس انْتهى قَوْله حَتَّى إِذا انصبت قدماه أَي انحدرت فِي الْمَسْعَى قَوْله حَتَّى إِذا صعدتا مَعْنَاهُ ارْتِفَاع الْقَدَمَيْنِ فِي بطن المسيل الى الْمَكَان العالي لِأَنَّهُ ذكر فِي مُقَابلَة الانصباب لمعات قَوْله فَفعل على الْمَرْوَة الخ قَالَ النَّوَوِيّ فِيهِ انه لَيْسَ عَلَيْهَا من الذّكر وَالدُّعَاء والرقي مثل مَا يسن على الصَّفَا وَهَذَا مُتَّفق عَلَيْهِ قَوْله فَلَمَّا كَانَ آخر طواف على الْمَرْوَة فِيهِ دلَالَة لمَذْهَب الْأَئِمَّة الْأَرْبَعَة وَالْجُمْهُور ان الذّهاب من الصَّفَا الى الْمَرْوَة يحْسب مرّة وَالرُّجُوع من الْمَرْوَة الى الصَّفَا ثَانِيَة وَالرُّجُوع الى الْمَرْوَة ثَالِثَة وَهَكَذَا فَيكون ابْتِدَاء السَّبع من الصَّفَا وَآخِرهَا بالمروة قَوْله لَو اني اسْتقْبلت الخ أَي لَو ظهر لي هَذَا الراي الَّذِي رَأَيْته آخر أَو امرتكم بِهِ فِي أول أَمْرِي من الْإِحْرَام لم اسْقِ الْهدى وَفِي هَذَا دَلِيل على جَوَاز قَول لَو فِي التأسف على فَوَات أُمُور الدّين ومصالح الشَّرْع وَأما الحَدِيث الصَّحِيح فِي ان لَو تفتح عمل الشَّيْطَان فحمول على التأسف على حظوظ الدُّنْيَا وَنَحْوهَا وَقد كثرت الْأَحَادِيث الصَّحِيحَة فِي اسْتِعْمَال لَو فِي غير حظوظ الدُّنْيَا وَنَحْوهَا فَيجمع بَين الْأَحَادِيث بِمَا ذَكرْنَاهُ قَوْله محرشا على فَاطِمَة أَي غَضْبَان هُوَ من التحريش بَين الْبَهَائِم (إنْجَاح) قَوْله ثمَّ حل النَّاس كلهم أَي الَّذين لم يسوقوا الْهدى وَقَوله اهلوا بِالْحَجِّ أَي احرموا بِهِ (إنْجَاح) قَوْله وَقصرُوا وَإِنَّمَا قصروا وَلم يحلقوا مَعَ ان الْحلق أفضل لأَنهم أَرَادوا ان يبْقى شعر يحلق فِي الْحَج فَلَو حَلقُوا لم يبْق شعر فَكَانَ التَّقْصِير هَهُنَا أحسن ليحصل فِي النُّسُكَيْنِ إِزَالَة شعر (نووي) قَوْله وامر بقبة من شعر فَضربت لَهُ بنمرة هِيَ بِفَتْح النُّون وَكسر الْمِيم هَذَا أَصْلهَا وَيجوز فِيهَا مَا يجوز فِي نظائرها وَهُوَ اسكان الْمِيم مَعَ فتح النُّون وَكسرهَا وَهِي مَوضِع بِجنب عَرَفَات وَلَيْسَت من عَرَفَات فِيهِ اسْتِحْبَاب النُّزُول بنمرة إِذا ذَهَبُوا من منى لِأَن السّنة ان لَا يدخلُوا عَرَفَات الا بعد زَوَال الشَّمْس وَبعد صَلَاتي الظّهْر وَالْعصر جمعا فَالسنة ان ينزلُوا بنمرة فَمن كَانَ لَهُ قبَّة ضربهَا ويغتسلون للوقوف قبل الزَّوَال فَإِذا زَالَت الشَّمْس سَار بهم الامام الى مَسْجِد إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام وخطب بهم خطبتين خفيفتين وخف الثَّانِيَة جدا فَإِذا فرغ مِنْهُمَا صلى بهم الظّهْر وَالْعصر جَامعا بَينهمَا فَإِذا فرغ من الصَّلَاة سَار إِلَى الْموقف وَفِي هَذَا الحَدِيث جَوَاز الاستظلال للْمحرمِ بقبة وَغَيرهَا وَلَا خلاف فِي جَوَازه للنازل وَاخْتلفُوا فِي جَوَازه للراكب فمذهب أبي حنيفَة وَالشَّافِعِيّ والاكثرين جَوَازه وَكَرِهَهُ مَالك وَأحمد (نووي) قَوْله لَا تشك قُرَيْش الا انه وقف أَي الا فِي وُقُوفه وَفِي الِاسْتِثْنَاء وقته يَعْنِي ان قُريْشًا لم يشكوا فِي انه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يخالفهم فِي سَائِر مَنَاسِك الْحَج الا الْوُقُوف عِنْد الْمشعر الْحَرَام فَإِنَّهُم لم يشكوا فِي الْمُخَالفَة بل تحققوا انه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقف عِنْده لِأَنَّهُ من مَوَاقِف الحمس وَأهل حرم الله والمشعر الْحَرَام جبل بِمُزْدَلِفَة يُقَال لَهُ قزَح كَذَا قَالَ الطَّيِّبِيّ قَوْله فَأجَاز أَي فجاوز من الْمزْدَلِفَة الى عَرَفَات قَوْله فرحلت لَهُ أَي شدّ على ظهرهَا ليرْكبَهَا قَوْله مَوْضُوع تَحت قدمي أَي بَاطِل فَالْمُرَاد بِالْوَضْعِ تَحت الْقدَم ابطاله وَتَركه سبق تَحْقِيقه قَوْله دم ربيعَة بن الْحَارِث اسْمه إِيَاس هُوَ بن عَم النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

قوله بكلمة الله قال الخطابي المراد بها قوله تعالى أو تسريح بإحسان وقيل

قَوْله بِكَلِمَة الله قَالَ الْخطابِيّ المُرَاد بهَا قَوْله تَعَالَى أَو تَسْرِيح بِإِحْسَان وَقيل المُرَاد بِالْكَلِمَةِ الْإِيجَاب وَالْقَبُول وَمَعْنَاهُ على هَذَا بِالْكَلِمَةِ الَّتِي أَمر الله تَعَالَى بهَا وَقيل المُرَاد كلمة التَّوْحِيد وَهِي لَا إِلَه إِلَّا الله مُحَمَّد رَسُول الله إِذْ لَا تحل مسلمة بِغَيْر مُسلم وَقيل المُرَاد بِإِبَاحَة الله والكلمة قَوْله تَعَالَى فانكحوا مَا طَابَ لكم من النِّسَاء وَلِهَذَا هُوَ الصَّحِيح (فَخر) قَوْله لَا يوطئن فرشكم أحدا بِالتَّخْفِيفِ من الايطاء وَهُوَ كِنَايَة عَن اقرار الْغَيْر عَلَيْهِنَّ والاختلاط والْحَدِيث (إنْجَاح) قَوْله وينكبها الى النَّاس أَي يميلها من نكب الْإِنَاء ونكبه تنكيبا إِذا أماله وكبه وروى بفوقية بعد الْكَاف وَهُوَ بعيد الْمَعْنى كَذَا فِي الْمجمع (إنْجَاح) قَوْله حِين غَابَ القرص بدل من حَتَّى غربت الشَّمْس وَهُوَ للتوضيح قَوْله فَدفع أَي انْصَرف من عَرَفَة الى مُزْدَلِفَة (إنْجَاح) قَوْله وَقد شنق بِفَتْح النُّون مُخَفّفَة أَي كفها يُقَال شنقت الْبَعِير اشنقه شنقا إِذا كففته بزمامه وَأَنت رَاكِبه (إنْجَاح) قَوْله مورك رَحْله بِفَتْح مِيم وَكسر رَاء وموركه المرفقة تكون عِنْد قادمة الرحل يضع الرَّاكِب رجله عَلَيْهَا ليستريح من وضع رجله فِي الركاب أَرَادَ انه بَالغ فِي جذب رَأسهَا ليكفها عَن السّير وَقَوله حبلا من الحبال بِالْحَاء الْمُهْملَة هُوَ التل اللَّطِيف من الرمل (إنْجَاح) قَوْله وسيما أَي حسنا وجميلا قَوْله مر الظعن بِضَمَّتَيْنِ أَو سُكُون الثَّانِي جمع ظَعِينَة هِيَ الْمَرْأَة الَّتِي تركب الْإِبِل وَقد تسْتَعْمل للْمَرْأَة فَقَط (إنْجَاح) قَوْله ببضعة أَي بِقِطْعَة من اللَّحْم هِيَ بِالْفَتْح قَوْله فاكلا أَي النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعلي كرم الله وَجهه (إنْجَاح) قَوْله ثمَّ افاض رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الى الْبَيْت فِيهِ مَحْذُوف تَقْدِيره فَأَفَاضَ فَطَافَ بِالْبَيْتِ طواف الافاضة ثمَّ صلى الظّهْر فَحذف ذكر الطّواف لدلَالَة الْكَلَام عَلَيْهِ وَفِي هَذَا الحَدِيث انه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلى الظّهْر بِمَكَّة وَفِي رِوَايَة لمُسلم عَن بن عمر انه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلى الظّهْر يَوْم النَّحْر بمنى قَالَ بن الْهمام وَلَا شكّ ان أحد الْخَبَرَيْنِ وهم إِذا تَعَارضا وَلَا بُد من صَلَاة الظّهْر فِي أحد المكانين وَكَونهَا فِي مَكَّة بِالْمَسْجِدِ الْحَرَام لثُبُوت مضاعفة الْفَرَائِض فِيهِ أولى انْتهى قَالَ الْقَارِي وَالْحمل على انه أعَاد الظّهْر بمنى مقتديا على مَذْهَبنَا واماما على مَذْهَب الشَّافِعِي وَأمر اصحابه بِالظّهْرِ حَيْثُ انتظروه أولى من الْحمل على الْوَهم كَمَا لَا يخفى على انه روى انه كَانَ يزور الْبَيْت فِي كل يَوْم من أَيَّام النَّحْر فليحمل على يَوْم آخر انْتهى قَوْله فَأتى بني عبد الْمطلب أَي اتاهم بعد فرغه من طواف الافاضة وهم يسقون على زَمْزَم مَعْنَاهُ يغرقون بالدلاء ويصبونه فِي الْحِيَاض وَنَحْوهَا ويسيلونه للنَّاس وَقَوله لَوْلَا ان يغلبكم الخ أَي لَوْلَا خوفي ان يعْتَقد النَّاس ذَلِك من مَنَاسِك الْحَج ويزدحمون عَلَيْهِ بِحَيْثُ يَغْلِبُونَكُمْ ويدفعونكم عَن الاستقاء لاستقيت مَعكُمْ لِكَثْرَة فَضِيلَة هَذَا الاستقاء وَفِيه فَضِيلَة الْعَمَل فِي هَذَا الاستقاء واستحباب شرب مَاء زَمْزَم وَأما زَمْزَم فَهِيَ البير الْمَشْهُورَة فِي الْمَسْجِد الْحَرَام بَينهَا وَبَين الْكَعْبَة ثَمَان وَثَلَاثُونَ ذِرَاعا قيل سميت زَمْزَم لِكَثْرَة مَائِهَا يُقَال مَاء زَمْزَم وزمزوم وزمازم إِذا كَانَ كثيرا وَقيل لضم هَاجر رض لمائها حِين انفجرت وزمها إِيَّاه وَقيل لزمزمة جِبْرَائِيل عَلَيْهِ السَّلَام وَكَلَامه عِنْد فجره إِيَّاهَا وَقيل انها غير مُشْتَقَّة وَلها أَسمَاء أخر (نووي) قَوْله من كسر أَو عرج الخ قَالَ فِي النِّهَايَة يُقَال عرج عرجانا إِذا غمز من شَيْء اصابه وعرج عرجا إِذا صَار اعرج أَو كَانَ خلقَة أَي من احصره مرض أَو عَدو فَعَلَيهِ ان يبْعَث بِهَدي ويواعد الْحَامِل يَوْمًا بِعَيْنِه يذبحها فِيهِ فيتحلل بعده انْتهى وَبِه قَالَت الْحَنَفِيَّة ان من احصر بعدو أَو مرض يبْعَث الْهَدْي ويتحلل وَيجب عَلَيْهِ الْقَضَاء وَلَا تصغ الى قَول مُحي السّنة فِي المصابيح انه ضَعِيف لِأَنَّهُ قَالَ التوربشتي الحكم بِضعْف هَذَا الحَدِيث بَاطِل (فَخر) قَوْله بَاب فديَة الْمحصر والاذى الْفِدْيَة مُضَاف الى الْمحصر والى الْأَذَى أَيْضا وَالْمرَاد من الْأَذَى مَا يتَأَذَّى بِهِ الْإِنْسَان من الْقمل وَالْمَرَض وَغير ذَلِك وَحَدِيث كَعْب بن عجْرَة كَانَ قبل ثُبُوت الْإِحْصَار لعدم الْعلم بِهِ كَانَ الْمَعْنى ان الْمحرم إِذا وجد الْأَذَى مَعَ عدم الْعلم بالإحصار مَاذَا يفعل واما بعد الْعلم بالإحصار فَعَلَيهِ حل الْإِحْرَام وَعَلِيهِ الْعمرَة وَالْحج من قَابل فَلَا يَسْتَقِيم معنى فديَة الْمحصر وَالله أعلم إنْجَاح الْحَاجة [3079] قَوْله ففدية من صِيَام الخ معنى الحَدِيث ان من احْتَاجَ الى حلق الرَّأْس لضَرَر من قمل أَو مرض أَو نَحْوهمَا فَلهُ حلقه فِي الْإِحْرَام وَعَلِيهِ الْفِدْيَة قَالَ الله تَعَالَى فَمن كَانَ مِنْكُم مَرِيضا أَو بِهِ أَذَى من رَأسه ففدية من صِيَام أَو صَدَقَة أَو نسك وَبَين النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ان الصّيام ثَلَاثَة أَيَّام وَالصَّدَََقَة ثَلَاثَة اصع لسِتَّة مَسَاكِين لكل مِسْكين نصف صَاع والنسك شَاة وَهِي شَاة تجزى فِي الاضحية ثمَّ ان الْآيَة الْكَرِيمَة وَالْأَحَادِيث متفقة على انه مُخَيّر بَين هَذِه الْأَنْوَاع الثَّلَاثَة وَهَكَذَا الحكم عِنْد الْعلمَاء انه مُخَيّر بَين الثَّلَاثَة وَأما قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام فِي رِوَايَة لمُسلم هَل عنْدك نسك قَالَ مَا اقدر عَلَيْهِ فَأمره ان يَصُوم ثَلَاثَة أَيَّام فَلَيْسَ المُرَاد بَان الصَّوْم لَا يجزى الا لعادم الْهدى بل هُوَ مَحْمُول على أَنه سَأَلَ عَن النّسك فَإِن وجده أخبرهُ بِأَنَّهُ مُخَيّر بَينه وَبَين الصَّوْم والاطعام وان عَدمه فَهُوَ مُخَيّر بَين الصّيام والاطعام نووي

[3081] احْتجم وَهُوَ صَائِم محرم وروى مُسلم عَن بن بجينة ان النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ احْتجم بطرِيق مَكَّة وَهُوَ محرم وسط رَأسه قَالَ النَّوَوِيّ فِي هَذَا الحَدِيث دَلِيل لجَوَاز الْحجامَة للْمحرمِ وَقد اجْمَعْ الْعلمَاء على جَوَاز هاله فِي الرَّأْس وَغَيره إِذا كَانَ لَهُ عذر فِي ذَلِك وان قطع الشّعْر حِينَئِذٍ لَكِن عَلَيْهِ الْفِدْيَة لقلع الشّعْر فَإِن لم يقطع فَلَا فديَة عَلَيْهِ وَدَلِيل المسئلة قَوْله تَعَالَى فَمن كَانَ مِنْكُم مَرِيضا أَو بِهِ أَذَى من رَأسه ففدية الْآيَة وَهَذَا الحَدِيث مَحْمُول على ان النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ لَهُ عذر فِي الْحجامَة فِي وسط الرَّأْس لِأَنَّهُ لَا يَنْفَكّ عَن قطع الشّعْر اما إِذا أَرَادَ الْمحرم الْحجامَة بِغَيْر حَاجَة فَإِن تَضَمَّنت قطع شعر فَهِيَ حرَام لتَحْرِيم قطع الشّعْر وان لم تَتَضَمَّن ذَلِك بِأَن كَانَت فِي مَوضِع لَا شعر فه فِيهِ جَائِزَة عِنْد الْجُمْهُور وَلَا فديَة فِيهَا وَعَن بن عمر وَمَالك كراهتها وَعَن الْحسن الْبَصْرِيّ فِيهَا الْفِدْيَة دليلنا ان إِخْرَاج الدَّم لَيْسَ حَرَامًا وَفِي هَذَا الحَدِيث بَيَان قَاعِدَة من مسَائِل الْإِحْرَام وَهِي ان الْحلق واللباس وَقتل الصَّيْد وَنَحْو ذَلِك من الْمُحرمَات يُبَاح للْحَاجة وَعَلِيهِ الْفِدْيَة كمن احْتَاجَ الى حلق أَو لِبَاس لمَرض أَو حر أَو برد أَو قتل صيد للمجاعة وَغير ذَلِك انْتهى قَوْله [3082] عَن رهصة اخذته الرهصة أَصله ان وبيب بَاطِن حافر الدَّابَّة شَيْء يوهنه أَو ينزل فِيهِ المَاء من الاعياء وَاصل الرهص شدَّة الْعَصْر كَذَا فِي مجمع الْبحار وَلَعَلَّ المُرَاد مِنْهُ الرقي وَهُوَ نوع من الوجع يحصل بِسَبَب تحرّك رَأس الْعظم من مفصله بِلَا انخلاع مِنْهُ وانكسار عظم وَغَيره فيمتد الاعصاب والاوتار الْمُحِيط بِهِ فيوجع فقد ثَبت حجامته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من هذاالوجع (إنْجَاح) قَوْله [3083] كَانَ يدهن رَأسه بالزيت الخ اعْلَم ان الْمحرم إِذا ادهن بدهن مُطيب كدهن الْورْد عضوا كَامِلا فَعَلَيهِ الدَّم بالِاتِّفَاقِ وان ادهن بِزَيْت أَو حل أَي دهن السمسم غير مخلوط بِطيب إِذا كثر مِنْهُ فَعَلَيهِ دم عِنْد أبي حنيفَة وَصدقَة عِنْدهمَا وان اسْتَعْملهُ على وَجه التَّدَاوِي فَلَا شَيْء عَلَيْهِ بِالْإِجْمَاع وَلَعَلَّه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ادهن على وَجه التَّدَاوِي (مرقاة) قَوْله غير المقتت أَي غير المطيب وَهُوَ مَا يطْبخ فِيهِ الرياحين الطّيبَة ليطيب رِيحه (إنْجَاح) قَوْله [3084] وَلَا تخمروا وَجهه وَلَا رَأسه الخ فِي هَذَا الحَدِيث دلَالَة لمَذْهَب الشَّافِعِي وَأحمد وَإِسْحَاق فِي ان الْمحرم إِذا مَاتَ لَا يجوز ان يلبس الْمخيط وَلَا يخمر رَأسه وَلَا يمس طيبا وَقَالَ مَالك وَالْأَوْزَاعِيّ وَأَبُو حنيفَة وَغَيرهم يفعل بِهِ مَا يفعل بالحي ودليلهم مَا روى الدَّارَقُطْنِيّ عَن عَطاء مُرْسلا انه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَن محرم مَاتَ فَقَالَ خمروا وَجهه وَرَأسه وَلَا تشبهوه باليهود وَأَجَابُوا عَن حَدِيث الْبَاب بِأَنَّهُ وَاقعَة حَال لَا عُمُوم لَهَا فَلَا ينفذ الى غَيره الا بِدَلِيل وَبِالْجُمْلَةِ لَو كَانَت هَذِه سنة مستمرة للْمحرمِ لنقلت وَجَرت فِي زمن الصَّحَابَة وَلم يفعل الصَّحَابَة خلَافهَا مَعَ ان بن عمر مَعَ انه كَانَ شَدِيد الِاتِّبَاع فعل خِلَافه روى مَالك عَن نَافِع ان عبد الله بن عمر كفن ابْنه واقدا وَمَات بِالْجُحْفَةِ محرما وَقَالَ لَوْلَا انا حرم لطيبناه وخمر رَأسه وَوَجهه قَالَ مُحَمَّد وَبِهَذَا نَأْخُذ وَهُوَ قَول أبي حنيفَة إِذا مَاتَ ذهب الْإِحْرَام عَنهُ (فَخر) قَوْله [3087] خمس فواسق هُوَ بتنوين خمس يقتلن فِي الْحل وَالْحرم الْحَيَّة وَهُوَ مَعْرُوف والغراب الابقع وَهُوَ الَّذِي فِي ظَهره وبطنه بَيَاض وَهُوَ الَّذِي يَأْكُل النَّجَاسَة والفارة وَهُوَ مَعْرُوف وَالْكَلب الْعَقُور وَهُوَ الْمَجْنُون الَّذِي يعَض وَقيل كل مَا يفترس لِأَن كل مفترس من السبَاع يُسمى كَلْبا عقورا فِي اللُّغَة والحدأة بِكَسْر الْحَاء مَهْمُوزَة وَجَمعهَا حدأ بِكَسْر الْحَاء مَهْمُوز كعنبة وعنب طَائِر مَعْرُوف وَفِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى الحدياة تَصْغِير الحدأة وَفِي الرِّوَايَة الْآتِيَة الْعَقْرَب بدل الْحَيَّة وَفِي رِوَايَة مُسلم عَن عائةشة أَربع بِحَذْف الْحَيَّة وَالْعَقْرَب وَفِي رِوَايَة الدَّارَقُطْنِيّ عَن بن عمر يقتل الذِّئْب فالمنصوص عَلَيْهِ السَّبع قَالَ الْعَيْنِيّ نَص النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على قتل خمس من الدَّوَابّ فِي الْحرم والاحرام وَبَين الْخمس مَا هن فَدلَّ هَذَا على ان حكم غير هَذِه الْخمس غير حكم الْخمس والا لم يكن للتنصيص على الْخمس فَائِدَة قَالَ عِيَاض ظَاهر قَول الْجُمْهُور ان المُرَاد أَعْيَان مَا سمى فِي هَذَا الحَدِيث وَهُوَ ظَاهر قَول مَالك وَأبي حنيفَة وَلِهَذَا قَالَ مَالك لَا يقتل الْمحرم الوزغ وان قَتله فدَاه انْتهى قلت وَأما بَاقِي السبَاع فالمنصوص عَلَيْهِ فِي ظَاهر الرِّوَايَة انه يجب بقتلها الْجَزَاء لَا يُجَاوز شَاة ان ابتدأها الْمحرم وان ابتدأته بالأذى فَقَتلهَا لَا شَيْء عَلَيْهِ وَذَلِكَ كالاسد والفهد والنمر والصقر والبازي وَقسم صَاحب الْبَدَائِع الصَّيْد الْبري الى ماكول وَغَيره فالمأكول لَا يحل قَتله للْمحرمِ الا ان يصول وَغير الْمَأْكُول ان ابتدأته بالأذى غَالِبا كالاسد وَالذِّئْب والنمر والفهد يحل قَتله وان لم يصل وَجعل وُرُود النَّص فِي الفواسق ورودا فِيهَا دلَالَة وان لم يكن كَذَلِك كالضبع والثعلب لَا يحل قَتله الا ان يصول انْتهى قلت وَهَذِه الرِّوَايَة أولى بِالْقبُولِ لِأَنَّهُ كَذَلِك يثبت عَن الْأَحَادِيث مِنْهَا الحَدِيث الَّاتِي يقتل الْمحرم الْحَيَّة وَالْعَقْرَب والسبع العادي وَمَا روى الدَّارَقُطْنِيّ يقتل الذِّئْب وَمَا روى بن ماجة وَأَبُو دَاوُد والدارمي عَن جَابر جعل رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الضبع يُصِيبهُ الْمحرم كبشار وَجعله من الصَّيْد فَتَأمل (فَخر) قَوْله والحدياة تَصْغِير الحدأة بِكَسْر الْحَاء وَكسر الدَّال على زنة عنبة قَوْله فَقيل لم قيل لَهُ الفويسقة وَهُوَ تَصْغِير فاسقة للتحقير وَالْمرَاد بِهِ الموذي وَصفَة الفارة بالفويسقة صفة كاشفة لَا احترازية فَإِن كل فارة كَذَلِك (إنْجَاح) قَوْله [3090] فَرده عَليّ الخ قَالَ الطَّيِّبِيّ دلّ الحَدِيث على ان الْمحرم لَا يجوز لَهُ قبُول الصَّيْد إِذا كَانَ حَيا وان جَازَ لَهُ قبُول لَحْمه وَقيل الْهدى كَانَ لحم حمَار وَحشِي وَإِنَّمَا لم يقبل لِأَنَّهُ ظن انه صيد لأَجله وَيُؤَيِّدهُ حَدِيث أبي قَتَادَة وَحَدِيث جَابر انْتهى قَوْله [3092] أعطَاهُ حمَار وَحش الخ قَالَ مُحَمَّد إِذا صَاد الْحَلَال الصَّيْد فذبحه فَلَا بَأْس بِأَن يَأْكُل الْمحرم من لَحْمه ان كَانَ صيد من أَجله أَو لم يصد من أَجله لِأَن الْحَلَال صَاده وذبحه وَذَلِكَ لَهُ حَلَال فَخرج من حَال الصَّيْد فَلَا بَأْس بِأَن يَأْكُل الْمحرم مِنْهُ وَهُوَ قَول أبي حنيفَة والعامة من فقهائنا مؤطا

باب الهدى من الاناث والذكور أي الهدى عام من الفحل والأنثى لأن الجمل

[3093] وَلم يَأْكُل مِنْهُ الخ الظَّاهِر ان هَذِه الْقِصَّة غير الْقِصَّة الَّتِي أخرجهَا الشَّيْخَانِ عَن أبي قَتَادَة ان أَبَا قَتَادَة عقر حمارا وحشيا فَأَكَلُوا وندموا فَلَمَّا ادركوا رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سالوه فَقَالَ هَل مَعكُمْ مِنْهُ شَيْء قَالُوا مَعنا رجله فَأَخذه النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأكلها أَو يُقَال فِي التطبيق انه لم يُخبرهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أول الوهلة بِأَنَّهُ صَاده لأَجله فَلَمَّا أكل مِنْهُ شَيْئا أخبرهُ بِأَنَّهُ صَاده لأَجله فَترك وَلم يَأْكُل والْحَدِيث يُؤَيّد مَذْهَب الْجُمْهُور وَأما أَبُو حنيفَة فأحله وان صيد لأجل الْمحرم (إنْجَاح) قَوْله [3097] اشعر الْهدى الخ قَالَ الْعَيْنِيّ الاشعار ان يضْرب فِي صفحة سنامها الْيُمْنَى بحديدة حَتَّى يتلطخ بِالدَّمِ ظَاهر أَو فِي اللمعات الاشعاران يشق أحد سنامي الْبدن حَتَّى يسيل دَمهَا وَهُوَ سنته ليعرف انها هدى ويتميز ان خلطت وَعرفت ان ضلت ويرتدع السراق عَنْهَا ويأكلها الْفُقَرَاء إِذا ذبح بعطب وقلد نَعْلَيْنِ أَي جَعلهمَا قلادة فِي عُنُقه وَقَالُوا كَانَ من عَادَة الْجَاهِلِيَّة اشعار الْهَدْي وتقليده بنعل أَو عُرْوَة أَو لحاء شَجَرَة أَو غير ذَلِك فقرره الْإِسْلَام أَيْضا الصِّحَّة الْغَرَض وَاتَّفَقُوا على ان الْغنم لَا يشْعر لِضعْفِهَا أَو لِأَنَّهُ يستر بالصوف ويقلد وَأعلم ان الاشعار سنة عَن جُمْهُور الْأَئِمَّة وروى عَن أبي حنيفَة انه يسْتَحبّ التَّقْلِيد والأشعار بِدعَة مَكْرُوه لِأَنَّهُ مثلَة وتعذيب الْحَيَوَان وَهُوَ حرَام وَإِنَّمَا فعله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَن الْمُشْركين لَا يمتنعون عَن تعرضه الا بالاشعار وَقَالُوا انه مُخَالف للأحاديث الصَّحِيحَة الْوَارِدَة بالاشعار وَلَيْسَ مثله بل هُوَ كالفصد والحجامة والختان والكي للْمصْلحَة وَأَيْضًا تعرض الْمُشْركين فِي ذَلِك الْوَقْت بعيد لقُوَّة الْإِسْلَام هَذَا هُوَ الْمَشْهُور وَقد قيل ان كَرَاهَة أبي حنيفَة الاشعار إِنَّمَا كَانَ من أهل زَمَانه كَانُوا يبالغون فِيهِ بِحَيْثُ يخَاف سرَايَة الْجراحَة وَفَسَاد الْعُضْو انْتهى وَقيل إِنَّمَا كره إيثاره على التَّقْلِيد وَقَالَ الْعَيْنِيّ قَالَ الطَّحَاوِيّ الَّذِي هُوَ أعلم النَّاس بِمذهب أبي حنيفَة ان أَبَا حنيفَة لم يكره أصل الاشعار وَلَا كَونه سنة وَإِنَّمَا كره مَا يفعل على وَجه يخَاف مِنْهُ هلاكها لسراية الْجرْح لَا سِيمَا فِي حر الْحجاز مَعَ الطعْن بِالسِّنَانِ أَو الشَّفْرَة فَأَرَادَ سد الْبَاب على الْعَامَّة لأَنهم لَا يراعون الْحَد فِي ذَلِك وَأما من وقف على الْحَد فَقطع الْجلد دون اللَّحْم فَلَا يكرههُ انْتهى فالاشعار المقتصد الْمُخْتَار عِنْده أَيْضا مُسْتَحبّ قَوْله [3099] وان لَا أعْطى الجزار الخ الجزار بالزائ الْمُعْجَمَة وَفِي آخِره رَاء مُهْملَة القصاب الَّذِي ينْحَر الاجل قَالَه الْكرْمَانِي أَي لَا أعطي من اجرة الجزار مِنْهُ شَيْئا لِأَن الْأُجْرَة فِي معنى البيع وَلَا مدْخل للْبيع فِي شَيْء مِنْهَا كَذَا فِي شُرُوح البُخَارِيّ قَالَ الْخطابِيّ أَي لِأَن لَا أعطي الْأُجْرَة وَأما ان يتَصَدَّق عَلَيْهِ فَلَا بَأْس بِهِ (إنْجَاح) قَوْله بَاب الْهدى من الاناث والذكور أَي الْهدى عَام من الْفَحْل وَالْأُنْثَى لِأَن الْجمل يُطلق على الْفَحْل فَكَانَ الْمُؤلف وجد بعث الْهدى من الاناث بِالطَّرِيقِ الأولى لِأَن النوق أنفس الْأَمْوَال عِنْد الْعَرَب وَلِهَذَا شبه النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الايتين بناقتين كوماوين لَا بجملين (إنْجَاح) قَوْله [3100] جملا لأبي جهل اغتنمه يَوْم بدر وَفِي انفه برة بِضَم بَاء وخفة رائ حَلقَة يشد بهَا الزِّمَام وَرُبمَا كَانَت من شعر كَذَا فِي الْمجمع قَوْله [3103] اركبها وَيحك وَبِه قَالَ مَالك فِي رِوَايَة وَأحمد وَإِسْحَاق وَأهل الظَّاهِر يَعْنِي لَهُ ركُوبهَا من غير حَاجَة وَقَالَ الشَّافِعِي يركبهَا إِذا احْتَاجَ من غير اضرار وَلَا يركبهَا من غير حَاجَة وَهُوَ رِوَايَة عَن مَالك وَقَالَ أَبُو حنيفَة لَا يركبهَا الا ان لَا يجد مِنْهُ بدا وَدَلِيله مَا روى مُسلم عَن جَابر سَمِعت النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول اركبها بِالْمَعْرُوفِ إِذا ألجأت إِلَيْهَا حَتَّى تَجِد ظهل وَحَدِيث الْبَاب يُمكن حمله على أَن السَّائِق قد أعيي واضطر إِلَى الرّكُوب وَلذَا رَاجعه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مرّة بعد أُخْرَى وَقَالَ القَاضِي أوجب بعض الْعلمَاء ركُوبهَا الْمُطلق لأمر ولمخالفة مَا كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّة عَلَيْهِ من إكرام الْبحيرَة والوصيلة والحامي وإهمالها بِلَا ركُوب ورد الْجُمْهُور قَوْلهم بِأَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أهْدى وَلم يركب هَدِيَّة وَلم يَأْمر النَّاس بركوب الْهَدَايَا (فَخر) قَوْله [3105] إِذا عطب مِنْهَا شَيْء إِلَخ قَالَ فِي الْهِدَايَة وَإِذا عطبت الْبدن فِي الطَّرِيق أَي قربت من العطب فَإِن كَانَ تَطَوّعا نحرها وصبغ نعلها بدمها وَضرب بهَا صفحة سنامها وَلَا يَأْكُل وَلَا غير من الْأَغْنِيَاء بذلك أَمر رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَاجِية الْأَسْلَمِيّ قَالَ بن الْهمام روى أَصْحَاب السّنَن الْأَرْبَعَة عَن نَاجِية وَلَيْسَ فِيهِ وَلَا تَأْكُل أَنْت وَلَا رفقتك وَقد اسند الْوَاقِدِيّ الْقِصَّة بِطُولِهَا وفيهَا وَلَا تَأْكُل أَنْت وَلَا أحد من رفقتك وَأخرج مُسلم وَابْن ماجة عَن ذويب الْخُزَاعِيّ وَفِيه وَلَا تطعم مِنْهَا أَنْت وَلَا أحد من أهل رفقتك وَإِنَّمَا نهى ذويبا وَنَاجِيَة وَمن مَعَهُمَا لأَنهم كَانُوا اغنياء وَفَائِدَة صبغ نعلها وَضرب صفحتها ليعلم النَّاس انه هدى فيأكل مِنْهُ الْفُقَرَاء دون الاغنياء وَهَذَا لِأَن الْإِذْن بتناوله مُعَلّق بِشَرْط بُلُوغه مَحَله فَيَنْبَغِي ان لَا يحل قبل ذَلِك أصلا الا ان التَّصَدُّق على الْفُقَرَاء أفضل من ان يتْركهُ جزرا للسباع وَفِيه نوع تقرب وَالْعَقْرَب هُوَ الْمَقْصُود انْتهى قَوْله [3107] وَمَا تدعى رباع مَكَّة الا السوائب أَي لَا تسمى الا غير مَمْلُوكَة لَاحَدَّ فَإِن السوائب جمع سائبة وَمَعْنَاهُ الشَّيْء المهمل فيطلق على العَبْد إِذا اسقط سَيّده الْوَلَاء وعَلى الْبَعِير إِذا ترك لنذر الصَّنَم وَنَحْوه كَمَا كَانَت عَلَيْهِ الْجَاهِلِيَّة وعَلى الأَرْض إِذا تركت بِغَيْر ملك وَالْأَصْل فِي هَذِه المسئلة قَوْله تَعَالَى وَالَّذين كفرُوا ويصدون عَن سَبِيل الله وَالْمَسْجِد الْحَرَام الَّذِي جَعَلْنَاهُ للنَّاس سَوَاء العاكف فِيهِ والبار وَقَالَ صَاحب المدارك فَإِن أُرِيد بِالْمَسْجِدِ الْحَرَام مَكَّة فَفِيهِ دَلِيل على انه لَا يُبَاع دور مَكَّة (إنْجَاح) قَوْله [3108] وَاقِف بالحزورة بِالْحَاء الْمُهْملَة والزائ الْمُعْجَمَة ثمَّ وَاو ثمَّ رَاء مُهْملَة على وزن قسورة مَوضِع بِمَكَّة أَصْلهَا الرابية الصَّغِيرَة إنْجَاح فِيهِ ان من يبْعَث الْهدى لَا يصير محرما وَلَا يحرم عَلَيْهِ شَيْء مِمَّا يحرم على الْمحرم وَهُوَ مَذْهَب الْأَئِمَّة الْأَرْبَعَة وَالْجُمْهُور (فَخر) قَوْله

[3109] الا منشد قَالَ الْمَالِكِيَّة وَالْحَنَفِيَّة لَا فرق فِي لقطَة الْحرم وَغَيره لعُمُوم حَدِيث اعرف عَفا صعا ووكائها ثمَّ عرفهَا سنة من غير فصل وَقيل المُرَاد بالتعريف هَهُنَا الدَّوَام عَلَيْهِ والا فَلَا فَائِدَة للتخصيص أَي فَلَا يستنفقها وَلَا يتَصَدَّق بهَا بِخِلَاف سَائِر الْبِقَاع وَهُوَ أظهر قولي الشَّافِعِي وَقَالَ الطَّيِّبِيّ الْأَكْثَرُونَ على ان لَا فرق وَمعنى التَّخْصِيص ان لَا يتَوَهَّم إِذا نَادَى فِي الْمَوْسِم جَازَ لَهُ التَّمَلُّك لمعات قَوْله [3113] واتى احرم مَا بَين لابيتها أَي حريتها اللَّتَيْنِ تكتنفانها واللابة بِالتَّخْفِيفِ واللوبة بِالضَّمِّ الْحرَّة وَهِي الأَرْض ذَات حِجَارَة قَالَ التوربشتي قَوْله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اني احرم أَرَادَ بذلك تَحْرِيم التَّعْظِيم دون مَا عداهُ من الاحكام الْمُتَعَلّقَة بِالْحرم وَمن الدَّلِيل عَلَيْهِ قَوْله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيث مُسلم لَا تخبط مِنْهَا شَجَرَة الا لعلف وأشجار حرم مَكَّة لَا يجوز خبطها بِحَال وَأما صيد الْمَدِينَة وان رأى تَحْرِيمه نفر يسير من الصَّحَابَة فَإِن الْجُمْهُور مِنْهُم لم يُنكر وَاو اصطياد الطُّيُور بِالْمَدِينَةِ وَلم يبلغنَا فِيهِ عَن النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى من طَرِيق يعْتَمد عَلَيْهِ وَقد قَالَ لأبي عُمَيْر مَا فعل النغير وَلَو كَانَ حَرَامًا لم يسكت فِي مَوضِع الْحَاجة انْتهى قَوْله [3114] اذابه الله الخ وَفِي رِوَايَة الْمُسلم اذابه الله فِي النَّار ذوب الرصاص أَو ذوب الْملح فِي المَاء قَالَ القَاضِي هَذِه الزِّيَادَة وَهِي قَوْله فِي النَّار تدفع اشكال الْأَحَادِيث الَّتِي لم تذكر فِيهَا هَذِه الزِّيَادَة وَيبين ان هَذَا حكمه فِي الْآخِرَة وَقد يكون المُرَاد من أَرَادَ المدنية بِسوء فِي حَيَاة النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كفى الْمُسلمُونَ امْرَهْ واضمحل كَيده كَمَا يذوب الرصاص فِي النَّار أَو الْملح فِي المَاء وَقد يكون فِيهِ تَقْدِيم وَتَأْخِير أَي اذابه الله ذوب الرصاص فِي النَّار وَيكون ذَلِك فِي الدُّنْيَا فَلَا يمهله الله مثل مُسلم بن عقبَة هلك فِي مُنْصَرفه عَنْهَا ثمَّ هلك يزِيد بن مُعَاوِيَة وَغَيرهمَا وَقد يكون المُرَاد من كادها اغتيا لِأَنِّي عقلة فَلَا يتم لَهُ امْرَهْ بِخِلَاف من اتى ذَلِك جبارا كأمراء استباحوها انْتهى كَذَا فِي النَّوَوِيّ قَوْله [3115] على ترعة من ترع الْجنَّة قَالَ فِي الْقَامُوس الترعة بِالضَّمِّ الدرجَة وَالرَّوْضَة فِي مَكَان مُرْتَفع والمرقاة من الْمِنْبَر وَلِهَذَا الْجَبَل خُصُوصِيَّة تَامَّة بِالْمُؤْمِنِينَ كَمَا ان للعير خُصُوصِيَّة بالكفار وَفِيه ان الْجبَال لَهَا شُعُور وادراك قَالَ الله تَعَالَى وان مِنْهَا لما يهْبط من خشيَة الله وَفِي الحَدِيث ان الْجَبَل يُنَادي الْجَبَل باسمه أَي فلَان هَل مر بك أحد ذكر الله فَإِذا قَالَ استبشره ذكره الْجَزرِي فِي الْحصن برمز الطَّبَرَانِيّ لَكِن عبد الله بن مكنف الَّذِي روى هَذَا الحَدِيث عَن أنس مَجْهُول (إنْجَاح) قَوْله [3116] وَلَو كَانَت لي الخ لِأَن الْكَعْبَة مستغنية عَن المَال فالتصدق بذلك أفضل فَأجَاب شيبَة وَهُوَ كَانَ صَاحب الْمِفْتَاح بِأَنَّهُ لَو كَانَ التَّصَدُّق أفضل لاخرجها النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بكر قَوْله حَتَّى اقْسمْ مَال الْكَعْبَة أَي المدفون فِيهَا (إنْجَاح) قَوْله حَدثنَا [3117] عبد الرَّحِيم بن زيد الْعَمى قَالَ بن الملقن هَذَا الحَدِيث من افراده قَالَ البُخَارِيّ تَرَكُوهُ ووالده زيد لَيْسَ بِالْقَوِيّ وَالله أعلم ذكره بعض المحشين قَالَ فِي التَّقْرِيب وَكذبه بن معِين وَقَالَ فِي تَرْجَمَة أَبِيه ضَعِيف (إنْجَاح) قَوْله [3118] ائتنفوا الْعَمَل أَي استأنفوا من الرَّأْس فَإِن الذُّنُوب الْمَاضِيَة قد غفرت لكم وَهَذَا الحَدِيث ضَعِيف لِأَن هِلَال بن زيد أَبَا عقال مَتْرُوك من الْخَامِسَة كَذَا ذكره فِي التَّقْرِيب (إنْجَاح) قَوْله [3119] وَأَصْحَابه مشَاة الخ الْوَاو للْحَال لَا للْعَطْف فَإِن النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حج رَاكِبًا بِلَا شكّ وَلذَا ذكره فِي الدّرّ نَاقِلا عَن السِّرَاجِيَّة الْحَج رَاكِبًا أفضل مِنْهُ مَاشِيا بِهِ يُفْتِي وَهَذَا الحَدِيث من افراد حمْرَان قَالَ بن معِين لَيْسَ بِشَيْء وَقَالَ أَبُو دَاوُد رَافِضِي وَذكر بن حجر ضَعِيف رمي بالرفض فَلَو صَحَّ فبعض اصحابه كَانَ مشَاة (إنْجَاح) قَوْله وَمَشى خلط الهرولة الهروله نوع من السّير السَّرِيع أَي كَانَ مَشْيه ختلطا بِالْمَشْيِ السَّرِيع قلت ان كَانَ المُرَاد مِنْهُ السَّعْي بَين الصَّفَا والمروة أَو الرمل فِي الطّواف فَصَحِيح والا فَلم يثبت عَن النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الهرولة فِي الْحَج فِي غير الْمَوْضِعَيْنِ الْمَذْكُورين وَالله أعلم (إنْجَاح) قَوْله [3120] املحين تَثْنِيَة املح وَهُوَ من الكباش الَّذِي فِي خلال صوفه الْأَبْيَض طاقات سود (إنْجَاح) قَوْله [3121] وَأَنا أول الْمُسلمين أَي مُسْلِمِي لهَذِهِ الْأمة لِأَن النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أول من آمن وَأمته تبع لَهُ أَو أول الْمُسلمين مُطلقًا لِأَن نَبينَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أول الْأَنْبِيَاء إِيمَانًا وَآخرهمْ اوانا وَلذَا أَخذ من الْأَنْبِيَاء الْمِيثَاق على ايمانه قَالَ الله تَعَالَى وَإِذا اخذ الله مِيثَاق النَّبِيين لما اتيتكم من كتاب وَحِكْمَة ثمَّ جَاءَكُم رَسُول مُصدق لما مَعكُمْ لتؤمنن بِهِ ولتنصرنه فعلى هَذَا كَانَ هَذَا القَوْل مَخْصُوصًا بِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَلِيق لَاحَدَّ غَيره وَأما نَحن فَنَقُول وانا من الْمُسلمين كَمَا جَاءَ فِي بعض الرِّوَايَات الَّتِي ذكرهَا صَاحب المشكوة إنْجَاح هُوَ نبت طيب الرَّائِحَة عريض الأوراق يسقف بهَا الْبيُوت فَوق الْخشب قَوْله

[3122] فذبح أَحدهمَا عَن أمته تمسك بِهَذَا الحَدِيث من لم ير الاضحية وَاجِبَة لِأَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضحى عَن أمته وَمذهب الْحَنَفِيَّة الْوُجُوب لحَدِيث التِّرْمِذِيّ وَأبي دَاوُد وَالنَّسَائِيّ عَن محنف بن سليم قَالَ كُنَّا مَعَ النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَرَفَات فَسَمعته يَقُول يَا أَيهَا النَّاس على كل أهل بَيت فِي كل عَام اضحية وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من وجد سَعَة وَلم يضح فَلَا يقربن مصلانا كَمَا سَيَجِيءُ فِي الْبَاب الَّاتِي وَتَأْويل حَدِيث الْبَاب انه انه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرَادَ اشْتِرَاك جَمِيع أمته فِي الثَّوَاب تفضلا مِنْهُ على أمته إنْجَاح الْحَاجة قَوْله [3125] فِي كل عَام اضحية وعتيرة قَالَ أهل اللُّغَة العتيرة ذَبِيحَة كَانُوا يذبحونها فِي الْعشْر الأول من رَجَب ويسمونها الرجبية أَيْضا وَهَذَا الحَدِيث رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ أَيْضا وَقَالَ التِّرْمِذِيّ حَدِيث حسن وَقَالَ الْخطابِيّ هَذَا الحَدِيث ضَعِيف الْمخْرج لِأَن أَبَا رَملَة مَجْهُول وَبِه قَالَ الشَّافِعِي ان العتيرة يسْتَحبّ وَقَالَ القَاضِي عِيَاض ان جَمَاهِير الْعلمَاء على نسخ الْأَمر بالفرع وَالْعَتِيرَة انْتهى قلت وَلَعَلَّ الحَدِيث النَّاسِخ مَا روى مُسلم وَابْن ماجة عَن أبي هُرَيْرَة ان النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا فرع وَلَا عتيرة (فَخر) قَوْله [3127] مَا هَذِه الْأَضَاحِي أَي من خَصَائِص شريعتنا أَو سبق بهَا بعض الشَّرَائِع قَوْله فَمَا لنا فِيهَا أَي فِي الْأَضَاحِي من الثَّوَاب قَوْله بِكُل شَعْرَة حَسَنَة أَي فِي كل شعر من المعر حَسَنَة قَالُوا فالصوف أَي سَأَلُوهُ عَن صوف الضَّأْن فَأَجَابَهُ بَان كل شعر مِنْهُ أَيْضا حَسَنَة (فَخر) قَوْله [3128] فحيل هُوَ ككريم القوى الْخلق الْكثير اللَّحْم قَوْله يَأْكُل فِي سَواد الخ كنايات عَن سَواد الْفَم وَعَن سَواد القوائم وَعَن سَواد الْعين (إنْجَاح) قَوْله [3129] الى كَبْش ادغم بدال مُهْملَة وغين مُعْجمَة قَالَ فِي النِّهَايَة وهوالذي يكون فِيهِ أدنى سَواد وسيما فِي ارنبته وَتَحْت حنكه انْتهى (زجاجة) قَوْله [3130] خير الْكَفَن الْحلَّة قَالَ فِي النِّهَايَة وَهِي وَاحِدَة من الْحلَل وَهِي برود الْيمن وَلَا تسمى حلَّة الا ان تكون ثَوْبَيْنِ من جنس وَاحِد انْتهى وَقَالَ الْقَارِي أَي الْإِزَار والرداء فَوق الْقَمِيص هُوَ كفن السّنة أَو بِدُونِهِ وَهُوَ كفن الْكِفَايَة وَفِي اللعمات اعْلَم انه لَا يَنْبَغِي الِاقْتِصَار على الثَّوْب الاواحد والثوبان خير مِنْهُ وان أُرِيد السّنة والكمال فَثَلَاث على مَا عَلَيْهِ الْجُمْهُور وَيحْتَمل ان يكون المُرَاد انه من برود الْيمن وروى انه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كفن فِي حلَّة يَمَانِية وقميص انْتهى وَخير الضَّحَايَا الْكَبْش الاقرن الْكَبْش بِفَتْح وَسُكُون الْفَحْل من الْغنم الَّذِي يناطح وَبِه قَالَ الْعلمَاء باستحباب الاقرن وَأجْمع الْعلمَاء على جَوَاز التَّضْحِيَة بالاجم الَّذِي لم يخلق لَهُ قرن وَاخْتلفُوا فِي مكسور الْقرن فجوزه أَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ وَالْجُمْهُور سَوَاء كَانَ يدمى أم لَا وَكَرِهَهُ مَالك إِذا كَانَ يدمي وَجعله عَيْبا (فَخر) قَوْله [3131] فاشتركنا فِي الْجَزُور عَن عشرَة عمل بِهِ إِسْحَاق بن رَاهَوَيْه وَقَالَ الْجُمْهُور انه مَنْسُوخ بِالْحَدِيثِ الَّاتِي عَن جَابر قَالَ نحرنا بِالْحُدَيْبِية مَعَ النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْبَدنَة عَن سَبْعَة وَالْبَقَرَة عَن سَبْعَة وَبِمَا روى مُسلم عَن جَابر قَالَ خرجنَا مَعَ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مهلين بِالْحَجِّ الى ان قَالَ فَأمرنَا رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ان نشترك فِي الْإِبِل وَالْبَقر كل سَبْعَة منا فِي بَدَنَة والاظهر ان يُقَال انه معَارض بالرواية الصَّحِيحَة لِأَن فِي إِسْنَاده هَدِيَّة بن عبد الْوَهَّاب وَالْحُسَيْن بن وَاقد قَالَ بن حجر فِي التَّقْرِيب هَدِيَّة بن عبد الْوَهَّاب الْمروزِي أَبُو صَالح صَدُوق رُبمَا وهم وَالْحُسَيْن بن وَاقد الْمروزِي أَبُو عبد الله القَاضِي ثِقَة لَهُ أَوْهَام انْتهى فاسناد حَدِيث الْمُسلم أَعلَى دَرَجَة من إِسْنَاد حَدِيث الْكتاب مَعَ ان مَا روى مُسلم عَن جَابر يدل على انه عَلَيْهِ السَّلَام أَمر الصَّحَابَة فِي اشْتِرَاك السَّبْعَة فِي الْإِبِل وَحَدِيث بن عَبَّاس لَا يدل على امْرَهْ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبِالْجُمْلَةِ الْعَمَل على حَدِيث جَابر أولى واحوط وَالله أعلم (فَخر) قَوْله [3132] الْبَدنَة عَن سَبْعَة الخ قَالَ النَّوَوِيّ الْبَدنَة تطلق على الْبَعِير وَالْبَقَرَة وَالشَّاة لَكِن غَالب اسْتِعْمَالهَا فِي الْبَعِير وَهَكَذَا قَالَ الْعلمَاء تُجزئ الْبَدنَة من الْإِبِل وَالْبَقَرَة كل وَاحِد مِنْهُمَا عَن سَبْعَة فَفِي هَذَا الحَدِيث دلَالَة لاجزاء كل وَاحِدَة مِنْهُمَا عَن سَبْعَة أنفس وقيامها مقَام سبع شِيَاه وَفِيه دلَالَة لجَوَاز الِاشْتِرَاك فِي الْهدى والاضحية وَبِه قَالَ الشَّافِعِي وموافقوه فَيجوز عِنْد الشَّافِعِي اشْتِرَاك السَّبْعَة فِي بَدَنَة سَوَاء كَانُوا مُتَفَرّقين أَو مُجْتَمعين وَسَوَاء كَانُوا مفترضين أَو متطوعين وَسَوَاء كَانُوا متقربين كلهم أَو كَانَ بَعضهم متقربا وَبَعْضهمْ يُرِيد اللَّحْم روى هَذَا عَن بن عمر وَأنس وَبِه قَالَ أَحْمد وَقَالَ مَالك وَيجوز ان كَانُوا متطوعين وَلَا يجوز ان كَانُوا متقربين وَقَالَ أَبُو حنيفَة ان كَانُوا متقربين جَازَ سَوَاء اتّفقت قربهم أَو اخْتلفت وان كَانَ بَعضهم متقربا وَبَعْضهمْ يُرِيد اللَّحْم لم يصلح للاشتراك واجمع الْعلمَاء على ان الشَّاة لَا يجوز الِاشْتِرَاك فِيهَا انْتهى قَوْله [3138] فَبَقيَ عتود العتود بِفَتْح أَوله الحولي من أَوْلَاد الْمعز كَذَا فِي الْقَامُوس فعلى هَذَا لَا حرج فِي اضحيته وَأما على قَول من يفسره بالصغير من أَوْلَاد الْمعز فالاجازة خَاصَّة لَهُ إنْجَاح

[3141] لَا تذبحوا الا مُسِنَّة الخ قَالَ الْعلمَاء المسنة هِيَ الثَّنية من كل شَيْء من الْإِبِل وَالْبَقر وَالْغنم فَمَا فَوْقهَا والجذع من الضان مَا لَهُ سنة تَامَّة وَهُوَ الْأَشْهر عَن أهل اللُّغَة وَغَيرهم وَفِي الْهِدَايَة الْجذع من الضان فِي مَذْهَب الْفُقَهَاء مَا تمّ عَلَيْهِ سِتَّة اشهر وَقَالَ الزَّعْفَرَانِي مَا تمّ عَلَيْهِ سَبْعَة اشهر وانما يجوز إِذا كَانَت بِحَيْثُ لَو خلط بالثنيات يشبه على النَّاظر من بعيد قَالَ النَّوَوِيّ وَفِي هَذَا الحَدِيث تَصْرِيح بِأَنَّهُ لَا يجوز الْجذع من غير الضان فِي حَال من الْأَحْوَال وَهَذَا مجمع عَلَيْهِ على مَا نَقله القَاضِي وَعَن الْأَوْزَاعِيّ انه قَالَ يُجزئ الْجذع من الْإِبِل وَالْبَقر والمعز والضان وَحكى هَذَا عَن عَطاء واما الْجذع من الضان فمذهبنا وَمذهب الْعلمَاء كَافَّة انه يُجزئ سَوَاء وجد غَيره أم لَا وحكوا عَن بن عمر وَالزهْرِيّ أَنَّهُمَا قَالَا لَا يُجزئ وَقد يحْتَج لَهما بِظَاهِر الحَدِيث قَالَ الْجُمْهُور هَذَا الحَدِيث مَحْمُول على الِاسْتِحْبَاب والافضل وَتَقْدِيره يسْتَحبّ لكم ان لَا تذبحوا الا مُسِنَّة فَإِن عجزتم فجذعة ضان وَلَيْسَ فِيهِ تَصْرِيح بِمَنْع جَذَعَة الضَّأْن وانها لَا تُجزئ بِحَال وَقد أَجمعت الْأمة على انه لَيْسَ على ظَاهره لِأَن الْجُمْهُور يجوزون الْجذع من الضَّأْن مَعَ وجود غَيره وَعَدَمه وَابْن عمر وَالزهْرِيّ يمنعانه مَعَ وجود غَيره وَعَدَمه فَتعين تَأْوِيل الحَدِيث على مَا ذكرنَا من الِاسْتِحْبَاب واجمع الْعلمَاء على انه لَا تُجزئ التَّضْحِيَة بِغَيْر الْإِبِل وَالْبَقر وَالْغنم الا مَا روى عَن الْحسن بن صَالح انه قَالَ يجوز التَّضْحِيَة ببقرة الْوَحْش عَن سَبْعَة وبالظبي عَن وَاحِد وَبِه قَالَ دَاوُد فِي بقرة الْوَحْش انْتهى قَوْله [3142] نهى رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ان يُضحي بِمُقَابلَة أَو مدابرة هِيَ الَّتِي يقطع من طرف اذنها شَيْء من مقدمها أَو مؤخرها ثمَّ يتْرك مُطلقًا كَأَنَّهُ زنمة أَو شرقاء هِيَ المشقوقة الْإِذْن أَو خرقا هِيَ الَّتِي فِي اذنها ثقب مستدير أَو جَدْعَاء هِيَ المقطوعة الْأنف أَو الْإِذْن اوالشفة (زجاجة) قَوْله [3143] ان نستشرف الْإِذْن وَالْعين أَي نتأمل سلامتهما من آفَة تكون بهما وَقيل هُوَ من الشرفة وَهُوَ الْخِيَار المَال أَي أمرنَا ان نتخيرهما زجاج قَوْله [3145] باعضب الْقرن الخ قَالَ فِي النِّهَايَة الاعضب بِعَين مُهْملَة وضاد مُعْجمَة الْمَكْسُورَة الْقرن وَقد يكون العضب فِي الْإِذْن أَيْضا الا انه فِي الْقرن أَكثر (زجاجة) قَوْله [3146] فَأمرنَا ان نضحي بِهِ قلت لَعَلَّ هَذَا الْعَيْب مَا كَانَ مَانِعا عَن الاضحية لِأَن للْأَكْثَر حكم الْكل كَذَا فِي الدّرّ وَفِيه أَيْضا وَلَو اشْتَرَاهَا سليمَة ثمَّ تعيب بِعَيْب مَانع كَمَا مر فَعَلَيهِ إِقَامَة غَيرهَا مقَامهَا ان كَانَ غَنِيا وان كَانَ فَقِيرا اجزأه ذَلِك وَلَا يجوز تعيبها من اضطرابها عِنْد الذّبْح (إنْجَاح) قَوْله [3148] والان يبخلنا جيراننا أَي لَو ذبحنا بِالشَّاة والشاتين ينسبوننا بالبخل وَنحن نقتدي بِالسنةِ فليلحق بذلك الْعَار على أَهلِي فيحملونني على الْجفَاء والتعدي حَيْثُ افْعَل مَا لم أكن افْعَل فغرضه ان الاضحية بِسَبَب الْعَار والجفاء لَا تكون الا مفاخرة ومباهاة واناقد منعناه عَن ذَلِك (إنْجَاح) قَوْله [3149] إِذا دخل الْعشْر وَأَرَادَ أحدكُم ان يُضحي قَالَ الْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه قَالَ الشَّافِعِي فِي هَذَا الحَدِيث دلَالَة على ان الاضحية لَيست بواجبة لقَوْله وَأَرَادَ أحدكُم ان يُضحي وَلَو كَانَت وَاجِبَة اشبه ان يَقُول فَلَا يمس من شعره حَتَّى يُضحي انْتهى عبارَة الزجاجة وَقَالَ النَّوَوِيّ اخْتلف الْعلمَاء فِي وجوب الاضحية على الْمُوسر فَقَالَ جمهورهم هِيَ سنة فِي حَقه ان تَركهَا بِلَا عذر لم يَأْثَم وَلم يلْزمه الْقَضَاء وَمِمَّنْ قَالَ بِهَذَا أَبُو بكر الصّديق وَعمر وبلال وَأَبُو مَسْعُود البدري وَسَعِيد بن الْمسيب وعلقمة وَالْأسود وَعَطَاء وَمَالك وَأحمد وَأَبُو يُوسُف وَإِسْحَاق وَأَبُو ثَوْر والمزني وَابْن الْمُنْذر وَدَاوُد وَقَالَ ربيعَة وَالْأَوْزَاعِيّ وَأَبُو حنيفَة وَاللَّيْث هِيَ وَاجِبَة على الْمُوسر وَبِه قَالَ بعض الْمَالِكِيَّة وَقَالَ النَّخعِيّ وَاجِبَة على الْمُوسر الا الْحَاج بمنا وَقَالَ مُحَمَّد بن الْحسن وَاجِبَة على الْمُقِيم بالأمصار وَالْمَشْهُور عَن أبي حنيفَة انه انما يُوجِبهَا على مُقيم يملك نِصَابا انْتهى قلت دَلِيل الْوُجُوب مَا روى التِّرْمِذِيّ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ عَن مخنف بن سليم قَالَ كُنَّا مَعَ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَرَفَات فَسَمعته يَقُول يَا أَيهَا النَّاس على كل أهل بَيت فِي كل عَام اضحية وَهَذَا صفة الْوُجُوب وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَام من وجد سَعَة وَلم يضح فَلَا يقربن مَسْجِدنَا ومصلانا وَمثل هَذَا الْوَعيد لَا يَلِيق الا بترك الْوَاجِب قَوْله فَلَا يمس من شعره الخ احْتج بِهَذَا بن الْمسيب وَرَبِيعَة وَأحمد وَإِسْحَاق وَدَاوُد انه يحرم عَلَيْهِ أَخذ شَيْء من شعره واظفاره حَتَّى يُضحي وَقَالَ الشَّافِعِي هُوَ مَكْرُوه كَرَاهَة تَنْزِيه وَحمل أَحَادِيث النَّهْي عَلَيْهَا وَقَالَ أَبُو حنيفَة لَا يكره قَالَ الْقَارِي وَظَاهر كَلَام الشُّرَّاح الْحَنَفِيَّة انه يسْتَحبّ عِنْد أبي حنيفَة فَثَبت ان النَّهْي للتنزيه فخلافه خلاف الأولى وَلَا كَرَاهَة فِيهِ انْتهى وَالْحكمَة فِي النَّهْي ان يبْقى كَامِل الاجزاء ليعتق من النَّار وَقيل التَّشْبِيه بالمحرم وَهُوَ ضَعِيف فَخر الْحسن قَوْله

[3151] ان يُعِيد قلت هَذَا الحكم فِي الْمصر وَفِي غَيره فوقته بعد طُلُوع الْفجْر يَوْم النَّحْر كَذَا فِي الدّرّ (إنْجَاح) قَوْله [3154] فَوجدَ ريح قتار فِي الْقَامُوس القتار كهمام ريح الْجَوْز وَالْقدر والشواء والعظم المحرق انْتهى (إنْجَاح الْحَاجة) قَوْله [3155] يذبح اضحيته بِيَدِهِ فِيهِ انه يسْتَحبّ ان يتَوَلَّى الْإِنْسَان ذبح اضحيته بِنَفسِهِ وَلَا يُوكل فِي ذَبحهَا الا لعذر وَحِينَئِذٍ يسْتَحبّ ان يشْهد ذَبحهَا وان استناب فِيهَا مُسلما جَازَ بِلَا خلاف وان استناب كتابيا كره كَرَاهَة تَنْزِيه وأجزأه وَوَقعت التَّضْحِيَة عَن الْمُوكل هَذَا مَذْهَبنَا وَمذهب الْعلمَاء كَافَّة الا مَالِكًا فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنهُ فَإِنَّهُ لم يجوزها قَوْله وضع قدمه على صفائحها أَي صفحة الْعُنُق وَهِي جَانِبه وَإِنَّمَا فعل هَذَا ليَكُون اثْبتْ لَهُ وَأمكن لِئَلَّا تضطرب الذَّبِيحَة برأسها فتمنعه من إِكْمَال الذّبْح أَو تؤذيه وَهَذَا أصح من الحَدِيث الَّذِي جَاءَ بِالنَّهْي عَن هَذَا (نووي) قَوْله [3159] إِنَّمَا نهى رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من لُحُوم الْأَضَاحِي الخ روى مُسلم يحدث على انه خطب فَقَالَ ان رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد نهاكم ان تَأْكُلُوا لحم نسككم فَوق ثَلَاث أَيَّام فَلَا تَأْكُلُوا وَحَدِيث بن عمر لَا يَأْكُل أحد من اضحيته فَوق ثَلَاثَة أَيَّام قَالَ سَالم وَكَانَ بن عمر لَا يَأْكُل لُحُوم الْأَضَاحِي بعد ثَلَاث وَذكر حَدِيث عَائِشَة انه دف أَي ورد نَاس من أهل الْبَادِيَة حَضْرَة الا ضحى فَقَالَ النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ادخروا ثَلَاثَة أَيَّام ثمَّ تصدقوا ثمَّ ذكر الحَدِيث إِنَّمَا نَهَيْتُكُمْ من اجل الدافة الَّتِي دفت فَكُلُوا وَادخرُوا وتصدقوا وَذكر مَعْنَاهُ من حَدِيث جَابر وَسَلَمَة بن الْأَكْوَع وَأبي سعيد وثوبان وَبُرَيْدَة قَالَ القَاضِي وَاخْتلف الْعلمَاء فِي الاخذ بِهَذِهِ الْأَحَادِيث فَقَالَ قوم يحرم امساك لُحُوم الْأَضَاحِي والاكل مِنْهَا بعد ثَلَاث وان حكم التَّحْرِيم بَاقٍ كَمَا قَالَه عَليّ وَابْن عمر وَقَالَ جَمَاهِير الْعلمَاء يُبَاح الْأكل والامساك بعد الثَّلَاث وَالنَّهْي مَنْسُوخ بِهَذِهِ الْأَحَادِيث المصرحة بالنسخ لَا سِيمَا حَدِيث بُرَيْدَة وَهَذَا من نسخ السّنة بِالسنةِ وَقَالَ بَعضهم لَيْسَ هُوَ نسخا بل كَانَ التَّحْرِيم لعلته فَمَا زَالَت زَالَ بِحَدِيث سَلمَة وَعَائِشَة وَقيل كَانَ النَّهْي الأول للكراهة لَا للتَّحْرِيم قَالَ هَؤُلَاءِ وَالْكَرَاهَة بَاقِيَة الى الْيَوْم وَلَكِن لَا يحرم قَالُوا وَلَو وَقع مثل تِلْكَ الْعلَّة الْيَوْم فدفت دافة واساهم النَّاس وحملوا على هَذَا مَذْهَب عَليّ وَابْن عمر وَالصَّحِيح نسخ النَّهْي مُطلقًا وَأَنه لم يبْق تَحْرِيم وَلَا كَرَاهَة فَيُبَاح الْيَوْم الادخار فَوق ثَلَاث والاكل الى مَتى شَاءَ بِصَرِيح حَدِيث بُرَيْدَة وَغَيره وَالله اعْلَم (نووي) قَوْله [3162] عَن الْغُلَام شَاتَان مكافئتان يَعْنِي متساويتين فِي السن أَي لَا يعق عَنهُ الا بمسنة واقله ان يكون جذعا كَمَا يُجزئ فِي الضحابا وَقيل مكافئتان أَي متساويتان أَي متقاربتان وَاخْتَارَ الْخطابِيّ الأول وَهُوَ بِكَسْر الْفَاء من كافأه فَهُوَ مكافئه أَي مساويه قَالَ والمحدثون يَقُولُونَ مكافأتان بِالْفَتْح وَالْفَتْح أولى لِأَنَّهُ يُرِيد شَاتين قد سوى بَينهمَا وَأما بِالْكَسْرِ فَمَعْنَاه مساويتان فَيحْتَاج ان يذكر أَي شَيْء ساويا وَإِنَّمَا لَو قَالَ متكافئتان لَكَانَ الْكسر أولى قَالَ الزَّمَخْشَرِيّ لَا فرق بَين المكافئتين والمكافأتين لِأَن كل وَاحِدَة إِذا كافئت أُخْتهَا فقد كوفئت فَهِيَ مكافئة ومكافأة أَو يكون معادنتان المايجب فِي الزَّكَاة والاضحية من الْأَسْنَان وَيحْتَمل مَعَ الْفَتْح ان يُرَاد مذبوحتان من كافأ الرجل بَين بَعِيرَيْنِ إِذا نحرهما مَعًا من غير تَفْرِيق كَأَنَّهُ يُرِيد شَاتين يذبحهما فِي وَقت وَاحِد (زجاجة) قَوْله [3164] ان مَعَ الْغُلَام عقيقة أَي ذَبِيحَة مسنونة وَسميت بذلك لِأَنَّهَا تذبح حِين يحلق عقيقته وَهُوَ الشّعْر الَّذِي يكون على الْمَوْلُود حِين يُولد من العق الشق وَالْقطع قَوْله واميطوا عَنهُ الْأَذَى فِي الزجاجة قَالَ فِي النِّهَايَة يُرِيد الشّعْر والنجاسة وَمَا يخرج على رَأس الصَّبِي حِين يُولد يحلق عَنهُ يَوْم مابعه انْتهى وَقَالَ الْكرْمَانِي قيل يَعْنِي حلق الشّعْر وَقيل الْخِتَان وَقيل لَا تقربُوا الدَّم كعادة الْجَاهِلِيَّة (فَخر) قَوْله [3165] كل غُلَام مُرْتَهن الخ قَالَ فِي النِّهَايَة أَي ان الْعَقِيقَة لَازِمَة لَهُ لَا بُد مِنْهَا فَشبه فِي لُزُومهَا لَهُ وَعدم انفكاكه مِنْهَا بِالرَّهْنِ فِي يَد الْمُرْتَهن قَالَ الْخطابِيّ واجود مَا قيل فِيهِ مَا ذهب اليه أَحْمد قَالَ هَذَا فِي الشَّفَاعَة يُرِيد انه إِذا لم يعق عَنهُ فَمَاتَ طفْلا لم يشفع فِي وَالِديهِ وَقيل مَعْنَاهُ انه مَرْهُون بأذى شعره واستند بقوله فأميطوا عَنهُ الْأَذَى وَهُوَ مَا علق بِهِ من دم الرَّحِم (زجاجة) قَوْله كل غُلَام مُرْتَهن الخ بِضَم مِيم وَفتح هَاء بِمَعْنى مَرْهُون أَي لَا يتم الِانْتِفَاع بِهِ دون فكه بالعقيقة أَو سَلَامَته ونشوه على النَّعْت الْمَحْمُود زهينة بهَا طيبي قَوْله [3167] انا كُنَّا نفرع فرعا الخ قَالَ النَّوَوِيّ وَأما الْفَرْع فقد فسره فِي الحَدِيث بِأَنَّهُ أول النِّتَاج كَانُوا يذبحونه قَالَ الشَّافِعِي وَآخَرُونَ هُوَ أول نتاج الْبَهِيمَة كَانُوا يذبحونه وَلَا يملكونه رَجَاء الْبركَة فِي الِاسْم وَكَثْرَة نسلها وَهَكَذَا فسره كَثِيرُونَ من أهل اللُّغَة وَغَيرهم وَقَالَ كَثِيرُونَ مِنْهُم هُوَ أول النِّتَاج كَانُوا يذبحونه لالهتهم وَهِي طواغيتهم وَكَذَا جَاءَ هَذَا التَّفْسِير فِي صَحِيح البُخَارِيّ وَسنَن أبي دَاوُد وَقيل هُوَ أول النِّتَاج لمن بلغت ابله مائَة يذبحونه قَالَ شمر قَالَ أَبُو مَالك كَانَ الرجل إِذا بلغت ابله مائَة قدم بكرا فنحره بصنمه ويسمونه الْفَرْع وَقد صَحَّ الْأَمر بالعتيرة وَالْفرع فِي هَذَا الحَدِيث وَغَيره وَقَالَ الشَّافِعِي الْفَرْع شَيْء كَانَ أهل الْجَاهِلِيَّة يطْلبُونَ بِهِ الْبركَة فِي أَمْوَالهم فَكَانَ أحدهم يذبح بكر نَاقَته أَو شاته فَلَا يغذوه رَجَاء الْبركَة فِيمَا يَأْتِي بعده فسألوا النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنهُ فَقَالَ فرعوا ان شِئْتُم أَي اذبحوا ان شِئْتُم وَكَانُوا يسئلونه عَمَّا كَانُوا يصنعونه فِي الْجَاهِلِيَّة خوفًا ان يكره فِي الْإِسْلَام فأعلمهم انه لَا كَرَاهَة عَلَيْهِم فِيهِ وَأمرهمْ اسْتِحْبَابا ان يغذوه ثمَّ يحمل عَلَيْهِ فِي سَبِيل الله قَالَ الشَّافِعِي وَقَوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْفَرْع حق مَعْنَاهُ لَيْسَ بباطل وَهُوَ كَلَام عَرَبِيّ خرج على جَوَاب السَّائِل قَالَ وَقَوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا فرع وَلَا عتيرة أَي لَا فرع وَاجِب وَلَا عتيرة وَاجِبَة قَالَ والْحَدِيث الاخر يدل على هَذَا الْمَعْنى فَإِنَّهُ أَبَاحَ لَهُ الذّبْح وَاخْتَارَ لَهُ ان يُعْطِيهِ ارملة أَو يحمل عَلَيْهِ فِي سَبِيل الله قَالَ وَقَوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي العتيرة اذبحوا لله فِي أَي شهر كَانَ أَي اذبحوا ان شِئْتُم وَاجْعَلُوا الذّبْح لله فِي أَي شهر كَانَ لَا انها فِي رَجَب دون غَيره من الشُّهُور وَالصَّحِيح عِنْد أَصْحَابنَا وَهُوَ نَص الشَّافِعِي اسْتِحْبَاب الْفَرْع وَالْعَتِيرَة وَأَجَابُوا عَن حَدِيث لَا فرع وَلَا عتيرة بِثَلَاثَة أوجه أَحدهَا جَوَاب الشَّافِعِي السَّابِق ان المُرَاد نفي الْوُجُوب وَالثَّانِي ان المُرَاد نفي مَا كَانُوا يذبحون لاصنامهم وَالثَّالِث انهما ليسَا كالأضحية فِي الِاسْتِحْبَاب أَو فِي ثَوَاب اراقة الدَّم فاما تَفْرِقَة اللَّحْم على الْمَسَاكِين فبر وَصدقَة وَقد نَص الشَّافِعِي فِي سنَن حَرْمَلَة انها ان تيسرت كل شهر كَانَ حسنا هَذَا تَلْخِيص حكمهَا فِي مَذْهَبنَا وَادّعى القَاضِي ان جَمَاهِير الْعلمَاء على نسخ الْأَمر بالفرع وَالْعَتِيرَة انْتهى قَوْله فِي كل سَائِمَة فرع الْفَرْع أول ولد نتيجها النَّاقة قيل كَانَ أحدهم إِذا تمت ابله مائَة قدم بكرَة فنحرها وَهُوَ الْفَرْع وَفِي شرح السّنة كَانُوا يذبحون لالهتهم فِي الْجَاهِلِيَّة وَقد كَانَ الْمُسلمُونَ يَفْعَلُونَهُ فِي بَدَأَ الْإِسْلَام أَي لله تَعَالَى سُبْحَانَهُ ثمَّ نسخ وَنهى عَنهُ للشبه كَذَا فِي الْمرقاة وَالْعَتِيرَة شَاة تذبح فِي رَجَب وَهُوَ الْمُسَمّى بالرجبية قَوْله تغذوه ماشيتك أَي تلده والغذى كغنى حَتَّى إِذا استحمل أَي إِذا صلح للْحَمْل عَلَيْهِ أَي صَار شَابًّا قَوِيا ذبحته إنْجَاح

باب السلخ هو نزع الجلد والمسلوخ شاة نزع جلدها قوله

[3170] وليرح ذَبِيحَته من الاراحة أَي ليتركها بعد الذّبْح حَتَّى تسترح وتتبرد وَقَالَ فِي الْمجمع ليرح ذَبِيحَته بإحداد السكين وتعجيل امرارها فَيكون الاراحة فِي حَالَة الذّبْح (إنْجَاح) قَوْله [3171] وَخذ بسالفتها السالفة نَاحيَة مقدم الْعُنُق من لدن مُعَلّق القرط الى قلب الترقوة وَمن الْفرس هاويته أَي مَا تقدم من عُنُقه كَذَا فِي الْقَامُوس (إنْجَاح) قَوْله [3172] وان توارى عَن الْبَهَائِم لِئَلَّا يكون سَببا للخوف والناعر وَقَوله فليجهز أَي يسْرع فِي الْقَامُوس جهز على الْجرْح كمنع واجهز اثْبتْ قَتله واسرعه وتمم عَلَيْهِ وَمَوْت مجهز وجهيز سريع انْتهى (إنْجَاح) قَوْله [3174] قَالَ سموا أَنْتُم وكلوا لَيْسَ مَعْنَاهُ ان تسميتكم الان تنوب عَن تَسْمِيَة المذكي بل فِيهِ بَيَان ان التَّسْمِيَة مُسْتَحبَّة عِنْد الْأكل ان لم تعرفوا انه ذكر اسْم الله عَلَيْهِ عِنْد ذبحه يَصح أكله إِذا كَانَ الذَّابِح مِمَّن يَصح أكل ذَبِيحَته حملا لحَال الْمُسلم على الصّلاح (إنْجَاح) قَوْله [3177] عَن مري بن قطري بِلَفْظ النّسَب من قطرى بِفتْحَتَيْنِ وَكسر الرَّاء مخففا كَذَا فِي التَّقْرِيب قَوْله الا الظرارة هِيَ الْحجر أَو الْمدر المحدد مِنْهُ (إنْجَاح) قَوْله [3178] مَا انهر الدَّم أَي اساله وصبه بِكَثْرَة وَهُوَ مشبه بجري المَاء فِي النَّهْي يُقَال نهر الدَّم وانهرته قَالَ الْعلمَاء فَفِي هَذَا الحَدِيث تَصْرِيح بِأَنَّهُ يشْتَرط فِي الذكوة وَمَا يقطع وَيجْرِي الدَّم قَالَ بعض الْعلمَاء وَالْحكمَة فِي اشْتِرَاط الذّبْح وانهار الدَّم تميز حَلَال اللَّحْم والشحم من حرامهما وتنبيه على ان تَحْرِيم الْميتَة لبَقَاء دَمهَا وَأَيْضًا فِيهِ تَصْرِيح بِجَوَاز الذّبْح بِكُل محدد يقطع الا الظفر وَالسّن وَسَائِر الْعِظَام فَيدْخل فِي ذَلِك السَّيْف والسكين والسنان وَالْحجر والخشب والزجاج والقصب والخزف والنحاس وَسَائِر الْأَشْيَاء المحددة فَكلهَا تحصل بهَا الذكوة الا السن وَالظفر وَالْعِظَام كلهَا قَالَ الشَّافِعِي يشْتَرط قطع الْحُلْقُوم والمرئ وَيسْتَحب الودجان وَهَذَا أصح الرِّوَايَتَيْنِ عَن أَحْمد وَقَالَ اللَّيْث وَأَبُو ثَوْر وَدَاوُد بن الْمُنْذر يشْتَرط الْجَمِيع وَقَالَ أَبُو حنيفَة إِذا قطع ثَلَاثَة من هَذِه الْأَرْبَعَة اجزأه وَقَالَ مَالك يجب قطع الْحُلْقُوم والودجين وَلَا يشْتَرط المرئ قَالَ بن الْمُنْذر اجْمَعْ الْعلمَاء على انه إِذا قطع الْحُلْقُوم والمرئ والودجين وأسال الدَّم حصلت الذكوة وَاخْتلفُوا فِي قطع بعض هَذَا قَوْله اما السن فَعظم مَعْنَاهُ فَلَا تذبحوا بِهِ لِأَنَّهُ يَتَنَجَّس بِالدَّمِ وَقد نهيتهم عَن الِاسْتِنْجَاء بالعظام لِئَلَّا يَتَنَجَّس لكَونهَا زَاد إخْوَانكُمْ من الْجِنّ وَقَوله وَأما الظفر فمدى الْحَبَشَة فَمَعْنَاه انهم كفارو وَقد نهيتهم عَن التَّشَبُّه بالكفار وَهَذَا شعار لَهُم هَذَا ملخص مَا فِي النَّوَوِيّ قَوْله بَاب السلخ هُوَ نزع الْجلد والمسلوخ شَاة نزع جلدهَا قَوْله [3179] فدحس بهَا أَي ادخل الْيَد بَين جلد الشَّاة وصفاقها للسلخ كَذَا فِي الْقَامُوس (إنْجَاح) قَوْله [3180] إياك والحلوب أَي ذَات اللَّبن نَاقَة حَلُوب أَي مِمَّا يحلب وَقيل الحلوب والحلوبة سَوَاء وَقيل الحلوب اسْم والحلوبة صفة وَقيل الْوَاحِدَة وَالْجمع وَمِنْه والحلوبة فِي الْبَيْت أَي شَاة تحلب أَو قَالَ ذَات الدّرّ أَي اللَّبن وَيجوز كَونه مصدرا در اللَّبن إِذا جرى نِهَايَة قَوْله [3183] فند بعير أَي شرد وَذهب على وَجهه قَوْله ان لَهَا اوابد جمع آبدة وَهِي الَّتِي تأبدت أَي توحشت ونفرت من الانس (فَخر) قَوْله [3186] النَّهْي عَن صَبر الْبَهَائِم أَي حَبسهَا للرمي وَهَذَا مَمْنُوع أَشد الْمَنْع وَيحرم اكله وان كَانَ وحشيا (إنْجَاح) قَوْله وَعَن الْمثلَة يُقَال مثلت بِالْحَيَوَانِ مثلا إِذا قطعت اطرافه وشوهت بِهِ ومثلث بالقتيل إِذا جدعت انفه أَو اذنه أَو مذاكيره أَو شَيْئا من اطرافه وَالِاسْم الْمثلَة وَمثل بِالتَّشْدِيدِ للْمُبَالَغَة نِهَايَة قَوْله نهى رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ان يمثل بالبهائم أَي ينصب فَيرمى أَو تقطع اطرافها وَهِي حَيَّة وروى وان يُوكل الممثول بهَا نِهَايَة

[3189] عَن لُحُوم الْجَلالَة الْجَلالَة بِفَتْح الْجِيم وَتَشْديد اللَّام الأولى هِيَ الدَّابَّة الَّتِي تَأْكُل من الجلة وَهِي البعرة وَفِي الْفَائِق كنى عَن القذرة بالجلة وَهِي البعرة وَفِي الفتاوي الْكُبْرَى مَا لم تحبس الدَّجَاجَة المخلاة ثَلَاثَة أَيَّام وَالْجَلالَة عشرَة أَيَّام لَا يحل أكلهَا أَو حمله فِي شرح السّنة على الدَّوَام أَي الَّتِي تَأْكُل القذرة دَائِما وَأما الَّتِي تأكلها أَحْيَانًا فَلَيْسَتْ بجلالة وَلَا يحرم اكلها وَقَالَ وان كَانَ غَالب عَلفهَا مِنْهَا حَتَّى ظهر ذَلِك على لَحمهَا وبدنها فَقَالَ الشَّافِعِي وَأَبُو حنيفَة وَأحمد لَا يحل اكلها الا ان يحبس أَيَّامًا وتعلف من غَيرهَا حَتَّى يطيب لَحمهَا وَكَانَ الْحسن لَا يرى بِهِ بَأْسا وَهُوَ قَول مَالك رَحمَه الله كَذَا فِي الْمرقاة (إنْجَاح) قَوْله [3191] اكلنا زمن خَيْبَر الْخَيل هَذَا قبل علمه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأما إِذا علم صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اكلهم الْخَيل فقد نَهَاهُم كَمَا سيجىء فِي الْبَاب اللَّاحِق عَن خَالِد بن الْوَلِيد وَحَدِيث خَالِد روى أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وادعاء أبي دَاوُد أَنه مَنْسُوخ مَمْنُوع لِأَن حَدِيث جَابر اثْبتْ اكلهم زمن خَيْبَر وَلَا شكّ ان إِسْلَام خَالِد بعد فتح خَيْبَر على الْأَصَح فقد ثَبت كَونه فِي الْحُدَيْبِيَة مَعَ كفار قُرَيْش وَكَانَ الْحُدَيْبِيَة فِي ذِي الْقعدَة سنة سِتّ وخيبر فِي الْمحرم بعْدهَا بِشَهْر وَالله أعلم وَفِي الدّرّ لَا يحل الْخَيل وَعِنْدَهُمَا وَعند الشَّافِعِي يحل وَقيل ان أَبَا حنيفَة رَجَعَ عَن حرمته قبل مَوته ثَلَاثَة أَيَّام وَعَلِيهِ الْفَتْوَى (إنْجَاح) قَوْله اكلنا زمن خَيْبَر الْخَيل قَالَ النَّوَوِيّ اخْتلف الْعلمَاء فِي إِبَاحَة لُحُوم الْخَيل فمذهب الشَّافِعِي وَالْجُمْهُور من السّلف وَالْخلف انه مُبَاح لَا كَرَاهَة فِيهِ وَبِه قَالَ أَحْمد وَإِسْحَاق وَأَبُو يُوسُف وَمُحَمّد وَدَاوُد وجماهير الْمُحدثين وَغَيرهم وكرهها طَائِفَة مِنْهُم بن عَبَّاس وَالْحكم وَمَالك وَأَبُو حنيفَة وَقَالَ أَبُو حنيفَة ياثم بِأَكْلِهِ وَلَا يُسمى حَرَامًا وَاحْتَجُّوا بقوله تَعَالَى وَالْخَيْل وَالْبِغَال وَالْحمير لتركبوها وزينة وَلم يذكر الْأكل وَذكر الْأكل من الانعام فِي الْآيَة الَّتِي قبلهَا وَبِحَدِيث صَالح بن يحيى بن الْمِقْدَام عَن أَبِيه عَن جده عَن خَالِد بن الْوَلِيد نهى رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَن لُحُوم الْخَيل وَالْبِغَال وَالْحمير وكل ذِي نَاب من السبَاع رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة من رِوَايَة بَقِيَّة بن الْوَلِيد عَن صَالح بن يحيى وَاتفقَ الْعلمَاء من أَئِمَّة الحَدِيث وَغَيرهم على انه حَدِيث ضَعِيف وَقَالَ بَعضهم هُوَ مَنْسُوخ روى الدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيّ بإسنادهما عَن مُوسَى بن هَارُون الْحمال بِالْحَاء الْحَافِظ قَالَ هَذَا حَدِيث ضَعِيف قَالَ وَلَا يعرف صَالح بن يحيى وَلَا أَبوهُ وَقَالَ البُخَارِيّ هَذَا الحَدِيث فِيهِ نظر وَقَالَ الْبَيْهَقِيّ هَذَا بِإِسْنَاد مُضْطَرب وَقَالَ الْخطاب فِي إِسْنَاده نظر قَالَ وَصَالح بن يحيى عَن أَبِيه عَن جده لَا يعرف سَماع بَعضهم من بعض وَقَالَ أَبُو دَاوُد وَهَذَا الحَدِيث مَنْسُوخ وَقَالَ النَّسَائِيّ حَدِيث الْإِبَاحَة أصح قَالَ وَيُشبه ان كَانَ هَذَا صَحِيحا ان يكون مَنْسُوخا وَاحْتج الْجُمْهُور بِأَحَادِيث الْإِبَاحَة الَّتِي ذكرهَا مُسلم وَغَيره وَهِي صَحِيحَة صَرِيحَة وبأحاديث أُخْرَى صَحِيحَة جَاءَت بالاباحة وَلم يثبت فِي النَّهْي حَدِيث وَأما الْآيَة فَأَجَابُوا عَنْهُمَا بِأَن ذكر الرّكُوب والزينة لَا يدل على ان منفعتهما مُخْتَصَّة بذلك وَإِنَّا خص هَذَانِ بِالذكر لِأَنَّهُمَا مَقْصُود من الْخَيل كَقَوْلِه تَعَالَى حرمت عَلَيْكُم الْميتَة وَالدَّم وَلحم الْخِنْزِير فَذكر اللَّحْم لِأَنَّهُ أعظم الْمَقْصُود وَقد أجمع الْمُسلمُونَ على تَحْرِيم شحمه وَدَمه وَسَائِر اجزائه قَالُوا وَلِهَذَا سكت عَن ذكر حمل الاثقال على الْخَيل مَعَ قَوْله تَعَالَى فِي الانعام وَتحمل اثقالكم وَلم يلْزم من هَذَا تَحْرِيم حمل الاثقال على الْخَيل انْتهى قَوْله [3193] حَتَّى ذكر الْحمر الانسية وَبِه قَالَ الْجُمْهُور انه يحرم لُحُوم حمر الاهلية والْحَدِيث الَّذِي روى أَبُو دَاوُد عَن غَالب بن الْجَبْر قَالَ اصابتنا سنة فَلم يكن فِي مَالِي شَيْء اطعم اهلي الا شَيْء من حمر وَقد كَانَ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حرم لُحُوم حمر الاهلية فاتيت النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقلت يَا رَسُول الله اصابتنا السّنة فَلم يكن فِي مَالِي اطعم اهلي الاسمان حمر وَأَنَّك حرمت لُحُوم الْحمر الاهلية فَقَالَ اطعم أهلك من سمين حمرك فانها حرمتهَا من اجل جوال الْقرْيَة يَعْنِي بالجوال الَّتِي تَأْكُل الجلة وَهِي الْعذرَة فَهَذَا الحَدِيث مُضْطَرب الْإِسْنَاد شَدِيد الِاخْتِلَاف وَلَو صَحَّ حمل على الْأكل مِنْهَا فِي حَال الِاضْطِرَار (فَخر) قَوْله [3199] فَإِن ذكوته ذكوة أمه وَقَالَ أَبُو حنيفَة رَحمَه الله أَي كذكوة أمه وحرف التَّشْبِيه مَحْذُوف بِدَلِيل انه روى بِالنّصب وَلَيْسَ فِي ذبح الام اضاعة الْوَلَد لعدم التيقن بِمَوْتِهِ كَذَا فِي الدّرّ (إنْجَاح) قَوْله فَإِن ذكوته ذكوة أمه قَالَ مُحَمَّد أخبرنَا مَالك عَن نَافِع ان عبد الله بن عمر كَانَ يَقُول إِذا نحرت النَّاقة فذكوة مَا فِي بَطنهَا ذكوتها إِذا كَانَ قد تمّ خلقه وَنبت شعره فَإِذا خرج من بَطنهَا ذبح حَتَّى يخرج الدَّم من جَوْفه قَالَ مُحَمَّد وَبِهَذَا ناخذ إِذا تمّ خلقه فذكوته فِي ذكوة أمه فَلَا بَأْس بِأَكْلِهِ فَأَما أَبُو حنيفَة كَانَ يكره اكله حَتَّى يخرج حَيا فيذكى وَكَانَ يروي عَن حَمَّاد عَن إِبْرَاهِيم انه قَالَ لَا تكون ذَكَاة نفس ذَكَاة نفسين انْتهى قَوْله [3200] ثمَّ قَالَ مَالهم وللكلاب أَي مَا شَأْنهمْ وحاجتهم مَعَ الْكلاب مَعَ وجود النَّجَاسَة فِيهَا وَعدم النَّفْع باقتنائها فَإِن الْمُؤمن لَيْسَ من شَأْنه ان يمسك الشَّيْء النَّجس لَا سِيمَا هَذَا الْحَيَوَان فَإِنَّهُ يسري نَجَاسَة الى الاواني والظروف ثمَّ حكم الْقَتْل مَنْسُوخ لحَدِيث مُسلم عَن جَابر ثمَّ نهى رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَن قَتلهَا وَقَالَ عَلَيْكُم بالأسود البهيم ذِي النقطتين فَإِنَّهُ شَيْطَان إنْجَاح الْحَاجة قَوْله [3204] فَإِنَّهُ ينقص من عمله كل يَوْم قِيرَاط اخْتلفُوا فِي سَبَب نُقْصَان أجر الْعَمَل باقتناء الْكَلْب فَقيل لِامْتِنَاع الْمَلَائِكَة من دُخُول بَيته وَقيل لما يلْحق بالمارين من الْأَذَى وَقيل لعصيانه عَمَّا نهى الله عَنهُ وَقيل للنَّجَاسَة والقيراط يخْتَلف وَزنه بِحَسب الْبِلَاد فبمكة ربع سدس دِينَار وبالعراق نصف عشره ذكره فِي الْقَامُوس وَالْمرَاد هَهُنَا الْمِقْدَار الْمعِين عِنْد الله تَعَالَى من الْأجر انجاح الْحَاجة إِنَّمَا ذكر هَذِه الْعبارَة بمناسبة ذكر ذكوة الْجَنِين وَقَوله مذمة مقولة إِسْحَاق بن مَنْصُور وَلَفظه قَالَ أَعَادَهَا للبعد حَاصِل كَلَام الْمُؤلف الَّذين لَا يَقُولُونَ بذكوة الْجَنِين بِذَكَاة الام يَقُولُونَ عِنْد بَيَان ذَكَاة الْجَنِين لَا يقفي بهَا مذمة وَلَفْظَة مذمة بِكَسْر الدَّال مُشْتَقَّة من الذما أَو بِفَتْحِهَا من الذَّم وَفِي قَوْلهم هَذَا بِكَسْر الذَّال من الذمام وَالْمعْنَى ان ذَكَاة الام لَا يُؤَدِّي بهَا حق ذَكَاة الْجَنِين بل لَا بُد لَهُ من فعل جَدِيد فالتنوين فِي قَوْله مذمة عوض عَن الْمُضَاف اليه وَالضَّمِير رَاجع الى ذَكَاة الام

[3205] لَوْلَا ان الْكلاب امة من الْأُمَم معنى هَذَا الْكَلَام انه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كره افناء امة من الْأُمَم واعدام خلق من خلق الله لِأَنَّهُ مَا من شَيْء خلق الله تَعَالَى الا وَفِيه نوع من الْحِكْمَة وَضرب من الْمصلحَة يَقُول إِذا كَانَ الْأَمر على هَذَا فَلَا سَبِيل الى قتلهن فَاقْتُلُوا اشرارهن وَهِي الْأسود البهيم وابقوا مَا سواهَا لتنتفعوا بِهن فِي الحراسة وَغَيرهَا (إنْجَاح) قَوْله فَاقْتُلُوا مِنْهَا الخ قَالَ النَّوَوِيّ اجْمَعُوا على قتل الْعَقُور وَاخْتلفُوا فِيمَا لَا ضَرَر فِيهِ قَالَ امام الْحَرَمَيْنِ أَمر النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اولا بقتلها كلهَا ثمَّ نسخ ذَلِك الا الْأسود البهيم ثمَّ اسْتَقر الشَّرْع على النَّهْي من قتل جَمِيع الْكلاب الَّتِي لَا ضَرَر فِيهَا حَتَّى الْأسود البهيم طيبي قَوْله كل يَوْم قيراطان فَإِن قلت كَيفَ التَّوْفِيق بَين هَذَا الحَدِيث والْحَدِيث السَّابِق حَيْثُ ذكر هُنَا قيراطان وَهُنَاكَ قِيرَاط قَالَ النَّوَوِيّ فِي جَوَابه انه يحْتَمل ان يكون فِي نَوْعَيْنِ من الْكلاب أَحدهمَا أَشد أَذَى من الاخر أَو يخْتَلف باخْتلَاف الْمَوَاضِع فَيكون قيراطان فِي الْمَدِينَة خَاصَّة لزِيَادَة فَضلهَا والقيراط فِي غَيرهَا والقيراطان فِي الْمَدَائِن أَو الْقرى والقيراط فِي الْبَوَادِي أَو يكون ذَلِك فِي زمانين فَذكر القيراط اولا ثمَّ راد التَّغْلِيظ والقيراط هُنَا مِقْدَار مَعْلُوم عِنْد الله تَعَالَى وَالْمرَاد نقص جُزْء من أَجزَاء عمله قَالَه الطَّيِّبِيّ ثمَّ اخْتلف فِي سَبَب نُقْصَان الْأجر باقتناء الْكَلْب فَقيل لَا متناع الْمَلَائِكَة من دُخُول بَيته وَقيل لما يلْحق المارين من الْأَذَى من ترويع الْكَلْب لَهُم وقصده إيَّاهُم قَوْله [3207] فاغسلوها الْأَمر أَمر الْوُجُوب ان كَانَ ظن النَّجَاسَة والا فَأمر ندب (إنْجَاح) قَوْله وَمَا صدت بكلبك الْمعلم الخ قَالَ الطَّيِّبِيّ والتعليم ان يُوجد فِيهِ ثَلَاث شَرَائِط إِذا اشلى استشلى وَإِذا زجر انزجر وَإِذا اخذ الصَّيْد امسك وَلم يَأْكُل فَإِذا فعل ذَلِك واقلها ثَلَاثًا كَانَ معلما يحل بعده ذَلِك قتيله (إنْجَاح) قَوْله [3208] إِذا أرْسلت كلابك المعلمة فِي إِطْلَاقه دَلِيل لإباحة صيد جَمِيع الْكلاب المعلمة من الْأسود وَغَيره وَبِه قَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك وَالشَّافِعِيّ وجماهير الْعلمَاء وَقَالَ الْحسن الْبَصْرِيّ وَالنَّخَعِيّ وَقَتَادَة وَأحمد وَإِسْحَاق لَا يحل صيد الْكَلْب الْأسود لِأَنَّهُ شَيْطَان وَأَيْضًا فِيهِ انه يشْتَرط فِي حل مَا قَتله الْكَلْب الْمُرْسل كَونه كَلْبا معلما وانه يشْتَرط الْإِرْسَال فَلَو أرسل غير معلم أَو استرسل الْمعلم بِلَا إرْسَال لم يحل مَا قَتله فَأَما غير الْمعلم فمجمع عَلَيْهِ وَأما الْمعلم إِذا استرسل فَلَا يحل مَا قَتله عِنْد الْعلمَاء كَافَّة الا مَا حكى عَن الْأَصَم من إِبَاحَته والا مَا حَكَاهُ بن الْمُنْذر عَن عَطاء وَالْأَوْزَاعِيّ انه يحل ان كَانَ صَاحب أخرجه للاصطياد قَوْله وَذكرت اسْم الله عَلَيْهَا فَكل فِي هَذَا الْأَمر بِالتَّسْمِيَةِ على إرْسَال الصَّيْد وَقد اجْمَعْ الْمُسلمُونَ على التَّسْمِيَة عِنْد الْإِرْسَال على الصَّيْد وَعند الذّبْح والنحر وَاخْتلفُوا فِي وُجُوبه وسنيته فَقَالَ الشَّافِعِي انها سنة فَلَو تَركهَا سَهوا أَو عمدا حل الصَّيْد والذبيحة وَقَالَ أهل الظَّاهِر ان تَركهَا عمدا أَو سَهوا لم يحل وَهُوَ الصَّحِيح عَن أَحْمد فِي صيد الْجَوَارِح وَهِي مروى عَن بن سِيرِين وَأبي ثَوْر وَقَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك وَالثَّوْري وجماهير الْعلمَاء ان ترك سَهوا حلت الذَّبِيحَة وان تَركهَا عمدا فَلَا نووي مَعَ تَغْيِير يسير قَوْله فَإِن أكل الْكَلْب فَلَا تَأْكُل وَبِه قَالَ بن عَبَّاس وَأَبُو هُرَيْرَة وَالْأَئِمَّة الثَّلَاثَة وَغَيرهم وروى أَبُو دَاوُد عَن أبي ثَعْلَبَة كل وان أكل مِنْهُ الْكَلْب وَبِه قَالَ سعد بن أبي وَقاص وَابْن عمر وسلمان وَمَالك وَقدم حَدِيث الْبَاب لِأَنَّهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ مَعَ قَول الله تَعَالَى فَكُلُوا مِمَّا امسكن عَلَيْكُم وَهَذَا مِمَّا لم يمسك علينا بل على نَفسه وَعلل النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّهْي بقوله فَإِنِّي أَخَاف ان يكون إِنَّمَا امسك على نَفسه مَعَ ان حَدِيث أبي دَاوُد وَهَذَا حسن فَتَأمل فَخر الْحسن قَوْله وان خالطها كلاب أخر أَي الْكلاب الْغَيْر المعلمة أَو كلاب الْمَجُوس مثلا وَأما إِذا كَانَت المسترسلة على الشَّرْط فَلَا بَأْس بِأَكْلِهِ وَفِي الدّرّ يُوكل بِشَرْط ان لَا يُشْرك الْكَلْب الْمعلم كلب لَا يحل صَيْده ككلب غير معلم أَو كلب الْمَجُوس (إنْجَاح) قَوْله يَقُول حججْت ثَمَانِيَة وَخمسين حجَّة الخ هَذَا القَوْل لتوثيق عَليّ بن الْمُنْذر وَبَيَان لِكَثْرَة تعبده (إنْجَاح) قَوْله [3210] عَن الْكَلْب الْأسود البهيم الَّذِي لَا بَيَاض فِيهِ فَقَالَ شَيْطَان كَانَ الْمُؤلف استنبط من هَذَا ان صَيْده لَا يحل لِأَنَّهُ شَيْطَان والشيطان كَافِر وذبيحة الْكَافِر الْمُشرك لَا يجوز وَبِه قَالَ بعض الْعلمَاء وَالْجُمْهُور على انه يحل صَيْده والتشبيه بالشيطان لقلَّة النَّفْع وازدياد الشرفية (إنْجَاح) قَوْله [3212] إِذا رميت وخزقت بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة والزائ الْمُعْجَمَة وَالْقَاف أَي طعنت بِهِ صيدا قَالَ فِي الْقَامُوس خزقه يخزقه كضربه طعنه فانخزق والخازق السنان انْتهى (إنْجَاح) قَوْله [3213] وَلم تَجِد فِيهِ شَيْئا غَيره أَي غير سهمك يَعْنِي بالاطمينان بسهمك لَا بِسَهْم غَيْرك وَلَا يشك اقْتُل بسهمك أَو بِغَيْرِهِ إنْجَاح الْحَاجة قَوْله وَلم تَجِد فِيهِ شَيْئا غَيره فكله قَالَ النَّوَوِيّ هَذَا دَلِيل لمن يَقُول إِذا جرحه فَغَاب عَنهُ فَوَجَدَهُ مَيتا وَلَيْسَ اثر فِيهِ غير سَهْمه وَهُوَ أحد قولي الشَّافِعِي وَمَالك فِي الصَّيْد والسهم وَالثَّانِي يحرم وَهُوَ الْأَصَح عِنْد أَصْحَابنَا وَالثَّالِث يحرم فِي الْكَلْب دون السهْم وَالْأول أقوى وَأقرب الى الْأَحَادِيث الصَّحِيحَة وَأما الْأَحَادِيث الْمُخَالفَة فضعيفة ومحمولة على كَرَاهَة التَّنْزِيه وَكَذَا الْأَثر عَن أبي عَبَّاس كل مَا اصميت ودع مَا انميت أَي كل مَا لم يغب عَنْك دون مَا غَابَ انْتهى قَوْله

[3214] عَن الصَّيْد بالمعراض المعراض بِكَسْر الْمِيم وبالعين الْمُهْملَة وَهِي خشب ثَقيلَة أَو عَصا فِي طرفها حَدِيدَة وَقد تكون بِغَيْر حَدِيدَة هَذَا هُوَ الصَّحِيح فِي تَفْسِيره وَقَالَ الْهَرَوِيّ هُوَ سهم لَا ريش فِيهِ وَلَا نصل وَقَالَ بن دُرَيْد هُوَ سهم طَوِيل لَهُ أَربع قدد رقاق فَإِذا رمى بِهِ اعْترض وَقَالَ الْخَلِيل كَقَوْل الْهَرَوِيّ وَنَحْوه عَن الْأَصْمَعِي وَقيل هُوَ عود رَقِيق الطَّرفَيْنِ غليظ الْوسط إِذا رمى بِهِ ذهب مستويا قَوْله فَهُوَ وقيذ أَي موقوذ وَهُوَ الَّذِي يقتل بِغَيْر محدد من عَصا أَو حجر وَغَيرهمَا وَمذهب الشَّافِعِي وَمَالك وَأبي حنيفَة وَأحمد وجماهير الْعلمَاء انه إِذا اصطاد بالمعراض فَقتل الصَّيْد بحده حل وان قَتله بعرضه لم يحل لهَذَا الحَدِيث وَقَالَ مَكْحُول وَالْأَوْزَاعِيّ وَغَيرهمَا من فُقَهَاء الشَّام يحل مُطلقًا وَكَذَا قَالَ هَؤُلَاءِ وَابْن أبي ليلى انه يحل مَا قَتله بالبندقة وَحكى أَيْضا عَن سعيد بن الْمسيب وَقَالَ الجماهير لَا يحل صيد البندقة مُطلقًا لحَدِيث المعراض لِأَنَّهُ كُله رض ووقذ (نووي) [3217] يجبونَ اسنمة الْإِبِل أَي يقطعون اسنمتها وَهِي جمع سَنَام بِالْفَتْح كوبان شتر كَذَا فِي الصراح (إنْجَاح) قَوْله [3218] احلت لنا ميتَتَانِ الخ فِيهِ إِبَاحَة الْجَرَاد وَأجْمع الْمُسلمُونَ على إِبَاحَته ثمَّ قَالَ أَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ وَأحمد والجماهير يحل سَوَاء مَاتَ بذكوة أَو باصطياد مُسلم أَو مَجُوسِيّ أَو مَاتَ حتف انفه سَوَاء قطع بعضه أَو أحدث فِيهِ سَبَب وَقَالَ مَالك فِي الْمَشْهُور عَنهُ وَأحمد فِي رِوَايَة لَا يحل الا إِذا مَاتَ بِسَبَب بِأَن يقطع بعضه أَو يلقِي فِي النَّار حَيا أَو يشوى فَإِن مَاتَ حتف انفه أَو فِي وعَاء لم يحل (نووي) قَوْله [3221] واقطع دابره الدابر التَّابِع وَآخر كل شَيْء وَالْأَصْل قَالَ الشَّوْكَانِيّ هَذَا الحَدِيث رَوَاهُ الْخَطِيب عَن أنس وَجَابِر مَرْفُوعا وَفِي إِسْنَاده مُوسَى بن مُحَمَّد التَّيْمِيّ وَهُوَ مَتْرُوك قَالَ بن الملقن هَذَا الحَدِيث من افراده وَفِي التَّقْرِيب وَهُوَ مُنكر الحَدِيث (إنْجَاح) قَوْله [3222] فَاسْتقْبلنَا رجل من جَراد أَي طَائِفَة أَو ضرب أَي نوع من جَراد قَالَ بن الملقن اخْرُج هَذَا الحَدِيث أَبُو دَاوُد من حَدِيث أبي المهزم قَالَ وَهُوَ ضَعِيف والْحَدِيث وهم أخرجه التِّرْمِذِيّ وَقَالَ غَرِيب لَا نعرفه الا من حَدِيث أبي المهزم وَقد تكلم فِيهِ شُعْبَة إنْجَاح الْحَاجة لمولانا الْمُعظم الْمُحدث الشَّيْخ عبد الْغَنِيّ المجددي الدهلوي قَوْله [3225] ان نَبيا من الْأَنْبِيَاء قيل هُوَ مُوسَى وَقيل دَاوُد على نَبينَا وَعَلَيْهِمَا السَّلَام قَوْله قرصته أَي لسعته ولدغته فَأمر بقربة النَّمْل هِيَ مَسْكَنهَا وبيتها وَهُوَ مَحْمُول على ان شرع ذَلِك النَّبِي كَانَ فِيهِ جَوَاز قتل النَّمْل والاحراق فَلِذَا لم يعتب عَلَيْهِ فِي أصل الْقَتْل والاحراق بل فِي الزِّيَادَة على نملة وَاحِدَة ذكره الْقَارِي (إنْجَاح) قَوْله فِي ان قرصتك نملة اهلكت امة وَفِي رِوَايَة احرقت امة قَالَ الطَّيِّبِيّ هَذَا هُوَ الموحى بهَا أَي اوحى اليه لِأَن قرصتك نملة أَي عضتك وَفِيه جَوَاز احراق تِلْكَ النملة القارصة فَلَعَلَّهُ كَانَ فِي شريعتهم وَفِي شريعتنا لَا يجوز احراق حَيَوَان أصلا وَلَا يجوز قتل النملة فِي مَذْهَبنَا للنَّهْي عَن قتل الدَّوَابّ الْأَرْبَعَة انْتهى قَوْله [3226] نهى عَن الْخذف هُوَ رميك حَصَاة أَو نواة تأخذها بَين سبابتيك ترمي بهَا أَو تتَّخذ مخذفة من خشب ثمَّ ترمي بهَا الخصاة بَين ابهامك والسبابة وَلَا تنكي عدوا من نكيت فِي الْعَدو انكى إِذا اكثرت فيهم الْجراح وَالْقَتْل فوهنوا لَك وَقد يهمز لُغَة يُقَال نكأت القرحة إِذا قشرتها نِهَايَة قَوْله نهى عَن الْخذف الخ قَالَ النَّوَوِيّ اما الْخذف فبالخاء والذال المعجمتين وَهُوَ رمي الْإِنْسَان بحصاة أَو نواة وَنَحْوهمَا يَجْعَلهَا بَين أصبعيه السبابتين أَو الْإِبْهَام والسبابة قَوْله وَلَا تنكي بِفَتْح التَّاء وَكسر الْكَاف غير مَهْمُوز وَفِي الرِّوَايَات الْمَشْهُورَة بِفَتْح التَّاء وبالهمزة فِي اخره قَالَ القَاضِي كَذَا روينَاهُ لَكِن غير المهموز أوجه لِأَن المهموز انما هُوَ من نكأت القرحة وَلَيْسَ هذاموضعه الا على تجوز وَإِنَّمَا هَذَا من النكاية يُقَال نكيت الْعد انكية ونكأت بِالْهَمْزَةِ لُغَة فِيهِ قَالَ فعلى هَذِه اللُّغَة يتَوَجَّه رِوَايَة شُيُوخنَا قَوْله وتفقأ الْعين مَهْمُوز فِي هَذَا الحَدِيث النَّهْي عَن الْخذف لِأَنَّهُ لَا مصلحَة وَيخَاف مفسدته ويلتحق بِهِ كل مَا شَاركهُ فِي هَذَا وَفِيه ان مَا كَانَ فِيهِ مصلحَة أَو حَاجَة فِي قتال الْعَدو وَتَحْصِيل الصَّيْد فَهُوَ جَائِز وَمن ذَلِك رمي الطُّيُور الْكِبَار بالبندق إِذا كَانَ لَا يَقْتُلهَا غَالِبا بل تدْرك حَيَّة فتذكى فَهُوَ جَائِز قَوْله لَا أُكَلِّمك ابدا فِيهِ هجران أهل الْبدع والفسوق ومنابذي السّنة مَعَ الْعلم وَأَنه يجوز هجرانه دَائِما وَالنَّهْي عَن الهجران فَوق ثَلَاثَة أَيَّام إِنَّا هُوَ فِيمَن هجر لحظ نَفسه ومعائش الدُّنْيَا وَأما أهل الْبدع وَنَحْوهم فهجرانهم دَائِما وَهَذَا الحَدِيث مِمَّا يُؤَيّدهُ لَا مَعَ نَظَائِر لَهُ كَحَدِيث كَعْب بن مَالك وَغَيره انْتهى قَوْله [3229] من قتل وزغا الخ الوزغ جمع وزغة بالحركة وَهِي مَا يُقَال لَهُ سَام ابرص وَجَمعهَا أَو زاغ ووزغان كَذَا فِي الْمجمع وَفِيه أَيْضا سَبَب تَكْثِير الثَّوَاب فِي قَتله أول مرّة ثمَّ مَا يَليهَا ليبادر فِي قَتله والاعتناء بِهِ إِذْ رُبمَا انفلتت فِي قتل مَرَّات انْتهى (إنْجَاح) قَوْله [3230] قَالَ للوزغ الفويسقة قَالَ الطَّيِّبِيّ تَسْمِيَته فَاسِقًا لِأَنَّهُ نَظِير الفواسق الْخمس الَّتِي تقتل فِي الْحل وَالْحرم وتصغيره للتعظيم كَمَا فِي دويبة أَو للتحقيرلالحاقه بالفواسق الْخمس وَالْأول أظهر انْتهى قَوْله

[3231] فَإِنَّهَا كَانَت تنفخ بَيَان لخبث هَذَا النَّوْع وفساده وَأَنه بلغ فِي ذَلِك مبلغا اسْتَعْملهُ الشَّيْطَان فَحَمله على ان ينْفخ فِي النَّار الَّتِي ألْقى فِيهَا خَلِيل الله عَلَيْهِ السَّلَام وسعى فِي اشتعالها وَهُوَ فِي الْجُمْلَة من دَوَاب السمُوم المؤذية كَذَا فِي الْمرقاة قَوْله [3232] عَن أكل كل ذِي نَاب من السبَاع وَعَن كل ذِي مخلب من الطير المخلب بِكَسْر الْمِيم وَفتح اللَّام قَالَ أهل اللُّغَة المخلب للطير وَالسِّبَاع بِمَنْزِلَة الظفر للْإنْسَان فِي هَذَا الحَدِيث دلَالَة لمَذْهَب الشَّافِعِي وَأبي حنيفَة وَأحمد وَدَاوُد وَالْجُمْهُور انه يحرم أكل كل ذِي نَاب من السبَاع وكل ذِي مخلب من الطير وَقَالَ مَالك يكره وَلَا يحرم قَالَ أَصْحَابنَا المُرَاد بِذِي الناب مَا يتقوى بِهِ ويصطاد وَاحْتج مَالك بقوله تَعَالَى قل لَا أجد فِيمَا اوحي الي محرما الْآيَة وَاحْتج أَصْحَابنَا بِهَذَا الحَدِيث قَالُوا والاية لَيْسَ فِيهَا الا الاخبار بِأَنَّهُ لم يجد فِي ذَلِك الْوَقْت محرما الا الْمَذْكُورَات فِي الْآيَة ثمَّ اوحى اليه بِتَحْرِيم كل ذِي نَاب من السبَاع فَوَجَبَ قبُوله وَالْعَمَل بِهِ (نووي) قَوْله [3235] عَن احناش الأَرْض الاحناش جمع حَنش بِالتَّحْرِيكِ فِي الْقَامُوس الحنش محركة الذُّبَاب والحية وكل مَا يصاد من الطير والهوام وحشرات الأَرْض أَو مَا اشبه رَأسه رَأس الْحَيَّات انْتهى (إنْجَاح) قَوْله عَن احناش الأَرْض قَالَ فِي النِّهَايَة الحنش مَا أشبه رَأسه رُؤُوس الْحَيَّات من الوزغ والحرباء وَغَيرهمَا وَقيل الاحناش هوَام الأَرْض وَالْمرَاد فِي الحَدِيث الأول انْتهى قَوْله [3237] وَمن يَأْكُل الضبع وَهُوَ حَيَوَان مَعْرُوف يُقَال لَهُ بِالْفَارِسِيَّةِ كفتار وَهَذَا الحَدِيث يدل على حُرْمَة الضبع كَمَا هُوَ مَذْهَب أبي حنيفَة وَمَالك وَيُؤَيِّدهُ انه ذُو نَاب من السبَاع وَقد نهى رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَن أكل كل ذِي نَاب من السبَاع رَوَاهُ مُسلم وَفِي رِوَايَة مُسلم وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة عَن أبي هُرَيْرَة عَن رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انه قَالَ كل ذِي نَاب من السبَاع فَأَكله حرَام وَمَعَ تعَارض الْأَدِلَّة فِي التَّحْرِيم والاباحة الاحوط حرمته وَبِه قَالَ سعيد بن الْمسيب وسُفْيَان الثَّوْريّ وَجَمَاعَة قَالَه الْقَارِي قَوْله [3238] فَلم يَأْكُل وَلم ينْه قَالَ مُحَمَّد فِي المؤطاء قد جَاءَ فِي أكله اخْتِلَاف فَأَما نَحن فَلَا نرى ان يُؤْكَل انْتهى وَدَلِيلنَا مَا روى مُحَمَّد فِي المؤطا أخبرنَا أَبُو حنيفَة عَن حَمَّاد عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ عَن عَائِشَة انه أهْدى لَهَا ضَب فَأَتَاهَا رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلته عَن اكله فَنَهَاهَا عَنهُ فَجَاءَت سَائِلَة فَأَرَادَتْ ان تطعمها إِيَّاه فَقَالَ لَهَا رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تطعميها مَعًا لَا تَأْكُل وَمَا روى مُحَمَّد بِسَنَدِهِ عَن عَليّ بن أبي طَالب انه نهى عَن أكل الضَّب والضبع قَالَ مُحَمَّد وَهُوَ قَول أبي حنيفَة والعامة انْتهى قلت وَمِمَّا يدل على حُرْمَة أكل الضَّب مَا روى أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادِهِ عَن عبد الرَّحْمَن بن شبْل ان النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى عَن أكل لحم الضَّب وَالظَّاهِر ان النَّهْي مُؤخر عَن السُّكُوت فالنهي وَاجِب الْعَمَل وعَلى سَبِيل التنزل يُقَال ان الْأَدِلَّة متعارضة وَمَعَ تعَارض الْأَدِلَّة فِي التَّحْرِيم والاباحة الاحوط حرمته وَعدم اكله (فَخر) قَوْله [3240] ان ارضنا ارْض مضبة فِيهَا لُغَتَانِ مشهورتان أَحدهمَا فتح الْمِيم وَالضَّاد وَالثَّانيَِة ضم الْمِيم وَكسر الضَّاد وَالْأول أفْصح وَأشهر أَي ذَات ضباب كَثِيرَة نَقله بعض المحشين عَن النَّوَوِيّ (إنْجَاح) قَوْله ان ارضنا ارْض مضبة بِضَم مِيم وَكسر ضاد رِوَايَة وَالْمَعْرُوف بفتحهما اضبت ارضه كثر ضبابها وَأَرْض مضبة ذَات ضباب كمربعة لذات يرابيع وَجمعه مضابت ومضبة اسْم فَاعل من اضبت كاغدت قَالَه فِي النِّهَايَة وَقَالَ الْكرْمَانِي الضَّب قَاضِي الطير والبهائم عِنْد الْعَرَب اجْتَمعُوا عِنْد حِين خلق الْإِنْسَان فوصفوه لَهُ فَقَالَ يصفونه خلقا ينزل الطير من السَّمَاء وَيخرج الْحُوت من الْبَحْر فَمن كَانَ ذَا جنَاح فليطر وَمن كَانَ ذَا مخلب فليستحفل انْتهى قَوْله بَلغنِي ان امة مسخت لَعَلَّ هَذَا قَالَه قبل الْعلم بِأَن الْأمة الممسوخة لم تبْق بعد ثَلَاثَة أَيَّام (إنْجَاح) قَوْله [3243] مَرَرْنَا بمر الظهْرَان مَوضِع قريب مَكَّة قَوْله فانفجنا وَفِي نُسْخَة فاستنفجنا ارنبا أَي اثرناها وَهُوَ بنُون وَفَاء وجيم التهيج والاثارة واللغب التَّعَب وَمِنْه قَوْله تَعَالَى وَمَا مسنا من لغوب (إنْجَاح) قَوْله

[3245] وَرَأَيْت خلقا رَابَنِي أَي اوقعني فِي الرِّيبَة والشبهة ان هَذِه أُولَئِكَ وَالأَصَح ان الْأمة الممسوخة لم تبْق بعد ثَلَاثَة أَيَّام (إنْجَاح) قَوْله نبئت انها تدمي أَي تحيض فَإِنَّهَا مشابهة بالادميين وَلذَا روى عَن جَعْفَر الصَّادِق تَحْرِيمه وَالله أعلم (إنْجَاح) قَوْله نبئت انها تدمي أَي الارنب قلت وَلذَا كره اكله الْبَعْض وَحكى أَيْضا عَن عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ وَابْن أبي ليلى انهما كرهاها لَكِن الْأَئِمَّة الْأَرْبَعَة وَالْعُلَمَاء كَافَّة احلوا أكل الارنب دليلهم الحَدِيث الْمُتَقَدّم عَن أنس بن مَالك ان أَبَا طَلْحَة بعث وركها الى النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقبله وَهَذَا الحَدِيث ضَعِيف لِأَن فِيهِ عبد الْكَرِيم بن أبي الْمخَارِق وَهُوَ ضَعِيف عِنْد أهل الحَدِيث قَالَ بن حجر فِي التَّقْرِيب عبد الْكَرِيم بن أبي الْمخَارِق أَبُو أُميَّة الْمعلم الْبَصْرِيّ نزيل مَكَّة وَاسم أَبِيه قيس وَقيل طَارق ضَعِيف وَحَدِيث أنس صَحِيح رَوَاهُ الشَّيْخَانِ أَيْضا (فَخر) [3247] أَو جزر عَنهُ أَي نقص وَذهب وَفِي الْمجمع مَا جزر عَنهُ الْبَحْر فَكل أَي مَا انْكَشَفَ عَنهُ المَاء من حَيَوَان الْبَحْر وَمِنْه الجزر وَالْمدّ وَهُوَ رُجُوع المَاء الى خلف انْتهى (إنْجَاح) قَوْله وَمَا مَاتَ فِيهِ فطفى فَلَا تأكلوه اخْتلفُوا فِي إِبَاحَة السّمك الطافي فأباحه جمَاعَة من الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ وَبِه قَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَكَرِهَهُ جمَاعَة مِنْهُم روى ذَلِك عَن جَابر وَابْن عَبَّاس وَأَصْحَاب أبي حنيفَة وَقَالَ فِي الدّرّ فِي تَفْسِير الطافي هُوَ مَا بَطْنه فَوق فَلَو ظَهره فَوق فَلَيْسَ بطافي فيوكل كَمَا يُوكل مَا فِي بطن الطافي (إنْجَاح) قَوْله [3248] من يَأْكُل الْغُرَاب وَهَذَا هُوَ الْغُرَاب الَّذِي يَأْكُل الْجِيَف وَأما الَّذِي يَأْكُل الزَّرْع أَو يجمع بَينهمَا وَهُوَ الْمُسَمّى بالعقعق فالاصح حلّه كَذَا فِي الدّرّ (إنْجَاح) قَوْله [3250] عَن أكلا لهرة وَثمنهَا قَالَ اطيبي هَذَا مَحْمُول على مَا لَا ينفع أَو على انه نهى تَنْزِيه لكَي يعْتَاد النَّاس هِبته واعارته والسماحة كَمَا هُوَ الْغَالِب فَإِن كَانَ نَافِعًا وَبَاعه صَحَّ البيع وَكَانَ ثمنه حَلَالا هَذَا مَذْهَب الْجُمْهُور الا مَا حكى عَن أبي هُرَيْرَة وَجَمَاعَة من التَّابِعين وَاحْتَجُّوا بِهَذَا الحَدِيث قلت وَهُوَ مَذْهَبنَا الا مَا روى عَن أبي يُوسُف انه كره بيع الْهِرَّة كَمَا فِي النِّهَايَة وَأخرجه الْحَاكِم عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ كَانَ النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْتِي دَار قوم من الْأَنْصَار ودور لَا ياتيها فشق عَلَيْهِم فكلموه فَقَالَ ان فِي داركم كَلْبا قَالُوا فَإِن فِي دَارهم سنورا فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ السنور سبع ثمَّ قَالَ الْحَاكِم حَدِيث صَحِيح إنْجَاح الْحَاجة لمولانا الشَّيْخ عبد الْغَنِيّ المجددي الدهلوي قَوْله [3251] انجفل النَّاس قبله أَي مضوا اليه فِي الْقَامُوس انجفل الْقَوْم انقلعوا فَمَضَوْا كاجفلوا والجفالة بِالضَّمِّ الْجَمَاعَة انْتهى وَفِي الْمجمع أَي ذَهَبُوا مُسْرِعين نَحوه يُقَال جفل واجفل وانجفل انْتهى (إنْجَاح) قَوْله افشوا السَّلَام اعْلَم ان ابْتِدَاء السَّلَام سنة ورده وَاجِب فَإِن كَانَ الْمُسلم جمَاعَة فَهُوَ سنة كِفَايَة فِي حَقهم إِذا سلم بَعضهم حصلت سنة السَّلَام فِي حق جَمِيعهم فَإِن كَانَ الْمُسلم عَلَيْهِ وَاحِدًا تعين عَلَيْهِ الرَّد وان كَانُوا جمَاعَة كَانَ الرَّد فرض كِفَايَة فِي حَقهم فَإِذا رد وَاحِد مِنْهُم سقط الْحَرج عَن البَاقِينَ والافضل ان يَبْتَدِئ الْجَمِيع بِالسَّلَامِ وان يرد الْجَمِيع وَعَن أبي يُوسُف انه لَا بُد ان يرد الْجَمِيع وَنقل بن عبد الْبر وَغَيره إِجْمَاع الْمُسلمين على ان ابْتِدَاء السَّلَام سنة وان رده فرض وَأَقل السَّلَام ان يَقُول السَّلَام عَلَيْكُم فَإِن كَانَ الْمُسلم عَلَيْهِ وَاحِدًا فأقله السَّلَام عَلَيْك والافضل ان يَقُول السَّلَام عَلَيْكُم ليتناوله وملكيه وأكمل مِنْهُ ان يزِيد وَرَحْمَة الله وَأَيْضًا بركاته وَيكرهُ ان يَقُول الْمُبْتَدِئ عَلَيْكُم السَّلَام فَإِن قَالَه اسْتحق الْجَواب على الصَّحِيح الْمَشْهُور وَقيل لَا يسْتَحقّهُ وَقد صَحَّ ان النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا تقل عَلَيْك السَّلَام فَإِن عَلَيْك السَّلَام تَحِيَّة الْمَوْتَى وَأما صفة الرَّد فَالْأَفْضَل ان يَقُول وَعَلَيْكُم السَّلَام وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته فَيَأْتِي الْوَاو وَأَقل السَّلَام ابْتِدَاء وردا ان يسمع صَاحبه وَلَا يجْزِيه دون ذَلِك وَيشْتَرط كَون الرَّد على الْفَوْر وَلَو أَتَاهُ سَلام من غَائِب مَعَ رَسُول أَو فِي ورقة وَجب الرَّد على الْفَوْر وَالسَّلَام بِالْألف وَاللَّام أفضل (نووي) قَوْله [3254] طَعَام الْوَاحِد يَكْفِي الْإِثْنَيْنِ تَأْوِيله شبع الْوَاحِد قوت الْإِثْنَيْنِ وشبع الْإِثْنَيْنِ قوت الْأَرْبَعَة قَالَ عبد الله بن عُرْوَة تَفْسِير هَذَا مَا قَالَ عمر عَام الرفادة لقد هَمَمْت ان انْزِلْ على أهل كل بَيت مثل عَددهمْ فَإِن الرجل لَا يهْلك على نصف بَطْنه قَالَ النَّوَوِيّ فِيهِ الْحَث على الْمُوَاسَاة فِي الطَّعَام وَأَنه وان كَانَ قَلِيلا حصلت مِنْهُ الْكِفَايَة الْمَقْصُودَة وَوَقعت فِيهِ بركَة تعم الْحَاضِرين طيبي قَوْله [3256] الْمُؤمن يَأْكُل فِي مَعًا وَاحِد قَالَ فِي النِّهَايَة هُوَ مثل ضربه لِلْمُؤمنِ وزهده فِي الدُّنْيَا وَالْكَافِر وحرصه عَلَيْهَا وَلَيْسَ مَعْنَاهُ كَثْرَة الْأكل دون الاتساع فِي الدُّنْيَا وَقيل هُوَ تحضيض لِلْمُؤمنِ على قلَّة الشِّبَع وَقيل هُوَ خَاص فِي رجل بِعَيْنِه كَانَ يَأْكُل كثيرا فَأسلم فَقل اكله والمعا وَاحِد الامعاء وَهِي المصارين انْتهى مَا فِي الزجاجة قلت وَقَالَ أهل الطِّبّ لكل انسان سَبْعَة امعاء الْمعدة وَثَلَاثَة مُتَّصِلَة بهَا رقاق ثمَّ ثَلَاثَة غِلَاظ وَالْمُؤمن لاقتصاده وتسميته يَكْفِي مَلأ أَحدهَا بِخِلَاف الْكَافِر وَقيل المُرَاد الْمُؤمن الْكَامِل المعرض عَن الشَّهَوَات المقتصر على سد خلته (فَخر) قَوْله وَالْكَافِر يَأْكُل فِي سَبْعَة امعاء وَاعْلَم انه لَيْسَ للْكَافِرِ زِيَادَة امعاء بِالنِّسْبَةِ الى الْمُؤمن فَلَا بُد من تَأْوِيل الحَدِيث فَقَالَ القَاضِي أَرَادَ بِهِ ان الْمُؤمن يقل حرصه وشرهه على الطَّعَام ويبارك لَهُ فِي مأكله ومشربه يشْبع من قَلِيل وَالْكَافِر يكون كثير الْحِرْص شَدِيد الشره لَا مطمح لبصره الا فِي المطاعم والمشارب قَالَ جلّ ذكره ذرهم يَأْكُلُوا ويتمتعوا ويلههم الأمل فَسَوف يعلمُونَ قَالَ النَّوَوِيّ فِيهِ وُجُوه أَحدهَا انه قيل فِي رجل بِعَيْنِه فَقيل لَهُ على جِهَة التَّمْثِيل وَثَانِيها ان الْمُؤمن يُسمى الله تَعَالَى عِنْد طَعَامه فَلَا يشْتَرك فِيهِ الشَّيْطَان بِخِلَاف الْكفَّار ثمَّ ذكر الْوُجُوه الاخر وَقَالَ فِي آخرهَا وسابعها الْمُخْتَار وَهُوَ ان بعض الْمُؤمنِينَ يَأْكُل فِي مَعًا وَاحِد وَأكْثر الْكفَّار يَأْكُلُون فِي سَبْعَة امعاء وَلَا يلْزم ان يكون كل وَاحِد من السَّبْعَة مثل مَعًا الْمُسلم قلت المُرَاد من الْمُؤمن الْكَامِل على ايمانه والمقبل على إحسانه المعرض عَن دَار هوانه والا فالعوام من الْمُؤمنِينَ لَا يكونُونَ أدنى فِي الشره والحرص من الْكفَّار وَقد نفي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْإِيمَان عَن هَؤُلَاءِ وَهُوَ الْإِيمَان الْكَامِل وَقَالَ لَا إِيمَان لمن لَا امانة لَهُ وَلَا دين لمن لَا عهد لَهُ وَالله اعْلَم (إنْجَاح) قَوْله

[3259] مَا عَابَ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَعَاما قطّ قَالَ النَّوَوِيّ الْعَيْب هُوَ ان هَذَا مالح قَلِيل الْملح حامض رَقِيق غليظ غير نضج وَنَحْو ذَلِك وَأما قَوْله للضب لم تكن بِأَرْض قومِي فأجدني اعافه فبيان الْحَال لَا عيب (إنْجَاح) قَوْله قَالَ أَبُو بكر أَي بن أبي شيبَة شيخ الْمُؤلف يُخَالف فِيهِ أَي خَالف النَّاس فِي رِوَايَة هَذَا الحَدِيث روى سُفْيَان عَن الْأَعْمَش عَن أبي حَازِم وروى أَبُو مُعَاوِيَة عَن الْأَعْمَش عَن أبي يحيى فالمعاوية يُخَالف سُفْيَان وسُفْيَان من أَئِمَّة الحَدِيث وَالْفِقْه فَقَوله أولى وأصوب وَالله أعلم (إنْجَاح) [3260] فَليَتَوَضَّأ إِذا حضر غداؤه وَإِذا رفع قيل المُرَاد بِالْوضُوءِ الثَّانِي غسل الْيَدَيْنِ والفم من الدسومات إنْجَاح الْحَاجة قَوْله [3261] الا اتيك بِوضُوء بِفَتْح الْوَاو أَي مَاء للْوُضُوء فَإِن أَرَادَ بِهِ الْوضُوء الْعرفِيّ فَلَيْسَ هَذَا مَحَله وان أُرِيد بِهِ غسل الْيَدَيْنِ فانكاره صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لفهمه الْوُجُوب والتأكيد (إنْجَاح) قَوْله [3262] لَا آكل مُتكئا المُرَاد بالاتكاء الِاعْتِمَاد على اطرافه وَهُوَ من عَادَة المتجبرين وَقيل المُرَاد التربع إنْجَاح الْحَاجة قَوْله [3266] حَدثنَا الهقل بن زِيَاد بِكَسْر هَاء وَسُكُون قَاف ثمَّ لَام بن زِيَاد السكْسكِي بمهملتين مفتوحتين بَينهمَا كَاف سَاكِنة (إنْجَاح) قَوْله فَإِن الشَّيْطَان يَأْكُل بِشمَالِهِ أَي يحمل اولياءه من الانس على هَذَا الصَّنِيع ليصاد بِهِ عباد الله الصَّالِحين ثمَّ ان من حق نعْمَة الله تَعَالَى وَالْقِيَام بشكره ان تكرم وَلَا تستهان بهَا وَمن الْكَرَامَة ان يتَنَاوَل بِالْيَمِينِ ويميز بهَا بَين مَا كَانَ من النِّعْمَة وَبَين مَا كَانَ من الْأَذَى أَقُول تحريره ان يُقَال لَا يأكلن أحدكُم بِشمَالِهِ وَلَا يشربن بهَا فَإِنَّكُم ان فَعلْتُمْ ذَلِك كُنْتُم أَوْلِيَاء الشَّيْطَان فَإِن الشَّيْطَان يحمل اولياءه من الانس على ذَلِك قَالَه الطَّيِّبِيّ وَيُمكن ان يحمل على ظَاهره وَالله اعْلَم (إنْجَاح) قَوْله فَإِن الشَّيْطَان يَأْكُل بِشمَالِهِ الخ قَالَ النَّوَوِيّ فِيهِ اسْتِحْبَاب الْأكل وَالشرب بِالْيَمِينِ وكراهتهما بالشمال وَالْأَخْذ والاعطاء وَهَذَا إِذا لم يكن عذر فَإِن كَانَ عذر يمْنَع الْأكل وَالشرب بِالْيَمِينِ من مرض أَو جِرَاحَة أَو غير ذَلِك فَلَا كَرَاهَة فِي الشمَال وَفِيه انه يَنْبَغِي اجْتِنَاب الْأَفْعَال الَّتِي تشبه افعال الشَّيَاطِين وان للشياطين يدين انْتهى قَوْله [3267] تطيش أَي تتحرك وتدور وَذهب الْجُمْهُور الى ان الاوامر الثَّلَاث فِي هَذَا الحَدِيث للنَّدْب إنْجَاح الْحَاجة قَوْله [3269] حَتَّى يلعقها أَو يلعقها قَالَ النَّوَوِيّ مَعْنَاهُ وَالله أعلم لَا يمسح يَده حَتَّى يلعقها فَإِن لم يفعل فحتى يلعقها غَيره مِمَّن لَا يتقذر ذَلِك كَزَوْجَة وَجَارِيَة وَولد وخادم يحبونه ويلتذذونه بذلك وَلَا يتقذرون وَكَذَا من كَانَ فِي معناهم كتلميذ يعْتَقد بركته يلعقها وَكَذَا لَو العقها شَاة وَنَحْوهَا انْتهى قَوْله [3270] فَإِنَّهُ لَا يدْرِي فِي أَي طَعَامه الْبركَة قَالَ النَّوَوِيّ مَعْنَاهُ وَالله أعلم ان الطَّعَام الَّذِي يحضر الْإِنْسَان فِيهِ بركَة وَلَا يدْرِي ان تِلْكَ الْبركَة فِيمَا أكله أَو فِيمَا بَقِي على اصابعه أَو فِيمَا بَقِي فِي أَسْفَل الْقَصعَة أَو فِي اللُّقْمَة الساقطة فَيَنْبَغِي ان يحافظ على هَذَا كُله لتَحْصِيل الْبركَة وَاصل الْبركَة الزِّيَادَة وَثُبُوت الْخَيْر والامتاع وَالْمرَاد هُنَا وَالله اعْلَم مَا يحصل بِهِ التغذية وتسلم عاقبته من أَذَى ويقوى على طَاعَة الله تَعَالَى وَغير ذَلِك انْتهى قَوْله [3271] استغفرت لَهُ الْقَصعَة قَالَ التوربشتي اسْتِغْفَار الْقَصعَة عبارَة عَمَّا صودف فِيهَا من امارة التَّوَاضُع مِمَّن أكل فِيهَا وبراءته من الْكبر وَذَلِكَ مِمَّا يُوجب الْمَغْفِرَة فأضاف الى الْقَصعَة لِأَنَّهَا كالسبب لذَلِك طيبي قَوْله [3274] بِجَفْنَة أَي قَصْعَة قَوْله والودك وَفِي رِوَايَة التِّرْمِذِيّ والوذر بِفَتْح الْوَاو وَسُكُون الذَّال الْمُعْجَمَة جمع وذرة وَهِي قِطْعَة من اللَّحْم فَإِن كَانَ بِالدَّال الْمُهْملَة وَالْكَاف فَالْمُرَاد مِنْهُ كَثِيرَة الدسومة قَوْله فخبطت أَي ضربت بيَدي وَقَالَ الطَّيِّبِيّ أَي ضربت فِيهَا من غير اسْتِوَاء كَذَا فِي الْمرقاة إنْجَاح الْحَاجة قَوْله [3275] ودعوا ذروتها أَي اعلاها شبه مَا يزِيد فِي الطَّعَام بِمَا ينزل من الاعالى من الْمَائِع وَمَا يُشبههُ فَهُوَ ينصب الى الْوسط ثمَّ ينثب مِنْهُ الى الْأَطْرَاف فَكلما اخذ من الطّرف يَجِيء من الْأَعْلَى بدل فَإِذا اخذ من الْأَعْلَى انْقَطع طيبي قَوْله

[3277] تنزل فِي وَسطه مَوضِع سِتّ لَيْسَ أَحَق وَأولى بودبة نزُول خير وبركة وجون طعاميكن وركاسه است مَحل بركَة است ابقاتى تآخر طَعَام مُنَاسِب است براثى بقاد اسْتِمْرَار بركَة وَطَعَام أثنله أذباب خوب [3278] فتغامز بِهِ الدهاقين أَي اشاروا بالتحقير بِالْعينِ والجفن والحاجب أَي عَابَ الدهاقين فلاحوا الْعَجم لهَذَا الْأَمر بِسَبَب عدم علمهمْ إنْجَاح الْحَاجة قَوْله وَلَا يَدعهَا للشَّيْطَان إِنَّمَا صَار تَركهَا للشَّيْطَان لِأَن فِيهِ اضاعة نعْمَة الله والاستحقار بهَا من مَا باس ثمَّ انه من أَخْلَاق المتكبرين وَالْمَانِع عَن تنَاول تِلْكَ اللُّقْمَة فِي الْغَالِب هُوَ الْكبر وَذَلِكَ من عمل الشَّيْطَان طيبي قَوْله [3280] كمل من الرِّجَال كثير أَي من الْأُمَم السَّابِقَة وَلم يكمل من النِّسَاء الا امْرَأَتَانِ وَلَا يلْزم مِنْهُ انه لم يكمل من أمته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أحد من النِّسَاء بل لهَذِهِ الْأمة مزية على غَيرهَا وَلذَا ذكر بعده بقوله فضل عَائِشَة الخ وَفضل الثَّرِيد على سَائِر الْأَطْعِمَة لَيْسَ بِفضل كلي بل فضل من وَجه فَلَا يلْزم مِنْهُ فضيلتها على خَدِيجَة وَفَاطِمَة بل الأَصْل فِي هَذِه المسئلة التَّوَقُّف فَإِن لكل وَاحِدَة مِنْهُنَّ فَضِيلَة لَيست للاخرى فَقدم الْإِسْلَام ونصرة الدّين لخديحة رض وجزئية النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لفاطمة ووفور الْعلم والزهادة لعَائِشَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُن قَوْله وان فضل عَائِشَة الخ قَالَ الطَّيِّبِيّ لم يعْطف عَائِشَة على آسِيَة بل ابرز فِي صُورَة جملَة مُسْتَقلَّة تَنْبِيها على اختصاصها بِمَا امتازت بِهِ عَن سائرهن وَمثل بالثريد لِأَنَّهُ أفضل طَعَام الْعَرَب لِأَنَّهُ مَعَ اللَّحْم جَامع بَين الْغذَاء واللذة وَالْقُوَّة وسهولة التَّنَاوُل وَقلة الْمُؤْنَة فِي المضغ فَيُفِيد بِأَنَّهَا أَعْطَيْت مَعَ حسن الْخلق وحلاوة النُّطْق وفصاحة اللهجة بِهِ رزانة الرَّأْي فَهِيَ تصلح للتبعل والتحدث وحسبك انها عقلت مَا لم يعقل غَيرهَا من النِّسَاء وروت مَا لم يرو مثلهَا من الرِّجَال انْتهى وَقَالَ فِي النِّهَايَة قيسل لم يرد عين الثَّرِيد وَإِنَّمَا أَرَادَ الطَّعَام الْمُتَّخذ من اللَّحْم والثريد مَعًا لِأَن الثَّرِيد غَالِبا لَا يكون الا من لحم وَالْعرب قَلما تَجِد طبيخا وَلَا سِيمَا بِلَحْم وَيُقَال الثَّرِيد أحد اللحمين بل اللَّذَّة وَالْقُوَّة إِذا كَانَ اللَّحْم نضيجا فِي المرق أَكثر مِمَّا يكون فِي نفس اللَّحْم انْتهى قَوْله كفضل الثَّرِيد على سَائِر الطَّعَام الثَّرِيد الْخبز المفتت فِي المرق وَغَيره وَهُوَ طَعَام سريع الهضم كثير النَّفْع كَمَا ان الصديقة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا كَثِيرَة النَّفْع للامة بِحَسب الْعلم والفتيا (إنْجَاح) قَوْله [3282] وَلَا نَتَوَضَّأ ثَبت من هَذَا الحَدِيث انه لَا وضوء بعد أكل الطَّعَام (إنْجَاح) قَوْله [3284] إِذا رفع طَعَامه أَو مَا بَين يَدَيْهِ هَذَا شكّ من الرَّاوِي أَي إِذا رفع طَعَامه أَو رفع مَا بَين يَدَيْهِ وَهُوَ الطَّعَام قَوْله غير مكفى حَال من مَحْذُوف وَهُوَ قَوْله [3285] اطعمني أَي اطعمني هَذَا الطَّعَام حَال كَونه غير مكفي وَفِي الْمجمع وَهُوَ بِوَزْن مرمي من الْكِفَايَة ويروى مكفئ مَهْمُوز اللَّام أَي غير مقلوب وَلَا مَرْدُود لعدمه أَو للاستغناء عَنهُ وَالضَّمِير الطَّعَام وَقيل أَي الله هُوَ الْمُعْطِي وَالْكَافِي غير مطعم وَلَا مكفى فَالضَّمِير لله تَعَالَى وَلَا مُودع أَي غير مَتْرُوك الطّلب اليه وَالرَّغْبَة فِيمَا عِنْده وربنا على الأول مَنْصُوب على النداء وعَلى الثَّانِي مَرْفُوع مُبْتَدأ مُؤخر أَي رَبنَا غير مكفى وَلَا مُودع وَيجوز ان يرجع الْكَلَام الى الْحَمد كَأَنَّهُ قَالَ حمدا كثيرا غي مكفى وَلَا مُودع وَلَا مُسْتَغْنى عَنهُ أَي عَن الْحَمد انْتهى (إنْجَاح) قَوْله [3288] وَلَا يتنفس فِي الْإِنَاء وَفِي اخر كَانَ يتنفس فِي الْإِنَاء ثَلَاثًا قَالَ فِي النِّهَايَة وهما صَحِيحَانِ باخْتلَاف تقديرين أَحدهمَا ان يشرب وَهُوَ يتنفس من فِي الْإِنَاء من غير ان يُبينهُ من فِيهِ وَهُوَ مَكْرُوه والاخر ان يشرب من الْإِنَاء ثَلَاثَة انفاس يفصل فِيهَا فَاه عَن الْإِنَاء يُقَال اكرع فِي الْإِنَاء نفسا أَو نفسين أَي جرعة أَو جرعتين انْتهى وَقَالَ النَّوَوِيّ وَلَا يتنفس فِي الْإِنَاء حذرا من سُقُوط شَيْء من الْأنف أَو الْفَم فِيهِ وَقيل انه منع فِي الطِّبّ وروى كَانَ يتنفس فِي الْإِنَاء أَي فِي اثناء شربه من الْإِنَاء وروى يتنفس فِي الشّرْب أَي فِي اثناء شربه الشَّرَاب انْتهى وَقَالَ الْكرْمَانِي وَقيل وَجه الْجمع ان النَّهْي هُوَ التنفس فِيهِ مَعَ مَا يكره نَفسه ويتقذره والاستحباب مَعَ من يُحِبهُ ويتبرك بِهِ وَحِكْمَة التَّثْلِيث انه اقمع للعطش وَأَوَى على الهضم وَأَقل اثرا فِي ابراد الْمعدة وَضعف الاعصاب انْتهى قَوْله [3289] فَإِن أَبى أَي الْخَادِم من ان يَأْكُل مَعَه تأدبا أَو أَبى الطاعم من ان يجلسه مَعَه ترفها فليناوله لقْمَة أَو لقمتين (إنْجَاح) قَوْله

باب الدباء هو بالمد اليقطين هذا هو المشهور وحكى القاضي عياض فيه القصر

[3292] على خوان أَي الَّذِي يُوكل عَلَيْهِ والاكل عَلَيْهِ لم يزل من دَاب المترفهين وَوضع الجبارين لِئَلَّا يَفْتَقِرُوا الى التطأطؤ والانحناء عِنْد الْأكل قَوْله وَلَا فِي سكرجة الروَاة يضمون الاحرف الثَّلَاثَة من أَولهَا وَقيل الصَّوَاب فتح الرَّاء فَإِنَّهَا معربة وَالرَّاء فِي الأَصْل مَفْتُوحَة والعجم كَانَت تستعملها فِي الكواميخ وَمَا اشبهها من الجوارشات على الموائد حول الْأَطْعِمَة للتشتهي والهضم فَأخْبر ان النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يَأْكُل على هَذِه الصّفة قطّ وَفِي الْمرقاة السكرجة هِيَ اناء صَغِير فارسية وَقيل هِيَ قَصْعَة صَغِيرَة والاكل مِنْهَا تكبز أَو من عَلَامَات الْبُخْل قَوْله على السّفر جمع سفرة هِيَ فِي الأَصْل الطَّعَام الَّذِي يتَّخذ الْمُسَافِر ثمَّ اشتهرت لما يوضع عَلَيْهِ الطَّعَام جلدا كَانَ اوغيره كَذَا فِي الْمرقاة إنْجَاح الْحَاجة [3295] وليعذر أَي ليعذر ان رفع يَده عَن الطَّعَام فَإِن رفع يَده عَن الطَّعَام بِلَا عذر يخجل صَاحبه وَمِنْه اخذ أَبُو حَامِد الْغَزالِيّ حَيْثُ قَالَ لَا يمسك يَده قبل إخوانه إِذا كَانُوا يحتشمون الْأكل بعده فَإِن كَانَ قَلِيل الْأكل توقف فِي الِابْتِدَاء وقلل الْأكل وان امْتنع بِسَبَب فليعتذر إِلَيْهِم دفعا للمخجلة عَنْهُم طيبي قَوْله وليعذر الاعذار الْمُبَالغَة فِي الْأَمر أَي ليبالغ فِي الْأكل مثل الحَدِيث الاخر كَأَن إِذا أكل مَعَ قوم كَانَ اخرهم اكلا وَقيل إِنَّمَا هُوَ ليعذر من التعذير أَي التَّقْصِير أَي لِيقصرَ فِي الْأكل ليتوفر على البَاقِينَ وليرانه يُبَالغ وَقيل ليظْهر عذره ان قَامَ أَو رفع يَده كَذَا فِي الْمجمع (إنْجَاح) قَوْله [3296] وَفِي يَده غمر الْغمر بِالتَّحْرِيكِ لدسم والزهومة من اللَّحْم قَوْله [3297] فَأَصَابَهُ شَيْء أَي ايذاء من هُوَ أم ذَوَات السمُوم فِي النّوم لرائحة الطَّعَام فِي يَده (إنْجَاح) قَوْله [3298] لَا تجمعن الخ يَعْنِي اباءكن عَن الطَّعَام بقولكن لَا نشتهيه وانتن جائعات جمع بَين الْجُوع وَالْكذب وَقَرِيب مِنْهُ قَوْله المتشبع بِمَا لم يُعْط كلابس ثوبي زورو الْأَظْهر ان فِيهِ تحذيرا لَهُنَّ عَن الْكَذِب فَإِنَّهُ يُورث فِي هَذَا الْمقَام جمعا بَين خسارتي الدّين وَالدُّنْيَا لَا الْجَزْم بِأَنَّهُ وَقع الْجمع مِنْهُنَّ (مرقاة) قَوْله [3299] فيا لهف نَفسِي كلمة تحسر على مَا فَاتَ نِدَاء مجَازًا أَي يَا كربي احضر فَهَذَا أَو انك (إنْجَاح) قَوْله [3300] كُنَّا نَأْكُل على عهد رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَسْجِد مَحْمُول على الضَّرُورَة بقلة الْمَكَان والا فقد ورد لَا تتخذه مبيتا وَمَقِيلا وَقَالَ فقهاؤنا كل أَمر لم يبن الْمَسَاجِد لَهُ كالخياطة وَالْكِتَابَة لَا يجوز فِيهِ فِي الدّرّ وَيحرم أكل ونوم الا لمعتكف وغريب (إنْجَاح) قَوْله [3301] نَأْكُل وَنحن نمشي الخ هَذَا يدل على جَوَاز كل مِنْهُمَا بِلَا كَرَاهَة لَكِن بِشَطْر علمه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَقْرِيره والا فالمختار عِنْد الْأَئِمَّة لَا يَأْكُل رَاكِبًا وَلَا مَاشِيا وَلَا قَائِما على مَا صرح بِهِ بن الْملك ذكره على الْقَارِي قلت الْجَوَاز لَا يُنَافِي اسْتِحْبَاب خِلَافه فَالْأولى الْكَرَاهَة تَنْزِيها (إنْجَاح) قَوْله بَاب الدُّبَّاء هُوَ بِالْمدِّ اليقطين هَذَا هُوَ الْمَشْهُور وَحكى القَاضِي عِيَاض فِيهِ الْقصر أَيْضا الْوَاحِدَة دباءة أَو دباة (فَخر) قَوْله [3306] الا أجَاب الخ قلت هَذَا الحَدِيث مُشكل لِأَنَّهُ قد ورد إِذا دعى أحدكُم الى طَعَام فليجب فَإِن شَاءَ طعم وان شَاءَ ترك رَوَاهُ مُسلم وَأخرج الشَّيْخَانِ عَن أبي هُرَيْرَة من ترك الدعْوَة فقد عصى الله وَرَسُوله فخصوصية إِجَابَة دَعْوَة اللَّحْم غير سديد اللَّهُمَّ الا ان يُقَال المُرَاد من الْإِجَابَة الْأكل فَإِنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لكَمَال رغبته الى اللَّحْم كَانَ يُجيب دَعوته ويأكله لِأَن الْإِنْسَان مُخَيّر بعد الْإِجَابَة فِي الْأكل وَالتّرْك كَمَا مر من رِوَايَة مُسلم وَكَذَلِكَ التَّأْوِيل فِي قَوْله وَلَا أهْدى لَهُ لحم الا قبله فَإِن رد الْهَدِيَّة مَمْنُوع أَيْضا فيأول بِأَنَّهُ كَانَ يقبلهَا وياكل مِنْهُ وَلَو لم يأول الحَدِيث مَا كَانَ للْحَدِيث معنى عندنَا (إنْجَاح) قَوْله بَاب اطائب اللَّحْم الا طائب الْخِيَار من الشَّيْء وَلَا وَاحِد لَهَا وَالْمرَاد مِنْهُ ان النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يتَخَيَّر من اللَّحْم مَا كَانَ طيبه كلحم الذِّرَاع وَلحم الظّهْر وَسَيَأْتِي فِي الحَدِيث (إنْجَاح) قَوْله [3307] فنهس مِنْهَا أعلم ان النهس بِالْمُهْمَلَةِ اخذ اللَّحْم بأطراف الْأَسْنَان وبالمعجمة الاخذ بجميعها (إنْجَاح) قَوْله بَاب الشواء هُوَ اللَّحْم المنضوج وَفِي الْقَامُوس شوى اللَّحْم شَيْئا فاشتوى وانشوى وَهُوَ الشواء بِالْكَسْرِ وَالضَّم انْتهى (إنْجَاح) قَوْله [3309] رآى شَاة سميطا أَي مشوية مَعَ جلده مَعَ إِزَالَة شعره بِالْمَاءِ الْحَار كَانَ فِيهِ تنعما فَأَعْرض عَنهُ تكرما ذكره الْقَارِي (إنْجَاح) قَوْله رآى شَاة سميطا أَي مشوية فعيل بِمَعْنى مفعول وَأَصله ان ينْزع صوف الشَّاة بِالْمَاءِ الْحَار لتشوى قَالَ الْكرْمَانِي هُوَ ان يسمط الشّعْر أَي ينتف من جلده ثمَّ تشوى بجلدها وَهَذَا مأكل المترفين وَغَيرهم إِنَّمَا كَانُوا يَأْخُذُونَ جلد الشَّاة يَنْتَفِعُونَ بِهِ ثمَّ يشوونها وَلَا يلْزم من كَونه لم ير شَاة مسموطة انه لم ير عضوا مسموطا فَإِن الاكارع لَا تُؤْكَل الا كَذَلِك وَقد أكلهَا انْتهى قَوْله

باب القديد هو اللحم المشرر المقدد أو ما قطع منه طولا كذا في القاموس

[3310] فضل شواء قطّ أَي لِأَنَّهُ يجد قَلِيلا فيأكل هُوَ وَأَصْحَابه أَو كَانَ يَأْكُل مِنْهُ وَيقسم بَين اصحابه قَوْله وَلَا حملت مَعَه طنفسة الطنفسة مُثَلّثَة الطَّاء وَالْفَاء وبكسر الطَّاء وَفتح الْفَاء وَبِالْعَكْسِ نوع من الْبسط وَهَذَا من عَادَة المتكلفين بِأَن يحمل مَعَهم بسط للجلوس وَقَالَ جلّ ذكره قل مَا اسئلكم عَلَيْهِ من أجر وَمَا انا من المتكلفين (إنْجَاح) [3311] طَعَاما فِي الْمَسْجِد لَعَلَّه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ معتكفا أَو فعله لبَيَان الْجَوَاز (إنْجَاح) قَوْله بَاب القديد هُوَ اللَّحْم المشرر المقدد أَو مَا قطع مِنْهُ طولا كَذَا فِي الْقَامُوس وَفِي الْمجمع هُوَ اللَّحْم المملوح المجفف فِي الشَّمْس انْتهى (إنْجَاح) قَوْله [3312] فَجعل ترْعد فرائصه الفرائص بِالْفَاءِ وَالصَّاد الْمُهْملَة جمع فريصة وَهِي اللحمة بَين الْجنب والكتف وَهِي ترجف عِنْد الْخَوْف فَإِنَّهُ يُشَاهد ذَلِك فِي الْبَقر (إنْجَاح) قَوْله [3214] احلت لنا الخ أَي فِي حَال الِاخْتِيَار والاضطرار قَوْله فَالْكَبِد وَهُوَ بِالْفَارِسِيَّةِ جكر وَالطحَال سيرز وهما دمان جامدان (إنْجَاح) قَوْله [3315] سيد ادامكم الْملح فِيهِ تَنْبِيه الى ان الْملح شريك فِي كل طَعَام بل لَا يكون الطَّعَام اللذيذ بِدُونِهِ كَمَا قيل كالملح فِي الطَّعَام أَو لِأَنَّهُ أقل مُؤنَة وَأقرب الى القناعة وَمن ثمَّ اقتنع بِهِ أَكثر العارفين فَلَا يُنَافِيهِ قَوْله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سيد الادام فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة اللَّحْم الحَدِيث وَيُمكن ان يكون سيادة الْملح بِاعْتِبَار انه لَا يستلذ الْعَيْش بِدُونِهِ خبْزًا أَو طَعَاما مطبوخا وَأما غَيره من الادم فَأمر زَائِد غير ضَرُورِيّ كَذَا فِي الْمرقاة قَوْله [3316] نعم الادام الْخلّ قَالَ النَّوَوِيّ فِي الحَدِيث فَضِيلَة الْخلّ وَأَنه يُسمى ادما وَأَنه ادم فَاضل جيد قَالَ أهل اللُّغَة الادام بِكَسْر الْهمزَة مَا يؤتدم بِهِ يُقَال ادم بالخبز بأدمه بِكَسْر الدَّال وَجمع الادام ادم بِضَم الْهمزَة وَالدَّال كاهاب واهب وَكتاب وَكتب والادم بِإِسْكَان الدَّال مُفْرد كالادام وَأما معنى الحَدِيث فَقَالَ الْخطابِيّ وَالْقَاضِي عِيَاض مَعْنَاهُ مدح الِاقْتِصَار فِي المأكل وَمنع لنَفس عَن ملاذ الْأَطْعِمَة تَقْدِيره ايتدموا بالخل وَمَا فِي مَعْنَاهُ مِمَّا تخف مُؤْنَته وَلَا يعز وجوده وَلَا تتألفوا فِي الشَّهَوَات فَإِنَّهَا مفْسدَة للدّين مسقمة للبدن هَذَا كَلَام الْخطابِيّ وَمن تَابعه وَالصَّوَاب الَّذِي يَنْبَغِي ان يجْزم بِهِ أَنه مدح للخل نَفسه وَأما الِاقْتِصَار فِي الْمطعم وَترك الشَّهَوَات فمعلوم من قَوَاعِد آخر وَالله أعلم انْتهى قَوْله [3317] نعم الادام الْخلّ الادام بِالْكَسْرِ والادم بِالضَّمِّ مَا يُوكل مَعَ الْخبز أَي شَيْء كَانَ فِيهِ مدح للخل لِأَنَّهُ أقل مُؤنَة وَيحصل المذاق بِدُونِ الْمَشَقَّة والمؤنة (إنْجَاح) قَوْله [3318] وَلم يفقر بَيت فِيهِ خل أَي مَا خلا من الادام وَلَا عدم أَهله الا دَامَ والقفار بِتَقْدِيم الْقَاف على الْفَاء الطَّعَام بِلَا ادام واقفر إِذا أكل الْخَبَر وَحده من القفر والقفار وَهِي أَرض خَالِيَة لَا مَاء بهَا كَذَا فِي الْمجمع (إنْجَاح) قَوْله [3319] فَإِنَّهُ من شَجَرَة مباركة وَيدل عَلَيْهِ التَّنْزِيل من قَوْله تَعَالَى شَجَرَة مباركة زيتونة (إنْجَاح) قَوْله [3321] قَالَ بركَة أَو بركتان أَو للشَّكّ أَي اما قَالَ بركَة أَو قَالَ بركتان والبركتان الرّيّ والشبع فَهُوَ اما خبر مُبْتَدأ مَحْذُوف أَي هِيَ بركَة أَو بركتان أَو مفعول ثَان بِفعل مَحْذُوف أَي اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ بركَة أَو بركتين لَكِن لفظ بركتان بِالْألف لَا يساعد التَّوْجِيه الثَّانِي (إنْجَاح) قَوْله [3323] يحب الْحَلْوَاء وَالْعَسَل الحلو مَرْغُوب للطبع واقتضاء البشرية اليه وسريع الهضم وَالْعَسَل أَيْضا حُلْو وَمَعَ ذَلِك فِيهِ بركَة وشفاء مُوَافقا للتنزيل فِيهِ شِفَاء للنَّاس (إنْجَاح) قَوْله [3325] يَأْكُل القثاء بالرطب والقثاء بِكَسْر الْقَاف هُوَ الْمَشْهُور وَفِيه لُغَة بضَمهَا وَفِي رِوَايَة يكسر حر هَذَا برد هَذَا فِيهِ جَوَاز أكلهما مَعًا والتوسع فِي الْأَطْعِمَة وَلَا خلاف بَين الْعلمَاء فِي جَوَاز هَذَا وَمَا نقل عَن بعض السّلف من خلاف هَذَا فَمَحْمُول على كَرَاهَة اعتياد التَّوَسُّع والترفه والاكثار مِنْهُ بِغَيْر مصلحَة (نووي) قَوْله [3326] الرطب بالبطيخ وَورد فِي الرِّوَايَة انه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يكسر حر هَذَا برد هَذَا أَرَادَ قبل ان ينضج الْبِطِّيخ وَيصير حلوا فَإِنَّهُ بعد نضجه حَار وَقَبله بَارِد مجمع قَوْله [3327] بَيت لَا تمر فِيهِ جِيَاع أَهله قَالَ الطَّيِّبِيّ فِيهِ فَضِيلَة التَّمْر وَجَوَاز الادخار للعيال والحث عَلَيْهِ أَقُول يُمكن ان يحمل على الْحَث على القناعة فِي بِلَاد يكثر فِيهِ التَّمْر يَعْنِي بَيت فِيهِ تمر لَا يجوع أَهله وَإِنَّمَا الجائع من لَيْسَ عِنْده تمر انْتهى قَوْله

باب الحواري الحواري بضم الحاء وشدة الواو وفتح الراء الدقيق الأبيض وهو

[3329] ثمَّ يناوله أَصْغَر من يحضرهُ من الْولدَان لمناسبة بَينهمَا كَمَا ان هَذِه أول باكورة فَكَذَا الْوَلَد أول باكورة من الْإِنْسَان (إنْجَاح) [3330] كلوا البلح بِالتَّمْرِ البلح محركة بَين الْخلال والبسر كَذَا فِي الْقَامُوس والْحَدِيث ضَعِيف قَالَ بن حجر يحيى بن مُحَمَّد يُخطئ كثيرا قَالَ الْعِرَاقِيّ هَذَا الحَدِيث مَعْنَاهُ رَكِيك لَا يطبق على محَاسِن الشَّرِيعَة لِأَن الشَّيْطَان لَا يغْضب من حَيَاة بن ادم بل من حَيَاته مُؤمنا مُطيعًا ذكره العزيزي فِي شرح جَامع الصَّغِير (إنْجَاح) قَوْله [3331] ان يقرن الرجل الخ قَالَ النَّوَوِيّ وَهَذَا النَّهْي مُتَّفق عَلَيْهِ حَتَّى يستأذنهم فَإِذا اذنوا فَلَا بَأْس وَاخْتلفُوا فِي ان هَذَا النَّهْي على التَّحْرِيم أَو على الْكَرَاهَة وَالْأَدب فَنقل القَاضِي عِيَاض عَن أهل الظَّاهِر انه للتَّحْرِيم وَعَن غَيرهم انه للكراهة وَالْأَدب وَالصَّوَاب التَّفْصِيل فانكان الطَّعَام مُشْتَركا بَينهم فالقران حرَام الا برضاهم وَيحصل الرِّضَا بتصريحهم بِهِ أَو بِمَا يقوم مقَام التَّصْرِيح من قرينَة حَال أَو ادلال عَلَيْهِم كلهم بِحَيْثُ يعلم يَقِينا أَو ظنا قَوِيا انهم يرضون بِهِ وَمَتى شكّ فِي رضاهم فَهُوَ حرَام وان كَانَ الطَّعَام لغَيرهم أَو لاحدهم اشْترط رِضَاهُ وَحده فَإِن قرن بِغَيْر رِضَاهُ فَحَرَام وَيسْتَحب ان يسْتَأْذن الأكلين مَعَه وَلَا يجب ان كَانَ الطَّعَام لنَفسِهِ وَقد ضيفهم بِهِ فَلَا يحرم عَلَيْهِ الْقُرْآن ثمَّ ان كَانَ فِي الطَّعَام قلَّة فَحسن ان لَا يقرن لتساويهم وان كَانَ كثيرا بِحَيْثُ يفضل عَنْهُم فَلَا بَأْس بقرانه لَكِن الْأَدَب مُطلقًا التأدب فِي الْأكل وَترك الشره الا ان يكون مستعجلا وَيُرِيد الْإِسْرَاع بشغل اخر وَقَالَ الْخطابِيّ انما كَانَ هَذَا فِي زمنهم حِين كَانَ الطَّعَام ضيقا فَأَما الْيَوْم مَعَ اتساع الْحَال فَلَا حَاجَة الى الْإِذْن وَلَيْسَ كَمَا قَالَ بل الصَّوَاب مَا ذكرنَا من التَّفْصِيل فَإِن الِاعْتِبَار لعُمُوم اللَّفْظ لَا لخُصُوص السَّبَب لَو ثَبت السَّبَب كَيفَ وَهُوَ غير ثَابت انْتهى قَوْله بَاب الْحوَاري الْحوَاري بِضَم الْحَاء وَشدَّة الْوَاو وَفتح الرَّاء الدَّقِيق الْأَبْيَض وَهُوَ لباب الدَّقِيق قلت هُوَ فِي الْمُعْجَمَة يُسمى مبدأ (إنْجَاح) قَوْله [3335] هَل رَأَيْت النقي أَي الْخبز الْخَالِي من النخالة وثريناه بتَشْديد الرَّاء أَي عجناه وخبزناه (إنْجَاح) قَوْله [3336] رديه فِيهِ ثمَّ اعجنيه أَي روى النخالة فِي الدَّقِيق ثمَّ اعجنيه وَهَذَا من غَايَة زهده صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وروى عَن قدوة الْأَوْلِيَاء خواجه بهاء الدّين نقشبند رَضِي الله عَنهُ انه أَمر أَهله ان يخبزوا ارغفتهم من دَقِيق غير منخول فَمَا فعلوا ذَلِك عدَّة أَيَّام وجدوا من ذَلِك الوجع فِي بطونهم فَمَا وافقهم فَقَالَ رَضِي الله عَنهُ ردوا على مَا كُنْتُم عَلَيْهِ فانا لَا نطيق اتِّبَاع السّنة على وَجه الْكَمَال وَقد تركنَا الْأَدَب فِي ذَلِك حَيْثُ قصدنا الِاتِّبَاع فِي كل من أُمُوره صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إنْجَاح) قَوْله بَاب الرقَاق الرقَاق الْخبز الرَّقِيق الْوَاحِد رقاقة وَلَا يُقَال رقاقة بِالْكَسْرِ فَإِذا اجْمَعْ قيل رقاق بِالْكَسْرِ كَذَا فِي الْقَامُوس (إنْجَاح) قَوْله [3338] قَرْيَة أَظُنهُ قَالَ أَبينَا لَعَلَّه تَصْغِير ابْني وَهُوَ كلبني بِضَم الأول مَوضِع كَذَا فِي الْقَامُوس قَوْله من الرقَاق الأول أَي من الخبزات الَّتِي خبزت اولا فَإِنَّهَا الين لاعتدال الْحَرَارَة وَالله أعلم (إنْجَاح) قَوْله [3339] وَلَا شَاة سميطا قطّ قَالَ فِي النِّهَايَة أَي مشوية واصله ان ينْزع صوف الشَّاة بِالْمَاءِ الْحَار لتشوى قَالَ الْكرْمَانِي هُوَ ان يسمط الشّعْر أَي ينتف من جلده ثمَّ تشوى بجلدها وَهَذَا مَا كل المترفين وَغَيرهم انما كَانُوا يَأْخُذُونَ جلد الشَّاة يَنْتَفِعُونَ بِهِ ثمَّ يشوونها وَلَا يلْزم من كَونه لم ير شَاة مسموطة انه لم ير عضوا مسموطا فَإِن الاكارع لَا تُؤْكَل الا كَذَلِك وَقد أكلهَا وَفِيه إِشَارَة الى ان المرقق والمسموط كَانَ حَاضرا عِنْد أنس حَيْثُ قَالَ كلوا انْتهى قَوْله [3340] حَدثنَا عبد الْوَهَّاب الخ فِي الكاشف قلا أَبُو دَاوُد عبد الْوَهَّاب يضع الحَدِيث وَإِسْمَاعِيل حَدِيثه عَن الْمَدَنِيين فِيهِ تَخْلِيط وَمُحَمّد بن طَلْحَة مدنِي صَدُوق لَا يحْتَج بِهِ وَعُثْمَان مَجْهُول (زجاجة) قَوْله فشهق النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الخ الشهيق تردد الْبكاء فِي الصَّدْر كَذَا فِي الْقَامُوس قَالَ الشَّوْكَانِيّ رَوَاهُ بن أبي الدُّنْيَا عَن بن عَبَّاس مَرْفُوعا وَلَا أصل لَهُ قلت وَعبد الْوَهَّاب بن الضَّحَّاك هذامتروك كذبه أَبُو حَاتِم ذكره بن حجر إنْجَاح الْحَاجة قَوْله

باب الإقتصاد في الأكل الإقتصاد من القصد وأصل القصد الإستقامة في الطريق

[3341] الْفضل بن مُوسَى السينَانِي بِمُهْملَة مَكْسُورَة ونونين ذكره بن حجر قَوْله ملبقة بِسمن أَي مخلوطة بِسمن وَلبن وَهَذَا الحَدِيث مُخَالف لسيرته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقد أخرج مخرج التَّمَنِّي وَمن ثمَّ أنكرهُ أَبُو دَاوُد كَذَا فِي الْمجمع والعكة بِضَم عين وَتَشْديد كَاف وعَاء من جُلُود مستدير يخْتَص بالسمن وَالْعَسَل وَهِي بالسمن أخص وَقيل الْقرْبَة الصَّغِيرَة (إنْجَاح الْحَاجة) قَوْله [3345] الاشطر شعير فِي رف لي شطر الشَّيْء نصفه الا ان الحَدِيث لَيْسَ فِيهِ مِقْدَار يكون مَا أَشَارَ اليه نصفه وَكَأَنَّهَا أشارت الى جُزْء مُبْهَم أَي شَيْء من شعير والرف بِفَتْح الرَّاء وَتَشْديد الْفَاء خَشَبَة عريضة يغرز طرفاها فِي الْجِدَار وَيُوضَع شَيْء عَلَيْهَا وَهُوَ يشبه الطاق وَقَوْلها فكلته ففني فِيهِ ان الْبركَة أَكثر مَا يكون فِي المجهولات والمبهمات وحكمته ان الكائل يكون متكلا على مِقْدَاره لضعف يقينه وَفِي تَركه متكل على الله تَعَالَى وَهُوَ مَظَنَّة الْبركَة وَحَدِيث كيلوا طَعَامكُمْ يُبَارك لكم قَالُوا أَرَادَ ان يكيله عِنْد الْإِخْرَاج مِنْهُ لِئَلَّا يخرج أَكثر من الْحَاجة أَو أقل بِشَرْط ان يبْقى الْبَاقِي مَجْهُولا كَذَا فِي الْمجمع (إنْجَاح) قَوْله [3346] مَا شبع ال مُحَمَّد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يحتم ان لفظ ال مقحم زَائِد وَالْمرَاد ذَاته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا فِي قَوْله جلّ ذكره اصْطفى ال إِبْرَاهِيم وَآل عمرَان على الْعَالمين وَهَذَا مَحْمُول على زهده وسخائه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّهُ قد كثرت الفتوحات بعد فتح خَيْبَر وَلَكِن كَانَ يجود بهَا على ذَوي الْقُرْبَى واليتامى وَالْمَسَاكِين وان كَانَ المُرَاد من ال مُحَمَّد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أهل بَيته فياول هَذَا الحَدِيث على هَذَا النمط أَيْضا والا فَكَانَ النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعْطي أَزوَاجه قوت سنة مائَة وسق من تمر وشعير وَالله أعلم (إنْجَاح) قَوْله [3348] واحتذى المخصوف الحذو قطع النَّعْل وتقديرها والباس الْغَيْر نعلا والاحتذاء لبسه نعلا قَالَ فِي الْقَامُوس حذا النَّعْل حذوا وحذاء قدرهَا وقطعها وارجل نعلا البسه إِيَّاهَا كاحذاه انْتهى وَفِي الْمجمع الاحتذاء لبس الْحذاء وَهُوَ النَّعْل انْتهى والمخصوف النَّعْل والخف المرقع أَي لبس النَّعْل المرقع والخشن الغليظ من اللبَاس والبشع ككتف من الطَّعَام الكريه فِيهِ جفوف ومرارة (إنْجَاح) قَوْله بَاب الإقتصاد فِي الْأكل الإقتصاد من الْقَصْد وأصل الْقَصْد الإستقامة فِي الطَّرِيق كَقَوْلِه تَعَالَى وعَلى الله قصد السَّبِيل وَمِنْهَا جَائِر ثمَّ استعير فِي التَّوَسُّط فِي الْأُمُور وَمن قَوْله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْقَصْد الْقَصْد أَي عَلَيْكُم الْقَصْد من الْأُمُور فِي القَوْل وَالْفِعْل والتوسط بَين طريقي الافراط والتفريط وَحَدِيث عَلَيْكُم هَديا قصدا أَي طَرِيقا معتدلا وَحَدِيث مَا عَال من اقتصد أَي مَا افْتقر من لَا يسرف فِي الْإِنْفَاق وَلَا يقتر (إنْجَاح) قَوْله [3350] تجشأ رجل التجشئ بِالْهَمْزَةِ فِي الاخر تنفس الْمعدة كالتجشئة وَالِاسْم كهمزة كَذَا فِي الْقَامُوس وَفِي الْمجمع الجشاء بِوَزْن العطاس صَوت مَعَ ريح يخرج من الْفَم عِنْد الشِّبَع انْتهى قلت هُوَ صَوت يخرج مِنْهَا عِنْد سوء الهضم وَأَحْيَانا يخرج من اجْتِمَاع الرِّيَاح فِي الْمعدة والمذموم هُوَ الأول (إنْجَاح) قَوْله [3352] ان من السَّرف الخ السَّرف الصّرْف فِي غير الْمحل غير مرضاة الله تَعَالَى والوعيد ثَابت فِي حَقه فِي التَّنْزِيل انه لَا يحب المسرفين (إنْجَاح) قَوْله [3353] فَإِنَّهَا مَا نفرت عَن قوم قطّ الخ تَأْنِيث الضَّمِير بِاعْتِبَار الْخِبْرَة أَو الكسرة المُرَاد بهَا الرزق أَي ان الرزق مَا نفر وَذهب عَن قوم بِسَبَب كفرانهم الا وَلم يعد إِلَيْهِم الى آخر الْعُمر يَعْنِي ان الرزق لَا يعود إِلَيْهِم بعد النفور عَنْهُم بِسَبَب كفرانهم قَالَ الله تَعَالَى ضرب الله مثلا قَرْيَة كَانَت آمِنَة مطمئنة يَأْتِيهَا رزقها من كل مَكَان فكفرت بانعم الله فأذاقها الله لِبَاس الْجُوع وَالْخَوْف بِمَا كَانُوا يصنعون وروى اكرمي الْخبز فانها نزلت من بَرَكَات السَّمَاء وَالله أعلم (إنْجَاح) قَوْله [3354] فَإِنَّهَا بئست البطانة البطانة بكسرالموحدة مَا يكون تَحت الثَّوْب وَالثَّوْب الفوقاني الظهارة وَيُطلق على الرفيق الْخَالِص كَمَا فِي قَول الله عز وَجل لَا تَتَّخِذُوا بطانة من دونكم لَا يألونكم خبالا قَالَ فِي الْمجمع بطانة الرجل صَاحب سره وداخلة امْرَهْ الَّذِي يشاوره فِي أَحْوَاله فَإِنَّهَا بئست البطانة هُوَ ضد الظهارة واصله فِي الثَّوْب فاتسع فِيمَا يستبطن الرجل من امْرَهْ انْتهى (إنْجَاح) قَوْله [3355] فَإِن تَركه يهرم قَالَ الشَّوْكَانِيّ حَدِيث تعش وَلَو بكف من خشف فَإِن ترك الْعشَاء مهرمة رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ من حَدِيث أنس مَرْفُوعا وَقَالَ حَدِيث مُنكر لَا نعرفه الا من هَذَا الْوَجْه وعنبسة ضَعِيف فِي الحَدِيث وَعبد الْملك بن علاق مَجْهُول قلت واما رُوَاة بن ماجة فكلهم مأمونون الا إِبْرَاهِيم بن عبد السَّلَام بن عبد الله بن باباه فَإِنَّهُ ضَعِيف (إنْجَاح) قَوْله [3356] أسْرع الى الْبَيْت الَّذِي يغشى بِبِنَاء الْمَفْعُول أَي يَغْشَاهُ الضيفان غشية يَغْشَاهُ غشيانا إِذا جَاءَ وَمن فِي قَوْله من الشَّفْرَة تفضيليته مُتَعَلقَة بأسرع والشفرة محركة سكين عريض نبه سرعَة وُصُول الْخَيْر الى الْبَيْت الَّذِي تناوبه الضيفان بِسُرْعَة وُصُول السكين الى السنام لِأَنَّهُ أول مَا يقطع بعد النَّحْر ويوكل لاستلذاذه كَذَا فِي الْمجمع والمرقاة (إنْجَاح) قَوْله [3358] من السّنة أَي من الْعَادة الْقَائِمَة أَو من سنتي وطريقي ان يخرج الرجل مَعَ ضَيفه الى بَاب الداروردي الْبَيْهَقِيّ أَيْضا هَذَا الحَدِيث فِي شعب الْإِيمَان عَن أبي هُرَيْرَة وَعَن بن عَبَّاس وَقَالَ فِي إِسْنَاده ضعف (فَخر) قَوْله

[3359] فَرَأى تصاوير فَرجع يفهم من الحَدِيث ان وجود الْمُنكر فِي الْبَيْت مَانع عَن الدُّخُول فِيهِ قَالَ بن بطال فِيهِ انه لَا يجوز الدُّخُول فِي الدعْوَة يكون فِيهِ مُنكر مِمَّا نهى الله عَنهُ وَرَسُوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما فِي ذَلِك من إِظْهَار الرضى بهَا وَنقل مَذَاهِب القدماء فِي ذَلِك وَحَاصِله ان كَانَ هُنَاكَ محرم وَقدر على إِزَالَته فازاله فَلَا بَأْس وان لم يقدر فَيرجع وَقَالَ صَاحب الْهِدَايَة لَا بَأْس ان يقْعد وَيَأْكُل إِذا لم يكن يَقْتَدِي بِهِ فَإِن كَانَ مِمَّن يَقْتَدِي بِهِ وَلم يقدر على مَنعهم فَليخْرجْ لما فِيهِ من شين الدّين وَفتح بَاب الْمعْصِيَة قَالَ وَهَذَا كُله بعد الْحُضُور وان علم قبله لم يلْزمه الْإِجَابَة كَذَا فِي فتح الْبَارِي [3360] فَرَأى قراما هُوَ بِكَسْر قَاف ستر رَقِيق وَقيل صفيق من صوف ذِي الوان وَقيل ستر رَقِيق وَرَاء السّتْر الغليظ وَلذَا اضيف وَقيل قرام ستر وَقيل ضَرْبَة مثل حجلة الْعَرُوس وَقيل كَانَ مزينا منقشا كَذَا فِي الْمجمع (إنْجَاح) قَوْله ان ادخل بَيْتا مزوقا أَي مزينا قيل أَصله من الزادوق وَهُوَ الزيبق لِأَنَّهُ يطلى بِهِ مَعَ الذَّهَب ثمَّ يدْخل النَّار فَيذْهب الزيبق وَيبقى الذَّهَب نِهَايَة قَوْله [3362] إِذا عملت مرقة فَأكْثر مَاءَهُ لتعطى وتقسم على الْمَسَاكِين وَالْجِيرَان كَمَا ثَبت عَن أبي الدَّرْدَاء انه كَانَ يُؤَكد على زَوجته لتكثر المَاء فِي المرقة قَالَت لم قَالَ لِأَن يَنْفَكّ رقبتي على خلاف هَذَا الْوَعيد يَقُول الله عز وَجل فِي حق الْكَافِر لَا يُؤمن بِاللَّه الْعَظِيم وَلَا يحض على طَعَام الْمِسْكِين (إنْجَاح) قَوْله [3363] لَا اراهما الا خبيثتين بِضَم الْهمزَة أَي لَا اظنهما وَهَذَا اجْتِهَاد مِنْهُ رض وان الله تَعَالَى حرم الْخَبَائِث قَالَ الله تَعَالَى يحل لَهُم الطَّيِّبَات وَيحرم عَلَيْهِم الْخَبَائِث وَسَأَلَ أَبُو أَيُّوب وَقَالَ يَا رَسُول الله أحرام هُوَ أَي الثوم قَالَ لَا وَلَكِنِّي اكرهه من أجل رِيحه قَالَ التِّرْمِذِيّ هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح (إنْجَاح) قَوْله [3364] هَذَا الثوم الخ روى مُسلم عَن أبي أَيُّوب انه قَالَ فَسَأَلته أحرام هُوَ قَالَ لَا وَلَكِنِّي اكرهه من اجل رِيحه قَالَ النَّوَوِيّ هَذَا تَصْرِيح بِإِبَاحَة الثوم وَهُوَ مجمع عَلَيْهِ لَكِن يكره لمن أَرَادَ حُضُور الْمَسْجِد أَو حُضُور جمع فِي غير الْمَسْجِد أَو مُخَاطبَة الْكِبَار وَيلْحق بالثوم كل مَاله رَائِحَة كريهة من البصل والكراث وَنَحْوهمَا وَاخْتلف فِي حكم الثوم وَغَيره فِي حَقه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ بعض أَصْحَابنَا هِيَ مُحرمَة عَلَيْهِ وَالأَصَح عِنْدهم انها مَكْرُوهَة كَرَاهَة تَنْزِيه لَيست مُحرمَة لعُمُوم قَوْله [3366] صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا فِي جَوَاب قَول أبي أَيُّوب رض احرام هُوَ وَمن قَالَ بِالْأولِ يَقُول معنى الحَدِيث لَيْسَ بِحرَام فِي حقكم وَالله أعلم انْتهى قَوْله [3367] عَن السّمن والجبن وَالْفراء الْجُبْن بِالضَّمِّ وبضمتين وكفتل لبن يجمد فَيحصل فِيهِ الحموضة وَالْفراء بِكَسْر الْفَاء وَالْمدّ جمع الفرا بِفَتْح الْفَاء مدا وقصرا وَهُوَ الْحمار الوحشي وَقيل هُوَ هَهُنَا جمع الفرو هُوَ الَّذِي يلبس وَيشْهد لَهُ صَنِيع بعض الْمُحدثين كالترمذي فَإِنَّهُ ذكره فِي بَاب لبس الفرو وَإِنَّمَا سالوه عَنْهَا حذرا عَن صَنِيع أهل الْكفْر من اتحاذ الفرو من جُلُود الْميتَة من غير دباغة (إنْجَاح) قَوْله فَهُوَ مِمَّا عفى عَنهُ أَي غير مؤاخذ ان شَاءَ الله تَعَالَى وَفِي بعض الرِّوَايَات وتلا لبَيَان ان لَا تَحْرِيم الا بِالْوَحْي قل لَا أجد فِيمَا اوحي الي محرما على طاعم يطعمهُ الى آخر الْآيَة (إنْجَاح) قَوْله [3369] دونكها أَي خُذ هَذِه السفرجلة فَإِنَّهَا تجم الفواداي تريحه وَقيل تجمعه وتكمل صَلَاحه ونشاطه كَذَا فِي الْمجمع والسفرجل ثَمَر مَعْرُوف قَابض مقو مدرمشه مسكن للعطش وَإِذا أكل على الطَّعَام اطلق وانفعه مَا قَود وَأخرج حبه وَجعل مَكَانَهُ عسل وطين وشوى كَذَا فِي الْقَامُوس والْحَدِيث لَيْسَ بِثَابِت لِأَن فِيهِ ثَلَاثًا من الروَاة مجهولين نقيب بن حَاجِب وَأَبُو سعيد الَّذِي يروي عَن عبد الْملك وَعبد الْملك الزبيرِي وَكلهمْ من رُوَاة الْمُؤلف مَا أَخذ عَنْهُم غَيره من السِّتَّة ذكرهم الْحَافِظ بن حجر إنْجَاح الْحَاجة للشَّيْخ عبد الْغَنِيّ المجددي الدهلوي المُهَاجر الْمدنِي رَحمَه الله تَعَالَى قَوْله [3370] وَهُوَ منبطح على وَجهه أَي وَاقع على وَجهه بطحه كمنعه أَلْقَاهُ على وَجهه فانبطح كَذَا فِي الْقَامُوس وَهَذَا مُضر بقاعدة الطِّبّ شَبيه بِأَهْل النَّار يَوْم يسْحَبُونَ فِي النَّار على وُجُوههم ذوقوا مس سقر (إنْجَاح) قَوْله وَهُوَ منبطح على وَجهه قَالَ الْمُوفق عبد اللَّطِيف الْبَغْدَادِيّ هَذِه الْهَيْئَة الْمنْهِي عَنْهَا تمنع من حسن الاستمراء فَإِن المرئ واعضاء الازدراد تضيق وَكَذَلِكَ الْمعدة لَا تبقى على وَضعهَا الطبيعي لِأَنَّهَا تعصر مِمَّا يَلِي الْبَطن بِالْأَرْضِ وَمِمَّا يَلِي الظّهْر بالحجاب الْفَاصِل بَين الات الْغذَاء والات التنفس وَإِنَّمَا تكون الْمعدة على وَضعهَا الطبيعي إِذا كَانَ الْإِنْسَان قَاعِدا (زجاجة) قَوْله [3371] بَاب الْخمر مِفْتَاح كل شَرّ كَمَا ان الاقفال والأبواب المغلقة لَا تفتح بِدُونِ الْمِفْتَاح كَذَلِك أَبْوَاب الشرور لَا تتزين وَلَا تستحسن بِدُونِ شرب الْخمر وَفِي بعض الرِّوَايَات أم الْخَبَائِث ومالهما وَاحِد (إنْجَاح) قَوْله [3372] فَإِن خطيئتها تفرع الْخَطَايَا أَي تعلوه وتحيط بالخطايا كالفروع وَذَلِكَ لِأَن الْعقل هُوَ الَّذِي ينْهَى الْإِنْسَان عَن الشَّرّ فَإِذا ذهب الْعقل يرتكب كل قَبِيح كَمَا ان شجرتها الخ أَي تعلو وتحيط أَي ان فروعها يشْتَمل على فروع الشّجر (إنْجَاح) قَوْله فان خطيئتها تفرع قَالَ الْمُوفق معنى تفرع تطول فَمَعْنَاه كَمَا ان الكرمة تطول بِسَائِر الشّجر الَّتِي تتَعَلَّق بهَا وتنسلق عَلَيْهَا حَتَّى تعلوها وَفِي هَذَا الحَدِيث مَعْنيانِ أَحدهمَا تَشْبِيه الْمَعْقُول بالمحسوس وَجعل الاحكام الشَّرْعِيَّة فِي حكم الْأَعْيَان المرئية والآخران الْخمر طَرِيق الى الْفَوَاحِش فَإِنَّهَا تتَعَلَّق بِالشَّجَرَةِ الدنية مِنْهَا وتعلوها وَتصير دَرَجَة وسلما وطريقا ومسلكا ومرقاة فَشرب الْخمر وصلَة الى الْخَطَايَا كَمَا ان شجرتها وصلَة الى كل شَجَرَة تعلوها انْتهى (زجاجة) قَوْله

[3372] لم يشْربهَا فِي الْآخِرَة الخ قَالَ النَّوَوِيّ مَعْنَاهُ انه يحرم شربهَا فِي الْجنَّة وان دَخلهَا فَإِنَّهَا من فاخر شراب الْجنَّة فيمنعها هَذَا العَاصِي لشربها فِي الدُّنْيَا قيل انه ينسى شهوتها لِأَن الْجنَّة فِيهَا كل مَا يَشْتَهِي وَقيل لَا يشتهيها وان ذكرهَا وَيكون هَذَا نقص نعيم فِي حَقه تمييزا بَينه وَبَين تَارِك شربهَا وَفِي هَذَا الحَدِيث دَلِيل على ان التَّوْبَة تكفر الْمعاصِي الْكِبَار وَهُوَ مجمع عَلَيْهِ وَاخْتلف متكلموا أهل السّنة فِي ان تكفيرها قَطْعِيّ أَو ظَنِّي وَهُوَ الاقوى انْتهى [3375] مدمن الْخمر الخ قَالَ الْخطابِيّ مدمن الْخمر هُوَ الَّذِي يتخذها ويعصرها وَقَالَ نضر بن شُمَيْل من شرب الْخمر إِذا وجدهَا فَهُوَ مدمن الْخمر وان لم يتخذها وَفِي النِّهَايَة مدمن الْخمر الَّذِي يُعَاد شربهَا ويلازمه وَلَا يَنْفَكّ عَنهُ أَي يديمه هُوَ تَأْكِيد وزجر شَدِيد وَلَعَلَّ تشبيهه بعابد وثن من حَيْثُ انه تبع هَوَاهُ وَخَالف أَمر الله تَعَالَى وَقد قرن الله تَعَالَى بَين الْخمر والصنم فِي قَوْله إِنَّمَا الْخمر وَالْميسر والانصاب الْآيَة إنْجَاح الْحَاجة قَوْله [3377] لم تقبل لَهُ صَلَاة أَي لم يكن لَهُ ثَوَاب وان برِئ الذِّمَّة وَسقط الْقَضَاء بأَدَاء اركانه مَعَ شَرَائِطه كَذَا قَالُوا وَتَخْصِيص الصَّلَاة بِالذكر للدلالة على ان عدم قبُول الْعِبَادَات الاخر مَعَ كَونهَا أفضل بِالطَّرِيقِ الأولى وَقَوله أَرْبَعِينَ صباحا الْمُتَبَادر الىالفهم من هَذِه اللَّفْظَة ان المُرَاد صَلَاة الصُّبْح وَهِي أفضل الصَّلَوَات وَيحْتَمل ان يُرَاد بِهِ الْيَوْم أَي صَلَاة أَرْبَعِينَ يَوْمًا لمعات قَوْله [3378] الْخمر من هَاتين الشجرتين النَّخْلَة والعنبة وَفِي رِوَايَة الْمُسلم الكرمة والنخلة قَالَ النَّوَوِيّ هَذَا دَلِيل على ان الانبذة المتخذة من التَّمْر والزهور وَالزَّبِيب وَغَيره تسمى خمرًا وَهِي حرَام إِذا كَانَت مسكرة وَهُوَ مَذْهَب الْجُمْهُور وَلَيْسَ فِيهِ نفي الخمرية عَن نَبِيذ الذّرة وَالْعَسَل وَالشعِير وَغير ذَلِك فقد ثَبت فِي تِلْكَ الْأَلْفَاظ أَحَادِيث صَحِيحَة بِأَنَّهَا كلهَا خمر وَحرَام وَوَقع فِي هَذَا الحَدِيث تَسْمِيَة الْعِنَب كرما وَثَبت فِي الصَّحِيح النَّهْي عَنهُ فَيحْتَمل ان هَذَا الِاسْتِعْمَال كَانَ قبل النَّهْي وَيحْتَمل انه اسْتَعْملهُ بَيَانا للْجُوَاز وان النَّهْي عَنهُ لَيْسَ للتَّحْرِيم بل لكَرَاهَة التَّنْزِيه وَيحْتَمل انهم خوطبوا بِهِ للتعريف لِأَنَّهُ الْمَعْرُوف فِي لسانهم الْغَالِب فِي استعمالهم انْتهى قَوْله [3379] ان من الْحِنْطَة خمر الخ أعلم ان الْخمر اسْم لكل شراب مُسكر سَوَاء كَانَ من الْعِنَب أَو التَّمْر أَو غَيرهمَا من الْأَشْيَاء الْخَمْسَة الْمَذْكُورَة فِي هَذَا الحَدِيث بل قَالُوا لَيْسَ منحصرا فِي هَذِه الْخَمْسَة أَيْضا هَذَا هُوَ الَّذِي عَلَيْهِ الْأَئِمَّة الثَّلَاثَة وَغَيرهم من جَمَاهِير السّلف وَالْخلف قَالُوا كل مُسكر حرَام وَمَا اسكر كَثِيره فقليله حرَام غير ان الامام الاجل أَبَا حنيفَة خص اسْم الْخمر بِالَّتِي من الْعِنَب إِذا اشْتَدَّ وَقذف بالزبد وَادّعى ان ذَلِك هُوَ الْمَعْرُوف عِنْد أهل اللُّغَة فَإِنَّهُم لَا يطلقون الْخمر على غَيره وَقَالَ هُوَ حرَام قَلِيله وَكَثِيره اسكر أَو لَا واما مَا سواهُ من المسكرات فَهِيَ حرَام لعِلَّة الْإِسْكَار وَلَيْسَت بنجسة وَلَيْسَ قليلها حرَام وَلَا يَكْفِي مستحلها فَإِن حرمتهَا اجتهادية لَا قَطْعِيَّة ونجاستها خَفِيفَة فِي رِوَايَة وغليظة فِي آخرى وَيجب الْحَد بهَا إِذا اسكر بِخِلَاف مَاء الْعِنَب فَإِن نجاستها غَلِيظَة رِوَايَة وَاحِدَة وَيكفر مستحلها وَيجب الْحَد بِشرب قَطْرَة مِنْهَا لمعات مُخْتَصرا قَوْله [3381] لعن رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الخ لعن كل شَيْء على حَسبه فلعن الْخمر هُوَ تَحْرِيم تنَاولهَا وتبعيدها وَالْحكم بنجاستها فتح الْوَدُود قَوْله [3389] وَهَذَا حَدِيث الرقيين الرقة بِالْفَتْح وَتَشْديد الْقَاف بلد على الْفُرَات وَاسِطَة ديار ربيعَة وَأُخْرَى غربي بَغْدَاد وقرية أَسْفَل مِنْهَا بفرسخ وبلد بقوهستان وموضعان آخرَانِ كَذَا فِي الْقَامُوس (إنْجَاح) قَوْله

باب صفة النبيذ وشربه النبيذ هو ما يعمل من الأشربة من التمر والزبيب

[3392] وَمَا اسكر كَثِيره فقليله حرَام قَالَ بن الْملك من اعْتبر الْإِسْكَار بِالْقُوَّةِ منع شرب المثلث وَمن اعْتَبرهُ بِالْفِعْلِ كابي حنيفَة وَأبي يُوسُف لم يمنعهُ لِأَن الْقَلِيل مِنْهُ غير مُسكر بِالْفِعْلِ وَأما الْقَلِيل من الْخمر فَحَرَام وان لم يسكر بِالْفِعْلِ لِأَنَّهُ مَنْصُوص عَلَيْهِ وَقَالَ مَالك وَمُحَمّد بن الْحسن الشَّيْبَانِيّ وَالشَّافِعِيّ وَغَيرهم ان كل شراب تتأتى مِنْهُ الْإِسْكَار يحرم مِنْهُ كَثِيره وقليله وَبِه أفتى كثير من الْحَنَفِيَّة على انا نقُول قد تقرر فِي مَذْهَب أبي حنيفَة ان الْإِجْمَاع الْمُتَأَخر يرفع الْخلاف الْمُتَقَدّم وَلَا شكّ انه ثَبت إِجْمَاع الْمُجْتَهدين من بعد عصر أبي حنيفَة على تَحْرِيم جَمِيع المسكرات مُطلقًا قَالَ فِي الدروبه يُفْتى ذكره الزَّيْلَعِيّ وَغَيره وَاخْتَارَ فِي شرح الْوَهْبَانِيَّة وَذكره انه مَرْوِيّ عَن الْكل ونظمه فَقَالَ شعر وَفِي عصرنا اختير صدوا وَقَعُوا طَلَاقا لمن اسكر الْحبّ يسكره وَعَن كلهم يرْوى وَأفْتى مُحَمَّد بِتَحْرِيم مَا قد قَالَ وَهُوَ المحزر قلت وَفِي طَلَاق الْبَزَّازِيَّة قَالَ مُحَمَّد مَا اسكر كَثِيره فقليله حرَام وَهُوَ نجس أَيْضا وَلَو سكر مِنْهَا الْمُخْتَار فِي زَمَاننَا انه يحد (إنْجَاح) قَوْله [3396] وانبذوا كل وَاحِد مِنْهُمَا على حِدة ذكر الشَّيْخ عبد الْحق الدهلوي قَالَ إِنَّمَا نهى عَن الخليط وَجوز انتباذ كل وَاحِد مُنْفَردا لَان الْخَلْط رُبمَا أسْرع التَّغَيُّر الى أحد الجنسين فَيفْسد الاخر وَهُوَ يسْتَلْزم الْإِسْكَار وَرُبمَا لم يذهب فَيتَنَاوَل محرما وَحرم الخليط أَحْمد وَمَالك وان لم يسكر عملا بِظَاهِر الحَدِيث وَعند الْجُمْهُور حرَام ان اسكر (إنْجَاح) قَوْله بَاب صفة النَّبِيذ وشربه النَّبِيذ هُوَ مَا يعْمل من الْأَشْرِبَة من التَّمْر وَالزَّبِيب وَالْعَسَل وَالْحِنْطَة وَالشعِير نبذت التَّمْر وَالْعِنَب إِذا تركت عَلَيْهِ المَاء ليصير نبيذا وانتبذته إِذا اتخذته نبيذا وَسَوَاء كَانَ مُسكرا أَو لَا وَيُقَال للخمر المعتصر من الْعِنَب نَبِيذ كَمَا يُقَال للنبيذ خمر والإنتباذ ان يَجْعَل نَحْو تمر أَو زبيب فِي المَاء ليحلوا فيشرب كَذَا فِي مجمع الْبحار (إنْجَاح) قَوْله [3398] بنانة بنت يزِيد الخ قَالَ فِي التَّقْرِيب بنانة بنت يزِيد العبشمية عَن عَائِشَة لَا تعرف والعبشمي نِسْبَة الى عبد الشَّمْس بن عبد منَاف كَذَا فِي الْغَنِيّ (إنْجَاح) قَوْله [3399] فَإِن بَقِي مِنْهُ شَيْء اهراقه وَفِي رِوَايَة الْمُسلم فَإِن بَقِي شَيْء سقَاهُ الْخَادِم أَو أَمر بِهِ فصب قَالَ النَّوَوِيّ فِيهِ دلَالَة على جَوَاز الانتباذ وَجَوَاز شرب النَّبِيذ مَا دَامَ حلوا لم يتَغَيَّر وَلم يغل وَهَذَا جَائِز بِإِجْمَاع الْأمة واما سقيه الْخَادِم بعد الثَّلَاث وصبه فُلَانُهُ لَا يُؤمن من بعد الثَّلَاث تغيره وَكَانَ النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نبزه عَنهُ بعد الثَّلَاث وَقَوله سقَاهُ الْخَادِم وصبه مَعْنَاهُ تَارَة يسْقِيه الْخَادِم وَتارَة يصبهُ وَذَلِكَ الِاخْتِلَاف لاخْتِلَاف حَال النَّبِيذ فَإِن كَانَ لم يظْهر فِيهِ تغير وَنَحْوه من مبادى الْإِسْكَار سقَاهُ الْخَادِم وَلَا يريقه لِأَنَّهُ مَال يحرم اضاعته وَيتْرك شربه تنزها وَإِن كَانَ قد ظهر فِيهِ شَيْء من مبادى الْإِسْكَار والتغير اراقه لِأَنَّهُ إِذا اسكر صَار حَرَامًا ونجسا فيراق وَلَا يسْقِيه الْخَادِم لِأَن الْمُسكر لَا يجوز سقيه الْخَادِم كَمَا لَا يجوز شربه وَأما شربه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قبل الثَّلَاث فَكَانَ حَيْثُ لَا يتَغَيَّر وَلَا مبادى تغير وَلَا شكّ أصلا واما قَوْله فِي حَدِيث عَائِشَة الْمُتَقَدّم فتنبذه غدْوَة فيشربه عَشِيَّة الخ فَلَيْسَ مُخَالف لحَدِيث بن عَبَّاس هَذَا فِي الشّرْب الى ثَلَاث لِأَن الشّرْب فِي يَوْم لَا يمْنَع الزِّيَادَة وَقَالَ بَعضهم لَعَلَّ حَدِيث عَائِشَة كَانَ زمن الْحر وَحَيْثُ يخْشَى فَسَاده فِي الزِّيَادَة على يَوْم وَحَدِيث بن عَبَّاس فِي زمن يُؤمن فِيهِ التَّغَيُّر قبل الثَّلَاث وَقيل حَدِيث عَائِشَة مَحْمُول على نَبِيذ قَلِيل يفرغ فِي يَوْمه وَحَدِيث بن عَبَّاس فِي كثير لَا يفرغ فِيهِ انْتهى قَوْله [3400] كَانَ ينْبذ لرَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي تور من حِجَارَة فِيهِ التَّصْرِيح بنسخ النَّهْي عَن الانتباذ فِي الْأَدْعِيَة الكثيفة كالدباء والحنتم والنقير وَغَيرهَا لِأَن تور الْحِجَارَة اكثف من هَذِه كلهَا وَأولى بِالنَّهْي مِنْهَا فَلَمَّا ثَبت انه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انتبذ لَهُ فِيهِ دلّ على النّسخ وَهُوَ مُوَافق لحَدِيث بُرَيْدَة الَّاتِي فِي الْبَاب اللَّاحِق كنت نَهَيْتُكُمْ عَن الاوعية فانتبذوا وَاجْتَنبُوا كل مُسكر قَوْله [3401] ان ينْبذ فِي النقير هُوَ ظرف من الْخشب ينقر من أصل النّخل وَغَيره وَعند الْبَعْض هُوَ أصل النَّخْلَة ينقر وَسطه ثمَّ ينْبذ فِيهِ التَّمْر مَعَ المَاء ليصير نبيذا مُسكرا والمزفت المطلي بالزفت وَهُوَ نوع من القار نهى عَنهُ لِأَن هَذِه الاواني تسرع الْإِسْكَار فَرُبمَا يشرب فِيهَا من لَا يشْعر بِهِ والدباء بِضَم دَال وَشدَّة مُوَحدَة وَمد وَحكى الْقصر ووزنه فَقَالَ أَو فعلاء هُوَ القرع الْيَابِس وَهُوَ اليقطين نهى عَن الانتباذ فِيهَا لِأَنَّهَا غَلِيظَة لَا يترشش مِنْهُ المَاء وانقلاب مَا هُوَ أَشد حرارة الى الْإِسْكَار أسْرع فيسكر وَلَا يشْعر والحنتم هِيَ الجرار المدهونة الْخضر تحمل الْخمر فِيهَا الى الْمَدِينَة ثمَّ قيل للخزف كلمة واحدتها حنتمة وَإِنَّمَا نهى عَن الانتباذ فِيهَا لِأَنَّهَا تسرع الشدَّة فِيهَا لأجل دهنها وَقيل لِأَنَّهَا كَانَت تعْمل من طين تعجن بِالدَّمِ وَالشعر فَنهى ليمتنع عَن عَملهَا وَالْأول أوجه وَهَذَا النَّهْي مَنْسُوخ كَمَا سَيَأْتِي هذاكله من مجمع الْبحار (إنْجَاح) قَوْله [3405] كنت نَهَيْتُكُمْ الخ قَالَ النَّوَوِيّ ومختصر القَوْل فِيهِ انه كَانَ الانتباذ فِي هَذِه الاوعية مَنْهِيّا عَنهُ فِي أول الْإِسْلَام خوفًا من ان يصير مُسكرا فِيهَا وَلَا يعلم بِهِ لكثافتها فيتلف الْبَتَّةَ وَرُبمَا شربه الْإِنْسَان ظَانّا انه لم يصر مُسكرا فَيصير شاربا للمسكر وَكَانَ الْعَهْد قَرِيبا بِإِبَاحَة السكر فَلَمَّا طَال الزَّمَان واشتهر تَحْرِيم المسكرات وتقرر ذَلِك فِي نُفُوسهم نسخ ذَلِك وابيح لَهُم الانتباذ فِي كل وعَاء بِشَرْط ان لَا تشْربُوا مُسكرا وَهَذَا صَرِيح فِي هَذَا الحَدِيث انْتهى قَوْله [3409] بنبيذ جر ينش الْجَرّ جمع جرة بِالْفَتْح وَهُوَ الْإِنَاء الْمَعْرُوف من الفخار وينش بِشدَّة الْمُعْجَمَة أَي يغلى ويقذف بالزبد (إنْجَاح) قَوْله

[3410] فَإِن الشَّيْطَان الخ عِلّة للأمور الثَّلَاثَة سوى اطفاء السراج وإعلام مِنْهُ بَان الله تَعَالَى لم يُعْط الشَّيْطَان قُوَّة عَلَيْهِ وَإِن كَانَ أعطَاهُ أَكثر من ذَلِك وَهُوَ الولوج حَيْثُ لَا يُمكن ان يلج الْإِنْسَان وَهَذَا بركَة ذكر اسْم الله تَعَالَى عَلَيْهَا وَقَوله فَإِن الفويسقة الخ عِلّة لاطفاء السراج وَأَشَارَ بهَا الى الفارة فَإِنَّهَا تجر الفتيلة فتحرق الْبَيْت مَعَ من فِيهَا وتضرم من اضرم النَّار إِذا اوقدها أَي تحرق الْبَيْت سَرِيعا إنْجَاح الا ان يعرض الخ قَالَ النَّوَوِيّ الْمَشْهُور فِي ضَبطه فتح الْيَاء وَضم الرَّاء هَكَذَا قَالَه الْأَصْمَعِي وَالْجُمْهُور وَرَوَاهُ أَبُو عبيد بِكَسْر الرَّاء وَالصَّحِيح الأول وَمَعْنَاهُ يمده عَلَيْهِ عرضا أَي خلاف الطول وَهَذَا عِنْد عدم مَا يغطيه كَمَا هُوَ مُصَرح فِي الحَدِيث وَذكر الْعلمَاء لِلْأَمْرِ بالتغطية فَوَائِد مِنْهَا الفائدتان اللَّتَان وردتا فِي هَذِه الْأَحَادِيث وهما صيانته من الشَّيْطَان فَإِن الشَّيْطَان لَا يكْشف غطاء وَلَا يحل سقاء وصيانته من الوباء الَّذِي ينزل فِي لَيْلَة من السّنة والفائدة الثَّالِثَة صيانته من النَّجَاسَة والقذرات وَالرَّابِعَة صيانته من الحشرات والهوام فَرُبمَا وَقع شَيْء مِنْهَا فشربه وَهُوَ غافل أَو فِي اللَّيْل فيتضرر بِهِ وَقَالَ فِي حَدِيث إِذا كَانَ جنح اللَّيْل أَو امسيتم فكفوا صِبْيَانكُمْ الخ هَذَا الحَدِيث فِيهِ جمل من أَنْوَاع الْخَيْر واداب الجامعة لمصَالح الْآخِرَة وَالدُّنْيَا فَأمر صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَذِهِ الْآدَاب الَّتِي هِيَ سَبَب السَّلامَة من ايذاء الشَّيْطَان وَجعل الله عز وَجل هَذِه الْأَسْبَاب اسبابا للسلامة من ايذائه فَلَا يقدر على كشف اناء وَلَا حل سقاء وَلَا فتح بَاب وَلَا ايذاء صبي وَغَيره إِذا وجدت هَذِه الْأَسْبَاب وَهَذَا كَمَا جَاءَ فِي الحَدِيث الصَّحِيح ان العَبْد إِذا سمى عِنْد دُخُول بَيته قَالَ الشَّيْطَان لَا مبيت أَي لَا سُلْطَان لنا على الْمبيت عِنْد هَؤُلَاءِ وَكَذَلِكَ إِذا قَالَ الرجل عِنْد جماع أَهله اللَّهُمَّ جنبنا الشَّيْطَان وجنب الشَّيْطَان مَا رزقتنا كَانَ سَببا لِسَلَامَةِ الْمَوْلُود من ضَرَر الشَّيْطَان وَكَذَلِكَ شبه هَذَا مِمَّا هُوَ مَشْهُور فِي الْأَحَادِيث الصَّحِيحَة وَفِي هَذَا الحَدِيث الْحَث على ذكر اسْم الله تَعَالَى فِي هَذِه الْمَوَاضِع وَيلْحق بهَا مَا فِي مَعْنَاهَا قَالَ أَصْحَابنَا يسْتَحبّ ان يذكر اسْم الله تَعَالَى على كل أَمر ذِي بَال وَكَذَلِكَ يحمد الله تَعَالَى فِي أول كل أَمر ذِي بَال للْحَدِيث الْمَشْهُور فِيهِ انْتهى قَوْله [3413] انما يجرجر فِي بَطْنه نَار جَهَنَّم بِكَسْر الْجِيم الثَّانِيَة من جرجر وَنصب نَار جَهَنَّم أَي يحدر الشَّارِب النَّار فِي بَطْنه يَوْم الْقِيَامَة والجرجرة صَوت وُقُوع المَاء فِي الْجوف وَيجوز رفع نَار وَجعلت النَّار صائته مجَازًا أَو حَقِيقَة باقداره تَعَالَى هَذَا حَاصِل مَا فِي الْمجمع (إنْجَاح) قَوْله [3416] كَانَ يتنفس فِي الْإِنَاء ثَلَاثًا أَي فِي الشّرْب مِنْهُ وَفِي آخرى نهى عَن التنفس فِي الْإِنَاء وهما صَحِيحَانِ باخْتلَاف تقديرين أَحدهمَا ان يشرب وَهُوَ يتنفس فِي الْإِنَاء من غير ان يبعده من فِيهِ وَهُوَ مَكْرُوه والاخر ان يشرب فِي الْإِنَاء بِثَلَاثَة انفاس يفصل فِيهَا فَاه عَن الْإِنَاء وَمعنى التنفس فِي الْإِنَاء فِي اثناء شربه من الْإِنَاء وَقيل وَجه الْجمع بَينهمَا ان النَّهْي هُوَ التنفس فِيهِ مَعَ من يكره نَفسه ويتقذره والاستحباب مَعَ من يُحِبهُ يتبرك بِهِ وَحِكْمَة التَّثْلِيث انه اقمع للعطش واقوى للهضم وَأَقل اثرا فِي إِيرَاد الْمعدة وَضعف الاعصاب كَذَا فِي الْمجمع (إنْجَاح) قَوْله [3417] فتنفس فِيهِ مرَّتَيْنِ هَذَا بَيَان للْجُوَاز وَأكْثر الرِّوَايَات فِي التَّثْلِيث لرعاية الْوتر (إنْجَاح) قَوْله [3421] نهى ان يشرب من فِي السقاء الخ النَّهْي فِيهِ للمعاني الأول انه يتَغَيَّر بِهِ فَم الْقرْبَة وَيحصل فِيهِ العفونة فَيَتَأَذَّى بهَا الْمُسلم الاخر إِذا شرب مِنْهُ وَالثَّانِي انه قد يكون فِي فَم السقاء من القذارة والهوام مَا يُؤْذِيه فيصل الى جَوف الشَّارِب بَغْتَة لَا يُطيق دَفعه لانصباب المَاء بل رُبمَا لَا يشْعر بذلك وَالثَّالِث انه لَا يحصل الْإِمْسَاك لفمها فَيَقَع المَاء على الشَّارِب وَهُوَ أَيْضا ترك الْأَدَب ثمَّ النَّهْي لَيْسَ للتَّحْرِيم بل هُوَ مَكْرُوه كَمَا سَيَأْتِي من حَدِيث كَبْشَة الْأَنْصَارِيَّة (إنْجَاح) قَوْله عَن اختناث الاسقية الاختناث ان يكسر أَي يقلب شفة الْقرْبَة ورأسها وَيشْرب مِنْهَا اختنثت السقاء إِذا ثنيت فَمه الى خَارج وشربت مِنْهُ وَيُقَال قبعته إِذا ثنية الى دَاخل وَورد إِبَاحَته وَلَعَلَّ النَّهْي خَاص بالسقاء الْكَبِير دون الاداوة أَو إِبَاحَته للضَّرُورَة وَالْحَاجة وَالنَّهْي عَن الاعتياذ أَو الثَّانِي نَاسخ للْأولِ كَذَا فِي الْمجمع وَالطِّيبِي وَبَين الشّرْب من فِي السقاء وَبَين الاختناث عُمُوم من وَجه إِذْ فِي الأول لَا يشْتَرط ثني رَأسه الى دَاخل أَو خَارج وَفِي الثَّانِي مَشْرُوط وَالْأول مُقَيّد بِوَضْع فَم الشَّارِب على فَمه وَالشرب مِنْهُ وَالثَّانِي غير مُقَيّد بِهِ وَلذَا عقد الْمُؤلف لَهما بَابَيْنِ وَلم يكتف بِأَحَدِهِمَا إنْجَاح الْحَاجة قَوْله [3422] فَذكرت ذَلِك لعكرمة الخ الظَّاهِر انه قَول الشّعبِيّ وَحلف عِكْرِمَة بِحَسب ظَنّه والا فقد اشتهرت الاخبار انه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شرب قَائِما وَهُوَ رِوَايَة الشَّيْخَيْنِ عَن بن عَبَّاس وَقد ذكر عُلَمَاؤُنَا ان شرب مَاء زَمْزَم وَفضل الْوضُوء قَائِما مُسْتَحبّ وكرهوا فِي غَيرهمَا الا إِذا كَانَ ضَرُورَة وَالْمَطْلُوب فِي مَاء زَمْزَم وُصُول بركته الى جَمِيع الْأَعْضَاء وَكَذَا فِي فضل الْوضُوء وَقَالَ الْقَارِي وَكِلَاهُمَا فِي حَالَة الْقيام أَعم وَقَالَ السُّيُوطِيّ هَذَا لبَيَان الْجَوَاز وَقد تقدم مثله عَن النَّوَوِيّ وَقد يحمل على أَنه لم يجد موضعا للقعود لازدحام النَّاس على مَاء زَمْزَم وابتلال الْمَكَان مَعَ احْتِمَال النّسخ لما روى عَن جَابر أَنه لما سمع رِوَايَة من روى انه شرب قَائِما قَالَ وَقد رَأَيْته صنع ذَلِك ثمَّ رَأَيْته بعد ذَلِك نهى عَنهُ إنْجَاح الْحَاجة قَوْله

[3427] فَلَا يتنفس فِي الْإِنَاء يحْتَمل ان يكون النَّهْي عَن ذَلِك من اجل مَا يخَاف ان يبرز من رِيقه ورطوبة فَمه شَيْء فَيَقَع فِي المَاء فيعاف مِنْهُ كَمَا سبق إنْجَاح الْحَاجة [3430] لم يكن رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ينْفخ فِي الشَّرَاب من اجل مَا يخَاف ان يَبْدُو من رِيقه شَيْء فِيهِ فَيَتَأَذَّى غَيره ان شربه أَو يخرج النفخ رَائِحَة ردية تعلق بِالْمَاءِ فيتضرر بهَا آخر وَالْفرق بَين النَّفس والنفخ ان النفخ يكون لابراد الشَّرَاب أَو لإِزَالَة القذى فقد يخرج من فِيهِ شَيْء يتَأَذَّى بِهِ واما النَّفس فَهُوَ فِي عين الشّرْب وَالنَّهْي فِيهِ أَيْضا لهَذَا الْمَعْنى إنْجَاح الْحَاجة قَوْله [3431] نَهَانَا رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ان نشرب على بطوننا وَهُوَ الكرع قَالَ فِي الْقَامُوس كرع فِي المَاء أَو فِي الْإِنَاء كمنع أَو سمع كرعا وكروعاتنا وَله بِفِيهِ من مَوْضِعه من غير ان يشرب بكفيه وَلَا بِإِنَاء انْتهى هَذَا بِحَسب الْغَالِب يحصل إِذا وَقع الرجل على بَطْنه وَهُوَ الْمَعْنى بالشرب على الْبُطُون وَهُوَ ترك الْأَدَب وَيحْتَمل الْمضرَّة وَالنَّهْي عَن الاغتراف بِالْيَدِ الْوَاحِدَة بِسَبَب انه يرْوى فِي الْمدَّة الْكَثِيرَة مَعَ ان المَاء يَقع فِي الثِّيَاب وَفِيه أَيْضا ترك الْأَدَب مَالا يخفى فِي ولغَ الْكَلْب لعِلَّة الصَّوْت الَّذِي يخرج عِنْد ولوغه وشربه كَمَا هُوَ من عَادَة السُّفَهَاء وَهُوَ أَيْضا ترك الْأَدَب وَالْقَوْم الَّذين سخط الله عَلَيْهِم اما الْيَهُود كَمَا هُوَ الْمُفَسّر فِي قَوْله تَعَالَى غير المغضوب عَلَيْهِم أَو غَيرهم من الْكفَّار (إنْجَاح) قَوْله وَهُوَ اناء عِيسَى بن مَرْيَم قيل انه عَلَيْهِ السَّلَام كَانَ يسيح فِي الأَرْض فَيجمع الْكَثِيب فتوسد بِهِ إِذا نَام وَيشْرب بِيَدِهِ اذاعطش والْحَدِيث ضَعِيف وَزِيَاد بن عبد الله عَن عَاصِم مَجْهُول كَذَا فِي التَّقْرِيب (إنْجَاح) قَوْله [3432] فِي شن هُوَ بِفَتْح شين وَشدَّة نون الْقرْبَة البالية هِيَ أَشد تبريدا للْمَاء من الجديدة (إنْجَاح) قَوْله [3433] مَرَرْنَا على بركَة وَهِي بِالْكَسْرِ الْحَوْض من المَاء إنْجَاح الْحَاجة قَوْله [3436] الا من اقْترض من غَرَض أَخِيه وروى الا امْرأ اقْترض مُسلما ظلما أَي نَالَ مِنْهُ وقطعه بالغيبة وَهُوَ افتعل من الْقَرْض قَوْله لم يضع دَاء أَي لم يخلق الا وضع مَعَه شِفَاء أَي دَوَاء شافيا وَفِيه اسْتِحْبَاب الدَّوَاء وَعَلِيهِ الْجُمْهُور وَحجَّة الْمُنكر ان كل شَيْء بِقدر الله وللجمهور ان التَّدَاوِي من قدره أَيْضا كالامر بِالدُّعَاءِ وبقتال الْكفَّار وبالتحصين وتجنب الالقاء بِالْيَدِ الى التَّهْلُكَة (فَخر) قَوْله لم يضع دَاء الا وضع مَعَه شِفَاء قَالَ النَّوَوِيّ فِي هَذَا الحَدِيث إِشَارَة الى اسْتِحْبَاب الدَّوَاء وَهُوَ مَذْهَب أَصْحَابنَا وَجُمْهُور السّلف وَعَامة الْخلف قَالَ القَاضِي عِيَاض فِي هَذِه الْأَحَادِيث جمل من عُلُوم الدّين وَالدُّنْيَا وَصِحَّة علم الطِّبّ وَجَوَاز التطبب فِي الْجُمْلَة وَقَالَ وفيهَا رد على من انكر التَّدَاوِي من غلاة الصُّوفِيَّة وَقَالَ كل شَيْء بِقَضَاء وَقدر فَلَا حَاجَة الى التَّدَاوِي وَحجَّة الْعلمَاء هَذِه الْأَحَادِيث ويعتقدون ان الله تَعَالَى هُوَ الْفَاعِل وان التَّدَاوِي هُوَ أَيْضا من قدر الله وَهَذَا كالأمر بِالدُّعَاءِ وكالامر بِقِتَال الْكفَّار وبالتحصين ومجانبة الالقاء بِالْيَدِ الى التَّهْلُكَة مَعَ ان الاجل لَا يتَغَيَّر والمقادير لَا تتأخر وَلَا تتقدم عَن اوقاتها وَلَا بُد من وُقُوع المقدرات انْتهى قلت والمدح على تَركه فِي حَدِيث لَا يسْتَرقونَ وَلَا يَكْتَوُونَ للأولوية وَبَيَان التَّوَكُّل والرضاء بِالْقضَاءِ وَفعله لبَيَان الْجَوَاز وَبِالْجُمْلَةِ هَذَا صفة الْأَوْلِيَاء المعرضين عَن الْأَسْبَاب لَا يلتفتون الى شَيْء من العلائق وَتلك دَرَجَة الْخَواص والعوام رخص لَهُم التَّدَاوِي والمعالجات وَمن صَبر على الْبلَاء وانتظر الْفرج من الله بِالدُّعَاءِ كَانَ من جملَة الْخَواص وَمن لم يصبر رخص لَهُ فِي الرّقية والعلاج والدواء الا ترى انه قبل من الصّديق جَمِيع مَاله وَأنكر على آخر فِي مثل بَيْضَة الْحمام ذَهَبا (فَخر) قَوْله [3437] ورقى نسترقي بهَا جمع رقية وَهِي مَا يقْرَأ لطلب الشِّفَاء والاسترقاء طلب الرّقية وَقَوله هِيَ من قدر الله يَعْنِي كَمَا ان الله تَعَالَى قدر الدَّاء قدر زَوَاله بالدواء (مرقاة) قَوْله وتقى نتقيها قَالَ الطَّيِّبِيّ تقاة جمع تقاه وَأَصلهَا وقاة قلبت الْوَاو يَاء وَهُوَ اسْم مَا يلتجي بِهِ النَّاس خوف الْأَعْدَاء كالترس من وقى يقي وقاية إِذا حفظ وَيجوز ان يكون تقاة مصدرا بِمَعْنى الاتقاء فَحِينَئِذٍ الضَّمِير فِي نتقيها للمصدر أَي نتقي تقاة بِمَعْنى اتقاء مِصْبَاح الزجاجة قَوْله

باب التلبينة هي حساء يعمل من دقيق أو نخالة وربما جعل فيها عسل ويشبه

[3440] إِذا اشْتهى مَرِيض أحدكُم أَي اشتهاء صَادِقا فَإِنَّهُ عَلامَة الصِّحَّة وَقد لَا يضر لبَعض الْمَرَض اما كل مِمَّا يَشْتَهِي اذاكان قَلِيلا ويقوى الطبيعة ويفضي الى الصِّحَّة وَلَكِن فِيمَا لَا يكون ضَرَره غَالِبا وَبِالْجُمْلَةِ لَيْسَ هَذَا الحكم كليا بل جزئيا وَقَالَ الطَّيِّبِيّ هَذَا مَبْنِيّ على التَّوَكُّل أَو على الْيَأْس من حَيَاته وَقد جَاءَ فِي الحَدِيث لَا تكْرهُوا مرضاكم على الطَّعَام وَالشرَاب فَإِن الله يُطعمهُمْ ويسقيهم وَالْحكمَة فِيهِ ظَاهِرَة لِأَن طبيعة الْمَرِيض مَشْغُول بانضاج مادته واخراجه وَلَو أكره الطبيعة على الطَّعَام وَالشرَاب يكل الطبيعة من فعلهَا ويشتغل بهضمها كَذَا فِي اللمعات قَوْله إِذا اشْتهى مَرِيض أحدكُم الخ قَالَ الْمُوفق عبد اللَّطِيف هَذَا الحَدِيث فِيهِ حِكْمَة طبية فاضلة تشهد لقانون شرِيف ذكره بقراط وَهِي ان الْمَرِيض إِذا تنَاول مَا يشتهيه غذا زجاجه [3442] وعَلى ناقه يُقَال نقه فَهُوَ ناقه إِذا برأَ وأفاق فَكَانَ قريب الْعَهْد بِالْمرضِ لم يرجع اليه كَمَال صِحَّته وقوته وَقَوله ولنادو الى معلقَة الدوالي جمع دالية وَالْوَاو فِيهِ منقلبه عَن الالف وَهِي العذق من الْبُسْر يعلق فَإِذا ارطب أكل (زجاجة) قَوْله [3444] لَا تكْرهُوا مرضاكم الخ أَي ان لم يَأْكُلُوا برغبتهم وَلَا تَقولُوا انه يضعف لعدم الْأكل فَإِن الله تبَارك وَتَعَالَى يُطعمهُمْ ويسقيهم أَي يرزقهم صبرا وَقُوَّة فَإِن الصَّبْر وَالْقُوَّة من الله حَقِيقَة لَا من الطَّعَام وَالشرَاب وَلَا من جِهَة الصِّحَّة قَالَ القَاضِي أَي يمدهُمْ ويحفظ قواهم بِمَا يُفِيد فَائِدَة الطَّعَام وَالشرَاب فِي حفظ الرّوح وتقويم الْبدن (مرقاة) قَوْله لَا تكْرهُوا مرضاكم الخ قَالَ الْمُوفق مَا اغزر فَوَائِد هَذِه الْكَلِمَة النَّبَوِيَّة وَمَا اجدرها للأطباء وَذَلِكَ لِأَن الْمَرِيض إِذا عاف الطَّعَام وَالشرَاب فَذَلِك لاشتغال طَبِيعَته بمقادمة الْمَرَض فاعطاء الْغذَاء فِي هَذِه الْحَال يضر جدا قَوْله فَإِن الله يُطعمهُمْ ويسقيهم أَي يشبعهم ويرويهم من غير تنَاول طَعَام وشراب مِصْبَاح الزجاجة للسيوطي قَوْله بَاب التلبينة هِيَ حساء يعْمل من دَقِيق أَو نخالة وَرُبمَا جعل فِيهَا عسل وَيُشبه اللَّبن فِي الْبيَاض والرقة والحساء بِالْفَتْح وَالْمدّ طبيخ يتَّخذ من دَقِيق وَمَاء ودهن وَقد يحلى وَيكون رَقِيقا يحسى كَذَا فِي الْمجمع وَفِي الْقَامُوس حسى زيد المرق شربه شَيْئا بعد شَيْء كتحساه واحتساه وَاسم مَا يتحسى بِهِ الحسية والحساء بِمد والحسو كدلو والجسو كعد وانْتهى قَوْله ليرتو فؤاد الحزين أَي يقويه وَيسر وَعَن فواد السقيم أَي يكْشف عَنهُ الْأَلَم ويزيله ويدفعه (إنْجَاح) قَوْله الوعك قَالَ الْمُوفق الالم الْخَفِيف وَأول الْمَرَض قبل ان يقوى وَقَالَ فِي النِّهَايَة هُوَ الْحمى وَقيل المها وَقَوله أَمر الحساء قَالَ فِي النِّهَايَة هُوَ بِالْفَتْح وَالْمدّ طبيخ يتَّخذ من دَقِيق وَمَاء ودهن وَقد يحلى وَيكون رَقِيقا يحسى وَقَوله ليرتو فوأد الحزين برأَ ومثناة فوقية أَي يشده ويقويه وَقَوله ويسرو أَي يكْشف ويزيل (زجاجة) قَوْله [3446] عَلَيْكُم بالبغيض النافع أَي المبغوض بالطبع والنافع من حَيْثُ الْمَعْنى (إنْجَاح) قَوْله [3447] شِفَاء من كل دَاء أَي مَا كَانَ مِنْهُ من الرُّطُوبَة والبلغم لِأَنَّهُ حَار يَابِس وَقيل على الْعُمُوم إنْجَاح الْحَاجة لمولانا الْمُعظم الشَّيْخ عبد الْغَنِيّ المجددي الدهلوي قَوْله [3448] والحبة السَّوْدَاء الشوانيز هَذَا هُوَ الصَّوَاب الْمَشْهُور ذكره الْجُمْهُور قَالَ القَاضِي وَذكر الْحَرْبِيّ عَن الْحسن انها الْخَرْدَل قَالَ وَقيل هِيَ الْحبَّة الخضراء وَهِي البطم وَالْعرب تسمى الْأَخْضَر أسود وَمِنْه سَواد الْعرَاق لخضرته بالاشجار وَتسَمى الْأسود أَيْضا أَخْضَر (نووي) قَوْله [3451] ازْدَادَ أُخْرَى بِصِيغَة الْمُتَكَلّم أَي ازْدَادَ أَنا لعقة أُخْرَى اسْتَأْذن فِي اللعقة الْأُخْرَى فَإِن لَهُ النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إنْجَاح) قَوْله [3452] عَلَيْكُم بالشفائين الخ أَي أَحدهمَا حسى والاخر معنوي أَو أَحدهمَا للأمراض الحسية والاخر للعوارض المعنوية أَو لعُمُوم البلايا الْبَدَنِيَّة والروحية وروى عَن عَليّ رَضِي انه أَمر رجلا يستوهب من صدَاق امْرَأَته شَيْئا من المَال فيشتري بِهِ الْعَسَل ويخلط بِمَاء السَّمَاء فيشربه يبرأ بِإِذن الله تَعَالَى قلت إِنَّمَا أمره كَذَلِك لِأَن الله تَعَالَى قَالَ فِي التَّنْزِيل فِي حق الْعَسَل فِيهِ شِفَاء للنَّاس وَقَالَ فِي حق الْمهْر فَإِن طبن لكم عَن شَيْء مِنْهُ نفسا فكلوه هَنِيئًا مريئا وَقَالَ فِي شَأْن مَاء السَّمَاء وَانْزِلْ لكم من السَّمَاء مَاء ليذْهب عَنْكُم رجز الشَّيْطَان ويربط على قُلُوبكُمْ وَيثبت بِهِ الاقدام (إنْجَاح) قَوْله

باب دواء المشي أي الاسهال في القاموس المشو بالفتح وكعدو وغنى والسماء

[3453] الكمأة من الْمَنّ الخ الكماة نَبَات مَشْهُور وَفِي بعض الرِّوَايَات ان نَاسا من أَصْحَاب رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالُوا لرَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الكمأة جدري الأَرْض الجدري بِضَم الْجِيم وَفتح الدَّال الْمُهْملَة وَكسر الرَّاء وَتَشْديد التَّحْتِيَّة هُوَ الْحبّ أَي البثور الَّتِي يظْهر فِي جَسَد الصَّبِي شبه الكمأة بظهورها من بطن الأَرْض كَمَا يظْهر الجدري من بَاطِن الْجلد أَرَادوا بِهِ ذمها فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الكمأة من الْمَنّ أَي مِمَّا من الله تَعَالَى بِهِ على عباده حَيْثُ انبتها بِلَا تَعب ومشقة وَقيل من الْمَنّ الَّذِي نزل على بني إِسْرَائِيل وَهُوَ الْعَسَل الجامد الَّذِي نزل عَلَيْهِم من السَّمَاء صفوا أَو قيل هُوَ الترنجبين كَمَا ان الْمَنّ نزل عَلَيْهِم بِلَا تَعب ولاعلاج كَذَلِك الكمأة لَا مُؤنَة فِيهَا يبذر وَسَقَى وماؤها شِفَاء للعين قَالَ النَّوَوِيّ قيل هُوَ نفس المَاء مُجَرّد أَو قيل ان كَانَ لتبريد مَا فِي الْعين من الْحَرَارَة فماؤها مُجَرّد اشفاء وان كَانَ من غير ذَلِك فمركبا مَعَ غَيره وَالصَّحِيح بل الصَّوَاب ان ماءها مُجَرّد اشفاء للعين مُطلقًا قَالَ أَبُو هُرَيْرَة فَأخذت ثَلَاث اكماء أَو خمْسا أَو سبعا فعصرتهن وَجعلت مائهن فِي قَارُورَة وكحلت بِهِ جَارِيَة لي عمشاء وَهُوَ ضعف فِي الرُّؤْيَة مَعَ سيلان المَاء فِي أَكثر الْأَوْقَات عَنْهَا فبرأت كَمَا ذكره التِّرْمِذِيّ والعجوة نوع جيد من التَّمْر (إنْجَاح) [3456] والصخرة من الْجنَّة الصَّخْرَة هِيَ صَخْرَة بَيت الْمُقَدّس تسمى صَخْرَة الله وَهِي معلقَة فِي الجو بنوا الان تحتهَا جدران وَالله اعْلَم وَفِي رِوَايَة أَحْمد والديلمي الصَّخْرَة والعجوة والشجرة من الْجنَّة وَزَاد الطَّبَرَانِيّ من حَدِيث عبَادَة بن الصَّامِت الصَّخْرَة صَخْرَة بَيت الْمُقَدّس على نخلته والنخلة على نهر من انهار الْجنَّة وَتَحْت النَّخْلَة آسِيَة وَمَرْيَم تنظمان لسموط أهل الْجنَّة لكزا قَالَ الذَّهَبِيّ حَدِيث مُنكر وَإِسْنَاده مظلم بل هُوَ كذب ظَاهر اما إِسْنَاد بن ماجة فَحسن إنْجَاح الْحَاجة قَوْله [3457] عَلَيْكُم بالسنا والسنوت الخ السنوت كتنور وسنور الزّبد والجبن وَالْعَسَل والشبت وَله معَان أخر ذكرهَا فِي الْقَامُوس وَالْمرَاد هَهُنَا الْعَسَل أَو الشبت كَمَا سيجئ فِي الْكتاب والشبت بكسرتين وَتَشْديد الْمُثَنَّاة الفوقانية كَمَا فِي الْمُنْتَخب وَقَالَ تره مَعْرُوف كه ان راشود كويند (إنْجَاح) قَوْله هم السّمن بالسنوت الخ كَانَ الشَّاعِر أَرَادَ اخْتِلَاط الْقَوْم بَينهم فِي التودد والالفة وشبههم بالسمن والسنوت أَي هم مختلطون بَينهم كالسمن بالسنوت وَالْمرَاد بِالسِّنِّ الرمْح وَهُوَ الى الْحَرْب يُقَال سنّ الرمْح وَهُوَ آلَة الْحَرْب يُقَال سنّ الرمْح ركب فِيهِ سنانه وَفُلَانًا طعنه بِالسِّنَانِ أَو عضه بالأسنان أَو كسر اسنانه كَمَا فِي الْقَامُوس وكل من هَذِه الْمعَانِي صَحِيح هَهُنَا أَي لَا مشاجرة بَينهم بِسَبَب كَمَال الْخلطَة والاتحاد وَقَوله ان يتقرد بِالْقَافِ أَي عَن ان ينخدع قرد تقريدا خدع كَذَا فِي الْقَامُوس وَهَذَا مُبَالغَة فِي عدم الخداع مِنْهُم أَي لَيْسَ الخداع فِي جوارهم لأَنهم ينهون الْجوَار عَنهُ فَكيف بهم (إنْجَاح) قَوْله [3458] فَقَالَ اشكمت درد هَذَا لفظ فَارسي شكم بِمَعْنى الْبَطن والالف فِي أَوله زَائِدَة أَي بَطْنك وجع قَالَ الفيروز أبادي فِي بَاب تكلم النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْفَارِسِيَّةِ وَمثل الْعِنَب دوو التَّمْر يَك يَك وَيَا سلمَان اشكمت ورد مَا صَحَّ شَيْء قلت رجال هَذَا الحَدِيث كلهم مأمونون الاذواد بن علبة بِالذَّالِ الْمُعْجَمَة فَإِنَّهُ ضَعِيف قَالَ بن حبَان مُنكر الحَدِيث جدا يرْوى عَن الثِّقَات مَالا أصل لَهُ وَمن الضُّعَفَاء مَالا يعرف كَمَا ذكره فِي التَّهْذِيب (إنْجَاح) قَوْله [3459] نهى رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَن الدَّوَاء الْخَبيث قَالَ فِي شرح السّنة اخْتلفُوا فِي تَأْوِيله فَقيل أَرَادَ بِهِ خبث النَّجَاسَة بِأَن يكون فِيهِ محرم من خمر أَو بَوْل مَا لَا يُؤْكَل لَحْمه من الْحَيَوَان وَلَا يجوز التَّدَاوِي بِهِ الا مَا خصّه السّنة من أَبْوَال الْإِبِل قَالَ الْقَارِي قلت على خلاف فِيهِ فَإِنَّهُ يحرم عِنْد أبي حنيفَة وَيحل عِنْد مُحَمَّد وَيجوز التَّدَاوِي عِنْد أبي يُوسُف ثمَّ قَالَ وَقيل أَرَادَ بِهِ الْخبث من جِهَة الطّعْم والمذاق وَلَا يُنكر ان يكون كره ذَلِك لما فِيهِ من الْمَشَقَّة على الطباع قلت على مَا فِي هَذَا الْكتاب من زِيَادَة يَعْنِي السم أُرِيد بالخبث الضَّرَر بِالْبدنِ فِي المَال أَو فِي الْحَال كالافساد والاهلاك وَيحْتَمل ان يُرَاد بالخبث مَا يتَنَاوَل الْكل (إنْجَاح) قَوْله بَاب دَوَاء الْمَشْي أَي الاسهال فِي الْقَامُوس المشو بِالْفَتْح وكعدو وغنى وَالسَّمَاء الدَّوَاء المسهل واستمشى وامشاه الدَّوَاء انْتهى (إنْجَاح) قَوْله [3461] بالشبرم وَهُوَ بِضَم الأول وَالثَّالِث جب مثل الحمصة ملين فِي الْقَامُوس كقنفذ شجر ذُو شوك يُقَال ينفع من الوبا ونبات آخر لَهُ حب كالعدس وأصل غليظ ملان لَبَنًا وَالْكل مسهل وَاسْتِعْمَال لبن خطر وَإِنَّمَا يسْتَعْمل أَصله مصلحا بِأَن ينقع فِي الحليب يَوْم وَلَيْلَة ويجدد اللَّبن ثَلَاث مَرَّات ثمَّ يجفف وينفع فِي عصير الهندباء والرازيانج وَيتْرك ثَلَاثَة أَيَّام ثمَّ يجفف وَيعْمل مِنْهُ أَقْرَاص من شَيْء من التربد والهليلج وَالصَّبْر فَإِنَّهُ دَوَاء فالق انْتهى قَوْله حَار جَار الأول بِالْحَاء الْمُهْملَة وَالثَّانِي بِالْجِيم وَهَذَا كالتابع للْأولِ وَلَيْسَ لَهُ معنى الا انه يسْتَعْمل بطرِيق التّبعِيَّة (إنْجَاح) قَوْله [3462] وَقد اعلقت عَلَيْهِ من الْعذرَة قَالَ فِي النِّهَايَة هِيَ بِالضَّمِّ وجع فِي الْحلق يهيج من الدَّم وَقيل قرحَة تخرج فِي الحزم الَّذِي فِي الْأنف وَالْحلق تعرض للصبيان عِنْد طُلُوع الْعذرَة فتعمد الْمَرْأَة الى خرقَة فتفتلها فَتلا شَدِيدا وَتدْخلهَا فِي انفه فتطعن ذَلِك الْموضع فيتفجر مِنْهُ دم اسود وَذَلِكَ الطعْن يُسمى الدغر وَقد تدفع ذَلِك الْموضع بأصبعها وتكبسه وَهُوَ الدغر أَيْضا وَكَانُوا بعد ذَلِك يعلقون عَلَيْهِ علاقا كالعوذة وَقَالَ بعد ذَلِك الاعلاق والعلاق معالجة عذرة الصَّبِي وَهُوَ وجع فِي حلقه ورم تَدْفَعهُ أمه بإصبعها أَو غَيرهَا قَالَ الْخطابِيّ المحدثون يَقُولُونَ اعلقت عَلَيْهِ وَإِنَّمَا هُوَ اعلقت عَنهُ أَي دفعت عَنهُ وَمعنى اعلقت عَلَيْهِ أَو ردَّتْ عَلَيْهِ الْعلُوق أَي مَا عَذبته بِهِ من دغرها وَجَاء فِي بعض الرِّوَايَات العلاق وَإِنَّمَا الْمَعْرُوف الاعلاق وَهُوَ مصدر اعلقت فَإِن كَانَ العلاق الِاسْم فَيجوز وَقَوله من الْعذرَة أَي من اجلها انْتهى (زجاجة) قَوْله وَقد اعلقت عَلَيْهِ من الْعذرَة الْعذرَة بِضَم الْعين الْمُهْملَة وَسُكُون الذَّال المعجمىة وجع أَو ورم يهيج فِي الْحلق من الدَّم أَيَّام الْحر والاعلاق غمز ذَلِك الْموضع بالأصبع لتخرج مِنْهُ دم اسود وَيُقَال لَهُ الدغر أَيْضا بِالدَّال الْمُهْملَة والغين الْمُعْجَمَة آخِره رَاء قَوْله علام تدغرن لَفظه على جَارة وَمَا استفهامية حذف مِنْهَا الالف كَمَا فِي لم والدغر بِالدَّال الْمُهْملَة والغين الدّفع وغمز الْحلق وَرفع الْمَرْأَة لهاة الصَّبِي بإصبعها كَذَا فِي الْقَامُوس وَقَوله يسعط بِهِ السعوط كصبور مَا يصب فِي الْأنف من الدَّوَاء وَقَوله ويلد من لد الرجل إِذا صب الدَّوَاء فِي أحد شقي الْفَم وَمِنْه اللدود كصبور أَيْضا لذَلِك الدَّوَاء ذكره الْقَارِي (إنْجَاح) قَوْله

[3463] شِفَاء عرق النِّسَاء هُوَ بِوَزْن الْعَصَا عرق يخرج من الورئه فيستبطن الْفَخْذ وَالأَصَح ان يُقَال لَهُ النسا لَا عرق النسا ذكره فِي النِّهَايَة (إنْجَاح) قَوْله شِفَاء عرق النسا قَالَ الْمُوفق عبد اللَّطِيف فِي هَذَا الحَدِيث رد على من انكر ذَلِك فَإِن أهل اللُّغَة منعُوا ان يُقَال عرق النسا لِأَن النسا هُوَ الْعرق نَفسه فَتكون إِضَافَة الشَّيْء الى نَفسه بَاقِي بر صفحة 248 قَوْله [3465] اني لَا اعرف يَوْم أحد من جرح وَجه رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَشْهُور هُوَ عبد الله بن قمية وَقيل غَيره وَالَّذين عَاهَدُوا من الْكفَّار فتل النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْبَعَة عبد الله بن قمية وَعتبَة بن أبي وَقاص وَعبد الله بن شهَاب الزُّهْرِيّ وَأبي بن خلف وَقَالَ النَّوَوِيّ فِي التَّهْذِيب عتبَة بن أبي وَقاص هَذَا هُوَ الَّذِي شج وَجه رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكسر رباعيته يَوْم أحد قَالَ وَمَا علمت لَهُ اسلاما وَلم يذكرهُ أحد من الْمُتَقَدِّمين فِي الصَّحَابَة قيل انه مَاتَ كَافِرًا أَو ذكره بن مندة مِنْهُم (إنْجَاح) قَوْله [3466] من تطبب وَلم يعلم مِنْهُ طب قَالَ فِي الدّرّ قطع حجام من عينه وَكَانَ غير حاذق فعميت فَعَلَيهِ نصف الدِّيَة اشباه (إنْجَاح) قَوْله [3467] نعت رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَي مدح التَّدَاوِي بِهَذِهِ الْأَشْيَاء والورس نبت اصفر يصْبغ بِهِ والقسط مُعرب كست (إنْجَاح) قَوْله [3471] الْحمى من فيح جَهَنَّم الفيح بِفَتْح الْفَاء وَسُكُون الْيَاء قيل على حَقِيقَته واللهب الْحَاصِل فِي جسم المحموم قطعه مِنْهَا أظهر الله تَعَالَى بِأَسْبَاب تقتضيها وَقيل هُوَ على جِهَة التَّشْبِيه قَالَ السُّيُوطِيّ وَالْأول أولى (إنْجَاح) قَوْله فَأَبْرِدُوهَا بِالْمَاءِ بِهَمْزَة الْوَصْل وَفِي نُسْخَة بقطعها أَي بردوا شدَّة حَرَارَتهَا بِاسْتِعْمَال المَاء الْبَارِد وَهُوَ يحْتَمل الشّرْب والاغتسال والصب على بعض الْبدن كاليدين وكفوف الْأَيْدِي والارجل وَالله أعلم قيل هُوَ خَاص فِي بعض الحميات الحارة عِنْد شدَّة الْحَرَارَة وَبَعض الْأَشْخَاص كَاهِل الْحجاز ذكره الْقَارِي قلت ان عمم المَاء بَارِدًا كَانَ أَو حارا كَانَ معنى الحَدِيث أَعم فَإِن صب المَاء الْحَار لَا سِيمَا المغلي فِيهِ السدر والخطمي ينفع الحميات عُمُوما لِأَنَّهُ يخرج ابخرة الدِّمَاغ بِسَبَب انصبابه على الرجلَيْن وَهُوَ مَشْهُور عِنْد الْأَطِبَّاء (إنْجَاح) قَوْله فَأَبْرِدُوهَا بِالْمَاءِ قَالَ الماذري قد اعْترض عَلَيْهِ بعض من فِي قلبه مرض بَان الْأَطِبَّاء مجمعون على ان اسْتِعْمَال المحموم الْبَارِد مخاطرة قريب من الْهَلَاك لِأَنَّهُ يجمع المام ويحقن البخار ويعكس الْحَرَارَة الى دَاخل الْجِسْم فَيكون سَببا للتلف وَأجِيب عَنهُ بَان الْمُعْتَرض يَقُول على النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا لم يقل فَإِنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يقل أَكثر من قَوْله ابردوها بِالْمَاءِ وَلم يبين صفته وحالته والاطباء يسلمُونَ ان الْحمى الصفراوية يدبر صَاحبهَا بسقي المَاء الْبَارِد الشَّديد الْبرد وَقد يسقونه الثَّلج ويغسلون اطرافه بِالْمَاءِ الْبَارِد فَلَا يبعد انه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرَادَ هَذَا النَّوْع من الْحمى انْتهى وَقَالَ القَاضِي انه على ظَاهره وعمومه قَالَ وَلَوْلَا تجربة أَسمَاء وَالْمُسْلِمين لمنفعته لما استعملوه (فَخر) قَوْله [3475] الْحمى كير هُوَ بِالْكَسْرِ كير الْحداد هُوَ الْمَبْنِيّ من الطين وَقيل زق ينْفخ بِهِ النَّار والمبني من الطين الكور إنْجَاح الْحَاجة قَوْله [3477] عَلَيْك يَا مُحَمَّد بالحجامة والسر فِيهِ سوى مَا عرفُوا ان الدَّم مركب من القوى النفسانية الحائلة من الترقي الى ملكوت السَّمَاوَات وبغلبته يزْدَاد جماع النَّفس فَإِذا نزف يُورثهَا خضوعا وَبِه يَنْقَطِع الادخنة من النَّفس الامارة طيبي قَوْله [3480] حسبت انه كَانَ اخاها من الرضَاعَة قلت وان لم يكن محرما فَنظر الطَّبِيب الى مَوضِع الدَّاء جَائِز وبغض الْبَصَر مَا اسْتَطَاعَ (إنْجَاح) قَوْله

[3481] بلحى جمل هُوَ مَوضِع بَين الْحَرَمَيْنِ والى الْمَدِينَة أقرب إنْجَاح الْحَاجة بَقِيَّة صفحة 247 وَقَوله اليه شَاة اعرابية الخ قَالَ الْمُوفق هَذِه المعالجة تصلح للعراب وَالَّذين يعرض لَهُم هَذَا الْمَرَض من يبس وَقد ينفع مَا كَانَ من مَادَّة غَلِيظَة لزجة بالانضاج والاسهال فَإِن الالية تنضج وتلين وتسهل وَقصد بِالشَّاة الاعرابية قلَّة فضولها ولطف شحومها ورعيها اعشاب الْبر الحارة الملطفة كالشيح والقيصوم وأمثال ذَلِك مِصْبَاح الزجاجة [3482] بحجامة الاخذعين هما عرقان فِي جَانِبي الْعُنُق والكاهل مَا بَين الْكَتِفَيْنِ (إنْجَاح) قَوْله [3485] من وثىء هُوَ مَهْمُوز اللَّام قَالَ فِي الْقَامُوس الوثيء والوثئة وصم يُصِيب اللَّحْم لَا يبلغ الْعظم أَو توجع فِي الْعظم بِلَا كسر أَو هُوَ الفك انْتهى (إنْجَاح) قَوْله [3486] وَلَا يتبيغ بأحدكم التبيغ غَلَبَة الدَّم تبيغ بِهِ الدَّم إِذا تردد فِيهِ وتبيغ المَاء إِذا تردد وتحير فِي مجْرَاه وَيُقَال فِيهِ تبوغ بِالْمَاءِ والبيغ ثوران الدَّم نِهَايَة قَوْله وَلَا يبيغ بأحدكم الدَّم بِبِنَاء الْمَجْهُول من التفعيل أَي لَا يهيج فِي الْقَامُوس البيغ بالغين الْمُعْجَمَة ثوران الدَّم ويبيغ بِهِ مَجْهُولا وتبيغ الدَّم أَي هاج وَغلب انْتهى (إنْجَاح) قَوْله [3487] واجعله رَفِيقًا أَي اختره حَال كَونه إِذا الرِّفْق وَلَا تختره حَال كَونه شَيخا أَو صَبيا وَقَوله الْحجامَة على الرِّيق أمثل أَي قبل الْأكل وَالشرب انفع وَأفضل (إنْجَاح) قَوْله واحتجموا يَوْم الْإِثْنَيْنِ والثلثاء هَذَا مُخَالف لحَدِيث أبي دَاوُد عَن كَبْشَة بنت أبي بكرَة ان باها كَانَ ينْهَى أَهله عَن الْحجامَة يَوْم الثلثاء وَيَزْعُم عَن رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ان يَوْم الثلثاء يَوْم الدَّم فِيهِ سَاعَة لَا يرقأ وَالْجمع بَينهمَا انه مَخْصُوص بالسابع عشر من الشَّهْر لما رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن معقل بن يسَار مَرْفُوعا من احْتجم يَوْم الثلثاء لسبع عشرَة من الشَّهْر كَانَ دَوَاء الدَّاء سنة ذكره الْقَارِي إنْجَاح الْحَاجة قَوْله [3489] من اكتوى أَو استرقى الخ قَالَ فِي النِّهَايَة الكي بالنَّار من العلاج الْمَعْرُوف وَمِنْه كوى سعد بن معَاذ الخ وَقد جَاءَ النَّهْي عَن الكي فِي كثير فَقيل لأَنهم كَانُوا يعظمون امْرَهْ ويردن انه يحسم الدَّاء وان ترك بَطل الْعُضْو وَإِبَاحَة لمن جعله سَببا لَا عِلّة فَإِن الله هُوَ يشفيه لَا الكي والدواء وَهَذَا أَمر يكثر فِيهِ مَشْكُوك النَّاس يَقُولُونَ لَو شرب الدَّوَاء لم يمت وَلَو أَقَامَ بِبَلَدِهِ لم يقتل أَو النَّهْي لمن اسْتَعْملهُ على سَبِيل الِاحْتِرَاز من حُدُوث الْمَرَض وَقبل الْحَاجة اليه هُوَ مَكْرُوه وَإِنَّمَا ابيح التَّدَاوِي عِنْد الْحَاجة وَالنَّهْي من قبل التَّوَكُّل كَقَوْلِه هم الَّذين لَا يرقون الخ وَهُوَ دَرَجَة أُخْرَى غير الْجَوَاز انْتهى قلت وَفِي هَذَا الحَدِيث تَصْرِيح على ان الكي والرقية خلاف التَّوَكُّل وان جَازَ قَوْله من اكتوى أَو استرقى أَي ظَانّا انهما ينفعان بِالذَّاتِ ومؤثران بنفسهما والا فقد ابيح استعمالهما على معنى طلب الشِّفَاء والترجي للشر بِمَا يحدث الله تَعَالَى من صنعه فِيهِ فَيكون الكي والدواء والرقية اسبابا لَا عللا أَو المُرَاد من الاسترقاء الرّقية الممنوعة من أَسمَاء الْأَصْنَام والشركيات ياول يدل الحَدِيث على ترك الأولى وَالْأَحَادِيث المجوزة على بَيَان الْجَوَاز وَالْمرَاد من التَّوَكُّل التَّوَكُّل الْكَامِل وَذَلِكَ ان أهل الشّرك كَانُوا يعظمون امرهما ويعدونهما علتين للشفاء (إنْجَاح) قَوْله أَو استرقى يَعْنِي طلب الرّقية والرقية العوذة الَّتِي يرقى بهَا صَاحب افة كالحمى والصرع وَغير ذَلِك وَيُقَال بِالْفَارِسِيَّةِ افسون وَفِي النِّهَايَة ان الْأَحَادِيث فِي الْقسمَيْنِ كَثِيرَة وَالْجمع بَينهمَا ان مَا كَانَ بِغَيْر اللِّسَان الْعَرَبِيّ وَبِغير كَلَام الله تَعَالَى واسمائه وَصِفَاته فِي كتبه الْمنزلَة أَو ان يعْتَقد ان الرّقية نافعة قطعا فيتكل عَلَيْهَا فمكروه وَهُوَ المُرَاد بقوله مَا توكل مَا استرقى وَمَا كَانَ بِخِلَاف ذَلِك فَلَا يكره وَلذَا قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لمن رقى بِالْقُرْآنِ وَأخذ الْأجر من اخذ برقية بَاطِل فقد أخذت برقية حق وَسنة قَوْله اعرضوها على فعرضناها فَقَالَ لَا بَأْس بهَا إِنَّمَا هِيَ مواثيق كَأَنَّهُ خَافَ ان يَقع فِيهَا شَيْء مِمَّا كَانُوا يتلفظون بِهِ ويعتقدونه من الشّرك فِي الْجَاهِلِيَّة وَمَا كَانَ بِغَيْر الْعَرَبِيّ مِمَّا لم يُوقف عَلَيْهِ فَلَا يجوز اسْتِعْمَاله وَأما حَدِيث لَا رقية الا من عين أَو حمة فَمَعْنَاه لَا رقية أولى وانفع من رقييتهما كَمَا يُقَال لَا فَتى الا على رَضِي وَأما حَدِيث لَا يسْتَرقونَ وَلَا يَكْتَوُونَ فَهُوَ صفة الْأَوْلِيَاء المعرضين عَن الْأَسْبَاب وَأما الْعَوام فَرخص لَهُم التَّدَاوِي والمعالجات وَرخّص لَهُم فِي الرّقية انْتهى وَاخْتلف فِي رقية أهل الْكتاب فجوزها الصّديق وكرهها مَالك خوفًا مِمَّا بدلوه والمجوز قَالَ الظَّاهِر عدم تَبْدِيل الرقي إِذْ لَا غَرَض فَهِيَ قَوْله [3490] فَمَا افلحت وَلَا انجحت وَفِي رِوَايَة فَمَا افلحن وَلَا انجحن وَهُوَ بِإِسْقَاط الف الْمُتَكَلّم فِي الْمَوْضِعَيْنِ هَكَذَا ضبطوهما وَذَا جَائِز للتَّخْفِيف (إنْجَاح) قَوْله [3492] وَمَا أدْركْت الخ أَي لَيْسَ منا رجل مشابها بِهِ فِي الدّين والصلاحية وَهَذَا مدح لَهُ مِنْهُ وَالله أعلم (إنْجَاح) قَوْله وَهُوَ جد مُحَمَّد من قبل أمه وَفِي بعض النّسخ من قبل أَبِيه وَهَذَا هُوَ الظَّاهِر لِأَن أَبَا مُحَمَّد هُوَ عبد الرَّحْمَن وَأَبوهُ اِسْعَدْ بن زُرَارَة وَقيل الْأَصَح سعد بن زُرَارَة وَهُوَ جده لِأَبِيهِ فَلَا يبعد ان يكون اِسْعَدْ بن زُرَارَة جده لأمه وَيصِح قَوْله وَهُوَ جد مُحَمَّد من قبل أمه (إنْجَاح) قَوْله يُقَال لَهُ الذبْحَة الذبْحَة كهمزة وعنبة وكسرة وصبرة وَكتاب وغراب وجع فِي الْحلق أَو دم يخنق فَيقْتل كَمَا فِي الْقَامُوس وَهُوَ نوع ردئ من الخناق (إنْجَاح) قَوْله لَا بلغن أَو لابلين بِصِيغَة الْمُتَكَلّم مَعَ النُّون الثَّقِيلَة أَي وَالله لَا بالغن فِي علاجه أقْصَى دَرَجَات العلاج أَو اختبرن حَاله فِي العلاج وَقَوله فِي أبي امامة عذرا هُوَ كنية اِسْعَدْ بن زُرَارَة عذرا مفعول لابلغن وَحَاصِله ابالغ فِي علاجه حَتَّى ابلغ عذرا من جَانِبي بِحَيْثُ لَا يبْقى لَاحَدَّ فِي ذَلِك موقع كَلَام ومقال ان لَا عالجتموه حق علاجه (إنْجَاح) قَوْله ميتَة سوء بِفَتْح السِّين وضمة أَي مَاتَ ميتَة تسوئنا لِأَن الْيَهُود يَقُولُونَ أَفلا دفع النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَن صَاحبه الْمَوْت ثمَّ بَين ان قَوْلهم هَذَا من السفاهة والجهالة لِأَنِّي لَا املك لَهُ وَلَا لنَفْسي ضرا وَلَا نفعا وَالله اعْلَم (إنْجَاح) قَوْله

[3493] فكواه على اكحله الاكحل عرق فِي وسط الْيَد مَعْرُوف يُقَال لَهُ نهرة الحيوة ونهر الْبدن وبالفارسية بفت اندام (إنْجَاح) [3495] عَلَيْكُم بالأثمد أَي الزموا عَلَيْكُم بالكحل الْأَصْفَهَانِي ويجئ طَريقَة الِاسْتِعْمَال فِي رِوَايَة أُخْرَى وفضيلتها ونفعها لَا يحد وَلَا يُحْصى (إنْجَاح) قَوْله عَلَيْكُم بالأثمد بِكَسْر الْهمزَة وَالْمِيم وَسُكُون الْمُثَلَّثَة بَينهمَا يَقُول عَلَيْكُم بالأثمد عِنْد النّوم روى بن النجار فِي تَارِيخه عَن أبي عمر الزَّاهِد قَالَ أَخْبرنِي العطاني قَالَ أَخْبرنِي بعض ندماء المتَوَكل قَالَ قَالَ المتَوَكل الطبيبة الْكَبِير مَا تَقول فِي الْكحل بِاللَّيْلِ قَالَ لَا تقربه فَقَالَ لَهُ لم قَالَ لِأَن الْعين شحمة والكحل حجر فَإِذا خلا الْحجر بالشمة اذابها فَقَالَ لَهُ عَليّ بن الجهم يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ لَا تقبل من هَذَا الْكَافِر مَا قَالَ لِأَن سيدنَا مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يكتحل بِاللَّيْلِ فَقَالَ لَهُ الطَّبِيب انْظُر مَا قلت لِأَن سيدكم صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ لَا ينَام بِاللَّيْلِ عبَادَة وَصَلَاة فَمَا كَانَ الْكحل يضرّهُ فَمن احب ان لَا يضرّهُ الْكحل فَلْيفْعَل كَمَا فعل (إنْجَاح) قَوْله [3498] من اكتحل فليوتر أَي من أَرَادَ الاكتحال فليوتر أَي ثَلَاثًا مُتَوَالِيَة فِي كل عين وَقيل ثَلَاثًا فِي الْيُمْنَى واثنين فِي الْيُسْرَى ليَكُون الْمَجْمُوع وترا والتثليث علم من فعله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انه كَانَت مكحلة يكتحل مِنْهَا كل لَيْلَة ثَلَاثَة فِي هَذِه ثَلَاثَة فِي هَذِه (إنْجَاح) قَوْله من فعل فقد أحسن أَي فعل فعلا حسنا يُثَاب عَلَيْهِ لِأَنَّهُ سنة رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنه تخلق بأخلاق الله تَعَالَى فَإِن الله وتر يحب الْوتر وَهَذَا يدل على اسْتِحْبَاب الابتار فِي الْأُمُور (إنْجَاح) قَوْله [3500] وَلكنه دَاء قَالَ النَّوَوِيّ وَفِيه التَّصْرِيح بِأَنَّهَا لَيست بدواء فَيحرم التَّدَاوِي بهَا لِأَنَّهَا لَيست بدواء فَكَأَنَّهُ يَتَنَاوَلهَا بِلَا سَبَب وَهَذَا هُوَ الصَّحِيح عِنْد أَصْحَابنَا انه يحرم التَّدَاوِي بهَا وَكَذَا يحرم شربهَا وَأما إِذا غص بلقمة وَلم يجد مَا يسيغها بِهِ الا خمل فَيلْزمهُ الا ساغة بهَا لِأَن حُصُول الشِّفَاء بهَا حِينَئِذٍ مَقْطُوع بِهِ بِخِلَاف التَّدَاوِي انْتهى وَقَالَ الْخطابِيّ اسْتعْمل لفظ الدَّاء فِي الْإِثْم كَمَا اسْتَعْملهُ فِي الْعَيْب فِي قَوْله وَأي دَاء اردأ من الْبُخْل فنقلها من أَمر الدُّنْيَا الى أَمر الْآخِرَة وحولها من بَاب الطبيعة الى بَاب الشَّرِيعَة وَهَذَا كَقَوْلِه فِي الرقوب هُوَ الَّذِي لم يمت لَهُ ولد وَمَعْلُوم ان الرقوب فِي كَلَام الْعَرَب هُوَ الَّذِي لَا يعِيش لَهُ ولد وكقولهم فِي الصرعة وَفِي الْمُفلس فَكل هَذَا على معنى ضرب الْمثل وتحويله عَن أَمر الدُّنْيَا وَقَالَ السُّبْكِيّ كلما يَقُول الْأَطِبَّاء وَغَيرهم فِي الْخمر من الْمَنَافِع فَهُوَ شَيْء كَانَ عِنْد شَهَادَة الْقُرْآن بِأَن فِيهَا مَنَافِع للنَّاس قبل تَحْرِيمهَا وَأما بعد نزُول التَّحْرِيم فَإِن الله الْخَالِق لكل شَيْء سلبها الْمَنَافِع جملَة وعَلى هَذَا يدل قَوْله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ان الله لم يَجْعَل شِفَاء أمتِي فِيمَا حرم عَلَيْهَا (مرقاة) قَوْله [3501] خير الدَّوَاء الْقُرْآن كَونه خير الدَّوَاء مُوَافق للتنزيل وننزل من الْقُرْآن مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَة للْمُؤْمِنين بل فِي كل سُورَة وَآيَة شِفَاء وَرَحْمَة مملو ومشحون كَمَا قَالَ الْمخبر الصَّادِق فِي فَضَائِل الْفَاتِحَة انها دَوَاء من كل دَاء على ان فِي كل لفظ وحرف مِنْهُ شِفَاء لكل دَاء ظَاهرا كَانَ أَو بَاطِنا حسيا أَو معنويا تعجز فِي تَحْرِير فضائلها الأقلام والجرأة لبيانه مزلة الاقدام إنْجَاح الْحَاجة قَوْله [3505] ثمَّ ليطرحه أَي الذُّبَاب وَمن ثمَّ ذهب أَبُو حنيفَة ان موت الذُّبَاب لَا يفْسد المَاء إنْجَاح الْحَاجة قَوْله

باب ما عوذ به النبي صلى الله عليه وسلم وما عوذ به الأول بصيغة المبني

[3509] مر عَامر بن ربيعَة هُوَ صَحَابِيّ هَاجر هجرتين وَشهد بَدْرًا وَسَهل بن حنيف هُوَ الْأنْصَارِيّ شهد بَدْرًا وأحدا (إنْجَاح) قَوْله وَلَا جلد مخبأة هِيَ بِمُعْجَمَة فموحدة مَهْمُوز بِاللَّامِ من التفعيل الْجَارِيَة الَّتِي فِي خدرها لم تتَزَوَّج بعد لِأَن صيانتها ابلغ مِمَّن قد تزوجت وجلدها انْعمْ من خبأته فأختبأ أَي سترته فاستتر مَعْطُوف على لم ار مَحْذُوف أَي لم ار جلد غير مخبأة كَجلْد رَأَيْت الْيَوْم وَلَا جلد مخبأة فَقَوله كَالْيَوْمِ صفة يَعْنِي كَانَ جلد سهل لطيفا (إنْجَاح) قَوْله فَمَا لبث ان لبط أَي صرع وَسقط الى الأَرْض من تَأْثِير عين عَامر وَقَوله فَليدع لَهُ بِالْبركَةِ أَي ليقل لَهُ بَارك الله عَلَيْك حَتَّى لَا تُؤثر فِيهِ عُيَيْنَة (إنْجَاح) قَوْله فَأمر عَامر ان يتَوَضَّأ الخ قَالَ النَّوَوِيّ وصف وضوء الْعين عِنْد الْعلمَاء ان يوتى بقدح مَاء وَلَا يوضع الْقدح على الأَرْض فَيَأْخُذ العائن غرفَة فيتمضمض ثمَّ يمجها فِي الْقدح ثمَّ يَأْخُذ مِنْهُ يغسل بِهِ وَجهه ثمَّ يَأْخُذ بِشمَالِهِ مَاء يغسل بِهِ كَفه الْيُمْنَى ثمَّ بِيَمِينِهِ مَاء يغسل بِهِ مرفقه الْأَيْسَر وَلَا يغسل مَا بَين الْمرْفقين وَالْكَفَّيْنِ ثمَّ يغسل قدمه الْيُمْنَى ثمَّ الْيُسْرَى ثمَّ ركبته الْيُمْنَى ثمَّ الْيُسْرَى على الصّفة الْمُتَقَدّمَة وكل ذَلِك فِي الْقدح ثمَّ دَاخل إزَاره وَإِذا اسْتكْمل هَذَا صبه من خَلفه على رَأسه وَهَذَا الْمَعْنى لَا يُمكن تَعْلِيله وَمَعْرِفَة وَجهه إِذْ لَيْسَ فِي قُوَّة الْعقل الِاطِّلَاع على جَمِيع اثار المعلومات ذكره الطَّيِّبِيّ إنْجَاح فاسترقى لَهُم قَالَ نعم قَالَ فِي النِّهَايَة قد تكَرر ذكر الرّقية والرقية العوذة الَّتِي يرقى بهَا صَاحب آفَة كالحمى والصرع وَغير ذَلِك وَفِي آخر لَا يسْتَرقونَ وَلَا يَكْتَوُونَ وَالْأَحَادِيث فِي الْقسمَيْنِ كَثِيره وَالْجمع بَينهمَا ان مَا كَانَ بِغَيْر اللِّسَان الْعَرَبِيّ وَبِغير كَلَام الله تَعَالَى واسمائه وَصِفَاته فِي كتبه الْمنزلَة أَو ان يعْتَقد ان الرقيا نافعة قطعا فيشكل عَلَيْهَا فمكروه وَهُوَ المُرَاد بقوله مَا توكل من استرقي وَمَا كَانَ بِخِلَاف ذَلِك فَلَا يكره وَلذَا قَالَ لمن رقى بِالْقُرْآنِ وَأخذ الْأجر من اخذ برقية بَاطِل فقد أخذت برقية حق وَمِنْه قَوْله اعرضوها على فعرضناها فَقَالَ لَا بَأْس بهَا انما هِيَ مواثيق كَأَنَّهُ خَافَ ان يَقع فِيهَا شَيْء مِمَّا كَانَ يتلفظون بِهِ ويعتقدونه من الشّرك فِي الْجَاهِلِيَّة وَمَا كَانَ بِغَيْر الْعَرَبِيّ مِمَّا لَا يُوقف عَلَيْهِ فَلَا يجوز اسْتِعْمَاله وَأما حَدِيث لَا رقية الا من عين أَو حمة مَعْنَاهُ لَا رقية أولى وانفع كلا فَتى الا على رَضِي وَأما حَدِيث لَا يسْتَرقونَ وَلَا يَكْتَوُونَ فَهُوَ صفة الْأَوْلِيَاء المعرضين عَن الْأَسْبَاب لَا يلتفتون الى شَيْء من العلائق وَتلك دَرَجَة الْخَواص والعوام رخص لَهُم التَّدَاوِي والمعالجات وَمن صَبر على الْبلَاء وانتظر الْفرج من الله بِالدُّعَاءِ كَانَ من جملَة الْخَواص وَمن لم يصبر رخص لَهُ فِي الرّقية والعلاج والدواء الا ترى انه قبل من الصّديق جَمِيع مَاله وَأنكر على آخر فِي مثل بَيْضَة الْحمام ذَهَبا انْتهى قَوْله [3513] لَا رقية الا من عين أَو حمة هُوَ بالخفة السم وَقد يشدد وَيُطلق على ابرة الْعَقْرَب للمجاورة لِأَن السم مِنْهَا يخرج واصله حموا وَحمى كصرد وَالْهَاء عوض عَن لامه المحذوفة كَذَا فِي الْمجمع (إنْجَاح) قَوْله لَا رقية الا من عين اوحمة أَي من ذَوَات السمُوم فِي شرح السّنة لم يرد بِهِ نفي جَوَاز الرّقية من غَيرهمَا بل يجوز الرّقية بِذكر الله تَعَالَى فِي جَمِيع الاوجاع وَمعنى الحَدِيث لَا رقية أولى وانفع من رقيتهما كَمَا يُقَال لَا فَتى الا عَليّ لَا سيف الا ذُو الفقار لِأَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يرقى أَصْحَاب الْمَرَض والاوجاع بالكلمات التامات والايات وَيُمكن ان يكون معنى الحَدِيث وَالله أعلم لَا رقية ضَرُورَة تلجئه من جِهَة إِصَابَة الْعين والحمة فَإِنَّهُمَا مهلكان بِسُرْعَة أَو موقعتان فِي مشقة عَظِيمَة كَذَا فِي المرقات قَوْله [3516] والنملة هُوَ بِفَتْح نون وَسُكُون مِيم قُرُوح تخرج بالجنب وَكَأَنَّهَا سميت نملة لتفشيها وانتشارها (إنْجَاح) قَوْله [3519] عرضت النهشة من الْحَيَّة النهشة فِي الأَصْل اللسعة فِي الْقَامُوس نهشه كمنعه نهشه ولسعه عضه واخذه بأضراسه انْتهى وَالْمرَاد هَهُنَا الرّقية الَّتِي يسترقى بهَا من نهشة الْحَيَّة مجَازًا (إنْجَاح) قَوْله بَاب مَا عوذ بِهِ النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا عوذ بِهِ الأول بِصِيغَة الْمَبْنِيّ للْفَاعِل أَي مَا عوذ النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَيره من الرقى والدعوات والايات وَالثَّانِي بِصِيغَة الْمَبْنِيّ للْمَفْعُول أَي مَا عوذه بِهِ غَيره أَي جِبْرَائِيل السَّلَام حَيْثُ عوذ النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِين اشْتَكَى كَمَا سَيَأْتِي من حَدِيثي أبي سعيد وَأبي هُرَيْرَة (إنْجَاح) قَوْله [3521] تربة ارضنا خبر مُبْتَدأ مَحْذُوف أَي هَذِه تربة ارضنا بريقه بَعْضنَا يدل على انه كَانَ يتفل عِنْد الرّقية قَالَ النَّوَوِيّ معنى الحَدِيث انه اخذ من ريق نَفسه على أُصْبُعه السبابَة ثمَّ وَضعهَا على التُّرَاب فعلق بِهِ شَيْء مِنْهُ ثمَّ مسح بِهِ الْموضع العليل أَو الجريح قَائِلا للْكَلَام الْمَذْكُور فِي حَالَة الْمسْح (إنْجَاح) قَوْله ليشفى سقيمنا مُتَعَلق بِمَحْذُوف أَي قُلْنَا هَذَا القَوْل أَو صنعنَا هَذَا الصَّنِيع ليشفى سقيمنا (إنْجَاح) قَوْله

باب النشرة هو بالضم ضرب من الرقية والعلاج لمن ظن به مس من الجن وسميت

[3522] من شَرّ مَا أجد واحاذر تعوذ من وجع ومكروه هُوَ فِيهِ وَمِمَّا يتَوَقَّع حُصُوله فِي الْمُسْتَقْبل من الْحزن وَالْخَوْف فَإِن الحذر الِاحْتِرَاز عَن مخوف طيبي قَوْله من شَرّ النفاثات أَي السواحر اللَّاتِي ينفثن فِي الْعُقُود وَالْمرَاد فِي الْآيَة بَنَات لبيد الْيَهُود سحرن رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إنْجَاح) قَوْله أعوذ بِكَلِمَات الله التَّامَّة قَالَ الطَّيِّبِيّ هِيَ علمه أَو كَلَامه أَو الْقُرْآن وَقيل أَرَادَ بهَا أسماءه الْحسنى وَكتبه الْمنزلَة لخلوها عَن النَّوَازِل والعوارض بِخِلَاف كَلِمَات النَّاس انْتهى وَقَالَ الْكرْمَانِي أَرَادَ كل كَلِمَاته عُمُوما أَو نَحْو المعوذتين والتامة صفة لَازِمَة إِذْ كل كَلِمَاته تَامَّة أَي لَيْسَ فِي شَيْء من كَلَامه نقص أَو عيب وَقيل أَي النافعة للمتعوذ بهَا وَتَحفظه من الْآفَات وَقَالَ الزَّرْكَشِيّ التَّامَّة الْمُبَارَكَة وتمامها فَضلهَا وبركتها انْتهى قَوْله من كل شَيْطَان وَهَامة الهامة كل ذَات سم يقتل وَجمعه الْهَوَام وَمَا يسم وَلَا يقتل فسامة كالعقرب والزنبور وَقد يَقع الهامة على مَا يدب من الْحَيَوَان وان لم يقتل كَذَا فِي الْجمع إنْجَاح الْحَاجة قَوْله وَمن كل عين لَامة أَي ذَات لمَم واللمم طرف من الْجُنُون يلم بالإنسان أَي يقرب مِنْهُ ويعتريه وَالْأَصْل ملمة لِأَنَّهَا من الممت وَعدل عَنهُ للمزاوجة أَي للمشاكلة هَامة وتامة كَذَا فِي الدّرّ النثير (إنْجَاح) [3526] من شَرّ عرق نعار بِفَتْح النُّون وَتَشْديد الْعين الْمُهْملَة أَي الممتلي من الدَّم يُقَال نعر الْعرق إِذا فار مِنْهُ الدَّم واليعار كغراب صَوت الْغنم أَو الْمعز والشديد من اصوات الشَّاء فَكَأَنَّهُ أَرَادَ من الْعرق الصوات الْبَاغِي والطاغي وَالله أعلم إنْجَاح الْحَاجة قَوْله من شَرّ عرق نعار هُوَ بِفَتْح النُّون وَتَشْديد الْعين من نعر الْعرق بِالدَّمِ إِذا ارْتَفع وَعلا ويعار بِضَم الْيَاء التَّحْتِيَّة وَفتح الْعين وَتَشْديد الرَّاء من العرارة وَهِي الشدَّة وَسُوء الْخلق وَمِنْه إِذا استعر عَلَيْكُم شَيْء من الْغنم أَي ند واستعصى وَأما يعار فَلم نجد لَهُ فِي كتب اللُّغَة معنى يُنَاسب هَذَا الْمقَام (فَخر) قَوْله [3528] كَانَ ينفث فِي الرّقية أَي كَانَ يقْرَأ المعوذات ثمَّ ينفث علىالمريض أَو على نَفسه كَمَا بَينه الحَدِيث الَّاتِي (إنْجَاح) قَوْله [3530] ترقى من الْحمرَة أَي الْحمرَة تعلو الْجَسَد من الْمَرَض (إنْجَاح) قَوْله ان الرقى والتمائم والتولة الخ التمائم جمع تَمِيمَة وَهِي التعويذة ألْقى تعلق بِالصَّبِيِّ وَقيل هِيَ خزرات كَانَت الْعَرَب تعلق على الصَّبِي لدفع الْعين بزعمهم وَهُوَ بَاطِل ثمَّ اتسعوا فِيهَا حَتَّى سموا بهَا كل عوذة والتولة بِكَسْر التَّاء وتضم وَفتح الْوَاو نوع منالسحر وَقيل هِيَ مَا يحبب الْمَرْأَة الى زَوجهَا ذكره الطَّيِّبِيّ أَو خيط يقْرَأ فِيهِ من السحر للمحبة أَو غَيرهَا وَهَذِه الْأَشْيَاء كلهَا بَاطِلَة لابطال الشَّرْع إِيَّاهَا لِأَن اتحاذها يدل على اعْتِقَاد تأثيرها وَهُوَ يُفْضِي الى الشّرك ذكره الْقَارِي (إنْجَاح) قَوْله قَالَ هَذِه من الواهنة قَالَ فِي مجمع الْبحار هِيَ عرق يَأْخُذ فِي الْمنْكب وَفِي الْيَد كلهَا فترقى مِنْهَا وَقيل هُوَ مرض يَأْخُذ فِي الْعَضُد أَو رُبمَا علق عَلَيْهَا جنس من الخزر يُقَال لَهَا خزر الواهنة وَهِي تَأْخُذ الرِّجَال دون النِّسَاء وَإِنَّمَا نهى عَنْهَا لِأَنَّهُ اتخذها على انها تعصمه من الالم كالتمائم الْمنْهِي عَنْهَا (إنْجَاح) قَوْله بَاب النشرة هُوَ بِالضَّمِّ ضرب من الرّقية والعلاج لمن ظن بِهِ مس من الْجِنّ وَسميت نشرة لأَنهم كَانُوا يرَوْنَ انه ينشر بهَا عَنهُ مَا خامره من الدَّاء أَي تكشف عقلا لَيْسَ كعقول النَّاس أَي بل هُوَ اعقل مِنْهُم إنْجَاح الْحَاجة قَوْله [3534] ذِي الطفيتين وَهِي حَيَّة خبيثة على ظهرهَا خطان اسودان والطفية بِالضَّمِّ خوصَة الْمقل أَي ورقة وَجَمعهَا طفى شبه الخطان بِهِ (إنْجَاح) قَوْله [3536] يُعجبهُ الفأل الْحسن الفأل بِالْهَمْزَةِ فِيمَا يسر ويسؤو الطَّيرَة فِيمَا يسوء الا نَادرا تفالت بِهِ وتفالت على التَّخْفِيف وَالْقلب وَقد اولع النَّاس بترك همزَة تَخْفِيفًا والطيرة بِكَسْر طاء وَفتح يَاء وَقد تسكن التشاؤم لشَيْء وَهُوَ مصدر تطير طيرة كتخير خيرة وَلم يجِئ من الْمصدر هَكَذَا غَيرهمَا وَأَصله التطير بالوافح والسوارغ من الطير والظباء وَغَيرهمَا وَأَنَّهُمْ كَانُوا ينفرون الظباء والطيور فَإِذا أخذت ذَات الْيَمين يتْركُوا وَهُوَ السانح وان أخذت ذَات الشمَال تشَاء مرا وَهُوَ البارح وَكَانَ يصدهم عَن مقاصدهم فنفاه الشَّرْع وَنَهَاهُ عَنهُ وَأخْبر ان لَا تَأْثِير لَهُ فِي جلب نفع أَو دفع ضَرَر والتفاؤل مثلا ان يسمع العليل الْمَرِيض أَو طَالب الضَّالة يَا سَالم أَو يَا وَاجِد فَظن بُرْؤُهُ ووجدان مَطْلُوبه وَقد جَاءَت الطَّيرَة بِمَعْنى الْجِنْس والفأل بِمَعْنى النَّوْع وَمِنْه اصدق الطَّيرَة أَو أحْسنهَا أَو خَيرهَا الفأل وَإِنَّمَا احب الفأل لِأَن النَّاس إِذا املوا فَوَائِد الله ورجوا عوائده عِنْد كل سَبَب ضَعِيف أَو قوى فهم على خير وان غلطوا فِي جِهَة الرَّجَاء فَإِن الرَّجَاء لَهُم خير وَإِذا قطعُوا املهم وَرَجَاءَهُمْ من الله كَانَ ذَلِك من الشَّرّ فالطيرة فِيهَا سوء الظَّن بِاللَّه تَعَالَى وتوقع الْبلَاء هَذَا ملتقط من مجمع الْبحار قَالَ القَاضِي لَا يجوز الْعَمَل بالطيرة وَهُوَ التفاؤل بالطير والتشاؤم بهَا كَانُوا يجْعَلُونَ الْعبْرَة فِي ذَلِك تَارَة بالأسماء وَتارَة بالأصوات وَتارَة بالسنوح والبروح وَكَانُوا يهيجونها من اماكنها لذَلِك ثمَّ البارح هُوَ الَّذِي يمر من ميامنك الى مياسرك والسانح عكس ذَلِك انْتهى (إنْجَاح) قَوْله

[3537] لَا عدوى الخ الْعَدْوى اسْم من الْأَعْدَاء كالبقوى من الابقاء اعداه الدَّاء بَان يُصِيبهُ مثل مَا بِصَاحِب الدَّاء وَهَهُنَا مُجَاوزَة الْعلَّة من صَاحبهَا الى غَيره وَذَلِكَ على مَا ذهب اليه المطببة وَقد اخْتلف الْعلمَاء فِي تَأْوِيل هَذَا مِنْهُم من يَقُول ان المُرَاد مِنْهُ نفي ذَلِك وابطاله على مَا يدل عَلَيْهِ ظَاهر الحَدِيث وَمِنْهُم من يرى انه لم يرد ابطاله كَمَا يدل عَلَيْهِ قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام فر من المجذوم الحَدِيث وَإِنَّمَا أَرَادَ بذلك نفي مَا اعتقدوا ان الْعِلَل الردية مُؤثرَة لَا محَالة فاعلمهم انه لَيْسَ كَذَلِك بل هُوَ مُتَعَلق بالمشية ان شَاءَ كَانَ وان لم يَشَأْ لم يكن وَيُشِير الى هَذَا الْمَعْنى قَوْله فَمن اعدى الأول وَبَين بقوله فر من المجذوم ان مداناة ذَلِك من أَسبَاب الْعلَّة خلقَة فالاتقاء مِنْهُ كاتقائه من الْجِدَار المائل كَذَا قَالَ الطَّيِّبِيّ (إنْجَاح) وَمَا منا أحد الا ان يعرض لَهُ الْوَهم من قبل الطَّيرَة فَلم يُصَرح بذلك الْحَالة الْمَكْرُوهَة وَلَكِن الله يذهب ذَلِك الْمَكْرُوه بالتوكل عَلَيْهِ ذكره السَّيِّد جمال الدّين وَفِي الْمجمع وَمعنى يذهبه بالتوكل مِنْهُ إِذا خطر لَهُ عَارض التطير فتوكل عَلَيْهِ وَسلم عَلَيْهِ وَلَو لم يعْمل بِهِ عقوله وَحذف الْمُسْتَثْنى لما فِيهِ من سوء حَال فَإِنَّهُم يرَوْنَ مَا يتشاءمون سَببا مؤثرا أَو مُلَاحظَة الْأَسْبَاب شرك خَفِي فَكيف إِذا انْضَمَّ اليه سوء اعْتِقَاد انْتهى قَالَ التِّرْمِذِيّ سَمِعت مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل يَعْنِي البُخَارِيّ يَقُول كَانَ سُلَيْمَان بن حَرْب يَقُول فِي هَذَا الحَدِيث هَذَا عِنْدِي قَول بن مَسْعُود أَي قَوْله وَمَا منا الخ (إنْجَاح) قَوْله وَلَا هَامة بتَخْفِيف الْمِيم أَي اسْم طير يتشاءم بِهِ النَّاس وَهُوَ طير كَبِير يضعف بَصَره بِالنَّهَارِ ويطير بِاللَّيْلِ ويصوت وَيُقَال هُوَ البومة وَقيل كَانَت الْعَرَب تزْعم ان عِظَام الْمَيِّت إِذا بليت تصير هَامة تخرج من الْقَبْر تَتَرَدَّد وَتَأْتِي بأخبار أَهلهَا وَقيل كَانَت تزْعم ان روح الْقَتِيل الَّذِي لَا يدْرك بثأره يصير هَامة فَيَقُول اسقوني اسقوني فَإِذا أدْرك بثاره طارت فَأبْطل صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذِه الادعاء والزعوم (إنْجَاح) قَوْله وَلَا صفر بِفتْحَتَيْنِ كَانَت الْعَرَب تزْعم انه حَيَّة فِي الْبَطن واللدغ الَّذِي يجده الْإِنْسَان عِنْد الْجُوع من عضه وَقيل هُوَ الشَّهْر الْمَعْرُوف كَانُوا يتشاءمون بِدُخُولِهِ ويزعمون ان فِيهِ يكثر الدَّوَاهِي والفتن وَقيل أَرَادَ بِهِ النسيء فَإِن أهل الْجَاهِلِيَّة يحلونه عَاما ويحرمونه عَاما ويجعلون الْمحرم صفرا ويجعلون صفرا من اشهر الْحرم قَالَ جلّ ذكره إِنَّمَا النسيئ زِيَادَة فِي الْكفْر الْآيَة فَأبْطل كل هَذِه المزعومات ونفاها الشَّارِع (إنْجَاح) قَوْله [3541] لَا يُورد الممرض الخ هَذَا من قبيل حَدِيث فر من المجذوم من ان مداناة مثل هَذِه من الْأَسْبَاب العادية فالاتقاء مِنْهُ كالاتقاء من الْجِدَار المائل الى السُّقُوط (إنْجَاح) قَوْله [3545] قَالَ مطبوب أَي مسحور المشاطة مَا يسْقط من شعر الرَّأْس واللحية عِنْد التسريح بالمشط والجف بِضَم جِيم وَشدَّة فَاء وعَاء طلع النّخل وَهُوَ الغشاء الَّذِي عَلَيْهِ وأضاف الطلعة الى ذكر فَإِن النّخل نَوْعَانِ ذكر وانثى وبير ذِي اروان بِفَتْح الْهمزَة وَضبط بَعضهم ذروان بِفَتْح الذَّال الْمُعْجَمَة وَسُكُون الرَّاء الْمُهْملَة ثمَّ الْوَاو الْمَفْتُوحَة هُوَ بير لبنى زُرَيْق بِالْمَدِينَةِ (إنْجَاح) قَوْله ولكان نخلها الخ قَالَ الْقَارِي قَالَ التوربشتي أَرَادَ بِالنَّخْلِ طلع النّخل وَإِنَّمَا اضافه الى البير لِأَنَّهُ كَانَ مَدْفُونا فِيهَا وَأما تَشْبِيه ذَلِك برؤس الشَّيَاطِين فَلَمَّا صادفوه عَلَيْهِ من الوحشة والنفرة وقبح المنظر وَكَانَت الْعَرَب تعد صور الشَّيَاطِين من أقبح المناظر ذَهَابًا فِي الصُّورَة الى مَا يَقْتَضِيهِ الْمَعْنى انْتهى ثمَّ الْحِكْمَة فِي تَأْثِير السحر فِي الْجِسْم الشريف صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِظْهَار ان السحر حق ثَابت جرت بِهِ السّنة الإلهية وَإِظْهَار صِحَة نبوته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِن السحر لَا يُؤثر فِي السَّاحر كَذَا فِي اللمعات (إنْجَاح) قَوْله كرهت ان أثير على النَّاس شرا أَي افشي عَلَيْهِم لأَنهم إِذا رَأَوْا ذَلِك تعلمُوا مِنْهُ والمصلحة فِي هَذِه الْأُمُور اخفاؤها ثمَّ الْحِكْمَة فِي تَأْثِير السحر فِي جِسْمه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِظْهَار أَن السحر حق ثَابت جرت بِهِ السّنة الإلهية وَإِظْهَار صِحَة نبوته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِن السحر لَا يُؤثر فِي السَّاحر وَكَانَ سحره بعد رُجُوعه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من الْحُدَيْبِيَة فِي ذِي الْحجَّة من السّنة السَّادِسَة وَمُدَّة بَقَائِهِ قيل أَرْبَعُونَ يَوْمًا وَفِي رِوَايَة سِتَّة اشهر وَفِي رِوَايَة سنة وَيجمع بِأَن قوته وغلبته كَانَت أَرْبَعِينَ يَوْمًا وَوُجُود اثاره الى سِتَّة اشهر وَبَقِيَّة بعض بقاياه الى سنة لمعات قَوْله

[3546] لَا يزَال يصيبك كل عَام وجع الخ اخْرُج البُخَارِيّ عَن عَائِشَة قَالَت كَانَ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول من مَرضه الَّذِي مَاتَ فِيهِ يَا عَائِشَة مَا أَزَال أجد الم الطَّعَام الَّذِي اكلته بِخَيْبَر وَهَذَا اوان وجدت انْقِطَاع ابهري من ذَلِك السم والابهر بِفَتْح الْهمزَة وَالْهَاء بَينهمَا مُوَحدَة عرق يتَعَلَّق بِهِ الْقلب فَإِذا انْقَطع مَاتَ صَاحبهَا والسر فِي ذَلِك ان يَنْضَم لَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ النُّبُوَّة دَرَجَة الشَّهَادَة أَيْضا (إنْجَاح) قَوْله من الشَّاة المسمومة الخ قَالَ النَّوَوِيّ والفاعلة للسم الْمَرْأَة الْيَهُودِيَّة وَاسْمهَا زَيْنَب بنت الْحَارِث أُخْت مرحب الْيَهُودِيّ رَأينَا تَسْمِيَتهَا هَذِه فِي مغازي مُوسَى بن عقبَة وَدَلَائِل النُّبُوَّة للبيهقي قَالَ القَاضِي عِيَاض وَاخْتلف الْآثَار وَالْعُلَمَاء هَل قَتلهَا النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أم لَا فَوَقع فِي مُسلم انهم قَالُوا الا نقتلها قَالَ لَا وَمثله عَن أبي هُرَيْرَة وَجَابِر وَعَن جَابر من رِوَايَة أبي سَلمَة انه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَتلهَا وَفِي رِوَايَة بن عَبَّاس انه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَفعهَا الى أَوْلِيَاء بشر بن الْبَراء بن الْمَعْرُور وَكَانَ أكل مِنْهَا فَمَاتَ بهَا فَقَتَلُوهَا وَقَالَ بن سَحْنُون اجْمَعْ أهل الحَدِيث ان رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَتلهَا قَالَ القَاضِي وَجه الْجمع بَين هَذِه الرِّوَايَات انه لم يَقْتُلهَا وَلَا حِين اطلع على سحرها وَقيل لَهُ اقتلها فَقَالَ لَا فَلَمَّا مَاتَ بشر بن الْبَراء من ذَلِك سلمهَا لاوليائه فَقَتَلُوهَا قصاصا فَيصح قَوْلهم لم يَقْتُلهَا أَي فِي الْحَال وَيصِح قَوْلهم قَتلهَا أَي بعد ذَلِك انْتهى قَوْله قَالَ بِهِ لمَم أَي مس من الْجِنّ أَو جُنُون فِي الْقَامُوس واللمم محركة الْجُنُون والملموم الْمَجْنُون واصابته من الْجِنّ مِلَّة أَي مس أَو خبلى انْتهى (إنْجَاح) [3550] فِي خميصة قَالَ فِي النِّهَايَة هِيَ ثوب خَزًّا وصوف معلم وَقيل لَا تسمى خميصة الا ان تكون سَوْدَاء معلمة وَكَانَت من لِبَاس النَّاس قَدِيما وجمعهما خمائص إنْجَاح وزجاجة قَوْله اذْهَبُوا بهَا الى أبي جهم بِفَتْح مُعْجمَة وَكسر مِيم روى انه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اتى بخميصتين فَلبس إِحْدَاهمَا وَبعث بِالْأُخْرَى الى أبي جهم ثمَّ بعث اليه بعد الصَّلَاة الملبوسة وَطلب مِنْهُ الاخر (إنْجَاح) قَوْله بانبجانيته قَالَ الطَّيِّبِيّ الْمَحْفُوظ بِكَسْر الْبَاء الْمُوَحدَة ويروى بِفَتْحِهَا وَهُوَ مَنْسُوب الى منبج الْمَدِينَة الْمَشْهُور وَهِي مَكْسُورَة الْبَاء فتحت فِي النِّسْبَة وابدلت الْمِيم همزَة وَقيل انه مَنْسُوب الى مَوضِع اسْمه انبيجان وَهُوَ أشبه وَالْأول فِيهِ تعسف وَهُوَ كسَاء يتَّخذ من الصُّوف وَله خمل وَلَا علم لَهُ وَهُوَ من ادون الثِّيَاب الغليظة والهمزة فِيهَا زَائِد وَقيل مَنْسُوب الى اذربيجان وَقد حذف بعض حروفها وعرب وَقيل إِنَّمَا أرسل الى أبي جهم لِأَنَّهُ الَّذِي أرسل تِلْكَ الخميصة اليه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَطلب انبجانية فالحكمة فِيهِ ان لَا يتَأَذَّى قلبه بردهَا اليه وَفِيه ايذان بِأَن للصور والاشياء الظَّاهِرَة تَأْثِيرا فِي النُّفُوس الظَّاهِرَة والقلوب الزاكية (إنْجَاح) قَوْله [3551] تَدعِي الملبدة قَالَ الْعلمَاء الملبد بِفَتْح الْبَاء وَهُوَ المرقع يُقَال لبدت الْقَمِيص الملبدة بِالتَّخْفِيفِ فيهمَا لبدته والبدته بِالتَّشْدِيدِ وَقيل هُوَ الَّذِي ثخن وَسطه حَتَّى صَار كاللبد وَقَالَ الشَّيْخ فِي اللمعات وَفِي هَذَا الحَدِيث وَأَمْثَاله بَيَان مَا كَانَ صلوَات الله وَسَلَامه عَلَيْهِ من الزهادة فِي الدُّنْيَا والاعراض من متاعها وَقد جَاءَ فِي بعض الرِّوَايَات انه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد لبس فِي بعض الاحيان أحسن الملابس واعلاها اما بَيَانا للْجُوَاز وابتلا فالقلب مهديها أَو رفعا للتكلف حِين حضر ذَلِك وَالْأَكْثَر انه حِين لبس الاحسن وهبه فِي سَاعَة والبسه غَيره وَتَحْقِيق الْمقَام ان الْأَحَادِيث كَمَا وَردت فِي بَاب فَضِيلَة الزّهْد وَترك التنعم فِي ملاذ الدُّنْيَا وملابسها ومتاعها وَالتَّرْغِيب والتحريص عَلَيْهِ كَذَلِك وَقعت فِي شَأْن التجمل والزينة إِظْهَارًا للنعمة والغنى وتركا للتكلف وَالْمُعْتَبر فِي ذلكالقصد وَالنِّيَّة فَترك التجمل وَلبس ادون الثِّيَاب ان كَانَ للبخل والخسة وَإِظْهَار الْفقر والتزهد والطمع فِي أَيدي النَّاس ومرائيا بهم فَهُوَ مَذْمُوم وعَلى قصد الزّهْد والتواضع والايثار مَحْمُود وَكَذَلِكَ التزين والتجمل والترفع وَلبس افخر الملابس ان كَانَ على وَجه التكبر وَالْخُيَلَاء والتفاخر والبطر والاسراف فَهُوَ قَبِيح وَحرَام وان كَانَ لإِظْهَار النِّعْمَة والغناء أَو التعفف وَستر الْحَال فَهُوَ حسن وَهَذَا هُوَ القَوْل الفيصل انْتهى مُخْتَصرا قَوْله [3552] فِي شملة الخ الشملة مَا يشْتَمل بِهِ فَهُوَ أَعم من الْبردَة وَقد عقد عَلَيْهَا إِشَارَة الى صغرها (إنْجَاح) قَوْله [3554] وَلَا يطوى لَهُ ثوب اما لِأَنَّهُ كَانَ يُعْطِيهِ غَيره وَلَا يدّخر أَو الْمَعْنى انه كَانَ يخْدم نَفسه الشَّرِيفَة وَلَا يكل الى غَيره (إنْجَاح) قَوْله فجَاء فلَان بن فلَان هُوَ عبد الرَّحْمَن بن عَوْف وَقَوله [3555] فَكَانَت كَفنه يَوْم مَاتَ وَفِيه التَّبَرُّك بآثار الصَّالِحين حَيا وَمَيتًا (إنْجَاح) قَوْله

باب لبس الصوف قال بن بطال كره مالك لبس الصوف لمن يجد غيره أيضا لما فيه

[3559] فاشتمال الصماء الخ قَالَ النَّوَوِيّ وَأما اشْتِمَال الصماء بِالْمدِّ فَقَالَ الْأَصْمَعِي هُوَ ان يشْتَمل بِالثَّوْبِ حَتَّى يُجَلل بِهِ جسده لَا يرفع مِنْهُ جانبا فَلَا يبْقى مَا يخرج مِنْهُ يَده وَهَذَا يَقُوله أَكثر أهل اللُّغَة قَالَ بن قُتَيْبَة سميت صماء لِأَنَّهَا سد المنافذ كلهَا كالصخرة الصماء الَّتِي لَيْسَ فِيهَا خرق وَلَا صدع قَالَ أَبُو عبيد وَأما الْفُقَهَاء فَيَقُولُونَ هُوَ ان يشْتَمل بِثَوْب لَيْسَ عَلَيْهِ غَيره ثمَّ يرفعهُ من أحد جانبيه فيضعه على أحد مَنْكِبَيْه قَالَ الْعلمَاء فعلى تَفْسِير أهل اللُّغَة يكره الاشتمال الْمَذْكُور لِئَلَّا تعرض لَهُ حَاجَة من دفع بعض الْهَوَام وَنَحْوهَا أَو غير ذَلِك فيعسر عَلَيْهِ أَو يتَعَذَّر فيلحقه الضَّرَر وعَلى تَفْسِير الْفُقَهَاء يحرم الاشتمال الْمَذْكُور ان انْكَشَفَ بِهِ بعض الْعَوْرَة والا فَيكْرَه واما الاحتباء بِالْمدِّ فَهُوَ ان يقْعد الْإِنْسَان على التييه وَينصب سَاقيه ويحتوي عَلَيْهِمَا بِثَوْب أَو نَحوه أَو بِيَدِهِ وَهَذِه الْقعدَة يُقَال لَهَا الحيوة بِضَم الْحَاء وَكسرهَا وَكَانَ هَذَا الاحتباء عَادَة للْعَرَب فِي مجَالِسهمْ فَإِن انْكَشَفَ مَعَه شَيْء من عَوْرَته فَهُوَ حرَام وَالله أعلم انْتهى قَوْله فاشتمال الصماء بِمُهْملَة وَشد مِيم وَمد هُوَ ان يتجلل الرجل بِثَوْب وَلَا يرفع مِنْهُ جَانبهَا ويشد على يَدَيْهِ وَرجلَيْهِ المنافذ كلهَا كالصخرة الصماء الَّتِي لَيْسَ فِيهَا خرق وَلَا صدع وَيَقُول الْفُقَهَاء هُوَ ان يتغطى بِثَوْب وَاحِد لَيْسَ عَلَيْهِ عتيرة فيرفعه من أحد جانبيه فيضعه على مَنْكِبَيْه فتنكشف عَوْرَته وَيكرهُ على الأول لِئَلَّا يعرض لَهُ حَاجَة من دفع بعض الْهَوَام أَو غَيره فيتعذر عَلَيْهِ أَو يعسر وَيحرم على الثَّانِي ان انْكَشَفَ بعض عَوْرَته والا يكره والاحتباء الاشتمال أَو الْجمع بَين ظَهره وساقيه بعمامة وَنَحْوهَا (إنْجَاح) بَاب لبس الصُّوف قَالَ بن بطال كره مَالك لبس الصُّوف لمن يجد غَيره أَيْضا لما فِيهِ من الشُّهْرَة بالزهد لِأَن خَفَاء الْعَمَل أولى وَقَالَ وَلم ينْحَصر التَّوَاضُع فِي لبسه بل فِي الْقطن وَغَيره مَا هُوَ بِدُونِ ثمنه كَذَا فِي الْفَتْح الْبَارِي قَوْله [3567] فَإِنَّهَا اطهر واطيب قيل لبَقَائه على اللَّوْن الَّذِي خلقه الله عَلَيْهِ كَمَا أَشَارَ اليه سُبْحَانَهُ بقوله فطْرَة الله الَّتِي فطر النَّاس عَلَيْهَا لَا تَبْدِيل لخلق الله وَهَذَا الْمَعْنى هُوَ الْمُنَاسب جدا لاقترانه بقوله وكفنوا فِيهَا مَوْتَاكُم كَمَا فِي رِوَايَة فَفِيهِ إِيمَاء الى انهم يَنْبَغِي ان يرجِعوا الى الله جَمِيعًا حَيا وَمَيتًا بالفطرة الْأَصْلِيَّة المشبهة بالبياض وَهُوَ التَّوْحِيد الْجبلي بِحَيْثُ لَو خلى وطبعه لاختاره من غير نظر الى دَلِيل عَقْلِي أَو نقلي وَإِنَّمَا يُغَيِّرهُ الْعَوَارِض (مرقاة) قَوْله يجر سيره السّير بِالْفَتْح مَا يقد من الْجلد والسيراء كعيناء أَي بِكَسْر الأول وَفتح الثَّانِي وَالْمدّ نوع من البرود فِيهِ خطوط صفراء ويخالط حَرِير كَذَا فِي الْقَامُوس (إنْجَاح) قَوْله [3570] من جر إزَاره من الْخُيَلَاء الخ أَي تخيلا وتكبرا أَو تبخترا والبطر وَالْكبر والزهو والتبختر كلهَا أَلْفَاظ مُتَقَارِبَة وَالْمرَاد من النّظر نظر الرَّحْمَة ثمَّ الإسبال يكون فِي الْإِزَار والقميص والعمامة كَمَا فِي رِوَايَة أبي دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَلَا يجوز الإسبال الى مَا تَحت الْكَعْبَيْنِ ان كَانَ للخيلاء فقد نَص عَلَيْهِ الشَّافِعِي وَبِغير الْخُيَلَاء منع تَنْزِيه لَا تَحْرِيم ذكره الْقَارِي قلت ان كَانَ من جِهَة ضَرُورَة كَمَا لَا يتماسك الْإِزَار كَمَا كَانَ شَأْن الصّديق فَلَا حرج والا فَلَا يَخْلُو عَن السَّرف قَالَ بن الْعَرَبِيّ لَا يجوز للرجل ان يجر ثَوْبه وَيَقُول لَا أجره خُيَلَاء لِأَن النَّهْي قد تنَاوله لفظا وَيُؤَيِّدهُ مَا أخرجه أَحْمد بن منيع عَن بن عمر مَرْفُوعا وَإِيَّاك وجر الْإِزَار فَإِن الْإِزَار من المخيلة قلت أول الدَّلِيل على الْمَنْع منع النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّحَابَة مثل بن عمر وَغَيره مَعَ علمه بِأَنَّهُم برَاء عَن المخيلة إنْجَاح الْحَاجة قَوْله لم ينظر الله اليه أَي لَا يرحمه وَلَا ينظر اليه نظر رَحْمَة قَالَ النَّوَوِيّ أعلم ان الإسبال يكون فِي الْإِزَار والقميص والعمامة وَأَنه لَا يجوز اسباله تَحت الْكَعْبَيْنِ ان كَانَ للخيلاء فَإِن كَانَ لغَيْرهَا فَهُوَ مَكْرُوه وظواهر الْأَحَادِيث فِي تقييدها بِالْجَرِّ خُيَلَاء يدل على ان التَّحْرِيم مَخْصُوص بالخيلاء وَهَكَذَا نَص الشَّافِعِي على الْفرق وَأجْمع الْعلمَاء على جَوَاز الإسبال للنِّسَاء فقد صَحَّ عَن النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْإِذْن لَهُنَّ فِي ارخاء ذيولهن ذِرَاعا انْتهى قَوْله فَلَقِيت بن عمر بالبلاط هُوَ بِفَتْح مُوَحدَة وَقيل بِكَسْرِهَا مَوضِع بِالْمَدِينَةِ بَين الْمَسْجِد والسوق وملبط بِالْحِجَارَةِ وَتسَمى أَيْضا بلاطا الأَرْض المستوية الملساء وَالْحِجَارَة الَّتِي تفرش فِي الدَّار وكل ارْض فرشت بهَا أَو بالاجر كَمَا فِي الْقَامُوس (إنْجَاح) قَوْله [3572] عضلة ساقي أَو سَاقه العضلة محركة وكسفينة كل عصيبة مَعهَا لحم غليظ كَذَا فِي الْقَامُوس وعضلة السَّاق هُوَ الْمحل الضخم مِنْهُ (إنْجَاح) قَوْله [3574] لَا تسبل أعلم ان أَكثر مَا يَقع الْجَرّ والاسبال فِي الْإِزَار وَقد ورد فِيهِ وَعِيد شَدِيد حَتَّى انه أَمر لمسبل الْإِزَار بِإِعَادَة الصَّلَاة وَالْوُضُوء وَقد جَاءَ فِي الْأَحَادِيث فِي فَضِيلَة لَيْلَة النّصْف من شعْبَان انه يغْفر فِيهَا الْكل الا اللّعان ومدمن الْخمر ومسبل الْإِزَار وَالتَّحْقِيق ان الإسبال يجرى فِي جَمِيع الثِّيَاب وَيحرم مِمَّا زَاد على قدر الْحَاجة وَمَا ورد بِهِ السّنة فَهُوَ اسبال والتخصيص بالإزار من جِهَة كَثْرَة وُقُوعه لِأَن أَكثر لِبَاس النَّاس فِي زمَان النُّبُوَّة رِدَاء وازار وَقد جَاءَ عَن بن عمر رض قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الإسبال فِي الْإِزَار والقميص من جر مِنْهُمَا شَيْئا خُيَلَاء الحَدِيث وَوَقع فِي حَدِيث آخر عَن بن عمر أَيْضا من ثوبة مُطلقًا ثمَّ الْعَزِيمَة فِي الْإِزَار الى نصف السَّاق وَكَانَ إزَاره صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَذَلِك وَقَالَ ازار الْمُؤمن الى نصف السَّاقَيْن والرخصة فِيهِ الى الْكَعْبَيْنِ فِيمَا أَسْفَل من الْكَعْبَيْنِ فَهُوَ حرَام وَحكم ذيل القباء والقميص كَذَلِك وَالسّنة فِي الاكمام ان يكون الى الرسغين والاسبال فِي الْعِمَامَة بارخاء العذبات زِيَادَة على الْعَادة عدد أَو طولا وغايتها الى نصف الظّهْر وَالزِّيَادَة عَلَيْهِ بِدعَة واسبال محرم وَهَذَا التَّطْوِيل والتوسيع الَّذِي تعارف فِي بعض ديار الْعَرَب من الْحجاز ومصر مُخَالف للسّنة واسراف مُوجب لاضاعة المَال فَمَا كَانَ مِنْهُمَا بطرِيق الْخُيَلَاء فَهُوَ حرَام وَمَا كَانَ بطرِيق الْعرف وَالْعَادَة وَصَارَ شعار الْقَوْم لَا يحرم وان كَانَ الْإِسْرَاف فِيهِ لَا يَخْلُو عَن كَرَاهَة وَحكم للنِّسَاء كَذَلِك لَكِن تسْتَحب من الزِّيَادَة على الرِّجَال قدر الشبر وَرخّص الى ذِرَاع تستر كَذَا جَاءَ فِي حَدِيث أم سَلمَة لمعات قَوْله

[3575] لم يكن ثوب احب الخ قلت لِأَنَّهُ أَي الْقَمِيص اسْتُرْ الْأَعْضَاء وَلِأَنَّهُ أقل مُؤنَة واخف على الْبدن وَلَا بسه أَكثر تواضعا فَإِن قلت مَا روى الشَّيْخَانِ عَن أنس قَالَ كَانَ احب الثِّيَاب الى النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ان يلبسهَا الْحبرَة يدل على اجية الْحبرَة وَحَدِيث الْكتاب يدل على اجية الْقَمِيص فَكيف التَّوْفِيق قلت ان المُرَاد ان الْقَمِيص من جملَة الاحب لَا ان الاجية منحصرة فِيهِ وَالْأولَى ان يُقَال ان اجية الْقَمِيص بِاعْتِبَار الصنع وَبِاعْتِبَار انه اسْتُرْ للاعضاء واجية الْحبرَة بِاعْتِبَار اللَّوْن لِأَنَّهُ رُبمَا يكون خضرًا وَورد انه كَانَ احب الألوان اليه الخضرة أَو بِاعْتِبَار الْجِنْس والحبرة من الْبرد مَا كَانَ موشيا مخططا وَقيل هِيَ نوع من برود الْيمن بخطوط حمر وَرُبمَا تكون بخضر أَو زرق (فَخر) [3576] مَا اغربه بِصِيغَة التَّعَجُّب قلت ذكره الْمزي اخْرُج أَبُو دَاوُد فِي اللبَاس عَن هناد وَالنَّسَائِيّ فِي الزِّينَة عَن مُحَمَّد بن رفيع وَابْن ماجة فِي اللبَاس عَن أبي بكر بن أبي شيبَة ثَلَاثَتهمْ عَن حسن بن عَليّ الْجعْفِيّ فالغربة فِي الْحُسَيْن وَابْن رواد هُوَ عبد الْمجِيد بن عبد الْعَزِيز بن أبي رواد بِفَتْح الرَّاء وَتَشْديد الْوَاو وصدوق يُخطئ وَكَانَ مرجئا وافرط بن حبَان فَقَالَ مَتْرُوك فَزَاد فِي بن أبي رواد الغربة مَعَ الضعْف أَيْضا فَلهَذَا طعن فِيهِ أَبُو بكر وَالله اعْلَم (إنْجَاح) قَوْله [3577] يلبس قَمِيصًا قصير الْيَدَيْنِ أَي قصير الكمين وَكَانَ الى الرسغين كَمَا جَاءَ فِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى وَالْمرَاد من الطول الْقَامَة (إنْجَاح) قَوْله [3588] من لبس الْحَرِير الخ قَالَ القري لبس الْحَرِير الْمَحْض حرَام فِي الْحَرْب وَغَيره وكما يكره فِي حق الْبَالِغ يكره الباس الصّبيان الْمَذْكُور أَيْضا وَيكون الْإِثْم على من البسهم وان كَانَ الثَّوْب سداه غير حَرِير وَلحمَته حَرِير يكره لبسه فِي غير الْحَرْب واما مَا كَانَ سداه حَرِيرًا وَلحمَته غير حَرِير جَازَ لبسه فِي كل حَال عِنْدهم وَقَالَ أَبُو حنيفَة رح لَا بَأْس بافتراش الْحَرِير وَالنَّوْم عَلَيْهَا وَكَذَا الوسائد والمرافق والبسط والستور مِنْهُ إِذا لم يكن فِيهَا تماثيل وَقَالا يكره جَمِيع ذَلِك وَحَاصِله ان النَّهْي مَحْمُول على التَّحْرِيم عِنْدهمَا وَعِنْده على التَّنْزِيه كَانَ الامام مَا حصل لَهُ دَلِيل قَطْعِيّ على كَون النَّهْي للتَّحْرِيم والنصوص فِي تَحْرِيم لبس الْحَرِير لَا يشْتَمل لِأَن الْقعُود على شَيْء لَا يُطلق عَلَيْهِ لبسه فَبِهَذَا حكم على التَّنْزِيه وَهَذَا من ورعه فِي الْفَتْوَى واما عمله بالتقوى فمشهود لَا يخفى انْتهى مُلَخصا قَوْله رأى حلَّة سيراء فِي الْمَشَارِق الْحلَّة ثَوْبَان رِدَاء وازار سميا بذلك لِأَنَّهُ لَا يحل كل وَاحِد مِنْهُمَا على الاخر قَالَ فِي النِّهَايَة سيرا بِكَسْر سين وَفتح يَاء وَمد نوع من البرود يخالطه حَرِير كالسيور فَهُوَ فعلاء من السّير الْقد كَذَا يرْوى بِالصّفةِ وَقيل بِالْإِضَافَة وَشرح بالحرير الصافي بِمَعْنى حلَّة حَرِير انْتهى وَقَوله من لَا خلاق لَهُ الخلاق النَّصِيب قَالَ بن بطال يُرِيد انها لِبَاس الْكفَّار فِي الدُّنْيَا وَمن لَا حَظّ لَهُ فِي الْآخِرَة انْتهى قَوْله

[3592] من وجع كَانَ بهما حكة حكة بِالْجَرِّ بدل من وجع وَفِي رِوَايَة لمُسلم انهما شكوا الْقمل فَرخص لَهما فِي قَمِيص الْحَرِير (إنْجَاح) قَوْله فَدَعَا بالقلمين وَفِي بعض الْحَوَاشِي بالجلمين وَهُوَ المقراض وَقَالَ فِي الْقَامُوس فِي بَيَان مَعَاني الْقَلَم مِنْهَا الجلم بِالتَّحْرِيكِ ثمَّ قَالَ فِي الجلم محركة مَا يجز بِهِ (إنْجَاح) قَوْله بؤسا لعبد الله الخ بؤسا مصدر بئس يبئس كسمع يسمع مَعْنَاهُ الشدَّة والفقر أَي اصابه الله بداهية وَشدَّة هَذَا أَصله والان يسْتَعْمل عِنْد التَّعَجُّب وَلَا يُرَاد مَعْنَاهُ الْحَقِيقِيّ وَهُوَ الدُّعَاء قلت مُعَارضَة الْأَسْمَاء لِابْنِ عمر انما تصح إِذا كَانَ الْعلم أقل من أَرْبَعَة أَصَابِع فَإِنَّهُ قد رخص فِي ذَلِك لَا الْكثير مِنْهُ وَلَعَلَّ بن عمر فعل ذَلِك الْكثير على الْمِقْدَار المجوز فِيهِ فِي الدّرّ عِمَامَة طرازها قدر أَربع أَصَابِع من ابريسم من أَصَابِع عمر رَضِي الله عَنهُ وَذَلِكَ قيس بشبرنا يرخص فِيهِ انْتهى قلت نقل صَاحب الدّرّ هَذَا القَوْل عَن الْقنية وَهُوَ رجل معتزلي وَأكْثر رواياته ضَعِيفَة كَمَا نقل فِي كشف الظنون عَن الْمولى البركلي وَكَانَ طَويلا لَكِن لَا بِهَذَا الْحَد وَهُوَ بَائِن من قَبره لِأَن رِجْلَاهُ اخر جِدَار الشَّرْقِي من حجرَة أم الْمُؤمنِينَ عَائِشَة وَقد خرجت أَيَّام الْوَلِيد تَحت الْجِدَار كَمَا فِي رِوَايَة البُخَارِيّ وَالْعجب انه قدر بأصابع النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ انه فِي رِوَايَة الشَّيْخَيْنِ نهى رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَن لبس الْحَرِير الا هَكَذَا وَرفع رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْوُسْطَى والسبابة وضمهما غَايَة الْأَمر ان رَاوِي الحَدِيث عمر رَضِي الله عَنهُ سامحه الله (إنْجَاح) قَوْله بجبة مَكْفُوفَة الكمين أَي الَّتِي عمل على كميها وجيبها وفرجيها كفاف من حَرِير وكفة كل شَيْء بِالضَّمِّ طرفه أَو حَاشِيَته وكل مستطيل كفة ككفة الثَّوْب وكل مستدير كفة بِالْكَسْرِ ككفة الْمِيزَان كَذَا فِي الْمجمع (إنْجَاح) [3596] بَين الفواطم أَي فَاطِمَة بنت أَسد أم عَليّ رَضِي الله عَنهُ وَفَاطِمَة بنت حَمْزَة وَفَاطِمَة بنت النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إنْجَاح) قَوْله [3599] فِي حلَّة حَمْرَاء الْحلَّة بِضَم ازار ورداء لبرد أَو غَيره وَلَا يكون حلَّة الا من ثَوْبَيْنِ أَو ثوب لَهُ بطانة فِي الدّرّ نَاقِلا عَن المجتي والقهستاني وَشرح النِّهَايَة لأبي المكارم لَا بَأْس بِلبْس الثَّوْب الْأَحْمَر انْتهى وَمفَاده ان الْكَرَاهَة تنزيهية لَكِن صرح فِي التُّحْفَة بِالْحُرْمَةِ فَأفَاد انها تحريمية وَهِي الْمحمل عندنَا عِنْد الْإِطْلَاق قَالَه المُصَنّف رح قلت للشرنبلالي رِسَالَة نقل فِيهَا ثَمَانِيَة أَقْوَال مِنْهَا انها مُسْتَحبّ التهي عبارَة الدّرّ فِي الْمجمع حلَّة حَمْرَاء هِيَ بردَان يمانيان منسوجان بخطوط حمر وسود انْتهى (إنْجَاح) قَوْله [3600] قَمِيصَانِ احمر ان يَعْثرَانِ أَي يزل اقدامهما للصغر والتأويل فِي الحَدِيث بِأَن الباس الصَّغِير الْحَرِير والاحمر جَائِز كَمَا هُوَ مَذْهَب بعض الْأَئِمَّة واما عندنَا فَمَحْمُول على الْجَوَاز وَكَونه قبل النَّهْي بِحَسب الرِّوَايَتَيْنِ (إنْجَاح) قَوْله عَن المفدم بفاء ودال مُهْملَة هُوَ الثَّوْب المشبع حمرَة كَأَنَّهُ الَّذِي لَا يقدر على الزِّيَادَة عَلَيْهِ لتناهي حمرته فَهُوَ كالممتنع من قبُول الصَّبْغ مِصْبَاح الزجاجة للسيوطي قَوْله [3602] وَلَا أَقُول نهاكم الخ انما قَالَ بِحَسب علمه والا فقد صَحَّ عِنْد مُسلم عَن عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ قَالَ رأى رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَليّ ثَوْبَيْنِ معصفرين فَقَالَ لهَذِهِ من ثِيَاب الْكفَّار فَلَا تلبسهما وَفِي رِوَايَة قلت اغسلهما قَالَ بل احرقهما (إنْجَاح) قَوْله [3603] من ثنية اذاخر مَوضِع بَين الْحَرَمَيْنِ مُسَمّى بِجمع اذخر وَقَوله وَعلي ريطة مضرجة بالعصفر فِي الْقَامُوس الريطة بِالْفَتْح كل ملاءة غير ذَات الفقين كلهَا نسج وَاحِد وَقطعَة وَاحِدَة أَو كل ثوب رَقِيق لين كالرائط جمعهَا ريط ورياط ومضرجة بالضاد الْمُعْجَمَة وَالْجِيم أَي مصبوغة بالحمرة من ضرج الثَّوْب صبغه بالحمرة كَذَا فِي الْقَامُوس أَيْضا (إنْجَاح) قَوْله [3604] على عكنه قَالَ فِي الْقَامُوس العكنة بِالضَّمِّ مَا انطوى وتثنى من لحم الْبدن سمنا جمع عُكَن كصرد انْتهى إنْجَاح الْحَاجة للشَّيْخ عبد الْغَنِيّ المجددي الدهلوي قَوْله [3606] من لبس ثوب شهرة الخ أَرَادَ مَا لَا يحل لبسه أَو مَا يقْصد بِهِ التفاخر والتكبر أَو يَتَّخِذهُ المتزهد ليشهر نَفسه بالزهد أَو مَا يلْبسهُ المتفقهة من لبس الْفُقَهَاء وَالْحَال أَنه من السُّفَهَاء وَمَا يشْعر بِهِ المتعبد من عَلامَة السِّيَادَة كَالثَّوْبِ الْأَخْضَر أَو مَا يَتَّخِذهُ الساخر ليجعله ضحكة أَو مَا يرائ بِهِ كِنَايَة بِالثَّوْبِ عَن الْعَمَل وَالثَّانِي أظهر لترتب الباس وَقَوله ثوب مذلة جَزَاء وفَاق فَإِن المعالجة بالضد (إنْجَاح) قَوْله

باب اتخاذ الجمة والذوائب الجمة بالضم مجتمع شعر الرأس وقوله

[3609] أَيّمَا اهاب الخ قَالَ أهل اللُّغَة الاهاب هُوَ الْجلد مُطلقًا وَقيل هُوَ الْجلد قبل الدّباغ فاما بعده فَلَا يُسمى اهابا اسْتدلَّ بِهِ أَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ على انه يطهر بالدباغ جَمِيع جُلُود الْميتَة الا الْخِنْزِير عِنْد أبي حنيفَة وَالْكَلب أَيْضا عِنْد الشَّافِعِي ويطهر بالدباغ ظَاهر الْجلد وباطنه وَلَا فرق بَين مَأْكُول اللَّحْم وَغَيره وَقَالَ أَحْمد فِي اشهر الرِّوَايَتَيْنِ انه لَا يطهر الْجُلُود كلهَا بالدباغ وَهُوَ رِوَايَة عَن مَالك أَيْضا وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ وَإِسْحَاق بن رَاهَوَيْه وَابْن الْمُبَارك يطهر بالدباغ جلد ماكول اللَّحْم فَقَط وَقَالَ مَالك فِي الْمَشْهُور عَنهُ يطهر الْجَمِيع الا انه يطهر ظَاهره دون بَاطِنه فيستعمل فِي اليابسات دون الْمَائِعَات وَقَالَ دَاوُد وَأهل الظَّاهِر انه بطهر الْجَمِيع وَالْكَلب وَالْخِنْزِير ظَاهرا وَبَاطنا وَقَالَ الزُّهْرِيّ ينْتَفع بجلود الْميتَة وان لم تدبغ وَيجوز اسْتِعْمَالهَا فِي اليابسات والمائعات قلت هَذِه الْأَقْوَال كلهَا مَرْدُودَة الا مَا قَالَ أَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ فَإِنَّهُ يدل عَلَيْهِ أَكثر الْأَحَادِيث وَالله أعلم فَخر اتانا كتاب رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ان لَا تنتفعوا الخ قيل هَذَا الحَدِيث نَاسخ للْأَخْبَار الْوَارِدَة فِي الدّباغ لما فِي بعض طرقها اتانا كتاب رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قبل مَوته بِشَهْر وَالْجُمْهُور على خِلَافه لِأَنَّهُ لَا يقادم تِلْكَ الْأَحَادِيث صِحَة واشتهارا ثمَّ ان بن عكيم لم يلق النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنَّمَا حدث عَن حِكَايَة حكى وَلَو ثَبت فحقه ان يحمل على هِيَ الِانْتِفَاع بهَا قبل الدّباغ (إنْجَاح) قَوْله [3614] قبالان القبال بِكَسْر الْقَاف زِمَام النَّعْل وَهُوَ السّير الَّذِي يكون بَين الاصبعين وَالْمعْنَى انه كَانَ لنعله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زمامان يجعلان بَين أَصَابِع الرجلَيْن وَالْمرَاد بالاصبعين الْوُسْطَى وَالَّتِي تَلِيهَا وَفِي الْمجمع أَي كَانَ لكل نعل زمامان يدْخل الْوُسْطَى والابهام فِي قبال والاصابع الْأُخْرَى فِي آخر انْتهى (إنْجَاح) قَوْله نهى رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ان ينتعل الرجل قَائِما قَالَ الْمظهر هَذَا فِيمَا يلْحقهُ التَّعَب فِي لبسه قَائِما كالخفاف وَالنعال الَّتِي تحْتَاج الى شدّ شراكها (إنْجَاح) قَوْله [3620] خُفَّيْنِ ساذجين تَثْنِيَة ساذج بِالذَّالِ الْمُعْجَمَة وَهُوَ مُعرب ساده أَي لَيْسَ عَلَيْهِمَا اعلام من الخيوط وَغَيرهَا للزِّينَة إنْجَاح الْحَاجة قَوْله [3621] ان الْيَهُود وَالنَّصَارَى لَا يصبغون فخالفوهم قَالَ النَّوَوِيّ ومذهبنا اسْتِحْبَاب خضاب الشيب للرجل وَالْمَرْأَة بصفرة أَو حمرَة وَيحرم خضابه بِالسَّوَادِ على الْأَصَح وَقيل يكره كَرَاهَة تَنْزِيه وَالْمُخْتَار التَّحْرِيم بقوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاجْتَنبُوا السوَاد وَقَالَ القَاضِي اخْتلف السّلف من الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ فِي الخضاب وَفِي جنسه فَقَالَ بَعضهم ترك الخضاب أفضل وَرووا حَدِيثا من النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي النَّهْي عَن تغير الشيب وَلِأَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يُغير شَيْبه روى هَذَا عَن عمر وَعلي وَأبي وَآخَرين وَقَالَ آخَرُونَ الخضاب أفضل وخضب جمَاعَة من الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ لاحاديث الْبَاب ثمَّ اخْتلف هَؤُلَاءِ فَكَانَ أَكْثَرهم يخضب بالصفرة مِنْهُم بن عمر وَأَبُو هُرَيْرَة وَآخَرُونَ وروى ذَلِك عَن عَليّ وخضب مِنْهُم بِالْحِنَّاءِ والكتم وَبَعْضهمْ بالزعفران وخضب جمَاعَة بِالسَّوَادِ روى ذَلِك عَن عُثْمَان وَالْحسن وَالْحُسَيْن وَعقبَة بن عَامر وَابْن سِيرِين وَأبي بردة وَآخَرين انْتهى قلت وَأكْثر الْأَحَادِيث تدل على تَحْرِيم الخضاب بِالسَّوَادِ ف قَوْله [3623] مخضوبا بِالْحِنَّاءِ والكتم قلت هَذَا مُخَالف لما فِي رِوَايَة الشَّيْخَيْنِ عَن أنس لَو شِئْت أعد شمطات كن فِي رَأسه فعلت قَالَ وَلم يختضب وتاويله انه كَانَ يسْتَعْمل الطّيب والحناء على الرَّأْس لدفع الصداع فيتغير لَونه وَيحْتَمل انه خضب أَحْيَانًا وَترك مُعظم الْأَوْقَات قَالَ الْقَارِي والاظهر عِنْدِي ان نفي الخضاب مَحْمُول على الرَّأْس واثباته على بعض شعر اللِّحْيَة من الْبيَاض (إنْجَاح) قَوْله مخضوبا بِالْحِنَّاءِ والكتم قَالَ القَاضِي اخْتلف الْعلمَاء هَل خضب النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أم لَا فَمَنعه الْأَكْثَرُونَ بِحَدِيث أنس هَل كَانَ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خضب فَقَالَ لم يبلغ الخضاب رَوَاهُ مُسلم وَهُوَ مَذْهَب مَالك وَقَالَ بَعضهم خضب لحَدِيث أم سَلمَة هَذَا وَلِحَدِيث بن عمر أَنه رأى النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصْبغ بالصفرة وَجمع بَعضهم بَين الْأَحَادِيث بِمَا أَشَارَ اليه فِي حَدِيث أم سَلمَة من كَلَام أنس فِي قَوْله مَا أَدْرِي فِي هَذَا الَّذِي يحدثُونَ الا ان يكون ذَلِك من الطّيب الَّذِي كَانَ يطيب بِهِ شعره لِأَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يسْتَعْمل الطّيب كثيرا وَهُوَ يزِيل سَواد الشّعْر وَقَالَ النَّوَوِيّ وَالْمُخْتَار انه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صبغ فِي وَقت وَتَركه فِي مُعظم الْأَوْقَات فَأخْبر كل بِمَا رآى وَهُوَ صَادِق وَهَذَا التَّأْوِيل كالمتعين فَحَدِيث بن عمر فِي الصَّحِيحَيْنِ وَلَا يُمكن تَركه وَلَا تَأْوِيل لَهُ انْتهى قَوْله [3624] وَكَانَ رَأسه ثغامة وَهِي بِضَم الْمُثَلَّثَة وبالغين الْمُعْجَمَة فِي الْأُصُول المصححة وَقيل بِتَثْلِيث أَوله بنت شَدِيد الْبيَاض زهره أَو ثمره وَأَبُو قُحَافَة بِضَم الْقَاف اسْمه عُثْمَان بن عَامر وَالِد أبي بكر الصّديق رَضِي الله عَنهُ (إنْجَاح) قَوْله [3625] ان أحسن مَا اختضبتم بِهِ لهَذَا السوَاد هَذَا مُخَالف لرِوَايَة جَابر السَّابِقَة وَهُوَ صَحِيح أخرجه مُسلم وَفِي رِوَايَة أبي دَاوُد وَالنَّسَائِيّ عَن بن عَبَّاس عَن النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يكون قوم فِي آخر الزَّمَان يختضبون بِهَذَا السوَاد كحواصل الْحمام لَا يَجدونَ رَائِحَة الْجنَّة وَهَذَا الحَدِيث ضَعِيف لِأَن دفاع السدُوسِي ضَعِيف كَمَا فِي التَّقْرِيب وَعبد الحميد بن صَيْفِي لين الحَدِيث وَمذهب الْجُمْهُور الْمَنْع (إنْجَاح) قَوْله [3626] يصفر لحيته قلت وَفِي رِوَايَة أبي دَاوُد كَانَ يصفر لحيته بالورس والزعفران وَفِي حَدِيث اخر وَكَانَ يصْبغ بهما ثِيَابه حَتَّى عمَامَته قلت هذامشكل من وَجْهَيْن الأول انه لم ينْقل عَنهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انه صبغ شعره كَمَا ذكره صَاحب الْقَامُوس فِي سفر السَّعَادَة وَبِالثَّانِي انه نهى عَن التزعفر للرِّجَال فَلم يرد النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ السَّلَام على عمار بن يَاسر حِين تزعفر كَمَا فِي سنَن أبي دَاوُد وَالظَّاهِر ان هَذَا الْفِعْل مِنْهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ قبل النَّهْي ثمَّ نهى عَنهُ وَلم يبلغ النَّهْي بن عمر فداوم على فعله الأول وَلَو لم يأدل هَذَا التَّأْوِيل يلْزم النّسخ مرَّتَيْنِ لِأَن الْأَشْيَاء كلهَا كَانَت مُبَاحَة فَلَمَّا ثَبت النَّهْي لزم من الْإِجَازَة رفع ذَلِك النَّهْي وَيحْتَمل ان يكون مَخْصُوصًا بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ التزعفر فَظن بن عمر التَّعْمِيم (إنْجَاح) قَوْله عنفقته هِيَ كبعثرة شَعرَات بَين الشّفة السُّفْلى والذقن وَيُسمى بِالْفَارِسِيَّةِ ريش بجيه إنْجَاح الْحَاجة قَوْله بَاب اتِّخَاذ الجمة والذوائب الجمة بِالضَّمِّ مُجْتَمع شعر الرَّأْس وَقَوله

[3631] وَله أَربع غدائر لَعَلَّه فعل ذَلِك لدفع الْغُبَار (إنْجَاح) [3632] ثمَّ فرق بِعَدَد ذَلِك لِأَن إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام كَانَ يفرق رَأسه وَكَانَ نَبينَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَأْمُورا باتباعه عَلَيْهِ السَّلَام (إنْجَاح) قَوْله خلف يافوخ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَي حَيْثُ التقى عظم مقدم الرَّأْس ومؤخره (إنْجَاح) قَوْله ثمَّ اسدل قَالَ أهل اللُّغَة يُقَال سدل يسدل وبضم الدَّال وَكسرهَا قَالَ القَاضِي سدل الشّعْر إرْسَاله وَالْمرَاد بِهِ هَهُنَا عِنْد الْعلمَاء إرْسَاله على الجبين واتخاذه كالقصة يُقَال سدل شعره وثوبه إِذا أرْسلهُ وَلم يضم جوانبه وَأما الْفرق فَهُوَ فرق الشّعْر بعضه من بعض قَالَ الْعلمَاء وَالْفرق سنة لِأَنَّهُ الَّذِي رَجَعَ اليه النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالُوا فَالظَّاهِر انه إِنَّمَا رَجَعَ اليه بِوَحْي لقَوْل انه كَانَ يُوَافق أهل الْكتاب فِيمَا لم يُؤمر بِهِ قَالَ القَاضِي حَتَّى قَالَ بَعضهم نسخ السدل فَلَا يجوز فعله وَلَا اتِّخَاذ الناصية والجمة قَالَ وَيحْتَمل ان المُرَاد جَوَاز الْفرق لَا وُجُوبه وَيحْتَمل ان الْفرق كَانَ بِاجْتِهَاد فِي مُخَالفَة أهل الْكتاب لَا بِوَحْي وَيكون الْفرق مُسْتَحبا وَلِهَذَا اخْتلف السّلف فِيهِ فَفرق مِنْهُم جمَاعَة وَاتخذ اللمة آخَرُونَ وَقد جَاءَ فِي الحَدِيث انه كَانَ للنَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لمة فَإِن انفرقت فرقها والا تَركهَا قَالَ مَالك فرق الرجل احب الى هَذَا كَلَام القَاضِي وَالْحَاصِل ان الصَّحِيح الْمُخْتَار جَوَاز السدل وَالْفرق وان الْفرق أفضل (نووي) قَوْله شعرًا رجلا أَي بَين الجعودة والسبوطة والوفرة من الشّعْر مَا كَانَ الى شحمة الْإِذْن ثمَّ اللمة ثمَّ الجمة (إنْجَاح) قَوْله دون الجمة وَفَوق الوفرة وَكَذَا فِي رِوَايَة أبي دَاوُد وَفِي رِوَايَة التِّرْمِذِيّ فَوق الجمة وَدون الوفرة قَالَ الْحَافِظ زين الدّين الْعِرَاقِيّ وَالْجمع انه قد يُرَاد بقوله دون وَفَوق بِالنِّسْبَةِ الى الْكَثْرَة والقلة وَقد يُرَاد بِهِ بِالنِّسْبَةِ الى مَحل وُصُول الشّعْر فرواية التِّرْمِذِيّ مَحْمُولَة على هَذَا الثَّانِي أَي ان شعره كَانَ فَوق الجمة أَي ارْفَعْ فِي الْمحل وَرِوَايَة أبي دَاوُد وَابْن ماجة مَعْنَاهَا كَانَ شعره فَوق الوفرة أَي أَكثر من الوفرة وَدون الجمة أَي فِي الْكَثْرَة وعَلى هَذَا فَلَا تعَارض فروى كل راو مَا فهمه من الفوق والدون قَالَ أهل اللُّغَة الوفرة مَا بلغ شحمة الْإِذْن والجمة مَا بلغ الْمَنْكِبَيْنِ واللمة الَّتِي المت بالمنكبين (زجاجة) قَوْله فَقَالَ ذُبَاب ذُبَاب بذال مُعْجمَة وموحدتين هُوَ الشَّرّ الدَّائِم وَهُوَ كِنَايَة عَن الشوم والقبح أَي قَبِيح قَبِيح (إنْجَاح) قَوْله [3637] بَاب النَّهْي عَن القزع وَهُوَ فِي الأَصْل قطع السَّحَاب المتفرقة وَتَفْسِيره فِي الحَدِيث من جَانب نَافِع (إنْجَاح) قَوْله [3639] ثمَّ نقش فِيهِ مُحَمَّد رَسُول الله كَانَ ذَلِك ثَلَاثَة اسطر مُحَمَّد سطر وَرَسُول سطر وَالله سطر كَذَا فِي البُخَارِيّ وَالتِّرْمِذِيّ وَجَاء فِي الرِّوَايَة فَكَأَن فِي يَده حَتَّى قبض ثمَّ فِي يَد أبي بكر حَتَّى قبض ثمَّ فِي يَد عمر حَتَّى قبض ثمَّ فِي يَد عُثْمَان فَبَيْنَمَا هُوَ عِنْد بير إِذْ سقط فِي البير فَأمر بهَا فَنُزِحَتْ فَلم يقدر عَلَيْهِ قيل كَانَ فِي خَاتمه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من السِّرّ شَيْء مِمَّا كَانَ فِي خَاتم سُلَيْمَان لِأَنَّهُ لما فقد خَاتم سُلَيْمَان ذهب ملكه وَعُثْمَان لما فقد هَذَا الْخَاتم انْتقصَ هَذَا الْأَمر وَخرج عَلَيْهِ الْخَوَارِج وَكَانَ ذَلِك مبدأ الْفِتْنَة (إنْجَاح) قَوْله وفص حبشِي قيل اصْطنع على صَنِيع أهل الْحَبَش وَقيل أَرَادَ بِهِ سَواد اللَّوْن وَقيل أَرَادَ بِهِ العقيق لِأَنَّهُ يجاء بِهِ من الْحَبَش وان صَحَّ هَذَا التَّأْوِيل فَكَانَ خاتمان لِأَنَّهُ جَاءَ فِي رِوَايَة خَاتمًا من فضَّة فصه مِنْهُ أَي من الْفضة (إنْجَاح) قَوْله

باب المياثر الحمر جمع ميثرة وهي قطيفة كانت النساء تصنع لبعولتهن وكانت

[3642] عَن التَّخَتُّم بِالذَّهَب كَمَا جَاءَ فِي الرِّوَايَة عَن أبي هُرَيْرَة ان رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ من احب ان يحلق حَبِيبه من نَار فليحلقه حَلقَة من ذهب وَمن احب ان يطوق حَبِيبه طوقا من نَار فليطوقه طوقا من ذهب وَمن احب ان يسور حَبِيبه سوارا من نَار فليسوره سوارا من ذهب وَلَكِن عَلَيْكُم بِالْفِضَّةِ فالعبوا بهَا وَفِي الْبَاب عَن أبي مُوسَى وَسَهل بن سعد عِنْد أبي دَاوُد وَأحمد وَغَيرهمَا (إنْجَاح) قَوْله فص حبشِي وَفِي رِوَايَة كَانَ خَاتم رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من فضَّة فصه مِنْهُ أَي من الْفضة فَيحْتَمل ان يكون اثْنَيْنِ فَلَا إِشْكَال وَيحْتَمل ان يكون وَاحِدًا وَالْمرَاد من كَونه حَبَشِيًّا ان يكون على هَيْئَة أهل الْحَبَشَة أَو يكون صانعه حَبَشِيًّا أَو اتى من الْحَبَشَة وَفِي النِّهَايَة يحْتَمل انه أَرَادَ من الْجزع أَو من العقيق لِأَن معدنهما الْيمن أَو الْحَبَشَة أَو نوعا آخر ينْسب إِلَيْهَا انْتهى وَقيل معنى كَون فصه مِنْهُ ان مَوضِع فصه مِنْهُ فَلَا يُنَافِي كَون فصه حجرا قَوْله يَعْنِي الْخِنْصر والابهام هَذَا مُخَالف لما فِي رِوَايَة مُسلم عَن أنس قَالَ كَانَ خَاتم النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذِه وَأَشَارَ الى الْخِنْصر من يَده الْيُسْرَى وَيحْتَمل انه نهى عَن الْجمع بَين الخاتمين أَو كَانَ لعَلي رض عِلّة فَنهى بِسَبَبِهَا (إنْجَاح) [3649] لَا تدخل الْمَلَائِكَة بَيْتا فِيهِ كلب وَلَا تصاوير أَي مِمَّا يحرم اقتناءه من الْكلاب والصور فَلَا يمْنَع كلب الزراع وَالصَّيْد والصور الممتهنة فِي الْبسَاط والوسادة قَالُوا تَصْوِير صُورَة الْحَيَوَان حرَام أَشد التَّحْرِيم سَوَاء فِي ثوب أَو بِسَاط أَو دِرْهَم حَدِيث لعب الْبَنَات بتصور الثِّيَاب مرخص وَقيل مَنْسُوخ ال الطَّيِّبِيّ وَقَالَ الْكرْمَانِي لَا يدْخل الْمَلَائِكَة بَيْتا فِيهِ صُورَة وان كَانَت مِمَّا يمتهن على نَحْو الوسادة وان كَانَت لَا تحرم لكنه يمْنَع الْمَلَائِكَة النازلين للرحمة لَا الْحفظَة وَقيل النَّهْي عَن الصُّورَة مُطلقًا انْتهى قَوْله [3652] فَأَخْبَرته ان زَوجهَا الخ يحْتَمل انها اعتذرت عَن مجيئها بِأَن روجها غَائِب فَلهَذَا جئْتُك لاسئلك هَذِه المسئلة فَمنع عَن تَصْوِير النَّخْلَة فِي الْبَيْت لعدم النَّفْع فِيهِ لِأَنَّهُ يضيق الْبَيْت وَتَركه أولى وَيحْتَمل انها اعتذرت بغيبوبة الزَّوْج عَن عدم النَّفَقَة عِنْدهَا فطلبت الْإِجَازَة فِي تَصْوِير مَالا روح لَهُ لكَي تبيعه وتصيب من حوائجها فَمنعهَا لِأَنَّهُ وان كَانَ جَائِزا لَكِن مَال التَّصْوِير الى اللّعب فَكَانَ تَركه أولى (إنْجَاح) قَوْله [3653] سترت سهوة لي السهوة بِفَتْح السِّين خزانَة فِي الطاق تبنى فِي الْبَيْت لوضع الْمَتَاع ثمَّ التصاوير إِذا كَانَت فِي مَحل المذلة كالفراش والوسادة يجوز اسْتِعْمَالهَا سِيمَا إِذا هتكت وَجعلت مَقْطُوعَة الرَّأْس (إنْجَاح) قَوْله بَاب المياثر الْحمر جمع ميثرة وَهِي قطيفة كَانَت النِّسَاء تصنع لبعولتهن وَكَانَت مخلوطة بالابريسم (إنْجَاح) قَوْله [3655] ينْهَى عَن ركُوب النمور أَي جلودها والنمر حَيَوَان مفترس وَجلده بعد الدبغ وان كَانَ طَاهِرا لَكِن الْجُلُوس عَلَيْهِ من عَادَة المتكبرين وَيحصل بمقارنتها أَخْلَاق سبعية كالغضب والتجبر وَأما قبل الدبغ فالنهي للتَّحْرِيم ثمَّ النَّهْي غير مُخْتَصّ بجلد النمر فَإِنَّهُ ورد فِي رِوَايَة التِّرْمِذِيّ والدارمي نهى عَن جُلُود السبَاع ان تفرش وَكَانَ أَبُو الْمليح يكره ثمن جُلُود السبَاع ذكره صَاحب المشكوة (إنْجَاح) قَوْله اوصى امْرأ بامه الخ اسْتدلَّ بِهِ من قَالَ ان للْأُم ثَلَاثَة أَمْثَال مَا للْأَب من الْيُسْر وَذَلِكَ لصعوبة الْحمل ثمَّ الْوَضع ثمَّ الارضاع وَهَذِه تتفرد بهَا الام ثمَّ تشارك الْأَب فِي التربية كَذَا ذكر السُّيُوطِيّ اخذ ذَلِك من تكْرَار حق الام ثَلَاث مَرَّات وَالظَّاهِر ان يكون التّكْرَار تَأْكِيدًا ومبالغة فِي رِعَايَة حق الام وَذَلِكَ لتهاون أَكثر النَّاس فِي حَقّهَا بِالنِّسْبَةِ الى الْأَب وَالْمَذْكُور فِي كتب الْفِقْه ان حق الْوَالِد أعظم من حق الوالدة وبرها أوجب كَذَا فِي شرعة الْإِسْلَام ذكر الشَّيْخ فِي اللمعات (إنْجَاح) قَوْله [3657] اوصى امْرأ بمولاه الَّذِي يَلِيهِ أَي بصلَة الْمولى وَهُوَ الْمُعْتق بِالْكَسْرِ وَالْمُعتق بِالْفَتْح وَالْمَالِك وَالْعَبْد والصاحب والقريب كَابْن الْعم وَنَحْوه وَالْجَار والحليف وَالِابْن وَالْعم والنزيل وَالشَّرِيك وَابْن الْأُخْت وَالْوَلِيّ والرب والناصر والمنعم والمنعم عَلَيْهِ والمحب وَالتَّابِع والصهر كَذَا فِي الْقَامُوس وكل هَذِه الْمعَانِي يحْتَمل ان يكون مرَادا هَهُنَا سِيمَا الْقَرَابَة الْقَرِيبَة بِقَرِينَة سِيَاقه مَعَ الابوين (إنْجَاح) قَوْله وان كَانَ عَلَيْهِ مِنْهُ أَذَى يُؤْذِيه لِأَن الاذاة توجب المنفرة فَهُوَ تلميح الى قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام صل من قَطعك واعف عَمَّن ظلمك (إنْجَاح) قَوْله [3659] فيشتريه فيعتقه لَيْسَ الْمَعْنى على استيناف الْعتْق فِيهِ بعد الشِّرَاء إِذْ أَجمعُوا انه يعْتق على ابْنه إِذا ملكه فِي الْحَال لَكِن لما كَانَ شِرَاؤُهُ سَببا لعتقه اضيف اليه وَإِنَّمَا كَانَ هَذَا جَزَاء لَهُ لِأَن أفضل مَا ينعم بِهِ إِذا خلصه من الرّقّ وجبر بِهِ نَقصه فِيهِ كَذَا فِي الْمجمع (إنْجَاح) قَوْله القنطار اثْنَا عشر الف أُوقِيَّة الخ كَانَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَشَارَ بِهَذَا الى تَفْسِير اورد فِي بعض الْأَحَادِيث من تَشْبِيه الْكَثْرَة بالقنطار كَمَا فِي حَدِيث أبي دَاوُد عَن عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من قَامَ بِعشر آيَات لم يكْتب من الغافلين وَمن قَامَ بِمِائَة اية كتب من القانتين وَمن قَامَ بِأَلف آيَة كتب من المقنطرين وَهَذَا تَشْبِيه غير المحسوس بالمحسوس فَإِن القنطار وزن وَهَذِه دَرَجَة ثمَّ بَين دَرَجَة اسْتِغْفَار الْوَلَد لِأَبِيهِ وَفِي القنطار تَفْصِيل ذكره صَاحب الْقَامُوس (إنْجَاح) قَوْله [3663] الْوَالِد وسط أَبْوَاب الْجنَّة أَي خَيرهَا واعلاها يَعْنِي مطاوعة الْوَالِد أحسن مَا يتوسل بِهِ الى دُخُولهَا قَوْله فَاصْنَعْ ذَلِك الْبَاب أَو احفظه ظَاهره انه من تَتِمَّة الحَدِيث الْمَرْفُوع وَبَين فِي رِوَايَة الطَّبَرَانِيّ انه مدرج من كَلَام الرَّاوِي (فَخر) قَوْله

[3664] إِذْ جَاءَهُ رجل من بني سَلمَة بِكَسْر اللَّام بطن من الْأَنْصَار وَلَيْسَ فِي الْعَرَب سَلمَة بِكَسْر اللَّام غَيرهم وَفِي رِوَايَة رجل من بني سليم وَقَالَ فِي الْقَامُوس والسلمة كفرحة بن قيس الْجرْمِي وَابْن حَنْظَلَة السحيمي صحابيان وَبَنُو سَلمَة بطن من الْأَنْصَار وَابْن كهلاء فِي بجيلة وَابْن الْحَارِث فِي كِنْدَة وَابْن عَمْرو بن ذهل وَابْن غطفان بن قيس وعميرة بن جفاف بن سَلمَة وَعبد الله بن سَلمَة البدري الاحدى وَعَمْرو بن سَلمَة الْهَمدَانِي وَعبد الله بن سَلمَة الْمرَادِي وَأَخْطَأ الْجَوْهَرِي فِي قَوْله وَلَيْسَ سَلمَة فِي الْعَرَب غير بطن من الْأَنْصَار انْتهى واكرام صديقهما قَالَ النَّوَوِيّ وَفِي هَذَا فضل صلَة اصدقاء الْأَب وَالْإِحْسَان إِلَيْهِم باكرامهم وَهُوَ مُتَضَمّن لبر الْأَب واكرامه لكَونه بِسَبَبِهِ وتلتحق بِهِ اصدقاء الام والاجداد والمشائخ الزَّوْج وَالزَّوْجَة وَقد جَاءَت الْأَحَادِيث فِي اكرامه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خلائل خَدِيجَة انْتهى قَوْله وصلَة الرَّحِم الَّتِي لَا توصل الا بهما أَي يتَعَلَّق بالاب والام فالموصول صفة كاشفة للرحم قَالَ الطَّيِّبِيّ الْمَوْصُول لَيْسَ بِصفة الْمُضَاف اليه بل للمضاف الى الصّفة الموصوفة بِأَنَّهَا خَالِصَة بحقهما ورضاهما لَا لأمر آخر قلت وَيرجع الْمَعْنى الى الأول فَتدبر واما اعْتِبَار خلوص النِّيَّة وَتَصْحِيح الطوية فمعتبر فِي كل قَضِيَّة غير منحصر فِي جزئية مَعَ ان مَا ذكره مُضَاف نَقله عَن الامام فِي الاحياء ان الْعباد امروا بِأَن لَا يعبدوا الا الله وَلَا يُرِيدُوا بطاعتهم غَيره وَكَذَلِكَ من يخْدم أَبَوَيْهِ لَا يَنْبَغِي ان يخْدم لطلب منزلَة عِنْدهمَا الا من حَيْثُ ان رِضَاء الله فِي رِضَاء الْوَالِدين وَلَا يجوز لَهُ ان يرائي بِطَاعَتِهِ لينال بهَا منزلَة عِنْد الْوَالِدين فَإِن ذَلِك مَعْصِيّة فِي الْحَال وسيكشف الله عَن ريائه فَيسْقط مَنْزِلَته من قبلهمَا أَيْضا انْتهى فنقله كَلَام الْحجَّة حجَّة عَلَيْهِ لَا علينا (مرقاة) قَوْله وَصله الرَّحِم الَّتِي الخ فَإِن قلت الرَّحِم لَا يكون الا بِقرَابَة الابوين فماوجه التَّخْصِيص بهما قلت الرَّحِم قد يكون بِسَبَب الرضَاعَة والصهرية والولادة فَإِن الْوَلَد لَا تعلق بابوي أَبِيه الا بِسَبَب أَبِيه فَيكون للتخصيص معنى (إنْجَاح) قَوْله [3666] ان الْوَلَد مَبْخَلَة مَجْبَنَة مفعلة من الْبُخْل والجبن أَي سَبَب لبخل الْأَب وجبنه وَيحمل أَبَوَيْهِ على الْبُخْل وَكَذَلِكَ على الْجُبْن فَإِنَّهُ يتقاعد من الْغَزَوَات والسرايا بِسَبَب حب الْأَوْلَاد ويمسك مَاله لَهُم وَعَن أبي عبد الرَّحْمَن السّلمِيّ الصُّوفِي انه تصدق بِمَا لَهُ كُله حِين ولد لَهُ ولد فَقيل لَهُ فِي ذَلِك فَقَالَ ان كَانَ صَالحا فَهُوَ يتَوَلَّى الصَّالِحين وان كَانَ فَاجِرًا فَلَا اترك لَهُ مَا يَدعُوهُ الى الْفُجُور (إنْجَاح) قَوْله [3667] ابْنَتك مَرْدُودَة إِلَيْك أَي بِسَبَب طَلَاق زَوجهَا أَو وَفَاته (إنْجَاح) قَوْله [3669] فَصَبر عَلَيْهِنَّ أَي لم يجزع بسببهن وَلم يطردهن وَلم يزجرهن عِنْد سوالهن الْحَاجة مِنْهُ (إنْجَاح) قَوْله [3672] من كَانَ يُؤمن بِاللَّه الخ قَالَ الشَّيْخ عز الدّين بن عبد السَّلَام فِيهِ اشكال وَذَلِكَ ان التَّكَلُّم مِنْهُ مَا هُوَ مُبَاح قطعا فَإِن اندرج فِي قَوْله أَو لِيَسْكُت لزم ان يكون مَمْنُوعًا عَنهُ قَالَ اوالجواب انه اندرج فِي قَوْله فَلْيقل خيرا وَيكون الْأَمر اسْتعْمل هَهُنَا بِمَعْنى الْإِذْن الَّذِي هُوَ مُشْتَرك بَين الْمُبَاح وَغَيره بَقِي ان يُقَال يلْزم ان يكون الْمُبَاح خيرا وَالْخَيْر إِنَّمَا يكون فِيمَا يتَرَجَّح مصْلحَته اما مَا لَا مصلحَة فِيهِ فَكيف يكون خيرا وَالْجَوَاب انه أحد المذهبين للْعُلَمَاء ان الْمُبَاح حسن وَخير وَلذَلِك قَالَ تَعَالَى ويجزيهم اجرهم بِأَحْسَن مَا كَانُوا يعْملُونَ مَعَ ان أحسن أَعلَى من الْحسن وَيلْزم ان لَا يجازيهم على الْحسن فَإِن اعتقدنا ان الْمُبَاح حسن استقام الْكَلَام لِأَن الْمُبَاح لايجازيهم عَلَيْهِ مرقاة الصعُود قَوْله [3673] يوصيني بالجار أَي يوصيني بِأَن أَمر الْأمة برعاية حُقُوق الْجَار فَيكون معنى قَوْله انه سيورثه أَي يحكم بتوريث أحد الجارين الاخر وَمن هَذَا لَا يلْزم ان يكون لَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِيرَاث وَلَو سلم ان معنى الْكَلَام يوصيني نَفسِي برعاية حق الْجَار حَتَّى ظَنَنْت انه سيورثه مني فَيكون هَذَا قبل ان يُوحى اليه ان الْأَنْبِيَاء لَا يورثون لما ورد فِي الصَّحِيح أَو المُرَاد كَمَال الْمُبَالغَة فِي ذَلِك حَتَّى انه ظن بالتوريث فِيمَا لَيْسَ فِيهِ فَافْهَم لمعات قَوْله [3675] وجائزته أَي الطَّعَام الْمُكَلف وَهُوَ من إجَازَة كَذَا أَي أعطَاهُ والطفه ووجوبها كَانَت فِي ابْتِدَاء السَّلَام عِنْد الْجُمْهُور ثمَّ من مَكَارِم الْأَخْلَاق وَفِي قَوْله من كَانَ يُؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الاخر إِشَارَة الى ان هَذِه الْخصْلَة من خِصَال الْمُؤمنِينَ وَأول من سنه إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام وَذكر الْعَارِف الجامي فِي النفحات ان القطب الرباني أَبَا مَدين المغربي قيل لَهُ يَا أَبَا مَدين مَالك لَا تحترف قَالَ الضَّيْف إِذا نزل عنْدكُمْ كم حق ضيافته قَالُوا جائزته يَوْم وَلَيْلَة وضيافته ثَلَاثَة أَيَّام قَالَ الله أكبر انا نرحل من الدُّنْيَا وَيبقى لنا على رَبنَا ضيافتنا فان يَوْمًا عِنْد رَبك كالف سنة مِمَّا تَعدونَ فانا جِئْنَا فِي الدُّنْيَا ضيفا على رَبنَا فَيبقى عَلَيْهِ بقيات وَقَوله ان يثوى أَي يُقيم من ثوى يثوى إِذا أَقَامَ وَحَتَّى يحرجه أَي يوقعه فِي الْحَرج والضيق (إنْجَاح) قَوْله وجائزته يَوْم وَلَيْلَة قَالَ فِي النِّهَايَة أَي يُضَاف ثَلَاثَة أَيَّام فيتكلف فِي الْيَوْم الأول مِمَّا اتَّسع لَهُ من بر والطاف وَيقدم فِي الْيَوْم الثَّانِي وَالثَّالِث مَا حَضَره عَادَة ثمَّ يُعْطِيهِ مَا يجوز بِهِ مَسَافَة يَوْم وَلَيْلَة وَتسَمى الجيزة وَهِي قدر مَا يجوز بِهِ من منهل الى منهل فَمَا كَانَ بعد ذَلِك فَهُوَ صَدَقَة مُخَيّر فِيهِ وَكره لَهُ الْمقَام بعده لِئَلَّا يضيق بِهِ اقامته مِصْبَاح الزجاجة قَوْله [3676] فَخُذُوا مِنْهُم الخ هَذَا مَنْسُوخ عِنْد الْجُمْهُور أَو مَشْرُوط على قوم أَي شَرط وَأخذ الامام الْعَهْد عَلَيْهِم بضيافة السَّرَايَا والجيوش إِذا مروا بهم فعلى هَذَا محمله أهل الذِّمَّة (إنْجَاح) قَوْله لَيْلَة الضَّيْف وَاجِبَة أَي ضِيَافَة اللَّيْل الَّتِي نزل الضَّيْف فِيهَا ضَرُورِيَّة طلب الضَّيْف حَقه اولا لِأَنَّهُ يتعب عَلَيْهِ الطَّعَام فِي اللَّيْل وَأما بعد الصُّبْح فَيمكن طلبَهَا الا ان الْحق لم يسْقط عَن ذمَّة أهل الْبَيْت ان شَاءَ الضَّيْف طلب حَقه وان شَاءَ تَركه فَهُوَ كَالدّين (إنْجَاح) قَوْله

[3678] اللَّهُمَّ اني احرج حق الضعيفين أَي اضيقه واحرمه على من ظلمهما من حرج على ظلمك أَي حرمه كَذَا فِي مجمع الْبحار (إنْجَاح) [3679] يَتِيم يساء اليه أَي يُؤْذى بِغَيْر حق وان ضربه أَو زَجره للتأديب والتعليم فَلَيْسَ بِهِ بَأْس (إنْجَاح) قَوْله [3680] شاهرا سَيْفه سالا ومخرجا سَيْفه لقتل الْكفَّار من شهر سَيْفه كمنع وشهرة انتضاه فرفعه على النَّاس ونضا السَّيْف سَله كانتضاه كَذَا فِي الْقَامُوس (إنْجَاح) قَوْله [3681] اعزل الْأَذَى الخ أَي بعده ونح عَن طريقهم شَيْئا مُؤْذِيًا من القذر وَالْحجر وَغَيرهمَا كَمَا ثَبت فِي الرِّوَايَة اماطتك الْحجر والشوك والعظم عَن الطَّرِيق لَك صَدَقَة (إنْجَاح) قَوْله [3686] قد لطتها لابلى من لَاطَ بِهِ يلوط ويليط لوطا وليطا ولياطة إِذا الصق بِهِ ولاذ الْحَوْض أَي طينه وصلحه أَصله الصق الطين وَنَحْوه بِهِ وَمَعْنَاهُ قد اصلحت حياضي لشرب ابلي (إنْجَاح) قَوْله فِي كل ذَات كبد حرى أجر على وزن سكرى من الْحر تَأْنِيث حران يُرِيد انها لشدَّة حرهَا وَقد عطشت ويبست من الْعَطش يَعْنِي فِي سقِِي كل ذِي كبد حرى أجر وَقيل أَرَادَ بِهِ حَيْوَة صَاحبهَا لِأَنَّهُ إِنَّمَا تكون كبده حرى إِذا كَانَ فِيهِ حَيْوَة كَذَا فِي الْمجمع (إنْجَاح) قَوْله [3688] ان الله رَفِيق يحب الرِّفْق الخ الرِّفْق اللطف وَأخذ وَأخذ الْأَمر بِأَحْسَن الْوُجُوه وايسرها اليه رَفِيق أَي لطيف بعباده يُرِيد بهم الْيُسْر لَا الْعسر وَلَا يجوز إِطْلَاقه على الله لِأَنَّهُ لم يتواتر وَلم يسْتَعْمل هُنَا على وَجه التَّسْمِيَة بل تمهيد الْأَمر أَي الرِّفْق الْحَج الاسنباب وانفعها فَلَا يَنْبَغِي الْحِرْص فِي الرزق بل يكل الى الله قَالَ النَّوَوِيّ يجوز تَسْمِيَة الله بالرفيع وَغَيره مِمَّا ورد فِي خبر الْوَاحِد على الصَّحِيح وَاخْتلف أهل الْأُصُول فِي التَّسْمِيَة بِخَبَر الْوَاحِد طيبي قَوْله [3690] إخْوَانكُمْ جعلهم الله الخ أَي مِمَّا ليككم إخْوَانكُمْ اما بِاعْتِبَار الْخلقَة أَو من جِهَة الدّين فاطعموهم قَالَ النَّوَوِيّ وَالْأَمر باطعامهم مِمَّا يَأْكُل السَّيِّد والباسهم مِمَّا يلبس مَحْمُول على الِاسْتِحْبَاب لَا على الْإِيجَاب وَهَذَا بِإِجْمَاع الْمُسلمين واما فعل أبي ذَر فِي كسْوَة غُلَامه مثل كسوته فَعمل بالمستحب وَإِنَّمَا يجب على السَّيِّد نَفَقَة الْمَمْلُوك وَكسوته بِالْمَعْرُوفِ بِحَسب الْبلدَانِ والاشخاص سَوَاء كَانَ من جنس نَفَقَة السَّيِّد ولباسه أَو دونه أَو فَوْقه حَتَّى لَو قتر السَّيِّد على نَفسه تقتيرا خَارِجا عَن عَادَة أَمْثَاله اما زهدا وَإِمَّا شحا لَا يحل لَهُ التقتير على الْمَمْلُوك والزامه مُوَافقَة الا بِرِضَاهُ انْتهى وَقَالَ مُحي السّنة وهذاخطاب مَعَ الْعَرَب الَّذين لِبَاس عامتهم وطعامهم مُتَقَارِبَة يَأْكُلُون وَيلبسُونَ الخشن الغليظ من الطَّعَام وَالشرَاب انْتهى (فَخر) قَوْله وَلَا تُكَلِّفُوهُمْ الخ قَالَ النَّوَوِيّ اجْمَعْ الْعلمَاء على انه لَا يجوز ان يكلفه من الْعَمَل الا مَا يطيقه فَإِن كلف ذَلِك لزمَه اعانته بِنَفسِهِ أَو بِغَيْرِهِ انْتهى قَوْله [3691] لَا يدْخل الْجنَّة سيء الملكته السيء بتَشْديد التَّحْتَانِيَّة والملكة ضبط بِفَتَحَات أَي سيء الْخلق فِي المملولكين بِالضَّرْبِ سوء الْمُعَامَلَة يُؤَدِّي الى الشؤم والهلكة كَمَا ان حسن الْخلق بهم فِي المعاشرة والرفق يُؤَدِّي الى الْيمن وَالْبركَة بل الى الْجنَّة وَقَوْلهمْ ان هَذِه الْأمة أَكثر الْأُمَم مملوكين تَوْجِيهه انه إِذا كثر مماليكهم لَا يسعهم مداراتهم فيسيئون فَمَا بالهم فَأجَاب صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على أسلوب الْحَكِيم وَقَالَ نعم فأكرموهم ككرامة أَوْلَادكُم وَكَذَا الْجَواب الثَّانِي فرس ترتبطه تقَاتل عَلَيْهِ وَارِد على ذَلِك الاسلوب لَان المرابطة وَالْجهَاد ليسَا من الدُّنْيَا (فَخر) قَوْله

[3692] وَلَا تؤمنوا حَتَّى تحَابوا قَالَ النَّوَوِيّ هَكَذَا هُوَ فِي جَمِيع الْأُصُول وَالرِّوَايَات وَلَا تؤمنوا بِحَذْف النُّون من اخره وَهِي لُغَة مَعْرُوفَة صَحِيحَة انْتهى وَقَالَ الطَّيِّبِيّ وَلَعَلَّ للمجانسة والازدواج وَفِي بعض نسخ المصابيح وَغَيره تواجد النُّون أَيْضا انْتهى قَوْله افشوا السَّلَام بَيْنكُم قَالَ النَّوَوِيّ هُوَ بِقطع الْهمزَة الْمَفْتُوحَة وَفِيه الْحَث الْعَظِيم على افشاء السَّلَام وبذله للْمُسلمين كلهم على من عرفت وَمن لم تعرف كَمَا فِي الحَدِيث الاخر وَالسَّلَام أول أَسبَاب التألف ومفتاح استجلاب الْمَوَدَّة وَفِي افشاء تمكن الفة الْمُسلمين بَعضهم نبعض وَإِظْهَار شعارهم الْمُمَيز لَهُم من غَيرهم من أهل الْملك مَعَ مَا فِيهِ من رياضة النَّفس وَلُزُوم التَّوَاضُع وإعظام حرمات الْمُسلمين وَقد ذكر البُخَارِيّ عَن عمار انه قَالَ ثَلَاث من جمعهن فقد جمع الْإِيمَان الْإِنْصَاف من نَفسك وبذل السَّلَام للْعَالم والانفاق من الاقتار وروى غَيره هَذَا الْكَلَام مَرْفُوعا وفيهَا لَطِيفَة أُخْرَى وَهِي انها تَتَضَمَّن رفع التقاطع والتهاجر والشحناء وعناد ذَات الْبَين الَّتِي هِيَ المحالقة وان سَلَامه تَعَالَى لَا يتبع فِيهِ هَوَاهُ ويخص بِهِ احبابه انْتهى وَعَلَيْكُم جَاءَت الرِّوَايَات بِإِثْبَات الْوَاو وحذفها وَأكْثر الرِّوَايَات بإثباتها فَاخْتَارَ بعض الْعلمَاء حذف الْوَاو للِاحْتِرَاز عَن التَّشْرِيك وَتَقْدِيره عِنْدهم بل عَلَيْكُم السام وَاخْتَارَ بَعضهم إِثْبَاتهَا لَكِن قَالُوا ان الْوَاو هُنَا للاستيناف لَا للْعَطْف والتشريك وَتَقْدِيره وَعَلَيْكُم مَا تستحقونه من الذَّم قلت والصور ان اثبات الْوَاو وحذفها جَائِز ان لصِحَّة الرِّوَايَتَيْنِ وان الْوَاو أولى كَمَا هُوَ فِي أَكثر الرِّوَايَات وانه للْعَطْف والتشريك وَلَا فَسَاد فِيهِ لِأَن السام الْمَوْت وَهُوَ علينا وَعَلَيْهِم أَي نَحن وَأَنْتُم فَهِيَ سَوَاء وكلنَا نموت (فَخر) قَوْله فِي نسْوَة فَسلم علينا قَالَ بن الْملك وَهَذَا مُخْتَصّ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا مِنْهُ من الْوُقُوع فِي الْفِتْنَة وَأما غَيره فَيكْرَه لَهُ ان يسلم على الْمَرْأَة الاجنبيه الا ان تكون عجوزة بعيدَة عَن مَظَنَّة الْفِتْنَة وَقيل وَكثير من الْعلمَاء لم يكرهوا تَسْلِيم كل مِنْهُمَا على الاخر انْتهى وَمهما قيل بِالْكَرَاهَةِ على مَا هُوَ الصَّحِيح فَلم يثبت اسْتِحْقَاق الْجَواب (مرقاة) قَوْله [3702] ايعانق بَعْضنَا بَعْضًا الخ قَالَ لادبه قَالَ أَبُو حنيفَة انه يكره المعانقة وَمَا روى التِّرْمِذِيّ انه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اعتنق زيد بن حَارِثَة حِين قدم الْمَدِينَة فَيدل على جَوَازهَا لَكِن للقادم من السّفر فَيجوز للقادم وَلَا يجوز نعيره وَقَالَ النَّوَوِيّ المعانقة وتقبيل الْوَجْه مكروهان صرح بِهِ الْبَغَوِيّ للْحَدِيث الصَّحِيح فِي النَّهْي عَنْهُمَا كَرَاهَة تنزيهة انْتهى وَقَالَ الشَّيْخ اما المعانقة فَالصَّحِيح انها جَائِزَة ان لم يكن هُنَاكَ خوف فتْنَة لما ورد فِي حَدِيث قصَّة زيد بن حَارِثَة وجعفر بن أبي طَالب وَنقل عَن الشَّيْخ أبي الْمَنْصُور الماتريدي فِي التَّوْفِيق بَين الْأَحَادِيث ان الْمَكْرُوه من المعانقة مَا كَانَ على وَجه الشَّهْوَة وَأما على وَجه الْبر والكرابة فجائزة (فَخر) قَوْله وَلَكِن تصافحوا اعْلَم ان المصافحة سنة عِنْد كل لِقَاء ومحلها أول الملاقاة فَمَا اعتاده النَّاس بعد صَلَاة الصُّبْح وَالْعصر لَا أصل لَهُ فِي الشَّرْع بل يكون هَذِه المصافحة مَكْرُوهَة لِأَنَّهَا لَيْسَ فِي محلهَا الْمَشْرُوع (فَخر) قَوْله قبلنَا يَد النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي الدّرّ وَأما تَقْبِيل يَد صَاحبه عِنْد اللِّقَاء فمكروه إِجْمَاعًا وَكَذَا مَا يَفْعَلُونَهُ من تَقْبِيل الأَرْض بَين يَدي الْعلمَاء والعظماء وَالْفَاعِل والراضي يه آثمان لِأَنَّهُ يشبه عَبدة الْأَوْثَان وَهل يكفر ان على وَجه الْعِبَادَة والتعظيم يكفر وان على وَجه التَّحِيَّة لَا وَصَارَ اثما مرتكبا للكبيرة وَفِي الْمُلْتَقط التَّوَاضُع بِغَيْر الله حرَام وَفِي الْوَهْبَانِيَّة يجوز بل ينْدب الْقيام تَعْظِيمًا للقادم وَمَا يجوز الْقيام بَين يَدي الْعَالم فَائِدَة قيل التَّقْبِيل على خَمْسَة أوجه قبْلَة الْمَوَدَّة للْوَلَد على الخد وقبلة الرَّحْمَة لوَالِديهِ على الرَّأْس وقبلة الشَّفَقَة لِأَخِيهِ على الْجَبْهَة وقبلة الشَّهْوَة لامْرَأَته وامته على الْفَم وقبلة التَّحِيَّة للْمُؤْمِنين على البدو فِي الْقنية تَقْبِيل الْمُصحف قيل بِدعَة لَكِن روى عَن عمر رض انه كَانَ يَأْخُذ الْمُصحف كل غَدَاة ويقبله وَيَقُول عهد رَبِّي ومنشور رَبِّي عز وَجل وَكَانَ عُثْمَان يقبل الْمُصحف ويمسه على وَجهه واما تَقْبِيل الْخبز فحرر الشَّافِعِي انه بِدعَة مُبَاحَة وَقيل حَسَنَة انْتهى (إنْجَاح) قَوْله أمرنَا بِهِ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثًا الأول ليعرف وَالثَّانِي للتأمل وَالثَّالِث للأذن أَو عَدمه (إنْجَاح) قَوْله فَمَا الاستيناس أَي الَّذِي ورد فِي التَّنْزِيل يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تدْخلُوا بُيُوتًا غير بُيُوتكُمْ حَتَّى تستأنسوا وتسلموا على أَهلهَا وَهُوَ طلب الانسة الْمعبر عَنهُ بالاستيذان (إنْجَاح) قَوْله [3709] انا انا هَذَا إِنْكَار مِنْهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على قَوْله انا وَإِنَّمَا أنكرهُ لِأَن هَذَا الْقدر لَيْسَ بكاف فِي الْجَواب عِنْد الغيبوبة عَن الشُّهُود بل يَنْبَغِي ان يعرف باسمه وَذهب الصُّوفِيَّة الوجودية الى انه انما أنكرهُ لِأَنَّهُ اثْبتْ وجوده مَعَ ان وجود الْعَالمين عِنْد وجوده تَعَالَى محور قَالَ لَيْسَ من الْأَدَب ان ينْسب الرجل شَيْئا الى نَفسه كازاري ونعلي هَذَا لَيْسَ بسديد لوروده فِي الْكتاب وَالسّنة فِي مَوَاضِع شَتَّى (إنْجَاح) قَوْله

[3710] من رجل لم يصبح الخ من الْبَيَان فَهِيَ إِشَارَة الى انه يَنْبَغِي للْعَبد ان يظْهر تقاصيره كَمَا يَنْبَغِي لَهُ ان يظْهر نعم الله تَعَالَى ان تعدوا نعْمَة الله لَا تحصوها (إنْجَاح) قَوْله إِذا اتاكم كريم قوم فاكرموه لهَذَا الْكَلَام مَعْنيانِ الأول انه إِذا كَانَ شخص ذَا كَرَامَة فِي قومه بَان كَانَ رَئِيسا وَسَيِّدًا فيهم فاكرموه فَإِنَّهُ إِذا لم يُكرمهُ كَانَ لَهُ ولقومه ضغن وحقد مِنْهُ وَيحصل لَهُ الْأَذَى من جهتهم هَذَا إِذا كَانَ الْقَوْم جهلة وَلَكِن يَنْبَغِي ان يحمل هَذَا الْأَمر بالإكرام على مَا إِذا لم يحصل لَهُ ضَرَر فِي دينه فان تبجيل الْكفْر كفر وَفِي الحَدِيث من وقر صَاحب بِدعَة فقد أعَان على هدم الْإِسْلَام هَذَا إِذا كَانَ الرجل شَدِيدا فِي دينه كَمَا ان النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كتب الى هِرقل عَظِيم الرّوم وَلم يلْتَفت الى سلطنته واما إِذا كَانَ ضَعِيفا خَائفًا مِنْهُم الضَّرَر فِي جسده أَو مَاله فأبيح لَهُ اكرامه لقَوْله تَعَالَى الا من أكره وَقَلبه مطمئن بِالْإِيمَان وَالثَّانِي مَا رَوَت عَائِشَة أمرنَا النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ان ننزل النَّاس مَنَازِلهمْ فَمن جَاءَ سَائِلًا اعطيته كسرة خبز وَمن جَاءَ على فرس اكلته مَعهَا (إنْجَاح) [3713] فشمت أَحدهمَا هُوَ بشين وسين الدُّعَاء بِالْخَيرِ وَالْبركَة والمعجمة اعلاهما شمته وشمت عَلَيْهِ تشميتا واشتق من الشوامت وَهِي القوائم كَأَنَّهُ دُعَاء بالثبات على الطَّاعَة وَقيل أَي ابعدك الله عَن الشماتة وجنبك مَا يشمت بِهِ عَلَيْك قَالَه فِي النِّهَايَة فِي جَامع الْأُصُول وَمعنى الْمُهْملَة جعلك الله على سمت حسن وَهُوَ ان يَرْحَمك الله انْتهى وَقَالَ الْجَوْزِيّ بالشين الْمُعْجَمَة والمهملة رِوَايَتَانِ صحيحتان قَالَ تغلب مَعْنَاهُ بِالْمُعْجَمَةِ ابعدك عَن الشماتة وبالمهملة من السمت وَهُوَ حسن الْقَصْد وَالْهدى وتشميت الْعَاطِس ان يُقَال يَرْحَمك الله انْتهى قَوْله فَمَا زَاد فَهُوَ مزكوم أَي مَرِيض فَرُبمَا تكْثر تعطسه وحمده وَفِي الْجَواب عَنهُ كل مرّة حرج لَا سِيمَا مَعَ عدم تَجْوِيز التَّدَاخُل فِي الملجس وَيُؤَيّد مَا ذكرته مَا روى أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ عَن النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ شمت الْعَاطِس فَمَا زَاد فَإِن شِئْت فشمته وان شِئْت فَلَا حَيْثُ صرح بالتخيير فَيَقُول النَّوَوِيّ فتستحب ان يدعى لَهُ لَكِن غير وعائه للعاطس وَقع فِي غير مَحَله إِذْ حَاصِل الحَدِيث ان التشميت وَاجِب أَو سنة مُؤَكدَة على الْخلاف فِي ثَلَاث مَرَّات وَمَا زَاد فَهُوَ مُخَيّر بَين السُّكُوت وَهُوَ رخصَة وَبَين التشميت وَهُوَ مُسْتَحبّ وَالله أعلم كَذَا فِي المرقات قَوْله [3715] وَيصْلح بالكم البال الْقلب يُقَال مَا يخْطر ببالي أَي بقلبي البال رخاء الْعَيْش يُقَال فلَان رخى البال أَي وَاسع الْعَيْش والبال الْحَال تَقول مَا بالك أَي حالك والبال فِي الحَدِيث يحْتَمل الْمعَانِي الثَّلَاثَة وَالْحمل على الْمَعْنى الثَّالِث انسب لعمومه الْمَعْنيين الْأَوَّلين أَيْضا كَذَا فِي المفاتيح وَالْأول أولى فَإِنَّهُ إِذا صلح الْقلب صلح الْحَال (مرقاة) قَوْله [3718] صَاحب مكس وَهُوَ من يَأْخُذ من التُّجَّار إِذا مروا مكسا أَي ضريبة باسم الْعشْر وَفِيه ان المكس أعظم الذُّنُوب وَذَلِكَ لِكَثْرَة مطالبات النَّاس ومظلماتهم وصرفها فِي غير وَجههَا طيبي قَوْله مَا فعل النغير بِضَم فَفتح تَصْغِير نغر بِضَم النُّون وَفتح الْغَيْن الْمُعْجَمَة طَائِر يشبه العصفور احمر المنقار وَقيل هُوَ العصفور وصغير المنقار احمر الرَّأْس وَقيل أهل الْمَدِينَة يسمونه البلبل وَالْمعْنَى مَا جرى لَهُ حَيْثُ لم أره مَعَك وَفِي الحَدِيث جَوَاز تَصْغِير الْأَسْمَاء وتكنية الصغار ورعاية السجع فِي الْكَلَام وَإِبَاحَة لعب الصَّبِي بالطيور إِذا لم يعذبه وَإِبَاحَة صيد الْمَدِينَة كَمَا هُوَ مَذْهَب الْحَنَفِيَّة من ان الْمَدِينَة لَيْسَ بحرم وَإِنَّمَا سمى حرما بِمَعْنى الاحترام والتعظيم لَا حُرْمَة الصَّيْد والكلاء وَلُزُوم الْجَزَاء مرقاة ولمعات قَوْله وَقَالَ هُوَ نور الْمُؤمن وَفِي رِوَايَة نور يَوْم الْقِيَامَة أَي سَبَب النُّور يَوْم الْقِيَامَة وَفِي حَدِيث اخر فَإِنَّهُ نور الْمُسلم فَالْمُرَاد نور الْآخِرَة على مَا قَرَّرَهُ الطَّيِّبِيّ وَلَو كَانَ المُرَاد نورانية حسن وجمال لحية وَمَا يحصل للمشائخ من صَلَاح السريرة وصفاء الْبَاطِن فِي هَذَا الْعَالم لم يبعد حُصُول حسن الْجَزَاء والنورانية الَّتِي يَتَرَتَّب عَلَيْهِ فِي الْآخِرَة على حَاله فَإِن قلت فَلَو كَانَ حَال الشيب كَذَلِك فَلم شرع ستره بالخضاب قُلْنَا ذَلِك لمصْلحَة أُخْرَى دينية وَهُوَ ارغام الْأَعْدَاء وَإِظْهَار الجلادة لَهُم فَإِن قلت فَلم لم يجز النتف لاجل هَذِه الْمصلحَة قلت النتف استيصال الشيب من أَصله ومفض فِي الْآخِرَة الى تَشْوِيه الْوَجْه وَسُوء المنظر بِخِلَاف الخضاب فَإِنَّهُ زِيَادَة وصف على الأَصْل فبينهما فرق على انه قد يرْوى عَن أبي حنيفَة جَوَاز النتف إِذا لم يقْصد التزين والتكلف وَعَن مُحَمَّد أَنه لَا بَأْس بِهِ نعم الْمُخْتَار فِي الْمَذْهَب خلاف ذَلِك لمعات قَوْله

[3726] من اقتبس علما من النُّجُوم قبست الْعلم واقتبسه إِذا تعلمته والقبس الشعلة من النَّار واقتباسها اخذها مِنْهَا وَإِنَّمَا شبه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ علم النُّجُوم بِالسحرِ لِأَن حرمته منصوصة ونطق بِهِ التَّنْزِيل قَالَ جلّ ذكره وَمَا يعلمَانِ من أحد حَتَّى يَقُولَا انما نَحن فتْنَة فَلَا تكفر وَفِي رِوَايَة رزين عَن بن عَبَّاس قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من اقتبس بَابا من علم النُّجُوم لغير مَا ذكر الله فقد اقتبس شُعْبَة من السحر المنجم كَاهِن والكاهن سَاحر والساحر كَافِر وروى البُخَارِيّ تَعْلِيقا عَن قَتَادَة قَالَ خلق الله تَعَالَى هَذِه النُّجُوم لثلاث جعلهَا زِينَة للسماء ورجوما للشياطين وعلامات يهتدى بهَا فَمن تَأَول فِيهَا بِغَيْر ذَلِك أَخطَأ واضاع نصِيبه وتكلف مَا لَا يعلم فَقَوله لغير مَا ذكر الله تَعَالَى مشْعر بِأَن تعلمه مِقْدَار مَا يعلم بِهِ أَوْقَات الصَّلَاة لَا حرج فِيهِ وَلذَا جوز فقهاؤنا تعلم النُّجُوم بِهَذَا الْمِقْدَار وادخل صَاحب الدّرّ فِي الْعلم الْحَرَام علم الفلاسفة والشعبدة والتنجيم والرمل وعلوم الطباعين وَالسحر وَالْكهَانَة (إنْجَاح) قَوْله زَاد وَمَا زَاد أَي زَاد من السحر مَا زَاد من النُّجُوم وَقيل يحْتَمل انه من كَلَام الرَّاوِي أَي زَاد رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ف التقبيح مَا زَاد فتح الْوَدُود [3727] فانها من روح الله قَالَ الطَّيِّبِيّ الرّوح النَّفس والفرح وَالرَّحْمَة فَإِن قيل كَيفَ يكون الرّيح من رَحمته مَعَ انها تجيئ بِالْعَذَابِ قل إِذا كَانَ عذَابا للظلمة يكون رَحْمَة للْمُؤْمِنين وَأَيْضًا الرّوح بِمَعْنى الرَّائِح أَي الجائي من حَضْرَة الله بأَمْره تاءة للكرامة وَأُخْرَى للعذاب فَلَا يسب بل يجب التَّوْبَة عِنْدهَا فَإِنَّهُ تَأْدِيب والتاديب حسن وَرَحْمَة انْتهى قَوْله [2678] عبد الله وَعبد الرَّحْمَن لما فيهمَا من الِاعْتِرَاف لعبوديته (إنْجَاح) قَوْله [3729] لَئِن عِشْت الخ قَالَ الطَّيِّبِيّ أَرَادَ ان ينْهَى نهى تَحْرِيم ثمَّ سكت بعد ذَلِك رَحْمَة على الْأمة لعُمُوم الْبلوى وايقاع الْجرْح وَفِي رِوَايَة مُسلم عَن جَابر أَرَادَ النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ان يُنْهِي ان يُسمى بيعلى وبركة وبأفلح وبيسار وبنافع ثمَّ رَأَيْته سكت بعد عَنْهَا ثمَّ قبض وَلم ينْه عَن ذَلِك فَمَا روى انه نهى فَمَحْمُول على الْإِرَادَة أَو لم يرد بِهِ النَّهْي التحريمي انْتهى وَفِي رِوَايَة مُسلم فِي وَجه النَّهْي عَن سَمُرَة بن جُنْدُب فَإنَّك تَقول اثم هُوَ فَلَا يكون فَيُقَال لَا (إنْجَاح) قَوْله [3731] الأجدع شَيْطَان أَي اسْم شَيْطَان من الشَّيَاطِين قَالَه تَنْبِيها على تَغْيِير الِاسْم ان كَانَ حَيا أَو قَالَه مطايبة (مرقاة) قَوْله [3732] ان زَيْنَب كَانَ اسْمهَا برة هِيَ ربيبة رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بنت أم سَلمَة أم الْمُؤمنِينَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا (إنْجَاح) قَوْله [3735] سموا باسمي وَلَا تكنوا بكنيتي قيل هَذَا مُخْتَصّ بِزَمن النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَن عليا استجازه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَجَازَهُ فَسمى ابْنه مُحَمَّدًا وكناه أَبَا قَاسم كَمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَهُوَ مَذْهَب مَالك وَجُمْهُور السّلف وفقهاء الْأَمْصَار وَأهل الظَّاهِر قَالَ الطَّيِّبِيّ لَا يحل التكني بَابي الْقَاسِم أصلا سَوَاء كَانَ اسْمه مُحَمَّدًا أَو احمدا وَلم يكن لَهُ اسْم وَهُوَ مَذْهَب الشَّافِعِي وَقَول ان النَّهْي للتنزيه وَالْأَدب لَا للتَّحْرِيم وَهُوَ مَذْهَب جرير وَقيل ان النَّهْي للْجمع وَلَا بَأْس بالكنية وَحدهَا لمن لَا يُسمى بِوَاحِد من الاسمين وَهُوَ مَذْهَب جمَاعَة من السّلف رَحِمهم الله تَعَالَى (إنْجَاح) قَوْله وَلَا تكنوا بكنيتي قَالَ الْكرْمَانِي هُوَ بِفَتْح تَاء وكاف وَنون مُشَدّدَة من التفعل بِحَذْف إِحْدَى التائين وبفتح تَاء وَسُكُون كَاف من الكنية وبضم تَاء وَفتح كَاف وَضم نون مُشَدّدَة من التفعيل وتكتنوا بِفَتْح تائين بَينهمَا كَاف سَاكِنة من الافتعال وَإِذا سمى الرجل قاسما يلْزم ان يكون أَبوهُ أَبَا الْقَاسِم فَلِذَا منع من الْقَاسِم وان لم يكن هُوَ كنية وَقَالَ الطَّيِّبِيّ اخْتلفُوا فِيهِ فَمن قَائِل منع اولا ثمَّ نسخ وَمن قَائِل بِالْمَنْعِ مُطلقًا وَقَائِل انه للتنزيه أَو للْجمع بَين اسْمه وكنيته وَمنع عمر التسمي باسم مُحَمَّد كَرَاهَة سبّ اسْمه وَكره مَالك التسمي بأسماء الْمَلَائِكَة واجمعوا على جَوَاز التسمي بأسماء الْأَنْبِيَاء غير عمر انْتهى قَوْله [3739] فَأَنت أم عبد الله كناها باسم بن أُخْتهَا عبد الله بن الزبير وَأمه أَسمَاء بنت أبي بكر رَضِي الله عَنهُ (إنْجَاح) قَوْله وَكَانَ صَغِيرا يَا أَبَا عُمَيْر وَفِي رِوَايَة الْمُسلم يَا أَبَا عُمَيْر مَا فعل النغير اما النغير فبضم النُّون تَصْغِير النغر بضَمهَا وَفتح الْمُعْجَمَة وَهُوَ طَائِر صَغِير جمعه نغران قَالَ النَّوَوِيّ وَفِي هَذَا الحَدِيث فَوَائِد كَثِيرَة جدا مِنْهَا جَوَاز تكنية من لم يُولد لَهُ وتكنية الطِّفْل وانه لَيْسَ كذبا وَجَوَاز المزاح فِيمَا لَيْسَ اثما وَجَوَاز تَصْغِير بعض المسميات وَجَوَاز لعب الصَّبِي بالعصفور وتمكين الْوَلِيّ إِيَّاه من ذَلِك وَجَوَاز السجع بالْكلَام الْحسن بِلَا كلفة وملاطفة الصّبيان وتأنيسهم وَبَيَان مَا كَانَ عَلَيْهِ النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من حسن الْخلق وكرم الشَّمَائِل والتواضع وزيارة الاهل لِأَن أم سليم وَالِدَة أبي عُمَيْر هِيَ من مَحَارمه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انْتهى قَوْله وَلَا تنابزوا بِالْأَلْقَابِ قَالَ الْقُسْطَلَانِيّ أَي لَا يدعى الرجل بالْكفْر بعد الْإِسْلَام قَالَ الْحسن كَانَ الْيَهُودِيّ وَالنَّصْرَانِيّ يسلم فَيُقَال بعد إِسْلَامه يَا يَهُودِيّ يَا نَصْرَانِيّ فنهوا عَن ذَلِك انْتهى وَقَالَ الْبَيْضَاوِيّ أَي ان لَا يدع بَعْضكُم بَعْضًا باللقب السؤ فَإِن النَّهْي مُخْتَصّ باللقب السوء عرفا روى ان الْآيَة نزلت فِي صَفِيَّة بنت حييّ اتت رَسُول الله فَقَالَت ان النِّسَاء يقلن لي يَا يَهُودِيَّة بنت يهوديين فَقَالَ لَهَا هَل مَا قلت ان أبي هَارُون وَعمي مُوسَى وَزَوْجي مُحَمَّد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انْتهى قَوْله ان نحثو فِي وُجُوه المداحين الخ أَي الْبَالِغين فِي الْمَدْح المتوجهين اليكم طَمَعا سَوَاء كَانَ الْمَدْح نظما أَو نثرا وَقد فعل ذَلِك مقداد حِين مدح رجل عُثْمَان على وَجهه كَمَا فِي رِوَايَة مُسلم وَقيل مَعْنَاهُ الْأَمر بِدفع المَال إِلَيْهِم إِذا المَال حقير كالتراب بِالنِّسْبَةِ الى الْعرض (إنْجَاح) قَوْله

[3742] ان نحثو فِي وُجُوه المداحين الخ قَالَ النَّوَوِيّ فِي هَذَا الْبَاب الْأَحَادِيث الْوَارِدَة فِي النَّهْي عَن الْمَدْح وَقد جَاءَت أَحَادِيث كَثِيرَة فِي الصَّحِيحَيْنِ بالمدح فِي الْوَجْه قَالَ الْعلمَاء طَرِيق الْجمع بَينهمَا ان النَّهْي مَحْمُول على المجازفة فِي الْمَدْح وَالزِّيَادَة فِي الْأَوْصَاف أَو على من يخَاف عَلَيْهِ فتْنَة من اعجاب وَنَحْوه إِذا سمع الْمَدْح واما من لَا يخَاف عَلَيْهِ ذَلِك لكَمَال تقواه ورسوخ عقله ومعرفته فَلَا نهي فِي مدح فِي وَجهه إِذا لم يكن فِيهِ مجازفة بل ان كَانَ يحصل بذلك مصلحَة كنشط الْخَبَر أَو الازدياد مِنْهُ أَو الدَّوَام عَلَيْهِ أَو الِاقْتِدَاء بِهِ كَانَ مُسْتَحبا انْتهى [3744] فَلْيقل أَحْسبهُ أَي أَظُنهُ وَلَا ازكى على الله أَي على علم الله تَعَالَى ومعنا لَا يثنى أحدا وَلَا يظْهر مدحه حَاكما على الله وموجبا عَلَيْهِ ثمَّ هَذَا مَخْصُوص بِالَّذِي يخَاف عَلَيْهِ الْعجب والتكبر والا فقد ورد فِي فَضَائِل الصَّحَابَة فِي غيبتهم وحضورهم مَالا يُحْصى من الْمَدْح والشرف قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسكن يَا أحد فَمَا عَلَيْك الا نَبِي أَو صديق أَو شَهِيد وَكَانَ ذَلِك فِي حضورهم (إنْجَاح) قَوْله [3747] فليشر عَلَيْهِ بِمَا كَانَ فِيهِ مصلحَة لَهُ وَلَا يكتم مصْلحَته لِأَن فِي كِتْمَانه لُزُوم الْخِيَانَة (إنْجَاح) قَوْله عَن أبي عذرة ذكر فِي التَّقْرِيب أَو عذرة بِضَم أَوله وَسُكُون الْمُعْجَمَة لَهُ حَدِيث فِي الْحمام وَهُوَ مَجْهُول من التَّابِعين وَوهم من قَالَ لَهُ صُحْبَة (إنْجَاح) قَوْله [3753] لَا يقص الا أَمِير أَو مَأْمُور أَو مراء وَفِي رِوَايَة أَو مختال الْقَصَص التحدث بالقصص وَيسْتَعْمل فِي الْوَعْظ قَالَ فِي النِّهَايَة أَي لَا يَنْبَغِي ذَلِك الا لأمير يعظ النَّاس ويخبرهم بِمَا مضى ليعتبروا بِهِ أَو مَأْمُور بِهِ فَحكمه حكم الْأَمِير وَلَا يقص تكسبا أَو يكون الْقَاص مختالا يفعل تكبرا على النَّاس أَو مرائيا يرائي النَّاس بقوله وَعَمله لَا يكون وعظه وَكَلَامه حَقِيقَة وَقيل أَرَادَ الْخطْبَة لِأَن الْأُمَرَاء كَانُوا يلونها فِي الأول ويعظون النَّاس فِيهَا ويقصون عَلَيْهِم أَخْبَار الْأُمَم السَّابِقَة انْتهى وَقَالَ الطَّيِّبِيّ قلت وكل من وعظ وقص دَاخل فِي غمارهم وَأمره موكول الى الْوُلَاة قَوْله لَا يقص خبر لَا نهي أَي لَا يصدر هَذَا الْفِعْل الا عَن هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَة وَقد علم ان الاقتصاص مَنْدُوب اليه فَيجب تَخْصِيصه بالأمير والمأمور دون المختال وَهَذَا كَمَا يُقَال عِنْد روية الْأَمر الخطير لَا يَخُوض فِيهِ الا حَكِيم عَارِف بكيفية الْوُرُود وجاهل وَيخرج فَيهْلك انْتهى وَقَالَ الْخطابِيّ ان الْمُتَكَلِّمين على النَّاس ثَلَاثَة أَصْنَاف مُذَكّر وواعظ وَقاص فالمذكر الَّذِي يذكر النَّاس الاء الله ونعمائه ويحثهم على الشُّكْر لَهُ والواعظ يخوفهم بِاللَّه وَيُنْذرهُمْ عُقُوبَته فيروعهم بِهِ عَن الْمعاصِي والقاص الَّذِي يروي لَهُم أَخْبَار الماضيين ويروى عَلَيْهِم الْقَصَص فَلَا يَأْمَن من ان يزِيد فِيهَا أَو ينقص والمذكر والواعظ مَأْمُون عَلَيْهِمَا هَذَا الْمَعْنى انْتهى قَوْله ان من الشّعْر حِكْمَة الْحِكْمَة الْعدْل وَالْعلم وَقيل مَعْنَاهُ ان من الشّعْر كلَاما نَافِعًا يمْنَع عَن الْجَهْل وَالسّفر وأصل الْحِكْمَة الْمَنْع وَبهَا سميت اللجام لِأَنَّهَا تمنع الدَّابَّة ثمَّ قيل هَذَا يدل على ان المُرَاد بقوله ان من الْبَيَان لسحرا مدح للْبَيَان وَيُمكن ان يكون ردا لمن زعم ان الشّعْر كُله مَذْمُوم وَالْبَيَان كُله حسن فَقيل ان بعض الْبَيَان كالسحر فِي الْبطلَان وَبَعض الشّعْر كالحكمة فِي الحقية وَالْحق ان الْكَلَام ذُو وَجْهَيْن يخْتَلف بِحَسب الْمَقَاصِد وَقد روى الجملتان فِي حَدِيث وَاحِد لمعات قَوْله

[3757] اصدق كلمة الخ اللبيد الشَّاعِر صَحَابِيّ كنيته أَبُو عقيل بِفَتْح الْعين وَفد على رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأسلم وَحسن إِسْلَامه عَاشَ مائَة واربعا وَخمسين سنة قَالَ السَّمْعَانِيّ مَاتَ أول خلَافَة مُعَاوِيَة وَله مائَة وَأَرْبَعُونَ سنة قَالُوا لم يقل شعرًا بعد إِسْلَامه وَكَانَ يَقُول ابدلني الله بِهِ الْقُرْآن وَقيل قَالَ بَيْتا وَاحِدًا وَهُوَ مَا عَاتب الْمَرْء الْكَرِيم كنفسه والمرء يصلحه القرين الصَّالح ذكره النَّوَوِيّ والمصراع الثَّانِي من الْبَيْت وكل نعيم لَا محَالة زائل ثمَّ الْبَاطِل قد يَجِيء بِمَعْنى الذَّاهِب وَقد يَجِيء بِمَعْنى اللَّغْو غلم يثبت التَّعَارُض بَين هَذَا القَوْل وَبَين قَوْله جلّ ذكره رَبنَا مَا خلقت هَذَا بَاطِلا وَأما أُميَّة بن أبي الصَّلْت الْكَافِر اسْم أَبِيه عبد الله بن ربيعَة وَكَانَ أُميَّة يتعبد فِي الْجَاهِلِيَّة ويؤمن بِالْبَعْثِ وينشد الشّعْر فِي ثَنَاء الْمَسِيح وَلم يسلم ثَبت فِي صَحِيح مُسلم عَن الشريد بن السويد قَالَ ردفت رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا فَقَالَ هَل مَعَك من شعر أُميَّة الحَدِيث ذكره النَّوَوِيّ فِي التَّهْذِيب (إنْجَاح) قَوْله هيه بِكَسْر الْهَاء وَإِسْكَان الْيَاء وَكسر الْهَاء الثَّانِيَة قَالُوا وَالْهَاء الأولى بدل من الْهمزَة الْأَصْلِيَّة ايه وَهِي كلمة للاستزادة من الحَدِيث الْمَعْهُود قَالَ بن السّكيت هِيَ الاستزاده من حَدِيث أَو عمل معهودين قَالُوا وَهِي مَبْنِيَّة على الْكسر ومقصود الحَدِيث ان النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتحْسنَ شعر أُميَّة واستزاد من انشاده لما فِيهِ من الْإِقْرَار بالوحدانية والبعث فَفِيهِ جَوَاز انشاد الشّعْر الَّذِي لَا فحش فِيهِ وسماعه سَوَاء شعر الْجَاهِلِيَّة أَو غَيرهم (نووي) قَوْله قَيْحا يرِيه الخ يرِيه بِفَتْح يَاء وَكسر رَاء من الورى دَاء من ورى يوري فَهُوَ مورى إِذا أصَاب جوفها الدَّاء قَالَ الْجَوْهَرِي ورى الْقَيْح جَوْفه اكله وَقيل أَي حَتَّى يُصِيب رئته وَأنكر لِأَن الرئة مَهْمُوز وَفعله رأى كَذَا فِي الْمجمع وَقَالَ فِي الْقَامُوس الورى قيح فِي الْجوف أَو قرح شَدِيد يقاء مِنْهُ الْقَيْح وَالدَّم وورى الْقَيْح جَوْفه كوعى افسده فلَان فلَانا أصَاب رئته والوارية دَاء فِي الرئة وَلَيْسَت من لَفظهَا وَقَالَ أَيْضا فِي رأى والرئة مَوضِع النَّفس وَالرِّيح من الْحَيَوَان جمعهَا رئات ورؤن وَرَآهُ أصَاب رئته انْتهى وَالْمعْنَى قَيْحا يفْسد جَوْفه والرئة بِالْفَارِسِيَّةِ شش بِضَم الشين الأول كَأَنَّهُ شبه الشّعْر فِي الخباثة والنجاسة بالقيح الَّذِي يكره بالطبع فَإِن فَسَاد الْبَاطِن أَشد من فَسَاد الظَّاهِر إنْجَاح قَيْحا يرِيه قَالَ النَّوَوِيّ هُوَ من الورى وَهُوَ دَاء يفْسد الْجوف وَمَعْنَاهُ قَيْحا يَأْكُل جَوْفه ويفسده وَقَالَ أَبُو عبيد قَالَ بَعضهم المُرَاد بِهَذَا الشّعْر شعر هجي بِهِ النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَبُو عبيد وَالْعُلَمَاء كَافَّة هَذَا التَّفْسِير فَاسد لِأَنَّهُ يَقْتَضِي ان المذموم من الهجاء ان يمتلي مِنْهُ دون قَلِيله وَقد أجمع الْمُسلمُونَ على ان الْكَلِمَة الْوَاحِدَة من هجاء النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُوجبَة للكفر قَالُوا بل الصَّوَاب ان المُرَاد ان يكون الشّعْر غَالِبا عَلَيْهِ مستوليا عَلَيْهِ بِحَيْثُ يشْغلهُ عَن الْقُرْآن أَو غَيره من الْعُلُوم الشَّرْعِيَّة وَذكر الله تَعَالَى وَهَذَا مَذْمُوم من أَي شعر كَانَ فَأَما إِذا كَانَ الْقُرْآن والْحَدِيث وَغَيرهمَا من الْعُلُوم الشَّرْعِيَّة هُوَ الْغَالِب عَلَيْهِ فَلَا يضر حفظ الْيَسِير من الشّعْر مَعَ هَذَا لِأَن جَوْفه لَيْسَ ممتليا وَقَالَ الْعلمَاء كَافَّة ان الشّعْر مُبَاح مَا لم يكن فِيهِ فحش وَنَحْوه قَالُوا وَهُوَ كَلَام حسنه حسن وقبيحه قَبِيح وَهَذَا هُوَ الصَّوَاب فقد سمع النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الشّعْر واستنشدوا أَمر بِهِ حسان فِي هجاء الْمُشْركين وانشده اصحابه بِحَضْرَتِهِ فِي الْأَسْفَار وَغَيرهَا وانشده الْخُلَفَاء وائمة الصَّحَابَة وفضلاء السّلف وَلم يُنكره أحد مِنْهُم على إِطْلَاقه وَإِنَّمَا أَنْكَرُوا المذموم مِنْهُ وَهُوَ الْفُحْش وَنَحْوه انْتهى قَوْله [3761] وزنى أمه الظَّاهِر انه من بَاب التفعيل أَي نسب أمه الى الزِّنَا فَإِن الانتفاء من أَبِيه مُسْتَلْزم لزنا أمه (إنْجَاح) قَوْله [3762] من لعب بالنرد شير الخ قَالَ فِي الْقَامُوس النَّرْد مَعْرُوف مغرب وَضعه اردشير بن بابك وَلِهَذَا يُقَال لَهُ نردشير انْتهى وَفِي الْمجمع وشير بِمَعْنى حُلْو وَمعنى غمس يَده الخ تَصْوِير قبحه تنفير عَنهُ كتشبيه وَجه مجدور بسلخة جامدة كَأَنَّهُ يغمس يَده فيهمَا ليأكلهما انْتهى (إنْجَاح) قَوْله [3764] فَقَالَ شَيْطَان الخ قَالَ الطَّيِّبِيّ أَي هُوَ شَيْطَان لاشتغاله بِمَا لَا يعنيه يقفوا اثر شَيْطَانه اورثته الْغَفْلَة عَن ذكر الله ثمَّ ان اتِّخَاذ الْحمام للفرخ وَالْبيض والأنس وَحمل الْكتب جَائِز غير مَكْرُوه واللعب بهَا بالتطير مَكْرُوه وَمَعَ الْقمَار صَار مَرْدُود الشَّهَادَة انْتهى قَوْله [3768] لَو يعلم أحدكُم الخ يحْتَمل ان يكون مَحْمُولا على السّفر أَي مَا سَافر أحد بلَيْل وَحده لِأَن سفر الْعَرَب أَكثر مَا يكون بِاللَّيْلِ وَيحْتَمل ان يكون عَاما أَي مَا سأسير أما وَذَلِكَ عِنْد هدأة الارجل فَإِن الله تَعَالَى يبْعَث من خلقه مَا يَشَاء (إنْجَاح) قَوْله [3772] لَا تنزلوا على جواد الطَّرِيق جمع جادة بتَشْديد الدَّال فيهمَا وَهُوَ مُعظم الطَّرِيق كَذَا فِي الْقَامُوس أَي وَسطهَا وَقَضَاء الْحَاجة كِنَايَة عَن الْبَوْل وَالْغَائِط إنْجَاح الْحَاجة قَوْله [3774] تربوا صحفكم أَي اسقطوها على التُّرَاب اعْتِمَادًا على الْحق تَعَالَى فِي ايصاله الى الْمَقْصد أَو أَرَادَ ذَر التُّرَاب على الْمَكْتُوب ليجف من الْحُرُوف كَانَ رطبا وَلَا تنمحي أَو خاطبوا فِيهَا خطابا على غَايَة التَّوَاضُع أَقْوَال كَذَا فِي الْمجمع (إنْجَاح) قَوْله [3775] فَلَا يَتَنَاجَى اثْنَان الخ فِي هَذَا الحَدِيث نهى عَن مُشَاورَة الرفيقين مَعَ النَّجْوَى والاخفاء من الرفيق الثَّالِث كَيْلا يحزنهُ وَهَذَا الصَّنِيع بعيد عَن الرفاقة والمعية وَغير مَعْقُول عَن الادمية وكل أَمر يرجع الى الالم وَالْغَم وحزن الْمُسلم خلاف عَن شَأْن الْمُسلم لِأَن الْمُسلم من سلم الْمُسلمُونَ من لِسَانه وَيَده (إنْجَاح) قَوْله [3779] الماهر بِالْقُرْآنِ أَي الحاذق فِي الْحِفْظ أَو جودة اللَّفْظ أَو أَرَادَ مَا هُوَ أَعم مِنْهُمَا والسفرة جمع سَافر بِمَعْنى الْكَاتِب أَو السفير وَالرَّسُول أَو بِمَعْنى المصلح بَين قوم البررة جمع بار وَالْمرَاد بهم الْمَلَائِكَة أَو الْأَنْبِيَاء الَّذين ينسخون ويكتبون الْكتب السماوية ويبلغون احكامها الى الْأَنْبِيَاء أَو الْخلق ويصلحون بَين النَّاس وَقيل هم أَصْحَاب النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَوله يتعتع التعتعا فِي الْكَلَام التَّرَدُّد فِيهِ من حصر أَو عي (إنْجَاح) قَوْله لَهُ اجران اثْنَان أَي أجر الْقِرَاءَة وَأجر الْمَشَقَّة لَا انه يفضل فِي الْأجر على الماهر فَإِنَّهُ لَا شكّ ان الماهر أفضل مِمَّن يتعب فِي تعهده وَقيل بِالْعَكْسِ لَان الْأجر بِقدر التَّعَب وَالْأول اشبه لمعات قَوْله

[3781] كَالرّجلِ الشاحب أَي متغير اللَّوْن والجسم لنَحْو مرض أَو سفر من شحب يشحب شحوبا تغير من هزال أَو جوع أَو سفر كَأَنَّهُ يتَمَثَّل بِصُورَة قارئه الَّذِي اتعب نَفسه بالسهر فِي اللَّيْل وَالصَّوْم فِي النَّهَار إنْجَاح مثل الْإِبِل المعقلة أَي المربوط فِي عقالها وَهُوَ الْحَبل الَّذِي يرْبط بهَا الْإِبِل (إنْجَاح) قَوْله [3785] وَهِي السَّبع المثاني وَفِي النِّهَايَة قيل هِيَ الْفَاتِحَة لِأَنَّهَا سبع آيَات وَقيل السُّور الطوَال من الْبَقَرَة الى التَّوْبَة على ان تحسب التَّوْبَة والأنفال بِوَاحِدَة وَلذَا لم تفصلا بالبسملة وروى سبعا من المثاني وَمن لتبيين الْجِنْس أَو للتَّبْعِيض أَي سبع آيَات أَو سبع سور من جملَة مَا يثنى بِهِ على الله من الْآيَات انْتهى وَقَالَ الْكرْمَانِي أَي سبع كَلِمَات متكررة وَهِي الله والرحمن والرحيم وَإِيَّاك وصراط وَعَلَيْهِم وَلَا بِمَعْنى غير أَو هِيَ تكَرر فِي الصَّلَاة فَهُوَ من التَّثْنِيَة بِمَعْنى التكرير وَقيل من الثَّنَاء لما فِيهِ من الثَّنَاء وَالدُّعَاء وَالْقُرْآن عطف صفة على صفة انْتهى وَقَالَ الطَّيِّبِيّ أَي سبع آيَات تكَرر على مُرُور الْأَوْقَات فَلَا يَنْقَطِع وَالْقُرْآن عطف عَام على خَاص انْتهى قَوْله الَّذِي اوتيته أَي الَّذِي قَالَ الله تَعَالَى فِيهِ وَلَقَد اتيناك سبعا من المثاني وَالْقُرْآن الْعَظِيم فَهِيَ سبع آيَات اما مَعَ الْبَسْمَلَة واما بغَيْرهَا فَيكون السَّادِسَة انعمت عَلَيْهِم وَإِنَّمَا قيل لَهُ سبع المثاني لِأَنَّهَا تثنى فِي كل صَلَاة أَو انها نزلت مرَّتَيْنِ وَعطف الْقُرْآن عَلَيْهِ اما للتفسير واما لاهتمام شانها حَيْثُ عدلها مَعَ الْقُرْآن مَعَ انها مِنْهُ وَقيل سبع سور وَهِي الطوَال وسابعها الانفال وَالتَّوْبَة فَإِنَّهُمَا فِي حكم سُورَة وَاحِدَة أَو الحواميم السَّبع وَقيل سبع صحاف وَهِي الاسباع والمثاني من التَّثْنِيَة أَو الثَّنَاء فَإِن كل ذَلِك مثنى تكَرر قرأته والفاظه وقصصه ومواعظه أَو مثنى عَلَيْهِ بالبلاغة والاعجاز وَيجوز ان يُرَاد بالمثاني الْقُرْآن فَيكون من للتَّبْعِيض فَظهر انه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حصر ايتاء السَّبع المثاني مُبَالغَة لمعات قَوْله شفعت بِالتَّخْفِيفِ خبران كَذَا قَالَ الطَّيِّبِيّ والا ظهر ان قَوْله ثَلَاثُونَ خبر لِأَن وَقَوله شفعت خبر ثَان وَقَالَ فِي الازهاد شفعت على بِنَاء الْمَجْهُول مشددا أَي قبلت شَفَاعَتهَا وَقيل على بِنَاء الْفَاعِل مخففا وَهَذَا أقرب انْتهى وَقَالَ الشَّيْخ الدهلوي ان حمل قَوْله شفعت على معنى الْمُضِيّ كَمَا هُوَ ظَاهر كَانَ أَخْبَار من الْغَيْب وان يَجْعَل بِمَعْنى تشفع كَانَ تحريضا على الْمُوَاظبَة عَلَيْهَا انْتهى قَوْله [3787] تعدل ثلث الْقُرْآن قَالَ فِي النِّهَايَة وَهَذَا لِأَن الْقُرْآن اما إرشاد الى معرفَة ذَات الله وتقديسه أَو معرفَة صِفَاته واسمائه أَو معرفَة أَفعاله وسنته فِي عباده وَالْإِخْلَاص مُشْتَمل على التَّقْدِيس لِأَن منتهاه ان يكون وَاحِدًا فِي ثَلَاثَة أُمُور لَا يكون حَاصِلا مِنْهُ من هُوَ من نَوعه وَشبهه وَلَا يكون هُوَ حَاصِلا مِمَّن هُوَ نَظِيره وَلَا يكون فِي دَرَجَته من هُوَ مثله وان لم يكن لَهُ أصلا وَلَا فرعا وَجُمْلَته تَفْصِيل لَا إِلَه إِلَّا الله انْتهى وَقَالَ الْكرْمَانِي أَي تعدل ثَوَاب ثلث الْقُرْآن بِلَا تَضْعِيف واما قِرَاءَة الثُّلُث فلهَا عشرَة أَمْثَال انْتهى وَمعنى تعدل تَسَاوِي والمساوات بَين الشَّيْئَيْنِ قد يكون بِاعْتِبَار الْوَزْن وَقد يكون بِاعْتِبَار المساحة وَقد يكون بِاعْتِبَار الْقيمَة فالمساوات من كل وَجه لَيست بضرورية فَإِن كَانَ المُرَاد بِهِ الثَّوَاب فَلَا بُد ان يكون بِقِرَاءَة تَمام الْقُرْآن ثَوابًا كثيرا وَفِي رِوَايَة التِّرْمِذِيّ والدارمي من قَرَأَ يس كتب الله بقرائتها قِرَاءَة الْقُرْآن عشر مَرَّات فَلَا يبعد من رَحْمَة الله ان يُعْطي بقارئ الْقُرْآن ختمة وَاحِدَة ثَوَاب الف ختمات مثلا وَلَيْسَ ذَلِك على الله بعزيز قَوْله قَالَ ذكر الله قَالَ بن الْملك المُرَاد الذّكر القلبي فَإِنَّهُ هُوَ الَّذِي لَهُ الْمنزلَة الزَّائِدَة على بذل الْأَمْوَال والانفس لِأَنَّهُ عمل نَفسِي وَفعل الْقلب هُوَ اشق من عمل الْجَوَارِح بل هُوَ الْجِهَاد الْأَكْبَر لَا الذّكر بِاللِّسَانِ الْمُشْتَمل على صياح وانزعاج وَشدَّة تَحْرِيك الْعُنُق والاعوجاج كَمَا يَفْعَله بعض النَّاس زاعمون ان ذَلِك جالب للحضور وَمُوجب للسرور حاشا لله بل سَبَب للغيبة انْتهى (إنْجَاح) قَوْله

[3791] مَا جلس قوم الخ وَفِي رِوَايَة لمُسلم مَا اجْتمع قوم فِي بَيت من بيُوت الله يَتلون كتاب الله وَيَتَدَارَسُونَهُ الخ قَالَ النَّوَوِيّ قيل المُرَاد بِالسَّكِينَةِ هَهُنَا الرَّحْمَة وَهُوَ الَّذِي اخْتَارَهُ القَاضِي عِيَاض وَهُوَ ضَعِيف لعطف الرَّحْمَة عَلَيْهِ وَقيل الطُّمَأْنِينَة وَالْوَقار وَهُوَ أحسن وَفِي هَذَا دَلِيل لفضل الِاجْتِمَاع على ذكر الله وتلاوة الْقُرْآن فِي الْمَسْجِد وَهُوَ مَذْهَبنَا وَمذهب الْجُمْهُور وَقَالَ مَالك يكره وتأوله بعض اصحابه ويلتحق بِالْمَسْجِدِ فِي تَحْصِيل هَذِه الْفَضِيلَة الِاجْتِمَاع فِي مدرسة ورباط وَنَحْوهمَا وَيدل عَلَيْهِ حَدِيث الْكتاب فَإِنَّهُ مُطلق يتَنَاوَل جَمِيع الْمَوَاضِع وَيكون التَّقْيِيد فِي حَدِيث الْمُسلم خرج على الْغَالِب لَا سِيمَا فِي ذَلِك الزَّمَان فَلَا يكون لَهُ مَفْهُوم يعْمل بِهِ انْتهى مَعَ تَغْيِير قَوْله وتنزلت عَلَيْهِم السكينَة أَي الرَّحْمَة ويضعفه عطف الرَّحْمَة قيل الْأَظْهر انها الْمَلَائِكَة قَالَه النَّوَوِيّ وَقَالَ الطَّيِّبِيّ هِيَ مَا يحصل بِهِ السّكُون وصفاء الْقلب وَذَهَاب الظلمَة النفسانية ونزول ضِيَاء الرحمانية وَحُصُول الذَّوْق انْتهى وَلَا حول وَلَا قُوَّة الا بِاللَّه قَالَ فِي النِّهَايَة الْحول هُنَا الْحَرَكَة من حَال يحول إِذا تحرّك أَي لَا حَرَكَة وَلَا قُوَّة الا بِاللَّه وَقيل هُوَ الْحِيلَة انْتهى وَقَالَ الْكرْمَانِي أَي لَا حِيلَة فِي دفع الشَّرّ وَلَا قُوَّة فِي تَحْصِيل الْخَيْر الا بمعونته انْتهى وَقَالَ الطَّيِّبِيّ أَي لَا تحول عَن مَعْصِيّة الله الا بتوفيقه وَلَا قُوَّة على طَاعَته الا بمشيته أَو لَا حِيلَة من مكر الله انْتهى قَوْله [3795] مَالك كئيبا أَي حَزينًا من الكأبة وَهُوَ الْحزن وَقَوله اساءتك امرة بن عمك أَي شقّ عَلَيْك امارة أبي بكر الصّديق حَيْثُ جَلَست حَزينًا وَطَلْحَة وَالصديق كِلَاهُمَا من تيم بن مرّة لِأَن طَلْحَة هُوَ بن عبيد الله بن عُثْمَان بن عَمْرو بن كَعْب بن سعد بن تيم بن مرّة وَالصديق هُوَ بن عُثْمَان المكني بِأبي قُحَافَة بن عَامر بن عَمْرو بن كَعْب بن سعد بن تيم بن مرّة يَشْتَرِكَانِ فِي عَمْرو بن كَعْب الَّذِي هُوَ أَبُو جدهما (إنْجَاح) قَوْله لَهَا روحا الرّوح بِفَتْح الرَّاء الرَّاحَة وَالرِّيح الطّيب كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى فَأَما ان كَانَ من المقربين فَروح وَرَيْحَان وجنة نعيم (إنْجَاح) قَوْله فَلم اسأله أَي لم اسال النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَن تِلْكَ الْكَلِمَة قَالَ عمر انا اعلمها أَي اعْلَم تِلْكَ الْكَلِمَة هِيَ الْكَلِمَة الَّتِي أَرَادَ عَمه أَي أَبَا طَالب عَلَيْهَا حِين جَاءَهُ النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقت وَفَاته وَقَالَ يَا عَم قل كلمة احاج بهَا عِنْد رَبك وَهِي لَا إِلَه إِلَّا الله (إنْجَاح) قَوْله [3797] لَا يسبقها عمل لِأَنَّهُ لَيْسَ من شَأْن عمل مَا ان يُنجي على الِاسْتِقْلَال أحد بِخِلَاف هَذِه الْكَلِمَة فَإِنَّهَا تنجي قَائِلهَا وَلَو لم يعْمل عملا صَالحا مُدَّة حَيَاته اما بِاعْتِبَار المَال فَظَاهر لِأَنَّهُ لَيْسَ للموحدين الخلود فِي النَّار وَأما بِاعْتِبَار أول الْحَال فبسبب سَعَة الْمَغْفِرَة جَائِز أَيْضا ان الله لَا يغْفر ان يُشْرك بِهِ وَيغْفر مَا دون ذَلِك لمن يَشَاء (إنْجَاح) قَوْله وَلَا تتْرك ذَنبا تَأْوِيله ان الْكَافِر إِذا اسْلَمْ فَإِن الْإِسْلَام يهدم مَا كَانَ قبله وَالظَّاهِر ان الْإِسْلَام لَا يكون الا بِهَذِهِ الْكَلِمَة إنْجَاح الْحَاجة لمولانا الشَّيْخ عبد الْغَنِيّ المجددي الدهلوي رَحْمَة الله عَلَيْهِ قَوْله ومحى عَنهُ مائَة سَيِّئَة قَالَ النَّوَوِيّ قَوْله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيث التهليل ومحى عَنهُ مائَة سيئته وَفِي حَدِيث التَّسْبِيح غفرت لَهُ ذنُوبه وَلَو كَانَت مثل زبد الْبَحْر ظَاهره ان التَّسْبِيح أفضل وَقد قَالَ فِي حَدِيث التهليل وَلم يَأْتِ أحد أفضل مِمَّا جَاءَ بِهِ قَالَ القَاضِي فِي الْجَواب عَن هَذَا ان التهليل الْمَذْكُور أفضل وَيكون مَا فِيهِ من زِيَادَة الْحَسَنَات ومحو السَّيِّئَات وَمَا فِيهِ من فضل عتق الرّقاب وَكَونه حرْزا من الشَّيْطَان زَائِدا على فضل التَّسْبِيح وتكفير الْخَطَايَا لِأَنَّهُ قد ثَبت ان من اعْتِقْ رَقَبَة اعْتِقْ الله بِكُل عُضْو مِنْهَا عضوا مِنْهُ من النَّار فقد حصل بِعِتْق رَقَبَة وَاحِدَة تَكْفِير جَمِيع الْخَطَايَا مَعَ مَا يبْقى لَهُ من زِيَادَة عتق الرّقاب الزَّائِدَة على الْوَاحِدَة وَمَعَ مَا فِيهِ من زِيَادَة مائَة دَرَجَة وَكَونه حرْزا للشَّيْطَان ويؤيدهما جَاءَ فِي الحَدِيث بعد هَذَا ان أفضل الذّكر التهليل مَعَ الحَدِيث الاخر أفضل مَا قلته انا والنبيون قبلي لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ الحَدِيث انْتهى قَوْله الا من قَالَ أَكثر فِيهِ دَلِيل على انه لَو قَالَ هَذَا التهليل أَكثر من مائَة مرّة فِي الْيَوْم كَانَ لَهُ هَذَا الْأجر الْمَذْكُور فِي الحَدِيث على الْمِائَة وَيكون لَهُ ثَوَاب اخر على الزِّيَادَة وَلَيْسَ هَذَا من الْحُدُود الَّتِي نهى عَن اعتدائها ومجاوزة اعدادها وان زيادتها لَا فضل فِيهَا وتبطلها كالزيادة فِي عدد الطَّهَارَة وَعدد رَكْعَات الصَّلَاة وَيحْتَمل ان يكون المُرَاد مُطلق الزِّيَادَة سَوَاء كَانَت من التهليل أَو من غَيره أَو مِنْهُ وَمن غَيره وَهَذَا الِاحْتِمَال أظهر (نووي) قَوْله

[3800] أفضل الذّكر الخ قَالَ بعض الْمُحَقِّقين انما جعل التهليل أفضل الذّكر لِأَن لَهَا تَأْثِيرا فِي تَطْهِير الْبَاطِن عَن الْأَوْصَاف الذميمة الَّتِي هِيَ معبودات فِي بَاطِن الذاكر قَالَ تَعَالَى أَفَرَأَيْت من اتخذ الله الهه هَوَاهُ فَيُفِيد عُمُوم نفي الالهة بقوله لَا اله وَيثبت الْوَاحِد بقوله الا الله وَيعود الذّكر من ظَاهر لِسَانه الى بَاطِن قلبه فيتمكن فِيهِ وَيَسْتَوِي على جوارحه وجد حلاوة هَذَا من ذاق وَقَوله وافضل الدُّعَاء الْحَمد لله إِنَّمَا جعل الْحَمد أفضل الدُّعَاء لِأَن الدُّعَاء عبارَة عَن ذكر الله وان يطْلب حَاجته وَالْحَمْد لله يشملها فَإِن من حمد الله إِنَّمَا يحمده على نعْمَة وَالْحَمْد على النِّعْمَة طلب مزِيد قَالَ تَعَالَى لَئِن شكرتم لازيدنكم طيبي مُخْتَصرا قَوْله فعضلت على الْملكَيْنِ بِالْعينِ الْمُهْملَة وَالضَّاد الْمُعْجَمَة أَي صعبت وثقلت وَاصل العض لالمنع والشدة اعضل بِي الْأَمر إِذا ضَاقَ عَلَيْك فِيهِ الْحِيَل والداء العضال هُوَ مرض يعجز الْأَطِبَّاء فَلَا دَوَاء لَهُ كَذَا فِي الْمجمع (إنْجَاح) قَوْله فَمَا نهنهها بنونين وهائين كزحزح أَي مَا منعهَا عَن الْوُصُول اليه شَيْء وَفِي الْقَامُوس نهنهه عَن الْأَمر فتنهنه كَفه وزجره فَكف واصله نهنه انْتهى (إنْجَاح) [3805] الا كَانَ الَّذِي أعطَاهُ أفضل الخ فَإِن الْحَمد رَأس الشُّكْر كَأَنَّهُ أَرَادَ انه شكر بافض مِمَّا يشْكر بِهِ النَّاس وَهَذَا إِظْهَار لفضيلة الْحَمد والا فنعمة الله لَا يُعَاد لَهُ شَيْء فَكيف يكون أفضل وَإِنَّمَا فضل هَذَا القَوْل لِأَنَّهُ رَاجع الى الله تَعَالَى وَالنعْمَة نازلة مِنْهُ تَعَالَى اليه يصعد الْكَلم الطّيب وَالْعَمَل الصَّالح يرفعهُ (إنْجَاح) قَوْله الا كَانَ الَّذِي أعطَاهُ أفضل الخ فِي شعب الْإِيمَان للبيهقي قَالَ بن أبي الدُّنْيَا بَلغنِي عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة انه سُئِلَ عَن هَذَا الحَدِيث فَقَالَ لَا يكون فعل العَبْد أفضل من فعل الله فَقَالَ الْبَيْهَقِيّ هَذِه غَفلَة من عَالم لِأَن العَبْد لَا يصل الى حمد الله وشكره الا بتوفيقه وَإِنَّمَا فَضله لما فِيهِ من حسن الثَّنَاء على الله تَعَالَى ومدحه إِيَّاه وَلَيْسَ ذَلِك فِي النِّعْمَة الأولى (زجاجة) قَوْله [3806] كلمتان خفيفتان الخ قَالَ الطَّيِّبِيّ الخفة مستعارة للسهولة شبه سهولة جَرَيَان هَذَا الْكَلَام على اللِّسَان بِمَا يخف الْحَامِل من بعض المحمولات فَلَا يشق عَلَيْهِ فَذكر الْمُشبه وَالْمرَاد الْمُشبه بِهِ وَأما الثّقل فعلى حَقِيقَته لِأَن الْأَعْمَال تتجسم عِنْد الْمِيزَان انْتهى وَقيل توزن اصحائف الْأَعْمَال وَيدل عَلَيْهِ حَدِيث البطافة والسجلات (مرقاة) قَوْله [3808] عدد خلقه وَمَا بعده منصوبات على نزع الْخَافِض أَي بِعَدَد خلقه وَقيل على الصدرية أَي أعد تسبيحه بِعَدَد خلقه وبمقدار مَا يرضاه وبثقل عَرْشه يُقَال وزن الشَّيْء وزنا أَي ثقل وبمقدار كَلِمَاته وَهَذَا دُعَاء ومبالغة فِي تكثيرها كَأَنَّهُ تكلم بهَا بِهَذِهِ الْمِقْدَار فَلَا يتَّجه ان يُقَال انه مَا معنى اسبحه بِهَذَا الْمِقْدَار سَوَاء كَانَ خبر أَو إنْشَاء وَهُوَ لم يسبح الا وَاحِدًا فَافْهَم وَالْمرَاد بِكَلِمَات الله كَلَامه وَهُوَ صفته وَصِفَاته لَا تَنْحَصِر بِعَدَد فَذكر الْعدَد مجَاز للْمُبَالَغَة فِي الْكَثْرَة وَقيل المُرَاد الْقُرْآن وَقيل الْعلم كَذَا فِي اللمعات قَوْله سُبْحَانَ الله مداد كَلِمَاته قَالَ النَّوَوِيّ المداد بِكَسْر الْمِيم قيل مَعْنَاهُ مثلهَا فِي الْعدَد وَقيل مثلهَا فِي انها لَا تنفد وَقيل فِي الْكَثْرَة والمداد هَهُنَا مصدر بِمَعْنى المدد وَهُوَ مَا كثرت بِهِ الشَّيْء قَالَ الْعلمَاء واستعماله هَهُنَا مجَاز لِأَن كَلِمَات الله تَعَالَى لَا تحصر بِعَدَد وَلَا غَيره وَالْمرَاد الْمُبَالغَة بِهِ فِي الْكَثْرَة لِأَنَّهُ ذكر اولا مَا يحصره الْعد الْكثير من عدد الْخلق ثمَّ زنة الْعَرْش ثمَّ ارْتقى الى مَا هُوَ أعظم ذَلِك وَعبر عَنهُ بِهَذَا أَي مَالا يُحْصِيه عدكما لَا تحصى كَلِمَات الله تَعَالَى انْتهى قَوْله [3809] ينعطفن حول الْعَرْش أَي يدرن والدوى الصَّوْت الْخَفي قَوْله تذكره بصاحبها أَي تذكر ربه بِحَال صَاحبهَا فَكَأَنَّهَا شَوَاهِد عَلَيْهِ ثمَّ بَين صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالتصريح اما يحب أحدكُم اسْتِفْهَام إِنْكَار فَكَأَنَّهُ قَالَ انه مَعَ هَذِه الْفَضِيلَة كَيفَ ينسى أحدكُم يغْفل عَن هَذَا الذّكر (إنْجَاح) قَوْله [3815] اني لاستغفر الله الخ امتثاله لقَوْله جلّ ذكره فسبح بِحَمْد رَبك وَاسْتَغْفرهُ وَقواهُ تَعَالَى فَاعْلَم انه لَا إِلَه إِلَّا الله واستغفر لذنبك وَلِلْمُؤْمنِينَ وللمؤمنات ثمَّ الاسْتِغْفَار مِنْهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ انه قد غفر لَهُ مَا تقدم من ذَنبه وَمَا تَأَخّر لَيْسَ لمغفرة الذُّنُوب فَإِن الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم الصَّلَاة والتسليمات معصومون من الْكَبِيرَة وَالصَّغِيرَة على الْأَصَح وَلَكِن لَا يخفى انه لَا بُد للنَّبِي من معاشرة الْأمة لتبليغ الاحكام وفيصلة خصوماتهم وَتَعْلِيم ادابهم فَفِي هَذِه الْحَالَات لَا بُد لَهُ من مُنَاسبَة بَينه وَبَين الْخلق وَهَذَا الِاشْتِغَال بالخلق يصرفهُ عَن الْمُشَاهدَة التَّامَّة فِي الْجُمْلَة لِأَنَّهُ نقص لَهُ بل هُوَ غَايَة مقاصده وَلَكِن يحصل بِهِ الفتور فِي الْحَالة السَّابِقَة فيلتجي الى الله تَعَالَى بالاستغفار لطلب الْحَالة السَّابِقَة وَهُوَ الْمعبر عَنهُ بالغين فِي قَوْله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وانه ليغان على قلبِي واني لاستغفر الله فِي الْيَوْم مائَة مرّة كَمَا فِي رِوَايَة مُسلم وَلِهَذَا لما تمّ دينه وَفتح الْفتُوح حَتَّى مَكَّة شرفها الله تَعَالَى أَمر ان يتَوَجَّه الى الْحق بِالْكُلِّيَّةِ لِأَنَّهُ رأى النَّاس يدْخلُونَ فِي دين الله افواجا فاشتغل صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعد فتح مَكَّة بِالتَّوْبَةِ وَالِاسْتِغْفَار لتَحْصِيل حَالَة الْمُشَاهدَة الْكَامِلَة ثمَّ هَذِه الدَّار لَيْسَ محلا لَهَا بل محلهَا الدَّار الْآخِرَة وَلذَا قَالَ الشَّيْخ المجدد رض ان رُؤْيَة الله تَعَالَى لم يكن فِي الدُّنْيَا لِأَن الدُّنْيَا وَأَهْلهَا لَا يُطِيقُونَ ذَلِك بل خرج رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِك الاوان عَن الْمَكَان وَالزَّمَان وَهَذَا سر لَا يَعْقِلهَا الا الْعَالمُونَ فَالْحَاصِل انه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اشْتغل بعد الْفَتْح الى الْمُشَاهدَة الاخروية حَتَّى كَانَ يكثر يَقُول رب اغْفِر لي وَتب عَليّ انك أَنْت الغفور الرَّحِيم فَهَذَا كَانَ سَبَب الاسْتِغْفَار وللشراح فِي هَذَا الْمقَام تَحْقِيق آخر لسنا نعرج لذَلِك (إنْجَاح) قَوْله

[3817] كَانَ فِي لساني ذرب بِفتْحَتَيْنِ أَي حِدة من ضرب لِسَانه إِذا كَانَ حاد اللِّسَان لَا يبال مَا قَالَ كَذَا فِي الْمجمع (إنْجَاح) قَوْله وَكَانَ لَا يعدوهم الى غَيرهم هَذَا قَول أبي الْمُغيرَة أَي كَانَ حُذَيْفَة لَا يتَجَاوَز أَهله الى غَيرهم كَمَا يسب أحدهم أَبَا أحد أَو أمه فيسب المسبوب أَبَاهُ وَأمه وَهَذَا من صَنِيع الْجَاهِلِيَّة فَإِن التَّقْصِير مِنْهُ لَا من غَيره إنْجَاح تقربت ذِرَاعا الخ الذِّرَاع من روس الْأَصَابِع الى الْمرْفق والباع قدر مد الْيَدَيْنِ والهرولة هِيَ بَين الْمَشْي والعدو والقراب بِضَم الْقَاف وبكسرها أَي بِمِثْلِهَا وملأها وقدرها رُبمَا يُقَارب ملأها (إنْجَاح) قَوْله [3822] انا عِنْد ظن عَبدِي بِي الخ أَي ان ظن بِي الْعَفو فَلهُ ذَلِك وان ظن الْعقُوبَة فَكَذَلِك وَكَذَلِكَ إِذا اعْتمد على الله تَعَالَى فِي أَمر من الْأُمُور يعامله الله تَعَالَى بِلُطْفِهِ وَكَرمه مَا ظن وَهَذَا مقَام يشْعر بِكَمَال التَّوَكُّل والاعتماد على الله وَلِهَذَا اخذ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بيد المجذوم فَادْخُلْهُ فِي قصعته وَقَالَ كل بِسم الله ثِقَة بِاللَّه وتوكلا على الله وَقَالَ لغيره فر من المجذوم كَمَا تَفِر من الْأسد وَعَن بَعضهم انه سَافر على التَّوَكُّل وَمَعَهُ خَادِم لَهُ فَلَمَّا سَاءَ بعض السّير قَالَ لِخَادِمِهِ هَل عنْدك شَيْء من الْمَعْلُوم فَقَالَ لَا ثمَّ سَار بعض السّير فَقَالَ مثل مقَالَته وَقَالَ الْخَادِم كَذَلِك ثمَّ سَار سَاعَة فاعيى عَن السّير وَجلسَ وَقَالَ للخادم ان عييت وَلَيْسَ ذَلِك الا بِشَيْء من الْمَعْلُوم فأخيرني فَقَالَ الْخَادِم لَيْسَ معي شَيْء إِلَّا شِرَاك اخذتها لاصلاح نَعْلي فَقَالَ هَل فسد نعلك قَالَ لَا قَالَ فَاطْرَحْهُ فَإِنَّهُ بسبيه فَكَانَ الْخَادِم يسير بالجهد كي ينْتَقض الشرَاك فَيلْزم الشَّيْخ حَتَّى انْتقض فَوجدَ شراكا قدامه فندم وَقَالَ الشَّيْخ هَكَذَا من يُعَامل الله تَعَالَى فَهَذَا معنى حسن الظَّن بالرب (إنْجَاح) قَوْله فَإِن ذَكرنِي فِي نَفسه الخ إِشَارَة الى فَضِيلَة الذّكر الْخَفي النَّفْسِيّ فَإِن الظَّاهِر ان ذكره تَعَالَى فِي نَفسه خير من ذكره فِي مَلأ وَقد جَاءَ الذّكر الَّذِي لَا يسمعهُ الْحفظَة خير بسبعين دَرَجَة وَجَاء خير الذّكر الذّكر الْخَفي وَخير الرزق مَا يَكْفِي وَقد علم بذلك فَضِيلَة سَادَاتنَا النقشبندية المجددية رض وَهَذَا الْأَمر مَنْصُوص وَقَالَ الشَّيْخ مُحَمَّد سعيد ولد الشَّيْخ المجدد رض يَنْبَغِي للذاكر ان يشْتَغل بِالذكر بِحَيْثُ لَا يحصل للجوارح اثره فَإِن الْحفظَة تشعر بالحركة (إنْجَاح) قَوْله وان اقْترب الخ يفهم من هَذَا ان الطّلب للقرب ضَرُورِيّ قَالَ شيخ الْإِسْلَام الْأنْصَارِيّ لَا يجدونه بِالطَّلَبِ وَلَكِن الطَّالِب يجد أَي نفس الطّلب لَا يُوجب الْقرب بل جذبة من الجذبات الْحق توازي عمل الثقلَيْن وانه تَعَالَى يشْكر سَعْيه وَالْغَرَض ان فعل العَبْد لَا تَأْثِير لَهُ فِي الْقرب بل الْقرب تفضل من الله تَعَالَى يُعْطي لصَاحب الطّلب قَالَ أَبُو سعيد الخزاز من ظن ان يبْذل المجهود يصل فمتعن وَمن ظن انه بِغَيْر بذل المجهود يصل فمتمن وَقَالَ أَبُو يزِيد مَا وصلت اليه حَتَّى قطعت عني وَمَا قطعت عني حَتَّى وصلت اليه لَا أَدْرِي مَا كَانَ اولا وَقَالَ الشَّيْخ أَبُو عَليّ سياه يَقُول أهل مَا وَرَاء النَّهر سَالم تقطع عَنْك لَا تصل اليه وَقَالَ الْعِرَاقِيُّونَ مَا لم تصل اليه لَا تقطع عَنْك ثمَّ قَالَ الْكوز على الْحجر أَو الْحجر على الْكوز لكني انا مَعَ الْعِرَاقِيّين لِأَن السبقة مِنْهُ أولى وَقَالَ الخزاز أَيْضا من عمر كنت اطلبه وَاجِد نَفسِي والحين اطلب نَفسِي واجده وَقَالَ دَلِيل الطَّرِيقَة الشَّيْخ أَبُو سعيد أَبُو الْخَيْر ازمن اثري نمانددين عشق ازكيست جون من يمه معشوق شدم بس عاشق كيست أَي اني فنيت واضمحللت فَلَا أجد غير محبوبي واليه إِشَارَة فِي حَدِيث الْقُدسِي (إنْجَاح) قَوْله [3823] الا الصَّوْم فَإِنَّهُ لي الخ قَالَ الامام أَبُو الْخَيْر الطَّالقَانِي فِي إِضَافَة هَذِه الْعِبَادَة اليه تَعَالَى خَمْسَة وَخَمْسُونَ قولا مِنْهَا إِنَّمَا إِضَافَة اليه لِأَنَّهُ إِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة تعلق خصماؤه فَيَأْخُذ زكوته وَآخر حجه وَآخر جهاده وَآخر صلَاته وَآخر تسبيحه وَيبقى على العَبْد مظالم فيريدون ان يَأْخُذُوا صَوْمه فَيَقُول لَهُم الرب تَعَالَى الصَّوْم لي وَلَيْسَ لَهُ حَتَّى تَأْخُذُوا وَلَا سَبِيل لكم على شَيْء هُوَ لي وَمِنْهَا ان جَمِيع الطَّاعَات يَقع عَلَيْهَا حواس الْخلق الا الصَّوْم فَإِنَّهُ سر بَين الله وَبَين عَبده لَا يطلع عَلَيْهِ الا الله تَعَالَى وَمِنْهَا ان هَذِه إِضَافَة الحماية حَتَّى لَا يطْمع الشَّيْطَان فِي افساده وَلَا يتجاسر على إِبْطَاله وَمِنْهَا انه مَا من طَاعَة يَفْعَلهَا الْعباد الى الله الا وَتَأْتِي الْكفَّار بصورتها لاصنامهم الا الصَّوْم وَمِنْهَا ان فِيهِ الْإِمْسَاك عَن مَحْبُوب الطباع من الْأكل وَالشرب وَالْجِمَاع والشهوات فَفِيهِ مُخَالفَة النَّفس وَمُخَالفَة النَّفس مُوَافقَة الْحق وَمِنْهَا ان فِيهِ الْإِمْسَاك عَن قَول الزُّور وَسَائِر المخالفات وَمِنْهَا انه عبَادَة اسْتَوَى فِي احكامها الْأَحْرَار وَالْعَبِيد وَمِنْهَا أَنه عبَادَة تشاكل طباع الْمَلَائِكَة المقربين لأَنهم لَا يَأْكُلُون وَلَا يشربون وَمِنْهَا انه عبَادَة خَالِيَة عَن سعى العَبْد لِأَنَّهُ امساك عَن السَّعْي فَهُوَ لله حَيْثُ خلا من سعى العَبْد فِيهِ وَمِنْهَا ان الْمَقْصُود إِظْهَار فَضله على سَائِر الْعِبَادَات كَمَا أضَاف الْمَسَاجِد الى نَفسه وان كَانَت بقاع الأَرْض كلهَا لَهُ إِظْهَارًا لفضل تِلْكَ الْبِقَاع على غَيرهَا وَمِنْهَا ان الصَّائِم يتشبه فِي صَوْمه بِصفة الله ويتخلق بخلقه وان كَانَت صِفَاته عالية عَن ان يتشبه بهَا قَالَ تَعَالَى وَهُوَ يطعم وَلَا نطعم (زجاجة) قَوْله [3825] الا أدلك على كنز من كنوز الْجنَّة قَالَ فِي النِّهَايَة أَي اجرها تدخر لقائلها والمتصف بهَا كَمَا يدّخر الْكَنْز انْتهى وَقَالَ النَّوَوِيّ وَجه الشّبَه النَّفْع والنفاسة لِأَنَّهُ استسلام وتفويض الى الله وانه لَا يملك شَيْئا من أمره انْتهى قَوْله

[3828] ان الدُّعَاء هُوَ الْعِبَادَة أَي تستاهل ان قسمي عبَادَة لدلالته على الإقبال عَلَيْهِ والاعراض عَمَّا سواهُ وَيُمكن إِرَادَة نَعته أَي الدُّعَاء لَيْسَ الا إِظْهَار التذلل قَالَهَا الطَّيِّبِيّ والحصر للْمُبَالَغَة [3830] وامكر لي الخ قَالَ فِي النِّهَايَة مكر الله إِيقَاع بلائه باعدائه دون اوليائه وقِي هُوَ اسْتِدْرَاج العَبْد بالطاعات فيتوهم انها مَقْبُولَة وَهِي مَرْدُودَة وَالْمعْنَى الْحق مكرك باعدائي لأبي وَاصل الْمَكْر الخداع (زجاجة) قَوْله إِلَيْك مخبتا أَي ملتجنا ومنصرفا اواها أَي تثير التاوه من الذُّنُوب والحوبة بِالْفَتْح الْإِثْم والذنب والسخيمة الحقد وَهَذَا الحَدِيث مسلسل بالتاريخ (إنْجَاح) قَوْله إِلَيْك مخبتا قَالَ فِي النِّهَايَة أَي خَاشِعًا مُطيعًا والاخبات الْخُشُوع والتواضع واخبت لله يخبت واصله من الخبت المطمئن من الأَرْض قَوْله اواها قَالَ فِي النِّهَايَة الاواه المتأوه المتضرع وَقيل هُوَ الْكثير الْبكاء وَقيل الْكثير الدُّعَاء وَقَوله منيبا قَالَ فِي النِّهَايَة الانابة الرُّجُوع الى الله تَعَالَى بِالتَّوْبَةِ اناب ينيب انابة فَهُوَ منيب إِذا اقبل وَرجع وَقَوله واغسل حوبتي قَالَ فِي النِّهَايَة أَي اثمى وَقَوله واسلل سخيمة قلبِي هِيَ الحقد فِي النَّفس أَي أخرجه (زجاجة) قَوْله [3831] وَأَنت الاخر هُوَ الْبَاقِي بعد فنَاء خلقه كُله ناطقه وصامته وَقَوله وَأَنت الظَّاهِر هُوَ الَّذِي ظهر فَوق كل شَيْء وَعلا عَلَيْهِ وَقيل هُوَ الَّذِي عرف بطرق الِاسْتِدْلَال الْعقلِيّ بِمَا ظهر لَهُم من اثار أَفعاله واوصافه وَقَوله وَأَنت الْبَاطِن هُوَ المحتجب من أبصار الْخَلَائق واوهامهم فَلَا يُدْرِكهُ بصر وَلَا يُحِيط بِهِ وهم وَقيل هُوَ الْعَالم بِمَا بطن يُقَال بطنت الْأَمر إِذا عرفت بَاطِنه (زجاجة) قَوْله [3834] تخَاف علينا فَإنَّك مَأْمُون عَن الضلال فَلَيْسَ هَذَا الدُّعَاء الا لتعليمنا أَو من قبلنَا على لسَانك وَلذَا لم يرد النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُؤَاله بل صدقه واجابه بِمَا يَلِيق سُؤَاله (إنْجَاح) قَوْله ان الْقُلُوب بَين أصبعين بحركات الْهمزَة فِي حركات الْبَاء والعاشر اصبوع كعصفور قَالَ الطَّيِّبِيّ أَرَادَ بهما صِفَتي الْجلَال والاكرام فبالاول يلهمها فجورها وَبِالثَّانِي يلهمها تقواها انْتهى وَقَوله من أَصَابِع الرَّحْمَن يقلبها قَالَ فِي النِّهَايَة الْأَصَابِع جمع أصْبع وَهِي الْجَارِحَة وَذَلِكَ من صِفَات الْأَجْسَام تَعَالَى الله عَن ذَلِك وتقدس واطلاقها عَلَيْهِ مجَاز كَالطَّلَاقِ الْيَد وَالْعين والسمع وَهُوَ جَار مجْرى التَّمْثِيل وَالْكِنَايَة عَن سرعَة تقلب الْقُلُوب وان ذَلِك أَمر مَعْقُود بمشية الله تَعَالَى وَتَخْصِيص ذكر الْأَصَابِع كِنَايَة عَن أَجزَاء الْقُدْرَة والبطش لِأَن ذَلِك بِالْيَدِ والاصابع اجزاؤها انْتهى قَوْله [3836] لَا تَفعلُوا كَمَا يفعل الخ وَذَلِكَ لِأَن الْأَعَاجِم يقومُونَ عِنْد مُلُوكهمْ وَهُوَ جَالس على السرير وَذَلِكَ مُتَعَارَف فِي بِلَاد الْهِنْد فَإِنَّهُم كَانُوا من أهل فَارس فاعتادوا بِمثل عَادَتهم والا فالقيام لتعظيم القادم ثَبت من عدَّة رِوَايَات كَمَا فِي رِوَايَة البُخَارِيّ وَمُسلم انه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِلَانْصَارِ قومُوا الى سيدكم حِين جَاءَ سعد بن معَاذ يَوْم قُرَيْظَة وَفِي رِوَايَة الْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ كَانَ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يجلس مَعنا فِي الْمَسْجِد يحدثنا فَإِذا قَامَ قمنا قيَاما حَتَّى نرَاهُ قد دخل بعض بيُوت أَزوَاجه واما سَبَب كَرَاهَته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لذَلِك كَمَا فِي رِوَايَة التِّرْمِذِيّ فلكمال التَّوَاضُع والموانسة مِنْهُم لَا للْحُرْمَة وَمَا فِي رِوَايَة التِّرْمِذِيّ وَأبي دَاوُد من سره ان يتَمَثَّل لَهُ الرِّجَال قيَاما فَليَتَبَوَّأ من النَّار فَقَالَ الْقَارئ هُوَ ان يقفوا بَين يَدَيْهِ قائمون لخدمته وتعظيمه من قَوْلهم مثل بَين يَدَيْهِ مثولا أَي انتصب قَائِما كَذَا ذكره بعض الشُّرَّاح وَالظَّاهِر انهم إِذا كَانُوا قَائِمين للْخدمَة لَا للتعظيم فَلَا بَأْس بِهِ كَمَا يدل عَلَيْهِ حَدِيث سعد قلت وَفِي قَوْله سره إِشَارَة الى ان الْمُعظم لَهُ إِذا كَانَ أَمر بذلك أَو يُعجبهُ ذَلِك فَلهُ ذَلِك الْوَعيد وان كَانَ للتأديب لَهُم أَو بِلَا ارادته فَلَيْسَ هُوَ دَاخِلا فِي هَذَا الْوَعيد كَمَا روى عَن أبي حَفْص الصُّوفِي رح ان اتِّبَاعه كَانُوا يقومُونَ وَهُوَ جَالس فَقيل لَهُ فِي ذَلِك فَقَالَ أدب الظَّاهِر عنوان أدب الْبَاطِن فَمَا يظنّ بذلك الشَّيْخ الْكَبِير السرُور بِهَذِهِ الْأَفْعَال (إنْجَاح) قَوْله [3837] وَمن نفس لَا تشبع أَي عَن حرص الدُّنْيَا وَمن دُعَاء لَا يسمع أَي لَا يُسْتَجَاب وَلَا يعْتد بِهِ فَكَأَنَّهُ غير مسموع (إنْجَاح) قَوْله [3838] من فتْنَة النَّار وَعَذَاب النَّار الخ المُرَاد من فتْنَة النَّار وفتنة الْقَبْر هِيَ مَا تودي الى عذابهما لَا الْعَذَاب لِئَلَّا يتَكَرَّر هَذَا حَاصِل مَا فِي الْمجمع (إنْجَاح) قَوْله

باب الجوامع من الدعاء إلى الجامعة لخير الدنيا والآخرة وقيل هي ما كان

[3839] وَمن شَرّ مَا لم اعْمَلْ قيل استعاذ من ان يعْمل فِي مُسْتَقْبل الزَّمَان مَالا يرضاه الله فَإِنَّهُ لَا يَأْمَن مكر الله الا الْقَوْم الخاسرون وَقيل من ان يكون معجبا بِنَفسِهِ فِي ترك القبائح وَسَأَلَهُ ان يرى ذَلِك من فضل ربه طيبي [3842] تعوذوا بِاللَّه من الْفقر أَي فقر النَّفس أَو قلَّة المَال مَعَ عدم الصَّبْر قَالَ المغيث قَوْله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أعوذ بك من الْفقر لَا يُنَافِي حَدِيث احيني مِسْكينا لِأَن المسكنة هِيَ التَّوَاضُع وَعدم التكبر وَلَو كَانَ المسكنة هُوَ الْفقر يلْزم عدم استجابة دُعَائِهِ إِذْ توفى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَنِيا مُوسِرًا بأنواع الْفَيْء وان كَانَ لم يضع درهما على دِرْهَم وَلَا يُقَال لمن ترك مثله بساتين بِالْمَدِينَةِ وفدك واموالا انه مَاتَ فَقِيرا وَقد قَالَ ووجدك عائلا فأغنى وَلَو كَانَ الْفقر خيرا لما من الله عَلَيْهِ بالغنى وَأما حَدِيث ان الْفقر بِالْمُؤمنِ أحسن من الْعَذْرَاء الْحسن على خد الْفرس فَلِأَنَّهُ مُصِيبَة يُوجب بالرضى عَلَيْهِ زِينَة الدُّنْيَا ورتبة العقبي كَغَيْرِهِ من الْأَمْرَاض وَتَأْويل الْفقر بفقر النَّفس غلط وَلَا نعلم أحدا من الْأَنْبِيَاء وَلَا من الصَّحَابَة سَأَلَ الْفقر أَو الْبلَاء بل الْعَافِيَة مِنْهُمَا وَقَالَ مطرف لِأَن اعافى فأشكر ان خير من ابتلى فأصبر وَمن دُعَائِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أعوذ بك من غنى مبطر وفقر مترب ويروى مكب وَهُوَ المقعد بِالْأَرْضِ وَلَو كَانَ للفقر فصيلة فِي كل حَال كَانَ الْأَنْبِيَاء صلى الله عَلَيْهِم وَسلم وصحابتهم أولى بِهِ فَإنَّا لَا نعلم أحدا من افاضلهم كَانَ خَفِيف الحاذ الا عِيسَى وَيحيى عَلَيْهِمَا السَّلَام وَالصديق ترك نخلا وَبِمَا لَهُ الَّذِي انفقه فِي الله نَالَ الزلفة وَعمر قد ورث ووقف وارتزق من الْفَيْء مَا قد علمت وَهَذَا أَبُو ذَر وَبِه يحْتَج المفضلون للفقر كَانَ لَهُ فرق من الْإِبِل وَالْغنم وَترك الزبير وَطَلْحَة وَعبد الرَّحْمَن مَا تركُوا وَقَالَ بن عَبَّاس عِنْدِي نَفَقَة ثَمَانِينَ سنة كل يَوْم الف وَقَالَ سعيد بن الْمسيب لَا خير فِيمَن لَا يجمع المَال فَيَقْضِي بِهِ دينه ويصل رَحمَه ويكف بِهِ وَجهه وَمَات سُفْيَان وَله مائَة وَخَمْسُونَ دِينَارا بضَاعَة انْتهى قَوْله الْقلَّة أَي من قلَّة الْعدَد وَلِهَذَا دَعَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اللَّهُمَّ زِدْنَا وَلَا تنْقصنَا وَفِي الْمجمع أَي قلَّة الصَّبْر فِي أُمُور الْخَيْر لِأَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يوثر الإقلال فِي الدُّنْيَا أَو من قلَّة المَال فيعجز عَن وظائف الْعِبَادَات والذلة أَن يكون ذليلا يحقره النَّاس ويستحقونه انْتهى (إنْجَاح) قَوْله بَاب الْجَوَامِع من الدُّعَاء إِلَى الجامعة لخير الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَقيل هِيَ مَا كَانَ لَفظه قَلِيلا وَمَعْنَاهُ كثيرا كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى رَبنَا اتنا فِي الدُّنْيَا حَسَنَة وَفِي الْآخِرَة حَسَنَة وقنا عَذَاب النَّار وَمثل الدُّعَاء بِحسن الْعَافِيَة فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة (إنْجَاح) قَوْله [3847] مَا أحسن دندنتك الدندنة الصَّوْت الْخَفي وَهُوَ ان يتَكَلَّم بِمَا لَا يسمع نغمته وَلَا يفهم ومعاذ كَانَ امام قوم فَهَذَا الرجل قَالَ لَا ادرى مَا تَدْعُو بِهِ أَنْت يَا رَسُول الله وَمَا يَدْعُو بِهِ معَاذ امامنا فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حولهما ندندن أَي حول هذَيْن الدعائين من طلب الْجنَّة والاستعاذة من النَّار وَمر الحَدِيث فِي أول الْكتاب (إنْجَاح) قَوْله [3848] سل رَبك الْعَفو أَي عَن الذُّنُوب والعافية وَهِي السَّلامَة عَن جَمِيع الافات الظَّاهِرَة والباطنة وَيدخل فِيهِ الْإِيمَان وَلذَلِك سمى هَذَا الدُّعَاء أفضل لمعات قَوْله

[3849] عَلَيْكُم بِالصّدقِ فَإِنَّهُ مَعَ الْبر الخ وَفِي رِوَايَة لمُسلم فَإِن الصدْق يهدي الى الْبر قلت الْبر اسْم جَامع للخير كُله وَقيل الْبر الْجنَّة وَيجوز ان يتَنَاوَل الْعَمَل الصَّالح وَالْجنَّة والفجور هُوَ الْميل عَن الاسْتقَامَة وَقيل الانبعاث فِي الْمعاصِي وَمعنى الحَدِيث ان الصدْق يُوصل الى الْعَمَل الصَّالح الْخَالِص من كل مَذْمُوم بل يصاحبه وَالْكذب يُوصل الى الْعَمَل السؤبل يصاحبه فالزموا عَلَيْكُم الصدْق واعتنوا بِهِ وَاجْتَنبُوا عَن الْكَذِب واحذروا عَنهُ (فَخر) قَوْله وَلَا تَحَاسَدُوا وَلَا تباغضوا الخ قَالَ النَّوَوِيّ الْحَسَد تمني زَوَال النعم وَهُوَ حرَام والتدابر والمعاداة وَقيل المقاطعة لِأَن كل وَاحِد يولي صَاحبه دبره وَمعنى كونُوا عباد الله اخوانا أَي تعاملوا وتعاشروا مُعَاملَة الاخوة ومعاشرتهم فِي الْمَوَدَّة والمرفق والشفقة والملاطفة والتعاون فِي الْخَيْر وَنَحْو ذَلِك مَعَ صفاء الْقُلُوب والنصيحة بِكُل حَال قَالَ بعض الْعلمَاء وَفِي النَّهْي عَن التباغض إِشَارَة الى النَّهْي عَن الْهَوَاء المضلة الْمُوجبَة للتباغض انْتهى قَوْله وَلَا تقاطعوا أَي الرَّحِم قَالَ القَاضِي عِيَاض الرَّحِم الَّتِي توصل وتقطع تبتر إِنَّمَا هِيَ معنى من الْمعَانِي لَيست بجسم وَإِنَّمَا هِيَ قرَابَة وَنسبَة تجمعه رحم وَالِدَة ويتصل بعضه بِبَعْض فَسمى ذَلِك الِاتِّصَال رحما وَالْمعْنَى لَا يَتَأَتَّى مِنْهَا الْقيام وَلَا الْكَلَام فَيكون ذكر قِيَامهَا وتعلقها فِي حَدِيث قَامَت الرَّحِم وَفِي حَدِيث الرَّحِم معلقَة بالعرش ضرب مثل وَحسن اسْتِعَارَة على عَادَة الْعَرَب وَالْمرَاد تَعْظِيم شَأْنهَا وفضيلة واصليها وعظيم اثم قاطعيها بعقوقهم وَحَقِيقَة الصِّلَة الْعَطف وَالرَّحْمَة قَالَ وَلَا خلاف ان صلَة الرَّحِم وَاجِبَة فِي الْجُمْلَة وقطيعتها مَعْصِيّة كَبِيرَة وَالْأَحَادِيث تشهد لهَذَا وَلَكِن للصلة دَرَجَات بَعْضهَا ارْفَعْ من بعض وادناها ترك المهاجرة وصلتها بالْكلَام وَلَو بِالسَّلَامِ وَيخْتَلف ذَلِك باخْتلَاف الْقُدْرَة وَالْحَاجة فَمِنْهَا وَاجِب وَمِنْهَا مُسْتَحبّ لَو وصل بعض الصِّلَة وَلم يصل غايتها لَا يُسمى قَاطعا وَلَو قصر عَمَّا يقدر عَلَيْهِ يَنْبَغِي لَهُ لم يسم واصلا وَاخْتلفُوا فِي حد الرَّحِم الَّتِي تجب صلتها فَقيل هُوَ كل رحم محرم بِحَيْثُ لَو كَانَ أَحدهمَا ذكر والاخر أُنْثَى حرمت مناكحتها فعلى هَذَا لَا يدْخل أَوْلَاد الاعمام وَلَا أَوْلَاد الاخوال وَاحْتج هَذَا الْقَائِل بِتَحْرِيم الْجمع بَين الْمَرْأَة وعمتها أَو خَالَتهَا فِي النِّكَاح وَنَحْوه وَجَوَاز ذَلِك فِي بَنَات الاعمام والاخوال وَقيل هُوَ عَام فِي كل رحم من ذَوي الْأَرْحَام فِي الْمِيرَاث يَسْتَوِي الْمحرم وَغَيره وَيدل عَلَيْهِ قَوْله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثمَّ ادناك ادناك هَذَا كَلَام القَاضِي وَهَذَا القَوْل الثَّانِي هُوَ الصَّوَاب قَوْله وَلَا تدابروا أَي لَا يعْطى كل وَاحِد اخاه دبره وَقَفاهُ فَيعرض عَنهُ ويهجره (إنْجَاح) [3852] وأخا عَاد هُوَ هود عَلَيْهِ السَّلَام الْمَذْكُور فِي التَّنْزِيل وَاذْكُر أَخا عَاد إِذا نذر قومه بالاحقاف الْآيَة (إنْجَاح) قَوْله [3853] يُسْتَجَاب لاحدكم مَا لم يعجل الخ وَفِي رِوَايَة لمُسلم لَا يزَال يُسْتَجَاب للْعَبد مَا لم يدع بإثم أَو قطيعة رحم مَا لم يستعجل قيل يَا رَسُول الله مَا الاستعجال قَالَ يَقُول دَعَوْت فَلم يستجب لي فيستحسر عِنْد ذَلِك ويدع الدُّعَاء قَالَ أهل اللُّغَة يُقَال حسر واستحسر إِذا عيى وَانْقطع عَن الشَّيْء وَالْمرَاد هُنَا انه يَنْقَطِع عَن الدُّعَاء وَمِنْه قَوْله تَعَالَى لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَن عِبَادَته وَلَا يستحسرون أَي لَا ينقطعون عَنْهَا فَفِيهِ انه يَنْبَغِي ادامة الدُّعَاء وَلَا يستبطئ الْإِجَابَة قَالَه النَّوَوِيّ قَوْله [3854] وليعزم المسئلة فَإِن الله لَا مكره لَهُ قَالَ الْعلمَاء عزم المسئلة الشدَّة فِي طلبَهَا والجزم بِهِ من غير ضعف فِي الطّلب وَلَا تَعْلِيق على مشْيَة وَنَحْوهَا وَقيل هُوَ حسن الظَّن بِاللَّه تَعَالَى فِي الْإِجَابَة وَمعنى الحَدِيث اسْتِحْبَاب الْجَزْم فِي الطّلب وَكَرَاهَة التَّعْلِيق على المشية قَالَ الْعلمَاء سَبَب كَرَاهَته انه لَا يتَحَقَّق اسْتِعْمَال المشية الا فِي حق من يتَوَجَّه عَلَيْهِ الْإِكْرَاه وَالله تَعَالَى منزه عَن ذَلِك وَهُوَ معنى قَوْله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي آخر الحَدِيث فَإِنَّهُ لَا مكره لَهُ وَقيل سَبَب الْكَرَاهَة ان فِي هَذَا اللَّفْظ صُورَة اسْتغْنَاء عَن الْمَطْلُوب وَالْمَطْلُوب مِنْهُ قَوْله [3856] فِي سور ثَلَاث أما فِي الْبَقَرَة فَفِي فَاتِحَة اية الْكُرْسِيّ الله لَا إِلَه إِلَّا هُوَ الْحَيّ القيوم واما فِي آل عمرَان فَفِي فاتحتها الم الله لَا إِلَه إِلَّا هُوَ الْحَيّ القيوم واماطة فَفِي اية الله لَا إِلَه إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْمَاء الْحسنى (إنْجَاح) قَوْله [3857] باسمه الْأَعْظَم اعْلَم انه اخْتلفت فِي الِاسْم الْأَعْظَم فَقَالَ الْأَشْعَرِيّ والباقلاني وَغَيرهمَا ان أَسمَاء الله كلهَا عَظِيمَة لَا يجوز تَفْضِيل بَعْضهَا على بعض وَمَا ورد من ذكر الِاسْم الْأَعْظَم المُرَاد بِهِ الْعَظِيم وَقَالَ بن حبَان الاعظمية الْوَارِدَة فِي الاخبار المُرَاد بهَا مزِيد ثَوَاب الدَّاعِي بذلك يَعْنِي لَيْسَ فِي ذَاته زِيَادَة عَظِيمَة بل ذَلِك بِاعْتِبَار أَمر خَارج وَقيل لَا يُعلمهُ الا هُوَ وَلم يطلع أحد من خلقه عَلَيْهِ كَمَا قيل بذلك فِي لَيْلَة الْقدر وَسَاعَة الْجُمُعَة وَالصَّلَاة الْوُسْطَى وَقد عينه بَعضهم بِظَاهِر مَا ورد فِي الْأَحَادِيث لمعات مَعَ تَغْيِير قَوْله إِذا سُئِلَ بِهِ أعْطى الخ السُّؤَال ان يَقُول العَبْد اعطني الشَّيْء الْفُلَانِيّ فَيعْطى وَالدُّعَاء ان يُنَادي وَيَقُول يَا رب فيجيب الرب تَعَالَى وَيَقُول لبيْك يَا عَبدِي فَفِي مُقَابلَة السُّؤَال الْإِعْطَاء وَفِي مُقَابلَة الدُّعَاء الْإِجَابَة وَهَذَا هُوَ الْفرق بَينهمَا وَيذكر أَحدهمَا مقَام الاخر أَيْضا فَتدبر (إنْجَاح) قَوْله

[3860] ان لله تِسْعَة وَتِسْعين اسْما الخ قَالَ الامام أَبُو الْقَاسِم القيشيري فِيهِ دَلِيل على ان الِاسْم هوالمسمى إِذْ لَو كَانَ غَيره لكَانَتْ الْأَسْمَاء لغيره لقَوْله تَعَالَى وَللَّه الْأَسْمَاء الْحسنى قَالَ الْخطابِيّ وَغَيره وَفِيه دَلِيل على ان اشهر أَسْمَائِهِ تَعَالَى الله لاضافة هَذِه الْأَسْمَاء اليه وَقد روى ان الله هُوَ اسْمه الْأَعْظَم قَالَ أَبُو الْقَاسِم الطَّبَرِيّ واليه ينْسب كل اسْم لَهُ فَيُقَال الرؤوف الْكَرِيم من أَسمَاء الله تَعَالَى وَلَا يُقَال من الرؤوف أَو الْكَرِيم الله وَاتفقَ الْعلمَاء على ان هَذَا الحَدِيث لَيْسَ فِيهِ حصر لاسمائه سُبْحَانَهُ تَعَالَى فَلَيْسَ مَعْنَاهُ انه لَيْسَ لَهُ أَسمَاء غير هَذِه التِّسْعَة وَالتسْعين نوانما مَقْصُود الحَدِيث ان لهَذِهِ التِّسْعَة وَالتسْعين من أحصاها دخل الْجنَّة فَالْمُرَاد الاخبار عَن دُخُول الْجنَّة باحصائها لَا الاخبار بحصر الْأَسْمَاء وَلِهَذَا جَاءَ فِي الحَدِيث الاخر أَسأَلك بِكُل اسْم سميت بِهِ نَفسك أَو استأثرت بِهِ فِي علم الْغَيْب عنْدك وَقد ذكر الْحَافِظ أَبُو بكر بن الْعَرَبِيّ الْمَالِكِي عَن بَعضهم انه قَالَ لله تَعَالَى الف اسْم قَالَ بن الْعَرَبِيّ وَهَذَا قَلِيل فِيهَا وَأما تعْيين هَذِه الْأَسْمَاء فقد جَاءَ فِي التِّرْمِذِيّ وَغَيره وَفِي بعض اسمائها خلاف وَقيل انها مخفية التَّعْيِين كالاسم الْأَعْظَم وَلَيْلَة الْقدر ونظائرها (نووي) قَوْله ان لله تِسْعَة وَتِسْعين فَإِن قلت مَا وَجه حصر الْأَسْمَاء فِي التِّسْعَة وَالتسْعين والافعال والاضافات والسلوب أَكثر من ذَلِك قُلْنَا أَسمَاء الله توقيفية على الْمَذْهَب الْمُخْتَار وَلَعَلَّ التَّوْقِيف ورد بِهَذِهِ الاسمامي وَهَذَا الْجَواب غير مرضِي لِأَن التَّوْقِيف ورد باسامي سواهَا فَالْحق فِي الْجَواب ان الحَدِيث الْوَارِد فِي الْحصْر يَشْمَل على قَضِيَّة وَاحِدَة لَا على قضيتين فينحصر أَسمَاء الله تَعَالَى فِي هَذَا الْعدَد بِاعْتِبَار هَذِه الْخَاصَّة الْمَذْكُورَة وَهِي ان من أحصاها دخل الْجنَّة كالملك الَّذِي لَهُ الف عبد مثلا فَيَقُول الْقَائِل ان للْملك تسعا وَتِسْعين عبدا من استظهر بهم لم يقادمه الْأَعْدَاء فَيكون التَّخْصِيص لاجل حُصُول الِاسْتِظْهَار بهم اعْلَم ان أَسمَاء الله تَعَالَى توقيفية بِمَعْنى انه لَا يجوز ان يُطلق اسْم مَا لم يَأْذَن لَهُ الشَّرْع وإنكان الشَّرْع قد ورد بِإِطْلَاق مَا يرادفه واليه ذهب الْأَشْعَرِيّ وَقَالَت الْمُعْتَزلَة وَالْقَاضِي أَبُو بكر الباقلاني ان ذَلِك جَائِز بطرِيق الْعقل فَمَا يجوز الْعقل اتصافه سُبْحَانَهُ بِهِ جَازَ التَّسْمِيَة بِهِ الا مَا منع الشَّرْع من ذَلِك أَو شعر بِنَقص لمعات مُخْتَصرا [3861] انه وتر يحب الْوتر قَالَ النَّوَوِيّ الْوتر الْفَرد وَمَعْنَاهُ فِي حق الله تَعَالَى الْوَاحِد الَّذِي لَا شريك لَهُ وَلَا نَظِير وَمعنى يحب الْوتر تَفْضِيل الْوتر فِي الْأَعْمَال وَكثير من الطَّاعَات فَجعل الصَّلَاة خمْسا ووالطهارة ثَلَاثًا وَالطّواف سبعا وَالسَّعْي سبعا وَرمى الْجمار سبعا وَأَيَّام التَّشْرِيق ثَلَاثًا والاستنجاء ثَلَاثًا وَكَذَا الاكفان وَفِي الزَّكَاة خَمْسَة أوسق وَخمْس أَوَاقٍ من الْوَرق ونصاب الْإِبِل وَغير ذَلِك وَجعل كثيرا من عَظِيم مخلوقاته وتزامنها السَّمَاوَات والارضون والبحار وَأَيَّام الاسبوع وَغير ذَلِك وَقيل ان مَعْنَاهُ منصرف الى صفة من يعبد الله بالوحدانية والتفرد مخلصا لَهُ انْتهى قَوْله من حفظهَا دخل الْجنَّة وَفِي الرِّوَايَة السَّابِقَة من أحصاها قَالَ النَّوَوِيّ وَاخْتلفُوا فِي المُرَاد باحصائها فَقَالَ البُخَارِيّ وَغَيره من الْمُحَقِّقين مَعْنَاهُ حفظهَا وَهَذَا هُوَ الْأَظْهر لِأَنَّهُ جَاءَ مُفَسرًا فِي هَذِه الرِّوَايَة من حفظهَا وَقيل احصائها عدهَا فِي الدُّعَاء بهَا وَقيل اطاقها أَي أحسن المراعاة لَهَا والمحافظة على مَا يَقْتَضِيهِ وتصديق بمعانيها وَقيل مَعْنَاهُ الْعَمَل بهَا وَالطَّاعَة بِكُل اسْمهَا والايمان بِمَا لَا يَقْتَضِي عملا وَقَالَ بَعضهم المُرَاد حفظ الْقُرْآن وتلاوته كُله لِأَنَّهُ مستوف لَهَا وَهُوَ ضَعِيف وَالصَّحِيح الأول انْتهى قَوْله الله الْوَاحِد الخ اعْلَم ان تعدد أَسْمَائِهِ تَعَالَى فِي هَذِه الرِّوَايَة وَالرِّوَايَة الَّتِي رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَالْبَيْهَقِيّ مائَة الا وَاحِد الا ان فِي روايتهما أَسمَاء يُخَالف مَا فِي هَذِه الرِّوَايَة والبائنة بَينهمَا بَيِّنَة وَلَعَلَّ كلا التعدادين بحفظهما تاثير فِي دُخُول الْجنَّة وَالله وَاسع عليم (إنْجَاح) قَوْله الأول الاخر الظَّاهِر الْبَاطِن واما تَسْمِيَة سُبْحَانَهُ تَعَالَى بالاخر فَقَالَ الامام أَبُو بكر بن الباقلاني مَعْنَاهُ الْبَاقِي بصفاته من الْعلم وَالْقُدْرَة وَغَيرهمَا الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا فِي الازل وَيكون كَذَلِك بعد موت الْخَلَائق وَذَهَاب علومهم وقدرهم وحواسهم وتفرق اجسامهم قَالَ وتعلقت الْمُعْتَزلَة بِهَذَا الِاسْم فاحتجوا بِهِ لمذهبهم فِي فنَاء الْأَجْسَام وذهابها بِالْكُلِّيَّةِ قَالُوا وَمَعْنَاهُ الْبَاقِي بعد فنَاء خلقه وَمذهب أهل الْحق خلاف ذَلِك وان المُرَاد الاخر بصفاته بعد ذهَاب صفاتهم وَلِهَذَا يُقَال اخر من بَقِي من بني فلَان فلَان يُرَاد حيوته وَلَا يُرَاد فنَاء اجسام موتاهم وَعدمهَا هَذَا كَلَام بن الباقلاني واما معنى الظَّاهِر من أَسمَاء الله فَقيل هُوَ من الظُّهُور بِمَعْنى الْقَهْر وَالْغَلَبَة وَكَمَال الْقُدْرَة وَمِنْه ظهر فلَان على فلَان وَقيل الظَّاهِر بالدلائل القطعية وَالْبَاطِن المحتجب عَن خلقه وَقيل الْعَالم بالخفيات (نووي) قَوْله [3865] ان ربكُم حييّ الخ هُوَ بِكَسْر أولى اليائين مُخَفّفَة وَرفع الثَّانِيَة مُشَدّدَة يَعْنِي ان الله تَعَالَى تَارِك للقبائح سَاتِر الْعُيُوب والفضائح وَهُوَ تَعْرِيض للعباد وحث لَهُم على تحري الْحيَاء قَوْله فَيَرُدهُمَا صفرا أَي خَالِيَة من صفر بِالْكَسْرِ صفرا بالحركة إِذا خلى وأصغرته اخليته قَوْله أَو قَالَ خائبتين الخيبة الحرمان والخسران خَابَ يخيب ويخوب وَهَذَا الحَدِيث يدل على ان رفع الْيَدَيْنِ للدُّعَاء مُسْتَحبّ (فَخر) قَوْله [3866] وَلَا تدع بظهورهما هَذَا فِي غير الاسْتِسْقَاء وَأما فِيهِ فقد ورد فِي رِوَايَة الْمُسلم ان النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ استسقى فَأَشَارَ بِظهْر كفيه الى السَّمَاء (إنْجَاح) قَوْله [3867] كَانَ لَهُ عدل رَقَبَة الْعدْل بِفَتْح الْعين وَكسرهَا رِوَايَتَانِ بِمَعْنى الْمثل من ولد إِسْمَاعِيل هُوَ بفحتين وبالضم وَسُكُون اللَّام جمع ولد أَي كَانَ لَهُ ثَوَاب عتق رَقَبَة لمعات قَوْله [3868] اللَّهُمَّ بك أَصْبَحْنَا الْبَاء مُتَعَلق بِمَحْذُوف وَهُوَ خبر أصبح وَلَا بُد من تَقْدِير مُضَاف أَي أَصْبَحْنَا متلبسين بنعمتك أَي بحياتك وكلاءتك أَو بذكرك واسمك قَوْله وَبِك نحيى وَبِك نموت حِكَايَة عَن الْحَال الْآتِيَة يَعْنِي يسْتَمر حَالنَا على هَذَا فِي جَمِيع الْأَوْقَات وَسَائِر الْأَحْوَال مَعْنَاهُ أَنْت تحييني وَأَنت تميتني كَذَا فِي الطَّيِّبِيّ قَوْله [3869] وَكَانَ أبان هُوَ بِفَتْح الْهمزَة وَتَخْفِيف الْمُوَحدَة يصرف وَلَا يصرف وَالْأول اشهر لكَونه على وزن فعال وعَلى الثَّانِي يَجْعَل على وزن افْعَل وَقَوله قد اصابه طرف من الفالج وَهُوَ بِفَتْح اللَّام عِلّة مَعْرُوفَة والفلج بِسُكُون اللَّام ومحركة النّصْف وهما فلجان قَوْله فَجعل الرجل يَعْنِي الرجل الَّذِي كَانَ يرْوى الحَدِيث عَنهُ ينظر اليه تَعَجبا وَإِنْكَارا بأنك كنت تَقول هَذِه الْكَلِمَة كل صباح وَمَسَاء فَكيف اصابك الضّر ان كَانَ الحَدِيث صَحِيحا فَقَالَ أبان رفعا لتعجبه اما ان الحَدِيث صَحِيح لكني لم أَقَله يَوْمئِذٍ ليمضي الله من الامضاء وَاللَّام فِيهِ للعاقبة وَالتَّقْدِير لم يوفقني الله بِهِ ليمضي الله على قدره لمعات قَوْله

[3870] عَن أبي سَلام خَادِم رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَذَا وَقع فِي الأَصْل وَالصَّوَاب عَن أبي سَلام واسْمه مَمْطُور الْأسود الحبشي عَن رجل خدم رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فَخر) [3871] أَسأَلك الْعَفو والعافية الْعَفو التجاوز من الذَّنب والعافية السَّلامَة من الافات والشدائد واستر عوراتي وَهِي بِسُكُون الْوَاو جمع عَورَة وَهِي كل مَا يتسحيى مِنْهُ ويسوء صَاحبه ان يرى مِنْهُ قَوْله وآمن روعاتي هِيَ جمع روعة وَهِي الْمرة من الروع الْفَزع (فَخر) قَوْله وَأَعُوذ بك ان اغتال بِلَفْظ الْمَجْهُول أَي اذْهَبْ من حَيْثُ لَا اشعر فِي الْقَامُوس غاله اهلكه كاغتاله واخذه من حَيْثُ لم يدر كَذَا فِي اللمعات قَالَ السَّيِّد عَم الْجِهَات لِأَن الْآفَات مِنْهَا وَبَالغ من جِهَة السّفل لرداءة الافة انْتهى قَوْله [3873] اللَّهُمَّ رب السَّمَاوَات وَالْأَرْض إِشَارَة الى أصُول الْأَسْبَاب الْكُلية بِبَقَاء الْعَالم وَقَوله وَرب كل شَيْء تَعْمِيم لربوبيته تَعَالَى أَي من العناصر والمواليد وافرادها وجزئياتها وفالق الْحبّ والنوى إِشَارَة الى الارزاق الجسمانية الَّتِي بهَا بَقَاؤُهَا وَالْحب يسْتَعْمل فِي الطَّعَام والنوى فِي التَّمْر وَنَحْوه ومنزل التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل وَالْقُرْآن إِشَارَة الى الارزاق الروحانية الْمُتَعَلّقَة بتدبير أَحْوَال الْآخِرَة وأحكامها وَلم يذكر الزبُور لعدم اشتماله على الاحكام والشرائع كَذَا قيل قَوْله اخذ بناصيتها هَذَا عبارَة عَن الْقُدْرَة وَالْغَلَبَة قَوْله فَلَيْسَ دُونك هُوَ هَهُنَا بِمَعْنى نقيض فَوق وَالظَّاهِر يكون فَوق الشَّيْء فالباطن يكون تَحْتَهُ فنفى الْفَوْقِيَّة يُنَاسب الظُّهُور وَنفي الدونية الْبُطُون فَافْهَم لمعات قَوْله [3874] ثمَّ لينفض بهَا أَي بداخلة إزَاره أَي بطرفه وحاشيته من دَاخل أَي يسْتَحبّ ان ينفض فرَاشه حذرا عَن حَيَّة أَو عقرب أَو فارة أَو تُرَاب أَو قذاة قَالَ فِي النِّهَايَة وَأمر بداخلته لِأَن الموتزر يَأْخُذ الْإِزَار بِيَمِينِهِ ثمَّ يضع مَا بِيَمِينِهِ فَوق داخلته فَمَتَى عاجله أَمر وخشى سُقُوط إزَاره امسكه بِشمَالِهِ وَدفع عَن نَفسه بِيَمِينِهِ فَإِذا صَار الى فرَاشه فَحل إزَاره فَإِنَّمَا يحل بِيَمِينِهِ خَارِجَة الْإِزَار وَتبقى الدَّاخِلَة معلقَة وَبهَا يَقع النفض لِأَنَّهَا غير مَشْغُول الْيَد انْتهى قَوْله فَإِنَّهُ لَا يدْرِي مَا خَلفه أَي قَامَ مقَامه بعده (فَخر) قَوْله فَإِنَّهُ لَا يدْرِي مَا خَلفه عَلَيْهِ قَالَ فِي النِّهَايَة لَعَلَّ هَامة وَبت فَصَارَت فِيهِ بعده واخرج الخرائطي فِي مَكَارِم الْأَخْلَاق عَن أبي امامة قَالَ ان الشَّيْطَان ليَأْتِي الى فرَاش الرجل بَعْدَمَا يفرشه أَهله ويتهيئه فيلقي الْعود وَالْحجر ليغضبه على أَهله فَإِذا وجد أحدكُم ذَلِك فَلَا يغْضب على أَهله فَإِنَّهُ عمل الشَّيْطَان مِصْبَاح الزجاجة للامام جلال الدّين السُّيُوطِيّ قَوْله [3875] نفث فِي يَدَيْهِ وَقَرَأَ وَفِي رِوَايَة التِّرْمِذِيّ فَقَرَأَ بِالْفَاءِ ظَاهره على تَقْدِير فَقَرَأَ بِالْفَاءِ انه نفث اولا ثمَّ قَرَأَ وَلم يقل بِهِ أحد لِأَن النفث يَنْبَغِي ان يكون بعد التِّلَاوَة ليوصل بركَة الْقُرْآن الى بَشرته فَقيل أَرَادَ النفث وَقَرَأَ وَهُوَ الصَّوَاب وَقيل لَعَلَّ سر تَقْدِيمه مُخَالفَة السَّحَرَة البطلة وَفَائِدَة النفث التَّبَرُّك بالهوى وَالنَّفس الْمُبَاشر للرقية كَمَا يتبرك بغسالة مَا يكْتب من الذّكر والأسماء الْحسنى (فَخر) قَوْله نفث فِي يَدَيْهِ وَقَرَأَ بالمعوذتين فِيهِ تَقْدِيم وَتَأْخِير لِأَن النفث بعد قرءاة المعوذتين وَفِي رِوَايَة التِّرْمِذِيّ عَن عَائِشَة ان النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كلما اوى الى فرَاشه كل لَيْلَة جمع كفيه ثمَّ نفث فيهمَا فَقَرَأَ قل هُوَ الله أحد وَقل أعوذ بِرَبّ الفلق وَقل أعوذ بِرَبّ النَّاس ثمَّ يمسح بهما اسْتَطَاعَ من جسده يبْدَأ بهما على رَأسه وَوَجهه وَمَا اقبل من جسده يفعل ذَلِك ثَلَاث مَرَّات ظَاهره أَيْضا انه لنفث اولا ثمَّ قَرَأَ قَالَ فِي المفاتيح لم يقل بِهِ أحد وَلَيْسَ فِيهِ فَائِدَة وَلَعَلَّ هَذَا سَهْو من الْكَاتِب أَو من الرَّاوِي قلت بَالغ الطَّيِّبِيّ فِي تشنيع هَذَا القَوْل وَقَالَ تخطية الْعُدُول والثقات اوهن من بَيت العنكبوت فَهَلا قَاس على قَوْله تَعَالَى فتوبوا الى بارئكم فَاقْتُلُوا أَنفسكُم (إنْجَاح) قَوْله [3876] وَلَا منجأ بِالْهَمْزَةِ ومادته بِلَا همزَة لِأَنَّهُ من النجَاة وَهَذَا للمزاوجة وَقد يُخَفف همزَة الملجأ لهَذِهِ المزاوجة أَيْضا (إنْجَاح) قَوْله [3878] من تعار من اللَّيْل بِفَتْح تَاء وَرَاء مُشَدّدَة بعد الف أَي اسْتَيْقَظَ وَلَا يكون الا يقظة مَعَ كَلَام أَي انتبه بِصَوْت من اسْتِغْفَار أَو تَسْبِيح أَو غَيرهمَا وَقَوله فَقَالَ حِين يَسْتَيْقِظ لَا إِلَه إِلَّا الله الخ تَفْسِير لَهُ وَإِنَّمَا يُوجد ذَلِك لمن تعود الذّكر حَتَّى صَار حَدِيث نَفسه فِي نَومه ويقظته وَقيل هُوَ تمطي كَذَا فِي الْمجمع وَذكر فِي الْقَامُوس التعار السهر والتقلب على الْفراش يعلا مَعَ كَلَام انْتهى (إنْجَاح) قَوْله

[3879] الْهوى بِالْفَتْح وَتَشْديد الْيَاء الزَّمَان الطَّوِيل وَقيل مُخْتَصّ بِاللَّيْلِ كَذَا فِي الْمجمع فَهُوَ مفعول فِيهِ لقَوْله يَقُول من اللَّيْل أَو لقَوْله كَانَ يسمع أَي كَانَ ربيعَة يسمع قَوْله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذِه الْكَلِمَة زَمَانا طَويلا (إنْجَاح) [3880] أَحْيَانًا بعد مَا اماتنا أَي انامنا وَهُوَ تَشْبِيه فِي زَوَال الْعقل وَالْحَرَكَة لَا تَحْقِيق وَقيل الْمَوْت فِي الْعَرَب يُطلق على السّكُون كماتت الرّيح إِذا سكنت وَيَقَع على أَنْوَاع بِحَسب أَنْوَاع الْحَيَاة بِإِزَاءِ الْقُوَّة النامية فِي الْحَيَوَان والنبات كحيي الأَرْض بعد مَوتهَا ولزوال الْقُوَّة الحسية كياليتني مت قبل هَذَا وَزَوَال الْقُوَّة الْعَاقِلَة وَهِي الْجَهْل كاومن كَانَ مَيتا فأحييناه والحزن وَالْخَوْف المكدر للحياة كيأتيه الْمَوْت من كل مَكَان والمنام كَالَّتِي لم تمت فِي منامها وَقد قيل الْمَنَام الْمَوْت الْخَفِيف ويستعار للاحوال الشاقة والفقر والذل والسوال والهرم وَالْمَعْصِيَة وَغَيرهَا نِهَايَة قَوْله [3883] كَانَ يَقُول عِنْد الكرب الخ فَإِن قيل فَهَذَا ذكر وَلَيْسَ فِيهِ دُعَاء يزِيل الكرب فَجَوَابه من وَجْهَيْن أَحدهمَا ان هَذَا الذّكر يستفتح بِهِ الدُّعَاء ثمَّ يَدْعُو بِمَا شَاءَ وَالثَّانِي بِأَن الدُّعَاء قد يكون صَرِيحًا كَمَا تَقول اللَّهُمَّ اعطني وَقد يكون تعريضا كَمَا إِذا اثنى على الله تَعَالَى فَإِن الثَّنَاء على الْكَرِيم سوال كَمَا قيل لمعات قَوْله قَالَ وَكِيع مرّة لَا إِلَه إِلَّا الله فِيهَا كلهَا أَي فِي ابْتِدَاء كل وَاحِدَة من الْكَلِمَات الثَّلَاثَة فَقَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله الْحَلِيم الْكَرِيم لَا إِلَه إِلَّا الله رب الْعَرْش الْعَظِيم لَا إِلَه إِلَّا الله رب السَّمَاوَات السَّبع وَرب الْعَرْش الْكَرِيم (إنْجَاح) قَوْله [3884] اني أعوذ بك ان اضل من الضَّلَالَة أَو ازل من زلَّة الْقدَم كِنَايَة عَن وُقُوع الذَّنب من غير قصد أَو اجهل أَي افْعَل فعل الْجُهَّال من الاضرار والايذاء أَو يجهل على أَي يفعل النَّاس بِنَا ذَلِك لمعات قَوْله [3886] فليلقاه قريناه أَي من الشَّيَاطِين لِأَن كل رجل مَعَه قرين من الْمَلَائِكَة وقرين من الْجِنّ ثمَّ هَذَا الحَدِيث يدل على ان لكل رجل قرينين من الْمَلَائِكَة وقرينين من الشَّيَاطِين وَفِي حَدِيث مُسلم عَن بن مَسْعُود قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا مِنْكُم من أحد الا وَقد وكل بِهِ قرين من الْجِنّ وقرين من الْمَلَائِكَة فَيحمل على ان يكون لكل انسان قرين وَمَعَ بَعضهم قرينان أَو يكون الْوَاحِد كالرئيس وَالثَّانِي كالتابع وَالله اعْلَم إنْجَاح الْحَاجة قَوْله [3888] من وعثاء السّفر أَي شدته ومشقته واصله من الوعث وَهُوَ الرمل وَالْمَشْي فِيهِ يشق على صَاحبه وَفِي الْمُسْتَدْرك من حَدِيث أبي هُرَيْرَة من عوثاء السّفر وَكَأَنَّهُ مَقْلُوبَة مِصْبَاح الزجاجة قَوْله وكآبة المنقلب هُوَ بِفَتْح كَاف وبمد همزَة قَالَ فِي النِّهَايَة هُوَ تغير النَّفس بالانكسار من شدَّة الْغم والحزن من كاب واكتاب الْمَعْنى ان يرجع من سَفَره بِأَمْر يحزنهُ بِآفَة اصابه من سَفَره أَو يعود غير مقضي الْحَاجة أَو اصابت مَاله آفَة أَو تقدم على أَهله فيجدهم مرضى أَو فقد بَعضهم انْتهى مِصْبَاح الزجاجة للامام جلال الدّين السُّيُوطِيّ قَوْله والحور بعد الكور أَي من النُّقْصَان بعد الزِّيَادَة قيل من فَسَاد امورنا بعد صَلَاحهَا وَقيل من الرُّجُوع عَن الْجَمَاعَة بعد ان كُنَّا مِنْهُم واصله من نقض الْعِمَامَة بعد لفها كَذَا قَالَ بن الْأَثِير فِي النِّهَايَة قَالَ الطَّيِّبِيّ وروى بعد الْكَوْن بنُون أَي الرُّجُوع من الْحَالة المستحسنة بعد ان كَانَ عَلَيْهَا وَفِي شرح جَامع الْأُصُول الْكَوْن من كَانَ التَّامَّة أَي من التَّغَيُّر بعد الثَّبَات انْتهى (فَخر) قَوْله [3889] اللَّهُمَّ سيبا نَافِعًا قَالَ فِي النِّهَايَة أَي عَطاء وَيجوز ان يُرِيد مَطَرا صائبا أَي جَارِيا (زجاجة) قَوْله [3890] صيبا أَي مِنْهُم اسند فقا واصله صيوب لِأَنَّهُ من صاب يصبوب إِذا انْزِلْ فأبدلت الْوَاو يَاء وادغمت كسيد من سَاد يسود (زجاجة) قَوْله

[3891] إِذا رآى مخيلة قَالَ فِي النِّهَايَة المخيلة مَوضِع الْخَيل وَهُوَ الظَّن كالمظنة وَهِي السحابة الخليقة بالمطر وَيجوز ان يكون مُسَمَّاة بالمخيلة الَّتِي هِيَ مصدر كالمحبسة من الْحَبْس (زجاجة) قَوْله إِذْ رآى مخيلة قَالَ الْكرْمَانِي هُوَ بِفَتْح الْمِيم وَإِنَّمَا تغير لَونه خوفًا ان يُصِيب أمته عُقُوبَة ذَنْب الْعَامَّة انْتهى [3893] الرُّؤْيَا الْحَسَنَة وَفِي رِوَايَة الصَّالِحَة قَالَ الْكرْمَانِي الرُّؤْيَا بِالْهَمْزَةِ وَالْقصر وَمنع الصّرْف مَا يرى فِي الْمَنَام وَوَصفه بالصالحة للايضاح لِأَن غير الصَّالِحَة يُسمى الْحلم أَو التَّخْصِيص بِاعْتِبَار صورتهَا أَو تعبيرها وَيُقَال الصادقة والحسنة والحلم ضدها وقسموا الرُّؤْيَا الى حَسَنَة ظَاهرا أَو بَاطِنا كالمتكلم مَعَ الْأَنْبِيَاء أَو ظَاهرا لَا بَاطِنا كسماع الملاهي والى رُؤْيَة ظَاهر أَو بَاطِنا كلدغ الْحَيَّة أَو ظَاهر الا بَاطِنا كذبح الْوَلَد قَالُوا ان الله يخلق فِي قلب النَّائِم اعتقادات كَمَا يخلق فِي قلب الْيَقظَان وَرُبمَا جعلهَا علما على أُمُور اخر تلحقها فِي ثَانِي الْحَال والجميع يخلقه لَكِن جعل عَلامَة مَا يضرّهُ بِحُضُور الشَّيْطَان فنسب اليه لذَلِك ولانها على شاكلته وطبعه واضيف المحبوبة اليه تَشْرِيفًا انْتهى قَوْله جُزْء من سِتَّة وَأَرْبَعين جُزْء الخ قَالَ النَّوَوِيّ الرِّوَايَات الَّتِي رَوَاهَا مُسلم ثَلَاث الْمَشْهُور سِتَّة وَأَرْبَعين وَالثَّانيَِة خَمْسَة وَأَرْبَعين وَالثَّالِثَة سبعين جُزْء وَفِي غير مُسلم من رِوَايَة بن عَبَّاس من أَرْبَعِينَ جُزْء وَفِي رِوَايَة من تِسْعَة وَأَرْبَعين وَفِي رِوَايَة الْعَبَّاس من خمسين وَمن رِوَايَة بن عمر سِتَّة وَعشْرين وَمن رِوَايَة عبَادَة ن أَرْبَعَة وَأَرْبَعين وَقَالَ القَاضِي أَشَارَ الطَّبَرِيّ الى ان هَذَا الِاخْتِلَاف رَاجع الى اخْتِلَاف حَال الرَّائِي فالمؤمن الصَّالح تكون رُؤْيَاهُ جُزْء من سِتَّة وَأَرْبَعين جُزْء وَالْفَاسِق جُزْء من سبعين جُزْء وَقيل المُرَاد ان الْخَفي مِنْهَا جُزْء من سبعين والجلي جُزْء من سِتَّة وَأَرْبَعين قَالَ الْخطابِيّ قَالَ بعض الْعلمَاء أَقَامَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُوحى اليه ثَلَاث وَعشْرين سنة مِنْهَا عشر سِنِين بِالْمَدِينَةِ وَثَلَاث عشرَة بِمَكَّة وَكَانَ قبل ذَلِك سِتَّة اشهر يرى فِي الْمَنَام يُوحى وَهِي جُزْء من سِتَّة وَأَرْبَعين جُزْء قَالَ الْمَازرِيّ وَيحْتَمل ان يكون المُرَاد ان الْمَنَام فِيهِ أَخْبَار الْغَيْب وَهُوَ إِحْدَى ثَمَرَات النُّبُوَّة وَهُوَ يسير فِي جنب النُّبُوَّة لِأَنَّهُ يجوز ان يبْعَث الله تَعَالَى نَبيا ليشرع الشَّرَائِع وَيبين الاحكام وَلَا يخبر بِغَيْب ابدا وَلَا يقْدَح ذَلِك فِي نبوته وَلَا يُؤثر فِي مقصودها وَهَذَا الْجُزْء من النُّبُوَّة وَهُوَ الاخبار بِالْغَيْبِ إِذا وَقع لَا يكون الا صدقا قَالَ الْخطابِيّ هَذَا الحَدِيث توكيد لامر الرُّؤْيَا وَتَحْقِيق منزلتها وَقَالَ وَإِنَّمَا كَانَت جُزْء من أَجزَاء النُّبُوَّة فِي حق الْأَنْبِيَاء دون غَيرهم وَكَانَ الْأَنْبِيَاء صلوَات الله عَلَيْهِم يُوحى إِلَيْهِم فِي منامهم كَمَا يُوحى إِلَيْهِم فِي الْيَقَظَة وَقَالَ بعض الْعلمَاء معنى الحَدِيث ان الرُّؤْيَا تَأتي على مُوَافقَة النُّبُوَّة لِأَنَّهَا جُزْء بَاقٍ من النُّبُوَّة وَالله اعْلَم انْتهى قَوْله جُزْء من سِتَّة وَأَرْبَعين جُزْء من النُّبُوَّة أَي فِي حق الْأَنْبِيَاء فانهم يوحون فِي الْمَنَام وَقيل أَي الرُّؤْيَا تَأتي على وفْق النُّبُوَّة لِأَنَّهَا جُزْء بَاقٍ مِنْهَا وَقيل من الانباء أَي انباء وَصدق من الله لَا كذب فِيهِ وَلَا حرج فِي الاخذ بِظَاهِرِهِ فَإِن أَجزَاء النُّبُوَّة لَا يكون بنوة فَلَا يُنَافِي حَدِيث ذهب النُّبُوَّة ثمَّ رويا الْكَافِر قد يصدق لَكِن لَا يكون جُزْء مِنْهَا إِذْ المُرَاد الرُّؤْيَا الصَّالِحَة من الْمُؤمن الصَّالح جُزْء مِنْهَا كَمَا فِي حَدِيث الْكتاب كرماني قَوْله [3897] الرُّؤْيَا الصَّالِحَة الخ قَالَ الْكرْمَانِي صَلَاحهَا بِاعْتِبَار صورتهَا أَو تعبيرها أَو صدقهَا والرؤيا الصادقة الْمُوَافقَة للْوَاقِع فَإِن قلت الرُّؤْيَا الصَّالِحَة أَعم لاحْتِمَال كَونه مُنكرَة إِذا الصّلاح بِاعْتِبَار تَأْوِيلهَا قُلْنَا يرجع الى المبشرة نعم يخرج مَا لَا صَلَاح لَهَا لَا صُورَة وَلَا تَأْوِيلا انْتهى قَوْله جُزْء من سبعين الخ وَفِي شرح جَامع الْأُصُول وَمن رَوَاهُ جُزْء من سبعين فَلَا اعْلَم لَهُ وَجها انْتهى قَوْله [3899] كشف رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الستارة وَهِي الْحجاب الَّذِي كَانَ على بَاب بَيت عَائِشَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا (إنْجَاح) قَوْله [3900] فقد رَآنِي فِي الْيَقَظَة أَي فَكَأَنَّهُ قد رَآنِي فِي الْيَقَظَة والمناسبة فِي الْمُشبه والمشبه بِهِ لَيست بضرورية من كل الْوُجُوه فَإِنَّهُ قد تحقق ان النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَو امْرَهْ فِي الْمَنَام بِشَيْء يُخَالف شَرعه لَا يُتَابع ذَلِك الْبَتَّةَ وَقد يطْلب لَهُ محملًا صَحِيحا أَو يذكر لمن يعلم أسرار تَعْبِير الرُّؤْيَا وَقد نقل عَن الْبَعْض ان النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ امْرَهْ بِشرب الْخمر فتحير فِي ذَلِك حَتَّى ذكره عِنْد بعض عُلَمَاء الْمغرب فَقَالَ ذَلِك الْعَالم انك قد سَهَوْت بل قَالَ النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تشرب الْخمر وظننت انه قَالَ اشرب الْخمر فَوجدَ صَاحب الرُّؤْيَا لَهُ محملًا صَحِيحا وَقد نقل الشَّيْخ المجدد عَن الشَّيْخ الْأَكْبَر مُحي الدّين بن الْعَرَبِيّ انه قد خصص بِالرُّؤْيَةِ على صورته الَّتِي كَانَ النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهَا وَهِي المدفونة فِي التربة المقدسة فَلَو رآى انسانا على صُورَة الكوسج لَا يكون رُؤْيَته حَقِيقَة وَقَالَ السَّيِّد جمال الدّين قيل مَعْنَاهُ من رَآنِي بِأَيّ صُورَة كَانَت فَإِنَّهُ رأى حَقِيقَة لِأَن تِلْكَ الصُّورَة مِثَال لروحه الْمُقَدّس سَوَاء كَانَت صورته الْمَخْصُوصَة أَو غَيرهَا فَإِن الشَّيْطَان لَا يتَمَثَّل بمثال على انه مِثَال لَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثمَّ يَنْبَغِي ان يعلم ان لَا يغتر الرائ ان امْرَهْ بِأَمْر يُخَالف شَرعه فَإِن شَرعه الشريف بَين لَا يحْتَمل التاويل وَهَذَا مظنون وَالْيَقِين لَا يصادمه الظَّن وَقد خلط الشَّيْطَان فِي تِلَاوَته سُورَة النَّجْم بقوله تِلْكَ الغرانيق العلى وان شفاعتهن لترتجى فِي مدح الْأَصْنَام وَسجد الْمُشْركُونَ فَرحا واهتم بذلك الْمُسلمُونَ وَلم يشْعر بِهِ النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلما أخبر بذلك اهتم هما شَدِيدا حَتَّى نزل وَمَا ارسلنا من قبلك من رَسُول وَلَا نَبِي الا إِذا تمنى ألْقى الشَّيْطَان فِي امنيته فَينْسَخ الله مَا يلقى الشَّيْطَان ثمَّ يحكم الله آيَاته فَلَمَّا كَانَ للشَّيْطَان مدخلًا فِي مَجْلِسه فَمَا ظَنك بعد وَفَاته لَكِن الثُّبُوت والقرار على ذَلِك الْأَمر محَال فِي ذَاته المكرم لِأَنَّهُ مَا ينْطق عَن الْهوى ان هُوَ الا وَحي يُوحى فالغرض ان فِي المنامات واسرارها علما لَا يُعلمهُ كل أحد من النَّاس وَكَانَ لمُحَمد بن سِيرِين علم فِي التَّعْبِير وَله فِي ذَلِك غرائب منقولة فِي التواريخ ذكرهَا الامام اليافعي وَغَيره وَقد بسط القَوْل فِي رُؤْيا النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَغَيره الشَّيْخ الْأَكْبَر فِي الفصوص وَالشَّيْخ المجدد فِي مكاتيبه من شَاءَ فليراجعهما (إنْجَاح) قَوْله

[3905] فقد رَآنِي قَالَ الْكرْمَانِي أَي رُؤْيَته لَيست اضغاث احلام وَلَا تخيلات الشَّيْطَان كَمَا روى فقد رأى الْحق ثمَّ الرُّؤْيَة بِخلق الله لَا يشْتَرط فِيهَا مُوَاجهَة وَلَا مُقَابلَة فَإِن قيل كثيرا مَا يرى على خلاف صفة وَيَرَاهُ شخصان فِي حَاله فِي مكانين قلت ذَلِك ظن الرَّائِي انه كَذَلِك وَقد يظنّ الظَّان بعض الخيالات مرئيا لكَونه مرتبطا بِمَا يرَاهُ عَادَة فذاته الشَّرِيفَة هِيَ مرئية قطعا لَا خيال فِيهِ وَلَا ظن فَإِن قلت الْجَزَاء هُوَ الشَّرْط قلت أَرَادَ لَازمه أَي فليستبشر فَإِنَّهُ رأى وَقَالَ الْغَزالِيّ لَا يُرِيد انه رأى جسمي بل رأى مِثَالا صَار الة يتَأَدَّى بهَا معنى فِي نَفسِي اليه وَصَارَ وَسِيلَة بيني وَبَينه فِي تَعْرِيف الْحق إِيَّاه بل الْبدن فِي القيظة أَيْضا لَيْسَ إِلَّا آلَة النَّفس وَكَذَا من رأى الله بمثال محسوس من نور يكون ذَلِك صَادِقا وواسطة فِي التَّعْرِيف فَيَقُول الرَّائِي رَأَيْت الله تَعَالَى لَا بِمَعْنى رَأَيْت ذَاته وَالْحق ان مَا يرَاهُ حَقِيقَة روحه الْمُقَدّس صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيعلم الرَّائِي كَونه النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِخلق علم لَا غير وَقَالَ الطَّيِّبِيّ قَوْله فقد رَآنِي اتِّحَاد الشَّرْط وَالْجَزَاء يدل على الْمُبَالغَة أَي رأى حقيقتي على كمالها قَالَ الباقلاني أَي رُؤْيَاهُ صَحِيحَة لَيست بأضغاث احلام وَلَا من تشبيهات الشَّيْطَان إِذْ قد يرَاهُ على خلاف صفته أَو شخصان فِي حَالَة فِي مكانين وَقَالَ اخرون بل هُوَ على ظَاهره وَخلاف صفته تَغْيِير فِي الصّفة لَا فِي الذَّات وَكَذَا لَو رَآهُ يَأْمر بقتل من يحرم قَتله كَانَ هَذَا صِفَاته المتخيلة لَا المرئية قَالَ القَاضِي لَعَلَّه مُقَيّد بِمَا رَآهُ على صفته وان خَالف كَانَ رُؤْيا تَأْوِيل لَا رُؤْيا حَقِيقَة وَهُوَ ضَعِيف وَالصَّحِيح انه يرَاهُ حَقِيقَة سَوَاء كَانَ على صفته أَو خلَافهَا وروى فسيراني مَوضِع فقد رَآنِي وَالْمرَاد حنيئذ أهل عصره أَي يوفقه لِلْهِجْرَةِ اليه أَو يرى تَصْدِيق رُؤْيَاهُ فِي الْآخِرَة أَو يرَاهُ رُؤْيَة خَاصَّة فِي الْقرب مِنْهُ والشفاعة أَو يرَاهُ كشفا وعيانا بعد قطع العلائق وصفاء الْقلب كَمَا نقل عَن بعض الصلحاء هَذَا زبدة مَا فِي شُرُوح البُخَارِيّ وَالْمُسلم وَغَيرهمَا (فَخر) [3906] وتخويف من الشَّيْطَان وَفِي رِوَايَة الرُّؤْيَا من تحزين الشَّيْطَان أَي من فعل الشَّيْطَان يلْعَب بالإنسان ويريه مَا يحزنهُ وَله مَكَائِد يحزن بني ادم (إنْجَاح) قَوْله [3907] وَمِنْهَا جُزْء من سِتَّة وَأَرْبَعين الخ قَالَ فِي النِّهَايَة إِذْ كَانَ عمره ثَلَاثًا وَسِتِّينَ وَمُدَّة وحيه ثَلَاثًا وَعشْرين وَمُدَّة الرُّؤْيَا سِتَّة اشهر وروى جُزْء من خمس وَأَرْبَعين وَوَجهه انه مَاتَ فِي اثناء السّنة الثَّالِثَة بعد السِّتين وروى من أَرْبَعِينَ فَيحمل على من روى ان عمره سِتِّينَ سنة قَالَ النَّوَوِيّ وَجه الطَّبَرِيّ اخْتِلَاف الرِّوَايَات فِي عدد مَا هِيَ جُزْء مِنْهُ باخْتلَاف حَال الرَّائِي بالصلاح والعنق وَقيل بِاعْتِبَار الْخَفي والجلي من الرُّؤْيَا وَقيل كَانَ مُدَّة النُّبُوَّة ثَلَاثًا وَعشْرين وَمُدَّة الرُّؤْيَا قبلهَا سِتَّة اشهر فَهِيَ جُزْء من سِتَّة وَأَرْبَعين وَفِيه نظر إِذْ لم يثبت ان مدَّتهَا قبلهَا سِتَّة اشهر وَلِأَنَّهُ رآى بعْدهَا منامات كَثِيرَة وَلِأَنَّهُ لَا يطرد فِي جَمِيع الرِّوَايَات وَلَو تكلّف وَقيل ان للمنامات شبها مِمَّا حصل لَهُ وميز بِهِ من النُّبُوَّة بِجُزْء من سِتَّة وَأَرْبَعين لَكَانَ لَهُ وَجه (فَخر) قَوْله [3909] الرُّؤْيَا من الله والحلم من الشَّيْطَان ذكر فِي الْمجمع هما مَا يرَاهُ المنائم لَكِن غلب الرُّؤْيَا على الْخَيْر وَالْحسن والحلم فِي السيء والقبيح قَوْله فليبصق عَن يسَاره ثَلَاثًا يَعْنِي طردا للشَّيْطَان (إنْجَاح) قَوْله [3914] الرُّؤْيَا على رجل طَائِر الخ رجل طَائِر بِكَسْر رَاء وَسُكُون جِيم أَي على رجل تدرجا وَقَضَاء مَاض من خير أَو شَرّ وَأَنه هُوَ الَّذِي قسمه الله تَعَالَى لصَاحِبهَا من قَوْلهم اقتسموا دَارا فطاوسهم فلَان فِي ناحيتها أَي وَقع سَهْمه وَخرج وكل حَرَكَة من كَلمته أَو شَيْء تجْرِي لَك فَهُوَ طَائِر يَعْنِي ان الرُّؤْيَا هِيَ الَّتِي يعبرها الْمعبر الأول فَكَانَت على رجل طَائِر فَسَقَطت حَيْثُ عبرت كَمَا يسْقط مَا يكون على رجل طَائِر أدنى حَرَكَة كَذَا فِي الْمجمع وَقيل شبه بِرَجُل طَائِر لِأَنَّهَا لَا يثبت فِي مَكَان فَكَذَلِك الرُّؤْيَا مَتى لم تعبر لمن تكن ثَابِتَة فَإِذا عبرت سَقَطت واستقرت (إنْجَاح) قَوْله الرُّؤْيَا على رجل طَائِر الخ فَإِن قيل كَيفَ يكون على رجل طَائِر وَكَيف يُؤَخر عَمَّا تبشر بِهِ أَو تنذر مِنْهُ بِتَأْخِير التَّعْبِير وَتَقَع إِذا عبرت وَهَذَا يدل على انها ان لم تعبر لم تقع الْجَواب انه من قَوْلهم هُوَ على رجل طَائِر إِذا لم يسْتَقرّ يُرِيد انه لَا يطمئن وَلَا يقف فَالْمُرَاد انها تجول فِي الْهَوَاء حَتَّى تعبر فَإِذا عبرت وَقعت وَلم يرد ان كل من عبرها من النَّاس وَقعت كَمَا عبر بل أَرَادَ الْعَالم الْمُصِيب الْمُوفق وَكَيف يكون الْجَاهِل المخطي عابرا وَهُوَ لم يصب وَلم يُقَارب وَلَا أَرَادَ ان كل رُؤْيا تعبر وتتاول لِأَن أَكْثَرهَا اضغاث احلام فَمِنْهَا مَا يكون عَن غَلَبَة طبيعة أَو حَدِيث نفس أَو شَيْطَان وَإِنَّمَا الصَّحِيحَة مَا يَأْتِيهِ ملك الرويا عَن أم الْكتاب فِي الْحِين بعد الْحِين قَالَه المغيث قَوْله [3915] اعتبروها بأسمائها أَي اخْرُجُوا تعبيرها من الِاسْم واجعلوه عِبْرَة وَقِيَاسًا مِثَاله مَا روى مُسلم عَن أنس قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَيْت ذَات لَيْلَة فِيمَا يرى النَّائِم كَأَنِّي فِي دَار عقبَة بن رَافع فأتينا برطب من رطب بن طَابَ فأولت ان الرّفْعَة لنا فِي الدُّنْيَا والعافية فِي الْآخِرَة وان ديننَا قد طَابَ (إنْجَاح) قَوْله وكنوها بكناها الكنى جمع كنية من كنوت عَنهُ وكنيت عَنهُ إِذا اوريت عَنهُ بِغَيْرِهِ أَرَادَ مثلوها امثالا إِذا عبرتموها وَهِي الَّتِي يضْربهَا ملك الرُّؤْيَا للرجل فِي مَنَامه لِأَنَّهُ يكنى بهَا عَن أَعْيَان الْأُمُور كَقَوْلِهِم فِي تَعْبِير النّخل انها رجال ذَوُو احساب من الْعَرَب وَفِي الْجَوْز انها رجال من الْعَجم لِأَن النّخل أَكثر مَا يكون فِي بِلَاد الْعَرَب والجوز أَكثر مَا يكون فِي بِلَاد الْعَجم ذكره فِي الْمجمع (إنْجَاح) قَوْله [3916] من تحلم حلما كَاذِبًا أَي ادّعى الرُّؤْيَا كَذَا بأكلف ان يعْقد بَين شعيرتين وَإِنَّمَا زَاد عُقُوبَة مَعَ ان كذبه فِي مَنَامه لَا يزِيد على كذبه فِي يقظته لِأَن الرُّؤْيَا بِحكم هَذَا الحَدِيث جُزْء من النُّبُوَّة وَهِي وَحي فالكذب فِيهِ كذب على الله وَهُوَ أعظم فِرْيَة من الْكَذِب على الْخلق أَو على نَفسه وَقَالَ الْكرْمَانِي الرُّؤْيَا والحلم مُتَرَادِفَانِ لُغَة والتخصيص شَرْعِي والتكليف بِالْعقدِ نوع تَعْذِيب فَلَا يدل على تَكْلِيف مَالا يُطَاق انْتهى (فَخر) قَوْله

[3917] إِذا قرب الزَّمَان الخ أَي اقْترب أَو ان فنائه إِشَارَة الى قرب الْقِيَامَة لِأَن الشَّيْء إِذا قل تقَارب اطرافه وَفِي حَدِيث الزَّمَان حَتَّى يكون السّنة كشهر الحَدِيث وَهُوَ زمَان الْمهْدي وَقيل يقترب زمَان الْمَوْت وَصَارَ الرجل فِي سنّ الكهولة لاعتدال الطَّبْع حِينَئِذٍ وَقيل أَرَادَ بِهِ تَسَاوِي الزَّمَان بَين الصَّيف والشتاء وَحِينَئِذٍ يعتدل مزاج الْإِنْسَان لعدم فَسَاد الاخلاط الروية لِأَن وساوس النَّفس أَكثر مَا يكون من غَلَبَة الْخَلْط فالدموي مثلا يرى الْأَشْيَاء الْحمر والصفراوي يرى النيرَان (إنْجَاح) [3918] اني رَأَيْت فِي الْمَنَام ظلة الظلة بِضَم الظَّاء السحابة الْقَرِيبَة من الرَّأْس كَأَنَّهَا تظلله تنطف أَي تقطر قَلِيلا قَلِيلا قَوْله ويتكففون أَي يَأْخُذُونَ بالاكف فَمنهمْ المستكثر فِي الاخذ وَمِنْهُم المستقل فِيهِ وَالسَّبَب هُوَ الْحَبل والواصل من الْوَصْل بِمَعْنى الْمَوْصُول والاخذون بِالسَّبَبِ الْخُلَفَاء وَالَّذِي انْقَطع بِهِ وَوصل لَهُ هُوَ عمر قتل فوصل لَهُ بِأَهْل الشورى بعثمان (فَخر) قَوْله أصبت بَعْضًا وأخطأت بَعْضًا قَالَ الْكرْمَانِي الْخَطَأ تَعْبِير السّمن وَالْعَسَل بِالْقُرْآنِ وَحقه ان يعبرا بِالْكتاب وَالسّنة أَو اقدامه للتعبير بِحُضُورِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَو قَوْله ثمَّ يُوصل لَهُ إِذْ لَيْسَ فِي الرُّؤْيَا الا الْوَصْل وَهُوَ قد يكون لغيره أَو ترك تعْيين الرِّجَال الاخذين بِالسَّبَبِ لم يبين صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خطاه لمفاسد فِيهِ مثل بَيَان قتل عُثْمَان وَفِي إِنْكَار مبادرة الصّديق توبيخه بَينهم وابراز بمقسم خص بِمَا لَا مفْسدَة فِيهِ أَو بِمَا لَا يكون فِيهِ اطلَاع على الْغَيْب انْتهى وَقَالَ النَّوَوِيّ الْخَطَأ فِي ثمَّ يُوصل لَهُ فيعلو بِهِ وَعُثْمَان قد خلع وَولى غَيره فَالصَّوَاب ان يحمل وَصله على ولَايَة غَيره من قومه وَلم يُبينهُ لمفسدة فِي بَيَان الحروب والفتن انْتهى قَوْله أصبت بَعْضًا الخ قيل أَرَادَ بِهِ انك أصبت فِي التَّعْبِير وأخطأت فِي ترك الْأَدَب حَيْثُ لم تتركني للتعبير وَقيل كَانَ اللَّائِق لَهُ ان يعبر الْعَسَل وَالسمن بِالْكتاب وَالسّنة وانه ذكر فِي التَّعْبِير الْقُرْآن فَقَط (إنْجَاح) قَوْله [3920] فِي مَنْهَج هُوَ الطَّرِيق الْوَاضِح كَذَا فِي الْقَامُوس والزلق الَّذِي يزل عَلَيْهِ الاقدام (إنْجَاح) قَوْله فزجل بِي من التزجيل وَهُوَ التقوية أَي قوى بِي وَفِي رِوَايَة الشَّيْخَيْنِ فَقيل لي ارقه فَقلت لَا أَسْتَطِيع فَأَتَانِي منصف فَرفع ثِيَابِي من خَلْفي فرقيت حَتَّى كنت فِي أَعْلَاهُ قلت وَالْمنصف الْخَادِم وَهُوَ بِكَسْر الْمِيم وَقد تفتح من نصفته إِذا اخدمته (إنْجَاح) قَوْله [3921] فَذهب وهلي هُوَ بِسُكُون الْهَاء وَيفتح أَي وهمي الى انها الْيَمَامَة فِي الْقَامُوس الْيَمَامَة الْقَصْد كاليمام وَجَارِيَة ارقاء كَانَت تبصر الرَّاكِب من مسيرَة ثَلَاثَة أَيَّام وبلاد الجو منسوبة إِلَيْهَا سميت باسمها أَكثر تخيلا من سَائِر الْحجاز وَبهَا تبنى مُسَيْلمَة الْكذَّاب وَهِي دون الْمَدِينَة فِي وسط الشرق عَن مَكَّة على سِتَّة عشر مرحلة من الْبَصْرَة وَعَن الْكُوفَة نَحْوهَا وَالنِّسْبَة يمامي انْتهى أَو هجر بِفَتْح الْهَاء وَالْجِيم وَهُوَ غير منصرف وَقد ينْصَرف بِاعْتِبَار الْبقْعَة فَفِي الْقَامُوس هجر محركة بلد بِالْيمن قَوْله فَإِذا هِيَ الْمَدِينَة يثرب قد جَاءَ فِي الحَدِيث النَّهْي عَن تَسْمِيَتهَا بِيَثْرِب لكَرَاهَة لفظ التثريب فَقيل يحْتَمل ان هَذَا قبل النَّهْي وَقيل انه لبَيَان الْجَوَاز وان النَّهْي للتنزيه وَقيل خُوطِبَ بِهِ من يعرفهَا وَلِهَذَا جمع بَينه وَبَين اسْمهَا الشَّرْعِيّ مرقاة مُخْتَصرا قَوْله وَالله خير مُبْتَدأ وَخبر أَي وَرَأَيْت كَانَ قَائِلا يَقُول وَالله خير وَقَوله فَإِذا هم النَّفر من الْمُؤمنِينَ يَوْم أحد أَي اصيبوا واستشهدوا فَكَانَ ذبح الْبَقر كَمَا فِي رِوَايَة كَذَا قَالَ النَّوَوِيّ كِنَايَة من اصابتهم يَوْم أحد (إنْجَاح) قَوْله [3922] سِوَارَيْنِ من ذهب فَإِنَّمَا يعبر بِالذَّهَب من الذَّاهِب أَي الشَّيْء الْبَاطِل الزائل والعنسي قَتله فَيْرُوز الديلمي فِي مرض وَفَاته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والمسيلمة قَتله وَحشِي قَاتل حَمْزَة فِي خلَافَة الصّديق (إنْجَاح) قَوْله

[3923] بِلَبن قثم هُوَ بن عَبَّاس وَأم الْفضل زَوجته لَكِن يشكل عَلَيْهِ ان قدوم أم الْفضل على النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سنة الْفَتْح وَهِي سنة ثَمَانِيَة من الْهِجْرَة وَذَاكَ الزَّمَان كَانَ الْحسن وَالْحُسَيْن فطيمان لِأَن ولادَة الْحسن فِي السّنة الثَّالِثَة وولادة الْحُسَيْن فِي الرَّابِعَة غَايَة مَا فِي الْبَاب لَو صَحَّ رِوَايَة قَتَادَة على حسب مَا ذكر بن الْأَثِير فِي أَسد الغابة ان وِلَادَته أَي الْحُسَيْن سنة سِتّ وَخَمْسَة أشهر وَنصف فعلى هَذَا ولاته فِي رَجَب سنة السَّابِع من الْهِجْرَة وقدوم أم الْفضل فِي رَمَضَان فِي التَّاسِع فعلى هَذَا يكون بَين الْولادَة والقدوم سنتَانِ وشهران فينطبق على مَذْهَب أبي حنيفَة بِأَن الرَّضَاع ثَلَاثِينَ شهل وَالله أعلم (إنْجَاح) [3924] حَتَّى قَامَت بالمهيعة هِيَ الْجحْفَة قَالَ فِي النِّهَايَة وَهِي مِيقَات أهل الشَّام وَبهَا غَدِير خم وَهِي شَدِيدَة الوخم قَالَ الْأَصْمَعِي لم يُولد بغدير خم أحد فَعَاشَ الى ان يَحْتَلِم الا ان يتَحَوَّل مِنْهَا قَوْله [3926] أكره الغل لِأَنَّهُ صفة أهل النَّار قَالَ الله تَعَالَى ان الاغلال فِي اعناقهم والسلاسل يسْحَبُونَ فِي الْحَمِيم ثمَّ فِي النَّار يسجرون (إنْجَاح) قَوْله الْقَيْد ثبات فِي الدّين قَالَ الْبَغَوِيّ فِي سنَنه لِأَنَّهُ يمنعهُ من التقلب وَكَذَا الْوَرع يمْنَع من التقلب فِي المشتهيات وَهَذَا إِذا كَانَ مُقَيّدا فِي مَسْجِد أَو فِي عمل الْخيرَات وسبل الطَّاعَات فَإِن رَآهُ مُسَافر فَهُوَ إِقَامَة من السّفر وان رَآهُ مَرِيض أَو مَحْبُوس طَال مَرضه وحبسه أَو مكروب طَال كربه والغل كفر لقَوْله تَعَالَى غلت أَيْديهم ولعنوا وَقد يكون بخلا وَقد يكون بِأَن يرى لرجل صَالح روى انه رآى أَبُو بكر قد جمعت يَدَاهُ الى عُنُقه فَأخْبر بِهِ فَقَالَ الله أكبر جمعت بيَدي عَن الشَّرّ الى يَوْم الْقِيَامَة انْتهى قَوْله [3927] الا بِحَقِّهَا أَي بِحَق تِلْكَ الْكَلِمَة وَفِي رِوَايَة البُخَارِيّ الا بِحَق الْإِسْلَام ومالهما وَاحِد قَالَ فِي الْمجمع الا بِحَق الْإِسْلَام من قتل نفس أَو حد أَو غَرَامَة اتلاف مَال أَو ترك صَلَاة قلت لَكِن الْأَخير هُوَ مَذْهَب الشَّافِعِي (إنْجَاح) قَوْله أمرت ان اقْتُل النَّاس قَالَ الْبَيْضَاوِيّ إِذا قَالَ من اشْتهر بِطَاعَة رَئِيس أمرت فهم مِنْهُ ان الرئيس امْرَهْ فَقَوْل النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمرت يفهم مِنْهُ ان الله امْرَهْ وَإِذا قَالَ الصَّحَابِيّ أمرت فهم انه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ امْرَهْ انْتهى وَقَالَ الْخطابِيّ وَمن الْمَعْلُوم ان المُرَاد بِهَذَا أَي بِالنَّاسِ أهل الْأَوْثَان دون أهل الْكتاب لأَنهم يَقُولُونَ لَا إِلَه إِلَّا الله ثمَّ يُقَاتلُون وَلَا يرفع عَنْهُم السَّيْف انْتهى وَقَالَ الطَّيِّبِيّ أَكثر الشَّارِحين قَالُوا أَرَادَ بِالنَّاسِ عَبدة الْأَوْثَان دون أهل الْكتاب وَالظَّاهِر الْعُمُوم والاستغراق قَالَ تَعَالَى قل يَا أَيهَا النَّاس اني رَسُول الله اليكم جَمِيعًا الْآيَة انْتهى قَوْله [3929] حرم عَليّ دِمَاؤُهُمْ وَأَمْوَالهمْ وَفِي مُسلم فقد عصم مني مَاله وَنَفسه قَالَ القَاضِي اخْتِصَاص عصمَة المَال وَالنَّفس بِمن قَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله تَعْبِير عَن الْإِجَابَة الى الْإِيمَان وان المُرَاد بِهَذَا مُشْرِكُوا الْعَرَب وَأهل الْأَوْثَان وَمن لَا يوحد وهم كَانُوا أول من دعى الى الْإِسْلَام وقوتل عَلَيْهِ فَأَما غَيرهم مِمَّن يقر بِالتَّوْحِيدِ فَلَا يَكْتَفِي فِي عصمته بقوله لَا إِلَه إِلَّا الله أَو كَانَ يَقُولهَا فِي كفره وَهِي من اعْتِقَاده فَلذَلِك جَاءَ فِي الحَدِيث الاخر واني رَسُول الله وَيُقِيم الصَّلَاة وَيُؤْتى الزَّكَاة انْتهى وَقَالَ النَّوَوِيّ وَلَا بُد مَعَ هَذَا من الْإِيمَان بِجَمِيعِ مَا جَاءَ بِهِ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا جَاءَ فِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى لأبي هُرَيْرَة الْمَذْكُورَة فِي مُسلم حَتَّى يشْهدُوا ان لَا إِلَه إِلَّا الله ويؤمنوا بِي وَبِمَا جِئْت بِهِ انْتهى هَذَا زبدة مَا فِي الشُّرُوح (فَخر) قَوْله [3930] فَهَلا شققت عَن بَطْنه الخ يَعْنِي انك إِنَّمَا كلفت بِالْعَمَلِ بِالظَّاهِرِ وَمَا ينْطق بِهِ اللِّسَان واما الْقلب فَلَيْسَ لَك طَرِيق الى معرفَة مَا فِيهِ فَأنْكر عَلَيْهِ امْتِنَاعه من الْعَمَل بِمَا ظهر بِاللِّسَانِ وَقَالَ أَفلا شققت عَن قلبه لتنظر هَل قَالَهَا بقلب واعتقدها وَكَانَت فِيهِ أم لم تكن فِيهِ بل جرت على اللِّسَان فَحسب يَعْنِي وَأَنت لست بِقَادِر على هَذَا وَاقْتصر على اللِّسَان وَلَا تطلب غَيره (نووي) قَوْله

[3931] فِي حجَّة الْوَدَاع الْمَعْرُوف فِي الرِّوَايَة بِفَتْح الْحَاء وَقَالَ الْهَرَوِيّ وَغَيره من أهل اللُّغَة المسموع من الْعَرَب فِي وَاحِدَة الْحَج حجَّة بِكَسْر الْحَاء قَالُوا وَالْقِيَاس فتحهَا لكَونهَا اسْما للمرة الْوَاحِدَة وَلَيْسَت عبارَة عَن الْهَيْئَة حَتَّى تكسر قَالُوا فَيجوز الْكسر بِالسَّمَاعِ وَالْفَتْح بِالْقِيَاسِ انْتهى وَسميت بذلك لِأَن النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ودع النَّاس فِيهَا وعلمهم فِي خطْبَة فِيهَا أَمر دينهم واوصاهم بتبليغ الشَّرْع الى من غَابَ وَقَالَ الا فليبلغ الشَّاهِد الْغَائِب وَقَوله كَحُرْمَةِ يومكم أَي كَحُرْمَةِ انتهاك الدَّم والاموال والاعراض فِي هَذَا الْيَوْم والشهر والبلد وَلَا يلْزم تَشْبِيه الشَّيْء بِنَفسِهِ فَإِن الثَّانِيَة اغلظ وَمُسلم عِنْد الْخصم وَمعنى الحَدِيث ان دماؤكم واموالكم متأكدة التَّحْرِيم شديدته وَفِي هَذَا دَلِيل بِضَرْب الْأَمْثَال والحاق النظير بالنظير قِيَاسا (فَخر) [3932] وان نظن بِهِ الْأَخير الظَّاهِر انه عطف على مَاله وَدَمه وهما مَعَ مَا عطف عَلَيْهِمَا بِالْجَرِّ بدل من الْمُؤمن فِي قَوْله لحُرْمَة الْمُؤمن أَي كَحُرْمَةِ مَال الْمُؤمن وَدَمه وَحُرْمَة الظَّن بِهِ سوى الْخَيْر أعظم حُرْمَة مِنْك أَي حرَام علينا ان نظن بِالْمُسلمِ الا ظن الْخَيْر قَالَ فِي الْمجمع هُوَ تحذير عَن الظَّن بالسوء على الْمُسلمين وَفِيمَا يجب لَهُ الْقطع فِي الاعتقاديات فَلَا يُنَافِي ظن الْمُجْتَهد والمقلد فِي الاحكام والمكلف فِي المشتبهات وَلَا حَدِيث الحزم سؤ الظَّن فَإِنَّهُ فِي أَحْوَال نَفسه خَاصَّة قلت المُرَاد من أَحْوَال نَفسه خَاصَّة ان لَا يخْتَلط بِكُل وَاحِد من النَّاس ويحترز بدمه وَمَاله لَا سِيمَا فِي زَمَاننَا لِكَثْرَة الخداع والغرور وَقد ورد احترسوا من النَّاس سوء الظَّن وَمَا رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَابْن عدي فِي الْكَامِل ذكره السُّيُوطِيّ فِي الْجَامِع الصَّغِير وَإِنَّمَا قَالَ حُرْمَة الْمُؤمن أعظم عِنْد الله حُرْمَة مِنْك لِأَن فيهم الْأَنْبِيَاء والصلحاء لَا سِيمَا النُّور الأول المحمدي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنَّمَا شرف الْكَعْبَة لتعبد الْمُؤمن اليه فَهَذَا يدل على مسجودية وان المسجودية لَا تدل على الْفَضِيلَة الْكُلية وَفضل الْكَعْبَة فضل جزئ وَفضل الْإِنْسَان كلي ومثاله ان نَبينَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمر بِاتِّبَاع الْملَّة الابراهيمة بِسَبَب فضل هُوَ النحلة فَإِنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَام رَئِيس ذَلِك الْمقَام وَغَيره تبع لَهُ فَأمر نَبينَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لنيل ذَلِك الْمقَام وَذَلِكَ باتباعه عَلَيْهِ السَّلَام (إنْجَاح) قَوْله [3933] وَعرضه هُوَ بِكَسْر عين قَالَ فِي النِّهَايَة هُوَ مَوضِع الْمَدْح والذم من الْإِنْسَان سَوَاء كَانَ فِي نَفسه أَو سلفه أَو من يلْزمه امْرَهْ وَقيل هُوَ جَانب الَّذِي يصونه من نَفسه وحسبه ويحامي عَنهُ ان ينتقص ويثلب وَقيل نَفسه وبدنه لَا غير انْتهى قَوْله [3934] الْمُؤمن من امنه النَّاس أَي الْكَامِل لِأَن مَادَّة الْإِيمَان الامن وَهَكَذَا فِي المُهَاجر لِأَن الْهِجْرَة من دَار الْكفْر الى دَار الْإِسْلَام جملَة مِنْهَا وان السّكُون فِي دَارهم خَطِيئَة فَهَذِهِ هِجْرَة كبرى وَهِي هِجْرَة صغرى كَمَا ان جِهَاد النَّفس الْجِهَاد الْأَكْبَر وَجِهَاد الْكفَّار الْجِهَاد الْأَصْغَر كَمَا روى رَجعْنَا من الْجِهَاد الْأَصْغَر الى الْجِهَاد الْأَكْبَر (إنْجَاح) قَوْله [3935] نهبة مَشْهُورَة صفة كاشفة للنهبة لِأَن النهبة أَكثر مَا يكون بالشهرة وَالْفِسْق الظَّاهِر أَشد من الْفسق الْخَفي (إنْجَاح) قَوْله [3936] لَا يَزْنِي الزَّانِي الخ ذَر أَو مُسلم فِي رِوَايَة التَّوْبَة معروضة بعد قَالَ النَّوَوِيّ هَذَا الحَدِيث مِمَّا اخْتلف الْعلمَاء فِي مَعْنَاهُ فَالْقَوْل الصَّحِيح الَّذِي قَالَه الْمُحَقِّقُونَ ان مَعْنَاهُ لَا يفعل هَذِه الْمعاصِي وَهُوَ كَامِل الْإِيمَان وَهَذَا من الْأَلْفَاظ الَّتِي تطلق على نفي الشَّيْء وَيُرَاد نفي كَمَاله ومختاره كَمَا يُقَال لَا علم الا مَا نفع وَلَا مَال الا الْإِبِل ولاعيش الا عَيْش الْآخِرَة وَإِنَّمَا تأولناه على مَا ذَكرْنَاهُ لحَدث أبي ذَر وَغَيره من قَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله دخل الْجنَّة وان زنا وان سرق وَحَدِيث عبَادَة بن الصَّامِت الصَّحِيح الْمَشْهُور انهم بَايعُوهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على ان لَا يسرقوا وَلَا يزنوا وَلَا يعصوا الى آخِره ثمَّ قَالَ لَهُم عَلَيْهِ السَّلَام فَمن وفى مِنْكُم فاجره على الله وَمن فعل شَيْئا من ذَلِك فَعُوقِبَ فِي الدُّنْيَا فَهُوَ كَفَّارَة وَمن فعل وَلم يُعَاقب فَهُوَ الى الله ان شَاءَ عفى عَنهُ وان شَاءَ عذبه فهذان الحديثان مَعَ نظائرهما فِي الصَّحِيح مَعَ قَول الله عز وَجل ان الله لَا يغْفر ان يُشْرك بِهِ وَيغْفر مَا دون ذَلِك لمن يَشَاء مَعَ إِجْمَاع أهل الْحق على ان الزَّانِي وَالسَّارِق وَالْقَاتِل وَغَيرهم من أَصْحَاب الْكَبَائِر غير الشرَاك لَا يكفرون بذلك بل هم مُؤمنُونَ ناقصوا الْإِيمَان ان تَابُوا سَقَطت عقوبتهم وان مَاتُوا مصرين على الْكَبَائِر كَانُوا فِي المشية فَإِن شَاءَ الله تَعَالَى عَفا عَنْهُم وادخلهم الْجنَّة اولا وان شَاءَ عذبهم ثمَّ ادخلهم الْجنَّة فَكل هَذِه الدَّلَائِل تضطرنا الى تَأْوِيل هَذَا الحَدِيث وَشبهه ثمَّ ان هَذَا التَّأْوِيل ظَاهر شَائِع فِي اللُّغَة مُسْتَعْمل فِيهَا كثيرا وَإِذا ورد حديثان مُخْتَلِفَانِ ظَاهرا وَجب الْجمع بَينهمَا وَقد وردا هَهُنَا فَيجب الْجمع وَقد جمعناه وَتَأَول بعض الْعلمَاء هَذَا الحَدِيث على من فعل ذَلِك مستحلا مَعَ علمه بورود الشَّرْع بِتَحْرِيمِهِ وَقَالَ الْحسن وَأَبُو جَعْفَر مُحَمَّد بن جرير الطَّبَرِيّ مَعْنَاهُ ينْزع مِنْهُ اسْم الْمَدْح وَالَّذِي يُسمى بِهِ أَوْلِيَاء الله الْمُؤمنِينَ وَيسْتَحق اسْم الذَّم فَيُقَال سَارِق وزان وَفَاجِر وفاسق وَحكى عَن بن عَبَّاس رَضِي ان مَعْنَاهُ ينْزع مِنْهُ نور الْإِيمَان وَفِيه حَدِيث مَرْفُوع وَقَالَ بن الْمسيب ينْزع مِنْهُ بصيرته فِي طَاعَة الله تَعَالَى وَذهب الزُّهْرِيّ الى ان هَذَا الحَدِيث وَمَا اشبه يُؤمن بهَا وتمر على مَا جَاءَت وَلَا يخاض فِي مَعْنَاهَا وَإِنَّا لَا نعلم مَعْنَاهَا وَقَالَ أمروها كَمَا أمرهَا من قبلكُمْ انْتهى وَقَالَ القَاضِي أَشَارَ بعض الْعلمَاء إِلَى أَن مَا فِي هَذَا الحَدِيث تَنْبِيه على جَمِيع أَنْوَاع الْمعاصِي والتحذير مِنْهَا فنبه بِالزِّنَا على جَمِيع الشَّهَوَات وبالسرقة على الرَّغْبَة فِي الدُّنْيَا والحرص على الْحَرَام وبالخمر على الْجَمِيع مَا يصد عَن الله تَعَالَى وَيُوجب الْغَفْلَة عَن حُقُوقه وبالانتهاب الْمَوْصُوف على الاستخفاف بعباد الله وَترك توقيرهم وَالْحيَاء مِنْهُم وَجمع الدُّنْيَا من غير وَجههَا انْتهى قلت هَذَا مَذْهَب أهل الْحق وخالفت الْمُعْتَزلَة فِي هَذَا فَقَالُوا مرتكبوا الْكَبَائِر كافرون وَيرد قَوْلهم هَذَا الْكتاب وَالسّنة وَالْإِجْمَاع كَمَا لَا يخفى هَكَذَا قيل فِي هَذَا الْمقَام (فَخر) قَوْله [3938] ان النهبة لَا تحل لَيْسَ المُرَاد ان النهبة من الْكفَّار لَا تحل بل لِأَن المَال غير مقسوم مشَاع ملك الْغَانِمين (إنْجَاح) قَوْله [3939] سباب الْمُسلم فسوق الخ قَالَ النَّوَوِيّ السب فِي اللُّغَة الشتم والتكلم فِي عرض الْإِنْسَان بِمَا يعِيبهُ وَالْفِسْق فِي اللُّغَة الْخُرُوج وَالْمرَاد بِهِ فِي الشَّرْع الْخُرُوج عَن الطَّاعَة وَأما معنى الحَدِيث فسب الْمُسلم بِغَيْر حق حرَام بِإِجْمَاع الْأمة وفاعله فَاسق كَمَا أخبر بِهِ النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ واما قِتَاله بِغَيْر حق فَلَا يكفر بِهِ عِنْد أهل الْحق كفرا يخرج بِهِ عَن الْملَّة الا إِذا استحله فَإِذا تقرر هَذَا فَقيل فِي تَأْوِيل الحَدِيث قَالَ أَحدهَا انه فِي المستحل وَالثَّانِي ان المُرَاد كفر الْإِحْسَان وَالنعْمَة وأخوة الْإِسْلَام لَا كفر الْجُحُود وَالثَّالِث انه يؤل الى الْكفْر بشومه وَالرَّابِع انه كَفعل الْكفَّار ثمَّ ان الظَّاهِر من قِتَاله الْمُقَاتلَة الْمَعْرُوفَة وَقَالَ القَاضِي وَيجوز ان يكون المُرَاد المشاجرة والمدافعة انْتهى قَوْله

[3942] لَا ترجعوا بعدِي كفَّارًا الخ قيل فِي مَعْنَاهُ سَبْعَة أَقْوَال أَحدهَا أَن ذَلِك كفر فِي حق المستحل بِغَيْر حق وَالثَّانِي أَن المُرَاد كفر النِّعْمَة وَحقّ الْإِسْلَام وَالثَّالِث انه يقرب من الْكفْر وَيُؤَدِّي اليه وَالرَّابِع انه فعل كَفعل الْكفَّار وَالْخَامِس المُرَاد حَقِيقَة الْكفْر وَمَعْنَاهُ لَا تكفرُوا بل دوموا مُسلمين وَالسَّادِس حَكَاهُ الْخطابِيّ وَغَيره ان المُرَاد بالكفار المتكفرون بِالسِّلَاحِ يُقَال تكفر الرجل بسلاحه إِذا لبسه قَالَ الْأَزْهَرِي فِي كِتَابه تَهْذِيب اللُّغَة يُقَال للابس السِّلَاح كَافِر وَالسَّابِع قَالَه الْخطابِيّ مَعْنَاهُ لَا يكفر بَعْضكُم بَعْضًا فتستحلوا قتال بَعْضكُم بَعْضًا واظهر الْأَقْوَال القَوْل الرَّابِع وَهُوَ اخْتِيَار القَاضِي عِيَاض وَقَوله بعدِي فَقَالَ الطَّبَرِيّ مَعْنَاهُ بعد فراقي من موقفي هَذَا وَكَانَ هَذَا يَوْم النَّحْر بمنى فِي حجَّة الْوَدَاع أَو يكون بعدِي أَي خلافي أَي لَا تخلفوني فِي أَنفسكُم بِغَيْر الَّذِي أَمرتكُم بِهِ أَو يكون تحقق صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ان هَذَا لَا يكون فِي حَيَاته فنهاهم عَنهُ بعد مماته انْتهى (نووي) [3948] من قَاتل تَحت راية عمية الخ بِكَسْر عين وَضمّهَا وبكسر مِيم وبياء مشدتين أَي الْأَمر الْأَعْمَى لَا يستبين وَجهه كقاتل الْقَوْم عصبية فَهُوَ فعيلة من الْعَمى الضَّلَالَة والعصبية معاونة ظلم للتعصب والمحاماة والموافقة عَمَّن يلزمك امْرَهْ أَو تلتزمه لغَرَض وَقَوله فَقتلته جَاهِلِيَّة أَي من صَنِيع أهل الْجَاهِلِيَّة وَالْكفْر والجاهلية زمَان الفترة بَين نَبينَا وَعِيسَى عَلَيْهِم الصَّلَوَات إنْجَاح الْحَاجة قَوْله [3950] فَعَلَيْكُم بِالسَّوَادِ الْأَعْظَم أَي جملَة النَّاس ومعظمهم الَّذين يَجْتَمعُونَ على طَاعَة السُّلْطَان وسلوك النهج الْمُسْتَقيم كَذَا فِي الْمجمع فَهَذَا الحَدِيث معيار عَظِيم لأهل السّنة وَالْجَمَاعَة شكر الله سَعْيهمْ فانهم هم السوَاد الْأَعْظَم وَذَلِكَ لَا يحْتَاج الى برهَان فَإنَّك لَو نظرت الى أهل الْأَهْوَاء بأجمعهم مَعَ انهم اثْنَان وَسَبْعُونَ فرقة لَا يبلغ عَددهمْ عشر أهل السّنة واما اخْتِلَاف الْمُجْتَهدين فِيمَا بَينهم وَكَذَلِكَ اخْتِلَاف الصُّوفِيَّة الْكِرَام والمحدثين الْعِظَام والقراء الاعلام فَهُوَ اخْتِلَاف لَا يضلل أحدهم الاخر بل قيل الصُّوفِيَّة بِخَير مَا تنافروا وَقَالَ شيخ الْإِسْلَام الْأنْصَارِيّ أَي مَا لم يَأْمر أحدهم الاخر بِالْعرْفِ والمرشد وَاجْتنَاب المنهيات لم يكن فيهم خير قَالَ امام الْمُحدثين السُّيُوطِيّ فِي إتْمَام الدِّرَايَة نعتقد ان امامنا الشَّافِعِي ومالكا وَأَبا حنيفَة وَأحمد رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم وَسَائِر الْأَئِمَّة على الْهدى من رَبهم فِي العقائد وَغَيرهَا ونعقد ان الامام أَبَا الْحسن الْأَشْعَرِيّ امام فِي السّنة أَي الطَّرِيقَة المعتقدة وقدموه فِيهَا على غَيره ونعتقد ان طَريقَة أبي الْقَاسِم الْجُنَيْد سيد الطَّائِفَة الصُّوفِيَّة علما وَعَملا طَرِيق مقدم فَهُوَ خَال عَن الْبِدْعَة دائر على التَّدْبِير وَالتَّسْلِيم والتبري عَن النَّفس يَبْنِي على الْكتاب وَالسّنة كَذَا فِي بحرالمذاهب (إنْجَاح) قَوْله [3952] زويت لي الأَرْض أَي جمعت فِي هَذَا الحَدِيث إِشَارَة الى ان ملكه يكون مُعظم امتداده فِي جهتي الْمشرق وَالْمغْرب وَهَكَذَا وَقع قَالَه النَّوَوِيّ قلت وَفِي هَذَا الحَدِيث معجزات ظَاهره وَقد وَقعت كلهَا بِحَمْد الله واما الْملك فقد بلغ من أول الْمشرق من بِلَاد التّرْك الى اخر الْمغرب من بَحر الأندلس وبلاد البربر وَلم يَتَّسِع فِي الْجنُوب وَالشمَال وَالْمرَاد بالكنزين كنزي كسْرَى وَقَيْصَر ملكي الْعرَاق وَالشَّام (فَخر) قَوْله وان بَين يَدي السَّاعَة دجالين أَي خلاطين بَين الْحق وَالْبَاطِل يدعونَ النُّبُوَّة لَا الإلهية وَبِه فَارق الدجالين الدَّجَّال الْأَعْظَم فَإِنَّهُ يَدعِي الإلهية وَيحْتَمل ان يُرَاد بهَا جمَاعَة يدعونَ اهواء فَاسِدَة ويسندون اعتقاداتهم الْفَاسِدَة اليه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَأَهل الْبدع كلهم (فَخر) قَوْله دجالين كَذَّابين قَرِيبا من ثَلَاثِينَ الخ قَالَ بن حجر فِي فتح الْبَارِي مِنْهُم مُسَيْلمَة والعنسي وَالْمُخْتَار وطليحة بن خويلد وسجاح اليميمية وَتَابَ طليحة وَمَات على الْإِسْلَام فِي خلَافَة عمر وَلَيْسَ المُرَاد من يدعى النُّبُوَّة مُطلقًا فانهم لَا يُحصونَ كَثْرَة لكَون غالبهم ينشأ لَهُم عَن جُنُون أَو سَوْدَاء وَإِنَّمَا المُرَاد من قَامَت لَهُ شَوْكَة وبدت لَهُ شُبْهَة وَمِنْهُم الْمُخْتَار بن عبيد غلب على الْكُوفَة زمن بن الزبير فاظهر محبت أهل الْبَيْت ودعا النَّاس الى طلب قتلة الْحُسَيْن فَقتل كثيرا مِمَّن بَاشر ذَلِك أَو أعَان عَلَيْهِ فَأَحبهُ النَّاس ثمَّ انه زين لَهُ الشَّيْطَان دَعْوَى النُّبُوَّة انْتهى قَوْله

[3954] الا من احياه الله بِالْعلمِ اشعار الى قَوْله جلّ ذكره أَو من كَانَ مَيتا فأحييناه وَجَعَلنَا لَهُ نورا يمشي بِهِ فِي النَّاس كمن مثله فِي الظُّلُمَات لَيْسَ بِخَارِج مِنْهَا وَالْمرَاد من هَذَا الْعلم الْعلم الكشفي الْحَاصِل بعد الفناء فِي الله والبقاء بِاللَّه الَّذِي يحصل بالسلوك والرياضات فَهُوَ تفضل من الله على من يَشَاء من عباده واما الْعلم الاستدلالي فَلَيْسَ لَهُ حَظّ فِي ذَلِك الموطن لِأَن الدَّلِيل لَا يُؤمن عَلَيْهِ وَقد نفى الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم الصَّلَوَات والتسليمات الشَّك بِهَذَا الْعلم أَولا حَيْثُ قَالَت رسلهم أَفِي الله شكّ فاطر السَّمَاوَات وَالْأَرْض (إنْجَاح) [3955] قَالَ انك لجرئ أَي ذُو جرْأَة وشجاعة حَيْثُ تحفظ من علم الْغَيْب وَقَالَ فِي الْمجمع لجرئ بِفَتْح جِيم وَمد أَي كثير السُّؤَال عَن الْفِتْنَة فِي أَيَّامه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَنت الْيَوْم جرى على ذكره عَالم أَو قَالَه على جِهَة الْإِنْكَار أَي انك لجسور مِقْدَام على قَول النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غير هائب تجاسرت على مَالا اعرفه وَلَا يعرفهُ أَصْحَابك انْتهى (إنْجَاح) قَوْله فيكسر الْبَاب أَو يفتح قيل المُرَاد بِالْكَسْرِ شَهَادَة عمر رَضِي وبالفتح مَوته فَهَذِهِ إِشَارَة الى فتْنَة عُثْمَان رَضِي لِأَنَّهَا ابْتِدَاء الْفِتَن فَكَانَ ابتداؤه بعد شَهَادَة عمر ثمَّ بعد ذَلِك وَقعت فتن تصم عَن سماعهَا الْأَذَان اعاذنا الله من شَرّ الْفِتَن مَا ظهر مِنْهَا وَمَا بطن وَقَوله بالاغاليط هِيَ جمع اغلوطة وَهِي المسئلة يغلط بهَا (إنْجَاح) قَوْله [3956] فِي جشره هُوَ بِفتْحَتَيْنِ وَالْجِيم فِي أَوله قوم يخرجُون بدوابهم الى المرعى ويبيتون مكانهم والجشر بِالسُّكُونِ إِخْرَاج الدَّوَابّ الى المرعى (إنْجَاح) قَوْله ترقق بَعْضهَا بَعْضًا بالقافين أَي يشوق بتحسينها وتسديلها فيرغب النَّاس إِلَيْهَا وَقيل يصير بعض الْفِتَن بَعْضًا رَقِيقا أَي خَفِيفا لعظم مَا بعده وَقيل يشبه بَعْضهَا بَعْضًا وَقيل يَدُور بَعْضهَا فِي بعض وَيذْهب ويجئ بِهِ وروى يرفق بِفَتْح يَاء وكسون رَاء ففاء مَضْمُومَة وروى يدفق بدال سَاكِنة وَفَاء مَكْسُورَة أَي يدْفع وَيصب إنْجَاح الْحَاجة قَوْله وليأت الى النَّاس الخ إِشَارَة الى ان يحب لِلْمُؤمنِ مَا يحب لنَفسِهِ وَقَوله وَثَمَرَة قلبه أَي خَالص عَهده (إنْجَاح) قَوْله فَأعْطَاهُ صَفْقَة يَمِينه أَي عَهده وميثاقه لِأَن المتعاهدين يضع أَحدهمَا يَده فِي يَد الاخر كَفعل الْمُتَبَايعين وَهِي الْمرة من التصفيق باليدين قَوْله وَثَمَرَة قلبه كِنَايَة عَن الْإِخْلَاص فِي الْعَهْد والتزامه مِصْبَاح الزجاجة وجامع الْأُصُول قَوْله [3957] يغربل النَّاس غربلة إِشَارَة الى انه يهْلك الصلحاء وَيبقى مَالا مَنْفَعَة فِيهِ كَمَا ان الغربال ينقى الدَّقِيق وَيبقى الحثالة بِلَا مَنْفَعَة فِي الْقَامُوس الحثالة مَا تناثر من ورق الشّجر انْتهى (إنْجَاح) قَوْله قد مرجت عهودهم أَي اخْتلطت وفسدت وَشَبك بَين اصابعه أَي يمرج بَعضهم بِبَعْض وتلبس أَمر دينهم فَلَا يعرف الْأمين من الخائن وَلَا الْبر من الْفَاجِر وتقبلون على خاصتكم رخصَة فِي ترك أَمر الْمَعْرُوف إِذا كثر الاشرار وَضعف الأخيار طيبي قَوْله [3958] حَتَّى يقوم الْبَيْت بالوصيف وَالْمرَاد بِالْبَيْتِ الْقَبْر وبالوصيف الْخَادِم وَالْعَبْد أَي يكون العَبْد قيمَة الْقَبْر بِسَبَب كَثْرَة الْأَمْوَات لَعَلَّ هَذَا إِشَارَة الى طاعون عمواس وَقعت فِي الشَّام كَانَت الْقَبِيلَة تَمُوت بأسرها وَذَلِكَ فِي خلَافَة عمر رَضِي (إنْجَاح) قَوْله حَتَّى تغرق حِجَارَة الزَّيْت بِالدَّمِ حِجَارَة الزَّيْت اسْم مَوضِع بِالْمَدِينَةِ وَلَعَلَّ هَذَا إِشَارَة الى وقْعَة الْحرَّة حِين نقض أهل الْمَدِينَة بيعَة يزِيد وَبعث عسكرا عَظِيما فَلَمَّا توجه عسكره الى مَكَّة مَاتَ هُوَ بِالشَّام (إنْجَاح) قَوْله [3959] لَا تنْزع عقول أَكثر ذَلِك الزَّمَان فَقَوله لَا نفي لما قبله وتنزع بَيَان ذَلِك النَّفْي أَي لَا يكون ذَلِك مَعَ عقولكم بل ينْزع عقول أَكثر ذَلِك الزَّمَان لشدَّة الْحِرْص وَالْجهل والهباء الذرات الَّتِي تظهر فِي الكوة بشعاع الشَّمْس وَالْمرَاد هَهُنَا الحثالة من النَّاس (إنْجَاح) قَوْله هباء من النَّاس أَي رعاع والهباء فِي الأَصْل مَا ارْتَفع من تَحت سنابك الْخَيل وَالشَّيْء المنبث الَّذِي ترَاهُ فِي ضوء الشَّمْس فشبهوا بِهِ (زجاجة) قَوْله

[3960] جردان هُوَ بِضَم جِيم وَاد بَين عمقين كَذَا فِي الْقَامُوس وَقَوله فَاتخذ سَيْفا من خشب كِنَايَة عَن ترك الْقِتَال (إنْجَاح) [3961] يصبح الرجل مُؤمنا ويمسي كَافِرًا أَي يصبح محرما لدم أَخِيه وَعرضه وَمَاله ويمسي مستحلا لَهُ (إنْجَاح) قَوْله الْقَاعِد فِيهَا خير من الْقَائِم الخ قَالَ النَّوَوِيّ مَعْنَاهُ بَيَان عَظِيم خطرها والحث على تجنبها والهرب مِنْهَا وَمن التَّسَبُّب فِي شَيْء وان شَرها وفتنتها يكون على حسب التَّعَلُّق بهَا انْتهى قَوْله واضربوا بسيوفكم الْحِجَارَة قَالَ النَّوَوِيّ قيل المُرَاد كسر السَّيْف حَقِيقَة على ظَاهر الحَدِيث ليسد على نَفسه بَاب هَذَا الْقِتَال وَقيل هُوَ مجَاز وَالْمرَاد ترك الْقِتَال وَالْأول صَحَّ وَهَذَا الحَدِيث وَالْأَحَادِيث قبله مِمَّا يحْتَج بِهِ من لَا يرى الْقِتَال فِي الْفِتْنَة لكل حَال وَقد اخْتلف الْعلمَاء فِي ذَلِك الْفِتْنَة فَقَالَ الطَّائِفَة لَا يُقَاتل الْمُسلمين وان دخلُوا عَلَيْهِ بَيته وطلبوا قَتله فَلَا يجوز لَهُ المدافعة عَن نَفسه لِأَن الطَّالِب متأول وَهَذَا مَذْهَب أبي بكرَة الصَّحَابِيّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ وَغَيره وَقَالَ بن عمر وَعمْرَان بن الْحصين وَغَيرهمَا رَضِي الله عَنْهُم لَا يدْخل فِيهَا لَكِن ان قصدُوا قَتله دفع عَن نَفسه فهذان المذهبان متفقان على ترك الدُّخُول فِي جَمِيع فتن الْإِسْلَام وَقَالَ مُعظم الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ وَعَامة عُلَمَاء الْإِسْلَام يجب نصر الْحق فِي الْفِتَن وَالْقِيَام مَعَه لمقاتلة الباغين كَمَا قَالَ الله تَعَالَى فَقَاتلُوا الَّتِي تبغي الْآيَة وَهَذَا هُوَ الصَّحِيح وتتأول الْأَحَادِيث على من لم يظْهر لَهُ الْحق أَو على طائفتين ظالمتين لَا تَأْوِيل لوَاحِدَة مِنْهُمَا وَلَو كَانَ كَمَا قَالَ الاولون لظهر الْفساد واستطال أهل الْبَغي والمبطلون وَالله أعلم انْتهى قَوْله كخير ابْني ادم وَهُوَ هابيل قَتله اخوه قابيل إنْجَاح الْحَاجة للشَّيْخ عبد الْغَنِيّ المجددي الدهلوي قَوْله [3962] حَتَّى تَأْتِيك يَد خاطئة وَهِي الَّتِي تقتل الْمُؤمن ظلما أَي حَتَّى تقتل ظلما وَتَمُوت بِقَضَاء قدرك (إنْجَاح) قَوْله [3963] مَا من مُسلمين التقيا باسيافهما الخ ظَاهر هَذَا الحَدِيث مُخَالف لما فِي رِوَايَة البُخَارِيّ وَمُسلم عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ان الله تجَاوز عَن أمتِي مَا وسوست بِهِ صدورها مَا لم تعْمل بِهِ أَو تَتَكَلَّم وَفِي روايتهما أَيْضا عَن بن عَبَّاس من هم بسيئة فَلم يعملها كتبهَا الله عِنْده حَسَنَة كَامِلَة وان هم بهَا فعملها كتبت سَيِّئَة وَاحِدَة وَبَيَان ذَلِك مَا نقل بن حجر الْمَكِّيّ فِي شرح الْأَرْبَعين عَن السُّبْكِيّ مَا حَاصله مَا يَقع فِي النَّفس من قصد الْمعْصِيَة على خمس مَرَاتِب الأولى الهاجس وَهُوَ مَا يلقى فِيهَا ثمَّ جَرَيَانه فِيهَا وَهُوَ الخاطر ثمَّ حَدِيث النَّفس وَهُوَ مَا يَقع فِيهَا من التَّرَدُّد هَل يفعل اولا ثمَّ الْهم وَهُوَ تَرْجِيح قصد الْفِعْل ثمَّ الْعَزْم وَهُوَ قُوَّة ذَلِك الْقَصْد والجزم بِهِ فالهاجس لَا يواخذ بِهِ إِجْمَاعًا لِأَنَّهُ لَيْسَ من فعله إِنَّمَا هُوَ شَيْء طرقه عَلَيْهِ قهرا وَمَا بعده من الخاطر وَحَدِيث النَّفس وان قدر على دفعهما لَكِن الله رفعهما كَمَا نطق بِالْحَدِيثِ الصَّحِيح ان الله تجَاوز لامتي الخ واما الْهم فقد بَين الحَدِيث انه بِالْحَسَنَة يكْتب حَسَنَة وبالسيئة لَا تكْتب ثمَّ ينظر فَإِن تَركهَا لله سُبْحَانَهُ كتبت حَسَنَة وان فعلهَا كتبت سَيِّئَة وَاحِدَة وَأما الْعَزْم فالمحققون على انه يواخذ بِهِ وَخَالف بَعضهم وَنسب الى بن عَبَّاس وَالشَّافِعِيّ وَاحْتج الاولون بِحَدِيث الْبَاب وعَلى الْإِجْمَاع على مواخذة افعال الْقُلُوب كالحسد وَالْعجب لقَوْله تَعَالَى وَمن يرد فِيهِ بالحاد بظُلْم نذقه من عَذَاب اليم وَقيل انه يواخذ بالهم وَالْمَعْصِيَة فِي حرَام يَكْتُبهُ دون غَيرهَا وروى عَن بن مَسْعُود مَرْفُوعا وموقوفا وَالْمَوْقُوف أصح (إنْجَاح) قَوْله الا كَانَ الْقَاتِل والمقتول فِي النَّار قَالَ النَّوَوِيّ واما كَون الْقَاتِل والمقتول من أهل النَّار فَمَحْمُول على من لَا تَأْوِيل لَهُ وَيكون قتالهما عصبية وَنَحْوهَا ثمَّ كَونه فِي النَّار فَمَعْنَاه انه مُسْتَحقّ لَهَا وَقد يجازى بذلك وَقد يعفوا الله تَعَالَى عَنهُ هَذَا مَذْهَب أهل الْحق وعَلى هَذَا يتَأَوَّل كل مَا جَاءَ من نَظَائِره وَاعْلَم ان الدِّمَاء الَّتِي جرت بَين الصَّحَابَة لَيست بداخلة فِي هَذَا الْوَعيد وَمذهب أهل السّنة إِحْسَان الظَّن بهم والامساك مِمَّا شجر بَينهم وَتَأْويل قِتَالهمْ وانهم مجتهدون متاولون لم يقصدوا مَعْصِيّة وَلَا مَحْض الدُّنْيَا بل اعْتقد كل فريق انه المحق ومخالفه بَاغ فَوَجَبَ عَلَيْهِ قِتَاله ليرْجع الى أَمر الله وَكَانَ بَعضهم مصيبا وَبَعْضهمْ مخطئا مَعْذُورًا فِي الْخَطَأ لِأَنَّهُ لاجتهاد والمجتهد إِذا أَخطَأ لَا اثم عَلَيْهِ وَكَانَ عَليّ رَضِي هُوَ المحق الْمُصِيب فِي ذَلِك الحروب هَذَا مَذْهَب أهل السّنة وَكَانَت القضايا مشتبهة حَتَّى ان جمَاعَة من الصَّحَابَة تحيروا فِيهَا فاعتزلوا الطَّائِفَتَيْنِ وَلم يقاتلوا وَلَو يتقنوا الصَّوَاب لم يتأخروا عَن مساعدته انْتهى قَوْله [3965] فهما على جرف جَهَنَّم الجرف بِضَم جِيم أَو بِضَمَّتَيْنِ مَا تجرفته السُّيُول وأكلته من الأَرْض كَذَا فِي الْقَامُوس وَقَالَ فِي الْمجمع وَهُوَ فِي أَكْثَرهَا بجيم وَضم رَاء وسكونها وَفِي بَعْضهَا بحاء وهما بِمَعْنى أَي على جَانبهَا انْتهى (إنْجَاح) قَوْله [3966] عبد اذْهَبْ اخرته بدنياه غَيره بِأَن يشْهد لَهُ على الْجور أَو يمدحه عِنْد السُّلْطَان وَهُوَ على خلاف ذَلِك وأمثال ذَلِك ومطابقة الحَدِيث بِالْبَابِ ان الْقِتَال على الْجور أَكثر مَا يكون بِسَبَب الْغَيْر كالعصبية أَو مَعَ السُّلْطَان الجائر فَلَو فرض قتل الْعَدو لَا يكون فِيهِ نفع للْقَاتِل بل لَو فرض النَّفْع وَلَو دنيويا يكون لمن يُقَاتل بِسَبَبِهِ فَهَذَا الْقَاتِل هُوَ الَّذِي ذهب اخرته بدنيا غَيره (إنْجَاح) قَوْله

[3967] فتْنَة تستنظف الْعَرَب بالنُّون والظاء الْمُعْجَمَة أَي تستوعبهم هَلَاكًا من استنظفته إِذا اخذته كُله (إنْجَاح) [3972] قل رَبِّي الله ثمَّ اسْتَقِم وَفِي رِوَايَة مُسلم قل امنت بِاللَّه ثمَّ اسْتَقِم قَالَ بن حجر وَهَاتَانِ الجملتان منتزعتان من قَوْله تَعَالَى ان الَّذين قَالُوا رَبنَا الله ثمَّ استقاموا وَجَاء عَن أبي بكر رَضِي انه فَسرهَا بِأَنَّهُم لم يلتفتوا الى غير الله تَعَالَى وَهَذَا هُوَ غَايَة الاسْتقَامَة ونهايتها فَهَذَا الأَصْل مَا خُذ التصوف وَالْإِحْسَان لِأَنَّهَا هِيَ الدرجَة القصوى الَّتِي بهَا كَمَال للعارف والاحوال وصفاء الْقُلُوب فِي الْأَعْمَال وتنزيه العقائد عَن مفاسد الْبدع والضلال وَمن ثمَّ قَالَ الْأُسْتَاذ أَبُو الْقَاسِم الْقشيرِي من لم يكن مُسْتَقِيمًا فِي حَاله ضَاعَ سَعْيه وخاب جده وَنقل انه لَا يطيقها الا الأكابر لِأَنَّهَا الْخُرُوج عَن المألوفات ومفارقة الرسوم والعادات وَالْقِيَام بَين يَدي الله تَعَالَى على حَقِيقَة الصدْق ولعزتها أخبر صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ان النَّاس لَا يطيقونها فقد اخْرُج أَحْمد اسْتَقِيمُوا وَلنْ تُطِيقُوا وَلذَلِك قَالَ بن عَبَّاس مَا نزل على النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اية أَشد من هَذِه الْآيَة وَقَالَ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أسْرع إِلَيْك الشيب قَالَ شيبتني هود واخواتها واخرج بن أبي حَاتِم لما نزلت هَذِه الْآيَة اغتم رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا أرى ضَاحِكا ثمَّ الْجُمْلَة الثَّانِيَة مبينَة على ان أعظم مَا يُرَاعِي استقامته بعد الْقلب من الْجَوَارِح اللِّسَان فَإِنَّهُ ترجمان الْقلب والمعبريه وَمن ثمَّ اخْرُج أَحْمد لَا يَسْتَقِيم ايمان عبد حَتَّى يَسْتَقِيم قلبه وَلَا يَسْتَقِيم قلبه حَتَّى لَا يَسْتَقِيم لِسَانه وَنسب الى الشَّافِعِي احفظ لسَانك أَيهَا الْإِنْسَان لَا يلدغنك انها ثعبان كم فِي الْمَقَابِر من قَتِيل لِسَانه كَأَنَّهُ يُخَالف لقاءه الشجعان إنْجَاح الْحَاجة قَوْله [3973] الا حصائد السنتهم أَي محصوداتها جَمِيع حصيدة بِمَعْنى محصودة شبه مَا تكسبه الْأَلْسِنَة من الْكَلَام الْحَرَام بحصائد الزَّرْع بِجَامِع الْكسْب وَالْجمع وَشبه اللِّسَان فِي تكَلمه بذلك الْكَلَام بحدة المنجر الَّذِي يحصد النَّاس بِهِ الزَّرْع (إنْجَاح) قَوْله [3976] من حسن إِسْلَام المرأ تَركه مَالا يعنيه قَالَ بن عبد الْبر رُوَاته ثِقَات وَهَذَا الحَدِيث ربع الْإِسْلَام على مَا قَالَه أَبُو دَاوُد بل قَالَ بن حجر هُوَ نصف الْإِسْلَام لِأَنَّهُ لَا يَخْلُو عَن فعل مَا لَا يَعْنِي وَترك مَالا يَعْنِي فَإِن نَظرنَا لمنطوقه الْمُصَرّح الثَّانِي كَانَ نصفا وان نَظرنَا لمفهومه كَانَ كلا وَهُوَ أصل كَبِير فِي تَهْذِيب النَّفس وتأديبها وَعَلِيهِ مدَار الطَّائِفَة الصُّوفِيَّة رَحِمهم الله تَعَالَى وَعَن الْحسن عَلامَة اعراض الله تَعَالَى عَن العَبْد ان يَجْعَل شغله فِيمَا لَا يعنيه وَنقل بن صَلَاح عَن بن أبي زيد انه قَالَ جماع اداب الْخَيْر وازمته يتَفَرَّع على أَرْبَعَة أَحَادِيث هَذَا الحَدِيث وَحَدِيث الشخين لَا يُؤمن أحدكُم حَتَّى يحب لِأَخِيهِ مَا يحب لنَفسِهِ وَحَدِيث الشَّيْخَيْنِ أَيْضا من كَانَ يُؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الاخر فَلْيقل خيرا أَو ليصمت وَحَدِيث البُخَارِيّ ان رجلا قَالَ يَا رَسُول الله اوصني فَقَالَ لَا تغْضب فردد مرَارًا فَقَالَ لَا تغْضب (إنْجَاح) قَوْله [3977] خير معايش النَّاس لَهُم الخ المعايش جمع معاش وَهُوَ التعيش والحيوة والهيعة صَوت تفزع مِنْهُ وَقَوله مظانه بدل اشْتِمَال أَو ظرف ليبتغي والشعفة بشين مُعْجمَة وَعين مُهْملَة رَأس الْحَبل وَحَاصِل الحَدِيث الْحَث على مجاهدة أَعدَاء الدّين ومجاهدة النَّفس والشيطان والاعراض عَن اسْتِيفَاء اللَّذَّات (إنْجَاح) قَوْله خير معايش النَّاس لَهُم رجل مُمْسك المعايش جمع معاش قَالَ النَّوَوِيّ هُوَ الْعَيْش وَهُوَ الحيوة وَتَقْدِيره وَالله اعْلَم من خير أَحْوَال عيشهم رجل مُمْسك قَوْله ويطير على مَتنه الخ مَعْنَاهُ يُسَارع على ظَهره وَهُوَ مَتنه كلما سمع هيعة وَهُوَ الصَّوْت عِنْد حُضُور الْعَدو وَهِي بِفَتْح الْهَاء وَإِسْكَان الْيَاء والفزعة بِإِسْكَان الزائ النهوض الى الْعَدو وَمعنى يَبْتَغِي الْقَتْل مظانه يَطْلُبهُ فِي مواطنه الَّتِي يُرْجَى فِيهَا لشدَّة رغبته فِي الشَّهَادَة وَفِي هَذَا الحَدِيث فَضِيلَة الْجِهَاد والرباط والحرص على الشَّهَادَة وَقَوله رجل فِي غنيمَة فِي رَأس شعفة الْغَنِيمَة بِضَم الْغَيْن تَصْغِير الْغنم أَي قِطْعَة مِنْهَا والشعفة بِفَتْح الشين وَالْعين أَعلَى الْجَبَل انْتهى قَوْله [3978] أَي النَّاس أفضل قَالَ رجل مُجَاهِد الخ قَالَ القَاضِي هَذَا عَام مَخْصُوص وَتَقْدِيره هَذَا من أفضل النَّاس والا فَالْعُلَمَاء أفضل وَكَذَا الصديقون كَمَا جَاءَت بِهِ الْأَحَادِيث قَوْله ثمَّ امرء فِي شعب الخ فِيهِ دَلِيل من قَالَ بتفضيل الْعُزْلَة على الِاخْتِلَاط وَفِي ذَلِك خلاف مَشْهُور فمذهب الشَّافِعِي وَأكْثر الْعلمَاء ان الِاخْتِلَاط أفضل بِشَرْط رَجَاء السَّلامَة من الْفِتَن وَمذهب طوائف ان الاعتزال أفضل وَأجَاب الْجُمْهُور عَن هَذَا الحَدِيث بِأَنَّهُ مَحْمُول على الاعتزال فِي زمن الْفِتَن والحروب أَو هُوَ فِيمَن لَا يسلم النَّاس مِنْهُ وَلَا يصبر عَلَيْهِم أَو نَحْو ذَلِك من الْخُصُوص وَقد كَانَت الْأَنْبِيَاء صلوَات الله وَسَلَامه عَلَيْهِم وجماهير الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ وَالْعُلَمَاء والزهاد مختلطين فيحصلون مَنَافِع الِاخْتِلَاط كشهود الْجُمُعَة وَالْجَمَاعَة والجنائز وعيادة المرضى وَحلق الذّكر وَغير ذَلِك وَأما الشّعب فَهُوَ مَا انفرج بَين جبلين وَلَيْسَ المُرَاد نفس الشّعب خُصُوصا بل المُرَاد الِانْفِرَاد والاعتزال وَذكر الشّعب مِثَالا لِأَنَّهُ خَال عَن النَّاس غَالِبا وَهَذَا الحَدِيث نَحْو الحَدِيث الاخر حِين سُئِلَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَن النجَاة فَقَالَ امسك عَلَيْك لسَانك وليسعك بَيْتك وابك على خطيتك (نووي) قَوْله

[3982] لَا يلْدغ الْمُؤمن من جُحر مرَّتَيْنِ لِأَنَّهُ من جرب المجرب حلت بِهِ الندامة فَإِن تضرر الْمُؤمن فِي دينه مرّة وَاحِدَة لَا يقدم عَلَيْهِ كرة ثَانِيَة إنْجَاح الْحَاجة لمولانا الْمُعظم عبد الْغَنِيّ المجددي الدهلوي [3984] اسْتَبْرَأَ لدينِهِ وَعرضه اسْتَبْرَأَ بِالْهَمْزَةِ أَي طلب البرأة لدينِهِ من النَّقْص ولعرضه من الطعْن فِيهِ قَالَ النَّوَوِيّ اتّفق الْعلمَاء على عظم موقع هَذَا الحَدِيث وَكَثْرَة فَوَائده فَإِنَّهُ أحد الْأَحَادِيث الَّتِي عَلَيْهَا مدَار الْإِسْلَام والحمى هُوَ المرعى الَّذِي حماه السُّلْطَان فمثال الْحَلَال البيع وَمِثَال الْحَرَام الرِّبَا فَإِنَّهُ أحل الله البيع وَحرم الرِّبَا فَإِن الرِّبَا فِي الْأَشْيَاء السِّتَّة منصوصة عَلَيْهَا وَمَا عدا ذَلِك أَمر مُبْهَم اخْتلف اراء الْمُجْتَهدين فِيهِ فالبعض جعل الْعلَّة الادخار والتقويت وَالْبَعْض المعيار والكيل وَلذَا روى بن ماجة والدارمي عَن عمر بن الْخطاب ان اخر مَا نزلت اية الرِّبَا وان رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قبض وَلم يُفَسِّرهَا لنا فدعوا الرِّبَا والريبة حَتَّى قَالُوا بترك سَبْعُونَ جُزْء من الْحَلَال الْحَرَام وَاحِد واليه الْإِشَارَة بقوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دع مَا يريبك الى مَا لَا يريبك وَقد اورد البُخَارِيّ فِي هَذَا الْبَاب مِثَالا وَأورد حَدِيث احتجاب سَوْدَة أم الْمُؤمنِينَ من عبد بن زَمعَة مَعَ اثبات النّسَب من زَمعَة لشبهه بِعتبَة بن أبي وَقاص الَّذِي اوصى الى أَخِيه سعد بن أبي وَقاص ان عبد بن زَمعَة مني فاقبضه فَبلغ النزاع الى النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَالْحَقْهُ بِعتبَة وَقَالَ احتجبي مِنْهُ يَا سَوْدَة وَمثل بِحَدِيث عقبَة الْحَارِث انه تزوج ابْنة لأبي اهاب فَأَتَت امْرَأَة فَقَالَت ارضعت عقبَة وَالَّتِي تزوج بهَا وَلم يُعلمهُ عقبَة وَلَا أحد من أهل بَيت الْمَرْأَة ذَلِك فاتى النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمَدِينَةِ فَسَأَلَهُ فَقَالَ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَيفَ وَقد قيل فَلم ينْه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَكِن عرضه بالمفارقة بقوله كَيفَ وَقد قيل لعدم نِصَاب الشَّهَادَة ثمَّ فِي قَوْله ان فِي الْجَسَد مُضْغَة الخ دَلِيل وَاضح لاكابر النقشبندية حَيْثُ يقدمُونَ تَهْذِيب الْقلب ويلقون فِيهِ ذكر الله تَعَالَى حَتَّى يسري الى الْجَسَد كُله فَللَّه دِرْهَم مَا أحسن برهم (إنْجَاح) قَوْله [3986] بَدَأَ الْإِسْلَام غَرِيبا الخ قَالَ فِي النِّهَايَة أَي كَانَ فِي أول امْرَهْ كوحيد لَا أهل عِنْده لقلَّة وَسَيَعُودُ أَي يقلون فِي آخرالزمان فطوبى أَي الْجنَّة للغرباء أَي للْمُسلمين فِي أَوله وَآخره لصبرهم على أَذَى الْكفَّار ولزومهم الْإِسْلَام انْتهى وَقَالَ النَّوَوِيّ قيل مَعْنَاهُ فِي الْمَدِينَة وَظَاهره الْعُمُوم وروى تَفْسِير الغرباء بنزاع من الْقَبَائِل وَقيل هم الْمُهَاجِرُونَ انْتهى قَوْله [3987] ان الْإِسْلَام بَدَأَ غَرِيبا قَالَ الرَّافِعِيّ فِي تَارِيخ قزوين قَوْله بَدَأَ ان قرئَ بِغَيْر همزَة فَهُوَ ظَاهر يُقَال بَدَأَ الشَّيْء يَبْدُو أَي ظهر وَقد يسْبق الذِّهْن الى لفظ بَدَأَ بِالْهَمْزَةِ لِأَنَّهُ ذكر الْعود على الْأَثر والابتداء والإعادة متقابلان بَدَأَ بالشَّيْء وابتدأ بِهِ وعَلى هَذَا فالمبتدأ بِهِ مَحْذُوف كَأَنَّهُ قَالَ ابْتَدَأَ الْإِسْلَام بِصُحْبَة الْقرن الأول والغريب الْبعيد عَن الوطن وسمى الْإِسْلَام فِي أول الْأَمر غَرِيبا لبعده عَمَّا كَانُوا عَلَيْهِ من الشّرك وأعمال الْجَاهِلِيَّة وَيعود غَرِيبا لفساد النَّاس اخرا وَظُهُور الْفِتَن وبعدهم عَن الْقيام بِوَاجِب الْإِيمَان انْتهى (زجاجة) قَوْله [3988] النزاع من الْقَبَائِل ذكر فِي الْقَامُوس النزيع الْغَرِيب كالنازع جمعه نزاع انْتهى وَفِي رِوَايَة التِّرْمِذِيّ ورد تفسيرهم الَّذين يصلحون مَا افسد النَّاس من بعدِي من سنتي أَي يعْملُونَ بهَا ويظهرونها على قدر طاقتهم فَهَذَا الرجل يصبح فِي قومه مُعْتَزِلا مَهْجُورًا كالغريب لِأَنَّهُ سنة الله الَّتِي قد خلت من قبل بالرسل والأنبياء وَلَكِن الله يعنيهم فَإِن الْعَاقِبَة لِلْمُتقين وَلذَا ورد الْعِبَادَة فِي الْهَرج كهجرة الى كَمَا مر (إنْجَاح) قَوْله [3989] يخرجُون من كل غبراء مظْلمَة أَي من عُهْدَة كل مَسْأَلَة مشكلة وبلية معضلة قَالَ الطَّيِّبِيّ هُوَ كِنَايَة عَن حقارة مساكنهم وانها مظْلمَة مغبرة لفقدان أَدَاة مَا يتنور ويتنظف بِهِ وَورد الابدال من الموَالِي حَالهم كَذَلِك وَهَذَا الْفقر اخْتِيَاري والا فهم سلاطين الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَنعم مَا قيل بِالْفَارِسِيَّةِ درسفالين كاسه رندان بخوارى منكريد كين حريفان فدمت جَام جمال بَين كرده اند قد سيال بِي بيره إند أزرعة كاس الْكِرَام أَيْن تطاول بَين كه با عشاق مِسْكين كروه إندو (إنْجَاح) قَوْله

[3990] لَا تكَاد تَجِد فِيهَا رَاحِلَة فَكَذَا النَّاس لَا تَجِد فيهم من يحمل الْأَمَانَة من الْعلم والعرفان الا وَاحِدًا بعد وَاحِد وَهَذَا فِي اوان النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والا فَلَا تَجِد فِي الف الف على هَذَا الْمِثَال قَالَ الله تَعَالَى إِنَّا عرضنَا الْأَمَانَة على السَّمَاوَات وَالْأَرْض وَالْجِبَال فابين ان يحملنها واشفقن مِنْهَا وَحملهَا الْإِنْسَان انه كَانَ ظلوما جهولا قَالَ الشَّيْخ الامام الرباني المجدد الالف الثَّانِي انه ظلوما على نَفسه بِحَيْثُ يُغني نَفسه فِي ذَات الله تَعَالَى لَا يبْقى لَهَا اثر ثمَّ يجهل ويتحير وَهَذِه الْحيرَة مقَام الْعلمَاء الصديقين وعد الشَّيْخ مقَام الْحيرَة والنكارة أَعلَى مقَام الْمعرفَة إِذا عرف الله كل لِسَانه وَلما سمع بعض الأكابر عَن بعض المشائخ انه يعبر عَن الْقرب فَقَالُوا قُولُوا لَهُ الْمقَام الَّذِي ظن فِيهِ الْقرب هُوَ عين الْبعد إنْجَاح الْحَاجة [3995] زهرَة الدُّنْيَا أَي نعيمها وَقَوله اياتي الْخَيْر أَي حُصُول الْغَنَائِم الَّذِي هُوَ خير هَل يكون سَببا للشر (إنْجَاح) قَوْله اياتي الْخَيْر بِالشَّرِّ أَي تصير النِّعْمَة نقمة وَقد سمى الله المَال خيرا فِي وانه لحب الْخَيْر لشديد وَقَوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ان الْخَيْر لَا يَأْتِي الا بِخَير يَعْنِي ان الْخَيْر الْحَقِيقِيّ لَا يَأْتِي الا بِالْخَيرِ لَكِن هَذَا لَيْسَ خيرا حَقِيقِيًّا لما فِيهِ من الْفِتْنَة والاشتغال عَن الإقبال الى الله وَقَوله أَو خير بِفَتْح وَاو إِنْكَار كَون كل الزهرة خيرا بل فِيهَا مَا يؤوى الى الْفِتَن (فَخر) قَوْله يقتل حَبطًا أَو يلم قَالَ فِي النِّهَايَة الحبط بالحركة الْهَلَاك ويلم يقرب أَي يدنو من الْهَلَاك وَالْخضر بِكَسْر الضَّاد نوع من الْبُقُول لَيْسَ من اصرارها وجيدها وثلط الْبَعِير يثلط إِذا ألْقى رجيعه سهلا رَقِيقا ضرب فِي هَذَا الحَدِيث مثلين أَحدهمَا للمفرط فِي جمع الدُّنْيَا وَالْمَنْع من حَقّهَا والاخر للمقتصد فِي اخذها والنفع بهَا فَقَوله ان كل مَا ينْبت الخ مثل للمفرط الاخذ بِغَيْر حَقّهَا فَإِن الرّبيع ينْبت احرار الْبُقُول فتستكثر الْمَاشِيَة مِنْهُ لاستطابتها إِيَّاه حَتَّى تنتفخ بطونها عِنْد مجاوزتها حد الِاحْتِمَال فَتَنْشَق امعائها فتهلك أَو تقَارب الْهَلَاك وَكَذَا جَامع الدُّنْيَا من غير حل ومانعها من الْمُسْتَحق قد تعرض للهلاك بالنَّار وبأذى وحسدهم إِيَّاه وَغير ذَلِك وَقَوله الا اكلة الْخضر مثل للمقتصد فَإِنَّهُ لَيْسَ من جيد الْبُقُول الَّتِي ينبتها الرّبيع بتوالي امطاره فتحسن وتنعم وَلكنه من الْبُقُول الَّتِي ترعاها الْمَوَاشِي بعد هيج الْبُقُول ويبسها حَيْثُ لَا تَجِد سواهَا وَتسَمى الجبنة فَلَا تكْثر الْمَاشِيَة مِنْهَا فَأَكَلتهَا مثل لمن يقْتَصر فِي أَخذ الدُّنْيَا فَهُوَ ينجو من وبالها كَمَا نجت آكِلَة الْخضر فَإِنَّهَا إِذا شبعت مِنْهَا بَركت مُسْتَقْبلَة عين الشَّمْس تستمرئ مَا أكلت وتجتر وتثلط فتزول الحبط فَإِنَّهُ بالامتلاء وَعدم الثلط وانتفاخ الْجوف بِهِ انْتهى قَوْله يقتل حَبطًا الحبط انتفاخ الْبَطن من الامتلاء وَهِي التُّخمَة أَو يلم أَي يقرب من الْقَتْل قَوْله فثلطت أَي القت روثها رَقِيقا سهلا إِشَارَة الى ان ضررها كثير ونفعها مَشْرُوط بالشرائط وَلذَا قَالَ بعض المشائخ الْفُقَرَاء لبَعض المشائخ الاغنياء مَالك تتلوث بالدنيا قَالَ من كَانَ عِنْده رقية الْحَيَّة لَا يضرّهُ السم فَقَالَ مَا الضَّرُورَة فِي لداغ الْحَيَّة اولا ثمَّ العلاج بالرقية وَلذَا ذهب الْجُمْهُور من الصُّوفِيَّة الْكِرَام ان الْفَقِير الصابر أفضل من الْغَنِيّ الشاكر (إنْجَاح) قَوْله الا اكلة الْخضر بِوَزْن فاعلة أَي من جملَة مَا ينبته الرّبيع شَيْء تقتل الا الخضراء إِذا اقتصد فِيهِ آكله وروى الا بخفة لَام استفتاحية أَي الا انْظُر والاكلة واعتبروا بهَا كرماني قَوْله [3996] فتجعلون بَعضهم على رِقَاب بعض وَفِي رِوَايَة البُخَارِيّ فتحملون يَعْنِي لَا يكفيكم هَذِه الصِّفَات حَتَّى تأخذون حُقُوق مَسَاكِين الْمُهَاجِرين وَلَا يبْقى لَهُم مَا يرتحلون فتحملون اثم ضعفائهم على رِقَاب اقويائهم قبل ارتحالهم قد وَقع كُله فِي فتْنَة عُثْمَان ذكره بن الْملك فِي شرح الْمَشَارِق وَقد تشبث الرافضة فضحهم الله تَعَالَى فِي الطعْن على الصَّحَابَة بِهَذَا الحَدِيث بِأَنَّهُم صَارُوا كَذَلِك بعد موت النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَكِن لَا يخفى ان قَوْله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثمَّ تنطلقون الى مَسَاكِين الْمُهَاجِرين يشْعر ان هَذِه الْفرْقَة غير الْمُهَاجِرين بل الْمُهَاجِرُونَ هم المظلمون وَلم يَقع هَذَا الْأَمر من الْأَنْصَار أَيْضا لِأَنَّهُ لَو كَانَ كَذَلِك لنقل إِلَيْنَا فَلم يبْق محمله الا الْفرْقَة الْفَاجِرَة كمروان بن الحكم واشتر النَّخعِيّ هَذَا مُخْتَصر مَا ذكره شيخ مشائخنا الشَّيْخ عبد الْعَزِيز الدهلوي فِي التُّحْفَة (إنْجَاح) قَوْله [3997] الى الْبَحْرين قَالَ الْكرْمَانِي هُوَ بلد بَين الْبَصْرَة وعمان قَالَ فِي النِّهَايَة هُوَ بِفَتْح بَاء أَو ضمهَا مَوضِع بِنَاحِيَة الْفَرْع من الْحجاز لَهُ ذكر فِي سَرِيَّة بن جحش انْتهى قَوْله [4000] ان الدُّنْيَا خضرَة حلوة أَي لذيذة فِي قُلُوب النَّاس وناعمة طرية فِي اعينهم وَالْعرب يُسمى الشَّيْء الناعم خضرًا تَشْبِيها لَهُ بالخضراوات فِي سرعَة زَوَالهَا فَفِيهِ بَيَان انها غدارة وتفتن النَّاس بحسنها ولذتها وَقَوله مستخلفكم أَي جاعلكم خَليفَة أَي وَكيلا فَفِيهِ ان أَمْوَالكُم لَيست لكم بل الله سُبْحَانَهُ جعلكُمْ فِي التَّصَرُّف فِيهَا بِمَنْزِلَة وكلاء أَو جاعلكم خلفاء للْأَرْض مِمَّن كَانَ قبلكُمْ واعطاكم مَا كَانَ فِي أَيْديهم لمعات قَوْله

[4003] يَا معشر النِّسَاء تصدقن الخ قَالَ النَّوَوِيّ فِي هَذَا الحَدِيث اسْتِحْبَاب وعظ النِّسَاء وتذكيرهن الْآخِرَة واحكام الْإِسْلَام حقهن على الصَّدَقَة وَهَذَا إِذا لم يَتَرَتَّب على ذَلِك مفْسدَة وَخَوف على الْوَاعِظ والموعوظ وَغَيرهمَا قَوْله فَإِنِّي رأيتكن أَي على طَرِيق الْكَشْف أَو سَبِيل الْوَحْي انْتهى قَوْله فَقَالَت امْرَأَة مِنْهُنَّ جزلة أَي تَامَّة أَو ذَات كَلَام جزل أَي قوى شَدِيد قَوْله وتكفرن العشير قَالَ أهل اللُّغَة العشير المعاشر والمخالط وَحمله الْأَكْثَرُونَ على الزَّوْج وَقَالَ الاخرون هُوَ كل مخالط قَالَ الْخَلِيل يُقَال هُوَ العشير وَالشعِير على الْقلب وَمعنى الحَدِيث انهن يجحدن الْإِحْسَان لضعف عقلهن وَقلة معرفتهن فيستدل على ذمّ من يجْحَد إِحْسَان ذِي إِحْسَان وَقَالَ الْكرْمَانِي أَي تجحدن نعْمَة الزَّوْج وتستقلين مَا كَانَ مِنْهُ ويستدل من التوعيد بالنَّار على كفرانه وَكَثْرَة اللَّعْن على انهما من الْكَبَائِر انْتهى قَوْله للب الرجل اللب الْعقل الحازم أَي الضَّابِط امْرَهْ فَمَا ظَنك لغيره قَوْله فَهَذَا من نُقْصَان الْعقل وَلذَا قَالَ الله تَعَالَى ان تضل إِحْدَاهمَا فَتذكر إِحْدَاهمَا الْأُخْرَى قَوْله فَهَذَا من نُقْصَان الدّين لِأَنَّهَا حرمت من ثَوَاب الصَّلَاة هَكَذَا قَالُوا (فَخر) [4004] قبل ان تدعوا فَلَا يُسْتَجَاب لكم أَي قبل ان ينزل عَلَيْكُم الْبلَاء بِسَبَب الْمعاصِي لِأَن الْبلَاء إِذا نزل لَا ينفع الدُّعَاء حِينَئِذٍ غَالِبا وَفِيه اشعار انه لَا بُد للْعُلَمَاء ان يامروا بِالْمَعْرُوفِ وينهوا عَن الْمُنكر والا فهم أَيْضا شُرَكَاء المرتكبين فِي الْوزر (إنْجَاح) قَوْله [4005] انكم تقرؤن هَذِه الْآيَة يَعْنِي تجرونها على عمومها ويمتنعون عَن الْأَمر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَن الْمُنكر وَلَيْسَ الْأَمر كَذَلِك فَإنَّا سمعنَا الخ وَذكر هَذِه لِأَن الْآيَة نزلت فِي أَقوام امروا ونهوا فَلم ينفع ذَلِك مِنْهُم وَحِينَئِذٍ فقد اتوا بِمَا عَلَيْهِم واهتدوا فَلَا يضرهم ضلال أُولَئِكَ بعد اتيانهم بِمَا عَلَيْهِم وَقيل ذَلِك إِذا علم عدم التَّأْثِير فَيسْقط الْوُجُوب ذكره السَّيِّد (إنْجَاح) قَوْله [4006] ان يكون اكيله الخ الاكيل فعيل من الْأكل والشريب فعيل من الشَّرَاب أَي يكون صاحبا لَهُ فِي الْأكل وَالشرب وَلَا يحْتَرز مِنْهُ (إنْجَاح) قَوْله فتاطروه على الْحق اطرا أَي لَا ينجون من الْعَذَاب حَتَّى يميلوهم من جَانب الْكفْر وَالْفِسْق الى جَانب الْحق وَالتَّقوى من اطرأت الْقوس إِذا احنيتها أَي يمنعوهم من الظُّلم ويميلوهم عَن الْبَاطِل الى الْحق وَفِي رِوَايَة أبي دَاوُد لتقصرنه على الْحق قصر أَي لتحبسوهم عَلَيْهِ (إنْجَاح) قَوْله [4007] الا لَا يمنعن رجلا هَيْبَة النَّاس الخ قلت الهيبة قد تكون بخوف تلف النَّفس وَالْمَال فالامر للعزيمة لَا للْوُجُوب فَإِن الْإِجْمَاع على ان الْأَمر بِالْمَعْرُوفِ يسْقط فِي هَذِه الْحَالة بل يجوز اجراء كلمة الْكفْر على اللِّسَان لقَوْله تَعَالَى الا من أكره وَقَلبه مطمئن بِالْإِيمَان وَقد يَجِيء فِي الْبَاب الَّاتِي مَا يدل على ذَلِك لَكِن الْعَزِيمَة فعله لِأَن أفضل الْجِهَاد كلمة عدل عِنْد سُلْطَان جَائِر وَقد فعل ذَلِك أَبُو سعيد حِين بنى كثير بن الصَّلْت منبرا فِي الْمصلى وَقدم مَرْوَان الْخطْبَة على الصَّلَاة فِي يَوْم الْعِيد وَأما الهيبة بِسَبَب الطعْن والملامة فَلَيْسَتْ بِشَيْء وَلَا يبعد ان تكون هِيَ مُرَادة فِي الحَدِيث فقد ورد قل الْحق وَلَو كَانَ مرا وَلَا تخف فِي الله لومة لائم فعلى هَذَا الحَدِيث على ظَاهره لَيْسَ للتأويل فِيهِ مساغ (إنْجَاح) قَوْله [4009] هم أعز مِنْهُم وامنع أَي الشَّوْكَة والمنعة لَهُم والمرتكبون اقلاء فَأَما إِذا كَانُوا أَكثر من ضعفين فقد دخلُوا فِي حد المنعة والشوكة فَيسْقط عَنْهُم الْأَمر بِالْمَعْرُوفِ (إنْجَاح) قَوْله [4010] من عَجَائِز رها بَينهم قَالَ فِي النِّهَايَة الرهبان جمع رَاهِب وَقد يَقع على الْوَاحِد وَيجمع على رهابين ورهابنة والرهبنة فعلنة أَو فعللة والرهبانية منسوبة الى الرهبنة وَمِنْه لَا رَهْبَانِيَّة فِي الْإِسْلَام كَانَ النَّصَارَى يترهبون بالتخلي من اشغال الدُّنْيَا وَترك ملاذها وَالْعُزْلَة عَن أَهلهَا وتعمد مشاقها فَمنهمْ من يخصي نَفسه وَيَضَع السلسلة فِي عُنُقه وَغير ذَلِك من أَنْوَاع التعذيب فنفاها عَن الْإِسْلَام وَمِنْه عَلَيْكُم بِالْجِهَادِ فَإِنَّهُ رَهْبَانِيَّة أمتِي يُرِيد ان الرهبان وان تركُوا الدُّنْيَا فَلَا ترك أَكثر من بذل النَّفس وكما انه لَا أفضل من الترهب عِنْدهم فَفِي الْإِسْلَام لَا أفضل من الْجِهَاد انْتهى قَوْله قلَّة لمن مَاء هُوَ بِضَم الْقَاف جرة عَظِيمَة تسع قربتين أَو أَكثر وَقَالَ الطَّيِّبِيّ هُوَ جرة تسع خمس مائَة رَطْل وَجمعه قلال (فَخر) قَوْله فخرت خريخر بِالضَّمِّ وَالْكَسْر إِذا سقط من علو وخر المَاء يخر بِالْكَسْرِ أَي سَقَطت الى الأَرْض قَوْله يَا غدر هُوَ كعمر معدول من غادر وَالْأُنْثَى غدار كقطام قَوْله كَيفَ يقدس الله امة أَي كَيفَ يطهرها (فَخر) قَوْله

[4012] فِي الغرز قَالَ فِي النِّهَايَة هُوَ ركاب كور الْجمل إِذا كَانَ من جلد أَو خشب وَقيل هُوَ للكور مُطلقًا كالركاب للسرج انْتهى [4013] وَلم يكن يبْدَأ بهَا هَذَا الحَدِيث يدل على ان أول من قدم الْخطْبَة على صَلَاة الْعِيد مَرْوَان وَالظَّاهِر انه فعله هَذَا فِي أَيَّامه وَقيل فِي خلَافَة مُعَاوِيَة وَقَالَ بَعضهم ان أول من قدمهَا مُعَاوِيَة وَقيل زِيَاد بِالْبَصْرَةِ فِي خلَافَة مُعَاوِيَة وَقيل فعله بن الزبير فِي آخر أَيَّامه وَقَالَ القَاضِي الْمُتَّفق عَلَيْهِ من مَذَاهِب عُلَمَاء الْأَمْصَار وائمة الْفَتْوَى وَلَا خلاف بَين ائمتهم فِيهِ هُوَ ان خطْبَة الْعِيد بعد الصَّلَاة وَهُوَ فعل النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْخُلَفَاء الرَّاشِدين بعده الا مَا روى ان عُثْمَان فِي شطر خِلَافَته الْأَخير قدم الْخطْبَة لِأَنَّهُ رأى من النَّاس من تفوته الصَّلَاة وروى مثله عَن عمر وَلَيْسَ بِصَحِيح عَنهُ انْتهى وَوجه تَقْدِيمه الْخطْبَة مَا مر (فَخر) قَوْله فَقَالَ أَبُو سعيد اما هَذَا فقد قضى مَا عَلَيْهِ وَفِي رِوَايَة مُسلم عَن أبي سعيد انه فعل ذَلِك بِذَاتِهِ فَقَالَ أَيْن الِابْتِدَاء بِالصَّلَاةِ فَقَالَ لَهُ يَا أَبَا سعيد قد ترك مَا تعلم قَالَ أَبُو سعيد كلا وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لَا تأتون بِخَير مِمَّا اعْلَم فَلَعَلَّ أَبَا سعيد انكر بِنَفسِهِ اولا ثمَّ ذَلِك الرجل ثَانِيًا أَو بِالْعَكْسِ فاعذره أَبُو سعيد لفعله (إنْجَاح) قَوْله فَإِن لم يسْتَطع فبقلبه بِأَن لَا يرضى بِهِ وينكره فِي بَاطِنه على متعاطيه فَيكون تغيرا معنويا إِذْ لَيْسَ فِي وَسعه الا هَذَا الْقدر من التَّغَيُّر قَوْله وَذَلِكَ أَضْعَف الْإِيمَان أَي شُعْبَة أَو خِصَال أَهله وَالْمعْنَى انه اقلها ثَمَرَة فَمن ترك الْمَرَاتِب مَعَ الْقُدْرَة كَانَ عَاصِيا وَمن تَركهَا بِلَا قدرَة أَو يرى الْمفْسدَة أَكثر وَيكون مُنْكرا بِقَلْبِه فَهُوَ من الْمُؤمنِينَ وَقيل مَعْنَاهُ أَضْعَف زمن الْإِيمَان إِذْ لَو كَانَ ايمان أهل زَمَانه قَوِيا لقدر على الْإِنْكَار الْفعْلِيّ والقولي أَو ذَلِك الشَّخْص الْمُنكر بِالْقَلْبِ فَقَط أَضْعَف أهل الْإِيمَان فَإِنَّهُ لَو كَانَ قَوِيا صلبا فِي الدّين لما اكْتفى بِهِ وَقيل الْأَمر الأول للامراء وَالثَّانِي للْعُلَمَاء وَالثَّالِث لعامة الْمُؤمنِينَ وَقيل إِنْكَار الْمعْصِيَة بِالْقَلْبِ أَضْعَف مَرَاتِب الْإِيمَان ثمَّ اعْلَم انه إِذا كَانَ الْمُنكر حَرَامًا وَجب الزّجر عَنهُ وَإِذا كَانَ مَكْرُوها ينْدب وَالْأَمر بِالْمَعْرُوفِ أَيْضا تبع لما يُؤمر بِهِ فَإِن وَجب وَجب وان ندب ندب (مرقاة) قَوْله [4014] بل ائْتَمرُوا أَي امتثلوا أَي وَمِنْه الْأَمر بِهِ وَتَنَاهوا أَي انْتَهوا وَاجْتَنبُوا عَن الْمُنكر وَمِنْه الِامْتِنَاع عَن نَهْيه أَو الايتمار بِمَعْنى التأمر كالاختصام بِمَعْنى التخاصم وَيُؤَيِّدهُ التناهي وَالْمعْنَى ليامر بَعْضكُم بَعْضًا بِالْمَعْرُوفِ وَينْهى طَائِفَة مِنْكُم طَائِفَة عَن الْمُنكر وَدُنْيا مُؤثرَة قَالَ الطَّيِّبِيّ مفعولة من الايثار أَي يختارون الدُّنْيَا على الْآخِرَة ويحرصون على جمع المَال واعجاب كل ذِي رَأْي بِرَأْيهِ قَالَ الْقَارِي أَي من غير نظر الى الْكتاب وَالسّنة وَإِجْمَاع الْأمة وَالْقِيَاس على أقوى الْأَدِلَّة وَترك الِاقْتِدَاء بِنَحْوِ الْأَئِمَّة الْأَرْبَعَة والاعجاب بِكَسْر الْهمزَة هُوَ وجدان الشَّيْء حسنا ورويته مستحسنا بِحَيْثُ يصير صَاحبه بِهِ معجبا وَعَن قبُول كَلَام الْغَيْر مجتنبا وانكان قبيحا فِي نفس الْأَمر وَقَالَ الطَّيِّبِيّ واعجاب الْمَرْء بِرَأْيهِ ان لَا يرجع الى الْعلمَاء فِيمَا فعل بل يكون مفتي نَفسه فِيهِ وَرَأَيْت أَمر الايدان لَك قَالَ فِي المفاتيح شرح المصابيح يَعْنِي رَأَيْت النَّاس يعْملُونَ الْمعاصِي وَلَا بُد لَك من السُّكُوت لجزك فَعَلَيْك بِنَفْسِك واترك الْأَمر بِالْمَعْرُوفِ انْتهى قلت وَفِي رِوَايَة التِّرْمِذِيّ لَا بُد لَك بِضَم الْمُوَحدَة وَتَشْديد الْمُهْملَة قَالَ الطَّيِّبِيّ مَعْنَاهُ لَا فِرَاق لَك مِنْهُ أَي رَأَيْت أمرا يمِيل اليه هَوَاك ونفسك من الصِّفَات الذميمة فَإِن اقمت بَين النَّاس لَا محَالة ان تقع فِيهَا فَعَلَيْك نَفسك وَاعْتَزل النَّاس حذرا من الْوُقُوع وَمَعْنَاهُ على تَقْدِير ان يكون بالتحتية لَا يدلك كَمَا فِي بعض نسخ المصابيح أَو لَا يدان لَك كَمَا فِي هَذَا الْكتاب لَا قدرَة وَلَا طَاقَة أَي فَإِن كَانَ أَمر لَا طَاقَة لَك من دَفعه فَعَلَيْك نَفسك هَذَا زبدة مَا فِي الشُّرُوح (فَخر) قَوْله لَا يدان لَك بِهِ بِكَسْر النُّون أَي لَا قدرَة وَلَا طَاقَة لَك على دَفعه وانكاره لِأَن الدفاع انما يكون بِالْيَدِ فكأنهما معدومتان لعَجزه عَن دَفعه وَالْقِيَاس لما يدين بِالْيَاءِ (إنْجَاح) قَوْله [4016] يتَعَرَّض من الْبلَاء لما لَا يطيقه مطابقته بالترجمة بِأَنَّهُ إِذا سقط الْأَمر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَن الْمُنكر بِسَبَب البلية والفتن فَلَيْسَ لكل وَاحِد ان يتَعَرَّض بالعزيمة لِأَنَّهُ لَا بُد إِذا أَمر بِالْمَعْرُوفِ وَنهى عَن الْمُنكر ان يُصِيبهُ الْبلَاء الْبَتَّةَ فَلَا يُطيق لحمله فَيكون سَببا لذهاب ايمانه فَإِن الصَّبْر فِيهِ كَالْقَبْضِ على الْجَمْر وَلَا يطيقه كل أحد نَعُوذ بِاللَّه من الْفِتَن مَا ظهر مِنْهَا وَمَا بطن (إنْجَاح) قَوْله [4017] فَإِذا ألْقى الله عبدا حجَّته فَإِذا بهت وَلم يتم لَهُ حجَّته أعلمها الله تَعَالَى والقاها فِي قلبه (إنْجَاح) قَوْله [4018] لم يفلته أَي لم يخلصه ابدا ان كَانَ مُشْركًا وَمُدَّة طَوِيلَة ان كَانَ مُؤمنا (إنْجَاح) قَوْله [4019] إِذا ابتليتم بِهن جَزَاؤُهُ مَحْذُوف وَهُوَ حل بكم من أَنْوَاع الْعَذَاب الَّذِي يذكر بعده وَقَوله وَأَعُوذ بِاللَّه الخ جملَة مُعْتَرضَة وَقَوله لم يظْهر بَيَان الْخمس (إنْجَاح) قَوْله [4020] يسمونها بِغَيْر اسْمهَا كالنبيذ والمثلث وَالْمَعَازِف جمع معزف وَهِي رفوف وَغَيرهَا مِمَّا يضْرب وَقيل كل لعب عزف بمفتوحة وَسُكُون زاء ففاء كَذَا فِي الْمجمع (إنْجَاح) قَوْله

[4021] قَالَ دَوَاب الأَرْض أَي قَالَ فِي تَفْسِير قَوْله اللاعنون دَوَاب الأَرْض أَي سكانها من الدَّوَابّ والحشرات وَغَيرهمَا وَهِي تَتِمَّة اية ان الَّذين يكتمون مَا انزلنا من الْبَينَات وَالْهدى من بعد مَا بَيناهُ للنَّاس فِي الْكتاب أُولَئِكَ يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون (إنْجَاح) [4022] لَا يزِيد فِي الْعُمر الا الْبر المُرَاد بازدياد الْعُمر بركته بأعمال الْخَيْر والبار من يصل الرَّحِم وَقَالَ النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ الْوَاصِل بالمكافئ وَلَكِن الْوَاصِل الَّذِي إِذا قطعت رَحمَه وصل رَوَاهُ البُخَارِيّ وَقَوله وَلَا يرد الْقدر الا الدُّعَاء أَي وَلَا الْقدر الْمُعَلق (إنْجَاح) قَوْله لَا يزِيد فِي الْعُمر الا الْبر قَالَ المغيث قيل أَرَادَ زِيَادَة الرزق فقد روى اوحى الى مُوسَى ان يَمُوت عَدوك ثمَّ رَآهُ مُوسَى بعد فَقَالَ يَا رب وَعَدتنِي بإماتته فَقَالَ قد افقرته وَلذَا قيل الْفقر هُوَ الْمَوْت الْأَكْبَر فبقياسه سمى الْغنى حَيَاة وَزِيَادَة عمر وَقيل أَرَادَ انه يوفق لصَلَاة اللَّيْل فَإِن النّوم أَخ الْمَوْت وَقيل يخلد لَهُ الثَّنَاء الْحسن فَإِنَّهُ الْعُمر الثَّانِي وَقيل قضى لَهُ ان وصل رَحمَه فعمره كَذَا والا فَكَذَا وَقيل هُوَ على ظَاهره فَإِنَّهُ يمحو الله مَا يَشَاء وَيثبت قَالَ الزَّرْكَشِيّ وَاعْترض بعض فضلاء الْعَصْر بَان نَحْو زِيَادَة الرزق وَغَيره من المقدرات فِي الازل كالعمر فَلَا يُفِيد التَّأْوِيل بِهِ قلت لَعَلَّ غَرَض التَّأْوِيل منافاته نصا فَإِذا جَاءَ اجلهم لَا يَسْتَأْخِرُونَ عَن مُعَارضَة الْقَضَاء انْتهى وَقَالَ الطَّيِّبِيّ مَعْنَاهُ إِذا ابر لَا يضيع عمره فَكَأَنَّهُ زَاد فَإِن من بورك فِي عمره يتدارك فِي يَوْم وَاحِد من فضل الله مَا لَا يتدارك غَيره فِي السّنة وَقيل قدر أَعمال الْبر اسبابا لطوله وسمى زِيَادَة بِاعْتِبَار طوله انْتهى قَوْله [4023] قَالَ الْأَنْبِيَاء أَي هم أَشد النَّاس بلَاء أَي فِي الِابْتِدَاء لأَنهم يتلذذون بالبلاء كَمَا يتلذذ غَيرهم بالنعماء لأَنهم لَو لم يبتلوا ليوهم فيهم الالوهيته وليتوهن على الْأمة الصَّبْر على البلية وَهَذَا مَا قَالَه على الْقَارِي فِي الْمرقاة وَلِأَن من كَانَ أَشد بلَاء كَانَ أَشد تضرعا والتجاء الى الله تَعَالَى فَلَا يلهو عَن ذكر الله تَعَالَى هَذَا مَا يُسْتَفَاد من كَلَام الْغَزالِيّ ثمَّ الامثل فالامثل أَي الْأَشْرَف والاعلى فِي الْمرتبَة والمنزلة فالاشرف والاعلى (إنْجَاح) قَوْله [4026] نَحن أَحَق بِالشَّكِّ أَي لم يشك إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام فَإِنَّهُ لَو كَانَ شكّ شككنا أَيْضا لأَنا على مِلَّته ذكر شَيخنَا المجدد ان الْعَارِف الْكَامِل مَتى توجه الى هِدَايَة الْخلق عرضت لَهُ مُنَاسبَة بالعوام لِأَنَّهُ لَو لم يكن لَا نسد بَاب النَّفْع فَمن كَانَ رُجُوعه الى الْخلق أكمل كَانَ ارشاده اوفر قَالَ المرتعش مَا وجدت باطني بباطن الْخَواص الا وجدت ظاهري بِظَاهِر الْعَوام فَرُبمَا يحْتَاج الى الِاسْتِدْلَال فَلَمَّا كَانَ إرشاد نَبينَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعم كَانَ ظَاهره مَعنا أتم وَلذَا قَالَ لارهبانية فِي الْإِسْلَام فعلى هَذَا كَانَ أَحَق بِالشَّكِّ من إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام ثمَّ طلب الدَّلِيل قد يكون بِالشَّكِّ وَقد يكون لإيضاح الْحق وَهَذَا من الْقسم الثَّانِي كَمَا انك إِذا سَمِعت صَوت زيد فِي الظلمَة تشْتَهي ان ترى شخصه وَلَيْسَ ذَلِك للشَّكّ بل للايضاح وَعَلِيهِ يحمل قَوْله تعلى فَإِن كنت فِي شكّ مِمَّا انزلنا إِلَيْك فاسئل الَّذين يقرؤون الْكتاب من قبلك الخ فَمَا كَانَ شاكا فِي ذَلِك فَلذَلِك قَالَ لم اشك وَلم اسْأَل (إنْجَاح) قَوْله نَحن أَحَق بِالشَّكِّ من إِبْرَاهِيم قَالَ فِي النِّهَايَة لما نزلت رب ارني كَيفَ تحيي الْمَوْتَى قَالَ قوم شكّ إِبْرَاهِيم وَلم يشك نَبينَا فَقَالَ لَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تواضعا أَي انا لم اشك وانا دونه فَكيف يشك هُوَ انْتهى قَالَ النَّوَوِيّ أَي الشَّك مُسْتَحِيل فِي الْأَنْبِيَاء والا كنت أَحَق بِهِ مِنْهُ وَقد علمْتُم انى لم اشك واظهر مَا قيل فِي سوال الْخَلِيل انه أَرَادَ الطُّمَأْنِينَة بِعلم كَيْفيَّة الاحياء مُعَاينَة قَالَ الطَّيِّبِيّ إِذْ لَيْسَ الْخَبَر كالمعاينة 4 قَول وَيرْحَم الله لوطا الخ هَذَا استعظام مَا بَدَأَ مِنْهُ إِذْ لَا ركن أَشد واقوى من الله سُبْحَانَهُ وعصمته إِيَّاه وَقَوله لاجبت الدَّاعِي فِيهِ احماد لصبر يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام (إنْجَاح) قَوْله [4027] لَيْسَ لَك من الْأَمر شَيْء أَي انك لَا تهدي من أَحْبَبْت وَلَكِن الله يهدي من يَشَاء وَعَلَيْك ان تصبر على اذاهم فَإنَّك بعثت رَحْمَة للْعَالمين وَقد ورد عَنهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اللَّهُمَّ اهد قومِي فَإِنَّهُم لَا يعلمُونَ وَالْجُمْلَة الأولى وَهِي قَوْله كَيفَ يفلح قوم الخ لَيْسَ بِالدُّعَاءِ عَلَيْهِم بل تعجب من فلاحهم فنفى الله عز وَجل ذَلِك الْعجب ولنعم مَا قيل كرّ بكغر كشد سر سياه كارتي بود بِعَفْو توجيثم وأميد وأرتا إنْجَاح الْحَاجة قَوْله [4029] مَا يُصَلِّي إِلَّا سرا وَقع ذَلِك فِي فتْنَة الْحرَّة روى عَن سعيد بن الْمسيب انه اختفى فِي مَسْجِد النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زمن الْحرَّة ثَلَاثًا فَكَانَ لَا يعرف وَقت الصَّلَاة الا بهمهمة يسْمعهَا من قبر النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَوَاهُ الدَّارمِيّ لَكِن لَا يخفي ان حُذَيْفَة لم يبْق الى زمن الْحرَّة بل مَاتَ فِي خلَافَة عَليّ فَلَعَلَّهُ أَشَارَ بِهِ الى فتْنَة عُثْمَان رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ (إنْجَاح) قَوْله

[4030] ان الْخضر الخ قَالَ النَّوَوِيّ جُمْهُور الْعلمَاء على انه حَيّ مَوْجُود بَين اظهرنا وَذَلِكَ مُتَّفق عَلَيْهِ عِنْد الصُّوفِيَّة وَأهل الصّلاح والمعرفة وحكاياتهم فِي روية الِاجْتِمَاع بِهِ وَالْأَخْذ عَنهُ وسواله وَجَوَابه ووجوده فِي الْمَوَاضِع الشَّرِيفَة ومواطن الْخَيْر أَكثر من ان يحصر واشهر من ان تسطر وَقَالَ الشَّيْخ أَبُو عَمْرو بن الصّلاح هُوَ حَيّ عِنْد جَمَاهِير الْعلمَاء وَالصَّالِحِينَ والعامة مَعَهم فِي ذَلِك قَالَ وَإِنَّمَا شَذَّ بانكاره بعض الْمُحدثين قَالَ الْجرْمِي الْمُفَسّر وَأَبُو عَمْرو هُوَ نَبِي وَاخْتلفُوا فِي كَونه مُرْسلا وَقَالَ الْقشيرِي وكثيرون هُوَ ولي وَحكى الْمَاوَرْدِيّ فِي تَفْسِيره ثَلَاثَة أَقْوَال أَحدهَا نَبِي وَالثَّانِي ولي وَالثَّالِث انه من الْمَلَائِكَة وَهَذَا غَرِيب بَاطِل قَالَ الْمَازرِيّ اخْتلف الْعلمَاء فِي الْخضر هَل هُوَ نَبِي أَو ولي قَالَ وَاحْتج من قَالَ بنبوته بقوله وَمَا فعلته عَن أَمْرِي فَدلَّ على انه نَبِي اوحي اليه وَبِأَنَّهُ اعْلَم من مُوسَى وَيبعد ان يكون ولي اعْلَم من نَبِي وَأجَاب الاخرون بِأَنَّهُ يجوز ان يكون قد اوحى الله الى نَبِي فِي ذَلِك الْعَصْر ان يَأْمر الْخضر بذلك وَقَالَ الثَّعْلَبِيّ الْمُفَسّر الْخضر نَبِي معمر على جَمِيع الْأَقْوَال مَحْجُوب عَن الابصار يَعْنِي عَن أبصار أَكثر النَّاس قَالَ وَقيل انه لَا يَمُوت الا فِي آخر الزَّمَان حِين يرفع الْقُرْآن وَذكر الثَّعْلَبِيّ ثَلَاثَة أَقْوَال فِي ان الْخضر كَانَ فِي زمن إِبْرَاهِيم الْخَلِيل عَلَيْهِ السَّلَام أم بعده بِقَلِيل أم بِكَثِير كنية الْخضر أَبُو الْعَبَّاس واسْمه بلياء بموحدة مَفْتُوحَة ثمَّ لَام سَاكِنة ثمَّ مثناة تحتية بن ملكان بِفَتْح الْمِيم واسكان اللَّام وَقيل كليان قَالَ بن قُتَيْبَة فِي المعارف قَالَ وهب بن مُنَبّه اسْم الْخضر بليا بن ملكان بن قَانِع بن عَامر بن شالخ بن ارفخشد بن سَام بن نوح قَالُوا وَكَانَ أَبوهُ من الْمُلُوك وَاخْتلفُوا فِي لقبه بالخضر فَقَالَ الْأَكْثَرُونَ لِأَنَّهُ جلس على فَرْوَة بَيْضَاء فَصَارَت خضرًا والفروة وَجه الأَرْض وَقيل لِأَنَّهُ كَانَ إِذا صلى اخضر مَا حوله وَالصَّوَاب الأول فقد صَحَّ فِي البُخَارِيّ عَن أَي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ انما سمى الْخضر لِأَنَّهُ جلس على فَرْوَة فَإِذا هِيَ تهتز من خَلفه خضرًا انْتهى وَالْخضر بِفَتْح خاء وَكسر هَاء وَسُكُون ضاد وَكسرهَا وَالْأَكْثَر بِفَتْح خاء وَكسر ضاد [4031] عظم الْجَزَاء بِضَم الْعين وَسُكُون الظَّاء وَقيل بِكَسْر ثمَّ فتح أَي عَظمَة الثَّوَاب مقرون مَعَ عظم الْبلَاء كَيْفيَّة وكميته جَزَاء وفَاقا وَأَجرا طباقا قَوْله ابْتَلَاهُم بَان الْبلَاء للولاء والابتلاء للاولياء قَوْله وَمن سخط بِكَسْر الْخَاء أَي كره بلَاء الله وجزع وَلم يرض بقضاءه فَلهُ السخط (مرقاة) قَوْله أعظم اجرامن الْمُؤمن الخ أَي لِأَن اخْتِلَاط النَّاس يُؤْذِي بِهِ بِالْحَاء شَتَّى من الايذاء ويصبر بالالام أَو التكاليف فِي الْوَاقِع فبسبب هَذَا الصَّبْر والتحمل يُؤَدِّي الى ذَلِك الْأجر الْعَظِيم وَالْجَزَاء الضخيم ومضمون ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أحسن ثَبت فِي حَقه (إنْجَاح) قَوْله [4034] ان لَا تشرك بِاللَّه لِأَن الشّرك لَا يغْفر وَفِيمَا دونه يتَوَقَّع الْمَغْفِرَة كَمَا فِي التَّنْزِيل ان الله لَا يغْفر ان يُشْرك بِهِ الْآيَة إنْجَاح الْحَاجة لمولانا الْمُعظم الشَّيْخ عبد الْغَنِيّ المجددي الدهلوي قَوْله [4036] سَيَأْتِي على النَّاس سنوات خداعات الخداع الْمَكْر وَالْحِيلَة وَإِضَافَة الخداع الى السنوات مجازية وَالْمرَاد أهل السنوات (إنْجَاح) قَوْله سَيَأْتِي على النَّاس سنوات خداعات أَي يكثر فِيهَا الامطار ويقل الرّيع فَذَلِك خداعها لِأَنَّهَا تطمعهم فِي الخضب بالمطر ثمَّ تخلف وَقيل الخداعة القليلة الْمَطَر من خدع الرِّيق إِذا جف (زجاجة) قَوْله وينطق فِيهَا الرويبضة تَفْسِيره مَا مر من حَدِيث أنس قُلْنَا يَا رَسُول الله مَا ظهر فِي الْأُمَم قبلنَا قَالَ الْملك فِي صغاركم والفاحشة فِي كباركم وَالْعلم فِي رذالتكم وَالرجل التافه الرذيل والحقير والرويبضة تَصْغِير رابضة وَهُوَ الْعَاجِز الَّذِي ربض عَن معالي الْأُمُور وَقعد عَن طلبَهَا وتاء للْمُبَالَغَة (إنْجَاح) قَوْله

[4039] وَلَا الْمهْدي الا عِيسَى بن مَرْيَم هَذَا الحَدِيث أخرجه الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك وَقَالَ انه يعد فِي افراد الشَّافِعِي وَقَالَ الذَّهَبِيّ فِي الْمِيزَان هَذَا خبر مُنكر تفرد بِهِ يُونُس بن عبد الْأَعْلَى عَن الشَّافِعِي وَوَقع فِي جُزْء من حَدِيث يُونُس قَالَ حدثت عَن الشَّافِعِي فَهُوَ على هَذَا مُنْقَطع على ان جمَاعَة ردُّوهُ عَن يُونُس قَالَ حَدثنَا الشَّافِعِي وَالصَّحِيح انه لم يسمعهُ مِنْهُ وَمُحَمّد بن خَالِد قَالَ الْأَزْدِيّ مُنكر الحَدِيث وَقَالَ الْحَاكِم مَجْهُول وَكَذَا قَالَ بن الصّلاح فِي اماليه وَقد وَثَّقَهُ يحيى بن معِين وروى ثَلَاثَة رجال سوى الشَّافِعِي وَأَبَان بن صَالح صَدُوق مَا علمت بِهِ بَأْسا لَكِن قيل انه لم يسمع من الْحسن وَذكر بن الصّلاح للْحَدِيث عِلّة أُخْرَى قَالَ الْبَيْهَقِيّ انا الْحَاكِم ثَنَا عبد الرَّحْمَن بن عبد الْأَعْلَى بن يزْدَاد الْمُذكر من كِتَابه ثَنَا عبد الرَّحْمَن بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن الْحجَّاج بن رشد بن ثَنَا الْمُغَفَّل بن مُحَمَّد الجندي ثَنَا صَامت بن معَاذ قَالَ عدلت الى الْجند فَدخلت على مُحدث لَهُم فَوجدت عِنْده عَن مُحَمَّد بن خَالِد الجندي عَن أبان بن أبي عَيَّاش عَن الْحسن عَن النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الذَّهَبِيّ فانكشف انْتهى وَقَالَ الْحَافِظ جمال الدّين الْمزي فِي التَّهْذِيب قَالَ أَبُو بكر بن زِيَاد هَذَا لحَدِيث غَرِيب وَقَالَ مُحَمَّد بن الْحُسَيْن الابزي الْحَافِظ فِي مَنَاقِب الشافي قد تَوَاتَرَتْ الاخبار واستفاضت بِكَثْرَة رواتها عَن الْمُصْطَفى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمهْدي وانه من أهل بَيته وانه يملك سبع سِنِين ويملأ الأَرْض عدلا وانه يخرج مَعَ عِيسَى بن مَرْيَم فيساعده على قتل الدَّجَّال بِبَاب لد بِأَرْض فلسطين وانه يؤم هَذِه الْأمة وَعِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام يُصَلِّي خَلفه فِي طول من قصَّة وَمُحَمّد بن خَالِد الجندي وان كَانَ يذكر عَن يحيى بن معِين انه وَثَّقَهُ فَإِنَّهُ غير مَعْرُوف عِنْد أهل الصِّنَاعَة من أهل الْعلم وَالنَّقْل وَقَالَ الْبَيْهَقِيّ هَذَا حَدِيث تفرد بِهِ مُحَمَّد بن خَالِد الجندي قَالَ أَبُو عبد الله الْحَافِظ وَهُوَ رجل مَجْهُول وَاخْتلفُوا عَلَيْهِ فِي إِسْنَاده فَرَوَاهُ صَامت بن معَاذ ثَنَا يحيى بن السكن ثَنَا مُحَمَّد بن خَالِد الجندي عَن أبان بن صَالح عَن الْحسن عَن أنس عَن النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ صَامت بن معَاذ عدلت الْجند فَدخلت على مُحدث لَهُم وَطلبت هَذَا الحَدِيث فَوجدت عِنْده عَن مُحَمَّد بن خَالِد الجندي عَن أبان بن أبي عَيَّاش عَن الْحسن عَن النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْبَيْهَقِيّ فَرجع الحَدِيث الى رِوَايَة مُحَمَّد بن خَالِد الجندي وَهُوَ مَجْهُول عَن أبان بن أبي عَيَّاش وَهُوَ مَتْرُوك عَن الْحسن عَن النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مُنْقَطع وَالْأَحَادِيث فِي التَّنْصِيص على خُرُوج الْمهْدي أصح إِسْنَادًا وروى الْحَافِظ أَبُو الْقَاسِم بن عَسَاكِر فِي تَارِيخ دمشق بِإِسْنَادِهِ عَن أَحْمد بن مُحَمَّد بن رَاشد قَالَ حَدثنِي أَبُو الْحسن عَليّ بن مُحَمَّد بن عبد الله الوَاسِطِيّ قَالَ رَأَيْت مُحَمَّد بن إِدْرِيس الشَّافِعِي فِي الْمَنَام فَسَمعته يَقُول كذب عَليّ يُونُس فِي حَدِيث الجندي حَدِيث الْحسن عَن أنس عَن النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمهْدي قَالَ الشَّافِعِي مَا هَذَا من حَدِيثي وَلَا حدثت بِهِ كذب عَليّ يُونُس انْتهى وَقَالَ الْبَيْهَقِيّ فِي كتاب بَين خطأ من أَخطَأ على الشَّافِعِي هَذَا الحَدِيث مِمَّا انكر على الشَّافِعِي ثمَّ روى عَن أَحْمد بن سِنَان قَالَ كنت عِنْد يحيى بن معِين فَدخل عَلَيْهِ صَالح فَقَالَ بَلغنِي عَن الشَّافِعِي انه رَوَاهُ وَالشَّافِعِيّ عندنَا ثِقَة قَالَ الْبَيْهَقِيّ هَذَا الحَدِيث ان كَانَ مُنْكرا كَانَ الْحمل فِيهِ على مُحَمَّد بن خَالِد الجندي فَإِنَّهُ شيخ مَجْهُول لم يعرف بِمَا تثبت بِهِ عَدَالَته وَيُوجب قبُول خَبره وَقد رَوَاهُ غير الشَّافِعِي عَنهُ كَمَا رَوَاهُ الشَّافِعِي ثمَّ رَوَاهُ من طَرِيق يحيى بن السكن عَنهُ قَالَ فالغلط من جِهَة فَإِن الحَدِيث مَعْرُوف من أوجه بِدُونِ قَوْله وَلَا الْمهْدي الا عِيسَى بن مَرْيَم انْتهى وَقَالَ الْحَافِظ عماد الدّين بن كثير فِي الْبِدَايَة وَالنِّهَايَة هَذَا حَدِيث مَشْهُور بِمُحَمد بن خَالِد الجندي الْمُؤَذّن شيخ الشَّافِعِي وروى عَنهُ غير وَاحِد أَيْضا وَلَيْسَ هُوَ بِمَجْهُول كَمَا زَعمه الْحَاكِم بل قد روى عَن بن معِين انه وَثَّقَهُ وَلَكِن من الروَاة من حدث بِهِ عَنهُ عَن أبان بن أبي عَيَّاش عَن الْحسن مُرْسلا وَذكر الْحَافِظ جمال الدّين الْمزي عَن بَعضهم انه رأى الشَّافِعِي فِي الْمَنَام وَهُوَ يَقُول كذب عَليّ يُونُس لَيْسَ هَذَا من حَدِيثي قَالَ بن كثير يُونُس بن عبد الْأَعْلَى الصدني من الثِّقَات لَا يطعن فِيهِ بِمُجَرَّد مَنَام وَهَذَا الحَدِيث فِيمَا يظْهر ببادي الرَّأْي مُخَالف للأحاديث الْوَارِدَة فِي ثبات مهْدي غير عِيسَى بن مَرْيَم وَعند التَّأَمُّل لَا ينافيها بل يكون المُرَاد من ذَلِك ان الْمهْدي حق الْهدى هُوَ عِيسَى بن مَرْيَم وَلَا يَنْفِي ذَلِك ان يكون غَيره مهديا أَيْضا انْتهى زجاجة بعثت أَنا والساعة الخ فَإِن أمته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آخر الْأُمَم وَحين فنائها تقوم السَّاعَة إنْجَاح تقوم السَّاعَة (إنْجَاح) قَوْله [4042] فوجمت عِنْدهَا وجمة أَي حزنت حزنا شَدِيدا فِي الْقَامُوس الوجم ككتف صَاحب العبوس المطرق لشدَّة الْحزن وَحج كوعد جما ووجوما سكت على غيظ انْتهى (إنْجَاح) قَوْله [4044] فِي خمس لَا يعلمهُنَّ الخ أَي علم السَّاعَة مَعْدُود فِي خمس فَإِن قلت مَا وَجه التَّخْصِيص بِخمْس مَعَ ان مَعْلُومَات الله تَعَالَى لَا متناهي وَلَيْسَ للْإنْسَان فِيهَا سَبِيل قلت لِأَنَّهَا أُمَّهَات المغيبات والبقية تبع لَهَا وَمَا ورد عَن بعض أَوْلِيَاء الله الْكِرَام من انهم اخبروا عَن بعض هَذِه الْأَشْيَاء أَيْضا فَوَقع كَمَا قَالُوا كَمَا أخبر الصّديق رَضِي الله عَنهُ زَوجته بنت خَارِجَة انها حاملته بنت فَولدت بعد وَفَاته رَضِي أم كُلْثُوم بنت أبي بكر فَهَذَا من الفراسة وَالظَّن وَيصدق الله تَعَالَى فراسة الْمُؤمن وَمَعَ هَذَا لَا يخرج عَن دَرَجَة الظَّن وَلَا يدْخل فِي حد الْعلم فَافْتَرقَا إنْجَاح الْحَاجة قَوْله ان من اشراطها أَي علاماتها وَاحِدهَا شَرط بِفَتْح الشين وَالرَّاء قَوْله ان يرفع الْعلم لَيْسَ مَعْنَاهُ انه يمحى من صُدُور الْعلمَاء بل مَعْنَاهُ انه يَمُوت حَملته ويتخذ النَّاس جُهَّالًا يحكلون بجهالاتهم كَمَا روى مُسلم عَنهُ عَلَيْهِ السَّلَام انه قَالَ ان الله لَا ينتزع الْعلم من النَّاس انتزاعا وَلَكِن يقبض الْعلمَاء فيرفع الْعلم مَعَهم وَيبقى فِي النَّاس رؤسا جُهَّالًا فيضلون ويضلون قَوْله وَيظْهر الْجَهْل وَفِي رِوَايَة مُسلم يثبت الْجَهْل من الثُّبُوت وَفِي رِوَايَة يبث أَي ينشر ويفشوا الزناء أَي يتنشر وَيشْرب الْخمر أَي شربا فاشيا وَيذْهب الرِّجَال أَي بِسَبَب الْقَتْل وَيبقى النِّسَاء فتكثر فَلهَذَا يكثر الْجَهْل وَالْفساد (فَخر) قَوْله [4046] حَتَّى يحسر الْفُرَات بِكَسْر سين وَفتحهَا أَي تكشف من حسرت الْعِمَامَة عَن رَأْسِي وَالثَّوْب عَن بدني أَي كشفتهما قَالَ الزَّرْكَشِيّ أَي ينْكَشف عَن الْكَنْز لذهاب مائَة فَلَا تَأْخُذ مِنْهُ شَيْئا لِأَنَّهُ مستعقب للبليات وَهُوَ أَيَّة من آيَات الله انْتهى قلت لما فِي مُسلم يقتتل النَّاس عَلَيْهِ فَيقْتل من كل مائَة تِسْعَة وَتسْعُونَ يَقُول كل رجل مِنْهُم لعَلي اكون انا الَّذِي انجو (فَخر) قَوْله

[4048] ثكلتك أمك أَي فقدتك والثكل فقد الْوَلَد وَامْرَأَة ثاكل وثكلى وَرجل ثاكل وثكلان كَأَنَّهُ دَعَا عَلَيْهِ بِالْمَوْتِ لسوء فعله أَو قَوْله وَالْمَوْت يعم كل أحد فَأذن الدُّعَاء عَلَيْهِ كلا دُعَاء أَو أَرَادَ إِذا كنت هَكَذَا فالموت خير لَك لِئَلَّا تزداد سوء وَيجوز ان يكون من الْأَلْفَاظ الَّتِي تجْرِي على السّنة الْعَرَب وَلَا يُرَاد بهَا الدُّعَاء كَقَوْلِهِم تربت يدالك وقاتلك الله انْتهى وَهَذَا الثَّالِث ازحح مِصْبَاح الزجاجة قَوْله يدرس وشيى الثَّوْب الخ وشى الثَّوْب يسجه على لونين كَذَا فِي الْمجمع وَفِي الْقَامُوس الوشي نقش الثَّوْب مَعْرُوفا وَيكون من كل لون انْتهى ويدرس أَي يذهب (إنْجَاح) قَوْله وليسرى على كتاب الله فِي لَيْلَة أَي يذهب اللَّيْل فِي الْقَامُوس السّري كهي سير عَامَّة اللَّيْل وَأما قَوْله جلّ ذكره أسرى بِعَبْدِهِ لَيْلًا تَأْكِيد وَمَعْنَاهُ سير لَيْلًا فَقَالَ لَهُ صلَة مَا يُغني مِنْهُم لَا إِلَه إِلَّا الله أَي قَالَ صلَة لِحُذَيْفَة وَلَعَلَّه صلَة بن زفر التَّابِعِيّ الْكَبِير من أهل الْكُوفَة وغرضه ان كلمة التَّوْحِيد لَا تنفعهم مَعَ تكر الْأَعْمَال فَأجَاب حُذَيْفَة ان نَفعهَا النجَاة من النَّار لَا الْفَوْز بالدرجات مَعَ المقربين والابرار وَهَذَا مَذْهَب أهل السّنة وَالْجَمَاعَة شكر الله سَعْيهمْ بِخِلَاف الْمُعْتَزلَة والخوارج (إنْجَاح) [4052] يتقارب الزَّمَان أَي تفنى بركتها فَيصير السّنة كالشهر والشهر كَالْجُمُعَةِ كَمَا جَاءَ فِي حَدِيث الدَّجَّال (إنْجَاح) قَوْله يتقارب الزَّمَان قَالَ فِي النِّهَايَة وَمِنْه حَدِيث الْمهْدي يتقارب الزَّمَان أَي يطيب الزَّمَان حَتَّى لَا يستطال وَأَيَّام السرُور قصير وَقيل هُوَ كِنَايَة عَن قصر الاعمار وَقلة الْبركَة قَالَ الْكرْمَانِي وَقيل لِكَثْرَة اهتمام النَّاس بالنوازل والشدائد وشغل قلبهم بالفتن لَا يَدْرُونَ كَيفَ يَنْقَضِي ايامهم وَالْحمل على امام الْمهْدي وَطيب الْعَيْش لَا يُنَاسِبه اخواته من ظُهُور الْفِتَن والهرج قيل انما أَوله بِهَذَا إِذْ لم يَقع نقص فِي زَمَانه والا فقد ودنا فِي زَمَاننَا هَذَا من سرعَة الْأَيَّام مَا لم نَكُنْ نجدة قبل وان لم يكن هُنَاكَ عَيْش مستلذ وَالْحق ان المُرَاد نزع الْبركَة من كل شَيْء من الزَّمَان وَقيل بِمَعْنى عدم ازدياد سَاعَات اللَّيْل وَالنَّهَار وانتقاصها بِأَن يتساويا طولا وقصرا قَالَ أهل الْهَيْئَة تنطبق دَائِرَة البروج على معدل النَّهَار انْتهى وَقَالَ الطَّيِّبِيّ وَقل أَي تقَارب أهل الزَّمَان بَعضهم بَعْضًا فِي الشَّرّ أَو أَرَادَ مقاربة الزَّمَان نَفسه فِي الشَّرّ حَتَّى يشبه أَوله آخِره أَو مسارعة الدول الى الِانْقِضَاء والقرون الى الانقراض فيتقارب زمانهم ويتداني ايامهم انْتهى وَقَالَ النَّوَوِيّ أَي يقرب من الْقِيَامَة قلت وَتعقب بِأَنَّهُ من أَشْرَاط والساعة فَيصير الْمَعْنى اشْتِرَاط السَّاعَة ان تقرب (فَخر) قَوْله [4053] فِي جذر قُلُوب الرِّجَال أَي فِي أَصْلهَا أَي حصل لَهُم الْمَادَّة السليمة والفريحة المستقيمة ثمَّ تعلمُوا الْكتاب وَالسّنة فَصَارَت كأصل شَجَرَة طيبَة أَصْلهَا ثَابت وفرعها فِي السَّمَاء وَقَالَ الطنافسي هُوَ على بن مُحَمَّد شيخ الْمُؤلف ثِقَة عَابِد من الْعشْرَة (إنْجَاح) قَوْله ينَام الرجل كِنَايَة عَن قلَّة الزَّمَان وَلَيْسَ المُرَاد نفس النّوم لِأَنَّهُ لَا اثر لَهُ فِي ذهَاب الْأَمَانَة فَمَعْنَاه يصير الرجل فِي مِقْدَار هَذَا الزَّمَان مَرْفُوع الْأَمَانَة وَذَلِكَ لشدَّة غَلَبَة الْهَوَاء وَفَسَاد الزَّمَان قَوْله الوكت بِفَتْح الْوَاو جمع وكتة وَهِي اثر فِي شَيْء كالنقطة من غير لَونه والمجل بِالْفَتْح غلظ الْجلد أَي يرْتَفع الْأَمَانَة شَيْئا فَشَيْئًا قَوْله منتبرا يَا مرتفعا والساعي السُّلْطَان أَو الدَّلال إنْجَاح الْحَاجة قَوْله ليردن على إِسْلَامه الخ فِي شرح جَامع الْأُصُول يَعْنِي ان الْمُسلمين كَانُوا مهتمين بِالْإِسْلَامِ فيحفظون بِالصّدقِ والامانة والملوك ذُو عدل فَمَا كنت ابالي من اعامل ان كَانَ مُسلما رده الى بِالْخرُوجِ عَن الْحق عمله بِمُقْتَضى الْإِسْلَام وان كَانَ غير مُسلم انصفني مِنْهُ عَامله على الصَّدَقَة انْتهى قَوْله ليردن على ساعيه قَالَ فِي النِّهَايَة يَعْنِي رئيسهم الَّذِي يصدرون عَن رَأْيه وَلَا يمضون أمرا دونه وَقيل أَرَادَ الْوَالِي الَّذِي عَلَيْهِ ينصفني مِنْهُ وكل من ولي أَمر قوم فَهُوَ ساع عَلَيْهِم (زجاجة) قَوْله إِلَّا مقيتا ممقتا المقت الْغَضَب أَي تَجدهُ مغضوبا مبغضا من الله تَعَالَى وَإِنَّمَا قَالَ ممقتا للْمُبَالَغَة وَفِيه ارْتِكَاب الصَّغِيرَة يُفْضِي إِلَى الْكَبِيرَة والكبيرة تُفْضِي إِلَى الْكفْر نَعُوذ بِاللَّه من ذَلِك (إنْجَاح) قَوْله [4055] عَن حذيقة بن اسيد بِفَتْح الْهمزَة وَكسر السِّين الْمُهْملَة أبي سريحَة بِوَزْن عَجِيبَة غَالب أَحَادِيثه من رِوَايَة أبي الطُّفَيْل الصَّحَابِيّ عَنهُ (زجاجة) قَوْله حَتَّى تكون عشر آيَات الخ هَذَا لحَدِيث يُؤَيّد قَول من قَالَ ان الدُّخان دُخان يَأْخُذ بِأَنْفَاسِ الْكفَّار وَيَأْخُذ الْمُؤمن مِنْهُ كَهَيئَةِ الزُّكَام وانه لم يَأْتِ بعد وَإِنَّمَا يكون قَرِيبا من قيام السَّاعَة وَبِه قَالَ حُذَيْفَة وَابْن عَمْرو الْحسن وَرَوَاهُ حُذَيْفَة عَن النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انه يمْكث فِي الأَرْض أَرْبَعِينَ يَوْمًا وَقَالَ بن مَسْعُود إِنَّمَا هُوَ عبارَة عَمَّا نَالَ قُريْشًا من الْقَحْط حَتَّى كَانُوا يرَوْنَ بَينهم وَبَين السَّمَاء كَهَيئَةِ الدُّخان وَقد وَافق بن مَسْعُود جمَاعَة فَيحْتَمل انهما دخانان للْجمع بَين هَذِه الْآثَار واما الدَّابَّة الْمَذْكُورَة فِي هَذَا الحَدِيث فَهِيَ الْمَذْكُورَة فِي قَوْله تَعَالَى وَإِذا وَقع القَوْل عَلَيْهِم اخرجنا لَهُم دَابَّة من الأَرْض قَالَ الْمُفَسِّرُونَ هِيَ دَابَّة عَظِيمَة تخرج من صدع فِي الصَّفَا وَعَن بن عَمْرو بن الْعَاصِ انها الْجَسَّاسَة واما ياجوج وَمَأْجُوج غير مهموزتين ومهموزان قرئَ فِي السَّبع بِالْوَجْهَيْنِ وَالْجُمْهُور يتْرك الْهَمْز فهما قبيلتان من ولد يافث بن نوح عَلَيْهِ السَّلَام وَقيل هم نادرة من ولد آدم من غير حَوَّاء وَقيل ان ادم احْتَلَمَ فامتزجت نطفته بِالتُّرَابِ فخلوقا (فَخر) قَوْله من قَعْر عدن أبين قَالَ فِي النِّهَايَة هُوَ بِوَزْن احمر قَرْيَة على جَانب الْبَحْر نَاحيَة الْيمن وَقيل هُوَ اسْم مَدِينَة عدن واضيف الى أبين اسْم رجل من حمير عدن بهَا أَي أَقَامَ انْتهى قَالَ الماروردي سميت عدنا من العدون وَهِي الْإِقَامَة لِأَن تبعا كَانَ يحبس فِيهَا أَصْحَاب الجرائم وَهَذِه النَّار الْخَارِجَة من قَعْر عدن واليمن هِيَ الحاشرة للنَّاس كَمَا صرح بِهِ فِي الحَدِيث (فَخر) قَوْله [4056] بَادرُوا بِالْأَعْمَالِ سِتا أَي من الصمائب والدواهي وَمعنى مبادرتها بِالْأَعْمَالِ الانكماش فِي الْأَعْمَال الصَّالِحَة والاهتمام بهَا قبل وُقُوعهَا وَخُوَيصة أحدكُم قَالَ فِي النِّهَايَة يُرِيد حَادِثَة الْمَوْت الَّتِي تحضر كل انسان وَهِي تَصْغِير خَاصَّة وصغرت لاحتقارها فِي جنب مَا بعْدهَا من الْبَعْث وَالْعرض والحساب وَغير ذَلِك (زجاجة) قَوْله [4057] عبد الله بن الْمثنى فِي التَّقْرِيب عبد الله بن الْمثنى بن عبد الله بن أنس بن مَالك الْأنْصَارِيّ أَبُو الْمثنى الْبَصْرِيّ صَدُوق كثير الْغَلَط من السَّادِسَة وَلم أجد فِيهِ عبد الله بن الْمثنى بن ثُمَامَة بن عبد الله بن أنس لَكِن وجدت فِي جَمِيع النّسخ الْمَوْجُودَة هَكَذَا (فَخر) قَوْله الْآيَات بعد الْمِائَتَيْنِ هَذَا الحَدِيث أوردهُ بن الْجَوْزِيّ فِي الموضعات من طَرِيق مُحَمَّد بن يُونُس الْكُدَيْمِي عَن عون وَقَالَ هَذَا حَدِيث مَوْضُوع عون وَابْن الْمثنى ضعيفان غير ان الْمُتَّهم بِهِ الْكُدَيْمِي قلت وَقد تبين انه توبع عَلَيْهِ كَمَا ترى وَأخرجه الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك بِسَنَدِهِ عَن عون وَقَالَ صَحِيح وَتعقبه الذَّهَبِيّ فِي تلخيصه فَقَالَ عون ضَعَّفُوهُ وَقَالَ بن كثير هَذَا الحَدِيث لَا يَصح وَلَو صَحَّ فَمَحْمُول على مَا وَقع فِي الْفِتْنَة بِسَبَب القَوْل بِخلق الْقُرْآن للامام أَحْمد بن حَنْبَل وَأَصْحَابه من أَئِمَّة الحَدِيث (زجاجة) قَوْله بعد الْمِائَتَيْنِ أَي من الْهِجْرَة أَو من دولة الْإِسْلَام أَو من وَفَاتَ النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لمعات قَوْله

[4058] ثمَّ الْهَرج وَهُوَ بِفَتْح فَسُكُون الْفِتْنَة والاختلاط وَفسّر فِيهِ بِالْقَتْلِ هرجوا هرجا خلطوا وَاصل الْهَرج الْكَثْرَة فِي الشَّيْء والاتساع قَوْله النجا النجا أَي انجوا بِأَنْفُسِكُمْ والنجا السرعة نجا ينجو نجا إِذا أسْرع وَنَجَا من الْأَمر إِذا خلص وانجاه غَيره وَقَالَ النَّوَوِيّ أَي انجوا النجا أَي اطلبوه والمرعوف فِيهِ الْمَدّ إِذا افرد وَالْمدّ وَالْقصر إِذا كرر فَخر أمتِي على خمس طَبَقَات الخ هَذَا الحَدِيث أَيْضا أوردهُ بن الْجَوْزِيّ فِي الموضوعات من طَرِيق كَامِل بن طَلْحَة عَن عباد بن عبد الله عَن أنس وَقَالَ لَا أصل لَهُ وَالْمُتَّهَم بِهِ عباد وَقد تبين ان لَهُ متابعين عَن أنس وَله عدَّة شَوَاهِد سقتها فِي الموضوعات (زجاجة) قَوْله [4063] ليؤمن هَذَا الْبَيْت جَيش أَي يقصدونه حَتَّى إِذا كَانُوا ببيداء من الأَرْض وَفِي رِوَايَة ببيداء الْمَدِينَة قَالَ الْعلمَاء الْبَيْدَاء كل ارْض ملساء لَا شَيْء بهَا وبيداء الْمَدِينَة الشّرف الَّذِي قُدَّام ذِي الحليفة أَي الى جِهَة مَكَّة (فَخر) قَوْله [4064] خسف بأولهم واخرهم أَي يَقع الْهَلَاك فِي الدُّنْيَا على جَمِيعهم قَوْله يَبْعَثهُم الله على مَا فِي أنفسهم أَي يبعثون مُخْتَلفين على قدر نياتهم فيجازون بحسبها وَفِي هَذَا الحَدِيث من الْفِقْه التباعد من أهل الظُّلم والتحذير من مجالستهم ومجالسة الْبُغَاة وَنَحْوهم من المبطلين لِئَلَّا يَنَالهُ مَا يعاقبون بِهِ وَفِيه ان من كثر سَواد قوم جرى عَلَيْهِم حكمهم فِي ظَاهر عقوبات الدُّنْيَا قَالَه النَّوَوِيّ قَوْله [4066] تخرج الدَّابَّة قَالَ فِي النِّهَايَة دَابَّة الأَرْض قيل طولهَا سِتُّونَ ذِرَاعا ذَات قَوَائِم ووبر وَقيل مُخْتَلفَة الْخلقَة يشبه عدَّة من الحيونات يتصدع جبل الصَّفَا فَتخرج مِنْهُ لَيْلَة جمع وَمَعَهَا عَصا مُوسَى وَخَاتم سُلَيْمَان عَلَيْهِمَا السَّلَام لَا يُدْرِكهَا طَالب وَلَا يعجزها هارب تضرب الْمُؤمن بالعصا وتكتب فِي وَجهه مُؤمن وتطبع الْكَافِر بالخاتم وتكتب فِي وَجهه كَافِر انْتهى قَوْله [4067] فَإِذا فتر اتف فِي شبر فِي الْقَامُوس الفتر بِالْكَسْرِ مَا بَين طرف الْإِبْهَام وطرف المشيرة أَي السبابَة أَي أَشَارَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الى مَوضِع فَإِذا هُوَ بِهَذَا الْمِقْدَار أَي كالفتر فِي الشبر وَهَذَا الحَدِيث تفرد بِهِ بن ماجة من السِّتَّة كَمَا ذكر الْمزي فِي الْأَطْرَاف (إنْجَاح) قَوْله

[4069] أول الْآيَات خُرُوجًا طُلُوع الشَّمْس قَالَ بن كثير أَي أول الْآيَات الَّتِي لَيست مألوفة وان كَانَ الدَّجَّال ونزول عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام من السَّمَاء قبل ذَلِك وَكَذَلِكَ خُرُوج يَأْجُوج وَمَأْجُوج كل ذَلِك أُمُور مألوفة لأَنهم بشر مشاهدتهم وأمثالهم مألوفة فَأَما خُرُوج الدَّابَّة على شكل غَرِيب غير مألوف ومخاطبتها النَّاس وسمها إيَّاهُم بِالْإِيمَان وَالْكفْر فَأمر خَارج عَن جاري الْعَادَات وَذَلِكَ أول الْآيَات الارضية كَمَا ان طُلُوع الشَّمْس من مغْرِبهَا على خلاف عَادَتهَا المألوفة أول الْآيَات السمائية وَقد ظن عبد الله بن عمر وان طُلُوع الشَّمْس من مغْرِبهَا يتَقَدَّم على الدَّابَّة وَذَلِكَ مُحْتَمل مُنَاسِب انْتهى (زجاجة) قَوْله أول الْآيَات خُرُوجًا الخ فَإِن قيل طُلُوع الشَّمْس من مغْرِبهَا لَيْسَ أول الْآيَات لِأَن الدُّخان والدجال قبله قُلْنَا الْآيَات اما امارات لقرب قيام السَّاعَة وَأما امارات دَالَّة على وجود قيام السَّاعَة وحصولها وَمن الأول خُرُوج الدُّخان وَخُرُوج الدَّجَّال وَنَحْوهمَا وَمن الثَّانِي مَا نَحن فِيهِ من طلوعالشمس من مغْرِبهَا والرجفة وَخُرُوج النَّار وطردها النَّاس الى الْمَحْشَر وَمن ثمَّ قيل أول الْآيَات خُرُوج الدَّجَّال ثمَّ نزُول عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام ثمَّ خُرُوج يَأْجُوج وَمَأْجُوج ثمَّ خُرُوج الدَّابَّة ثمَّ طُلُوع الشَّمْس فَإِن الْكفَّار يسلمُونَ فِي زمَان نزُول عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام حَتَّى تكون الدعْوَة وَاحِدَة وَلَو كَانَت الشَّمْس طلعت من مغْرِبهَا قبل نزل عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام لم يكن الْإِيمَان مَقْبُولًا من الْكفَّار سيد قَوْله قَالَ عبد الله وَلَا اظنها الخ أَي لَا اظن الْآيَة الَّتِي ذكر صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قبليتها الا طُلُوع الشَّمْس فعبد الله سمع مِنْهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبيلَة أَحدهمَا على الْيَقِين الا انه نسي (إنْجَاح) [4071] الدَّجَّال هُوَ فعال بِفَتْح أَوله وَالتَّشْدِيد من الدجل وَهُوَ التغطية وَيُسمى الْكذَّاب دجالًا يُغطي الْحق بباطله يُقَال بعير مدجل مَطْلِي بالقطران وَقَالَ تغلب الدَّجَّال المموه سيف مدجل إِذا طلى وَقَالَ بن وريد سمى دجالًا لِأَنَّهُ يُغطي الْحق بِالْكَذِبِ وَقيل لضربه نواحي الأَرْض يُقَال دجل مخففا ومشددا إِذا فعل ذَلِك وَقَالَ الْكرْمَانِي الدَّجَّال هُوَ شخص بِعَيْنِه ابتلى الله عباده بِهِ واقدره على أَشْيَاء من مقدورات الله من ايحاء الْمَيِّت وَاتِّبَاع كنوز الأَرْض وأمطار السَّمَاء وانبات الأَرْض بأَمْره ثمَّ يعجزه الله تَعَالَى بعد ذل فَلَا يقدر على شَيْء مِنْهَا وَهُوَ يكون مُدعيًا للالهية وَهُوَ فِي نفس دَعْوَاهُ يكذب لَهَا بِصُورَة حَاله من انتقاصه بالعور وعجزه عَن إِزَالَته عَن نَفسه وَعَن إِزَالَته الشَّاهِد بِكُفْرِهِ الْمَكْتُوب بَين عَيْنَيْهِ فَإِن قلت إِظْهَار المعجزة على يَد الْكذَّاب لَيْسَ بممكن قلت انه يدعى الإلهية واستحالته ظَاهره فَلَا مَحْذُور فِيهِ بِخِلَاف مدعي النُّبُوَّة فانها مُمكنَة فَلَو اتى الْكَاذِب فِيهَا بمعجزة لَا لتبس النَّبِي بالمتنبي فَإِن قلت مَا فَائِدَة تَمْكِينه من هَذِه الخوارق قلت امتحان الْعباد انْتهى قَوْله [4072] يُقَال لَهَا خُرَاسَان وَهُوَ بلد مَعْرُوف بَين بِلَاد مَا وَرَاء النَّهر وبلدان الْعرَاق معظمها الان بَلْدَة الهرات قَوْله كَأَن وُجُوههم المجان المطرقة أما المجان بِفَتْح الْمِيم وَتَشْديد النُّون جمع مجن بِكَسْر الْمِيم وَهُوَ الترس واما المطرقة بِإِسْكَان الطَّاء وَتَخْفِيف الرَّاء هَذَا هُوَ الفصيح الْمَشْهُور فِي الرِّوَايَة وَفِي كتب اللُّغَة والغريب وَحكى فتح الطَّاء وَتَشْديد الرَّاء قَالَ الْعلمَاء هِيَ الَّتِي البست الْعقب واطرقت بِهِ طَاقَة فَوق طَاقَة قَالُوا وَمَعْنَاهُ تَشْبِيه وُجُوه التّرْك فِي عرضهَا ونتو وجناتها بالترسة المطرقة قَالَ النَّوَوِيّ وَقد وجدنَا قِتَالهمْ بِجَمِيعِ صفاتهم فِي زَمَاننَا مَرَّات والى الان مَوْجُود انْتهى هَذَا حَاصِل مَا قَالَه الشُّرَّاح (فَخر) قَوْله [4073] هُوَ اهون على الله من ذَلِك أَي من ان يُعْطِيهِ هَذَا الخارق الْعَظِيم لَكِن يموه ويشعبد مثل هَذَا الشعبدات وَلَيْسَ الا تخيل مَحْض لَيْسَ من نفس الْأَمر فِيهِ شَيْء كَمَا هُوَ مشَاهد من أهل النير بخات والطلسمات فِي زَمَاننَا (إنْجَاح) قَوْله [4074] لرغبة أَي فِي شَيْء من أُمُور الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَلَا لرهبة أَي لَا لتخويف وانذار من عَذَاب لكني جمعتكم لامر عَجِيب هُوَ مُوَافقَة خبر تَمِيم لإخباري فِي شَأْن الدَّجَّال وَقَوله انا الْجَسَّاسَة أَي الجاسوس من قبل الدَّجَّال لتجسس حَال النَّاس (إنْجَاح) قَوْله شَدِيد التشكي أَي شَدِيد الشكاية أَي يظْهر من خرنه شدَّة شكايته والتشكي والشكاية بِمَعْنى وَاحِد وَقَوله ناوى أَي عادى وابغض قوما وهم القريش ونواءه لَهُم بِسَبَب عبَادَة الْأَصْنَام والشرك بِاللَّه عز وَجل فِي الْقَامُوس ناواه مناواة ونواء فَأَخَّرَهُ وعاداه فَهُوَ مَهْمُوز اللَّام (إنْجَاح) قَوْله مَا فعلت عين زغربا لزائر والغين الْمُعْجَمَة فِي الْقَامُوس زغر كزفر أَبُو قَبيلَة وَاسم بنت لوط عَلَيْهِمَا السَّلَام وَمِنْه زغر قَرْيَة بِالشَّام لِأَنَّهَا نزلت بهَا وَبهَا عين غور مَائِهَا عَلامَة خُرُوج الدَّجَّال انْتهى (إنْجَاح) قَوْله نخل بَين عمان وبيسان هما قريبتان بِالشَّام قَوْله بحيرة الطبرية الْبحيرَة تَصْغِير الْبَحْر والطبرية قَصَبَة بِالْأَرْضِ قَوْله الى هَذَا انْتهى فرحى أَي كمل فرحي لِأَن الْمَدِينَة الطّيبَة لَا سَبِيل للدجال فِيهِ (إنْجَاح) قَوْله مخفض فِيهِ وَرفع قَالَ فِي النِّهَايَة أَي عظم فتنته وَرفع قدره ثمَّ وَهن امْرَهْ وَقدره وهونه وَقيل أَرَادَ انه رفع صَوته وخفضه فِي اقتصاص امْرَهْ وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ فِي التَّذْكِرَة هما بتَخْفِيف الْفَاء أَي أَكثر من الْكَلَام فِيهِ فَتَارَة يرفع صَوته يسمع من بعد وَتارَة يخْفض ليستريح من تَعب الاعلان وَهَذِه حَالَة المستكثر من الْكَلَام وروى بتَشْديد الْفَاء فهما على التَّضْعِيف والتكثير (زجاجة) قَوْله

[4075] فخفض فِيهِ وَرفع قَالَ النَّوَوِيّ هما بتَشْديد فَاء خفض أَي حقر امْرَهْ بِأَنَّهُ أَعور اهون على الله وانه يضمحل امْرَهْ وَرفع أَي عظم امْرَهْ بِجعْل الخوراق بِيَدِهِ أَو خفض صَوته بعد تَعبه لِكَثْرَة التَّكَلُّم فِيهِ ثمَّ رَفعه بعد الاسْتِرَاحَة ليبلغ كَامِلا قَوْله غير الدَّجَّال اخوفني قَالَ الشَّيْخ جمال الدّين بن مَالك تضمن هَذَا اللَّفْظ إِضَافَة اخوف الى يَاء الْمُتَكَلّم مقرونة بنُون الْوِقَايَة وَهُوَ إِنَّمَا يعْتَاد مَعَ الْفِعْل الْمُتَعَدِّي لِأَن هَذِه النُّون تصون الْفِعْل من محذورات لِأَن افْعَل التَّفْضِيل شبها بِالْفِعْلِ وخصوصا بِفعل التَّعَجُّب فَجَاز ان يدْخل النُّون الْمَذْكُورَة كَمَا لحقت اسْم الْفَاعِل فِي قَوْله امسلمين الى قومِي شراحي هَذَا أَجود مَا قيل فِيهِ وَيجوز ان يكون الأَصْل اخوف لي فأبدلت اللَّام نونا كَمَا ابدلت فِي لَعَلَّ ورفل لعن ورفن قَالَ وَأما مَعْنَاهُ فأظهر الِاحْتِمَالَات فِيهِ ان يكون اخوف من افْعَل التَّفْضِيل المصوغ من فعل الْمَفْعُول كَقَوْلِهِم اشغل من ذَات النجيين فتقديره غير الدَّجَّال اخوف مخوفاتي عَلَيْكُم ثمَّ حذف الْمُضَاف الى الْيَاء فاتصل بهَا اجوف معمورة بالنُّون على مَا تقرر (زجاجة) قَوْله غير الدَّجَّال اخوفني قَالَ الْكرْمَانِي بنُون بعد ذاء وَعند الْبَعْض بحذفها الأول لرعاية شبه الْفِعْل أَو يكون مَعْنَاهُ اخوف لي فَجعل اللَّام نونا يَعْنِي غير الدَّجَّال اخوف مخوفاتي عَلَيْكُم وَمِنْه اخوف مَا أَخَاف على أمتِي الْأَئِمَّة المضلون أَو يكون اخوف من أَخَاف بِمَعْنى خوف أَي غير الدَّجَّال أَشد مُوجبَات خوفي عَلَيْكُم انْتهى قَوْله وانه يخرج من خلة بَين الشَّام وَالْعراق الْخلَّة الطَّرِيق ينفذ فِي الرمل والنافذ بَين الرملتين أَو النَّافِذ فِي الرمل المتراكم كَذَا فِي الْقَامُوس انجاح عِنْد مَنَارَة الْبَيْضَاء شَرْقي دمشق قَالَ الْحَافِظ بن كثير هَذَا هُوَ الْأَشْهر فِي مَوضِع نُزُوله وَقد جردت مَنَارَة فِي زَمَاننَا فِي سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين وَسبع مائَة من حِجَارَة بيض وَلَعَلَّ هَذَا يكون من دَلَائِل النُّبُوَّة الظَّاهِرَة حَيْثُ فرض الله بِنَاء هَذِه المنارة لينزل عِيسَى بن مَرْيَم عَلَيْهِ السَّلَام عَلَيْهَا قلت هُوَ من دَلَائِل النُّبُوَّة بِلَا شكّ فَإِنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اوحى اليه بِجَمِيعِ مَا يحدث بعده مِمَّا لم يكن فِي زَمَانه وَقد رويت مرّة هَذَا الحَدِيث الصَّحِيح وَهُوَ قَوْله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ان الله تَعَالَى يبْعَث على راس كل مائَة سنة من يجدد لهَذِهِ الْأمة أَمر دينهَا فبلغني عَن بعض من لَا علم عِنْده انه استنكر ذَلِك وَقَالَ مَا كَانَ التَّارِيخ فِي زمن النَّبِي حَتَّى علم جَمِيع مَا يحدث بعده وَلم يعلم انه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ علق أمورا كَثِيرَة على مَا علم انه يحدث وان لم يكن مَوْجُودا فِي زَمَنه وَمن لطيف ذَلِك ان عُثْمَان لما جمع الْقُرْآن فِي الْمَصَاحِف روى لَهُ أَبُو هُرَيْرَة انه سمع النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول ان أَشد أمتِي حبا لي قوم يأْتونَ من بعدِي يُؤمنُونَ بِي وَلم يروني يعْملُونَ بِمَا فِي الْوَرق قَالَ أَبُو هُرَيْرَة فَقلت أَي ورق حَتَّى رَأَيْت الْمَصَاحِف ففرح بذلك عُثْمَان وَأَجَازَ أَبَا هُرَيْرَة بِعشْرَة آلَاف دِرْهَم وَقَالَ انك لتحفظ علينا حَدِيث نَبينَا فليت شعري إِذا عرض عَلَيْهِ الحَدِيث الصَّحِيح الثَّابِت فِي صَحِيح مُسلم وَغَيره ايقول دمشق كَانَت فِي زمن النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَار كفر وَلم يكن بهَا جَامع وَلَا مَنَارَة فينكرالحديث الصَّحِيح وَيَردهُ بذلك نَعُوذ بِاللَّه من غَلَبَة الْجَهْل ثمَّ قَالَ الْحَافِظ بن كثير وَقد ورد فِي بعض الْأَحَادِيث عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام ينزل بِبَيْت الْمُقَدّس وَفِي رِوَايَة بالأردن وَفِي رِوَايَة بمعسكر الْمُسلمين فَالله اعْلَم قلت حَدِيث نُزُوله بِبَيْت الْمُقَدّس عِنْد المُصَنّف وَهُوَ عِنْدِي أرجح وَلَا يُنَافِي سَائِر الرِّوَايَات لِأَن بَيت الْمُقَدّس هُوَ شَرْقي دمشق وَهُوَ معسكر المسملين إِذْ ذَاك والاردن اسْم الكورة كَمَا فِي الصِّحَاح وَبَيت الْمُقَدّس دَاخل فِيهِ فاتفقت الرِّوَايَات فَإِن لم يكن فِي بَيت الْمُقَدّس الان مَنَارَة بَيْضَاء فَلَا بُد ان تحدث قبل نُزُوله (زجاجة) قَوْله لَا يدان بِكَسْر النُّون ثنية يَد أَي لَا قدرَة وَلَا طَاقَة يُقَال مَالِي بِهَذِهِ الْأَمر يَد وَمَالِي بِهِ يدان لِأَن الْمُبَاشرَة وَالدَّفْع انما يكون بِالْيَدِ وَكَانَ يَدَاهُ معدومتين بعجزه عَن دَفعه قَوْله فاحرز عبَادي قَالَ فِي النِّهَايَة أَي ضمهم اليه واجعله لَهُم حرز احرزته إِذا حفظته وضممته إِلَيْك وصنته عَن الاخذ وَقَالَ النَّوَوِيّ وروى حزب بحاء وزاي وباء أَي اجمعهم وحوز بواؤ وزائ نحهم وازلهم عَن طريقتهم الى الطّور قَوْله من كل حدب الحدب بالحركة مَا ارْتَفع وَغلظ من الظّهْر وَمن الأَرْض أَي من كل شرف يَنْسلونَ أَي يَمْشُونَ مُسْرِعين قَوْله فَيُرْسل الله عَلَيْهِم النغف وَهُوَ بنُون وغين مُعْجمَة مفتوحتين ثمَّ فَاء وَهُوَ دود يكون فِي انوف الْإِبِل وَالْغنم الْوَاحِدَة تغفة فيصبحون فرسي هُوَ بِفَتْح الْفَاء مَقْصُورا أَي قَتْلَى واحدهم فريس أَي يهْلكُونَ باوفى شَيْء فِي ادني سَاعَة بالقهر الالفي قَوْله قد ملأَهُ زهمهم ونتنهم الزهم بِفَتْح الْهَاء أَي وسمهم ورائحتهم الكريهة وَقَالَ الطَّيِّبِيّ هُوَ بِضَم زائ وَفتح هَاء جمع زهمة الرّيح المنتنة وبالحركة مصدر وَالثَّانِي أَكثر رِوَايَة قَوْله مطر الا يكن مِنْهُ بَيت مدر وَلَا وبر هُوَ بِفَتْح يَاء وَضم كَاف من كننته صنته عَن الشَّمْس ومفعوله مَحْذُوف أَي لَا يكن من ذَلِك الْمَطَر بَيت مدر وَلَا وبر شَيْئا بل يغسل الْأَمَاكِن يَعْنِي بَيت الْحَضَر والبدو قَالَ النَّوَوِيّ أَي لَا يمْنَع من نزُول المَاء بَيت الْمدر قَوْله حَتَّى يتْركهُ كالزلقة قَالَ النَّوَوِيّ روى بِفَتْح الزائ وَاللَّام وَالْقَاف وروى الزلفة بِضَم الزائ واسكان اللَّام بِالْفَاءِ وروى الزلقة بِفَتْح الزائ وَاللَّام وبالفاء وَقَالَ القَاضِي روى بِالْفَاءِ وَالْقَاف وبفتح اللَّام وباسكانها وَكلهَا صَحِيحَة وَاخْتلفُوا فِي مَعْنَاهُ فَقَالَ ثَعْلَب وَأَبُو زيد وَآخَرُونَ مَعنا كَالْمَرْأَةِ وَحكى صَاحب الْمَشَارِق هَذَا عَن بن عَبَّاس أَيْضا شبهها بِالْمَرْأَةِ فِي صفائها ونظافتها وَقيل مَعْنَاهُ كمصانع المَاء أَي ان المَاء تستنقع فِيهَا ويستظلون بالمصنع الَّذِي يجْتَمع فِيهَا المَاء وَقَالَ أَبُو عبيد مَعْنَاهُ كالإجانة الخضراء وَقيل كالصحفة وَقيل كالروضة قَوْله بقحفها بِكَسْر الْقَاف هُوَ مقعر قشرها شبها بِقحْفِ الرَّأْس وَهُوَ الَّذِي فَوق الدِّمَاغ قيل مَا انْفَلق من جمجمته والفصل قَوْله ويبارك الله فِي الرُّسُل بِكَسْر الرَّاء واسكان السِّين هُوَ اللَّبن واللقحة بِكَسْر اللَّام وَفتحهَا لُغَتَانِ مشهورتان الْكسر اشهر وَهِي الْقَرِيبَة الْعَهْد بالاولادة جمعهَا لقح بِكَسْر اللَّام وَفتح الْقَاف كبر وبرك واللقوح ذَات اللَّبن وَجَمعهَا لقاح والفئام بِكَسْر الْفَاء وَبعدهَا همزَة ممدودة وَهِي الْجَمَاعَة الْكثير قَوْله تَكْفِي الْفَخْذ قَالَ أهل اللُّغَة الْفَخْذ الْجَمَاعَة من الاقارب وهم دون الْبَطن والبطن دون الْقَبِيلَة قَالَ القَاضِي قَالَ بن فَارس الْفَخْذ هَهُنَا بِإِسْكَان الْخَاء لَا غير بِخِلَاف الْفَخْذ الَّتِي هُوَ الْعُضْو فَإِنَّهَا يكسر ويسكن قَوْله يتهارجون كَمَا تتهارج الْحمر أَي يُجَامع الرِّجَال النِّسَاء بِحَضْرَة النَّاس كَمَا يفعل الْحمير وَلَا يكترثون لذَلِك والهرج بِإِسْكَان الرَّاء الْجِمَاع يُقَال هرج زَوجته أَي جَامعهَا يهرجها بِفَتْح الرَّاء وَضمّهَا وَكسرهَا هَكَذَا قيل فِي شرح الحَدِيث (فَخر) قَوْله

[4077] مُنْذُ ذَرأ الله أَي خلق الله وَمِنْه الذُّرِّيَّة نسل الثقلَيْن كَذَا فِي الْقَامُوس (إنْجَاح) قَوْله فَأَنا حجيج أَي محاجه ومغالبه بِإِظْهَار الْحجَّة عَلَيْهِ وَالْحجّة الدَّلِيل والبرهان حاججته حجاجا ومحاجة فالنا محاج وحجيج فَإِن قيل أَو لَيْسَ قد ثَبت فِي الصَّحِيح انه يخرج بعد خُرُوج الْمهْدي وان عِيسَى يقْتله وَغَيرهَا من الوقائع الدَّالَّة على انه لَا يخرج فِي زَمَنه فَمَا معنى وان يخرج وانا بَين ظهرانيكم قلت هُوَ تورية للتخزيف ليلجئوا الى الله من شَره وينالوا فَضله أَو يُرِيد عدم علمه بِوَقْت خُرُوجه كَمَا انه لَا يدْرِي مَتى السَّاعَة (فَخر) قَوْله من خلة بَين الشَّام وَالْعراق أَي فِي طَرِيق بَينهمَا وَقيل للطريق والسبيل خلة لِأَنَّهُ خل مَا بَين البلدين أَي اخذ مخيط بَينهمَا وروى بحاء مُهْملَة من الْحُلُول أَي سميت ذَلِك وقبالة قَالَه فِي النِّهَايَة وَقَالَ النَّوَوِيّ خلة بِفَتْح مُعْجمَة وَلَام مُشَدّدَة وتنوين وَقَالَ القَاضِي بحاء مُهْملَة وَترك تَنْوِين بِمَعْنى مَوضِع حزن وصخور وروى بِضَم حاء وهاء ضمير أَي ونزوله وحلوله انْتهى فيعيث قَالَ النَّوَوِيّ العيث الْفَاسِد أَو أَشد الْفساد والاسراع فِيهِ قَوْله يَا عباد الله اثبتوا يَعْنِي على الْإِسْلَام يُحَذرهُمْ من فتنته فَخر الاعمر بن الْخطاب لِشِدَّتِهِ فِي الدّين ونصرته لأمر الْيَقِين وَقيل ان الرجل هُوَ الْخضر عَلَيْهِ السَّلَام (إنْجَاح) قَوْله ان يَأْمر السَّمَاء ان تمطر فتمطر قَالَ الْمَازرِيّ ان قيل إِظْهَار المعجزة على يَد الْكذَّاب لَيْسَ بممكن وَكَيف ظَهرت هَذِه الخوارق للْعَادَة على يَده فَالْجَوَاب انه انما يَدعِي الربوبية وادلة الْحُدُوث تحيل مَا ادَّعَاهُ ويكذبه وَمَا النَّبِي فَإِنَّمَا يدعى النُّبُوَّة وَلَيْسَت مستحيلة فِي الْبشر فَإِذا اتى بِدَلِيل لم يُعَارضهُ شَيْء صدق قَوْله حَتَّى تروح أَي ترجع اخر النَّهَار قَوْله وامده خواصر لِكَثْرَة امتلائها من الشِّبَع وادره ضروعا الدّرّ اللَّبن وَضمير وامده وادره يرجع الى قَوْله مَا كَانَت قَوْله من نقب هُوَ بِفَتْح فَسُكُون الطَّرِيق بَين الجبلين وانقاب بِكَسْر النُّون جمعه قَوْله صلته بِضَم صَاد وَفتحهَا أَي مسلولة يُقَال صلت السَّيْف جرده من غمده والظريب جبل صَغِير وَمِنْه حَدِيث الله على الاكام ووالظراب أَي الْجبَال الصغار (فَخر) قَوْله عِنْد مُنْقَطع السبخة السبخة بسين وموحدة محركة ومسكنته ارْض ذَات مزو ملح كَمَا فِي الْقَامُوس قَوْله فترجف الْمَدِينَة أصل الرجف الْحَرَكَة وَالِاضْطِرَاب أَي تزلزل وتضطرب بِسَبَب أَهلهَا لينفض أَي الدَّجَّال الْكَافِر وَالْمُنَافِق قَوْله فتنقى الْخبث قَالَ فِي النِّهَايَة هُوَ مَا تلقيه النَّار من وسخ الْفضة والنحاس وَغَيرهمَا إِذا أذيبت انْتهى وَقَالَ الطَّيِّبِيّ هُوَ بِفتْحَتَيْنِ مَا يبرزه النَّار من الْجَوَاهِر المعدنية فيخلصها ويروى بِضَم وَسُكُون أَي الشَّيْء الْخَبيث وَالْأول اشبه لمناسبة الْكِير انْتهى قَوْله كَمَا تَنْفِي الْكِير هُوَ بِالْكَسْرِ كير الْحداد وَهُوَ الْمَبْنِيّ من الطين وَقيل زق ينْفخ بِهِ النَّار وَالنَّبِيّ الكور وَقَالَ الزَّرْكَشِيّ أَرَادَ المنفخ فَهُوَ يَنْفِي عَن النَّار الدُّخان حَتَّى يبْقى خَالص الْجَمْر وان أَرَادَ الْموضع الْمُشْتَمل على النَّار فَهُوَ لشدَّة حرارته ينْزع خبث الْحَدِيد وَيخرج خُلَاصَة ذَلِك وَالْمَدينَة لشدَّة الْعَيْش وضيق الْحَال تخلص النَّفس من شهواتها فَإِن قيل مشبه بِهِ الْكِير أَو صَاحب الْكِير قلت ظَاهر اللَّفْظ انه الْكِير وَالْمُنَاسِب للتشبيه انه صَاحبه انْتهى وَقَالَ القَاضِي هُوَ مُخْتَصّ بزمنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يصبر على الْهِجْرَة وَالصَّبْر مَعَه الا الْمُؤْمِنُونَ واما المُنَافِقُونَ وجهلة الاعراب فَلَا ورد ان الدَّجَّال يقْصد الْمَدِينَة فترجف الْمَدِينَة ثَلَاث رجفات يخرج الله مِنْهَا كل مُنَافِق وَكَافِر وَيحْتَمل انه فِي ازمان مُتَفَرِّقَة (فَخر) قَوْله الا قَالَ يَا عبد الله هَذِه الْجُمْلَة بدل من جملَة الِاسْتِثْنَاء السَّابِقَة وَهُوَ قَوْله الا انطق الله والمستثنى مِنْهُ قَوْله فَلَا يبْقى شَيْء من خلق الله (إنْجَاح) قَوْله وان أَيَّامه أَرْبَعُونَ سنة هَذَا يُخَالف مَا جَاءَ فِي الرِّوَايَة ان مكثه فِي الأَرْض أَرْبَعُونَ يَوْمًا يَوْم كَسنة الخ وان صَحَّ هَذِه الرِّوَايَة فَالْمُرَاد مِنْهُ انه بِاعْتِبَار لهَذَا الزَّمَان بالسرعة أَيَّامًا وَبِاعْتِبَار غرُوب الشَّمْس وطلوعها وَلَو فِي زمن قَلِيل سَمَّاهُ سِنِين وَلِهَذَا لم يعْتَبر فِي أَدَاء الصَّلَاة قصر الْوَقْت وَطوله بَين الزَّمَان الْمَعْهُود سَابِقًا أَعم من ان تقصر الْأَيَّام أَو تطول لِأَن خرق الْعَادة لَا دخل لَهَا فِي إِزَالَة حكم الشَّرِيعَة فَلَو فرض مثلا ان يتَكَرَّر بِحَيْثُ ترجع الشَّمْس من مغْرِبهَا بعد أَدَاء الصَّلَاة لَا يتَكَرَّر فَرضِيَّة أَدَاء الْمغرب فَفِي دورة الدَّجَّال تخرق فِي مُرُور الزَّمَان حينا بطول الْيَوْم وحينا بقصره وَالله اعْلَم وَقَالَ الْقَارِي مَحْمُول على سرعَة الِانْقِضَاء كَمَا ان مَا سبق من قَوْله يَوْم كَسنة مَحْمُول على ان الشدَّة فِي غَايَة الِاسْتِقْصَاء على انه يُمكن اختلافه باخْتلَاف الْأَحْوَال وَالرِّجَال (إنْجَاح) قَوْله وَيَضَع الْجِزْيَة أَي يحمل النَّاس على دين الْإِسْلَام فَلَا يبْقى ذمِّي يُؤَدِّي الْجِزْيَة وَقيل أَي لَا يبْقى فَقير للكثرة الْأَمْوَال فَلَا تُؤْخَذ الْجِزْيَة لِأَنَّهَا انما شرعت مصالحنا وَقيل أَي وضع الْجِزْيَة على كل الْكفَّار وَصَارَ كلهم ذمَّة وَيَضَع الْحَرْب اوزارها وَالْأول الصَّوَاب لقَوْله اقرأوا ان شِئْتُم وان من أهل الْكتاب الا ليُؤْمِنن بِهِ قبل مَوته أَي مَا مِنْهُم فِي زمَان عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام الا امن بِهِ وَقيل ضمير مَوته لَاحَدَّ أَي كل أحد مِنْهُم مُؤمن بِعِيسَى وَقت مَوته حَال مُشَاهدَة صدقه عِنْد النزع وَلَكِن لَا يَنْفَعهُ ايمانه قَالَه فِي النِّهَايَة وَالنَّوَوِيّ قَوْله وَيتْرك الصَّدَقَة أَي يتْرك اخذ الصَّدَقَة لِكَثْرَة المَال وغناء الْفُقَرَاء وَالظَّاهِر انه أَرَادَ ان عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام لَا يبْعَث ساعيا لأجل اخذ الصَّدقَات كَمَا هُوَ مُتَعَارَف الْيَوْم بَان يبْعَث الامام عَاملا وساعيا على أهل الصَّدقَات لَا ان الزَّكَاة لَا تجب على الاغنياء لِأَن هَذَا نسخ للشريعة المحمدية صلوَات الله تَعَالَى وَسَلَامه على صَاحبهَا والى مَا قُلْنَا يُشِير قَوْله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَا يسْعَى على شَاة وَلَا بعير (إنْجَاح) قَوْله كل ذَات حمة أَي ذَات سم كالحية وَالْعَقْرَب وَقَوله تسلب قُرَيْش ملكهَا أَي من أَيدي الْكَفَرَة والظلمة لِأَن الْمهْدي عَلَيْهِ السَّلَام من سلالة قُرَيْش إنْجَاح الْحَاجة لمولانا الْمُعظم الشَّيْخ عبد الْغَنِيّ المجددي الدهلوي [4078] فيكسر الصَّلِيب قَالَ فِي النِّهَايَة هُوَ بِفَتْح صَاد هُوَ المربع من الْخشب لِلنَّصَارَى يدعونَ ان عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام صلب على خَشَبَة على تِلْكَ الصُّورَة والتصاليب التصاوير كالصليب لِلنَّصَارَى ابطالا لشريعة النَّصَارَى انْتهى قَوْله [4079] كنغف الْجَرَاد النغف بنُون وغين مُعْجمَة مفتوحتين ثمَّ فَاء وَهُوَ دود يكون فِي انوف الْإِبِل وَالْغنم الْوَاحِدَة نغفة (نووي) قَوْله فَمَا يكون لَهُم رعي الا لحومهم قلت ان ثَبت فَهَذَا أَيْضا من خرق الْعَادة لِأَن الْمَوَاشِي لَا تَأْكُل للحم (إنْجَاح) قَوْله فتشكر أَي تسمن وتملي شحما من شكرت الشَّاة بِالْكَسْرِ شكرا بالحركة سمنت وامتلأ ضرْعهَا لَبَنًا نِهَايَة قَوْله [4080] فترجع عَلَيْهَا الدَّم الَّذِي اجفظ أَي ملأها أَي ترجع السهْم عَلَيْهِم حَال كَون الدَّم محفوفا وممتلئا عَلَيْهَا فَكَانَ قَوْله عَلَيْهَا الدَّم اجفظ جملَة حَالية من قَوْله فترجع فلفظا جفظ من بَاب احمر من الجفظ فِي الْقَامُوس الجفيظ الْمَقْتُول المنتفخ والجفظ الْمَلأ انْتهى (إنْجَاح) قَوْله موثر بن عفازة فِي التَّقْرِيب هُوَ بِضَم أَوله وَسُكُون الْوَاو وَكسر الْمُثَلَّثَة بن عفازة بتفح الْمُهْملَة والفا ثمَّ زائ أَبُو الْمثنى الْكُوفِي مَقْبُول من الثَّالِثَة قَوْله قد عهد الى فِيمَا دون وجبتها الوجبة السقطة مَعَ الهدة كَذَا فِي الْقَامُوس وَتطلق على وُقُوع الشَّيْء بَغْتَة وَجَبت الشَّمْس أَي وَقعت وغربت وَالْمرَاد انه عهد الى فِي نزولي الى الأَرْض قبل وُقُوع السَّاعَة بِزَمن يسير (إنْجَاح) قَوْله فَأنْزل فاقتله قَالَ القَاضِي نزُول عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام وَقَتله الدَّجَّال حق صَحِيح عِنْد أهل السّنة للآحاديث الصحية فِي ذَلِك وَلَيْسَ فِي الْعقل وَلَا فِي الشَّرْع مَا يُبطلهُ فَوَجَبَ إثْبَاته وَأنكر ذَلِك بعض الْمُعْتَزلَة والجهمية وَمن وافقهم وَزَعَمُوا ان هَذِه الْأَحَادِيث مَرْدُودَة بقوله تَعَالَى وَخَاتم النَّبِيين وَبِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا نَبِي بعدِي وباجماع الْمُسلمين على انه لَا نَبِي بعد نَبينَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وان شَرِيعَته مؤيدة الى يَوْم الْقِيَامَة لَا تنسخ وَهَذَا اسْتِدْلَال فَاسد لِأَنَّهُ لَيْسَ المُرَاد بنزول عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام انه ينزل نَبيا بشرع ينْسَخ شرعنا وَلَا فِي هَذِه الْأَحَادِيث وَلَا فِي غَيرهَا شَيْء من هَذَا بل صحت الْأَحَادِيث فِي الصِّحَاح وَغَيرهَا انه ينزل حكما مقسطا بِحكم شرعنا وَيحيى من أُمُور شرعنا مَا هجره النَّاس انْتهى قَوْله

باب الملاحم هو جمع ملحمة وهي القتال ونبي الملحمة نبينا صلى الله عليه

[4082] وَلَو حبوا على الثَّلج الحبوان يمشي على يَدَيْهِ وركبتيه وَذَلِكَ صَعب جدا سِيمَا على الثَّلج أَي يَأْتِيهِ الْإِنْسَان وَلَو بلغه أَشد الصعوبات (إنْجَاح) [4083] يكون فِي أمتِي الْمهْدي قَالَ النَّوَوِيّ الْمهْدي من هداه الله الى الْحق وغلبت عَلَيْهِ الاسمية وَمِنْه مهْدي اخر الزَّمَان وَقَالَ الزَّرْكَشِيّ أَي الَّذِي فِي زمن عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام وَيُصلي مَعَه ويقتلان الدَّجَّال وَيفتح الْقُسْطَنْطِينِيَّة وَيملك الْعَرَب والعجم ويملأ الأَرْض عدلا وقسطا ويولد بِالْمَدِينَةِ وَيكون بيعَته بَين الرُّكْن وَالْمقَام كرها عَلَيْهِ وَيُقَاتل السفياني ويلجأ اليه مُلُوك الْهِنْد مغلفلين الى غير ذَلِك وَمَا أقل حَيَاء واسخف عقلا واجهل دينا وديانة قوما اتَّخذُوا دينهم لهوا وَلَعِبًا كلعب الصّبيان بالخزف والحصا فَيجْعَل بَعْضهَا أَمِيرا وَبَعضهَا سُلْطَانا وَمِنْهَا فيلا وافراسا وجنود فَهَكَذَا هَؤُلَاءِ المجانين جعلُوا وَاحِدًا من غرباء الْمُسَافِرين مهديا بِدَعْوَاهُ الكاذبة بِلَا سيد وشبهته جَاهِلا متجهلا بِلَا خَفَاء لم يشم نفحة من عُلُوم الدّين والحقيقة فضلا من فنون الْأَدَب يُفَسر لَهُم معافي الْكَلَام الرباني ويتبوأ بِهِ مقاعد فِي النَّار يسفههم بالاحتجاج بآيَات المثاني بِحَسب مَا يأولها فِيمَا شرع لَهُم عَن عقائد ظَهرت فَسَادهَا عِنْد الصّبيان وَإِذا اقيم الْحجَج النَّبَوِيَّة الدَّالَّة على شُرُوط الْمهْدي يَقُول هِيَ غير صَحِيح ويعلل بِأَن كل حَدِيث يُوَافق اوصافه فَهُوَ صَحِيح مَا يخلافه فَغير صَحِيح وَيَقُول ان مِفْتَاح الْإِيمَان بيَدي فَكل من يصدقني بالمهدوية فَهُوَ مُؤمن وَمن ينكرها فَهُوَ كَافِر ويفضل ولَايَته على نبوة سيد الْأَنْبِيَاء وينسبه الى الله عز وَجل ويستحل قتل الْعلمَاء وَأخذ الْجِزْيَة وَغير ذَلِك من خرافاتهم ويسمون وَاحِدًا أَبَا بكر الصّديق واخر بآخر وَبَعْضهمْ الْمُهَاجِرين وَالْأَنْصَار وَعَائِشَة وَفَاطِمَة وَغير ذَلِك وَبَعض اغبياءهم جعلُوا شخصا من السَّنَد عِيسَى فَهَل هَذَا الا لعب الشَّيْطَان لَوْلَا ان لَزِمَهُم من الخلود فِي الْعَذَاب السرمد والنيران وَكَانُوا على ذَلِك مدَدا كَثِيرَة وَقتلُوا من الْعلمَاء عديدة الى ان سلط الله عَلَيْهِم جُنُودا لم يروها فاجلى أَكْثَرهَا وَقتل كثيرا وتوب اخرين تَوْبَة وفيرا وَلَعَلَّ ذَلِك بسعي هَذَا المذنب الحقير واستجابة لدَعْوَة الْفَقِير وَالله الْمُوفق لكل خير فَالْحَمْد لله الَّذِي بنعمته تتمّ الصَّالِحَات هَذَا كُله من مجمع الْبحار قَوْله وَالْمَال يَوْمئِذٍ كدوس أَي مَجْمُوع كثير فِي الْقَامُوس الكدس بِالضَّمِّ وكرمان الْحبّ المحصود الْمَجْمُوع انْتهى وَفِي الْمجمع الكدس الْجمع وَمِنْه كدس الطَّعَام وتكدست الْخَيل إِذا زوحمت وَركب بَعْضهَا على بعض انْتهى (إنْجَاح) قَوْله [4084] ثمَّ ذكر شَيْئا لَا احفظه بَين فِي طَرِيق اخر فَأخْرجهُ الْحسن بن سُفْيَان فِي مُسْنده وَأَبُو نعيم فِي كتاب الْمهْدي من طَرِيق إِبْرَاهِيم بن سُوَيْد الشَّامي عَن عبد الرَّزَّاق فَقَالَ بعد قَوْله لم يقْتله ثمَّ يَجِيء خَليفَة الله الْمهْدي فَإِذا سَمِعْتُمْ بِهِ فَأتوهُ فَبَايعُوهُ فَإِنَّهُ خَليفَة الله الْمهْدي (زجاجة) قَوْله [4085] الْمهْدي منا أهل الْبَيْت اخْتلف فِي انه من بني الْحسن أَو من بني الْحُسَيْن وَيُمكن ان يكون جَامعا بَين النسبتين الحسنيين والاظهر من جِهَة الْأَب حسني وَمن جِهَة الام حسيني قِيَاسا على مَا وَقع فِي وَلَدي إِبْرَاهِيم وهما إِسْمَاعِيل وَإِسْحَاق عَلَيْهِم السَّلَام حَيْثُ كَانَ أَنْبيَاء بني إِسْرَائِيل كلهم من بني إِسْحَاق وَنَبِي من ذُرِّيَّة إِسْمَاعِيل نَبينَا عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام وَقَامَ مقَام الْكل وَنعم الْعِوَض وَصَارَ خَاتم الْأَنْبِيَاء فَكَذَلِك لما ظَهرت أَكثر الْأمة واكابر الْأَئِمَّة من أَوْلَاد الْحُسَيْن فَنَاسَبَ ان يتَخَيَّر الْحسن بِأَن أعْطى لَهُ ولد يكون خَاتم الاوبياء وَيقوم مقَام سَائِر الاصفياء قَالَه الْقَارِي قلت وَمِمَّا يدل على ان الْمهْدي من أَوْلَاد الْحسن مَا روى أَبُو دَاوُد عَن أبي ساحق قَالَ قَالَ عَليّ وَنظر الى ابْنه الْحسن قَالَ ان بني هَذَا سيد كَمَا سَمَّاهُ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وسيخرج من صلبه رجل يُسمى باسم نَبِيكُم يُشبههُ فِي الْخلق وَلَا يُشبههُ فِي الْخلق وَقَالَ بَعضهم من جِهَة الْأَب حسني وَمن جِهَة الام حسيني جمعا بَين الْأَدِلَّة (فَخر) قَوْله يصلحه الله فِي لَيْلَة أَي يصلحة للامارة والخلافة بغاءة وبغتة (إنْجَاح) قَوْله [4086] الْمهْدي من ولد فَاطِمَة قَالَ بن كثير فَأَما الحَدِيث الَّذِي أخرجه الدارطقني فِي الافراد عَن عُثْمَان بن عَفَّان رَضِي مَرْفُوعا الْمهْدي من ولد الْعَبَّاس عمي فَأَنَّهُ حَدِيث غَرِيب كَمَا قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ تفرد بِهِ مُحَمَّد بن الْوَلِيد مولى بني هَاشم (زجاجة) قَوْله فيوطئون للمهدي يَعْنِي سُلْطَانه أَي يمهدون الْمهْدي خِلَافَته ويؤيدونه وينصرونه (إنْجَاح) قَوْله بَاب الْمَلَاحِم هُوَ جمع ملحمة وَهِي الْقِتَال وَنَبِي الملحمة نَبينَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهُوَ اما بِهَذَا الْمَعْنى واما بِمَعْنى إصْلَاح وتأليف النَّاس كَأَنَّهُ يؤلف أَمر الْأمة والحم الْحَرْب اشتدت كَذَا فِي الْقَامُوس (إنْجَاح) قَوْله

[4089] حَتَّى تنزلوا بمرج هُوَ بِفَتْح فَسُكُون أَي رَوْضَة وَفِي النِّهَايَة ارْض وَاسِعَة ذَات نَبَات كَثِيرَة قَوْله ذِي تلول بِضَم التَّاء جمع تل بِفَتْحِهَا وَهُوَ مُرْتَفع الصَّلِيب هُوَ خشيَة مربعة يدعونَ ان عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام صلب على خَشَبَة كَانَت على تِلْكَ الصُّورَة (مرقاة) قَوْله ويجتمعون الملحمة هِيَ الْحَرْب وَمَوْضِع الْقِتَال مَأْخُوذ من اشتباك النَّاس واختلاطهم فِيهَا كاشتباك لحْمَة الثَّوْب بالسد أَو قيل هُوَ من اللَّحْم لِكَثْرَة لُحُوم الْقَتْلَى فِيهَا (زجاجة) قَوْله بعثا من الموَالِي وَالْمولى الْمَالِك وَالْعَبْد وَالْمُعتق وَقد اشْتهر فِي الْمُعْتق غَالِبا على الرجل الَّذِي أسلم على يَد رجل مُسلم فَالَّذِي أسلم مَوْلَاهُ وَلَعَلَّ المُرَاد هَهُنَا هَذَا لِأَن الله تَعَالَى أيد هَذَا الدّين فِي زمن الصَّحَابَة التَّابِعين على أَيدي أَمْثَال هَؤُلَاءِ الرِّجَال سِيمَا أهل الْفَارِس حَتَّى ورد لَو كَانَ الْإِيمَان تَحت الثريا لناوله رجال من أَبنَاء فَارس وَورد الابدال من الموَالِي إنْجَاح الْحَاجة لمولانا الْمُعظم الشَّيْخ عبد الْغَنِيّ الْمُحدث الدهلوي [4092] الملحمة الْكُبْرَى الخ فِي هَذَا الحَدِيث وَالَّذِي يَلِيهِ وَهُوَ بَين الملحة الخ تنَاقض قَالَ بن كثير هَذَا مُشكل مَعَ الَّذِي قبله اللَّهُمَّ الا ان يكون بَين أول الملحمة واخرها سِتّ سِنِين وَيكون بَين اخرها وَفتح الْمَدِينَة وَهِي القسطنيطنية مُدَّة قريبَة بِحَيْثُ يكون ذَلِك مَعَ خُرُوج الدَّجَّال فِي سَبْعَة اشهر مِصْبَاح الزجاجة قَوْله وَفتح قسطنطينية قَالَ النَّوَوِيّ هِيَ بِضَم الْقَاف واسكان السِّين وَضم الطَّاء الأولى وَكسر الثَّانِيَة وَبعدهَا يَاء سَاكِنة ثمَّ نون هَكَذَا ضبطناه وَهُوَ الْمَشْهُور والقلة القَاضِي فِي الْمَشَارِق عَن المتقنين والاكثرين وَعَن بَعضهم زِيَادَة يَاء مُشَدّدَة بعد النُّون وَهِي مَدِينَة مَشْهُورَة من أعظم مَدَائِن الرّوم انْتهى وَقَالَ الطَّيِّبِيّ قد فتحت زمن الصَّحَابَة وَيفتح عِنْد خُرُوج الدَّجَّال قَالَ التِّرْمِذِيّ وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ قد فتحت فِي زمن عُثْمَان وَيفتح عِنْد خُرُوج الدَّجَّال انْتهى وَقَالَ فِي الْقَامُوس قسنطينية حصن بحدود افريقية أَو قسطنطينية بِزِيَادَة يَاء مُشَدّدَة وَقد يضم الطَّاء الأولى مِنْهَا دَار ملك الرّوم فتحهَا من اشارط السَّاعَة وَتسَمى بالرومية بوزنطيا وارتفاع سوره أحد وَعِشْرُونَ ذِرَاعا كنيتها مستطيلة وبجانبها عَمُود عَال فِي دور أَرْبَعَة ابواع تَقْرِيبًا وَفِي رَأسه فرس من نُحَاس وَعَلِيهِ فَارس وَفِي إِحْدَى يَدَيْهِ كرة من ذهب وَقد فتح أَصَابِع يَده الْأُخْرَى مُشِيرا بهَا وَهُوَ صُورَة قسطنطين بانيها انْتهى (فَخر) قَوْله [4093] بَين الملحمة وَفتح الْمَدِينَة سِتّ سِنِين هَذَا يُخَالف مَا مر من حَدِيث معَاذ بن جبل وَقد أخرجه التِّرْمِذِيّ وَأَبُو دَاوُد وَأحمد وَالْحَاكِم وَالْجمع مُمْتَنع وَالأَصَح هُوَ الْمُرَجح وَحَاصِله ان بَين الملحمة الْعُظْمَى هَذَا وَبَين خُرُوج الدَّجَّال سبع سِنِين أصح من سَبْعَة اشهر وَذكره على الْقَارِي وَقَالَ وَمَا قيل من انه لَا يبعد من ان السّنة سبع سِنِين بسبعة اشهر فَفِي غَايَة الْبعد وَيُمكن ان يكون سِتّ سِنِين وَبَعض السَّابِع فَالَّذِي حذف السَّابِع حذف الْكسر وَالَّذِي عد عد الْبَعْض كلاكما يُقَال صمت عشرَة ذِي الْحجَّة مَعَ انها تسع (إنْجَاح) قَوْله مسالح الْمُسلمين جمع مسلحة قَالَ فِي النِّهَايَة المسلحة قوم يحفظون الثغور من الْعَدو لأَنهم يكونُونَ ذَوي سلَاح أَو لأَنهم يسكنون المسلحة وَهِي كالثغر والمرقب يكون فِيهِ أَقوام يرقبون الْعَدو لِئَلَّا يطرقهم على غَفلَة فَإِذا رَأَوْهُ اعلموا اصحابهم لِيَتَأَهَّبُوا لَهُ انْتهى قَوْله ببولا وَقَالَ فِي النِّهَايَة هُوَ اسْم مَوضِع كَانَ يسرق فِيهِ الاعراب مَتَاع الْحَاج انْتهى قَوْله بني الْأَصْفَر قَالَ فِي النِّهَايَة يَعْنِي الرّوم لِأَن اباهم الأول كَانَ اصفر اللَّوْن وَهُوَ روبن عيصو بن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم قَالَ الْكرْمَانِي لِأَن جدهم روم بن عيص تزوج بنت مَالك الْحَبَشَة فجَاء وَلَده بَين الْبيَاض والسواد وَقيل ان حَبَشِيًّا غلب بِلَادهمْ فِي وَقت فوطئ نِسَائِهِم فَولدت كَذَلِك وَقَالَ النَّوَوِيّ نسبوا الى الْأَصْفَر بن روم بن عيصو انْتهى قَوْله روقة الْإِسْلَام أَي خِيَار الْمُسلمين وسرانهم جمع رائق من راق الشَّيْء إِذا صفا وخلص وَيُقَال لوَاحِد وَجمع كغلام روقة وغلمان روقة (زجاجة) قَوْله [4096] نعَالهمْ الشّعْر أَرَادَ طول شعروهم حَتَّى اطرافها فِي ارجلهم مَوضِع النِّعَال أَو ان نعَالهمْ من شعر بِأَن يجْعَلُوا نعَالهمْ فِي شعر مظفور فتح الْبَارِي قَوْله [4097] ذلف الا نوف قَالَ فِي النِّهَايَة هُوَ بِضَم الذَّال الْمُعْجَمَة وَسُكُون اللَّام وَفَاء جمع اذلف من الذلف بِالتَّحْرِيكِ وَهُوَ قصر الْأنف وانبطاحه وَقيل ارْتِفَاع طرفه مَعَ صغر أرنبته (زجاجة) قَوْله ذلف الأنوف هُوَ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَة والمهملة لُغَتَانِ الْمَشْهُورَة الْمُعْجَمَة وَمِمَّنْ حكى الْوَجْهَيْنِ فِيهِ صاحبا الْمَشَارِق والمطالع قَالَا رِوَايَة الْجُمْهُور بِالْمُعْجَمَةِ وَبَعْضهمْ بِالْمُهْمَلَةِ وَالصَّوَاب الْمُعْجَمَة وَهُوَ بِضَم الذَّال وإساكان اللَّام جمع أذلف كأحمر وحمر وَمَعْنَاهُ فطس الأنوف قصارها مَعَ انبطاح وَقيل هُوَ غلظ فِي أرنبة الْأنف وَقيل الطاين فِيهَا وَكله مُتَقَارب قَالَه النَّوَوِيّ قَوْله كَأَن وُجُوههم المجان المطرقة قَالَ النَّوَوِيّ اما المجان فبفتح الْمِيم وَتَشْديد النُّون جمع مجن بِكَسْر الْمِيم وَهُوَ الترس واما المطرقة فبإسكان الطَّاء وَتَخْفِيف الرَّاء الفصيح الْمَشْهُور فِي الرِّوَايَة وَفِي كتب اللُّغَة والغريب وَحكى فتح التَّاء وتشيد الرَّاء وَالْمَعْرُوف الأول قَالَ الْعلمَاء هِيَ الَّتِي البست الْعقب واطرقت بِهِ طَاقَة فَوق طَاقَة قَالُوا وَمَعْنَاهُ تَشْبِيه وُجُوه التّرْك فِي عرضهَا وتنور وجناتها بالترستة المطرقة انْتهى قَوْله

[4098] ينتعلون الشّعْر وَفِي رِوَايَة لمُسلم يلبسُونَ الشّعْر وَفِي أُخْرَى لَهُ يَمْشُونَ فِي الشّعْر وَالْمعْنَى وَاحِد قَالَ النَّوَوِيّ وَقد وجد فِي زَمَاننَا هَكَذَا وَفِي رِوَايَة حمر الْوُجُود أَي بيض الْوُجُوه مشوبة بحمرة وَهَذِه كلهَا معجزات لرَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقد وجد قتال هَؤُلَاءِ التّرْك بِجَمِيعِ صفاتهم الَّتِي ذكرهَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صغَار الاعين حمر الْوُجُوه ذلف الانوف عراض الْوُجُوه كَأَن وُجُوههم المجان المطرقة ينتعلون الشّعْر فوجدوا بِهن الصِّفَات كلهَا فِي زَمَاننَا وَقَاتلهمْ الْمُسلمُونَ مَرَّات وَقَاتلهمْ الْآن ونسأل الله الْكَرِيم إِحْسَان الْعَاقِبَة للْمُسلمين فِي أَمرهم وَأمر غَيرهم وَسَائِر أَحْوَالهم وادامة اللطف بهم والحماية وَصلى الله على رَسُوله الَّذِي لَا ينْطق عَن الْهوى ان هُوَ الا وَحي يُوحى انْتهى قَوْله بِتَحْرِيم الْحَلَال كَمَا يَفْعَله بعض الْجُهَّال زعما مِنْهُم ان هَذَا من الْكَمَال فَيمْتَنع من أكل اللَّحْم والحو اء والفواكه وَلبس ثوب الْجَدِيد وَمن التروح وَنَحْو ذَلِك وَقد قَالَ الله تَعَالَى يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تحرموا طَيّبَات مَا أحل الله لكم وَلَا تَعْتَدوا ان الله لَا يحب الْمُعْتَدِينَ قَوْله ارغب مِنْك فِيهَا الخ خلاصته ان يكون رغبتك فِي وجود الْمُصِيبَة لأجل ثَوَابهَا كثر من رغبتك فِي عدمهَا قَالَه الْقَارِي وَقَالَ الطَّيِّبِيّ قَوْله ارغب مِنْك فِيهَا لَو انها ابقيت لَك مَعْنَاهُ ان تكون فِي حُصُول الْمُصِيبَة وَقت اصابتها ارغب من نَفسك فِي الْمُصِيبَة حَال كونك غير مصاب بهَا لِأَنَّك تثاب بوصولها إِلَيْك ويفوتك الثَّوَاب إِذا لم تصل إِلَيْك فَوضع ابقيت مَوضِع لم تصب يُرِيد ان الْمُصِيبَة تكفر الذُّنُوب وَبعدهَا يبقي الذَّنب مُصِيبَة تصل اليه فِي الْآخِرَة والعاقل لَا يرضى بِهِ انْتهى اوجع يشئذك أَي يقلقلك شئز وشئيز فَهُوَ مشئوز واشازته من الشاز وَهُوَ مَوضِع غليظ كثير الْحِجَارَة قَالَه فِي النِّهَايَة قَوْله عهد الي عهد أَي اواصاني قَالَ فِي النِّهَايَة الْعَهْد يكون مبعنى الْيَمين والامان والذمة والحفاظة ورعاية الْحُرْمَة وَالْوَصِيَّة وَلَا يخرج الْأَحَادِيث عَن أَحدهَا انْتهى قَوْله [4104] الا بضعَة وَعشْرين قَالَ فِي النِّهَايَة هُوَ بِالْكَسْرِ وَقد تفتح مَا بَين الْوَاحِد الى الْعشْر أَو الثَّلَاث الى التسع وَمنعه الْجَوْهَرِي مَعَ الْعشْرين وَهَذَا الحَدِيث وَغَيره يُخَالِفهُ انْتهى قلت وَهُوَ خَاص بالعشرات الى التسعين فَلَا يُقَال بضع وَمِائَة (فَخر) قَوْله [4105] وأتته الدُّنْيَا وَهِي راغمة ذليلة تَابِعَة لَهُ أَي تقصده طَوْعًا وَكرها وَمعنى وَلم يَأْته من الدُّنْيَا الا مَا كتب لَهُ أَي يَأْتِيهِ مَا كتب وَهُوَ راغم (فَخر) قَوْله [4106] من جعل الهموم هما وَاحِدًا أَي ترك سَائِر الهموم حَيْثُ اقصر عَليّ هُوَ وَاحِد وَهُوَ هم الْآخِرَة وَيدل عَلَيْهِ قَوْله وَمن تشعبت بِهِ الهموم بِهِ أَحْوَال الدُّنْيَا مِصْبَاح الزجاجة قَوْله من جعل الهموم هما وَاحِدًا هم الْمعَاد هُوَ بدل من ثَانِي مفعولي جعل وَمن تشعبت بِهِ الهموم أَحْوَال الدُّنْيَا هُوَ بدل من الهموم وَعدل عَن الظَّاهِر قَوْله وَجعل هم الدُّنْيَا هم همومها مَا ليؤذن بِتَصَرُّف الهموم فِيهِ وتفريها إِيَّاه فِي اودية الْهَلَاك فَإِن الله تَعَالَى تَركه وهمومه (فَخر) قَوْله فَلْينْظر بِمَ يرجع وضع مَوضِع قَوْله فَلَا يرجع بِشَيْء كَأَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يستحقر تِلْكَ الْحَالة فِي مُشَاهدَة السَّامع ثمَّ يَأْمر بالتفكر والتأمل هَل يرجع بِشَيْء أم لَا وَهَذَا تَمْثِيل على سَبِيل التَّقْرِيب والا فَأَيْنَ الْمُنَاسبَة بَين التناهي وَغير التناهي قَالَ الطَّيِّبِيّ قَوْله كراكب استظل تَحت شَجَرَة أَي طلب الظل والراحة تَحت الشَّجَرَة فِي السَّبِيل ليريح سَاعَة ثمَّ يروح هذاالمثال للدنيا كَأَنَّهُ مثل الْمُسَافِر السائر فِي الطَّرِيق ارْتَاحَ فَإِنَّهُ لَا يرِيح الا قَلِيلا (إنْجَاح) قَوْله [4110] ثَنَا أَبُو يحيى زَكَرِيَّا بن مَنْظُور قَالَ بن حجر زَكَرِيَّا بن مَنْظُور بن ثَعْلَبَة وَيُقَال زَكَرِيَّا بن يحيى بن مَنْظُور فنسب الى جده الْقرظِيّ أَبُو يحيى الْمدنِي ضَعِيف من الثَّامِنَة تقريب قَوْله جنَاح بعوضة مثل للقلة والحقارة أَي لَو كَانَ لَهَا أدنى أدنى قدر مَا منع الْكَافِر مِنْهَا أدنى أدنى تمتّع طيبي قَوْله

[4111] الْمُسْتَوْرد بن شَدَّاد قَالَ بن حجر الْمُسْتَوْرد بن شَدَّاد بن عمر والقرشي الفِهري حجازي نزل الْكُوفَة لَهُ ولأبيه صُحْبَة مَاتَ سنة خمس وَأَرْبَعين انْتهى قَوْله على سخلة بِفَتْح سين فمعجمة ولد معز أَو ضَأْن ذكرا أَو أُنْثَى وَجمعه سخال (فَخر) [4112] الا ذكر الله وَمَا وَالَاهُ أَي احبه الله من أَعمال الْبر وافعال الْقرب أَو مَعْنَاهُ مَا والى ذكر الله أَي قاربه من ذكر خير أَو تَابعه من اتِّبَاع امْرَهْ وَنَهْيه لِأَن ذكره يُوجب ذَلِك وَقَالَ المظهري مَا يُحِبهُ الله فِي الدُّنْيَا والموالاة الْمحبَّة بَين اثْنَيْنِ وَقد يكون من وَاحِد وَهُوَ المُرَاد هَهُنَا يَعْنِي مَلْعُون مَا فِي الدُّنْيَا الا ذكر الله وَمَا احبه الله مِمَّا يجْرِي فِي الدُّنْيَا قَوْله أَو عَالما أَو متعلما عطف على ذكر الله وَهُوَ مَنْصُوب على الِاسْتِثْنَاء من الْكَلَام الْمُوجب أَي لَا يحمد الا ذكر الله أَو عَالم أَو متعلم كَذَا فِي اللمعات قَوْله الا ذكر الله وَمَا وَالَاهُ قَالَ الطَّيِّبِيّ المولاة الْمحبَّة أَي مَلْعُون مَا فِي الدُّنْيَا الا ذكر الله وَمَا احبه الله مِمَّا يجْرِي فِي الدُّنْيَا وَقيل من الْمُوَالَاة الْمُتَابَعَة وَيجوز ان يُرَاد بِمَا يوالي ذكر الله طَاعَة وَاتِّبَاع امْرَهْ وَاجْتنَاب نَهْيه لِأَن ذكره يَقْتَضِيهِ وعالما بِالنّصب وتكرير أَو عِنْد بن ماجة وَهُوَ الظَّاهِر وَفِي جَامع الْأُصُول وَالتِّرْمِذِيّ بِالرَّفْع بِمَعْنى لَا يحمد فِيهَا الا ذكر الله وعالم انْتهى قَوْله الا ذكر الله وَمَا وَالَاهُ قَالَ الزَّرْكَشِيّ أَي احبه الله ففاعله الله ومفعوله ضميرها أَو الْمُوَالَاة الْمُتَابَعَة فالفاعل ضمير مَا وَالْمَفْعُول ضمير الذّكر وَكَذَا إِذا أُرِيد بِمَا يوالي ذكر الله طَاعَة انْتهى وَقَوله أَو عَالما أَو متعلما تَخْصِيص الْعلم بعد تَعْمِيم لشمُول مَا وَالَاهُ جَمِيع الْخيرَات تَنْبِيه على ان جَمِيع النَّاس سواهُمَا همج وعَلى ان المُرَاد بهما الْعلمَاء بِاللَّه قَوْله الدُّنْيَا سجن الْمُؤمن وَذَا فِي جنب مَا أعد لَهُ من المثوبة وجنة الْكَافِر فِي جنب مَا أعد لَهُ من الْعقُوبَة وَقيل الْمُؤمن يسجن نَفسه عَن الملاذ ويأخذها بالشدائد وَالْكَافِر بعكسه انْتهى وَقَالَ النَّوَوِيّ لِأَنَّهُ مَمْنُوع عَن الشَّهَوَات الْمُحرمَة والمكروهة مُكَلّف بالطاعات فَإِذا مَاتَ انْقَلب الى النَّعيم الدَّائِم وَالْكَافِر بعكسه انْتهى قَوْله ان اغبط النَّاس أَي الَّذِي يغبطه النَّاس على منَازِل قربه فِي يَوْم الْقِيَامَة أعطَاهُ الله من فَضله وَكَرمه (إنْجَاح) قَوْله خَفِيف الحاذ أَي خَفِيف الْحَال واصله طَريقَة الْمَتْن وَمَا يَقع عَلَيْهِ للبد من ظهر الْفرس أَي خَفِيف الظّهْر من الْعِيَال لَيْسَ لَهُ عِيَال وَكَثْرَة شغل هَكَذَا فِي الْمجمع فِي مَادَّة الحوذ وَقَالَ فِي الْقَامُوس وحاذ الْمَتْن مَوضِع اللبد مِنْهُ والحاذ الظّهْر وَالشَّجر وخفيف الحاذ قَلِيل المَال والعيال انْتهى إنْجَاح 5 قَوْله غامض فِي النَّاس الخ أَي المخفي فيهم بِحَيْثُ لَا يشار فِي دينه وَالْمرَاد بهم أهل الْبَاطِن لِأَن توجههم الى الْحق لَا يعلم غير الله تَعَالَى بِخِلَاف الْأَبْرَار فَإِن اعمالهم يظْهر على كل أحد فَإِذا حصل لَهُم حَظّ فِي الصَّلَاة أَي الاسْتِرَاحَة بهَا مناجيا بِاللَّه عَن التَّعَب الدُّنْيَوِيَّة صَارُوا من أهل الْبَاطِن وَتركُوا عمل الظَّاهِر الا مَا لَا بُد مِنْهُ وَهَذِه الْفرْقَة تسمى الملامتية وَرَئِيسهمْ الصّديق الْأَكْبَر رَضِي الله عَنهُ فَإِنَّهُ لم ينْقل عَنهُ مَا نقل عَن غَيره من الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ وَالْعُلَمَاء الكاملين من الْعِبَادَات الْكَثِيرَة الشاقة بل كَانَ يَكْفِي على الْمِقْدَار الْمَفْرُوض وَمَعَ ذَلِك ورد فِي حَقه لَو وزن ايمان أمتِي مَعَ ايمان أبي بكر رَضِي لرجح ايمان أبي بكر وحقتي ذَلِك الشَّيْخ مُحي الدّين الْعَرَبِيّ وَتَبعهُ الشَّيْخ عبد الْوَهَّاب الشعراني فِي اليواقيت والجواهر وَإِنَّمَا سموا بالملامتية لأَنهم لَا يخَافُونَ فِي الله لومة لائم لعدم التفاتهم الى الْمَخْلُوقَات كَافَّة لَا لما اشْتهر بَين النَّاس انهم يتهاونون فِي بعض أُمُور الشَّرْع حاشاهم عَن ذَلِك وَتَعَالَى الله عَمَّا يَقُول الظَّالِمُونَ علو اكبيرا هَكَذَا ذكر الْعَارِف الجامي قدس سره فِي النفخات حاكيا عَن شيخ الْإِسْلَام وَلَا يخفي ان مثل هَذَا الرجل يلام فِي الْعَوام وَقَالُوا مَا لهَذَا الرَّسُول يَأْكُل الطَّعَام وَيَمْشي فِي الْأَسْوَاق فَصدق ان النِّهَايَة هِيَ الرُّجُوع الى الْبِدَايَة ثمَّ لَا يخفى ان هَذِه الصِّفَات الَّتِي ذكر فِي الحَدِيث من كَونه خَفِيف الحاذ أَي المَال وَقلة الرزق والغموض فِي النَّاس والحظ فِي الصَّلَاة وتعجيل الْمنية أَي الْمَوْت وَقلة التراث أَي الْمِيرَاث وَقلة البواكي كَانَت فِي الصّديق الْأَكْبَر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ على وَجه الْكَمَال فَإِنَّهُ لم يفتح فِي زَمَنه فتوحات وَلم يَعش بعد النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسنتين واشهر وحظه فِي الصَّلَاة بِحَيْثُ لَا يلْتَفت الى غَيرهَا مَشْهُور فِي الْأَحَادِيث الصِّحَاح ولغموض فِي النَّاس عل حِرْفَة البازازين وَقلة بوَاكِيهِ لقلَّة الْعِيَال مِمَّا لَا يخفى على المتأمل قَوْله [4118] قَالَ البذاذة القشافة أَي ترك الزِّينَة إِرَادَة للتواضع فِي اللبَاس وَغَيره وَلذَا كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وسم لَا يترجل الا غبا وَيمْنَع عَن كثير الارفاه وَيكون ثَوْبه أَحْيَانًا كَثوب الزيات وَيظْهر التجمل أَحْيَانًا لإِظْهَار نعْمَة اله تَعَالَى عَلَيْهِ فَكَانَ حَاله على الِاعْتِدَال فِي كل شَيْء لَا على الافراط والتفريط (إنْجَاح) قَوْله [4119] إِذا رُءُوا ذكر الله عز وَجل نقل عَن سَادَاتنَا النقشبندية رَحِمهم الله تَعَالَى انهم قَالُوا إِذا لم ينفع لرجل رُؤْيَة الشَّيْخ وسكوته لم يَنْفَعهُ وعظه وَلذَا كَانُوا قَلما يمْنَعُونَ أحد من الْمُنْكَرَات حَتَّى إِذا جَاءَ صحبهم أَيَّامًا يتأثر من بركاتهم وفيوضهم وَيتْرك معائبه سَاعَة فساعة هَذَا لمن أَرَادَ صحبتهم وَمن جَاءَ زَائِرًا يعطونه بالرفق لكَي يتأثر فِيهِ كَمَا هُوَ دأب الْأَمر بِالْمَعْرُوفِ (إنْجَاح) قَوْله [4120] قَالُوا رَأْيك الخ أَي الرَّأْي الْحَقِيقِيّ مَا كَانَ رَأْيك فِيهِ واما رَأينَا فِي هَذَا فَنَقُول الخ والحرى اللَّائِق (إنْجَاح) قَوْله [4121] ان الله يحب الخ قَالَ الرَّافِعِيّ فِي تَارِيخ قزوين اعْتبر بعد الْإِيمَان ثَلَاث صِفَات الْفقر وَالتَّعَفُّف أما ابوة الْعِيَال اما ابوة الْعِيَال والاهتمام بشأنهم ففضله ظَاهر وَفِي الحَدِيث الكاد على عِيَاله كالمجاهد فِي سَبِيل واما الْجمع بَين الْفقر وَالتَّعَفُّف فلَان الْفقر قد يكون عَن ضَرُورَة وَصَاحبه غير صابر عَلَيْهِ وَلَا رَاض بِهِ وَقد يكون بعجز وكسل فِي طلب الْكِفَايَة من جِهَات المكاسب فَإِذا انْضَمَّ إِلَيْهَا التعفف اشعر ذَلِك بِالصبرِ والقناعة والتحرز عَن التَّبعَات وركوب الْهوى انْتهى (زجاجة) قَوْله

[4122] بِنصْف يَوْم خَمْسمِائَة عَام هَكَذَا فِي رِوَايَة التِّرْمِذِيّ وَفِي رِوَايَة مُسلم أَرْبَعِينَ خَرِيفًا لَكِن فِيهِ ان فُقَرَاء الْمُهَاجِرين وَقيل ان الْفُقَرَاء الَّذين فِي قُلُوبهم ميل ورغبة الى الدُّنْيَا يقدمُونَ بِأَرْبَعِينَ خَرِيفًا والزهاد بِخَمْسِمِائَة عَام ويتوهم ان الْفُقَرَاء يتقدمون على الاغنياء من الْأَنْبِيَاء أَيْضا وَلَعَلَّ غَرَضه مُجَرّد إِظْهَار فضل الْفُقَرَاء وَلَو سلم ففضيلة جزئية ثمَّ الظَّاهِر ان الاغنياء الصَّالِحين يطوى عَلَيْهِم الزَّمَان فَلَا يَجدونَ الكلفة كَمَا يَجدونَ أهل الْمعاصِي فِي الْمَحْشَر لِأَن الْغنى فِي نَفسه لَيْسَ مَعْصِيّة إنْجَاح الْحَاجة [4126] اللَّهُمَّ احيني مِسْكينا الخ هَذَا أحد الْأَحَادِيث الَّتِي انتقدها الْحَافِظ سراج الدّين الْقزْوِينِي على المصابيح وَزعم انه مَوْضُوع وَقَالَ الْحَافِظ صَلَاح الدّين العلائي فِي اجوبته هُوَ حَدِيث ضَعِيف السَّنَد لَكِن لَا يحكم عَلَيْهِ بِالْوَضْعِ وَأَبُو الْمُبَارك وان قَالَ فِيهِ التِّرْمِذِيّ مَجْهُول فقد عرفه بن حبَان وَذكره فِي الثِّقَات وَيزِيد بن سِنَان هُوَ قُرَّة الرهاوي قَالَ فِيهِ بن معِين لَيْسَ بِشَيْء وَقَالَ البُخَارِيّ مقارب الحَدِيث الا ان ابْنه مُحَمَّد ن زيد يروي عَنهُ مَنَاكِير وَقَالَ أَبُو حَاتِم مَحَله الصدْق وَلَا يحْتَج وَبَاقِي رُوَاته مَشْهُورُونَ وَذكر العلائي فِي كتاب بسط الورقات انه يَنْتَهِي مَجْمُوع طرقه الى دَرَجَة الصِّحَّة وَقد أوردهُ بن الْجَوْزِيّ أَيْضا فِي الموضوعات قَالَ الزَّرْكَشِيّ فِي تَخْرِيج أَحَادِيث الرَّافِعِيّ أَسَاءَ بن الْجَوْزِيّ فِي ذَلِك وَله طَرِيق اخر عَن عَطاء بن أبي رَبَاح عَن أبي سعيد أخرجه الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك وَصَححهُ وَأقرهُ الذَّهَبِيّ فِي تلخيصه وَأخرجه الْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه من تِلْكَ الطَّرِيق وَله شَوَاهِد من حَدِيث أنس أخرجه التِّرْمِذِيّ وَمن حَدِيث عبَادَة بن الصَّامِت أخرجه الطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ وَصَححهُ أَيْضا الْمَقْدِسِي فِي المختارة وَمن حَدِيث بن عَبَّاس أخرجه الشِّيرَازِيّ فِي الألقاب وَقَالَ الْحَافِظ بن حجر فِي تَخْرِيج أَحَادِيث الرَّافِعِيّ اورد بن الْجَوْزِيّ هَذَا الحَدِيث فِي الموضوعات وَكَأَنَّهُ اقدم عَلَيْهِ وَلما رَآهُ مبائنا للْحَال الَّتِي مَاتَ عَلَيْهَا النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَنَّهُ كَانَ مكفيا قَالَ الْبَيْهَقِيّ وَجهه عِنْدِي انه لم يسْأَل حَال المسكنة الَّتِي يرجع مَعْنَاهَا الى الْقلَّة وَإِنَّمَا سَأَلَ المسكنة الَّتِي يرجع مَعْنَاهَا الى الاخبات والتواضع انْتهى (زجاجة) قَوْله اللَّهُمَّ احيني مِسْكينا قَالَ فِي النِّهَايَة قد تكَرر فِي الحَدِيث ذكر المسكنة والمسكين ومدار كل على الخضوع والذلة وَقلة المَال وَالْحَال السَّيئَة واستكان إِذا خضع والمسكنة فقر النَّفس وتمسكن إِذا تشبه بالمسكين وَهُوَ من لَا شَيْء لَهُ وَقيل من لَهُ بعض شَيْء وَقد يَقع على الضَّعِيف وَفِيه احيني مِسْكينا أَرَادَ بِهِ التَّوَاضُع والاخبات وان لَا يكون من الجبارين المتكبرين انْتهى وَقَالَ الطَّيِّبِيّ هِيَ من المسكنة وَهِي الذلة والافتقار أَرَادَ إِظْهَار تواضعه وافتقاره الى ربه إرشاد الامتة للتواضع انْتهى قَوْله [4127] فَإِن وُفُود الْعَرَب قَالَ فِي النِّهَايَة الْوَفْد قوم يَجْتَمعُونَ ويردون الْبِلَاد الْوَاحِد وَافد وَكَذَا من يقْصد الْأُمَرَاء بِالزِّيَادَةِ أَو الاسترفاء والانتجاع وَقد يفد فدته وفوفد واوفد على الشَّيْء فَهُوَ موفدا إِذا اشرف انْتهى وَقَالَ صَاحب التَّحْرِير الْوَفْد الْجَمَاعَة المختارة من الْقَوْم ليتقدموهم فِي لَقِي العظماء والمصير إِلَيْهِم فِي الْمُهِمَّات واحدهم وَافد انْتهى قَوْله ويل للمكثرين الويل الحرزن والهلاك وَالْمَشَقَّة من الْعَذَاب قَوْله الا من قَالَ بِالْمَالِ هَكَذَا وَهَكَذَا أَي الا من صرفه على النَّاس قَالَ فِي النِّهَايَة الْعَرَب تجْعَل القَوْل عبارَة عَن جَمِيع الْأَفْعَال نَحْو قَالَ بِيَدِهِ أَي اخذ وَقَالَ بِرجلِهِ أَي مَشى وَقَالَت لَهُ العينان سمعا وَطَاعَة أَي اومأت وَقَالَ بِالْمَاءِ على يَده أَي قلب وَقَالَ بِثَوْبِهِ رَفعه وَكله مجَاز كَمَا روى فِي حَدِيث السَّهْو مَا يَقُول ذُو الْيَدَيْنِ قَالُوا صدق روى انهم أَو مأوا برؤسهم أَي نعم وَلم يتكلموا ويجيئ بِمَعْنى اقبل وَمَال واستراح وَضرب وَغلب انْتهى وَقَالَ الطَّيِّبِيّ الا من قَالَ هَكَذَا أَي أَشَارَ الى جَمِيع الجوانب وَهَكَذَا صفة مصدر مَحْذُوف أَي أَشَارَ إِشَارَة مثل هَذِه الْإِشَارَة وَمن بَين يَدَيْهِ كَمَا فِي رِوَايَة بَيَان للْإِشَارَة والاظهر ان يتَعَلَّق بِالْفِعْلِ الْمَجِيء وَعَن يَمِينه كَمَا فِي هَذَا الْكتاب وَعَن اللعبد والمجاوزة انْتهى قَوْله

[4130] الْأَكْثَرُونَ هم الاسفلون أَي فِي الدرجَة السُّفْلى من فُقَرَاء أهل الْإِسْلَام الا من يصرف مَاله فِي رِضَاء الرب الْمولى كَمَا يَأْتِي فِي حَدِيث آخر ويستفيد من لفظ هَكَذَا وَهَكَذَا هَذَا الْمَعْنى (إنْجَاح) [4132] أرصده فِي قَضَاء دين أَي امسكه لقَضَاء دين لَو لم يكن الدَّائِن حَاضرا عِنْدِي وَإِنَّمَا قَالَ يَأْتِي على ثَالِثَة لِأَنَّهُ لَا بُد لتقسيم هَذَا الْمِقْدَار من زمَان والا فَكَانَ لَا يَأْتِي عَلَيْهِ الا كَانَ يقسمهُ فَإِن فِي رِوَايَة البُخَارِيّ ان النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلى الْعَصْر فتخطى رِقَاب بعض النَّاس الى حجر بعض نِسَائِهِ وَاعْتذر بِأَنَّهُ خلف بِالْبَيْتِ تَبرأ من الصَّدَقَة فكره ان يبيته (إنْجَاح) قَوْله [4133] وَعجل لَهُ الْقَضَاء أَي الْمَوْت ثمَّ لَا يخفى ان ظَاهر هَذَا الحَدِيث يُخَالف مَا ورد فِي رِوَايَة أُخْرَى لِأَحْمَد وَالتِّرْمِذِيّ والدارمي عَن أبي بكرَة ان رجلا قَالَ يَا رَسُول الله أَي النَّاس خير قَالَ من طَال عمره وَحسن عمله وَكَذَلِكَ مَا صَحَّ من ان أَخَوَيْنِ مَاتَا فَقتل أَحدهمَا فِي سَبِيل الله وَمَات الثَّانِي بعد جُمُعَة ففضل النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الثَّانِي وَقَالَ أَيْن صلَاته بعد صلَاته وَعَمله بعد عمله أَو قَالَ صَوْمه بعد صَوْمه لما بَينهمَا كبعد مَا بَين السَّمَاء وَالْأَرْض كَمَا فِي رِوَايَة أبي دَاوُد وَالنَّسَائِيّ قلت يخْتَلف هذاالامر بِاعْتِبَار الْأَشْخَاص والاحوال فَرجل كَثْرَة المَال وَطول الْعُمر خير لَهُ وَآخر عكس ذَلِك وَتَقْدِير ذَلِك الى مُقَدّر الْأُمُور حَيْثُ قَالَ وَلَو بسط الله الرزق لِعِبَادِهِ لبغو فِي الأَرْض ونطق بِمثل قَوْلنَا الحَدِيث الْوَارِد فِي ذَلِك فَأهل الْأَعْمَال يُعْطون اجورهم على اعمالهم فطول الْعُمر وَكَثْرَة المَال خير لَهُم بِشَرْط الامن عَن الْفساد واما العارفون فجزاءهم لَا يتَوَقَّف على أَعمال الْبر بل يفضلون على حسن عرفانهم وَلَا يخفى ان الْمعرفَة تزيد فِي البرزخ ثمَّ فِي العرصات ثمَّ فِي دَار الخلود سَاعَة فساعة فَحِينَئِذٍ يصلونَ الى كَمَال الْمعرفَة وَهُوَ التَّقَرُّب ورؤية الله تَعَالَى فَيكون الْمَوْت نَافِعًا لَهُم كَمَا حَقَّقَهُ الشَّيْخ المجددي رَضِي الله عَنهُ فِي مكاتيبه واما الْأَبْرَار فحالهم خلاف حَال المقربين لِأَنَّهُ بِالْمَوْتِ تَنْقَطِع اعمالهم وَطول الْعُمر لهَذَا الْمَعْنى خير لَهُم وَبَين الْحَالَتَيْنِ بون بعيد وَوجه الْفرق ان أَعمال الْأَبْرَار لَا تكون الا لطلب الْجنَّة والهرب من النَّار وَأهل الْعرْفَان لَا يلفتون الى شَيْء من ذَلِك بل لَو فرض ان الله تَعَالَى لَا يعذب أحدا من المخلوقين كَانَ طاعتهم أَشد من السَّابِق أَو مثله روى عَن بعض الصَّالِحين انه حضر عِنْد موت بن الفارض رض فَعرض للشَّيْخ بن الفارض الجنات العلى والحور والقصور فاشمأز عَن ذَلِك وَبكى وَقَالَ رَحْمَة الله عَلَيْهِ لَو كَانَ منزلتي فِي الْحبّ عنْدكُمْ مَا قد رَأَيْت ضَيْعَة أَيَّام امنية ظَفرت وروحي بهَا رِضَاء الْيَوْم احسبها اضغاث احلام فَزَالَ عَنهُ ذَلِك فسر وَقضى نحبه رَحمَه الله تَعَالَى (إنْجَاح) قَوْله [4134] يستمنحه نَاقَة فِي الْقَامُوس منحه كمنعه وضربه أعطَاهُ ومنحه النَّاقة جعل لَهُ وبرها وَوَلدهَا وَهِي المنيحة واستمنحه طلب عَطِيَّة وَلَعَلَّه كَانَ ذَلِك لفقراء أهل الصّفة وَغَيرهم وَالله اعْلَم (إنْجَاح) قَوْله [4135] تعس عبد الدِّينَار وَعبد الدَّرَاهِم أَي هلك وَمِنْه قَوْله تَعَالَى ان الَّذين كفرُوا فتعسا لَهُم واضل اعمالهم قَوْله لم يَفِ أَي بيعَة الامام (إنْجَاح) قَوْله تعس عبد الدِّينَار وَقَالَ النَّوَوِيّ هُوَ بِفَتْح عين وَكسرهَا أَي عثر أَو هلك أَو لزمَه الشَّرّ أَقْوَال انْتهى قَالَ الطَّيِّبِيّ وَقد يفتح الْعين وانتكس أَي انْقَلب على رَأسه وَهُوَ دُعَاء بالانقلاب واعاد تعس الَّذِي هُوَ الانكباب على الْوَجْه ليضم مَعَه الانعكاس الَّذِي هُوَ من الانقلاب على الرَّأْس ليترقى من الاهون الى الاغلظ وَإِذا شيك أَي شاكته شَوْكَة فَلَا انتقش أَي لَا يقدر على انتقاشها وَهُوَ اخراجها بالمنقاش أَي إِذا وَقع فِي الْبلَاء لَا يرحم عَلَيْهِ إِذْ بالترحم بِمَا هان الْخطب عَلَيْهِ وَخص انتقاش الشوك لِأَنَّهُ اهون مَا يتَصَوَّر من المعاونة فَإِذا نفى فَمَا فَوْقهَا أولى انْتهى قَوْله وانتكس أَي بَقِي فِي النَّار مُنَكسًا رَأسه وَهُوَ دُعَاء عَلَيْهِ بالخيبة أَو انتكس امْرَهْ لِأَن من انتكس امْرَهْ فقد خَابَ قَوْله وَإِذا شيك فَلَا انتقش أَي إِذا أدخلت فِيهِ شَوْكَة فَلَا أخرجهَا أَي إِذا وَقع فِي الْبلَاء لَا يرحم عَلَيْهِ وَهُوَ بِبِنَاء الْمَجْهُول فِي الْفِعْلَيْنِ هَذَا دُعَاء عَلَيْهِ مِنْهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إنْجَاح) قَوْله قد افلح من هدى الى الْإِسْلَام ورزق الكفاف قَالَ فِي النِّهَايَة الكفاف مَالا يفضل عَن الشَّيْء وَيكون بِقدر الْحَاجة وَقَالَ الطَّيِّبِيّ رزق الكفاف أَي قوت يكفه عَن الْجُوع أَو عَن السوال وَهُوَ يخْتَلف باخْتلَاف الْأَشْخَاص والازمان وَالْإِسْلَام يَشْمَل جَمِيع فروعه فَالْحَدِيث من جَوَامِع الْكَلم انْتهى قَوْله [4140] مَا من غَنِي وَلَا فَقير الخ هَذَا الحَدِيث أوردهُ بن الْجَوْزِيّ فِي الموضوعات واعله بنفيع فَإِنَّهُ مَتْرُوك وَهُوَ مخرج فِي مُسْند أَحْمد وَله شَوَاهِد من حَدِيث بن مَسْعُود أخرجه الْخَطِيب فِي تَارِيخه (زجاجة) قَوْله امنا فِي سربه هُوَ بِالْكَسْرِ أَي فِي نَفسه هُوَ وَاسع السرب أَي رخى البال ويورى بِالْفَتْح وَهُوَ المسلك وَالطَّرِيق مِصْبَاح الزجاجة قَوْله فَكَأَنَّمَا حيزت لَهُ الدُّنْيَا أَي جمعت واعطيت من حازه يحوزه إِذا قَبضه وَملكه واستبد بِهِ أَي فَلَا يَنْبَغِي لَهُ ان يصرف همته الى رزق الْغَد فَأَنَّهُ الى الان مَا احْتَاجَ اليه فَكَمَا ان الله تَعَالَى رزقه الْيَوْم يقدر عَلَيْهِ بعد ذَلِك أَيْضا قيل الْخَيْر كُله فِي كلمة وَاحِدَة لَا تطلب مَا كفيت وَلَا تضيع مَا استكفيت إنْجَاح الْحَاجة قَوْله

[4142] انْظُرُوا الى من هُوَ أَسْفَل الخ معنى أجد راحتي وتزدروا تحتقر وَا قَالَ بن جرير وَغَيره لهَذَا حَدِيث جَامع لأنواع من الْخَيْر لِأَن الْإِنْسَان إِذا رأى من فضل عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا طلبت نَفسه مثل ذَلِك واستصغر مَا عِنْده من نعْمَة الله تَعَالَى وحرص على الازدياد ليلحق بذلك أَو يُقَارِبه هَذَا هُوَ الْمَوْجُود فِي غَالب النَّاس وَأما إِذا نظر فِي أُمُور الدُّنْيَا الى من هُوَ دونه فِيهَا ظَهرت لَهُ نعْمَة الله تَعَالَى عَلَيْهِ فشكرها وتواضع وَفعل فِيهِ الْخَيْر (نووي) [4144] لنمكث شهرا مَا نوقد فِيهِ بِنَار وَفِي رِوَايَة مَا شبع من خبز وَلحم مرَّتَيْنِ هَذَا كَانَ بِاخْتِيَارِهِ الْفقر وَتَركه الدُّنْيَا ولذاتها وقناعته بِأَدْنَى قوته وايثاره الْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِين على نَفسه مَعَ وجود الِاحْتِيَاج والمحبة كَمَا قَالَ تَعَالَى ويطعمون الطَّعَام على حبه مِسْكينا الْآيَة (إنْجَاح) قَوْله [4145] وَكَانَت لَهُم ربائب جمع ربيبة هِيَ غنم تكون فِي الْبَيْت وَلَيْسَت بسائمة إنْجَاح الْحَاجة قَوْله [4146] يلتوى أَي يتقلب ظهر الْبَطن لشدَّة الْجُوع (إنْجَاح) قَوْله يلتوى أَي يتقلب ظهر الْبَطن ويمينا وَشمَالًا الالتواء والتلوي الِاضْطِرَاب عِنْد الْجُوع وَالضَّرْب كَذَا فِي الْمجمع قَوْله مَا يجد من الدقل هُوَ بِفتْحَتَيْنِ روى التَّمْر ويابسه وَمَا لَيْسَ لَهُ اسْم خَاص فتراه ليبسه ورواءته لَا يجْتَمع وَيكون منشورا نِهَايَة قَوْله [4147] مَا أصبح عِنْد ال مُحَمَّد صَاع حب الخ قَالَ بن حجر فِي فتح الْبَارِي هَذَا الحَدِيث لَا يُنَافِي حَدِيث انه كَانَ يرفع لأَهله قوت سنة وَكَانَ اصحابه يبذلون لَهُ أَمْوَالهم وانفسهم وَنَحْوهَا لِأَن ذَلِك بِحَسب حَال دون حَال لَا لضيق بل لايثار أَو كَرَاهَة شبع وَالْحق ان الْكثير مِنْهُم فِي ضيق قبل الْهِجْرَة وَبعدهَا كَانَ أَكْثَرهم كَذَلِك فواساهم الْأَنْصَار لمنائح فَلَمَّا فتحت لَهُم النَّضِير وَغَيرهَا ردو المنائح نعم كَانَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يخْتَار ذَلِك مَعَ إِمْكَان التَّوَسُّع انْتهى قَوْله عِنْد ال مُحَمَّد قيل لفظ ال مقحم أَو كَانَ ذَلِك فِي أَوَائِل الْحَال والا فقد ثَبت انه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ادخر نَفَقَة سنة لِعِيَالِهِ هَذَا لمعات قَوْله [4150] بِطَعَام سخن أَي حَار وَمَا روى من كَرَاهَة أكل طَعَام حاربان الْحَار لَا بركَة فِيهِ فَمَحْمُول على شدَّة الْحَرَارَة (إنْجَاح) قَوْله [4151] كَانَ ضجاع رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الضجاع الْفراش الَّذِي يكون للاضطجاع وَقَوله حشوه لِيف الليف قشر النّخل (إنْجَاح) قَوْله [4152] ووسادة محشوة اذخر الوسادة بِكَسْر الْوَاو المخدة وَجمعه الوسائد وسدته الشَّيْء إِذا جعلته تَحت رَأسه والاذخر بِكَسْر همزَة وَسُكُون ذال وَكسر فَاء معجمتين حشيشة طيب الرَّائِحَة عريض الأوراق بجرقه الْحداد بدل الْحَطب والفحم (فَخر) قَوْله [4153] وقرظ فِي نَاحيَة الْقرظ محركة ورق السّلم أَو ثَمَر السنط كَذَا فِي الْقَامُوس يَعْنِي برك ورخت مغيلان (إنْجَاح) قَوْله وَإِذا اهاب مُعَلّق الاهاب ككتاب الْجلد الْغَيْر المدبوغ أَو الْجلد مُطلقًا (إنْجَاح) قَوْله الا مسك كَبْش الْمسك الْجلد أَو خَاصَّة بالسخلة كَذَا فِي الْقَامُوس (إنْجَاح) قَوْله حَتَّى قرحت اشداقنا أَي تحرجت جَوَانِب الْفَم من أكل الْخبط وَقَالَ النَّوَوِيّ صَارَت فِيهَا قُرُوح من خشونة الْوَرق وحرارته انْتهى قَوْله

[4158] ثمَّ لتسئلن يَوْمئِذٍ عَن النَّعيم قَالَ بَعضهم المُرَاد من النَّعيم الَّذِي يسْأَل عَنهُ ثَلَاثَة الصِّحَّة والشباب والا من وَلَا يَخْلُو الْإِنْسَان فِي مُدَّة عمره عَن هَذِه الثَّلَاثَة روى ان رجلا معدما جَاءَ الى النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ يَا رَسُول الله أَي النَّعيم اسْأَل عَنهُ قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّعْل وَالْمَاء الْبَارِد والظل ورد فِي رِوَايَة صَحِيحَة ان رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبا بكر وَعمر واصحابا اخر جاؤوا اضيافا فِي دَار أبي الهتم فأكوا خبْزًا سخنا مَعَ التَّمْر وَشَرِبُوا المَاء الْبَارِد فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا نعيم يسْأَل عَنْهَا وَعَن بن مَسْعُود رَفعه قَالَ لتسئلن يَوْمئِذٍ عَن النَّعيم قَالَ الامن وَالصِّحَّة هَذَا مَا قَالَه شيخ مشائخنا الشَّيْخ عبد الْعَزِيز الْمُحدث الدهلوي قدس سره فِي فتح الْعَزِيز (فَخر) قَوْله ثمَّ لتسئلن يَوْمئِذٍ عَن النَّعيم قَالَ النَّوَوِيّ أَي عَن الْقيام بشكره وَهُوَ سُؤال تعداد النعم والامتنان بهَا وَإِظْهَار الْكَرَامَة لَا سُؤال توبيخ ومحاسبة قَالَ الطَّيِّبِيّ يدل على كَونه سُؤال توبيخ قَوْله فِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى فَضرب بِهِ الأَرْض حَتَّى تناثر الْبُسْر ثمَّ قَالَ لمسئولون عَن هَذَا واشاربه الى مَا ذكر قبله أَو الى العذق المتناثر انْتهى قَوْله وانما هُوَ الاسودان التَّمْر وَالْمَاء والسواد هُوَ الْغَالِب على تمور الْمَدِينَة وَوصف المَاء بِهِ للتغليب وَقَوله اما انه سَيكون هَذَا يحتم الْوَجْهَيْنِ أَحدهمَا ان انعيم الَّذِي تسْأَلُون عَنهُ سَيكون وَالثَّانِي ان السُّؤَال سَيكون مَعَ هَذِه الْحَالة الَّتِي أَنْتُم عَلَيْهِ كَمَا يدل عَلَيْهِ الحَدِيث الَّذِي روى التِّرْمِذِيّ من ان يُقَال لَهُ الم نصح لَك ونرديك من المَاء الْبَارِد [4160] فَقلت خص لنا والخص بَيت يعْمل من الْخشب والقصب وَجمعه خصاص واخصاص سمى بِهِ لما فِيهِ من الخصاص وَهِي الْفرج والاثقاب وَقَوله وَهِي أَي خرب أَو كَاد سيخرب (فَخر) قَوْله [4163] الا فِي التُّرَاب أَي فِي بِنَاء لَا يحْتَاج لَا من نَبِي مَا لَا بُد مِنْهُ أَو مَبْنِيَّة الْخَيْر من الْمَسَاجِد والرابطات كرماني قَوْله [4164] تَغْدُو خماصا بِكَسْر الْخَاء الْمُعْجَمَة جمع خميص أَي جياعا وَتَروح بطانا جمع بطين وَهُوَ عَظِيم الْبَطن وَأَرَادَ بِهِ شباعا (إنْجَاح) قَوْله [4165] مَا تهززت رؤسكما أَي تحركت وَالْمرَاد بِهِ الْحَيَاة لِأَن التحرك من لَوَازِم الْحَيَوَان (إنْجَاح) قَوْله [4166] بِكُل وَاد شُعْبَة أَي من اودية الْهوى من حب المَال والجاه وَطول الْعُمر وَغَيرهَا من الذمائم فَيذْهب كل ذَلِك بالوثوق والاعتماد على الله عز وَجل وَفِي ذَلِك قَالَ الْعَارِف الشِّيرَازِيّ مصلحت ديدمن آنست كه ياران عَن كار كمزار ندو خم طرة يارى كيرند (إنْجَاح) قَوْله [4167] الا وَهُوَ يحسن الظَّن بِاللَّه أَي يَثِق على رَحْمَة الله تَعَالَى بِأَنَّهُ لَا يتعاظمه شَيْء وان كَانَ ذنوبنا أَمْثَال الْجبَال وَللَّه در البوصيري حَيْثُ قَالَ يَا نفس لَا تقنطي من زلَّة عظمت ان الْكَبَائِر فِي الغفران كَاللَّحْمِ لَعَلَّ رَحْمَة رَبِّي حِين يقسمها تَأتي على حسب الْعِصْيَان فِي الْقسم (إنْجَاح) قَوْله [4168] وَإِيَّاك واللو أَي اتَّقِ عَن قَوْلك لَو فعلت كَذَا كَانَ كَذَا فَإِن الله تَعَالَى قَالَ مَا اصابكم من مُصِيبَة فِي الأَرْض وَلَا فِي أَنفسكُم الا فِي كتاب من قبل ان نبرأها ان ذَلِك على الله يسير لكيلا تأسوا على مَا فاتكم وَلَا تفرحوا بِمَا اتاكم (إنْجَاح) قَوْله [4169] الْكَلِمَة الْحِكْمَة ضَالَّة الْمُؤمن أَي كَأَنَّهُ فقدها واضلها إِشَارَة الى مَا قيل انْظُر الى مَا قَالَ وَلَا تنظر الى من قَالَ روى عَن الشبلي انه سمع فِي السُّوق الْخِيَار الْعشْرَة بدانق فَوجدَ عَلَيْهِ وَقَالَ هَذَا الْخِيَار فَمَا بَال الشرار وَلِهَذَا سمع النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مائَة بَيت من أَبْيَات أُميَّة بن الصَّلْت مَعَ انه كَانَ كَافِرًا وَالْغَرَض مِنْهُ ان للعارف فِي كل حَرَكَة وَسُكُون من الْمَخْلُوقَات اشعار على شَأْنه عز وَجل فَإِنَّهُ تَعَالَى كل يَوْم هُوَ فِي شَأْن ولنعم مَا قَالَ شيخ مشائخنا الْمظهر وَقَالَ غَيره عباراتنا شَتَّى وحسنك وَاحِد وَقَالَ غَيره وان نطقت بِذكر غزلان النقي أَو زَيْنَب وعلوه وسعاد فأنتموا مطلبي وَغَايَة مقصدي وانتمو من الْجَمِيع مرادي لَا شَيْء يشبهكم تَعَالَى ذكركُمْ عَن قَول كل ذِي زيغ والحاد (إنْجَاح) قَوْله [4170] نعمتان مغبون فيهمَا كثير قَالَ الْكرْمَانِي مغبون خبر كثير وَهُوَ النَّقْص فِي البيع أَي هَذَانِ الامران إِذا لم يستعملا فِيمَا يَنْبَغِي فقد بيعا بِنَجس لَا يحمد عاقبته فَإِن من صَحَّ بدنه وَفرغ عَن اشغاله واسباب معاشه وَقصر فِي نيل الْفَضَائِل وشكر نعْمَة كِفَايَة الارزاق فقد غبن كل الْغبن فِي سوق تِجَارَة الْآخِرَة انْتهى وَقَالَ الطَّيِّبِيّ الْغبن بِالسُّكُونِ فِي البيع وبالحركة فِي الرَّأْي أَي هما رَأس مَال الْمُكَلف فَيَنْبَغِي ان يُعَامل الله فيهمَا بِمَا يحبهما كَيْلا يغبن ويربح انْتهى وَقَالَ فِي المفاتيح مغبون أَي لَا يعْملُونَ فِي الصِّحَّة والفراغ من الصَّالِحَات بِمَا لَا يَحْتَاجُونَ اليه حَتَّى يتبد لِأَن بِالْمرضِ والاشتغال فيندمون على تَضْييع اعمارهم انْتهى قَوْله

[4171] فصل صَلَاة مُودع أَي إِذا شرعت فِي الصَّلَاة فَأقبل الى الله بشر اشرك وودع غَيْرك لمناجاة رَبك قَوْله وَلَا تكلم بِكَلَام تعتذر مِنْهُ كِنَايَة عَن حفظ اللِّسَان عَمَّا يحْتَاج الْعذر واجمع الياس أَي اجْمَعْ رَأْيك على الْيَأْس من النَّاس وضمم عَلَيْهِ طيبي [4173] لَا يدْخل الْجنَّة الخ قَالَ النَّوَوِيّ قد اخْتلف فِي تَأْوِيله فَذكر الْخطابِيّ فِيهِ وَجْهَيْن أَحدهمَا ان المُرَاد التكبر عَن الْإِيمَان فصاحبه لَا يدْخل الْجنَّة أصلا إِذا مَاتَ عَلَيْهِ وَالثَّانِي انه لَا يكون فِي قلبه كبر حَال دُخُوله الْجنَّة كَمَا قَالَ الله عز وَجل وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورهمْ من غل وَهَذَانِ التأويلان فيهمَا بعد فَإِن هَذَا الحَدِيث ورد فِي سِيَاق النَّهْي عَن الْكبر الْمَعْرُوف وَهُوَ الِارْتفَاع على النَّاس احتقارهم وَدفع الْحق فَلَا يَنْبَغِي ان يحمل على هذَيْن التأولين المخرجين لَهُ عَن الْمَطْلُوب بل الظَّاهِر مَا اخْتَارَهُ القَاضِي عِيَاض وَغَيره من الْمُحَقِّقين انه لَا يدخلهَا دون مجازاة ان جازاه وَقيل هَذَا جَزَاؤُهُ لَو جازاه وَقد تكرم بِأَنَّهُ لَا يجازيه بل لَا بُد ان يدْخل كل الْمُوَحِّدين الْجنَّة اما اولا واما ثَانِيًا بعد تَعْذِيب أَصْحَاب الْكَبَائِر الَّذين مَاتُوا مصرين عَلَيْهَا وَقيل لَا يدخلهَا مَعَ الْمُتَّقِينَ أول وهلة واما قَوْله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يدْخل النَّار الخ فَالْمُرَاد بِهِ دُخُول الْكفَّار وَهُوَ دُخُول الخلود انْتهى قلت وحبة من خَرْدَل من ايمان مثل فِي الْقلَّة لَا فِي الْوَزْن لِأَن الْإِيمَان مجسم (فَخر) قَوْله [4174] الْكِبْرِيَاء رِدَائي الخ قَالَ فِي النِّهَايَة ضربا مثلا فِي انْفِرَاده بِصفة المعظمة والكبرياء أَي ليستا كَسَائِر الصِّفَات الَّتِي قد يَتَّصِف بهَا غَيره مجَازًا كالرحمة وَالْكَرم كَمَا لَا يُشَارك فِي ازار أحد وردائه اخر انْتهى وَقَالَ الطَّيِّبِيّ قَوْله الْكِبْرِيَاء رِدَائي هُوَ العظمة وَالْملك وَقيل كَمَال الذَّات وَكَمَال الْوُجُود وَلَا يُوصف بهما الا الله انْتهى قَوْله [3181] ان لكل دين خلقا قَالَ فِي النِّهَايَة هُوَ بِضَم لَام وسكونها الديدن والطبع والسجية حَقِيقَته انه لصورة الْإِنْسَان الْبَاطِنَة وَهِي نَفسه وأوصافها ومعانيها المختصة بهَا بِمَنْزِلَة الْخلق لصورته الظَّاهِرَة واوصافها ومعانيها وَلَهُمَا أَوْصَاف حَسَنَة وقبيحة وَالثَّوَاب وَالْعِقَاب يتعلقان بأوصاف الصُّورَة بالطنة أَكثر مِمَّا يتعلقان بأوصاف الصُّورَة الظَّاهِرَة وَلذَا تكَرر مدح حسن الْخلق وذم سوءها فِي الْأَحَادِيث انْتهى قَوْله خلق الْإِسْلَام الْحيَاء أَي الْغَالِب على أهل كل دين سجية سوى الْحيَاء وَالْغَالِب على ديننَا الْحيَاء لِأَنَّهُ متمم لمكارم الْأَخْلَاق الَّتِي بعثت بهَا قَالَه النَّوَوِيّ قَوْله [4183] ان مِمَّا أدْرك النَّاس الخ قَالَ الْكرْمَانِي النَّاس بِالرَّفْع أَي مِمَّا أدْركهُ النَّاس أَو بِالنّصب أَي مِمَّا بلغ النَّاس قَوْله من كَلَام النُّبُوَّة الأولى أَي مِمَّا اتّفق عَلَيْهِ الْأَنْبِيَاء وَلم ينْسَخ فِي شَرِيعَة لِأَنَّهُ أمرا طبقت الْعُقُول على حسنه والشرطية اسْم لِأَن بِتَقْدِير القَوْل أَو خَبره بِتَأْوِيل من للبعضية واصنع أَمر بِمَعْنى الْخَبَر أَو أَمر تهذيد أَي اصْنَع مَا شِئْت فَإِن الله مجزيك أَو مَعْنَاهُ انْظُر الى مَا تُرِيدُ فعله فَإِن كَانَ مِمَّا لَا يستحي مِنْهُ فافعله والا فَدَعْهُ أَو انك إِذا لم تَسْتَحي من الله بِأَن كَانَ ذَلِك مِمَّا يحب ان لَا يستحيي مِنْهُ بِحَسب الدّين فافعله أَو هُوَ لبَيَان فَضِيلَة الْحيَاء يَعْنِي لما لم يجز صنع مَا شِئْت لم يجز ترك الْحيَاء انْتهى وَقَالَ الطَّيِّبِيّ وَقيد النُّبُوَّة بِالْأولَى أشعارا باستحسان اولهم واخرهم واصنع اما بِمَعْنى الْخَبَر أَي إِذا لم يمنعك الْحيَاء فعلت مَا تَدْعُو اليه نَفسك من الْقَبِيح أَو بِمَعْنى ان أَرَادَ ان يعْمل الْخَيْر فيدعه حَيَاء من النَّاس كَأَنَّهُ يخَاف مَذْهَب الرِّيَاء فَلَا يمنعك الْحيَاء من الْمُضِيّ لما أردْت وَهَذَا نَحْو إِذا جَاءَ الشَّيْطَان وَأَنت تصلي فَقَالَ انك ترائي فَرده انْتهى إِذا لم تَسْتَحي فَاصْنَعْ مَا شِئْت يُقَال استحيي يستحي واستحى ويستحى وَالْأول على وَأكْثر أَي إِذا لم تَسْتَحي من الْعَيْب وَلم تخش الْعَار مِمَّا تَفْعَلهُ فافعل مَا تحدثك بِهِ نَفسك من أغراضها حسنا أَو قبيحا فَاصْنَعْ للتهديد وَفِيه اشعار بَان الرادع عَن الْمسَاوِي هُوَ الْحيَاء فإا انخلع عَنهُ كَانَ كالمأمور بارتكاب كل ضَلَالَة انْتهى قَوْله [4184] وَالْبذَاء من الْجفَاء الْبذاء بِالْمدِّ وَفتح الْمُوَحدَة الْفُحْش فِي القَوْل (إنْجَاح) قَوْله [4185] الا شَأْنه أَي عابه من الشين بِالْفَتْح وَهُوَ الْعَيْب أَي لَو قدر أَي كَونه فِي شَيْء مَا حَتَّى الجماد عابه وَجعله قبيحا كَذَا فِي الْمجمع وزانه بِمَعْنى زِينَة أَي جعله متزينا فِي الْقَامُوس زانه وازانه وزينه وازينه فتزين هُوَ انْتهى (إنْجَاح) قَوْله

[4187] وَبَقِي أَو شج العصري واسْمه الْمُنْذر بن العائذ وَمعنى الْأَشَج الْمَجْرُوح الرَّأْس وَالْعصر محركة قَبيلَة انجاح الْحَاجة لمولانا الْمُعظم الشَّيْخ عبد الْغَنِيّ المجددي الدهلوي رَحِمهم الله تَعَالَى قَوْله الْحلم وَهُوَ تَأْخِير مُكَافَأَة الظُّلم ثمَّ يسْتَعْمل فِي الْعَفو عَن الذَّنب والتؤدة المهلة فِي الْقَامُوس فِي مَادَّة وأد والتؤدة بِفَتْح الْهمزَة وسكونها والوئيد والتؤد الرزانة والتأني وَقد اتأد وتؤد انْتهى (إنْجَاح) [4188] حَدثنَا أَبُو جميرة قَالَ النَّوَوِيّ وَأما أَبُو جَمْرَة هَذَا فَهُوَ بِالْجِيم وَالرَّاء اسْمه نصر بن عمرَان بن عِصَام وَقيل بن عِصَام الضبعِي بِضَم الضَّاد الْمُعْجَمَة الْبَصْرِيّ قَالَ صَاحب الْمطَالع لَيْسَ فِي الصَّحِيحَيْنِ والمؤطا أَبُو جَمْرَة وَلَا جَمْرَة بِالْجِيم الا هُوَ قلت وَقد ذكر الْحَاكِم وَأَبُو أَحْمد الْحَافِظ الْكَبِير شيخ الْحَاكِم أبي عبد الله بن كِتَابه الْأَسْمَاء والكنى أَبُو جَمْرَة هَذَا النَّصْر بن عمرَان فِي الافراد فَلَيْسَ عِنْده فِي الْمُحدثين من يكنى أَبُو جَمْرَة بِالْجِيم سواهُ ويروى عَن بن عَبَّاس أَيْضا وَأَبُو حَمْزَة بِالْحَاء والزائ اسْمه عمرَان بن أبي عَطاء القصاب يَبِيع الْقصب الوَاسِطِيّ الثِّقَة روى عَن بن عَبَّاس حَدِيثا وَاحِدًا فِيهِ ذكر مُعَاوِيَة بن سُفْيَان وارسال النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اليه بن عَبَّاس وتأخره واعتذاره رَوَاهُ مُسلم فِي الصَّحِيح انْتهى قَوْله الْحلم وَالْحيَاء لما كَانَ الْحيَاء جالبا للرفق والمهلة اطلق عَلَيْهِمَا إِقَامَة للسبب مقَام الْمُسَبّب (إنْجَاح) قَوْله اطت السَّمَاء الاطيط صَوت الاقتاب وحنين الْإِبِل أَي كَثْرَة ملائكتها قد اثقلتها حَتَّى اطت وَهُوَ مثل وايذان لكثرتها واريد بِهِ تَقْرِير عَظمته تَعَالَى وان لم يكن ثمَّة اطيط قَوْله وَحقّ لَهَا ان تئط بِلَفْظ الْمَجْهُول أَي ينغبي لَهَا ان تصيح من جِهَة ازدحام الْمَلَائِكَة وَمن خشيَة الله تَعَالَى (إنْجَاح) قَوْله على الفرشات جمع فرش بِضَمَّتَيْنِ وَهُوَ جمع فرَاش قَوْله ولخرجتم الى الصعدان جمع صعد وَهُوَ جمع صَعِيد مثل طَرِيق وطرق وطرقات أَي خَرجْتُمْ الى الصَّحَارِي ترفعون اصواتكم اليه تَعَالَى والصعيد التُّرَاب وَوجه الأَرْض (إنْجَاح) قَوْله وَالله لَوَدِدْت اني كنت شَجَرَة تعضد الظَّاهِر ان هَذَا اللَّفْظ مدرج لِأَن التِّرْمِذِيّ قَالَ ويروى من غير هَذَا الْوَجْه ان أَبَا ذَر قَالَ لَوَدِدْت اني كنت شَجَرَة تعضد ويروى عَن أبي ذَر مَوْقُوفا انْتهى كَلَام التِّرْمِذِيّ (إنْجَاح) قَوْله [4192] لم يكن بَين اسلامهم وَبَين ان نزلت الخ ان مَصْدَرِيَّة ويعاتبهم الله جملَة مُعْتَرضَة بَيَان لحالهم وَسبب لنزول الْآيَة أَي لم يكن بَين اسلامهم وَبَين نزُول هَذِه الْآيَة وَكَانَ نُزُولهَا لمعاتبتهم الا أَربع سِنِين والامد محركة الْغَايَة والمنتهى كَذَا فِي الْقَامُوس والانسان امدان مولده وَمَوته أَي ترَاخى عَلَيْهِم زمَان الْمَوْت فوقعوا فِي انهماك لذات الدُّنْيَا وَكَانَت هَذِه الْآيَة سَببا لدُخُول الشَّيْخ نظام الدّين دهلوي فِي طَرِيق الرياضة والتصوف لِأَنَّهُ سمع فِي وَقت السحر من مُؤذن مَنَارَة جَامع الدهلي فرق قلبه ظَهرت عَلَيْهِ الْأَنْوَار واحاطت من كل جَانب فَأصْبح وَتوجه الى شَيْخه الشَّيْخ الفريد وَكَانَ قبل ذَلِك فِي اوان طلب الْعلم طَالبا للْقَضَاء وَطلب الدُّعَاء لهَذَا الْمَقْصد من الشَّيْخ نجيب الدّين المتَوَكل فَأجَاب الشَّيْخ الْمَذْكُور بأنك لَا تصلح للْقَضَاء بل لشَيْء آخر فَوَقع كَمَا قَالَ رَحمَه الله تَعَالَى (إنْجَاح) قَوْله [4195] بل الثرى أَي الأَرْض قَوْله لمثل هَذَا فأعدوا أَي لمثل هَذَا الْقَبْر فأعدوا لما ثَبت فِي رِوَايَة انابيت الغربة وانا بَيت التُّرَاب (إنْجَاح) قَوْله [4196] فَإِن لم تبكوا فتباكوا أَي تكلفوا الْبكاء لتذكر الْآخِرَة فَإِنَّهُ من تشبه بِقوم فَهُوَ مِنْهُم (إنْجَاح) قَوْله [4197] من حر وَجهه بِضَم الْحَاء وَشد الرَّاء الْمُهْمَلَتَيْنِ مَا اقبل عَلَيْك وبدا لَك مِنْهُ كَذَا فِي الْقَامُوس (إنْجَاح) قَوْله [4199] أَبُو عبد رب قَالَ فِي التَّقْرِيب دمشقي زاهد وَيُقَال أَبُو عبد ربه أَو عبد رب الْعِزَّة قيل اسْمه عبد الْجَبَّار وَقيل عبد الرَّحْمَن وَقيل قسطنطين وَقيل فلسطين وَهُوَ غلط مَقْبُول من الثَّالِثَة مَاتَ سنة اثْنَي عشرَة انْتهى قَوْله إِذا طَابَ اسفله طَابَ أَعْلَاهُ إِشَارَة الى مَا قيل كل اناء يرشح بِمَا فِيهِ وَالظَّاهِر عنوان الْبَاطِن لِأَن الْمرَائِي وان عمل عملا صَالحا لَكِن بِفساد طويته لَا يخفى على النَّاظر المتأمل قَالَ تَعَالَى لَو نشَاء لَأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتهمْ بِسِيمَاهُمْ ولتعرفنهم فِي لحن القَوْل وَالله يعلم أَعمالكُم (إنْجَاح) قَوْله

[4200] قَالَ الله عز وَجل هَذَا عَبدِي وَحقا وَهَذَا اعْدِلْ الْأَشْيَاء فِي الْعَارِف قَالَ أَحْمد بن الْحوَاري لأبي سُلَيْمَان الدَّارَانِي صليت فِي الْخلْوَة فاستلذذت بهَا لِأَنَّهُ لم يطلع عَلَيْهَا أحد فَقَالَ أَبُو سُلَيْمَان انك لضعيف حَيْثُ خطر ببالك غَيره وَلذَا قَالُوا ترك الْعَمَل للنَّاس رِيَاء وَفعله شرك فَيَنْبَغِي للعارف ان يكون الْإِنْسَان والجدار عِنْده سَوَاء وَهَذَا أكمل الْأَحْوَال واما الْمُبْتَدِئ فكتمان الْعِبَادَات لَهُ مصلحَة لِأَنَّهُ لم يتهذب لَهُ نَفسه وَلذَا أَشَارَ اليه أَبُو سُلَيْمَان بأنك ضَعِيف (إنْجَاح) [4201] قاربوا أَي اطْلُبُوا قربَة الله وطاعته بِقدر مَا تطيقونه وَقَالَ السَّيِّد أَي حَافظُوا الْقَصْد فِي الْأُمُور بِلَا غلو وَلَا تَقْصِير وَقيل تقربُوا الى الله بِكَثْرَة القربات وَقَالَ الْكرْمَانِي وَقيل أَي لَا تبلغوا النِّهَايَة باستيعاب الْأَوْقَات كلهَا بل اغتنموا أَوْقَات نشاطكم وَهُوَ أول النَّهَار وَآخره وَبَعض اللَّيْل وارحموا أَنفسكُم فِيمَا بَينهَا كَيْلا يَنْقَطِع بكم انْتهى وَقَوله سددوا أَي اطْلُبُوا بأعمالكم السداد أَي الصَّوَاب بَين الإفراط والتفريط وَكَأَنَّهُ تَأْكِيد لقاربوا (فَخر) قَوْله [4202] انا اغنى الشُّرَكَاء عَن الشّرك اسْم التَّفْضِيل مُجَرّد عَن الزِّيَادَة وَالْمرَاد بالشرك الشَّرِيك أَي انا غَنِي من الْمُشَاركَة فَمن عمل شَيْئا لي ولغيري لم اقبله طيبي قَوْله [4205] وَلَكِن اعمالا لغير الله وشهوة خُفْيَة قَالَ عبد الْغفار الْفَارِسِي فِي مجمع الغرائب قيل هُوَ شَهْوَة النِّسَاء قَالَ أَبُو عبيد هُوَ عِنْدِي لَيْسَ بمخصوص وَلكنه فِي كل الْمعاصِي يضمرها الْمَرْء ويصبر عَلَيْهِ وَقيل هُوَ ان يرى جَارِيَة حسناء فيغض طرفه ثمَّ ينظر إِلَيْهَا بِقَلْبِه كَمَا ينظر بِعَيْنِه وَقيل هُوَ ان ينظر الى ذَات محرم حسناء وَذكر الْأَزْهَرِي وَجها آخر لطيفا وَهُوَ انه نصب الشهورة على انه مفعول مَعَه كَأَنَّهُ قَالَ اخوف مَا أَخَاف على أمتِي الرِّيَاء مَعَ الشَّهْوَة الْخفية وَمعنى ذَلِك انه يرى النَّاس انه تَارِك للمعاصي والشهوة ويخفي الشَّهْوَة لَهَا فِي قلبه فَإِذا خلا بِنَفسِهِ عَملهَا فِي خُفْيَة انْتهى وَقَالَ بن الْجَوْزِيّ فِي غَرِيب الحَدِيث الرِّيَاء مَا كَانَ ظَاهرا والشهوة الْخفية اطلَاع النَّاس على الْعَمَل وَلم يحك خِلَافه قلت وَهُوَ تَفْسِير حسن الا انه ورد فِي بعض طرف الحَدِيث التَّفْسِير بِغَيْر ذَلِك فَفِي مُسْند أَحْمد ونوادر الْأُصُول والمستدرك زِيَادَة قيل وَمَا الشَّهْوَة الْخفية قَالَ يصبح العَبْد صَائِما فَيعرض لَهُ شَهْوَة من شهواته فيواقعها ويدع صَوْمه وحيثما ورد التَّفْسِير فِي تَتِمَّة الحَدِيث من قَول رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَا يعدل عَنْهَا الى غَيره مِصْبَاح الزجاجة للسيوطي قَوْله [4206] من يسمع يسمع الله بِهِ كِلَاهُمَا من بَاب التفعيل أَي من فعل فعلا أَرَادَ بِهِ التسميع للنَّاس والتشهير وازال الخمول بتشهير الذّكر شهر الله عيوبه يومالقايمة وفضحه وَقيل يظْهر سَرِيرَته لللناس فِي الدُّنْيَا أَي الْأَعْمَال الَّتِي يخفيها أَو نِيَّته الْفَاسِدَة وَيظْهر للنَّاس ان عمله لم يكن خَالِصا وَقيل يشهر الله تَعَالَى ذكره فِي الدُّنْيَا جَزَاء لَهُ ثمَّ يَأْخُذهُ عَلَيْهِ وَفِي الْآخِرَة قَالَ جلّ ذكره من كَانَ يُرِيد حرث الْآخِرَة نزد لَهُ فِي حرثه وَمن كَانَ يُرِيد حرث الدُّنْيَا نؤته مِنْهَا وَمَاله فِي الْآخِرَة من نصيب وَيدل عَلَيْهِ حَدِيث مُسلم عَن بِي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ان أول النَّاس يقْضِي عَلَيْهِ يَوْم الْقِيَامَة ثمَّ ذكر الحَدِيث بِطُولِهِ وَفِيه قَالَ كذبت وَلَكِن تعلمت علما ليقال عَالم أَو قَرَأت الْقُرْآن ليقال هُوَ قَارِئ فقد قيل لَك عَالم قَارِئ فَمَا لَك عندنَا أجر (إنْجَاح) قَوْله

[4208] لَا حسد الا فِي اثْنَتَيْنِ المُرَاد بِهِ الْغِبْطَة لِأَن الْحَسَد لَا يجوز فِي شَيْء وَالْمعْنَى ان الاليق بالغبطة على وَجه الْكَمَال هَذَانِ الشيئان والا فَكل خير يغبط عَلَيْهِ (إنْجَاح) قَوْله لَا حسد الا فِي اثْنَتَيْنِ قَالَ فِي النِّهَايَة الْحَسَد تمني نعْمَة غَيره بزوالها عَنهُ وَالْغِبْطَة تمنى مثلهَا بِدُونِ زَوَال يَعْنِي لَيْسَ حسد لَا يضر الا فِي اثْنَتَيْنِ انْتهى وَقَالَ الطَّيِّبِيّ لَا حسد الى لَا غِبْطَة وَقيل هُوَ مُبَالغَة فِي تحميل الصفتين وَلَو بحسد وَفِي هَلَكته تَنْبِيه على انه لَا يبْقى شَيْئا من المَال وَفِي الْحق دفع المسرف وَفِي اثْنَتَيْنِ أَي خَصْلَتَيْنِ خصْلَة رجل وروى فِي اثنينن فَرجل بدل بِلَا حذف أَي لَا يَنْبَغِي ان يتَمَنَّى كَونه كذى نعْمَة الا ان تكون تِلْكَ النِّعْمَة مقربة الى الله انْتهى وَقَالَ الْكرْمَانِي فَإِن قيل كل خير يتَمَنَّى فَمَا وَجه الْحصْر أُجِيب بِأَنَّهُ غير مُرَاد بل مُقَابلَة مَا فِي الطبائع بضده فَإِنَّهَا تحسد على جمع المَال وتذم ببذله فَقَالَ لَا حسد الا فِيمَا تذمون والمناسبة بَين الخصلتين انهما تزيدان بلااتفاق وَالْمرَاد الْغِبْطَة أَو مَعْنَاهُ لَا حسد الا فيهمَا وَمَا فيهمَا لَيْسَ بحسد فَلَا حسد أَو هُوَ مَخْصُوص من الْحَسَد الْمنْهِي كإباحة نوع من الْكَذِب ورد بِأَنَّهُ يلْزم مِنْهُ إِبَاحَة تمني زَوَال نعْمَة مُسلم قَائِم بِحَق النعم انْتهى [4216] كل مخموم الْقلب فِي الْقَامُوس المخموم الْقلب الْخَاء المعجة النفية من الغل والحسد وخم الْبَيْت والبير كنسهما والخمامة بِالضَّمِّ الكناسة انْتهى (إنْجَاح) قَوْله [4218] لَا عقل كالتدبير فِي معاشه ومعاده بالاقتصاد فِي الْعَمَل وَحسن الصَّحَابَة مَعَ النَّاس قَالَ فِي الْقَامُوس التَّدْبِير النّظر فِي عَاقِبَة الْأَمر انْتهى (إنْجَاح) قَوْله وَلَا ورع كَالْكَفِّ الْوَرع أَصله الْكَفّ عَن الْمَحَارِم ورع يرع بِكَسْر عينهما ورعا ورعة ثمَّ استعير للكف عَن الْمُبَاح والحلال فَإِن قلت فَحِينَئِذٍ اتَّحد الْمسند والمسند اليه قلت المُرَاد بِهِ كف الْأَذَى أَو كف اللِّسَان أَي لَا ورع كَالْكَفِّ عَن أَذَى الْمُسلمين (فَخر) قَوْله وَلَا ورع كَالْكَفِّ أَي عَن الْمَحَارِم والمشتبهات كَمَا قَالَ من حام حول الْحمى يُوشك ان يرتع فِيهِ وَلِهَذَا قَالُوا ان التَّخْلِيَة مقدمعلى التجلية فاللازم على الْإِنْسَان ان يخلي قلبه وباطنه ويكفه عَن الرزائل ثمَّ يجليه بالعبادات فَإِن التَّخْلِيَة كالصيقل (إنْجَاح) قَوْله وَلَا حسب كحسن الْخلق أَي فِي الْحَقِيقَة وَلَا فَعِنْدَ النَّاس هُوَ المَال كَمَا سَيَأْتِي فِي الحَدِيث الَّاتِي (إنْجَاح) قَوْله [4219] الْحسب المَال وَالْكَرم التَّقْوَى قَالَ فِي النِّهَايَة الْحسب فِي الأَصْل الشّرف بالإباء وَمَا يعده الْمَرْء من مفاخرهم وَقيل الْحسب وَالْكَرم يكونَانِ فِي الرجل وان لم يكن لَهُ اباء لَهُم شرف وَالْمجد والشرف لَا يكونَانِ الا بِالْآبَاءِ فَجعل المَال كشرف النَّفس أَو الإباء يَعْنِي ان الْفَقِير ذُو الْحسب لَا يوقر والغنى الَّذِي لَا حسب لَهُ يوقر وَيحل فِي الْعُيُون انْتهى وَقَالَ الطَّيِّبِيّ الْحسب مَا يعد من مآثره ومآثر ابائه وَالْكَرم الْجمع بَين أَنْوَاع الْخَيْر والشرف والفضائل وَهَذَا لُغَة فردهما صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الى مَا هُوَ الْمُتَعَارف والى مَا عِنْد الله فالحسيب عِنْدهم من رزق الثروة وَبِه يوقرون وَالْكَرم عِنْد الله المتقي انْتهى قَوْله [4220] وَمن يتق الله الخ لِأَن التَّقْوَى يزِيد الرزق واطمينان الْقلب كَمَا قَالَ نعم الزَّاد التَّقْوَى (إنْجَاح) قَوْله [4221] والنباوة من الطَّائِف قَالَ فِي الْقَامُوس فِي مَادَّة ن ب ووالنباوة بنُون فباء مُوَحدَة مفتوحتين مَا ارْتَفع من الأَرْض كالنبوة وَالنَّبِيّ وَمَوْضِع بِالطَّائِف انْتهى (إنْجَاح) قَوْله أَنْتُم شُهَدَاء الله المُرَاد ان الْمُؤمنِينَ الصَّالِحين الَّذين هم أهل الشَّهَادَة إِذا اثنوا على رجل خيرا يجب لَهُ الْجنَّة وَكَذَلِكَ بِالْعَكْسِ كَمَا فِي رِوَايَة الشَّيْخَيْنِ عَن أنس رض قَالَ مر بِجنَازَة فَأَثْنوا عَلَيْهَا خيرا فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَبت ثمَّ مروا بِأُخْرَى فَأَثْنوا عَلَيْهَا شرا فَقَالَ وَجَبت فَقَالَ عمر رض مَا وَجَبت فَقَالَ هَذَا اثنتيم عَلَيْهِ خيرا فَوَجَبت لَهُ الْجنَّة وَهَذَا اثنيتم عَلَيْهِ شرا فَوَجَبت لَهُ النَّار وَلَا يُقَال ان المُرَاد بِهَذَا الْخطاب الصَّحَابَة لِأَنَّهُ ورد فِي الرِّوَايَة الصَّحِيحَة الْمُؤْمِنُونَ شُهَدَاء الله فِي الأَرْض فَمَا ذكر أهل الْكَلَام انه لَا يقطع لأحد بِالْجنَّةِ وَالنَّار فَمَحْمُول على التأدب وَلذَا زجر النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أم لعلاء الْأَنْصَارِيَّة حِين شهِدت بعثمان بن مَظْعُون بالكرامة فَعلم مِنْهُ ان أَئِمَّة الدّين والأولياء المشهودين الَّذين اتّفقت الْأمة على خيريتهم يسْتَدلّ عَلَيْهِم وبالجنة وَإِنَّمَا نهينَا عَن الْقطع بالْقَوْل تأدبا بأداب الشَّرِيعَة وَعدم الجسارة على علم الله تَعَالَى (إنْجَاح) قَوْله [4225] الرجل يعْمل الْعَمَل لله أَي مَا حَال من يعْمل لله لَا للنَّاس فيحبونه ويمدحونه قَالَ ذَلِك عَاجل بشري الْمُؤمن يَعْنِي لَيْسَ مرائيا فِي عمله لَكِن يُعْطِيهِ الله تَعَالَى ثوابين ثَوَاب فِي الدُّنْيَا بِحَمْد النَّاس وَفِي الْآخِرَة بِمَا أعد لَهُ وَفِي الْحَاشِيَة وَفِيه دَلِيل قبُول ذَلِك الْعَمَل لِأَن الْبشَارَة لَا يكون الا للمقبول (فَخر) قَوْله

باب الأمل والاجل الأمل كحيل ولحم وشبر الرجاء والمراد هنا طول الأمل

[4226] فَيُعْجِبنِي بِأَن يلقِي الله تَعَالَى الْحبّ فِي قلب الْمُؤمن فيثني عَليّ فَأَكُون من أَهله فَلَيْسَ المُرَاد التَّعَجُّب بِالنَّفسِ فَإِنَّهُ يبطل الْعَمَل لِأَن أدنى الرِّيَاء شرك وَهَذَا بِغَيْر الْقَصْد إنْجَاح الْحَاجة لمولانا الْمُعظم الشَّيْخ عبد الْغَنِيّ المجددي الدهلوي [4228] فَهُوَ يخبط فِي مَاله أَي يتَصَرَّف فِيهِ بالإلحاظ الْمصرف الْحسن أَو الْقَبِيح والخبط فعل الشيءعلى غير نظام وَكَذَا فِي القَوْل وَقَوله فهما فِي الْوزر سَوَاء لِأَن الوسوة معفوة والهم لَيْسَ بمعفو لِأَن الأول لَيْسَ دَفعه فِي وسع الْإِنْسَان وَالثَّانِي فِيهِ الْعَزْم على السوء بِحَيْثُ لَو وجد ذَلِك لم يتْركهُ الْبَتَّةَ وَمَعَ ذَلِك لَو ترك خوفًا من الله تَعَالَى كتبت لَهُ حَسَنَة وَاحِدَة كَمَا جَاءَ فِي الحَدِيث إنْجَاح فهما فِي الْوزر سَوَاء قَالَ بن الْملك هَذَا الحَدِيث لَا يُنَافِي الخب ران الله تَعَالَى تجَاوز عَن أمتِي مَا وسوست بِهِ صدروها مَا لم يعْمل بِهِ لِأَنَّهُ عمل بالقولي اللساني والمتجاوز هُوَ القَوْل النفساني انْتهى وَالْمُعْتَمد مَا قَالَه الْعلمَاء الْمُحَقِّقُونَ ان هَذَا إِذا لم يؤطن نَفسه فَإِن عزم وَاسْتقر يكْتب مَعْصِيَته وَلَو لم يعْمل وَلم يتَكَلَّم (مرقاة) قَوْله [4229] انما يبْعَث النَّاس على نياتهم الْغَرَض ان من كره شَيْئا بِالْقَلْبِ وَلم يظهره بِسَبَب الْخَوْف وَالْمَانِع الشَّرْعِيّ يبْعَث بِحَسب نِيَّته مَعَ الصَّالِحين وَكَذَا بِالْعَكْسِ لَكِن المداهن فَاسد النِّيَّة أَيْضا لِأَن كل اناء يترشح بِمَا فِيهِ فَلَو كَانَت نِيَّته صَالِحَة لم يخالطهم ابدا لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ مَانع شَرْعِي فِي تَركه والا فينسد بَاب الْأَمر بِالْمَعْرُوفِ (إنْجَاح) قَوْله بَاب الأمل والاجل الأمل كحيل وَلحم وشبر الرَّجَاء وَالْمرَاد هُنَا طول الأمل وَقَوله تنهسه بِالسِّين الْمُهْملَة وَقيل بِالْمُعْجَمَةِ أَي تصيبه وتعضه (إنْجَاح) قَوْله [4231] تنهسه قَالَ فِي اللمعات وَعبر عَن عرُوض الافة بالنهس وَهُوَ لدغ ذَات السم مُبَالغَة فِي الْإِصَابَة وَتَأمل الْإِنْسَان بهَا وَاكْتفى بِذكر الاعراض والافات لِأَن الْغَالِب موت الْإِنْسَان بالامراض وان تجَاوز عَنهُ هَذِه الافات وَلم يمت بِالْمَوْتِ الا مراضي فَلَا بُد ان يَمُوت بِالْمَوْتِ الطبيعي وَقَالُوا الأمل مَذْمُوم الا للْعُلَمَاء فَإِنَّهُ لَوْلَا املهم وَطوله لما صنفوا واجتهدوا فِي تَحْصِيل الْكتب وَنَحْوه وَلَا حَاجَة الى هَذَا الِاسْتِثْنَاء لِأَن المذموم طول الأمل على سَبِيل الْجَزْم واما بطرِيق الظَّن فَلَا انْتهى مُخْتَصرا قَوْله [4233] قلب الشَّيْخ شَاب الخ قَالَ النَّوَوِيّ هَذَا مجَاز واستعارة وَمَعْنَاهُ ان قلب الشَّيْخ كَامِل الْحبّ لِلْمَالِ محبتكم فِي ذَلِك كاحتكام قُوَّة الشَّاب فِي شبابه هَذَا صَوَابه وَقيل تَفْسِيره غير هَذَا مِمَّا لَا يرتضي وَقَوله وتشب فِي الحَدِيث الَّاتِي بِفَتْح التَّاء وَكسر شين وَهُوَ بِمَعْنى قلب الشَّيْخ شَاب على حب اثْنَتَيْنِ انْتهى قَوْله [4235] لَو ان لِابْنِ ادم واديين لاخ قَالَ النَّوَوِيّ فِي ذمّ الْحِرْص على الدُّنْيَا وَحب المكاثرة بهَا وَالرَّغْبَة فِيهَا وَمعنى لَا يمْلَأ جَوْفه الا التُّرَاب انه لَا يزَال حرصا على الدُّنْيَا حَتَّى يَمُوت ويمتلئ جَوْفه من تُرَاب قَبره وَهَذَا الحَدِيث خرج على حكم غَالب بني ادم فِي الْحِرْص على الدُّنْيَا وَيُؤَيِّدهُ قَوْله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَتُوب الله على من تَابَ وَهُوَ مُتَعَلق بِمَا قبله وَمَعْنَاهُ ان الله يقبل التَّوْبَة من الْحِرْص المذموم وَغَيره من المذمومات انْتهى قَوْله وَلَا يمْلَأ نَفسه الا التُّرَاب قَالَ الْكرْمَانِي أَي لَا يزَال حَرِيصًا على الدُّنْيَا حَتَّى يَمُوت ويمتلئ جَوْفه من تُرَاب قَبره انْتهى وَقَالَ الطَّيِّبِيّ يَعْنِي انهم مجبولون على حب المَال لَا يشْبع مِنْهُ الا من عصمه الله بِتَوْفِيق التَّوْبَة عَن هَذِه الجبلة يُرِيد ان إِزَالَته مُمكن بتوفيقه قَوْله وَيَتُوب الله على من تَابَ أَي يوفقه للتَّوْبَة أَو يرجع عَلَيْهِ من التَّشْدِيد الى التَّخْفِيف أَو يرجع عَلَيْهِ بقوله أَي من تَابَ من الْحِرْص المذموم وَغَيره من المذمومات انْتهى قَوْله وَلَا يمْلَأ نَفسه الا التُّرَاب أَي الْقَبْر فَإِنَّهُ هَادِم لجَمِيع الْأَمَانِي والاغراض وَهَذَا الحَدِيث خرج على حكم غَالب بني ادم فِي الْحِرْص على الدُّنْيَا وَيُؤَيِّدهُ قَوْله وَيَتُوب الله على من تَابَ (إنْجَاح الْحَاجة) قَوْله [4237] يَدُوم عَلَيْهِ صَاحبه قَالَ الْكرْمَانِي الدَّائِم ان يَأْتِي كل يَوْم أَو كل شهر بِحَسب مَا يُسمى دواما عرفا لَا شُمُول الازمان فبالدوام رُبمَا يَنْمُو الْقَلِيل حَتَّى يزِيد على الْكثير الْمُنْقَطع اضعافا كَثِيرَة انْتهى قَوْله

باب ذكر التوبة قال النووي أصل التوبة في اللغة الرجوع يقال تاب وثاب

[4239] كأنا رأى الْعين ينصب رأى الْعين أَي كَانَا نرى الله وَالْجنَّة وَالنَّار رأى الْعين مفعول مُطلق بإضمار نرى وَفِي نُسْخَة بِالرَّفْع أَي كَانَا راؤن الْعين على انه مصدر بِمَعْنى اسْم الْفَاعِل وَيصِح كَون الْمصدر خَبرا بالمبالغة كزيد عدل انجاح الْحَاجة لمولانا الْمُعظم الشَّيْخ عبد الْغَنِيّ المجددي الدهلوي قَوْله فَأَفَقْت وَفِي النِّهَايَة أَرَادَ انه إِذا كَانَ عِنْده صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اخلص وزهد فِي الدُّنْيَا وَإِذا خرج عَنهُ كَانَ بِخِلَافِهِ فَكَأَنَّهُ نوع من الظَّاهِر وَالْبَاطِن مَا كَانَ يرضى ان يسامح بِهِ نَفسه انْتهى وَكَذَلِكَ كَانَ الصَّحَابَة رض كَانُوا يواخذون بِأَقَلّ الْأَشْيَاء وَقَالَ النَّوَوِيّ وَخَافَ النِّفَاق حَيْثُ عدم خَشيته يجدهَا فِي مجْلِس الْوَعْظ واشتغل بِأُمُور معاشه عِنْد غيبته عَنهُ فأعلمهم النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انهم لَا يكلفون الدَّوَام عَلَيْهِ بل سَاعَة سَاعَة انْتهى يَا حَنْظَلَة سَاعَة وَسَاعَة لفظ المصابيح سَاعَة فساعة بِالْفَاءِ قَالَ التوربشتي سَاعَة فِي الْحُضُور تؤدون حُقُوق ربكُم وَسَاعَة فِي الْغَيْبَة فتقضون حُقُوق أَنفسكُم فَأدْخل فَاء التعقيب فِي الثَّانِيَة تنبها على ان إِحْدَى الساعيتن معقبة بِالْأُخْرَى وان الْإِنْسَان لَا يصبر الى الْحق الصّرْف وَالْجد الْمَحْض قلت وَلذَلِك أنْكرت الصُّوفِيَّة الْمُتَقَدّمَة الْحُضُور الدائمي بل قَالُوا التجلي كالبرق لَا يَدُوم وَخَالفهُم فِي ذَلِك الامام الرباني المجدد للألف الثَّانِي رَحْمَة الله تَعَالَى واثبت التجلي الدائمي وَادّعى قبله سُلْطَان الطَّرِيقَة شيخ أَبُو سعيد أَبُو الْخَيْر رَحمَه الله تَعَالَى حِين سَأَلَهُ شَيْخه الشَّيْخ أَبَا الْفضل السَّرخسِيّ فَقَالَ أَيهَا الشَّيْخ ايكون هَذَا الحَدِيث دَائِما فَقَالَ الشَّيْخ لَا ثمَّ سَأَلَ بعد سَاعَة أَيهَا الشَّيْخ ايكون هَذَا نَائِما فَقَالَ الشَّيْخ لاثم سكت سَاعَة فَسَأَلَ بعد ذَلِك فَقَالَ لَو كَانَ كَانَ نَادرا ففرح الشَّيْخ أَبُو سعيد ورقص وَقَالَ هَذَا من النَّوَادِر اما الشَّيْخ المجدد جمع إثْبَاته التجلي الدائمي لَا يَقُول بِإِثْبَات الْحَالة الْوَاحِدَة فِي كل الْأَوْقَات بل يفضل بعض الْأَوْقَات على الْبَعْض وَيحمل مَا روى عَن النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لي مَعَ الله وَقت لَا يسعني فِيهِ ملك مقرب وَالنَّبِيّ مُرْسل على حَالَة الصَّلَاة وَيَقُول الصَّلَاة هِيَ مِعْرَاج الْمُؤمن وحالتها أَعلَى الْحَالَات ومرتبتها أفضل الْمَرَاتِب والمقامات وَلذَا ورد ارحني يَا بِلَال رض وَكَانَ لَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ازيز كأزيز الْمرجل فِي الصَّلَاة وَقَالَ بَعضهم لي مَعَ الله وَقت أَي دَائِم وَلَكِن لَا يساعده هَذَا الحَدِيث وَلَا لفظ وَقت لَا يسعني أنجاح قَوْله سَاعَة وَسَاعَة قَالَ الْحَكِيم فِي نوادره أَي سَاعَة الذّكر وَسَاعَة للنَّفس وَجوز أَبُو الْبَقَاء فِيهَا الرّفْع وَالنّصب بِفعل مُقَدّر أَي نذْكر سَاعَة وتلهو سَاعَة (زجاجة) قَوْله [4240] اكلفوا بِفَتْح اللَّام يُقَال كلفته بِهَذَا الْأَمر اكلف بِهِ إِذا ولعت بِهِ واحببته (زجاجة) قَوْله [4241] عَلَيْكُم بِالْقَصْدِ هُوَ الْوسط المعتدل الَّذِي لَا يمِيل الى أحد طرفِي التَّفْرِيط والإفراط قَوْله فَإِن الله لَا يمل حَتَّى تملوا قَالَ فِي النِّهَايَة مَعْنَاهُ لَا يمل ابدا مللتم أَو لم تملوا فَجرى مجْرى قَوْلهم حَتَّى يشيب الْغُرَاب ويبيض الفار وَقيل مَعْنَاهُ ان الله لَا يطرحكم حَتَّى تتركوا الْعَمَل وتزهد وافي الرَّغْبَة اليه فَسمى الْفِعْلَيْنِ ملالا وليسابه وَقيل مَعْنَاهُ ان الله لَا يقطع عَنْكُم فَضله حَتَّى تملوا سُؤَاله فَسمى فعل الله ملالا على طَرِيق الازدواج فِي الْكَلَام وَهَذَا بَاب وَاسع فِي الْعَرَبيَّة كثير فِي الْقُرْآن انْتهى وَقَالَ الْكرْمَانِي بهما بِفَتْح مِيم والملالي ترك شَيْء استثقالا لَهُ بعد حرص فَلَا يَصح فِي حَقه الا مجَازًا أَي لَا يقطع ثَوَابه حَتَّى تقطعوا الْعَمَل ملالا وسامة من كثرته أَي اعْمَلُوا حسب وسعكم فَإِنَّكُم إِذا اتيتم بِهِ على فتور يُعَامل بكم مُعَاملَة الملول انْتهى وَقَالَ الطَّيِّبِيّ أَي حَتَّى تبعدوه على فتور فاعبدوا مَا بَقِي لكم نشاطكم فَإِذا افترتم فاقعدوا انْتهى وَقَالَ النَّوَوِيّ وَقيل حَتَّى بِمَعْنى إِذا وَفِيه ان الدَّوَام على قَلِيل ينشط اصلح من كثير لَا ينشط ويفضي الى ترك كُله أَو بعضه لقَوْله فَمَا رعوها حق رعايتها انْتهى قَالَ الْكرْمَانِي وَقيل هُوَ بِمَعْنى الْقبُول أَي لَا يقبل مَا صدر على الملال انْتهى قَوْله [4242] وَمن أَسَاءَ اخذ بِالْأولِ وَالْآخر أَي أَسَاءَ فِي نفس الْإِسْلَام بِأَن اسْلَمْ ظَاهرا وَلم ينْقد بَاطِنا على وَجه الْكَمَال وَلَيْسَ المُرَاد مِنْهُ من امن بِقَلْبِه وَصدق بِمَا جَاءَ من عِنْد الله ثمَّ اذنب واساء يوخذ بِعَمَل الْجَاهِلِيَّة لِأَن الْإِسْلَام يهدم مَا كَانَ قبله وَهُوَ أَيْضا خلاف الْإِجْمَاع (إنْجَاح) قَوْله [4245] صفهم لنا جلهم أَي بَين شمائلهم لنا من التجلية وَهُوَ الْكَشْف والإيضاح إنْجَاح الْحَاجة قَوْله بَاب ذكر التَّوْبَة قَالَ النَّوَوِيّ أصل التَّوْبَة فِي اللُّغَة الرُّجُوع يُقَال تَابَ وثاب بِالْمُثَلثَةِ واب بِمَعْنى رَجَعَ وَالْمرَاد بِالتَّوْبَةِ هَهُنَا الرُّجُوع عَن الذَّنب وَالتَّوْبَة ثَلَاثَة أَرْكَان الاقلاع والندم على فعل تِلْكَ الْمعْصِيَة والعزم على ان لَا يعود إِلَيْهَا ابدا فَإِن كَانَت الْمعْصِيَة بِحَق ادمي فلهَا ركن رَابِع وَهُوَ التَّحَلُّل من صَاحب ذَلِك الْحق واصلها النَّدَم وَهُوَ ركنها الْأَعْظَم وَاتَّفَقُوا على ان التَّوْبَة من جَمِيع الْمعاصِي وَاجِبَة وانها وَاجِبَة على الْفَوْر لَا يجوز تَأْخِيرهَا سَوَاء كَانَت الْمعْصِيَة صَغِيرَة أَو كَبِيرَة وَالتَّوْبَة من مهمات الْإِسْلَام وقواعده المتأكدة ووجوبها عِنْد أهل السّنة بِالشَّرْعِ وَعند الْمُعْتَزلَة بِالْعقلِ وَلَا يجب على الله قبُولهَا إِذا وجدت بشروطها عقلا عِنْد أهل السّنة لكنه سُبْحَانَهُ يقبلهَا كرما وفضلا وعرفنا قبُولهَا بِالشَّرْعِ وَالْإِجْمَاع خلافًا لَهُم هَذَا مَذْهَب أهل السّنة فِي المسئلتين وخالفت الْمُعْتَزلَة فيهمَا انْتهى قَوْله

[4248] لتاب عَلَيْكُم بِعَين الْعِنَايَة وَيرجع بالمغفرة وَدفع الذُّنُوب من العَبْد المذنب حِين رَجَعَ بالتذلل والانكسار بِحَضْرَتِهِ إنْجَاح الْحَاجة [4253] مَا لم يُغَرْغر أَي مَا لم يبلغ روحه الى الْحُلْقُوم وَظَاهره الْإِطْلَاق وَقَيده بعض الْحَنَفِيَّة بالكفار ذكره الْقَارِي وَلَيْسَ هَذَا التَّقْيِيد بسديد لن التَّخْصِيص لَا بُد لَهُ من دَلِيل (إنْجَاح) قَوْله [4255] ثمَّ ذروني فِي الرّيح قَالَ الْكرْمَانِي بِضَم ذال من الذَّر التَّفْرِيق وَبِفَتْحِهَا من التذرية وروى فاذروه فِي اليم بوصل الْهمزَة وَقيل بقطعها من اذريته رمية وَالْأول أليق بالرياح وَقَوله لَئِن قدره بِالتَّخْفِيفِ لِلْجُمْهُورِ معنى ضيق وبالتشديد لبَعض بِمَعْنى قدر على الْعَذَاب انْتهى قَالَ النَّوَوِيّ قدر بِالتَّخْفِيفِ وَالتَّشْدِيد أَي قَضَاهُ وَلَيْسَ هُوَ شكا من الْقدر ليَكُون شكا فِي الْقُدْرَة والا كفر فَلَا يغْفر وَقيل قَالَه وَهُوَ مغلوب على عقله بالخوف والدهش أَو هُوَ بِالشَّكِّ جهل صفة الله بِالْقُدْرَةِ وَالْجَاهِل لَا يكفر بل الجاحد على الْأَصَح انْتهى أَو كَانَ فِي شعرهم جَوَاز غفران الْكفْر وَقَالَ الطَّيِّبِيّ أَو بِمَعْنى ضيق وناقشه فِي الْحساب أَو ان الْجَاهِل بِالصِّفَاتِ غذره الْبَعْض فَإِن الْعَارِف بهَا قَلِيل وَلذَا قَالَ الحواريون خلص أَصْحَاب عِيسَى هَل يَسْتَطِيع رَبك ان ينزل أَو من زمَان الفترة حِين ينفع مُجَرّد التَّوْجِيه انْتهى قَوْله فوَاللَّه لَئِن قدر عَليّ رَبِّي أَي ضيق من قَوْله تَعَالَى وَالله يبسط الرزق لمن يَشَاء وَيقدر قَالَ القَاضِي عِيَاض روايتنا فِيهِ عَن الْجُمْهُور بِالتَّخْفِيفِ وَقيل فِي تَأْوِيله هَذَا الرجل مُؤمن وَلَكِن جهل صفة من صِفَات الربوبية وَقد اخْتلف المتكلمون فِي جَاهِل صفة هَل هُوَ كَافِر أم لَا وَقيل هَذَا من مجَاز الْكَلَام الْمُسَمّى بتجاهل الْعَارِف أَو يمزج الشَّك بِالْيَقِينِ كَقَوْلِه تَعَالَى انا وَإِيَّاكُم لعَلي هدى أَو فِي ضلال مُبين كَذَا فِي اللمعات قلت اجْتمع فِيهِ اشيءا شدَّة الْخَوْف والهيبة وَعدم علمه بِصِفَات ربه عز وَجل وذهوله فِي السكرات عَن حَالَة الصِّحَّة وظنه بِعَدَمِ الضَّرُورَة على الله تَعَالَى لِاجْتِمَاع اجزائه وكل ذَلِك من حمقه وبلاهته وَورد أَكثر أهل الْجنَّة البله فَتَجَاوز الله عَن سيئاته (إنْجَاح) قَوْله [4257] يَا عبَادي كلكُمْ الخ قَالَ الطَّيِّبِيّ خطاب مَعَ الثقلَيْن خَاصَّة لاخْتِصَاص التَّكْلِيف وتعاقب التَّقْوَى والفجور بهم وَلذَا فصل المخاطبين بالانس وَالْجِنّ كَمَا فِي رِوَايَة وَيحْتَمل كَونه عَاما لِذَوي الْعلم من الْمَلَائِكَة والثقلين وَيكون ذكر الْمَلَائِكَة مطويا فِي جنكم لشمُول الإجتنان لَهُم وَلَا يَقْتَضِي صُدُور الْفُجُور عَنْهُم وَلَا إِمْكَانه لِأَنَّهُ كَلَام على الْفَرْض أَقُول يُمكن كَون الْخطاب عَاما وَلَا يدْخل الْمَلَائِكَة فِي الْجِنّ لِأَن الْإِضَافَة فِي جنكم يَقْتَضِي الْمُغَايرَة فَلَا يكون تَفْضِيلًا بل اخراجا للقبيلتين اللَّذين يَصح اتصاف كل مِنْهُمَا بالتقوى والفجور ثمَّ ان الضلال الْعُدُول عَن الطَّرِيق الْمُسْتَقيم سَهوا أَو عمدا يَسِيرا أَو كثيرا أَو الطَّرِيق الْمُسْتَقيم وَاحِد والعدول عَنهُ جِهَات فكوننا مصيبين من وَجه وكوننا ضَالِّينَ من وَجه فَإِن جَوَانِب الطَّرِيق كلهَا ضلال وَلذَا نسب الضلال الى الْأَنْبِيَاء والى الْكفَّار وان كَانَ بَين الضلالين بون بعيد انْتهى قَوْله وكلكم ضال الا من هديت ظَاهره انهم خلقُوا ضَالَّة الا من هداه فِينَا فِي حَدِيث كل مَوْلُود يُولد على الْفطْرَة الا ان يرد بِالْأولِ مَا كَانُوا عَلَيْهِ قبل مبعثه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَو انهم لَو تركُوا مَا فِي طباعهم من إِيثَار الشَّهَوَات الضلوا وَهَذَا أظهر شرح حصن حُصَيْن قَوْله ورطبكم ويابسكم أَي أهل الْبَحْر وَالْبر وَأَرَادَ بالرطب النَّبَات وَالشَّجر وباليابس الْحجر والمدر أَي لَو صَار كلهَا انسانا وَاجْتمعَ فَسَأَلَ الخ أَقُول الرطب واليابس عباراتان عَن الإستيعاب التَّام وَلَا رطب وَلَا يَابِس إِلَّا فِي كتاب مُبين وإضافتهما إِلَى ضمير المخاطبين يَقْتَضِي اسْتِيعَاب نوع الْإِنْسَان فَيكون تَأْكِيدًا للشمول بعد تَأْكِيد طيبي قَوْله [4258] أَكْثرُوا ذكرهَا ذمّ اللَّذَّات الهذم الْكسر وروى بدال مُهْملَة من الْهدم وَالرِّوَايَة بِالذَّالِ الْمُعْجَمَة أَكثر وَأَصَح إنْجَاح الْحَاجة قَوْله

[4262] والبشرى بِروح وريجان الرّوح بِالْفَتْح الرَّاحَة والفرح والريجان الطّيب والرزق انجاح الْحَاجة لمولانا الْمُعظم مَوْلَانَا مولوي عبد الْغَنِيّ المجددي الدهلوي [4264] فَقيل لَهُ يَا رَسُول الله كَرَاهِيَة لِقَاء الله فِي كَرَاهِيَة الْمَوْت الْكَرَاهِيَة مَنْصُوب مفعول بِهِ لفعل مَحْذُوف أَي جعلت كَرَاهِيَة لِقَاء الله فِي كَرَاهِيَة الْمَوْت فَلَو كَانَ الْأَمر كَذَلِك فكلنا يكره الْمَوْت أَو الْكَرَاهِيَة مَرْفُوعَة وَالْجُمْلَة متضمنة بِمَعْنى الشَّرْط أَي لما كَانَت كَرَاهِيَة لِقَاء الله تَعَالَى فِي كَرَاهِيَة الْمَوْت فكلنا يكره الْمَوْت فَكَانَ السَّائِل انكر حَيْثُ لم يتفطن معنى الحَدِيث ثمَّ لَا يخفى ان مرَارَة الظَّاهِر لَا يُخَالف حلاوة الْبَاطِن فَإِن الاوجاع والمصائب إِذا اصابت الْبدن يألم الْبَتَّةَ لَكِن الْعَارِف إِذا عرف رضى الرب تَعَالَى يجد فِي بَاطِنه حلاوة تغلب هَذِه المرارة ومثاله إِذا قدم الرجل الْمُسَافِر بأشد المتاعب الى محبوبه نَالَ أقْصَى الْمَقَاصِد وَمَعَ ذَلِك مصائب فِي جسده خبر وَجهه شعث شعره فَكَانَ السَّائِل حمل الحَدِيث على الظَّاهِر فَبين النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بقوله انما ذَلِك عِنْد مَوته الخ أَي يحصل لَهُ عِنْد مَوته حق الْيَقِين وَكَانَ قبل ذَلِك فِي علم الْيَقِين وَكم بَينهمَا من التَّفَاوُت (إنْجَاح) قَوْله [4266] وَهُوَ عجب الذَّنب هُوَ بتفح مُهْملَة وَسُكُون جِيم عظم فِي أَسْفَل الصلب عِنْد الْعَجز وَهُوَ العسيب من الدَّوَابّ وامر الْعجب عَجِيب فَإِنَّهُ اخر مَا يخلق وَأول مَا يخلق أَرَادَ بِهِ طول بَقَائِهِ لَا انه لَا يبلي أصلا لِأَنَّهُ خلاف المحسوس كَذَا فِي الْمجمع وَفِيه أَيْضا هُوَ أول مَا يخلق من الادمي وَيبقى مِنْهُ ليعاد تركيب الْخلق عَلَيْهِ انْتهى (إنْجَاح) قَوْله

[4268] ان الْمَيِّت يصير الى الْقَبْر الخ قَالَ النَّوَوِيّ مَذْهَب أهل السّنة اثبات عَذَاب الْقَبْر وَقد تظاهرت عَلَيْهِ دَلَائِل الْكتاب وَالسّنة قَالَ الله تَعَالَى النَّار يعرضون عَلَيْهَا غدوا وعشيا الْآيَة وتظاهرت بِهِ الْأَحَادِيث الصَّحِيحَة عَن النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من رِوَايَة جمَاعَة من الصَّحَابَة فِي مَوَاطِن كَثِيرَة وَلَا يمْتَنع فِي الْعقل ان يُعِيد الله تَعَالَى الحيوة فِي جُزْء من الْجَسَد ويعذبه وَإِذا لم يمنعهُ الْعقل ورد الشَّرْع بِهِ وَجب قبُوله واعتقاده وق ذكر مُسلم وَالْبُخَارِيّ وَأَصْحَاب السّنَن أَحَادِيث كَثِيرَة فِي اثبات عَذَاب الْقَبْر وَسَمَاع النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَوت من يعذب فِيهَا وَسَمَاع الْمَوْتَى قرع نعال دافتيهم وَكَلَامه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأهل القليب وَقَوله مَا أَنْتُم بأسمع مِنْهُم وسؤال الْملكَيْنِ الْمَيِّت وَاقعا وهما إِيَّاه وَجَوَابه لَهما وَالْفَتْح لَهُ فِي قَبره وَعرض مَقْعَده عَلَيْهِ الْغَدَاة والعشي وَبِالْجُمْلَةِ مَذْهَب أهل السّنة اثبات عَذَاب الْقَبْر خلافًا للخوارج ومعظم للمعتزلة وَبَعض المرجية فَإِنَّهُم نفوا ذَلِك ثمَّ المعذب عِنْد أهل السّنة الْجَسَد بِعَيْنِه أَو بعضه بعد اعادة الرّوح اليه أَو الى جُزْء مِنْهُ وَخَالف فِيهِ مُحَمَّد بن جرير وَعبد الله بن كرام وَطَائِفَة فَقَالُوا لَا يشْتَرط اعادة الرّوح قَالَ أَصْحَابنَا وَهَذَا فَاسد لِأَن الالم والاحساس انما يكون فِي الْحَيّ وَقَالُوا لَا يمْنَع من ذَلِك كَون الْمَيِّت قد تَفَرَّقت اجزاءه كَمَا تشاهد فِي الْعَادة أَو اكلته السبَاع وحيتان الْبَحْر أَو نَحْو ذَلِك فَكَمَا ان الله تَعَالَى يُعِيدهُ للحشر وَهُوَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى قَادر على ذَلِك فَكَذَا يُعِيد الْحَيَاة الى جُزْء مِنْهُ أَو أَجزَاء وان اكلته السبَاع وَالْحِيتَان فَإِن قيل نَحن نشاهد الْمَيِّت على حَاله فِي قَبره فَكيف يسْأَل وَيقْعد وَيضْرب بمطارق من حَدِيد وَلَا يظْهر لَهُ اثر فَالْجَوَاب ان ذَلِك غير مُمْتَنع بل لَهُ نَظِير فِي الْعَادة وَهُوَ النَّائِم فَإِنَّهُ يجد لَذَّة والاما لَا نحس نَحن شَيْئا مِنْهُ وَكَذَا يجد الْيَقظَان لَذَّة أَو ألما لما يسمعهُ أَو يفكر فِيهِ وَلَا يُشَاهد ذَلِك جليسه مِنْهُ وَكَذَا كَانَ جِبْرَائِيل عَلَيْهِ السَّلَام يَأْتِي النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيخبره بِالْوَحْي الْكَرِيم وَلَا يُدْرِكهُ الْحَاضِرُونَ وكل ذَلِك جلي وَظَاهر واما اقعاده فَيحْتَمل ان يكون مُخْتَصًّا بالمقبور دون المنبوذ من اكلته السبَاع وَالْحِيتَان واما ضربه بالمطارق فَلَا يمْتَنع ان يُوسع لَهُ فِي قَبره فيقعد وَيضْرب انْتهى قَوْله وَلَا مشغوف أُمِّي وَلَا مُضْطَر والشغف فِي الأَصْل شغَاف الْقلب وَهُوَ حجابه والمشغوف من وصل فِي غلافه الْأَثر من الْحزن والتعب (إنْجَاح) قَوْله مَا هَذَا الرجل يَعْنِي بِهَذَا الرجل النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وانما يَقُول بِهَذَا الْعبارَة الَّتِي لَيْسَ فِيهَا تَعْظِيم امتحانا للمسئول لِئَلَّا يَتَلَقَّن تَعْظِيمه من عبارَة السَّائِل قَالَ النَّوَوِيّ قيل يكْشف للْمَيت حَتَّى يرى النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهِي بشرى عَظِيمَة لِلْمُؤمنِ ان صَحَّ ذَلِك وَلَا نعلم حَدِيثا صَحِيحا مرويا فِي ذَلِك وَالْقَائِل بِهِ انما اسْتندَ لمُجَرّد ان الْإِشَارَة لَا تكون الا للحاضر لَكِن يحْتَمل ان يكون الْإِشَارَة لما فِي الذَّهَب ليَكُون مجَازًا قسطلاني [4271] انما نسمَة الْمُؤمن طَائِر النَّسمَة بِفتْحَتَيْنِ هِيَ الرّوح وَالنَّفس قَالَ فِي الْمجمع بِأول بِالشُّهَدَاءِ لأَنهم يرْزقُونَ فِي الْجنَّة وَغَيرهم انما يعرض عَلَيْهِ مَقْعَده بِالْغَدَاةِ والعشي وَقيل أَرَادَ الْمُؤمنِينَ الداخلين الْجنَّة بِغَيْر حِسَاب فيدخلونها الان إنْجَاح الْحَاجة قَوْله [4272] مثلت الشَّمْس أَي شبهت وَذَا فِي حق الْمُؤمنِينَ وَلَعَلَّه عِنْد نزُول الْملكَيْنِ الايه وَيُمكن كَونه بعد السوال تَنْبِيها على رفاهيته (إنْجَاح) قَوْله [4273] ان صَاحِبي الصُّور الخ هَذَا الحَدِيث تفرد بِهِ بن ماجة وَلم يرمز السُّيُوطِيّ فِي الْجَامِع الصَّغِير لَهُ سواهُ وَأَشَارَ شَارِحه الى ضعفه وَقَالَ هما الْملكَانِ الموكلان بِهِ وَيُسْتَفَاد مِنْهُ انهما ملكان وَفِي رِوَايَة التِّرْمِذِيّ انه ملك حَيْثُ قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَيفَ انْعمْ وَصَاحب الصُّور قد التقمه واصغى سَمعه الحَدِيث وَفِي رِوَايَة رزين عَن أبي سعيد قَالَ ذكر رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَاحب الصُّور فَقَالَ عَن يَمِينه جِبْرَائِيل وَعَن يسَاره مِيكَائِيل فلعلهما مرادان فِي الحَدِيث فكأنهما معاونان لاسرافيل عَلَيْهِ السَّلَام (إنْجَاح) قَوْله [4274] أَو كَانَ مِمَّن اسْتثْنى الله أَي بقوله الا من شَاءَ الله قَالَ الْحَلِيمِيّ من زعم ان الثنيا لحملة الْعَرْش أَو جِبْرَائِيل وَمِيكَائِيل وَنَحْوهمَا أَو ولدان الْجنَّة أَو مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام فقد أَخطَأ لِأَن غير مُوسَى لَيْسَ من سكان السَّمَاوَات وَالْأَرْض لِأَن الْجنَّة فَوق السَّمَاوَات ومُوسَى قد مَاتَ فَلَا يَمُوت عِنْد النفخة الثَّالِثَة انْتهى وَقَالَ الْكرْمَانِي فَإِن قيل مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام قد مَاتَ فَكيف تُدْرِكهُ الصعقة وَأَيْضًا اجْمَعُوا على ان نَبينَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أول من ينشق عَنهُ الأَرْض قلت هَذِه الصعقة غشية بعد الْبَعْث عِنْد النفخة الْأَكْبَر وَالْمرَاد بِالْبَعْثِ الافاقة لرِوَايَة افاق قبلي انْتهى قَوْله من قَالَ انا خير من يُونُس بن مَتى الخ قيل هَذَا قبل علمه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بفضيلته أَو قَالَ ذَلِك بطرِيق التَّوَاضُع أَو قَالَ لَا تفضلوا بَين الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم السَّلَام بأهوائكم وآرائكم على وَجه يُؤَدِّي الى ازدراء بَعضهم ونقيصته وانما خص يُونُس بِالذكر من بَين الرُّسُل كَمَا خصّه الله تَعَالَى فِي كِتَابه فَقَالَ عز من قَائِل وَلَا تكن كصاحب الْحُوت وَقَالَ وَهُوَ مليم فَلم يَأْمَن صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ان يخَامر بواطن الضُّعَفَاء من أمته مَا يعود الى نقيصته وانه كَسَائِر إخوانه من الْأَنْبِيَاء وَالْمُرْسلِينَ وَمَعَ مَا كَانَ من شَأْنه لِأَن نفس النُّبُوَّة لَا تَفْضِيل فِيهَا الْبَعْض على بعض (إنْجَاح) قَوْله انا خير من يُونُس بن مَتى الخ ضمير انا للنَّبِي أَو للْعَبد لرِوَايَة لَا يَنْبَغِي لعبد الخ وَهُوَ على الأول قبل ان يعلم فَضله أَو للزجر عَن تخيل جَاهِل حط رتبته بقوله إِذا بق وَلِئَلَّا يتَوَهَّم غَضَاضَة فِي حَقه بقوله وَلَا تكن كصاحب الْحُوت وعَلى الثَّانِي مَعْنَاهُ لَا يَقُوله جَاهِل مُجْتَهد فِي الْعِبَادَة وَالْعلم وَنَحْوهمَا أَبِيه وَهُوَ الصَّحِيح وَقيل اسْم امة قَوْله فقد كذب قَالَ المغيث أَي فِي الرسَالَة والنبوة لِأَنَّهَا معنى وَاحِد لَا تفاضل فِيهَا بَين الْأَنْبِيَاء وانما هُوَ فِي تَفْضِيل الله تَعَالَى من شَاءَ بعْدهَا وَمَا يحدث لَهُم من الْأَحْوَال يُرِيد انه مَعَ قَوْله إِذا ابق الى الْفلك لَيْسَ بِأَدْنَى دَرَجَة منى فِي النُّبُوَّة انْتهى (فَخر) قَوْله [4278] فِي رشحه قَالَ فِي النِّهَايَة الرشح هُوَ الْعرق لِأَنَّهُ يخرج شَيْئا فَشَيْئًا كَمَا يرشح الْإِنَاء المتخلل الاجزاء وَقَالَ الْكرْمَانِي هُوَ بِفتْحَتَيْنِ وَقَالَ النَّوَوِيّ وَفِي رِوَايَة فَيكون النَّاس على قدر اعمالهم فِي الْعرق قَالَ القَاضِي وَيحْتَمل ان المُرَاد عرق نَفسه وَغَيره وَيحْتَمل عرق نَفسه وَسبب كَثْرَة الْعرق تراكم الْأَهْوَال ودنو الشَّمْس من رؤوسهم وزحمة بَعضهم بَعْضًا انْتهى قَوْله [4279] يَوْم تبدل الأَرْض غير الأَرْض الخ التبديل التَّغَيُّر وَهُوَ قد يكون فِي الذَّات كَقَوْلِك بدلت الدارهم بالدناينر وَقد يكون فِي الصِّفَات كَقَوْلِك بدلت الْحلقَة خَاتمًا إِذا حذفتها وسويتها خَاتمًا وَاخْتلف فِي تَبْدِيل الأَرْض وَالسَّمَوَات فَقيل يُبدل اوصافهما فتسير على الأَرْض جبالها وتفجر بحارها وَيجْعَل مستوية لَا ترى فِيهَا عوجا وَلَا امتا وتبديل السَّمَاوَات بانتشار كواكبها وكسوف شمسها وخسوف قمرها وَقيل بِخلق بدلهما وسموات اخر وَعَن أنس بن مَسْعُود انه يحْشر النَّاس على ارْض بيضًا وَلم يخطأ عَلَيْهَا أحد خَطِيئَة وَالظَّاهِر من التبديل هَهُنَا تغير الذَّات كَمَا يدل عَلَيْهِ السوال وَالْجَوَاب (إنْجَاح) قَوْله [4280] بَين ظهراني جَهَنَّم الالف وَالنُّون زائدتان قَوْله على حسك الخ الحسك شَوْكَة صلبة مَعْرُوفَة أَي مَعَ حسك كحسك السعد ان أَي يكون الصِّرَاط على جَهَنَّم والعلاوة ان جانبيها اشواك (إنْجَاح) قَوْله فناج مُسلم الخ أَي من النجَاة يكونُونَ على انحاء فبعضهم مسملون من افته وَبَعْضهمْ يخدوجون أَي ناقصون من خلقتهمْ وَفِي بعض الرِّوَايَات مخدوش أَي تَأْخُذ الخطاطيف من لَحْمه لتسعفه النَّار ثمَّ ينجو وَبَعْضهمْ محتبس ومنكوس أَي يلقِي فِي النَّار على وَجهه (إنْجَاح) قَوْله

[4281] وَنذر الظَّالِمين فِيهَا جثيا الجثوة الشَّيْء الْمَجْمُوع وَالْمرَاد بالورود هَهُنَا الْوُرُود على الصِّرَاط وَالله أعلم [4282] غرا محجلين الغر بِالضَّمِّ جمع اغر من الْغرَّة وَهِي الْبيَاض فِي الْوَجْه من غير سوء والتحجيل بَيَاض القوائم من الْأَيْدِي والاقدام قَوْله سيماء أمتِي السيماء بِالْقصرِ وَقد يمد وَهُوَ الْعَلامَة إنْجَاح الْحَاجة قَوْله غرا محجلين الخ قَالَ فِي المفاتيح ذهب بَعضهم الى اخْتِصَاص هَذِه الْأمة بِالْوضُوءِ وَقَالَ اخرون انما الْمُخْتَص بِهِ الْغرَّة والتحجيل لَا الْوضُوء لحَدِيث هَذَا وضوئي ووضوء الانبياء ورد بِأَنَّهُ حَدِيث مَعْرُوف الضعْف على انه يحْتَمل تَخْصِيص الْأَنْبِيَاء بِالْوضُوءِ دون الْأُمَم انْتهى قلت وَالصَّحِيح ان الْغرَّة والتحجيل من خَواص هَذِه الْأمة لَا أصل الْوضُوء (فَخر) قَوْله [4284] فَيُقَال من شهد لَك الخ وَفِي رِوَايَة البُخَارِيّ يجاء بِنوح يَوْم الْقِيَامَة فَيُقَال لَهُ الحَدِيث إِنَّمَا طلب الله من نوح شُهَدَاء على تبليغه الرسَالَة أمته وَهُوَ اعْلَم إِقَامَة للحجة ولمنزلة أكَابِر هَذِه الْأمة فَيَقُول مُحَمَّد وامته الْمَعْنى ان أمته شُهَدَاء وَهُوَ مزكى لَهُ وَقدم فِي الذّكر للتعظيم وَلَا بعد انه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يشْهد لنوح عَلَيْهِ السَّلَام أَيْضا لِأَنَّهُ مَحل النُّصْرَة قَوْله وسطا أَي عدلا شَهِيدا أَي مزكيا (مرقاة) قَوْله [4285] ثمَّ يسدد أَي يَسْتَقِيم على الْإِيمَان وَقَوله حَتَّى تبوؤا أَنْتُم أَي حَتَّى تَأْخُذُوا أَنْتُم مقاعدكم ومساكنكم (إنْجَاح) قَوْله من ذَرَارِيكُمْ قَالَ فِي النِّهَايَة الذُّرِّيَّة اسْم يجمع نسل الْإِنْسَان من ذكر وانثى واصله الْهَمْز مخفف وَتجمع على ذريات وذراري مشدد أَو قيل أَصْلهَا من الذَّر بِمَعْنى التَّفَرُّق لِأَن الله ذرهم فِي الأَرْض انْتهى قَوْله [4286] وَثَلَاث حثيات قَالَ الزَّرْكَشِيّ هُوَ بِالنّصب عطف على سبعين وَهُوَ مفعول يدْخل فَيكون حِينَئِذٍ ثَلَاث حثيات مرّة فَقَط وبالرفع عطف على سَبْعُونَ الَّذين مَعَ كل الف فَيكون ثَلَاث حثيات سبعين مرّة انْتهى قلت وَالرَّفْع ابلغ وَقَالَ فِي النِّهَايَة هُوَ كِنَايَة عَن الْمُبَالغَة فِي الْكَثْرَة وَلَا كف ثمَّ وَلَا حثى جلّ عَنهُ وَتَعَالَى انْتهى قَوْله [4287] نكمل يَوْم الْقِيَامَة المُرَاد بالاكمال الْخَتْم وَفِي رِوَايَة أَنْتُم تتمون سبعين امة أَنْتُم خَيرهَا واكرمها (إنْجَاح) قَوْله [4288] انكم وفيتم أَي اكملتم واتممتم سبعين امة أَنْتُم خَيرهَا المُرَاد بالسبعين التكثير لَا التَّحْدِيد وفيتم عِلّة للخيرية لِأَن المُرَاد بِهِ الْخَتْم فَكَمَا ان نَبِيكُم خَاتم الْأَنْبِيَاء جَامع مَا تفرق من الكمالات كَذَلِك أَنْتُم مَعَ الْأُمَم السالفة كَذَا فِي الطَّيِّبِيّ قَوْله [4290] فَنحْن الاخرون بِكَسْر خاء أَي الْمُتَأَخّرُونَ زَمَانا فِي الدُّنْيَا والاولون أَي المتقدمون فِي الْآخِرَة على أهل الْأَدْيَان منزلَة وكرامة وَفِي الْحَشْر وَالْقَضَاء لَهُم قبل الْخَلَائق وَفِي دُخُول الْجنَّة كرماني قَوْله [4291] قد جَعَلْنَاكُمْ عدتكم أَي مِقْدَار عدتك هَذِه الْيَهُود وَالنَّصَارَى وَالْمُشْرِكين (إنْجَاح) قَوْله [4292] فَيُقَال هَذَا فداؤك من النَّار قَالَ النَّوَوِيّ وَمعنى هَذَا الحَدِيث مَا جَاءَ فِي حَدِيث أبي هُرَيْرَة لكل أحد منزل فِي الْجنَّة ومنزل فِي النَّار فالمؤمن إِذا دخل الْجنَّة خَلفه الْكَافِر فِي النَّار لاستحقاقه ذَلِك بِكُفْرِهِ وَمعنى فداؤك من النَّار بأنك كنت معرضًا لدُخُول النَّار وَهَذَا فداؤك لِأَن الله تَعَالَى قدر لَهَا عددا يملؤها فَإِذا ادخلها الْكفَّار بكفرهم وذنوبهم صَارُوا فِي معنى الْفِدَاء عَن الْمُسلمين انْتهى وَقَالَ فِي اللمعات وَلما كَانَ لكل مُكَلّف مقْعد فِي الْجنَّة ومقعد فِي النَّار فَلَمَّا دخل الْمُؤمن الْجنَّة صَار الْكَافِر كالفداء لِلْمُؤمنِ خلص بِهِ عَن النَّار وَلم يرد بِهِ تَعْذِيب الْكِتَابِيّ بِمَا ارْتَكَبهُ الْمُسلم من الذُّنُوب لِأَنَّهُ لَا يعذب أحد بذنوب أحد وَتَخْصِيص الْيَهُود وَالنَّصَارَى بِالذكر لاشتهارهم لمضارة الْمُسلمين وَمَعْرِفَة الحكم فِي غَيرهم بطرِيق الأولى انْتهى قَوْله

[4293] مائَة رَحْمَة الخ وَذكر القَاضِي جعل الله الرَّحِم بِحَذْف الْهَاء وبضم الرَّاء قَالَ ورويناه بِضَم الرَّاء وَيجوز فتحهَا وَمَعْنَاهُ الرَّحْمَة قَالَ النَّوَوِيّ هَذَا الحَدِيث من أَحَادِيث الرَّجَاء والبشارة للْمُسلمين قَالَ الْعلمَاء لِأَنَّهُ إِذا حصل للْإنْسَان من رَحْمَة وَاحِدَة فِي هَذِه الدَّار مبينَة على اكداء الْإِسْلَام وَالْقُرْآن وَالصَّلَاة وَالرَّحْمَة فِي قلبه وَغير ذَلِك مِمَّا انْعمْ الله تَعَالَى بِهِ فَكيف الظَّن بِمِائَة رَحْمَة فِي الدَّار الْآخِرَة وَهِي دَار الْقَرار وَدَار الْجَزَاء الله أعلم انْتهى [4295] ان رَحْمَتي تغلب غَضَبي وَفِي رِوَايَة لمُسلم سبقت رَحْمَتي غَضَبي قَالَ الْعلمَاء غضب الله تَعَالَى وَرضَاهُ يرجعان الى معنى الْإِرَادَة فإرادته الاثابة للمطيع وَمَنْفَعَة العَبْد تسمى رضَا وَرَحْمَة وارادته عِقَاب العَاصِي وخذلانه تسمى غَضبا وارادته سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى صفة لَهُ قديمَة يُرِيد بِهِ جَمِيع المرادات قَالُوا وَالْمرَاد بِالسَّبقِ وَالْغَلَبَة هُنَا كَثْرَة الرَّحْمَة وشمولها كَمَا يُقَال غلب على فلَان الْكَرم والشجاعة إِذا كثره مِنْهُ (نووي) قَوْله ان رَحْمَتي تغلب غَضَبي قَالَ الْكرْمَانِي أَي تعلق ارادتي بإيصال الرَّحْمَة أَكثر من تعلقهَا بإيصال الْعقُوبَة فَإِن الأول من متقضيات صفته وَالْغَضَب بِاعْتِبَار الْمعْصِيَة انْتهى وَقَالَ الطَّيِّبِيّ يَعْنِي ان قسطهم من الرَّحْمَة أَكثر من قسطهم من الْغَضَب قيل ظهرا وَلَا رَحْمَة بالإيجاد وَمَا يتبعهُ من النعم وَلما اسْتحق الْغَضَب ظهر عَلَيْهِم يَعْنِي لما خلقهمْ لِلْعِبَادَةِ شكر النِّعْمَة وَعلم ان أحدا لَا يقدر على أَدَاء حَقه فَحكم بسبق رَحمته وَكتبه وَحفظه فَوق الْعَرْش وَكَانَ اللَّوْح تَحْتَهُ لجلالة قدره وَهُوَ تَمْثِيل لكثرتها بفرسي رهان سبقت أَحدهمَا يَعْنِي مَا اغْفِر من ذنوبهم أَكثر مِمَّا اعذبهم انْتهى قلت وَفِي رِوَايَة سبقت بدل تغلب مَعْنَاهُمَا وَاحِد يَعْنِي تعلق ارادته بإيصال الرَّحْمَة أَكثر والا فيشكل بِأَن جَمِيع الصِّفَات مُتَسَاوِيَة لِأَن كلهَا غير متناهية (فَخر) قَوْله [4296] وَمَا حق الْعباد على الله أَي ثوابهم الَّذِي وعدهم بِهِ فَهُوَ وَاجِب الانجاز ثَابت بوعد الْحق قَالَ الْكرْمَانِي فَإِن قلت فِيهِ دلَالَة لمَذْهَب الْمُعْتَزلَة الْقَائِلين بِالْوُجُوب على الله قلت لَا إِذا الْمَعْنى الْحق المتحقق الثَّابِت والجدير أَو وَاجِب شرعا بأخبار الله تَعَالَى أَو وعده أَو هُوَ كالواجب فِي تحَققه وتأكده أَو ذكر الْحق على سَبِيل الْمُقَابلَة انْتهى قَوْله [4297] وَامْرَأَة تحصب تنورها أَي ترى فِيهِ مَا توقده وهج التَّنور وَهُوَ بِالتَّحْرِيكِ حر النَّار وبالسكون مصدر (فَخر) قَوْله [4300] يصاح بِرَجُل من أمتِي أَي يرفع الْأَصْوَات لطلب رجل وَذَلِكَ لتشهيره عَلَيْهِ الْمَغْفِرَة والسجل كتاب الْعَهْد وَنَحْوه (إنْجَاح) قَوْله كتبتي بِفتْحَتَيْنِ جمع كَاتب كطلبه جمع طَالب وهم الْكِرَام الكاتبون (إنْجَاح) قَوْله فَتخرج لَهُ بطاقة قَالَ فِي النِّهَايَة البطاقة بِالْكَسْرِ رقْعَة صَغِيرَة يثبت فِيهَا مِقْدَار مَا يحصل فِيهِ ان كَانَ عينا فوزنه أَو عدده وان كَانَ مَتَاعا فثمنه قيل سميت بِهِ لِأَنَّهَا تشبه بطاقة من الثَّوْب فَتكون الْبَاء حِينَئِذٍ زَائِدَة وَهِي كلمة كَثِيرَة الِاسْتِعْمَال بِمصْر (زجاجة) قَوْله فِيهَا اشْهَدْ ان لَا إِلَه إِلَّا الله قَالَ الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ لَيست هَذِه شَهَادَة التَّوْحِيد لِأَن من شَأْن الْمِيزَان ان يوضع فِي كفته شَيْء وَفِي الْأُخْرَى ضِدّه فتوضع الْحَسَنَات فِي كفته والسيئات فِي كفته فَهَذَا غير مُسْتَحِيل لِأَن العَبْد يَأْتِي بهما جَمِيعًا ويستحيل ان يَأْتِي بالْكفْر والايمان جَمِيعًا عبد وَاحِد حَتَّى يوضع الْإِيمَان فِي كفة وَالْكفْر فِي كفة فَلذَلِك اسْتَحَالَ ان يوضع شَهَادَة التَّوْحِيد فِي الْمِيزَان واما بعد مَا نطق العَبْد فَإِن النُّطْق مِنْهُ بِلَا اله الا الله حَسَنَة تُوضَع فِي الْمِيزَان مَعَ سَائِر الْحَسَنَات (زجاجة) قَوْله [4301] ان لي حوضا مَا بَين الْكَعْبَة وَبَيت الْمُقَدّس أَي طوله مِقْدَار الْمسَافَة الَّتِي بَين مَكَّة وَبَيت الْمُقَدّس وَفِي رِوَايَة الشَّيْخَيْنِ وزواياه سَوَاء أَي الطول وَالْعرض وَقيل العمق والتوفيق بَين هَذَا الحَدِيث وَبَين مَا جَاءَ من ان طوله مَا بَين عدن وعمان وَمَا ين صنعاء وَالْمَدينَة وَنَحْو ذَلِك ان هَذَا بطرِيق التَّقْرِيب لَا على التَّحْدِيد وَذَلِكَ لاخْتِلَاف بَين أَقْوَال السامعين فِي الْإِحَاطَة بِهِ علما وَكَذَلِكَ قَوْله عدد النُّجُوم المُرَاد بِهِ التكثير لَا التَّحْدِيد (إنْجَاح) قَوْله واني لأكْثر الْأَنْبِيَاء تبعا كَمَا فِي رِوَايَة واني لأرجو ان اكون أَكْثَرهم وَارِدَة (إنْجَاح) قَوْله

[4302] ان حَوْضِي لأبعد من أَيْلَة الى عدن قَالَ الرَّافِعِيّ فِي تَارِيخ قزوين عدن مَعْرُوف وايلة مَدِينَة من بِلَاد الشَّام على سَاحل الْبَحْر وايلة أَيْضا جبل يَنْبع بَين مَكَّة وَالْمَدينَة وَفِي حَدِيث بن عمر امامكم حَوْض كَمَا بَين جرباء واذرح وَصُورَة الْخط تقضي ان يكون جرباء بِالْمدِّ وَكَذَلِكَ روى فِي صَحِيح البُخَارِيّ وَقيل جربي بِالْقصرِ من بِلَاد الشَّام واذرح بِالْحَاء مَدِينَة من أدنى الشَّام وَيُقَال انها فلسطين وَفِي رِوَايَة أبي سعيد الْخُدْرِيّ ان لي حوضا مَا بَين الْكَعْبَة الى بَيت الْمُقَدّس وَفِي رِوَايَة حُذَيْفَة ان حَوْضِي كَمَا بَين صنعاء وَالْمَدينَة أَو كَمَا بَين الْمَدِينَة وعمان وَفِي رِوَايَة بن عمر وحوضي مسيرَة شهر وَهَذِه الاختلافات تشعر بَان ذكرهَا جرى على التَّقْرِيب دون التَّحْدِيد وَبِأَن الْمَقْصُود بِأَن بعد مَا بَين حافتيه وسيعة لَا التَّقْدِير بِمِقْدَار معِين وَيُمكن ان ينزل بَعْضهَا على طول الْحَوْض وَبَعضهَا على عرضه وَفِي رِوَايَة مَا بَين الْمَدِينَة والروحاء قَالَ أنس يُقَال انه على نَحْو من أَرْبَعِينَ ميلًا من الْمَدِينَة انْتهى (زجاجة) قَوْله من أَيْلَة آيلة جبل بَين مَكَّة وَالْمَدينَة وَمَوْضِع بَين يَنْبع ومصر إنْجَاح إِنِّي لأزود عَنهُ أَي ادْفَعْ لعدم لياقتهم الْوُرُود عَلَيْهِ وَفِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى ليردن عَليّ أَقْوَامًا عرفهم ويعرفونني ثمَّ يُحَال بيني وَبينهمْ قيل هم الَّذين ارْتَدُّوا زمن أبي بكر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ الَّذين يَقُول فِي حَقهم اصيحابي اصيحابي (إنْجَاح) قَوْله [4303] فَأَتَيْته على بريد الْبَرِيد دَوَاب توقف على منَازِل مرتبَة ويركب عَلَيْهِ الرَّسُول وَغَيره وَاحِدًا بعد وَاحِد وَذَلِكَ لإسراع السّير (إنْجَاح) قَوْله اكاويبه جمع اكواب جمع كوب وَهُوَ كوز لَا عُرْوَة لَهُ قَوْله وَلَا يفتح لَهُم السدد هُوَ بِضَم سين وَفتح دَال جمع سدة أَي لَا يفتح لَهُم الْأَبْوَاب قَوْله حَتَّى اخضلت بتَشْديد اللَّام ابتلت وزنا وَمعنى (فَخر) قَوْله لكني قد نكحت المتنعمات لِأَنَّهُ نكح فَاطِمَة بنت عبد الْملك وَهِي بنت الْخَلِيفَة وجدهَا خَليفَة وَهُوَ مَرْوَان واخوانها الْأَرْبَعَة سُلَيْمَان وَيزِيد وَهِشَام ووليد خلفاء وَزوجهَا خَليفَة فَهَذَا من الغرائب وفيهَا قَالَ الشَّاعِر بنت الْخَلِيفَة جدها خَليفَة زوج الْخَلِيفَة أُخْت الخلائف (إنْجَاح) قَوْله [4305] فِيهِ اباريق الذَّهَب الاباريق جمع ابريق قَالَ فِي الْقَامُوس الابريق مُعرب اب ريزه جمعه اباريق انجاح الْحَاجة لمولانا الْمُعظم الشَّيْخ عبد الْغَنِيّ المجددي الدهلوي رَحمَه الله قَوْله [4307] لكل نَبِي دَعْوَة مستجابة أَي مستجابة الْبَتَّةَ وَهُوَ على يَقِين من اجابتها وَبَقِيَّة دعواتهم على رَجَاء اجابتها وَمَعْنَاهُ لكل نَبِي دَعْوَة لامته وَقَالَ الطَّيِّبِيّ مستجابة فِي اهلاك كل أمته وَنَبِينَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يدع بِهِ فعوض بالشفاعة وَقَالَ جَمِيع دعوات الْأَنْبِيَاء مستجابة وَالْمرَاد بِهِ الدُّعَاء لاهلاك قومه وَيَعْنِي بالأمة هُنَا امة الدعْوَة واما دعاءه على مُضر فَلَيْسَ للاهلاك بل ليتوبوا ويرتدعوا واما على رعل وذكوان فهما قبائل لَا كل الْأمة مَعَ انه لم يقبل بل قيل لَيْسَ لَك من الْأَمر شَيْء انْتهى قَوْله لكل نَبِي دَعْوَة الخ أَي قد أوجب الله تَعَالَى على نَفسه تفضلا ان يستجيب لكل نَبِي دَعْوَة وَاحِدَة واماما سواهَا فَإِن شَاءَ اسْتَجَابَ وان شَاءَ رد فَدَعَا نوح عَلَيْهِ السَّلَام رب لَا تذر على الأَرْض من الْكَافرين ديارًا ودعا سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام رب هَب لي ملكا لَا يَنْبَغِي لَاحَدَّ من بعدِي ودعا إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام رَبنَا اني اسكنت من ذريتي بواد غير ذِي زرع الْآيَة ودعا إِسْمَاعِيل عَلَيْهِ السَّلَام مَعَ أَبِيه رَبنَا وَابعث فيهم رَسُولا مِنْهُم يَتْلُو عَلَيْهِم آياتك الْآيَة ودعا مُوسَى وَهَارُون عَلَيْهِمَا السَّلَام رَبنَا اطْمِسْ على أَمْوَالهم وَاشْدُدْ على قُلُوبهم ودعا نَبينَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَشْيَاء كَثِيرَة فاستجيبت بِهِ بِحَمْد الله تَعَالَى الا النَّوَادِر كاسلام أبي طَالب وَغَيره لَكِن لم يدع هَذِه الدعْوَة الَّتِي قبُولهَا محتوم (إنْجَاح) قَوْله [4309] فجيء بهم ضبائر ضبائر الضبائر جمع ضبارة بِفَتْح ضاد وَكسرهَا وكل مُجْتَمع ضبارة ويروى ضبارات وَهِي جمع سَلامَة لَهَا وَالْمرَاد الْجَمَاعَات والافواج (إنْجَاح) قَوْله فِي حميل السَّيْل هُوَ مَا يَجِيء بالسيل من طين أَو تبن أَو غثاء أَو غَيرهَا بِمَعْنى مَحْمُولَة فَإِذا اتّفقت فِيهِ حَبَّة واستقرت على شط مجْرى السَّيْل تنْبت فِي يَوْم وَلَيْلَة فَشبه بهَا سرعَة عود ابدانهم واجسامهم إِلَيْهِم بعد احراق النَّار لَهَا كَذَا فِي الْمجمع (إنْجَاح) قَوْله [4310] شَفَاعَتِي قَالَ فِي النِّهَايَة الشَّفَاعَة تَكَرَّرت فِي الحَدِيث وتتعلق بِأُمُور الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَهِي السوال فِي التجاوز عَن الذُّنُوب والجرائم شفع فَهُوَ شَافِع وشفيع والمشفع من يقبلهَا والمشفع من يقبل شَفَاعَته انْتهى قَوْله لأهل الْكَبَائِر أَي شَفَاعَتِي لوضع السَّيِّئَات واما الشَّفَاعَة لرفع الدَّرَجَات فَلِكُل من الاتقياء والأولياء وَذَلِكَ مُتَّفق عَلَيْهِ بَين أهل الْملَّة لمعات قَوْله

[4312] لست هُنَاكُم أَي لست بِالْمَكَانِ الَّذِي تظنوني فِيهِ من الشَّفَاعَة وَهُنَاكَ إِذْ الْحق بِهِ كَاف الْخطاب يكون للبعيد من الْمَكَان الْمشَار اليه أَي انا بعيد من مَكَان الشَّفَاعَة ومقامها لمعات فَإِنَّهُ أول رَسُول قيل وَمن قبله أَي قبل نوح كَانُوا أَنْبيَاء غير مرسلين كآدم وَإِدْرِيس فَإِنَّهُ جد نوح على مَا ذكره المؤرخون قَالَ القَاضِي عِيَاض قيل ان إِدْرِيس هُوَ الياس وَهُوَ فِي بني إِسْرَائِيل فَيكون مُتَأَخِّرًا عَن نوح فَيصح ان نوحًا أول نَبِي مَبْعُوث أَي مُرْسل مَعَ كَون إِدْرِيس نَبيا مُرْسلا وَأما ادم وشيث فهما وان كَانَا رسولين الا ان آدم أرسل الى بنيه وَلم يَكُونُوا كفَّارًا بل أَمر بتعليمهم الْإِيمَان وَطَاعَة الله شَيْئا كَانَ خَلفه فيهم بعده بِخِلَاف نوح فَإِنَّهُ مُرْسل الى كفار الأَرْض وَهَذَا أقرب من القَوْل بِأَن ادم وَإِدْرِيس لم يَكُونَا رسولين وَقيل أول نَبِي بَعثه الله أَي من أولى الْعَزْم وعَلى هَذَا فَلَا اشكال سيد قَوْله غفر الله لَهُ مَا تقدم من ذَنبه وَمَا تَأَخّر فَلم يكن لَهُ مَانع من مقَام الشَّفَاعَة قَالَ القَاضِي قيل الْمُتَقَدّم مَا كَانَ قبل النُّبُوَّة والمتأخر عصمته بعْدهَا وَقيل المُرَاد بِهِ مَا وَقع مِنْهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَن سَهْو وَتَأْويل حَكَاهُ الطَّبَرِيّ وَقيل مَا تقدم لِأَبِيهِ آدم وَمَا تَأَخّر من ذنُوب أمته وَقيل المُرَاد انه مغْفُور لَهُ غير مواخذ بذنب لَو كَانَ وَقيل هُوَ تَنْزِيه لَهُ من الذُّنُوب (مرقاة) قَوْله فامشي بَين السماطين السماط الصَّفّ من النَّاس يُقَال بَين السماطين أَي بَين الصفين (إنْجَاح الْحَاجة) قَوْله فَيحد لي حدا بِأَن يُوصف لي بِصِفَات من أَرَادَ الله تَعَالَى نجاتهم (إنْجَاح) قَوْله يشفع يَوْم الْقِيَامَة ثَلَاثَة الخ أَي بطرِيق الْعُمُوم يُؤذن لَهُم والا فقد صَحَّ ان الصَّبِي يشفع لِأَبَوَيْهِ وشفاعته مَقْصُورَة عَلَيْهِمَا وَكَذَلِكَ يُؤذن من قَرَأَ الْقُرْآن فاستظهره فاحل حَلَاله وَحرم حرَامه فِي عشرَة من أهل بَيته كلهم قد وَجَبت لَهُ النَّار كَمَا رَوَاهُ أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن ماجة والدارمي (إنْجَاح) قَوْله كنت امام النَّبِيين الخ قَالَ الْعلمَاء لم يقل هَذَا فخرا بل صرح بِنَفْي الْفَخر بقوله غير فَخر وانما قَالَه لوَجْهَيْنِ أَحدهمَا امْتِثَال قَوْله تَعَالَى واما بِنِعْمَة رَبك فَحدث وَالثَّانِي انه من الْبَيَان الَّذِي يجب عَلَيْهِ تبليغه الى أمته ليعرفوه أَو يعتقدوه ويعملوا بِمُقْتَضَاهُ ويوفروه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا يَقْتَضِي مرتبه كَمَا أَمرهم الله تَعَالَى وَهَذَا الحَدِيث دَلِيل لتفضيله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على الْخلق كلهم لِأَن مَذْهَب أهل السّنة ان الادميين أفضل من الْمَلَائِكَة وَهُوَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أفضل الادميين وَغَيرهم واما الحَدِيث الاخر لَا تفضلوا بَين الْأَنْبِيَاء فَجَوَابه من خَمْسَة أوجه أَحدهَا انه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ قبل ان يعلم انه امام النَّبِيين وانه سيد ولد ادم فَلَمَّا علم أخبر بِهِ وَالثَّانِي قَالَه ادبا وتواضعا وَالثَّالِث ان النَّهْي انما هُوَ عَن تَفْضِيل يُؤَدِّي الى تنقيص الْمَفْضُول وَالرَّابِع انما نهى عَن تَفْضِيل يُؤَدِّي الى الْخُصُومَة والفتنة كَمَا هُوَ الْمَشْهُور فِي سَبَب الحَدِيث وَالْخَامِس ان النَّهْي مُخْتَصّ بالتفضيل فِي نفس النُّبُوَّة فَلَا تفاضل فِيهَا وانما التَّفَاضُل فِيهَا بالخصائص وفضائل أُخْرَى وَلَا بُد من اعْتِقَاد التَّفْضِيل فقد قَالَ الله تَعَالَى تِلْكَ الرُّسُل فضلنَا بَعضهم على بعض كَذَا فِي النَّوَوِيّ قَوْله يسمون الجهنميين قَالَ الْقَارِي لَيست التَّسْمِيَة بهَا تنقيصا لَهُم بل استذكارا ليزدادوا فَرحا الى فَرح وابتهاجا على ابتهاج وليكون ذَلِك علما لكَوْنهم عُتَقَاء لله انْتهى قَوْله [4317] ان يدْخل نصف أمتِي بصيغ الْمَعْرُوف من الْمُجَرّد وَفِي نُسْخَة بِصِيغَة الْمَجْهُول فَقَوله نصف فِي الْوَجْهَيْنِ مَرْفُوع ويروى بالمعلوم من الادخال فَقَوله نصف مَنْصُوب قَوْله

[4319] اشتكت النَّار الى رَبهَا الخ قَالَ القَاضِي اخْتلف الْعلمَاء فِي مَعْنَاهُ فَقَالَ بَعضهم هُوَ على ظَاهره واشتكت على حَقِيقَته وَشدَّة الْحر من وهجها وفيحها وَجعل الله تَعَالَى فِيهَا ادراكا وتمييزا بِحَيْثُ تَكَلَّمت بِهَذَا وَمذهب أهل السّنة ان النَّار مخلوقة وَقيل لَيْسَ هُوَ على ظَاهره بل هُوَ على وَجه التَّشْبِيه والاستعارة والتقريب وَتَقْدِيره ان شدَّة الْحر يشبه نَار جَهَنَّم فَاحْذَرُوهُ وَاجْتَنبُوا حره وَالْأول أظهر انْتهى وَقَالَ النَّوَوِيّ قلت الصَّوَاب الأول لِأَنَّهُ ظَاهر الحَدِيث وَلَا مَانع من حمله على حَقِيقَته فَوَجَبَ الحكم بِأَنَّهُ على ظَاهره انْتهى قَوْله نفس فِي الشتَاء الخ النَّفس بِفَتْح فَاء مَا يخرج من الْجوف وَيخرج من الْهَوَاء واشكل وجود الزَّمْهَرِير فِي النَّار وَلَا اشكال لِأَن المُرَاد بالنَّار محلهَا وَفِيه طبقَة زمهريرية (فَخر) [4321] اغمسوه غمسة فِي الْجنَّة أَي فِي انهاره أَو المُرَاد بِهِ الدُّخُول واما الغمس فِي النَّار فحقيقي فالثانية للمشاكلة (إنْجَاح) قَوْله [4322] ان الْكَافِر ليعظم الخ قَالَ القَاضِي يُزَاد فِي مِقْدَار أَعْضَاء الْكفَّار زِيَادَة فِي تعذيبه بِسَبَب زِيَادَة المساسة للنار قَالَ الْقُرْطُبِيّ هَذَا يكون للْكفَّار فَإِنَّهُ قد جَاءَ أَحَادِيث يدل على ان المتكبرين يحشرون يَوْم الْقِيَامَة أَمْثَال الذَّر فِي صورالرجال أَقُول الْأَظْهر فِي الْجمع ان يَكُونُوا أَمْثَال الذَّر فِي موقف يداسون فِيهِ ثمَّ يعظم اجسادهم ويدخلون النَّار وَيَكُونُونَ فِيهَا كَذَلِك (مرقاة) قَوْله [4323] وان من أمتِي من يعظم للنار يحْتَمل ان يكون المُرَاد من الْأمة امة الدعْوَة أَو الَّذين ارْتَدُّوا بعد الْإِسْلَام أَو الَّذين اختلطوا من أهل الشّرك فِي زيهم وعادتهم واعمالهم كجهلة أهل الْهِنْد وَقد قصّ الشَّيْخ المجدد هَذَا الْفرْقَة بِدُخُول النَّار ثمَّ قَالَ واما أهل الْإِيمَان وان ارتكبوا كَبَائِر فَلَا يدْخلُونَ النَّار وَإِنَّمَا يواخذون بأعمالهم السَّيئَة فِي العرصات ثمَّ ينجون من النَّار اما بالشفاعة واما بإتمام الْعَذَاب بِالْأَعْمَالِ لَكِن لَيْسَ لهَذِهِ المسئلة عِنْدِي دَلِيل صَرِيح سوى كشفه وَقد ورد الحَدِيث من رِوَايَة التِّرْمِذِيّ وَابْن ماجة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَعُوذ بِاللَّه من جب الْحزن قَالُوا يَا رَسُول الله وَمَا جب الْحزن قَالَ وَاد فِي جَهَنَّم يتَعَوَّذ مِنْهُ جَهَنَّم كل يَوْم أَربع مائَة مرّة قيل يَا رَسُول الله وَمن يدخلهَا قَالَ الْقُرَّاء المراؤن بأعمالهم وروى مُسلم عَن أبي هُرَيْرَة حَدِيثا طَويلا وَذكر فِيهِ الَّذِي اسْتشْهد لإِظْهَار الجلادة والجرأة وَرجل تعلم الْعلم وَقَرَأَ الْقُرْآن ليقال انه عَالم قَارِئ وَرجل انفق ليقال انه جواد فَهَؤُلَاءِ امروا بهم فسحبوا على وُجُوههم ثمَّ القوا فِي النَّار وَلَكِن يؤول من جَانب الشَّيْخ انه ورد فِي الريا انه الشّرك الْأَصْغَر رَوَاهُ أَحْمد وَالْبَيْهَقِيّ وروى مُسلم عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الله تَعَالَى انا اغنى المشركاء عَن الشّرك من عمل عملا اشرك فِيهِ معي غَيْرِي تركته وشركه فَبِهَذَا الْمَعْنى يكون هَذَا الرجل فِيهِ شَائِبَة من الشّرك وَقَالَ الله تَعَالَى ان الشّرك لظلم عَظِيم إنْجَاح الْحَاجة قَوْله [4324] كَهَيئَةِ الاخدود الاخدود الحفرة المستطيلة فِي الأَرْض كالخدة بِالضَّمِّ الْجَدْوَل (إنْجَاح) قَوْله [4325] وَلَا تموتن الخ يَعْنِي من اتَّقى الله حق تُقَاته وَهُوَ مَا يطيقه وَمَات مُسلما خلص من الْآفَات الَّتِي من جُمْلَتهَا الزقوم وَهُوَ شجر يخرج فِي أصل الْجَحِيم فِي الصِّحَاح الزقوم اسْم طَعَام لَهُم فِيهِ تمر وزبد والزقم اكله قَالَ بن عَبَّاس لما نزل ان شَجَرَة الزقوم طَعَام الاثيم قَالَ أَبُو جهل التَّمْر بالزبد نزقمه فَانْزِل الله تَعَالَى انها شَجَرَة الْآيَة سيد قَوْله مَا لَا عين رَأَتْ الخ أَي لم يبصر ذَاته عين وَلَا سَمِعت وَصفه اذن وَلَا خطر ماهيته على قلب وَيحْتَمل ان يكون المُرَاد بِالْأولَى الصُّور الْحَسَنَة وبالثانية الْأَصْوَات الطّيبَة وبالثالثة الخواطر المفرطة لمعات قَوْله وَمن بله مَا قد اطلعكم الله عَلَيْهِ قَالَ فِي الْمجمع بله بمفتوحة وَسُكُون لَام وَفتح هَاء اسْم فعل بِمَعْنى دع واترك وَالْمعْنَى دع مَا اطلعتم عَلَيْهِ من نعيم الْجنَّة وعرفتموها من لذاتها فَإِنَّهُ يسير فِي جنب مَا ادخر لَهُم أَي الَّذِي لم يطلعكم عَلَيْهِ من النَّعيم أعظم وَقيل هُوَ اسْم بِمَعْنى سوى أَي سوى مَا ذكر فِي الْقُرْآن وَقيل مَعْنَاهُ كَيفَ وَقَالَ الْخطابِيّ اتّفق النّسخ على رِوَايَة من بله وَالصَّوَاب إِسْقَاط كلمة من انْتهى مُلَخصا وَقَوله يقْرَأ مَا قَرَأت اعين أَي خلاف قرأة الْعَامَّة فَإِن قرأتهم من قُرَّة اعين (إنْجَاح) قَوْله [4330] مَوضِع سَوط فِي الْجنَّة الخ خص السَّوْط لِأَن من شَأْن الرَّاكِب إِذا أَرَادَ النُّزُول فِي الْمنزل ان ينقى سَوط قبل ان ينزل معلما بذلك الْمَكَان لِئَلَّا يسْبقهُ اليه أحد طيبي قَوْله

[4332] الا مشمر للجنة الخ من التشمير وَهُوَ التهيؤ فِي الْقَامُوس تشمر لِلْأَمْرِ تهَيَّأ ومشمر كمحدث مَاض فِي الْأُمُور مجرب وشمر الثَّوْب تشمير ارفعه وَفِي الْأَمر خف انْتهى رفع الثَّوْب كِنَايَة عَن الاستعداد لِلْأَمْرِ أَي الا مستعد مطالبه للجنة فَإِن الْجنَّة لَا خطر لَهَا فِي الْقلب أَي لَا تخطر لذاتها بخيالكم لِأَن الخطرة تكون بالمشبهة وَالْجنَّة ونعيميها لَيْسَ لَهَا شبه (إنْجَاح) قَوْله لَا خطر لَهَا قَالَ فِي النِّهَايَة أَي لَا عوض لَهَا وَلَا مثل والخطر بالحركة فِي الأَصْل الرَّهْن وَمَا يخاطر عَلَيْهِ وَمثل الشَّيْء وعدله وَلَا يُقَال الا فِيمَا لَهُ قدر انْتهى قَوْله وريحانه تهتز أَي تتحرك والهزة بِالْكَسْرِ النشاط والارتياح والمشيد المجصص نهر مطرد أَي جَار الْحبرَة بِالْحَاء السرُور وَالنعْمَة والنضرة النِّعْمَة والعيش والغنا وَالْحسن بهية من الْبَهَاء وَهُوَ الْحسن (إنْجَاح) [4333] أول زمرة الخ الزمرة الْجَمَاعَة وكوكب دري فِيهِ ثَلَاث لُغَات قرئَ بِهن فِي السَّبع والاكثرون دري بِضَم الدَّال وَتَشْديد الْيَاء بِلَا همز وَالثَّانيَِة بِضَم الدَّال مَهْمُوز مَمْدُود وَالثَّالِثَة بِكَسْر الدَّال مَهْمُوز مَمْدُود وَهُوَ الْكَوْكَب الْعَظِيم قيل سمى دريا لبياضه كالدر وَقيل لاضاءته وَقيل تشبيهه بالدر فِي كَونه ارْفَعْ من بَاقِي النُّجُوم كالدر ارْفَعْ فِي الْجَوَاهِر وَقَوله وَلَا يَتْفلُونَ هُوَ بِكَسْر الْفَاء وَضعهَا حَكَاهُمَا الْجَوْهَرِي وَغَيره وَفِي رِوَايَة لَا يبصقون وَفِي رِوَايَة لَا يبزقون وَكله بِمَعْنى ورشحهم الْمسك أَي عرقهم كالمسك فِي طيب الرَّائِحَة قَوْله مجامرهم الالوة جمع مجمر بِالْكَسْرِ وَالضَّم فبالكسر مَوضِع وضع النَّار للبخور وبالضم مَا يتبخر بِهِ وَاعد لَهُ الْجَمْر وَهُوَ المُرَاد هَهُنَا أَي ان بخورهم بالالوة وَهُوَ الْعود الْهِنْدِيّ والالوة بِفَتْح همزه وَضمّهَا وَتَشْديد وَاو قَالَ الْكرْمَانِي فَإِن قلت مجامر الدُّنْيَا كَذَلِك قلت لَا إِذْ فِي الْجنَّة نفس المجمرة هِيَ الْعود انْتهى قَوْله اخلاقهم على خلق رجل وَاحِد قَالَ النَّوَوِيّ قد ذكر مُسلم فِي الْكتاب اخْتِلَاف بن أَي شيبَة وَأبي كريب فِي ضَبطه فَإِن بن أبي شيبَة يرويهِ بِضَم الْخَاء وَاللَّام وَأَبُو كريب بِفَتْح الْخَاء واسكان اللَّام وَكِلَاهُمَا صَحِيح وَقد اخْتلف فِيهِ رُوَاة صَحِيح البُخَارِيّ أَيْضا ويرجح الضَّم بقوله فِي الحَدِيث الاخر لَا اخْتِلَاف بَينهم وَلَا تباغض قُلُوبهم قلب وَاحِد وَقد يرجح الْفَتْح بقوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي تَمام الحَدِيث على صُورَة أَبِيهِم ادم أَو على طوله انْتهى (فَخر) قَوْله كَوْكَب دري أَي شَدِيد الإنارة مَنْسُوب الى الدّرّ والرشح الْعرق والالوة هُوَ عود الطّيب إنْجَاح الْحَاجة قَوْله الْكَوْثَر نهر الخ قَالَ الشَّيْخ الْكَوْثَر يُفَسر بِالْخَيرِ الْكَثِيرَة المفرط من الْعلم وَالْعَمَل وَشرف الدَّاريْنِ وَالنّهر الْمَذْكُور من جزئياته وَفِي الْقَامُوس الْكَوْثَر الْكثير من كل شَيْء انْتهى ونهر فِي الْجنَّة يتفجر مِنْهُ جَمِيع أنهارها وَقيل هُوَ أَوْلَاده وَأَتْبَاعه أَو عُلَمَاء أمته وَهُوَ أَيْضا من أَفْرَاده وَقد جَاءَ الْكَوْثَر بِمَعْنى الرجل الْخَيْر الْكثير الْعَطاء وَالسَّيِّد وَله تفسيرات ذكرت فِي موضعهَا وَالْكل رَاجع إِلَى الْمَعْنى الأول الَّذِي ذكرنَا انْتهى قَوْله فِي ظلها أَي فِي كنفها والا فالظل فِي الْعرف مَا يقي من حر الشَّمْس وَلَيْسَ الشَّمْس فِي الْجنَّة وَبِالْجُمْلَةِ الْمَقْصُود السّير تحتهَا كظل الْعَرْش وَقَالَ الشَّيْخ بن حجر قَالَ بن الْجَوْزِيّ وَيُقَال لهَذِهِ الشَّجَرَة طُوبَى قلت وَشَاهد ذَلِك عِنْد أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن حبَان قَالَه فِي اللمعات وَقَالَ النَّوَوِيّ قَالَ الْعلمَاء وَالْمرَاد بظلها كنفها وذراها وَهُوَ مَا يستر اغصانها انْتهى قَوْله [4336] فِي مِقْدَار يَوْم الْجُمُعَة أَي فِي مِقْدَار الاسبوع وَالظَّاهِر ان المُرَاد يَوْم الْجُمُعَة فَإِنَّهُ ورد الْأَحَادِيث فِي فَضَائِل يَوْم الْجُمُعَة انه يكون فِي الْجنَّة يَوْم جُمُعَة كَمَا كَانَ فِي الدُّنْيَا ويحضرون رَبهم الى آخر الحَدِيث لمعات قَوْله وَيجْلس ادناهم أَي اقلهم منزلَة ودرجة فِي الْجنَّة بِالنِّسْبَةِ الى بعض من عداهُ وَقَوله مَا فيهم وَفِي أَي لَيْسَ فِي أهل الْجنَّة وَفِي أَو دون أَو خسيس وانما فيهم أدنى أَي أقل رُتْبَة قَوْله مَا يرَوْنَ بِصِيغَة الْمَجْهُول من الاراءة أَي لَا يظنون أَن أَصْحَاب الكراسي أَي مَنَابِر أفضل مِنْهُم حَتَّى يحزنوا بذلك قَوْله الأحاضرة بحاء مُهْملَة وضاد مُعْجمَة أَي يكْشف الْحجاب ويكلم عَبده من غير ترجمان (فَخر) قَوْله مَا يرَوْنَ أَي لَا يظنون وَلَا يَعْتَقِدُونَ أَي أَصْحَاب الكثبان وَهُوَ جمع كثيب وَهُوَ التل الْمُرْتَفع لأَنهم لَو ظنُّوا ذَلِك لحزنوا وَهُوَ التأذي وَالْجنَّة لَيست بِحل التاذي (إنْجَاح) قَوْله الا حاضره الله عز وَجل محاضرة أَي بِالْمَجْلِسِ الْخَاص بِحَيْثُ لَا يُشْرك فِيهِ أحد (إنْجَاح) قَوْله فيروعه أَي يفزعه وَذَلِكَ لاحتشامه الروع الْفَزع وَقَوله أحسن مِنْهُ أَي من لِبَاس الرجل قَوْله يحقنا أَي يَلِيق بِنَا (إنْجَاح) قَوْله

[4337] من الْحور الْعين الْحور جمع حوراء وَهِي الشَّدِيدَة بَيَاض الْعين الشَّدِيدَة سوادها وَالْعين جمع عيناء وَهِي الواسعة الْعين وَالرجل اعين وَجَمعهَا بِضَم الْعين وَالْكَسْر للياء (فَخر) قَوْله سبعين من مِيرَاثه من أهل النَّار هَذِه الزِّيَادَة تفرد بهَا بن ماجة فَإِن السُّيُوطِيّ رمز بِهِ فِي جَامعه الصَّغِير وخَالِد بن يزِيد ضَعِيف جدا قَالَ يحيى بن معِين لم يرض ان يكذب على أَبِيه حَتَّى كذب الى أَصْحَاب رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا روى من السِّتَّة غير الْمُؤلف وَمَعَ هَذَا تَوْجِيهه مُشكل لِأَنَّهُ ان أَرَادَ بِهِ ان تِلْكَ الزَّوْجَات كَانَ ازواجهن كفَّارًا وَهن مسلمات فَلَا يتَصَوَّر لِأَن نسَاء الْكفَّار كُلهنَّ كوافر الا من شَاءَ الله فَكيف بِمِقْدَار هَذَا الْعدَد وان كَانَ المُرَاد انهن أَيْضا كن كوافر فَلَيْسَ بِصَحِيح لِأَن دُخُول الْجنَّة على الْكَافِر حرَام وانكان المُرَاد بِهِ انه مَا منا من أحد الا قد كتب مَقْعَده من الْجنَّة ومقعده من النَّار فَلَو فَرضنَا ان الْكفَّار دخلُوا النَّار بقيت مَقَاعِدهمْ فِي الْجنَّة وَالنِّسَاء من لَوَازِم مقْعد أهل الْجنَّة فَنحْن نرث تِلْكَ النِّسَاء وَهَذَا وانكان صَحِيحا بِاعْتِبَار كَثْرَة الْكفَّار لَكِن لَا يخفى ان هَذِه النِّسَاء أَيْضا من الْحور لَا من نسَاء الدُّنْيَا فَلَيْسَ للتخصيص بِأَن ثِنْتَيْنِ من الْحور الْعين وَسبعين من مِيرَاثه وَجه وجيه الا ان يُقَال ان قَوْله سبعين من مِيرَاثه مسكوت عَنهُ بأنهن من الْحور أَو من نسَاء الدُّنْيَا فتخصيص ثِنْتَيْنِ من الْحور الْعين لفضل كَونهمَا من زَوْجَات الْمُؤمن وَسبعين كن من زَوْجَات الْكفَّار وَلَكِن لَا يساعده تَفْسِير الهشام بن خَالِد حَيْثُ عد امْرَأَة فِرْعَوْن مِنْهُنَّ الا ان يعمم هَذَا القَوْل على نسَاء الدُّنْيَا وَنسَاء الْجنَّة (إنْجَاح) [4338] الْمُؤمن إِذا اشْتهى الْوَلَد الخ قَالَ التِّرْمِذِيّ اخْتلف أهل الْعلم فِي هَذَا فَقَالَ بَعضهم فِي الْجنَّة جماع وَلَا يكون ولد هَكَذَا يرْوى عَن طَاوس وَمُجاهد وَإِبْرَاهِيم النَّخعِيّ وَقَالَ إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم فِي هَذَا الحَدِيث إِذا اشْتهى وَلَكِن لَا يَشْتَهِي وَقد روى عَن أبي رزين الْعقيلِيّ عَن النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ان أهل الْجنَّة لَا يكون لَهُم فِيهَا ولد قَوْله [4339] يخرج من النَّار حبوا أَي قَاعِدا على استه حبا الرجل مَشى على يَدَيْهِ وبطنه وَالصَّبِيّ حبوا مَشى على استه فَالْأول كسمو وَالثَّانِي كسهو كَذَا فِي الْقَامُوس هَذَا بِسَبَب احتراقه من النَّار (إنْجَاح) قَوْله حَتَّى بَدَت نَوَاجِذه هِيَ من الْأَسْنَان الضواحك الَّتِي تبدأ عِنْد الضحك وَالْأَكْثَر الْأَشْهر انها أقْصَى الْأَسْنَان وَالْمرَاد الأول لِأَنَّهُ مَا كَانَ يبلغ بِهِ الضحك حَتَّى يَبْدُو آخر اضراسه فورد كل ضحكه التبسم وان أُرِيد بهَا الاواخر لاشتهارها فوجهه ان يُرَاد مُبَالغَة مثله فِي ضحكه من غير ان يُرَاد ظُهُور نَوَاجِذه نِهَايَة

§1/1