شرح بلوغ المرام - عبد الكريم الخضير

عبد الكريم الخضير

كتاب الطهارة

بلوغ المرام - كتاب الطهارة (1) مقدمة المؤلف - كتاب الطهارة - باب المياه الشيخ/ عبد الكريم بن عبد الله الخضير الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فأشكر الله -سبحانه وتعالى- أولاً وآخراً على أن يسر مثل هذه اللقاءات التي نرجو أن تكون مباركة خالصة لوجهه الكريم، كما أشكر الأخوة القائمين على هذه الدورة -المنظمين لها- على ثقتهم وحسن ظنهم بي، لشرح مثل هذا الكتاب الذي شرح، بحيث تعددت شروحه من المتقدمين والمتأخرين. تولى شرحه جمع من أهل العلم فمن أولهم: القاضي الحسين بن محمد المغربي في شرح أسماه (البدر التمام في شرح بلوغ المرام)، وهو شرح موجود مخطوط ومحقق، لكن لم ينشر منه سوى مجلدين، ثم اختصره الأمير الصنعاني، توالت شروحه من المعاصرين وكثرت، سواءً منها المطبوع، ومنها المسموع، وغير ذلك؛ وذلكم لأهمية هذا الكتاب. والتصنيف في السنة والكتابة فيها كان في أول الأمر وفي صدر الإسلام، كان ذلكم على نطاق ضيق جداً؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- في أول الأمر نهى عن كتابة الحديث. ثبت في صحيح مسلم من حديث أبي سعيد أنه قال: ((لا تكتبوا عني شيئاً سوى القرآن، ومن كتب عني شيئاً غير القرآن فليمحه)) كان هذا في أول الأمر؛ خشية أن يختلط غير القرآن به، ثم لما أمنت هذه المفسدة أذن بالكتابة، وجاءت الأحاديث الدالة على جوازها بل على الأمر بها: ((اكتبوا لأبي شاه)) [الحديث في الصحيحين]. وقول أبي هريرة: "ما كان أحد من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أكثر مني حديثاً إلا ما كان من عبد الله بن عمرو فإنه كان يكتب ولا أكتب". ثم كثرت الكتابة وارتفع الخلاف في جوازها، وحصل الإجماع عليها، فكان الصحابة يكتبون والتابعون كذلك، والسنة محفوظة؛ لأن بحفظها يتم حفظ الدين، والدين محفوظ إلى قيام الساعة، لكن التدوين الرسمي العام إنما حصل على رأس المائة الثانية بأمر من الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز حيث أمر الزهري بكتابة السنة.

ثم تتابع أهل العلم على تدوين السنة فوجدت المصنفات والموطآت والمسانيد في القرن الثاني، ثم ألفت الجوامع بعد ذلك والسنن والمعاجم وتنوع التأليف في السنة، اتخذ أنحاء متعددة فمنها: المصنفات والموطآت، وهي في محتواها قريبة، كتب مرتبة الأحاديث على الأبواب إلا أنها بالنسبة للمصنفات تكثر فيها الآثار، فبهذا تختلف عن الموطآت. والموطآت وإن كان فيها آثار إلا أنها أقل من وجودها في المصنفات، والسنن تشترك مع المصنفات والموطآت في الترتيب إلا أنها تندر فيها الآثار، فيقتصر فيها على الأحاديث المرفوعة، والسنن غالباً ما تكون في أحاديث الأحكام بخلاف الجوامع كصحيح البخاري وصحيح مسلم، وغيرهما، جامع الترمذي، هذه فيها جميع أبواب الدين مما يحتاجه المسلم. فعندنا في الدرجة الأولى من المصنفات الصحاح، وهذه أولى ما يعتني به طالب العلم، بادئاً بصحيح البخاري ثم مسلم؛ لأن جماهير أهل العلم على تفضيل صحيح البخاري على مسلم، والكتابان معاً أصح الكتب المصنفة بعد كتاب الله -سبحانه وتعالى-. وإن ادعى أبو علي النيسابوري وبعض المغاربة أن صحيح مسلم أفضل وأصح من صحيح البخاري، لكن جماهير أهل العلم على خلاف لهذا القول، أول من صنف في الصحيح ... محمد وخص بالترجيح ومسلم بعد وبعض الغرب مع ... أبي علي فضلوا ذا لو نفع بعد الصحاح هناك أيضاً في المرتبة الثانية صحاح اشترط مؤلفوها الصحة ولم يفوا بشرطهم، أو تساهلوا في تطبيق الشرط، مثل صحيح ابن خزيمة، وصحيح ابن حبان، ومستدرك الحاكم وفيها صحيح كثير، إلا أن التساهل ظاهر فيها، وأمثلها ابن خزيمة ثم ابن حبان والحاكم. يقول الحافظ العراقي -رحمه الله تعالى-: وخذ زيادة الصحيح إذ تنص ... صحته أو من مصنف يخص بجمعه نحو ابن حبان الزكي ... وابن خزيمة وكالمستدرك على تساهلٍ. . . . . . . . . ... . . . . . . . . . يعني في هذه الكتب.

بعد ذلكم السنن، بعد هذه الكتب في المرتبة تأتي السنن، كسنن أبي داود والترمذي والنسائي وابن ماجه، ابن ماجه سادس الكتب على خلاف بين أهل العلم، فمنهم من يجعل مكانه الموطأ كرزين في تجريد الأصول، وابن الأثير في جامع الأصول، ومنهم من يجعل سادس الكتب الدارمي، لكن الأكثر تبعوا ابن طاهر في الأطراف وفي شروط الأئمة في جعل السادس ابن ماجه؛ لكثرة زوائده على الكتب الخمسة. ثم تتابع التأليف والتصنيف إلى أن ضعفت الهمم، فاحتاج الناس إلى الاقتصار على المتون، وضاقوا ذرعاً بالأسانيد؛ لضعف الحافظة، وفتور الهمم، وكثرة الشواغل والصوارف، فكل ممن ألف في هذه المختصرات المجردة المسانيد اتخذ له منحىً خاصاً به فمن أهل العلم من ألف في الفضائل، ومنهم من ألف في الأحكام، ومنهم من ألف في المغازي، ومنهم من ألف في التفسير المأثور وهكذا، وحذفوا الأسانيد؛ تخفيفاً على الطالبين واقتصروا على بيان الدرجة، وبعضهم أخل بهذا أيضاً. وكانت العهدة تبرأ -يبرأ منها الشخص- بذكر الإسناد في أول الأمر؛ لأن من يتصدى لطلب الحديث في أول الأمر كان المفترض فيه أن يعرف هذه الأسانيد، فإذا سيق الخبر بإسناده برئ من يسوقه من العهدة، ثم بعد حذف هذه الأسانيد لا بد من بيان درجة الحديث، وهذا أولاه الحافظ عندنا في الكتاب عناية تليق بمقام الكتاب. في العصور المتأخرة لا تبرأ العهدة بذكر السند؛ أولاً: لضعف معرفة طلاب العلم بالرجال والأسانيد.

الأمر الثاني: ضعفهم بمعرفة الاصطلاحات، فإذا كانت العهدة لا تبرأ، أو لا يبرأ من عهدة النقل من ساق الإسناد فقد لا يبرأ أيضاً ببيان الدرجة غير المشروحة، يعني لا يكفي أن يقال: هذا الحديث فيه فلان مثلاً، أو الحديث فيه ضعف ولا تقوم به حجة، بل لا يكفي أن يقال: الحديث موضوع؛ لأن الحافظ العراقي -رحمه الله تعالى- لما سئل عن حديث، قال للسائل: هذا الحديث لا أصل له مكذوب، موضوع، مكذوب على النبي -عليه الصلاة والسلام-، فقام إليه رجل من الأعاجم فقال: كيف تقول هذا الحديث مكذوب وهو مروي في كتب السنة بالأسانيد، ثم أحضره من كتاب الموضوعات لابن الجوزي، فتعجبوا من كونه لا يعرف موضوع الموضوع، فعلى هذا نقول: لا يكفي الخطيب أن يقول لعامة الناس: هذا الحديث موضوع، بل لا بد أن يشرح لهم معنى كلمة موضوع، لا بد من هذا؛ لأن كثيراً من الناس لا يفهم أيش معنى كلمة موضوع، فإذا كان هذا الشخص الذي استدرك على الحافظ العراقي في القرن الثامن فكيف بمن دونه؟! على كل حال بعد ضعف الهمم لجأ الناس إلى المختصرات، لجأ الناس إلى المختصرات، فألفت كتب وأحاديث الأحكام؛ لشدة الحاجة إليها؛ لأنها أحاديث عملية، ومن هذه الكتب المطول ومنها المختصر، فمن هذه الكتب (المنتقى) لمجد الدين ابن تيمية الحراني عبد السلام جد شيخ الإسلام -رحمه الله- وهذا الكتاب يحوي غالب أحاديث الأحكام، جل أحاديث الأحكام موجودة في المنتقى، على أنه فيه الصحيح والحسن والضعيف. ومن هذه الكتب: (كتاب المحرر) لابن عبد الهادي، وهو من أدق هذه الكتب وأشدها تحريراً، وإمامة مؤلفه معروفة، مشهود له بذلك. ومنها (العمدة) للحافظ عبد الغني المقدسي، وقد اقتصر فيها على ما صح من أحاديث الأحكام، فينبغي لطالب العلم أن يبدأ بها قبل البلوغ وقبل المنتقى، ومنها هذا الكتاب الذي بأيدينا، وبينا شيئاً من عناية أهل العلم به باختصار.

طلاب العلم في السنوات الأخيرة بدؤوا وارتفعت هممهم إلى حفظ ما هو أعلى من هذه الكتب، وهو ما يسمى بحفظ الصحيحين والسنن، والمقصود بذلك المتون؛ لأنهم يحفظون من المختصرات المجردة الأسانيد، ومن غير تكرار، فإطلاق الصحيحين على هذه الكتب تجوز، وهي همة لا شك أنها تشكر؛ تنبئ عن حرص وصدق، صدق عزيمة في الطلب، لكن في هذه الكتب -كتب أحاديث الأحكام- ما لا يوجد في الصحيحين مما يحتاجه طالب العلم. فلو ابتدئ الطالب بحفظ الأربعين؛ لأنها أحاديث جوامع كلية، ثم حفظ العمدة؛ لأن أحاديثها صحيحة، ثم ثلث بالبلوغ، ثم حفظ ما شاء من الكتب. ويسأل كثير من الأخوة الذين يريدون الحفظ من الصحيحين، هل يبدأ بالبخاري ثم يأخذ الزوائد أو ما زاده مسلم على البخاري أو العكس؟ وبعضهم ممن بدأ بالحفظ في بداية هذه النهضة المباركة -أعني نهضة حفظ السنة- بدؤوا بصحيح مسلم، وأخذوا زوائد البخاري عليه، وما ذلكم إلا لما عرف من دقة مسلم وتحريه في سياق المتون، ثم أخذوا زوائد البخاري عليه. لكن يبقى هل دقة مسلم تختلف عن دقة البخاري في تحري اللفظ النبوي أو هو منهج واحد؟ في تصوري أن المنهج لا يختلف؛ لأن كلاً من الشيخين يجيز الرواية بالمعنى، كل منهما يجيز الرواية بالمعنى، فكون الإمام مسلم يعتني ببيان صاحب اللفظ بدقة، ويذكر فروق الرواة بالحرف، لا يعني هذا أن اللفظ الذي ساقه هو اللفظ النبوي؛ لاحتمال أن يكون التابعي رواه بالمعنى عن الصحابي، والصحابي رواه بالمعنى عن النبي -عليه الصلاة والسلام-؛ لأن مسلم إنما يبين فروق روايات شيوخه غالباً، فمن فوقهم كل منهم يحتمل أنه رواه بالمعنى؛ لأن من مذهبه جواز الرواية بالمعنى وهو قول جمهور أهل العلم. فإذا قال الإمام مسلم -رحمه الله تعالى-: حدثنا قتيبة بن سعيد ويحيى بن يحيى وأبو بكر بن أبي شيبة، واللفظ لابن أبي شيبة مثلاً، إذاً رواه الاثنان بالمعنى. عرفنا أن هذا لفظ أبي بكر بن أبي شيبة أو لفظ قتيبة فيما نص عليه الإمام مسلم، لكن من يضمن لنا أنه اللفظ النبوي؟ لاحتمال أن يكون الصحابي رواه بالمعنى، فيستوي في ذلك مع البخاري.

الإمام البخاري لا شك أنه يتحرى ويتحرز في الألفاظ لكنه لا يبين هل هو لفظ فلان أو فلان ما داموا كلهم على شرطه، مع أن الحافظ ابن حجر نص على أنه ظهر بالاستقراء من صنيع الإمام البخاري أنه إذا روى الحديث عن أكثر من واحد فإن اللفظ يكون للأخير. فعلى هذا ينبغي أن تتجه الهمم وعنايات طلاب العلم بعد حفظ هذه المختصرات بصحيح البخاري، بصحيح البخاري وأعني به الأصل، وأعني به الأصل الذي صنفه الإمام محمد بن إسماعيل البخاري؛ لأن من اعتنوا بالمختصرات وإن كانوا على خير عظيم -إن شاء الله- ويرجى لهم النفع ومنهم أيضاً، إلا أن المختصرات أخلت بكثير من مقاصد الإمام، ولو لم يكن في ذلك إلا فقه الإمام -رحمه الله تعالى- ومعرفة الأسانيد فهي مما ينبغي أن يعتني به طالب العلم، والأحاديث وإن كانت صحيحة فإن في أسانيدها من الفوائد واللطائف ما لا يستغني عنه طالب العلم. وإذا ضربنا مثالاً يبين لنا أهمية هذه الأصول، فلننظر إلى أحاديث الرقاق مثلاً من صحيح البخاري، عدتها مائة وثلاثة وتسعين، فيها أكثر من مائة وخمسين ترجمة، والتراجم -تراجم الإمام- هي فقهه واستنباطه، وإذا نظرنا إلى المختصر فإذا فيه سبعة أحاديث، وهذه السبعة الأحاديث أولاً: ما فيها تراجم أصلاً، الأمر الثاني: أننا حرمنا من أكثر من مائة وعشرين ترجمه هي فقه الإمام. وإذا أراد الشخص أن يبحث في هذا الموضوع المتكامل في الصحيح ثم رجع إلى المختصر، فإنه لن يظفر بطلبته؛ لأن المختصر وظيفته حذف المكرر، وجل هذه الأحاديث تقدم. فإذا قارنا بين مائة وثلاث وتسعين حديث وسبعة أحاديث وجدنا الفرق كبيراً جداً، وهذا يبين لنا أهمية العناية بالكتب الأصلية، فتراجم الأئمة هي فقههم، فنعتني بتراجم البخاري.

مسلم -رحمه الله تعالى- لم يترجم للكتاب، ترجمه الشراح وهو فقه الشراح، أبو داود ترجم تراجم دقيقة، النسائي ترجم بعلل دقيقة، ابن ماجه أيضاً فقهه في تراجمه أيضاً ظاهر، الترمذي كذلك، فعلى كل حال من حفظ هذه المختصرات بين يدي تلك المطولات فعليه بالمطولات، ولا يعني هذا أننا نقلل من شأن حفظ مختصرات الكتب الأصلية كمختصر البخاري أو مختصر مسلم وما أشبه ذلك، لا، معاذ الله، هذا جهد طيب ويشكرون عليه، ولن يحرمهم الله الأجر، ومن سن هذه السنة يرجى أن يكون له أجرها وأجر من عمل بها. بعد يأس طويل من أهل العلم وطلابه، يئسوا أن يتطاولوا إلى هذه الكتب، وأن يحاولوا حفظها، همم الناس منذ قرون اقتصرت على هذه المختصرات، وإنما تُقرأ المطولات من أجل الفائدة والبركة، لكن ما تجد من تتجه همته وعنايته إلى الصحيح، وقد وجد ولله الحمد في هذه الأيام من وصل في الحفظ إلى المستدرك الآن، هذا شيء يبشر، يبشر بخير عظيم، لا سيما إذا اقترن هذا العلم بالعمل؛ لأن العمدة في العلوم الشرعية ما قاله الله وقاله رسوله -عليه الصلاة والسلام-. علينا أن نعتني بتراجم الأئمة لا سيما البخاري كما ذكرت، وأصحاب السنن، وهذه التراجم هي التي ميزت هذه الكتب عن المسانيد، وجعلتها في المرتبة دونها؛ لأن صاحب الكتاب المرتب يترجم بحكم شرعي، فيذكر تحت هذه الترجمة أقوى ما يجد، أما صاحب المسند فإنه يترجم باسم صحابي فيذكر تحت ترجمته ما وقع له من أحاديث هذا الصحابي، بغض النظر عن درجتها، ولذا جعل أهل العلم المسانيد دون السنن في المرتبة، لذا يقول الحافظ العراقي -رحمه الله تعالى-: ودونها في رتبة ما جعلا ... على المسانيد فيدعى الجفلا كمسند الطيالسي وأحمدا ... وعده للدارمي انتقدا يعني ابن الصلاح لما عد الدارمي في المسانيد انتقد؛ لأن الدارمي الموجود سنن، وليس بمسند -مرتب على الأبواب- اللهم إلا إن كان ابن الصلاح يقصد المسند الذي ذكره الخطيب في ترجمته حينما قال: له المسند والجامع، يمكن، فلا استدراك.

الحفظ الحفظ يا معاشر الإخوان فإنه لا علم إلا بالحفظ، وسوف تحمدون العاقبة -إن شاء الله تعالى- إذا تقدمت بكم السن وضعفت الحافظة، أما من فرط وسوف وأطال الأمل وقال: سوف يحفظ، سوف يعتني هذا يفوته خير كثير، ويفوته زمن الحفظ؛ لأن الحافظة -كما يقرره جماهير أهل العلم- كغيرها من القوى، تضعف، يضعف السمع، يضعف البصر، تضعف الحافظة أيضاً وهذا شيء مشاهد، وإن كان الماوردي في أدب الدنيا والدين يقول: إن الحافظة لا تتغير، فحافظة الشخص في أول عمره مثل حافظته في آخره، لكن المؤثرات على هذه الحافظة هي التي تجعل الإنسان يضعف حفظه، لكن الملكة لا تتغير، إذا كبر كثرت مشاغله، كثرت الصوارف، فضعف الحفظ بسببها وأما الحافظة فلا تضعف، لكن هذا الكلام يرده الواقع، يرده الواقع. لو افترضنا أن شخصاً عمره عشرون وآخر عمره ستون وجعلنا لكل واحد -لكل منهما- من الظروف ما يناسب، بل يساوي ظروف الآخر، نجد أن الصغير يحفظ أكثر، هذا إذا كانا في درجة واحدة، لا شك أن الحفظ يتفاوت من شخص إلى آخر، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، فقد ضرب المتقدمون في الحفظ أروع الأمثلة فمنهم من يحفظ مائة ألف، ومنهم من يحفظ ثلاثمائة ألف، ومنهم من يحفظ ستمائة ألف، ومنهم من يحفظ أكثر، ومنهم من يحفظ أقل، والله المستعان، ولا أحب أن أطيل عليكم؛ لأن القصد الكتاب الذي هو موضوع هذه الدروس. والشرح سوف يكون باختصار -بل باختصار شديد يناسب الوقت-؛ لأننا لو بسطنا الشرح وجعلنا كل حديث في درس -وإن كان البسط يحتمل أكثر من ذلك- لاحتجنا إلى مائة وخمسين دورة لننهي هذا الكتاب، وإذا اختصرنا وأوجزنا، وذكرنا ما لا بد منه لفهم الحديث والاستنباط اليسير، ومن خالف هذا الحديث فإننا -بإذن الله تعالى- في عشر دورات ننهي الكتاب على الطريقة المختصرة. ونحيل بالشرح المبسوط المطول على المكتوب، الذي نرجو أن يخرج قريباً، وليس معنى هذا قريب أنه السنة هذه أو التي تليها، كما سمع بعض الإخوان وأشغلونا بالمكالمات والكتابات، وإنما هو من باب كل آت قريب، كل آت قريب ولو بعد، {ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ} [(17) سورة النساء]، من تاب قبل الموت فهو من قريب، الله المستعان. فنقرأ في الكتاب سم.

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد: قال الإمام الحافظ أحمد بن علي بن حجر العسقلاني -رحمه الله تعالى-: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله على نعمه الظاهرة والباطنة قديماً وحديثاً، والصلاة والسلام على نبيه ورسوله محمد، وآله وصحبه الذين ساروا في نصرة دينه سيراً حثيثاً، وعلى أتباعهم الذين ورثوا علمهم، والعلماء ورثة الأنبياء، أكرم بهم وارثاً وموروثاً، أما بعد: فهذا مختصر يشتمل على أصول الأدلة الحديثية للأحكام الشرعية، حررته تحريراً بالغاً، ليصير من يحفظه من بين أقرانه نابغاً، ويستعين به الطالب المبتدي، ولا يستغني عنه الراغب المنتهي، وقد بينت عقب كل حديث من أخرجه من الأئمة؛ لإرادة نصح الأمة. فالمراد بالسبعة أحمد والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه. وبالستة من عدا أحمد، وبالخمسة من عدا البخاري ومسلماً. وقد أقول: الأربعة وأحمد، وبالأربعة من عدا الثلاثة الأول، وبالثلاثة من عداهم وعدا الأخير، وبالمتفق عليه البخاري ومسلم، وقد لا أذكر معهما غيرهما، وما عدا ذلك فهو مبين. وسميتُه بلوغ المرام من أدلة الأحكام، والله أسال ألا يجعل ما علمنا علينا وبالاً، وأن يرزقنا العمل بما يرضيه -سبحانه وتعالى-. يقول المصنف -رحمه الله تعالى-: "بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله على نعمه الظاهرة والباطنة قديماً وحديثاً": ابتدأ المؤلف -رحمة الله عليه- بالبسملة، وأردفها بالحمدلة؛ اقتداءً بالقرآن، حيث افتتح بذلك، وعملاً بالحديث -وإن كان لا يسلم من مقال-: ((كل أمر ذي بال لا يبدأ ببسم الله فهو أبتر))، وحديث أبي هريرة: ((كل أمر ذي بال لا يبدأ بحمد الله فهو أقطع))، هذا حسنه بعض أهل العلم، لفظ الحمد حسنه بعض أهل العلم، وحكم بعضهم على ضعف الحديث بجميع طرقه وألفاظه، وعلى كل حال لو لم يكن في ذلك إلا الاقتداء بالقرآن الكريم. "الحمد لله على نعمه": وهو المحمود تمام الحمد على النعم والآلاء التي أسبغها على عباده.

"الظاهرة والباطنة": ومن أعظمها وأجلها نعمة الإسلام، فلأن يلهج الإنسان بالحمد والثناء والشكر عدد أنفاسه على أن هداه الله لهذا الدين لما وفى بشكر هذه النعمة، فإذا أضيف إلى ذلك النعم التي لا تعد ولا تحصى، {وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللهِ لاَ تُحْصُوهَا} [(18) سورة النحل]. "الظاهرة والباطنية": نعمة الأمن، نعمة الصحة، نعمة الفراغ، نعمة المال، نعمة الزوجة والأولاد، كل هذه نعم تحتاج إلى شكر، نعمة البصر، نعمة السمع، نعمة .. ، إذا أراد الإنسان أن يعرف قدر نعم الله عليه فلينظر ما قرب منه وما بعد ممن هم على غير هذا الدين، أو ممن هم على هذا الدين لكن ابتلوا بالمصائب والكوارث والحروب، والخوف والجوع، أو ينظر في من حوله ممن يئن فوق الأسرة وهو يتقلب بنعم الله الظاهرة والباطنة. "والصلاة والسلام على نبيه ورسوله محمد وآله وصحبه": الصلاة والسلام، لا شك أن الصلاة والسلام على هذا النبي من أفضل القربات، وقد أمرنا الله بذلك، قال -جل وعلا-: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [(56) سورة الأحزاب]، وجمع -رحمه الله تعالى- بين الصلاة والسلام امتثالاً لهذا الأمر. وإفراد الصلاة دون السلام والعكس خلاف الأولى، وأطلق النووي الكراهة، أطلق النووي الكراهة -كراهة إفراد الصلاة دون السلام أو العكس- لا شك أنه لا يتم الامتثال -امتثال الأمر- إلا بالجمع بينهما. وخص ابن حجر الكراهة بمن كان ديدنه ذلك، يعني ديدنه عادته المطردة ذلك، يصلي باستمرار ولا يسلم، أو يسلم ولا يصلي، هذا حري بأن تطلق الكراهة في حقه. "والصلاة والسلام على نبيه ورسوله محمد": عليه الصلاة والسلام، "وآله": وهم أقاربه الذين يحرم عليهم أخذ الزكاة، أو هم أتباعه على دينه، "وصحبه": الذين نصروه وآزروه وآووه، وحملوا دينه إلى من بعدهم، وبلغوه على أكمل وجه.

والجمع بين الآل والصحب أمر لا بد منه، ولا ينبغي الاقتصار على الآل فقط، وإن شاع بين طلاب العلم؛ لأنه صار شعاراً لبعض المبتدعة، كما أنه لا ينبغي الاقتصار على الصحب دون الآل؛ لأنه صار شعاراً لقوم آخرين، فالاقتصار على الآل شعار للروافض الذين يكفرون الصحابة، كما أن الاقتصار على الصحب دون الآل شعار للنواصب. وأهل السنة وسط بين الفرقتين، فإما أن يقتصروا فيصلوا على النبي -عليه الصلاة والسلام- امتثالاً لأمر ربهم، فإن أضافوا فليضيفوا الفريقين، وإن كان الآل بالمعنى الأعم يدخل فيه الصحب، والصحب بالمعنى الأعم يدخل فيه من هو على الجادة من الآل، على كل حال الجمع بينهما هو المتعين؛ لمخالفة من أمرنا بمخالفتهم من المبتدعة. "وصحبه الذين ساروا في نصرة دينه سيراً حثيثاً": لم يألوا جهداً، ولم يقصروا في نصرة الدين. "سيراً حثيثاً": سريعاً بلغوه الآفاق وبلغ مشارق الأرض ومغاربها في أقصر مدة متصورة. "وعلى أتباعهم الذين ورثوا علمهم": من التابعين الذين لقوا الصحابة وأخذوا عنهم، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. "والعلماء ورثة الأنبياء": وقد جاء هذا اللفظ ضمن حديث رواه أبو داود والترمذي وأحمد، وجاء في ترجمة من تراجم الصحيح في كتاب العلم -وهو حسن- والعلماء ورثة الأنبياء، ومعلوم أن الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً وإنما ورثوا العلم، فلنحرص على هذا العلم؛ لأن تركة الأنبياء هي العلم، والعلم المراد به ما نفع، ما نفع وصار زاداً إلى الدار الآخرة، زاداً مبلغاً إلى جنات النعيم، إلى دار الخلود. "أكرم بهم وارثاً وموروثاً": أكرم بالسلف من الصحابة والتابعين ومن تبعهم بإحسان، "وموروثاً": من علم نافع، مقرون بالعمل الصالح. "أما بعد": أما حرف شرط، بعد: قائم مقام الشرط، ظرف قائم مقام الشرط، وجواب الشرط ما اقترن بالفاء، فهذا مختصر يشتمل. وهذه الكلمة (أما بعد) اختلف في أول من قالها على ثمانية أقوال يجمعها النظم في بيتين جرى الخلف أما بعد من كان بادئاً ... بها عد أقوالاً وداود أقرب ويعقوب أيوب الصبور وآدم ... وقس وسحبان وكعب ويعرب ثمانية أقوال، لكن أقرب الأقوال أنه، أنها من قول داود وأنها فصل الخطاب الذي أتيه.

"فهذا": الفاء وقاعة في جواب الشرط، وهذا إشارة، والإشارة إن كانت المقدمة بعد تمام التأليف -تأليف الكتاب- فالإشارة إلى موجود في الأعيان، وإن كانت المقدمة كتبت قبل كتابة الكتاب فهي إشارة إلى حاضر في الذهن. "هذا مختصر يشتمل على أصول الأدلة الحديثية للأحكام الشرعية": مختصر يشتمل على أصول الأدلة الحديثية للأحكام الشرعية: يمكن أن يستغني به طالب العلم إذا فهمه واستنبط منه ما يمكن استنباطه من الأحكام بعد قراءة الشروح وسماع ما سجل على هذا الكتاب -وهي أشرطة كثيرة جداً حول هذا الكتاب- لم يحضَ كتاب في السنة من المختصرات مثل ما حضي هذا الكتاب؛ وذلكم لأهميته، فمن حفظ هذا الكتاب وفهمه وأدام النظر فيه .. ؛ لأن مؤلفه حرره تحريراً بالغاً، وأبدى فيه وأعاد وكرر، وليس هو بالمعصوم، من حفظه صار من بين أقرانه نابغاً متميزاً على أقرانه، فإذا وفق الإنسان وحفظ هذا الكتاب، وحفظ معه متناً من المتون الفقهية -وليكن الزاد مثلاً- وحفظ مع ذلكم من أحاديث الآداب ما يحتاج إليه من رياض الصالحين، وذلكم بعد حفظ كتاب الله -سبحانه وتعالى- فقد جمع أطراف العلم، واستحق إن أوتي فهماً مناسباً بعد ذلك الفتيا والقضاء وما أشبه ذلك من الولايات الشرعية. يقول: "حررته تحريراً بالغاً؛ ليصير من يحفظه من بين أقرانه نابغاً": بين أقرانه: زملائه، والأقران هم أبناء الطبقة الواحدة المتشابهون في السن والأخذ عن الشيوخ. "ويستعين به الطالب المبتدي، ولا يستغني عنه الراغب المنتهي": يستعين به الطالب المبتدي، يستعين به على العلم، على التعلم، على الاستنباط على العمل، هذا الطالب المبتدي لا شك أنه بأمس الحاجة إليه. ولا يستغني عنه الراغب المنتهي": يتبصر به الطالب المبتدي في أوائل الطلب، ويتذكر به الراغب المنتهي؛ لأن الإنسان مهما بلغ من العلم، ومهما حفظ لا يستغني عن الاستذكار، وتذكر العلم مذاكرة العلم؛ لأن العلم ينسى، والحفظ خوان، قد يخونه أحوج ما يكون إليه. يقول: "وقد بينت عقيب كل حديث من أخرجه من الأئمة": خرج الأحاديث بعزوها إلى من رواها، وإن لم يكن ذلك على سبيل الاستقصاء والاستيعاب، بل على سبيل الاختصار.

"وقد بينت عقيب كل حديث من أخرجه من الأئمة لإرادة نصح الأمة": والعزو لا بد أن يكون إلى المصادر الأصلية التي تروي الأحاديث بالأسانيد، الأعلى فالأعلى. "لإرادة نصح الأمة": فمن أحالك نصحك، ومن ذكر لك فائدة دون عزو إلى صاحبها قصر في هذا الباب، ولذا يذكر عن ابن عباس -رضي الله عنه-: "من بركة العلم إضافة القول إلى قائله"، من بركة العلم إضافة القول إلى قائله. ثم بين اصطلاحه في العزو، فأحياناً يقول -رحمه الله تعالى-: رواه السبعة، وبين مراده بهم. "فالمراد بالسبعة أحمد والبخاري ومسلم وأبو داود والنسائي والترمذي وابن ماجه": هم الإمام أحمد، والشيخان، وأصحاب السنن الأربعة، هؤلاء هم السبعة، وهم الجماعة. "وبالستة من عدا أحمد": أصحاب الأمهات الست المعروفة المشهورة المتداولة، "وبالخمسة من عدا الشيخين البخاري ومسلماً. يقول: "وقد أقول: الأربعة وأحمد": وقد أقول: الأربعة وأحمد، لا شك أن الخمسة أخصر من قول أخرجه الأربعة وأحمد، لكنه قد يذهل عن هذا الاصطلاح، وقد تكون هناك نكتة كما يمر علينا -إن شاء الله تعالى- في الأمثلة. "وبالأربعة من عدا الثلاثة الأول": أحمد والبخاري ومسلم، "وبالثلاثة من عداهم والأخير": من عدا أحمد والبخاري ومسلم وابن ماجه، فالثلاثة هم أبو داود والترمذي والنسائي فقط، "وبالمتفق عليه البخاري ومسلم": إذا قال: متفق عليه فقد رواه البخاري ومسلم، يعني من طريق صحابي واحد، من طريق صحابي واحد، فلا يستدرك أحد على المؤلف إذا قال: رواه البخاري، من يجده في صحيح مسلم بلفظه عن صحابي آخر، فلا بد أن يكون مروياً في الكتابين، ومثله ما تقدم، إذا رواه .. ، قال: رواه السبعة معناه أنهم ذكروه في كتبهم السبعة من طريق صحابي واحد، أما إذا اختلف الصحابي ولو اتحد اللفظ فإنه حينئذ يكون حديثاً آخر، ولو اتحد اللفظ، هذا ما جرى عليه الاصطلاح، الحافظ ابن حجر له عناية بهذا الشأن.

"المتفق عليه البخاري ومسلم": وما ذكرناه من أنه لا بد من اتحاد الصحابي ليكون الحديث واحداً هو قول الأكثر، وإلا قد تجدون في مثل شرح السنة للبغوي، قول: متفق عليه، رواه محمد عن أبي هريرة ومسلم عن ابن عمر، وهذا اصطلاح خاص به، وقد تجدون في المنتقى (متفق عليه) ويريد بذلك البخاري ومسلم وأحمد، وهذا اصطلاح خاص به، ومثل هذا لا مشاحة فيه، مثل هذا الاصطلاح إذا بُيِّن لا مشاحة فيه، وتسمعون كثيراً قولهم: لا مشاحة في الاصطلاح، هذه الكلمة ليست على إطلاقها، وليس كل اصطلاح يسلم ولا يشاحح فيه، بل من الاصطلاحات ما ينبغي أن يشاحح صاحبه، فإذا كان الاصطلاح لا يخالف حكماً شرعياً أو لا يخالف ما اتفق عليه أهل علم من العلوم فإنه لا مشاحة فيه، أما إذا تضمن مخالفة فيشاحح صاحبه، لو قال شخص: أنا أُسمي أخ الأب خالاً، الناس يسمونه عماً وأنا بأسميه خالاً، وأنا أسمي أخا الأم عماً، وإن كان الناس كلهم يسمونه خالاً، نقول: لا، قال: أنا أكتب في الفرائض وأبين هذا في المقدمة، نقول: ما يكفي، أنت خالفت، يترتب عليه مخالفة شرعية، يعني ما يثبت للعم من النصوص غير ما يثبت للخال والعكس، لكن لو قال: أنا أسمي أبا الزوجة عماً أو خالاً قلنا: شأنك؛ لأنه ما يترتب عليه مخالفة، هذا اصطلاح سواءً سميته خالاً أو عماً ما يتغير الحكم، ولا يترتب عليه شيء، بعض الناس يسميه عماً، وبعضهم يسميه خالاً، ما فيه فرق، أمور اصطلاحية بين الناس، فلنعرف أن من الاصطلاحات ما يشاحح فيه، فليست هذه الكلمة على إطلاقها. فلو ألف شخص في الجغرافيا مثلاً وقال: الناس يقولون: هذه الجهة هي الشمال، وهذه هي الجنوب، أنا أقول: لا، هذا هو الشمال وهذا الجنوب، نقول: لا، تشاحح في اصطلاحك. ولو قال: السماء تحت والأرض فوق، نقول: لا، تشاحح في اصطلاحك، لكن لو قال: أنا لا أغير من الواقع شيئاً هذا هو الشمال وهذا هو الجنوب، لكن الناس كلهم في الخارطة يجعلون الشمال فوق، والجنوب تحت، صح وإلا لا؟ يقول: لا، أنا باقلب الخارطة، أخلي الجنوب فوق والشمال تحت، نقول: لا مشاحة في الاصطلاح، ليش؟ لأنه ما يغير من الواقع شيئاً.

البغوي -رحمه الله تعالى- في المصابيح لما قسم أحاديث الكتاب إلى الصحاح والحسان، إلى الصحاح والحسان، وجعل الصحاح ما رواه البخاري ومسلم، وجعل قسم الحسان ما رواه أصحاب السنن الأربعة، نقول: لا، هذا اصطلاح مردود، قد يقول قائل: لا مشاحة في الاصطلاح، وقد قيل، قيل: كيف يشاحح البغوي في هذا الاصطلاح وقد بيَّن؟ نقول: يرد عليه، لماذا؟ لأنه يلزم منه الحكم على ما صح من أحاديث السنن بأنه حسن، ويلزم منه الحكم على ما ضعف من أحاديث السنن بأنه حسن أيضاً. والبغوي إذ قسم المصابحا ... إلى الصحاح والحسان جانحا أن الحسان ما رووه في السنن ... رد عليه إذ بها غير الحسن فيشاحح، فمثل هذه الجملة التي يطلقها أهل العلم ينبغي تقييدها، كما أن هناك جملاً تحتاج إلى تقييد، العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، نقل عليها اتفاق لكن لا بد من تقييدها، قد يلجأ إلى خصوص السبب، ويقصر الحكم عليه لمعارضة العموم ما هو أقوى منه، قد نلجأ إلى خصوص السبب. والنبي -عليه الصلاة والسلام- قال لعمران بن حصين: ((صل قائماً فإن لم تستطع فقاعداً، فإن لم تستطع فعلى جنب))، وقال في الحديث الآخر في الصحيح: ((صلاة القاعد على النصف من أجر صلاة القائم))، عموم حديث عمران بن حصين يشمل الفريضة والنافلة: ((صل قائماً فإن لم تستطع فقاعداً))، لا تصح الصلاة من قعود مع القدرة على القيام، هذا مقتضى حديث عمران، ومقتضى الحديث الآخر أن الصلاة تصح من قعود لكن على النصف من أجر صلاة القائم ولو كانت فريضة، عموم هذا الحديث يخالف عموم الحديث الآخر.

لو نظرنا في سبب ورود الحديث الثاني لوجدناه -كما ذكر أهل العلم- النبي -عليه الصلاة والسلام- دخل المسجد والمدينة محمَّة -يعني فيها حمى- فوجدهم يصلون من قعود فقال: ((صلاة القاعد على النصف من أجر صلاة القائم))، فتجشم الناس الصلاة قياماً، فدل على أنها نافلة وليست فريضة؛ لأنه لا يمكن أن يصلوا الفريضة قبل مجيئه -عليه الصلاة والسلام- ودل السبب أيضاً على أنهم يستطيعون القيام، ولهذا نقول: ((صلاة القاعد على النصف من أجر صلاة القائم)) في النافلة بالنسبة لمن يستطيع القيام، أما في الفريضة فلا، وغير المستطيع أجره كامل سواءً كان في النافلة أو الفريضة وقد لجأنا في الحديث الثاني إلى خصوص السبب، لماذا؛ لأن عموم اللفظ معارض بعموم أقوى منه. من ذلكم -من هذه القواعد- وهذا استطراد قد يحتاجه بعض الناس ولكن باختصار شديد- من ذلكم قولهم: الخلاف شر، الخلاف شر، هذا يحتاج إلى تقييد، ما هو بكل خلاف شر، وإلا لو وجدنا أدنى خلاف تركنا العزائم، ارتكبنا الرخص وتركنا العزائم، وعطلنا بذلك الأحكام، لكن لا بد من بيان هذه الأمور بياناً شافياً كافياً، ولعل الله -سبحانه وتعالى- أن ييسر كتابة شيء في مصنف يجمع هذه الأمور التي تطلق لكنه ينبغي تقييدها بالأمثلة إن شاء الله تعالى. يقول: "وقد لا أذكر معهما غيرهما": يقتصر على الصحيحين مع أن الحديث مخرج في بقية الكتب السبعة. "وما عدا ذلك فهو مبين": يعني إذا رواه عبد الرزاق، رواه البيهقي، رواه ابن أبي شيبة، رواه الطبراني، رواه الدارقطني يبين ذلك. يقول: "وسميته بلوغ المرام": هذا اسم علم على هذا الكتاب، سميته: سماه مؤلفه بهذا الاسم (بلوغ المرام) علم على هذا الكتاب، فإذا قيل: البلوغ انصرف إلى هذا الكتاب، وإن كان هناك بلوغ السول مثلاً، لكن صار هذا الاسم علماً على هذا الكتاب. "من أدلة الأحكام": بلوغ المرام، بلوغ الغاية والحاجة من أدلة الأحكام.

"والله أسال ألا يجعل ما علمنا علينا وبالاً": نسأل الله -سبحانه وتعالى- ألا يجعل علمنا علينا وبالاً، بسبب التشريك فيه، أو عدم العمل به، فالعلم الشرعي عبادة محظة، لا يقبل التشريك، فقد حاء في حديث الثلاثة الذين هم أول من تسعر بهم النار، منهم العالم الذي تعلم العلم وعلم الناس، قد يجلس لتعليم الناس عقود خمسين ستين سنة، وهو من هؤلاء الثلاثة، فيقال له: ماذا عملت؟ قيقول: تعلمت العلم وعلمت الناس، فيقال: كذبت، إنما تعلمت ليقال عالم، وقد قيل، يكفيك هذا الكلام، فيسحب على وجه إلى النار، نسأل الله العافية. ومثله المجاهد الذي يقدم نفسه للقتل من أجر أن يقال: شجاع، لا لإعلاء كلمة الله، ومثله الجواد الذي ينفق الأموال الطائلة ليقال: جواد. فعلينا جميعاً أن نخلص النية وأن نحرص على ذلك أشد الحرص، ولا نسوف، نقول: جاء عن بعض السلف أنه قال: "تعلمنا لغير الله، فأبى العلم إلا أن يكون لله"، لا، لا نفرط، ما تدري ماذا يفجأك الأمل، ولا ننسى قول بعضهم: من تعلم لغير الله مكر به، وقد يقول قائل: إنه حرص وجاهد نفسه على تصحيح النية وعجز، وهذا يظهر جلياً في التعليم النظامي في الكليات الشرعية، ولا شك أن هذا أمر مقلق، سواءً كان للمعلم أو المتعلم، كل منهم ينظر إلى آخر الشهر المعلم ينظر إلى آخر الشهر، والمتعلم ينظر إلى التخرج والوظيفة وبناء المستقبل، فيقول القائل: هو عجز عن تصحيح النية، لكن هل العلاج في ترك التعلم؟ لا، ليس هذا علاجاً، بل العلاج المجاهدة وصدق اللجأ إلى الله -سبحانه وتعالى- والله -سبحانه وتعالى- إذا علم صدق النية أعان، إذا علم الله صدق النية من العبد أعانه على ذلك. فعلينا أن نجاهد أنفسنا؛ لأن هذا الأمر الذي هو الإخلاص شرط في قبول العمل، ويضاف إليه ويضم إليه المتابعة -متابعة النبي -عليه الصلاة والسلام- فالعمل إذا لم يكن خالصاً لله -عز وجل- لم يقبل، وإذا لم يكن صواباً على سنة النبي -عليه الصلاة والسلام- لم يقبل؛ ((إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى))، ((من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد)).

فلا بد من أن يكون العمل خالصاً لوجه الله -سبحانه وتعالى- صواباً على سنة نبيه -عليه الصلاة والسلام- ثم إذا كان العمل خالصاً، فإنه ولا بد يجر إلى العمل. ما فائدة العلم إذا لم يتوج بالعمل؟ ما فائدة حشو المعلومات التي منها وجوب صلاة الجماعة، وهو ممن ينتسب إلى العلم ويتخلف عن صلاة الجماعة، وما فائدة العلم الذي فيه التشديد على أداء الصلوات في أوقاتها، وبعض من ينتسب إلى العلم يؤخر الصلاة عن وقتها، هذا في الحقيقة ليس بعلم وإن سماه الناس علماً. لقد جاء في الحديث -وإن كان فيه كلام لأهل العلم، ونقل عن أحمد تصحيحه وكثير من أهل العلم يحسنونه، وقد ضعفه جمع-: ((يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله، يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله))، وهذا أمر وإن جاء بصيغة الخبر للعدول بحمل العلم، وفيه أيضاً ما يفيد أن ما يحمله غير العدول ليس بعلم، فالعلم حقيقة إنما هو ما نفع، والعلم إذا تخلف عنه العمل فإنه يضر ولا ينفع، والله المستعان. سؤال: هذا كلام مناسب لما نحن فيه، هل يكون .. ، أو هل كلام المؤلف: "ليكون من يحفظه بين أقرانه نابغاً" يدعو لعدم إخلاص النية فتكون نيته لأجل أن يكون نابغاً بين أقرانه؟ لا، لا يلزم منه ذلك، لا يلزم منه ذلك، بل فيه حفز للهمة، والنبوغ كما يكون من أجل تحصيل حطام الدنيا يكون أيضاً نافعاً لتحصيل درجات الآخرة، ما الذي يمنع أن يكون من يحفظه بين أقرانه نابغاً في العلم والعمل؟ فيحفظ الكتاب لهذا القصد، كما قرر المؤلف -رحمه الله تعالى-: "ليكون من يحفظه بين أقرانه نابغاً" في العلم الذي يقود إلى العمل، وليس المراد بذلك العلم الذي هو حشر .. ، حشو المعلومات دون عمل، والله المستعان، فهذه الكلمة لا تنافي الإخلاص، لا تنافي الإخلاص، وقد يضطر المؤلف إلى بعض بيان عمله؛ لتشجيع القارئ، حينما يقول: "حررته تحريراً بالغاً": معناه أنه تعب عليه، وبين شيئاً من عمله.

كتاب الطهارة - باب المياه:

ابن القيم -رحمه الله تعالى- أحياناً -بل في كثير من المواضع- يجعل .. ، يشد القارئ ويجعله يهتم بهذا المكتوب، وأن ابن القيم تعب عليه، وأنه لا يوجد عند غيره، قد يقول: "احرص على حفظ هذا الكلام وفهمه علك ألا تجده في موضع آخر أو في كتاب آخر البتة". هذا ما فيه شك أن فيه حث للقارئ من أجل أن يعتني بهذا الكلام، الله المستعان. "وأن يرزقنا العمل بما يرضيه سبحانه وتعالى": وعرفنا أن العلم بدون عمل وبال على صاحبه، والله المستعان. ويلاحظ بين من ينتسب إلى العلم، بين من ينتسب إلى العلم الإخلال بهذا -الإخلال بالعمل- ويوجد ممن ينتسب إلى العلم -بل ممن يظن أنهم من أهل العلم ومن طلبة العلم- منهم من لا يصلح أن يقتدي به عامة الناس، بل تجدهم في أطراف الصفوف، وأوائل الصفوف وأوساطها من العامة، وهذا شيء مؤسف، بل محزن أن تجد طالب العلم الشرعي في طرف الصف وقد جاءت النصوص بالحث على التقدم في الصلاة، وانتظار الصلاة، فلا بد من العمل، لا بد منه. يقول: هل يلزم حفظ المقدمة من الكتاب؟ لا شك أن القصد الأحاديث، والهدف هو حفظ الأحاديث وفهمها، لكن هذه المقدمة أولاً هي مقدمة مختصرة وفيها اصطلاح المؤلف، بيان اصطلاحات المؤلف، ولا يضيق المرء بأن يحفظ صفحة واحدة أو أقل من صفحة إذا أراد أن يحفظ هذه الصفحات الكثيرة، أمرها سهل -إن شاء الله تعالى- أما اللزوم فليس بلازم؛ لأن القصد والهدف الأحاديث، لكن من الكمال والتمام أن تحفظ المقدمة معه. سم. قال المصنف -رحمه الله تعالى-: كتاب الطهارة - باب المياه: عن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في البحر: ((هو الطهور ماؤه الحل ميتته)) [أخرجه الأربعة, وابن أبي شيبة واللفظ له, وصححه ابن خزيمة والترمذي، ورواه مالك والشافعي وأحمد]. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: كتاب الطهارة: الكتاب مصدر كتب يكتب كتاباً وكتابة وكَتْباً، والأصل في هذه المادة الجمع، كما يقال: تكتب بنو فلان، إذا اجتمعوا، وقيل لجماعة الخيل: كتيبة، ومنه كتابة لاجتماع الحروف والكلمات، يقول الحريري في مقاماته: وكاتبين وما خطت أناملهم حرفاً ... ولا قرؤوا ما خط في الكتب

وكاتبين وما خطت أناملهم حرفاً: هم أميون لا يقرؤون ولا يكتبون وسماهم كاتبين، من هم؟ طالب:. . . . . . . . . كيف؟ طالب:. . . . . . . . . يسمون كاتبين، كيف سماهم كاتبين؟ هم أميون لا يقرؤون ولا يكتبون، لكن لماذا سماهم كاتبين؟ طالب: مجتمعين. مجتمعين، غيره؟ طالب:. . . . . . . . . نعم، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . كيف؟ طالب:. . . . . . . . . غيره؟ طالب:. . . . . . . . . نعم؟ طالب:. . . . . . . . . هذا قريب منه، الخرازين هم الخرازون قال: وكاتبين هم الخرازون؛ لأنهم يجمعون لنا صفائح الجلود بالخرازة التي هي كتابة عندهم. ومن ذلكم البيت الذي فيه هجو بني فزاره مما لا يليق ذكره في المسجد، فإذا رجعتم إلى كتب اللغة تجدون هذا كله. والمراد المكتوب الجامع لسائر الطهارة، من باب إطلاق المصدر وإرادة اسم المفعول، المكتوب الجامع لمسائل الطهارة. والطهارة أيضاً مصدر أو إن شئت فقل .. ، إن شئت فقل: اسم مصدر، طهر تطهيراً، إن قلت: طَهُر فهي مصدر –طهارة- وإن جئت بالفعل مضعف طهَّر مثل كلَّم، فالمصدر التطهير مثل التكليم، فتكون الطهارة اسم مصدر. وهي في الأصل النظافة، والنزاهة من الأقذار، وفي الشرع استعمال المطهرين الماء والتراب، لرفع الحدث وإزالة الخبث. ثم بعد هذا باب المياه: الباب في الأصل لما يدخل معه ويخرج منه، لما يدخل معه ويخرج منه، وهنا ما يجمع ويضم مسائل علمية، ما يجمع ويضم المسائل العلمية، واستعماله في الحسيات -في الأبواب الحسية حقيقة- واستعماله في المعاني كما هنا باب المياه حقيقة وإلا مجاز؟ هاه؟ من يقول بالمجاز ما عنده مشكلة يقول: مجاز، لكن الذي لا يقول بالمجاز أيش يقول؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . كيف؟ الذي لا يقول بالمجاز ماذا يصنع بمثل هذا؟ يقول: حقيقة، وإن لم تكن الحقيقة لغوية فهي حقيقة عرفية، حقيقة عرفية، وهي اصطلاح خاص، فالحقائق كما تعرفون ثلاث: لغوية وشرعية وعرفية. والمياه: جمع ماء، وتكلموا في تعريفه وماهيته ومركباته وأجزائه، لكن تعريفه يزيده غموضاً كما قال قائلهم: . . . . . . . . . ... وعرفوا الماء بعد الجهد بالماء كيف تعرفة الماء؟

وهنا تنبيه ينبغي أن يعتنى به، وهي أن كتب السلف قاطبة لا تعتني بمثل هذا التعريف -تعريف الأمور الواضحة- وبناء الأبواب وترتيبها على هذا النسق الحد، ثم الحكم، ولا تتكلم عن حكم الشيء إلا بعد معرفة حده وتصوره، لا بد أن يتصور قبل، هذا عند المتأخرين، تعرفون أياً كان، مرسوم لك خطة تمشي عليها في جميع الأبواب، ويستوي في ذلك الباب الواضح، والباب الخفي هذه من الاصطلاحات الحادثة، نعم لا مشاحة في مثل هذا الاصطلاح إذا كان من باب تتميم القسمة ومشي على خطة وسير على منهج واحد، لا بأس، لكن لا يأخذ علينا الوقت، تعريف الماء، ومركبات الماء ما الذي يستفيده طالب العلم؟ طالب العلم بحاجة إلى أنواع المياه، وما يجوز شربه، وما لا يجوز، وما يجوز استعماله في الطهارة وما لا يجوز، هذا الذي يهم طالب العلم. أما تعريف الماء في اللغة والاصطلاح والاستعمالات، ومركبات الماء، ومما يتركب منه، هذا لا شك أنه ليس من طريقتهم. قد يقول قائل: لماذا جمع الماء، وهو اسم جنس يقع على القليل والكثير؟ لماذا لم يقال: باب الماء؟ وإذا قال: باب الماء دخل فيه ماء البحر، ودخل فيه ماء هذا الكوب، والفرق بينهما شاسع؟ إنما جمع -جمعه أهل العلم- لتعدد أنواعه، لتعدد أنواعه، فهناك الماء المالح، والماء الحلو، هناك الماء الطاهر والماء النجس، المقصود أنه لتعدد أنواعه جمعوه، وإلا فالأصل أنه اسم جنس يشمل القليل والكثير. ثم ساق -رحمه الله تعالى- الحديث الأول حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في البحر: ((هو الطهور ماؤه, الحل ميتته)) [أخرجه الأربعة, وابن أبي شيبة واللفظ له, وصححه ابن خزيمة والترمذي]. يمدينا ندخل في الحديث وإلا .. ؟ طالب:. . . . . . . . . هاه، كم؟ طالب:. . . . . . . . . كم؟ طالب:. . . . . . . . . لا، هم عندهم خمس يبدأ الدرس الثاني، هاه؟ طالب:. . . . . . . . . خمس يبدأ الدرس الثاني، وعدنا بالاختصار لكن الكلام يجر بعضه بعضاً، وهذه فوائد كنت أظن أن طالب العلم بحاجتها، لكن الأحاديث -بإذن الله- كل يوم عشرة أحاديث على الأقل، لنمشي سيراً حثيثاً.

هم عندهم دقة في وقتهم يعني خمس، خمس يعني يبدأ الدرس وإلا؟ طالب:. . . . . . . . . إيه شوف أنها في الجدول خمس، إن كان الشيخ حضر وإلا .. ، على كل حال ما أريد أن أسترسل في الوقت وبداية الحديث الأول طيبة، نقف عليه؛ لأنه في كلام مترابط حول الحديث. اللهم صلِّ وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد. الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فيقول الحافظ -رحمه الله تعالى- في كتابه المشروح بلوغ المرام من أدلة الأحكام في الحديث الأول، قرئ وإلا ما .. ؟ قرأت الحديث الأول؟ طالب:. . . . . . . . . يقول -رحمه الله تعالى-: عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في البحر: ((هو الطهور ماؤه, الحل ميتته)) [أخرجه الأربعة]: وعرفنا المراد بالأربعة وأنهم أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه -أصحاب السنن- وابن أبي شيبة: صاحب المصنف الكبير واللفظ له: يعني والمعنى لغيره، وصححه ابن خزيمة والترمذي: في بعض النسخ يوجد زيادة في التخريج ورواه مالك والشافعي وأحمد: لكن هذه لا توجد في أكثر النسخ المعتمدة، وإن وجدت في بعضها. وعلى كل حال الحديث أخرجه من سمعتم، وخلاصة القول فيه أنه حديث صحيح، خلاصة القول أنه حديث صحيح. بل قال ابن العربي في شرح الترمذي بعد أن صححه قال: إن الإمام البخاري لم يخرج هذا الحديث؛ لأنه جاء من طريق واحد فليس على شرطه.

وابن العربي يزعم أن من شرط الإمام البخاري ألا يخرج حديثاً تفرد به راو واحد، بل لا بد من تعدد الرواة، هذا شرطه في صحيحه -على حد زعم ابن العربي- والكرماني الشارح -شارح البخاري- وإليه يؤمئ كلام الحاكم، أن الإمام البخاري لا يصحح الحديث -شرط لصحة الحديث- أن يروى من أكثر من وجه -من أكثر من طريق- وهذا القول كما هو معروف مردود، يرده الواقع -واقع الصحيح-؛ فأول حديث في الصحيح غريب تفرد به عمر -رضي الله عنه- وتفرد بروايته عنه علقمة بن وقاص، وتفرد بالرواية عنه محمد بن إبراهيم التيمي، وتفرد بروايته عنه يحيى بن سعيد الأنصاري، وعنه انتشر، وكذلك آخر حديث في الصحيح: ((كلمتان خفيفتان على اللسان ... )) إلى آخره، تفرد بروايته أبو هريرة، وعنه أبو زرعة عمرو بن جرير البجلي، وعنه محمد بن فضيل، نعم؟ على كل حال مثله مثل الحديث الأول، التفرد وقع في أربع طبقات من إسناده، وغرائب الصحيح موجودة وفيها كثرة، منه حديث ابن عمر في النهي عن بيع الولاء والهبة، وهبته، كل هذه غرائب ترد هذه الدعوى، ولذا يقول الصنعاني في نظم النخبة بعد أن عرف العزيز أنه ما رواه اثنان قال: وليس شرطاً للصحيح فاعلم ... وقد رمي من قال بالتوهم ولا شك أن هذه غفلة ممن يشرح الصحيح ويزعم أن هذا شرط البخاري، وغرائب الصحيح ترد هذا القول، والغريب أنه يفهم أيضاً من كلام البيهقي. على كل حال الحديث صحيح، ولا يلزم لصحة الخبر تعدد الطرق، وراويه أبو هريرة راوية الإسلام وحافظ الأمة، اشتهر بكنيته، والمعروف والمطَّرد أن من اشتهر بشيء نسي غيره، فمن اشتهر بالكنية نسي الاسم، ومن اشتهر بالاسم نسيت الكنية. فأبو هريرة أختلف في اسمه واسم أبيه على نحو من ثلاثين قولاً، لكن المرجح عند الأكثر أنه عبد الرحمن بن صخر الدوسي، أسلم عام خيبر وتوفي سنة تسع وخمسين. ومن اشتهر بالكنية -كما هنا- يضيع اسمه سواءً كان من المتقدمين أو من المتأخرين. من منكم من يعرف اسم أبي تراب الظاهري؟ نعم، اشتهر بالكنية لكن الاسم. طالب:. . . . . . . . . إيه، اسمه عبد الرحمن بن .. ؟ طالب:. . . . . . . . .

شوف لولا أنه حديث عهد بالوفاة، كتب عنه في الصحف يمكن ما يعرف اسمه، وهذا شأن كل من اشتهر بشيء. من يعرف كنية قتادة؟ لأنه اشتهر بقتادة ما اشتهر بكنيته؟ هاه نحن في مجتمع طلبة علم، من يعرف كنية قتادة؟ أشهر من نار على علم باسمه، كما أن أبا هريرة أشهر منه بكنيته، لكن جرت العادة أن الناس إذا تواطؤوا على شيء وتتابعوا عليه نسوا غيره. كنية قتادة، هاه؟ طالب:. . . . . . . . . أبو الخطاب؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . نعم، أقول: هذه العادة، هذه العادة جرت أن الناس إذا تواطؤوا على شيء نسوا غيره. قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في البحر: يعني في شأنه، وفي حكم مائه من حيث الطهارة وعدمها. والحديث له سبب، وهو أنهم كانوا يركبون البحر، ويحملون معهم القليل من الماء، فإن توضؤوا به عطشوا كما جاء في السؤال: "أنتوضأ من ماء البحر"، قال -عليه الصلاة والسلام-: ((هو الطهور ماؤه)): كلامه يبدأ من هنا، والسؤال -كما هو معروف- كان معاد في الجواب، ((هو الطهور ماؤه)): يعني البحر، والمراد بالبحر الماء المستبحر الكثير، وخص إطلاقه عرفاً على الماء المالح.

((هو الطهور ماؤه الحل ميتته)): قد يقول قائل: إن الجواب المطابق للسؤال: أنتوضأ من ماء البحر؟ الجواب: نعم، الجواب: نعم، هذا هو المطابق، وأما قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((هو الطهور ماؤه الحل ميتته)) فغير مطابق للسؤال، ويشترطون في الجواب أن يكون مطابقاً للسؤال، لكن هنا الجواب الشافي الكافي حصل، ولم يبق للسائل أدنى تردد، بل أجيب بما يحتاج إليه وزيادة، فلو قيل: نعم لاحتيج إلى أسئلة أخرى، ولكن جاء الجواب الكافي الشافي العام الشامل لمن يحمل الماء القليل، ولمن يحمل الماء الكثير، ولمن لا يحمل الماء أصلاً، فأجيب السائل بما طلب، بل بأزيد مما طلب: ((هو الطهور ماؤه الحل ميتته)): لم يسأل عن ميتة البحر فأجيب عن ذلك لشدة حاجة السائل إليه؛ لأن هذا السائل لما تردد في طهارة الماء فهو لا شك أنه بالنسبة لميتة البحر أشد تردداً، وأشد إشكالاً بعد أن عرفوا تحريم الميتة، ولا شك أنهم يحتاجون إلى الطعام كحاجتهم إلى الماء، فجاء هذا الجواب الشامل منه -عليه الصلاة والسلام-، والمطابقة إنما تشترط حينما ينقص الجواب عن مراد السائل، ولا يلزم المطابقة بحيث لا يزيد الجواب عن مراد السائل وطلبه. البحر: المراد هو الماء أي في الأصل، لكن المراد به هنا مكانه، مكانه؛ لأن الضمير يعود إليه، يعود إلى البحر، ولو قلنا: إن المراد به الماء المستبحر الكثير المالح لاضطرب الكلام، لصار المعنى ماء البحر هو الطهور ماؤه، ماء البحر وليس ذلك بمراد، إنما المراد المكان، والظرف الحاوي لهذا الماء هو الطهور ماؤه أي الماء الواقع فيه. والطهور ما يتطهر به –طَهُور- والطُّهور المصدر فعل المتطهر، وهو بمعنى التطهر، المصدر بمعنى التطهر، والطَّهور هو ما يتطهر به كالوضوء، الماء الذي يتوضأ به.

((ماؤه)): فاعل، فاعل المصدر، ومثله ميتته فاعل الحل، والمراد بالحل ضد الحرام، ضد الحرام، الحل ضد المحظور، فميتة البحر حلال، كما أن ماءه طهور بمعنى أنه طاهر في نفسه مطهر لغيره، طاهر في نفسه ولو تغير طعمه؛ لأن الذي أوجد الإشكال عند السائل تغير طعم ماء البحر، كأنه لما سمع قوله تعالى: {وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاء مَاء طَهُورًا} [(48) سورة الفرقان]، رأى أن غير ماء السماء وما يشبهه في الطعم أنه مشكل، فسأل عنه. فماء البحر طهور، وميتته حلال، والمراد بميتة البحر مما لا يعيش إلا به -في البحر- ما لا يعيش إلا في البحر. وتفصيل ميتة البحر يأتي في كتاب الأطعمة، لكن ما يمنع أننا نشير إشارة إلى أن أهل العلم اختلفوا في المراد بميتة البحر، فمنهم من قال مثل ما تقدم: ما لا يعيش إلا في البحر سواءً كان جنسه ممنوعاً في البر أو ليس بممنوع، ككلب البحر وخنزيره. كلب البحر، خنزير البحر حلال وإلا حرام، إنسان البحر؟ إنسان البر لا يجوز أكله، كلب البر لا يجوز أكله، خنزير البر لا يجوز أكله، البري لا يجوز أكله، فهل خنزير البحر يجوز أكله أو لا يجوز؟ مقتضى هذا الحديث: ((الحل ميتته)) أنه يجوز، ومقتضى النصوص القطعية من الكتاب والسنة أن الخنزير لا يجوز أكله، فهل نقول: إن ما جاء في الآيات والأحاديث من تحريم أكل لحم الخنزير عام مخصوص بهذا الحديث؟ أو نقول: هذا الحديث عام مخصوص بالآيات والأحاديث الدالة على تحريم أكل لحم الخنزير؟ والمسألة تحتاج إلى مزيد من البسط فترجأ إلى محلها، لكن الذي يهمنا هنا قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((هو الطهور ماؤه، هو الطهور ماؤه)): فماء البحر طهور، يجوز رفع الحدث به، واستقر الإجماع على ذلك، وإن عرف عن بعض السلف المنع من التطهر به، وأنه لا يرفع الحديث، لكن الإجماع استقر.

كتاب الطهارة (2)

بلوغ المرام - كتاب الطهارة (2) الشيخ/ عبد الكريم بن عبد الله الخضير لكن الذي يهمنا هنا قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((هو الطهور ماؤه))، ((هو الطهور ماؤه)): فما البحر طهور، يجوز رفع الحدث به، واستقر الإجماع على ذلك، وإن عرف عن بعض السلف المنع من التطهر به، وأنه لا يرفع الحدث، لكن الإجماع استقر على طهارة ماء البحر وأنه رافع للحدث. ولسنا بحاجة إلى أن نترجم إلى الأربعة وابن أبي شيبة، وصححه ابن خزيمة والترمذي إلى آخره، لسنا بحاجة إلى مزيد البسط في تراجم هؤلاء الأئمة؛ فهي موجودة مدونة في كتب الإسلام. صححه .. ، والحديث صحيح كما عرفنا، والصحيح حقيقته عند أهل العلم: ما رواه عدل تام الضبط، بسند متصل غير معلل ولا شاذ، يعني ما رواه الثقة بسند متصل، يعني عن مثله إلى النهاية من غير شذوذ ولا علة قادحة فالأول المتصل الإسناد ... بنقل عدل ضابط الفؤاد عن مثله من غير ما شذوذ ... وعلة قادحة فتوذي فإذا توفرت هذه الشروط: عدالة الرواة وتمام ضبطهم، واتصل الإسناد، وخلى المتن من الشذوذ والعلة القادحة، خلى المتن من مخالفة من هو أحفظ وأضبط، وخلى أيضاً مما يقدح فيه من علل خفية، فإنه حينئذ يحكم له بالصحة، نعم. الحديث الثاني: قال المصنف -رحمه الله تعالى-: وعن أبي سعيد الخدري -رضي الله تعالى عنه- أنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إن الماء طهور لا ينجسه شيء)) [أخرجه الثلاثة وصححه أحمد]. وعن أبي أمامة الباهلي -رضي الله عنه- أنه قال: قال رسول -صلى الله عليه وسلم-: ((إن الماء لا ينجسه شيء, إلا ما غلب على ريحه وطعمه ولونه)) [أخرجه ابن ماجه وضعفه أبو حاتم]، وللبيهقي: ((الماء طاهر إلا إن تغير ريحه أو طعمه أو لونه بنجاسة تحدث فيه)). نعم حديث أبي سعيد سعد بن مالك بن سنان الخزرجي الأنصاري الخدري المعروف بحديث بئر بضاعة، وهي بئر بالمدينة كانت في منهبط من الأرض، يقول الراوي: تلقى فيها الحيض والنتن ولحوم الكلاب.

سئل عنها النبي -عليه الصلاة والسلام-: "أنتوضأ"، وفي رواية: "أتتوضأ من بئر بضاعة؟ "، فقال -عليه الصلاة والسلام-: ((إن الماء طهور لا ينجسه شيء)): وحديث بئر بضاعة أخرجه الثلاثة: والمراد بهم أبو داود والترمذي والنسائي، وصححه أحمد: وأما الترمذي فاقتصر على تحسينه، وصححه أيضاً النووي في المجموع، والبغوي في شرح السنة، والألباني وغيره، فالحديث -حديث بئر بضاعة- صحيح، هكذا قال الإمام أحمد فيما نقله عنه المنذري وغيره. فالحديث صحيح، لكن قد يقول قائل: كيف يحصل أن تلقى هذه الأمور في هذا المورد الذي يحتاجه الناس، وقد نهى النبي -عليه الصلاة والسلام- عن البراز في الموارد، بل لعن فاعل ذلك، أو نقول: بما يشبه قول الظاهرية: إن المحظور البول المباشر، والبراز المباشر، أما إلقاء النجاسات فلا بأس به، كما نقل عن الظاهرية في حديث تحريم البول في الماء الراكد، أن البول في الماء الراكد مباشرة حرام، لكن لو بال إنسان في إناء ثم صبه مقتضى مذهبهم وما ينقل عنهم أنه لا بأس به. على كل حال البول في الموارد -موارد المياه وجميع ما يحتاجه الناس- محرم، بل من الكبائر.

وهنا هذه البئر في منحدر من الأرض فتلقي الرياح والسيول هذه القاذورات في هذه البئر، ولا يظن بالصحابة الذين هم أفضل الأمة، بل أفضل الخلق بعد الأنبياء أن يظن بهم هذا الظن السيئ، بل قال الخطابي وغيره: إنه لا يظن بذمي ولا بمشرك أن يفعل مثل هذا، فضلاً عن أفضل الناس، وأورع الناس، وأتقى الناس لله، وأخشاهم له، فهذه البئر كانت في منخفض من الأرض، يلقي الناس زبلهم قريباً منها، ثم تأتي هذه الرياح والسيول والأمطار فتجترف هذه القاذورات فتقع في هذه البئر، لما سئل عن هذا الماء الذي تقع فيه هذه النجاسات أجاب -عليه الصلاة والسلام- بالجواب العام الذي يشمل هذه البئر وغيرها: ((إن الماء طهور لا ينجسه شيء)) ((إن الماء طهور)): جنس الماء طهور لا ينجسه شيء، الاستثناء الوارد في حديث أبي أمامة: ((إلا ما غلب على ريحه أو لونه وطعمه))، ((إلا أن تغير ريحه أو طعمه أو لونه بنجاسة تحدث فيه))، هذا الاستثناء ضعيف باتفاق الحفاظ، لكن حكمه متفق عليه -مجمع عليه- فقوله -عليه الصلاة والسلام-: ((إن الماء طهور لا ينجسه شيء)) مخصوص بالتغير -تغير اللون والطعم والرائحة- فإذا تغير لون الماء أو طعمه أو رائحته بسبب نجاسة ألقيت فيه، لا بسبب طول مكثه، كالآجن، الآجن المتغير بالمكث، يجوز التطهر به، ولم يعرف الخلاف فيه إلا عن ابن سيرين فقد كرهه. أما المتغير بلون النجاسة أو طعمها أو ريحها من جراء إلقاء هذه النجاسة أو وقوعها فيه من غير قصد فإنه لا يرفع الحدث ولا يزول النجس، بل هو نجس اتفاقاً. فالحجة على تنجيسه -كما يقول أهل العلم- الإجماع، وليس الاستثناء الوارد في حديث أبي أمامة المخرج عند ابن ماجه والبيهقي وغيرهما. حديث أبي أمامة ضعفه أبو حاتم بسبب تفرد رشدين بن سعد بروايته وهو ضعيف، قال أبو حاتم: رشدين بن سعد ليس بالقوي والصحيح أنه مرسل، في رواية البيهقي بقية بن الوليد وهو شديد التدليس وقد عنعن. على كل حال الاستثناء ضعيف باتفاق الحفاظ، وأما أصل الحديث حديث بئر بضاعة فهو صحيح.

((الماء طهور لا ينجسه شيء)): يستدل به مالك ومن يقول بقوله أن الأصل في الماء أنه طاهر إلا إن تغير، ويستوي في ذلك القليل والكثير، يستوي في ذلك القليل والكثير، وأن التفريق بين القليل والكثير -على ما سيأتي في حديث ابن عمر حديث القلتين- لا ينهض لمعارضة هذا الحديث، حتى عند من صححه، فالماء الأصل فيه الطهارة إلا إن تغير وهو قول مالك، ويرجحه شيخ الإسلام ابن تيمية وكثير من المحققين بخلاف قول أبي حنيفة والشافعي، وأحمد، وأنهم يفرقون بين القليل والكثير، وكل على مذهبه في التفريق، فمن اعتمد حديث القلتين قال: الفرق بلوغ القلتين، فالذي يبلغ القلتين لا يحمل الخبث، فلا ينجس إلا بالتغير، والذي لا يبلغ القلتين بل ينقص عنهما فإنه ينجس بمجرد ملاقاة النجاسة ولو لم يتغير، وهذا المعروف عند الشافعية والحنابلة، وأما عند الحنفية فالإمام أبو حنيفة يرى أن القليل هو الذي إذا حرك طرفه تحرك طرفه الآخر، وصاحباه يرون أن القليل ما لم يبلغ العشرة -عشرة أذرع في عشرة- وهذا تفصيله موجود في كتب الشروح وكتب الفقه.

الغزالي في الإحياء تمنى أن لو كان مذهب الإمام الشافعي مثل مذهب مالك، وأن الماء لا يحكم بنجاسته إلا إذا تغير؛ وهذا سببه التقليد، وإلا فما الذي يمنع الغزالي أن يرجح مذهب مالك ويسلم، لا شك أنه لزم على أقوال الأئمة بسبب التفريق بين القليل والكثير، نشأ حرج كبير وفروع في كتب الفقه، هي عن يسر الشريعة وسماحتها بمعزل، ولا شك أن الأئمة عمدتهم في ذلك النصوص، وهم بأفهامهم وما يؤديه إليه اجتهادهم مطالبون، ولا يلزمون باجتهاد غيرهم، لكن إذا ترتب على القول بالتفريق بين الكثير والقليل كما قال النووي في المجموع: أنه لو وجد ماء قدره قلتان في إناء كبير يسع خمس قرب، خمسمائة رطل، لا تنقص ولا رطل واحد، لو أخذ منه بذنوب أو دلو أو بإناء بحيث ينقص عن القلتين، نفترض أن هذا الماء في إناء كبير في خمس قرب، ثم وقعت فيه نجاسة، ولم تغير لا لونه ولا طعمه ولا ريحه، هذا على مقتضى مذهبهم طاهر وإلا نجس؟ طاهر، طاهر؛ لأنه بلغ القلتين، لكن لو أخذت من هذا الماء بذنوب بعد أن وقعت فيه النجاسة وحكمت بطهارته فالذي في داخل الدلو طاهر، والذي يسقط من خارجه نجس. لهم على قولهم تفريع، تفاريع ومسائل يصعب حصرها ويعسر فهمها ويشق تطبيقها، ولذا تمنى الغزالي أن لو كان مذهب الإمام الشافعي مثل مذهب مالك، والذي جره إلى هذا التمني هو كونه مقلداً، وإلا لو نظر في الأدلة ورجح ما أداه إليه اجتهاده انتهى الإشكال. الغزالي ما تمنى أن يكون الراجح -القول الراجح- من حيث الدليل قول مالك، تمنى أن الشافعي رجح القول الثاني؛ لأنه مقلد.

على كل حال هذه الأقوال باختصار، وقول مالك رجحه كثير من أهل التحقيق، وأن الماء لا ينجس إلا بالتغير، وأن عمدته في ذلك الإجماع الذي لا بد أن يعتمد على دليل ولو لم يبلغنا، وأن الزيادة الواردة في حديث أبي أمامة ضعيفة باتفاق الحفاظ، لكن قد يقول قائل: لماذا لا نستدل على ثبوت هذا الاستثناء وهذه الزيادة بالإجماع؟ كما قال بعضهم: إن عمل العالم على مقتضى حديث تصحيح لهذا الحديث، أو فتواه بمقتضى حديث تصحيح له، نقول: لا يلزم، لا يلزم إذا أفتى العالم بمضمون حديث أن يكون هذا الحديث صحيح عنده، قد يكون الحكم ثبت عنده بهذا الحديث وبغيره لا بمفرده، لا بمفرده، وأنتم تعرفون مسألة التصحيح والتحسين بالطرق. ضعفه أبو حاتم: حقيقة الضعيف وتعريفه أنه ما اختل فيه شرط من شروط القبول -شروط القبول الستة المعروفة-: ضعف الرواة، انقطاع الأسانيد، الضعف ويكون باختلال الضبط، أو باختلال العدالة، انقطاع الأسانيد، اشتمال المتن على علة قادحة، أو على شذوذ ومخالفة، وعدم الجابر عند الحاجة إليه -عدم الجابر- فهذه حقيقة الضعيف، ولا نحتاج أن نقول: ما لم يبلغ درجة الصحيح والحسن، كما قال ابن الصلاح؛ لأنه إذا لم يبلغ درجة الحسن فإنه عن درجة الصحيح أقصر، والمسألة معروفة في تعريفه الكلام الطويل، والردود على ابن الصلاح والمناقشات، لكن ليس هذا محل بسطها، لكن الحديث الذي تخلف فيه شرط من شروط القبول ضعيف عند أهل العلم. حديث ابن عمر. وعن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى عليه وسلم-: ((إذا كان الماء قلتين لم يحمل الخبث)) وفي لفظ: ((لم ينجس)) [أخرجه الأربعة, وصححه ابن خزيمة، والحاكم وابن حبان].

نعم حديث ابن عمر المعروف بحديث القلتين اختلف فيه أهل العلم اختلافاً كبيراً، وجاءت الأقوال فيه متباينة، فمن مصحح ومحسن ومضعف، من صححه أشكل عليه العمل به، بعض من صححه أشكل عليه العمل به، كشيخ الإسلام -رحمه الله-، ومن ضعفه -وهم جمع غفير من أهل العلم- ضعفوه بالاضطراب -بالاضطراب في سنده ومتنه- لكن أمكن الترجيح بين ألفاظه، وإذا أمكن الترجيح كما هو معلوم انتفى الاضطراب؛ لأن المضطرب هو: الحديث الذي يروى على أوجه مختلفة متساوية، فالحديث الذي يروى على وجه واحد ليس بمضطرب، الحديث الذي يروى على أوجه -أكثر من وجه- وتكون هذه الأوجه متفقة لا مختلفة لا اضطراب به، الحديث الذي يروى على أوجه مختلفة، لكنها غير متساوية يمكن ترجيح بعضها على بعض لا اضطراب فيها، فإذا أمكن ترجيح بعض الأوجه وبعض الألفاظ على بعضها ينتفي الاضطراب، وإلا فمتن الحديث جاء بلفظ القلتين، وجاء بلفظ القلة الواحدة، وجاء بقلتين أو ثلاث، وجاء في لفظ أربعين قلة، لكن الراجح من هذه الألفاظ القلتين، لفظ القلتين هو الراجح فانتفى اضطرابه، ولذا صححه جمع غفير من أهل العلم، ومن يقول بالتفريق بين القليل والكثير لا إشكال عنده، وعرفنا أنه عمدة الشافعية والحنابلة في جعل القلتين الحد الفاصل. شيخ الإسلام يصحح الحديث، ولا يفرق بين القليل والكثير على ما مضى، سبقت الإشارة إلى قوله -رحمه الله- وأن قوله قول مالك، كيف يصنع بحديث القلتين بعد أن صححه؟!

يعمل بمنطوق الحديث ولا يعمل بمفهومه بل يلغي مفهومه لمعارضة هذا المفهوم منطوق حديث أبي سعيد؛ لأنه إذا تعارض المنطوق مع المفهوم قدم المنطوق، منطوق حديث أبي سعيد: ((إن الماء طهور لا ينجسه شيء)) معارض بمفهوم حديث ((إذا كان الماء قلتين لم يحمل الخبث)) فهذا المفهوم معارض بمنطوق حديث أبي سعيد، وشيخ الإسلام يميل إلى أن المفهوم ملغى، وحينئذ لا تعارض، ولا شك أن المفهوم معتبر، كما هو الأصل، لكن شريطة ألا يعارض هذا المفهوم بمنطوق، فالمفاهيم معتبرة، سواءً كانت مفاهيم أعداد أو غيرها، ففي مثل قوله تعالى: {اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِن تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَن يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ} [(80) سورة التوبة]، مفهومه أنه لو استغفر لهم واحد وسبعين أو خمسة وسبعين أو مائة أو ألف أنه يغفر لهم، لكن العدد لا مفهوم له، لماذا؟ لأنه معارض بمثل قوله تعالى عن المنافقين أنهم {فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ} [(145) سورة النساء]، هذا حكم جازم قاطع؛ لأنهم لا يغفر لهم، وأن كفرهم كفراً أكبر مخرج عن الملة، كما ذكره أهل العلم في أنواع الكفر الأربعة المخرجة عن الملة. فألغي المفهوم لمعارضة للمنطوق، وإلا فالأصل أن الكلام معتبر منطوقه ومفهومه. الذي يضعف الحديث ولا يقول بالتفريق لا إشكال عنده، لكن الإشكال فيمن يصحح الحديث كشيخ الإسلام ولا يقول بالتفريق، فالذي يصححه ويقول بالفرق بين القليل والكثير لا إشكال عنده، والذي يضعفه أيضاً ولا يقول بالتفريق لا إشكال عنده، المشكل في مثل قول شيخ الإسلام وقد خرج -رحمة الله عليه- من هذا الإشكال بإلغاء المفهوم نعم. وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا يغتسل أحدكم في الماء الدائم وهو جنب)) [أخرجه مسلم]، وللبخاري: ((لا يبولنَّ أحدكم في الماء الدائم الذي لا يجري, ثم يغتسل فيه))، ولمسلم: ((منه))، ولأبي داود: ((ولا يغتسل فيه من الجنابة)).

حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا يغتسل أحدكم في الماء الدائم وهو جنب)) [أخرجه مسلم]، وللبخاري: ((لا يبولن أحدكم في الماء الدائم الذي لا يجري, ثم يغتسل فيه))، ولمسلم: ((يغتسل منه))، ولأبي داود: ((ولا يغتسل فيه من الجنابة)). ((لا يغتسل أحدكم في الماء الدائم)): أي الراكد الساكن، وإن كان لفظ الدائم من الأضداد، لأنه يطلق الدائم على الساكن، ويطلق على المتحرك الدائر، جاء في كتب الأضداد: في رأسه دوام أي: دوران وحركة، اضطراب. ((وهو جنب)): هذه الجملة حالية، حال كونه جنب. ((لا يغتسل أحدكم)): ففي الحديث النهي والأصل في النهي التحريم، ((في الماء الدائم)) حال كونه جنباً. ويستدل به من يرى أن الماء يتأثر إذا رفع به الحدث، وهو مقتضى قول من يفرق ويقسم المياه إلى ثلاثة أنواع: طهور، وطاهر، ونجس، طهور، وطاهر، ونجس، يقول: هذا الماء الذي رفع به الحدث انتقل من كونه طهوراً مطهراً إلى كونه طاهراً فقط، ليس بنجس، لكنه لا يرفع الحدث. وعند الحنفية في قول لهم أنه ينجس، فالماء الذي يغتسل فيه الجنب نجس، والصحيح أنه طاهر مطهر، وأن استعماله لا يؤثر فيه، والنهي عن الاغتسال فيه؛ لئلا يقذره على غيره، لئلا يصرف الناس عن استعماله، لاغتساله فيه؛ لأن الناس إذا رأوا شخصاً انغمس في هذا الماء تركوه، وعلى هذا يفسده عليهم. وللبخاري: ((لا يبولن أحدكم في الماء الدائم الذي لا يجري, ثم يغتسل فيه)): ثم يغتسلُ، أو ثم يغتسلْ، أو ثم يغتسلَ، فقد ضبط بالرفع، والنصب، والجزم، أما الجزم فعطفاً على لا يبولن؛ لأن (لا) ناهية، يبولن: فعل مضارع مجزوم مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد، ثم يغتسلُ فعل مضارع هو وفاعله خبر لمبتدأ محذوف تقديره هو، ثم هو يغتسلُ، وأما النصب فعلى إضمار (أن) إلحاقاً لثم بالواو، إلحاقاً لثم بالواو، ومعروف أن (أن) تضمر بعد الواو وينصب بها الفعل. ((لا يبولن أحدكم في الماء الدائم الذي لا يجري)): تحدد المراد من الدائم، وأن المراد به الساكن.

((ثم يغتسل فيه)): ففي الحديث الأول -الرواية الأولى- فيها النهي عن الاغتسال بمفرده، في الرواية الثانية النهي عن البول بمفرده، أو مضموماً إليه الاغتسال. والنهي عن البول في الماء الدائم جاءت في أحاديث أخرى، على أي أوجه الضبط السابقة يحصل النهي عن البول وحده والاغتسال وحده نعم؟ طالب:. . . . . . . . . الجزم، ((ثم يغتسلْ))، ((لا يبولن .. )) ((ثم يغتسلْ))؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . الآن الحديث يدلنا على النهي عن البول بمفرده، والاغتسال بمفرده؟ أو هما معاً من باب أولى؟ أو لا يدل إلا على الجمع؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . الرواية الأولى تدل على النهي عن الاغتسال بمفرده، الرواية الأولى تدل على النهي عن الاغتسال بمفرده، والثانية فيها الاغتسال وفيها البول، وعرفنا أن يغتسل ضبط على أوجه ثلاثة هاه؟ طالب:. . . . . . . . . أما على رواية النصب فإنها لا تدل إلا على الجمع بينهما؛ لأن (ثم) نزلت منزلة الواو، والواو للجمع. على رواية الضم ((ثم يغتسلُ .. )): يعني ثم هو يغتسلُ، هاه؟ طالب:. . . . . . . . . بعض الشراح يرى أنها تدل على النهي عن الاغتسال بمفرده كما أنه تقدم النهي عن البول بمفرده، وإن كان الذي حققه الشارح أنها بجميع الأوجه التي ذكرت إنما تدل على الجمع بينهما، تدل على الجمع بينهما، وأما النهي عن البول وحده دلت عليه الأحاديث، والنهي عن الاغتسال وحده فدل عليه اللفظ الأول. ((ثم يغتسلُ فيه)): يعني ينغمس فيه. ولمسلم: ((منه)): يغتسل منه،، ولأبي داود: ((ولا يغتسل فيه من الجنابة)): عندك ماء راكد ساكن، وأنت جنب ماذا تصنع؟ لأن الحديث بجميع ألفاظه يضيق الاستفادة من هذا الماء حتى قال من قرب من أهل الظاهر: إنك تتحايل على هذا الماء، فتلقي فيه حجراً أو خشبه فتجعله يتحرك ثم تنغمس فيه، هذا قريب جداً من مذهب الظاهرية، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . نغرف؟ طالب:. . . . . . . . .

نغرف؟ ولمسلم: ((منه))؟! ولمسلم: ((منه)): فيغتسل فيه، يعني لا ينغمس فيه، لمسلم: ((منه)): أبو هريرة سئل كيف يصنع الجنب؟ قال: "يتناول تناولاً": يعني يأخذ منه بإناء، ويغترف منه بإناء فيغتسل، فدل على أن كلمة (منه) من تصرف بعض الرواة، وأن المنهي عنه الاغتماس فيه، وأما الاغتراف منه والتناول منه لا شيء فيه، هذا هو الحل ولا إشكال فيه. ولأبي داود: ((ولا يغتسل فيه من الجنابة)): الرواية الأولى وهو جنب .. ، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . لا عندهم، ما يصير، لو صار متحركاً ولو بإلقاء خشبة أو حصاة، انتهى عندهم، ارتفع الوصف، وهو كونه دائماً، ساكناً، راكداً، نعم. في الرواية الأولى: ((وهو جنب)): في الرواية الأخيرة: ((فيه من الجنابة)): يستدل به من يرى أنه يوجد فرق بين أن ينغمس الإنسان وهو جنب، وبين أن ينغمس للتنظف والتبرد، فإذا انغمس وهو جنب أثر في الماء، فإذا انغمس للتبرد فإنه لا يؤثر فيه، من مقتضى قوله: ((وهو جنب)): والحال أنه جنب، ((ولا يغتسل فيه من الجنابة)): مفهومه أنه يغتسل فيه إذا لم يكن عليه جنابة، وهذا ظاهر، لكن هل وجه التفريق بين الجنب وغيره أن الجنب يرفع به الحدث؟ وإذا قلنا: هذا هو السبب، فهل يرتفع الحدث أو لا يرتفع إذا انغمس؟ الشافعية والحنابلة متفقون على أن الماء إذا كان أقل من قلتين وانغمس فيه الجنب أنه يصير طاهراً غير مطهر، لكنهم يختلفون هل يرتفع حدث هذا الذي انغمس أو لا يرتفع؟ عند الشافعية يرتفع، وأنه ما صار مستعملاً حتى ارتفع به الحدث، والحنابلة يقولون: لا يرتفع حدثه، لماذا؟ لأنه صار مستعملاً بملاقاة أول جزء من البدن، أول جزء من البدن، نفترض أن الإنسان غمس رأسه أو رجليه قبل رأسه، صار الماء مستعملاً بمجرد غمس هذا العضو، وحينئذ لا يرتفع الحدث عن بقية الأعضاء، فعند الحنابلة لا رفع حدثاً ولن يرفع حدثاً؛ صار مستعملاً بمجرد ملاقاة أول جزء من البدن، ومذهب الشافعية لا شك أنه أقعد عند من يقول بأنه ينتقل، يعني عند من يفرق بين الطاهر والطهور. هذا يسأل وهو سؤال له وجه: يقول: كيف يقول الأحناف: إن الماء ينجس والجنابة أصلاً طاهرة عندهم وعند غيرهم من حديث عائشة؟

الأحناف حينما يقولون: إن الاغتسال -اغتسال الجنب- في الماء ينجسه؛ لأن الاغتسال قرن بالبول، والبول منجس إذن الاغتسال منجس، ولا شك أن هذا استدلال بدلالة الاقتران، ودلالة الاقتران كما هو معروف عند أهل العلم ضعيفة، فهم يقولون: ما دام البول ينجس إذن الاغتسال ينجس. هنا مسألة -لعلكم تراجعونها في قواعد ابن رجب- وهي الماء الجاري هل هو مثل الماء الراكد أو كل جرية لها حكم الماء المنفصل؟ لا نطيل بشرحها وتقريرها فارجعوا إليها بصورها عنده، الأسئلة كثرة الآن ما عاد وقت للأسئلة، كثرت كثرة، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . أقول: لعل الأسئلة تكون قبل حضور بعض الأخوة في بداية الدرس القادم، قبل حضور بعض الإخوان. الحديث الذي يليه؛ نريد أن نسدد ونقارب؛ لأنه في طلبات من بعض الأخوة -بل منهم من تتعين إجابته- أن يقتصر على القول الراجح دون ذكر خلاف واستطراد، إي نعم. على كل حال عرفنا أن أهم المسائل هنا مسألة تقسيم الماء إلى أقسام ثلاثة: طهور وطاهر ونجس عند الجمهور، وعند مالك هما اثنان، هما قسمان فقط: طاهر ونجس، وزاد بعضهم كابن رزين أو .. ، نعم كابن رزين من الحنابلة: المشكوك فيه، على كل حال التقسيم هذا مثلما أسلفنا يوقع في إشكالات وتفريعات، وقد ألمحنا إلى شيء من هذا الإشكال، مع التمثيل له. وشيخ الإسلام -رحمه الله- يرجح أن الماء إما أن يكون طاهراً يشرب ويرفع به الحدث، أو نجس ولا ثالث لهما كقول مالك. عرفنا أيضاً أن هناك من يفرق بين القليل والكثير، فالقليل تؤثر فيه النجاسة، وهو قول الأكثر أيضاً، والكثير لا تؤثر فيه إلا إذا تغير، هذه أشهر ما مر عندنا نعم. وعن رجل صحب النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن تغتسل المرأة بفضل الرجل, أو الرجل بفضل المرأة, وليغترفا جميعا" [أخرجه أبو داود والنسائي, وإسناده صحيح]. وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يغتسل بفضل ميمونة -رضي الله عنها-[أخرجه مسلم]. ولأصحاب السنن: اغتسل بعض أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- في جفنه، فجاء يغتسل منها فقالت: إني كنت جنباً، فقال: ((إن الماء لا يجنب)) [وصححه الترمذي وابن خزيمة].

نعم. عن رجل صحب النبي –عليه الصلاة والسلام- قال: "نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن تغتسل المرأة بفضل الرجل, أو الرجل بفضل المرأة, وليغترفا جميعا" [خرجه أبو داود والنسائي, وإسناده صحيح]. خلاصة القول أنه صحيح، وإن كان مقتضى كلام البيهقي أنه مرسل؛ لعدم تسمية الصحابي، لكن المعتمد عند أهل العلم قاطبة أن جهالة الصحابي لا تضر، فالخبر متصل وليس بمرسل، خلافاً لما ذكره البيهقي، فالحديث صحيح. "نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن تغتسل المرأة: نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فإذا قال الصحابي: "نهانا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أو أمرنا رسول الله، أو قال" أُمرنا، أو نُهينا، أو قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((أمرت أن أسجد على سبعة أعظم))، ((نهيت عن قتل المصلين)) بالنسبة لقوله -عليه الصلاة والسلام-: ((أُمرت)) أو ((نُهيت))، الآمر والناهي هو الله -سبحانه وتعالى- هو الله -سبحانه وتعالى-. في قول الصحابي: "أمرنا" أو "نهينا"، الآمر والناهي هو من له الأمر والنهي وهو النبي -عليه الصلاة والسلام-، فهو مرفوع خلافاً لمن زعم أنه موقوف كأبي بكر الإسماعيلي، وأبي الحسن الكرخي، وجمع من أهل العلم قالوا: إنه لا يحكم له بالرفع حتى يصرح الصحابي بالآمر والناهي لاحتمال أن يكون الآمر والناهي غير النبي -عليه الصلاة والسلام-، كقول أم عطية: "أمرنا بإخراج العواتق والحيض"، وقولها: "نهينا عن اتباع الجنائز". إذا صرح الصحابي بالآمر والناهي -كما هنا- لا إشكال في كونه مرفوعاً، بل هو مرفوع صراحة اتفاقاً، لكن إذا قال الصحابي: نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن تغتسل المرأة، هل هو في القوة بمثابة قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((لا تغتسل المرأة بفضل الرجل)) أو أقل؟ نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أيهما أقوى؟ طالب: الثاني. نعم؟ طالب: الثاني. لكن هل نفهم أن الرسول -عليه الصلاة والسلام- نهى، وإلا ما نفهم، إذا قال الصحابي نهى أو أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم؟

جمهور أهل العلم على أنه لا فرق بين أن يقول الصحابي: نهى -أن يذكر النهي الصريح من لفظه -عليه الصلاة والسلام-، أو يعبر عن هذا النهي كما هنا، لا فرق، خالف في هذا داود الظاهري وبعض المتكلمين قالوا: ليس بحجة أصلاً، حتى ينقل لنا اللفظ النبوي؛ لأن الصحابي قد يسمع كلام يظنه أمراً أو نهياً، وهو في الحقيقة ليس بأمر ولا نهي، نقول: إذا كان الصحابة -رضوان الله عليهم- لا يعرفون مدلولات الألفاظ الشرعية والنصوص من يعرفها؟ فالمرجح عند أهل العلم أن قول الصحابي: "نهى رسول الله، مثل قوله: لا تفعل. نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن تغتسل المرأة بفضل الرجل, أو الرجل بفضل المرأة, وليغترفا جميعاً" [أخرجه أبو داود]: الحديث صحيح، خلاصة القول فيه أنه صحيح، أعله بعضهم لكنه لم يستند على حجة يعتد بها، قال الحافظ في الفتح: رجاله ثقات، ولم أقف لمن أعله على حجة قوية. "نهى أن تغتسل المرأة بفضل الرجل": مقتضى الحديث أن خلوة الرجل بالماء مؤثرة، وأنه لا يجوز للمرأة أن تغتسل بفضل مائه، لكن هل للرجل أن يغتسل بفضل ماء الرجل؟ مفهوم الحديث؟ نعم. الشق الثاني من الحديث: "نهى أن يغتسل الرجل بفضل المرأة": لكن هل للمرأة أن تغتسل بفضل المرأة؟ مقتضى الحديث ومفهومه نعم. إذا كان للرجل أن يغتسل بفضل الرجل، وللمرأة أن تغتسل بفضل المرأة، فهل لخلوة المرأة أو لخلوة الرجل أثر على الماء؟ نعم؟ لا أثر له، لا أثر له على الماء، وبهذا نعرف ضعف قول من يقول: إنه لا يرتفع حدث الرجل إذا توضأ بماء خلت به المرأة لطهارة كاملة، والحديث كما ترون جاء بمنع الرجل كما جاء بمنع المرأة من الوضوء بفضل الرجل. والعجب أن بعض أهل العلم يعمل بالشق الثاني، ولا يعمل بالشق الأول، وإذا صح الخبر فنقول: إن النهي هنا للتنزيه؛ لما يعارضه من الأدلة التي صحت في وضوئه -عليه الصلاة والسلام- بفضل بعض أزواجه، على ما سيأتي، فالنهي هنا للتنزيه. "وليغترفا جميعاً": نعم؟ طالب:. . . . . . . . . كيف؟ طالب:. . . . . . . . . الرجل (أل) الجنسية، الأصل فيها الجنس، هذا الأصل، أي امرأة لا تغتسل بفضل أي رجل، والعكس، هذا الأصل فيه الجنس.

لكن قوله: ((وليغترفا جميعاً)): نعم يدل على أن المراد بذلك الزوجين، وإلا فالأصل في الرجل أنه جنس. أقول: من العجب أن يأتي الحديث بهذا السياق ويستدل به من يرى أن الرجل لا يجوز له أن يتوضأ بفضل المرأة، وأن خلوة المرأة لطهارة كاملة تؤثر في الماء، وأنه لا يرفع الحدث، ولا يقول بالعكس، مع أن الحديث سياقه واحد، فإن حمل النهي هنا على التحريم وأنه لتأثير خلوة أحدهما بالماء، فليقل بالشقين، أما أن يقول بالشق الثاني، ولا يقول بالشق الأول هذا تحكم، وعلى كل حال النهي هنا للتنزيه، النهي هنا للتنزيه. في الحديث الذي يليه: عن ابن عباس أن النبي -عليه الصلاة والسلام- كان يغتسل بفضل ميمونة -رضي الله عنها-[أخرجه مسلم]: أعله بعضهم بقول عمرو بن دينار في الصحيح -في صحيح مسلم-: وعلمي والذي يخطر على بالي أن أبا الشعثاء أخبرني، على كل حال له غير هذا الطريق، هو مروي من طرق في صحيح مسلم، وتخريج مسلم له يدل على صحته، تخريج الإمام مسلم .. ، فالعلة عليلة -التي أعلَّ بها-. حديث ابن عباس: أن النبي -عليه الصلاة والسلام- كان يغتسل بفضل ميمونة [خرجه مسلم]: وهذا يرد على من يرى أن الماء إذا خلت به المرأة للطهارة الكاملة أنه يتأثر، وينتقل من كونه طهوراً إلى كونه طاهراً غير مطهر؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- كان يغتسل بفضل ميمونة. ولأصحاب "السنن": "اغتسل بعض أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- في جفنة: في إناء فجاء يغتسل منها, فقالت: إني كنت جنباً, فقال: ((إن الماء لا يجنَب: أو لا يَجْنُب أو لا يُجنِب))، [خرجه أصحاب السنن الأربعة أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه، وصححه الترمذي وابن خزيمة والحاكم والألباني وغيره فالحديث صحيح]. بهذا يدل على أن النهي الوارد في الحديث السابق أنه للتنزيه، وليس للتحريم، وأنه لا أثر لخلوة أحد الجنسين بالماء، بل الماء باق على طهوريته وأنه يرفع الحديث. حديث الكلب طويل شوية، حديث تطهير ما ولغ فيه الكلب طويل، وانتهى الوقت الظاهر. والله أعلم وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

حديث أبي هريرة: ((هو الطهور ماؤه)) إذا قلنا: إن المقصود بالحديث هو المكان وليس ماء البحر، فإذا أخذنا من ماء البحر في جوالين، وجراكل هل ترفع الخبث وتزيل النجاسة؟ يعني هل يثبت لها الطهورية المنصوص عليها في الحديث؟ لا شك أن الأصل في البحر المجموع من الماء ووعائه وظرفه، والعلماء حينما قالوا: إن المقصود بالبحر في هذا الحديث على وجه الخصوص المكان؛ لكي يستقيم الكلام، فإذا قدرنا مكان البحر الماء، وقلنا: ماء البحر هو الطهور ماؤه، ماء البحر هو الطهور ماؤه، يستقيم الكلام أو لا يستقيم؟ لا يستقيم، وإذا قلنا: المكان، المكان والظرف الذي يحوي هذا الماء ما حواه من الماء هو الطهور، فمكان البحر هو الطهور ماؤه. لو افترضنا أن هذا الإناء وفيه الماء، كأس وفيه ماء، وقلنا: ما بين أيدينا هذا هو الطهور ماؤه، هل نقصد بمرجع الضمير الماء نفسه؟ الماء هو الطهور ماؤه؟ نفس الشيء، لا يستقيم الكلام، وإذا أعدنا الضمير على الظرف الذي هو الكأس، الكأس هو الطهور ماؤه يعني الماء الذي حل فيه. ونأتي إلى السؤال، وهو يستشكل يقول: إذا كان المقصود هو المكان فلم يكن سياق الحديث على هذه الصفة، ما قيل: مكان البحر هو الطهور، لنخرج الماء، فاعل المصدر، الطهور الماء، وتقدير المكان من أجل سبك الكلام على وجه يصح، فالمقصود بالحديث هو الماء بلا شك، ولذا أفصح عنه في الحديث نفسه فقال: ((هو الطهور ماؤه)) ((هو الطهور .. )): إذا قلت: زيد القائم أبوه، أو رأيت زيداً القائمَ أبوه، نعم، من القائم؟ زيد؟ نعم؟ وإن كان الموصوف بالقيام هو زيد، لكن القيام والحدث إنما قامه الأب، وهذا يقال له النعت الأيش؟ الحقيقي؟ أو السببي؟

نعت سببي وليس بحقيقي؛ لأنه ليس وصفاً للمنعوت، رأيت زيداً القائم أبوه، القائم بلا شك من الناحية الإعرابية وصف لزيد، ونعت لزيد، لكن ليس هو القائم بالفعل، القائم أبوه، وهنا حينما نخبر عن مكان الماء، ونسند إليه الطهورية، إنما أسندناها في الحقيقة إلى الماء، ولذا جاء في الحديث: ((هو الطهور ماؤه)) ما جاء هو الطهور فقط، لو كان سياق الحديث هو الطهور لقلنا: ماء البحر هو الطهور، قدرنا ماء البحر، لكن لما بين فاعل المصدر ما احتجنا ولا حصل عندنا أدنى إشكال في أن نقدر مكان البحر. وعلى هذا لو أخذ من ماء البحر في جوالين أو جراكل ما يتغير، هو ماء البحر الذي أخبر عنه بأنه طهور، أسند إليه الطهورية؛ لأن عندنا الطهور مسند، وماؤه مسند إليه؛ لأنه فاعل. هل تنطبق أحكام الاغتسال في البرك والمسابح؟ البرك والمسابح هل هي من الماء الجاري أو الراكد؟ الآن ما فيها فلاتر تطلع الماء وتدخله مرة ثانية؟ نعم؟ هي راكدة في وقت، هي تصير راكدة أو باستمرار متجددة؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . إذا كانت متجددة فليست راكدة. طالب:. . . . . . . . . نعم، إذا كانت راكدة غير متجددة لها أحكام الماء الراكد فلا يجوز الاغتسال به. إذا أزيلت النجاسة بمعالجةٍ .. ؟ لكن إذا استصحبنا أن النهي عن الاغتسال، ولا يغتسل فيه وهو جنب، ولا يغتسل فيه من الجنابة، قلنا: إن الاغتسال التنظيف أو للتبرد أو .. ، أمرها أخف. إذا أزيلت النجاسة بمعالجة أو مواد كيماوية هل يطهر الماء؟ إذا ذهبت عين النجاسة، وذهبت أوصافها سواءً كان ذلك بمعالجة أو غير معالجة، إذا لم يكن للنجاسة أثر فعلى قول مالك هو طهور؛ لأنه حينئذ لم يتغير، وإذا كان للنجاسة أثر من لون أو طعم أو ريح فالإجماع قائم على أنه نجس. يقول: هل ما تغير لونه أو ريحه أو طعمه قليلاً هل يضر في طهوره؟ وإذا تغير لونه أو طعمه أو ريحه بنجاسة تقع فيه، لا بطول مكثه، أحياناً يتغير -تتغير رائحته- يكون منتن، نعم منتن، لكنه بسبب طول المكث، ونعرف جميعاً أن الماء يأسن بطول مكثه، ولهم طريقة في تطييبه، لكن إذا كان بطول مكثه من غير نجاسة تقع فيه فهو طاهر.

اللحم والطعام، إذا أنتن من طول البقاء، يعني لو أتيت بالغداء -بقية غداء أمس مثلاً- وأحضرته اليوم، وجدته متغيراً، هل يجوز أكله أو لا يجوز أكله؟ وهل هو طاهر أو نجس؟ هو طاهر بلا شك، ولو أنتن، لكن هل يجوز أكله أو لا يجوز أكله؟ نعم؟ نعم يا إخوان؟ طالب:. . . . . . . . . نعم إذا كان يضر، تغيره كثير مفسد لا يجوز للضرر، لا لنجاسته؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- أضافه يهودي على خبز شعير وإهالة سنخة -يعني متغيرة- وجاء في حديث الصيد: ((كله ما لم ينتن)) يعني تتغير رائحته، والمقصود بـ ((كله ما لم ينتن)) يعني نتناً مفسداً للطعام بحيث يكون ضاراً، أما إذا كان التغير بحيث لا يضر ولو كانت رائحته غير طيبة، فإنه يؤكل. ما الفرق بين الطاهر والطهور والنجس عند من يقول بالفرق وأن الأقسام ثلاثة؟ الطاهر طاهر في نفسه غير مطهر لغيره، والطاهر يجوز شربه، يجوز شربه ولا يؤثر على الجرم الذي يقع عليه، لكنه لا يجوز الوضوء به، وهو ما تغير بالأشياء الطاهرة، والطهور هو الطاهر في نفسه والمطهر لغيره، والنجس معروف ما تغير بالنجاسة، هذا عند من يقول بتقسيم المياه إلى ثلاثة أقسام، وأما من يقول بتقسيمها إلى قسمين فقط طهور ونجس، أو طاهر ونجس فكل ما جاز شربه يجوز الوضوء به، ما دام يسمى ماء. ما معنى القلة؟ في حديث ابن عمر: ((إذا كان الماء قلتين لم يحمل الخبث))، هذا مما ينبغي بيانه ولكن شدة الاختصار جعلتنا نطوي بعض الأشياء المهمة، وإلا معنى القلة على أقل الأحوال، شيء لا بد من بيانه. القلة: جاء بيانها في بعض الروايات بقلال هَجَر، وقلال هجر يقول ابن جريج: إنها معلومة المقدار، معلومة المقدار، والقلة تساوي قربتين وشيئاً، وجعلوا هذا الشيء نصفاً؛ من باب الاحتياط، وحدها بعضهم بما يقله الرجل المتوسط بيديه، يعني يستطيع حمله، سميت بذلك؛ لأنه يستطيع أن يقلها، يعني يحملها. وجاء في تفسير القلة أنها ما يبلغ رؤوس الجبال، فإذا كانت القلة تبلغ رؤوس الجبال، فالقلتان طوفان، نعم، لكنه قول ضعيف جداً، ولا يتلفت إليه.

المقصود أن أولى ما يقال في تعريف القلة ما اعتمده الأكثر، وأنها محدودة بقلال هجر، وهجر هل هي البلد المعروف الأحساء والبحرين وما والاها؟ أو قرية قرب المدينة؟ يختلف الشراح في ذلك. نعم؟ طالب:. . . . . . . . . كيف؟ طالب:. . . . . . . . . خمسمائة رطل، خمسمائة رطل، خمسمائة رطل تقريباً. إذا كان لونه لم يتغير ولكن له طعم مثل الديزل أو البنزين؟ يعني ماء متغير بأمور .. ، بأشياء طاهرة، متغير بأشياء طاهرة، لكنها لم تسلب الماء اسمه، يعني من رآه قال: هذا ماء، هذا يرفع الحدث. الماء الراكد إذا جاءت به نجاسه ولم يتغير طعمه أو رائحته أو لونه؟ قبل يقول: ما معنى كلمة جنب؟ ما معنى كلمة جنب؟ نعم، الجنب من أصابته جنابة، بسبب إنزال من جماع أو احتلام، ولا بد من حصول اللذة من غير النائم، أما النائم فيكفي في ثبوت الجنابة خروج الماء؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- في حديث أم سلمة قال: ((نعم، إذا هي رأت الماء))، ولم يقيد ذلك بلذة، أما غير النائم لا بد من حصوله بلذة؛ لأن خروج الماء منه بغير لذة هذا مرض. يقول: الماء الراكد إذا جاءت به جنابة ولم يتغير طعمه أو رائحته أو لونه؟ عرفنا الخلاف -جاءت به نجاسة- كل على مذهبه، من يفرق بين القليل والكثير، ويرى أن القليل يتغير بمجرد ملاقاة النجاسة يقول: هو نجس إذا كان قليلاً، ولا يتنجس إذا كان كثيراً، والذي لا يفرق بين القليل والكثير وهو مذهب مالك ورجحه شيخ الإسلام يقول: لا ينجس إلا بالتغير. يقول: هل المقصود بالخلوة الاغتسال أم غير ذلك؟ الخلوة كونها تستعمل هذا الماء في طهارة كاملة، وضوء أو اغتسال، أي نرفع حدث من المرأة إذا لم تكن بمرأى أحد، خلت به، ومثله خلوة الرجل؛ لأن خلوة الرجل مثل خلوة المرأة على ما سمعنا في الحديث السابق، ولا فرق. انتهى الوقت المعد المخصص للأسئلة وبقي من الأسئلة الشيء الكثير، كثيراً جداً. بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على رسولنا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين أما بعد: قال المصنف -رحمه الله تعالى-:

وعن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- أنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((طهور إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب أن يغسله سبع مرات, أولاهن بالتراب)) [أخرجه مسلم]. وفي لفظ له: ((فليرقه))، وللترمذي: ((أخراهن, أو أولاهن)). يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: وعن أبي هريرة: الواو تعطف مقدراً، أي وأروي أيضاً عن أبي هريرة، والمقدر هو متعلق الجار والمجرور، وأروي أيضاً عن أبي هريرة - رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((طهور إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب أن يغسله سبع مرات, أولاهن بالتراب)): ولغ الكلب، يقال: ولغ يلغ، كـ (وهب يهب)، إذا شرب منه بأطراف لسانه، أو أدخل لسانه فيه فحركه، أو لعقه بلسانه. ((طهور إناء أحدكم)): الإناء هو الوعاء، والطهور هنا المراد به التطهير، المصدر إناء أحدكم، والإضافة هنا لا مفهوم لها؛ لأن الطهارة والنجاسة لا يشترط فيها أن يكون الشيء مملوكاً للإنسان بنفسه،. . . . . . . . . معنى هذا الحديث: ((طهور إناء أحدكم)) أنه بالنسبة لصاحبه لا بد من التطهير، وبالنسبة لغيره لا يحتاج إلى تطهير، يعني لو ولغ الكلب في إناء لزيد فباعه زيد على عمرو أو أهداه إلى عمرو قبل أن يطهره يلزم تطهيره وإلا لا؟ يلزم تطهيره. إذن ((طهور إناء أحدكم)): الإضافة هنا لا مفهوم لها ((إذا ولغ فيه الكلب)): شرب منه بطرف لسانه، أو لعقه ((أن يغسله سبع مرات)): هذا بالنسبة للإناء، ((أولاهن بالتراب)): وجاء في رواية: ((أخراهن)) - الأخيرة- في رواية: ((إحداهن))، وفي رواية: ((وعثروه الثامنة بالتراب)). ((أولاهن بالتراب)): هذه الرواية يقول أهل العلم: إنها أولى ما ينبغي أن يعمل به من الروايات؛ لأن التراب إذا جعل مع الغسلة الأولى أزال أثره الغسلات اللاحقة، بخلاف ما إذا كان في الغسلة الأخيرة.

((وعثروه الثامنة بالتراب)) ((أخراهن)): يعني الأخيرة، فإنه يحتاج إلى غسل التراب فنزيد على القدر المحدد، ومعلوم أن العدد المحدد شرعاً إذا حصل به المقصود فإن الزيادة عليه تكون غير مشروعة، بل ممنوعة، فإذا غسل الإنسان أعضاء الوضوء أربعاً أربعاً، قلنا: خرجت من حيز السنة إلى الابتداع، بينما لو توضأ مرة مرة، أو مرتين مرتين، أو ثلاثاً ثلاثاً، أو بعض الأعضاء مرة، وبعضها مرتين، وبعضها ثلاثاً، ثبت أن النبي -عليه الصلاة والسلام- توضأ مرة مرة، ومرتين مرتين، وثلاثاً ثلاثاً، وتوضأ ملفقاً بعضها مرة، وبعضها مرتين، وبعضها ثلاثاً. المقصود أن العدد المحدد شرعاً لا يتجاوز، فإن تعبد بهذه الزيادة صار فاعلها مبتدعاً، وإن لم يتعبد به، ولم يكن له عادة أساء وظلم. وعلى هذا لو شك هل توضأ مرتين أو ثلاثاً، كم يعتمد؟ طالب:. . . . . . . . . نعم؟ طالب:. . . . . . . . . هو تردد يعني إذا شك هل صلى ركعتين أو ثلاثاً يجعلهما ركعتين ويزيد ثالثة ويسجد للسهو وانتهى الإشكال، لكن لو توضأ .. ، ولو توضأ مثلاً ثم شك هل غسل العضو مرتين أو ثلاثاً؟ طالب:. . . . . . . . . سواء أيش؟ طالب:. . . . . . . . . يزيد رابعة؟ طالب:. . . . . . . . . احنا قلنا: في الصلاة أنه إذا تردد هل صلى ركعتين أو ثلاث يجعلهما ركعتين؟ طالب:. . . . . . . . . إيه؟ طالب:. . . . . . . . . هم قالوا: يبني على الأقل؛ لأنه متيقن؟ نعم يبني على الأقل؛ لأنه متيقن. طالب:. . . . . . . . . كيف؟ طالب:. . . . . . . . . أنا أقول: هل الباب واحد في الصلاة والوضوء أو يختلف؟

تعرفون عند الحنابلة ما في فرق يعني إذا شك هل توضأ مرتين مرتين، أو ثلاثاً ثلاث، يجعلهن مرتين ويزيد ثالثة، وما في إشكال كما لو تردد هل صلى ركعتين أو ثلاثاً، لكن هناك فرق بين الصلاة والوضوء؛ لأن الصلاة لا تصح بالعدد الأقل، بينما الوضوء يصح بالعدد الأقل، فلو شك هل صلى ركعتين أو ثلاثاً يجعلهما ركعتين ويسجد للسهو وينتهي الإشكال؛ لأنه لو قلنا: رجح الأقل، وهو في الحقيقة ما صلى إلا ركعتين بطلت صلاته، فهنا الخيار بين نقص مبطل للصلاة، وبين زيادة معفو عنها للشك والنسيان؛ لأن القاعدة في النسيان أنه ينزل الموجود منزلة المعدوم، ولا عكس -ولا ينزل المعدوم منزلة الموجود- ولو كان ناسياً، بينما في الوضوء إذا قلنا: اجعلهما غسلتين وزد ثالثة وهو في الحقيقة غسل ثلاثاً خرج إلى حيز الزيادة عن القدر المشروع، بينما لو قلنا: اجعلها ثلاثاً، لو افترضنا أنه نقص عن الثلاث إلى ثنتين، في إطار السنة؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- توضأ مرتين مرتين، وإذا كان الخيار بين السنة والبدعة يرتكب السنة، هذا الأصل. وهنا إذا شك هل غسل ستاً أو سبعاً، قال: ست وإلا سبع؟ ستاً؛ لأن القدر لا بد منه، بينما في الوضوء الثالثة منها بد، ما يلزم أن تأتي بثالثة، هنا القدر المحدد لا بد منه، السبع لا بد منها. فإذا قلنا: اجعل التراب في الغسلة الأخيرة، أو في الثامنة احتاج إلى أن يزيد؛ لغسل التراب، فيخرج عن حيز المشروع فيزيد على سبع، وإن كانت في الزيادة لا للنجاسة الأصلية، وإنما هي لإزالة التراب كما هو الواضح، فالأمر يكون أخف، لكن ينبغي ألا يزاد ولا في الصورة على القدر المشروع.

أخرجه مسلم، وفي لفظ له: ((فليرقه)): يعني لمسلم، من حديث أبي هريرة: ((فليرقه)): وهذه اللفظة تدل على نجاسة ما ولغ فيه الكلب، نجاسة ما ولغ فيه الكلب؛ لأن الإراقة إتلاف وإضاعة للمال، وقد جاء النهي عن إضاعة المال، فإذا جاز لنا مخالفة هذا النهي دل على أن ما يقابل هذا النهي أمراً واجباً، ووجوب هذه الإراقة لا شك أنه لنجاسته وخروجه عن حيز المالية، وحينئذ لا يكون مالاً؛ لأن النجس ليس بمال، ولذا لا يجوز بيعه، وإذا كان ما ولغ فيه نجساً فهو نجس، وهذا قول جمهور أهل العلم، خلافاً لمالك، الجمهور على أن الكلب بجميع أجزائه نجس حتى شعره، والإمام مالك يرى أنه طاهر، الكلب طاهر عند الإمام مالك والأمر بالغسل هنا للتعبد لا لنجاسته. إذن: الأمر بالإراقة أيضاً تعبد؟! الغسل معقول المعنى ولا غسل إلا من حدث أو خبث، ولا حدث هنا، إذن: يبقى ولا حدث هنا إذن: يبقى الخبث وهو نجس، فالحديث دليل صريح واضح على نجاسة الكلب. منهم من يقول: إن شعره طاهر، شعره طاهر، هذا المعروف عند جمع من أهل العلم وأنه يمكن أن يستفاد منه. والجلد إذا دبغ فيه خلاف ستأتي الإشارة إليه قريباً إن شاء الله تعالى. من أدلة المالكية أولاً: جوابهم عن هذا الحديث أن الأمر بالغسل للتعبد، يستدل المالكية بحل أكل ما صاده الكلب، ولا بد أن يباشره، بفمه، ولم يرد غسله ولا تتريبه –الصيد- هذا دليل قوي، صح وإلا لا؟ الكلب حينما يصيد يصيد بأيش؟ طالب:. . . . . . . . . بأسنانه بالفك، بأسنانه، ولا جاء الأمر بغسله سبعاً مع التراب، لماذا؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . كيف يجيب الجمهور عن هذا -عن هذا الدليل- وهو قوي؟ نعم. طالب: الكلب معلم طيب والمعلم ما هو بكلب؟ طالب:. . . . . . . . . الإناء، إذا ولغ الكلب .. ، إذا ولغ فيه الكلب، المراد به الجنس، نعم، كلب الصيد المعلم إذا ولغ في إناء يغسل وإلا ما يغسل؟ طالب: يغسل. يجب غسله، إذن: هو داخل، نعم. طالب:. . . . . . . . .

للجمهور أن يقولوا ويجيبوا عن الصيد؛ لأنه لا بد أن يطبخ، والطبخ أبلغ من الغسل، ولهم أن يقولوا -أو لبعضهم أن يقول، وقد قال-: إن الصيد لا بد فيه أن يغسل وأن يترب، وإن سكت عنه في النصوص؛ لأنه إذا جاء الحكم في نص واحد ما يلزم أن يأتي في جميع النصوص يصير معروفاً، يصير معروفاً، ما يلزم أن ينقل الرواة كل شيء؛ لأنه نقله من تقوم به الحجة. لكن غسل المصيد وتتريبه لا شك أنه عنت، لا. . . . . . . . . الشرع بمثله، وهو أيضاً إفساد له، لكن إذا طبخ زال المحظور، لكن قد يقول قائل: إذا ولغ الكلب في الإناء، أنا أبى أطبخ الإناء مثل الصيد، يطهر وإلا ما يطهر؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . نقول: نعم هذه المسألة منصوص عليها ولا تقبل الاجتهاد، لا تخضع للاجتهاد، قد يقول قائل: في المدن لا يوجد تراب، نغسله بصابون وإلا شامبو أو ما يقوم مقامه، يكفي وإلا ما يكفي؟ طالب: لا يكفي. عند كثير من أهل العلم يكفي؛ لأن المقصود التنظيف ويحصل بهذه التنظيف، لكن أثبت الطب أن في لعاب الكلب جرثومة لا يقضي عليها إلا التراب، لا يقضي عليها إلا التراب، وهذا قبل المجاهر، وقبل المختبرات، هذا قبل ألف وأربعمائة سنة. طالب:. . . . . . . . . كيف؟ طالب:. . . . . . . . . لا، لا بد من غسل الإناء، لا بد من غسله سبعاً، الماء يراق والإناء يغسل سبعاً، ((طهور إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب)) فالإناء له الغسل والتتريب، والماء له الإراقة، مع أن ابن عبد البر قال عن لفظة: ((فليرقه)) أنه لم ينقلها أحد من الحفاظ من أصحاب الأعمش، كأنه يريد أن يشكك في ثبوتها، لكن إذا كان الماء نجساً فلا مخالفة في هذه الزيادة، وحينئذ إذا نقلها من تثبت الحجة بنقله لا يلزم أن ينقلها جميع الحفاظ. ابن مندة يقول: "لا تعرف عن النبي -عليه الصلاة والسلام- بوجه من الوجوه"، لكن هي مقتضى ما يصنع بالنجاسات، يعني هل كل نجاسة تلزم إراقتها؟

ماء نجس، قد يقول قائل: هذه اللفظة ليست ثابتة، أنا أريد أن أبقي هذا الماء، أقل الأحوال لو أطفئ به حريقاً، وإن جاء الأمر بإراقته، يعني إذا وجد خمر تلزم إراقته أو لا تلزم؟ يقول شخص: أنا أريد أن أركنه عله أن يتخلل، أنا لن أشربه، ولن أمكن أحد من شربه، لكن عله يتخلل بنفسه فيحل ويطيب، وهذا يقول: عندنا ماء متنجس وقعت فيه نجاسة هل يلزمني إراقته أو أبقيه أقل الأحوال أطفئ به حريقاً، هذا أقل الأحوال، وهذا يقول: أمسح به السيارة مثلاً، أو أغسل الحوش، أغسل البيت، نعم؟ نقول: هذه اللفظة تقتضي أن يراق؛ لئلا يستعمله من لا يعرف حاله، ولا شك أن إراقة هذا الماء سد لذريعة استعماله، وهي ثابتة في صحيح مسلم، ولا كلام لأحد ما دامت ثابتة في الصحيح، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . نعم نعم، هل يقاس على الكلب الأسد والخنزير؟ الأسد جاء في حديث: ((اللهم سلط عليه كلباً من كلابك)) فقتله الأسد، يدخل وإلا ما يدخل؟ طالب:. . . . . . . . . هاه، يدخل وإلا ما يدخل؟ الظاهر عدم الدخول، الظاهر عدم الدخول؛ لأن (أل) هذه للكلب المعهود المعروف، وكونه يتوسع في هذه اللفظة فتستعمل في غير الكلب، نعم، ولذا لو حلف ألا يشتري كلباً فاشترى أسداً -على القول بجواز بيعه، بيع الكلب- اشترى أسداً يحنث وإلا ما يحنث؟ ما يحنث بلا شك، لا يحنث، وإن كانت الأيمان والنذور مردها إلى العرف، والأسد لا يقال له عرفاً: كلب، لكن الظاهر عدم دخول غير الكلب المعروف في مثل هذا النص، ولا يقاس عليه خنزير ولا غيره؛ لأن مثل هذه الأمور التي جاء الشرع بتحديدها، وأثبت الطب وجود هذه الجرثومة في لعاب الكلب خاصة يدل على أن الشرع له قصد ومغزى من تخصيص الكلب بهذا الحكم، وإلا لو كان يلحق به غيره لجاء اللفظ أعم، لفظاً يشمل الكلب وغيره، والله المستعان نعم. وعن أبي قتادة -رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال في الهرة: ((إنها ليست بنجس, إنما هي من الطوافين عليكم)) [أخرجه الأربعة, وصححه الترمذي وابن خزيمة].

عن أبي قتادة: الحارث بن ربعي صحابي معروف، فارس النبي -عليه الصلاة والسلام-، شهد أحداً وما بعدها، توفي سنة أربعة وخمسين بالمدينة، أبو قتادة يروي عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه قال في الهرة: ((إنها ليست بنجس، إنما هي من الطوافين عليكم)): الهرة معروفة، معروفة وإلا غير معروفة؟ القط أو أيش؟ أيش؟ طالب:. . . . . . . . . البِسّ، نعم لا بأس، وهو أكثر الحيوانات أسماؤها .. ، له أسماء كثيرة جداً. على كل حال هو معروف. ((إنها ليست بنجس، إنما هي من الطوافين عليكم)): يعني تكثر ملابستكم لها، وملابستها لكم، ويشق عليكم التحرز منها، هي كالخادم في البيت ما يمكن أن يحجب عن مكان، نعم، أحكمت الأبواب، وأتقنت الأغلاق لكن من يحترز من مثل هذا؟ ((إنها ليست بنجس، إنما هي من الطوافين عليكم)): هذه العلة منصوصة بلا شك، تدل على أن الهر طاهر، وهذا يدل على ضعف الأمر بغسل ما ولغ فيه الهر مرة واحدة. هذا الحديث له سبب وهو أن أبا قتادة سكبت له زوجة ابنه ماءً فجاءت هرة فشربت منه، فتوضأ منه أبو قتادة، فتعجبت المرأة من كونه يتوضأ بماء، فساق الحديث، قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((إنها ليست بنجس)).

كتاب الطهارة (3)

بلوغ المرام - كتاب الطهارة (3) شرح: باب الآنية الشيخ/ عبد الكريم بن عبد الله الخضير سكبت له زوجة ابنه ماءً فجاءت هرة فشربت منه، فتوضأ منه أبو قتادة، فتعجبت المرأة من كونه يتوضأ بماء .. ، فساق الحديث، قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((إنها ليست بنجس، إنما هي من الطوافين عليكم)) وفي وراية: ((والطوافات)) وجُمع جمع سلامة، جمع مذكر سلام، أو جمع مؤنث سالم كما في الرواية الأخرى، والأصل أن فيما يجمع جمع سلامة أن يكون ممن يعقل، العاقل فقط، لكن الهرة عوملت معاملة العاقل؛ لأنها وصفت بوصفه، ووصفت بوصف العاقل ((إنها ليست بنجس، إنما هي من الطوافين عليكم)) هذه العلة ألحق أهل العلم بالهرة كل طواف مما يشق الاحتراز منه، أما ما لا يشق الاحتراز منه فإنه لا يلحق به، ولذا يقول أهل العلم: "وسؤر الهرة وما دونها في الخلقة طاهر" يعني ما دونها من الخلقة لا يمكن التحرز منه، فأرة مثلاً، الفأر هل يمكن أن يتحرز منه؟ ممكن أن تخلو المستودعات من الفأر إلا شخص يتحسس أموره في كل وقت، وإلا مجرد ما يغفل يجد الفأر، نعم، وكانت الأمور أشد لما كانت الأبواب أقل إحكام، نعم، أقل إحكام مما هي عليه الآن، فلا يمكن التحرز بحال مما دون الهرة، لكن ما فوق الهرة، إذا كان عند الإنسان كلب أو حمار أو حيوان أكبر من الهرة يمكن التحرز منه، بخلاف ما دون الهرة، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . مثله الهرة، مثله الهرة، الهرة إذا أكلت نجاسة ولغت في الماء، يعني ماء حكم بطهارته لا شك أنه يمكن أن تطرأ عليه نجاسة، لكن الأصل أنه طاهر، فإذا وجد فأر متلبس بنجاسة؛ لأنه خرج من المجاري ينجس للنجاسة التي علقت به، هذا الهر إذا أكل نجاسة والنجاسة باقية في فمه ينجس ما ولغ فيه، وما شرب منه، لكن إذا مضى عليه وقت بحيث تزول هذه النجاسة فإنه يرجع إلى الحكم الأصلي، نعم. "وعن أنس بن مالك -رضي الله تعالى عنه- قال: "جاء أعرابي فبال في طائفة المسجد فزجره الناس, فنهاهم النبي -صلى الله عليه وسلم-، فلما أقصى بوله أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- بذنوب من ماء فأهريق عليه" متفق عليه.

"وعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: "جاء أعرابي فبال في طائفة المسجد" الأعرابي: واحد الأعراب، الأعرابي: واحد الأعراب، وهم سكان البادية، الأعراب له واحد من لفظه؟ نعم؟ نعم بياء النسب، نعم بياء النسب، أعرابي منسوب إلى الأعراب فهو واحدهم، والأصل في الأعراب أنهم جمع مفرده نعم آتي، لا، لا العربي غير الأعرابي، ما يلزم، نعم العربي غير الأعرابي، فجاءت النسبة إلى الجمع لشهرة هذا الجمع، وإلا فالأصل أن اللفظ إذا أريد النسبة إليه أن يعاد إلى مفرده، والنسبة إلى الجمع شاذة، إلا إذا كان الجمع بمنزلة يفوق فيها لفظ المفرد أو لا مفرد له من لفظه، الأنصار مثلاً الأنصار: جمع ناصر، تنسب الأنصار تقول: أنصاري، ولا تنسب إلى المفرد؛ لأن الشهرة للجمع وليست للمفرد، وإلا فالأصل أنك إذا أردت النسبة إلى الجمع تنسب إلى مفرده، فجمع صحيفة صحف، نعم صحائف وصحف، نعم إذا أردت أن تنسب إذا أردت أن تصف شخصاً يكتب في الصحف تقول له إيش؟ طالب:. . . . . . . . . لا، لا بد من رده على المفرد، تقول: صحفي ولا تقول: صُحفي، وهكذا؛ لأن النسبة إلى الجمع عند أهل العلم شاذة، يستثنى من ذلك ما صار الجمع فيه أشهر من المفرد.

"جاء أعرابي فبال في طائفة المسجد" في ناحية أو في زاوية من زوايا المسجد "فزجره الناس" من الصحابة، قام إليه الناس؛ لأنه فعل فعلاً ينبغي أن يزجر من أجله، ينبغي أن يزجر من أجله "فنهاهم النبي -صلى الله عليه وسلم-" رفقاً به لجهله، وتأليفاً له، وتأليفاً له، ودرءاً للمفسدة العظمى؛ لأنه لو لم يمكن من إكمال بوله لتضرر هو وانتشرت النجاسة، بدلاً من أن يكون موضع النجاسة محدد يمكن تطهيره، يمكن ينجس أماكن أخرى "فزجره الناس فنهاههم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فلما قضى بوله أمر النبي -عليه الصلاة والسلام- بذنوب من ماء" بدلو، سجل، كما جاء في بعض الروايات فيه ماء "فأهريق عليه" صب عليه، وحينئذٍ يطهر، فالبول نجس، بول الآدمي نجس إجماعاً، والتطهير تطهير ما وقع عليه واجب، لكن من الأشياء التي يقع عليها البول ما يجب فيه العدد، ومنها ما يكفي فيه الصب فقط، ومنها ما يكفي مسحه، إذا بال إنسان على ما يتلفه الماء، بال على ما يتلفه الماء إيش تسوي؟ بال على ورق، تغسل الورق؟ يقولون هنا: يكفي مسحه وتعريضه للشمس، وحينئذٍ تنتهي هذه النجاسة، إذا بال على الشيء صقيل لا يشرب النجاسة، شيخ الإسلام -رحمه الله- يقول: يكفي مسحه، يمسح ويكفي، ويستدل بأن الصحابة والنبي -عليه الصلاة والسلام-، النبي -عليه الصلاة والسلام- وصحابته الكرام كانوا يذبحون الأنعام الثانية تلو الأولى وهكذا ولا يؤثر عنهم أنهم غسلوا السكين، مع أن الدم المسفوح نجس اتفاقاً، فقالوا: السكين صقيلة يكفي مسحها، ولا يحتاج غسلها، لو بال على مرآة مثلاً، لو بال على شيء يكفي مسحه، لكن الجمهور على أنه لا بد من الغسل، ولا تطهر مثل هذه الأشياء إلا بالغسل، إذا وقع البول على الثوب، أو على شيء يمكن غسله، وتقليبه، فلا بد من غسله ثلاثاً، للأمر بغسل الأنجاس ثلاثاً، وهذا هو الأصل في جميع النجاسات، لكن إذا كان مما لا يتيسر قلبه وعصره وفركه كالأرض يكفي في تطهيرها أن يصب عليها الماء، كما هنا، ولا يلزم نقل التراب، ولا فرق بين الأرض الرخوة والصلبة، لا فرق بينهما، بل تكاثر بالماء ويصب عليها ذنوب من ماء وينتهي الإشكال، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . يغسل ثلاثاً؟

طالب:. . . . . . . . . كم تدور الغسالة؟ أكثر من ذلك، أكثر من ذلك. يأتي معنا في بول الصبي الذي لم يأكل الطعام وأنه يكفي فيه النضح، وفي هذا بيان خلق النبي -عليه الصلاة والسلام- حيث رفق بهذا الجاهل، وجاء في بعض الروايات تسمية هذا الأعرابي بأنه ذو الخويصرة، ذو الخويصرة اليماني وإلا التميمي؟ نعم؟ نعم اليماني، فلطف به النبي -عليه الصلاة والسلام- وعذره بجهله، وعامله على مقتضى حاله تأليفاً له؛ لأن مثل هذا لو زجر وأنكر عليه بقوة وشدة يمكن ما يجي المسجد مرة ثانية؛ لأن مثل هؤلاء ما تمكن الإيمان من قلوبهم، أعرابي جافي، مثل هذا يرفق به، ويلطف به، ومن مصارف الزكاة التي هي ركن من أركان الإسلام إعطاء المؤلفة قلوبهم حتى يتمكن الإيمان من قلوبهم، وحينئذٍ يوكلون إلى إيمانهم، والنبي -عليه الصلاة والسلام- قد يعطي الشخص وغيره أحب إليه منه كما في الحديث الصحيح ((خشية أن يكبه الله في النار)) لأن الإيمان ما وقر في قلبه، ثم إذا لم يعطَ فإنه يرتد، وهذا حصل لكن الذين أعطوا هم في الأصل أعراب جفاة ما وقر الإيمان، أسلموا طمعاً في الدنيا، لما أعطوا حسن أسلامهم، والله المستعان.

فهذا فيه درس لمن يزاول ويمتهن دعوة الناس إلى الخير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أن يكون الرفق ديدنه؛ لأن الرفق ما صار في شيء إلا زانه، وما نزع من شيء إلا شانه، بخلاف العنف، العنف لا يأتي بشيء لا يأتي بالفائدة، بل العكس يأتي بآثار سلبية وردود أفعال، والرفق مطلوب في كل حال وفي كل ظرف، لما أعطى النبي -عليه الصلاة والسلام- علي الراية ووجهه إلى خيبر قال له: ((انفذ على رسلك)) وهذا في الحرب التي تطيش فيها العقول ((انفذ على رسلك)) يعني لا تستعجل العجلة ما تأتي بشيء، فالرفق هو المطلوب في جميع الحالات، نعم إذا كان هناك أمر يفوت، حريق يخشى زيادة انتشاره فالمبادرة مطلوبة، جاء الأمر بالسعي إلى صلاة الجمعة {فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} [(9) سورة الجمعة] مبادرة، {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ} [(133) سورة آل عمران] {سَابِقُوا} [(21) سورة الحديد] المقصود مثل هذه الأمور تنبغي المبادرة إليها بالرفق؛ لأن المبادرة والمسارعة لا تعني العجلة، ولذا جاء في الحديث الصحيح: ((إذا سمعتم الإقامة فامشوا وعليكم بالسكينة، فامشوا وعليكم بالسكينة والوقار)) والله المستعان، نعم. الحديث الذي يليه: "وعن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أحلت لنا ميتتان ودمان, فأما الميتتان فالجراد والحوت, وأما الدمان فالطحال والكبد)) أخرجه أحمد وابن ماجه, وفيه ضعف". نعم حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- المرفوع المصرح برفعه إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- كما هنا قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، لا شك أن فيه ضعف، المصرح برفعه فيه ضعف، كما أشار الحافظ -رحمه الله تعالى-، لكن الموقوف على ابن عمر من قوله صحيح، وهو وإن كان لفظه موقوفاً على ابن عمر فإن له حكم الرفع؛ لأن قول الصحابي أبيح لنا، أو أحل لنا، أو حرم علينا له حكم الرفع؛ لأن الذي يبيح والذي يحرم والذي يحلل هو الشرع، فالذي أحل لهم هاتين الميتتين وهذين الدمين هو من يملك التحليل والتحريم، وهو الله -سبحانه وتعالى- على لسان نبيه -عليه الصلاة والسلام-، فله حكم الرفع.

الموقوف على ابن عمر صراحة صحيح، والمصرح برفعه إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- فيه ضعف على أن الموقوف كما ذكرنا له حكم الرفع، فهو مرفوع حكماً. " ((أحلت لنا ميتتان ودمان، فأما الميتتان فالجرد والحوت، وأما الدمان فالكبد والطحال)) أخرجه أحمد وابن ماجه، وفيه ضعف" لأنه من رواية عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه عن ابن عمر، يقول الإمام أحمد: حديث منكر، هذا المصرح برفعه إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-، ((أحلت لنا ميتتان ودمان)) وهذا مما يخص به قوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ} [(3) سورة المائدة] {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ} [(3) سورة المائدة] فالميتة حرام إلا ما استثني، والدم حرام إلا ما استثني، على أن الدم ينبغي تقييده بما جاء في قوله تعالى: {قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا} [(145) سورة الأنعام] فالدم المسفوح هو المحرم، بخلاف الدم الذي يبقى في اللحم، هذا ليس بمحرم، ولا ينظف اللحم منه، بل يبقى؛ لأنه ليس بمحرم. هنا حملنا المطلق على المقيد {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ} [(3) سورة المائدة] هذا مطلق، نعم، {دَمًا مَسْفُوحًا} [(145) سورة الأنعام] نعم مقيد، وحينئذٍ في مثل هذه الصورة يحمل المطلق على المقيد فيه خلاف وإلا ما في خلاف؟ هاه؟ بدون خلاف بالاتفاق، لماذا؟ نعم؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . نعم للاتفاق في الحكم والسبب، للاتفاق في الحكم والسبب. ((أحلت لنا)) التحليل بمعنى الإباحة، والحلال هو المباح ضد الحرام، الحلال ضد الحرام، أو نقيض الحرام؟ نعم؟ ضد، لماذا؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . كلاهم مفقود؟ هاه؟ أو كلاهم موجود؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . .

لا، ما يمكن يجتمعان، الضدان لا يجتمعان، كما أن النقيضين لا يمكن أن يجتمعا في الاجتماع يشترك الضد والنقيض، لكن في الارتفاع النقيضان لا يرتفعان، والضدان يمكن أن يرتفعا، وهنا تقابل الحل والحظر تقابل ضدية؛ لأنه يمكن أن يرتفع الحكم عن هذه العين؛ لأنها ليست حلال ولا حرام، إنما هي مكروهة أو مستحبة نعم. ((أحلت لنا ميتتان ودمان فأما الميتتان فالجراد والحوت)) الجراد معروف، وجاء في الحديث الصحيح: غزونا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سبع غزوات نأكل الجراد، فجاز أكله، وحله إجماع بين أهل العلم، إلا ما يذكره بعضهم عن جراد الأندلس وهو أن فيه مادة سامة مضرة، فيمنع ويحرم من أجل الضرر، وإلا فالأصل أن الجراد مباح. والحوت: وتقدم هذا في الحديث الأول: ((الحل ميتته)) وعرفنا أن المراد به ما لا يعيش إلا في البحر، ولا فرق في ذلك بين الميت في البحر مما طفا على وجهه، أو جزر عنه، أو أخرج منه فمات، فهو حلال، شريطة ألا يعيش إلا في البحر، وأما ما يعيش في البر والبحر. . . . . . . . . كان مما يجوز أكله. وأما الدمان فالكبد والطحال، لا شك أن الكبد والطحال دم متجمد، وهي حلال بهذا النص، فهو مخصص للآية {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالْدَّمُ} [(3) سورة المائدة] كما عرفنا. جاء في الحديث مما يستدل به من لا يجيز أكل الطافي يعني مات في البحر ثم طفا ((ما ألقاه البحر أو جزر عنه فكلوا، وما مات فيه فطفا فلا تأكلوه)) مخرج في المسند والسنن لكنه ضعيف، لا يعارض به مثل هذا الحديث، وأيضاً النبي -عليه الصلاة والسلام- أكل من الحوت الكبير الذي عثرت عليه السرية وأكلوا منه مدة فذهبوا بالبقية إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فأكل منه، هذا في الحديث في البخاري، نعم. "وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إذا وقع الذباب في شراب أحدكم فليغمسه ثم لينزعه, فإن في أحد جناحيه داء وفي الآخر شفاء)) أخرجه البخاري وأبو داود وزاد: ((وإنه يتقي بجناحه الذي فيه الداء)).

حديث: "أبي هريرة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إذا وقع الذباب)) " وهو معروف أيضاً، يقول بعضهم: إن سبب تسميته هو أن أصل التسمية ذُبّ فآب يعني طرد فرجع، طرد فرجع، هذا وصفه باستمرار، يطرد فرجع صار ذباب، خففت إلى ذباب، وهو معروف لا يحتاج إلى مزيد بسط في سبب التسمية، وذكْر خواصه. ((إذا وقع الذباب في شراب أحدكم فليغمسه)) هذا أمر شرعي واللام لام الأمر ((ثم لينزعه)) وهذا خلاف ما يقوله الأطباء، وأنه يحمل ملايين الجراثيم، نعم، يحمل ملايين الجراثيم، لا شك أن في جناحه -في أحد جناحيه- داء، ولتكن جراثيم، لكن علاج هذه الجراثيم في الجناح الآخر، وقول بعض أهل الترف: إذا وقع الذباب على طعام ... رفعت يدي ونفسي تشتهيه هذا لو مسه الجوع ما فعل مثل هذا الفعل، والمسألة شرعية، قد يقول قائل وقد قيل ممن تكلم في الحديث من المتقدمين يقول: من أين للذباب العقل والفهم والتمييز بحيث يقدم الجناح الذي فيه الداء؟ وهل هذا مطرد؟ نقول: نعم مطرد، وكونه يعقل هو لا يعقل، لكن عند هذه المخلوقات -وإن كانت غير عاقلة- عندها من الملكات ما يحصل به تمييز ما ينفع وما يضر، بهيمة الأنعام إذا جرت إلى الذبح تنقاد وإلا ما تنقاد؟ لا تنقاد إلا بقوة، تقبل على ما ينفعها من أكل وشرب، وتهرب مما يضرها من سبع وجزار وما أشبه ذلك، فهذه قوى مدركة، فهذا الكلام الذي قاله بعضهم وما زال الكلام في حديث الذباب جاري من بعض من لا ينقاد للنصوص الشرعية إلا إذا عرضها على عقله فهذا خطر عظيم، كل نص وإن صح لا يقبله عقله لا بد أن يكون عنده فيه وقفة، لا شك أن مثل هذا يخشى عليه من الزيغ، يعني شخص يقول في حديث: ((لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة)) والحديث في البخاري، يقول: الواقع يرد ذلك، تولت النساء فصرن أفضل من الرجال، وضرب مثل: إندي رغاندي وجولد مائير وتتشر، يعني هذا لو قاله عدو غير مسلم، ولا أتصور أن الوقاحة بالأعداء تصل إلى هذا الحد ليقولوا لنا مثل هذا الكلام، فكيف يقول هذا الكلام ممن ينتسب إلى العلم بل ينتسب إلى الدعوة، يرد حديث في صحيح البخاري لأن جولد مائير هزمت العرب رئيسة وزراء اليهود.

صديق حسن خان العالم المعروف، ولو قيل ما قيل بالنسبة لمؤلفاته، لكنه من أهل العلم في الجملة، كان ممن يحضر الدرس ملكة هوذال في الهند فلما وصلوا إلى هذا الحديث تزوجها وتنازلت له عن الملك،. . . . . . . . . لا إشكال في أنه لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة، هذه هي الحكمة، لا بد من الانقياد والتسليم، سواءً أدركنا أو لم ندرك إذا صح الخبر، هناك أمور لا بد أن يقف العقل دونها، لا يمكن أن يستوعبها عقل مهما بلغ من الذكاء والفطنة والخبرة، كون الشمس كما في الحديث الصحيح وهي في فلكها تسير، تسجد تحت العرش كل ليلة، يمكن أن يستوعب مثل هذا؟ ما يستوعبه عقل، لكن نرضى ونسلم، أدركنا أو لم ندرك، الرب -جل وعلا- ينزل في آخر كل ليلة، في الثلث الأخير من الليل إلى السماء الدنيا، ويقرر أهل العلم أن العرش لا يخلو منه، يدركه عقل وإلا ما يدركه؟ ما يدركه عقل، يعني. . . . . . . . . هنا لا يتطاول العقل إلى الوصول إليها، وهنا يقال: من أين للذباب أن يعقل فيقدم هذا الجناح ويؤخر ذاك؟ فيرد الحديث بمثل هذا الهراء، وهذا قاله بعض المتقدمين وكثير من المتأخرين، من أين للنملة وهي تجمع الطعام في جحرها، ومأواها أن تقسم الحبة نصفين لئلا تنبت؟ من أين لها العقل حتى تفعل مثل هذا الفعل؟ تكسر الحبة نصفين على شان ما تنبت لو جاءها رطوبة نبتت وخسرتها؟ ذكر شراح الصحيح أن فرساً أكره على أن ينزو على أمه فما رضي، حاولوا، ضربوه، أكرهوه، ألزموه، حملوه، ما نزا على أمه، فرس، فجللت الأم، غطيت، فنزا عليها؛ لأنه لا يعرفها، غطيت، فلما كشف الغطاء قطع ذكره بأسنانه، من أين لهذا الفرس أن يصنع مثل هذا الفعل؟ ويوجد مع الأسف الشديد بين المسلمين بسبب البعد عن الدين، وبسبب أسباب الشر والفساد التي انتشرت بين المسلمين مسخ الفطر من يقع على المحارم، نسأل الله السلامة والعافية، فالحيوانات خير منه، في هذا الباب، نعم هو لا يكفر بهذا، لكن يبقى أنه ممسوخ الفطرة، ومسخ القلوب أعظم من مسخ الأبدان، كما يقرر أهل العلم، نسأل الله السلامة والعافية.

على كل حال الحديث صحيح، هو في البخاري وليس لأحد أن يتكلم فيه بحال، مهما بلغت منزلته من العلم، ومن أنكره لا حجة له إلا مقتضى عقله والعقل وشواهد الأحوال تشهد لمثل هذا الحديث. ((إذا وقع الذباب في شراب أحدكم فليغمسه، ثم لينزعه فإن في أحد جناحيه داء, وفي الآخر شفاء)) هذا يدل على أن الذباب لا ينجس ما وقع فيه ولو مات؛ لأن الشراب إذا كان حاراً ووقع فيه الذباب فالذي يغلب على الظن أنه يموت، يقول أهل العلم أخذاً من هذا الحديث: إن كل ما لا نفس له سائلة فإنه لا ينجس بالموت، ما لا نفس له سائلة يعني ليس له دم، فإنه لا ينجس ولو مات "رواه البخاري وأبو داود، وزاد: ((وإنه يتقي بجناحه الذي فيه الداء)) على كل حال يقول أهل التجربة: إن لدغة العقرب والزنبور إذا دلكت بالذباب فإنه يبرأ -بإذن الله تعالى-، لوجود هذا الدواء الذي بجناحه الآخر. طالب:. . . . . . . . . إيش هو؟ طالب:. . . . . . . . . إيش فيه؟ طالب:. . . . . . . . . شكله، أقصد جميل وإلا قبيح؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . هذا الذباب على صغره وقبحه لو اجتمعت قوى الدنيا كلها ما استطاعت تصنع مثله {إِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ} [(73) سورة الحج] لو اجتمعت الدنيا كلها، لو خطف الذباب شيء مهما صغر ودق ما يمكن تسلبه ولا قوى العالم كلها {ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ} [(73) سورة الحج] الله المستعان. على كل حال الذباب اسم للجنس، جنس هذا الطائر الصغير سواءً صغر أو كبر، فيدخل في الحكم. نأخذ الحديث الذي يليه وإلا دخلنا على وقت الشيخ؟ لأن هذا الحديث مكمل للباب لكن ... طالب:. . . . . . . . . إيش؟ الأمر ما في شك أنه لمصلحة البدن هنا، لمصلحة البدن، فكون. . . . . . . . . من هذا الطعام ويريقه مع اعتقاده صحة الخبر وأن فيه .. ، ما يضره هذا، ما يضر، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . هاه؟ طالب:. . . . . . . . . إذا وقع في الشراب لا شك أن هذا الداء ينتشر في الشراب، أما في الطعام لا ينتشر، يبقى المكان الذي وقع فيه محدود يلقى وما حوله وينتهي الإشكال. اللهم صلِ وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: سم. بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد: فقد قال المصنف -رحمه الله تعالى-: "وعن أبي واقد الليثي -رضي الله تعالى عنه- أنه قال: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((ما قطع من البهيمة -وهي حية- فهو ميت)) أخرجه أبو داود, والترمذي وحسنه, واللفظ له". راوي الحديث أبي واقد الحارث بن عوف صحابي شهير بدري في أشهر أقوال أهل العلم، وقيل: إنه من مسلمة الفتح، لكن الأول أقوى، مات سنة ثمان وخمسين بمكة، أبو واقد اختلف في اسمه على أقوال، لكن أشهر هذه الأقوال أن اسمه: الحارث بن عوف. يقول أبو واقد -رضي الله عنه- قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((ما قطع من البهيمة -وهي حية- فهو ميت)) أخرجه أبو داود والترمذي" وأحمد والحاكم والبيهقي "وحسنه" الترمذي والألباني، وله طرق يشد بعضها بعضاً، فهو حسن كما قال الترمذي. ((ما قطع من البهيمة)) والحديث وإن كان سنده في الأصل عند الترمذي لا يسلم من مقال، لكن له شواهد عن أبي سعيد وابن عمر وتميم الداري وغيرهم، فهو بهذه الشواهد يبلغ درجة الحسن. وله سبب: وهو أن النبي -عليه الصلاة والسلام- قدم المدينة، وبها ناس يعمدون إلى أسنمة الإبل وإليات الغنم فيجبونها وينتفعون بها، يأتي إلى ألية الشاة أو الخروف فيجبها، ويذيبها ويستفيد منها، ومثلها سنام البعير، فقال النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((ما قطع من البهيمة -وهي حية- فهو ميت)) وكل ما قطع من ذي روح يأخذ حكمه ميتاً، فما قطع من الإنسان، ما أبين من الإنسان طاهر وإلا نجس؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . كيف؟ طالب:. . . . . . . . . طاهر لماذا؟ لأن المسلم لا ينجس، لا ينجس بالموت، وكل على مذهبه في المشرك، في الكافر، هل هو نجس عين؟ أو نجاسته معنوية؟ {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلاَ يَقْرَبُواْ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ} [(28) سورة التوبة] .. إلى آخره.

فمن يقول: بأن النجاسة حسية يقول: ما أبين من الكافر فهو نجس، فإذا كان نجس في حال الحياة فهو في حال الموت من باب أولى، وما أبين من المسلم فهو طاهر؛ لأن المسلم لا ينجس بالموت. وما أبين من الغنم والإبل والبقر حكمه حكم الميتة من هذه الأنواع وهذه الأصناف، وما أبين من السمك والجراد حكمه حكم الميت من هذين النوعين، طاهر وهكذا؛ لأن الحديث عام، ((ما قطع)) و (ما) من صيغ العموم ((ما قطع من البهيمة -وهي حية- فهو ميت)) من البهيمة، والفقهاء أخذوا من هذا العموم أن النص شامل للبهيمة وغيرها، ولذا يقولون ويعبرون: ما أبين من حي فهو كميتته، ويقولون: إن قوله: ((من البهيمة)) على سبيل المثال؛ ولأن سبب الورود كان في البهيمة، لا شك أن البهيمة تدخل في النص دخولاً أولياً؛ لأنها منصوص عليها، لكن الحكم واحد عند أهل العلم، ما أبين من كل حي فهو كميتته، فما هو طاهر في الحياة فهو طاهر إذا أبين،. . . . . . . . . ما تثبت طهارته له بعد الموت كالآدمي، والسمك والجراد، فإن ما أبين منه فهو طاهر، وإذا كان يتأثر بالموت ويتنجس فإن ما أبين منه وما قطع منه فإنه يكون حينئذٍ نجساً، نعم. باب الآنية: "باب الآنية: عن حذيفة بن اليمان -رضي الله تعالى عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا تشربوا في آنية الذهب والفضة، ولا تأكلوا في صحافهما، فإنها لهم في الدنيا ولكم في الآخرة)) متفق عليه. وعن أم سلمة -رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((الذي يشرب في إناء الفضة إنما يجرجر في بطنه نار جهنم)) متفق عليه". يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "باب الآنية" وعرفنا ما قيل في الباب، وأنه في الأصل موضوع لما يدخل منه ويخرج معه، في الأبواب الحسية، وأهل العلم جعلوا له حقيقة عرفية عند أهل العلم، لما يضم مسائل من العلم، كباب المياه وباب الآنية وما أشبه ذلك، والآنية جمع إناء، والإناء معروف اتفقت فيه الحقائق الثلاث.

الآنية هي الأوعية، جمع إناء كما أن الأوعية جمع وعاء، لغة وشرعاً وعرفاً، فالحقائق الثلاث تواطأت على أن الآنية هي الأوعية، ففي اللغة: الإناء هو الوعاء، وفي الشرع: الإناء هو الوعاء، والظرف، وفي العرف كذلك. ولما ذكر المؤلف -رحمه الله تعالى- المياه وأنواعها، وما يؤثر فيها ذكر الظرف الذي لا بد منه لهذه المياه؛ لأن الماء لا يتماسك بنفسه، بل لا بد له من ظرف، فالحاجة قائمة إلى معرفة الظرف الذي يحوي هذا الماء، يروي الحافظ -رحمه الله تعالى- عن حذيفة؛ لأننا ذكرنا أن الجار والمجرور عن حذيفة أو عن غيره من الصحابة متعلق بمحذوف تقديره: أروي عن فلان، وإذا كان الحديث في أول الباب لا يؤتى بالواو، ولذلك تلاحظون، أروي عن حذيفة وأروي أيضاً عن أم سلمة، فالثاني معطوف على الأول، والأول مستأنف. "عن حذيفة بن اليمان" حذيفة بن اليمان بن حسل أو حسيل، صحابي جليل وأبوه كذلك اليمان، هما صحابيان جليلان، حذيفة صاحب سر رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، أفضى إليه النبي -عليه الصلاة والسلام- ببعض الأسرار فيما يخص المنافقين والفتن التي تكون في آخر الزمان، فهو صاحب السر، وكان عمر -رضي الله عنه- لا يصلي على الشخص الذي لا يصلي عليه حذيفة، مات بالمدائن سنة خمس أو ست وثلاثين. "قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا تشربوا في آنية الذهب والفضة، ولا تأكلوا في صحافهما)) " كأن الإناء هنا الوعاء الخاص بالشرب ((لا تشربوا في آنية الذهب والفضة، ولا تأكلوا في صحافهما)) وهو شامل لكل إناء يوضع فيه الطعام، والتعبير بالصحفة أو الصحاف من باب التمثيل، وإلا لو أكل الإنسان في قصعة من ذهب أو فضة دخل في الحديث، كونه ينص على الصحفة وهي ما تشبع الخمسة فيما قاله الكسائي وغيره، دخل في الحديث، وغير الصحفة من آنية الذهب، ومثلها ما يؤكل به كالملعقة والشوكة والسكين وما أشبه ذلك من أدوات الأكل.

((لا تشربوا في آنية الذهب والفضة، ولا تأكلوا في صحافهما فإنها لهم -أي للكفار- في الدنيا)) والضمير يعود إليهم، وإن لم يجرِ لهم ذكر، فإن السياق يفيد أنهم هم المقصودون بالخبر، ((لهم في الدنيا)) هم الذين يباشرون مثل هذه الأشياء، وهم الذين يستعملونها؛ لأنهم لا يتدينون بدين، ولا يرجون ثواباً ولا يخشوع عقاباً ((ولكم في الآخرة)) لكم أيها المسلمون الذين التزمتم ما أمرتم به، واجتنبتم ما نهيتم عنه، جزاءً وفاقاً امتنعتم عن الأكل والشرب في آنية الذهب والفضة فأبيحت لكم وخصصت لكم في الآخرة، كما أن من شرب الخمرة في الدنيا لم يشربها في الآخرة، من سمع الغناء في الدنيا، لم يسمع غناء الحور العين في الآخرة، وهكذا جزاءً وفاقاً. ((فإنها لهم في الدنيا)) هذا إخبار وليس بحكم، ليس معنى أن هذا مباح لهم، لكن هذا إخبار عن حالهم وعن واقعهم، فلأنهم لا يتدينون بدين، ولا يخشون عقاب، ولا يرجون ثواب يستعملونها، وإلا فهم ممنوعون حكماً من استعمالها، على القول الراجح من أقوال أهل العلم في مخاطبة الكفار بفروع الشريعة، الكفار مخاطبون بفروع الشريعة كمخاطبتهم بأصولها عند جمهور العلماء. ومنهم من يقول: هم غير مخاطبين مطلقاً، ومنهم من يقول: هم مخاطبون بالكف عن المحرمات دون فعل الواجبات والمأمورات؛ لأن فعل المأمورات يحتاج إلى نية، وهم ليسوا من أهل النية، أما الكف فيحصل من غير نية، لكن القول المرجح عند جمهور أهل العلم: أنهم مخاطبون. يقول الله -سبحانه وتعالى-: {مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ* قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ* وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ} [(42 - 44) سورة المدثر] .. إلى آخره، فذكروا في أول ما ذكروا فروع من فروع الشريعة، كان سبباً في دخولهم النار، ومعنى أنهم مخاطبون بالفروع أنهم يعاقبون عليها، ويزاد في عذابهم في الآخرة إضافة إلى عذابهم على عدم الإيمان بالله -سبحانه وتعالى-.

قد يقول قائل: إذا كانوا بحيث لا تصح منهم العبادات في الدنيا، ولا يطالبون بقضائها إذا أسلموا فما معنى مخاطبتهم بالفروع؟ معناه ما سمعتم، أنهم يزاد عليهم في العذاب من أجلها، وكونهم لا يطالبون بها حال الكفر لأنها لا تصح إلا بالنية والنية من غير المسلم ليست صحيحة، قصد التعبد لله -سبحانه وتعالى- لا يمكن أن يصدر من غير مسلم، ولا يكلفون بقضائها إذا أسلموا ترغيباً لهم في الإسلام، فلو أسلم كافر وعمره سبعون سنة، هل يقال له: عليك أن تقضي الصلوات والصيام مدة خمس وخمسين سنة يعني بعد التكليف؟ لا يقال له ذلك ترغيباً في الإسلام؛ لأنه لو قيل له ذلك احتمال أن يقول .. ، يرجع عن إسلامه، احتمال أن يقول: ما لازم نسلم هذه مشقة عظيمة، فمن باب الترغيب له في الإسلام لا يؤمر بقضائه. يلزم على قول من يقول: أنهم غير مخاطبين لتخلف الشرط المصحح لهذه الفروع، يلزم عليه أننا لا نأمر بالصلاة إلا المتوضأ، ما نؤمر أحد نقول له: صلِ؛ لأننا ما ندري هو متوضأ أو ما هو متوضأ؟ نقول له: توضأ، توضأ قبل، نأمر الناس بالوضوء، ثم نأمر من توضأ بالصلاة، لماذا؟ لأن الصلاة لا تصح من غير وضوء، وهذا لا يقول به الحنفية ولا غيرهم، الذين يقولون: إنهم غير مخاطبين بالفروع، بل يؤمر بالصلاة وبما تتطلبه الصلاة من شروط، وحينئذٍ يطالب بالفروع، الكافر يطالب بالفروع وبما تتطلبه هذه الفروع من شروط وهكذا. ((لا تشربوا في آنية الذهب والفضة، ولا تأكلوا في صحافهما)) النص ثبت في الأكل والشرب، وجماهير أهل العلم ألحقوا بالأكل والشرب سائر الاستعمالات، سائر الاستعمالات، فلو كان مع الرجل المسلم قلم من ذهب أو ساعة من ذهب أو ما أشبه ذلك عند جماهير أهل العلم يحرم عليه استعمال هذا الذهب.

النص لا شك أنه ثبت في الأكل والشرب، وألحق به جماهير أهل العلم سائر الاستعمالات، خلافاً لمن يقول: بالاقتصار على النص، كما هو قول أهل الظاهر، ويرجحه الصنعاني وبعض العلماء، وقالوا: إن التعبير بالاستعمال لا تستعملوا آنية الذهب والفضة، أو لا تستعملوا الذهب والفضة تحريف للفظ النبوي، وإلحاق غير الأكل والشرب في التحريم من شؤم تبديل اللفظ النبوي، لكن جماهير أهل العلم على تحريم سائر الاستعمالات، لماذا؟ هم يقولون هذا من باب قياس الأولى، من باب قياس الأولى، كيف؟ يقولون: إذا منع الأكل والشرب في الآنية مع أن الحاجة داعية لهذه الآنية قد تكون الحاجة داعية فمنعوا، فمنع سائر الاستعمالات من باب أولى، الحاجة أدعى للأكل والشرب، وقد لا يكون بحضرته إلا إناء ذهب أو فضة ومع ذلكم يحرم استعماله، فتحريم استعمال غير الآنية من باب قياس الأولى، بمثابة الضرب للوالدين بالنسبة للتأفيف، والقياس ظاهر؛ لأن العلة موجودة فخر وخيلاء وكسر قلوب الفقراء، وتضييق على النقدين، وما أشبه ذلك، كلها موجودة في سائر الاستعمالات. والمعروف أن الفضة هي المعدن الأبيض المعروف، ولا تحتاج إلى تعريف، وهي الورق، ومنها تسبك الدراهم، وأما الذهب فهو الأصفر المعروف الذي تسبك منه الدنانير، تضرب منه الدنانير، وهل يدخل فيه الذهب الأبيض أو لا يدخل؟ والذهب الأسود؟ الذهب الأسود إيش؟ طالب:. . . . . . . . . كيف؟ طالب:. . . . . . . . . البترول، نعم، يدخل في تحريم الذهب البترول، الناس يسمونه الذهب الأسود، لا يدخل؛ لأن حد الذهب وحقيقته تختلف اختلافاً تاماً عن البترول فلا يدخل. بقي الذهب الأبيض، الذهب الأبيض حده وحقيقته ذهب، تبر، مثل الذهب الأصفر سواءً بسواء، على ما يقوله أهل الصنعة، إلا أن اللون أحياناً يُجعل أبيض، وأحياناً يُجعل أصفر، فكونه يطلى بمادة تجعله أبيض أو العكس لا أثر لهذه المادة، فالذهب الأبيض في حكم الأصفر داخل في التحريم.

ثم هل يلحق بالذهب والفضة الأحجار الكريمة النفيسة الياقوت والمرجان وما أشبه ذلك، والماس، مما يختلف عن الذهب والفضة في الحد والحقيقة؟ جمهور أهل العلم على عدم إلحاق هذه الأشياء بغير الذهب والفضة؛ لأن الأصل فيها الإباحة. حديث: "أم سلمة -رضي الله عنها-" هند بنت أبي أمية، هاجرت مع زوجها أبي سلمة إلى الحبشة، ثم توفي زوجها فتزوجها النبي -عليه الصلاة والسلام- "قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((الذي يشرب في إناء الفضة إنما يجرجر في بطنه نار جهنم)) يعني من باب أولى الذي يشرب في إناء الذهب، وقد جاء في بعض الروايات عند مسلم: ((الذي يشرب في إناء الفضة والذهب)) والرواية المتفق عليها كما عندكم ((الذي يشرب في إناء الفضة)) وعند مسلم جاء: ((الذهب والفضة)). ((الذي يشرب في إناء الفضة إنما يجرجر في بطنه نار جهنم)) نسأل الله العافية، الجرجرة: صوت وقوع الماء على ما يقع عليه، ومنه الجرة، جرة البعير والغنم، لها صوت، تردد الطعام في مريئه، وإلى المعدة وخروجه منها له صوت، فالذي يشرب في هذه الآنية المحرمة إنما يجرجر في بطنه نار جهنم، ونار مفعول في رواية الأكثر، ويحتمل أن تكون أيضاً مرفوعة؛ لأنها فاعل الجرجرة، يعني تتجرجر في بطنه نار جهنم، لكن أكثر الروايات على النصب. الشخص الذي يشرب يجرجر في بطنه نار جهنم، وهذا في غاية التحذير، كالذي يأكل مال اليتيم {إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا} [(10) سورة النساء] نعم. "وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إذا دبغ الإهاب فقد طهر)) أخرجه مسلم، وعند الأربعة: ((أيما إهاب دبغ)). وعن سلمة بن المحبق -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((دباغ جلود الميتة طهورها)) صححه ابن حبان. حديث ميمونة. "وعن ميمونة -رضي الله عنها- قالت: "مر النبي -صلى الله عليه وسلم- بشاة يجرونها، فقال: ((لو أخذتم إهابها؟ )) فقالوا: إنها ميتة، فقال: ((يطهرها الماء والقرظ)) أخرجه أبو داود والنسائي".

جلود الميتة حكمها حكم الميتة، نجسة لكن هل يمكن تطهيرها؟ نجاسة الجلود عينية وإلا حكمية؟ نعم؟ عينية وإلا حكمية؟ طالب:. . . . . . . . . الذي يقول: يمكن تطهيرها يقول: نجاستها حكمية، كالثوب الذي وقعت عليه نجاسة يمكن تطهيره، لكن الذي يقول: نجاستها عينية بحيث لا يمكن تطهيرها، تكون نجاستها عينية كالعذرة لا يمكن تطهيرها. ((إذا دبغ الإهاب فقط طهر))، ((أيما إهاب دبغ فقط طهر)) والدباغ معروف، توضع مواد على الجلد بحيث يطيب فتذهب منه الرائحة والرطوبة المؤثرة فيه، والإهاب بزنة كتاب هو الجلد، هو الجلد، وخصه بعضهم كالأزهري بالجلد الذي لم يدبغ، لم يتم دباغه، فأيما إهاب إذا دبغ، أو إذا دبغ الإهاب فقط طهر، وعند الأربعة وعرفنا أن المراد بالأربعة: أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه: ((أيما إهاب)) وهذه من صيغ العموم وهو حديث صحيح ((أيما إهاب دبغ فقد طهر)) والحديث وما جاء في معناه من النصوص الصحيحة الصريحة تدل على أن الإهاب يُطهر جلد الميتة ظاهراً وباطناً؛ لأنه إذا طهر فقد انتقل من حيز النجس إلى حيز الطاهر، هذا ما تدل عليه ظواهر هذه النصوص، ولفظ العموم الوارد عند الأربعة ((أيما إهاب)) يدل على أن الدباغ يطهر جلود الميتة أياً كانت من مأكول وغير مأكول، لو دبغ جلد حمار على هذا يطهر، دبغ جلد كلب يطهر، دبغ جلد أرنب ميتة أو شاه أو بقرة يطهر؛ لأن الرسول -عليه الصلاة والسلام- يقول: ((أيما إهاب دبغ فقد طهر)) وهذا الذي يدل عليه العموم، حتى جلود السباع تطهر ((أيما إهاب دبغ فقد طهر)).

والنهي الوارد عن استعمال جلود السباع والنمور لا لأنها نجسة إذا دبغت، لكونها جلود سباع تبقى طاهرة لكن استعمالها لا يجوز، ويبقى ما عداها إذا طهر جاز استعماله، وحينئذٍ يطهر ظاهراً وباطناً فيصلى فيه ويصلى عليه، من أهل العلم من يرى أنه لا يطهر إلا جلد مأكول اللحم إذا دبغ، وما عداه يبقى على نجاسته لا يمكن تطهيره؛ لأنه جاء في بعض الروايات: ((دباغ الأديم ذكاته)) أو ((ذكاة الأديم دباغه)) فجعلوا الدباغ بمنزلة الذكاة، والذكاة لا تحل إلا مأكول اللحم، فلا تحل الذكاة ما لا يؤكل لحمه، إذا ذكي الكلب يطهر وإلا ما يطهر؟ ما يطهر، والدباغ بمنزلة الذكاة فعلى هذا الذكاة والدباغ لا يحلان إلا ما كان مأكول اللحم، هذه حجة من يقول: إن الجلد إذا كان من مأكول اللحم فإنه يطهر بالدباغ، ويطهر ظاهراً وباطناً، يصلى فيه ويصلى عليه. هذان قولان: إن الدباغ يطهر ظاهراً وباطناً جميع جلود الميتة سواءً كانت مأكولة أو غير مأكولة، والقول الثاني: إنه يطهر ظاهراً وباطناً جلد مأكول اللحم فقط، وعرفنا حجته، من أهل العلم من يقول: إنه لا يطهر الجلد مطلقاً، بل يبقى نجس؛ لأن نجاسته عينية. لو وقع كلب في ماء ومكث فيه سنين، يطهر وإلا ما يطهر؟ لا يطهر؛ لأن نجاسته عينية، فالنجاسة العينية لا تطهر، لا يمكن تطهيرها، ومنهم من يقول: يطهر الجلد ظاهراً لا باطناً، يطهر الجلد ظاهراً لا باطناً، وجه الجلد الخارجي يطهر، لكن باطنه لا يمكن تطهيره؛ لأن نجاسته عينية، وعلى هذا يفرعون على هذا أن الصلاة تصح عليه فيكون الحكم حينئذٍ كمن طين أرضاً نجسة أو فرش عليها فراش وبساط يمكن أن يصلي وإن كان الباطن نجس، لكن ما يصلي فيها، لماذا؟ نعم؛ لأنه يحمل نجاسة وهو في الصلاة؛ لأنه يحمل النجاسة وهو في الصلاة، وإن كانت مغلفة بطاهر لا يجوز حمل النجاسة في الصلاة ولو كانت مستورة. من أهل العلم من يرى أن الدباغ لا أثر له في التطهير، ومنهم من يقول: إن جلد الميتة طاهر دبغ أو لم يدبغ.

والمعروف عند الحنابلة أن جلد الميتة لا يطهر بالدباغ، لا يطهر بالدباغ لحديث عبد الله بن عكيم "جاءنا كتاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قبل موته بشهر أو شهرين: ((أن لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب)) والحديث لا يسلم من مقال، فقد حكم عليه جمع من أهل العلم بالاضطراب، حكم عليه جمع من أهل العلم بالاضطراب فلا يقاوم ما ثبت في الصحيح، على أنه لو صح قلنا: إن الإهاب هو الجلد ما لم يدبغ، الإهاب هو الجلد ما لم يدبغ، وعلى هذا فالصحيح ما دلت عليه هذه النصوص وهو أن جلد الميتة يطهر بالدباغ، ويستعمل في المائعات واليابسات، ويصلى فيه ويصلى عليه، ويشمل ذلك جميع الجلود سواءً كانت مأكولة اللحم أو غير مأكولة، سباع ونمور أو غير سباع، لعموم قوله -صلى الله عليه وسلم-: ((أيما إهاب دباغ فقد طهر)) أيما إهاب، تبقى جلود السباع منهي عن استعمالها، وهذا فيه حل لإشكال كبير، أسواق المسلمين فيها من الجلود ما لا يعلمون ما أصله، هل هو مأكول أو غير مأكول؟ فينتفي الحرج حينئذٍ. في حديث: "سلمة بن المبحق -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((دباغ جلود الميتة طهورها)) " وهذا الحديث مخرج عند أحمد وأبي داود والنسائي وابن حبان، وعلى كل حال هو حديث صحيح، وهو يدل على ما دل عليه حديث ابن عباس السابق.

"عن ميمونة -أم المؤمنين بنت الحارث الهلالية- - رضي الله عنها- قالت: "مر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بشاة يجرونها، فقال: ((لو أخذتم إهابها؟ )) وفي روية: ((هلا انتفعتم بإهابها؟ )) "فقالوا: إنها ميتة" هل يمكن أن يخفى على النبي -عليه الصلاة والسلام- أنها ميتة وهم يجرونها؟ المذكاة يمكن أن تلقى، تجر وتلقى؟ فقالوا: إنها ميتة، كأنهم استغربوا أن ينتفع بجلد ميتة "فقال: ((يطهرها الماء والقرظ)) والقرظ مادة مطهرة كالأرطى، شجر الأرطى يدبغ به، تطهر به الجلود ((يطهرها الماء والقرظ)) وهذا نص في الموضوع لا سيما فيما يؤكل لحمه، فعلى هذا يطهر جلد الميتة بالدباغ، ويحصل الدباغ بكل شيء ينشف فضلات الجلد ويطيبه، ولا يقتصر على نوع معين؛ لأن الدباغ أطلق في النصوص، وجاء بعض أنواع ما يدبغ به كالماء والقرظ، لكن هناك الشص والقرظ والأشنان والأرطى وقشور الرمان، كلها يطهر بها الجلد، فإذا حصلت طهارته بأي شيء وطاب بعد أن كان فيه من فضلات النجاسة شيء فإنه حينئذٍ يطهر. والحديث مخرج عند أبي داود والنسائي وأحمد، ويشهد له حديث ابن عباس السابق فهو حسن، إن كان الحديث فيه مقال، فيه ضعف يسير وشاهده في الصحيح، في البخاري مثلاً أو في مسلم، هل نقول: إنه حسن لغيره أو صحيح لغيره؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . .

الحديث لا يصل إلى درجة الحسن لذاته، فيه ضعف -أي حديث- وهذا الحديث الذي فيه ضعف ولا يصل إلى درجة الحسن لذاته له ما يشهد له في الصحيح، في البخاري أو مسلم أو هما معاً، هل يرتقي درجة واحدة؟ لأن الدرجة التي تلي درجة الضعيف المنجبر الحسن لغيره، نعم، أو يرقى درجات بحيث يصل إلى درجة الصحيح لغيره؟ هذه فائدة يحتاجها من يخرج الأحاديث، يشتغل بتخريج الأحاديث، بل إذا درس إسناد حديث ووجد فيه من الرواة من ضعفه منجبر، يقول: الحديث بهذا الإسناد ضعيف؛ لأن في إسناده فلان بن فلان، وهو ضعيف، لكن يشهد له ما في صحيح البخاري من حديث فلان، إذن فالحديث حسن لغيره أو صحيح لغيره؟ المسألة خلافية، هل يرقى الحديث الضعيف بالجابر درجة أو درجتين؟ لو افترضنا أن شاهده في سنن أبي داود صحيح، نقول: صحيح وإلا حسن لغيره؟ هو صحيح بإسناد صحيح في سنن أبي داود، قد يقول قائل: لماذا أعتمد على هذا الحديث وأنا عندي حديث صحيح؟ نعم، أنت تعتني بكتاب بعينه، تخرج أحاديث كتاب، فأنت مطالب بالحكم على هذا الحديث الذي في هذا الكتاب، فأنت تحكم على حديث هذا الكتاب ثم تذكر ما يشهد له. على كل حال المسألة خلافية، هل يرتقي الحديث بالشاهد الصحيح درجة واحدة أو درجتين؟ الأكثر على أنه لا يرقى إلا درجة واحدة، يكون حسن لغيره، ومنهم من يقول: ما المانع لا سيما إذا كان الشاهد في البخاري مثلاً أو مسلم أن نقول: الحديث صحيح؟ هو من حيث الصناعة الذي يغلب على الظن باعتبار أن راويه ضعيف، الذي يغلب على الظن ضعفه، لكن وجدنا ما يدعم الاحتمال الثاني وهو الصحة؛ لأن الضعيف قد يضبط، الضعيف قد يضبط، ولوروده في الصحيح عرفنا أن هذا الراوي الضعيف ضبط هذا الخبر، فنحكم عليه بالصحة، وإذا أراد الإنسان أن يخرج من هذا الخلاف كله يقول: الحديث بهذا الإسناد ضعيف، وقد صح الحديث من حديث فلان، أو وقد صح متنه من حديث فلان فيما رواه فلان وفلان، ويخرج من هذا الإشكال. نعم حديث أبي ثعلبة. "وعن أبي ثعلبة الخشني -رضي الله عنه- قال: "قلت: يا رسول الله إنا بأرض قوم أهل كتاب أفنأكل في آنيتهم؟ " قال: ((لا تأكلوا فيها إلا أن لا تجدوا غيرها، فاغسلوها وكلوا فيها)) متفق عليه.

وعن عمران بن حصين -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه توضئوا من مزادة امرأة مشركة، متفق عليه، في حديث طويل. آخر حديث. "وعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- "أن قدح النبي -صلى الله عليه وسلم- انكسر، فاتخذ مكان الشعب سلسلة من فضة" سَلسَلة، عندك مكسورة السين؟ ضبطت بهذا وهذا، لكن الأكثر على أنها بالفتح على ما سيأتي، سَلسَلة من فضة. "أن قدح النبي -صلى الله عليه وسلم- انكسر، فاتخذ مكان الشعب سلسلة من فضة" أخرجه البخاري". والشِعب أو الشَعب؟ الذي هو الكسر، سيأتي -إن شاء الله تعالى-. أبو ثعلبة الخشني كغيره من الصحابة الذين اشتهروا بالكنية، فاختلف في اسمه فمن قائل: إنه جرهم بن ناشب، بالباء، ومن قائل: إنه جرثوم بن ناشر إلى غير ذلك من الأقوال المتقاربة في اللفظ لكنها مختلفة. على كل حال هو أبو ثعلبة الخشني منسوب إلى خُشَين بن النمِر، والنمر مكسور الحرف الثاني، النون مفتوحة، يعني بلفظ اسم الحيوان المعروف النَمِر، والنسبة إلى النمر أبو عمرو بن عبد البر نقول إيش؟ النَمَري بالفتح، لماذا؟ لأن الاسم مكسور الثاني في النسبة إليه يُفتح، بني سَلِمة سلَمي لماذا؟ لئلا تتوالى كسرات؛ لأن النسب تقتضي كسر ما قبلها، ويكون أيضاً الحرف الثاني مكسور فتتوالى كسرات فتثقل الكلمة، سَلِمة سلَمي، النمر نمَري، ومثل ذلكم النسبة إلى الملِك ملَكي، ما نقول: ملِكي، وإن اشتهر في الأيام الأخيرة أن يقولوه، لكن هذه قاعدة.

يقول أبو ثعلبة الخشني: "قلت: يا رسول الله إنا بأرض قوم أهل كتاب" وأهل الكتاب كما هو معروف هم اليهود والنصارى "أفنأكل في آنيتهم؟ " قال: ((لا تأكلوا فيها إلا أن لا تجدوا غيرها، فاغسلوها وكلوا فيها)) هذا الورع ألا نأكل في إناء من يباشر النجاسات والمحرمات، أن نهجرها ونتركها ونجتنبها بالكلية، إن أمكن الاستغناء عنها، إن لم يوجد غيرها غسلناها وأكلنا بها، وكوننا لا نأكل في هذه الآنية؛ لأن أصحابها لا يتدينون باجتناب النجاسات، ويشربون فيها ويأكلون ما حرمه الله من الخمور ولحم الخنزير وغيره، فعلينا أن نجتنب هذه الأواني إلا ألا نجد غيرها فنضطر إليها فنغسلها حينئذٍ، وهل هذا راجع إلى نجاسة رطوباتهم؟ كما يقوله جمع من أهل العلم، وأن الكافر والمشرك على وجه الخصوص نجس {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ} [(28) سورة التوبة] فإذا قلنا: إن نجاساتهم عينية فرطوباتهم نجسة، أهل الكتاب مشركون أو ليسوا بمشركين؟ نعم؟ أشركوا بلا شك، أشركوا عبدوا مع الله غيره، عبدوا مع الله غيره، فهم مشركون، هل يدخل نساء أهل الكتاب في قوله تعالى: {وَلاَ تَنكِحُواْ الْمُشْرِكَاتِ} [(221) سورة البقرة] نعم؟ طالب:. . . . . . . . . لماذا؟ مادام مشركين فنساؤهم مشركات إذن يدخلن في قوله تعالى: {وَلاَ تَنكِحُواْ الْمُشْرِكَاتِ} [(221) سورة البقرة] تخصيص، ونساؤهم حل لكم، والمحصنات من أهل الكتاب، فهن مخصوصات من عموم الآية على أن من أهل العلم فيما ذكره الحافظ ابن رجب في شرح البخاري من قال: إنه لا يقال لأهل الكتاب مشركون، لا شك أنهم كفار، كفار ومآلهم إلى النار بالإجماع، هم كفار ولا مطمع لهم في دخول الجنة، وإن كان بعض المفتونين يناقش في هذه القضايا المسلمة عند المسلمين، لكن مثل هؤلاء لا يؤبه لهم، ولا يلتفت إلى قولهم، وليسوا بمحسوبين على أهل العلم.

المقصود أن ابن رجب -رحمه الله تعالى- يقول: "لا يقال لهم -فيما نقله عن جمع من أهل العلم- أنه لا يقال: أهل الكتاب مشركين وإن كانوا كفار" نعم يقال: أشركوا وفيهم شرك، ولا يقال: هم مشركون، كما أن من وافق بعض المبتدعة في بعض بدعتهم، لا يقال: هو منهم، فمن نفى الرؤية ولم يقل بخلق القرآن أو العكس يقال: فيه اعتزال، ولا يقال: هو معتزلي، نعم، إذا نفى صفة من الصفات ولم ينفِ جل الصفات إلا السبع يقال: فيه أشعرية، ولا يقال: هو أشعري، يستدل هذا القائل بعطف المشركين على أهل الكتاب {الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ} [(1) سورة البينة] فعطف المشركون على أهل الكتاب فهم كفار، والمآل واحد، لكن هل هذا الوصف ينطبق عليهم أو لا ينطبق؟ لا شك أنهم أشركوا وعبدوا مع الله غيره، فالوصف موجود، لكن من أجل الخروج من مثل هذا العطف؛ ولئلا نحتاج إلى مخصص لقوله تعالى: {وَلاَ تَنكِحُواْ الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ} [(221) سورة البقرة] والخلاف قريب من اللفظي؛ لأنهم ماداموا كفار سواءً كانوا مشركين أو غير مشركين فالمآل واحد. "إنا بأرض قوم أهل كتاب، أفنأكل في آنيتهم؟ " قال: ((لا تأكلوا فيها إلا أن لا تجدوا غيرها، فاغسلوها وكلوا فيها)) الإناء إذا لم تجد فيه نجاسة الأصل فيه الطهارة، لكن إذا كان الأصل فيه النجاسة كإناء من يستعمله في النجاسات، فنقول: الأصل فيه النجاسة؛ لأنا جزمنا أن هذه الطهارة الأصلية نقضت، وانتقل من الطهارة إلى النجاسة فنحتاج في رفع الأصل الثاني إلى رافع وهو الغسل كما هنا، واليهودي كما ذكرنا بالأمس أضاف النبي -عليه الصلاة والسلام- على خبز شعير وإهالة سنخة، والإهالة السنخة هي المتغيرة، متغيرة الرائحة، ولا شك أنها في إناء، وهذا الحديث جعل بعض أهل العلم يحمل الأمر في قوله: ((فاغسلوها)) ...

كتاب الطهارة (4)

بلوغ المرام - كتاب الطهارة (4) شرح باب: إزالة النجاسة وبيانها، وباب: الوضوء الشيخ/ عبد الكريم بن عبد الله الخضير في الحديث جعل بعض أهل العلم يحمل الأمر في قوله: ((فاغسلوها)) على الندب والاستحباب، وأنه من باب اجتناب الشبهة. "عن عمران بن حصين" عمران بن حصين أبو نجيد خزاعي كعبي، أسلم عام خيبر، وسكن البصرة إلى أن مات سنة اثنتين أو ثلاث وخمسين، وهو من فضلاء الصحابة وفقهائهم، جاء في الخبر الصحيح أنه كان يُسلم عليه في مرض موته، كان يُسلم عليه، من يسلم عليه؟ الملائكة، هذا في الصحيح، فاكتوى فانقطع التسليم، ثم ندم فعاد التسليم، ندم فعاد التسليم، وعلى هذا في حديث: السبعين ألف الذين يدخلون الجنة بغير حساب هؤلاء منهم الذين لا يكتوون، لكن لو اكتوى شخص في أول عمره ثم ندم لما سمع مثل هذا الحديث، نقول: يرجى أن يكون منهم، وخبر عمران هذا هو في الصحيح، أن الندم يرفع أثر الكي، كما أنه يرفع أثر المعصية، فلأن يرفع أثر مثل هذه الأمور التي هي خلاف الأولى وليست بمعصية هي خلاف الأولى من باب أولى، والله المستعان. "عن عمران بن حصين -رضي الله عنه- أن النبي -عليه الصلاة والسلام- وأصحابه توضئوا من مزادة امرأة مشركة" كم باقي؟ باقي خمس خلونا نخلص نأخذ الذي بعده -إن شاء الله-. طالب. . . . . . . . . لأنه ما عاد ودنا نكمل الباب؛ لأن الباب الأحاديث الأخرى كلام مختصر جداً، كلام مختصر جداً. "أن النبي -عليه الصلاة والسلام- وأصحابه توضئوا من مزادة امرأة مشركة" هذا الحديث متفق عليه، وهو حديث طويل فيه قصة أن النبي -عليه الصلاة والسلام- بعثهم يبحثون عن الماء، فيهم علي بن أبي طالب فوجدوا هذه المرأة بين صطيحتين فيهما ماء، والصطيحتان هما الراويتان، فسألاها عن الماء فقالت: تركته في مثل هذه الساعة بالأمس، يحتاج إلى وقت طويل، فأمراها باللحاق بالنبي -عليه الصلاة والسلام-، فأخذ النبي -عليه الصلاة والسلام- من كل مزادة بإناء، فحصلت فيه البركة، فتوضأ القوم من هذين الإناءين الصغيرين، وحصلت المعجزة له -عليه الصلاة والسلام-.

باب: إزالة النجاسة وبيانها:

الشاهد أن النبي -عليه الصلاة والسلام- توضأ هو وأصحابه من هذه المزادة، وهي من جلد، ولو افترضنا أن هذه الجلود من مذكى، فتذكية الكافر لا أثر لها، فهو في حكم الميتة، وهاتان المزادتان توضأ النبي -عليه الصلاة والسلام- من الماء وهو مائع فدل على أن للدباغ أثر في جلد الميتة، فذبيحة المشرك في حكم الميتة، وكون النبي -عليه الصلاة والسلام- توضأ من ماء في هاتين المزادتين يدل على أن الدباغ يطهر الجلد ظاهراً وباطناً، ويستعمل في اليابسات والمائعات على حد سواء، وهذا وجه الشاهد من هذا الحديث. "وعن أنس بن مالك" خادم النبي -عليه الصلاة والسلام- "أن قدح النبي -صلى الله عليه وسلم-" الإناء، إناء "انكسر" انصدع، انشق، انشعب "فاتخذ مكان الشعب" يعني موضع الكسر "سلسلة من فضة" والضمير في قوله: "اتخذ" راجع إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- هذا هو الظاهر، وإن كان في بعض الروايات ما يدل على أن أنس سلسله مرة ثانية، فلعله اتخذه النبي -عليه الصلاة والسلام- فأعاده أنس مرة ثانية، وفي هذا دليل على جواز استعمال مثل هذا القدر من الفضلة في تضبيب الإناء، وأهل العلم يجيزون تضبيب والشرب من الإناء المضبب بالفضة، إذا كانت هذه الضبة يسيرة ولحاجة، استدلالاً بهذا الحديث، والله أعلم. وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. سم. بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد: باب: إزالة النجاسة وبيانها: فقد قال المصنف -رحمه الله تعالى-: "باب: إزالة النجاسة وبيانها: عن أنس بن مالك -رضي الله تعالى عنه- أنه قال: "سئل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن الخمر تتخذ خلاً? قال: ((لا)) أخرجه مسلم والترمذي، وقال: حسن صحيح".

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "باب: إزالة النجاسة وبيانها" الأصل أن يقدم البيان وحقيقة الشيء تكون سابقة على ما يحكم به عليه، ويزال به، يقول -رحمه الله-: "باب: إزالة النجاسة" هو يريد أن يبين ما هي الأشياء النجسة، وكيف تزال هذه النجاسات؟ ومضى شيء من ذلك، ومضى شيء من ذلك كحديث بول الأعرابي، وولوغ الكلب. هنا أراد أن يذكر بعض الأعيان التي هي من وجهة نظره نجسة، فبدأ بالخمر، فقال -رحمه الله تعالى-: "عن أنس بن مالك -رضي الله تعالى عنه- أنه قال: "سئل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن الخمر تتخذ خلاً? قال: ((لا)) أخرجه مسلم والترمذي، وقال: حسن صحيح"، الترمذي قال عن هذا الحديث: حسن صحيح، ولا إشكال في ذلك لو لم يقله الترمذي لأن الحديث مخرج في صحيح مسلم، لكن إذا قال الترمذي: حسن صحيح، جمع بين وصفي الحسن والصحة، وهذا مشكل عند أهل العلم، لماذا؟ لأنه جمع بين وصفين متغايرين، فإثبات الحسن للحديث حكم على الحديث بالقصور عن الصحة، وإرداف ذلك الحكم بالصحة حكم له أو عليه ببلوغ ذلك، تلك الدرجة، فالجمع بين الصحة والحسن مشكل عند أهل العلم، وبلغة الأجوبة عن ذلك -عن هذا الإشكال- بلغت ثلاثة عشر جواباً.

ووجه الإشكال أنه حكم على الحديث بأنه يقصر عن الصحيح بكونه حسناً، ثم أعطاه الدرجة العليا فحكم عليه بالصحة، يعني هذا مع اتحاد الجهة لا شك أنه مشكل، يعني كما لو تسأل طالب نجح في الامتحان تقول له: ويش تقديرك؟ يقول: جيد جداً ممتاز، يجي وإلا ما يجي؟ مع اتحاد الجهة ما يمكن يجي، لكن مع اختلاف الجهة ممكن، التقدير العام جيد جداً، وتقديره في التخصص ممتاز، يمكن يجي، هنا مع انفكاك الجهة يمكن يجي، كيف؟ هذا إذا كان للحديث أكثر من إسناد فلا إشكال، يكون بإسناد حسن، وبإسناد آخر صحيح، أما إذا لم يكن له إلا إسناد واحد فهل يمكن أن تنفك الجهة؟ سيما إذا قال الترمذي: حسن صحيح غريب؟ نقول: يمكن أن تنفك الجهة، كيف؟ نقول: هو حسن عند قوم، وصحيح عند آخرين، وغاية ما هنالك أن يقول الترمذي: حسن أو صحيح، وفي الصورة الأولى غاية ما هنالك أن يقول: حسن وصحيح، حسن باعتبار، صحيح باعتبار، وهنا حسن عند قوم، وصحيح عند قوم، فيكون متردد في حكمه. وعلى القول الأول إذا كان له أكثر من إسناد فهو أقوى مما لو قال الترمذي: صحيح، وعلى الاحتمال الثاني أقل مما لو جزم بصحته فقط؛ لأن ما تردد في تصحيحيه أقل مما جزم بتصحيحه وهكذا، ولا نريد أن نطيل لكن هذه يستفيد منها طالب العلم. "سئل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن الخمر تتخذ خلاً؟ " مطابقة الحديث للباب أن الخمرة عنده نجسة، وهذا قول جماهير أهل العلم، حتى نقل عليه الاتفاق، هي نجسة {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ} [(90) سورة المائدة] يستدل بهذا من يقول بنجاسته، ويستدل بالأمر بإراقتها، وهناك أدلة أخرى لكنها عند آخرين لا تنهض إلى أن تكون حجة قاطعة في المسألة، ولذا يرى بعض أهل العلم طهارة الخمر، والاستدلال بالآية ليس المراد بالرجس النجس هنا بدليل الأنصاب والأزلام نجسة وإلا لا؟ نعم، ليست نجسة.

"سئل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن الخمر". . . . . . . . . الحافظ عرفنا في هذا الباب لأنه يرى نجاسته، وهو قول جمهور أهل العلم، وفي حكمه ما يسكر من الكحول وغيرها، ويدخل في تركيب كثير من العطور الكحول، فالورع، أقول: الورع اجتناب ما خالطته هذه الأشياء، وإن كان الدليل لا ينهض على تنجيسها، لكن هيبة لجمهور أهل العلم. "سئل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن الخمر تتخذ خلاً؟ " يعني هل يمكن أن تخلل؟ تعالج حتى تنتقل من كونها خمر مسكرة إلى طور آخر؟ وهي تكون خل إدام ممدوح، ((نعم الإدام الخل)) "فقال: ((لا)) " يعني لا تتخذ الخرم خلاً، وفي هذا دليل على تحريم تخليل الخمر، بل المتعين على صحابه إراقتها، ويتوب إلى الله -سبحانه وتعالى- ويندم على ما صنع، ويعزم على ألا يعود ويريقه، كما حصل في عصره -عليه الصلاة والسلام- لما نزل تحريم الخمر أريقت وجرت في سككك المدينة كما هو معروف. "فقال: ((لا)) " فلا يجوز تخليلها، لكن لو تخللت بنفسها؟ تخللت بنفسها من غير فعل آدمي، فالجمهور على أنها تحل، انتقلت من كونها حرام إلى كونها حلال، كما أنها في الأصل حلال لما كانت عنب أو تمر ثم صارت حرام، إذا تخللت بنفسها فلا إشكال عند جمهور أهل العلم، وإذا خللت بفعل آدمي فإنها لا يجوز أولاً تخليلها، ثم إنها هل تستعمل إذا صارت خلاً بفعل آدمي مع التحريم؟ أو لا يجوز استعمالها أيضاً؟ لفظ الحديث عمومه يقتضي المنع من تخليلها، والمنع من عموم اتخاذها، المنع أن تتخذ، اللفظ شامل للتخليل وللاتخاذ الذي هو سائر الاستعمال، وبعض أهل العلم يرى أنها إذا تخللت بنفسها بغير فعل آدمي أنها انقلبت عينها من طور إلى طور، ورجعت إلى الطهارة، وجواز الاستعمال، لكن لا إشكال في النهي، والمنع من التخليل بفعل الآدمي، وأما الاستعمال إذا صارت خلاً بنفسها فلا إشكال فيه أيضاً، وإذا صارت خلاً بتخليل الآدمي لها، هل يجوز استعمالها؟ الورع تركها؛ لأن كلمة الاتخاذ أعم من التخليل، فكلمة تتخذ بعمومها تتناول الاستعمال. الحديث الثاني.

"وعنه -رضي الله تعالى عنه- أنه قال: "لما كان يوم خيبر, أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أبا طلحة فنادى: إن الله ورسوله ينهيانكم عن لحوم الحمر الأهلية, فإنها رجس"، متفق عليه". "وعنه" عرفنا أنه جرت العادة من أنه في الحديث الثاني يأتي بحرف العطف، وعن فلان إذا كان الصحابي مختلفاً عن راوي الحديث الأول فيكني عنه ويذكره بالضمير، يعيد عليه الضمير إذا كان الصحابي واحداً. "وعنه -رضي الله عنه- أنه قال: "لما كان يوم خيبر" يعني سنة سبع "أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أبا طلحة فنادى" أمر أبا طلحة فنادى: "إن الله "ورسوله ينهيانكم عن لحوم الحمر الأهلية" والأهلية تخرج الوحشية، فحمر الوحش حلال "فإنها رجس" هذه هي العلة؛ لأنها رجس، ولهذا أدخل الحافظ هذا الحديث في باب: إزالة النجاسة، ومعنى رجس: نجس عنده. "إن الله ورسوله ينهيانكم" ينهيانكم بتثنية الضمير، والحديث في الصحيحين، ينهيانكم بتثنية الضمير، ضمير الله -سبحانه وتعالى-، وضمير النبي -عليه الصلاة والسلام-، وتثنية الضمير جاءت في حديث الخطيب الذي قال: "من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعصهما فقد غوى" الحديث مخرج في مسلم وأبي داود وأحمد والبيهقي والحاكم، وعند غيرهم من أهل العلم، فقال له النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((بئس خطيب القوم أنت)) وأرشده إلى أن يقول: ((ومن يعصي الله ورسوله فقد غوى)) بعدم الجمع بالضمير، والرسول -عليه الصلاة والسلام- أمر أبا طلحة أن ينادي بهذا اللفظ: "إن الله ورسوله ينهيانكم" هل هذا هو اللفظ النبوي؟ أو هو من تصرف أبي طلحة؟ أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أبا طلحة فنادى، أمره أن يقول كذا فنادى، أن ينادي بكذا فنادى بكذا، ولو افترضنا أن هذا من لفظ أبي طلحة، والنبي -عليه الصلاة والسلام- وكل له الأمر باختيار الأسلوب المناسب لمخاطبة الناس فإنه لا يقره على هذا اللفظ لو لم يكن جائزاً، فهو حجة على الاحتمالين، إما من قوله -عليه الصلاة والسلام-، أو من إقراره لأبي طلحة. وعلى كل حال هذا الحديث يعارض حديث الخطيب، وفي حديثٍ في الصحيحين أيضاً: ((أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما)) هذا فيه أيضاً تثنية.

من أهل العلم من يقول: أنه أنكر النبي -عليه الصلاة والسلام- على الخطيب؛ لأن مقام الخطابة يقتضي البسط والتوضيح، وحينئذ يأتي بالأسماء الظاهرة البارزة، ولا يكني عنها بالضمائر. ومنهم من يقول: أن للنبي -عليه الصلاة والسلام- أن يجمع بين ضميره -عليه الصلاة والسلام- مع ضمير الله -عز وجل-، وليس لغيره أن يفعل ذلك. ما المحظور في جمع الضمير؟ إيش المحظور؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . نعم قد يظن ظان إذا سمع تثنية الضمير، جمع ضمير النبي -عليه الصلاة والسلام- مع ضمير الله -عز وجل- قد يفهم التساوي، ولا مساواة بين الخالق والمخلوق، والنبي -عليه الصلاة والسلام- لا يتصور أن يخطر له ذلك، أن يخطر ذلك على باله -عليه الصلاة والسلام-، فله أن يصنع، وأما غيره فالاحتمال قائم، الاحتمال قائم، كثيراً ما تجدون حتى في المساجد، وفي بعض الأماكن على حد سواء في مقام المقابلة، يجعلون الله ومن تمام المقابلة عندهم أن يجعل لفظ النبي -عليه الصلاة والسلام- يعني على يمين المحراب كذا وعلى يساره كذا، الله ومحمد، هذا موجود، يوجد في المساجد وإلا ما يوجد؟ يوجد حتى في المساجد، هل نقول: إن من صنع هذا الصنيع ينبغي أن يمنع لئلا يظن أن النبي -عليه الصلاة والسلام- جعل في مقام مقابل لمقام الله -سبحانه وتعالى-؟ أو نقول: الأمر فيه سعة؟ ولا يمكن أن يخطر على بال مسلم أن هذا مساوي لهذا؟ فيشمله عموم قوله تعالى: {وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ} [(4) سورة الشرح] ((لا أذكر حتى تذكر معي)) أشهد ألا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً رسول الله، هل نقول: هذا من هذا الباب؟ أو نقول: سد الذرائع مطلوب ولا ينبغي أن يذكر مثل هذا؟ لا شك أن سد الذرائع مطلوب شرعاً، فينبغي أن لا يذكر مثل هذا، لكن هل يشدد إذا وجدنا مثل هذا أننا نطمس؟ كما أنكر النبي -عليه الصلاة والسلام- على الخطيب: ((بئس خطيب القوم أنت))؟ أو نقول: إن هذا من باب: رفعة ذكره -عليه الصلاة والسلام-؟ نعم؟ يحتمل وإلا ما يحتمل؟ لأن بعض الناس ينكر بشده وجود مثل هذه الأمور، يعني يجعل الدائرة بإزاء الدائرة، والدائرتان سواء، وكيفية الكتابة واحدة. طالب:. . . . . . . . .

هو لا إشكال في هذا، لا إشكال في هذا، نقول: هذا شيء واقع، هل ينكر بشدة أو نقول: الاحتمال قائم أنه من باب: {وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ} [(4) سورة الشرح]؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . ما في شك أن الأولى عدم كتابة مثل هذه الأمور، لا سيما في المساجد وعدم كتابة أي شيء مما يشغل المصلين، وهذا من زخرفة المساجد، الكتابات والنقوش هذه من زخرفتها، جاء الخبر في آخر الزمان أنا سوف نزخرف المساجد ((لتزخرفنها كما زخرفت اليهود والنصارى)) لكن هذا فيه. . . . . . . . . لو قال .. ، كتب كاتب، شخص في دائرة حكومية ما يكتب في مسجد هذا أمر مفروغ منه، الله، المليك، الوطن، هذا موجود، لكن أكثر ما يصنعون الله فوق، وتحته المليك والوطن، هذا لا يجوز بحال، هذا لا يجوز بحال، يعني يجعلوها في مصف واحد هذا لا يجوز بحال، هذا أمر مفروغ منه، ليس فيه نص، وليس فيه أدنى شبهة، يعني إذا قلنا تجاوزنا في لفظ محمد، لقوله تعالى {وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ} [4) سورة الشرح] ما نتجاوز في لفظ غيره، أحياناً يكتبون الدين والمليك والوطن بدل لفظ الجلالة، على كل حال هذه أمور أماكن العبادة ينبغي أن تنظف من كل هذا، وأن تكون سادة ما فيها أي شيء يشغل المصلين.

يقول -عليه الصلاة والسلام-: ((ما أمرت بتشييد المساجد)) لكنه خبر أخبر عنه النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((لتزخرفنها كما زخرفت اليهود والنصارى)) وهذا واقع، وإذا كان الباني للمسجد من المحتسَبين من عامة الناس ولم ينبه على ذلك فقد يعذر، لكن الإشكال فيما إذا كان المشرف على تنفيذ المسجد من أهل العلم، أو من طلاب العلم، ومعروف أن جماهير أهل العلم على أن زخرفة المساجد حرام، والصلاة صحيحة خلافاً لابن حزم الذي يبطل الصلاة في المساجد المزخرفة، وخلافاً أيضاً لأبي حنيفة أو للحنفية القول عند الحنفية والمعرف من مذهبهم أن الناس إذا زخرفوا بيوتهم فبيوت الله أولى، لكن روح الصلاة ولبها الخشوع، الخشوع في الصلاة هذه الأمور تذهب الخشوع، ولذا لما صلى النبي -عليه الصلاة والسلام- بالخميصة قال: ((اذهبوا بها إلى أبي جهيم، وأتوني بإنبجانيته)) كساء ليس فيه خطوط ولا نقوش ((كادت أن تفتنني في صلاتي)) -عليه الصلاة والسلام-، فإذا كان هذا هو الرسول -عليه الصلاة والسلام- أفضل الخلق، وهو بالعبادة بقلبه وقالبه، فكيف بسائر الناس؟ والله المستعان، وكثير من مساجد المسلمين مع الأسف الشديد كأنها متاحف من شدة الزخارف. نعود إلى حديثنا في تثنية الضمير "ينهيانكم" ثبت في هذا الحديث وهو متفق عليه، وفي حديث: ((أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما)) وثبت ذم الخطيب حينما ثنى الضمير، وجمع ضمير النبي -عليه الصلاة والسلام- وعرفنا قول أهل العلم، أن الخُطب ينبغي أن تبسط ولا يتحدث فيها بالضمائر؛ لأنه يسمعها سريع الفهم، وبطيء الفهم، وتلقى على عامة الناس، فينبغي أن تبسط. ومن وجه أخر أن النبي -عليه الصلاة والسلام- له أن يجمع؛ لأنه لا يمكن أن يخطر على باله التشريك والمساواة بخلاف غيره فقد يحصل له شيء من ذلك.

والشاهد من الحديث كون الحمر الأهلية رجس، والنهي عنها لأنها رجس، ولذا أدخلها الحافظ -رحمة الله عليه- في باب: إزالة النجاسة، والنهي عن أكل لحوم الحمر الأهلية مستفيض متواتر مروي عن أكثر من اثني عشر صحابياً، في سنن أبي داود عن أو في البخاري عن ابن عباس من قوله: "لا أدري أنهي عنها من أجل أنها كانت حمولة الناس؟ " ولذا جاء في بعض طرق الحديث: "أكلت الحمر، أفنيت الحمر، فأمر بالنهي عن أكلها" هل أكلها لأنها حمولة الناس؟ وهذه العلة المانعة من أكلها، فنقول: إذا انتفت العلة جاز أكلها، كما هو الحال الآن، لا العلة فإنها رجس، يدل على أنه ليست كذلك، وإن قال ابن عباس: لا أدري أنهي عنها من أجل أنها كانت حمولة الناس أو حرمت؟ الحكم مقرون بعلته فهي رجس. في حديث غالب بن أبجر في سنن أبي داود أنه جاء إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- فقال: "أصابتنا سنة" يعني جوع "ولا أجد ما أطعم أهلي إلا سمان حمري، قال: ((أطعم أهلك سمان حمرك)) ((أطعم أهلك سمان حمرك)) والحديث ضعيف، سنده ضعيف، ومتنه ضعيف، من يبين لنا وجه ضعف المتن؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . كيف؟ طالب:. . . . . . . . . معارض بأدلة صحيحة، لكن لفظه فيه نكارة، نعم؟ طالب: كيف يكونون في مجاعة والحمر سمينة؟ نعم، كيف تسمن الحمر في السنة والجدب؟ نعم، ((أطعم أهلك سمان حمرك)) هذا ما يمكن تسمن وهم جائعين، نعم، على كل حال هذا الحديث ضعيف، فلا تقاوم به الأحاديث الصحيحة، والشارح ينازع في الحكم على الحمر بأنها نجسة من أجل قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((فإنها رجس)) لأن الرجس يحتمل كما في الآية، والحافظ جازم بنجاستها، وهو قول كثير من أهل العلم، ومنهم من يرى طهارة عينها مع تحريم أكلها، طهارة عينها مع تحريم أكلها، ويستدل على أنهم كانوا يركبونها، ولا يتسير لكثير منهم أن يجعل فوقها شيء يفصل بين الراكب والمركوب، والحمر تعرق كغيرها، ولا ينكر أنهم أمروا بغسل عرقها، والأصل الطهارة، الأصل الطهارة.

ما أدري عاد استطراد يمكن يضيع علينا الوقت، في قوله تعالى: {وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ} [(157) سورة الأعراف] {وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ} [(157) سورة الأعراف] هذه الحمر لما كانت تؤكل أطيبة هي أم لا؟ كانت طيبة، لما كانت حلال كانت طيبة، ولما حرمت؟ يعني انتقلت عينها من كونها طيبة إلى كونها خبيثة؟ نعم، أو نقول: إنها كالخمر سلبت المنافع لما حرمت؟ نعم ما يمنع أن تكون العين الواحدة طيبة في وقت وخبيثة في وقت، تبعاً للأدلة. الحديث الذي يليه. "وعن عمرو بن خارجة -رضي الله تعالى عنه- قال: "خطبنا النبي -صلى الله عليه وسلم- بمنى, وهو على راحلته, ولعابها يسيل على كتفي" أخرجه أحمد والترمذي وصححه". "عن عمرو بن خارجة" هو صحابي أنصاري، يقول: "خطبنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بمنى, وهو على راحلته, ولعابها يسيل على كتفي" الحافظ أورد هذا الحديث في باب النجاسة ليبين أن مأكول اللحم طاهر، كما بين أن غير المأكول نجس، يريد أن يبين أن مأكول اللحم طاهر، ولعابه طاهر، وإن كان بناءً على مذهبه مذهب الشافعي أن بوله نجس، وإن كان مأكول اللحم، بول ما يؤكل لحمه نجس عندهم، لكن الصواب أنه طاهر لأدلة تذكر في غير هذا المقام. المقصود أن لعابها طاهر إذاًً هي طاهرة. "أخرجه أحمد والترمذي وصححه" صححه الترمذي، ولا شك أنه بطرقه يصل إلى درجة الصحيح لغيره، يصل إلى درجة الصحيح لغيره، وإلا بمفرده لا يصل، فإن في إسناده شهر بن حوشب، وهو ضعيف عند جمهور أهل العلم، ضعيف عند جمهور أهل العلم، الترمذي يصحح له لتساهله، الشيخ أحمد شاكر يرى أنه ثقة، لكن هذا من شدة تساهله -رحمه الله-. في مقدمة الصحيح صحيح مسلم: "إن شهراً" إيش؟ وين اللي يحفظون؟ "إن شهراً نزكوه"، "إن شهراً نزكوه" فعلى كل حال "نزكوه" يعني رموه بالنيزك، رموه بالضعف الشديد، وسبب تضعيفه كما هو معروف خريطة يذكر أنه سرقها، لكن القصة فيها ما فيها، والرجل ضعيف، حتى قال القائل: لقد باع شهر دينه بخريطةٍ ... فمن يأمن القراء بعدك يا شهر

ذا لو صحت هذه القصة مشكلة، وبهذا نعرف أن الخطأ ممن ظاهره الصلاح لا سيما من يتصدى لإفادة الناس وإمامتهم وتعليمهم الخطأ منه ليس مثل الخطأ من غيره، (فمن يأمن القراء بعد يا شهر) يسيء الناس بمن هو على شاكلتك، إذا أخطأ إمام أو وقع في هفوة أو زلة أساء الناس الظن بالأئمة، إذا أخطأ مدرس أساء الناس الظن بالمدرسين وهكذا، والله المستعان. عرفنا أن الحافظ إنما أورد هذا الحديث ليبين أن مأكول اللحم كالإبل في هذا الحديث طاهر؛ لأن لعابه طاهر، وأما البول فيخرج من هذا لعمومات استدلوا بها، لعمومات استدلوا بها، لكن الأدلة الصحيحة الصريحة تدل على طهارة أبوال ما يؤكل لحمه، ومن ذلكم حديث العرنيين، وأنه أمر لهم النبي -عليه الصلاة والسلام- بأبوال الإبل وألبانها، فشربوا منها حتى صحوا، نعم. "وعن عائشة -رضي الله عنهما- قالت: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يغسل المني، ثم يخرج إلى الصلاة في ذلك الثوب، وأنا أنظر إلى أثر الغسل" متفق عليه. ولمسلم: "لقد كنت أفركه من ثوب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فركاً، فيصلي فيه" وفي لفظ له: "لقد كنت أحكه يابساً بظفري من ثوبه". نعم حديث عائشة -رضي الله عنها- بألفاظه قالت: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يغسل المني، ثم يخرج إلى الصلاة في ذلك الثوب، وأنا أنظر إلى أثر الغسل" هذه الرواية لو كانت مجردة عن الروايات الأخرى لكانت حجة لمن يقول: بنجاسة المني، لكن الرواية التي تليها "لقد كنت أفركه من ثوب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فركاً، فيصلي فيه" هذا يدل على طهارته، إذ لو كان نجساً لما كفى فركه، بل لا بد من غسله، ويدل له أيضاً الرواية التي تلي هذه الرواية، وفي لفظ له أي لمسلم: "لقد كنت أحكه يابساً بظفري من ثوبه" -عليه الصلاة والسلام-. فما دام يفرك ويحك بالظفر دل على أنه طاهر، أما كونه يغسل، فلأنه مما يستقذر كالبصاق والمخاط، يستقذر، يستقذره الرائي، فينبغي أن يزال، هو ليس بنجس لكنه مما ينبغي أن يزال؛ لأنه مستقذر، فإن أمكن فركه ولو من غير غسل، أو أمكن حكه إذا كان يابساً، ولو من غير غسل كفى، وإن لم يمكن ذلك إلا بغسله فالمستحب غسله؛ لأنه مما يستقذر وليس بنجس.

وراوية الحديث عائشة أم المؤمنين الصديقة بنت الصديق، عائشة بنت أبي بكر تزوجها النبي -عليه الصلاة والسلام- قبيل الهجرة يعني عقد عليها وبنا بها في السنة الثانية، وعمرها تسع سنين، ولم يتزوج -عليه الصلاة والسلام- بكراً غيرها، وهي أحب نسائه إليه -عليه الصلاة والسلام-، كانت عالمة فقيهة محدثة، عارفة بأخبار العرب، توفيت -رضي الله عنه- سنة سبع أو ثمان وخمسين، وصلى عليها أبو هريرة. عرفنا أن الحديث بروايته الأولى يدل على الغسل، وبروايته الثانية يدل على الفرك، والثالثة الحك، وإذا اكتفينا بالفرك أو الحك كما هو مقتضى هذه الروايات قلنا: بطهارته، وأما غسله فليس لنجاسته بل لكونه مما يستقذر، والحديث كما في صحيح مسلم بطوله أن رجلاً نام عند عائشة، وهو من محارمها فاحتلم، فغسل ثيابه، فقالت عائشة -رضي الله عنه-: "قد كنت افركه"، "لقد كنت أحكه" كما في الروايات، وعلى هذا من نام عند قوم فاحتلم، يلزمه غسل أو لا يلزمه؟ الأصل أنه يلزمه، هذا الأصل، ولا يطهره إلا الغسل بالماء عند وجوده، لكن إذا خشي أن يتهم، يعدل إلى التيمم أو لا بد أن يغتسل؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . لا، الأصل أن هذا شرط لصحة الصلاة لا يجوز له أن يعدل إلى التيمم مع وجود الماء، هذا شرط ما هو بمسألة مستحب وإلا شيء يمكن أن يتنازل عنه، لكن شيخ الإسلام -رحمه الله تعالى- لشجاعته وفهمه الثاقب في مقاصد الشريعة ومصادرها ومواردها قال: "إذا خشي التهمة يتيمم" لكن لا يوافق الشيخ على هذا؛ لأن هذا شرط، الغسل أمانة في عنق المسلم، شرط لصحة الصلاة، لا يعرض صلاته للبطلان من أجل أن .. ، يمكن أن يتحايل، يمكن أن يبعد، يمكن أن يذهب إلى مكان، ينتقل إلى مكان آخر، كل هذا ممكن، لكن يصلي بالتيمم وهو جنب، والماء موجود؟ لا. عرفنا أنه استدل بالرواية الأولى من يقول بنجاسته، وبالرواية الثانية من يقول بطهارته والثالثة كذلك.

وهناك مناظرة طويلة جداً بين فقيهين أحدهما يرى الطهارة والآخر النجاسة موجودة في بدائع الفوائد لابن القيم، وهي مناظرة نفيسة يحتاجها طالب العلم، موجودة في الجزء الثالث من صفحة تسعة عشر ومائة إلى ستة وعشرين سبع صفحات، ولأرباب المذاهب المختلفة القائلين بالنجاسة والطهارة ردود ومناقشات، منهم من قال: إن هذا الحديث والاكتفاء بالفرك والحت والحك خاص بمنيه -عليه الصلاة والسلام- لأن فضلاته طاهرة؛ لأن فضلات النبي -عليه الصلاة والسلام- طاهرة، بخلاف غيره وهو عندهم نجس؛ لأنه يخرج من مخرج البول فهو مثله، أجيب عن ذلك بأن النبي -عليه الصلاة والسلام-، ولو قلنا: بأن فضلاته طاهرة إلا أنه -عليه الصلاة والسلام- لا يحتلم؛ لأن الاحتلام من تلاعب الشيطان، إذاً خروج المني منه بسبب إيش؟ الجماع، وقد اختلط ماؤه بماء المرأة، وحينئذ لا بد من غسله، فلا يتم الاستدلال بذلك. الحديث الذي يليه. "وعن أبي السمح -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((يغسل من بول الجارية, ويرش من بول الغلام)) أخرجه أبو داود والنسائي وصححه الحاكم. حديث أبي السمح واسمه إياد خادم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((يغسل من بول الجارية, ويرش من بول الغلام)) " والحديث له سبب، وهو أن النبي -عليه الصلاة والسلام- أتي له بحسن أو حسين فبال عليه، فقام أبو السمح ليغسل المكان، فقال النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((يغسل من بول الجارية, ويرش من بول الغلام)) أخرجه أبو داود والنسائي وصححه الحاكم" وهو بمجموع طرقه صحيح، وإلا بمفرداته لا، أخرجه أيضاً البزار وابن ماجه وابن خزيمة وغيرهم من طرق متعددة، يبلغ بها إلى درجة الصحيح لغيره. والحديث فيه دليل على التفريق بين بول الجارية الأنثى وبول الغلام، فالجارية يغسل بولها على كل حال، مهما كان سنها، ولو كانت في اليوم الأول من الولادة، الغلام عرفنا أن بول الكبير لا بد من غسله، إذاً يخص هذا بالصغير، وما الحد الفاصل بين الصغر والكبر؟ والغلام حده يطلق على الصبي غلام إلى؟ إلى أن؟ طالب:. . . . . . . . . هذا حكم الحديث، لكن إطلاق الغلام في الأصل؟ نعم؟

طالب:. . . . . . . . . إلى قريب من البلوغ، إلى قريب من البلوغ، أو إلى البلوغ عند جمع. عندنا الحد الفاصل عند أهل العلم في الغلام الذي يرش بوله والغلام الذي يغسل بوله أن يأكل الطعام، وذلكم لأن للطعام أثراً فصار لما ينشأ عنه أثر، فإذا كان ما يتغذى به هو اللبن فقط فإنه يرش؛ لأنه لا يوجد حد فاصل مؤثر غير هذا، لا يوجد حد فاصل مؤثر غير هذا؛ لأنه إذا كان يأكل أكل الكبار فحكمه حكم الكبار؛ لأن البول متحلب مما يؤكل ويشرب، فإذا كان يتغذى باللبن فقط فإنه يكتفى برشه، وأما إذا كان يأكل مع اللبن غيره فإنه لا بد من غسله. منهم من قال: لا فرق بين الجارية والغلام، وحديث الباب يرد عليه، ومنهم من قال: يرش من بول الذكر، وقاس الكبير على الصغير، وقوله مردود للأدلة الصحيحة الصريحة التي تدل على نجاسة بول الآدمي وأن نجاسته مغلظة، وليست مخففة، بول الصبي الذي لم يأكل الطعام بشهوة نجس بلا شك، لكن نجاسة مخففة يكتفى بنضحه ورشه بحيث يوضع عليه القليل من الماء، يبل بشيء من الماء، ولا يجعل الماء يتردد عليه، أو يتقاطر منه، نعم. "وعن أسماء بنت أبي بكر -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال في دم الحيض يصيب الثوب: ((تحته ثم تقرصه بالماء، ثم تنضحه، ثم تصلي فيه)) متفق عليه. وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قالت خولة: "يا رسول الله, فإن لم يذهب الدم? قال: ((يكفيك الماء, ولا يضرك أثره)) أخرجه الترمذي, وسنده ضعيف". حديث أسماء بنت أبي بكر الصديق أم عبد الله بن الزبير ذات النطاقين، أسلمت بمكة قديماً، وهي أكبر من عائشة بسنين عشر أو أكثر، وماتت بعد عائشة -رضي الله عنها- بخمس عشرة سنة أو أكثر، فعمرها حال موتها يناهز المائة، عميت في آخر عمرها، ومناقبها معروفة مشهورة. "أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال في دم الحيض يصيب الثوب: ((تحته ثم تقرصه بالماء، ثم تنضحه، ثم تصلي فيه)) فدل على أن الدم نجس، الدم نجس، وعرفنا أن دم المسفوح نجس، وهنا نعرف أن دم الحيض نجس، فالنجاسة مغلظة ((تحته ثم تقرصه بالماء، ثم تنضحه، ثم تصلي)) تبالغ في إزالته، "متفق عليه".

والحت: هو الحك، تحته وتحكه معناهما واحد، ولفظهما ووزنهما واحد، ويراد بذلك المبالغة في الإزالة، إزالة العين، ثم بعد ذلكم يقرص بالماء، يقرص الثوب بالماء فيدلك، يقرص يعني يدلك مع الماء بأطراف الأصابع ليتحلل، ويخرج ما شربه الثوب منه، ثم بعد ذلكم ينضح يزاد عليه بعد الغسل النضح، ثم يُصلى فيه، كل هذا مبالغة في إزالة دم الحيض من الثوب الذي أصابه، فهذا دليل على نجاسته، ولذا أدخله الحافظ -رحمه الله تعالى- في باب: إزالة النجاسة. عموم الدم عرفنا أن دم الحيض نجس، والدم المسفوح نجس، وما يبقى بعد الدم المسفوح طاهر، إذ لا يجب غسل اللحم من الدم الذي يبقى، وما عدا ذلك الآن لو شخص طلب منه أن يتبرع بالدم أو جُرِح جُرْح فخرج منه دم، نجس وإلا طاهر؟ الفقهاء يقولون في النجاسات: الخارج الفاحش، العلماء يقولون: إذا فحش وكثر يكون نجساً، وقد صلى عمر -رضي الله عنه- ودمه يثعب من جرحه بعد طعنه، استدلوا بهذا على طهارة الدم عدا المسفوح ودم الحيض، كونه -رضي الله عنه- صلى ودمه يثعب هل يتم الاستدلال به على طهارة الدم؟ هل يتم الاستدلال به على طهارة الدم؟ أو نقول: حكم من جرحه يثعب ودمه يسيل حكمه حكم من به حدث دائم من سلس أو استحاضة ونحو ذلك؟ نعم هل يمكن إيقافه؟ نعم، إذا كان لا يمكن إيقافه فحكمه حكم من به سلس دائم، أو المرأة إذا استحيضت ومكث معها الدم في غير العادة، فإنها تصلي على حالها، تشد على فرجها شيء وتصلي، وهذا يشد على جرحه شيء ويصلي؛ لئلا يلوث ما حوله، كذلك من به سلس دائم، فلا يتم الاستدلال بهذا، فلا يتم الاستدلال بهذا، فالأكثر على أن الدم وإن لم يكن مسفوحاً فهو غير ما يبقى في المذبوح مع اللحم أو ما يخرج من العروق الصغيرة داخل البدن، الجمهور على أنه إذا فحش فهو نجس، وقال بعضهم بطهارته استدلالاً بما سمعنا.

التبرع بالدم إذا قلنا: الدم نجس فهل يتبرع بالنجس؟ أو هل يجوز بيعه؟ إذا تبرعت بالدم بمقابل، قالوا: نحتاج إلى لتر فقلت: الرتل بألف؛ لأن الفصيلة نادرة وهم محتاجون يجوز وإلا لا؟ جاء النهي عن بيع الدم، لكن إذا احتيج إليه وتوقفت عليه حياة شخص فإنه يجوز التعاون أو بل يندب، وبعضهم يوجبه إذا كانت حياة إنسان متوقفة عليه فيما لا يضر ابن آدم كإطعامه عند الحاجة إلى الطعام، يجب على من يقدر على ذلك، أما بيعه فلا يجوز، وأما مجرد نقله من شخص إلى آخر فيما لا يضر المنقول عنه وينفع المنقول إليه فالعلماء على جوازه. الحديث الذي يلي ذلك، هنا في الحديث السابق في حديث أسماء: ((تحته ثم قرصه بالماء، ثم تنضحه، ثم تصلي فيه)) هل يلزم استعمال الحاد؟ يأتي بشيء حاد طرف سكين ويزيله أو يأتي بمنظف مزيل كلوركس أو غيره أو شامبو أو صابون أو ما أشبه ذلك يلزم أو ما يلزم؟ الحديث يدل على أنه لا يلزم، لا يلزم ذلك، وإنما الواجب غسله بالماء، ولذا عقبه الحافظ بحديث "أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قالت خولة: يا رسول الله، فإن لم يذهب الدم؟ -يعني بالماء بعد الحت والقرص- قال: ((يكفيك الماء، ولا يضرك أثره)) " لأن الله -سبحانه وتعالى- لا يكلف نفساً إلا وسعها إذا ما ذهب الأثر، والحديث في أصله ضعف، أخرجه الترمذي وسنده ضعيف، عندكم في الكتاب: وسبب ضعفه أنه من رواية ابن لهيعة، ابن لهيعة عبد الله بن لهيعة، وجماهير أهل العلم على ضعفه مطلقاً، ومن أهل العلم من يقول: إنه ليس بشديد الضعف، بل حديثه من قبيل الحسن، ومنهم من يفرق بين رواية العبادلة ابن وهب وابن المبارك وابن المقرئ وبين رواية غيرهم، فيقوي رواية العبادلة دون رواية غيرهم. على كل حال المعتمد فيه أنه ضعيف، إذ أكثر من ثلاثة عشر إماماً على تضعيفه، وإن قواه بعضهم. الحافظ في التقريب قال: إنه صدوق يخطئ، وفي مواضع من فتح الباري حكم بضعفه، حكم بضعفه، وهو القول الصحيح، نعم ضعفه ليس بشديد، بل ضعفه منجبر، فإذا تفرد بحديث يحكم عليه بالضعف، فإذا توبع أو وجد لحديثه شاهد ينجبر.

فالحديث الذي معنا حسن لغيره، حسن لغيره، فله طرق أخرى وله شواهد، هنا لفظ الحديث: "يا رسول الله "فإن لم يذهب الدم، قال: ((يكفيك الماء)) " لأنه الأصل في إزالة النجاسات، الأصل في إزالة النجاسات هو الماء، ولا يكفي في إزالة النجاسة زوالها بمجرد ذهاب عينها من غير مزيل، أو ذهابها بالشمس أو الريح، أو بالاستحالة عند أكثر العلماء، وقال الحنفية: تزول النجاسة بزوال عينها. نعم حتى عند الأكثر تزول بالماء ولو بغير قصد، ولو بغير نية، ولو بغير فعل آدمي، لو افترضنا أن عين متنجسة نزل عليها المطر تطهر، لكن الشمس لا تطهر، الريح لا تطهر عند الجمهور، ويقول الحنفية: إنه بمجرد استحالة العين ولو لم يفعل آدمي ذلك، ولو بتركها في الشمس أو الريح وتعريضها لذلك؛ لأن المنع منها من أجل عين النجاسة وقد زالت، مذهب الحنفية يحتاج إليه في هذه الأوقات كيف؟ المغاسل التي تغسل الثياب هل تغسلها بالماء أو بالبخار؟ طالب:. . . . . . . . . إيه. . . . . . . . . الله يهديك، هاه؟ تغسل بماء وإلا؟ طالب:. . . . . . . . . هاه؟ طالب:. . . . . . . . . والبخار إذا ضغط يتولد منه ماء أو ما يتولد منه شيء؟ وتزيل نجاسات بقع نجسة لا يزلها الماء، تزيلها بمواد أخرى غير الماء، فقد يكون أصل ما يغسل به الثوب غير الماء عند بعض المغاسل فعلى مذهب الحنفية ما فيه إشكال، لا إشكال عندهم، ويميل إليه شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى-؛ لأن الحكم يدور مع هذه النجاسة، إن كانت النجاسة موجودة فالمنع من هذه العين موجود، وإذا زالت زال المنع. وجمهور أهل العلم على خلاف ذلك، وأنه لا بد أن تزال هذه النجاسة بالماء ولو لم ينوِ من أراد إزالتها. انتهى الوقت؟ طيب، هاه؟ طالب:. . . . . . . . . أقول: مذهب الحنفية والذي يرجحه شيخ الإسلام لا شك أن فيه سعة للناس، أقول: فيه سعة للناس، وما دام المانع من استعمال المتنجس هو النجاسة وقد زالت، ففي مذهبهم قوة، وفيه توسعة على الناس، لكن الأحوط يعني في حال سعة ووجود ماء أن يستعمل الماء في إزالتها. نعم، الجدول كان ما فيه درس في يوم الخميس والجمعة، فتستأنف الدروس -بإذن الله تعالى- يوم السبت.

باب: الوضوء:

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد: باب: الوضوء: فقد قال المصنف -رحمه الله تعالى-: "باب: عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: ((لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك مع كل وضوء)) أخرجه مالك وأحمد والنسائي, وصححه ابن خزيمة، وذكره البخاري تعليقاً". باب: الوضوء: الوُضوء بضم الواو الفعل، فعل المكلف لهذه العبادة، التي هي استعمال الماء لرفع الحدث الأصغر، والوَضوء بفتح الواو الماء، فإذا قال قائل: أحضر الوَضوء هل يقصد يتوضأ أو أحضر الماء الذي نتوضأ به؟ الماء الذي يتوضأ به، وباب: الوُضوء بضم الواو غير باب المياه الذي تقدم، فالوضوء بالضم الفعل، فعل المكلف، فعل المتوضئ وبالفتح ماؤه، ويقال عليهما بالضم، يقال: للماء وُضوء، ويقال لفعل المتوضئ وُضوء. والوضوء شرط من شروط الصلاة ((لا يقبل الله صلاة من أحدث حتى يتوضأ)) في حديث ابن عمر: ((لا يقبل الله صلاة بغير طهور، ولا صدقة من غلول)) وهذا في أول صحيح مسلم ((لا يقبل الله صلاة بغير طهور)) فدل على أن رفع الحدث شرط من شروط الصلاة، بل هو من أعظم شروطها، بل قدمه جمهور أهل العلم على جميع الشروط.

عامة أهل العلم على تقديم الوضوء، فهذا يدل على أن ملاحظة الوضوء ورفع الحدث بالماء مقدم على ستر العورة، مقدم على الوقت، لكن الذي يتصور تعارضه مع الوضوء الوقت، فإذا أمكن أن يصلي بطهارة كاملة بالماء لكن مع خروج الوقت، أو مع خوف خروج الوقت، أو أمكن إدراك الوقت مع الإخلال بالطهارة، فالجمهور على أنه يحصل الطهارة، ولو خرج عليه الوقت، ولذا يقدمون كتاب الطهارة على المواقيت، فالإمام مالك -رحمه الله تعالى- يرى أن تحصيل الوقت مقدم على الطهارة، وعلى هذا من استيقظ من نومه وهو جنب وقد بقي من الوقت ما لا يسع الاغتسال مع الصلاة هل نقول له: تيمم وحصل الوقت صلِ قبل الصلاة؟ أو نقول: اغتسل ولو خرج الوقت؟ نعم، عند الأكثر يغتسل، والجمهور يغتسل ولو خرج الوقت، والإمام مالك بدأ في موطئه بالمواقيت، ولا شك أن المواقيت شرط من شروط الصلاة {إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا} [(103) سورة النساء] وجاء تحديد هذه المواقيت على ما سيأتي في السنة بينت بياناً شافياً كافياً، لكن يبقى أن الوضوء شرط من أعظم شروط الصلاة. الحديث الذي أشرنا إليه في صحيح مسلم أول حديث في الصحيح، ابن عمر زاد: زار عبد الله بن عامر أو عاده وهو مريض، فطلب منه أن يدعو له، فقال له: "لا يقبل الله صلاة بغير طهور، ولا صدقة من غلول، وكنت على البصرة" يعني كنت والياً على البصرة، كنت والياً على البصرة، والولاية مظنة لهذا الأمر، مظنة للغلول؛ لأنه لا رقيب عليه إلا الله -سبحانه وتعالى-، وإذا ترك بين النفس وبين المال فإنه قد تسول له هذه النفس أخذ شيء من المال بتأويل أو غير تأويل، فقال له: "وكنت على البصرة" يعني اجعل حرصك على براءة ذمتك من هذا الغلول.

الوضوء ورد في فضله أحاديث كثيرة ((إذا توضأ العبد المسلم خرجت خطاياه مع الماء، أو مع آخر قطر الماء)) وفي معنى ذلك أحاديث كثيرة، وهل الوضوء من خصائص هذه الأمة أو هو موجود في من قبلها؟ الصواب أن الوضوء ليس من خصائص هذه الأمة؛ لأن جريجاً كما في الحديث الصحيح توضأ، وزوجة إبراهيم -عليه السلام- توضأت حينما أرادها الجبار، فالوضوء ليس من خصائص هذه الأمة، إنما الذي هو من خصائص هذه الأمة الغرة والتحجيل، فمعلوم أن الصلاة إنما فرضت بمكة ليلة الإسراء، ولم يأتِ دليل يدل على أن النبي -عليه الصلاة والسلام- صلى صلاة بغير طهارة، كما أنه لم يرد دليل على أنه توضأ قبل الهجرة. على كل حال الأمر في هذا سهل؛ لأن العمل الشرعي تابع للنصوص، فمتى جاءت النصوص لزم العمل بها، وسواءً تأخر فرض الوضوء أو تقدم، لكن لم ينقل عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه صلى صلاة بغير طهارة. حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: ((لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك مع كل وضوء)) مناسبته لكتاب الوضوء، أو لباب الوضوء ظاهرة، استعمال السواك مع الوضوء. "أخرجه مالك -في الموطأ- وأحمد -في المسند- والنسائي، وصححه ابن خزيمة -ورواه في صحيحه- وذكره البخاري تعليقاً" وذكره البخاري تعليقاً، والمعلق عند أهل العلم ما حذف من مبادئ إسناده راوٍ أو أكثر من راوي، ولو حذف جميع الإسناد. وأن يكن أول الإسناد حذف ... مع صيغة الجزم فتعليقاً عرف ولو إلى أخره أما الذي ... لشيخه عزا بقال فكذي إلى آخره. المقصود أن المعلق ما حذف من مبادئ إسناده راوي أو أكثر تعليقاً مجزوماً به، ومع كونه معلق في الصحيح جاء مجزوماً به، وصنيع الحافظ -رحمه الله تعالى- أن الحديث لم يخرج في الصحيحين بالإسناد المتصل، وإنما ذكر هكذا معلقاً، هو مخرج في الصحيحين في الأحاديث الأصول، لكن بدل قوله: ((مع كل وضوء)) ((مع كل صلاة)) ((لأمرتهم بالسواك مع كل صلاة)) والحديث مثل به للصحيح لغيره، إذا كان الحديث حسناً ثم جاء من طرق أخرى ارتقى إلى درجة الصحيح لغيره، ولهذا يقول الحافظ العراقي -رحمه الله تعالى-: والحسن المشهور بالعدالة ... والصدق راويه إذا أتى له

طرقاً أخرى نحوها من الطرق ... صححته كمتن لولا أن أشق إذ تابعوا محمد بن عمر ... عليه فارتقى الصحيح يجري راويه محمد بن عمرو في حفظه خفة، ومروياته من قبيل الحسن لذاته، وتوبع على رواية هذا الحديث فارتقى إلى الصحيح لغيره. ((لولا أن أشق)) لولا: حرف امتناع لإيش؟ لامتناع أو لوجود؟ لوجود، لولا وجود المشقة لأمرتهم فامتنع الأمر -أو امتناع- امتنع الأمر لوجود المشقة ((لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك مع كل وضوء)) والأمر المنفي الممتنع هنا في هذا الحديث هو أمر الإيجاب، أما أمر الاستحباب فهو باقي، فالسواك سنة بالاتفاق، والحديث من أقوى الأدلة على إفادة الأمر الوجوب، فنفي الأمر هنا لوجود المشقة مع أن أمر الاستحباب ثابت، فإذا أضيف مثل هذا إلى قوله تعالى: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ} [(63) سورة النور] دل على أن الأمر الأصل فيه الوجوب، وهنا امتنع أمر الإيجاب لوجود المشقة، وبقي أمر الاستحباب لنصوص كثيرة جداً. ((لأمرتهم بالسواك مع كل وضوء)) في هذا دلالة على استحباب وتأكد السواك مع الوضوء، كل وضوء كلما توضأ الإنسان يستاك، وهذا صنيعه -عليه الصلاة والسلام-، مع ما دل عليه مثل هذا الحديث. وجاء في الحديث المتفق عليه: ((لأمرتهم بالسواك مع كل صلاة)) أو عند كل صلاة، فيتأكد استحباب السواك عند الوضوء وعند الصلاة، وذكر أهل العلم حالات مثل القيام من الليل، النبي -عليه الصلاة والسلام- أول ما ينتبه يشوص فاه بالسواك، وعند طول السكوت، وعند كثرة الكلام، وعند تغير الفم وهكذا، يعني عند الحاجة إليه تتأكد سنيته. ((لأمرتهم بالسواك)) والمراد بالسواك التسوك وهو دلك الأسنان، وليس المراد به اتخاذ المسواك دون استعمالٍ له، إنما المراد به التسوك، والأمر بالتسوك أمر بما لا يتم إلا به وهو اتخاذ المسواك، وجمع المسواك، كيف؟ طالب:. . . . . . . . . كيف؟ طالب:. . . . . . . . .

لا، سُوُك، سُوُك ((لأمرتهم بالسواك)) وعلى هذا فالاستياك مسنون في كل وقت للصائم وغيره بعد الزوال وقبله، وأنه لا أثر له في إزالة خلوف فم الصائم، وإن كان المعروف عند الشافعية والحنابلة أنه لا يستاك بعد الزوال، يعني الصائم؛ لأن الاستياك يكون سبباً في إزالة هذا الخلوف، وقد رتب عليه ما رتب، وجاء في فضله ما ذكر، والحديث الوارد فيه ضعيف، الحديث الوارد فيه ضعيف، فيبقى مثل هذا الحديث على عمومه. الاستياك عبادة ورتب عليه الثواب، فهل يكون باليمين أو بالشمال؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . طيب اللي وراءه. طالب:. . . . . . . . . بالشمال، على كل حال الكلام كله صحيح، كلام الأخوين كله صحيح، شيخ الإسلام -رحمه الله تعالى- يقول: لا أعلم أحداً من الأئمة قال بالتسوك باليمين، وعلى هذا قول جماهير أهل العلم على أن الاستياك يكون بالشمال، وشيخ الإٍسلام وهو يقول هذا الكلام جده المجد ابن تيمية يقول: إن الأفضل التسوك باليمين، فأكثر أهل العلم بل مثل ما سمعنا عن شيخ الإسلام أن التسوك يكون بالشمال؛ لأن الشمال هي التي ينبغي أن تزاول بها مثل هذه الأعمال، أعمال التنظيف، لكن يبقى أنه إذا كانت الأسنان نظيفة وأراد أن يحصل هذه العبادة، والأسنان ليس فيها مما ينبغي إزالته، فيتجه القول الثاني. الحديث الذي يليه. "وعن حمران أن عثمان دعا بوضوء, فغسل كفيه ثلاث مرات, ثم تمضمض, واستنشق, واستنثر, ثم غسل وجهه ثلاث مرات, ثم غسل يده اليمنى إلى المرفق ثلاث مرات, ثم اليسرى مثل ذلك, ثم مسح برأسه, ثم غسل رجله اليمنى إلى الكعبين ثلاث مرات, ثم اليسرى مثل ذلك, ثم قال: رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- توضأ نحو وضوئي هذا"، متفق عليه". نعم "عن حمران" وهو ابن أبان مولى لعثمان بن عفان، الخليفة الراشد ثالث الخلفاء، وأحد العشرة المبشرين بالجنة، مولاه هذا حمران بن أبان بعثه إليه خالد بن الوليد من إحدى السرايا.

على كل حال حمران هذا مولاً لعثمان ملازم له، ووصف وضوءه بدقة، والحديث في الصحيحين بالتفصيل، "عثمان -رضي الله عنه- دعا بوضوء" أي دعا بماء يتوضأ به "فغسل كفيه ثلاث مرات" وهذا الغسل للكفين سنة بالاتفاق، وهو غير الغسل بالنسبة للقائم من النوم الآتي ((إذا استيقظ أحدكم من نومه فلا يدخل يده في الإناء حتى يغسلها ثلاثاً)) هذا غيره، هذا غسل اليدين مستحب "ثلاث مرات، ثم تمضمض" فعلى هذا يستحب غسل اليدين قبل إدخالهما الإناء، ولو كانتا طاهرتين، ولو كانتا مغسولتين قبل ذلك، يعني لو افترضنا أن شخصاً أكل، ثم غسل يديه بالماء والصابون، وتأكد من زوال أثر الطعام، ثم جاء ليتوضأ، نقول: يستحب لك أن تغسل يديك ثلاث مرات ولو كانتا نظيفتين، لكن إذا قام من نوم الليل، وتوجه إليه الأمر بغسل اليدين ثلاثاً، على ما سيأتي، وهنا أراد أن يطبق هذه السنة، فهل يغسل يديه ستاً؟ احتمال ليمتثل الأمر الواجب والمسنون، ولو قلنا بالتداخل فتدخل هذه العبادة المسنونة في العبادة الواجبة، وقد قيل بهذا وذاك، قيل بالأول: إن هذه عبادة مقصودة لذاتها مستقلة، وتلك عبادة أيضاً مقصودة، فلا تدخل هذه بتلك، كسنة الصبح بالنسبة لصلاة الصبح، لكن قاعدة التداخل تنطبق على العمل، إذا وجد عبادتان من جنس واحد ليست إحداهما مقضية والأخرى مؤداة، فإنها حينئذ تدخل يعني وليست الثانية مقصودة، مقصودة بعينها، والعلة معروفة من غسل اليدين ثلاثاً التنظيف على جهة التعبد، وكلاهما يحصل هذا، فعلى هذا يدخل غسل اليدين ثلاثاً، ثلاث مرات المذكور في هذا الحديث في غسل اليدين إذا قام من النوم. "ثم تمضمض" المضمضة: إدخال الماء في الفم وتحريكه في الفم، وهل يدخل المج في المضمضة؟ في حد المضمضة أو لا يدخل؟ نعم، المج لو أدخل الماء في فمه وحركه ثم ابتلعه، نقول: تمضمض وإلا ما تمضمض؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . .

على كل حال أهل اللغة يختلفون في هذا، فمنهم من يفسر المضمضة بأنها إدخال الماء وتحريكه في الفم، ومنهم من يقول: ومجه، فيدخل المج في حد المضمضة، وعلى هذا الأولى والأكمل أن يمجه، إذا حركه في فمه فليمجه "ثم تمضمض واستنشق, واستنثر" استنشق جذب الماء بالنفس إلى داخل الأنف، واستنثر أخرج الماء من الأنف بالنفس، وجاء عن بعض أهل العلم ويؤيده بعض الروايات أن الاستنثار هو الاستنشاق، أن الاستنثار هو الاستنشاق، "تمضمض واستنثر"، "إذا توضأ أحدكم فلينتثر" فعلى هذا الانتثار والاستنثار هو الاستنشاق، لا شك أنه إذا اقتصر على ذكر الاستنثار فإنه يدخل فيه الاستنشاق، لا يمكن أن يستنثر دون أن يستنشق، لكن إذا ذُكرا معاً فلكل واحد منهما معناه الخاص "ثم غسل وجهه ثلاث مرات" غسل وجهه ثلاث مرات، وغسل الوجه فرض من فرائض الوضوء، لا يصح الوضوء بدونه، وهو منصوص عليه في آية المائدة، غسل وجهه، حد الوجه معروف من منابت الشعر إلى الذقن طولاً، ومن الأذن إلى الأذن عرضاً، هذا هو الوجه، وهل يدخل في حد الوجه الفم والأنف لتكون المضمضة والاستنشاق واجبين؟ والخلاف بين أهل العلم في وجوبهما معروف، فالذي لا يقول بوجوبهما قال: لم ينص عليهما في الآية {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ} [(6) سورة المائدة] وهنا حكاية الفعل تمضمض واستنشق، لكن هل أمر به؟ والذي يقول بالوجوب يقول: إن الفم والأنف داخلان في مسمى الوجه، داخلان في مسمى الوجه؛ لأنهما في حدوده، فلا يتم غسل الوجه إلا بهما، وأولئك يقولون: إن الوجه ما تحصل به المواجه، ولا تحصل المواجهة بالفم والأنف في مناقشات طويلة، لكن النبي -عليه الصلاة والسلام- تمضمض واستنشق، وجاء الأمر بالاستنشاق، والأمر به أكثر من الأمر بالمضمضة، وإن جاء فيها: "إذا توضأت فمضمض" على ما سيأتي. وعلى كل حال الوجوب هو المتجه، وجوب المضمضة والاستنشاق هو المتجه لما ذكرنا، لمداومة النبي -عليه الصلاة والسلام- على ذلك، وأنهما داخلان في إطار الوجه ومحيطه، وقد جاء الأمر بهما "ثم غسله وجهه ثلاث مرات، ثم غسل يده اليمنى إلى المرفق ثلاث مرات" غسل يده اليمنى ...

كتاب الطهارة (5)

بلوغ المرام - كتاب الطهارة (5) شرح الأحاديث التي تتكلم عن: "مسح الرأس والأذنين، والاستنثار بعد النوم، والمضمضة، وتخليل الأصابع ... الشيخ/ عبد الكريم بن عبد الله الخضير

لما ذكرنا من مداومة النبي -عليه الصلاة والسلام- على ذلك، وأنهما داخلان في إطار الوجه ومحيطه، وقد جاء الأمر بهما "ثم غسل وجهه ثلاث مرات، ثم غسل يده اليمنى إلى المرفق ثلاث مرات" غسل يده اليمنى، "ثم اليسرى مثل ذلك" فقدم اليمنى على اليسرى، وأما في الآية فجاء الأمر بغسل اليدين مجملاً، وبُيّن في مثل هذا الحديث، وأن اليمنى تقدم على اليسرى، وتقديم اليمنى على اليسرى كتقديم شق الوجه الأيمن على الأيسر عند أكثر أهل العلم، تقديم الشق الأيمن على الأيسر في الغسل، وما أشبه ذلك، هما في حكم العضو الواحد، فلو قدم اليسرى على اليمنى الوضوء صحيح عند جمهور أهل العلم، وإن قال بعضهم بوجوبه "ثم اليسرى مثل ذلك، ثم مسح برأسه" ثم مسح برأسه، والباء هذه لإزالة اللبس الذي قد يفهم من مطلق المسح، ولو جاء النص بدونها مسح رأسه لاحتمل أن يكون المسح بدون ماء، فإذا أمرّ يده على رأسه صدق عليه أنه مسحه، والباء تقتضي ممسوحاً به، والباء تقتضي ممسوحاً به فمسح برأسه الماء "ثم غسل رجله اليمنى إلى الكعبين ثلاث مرات, ثم اليسرى مثل ذلك" غسل رجله اليمنى يقال في ذلك ما قيل في اليد اليمنى، ثلاث مرات، ثم اليسرى مثل ذلك إلى الكعبين، والكعب: هو العظم الناشز الناتئ في جانبي القدم، عظمان، في كل قدم عظمان، خلافاً لمن يقول: إنه العظم الناتئ على ظهر القدم، هذا التفسير مردود من وجوه، ولو لم يكن في الباب إلا قوله -عليه الصلاة والسلام- في الحديث الصحيح: ((ويل للأعقاب من النار)) ((ويل للأعقاب من النار)) فإذا فسرنا الكعب بأنه العظم الناشز الناتئ على ظهر القدم عند معقل الشراك فإنه لا يلزم غسل العقبين، وقد جاء الوعيد على ذلك، إضافة إلى أن التثنية "غسل رجله اليمنى إلى الكعبين"، "غسل رجله اليمنى إلى الكعبين" الرجل الواحدة فيها كعبان، وهذا نص صحيح صريح يوضح المراد بالكعبين، والذي على ظهر القدم كعب واحد، "ثلاث مرات ثم اليسرى مثل ذلك، ثم قال: "رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- توضأ نحو وضوئي هذا"، متفق عليه".

"توضأ نحو" قريب من الوضوء، أو مثل وضوئي هذا، وقد جاء في بعض الروايات، فتحمل (نحو) هنا على المثل؛ لأن عند أهل الحديث يختلف لفظ: (نحو) عن لفظ: (مثل) فإذا قيل: رواه مسلم بنحوه، أو بمثله، فإن كان باللفظ فهو مثله، وإن كان بالمعنى فهو نحوه، وهذا مقرر عند أهل العلم، لكن هنا جاء النحو وجاء بإزائه المثل، فيرد هذا إلى ذاك. قد يقول قائل: إنه لا يمكن المماثلة من كل وجه، قد توجد المماثلة الظاهرة، قد توجد المماثلة الظاهرة، لكن المماثلة الباطنة لا توجد، المماثلة الخفية قد تتخلف، ولذا عبر هنا بالحديث الصحيح بـ (نحو)؛ لأن المطابقة من كل وجه مائة بالمائة قد تكون مستحيلة، "غسل كفيه ثلاث مرات"، "غسل وجهه ثلاث مرات"، "غسل يده اليمنى إلى المرفق ثلاث مرات" ولنعلم أن غسل اليد وحدها يبدأ من أطراف الأصابع إلى المرفقين، من أطراف الأصابع، لا يقول: أنا غسلت كفي قبل الوضوء ثلاث مرات، ثم أقتصر بما عدا ذلك، قد يقول قائل: الكفان غسلا ثلاث مرات قبل الوضوء، وحينئذ يغسل ذراعه يده اليمنى من مفصل الكف إلى المرفق، نقول: هذا ليس بصحيح، بل اليد الواجب غسلها، وغسلها فرض من فرائض الوضوء تبدأ من أطراف الأصابع إلى المرفق. وقوله: "إلى المرافق" أو إلى المرفق، وزنه كالمنبر بكسر الميم وفتح الفاء، وليس بمَرفق كمجلس، لا، مِرفق، "إلى الكعبين" هنا (إلى) حرف غاية، وهل المرفقان والكعبان داخلان في الغسل أو ليسا بداخلين؟ هل الغاية تدخل في المغيا أو لا تدخل؟ نعم؟ تدخل من لفظها أو بأدلة أخرى؟ هاه؟ طالب:. . . . . . . . . يعني هل (إلى) بذاتها تقتضي دخول المغيا، أو لا تقتضيه أو تحتاج إلى تفصيل؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . ولا تعارضه، ولا تمنع منه، لا تقتضيه ولا تمنع منه، فإذا كان المغيا من جنس، أو كانت الغاية من جنس المغيا نعم؟ تدخل، وإذا كانت من غير جنسه فإنها لا تدخل، هذا الأصل فيها، لكن هنا جاءت نصوص تدل على أنها داخلة، وأن المرافق لا بد من غسلها مع اليدين، وأن الكعبين لا بد من غسلهما مع الرجلين، ويأتي شيء من هذه الأحاديث.

التثليث ثلاث مرات، ثلاث مرات، مسح برأسه ولم يذكر العدد فدل على أنه واحدة، تمضمض واستنشق واستنثر جاء في بعض الروايات: "ثلاثاً ثلاثاً" فالتثليث هو الغاية، وهو أعلى ما أثر عنه -عليه الصلاة والسلام-، فقد صح عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه توضأ مرة مرة، ومرتين مرتين، وثلاثاً ثلاثاً، وثبت عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه توضأ ملفقاً، بمعنى أنه غسل بعض الأعضاء مرة، وبعضها مرتين، فمن زاد على الثلاث خرج عن حيز السنة إلى الابتداع إذا تعبد بذلك، إذا تعبد بذلك، ولا نقول: إنه يزيد على الثلاث من باب الاحتياط، أحوط، يدعي الاحتياط، وإن عُرف ذلك عن ابن دقيق العيد والحافظ العراقي، يغسلون الأعضاء إلى عشر مرات أحياناً، ويقول المترجمون: إن هذا لم يخرجهما إلى حيز البدعة وإنما هو مجرد احتياط، هو مجرد احتياط، ولنعلم أن الابتداع في أوله قد يكون منشأه الاحتياط، والاحتياط كما قال شيخ الإسلام -رحمه الله تعالى-: "إذا أدى إلى ارتكاب محظور -كما هنا- أو ترك مأمور فالاحتياط في ترك هذا الاحتياط".

أحياناً لا يمكن الاحتياط، لا يمكن الاحتياط بحال، إذا اختلف العلماء في مسألة على قولين: وجوب وتحريم، تحتاط وإلا ما تحتاط؟ ما يمكن تحتاط، لكن وجوب واستحباب، استحباب وإباحة ممكن تحتاط، وعلى هذا نقول: من زاد على أربع متعبداً بذلك فقد خرج إلى حيز البدعة، فإذا شك هل غسل العضو مرتين أو ثلاثاً، فالأحوط أن يجعلها ثلاثاً؛ لأنه إن كان هو الواقع الثلاث هي الواقع ففعله هو السنة، وإن لم يكن الواقع، جعله ثلاثاً وهو في الحقيقة اثنتان رجع بذلك إلى سنة، لكن لو قلنا: يبني على الأقل ويزيد، هو بزيادته إن كان على خلاف الواقع خرج من حيز الابتداع إلى السنة، وعرفنا أن هذا يختلف اختلافاً جذرياً تاماً عما لو شك في صلاته هل صلى ركعتين أو ثلاث؟ نقول: يجعلهما ركعتين، وهذا سبقت الإشارة إليه، يجعلهما ركعتين، لماذا؟ لأن الأمر هنا متردد بين الزيادة المعفو عنها بالنسيان وبين بطلان الصلاة بالنقص، مسألة الصلاة، فإذا كان الأمر متردد بين بطلان الصلاة وأمر معفو عنه بالسهو والنسيان يحافظ على صلاته عن البطلان، بخلاف ما إذا كان الأمر متردد بين سنة وبدعة فإنه يحافظ على السنة ويجتنب البدعة، جاء التثليث بالإطلاق: "توضأ ثلاثاً ثلاثاً" وجاء التفصيل: "غسل وجهه ثلاثاً، ويديه ثلاثاً، ورجليه ثلاثاً، ومسح برأسه" فالإطلاق غسل ثلاثاً ثلاثاً يشمل الرأس، والتفصيل يخرج الرأس، وإن جاءت عند أبي داود أنه مسح رأسه ثلاثاً، لكن ما جاء في الصحيحين وغيرهما إما إجمالاً أو تفصيلاً لا يذكر فيه التثليث بالنسبة للرأس، ولذا القول المرجح عند أهل العلم أن الرأس يمسح مرة واحدة؛ لأن الروايات الواردة في التثليث لا تقاوم ما جاء في عدم الذكر، وهذا موضع بيان فلو كان تثليث الرأس مستحباً كغيره لبين؛ لأن هذا وقت بيان، النبي -عليه الصلاة والسلام- يبين ما أجمل من القرآن، وبيان الواجب واجب كما هو معروف.

الترتيب: هنا جاء عطف الأعضاء بـ (ثم) التي تقتضي الترتيب، التي تقتضي الترتيب، والعطف في آية الوضوء بإيش؟ بالواو، التي هي لمطلق الجمع، ولذا يرى بعض أهل العلم: أن الترتيب ليس بواجب، والقول المرجح عند أهل التحقيق أن الترتيب واجب؛ لأن النصوص والأحاديث التي بينت آية الوضوء جاءت بياناً لآية الوضوء، جاء العطف فيها بـ (ثم) إضافة إلى أن آية الوضوء فيها ما يشير إلى ذلك، ما يشير إلى الترتيب وهو إدخال الممسوح بين المغسولين، والعرب كما يقول أهل العلم: لا تقطع النظير عن نظيره إلا لفائدة، لو لم يكن الترتيب واجباً لنسق المغسولات على بعض ثم جاء بالممسوحات، لكن قطع النظير عن نظيره وإدخال الممسوح بين مغسولين يدل على إرادة الترتيب، نعم. سم. "وعن علي -رضي الله عنه- في صفة وضوء النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "ومسح برأسه واحدة" أخرجه أبو داود، وأخرجه الترمذي والنسائي بإسناد صحيح، بل قال الترمذي: إنه أصح شيء في الباب". تكمل الحديث الرابع وإلا نبدأ بهذا ثم ذاك؟ حديث علي -رضي الله عنه- في صفة وضوء النبي -عليه الصلاة والسلام-، وهو مخرج في السنن والمسند وغيرها من دواوين الإسلام في صفة وضوء النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: "ومسح برأسه واحدة" وهذا الحديث نص في موطن النزاع إلا أنه فعل، نعم؟ مسح برأسه واحدة فعل، والمسح مرة واحدة لا ينفي ما عداه؛ لأنه ثبت أنه غسل وجهه واحدة، وغسل يديه واحدة، وغسل رجليه واحدة، توضأ مرة مرة -عليه الصلاة والسلام-، "ومسح برأسه واحدة، أخرجه أبو داود، وأخرجه الترمذي والنسائي بإسناد صحيح" وهو قطعة من حديث طويل استوفى فيه علي -رضي الله عنه- صفة وضوء النبي -عليه الصلاة والسلام-، "أخرجه أبو داود والترمذي والنسائي بإسناد صحيح، بل قال الترمذي: إنه أصح شيء في الباب" أصح شيء في الباب، أفعل التفضيل عند أهل الحديث لا تستعمل في بابها، لا يستعملونها على معناها الأصلي.

إذا قالوا: أصح شيء في الباب، أضعف شيء في الباب، فلان أضعف من فلان، فلان أوثق من فلان، فإن مثل هذا الأسلوب لا يقتضي التصحيح؛ لأنه قد يكون الباب مشتمل على أحاديث ضعيفة، لكن هذا الحديث أقواها، كما أنهم إذا قالوا: هذا الحديث أضعف حديث في الباب، لا يعني أنه ضعيف، فقد تكون الأحاديث كلها صحيحة لكن هذا أقلها صحة وإن كان صحيحاً، والأصل في أفعل التفضيل أنه مفاضلة بين شيئين اشتركا في صفة وفاق أحدهما الآخر في هذه الصفة، فمقتضى هذا التعبير أن جميع ما ورد في الباب صحيح، لكن هذا الحديث هو أصحها، هذا لو كانت أفعل التفضيل تستعمل عند أهل الحديث على بابها، لكن هم يقولون: أصح ما في هذا الباب كذا، وإن لم يكن صحيحاً لكنه أمثل الضعاف، كما أنهم يقولون: أضعف شيء في هذا الباب ولا يقتضي ذلك تضعيفه؛ لأن الأحاديث الموجودة كلها صحيحة لكنه متفاوت في الصحة، وهذا أدناها وأقلها صحة. إذا قالوا: فلان أوثق من فلان، إذا قلنا: ابن لهيعة أضعف من الأفريقي مثلاً عبد الرحمن بن زياد، أو قلنا -وهذا الصحيح- ابن لهيعة أوثق من الأفريقي، هل يعني أنهما ثقتان؟ مقتضى أفعل التفضيل أنهما ثقتان، أنهما اشتركا في صفة وهي الثقة وزاد فيها ابن لهيعة على الأفريقي، ابن لهيعة أوثق من الأفريقي، لكن استعمال أهل. . . . . . . . . الصيغة ليس على بابه، فهما ضعيفان، لكن ابن لهيعة أقل ضعف من الأفريقي، ومثله لو قلنا: نافع أضعف من سالم، نافع أضعف من سالم، هما ثقتان بالاتفاق، لكن سالم عند جمع من أهل العلم أجل من نافع وهكذا، فقول الترمذي: إنه أصح شيء في هذا الباب لا يقتضي تصحيحه، وإن كان الحديث صحيح، الحديث صحيح، إسناده صحيح لا إشكال فيه، نعم اللي بعده. "وعن عبد الله بن زيد بن عاصم -رضي الله عنهما- في صفة الوضوء قال: "ومسح رسول الله -صلى الله عليه وسلم- برأسه، فأقبل بيديه وأدبر" متفق عليه. وفي لفظ لهما: "بدأ بمقدم رأسه حتى ذهب بهما إلى قفاه، ثم ردهما إلى المكان الذي بدأ منه".

"عن عبد الله بن زيد بن عاصم" الأنصاري المازني، صحابي شهد أحداً، وشارك في قتل مسيلمة يوم اليمامة، وقتل يوم الحرة سنة ثلاثة وستين، وهو غير عبد الله بن زيد بن عبد ربه راوي حديث الأذان، راوي حديث الأذان عبد الله بن زيد أيضاً، لكن هذا ابن عاصم وذاك ابن عبد ربه، وبعض أهل العلم يجعلهما واحداً، يخلط بينهما، فيجعل هذين راوياً واحداً، والجمهور على أنهما اثنان، وهناك جمع من الرواة يهم بعض أهل العلم ممن كتبوا في الرجال فيجعلون الاثنين واحد والعكس، يجعلون الواحد اثنين؛ لأنه مرة هنا سمي ومرة كني فظنوهما اثنين، وأحياناً يجعل الاثنين واحد لاتفاقهما في الاسم واسم الأب والنسبة، وهما في الحقيقة اثنان. البخاري حصل له من هذا الوهم شيء في تاريخه، وهو معروف أنه إمام أهل الصنعة، لكنه ليس بالمعصوم، وابن أبي حاتم ألف في بيان خطأ البخاري في هذا الباب جزءً، وللخطيب البغدادي كتاب في غاية الجودة اسمه إيش؟ طالب:. . . . . . . . .

نعم (موضح أوهام الجمع والتفريق) (موضح أوهام الجمع والتفريق) ذكر فيه الأوهام التي حصلت من كبار الأئمة، ولكون هذا العنوان يوحي بأن الخطيب يرد على الأئمة الكبار فقد يفهم منه بعض الناس أنه يتطاول على الأئمة، هذا بالنسبة لمن لا يرى الخطيب شيئاً بالنسبة لأولئك الأئمة، وأما من. . . . . . . . . الخطيب فيقول: هاه هذا الخطيب أخطأ الأئمة ورد عليهم، ولدفع هذا اللبس صدر الخطيب كتابه بمقدمة بين فيها أحوال الأئمة وأنه لا شيء بالنسبة للأئمة، في كلام ينبغي أن يطلع عليه كل طالب علم ليعرف منزلته وقيمته بين أقرانه وشيوخه فضلاً عن مستوى الأئمة المتقدمين الذين قال الحافظ الذهبي في ترجمته لأبي بكر الإسماعيلي قال: "ومن عرف حال هذا الرجل جزم يقينا أن المتأخرين على يأس تام من لحاق المتقدمين" ومن أراد أن يعرف أقدار السلف فليقرأ: (فضل علم السلف على الخلف) للحافظ ابن رجب؛ لأنه قد يوجد من يكتب في الصحف أو يتحدث في المجالس من يُفهم من كلامه أو تُشم منه رائحة انتقاد المتقدمين، والسبب في ذلك قلة كلامهم، قلة كلامهم، إذا نسب كلامهم لكلام المتأخرين فكلامهم قليل، نزر يسير، لكنه علم مبارك، من مشكاة النبوة لم يخالطه شائبة، فعلى هذا نعرف للقوم أقدارهم، حتى ذكر الحافظ ابن رجب -رحمه الله تعالى- في الكتاب المذكور أن لو أن أحداً فضل عالماً من كبار الأئمة لكنه بعد عصر السلف على من تقدمه من أهل العلم لكثرة كلام الثاني لمجرد الكثرة، وقلة كلام الأول فقد اقتضى صنيعه تقديمه على الصحابة والتابعين.

على سبيل المثال لو قارنا بين كلام شيخ الإسلام ابن تيمية وكلام الإمام أحمد، شيخ الإسلام يستفتى في مسألة يجيب عنها وصاحبها مستوفز يريدها في مائتين وثلاثين صفحة، ويعتذر الشيخ -رحمه الله- أن صاحبها مستوفز يريدها، يعني جالس، جالس منتظر بس الكتابة في مائتين وثلاثين صفحة، لو سئل عنها الإمام أحمد لأجاب عنها بجملة، نصف سطر، مقتضى كلام ابن رجب أنك لو فضلت شيخ الإسلام على الإمام أحمد بهذا السبب لاقتضى ذلك أن تفضل المتأخرين على الصحابة والتابعين؛ لأن كلامهم كثير، وأنتم ترون يُكتب في المسألة التي لا تحتاج شيء مصنف، بينما المتقدمون كلمة كلمتين جملة علم عليه نور، كلام قليل لكنه علم مبارك، مقرون بالعمل والإخلاص، مقرون بالعمل والإخلاص، إيش اللي جرنا لهذا؟ طالب:. . . . . . . . . لكنه ما يخلو من فائدة -إن شاء الله-. "عن عبد الله بن زيد بن عاصم -رضي الله عنه- في صفة الوضوء قال: "ومسح" صفة وضوء النبي -عليه الصلاة والسلام-، قال: "ومسح رسول الله -صلى الله عليه وسلم- برأسه، فأقبل بيديه وأدبر" وبالمناسبة محمد رشيد رضا سئل عن شيخ الإسلام هل هو أعلم من الأئمة الأربعة أو هم أعلم منه؟ فأجاب بكلام يرضي جميع الأطراف، فقال: باعتبار أن شيخ الإسلام تخرج على كتب هؤلاء الأئمة وكتب أصحابهم فهم أهل الفضل عليه، وهو كالتلميذ بالنسبة لهم، وبكونه .. ، هو نظر لكونه -رحمة الله عليه- أحاط بما كتبه الأئمة وكتبه أتباعهم فهو أعلم منهم من هذه الحيثية. وعلى كل حال المنظور إليه هو الإخلاص، والعلم المقرون بالعمل، العمل المقرون بالعمل؛ لأن العلم بمجرده أو بمفرده إذا تخلف عنه العمل لا يساوي شيئاً، بل هو وبال على صاحبه، والعلم الذي يتخلف عنه الشرط الأصلي وهو إخلاص العبادة لله تعالى -والعلم عبادة- لا قيمة له، بل هو وبال على صاحبه. وعرفنا أن أول من تسعر بهم النار ثلاثة، ومنهم العالم الذي يجاء به يوم القيامة فيقال له: ماذا صنعت؟ يقول: تعلمت العلم وعلمت فيك العلم، فيقال: كذبت إنما تعلمت وعلمت ليقال: عالم وقد قيل، فيسحب على وجهه في النار، نسأل الله العافية.

فعلم السلف لا شك أنه تفوح منه روائح الإخلاص، وآثاره المترتبة عليه من العمل الصالح ظاهرة، تجد ممن ينتسب إلى العلم في هذه الأزمان من يتخصص في السنة مع أنه لا يصلي مع الجماعة، هذا شيء لا فائدة فيه، تقول. . . . . . . . . يقول: صلاة الجماعة سنة، طيب سنة أنت بصدد سنة النبي -عليه الصلاة والسلام-، افترض أنه سنة ليس بواجب ماذا تعمل؟ وماذا تصنع؟ يحلق لحيته ويقول: إعفاء اللحية سنة، سبحان الله، أنت تتعلم للمخالفة وإلا للعمل؟ مع الأسف الشديد هذا موجود، هذا موجود، وليس بقليل، موجود بكثرة، وإن كان -ولله الحمد- الأمة فيها خير، والخير في أمة محمد إلى قيام الساعة، يوجد فيها أهل العلم والعمل، وأهل العبادة والزهد والورع، لكن الإشكال أن النوع الثاني موجود، ووجوده وجود كثرة، يعني ما هي مجرد أمثلة، أو مجرد نماذج لا، هم موجودون. اللهم صلِ وسلم وبارك على عبدك ورسولك. الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "وعن عبد الله بن زيد بن عاصم -رضي الله عنه- في صفة الوضوء قال: "ومسح رسول الله -صلى الله عليه وسلم- برأسه، فأقبل بيديه وأدبر" متفق عليه. وفي لفظ لهما: "بدأ بمقدم رأسه حتى ذهب بهما إلى قفاه، ثم ردهما إلى المكان الذي بدأ منه". تقدم ترجمة عبد الله بن زيد بن عاصم، وأن المرجح عند أهل العلم أنه غير عبد الله بن زيد بن عبد ربه راوي حديث الأذان.

وله حديث -عبد الله بن زيد بن عاصم- حديث بين فيه صفة وضوء النبي -عليه الصلاة والسلام-، وقطعه الحافظ -رحمه الله تعالى- جملاً يضع كل جملة في مكانها المناسب، وسيأتي بعض الجمل من هذا الحديث، وتقطيع الحديث عند أهل العلم جائز، بشرط ألا يكون المحذوف منه له أثر في المذكور، بمعنى أنه لا يترتب فهم المذكور منه على المحذوف، أما إذا كان المذكور لا يمكن فهمه على الوجه الصحيح إلا بمعرفة ما حذف منه، فإنه لا يجوز حينئذ تقطيع الحديث، وتقطيع الحديث مذهب الإمام البخاري فالقصة الواحدة يفرقها في أماكن قد تصل أحياناً إلى عشرين موضعاً، إذا كان الحديث طويلاً فإنه يفرق هذا الحديث الطويل، ويفرق هذه الجمل تبعاً لما يستنبط منها، ويضعها في مواضعها. وصحيفة همام بن منبه التي يرويها عن أبي هريرة مسرودة سرداً في المسند، ومفرقة في الصحيحين، مفرقة في الصحيحين، وجماهير أهل العلم على جواز تقطيع الحديث والاقتصار منه على القدر المطلوب بالشرط المذكور. "قال: ومسح رسول الله -صلى الله عليه وسلم- برأسه" ومسح رسول الله -صلى الله عليه وسلم- برأسه، فدل على أن المسح فرض من فرائض الوضوء، دلت على ذلك الآية، آية المائدة، وإدخال الباء على الرأس، مثلما جاء إيش؟ في آية الوضوء، كما جاء في آية الوضوء؛ لأن إدخال الباء يقتضي ممسوحاً به، ولو قال: مسح رأسه قد يفهم منه بعض الناس أنه مسح رأسه بيده، ويصدق عليه أنه مسح رأسه. "فأقبل بيديه وأدبر" أقبل وأدبر مقتضى هذا اللفظ أنه بدأ من مؤخر رأسه؛ لأنه أقبل، والإقبال إنما يكون إلى جهة الوجه، والإدبار عن جهة الوجه، فأقبل بيديه وأدبر، يعني قال هكذا، أقبل ثم أدبر، هذا ما تدل عليه هذه الرواية.

"وفي لفظ لهما: "بدأ بمقدم رأسه" بدأ بمقدم رأسه "حتى ذهب بهما إلى قفاه، ثم ردهما إلى المكان الذي بدأ منه" هذه الرواية مفسرة، هذه الرواية مفسرة، بدأ بمقدم رأسه، هذا مقدم رأسه، حتى ذهب بهما إلى قفاه، ثم ردهما إلى المكان الذي بدأ منه، وجاء في بعض الروايات: "أدبر بيديه وأقبل"، وجاء أيضاً: "بدأ بمؤخر رأسه" وكل هذا يدل على أن الأمر فيه سعة، المقصود من ذلك تعميم الرأس بالمسح، سواءً كان البدء بالمقدم أو بالمؤخر، والواو لا تقتضي الترتيب، فأقبل بيديه وأدبر، لا يمنع أن يكون أدبر بهما وأقبل؛ لأن الواو لا تقتضي الترتيب. ابن دقيق العيد وهو يريد أن يوفق بين هذه الروايات بدأ بمقدم رأسه، فذهب بهما إلى قفاه، كيف يوفق بينها وبين قوله: "فأقبل بيديه وأدبر"؟ قال: أقبل بهما إلى جهة القفا وأدبر عن جهة القفا، أقبل بيديه إلى جهة القفا، وهذا عكس لظاهر الحديث، وهذا عكس لظاهر الحديث، فالإقبال معروف أنه إلى جهة المقابلة وهي الوجه، والإدبار هي الذهاب إلى جهة دبر الإنسان وقفاه. نعم الرواية الثانية: "بدأ بمقدم رأسه" مفسرة وواضحة للمعنى المراد، وعلى هذا تكون الواو لمطلق الجمع، فلا تقتضي الترتيب، هذا عند من يقول بأن المستحب أن يبدأ بمقدم الرأس، لكن مجموع الروايات تدل على أن الأمر فيه سعة، سواءً بمقدم رأسه أو بمؤخره المهم يضع يده المبلولة بالماء على جميع رأسه، سواءً بدأ من الأمام أو من الخلف. منهم من يقول: يبدأ بالناصية، من هنا ثم يقبل بهما على الوجه ثم يدبر بهما، وهذا محاولة من هذا القائل للجمع بين الأحاديث، لكن قوله: "بدأ بمقدم رأسه" صريح في كونه بدأ من بداية الرأس من جهة الأمام، ثم ذهب بهما إلى الخلف ثم ردهما، والأمر كما ذكرنا فيه سعة، والعمل مخير فيه، إنما المقصود تعميم الرأس بالغسل.

وأهل العلم يختلفون في غسل مسح الرأس، هل يجب تعميم الرأس بالمسح أو يكفي بعضه؟ كل منهم بنا مذهبه على فهمه للباء، فمن قال: إن الباء للإلصاق، ودعم ذلك بما روي عنه -عليه الصلاة والسلام-، وأنه لم يحفظ عنه أنه اكتفى ببعض الرأس إلا مع مسح العمامة، وأن الرأس إذا أطلق يشمل جميعه، قال: لا بد من تعميم الرأس بالمسح، وهذا قول الحنابلة وعامة أهل الحديث، ومنهم من يقول: إن الباء للتبعيض، الباء للتبعيض، فيكتفى بمسح بعض الرأس، واختلفوا في ذلك منهم من قال: الربع، ومنهم من قال: شعرات يسيرة، ومنهم من قال: يكتفى بما يسمى مسح، بما يطلق عليه مسح، وعلى كل حال ما روي عنه -عليه الصلاة والسلام- وما ثبت عنه بياناً للفروض الموجودة في آية الوضوء هو تعميم مسح الرأس، وما جاء من كونه -عليه الصلاة والسلام- مسح رأسه، مسح ما ظهر من رأسه مع العمامة، المسح على العمامة سيأتي حكمه -إن شاء الله تعالى-. أما الاكتفاء بمسح جزء من الرأس فإنه لا يجزئ؛ لأنه لم يحفظ عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه مسح بعض رأسه وهو مكشوف، بل جميع من وصف وضوءه -عليه الصلاة والسلام- كحديث عبد الله بن زيد الذي مر بنا أنه بيديه، بيديه معاً، مسح رأسه بيديه معاً، يبدأ من مقدم رأسه، ثم يذهب بهما إلى القفا ثم يردهما، هل يتصور أن اليدين تترك شيئاً من الممسوح؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . الشعر، الشعر كله، الشعر كله، نعم. طالب:. . . . . . . . . ويش هو؟ لا بد من التعميم، وهذا الذي يدل عليه هذا الحديث. سم. بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فقد قال المصنف -رحمه الله تعالى-: "وعن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- في صفة الوضوء قال: ثم مسح برأسه وأدخل إصبعيه السباحتين في أذنيه، ومسح بإبهاميه ظاهر أذنيه" أخرجه أبو داود والنسائي، وصححه ابن خزيمة". "عن عبد الله بن عمرو" بن العاص السهمي القرشي، من فضلاء الصحابة ومن عبادهم، وأحد العبادلة الأربعة، الذين تأخرت وفاتهم فاحتاج الناس إلى علمهم.

أسلم قبل أبيه، وتوفي سنة ثلاثة وستين بمكة أو بالطائف أو بمصر أقوال لأهل العلم، وهذا الحديث مروي بالسلسلة المشهورة عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، والحديث صحيح لغيره؛ لأنه ورد من الأدلة ما يشهد له، فارتقى إلى درجة الصحيح لغيره، وإلا فالأصل أن ما يروى بهذه السلسلة عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أنه من قبيل الحسن، لا يصل إلى درجة الصحيح للخلاف المعروف، ولا ينزل عن درجة الحسن إلى الضعف، على خلاف بين أهل العلم في الاحتجاج بهذه السلسلة عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، ومنشأ الخلاف: الخلاف في مرجع الضمير، في جده هل يعود إلى عمرو وحينئذٍ يكون الجد محمد، ومحمد تابعي فالحديث حينئذٍ يكون إيش؟ مرسلاً، أو يعود الضمير في جده إلى الأب الذي هو شعيب وحينئذٍ يكون المراد بالجد عبد الله بن عمرو، ثم ينشأ خلاف آخر وهو هل سمع شعيب من جده عبد الله بن عمرو أو لم يسمع؟ أما بالنسبة للاحتمال الأول وهو عود الضمير هل هو إلى عمرو أو إلى شعيب فقد جاءت روايات تدل على أن المراد بالجد عبد الله بن عمرو، وحينئذٍ يكون عود الضمير إلى شعيب، فاحتمال الإرسال غير وارد مع التصريح بعبد الله بن عمرو، عن جده عبد الله بن عمرو، الإشكال الثاني وهو أن شعيباً هل سمع من جده عبد الله بن عمرو؟ يزيله ما جاء التصريح به في روايات أنه سمع جده عبد الله بن عمرو، وحينئذٍ يكون المعتمد أن السند متصل، وأن المراد بالجد عبد الله بن عمرو، وأن الضمير يعود إلى شعيب، وأن شعيباً سمع من جده عبد الله بن عمرو، هذا هو المرجح، ومن أهل العلم من يحكم على هذه السلسلة بالتضعيف مطلقاً، يحكم على هذه السلسلة بالتضعيف مطلقاً للخلاف المذكور، ومنهم من يصحح، ولكن أعدل الأقوال أنه إذا صح السند إلى عمرو بن شعيب فإن الخبر حينئذٍ يكون مقبولاً، ولا ينزل عن درجة الحسن.

"في صفة الوضوء" أي وضوء النبي -عليه الصلاة والسلام- "قال: "ثم مسح" يعني النبي -عليه الصلاة والسلام- "برأسه" والباء هذه لا يمكن الاستغناء عنها لما ذكرنا "وأدخل أصبعيه السباحتين" يعني اللتين تستعملان في التسبيح "في أذنيه" والسباحتان هما السبابتان، وهما الأصبعان في اليدين اليمنى واليسرى اللذان يليان الإبهام. "أدخل إصبعيه -أو أصبعيه- السباحتين في أذنيه" هل يمكن إدخال الأصبعين في الأذنين؟ نعم يمكن؟ كيف؟ طالب:. . . . . . . . . نعم الطرف، طرف الأصبعين، المقصود طرف الأصبع، أما إدخال الأصبعين فلا يمكن {يَجْعَلُونَ أَصْابِعَهُمْ فِي آذَانِهِم} [(19) سورة البقرة] يعني أطراف الأنامل كما هو معروف "في أذنيه، ومسح بإبهاميه ظاهر أذنيه" وعرفنا أن الحديث مقبول، صحيح لغيره، وهنا مسح برأسه وأدخل إصبعيه، وإصبعيه السباحتين في أذنيه، فدل على أن الأذنين تمسحان مع الرأس مسحاً، مسح بإبهاميه ظاهر أذنيه، صفة ذلك كيف؟ مثل؟ طالب:. . . . . . . . . أدخل، أدخل السباحتين، عليك شماغ من يشوفك؟ هاه؟ طالب:. . . . . . . . . وين الإبهامين؟ إيه الإبهامين من فوق، ظاهر الأذن، نعم إيه خلاص صحيح، فهذا الحديث يدل على أن الأذنين تمسحان مع الرأس، وأنه لا يلزم غسلهما، بل يكتفى بمسحهما، وجاء حديث الأذنان من الرأس، وهو خبر ضعيف، لكن الأحاديث الواردة في مسح الأذنين مروية من طرق كهذا الحديث، وحديث المقدام بن معدي كرب، ومن حديث الربيع، ومن حديث أنس، ومن حديث عبد الله بن زيد وغيرهم، المقصود أن مسح الأذنين ثابت، وأنهما يمسحان تبعاً للرأس. وهل يؤخذ ماء جديد للأذنين فيمسحان به؟ أو يكتفى بما فضل من مسح الرأس؟ هذا سيأتي في حديث مستقل -إن شاء الله تعالى-. نعم، اقرأ، اقرأ، نبي نمشي، نبي نمشي لأن أمس ما مشينا ترى. "وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إذا استيقظ أحدكم من منامه فليستنثر ثلاثاً, فإن الشيطان يبيت على خيشومه)) متفق عليه. وعنه: ((إذا استيقظ أحدكم من نومه فلا يغمس يده في الإناء حتى يغسلها ثلاثاً، فإنه لا يدري أين باتت يده؟ )) متفق عليه، وهذا لفظ مسلم". نعم.

"عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إذا استيقظ أحدكم من منامه)) وهذا شامل لنوم الليل والنهار، إلا أن قوله: ((فإن الشيطان يبيت)) جعل بعض أهل العلم يخص ذلك بنوم الليل؛ لأن البيتوتة إنما تكون بالليل، كما سيأتي في الحديث اللاحق، هنا: ((فإن الشيطان يبيت على خيشومه)) ((إذا استيقظ أحدكم من منامه فليستنثر ثلاثاً)) وجاء ما يقيد هذا النص بمن أراد الوضوء، بمن أراد الوضوء ((إذا استيقظ أحدكم من منامه فليستنثر)) تقدم لنا معنى الاستنثار، وأنه إيش؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . هو الاستنشاق؟ أو الاستنشاق إدخال الماء والاستنثار إخراج الماء؟ طالب:. . . . . . . . . . . . . . . . . . أنت، أنت، هناك: "مضمض واستنشق واستنثر" وقلنا: إن الاستنشاق هناك إدخال الماء بالنفس، والاستنثار إخراج الماء من الأنف بالنفس، أما هنا في مثل هذا الحديث فإن الاستنثار مثل ما ذكر الأخ هو الاستنشاق، إذ لا يتصور استنثار دون استنشاق، وهذا هو الذي حمل بعض أهل العلم على أن يقول الاستنثار هو الاستنشاق مطلقاً، لكن عرفنا أنه إذا جمع بينهما حُمِل الاستنشاق على إدخال الماء إلى الأنف بالنفس، والاستنثار يحمل على إخراج الماء بالنفس.

((فليستنثر ثلاثاً)) اللام لام الأمر، والأصل في الأمر الوجوب، وهكذا جاء الحديث مطلقاً لمن أراد أن يتوضأ، أو لم يرد الوضوء هنا، والعلة تقتضي التعميم، تعميم الحالات، لكن جاء التقييد بالوضوء، ومن أهل العلم من يرى أن كل من استيقظ يلزمه أن يستنثر ثلاثاً؛ لأن العلة معقولة وليست مقرونة بوضوء، وليست مقرونة بوضوء ((فإن الشيطان يبيت على خيشومه)) افترضنا أن شخص استيقظ من نومه، وخرج إلى الدوام، العلة أن الشيطان يبيت على خيشومه، هل نقول: إذا كنت لا تريد الوضوء، ولا تريد الصلاة لا مانع من أن يستمر الشيطان في خيشومك؟ أو لا بد من إزالته ولو لم يرد الوضوء والصلاة؟ نعم، هذه حجة من يقول: إنه لا بد من الاستنثار ولو لم يرد الصلاة ولو لم يتوضأ؛ لأن هذا أمر مستقل، وما ورد فيه القيد بالوضوء ما ورد فيه القيد بالوضوء تخصيص، تخصيص لبعض الأفراد بحكم موافق وحينئذٍ لا يقتضي التخصيص، نعم التنصيص على الاستنثار والاستنشاق مع الوضوء يدل على شدة الاهتمام به والعناية، وأنه من أجزاء الوضوء، منهم من يقول:. . . . . . . . . الاستنشاق كالمضمضة، إذا أراد أن يتوضأ يفعل ذلك، أما إذا لم يرد أن يتوضأ ولا يريد الصلاة فإنه مخير إن شاء استنثر وإن شاء خرج كما أنه إذا قام من النوم هل يلزمه أن يغسل وجهه؟ نعم، لا يلزمه، لكن جرت العادة بذلك، وأنه أنشط وأنظف.

فإذا لم يرد الصلاة ولا يريد الوضوء، فحينئذٍ لا يلزمه أن يستنثر على هذا القول، لكن عموم الحديث يدل على أن الاستنثار لازم ولو لم يرد الصلاة، ولو لم يرد الوضوء، لقوله: ((إذا استيقظ أحدكم من منامه فليستنثر ثلاثاً، فإن الشيطان يبيت على خيشومه)) الشيطان يبيت على خيشومه هل هذا حقيقة؟ أو كناية عن تراكم هذه الأوساخ التي في الخيشوم وهي مما يلاءم الشيطان؟ قيل بهذا وهذا، ولا مانع يمنع من حمل اللفظ على حقيقته، وحينئذٍ يكون الشيطان حقيقة يبيت على خيشومه؛ لأن الخيشوم مجرى من مجاري الجسد، والشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم، فلا مانع يمنع من حمله على حقيقته، وهذا الأمر في الحديث يدل على الوجوب؛ لأنه الأصل، والجمهور الذين لا يقولون بوجوب المضمضة والاستنشاق يقولون: إنه للاستحباب، بدليل أنه لم يذكر في آية الوضوء، وقد جاء في الحديث: ((توضأ كما أمرك الله)) والذين يوجبون المضمضة والاستنشاق يقولون: ما أمر الله به مجمل بينه النبي -عليه الصلاة والسلام- بفعله، وبيان الواجب واجب، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . نعم؟ كيف؟ طالب:. . . . . . . . . الخلاصة أنه يتأكد بالنسبة لمن لا يريد الوضوء ولا الصلاة أن يحرص على طرد الشيطان من أجزاء بدنه، بالأذكار وبالاستنثار وبغيرها مما جاء من العلاجات الشرعية بالنسبة للشيطان، لكن إذا أراد الوضوء فإنه يجب عليه أن يستنثر. طالب:. . . . . . . . . معروضة، معروضة في وقته.

"وعنه" أي عن أبي هريرة صحابي الحديث السابق: ((إذا استيقظ أحدكم من نومه فلا يغمس يده في الإناء حتى يغسلها ثلاثاً)) فلا يغمس يده في الإناء حتى يغسلها ثلاثاً، والعلة: ((فإنه لا يدري أين باتت يده؟ )) العلة: " ((فإنه لا يدري أين باتت يده؟ )) متفق عليه" هذا الأمر للوجوب، والنهي عن غمس اليد في الإناء قبل غسلها ثلاثاً مقتضاه التحريم، وأنه لا يجوز بل يحرم أن يغمس المستيقظ من النوم يده في الإناء قبل أن يغسلها ثلاثاً، وعرفنا أن النوم يشمل ((إذا استيقظ أحدكم من نومه)) يشمل نوم الليل والنهار إلا أن قوله: ((فإنه لا يدري أين باتت يده؟ )) يدل على أن البيتوتة إنما تكون بالليل، وبهذا استدل الإمام أحمد على التفريق بين نوم الليل ونوم النهار ((فلا يغمس يده في الإناء)) افترضنا أن شخص غمس يده في الإناء، والعلة في ذلك: ((فإنه لا يدري أين باتت يده؟ )) هل يتأثر الماء لغمس اليد قبل غسلها من المستيقظ من النوم؟ عند الحنابلة نعم يتأثر، إذا كان قليلاً يتأثر، وعند غيرهم سواءً من يقول الأمر للاستحباب، ومن يقول: إن الأمر للوجوب، الذي يقول: الأمر للاستحباب ما عنده مشكلة، فالماء لا يتأثر بل يستحب للمستيقظ من النوم أن يغسل يده ثلاثاً، والذي يقول: إن الأمر للوجوب يقول: تعبد،، ولا أثر لغمس اليد في الإناء قبل غسلها ثلاثاً، لماذا؟ لأن العلة مشكوك فيها، لا يدري أين باتت يده؟ هل واقعت ولامست نجاسة أو لا؟ وما دامت العلة مشكوكة والأصل الطهارة، طهارة اليد، والشك لا يرفع اليقين، إذاً اليد باقية على طهارتها، وحينئذٍ يكون الأمر بالغسل من باب الاحتياط، ويعللون ويقولون: إن البلاد بلاد الحجاز كانت حارة، وعندهم ضيق في مسألة اللباس، وقد يتخففون منها وقت النوم في الحر، ولو كانت موجودة واليد تطيش على أجزاء البدن وقت النوم فقد تواقع أو تخالط أو تلامس نجاسة وهو لا يشعر، فأمر بذلك من باب الاحتياط، والحامل على هذا القول أن العلة مشكوك فيها ((فإنه لا يدري أين باتت يده؟ )) والمشكوك أو الشك لا يقاوم اليقين؛ لأن يده متيقنة الطهارة، ولذا لو أدخلها في كيس، أو ربطها بحيث يجزم أنها لم تلامس شيئاً من المستقذرات فإنه لا يلزمه شيء عندهم،

لكن على المسلم ألا ينظر إلى هذه التعليلات، فقد جاء الأمر الصحيح الصريح، بل جاء النهي الواضح البين عن إدخال اليد في الإناء، ولا نعارض مثل هذا الحديث الصحيح الصريح بقواعد عامة، نعم القواعد العامة لها ما يدل عليها، والشك لا يرفع اليقين، ولا ينصرف حتى يجد ريحاً أو يسمع صوتاً؛ لأنه شك، هل خرج منه شيء أم لا؟ فلا ينصرف لأن الأصل الطهارة، لكن هنا نقول: لا، الأصل الطهارة فلا يلزمنا غسل؟ والعلة المنصوصة مشكوك فيها؟ نقول: سمعنا وأطعنا ((إذا استيقظ أحدكم من نومه فلا يغمس يده في الإناء)) والشك هنا مقروناً بهذا النهي الصحيح الصريح ينبغي أن ينزل منزلة اليقين، لصراحة النهي عن غمس اليد في الإناء، فنقول حينئذٍ: سمعنا وأطعنا، ولا نعارض مثل هذا النص الصحيح الصريح بقواعد عامة، وإن كانت هذه القواعد مستنبطة من أدلة شرعية، فلتكن هذه المسألة مما يخرج عن تلك القاعدة، وكل قاعة لا سيما إذا كانت من القواعد الأغلبية، لها ما يخرج عنها من المسائل، وكتب القواعد تشهد بذلك، وإذا قلنا: إن الأمر بالغسل تعبد لصحة الخبر وصراحته، فإنه يشمل ما إذا جزم لأن يده لم تخالط شيئاً من النجاسات بحيث لو ربطها أو أدخلها في كيس، على أنه من شؤم مخالفة السنة وجد بعض العقوبات العاجلة، وجد بعض العقوبات العاجلة، فشخص يقول: أنا أدري أين تبيت يدي؟ الرسول يقول: ((فإنه لا يدري أين باتت يده؟ )) فقال: أنا أدري أين باتت يدي؟ فربطها فاستيقظ من نومه وهي في دبره، وآخر استاك من جهة الدبر، وهذه القصة ذكرها الحافظ ابن كثير وغيره ابن العماد وجمع من أهل العلم، استعمل السواك في دبره فوجد ألماً في بطنه وبعد مدة عدة أشهر أحس بأن في بطنه شيء يشبه الجنين، وبعد وقت وضع شيئاً ليس بإنسان ولا حيوان، ما يدرى ما هو؟ المقصود له صياح وصراخ، وهو يشبه قطعة اللحم أفزعت الرجل وأهله، فقامت بنت من بناته فرضختها بحصاة حتى سكتت، المقصود أن شؤم مخالفة السنة ومعاندة النصوص الشرعية العقوبات في الأخرى معروفة، لكن قد تعجل العقوبة لمثل هؤلاء.

وشخص يضع المسامير في نعليه، ويأتي إلى حلق الذكر ليطأ أجنحة الملائكة، فخسف به، نسأل الله السلامة والعافية، فعلى المسلم أن يهتم بهذه الأمور، وأن يقدر النصوص قدرها، وأن يكون إذا سمع النص قال: سمعنا وأطعنا، سمعنا وأطعنا، عقلنا الحكمة أو لم نعقل، فمثل هذه النصوص لا تعارض بمثل التعليلات التي يذكرها كثير من الشراح، نعم. "وعن لقيط بن صبرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أسبغ الوضوء, وخلل بين الأصابع, وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائماً)) أخرجه الأربعة, وصححه ابن خزيمة، ولأبي داود في رواية: ((إذا توضأت فمضمض)) ". نعم "عن لقيط بن صبرة" لقيط بن عامر بن صبرة أبو رزين صحابي معروف، يقول: "قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أسبغ الوضوء, وخلل بين الأصابع, وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائماً)). ((أسبغ الوضوء)) الإسباغ هو الإتمام يعني أتمم الوضوء، واستوفي الأعضاء بالغسل، واستكمل هذه الأعضاء المطلوب غسلها بالغسل، وما يطلب مسحه عمه بالمسح، فلا تترك شيئاً ولو كان يسيراً مما يجب غسله أو مسحه، هذا المراد بالإسباغ الإتمام واستكمال الأعضاء بالغسل. ((وخلل بين الأصابع)) والحديث صحيح مخرج في السنن الأربعة، وهو أيضاً عند ابن خزيمة مصححاً له، مخرجاً له في صحيحه ((أسبغ الوضوء وخلل بين الأصابع)) والأصل في الأمر الوجوب، الأصل في الأمر الوجوب، فلا يجوز أن يترك شيء مما يجب غسله أو مسحه ولو كان يسيراً، للأمر بالإسباغ.

((وخلل بين الأصابع)) أصابع اليدين والرجلين؛ لأن الأصابع المراد بها الجنس، والمراد بذلك أصابع اليدين وأصابع الرجلين، فمثل هذه الأجزاء التي يمكن أن ينبو عنها الماء لا سيما بالنسبة لبعض الناس، من أصابع رجليه ملتصق بعضها ببعض، لا أقول: خلقة؛ أنه لا يمكن تمييز بعضها من بعض وهي ملصقة هذه الملصقة ما فيها إشكال، لكن إذا كانت ملصقة ويصعب تمييز بعضها عن بعض؛ لأن بعض الأصابع متراصة في الرجلين، الإنسان كلما يتقدم به السن نعم تصلب أطرافه، حينئذ يصعب عليه أن يميز بين أصابع رجليه، فالماء بطبعه لا ينساب ويدخل بين هذه الأصابع، فعلى هذا الحديث يجب تخليل ما بين الأصابع، والخطاب للجميع، لكن بالنسبة لصغار السن أمرهم سهل، لكن الكبار؟! تجد بعض الناس أصابعه مثل الحديد، نعم مع تقدمه تيبس نعم، هذا يرجع إلى الضعف، هو من ضعف، ثم قوة، ثم ضعف، يرجع إلى هذا. المقصود أن تخليل الأصابع مأمور به في هذا الحديث، والأمر الأصل فيه الوجوب، فإذا كان الماء يصل من غير تخليل فمع ذلكم يتأكد التخليل لعموم الأمر به، وإن كان لا يصل إلا بصعوبة فحينئذ يجب عليه أن يخلل بين الأصابع؛ لأن المقصود إيصال الماء إلى ما يجب غسله.

((وبالغ في الاستنشاق)) وهذا من أدلة وجوب الاستنشاق ((إلا أن تكون صائماً)) ((إلا أن تكون صائماً)) لأن الأنف منفذ إلى الجوف، فإذا بالغ الصائم في الاستنشاق لا يأمن أن يصل إلى جوفه شيء من الماء، والذين يقولون بعدم وجوب الاستنشاق يقولون: لو كان واجباً ما استثني الصائم، ما يترك شيء واجب وهو الاستنشاق لاحتمال أن يصل إلى جوفه شيء؟ لكن المقصود المبالغة لا أصل الاستنشاق، أصل الاستنشاق لا إشكال في وجوبه، المبالغة أيضاً مطلوبة من غير الصائم، أما الاستنشاق فهو مطلوب واجب على الصائم وغيره، والمبالغة فيه والقدر الزائد على ما يحصل به الواجب مطلوب من غير الصائم ودون الصائم "ولأبي داود في رواية: ((إذا توضأت فمضمض)) " وهذا أيضاً من أدلة من يقول بوجوب المضمضة، والأدلة على وجوب المضمضة والاستنشاق كثيرة، وإن كان في بعضها مقال إلا أنها بمجموعها تدل على وجوب المضمضة والاستنشاق، وعرفنا أدلة من يقول بالعدم، وكيف نجيب عنها فيما مضى؟ نعم. "وعن عثمان -رضي الله تعالى عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يخلل لحيته في الوضوء. أخرجه الترمذي, وصححه ابن خزيمة". نعم. "عن عثمان -رضي الله عنه" وهو يصف وضوء النبي -عليه الصلاة والسلام- بقوله أحياناً، وبفعله أحياناً، يذكر أن النبي -عليه الصلاة والسلام- "كان يخلل لحيته في الوضوء" والحديث سنده لا بأس به عند الترمذي وابن خزيمة، وله طرق، له طرق تدل على أن له أصلاً، والنبي -عليه الصلاة والسلام- كان كث اللحية، فمن كان في صفته -عليه الصلاة والسلام- يخلل اللحية، ومن كانت لحيته ليست بكثة، بمعنى أنها خفيفة، يكفي تخليلها أو لا بد من إيصال الماء إلى البشرة؟ طالب:. . . . . . . . . نعم؛ لأن ما ظهر مما يجب غسله فرضه الغسل، فرضه الغسل، أما من كانت لحيته كثيفة فيكتفي بالتخليل، وعثمان -رضي الله تعالى عنه- أمير المؤمنين وثالث الخلفاء الراشدين أحد العشرة المبشرين بالجنة، مناقبه وفضائله أكثر وأشهر من أن تذكر.

والحديث عموماً دال على أن اللحية الكثيفة تخلل، وأما بالنسبة للحية الخفيفة التي لا تغطي البشرة فإنه يجب غسل البشرة، يجب غسل البشرة؛ لأن ما ظهر مما يجب غسله فرضه الغسل، نعم. "وعن عبد الله بن زيد قال: "إن النبي -صلى الله عليه وسلم- أتى بثلثي مد, فجعل يدلك ذراعيه" أخرجه أحمد, وصححه ابن خزيمة".

نعم "عن عبد الله بن زيد" بن عاصم الذي سبق في صفة وضوء النبي -عليه الصلاة والسلام- -رضي الله عنه- "إن النبي -عليه الصلاة والسلام- أتى بثلثي مد" والمد ملء كفي الإنسان المعتدل، ربع الصاع، ويزيد على نصف الكيلو بخمسين جرام تقريباً، مع أنه يختلف الوزن باختلاف المكيل، يختلف الوزن باختلاف المكيل، المقصود أن النبي -عليه الصلاة والسلام- أتي بثلثي مد، كانت عادته المطردة أن يغتسل بالصاع ويتوضأ بالمد، وهنا أتي بثلثي مد "فجعل يدلك ذراعيه" يدلك ذراعيه، وهذا من حجج المالكية الذين يقولون بوجوب الدلك، دلك الأعضاء، الغسل واجب، لكن هل من مسمى الغسل الدلك أو أن الغسل يتم بمجرد إيصال الماء مع تردده على العضو يسمى غسل؟ الجمهور يقولون: ليس من مسمى الغسل الدلك، ولذا يقولون: غسله المطر، ولا دلك معه، قد يقولون: غسله العرق، إذا كثر العرق كثرة تجعله يتردد على العضو، وحينئذٍ لا يكون الدلك من مسماه، والمالكية يقولون: لا يمكن أن يحصل الغسل إلا بالدلك، فيوجبون الدلك، وهذا من حججهم لكنه مجرد فعل، لا ينهض على الوجوب، نعم هو المستحب، يستحب أن يدلك الإنسان هذا العضو، أو هذه الأعضاء المأمور بغسلها، إذا كان النبي -عليه الصلاة والسلام- يتوضأ بالمد، ويغتسل بالصاع هذا يدل على الاقتصاد في الماء؛ لأن الماء مال، وقد نهينا عن إضاعة المال، فالاقتصاد بالماء أمر مطلوب، والإسراف فيه كالإسراف في غيره، وإن كان مبذولاً متيسراً أمره في هذه العصور المتأخرة، لكن كان الناس يعانون أشد المعاناة من جلب الماء، ومازالوا يعانون في بعض الأقطار، بعض المناطق يعانون من شح في المياه، والبلد كما يقول الخبراء مهدد بنقص المياه الجوفية، فعلى هذا ينبغي أن نمتثل مثل هذه النصوص الشرعية بالاقتصاد في كل شيء، وعلى وجه الخصوص الماء الذي يهدر منه الشيء الكثير من أجل أدنى سبب، تجد الإنسان يشغل الدينمو من أجل إيش؟ يغسل سيارته، نعم، الدينمو لا يكفي أن يأخذ سطل ماء ويمسح السيارة، كل هذا لأن الماء متيسر بالنسبة له، ولا يكلفه شيء، وسعره زهيد، ولا يدري أن هذا محرم في أصل الشرع، والإسراف وإضاعة الماء، المال عموماً والماء من أهم الأموال، بل من أشد الأمور

ضرورة بالنسبة للإنسان، قد يعيش الإنسان بدون أكل أحياناً إلى وقت .. ، قد يتحمل أطول وقت، لكن بالنسبة للماء الموت .... وعطش كثير. المقصود أن مثل هذه النصوص مما يجب امتثاله بالاقتصاد، وجاء النهي عن الإسراف {وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ} [(31) سورة الأعراف] ولا تسرفوا، ولا تبذر، ويدخل في هذا الماء، يعني من أولى ما يدخل؛ لأنه بصدد أن يتساهل الناس فيه، وهو بطبعه سريع التلف عند من لا يحافظ عليه، فمن لا يحافظ عليه يتركه يتسرب ويضيع، وهذا لا شك أنه من إضاعة المال، وفيه مخالفة النصوص المذكورة، والله المستعان، نعم. "وعنه: "أنه رأى النبي -صلى الله عليه وسلم- يأخذ لأذنيه ماء غير الماء الذي أخذ لرأسه" أخرجه البيهقي، وهو عند مسلم من هذا الوجه بلفظ: "ومسح برأسه بماء غير فضل يديه" وهو المحفوظ. " "وعنه" أي عن عبد الله بن زيد راوي الحديث السابق "أنه رأى النبي -عليه الصلاة والسلام- يأخذ لأذنيه ماء غير الماء الذي أخذ لرأسه" غير الماء الذي أخذه لرأسه، معناه أنه يمسح أذنيه بماء غير فضل رأسه، "أخرجه البيهقي" وقال: إسناده صحيح، لكنه وإن صح إسناده إلا أنه غير محفوظ، وإذا كان الحديث غير محفوظ يكون إيش؟ شاذ؛ لأن الذي يقابل المحفوظ الشاذ، والذي يقابل المعروف المنكر. ولذا قال المؤلف -رحمه الله تعالى-: "وهو عند مسلم من هذا الوجه بلفظ: "ومسح برأسه بماء غير فضل يديه" هذا "هو المحفوظ" مخرج في صحيح مسلم. لماذا لا نقول: إنه مرة يمسح أذنيه بماء جديد، ومرة يمسح بماء هو ما فضل على مسح رأسه؛ لأن الإسناد الأول صحيح والثاني صحيح، هل في تعارض بينهما؟ ألا يحمل على التعدد أنه مرة يفعل هذا ومرة يفعل هذا؟ لماذا؟ طالب:. . . . . . . . . هو عبادة واحدة مرة اليد تغسل مرة، ومرة تغسل مرتين، ومرة تغسل ثلاث، لماذا لا نقول: إن اللفظ الأول الذي رواه البيهقي يدل على أن الأذنين تمسحان بماء جديد في بعض الحالات؟ ورواية مسلم تدل على أنها تمسح بفضل مسح الرأس في حالات أخرى؟ طالب:. . . . . . . . .

نعم هذا الكلام، ولذا قال: "وهو عند مسلم من هذا الوجه" وهو عند مسلم من هذا الوجه، فلا يحمل على التعدد، ولا يجوز حمله حينئذ على التعدد، لا بد من الترجيح، وما في مسلم هو الراجح، ولذا قال الحافظ: "وهو المحفوظ" وإذا كان أحد الوجهين محفوظاً فالوجه الثاني يكون حينئذٍ شاذ، والشاذ: هو ما يرويه الثقة، ولذا قال البيهقي هنا قال: إسناده صحيح، ما يرويه الثقة مع مخالفة من هو أوثق منه، الذي في صحيح مسلم أوثق منه، فعلى هذا يكون ما في سنن البيهقي شاذ، وما في صحيح مسلم هو المحفوظ، ولذا يقول الحافظ العراقي: وذو الشذوذ ما يخالف الثقة ... فيه الملأ فالشافعي حققه وعلى هذا تمسح الأذنان بما يبقى بالأصابع من بلل بعد مسح الرأس، "وهو المحفوظ"، "ومسح برأسه بماء غير فضل يديه" نعم؟ طالب:. . . . . . . . . لا، بالنسبة للأذنين؟ لا،. . . . . . . . . يأخذ للأذنين ماء غير الذي أخذه لرأسه هذا شاذ، هذا شاذ، المحفوظ: "مسح رأسه بماء غير فضل يديه" هذا محفوظ، من هذا الوجه نفسه، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . يعني جديد، بعد أن مسح رأسه .. ، والأصل المحفوظ أنه غسل يديه للمرفقين ثلاثاً، يبقى باليدين بعد غسلهما ماء، هل يمسح به رأسه أو يأخذ ماء جديد لمسح الرأس؟ هاه؟ يأخذ ماء جديد، هذا ماء غير فضل يديه، غير باقي الماء الذي غسل به يديه، لكن إذا مسح أخذ ماء جديد لمسح الرأس، هل يأخذ ماء جديد لمسح الأذنين؟ لا ما يحتاج؛ لأن الأذنين من الرأس، الأذنين من الرأس. الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. يقول: ما الفرق بين قولكم يتأكد وقولكم يجب؟ يتأكد هي في الغالب إنما تقال في المستحب والسنة، والسنة المؤكدة، فتحرزاً من القول بتأثيم التارك يقال: يتأكد في هذا الأمر أن يُفعل، وأما القول بالوجوب فهو يتضمن تأثيم التارك. ما ضابط اللحية الكثة؟ ضابطها ألا ترى البشرة دونها. في بعض النسخ في الحديث رقم اثنين وأربعين: "يأخذ لأذنيه خلاف الماء الذي يأخذ لرأسه"؟ المعنى واحد، المعنى واحد لا يختلف. صفة تخليل اللحية؟ أن يدخل أصابعه فيها، يدخل أصابعه فيها، وفيها الماء.

هل يجوز مسح الرأس مرتين من الأمام؟ يعني ليأتي بجميع الصور التي وردت، والاحتمالات التي ذكرت، مقصود السائل أن يأتي بمسح الرأس بجميع الصور التي وردت، مرة يبدأ من الأمام إلى الخلف ثم يعود، ومرة يبدأ من الخلف إلى الأمام ثم يعود، ومرة يبدأ من الناصية ثم يأتي إلى الأمام ثم يمسح مسحاً واحداً، الصور المذكورة، وإن بدأ بمقدم رأسه وذهب بهما إلى قفاه ثم ردهما هذا هو أوضح ما ورد في الباب. يقول: هل مسح الأذنين واجب أم سنة كمثل مسح الرأس؟ لا شك أن مسح الرأس من فرائض الوضوء على الخلاف بين أهل العلم بالقدر الممسوح، وعرفنا أنه لا بد من استيعاب جميع الرأس، والأذنان من الرأس، لكن لو تركهما، لو ترك مسحهما، كما لو ترك شيئاً من رأسه، وكل على مذهبه، الذي يقول: يجزئ مسح بعض الرأس، الربع، الثلث، شعرات، لا يوجب مسح الأذنين، والذي يوجب استيعاب مسح الرأس والأذنين من الرأس يوجب مسحهما، وعلى كل حال الأمر فيهما أخف. ما معنى المحفوظ؟ عرفنا أن المحفوظ هو الذي يقابل الشاذ، فإذا روي حديث من ثقة، فكان الراوي ثقة وخالف من هو أوثق منه فالحديث شاذ، وكذا لو تفرد من لا يحتمل تفرده حكم على مرويه بالشذوذ والنكارة عند أهل العلم، فيقابل الشاذ المحفوظ، يعني إذا روى الثقة مخالفاً من هو أقل منه في التوثيق والضبط والإتقان فإن حديث الأوثق يكون هو المحفوظ. ما أقل السترة؟ أقل السترة مثل مؤخرة الرحل، مثل مؤخرة الرحل ثلثي ذراع. يقول: هل المنهي عنه يقتضي التحريم فعله؟ الأصل في النهي التحريم، الأصل في النهي أنه للتحريم، كما أن الأصل في الأمر أنه للوجوب، لكن إذا وجد الصارف يصرف النهي من التحريم إلى الكراهة أو الأمر من الوجوب إلى الاستحباب فالعبرة بالصارف. مسح ظاهر الأذن هل يكون قبل ... ؟ بعد مسح الرأس، مسح الأذنين ظاهرهما وباطنهما بعد الرأس. يقول: هل تتنجس اليد إذا لمست نجاسة مباشرة وإن كان من رواء حجاب؟ لا، من وراء حجاب لا ....

كتاب الطهارة (6)

بلوغ المرام - كتاب الطهارة (6) تتمة شرح: باب الوضوء ... الشيخ/ عبد الكريم بن عبد الله الخضير يقول: هل تتنجس اليد إذا لمست نجاسة مباشرة وإن كان من رواء حجاب؟ لا، من وراء حجاب لا يضر، من وراء حجاب لا يضر، لكن مس النجاسة باليد إذا كانت هذه النجاسة رطبة تنتقل إلى العضو الذي مسها فإنها تنجسه، أما إذا كانت يابسة فاليابس لا ينجس اليابس. يقول: عندي وسوسة في الصلاة شديدة فلا أستطيع مقاومة الشيطان، وكم حاولت وأنا أقاومه ولم أستطع، حتى أنني بعض الأحيان أؤخر الصلاة عن وقتها، فأرجو أن تنصحوني ماذا أفعل؟ عليك أن تصلي مع المسلمين، الصلاة في وقتها، وأن تفعل ما أمرت به من تمام الطهارة ولا تلتفت بعد ذلك، أكثر ما يشكل عند الناس النية، هل نوى أو ما نوى؟ نقول: نويت، ما الذي جاء بك لتغسل أعضاء الوضوء؟ ما الذي جاء بك؟ هو النية والقصد، ثم بعد ذلك إذا تمت الطهارة فلا تلتفت إلى شيء غسلت، ما غسلت، كررت، نقصت لا تلتفت؛ لأنك. . . . . . . . . العبادة عموماً بعد تمامها لا تنقض بمثل هذه الشكوك، فلا يلتفت إليها، والصلاة كذلك، أقبل على صلاتك والذي نهزك وبعثك من بيتك إلى المسجد هو الصلاة، وهذه هي النية، فلا تحتاج في النية أكثر من ذلك.

بعد ذلك إذا دخلت في صلاتك أحرص على أن تحضر قلبك إلى هذه الصلاة، فإذا انتهت الصلاة وسلمت منها فلا تلتفت إلى شيء، خلاص انتهت الصلاة على أي وضع كان، لا تلتفت إلى شيء؛ لأنك بهذه الالتفات يستغلك الشيطان ويزيدك، فيمكن تعيدها مرة في أول مرة، ثم مرتين ثم ثلاث إلى أن يصل بك الأمر إلى ما هو أعظم من ذلك، يعني شخص يعيد الصلاة مائة مرة، يعيد الوضوء كذلك، هذا قريب من الجنون، يعني شخص يطرق الباب بعد طلوع الشمس في أيام الشتاء يقول: إلى الآن وأنا أحاول أن أصلي العشاء فما استطعت، يقول: لا أستطيع أن أصلي مع الجماعة، وإذا صليت منفرداً ما استطعت، فيطلب مني أن أصلي به، يصلي مأموم، قلت: لا بأس، كبرتُ، كبر ثم جلس، لماذا؟ في المسجد العُشْر الأخير قدامنا من القرآن مكتوب عليه العشر الأخير، قال: أنا ناوي الصبح وهذا مكتوب فيه الأخير، إيش معنى الأخير؟ يعني العشاء الأخير، انصرفت نيتي، قلت: لا تلتفت إلى شيء. قال: طيب الطهارة؟ أنا خمس ساعات ست ساعات أتطهر، قلت: صلِ بلا طهارة، قال: ويش لون أنا أستطيع أستعمل الماء؟ قلت: صلِ بلا طهارة، ولو زاد بك الأمر لأفتيك بترك الصلاة؛ لأنك لست ببعيد من المجنون، فلا يزال الشيطان بمثل هذا أن يخرجه من الدين، يجعله في وضع بالنسبة له الصلاة محالة، أو لا تطاق، وحينئذٍ يفتى بتركها فيكون في حكم المجانين، كم من شخص ترك العمل بسبب صلاة الظهر، من يبدأ الدوام إلى أن تزول الشمس وهو يكرر الوضوء استعداداً لصلاة الظهر، ثم يصلون الناس، وينتهي الدوام ما باشر، كم من شخص بهذه الطريقة وفصل، هذا جنون بلا شك، هذا لا يرتاب أحد بأنه جنون، مرض، والجنون فنون، هذا فن من فنونه، كل هذا بسبب طاعة الشيطان، وإلا فالإنسان عليه أن يقبل على عبادته ولا يلتفت إلى الشيطان، مع أنه عليه أن يكثر من تلاوة القرآن بالتدبر، والأذكار في أوقاتها، ويكثر من اللجوء إلى الله -سبحانه وتعالى- بصدق وإخلاص، ويكثر من الاستغفار، وحينئذٍ يُشفى من هذا المرض. يقول: ما المقصود أحمد وجماعة؟

أحمد وجماعة، يعني أحمد بن حنبل وجمع من أهل العلم، وقال الجمهور: لا يجب، بل الأمر للندب، جمهور أهل العلم يعني في مقابل من ذُكر، إذا قيل: قال أحمد وقال الجمهور فهم الأئمة من عدا أحمد، وإذا قيل: قال داود أو قال ابن حزم وقال جماهير الأمة فهم من عدا ابن حزم وهكذا. ما معنى كلمة الندب؟ الندب هو المستحب، الندب والمندوب هو المستحب، الذي يؤجر فاعله ولا يعاقب تاركه. يقول: إذا أراد الرجل الوضوء بعد قيامه من النوم. . . . . . . . . وارد في الوضوء، فهل يستنثر أولاً ثم يتوضأ؟ أم يكون الاستنثار هو الاستنثار الذي في الوضوء؟ نعم إذا استنثر في الوضوء كفاه؛ لأنهما عبادتان مأمور بهما تتداخلان، فهل يكون القول بوجوب الاستنثار عند القيام؟ .. وإذا كان كذلك يعني دخول الاستنثار بعد الاستيقاظ داخل في الاستنثار في الوضوء. يقول: فهل يكون القول بوجوب الاستنثار عند القيام من النوم خاصة لا أثر له؟ له. . . . . . . . .، له أثر، أثر متصور فيمن لا يريد الوضوء، عند من يقول: إنه لا يقيد بالوضوء يستنثر ولو لم يرد الوضوء. هل عبد الله بن زيد هو صاحب حديث الأذان؟ نبهنا أن عبد الله بن زيد بن عاصم راوي حديث الوضوء غير عبد الله بن زيد بن عبد ربه راوي حديث الأذان. هذا يسأل عن الخيشوم وصفة مسح الأذنين؟ كما جاء في الحديث يدخل السباحتين في أذنيه ويحركهما ويحرك أو يمر الإبهامين على أعل الأذنين، والخيشوم هو الأنف الذي ذكرناه بالأمس. إذا ترك الصائم الاستنشاق بالماء كلية، يعني لا يدخل الماء في أنفه فهل وضوؤه غير صحيح؟ عرفنا أن المضمضة والاستنشاق مما اختلف في وجوبه أهل العلم، فالذين يقولون بعدم الوجوب لا أثر لعدم استنثاره، والذين يقولون بوجوبه .. ، لا شك أن حتى من يقول بوجوبه أنه ليس مثل الفرائض، فرائض الوضوء المذكورة في آية الوضوء، لكن يأثم تاركه والوضوء -إن شاء الله- صحيح. يقول: هل بلع الريق يبطل الصيام؟ لا، لا يبطل الصيام إلا إذا أخرجه من فمه وانفصل ثم أعاده، أهل العلم يكرهون جمع الريق ثم بلعه، لكن لا أثر له على الصيام.

يقول: ما رأيكم فيمن يقوم بعرض بعض المشاهد التلفازية في المساجد بحجة تعليم الناس، وما رأيكم بمن ينشد القصائد الدينية في المسجد على وجه يقرب من الغناء واللهو مع النصح والتوجيه؟ أما عرض الصور في المساجد فالصور كلها حرام، بما في ذلك الصور المتحركة في الفيديو وغيره، داخلة تحت النصوص التي جاءت في تحريم الصور وتمنع منها، وإذا حرم الأمر كان في موطن العبادة أشد، وإدخال هذه الآلات في المساجد لا يجوز، بحال من الأحوال، بحجة تعليم الناس، نعم أفتى بعض أهل العلم بجواز التصوير في الفيديو من أجل التعليم، وأقول هي فتوى من يعتد بقوله، وتبرأ الذمة بتقليده، لكن من يرى تحريم التصوير، وأنه شامل لهذا النوع -وهو الذي أدين الله به- يدخل فيه حتى مثل هذا، ولو كان بحجة التعليم؛ لأن العلم دين، وما عند الله لا ينال بسخطه، كيف نطلب العلم الشرعي الذي حث الله عليه بالنصوص، ومدح أهله بوسيلة حرمها الله. من ينشد القصائد الدينية عمر -رضي الله عنه- أنكر على حسان الإنشاد في المسجد، لكن حساناً رد عليه بأنه كان ينشد في المسجد، وفيه من هو خير من عمر، يعني النبي -عليه الصلاة والسلام- كنت أنشد بين يدي من هو خير منك في المسجد، وجاء النهي عن تناشد الأشعار في المسجد، ولا شك أن الشعر كلام حسنه حسن، وقبيحه قبيح، حسنه حسن وقبيحه قبيح، فحسنه لا بأس بإنشاده في المسجد، وقد أنشد حسان بين يدي النبي -عليه الصلاة والسلام-، فإذا كان الكلام مباح الكلام الذي ضمن الشعر مباح فحكمه حكم النثر لا بأس به في المسجد، وإذا كان مستحباً استحب حتى في المسجد، فنظم العلوم بالشعر وتعليم الناس هذا النظم من أفضل القربات؛ لأنه علم، والشعر حكمه حكم النثر، أما إذا كان هجو هجاء للناس، وبيان مثالب الناس، أو بعض الناس، أو إسفاف في غزل وتشبيب وما أشبه ذلك، أو فخر وما أشبه ذلك، كل هذا يمنع خارج المسجد ففي المسجد من باب أولى. يقول: وما رأيكم بمن ينشد القصائد الدينية في المسجد؟ عرفنا أن الأصل في مثل هذا أنه جائز. يقول: على وجه يقرب من الغناء واللهو؟

لا إشكال أنه إذا صحب الصوت الآلة منع، فلا يجوز حينئذٍ، المسألة مفترضة فيما إذا خلا عن الآلات، فيما إذا خلا عن الآلات، جاءت النصوص بإباحة الحداء، وشعر الحروب وما أشبهه، والشعر في الأفراح والأعياد كل هذا له أصل في الشرع، وتفنن الناس بعد ذلك بعد عصر النبوة في الغناء، ودخل الغناء من الكفار، من فارس والروم بأوزان وألحان معروفة عندهم، فما جاء من جواز سماعه فهو محمول على ما كان على طريقة العرب، وما جاء في منعه ولو كان بغير آلة؛ لأن الغناء هو الصوت، ولو لم يصحبه آلة، وجاء ذمه، فما كان على طريقة الأعاجم في لحونهم، والحافظ ابن رجب -رحمه الله تعالى- بين ذلك ووضحه في شرح البخاري، وميز ما كان منه على طريقة العرب في أدائهم، وهو الذي جاءت النصوص بجوازه وإباحته، وما كان من لحون الأعاجم ولو لم يصحبه آلات فإنه حينئذٍ يُمنع، وهو الذي جاءت النصوص بمنعه. على كل حال مثل ما تقدم الشعر كلام حسنه حسن وقبيحه قبيح، فإذا كان الكلام حسن، وأدي بصوت على طريقة العرب في أدائهم للأشعار فإنه حينئذٍ لا بأس به، وهو ما يسمى بالأناشيد، لكن بعض الناس يدخل أو يغير في صوته بحيث يجعله قريب من لحون أهل الفسق والفجور، أو من لحون الأعاجم وما أشبهها، فيمنع من هذه الحيثية، والله المستعان. هذا يقول: هل يجوز المسح على الجوارب بدلاً من غسل القدمين؟ هذا سيأتي -إن شاء الله- في الباب اللاحق -إن شاء الله تعالى-. نعم، سم. بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فقد قال المصنف -رحمه الله تعالى-: وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: "سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((إن أمتي يأتون يوم القيامة غراً محجلين من أثر الوضوء)) "فمن استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل" متفق عليه، واللفظ لمسلم".

بقي تبعاً للسؤال أو الشق الأول من السؤال السابق مشاهدة بعض الأفلام التي تعرض باسم العلم أو باسم التسلية التي ما فيها ما يمنع من أجله إلا التصوير، أقول: إذا كان .. ، بل من باب ارتكاب أخف الضريرين، إذا لم يكن وسيلة لحفظ الأطفال في البيوت، إذا لم يكن هناك وسيلة لحفظ الأولاد في البيوت، لا سيما وأن المقاهي الآن في كل حي، بثمن زهيد يشاهد ما يريد، بل قد يستدرج إلى أمور لا تحمد عقباها، وهذا حاصل في بلاد المسلمين مع الأسف الشديد. فإذا لم يكن هناك ثم وسيلة إلا مشاهدة هذه الأفلام المختلف فيها، فارتكاب أخف الضررين مقرر عند أهل العلم، تحصيلاً لأعلى المصلحتين، فإذا كان الإنسان لا يستطيع أن يحفظ أولاده، وأولاده إن ذهبوا إلى الجيران عندهم أفلام محرمة، إن ذهبوا إلى الأقارب كذلك، إن خرجوا إلى الأسواق فالمقاهي تنتظرهم، فأقول: إن اتخاذ مثل هذه الآلات بهذا الغرض تحت المراقبة الشديدة ارتكاباً لأخف الضررين، ومع ذلكم يعترف من اتخذ هذه الآلة بأنه مخالف ويستغفر الله، لكن خشية من الضرر الأشد يقتني مثل هذه الآلة لحفظ أطفاله وتسليتهم؛ لأن اليوم هناك أمور فرضت نفسها، والبيوت تعج بالمنكرات، سواءً كانت بيوت الجيران أو الأقارب، أو ما أشبه ذلك، ولا شيء يمنعهم من ذلك، لا شيء يمنعهم من ذلك، فمن باب ارتكاب أخف الضررين إذا اقتنى هذه الآلة مع علمه .. ، مع اعترافه بالمخالفة وندمه واستغفاره، ومراقبته الشديدة أرجو أن يكون معذوراً، والله المستعان. طالب:. . . . . . . . .

هذا يقول: إسلامي، ما في شيء، التصوير ما في إسلامي، أي تصوير ما في إسلامي، لكن من هذا الباب، من باب ارتكاب أخف الضررين لا بأس، إن شاء الله، نرجو أن يكون لا بأس به، وإلا ما عند الله لا ينال بسخطه، يعني إن أمكن .. ، تعرفون الناس اليوم أصيبوا بالترف والرفاهية، وأن الإنسان إذا لم يرفه أولاده، وأولاد الناس يعيشون في .. ، يسمونه بحبوحة وتلبية رغبات، وأبناء المشايخ وطلبة العلم محرومون من هذه الأمور، وهم لا يقدرون، الأطفال لا يقدرون هذه المسألة قدرها، والنساء لا تعذر أرجو أن يكون الأب معذوراً تحت الرقابة الشديدة، لئلا يؤتى بشيء لا يرتضيه، لئلا يؤتى بشيء لا يرتضيه، والله المستعان. حديث: "أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: "سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((إن أمتي يأتون يوم القيامة غراً محجلين من أثر الوضوء)) فمن استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل" نعم على الإنسان أن يحرص من تحصيل مثل هذه الأمور، وبمثل هذا فليفرح. ((إن أمتي)) وهم أمة الإجابة الذين استجابوا لدعوة النبي -عليه الصلاة والسلام- ((يأتون يوم القيامة غراً محجلين)) والغرة في الأصل هي البياض الذي يكون في ناصية الفرس، والتحجيل هو البياض أيضاً الذي يكون في يديه ورجليه، فهذه الأمة يعرفها النبي -عليه الصلاة والسلام- بهذه الغرة والتحجيل. ((إن أمتي يأتون يوم القيامة غراً محجلين من أثر الوضوء)) إما من أثر فعلهم لهذا الوضوء، أو لأثر الماء الذي استعملوه في الوضوء، واللفظ يحتملهما، وهذا لازم من هذا. ((يأتون غراً محجلين من أثر الوضوء)) فمن استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل" هذه التكملة في الصحيح، لكن أكثر أهل العلم على أنها مدرجة من قول أبي هريرة، فقد روى الحديث عن أبي هريرة عشرة من أصحابه ولم يذكروا هذه الزيادة، بل ذكرها راوي واحد في صحيح مسلم اسمه: نعيم. "فمن استطاع أن يطيل غرته فليفعل" إطالة الغرة هل يمكن إطالة الغرة بمعنى أنه يمسح الوجه ويزيد عليه من الرأس؟ ممكن؟ يقولون: الغرة لا يمكن إطالتها، التحجيل ممكن، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . ممكن، كيف يطيل الغرة؟ طالب:. . . . . . . . .

لا، لا الوجه، الغرة، الغرة، أما التحجيل معروف، الغرة التي في الوجه؟ يمسح الرأس مع الوجه؟ طالب:. . . . . . . . . الوجه بس، إذاً ما أطال غرته، اقتصر على المفروض، أما التحجيل فممكن، ونهاية اليد المنكب، ونهاية الرجل الركبة، هذا على القول بشرعية هذا العمل لو ثبت المرفوع عن أبي هريرة، أما الموقوف فهو صحيح في الصحيحين وغيرهما "فمن استطاع منكم أن يطيل غرته وتحجيله فليفعل" إدراكاً لهذه الفضيلة وهذه المزية. نعود إلى المسألة الثانية من جهة وهي أنه هل يجوز أن يزاد على ما حدده الشارع؟ عرفنا أنه في العدد لا يجوز، لا يجوز أن يغسل الأعضاء أربعة، أربع مرات أربع مرات؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- لم يزد على الثلاث، هل يمكن أن يزاد في الكيفية فيغسل اليد إلى المنكب والرجل إلى الركبة ليطيل التحجيل؟ أبو هريرة يقول: "فمن استطاع منكم أن يطيل غرته وتحجيله فليفعل"؛ لأن هذا الوصف ممدوح، سيق الحديث مساق المدح، وما مدح على لسان الشارع فالإكثار منه خير، فمن هذه الحيثية قال أبو هريرة: "فمن استطاع منكم أن يطيل غرته وتحجيله فليفعل" وفعل ذلك، كان أبو هريرة يطيل التحجيل، وعلى كل حال جمهور أهل العلم على أن هذه اللفظة مدرجة، وإذا اقتصر على القدر المحدد شرعاً ولم يزد على ذلك فقد أحسن، وجاء في الخبر: ((فمن زاد أو نقص فقد أساء وظلم)) لكن لاحتمال أن يثبت هذا الخبر، وقد روي مرفوعاً عن النبي -عليه الصلاة والسلام- لو فعله الإنسان أحياناً ما لزمه، خشية أن يثبت مثل هذا الخبر مرفوع، وأما ثبوته موقوف فلا إشكال فيه، فلو فعل أحياناً فحينئذٍ لا بأس -إن شاء الله تعالى-. ((إن أمتي يأتون يوم القيامة غراً محجلين من أثر الوضوء)) يستدل بهذا من يقول: إن الوضوء من خصائص هذه الأمة، وتقدم لنا أن الوضوء ليس من خصائص هذه الأمة، إن جريجاً توضأ كما في صحيح مسلم، سارة امرأة إبراهيم -عليه السلام- توضأت فصلت، فالوضوء ليس من خصائص هذه الأمة، وإنما الذي هو من خصائصها الغرة والتحجيل فقط، نعم. "وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يعجبه التيمن في تنعله وترجله وطهوره، وفي شأنه كله" متفق عليه".

"عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يعجبه التيمن" وكون الشيء يعجبه -عليه الصلاة والسلام- لا يدل على وجوبه ولزومه لغيره، نعم إذا كان هوى الإنسان تبعاً لما جاء به النبي -عليه الصلاة والسلام- ويحرص على الاقتداء به فيما يعجبه، ويحرص على ما كان يحبه فعلاً وتركاً، هذا ديدن الصحابة، فما يعجب النبي -عليه الصلاة والسلام- يعجبهم، وما لا يعجبه لا يعجبهم، أنس كان يتتبع الدباء من الصحفة، ويذكر أن النبي -عليه الصلاة والسلام- كان يعجبه الدباء وهو القرع، كما هو معروف، وعلى هذا لو قال إنسان: أنا لا آكل الضب؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- لا يأكله، أو لم يأكله، فهل يؤجر على هذا الترك أو لا يؤجر؟ هو مباح، وأُكل بحضرته، وأقر من أكله، لكن كون الإنسان يعاف الشيء جبلة، تعافه نفسه، مثل هذا لا يتعبد به، حتى لو أمره من تجب طاعته بأكل شيء لا يطيق أكله فإنما الطاعة بالمعروف. افترضنا شخص يحب أكل الضب ثم تركه؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- لم يأكله، نقول: النبي -عليه الصلاة والسلام- أكل على مائدته، وأقر الآكل بياناً للجواز، فأكله جائز مباح مستوي الطرفين، إذا كان الإنسان يحرص على الدباء -القرع- لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- كان يحب القرع، فعله أنس وكان يتتبع ذلك إيثاراً لما يحبه النبي -عليه الصلاة والسلام-، لكن الاقتداء والائتساء هو في العبادة دون العادة، فما كان من قبيل العادة لا اقتداء فيه ولا ائتساء، ولذا لم يوافق الصحابة قاطبة ابن عمر في حرصه على تتبع آثار النبي -عليه الصلاة والسلام-، حتى ذكر ابن عبد البر -رحمه الله- عن ابن عمر أنه كان يكفكف دابته لكي تطأ على مواطئ دابة النبي -عليه الصلاة والسلام-، كان يقصد الأماكن التي جلس فيها النبي -عليه الصلاة والسلام- أو بات فيها يتعبد في ذلك، وعامة الصحابة سواه لم يفعلوا ذلك، فدل على أن الأمور العادية التي تحصل اتفاقاً من غير قصد فإنه لا يتعبد فيها، ولا تطلب من الشخص.

"كان النبي -عليه الصلاة والسلام- يعجبه التيمن في تنعله" تقديم الرجل اليمنى في لبس النعل، وعكسه الخلع، خلع النعل يقدم اليسرى تكريماً لليمنى لئلا تبقى حافية أكثر من اليسرى، إذا لبس ثوب بدأ بالشق الأيمن، ترجل -سرح شعره- يبدأ بالشق الأيمن، حلق رأسه، حلق شعره يبدأ بالشق الأيمن وهكذا. "وطهوره" يبدأ بالشق الأيمن، فيغسل اليد اليمنى قبل اليد اليسرى، والرجل اليمنى قبل الرجل اليسرى، لكن إذا كان الشيء واحد مثل الرأس، والوجه، هل يستحب أن يبدأ بالشق الأيمن أو يمسح الرأس دفعة واحدة والوجه دفعة واحدة، يغسل وجهه دفعة واحدة، هذا الأصل أن الوجه يغسل دفعة واحدة والرأس يمسح دفعة واحدة. في حديث أم عطية في غسل ابنة النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((ابدأن بميامنها ومواضع الوضوء منها)) ((ابدأن بميامنها ومواضع الوضوء منها)) في تعارض وإلا ما في تعارض؟ هاه؟ طالب:. . . . . . . . . كيف؟ غسل، ((ابدأن بميامنها ومواضع الوضوء منها)) في تعارض وإلا ما في؟ طالب:. . . . . . . . . نعم؟ طالب:. . . . . . . . . ظاهره التعارض كيف؟ طالب:. . . . . . . . . نعم مواضع الوضوء فيها يسار، مقتضى ((ابدأن بميامنها)) أن تغسل الرجل اليمنى قبل اليد اليسرى، مقتضى قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((ابدأن بميامنها)) أن تبدأ بالشق الأيمن بما في ذلك الرجل اليمنى قبل الشق الأيسر بما في ذلك اليد اليسرى، وفي قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((ومواضع الوضوء منها)) يقتضي الابتداء بمواضع الوضوء، فتقدم اليد اليسرى على الرجل اليمنى، وإن كانت في الجهة اليمنى، فالخبر ظاهره التعارض، كيف يدفع مثل هذا التعارض؟ واضح وإلا ما هو بواضح؟ نعم، ((ابدأن بميامنها)) أن تغسل الرجل اليمنى قبل اليد اليسرى، الجملة الثانية العكس تغسل اليد اليسرى قبل الرجل اليمنى، هذا مقتضاه، هاه؟ في تعارض وإلا؟ فيه تعارض، ظاهره التعارض، كيف يدفع مثل هذا التعارض؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . يعني يخص من مجموع الميامن أعضاء الوضوء، نعم؟ طالب:. . . . . . . . .

يعني إذا وضئ الميت الغسلة التي فيها الوضوء يبدأ بمواضع الوضوء، وسائر الغسلات عدا هذه الغسلة التي فيها الوضوء يبدأ بالميامن، ولا مانع من غسل الرجل اليمنى قبل اليد اليسرى في الغسلات الباقية، ((اغسلنها ثلاثاً أو خمساً أو سبعاً أو أكثر من ذلك إن رأيتن)) يعني عند الحاجة يزاد في ذلك. "في تنعله وترجله وطهوره وفي شأنه كله" في شأنه كله التأكيد هنا يرفع احتمال غير الحقيقة، "في شأنه كله" ويرد على هذا ما جاء في النصوص متضمناً تقديم الشمال على اليمين كالاستنجاء مثلاً، أو دخول الأماكن القذرة، إذا دخلت المسجد تقدم اليمنى، وإذا خرجت تقدم اليسرى، إذا دخلت الحمام تقدم اليسرى، وإذا خرجت تقدم اليمنى، هناك أماكن ينبغي أن تلحق بالحمامات، فتقدم فيها اليسرى مثل الأماكن التي فيها المعصية، وما أكثر هذه الأماكن التي تزاول فيها المعصية، دور العلم الشرعي ينبغي أن تعامل معاملة المسجد فتقدم اليمنى وهكذا، المقبرة إيش تقدم؟ نعم؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . اليمنى نعم؛ لأن حرمة المسلم ميت كحرمته حي. "وفي شأنه كله" هذا العموم شأنه مفرد مضاف يقتضي العموم "كله" تأكيد لهذا العموم، يقتضي ألا يستثنى من ذلك شيء، يقتضي ألا يستثنى من ذلك شيء، لكن المعروف من قاعدة الشرع أن البداءة باليمين في كل ما كان من باب التكريم، كل من باب التكريم فإنه يبدأ فيه باليمين، "في شأنه كله" تبدأ باليمين، خص هذا النص بمخصصات منها ما ذكرنا، وهم يقولون: إن التأكيد اللفظي يرفع احتمال المجاز، ويبقى اللفظ على عمومه لتأكيده، هاه؟ طالب:. . . . . . . . . لكن استثني وخصص بعض الأمور من هذا الحديث لنصوص أخرى، ويرد على قولهم: {فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ} [(73) سورة ص] أكثر من تأكيد، ثم خص {إِلَّا إِبْلِيسَ} [(74) سورة ص] فقولهم ليس على إطلاقه.

"في شأنه كله" قد يقول قائل: إنه باق على عمومه، لكن المستثنى بالنصوص الأخرى ليس من ذوات الشأن، والشأن هو الذي يهتم به شرعاً، وعلى هذا يكون لا تخصيص يبقى اللفظ عاماً لم يدخله تخصيص، باقٍ على عمومه محفوظ من التخصيص؛ لأن الشأن هو ما له بال يهتم به شرعاً، وما ذكر من الأمور المخصوصة ليست بذات شأن ولا بال مهتم به شرعاً. الحديث الذي يليه نعم. "وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إذا توضأتم فابدؤوا بميامنكم)) أخرجه الأربعة، وصححه ابن خزيمة". ((إذا توضأتم فابدؤوا بميامنكم)) أخرجه الأربعة" وعرفنا الأربعة أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه، "وصححه ابن خزيمة" ذكره في صحيحه من غير تعقب له، وهذا لفظ أبي داود وابن خزيمة، أما الترمذي والنسائي فليس فيهما ذكر الوضوء، بل فيهما "كان إذا لبس قميصاً بدأ بميامنه" الذي عند أبي داود وابن خزيمة الوضوء مع اللباس، لكن عند الترمذي والنسائي اللباس فقط، وليس فيه ذكر للوضوء، فكلام الحافظ موهم، والحديث صحيح، الحديث صحيح بطرقه. ((إذا توضأتم فابدؤوا بميامنكم)) مقتضاه وجوب تقديم اليد اليمنى على اليد اليسرى، والرجل اليمنى على الرجل اليسرى؛ لأنه أمر ((فابدؤوا)) والأمر أصله للوجوب، لكن جمهور أهل العلم لم يقولوا بهذا، فتقديم اليمنى على اليسرى استحباب عند جمهور أهل العلم، وهو قول الأكثر، يعني لو توضأ وغسل يده اليسرى قبل يده اليمنى صح وضوؤه، لكن الأولى والأكمل والأفضل أن يقدم اليمنى على اليسرى، وهذا مروي عن علي وابن عباس -رضي الله عنهم-، تقديم اليسرى على اليمنى، ولولا وجود مثل هذه الروايات لقلنا: النبي -عليه الصلاة والسلام- ما حفظ عنه ولا مرة أنه توضأ فقدم اليسرى على اليمنى وفعله بيان لما أوجب الله -سبحانه وتعالى-، فالبيان واجب مثل أصله المبيَّن، إذا أضيف إلى ذلك الأمر الوارد في مثل هذا الحديث ((إذا توضأتم فابدءوا بميامنكم)) والحديث من حديث جابر على ما سيأتي ((ابدؤوا بما بدأ الله به)).

((فابدؤوا بميامنكم)) يعني وهذا يشمل جهة اليمين، سواءً كان العضو مكون من شيئين أو من شيء واحد هذا مقتضاه، وقلنا: إنه لم يقل أحد بالنسبة للمسح -الرأس- وغسل الوجه أنه يبدأ بالشق الأيمن قبل الأيسر، وإنما كأن المقصود بهذا الحديث اليد اليمنى واليسرى والرجل اليمنى والرجل اليسرى، نعم. مسألة الترتيب بين أعضاء الوضوء: عرفنا أن قول جمهور أهل العلم أنه واجب، لأمور ذكرناها قبل، جاء الوضوء مرتباً في الآية، وجاء الأمر ((ابدؤوا بما بدأ الله به)) على ما سيأتي، وتوضأ النبي -عليه الصلاة والسلام- مرتباً بياناً للواجب، والأسلوب -أسلوب سياق فروض الوضوء في الآية- يدل على ذلك؛ لأنه أدخل الممسوح بين مغسولين، والعرب لا تفعل ذلك، لا تفعل مثل هذا فتقطع النظير عن نظيره إلا لفائدة، ولا فائدة هنا إلا وجوب الترتيب. الذي يليه. "وعن المغيرة بن شعبة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- توضأ فمسح بناصيته وعلى العمامة والخفين" أخرجه مسلم". المغيرة بن شعبة صحابي معروف مشهور أسلم عام الخندق، وقدم مهاجراً إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-، شهد الحديبية وما بعدها، توفي بالكوفة سنة خمسين، وكان عاملاً لمعاوية عليها، صحابي مشهور.

"أن النبي -صلى الله عليه وسلم- توضأ فمسح بناصيته" مسح بناصيته بمقدم رأسه "وعلى العمامة والخفين" المسح على العمامة والخفين سيأتي في باب المسح -إن شاء الله تعالى-، والذي يهمنا من هذا الحديث أن النبي -عليه الصلاة والسلام- مسح الناصية أو بناصيته، وبهذا يستدل من يقول بأنه يجزئ مسح بعض الرأس، ولا يجب الاستيعاب واستكمال جميع الرأس، ومعروف أن المؤلف شافعي المذهب، ومذهب الإمام الشافعي الاكتفاء بجزء ولو يسير من الرأس، بهذا يستدل الحافظ على أن استيعاب الرأس بالمسح ليس بواجب، وأن النبي -عليه الصلاة والسلام- مسح الناصية، لكن هل يتم الاستدلال بهذا الحديث؟ يقول ابن القيم: إنه لم يثبت عن النبي -عليه الصلاة والسلام- ولا في حديث واحد أنه اقتصر على مسح بعض الرأس، فإما أن يمسح رأسه كله، أو يمسح على بعضه مع الساتر وهو العمامة، ما ثبت عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه اقتصر على مسح الناصية، لا، نعم مسح الناصية مع العمامة، وهذا الحديث مخرج في صحيح مسلم لا إشكال فيه، نعم إذا كان عليه عمامة، إذا كان عليه عمامة فمسح على العمامة والناصية لا باس، أما أن يقتصر على مسح الناصية أو بعض الرأس دون الناصية، فإنه لا يجزئ ولم يثبت عن النبي -عليه الصلاة والسلام- فعله. وأما المسح على الناصية أو على العمامة فسيأتي في الباب الذي يلي هذا -إن شاء الله تعالى-، نعم. "وعن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- في صفة حج النبي -صلى الله عليه وسلم-، قال -صلى الله عليه وسلم-: ((ابدؤوا بما بدأ الله به)) أخرجه النسائي هكذا بلفظ الأمر، وهو عند مسلم بلفظ الخبر".

نعم حديث جابر الطويل في صفة حج النبي -عليه الصلاة والسلام- فيه أن النبي -عليه الصلاة والسلام- لما رقي على الصفاء قال: ((ابدأ بما بدأ الله به)) {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ اللهِ} [(158) سورة البقرة] "أبدأ" أو ((نبدأ بما بدأ الله به)) هذا لفظ مسلم، وعند النسائي بلفظ الأمر: ((ابدؤوا بما بدأ الله به)) ((ابدؤوا بما بدأ الله به)) إنما يتم الاستدلال برواية النسائي، هي التي تقتضي الوجوب، وجوب الترتيب، فما بدأ الله به ذكراً نبدأ به فعلاً، ولا شك أن للأولية حظ في الأولوية، فبدأ الله -سبحانه وتعالى- بالصفاء قولاً، فبدأ به النبي -عليه الصلاة والسلام- فعلاً، وقال: ((أبدأ)) وفي وراية: ((نبدأ بما بدأ الله به))، في رواية النسائي: ((ابدؤوا بما بدأ الله به)) وهو عند مسلم بلفظ الخبر، رواية النسائي صحيحة أو ليست بصحيحة؟ يمكن أن تصحح أو لا يمكن؟ يمكن أن تصحح أو لا يمكن؟ بين الروايتين اختلاف وإلا ما بينهما اختلاف؟ بينهما اختلاف هذا أمر وهذا خبر، هل يمكن تصحيح الروايتين معاً أو لا بد من تصحيح إحداهما والحكم على الأخرى بالشذوذ ولو كان إسنادها صحيحاً؟ أو يمكن أن نقول: كلا الروايتين صحيحة؟ نعم، أما إذا كان جابر -رضي الله عنه- في اللفظين يحكي عملاً واحداً من النبي -عليه الصلاة والسلام- وهو ما فعله في حجة الوداع، فالنبي -عليه الصلاة والسلام- لم يقل إلا لفظاً واحداً، وحينئذٍ يكون تصحيح الأمرين خطأ لا بد من أحدهما، لكن إن كان جابر يحكي عن النبي -عليه الصلاة والسلام- في أكثر من موقف أنه مرة قال: ((ابدؤوا)) ومرة قال: ((نبدأ)) فلا بأس حينئذٍ، ويمكن تصحيح اللفظين معاً، والحديث كما هو معروف من أطول الأحاديث في الصحيح، حديث جابر -رضي الله عنه- في صفة حج النبي -عليه الصلاة والسلام-. طالب:. . . . . . . . .

نعم؟ علاقته بالطهارة عموم اللفظ: ((ابدؤوا بما بدأ الله به)) ((ابدؤوا بما بدأ الله به)) فتقول في الطهارة: نبدأ بالوجه قبل اليدين، وباليدين قبل الرأس، وبالرأس قبل الرجلين ((ابدؤوا بما بدأ الله به)) في الزكاة {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا} [(60) سورة التوبة] إلى آخره، تبدأ بما بدأ الله به بالفقراء، ثم تثني بالمساكين وهكذا. عموم اللفظ يقتضي الدخول في جميع الأبواب، في جميع أبواب الدين ((ابدؤوا بما بدأ الله به)) وهذا وجه إدخال الحديث في هذا الباب، عموم اللفظ يتناول الوضوء، يتناول الحج، يتناول الزكاة، يتناول جميع العبادات، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . كيف؟ طالب:. . . . . . . . . أنا أقول: إذا كان جابر -رضي الله عنه- يحكي فعلاً وقع مرة واحدة عن النبي -عليه الصلاة والسلام- في حجة الوداع فالنبي -عليه الصلاة والسلام- إنما قال لفظاً واحداً، وحينئذٍ تصحح رواية مسلم وترجح على رواية النسائي، ويحكم على رواية النسائي بالشذوذ، أما إذا كان جابر -رضي الله عنه- يحكي أن النبي -عليه الصلاة والسلام- في حجة الوداع قال: ((أبدأ)) وفي غيرها من أنساكه في عُمَرِه -عليه الصلاة والسلام- قال: ((ابدؤوا)) يحكي عملاً آخر فيحمل على التعدد، وحينئذٍ لا تعارض، نعم. "وعنه -رضي الله تعالى عنه- قال: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا توضأ أدار الماء على مرفقيه" أخرجه الدارقطني بإسناد ضعيف".

نعم إسناده ضعيف؛ لأن فيه القاسم بن محمد بن عقيل، وضعفه شديد، بل هو متروك عند أهل العلم، وضعفه أحمد وابن معين وغيرهما، وإن ذكره ابن حبان في الثقات، ذكره ابن حبان في الثقات، يعني مجرد ذكر، ومعروف أن من يذكره ابن حبان في الثقات على درجات، إما أن يصرح بتوثيقه، وحينئذٍ قوله قول إمام من أئمة الحديث معتبر، وإما أن يكون ذكره مجرد ذكر، فإن كان من شيوخه الذين عرفهم وخبرهم وعرف أحاديثهم فقوله وذكره معتبر، وإن كان ممن تقدم عليه، ولم يلحق به، ولم يذكر فيه لفظاً معيناً من ألفاظ التوثيق، فإنه قد يستدرك عليه في مثل هذا النوع، وقد استدرك بالفعل كثير، مجرد ذكر ابن حبان للثقات لا يعني التوثيق، لا يعني التوثيق، وقد ذكر القاسم بن محمد هنا وجماهير أهل العلم نصوا على أنه ضعيف جداً، يبقى أنه لو نص ابن حبان على توثيقه، مع أن أهل العلم قالوا بضعفه، أحمد وابن معين وغيرهما نصوا على ضعفه، نصوا على ضعفه الشديد، ولو افترضنا أن ابن حبان قال: ثقة، نص على توثيقه، ففي هذا ما يسمى بتعارض الجرح والتعديل، والمقدم عند التساوي -بلا شك- الجرح، لكن إن كثر المعدلون بالنسبة للجارحين كثرة تجعل قولهم قوياً قد يرجح قوله، يقول الحافظ العراقي -رحمه الله تعالى-: وقدموا الجرح لكن إن ظهر ... من عدل الأكثر فهو المعتبر ولو افترض أنه لم نجد في هذا الراوي إلا قول الإمام أحمد بالتوثيق وقول ابن معين بالتضعيف، هذا معدل وهذا جارح، واحد وواحد، المقدم الجرح؛ لأن مع الجارح زيادة علم خفيت على المعدل، خفيت على المعدل في كلام يطول تفصيله، لكن هذه إشارة إلى ما يهمنا من هذا الراوي. على كل حال هذا الراوي ضعيف، فرواية الدارقطني ضعيفة، والعادة أنه إذا ضعف الخبر لا يتكلف اعتباره، ولا ينبغي شرحه، ولا الاستنباط منه، لكن يغني عنه حديث أبي هريرة أنه توضأ حتى أشرع في العضد، توضأ حتى أشرع في العضد، وهذا في صحيح مسلم، وقال: "هكذا رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" إذا أشرع في العضد -زاد على القدر المذكور- فإنه لا بد أن يمر بالمرفق، لا بد أن يمر بالمرفق، فيغسل المرفق معه، وهذا يغني عنه، نعم.

"وعن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه)) أخرجه أحمد وأبو داود وابن ماجه بإسناد ضعيف، وللترمذي عن سعيد بن زيد وأبي سعيد نحوه، قال أحمد: لا يثبت فيه شيء". أحاديث التسمية على الوضوء منها حديث أبي هريرة الذي معنا "قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه)) مخرج في المسند وسنن "أبي داود وابن ماجه" لكنه عندهم بإسناد ضعيف، إسناده ضعيف عندهم. والتسمية ورد فيها مجموع أحاديث على الوضوء، وكلها ضعيفة، لكن بمجموعها قد يحكم عليها من لا يتشدد بالقبول بمجموعها، ولذا يقول ابن القيم في المنار المنيف: "أحاديث التسمية على الوضوء أحاديث حسان" "أحاديث التسمية على الوضوء أحاديث حسان"، وإن كان الإمام "أحمد -يقول-: لا يثبت في -الباب- شيء". لا يثبت في هذا الباب شيء، في باب التسمية في الوضوء. لو صح مثل هذا الخبر ما الذي يفيده مثل هذا السياق ((لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه))؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . بالاشتراط، الاشتراط، وأن من لم يذكر اسم الله على وضوئه فإن وضوءه باطل، لإخلاله بالشرط، كما أن الذبيحة ولو كانت مذكاة إذا لم يذكر اسم الله عليها {وَلاَ تَأْكُلُواْ مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ} [(121) سورة الأنعام] هذا شرط، لكن الخبر ضعيف كما سمعنا، ولا يثبت في باب التسمية شيء على ما قال الإمام أحمد -رحمه الله تعالى-. من أهل العلم من يرى أن هذه الأحاديث بمجموعها تدل على أنها لها أصل يحث على التسمية من غير اشتراط، فيستحب للمتوضئ أن يسمي في أول الوضوء، ومنهم من يفرق بين الذاكر والناسي، فيوجب التسمية على الذاكر دون الناسي، وعلى كل حال إذا اعتمدنا قول الإمام أحمد، وأنه لا يثبت في الباب شيء خف الأمر إن ذكر الإنسان وصلى وسمى خشية أن تثبت مثل هذه الأحاديث فحسن، وإن ترك فلا شأن عليه -إن شاء الله تعالى-، نعم. "وعن طلحة بن مصرف عن أبيه عن جده -رضي الله عنه- قال: "رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يفصل بين المضمضة والاستنشاق" أخرجه أبو داود بإسناد ضعيف.

"عن طلحة بن مصرف عن أبيه عن جده قال: "رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يفصل بين المضمضة والاستنشاق" يفصل بين المضمضة والاستنشاق "خرجه أبو داود بإسناد ضعيف" لأن في إسناده ليث بن أبي سليم وهو ضعيف عند جمهور أهل العلم، بل قال النووي: "اتفق العلماء على ضعفه" ليث بن أبي سليم، وذكره مسلم في مقدمة الصحيح ضمن الرواة الضعفاء الذين اجتنبهم. على كل حال الخبر ضعيف، وهو معارض بما هو أصح منه، أن النبي -عليه الصلاة والسلام- كان يتمضمض ويستنشق من كف واحدة، ولا يفصل بينهما، نعم الاحتمالات التي ذكرها الفقهاء، وأنها كلها جائزة تكون المضمضة والاستنشاق ثلاثاً ثلاثاً، كل واحد منها بكف مستقلة، يعني يتمضمض ويستنشق بستة أكف، هذه الصورة الأولى. الصورة الثانية: أن يتمضمض ويستنشق بثلاثة أكف، يتمضمض ويستنشق بكف واحدة، وهكذا الثانية والثالثة. أن يتمضمض بكف واحدة ثلاثاً، ويستنشق ثلاثاً بكف واحدة، فيكون عدد الأكف اثنين، هذه كم صورة؟ ثلاثة صور، الصورة الرابعة: وهي إيش؟ إيش باقي من الصور المحتملة؟ طالب:. . . . . . . . . يتمضمض ويستنشق الست كلها بكف واحدة، لكن ويش كبر هذه الكف ذي؟ الصورة متصورة يعني، يعني تتميم القسمة عندهم متصور، لكن أين الكف التي بتستوعب مضمضة واستنشاق ثلاثاً ثلاثاً بكف واحدة؟ لكن التجويز العقلي يصور مثل هذا، وقد يوجد بعض الناس عنده كف كالإناء، يعني يحتمل ذلك ويستوعبه.

على كل حال أصح الصور ما جاء في الصحيح أن النبي -عليه الصلاة والسلام- كان .. ، وهو الحديث الذي .. ، حديث عبد الله بن زيد أيضاً في الصحيح: "مضمض واستنشق من كف واحدة يفعل ذلك ثلاثاً" متفق عليه، هذا حديث عبد الله بن زيد، وهو قطعة من حديثه الطويل في الوضوء، هذه أصح الصور، يأخذ الماء بكفه فيجعل جزءاً منه في فيه، والباقي في أنفه، يتمضمض بشيء منه ويستنشق الباقي ثلاث مرات، هكذا كما في حديث عبد الله بن زيد في صفة الوضوء: "ثم أدخل -صلى الله عليه وسلم- يده فمضمض واستنشق من كف واحدة يفعل ذلك ثلاثاً" وهو جزء من الحديث الماضي الرابع الذي تقدم، وقبله حديث علي -رضي الله عنه- في صفة الوضوء: "ثم تمضمض -صلى الله عليه وسلم- واستنثر ثلاثاً، يمضمض وينثر من الكف الذي يأخذ منه الماء" مخرج في أبي داود والنسائي وأحمد وابن ماجه وغيره وهو صحيح؛ لأنه جزء من الحديث السابق. اقرأ الحديثين. "وعن علي -رضي الله تعالى عنه- في صفة الوضوء: "ثم تمضمض -صلى الله عليه وسلم- واستنثر ثلاثاً, يمضمض ويستنثر من الكف الذي يأخذ منه الماء" أخرجه أبو داود والنسائي. وعن عبد الله بن زيد في صفة الوضوء: "ثم أدخل -صلى الله عليه وسلم- يده, فمضمض واستنشق من كف واحدة, يفعل ذلك ثلاثاً" متفق عليه". نعم هذه أقوى الصور، فإذا توضأ مرة مرة، أخذ كفاً واحدة أدخل شيئاً من مائها في فمه وحركه ثم مجه، وجذب الباقي بنفسه إلى داخل أنفه، ثم أخرجه بالنفس، والأول يسمى الاستنشاق، والثاني يسمى الاستنثار من كف واحدة إن كان وضوؤه مرة مرة يكفيه مرة، وإن كان وضوؤه مرتين مرتين يكفيه مرتين، إن كان ثلاثاً ثلاثاً يفعل ذلك ثلاثاً كما فعل النبي -عليه الصلاة والسلام-، وهذا الحديث في الصحيحين، جزء من حديث عبد الله بن زيد الذي تقدم، وحديث علي أيضاً جزء من الحديث السابق، الحديث الثالث من أحاديث الباب، وهو صحيح أيضاً، تمضمض واستنثر ثلاثاً -عليه الصلاة والسلام-، يمضمض وينثر من الكف الذي .. ، هو بمعنى حديث عبد الله بن زيد، وهو بمعنى حديث عبد الله بن زيد، وهذه أقوى الصور المجوزة في كيفية المضمضة والاستنشاق. الحديث الذي يليه.

"وعن أنس -رضي الله تعالى عنه- قال: رأى النبي -صلى الله عليه وسلم- رجلاً وفي قدميه مثل الظفر لم يصبه الماء، فقال: ((ارجع وأحسن وضوءك)) أخرجه أبو داود والنسائي. نعم، حديث أنس -رضي الله عنه- "قال: رأى النبي -صلى الله عليه وسلم- رجلاً وفي قدميه مثل الظفر" لمعة قدر يسير "لم يصبه الماء، فقال: ((ارجع فأحسن وضوءك)) " فأحسن وضوءك "أخرجه أبو داود والنسائي" الحديث لم يخرجه النسائي وإنما أخرجه أبو داود وابن ماجه، وهو عند أحمد في المسند والبيهقي وابن خزيمة والدارقطني وغيرهم. مسلم أخرج نحوه موقوفاً على عمر -رضي الله عنه- عمر رأى رجلاً في قدمه مثل الظفر فأمره بإحسان الوضوء، وإحسان الوضوء يحتمل أمرين: الأول أن يأتي بوضوء كامل حسن، مستوعب لجميع الأعضاء المفروض غسلها، هذا احتمال. والاحتمال الثاني: أن يكمل ويغسل هذه البقعة التي لم يغسلها قبل، بل بقيت دون غسل، وهذا إحسان، يعني إكمال وتتميم، والحديث يستدل به من يرى وجوب الموالاة، يستدل به من يرى وجوب الموالاة.

يقول: حيث أمره أن يعيد الوضوء ولم يقتصر على أمره بغسل ما تركه، وهذا عرفنا أنه أحد الاحتمالين، بل هناك بعض الروايات التي تفسر، بل جاء عن بعض أصحاب النبي -عليه الصلاة والسلام- أن النبي -عليه الصلاة والسلام- رأى رجلاً يصلي وفي ظهر قدميه لمعة قدر الدرهم لم يصبها الماء فأمر النبي -عليه الصلاة والسلام- أن يعيد الوضوء والصلاة، وإسناده جيد كما قال الإمام أحمد، أمره أن يعيد الوضوء والصلاة، وإذا كان النص يحتمل أمرين، لا مرجح لأحدهما على الآخر من لفظ النص، نأتي بمرجح خارجي، وهذا الحديث نص مفسر لحديث الباب، فأمره أن يعيد الوضوء والصلاة، دل على أن من فعل مثل هذا أنه يلزمه إعادة الوضوء كاملاً، وهو دليل قوي لمن يقول بوجوب الموالاة، إذ لو لم تكن الموالاة واجبة لكان يكفيه أن يغسل العضو الذي أخل بغسله، وما سبقه من الأعضاء غسله صحيح، ما سبقه من الأعضاء غسله صحيح، يعني غسل وجهه ويديه ومسح رأسه وبقيت إحدى قدميه أو كلتيهما لمعة قدر الدرهم لم يصبها الماء، غسل الوجه واليدين ومسح الرأس صحيح، لو لم تكن الموالاة واجبة لما أمر بإعادة الوضوء، لما أمر بإعادة الوضوء، فهذا يستدل به من يقول بوجوب الموالاة. ظاهر أو ضابط الموالاة عند من يقول بوجوبها ألا يؤخر غسل عضو حتى ينشف الذي قبله في الوقت المعتدل، لا في الوقت الذي هو شديد البرودة أو شديد الحرارة أو به ريح شديدة أو ما أشبه ذلك، إذا كان الوقت معتدل ثم تأخر غسل اليدين حتى نشف الوجه، فلا بد أن يعيد الوضوء من جديد، وهنا ما قيل له: ارجع فاغسل رجليك، قيل له: أعد الوضوء، أمر بإعادة الوضوء فدل على وجوب الموالاة، لكن لو قدر أن شخص ما زال في المواضئ لاحظت على رجله جزء يابس ما مسه الماء، تقول: اغسل رجليك، لماذا؟ لأن اليدين ما نشف اللي عليهم الوجه، فالموالاة حاصلة، أما لو بعد عن المكان ونشفت الأرض تقول: أعد الوضوء، ومن يقول بعدم وجوب الموالاة يقول: الآية مطلقة ما فيها نص على وجوب الموالاة، فيها نص على غسل هذه الأعضاء ولو تفرقت، ولو تفرقت لكن مثل هذا الحديث دليل كالصريح في إيجاب الموالاة. الوقت انتهى؟ والله أعلم.

وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على رسولنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد: فقد قال المصنف -رحمه الله تعالى-: وعنه -رضي الله عنه- قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يتوضأ بالمد، ويغتسل بالصاع إلى خمسة أمداد، متفق عليه. "وعنه" أي عن أنس بن مالك صحابي الحديث السابق "قال: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يتوضأ بالمد، ويغتسل بالصاع" كان لفظ يدل على الاستمرار، يدل على الاستمرار، وقد يكون هذا الاستمرار هو الغالب، ويخرج عنه بعض الصور أو بعض الحالات. "كان يتوضأ بالمد" وتقدم أنه توضأ -عليه الصلاة والسلام- بثلثي مد، غالب أحواله أنه يتوضأ بالمد، تقدم عنه أنه -عليه الصلاة والسلام- توضأ بثلثي مد، ويغتسل بالصاع وهو أربعة أمداد، أربعة أمداد، إلى خمسة أمداد، فدل على أنه لا تحديد، لا لماء الوضوء ولا لماء الغسل، بحيث لا يزاد عليه ولا ينقص منه، لكن الغالب أنه -عليه الصلاة والسلام- يتوضأ بالمد، ويغتسل بالصاع، وقد يزيد في الغسل إلى خمسة أمداد، وقد ينقص في الوضوء إلى ثلثي المد، وهذا يدلنا على ما تقدمت الإشارة إليه من مشروعية الاقتصاد في المال عموماً، وفي الماء على وجه الخصوص. وقد نهي عن إضاعة المال، والإسراف في الماء منه، بل هو من أشرف الأموال التي الناس بأمس الحاجة إليها، فكون الإنسان إذا أراد أن يغسل فنجان مثلاً أضاع بسببه عدة آصع، والوسائل المستعملة في الماء تعين على الإسراف؛ لأن فتح الصنبور، صنبور الماء ما يكلف شيء، والماء بأقيام زهيدة الناس لا يحرصون عليه، ولذا قد يترك للطفل أن يفتح الماء ويتركه، وكم من الأموال، وكم من الطاقات تهدر بهذه الأسباب.

على كل حال سبق الإشارة إلى أن هذا مما تنبغي العناية به، وكونه نزل عن المد في الوضوء وزاد في الغسل عن الصاع يدلنا على أنه لا تحديد، قالوا: قدر المد خمسمائة وخمسين جرام، هل معنى هذا أن المتوضئ لا يزيد جرام ولا ينقص جرام؟ لا، ليس معنى هذا، إنما المطلوب من هذه النصوص الاقتصاد في الماء، وبعض الناس لا سيما في المواضئ العامة يجعلون الصنابير ذات أفواه ضيقة، لا شك أنها تساعد على الاقتصاد في الماء؛ لأنه إن فتحها بقوة تضرر بها، فهي تساعد، لكن لو جعل محبس عام شامل يمكن التحكم فيه، الذي يوزع على جميع هذه الصنابير فيجعل دفعه ضعيف، بحيث لو فتح الصنبور على أعلى ما يمكن فتحه عليه لا يتمكن بأكثر من القدر المطلوب كان أولى، لا يمكن التحكم في حنفية عامة مثلاً، أو قفل عام للجميع، لكن قد يقول قائل إن مثل هذا إذا فتحه الأول تأثر الأخير، يمكن ما يصل عند الأخير. على كل حال ينبغي أن توجد الحلول المناسبة لهذا الإسراف الحاصل، وليس من الحل أن ترفع أسعار الماء، هذا ليس بحل؛ لأن بعض الناس قد يجتهد يقول: لماذا لا يرفع السعر لأجل الناس يهتمون بهذا الأمر ويحتاطون له؟ نقول: ليس بحل، هناك من يحتاط مع شدة فقره، فمثل هذا يتضرر، والله المستعان، لكن المسلم الذي يتدين باتباع النبي -عليه الصلاة والسلام- لا يحتاج إلى أن يجبر، وأن يلزم بمعالجة هذا الأمر، سم. "وعن عمر -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((ما منكم من أحد يتوضأ فيسبغ الوضوء ثم يقول: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء)) أخرجه مسلم والترمذي، وزاد: ((اللهم اجعلني من التوابين، واجعلني من المتطهرين)) ". "عن عمر -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((ما منكم)) " والخطاب وإن كان موجهاً إلى الصحابة -رضي الله عنهم- إلا أنه لهم ولغيرهم؛ لأن من يأتي بعدهم في حكمهم، فكل مسلم .. ، مع أن الاحتمال الآخر أن الخطاب للمسلمين، ما منكم أيها المسلمون فيدخل المتقدم والمتأخر.

((ما منكم من أحد)) و (ما) من صيغ العموم، نافية، و (أحد) نكرة في سياق النفي، وأدخل عليها (من) للتأكيد، فالنص عام للمتقدمين والمتأخرين، للذكور والنساء، للصغار والكبار. ((ما منكم من أحد يتوضأ)) الوضوء الشرعي كما جاء عن النبي -عليه الصلاة والسلام- من قوله وفعله بياناً لما أوجب الله -سبحانه وتعالى- في آية الوضوء ((فيسبغ الوضوء)) يعني يتمه، يتمه يأتي به تاماً كاملاً، من غير نقص ولا خلل ((ثم يقول: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية)) يأتي بالشهادتين محققاً لهما، عاملاً بمقتضاهما، وإلا إذا كان يلفظ بهاتين الشهادتين ويأتي بما ينقضهما فإن اللفظ لا يكفيه ولا ينفعه، إذا كان يقول بعد الوضوء، بل في كل وقت: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً رسول الله وهو يستعين بغير الله، ويستغيث بغير الله، ويطوف حول الأضرحة والقبور، هذا لا ينفع، ولو توضأ على أكمل وجه ثم تشهد هذه الشهادة التي هي بمجرد لسانه، يكذبها قوله وعمله، فإن هذا لا ينفعه ((أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له)) أنت تجعل مع الله إلهاً آخر بفعلك المناقض لهذه الشهادة، فكيف تقول: وحده لا شريك له؟ وأنت تشرك معه غيره؟ ((وأشهد أن محمداً عبده ورسوله)) ومقتضى هذه الشهادة للنبي -عليه الصلاة والسلام- بالرسالة طاعته في جميع ما أمر به، وترك جميع ما نهى عنه -عليه الصلاة والسلام-، وأن يتبع، ولا يعبد الله إلا بما شرع -عليه الصلاة والسلام-، أما من أخل بهذه الشهادة وهي شهادة أن محمداً عبد الله ورسوله فإنه لا ينفعه النطق، من يقول: أشهد أن محمداً عبده ورسوله ويغلو به، ويصرف له شيء من حقوق الله -عز وجل- لا تنفعه هذه الشهادة، بل هو مكذب لهذه الشهادة، كيف يقول: محمد عبد ويصرف له بعض أنواع العبادة التي لا يجوز صرفها لغير الله -عز وجل-؟ بل وجد من يغلو به -عليه الصلاة والسلام-، ويجعله في مقام الربوبية، بل منهم من لم يترك لله -عز وجل- حق، بل صرف جميع الحقوق للنبي -عليه الصلاة والسلام-، يا رسول الله أغثني، يا رسول الله أدركني.

يا أكرم الخلق ما لي من ألوذ به ... سواك عند حلول الحادث العممِ يستغيث بغير الله، يطلب الفرج من غير الله، يقول: فإن من جودك الدنيا وضرتها ... ومن علومك علم اللوح والقلمِ ماذا ترك لله؟! مثل هذا يقول: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله؟! هذا أتى بما يناقضها نسأل الله العافية، ولا شك أن النص من نصوص الوعد على لسان من لا ينطق عن الهوى. فمن حقق هاتين الشهادتين وقالهما بعد الوضوء استحق الموعود به، وأنه تفتح له أبواب الجنة الثمانية ((يدخل من أيها شاء)) في آخر سورة الزمر: {وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاؤُوهَا} [(73) سورة الزمر] في واو وإلا ما فيه واو؟ طالب:. . . . . . . . . فيه واو. بالنسبة لأبواب النار: {وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاؤُوهَا فُتِحَتْ} [(71) سورة الزمر] بدون واو، لماذا جيء بأبواب الجنة بالواو وبأبواب النار بدون الواو؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . يعني شُفع لهم وفتحت، طيب. طالب:. . . . . . . . . إيه لكن حتى النار تحتاج إلى فتح {وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا} [(73) سورة الزمر] لكن كأن الفتح معطوف على شيء قبله، كأن فتح الأبواب، أبواب الجنة معطوف على شيء قبله، وأبواب النار لم يعطف على شيء، عندك شيء؟ طالب:. . . . . . . . . مفاجأة العذاب {جَاؤُوهَا فُتِحَتْ} [(71) سورة الزمر] يعني فجأة، أما أبواب الجنة فلا تحتاج ليس فيها مفاجأة؛ لأنهم بشروا بها سابقاً، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . إيه قريب من قول الأخ، نعم؟ طالب:. . . . . . . . .

نعم، يقول بعض أهل العلم: إن الواو هذه واو الثمانية، واو الثمانية، عند أهل العلم ما يسمى بواو الثمانية، عند بعضهم، وإن أنكرها الجمهور والأكثر، أنكروا أن يوجد واو تسمى واو الثمانية، من أثبتها يستدل بهذه الآية {وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا} [(73) سورة الزمر] لأنها ثمانية {عَسَى رَبُّهُ إِن طَلَّقَكُنَّ أَن يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِّنكُنَّ} [(5) سورة التحريم] عد يا الله هات {مُسْلِمَاتٍ مُّؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ} [(5) سورة التحريم] إيش؟ طالب:. . . . . . . . . لا، ما جاءت الثمانية إلى الآن. طالب:. . . . . . . . . {مُسْلِمَاتٍ مُّؤْمِنَاتٍ ... ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا} [(5) سورة التحريم] الثامنة بالواو، نعم {التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدونَ الآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنكَرِ} [(112) سورة التوبة] الأمر الثامن بالواو، فمثل هذه النصوص يستدل بها من يثبت واو الثمانية، تسمى عند أهل العلم واو الثمانية، ظاهر الاستدلال؟ نعم، لكن جمهور أهل العلم على نفي هذه الواو، على نفي هذه الواو، على كل حال هذا شيء من طرائف العلم، ومن ملحه، وإن لم يكن لها أثر حقيقي. ((إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء)) رواه مسلم"، أصل الحديث في مسلم، هذا اللفظ في مسلم، "والترمذي" يعني ورواه الترمذي روى هذا اللفظ "وزاد" الجملة اللاحقة ((اللهم اجعلني من التوابين، واجعلني من المتطهرين)) ((اللهم اجعلني من التوابين، واجعلني من المتطهرين)) والتناسب بين التوبة والطهارة ظاهر، الله -سبحانه وتعالى- يحب من؟ يحب التوابين ويحب المتطهرين، والتوبة تطهير للبدن من أدناس الذنوب، كما أن التطهر تطهير له من أدران الأوساخ والأحداث، فالتناسب ظاهر، على كل حال أصل الحديث في مسلم، وهذه الزيادة زادها الترمذي، وحكم عليها بإيش؟ هاه؟ طالب:. . . . . . . . .

بالاضطراب؟ المقصود أن هذه الزيادة زيادة على ما في صحيح، جاءت عند الترمذي وغيره، وهي لا توجد في شيء من الصحيحين، وكون صاحب الصحيح لم يذكرها بل تركها مع علمه بها، هل نقول: إن مسلم يجهل هذه الزيادة؟ لأنه روى طرف الحديث، وكونه تركها تعليل لها؛ لأن فيها علة، لو كانت محفوظة لذكرها مسلم في جملة الحديث، وعلى كل حال مثل هذا يدخل في زيادات الثقات، في زيادات الثقات، زيادات الثقات الذي استقر عليه الأمر في قواعد المتأخرين أنها تقبل مطلقاً؛ لأن مع من زاد زيادة علم خفي على من نقص، من زاد معه زيادة علم خفي على من نقص، ومثالها هنا، وفي آخر حديث إجابة المؤذن ((إنك لا تخلف الميعاد)) من يصححها يقول: هذه زيادة ثقة، لا تتضمن مخالفة، والذي يحكم عليها بأنها غير محفوظة بل شاذة؛ لأنها لو كانت محفوظة لذكرها صاحب الصحيح، كما ذكر أصلها، ولثبتت عند جميع الرواة الذين رووا أصل الصحيح، فدل على أنها غير محفوظة. واقبل زيادات الثقات منهمُ ... ومن سواهم فعليه المعظمُ "وقيل: لا" إذا كان القاعدة المتقررة عند المتأخرين أن زيادات الثقات مقبولة؛ لأن مع من زاد زيادة علم خفيت على من نقص، وللطرف الآخر أن يقول: لا نقبل زيادة الثقة؛ لأنها مشكوك فيها، إذ لو لم تكن مشكوك فيها لذكرها الجميع، ولم يقتصر على زيادتها بعض الرواة دون بعض.

قد يقول قائل: ماذا يقول الأئمة الكبار، نحن لا نقلد الذهبي، ولا نقلد ابن حجر، ولا نقلد العراقي، ولا نقلد ابن الصلاح، لنقول: إن زيادة الثقة مقبولة مطلقاً، ماذا عن الأئمة الكبار؟ الإمام أحمد، ابن معين، أبو حاتم، الدارقطني، هؤلاء مذهبهم كما تقدمت الإشارة إليه في تعارض الوقف والرفع والوصل والإرسال أنهم لا يحكمون بقاعدة مطردة، بل يتركون الحكم للقرائن، فإذا دلت القرائن على أن هذه اللفظة محفوظة، حكموا بصحتها، وإذا دلت القرائن على خلاف ذلك حكموا بضعفها، وتقدم التمثيل بحديث: ((لا نكاح إلا بولي)) حكم الإمام البخاري بوصله، مع كون من أرسله كالجبل، كما يقول الحافظ العراقي، وحكم أبو حاتم وغيره بالإرسال، فعند الإمام البخاري دلت القرائن عنده على أن الوصل هو المحفوظ، وعند أبي حاتم دلت القرائن على أن الإرسال هو المحفوظ دون الوصل، وهكذا الأئمة يختلفون في مثل هذا اختلافاً كبيراً، ولا يحكمون بأحكام عامة مطردة. حديث رفع اليدين بعد القيام من الركعتين، الإمام البخاري حكم بوصله، وخرجه في الصحيح، في الأصول معتمداً عليه، حديث ابن عمر، وأما الإمام أحمد فقد حكم بوقفه، هناك حكم برفعه وهنا حكم بوقفه، البخاري حكم برفعه، والإمام أحمد حكم بوقفه، ما موقف طالب العلم من مثل هذا الخلاف؟ ماذا يصنع طالب العلم في مثل هذه القضايا الكبار؟ هل نقول لطالب العلم: اترك قواعد المتأخرين فالعبرة بالمتقدمين، كما توجد هذه النداءات بقوة ...

كتاب الطهارة (7)

بلوغ المرام - كتاب الطهارة (7) شرح: باب: المسح على الخفين الشيخ/ عبد الكريم بن عبد الله الخضير

ماذا يصنع طالب العلم في مثل هذه القضايا الكبار؟ هل نقول لطالب العلم: اترك قواعد المتأخرين فالعبرة بالمتقدمين؟ كما توجد هذه النداءات بقوة، المتقدمون هم أهل الشأن وهم الأصل، ولولا المتقدمون لما أدرك المتأخرون شيئاً، أو نقول: اعتمد قواعد المتأخرين؛ لأنها منضبطة وتسير على نسق واحد؟ هل نقول هذا أو ذاك؟ لا يشك أحد ولا يجادل ولا يماري أن الأصل في الباب الأئمة الكبار المتقدمون الذين يحفظون السنة يحفظون مئات الألوف من الأحاديث، اللي يحفظ مائة ألف، واللي ثلاثمائة ألف، واللي سبعمائة ألف، واللي ستمائة ألف، من يدانيهم من المتأخرين؟ لكن قد يقول قائل: من يُقلد من المتقدمين؟ في حديث رفع اليدين بعد الركعتين نقلد البخاري وإلا أحمد؟ في حديث: ((لا نكاح إلا بولي)) نقلد البخاري وإلا نقلد أبو حاتم ومن معه والدارقطني وجمع من أهل العلم؟ طالب العلم المبتدي عليه أن يتمرن على قواعد المتأخرين؛ لأنها هي التي تؤهله للعمل، يتمرن فيخرج ويدرس ويحكم على قواعد المتأخرين، وكل عمله هذا إنما يصنعه تمريناً، كي يتأهل، وإذا تأهل وعرف كيف يجمع الطرق؟ وكيف يؤلف بين المختلف من هذه الطرق؟ وعرف كيف يرجح؟ وتكونت لديه الأهلية، نقول له: لك أن تحاكي المتقدمين في الحكم بالقرائن، فتحكم بما يترجح عندك، أما قبل أن تتأهل فلا بد من فهم كلام المتأخرين، وتطبيق كلام المتأخرين، ثم بعد ذلك إذا تأهلت من يمنعك؟ ومن تضييع طلاب العلم أن ينادى بين أفراد المتعلمين وهم مبتدئون في أحكام العوام أن يقال: تنبذ قواعد المتأخرين؛ لأنها تخالف ما قرره المتقدمون، لكن هل للمتقدمين قواعد يمكن أن تسلك من البداية؟ ما يمكن؛ لأنه إذا كلف بتقليد المتقدمين يقلد مَنْ مِن المتقدمين؟ هو إذا تأهل صارت لديه الأهلية، وصار من أهل هذا الشأن، له أن يحاكي المتقدمين في أحكامهم بالقرائن، وإلا إذا قيل له قلد من يقلد؟ إذا اختلف المتقدمون على أقوال لا يستطيع أن يقلد، إن قلد الإمام أحمد باستمرار فاته جانب الإصابة عند غيره، وإن قلد غيره باستمرار فكذلك، فإذا تأهل طالب العلم بعد أن يتمرن طويلاً على التخريج والموازنة والمقارنة بين الروايات والطرق والأحكام على الرواة له أن

يحاكي المتقدمين في حكمهم بالقرائن، أما في بداية الطلب فليس له مفر ولا مناص عن قواعد المتأخرين، هذه ذكرناها في أكثر من مناسبة، وقلنا: إنها تشبه إلى حد كبير مطالبة طلاب العلم بالاجتهاد في أول الأمر، ونبذ كلام الرجال وأقوال الفقهاء وكتب الفقه، هذه وجدت، الدعوى هذه وجدت وبقوة، طالب العلم المبتدي يمكن أن يستنبط من الكتاب والسنة وهو لا يعرف، ليس عنده من الآلة ما يؤهله لذلك؟ لا يستطيع، أما إذا تأهل وعرف ووازن وجمع الأدلة ونظر فيها، ونظر في أقوال أهل العلم من خلال أدلتها، ووازن بينها، ورجح الراجح، وتأهل لذلك، لا يجوز له أن يقلد الرجال، وما قيل هناك يقال هنا. على مقتضى قواعد المتأخرين هذه الزيادة مقبولة؛ لأنها زيادة ثقة، ولذا يصححها من يعتني بقواعد أو يتعامل مع النصوص على ضوء قواعد المتأخرين.

وأقول: ممن يعتمد قواعد المتأخرين، وإن لم يكن عاد مقلد مائة بالمائة الألباني -رحمه الله تعالى-، ولذا تجدونه يصحح أحاديث هي عند المتقدمين فيها خلاف طويل؛ لأنه اعتمد قاعدة زيادة الثقة، ويعتمد ((اللهم اجعلني من التوابين، واجعلني من المتطهرين)) ويعتمد ((إنك لا تخلف الميعاد)) وهكذا، والشيخ عبد العزيز -رحمه الله- عند شيء من ذلك، والذي يدعي الاجتهاد في كل شيء هذه دعوى عريضة، الذي يريد أن ينبذ التقليد بجميع صوره وأشكاله نقول له: على رسلك، لا يمكن؛ لأنه إن لم يقلد في الأحكام على الأحاديث قلد في الأحكام على الرجال، إن لم يقلد في الاستنباط، في استنباط الأحكام، يعني مثل الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله- لا يقلد في استنباط الأحكام، لكنه يقلد في الأصل، في الحكم على الأحاديث، وإن لم يقلد في الحكم على الأحاديث وتوصل إلى الحكم بنفسه لا بد أن يقلد في الرواة، وإذا قال: لا، أنا لا أقلد في الرواة، أنا أنظر بين أقوال الأئمة كلهم، أجمع عشرين قول في الراوي ثلاثين قول وأوازن بينها، وأخرج بالقول الراجح متى تنتهي؟ إذا كان الرواة ألوف مؤلفة، وتحتاج في كل راوي إلى هذه العملية، والأحاديث كذلك، كل حديث يحتاج إلى مثل هذه العملية، ثم كل حديث يحتاج إلى مفهوم ومنطوق، ويا الله من القواعد المعروفة عند أهل العلم، متى تصل إلى حد الاجتهاد؟ لن تصل، فنقول: على رسلك، والعلم يؤخذ بالتدريج، نعم إذا تأهلت لشيء لا يسوغ لك أن تقلد أحد.

قد يقول قائل: أنا أسلك طريقة الاجتهاد المطلق، وأبدأ بالتدريج، أمسك الأحاديث حديث حديث، وأتكلم على كل راوي من رواتها، وأجمع أقوال أهل العلم، وأخرج بالقول الصائب من أقوالهم مرجحاً لما يوصلني إليه اجتهادي، ثم بعد أن أجمع أقوال أهل العلم في رواة هذا الحديث وأجمع طرقه، أحكم عليه بنفسي، ثم أستنبط منه، كم تحتاج إلى أن تنهي العلم كله، ولن تصل، مهما بلغت من العلم، ومهما طال بك العمر، وأنت تبحث أحاديث الطهارة، وتحتاج إلى وقت طويل يأتيك حديث في الحج، تقول: أنتظر في الطهارة وفي الحج؟ تأتيك نازلة في الصيام ماذا تصنع؟ فالتقليد لا مفر منه، ويغالط نفسه من يقول: إنه ينبذ التقليد بجميع صوره وأشكاله، أهل العلم الكبار الذين عرفوا بالاجتهاد في العصر الحديث تجدهم لا بد أن يقلدوا، إن ما قلدوا في الاستنباط قلدوا في الحكم على الحديث، إن ما قلدوا في الحكم على الحديث قلدوا في الحكم على الرجال، كثير من أهل العلم المتأهلين يعتمدون التقليد، هات التقليد، وماذا قال ابن حجر وإيش قال .. ؟ مع أن كثير من أحكام ابن حجر عليها ملاحظات، هذا اجتهاده، وهو أهل للاجتهاد، لكن المتأهل يقلد مجتهد؟ يجتهد هو، وغير المتأهل نرجع إلى مسألتنا يقلد في الرجال، يقلد في الأحكام، يقلد في الاستنباط. فمن تأهل لشيء لا يسوغ له التقليد بحال، أما التقليد فهو فرض العامي وشبه العامي، والذي يخفى عليه حكم مسألة في حكم العامي إيش المانع؟ إلا يتكبر يقول: أنا من أعلم الناس؟ ما هو بصحيح، فالذي يريح الإنسان كثيراً أن يعرف قدر نفسه، إذا عرف الإنسان قدر نفسه ارتاح وأراح غيره، والله المستعان. وعرفنا المناسبة بين التوبة والتطهر، تطهير الظاهر والباطن، ومناسب جداً أن يختم الحافظ ابن حجر باب الوضوء بهذا الحديث، في غاية المناسبة أن يُختم الباب بفتح أبواب الجنة، وبما يقال بعد تمام الوضوء، والله المستعان.

جاءت هناك صيغ ألحقت بهذا الدعاء، أو هذا الذكر، عند البزار والطبراني في الأوسط، وابن السني في عمل اليوم والليلة، وأيضاً النسائي في عمل اليوم والليلة دعاء كفارة المجلس بعد الشهادتين ((سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك)) فجاء من حديث أبي سعيد وهو في المستدرك أيضاً: ((من توضأ فقال: سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك، كتب في رق ثم طبع بطابع فلا يكسر إلى يوم القيامة)) وهذا مصحح عند الحاكم وعند ابن السني، وصححه أيضاً الألباني -رحمه الله تعالى-، وحكم النسائي بأنه موقوف، الراجح وقفه عند النسائي. أما ما يذكر على الأعضاء من الأدعية والأذكار، إذا غسل وجهه قال: كذا، وإذا غسل يده اليمنى قال: كذا، إذا غسل اليسرى قال: كذا، إذا مسح رأسه قال: كذا، وهكذا، لا يثبت في ذلك حديث. الحديث الموضوع في الذكر على كل عضو اتفق العلماء على ضعفه، بل نص كثير منهم على أنه موضوع، وإن ذكره بعض من لا بضاعة له من الحديث كالغزالي في الإحياء وغيره، نعم. باب: المسح على الخفين: "باب: المسح على الخفين: عن المغيرة بن شعبة -رضي الله عنه- قال: "كنت مع النبي -صلى الله عليه وسلم- فتوضأ فأهويت لأنزع خفيه، فقال: ((دعهما فإني أدخلتهما طاهرتين)) فمسح عليهما"، متفق عليه". المسح على الخفين، الخفين: مثنى الخف الواحد، وهو ما يستر القدم إلى فوق الكعب القدر المفروض غسله، فإن نزل عن الكعب فهو نعل، إذا كان أسفل من الكعبين فهو نعل، إذا زاد على الكعبين فهو خف. "عن المغيرة بن شعبة -رضي الله عنه- قال: "كنت في سفر مع النبي" -عليه الصلاة والسلام-، كما جاء في صحيح البخاري، وجاء في تعيين السفر أنه في غزوة تبوك "فتوضأ النبي" -عليه الصلاة والسلام-، فتوضأ "فأهويت لأنزع خفيه" إيش معنى توضأ؟ طالب:. . . . . . . . . شرع في الوضوء، صح وإلا انتهى من الوضوء؟ نعم، أو أراد الوضوء؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . .

الفعل الماضي يطلق ويراد به الأصل وهو الفراغ من الشيء، إذا قلت: قام زيد، نام زيد، هذا الأصل أنه فرغ، يطلق ويراد به الفراغ من الشيء؛ لأن الفعل الماضي عبارة عن حدث وقع في الزمن الماضي، الفعل الماضي عبارة عن حدث وقع في الزمن الماضي، ذهب زيد، يطلق أيضاً ويراد به الشروع في الشيء، يعني عندنا ((إذا كبر فكبروا)) ((إذا كبر فكبروا)) إيش معناه؟ فرغ من التكبير وانتهى، صح وإلا لا؟ يطلق الفعل الماضي ويراد به الشروع في الشيء ((إذا ركع فاركعوا)) هل معنى هذا أنه إذا فرغ من الركوع اركعوا؟ نعم أو إذا شرع في الركوع اركعوا؟ يطلق ويراد به إرادة الشيء قبل وقوعه {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ} [(6) سورة المائدة] يعني إذا أردتم القيام {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ} [(98) سورة النحل] يعني إذا انتهيت من القراءة فاستعذ وإلا قبل؟ قبل، قبل. المقصود أنه هنا توضأ ليس معناه فرغ من وضوئه، وإنما شرع في وضوئه، شرع في وضوئه "فأهويت" قصدت الهوي من القيام إلى القعود، ومددت يدي "لأنزع خفيه" خدمة للنبي -عليه الصلاة والسلام-، وهذا كان حال الصحابة معه -عليه الصلاة والسلام-، يتبادرون إلى خدمته، -عليه الصلاة والسلام-، فقال: ((دعهما)) اتركهما ((فإني أدخلتهما طاهرتين)) يعني دعهما فإني أريد المسح عليهما لأني أدخلتهما طاهرتين "فمسح عليهما " -عليه الصلاة والسلام-. ومن شرط المسح أن تكون الخفان أو القدمان طاهرتين؟ ((فإني أدخلتهما طاهرتين)) طاهرتين حال من إيش؟ من القدمين أو من الخفين؟ ظاهر اللفظ؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . .

نعم، ظاهر اللفظ أنهما الخفان، ولذا لا بد من طهارة الخف، لكن عامة أهل العلم فهموا من الحديث غير هذا، ((فإني أدخلتهما)) يعني القدمين في الخفين حال كونهما طاهرتين، وطاهرتين معاً كما يدل له اللفظ، طاهرتين معاً كما يدل له لفظ الحال هنا، حال كونهما طاهرتين، وعلى هذا لو كانت اليمنى طاهرة، فأدخلها في الخف ثم غسل اليسرى فأدخلها في الخف يكفي هذا وإلا ما يكفي؟ ظاهر اللفظ أنه لا يكفي، لا بد أن يكونا طاهرتين معاً حال إدخالهما الخف، ولذا يلزم جمع من أهل العلم من صنع مثل هذا العمل، من غسل اليمنى ثم أدخلها في الخف، ثم غسل اليسرى ثم أدخلها الخف أن ينزع اليمنى ثم يلبسها ثانية؛ ليكون لبس الخفين بعد طهارة القدمين معاً، كما يدل له ظاهر اللفظ، وبعض أهل العلم يقول: هذا عبث. . . . . . . . . خلاص لبس انتهى، إيش معنى اخلع خفك وألبسه مرة ثانية؟ نقول: لا، إذا أردت أن تقول مثل هذا عبث قل: الركوع عبث بعد، إيش معنى أنك تنحني وتقوم؟ الأصل في المسلم أن يتدين بدين، أنه متدين بدين ملتزم لنصوص، الذي لا تبين لك حكمته ولا علته تتركه؟ ما هو بصحيح، ولا نقول في مثل هذا عبث، وإن قاله من قاله من كبار أهل العلم، الواضح من اللفظ أني أدخلتهما طاهرتين ((فإني أدخلتهما طاهرتين)) يعني حال كونهما طاهرتين معاً، وعلى هذا لا يجوز إدخال اليمنى قبل غسل اليسرى، قبل غسل اليسرى. "فمسح عليهما" يعني على الخفين؛ لأنه أدخلهما طاهرتين، والخف يشترط ستره للقدم، بمعنى أنه يغطي الجزء المطلوب غسله، وهو الكعبان، وأن يكون ساتر للمحل المفروض غسله؛ لأن ما ظهر من القدم فرضه الغسل، ما ظهر مما يجب غسله فرضه الغسل، فلو كان الخف مخرقاً يبين منه ما يجب غسله، فإنه حينئذٍ لا يجزئ المسح عليه، ولا شك أن مثل هذا القول هو الأحوط، وإن قال شيخ الإسلام أنه يمسح على كل ما يسمى خف، ولو كان مخرقاً، ولو كان لا يثبت بنفسه، ولو كان .. ، ما دام يطلق عليه اسم الخف يمسح عليه، ويفتي به بعض أهل العلم، وله حظ من النظر؛ لأنه لم يرد وصف للخف الممسوح، وإنما ما يسمى خف يُمسح عليه.

يبقى عندنا المعارض الأصلي، وهو أن الغسل للقدم هو الأصل، فما ظهر من هذا الأصل ولم يستر بخف فإنه يجب غسله، وعلى هذا نقول: الأحوط ألا يمسح على الخف المخرق، ولا على الجورب الشفاف الذي يظهر محل الفرض، ومن قال: أنا أقتدي بمن تبرأ الذمة بتقليده كشيخ الإسلام وأمسح على المخرق وغيره نقول: لك ذلك، لكن ما في أحد من أهل العلم يبطل صلاتك إذا مسحت على الخف الساتر، بينما لو مسحت على الخف المخرق لن تعدم من يبطل صلاتك من أهل العلم، والاحتياط لهذه العبادة التي هي الركن الثاني من أركان الإسلام مطلوب. طالب:. . . . . . . . . نفسه، يكشف الفرض لا شك أن الأصل الغسل. المسح على الخفين مشروع بإجماع من يعتد بقوله من أهل العلم، ولم يخالف في ذلك إلا نفر من الصحابة، ثم رجعوا عن قولهم وقالوا بالمسح فصار إجماع، وذكره في كتب العقائد يدل على أنه لم يخالف فيه إلا بعض المبتدعة، يُذكر المسح على الخفين في العقائد، وروي عن أكثر من ثمانين صحابي، المسح على الخف. منهم من يقول: إن المسح على الخفين منسوخ بآية المائدة، وفي حديث جرير بن عبد الله البجلي، وفيه المسح، وفيه قوله: "وهل أسلمت إلا بعد المائدة؟ " دليل على أن القول بالنسخ ضعيف، حتى لو لم يوجد حديث جرير نقول: لا تعارض حتى يلجأ إلى النسخ، لا تعارض بين هذه النصوص، بين آية المائدة وبين المسح على الخفين، فآية المائدة إنما تتجه على من لا خف عليه، وأحاديث المسح ونصوص المسح إنما هي فيمن لبس الخفين. يروى عن الإمام مالك أنه أنكر المسح على الخفين، لكن ثبت عنه بالأسانيد الصحيحة أنه أثبته. صرح جمع من أهل العلم بأن أحاديث المسح على الخفين متواترة، فلا مجال لنقاشها، والتردد في مشروعية المسح.

يبقى هل الأفضل المسح أو الغسل؟ هل نقول: غسل القدم هو الأصل فهو أفضل من المسح؟ فالأفضل لك أن تخلع الخف وتغسل القدم؟ نقول: ثبت عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه فعله، فهو سنة مشروعة، فالأفضل في حق اللابس المسح، كما أنه لا يشرع من أجل المسح أن يلبس الخف، كما أنه لا يشرع من أجل الفطر أن يسافر وهكذا، المقصود أن الأفضل في حق كل أحد بحسبه، فإن كان لابساً للخف فالأفضل في حقه المسح، ولو تعمد المخالفة وخلع الخف، وغسل رجليه، إن كان راغباً عن هذه السنة مستنكفاً عنها فهو على خطر من الإثم، وإن كان يقول: إن الغسل أحوط، نقول: لا، ما في احتياط هنا، والسنة الصحيحة الصريحة دالة عليه، والرسول -عليه الصلاة والسلام- يقول: ((من رغب عن سنتي فليس مني)) فليس الأحوط أن يخلع الخف ويغسل القدم، وإن قلنا في المخرق: إن الأحوط الغسل. كيفية المسح على الخف: كيفية المسح على الخف، يبينه الحديث الذي يليه وللأربعة، نعم. "وللأربعة عنه إلا النسائي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- مسح أعلى الخف وأسفله، وفي إسناده ضعف". اللي بعده: "وعن علي -رضي الله تعالى عنه- قال: "لو كان الدين بالرأي لكان أسفل الخف أولى بالمسح من أعلاه, وقد رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يمسح على ظاهر خفيه" أخرجه أبو داود بإسناد حسن". "وللأربعة" يعني من حديث المغيرة "عنه" يعني عن المغيرة "إلا النسائي" فيكون المراد أبو داود والترمذي وابن ماجه، وهو مخرج عندهم "أن النبي -عليه الصلاة والسلام- مسح أعلى الخف وأسفله، وفي إسناده ضعف".

أئمة الحديث ضعفوا الحديث بكاتب المغيرة، بكاتب المغيرة، لا شك أن الحديث ضعيف، فلم يثبت عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه مسح أسفل الخف، وإن كان لو كانت المسألة عقلية ليست شرعية أسفل الخف أولى بالمسح من أعلاه، لكن المسألة شرعية، ولذا "يقول علي -رضي الله عنه-: "لو كان الدين بالرأي لكان أسفل الخف أولى بالمسح من أعلاه، وقد رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يمسح على ظاهر خفيه" "أخرجه أبو داود بإسناد حسن" يعني حسن لذاته، وبمجموع طرقه يصل إلى درجة الصحيح لغيره، كما نص على ذلك الحافظ في التلخيص، الحافظ في التلخيص يقول: هو حديث صحيح، فبهذا نعرف أن المشروع هو مسح أعلى الخف دون أسفله، وإن كان هو المباشر للأوساخ والقاذورات، نعم إذا وجد في أسفله نجاسة يدلك بالتراب ويطهر، وليس الدين بالرأي، ولو كان الدين بالرأي لقلنا: إن التيمم لا قيمة له، نعم، التيمم إيش قيمته؟ أنت محدث وتلطخ يدك بالتراب ووجهك هل معنى هذا أنك ارتفع حدثك؟ نقول: ليس الدين بالرأي، وليس كل أحكام الدين معقولة المعنى، نعم الله -سبحانه وتعالى- لا يصنع شيء ليس فيه مصلحة، لكن قد نطلع على هذه المصلحة وقد تخفى علينا هذه المصلحة ليختبر الإنسان ويعرف مدى امتثاله للأوامر الشرعية، أما إذا كان كل شيء ظاهر الحكمة وظاهر المصلحة معناه أنه يدور حول المصلحة، الباعث له على العمل هو المصلحة، لا، ليكن الباعث على العمل هو النص، هو الدليل، هو التكليف الشرعي، كوننا نعرف الحكمة والعلة أو لا نعرف هذه مسألة إن عرفنا بها ونعمت، وإن لم نعرف فلا يلزم من ذلك، فالدين ليس بالرأي. ولذا يقول علي -رضي الله عنه-: "لو كان الدين بالرأي لكان أسفل الخف أولى بالمسح من أعلاه" لأن ما تحت القدم هو الذي يباشر المشي، ويقع على ما ينبغي إزالته من قاذورات ومن نجاسات وغيرها. يقول: "رواه أبو داود بإسناد حسن" نعم عرفنا أن إسناده حسن لذاته، وله طرق أخرى يرتقي بها إلى الصحيح لغيره، ولذا قال المصنف في التلخيص: إنه صحيح.

يبقى كيفية المسح: باليد اليمنى تُمسح أو تَمسح القدم اليمني، واليسرى لليسرى، وإن شاء مسحهما بيد واحدة، على الترتيب، فيمسح اليمنى قبل اليسرى كالأصل؛ لأن هذا المسح بدل من غسل الرجلين والرجل اليسرى تغسل قبل اليمنى. أما حديث أن النبي -عليه الصلاة والسلام- مسح على خفيه ووضع يده اليمنى على خفه الأيمن ويده اليسرى على خفه الأيسر، ثم مسح عليهما مسحة واحدة، يعني في آن واحد، هذا عند البيهقي منقطع، منقطع لا تثبت به حجة، الأصل أن البدل له حكم المبدل، البدل له حكم المبدل، ومسح الخفين بدل من غسل الرجلين، وغسل الرجلين إنما يقع غسل اليمنى قبل اليسرى فليقع البدل كذلك، تمسح اليمنى قبل اليسرى، وأما المسح فأي شيء يسمى مسح؛ لأن هذا أمر مطلق، والعادة أن تبلل اليد بالماء وتمر على ظهر القدم. نقف على حديث صفوان. اللهم صلِ وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أسئلة كثيرة علنا أن نأتي على ما تيسر منها إلى وقت الشرح المحدد، إن بقي منها شيء نجيب منه بعد الدرس باختصار شديد. يقول: كثير من الناس يقدم في الدخول إلى المسجد من على اليمين ويقول: هذا من السنة، فهل هذا صحيح؟ وهل التيمم مختص بالشخص نفسه أو به وبمن معه؟

لا شك أن النبي -عليه الصلاة والسلام- يعجبه التيمن، يعجبه التيمن، لكن إذا عورض بما هو أقوى منه، فلو افترضنا أن شخصاً أراد أن يدخل المسجد وعن شماله والده -مثلاً- أو شخص أكبر منه سناً، النبي -عليه الصلاة والسلام- كما في الحديث الصحيح يقول: ((كبر، كبر)) هذا من جهة، الأمر الثاني: أن المبادرة إلى الدخول إلى المسجد أفضل من التأخر، وحينئذٍ يحصل التعارض من هذه الحيثية، لكن إذا كان من على الشمال، أو على اليمين أكبر منك، أو له فضل عليك، كأبيك مثلاً، وقدمته فهاهنا تعارض أمور، وهو أن الدخول إلى المسجد أفضل من التأخر عنه، مع الإيثار، مع تقديم الأكبر، الإيثار مطلوب، ومدح به الأنصار لكن ليس على إطلاقه، فأهل العلم يطلقون المنع في الإيثار بالقرب، أما القرب الواجبة فلا يجوز الإيثار فيها، شخص عنده ماء يكفيه للوضوء ووجد غيره لا يجوز أن يقول له: أأثرك بهذا الماء وهكذا، الإيثار بالقرب المستحبة، على حسب ما يترتب عليها من مصلحة، تدخل فيها المصالح كما هنا، فإذا آثر والده بالدخول إلى المسجد قبله لا شك أنه مأجور على ذلك، ومصلحة الإيثار راجحة على مصلحة التقدم، تقدم دخول المسجد. نعود إلى أصل المسألة وهي أنه هل يدخل من على اليمين أو يدخل الأكبر؟ النبي -عليه الصلاة والسلام- يعجبه التيمن، يعجبه التيمن، وجاء الأمر بتقديم الكبير ((كبر، كبر)) فتقديم اليمين هو المعجب للنبي -عليه الصلاة والسلام-، لكن عارضه ما ثبت بأمره -عليه الصلاة والسلام- من تقديم الكبير، إذا كان الناس في المجلس وأحضر الطعام أو المشروب أو ما أشبه ذلك فإنه يبدأ بالكبير، ثم من على يمينه، كما بدأ بالنبي -عليه الصلاة والسلام- فأعطاه من عن يمينه وهكذا. يقول: إذا تعارض حديثان أحدهما صحيح أو ضعيف؟ يبحث في الجمع بينهما، إذا كان أحدهما ضعيف فلا عبرة به، إذا كان أحدهما ضعيف فلا يتكلف اعتباره، يعمل بالصحيح ويطرح الضعيف، لكن إذا كانا صحيحين، فلا بد من إيجاد المخرج بالجمع والتوفيق، وهذا ما يسميه أهل العلم مختلف الحديث، وهو أن يتعارض حديثان في الظاهر وحينئذٍ يبحث عن أوجه الجمع فإن أمكن وعرف المتقدم من المتأخر قيل بالنسخ وإلا فالتوقف.

يقول: وإذا كان كذلك فهل نجمع بين حديث طلحة بن مصرف وحديث عبد الله بن زيد في المضمضة والاستنشاق بأن حديث طلحة يحمل على أنه يفصل بين المضمضة والاستنشاق ولو كانت من كف واحدة؟ كيف يفصل بينهما من كف واحدة؟ إذا لم يفصل بينهما كيف يجمعهما؟ والأصل أنهما من كف واحدة، كما جاء في الحديث الصحيح، لكن المضمضة مستقلة عن الاستنشاق، فما أدري ما وجه هذا الجمع؟ يقول: نرى بعض الأفلام المتعلقة بفلسطين وبالجهاد في الشيشان وغيرها فهل يجوز رؤيتها لكي نحس بمعاناتهم أم لا؟ عرفنا أن التصوير بجميع صوره وأشكاله داخل في أحاديث النهي، لكن إذا ترتب على الرؤية مصلحة راجحة، والمنع من باب منع الوسائل فأهل العلم يتسامحون في مثل هذا. هل يجب في مسح الرأس الذهاب إلى القفا ثم العودة إلى الوجه، أو أنه يجزئ الذهاب إلى. . . . . . . . . يجزئ ما يسمى مسح، يجزئ ما يسمى مسح، لكن الصورة الأكمل أن يبدأ بمقدم رأسه ثم يذهب بهما إلى قفاه ثم يردهما. يقول: هل ينتقد الصنعاني -رحمه الله- في السبل لأنه شرح الأحاديث الضعيفة وغيره من الأئمة الذين شرحوا الأحاديث الضعيفة؟ أهل العلم حينما يتصدون لشرح كتاب يشرحون كل ما فيه من صحيح وضعيف، وإلا فالأصل أن الضعيف لا يتكلف اعتباره، لكن خشية أن يوجد له طرق، خشية أن يوجد له طرق يثبت بها يبين معناه، ويذكر ما يفيده الحديث، مع ترجيح ما دل عليه الأحاديث الصحيحة. ما صحة قول من يقول بأن الصنعاني -رحمه الله- في نسبة الأقوال إلى مالك وأحمد الغالب فيها عدم الصحة، عدم صحة النسبة، وأما أبو حنيفة والشافعي فالغالب الصحة بناءً على الأصل، وهو البدر التمام هو كذلك؟

أولاً: الأصل بدر التمام يعتمد كتب .. ، غالباً ما يعتمد على النووي في المجموع وفي شرح مسلم، وله عناية بفتح الباري والتلخيص الحبير لابن حجر، ومذهب الزيدية بفروعه من هادوية وغيرهم يأخذها من كتبهم، وهذه أمور ميسورة لهم؛ لأنهم يعيشون بينهم، وهم في زمنهم غالب سكان اليمن، وكتبهم مشهورة، لكن نسبة المذهب إلى الإمام أحمد، هم لا يخرجون عن إطار المذهب، يذكرون إحدى الروايات المعروفة في المذهب، لكن كثيراً ما يتركون الرواية التي هي المذهب المعتمد عند أهل العلم، ويذهبون إلى روايات أخرى، ومثله مذهب مالك. ولذا أخذ المذاهب من كتب الشروح التي لا تقلد هذه المذاهب لا ينبغي أن يعتمد عليها، فلا يأخذ المذهب الحنبلي من فتح الباري، ولا المالكي من عمدة القاري، الأصل أن تؤخذ المذاهب من كتب الأئمة الأصلية، المصنفة في هذا الشأن، في الفقه، وكل مذهب يؤخذ من كتبه، من كتب المذهب نفسه؛ لأن صاحب المذهب أعرف من غيره، لكن لو وجدنا شرح على مذهب الشافعي، ومؤلفه شافعي، مثل فتح الباري، بل من فقهاء الشافعية لا يمنع أن نأخذ مذهب الشافعي من فتح الباري؛ لأن مؤلفه خبير بمذهب الشافعي، ولا يمنع أن نأخذ المذهب الحنفي من عمدة القاري مثلاً، ولا يمنع أن نأخذ المذهب المالكي من الاستذكار لابن عبد البر؛ لأنه إمام من أئمة المالكية، لكن ما نأخذ مذهب أحمد من عمدة القاري أو من الاستذكار، نأخذ مذهب أحمد من شرح ابن رجب صحيح؛ لأنه حنبلي ويعتمد الروايات في المذهب، يعتني بأقوال أحمد وهكذا. فحينما يقال: الاعتماد في نقل المذاهب على الكتب المتخصصة في الفقه، لا شك أن له أصل، متخصصة وكل مذهب يؤخذ من المؤلفات في المذهب نفسه، لكن لو تجاوزنا وقلنا: نأخذ المذهب المالكي من الاستذكار، ونستفيد مذهب مالك وفهم الموطأ، لا مانع، نأخذ المذهب الحنفي من عمدة القاري نستفيد المذهب الحنفي ونفهم صحيح البخاري، لا مانع؛ لأن المؤلف من فقهاء الحنفية، وهكذا بقية المذاهب. أما هذه الكتب غير المتخصصة في الفقه فلا يعتمد عليها في نقل مذاهب غير أصحابها.

يقول: في طبعة دار السلام لكتاب بلوغ المرام في الحاشية تعريف لأم المؤمنين عائشة -رضي الله عنه- وقد كتب غنية عن التعريف؟ يقصد بذلك أنها أشهر من أن تعرف، أشهر من أن تعرف بسطر أو بسطرين، نعم التصنيف في فضلها ومناقبها وفقهها وروايتها وعقلها في مطولات طيب ونافع، لكن تكتب في ترجمة عائشة سطر أو سطرين؟ الذي يعرفه عوام المسلمين أكثر من هذا، هذا الذي يجعل كثير من المحققين لا يعرف بالمشاهير، يقول: فلان غني عن التعريف، وبعض المشاهير تعريفه يزيده غموضاً؛ لأن الذي سوف يُذكر أشهر من أن يعرف، والله المستعان. طالب:. . . . . . . . . هاه؟ يقول: طبعة دار السلام لكتاب بلوغ المرام؟ هي طبعته دار السلام؟ هي عندك؟ أنا ما رأيته. على كل حال المشاهير ينبغي أن لا يعرفوا، كما أن الكلمات الواضحة لا ينبغي أن تفسر، كما أن الكلمات سهلة النطق لا ينبغي أن تضبط بالشكل، إنما يشكل المشكل. يقول: ما حكم صلاة المنفرد خلف الصف إذا لم يجد فرجة في الصف الأول؟ جاء الحديث بأنه: ((لا صلاة لمنفرد خلف الصف)) ولو لم يجد فرجه، الحديث ما فيه تفصيل. يقول: ما حكم قراءة الفاتحة للمأموم في الصلاة الجهرية، فقد راجعت كتب الفقه مثل المغني وزاد المستقنع ولكني تحيرت؟ قراءة الفاتحة مسألة خلافية بين أهل العلم، وألفت فيها المؤلفات، وللإمام البخاري جزء القراءة خلف الإمام، وألف فيها ابن خزيمة وابن عبد البر جمع من أهل العلم، لكن لا مانع من سوق الخلاف: من أهل العلم من يرى أنها ركن من أركان الصلاة بالنسبة لكل مصلٍ، لما ثبت عنه -عليه الصلاة والسلام-: ((لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب)) وهذا يشمل الإمام والمأموم والمنفرد والمسبوق، يعني لو جاء والإمام راكع لا بد أن يقرأ الفاتحة قبل أن يركع، هذا القول يقول به أبو هريرة -رضي الله عنه- والإمام البخاري والشوكاني، ركن من أركان الصلاة بالنسبة لكل مصلٍ من إمام ومأموم ومنفرد ومسبوق. يلي هذا القول قول الشافعية أنها ركن لكل مصلٍ عدا المسبوق، وحجتهم حديث عبادة: ((لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب)) ويستثنى المسبوق بحديث أبي بكرة.

ومنهم من يرى أنها ركن بالنسبة للإمام والمنفرد، وهذا قول مالك وأحمد، وأما المأموم فلا قراءة عليه، ومن هذه المذاهب من يفرق بين الصلاة الجهرية والسرية، في هذين المذهبين روايات تقول بالتفريق بين السرية والجهرية، ورأي أبي حنيفة أن الواجب القراءة، قراءة ما تيسر سواءً كانت الفاتحة أو غيرها، وكأن أعدل الأقوال قول الشافعية في هذه المسألة، وأنها تلزم كل مصلي عدا المسبوق لعموم حديث: ((لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب)) وهو مخصوص بحديث أبي بكرة عندما ركع دون الصف. يقول: ما نصيحتك لشخص بلغ من العمر ستة وعشرين سنة، وأراد أن يطرق باب العلم الشرعي، فبماذا يبدأ؟ وما هي المنهجية التي يمشي عليها؟ أولاً: بالنسبة للسن لا أثر له، نعم المبادرة في طلب العلم لا شك أنها أولى، لكن شخص لم ينتبه للعلم الشرعي ولو كان ماشي في دراسته النظامية، بعض الناس يدخل الابتدائي والمتوسط والثانوي وقد تخرج من الجامعة وهو في الحقيقة ما بدأ بطلب العلم، نعم يفك الحرف، يقرأ ويكتب لكن على غير أساس، وكثير من الإخوان إنما يلتفت إلى العلم الشرعي إذا تخرج، تفرغ من الدراسة بدأ يطلب العلم، هذا مناسب جداً لا بأس، صالح بن كيسان بدأ بطلب العلم وعمره تسعون سنة، تسعون سنة، قيل: أقل من ذلك، لكن أقل ما قيل: خمسين، لكن الأكثر على أن عمره تسعون سنة، ومات عن مائة واربعين سنة، ووصل إلى درجة عد فيها من كبار الآخذين عن الزهري، فلا يأس، وحينئذٍ إذا انتبه لنفسه ولو كان سنه متقدمة يبدأ بصغار العلم قبل كباره، وليحرص على من يدله على التأصيل والتأسيس، ويجتنب القيل والقال، وليحرص على اغتنام الزمن علماً وعملاً، فيبدأ بالكتب المختصرة والمتون، يبدأ بحفظها إن أسعفته الحافظة، وإلا يقرأها على شيخ يحلها له، ويحيله إلى الشروح، أو يقرأ شروحها وحواشيها حتى يتمكن، ويسمع الأشرطة التي سجلت على هذه المختصرات ويدون ما يستفيده على حواشي هذه الكتب، ثم ينتقل إلى كتب الطبقة الثانية طبقة المتوسطين، ثم يبدأ بكتب الكبار من طلبة العلم. يقول: هل توجد أحاديث موضوعة في مسند الإمام أحمد؟

هذه مسألة يقع الخلاف فيها بين المتقدمين، ابن الجوزي أدخل تسعة أحاديث من المسند في الموضوعات، وشيخ الإسلام يقول: "إن من قال: إن في المسند أحاديث موضوعة فكلامه صحيح، ومن قال: إنه ليس فيه أحاديث موضوعة، فكلامه صحيح" إيش معنى هذا الكلام؟ يعني أن الأحاديث التي قصد وضعها لا توجد في المسند؛ لأن الإمام أحمد لا يروي عن مثل هؤلاء، الذين يقصدون الوضع والكذب على النبي -عليه الصلاة والسلام-. وأما الأحاديث التي وقع فيها الخطأ والوهم ونسبتها إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- خطأ موجودة في المسند، وهناك كتاب ينبغي لطالب العلم أن يعتني به هو كتاب: (القول المسدد في الذب عن المسند) للحافظ ابن حجر، والحافظ ابن حجر وهو شافعي المذهب، ويذكر في مقدمة الكتاب أنه حينما يدافع عن المسند وهو على غير مذهب إمامه أنه إنما يتعصب للسنة النبوية، لا لحمية ولا لعصبية جاهلية، في كلام نفيس ينبغي أن يطلع عليه طالب العلم. يقول: ترجح أنه لا يمسح على الجوارب المخرقة، وقد ذكرت أن بعض أهل العلم يقول: ببطلان صلاة صاحب الجوارب المخرقة، وعلى حسب علمي أن المهاجرين من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كانت خفافهم مخرقة ويمسحون عليها؟ على كل حال المسألة كما عرضنا خلافية، والأصل غسل القدم، نعم إذا وجد ما يستر القدم يمسح، وأحاديث المسح متواترة، وما بان مما يجب غسله عند أكثر أهل العلم يجب غسله، وخفاف الصحابة هذا مجرد احتمال أبداه شيخ الإسلام، يقول: "يغلب على الظن أنهم مع عدم انفتاح الدنيا عليهم وحاجتهم وفاقتهم وفقرهم لا يبعد أن تكون خفافهم فيها المخرق" وهذا نقول: لا يبعد، لكن الأصل أن ما ظهر من فرائض الوضوء أنه يجب غسله، وما ستر يمسح، هذا الأصل، من قال بقول شيخ الإسلام، واقتنع بفتوى من يعتد بقوله من الأئمة ما أحد يمنعه، لا سيما والاحتمال الذي أبداه شيخ الإسلام ظاهر لا خفاء فيه، لكن ليعلم أنه لن يعدم من يقول من أهل العلم ببطلان صلاته، وإذا أخذ بالأحوط، وحرص على أن يكون الخف والجورب ساتر للمفروض، ما في أحد من أهل العلم بيقول: إن صلاته باطلة، بل هي صحيحة بالإجماع.

يقول: هناك اقتراح أن نكمل شرح بلوغ المرام بدلاً من درس التائية، والدرس الثاني حيث أنه تم الانتهاء من شرحها؟ المسح على الخفين نبي ننهيه -إن شاء الله تعالى-، ونواقض الوضوء طويل ثمانية عشر حديث يبي درسين على الأقل أو ثلاثة فلا يمكن. نترك هذه بعد الدرس إن كان فيه وقت. سم. بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على رسولنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين. قال المصنف -رحمه الله تعالى-: "وعن صفوان بن عسال -رضي الله عنه- قال: "كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يأمرنا إذا كنا سفراً أن لا ننزع خفافنا ثلاثة أيام ولياليهن, إلا من جنابة، ولكن من غائط وبول ونوم" أخرجه النسائي والترمذي واللفظ له وابن خزيمة وصححاه. نعم حديث صفوان بن عسال المرادي، صحابي سكن الكوفة، في التوقيت لمسح الخف بالنسبة للمسافر "كان النبي -عليه الصلاة والسلام- يأمرنا إذا كنا سفراً" والسفر جمع سافر، كتجر جمع تاجر، وركب جمع راكب، وصحب جمع صاحب وهكذا، سفر جمع سافر، والسافر هو المسافر، سمي بذلك لسفوره وبروزه عن بلده وخروجه عنه، ومنه سمي السفور لإبراز وإخراج ما ينبغي ستره. "كان النبي -عليه الصلاة والسلام- يأمرنا إذا كنا سفراً أن لا ننزع خفافنا" بل نمسح عليها "ثلاثة أيام ولياليهن، إلا من جنابة" هذا بالنسبة للمسافر، وسيأتي ما يخص المقيم وأنه يوم وليلة، ثلاثة أيام بلياليهن، وأما بالنسبة للمقيم فسيأتي أنه يوم وليلة. وبداية المسح متى؟ من أول حدث أو من اللبس؟ أو من أول مسح؟ نعم؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . من أول مسح، من أول مسح، هاه؟ طالب:. . . . . . . . .

ما فيها خلاف المسألة؟ الكلام لأهل العلم معروف منهم من يرى أنه من أول حدث بعد لبس، وهذا المعروف عند الحنابلة، ولكن الصواب أنه قبل أن يمسح كأنه لم يلبس، فمن أول مسح من أول ما يستفيد من هذا الخف، وأول إفادته من هذا الخف المسح، المسح المحتاج إليه في الصلاة ورفع الحدث، الذي يكون بعد حدث، فإذا توضأ لصلاة الصبح فلبس الخف، صلى الصبح ثم بعد الصلاة انتقض وضوؤه، لكنه لم يمسح إلا لصلاة الظهر، نقول: يبدأ المسح لصلاة الظهر فيصلي به إلى صلاة الظهر، من الغد صلاة الظهر لا يصلي، لا بد أن يخلع؛ لأنه تم عليه يوم وليلة من المسح. مقتضى قول من يقول: إنه من أول حدث أنه ينتهي المسح بعد صلاة الصبح، قد يقول قائل: الخلاف لفظي، إيش بيستفيد بين صلاة الصبح إلى صلاة الظهر؟ نقول: لو احتاج إلى الوضوء في هذا الوقت لقراءة قرآن أو صلاة نافلة لا بد أن يخلع، وعلى القول الثاني: أنه من المسح يستفيد، يمسح حتى تزول الشمس لصلاة الظهر فيخلع، ثم يغسل رجليه وهكذا. إذا مسح في صورتنا: مسح لصلاة الظهر خلع الخف وغسل رجليه وتوضأ، ثم لبس الخف، يمسح العصر والمغرب والعشاء والصبح والظهر، بقي متطهر من وضوء الظهر يصلي بالعصر أو لا يصلي؟ لأنه ما أحدث لكن المدة تمت، لو أراد أن يتوضأ لصلاة العصر قلنا له: اخلع، المدة تمت، لكن يقول: أنا ما أحدثت لست بحاجة إلى طهارة، يخلع وإلا ما يخلع؟ طالب:. . . . . . . . . هاه؟ طالب:. . . . . . . . . يخلع، كيف؟ طالب:. . . . . . . . . نعم المدة المحددة شرعاً للاستفادة من الخف انتهت، وهو حينئذٍ يصلي بقدم ليست ممسوحة ولا مغسولة، فطهارته ناقصة. طالب:. . . . . . . . . هذه طهارة أصلية وهذه فرعية، في فرق، فهذا يصلي بقدم ليست مغسولة وليست ممسوحة، كيف يصلي؟ يعني ليست مغسولة وليست مأذون بمسحها، انتبه، ليست مغسولة ولا مأذون بمسحها شرعاً؛ لأنه انتهت المدة المحددة شرعاً، إذاً انتهى وقت التطهر، انتهى وقت الطهارة.

يأتي مسائل متعلقة بالمسح وتعرفون إيش رأي شيخ الإسلام أنه انتهاء المدة ليس بناقض، نعم ليس بناقض، وهو الذي يقيس خلع الخف على حلق الرأس بعد مسحه، لكن لا يقاس على .. ، يعني إلا مع تمام توافر شروط القياس على أن العبادات لا قياس فيها، العبادات لا قياس فيها، وكون هذه طهارة أصلية وهذه طهارة فرعية يقاس عليها؟ هذا غير مرضي عند أهل العلم. "لا ننزع خفافنا ثلاثة أيام ولياليهن إلا من جنابة" وهذا أمر مجمع عليه، مسحت لصلاة الظهر فأجنبت الظهر تبي تمسح العصر؟ لا، يقول: المدة ما تمت، نقول: لا، الجنابة لا بد أن تخلع. "إلا من جنابة" وهذا محل إجماع "ولكن من غائط وبول ونوم" يعني من حدث أصغر، من حدث أصغر ناقض للوضوء فقط لا موجب للجنابة "أخرجه النسائي والترمذي واللفظ له, وابن خزيمة وصححاه" يعني الترمذي وابن خزيمة. هذا الحديث حسنه الإمام البخاري فيما نقله عنه الترمذي، قال الترمذي عن البخاري: إنه حديث حسن، بل قال البخاري: ليس في التوقيت شيء أصح من حديث صفوان بن عسال، كون البخاري يقول: هذا حديث حسن، ومع ذلكم يقول: ليس في التوقيت شيء أصح من حديث صفوان بن عسال هل في تناقض بين قوليه أو ليس فيه تناقض؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . ليس فيه تناقض، لماذا؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . نعم؛ لأن أهل الحديث لا يستعمل أفعل التفضيل على بابها، حتى لو قال البخاري: إن حديث صفوان بن عسال ضعيف، وقال: إنه أصح شيء في هذا الباب، ما فيه تناقض؛ لأن أفعل التفضيل ليست على بابها، يعني في الباب أحاديث هو أقواها وأمثلها، وإن كانت كلها ضعيفة على فيما لو قال: هو حديث ضعيف، لكنه حديث حسن، يعني يحتج به، ويلزم العمل به. حديث علي نعم. "وعن علي بن أبي طالب -رضي الله تعالى عنه- قال: "جعل النبي -صلى الله عليه وسلم- ثلاثة أيام ولياليهن للمسافر, ويوماً وليلة للمقيم" يعني: "في المسح على الخفين" أخرجه مسلم".

هذا الحديث مخرج في صحيح مسلم كما ترون، وهو عند الترمذي حيث أشار إليه إشارة قال: وفي الباب عن علي وابن حبان والطيالسي وغيرهم، وفيه ذكر التوقيت بالنسبة للمقيم، وهو في المسافر يوافق أو شاهد لحديث صفوان بن عسال، "ثلاثة أيام ولياليهن للمسافر" يعني كما تقدم في حديث صفوان، فهل نقول: شاهد أو متابع؟ طالب:. . . . . . . . . شاهد، لماذا؟ طالب:. . . . . . . . . هو شاهد وإلا متابع؟ إيش الفرق بين الشاهد والمتابع؟ طالب:. . . . . . . . . نعم، مطابق لإيش؟ طالب:. . . . . . . . . يعني باللفظ؟ طالب:. . . . . . . . . لا، لا، هذا كله تخرص. طالب:. . . . . . . . . نعم إذا جاء الخبر ولو كان بلفظه من طريق صحابي آخر فهو شاهد، وإن اتحد الصحابي فهو متابع، إن اتحد الصحابي واختلف من دونه فهو متابع، والمتابعات كما تعرفون متابعات تامة وناقصة، وتفصيل هذا يطول، المقصود أن حديث علي شاهد لحديث صفوان بن عسال بالنسبة للمسافر، وهو مؤكد له، ومؤسس لحكم جديد، وهو مدة المسح بالنسبة للمقيم. "ويوم وليلة للمقيم" يعني في المسح على الخفين. طالب:. . . . . . . . . المتابع إذا اتحد الصحابي، إذا اتحد الصحابي صار الخبر متابع، يعني إذا تابعه لو افترضنا أن هذا حديث صفوان روي من طريق آخر عن صفوان نفسه، يكون الراوي عن صفوان تابع غيره في الرواية عن صفوان. ما سبب التفريق بين المسافر والمقيم؟ لماذا لم يكن الجميع واحد؟ طالب:. . . . . . . . . نعم زيادة المشقة بالنسبة للمسافر، نعم. "وعن ثوبان -رضي الله تعالى عنه- قال: "بعث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سرية فأمرهم أن يمسحوا على العصائب -يعني العمائم- والتساخين -يعني الخفاف-" رواه أحمد وأبو داود، وصححه الحاكم".

"وعن ثوبان -رضي الله عنه-" بلفظ تثنية الثوب، ابن بجدد، ويقال: ابن جحدر، من حمير أصيب في سبي فشراه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأعتقه، روى عدة أحاديث منها هذا الحديث "قال: بعث رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" والحديث صحيح، الحديث صحيح "بعث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سرية" وهي القطعة من الجيش "فأمرهم أن يمسحوا على العصائب" والتساخين، العصائب وهي العمائم التي يلف بها الرأس "والتساخين" التي تلبس فتسخن القدم وتدفئه "يعني الخفاف" وإذا دفئ القدم فالجسد في الغالب أنه يدفئ، بخلاف ما لو كانت الأقدام بادية في وقت البرد فإنه مهما لبس من الثياب فإنه سوف يبرد؛ لأن القدمين هما اللتان تباشران الأرض. على كل حال الحديث أصل في المسح على العمائم، وأما المسح على الخفاف والتساخين فهو متواتر، وهو أصل في المسح على العمامة دون إشارة إلى مسح جزء من الرأس، يعني كما تقدم في حديث ابن عمر أن النبي -عليه الصلاة والسلام- مسح على الناصية، وأكمل المسح على العمامة، هنا العمامة فقط، ولذا جاء في كلام ابن القيم أنه ثبت أن النبي -عليه الصلاة والسلام- مسح على العمامة فقط، ومسح على الناصية وكمل على العمامة، ولم يثبت عنه أنه اكتفى بالناصية، فالحديث أصل في المسح على العمامة، وهل يشترط للعمامة ما يشترط للخف من أن تلبس على طهارة أو لا يلزم؟ وهل يوقت فيها ما يوقت بالنسبة للخف أو يمسح ما بدا له؟ طالب:. . . . . . . . . لأنه جاء في الخف، والحاجة إليه أشد، جاء التوقيت بالنسبة للخف والحاجة إليه أشد وخلعه أشد، فجاء التوقيت بالنسبة للخف، وأطلق بالنسبة للعمامة، وجاء أيضاً تقييد القدمين بكونهما طاهرتين حال إدخال الخف، فالعمامة في حكمهم في حكم الخفين. نعم؟ طالب:. . . . . . . . . من اللي قاله؟ طالب:. . . . . . . . . أقول: هل يشترط للعمامة ما يشترط للخف؟ نعم، أيهما أهم العمامة وإلا الخف؟ كيف؟ طالب:. . . . . . . . .

الخف، وجاء تقييده مع شدة الحاجة إليه بما ذكر بالمدة وتقدم الطهارة نعم، فاشترط له ما اشترط للخف، يبقى أنه لو كانت العصابة لضرورة، بأن كانت على جرح مثلاً، أو جبيرة لا يمكن فكها، هذه أهم من الخف، ولذا لا يشترط لها ما يشترط للخف، فلا يشترط تقدم طهارة، ولا يشترط لها مدة، بل يمسح عليها ما دامت الحاجة قائمة. طالب:. . . . . . . . . كيف؟ طالب:. . . . . . . . . يعني مدرج "يعني العمائم، والتساخين يعني الخفاف" هذا مدرج، نعم، مدرج في الحديث من كلام الراوي، مدرج في الحديث من كلام الراوي، والمدرج أن يزاد في الحديث ما ليس منه، بما يمكن فصله عنه، تجيء الروايات الأخرى بدونه، هذا واضح أنه مدرج بالإتيان بفعل التفسير يعني، واضح لكن أحياناً يكون الإدراج كما تقدم في حديث أبي هريرة: "فمن استطاع" لا دليل عليه من نفس الحديث، وإنما الطرق الأخرى بينت ذلك. على كل حال هذا تفسير الراوي وهو أولى، أولى من غيره. طالب:. . . . . . . . . كيف؟ طالب:. . . . . . . . . عقال؟ طالب:. . . . . . . . . لا، لا هذه ما يشق نزعها، لا يشق نزعها، ولولا النص في العمامة لكان كل يمسح بعد، اليدين بعد عليهن. طالب:. . . . . . . . . يعني الرأس مكشوف وإلا مغطى؟ أقول: لو كان الدين بالرأي لكان هناك شيء أولى من المسح على العمامة، لكن نقف حيث وقفت النصوص؛ لأن الأصل غسل الأعضاء، هذا الأصل، فيخرج عن هذا الأصل بما ورد فيه النص، وما عدا ذلك يبقى على الأصل، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . يشترطون أن تكون محنكة وذات ذؤابة يعني مثل عمائم العرب تماماً، يعني العمامة التي يطلق عليها عمامة في عرف السلف محنكة وذات ذؤابة، لكن النص مطلق ما في ما يدل على أن التحنيك والذؤابة شرط، نعم. طالب:. . . . . . . . . إيه البخاري، البخاري ما يلزم بما أخرجه مسلم، البخاري أصل قائم برأسه، لو ضعف الإمام أحمد حديث في مسلم أو في البخاري، نقول: ليش ضعفه؟ هؤلاء أئمة ما يضرب قول بعضهم ببعض، هذا رأيه، هذه وجهة نظره، ولم يخرج لا هذا ولا ذاك؛ لأن شرطه أعلى -رحمه الله-، نعم؟ طالب:. . . . . . . . .

الجبيرة التي يحتاج إليها، جرح يلف، كسر يربط، هذه جبيرة محتاج إليها، هم يقولون: إذا كانت الجبيرة أكثر من القدر المحتاج إليه يمسح عليها ويُتيمم عن القدر الزائد، لكن هل القدر الزائد هذا بحاجة إليه؟ إن كانت الحاجة داعية فيكتفى بالمسح، فيكون في حكم أصله، وإن لم تكن الحاجة داعية فأن كان الكسر هنا وربط في. . . . . . . . . نقول: لا، ما يجوز يمسح عليه أصلاً، وأما الجمع بين المسح والتيمم لا أصل له، نعم. طالب:. . . . . . . . . على كل حال تصير حاجة يمسح عليه كله، سم. "عن عمر -رضي الله عنه- موقوفاً، وعن أنس مرفوعاً: ((إذا توضأ أحدكم ولبس خفيه فليمسح عليهما، وليصلِّ فيهما، ولا يخلعهما إن شاء إلا من الجنابة)) أخرجه الدارقطني والحاكم وصححه". "عن عمر" موقوفاً يعني لم يرفع إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-؛ لأن ما أضيف إلى النبي المرفوع، وما قصر به دونه فإن كان عن الصحابي فهو الموقوف وإن كان عن التابعي فمن دونه فهو المقطوع. "عن عمر -رضي الله عنه- موقوفاً" يعني من قوله "وعن أنس مرفوعاً" يعني إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((إذا توضأ أحدكم ولبس خفيه فليمسح عليهما، وليصلِّ فيهما، ولا يخلعهما إن شاء إلا من الجنابة)) أخرجه الدارقطني والحاكم وصححه". وجمع من أهل العلم حكموا على الحديث بأنه شاذ، مخالف لما تقدم من أحاديث التوقيت ((وليصلِّ فيهما ولا يخلعهما إن شاء)) فالمخالفة من هذا الوجه إن شاء، يعني متى شاء، لا شك أنه من هذه الوجه مخالف لأحاديث التوقيت، توقيت المسح بالنسبة للمسافر والمقيم، فرد إلى مشيئته، فإن شاء مسح يوم، يومين، ثلاثة، أربعة، خمسة، وسيأتي في حديث أبي بن عمارة ما يدل على ذلك، لكن حديثه ضعيف، وهذا حكم عليه بالشذوذ. منهم من يقول: لا حاجة إلى الحكم عليه بالشذوذ؛ لأنه يمكن تقييده بما تقدم إن شاء في المدة المحددة، فلا يكون هناك حينئذٍ معارضة بين هذا الحديث وبين الذي قبله، وحينئذٍ يرتفع الشذوذ عنه، إذا لم توجد المخالفة يرتفع الشذوذ.

((إذا توضأ أحدكم فلبس خفيه)) وهذا يقرر ما تقدم من أنه أدخلهما طاهرتين ((فلبس خفيه فليمسح عليهما وليصلِّ فيهما، ولا يخلعهما إن شاء)) يعني في المدة المحددة، وعلى هذا لا يوجد اختلاف بينه وبين الأحاديث السابقة ((إلا من جنابة)) وهذا مؤكد لما تقدم من حدث صفوان، وحينئذٍ يكون معناه معنى الأحاديث السابقة. وإذا قلنا: إنه إن شاء إطلاق في المدة، وأنها لا تتحدد بزمن معين، يمسح إن شاء متى شاء فهو مخالف للأحاديث التي هي أقوى منه، حديث علي وحديث صفوان وغيرها من الأحاديث، فيكون حينئذٍ شاذاً. طالب:. . . . . . . . . إيه نعم، نعم إيه، إيه، الحديث الذي يليه. "وعن أبي بكرة -رضي الله عنه-" نعم، موقوف على عمر، يعني من كلام عمر نفسه. طالب:. . . . . . . . . هاه؟ طالب:. . . . . . . . . إي نعم حديث عمر موقوف، وحديث أنس مرفوع، أنس يرفعه إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-، نعم. "وعن أبي بكر -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- "أنه رخص للمسافر ثلاثة أيام ولياليهن، وللمقيم يوم وليلة إذا تطهر ولبس خفيه أن يمسح عليهما" أخرجه الدارقطني، وصححه ابن خزيمة". وهذا شاهد لحديث علي وحديث صفوان في توقيت المدة، مدة المسح بالنسبة للمقيم والمسافر، وأبو بكرة اسمه نفيع بن الحارث، سمي بذلك لأنه تدلى من بكرة وقت حصار الطائف، أسلم وأعتقه النبي -عليه الصلاة والسلام-، وكان من فضلاء الصحابة -رضي الله عنه-، مات سنة إحدى أو اثنتي وخمسين. يقول أن النبي -عليه الصلاة والسلام- رخص للمسافر ثلاثة أيام ولياليهن، وهذا معروف أنه بالنسبة للمسح على الخفين، وللمقيم يوماً وليلة إذا تطهر بهذا القيد، لا بد أن يلبس الخفين بعد كمال الطهارة، بعد كمال الطهارة، وتقدم فيما لو لبس خفاً قبل طهارة القدم الأخرى، وأنه لا بد أن ينزع القدم اليمنى ولا يلبسها إلا بعد كمال الطهارة، وإن قال بعض أهل العلم إن هذا مجرد عبث، لكنه تحقيق لهذا الشرط، ومثل هذا لا يقال له عبث، نعم.

"وعن أبي بن عمارة -رضي الله عنه- أنه قال: يا رسول الله أمسح على الخفين؟ قال: ((نعم)) قال: يوماً؟ قال: ((نعم)) قال: ويومين؟ قال: ((نعم)) قال: وثلاثة أيام؟ قال: ((نعم وما شئت)) أخرجه أبو داود، وقال: ليس بالقوي". حديث أبي بن عمارة مدني، سكن مصر، وله صحبة، هذا الحديث ضعيف باتفاق أهل الحديث، كما قال النووي في شرح مسلم: "ضعيف باتفاق أهل الحديث"، وقال في شرح المهذب: "اتفقوا على أنه حديث ضعيف، مضطرب لا يحتج به" ولا يمكن توجيهه كالحديث السابق، لا يمكن توجيهه، فيه معارضة صريحة واضحة لما تقدم من أحاديث التوقيت "قال: يا رسول الله أمسح على الخفين؟ قال: ((نعم)) قال: يوماً؟ قال: ((نعم)) قال: ويومين؟ قال: ((نعم)) قال: وثلاثة أيام؟ قال: ((نعم وما شئت)) زد على ذلك لا بأس، هذا مفاد هذا الحديث، لكنه مخالف لما هو أقوى منه، ولذا اتفق الحفاظ على أنه حديث ضعيف، فلا يحتج به. مالك -رحمه الله- عنده رواية تقول بالإطلاق بالنسبة للمسافر، وأنه يمسح ما شاء استدلالاً بهذا الحديث، لكنه حديث ضعيف، لا يعتد به، ولا يعتمد عليه، نعم إسناده لا يثبت، ومتنه مخالف، ضعيف سنداً ومتناً. قال الإمام البخاري: ليس بالقوي، مثل ما قال أبو داود، وقال الإمام أحمد: رجاله لا يعرفون، وقال الدارقطني: هذا إسناد لا يثبت، ابن الجوزي بالغ فذكر الحديث في الموضوعات، وحكم عليه بالوضع، ذكر الحديث في الموضوعات فحكم عليه بالوضع، نعم ضعفه شديد جداً، ومتنه منكر، وابن الجوزي أدخله في الموضوعات، والله أعلم. وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. نكمل الأسئلة مع العجلة. يقول: هل يترتب المسح على النساء أيضاً؟ كيف هذا؟ المسح على النساء؟ هاه؟ طالب:. . . . . . . . . النساء شقائق الرجال، ما ثبت للرجال ثبت للنساء، والنساء داخلات في خطاب الرجال، داخلات في خطاب الرجال، ومريم بنت عمران كانت من إيش؟ من القانتين، للدلالة على أن النساء يدخلن في خطاب الرجال. يقول: كيف يقول البخاري: إنه ليس في حديث التوقيت أصح من حديث صفوان وهو حسن، مع أن حديث علي أيضاً في التوقيت هو عند مسلم؟

إيش المانع أن يرجح البخاري حديث صفوان على حديث علي؟ ما في ما يمنع، يعني من وجهة نظره هو، ولا يلزم الإمام البخاري بما أخرجه مسلم، فالأئمة لا يلزم بعضهم ... يقول: هل من لبس الجوارب من أجل أن يمسح عليها وكان الجو بارداً فيه شيء؟ لا، هذه حكمة مشروعية المسح، تخفيف المشقة، فلا شيء عليه. في قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((دعهما)) الضمير يعود على الخفين لأنهما مذكورة، أما في قوله: ((أدخلتهما طاهرتين)) أي القدمين فكيف يذكر الضمير على شيء لم يذكر في السياق؟ أقول: إذا كان اللبس منتفياً بحيث لا يوجد لبس في الكلام ((دعهما فإني أدخلتهما)) يعني القدمين طاهرتين، لا يشك أحد في أن المراد أن المدخل القدمين، هل يمكن أن يشك شاك أن المدخل في الخفين اليدين؟ نعم؟ هل يمكن أن يشك شاك في أن المدخل في القدمين أو الرأس؟ ما في أحد بيشك في المقصود، والعرب تحذف ما لا يوقع في لبس. يقول: بعض المصلين يمسح على شراب ذات رائحة كريهة يتأذى منها المصلون فما توجيهكم؟ المسح صحيح ما دامت ساترة للمحل المفروض، لكن يبقى أن من كانت به رائحة تؤذي المصلين سواءً كانت خلقة فيه من بخر ونحوه، أو كانت بسببه لكونه لا يتنظف مثلاً، سواءً في ملبسه أو في بدنه، أو بأكل ما يؤذي برائحته، كل هذا جاء النهي عنه، وأن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم. يقول: فإذا خلع الشخص الخفين وهو طاهر وقبل انتهاء مدة المسح وهو على الطهارة السابقة لبس الخفين مرة ثانية ثم أحدث فهل له أن يمسح؟ إذا خلع الشخص الخفين وهو طاهر وقبل انتهاء مدة المسح، إن كان قبل المسح طاهر من الطهارة التي غسل فيها القدمين، فيلبسهما ما في إشكال، وإن كان مسح عليهما ثم خلعهما ثم أعاد اللبس وهو طاهر فقد انتقضت الطهارة، أهل العلم يقررون أنه إذا خلع الخف الممسوح عليه فإنها تنتقض الطهارة ولو أعادهما، ومثله فيما لو خلع الخف في المدة المحددة يعني بعد أن مسح وقتين وجاء الوقت الثالث وهو طاهر وصلى بدون خفين، نقول: أنت تصلي بقدم لا مغسولة ولا ممسوحة، لا مغسولة ولا ممسوحة، مثلما قلنا في نظيرتها سابقاً. هذا يقول: هل لكم دروس مسجلة في أشرطة؟ وأني لا أعرف غير البرنامج؟

يشكر ويدعو جزاه الله خير، على كل حال الدروس غالبها مسجل، غالب الدروس مسجل، لكنها في طور المراجعة. ما حكم مسح أكثر من ثلاثة أيام للبريد ومن في حكمه؟ لا يجوز المسح لأي شخص كان أكثر من ثلاثة أيام، أكثر من ثلاثة أيام لا يجوز المسح، هذه أعلى مدة جاء تحديدها في الشرع. هذا يقول: ما عمر الصبي الذي تصح الصلاة خلفه؟ جاء ...

كتاب الطهارة (8)

بلوغ المرام - كتاب الطهارة (8) شرح: باب: نواقض الوضوء الشيخ/ عبد الكريم بن عبد الله الخضير هذا يقول: ما عمر الصبي التي تصح الصلاة خلفه؟ جاء في حديث عمرو بن سلمة في الصحيح أن عمره ست سنوات، عمره ست سنوات، لكنه لا يوجد في قومه من يقرأ القرآن مثله، نظروا فإذا هو أكثرهم قرآناً فقدموه. يقول: هل الكرماني شيخ البخاري له كتاب في التفسير؟ في شيخ للبخاري اسمه الكرماني؟ أو شارح البخاري؟ نعم؟ المقصود شارح البخاري، أما نقول: شيخ البخاري، لا، هو شارح البخاري، الكرماني الشارح غير الكرماني الذي له تفسير، غيره شخص آخر؛ لأن كرمان بلد، بلد ينسب إليها أكثر من واحد من أهل العلم، وهي بلد كبيرة في المشرق، ويقول النووي: هو بفتح الكاف، واشتهر قول النووي واعتمده الناس، لكنه بكسرها، الكرماني نفسه هو يقول: وكرمان بكسر الكاف، وإن قال النووي بفتحها فأهل مكة أدرى بشعابها، فهو بكسر الكاف. يقول: كثير من الشباب الصالحين وطلبة العلم يتأخرون عن أداء الصلاة إلى وقت الإقامة، وأكثر فما التوجيه؟ هذه مصيبة ولا تقتصر على طلبة العلم، بل من أهل العلم من لا ينهض إلى الصلاة إلا قرب الإقامة، وهذا وإن وجد التأويل لهم؛ لأنهم انشغلوا بما هو أهم، لا أقول: أهم من الصلاة، أهم من التبكير إلى الصلاة، لأنه فرق بين أن يكون العمل أهم من الصلاة، الصلاة الركن الثاني من أركان الإسلام، لكن التقدم إلى الصلاة، وهو في صلاة مادام ينتظر الصلاة، وجاءت النصوص تحث على التقدم إلى المسجد، قد يوجد عند بعض الناس ما هو أهم من ذلك، وهذا المظنون بأهل العلم.

لكن عامة الناس الذين يرونهم يتأخرون لا يعذرونهم، بل يقتدون بهم في بذلك، وإن كانت الأعمال مختلفة، يعني إذا كان هذا العالم منشغل بمصلحة من مصالح المسلمين العامة لا شك أنه أفضل من أن يتقدم إلى المسجد، لكن العوام يقلدون من؟ وهل يعرفون أنه منشغل بمصالح المسلمين؟ مع الأسف الشديد يوجد من ينتسب إلى العلم ممن يتساهل في هذا الباب، وفي طلبة العلم كثير، ويذكر عن ابن عمر أنه إذا سمع الإقامة نهض إلى الصلاة، لكن العبرة بالنصوص المرفوعة، سارعوا، سابقوا، كل هذه تحث على المبادرة إلى فعل الخير، والنهوض إلى الطاعة بهمة ونشاط، فعلى طالب العلم أن يعتني بذلك، وأن يولي العمل مع تحصيل العلم عناية فائقة. يقول: ما حكم حلق اللحى؟ حرام، جاءت النصوص الكثيرة عن النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((أكرموا)) ((وفروا)) ((أعفوا)) ونقل ابن حزم لأنه يقول: هل هي كبيرة أو صغيرة؟ نقل ابن حزم الإجماع على أن حلق اللحية كبيرة من كبائر الذنوب، وعلى هذا ينتهي السؤال الثاني هل هي سنة أو واجبة؟ لا، نقول: واجبة وجوباً متأكداً. عندكم أسئلة. يقول: ما صحة حديث صلاة الإشراق والوارد في فضلها له أجر حجة كاملة؟ الحديث له طرق يبلغ بها إلى درجة الحسن لغيره، هذا بالنسبة للأجر المرتب على هذا العمل، أما البقاء في المسجد إلى انتشار الشمس فقد ثبت من فعله -عليه الصلاة والسلام-، ثبت من فعل النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه كان يجلس في مصلاه حتى تنتشر الشمس في الصحيح، في صحيح مسلم وغيره، أما الأجر المرتب على البقاء في المصلى للذكر حتى تطلع الشمس، وصلاة ركعتين وله أجر حجة تامة هذا فيه كلام ومقال لأهل العلم، لكنه ورد من طرق أوصله بعضهم بها إلى درجة الحسن لغيره، وبعضهم صححه. يقول: إذا وقع على ملابسي الداخلية نقاط من البول بعد الانقضاء من قضاء الحاجة ولم أقم بتغيير الملابس الواقع عليها شيء من البول وصليت فهل صلاتي صحيحة؟

إذا تيقنت أنه أصاب ثوبك أو جسدك شيء من النجاسة فصلاتك غير صحيحة، لكن بقي أنك إذا قلت: أُغير هذه الملابس، ثم نسيت وصليت بها، أما مع الذكر فالصلاة باطلة، إذا نسيت وصليت بها فالصلاة صحيحة إن شاء الله، إذا علمها قبل الصلاة ثم جهلها أو نسيها فعلى مذهب الحنابلة يعيد، فإن علمها ثم جهلها أو نسيها أعاد، هذا نص لكن نقول: إذا نسيها أو جهلها لا يعيد، أما إذا صلى بالنجاسة عالماً فتجب عليه الإعادة، والنسيان كما هو مقرر عند أهل العلم ينزل الموجود منزلة المعدوم، فنسيانك نزل هذه النجاسة الموجودة منزلة المعدوم، لكنه لا ينزل المعدوم منزلة الموجود عند أهل العلم فلو صليت على غير طهارة ناسياً صلاتك باطلة، ولو كننت ناسياً. يقول: ما حكم أو قص شيء من شعر اللحية مع ذكر تحديد لذلك؟ قص وأخذ شيء مناف لحديث: ((أعفوا)) و ((وفروا)) و ((أكرموا)) فلا يجوز أخذ شيء منها، لا يجوز أخذ شيء منها، والرسول -عليه الصلاة والسلام- كان كث اللحية، جاء عن بعض الصحابة لا سيما في النسك كابن عمر أنه كان يأخذ ما زاد على القبضة متأولاً قوله تعالى: {مُحَلِّقِينَ رُؤُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ} [(27) سورة الفتح] يعني في آن واحد، تفعل التحليق والتقصير في آن واحد، هذا فهمه، والتحليق يكون للرأس، والتقصير للحية، هذا فهم ابن عمر، لكنه لم يوافق عليه، والعبرة بما ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، والله أعلم. وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. طالب:. . . . . . . . . أكثر من ها الأسئلة اللي جاءت؟ طالب: سم يا شيخ. أكثر من ها الأسئلة اللي جاءت؟ طالب: نبيك تسأل. طيب ما يخالف. حديث صفوان بن عسال المرادي حكمه؟ يعني درجته؟ نعم ما يخالف هات، هات وراك هونت؟ طالب:. . . . . . . . . إيه ما يخالف، نعم. طالب:. . . . . . . . . حسن، حديث صفوان بن عسال حسن، ومفاده في التوقيت بالنسبة للمقيم؟ هاه؟ طالب:. . . . . . . . . المسافر، وأما المقيم فدليله حديث؟ حديث علي -رضي الله عنه-، الجواب صحيح. ويش تبي طيب وإلا هذا الذي في الكرتون؟ هذا اللي فيه صور، إيه جزاكم الله خير، هاه؟ اختر، اختر، كيف؟

طالب:. . . . . . . . . أنت تحتاج هذه؟ إن كنت لا تحتاجه. . . . . . . . .، هذا ما في أحد ما يحتاجه، الطيب ما في أحد ما يحتاجه، الرسول -عليه الصلاة والسلام- يقول: ((حبب إلي من دنياكم النساء والطيب)) لكن قرة العين الصلاة، الله المستعان، نعم. حديث أبي بن عمارة، حديث أبي بن عمارة؟ هاه؟ طالب:. . . . . . . . . ضعيف، فيه خلاف وإلا ما في خلاف في ضعفه؟ طيب مفاده ويش يفيد؟ طالب:. . . . . . . . . يفيد إيش؟ طالب:. . . . . . . . . ما الذي يفيده أبي بن عمارة؟ طالب:. . . . . . . . . نجيب لك سؤال ثاني؟ ما الفرق بين الموقوف والمرفوع؟ طالب:. . . . . . . . . المرفوع إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- والموقوف؟ على الصحابي، خلاص. تحتاج ذي؟ إيه، إيه تحتاجه؟ هاه؟ طالب:. . . . . . . . . طيب وإلا .. ؟ أخذت طيب؟ طَيب لا بأس، لا بأس. ما اسم أبي بكرة؟ وما سببت تكنيته بذلك؟ نعم، ما البكرة؟ إيش البكرة؟ ويش هي البكرة؟ طالب:. . . . . . . . . لا، ما يوضع فوق البئر لاستخراج الماء، البكرة هذه التي تدور هذه، نعم؟ هاه؟ لماذا لقب بأبي بكرة؟ لأنه تدلى ... طالب:. . . . . . . . . نعم، اسمه؟ هاه؟ طالب:. . . . . . . . . اسم أبي هريرة، ما اسم أبي هريرة؟ طالب:. . . . . . . . . عبد الرحمن بن صخر الدوسي. كم يروي من حديث؟ كم له من حديث يرويه؟ طالب:. . . . . . . . . من ثالث الخلفاء الراشدين؟ طالب:. . . . . . . . . ما شاء الله، ما شاء الله، تفضل الله يصلحك، تحتاج اثنين، طيب. هناك قاعدة في النسيان مهمة عند أهل العلم، أشرنا إليها في أكثر من مناسبة، يمكن أنها آخر فائدة، هاه؟ طالب:. . . . . . . . . والله مشكلة واحد يقرأ، واحد .. ، نعم؟ أنت، أنت؟ طالب:. . . . . . . . . صحيح، طيب. متى يحمل المطلق على المقيد؟ هذا مر بنا في وقت سابق. طالب:. . . . . . . . . يحمل المطلق على المقيد، هاه؟ متى يخص العام بالخاص؟ ومتى لا يخص؟ إيش الفرق بين التقييد والتخصيص؟ أصول الفقه هذا أنت بحاجته، أقول: إذا كنت تنوي مواصلة طلب العلم الشرعي ما تستغني عن مثل هذه الأمور. اسم أبي بكرة؟ طالب:. . . . . . . . .

نفيع بن الحارث، سم. من يجيب على الأسئلة التي ذكرتها؟ الأسئلة الأصولية التي ذكرتها؟ متى يقيد المطلق؟ ومتى يخصص العام؟ والفرق بين التقييد والخاص؟ ويستحق هذه آخر الجوائز، طيب تصور حمل المطلق على المقيد، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . إذا اتحد الحكم والسبب يحمل وإلا ما يحمل؟ يحمل. إذا اختلف الحكم والسبب، لا يحمل، طيب. طالب:. . . . . . . . . إيش الحكم في المسألتين؟ طالب:. . . . . . . . . قولاً واحداً وإلا فيه خلاف؟ إذا اتحد السبب دون الحكم مثاله؟ السبب دون الحكم؟ طالب:. . . . . . . . . لماذا لا تقول: اليد؟ نعم، اليد، السبب دون الحكم في آية التيمم وفي آية الوضوء، سبب دون حكم يحمل المطلق على المقيد؟ طالب:. . . . . . . . . ما يحمل صحيح، سم. اللهم صلِّ وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فقد قال الحافظ ابن حجر -رحمه الله-: باب: نواقض الوضوء: باب: نواقض الوضوء: عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: "كان أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- -على عهده- ينتظرون العشاء حتى تخفق رؤوسهم, ثم يصلون ولا يتوضئون". وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "جاءت فاطمة بنت أبي حبيش إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقالت: يا رسول الله إني امرأة أستحاض فلا أطهر, أفأدع الصلاة? قال: ((لا، إنما ذلكِ عرق وليس بحيض, فإذا أقبلت حيضتك فدعي الصلاة, وإذا أدبرت فاغسلي عنك الدم, ثم صلي)) متفق عليه، وللبخاري: ((ثم توضئي لكل صلاة)) وأشار مسلم إلى أنه حذفها عمداً. وعن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- قال: "كنت رجلاً مذاء, فأمرت المقداد بن الأسود أن يسأل النبي -صلى الله عليه وسلم- فسأله? فقال: ((فيه الوضوء)) متفق عليه, واللفظ للبخاري. وعن عائشة -رضي الله عنها- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قبل بعض نسائه, ثم خرج إلى الصلاة ولم يتوضأ" أخرجه أحمد, وضعفه البخاري.

وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إذا وجد أحدكم في بطنه شيئاً, فأشكل عليه أخرج منه شيء أم لا? فلا يخرجن من المسجد حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً)) أخرجه مسلم. وعن طلق بن علي -رضي الله عنه- قال: قال رجل: "مسست ذكري، أو قال الرجل: يمس ذكره في الصلاة أعليه وضوء? فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((لا, إنما هو بضعة منك)) أخرجه الخمسة, وصححه ابن حبان، وقال ابن المديني: هو أحسن من حديث بسرة. وعن بسرة بنت صفوان -رضي الله عنها- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من مس ذكره فليتوضأ)) أخرجه الخمسة, وصححه الترمذي وابن حبان، وقال البخاري: هو أصح شيء في هذا الباب. وعن عائشة -رضي الله عنها- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من أصابه قيء أو رعاف أو قلس أو مذي فلينصرف فليتوضأ, ثم ليبنِ على صلاته, وهو في ذلك لا يتكلم)) أخرجه ابن ماجه، وضعفه أحمد وغيره". السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. استكمالاً لما بدأنا به في أول الإجازة من شرح لأحاديث كتاب بلوغ المرام للحافظ أحمد بن علي بن حجر وهو كتاب أشرنا إلى أهميته بالنسبة لطالب العلم، وجمعه ما يحتاجه الطالب من أحاديث الأحكام، في بداية الدرس السابق، في الفترة السابقة أشرنا إلى شيء من مزايا هذا الكتاب، ومنهج المؤلف فيه. والآن نستكمل ما بدأنا به، والأحاديث كما تعلمون عددها كبير والوقت لا يسمح بالاسترسال والاستطراد وذكر كل شيء إنما نأتي بقدر ما يناسب الوقت، وينفع الطالب -إن شاء الله تعالى-. يقول -رحمه الله تعالى-: "باب: نواقض الوضوء" الباب تقدم تعريفه مراراً، وأنه في الأصل ما يدخل معه ويخرج منه. . . . . . . . . مسائل غالباً، فهو حقيقة عرفية، والذين يقولون بالمجاز يقولون: إنه مجاز استعماله في المحسوسات حقيقة، وفي المعاني مجاز، لكن لا داعي لأن نقول: إنه مجاز، بل هو حقيقة عرفية، واصطلاح خاص، أو عرف خاص عند أهل العلم، يسمون هذه المسائل التي تنطوي تحت فصل أو فصول باب.

نواقض: جمع ناقض، نواقض: جمع ناقض، فالفاعل يجمع على فواعل، ضارب ضوارب، كاسر كواسر، ناصر نواصر وهكذا. والأصل في النقض: حل المبرم، حل المبرم، تقول: نقضت غزلها يعني أفسدت ما أبرمته ونقضته، وحلت ما أبرمته، ومنه هنا نقض الوضوء، يعني إبطال الوضوء بما يبطل الوضوء، فإبطال الوضوء يسمى نقض للوضوء، وهنا في المعاني وهو أيضاً حقيقة شرعية، حقيقة شرعية؛ لأن الحقائق كما تعلمون ثلاث: لغوية وشرعية وعرفية. في الحديث الأول يذكر الحافظ -رحمه الله تعالى- يروي عن أنس بن مالك -رضي الله عنه-، والجار والمجرور متعلق بمحذوف تقديره: أروي عن أنس بن مالك. وذكرنا مراراً أنه في أول الباب لا يأتي بالواو، باب: نواقض الوضوء عن أنس بن مالك، لكن الحديث الثاني يقول: وعن فلان، يعني وأروي أيضاً عن فلان. "عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: "كان أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- -على عهده- ينتظرون العشاء حتى تخفق رؤوسهم, ثم يصلون ولا يتوضئون"، أخرجه أبو داود، وصححه الدارقطني وأصله في مسلم".

"كان أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- -على عهده-" إذا قال الصحابي: كانوا يفعلون، فلا يخلو إما أن يضيفه إلى عهد النبي -عليه الصلاة والسلام- أو لا، فإن أضافه إلى عهد النبي -عليه الصلاة والسلام- فهو مرفوع، ويكون حينئذٍ من السنة التقريرية، كقول جابر: "كنا نعزل والقرآن ينزل"، ولو كان شيئاً مما ينهى عنه لنهى عنه القرآن، فهم يستدلون بعدم النهي عن الفعل الذي يفعلونه في عهد النبي -عليه الصلاة والسلام- على أنه سنة وحجة ملزمة؛ لأن السنة إما أن تكون قولية أو فعلية أو تقريرية أو صفة من أوصافه -عليه الصلاة والسلام-، وهذا هو التقرير؛ لأنه لو كان شيء ينهى عنه لنهى عنه النبي -عليه الصلاة والسلام-، وهنا ينتظرون الصلاة في مسجده -عليه الصلاة والسلام-، وعلى عهده كما نص على ذلك في هذه الرواية، على خلاف في ثبوت هذه الكلمة، أما إذا لم ينص الصحابي على العهد النبوي، بل قال: كانوا يفعلون، من دون أن يضيفه إلى عصر النبي -عليه الصلاة والسلام-، ولا إلى عهده فالمسألة خلافية بين أهل العلم، فمنهم من يرى أنه مرفوع أيضاً؛ لأن الصحابي لا يمكن أن يقول مثل هذا الكلام في مسألة شرعية إلا ويقصد من وراء ذلك الاحتجاج بهذا الفعل، إلا ويقصد بذلك الاحتجاج بهذا الفعل، فلا يحتاج إلى أن ينص على عهده كانوا يفعلون، أما إذا كانت هذه الصيغة لا يخرج منها أحد، بمعنى أنهم كانوا يعين كلهم، كانوا كلهم ينامون، أو ينتظرون العشاء حتى تخفق رؤوسهم، فهذا استدلال بالاتفاق والإجماع، والإجماع حجة عند أهل العلم، فيكون حينئذٍ في هذه الصيغة ما يدل على نقل الاتفاق، وإن كان نقل الاتفاق بمثل هذا الكلام إذ لم ينص على الإجماع، أجمعوا على كذا، أو لم يختلفوا في كذا، الاحتجاج به على أنه إجماع فيه ما فيه، وعلى كل حال مثل هذه الصيغة: "كان أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" لا تخلو إما أن تضاف إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- فيقال: في عهده وفي عصره، أو لا يذكر ولا يشار إلى العصر والعهد النبوي، أما إذا أشير إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- فهو من قبيل المرفوع، والخلاف جاري بين أهل العلم إذا لم يضف إلى العهد النبوي، وعلى كل حال كانوا وهم جمع من

الصحابة إن لم يكونوا كلهم، فهم جماعة من الصحابة، وهم أهل التحري والاحتياط، في مثل هذا الباب لا سيما لأهم العبادات، وأعظم الأركان، الطهارة شرط لصحة الصلاة، والصلاة أعظم الأركان بعد الشهادتين، فكونهم "ينتظرون العشاء" و "تخفق رؤوسهم" بعض الروايات: "أنهم كانوا يحطون" وبعض الروايات: "أنهم كانوا يضعون جنوبهم" المقصود أن مثل هذا لو كان ناقضاً لما صلوا وقد فعلوه، وهنا يستدل المؤلف -رحمه الله تعالى- بهذا على أن مجرد الخفقان والنعاس والنوم الخفيف لا ينقض الوضوء. "كانوا ينتظرون العشاء حتى تخفق رؤوسهم"، "على عهده" هذه ذكرها أبو داود، هذه اللفظة: "على عهده" أشار إليها أبو داود وإن لم تكن في أصل الحديث عنده، وليست في الأصل الذي أشار إليه ابن حجر -رحمه الله- حينما قال: وأصله في مسلم، وأصله في مسلم، ولفظه عند مسلم: "كان أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ينامون ثم يصلون ولا يتوضئون" وهذا لفظ مجمل، أو مطلق يحتاج إلى تقييده بالنوم الخفيف من المتمكن؛ لأنه سيأتينا ما يدل على أن النوم ينقض الوضوء، وذاك أيضاً مطلق يحتاج إلى تقييد، إذ ليس كل نوم ينقض الوضوء،. . . . . . . . . في صحيح مسلم: "على عهده" الذي هو أصل الحديث، وليست في أصل رواية أبي داود بل أشار إليها.

وعرفنا الفرق بين إضافة الفعل منهم -رضوان الله عليهم- إلى عهده وعدم الإضافة، كانوا أو كان أصحاب رسول الله تنصيص على أن المراد بهؤلاء الذين ينتظرون صلاة العشاء هم الصحابة -رضوان الله عليهم-، أفضل الناس بعد الأنبياء، ينتظرون العشاء، يعني ينتظرون صلاة العشاء "حتى تخفق" تميل وهي من باب ضرب، خفق يخفق، وليست من باب نصر كما نطقها بعضهم حتى تخفُقَ، لا، بل هي من باب: ضرب "حتى تخفق رؤوسهم" ينتظرون العشاء، تخفق رؤوسهم قبل صلاة العشاء، هذا يدل على إيش؟ يدل على أنهم لا ينامون في النهار إلى شيء يسير عند الحاجة القصوى، فالأصل في النهار المعاش، ولو كانوا .. ، أو لو كان صنيعهم كما يصنعه كثير من أهل هذا العصر أو هذا الزمان، الليل معد للسهر الطويل، والنهار للنوم ما خفقت رؤوسهم، ولا بعد منتصف الليل، لو كانوا على ما نصنعه الآن، وما ابتلي به كثير من المسلمين في هذه الأزمان، والنهار كما هو معروف معاش، والليل سبات، هذا الأصل، وهذه السنة الإلهية، كثير من الناس خالف هذه السنة، تجده في النهار كله نوم، والليل هو وقت الأنس والسهر، ويا ليت هذا السهر يقضى فيما ينفع، بل هو في الغالب يقضى فيما يضر، إذا قضي فيما ينفع فالنبي -عليه الصلاة والسلام- سمر بعد صلاة العشاء، وأهل العلم يستثنون من كراهة الحديث بعد صلاة العشاء إذا كان هذا الحديث لفائدة، إما تحصيل علم أو مصلحة من مصالح المسلمين العامة حينئذٍ لا بأس، أما أن تقلب السنة الإلهية يكون النهار نوم، والليل السهر، هذه بلوى، والله المستعان.

"ينتظرون العشاء" يعني صلاة العشاء "حتى تخفق رؤوسهم ثم يصلون ولا يتوضئون" رواية مسلم كما سمعنا: "ينامون ثم يصلون ولا يتوضئون" وعرفنا أن هذا اللفظ مطلق لا بد من تقييده، إذ جاءت النصوص التي تدل على أن النوم ناقض للوضوء، وعلى كل حال الأقوال لأهل العلم ثمانية في النوم هل ينقض الوضوء أو لا ينقضه؟ فمنهم من يرى أن النوم ينقض على أي حال، استدلالاً بحديث صفوان بن عسال الذي تقدم، الذي تقدم في المسح على الخفين، وفيه: ((ولكن من بول أو غائط أو نوم)) فدل على أن النوم ينقض الوضوء، وهنا فعلهم يدل على أن النوم لا ينقض الوضوء، حديث صفوان يدل على أن النوم، اسم النوم جنس النوم ينقض الوضوء، وهنا يدل على أن النوم لا ينقض الوضوء، فلا بد من التوفيق بين الحديثين، فلا بد من التوفيق بين الحديثين، فيحمل النوم الذي لا ينقض الوضوء على الخفيف -النوم الخفيف- الذي لا يستغرق صاحبه، وحديث صفوان بن عسال يستدل به أصحاب القول الأول وأنه ينقض مطلقاً على كل حال مهما كان خفيفاً، وعلى أي وضع كان. والقول الثاني: أنه لا ينقض مطلقاً لحديث أنس المذكور في الباب، وفيه: "كان أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ينامون ثم يصلون ولا يتوضئون" ولا شك أن التوفيق بين النصوص أمر لا بد منه، إذ لا يصار إلى الترجيح ولا القول بالنسخ ولا التوقف مع إمكان الجمع، والجمع ممكن كما سمعنا. هناك قول وهو قريب من .. ، أو بين القولين أنه لا ينقض مطلقاً أو ينقض مطلقاً، أنه ينقض وإنما يعفى عن اليسير من المتمكن، وإنما يعفى عن اليسير من المتمكن، ويحمل عليه حديث الباب، وأما حديث صفوان بن عسال فيحمل على النوم المستغرق.

هناك قول لبعض أهل العلم ممن يرى أن النوم ليس بناقض وإنما هو مظنة للنقض، وإنما هو مظنة للنقض، ليس بناقض بنفسه، فإذا جزم الإنسان أنه لم يخرج منه شيء فإنه يصلي ولا يتوضأ، إذا وكل شخصاً يرقبه، وهذا الشخص يلاحظه ملاحظة دقيقة منذ أن نام إلى أن استيقظ لم يسمع منه صوت ولم يشم منه ريح فإنه حينئذٍ لا ينقض، لماذا؟ لأن النوم مظنة، أما من لم يكن بهذه الصفة بأن نام فالمظنة توجد غلبة ظن، توجد فيها غلبة ظن أنه انتقض وضوؤه، باستثناء ما تقدم؛ لأنه إذا نام متمكناً ممكناً مقعدته من الأرض فإن الذي يغلب على الظن أنه لم يخرج منه شيء، لا سيما إذا كان جالساً غير معتمداً على شيء فيكون حينئذ نومه خفيف بحيث لو دار حوله أدنى شيء حس به. وهناك قول وهو الخامس: أنه إذا نام على هيئة من هيئات الصلاة، نام على هيئة سواءً كان راكع أو ساجد أو قائم أو قاعد فإنه لا ينقض الوضوء، بخلاف ما إذا نام على هيئة تخالف هيئات الصلاة فإنه حينئذٍ ينتقض وضوؤه، ومنهم من يخص ذلك بالراكع والساجد فقط، وعلى كل حال الأقوال في المسألة ثمانية، لكن المرجح أن النوم ناقض، جنس النوم ناقض، يستثنى من ذلك الشيء اليسير؛ لأن الإنسان إذا نام غلب على الظن أنه انتقض وضوؤه بما ينقض إجماعاً من ريح أو صوت. هذا أقرب الأقوال أنه الخفيف يعفى عنه من المتمكن وإلا فالأصل أن النوم كما في حديث صفوان بن عسال ناقض للوضوء، وإذا قلنا: إن النوم ناقض للوضوء فمن باب أولى ما هو أشد من النوم، النائم يرتفع عقله، ولا يدري بما يصدر عنه، فمن باب أولى من جن أو سكر أو أغمي عليه، فإنه حينئذٍ ينتقض وضوؤه بجامع زوال العقل مع النوم، فإذا كان النوم وهو بحيث إذا أُيقظ استيقظ فالذي لا يمكن إيقاظه من باب أولى كالمجنون والمغمى عليه. الحديث الثاني: "عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "جاءت فاطمة بنت أبي حبيش إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- فقالت: يا رسول الله إني امرأة أستحاض فلا أطهر, أفأدع الصلاة? قال: ((لا، إنما ذلكِ عرق وليس بحيض, فإذا أقبلت حيضتك فدعي الصلاة, وإذا أدبرت فاغسلي عنك الدم, ثم صلي)) متفق عليه".

هنا حديث فاطمة، أو حديث عائشة في قصة فاطمة بنت أبي حبيش في الاستحاضة، أورده المصنف ليستدل به على أن خروج الدم -دم الاستحاضة- ناقض للوضوء، وأن الخارج من البدن الذي ينقض الوضوء ليس بخاص في البول والغائط أو الريح، بل مما ينقض الوضوء أيضاً دم الاستحاضة، ولذا جاء في برواية البخاري "وللبخاري: ((ثم توضئي لكل صلاة)) ((ثم توضئي لكل صلاة)) " القدر الأول متفق عليه، والإمام البخاري انفرد بقوله: ((ثم توضئي لكل صلاة)) وأما مسلم فأشار إلى أنه حذف هذه الجملة عمداً، قال: "وفي حديث حماد بن زيد زيادة حرف تركنا ذكره" يعني تعمد حذف هذه الزيادة، وكأنها لم تثبت عنده، لكنها ثابتة عند من هو أشد تحرياً منه وهو البخاري -رحمه الله تعالى-. ((ثم توضئي لكل صلاة)) وهذا هو الشاهد من الحديث، الأمر بالوضوء، أمر المستحاضة بالوضوء، فدل على أن خروج دم الاستحاضة ناقض، ناقض للوضوء، ومن باب أولى خروج دم الحيض الموجب للغسل. "جاءت فاطمة بنت أبي حبيش إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- فقالت: يا رسول الله إني امرأة أستحاض فلا أطهر" يطول معها خروج الدم، وهو الاستحاضة كما سيأتي غير الحيض، هذا دم يخرج من أدنى الرحم، وذاك دم يخرج من قعر الرحم، فبينهما فروق يأتي بيانها -إن شاء الله تعالى- في باب الحيض. "فلا أطهر، أفأدع الصلاة? قال: ((لا)) " يعني لا تدعي الصلاة؛ لأن هذا لا يمنع من وجوب بالصلاة بخلاف الحيض، الحائض لا يجوز لها أن تصلي، ولو صلت لم تصح ((إنما ذلك عرق)) عرق نزيف، يسمونه نزيف، إنما ذلك عرق ((وليس بحيض)) ليس بحيض يمنع من الصلاة، وإنما هو مجرد عرق يخرج منه الدم الذي يختلف عن دم الحيض على ما سيأتي ((فإذا أقبلت حيضتك فدعي الصلاة, وإذا أدبرت فاغسلي عنك الدم, ثم صلي)) هذه المستحاضة "إذا أقبلت حيضتك" دل على أنها تعرف حيضها، وتميز بين دم الحيض ودم الاستحاضة إما باللون والرائحة أو بالعادة في الوقت بداية ونهاية على ما سيأتي تقريره -إن شاء الله تعالى- في باب الحيض.

على كل حال الشاهد من الحديث رواية البخاري: ((ثم توضئي لكل صلاة)) فدل على أن النقض لا يختص بالخارج المعتاد كالبول والغائط والريح سواءً كانت بصوت أو بدون صوت، بل ما يخرج من المخرج المعتاد ينقض الوضوء، كل ما يخرج من المخرج المعتاد فإنه ينقض الوضوء، والخلاف فيما يخرج من غير المخرج المعتاد، أما ما يخرج من المخرج المعتاد فإنه ناقض عند أهل العلم إلحاقاً له بالبول والغائط والحيض والاستحاضة والريح، أما ما يخرج من غير المخرج المعتاد شخص جُرح، هل ينتقض وضوؤه أو لا ينتقض؟ نعم؟ هذه مسألة خلافية بين أهل العلم سيأتي بيانها -إن شاء الله تعالى-، وعرفنا أن الإمام مسلم حذف هذه الزيادة، تركها عمداً، ولذا قال: "وأشار مسلم إلى أنه حذفها عمداً"، وهي موضع الشاهد، هي موضع الشاهد من الحديث لباب النواقض. ((ثم توضئي لكل صلاة)) توضئي لكل صلاة، ألا يكفيها أن تتوضأ ويرتفع حدثها؟ تتوضأ مرة واحدة بعد ذلك يرتفع حدثها ولا تحتاج إلى أن تتوضأ ثانية؟ وهل نقول: حينئذٍ إن وضوء المستحاضة رافع للحدث أو مبيح للصلاة؟ مبيح للصلاة مع وجود الحدث كمن به سلس، نعم الدليل يدل على أنه إيش؟ مبيح، إذا لو كان رافعاً للحدث نعم لما احتاجت أن تتوضأ لكل صلاة، لما احتاجت أن تتوضأ لكل صلاة، ارتفع حدثها وانتهى حتى ينتقض هذا الحدث بناقض غير ما رفع وهو الاستحاضة، لكن دل على أن وضوء المستحاضة كمن به حدث دائم مبيح للصلاة وليس برافع؛ لأن الحديث هل يمكن رفعه وهو موجود؟ نعم؟ الحدث؟ الحدث موجود قائم هي تستحاض ولا تتطهر، الدم ينزل منها باستمرار، فالحدث قائم، وضوؤها مبيح للصلاة وليس برافع. الحديث الثالث: "وعن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- قال: "كنت رجلاً مذاءً, فأمرت المقداد أن يسأل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فسأله? فقال: ((فيه الوضوء)) متفق عليه, واللفظ للبخاري".

ولفظ مسلم: ((منه الوضوء)) لفظ البخاري: ((فيه الوضوء)) ولفظ مسلم: ((منه الوضوء)) يعني يجب منه الوضوء، "كنت رجلاً مذاءً" علي -رضي الله عنه- كان رجلاً مذاءً، يعني كثير خروج المذي، وهو ماء رقيق أبيض يخرج عند التفكير أو عند الملاعبة، وهذا لا يوجب الغسل، وإن كان علي -رضي الله عنه- قبل هذا السؤال يغتسل حتى تشقق ظهره، ومعلوم أن شفاء العي السؤال، لما تعب علي -رضي الله عنه- وتشقق ظهره من كثرة الاغتسال أمر المقداد، وفي رواية أنه أمر عمار، وفي رواية أنه سأل النبي -عليه الصلاة والسلام-، وجاء في بعض الروايات أنه أمر المقداد لمكان فاطمة منه، فاطمة بنت النبي -عليه الصلاة والسلام- فيستحيي أن يسأل النبي -عليه الصلاة والسلام- وابنته تحته، فأمر المقداد أن يسأل النبي -عليه الصلاة والسلام-. "كنت رجلاً مذاءً, فأمرت المقداد أن يسأل النبي -عليه الصلاة والسلام-" في مثل هذا أو في هذا الصنيع من الأدب ما فيه، فالأصهار يستحيى منهم بلا شك، والحياء شعبة من شعب الإيمان مع الناس كلهم، ويتأكد في حق من له عليك حق، كالأصهار يستحيا منهم، "فأمرت المقداد أن يسأل النبي -عليه الصلاة والسلام-" والأمر هنا أمر وجوب وإلا التماس؟ التماس؛ لأن علياً مساوي للمقداد وليس له عليه أمر، في عصر النبي -عليه الصلاة والسلام- نعم له عليه أمر في خلافته، لكن قبل خلافته إنما هو أمر التماس، فالمسلمون سواسية، وعلي -رضي الله عنه- وإن كان ابن عم النبي -عليه الصلاة والسلام- وصهره على ابنته، فإنه ليس له أن يأمر أمر وجوب، ولا يلزم أحد، وإن كان قريباً من النبي -عليه الصلاة والسلام- ابن عمه وزوج ابنته، فليس له حق على أحد، والمقداد مولى، والمقداد مولى، وعلى كل حال هذا أمر التماس، فنجد في تصرفات كثير ممن لهم صلة بأدنى مسئول من أمر الناس ونهيهم وتكليفهم أن هذا التصرف غير سائغ شرعاً، هذا أمر غير سائغ، بعض الناس لأنه قريب من فلان أو علان يتسلط على الناس ويأمر وينهى، هذا ليس بشرع، هذا تعدي وظلم للناس، هذا ابن المدير، وهذا ابن الوزير، وبعدين؟ أو أخو فلان أو علان، لا، ليس لك أمر ولا نهي على أحد، الناس سواسية، لا فرق لأحد على أحد إلا بالتقوى.

وهنا أمر علي هو مجرد التماس للمقداد، والمقداد كما سمعنا مولى، وكان تحته ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب ابنة عم النبي -عليه الصلاة والسلام-، وهو مولى. "فأمرت المقداد أن يسأل النبي -عليه الصلاة والسلام-" عرفنا أنه في بعض الروايات المأمور عمار، وفي غير ذلك أن السائل هو علي -رضي الله عنه-، فالآمر بالشيء في حكم المباشر له، فالآمر بالشيء في حكم المباشر، حينما أمر المقداد أو أمر عمار لا يمنع أن يأمر المقداد، ثم يتأخر عليه برد الجواب يسأل النبي -عليه الصلاة والسلام- ثم يأمر غيره، فبهذه تجتمع الروايات، وكونه هو السائل؛ لأنه أمر بالسؤال، وينسب الفعل إلى غير الفاعل الحقيقي لأدنى ملابسة، فيقال: فعل الأمير، ضرب الأمير، حفر الأمير بئراً، الأمير يباشر حفر الآبار؟ لا، إنما أمر بذلك، وهنا علي -رضي الله عنه- أمر فكأنه باشر السؤال "فسأله? فقال: ((فيه الوضوء)) " فدل على أن المذي ناقض من نواقض الوضوء، وهذا كغيره مما يخرج من السبيل المعتاد على ما تقدم كدم الاستحاضة والبول والغائط والريح، وألحق بذلك أهل العلم كل ما يخرج من المخرج المعتاد قل أو كثر ولو كان طاهراً. ((فيه الوضوء)) متفق عليه، واللفظ للبخاري" ولفظ مسلم: ((منه الوضوء)) يعني يجب منه الوضوء، يجب منه الوضوء. ومناسبة ذكر الحديث للنواقض ظاهرة باعتبار أن هذا الماء الأبيض الرقيق ناقض للوضوء، فمنه الوضوء وفيه الوضوء، والمذي كما هو مقرر عند أهل العلم نجس، نجس لأنه مأمور بغسل الذكر منه، في رواية: "والأنثيين" أيضاً على ما سيأتي، في رواية أبي داود: ((ثم يغسل ذكره وأنثييه ويتوضأ)) يغسل ذكره يعني كاملاً وأنثييه، والحكمة في ذلك أنه إذا باشرت هذه الرطوبة مع ما يصاحبها من برودة أنه يتقلص الذكر وينقطع هذا الخارج. على كل حال المذي نجس للأمر بغسل الذكر منه، وهو ناقض، خروجه ناقض للوضوء. "وعن عائشة -رضي الله عنها- أن النبي -عليه الصلاة والسلام- قبل بعض نسائه, ثم خرج إلى الصلاة ولم يتوضأ" أخرجه أحمد، وضعفه البخاري".

"قبل بعض نسائه ثم خرج إلى الصلاة ولم يتوضأ" هذا الحديث مخرج في المسند والسنن عند أبي داود والترمذي وابن ماجه، وضعفه البخاري فيما نقله عنه أبو عيسى الترمذي في سننه، ضعفه، وصححه جمع من أهل العلم، لا سيما من المتأخرين، وحسنه آخرون، فالحديث مختلف فيه، فالقبلة فرع من اللمس، لمس المرأة، فالقبلة فرع من اللمس، فالذي يقول بأن مجرد اللمس ناقض للوضوء، ويستدل بقوله تعالى: {أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاء} [(43) سورة النساء] من باب أولى أن تكون القبلة ناقضة، والمس -مس المرأة- مختلف فيه بين أهل العلم، مختلف في تأويل الآية: {أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاء} [(43) سورة النساء] هل المراد به مجرد إيقاع البشرة على البشرة مطلقاً؟ أو إذا وجد شهوة؟ أو اللمس مجرد اللمس لا ينقض الوضوء وإنما المراد بالمسيس والملامسة هنا الجماع كما يرجحه كثير من أهل العلم؟ والمسألة خلافية، فمن أهل العلم من يرى أن مجرد اللمس ولو لم توجد شهوة أنه ينقض الوضوء، وهذا قول الشافعية، منهم من يرى أنه إذا وجدت الشهوة نقض اللمس، مس المرأة بشهوة ينقض الوضوء، لماذا؟ لأنه مظنة لخروج شيء مثل ما قيل في النوم: إنه مظنة للخروج، اللمس أيضاً مظنة، ويقول: إن معنى لامستم هو المس باليد، والمرجح في تفسير الملامسة في الآية أن المراد بها الجماع، كما أثر ذلك عن الصحابة، ورجحه كثير من المفسرين، وبه تتم المقابلة بالآية، فيما يوجب التيمم، فالموجب للتيمم الحدث الأصغر، وقد أشار إليه بقوله: {أَوْ جَاء أَحَدٌ مَّنكُم مِّنَ الْغَائِطِ} [(6) سورة المائدة] تتم المقابلة إذا فسرنا الملامسة {أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاء} [(43) سورة النساء] بالجماع، فيستدل بالحدث الأصغر وأنه موجب للتيمم بالغائط، ويستدل على أن الحدث الأكبر موجب للتيمم بالملامسة، وهذا مما يرجح تفسير الملامسة في الآية بالجماع.

والحديث فرع من هذه المسألة، فلو ثبت الحديث لقلنا: إن الملامسة لا سيما إذا كانت مع شهوة ناقضة للوضوء وهو المعروف عند الحنابلة، وأما الشافعية فيفسرون الملامسة بمجرد اللمس ولو لم يوجد شهوة ويقولون: كل لمس للمرأة سواءً وجد معه شهوة أو لم يوجد ناقض للوضوء، ولذا يجدون الحرج الشديد في المطاف، الشافعية يجدون الحرج الشديد في المطاف، يعني في أوقات السعة الأمر سهل، لكن في المطاف، حينما يزدحم الناس في المواسم مجرد ما يمس يد امرأة ولو من غير قصد، ولو من غير شهوة ينتقض وضوؤه، وتبعاً لذلك يبطل طوافه عندهم، وقول الحنابلة أنه مظنة للنقض وليس بناقض؛ لأنه مثل النوم لكن يختلف لمس المرأة بالشهوة مع النوم وإن كان كل منهما وسيلة للنقض ومظنة له، إلا أن النوم مزيل للعقل فلا يدرى عن حقيقة الحال، أما هنا يختلف عن النوم من وجه، ويتفق معه من وجه، يختلف مع النوم أن النوم لم يطلع على الحقيقة لزوال العقل، وهنا إمكان الاطلاع على الحقيقة ممكن، فانتقاض الوضوء بالخارج وعدم الانتقاض آيل إلى العلم، آيل إلى العلم، فإن خرج منه شيء انتقض وإلا فلا، وبهذا يختلف عن النوم، ويتفق مع النوم أن كلاً منهما مظنة للنقض.

"ضعفه البخاري" إمام الصنعة فيما نقله عنه الترمذي في سننه، وصححه بعضهم من المتأخرين الشيخ أحمد شاكر والألباني -رحمة الله على الجميع-، وحسنه جمع من أهل العلم، فالحديث مختلف فيه فنرجع إلى الآية، نرجع إلى الآية، والمرجح عند جمهور أهل التأويل من الصحابة والتابعين فمن بعدهم أن المراد بالملامسة الجماع، فيبقى الحكم على الأصل، وأن مجرد اللمس ليس بناقض، نعم الاحتياط شيء، والحكم الجازم بأن هذا ناقض شيء آخر، الاحتياط شيء، كون الإنسان يحتاط لنفسه، قبل امرأته أم مسها، فخشي أن يخرج منه شيء فتوضأ هذا .. ، لكن هل نقول: إن الحكم هنا وهذا الاحتياط إنما هو للنقض باللمس أو للنقض بالخارج؟ إذا قلنا: أنه النقض باللمس يصير للاحتياط موضع؟ لأن اللمس وسيلة وليس بغاية، ومظنة، هو مظنة للخارج، شخص قبل امرأته فقال: أريد أن أحتاط فأتوضأ، إن خرج منه شيء فهل يكفيه الوضوء؟ أو لا بد أن يغسل ذكره؟ لا بد أن يغسل، ثم بعد غسله يتوضأ، كما جاء في رواية أبي داود: ((ثم ليغسل ذكره وأنثييه ثم يتوضأ)) وإن لم يخرج منه شيء وتحققنا من عدم وجود ما رتب على هذه المظنة وعلى هذه الوسيلة، فالاحتياط يوقع في مخالفة، الاحتياط يوقع في مخالفة، المسألة مفترضة في شخص توضأ وضوءاً كاملاً ثم قبل امرأته فقال: أريد أن أحتاط رجع وتوضأ وضوء، إن لم يخرج منه شيء وقلنا: إنه يحتاط والوضوء من اللمس؛ لأنه مظنة لخروج شيء، هل يستفيد من هذا الوضوء شيء؟ يستفيد؟ ما قررنا أن اللمس مظنة للنقض بخروج شيء، إن خرج منه شيء لا ينفعه هذا الوضوء، بل لا بد من غسل الذكر والأنثيين ثم الوضوء، وإن لم يخرج منه شيء يكون توضأ مرة ثانية وأعاد الطهارة من غير مبرر، أعاد الطهارة من غير مبرر، متصورة المسألة وإلا ما هي متصورة؟ يعني يتصور أن شخص ما قبل ولا مس ولا انتقض وضوؤه، توضأ ثلاثاً ثلاثاً، ثم عاد إلى مكان الوضوء توضأ ثلاثاً ثلاثاً هذا مشروع وإلا بدعة؟ طالب:. . . . . . . . .

كيف؟ بدعة، يكون كأنه توضأ ستاً ستاً، ما لم يعمل، ما لم يفعل بالوضوء الأول عبادة وإلا فتجديد الطهارة معروف حكمه، إذا عمل به عبادة، تجديد الطهارة مستحب عند أهل العلم، نعود إلى أصل المسألة وهي إذا قلنا: إن الإنسان إذا أراد أن يحتاط قال: المسألة خلافية أريد أن أخرج من هذا الخلاف، هل يمكن الاحتياط في مثل هذا؟ نقول: إن خرج منه شيء مما رتب على هذه المظنة لا يكفيه الوضوء، فوضوؤه وجوده مثل عدمه لوجود الناقض، وإن لم يخرج منه شيء فقد خرج من حيز السنة إلى حيز البدعة، والاحتياط كما قرر شيخ الإسلام إذا أدى إلى ارتكاب محظور أو ترك مأمور فالاحتياط في ترك مثل هذا الاحتياط، أو الاحتياط في ترك هذا الاحتياط، أظن المسألة ظاهرة، ظاهرة المسألة؟ على كل حال نرجع إلى الأصل وأنه لا ناقض لمجرد اللمس لما رُجح، يعني ممن فسر الملامسة بالجماع علي -رضي الله عنه- وابن عباس، وهو المرجح عند كثير من علماء التفسير، وبه تتم المقابلة. الحديث الذي يليه: حديث "أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إذا وجد أحدكم في بطنه شيئاً فأشكل عليه أخرج منه شيء, أم لا? فلا يخرجن من المسجد حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً)) أخرجه مسلم". ((إذا وجد أحدكم في بطنه شيئاً)) وجد اضطراب في الأمعاء ((فأشكل عليه أخرج منه شيء فلا يخرجن من المسجد حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً)) لماذا؟ لأن هذا مجرد شك، والشك لا يرفع اليقين، هذا تيقن الطهارة وشك في الحدث، ينتقض وضوؤه وإلا ما ينتقض؟ نعم، الشك لا يرفع اليقين عند أهل العلم، الشك لا يرفع اليقين، والشك هو: الاحتمال المساوي، يعني من غير غلبة ظن، احتمال مساوي، فخرج منه شيء أو لم يخرج منه شيء، خمسين بالمائة متردد، فالاحتمال المساوي يسمى شك وهذا لا يرفع اليقين، ومن باب أولى الوهم، وهو الاحتمال المرجوح، هذا لا يرفع اليقين من باب أولى.

والسبب في ابتلاء كثير من الناس بالوسواس أنهم اعتمدوا على الأوهام، ورفعوا بها اليقين، واستدرجهم الشيطان حتى أوقعهم فيما أوقعهم فيه، من تضييع لأمور دينهم ودنياهم، فالوسواس داء، ولذا عندنا هذه القاعدة: ((إذا وجد أحدكم في بطنه شيئاً فأشكل عليه أخرج منه شيء, أم لا? فلا يخرجن من المسجد)) يستمر في صلاته، وهذا سواءً كان في المسجد أو في بيته أو في أي مكان من الأماكن الطاهرة التي يصلي فيها، لا يخرج من صلاته، قال: ((من المسجد)) لأن هذا الأصل أن الصلاة تكون في المسجد، حيث ينادى بها ((حتى يسمع صوتاً -حتى يتأكد- أو يجد ريحاً)) حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً، وعند أهل العلم الأحكام معلقة بغلبة الظن، معلقة بغلبة الظن، يعني إذا غلب على ظنه أنه خرج منه شيء قوي احتمال الناقض، عند أهل العلم أنه يعمل بغلبة الظن، ما لم يجره هذا العمل إلى الوسواس، ما لم يجره هذا العمل بغلبة الظن إلى الوسواس؛ لأن بعض الناس ولو كان وهم يجعله غالباً على ظنه، احتمال مرجوح ثم يقوى هذا الاحتمال إلى الشك، ثم يقوى حتى يصير ظناً، فإذا كان الإنسان ممن ابتلي بالوسواس لا يلتفت إلى شيء حتى يتأكد ويتيقن أن ما تيقنه من الطهارة زال بيقين. ((حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً)) هنا في المسجد ((فلا يخرجن من المسجد)) يعني الشخص موجود في المسجد كما دل عليه الدليل، ويسمع صوت أو يجد ريح، فما حكم إرسال مثل هذا الصوت وهذه الريح في المسجد؟ من المعلوم أنه نهي عن أكل ما له رائحة كريهة لمن أراد الحضور إلى المسجد، فإرسال مثل هذه الأمور سواءً كانت بصوت أو بغير صوت في المسجد من باب أولى، اللهم إلا إذا وجدت الحاجة، بحيث لا يستطيع أن يملك، ولذا ابن العربي في شرح الترمذي قال: في الحديث جواز إرسال مثل هذا –يعني من الفساء أو شبهه- في المسجد للحاجة، للحاجة أما إذا كان لغير حاجة فهو أولى بالمنع من الثوم والبصل، أولى بالمنع من الثوم والبصل لمن أراد أن يحضر إلى المسجد، فالحديث فيه أصل من أصول الدين، وقاعدة جليلة من قواعد الفقه وهو أن اليقين لا يزيله إلا اليقين، فلا يزيله الشك، فلا يزيله الشك.

في حديث الاستيقاظ: ((إذا استيقظ أحدكم من النوم فلا يغمس يده في الإناء حتى يغسلها ثلاثاً)) والعلة؟ نعم ((فإنه لا يدري أين باتت يده؟ )) قلنا: إن في حديث الباب قاعدة وهي: أن الشك لا يزيل اليقين، وهناك في حديث الاستيقاظ: ((إذا استيقظ أحدكم من نوم الليل)) أو ((من النوم)) ((إذا استيقظ أحدكم من النوم فلا يغمس يده)) ((فلا يدخل يده في الإناء حتى يغسلها ثلاثاً، فإنه لا يدري أين باتت يده؟ )) زال اليقين بالشك وإلا مازال؟ كونه لا يدري شك، واليقين أن اليد طاهرة، فلماذا أمر بغسلها ثلاثاً؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . كيف؟ طالب:. . . . . . . . . نعم؟ طالب:. . . . . . . . . إيه طيب، يعني متأكد أن يده باتت في نجاسة لنقول إن هذا اليقين يرفع اليقين السابق الطهارة؟ أو نقول: إن الذي يغلب على الظن أن يده مازالت طاهرة؟ نعم؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . نعم، أولاً: نعرف وجه التعارض بين هذا الحديث والحديث السابق، هنا فيه قاعدة وهو: أن الشك لا يزيل اليقين، الشك لا يزيل اليقين ((إذا وجد أحدكم في بطنه شيئاً فأشكل عليه أخرج منه شيء, أم لا? فلا يخرجن من المسجد)) لأن الأصل الطهارة، فلا يخرج بمجرد هذا الشك إلا إذا تيقن حتى يسمع صوت أو يجد ريح، فلا يرفع اليقين إلا بيقين مثله. وهناك يده طاهرة بيقين، اليد طاهرة بيقين، وأمر بغسلها قبل أن تدخل الإناء ثلاثاً، لماذا؟ لأن العلة لا يدري أين باتت يده؟ وكونه لا يدري يورث يقين وإلا يورث ظن وإلا وهم وإلا شك؟ شك احتمال، شك، وقلنا: لا بد أن يغسل يده ثلاثاً قبل أن يدخلها في الإناء، من هم من يقول: على سبيل الاستحباب، لا على سبيل الوجوب، لتبقى القاعدة سالمة، ومنهم من يقول: الحكمة غير معقولة، بل الحكم تعبدي، الحكم تعبدي، ولذا لو غمسها في الإناء قبل أن يغسلها ثلاثاً تؤثر في الماء أو لا تؤثر؟ لا تؤثر الماء باقٍ على طهوريته، فالحكمة غير معقولة والحكم تعبدي، وتسلم القاعدة، وتسلم القاعدة حينئذٍ. الحديث الذي يليه:

حديث "طلق بن علي -رضي الله عنه- قال: قال رجل: "مسست ذكري أو قال -شك-: الرجل يمس ذكره في الصلاة, أعليه وضوء? فقال النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((لا, إنما هو بضعة منك)) ((إنما هو بضعة منك)) أخرجه الخمسة" ونعرف الخمسة أصحاب السنن الأربع أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه إضافة إلى الإمام أحمد "وصححه ابن حبان" وصححه ابن حبان "وقال ابن المديني: هو أحسن من حديث بسرة" ونقارن بينه وبين حديث بسرة، حديث "بسرة بنت صفوان -رضي الله عنها- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من مس ذكره فليتوضأ)) أخرجه الخمسة" هنا الخمسة وهنا الخمسة "وصححه الترمذي" في مقابل تصحيح ابن حبان، بل هو زائد على تصحيح ابن حبان؛ لأن ابن حبان صحح الحديثين. "وقال البخاري: هو أصح شيء في هذا الباب".

في حديث طلق بن علي قال ابن المديني: هو أحسن من حديث بسرة، وفي حديث بسرة قال البخاري: هو أصح شيء في هذا الباب، يعني أصح من حديث طلق، حديث بسرة عند البخاري أصح من حديث طلق، وحديث طلق عند علي بن المديني أحسن من حديث بسرة، أفعل التفضيل هنا (أصح) و (أحسن) هل تقتضي أن يكون الحديث الأول حسن والثاني صحيح؟ نعم، أو المقصود بها أرجح بغض النظر عن ذكر الحكم؟ لأن أهل الحديث يستعملون أفعل التفضيل على غير بابها، فيقولون: أصح، يعني أقوى من غيره في هذا الباب وإن كان الجميع ضعيفاً، وإن كان الجميع ضعيفاً، كما أنهم يقولون: أضعف يعني أنه مرجوح وإن كان الكل صحيحاً، فهم يستعملون أفعل التفضيل لا على بابها، وإنما في الترجيح، يقولون في الترجيح بين الأحاديث الضعيفة أصح، وفي الأحاديث الصحيحة المرجوح يقال له: أضعف، ولا شك أن الصحة والضعف أمور نسبية، أمور نسبية، هنا علي بن المديني، علي بن عبد الله الإمام الحافظ إمام هذا الشأن، وهو من شيوخ البخاري، من شيوخ الإمام البخاري، والبخاري رجح حديث بسرة، ولا شك أنه من حيث الصناعة حديث بسرة أرجح من حديث طلق، هذا من حيث الصناعة، حديث بسرة أرجح من حديث طلق، فإذا قلنا بالترجيح قلنا بأن مس الذكر ينقض الوضوء؛ لأن حديث بسرة من مس ذكره فليتوضأ، وحديث طلق ومعروف أن طلق إسلامه قديم في أول الهجرة، جاء طلق بن علي اليمامي الحنفي، وهم يبنون المسجد في أول الهجرة، وبسرة متأخرة عنهم، وحديث طلق يقرر الأصل، وحديث بسرة ينقل عن الأصل، ينقل عن الأصل، وإذا تعارض حديث مقرر للأصل -يسمونه حديث مؤكد- مع حديث ناقل عن الأصل -وهو ما يسمى بالمؤسس- فالمؤسس أرجح من المؤكد كما هو معروف، فيرجح حديث بسرة من وجوه:

الوجه الأول: أن حديث طلق مؤكد ومقرر للأصل، وحديث بسرة مؤسس وناقل عن الأصل، وهو أيضاً من حيث الصناعة أرجح، وبسرة متأخرة في الإسلام عن طلق، منهم من قال: الحديثان صحيحان، الحديثان صحيحان، وحمل الأمر في حديث بسرة: ((من مس ذكره فليتوضأ)) على الاستحباب، على الاستحباب، لماذا؟ لأن مس الذكر مظنة لخروج شيء، فيكون على سبيل الاستحباب يؤمر بالوضوء، وهذا قول مالك، وإليه يميل شيخ الإسلام ابن تيمية، يكون الأمر بقول: ((فليتوضأ)) على سبيل الاستحباب، اللام لام الأمر والأمر هنا للاستحباب، والصارف له عن الوجوب إيش؟ حديث طلق، الصارف عن الوجوب، فعل المضارع إذا دخلت عليه لام الأمر صار مثل (افعل) كأنه قيل: إذا مسست ذكرك فتوضأ ((فليتوضأ)) اللام لام الأمر، والأصل في الأمر الوجوب كما هو معروف {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ} [(63) سورة النور] فالأصل في الأمر الوجوب، وهنا صُرف من الوجوب إلى الندب لقول مالك واختيار شيخ الإسلام لوجود الصارف وهو حديث طلق بن علي. فإن قلنا بالترجيح حديث بسرة أرجح من وجوه، أرجح من وجوه: أولاً: من حيث الصناعة هو أرجح، لكثرة القوادح في حديث طلق، الأمر الثاني: أنه ناقل عن الأصل، وحديث طلق مبقي على الأصل والناقل أولى، حديث طلق مؤكد للبراءة الأصلية، وحديث بسرة مؤسس لحكم جديد والتأسيس أولى من التأكيد، وإذا قلنا وأردنا أن نجمع ولم نلجأ إلى الترجيح، وقلنا: هما على حد سواء كما يقول بعضهم، قلنا: إن الأمر في حديث بسرة إنما هو للاستحباب لا للوجوب، وهو وإن كان الأصل في الأمر الوجوب إلا أن حديث طلق بن علي يصرفه من الوجوب إلى الاستحباب. ((من مس ذكره فليتوضأ)) الأصل أن المس مباشرة البشرة للبشرة، والمقصود من مسه بيده، وإلا ما عدا اليد معروف أنه ليس بموضع أو محل للمسح، وهل يشترط في المس القصد أو لا يشترط؟ ((من مس ذكره)) (من) ((من مس ذكره فليتوضأ)) هل يشترط أن يكون بقصد؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . كيف؟ طالب:. . . . . . . . .

عموم، عموم نعم، يعني لو أراد أن يتنشف مثلاً بعد الغسل ومن غير قصد مس ذكره، هل يختلف حكمه فيما لو قصد المس؟ وهل يستوي في ذلك باطن الكف وخارج الكف؟ في رواية: ((من أفضى بيده)) والإفضاء يستوي فيه الباطن والظاهر، وإذا قلنا بقول من يقول على الاستحباب، يستحب أن يتوضأ، يستحب أن يتوضأ من المس سواءً كان بباطن الكف أو بظاهره بقصد أو بغير قصد، وهذا قول مالك واختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، لكن يأتي فيه ما جاء في الحديث السابق، القُبلة، إذا قلنا: إن القبلة مظنة لخروج الشيء، ومس الذكر مظنة لخروج الشيء، إن خرج لزمه وجوباً أن يتوضأ، وإن لم يخرج لزم عليه تجديد الوضوء وهو لم يستعمل الوضوء الأول، مثلما قلنا في الحديث السابق، لكن حديث بسرة صحيح ولا محيد عن العمل به، والمس يشمل ما كان بقصد وبغير قصد، فلا شك أن الاحتياط في الوضوء في مثل هذا. الحديث الذي يليه: حديث "عائشة -رضي الله عنها- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من أصابه قيء أو رعاف أو قلْس -أو قلَس، بتحريك اللام وإسكانها- أو مذي فلينصرف فليتوضأ, ثم ليبنِ على صلاته, وهو في ذلك لا يتكلم)) أخرجه ابن ماجه، وضعفه -الإمام- أحمد وغيره". ((من أصابه قيء أو رعاف أو قلْس -قال: أو قلَس- أو مذي فلينصرف فليتوضأ, ثم ليبنِ على صلاته, وهو في ذلك لا يتكلم)) أخرجه ابن ماجه، وضعفه أحمد وغيره" ولا شك أن الحديث ضعيف، الحديث ضعيف؛ لأنه من رواية إسماعيل بن عياش عن الحجازيين، وروايته عن الحجازيين ضعيفة، إسماعيل بن عياش شامي روايته عن الشاميين صحيحة، وروايته عن غير أهل بلده ضعيفة، وهذا من روايته عن غير أهل بلده، فهو ضعيف.

وبعضهم رجح إرساله، والصحيح أنه مرسل، قال أحمد والبيهقي: المرسل الصواب، المرسل الصواب، بعضهم قال: رفعه إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- غلط، وعلى كل حال الحديث ضعيف، الحديث ضعيف لما ذكرنا أنه من رواية إسماعيل بن عياش عن الحجازيين وروايته عنهم ضعيفة، وعلى هذا ينظر إلى أدلة أخرى غير هذا الحديث في نقض الوضوء بهذه الأشياء، فالقيء في غير هذا الحديث نعم القيء والقلس؛ لأن القيء الذي يخرج من الجوف وفيه كثرة يعني خلاف القلس يخرج من الجوف وهو بقدر ما يملأ الفم، ولا يصل إلى حد القيء. والرعاف: ما يخرج من الأنف من الدم، والمذي: تقدم في حديث علي، المذي فيه حديث علي الذي تقدم، ((يغسل ذكره وأنثييه ثم ليتوضأ)) فهو ناقض، أما القيء والرعاف والقلس يدل هذا الحديث على أنها ناقضة، لكن عرفنا أن هذا حديث لا تقوم به حجة، منهم من يقول: أنه يلحق بالخارج من البدن غير البول والغائط كالدم مثلاً، يلحق به ما يفحش من البدن، ولو كان من غير موضع الخارج استدلالاً بهذا الحديث من وجه، ولمشاركته ما يخرج من الخارج، فكون فضلة الطعام تخرج من المخرج أو من غير المخرج يستوي الأمر في ذلك عند بعضهم، الدم يخرج من المخرج بالحيض أو الاستحاضة أو من غير المخرج من جرح أو نحوه سيان عند بعضهم، إضافة إلى هذا الحديث الذي فيه نقض الوضوء بالرعاف، لا شك أن القياس مع الفارق، القياس قياس لا تتوافر فيه شروط القياس من استواء الفرع مع الأصل في العلة، ومع ذلكم الحديث ضعيف، ولذا ذهب مالك والشافعي وجمع غفير من أهل العلم إلى أن القيء ...

كتاب الطهارة (9)

بلوغ المرام - كتاب الطهارة (9) شرح: باب: نواقض الوضوء، وباب: آداب قضاء الحاجة الشيخ/ عبد الكريم بن عبد الله الخضير يلحق به ما يفحش من البدن ولو كان من غير موضع الخارج، استدلالاً بهذا الحديث من وجه، ولمشاركته ما يخرج من الخارج، فكون فضلة الطعام تخرج من المخرج أو من غير المخرج يستوي الأمر في ذلك عند بعضهم. الدم يخرج من المخرج بالحيض أو الاستحاضة أو من غير المخرج من جرح أو نحوه سيان عند بعضهم، إضافة إلى هذا الحديث الذي فيه نقض الوضوء بالرعاف، لا شك أن القياس مع الفارق، القياس قياس لا تتوافر فيه شروط القياس من استواء الفرع مع الأصل في العلة، ومع ذلكم الحديث ضعيف، ولذا ذهب مالك والشافعي وجمع غفير من أهل العلم إلى أن القيء لا ينقض الوضوء، ومن باب أولى القلس. الرعاف وما يخرج من البدن من الدم، عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- صلى وجرحه يثعب دماً، والصحابة حصل منهم وقائع منهم من عصر البثرة، ومنهم من حك الحبة والدمل وما أشبه ذلك فخرج منه الدم فلم يقطعوا صلاتهم بذلك، فدل على أن جنس الدم ليس بناقض إذا لم يخرج من المخرج المعتاد، والذين يقولون: إنه ناقض لا سيما إذا كثر يحملون هذا على الشيء اليسير، وما كثر يلحق بالدم دم الاستحاضة الذي تقدم في حديث فاطمة بنت أبي حبيش، وعرفنا أنه قياس مع الفارق، لا تتوافر فيه شروط القياس، والحديث ضعيف لا تقوم به حجة، يجيب بعضهم عن عمر وأنه صلى وجرحه يثعب أنه في حكم من به حدث دائم، في حكم من به حدث دائم؛ لأنه لا يستطيع إيقافه. وأما البناء فهو تابع لثبوت هذا الحديث إذا قلنا بأن هذا الحديث ثابت -وعرفنا أنه ليس بثابت- نعم، نقول: بأنه إذا انتقض وضوؤه بهذه الأمور نعم يذهب ويتوضأ، يذهب إلى الدورة ويتوضأ لكن لا يتكلم، ثم يأتي يكمل صلاته على هذا الحديث، وعرفنا أن هذا الحديث ضعيف فلا تقوم به حجة، ولا يبنى عليه حكم، فمن انتقض وضوؤه بناقض معتبر تبطل صلاته ويستأنف الصلاة، وهذا الحديث كما قرر أهل العلم ضعيف.

يقول: في الدورة الأولى بجامع الرضوان قلت: إن التصوير بكامرة الفيديو حرام إلا بشرطين: إذا لم يجد بديل للأطفال إذا كانت ضرورية مثل ما يفعل الإخوان المسلمين، ولكن قرأت في كتاب فتاوى الشباب لابن عثيمين والجبرين أنه لا بأس بالتصوير به، فكيف نجمع؟ على كل حال الأقوال لا يضرب بعضها ببعض، أما بالنسبة لي فجميع التصوير داخل في حيز المنع، بجميع صوره وأشكاله، سواءً كان مجسم أو غير مجسم، شمسي وإلا يدوي، فيديو، ثابت، متحرك، لا فرق، كله داخل في عموم النصوص. أنا قلت بشرطين؟ كيف بشرطين؟ إذا كانت هناك ضرورة مثل ما يفعل ... ، ليست هذه ضرورة، أنا أقول: بالنسبة للفيديو الذي يسمونه إسلامي، والإسلام صار مثل الشماعة يعلق عليه، يعلق عليه كل من يريد تحليل شيء أو إباحته يقول: إسلامي، لا، لا نلصق بالإسلام ما هو منه بريء، نكون حينئذٍ افترينا، الإسلام دين الله وشرع الله، فإذا أضفنا إلى الإسلام كأننا أضفنا إلى شارع الإسلام.

على كل حال أنا أقول: في مثل هذه الظروف التصوير بجميع صوره وأشكاله من ثابت ومتحرك، شمسي ويدوي، له ظل أو لا ظل له، كله داخل في حيز المنع، وداخل في الوعيد الشديد في التصوير، ولم أقل أنه يجوز بشرطين، أقول: لا، لا يجوز أبداً، لكن الشخص الذي عنده أولاد ولا يستطيع حفظهم إلا بإيجاد مثل هذه الوسيلة مع المراقبة الشديدة، أنا أقول: لا يجوز، ومع ذلكم هو ضرر، لكنه أخف من الضرر المترتب على خروج الأطفال إلى جيران أو أقارب أو مقاهي إنترنت وغيرها التي انتشرت في بلاد المسلمين، وترتب عليها من ضياع شبابهم الشيء الكثير، نقول: كل هذا لا يجوز، لكن ارتكاب أخف الضررين أمر مقرر في الشرع، ومع هذا الذي يستعمل مثل هذه الآلات لهذا القصد ينبغي أن يستعملها وهو غير مرتاح، وجل؛ لأن الأصل المنع في مثل هذه الآيات، فرق بين أن نقول: يجوز في مثل هذا الأمر، أو نقول: هو أخف ضرراً من المحرم المحض الذي لم يقل به جمع من أهل العلم، نعم إذا وجدت فتوى من عالم تدين الله -سبحانه وتعالى- بتقليده، وتبرأ ذمتك بتقليده هذا شأنك، إذا لم تكن من أهل النظر، ومن ذكر في السؤال كالشيخ ابن عثيمين والشيخ ابن جبرين، لا شك أن العامي وما في حكمه تبرأ ذمته بتقليد مثل هؤلاء؛ لأنهم علماء معتبرون عند أهل العلم، فالذي يقتدي بهم له ذلك، والذي يحتاط لنفسه شيء آخر. على كل حال المسألة مثل ما ذكرنا الأصل المنع، وإذا وجد ضرر كبير وضرر أخف فارتكاب أخف الضررين أمر مقرر شرعاً، كما أن تحصيل أعلى المصلحتين واغتفار الضرر المغمور بجانب المصلحة الكبرى مثل هذا مقرر شرعاً، والله المستعان. يقول: إنني أعاني من خروج الريح بعد الوضوء بشكل دائم حيث أضطر بعض الأحيان بالوضوء ثلاث أو أربع مرات للصلاة الواحدة، وخروج الريح أسمع له صوتاً، وأجد فيه ريحاً، فما الحل؟

هذا يسمونه السلس، سلس ريح، كما أن هناك سلس بول، سلس غائط، المقصود أنه حدثه دائم يصلي على حسب حاله، يصلي على حسب حاله، إلا إذا عرف أن هناك وقت ضمن وقت الصلاة ينقطع فيه هذا الحدث فإنه يصلي في الوقت الذي ينقطع فيه الحدث، أما إذا كان لا وقت لديه ينقطع فيه مثل هذا الحدث فإنه يصلي على حسب حاله، ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها. يقول: يحمل أهل العلم المظنة على المتحقق في أحوال كالسفر مثلاً ولا ينزلونها منزلة المتحقق في أحوال أخرى، فما الضابط في ذلك؟ الأصل أن الشك لا يزيل اليقين، والأحكام معلقة بغلبة الظن، والسفر لا شك أنه مظنة للمشقة، وقد يوجد سفر بدون مشقة، كما هو حاصل الآن يوجد سفر بدون مشقة، ومع ذلكم رخص السفر، رخصة من الله -عز وجل- تفضل بها على عباده، الأصل أن هذه الرخص، القصر على سبيل المثال شرع للخوف {إِنْ خِفْتُمْ} [(101) سورة النساء] هذه هي العلة، ثم ارتفعت العلة وبقي الحكم، شرع في السفر لأجل أنه مظنة للمشقة، وهذا صدقة تصدق الله به على عباده، وأنزلت المظنة منزلة المحقق لوجود النص، أما شخص يقول: أنا يغلب على ظني أنه يشق علي في أيام الاختبارات وأيام الامتحانات مشقة أعظم من مشقة السفر، نقول: لا، أنت تدور مع النص، وأهل العلم حينما يقررون أن الحاجة تبيح المكروهات، بل المكروه يزول بأدنى حاجة، ويبيح .. ، الحاجة تبيح بعض المحرمات التي حرمت بالقواعد لا بالنص، أما ما نص عليه فإنه لا يبيحه إلا الضرورة كما هو مقرر عند أهل العلم، ليست الحاجة، نعم وجد أشياء أبيحت لأدنى حاجة، أبيحت بأدنى حاجة، لكن المبيح هو الحاجة أو النص عليها؟ المبيح هو النص، ولذا لو وجد ما يقرب منها حاجة من غير ما نص عليه فإنه لا يقال بجوازه لمجرد الحاجة، يعني عندنا أمر محرم منصوص على تحريمه فاحتاج الإنسان إلى ارتكاب هذا المحرم، ووجد عندنا أمور حرمت ثم أبيحت للحاجة، أبيحت بالنص لوجود الحاجة، هل يعني هذا أن كل ما قامت الحاجة يباح المحرم؟ لا، وإلا ما بقي محرمات، نقول: ليست الحاجة التي أباحت هذا، الذي أباح هذا المحرم النص، وعلى هذا ليس كل حاجة تبيح المحرمات بالنصوص اللهم إلا الضرورات، والله أعلم.

وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فقد قال المصنف -رحمه الله-: وعن جابر بن سمرة -رضي الله عنهما- أن رجلا سأل النبي -صلى الله عليه وسلم-: أتوضأ من لحوم الغنم? قال: ((إن شئت)) قال: أتوضأ من لحوم الإبل? قال: ((نعم)) أخرجه مسلم. وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((من غسل ميتاً فليغتسل, ومن حمله فليتوضأ)) أخرجه أحمد والنسائي والترمذي وحسنه، وقال أحمد: لا يصح في هذا الباب شيء. وعن عبد الله بن أبي بكر -رحمه الله- أن في الكتاب الذي كتبه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لعمرو بن حزم: ((أن لا يمس القرآن إلا طاهر)) رواه مالك مرسلاً, ووصله النسائي وابن حبان, وهو معلول. وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يذكر الله على كل أحيانه" رواه مسلم, وعلقه البخاري. وعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- "أن النبي -صلى الله عليه وسلم- احتجم وصلى ولم يتوضأ" أخرجه الدارقطني ولينه. وعن معاوية -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((العين وكاء السهو, فإذا نامت العينان استطلق الوكاء)) رواه أحمد والطبراني وزاد: ((ومن نام فليتوضأ)) وهذه الزيادة في هذا الحديث عند أبي داود من حديث علي دون قوله: ((استطلق الوكاء)) وفي كلا الإسنادين ضعف. ولأبي داود أيضاً عن ابن عباس مرفوعاً: ((إنما الوضوء على من نام مضطجعاً)) وفي إسناده ضعف أيضًا. وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((يأتي أحدكم الشيطان في صلاته, فينفخ في مقعدته فيخيل إليه أنه أحدث, ولم يحدث, فإذا وجد ذلك فلا ينصرف حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً)) أخرجه البزار، وأصله في الصحيحين من حديث عبد الله بن زيد، ولمسلم: عن أبي هريرة نحوه. وللحاكم عن أبي سعيد مرفوعاً: ((إذا جاء أحدكم الشيطان فقال: إنك أحدثت, فليقل: كذبت)) وأخرجه ابن حبان بلفظ: ((فليقل في نفسه)).

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: يقول المصنف -رحمه الله تعالى-: وعن جابر بن سمرة -رضي الله عنه- أن رجلاً سأل النبي -صلى الله عليه وسلم-: أتوضأ من لحوم الغنم? أتوضأ من لحوم الغنم؟ الأصل: أأتوضأ؟ فحذفت همزة الاستفهام لعدم اللبس، وللثقل، أتوضأ من لحوم الغنم؟ قال: ((إن شئت)) قال: أتوضأ من لحوم الإبل? قال: ((نعم)) في لحوم الغنم رد الخيرة إليه، يحيل إلى أن أكل لحوم الغنم لا ينقض الطهارة، بخلاف الأكل من لحم الإبل -لحم الجزور- فإنه ينقض الطهارة، ولذا أدرجه المصنف في باب نواقض الوضوء، والحديث صحيح، مخرج في صحيح مسلم، إذن كيف يقول جمع غفير من أهل العلم -إن لم يكونوا الأكثر- ففيهم إمامان من الأئمة المتبوعين كيف يقولوا بعدم النقض مع صحة هذا الحديث وصراحته؟ قال: أتوضأ من لحوم الإبل؟ قال: ((نعم)) وفي الباب أيضاً حديث البراء، وهو صحيح أيضاً ومخرج في السنن: ((توضئوا من لحوم الإبل ولا توضئوا من لحوم الغنم)) ونقل ابن خزيمة الاتفاق على صحة الحديث، ولا إشكال في صحة الحديثين ولا مطعن فيهما، ولذا قال الشافعي: إن صح الحديث في لحوم الإبل قلت به، ومعروف أن مذهب الشافعية عدم نقض الوضوء بالأكل من لحم الإبل.

فالإمام أحمد ومالك في المشهور عنه وجمع غفير من أهل العلم من أتباع الإمام الشافعي وغيره يقولون: بأن الأكل من لحوم الإبل ينقض الوضوء، استدلالاً بهذين الحديثين، والشافعي وأبو حنيفة في المعروف عنهما يقولان: لا ينتقض الوضوء بأكل لحوم الإبل، وإذا نظرنا إلى المسألة وجدنا أن الإمامين في مقابل إمامين وتسلم النصوص عن المعارض، فلا محيد ولا مندوحة عن العمل بهذين الحديثين، كيف يظن بمثل الشافعي .. ؟ أولاً: الشافعي لم يثبت عنده خبر جابر ولا خبر البراء، ومن باب أولى بالنسبة لأبي حنيفة؛ لأن الشافعي أعلم بالحديث من أبي حنيفة، وكل على خير -إن شاء الله تعالى- وهما إمامان من أئمة المسلمين، إماما هدى لا يقدح فيهما، لكن لا يلزم أن يطلعا على كل شيء، وأن يعرفا كل شيء، الشافعي جاء بالقاعدة المطلقة عنده: "إن صح الحديث فهو مذهبي" وللسبكي رسالة: "في معنى قول الإمام المطلبي: إذا صح الحديث فهو مذهبي" وقال كثير من الشافعية بمسائل لم يثبتها الإمام؛ لأنه صح فيها الخبر على مقتضى هذه القاعدة. قد يقال قائل: كيف يظن بالشافعي وأبي حنيفة وأتباعهما أنهم مع صحة الحديثين نعم من خفي عليه الخبر معذور لكن من عرف مثل هذين الحديثين الصحيحين، استدلوا بأدلة، من أوضحها في الدلالة حديث جابر قال: "كان آخر الأمرين من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ترك الوضوء مما مست النار" ترك الوضوء مما مست النار، "كان آخر الأمرين من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ترك الوضوء مما مست النار"، ولحم الإبل تمسها النار وإلا لا تمسه؟ تمسه النار؛ لأنه لا يؤكل نيئاً، بل لا بد أن يكون مطبوخاً. أقول: هذا الحديث متأخر عن حديث جابر والبراء، والعمل بآخر الأمرين هو الأصل، فعلى هذا يكون حديث جابر وحديث البراء منسوخين بالحديث الذي سمعناه، لكن متى يلجأ إلى النسخ؟ هل يمكن اللجوء إلى النسخ أو القول بالترجيح مع إمكان الجمع، إذا أمكن الجمع عند أهل العلم ولو بحمل عام على خاص أو مطلق على

مقيد تعين العمل به، وحديث: "كان آخر الأمرين ترك الوضوء" عام "مما مست النار" حديث عام، وحديث جابر وحديث البراء خاص بلحم الإبل، والخاص مقدم على العام، الخاص مقدم على العام، ولذا قال جمع من الشافعية: بأن لحم الإبل ينقض الوضوء، الأكل من لحم الإبل ينقض الوضوء، تركوا مذهب إمامهم لصحة الخبر؛ ولأن إمامهم نص على أنه إذا صح الحديث فهو مذهبه، وعلى كل حال لو لم ينص الإمام على مثل هذه القاعدة، وصح وثبت عند المسلم عن النبي -عليه الصلاة والسلام- يتركه لقول فلان أو علان، لا يجوز له ذلك بحال، لا يجوز له ذلك، يقول ابن عباس: "يوشك أن تنزل عليكم حجارة من السماء، أقول: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وتقولون: قال أبو بكر وعمر {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [(63) سورة النور] فعلى الإنسان أن يجعل المصادر نصب عينيه، نصوص الوحيين هما الحجة الملزمة، نعم على طالب العلم المبتدئ أن يتفقه على كتاب معتمد عند أهل العلم، ولو كان مجرداً من الدليل في بداية الأمر، ثم بعد ذلك إذا تصور هذه المسائل وفهمها استدل لها، ونظر في أقوال المخالفين واستدل لهم، وعمل بالقول الراجح، وحينئذٍ يتأهل للاجتهاد، وحينئذٍ يتأهل للاجتهاد، إذا تأهل للنظر والموازنة بين أقوال أهل العلم بأدلتها، وتوصل إلى القول الراجح بدليله فحينئذٍ يتأهل للاجتهاد، وإذا تأهل كان فرضه الاجتهاد، ولا يسوغ له أن يقلد أحداً من الرجال؛ لأن الحجة فيما قاله الله -عز وجل-، وقاله رسوله -عليه الصلاة والسلام-، أما قال فلان، وقال فلان، ليست بحجج، نعم تقليد الرجال وتقليد الأئمة من تبرأ الذمة بتقليدهم هو فرض العامي ومن في حكم العامي؛ لأن تكليف العوام وأشبه العوام بالاجتهاد تكليف بما لا يطاق، وهو تضييع لهم، فإذا تأهل الإنسان كان فرضه .. ، ولذا كثير من الشافعية يقول بهذا.

في فتح الباري يقول: "وقال الشافعي والجمهور، الشافعي والجمهور بأن لحم الإبل لا ينقض الوضوء" ولا بد من أن يقيد الجمهور، لما عرفنا من أن القولين متساويين من حيث العدد، ولا يطلق الجمهور إلا على الأكثر، لا بد أن يقال: قال الشافعي والجمهور من أصحابه، ما يطلق الجمهور، كما قال صاحب عون المعبود: "قال: الشافعي والجمهور من أصحابه" لأن من الشافعية أيضاً من قال بالقول الثاني. على كل حال هذه المسألة فيها ما سمعنا من أمره -عليه الصلاة والسلام- بالوضوء من لحم الإبل في الحديثين الصحيحين، وفيها أيضاً الحديث الآخر: "كان آخر الأمرين –في حديث جابر- كان آخر الأمرين من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ترك الوضوء مما مست النار" وما مست النار يدخل فيه لحم الإبل وغيره، فالذي يقول: نعمل بآخر الأمرين يقول بالنسخ، لكن المعتمد عند أهل العلم أنه لا يصار إلى النسخ إذا أمكن الجمع، والجمع يمكن بحمل العام على الخاص كما سمعنا، وحديث لحم الإبل خاص وترك الوضوء مما مست النار عام، والخاص مقدم على العام عند أهل العلم. لحم الغنم ولحم الإبل ما الذي يقصد باللحم؟ هل يقصد به الأحمر فلا يدخل فيه ما عداه من كبد، أمعاء، ومصارين، وكرش وما أشبه ذلك، يدخل أو لا يدخل؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . كيف؟ طالب:. . . . . . . . . نعم؟ طالب:. . . . . . . . . يدخل لماذا؟ المسألة كما تعرفون خلافية مشهورة عند من يقول بنقض الوضوء من لحم الإبل، المسألة كما تعرفون مشهورة التنصيص على لحم الإبل، والكبد والطحال والكرش والأمعاء لا يقال لها لحم لا لغة ولا عرفاً، لكن ماذا يقول هذا القائل عن قوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالْدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ} [(3) سورة المائدة] {وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ} إذا قلنا بهذا القول فيلزمنا أن نقول: بأن شحم الخنزير وما حواه جلده من غير اللحم ليس بحرام، وإلا نكون حينئذٍ قد فرقنا بين المتماثلات، وعلى كل حال المسألة خلافية كما سمعتم والأحوط أن يتوضأ من كل ما حواه جلده، من كل ما حواه جلد البعير.

الحديث الثاني: "عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((من غسل ميتاً فليغتسل)) " ميِّتاً أو ميْتاً؟ طالب:. . . . . . . . . مضبوط عندكم بإيش؟ بالتشديد وإلا بالتخفيف؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . نعم هو مضبوط في بعض النسخ بالتخفيف، وكثير منها بل أكثرها بالتشديد، الفرق بين الميِّت والميت، إيش الفرق بين الميِّت والميت؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . نعم يفرق أهل العلم بينهما بأن الميت بالتشديد من سيموت {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ} [(30) سورة الزمر] والميت من مات فعلاً، بأن فارقت روحه بدنه، وهنا: "من حمل ميِّتاً" حمل شخص سيموت أو حمل شخصاً قد مات؟ نعم، قد مات. ((من غسل ميتاً فليغتسل، ومن حمله فليتوضأ)) أخرجه أحمد والنسائي والترمذي وحسنه، وقال أحمد: "لا يصح في هذا الباب شيء"، "لا يصح في هذا الباب شيء".

الحديث مخرج عند أحمد والترمذي قال: إنه حديث حسن، وهو أيضاً عند ابن حبان وصححه، وضعفه الإمام أحمد كما سمعتم، ولذا الحديث مختلف فيه، فمن قائل: إن الحديث ضعيف، كقول الإمام أحمد -رحمه الله-، ومن قائل: إن الحديث صحيح؛ لأن له طرق كثيرة أكثر من مائة طريق، أكثر من مائة طريق، ولذا يقول الحافظ ابن حجر: أسوأ أحواله أن يكون حسناً، ومن أهل العلم من صححه، أسوأ أحواله أن يكون حسناً لكثرة طرقه، هذا كلام ابن حجر، والإمام أحمد يقول: "لا يصح في هذا الباب شيء" معروف أن إطلاق الكلام في مثل هذا لا يصح في باب كذا شيء، لا يصح، لا يصح، فيه كتاب كامل صنف (المغني عن الحفظ والكتاب)، (المغني عن الحفظ والكتاب فيما لا يصح منه شيء في الباب) لعمر بن بدر الموصلي، استدرك عليه وانتقد؛ لأن مثل هذا الحصر يحتاج إلى اطلاع واسع جداً، يحتاج إلى مثل اطلاع الأئمة الكبار الذين يحفظون مئات الألوف من الأحاديث، هم الذين لهم أن يحصروا، ونظير هذا نفي الخلاف في مسألة من المسائل، فنفي الخلاف من غير المطلع واسع الاطلاع دونه خرط القتاد، لتفرق الأقوال وتشعبها، هنا الأحاديث كثيرة جداً، الإمام البخاري يحفظ مائة ألف حديث صحيح، ومائة ألف حديث غير صحيح، منهم الإمام أحمد يحفظ سبعمائة ألف حديث، أبو داود ستمائة ألف حديث، أبو زرعة، أبو حاتم يحفظون مئات الألوف، وإذا عرفنا حال هؤلاء الأئمة عرفنا أقدارنا، طالب العلم إذا حفظ الأربعين أو العمدة أو البلوغ سمي إمام الحفاظ، والحافظ الذهبي في ترجمة الإسماعيلي يقول من التذكرة: "من عرف حال هذا الرجل جزم يقيناً أن المتأخرين على يأس تام من لحاق المتقدمين" فمثل الإمام أحمد له أن يقول: لا يصح في هذا الباب شيء، شخص عاش في السنة وللسنة، له ذلك، لكن محفظ أحاديث يسيرة! ولذا ابن بدر الموصلي وهو ليس من الحفاظ الكبار، وإن وصف بأنه محدث، لكنه لا يضاهي الأئمة ولا يدانيهم ولا يقاربهم استدرك، فانتقد في كتب، صدر كتب لانتقاد كتابه.

على كل حال الحديث مختلف فيه، والحافظ ابن حجر يقول: ": أسوأ أحواله أن يكون حسناً لكثرة طرقه"، منهم من صححه كابن حبان، وحسنه الترمذي، وضعفه جمع من أهل العلم، فإذا وجد التصحيح من المتقدم والتضعيف من المتأخر أو العكس، عندنا الإمام أحمد في جهة، وابن حبان على ما عرف عنه من التساهل في جهة، هذا مصحح وهذا مضعف، الإمام أحمد موصوف بالاعتدال، من الأئمة المعتدلين في نقد الأحاديث، وجرح الرجال، إذا وجد كلام للإمام أحمد ويقابله كلام لهؤلاء المتساهلين لا شك أن كلام الإمام أرجح، لا سيما وأن كلام الإمام أحمد يساعده الأصل ((من غسل ميتاً فليغتسل)) ((من غسل ميتاً فليغتسل)) والمسلم طاهر، لا ينجس بالموت كما هو معروف ((من حمله فليتوضأ)) ففي أحد من أهل العلم يوجب الوضوء من حمل الميت؟ لا يعلم أحد من أهل العلم يوجبه، لكن إذا صح الخبر فلا مفر من العمل به، لكن إطباق الأئمة على عدم العمل به في جزئه الثاني يدل على أنه لا يثبت كما قال الإمام أحمد، وإن كثرت طرقه، نعم كثرت الطرق تدل على أن له أصل، لكن لا يجزم به ((من غسل ميتاً فليغتسل)) هذا صريح في الأمر بالغسل، ((ومن حمله فليتوضأ)) يعني ما المراد بحمل الميت؟ هل حمله بالسرير ينقض الوضوء؟ يعني شخص حمل مع الناس الميت بسريره، أو حمله من وراء الأكفان، أو باشره بغير واسطة مس جلده يؤمر بالوضوء؟ على كل لو ثبت الخبر لا مجال للكلام، لكن أما والخلاف فيه قوي كما سمعتم، فللنظر فيه مجال يحتاج إلى ترجيح، ما دام الاختلاف قائم في ثبوته وعدم ثبوته فالنظر له مجال هنا، متى يلغى النظر؟ إذا ثبت الخبر، فليس لأحد كلام، لكن الخبر هنا لم يثبت فالكلام هنا قائم، نقول: جسد الميت طاهر، فكيف يوجب الغسل لتغسيله؟ وبدنه أيضاً طاهر فكيف يوجب الوضوء بحمله؟ قد يقول قائل: إن هذا تعبد، تعبد لا تعقل علته، وهذا يحتاج إليه من يثبت الخبر، يحتاج إليه من يثبت الخبر.

نقل عن الإمام أحمد -رحمه الله تعالى- أنه قال: "منسوخ" أبو داود وابن حجر في التلخيص نقلوا عن الإمام أحمد: أنه منسوخ، يعني حتى على فرض ثبوته هو منسوخ، يعني بما رواه البيهقي عن ابن عباس أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((ليس عليكم في غسل ميتكم إذا غسلتموه إن ميتكم يموت طاهراً)) ((ليس عليكم في غسل ميتكم غسل إذا غسلتموه فإن ميتكم يموت طاهراً وليس بنجس، فحسبكم أن تغسلوا أيديكم)) فيحمل الغسل -لو ثبت الخبر- على غسل اليدين، كما يحمل الوضوء على غسل اليدين أيضاً، كما جاء الأمر بالوضوء من اللبن، المضمضة، ((توضئوا من اللبن فإن له دسماً)). على كل حال قد يطلق الوضوء والغسل ويراد بهما المعنى الشرعي، الحقيقة الشرعية وهذا هو الأصل، وقد يطلق الغسل والوضوء ويراد بهما الحقيقة اللغوية. الحديث الذي يليه: حديث: "عبد الله بن أبي بكر أن في الكتاب الذي كتبه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لعمرو بن حزم: ((أن لا يمس القرآن إلا طاهر)) رواه مالك مرسلاً, ووصله النسائي, وابن حبان, وهو معلول. طالب:. . . . . . . . . ويش هي؟ نعم، عبد الله بن أبي بكر ترجم له الشارح على أساس أنه عبد الله بن أبي بكر الصديق، ووهم في ذلك -رحمه الله-، وحصل له بعض الأوهام في تراجم الرواة، حديث أبي مرثد الغنوي عن أبي مرثد الغنوي -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا تصلوا إلى القبور، ولا تجلسوا عليها)) عن أبي مرثد، قال: هو مرثد بن أبي مرثد، ترجم للولد والمراد الأب، هنا قال عبد الله بن أبي بكر وهو ابن أبي بكر الصديق.

والحديث معزو إلى مالك مرسلاً من طريق .. ، رواه مالك من طريق عبد الله بن أبي بكر بن عمرو بن حزم، من طريق عبد الله بن أبي بكر بن عمرو بن حزم، وليس من طريق عبد الله بن أبي بكر الصديق، "عن أبيه مرسلاً" مرسلاً، وأخرجه النسائي، والدارقطني عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه عن جده، وعلى هذا يكون موصولاً، ولذا قال: وصله النسائي وابن حبان وهو معلول، وهو معلول، المعلول: ما اشتمل على علة، والتعبير بمعلول وإن كان مطروقاً عند أهل العلم من المحدثين والفقهاء والأصوليين حتى والمتكلمين، كلهم يقولون: معلول، العلة والمعلول، ويقولون: هذا خبر معلول، لكنهم من حيث الاشتقاق مرذول، اختار ابن الصلاح أن يقال: معلل، ولا يقال: معلول، ولذا قال الحافظ العراقي: وسم ما بعلة مشمولُ ... معللاً ولا تقل معلولُ على أن معلل أيضاً فيها كلام، اختار الحافظ العراقي أن يقال: معل، بلام واحد، من أعله الله بالمرض فهو معل، وليس من علله بمعنى ألهاه وشغله به، فهو معلل. المقصود أن هذا الإطلاق موجود في كلام أهل الحديث، وموجود في كلام الفقهاء والأصوليين والمتكلمين أيضاً، وتوجد أيضاً في كلام شيخ الإسلام في منهاج السنة وفي درء التعارض وفي غيرها من كتبه، يقول: المعلول، العلة والمعلول، على كل حال العلماء نصوا على أنها لغة مرذولة، بل صرح بعضهم أنها لحن، الحريري في (الدرة) -درة الغواص- وابن سيده في (المحكم) والنووي وغيرهم نصوا على أنها مرذولة، قال في (المحكم): "إنه ليس منها على ثلج" يعني ليس مرتاحاً منها، وعلى كل حال هي موجودة، الإطلاق موجود. والمعلول أو المعل: ما اشتمل على علة، والعلة: عبارة عن سبب خفي غمض يقدح في الحديث الذي ظاهره السلامة منها.

ما علته؟ عرفنا أنه رواه مالك من طريق عبد الله بن أبي بكر عن أبيه مرسلاً، وصله النسائي والدارقطني وابن حبان عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه عن جده، حينئذٍ يكون موصول، لكنه معلول فيه علة، علته أنه من رواية من؟ سليمان بن داود، قالوا: وهو متفق على تركه كما قال ابن حزم، ابن حزم يقول: هو من رواية سليمان بن داود، وهو متفق على تركه، ويشترك في هذا الاسم اثنان، سليمان بن داود اليماني، وسليمان بن داود الخولان، الأول: متفق على تركه، والثاني: ثقة عند الأكثر، وهو من رواية الثاني دون الأول فارتفعت العلة، ولذا تلقاه الناس بالقبول، تلقاه الناس بالقبول، يقول ابن عبد البر: إنه أشبه بالمتواتر لتلقي الناس بالقبول، وابن حجر وغيره يقولون: إن تلقي الأمة للخبر بالقبول أقوى من مجرد كثرة الطرق، فالحديث متلقاً بالقبول. ((ألا يمس القرآن إلا طاهر)) ففيه دليل على أنه لا يجوز لمحدث أن يمس القرآن، على أن الطهارة تطلق فيراد بها الحسية ويراد بها المعنوية، هل المقصود الطهارة من الحدث أو الطهارة من الخبث الحسي أو المعنوي؟ لا شك أن الطهارة إذا أطلقت يراد بها الطهارة الشرعية، والطهارة الشرعية إما غسل بالنسبة للحدث الأكبر أو وضوء بالنسبة للحدث الأصغر، أو تيمم لعادم الماء، فعلى هذا المتجه أنه لا يجوز لمحدث أن يمس القرآن، وهو الظاهر من هذا الحديث، وقد عرفنا أنه متلقاً بالقبول فقال ابن عبد البر: "إنه أشبه المتواتر" يعني لتلقي الأمة له بالقبول. أما ما جاء في قوله تعالى: {فِي كِتَابٍ مَّكْنُونٍ* لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ} [(78 - 79) سورة الواقعة] فالمراد به الضمير يعود للكتاب المكنون، الذي ذكر في صدر الآية، في اللوح المحفوظ، والمطهرون هم الملائكة، هذا ما يراه جمع أو أكثر أهل العلم، مع أن الآية يستدل بها بل يستدل بعمومها من يقول: بأنه لا يجوز للمحدث أن يمس القرآن، فإذا تظافرت دلالة الآية مع الحديث حديث الباب وعرفنا أنه قوي، رجح قول من يمنع المحدث من مس القرآن إلا بعد الطهارة، الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- استدل على جواز مس المصحف من وراء حال بأي شيء؟ هاه؟ طالب:. . . . . . . . .

استدلالاً بعيد، بعيد كل البعد يناسب دقة البخاري وفطنته، ومفهوم استدلاله على جواز مس المصحف من وراء حائل أنه من دون حائل -من غير حائل- أنه يجوز أو لا يجوز؟ لا يجوز، فإذا استدل لجواز مس القرآن من وراء حائل فهمنا منه أنه لا يجيزه من غير حائل، استدل -رحمة الله عليه- بأي شيء؟ الرسول -عليه الصلاة والسلام- يضع رأسه في حجر عائشة وهي حائض، ويقرأ القرآن وهي حائض محدثة، ولا شك أنها لها أن تمس النبي -عليه الصلاة والسلام- وفي جوفه القرآن، بُعد بُعد في الاستنباط، وهذا يناسب دقة الإمام -رحمة الله عليه-، ولذا بعضهم يفتي بالنسبة للشريط الذي فيه القرآن يجوز مسه للمحدث وإلا ما يجوز؟ معنا شريط الآن؟ شريط برع، إيه فاضي يا شيخ، اجلس اجلس اقرأ اللي بتلقى في أشرطة كثير حولنا، نعم شريط فاضي بس أي شريط. إيه جزاك الله خيراً، لو افترضنا أن هذا الشريط مسجل فيه قرآن، هل يجوز للمحدث أن يمسه هكذا؟ أو نقول: فيه حائل وهو جرم الشريط؟ والمقصود بالشريط الخيط الرفيع الذي يكون بمثابة ورق المصحف؟ أو نقول: ليس فيه قرآن الشريط ليس فيه حقيقة القرآن وإن كان فيه الصوت؟ وحينئذٍ نقول: الشريط يشبه حافظ القرآن، الشريط أقرب ما يكون إلى حافظ القرآن؛ لأن في جوفه ذات القرآن، نعم، ذات القرآن، ذات المصحف في جوفه؟ لا، إنما في جوفه المحفوظ من القرآن، ولا شك أن القرآن يطلق بعدة إطلاقات، يطلق ويراد به المصحف المشتمل على القرآن، ويطلق ويراد به المقروء، كما أنه يطلق ويراد المحفوظ والمتلو، المقصود أن استدلال البخاري في غاية البعد، في غاية الدقة، ويستعمل مثل هذا الاستنباط الدقيق كثيراً -رحمة الله عليه-. الحديث الذي يليه: حديث: "عائشة -رضي الله عنها- قالت: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" .. الحديث الذي قبله رواه الإمام مالك مرسلاً، وعرفنا المرسل مراراً مر بنا، وطبقنا على رواية عبد الله بن أبي بكر، فالراوي أبو بكر، وإذا قلنا: عن أبيه عن جده اتصل الإسناد كما في رواية النسائي، فالذي يرفعه التابعي إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- يكون مرسلاً كما في طريق مالك، ولذا قال: رواه مالك مرسلاً ووصله النسائي وابن حبان.

الذي يليه حديث: "عائشة -رضي الله عنها- قالت: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يذكر الله على كل أحيانه"، "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يذكر الله على كل أحيانه"، "رواه مسلم وعلقه البخاري" علقه البخاري: إيش معنى علقه البخاري؟ وهو مخرج أيضاً عند أبي داود والترمذي وابن ماجه وأحمد والبيهقي وجمع من أهل العلم، لكن يكفينا أنه في الصحيح، في صحيح مسلم موصول، محتج به، وهو معلق في صحيح البخاري، وحقيقة التعليق: أن يحذف المصنف من مبادئ السند راوٍ أو أكثر من راوٍ على التوالي، نعم. وإن يكن أول الإسناد حذف ... مع صيغة الجزم فتعليقاً عرف ولو إلى آخره ... ، يعني ولو حذف السند إلى آخره، يسمى تعليق، البخاري علق كثير من الأحاديث، ألف وثلاثمائة وأربعين أو واحد وأربعين حديث كلها معلقة في البخاري، وهي موصولة كلها، عدا مائة وستين حديث، والكلام فيها مبسوط في كتب المصطلح وأشرنا إليه مراراً، لكن يكفينا أن الحديث موصول في صحيح مسلم.

"كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يذكر الله على كل أحيانه" المصنف إنما ذكر الحديث لئلا يتوهم أن نواقض الوضوء مانعة من ذكر الله -عز وجل-، لئلا يتوهم أن نواقض الوضوء التي ذكرت مانعة من الذكر، وجاء في آخر سورة آل عمران {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ} [(191) سورة آل عمران] يعني على كل حال وعلى كل هيئة، قائم، قاعد، مضطجع، يمشي، جالس، {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ} [(191) سورة آل عمران] لا شك أن الأكمل أن يهتم الإنسان لمثل هذا الذكر، لمثل هذا القرآن، ولذا المعروف عن الإمام مالك -رحمة الله عليه- أنه يعتني برواية الحديث، يتنظف، ويتطيب، يغتسل، يلبس أجود ثيابه، ويجلس بهيبة ووقار، يتطيب إجلالاً لكلام الرسول -عليه الصلاة والسلام-، ولا شك أن مثل هذا من تعظيم شعائر الله، وهي من تقوى القلوب كما هو معروف، والقرآن من باب أولى، لكن إذا كان المفاضلة بين الاضطجاع والجلوس فالجلوس أكمل، لكن المفاضلة بين الاضطجاع والترك القراءة مضطجع أفضل من الترك، ولذا جاء المدح {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ} [(191) سورة آل عمران] والرسول -عليه الصلاة والسلام- يذكر الله على كل أحيانه، محدثاً أو متطهراً. هناك حالات ينبغي أن يصان الذكر عنها في أماكن لا تليق، وفي أحوال لا تنبغي: الذكر حال التثاؤب مثلاً، ينبغي أن يكف الإنسان عن الذكر ويكظم، ثم بعد ذلك يعود إلى ذكر، وبعض الناس وهو يقرأ القرآن يتثاءب فيسمع صوته غير المناسب، والتثاؤب من الشيطان، هذا لا يليق بقارئ القرآن أن يقرأ وهو يتثاءب، كما أنه لا يليق به أن يقرأ به في المواضع التي هي غير مناسبة كحال الغائط والبول والجماع وما أشبه ذلك، أيضاً في الأماكن: أماكن السخط، أماكن الغضب.

على كل حال القرآن لا بد من تعظيمه في النفوس ولا بد من العناية به، وفي حكمه سائر الأذكار، لكن العناية به أشد، العناية به أشد؛ لأنه كلام الله، وفضله على سائر الكلام كفضل الله على غيره، وعرفنا أن تعظيم القرآن وتعظيم السنة من تعظيم شعائر الله، وهذا من تقوى القلوب، وعرفنا أنه إذا كانت المفاضلة بين الشخص يقرأ قائم أو قاعد القاعد أكثر احترام للمقروء، وأهيب، وأهيب من المضطجع، وحاله أكمل، لكن إذا كانت المفاضلة بين القراءة حال القيام أو حال الاضطجاع وبين الترك، فلا شك أن القراءة والذكر حال القيام وحال الاضطجاع وحال المشي أكمل، وفي هذا يقول: {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ} [(191) سورة آل عمران] يعني في سائر أحوالهم. "وعن معاوية -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((العين وكاء السه, فإذا نامت العينان استطلق الوكاء)) رواه أحمد, والطبراني، وزاد: ((ومن نام فليتوضأ)). هذا هو الشاهد، وتقدم الكلام في النوم وأقوال العلماء فيه، وهل هو ناقض أو ليس بناقض مطلقاً؟ أو هو مظنة للنقض؟ تقدم الكلام في ذلك. ((إذا نامت العينان استطلق الوكاء)) رواه أحمد والطبراني، وزاد: ((ومن نام فليتوضأ)). طالب:. . . . . . . . . إيه يجي يجي الترتيب يختلف من نسخة إلى نسخة. وزاد: ((ومن نام فليتوضأ)) وهذه الزيادة في هذا الحديث عند أبي داود من حديث علي دون قوله: ((استطلق الوكاء)) وفي كلا الإسنادين ضعف، على كل حال الحديثان ضعيفان؛ لأن في إسناد حديث معاوية أبا بكر بن أبي مريم وهو ضعيف، وفي إسناد حديث علي الوضين بن عطاء وهو صدوق سيء الحفظ، وعلى كل حال يغني عنه ما تقدم، يغني عنه ما تقدم من أن النوم ينقض الوضوء، وعرفنا المراد بالنوم الناقض، وأنه من النوم المستغرق، بحيث يغيب العقل ولا يعي ما يدور حوله، وهذا انتهى الكلام فيه.

((العين وكاء)) الوكاء: الرباط الذي يربط به ما يحمل، وعاء المتاع، كالكيس والخريطة وما أشبهها، فالتشبيه واضح، ((العين وكاء السه)) السه: الدبر ((فإذا نامت العينان استطلق الوكاء)) لا شك أن الإنسان إذا نام لو افترضنا أن في يده شيء، نعم، في يده كأس فيه ماء، يشرب ونام، ويش مآل الماء؟ نعم، ينكب، خلاص. أيضاً جميع الجوارح تسترخي إذا نام الإنسان فاليقظة حراسة، والنوم ترك لهذه الحراسة ((فإذا نامت العينان استطلق الوكاء)) وزاد: ((ومن نام فليتوضأ)) وهذه الزيادة في هذا الحديث عند أبي داود من حديث علي دون قوله: ((استطلق الوكاء)). على كل حال الحديثان ضعيفان كما سمعنا، وهما يشهدان لما تقدم من أن النوم ناقض، حديث صفوان بن عسال: ((ولكن من غائط أو بول أو نوم)) والحديث مصحح. "ولأبي داود أيضاً عن ابن عباس مرفوعاً: ((إنما الوضوء على من نام مضطجعاً)) وفيه ضعف" فيه ضعف، أو في إسناده ضعف، هذا حكم هل ينبئ عن شدة الضعف؟ إذا قيل: فيه ضعف، هل هو مثل قولهم: ضعيف؟ لا، ضعيف أشد من قولهم: فيه ضعف، والحديث أشد من كونه ضعيفاً بل هو منكر، الحديث منكر، نص أبو داود على أنه منكر، وبين وجه نكارته، والمنكر الذي اعتمده المتأخرون: أنه ما جمع أمرين، المخالفة مع الضعف من المخالف، ما يرويه الضعيف مخالفاً فيه غيره، وأطلق بعضهم من المتقدمين النكارة على مجرد التفرد. المنكر الفرد كذا البرديجي ... أطلق والصواب في التخريجِ إجراء تفصيل لدى الشذوذ مر ... فهو بمعناه كذا الشيخ ذكر لأن بعضهم لا يفرق بين الشاذ والمنكر، وعلى كل حال الحديث: ((إنما الوضوء على من نام مضطجعاً)) لا يلتفت إليه، وعرفنا أن النوم المستغرق ينقض الوضوء، وما عداه لا ينقض الوضوء، والاضطجاع مظنة للاستغراق. "وعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- "أن النبي -صلى الله عليه وسلم- احتجم وصلى ولم يتوضأ"، "احتجم وصلى ولم يتوضأ" والحديث أخرجه الدارقطني, ولينه" بل الحديث ضعيف؛ لأن في إسناده صالح بن مقاتل وليس بالقوي، لين، متى يقال في الراوي: إنه لين؟ نعم، متى يقال في الراوي: إنه لين؟ "أخرجه الدارقطني ولينه" قال: هو حديث لين، وذلك لأن في إسناده صالح بن مقاتل وليس بالقوي، نعم؟

طالب:. . . . . . . . . ليش؟ طالب:. . . . . . . . . يقول: يضبط بعض الأسانيد دون بعض، الذي يقع الخطأ في حديثه على حسب نسبة هذا الخطأ شدة وضعفاً، لكن اللين؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . نعم؟ طالب:. . . . . . . . . ليس بقوي، إذا كان ليس بقوي يصير ثقة وإلا ضعيف؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . إذا لم يتابع، ولو كان ثقة؟ نعم؟ نحتاج إلى كلام قبل هذا، إذا كان ليس له من الحديث إلا القليل، اللين هو الذي ليس له من الحديث إلا القليل، هو لم يثبت فيه ما يترك حديثه من أجله فإن توبع بمقبول وإلا فلين، هذا نص عليه ابن حجر في مقدمة التقريب، إذا لم يكن له من الحديث إلا القليل، ولم يثبت في حقه ما يترك حديثه من أجله، فإن توبع فالمقبول وإلا فلين. على كل حال الحديث ضعيف ((احتجم وصلى ولم يتوضأ)) وبه يحتج من يقول بالأصل أنه لا ينقض ما يخرج من البدن، إلا ما نص عليه، من البول والغائط والريح، ودم الحيض والاستحاضة، يعني من المخرج المعتاد، ولو خرج الدم من غير المخرج المعتاد ولو كثر فإنه لا ينقض الوضوء، وهذا دليل له على ضعفه، وسبق الكلام في المسألة، سبق الكلام في المسألة. "وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((يأتي أحدكم الشيطان في صلاته فينفخ في مقعدته، فيخيل إليه أنه أحدث ولم يحدث, فإذا وجد ذلك فلا ينصرف حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً)).

هذا قريب من الحديث السابق، الحديث السابق الذي فيه أن الإنسان لا يخرج عن يقين الطهارة إلا بيقين الحديث، وأن مجرد الشك لا يخرجه، أو لا يلغي الطهارة المتيقنة، وعلى كل حال الحديث قابل للتحسين، قابل للتحسين ((يأتي أحدكم الشيطان في صلاته فينفخ في مقعدته، فيخيل إليه أنه أحدث)) يعبث في مقعدة ابن آدم، فيخيل إليه، أو فيخيِل الشيطان أنه أحدث ولم يحدث، أو فيخيل الحدث نعم ((فإذا وجد ذلك فلا ينصرف حتى يسمع صوتاً أو يحد ريحاً)) فالطهارة المتيقنة لا تنقض بشك، بل لا بد من يقين، والشك لا يرفع اليقين كما هو القاعدة المعروفة، وأصله في الصحيحين من حديث عبد الله بن زيد، لا يلزم أنه إذا قيل: أصله في كذا، لا يلزم أن يكون اللفظ المطلوب في الصحيح، وإنما يكون جزء من الحديث في الصحيح غير محل الشاهد، غير محل الشاهد. "ولمسلم: عن أبي هريرة نحوه" تقدم أيضاً حديث أبي هريرة قبل عشر صفحات، قبل كم حديث؟ نعم، بيأذن. يقول المصنف -رحمه الله تعالى-: "ولمسلم عن أبي هريرة أيضاً نحوه" هو الحديث الذي تقدم الخامس المخرج في مسلم: ((إذا وجد أحدكم في بطنه شيئاً فأشكل عليه أخرج منه شيء أو لا؟ فلا يخرجن من المسجد)) وتقدم شرحه، وهو شاهد لأحاديث الباب. يقول: "وللحاكم عن أبي سعيد مرفوعاً: ((إذا جاء أحدكم الشيطان فقال: إنك أحدثت فليقل: كذبت)) وأخرجه ابن حبان بلفظ: ((فليقل في نفسه)) ". الشيطان حريص وقد حلف بعزة الله -عز وجل- أن يغوي الناس، لماذا؟ ليكثر السواد معه في النار، وهو العدو الحقيقي فعلينا أن نتخذه عدواً كما أمرنا الله -عز وجل-، فهو يريد أن يفسد هذه العبادة التي هي أعظم دعائم الإسلام وأركانه بعد الشهادتين، فعلينا أن لا نلتفت لتلبيسه لا في الصلاة ولا في غيرها، وكم من شخص ابتلي بوسواس أعقبه جنون، في باب الطهارة أكثر ما يأتي الشيطان للإنسان في باب الطهارة، فإذا عزم على نفسه وتطهر جاء يوسوس إليه في الصلاة، فيعبث بمقعدته لكي ينصرف ويترك الصلاة.

كم من شخص مكث الساعات وهو يجاهد نفسه ليتوضأ، وهذا السبب .. ، سببه الوحيد أنه أجاب الشيطان فيما طلب منه، "إنك أحدثت" وافقه على ما قال ولم يتخذه عدواً، وفي الغالب أنه يقع مثل هذا إذا كان هناك زيادة في الحرص مع الجهل، مع الجهل، كم من شخص قيل له: صلي على وضعك، على حالك، وقد طرق علي الباب شخص في الساعة الثامنة في الشتاء الثامنة صباحاً في الشتاء قال: إنه لم يستطع أن يصلي العشاء إلى الآن، كم بين الثامنة وصلاة العشاء؟ كم؟ لم يستطع صلاة العشاء، إذا غسل فرجه قال: ما نظفت، أعاد ثانية ثالثة وعاشرة ومائة، إذا غسل وجهه قال: لعله جاءه رشاش، جاءه شيء، أعاد، إذا غسل يده كذلك، مسح رأسه، إذا مسك الباب قال: تنجست، إذا فعل إذا ترك، وقد جاءني هذا الشخص قال: إنه فاتته الصلاة وهو لا يستطيع أن يصلي بمفرده، فقال: لعلك تصلي بي صلاة المغرب، قلت: لا بأس، لكن لا بد أن تعالج نفسك؟ قال: خلاص أنا بصلي، كبرنا للإحرام فجلس وتركني، لماذا؟ الصلاة في المسجد، أصلي به في المسجد، إذا أمامه الثلاثة الأجزاء الأخيرة من القرآن مكتوب عليها العشر الأخير، نعم، يقول: رأيت الأخير وأنا أصلي المغرب فاختلط علي الأمر، أنا أصلي الأخير وإلا المغرب، فجلس، قلت: يا أخي صلِ على حالك، قال: ما نويت قلت: لا تنوِ، قال: ما اكتملت الطهارة، قلت: لا تتطهر، قال: أنا مجنون، قلت: شبيه بالجنون، بل يمكن أشد من الجنون، صلاة العشاء في الشتاء كم؟ الساعة كم؟ سبع؟ نعم؟ طالب: سبعة، سبعة ونصف. سبع، إلى الساعة الثامنة صباحاً وهو يعالج كل الليل خمسة عشر ساعة كم؟ ثلاثة عشر ساعة وهو يحاول يصلي العشاء ما استطاع، ترك الوظيفة بسبب الوضوء لصلاة الظهر، ترك العمل، ترك ارتباطاته، ترك أسرته، هذا الجنون، وسببه الاسترسال مع مطالب الشيطان، الشيطان لا يزال بابن آدم يغويه ليصرفه عن دينه بالكيلة، إن سهل عليه جره عن الدين وانسلاخه منه بها ونعمت، وإلا دفعه إلى الأمام، وكلاهما مذموم، وكل هذا من الاستجابة لمطالب الشيطان ووساوسه، نسأل الله -جل وعلا- أن يعصمنا منه، والله أعلم. وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. هنا أسئلة.

يقول: في حديث ابن عباس: "أن الشيطان يأتي الإنسان في صلاته فينفخ في مقعدته" هل هذا النفخ حسي أو معنوي؟ على كل حال هو عبث من الشيطان، لا يصاحبه صوت ولا ريح، قد يحس به، قد يحس به؛ لأن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم. ما حكم شرب مرق الإبل؟ وهل ينقض الوضوء؟ لا ينقض الوضوء. هل يوجد في تقريب التقريب أوهام لابن حجر؟ وما هي؟ نعم الأوهام هو ليس بمعصوم، هذه اجتهاداته -رحمه الله-، وهو ليس بمعصوم، عليه ملاحظات، لكن يكفيه أنه اجتهد، في كتاب من أنفس الكتب، لا يستغني عنه طالب علم، لا كبير ولا صغير، ولا يعني هذا أننا نقلده في كل ما يقول، لا، وأحسن طبعاته الآن طبعة أبي الأشبال الباكستاني، نعم. ما حكم نثر الذكر مع الاستنجاء؟ بدعة، نص أهل العلم على أنه بدعة. يقول: ما حكم شرب مرق الإبل وحليب الإبل؟ كل هذا لا أثر له، لا ينقض الوضوء. هل الإبل لها فضل خاص على الأنعام والحيوانات الأخرى؟ وهل صحيح أن جمل تكلم في عهد الرسول -عليه الصلاة والسلام-؟ هو اشتكى إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- ظلم أهله، وجورهم عليه، وعدم إطعامه ما يكفي، وهذا من معجزاته -عليه الصلاة والسلام-. هل الإبل لها فضل خاص على الأنعام؟ هي من بهيمة الأنعام، لكن رعاية الغنم أقرب إلى التواضع من رعاية الإبل، وجاء في رعاء الإبل أنهم أهل غلظة، نعم. يقول: هل لي أن أتعلم الحديث والفقه كل هذا من سبل السلام وآخذ كل ما فيه؟ لا، ليس لك ذلك؛ لأنك إن فررت من تقليد الأئمة وقعت في تقليد غيرهم، في تقليد الصنعاني، قد تقول: هل لي أن آخذ الفقه من مؤلفات الشيخ الألباني، أو الشيخ ابن باز وقد عرفا بالاقتداء والإئتساء؟ نقول: هما كغيرهما من أهل العلم إن فررت من تقليد أحمد وقعت في تقليد الألباني وهكذا، وكله تقليد، لكن إن كنت من أهل النظر فعليك أن تنظر، لتصل إلى النتائج بنفسك، إذا كنت أهلاً لذلك، أما إذا كنت عامياً أو في حكم العامي لا يوجد لديك آلية النظر فقلد من تبرأ ذمتك بتقليده، ممن يجمع مع العلم والدين الورع. يقول: ما حكم إدخال المفكرة الالكترونية المحفوظة والمسجل بداخلها القرآن إلى داخل دورة المياه؟

عرفنا أن مثل هذه الأجهزة أشبه ما تكون في صدر الإنسان، بصدر الإنسان؛ لأنها لو فتحت أو حللت ما يرى فيها شيء من القرآن، فليست مثل المصحف، أو المصحف المكتوب على ورق، تختلف فأشبه ما تكون بالقرآن الذي في جوف الإنسان، كما ذكره البخاري -رحمه الله تعالى-. كثير الأسئلة يا إخوان، نجيب بسرعة. يقول: إذا خرج رجل من المسجد لحاجة سريعة ثم رجع هل يجب عليه أن يصلي تحية المسجد؟ أولاً: تحية المسجد سنة عند جماهير أهل العلم، لكن الأمر متأكد ((إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين)) إن كانت الحاجة عند باب المسجد ورجع عاجلاً تكفيه التحية الأولى، وإن طال الفصل فلا بد أن يعيدها، على سبيل الاستحباب المتأكد عند جماهير أهل العلم. يقول: ما رأيكم فيمن يحرص على طلب العلم وهذا حسن، ولكن يترك المجامع التربوية، والمراكز الطلابية الصيفية، وأنها بحجة تضييع الوقت؟ نقول: الوقت الذي يصرف في العلم والعمل والدعوة ليس بتضييع، فإذا حصل الإنسان ما يستفيد به بنفسه ويعمل به، وعلى نور من الله -عز وجل- فعليه أن يدعو الناس، ويحاول إصلاح من تحت يده ومن يليه، والله المستعان، فكون الإنسان يغشى هذه المجامع بنية الإصلاح والدعوة هذا من أفضل الأعمال، وليست بتضييع للوقت. يقول: يواجهنا مدرس في المدارس خاصة من الطلاب كثيراً من الاستئذانات في الفصل من أجل الوضوء لمس المصحف تخيل لو خرج خمسة أو عشرة طلاب أو أكثر ومنهم الصادق ومنهم الكاذب والمستهتر فما الحل؟ وقد يواجه المعلم مشاكل مع الإدارة بسبب ذلك؟ على كل حال أهل العلم يتسامحون بالنسبة للصبي الصغير، فيتسامحون بالنسبة للوضوء؛ لأنه تكليفه بمثل هذا، وإن كان الأصل أن كلاً مطالب بالأمر به، وإن لم يطالب هو بشخصه، كما يطالب ويمرن على العبادات كلها، لكن إذا شق ذلك فالمشقة تجلب التيسير، وإذا أدى ذلك إلى تضييع الواجب فليؤخذ مثل هذه الرخصة، لكن على المدرس أن يلزم الطلاب بالوضوء قبل بدء الحصة. يقول: ما رأيكم بعبارة "لا تنكر على مقلد"؟

المقلد إذا قلد من تبرأ الذمة بتقليده وهو من جمع بين العلم والدين الورع، عرف من أهل العلم والعمل فإنه لا ينكر عليه هذا فرضه، لكن إذا كان من أهل النظر فعليه أن ينظر، وعليه أن يجتهد. حكم قراءة القرآن للجنب؟ جاء ما يخص حديث: "كان يذكر الله على كل أحيانه" ولا يمنعه من ذلك إلا الجنابة، وأما الحائض فأهل العلم يفتون بأن للحائض أن تقرأ القرآن إذا خشيت النسيان واحتاجت إلى ذلك، وإن كان الأصل أنها أشد من الجنب حدث، وهذا قول أكثر أهل العلم، بأن الحائض لا تقرأ القرآن، لكن إذا خشيت النسيان، أو كانت ملزمة إيجاباً عليها بالمدرسة معلمة أو متعلمة فأهل العلم في العصور المتأخرة يفتونها بذلك. هل يجوز قراءة القرآن دون مسه للمحدث؟ إذا كان الحدث أصغر فلا بأس يقرأه على كل أحيانه. يقول: ما الحكمة من الوضوء من لحم الإبل؟ كم باقي على الوقت؟ الحكمة جاء في الخبر أنها فيها شيء من الشيطنة، حتى جاء في خبر: أنها جن خلقت من جن، وأيضاً في لحمها ما فيه من الشدة والقوة والزهومة التي تكسر بالماء، هذه مجرد التماس من أهل العلم، وإلا فالأصل أننا نعتمد الأمر الصحيح الصريح، ولو لم نعرف الحكمة. يقول: إذا شك في طهارته قبل الدخول في الصلاة؟ إن كان مجرد شك فلا يلتفت إليه بعد تيقن الطهارة، إذا تيقن الطهارة فلا يلتفت إلى الشك، سواءً كان قبل الدخول في الصلاة أو بعده؛ لأن الشك لا يرفع اليقين، الشك لا يرفع اليقين، هذه قاعدة عند أهل العلم، ودل عليها حديث أبي هريرة وغيره من الأحاديث التي مرت بنا، وعرفنا أن هذا اليقين هل يرتفع بغلبة الظن أو لا يرتفع؟ ذكرنا هذا وفصلناه في درس الظهر. إذا توضأ وأحدث، توضأ وأحدث وجهل السابق، هو على يقين أنه متوضأ، وهو على يقين أيضاً أنه محدث، لكنه لا يدري هل السابق الحدث أو السابق الوضوء؟ لأنه إن كان السابق الوضوء انتقض بالحدث، وإن كان السابق الحدث فهو على طهارة، أهل العلم يقولون: إذا تيقن الطهارة والحدث معاً وجهل السابق منهما فهو بضد حاله قبلهما، هاه؟ فهو بضد حاله قبلهما، إيش معنى هذا الكلام؟ إذا تيقن الطهارة والحدث معاً فهو بضد حاله قبلهما، نعم؟ طالب:. . . . . . . . .

قبل الطهارة وقبل الحدث، كيف تصوير المسألة؟ شخص صلى العصر وجاء إلى البيت وقال: إنه يريد أن يقرأ القرآن، نعم دخل الدورة ونقض الوضوء أحدث ثم توضأ، الآن هو على إيش؟ على طهارة، ثم شك هل أحدث أو لم يحدث بعد هذا الوضوء، يلتفت إليه أو ما يلتفت؟ لا يلتفت، لكن تيقن أنه محدث، تيقن أنه محدث، لكن جهل هل هو حدث جديد بمعنى أنه دخل الدورة مرة ثانية بعد أن توضأ أو هو الحدث الذي قبل الطهارة؟ طالب:. . . . . . . . . نعم؟ طالب:. . . . . . . . . هو شك ما يدري هل أحدث مرة ثانية بعد اكتمال الطهارة؟ هو متيقن أنه محدث ومتيقن أنه توضأ، تيقن أنه دخل الدورة وأحدث وتوضأ، لكن هل الحدث سابق لهذه الطهارة أو لاحق بعدها؟ هذا شك، هو متيقن أنه محدث بعد صلاة العصر، ومتيقن أنه متوضئ لقراءة القرآن، قال: "وبضد حاله قبلهما" بضد حاله قبلهما، وقبلهما إيش؟ متطهر، قبلهما متطهر لصلاة العصر، إذن هذه الطهارة التي تطهرها لصلاة العصر أكيد نقضها، فهو بضد هذه الحال، وكونه نقض الناقض هذا مشكوك فيه، ظاهر وإلا مو بظاهر؟ المسألة دقيقة وهي من كلام الفقهاء ولها وجه، والله أعلم. وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. "عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا دخل الخلاء وضع خاتمه" أخرجه الأربعة, وهو معلول. وعنه قال: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا دخل الخلاء قال: ((اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث)) أخرجه السبعة. وعنه قال: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يدخل الخلاء, فأحمل أنا وغلام نحوي إداوة من ماء وعنزة فيستنجي بالماء" متفق عليه. وعن المغيرة بن شعبة -رضي الله عنه- قال: قال لي النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((خذ الإداوة)). فانطلق حتى توارى عني, فقضى حاجته" متفق عليه. وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((اتقوا اللاعنين: الذي يتخلى في طريق الناس, أو في ظلهم)) رواه مسلم. زاد أبو داود, عن معاذ: ((والموارد)). ولأحمد عن ابن عباس: ((أو نقع ماء)) وفيهما ضعف.

وأخرج الطبراني النهي عن تحت الأشجار المثمرة, وضفة النهر الجاري، من حديث ابن عمر بسند ضعيف. وعن جابر - -رضي الله عنه- - قال. يكفي، يكفي بركة. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: باب: آداب قضاء الحاجة: باب: آداب قضاء الحاجة: آداب قضاء الحاجة، الآداب جمع أدب، الآداب جمع أدب، والمقصود هنا ما ينبغي للمسلم أن يفعله عند قضاء حاجته، وقضاء الحاجة يكنى به عن خروج البول والغائط على وجه الخصوص من نواقض الوضوء، فقضاء الحاجة فالشرع يكني عن الألفاظ القبيحة بألفاظ مقبولة ليس فيها تصريح بما تنبو عنه الأسماء، وتنفر منه الطباع، آداب قضاء الحاجة، يعني عدل عن قوله: باب آداب قضاء كذا وكذا، قال: الحاجة، وجاء في الحديث: ((إذا قعد أحدكم لحاجته)) في صحيح مسلم: ((إذا قعد أحدكم لحاجته)) الحاجة أعم من أن تكون ...

كتاب الطهارة (10)

شرح: بلوغ المرام - كتاب الطهارة (10) الشيخ: عبد الكريم الخضير

الحاجة أعم من أن تكون مما ذكر، كل ما يحتاجه الإنسان من أمور دينه أو دنياه تسمى حاجة، ويراد به هنا ما ذكر، الحاجة لفظ مقبول، لكن أفراد هذه الحاجة المرادة هنا تنفر عن سماعها الآذان، فهكذا علمنا الشرع أن نتأدب في الألفاظ فلا نبتدئ باللفظ المستقبح، ولا ننقله ولا نكثره إلا عند الحاجة القصوى، حينما لا يقوم غيره مقامه، فبحديث وفاة أبي طالب تتابع الرواة على قول .. ، على نقل قول أبي طالب في آخر ما تكلم به: "هو على ملة عبد المطلب" لئلا ينسب الكفر إلى المتكلم، وهو إن كان ناقل وآثر لا شيء عليه في ذلك، وينقل عن غيره، لكن العدول من هذا التعبير إلى ذاك لا شك أنه من الأدب، بخلاف ما إذا أوقع في لبس وإشكال، فتتابع الرواة على نقل قول ماعز: "إني زنيت" ما قالوا: أنه زنى؛ لأنه لا بد من التصريح بنسبة الفعل إلى النفس؛ لئلا يتوهم السامع قوله: إنه زنى أنه يحكي عن غيره، ماعزاً يحكي عن غيره، احتمال يحكي عن غيره، لكن إذا لم يقم غيره مقامه لا بد من التصريح به، ولذا يأتي الخير منسوباً إلى الله -عز وجل- صراحة، والشر يحذف الفاعل {وَأَنَّا لَا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَن فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا} [(10) سورة الجن] فالشر حذف فيه الفاعل؛ لأنه وإن كان كل من عند الله فإنه لا تحسن إضافته إلى الله صراحة، ولذا جاء في الحديث: ((والشر ليس إليك)) بينما الخير ينسب إلى الله -عز وجل- صراحة، {أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا} [(10) سورة الجن] وهكذا، فالمقصود أنهم يقولون: قضاء الحاجة والمراد به اللفظان المستقذران، لكن عند الحاجة حينما لا يقوم غير اللفظ مقامه لا بد من التصريح، بعض الفقهاء يقول: باب الاستطابة، ولا يستطيب بيمينه، لا يستطيب بيمينه، هذا متفق عليه، بعضهم يقول: باب التخلي، أو آداب التخلي؛ لأنه يلزم منه دخول الخلاء، المقصود أن كل هذا من العدول من العبارات والألفاظ المستقذرة المستقبحة إلى الألفاظ المقبولة، وهذا أدب شرعي لا يصرح باللفظ المستقذر إلا عند الضرورة القصوى حينما لا يقوم غيره مقامه.

الحديث الأول في الباب: حديث "أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا دخل الخلاء وضع خاتمه، أخرجه الأربعة" أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه "وهو معلول" إذا دخل الخلاء وضع خاتمه، وهو معلول، نقل ابن حجر عن النسائي قال: هذا حديث غير محفوظ، وعلى كل حال الحديث منكر، مثل به الحافظ العراقي للمنكر، لما تحدث عن المنكر: والمنكر الفرد كذا البرديجي ... أطلق والصواب في التخريجِ إجراء تفصيل لدى الشذوذ مر ... فهو بمعناه كذا الشيخ ذكر جنحو كل البلح بالتمر الخبر ... . . . . . . . . . إلى أن قال: قلت: فماذا؟ بل حديث نزعه ... خاتمه عند الخلا ووضعه فمثل بهذا الحديث للمنكر، والمنكر عرفنا أنه. . . . . . . . . مما استقر عليه الاصطلاح عند المتأخرين، أنه مخالفة الضعيف لمن هو أقوى منه، بينما مخالفة الثقة لمن هو أوثق منه يسمونه شاذ، على أن ابن الصلاح وجمع من أهل العلم لا يفرقون بين المنكر والشاذ، ومن أهل العلم من يطلق النكارة بإزاء مجرد التفرد، المنكر الفرد، كثير هذا في إطلاق في أحكام أهل العلم من المتقدمين، أحمد يقول: هذا منكر، ويريد به ما تفرد به راوي، وأبو حاتم يقول: منكر، والدارقطني يقول: منكر، وهكذا لتفرد راويه، لكن المتأخرين اصطلحوا على هذا، ومنهم من قال: إن المنكر تفرد من لا يحتمل تفرده، المنكر تفرد من لا يحتمل تفرده، فيصح إطلاق النكارة والمراد بها التفرد، لكنه تفرد من لا يحتمل تفرده، ولو لم يكن هناك مخالفة؛ لأن الحديث: ((كلوا البلح بالتمر)) هذا حديث منكر تفرد به أبو زكير، مثلوا به للمنكر، وليس فيه مخالفة، وهنا يقول ابن حجر حيث نقل عن النسائي: هذا حديث غير محفوظ، والذي يقابل المحفوظ هو إيش؟ الشاذ، الذي يقابل المحفوظ الشاذ، بينما الذي يقابل المنكر المعروف، فكونهم يقولون: إن هذا حديث منكر أو غير محفوظ دلالة على أن الشذوذ والنكارة نعم بمعنى واحد، قال: . . . . . . . . . ... . . . . . . . . . والصواب في التخريجِ إجراء تفصيل لدى الشذوذ مر ... فهو بمعناه كذا الشيخ ذكر

يقصد ابن الصلاح، المقصود أن الحديث منكر، شديد الضعف، وعرفنا أنهم مثلوا به للمنكر، على كل حال الخلاء، إذا دخل الخلاء الكلمة ستأتي في أحاديث، المكان الخالي الذي يقصد لقضاء الحاجة. يقول: "وهو معلول" عرفنا أن المعلول كلمة من حيث الاشتقاق في هذا الباب مرذولة، صرح بعضهم أنها لحن، الصواب أن يقال: معل، وهو ما اشتمل على علة، والعلة: عبارة عن أسباب خفية تقدح في صحة الخبر، غامضة لا يدركها كل أحد، تقدح في صحة الخبر الذي ظاهره السلامة منها. "وضع خاتمه" لأن فيه ذكر الله -عز وجل- لأن الخبر قد يكون .. ، قد لا يثبت الخبر، لكن يكون معناه صحيحاً، جاءت النصوص، بل جاءت الشريعة باحترام وتعظيم شعائر الله، فذكر الله من شعائره، جميع ما يتعلق بالرب -عز وجل- لا بد من تعظيمه، وما يتعلق بدينه ونبيه -عليه الصلاة والسلام-، ولذا من سب الله وسب الرسول وسب الدين يخرج من الملة نسأل الله العافية، يقول جمع من أهل العلم: إنه لا تقبل توبته، فلا بد من تعظيم هذا الجانب، لا بد من تعظيم الله -عز وجل-، وتعظيم شعائره، وتعظيم دينه، وتعظيم نبيه -عليه الصلاة والسلام-، أفضل الخلق، وأشرف الخلق، وأكمل الخلق، المقصود أن الخاتم منقوش فيه محمد رسول الله، فلذكر الله -عز وجل- ينبغي أن ينزع عند إرادة الخلاء، وكذا كل ما فيه ذكر الله -عز وجل-، فلا يجوز بحال أن يدخل المصحف أو شيء من القرآن هذه المواضع المستقذرة، وهل هذا الحكم مبني ومستنبط من هذا الحديث؟ لا، من عمومات كثيرة في الشريعة؛ لأن الحديث الضعيف لا يجوز البناء عليه، ولا استنباط الحكم منه، إذا نسي الإنسان ودخل بشيء فيه ذكر الله -عز وجل-، هذا إذا كان خفي في جيبه فالأمر سهل، لكن إذا كان بارز يخفيه. الحديث الثاني: "وعنه" يعني عن أنس، وعرفنا أنه إذا كان الحديث الثاني نفس الصحابي راوي الحديث الأول، فإنهم لا يكررون إلا إذا بعد العهد صار الثالث أو الرابع أو هكذا، لا يكررون ذكر الاسم اختصاراً، بل يكنون عنه بالضمير تفنن في العبارة، واختصار للكلام، والكتاب كتاب مختصر، بصدد أن يحفظ، فأقصر أن يقال: "وعنه" كما فعل هنا.

"وعنه -رضي الله عنه- قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا دخل الخلاء" عرفنا أن الخلاء المكان المعد لقضاء الحاجة، وكان يدل على الاستمرار، عادته المستمرة أنه إذا دخل الخلاء قال -عليه الصلاة والسلام-: ((اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث)) إذا دخل واستقر في الخلاء، أو إذا فرغ من الدخول، أو إذا أراد الدخول؟ لأن الفعل الماضي يطلق ويراد به الإرادة، ويراد به الشروع، ويراد به الفراغ، ((إذا كبر فكبروا)) إذا كبر إذا أراد التكبير، إذا شرع في التكبير، أو إذا فرغ من التكبير؟ نعم؟ إذا فرغ من التكبير وانقطع صوته، ((إذا ركع فاركعوا)) إذا أراد الركوع؟ نعم؟ إذا فرغ من الركوع هذا مطلوب؟ إذا فرغ من الركوع، لا، تفوت الركعة، إذا أراد الركوع؟ لا، المراد إذا شرع في الركوع، يعني بدأ الركوع، فالفعل الماضي يطلق ويراد به الإرادة كما هنا، إذا دخل يعني إذا أراد الدخول {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ} [(98) سورة النحل] يعني إذا أردت {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ} [(6) سورة المائدة] إذا أردتم القيام فاغسلوا وجوهكم، والظاهرية تبعاً لأصلهم يجرون هذه الأمور على ظواهرها، فعندهم الاستعاذة متى؟ نعم؟ إذا انتهى من القراءة (إذا قرأت) يعني إذا فرغت من القراءة تبعاً لأصلهم، وهنا إذا دخل يعني إذا أراد الدخول، الفعل الماضي نفسره بأحد الأمور الثلاثة بالتشهي، يعني إن شئنا قلنا: كذا وإن شئنا قلنا: كذا؟ نقول: بالتشهي، إن شئنا قلنا: إذا دخل وإذا أراد وإذا فرغ وإذا شرع؟ لا، هذا التفسير، هذه احتمالات، ولا بد لترجيح أحد الاحتمالات من مرجح، نقول: هذه احتمالات للفظ، ولا بد لترجيح أحد الاحتمالات من مرجح، ولا يكون الترجيح بالتشهي.

قال: ((اللهم إني أعوذ بك من الخبث)) بإسكان الباء ((والخبائث)) بعض الروايات: ((الخبُث)) بضم الباء، ((والخبائث)) فالخبث؟ نعم؟ جمع خبيث أو الخبُث جمع خبث؟ الخبُث جمع خبث، والخبائث جمع خبيثة، فكأنه استعاذ من الشياطين، من إناثهم وذكورهم، هذا على رواية الضم، أما على رواية السكون: ((الخبْث والخبائث)) فالمراد بالخبث الشر، والخبائث أهل الشر، وهم الشياطين، فكأنه استعاذ من الشر وأهله ((اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث)) أخرجه السبعة، السبعة المراد بهم؟ الستة وأحمد، الستة المراد بهم؟ نعم؟ الطالب:. . . . . . . . .

أو نجمل مرة ثانية؟ نجمل مرة ثانية نقول: هم الشيخان والأربعة، علشان نقول: من المراد بالأربعة؟ أقول: من المراد بالسبعة؟ قلتم: الستة وأحمد، طيب نحتاج إلى سؤال ثاني نقول: من الستة؟ فإذا قلتم: الشيخان مع الأربعة، نقول: من الأربعة؟ لكن إذا سردوا على طول من السبعة؟ فلان وفلان وفلان، البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه، إضافة إلى الإمام أحمد، ما نحتاج إلى سؤال ثاني، المرجح لإرادة الدخول ما جاء في الأدب المفرد من حديث أنس -رضي الله عنه- قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا أراد أن يدخل الخلاء، وعرفنا أن ترجيح أحد الاحتمالات لا بد له من مرجح، نظير القبول، تفسير القبول في النصوص، القبول في النصوص لا يقبل الله كذا، يطلق ويراد به، عدم القبول يراد به نفي الصحة، ((لا يقبل الله صلاة من أحدث حتى يتوضأ)) يعني نفي الصحة؛ لأن صلاة المحدث غير صحيحة ((لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار)) ويطلق القبول ويراد به نفي الثواب المرتب على العبادة، وإن كانت صحيحة مجزئة مسقطة للطلب {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} [(27) سورة المائدة] مفهوم الآية أن الله -سبحانه وتعالى- لا يتقبل من غير المتقين، وهم الفساق، فهل معنى هذا أنك إذا رأيت فاسق عليه أمارات فسق ظاهرة، تقول له: أعد صلاتك، أعد صيامك؛ لأن الله إنما يتقبل من المتقين، صلاته صحيحة مجزئة مسقطة للطلب، لكن الثواب المرتب على هذه العبادة حرم منه بسبب فسقه، فلا بد في كل نص من النصوص المحتملة لأكثر من معنى لا بد من مرجح، وهنا المرجح رواية البخاري في الأدب المفرد: "إذا أراد أن يدخل الخلاء". هنا الحديث الثالث قال: "وعن أنس" في الأول قال: "عن أنس" في الثاني قال: "وعنه" في الثالث قال: "وعن أنس" صرح بالراوي للبعد، بعد الاسم الظاهر من الأول بخلاف الثاني، وفي بعض النسخ الصحيحة أيضاً: "وعنه" جرياً على الجادة. "وعن أنس -رضي الله عنه- قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يدخل الخلاء فأحمل أنا وغلام نحوي إداوة من ماء وعنزة، فيستنجي بالماء" متفق عليه". طيب متفق عليه؟ الطالب:. . . . . . . . .

البخاري ومسلم، بإطلاق كذا؟ نعم؟ نقول: المتفق عليه ما اتفق على روايته البخاري ومسلم كذا من غير قيد ولا شرط؟ كيف؟ الطالب:. . . . . . . . . أما بنفس اللفظ فلا، أما عن نفس الصحابي فصحيح، لا بد أن يكون نفس الصحابي، هذا الاصطلاح الذي جرى عليه الأكثر، فلا تقول: متفق عليه إلا إذا كان موجوداً عند البخاري ومسلم عن صحابي واحد، البغوي في شرح السنة قد يخالف هذا الاصطلاح، ولا مشاحة في الاصطلاح، قد يقول: الحديث متفق عليه، أخرجه محمد عن أبي هريرة، ومسلم عن ابن عمر، يقول: متفق عليه، المتفق عليه هو ما ذكرتم عند الأكثر، لكن في المنتقى للمجد بن تيمية، وهو أعظم كتاب في أحاديث الأحكام، إذا قال: متفق عليه يريد؟ نعم؟ البخاري ومسلم وأحمد، وهذا اصطلاح خاص به، ولا مشاحة في الاصطلاح؛ لأنه بيّن. "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يدخل الخلاء" يدخل، ما المراد بالخلاء هنا؟ هو المكان المعد لقضاء الحاجة، أو مكان قضاء الحاجة ولو لم يكن معداً؟ هناك إذا دخل الخلاء، إذا خرج من الخلاء، كله معد، على أن اللفظ لا يأبى أن يشمل غير المعد، وهنا اللفظ يأبى أن يكون المراد بالخلاء المكان المعد لقضاء الحاجة، لماذا؟ الطالب:. . . . . . . . . طيب والأولات، الأحاديث الأولى، إذا دخل الخلاء، وليش نقول مثل هذا الكلام؟ في الأول قلنا: المكان المعد لقضاء الحاجة. الطالب:. . . . . . . . . نعم لأنه يحمل عمل، مكان معد للخلاء، لقضاء الحاجة، مسور بجدر، أو بستر يحتاج إلى عنزة، ما يحتاج إلى عنزة يستتر بها، لا يحتاج إلى عنزة؛ لأن اللفظ هنا يأبى، وسياق الحديث يأبى أن يكون المراد بالخلاء المكان المعد لقضاء الحاجة.

أنس خادم النبي -عليه الصلاة والسلام- خدم النبي -عليه الصلاة والسلام- بالمدينة وهو ابن عشر سنين، خدمه عشر سنين أخرى، مات النبي -عليه الصلاة والسلام- وعمره عشرين سنة، معقول أن يقول أنس: أنا وغلام، فأحمل أنا سهل، لكن الغلام من هو، نعم، اختلف في المراد بالغلام، بعضهم يقول: ابن مسعود، وقد عرف ابن مسعود بالخدمة لكن هل يصح بأن يقال لابن مسعود: غلام؟ عمره كم؟ يناهز الأربعين، كيف يقال له: غلام؟ أنا وغلام نحوي، وأنس بين العشر والعشرين كيف يكون ابن مسعود نحوه؟ اللهم إلا أن يقال ... الطالب:. . . . . . . . . نعم؟ الطالب:. . . . . . . . . ما يمكن في سنه، قده مرتين أو ثلاث، ما يمكن يصير في سنه، أكبر منه مرتين أو ثلاث ابن مسعود، أنا وغلام نحوي، قالوا: في الخدمة، وإطلاق الغلام عليه تجوز وتوسع في العبارة باعتبار ما كان، كان غلام، ونحوي، يعني نحوي في الخدمة، يعني ما هو نحوي بالسن، على أن بعضهم قال: إن المراد ليس ابن مسعود بل هو قيل: جابر، وقيل: أبو هريرة، وقيل غير ذلك، لكن أكثر من عرف بالخدمة أنس وابن مسعود، وجاء في حديث صحيح أن المغيرة خدم النبي -عليه الصلاة والسلام- في هذا الباب، وحمل معه الماء، وصب عليه، وأهوى لينزع خفيه، الصحابة يتبادرون، لكن إنما تطلق الخدمة على من لزمها، أما خدم مرة، مرتين، مرار يسيرة ما يسمى خادم، ولذا لزم أنس اسم الخادم، خادم النبي -عليه الصلاة والسلام- وخدمته شرف -عليه الصلاة والسلام-. "فأحمل أنا وغلام" أحمل فعل إيش؟ مضارع، فاعله؟ من؟ الفاعل أنا؟ الطالب:. . . . . . . . . كيف؟ الطالب:. . . . . . . . . الضمير أنا؟ هذا فاعل؟ الطالب:. . . . . . . . . فأحمل أنا وغلام، علشان إيش؟ الضمير هذا إيش موقعه من الإعراب أنا؟ هو ليس بفاعل قطعاً؛ لأن الفاعل ضمير مستتر في أحمل، كيف؟ الطالب:. . . . . . . . . توكيد؟ هاه؟ بدل؟ هذا ضمير فصل لا محل له من الإعراب؛ لأنه إذا عطفت على الضمير المتصل والمستتر من قبيل المتصل، إذا كان مرفوع لا بد أن تفصل. وإن على ضمير رفع متصل عطفت ... فأفصل بالضمير المنفصل أو فاصل ما. . . . . . . . . ... . . . . . . . . . أي فاصل.

أو فاصل ما وبلا فصل يرد ... في النظم فاشياً وضعفه اعتقد المقصود أن الضمير هنا لا محل له من الإعراب {فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنتَ} [(117) سورة المائدة] إيش؟ {الرَّقِيبَ} هنا ضمير فصل، المقصود أن هنا لا بد من الفصل. "فأحمل أنا وغلام نحوي إداوة" إناء صغير من جلد يُتخذ للماء، إداوة من ماء (من) تبعيضية وإلا بيانية؟ بيانية؛ لأن الإداوة ليست مادتها الماء ليقال تبعيضية، الإداوة ليست مادتها الماء ليقال تبعيضية، وإنما هي بيانية. "من ماء وعنزة" العنزة عصا يغرس في الأرض ليكون سترة للمصلي، لكن هل يستر هنا؟ هل يستر المتخلي أن يضع أمامه عصا؟ نعم؟ إنما يستفاد منه بأن يوضع عليه شيء ثوب ونحوه، يعني مثل ما تغرز العصي من أجل أن توضع عليها الأروقة، فهذا يغرز في الأرض ليوضع عليه ثوب، فيستتر به -عليه الصلاة والسلام-.

"فيستنجي بالماء" الاستنجاء: إزالة النجو وهو الخارج بالماء، والاستجمار إزالته بالجمار وهي الحصا، فيستنجي بالماء، يكفي أن يقال: فيستنجي ما يحتاج إلى كلمة الماء؛ لأن الاستنجاء لا يكون إلا بالماء؟ نعم؟ لكن هم قالوا: الاستنجاء بالماء، والاستجمار بالحجارة، المقصود أن الاستنجاء إزالة النجو، إزالة النجو بأي شيء كان هذا الأصل فيه، فالإتيان بالماء ليست كلمة زائدة، وقد يؤتى بالشيء تصريحاً بما هو مجرد توضيح، فلو خصصنا الاستنجاء بالماء، وأنه لا يطلق بحال على الاستجمار قلنا: لا مانع من ذكره بشيء؛ لأن التصريح لمجرد التوضيح، وهذا دليل على أن الاستنجاء بالماء لا إشكال فيه، وأنه مجزئ، خلافاً لمن يقول: لا يجزئ، بل لا يجوز. . . . . . . . .، قالوا: الماء نعمة لا يجوز أن يستنجى به، والحديث رد صريح عليهم، يعني إذا احتجت إلى .. ، بحثت عن شيء تستنجي به فلم تجد إلا قطعة من الخبز مثلاً، هذه نعمة لا يجوز بحال أن تستنجي بها، يقولون: الماء نعمة مثل الخبز، لكن هذا القول ضعيف جداً، ولا حظ له من النظر؛ لأن النصوص جاءت بخلافة، بل إزالة جميع النجاسات إنما تكون بالماء، هنا استنجى بالماء، وصب على بول الأعرابي ذنوباً من ماء، وغير ذلك كثير، فالقول بأن الاستنجاء بالماء لا يجزئ أو لا يجوز، منهم من قال كذا، ومنهم من قال كذا، لا حظ له من النظر، بل هو أكمل من الحجارة، وأبلغ في إزالة النجو، الحجارة، إزالة الخارج بالحجارة مجزئ، ثابت في النصوص، على الوجه المشروع على ما سيأتي، والجمع بين الماء والحجارة حكمه؟ نعم؟ سنة، يعني أكمل، هو من حيث النظر أكمل بلا شك، من حيث النظر يزال الأثر الخارج بالحجارة، ويخفف بقدر الإمكان، ثم يقضى على البقية بالماء لا شك أنه أكمل، لكن هل وردت به السنة؟ هل ثبت أن النبي -عليه الصلاة والسلام- جمع بين الحجارة والماء؟ قصة أهل قباء؟ ثابتة؟ نعم؟ الطالب:. . . . . . . . .

إيه، اللي هم أهل قباء، نقول: هذه القصة ثابتة؟ وهل هو أول مسجد أسس على التقوى؟ إن كان هذا مسجد قباء هو أول مسجد .. ، هو أول مسجد، أسس قبل مسجد النبي -عليه الصلاة والسلام-، لكن الأحاديث الصحيحة في الصحيح في مسلم وغيره أن النبي -صلى الله عليه وسلم- سئل عن أول مسجد أسس على التقوى فأشار إلى مسجده -عليه الصلاة والسلام-، على كل حال القصة ضعيفة، ولو ثبتت القصة لقلنا: إن الجمع بين الحجارة والماء أكمل، سئلوا بما مدحوا فقالوا: لأننا نتبع الحجارة بالماء، قول عائشة -رضي الله عنها- للنساء: "مرن أزواجكن" الطالب:. . . . . . . . . وش فيه؟ الطالب:. . . . . . . . . "مرن أزواجكن" الطالب:. . . . . . . . . هاه يا إبراهيم؟ وش فيه؟ ماذا تقول عائشة؟ نعم؟ الطالب:. . . . . . . . . بعيد تراك ما أسمعك، "مرن أزواجكن أن ... " الطالب:. . . . . . . . . أيوه طيب صحيح وإلا ما هو بصحيح؟ الطالب:. . . . . . . . . كيف؟ الطالب:. . . . . . . . . ما يصح نعم، ولو صح لقيل به مثل ما قيل في أهل قباء، على كل حال إزالة الخارج بالحجارة مجزئة لا إشكال فيها صحت بها الأخبار من فعله -عليه الصلاة والسلام- كما سيأتي وإزالة الخارج بالماء لا شك أنها أكمل من الحجارة؛ لأن أهل العلم ينصون على أن الحجارة وإن كانت مجزئة إلا أنها طهارة حاجة؛ لأنها لا تزيل الخارج بالكلية، بل يبقى معها أثر لا يزيله إلا الماء كما هو معروف. الحديث الرابع: حديث "المغيرة بن شعبة -رضي الله عنه- قال: قال لي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((خذ الإداوة)) فانطلق حتى توارى عني، فقضى حاجته" الإداوة وش هي؟ نعم؟ الطالب:. . . . . . . . . إيه تقدم، إيش هي؟ الإداوة سترة أو العنزة السترة؟ أيهما السترة؟ العنزة هي السترة والإداوة إناء صحيح، يحمل به الماء " ((خذ الإداوة)) فانطلق -عليه الصلاة والسلام- حتى توارى عني، فقضى حاجته -عليه الصلاة والسلام-" في مشروعية الإبعاد عن الناس، حال قضاء الحاجة، إذا أراد المذهب أبعد، وهذا عاد في أي حال؟ في الصحراء، هذا كله الكلام كان في الصحراء لا في الكنف، نعم، حتى توارى عني، متى يشرع الإبعاد ومتى لا يشرع؟ نعم؟

الطالب:. . . . . . . . . أيوه؟ الطالب:. . . . . . . . . إذا أراد المذهب أبعد، هنا حتى توارى عني، وفي حديث حذيفة وهو عند السبعة أن النبي -عليه الصلاة والسلام- انتهى إلى سباطة قوم فبال -عليه الصلاة والسلام-، انتهى إلى سباطة قوم فبال قائماً -عليه الصلاة والسلام-، والحديث صحيح، فنقول: الإبعاد إنما يشرع إذا كانت الحاجة غائط، بينما إذا كانت الحاجة بول لا يلزم الإبعاد، يكفي الاستتار ولو لم يبعد، لماذا؟ لأن البول لا رائحة له مثل الغائط، الأمر الثاني: أنه لا يصاحبه صوت البول، البول لا يصاحبه صوت بخلاف الغائط، ولذا هنا انطلق حتى توارى عني، وإن كان اللفظ محتمل، فقضى حاجته إما كذا وإما كذا، لكن حديث حذيفة دل على أنه إذا كانت الحاجة بول فإنه لا يلزم أن يبعد حتى يتوارى. "انتهى إلى سباطة قوم" يعني بين بيوتهم ما أبعد، السباطة المزبلة، وهنا "وانطلق حتى توارى عني فقضى حاجته. متفق عليه" والتواري الاستتار والبعد عن الناس، وعدم إيذائهم بهذه النجاسات، وبما يصاحبها من روائح وأصوات، وأهل العلم قالوا: إن هذا محمول على الاستحباب والندب، لا على سبيل الوجوب، قالوا: لأنه فعل، لم يرد به أمر، فعل منه -عليه الصلاة والسلام-، يدل على الكمال؛ لكنه لا يدل على الوجوب، أما إذا كان القرب من الناس بحيث لا يستطيع أن يواري عورته عنهم فإن البعد واجب، لماذا؟ لأنه لا يتم الواجب الذي هو الاستتار إلا به، ومعروف أنه ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، مجرد فعله -عليه الصلاة والسلام- هنا لا يدل على الوجوب، لو حصل الاستتار مع القرب أجزأ، ولم يأثم الشخص، لكن البعد أكمل، إذا لم يحصل الاستتار عن أعين الناس إلا بالبعد وجب البعد؛ لأنه لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، جاء في حديث عند أحمد وعند أبي داود: ((من أتى الغائط فليستتر فإن لم يجد إلا أن يجمع كثيباً من رمل فليستدبره، فإن الشيطان يلعب بمقاعد بني آدم، من فعل فقد أحسن ومن لا فلا حرج)) لكنه ضعيف.

الحديث الذي يليه: حديث "أبي هريرة -رضي الله عنه- قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((اتقوا اللاعنين الذي يتخلى في طريق الناس أو في ظلهم)) رواه مسلم" اتقوا اللاعنين الذي يتخلى في طريق الناس أو في ظلهم، اللاعنان هما الأمران الجالبان للعن، وهل يقتضي أن يكون هذا من الكبائر الذي يتخلى في طريق الناس في الشوارع يتخلى؟ في طريق الناس؟ في ظلهم الذين يحتاجون إليه ويجلسون فيه؟ كبيرة وإلا ليست بكبيرة؟ هذا الذي يتخلى في طريق الناس أو في ظلهم سبب في اللعن، متسبب في لعنه، لكن هل اللعن هذا بحق أو بغير حق؟ نعم؟ يعني هل نقول: إن هذا يستحق اللعن أو أن الناس يلعنون من يفعل هذا ولو لم يستحق؟ نعم؟ نعم يا إخوان؟ اتقوا اللاعنين وعرفنا أن اللاعنين الأمران الجالبان للعن الحاملين الناس عليه، اللعن هذا يحمل الناس على لعنه، يتخلى في طريق الناس ويؤذيهم، بالمقابل إماطة الأذى عن الطريق صدقة، وأدناها أدنى شعب الإيمان إماطة الأذى عن الطريق، فالذي يتخلى في طريق الناس، الذي يترك الأذى في طريق الناس فضلاً عن كونه هو الذي يضع الأذى محروم؛ لأن إماطة الأذى عن الطريق صدقة، وهو شعبة من شعب الإيمان، وهو أدنى شعب الإيمان، لكن الذي يضع الأذى في طريق الناس كما هنا، وكل أذى بحسبه، بحسب الضرر المترتب عليه، كل أذى بحسب الضرر المترتب عليه، هؤلاء الذين يضعون الزجاج في طريق الناس، إذا شرب المشروب ورمى القارورة على إسفلت أو على رصيف وانكسرت، هذا مؤذي، هذا مرتكب محرم نسأل الله العافية؛ لأنه يؤذي الناس، والذي يتخلى في طريق الناس أيضاً مؤذي، ومعرض نفسه للعن، للعن الناس سواء قلنا بحق أو بغير حق؛ لأن المسألة محتملة، فالناس يلعنون من يؤذيهم، وهو السبب.

((اتقوا اللاعنين الذي يتخلى في طريق الناس أو في ظلهم)) في طريق الناس جوادهم المسلوكة، بحيث يؤذيهم بأوساخه وقاذوراته، وروائحه الكريهة ((أو في ظلهم)) الذي يحتاجونه للجلوس فيه، أما الظل الذي لا يحتاج إليه، الظل الذي لا يحتاج إليه، يعني إضافة الظل إليهم الملابسة فيها الحاجة، وإلا هل يمنع البول أو الغائط في كل ظل؟ نعم؟ لا يمنع، لكن المقصود بالظل الظل الذي يحتاج إليه، قد يحتاج بعض الناس ظل، شباب يجتمعون في شارع من الشوارع ويؤذون المارة، أو أناس كبار أو صغار يجلسون في هذا الظل لإيذاء الناس، وسلقهم بالألسنة، وأكل لحومهم وأعراضهم من أهل العلم من يقول: المتسبب في تفريقهم ولو بالتخلي مأجور، شباب يلعبون كرة في شارع آذوا الناس، وهذا الشارع، آذوا الجيران وأتعبوهم، يأتي شخص ليفرقهم ما يستطيع، ما يملك تفريقهم، يقول: نلقي فيها الزبل من أجل أن يتفرقوا، بعض أهل العلم يقول: مأجور، الأمور بمقاصدها، ومثله لو اتخذ هذا المكان للغيبة أو لبيع ما لا يجوز بيعه، أو هذا المكان عرف بأنه يجتمع فيه أناس يبيعون أمور محرمة لا يجوز بيعها، فأراد أن يفرق هؤلاء بوضع ما يفرقهم، بعض أهل العلم يقول: الأمور بمقاصدها، هو مأجور، وليست له وسيلة إلا هذه يؤجر على ذلك عند بعضهم. هذا يقول: هل يجوز أن ألعن من رمى أو تخلى في طريق الناس أو ظلهم بناء على هذا الحديث؟

أولاً: المسلم ليس باللعان، كما أنه ليس إيش؟ بالطعان، وجاء في الحديث الصحيح: ((لعن المؤمن كقتله)) فعلى الإنسان أن يحفظ لسانه، لا يكون لعان، ولا سباب، ولا شتام، ولا صخاب، ولا طعان، ولا وقاع في الأعراض، لا سيما ممن ينتسب إلى العلم، مثل هذا ينبغي أن يكون عفيف اللسان، لكن مع الأسف الشديد أننا نجد بعض من يتصدى لطلب العلم، بعضهم يرسل لسانه ولم يسلم من لسانه، ولا أهل العلم، مشكلة، ولذا نقول: احفظ لسانك؛ لأنه يقول: هل يجوز أن ألعن من رمى وتخلى في طريق الناس، لا شك أنه متسبب، والمتسبب كالفاعل، تسبب بلعن نفسه، كما أن من تسبب بلعن والديه فقد لعنه الله، لعن الله من لعن والديه، قيل: أيلعن الرجل أباه؟ يسب أبا الرجل فيسب أباه، كأنه سب أباه، أما قصد الظل الذي لا يجلس فيه أحد، أو بعيد عن أماكن الجلوس لقضاء الحاجة فلا بأس به. فزاد أبو داود -وهذه الزيادة ضعيفة- عن معاذ، زاد أبو داود عن معاذ، الأصل إذا قيل: زاد فلان، يعني زاد في الحديث، وإذا اختلف الصحابي هل يكون الحديث واحد أو اثنين؟ نعم؟ اثنين، حديثين، فهل هذه زيادة أو حديث مستقل؟ لأن الأول عن أبي هريرة، ثم قال: زاد أبو داود عن معاذ، التعبير سليم أو ما هو بسليم؟ نعم لو نقول: زاد أبو داود الأصل أن تكون الزيادة عن أبي هريرة، زيادة في الحديث السابق، لكنه بيّن قال: زاد أبو داود عن معاذ: ((والموارد)) ولفظه: ((اتقوا الملاعن الثلاثة: البراز في الموارد، وقارعة الطريق والظل)) قارعة الطريق والظل، هما اللاعنان اللذان تقدما في حديث أبي هريرة، والزيادة في حديث معاذ: الموارد، والمقصود بها موارد المياه التي يستقى منها؛ لأن الناس بحاجة إلى الإتيان إليها، فالذي تخلى فيها أو حولها يتسبب بحرمان الناس من هذه الموارد، فهو متسبب للعن، للعن نفسه من قبل من يتأذى بفضلاته، وهذه الزيادة ضعيفة.

"ولأحمد عن ابن عباس: أو نقع ماء" وفيهما ضعف، هذا فيه ابن لهيعة ورجل مبهم لم يسم، وابن لهيعة كما هو معروف ضعيف عند أهل العلم، ابن لهيعة ضعيف، وإن كان ضعفه محتمل، لكنه ضعيف، إذا تفرد بخبر يحكم عليه بالضعف، وأما السبب في ضعف رواية أبي داود السابقة فقد نص أبو داود على أنها مرسلة، كيف مرسلة والصحابي مذكور عن معاذ؟ قال: لأنها من رواية أبي سعيد الحميري ولم يدرك معاذاً، فالإرسال هنا بمعنى إيش؟ الإرسال عرفنا الأكثر على أن المرسل هو ما رفعه التابعي إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-. مرفوع تابع على المشهورِ ... مرسل أو قيده بالكبيرِ هنا الصحابي موجود، يرفعه الصحابي إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-، معاذ، وأبو سعيد الحميري يرويه عن معاذ وهو لم يدرك معاذاً، فالإرسال هنا بمعنى الانقطاع، وهذا سبب الضعف، أما حديث أحمد عن ابن عباس فيه ابن لهيعة، وفيه رجل لم يسم، الراوي عن ابن عباس مبهم. الأسئلة كثيرة، لكن الحديث الذي يليه: قال:

"وأخرج الطبراني النهي عن قضاء الحاجة تحت الأشجار المثمرة، وضفة النهر الجاري" أخرجه الطبراني من حديث ابن عمر، بسند ضعيف، الطبراني رواه في الكبير والأوسط، كما في مجمع الزوائد، ومجمع البحرين، وإذا أطلقوا الطبراني فالمراد به الكبير، وهو مروي في المعجمين، وهو حديث منكر؛ لأن في إسناده راوٍ متروك، وهو فرات بن السائب، متروك كما ذكر ذلك الحافظ ابن حجر في التلخيص، فالحديث منكر، وعلى كل حال قضاء الحاجة تحت الأشجار المثمرة يجوز وإلا لا يجوز؟ إما لأنها ظل، أو لأنها مما يحتاج إلى القرب منه لجني ثمارها، فيكون الذي يقضي الحاجة تحتها متسبب لإيذاء الناس، ضفة النهر الجاري؛ لأنهم يستقون منه كما تقدم؛ لأنه مورد من الموارد، وعلى كل حال المواضع التي تقدمت كم عددها؟ التي لا يجوز التخلي فيها ولا عندها؟ أربعة؟ عندك الثلاثة: الموارد، قارعة الطريق والظل، وعندك نقع الماء، تحت الأشجار المثمرة، ضفة النهر الجاري، جاء في مراسيل أبي داود نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن أن يبال بأبواب المساجد، عن أن يبال بأبواب المساجد، فتكون المواضع سبعة التي اشتملت عليها الأحاديث الصحيحة والضعيفة، وعلى كل حال كل ما يكون سبباً في إيذاء الناس فهو حرام، ولو لم يرد به نص خاص {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا} [(58) سورة الأحزاب] على كل حال كل ما يكون سبب في إيذاء الناس فهو محرم، ولو لم يرد به نص. يقول: هل يختلف المعنى للفظة الثانية: (اتقوا اللاعنين) بكسر العين وفتحها؟ يمكن فتح العين؟ يمكن؟ نعم؟ يمكن، أنطق، كيف تنطق مع فتح العين؟ هاه؟ الطالب:. . . . . . . . . كيف؟ الطالب:. . . . . . . . . أو النون؟ اللاعنَين أو اللاعنِين؟ الفرق أبداً، هذه تثنية وتلك جمع، لكن الحديث هنا أجمال بيانه يدل على أنهما اثنان، فهو مثنى اللاعنين، واختلاف المعنى من جهة أن هذا مثنى وذاك جمع، والمراد بالحديث التثنية؛ لأن البيان جاء مثنى بعد الإجمال، فبيان المثنى مثنى مثله. بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين, وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فقد قال المصنف -رحمه الله تعالى-: وعن جابر -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إذا تغوط الرجلان فليتوارى كل واحد منهما عن صاحبه، ولا يتحدثا، فإن الله يمقت على ذلك)) رواه أحمد، وصححه ابن السكن، وابن القطان، وهو معلول. وعن أبي قتادة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا يمسكن أحدكم ذكره بيمينه وهو يبول، ولا يتمسح من الخلاء بيمينه، ولا يتنفس في الإناء)) متفق عليه، واللفظ لمسلم. وعن سلمان -رضي الله عنه- قال: لقد نهانا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن نستقبل القبلة بغائط أو بول، أو نستنجي باليمين، أو نستنجي بأقل من ثلاثة أحجار، أو نستنجي برجيع أو عظم. رواه مسلم، وللسبعة من حديث أبي أيوب -رضي الله عنه-: ((لا تستقبلوا القبلة بغائط ولا بول، ولكن شرقوا أو غربوا)). يقول: لا تستدبروها، فلا تستقبلوا القبلة. الطالب: بغائط ولا بول. ما في ولا تستدبروها؟ الطالب: لا. نعم. الطالب:. . . . . . . . . وعن عائشة -رضي الله عنها- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من أتى الغائط فليستتر)) رواه أبو داود، وعنها أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان إذا خرج من الغائط قال: ((غفرانك)) أخرجه الخمسة وصححه أبو حاتم والحاكم. وعن ابن مسعود -رضي الله عنه- قال أتى النبي -صلى الله عليه وسلم- الغائط فأمرني أن آتيه بثلاثة أحجار، فوجدت حجرين ولم أجد ثالثاً، فأتيته بروثة، فأخذهما وألقى الروثة، وقال: ((هذا رجس)) أخرجه البخاري، زاد أحمد والدارقطني: ((ائتني بغيرها)). وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نهى أن يستنجى بعظم أو روث، وقال: ((إنهما لا يطهران)) رواه الدارقطني وصححه. اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. يقول المصنف -رحمه الله تعالى-:

"وعن جابر قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إذا تغوط الرجلان فليتوراى كل واحد منهما عن صاحبه، ولا يتحدثا فإن الله يمقت على ذلك)) رواه أحمد" كذا قال الحافظ، وفي بعض النسخ بياض رواه من دون ذكر للمخرج "وصححه ابن السكن وابن القطان" كثير من النسخ منسوب إلى المسند، لكن لا يوجد في المسند من حديث جابر، هو موجود فيه من حديث أبي سعيد، هو أيضاً عند أبي داود وابن ماجه والبيهقي وغيرهم، وصححه ابن السكن، أبو علي سعيد بن عثمان بن سعيد بن السكن، إمام من أئمة هذا الشأن "وابن القطان، وهو معلول" ابن القطان؛ لأن عندنا القطان وابن القطان، القطان يحيى بن سعيد، الإمام الحافظ الكبير المتقدم، وأما ابن القطان فهو أبو الحسن ابن القطان الفاسي، صاحب بيان الوهم والإيهام، ذاك متقدم وهذا متأخر، هذا في السابع، وكلاهما من أعلام هذا العلم، ومن كبار أصحاب هذا الشأن، لكن المتقدم هو المعول عليه، وهنا التصحيح للمتأخر. "وهو معلول" الخبر معلول، بين أبو داود علته فقال: لم يسنده إلا عكرمة بن عمار العجلي اليماني، لكن هذه العلة هل هي قادحة وقد احتج به مسلم في صحيحه؟ نعم؟ عكرمة بن عمار احتج به مسلم في صحيحه، قال: "وهو معلول" لأن في إسناده .. ، أو لم يسنده إلى عكرمة بن عمار، وعكرمة محتج به في صحيح مسلم، نعم قد تكون هذه علة عند أبي داود وإن احتج به مسلم، وإن احتج به البخاري، كلهم أئمة مجتهدون، وكل له اجتهاد، حديث: ((ولا تنتقب)) وخرجه البخاري، وأعلها أبو داود، هؤلاء الذين خرجوه مع هذه العلة التي ذكرها أبو داود كلهم رووه من رواية عياض بن هلال، أو هلال بن عياض، يقول ابن المنذر: لا أعرفه بجرح ولا عدالة، ومن هذه صفاته يكون في عداد المجهولين، فيه راوٍ مجهول، إذاً هو ضعيف، فالخبر ضعيف.

((إذا تغوط رجلين فليتوارى كل واحد منهما عن صاحبه)) وحفظ العورة واجب ((أحفظ عورتك إلا من زوجتك، أو ما ملكت يمينك)) فحفظ العورة واجب ((ولا يتحدثا)) ما يجلس كل واحد يتحدث مع الآخر ((فإن الله يمقت على ذلك)) وعلى كل حال الحديث فيه ضعف، وإن صححه ابن السكن وابن القطان، مع أن ابن القطان فيه شيء من التشدد، لكن فيه هلال بن عياض، أو عياض بن هلال، وهو في عداد المجهولين، وعلى كل حال جزئه الأول له ما يشهد له، فستر العورة واجب ((ولا يتحدثا فإن الله يمقت على ذلك)) الحديث أثناء قضاء الحاجة حكمه؟ الرسول -عليه الصلاة والسلام- ألقي عليه السلام، سلم عليه بعضهم فلم يرد عليه، ورد السلام واجب، فهل ترك السلام وترك رد السلام من أجل النهي ومنع الكلام؟ أو لأن السلام اسم من أسماء الله؟ وهو السلام على الحقيقة سالم ... من كل ما عيب ومن نقصانِ {السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ} [(23) سورة الحشر] ... إلى آخره، اسم من أسماء الله -عز وجل-، نعم إذا وجد هناك حاجة وداعي، الكلام للحاجة قد يعفى عنه، لكن إذا لم توجد الحاجة فليس من المروءة ولو لم يثبت فيه شيء، أن الإنسان يتحدث وهو مقبل على حاجته ويقبل على غيره ويتحدث معه، ولو كان من وراء حجاب. الحديث الثاني:

"وعن أبي قتادة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا يمسكن -أو لا يمسن- أحدكم ذكره بيمينه وهو يبول، ولا يتمسح من الخلاء بيمينه، ولا يتنفس في الإناء)) متفق عليه، واللفظ لمسلم" "لا يمسن أحدكم ذكره بيمينه وهو يبول" جملة: "وهو يبول" هل الحال يبين هيئة الفاعل أو المفعول؟ نعم؟ الفاعل هنا، الفاعل: أحدكم، لا يمسن أحدكم، وهو يبول، والحال أنه يبول، ومفهوم هذا الحال أنه يجوز له أن يمس ذكره في غير حال البول بيده اليمين، لا يمس أحدكم ذكره بيمينه وهو يبول، واضح وإلا ما هو بواضح؟ يعني مفهوم الجملة، الحال أنه يبول، مفهوم هذه الجملة أنه إذا كان لا يبول، مفهوم هذه الجملة أنه إذا كان بغير حال البول له ذلك، لكن عرفنا من قاعدة الشرع أن اليمين إنما هي للأعمال الشريفة، تنزه عن مثل هذه الأمور، لكن هل يحرم مس الذكر باليمين؟ إذا قلنا: تنظيف الأنف يستقذر فاللائق به الشمال مثلاً، فهل يحرم على الإنسان أن ينظف أنفه بيمينه؟ اللائق به الشمال، أو نقول: هذا من باب الأدب ولا يصل إلى درجة التحريم؛ لأن كثير من أهل العلم يحمل مثل هذه الأمور ولو كانت الأوامر صريحة على أنها من باب الأدب، والرسول -عليه الصلاة والسلام- يعجبه التيمن، على كل حال مفهوم الجملة أنه إذا لم يكن في حال البول أنه لا يدخل في حيز النهي، وإن كان الأصل اليمين إنما تتخذ للأمور الشريفة لا الوضيعة. ((ولا يتمسح من الخلاء بيمينه)) كذلك، يتمسح من الخلاء بيمينه بمعنى أنه لا يمسك بالآلة التي يتمسح بها بيمينه، الحجر مثلاً، الحجر للاستنجاء في اليمين أو في الشمال؟ في الشمال.

((ولا يتمسح من الخلاء بيمينه، ولا يتنفس في الإناء)) وهنا النهي عن إمساك الحجر الذي هو آلة الاستنجاء باليمين، أما لو باشر النجاسة بيمينه فقد نقل الإجماع على التحريم، متى يباشر النجاسة؟ في حال الاستنجاء بالماء، هو يباشر النجاسة، لكن بشماله، أما لو باشرها بيمينه فنقل الإجماع على ذلك ((ولا يتنفس في الإناء)) يعني لا يخرج نفسه في الإناء، بل إذا أراد أن يتنفس يصرف وجهه عن الإناء؛ لأن يخرج من فمه أو أنفه شيء يقذره عليه أو على غيره، يعني ومن باب أولى أن لا يعطس في الإناء؛ لأن التنفس أخف من العطاس، والعطاس مظنته لخروج الشيء أقوى منه من التنفس، وعلى كل حال هذه من الآداب الشرعية التي على المسلم أن يلاحظها، اليمين للأمور الشريفة، للأكل والشرب، والأخذ والإعطاء، والشمال للأمور المستقذرة، ولذا يفضل أهل العلم دخول المسجد باليمين، والخروج بالعكس، وجاء الخبر بلبس النعل اليمني قبل اليسرى، وخلع اليسرى قبل اليمنى وهكذا، الاستياك باليمين وإلا بالشمال؟ يعني إذا كانت الأسنان نظيفة، وليس فيها وسخ ولا قذر، والمستاك يريد تطبيق السنة فقط، لا لحاجة إلى السواك وهكذا، فباليمين، فإن كان هناك قذر يزال فالشمال، نعم؟ الطالب:. . . . . . . . . نعم هو معنى ما ذكره الأخ، شيخ الإسلام -رحمة الله عليه- يقول: "لا أعلم أحداً من الأئمة قال: بالاستياك باليمين" مع أنه جده المجد يقول به، جده، إلا إذا كان يريد بالأئمة المتبوعين، فيمكن، وإلا قيل من قبل بعض أهل العلم بأنه عبادة، هذه حجتهم ووجهتهم. والحديث الذي يليه حديث: "سلمان -رضي الله عنه- قال: نهانا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن نستقبل القبلة بغائط أو بول، أو أن نستنجي باليمين، أو أن نستنجي بأقل من ثلاثة أحجار، أو أن نستنجي برجيع أو عظم" رواه مسلم" ورواه أيضاً الأربعة مع مسلم.

"نهانا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" لقد نهانا اللام لام التأكيد، أو موطئة لقسم محذوف تقديره: والله لقد نهانا، وقد حرف تحقيق، نهانا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، النهي طلب الكف، والأصل في النهي هنا. . . . . . . . . في مسجده -عليه الصلاة والسلام- وعلى عهده. . . . . . . . . مرفوع اتفاقاً لا خلاف في مثل هذا. نهانا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هل في أحد يقول: إن مثل هذا موقوف؟ لا، لكن يبقى النظر في التعبير عن النهي، تعبير الصحابي عن النهي التي صيغته لا الناهية،. . . . . . . . . الطالب:. . . . . . . . . متأكد؟ هاه؟ نعم؟ الطالب:. . . . . . . . .

الرسول إذا قال: لا تستقبلوا، طيب وإذا قال الصحابي: نهانا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن نستقبل القبلة، نفس الكلام نعم؛ لأنه إذا قلنا: هل هو نهي وإلا ما هو نهي؟ إذا قال الصحابي: نهانا، جماهير الأمة على أنه بمثابة قوله: لا تفعلوا ولا فرق، بمثابة قوله: لا تفعلوا ولا فرق بين "لا تستقبلوا" وبين قول الصحابي: نهانا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن نستقبل؛ لأنه كما يطرأ صرف النهي من التحريم إلى الكراهة في التعبير عن النهي بنهانا بلفظ النهي يطرأ أيضاً على صريح النهي، جماهير أهل العلم على أنه لا فرق بين قول الصحابي: نهانا، وبين قوله -عليه الصلاة والسلام-: لا تفعلوا، خالف في هذا داود الظاهري، وبعض المتكلمين، قالوا: هذا لا يدل على نهي، حتى ينقل لنا اللفظ النبوي، لماذا؟ لاحتمال أن يسمع الصحابي كلام يظنه نهي، وهو في الحقيقة ليس بنهي، مثل ما تفضل الأخ، هذا كلام داود الظاهري وبعض المتكلمين، وهو قول ضعيف جداً، بل لا يلتفت إليه، قال به أئمة، داود إمام من أئمة المسلمين، داود إمام، وعلى كل حال كل له هو هفوة، لماذا؟ هل نظن أن الصحابي يسمع كلام يظنه أمر أو نهي وهو في الحقيقة ليس بأمر ولا نهي؟ يمشي ها الكلام؟ يمشي مثل هذا الكلام الصحابة الذين نقلوا لنا الدين لا يفهمون مقاصد الشرع؟ من يفهمها إذا لم يفهمها الصحابة؟! الصواب أنه لا فرق بين قوله -عليه الصلاة والسلام-: لا تفعلوا كذا، وبين قول الصحابي: نهانا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ولذا جاء الحديث: ((لا تستقبلوا القبلة)) فدل على أنه لا فرق بين التعبير عن النهي وبين صريح النهي ((لا تستقبلوا القبلة بغائط ولا بول)) نهانا أن نستقبل القبلة بغائط أو بول، نهانا أن نستقبل القبلة، فاستقبال القبلة أخذاً من هذا الحديث وغيره من الأحاديث حرام، حال قضاء الحاجة في البول والغائط، وجاء أدلة أخرى ما يدل على تحريم الاستدبار: ((لا تستقبلوا القبلة ولا تستدبروها بغائط أو بول)) وجاء ما يدل على الجواز، حديث ابن عمر رقيت إلى بيت حفصة والنبي -عليه الصلاة والسلام- قبل أن يقبض بعام وهو مستقبل الشام مستدبر الكعبة، منهم من يقول: هذا في الاستدبار دون الاستقبال، ومنهم

من يقول: هذا في البينان دون الصحراء، وهذا أقرب، أنه إذا كان هناك حائل بنيان أن الاستقبال والاستدبار لا شك أنه أخف من الفضاء؛ لشرف هذه الجهة، هل يقول قائل: الشخص إذا كان في الفضاء بينه وبين الكعبة أبينة ومدن وبلدان فلا فرق بين الفضاء والبينان؟ أو المقصود النهي عن استقبال الجهة جهة القبلة؟ نعم، وإلا الكعبة لا يتمكن أحد من استقبالها، في أحد يمكن أن يستقبل؟ يفضي بفرجه إلى الكعبة دون بنيان؟ لا يمكن، يعني يتصور شخص يبول في المطاف، أو يتغوط في المطاف، أو في صحن المسجد؟ لا يمكن، يعني كونه قد يوجد من بعض الأشرار أو من بعض السفهاء من الصبيان أو المجانين أو ما أشبه ذلك هذا لا يعني أنه محتمل، لا، هذا الاحتمال وجوده مثل عدمه؛ لأن المسألة مسألة حكم شرعي. "أن نستقبل القبلة بغائط أو بول" فالمرجح عند جمع من أهل العلم أن الممنوع الاستقبال والاستدبار في الفضاء دون البينان، والصارف هو ما سمعت من حديث ابن عمر وغيره، وحديث أبي أيوب أيضاً وسيأتي، "أو أن نستنجي باليمين" وهذا تقدم الكلام فيه "أو أن نستنجي بأقل من ثلاثة أحجار" كما جاء في حديث ابن مسعود: ((ائتني بثلاثة أحجار)) وسيأتي، فأقل المجزئ في الاستنجاء ثلاثة أحجار، فلا بد من ثلاثة أحجار، مع الإنقاء، لو استنجى بثلاثة أحجار ولم ينقِ، نقول: زد رابع، ويسن لك أن تقطع على وتر، إن أنقى الرابع فزد خامس لتقطع على وتر، ((ومن استجمر فليوتر)).

"أو أن نستنجي برجيع أو عظم" وسيأتي. . . . . . . . . والعظم زاد الجن، والأرواث زاد دوابهم وعلفها، وسيأتي هذا في الأحاديث اللاحقة، بعضهم يحمل أحاديث النهي عن استقبال القبلة على الكراهة، كراهة التنزيل والصارف من التحريم إلى الكراهة ما سمعتم، من كونه -عليه الصلاة والسلام- وجد على حاجته مستقبل الشام مستدبر الكعبة، وحديث أبي أيوب ننحرف قليلاً ونستغفر الله، هذه صوارف من التحريم إلى الكراهة، لكن الأصل التحريم، ويبقى على أصله، وتخرج الصور التي جاءت فيها الرخصة، منهم من يقول: النهي عن الاستقبال باقي على عمومه، وفعله -عليه الصلاة والسلام- خاص به، لماذا؟ لأنه حكاية فعل، والأفعال لا عموم لها، والعموم من خواص النطق، حكاية فعل، وهذا خاص بالنبي -عليه الصلاة والسلام-، ومن عداه مخاطب بقوله: ((لا تستقبلوا القبلة)) لكن مثل هذا في أي صورة؟ دعوى التخصيص بمثل هذا، استقبال القبلة أو استدبارها حال البول صفة كمال أو نقص؟ أليس النهي عن استقبال القبلة من تعظيم الشعائر؟ وأولى من يعظم الشعائر أتقى الناس وأخشاهم لله -عز وجل- وهو الرسول -عليه الصلاة والسلام-؟ منهم من إذا رأى التعارض بين قوله -عليه الصلاة والسلام- وبين فعله من يبادر إلى أن هذا خاص به، والقول متجه إلى ما عداه، نقول: ننظر إلى هذا الفعل، إن كان أكمل من القول فالرسول أكمل من غيره، يليق به هذا الكمال، وإن كان أنقص نقول: خاص به؟ لا، كل كمال طلب من الأمة فالنبي -عليه الصلاة والسلام- أولى به، النبي أولى به -عليه الصلاة والسلام-، يذهب بعضهم إلى ما هو أبعد من ذلك، ابن عبد البر وابن حجر يقولون: الخصائص لا تقبل التخصيص، يعني ضد هذا القول، الخصائص لا تقبل التخصيص كيف؟ الخصائص لا تقبل التخصيص، من الخصائص قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((جعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً)) طيب معنى حديث أبي مرثد: ((لا تصلوا إلى القبور، ولا تجلسوا عليها)) ....

كتاب الطهارة (11)

شرح: بلوغ المرام - كتاب الطهارة (11) تابع: باب قضاء الحاجة، وباب: الغسل وحكم الجنب الشيخ: عبد الكريم الخضير ((جعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً)) طيب معنا حديث أبي مرثد قال: ((لا صلوا إلى القبور، ولا تجلسوا عليها)) هل نخصص ((جعلت لي الأرض)) بالمقبرة مثلاً؟ على كلامهم ما تخصص ((جعلت لي الأرض)) باقية على عمومها؛ لأن الخصائص لا تقبل التخصيص، لماذا؟ لأن هذه الخصائص تشريف للنبي -عليه الصلاة والسلام-، والتخصيص تقليل لهذا التشريف، ولذا قالوا: الخصائص لا تقبل التخصيص، حق النبي -عليه الصلاة والسلام- بهذه الخصائص إذا عورض بحق الله -عز وجل- فأيهما أولى بالمحافظة؟ نعم حق الله -عز وجل- أولى بالمراعاة، فالمنع من الصلاة في المقبرة وإلى القبور رعاية لحق الله -عز وجل-. . . . . . . . . وعلى هذا لا يخصص حديث: ((جعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً)) بمثل هذا، في حديث جرهد: ((غطِ فخذك، فإن الفخذ عورة)) وفي حديث أنس وهو في الصحيح، حسر النبي -عليه الصلاة والسلام- عن فخذه، يقول بعضهم: إن حسر الفخذ من خواصه -عليه الصلاة والسلام- وحديث: ((غطِ فخذك)) هذا بالنسبة للأمة نقول: هل كشف الفخذ أكمل من تغطيته أو أقل؟ التغطية أكمل بلا شك، إذاً لا نقول: بأن هذا من خصائصه؛ لأن الكمال المطلوب من الأمة النبي -عليه الصلاة والسلام- أولى به، في كلام يطول في توضيح هذه المسألة وشرحها، له مقامات أخرى -إن شاء الله تعالى-. "أو أن نستنجي بأقل من ثلاث أحجار" وفي حديث ابن مسعود الذي وسيأتي. . . . . . . . . "أو أن نستنجي برجيع أو عظم"، وسيأتي البيان في الأحاديث اللاحقة.

الحديث الذي يليه: وللسبعة من حديث "أبي أيوب الأنصاري -رضي الله عنه-: ((لا تستقبلوا القبلة ولا تستدبروها ببول أو غائط، ولكن شرقوا أو غربوا)) " ولكن شرقوا أو غربوا هذا الخطاب لمن؟ لأهل المدينة، ومن كان في سمتها، والجهة المقابلة لها، يعني يقال لأهل المدينة: إذا أردتم البول أو الغائط فشرقوا أو غربوا، يقال لأهل الشام: إذا أردتم الغائط شرقوا أو غربوا، يقال لأهل الجنوب -جيزان وعسير واليمن- شرقوا أو غربوا، لكن أهل المشرق والمغرب يقال: شرقوا أو غربوا؟ لا؛ لأنهم إن شرقوا استقبلوا القبلة، وإن غربوا استدبروا القبلة، فالخطاب خاص بأهل المدينة ومن كان على سمتها، وبهذا نعلم ضعف ما جاء من النهي عن استقبال النيرين الشمس والقمر، حال البول والغائط، لما فيهما من نور الله -عز وجل-، هذا التعليل، نقول: لا قوله: ((شرقوا أو غربوا)) يرد هذا القول؛ لأنه يشرق بوقت طلوع الشمس في الصباح وتستقبل القبلة، وإن غرب وقت غروبها استقبلها، ومثل هذا. . . . . . . . .، على كل حال هذا القول ضعيف، ولا معول عليه؛ لأنهما مخلوقان من مخلوقات الله -عز وجل-، لم ترد علة صحيحة، ولا أثر يعتمد عليه في ترك مثل هذا. "وعن عائشة -رضي الله عنها- أن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: ((من أتى الغائط فليستتر)) رواه أبو داود" وهو ضعيف، مداره على أبي سعد أو سعيد الحبراني، ومختلف عنه، والراوي عنه مجهول، فالخبر ضعيف ((من أتى الغائط فليستتر))، وهناك الخبر الذي قبله: ((فليتوارى)) وأقوى منهما: ((احفظ عورتك)). ((من أتى الغائط فليستتر)) الأصل في الغائط أنه المكان المطمئن المنخفض الذي يقصده من أراد قضاء الحاجة، فنقل هذا اللفظ إلى نفس الخارج الذي يوضع في هذا المكان المنخفض، فصار حقيقة عرفية فيه، الحديث كما ذكرنا ضعيف مداره على أبي سعد الحبراني، والراوي عنه مجهول، وإن حسن إسناده الحافظ في فتح الباري، وصححه ابن حبان والحاكم على كل حال الحديث ضعيف، وإن كان معناه صحيح، ولا تلازم بين صحة المعنى وصحة الخبر، وهل هناك تلازم بين ضعف المعنى وضعف الخبر؟ فيه تلازم؟ نعم؟ في تلازم.

"وعنها -رضي الله عنها- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان إذا خرج من الغائط قال: ((غفرانك)) أخرجه الخمسة، وصححه الحاكم وأبو حاتم".

وعنها أن النبي -عليه الصلاة والسلام- كان إذا خرج من الغائط قال: ((غفرانك)) مصدر نائب عن فعله، أي: اغفر، غفرانك، أو أطلب غفرانك، مصدر نائب اغفر، أو مفعول لفعل محذوف أصله: غفرانك، هذا الحديث حسنه جمع من أهل العلم، وصححه أبو حاتم والحاكم، على كل حال هو قابل للتصحيح، أما أقل ما يقال فيه: إنه صحيح، وعلى هذا على الإنسان أن يعتني بمثل هذا، أن يطلب مغفرة الله -عز وجل- كل ما غفل عن ذكره، فإذا غفل عن الذكر، وأخذ وقتاً في محل قضاء الحاجة التي لا يليق الذكر فيه يقول: غفرانك، فطلب المغفرة مطلوب لا سيما مع الغفلة، فضلاً عن مقارفة المكروهات، ناهيكم عن مقارفة المحرمات؛ لأن التوبة والمبادرة بها واجب، وإذا كان النبي -عليه الصلاة والسلام- وهو مغفور له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، إذا خرج من الخلاء يقول: غفرانك، فغيره ممن هو متلبس بالذنوب والمعاصي من باب أولى، كونه -عليه الصلاة والسلام- مغفور له لا يعني أنه لا يستغفر {وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ} [(19) سورة محمد] {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ} [(3) سورة النصر] غفرانك امتثال للأوامر؛ لأنه -عليه الصلاة والسلام- في هذا. . . . . . . . .، فالمكان غير لائق، فيعوض؛ لأنه ارتكب هنا خلاف الأولى، الأولى أن يكون العمر معمور بذكر الله -عز وجل-، هذا المطلوب لكل مسلم ((لا يزال لسانك رطب بذكر الله -عز وجل-)) {وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ} [(35) سورة الأحزاب] ((سبق المفردون)) والذكر لا يكلف أبداً، وأنت قائم قاعد مضطجع على أي حال أنت، واللسان متحرك متحرك، إن ما حركته بالخير يتحرك بضده، وهناك أذكار رتب عليها من الأجور الشيء الكثير، من قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير مائة مرة، حرز، كتب له مائة حسنة، وحط عنه مائة خطيئة، وحفظ من الشيطان، من قالها عشر مرات إضافة إلى يحيى ويميت كان كمن أعتق أربعة من ولد إسماعيل، عشر مرات في دقيقة تقال، ومائة مرة في عشر دقائق، سبحان الله وبحمده في دقيقة ونصف حطت عنه خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر، والحرمان لا نهاية له، الشخص المحروم ما فيه شيء .... ، تجده لا

يفتر من الكلام من القيل والقال في المباح والمكروه والمحظور، في العظائم، ويلقي الكلام لا يلقي له بال فـ ((إن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالاً فيهوي بها في النار سبعين خريفاً)) فالله المستعان، والأذكار فيها ما سمعتم، ((سبق المفردون)) ... ، يعني الذاكرون، الذكر يا إخوة، الذكر يا معاشر الإخوان أمره وشأنه عظيم، وذكر ابن القيم من فوائده الشيء الكثير في مقدمة الوابل الصيب، فعلينا أن نعنى به، وأفضل الأذكار تلاوة القرآن، ومع الأسف الشديد كثير من طلبة العلم ليس له نصيب محدد من تلاوة القرآن، إن تيسر له أن يحضر إلى المسجد قبل الإقامة خمس عشر دقائق قرأ وإلا فلا، نقول: لا بهذه الطريقة تضيع القرآن، بل لا بد أن تعطي للقرآن، وتفرض له وقت من أنفس الأوقات لديك؛ لأنه كلام الله. هو الكتاب الذي من قام يقرأه ... كأنما خاطب الرحمن بالكلمِ فضله كفضل الله على خلقه، كل حرف فيه عشر حسنات، والختمة ثلاثة ملايين حسنة، ما تكلف شيء، وبعض الناس مع الأسف الشديد قد يأتي يطلب من شخص حاجة وهو يراه يقرأ القرآن وهذا واقع، جالس في المسجد يقرأ القرآن فيأتي يطلب منه شيء، يقول: والله أنا مشغول، يقول: سبحان الله يقول: أنا مشغول وهو قاعد يقرأ القرآن؟! هذا مشغول؟! يستغرب من كونه مشتغل بكتاب الله، ومع الأسف أن هذا يوجد في طلبة العلم، يأتي يطلب خير ما هو بيطلب شر، يقول: نقرأ عليه ربع ساعة نص ساعة تقول له: مشغول، يقول: مشغول! كيف مشغول؟ يستغرب أن تكون مشغول بكتاب الله، وهذا خلل، "وبالهم المهم ابدأ" أهم المهمات كتاب الله، وما يعين على فهم كتاب الله، هو الكلام الوحيد الذي تعبدنا بتلاوته، مجرد قراءته تحصيل للحسنات، التدبر قد زائد، فهم عمل تطبيق كل هذا قدر زائد، وما عداه لا تؤجر على قراءته إلا إذا انتفعت به، فعلينا أن نعتني بكتاب الله والأذكار عموماً، إضافة إلى ما نحن بصدده من طلب العلم وتعلمه وتعليمه، الله المستعان. طالب:. . . . . . . . .

نعم، جاءت بها أخبار تقال عند الخروج من الخلاء، كما في حديث أنس أن النبي -عليه الصلاة والسلام- كان إذا خرج من الخلاء قال: ((الحمد لله الذي أذهب عني الأذى وعافاني)) لكنه حديث ضعيف، وجاء عنه سؤال، هناك أمور أخرى ((الحمد الذي أدركني لذته، وأبقى في قوته، وأذهب عني أذاه)) لكن هذه أحاديث كلها ضعيفة، ومنه أيضاً أنه ما ينسب لنوح وما كان من جملة شكره يقول: ((الحمد الله الذي أذهب عني أذاه، ولو شاء حبسه فيّ)) على كل حال كل هذه لا تثبت، نقف على حديث ابن مسعود؛ لأن الأسئلة كثيرة جداً، والإخوان متوافرون الآن أكثر من .... ، وممن خرج جمع من الإخوة، لكن هنا ... هذا يقول: المقارنة بين شروح الكتب الستة وعدتم بكتابة تنقيح فهل تم ذلك؟ لم يتم، بيتم -إن شاء الله-، لكن إلى الآن ما تم. وماذا عن شرح مختصر الزبيدي فنحن حريصون على استمراره وعلى كتابته؟ إن شاء الله النية استمراره، هذا النية -إن شاء الله تعالى-. في سؤال يتعلق بالبخاري؛ لأنه مر تضعيف من قبل أبي داود -رحمه الله-، لفظة: ((ولا تنتقب)) نعم هل يعني وجود أحاديث معلة في البخاري أننا لا نحتج بها؟ كونه يوجد فيه أحاديث أعلت من قبل أهل العلم لا يعني أن واقعها معلة، مع البخاري وليس بالمعصوم، لكن كتابه تلقته الأمة بالقبول، وهو أصح كتاب بعد كتاب الله -عز وجل-، وكون أبي داود يعل، أو الدارقطني يعل، أو غيرهم يعل، هم أئمة مجتهدون، لكن كم نسبة المعل في البخاري إذا قارناها بالنسبة للمعل عند الدارقطني؟ لا مقارنة، وكم نسبة المعل في صحيح البخاري إذا قارناه بالنسبة لما أعل في سنن أبي داوود؟ لا نسبة، لا مقارنة، على كل حال كلهم أئمة، ويبقى أن أصح الكتب بعد كتاب الله -عز وجل- صحيح البخاري. أيهما أفضل حفظ زاد المستقنع أم العمدة أم منهج السالكين؟ المقارنة بينهم أيهم أقرب للصواب، وأفود للتطبيق؟

الأكثر فائدة للتطبيق الزاد؛ لأنه أكثر مسائل، وأعقد أسلوب، قد يقول قائل: ليش التعقيد إلى هذا الحد؟ نقول: إذا فهم الكتاب الصعب ففهم ما دونه من باب أولى، والحمد لله الآن يمكن أن تتمرن على هذا الكتاب رغم صعوبة أسلوبه فيما كتب عليه من الشروح، وما سجل عليه من دروس، يقوى على هذه فيجتمع عندك التمرين على أساليب المتقدمين بأجلى صورها، وتستفيد أكثر المسائل، أما العمدة كتاب معتمد عند أهل العلم، وذلله الموفق -رحمه الله تعالى- ليكون للمبتدئين؛ ليرقى بعده إلى المقنع، ثم الكافي، ثم المغني وهكذا، المقصود أن هذه الكتب كلها نافعة، منهج السالكين كتاب لطيف وسهل، ينبغي لطالب العلم أن يعتني به، لكن مسألة التفقه ذكرنا أنها تكون على الجواد المطروقة، والسبل المتبعة عند أهل العلم. لا شك أن الأحوط بل الأكمل أن يمسح ثلاثاً، سواء كانت هذه المسحات الثلاث بحجر أو بحجرين أو بثلاثة، المقصود أنه يمسح ثلاثاً على الأقل، إذا لم ينقِ بثلاثة أحجار عليه أن يزيد رابع، وإذا لم ينقِ بالأربعة عليه أن يزيد خامساً، إذا أنقى بأربعة زاد الخامس من أجل أن يقطع الاستجمار على وتر، كما جاء في الحديث الصحيح: ((ومن استجمر فليوتر)) قد يقول قائل: لماذا لا تجزئ الروثة؟ جاء في الحديث الذي يليه حديث "أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نهى أن نستنجي بعظم أو روث، وقال: ((إنهما لا يطهران)) رواه الدارقطني وصححه"، وأخرجه ابن خزيمة بلفظه، والبخاري بمعناه، وجاء من حديث رويفع ((لعل الحياة تطول بك يا رويفع فأخبر الناس أن)) هاه؟ نعم؟ الطالب:. . . . . . . . .

((أو استنجى برجيع دابة أو عظم فإن محمداً منه بريء)) وهنا يقول: نهى أن يستنجى بعظم أو روث، وقال: ((إنهما لا يطهران)) عزاه المصنف للدارقطني، وذكر تصحيح الدارقطني، على أن ابن عدي أعل الحديث، أعله ابن عدي، وهو مخرج أيضاً في صحيح ابن خزيمة، ومعناه في صحيح البخاري، والنهي عن الاستنجاء بالروث والعظم ثابت، والعلة في ذلك ظاهرة، العلة أن العظم زاد أخوانكم من الجن، وقد سألوا النبي -عليه الصلاة والسلام- الزاد، فقال: ((لكم كل عظم يعود أوفر ما كان قبل أن يؤكل)) وأما الروث فهو علف دوابهم، يعود حباً كما كان، وقال: ((إنهما لا يطهران)) لا يطهران هل معنى هذا أنهما لا يزيلان أثر النجاسة، أو أن النجاسة قد تزول بهما، لكن الطهارة لا تحصل بهما؟ لكن أثر النجاسة قد يزول، العظم أملس كالزجاج قد لا يزيل الطهارة إلا في بعض جوانبه، أو إذا تقادم العهد به وأخشوشن فإنه يزيل أثر النجاسة، كذلك الروث يزيل أثر النجاسة، كيف يقول -عليه الصلاة والسلام-: ((إنهما لا يطهران؟ )) حكماً، لا يطهران حكماً، وإن حصلت الطهارة حقيقة، لماذا؟ الآن عندنا نهي، والنهي يقتضي إيش؟ التحريم من وجه، هو محرم بلا شك، لكن هل تترتب آثاره عليه أو لا تترتب؟ كل نهي لا تترتب آثاره عليه؟ المعنى هل كل نهي يقتضي الفساد والبطلان، أو من النواهي ما يقتضي الصحة مع الإثم ومن النواهي ما يقتضي البطلان مع حصول الإثم؟ قوله: ((إنهما لا يطهران)) يدل على أن النهي هنا اقتضى الفساد، هل كل نهي يقتضي الفساد، أو من النهي ما يقتضي الفساد، ومن النهي ما يقتضي الفساد؟ والمسألة تحتاج إلى تفصيل، نعم؟ الطالب:. . . . . . . . . كيف؟ الطالب:. . . . . . . . .

إيه، ما نهي عنه لذاته يقتضي الفساد، ما نهي عنه لشرطه أو لوصفه الملازم له عند أهل العلم يقتضي الفساد أيضاً، ما نهي عنه لوصف غير ملازم أو لأمر خارج عنه فإنه لا يقتضي الفساد، هذا فرق بين من صلى وقد ستر عورته بمحرم، بمغصوب أو بحرير، هذا شرط، وبين من صلى وبيده خاتم ذهب، أو على رأسه عمامة حرير، هذا النهي عاد لأمر خارج لا أثر له في العبادة، الجهة منفكة، وإن كان أهل الظاهر يرون أن كل من تلبس بمعصية أثناء العبادة بطلت العبادة عندهم، ولذا يبطلون الصلاة في المسجد المزخرف للنهي عن زخرفة المسجد، النهي عاد لأمر خارج عن الصلاة، عندهم كل نهي يقتضي الفساد؛ لأنه لا يجتمع النقيضان أمر ونهي في آن واحد، عبادة ومحظور في آن واحد، أمر ونهي، إثم وأجر، ما يجتمع عندهم، نقول: إذا توارد الأمر والنهي الأجر والإثم على شيء واحد امتنع، يعني مع اتحاد الجهة، أما مع انفكاك الجهة فيمكن، يمكن مع انفكاك الجهة، هذا الكلام مفهوم وإلا ما هو مفهوم؟ واضح وإلا ما هو بواضح؟ نعم؟ الطالب:. . . . . . . . .

إذا عاد النهي إلى ذات المنهي عنه، السجود للصنم مثلاً منهي عنه وإلا لا؟ منهي عنه، إذاً هذا السجود باطل، ما نقول: هو آثم؛ لأنه سجد لغير الله، ومأجور لأنه سجد ... ، وقد أتى ما أمر به {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا} [(77) سورة الحج] سجد هو، وكونه لغير الله يأثم من هذه الحيثية ويؤجر من تلك .. ؟ لا الجهة واحدة، فهذا السجود منهي عنه لذاته، لكن شخص صلى وعلى رأسه عمامة حرير، هو مأمور بالصلاة كونه ارتكب هذا المحظور. . . . . . . . . أمر خارج عن الصلاة. . . . . . . . . بأصبعه خاتم ذهب يأثم لارتكابه المحظور، وصلاته صحيحة؛ لأن الجهة منفكة، لكن إذا توارد الأمر والنهي على شيء واحد هل يمكن أن نقول: إن له أجره وعليه أثمه؟ كما يقول بعض الأشعرية: إنه يجب على الزاني أن يغض بصره عن المزني بها، كيف؟ يجب على الزاني أن يغض بصره عن المزني بها؟ هو منهي عن الزنا، ومأمور بغض البصر، وقع في المحرم، يقصد المأمور، نقول: الجهة واحدة ليست منفكة، والأمر بغض البصر إنما أمر به من أجل أن لا تحصل هذه الغاية وقد حصلت، فالمذهب الوسط في هذه المسألة أن لا نبالغ في إنفكاك الجهات كما تقول الأشعرية كما في هذا المثال، ولا نقول: إن كل نهي يقتضي الفساد فنجعل الجهة واحدة مع انفكاكها كما تقول الظاهرية، شخص يدخن في حال استعماله للدخان رأى أخر يدخن فقال: يا أخي لا تدخن الدخان حرام، وش الحكم؟ هو مأمور بإنكار المنكر، كما أنه مأمور باجتنابه، فهو يرتكب محظور، ويمتثل مأمور في آن واحد، يتصور وإلا ما يتصور؟ ما هو كثير من الناس متلبس بمعصية ويكف أولاده ومن تحت يده عنها، لما فيها من الضرر، ولذا يقول أهل العلم: إنه لا يشترط في الآمر والناهي أن يكون معصوماً، أو غير مقارف للمعاصي لا ما يشترط، لكن إذا كان في الأمر ما يقتضي الاستهتار فإنه لا يجوز له في هذه الحالة أن يأمر، ولو كان مطالباً بالأمر، إذا كان الوضع يشعر باستهتار، في حال الدخان قد يقول: أنا مبتلى وعجزت وحاولت ولا استطعت، فنصحيتي لك أن لا تدخن؛ لأن الدخان حرام، ومضر بالصحة وكذا، هذا مقبول إلى حد ما، لكن شخص على كرسي الحلاق يحلق لحيته، وأخر يحلق لحيته

يلتفت إلى الآخر يقول: حلق اللحية حرام! أليس هذا يشعر بشيء من الاستهتار؟ إذا كان للدخان دافع ويمسك على ما يقولون الناس بحيث لا يستطيع الإنسان أن يفك، على حسب دعواهم، يقول: إنه حاول ولم يستطع تركه، فهو ينهى عنه؛ لأنه مضر؛ ولأنه اقتنع أنه محرم، قال: حرام ولكنه لا يستطيع أن ينفك عنه، هذه دعوى كثير من الناس، نقول: قد تقبل مثل هذه على أنه يبقى حرام، لكن له أن ينكر على غيره، لكن وهو يزاول المعصية في صورة المستهتر وينكر! وهذا كله استطراد حول قوله: وقال: ((إنهما لا يطهران)) وهل كل نهي يقتضي الفساد أو تختلف النواهي؟ الحديث الذي يليه حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-، الحديث السابق حديث أبي هريرة أيضاً رواه الدارقطني وصححه، وهو أيضاً مر عند ابن خزيمة والبخاري بمعناه، وأعله ابن عدي، فالحديث مختلف في تصحيحه وتضعيفه، أعله ابن عدي، وهل كل علة تكون مؤثرة تقدح في الخبر؟ نعم؟ يعني إذا صحح الحديث الدارقطني والعقيلي وأخرجه البخاري بمعناه وهو عند ابن خزيمة ويشترط الصحة، وإذا خرجه ابن خزيمة لنا أن نقول: صححه ابن خزيمة، إذا أعل الحديث هل كل علة تقدح في الخبر؟ أو من العلل ما لا يقدح في الخبر؟ نعم؟ جميع العلل تقدح في الأخبار أو في علل ما تقدح؟ نعم، ولذا يقيدون العلة المشترط انتفاؤها لصحة الخبر أن تكون قادحة، ولذا يقول الحافظ العراقي: فالأول المتصل الإسنادِ ... بنقل عدل ضابط الفؤادِ عن مثله من غير ما شذوذِ ... وعلة قادحة فتوذي

فدل على أن من العلل ما لا يقدح، نأتي إلى حديث أبي هريرة: "وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((استنزهوا من البول, فإن عامة عذاب القبر منه)) رواه الدارقطني" وقال الصواب: مرسل ((استنزهوا من البول, فإن عامة عذاب القبر منه)) جاء في حديث صاحبا القبرين أن أحدهما كان لا يستنزه من بوله ((إنهما لا يعذبان، وما يعذبان في كبير)) ثم قال: ((بلى إنه كبير، كان أحدهما لا يستنزه من بوله)) وفي رواية: ((كان لا يستبرئ من بوله)) وفي رواية: ((كان لا يستتر من بوله)) وفي رواية أشير إليها في النهاية على ما سيأتي: ((كان لا يستنثر من بوله)) لكن الرواية بلفظ: ((لا يستنزه) أو ((لا يستبرئ)) أقوى وأفضل، فدل على أن الاستنزاه من البول أمر واجب لا بد منه، وعدم الاستنزاه والاستبراء محرم ((فإن عامة عذاب القبر منه)) لأن الإنسان لا يعذب إلا على فعل محرم، أو على ترك واجب، فالاستنزاه واجب، فإذا ترك عُذب، عدم الاستنزاه محرم فإذا حصل العدم عذب، فهو محرم، على خلاف بين أهل العلم في هذا هل هو كبيرة أو ليس بكبيرة؟

((إنهما ليعذبان، وما يعذبان في كبير)) بهذا استدل من يقول: إن هذا ليس بالكبائر، ثم جاء الاستدراك: ((بلى أنه كبير)) كيف يثبت وينفي في آن واحد؟ كلام أهل العلم معروف في هذا، أنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير، يعني على حسب اعتقادهما، أو فيما هو معروف متداول بين الناس، هذا أمر يسير عند الناس، والدليل على ذلك كونهم يتساهلون فيه، يتساهل الناس في النميمة، يتساهل الناس في كثير من الذنوب، فليست بكبائر عندهم، وهي في الحقيقة كبائر، ولذا جاء في الحديث الصحيح ((وإن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالاً)) يستسهلها ويستصغرها، ومع ذلك يهوي بها في النار سبعين خريفاً، نسأل الله العافية، فكون الإنسان يستصغر هذا الأمر، حشف وسوء كيل، يعني يرتكب المحرم ويتساهل في أمره، ويتكرر منه؛ لأنه لا يراه كبيراً، وهو في الحقيقة كبير، ولذا عد الذهبي عدم الاستنزاه من البول من كبائر الذنوب، والله المستعان، "رواه الدارقطني، وقال: الصواب مرسل" لكن الحديث له شواهد، ومما يشهد له حديث صاحب القبرين وهو في الصحيح، مخرج في الصحيحين وغيرهما، فهو صحيح بشواهده، وإلا فالأصل عند الدارقطني مرسل، ولذا قال الدارقطني: الصواب مرسل، فالذي يحتج بالمرسل ما عنده مشكلة، والذي لا يحتج بالمرسل يرد مثل هذا الخبر، لكن يقبله من جهة أخرى، قال الحافظ -رحمه الله تعالى-: "وللحاكم: ((أكثر عذاب القبر من البول)) وهو صحيح الإسناد" رواه الحاكم وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين، ولا يعرف له علة، وقال الذهبي: له شاهد، أين الشاهد؟ الحديث الذي قبله: ((استنزهوا من البول فإن عامة عذاب القبر منه)) أكثر عذاب القبر وعامة عذاب القبر، ما في فرق، والشاهد إيش معنى الشاهد؟ ما معنى الشاهد؟ نعم؟ يعني عن طريق صحابي آخر؟ الطالب:. . . . . . . . . الفرق بين الشاهد والمتابع؟ هاه؟ الطالب:. . . . . . . . . طيب، الشاهد والمتابع نعم؟ هاه؟ الطالب:. . . . . . . . .

طيب مختلف، نعم، الشاهد يكون عن صحابي آخر، والمتابع عن نفس الصحابي، هذا الذي استقر عليه الاصطلاح، وإن كان بعضهم يرى أن الشاهد ما جاء بالمعنى، والمتابع ما جاء في اللفظ، وعلى كل حال المقصود من الشواهد والمتابعات التقوية، ومنهم من يطلق الشاهد على المتابع، ومنهم من يعكس، على كل حال يقول الذهبي: له شاهد، والشاهد الحديث الذي قبله، وهل هذا الحديث مع الذي قبله لأن الحديث الثاني عن أبي هريرة أيضاً، كون الحديثين معناهما واحد عن صحابي واحد هل نجزم بأنهما حديث واحد، أو حديثان؟ نعم؟ الطالب:. . . . . . . . . يعني مرة أداه أبو هريرة بهذا اللفظ، ومرة أداه باللفظ الآخر، أو الرواة عنه رووه بالمعنى؟ هو المخرج واحد بلا شك، المخرج أبو هريرة ((فإن عامة عذاب القبر منه)) وهنا ((أكثر عذاب القبر من البول)) الذي يغلب على الظن أنه حديث واحد، وعلى هذا يكون الشاهد حديث صاحبي القبرين، النبي -عليه الصلاة والسلام- مر بقبرين ثم أخبر أنهما يعذبان وما يعذبان بكبير .. إلى آخره، هذا هو الشاهد، كما قال الذهبي، وقال الذهبي: له شاهد، على أن أبا حاتم الإمام أبو حاتم الرازي أعل الحديث، وقال: إن رفعه باطل، وعلى هذا يكون من قول أبي هريرة، رفعه للنبي -عليه الصلاة والسلام- باطل، وعلى هذا يكون الكلام لأبي هريرة، وإذا تعارض الرفع مع الوقف .. ، يعني رفعه بعضهم، ووقفه آخرون، فما الحكم؟ يعني مقتضى صنيع الحاكم وموافقة الذهبي أنه مرفوع، ومقتضى كلام أبي حاتم أن رفعه باطل، على هذا يكون موقوفاً، ظاهر وإلا ما هو بظاهر؟ فإذا تعارض الرفع مع الوقف فما الحكم؟ نعم؟ الطالب:. . . . . . . . .

نعم يا إخوان؟ يحكم بالرفع؛ لأن الرفع زيادة والزيادة من الثقة مقبولة، صح؟ هاه؟ كيف أجل تحكم بالرفع؟ يحكم بالرفع لأن من رفع يعني ذكر النبي -عليه الصلاة والسلام-، ومن وقف حذف النبي -عليه الصلاة والسلام-، والذكر زيادة والزيادة من الثقة مقبولة، هذه حجة من قال: إنه يحكم لمن رفع، بينما من قال: الحكم لمن وقف قال: لأنه الوقف متيقن، أبو هريرة قطعاً مذكور في الحديث، لكن الرسول -عليه الصلاة والسلام- مرة ذكر ومرة ما ذكر، قال: نقتصر على المتيقن، ونطرح المشكوك فيه، فالوقف هو المتيقن، فالحكم لمن وقف، لكن المتأخرين يجزمون على أن الحكم للرفع، وللوصل، وزيادة الثقة مقبولة عندهم، والأئمة لا يحكمون بأحكام عامة مطردة، يتركون الحكم للقرائن المرجحة، ولذا أبو حاتم نفسه حكم على هذا بأن رفعه باطل، وحكم على أحاديث أخرى بأنها رفع، بأن هذا هو الصواب، فليست لهم قاعدة مطردة في هذا، بل يتركون الحكم للقرائن. على كل حال الحديث معناه صحيح، ويشهد له حديث صاحبا القبرين، وهو صحيح في الصحيحين وغيرهما، والحديث الذي قبله أيضاً بمعناه، أكثر عذاب القبر من البول، والذي قبله: ((استنزهوا من البول)) والذي قبله ((استنزهوا من البول)) وفي حديث صاحبي القبرين ((كان لا يستنزه من البول)) وفي رواية: ((من بوله)) فـ (أل) في البول في هذه الأحاديث تقوم مقام المضاف إليه؛ لأنه جاء في بعض الروايات: ((كان لا يستنزه من بوله)) فالمقصود من البول المذكور في هذه الأحاديث هو بول الآدمي، وإن زعم الشافعية ونصره ابن حجر بقوة أن كلمة البول جنس تعم جميع الأبوال، وبهذا يستدل على نجاسة جميع الأبوال حتى بول ما يؤكل لحمه، والنبي -عليه الصلاة والسلام- أمر العرنيين أن يشربوا من ألبان الإبل وأبوالها، فـ (أل) هنا ليست جنسية، وإنما هي قائمة مقام المضاف إليه، الضمير كما جاء في رواية أخرى: ((كان لا يستنزه من بوله)) وعلى هذا فالمرجح طهارة أبوال ما يؤكل لحمه. . . . . . . . .، بخلاف بول الإنسان فإنه نجس إجماعاً.

الحديث الذي يليه حديث: "سراقة بن مالك -رضي الله عنه- قال: علمنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الخلاء أن نقعد على اليسرى، وننصب اليمنى" رواه البيهقي بسند ضعيف" علمنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الخلاء أن نقعد على اليسرى -اليسرى الرجل اليسرى-، يعتمد على اليسرى، وينصب اليمنى؛ ليكون الاعتماد على الجهة اليسرى، والفقهاء يقولون بهذا، يقولون: أسهل للخارج، وتكريماً لجهة اليمين، فلا يعتمد عليها في هذا الباب، بل يعتمد على الجهة اليسرى، وإذا كان الحديث ضعيفاً فلا عبرة به، وهنا الحديث ضعيف، سواء اعتمد الشخص على رجله اليسرى، وخفف عن اليمنى أو العكس، أو راوح بينهما، أو اعتمد عليهما معاً، لا إشكال -إن شاء الله تعالى-؛ لأن الحديث معل، يقول الحازمي: في سنده من لا نعرفه، هذا فيه مجهول، بل فيه مجاهيل، وعلى كل حال الحديث ضعيف، فلا يلتفت إليه، وإن قال بعض الفقهاء: إنه يستحب أن يعتمد على اليسرى؛ لأنه أسهل للخارج، نعم إذا كان هناك ما يفيد صحياً، فالمحافظة على الصحة مطلب شرعي، إذا قرر الأطباء أن الاعتماد على اليسرى أنفع صحياً من الاعتماد على اليمنى، كما قرروا أن المكث على الحاجة مضر، نقول: إذا ثبت هذا من الناحية الطبية فهذا أمر له حظ من النظر الشرعي. الحديث الذي يليه: "وعن عيسى بن يزداد عن أبيه -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إذا بال أحدكم فلينثر ذكره ثلاثة مرات)) " وش عندكم؟ ((إذا بال أحدكم)) هاه؟ الطالب:. . . . . . . . . بالثاء المثلثة؟ ما في نسخ ثانية؟ ليش؟ الطالب:. . . . . . . . . وش الطبعة اللي معك؟ هاه؟ وريني إياها. الطالب:. . . . . . . . .

خلها معك عرفتها ((فلينتر)) بالتاء، الإشكال أنه في الطبعات التي أدعي تحقيقها بالثاء، كلها، الطبعات التي أدعي تحقيقها كلها بالثاء، وهذا خطأ، صوابه: ((إذا بال أحدكم فلينتر)) بالتاء ذكره ثلاث مرات، وهو حديث مخرج كما قال الحافظ: "رواه ابن ماجة بسند ضعيف" على أنه موجود في المسند عند أحمد، في المراسيل لأبي داود عند البيهقي وعند غيره ((إذا بال أحدكم فلينتر ذكره ثلاثاً)) لكنه حديث ضعيف، يقول ابن معين: عيسى لا يعرف ولا أبوه، وقال النووي في شرح المهذب: اتفقوا على أنه ضعيف، في النهاية لابن الأثير: النتر جذب فيه قوة وجفوة، وش معنى ينتر ذكره؟ ينتر ذكره، يقول ابن الأثير: النتر جذب فيه قوة وجفوة، وذكر هذا الكلام بعد إيراد الحديث، ثم قال: ومنه الحديث: إن أحدكم يعذب في قبره فيقال: إنه لم يكن يستنتر عند بوله، وقلنا: إن هذه الرواية الأصح فيها يستنزه أو يستبرئ، يقول: الاستنتار استفعال من النتر يريد الحرص عليه والاهتمام به، وهو بعث على التطهر والاستبراء من البول، النتر عند ابن الأثير: جذب للذكر فيه قوة وجفوة، هذا نافع أو مضر؟ أولاً: الخبر ضعيف جداً، لا يعتمد عليه، الخبر ضعيف، وعلى هذا فالحكم المستنبط منه، الاستنباط ضعيف من الضعيف، في الشرح الممتع للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله- ذكر النتر، الآن النتر عند ابن الأثير جذب فيه قوة وجفوة، والنتر فيما فسره الشيخ محمد بن عثيمين -رحمة الله عليه- النتر معناه أن يحرك الإنسان ذكره من الداخل لا بيده، وش معناه؟ يقول: النتر معناه أن يحرك الإنسان ذكره من الداخل لا بيده؛ لأجل أن يخرج بقية البول إن كان فيه شيء، هذا تعريف للنتر، ثم قال الشيخ -رحمة الله عليه-: لكن الحديث ضعيف، لا يعتمد عليه، والنتر: من باب التنطع المنهي عنه، ولهذا قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: النتر بدعة، وليس بسنة، ولا ينبغي للإنسان أن ينتر ذكره، هذا كلام شيخ الإسلام، في فرق بين تعريف الشيخ ابن عثيمين، وتعريف ابن الأثير للنتر؟ نعم؟ في فرق ظاهر؛ لأن ابن الأثير يرى أن النتر جذبه بقوة وجفوة، هذا عند من؟ عند ابن الأثير، الشيخ ابن عثيمين يقول: أن يحرك الإنسان ذكره من الداخل لا بيده، كيف

يحركه من الداخل؟ نعم؟ يستعمل شيء رفيع دقيق سيم أو شبهه، هاه؟ لا، إذاً كيف يتحرك الذكر من الداخل؟ هاه؟ الطالب:. . . . . . . . . كيف؟ الطالب:. . . . . . . . . هاه يا إبراهيم؟ أو معروف عند الجميع ولا يحتاج إلى استرسال؟ هاه؟ الطالب:. . . . . . . . .

على كل حال هذا الحكم ضعيف، ومثلما ذكر شيخ الإسلام النتر بدعة، وبعضهم يقول: يتنحنح؛ لكي يخرج ما بقي، وبعضهم يقول: يمشي خطوات، وبعضهم يقول: ينفض بدنه، وبعضهم يقول: يمسح ذكره .. إلى آخر الأقوال التي لا أثارة لها من علم، لا دليل عليها، بل هي مدخل وباب واسع للشيطان، من أجل أن يوسوس على الناس، ويفسد عليهم عباداتهم، بل هي من التنطع؛ لأنها قدر زائد على ما أمر به الشرع، ونعرف أن هذه المواطن كالثدي تدر مع الحركة، ويتحرك وينتر ويمسح كذا لينقطع وهو العكس يزيد ما ينقطع، مثل هذه الأمور ما .. ، علاجها أن تقتصر على ما شرع الله لك، تغسله بالماء ثلاث مرات وخلاص ينتهي الإشكال، ولا تلفت إليه، حتى لو كان هناك وسواس أو أمور أو هواجيس وتخيلات كلها تنقطع بهذه الطريقة، أما الاسترسال خرج ما خرج، غسلته القدر المطلوب شرعاً لا تلتفت إلى شيء، انضح فرجك وسراويلك، وانتهى الإشكال، حتى لو خرج شيء لا تلتفت إليه، لكي تقطع الباب على الشيطان، مداخل الشيطان وملاحظه دقيقة همه أن يفسد على الناس طاعاتهم، فإذا استرسلنا معه في هذه الأمور لا شك أننا وقعنا في حبائله ومصايده. "وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- سأل أهل قباء فقال: ((إن الله يثني عليكم)) " أين الثناء؟ {فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُواْ} [(108) سورة التوبة] هذا ثناء من الله -عز وجل- على أهل هذا المسجد الذي هو أول مسجد أسس على التقوى، سأل أهل قباء فقال: " ((إن الله يثني عليكم)) فقالوا: إنا نتبع الحجارة الماء" رواه البزار بسند ضعيف" وأصله في أبي داود، وصححه ابن خزيمة، من حديث أبي هريرة بدون ذكر الحجارة، يثني عليهم لأنهم يستنجون بالماء فقط، بدون ذكر الحجارة، وتصحيح ابن خزيمة يدل على أن الآية إنما وردت في المسجد الذي هو أول مسجد أسس على التقوى، مسجد قباء، لكن يختلف ابن خزيمة مع غيره في كونهم يقتصرون على الماء، وغيره كما عند البزار: يتبعون الحجارة الماء، وعرفنا سابقاً مر بنا أن المسجد الذي أسس على التقوى كما في الحديث الصحيح النبي -عليه الصلاة والسلام- سئل عن المسجد الذي هو أول مسجد أسس على التقوى؟ فأخذ كبة من حجارة

فألقاها في مسجده، وقال: هذا، يشير إلى مسجده -عليه الصلاة والسلام-، ولا شك أنه من حيث المعنى الحديث صحيح، من حيث المعنى فتأسيس مسجد قباء سابق على تأسيس مسجد النبي -عليه الصلاة والسلام-، فيه خلاف؟ نعم؟ والذي أسس مسجد قباء من هو؟ نعم؟ من الذي أسس مسجد قباء؟ هو الرسول -عليه الصلاة والسلام- وأصحابه، هم الذين أسسوه وابتدءوه، فهو أسس على التقوى بلا شك، فهنا تكون الأولية مطلقة، وأولية مسجده -عليه الصلاة والسلام- أولية نسبية، فيكون مسجده -عليه الصلاة والسلام- أول مسجد أسس على التقوى يعني بعد مسجد قباء، بدليل الحديث الصحيح الذي في صحيح مسلم، والحديث هنا لا شك أنه ضعيف، فقال: ((إن الله يثني عليكم)) {فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُواْ} [(108) سورة التوبة] وقالوا .. ، يعني ما السبب في كون الله -سبحانه وتعالى- يثني عليكم؟ فأجابوا: بأنا كنا نتبع الحجارة الماء، يعني لا يقتصروا على الحجارة ولا يقتصرون على الماء، بل يجمعون بين الحجارة والماء، لا شك أن هذا أنقى، أنقى كون الإنسان يتنظف بحجارة أو مناديل أو ما أشبه ذلك، ثم يغسل بالماء، لكن هل كونه أنقى يدل على شرعيته؟ أنه هو المشروع؟ أو لا بد من ثبوته عن النبي -عليه الصلاة والسلام-؟ النبي -عليه الصلاة والسلام- لم يثبت عنه أنه جمع بينهما، لو قلنا بهذه القاعدة كونه أنقى فهو أفضل لقلنا: إن الغسل عشر مرات أفضل من الثلاث؛ لأنه أنقى، صح وإلا لا؟ لكن العشر ليست مشروعة إذا حصل الإنقاء بدونها.

"رواه البزار بسند ضعيف" يقول البزار: لا نعلم أحداً رواه عن الزهري إلا محمد بن عبد العزيز، ولا عنه إلا ابنه، ومحمد ضعيف، وراويه عنه عبد الله بن شبيب ضعيف أيضاً، المقصود كما قال الحافظ: سنده ضعيف، السند ضعيف، وأصله في أبي داود، قد تكون القصة في أبي داود، لكن محل الشاهد منها لا يكون في الأصل، كثيراً ما يقولون كذا، رواه أبو داود، وأصله في البخاري، أصله في مسلم، أصله في الصحيحين، تكون القصة موجودة في الصحيح، لكن محل الشاهد لا يوجد في الصحيح كما هنا، هل هناك تلازم بين ضعف السند وضعف المتن؟ قد يضعف السند ويصح المتن لوروده من طرق أخرى، قد يضعف السند ويصح المتن لوروده من طرق أخرى، وقد يصح السند ويضعف المتن لاشتماله على شذوذ أو علة، فلا تلازم بينهما، ولذا إذا قيل: إسناده صحيح يكفي لتصحيح الحديث؟ لا يكفي، كما أنه إذا قيل: إسناده ضعيف لا يكفي لتضعيف الحديث، بل لا بد أن يقال: الحديث صحيح، أو يقال: الحديث ضعيف، ابن دقيق العيد في الإمام أشار إلى ثبوت الخبر، وإن قال النووي: ليس فيه أنهم كانوا يجمعون بين الماء والحجارة، والخبر الذي عندنا أثبته بعضهم، وكأن النووي نقل الاتفاق أنه ليس في طرق الحديث أنهم كانوا يجمعون، والحديث الذي عندنا: "نتبع الحجارة الماء" وأثبته بعضهم، فهذا وارد على إطلاق النووي، لكن عرفنا أن الخبر ليس بصحيح، وإن قواه بعضهم؛ لأن فيه ثلاثة من الضعفاء، في إسناده ثلاثة على الولاء، ثلاثة متتالين من الضعفاء، فعلى هذا فالخبر ضعيف، فيبقى أن أول مسجد أسس على التقوى هو مسجد النبي -عليه الصلاة والسلام-، ثم المسألة المستنبطة من هذا الحديث، وهو إتباع الحجارة الماء، ما دام سندها ضعيف، فالاستنباط أيضاً ضعيف، فلا يشرع الجمع بين الاستنجاء والاستجمار، بل يكتفى بأحدهما؛ لأنه لم يثبت أن النبي -عليه الصلاة والسلام- جمع بينهما. هنا يقول:. . . . . . . . . ((استنزهوا من البول)) له حكم الرفع لأنه لا يقال بالرأي؟

((استنزهوا من البول)) قد يكون أبو هريرة قاله من تلقاء نفسه موقوفاً عليه، استنباطاً منه، من حديث صاحبي القبرين، ((لا يستنزه من بوله)) قال: استنزهوا، ((إنهما ليعذبان)) قال: "استنزهوا ... ، فإن عامة عذاب القبر منه" فيكون هذا استنباط من أبي هريرة من حديث صاحبي القبرين، فلا يلزم أن يكون له حكم الرفع. يقول: هل يوجد نسخة محققة من كتاب بلوغ المرام بحيث يعتمد عليها في التصحيح والتضعيف؟ نسخة الشيخ حامد الفقي، وهي من أوائل الطبعات نسخة جيدة في الجملة، لكن ليس فيها عزو للأحاديث، ولا المصادر بالجزء والصفحة والرقم، وهناك أيضاً طبعات أخرى لو ضم إليها طبعة سمير الزهيري، على أن عليه أن يعيد النظر في بعض الألفاظ، أحياناً هو يقول: الحديث صحيح رواه البخاري، هذه لا قيمة لها، التصحيح والتضعيف والحديث في الصحيح كلام لاغي لا قيمة له، فإذا مجرد عزو الحديث للبخاري. . . . . . . . . أو لمسلم، هذا ما يستدرك عليه، على أن فيه ألفاظ قالها في حق بعض الأئمة فيها شدة، الحديث وإن أعله أحمد، وإن أعله الدارقطني فهو صحيح، وإن صححه فلان فهو ضعيف، هذه ألفاظ ينبغي أن يتحاشاها طالب العلم، ويتعلم ويمرن نفسه على الأدب مع هؤلاء الكبار، فالإنسان إذا لم يعرف قدر نفسه فإنه يتعب نفسه، ويتعب غيره، الأدب مطلوب، والله المستعان. يقول: تناقشنا أنا وصديق لي من شأن تحية المسجد هل هي واجبة أو مستحبة؟ على كل حال الرسول -عليه الصلاة والسلام- يقول: ((إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين)) يعني الأصل في مثل هذه الصيغة تحريم الجلوس، ومن مقتضاه ومن لوازمه وجوب الصلاة، وبهذا يقول جمع من أهل العلم، لكن جماهير أهل العلم على أن هذا الأمر مصروف، فتحية المسجد مستحبة. يقول: ما حكم الشوارما علماً بأن الدجاج يأتي من الصين، وأغلب أهلها بوذيين وشيوعيين وملحدين؟ على كل حال الذبيحة إذا لم تكن قد تولاها مسلم أو كتابي فإنه لا يجوز أكلها، وإذا شك في ذابحها فالأصل الامتناع، أن لا يأكل الإنسان إلا ما تأكد من حله. يقول: ما هو الاستنزاه من البول؟ طلب النزاهة منه؛ لأن السين والتاء للطلب، فالمطلوب طلب النزاهة من البول، والبعد عن مقارفته.

وما حكم استعمال التراب في الاستنجاء؟ على كل حال الأصل الاستنجاء بالماء، لكن يبقى الاستجمار استعمال الجمار التي هي الحجارة، ويقوم مقامها كل شيء حشن من تراب أو مناديل خشنة أما أشبه ذلك. هذا يسأل مجموعة أسئلة: هل يلزم من بال أن يستنجي بثلاثة أحجار؟ بالنسبة للبول مسكوت عنه، والأحجار الثلاثة إنما طلبت كما فصل ذلك الشارح أنها للغائط، لكن الثلاثة بالنسبة للبول أحوط. يقول: من أفضل من تكلم في مسألة النهي هل يقتضي الفساد على الإطلاق مع توضيح ذلك؟ كتب الأصول كلها تتكلم على هذا. يقول: في قوله تعالى: {كَانُواْ لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ} [(79) سورة المائدة] قال بعض المفسرين: ينبغي لمن شرب الخمر أن ينكر على من شرب في المجلس. . . . . . . . .؟ أنا أقول: الأصل الإنكار، هو مطالب بالكف ومطالب بالإنكار، فهذا الأصل لا يحاد عنه، إلا إذا تضمن ارتكاب هذا الأصل محظور أكبر منه من استهتار مثلاً مثل ما مثلنا فيجتنب حينئذٍ. يقول: ما توجيهكم لبعض الأشخاص الذين لا يسترون عوراتهم بلبسهم القصير والشفاف؟ وهل لذلك أثر على صلاتهم؟ لا شك أن الذي يرى أن الفخذ عورة في الصلاة يبطل الصلاة إذا كان الثوب لا يستر الفخذ. من المعلوم أن هدي النبي -صلى الله عليه وسلم- أكمل هدي، فكيف يكون جمع الحجارة مع الماء أفضل من سنة النبي -عليه الصلاة والسلام- في الاقتصار على أحدهما؟ وهذا الذي ذكرنا، نقول: ما دام أنه لم يثبت عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه جمع بينهما فالأصل أنه هو القدوة وهو الأسوة -عليه الصلاة والسلام-. يقول: إنه حفظ القرآن فبماذا يبدأ من المتون العلمية في الفقه؟ بعد أن من الله عليه -عز وجل- بحفظ كتابه، عليه أن يتجه لسنة نبيه -عليه الصلاة والسلام-، وما يخدم الكتاب والسنة، وما يعينه على فهمهما، مما يسميه أهل العلم علوم الآلة، ويحفظ في كل علم متن، ويحضر شرحه عند من تسير من أهل العلم، ويقرأ عليه الشروح والحواشي، ويسمع الأشرطة ويعتني بذلك؛ لأن هذه مما يعينه على فهم كتاب الله وسنة نبيه -عليه الصلاة والسلام-. يقول: هل يجوز حجز المكان في المسجد لقضاء الحاجة أو للوضوء؟

باب: الغسل وحكم الجنب

نعم إذا جاء يتقدم هو أحق بالمكان، فإن احتاج إلى الخروج وعاد إليه سريعاً فهو أحق به أيضاً. ما معنى بلوغ المرام؟ البلوغ هو الوصول، والمرام الغاية والمطلب. يقول: على ماذا يحمل تصحيح ابن خزيمة لحديث ابن عباس: ((إن الله يثني عليكم))؟ يدل على أنه يثبت أن مسجد قباء أول مسجد أسس على التقوى؛ لكنه لا يثبت أنهم يجمعون بين الحجارة والماء. ولماذا نقول: بالصحة المطلقة لجميع أحاديث البخاري بالرغم من وجود الأحاديث متكلم في صحتها؟ على كل حال الأحاديث المتكلم في صحتها أحاديث يسيرة، والرجال المتكلم فيهم رجال الصحيح كلام يسير، وعدد يسير، وأيضاً هذه الأحاديث التي تكلم فيها كلام لم يسلّم، نعم في هذا الكلام بعض ما تعذرت الإجابة عنه؛ لكنه نادر جداً، فالصواب غالباً في هذه الأحاديث المتكلم فيها مع البخاري. لماذا لا يكون الأخذ قائم على الدليل دون الأشخاص والمذهب؟ هذا الأصل، الأصل قال الله قال رسوله، الأصل في الاستدلال ما يثبت به الحكم، وهو الدليل من الكتاب والسنة، وإجماع الأمة، أو القياس على الدليل الثابت إذا توفرت فيه شروطه. بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فقد قال المصنف -رحمه الله تعالى-: باب: الغسل وحكم الجنب عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((الماء من الماء)) رواه مسلم، وأصله في البخاري. وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إذا جلس بين شعبها الأربع ثم جهدها فقد وجب الغسل)) متفق عليه، زاد مسلم: ((وإن لم ينزل)). وعن أم سلمة أن أم سليم وهي امرأة أبي طلحة قالت: يا رسول الله إن الله لا يستحيي من الحق، فهل على المرأة الغسل إذا احتلمت؟ قال: ((نعم، إذا رأت الماء)) .. الحديث، متفق عليه. وعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في المرأة ترى في منامها ما يرى الرجل؟ قال: ((تغتسل)) متفق عليه، زاد مسلم: فقالت أم سليم: وهل يكون هذا؟ قال: ((نعم فمن أين يكون الشبه؟ )).

وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يغتسل من أربع: من الجنابة، ويوم الجمعة، ومن الحجامة، ومن غسل الميت، رواه أبو داود، وصححه ابن خزيمة. وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- في قصة ثمامة بن أثال عندما أسلم، وأمره النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يغتسل، رواه عبد الرزاق، وأصله متفق عليه. وعن أبي سعيد -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((غسل الجمعة واجب على كل محتلم)) أخرجه السبعة. وعن سمرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((من توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت، ومن اغتسل فالغسل أفضل)) رواه الخمسة، وحسنه الترمذي. وعن علي -رضي الله عنه- قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقرئنا القرآن ما لم يكن جنباً، رواه الخمسة، وهذا لفظ الترمذي وحسنه، وصححه ابن حبان. وعن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إذا أتى أحدكم أهله ثم أراد أن يعود فليتوضأ بينهما وضوءاً)) رواه مسلم، زاد الحاكم: ((فإنه أنشط للعود)). وللأربعة عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ينام وهو جنب من غير أن يمس ماء، وهو معلول. الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. يقول المصنف -رحمه الله تعالى-: باب: الغسل وحكم الجنب الغسل: عندنا الفعل غسل والفعل اغتسل، عندنا غسل مصدره إيش؟ غسل يغسل غسلاً، الغسْل مصدر غسل، واغتسل يغتسل اغتسالاً، إذاً الغُسل ما نوع الاشتقاق؟ هل هو مصدر؟ وإذا قلنا: مصدر قلنا: مصدر لأي شيء؟ هاه؟ عرفنا أن مصدر غسل الغسل، غسل يغسل غسلاً، ومصدر اغتسل اغتسالاً، فالغسل .. ؛ لأن عندنا غُسل وغَسل وغِسل، فالغَسل مصدر غسل، والغُسل إيش؟ إذا عرفنا أن الاغتسال مصدر اغتسل، والغسل مصدر غسل، إذاً الغُسل؟ إيش؟ طالب:. . . . . . . . . كيف؟ طالب:. . . . . . . . .

يعني هو مغسل ثاني لاغتسل، أو اسم مصدر؟ نعم؟ اسم المصدر؟ {وَاللَّهُ أَنبَتَكُم مِّنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا} [(17) سورة نوح] هذا إيش؟ مصدر وإلا اسم مصدر؟ اسم مصدر، والمصدر؟ إنباتاً، فمصدر اغتسل: اغتسالاً، والغسل اسم مصدر، فالغُسل والاغتسال بمعنى، وأما الغَسل فهو مصدر غسل، غسلت الثوب غَسلاً، وأما الغِسل فهو ما يجعل مع الماء، يُغسل به، ويغتسل به، فهو غِسل كالصابون والشامبو، والأشنان وغيرها من المواد التي توضع مع الماء يقال لها: غِسل. "وحكم الجنب" أي الأحكام المتعلقة بمن أصابته جنابة؛ لأن الجنب من أصابته جنابة، وهو ملازم لهذا اللفظ زيد جنب، وهند جنب، والزيدان جنب، والزيدون جنب .. إلى آخره، ومنهم من يطابق على قلة، يقول: جنبان وجنبون، المقصود أن الجنب من أصابته جنابة، وهذا الباب معقود لأحكام الغسل، وما يوجب الغسل، وصفة الغسل، وما يستحب له الغسل، ومن يلزمه الغسل، فهو جنب. يقول المصنف -رحمه الله تعالى-:

"عن أبي سعيد الخدري -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((الماء من الماء)) رواه مسلم، واصله في البخاري" الماء من الماء، الماء الأول المراد به الماء الذي يغتسل به، الماء الأول الماء المعروف الذي يغتسل به، من الماء الذي هو إيش؟ نعم؟ الذي يخرج، الماء الموجب للاغتسال، سواء كان من الرجل أو من المرأة، الماء من الماء، هذا الحديث يدل بمنطوقه أنه إذا حصل الإنزال سواء كان من الرجل أو من المرأة فإنه حينئذٍ يجب غسل الجسد بالماء، إذا حصل الماء بسبب الإنزال فإنه يجب غسل البدن بالماء، ولذا يقول: ((الماء من الماء)) مفهومه إنه إذا لم يحصل إنزال فإنه حينئذٍ لا غسل، يكفي في ذلك أوله، منطوق الحديث منطوقه أنه إذا حصل الإنزال وجب الاغتسال، ومفهومه أنه إذا لم يحصل الإنزال فإنه لا يجب الاغتسال، والأسلوب أسلوب حصر ((الماء من الماء)) لأن المسند إليه الذي هو المبتدأ معرف ((الماء من الماء)) وهذا أسلوب يقتضي الحصر عند أهل العلم، فلا ماء، يعني لا اغتسال، كأنه قال: لا ماء، يعني لا اغتسال إلا من الماء، من الإنزال، وكان هذا في أول الأمر، كان هذا في أول الأمر، أنه لا اغتسال إلا من الإنزال، ثم بعد ذلك نسخ، وأن الاغتسال يجب بمجرد التقاء الختانين، ولذا جاء الحديث الذي يليه:

"وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إذا جلس بين شعبها الأربع ثم جهدها فقد وجب الغسل)) متفق عليه، زاد مسلم: ((وإن لم ينزل)) " إذا جلس يعني الرجل بين شعبها، يعني شعب المرأة الأربع، ثم جهدها فقد وجب الغسل، متفق عليه، زاد مسلم: ((وان لم ينزل)) هذا الحديث ناسخ للحديث الذي قبله، فالحديث الأول كان في أول الأمر رخصة، كان الحديث في أول الأمر السابق رخصة ((الماء من الماء)) كانت قبل هذا الحديث ((إذا جلس بين شعبها الأربع ثم جهدها فقد وجب الغسل، وإن لم ينزل)) كما في رواية مسلم، وقد بين أهل العلم أن الأول حديث منسوخ والثاني حديث ناسخ، من نص على ذلك جمع من أهل العلم، الترمذي قال: إنه حديث منسوخ، وكان ذلك في أول الأمر، وفي العلل ذكر الحديث قال: وبينا علته في الكتاب، فسمى النسخ علة، النسخ علة أو ليست بعلة؟ نعم؟ الحديث صحيح ما فيه إشكال، لما بين الترمذي في كتابه علة هذا الحديث وهي النسخ، ذكر أنه منسوخ، ثم قال في العلل -علل الجامع-: "وقد بينا علته في الكتاب" فسمى الترمذي النسخ علة، وهل صحيح أن النسخ علة؟ نعم؟ ذكرنا سابقاً أن العلة عبارة عن سبب خفي غامض يقدح في صحة الخبر الذي ظاهره السلامة منه، هذا الأصل في العلة أنها السبب الخفي، لكن هذا السبب جلي، يقدح في صحة الخبر ....

كتاب الطهارة (12)

شرح: بلوغ المرام - كتاب الطهارة (12) الشيخ: عبد الكريم الخضير أن العلة عبارة عن سبب خفي غامض يقدح في صحة الخبر الذي ظاهره السلامة منها، هذا الأصل في العلة أنها سبب خفي، لكن هذا سبب جلي، يقدح في صحة الخبر، هذا لا يقدح في صحة الخبر، الخبر صحيح، كيف قال الترمذي: إن النسخ علة؟ هاه؟ طالب:. . . . . . . . . نعم علة مؤثرة من حيث عدم العمل بالحديث، فهي تجامع العلة المؤثرة في صحة الخبر بأن كل من الحديث المعل الذي اشتمل على علة مؤثرة لا يعمل بها، والحديث المنسوخ لا يعمل به، وإن كان صحيحاً، فأشبه المعل من هذه الحيثية. يقول في حديث أبي هريرة: "قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إذا جلس)) " يعني الرجل، وحذف للعلم به، ((بين شعبها)) الضمائر ضمير المذكر للمذكر، وضمير المؤنث للمؤنث، لو أراد المرأة لقال: إذا جلست بين شعبه، تتغير الضمائر، لكن الجلوس مسند إلى الرجل، إذا جلس يعني الرجل بين شعبها يعني المرأة، الأربع. الشعب الأربع قيل: هي يداها ورجلاها، وقيل: غير ذلك، فالمقصود أن الكل كناية عن الجماع، ما يحتاج إلى مزيد تفصيل في هذا الباب؛ لأنه واضح، نعم، أقول: ما نحتاج إلى تفصيل، وقد كان الناس يخفى عليهم الشيء الكثير من بداهيات هذا الأمر إلى وقت قريب، ثم جاءت وسائل الشر المقروءة والمسموعة فصار يطلع على مثل هذه الأمور حتى الصبيان، فإلى الله المشتكى، وكان الناس إلى وقت قريب مثل هذه الأمور قبل الدخول بليلة يعرف مثل هذه الأمور، قبل ذلك لا يدري.

النووي -رحمة الله عليه- مكث شهرين يغتسل من قرقرة البطن، يقرأ في كتب الفقه أن الموجب للغسل إيجاب حشفة أصلية في فرج ... ، فظن هذا هو، قرقرة قال: هذا موجب للغسل، ما يعرفون هذه الأمور، في غفلة تامة عن هذه الأمور، لكن الآن لو تسأل أصغر الصبيان ذكر لك بالتفصيل شيء لا تعرفه، كله بسبب هذه الوسائل الوافدة التي القصد منها والهدف تدمير الأخلاق، وهي من أقوى وسائل الهدم وإفساد البيوت والمجتمعات، من المؤسف والأسف شديد أن بعض الناس ممن يتصف بالعقل، أو يدعي لنفسه العقل يجلب هذه الأمور وهذه الشرور إلى بيته، فيجني على نفسه أولاً، وعلى من تحت يده، وكم مُني الناس بالكوارث والمصائب بسبب اتخاذ هذه الآلات واستعمالها، نسأل الله السلامة والعافية، والغش ظاهر للرعية، فيمن يقتني مثل هذه الآلات، وإن ادعى ما ادعى أنه يراقبها، وأنه يستعملها فيما يباح من أخبار وما أشبه ذلك، لكن حتى الأخبار هل تسلم من الشر؟ من الذي يقدم الأخبار في هذه القنوات؟ من الذي يسلط عليه الضوء في هذه الأخبار من اللقطات، تجد هؤلاء الأشرار يسلطون الأضواء على المومسات الفاتنات، نسأل الله العافية، وتجد الإنسان يزعم أنه ينظر إلى الأخبار، ويستمع الأخبار، ويعتني بالأخبار، وقد أصابته دعوة أم جريج، ينظر في وجوه المومسات صباح مساء، ويظن هذا أمر عادي، ولا يدري كيف أثر هذا الأمر على قلبه وعلى ولده؟ والأسئلة كثيرة، والمصائب كبيرة التي جرتها هذه الآلات، فكم من امرأة تتصل تشتكي زوجها، أنه يمكث الأشهر لا ينام مع امرأته في فراشها، فإذا رأى هذه الصور الفاتنة الماجنة ازدرى زوجته، وزهد بها، وكم من مصيبة وقعت بين الأب وبنته، والابن وأمه، وبين الأخ وأخته، حدث ولا حرج من المصائب والكوارث التي امتلأت بها البيوت، والمعصوم من عصمه الله، والجاني الأول هو المتسبب، ولا يعذر المباشر، على كل حال الذي جرنا إلى هذا أننا لا نحتاج إلى تفصيل معنى ((إذا جلس بين شعبها الأربع ثم جهدها)) لأن هذا كان غير معروف عند الناس، فيشرح في كتب الحديث، ويوضح ويبين إيش معنى هذا الكلام؟ لأن مثل هذا الكلام وإن كان كلاماً في الأصل قبيح ينبغي أن لا يباح به، إلا أن الحاجة تقتضي ذلك،

كيف يبين الحكم الشرعي المستنبط من هذا الحديث والحديث ما فهم أصلاً؟ لا بد منه، لكن في مثل هذه الأوقات كثير من الناس لا يحتاج إلى بيان، يعرفه. ((ثم جهدها)) وهذا كناية عن الجماع، ومعالجة الإيلاج، ((فقد وجب الغسل)) متفق عليه، زاد مسلم: ((وإن لم ينزل)) وهذا الحديث ناسخ للحديث الذي سبقه. جاء في المسند وغيره عن أبي بن كعب أنه قال: إن الفتيا التي كانوا يقولون: إن الماء من الماء رخصة، كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رخص بهاج في أول الأمر ثم أمر بالاغتسال بعد، هذا نص على أن هذا الحديث ناسخ للذي قبله، وصححه ابن خزيمة وابن حبان، قال الإسماعيلي: إنه. . . . . . . . . على شرط البخاري. المقصود أنه لم يخالف في هذه المسألة، وأنه يجب الغسل بمجرد الإيلاج، ولو لم يحصل إنزال إلا داود الظاهري، فقال: ((إنما الماء من الماء)) فلا اغتسال إلا بالإنزال. الحديث الذي يليه: "وعن أنس -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في المرأة ترى في منامها ما يرى الرجل، قال: ((تغتسل)) متفق عليه. زاد مسلم: فقالت أم سلمة" أو أم سليم؟ قالت: أم سلمة وإلا أم سليم؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . نعم؟ طالب:. . . . . . . . . طيب "فقالت أم سلمة: وهل يكون هذا؟ قال: ((نعم، فمن أين يكون الشبْه أو الشبَه؟ )) " المرأة ترى في منامها ما يرى الرجل، الرجل يرى في منامه أنه يجامع امرأة كما أن المرأة ترى -وهن شقائق الرجال- ترى أنه يجامعها رجل، في المرأة ترى في منامها ما يرى الرجل من الاحتلام والاجتماع في المنام، قال: ((تغتسل)) المرأة ترى في منامها ما يرى الرجل، يعني فما الحكم؟ جاء الجواب منه -عليه الصلاة والسلام- قال: ((تغتسل)) يعني إذا حصل منها كما يحصل من الرجل من احتلام.

وفي الحديث الصحيح: هل على المرأة من غسل إذا هي احتلمت؟ قال: ((نعم إذا رأت الماء)) في اليقظة الاغتسال معلق بمجرد الإيلاج، ولم يحصل إنزال، زاد مسلم: ((وإن لم ينزل)) في المنام؟ الاغتسال معلق بإيش؟ برؤية الماء، بالإنزال، وقد قال بعضهم: إن حديث: ((الماء من الماء)) محمول على الاحتلام؛ لكن جماهير أهل العلم على أنه محمول على اليقظة في أول الأمر، لكنه منسوخ. "المرأة ترى في منامها ما يرى الرجل؟ قال: ((تغتسل)) " عرفنا أنه مقيد برؤية الماء، ((نعم إذا هي رأت الماء)) والرجل كذلك، لا يغتسل إذا احتلم إلا إذا رأى الماء. "زاد مسلم: فقالت أم سلمة: وهل يكون هذا؟ " تستبعد مثل هذا، نعم الاحتلام في الرجال أكثر منه في النساء؛ لكنه موجود في النساء. "قالت أم سلمة: وهل يكون هذا؟ قال: ((نعم)) " يعني هل ترى المرأة الماء كما يرى الرجل الماء؟ قال: ((فمن أين يكون الشبه?)) إن المرأة يخرج منها الماء، كما أن الرجل يخرج منه الماء، والشبَه والشِبْه الذي يوجد في المولود المخلوق من هذه العملية عملية التقاء الرجل مع المرأة الشبه حينما يشبه أمه وأخواله، أو يشبه أباه وأعمامه، إذا علا ماء الرجل ماء المرأة أذكر، ويكون أشبه أعمامه، وإذا علا ماء المرأة وسبق ماء المرأة ماء الرجل آنث، وحينئذٍ يشبه أخواله، وليست المسألة باليد، يعني ... سواءً تقدم وتأخر، وعلا هذا شيء يملكه الناس؟ لا، القدر إذا كان المكتوب ولد سبق هذا، إذا كان المكتوب أنثى سبق هذا، وإلا إذا كان المسألة سبق، أتأخر وأتقدم، أو تتقدم وهكذا، ما يمكن، هذا ليس بيد الإنسان، فقد يقول قائل: هذا الخبر إيش معناه؟ سبق ماء المرأة سبق علا نزل، إيش؟ إذن الأمر بيد المخلوق، يتأخر فلها أن تتقدم إذا أرادوا الأنثى أو العكس، نقول: لا، هذا ليس باليد، ليس المراد به ما تفهمون.

"وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يغتسل من أربع: من الجنابة" يغتسل من الجنابة، وهذا محل إجماع، ويغتسل أيضاً "يوم الجمعة" لصلاة الجمعة، وسيأتي الكلام فيها، وهل هو واجب أو مستحب؟ "ومن الحجامة" يغتسل من الحجامة "ومن غسل الميت" فالحديث رواه أبو داود، وصححه ابن خزيمة، لكنه ضعيف، نص على ضعفه أبو داود، قال أبو داود: الحديث ضعيف فيه خصال ليس العمل عليها، فالغسل من الجنابة العمل عليه وإلا لا؟ العمل عليه، الغسل يوم الجمعة العمل عليه وإلا ليس عليه العمل؟ عليه العمل، الغسل من الحجامة ما الذي تقدم لنا في الحجامة؟ هاه؟ من نواقض الوضوء؟ نعم؟ نعم؟ إنها لا تنقض الوضوء، فلا توجب الوضوء، فكيف توجب غسلاً؟ قال أبو داود: ضعيف، فيه خصال ليس العمل عليها، من غسل الميت، تقدم لنا الحديث: ((من غسله فليغتسل، ومن حمله فليتوضأ)) الحديث صحيح وإلا ضعيف؟ ضعيف عند أهل العلم، فالغسل من الجنابة إجماع، والغسل يوم الجمعة جماهير أهل العلم على أنه مستحب، وقيل: بوجوبه، وأما الغسل من الحجامة، ومن تغسيل الميت فلا، هذه التي أشار إليها أبو داود أن فيه خصال ليس العمل عليها، فقال: ليس العمل عليها عند أهل العلم، وهذا كناية عن تضعيفه، فصرح بالتضعيف.

"وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- في قصة ثمامة بن أثال عندما أسلم وأمره النبي -عليه الصلاة والسلام- أن يغتسل، رواه عبد الرزاق" وأصله متفق عليه، قصة ثمامة بن أثال لما جاء وهو مشرك فربطه النبي -عليه الصلاة والسلام- في المسجد، ثم لما أسلم انطلق إلى حائط فاغتسل، لكن هل كان غسله بأمر النبي -عليه الصلاة والسلام- أو باجتهاد منه؟ هنا في رواية عبد الرزاق: أمره النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يغتسل، إذاً كيف في الرواية في الرواية الأخرى انطلق إلى حائط فاغتسل؟ كونه انطلق إلى حائط هذا يعني أنه اجتهاداً منه، أو أنه امتثال لهذا الأمر؟ نعم؟ امتثال لهذا الأمر، فالغسل من موجبات الغسل الإسلام، فإذا أسلم الرجل بعد أن كان كافراً عليه أن يغتسل؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- أمر ثمامة أن يغتسل، فيأتي أو سيأتي في أبواب المساجد أن النبي -عليه الصلاة والسلام- بعث خيلاً فجاءت برجل، الذي هو ثمامة، فربطوه في سارية من سواري المسجد، الحديث متفق عليه، يعني أصل القصة متفق عليها، لكن أمره -عليه الصلاة والسلام- لثمامة أن يغتسل هذا عند عبد الرزاق فقط، ولذا اختلف العلماء في الغسل بعد الإسلام، هل هو واجب أو ليس بواجب؟ فمنهم من يقول: إنه واجب مطلقاً، ولو لم يصب ما يوجب الغسل قبل إسلامه، فالإسلام بمجرده موجب للغسل؛ لأنه هنا رتب الأمر بالغسل على إسلامه، أسلم فأمره النبي -عليه الصلاة والسلام- أن يغتسل، ومنهم من يقول: إن كان قد أصابته جنابة قبل أن يسلم فعليه أن يغتسل سواء كان اغتسل قبل إسلامه أولم يغتسل؟ لأن الغسل لا بد له من نية، وغسله قبل إسلامه ليس بالصحيح، لتخلف شرطه، فالكافر لا نية له ولا طهور، وعلى كل حال المرجح أن من أسلم يأمر بالاغتسال سواء كان ممن أصابته الجنابة أو لم تصبه بهذا الحديث. أخرج أبو داود من حديث قيس بن عاصم، قال: أتيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أريد الإسلام، فأمرني أن أغتسل بماء وسدر، وأخرجه أيضاً الترمذي والنسائي بنحوه، على كل حال أمر من أسلم أن يغتسل هذا لا إشكال فيه، فعلى هذا كل من أسلم يؤمر بالاغتسال، هذا من أسلم بعد أن كان كافراً.

وعن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((غسل الجمعة واجب على كل محتلم)) أخرجه السبعة، المراد بالسبعة؟ البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه وأحمد، سبعة ((غسل الجمعة واجب على كل محتلم)) واجب إيش معنى واجب؟ الواجب في الاصطلاح؟ نعم؟ ما يثاب فاعله امتثالاً، ويعاقب تاركه، هناك ألقاب وإطلاقات شرعية وألفاظ اصطلاحية، فهل يتفق الاصطلاح الآن مع مراد الشارع من هذه اللفظة أو لا؟ ((غسل الجمعة واجب)) الواجب عند أهل الاصطلاح، الذي استقر عليه الاصطلاح أنه ما يثاب فاعله امتثالاً، ويعاقب تاركه، هذا الذي اتفق عليه الاصطلاح، والسنة ما يثاب فاعلها امتثالاً، ولا يعاقب تاركها، مع أنه جاء إطلاق السنة في النصوص ويراد بها الواجب؛ لأن الصلاة من سنن الهدى، هل يستطيع أحد أن يقول: إن الصلاة لا يأثم تاركها؛ لأنها من سنن الهدى؟ نعم؟ المكروه الذي استقر عليه الاصطلاح عند المتأخرين: أنه ما يثاب تاركه، ولا يعاقب فاعله، جاء في النصوص ما يدل على أن من فعل المكروه معاقب، فهناك إطلاقات شرعية، وإطلاقات اصطلاحية، قد يستقر الاصطلاح على غير ما جاء به النصوص، فالمكروه جاء في النصوص ويراد به أنه المحرم المجزوم تحريمه، جاء في سورة الإسراء {كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيٍّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا} [(38) سورة الإسراء] بعد أن عدد الكثير من المحرمات، المقطوع بتحريمها، فلا شك أن توافق الاصطلاح مع مراد الشارع هذا هو الأصل، وينبغي أن تقنن هذه الاصطلاحات، وتسير حسب ألفاظ الشارع، كل ما قرب الاصطلاح من إطلاق الشرع هذا هو الأصل؛ لأن هذه الاصطلاحات إنما هي في عرف المتشرعة، وإلا فما معنى أن يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((غسل الجمعة واجب)) والجمهور يقولون: ليس بواجب، ما معنى قول ابن عمر: "فرض رسول الله -صلى الله عليه وسلم- زكاة الفطر من رمضان" والحنفية يقولون: زكاة الفطر ليست بواجبة، هل هذا عناد؟ أو نقول: اصطلاحات ولا مشاحة في الاصطلاح؟ نعم؟ هل نقول: هذه محادة ظاهرة؟ ابن عمر يقول: "فرض رسول الله" وأنتم تقولون: ليس بفرض؟ الرسول يقول: ((غسل الجمعة واجب)) والجمهور يقولون: ليس

بواجب؟ أو أن للوجب معنى غير ما يتضمنه الاصطلاح؟ وللفرضية معنى غير ما يتضمنه الاصطلاح عندهم فلا اختلاف؟ الطالب:. . . . . . . . . إيه نعم، لا أنا قصدي اللفظة، استعمال الوجوب على لسان الشرع، واستعماله في الاصطلاح، واستعمال الفرض في لسان الشرع، وعدم استعماله في الاصطلاح، هل نقول: إن هذه محادة؟ الجمهور يقولون: غسل الجمعة ليس بواجب، الرسول -عليه الصلاة والسلام- يقول: ((غسل الجمعة واجب)) نعم؟ الآن إذا اختلف الفهم على مورد واحد، الإبل وش تسمي العرب ألوانها؟ نعم؟ اللون الكثيف هذا وش يسمونه الناس؟ نعم؟ اللون العادي، الأسود وش يسمونه؟ اللون الأسود في الإبل مثلاً؟ أملح، وش معنى أملح؟ لو قال: لا يا أخي هذا ليس بأملح هذا أسود، والنبي -عليه الصلاة والسلام- ضحى بكبشين أقرنين أملحين، يقول: لا ما هو أملح هذا أسود، نقول: كلامك صحيح وإلا غير صحيح؟ نعم؟ ما معنا أحد يعرف من الإبل ألوانها، اللون المعروف هذا الكثير ذا؟ هاه؟ الظاهر ما عندنا أحد ....

أنا أقول: اللون اللي في مثل هذا في البهائم أسود، يقال: أملح، أملح بعيد كل البعد عن لون الملح، الملح أبيض وهذا أسود،. . . . . . . . . يقول: لا أنا ما أقول: أملح، أقول: أسود، يصير كلامه صحيح وإلا ليس بصحيح؟ نعم؟ وراء ما هو بصحيح؟ أسود، في أحد يخالف أن هذا أسود؟ نعم؟ الملح أبيض نعم، لكن أنت تقول لي: هذا أملح، أقول لك: لا أسود صحيح وإلا لا؟ نعم؟ يا أخي لو رأيت بعير باللون العادي مثل لون الباب ذا، وقلت له أنت: هذا اللون الذي يعرفه الناس، الذي ما وجدنا أحد. . . . . . . . . إلى الآن، وقلت له: لا ما هو بهذا اللون، هذا لونه بيج، وش يقول؟ نعم؟ وش نريد أن نقرر؟ نقرر أن حقيقة. . . . . . . . . المورد الواحد قد تختلف فيه الاصطلاحات والأعراف، كلمة واجب في لغة العرب وعلى لسان الشرع أعم مما خصه جل الاصطلاحيين، إذا قلت مثلاً: حقك واجب علي، طاعتك فرض علي، وش معنى هذا؟ معنى هذا أنك تأثم إذا عصيته، وهو زميلك مثلك؟ يعني أن حقك متحتم علي، وهو عندي بمنزلة الفرض، الذي لا أستطيع أن أتنصل عنه، وهنا جمهور أهل العلم ليس من باب المعاندة، ولا من باب المحادة، الرسول يقول: واجب وأنتم تقولون: مستحب، لأن لفظ الواجب في لغة العرب، وفي عرف الشارع أوسع من الاصطلاح الذي أستقر عند أهل العلم، ولذا جاء في الحديث الذي يليه: ((واجب على كل محتلم)) وش معنى محتلم؟ ((غسل الجمعة واجب على كل محتلم)) يعني بالغ، أو المحتلم من احتلم وأصابته جنابة؟ ممكن؟ يمكن أن نقول: المحتلم من أصابته جنابة؟ من احتلم؟ أو مثل ما قلنا في ((لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار)) يعني من بلغت المحيض؟ وهنا من بلغ الاحتلام، وإلا إذا قلنا: إن غسل الجمعة واجب على كل محتلم، من احتلم بالفعل أي أصابته جنابة، صار الحديث لاغي ما له قيمة، الحديث ما له قيمة لاغي، نعرف الحكم من غير هذا الحديث، نصوص كثيرة تؤكد هذا الكلام من غير ورود هذا الحديث، وكون الحديث مؤسس لحكم جديد أولى من كونه مؤكد لأحكام سابقة، جاء الحديث الذي يليه في الكتاب:

"عن سمرة بن جندب -رضي الله عنه- قال، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((من توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت)) " فبها يعني السنة أخذ، ونعمت السنة ((ومن اغتسل فالغسل أفضل)) يدل على إيش؟ الطالب:. . . . . . . . . على الاستحباب، وهذا عمدة الجمهور في حمل الحديث الأول على الاستحباب المتأكد، وأنه لا يؤثم تاركه، وأن الشرع استعمل الوجوب في أعم من الاصطلاح، قول جمهور أهل العلم أن غسل يوم الجمعة مستحب، جاء عثمان -رضي الله عنه- وعمر يخطب، والقصة في الصحيح، انتقده عمر، متأخر، عثمان مشهود له بالجنة، وقدم رأس في الإسلام، وقدوة، إذا رآه الناس يقولون: عثمان ما جاء إلا مع الخطبة، أو بعد الخطبة، عمر استنكر عليه، بين أنه ما أن توضأ وحضر، يعني أدرك الوضوء وجاء، يعني ما اغتسل، فقال عمر: والوضوء أيضاً؟ يعني مع ذلك ما اغتسلت؟ ولم يقول له عمر: ارجع فاغتسل، فهذا الفعل من عثمان والإقرار من عمر بمحضر الصحابة يدل على أن الغسل ليس بواجب، ظاهر وإلا ما هو بظاهر؟ مع الحديث: ((من توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت، ومن اغتسل فالغسل أفضل)) وعلى كل حال قول جمهور أهل العلم على أن الغسل سنة مؤكدة لصلاة الجمعة، ومنهم من يحمل الحديث السابق ((غسل الجمعة واجب)) على ما كان عليه الأمر في أول الإسلام، قبل أن يوسع على الناس، كانوا يلبسون الثياب من الصوف، والصوف إذا أصابه البلل والعرق صارت له روائح كريهة، فأمروا وأكد عليهم في الغسل، لما وسع على الناس صاروا يلبسون الأنواع الثانية من الألبسة، وخفت هذه الروائح، من توضأ فبها ونعمت، ومن اغتسل فالغسل أفضل، وكأن رأي الإمام مالك ممزوج من هذا كله، أنه يلزم أهل الحرف والمهن ومن تنبعث روائح كريهة يلزمه الغسل، يجب عليه أن يغتسل دون غيره.

وأما ابن القيم فقد أكد على تأكد الغسل، وإن لم يصرح بوجوبه، إنما قال: الأمر بالغسل يوم الجمعة مؤكد جداً، يعني كأنه يقرب من الوجوب، فلم يصرح بالوجوب، ووجوبه أقوى من وجوب الوتر يعني عند من يقول بوجوب الغسل كالحنفية، مع أنه جاء الأمر: ((أوتروا يا أهل القرآن)) وأقوى من قراءة البسملة في الصلاة يعني عند الشافعية، ووجوب الوضوء من مس النساء إما مطلقاً عند الشافعية، أو مع شهوة عند الحنابلة، ووجوبه لمس الذكر كما يقول الحنابلة على ما تقدم، ووجوبه من القهقهة في الصلاة كما يقول الحنفية، عند الحنفية القهقهة مبطلة للوضوء، ومن الرعاف، ومن الحجامة وغيره، المقصود أن ابن القيم لم يصرح بالوجوب، إنما قال بالاستحباب المؤكد جداً، بل هو قريب من الوجوب، فإذا قلنا: بوجوب هذه الأمور فهو أوجب منها وآكد. وعلى كل حال قول جماهير أهل العلم على أن غسل الجمعة يتأكد استحبابه، ولا يليق بالمسلم تركه، والغسل أفضل، قصة عثمان سمعناها، الحديث هذا الذي يعتمد عليه عامة أهل العلم حديث سمرة بن جندب درجته؟ هو من رواية الحسن عن سمرة، من رواية الحسن عن سمرة، والخلاف بين أهل العلم معروف في صحة سماع الحسن من سمرة، منهم من يرى أن الحسن سمع من سمرة بإطلاق، وتحمل عنعنته عن سمرة على الاتصال، ومنهم من يقول: إنه لم يسمع عنه مطلقاً، والحسن مدلس -رحمه الله تعالى-، ومنهم من يقول كما جاء في صحيح البخاري: سمع من سمرة حديث العقيقة، قال حبيب بن الشهيد كما في صحيح البخاري: قال لي ابن سيرين: ممن سمع الحسن حديث العقيقة؟ فقال: من سمرة، فبهذا النص، أي على هذا النص يعتمد من يثبت سماع الحسن من سمرة مطلقاً، يقول: إنه سمع منه حديث واحد، والأصل أنه ثقة، ولماذا لا نحمل البقية على السماع؟ والمعروف أن الحسن مدلس، بل كثير التدليس -رحمه الله تعالى-. على كل حال سماع الحسن من سمرة فيه خلاف، أما حديث العقيقة فلا إشكال فيه، وما عداه محل خلاف، ومنه ما عندنا، لكن الحديث حسنه الترمذي، حسنه جمع من أهل العلم، وله طرق أخرى تشهد له، والله المستعان.

نعم، الأسئلة يا إخوان كثيرة جداً، فهل ترون أن نجيب على الأسئلة ويترك باقي الدرس للغد؟ أو نكمل على أن المقرر يعني إلى كتاب الصلاة إن شاء مقدور عليه إلى يوم الخميس، في المدة المقررة -إن شاء الله-، وهذه الأسئلة أنا قلت مراراً: إن مثل هذه الأسئلة لا سيما بعض الأسئلة التي لا علاقة لها بما نشرح تحال على الشيخ، ما دام موجود فرصة، وش رأيكم؟ نجيب على الأسئلة الأسئلة فيها كثرة؟ قد تأخذ أكثر من برنامج بالنسبة لنور على الدرب، حلقتين أو أكثر، هاه؟ الطالب:. . . . . . . . . كيف؟ الطالب:. . . . . . . . . إن رأيتم أن نجيب على الأسئلة ونترك، من هذه الأسئلة أول الأسئلة هذا السؤال: ما صحة حديث من توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت؟ اللي هو معنا، قلنا: إنه حسن بمجموع طرقه، وإلا ففيه رواية الحسن عن سمرة، وفيها كلام طويل، هذه ذكرناها. وهذا يقول: ذكر الشيخ بن عثيمين -رحمه الله- أن لفظة: ((من توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت)) فيها ركاكة، ولا يتصور صدورها عن النبي -عليه الصلاة والسلام- إلى أن قال. . . . . . . . .

على كل حال الحديث مختلف فيه، وهو من رواية الحسن عن سمرة، ومن حسنه فنظراً لما يعضده من الشواهد، من نظر إليه بمفرده، وقال: الحسن رواه عن سمرة بالعنعنة والحسن مدلس لا بد أن يصرح، له أن ينازع في صحته، لكن الحديث له ما يشهد له، وله أيضاً من فعل الصحابة، وفعل عثمان وإقرار عمر -رضي الله عنه-، لكن بقي مسألة وهي أنه خالف داود وقال: بالوجوب وش معنى هذا الوجوب؟ هل وجوب الغسل يوم الجمعة عند من يقول بوجوبه مثل وجوب الغسل من الجنابة؟ بمعنى أنه لو جاء يوم الجمعة من غير غسل نقول: صحيحة جمعته وإلا غير صحيحة؟ الجمعة صحيحة لكنه آثم، ترك واجب، الغسل شرط، الغسل الواجب الأصلي الذي هو من الاحتلام أو جماع أما أشبه ذلك من الموجبات المعروفة شرط لصحة الصلاة، وهذا واجب وليس بشرط، حتى عند من يقول بوجوبه، الصلاة صحيحة لكنه آثم، يقرب منه ستر المنكب، ستر العورة شرط لصحة الصلاة، لكن هل المنكب من العورة؟ جاء في الحديث الصحيح في البخاري: ((لا يصل أحدكم بالثوب الواحد ليس على عاتقه)) في رواية: ((ليس على عاتقيه منه شيء)) فإذا صلى وليس على عاتقه صلاته صحيحة لكن هو آثم. يقول: إذا نسي شخص أن يصلي الوتر فلم يتذكر ذلك، ولم يتذكر ذلك من اليوم التالي، أي أنه فات عليه يوم أول ماذا عليه في هذه الحالة؟ هذه سنة فات وقتها، إذا زالت الشمس من الغد انتهى وقت القضاء. يقول: ماذا يقول المسلم بعد الوضوء؟ يقول: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، وإذا قال: اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين، فقد جاءت بذلك السنة، على الخلاف المعروف في ثبوت هذه الجملة، وفي الحديث الصحيح: ((من توضأ نحو وضوئي هذا ثم قال: أشهد أن لا إله الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله دخل من أي أبواب الجنة الثمانية شاء، ولا تغتروا)) كما جاء في الحديث، يعني إذا توضأ قال هذا الكلام وارتكب المنكرات، وترك الواجبات وقال: أبا أدخل من الأبواب الجنة الثمانية، نقول: لا، ((ولا تغتروا)) وهذا الجملة مرفوعة إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-، وهي في البخاري ((ولا تغتروا)) يعني هذا من أحاديث الوعد، نعم؟ الطالب:. . . . . . . . .

ما يسمع الصوت. ما القول الراجح للحجامة في الصائم هل تفطره أم لا؟ جاء عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه قال: ((أفطر الحاجم والمحجوم)) وجاء عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه احتجم وهو صائم محرم، فاختلف أهل العلم في الحجامة، لكن كأن بعض أهل العلم يميل إلى التوفيق بين الحديثين، فيلزم من تتعبه الحجامة وترهقه بالفطر، بخلاف من لا يتعبه ذلك، أو أن قوله: ((أفطر)) أي أنه صار مآله إلى الفطر؛ لأن الحجامة لا شك أنها تنهك البدن، بأخذ قدر مناسب من الدم، ومثلها التبرع بالكميات العادية تتعب البدن، فيكون مآله. . . . . . . . . ما مسكت؟ ما مسك؟ على كل حال المسألة خلافية، فاللائق بالمسلم الحريص أن لا يحتجم في نهار رمضان، منهم من يقول: إن حديث شداد بن أوس: ((أفطر الحاجم والمحجوم)) منسوخ بحديث ابن عباس على ما قرره الشافعي -رحمه الله تعالى-؛ لأن حديث ابن عباس متأخر، هذه المسألة تأتي -إن شاء الله-. ماذا يجب على من أنزل بشهوة؟ من أنزل بشهوة يجب عليه الغسل، بل الأول من موجبات الغسل عند أهل العلم موجبه خروج المني من مخرجه دفقاً بلذة من غير نائم، قوله: "من غير نائم" أن النائم لا يشترط له الشهوة ولا لذة. يقول: بعد الإلماحة الكاشفة لوضع القنوات المزري الذي ذكرتموه حتى عدها العقلاء أخطر من السم، ما رأيكم والحالة هذه في خروج الدعاة والوعاظ في هذه القنوات؟ خروج مثل هؤلاء لا يشك أنه يغرر بعامة الناس، هو يغرر بعامة الناس، إيش معنى يغرر بعامة الناس؟ عامة الناس يقولون: لو كانت هذه القنوات فيها شيء ما ظهر ولا خرج الشيخ فلان، فخروج الشيخ فلان دليل على جواز اقتنائها، وقد يقول القائل: أنا اقتني هذه الآلة لكي أتابع فلان، وهذا أيضاً من التغرير، يبقى أن هؤلاء الذين يخرجون لا يظن بهم إلا الخير -إن شاء الله تعالى-، وأنهم يقصدون مزاحمة الشر، وتقليل الشر، وبث الخير من خلال هذه القنوات، لكن نقول: درء المفاسد مقدم على جلب المصالح، وعندي أنا لو لم يكن فيها إلا التصوير، يعني لو كانت سليمة مائة بالمائة، ولو لم يكن فيها إلا التصوير فإنه لا يجوز المشاركة فيها.

هذا سؤال يليه أيضاً: ما حكم التصوير بالفيديو حيث انتشر بكثرة بين الشباب الملتزم؟ التصوير بجميع صوره وأشكاله ثابتة ومتحركة سواء كان بالآلة أو باليد، سواء كان له ظل أو لا ظل له، داخل تحت النصوص التي تحرم التصوير، وداخل في الوعيد الشديد الذي جاء فيها. يقول: إذا دخل المصلي المسجد وكان الإمام جلس في التشهد الأخير فماذا يفعل؟ هل يصبر حتى يسلم أم يكبر ويجلس مع الجماعة؟ إذا دخل المسبوق والإمام في آخر الصلاة بحيث يجزم أنه لم يدرك ركعة كاملة، فلا يخلو من أمرين: إما أن يغلب على ظنه أنه يأتي معه من يصلي معه جماعة، وحينئذٍ نقول له: انتظر حتى يسلم الإمام فتقام الجماعة بيقين الجماعة الثانية؛ لأن إدراك الجماعة بإدراك أقل من ركعة مسألة خلافية بين أهل العلم، وإذا غلب على ظنه أنه لن يأتي أحد مسبوق مثله ينضم إليه، فإنا نقول له: ادخل مع الجماعة، وأدرك ولو جزء من الركعة، فعند جمع من أهل العلم أن من كبر تكبير الإحرام قبل سلام إمامه التسليمة الأولى فإنه يدرك الجماعة ولو لم يجلس، فتدرك الجماعة بأدنى جزء منها، فعلى هذا القول أفضل من كونه منفرد بيقين نقول: ادخل مع الجماعة، لا سيما وأن النبي -عليه الصلاة والسلام- يقول: ((إذا جاء أحدكم والإمام على حال فليصنع كما يصنع الإمام)). يقول: أرجو إيضاح كيفية الغسل؟ وما هي السنة في ذلك؟ يأتي كيفية الغسل الكامل والمجزئ -إن شاء الله تعالى-. يقول: ما حكم إذا استيقظ الشخص ووجد في ثيابه بللاً وشك فيه فلم يدرِ هل هو مني أم لا؟ ولم يسبق له مداعبة ولا غيره فهل يعتبر مني باعتبار أن ما يحدث في المنام إنما هو مني، أو يعتبره بولاً أو يعلق الأمر على أن تذكر في منامه شيئاً؟

على كل حال التفريق ممكن بين أنواع الماء، فالبول له صفات، والمذي له صفات، والودي له صفات، والمني له صفات، فإن استطاع أن يفرق فهو مطلوب، إن لم يستطع التفريق ولم يتذكر شيء فالأصل العدم لا يلزمه غسل، أقل الأحوال أن يلزمه غسل ما أصابه هذا البلل؛ لأنه إذا لم نوجب عليه الغسل، والبلل متحقق، لم نوجب عليه الغسل للشك، والبلل متحقق، إن لم يكن مني موجب للغسل فإنه مذي أو بول موجب للغسل، وعلى كل الأحوط في مثل هذا إذا كان لا يتكرر عنده ولا يشق عليه أن يغتسل ويغسل معاً. يقول: ما العلة في الغسل من المني والوضوء من المذي مع أن المني طاهر والمذي نجس؟ المذي موجب للوضوء ولا يوجب الغسل كالبول فهو نجس مثله، لكنه أخف نجاسة من البول، مع أنه يشترك معه في وجوب الوضوء ولا يوجب الغسل، بينما المني موجب للغسل، وهو طاهر، والحكم في ذلك النصوص، هو يطلب العلة، الحكم في ذلك النصوص "كنت رجلاً مذاءً، فأمرت المقداد أن يسأل النبي ... قال: ((يغسل ذكره ويتوضأ)) ما قال يغتسل، يغسل ذكره ويتوضأ، فكونه نجس لا يعني أنه موجب للغسل، كما أن البول نجس ولا يوجب الغسل، وكون المني طاهر لا يعني أنه لا يوجب الغسل، فالمعول على النصوص هي التي فرقت بين هذا وذاك، منهم من يقول: ملتمساً العلة أن المني في الغالب أنه يخرج بشهوة، والشهوة تضعف البدن وترهقه، والغسل يعيد إليه شيء من القوة والحيوية. يقول: ما السنة بالنسبة للسنن الرواتب في السفر هل تصلى أم لا؟ السنة بالنسبة للسفر جاءت الأخبار أن النبي -عليه الصلاة والسلام- لا يحافظ على هذه السنن الرواتب عدا ركعتي الفجر والوتر، وجاء عن ابن عمر: لو كنت مسبحاً لأتممت، فالسفر باعتباره مظنة للمشقة، ورخص فيه في الجمع والقصر، والله يحب أن تؤتى رخصه، فإذا ترخص الإنسان وترك هذه الرواتب فقد أتى ما يحبه الله -عز وجل-، لكن لو أتى بهذه الرواتب ما يلام، وإن أكثر من النوافل المطلقة غير الرواتب أيضاً له أجرها. طالب:. . . . . . . . . وهو مع الإمام؟ طالب:. . . . . . . . . طيب. يقول: ما رأيكم في إخراج زكاة الفطر نقداً؟

جماهير أهل العلم على أنها لا تجزئ إلا من الأصناف المحددة، توسع بعضهم فقال: إنه يجزئ من غالب قوت البلد، أما النقد فهو معروف في بعض المذاهب، لكن النقد موجود في عهد النبي -عليه الصلاة والسلام-، وحدد وعين الأصناف، ولم يترك لأحد اجتهاداً، فإخراجها نقد لا يجزئ. ما حكم اللحن في قراءة الفاتحة في الصلاة؟ اللحن إن كان يحيل المعنى فإنه يبطل الصلاة من القادر على التصحيح، أما العاجز فهو معذور، اللحن "صراط الذين أنعمتُ عليهم" هذا محيل للمعنى، "أَهدنا" محل للمعنى هذا يبطل الصلاة، إبدال حرف بحرف من القادر مبطل للصلاة، لو قال الذي يستطيع أن ينطق الحاء قال: الهمد لله مبطل للصلاة، الذي يستطيع أن ينطق الذال قال: الذين أنعمت عليهم، هذا موجود، هذا يبطل الصلاة، الذي يستطيع، أما من لا يستطيع فحكمه حكم عاجز هذا، لكن ماذا عن إبدال الضاد بالظاء؟ وهذا كثير جداً "ولا الظالين" بل من أهل العلم من يصنعه، إذا قال الإمام: ولا الظالين، أو المصلي، بدل الضاد، منهم من يقول: الصلاة باطلة، ومنهم من يقول: الصلاة صحيحة لتقارب المخرجين، ونص الأزهري في تهذيب اللغة أن من العرب من يبدل الظاء ضاد والعكس، فيقول: ظربني فلان، وآلمني ضهري، والأزهري إمام معتمد في هذا الباب، وكتابه التهذيب من أنفس كتب اللغة، على كل حال الذي يستطيع يتأكد في حقه إن لم نقل بإبطال الصلاة أن ينطق، واللغة العربية تميزت بإيش؟ بالضاد. يقول: عند حفظي لمتن البلوغ هل أحفظ الأحاديث الضعيفة أم أتركها اختصاراً؟

أحفظ كل شيء، أحفظ الصحيح والضعيف، والإمام البخاري -رحمة الله عليه- يحفظ مائة ألف حديث، ويحفظ مائتي ألف حديث غير صحيح، والعلم بالشيء لا شك أنه يقيك الزلل، لو احتج عليك محتج، أو استدل عليك مستدل بهذا الحديث الضعيف، وأنت ما حفظته ولا تعرف ضعفه، ما كانت لك حجة، فمن اعتنى بكتاب يحفظه كاملاً من أوله إلى آخر، لكن لو وقع في الكتاب خطأ، قال: أخرجه الخمسة، والصواب أنه عند الأربعة مثلاً، يحفظ على الصواب وإلا على الخطأ؟ أهل العلم يعتنون بالمحافظة على رواية الموجود، ولو كان خطأً، فإذا وجد في كتاب الأصل خطأً قالوا: يقرأ كما هو وينبه على الصواب، وينسخ كما هو ويروى كما هو على الخطأ، وينبه على الصواب، ومن أهل العلم من يرى إصلاح الخطأ والتنبيه عليه، والرواية والقراءة والنسخ على الصواب فقط، والله المستعان. ما قولكم في العجن في الصلاة؟ الحديث هو ضعيف، حديث العجن في الصلاة هو ضعيف، وأما جلسة الاستراحة فسنة ثابتة في الصحيح عن النبي -عليه الصلاة والسلام- من حديث مالك بن الحويرث. ما الحكمة من طلب الاغتسال من المستحاضة؟ أولاً: المستحاضة هي مطلوب منها أن تتوضأ لكل صلاة؛ لأن طهارتها طهارة ضرورة مبيحة للصلاة، كمن به حدث دائم، أما تغتسل لكل صلاة فلا، هي تغتسل إذا أنقطع عنها الدم. وهل يكفي غسل الجمعة المستحب عن الوضوء، ولو لم يحصل فيه وضوء، وإنما اكتفى بالمضمضة والاستنشاق؟ مسألة التداخل، تداخل العبادات هذه نشير إليها في الغسل -إن شاء الله-، لعله في هذا الدرس -إن شاء الله تعالى-. بناء على القول بوجوب غسل الجمعة فهل يجب على من لم تجب عليه وأراد شهودها كالمرأة والمسافر ونحوهما؟

عرفنا أن قول الجمهور أن غسل الجمعة سنة مؤكدة وليست بواجبة، وقيل بوجوبها، قال بالوجوب: داود، وأكد ابن القيم في حكمه، ولم يصرح بالوجوب، بل هو قال: هو أوجب من كذا وكذا في أمور ليست واجبة عنده، وإنما قال بوجوبها بعض الأئمة، وعلى كل حال من يقول بالوجوب هل يلزم المرأة إذا أرادت حضور الجمعة؟ يلزم من أراد شهودها ممن لا تجب عليه؟ عرفنا أن مسألة الوجوب هنا ليس معناها الاشتراط، معناها لا تصح الجمعة إلا بغسل، لا، الجمعة صحيحة بالوضوء، وعند من يوجب الغسل يأثم بتركه وصلاته صحيحة، من أراد شهود الجمعة يلزمه ما يلزم لها، يلزمه ما يلزم للجمعة، الذي قال بوجوب الغسل للجمعة يجب عليه أن يغتسل، والجمهور على قاعدتهم في عدم الوجوب، لا يلزم. في حديث الذكر عند النوم: اللهم أسلمت نفسي إليك ووجهت .. ، اشتراط ذكره على طهارة، وأن يضطجع على شقه الأيمن فهل يشرع للمحدث قوله؟ أو لمن ينام على شقه، أو لمن لم ينم على شقه الأيمن؟ الشرع إذا أمر بأوامر ينفك بعضها عن بعض كما هنا، يستحب أن ينام على جنبه الأيمن، وأن يستقبل القبلة، وأن يكون على طهارة، وأن يقول هذا الذكر، فإذا أتى ببعض المندوب وترك البعض أجر على ما أتى به وحرم ما ترك؛ لأن هذه الأمور ليس بعضها مترتب على بعض، لم يرتب بعضها على بعض، بل مستحبات ينفك بعضها عن بعض، يأتي بهذا الذكر ولو استدبر القبلة، ولو نام على شقه الأيسر، ولو نام على غير طهارة، كما أنه ينام على شقه الأيمن مستقبل القبلة، ولو كان على غير طهارة، ولو لم يأتِ بهذا الذكر وهكذا. الله يعافينا وإياك. يقول: على من يطلق مصطلح الجنابة؟ هل عند إنزال أو جماع النساء؟ عند الإنزال، سواء كان من احتلام أو من تكرار فكر، أو تكرار نظر أو جماع. هل الكافر يعتبر مجنب؟ إذا حصل ما يوجب الغسل مما ذكر فإنه جنب. يقول: احتلمت وقمت قبل الإقامة بدقائق في صلاة الفجر فهل اغتسل علماً أنني إذا اغتسلت تفوتني الجماعة؟

اغتسل ولو فاتتك الجماعة، بل الجمهور على أنك تغتسل ولو فاتك الوقت، اغتسل ولو فاتك الوقت، استيقظت قبل طلوع الشمس بربع ساعة مثلاً، إن اغتسلت فات الوقت طلعت الشمس، وإن لم تغتسل أدركت الوقت، نقول: اغتسل ولو خرج الوقت، هذا ما عليه الجمهور فضلاً عن الجماعة، المالكية عندهم الوقت أهم من الطهارة، يعتنون بالوقت أكثر من الطهارة، بينما الجمهور على العكس، ولذا قدم الإمام مالك في الموطأ باب وقوت الصلاة، وجماهير العلماء في مؤلفاتهم يقدمون الطهارة على الوقت. يقول: أنا شاب يشتكي من الاستمناء وأنا نايم .. -ركيك السؤال- بدون عمد، حتى حين يذهب إلى الحمام ... السؤال ركيك جداً، ولا يفهم منه شيء ... هذا يريد الحل؟ على كل حال إذا كان مبتلى بالشبق وشدة الشهوة، عليه بالصيام وعليه بأن لا يعرض نفسه للفتن، فلا يحضر مجامع الناس، ولا ينظر إلى صور ولا غيرها، عليه أن يحفظ فكره، وينشغل عن هذا الشيء، ينشغل بذكر أو بفكر في مخلوقات الله -عز وجل-، تلاوة وتدبر وطلب علم، ولا يخلو بنفسه إذا كان مبتلى بهذا، والله المستعان. إذا نزل المني لقلق شديد فهل يجب الغسل من هذا أو لا؟ إذا كان في حال اليقظة؟ إذا كان في حال اليقظة لا بد أن يكون خروجه دفق بلذة، أما إذا خرج من غير لذة فلا، بخلاف النائم النائم لا يشترط له اللذة، مجرد خروجه علق عليه الاغتسال. يقول: من دخل في الإسلام عليه الاغتسال، ونرى في بعض المجامع هناك رجال يسلمون وقد يصلون معنا؟ على كل حال إذا أسلموا أمروا بالاغتسال؛ لأن هذا الاغتسال واجب. إذا نام الرجل وأنزل مذياً أو ودياً فماذا يفعل؟ عليه أن يغسل ذكره وأنثييه وما أصابه ويتوضأ. إذا احتلم الرجل في الصحراء وكان الجو بارداً عند الفجر فماذا يفعل؟ إذا خشي الهلاك من استعمال الماء يتيمم، يعدل عنه إلى التيمم. يقول: مع العلم بأن الماء متوفر، وأنه إذا سخن الماء قد يصاب البرد؟ على كل حال إذا خشي على نفسه فإنه يعدل عنه إلى التيمم. ما مدى صحة هذه المقولة: تحت كل شعرة جنابة؟ وما هو مقتضاها؟ سيأتي حديث من أحاديث الباب، سيأتي الكلام عليه -إن شاء الله تعالى-.

يقول: عندما أحرمت للعمرة، ووصلت إلى مكة، وكنت متعباً، فنمت قليلاً وأنزلت وأنا نائم، ثم توضأت ووضعت الماء على الإنزال، واعتمرت فما حكم العمرة؟ على كل حال العمرة، اعتمر وهو جنب، طاف وهو جنب، واعتمر وهو جنب، اكتفى بالوضوء اكتفى بالوضوء، فعليه أن يغتسل عن هذه الجنابة، وأن يؤدي العمرة على طهارة، لا سيما الطواف، نعم. بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فقد قال المصنف -رحمه الله تعالى-: وعن علي -رضي الله عنه- قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقرئنا القرآن ما لم يكن جنباً، رواه الخمسة، وهذا لفظ الترمذي وحسنه، وصححه ابن حبان. وعن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إذا أتى أحدكم أهله ثم أراد أن يعود فليتوضأ بينهما وضوءاً)) رواه مسلم، زاد الحاكم: ((فإنه أنشط للعود)). وللأربعة عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ينام وهو جنب من غير أن يمس ماء، وهو معلول. وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا اغتسل من الجنابة يبدأ فيغسل يديه، ثم يفرغ بيمينه على شماله فيغسل فرجه، ثم يتوضأ، ثم يأخذ الماء فيدخل أصابعه في أصول الشعر، ثم حفن على رأسه ثلاث حفنات، ثم أفاض على سائر جسده، ثم غسل رجليه، متفق عليه، واللفظ لمسلم. ولهما في حديث ميمونة: ثم أفرغ على فرجه فغسله بشماله ثم ضرب بها الأرض، وفي رواية: فمسحها بالتراب، وفي آخره: ثم أتيته بالمنديل فرده، وفيه: وجعل ينفض الماء بيده. وعن أم سلمة -رضي الله عنها- قالت: قلت: يا رسول الله إني امرأة أشد شعر رأسي أفنقضه لغسل الجنابة؟ وفي رواية: والحيضة؟ فقال: ((لا، إنما يكفيك أن تحثي على رأسك ثلاث حثيات)) رواه مسلم. وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إني لا أحل المسجد لحائض ولا جنب)) رواه أبو داود، وصححه ابن خزيمة. وعنها قالت: كنت أغتسل أنا ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- من إناء واحد، تختلف أيدينا فيه من الجنابة، متفق عليه، زاد ابن حبان: وتلتقي.

وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إن كل تحت شعرة جنابة، فاغسلوا الشعر، وانقوا البشر)) رواه أبو داود، والترمذي وضعفه، ولأحمد عن عائشة نحوه، وفيه راوٍ مجهول. الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. حديث: "علي -رضي الله عنه- قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقرئنا القرآن ما لم يكن جنباً، رواه أحمد والخمسة" هذا موجود في بعض النسخ، "رواه أحمد والخمسة"، الصواب عبارة إما أن يقول: رواه الخمسة فقط، أو أحمد والأربعة؛ لأنه أحياناً يقول هذا وأحياناً يقول هذا، تفنن في العبارة، أما أحمد والخمسة، هذا وإن جاء في كثير من النسخ، بل أكثر النسخ على هذا أحمد والخمسة، ولا شك أن هذا ذهول من المصنف -رحمه الله تعالى-.

"وهذا لفظ الترمذي وحسنه، وصححه ابن حبان" وعلى كل حال الحديث فيه ضعف، وإن حكم بصحته ابن حبان، وحسنه الترمذي -رحمهما الله تعالى- فقد عرفا بالتساهل، ومعناه صحيح، جاءت به أدلة أخرى، فالجنب لا يجوز له أن يقرأ القرآن عند عامة أهل العلم، وروى البخاري تعليقاً عن ابن عباس أنه لم يرَ بالقراءة للجنب بأساً، لكن جمهور أهل العلم يرون عدم القراءة للجنب، وفي حكم الجنب الحائض عند الأكثر، وإن كان بعضهم يرخص بالقراءة للحائض عند الحاجة خشية أن تنسى ما حفظت، أو محافظة على وردها أو درسها، إن كانت دارسة أو مدرسة، رخص في ذلك أهل العلم لعدم النص القاطع في هذه المسألة، وأكثر العلماء على أن الجنب كالحائض، جاء في حديث عن علي -رضي الله عنه- قال: "رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- توضأ ثم قرأ شيئاً من القرآن، ثم قال: ((هكذا لمن ليس بجنب، فأما الجنب فلا ولا آية)) هذا مخرج عند أبي يعلى في مسنده، قال الهيثمي: رجاله موثقون، والهيثمي يتسامح في مثل هذا الكلام، وكون الرجال موثقين، أو كون الراوي موثق لا يعني أنه ثقة، إيش معنى موثق؟ موثق أو وثق؟ يعني قال بعض العلماء: إنه ثقة، فيكون موثق من قبل بعض أهل العلم، وإن خالفه الأكثر، كون الراوي موثق لا يعني أنه ثقة إلا عند من وثقه، أما البقية قد يكون خالفوا في توثيقه، وهذا الحديث من هذا النوع، فالحديث فيه ضعف، وعلى كل حال عامة أهل العلم على منع الجنب من قراءة القرآن، لا من المصحف ولا عن ظهر قلب حتى يغتسل، وفي حكمه الحائض عند الجمهور، وعرفنا أن من أهل العلم من يفتي بجواز قراءة القرآن للحائض للحاجة، ومنهم من يطلق؛ لأن رفع الحدث ليس بيدها، بخلاف الجنب، الجنب أمره سهل، إذا أراد أن يقرأ يقال له: اغتسل، بينما الحائض إذا أرادت أن تقرأ فإن الغسل ليس بيدها، غسلها لا ينفعها إلا إذا انقطع حيضها، الرسول -عليه الصلاة والسلام- حينما بعث الكتاب إلى هرقل، وفيه قوله تعالى: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللهَ} [(64) سورة آل عمران] استدل به من يقول بجواز القراءة، قراءة القرآن من الكافر، والكافر جنب؛ لأنه

تحصل له الجنابة ولا يغتسل، ولو اغتسل غسله لا يجزئ؛ لأنه غير منوي، ولذا يتسامح بعضهم في الآية وبعض الآية، إذاً هل يقول الجنب: إذا أراد أن يأكل، أو أراد أن يدخل، أو أراد أن يخرج، أو أراد أن ... بسم الله الرحمن الرحيم مثلاً؟ والبسملة جزء من آية في سورة النمل اتفاقاً، والخلاف فيما عدا ذلك هل هي جزء من الفاتحة؟ هل هي آية من الفاتحة؟ أو آية من كل سورة؟ أو آية مستقلة نزلت الفصل بين السور؟ أقوال لأهل العلم، لكن الإجماع على أنها بعض آية من سورة النمل، فعلى هذا لا تدخل في المنع إلا على قول من يرى أنها آية مستقلة من أوائل السور، أو نزلت للفصل بين السور، على أن منهم من قال: إن للجنب والحائض أن تقرأ الآية الكاملة إذا لم ترد التلاوة، إذا كان لا يريد التلاوة، لم يقصد التلاوة وإنما قصد الذكر، شخص له ورد يومي لا يقصد تلاوة القرآن، وفي ضمن هذا الورد بعض القرآن، آية الكرسي مثلاً، منهم من يقول: إذا لم يقصد به التلاوة له أن يقرأ، لكن القرآن كلام الله، كلام عظيم، ينبغي أن يقرأ ويتلى على أكمل هيئة، فعلى الإنسان أن يحرص على أن لا يقرأ إلا على طهارة، لا سيما في الحدث الأكبر، أما الحدث الأصغر تقدم حكم مس المصحف، وأما التلاوة من غير مس فلا بأس بها. "عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إذا أتى أحدكم أهله ثم أراد أن يعود فليتوضأ بينهما وضوءاً)) رواه مسلم، زاد الحاكم: ((فإنه أنشط للعود)) " هذه العلة التي ذكرها الحاكم هي الصارف، هي الصارف للأمر فليتوضأ من الوجوب إلى الاستحباب؛ لأن كونه أنشط للعود ... ، فإيش؟ هذا مرده إلى الشخص نفسه، يعني كون الشخص يوجه لما ينفعه ويستفيد منه لا يعني أنه يلزم به، فإذا كان العود ليس بواجب فالتنشيط عليه واجب أو ليس بواجب؟ الوضوء أنشط للعود والعود ليس بواجب، وما يعين عليه أيضاً ليس بواجب، فهذه العلة فإنه أنشط للعود تصرف الأمر في قوله: ((فليتوضأ بينهما وضوءاً)) قال الحاكم: "هذه لفظة تفرد به شعبة عن عاصم، والتفرد من قبله مقبول عندهما" تفرد شعبة، شعبة إمام فإذا تفرد بلفظة وزادها فزيادته مقبولة، وتفرده مقبول عندهما، يعني عند البخاري

ومسلم، فعلى كل حال الوضوء مشروع لمن أراد أن يعود، ولمن أراد أن يأكل، ولمن أراد أن ينام، جاءت الأوامر بذلك، لكنها أوامر إرشاد ليست أوامر إيجاب. ثبت -في الصحيحين وغيرهما- أن النبي -عليه الصلاة والسلام- غشى نساءه ولم يحدث وضوءاً، ولم يحدث وضوءاً بين الفعلين، هذا دليل على الجواز، وثبت أنه -عليه الصلاة والسلام- اغتسل بعد غشيان كل واحدة، وهذا في السنن، وحديث حسن، لا شك أن مثل هذا أكمل من كونه لا يتوضأ، فالوضوء مستحب لمن أراد العود، ولمن أراد النوم، ولمن أراد الأكل، والمبادرة برفع الحدث أكمل وأبرأ للذمة. ثم قال -رحمه الله تعالى-:

"والأربعة عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ينام وهو جنب من غير أن يمس ماء" يعني ولا الوضوء، من غير أن يمس ماء، وهو معلوم، الأربعة: أبو داود، الترمذي، النسائي، ابن ماجه، وإذا قيل: النسائي فالمراد به المجتبى، السنن الصغرى، وهذا الحديث ليس هو في المجتبى، وإنما هو في عشرة النساء، وهو معلول، علة الحديث بينها المصنف في التلخيص؛ لأنه من رواية أبي إسحاق عن الأسود عن عائشة، قال أحمد: ليس بصحيح، قال أبو داود: وهم، وهذا بناء على أن أبا إسحاق لم يسمع من الأسود، لكن البيهقي صححه، وصحح سماعه من الأسود، ولذا صححه من المتأخرين الألباني تبعاً للبيهقي، وأما المتقدمون كأحمد وأبو داود فإنهما ... ، قال أحمد: لم يصح، ليس بصحيح، وقال أبو داود: وهم، وإذا حصل الخلاف بين الأئمة المتقدمين بأن ضعفوا حديثاً كما هنا، وجاء شخص من المتأخرين وصحح هل يقبل قوله مع قول الأئمة المتقدمين أو العكس؟ هم صححوا وهو ضعف، يعني يتصور أن يضعفوا وهو يصحح، لماذا؟ لأنه قد يكون أطلع على ما يقوي الحديث من طرق وشواهد أو متابعات، متابعات أو شواهد، مما خفي عليهم، أما إذا اتفق الأئمة المتقدمون على تضعيف الحديث أو تصحيحه فليس لمن جاء بعدهم أن يخالفهم، وإذا حصل الخلاف بينهم، صححه بعضهم وضعفه آخرون فللرأي فيه مجال، وللاجتهاد فيه مسرح، إذا اتفقوا على تصحيح أو تضعيف فليس لأحد كلام ممن جاء ... ؛ لأنهم المعول عليهم، وإذا اختلفوا على حد سواء فللاجتهاد مسرح، للمتأخر أن يرجح، وإذا وجد التصحيح من واحد أو اثنين، ولا يعرف قول للبقية هل هم مصححون أو مضعفون كما هنا، فالمتأخر إن كان لديه من الأهلية، الأهلية وش معنى الأهلية؟ الأهلية تتفاوت شخص يصحح حديث، يدرس سنده ويصححه، ولا إشكال فيه هذا أمر سهل، يتأهل لذلك كثير من طلبة العلم، لكن إذا تأهل للحكم على الأحاديث ....

كتاب الطهارة (13)

بلوغ المرام - كتاب الطهارة (13) شرح: باب: التيمم. الشيخ/ عبد الكريم بن عبد الله الخضير الأهلية، إيش معنى الأهلية؟ الأهلية تتفاوت، شخص يصحح حديث، يدرس سنده ويصححه ولا إشكال فيه هذا أمر سهل، يتأهل لذلك كثير من طلبة العلم، لكن إذا تأهل للحكم على الأحاديث بالقرائن، كما هو صنيع الأئمة فإنه له أن يجتهد، بحيث يتمكن من جمع الطرق، التي يتبين بها خطأ من أخطأ من الرواة ووهم من وهم، والاختلاف على بعضهم، والاتفاق على آخرين وهكذا، إذا كانت لديه الأهلية الكاملة بأن كان من أهل الحكم بالقرائن وحاكى الأئمة المتقدمين له ذلك. وهنا الشيخ -رحمة الله عليه- الألباني صحح الحديث تبعاً للبيهقي، بناءً على أن أبا إسحاق السبيعي سمع من الأسود. "من غير أن يمس ماءً" هنا ماذا يرجح؟ يرجح تضعيف الحديث أو تصحيحه؟ الأمام أحمد قال: ليس بصحيح، وأبو داود قال: وهم، وابن حجر يقول: هو معلول، والبيهقي صححه والألباني. الحديث له ما يشهد له، هذا من فعله -عليه الصلاة والسلام-، وجاء عند ابن خزيمة وابن حبان من حديث ابن عمر أنه سأل النبي -عليه الصلاة والسلام-: أينام أحدنا وهو جنب؟ قال: ((نعم ويتوضأ إن شاء)) ويتوضأ إن شاء، وعلى كل حال مثل ما تقرر سابقاً جمهور أهل العلم على أن مس الماء سواءً كان بوضوء أو لوضوء يخفف الحدث أو لاغتسال يرفع الحدث سنة عند الجمهور، وأوجب داود الظاهري الغسل أو الوضوء على أقل الأحوال، كما جاء عند مسلم: ((ليتوضأ ثم لينم)) وفي البخاري: ((اغسل فرجك ثم توضأ)) على كل حال يستحب استحباباً مؤكداً، ولو قيل بأنه يكره أن ينام الشخص من غير رفع للحدث أو تخفيفاً له ولو بغسل فرجه على أقل الأحوال هذا قول الأكثر أن الاغتسال إن أمكن، إن تيسر أكمل، إن لم يتيسر فالوضوء يخفف، إن لم يتيسر فأقل الأحوال أن يغسل فرجه. الحديث الذي يليه: في صفة الغسل: "عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا اغتسل من الجنابة يبدأ فيغسل يديه، ثم يفرغ بيمنه على شماله فيغسل فرجه ثم يتوضأ، ثم يأخذ الماء فيدخل أصابعه في أصول الشعر، ثم حفن على رأسه ثالث حفنات، ثم أفاض على سائر جسده، ثم غسل رجليه" متفق عليه".

صفة الغسل الكامل الغسل المجزئ يعمم البدن بالماء وينتهي الإشكال، من غير تكرار ومن غير تقديم ولا تأخير، يعمم البدن بالماء، بمعنى أنه لو انغمس وخرج يكفي، لو فتح الدش على رأسه وعم بدنه الماء كفى، لكن الغسل الكامل أن ينوي ثم يسمي، ثم يغسل يديه ثلاثاً، ثم يغسل فرجه وما لوثه، ثم يتوضأ الوضوء الكامل للصلاة، يتوضأ وضوءه للصلاة، ثم يفرغ على رأسه ثلاث حفنات يروي بها أصول الشعر، وإن كان الشعر كثيفاً أدخل أصابعه في شعره ثم يغسل شقه الأيمن، ثم شقه الأيسر، هذا الغسل الكامل. هنا يقول: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا اغتسل من الجنابة يبدأ فيغسل يديه، ثم يفرغ بيمنه على شماله فيغسل فرجه ثم يتوضأ" فالمفهوم من الوضوء أنه الوضوء الكامل. وجاء في بعض الروايات ما يدل على أنه أحياناً لا يغسل رجليه مع هذا الوضوء، وإنما يؤجل غسل الرجلين حتى ينتهي من الاغتسال "ثم يتوضأ، ثم يأخذ الماء فيدخل أصابعه في أصول الشعر، ثم حفن على رأسه ثلاث حفنات، ثم أفاض على سائر جسده" باقي جسده، الذي لم يصبه الماء "ثم غسل رجليه" وهل سبق أن غسلهما في الوضوء؟ المفهوم ثم يتوضأ يعني يتوضأ الوضوء الكامل بما في ذلك غسل الرجلين، ثم يغتسل ثم يغسل رجليه، وجاء ما يدل على تأخير غسل الرجلين عن الوضوء، حتى إذا تم اغتساله غسل رجليه، وجاء ما يدل على أنه يغسل رجليه مع الوضوء، ولا يعيد غسلهما بعد الغسل، وكل هذا -والله أعلم- يرجع إلى نظافة المحل، المحل المغتسل إن كان المغتسل نظيفاً كما هو الشأن في المغاسل الموجودة المبلطة، مثل هذا يتوضأ وضوءه للصلاة ثم يغتسل ولا يحتاج إلى غسل رجليه، أما إذا كان فيه أتربه وطين وأشياء يمكن أن تلوث الرجلين، يؤخر غسل الرجلين بعد الاغتسال، فإذا فرغ غسل رجليه. "ولهما -يعني للبخاري ومسلم- من حديث ميمونة: "ثم أفرغ على فرجه وغسله بشماله" عرفنا أن الفرج إنما يغسل بالشمال، وأنه لا يمسك ذكره بيمينه، ولا يغسل .. ، يرفع النجاسة ولا يتمسح بيمينه، ولا يستنجي بيمينه إنما كل هذه بالشمال.

"ثم ضرب بها الأرض" غسل فرجه بشماله ثم ضرب بها الأرض، وفي رواية: "فمسحها بالتراب" هاه؟ ضرب بيده الأرض، وفي رواية: "مسحها بالتراب" من أجل إيش؟ طالب:. . . . . . . . . نعم، تزول النجاسة، وتذهب الرائحة، تزول النجاسة، وتذهب الرائحة، اغتسل والأصل في الغسل أنه تعميم بل إيصال الماء إلى البشرة جميع البدن، وليس من مسماه الدلك، يعني إذا وصل الماء ولا يوجد ما يمنع من وصوله إلى البشرة يسمى غسل بدليل قولهم: "غسله المطر" وغسله العرق، وما أشبه ذلك، فالدلك ليس من مسماه، وأوجبه المالكي، الجمهور على أن الدلك يعني ما يلزم وأنت تغتسل أن تدلك بدنك، نعم المغابن والمواضع التي ينبو عنها الماء يحرص على إيصال الماء إليها، والتأكد من ذلك؛ لأن الأصل العدم، أما ما يجزم بأن الماء وصل إليه لا يحتاج إلى دلك عند الجمهور، بينما المالكية يوجبونه ويدخلونه في مسمى الغسل. هنا النبي -عليه الصلاة والسلام- يبدأ فيغسل يديه ثم يتوضأ ثم يأخذ الماء، إلى آخره، يتوضأ ثم يغتسل، لكن لو لم يتوضأ؟ دخل انغمس في ماء ونوى رفع الحدث، نوى رفع الحدث فاغتسل، أو دخل تحت الدش، دش الماء فوصل الماء إلى جميع بدنه من دون وضوء، وهو ينوي بذلك رفع الحديث الذي يمكنه من العبادة التي لا تصح إلا بالطهارة، يقولون هنا: اجتمع عبادتان من جنس واحد فتدخل الصغرى في الكبرى، فلا يحتاج إلى وضوء، لكن الأكمل أن يتوضأ، الأكمل أن يتوضأ، ثم بعد ذلك يغتسل على ما جاء شرحه. في آخر حديث ميمونة "ثم أتيته بالمنديل فرده"، وفيه: "وجعل ينفض الماء بيده".

كون المنديل يرد؛ لأنه جاء في الحديث: "فتخرج الخطايا مع الماء أو مع آخر قطر الماء، فيترك الماء ينزل على سجيته وطبيعته، فلا يزال بمنديل ولا غيره، ونفض اليدين لا بأس به، وهذا على سبيل الاستحباب، لو تنشف لا بأس، لا سيما مع الحاجة، لا سيما مع الحاجة، إذا كان هناك برد شديد، وخشي أن يتلف إذا لم يتنشف، قلنا: يجب عليه أن يتنشف، يجب عليه أن يتنشف، أما إذا كانت الظروف متوسطة بمعنى أنه لا يضره لا من حر ولا برد، نقول: الأولى أن يترك الماء على سجيته لتخرج خطاياه مع الماء أو مع آخر قطر الماء، ولذا رد النبي -عليه الصلاة والسلام- المنديل. الحديث الذي يليه: حديث: "أم سلمة -رضي الله عنها- قالت: "قلت: يا رسول الله إني امرأة أشد شعر رأسي" والذي في مسلم: "ظفر رأسي" أفأنقضه لغسل الجنابة? وفي رواية: والحيضة? قال: ((لا, إنما يكفيك أن تحثي على رأسك ثلاث حثيات)) رواه مسلم".

هذا حديث أم سلمة، وفي حديث عائشة: ((أنقضي شعر رأسك واغتسلي)) أم سلمة -رضي الله عنها- والحديث في الصحيح قالت: "أفأنقضه لغسل الجنابة? وفي رواية: والحيضة? قال: ((لا, إنما يكفيك أن تحثي على رأسك ثلاث حثيات)) رواه مسلم" وعائشة قال لها النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((أنقضي شعر رأسك واغتسلي)) وعائشة معلوم أنه قال لها في الحيض فهل يلزم نقض شعر الرأس؟ الرأس المظفور أما الشعر الذي عليه ما يمنع من وصول الماء إليه فلا بد من إزالة ما يمنع من وصول الماء إليه، إذا لم يكن عليه ما يمنع من وصول الماء إليه وإلى أصوله ففي هذا الحديث ما يدل على أنه لا يلزم النقض، وفي حديث عائشة: ((أنقضي شعر رأسك)) وهل نقول: أن هذا في غسل الجنابة وذاك في الحيض؟ لأنه هنا قال: وفي رواية: "والحيضة؟ " بعض أهل العلم للتوفيق بين هذين الحديثين يقول: إن شعر أم سلمة خفيف فلا يحتاج إلى نقض، وشعر عائشة كثيف يحتاج إلى نقض، فعلى هذا الشعر الخفيف الذي يصل الماء إلى أصوله من غير نقض لا يحتاج إلى نقض، سواءً كان ذلك في الجنابة أو في الحيضة، على مقتضى حديث أم سلمة، والشعر الكثيف الذي لا يصل الماء إلى أصوله إلا بالنقض لا بد من نقضه على حديث عائشة، ولعل هذا من أظهر ما يقال، وإن كان ليس هناك ما يدل صراحة على أن شعر أم سلمة خفيف وشعر عائشة كثيف، ما في النصوص ما يدل على ذلك، لكن يسلك مثل هذا للتوفيق بين النصوص المتعارضة، على أنه متى يتم الاستدلال بحديث عائشة على وجوب النقض؟ متى يتم الاستدلال بحديث عائشة على وجوب النقض؟ نعم؟ انتهينا من كلمة الشعر الكثيف، أنا أقول: إذا تم التعارض بين حديثين نحتاج إلى مثل هذا الكلام للتوفيق بين النصوص، نعم؟ هنا وفي رواية: "والحيضة؟ " قال: ((لا)) حديث أم سلمة في الجنابة والحيضة، وفي حديث عائشة في الحيض، أقول: متى يتم التعارض بين حديث عائشة وحديث أم سلمة؟ نعم؟ حديث أم سلمة للغسل من الجنابة، لرفع الحدث، وحديثها أيضاً للغسل من الحيض لرفع الحدث، حديث أم سلمة الذي معنا، حديث عائشة لأي شيء؟ طالب:. . . . . . . . . لإيش؟

للحيض، لكن هل غسلها للحيض من أجل رفع الحدث أو من أجل الإحرام؟ أقول: يتم التعارض بين حديث أم سلمة وحديث عائشة لو جاء الأمر في حديث عائشة لرفع الحدث، متى قيل لها: ((انقضي شعرك واغتسلي؟ )) لما حاضت وأرادت أن تحرم، وأمرت بذلك ولم يرتفع حيضها، حيضها باقٍ، هي تريد أن تغتسل للإحرام، تريد أن تغتسل للإحرام، وقيل لها ذلك، فنقض الشعر قدر زائد على ما جاء في حديث أم سلمة، واضح يا إخوان؟ أقول: متى يتم التعارض بين حديث أم سلمة وحديث عائشة؟ من أهل العلم من يقول: إنه ينقض الرأس إذا كان كثيف، وإذا كان خفيف لا ينقض، ينزل عليه حديث أم سلمة، وينزل حديث عائشة على الشعر الكثيف، أنا أقول: هل هناك تعارض بين حديث عائشة وحديث أم سلمة؟ لماذا؟ لأن حديث أم سلمة لرفع الحدث، وحديث عائشة للنظافة لا لرفع الحدث، ظاهر وإلا ما هو بظاهر؟ ويبقى أن الأصل عدم النقض، الأصل عدم النقض، ونبقى على الأصل أيضاً أنه لا بد من إيصال الماء إلى الشعر وأصوله، فإذا كان عدم النقض يمنع من وصول الماء إلى أصول الشعر ينقض، كما يقال في سائر الحوائل أنها تزال. أخرج مسلم وأحمد أن عائشة -رضي الله عنها- بلغها أن ابن عمر كان يأمر النساء إذا اغتسلن أن ينقضن رؤوسهن فقالت: يا عجباً لابن عمر هو يأمر النساء أن ينقضن شعرهن أفلا يأمرهن بحلق شعورهن أو رؤوسهن؟ لقد كنت أغتسل أنا ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- من إناء واحد فما أزيد على أن أفرغ على رأسي ثلاث إفراغات". ولقائل أن يقول: حديث عائشة في الجنابة، وأمر ابن عمر في الطهارة من الحيض، وعلى كل حال على المرأة أن تحرص على إيصال الماء إلى أصول الشعر وإلى البشرة، ولا يلزم من ذلك أن تنقض الشعر. الحديث الذي يليه: حديث: "عائشة -رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إني لا أحل المسجد لحائض ولا جنب)) رواه أبو داود, وصححه ابن خزيمة".

وعلى كل حال الحديث مضعف، الحديث مضعف ((لا أحل المسجد لحائض ولا جنب)) أما بالنسبة للجنب فالدلالة من قوله تعالى: {وَلاَ جُنُبًا إِلاَّ عَابِرِي سَبِيلٍ} [(43) سورة النساء] هذا ظاهر أن الجنب لا يدخل المسجد، وأما بالنسبة للحائض فالدلالة من حديث أم عطية في الصحيحين وغيرهما: "ويعتزل الحيض المصلى" هذا الحديث الذي معنا: ((إني لا أحل المسجد لحائض ولا جنب)) معروف أنه صححه ابن خزيمة، ويشهد له ما ذكرنا بالنسبة للجنب {وَلاَ جُنُبًا إِلاَّ عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّىَ تَغْتَسِلُواْ} [(43) سورة النساء] وأما بالنسبة للحائض ففي حديث أم عطية: "وأمر الحيض أن يعتزلن المصلى" يعتزلن المصلى، مصلى العيد فضلاً عن المساجد التي تقام فيها جميع الصلوات، ويعتزل الحيض المصلى، فلا يجوز للجنب أن يمكث في المسجد، له أن يعبر، ولا يجوز للحائض أن تدخل المسجد، كما أنه لا يجوز لها أن تدخل المصلى، مصلى العيد. "وعنها -رضي الله عنها- قالت: "كنت أغتسل أنا ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- من إناء واحد, تختلف أيدينا فيه من الجنابة" متفق عليه، زاد ابن حبان: وتلتقي أيدينا". وهذا دليل على جواز اغتسال الرجل والمرأة من إناء واحد، وهذه المسألة تقدمت في الطهارة، هذه المسألة تقدمت في الطهارة، وأن للرجل أن يغتسل بفضل طهور المرأة، وللمرأة أن تغتسل بفضل طهور الرجل، ولهما أن يغتسلا جميعاً كما جاءت بذلك النصوص، فهذا تقدم. الحديث الذي يليه: "وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إن تحت كل شعرة جنابة, فاغسلوا الشعر, وأنقوا البشر)) رواه أبو داود والترمذي وضعفاه. الحديث ضعيف ((تحت كل شعرة جنابة، فاغسلوا الشعر، وأنقوا البشر)) على هذا لا بد أن تروى أصول الشعر لترتفع هذه الجنابة، وعلى كل حال كما ذكرنا الحديث ضعيف، ولا بد من إيصال الماء إلى جميع البدن، ولا بد من إيصال الماء إلى جميع البدن.

وسبب ضعفه عند الترمذي وأبي داود أنهما ضعفاه لسبب أنه من رواية الحارث بن وجيه، الحارث بن وجيه، قال أبو داود: منكر، حديثه منكر، هو ضعيف وحديثه منكر، وقال الترمذي: غريب لا نعرفه إلا من حديث الحارث، يعني ابن وجيه، وهو شيخ ليس بذاك، قال البيهقي: أنكره أهل العلم، المقصود أن الحديث ضعيف. جاء عن علي -رضي الله عنه- مرفوعاً: ((من ترك موضع شعرة من جنابة لم يغسلها فُعل به كذا وكذا)) يقول علي: "فمن ثم عاديت رأسي، فمن ثم عاديت رأسي ثلاثاً" صار يجز رأسه، لا يترك الشعر، لهذا الوعيد الوارد في هذا الحديث، لكنه مرفوع ضعيف، وبعضهم يصححه إلى علي -رضي الله عنه-. "ولأحمد عن عائشة -رضي الله عنها- نحوه, وفيه راو مجهول" هو أيضاً ضعيف لا تقوم به حجة. فعندنا حديث الباب حديث أبي هريرة وفيه الحارث بن وجيه ضعيف وضعفه شديد؛ لأن حديثه منكر، ويشهد له حديث عائشة، وفيه راوٍ مجهول، فإذا اجتمع الحديث الأول مع الثاني يرتقي وإلا ما يرتقي؟ نعم، حديث عائشة مع حديث أبي هريرة يعضد بعضهما بعضاً وإلا لا؟ حديث أبي هريرة فيه الحارث بن وجيه، وحديث عائشة فيه راوٍ مجهول، نقول: هذا يشهد لهذا ويرتقي إلى درجة الحسن لغيره أو لا؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . لماذا؟ لأن الحارث بن وجيه ضعفه شديد، وحديثه منكر كما قال أبو داود، والمنكر ضعفه شديد، أقول: شديد الضعف المنكر، وعلى هذا لا ينجبر، والله أعلم. اللهم صلِ وسلم على عبدك ورسولك. في أسئلة كثيرة جداً. يقول: ما أفضل الطبعات للكتب الستة؟ وهل طبعة دار السلام للكتب الستة جيدة؟ أما بالنسبة للبخاري أفضل طبعة هي السلطانية، وكانت في حكم المعدوم، لكنها صورت الآن وانتشرت، صورت ورقمت وخدمت، فهي أفضل الطبعات على الإطلاق، صحيح مسلم أفضل طبعاته طبعة تركيا العامرة سنة (1325هـ أو 26) سنن أبي داود كأن أفضل الطبعات الآن طبعة العوامة، محمد عوامة، على ما فيها من بعض الأمور غير المناسبة، من تصرف المحقق أحياناً، لكنها بالنسبة لضبطها هي أفضل الطبعات.

الترمذي: ما حققه الشيخ أحمد شاكر هو أفضل الموجود، وإلا فطبعة بشار عواد أفضل من غيرها، سنن النسائي: الطبعة المصرية البهية التي صورت مراراً جيدة، سنن ابن ماجه: الاعتماد في الغالب على طبعة محمد فؤاد عبد الباقي. يقول: ما حكم إهداء ترجمة معاني القرآن الكريم للكافر من باب دعوته؟ وكذلك شريط؟ على كل حال لا يمس القرآن، ولا يقرأ القرآن، لكن معانيه لا بأس فيها، هو يسمع القرآن {حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ اللهِ} [(6) سورة التوبة] ويقرأ معانيه ويتأملها من باب الدعوة. هل يلزم بالجماعة أن تكون الجماعة هي الجماعة الأولى في مسجد تقام فيه الجماعة؟ الجماعة على كل حال أكثر من واحد الاثنين جماعة، الثلاثة جماعة، ولا بد أن تكون في المسجد حيث ينادى به، حيث ينادى بها، وكونها جماعة الأولى هذا هو الأصل، لكن إن فاتته الأولى فالثانية تقوم مقامها لحديث ((من يتصدق على هذا)) هذا إن كان الفوات من غير تفريط. ما حكم الصلاة في المباني الحكومية في أوقات العمل بدلاً من المسجد؟ لا بد أن تكون الصلاة في المسجد حيث ينادى بها، إن كانت هذه المباني الحكومية فيها مسجد، ولو كان هذا المسجد لا تقام فيه إلا صلاة الظهر فلا بأس، على أن يكون مسجد ما هو بمصلى أو غرفة أو صالة أو شيء من هذا مسجد، ولو لم تصلَ فيه إلا الظهر؛ لأن مسجد نمرة مسجد إجماعاً وهو لا يصلى فيه إلا يوم عرفة. يقول: أعتزم -إن شاء الله- القراءة في شروح الكتب الستة فهل أبدأ بإرشاد الساري أم بشرح الكرماني أم بعون الباري؟

من أراد أن يقرآ شروح الكتب الستة فالنصيحة أن يبدأ بشرح النووي على مسلم؛ لأنه كتاب سهل ميسر مختصر، بإمكان طالب العلم أن ينجزه بأقصر مدة، وأجزاءه كثيرة لكنها سهلة القراءة، يتشجع الطالب إذا قرأ شرح النووي على مسلم ثمانية عشر جزءاً في شهرين أو ثلاثة، يتشجع، لكن إذا جلس ثلاثة أشهر أربعة أشهر ستة أشهر بمجلد واحد من إرشاد الساري، أو مجلد من فتح الباري يمل ويترك، فإذا قرأ في مثل شرح النووي شرح مبسط وسهل ومبارك، فيه فوائد، وقواعد وضوابط لا توجد في غيره، وتنابيه ولطائف يتشجع، يقرأ بشرح الكرماني فيه لطائف ونفائس وأوهام أيضاً، لكن يدرك هذه الأوهام بمقارنته بالشروح الأخرى، فإذا قرأ من شرح النووي وشرح الكرماني تشجع، أما إذا بدأ بإرشاد الساري أو عمدة القاري أو فتح الباري أنا أخشى أن يصاب بالملل والترك، فالنفس تحتاج إلى ترويض، ولو قرأ في شرح ابن رجب -رحمه الله- شرح سلس وميسر، وفيه علم السلف كان أولى. أما عون الباري لصديق حسن، هذا الكتاب بنسبة خمسة وتسعين بالمائة بحروفه من إرشاد الساري، هذه الخمسة بالمائة يعني تنبيهات على بعض الأمور، تنبيهات على بعض الأمور التي .. ، أو الهفوات والزلات التي وقعت من القسطلاني. أفضل الكتب المفسرة للقرآن الكريم؟ كتب التفسير بالأثر، وأنسب الموجود الآن تفسير الحافظ ابن كثير، وتفسير الطبري إن ارتقت الهمة إليه، وأيضاً هناك تفاسير ليست من التفاسير بالأثر، لكنها أمور ميسرة، مثل تفسير ابن سعدي وغيره للمبتدئين نافع، وأنفع منه تفسير الشيخ فيصل بن مبارك، تفسير مختصر جداً، وهو ملتقط بجملته من التفاسير الثلاثة: من البغوي وابن كثير والطبري، واسمه: (توفيق الرحمن لدروس القرآن). الأسئلة كثيرة. وهذا يقول: ما علاقتكم مع سماحة الشيخ ابن باز والشيخ ابن عثيمين؟ أما الشيخ ابن باز -رحمة الله عليه- فقد لازمته ملازمة تامة من سنة خمسة وتسعين إلى أربعمائة، أول ما بدأ التدريس بالرياض ملازمة تامة، ومن بعد ذلك انقطعنا عن الدروس بسبب هذه الرسائل التي يسمونها علمية والله المستعان، لكن العلاقة لم تنقطع استفدنا منه كثيراً إلى آخر حياته -رحمة الله عليه-.

والشيخ ابن عثيمين -رحمة الله عليه- لم أمثل بين يديه، ما طلبت العلم عليه في درس من الدروس إلا ما كان من دروس الحرم، يعني نستمع إليه، وقرأنا كتبه -رحمة الله عليه- واستفدنا كثيراً. يقول: إذا كان المأموم واحد فأين يقف؟ إذا كان المأموم واحد يقف عن يمين الإمام، عن يمين الإمام. يقول: ما حكم إسبال الثوب وحلق اللحى؟ هذه أمور محرمة، جاءت النصوص بتحريمها والتشديد في أمرها ((خالفوا اليهود)) ((خالفوا المجوس)) ((أعفوا اللحى)) ((وفروا اللحى)) ((أكرموا اللحى)) فحلقها محرم، بل صرح جمع من أهل العلم، بل نقل الإجماع ابن حزم وغيره على أنها كبيرة من كبائر الذنوب. وأم الإسبال ففيه ما تعرفون، إذا كان لمجرد الإسبال وإنزال الثوب عن الكعب فهو في النار، ولو لم يصحبه خيلاء، مجرد إنزال الثوب عن الكعب في النار ((ما أسفل من الكعبين فهو في النار)) هل الذي في النار الثوب أو صاحبه؟ صاحبه، كل ضلالة في النار، يعني الضلالة في النار وصاحبها في الجنة؟ لا، المراد صاحبها، يعني. . . . . . . . .، بعض الناس لا، المقصود صاحب الثوب، إذا زاد الأمر فصاحب هذا الإسبال الخيلاء فالأمر أشد، فالأمر أشد، لا ينظر الله إليه، نسأل الله العافية، قد يقول قائل: لماذا لا نحمل المطلق على المقيد؟ ((من جر ثوبه خيلاء)) والثاني: ((ما أسفل من الكعبين في النار)) لماذا لا نقول: خيلاء؟ نقول: لا؛ لأن الحكم مختلف، وإذا اختلف الحكم لا يحمل المطلق على المقيد. يقول: كنت قد احتلمت في أول ما بلغت مدة عدة مرات، وكنت لم أغتسل، وإنما أغسل ذكري ومحل النجاسة ثم أتوضأ؛ لأني لم أتأكد أن هذا هو إيش؟ الموجب للغسل، وكم صلاة صليتها بدون اغتسال لا أعلم كم هي؟ على كل حال إذا كنت لا تعلم فأكثر من النوافل ويجزئ عنك -إن شاء الله تعالى-، وإن كنت تعلم عددها بيقين فعليك قضاؤها. هل يصح الغسل ليوم الجمعة ليلة الجمعة في الليل؟ على القولين، إذا قلنا: إنه لليوم أو للصلاة لا بد أن يكون الغسل بعد طلوع الفجر، والأولى أن يكون بعد طلوع الشمس. هذا يسأل عن المضمضة والاستنشاق في الغسل؟

تقدم أن المضمضة تابعة للوجه، وأنها داخلة في مسمى الوجه، على خلاف بين أهل العلم ذكرناه في وقته. يقول: إذا تذكرت السلف في بعض الأحيان بكيت، فهل هناك علي شيء؟ ليس عليك شيء، هذا يدل على حرصك ومحبتك لهؤلاء، وما حبك لهم إلا لعملهم للدين، ونصرهم للدين، وحرصهم على الدين، هذا شيء طيب، حتى إذا تذكرت ممن أدركت من الشيوخ الذين مضوا من أهل العلم والعمل، لا شك أن لهذا أثر على النفس، والله المستعان. يقول: هل يقال لمن أراد الاغتسال: إن يضرب بيده الأرض حتى تزال النجاسة وتذهب الرائحة مع توفر المواد المنظفة؟ على كل حال العلة معقولة، وإذا زالت الرائحة بأي وسيلة والنجاسة زالت فلا بأس. الأسئلة كثيرة يا الإخوان. يقول: هناك عادة متعارف عليها هي في السودان وفي غيرها من البلدان في التعزية رفع اليدين وقراءة الفاتحة والدعاء للميت، فهل هذا يجوز؟ وهل يعزى من لا يقبل إلا هذه الكيفية من التعزية وإن أدى إلى قطع الأرحام؟ على كل حال قراءة الفاتحة للميت هذه حكم أهل العلم بأنها بدعة، وأما الدعاء للميت فمطلوب، وسؤال التثبيت له، الدعاء له، الميت إذا كان من أهل الدعاء، يعني في حيز الإسلام، ليس عنده بدعة مكفرة، ولا يترك ما تركه كفر، ولا يفعل ما فعله كفر فإنه حينئذٍ يدعى له، ويخلص في الدعاء له، سواءً كان في بيت أهله أو في المقبرة أو في أي مكان، أما قراءة الفاتحة فبدعة. يقول: معلقات البخاري على القول الصحيح؟ على كل حال المعلقات ألف وثلاثمائة وأربعين، أو تزيد قليلاً، كلها موصول في الصحيح نفسه، عدا مائة وستين حديث معلق غير موصول، وهذه المائة والستين منها ما جزم البخاري به، بنسبته هذه صحيحة، وما صدره بصيغة التمريض يروى أو يذكر أو يقال هذه منها ما هو صحيح، ومها ما هو حسن، ومنها ما هو ضعيف، والضعيف يشير إليه، يروى عن أبي هريرة: "لا يتطوع الإمام في مكانه" ولم يصح، يستدرك الإمام -رحمة الله عليه-. صلاة المنفرد خلف الصف؟ لا تصح، لا تصح، صلاة المنفرد خلف الصف لا تصح، لو لم يجد مكان إلا عن يمين الإمام، يصح، يصف بجانب الإمام وإلا فيصبر، لا يعرض صلاته للبطلان. البسملة هل يقولها الجنب؟

يقولها الجنب، يبسمل على أنها ذكر من الأذكار، أما آية الكرسي كاملة ففي النفس من قراءتها للجنب شيء، وإن قال بعض أهل العلم: إنه إذا جاء بها على سبيل الذكر لا على سبيل التلاوة أنه لا بأس بذلك، لكنها قرآن، إذا أراد أن يقرأ القرآن فليرفع الحدث، فليغتسل. هل يمكن الصلاة للغسل فقط، أم لا بد من الوضوء بعد الغسل؟ الأكمل أن يتوضأ ثم يغتسل، لكن إن عمم بدنه بالماء واغتسل ونوى إدخال الطهارة الصغرى بالكبرى أجزأ. يقول: ما الشرك الخفي؟ الشرك الخفي مثل الرياء، الشرك الخفي وهو أخفى من دبيب النمل مثل الرياء، هذا خفي جداً، وللشيطان مداخل على النفس، للشيطان مداخل على النفس، فلا بد من ملاحظة هذه النفس، ولا بد من الانتباه لحيل الشيطان، وتلبيسه على الناس، أحياناً يأتي الشخص يذم نفسه أمام الناس ولا يقصد بذلك الذم، إنما يريد أن يمدحوه، هذا خفي جداً، على كل حال هذا النوع هو الذي خافه النبي -عليه الصلاة والسلام- على أمته، فعلينا أن ننتبه لحيل الشيطان، وأن نجاهد النفس، والله المستعان. يقول: ما هو حديث عائشة؟ ما هو حديث عائشة؟ ما هو حديث عائشة؟ طالب:. . . . . . . . . يمكن: ((انقضي شعرك واغتسلي)) لما وصلت إلى الميقات وهي حائض، والحائض تحرم مع الناس، وتفعل جميع ما يفعله الحاج غير ألا تطوف بالبيت، قيل لها: ((انقضي شعرك واغتسلي)). على كل حال الأسئلة كثيرة ولا تنتهي، والله المستعان. هذان سؤالان من الدرس نبي نسأل والجواب عليه جائزة، نعم؟ يقول: ما رأيكم فيمن مس ذكره بعد الفراغ من الغسل هل يتوضأ أم لا؟ نريد واحد يجيب على السؤالين ليأخذ الكتاب. ما رأيكم فيمن مس ذكره بعد الفراغ من الغسل هل يتوضأ أو لا؟ طالب:. . . . . . . . . نعم، استدلالاً بحديث؟ حديث من؟ حديث طلق وإلا حديث بسرة؟ طالب:. . . . . . . . . بسرة، حديث بسرة، طيب هذا على القول بترجيح حديث بسرة من كل وجه ولا الجمع ولا القول بالاستحباب كما يقول شيخ الإسلام، نعم. هل كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يغير المكان الذي اغتسل فيه إذا أراد غسل رجليه؟ وما الحكمة من ذلك إذا كان هذا صحيحاً عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟

هو نفسه على شان يأخذ الكتاب وإلا أعطيناه مجلد والذي يجيب السؤال الثاني أعطيناه مجلد؟ نعم هذا التفريق، ولا يدخل هذا في منع التفريق بين الوالدة وولدها في البيع، نعم، هذا لا يدخل في التفريق؛ لأنه يمكن الاستفادة من جزء وإن كانت أقل، أجب. هل كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يغير المكان الذي اغتسل فيه إذا أراد غسل رجليه؟ وما الحكمة من ذلك إذا كان هذا صحيحاً عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ هل يتحول النبي -عليه الصلاة والسلام-، أو المغتسل عموماً إذا اغتسل يتحول عن مكانه ويغسل رجليه؟ طالب:. . . . . . . . . طيب ما الحكمة من كونه يغسل رجليه بعد ما يغتسل؟ طالب:. . . . . . . . . نعم إذا كانت الأرض نعم طين وما أشبه ذلك يغسل رجليه، وعلى هذا لا بد أن يتحول عن المكان، أما إذا غسل رجليه بنفس المكان الذي اغتسل فيه ما استفاد، خذ الكتاب. اللهم صلِ وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. هذه أسئلة بقيت من الظهر نبدأ بها حتى يتم حضور الإخوان: هذا يقول: ما معنى أن يتطوع الإمام في مكانه؟ الإمام البخاري -رحمة الله عليه- ذكرنا من أمثلة المعلقات عنده: يروى عن أبي هريرة: "لا يتطوع الإمام في مكانه" يعني في المحراب، الذي يصلي فيه الفريضة، إذا أراد أن يتطوع ينتقل إلى مكان آخر، لكن البخاري قال: لم يصح، وعلى هذا للإمام أن يتطوع في مكانه، وله أن يتطوع في غيره. هذا يقول: إذا كان الجنب متعمداً فما الحكم؟ إيش معنى متعمد؟ طالب: يمكن مستمني. هاه؟ طالب: يمكن مستمني. كيف؟ طالب:. . . . . . . . . إذا كان الجنب متعمداً فما الحكم؟ طالب: قد يكون إذا استمنى يعني. هاه؟ طالب:. . . . . . . . . الإنسان يتعمد أن يطأ زوجته ويكون جنب، ولا يتعمد أن يحتلم ويكون جنب، لا فرق.

على كل حال إذا كان الأمر كما قال الإخوان استخرج الماء بيده أو بغيرها مما يقوم مقامها، فهذا العمل محرم عند أهل العلم، هو حرام؛ لأن الله -سبحانه وتعالى- لم يستثنِ في الفروج وحفظها {إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} [(6) سورة المؤمنون] فدل على أن ما عدا ذلك محرم، والنبي -عليه الصلاة والسلام- يقول: ((من لم يستطع الباءة فعليه بالصوم)) أرشد إلى الصوم، ولا بديل لذلك، ولا بديل لذلك. فهذا العمل محرم، لكن قد يكون الإنسان في مجتمع لا يستطيع أن يملك نفسه مع شدة الشهوة، فيقول: بدلاً من أن يقع في الزنا المجمع على تحريمه, والذي يترتب عليه آثار في الدنيا والآخرة ومن كبائر الذنوب، بل من عظائمها، يخفف شهوته بمثل هذا العمل لا شك أن مثل هذا أخف من الزنا، على أنه محرم، لكن على مثل هذا ألا يعرض نفسه للفتن، سواءً كانت حقيقية أو مرئية إن لم تكن حقيقة في صور أو في آلات وما أشبه ذلك، عليه أن ينكف وينجمع على نفسه، ويصحب الأخيار. يقول: هل المضمضة واجبة في الغسل وكذلك الاستنشاق؟ نعم هي واجبة على ما تقدم في حكم المضمضة والاستنشاق في الوضوء. هل المصلى له حكم المسجد في قول دعاء المسجد، وفي الركعتين وما إلى ذلك؟ على كل حال المسجد مسجد، المصلى إذا كانت له معالم المسجد له منارة ومحراب وموقوف على المصلين فهو مسجد، وإن سماه بعض الناس مصلى، ولو لم تصلَ فيه جميع الصلوات، ولو صلي فيه الظهر فقط، كالمساجد التي تقام في الدوائر الحكومية، ولو صلي فيه مرة في العام كمسجد نمرة فهو مسجد، وله أحكام المسجد. يقول: الذي يتوضأ من الدش كيف له أن يطبق صفة غسل النبي -عليه الصلاة والسلام-؛ لأنه سوف يستخدم الصابون والشامبو؟ تطبيق السنة أمر ميسور، يتوضأ وضوءه للصلاة ثم يفيض على. . . . . . . . . ينوي ثم يغسل يديه ثلاثاً، يغسل فرجه وما لوثه، يتوضأ وضوءه للصلاة ثم يفيض على رأسه ثلاثاً، ثم يغسل شقه الأيمن، ثم شقه الأيسر.

لكن كأن هذا يريد أن يقول: النبي -عليه الصلاة والسلام- يغتسل بالصاع، فكيف يتسنى له أن يغتسل بالصاع ولا يزيد عليه وهو تحت الدش يغلب عليه، هذا اللي يمكن أن يسأل عنه، وإلا تطبيق السنن مهما كانت الأداة. يقول: لماذا تقضي المرأة النفساء شهر رمضان ولا تقضي الصلاة؟ هذا السؤال وجه لعائشة -رضي الله عنها-، النساء على عهده -عليه الصلاة والسلام- يؤمرن بقضاء الصوم ولا يؤمرن بقضاء الصلاة، ويكفي في هذا أمره -عليه الصلاة والسلام-. الفاصل بين النساء والرجال في المسجد هناك من يقول بدعة هل هذا صحيح؟ دليلهم يقولون: ليس هناك فاصل في عهد النبي -عليه الصلاة والسلام-؟ من حكم على مثل هذا العمل بالبدعة فلن ينفك من البدع، من حكم على هذا بأنه بدعة الفاصل الذي يفصل بين الرجال والنساء بأنه بدعة لأنه لم يوجد في عهد النبي -عليه الصلاة والسلام-، فبالله عليك ما الموجود من فعله -عليه الصلاة والسلام- ومن عمله ومن بيئته ومحيطه مما هو موجود الآن؟ حتى الصلاة التي نصليها أنكر الناس في صلواتهم بعد وفاته -عليه الصلاة والسلام-، أنكروا قلوبهم، كيف بالأمور التي تتغير بتغير الظروف والأحوال، الأبنية، والمساجد تشيد بهذه الطريقة، إذن كل شيء بدعة، على كل حال الحاجة ودرء الفتنة والمفسدة هي التي أوجدت مثل هذه الفواصل، ولذا لو كان الرجل يصلي بأبنائه ومحارمه قلنا له: لا تحط فاصل، ما يحتاج فاصل، فالذي أوجد مثل هذا الفاصل هو الفتنة، والناس تغيروا، وغير النساء بعده -عليه الصلاة والسلام- كما قالت عائشة. على كل حال هذا تفرضه الضرورة، وهو لا يتم الواجب إلا به، فلو قيل بوجوبه لما بعد، والله المستعان. هذا سؤال يمكن إنه آخر سؤال. . . . . . . . .، لكن الأسئلة كثيرة. . . . . . . . . يقول: بعض القراء والأئمة يتكلفون يتصنعون أثناء القراءة -قراءة القرآن- وبعضهم يلوك بعض كلمات القرآن؟ على كل حال التغني بالقرآن مطلوب، وتحسين الصوت بل تحسين القرآن بالصوت ((زينوا القرآن بأصواتكم)) نعم؟ طالب:. . . . . . . . . إيش فيه؟ طالب:. . . . . . . . . من اللي قال هذا؟ طالب:. . . . . . . . .

المقصود تحسين القراءة مطلوبة، وتزيينها وتجميل الصوت وتحبيره هذا كله مطلوب، لكن لا يخرج بذلك إلى الحد الذي يطرب فيه، يقرأ القرآن بترتيل وتدبر وتخشع وتأثير وتأثر هذا مطلوب، استمع النبي -عليه الصلاة والسلام- لقراءة ابن مسعود فالتفت إليه ابن مسعود فإذا عيناه تذرفان، استمع لقراءة أبي موسى، وقال: إنه أوتي ((مزماراً من مزامير آل داود)) وأبو موسى لم يعرف أن النبي -عليه الصلاة والسلام- يستمع، وإلا لكان حبره أكثر، ولم ينكر عليه النبي -عليه الصلاة والسلام-. المقصود أنه لا يتعدى ذلك إلى التمطيط الزائد بحيث يترتب على ذلك زيادة حروف، فتزيين القرآن بالصوت مأمور به، قد يقول قائل: إننا إذا سمعنا القرآن من بعض الناس نتأثر، ونسمع نفس الآيات من آخر ولا نتأثر، السبب في ذلك أن هذا صوته جميل، وهذا صوته أقل فهل هذا التأثر بالقرآن أو بالصوت؟ طالب:. . . . . . . . . يمنع؟ كيف؟ يمنع مثل هذا وإلا مطلوب؟ طالب: مطلوب. أقول: هل التأثير للقرآن أو للصوت؟ أو للقرآن المؤدى بهذا الصوت؟ طالب:. . . . . . . . .

بدليل أن هذا الذي أثر في الناس بقراءته لو قرأ أي شيء غير القرآن ما تأثر، على كل حال مثل هذا تزيين القرآن بالصوت، وليس منا من لم يتغن بالقرآن هذا كله مطلوب، قراءة تدبر، تذكر، تحزين، تأثير وتأثر هذا مطلوب، والقدر الزائد على ذلك تكلف، أما الآلات التي استحدثت فأوجدت من أجل الحاجة، وأفتى بها أهل العلم بجواز استعمالها للحاجة؛ لأن الأعداد كثرت، ولا يمكن أن يبلغهم وينفذهم صوت الإمام، وقد تتعرض صلواتهم للبطلان لو لم توجد هذه الآلات، فتبقى أنها بقدر الحاجة، وما زاد على قدر الحاجة يبقى على الأصل، ودخلوا الناس على هذه الآلات المحسنات ويسمونها إيش؟ الصدى وما الصدى، وصارت ترف، بل وجد بعض الأئمة من يترك بعض السنن من أجل هذه الآلات، يترك بعض السنن إذا أراد رفع اليدين الآلات من كل جهة مضايقته، ما يرفع يديه على الوجه المطلوب، إن أراد أن يسجد على الوجه المطلوب انتظر حتى يوازن نفسه، يمين وشمال وكذا، على شان يا الله يجد له موضع للسجود، كل هذا لأن هذه الأمور قدر زائد على الحاجة، فلو اقتصرنا على الحاجة ما احتجنا إلى مثل هذه الأشياء، والله المستعان. يقول: هل ينتقض الوضوء عند مس اليد بالذكر، أو الذكر باليد أثناء الغسل؟ على كل حال على ما تقدم في حكم مس الذكر، حكم المس، وعرفنا أقوال أهل العلم فمنهم من عمل بحديث بسرة وهم الأكثر وهو أنه ينقض، الحنابلة يقولون: مع الشهوة، والشافعية يقولون: مطلقاً، والحنفية يقولون: لا ينقض، والمالكية يقولون بالاستحباب، وعلى كل حال الأولى إعادة مثل هذا؛ لأنه ناقض للوضوء، وليس بناقض للغسل، يعني من مس ذكره وهو يغتسل يتوضأ. يقول: ما صحة القول بأنه ما عصي الله -عز وجل- بذنب بعد الشرك أعظم من الزنا، فإن الزاني عليه عذاب نصف الأمة؟

الزنا أجمعت على تحريمه الشرائع، ومن الموبقات، وكبائر الذنوب بلا خلاف، ويزداد إثمه حسب ما يحتف به من استخفاف وعدم اكتراث، وقد ضرب بعض الفساق في هذه الأزمان أسوء الأمثلة، يفجرون بدون شرط ولا قيد، حتى وصلوا إلى المحارم ويصورون ويعرضون على الناس فجورهم، مثل هذه موبقات بعضها على بعض، فالزنا أمره عظيم وشأنه خطير، وهو مؤذن إذا انتشر في قوم مؤذن بخطر عظيم، بعقوبة عاجلة، نسأل الله العافية، وقول: إن يد الذي يستمني بيده تأتي يده حامل يوم القيامة هذا لا يصح. أسئلة كثيرة إلى بعد الدرس -إن شاء الله-. سم. باب: التيمم: بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فقد قال المصنف -رحمه الله تعالى-: باب: التيمم: عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((أعطيت خمساً لم يعطهن أحد قبلي: نصرت بالرعب مسيرة شهر, وجعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً, فأيما رجل أدركته الصلاة فليصل)) .. وذكر الحديث. وفي حديث حذيفة عند مسلم: ((وجعلت تربتها لنا طهوراً إذا لم نجد الماء)). وعن علي -رضي الله عنه- عند أحمد: ((وجعل التراب لي طهوراً)). وعن عمار بن ياسر -رضي الله عنهما- قال: "بعثني النبي -صلى الله عليه وسلم- في حاجة فأجنبت, فلم أجد الماء فتمرغت في الصعيد كما تمرغ الدابة, ثم أتيت النبي -صلى الله عليه وسلم- فذكرت ذلك له, فقال: ((إنما كان يكفيك أن تقول بيديك هكذا)) ثم ضرب بيديه الأرض ضربة واحدة, ثم مسح الشمال على اليمين, وظاهر كفيه ووجهه" متفق عليه, واللفظ لمسلم. وفي رواية للبخاري: "وضرب بكفيه الأرض, ونفخ فيهما, ثم مسح بهما وجهه وكفيه". وعن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((التيمم ضربتان ضربة للوجه, وضربة لليدين إلى المرفقين)) رواه الدارقطني, وصحح الأئمة وقفه.

وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((الصعيد وضوء المسلم, وإن لم يجد الماء عشر سنين, فإذا وجد الماء فليتق الله وليمسه بشرته)) رواه البزار, وصححه ابن القطان, ولكن صوب الدارقطني إرساله. وللترمذي: عن أبي ذر نحوه, وصححه. وعن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: "خرج رجلان في سفر, فحضرت الصلاة -وليس معهما ماء- فتيمما صعيداً طيباً فصليا, ثم وجدا الماء في الوقت فأعاد أحدهما الصلاة والوضوء, ولم يعد الآخر, ثم أتيا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فذكرا ذلك له, فقال للذي لم يعد: ((أصبت السنة، وأجزأتك صلاتك)) وقال للآخر: ((لك الأجر مرتين)) رواه أبو داود والنسائي. وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- ... يكفي، يكفي بركة. الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. "باب: التيمم" التيمم عرفوه في اللغة بأنه القصد، "وما أدري إذا يممت قوماً" يعني قصدت هؤلاء القوم. وفي الشرع: القصد إلى الصعيد الطيب لمسح الوجه واليدين عند عدم الماء حقيقةً أو حكماً، عند عدم الماء حقيقةً أو حكماً. التيمم من نعم الله -عز وجل- على عباده، من يسر هذه الشريعة، من يسر هذه الشريعة، فالنبي -عليه الصلاة والسلام- بعث بالحنيفية السمحة، إذا لم يجد الإنسان الماء يعدل إلى التيمم، إذا أضر به استعمال الماء عدل إلى التيمم، إذا كان لا يستطيع الماء مع وجوده بين يديه عدل إلى التيمم.

والتيمم من الخصائص لهذه الأمة لحديث "جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((أعطيت خمساً لم يعطهن أحد قبلي: نصرت بالرعب مسيرة شهر, وجعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً فأيما رجل أدركته الصلاة فليصل)) هاتان اثنتان ((أحلت لي المغانم، وأعطيت الشفاعة، وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس كافة)) فمن خصائصه -عليه الصلاة والسلام-: ((أعطيت خمساً)) هذا إجمال فصل ببيان الخمس، وهذا لف نشر ببيانها، لكن الخصائص أكثر، الخصائص أكثر فلعل النبي -عليه الصلاة والسلام- إنما ذكر هذه الخمس لأهميتها، أو لأنه إنما زيد عليها بعد ذلك، فنص على هذه الخمس؛ لأنها من أهم المهمات، وليس لأحد أن يستدرك، كما قال بعض الشراح ممن أساء الأدب مع النبي -عليه الصلاة والسلام- في حديث: ((لم يتكلم في المهد إلا ثلاثة)) قال: في هذا الحصر نظر، هذا سوء أدب، الجهل، هذا جهل من قائله، نعم ثبت أنه تكلم في المهد أكثر من ثلاثة، لكن أنت بصدد كلام من؟! كلام المعصوم الذي لا ينطق عن الهوى. ((أعطيت خمس لم يعطهن أحد قبلي)) يعني من الأنبياء، من الأنبياء وبالضرورة لم يعطهن أحد بعده؛ لأن كل من بعده فهو داخل في أمته -عليه الصلاة والسلام- أجاب الدعوة أو لم يجب، ولا نبي بعده، والكل أمته -عليه الصلاة والسلام- سواءً كان بذلك أمة الدعوة أو أمة الإجابة. ((نصرت بالرعب مسيرة شهر)) النبي -عليه الصلاة والسلام- نصر بالرعب في قلب عدوه مسيرة شهر نعم؟ طالب:. . . . . . . . . كيف؟ طالب:. . . . . . . . . أيه؟ طالب:. . . . . . . . . ((لم يتكلم في المهد إلا ثلاثة))؟ كان علمه -عليه الصلاة والسلام- عند هذا الحد، ثم زيد على ذلك، يعني هذه أمور غيبية حدثت فيمن قبلنا فأخبر بها بعد ذلك -عليه الصلاة والسلام-، والخصائص بلغت في كتب الخصائص مئين، مئين. ((نصرت بالرعب مسيرة شهر)) وجاء عند الطبراني: ((مسيرة شهرين)) لكن المتفق عليه شهر، .... للطبراني فالمراد به شهر للذاهب وشهر للراجع تصير شهرين.

الرعب: الذي يقذفه الله سبحانه. . . . . . . . . لها من العرب مثل ما له؟ أو لها من الرعب بقدر ما امتثلته من شرعه؟ لا شك أنه حصل للأعداء مع الصحابة شيء من الرعب والخوف والهلع، وكل بحسبه وقدره، وعلى سبيل المثال الهيبة، إذا افتُرضت في شخص لا يملك قوة يرغم بها الناس، الهيبة ما الذي يسببها؟ سببها العلم والعمل، تجد الشخص من أضعف الناس شخصية، يسمونها يقولون عنه: ضعيف شخصية، لكن وهو من أهل العلم تأتي تسأل عندك عشرة أسئلة تذكر واحد أو لا تذكر أحياناً من الهيبة وهذا ملاحظ، وهذه الهيبة إنما مبعثها العمل بالكتاب والسنة، لا شك أن من عظَّم أوامر الله وانتهى عند حدود الله أن الناس تهابه وتعظمه، ومن استهان بحدود الله وأوامره وشرعه استهان الناس به على كافة المستويات. ((نصرت بالرعب مسيرة شهر)) قد يقول قائل: إيش الرعب هذا الذي نصر به النبي -عليه الصلاة والسلام-؟ لا يصير ما يتحدث الناس عنه في صحفهم ووسائلهم من الإرهاب في فرق بين الرعب والإرهاب؟ ((نصرت بالرعب)) هذا خوف يقذفه الله -سبحانه وتعالى- في قلب العدو، يسببه امتثال شرع الله، ولا يسببه ظلم الناس وقهرهم، قد يخشى الناس ويخاف الناس ممن يخافون شره وضرره، لكن ليس هذا هو الرعب الشرعي الذي هو من خصائص النبي -عليه الصلاة والسلام-. ((وجعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً، فأيما رجلاً أدركته الصلاة فليصل)) عنده مسجده وطهوره، يتيمم ويصلي، في الأمم السابقة الإنسان لا يصلي إلا في المكان المعد للصلاة، ولا يصلون إلا في كنائسهم وبيعهم وصوامعهم، أما هذه الأمة من باب التوسعة عليها لشرف نبيها -عليه الصلاة والسلام- خفف عنها هذا، أيما رجل أدركته الصلاة في أي مكان إلا ما استثني مما لا تصح الصلاة فيه فإنه يتيمم ويصلي، يتيمم إن لم يجد الماء، وإن وجد الماء توضأ وصلى في أي مكان طاهر يصلح للصلاة غير ما استثني. وأشرنا سابقاً إلى أن هذا من الخصائص، وأن من أهل العلم من يرى أن الخصائص لا تقبل التخصيص، إيش معنى هذا الكلام؟

في كلام ابن عبد البر وابن حجر وغيرهما ما يدل على أن الخصائص لا تقبل التخصيص، إيش معنى هذا الكلام؟ الخصائص تشريف للنبي -عليه الصلاة والسلام- والتخصيص تقليل لهذا التشريف، فإذا جاءنا مثل هذا الكلام بقي على عمومه ولا يخصص، في حديث أبي مرثد الغنوي: ((لا تصلوا إلى القبور)) ونهى عن الصلاة في المجزرة والمزبلة والمقبرة وقارعة الطريق، وقلنا: الخصائص لا تقبل التخصيص؛ لأن التخصيص تقليل لما أكرم به النبي -عليه الصلاة والسلام- من هذه الخصائص. لا شك أن المحافظة على ما يدل على عظمة هذا النبي -عليه الصلاة والسلام- وشرفه أمر مطلوب، لكن إذا تعارض هذا الشرف وهذا القدر مع حق الله -عز وجل-، حق النبي -عليه الصلاة والسلام- مقدم على حق كل أحد، حتى على حق النفس والولد والناس أجمعين، لكن إذا تعارض مع حق الله -عز وجل- قدم حق الله -عز وجل-، والمنع من الصلاة في المقبرة -مثلاً- من حق الله -عز وجل-؛ لأنه وسيلة إلى الشرك، فعلى هذا يقدم على حق النبي -عليه الصلاة والسلام- فتخصص. ((جعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً)) عند مسلم: ((وجعلت تربتها لنا طهوراً)) وعن علي -رضي الله عنه-: ((جعل التراب لي طهوراً)) جعلت تربتها من أهل العلم من يرى أن هذه اللفظة شاذة لأنها زيادة، هذه الزيادة وأكثر الرواة على ((جعلت لي الأرض)) هذه الزيادة هل تتضمن مخالفة للأصل أو لا مخالفة فيها؟ طالب:. . . . . . . . . نعم؟ فيها مخالفة وإلا ما فيها مخالفة؟ لأن الزيادة إذا تضمنت مخالفة حكم عليها بالشذوذ وانتهى الإشكال، إذا لم تتضمن مخالفة ويش المانع من قبولها؟ هذه الزيادة التربة مخالفة للأرض أو موافقة؟ أو مخالفة من وجه موافقة من وجه؟ طالب:. . . . . . . . .

هم مثلوا بها في كتب المصطلح للموافق والمخالف في آن واحد، موافقة من وجه باعتبار أن التراب جزء من أجزاء الأرض، ومخالفة من وجه باعتبار اختصاص التيمم بهذا الجزء، وأن الخصيصة التيمم بالتراب، والكلام في هذه الكلمة طويل جداً من حيث الثبوت وعدمه هي ثابتة في صحيح مسلم، لكن يبقى النظر هل الأرض مع التربة من باب العموم والخصوص أو من باب الإطلاق والتقييد؟ الأرض لفظ عام أو مطلق؟ والتراب لفظ خاص أو مقيد؟ طالب:. . . . . . . . . ما في فرق؟ خلينا نشوف عند الأخوان، واحد يجيبنا عن السؤال الأول يبين لك -إن شاء الله- الجواب عن سؤالك، أقول: هل الأرض لفظ عام أو مطلق؟ والتراب لفظ خاص أو مقيد؟ طالب:. . . . . . . . . عام وخاص، ها في كلام ثاني؟ طالب:. . . . . . . . . هذا كلامك، غيره؟ نعم يا إبراهيم؟ طالب:. . . . . . . . . من باب الخاص والعام كلام ثاني، ترى حصل خلط في كثير من الشروح يقرر على أنه إطلاق وتقييد ثم ينتهون إلى أنه عام وخاص؛ لأن التفريق في مثل هذه المسائل في غاية الدقة، هاه؟ طالب:. . . . . . . . . كيف؟ طالب:. . . . . . . . . طيب في خلاف وإلا ما في خلاف؟ من باب العام والخاص وإلا من باب الإطلاق والتقييد؟ هل الأرض ذات أفراد أو هي ذات أوصاف؟ طالب:. . . . . . . . . هل الأرض ذات أفراد متعددة أو الأرض فرد واحد ذات أوصاف؟ طالب: تجي كذا وتجي كذا. نعم، هاه؟ فرد واحد لها أوصاف؟ إذن إطلاق وتقييد، ها يا شيخ إبراهيم؟ طالب:. . . . . . . . . هاه؟ طالب:. . . . . . . . . طيب الرقبة، الرقبة، مؤمنة وكافرة، هاه؟ أوصاف لرقبة واحدة؟ أوصاف لرقبة واحدة أو لرقاب؟ طالب:. . . . . . . . . كيف؟ طالب:. . . . . . . . .

أنا أقول: مثل هذه المسألة تحتاج إلى تأني شوي من أجل أن نفهم، لأن بعض الناس يطلق الكلام عام وخاص والخاص مقدم على العام وهذا خطأ، الآن نفترض أن هذه من الخصوص والعموم، كيف نصنع؟ الذي يقول: إن الأرض عامة والتربة خاصة وينتهي من إشكال الإطلاق والتقييد، ويقول: الأرض ذات أفراد والتراب فرد من أفرادها يتيمم بغير التراب وإلا ما يتيمم؟ هاه؟ يتيمم بالرمل وإلا ما يتيمم؟ هم يقولون: الخاص مقدم على العام، وهذا كله على ثبوت رواية: ((تربتها)) إحنا ما شين على هذا وهو الصحيح، وأنتم تعرفون الخلاف بين أهل العلم في التيمم بغير التراب الحنابلة والشافعية لا يجيزون التيمم إلا بتراب له غبار يعلق باليد، وغيرهم يقولون: يصح التيمم بكل ما على وجه الأرض، ما تصاعد على وجه الأرض أياً كان ولو حجارة أو رمل أو زرع وما أشبه ذلك. نعم يا إخوان حركوا، حركوا شوي، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . طيب، هذا الكلام صحيح، يعني ذكر الخاص بحكم الموافق لحكم العام لا يقتضي التخصيص، إذا ذكر الخاص بحكم موافق لحكم العام لا يقتضي التخصيص، إنما متى يكون تخصيص؟ إذا اختلف حكم العام مع الخاص، إذا اختلف حكم العام مع الخاص، حينئذٍ نخصص، والآن الحكم واحد ((جعلت لي الأرض)) يعني تيمموا بالأرض ((جعلت تربتها)) يعني تيمموا بالتراب، الحكم واحد، لكن لو كانت من باب الإطلاق والتقييد يحمل المطلق على المقيد وإلا ما يحمل؟ في هذه الصورة؟ طالب:. . . . . . . . . للاتحاد في الحكم والسبب، للاتحاد في الحكم والسبب فيحمل المطلق على المقيد، الذين يقولون: بأن غير التراب لا يتمم به يجعلونه من باب الإطلاق والتقييد فيقولون: يحمل المطلق على المقيد ولا يجوز التيمم بغير هذا المقيد، بغير التراب؛ لأن التقييد يقضي على الإطلاق بخلاف ذكر الخاص بحكم موافق لحكم العام، والذين يقولون: بأنه يتيمم بكل ما على وجه الأرض منهم من يقول: لفظ: ((تربتها)) لم تثبت، هي زيادة يحكم عليها بالشذوذ لم يذكرها الأكثر، ومنهم من يثبتها ويقول: إنها من باب العموم والخصوص، وحينئذٍ ذكر الخاص بحكم موافق لحكم العام لا يقتضي التخصيص.

حديث حذيفة -رضي الله عنه- عند مسلم: ((وجعلت تربتها لنا طهوراً إذا لم نجد الماء)) إذا لم نجد الماء، هذا قيد معتبر وإلا غير معتبر؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . هذا عند مسلم، وفي حديث جابر في الصحيحين ما في هذا القيد، لكنه قيد قرآني، منصوص عليه في القرآن {فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ} [(43) سورة النساء]. "وعن علي -رضي الله عنه- عند أحمد: ((وجعل التراب لي طهوراً)). الحديث الذي يليه: حديث: "عمار بن ياسر -رضي الله عنهما- قال: "بعثني النبي -صلى الله عليه وسلم- في حاجة فأجنبت, فلم أجد الماء, فتمرغت في الصعيد كما تتمرغ الدابة, ثم أتيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فذكرت له ذلك, فقال: ((إنما كان يكفيك أن تقول بيديك هكذا)) ثم ضرب بيديه الأرض ضربة واحدة, ثم مسح الشمال على اليمين, وظاهر كفيه ووجهه" متفق عليه, واللفظ لمسلم. وفي رواية للبخاري: "وضرب بكفيه الأرض, ونفخ فيهما, ثم مسح بهما وجهه وكفيه". عمار -رضي الله عنه- استعمل القياس، لما كان الغسل موجب لتعميم الجسم بالماء رأى أن التيمم البديل عن هذا الغسل لا بد أن يعمم بالتراب، فاستعمل القياس فوجه ((إنما كان يكفيك أن تقول)) تقول وهنا إطلاق القول على الفعل " ((أن تقول بيديك هكذا)) ثم ضرب بيديه الأرض ضربة واحدة". ضرب بيديه، حد اليد هنا في ضرب بيديه إلى الآباط وإلا ضرب بيديه والذراعين إلى المرفقين؟ والضرب هنا غير المسح، الضرب بالكفين قطعاً بباطن الكفين من غير خلاف. "ثم مسح الشمال على اليمين, وظاهر كفيه ووجهه" وظاهر كفيه فهو مسح الكفين والكف ينتهي بإيش؟ بالرسغ، الكف ينتهي بالرسغ، دل على أن الذي يمسح من اليد الكف فقط، وإطلاق اليد في آية التيمم إطلاق اليد في آية التيمم مقيد بما هنا {فَتَيَمَّمُواْ صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ} [(43) سورة النساء] ...

كتاب الطهارة (15)

بلوغ المرام - كتاب الطهارة (15) شرح: ما جاء في الحيض والنفاس. الشيخ/ عبد الكريم بن عبد الله الخضير ((فإذا أقبلت حيضتك فدعي الصلاة، وإذا أدبرت فاغسلي عنك الدم ثم صلي)) هل فيه اختلاف مع ما معنا؟ على كل حال الحديث الأول متفق عليه، الحديث الأول في الصحيحين: "إني امرأة أستحاض فلا أطهر, أفأدع الصلاة? قال: ((لا إنما ذلك عرق وليس بحيض, فإذا أقبلت حيضتك فدعي الصلاة, وإذا أدبرت فاغسلي عنك الدم وصلي)) وفي رواية للبخاري: ((ثم توضئي لكل صلاة)) وهنا وهو حديث حسن، صححه بعضهم كابن حبان والحاكم واستنكره أبو حاتم، وقال: إنه منكر، وعلى كل حال أبو حاتم متشدد، وهذان متساهلان، فالحديث يتوسط في أمره فيقال: حسن. هناك في الموضع الأول ردها إلى العادة، وفي الموضع الثاني ردها إلى التمييز صح وإلا لا؟ نعم؟ هناك قال: ((فإذا أقبلت حيضتك فدع الصلاة، وإذا أدبرت فاغسلي عنك الدم ثم صلي)) وهنا قال: ((إن دم الحيض أسود يُعْرِف -يعني له عرف، له رائحة، أو يُعْرَف تعرفه النساء، لا بأس ضبط بهذا وهذا- فإذا كان ذلك فأمسكي عن الصلاة)) فإذا كان الأمر قد يحمل هذا على ذاك، أو يحمل ذاك على هذا. ((فإذا أقبلت حيضتك)) التي تعرفينها إما بوقتها أو بصفة دمها، كونه أسود يعرف فلا اختلاف، رواه أبو داود والنسائي وصححه ابن حبان واستنكره أبو حاتم.

هذا بالنسبة إلى المستحاضة التي تميز يختلف معها الدم تستحاض الشهر كامل، ينزل عليها الدم الشهر كامل يسميه أهل العلم استحاضة، وقد يسمونه دم فساد، ويسميه المتأخرون إيش؟ نزيف، نعم يقولون: نزيف، هذه التي نزل عليها النزيف لمدة شهر لا تخلو إما أن يكون الدم يتغير أو يكون ثابت لونه واحد ورائحته واحدة، فإن كان يتغير يأتيها بعض الأيام أسود له رائحة، نقول: دعي الصلاة، هذا هو الحيض، وإذا تغير لونه انقطع الحيض، وهذا هو العمل بإيش؟ بالتمييز، إذا كان الدم لا يتغير لونه واحد من أول شهر إلى آخره، نقول: دعي الصلاة أيام حيضتك، يعني حيضتك المعتادة، يعني اعتدتِ أن تكون الدورة في منتصف الشهر من ثلاثة عشر ومن اثنا عشر إلى سبعة عشر أو ثمانية عشر في هذه المدة دعي الصلاة، وقبلها صلي وبعدها صلي، هذه لها عادة فتعمل بعادتها إن كانت مميزة تعمل بالتمييز، إن لم تكن مميزة تعمل بعادتها، ترد إلى عادتها، إن لم تكن معتادة ولا مميزة ماذا تصنع؟ طالب:. . . . . . . . . نعم؟ طالب:. . . . . . . . . لقريباتها، نعم؟ طالب:. . . . . . . . .

كيف؟ هو ما قاله الأخ، يقول: ((إن دم الحيض أسود يُعرِف -أو يعرَف- فإذا كان ذلك فأمسكي عن الصلاة، فإذا كان الآخر فتوضئي وصلي)) إذا كان الآخر الذي يختلف عن هذا اللون وهذه الرائحة فتوضئي وصلي، وهنا ردها إلى صفة الدم، وهذا خاص بالمميزة، وفي حديث أسماء بنت عميس عند أبي داود ((ولتجلس في مركن، فإذا رأت صفرة فوق الماء فلتغتسل للظهر والعصر غسلاً واحداً، وتغتسل للمغرب والعشاء غسلاً واحداً)) إذا رأت صفرة، يعني تغير اللون، تغير لون الدم ((فلتغتسل للظهر والعصر غسلاً واحداً، وتغتسل للمغرب والعشاء غسلاً واحداً، وتغتسل للفجر غسلاً واحداً وتتوضأ فيما بين ذلك)) تقدم أن المستحاضة تتوضأ نعم ((ثم توضئي لكل صلاة)) وهنا قال: ((تغتسل)) جاء في بعض الروايات: ((اغتسلي لكل صلاة)) وهنا قال: ((فلتغتسل –أمر- للظهر والعصر غسلاً واحداً، وتغتسل للمغرب والعشاء غسلاً واحداً، وتغتسل للفجر)) فلتغتسل، اللام لام الأمر، والأصل في الأمر الوجوب، وهناك في حديث عائشة قال: ((ثم توضئي لكل صلاة)) كيف نوفق بين أمرها بالوضوء وبين أمرها بالغسل؟ طالب:. . . . . . . . . كيف؟ طالب:. . . . . . . . . الوضوء؟ طالب:. . . . . . . . . أرفع صوتك شوي. طالب:. . . . . . . . .

يعني صارف لهذا الحديث من الوجوب إلى الاستحباب، فأمرها بالغسل على سبيل الندب والاستحباب، وأمرها بالوضوء على سبيل الوجوب، الصارف الحديث الثاني وإلا فالأصل أن الأمر للوجوب، تغتسل للظهر والعصر جميعاً غسل واحد؛ لأنه يشق عليها أن تغتسل خمس مرات في اليوم أمرها بالاغتسال ثلاث مرات على سبيل الاستحباب قد لا يشق عليها، ولا نتصور أن يسر الماء وسهولة استعماله في وقته مثل ما عندنا، الماء يجلب من بعيد، فوق الرؤوس بالأواني، وهنا الأمر ميسر جداً، سهل، فأرشدها النبي -عليه الصلاة والسلام- أن تغتسل للظهر والعصر غسلاً واحداً، وللمغرب والعشاء غسلاً واحداً، والفجر التي لا يجمع إليها صلاة أخرى غسل واحد، فهل نقول: تغتسل للفجر والظهر غسل واحد وللعصر والمغرب غسل واحد؟ لا، للصلاتين المجموعتين تغتسل غسل واحد، وهذا الجمع حقيقي وإلا صوري؟ يعني هل يسوغ للمستحاضة أن تؤخر المغرب حتى يدخل وقت العشاء فتجمع بينهما وتؤخر الظهر حتى يدخل وقت العصر فتجمع بينهما جمعاً حقيقياً؟ في حديث حمنة ما يبين ذلك. يقول: "وعن حمنة بنت جحش" وبنات جحش الثلاث مبتليات بالاستحاضة، نعم بنات جحش الثلاث هاه؟ أسماؤهن إيش؟ طالب:. . . . . . . . . حمنة هذه معروفة ما نحتاج لذكرها، وزينب، وأم حبيبة، سيأتي حديثها، هؤلاء المبتليات بالاستحاضة. لا شك أن مثل هذا قد تؤثر فيه الوراثة، يسمونها وراثة، الوراثة مؤثرة، فنساء البيت الواحد متشابهات، ومنه ما عندنا: زينب وحمنة وأم حبيبة كلهن مبتليات بالاستحاضة.

حمنة بنت جحش "قالت: "كنت أستحاض حيضة كبيرة شديدة" بحيث كانت تقول: إنها "تثج ثجاً"، "فأتيت النبي -صلى الله عليه وسلم- أستفتيه, فقال: ((إنما هي ركضة من الشيطان, فتحيضي ستة أيام أو سبعة, ثم اغتسلي, فإذا استنقأتِ فصلي أربعة وعشرين)) يعني إن تحيضت ستة أيام ((أو ثلاثة وعشرين)) إن تحيضت سبعة ((وصومي وصلي)) يعني في بقية الأيام ((صومي وصلي، فإن ذلك يجزئك, وكذلك فافعلي كما تحيض النساء، فإن قويت)) هذا مفسر ((فإن قويت على أن تؤخري الظهر وتعجلي العصر)) هذا يبين لنا أن المراد بالجمع في الحديث السابق الظهر والعصر والمغرب والعشاء جمع حقيقي وإلا صوري؟ صوري، ((فإن قويتِ على أن تؤخري الظهر إلى آخر وقتها، وتعجلي العصر)) يعني إلى أول وقتها بحيث لا يكون بينهما فاصل، نعم بحيث لا يكون بينهما فاصل ((ثم تغتسلين حين تطهرين، وتصلي الظهر والعصر جميعاً, ثم تؤخرين المغرب وتعجلين العشاء, ثم تغتسلين وتجمعين بين الصلاتين)) هذا من أجل التخفيف عليها ((فافعلي وتغتسلين مع الصبح وتصلين)) نعم مثل هذه التي يشق عليها الغسل وإن لم يكن واجباً، إحنا قررنا أن الغسل واجب وإلا مستحب؟ مستحب للجمع بين النصوص، ((ثم توضئي لكل صلاة)) ألا يمكن أن يقال: إنه ليس بينهما تعارض؟ فالأمر بالغسل لا يعني ارتفاع الأمر بالوضوء، والأمر بالوضوء لكل صلاة يعني تتوضأ خمس مرات لا ينفي أن تؤمر بالغسل ثلاث مرات، ولعل هذا هو معتمد من يوجب الغسل. أولاً: حديث: ((توضئي لكل صلاة)) أرجح وأصح، والحديثان مقبولان، يعني أقل ما قيل فيهما الحسن، نعم حديث أسماء بنت عميس وحديث حمنة وفيه الأمر بالغسل، وهذا يشهد لهذا، فيرتقيان إلى درجة الصحة هنا الصحيح لغيره، وعلى كل حال الجمع السابق وجيه، يعني يكون الأمر بالغسل للاستحباب والصارف له الأمر بالوضوء، لكن قد يقول قائل: إنه لا تعارض، فكونها تؤمر بغسل لا يعني أنها لا تؤمر بالوضوء ولا العكس، فيجمع بينهما، بين الوضوء والغسل.

هنا الجمع صوري، تؤخر الأولى إلى آخر وقتها، وتعجل الثانية إلى أول وقتها فلا يكون هناك فاصل، هناك فاصل بين الصلوات المجموعة؟ يعني مجرد ما ينتهي وقت الظهر يدخل وقت العصر أو هناك فاصل؟ نعم؟ في فاصل؟ إيش الفاصل؟ طالب:. . . . . . . . . نعم؟ طالب:. . . . . . . . . قولاً واحداً، عندنا رأي المالكية وهو أنه يشترك الظهر، تشترك صلاة الظهر مع صلاة العصر في وقت واحد، يمكن أن تؤدى فيه الظهر أداء، ويمكن أن تؤدى فيه العصر أداء، وهذا القدر المشترك عند المالكية فقط، والجمهور لا يقولون به بين الظهر والعصر، وهناك فاصل بين الوقتين عند الحنفية؛ لأن وقت الظهر ينتهي بمصير ظل كل شيء مثله، ووقت العصر يبدأ عند مصير ظل كل شيء مثليه، وهناك فاصل. على كل حال الجمع الصوري يسلك في مثل هذه الحالة ويعتمده الحنفية في الجمع في السفر؛ لأنهم لا يرون الجمع، لا يجوز عندهم الجمع الحقيقي بأن تؤخر صلاة المغرب والعشاء إلى الساعة إحدى عشر من الليل لا يجوز عندهم، أو تقدم إلى بعد غروب الشمس قبل دخول وقت العشاء، لا، نقول: الجمع الوارد في النصوص صوري، لكن الأدلة الظاهرة والمتكاثرة تدل على أنها جمع في السفر حقيقي وليس بصوري، لكن هنا صوري، وعرفنا كيفية الجمع الصوري. ((وتغتسلين مع الصبح وتصلين)) "قال" القائل من هو؟ "وهو أعجب الأمرين إلي؟ " ظاهر اللفظ أن القائل هو النبي -عليه الصلاة والسلام-، وبين أبو داود في روايته أن القائل الراوي عن حمنة، اللي قال: إن حمنة تقول: "وهو أعجب الأمرين إلي" أحب الأمرين إلي، طيب الأمرين، ما الأمران هنا؟ ما الأمران؟ طالب:. . . . . . . . . لا، هذا ما فيه، ما في تخيير بين الوضوء والغسل، الكلام في حديثها: "وهو أعجب الأمرين إلي" أعجب الأمرين إليها أن تؤخر الأولى وتقدم الثانية فتجمع جمع صوري، على أن لها أن تصلي الصلوات الخمس كل واحدة في أول وقتها وتغتسل خمس مرات، أعجب إليها أن تغسل ثلاث مرات بدلاً من خمس؛ لأن فيه يسر وسهولة.

"رواه الخمسة إلا النسائي, وصححه الترمذي, وحسنه البخاري" يقول الترمذي في جامعه: "سألت محمداً –يعني البخاري- عن هذا الحديث، فقال: هو حديث حسن"، وقال أحمد: "هو حديث حسن صحيح". "وعن عائشة -رضي الله عنها- أن أم حبيبة بنت جحش شكت إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الدم, فقال: ((امكثي قدر ما كانت تحبسك حيضتك, ثم اغتسلي)) فكانت تغتسل لكل صلاة"، ((ثم اغتسلي)) فكانت تغتسل لكل صلاة" الأمر هنا كالأمر في قوله: ((فلتغتسل)) نعم؟ ((ثم اغتسلي)) المقصود أن .. ، وهناك في حديث، هناك ((فلتغتسل)) في حديث أسماء بنت عميس لانقضاء وقت الحيض، وهنا في حديث حمنة: ((ثم اغتسلي)) وفي حديث عائشة: أن أم حبيبة قال لها: ((ثم اغتسلي)) كل هذه الأوامر مصروفة عن الأصل من الوجوب إلى الاستحباب بدليل قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((ثم توضئي لكل صلاة)) ((امكثي قدر ما كانت تحسبك حيضتك ثم اغتسلي)) هذا مثل حديث أسماء لارتفاع الحيض، لارتفاع الحيض حقيقة أو حكماً؟ في حال التمييز دم الحيض أسود يعرف، انقطع الأسود، معناه ارتفع الحيض حقيقية، هنا ما في تمييز ((قدر ما كانت تحبسك حيضتك ثم اغتسلي)) تغتسل حقيقة وإلا حكماً؟ هي يجب عليها أن تغتسل؟ ويحكم لها بأنها انتهت عادتها وإن لم يتغير الدم؟ وعلى هذا يكون ارتفع حيضها حكماً، ارتفع حيضها حكماً، "فكانت تغتسل لكل صلاة" وهذه أخذت بالعزيمة، وتلك أخذت بالرخصة التي هي أعجب إليها، والله المستعان. "وفي رواية للبخاري: ((وتوضئي لكل صلاة)) وهذا تقدم "وهي لأبي داود وغيره من وجه آخر" أبي داود والنسائي وغيرهما. على كل حال الخلاصة أن المستحاضة ترد إلى أحد المعرفات، وأقواها العادة أو التمييز؟ أو عادة الأقارب؟ أيها أقوى؟ طالب:. . . . . . . . . امرأة حيضتها سبعة أيام، عادتها سبعة أيام فاستحاضت شهر كامل، من هذا الشهر ثلاثة أيام الدم أسود يعرف، هل نقول: تعمل بالعادة سبعة أيام أو تعمل بالتمييز؟ أيهما أقوى؟ طالب:. . . . . . . . .

عند الحنابلة العادة، وعند الشافعية التمييز، لكن بالنظر يعني إذا كانت مميزة هنا في الحديث الأول في مثل. . . . . . . . . دم أسود يعرف، يعني إذا اختلف الدم ألا يدل على أن هناك انتقال من حال إلى حال؟ نعم؟ يدل على أن هناك انتقال من حال إلى حال، وإذا كانت عادتها سبعة أيام، والمسألة مفترضة في غير مستحاضة نزل عليها الدم سبعة أيام، على شان نقرر المسألة، نزل عليها الدم على عادتها سبعة أيام ثم انقطع، لكن ثلاثة أيام أسود يعرف وأربعة أيام أحمر ماذا تصنع؟ نقول: كله حيض وإلا نقول: الأسود حيض والأحمر استحاضة؟ عادتها سبعة أيام متى تنقطع العادة؟ إذا رأت الطهر، إذا رأت الطهر انقطع الحيض، فالمرأة المعتادة ترد إلى عادتها، وإذا كان هناك تمييز على خلاف بين أهل العلم هل الأقوى العادة أو التمييز ولكل مذهبه، ولكل دليله، فإذا كانت المسألة الشهر كله دم، وهناك دم متميز أسود يعرف والبقية أحمر، والأحمر يشبه بعضه بعض، وليس هناك حد فاصل طهر معين، فالشافعية يميلون إلى أن العمل بالتمييز أقوى من العمل بالعادة؛ لأنه إيش الفرق بين اليوم السابع والثامن؟ إيش الفرق؟ هل هناك فرق؟ ما في فرق، بينما اليوم الثالث الذي دمه أسود والرابع الذي دمه أحمر واضح، وهي لم ترَ الطهر؛ لأنها مستحاضة، بينما الأخرى التي هي قبل الاستحاضة لها عادة سبعة أيام ينزل عليها الدم ثلاثة أيام أسود وأربعة أحمر، نقول: كله حيض ما لم ترَ الطهر، وهذا ما يقوي مذهب الحنابلة، وأنها تحيض أيام عادتها، أيام إقرائها، ولذا يقول: ((امكثي قدر ما كانت تحبسك حيضتك)) وهنا ردها إلى عادتها: ((ثم اغتسلي)) فكانت تغتسل لكل صلاة. حديث أم عطية نقف، نقف عليه. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. ما حكم الجهاد في سبيل الله؟ وما هو الجمع الصوري؟

الجهاد في سبيل الله هو ذروة سنام الإسلام، وهو مصدر عز هذه الأمة، وهو السبيل الوحيد الكفيل لحفظ حقوقها، وهو السبيل أيضاً الوحيد لنشر دين الله في أقطار الأرض، ومنه ما هو سنة، ومنه ما هو فرض كفاية، ومنه ما هو فرض عين، كما هو معروف والنصوص جاءت بالأمر به، والوعيد على تركه؛ لأن من لم يجاهد ((من لم يغزُ ولم يحدث نفسه بالغزو مات ميتة جاهلية)) لا شك أن الجهاد له شأن عظيم في الإسلام. الجمع الصوري: أن يؤخر الصلاة الأولى إلى آخر وقتها، ويقدم الصلاة الثانية إلى أول وقتها، ويصليهما مجتمعتين وكل صلاة في وقتها. ما معنى كلمة مركن؟ مركن في قوله: ((ولتجلس في مركن)) في حديث أسماء بنت عميس؟ المركن: إناء مثل الطست أو الطنجرة أو شيء من هذا، يكون فيه ماء، فإذا علت الصفرة على الماء تبين أمرها. هذه الكتابة ما فيها ولا كلمة صحيحة من حيث الإملاء ولا صورة الخط، والضعف في هذا الباب موجود عند كثير من الإخوان لا يعتنون بالإملاء، ولا بالخط، ولا بالعربية بجملتها، بجميع فروعها وأبوابها، هذا لا شك أنه نقص، كيف تقرأ مثل هذه الكتابة؟ اقرأ، اقرأ يا شيخ. يقول: المرأة التي تقطع الصلاة هل هي التي متلبسة بالحيض أو المرأة التي يستدل على بلوغها بالحيض؟ يقول: من هي التي تقطع الصلاة؟ إيه، لكن ما هو من خلال الكتابة، ومن خلال الخط، هذا فهم للسؤال، هذا فهم للسؤال، على كل حال الذي يقطع الصلاة المرأة، وكلام عائشة: "إذا بلغت البنت تسعاً فهي امرأة" فهي امرأة، وجاء تقييد المرأة بأنها الحائض، يعني من بلغت سن التكليف. يقول: ما رأيكم بالملخص الفقهي؟ وما هو الأسلوب الذي اتبعه المؤلف؟ وهل هو أصح الأقوال أو على مذهب الإمام أحمد؟ وهل تنصحون به ... ؟

كتاب لشيخنا الشيخ صالح الفوزان -حفظه الله- وهو كتاب متين على طريقة أهل العلم في التأليف، وكُتب له القبول، لكن لا يعني أن جميع ما قاله الشيخ أن الشيخ معصوم لا يخطئ، أو قد يرجح قول مرجوح، لكن حسبه أنه اجتهد فيه، والكتاب نفيس ينبغي لطالب العلم أن يعتني به، وهذه وجهة نظر الشيخ -حفظه الله-، وكل يؤخذ من قوله ويترك إلا المعصوم -عليه الصلاة والسلام-، شأنه في ذلك شأن كتب البشر، على خير في الكتاب، خير عظيم في الكتاب. يقول: هل يصح أن نتوضأ وضوءاًَ واحداً لصلاتي الظهر والعصر فنجمعهما جمعاً صورياً؟ كيف؟ الوضوء يصح أن تصلي الصلوات كلها بوضوء واحد، النبي -عليه الصلاة والسلام- يوم الفتح صلى الصلوات بوضوء واحد، وقال: ((عمداً صنعتُ)) فيجزئ أن تصلى الصلوات بوضوء واحد ما لم يحدث، فإذا أحدث لزمه أن يتطهر ((لا يقبل الله صلاة من أحدث حتى يتوضأ)). يقول: بقي أحد أقاربي في العناية المركزة لفترة من الزمن، وقد منعه الأطباء من مس الماء، فكلفني بالسؤال عن حالته كيف يصلي؟ فلما سألت قيل لي: ادخلوا له رمل ليتيمم ويصلي، ولكن لم أحضر له الرمل لاعتقادي أن إدخال الرمل إلى غرفة العناية المركزة فيه ضرر، فقلت له: صلِ على حالك، فهل صحيح مع العلم أنه قد توفي منذ سنة؟ وماذا. . . . . . . . .؟ عليك أن .. ، أما ما يترتب عليك أنت الرجل أفضى إلى ما قدم ولا شيء عليه -إن شاء الله تعالى-، لكنه قصر في سؤالك وأنت قصرت في سؤال أهل العلم، فالتيمم لا بد من علة عند العجز التام عن استعمال التراب، إذا عجز المريض عن استعمال الماء، فعلى الإنسان أن يتقي الله -سبحانه وتعالى- لا يفتي بغير علم، لا يفتي بغير علم، والله المتسعان، الجرأة على الفتوى أمرها خطير {وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُم مُّسْوَدَّةٌ} [(60) سورة الزمر] الذي يفتي بغير علم هذا يفتري على الله الكذب، نسأل الله العافية، فعلى الإنسان أن يحتاط لنفسه، ولا يجرؤ على مثل هذا الأمر إلا ببينة. إذا كان في اليد جبيرة، في اليد إيش؟ لا تغطي كل اليد فهل يكفي المسح فقط للجبيرة أم لا بد من المسح وغسل سائر اليد؟

ما ظهر من الفرض فرضه الغسل، وما استتر بالجبيرة يكتفى بمسحه. هل صحيح أن المسائل الخلافية لا إنكار فيها؟ الخلاف الذي له حظ من النظر وله دليل لا ينكر فيه، أما الخلاف الذي لا حظ له من النظر ودليله ضعيف أو لا دليل له البتة ينكر. ما حكم الأناشيد مع الدف مع توضيح الأدلة؟ الدف إنما استثني في العرس فقط للنساء على خلاف في الرجال، وأما الأناشيد فإن كانت ألفاظها سليمة من الفحش والخناء، وأديت بلحون العرب، أديت بلحون العرب لا بلحون العجم، وسلمت من الآلات فلا شيء فيها. ما معنى المرجوح؟ وهل له حظ من النظر؟ المرجوح الأقوال فيها الراجح والمرجوح تبعاً لأدلتها صحة وصراحة، فالذي يجب العمل به هو الراجح، ولا يسوغ لأحد أن يعدل عن الراجح إلى المرجوح إلا لمصلحة راجحة، فهذا المرجوح إن كان له حظ من النظر ساغ به الاختلاف وإلا فوجوده مثل عدمه. الأسئلة كثيرة. يقول: كما تعلمون أن أغلب البنوك تستخدم الربا، وأنا أستطيع آخذ راتبي وأضعه في المنزل، وأصرف منه بدون اللجوء إلى البنك فهل تؤيدني على مثل هذا التصرف؟ البنوك التي تتعامل بالربا لا يجوز التعامل معها إلا عند الحاجة، إذا لم يوجد من يحفظ، إذا لم يوجد أمين يحفظ أموالك، ووضعتها أمانة عنده، إذا لم يوجد غيرهم، فإذا أمكنك أن تحفظ أموالك في بيتك تصرف منها ولا تحتاج إلى بنوك هذا هو الأصل. المسألة التي ذكرناها في بدأ الحيض، وهل كان على بنات آدم من أول الأمر؟ وهل كانت حواء تحيض أو لا تحيض لأنها ليست من بنات آدم؟ وهل كان بدأه على بني إسرائيل فقط عقوبة لهم؟ وذكرنا الخلاف في المسألة.

على كل حال من أهل العلم من يتوسط في الأمر ويقول: إنه بدأ من بنات آدم في الأول، لكنه شيء خفيف وزيد فيه بالنسبة لنساء بني إسرائيل، وبالمناسبة حينما قال النبي -عليه الصلاة والسلام- لعائشة: ((إن هذا شيء كتبه الله على بنات آدم)) إنما قال هذا الكلام يسليها، يسليها لما حاضت في حجة الوداع، وأسفت على ذلك أسفاً شديداً سلاها النبي -عليه الصلاة والسلام- بهذا الكلام، ويستشكل بعض الطلاب صدور مثل هذا الكلام عن النبي -عليه الصلاة والسلام- لإحدى زوجاته، وقد قال للأخرى لما عرف أنها حاضت: ((عقرى حلقى أحابستنا هي؟ )) كيف يقول لواحدة مثل هذا الكلام المسلي اللين ويقول للأخرى يدعو عليها بهذا الكلام ((عقرى حلقى))؟! والجواب في هذا واضح: أن عائشة حيضها لا يترتب عليه حبسهم عن الرجوع، حيض عائشة لا يترتب عليها حبسهم؛ لأنها تطهر قبل رجوعهم، بينما الأخرى التي حاضت بعد الوقوف بعرفة حاضت، فلو لم تكن طافت طواف الإفاضة لترتب على ذلك حبسهم، على أن الدعاء قد يطلق ولا يراد به حقيقته، كما يقال: ترتب يداك، تربت يمينك وهكذا. والأسئلة يؤجل بعضها إلى آخر الدرس -إن شاء الله تعالى-. سم. بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فقد قال المصنف -رحمه الله تعالى-: وعن أم عطية -رضي الله عنها- قالت: "كنا لا نعد الكدرة والصفرة بعد الطهر شيئاً" رواه البخاري وأبو داود واللفظ له. وعن أنس -رضي الله عنه- "أن اليهود كانوا إذا حاضت المرأة لم يؤاكلوها, فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((اصنعوا كل شيء إلا النكاح)) رواه مسلم. وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يأمرني فأتزر, فيباشرني وأنا حائض" متفق عليه. وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في الذي يأتي امرأته وهي حائض- قال: ((يتصدق بدينار, أو نصف دينار)) رواه الخمسة, وصححه الحاكم وابن القطان, ورجح غيرهما وقفه. وعن أبي سعيد -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أليس إذا حاضت لم تصلِ ولم تصم?)) متفق عليه في حديث طويل.

وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "لما جئنا سرف حضت, فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((افعلي ما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تطهري)) متفق عليه في حديث. في حديث طويل، في حديث طويل. متفق عليه في حديث طويل. وعن معاذ -رضي الله عنه- أنه سأل النبي -صلى الله عليه وسلم- ما يحل للرجل من امرأته وهي حائض? قال: ((ما فوق الإزار)) رواه أبو داود وضعفه. وعن أم سلمة -رضي الله عنها- قالت: "كانت النفساء تقعد في عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعد نفاسها أربعين" رواه الخمسة إلا النسائي, واللفظ لأبي داود. وفي لفظ له: "ولم يأمرها النبي -صلى الله عليه وسلم- بقضاء صلاة النفاس" وصححه الحاكم. الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. الحديث الذي بين أيدينا حديث "أم عطية -رضي الله عنها- قالت: "كنا لا نعد الكدرة والصفرة بعد الطهر شيئاً" هذا الحديث مخرج في البخاري وسنن أبي داود والنسائي وابن ماجه والبيهقي والحاكم وغيرها من دواوين الإسلام، وهو صحيح، واللفظ لأبي داود، على كل حال من حيث الصحة لا كلام فيه، لكن من حيث الرفع والوقف هو من كلامها -رضي الله عنها- "كنا لا نعد الكدرة والصفرة بعد الطهر شيئاً" قول الصحابي: "كنا نفعل" أو "كنا نترك"، "كنا نقول"، "كنا نفضل"، "كنا .. "، إذا أضيف إلى زمنه -عليه الصلاة والسلام- فهو مرفوع بلا إشكال، لو قالت: "كنا لا نعد الكدرة والصفرة بعد الطهر شيئاً" في زمن النبي -عليه الصلاة والسلام-، هذا لا إشكال فيه، في رفعه، ويكون حينئذٍ من السنة التقريرية، وبهذا استدل جابر على جواز العزل: "كنا نعزل والقرآن ينزل" ولو كان مما ينهى عنه لنهى عنه القرآن، إذا لم يضفه إلى عهد النبي -عليه الصلاة والسلام- الصحابي، بل اكتفى بنسبته إلى أمثاله وأقرانه "كنا" الصحابي يعني التابعين. . . . . . . . . الصحابة.

وأم عطية تقول: "كنا" يعني الصحابيات "لا نعد الكدرة والصفرة بعد الطهر شيئاً" ومثل هذا الكلام إنما يستدل به من قبل قائل على تقرير حكم شرعي، على تقرير حكم شرعي، ولا يقول الصحابي مثل هذا الكلام ويقرر به حكماً شرعياً إلا مع علمه ويقينه وجزمه بإقرار النبي -عليه الصلاة والسلام-، وهذا يختلف اختلاف كبير الصحابي حينما يقول ذلك ليقرر مسألة علمية، والاستدلال والعلم إنما يتلقى من الشارع، بعض الناس سئل عن زكاة الحلي، سألته امرأة عن زكاة الحلي، فقال: اسألي أمك وجدتك هل كانت تخرج الزكاة عنها؟ هل في هذا ما يتمسك به؟ ليس في هذا ما يستمسك به، مؤسف أن مثل هذا من أهل العلم، ويقول مثل هذا الكلام، لا، الصحابي حينما يقرر حكماً شرعياً فإنما .. ، نعم لو قالت: أنا لا أعد، لو قالت: أنا لا أعدُ، قيل هذا اجتهاد منها، لكن كنا لا نعد، كنا متى؟ لا بد أن يكون في زمن التقرير، وهو زمن النبي -عليه الصلاة والسلام- فالأظهر أن له حكم الرفع، ولذا يستدل به أهل العلم على أن الكدرة والصفرة بعد الطهر ليست بشيء، إذا رأت المرأة الطهر ثم رأت بعد ذلك صفرة أو كدرة لا تلتفت إلى ذلك، لكن لو رأت الصفرة والكدرة قبل الطهر مفهوم الخبر أنه حيض، تقول: بعد الطهر لا تعد شيء، مفهوم الكلام أنها قبل الطهر تعد شيئاً، يعني من الحيض. وعن أنس -رضي الله عنه- "أن اليهود كانوا إذا حاضت المرأة لم يؤاكلوها, فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((اصنعوا كل شيء إلا النكاح)).

وهذا بخلاف النصارى، الأمة المحمدية وسط في هذا الباب بين الأمم بين اليهود والنصارى، فاليهود عندهم آصار وأغلال وتشديد في النجاسات، والنصارى عندهم ملابسة للنجاسة، والأمة المحمدية وسط بين هاتين الأمتين، فاليهود كانوا إذا حاضت المرأة فيهم لم يؤاكلوها، بل لم يساكنها في البيت، ولم يضاجعوها، ولم يجالسوها، العزلة التامة؛ لأنها متلبسة بنجاسة، فديننا الوسط، منعنا من النكاح وأباح لنا ما عدا ذلك، والرسول -عليه الصلاة والسلام- يقرأ القرآن ورأسه في حجر عائشة وهي حائض، ويخرج رأسه من المسجد فترجله عائشة وهو معتكف، المقصود أن ديننا وسط، وهي وإن كانت متلبسة بنجاسة إلا أن النجاسة هذه دونها حوائل، فلا يمنع من مضاجعتها والنوم معها في لحاف واحد، وصنع كل شيء إلا النكاح، لكن ما الذي يباح من معاشرة المرأة المعاشرة الخاصة إذا استثنينا النكاح؟ في الحديث الذي يليه: حديث "عائشة -رضي الله عنها- قالت: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يأمرني فأتزر, فيباشرني وأنا حائض". "يأمرني فأتزر" الممنوع المحظور المحرم إتيان الحائض في موضع الحيض، وما فوقه وما تحته إلى محل الإزار فوق الركبة تحت الركبة وفوق السرة، هذا محل اتفاق بين أهل العلم، وما بين الركبة وموضع الحرث محل خلاف بين أهل العلم. "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يأمرني فأتزر, فيباشرني وأنا حائض" ولا شك أن الأمر بالاتزار هنا من باب الاحتياط، ومن باب اتقاء الشبهات، كالراعي يرعى حول الحمى، الذي يقرب من محل .. ، من المحل الممنوع يوشك أن يواقعه، فاتقاءً للشبهة يبتعد الإنسان عن الموضع وما يقرب منه. أما إذا جامع المرأة في موضع الحرث في موضع النجاسة فإنه حرام إجماعاً، لكن هل يلزمه شيء؟ كفارة أو لا يلزمه؟ "عن ابن عباس -رضي الله عنهما- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الذي يأتي امرأته وهي حائض- قال: ((يتصدق بدينار, أو بنصف دينار)) رواه الخمسة, وصححه الحاكم وابن القطان, ورجح غيرهما وقفه".

الحديث مصحح من قبل الحاكم، وعرفنا مراراً أنه متساهل، ومصحح من قبل ابن القطان وابن القطان متعنت، متشدد، صححاه مرفوعاً، كما صححه أيضاً ابن التركماني في الجوهر النقي، وابن القيم وابن حجر والألباني، المقصود أنه مصحح مرفوعاً من قبل جمع من أهل العلم. "ورجح غيرهما وقفه" ورجح غيرهما وقفه على ابن عباس، وأن هذا من فقه ابن عباس، لكن هل يقول ابن عباس مثل هذا الكلام من تلقاء نفسه؟ هل يفرض ابن عباس من تلقاء نفسه عقوبة على المخالف أو لا بد أن يكون عنده شيء أصل يعتمد عليه؟ من أهل العلم من يرى أنه موقوف لكن له حكم الرفع، كما أن من أهل العلم من يضعف الحديث جملةً وتفصيلاً. المصنف في التلخيص يقول: الاضطراب في إسناد هذا المتن ومتنه كثير جداً، فهو مضعف بالاضطراب، الاضطراب في إسناد هذا الحديث ومتنه كثير جداً، إيش معنى الاضطراب؟ الاضطراب معناه: أن يروى الحديث على أوجه، وأن تكون هذه الأوجه مختلفة، وأن تكون هذه الأوجه متساوية، بحيث لا يمكن ترجيح بعضها على بعض، والاضطراب علة قادحة في الحديث، فمن ضعفه قال: هو مضطرب، ومن صححه بترجيح بعض الأوجه على بعض، وإلا الاختلاف موجود لا يمكن رفعه، لكن هل هذا الاختلاف مع التساوي أو مع إمكان ترجيح بعض الوجوه على بعض؟ من صححه تمكن من الترجيح، قال بالترجيح، ومن لم يصححه قال: إنه لا يمكن الترجيح بين هذه الأوجه. وعلى كل حال الحديث صححه من سمعتم: الحاكم وابن القطان والتركماني، ابن القيم، ابن حجر، والألباني، إذن كيف يقول ابن حجر: الاضطراب في إسناده ومتنه كبير جداً وقد صححه؟ لا بد أن يكون قد ترجح له بعض الأوجه فانتفى الاضطراب، إذا تم ترجيح بعض الأوجه على بعض فإنه حينئذٍ ينتفي الاضطراب. الخطابي يرى أن .. ، أو ينسب إلى أكثر أهل العلم أن الحديث مرسل أو موقوف، القول بالوقف قال به كثير، وأنه من اجتهاد ابن عباس موقوف عليه، وأما القول بالإرسال فقال به بعضهم، والمقصود بالإرسال هنا الانقطاع، الانقطاع بين ابن عباس ومن رواه عنه.

هذا الحديث لا شك أنه بهذا الاختلاف يورث .. ، أقول: يورث وقفة، الحديث لم يثبت ثبوتاً بحيث يلزم الناس بهذه العقوبة المالية، والأصل براءة الذمة، فكثير من أهل العلم لا يثبتون هذا الحديث، يحكمون عليه بالضعف، وقد صححه من علمتم، والذي لا يثبت هذا الحديث ويتمسك بالأصل -البراءة الأصلية- يقول: عليه التوبة والاستغفار ولا شيء عليه، لكن إن تصدق الإنسان من غير فرض ولا إلزام فهو أحوط له، أحوط له خشية أن يثبت مثل هذا الخبر. "عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أليس إذا حاضت لم تصلِ ولم تصم?)) متفق عليه في حديث طويل. فيه بيان أن المرأة ناقصة، ناقصة عقل ودين، النبي -عليه الصلاة والسلام- يريد أن يقرر هذا المبدأ في نقص الدين، قال: ((أليس إذا حاضت لم تصلِ ولم تصم?)) والمقصود من هذا .. ، أو الشاهد منه لباب الحيض أن الحائض لا تصوم ولا تصلي، ولا يصحان منها، بل يحرمان، المرأة ناقصة عقل ودين، جبلة، فطرة، خلقة، وبهذا يستدل من يقول: إن الحائض لا يجري عليها أجر عملها وما كانت تعمله قبل الحيض وبعده، الآن إذا مرض الإنسان أو سافر يكتب له ما كان يعمله صحيحاً مقيماً. الحائض يكتب لها ما كانت تعمله صحيحة قبل الحيض؟ هذا الحديث يدل على أنه لا يكتب لها؛ لأن الشرع أثبت لها النقص، إذ لو كان يكتب لها ما أثبت الشرع النقص لها، ولقائل أن يقول: إن هذا النقص في الصورة، لا شك أن الذي يصلي أكمل ممن لا يصلي ولو كان معذوراً، فالمسألة عند أهل العلم خلافية، منهم من يقول: إن الحائض لا يكتب لها شيء في وقت الحيض، وليست كالمريض والمسافر، النقص إنما جاء في المريض والمسافر، والحائض ليست مريضة ولا مسافرة ولا في معنى المريض ولا المسافر، فلا يكتب لها شيء، ولذا أثبت الشارع النقص في حقها، نقص الدين، وأما نقص العقل فهو لكون شهادة المرأة عن النصف من شهادة الرجل.

والنقص مقرر شرعاً، مدرك عقلاً وعرفاً، وليس في هذا هضم للمرأة؛ لأن هذه طبيعتها وهذه سجيتها، والله -سبحانه وتعالى- خلقها على هذه الهيئة وعلى هذه الصفة، وحينئذٍ لا يجوز لها أن تتمنى أن لو كانت رجلاً لتسلم من هذا النقص {وَلاَ تَتَمَنَّوْاْ مَا فَضَّلَ اللهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِّلرِّجَالِ} [(32) سورة النساء] .. إلى آخره، بل تحمد الله -سبحانه وتعالى- أن جعلها تتمتع بشيء من العقل، وعليها أن تشكر النعمة التي فضلها الله -سبحانه وتعالى- بها على كثير من مخلوقاته. فكون المرأة أنقص من الرجل هذا أمر مدرك عرفاً وعقلاً وحساً، وهو أيضاً مقرر شرعاً، ويأتي من يأتي ويقول: إن هذا التقرير مناسب للنساء في وقته -عليه الصلاة والسلام- اللواتي ما درسن ولا تعلمن ولا كذا، هذا كلام خطير جداً، يعني إذا كان مثل هذا الكلام يقال في الصحابيات، المدارس التي خرجت هداة الأمم وقادة العالم هن الناقصات، والنساء اللواتي اشتغلن بسفاسف الأمور هن النساء الكاملات، حتى قرر بعضهم حول حديث: ((لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة)) المصيبة أن هذا محسوب على العلم والدعوة، قرر أن هذا الحديث لا يصح، متنه منكر، باطل، والحديث في البخاري، لماذا؟ يقول: هو مخالف للواقع، كيف يخالفه الواقع؟ يقول: النساء قادة الدنيا وأفلحوا، الهنود سبعمائة مليون في وقت إندي رغاندي ومشت أمورهم، وهي امرأة، الإنجليز المرأة يسمونها الحديدية تاتشر قادتهم بكل براعة يقول، جولد مائير هزمت العرب بجيوشها ورجالاتها وقوادها، بمثل هذا تعارض النصوص؟ إلا من قلب مفتون؟ نسأل الله العافية والسلامة. المرأة ناقصة عقل ودين، ولن يفلح قوم ولو أمرهم امرأة، ولو وصلت من التعليم ما وصلت، هذه طبيعتها وهذه سجيتها، واختبر النساء في المواقف، وتفضيل الرجال على النساء تفضيل جنسي، تفضيل جنس على جنس، إيش معنى هذا الكلام؟ أنه لا يمنع أن يكون في النساء من هن أفضل وأكمل من بعض الرجال، لكن جنس الرجال أفضل من جنس النساء، والواقع يشهد بذلك.

((أليس إذا حاضت لم تصلِ ولم تصم?)) يقول الحافظ: "متفق عليه في حديث طويل" وعرفنا قصة الخبر، وهو في البخاري، وفيه ما يشهد من الحديث للباب، وأما مسلم فليس فيه الشاهد، ليس فيه اللفظ الذي أورده الحافظ من أجله، فلو قال: أخرجه البخاري وأصله في مسلم لا بأس، أو أشار إليه مسلم؛ لأنه ساق الإسناد ولم يسق المتن، وساق متناً ليس فيه هذا القدر المحتج به. الحديث الذي يليه: حديث "عائشة -رضي الله عنها- قالت: "لما جئنا سرف" هو اسم محل بين مكة والمدينة، تعني في حجة الوادع حاضت "لما جئنا سرف حضت, فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((افعلي ما يفعل الحاج)) افعلي ما يفعل الحاج ((غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تطهري)) متفق عليه". فالحائض تفعل ما يفعله الحاج، تحرم مع الناس، تقف مع الناس، تبيت مع الناس، ترمي مع الناس، تفعل كل ما يفعله الحاج غير ألا تطوف بالبيت، فليس لها أن تطوف بالبيت، ولو طافت بالبيت وهي حائض فطوافها باطل، مهما كانت ظروفها، مهما كانت ظروفها، النص صحيح وصريح ((غير ألا تطوفي بالبيت)) وقال عن صفية: ((أحابستنا هي؟ )) يدل على أن الحائض تحبس الرفقة، وهذه نصوص صريحة في الباب، شيخ الإسلام -رحمه الله تعالى- رأى أن من الضرورة ألا يجلس الرفقة بسبب هذه المرأة التي إن تركت ضاعت، وإن سافرت معهم تركت ركن من أركان الحج، وإن حبستهم تضرروا بالبقاء فقال: لها أن تطوف في هذه الحالة، والمسألة ضرورة، لكن النصوص صريحة في أنها لا تطوف ولو ترتب على ذلك حبس الرفقة، ((أحابستنا هي؟ )) ((غير ألا تطوفي بالبيت)) ((افعلي ما يفعل الحاج)) كل ما يفعله الحاج مما هو من أعمال الحج، مما هو من أعمال الحج، الحاج يصلي نقول: افعلي ما يفعل الحاج لأن الصلاة شيء والطواف شيء آخر؟ نعم، الحاج يذكر الله ولم يرد ما يمنع من ذكر الله، الحاج يقرأ القرآن فهل نستدل بمثل هذا الحديث أو بعموم مفهوم هذا الحديث أن الحائض تقرأ القرآن إذا حجت؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . كيف؟ طالب:. . . . . . . . .

خاص بما يفعله الحاج من أفعال الحج، خاص بما يفعله الحاج من أفعال الحج، وأما قراءة الحائض فقد تقدم لنا أن أهل العلم يفتون لها أن تقرأ إذا خشيت من نسيان القرآن، أو احتاجت إلى قراءته في تعلم أو تعليم. "وعن معاذ -رضي الله تعالى عنه- أنه سأل النبي -عليه الصلاة والسلام- ما يحل للرجل من امرأته وهي حائض? فقال: ((ما فوق الإزار)) رواه أبو داود وضعفه". سنده فيه سعيد بن عبد الله الأغطش، مجهول الحال، لا يعرف فيه جرح ولا تعديل، ما معنى مجهول الحال؟ مجهول الحال؟ طالب:. . . . . . . . . نعم، لا يعرف فيه جرح ولا تعديل، نحتاج إلى قيد، نحتاج إلى قيد آخر، من روى عنه اثنان فأكثر ولم يذكر فيه جرح ولا تعديل هذا يسميه أهل العلم مجهول الحال، لكن من روى عنه واحد يسمونه مجهول العين، من لم يروِ عنه أحد إيش نسميه؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . كيف؟ طالب:. . . . . . . . . يعني شخص عرفنا اسمه، محمد بن عبد الله بن سعيد الأنصاري، لم يروِ عنه أحد، وآخر عرفنا اسمه واسم أبيه ونسبته وكنيته، ما روى عنه إلا واحد لكونه مقل، الثاني سميناه مجهول العين، وشخص روى عنه أكثر من واحد اثنان فأكثر، لكن لم يذكر فيه جرح ولا تعديل سميناه مجهول الحال، وبعضهم يطلق عليه المستور، لكن الشخص الذي لم يروِ عنه أحد ويش نسميه؟ ماذا نسميه؟ طالب:. . . . . . . . . نعم، لا حاجة ولا داعي لتسميته، لا داعي لتسميته، لماذا؟ لأن هذه التسميات المشعرة بالضعف والقدح إنما احتيج إليها من أجل الرواية نفياً وإثباتاً، فإذا كان هذا ما روى عنه أحد إذن هو لم يروِ شيء، فلا نحتاج إلى ذكره لا بجرح ولا تعدل، والجرح إنما أجازه أهل العلم على خلاف الأصل للحاجة والضرورة الداعية إليه، حاجة ملحة، لا يمكن أن نعرف الصحيح من الضعيف إلا بالجرح، جرح رواته وتعديلهم، فالذي ليست له رواية لا يجوز أن نجرحه بكلمة إلا عند الحاجة إذا شهد على أحد، وأردنا أن نقدح في شهادته لا مانع من أن يبين حاله ووضعه عند القضاة.

مجهول الحال: هناك مجهول الحال ظاهراً وباطناً وهناك مجهول الحال باطناً فقط، معلوم الحال في الظاهر، والمجاهيل وأصنافهم والاحتجاج بهم مسألة طويلة مبحوثة في كتب المصطلح، على كل حال الحديث ضعيف. "سأل النبي -عليه الصلاة والسلام- ما يحل للرجل من امرأته وهي حائض? فقال: ((ما فوق الإزار)) " وعائشة -رضي الله عنها- تقول: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يأمرني فأتزر, فيباشرني وأنا حائض"، "فيباشرني وأنا حائض" فحديث عائشة يشهد لحديث معاذ، لكن حديث عائشة فعل، حكاية فعل، "كان يأمرني فأتزر، فيباشرني وأنا حائض" حكاية فعل لا عموم لها، وليس فيها ما يمنع ما دون الإزار إذا لم يكن في غير موضع الحرث. أما حديث معاذ وفيه: "ما يحل للرجل من امرأته وهي حائض? فقال: ((ما فوق الإزار)) معناه أن ما دون الإزار يحرم عليه، فالمعنى مختلف. على كل حال الخبر ضعيف، الخبر ضعيف، ومن ترك مثل هذا الأمر اتقاءً للشبهة، وخشية أن يقع في المحظور فقد استبرأ لدينه، والحديث الذي تقدم ((أصنعوا كل شيء إلا النكاح)) يضعف مثل هذا الخبر. "وعن أم سلمة -رضي الله عنها- قالت: "كانت النفساء تقعد على عهد النبي -عليه الصلاة والسلام- بعد نفاسها أربعين يوماً" رواه الخمسة إلا النسائي, واللفظ لأبي داود". الخمسة، رواه أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه، رواه أيضاً الحاكم والبيهقي، وجمع من أهل العلم، وله طرق، النووي: "قول جماعة من مصنفي الفقهاء أن هذه الحديث ضعيف"، لكن رده النووي بأن له شاهد عند ابن ماجه من حديث أنس، والحاكم من حديث عثمان بن أبي العاص، المقصود أن الحديث له شواهد، ولذا حكم عليه جمع من أهل العلم بأنه حسن، حسن لغيره، فتثبت به الحجة.

"كانت النفساء تقعد على عهد النبي -عليه الصلاة والسلام- بعد نفاسها أربعين يوماً" معناه أنها إذا ولدت واستمر معها الدم أربعين يوماً كله نفاس، لا تصلي ولا تصوم، وأحكامه حينئذٍ مثل أحكام الحائض، كالحائض تماماً، وتؤمر حينئذٍ بقضاء الصوم ولا تؤمر بقضاء الصلاة، لكن لو جلست أقل من أربعين نقول: لا بد أن تكمل الأربعين؟ نعم؟ "كانت النفساء تقعد على عهد النبي -عليه الصلاة والسلام- بعد نفاسها أربعين يوماً" تقعد، ولو انقطع الدم؟ نعم؟ لا، المقصود أنها تقعد ما دام الدم موجوداً، وإلا متى انقطع الدم فإنه يحكم عليها بالطهارة، والنفاس لا حد لأقله، نعم أكثره أربعون يوماً، على ما جاء في هذا الحديث، أكثره أربعون يوماً للتحديد المذكور في الحديث، ولا حد لأقله، فإذا مكثت المرأة شهر ينزل عليها الدم ثم انقطع نقول: خلاص طهرت، أربعين يوم كذلك، واحد وأربعين يوم نقول: لا، خلاص طهرت بتمام الأربعين، وما عدا ذلك يعد استحاضة دم فساد، وإن شئت فقل على اصطلاح المتأخرين: نزيف، على كل حال هذا هو الحد الأعلى للنفاس. "وفي لفظ له –أي لأبي داود-: "ولم يأمرها النبي -عليه الصلاة والسلام- بقضاء صلاة النفاس" لم يأمرها بقضاء الصلاة كالحائض "كنا نؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة"، فالنفاس في أحكامه مثل أحكام الحيض، فيجوز للنفساء ما يجوز للحائض، وتمنع النفساء مما تمنع منه الحائض. ما الذي يوجب النفاس؟ الولادة، ومتى تثبت أحكام النفاس؟ إذا ولدت المرأة ما يتبين فيه خلق الإنسان، لكن لو ولدت أو قذفت مضغة ليس فيها ما يدل على شيء من خلق الإنسان فإنه لا يحكم لها بالنفاس، ولا تقعد من أجله. هل يلزم أن تنفخ فيه الروح أو لا يلزم؟ لأن عندنا أحكام مترتبة على تبين خلق الإنسان، وأحكام مرتبة على نفخ الروح، متى يصلى على السقط؟ إذا نفخ فيه الروح، إذا نفخ فيه الروح، وتثبت فيه أحكام النفاس إذا تبين فيه خلق الإنسان.

حديث أنس أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقت للنفساء أربعين يوماً إلا أن ترى الطهر قبل ذلك، إلا أن ترى الطهر قبل ذلك، حديث عثمان بن أبي العاص عند الحاكم: "وقت رسول -صلى الله عليه وسلم- للنساء في نفاسهن أربعين يوماً" هذه أحاديث يعضد بعضها بعضاً، وترتقي إلى درجة الحسن لغيره، وبهذا يكون المرجح في الحد الأعلى للنفاس هو الأربعين. اللهم صلِ وسلم وبارك على عبدك ورسولك. نأتي إلى تكميل الأسئلة، عندك شيء؟ يقول: ما رأيكم بالتفقه من كتاب فقه السنة؟ كتاب فقه السنة كتاب فقه ميسر ومبسط، ميسر ومبسط، وفيه شيء من الاستدلال، وفيه تيسير على بعض المثقفين، لكن لا يعني أن كل ما فيه صحيح، فيه الأقوال الراجحة، وفيه الأقوال المرجوحة، والمؤلف ليس من أهل التحرير والتحقيق، إنما هو ألف هذا الكتاب لما رأى ما في كتب الفقه من الصعوبة والعسر على المتعلمين، فأراد أن ييسر لهم، على كل حال غيره من كتب أهل العلم المحررة المتقنة المضبوطة أولى منه، وفيه أقوال مرجوحة كثيرة، وأحاديث ضعيفة أيضاً. يقول: هذا مفاد كلامه أن هذا الحديث أولاً يقول: أرى أنك كلما ذكرت حديثاً في الغالب أن يكون ضعيفاً إلا ما ندر؟ هذا الكلام ما هو بصحيح، فالحديث الصحيح والحسن فيه كثير في الكتاب. يقول: فلماذا أهل العلم يحرصون جداً على هذا الكتاب، ويحثون على حفظه؟ الكتاب تقدم لنا في مقدمة الدورة الأولى أن الكتاب نفيس ومحرر ومتقن ومضبوط على أوهام يسيرة، والكتاب وإن اشتمل على بعض الأحاديث الضعيفة مع بيان ضعفها لا بأس، كون الإنسان يعرف ما صح في الباب وما ضعف فيه، أهل العلم يعتنون بذلك، ولا يقتصرون على الصحيح فقط، فالإمام البخاري كما ذكرنا يحفظ من الأحاديث الصحيحة مائة ألف، ومن الضعيفة مائتي ألف، فعلينا أن نحرص على مثل هذا الكتاب ولو اشتمل على بعض الأحاديث الضعيفة. يقول: ما المقصود بقول الرسول -عليه الصلاة والسلام-: ((حين يقوم قائم الظهيرة؟ ))

المقصود به الزوال، زوال الشمس، حينما تكون الشمس في كبد السماء وهو الدلوك {أَقِمِ الصَّلاَةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ} [(78) سورة الإسراء] ووقت الزوال يقال له: وقت الدلوك، والسبب في ذلك كما قال الزمخشري: "أن الناظر إلى الشمس في هذا الوقت تؤلمه عينه فيدلكها" كذا قالوا. ما صحة من قال: أن المريض إذا لم يجد تراباً يتيمم به فإنه يتيمم في الجدار الذي بجانبه إن كانت له عثرة؟ إيش عثرة؟ غبار يعني؟ على كل حال المسألة تقدمت مع الخلاف فيها، وأنه هل يشترط أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد؟ أو يصح التيمم بكل ما على وجه الأرض مما يسمى صعيد؟ على كل حال إذا لم يجد تراب يتيمم بما على وجه الأرض مما لديه، إذا تيمم من الجدار لا بأس. ما حكم الإسقاط أثناء الأربعين وبعدها؟ وما حكم الإسقاط بعد النفخ إذا ثبت في الحمل تشويه أو ضرر على ... ؟ إلقاء النطفة الذي يسمونه الإجهاض، الفقهاء يقولون: لا بأس بإلقاء النطفة قبل الأربعين بدواءً مباح، مفهومه أنه بعد الأربعين يحرم، إذا انتقلت من طور إلى طور يحرم مهما كان السبب، ولو قرر الأطباء أن فيه تشويه، التشويه هذا لا شك أنه مصيبة، لكن يبقى أنه من المصائب التي يبتلى بها الإنسان، فليصبر وليحتسب {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ} [(10) سورة الزمر] ولا يجوز له حينئذٍ أن يتسبب في إسقاطه بعد الأربعين، وحتى قولهم: إلقاؤها بعد الأربعين ينبغي أن يحتاط له، ينبغي أن يحتاط له، فينظر في السبب؛ لئلا يتتابع الناس على هذا الإجهاض، ويصير عندهم أمر عادي، وبسببه تفشو المنكرات والفواحش، ويسهل أمره على الناس كل من حبلت ذهبت لتسقط، لا، لا بد من النظر في الباعث إذا قيل: إن المرأة تتضرر فيغلب على الظن ضررها لا بأس، والحمل حمل رشدة، لا حمل غواية، لا بأس، نعم. هذا يذكر أنه استفاد من هذه الدروس، ويسأل هل هناك تكملة لهذا الكتاب؟ على كل حال في اتفاق مع الإخوان أننا نكمل الكتاب في دورات لاحقة يكون في كل سنة دورتين أو أكثر حتى يكمل الكتاب، ولو في أثناء الدراسة، على كل حال هذا الاتفاق مع الإخوان، والله المستعان.

يقول: هل من الأفضل اقتناء الكتب الستة ثم اقتناء الشروح، أو يكفي اقتناء الشروح والكتب الستة؟ لا شك أن هناك طبعات لمتون الكتب الستة لا يستغنى بغيرها عنها، البخاري مطبوع طبعات، الطبعة السلطانية لا يستغني عنها طالب علم ولو اشترى الشروح، مسلم أيضاً الطبعة العامرة ما يستغنى عنها ولو اشترى الطالب الشروح، على كل حال الذي لا تساعده الظروف للجمع بين المتون والشروح واقتصر على الشروح لا بأس -إن شاء الله تعالى-. يقول: يلاحظ في هذه الأيام كثرت اقتناء الهاتف الجوال للنساء، فهل في ذلك حكم شرعي؟ وحكم يمكن أن نستنبط منه على حظره يعني على منعه؟ على كل حال النساء شقائق الرجال، ومثل هذه الأمور تفرضها الحاجة، فمن احتاج إليها من ذكر أو أنثى اقتناها، هي في الأصل مباحة، هي في الأصل من الأمور المباحة، وهي من نعم الله -عز وجل- على الناس، سهلت كثير من الأمور، لكن هذه النعمة تحتاج إلى شكر بأن تستخدم فيما يرضي الله -عز وجل-، واستخدامها فيما لا يرضي الله -عز وجل- من كفر النعم، فإذا استخدمت في مجال الخير صارت خير، وإن استخدمت في الشر صارت شر، وعلى كل حال الترف والقدر الزائد على الحاجة يدخل في حيز التبذير وإضاعة المال سواءً كان بالنسبة للرجال أو النساء. ما السنة للمؤذن أن يضع يديه؟ يضعهما في أذنيه. أغلب أحاديث بلوغ المرأة في كتاب الطهارة ذكرت أنها ضعيفة؟ كيف فهموا هذا؟! كثير منها في الصحيحين في أحدهما كثير، أما هذا الإطلاق أكثر ما هو بصحيح، فيه ضعيف كثير، مر بنا ضعيف كثير، والإجابة عنه على ما سمعتم قريباً، وأما الضعيف فإنه لا يحتج به، لا يحتج به. يقول: ما نصيحتك لمن يريد أن يطلب العلم؟ وما هي الكتب التي تنصح بها لمعرفة آراء الأئمة وأدلتهم والراجح منها؟ مع أفضل كتاب في مذهب الإمام أحمد بن حنبل؟ على كل حال هذا ينبني جوابه على معرفة مستوى السائل، كل سائل حسب مستواه العلمي وإدراكه وظروفه يجاب، والكتب -كتب المذاهب- ألفت على اعتبار أن الطلاب المتعلمين طبقات، فألف ما يناسب المبتدئين، كما ألف ما يناسب المتوسطين، وألف ما يناسب الكبار المنتهين.

على كل حال في كل مذهب كتب أما مذهب الإمام أحمد فإن كان الطالب مبتدئاً وقرأ بالنسبة للفقه في أول .. ، بدأ بآداب المشي إلى الصلاة، ثم العمدة، عمدة الفقه، ثم الزاد، ونظر في شروحه، ثم ارتقى بعد ذلك. . . . . . . . . الكتب التي تذكر الأقوال بأدلتها كالمغني والمجموع والاستذكار لابن عبد البر لمعرفة مذاهب فقهاء الأمصار، وغيرها من الكتب، هذا هو الأصل. أجود كتب التفسير والتوحيد والحديث يحتاج إلى دورة هذا، لكن من أجود كتب التفسير تفسير الحافظ ابن كثير -رحمه الله تعالى-، تفسير ابن كثير -رحمة الله عليه-، والتوحيد كتب أئمة الدعوة، كتب شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب المختصرة والمتوسطة، وكتب شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم وغيرهم من أئمة أهل السنة والجماعة. وأما الحديث فالأربعين والعمدة والبلوغ والمنتقى والمحرر، هذه أمور مهمة لطالب العلم، ثم كالكتب المسندة الصحيحين والسنن والمسانيد وغيرها. هذا يسأل يقول: لو أشرتم إلى الرأي المختار في مسألة هل الاسم عين المسمى؟ الاسم عين المسمى أو غيره؟ هذه مبسوطة بشيء من التيسير في تفسير سورة الفاتحة، تفسير سورة الفاتحة في أربعة أشرطة موجودة في الأسواق؛ لأن هذه المسألة لا يستفيد منها كثير من الحاضرين. ورد في أحاديث كثيرة عن النبي -عليه الصلاة والسلام- لفظ: "في سبيل الله" فما هو مفهوم في سبيل الله؟ هل هو خاص بالجهاد فقط أو أعم من ذلك؟ الأصل أنه للجهاد، الأصل أنه للجهاد، لا سيما في نصوص الزكاة، قد يطلق سبيل الله ويراد به الطريق الموصل إلى الله -عز وجل-: ((من صام يوماً في سبيل الله)) يعني خالصاً لوجه الله -عز وجل- ((باعد الله بينه وبين النار سبعين خريفاً)) من أهل العلم من يرى أن الحج في سبيل الله، ومنهم من يرى أن طلب العلم في سبيل الله، لكن يبقى أن مصرف الزكاة الذي قيل فيه: "وفي سبيل الله" هو الجهاد فقط. يقول: صدمت سيارة فيها رجال كفار فمات واحد منهم فحملوني نصف الدية، السؤال: هل علي صيام؟ نقول: لا، ليس عليك صيام ولا كفارة.

إذا حاضت المرأة قبل الميقات، ثم أتت الميقات وهي حائض هل يجوز لها الإحرام ثم دخول مكة، ثم الانتظار حتى تطهر، ثم تطوف بالبيت لأداء الحج والعمرة؟ هذا هو المطلوب، تحرم مع الناس وتفعل جميع ما يفعله الحاج غير ألا تطوف بالبيت، فإذا طافت بالبيت سعت، طافت وسعت وأتمت ما بقي لها. من الكتب التي ينصح بها في اللغة العربية؟ اللغة العربية ذات فروع، ذات فروع عشرة، وفي كل فرع من هذه الفروع كتب، ألفت على الطريقة التي أشرنا إليها سابقاً في النظر إلى أوضاع المتعلمين وتقسيم المتعلمين، وطبقات المتعلمين. على كل حال صاحبنا لعله يقصد ما استفاض بين الناس أن المراد باللغة النحو، النحو أول كتاب يبدأ به الآجرومية، فإذا قرأ حفظ الطالب الآجرومية وقرأ عليها شرح الكفراوي على طول فيه، وهو شرح ممل، لكن الكتاب كفيل بأن لا يتمه الطالب حتى تكون لديه ملكة إعرابية، هو يعتني بالإعراب، وشرح العشماوي فيه قواعد وضوابط تفيد الطالب المبتدي قد لا توجد عند غيره، ثم إذا أتقن الآجرومية وقرأ في القطر ضبطه وأتقنه ثم إن كان عنده فضل ....

كتاب الصلاة

بلوغ المرام - كتاب الصلاة (1) الشيخ/ عبد الكريم بن عبد الله الخضير السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. كان في ذهني وتقديري قبل البداية في الدرس أن نذكر كلمة عن العلم وفضله وسبل تحصيله ومسيس الحاجة إليه، وقد قام بذلك فضيلة الشيخ، وليس عندي ما أضيفه إلى ما قاله، إلا أن هذا العلم من علوم الآخرة المحضة التي لا تجوز فيها الشركة، فهو عبادة محضة لا بد فيه من الإخلاص، لا بد فيه من الإخلاص؛ لأن هذا كلام الرسول -عليه الصلاة والسلام-، لا يطلب لينال به غرض منا لدنيا، ولا يطلب ليقال: فلان محدث أو صاحب حديث، ولا يطلب لتضفى فيه الألقاب التي قد تكون بحق وقد تكون بغير حق. وغاية ما فيها وإن كانت بحق إلا أنها من المدح والتمادح في الوجوه وقد جاء ذم ذلك، وقد كثر إضفاء هذه الألقاب على بعض من ينتسب إلى فروع العلم الشرعي وهذه ظاهرة يتجنبها سلف هذه الأمة وأئمتها إلى شيوخنا في العصر الحاضر، لكن الشباب والإخوان وطلاب العلم من حبهم لشيوخهم يضفون عليهم هذه الألقاب، لكن في تقديري أنها ليست من مصلحة المادح ولا الممدوح، فالمادح بحاجة إلى مزيد من التلقي، والممدوح بحاجة إلى الدعاء، والله المستعان. على كل حال نبدأ في درسنا في كتاب الصلاة لقراءة الكتاب من قبل الشيخ ثم بعد ذلك نعلق بما تيسير؛ لأن القدر المحدد في الدورة خمسون حديثاً، خمسون حديثاً في خمسة أيام، وعلى هذا علينا أن ننجز في كل ليلة عشرة أحاديث على الأقل، وإن كانت الأحاديث بعضها مرتبطة ببعض وبعضها أطول من بعض، فنحاول أن نسدد ونقارب، وننهي القدر المحدد إن شاء الله تعالى؛ لأن الإخوان عندهم خطة بحيث ينهى فيها الكتاب خلال أربع سنوات أو خمس سنوات على الأكثر والله المستعان. سم. بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد: قال الحافظ بن حجر العسقلاني -رحمه الله تعالى- في كتابه بلوغ المرام: كتاب الصلاة، باب المواقيت:

عن عبد الله بن عمرو -رضي الله تعالى عنهما- أن نبي الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((وقت الظهر إذا زالت الشمس, وكان ظل الرجل كطوله ما لم يحضر العصر, ووقت العصر ما لم تصفر الشمس, ووقت صلاة المغرب ما لم يغب الشفق, ووقت صلاة العشاء إلى نصف الليل الأوسط, ووقت صلاة الصبح من طلوع الفجر ما لم تطلع الشمس)) [رواه مسلم]. وله من حديث بريدة -رضي الله تعالى عنه- في العصر: ((والشمس بيضاء نقية)). ومن حديث أبي موسى -رضي الله تعالى عنه-: ((والشمس مرتفعة)). وعن أبي برزة الأسلمي -رضي الله تعالى عنه- قال: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصلي العصر, ثم يرجع أحدنا إلى رحله في أقصى المدينة والشمس حية, وكان يستحب أن يؤخر من العشاء, وكان يكره النوم قبلها والحديث بعدها, وكان ينفتل من صلاة الغداة حين يعرف الرجل جليسه, وكان يقرأ بالستين إلى المائة" متفق عليه. يكفي، يكفي بركة يقول المصنف -رحمه الله تعالى-: كتاب الصلاة. سبق الكلام عن الكتاب وتعريف الكتاب وأنه مصدر كتب يكتب كتابة وكتباً، وكتاباً وأصل الأصل في هذه المادة الجمع، سبق الكلام بإفاضة لما تحدثنا عن كتاب الطهارة. والصلاة يقول جمهور العلماء: أن أصلها الدعاء، فهي مأخوذة من الدعاء، ويقولون: إن الصلاة الشرعية المعروفة المحدودة بتكبيرة الإحرام المختومة بالتسليم، سميت بذلك لاشتمالها على الدعاء. حقيقة الصلاة لغة الدعاء، صلي عليهم: أي أدعو لهم، صلي عليهم: أي أدعو لهم. وحقيقتها الشرعية: التقرب إلى الله -سبحانه وتعالى- بهذه العبادة على هذه الكيفية المشروحة المجملة في الكتاب المبينة في السنة. الحقيقة اللغوية جزء من الحقيقة الشرعية، ومعروف أن الشرع يزيد في الحقائق اللغوية، الحقائق الشرعية تزيد على الحقائق اللغوية، فالدعاء الذي هو أصل الصلاة لغةً، الصلاة الشرعية دعاء وغير دعاء، الإيمان الذي أصله في اللغة التصديق، واليقين، الحقيقة الشرعية للإيمان زادت على حقيقته اللغوية من النطق باللسان والعمل بالجوارح، إضافة إلى ما في القلب من تصديق ويقين.

الصلاة ثاني أركان الإسلام فالإسلام كما في حديث عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- في الصحيحين وغيرهما: ((بني على خمس: شهادة ألا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة)) الركن الثاني، ((وإيتاء الزكاة، والحج وصوم رمضان)) الحديث [متفق عليه]. فهي ركن من أركان الإسلام بالإجماع، وتاركها على خطر عظيم، جمع من أهل التحقيق يرون كفر تارك الصلاة ولو اعترف بوجوبها، ولو اعترف بوجوبها، وهو المأثور عن السلف من الصحابة والتابعين، والجمهور على أن تارك الصلاة يقتل، على خلاف بينهم في قتله، هل يقتل مرتد أو يقتل حد؟ وأقل ما قيل في تارك الصلاة أنه يحبس حتى يصلي أو يموت، هذا أقل ما قيل في تارك الصلاة، فالمعتمد والمفتى به الآن أن تارك الصلاة كافر، وترتب على هذه الكلمة جميع الآثار المترتبة على الكفر، تبين زوجته، لا يغسل، ولا يكفن، ولا يصلى عليه، ولا يدفن في مقابر المسلمين، ولا يرث ولا يورث، جميع الأحكام المترتبة على الردة تلحق تارك الصلاة نسأل الله السلامة والعافية. أما بقية الأركان من الزكاة والحج والصوم فقال جمع من أهل العلم: بكفر تارك كل واحد منها، لكن الجمهور على خلاف هذا القول وإن كان على خطر شديد، على خطر عظيم إذا ترك الزكاة، الصديق قاتل تارك الزكاة، تارك الحج، {وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ} [(97) سورة آل عمران]. تارك الصيام، من أفطر في يوم من رمضان من غير عذر لم يقضه صوم الدهر وإن صامه، فالمسألة ليست بالسهلة، ليست بالهينة. باب المواقيت: أيضاً تقدم التعريف بكلمة باب وأنه في الأصل ما يدخل ويخرج معه، واستعمل في ما يضم فصول ومسائل علمية، والمواقيت جمع ميقات، والمراد به الوقت، الوقت الذي عينه الله -سبحانه وتعالى- لأداء هذه العبادة. يقولون في مواقيت الحج: مواقيت زمانية ومواقيت مكانية، في مواقيت الصلاة هل نستطيع أن نقول: زمانية ومكانية؟ هنا زمانية، لكن هل هناك مواقيت مكانية؟ ((جعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً)) هذا الأصل، وقد تقدم الكلام على هذا الحديث، لكن من سمع النداء ممن تلزمه الجماعة لا يجوز له أن يصلي في غير المسجد، حيث ينادى بها.

الحديث الأول: حديث عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((وقت الظهر إذا زالت الشمس)) وقت الظهر إذا زالت الشمس, بعد انقضاء وقت النهي حين يقوم قائم الظهيرة، على ما سيأتي في أوقات النهي، إذا زالت الشمس، يعني مالت إلى جهة المغرب، مالت إلى جهة المغرب، وهو الدلوك الذي يقول الله -جل وعلا- فيه: {أَقِمِ الصَّلاَةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ} [(78) سورة الإسراء]، دلوك الشمس أي: زوالها، وسمي وقت الزوال دلوكاً لماذا؟ يقول الزمخشري: لأن الناظر إلى الشمس في هذا الوقت تؤلمه عينه فيحتاج إلى دلكها. ((إذا زالت الشمس وكان ظل الرجل كطوله)) ظل الرجل مساوياً له، وقت الظهر إذا زالت الشمس وكان ظل الرجل كطوله. طالب. . . . . . . . . إيش؟ في سقط هنا، في سقط؟ نعم، يعني أوله إذا زالت الشمس، وآخره إذا كان ظل الرجل كطوله ما لم يحضر وقت العصر، وذكر الرجل من باب التمثيل، وإلا ظل كل شيء يكون كطوله بمقداره، فإذا كان طول الشيء متر صار ظله متراً، وإذا كان طول الشيء مترين، يصير ظله مترين بطوله، وصار ظل الرجل كطوله ((ما لم يحضر وقت العصر)) , هذا وقت صلاة الظهر، والظهر هي الصلاة الأولى، هي الصلاة الأولى، كما دل عليه هذا الحديث وحديث إمامة جبريل إمامة جبريل بالنبي -عليه الصلاة والسلام-، أمه في أول الصلوات الظهر، أول صلاة أمه أم النبي -عليه الصلاة والسلام- في صلاة الظهر ولذا تسمى الأولى.

وقتها من زوال الشمس إجماعاً إلى أن يصير ظل الرجل كطوله ما لم يحضر وقت العصر، ما لم يحضر وقت العصر، وهذه الجملة فيها دليل لجمهور العلماء أنه لا اشتراك بين صلاتي الظهر والعصر في قدر يتسع لأربع ركعات، والإمام مالك -رحمه الله تعالى- يقول: إن هناك من الوقت قدر مشترك يتسع لأربع ركعات، ويستدل بحديث إمامة جبريل للنبي -عليه الصلاة والسلام-؛ لأن جبريل -عليه السلام- أم النبي -عليه الصلاة والسلام- في اليوم الثاني حينما صار ظل الشيء كطوله هذا بالنسبة لصلاة الظهر، وأمه بصلاة العصر في اليوم الأول حينما صار ظل الشيء كطوله، فدل على أن هذا الوقت حينما يصير ظل كل شيء كطوله، وقت صالح للأداء لصلاة الظهر ولصلاة العصر؛ لأن مفهومه أنه أمه في الوقت نفسه، يعني أمه لصلاة العصر في اليوم الأول حينما صار ظل الشيء كطوله، وأمه في اليوم الثاني بصلاة الظهر حينما صار ظل الشيء كطوله، فدل على أن هناك قدر مشترك في آخر وقت صلاة الظهر، يصلح لأن تؤدى فيه صلاة الظهر، وتؤدى فيه صلاة العصر، وهو الوقت المشترك بين الصلاتين، هذا ما يفيده حديث جبريل، وحديث الباب يقول: ((ما لم يحضر وقت العصر))، فدل على أنه لا اشتراك بين الصلاتين في هذا المقدار، دل على أنه مجرد ما ينتهي وقت صلاة الظهر يبدأ وقت صلاة العصر، فلا اشتراك، ولا شك أن هذا الحديث أقوى، لماذا؟ لأنه مخرج في صحيح مسلم، وحديث إمامة جبريل في السنن، فهذا الحديث من حيث الصناعة أقوى، وذكر الترمذي عن الإمام البخاري أن أصح حديث في المواقيت حديث إمامة جبريل للنبي -عليه الصلاة والسلام-، فهل نقول: إن قول البخاري أصح يعطي حديث إمامة جبريل من القوة بحيث يرجح على ما خرجه مسلم في صحيحه؟ هذا هو مقتضى أفعل التفضيل، هو مقتضى أفعل التفضيل أنه أصح من حديث عبد الله بن عمرو عند الإمام البخاري، والإمام البخاري لم يخرج هذا ولا ذاك، وهذا الحديث خرجه الإمام مسلم في صحيح تلقته الأمة بالقبول فلا إشكال فيه.

يبقى أن كون صحيح البخاري أصح الكتب بعد كتاب الله، هل معنى هذا أن أحكام البخاري على الأحاديث أرجح من أحكام غيره بغض النظر عن صحيح البخاري، صحيح البخاري نتفق على أنه أصح الكتب، لكن أحكام البخاري -رحمه الله تعالى- على الأحاديث هل هي أرجح من أحكام غيره؟ هل هي أرجح مما يخرجه مسلم في صحيحه؟ لا، ليست بأرجح، وعلى هذا المرجح أنه لا اشتراك بين صلاتي الظهر والعصر في القدر المذكور، المتسع لأربع ركعات. ((ووقت العصر)) دل قوله: ((مالم يحضر وقت العصر)) أنه بمجرد ما ينتهي وقت صلاة الظهر، يبدأ وقت صلاة العصر، متى يبدأ وقت صلاة العصر من خلال هذا الحديث؟ إذا صار ظل الشيء كطوله، حديث جبريل الذي سبقت الإشارة إليه، أجيب عنه بأنه فرغ من صلاة الظهر حينما صار ظل الشيء كطوله، في اليوم الثاني، وشرع في صلاة العصر في اليوم الأول حينما صار ظل الشيء كطوله، فرغ بين الفراغ والشروع، ظاهر وإلا ما هو بظاهر؟ إذن لا اشتراك حتى على حديث إمامة جبريل إذا قلنا أنه في اليوم الثاني فرغ من صلاة الظهر، وفي اليوم الأول شرع في صلاة العصر فلا اشتراك. وقت العصر من مصير ظل الشيء كطوله، وبهذا قال جمهور أهل العلم، ويرى الحنفية أن وقت صلاة العصر يبدأ من مصير ظل الشيء مثلية، من مصير ظل الشيء مثليه، من مصير ظل الشيء مثليه، يستدل الحنفية بأدلة لا تقاوم هذا الحديث من حيث الصراحة في الدلالة، الحنفية محمد بن الحسن في موطئه يقول: إنما سميت العصر؛ لأنها تعتصر ويضيق عليها وقتها.

من أقوى أدلة الحنفية حديث ما جاء من أن من التمثيل بالأجير بالنسبة لهذه الأمة واليهود مع اليهود والنصارى، ((مثلكم ومثل من قبلكم كمثل رجل استأجر أجيراً من أول النهار إلى الزوال على دينار، ثم استأجر أجيراً من منتصف النهار إلى وقت العصر على دينار، ثم استأجر أجيراً من وقت العصر إلى الغروب على دينار، فالذين عملوا إلى منتصف النهار مثل اليهود، والذين عملوا، الأخير على دينارين، والذين عملوا من منتصف النهار إلى وقت العصر هم النصارى، والذين عملوا من وقت العصر إلى غروب الشمس هم هذه الأمة، فاحتج أهل الكتاب فقالوا: نحن أكثر عملاً وأقل أجراً، نحن أكثر عملاً وأقل أجراً)) استدلال اليهود ظاهر؛ لأنهم عملوا من أول النهار إلى منتصفه إلى زوال الشمس هو أكثر من وقت العصر بلا إشكال، لكن كيف يحتج اليهود، النصارى، كيف يحتج النصارى بأن عملهم أكثر وهم من زوال الشمس إلى مصير ظل الشيء مثله، وهذه الأمة من مصير ظل الشيء مثله إلى غروب الشمس، يقولون: هذا الحديث يقتضي أن وقت العصر أضيق من وقت الظهر، وعلى هذا يكون من مصير ظل الشيء مثليه، ليكون الفرق واضح، استدلالهم ظاهر وإلا ما هو بظاهر؟ نعم، نعم هم يقولون: لو كان وقت العصر يبدأ من مصير ظل الرجل كطوله ما صار وقت النصارى أطول من وقت المسلمين، أجيب عن هذا بأن الاحتجاج من اليهود والنصارى معاً، ولا شك أن العمل من طلوع الشمس من أول النهار إلى مصير ظل الرجل كطوله أطول، بلا إشكال، فوقت اليهود والنصارى معاً أطول من عمل المسلمين، أطول من وقت المسلمين عملهم، وأجيب عن ذلك أيضاً: بأن وقت الظهر من زوال الشمس إلى مصير ظل الرجل كطوله أطول في كل مكان وفي كل زمان، من مصير ظل الرجل كطوله إلى غروب الشمس، ومن نظر في التقويم تبين له هذا.

الفارق ليس بالكبير، يعني أحياناً يفرق ربع ساعة، ليس بالكبير، لكنه أطول، فلا نحتاج إلى مثل هذا الكلام، يعني لا نرد النصوص الصحيحة الصريحة بمثل هذه الفهوم البعيدة، الوقت الذي هو بين مصير ظل الشيء كطوله، ومصير ظل الشيء مثليه، وقت عند الحنفية لصلاة الظهر، عند بعضهم، وعندهم أيضاً قول بأنه ليس بوقت للصلاة لا للظهر ولا للعصر، قول في مذهب الحنفية، يعني مثل الضحى ليس بوقت لصلاة الصبح، ولا بوقت لصلاة الظهر، وقت بين وقتين، لكن الصحيح الذي يدل عليه هذا الحديث صراحة وهو أصح ما ورد في المواقيت؛ لأنه مخرج في الصحيح ما لم يحضر وقت العصر، ووقت العصر يعني من مصير ظل الشيء كطوله بعد فراغ، بعد انتهاء وقت صلاة الظهر ما لم تصفر الشمس، ما لم تصفر الشمس، يفيد هذا الحديث أن نهاية وقت صلاة العصر هو اصفرار الشمس، وبهذا قال جمع من أهل العلم، وإن كان الأكثر على أن هذا وقت الاختيار، لا وقت الاضطرار، بدليل الحديث الآتي، وهو في الصحيح من أدرك من صلاة الصبح ركعة قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح، ومن أدرك من صلاة العصر ركعة قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر، فدل على أن وقت العصر يمتد، وقت الاضطرار يمتد إلى غروب الشمس، ليس في النوم تفريط، إنما التفريط على من يؤخر الصلاة حتى يجيء وقت الصلاة الأخرى، دل على أنه ما لم تغرب الشمس هو وقت لصلاة العصر، لكن تأخيرها إلى اصفرار الشمس جاء التحذير منه والوعيد عليه، وإن كان فعلها فيه أداء وليس بقضاء، وصلاة العصر على وجه الخصوص جاء في تأخيرها عن وقتها الوعيد الشديد، وجاء الحث على فعلها في وقتها مع صلاة الصبح، وهما البردان، ووقت العصر ما لم تصفر الشمس, ووقت صلاة المغرب ما لم يغب الشفق , يعني من غروب الشمس إجماعاً إلى مغيب الشفق، والشفق جمهور أهل العلم على أنه الحمرة، وسيأتي في حديث يأتي الكلام عنه وضعف وبيان ضعفه، لكنه ثابت عن ابن عمر وهو من العرب الأقحاح، وهو قول الأكثر، المراد بالشفق الأحمر، ويرى بعضهم أن المراد بالشفق الأبيض.

على كل حال وقت صلاة المغرب فيه سعة على ضوء حديث عبد الله بن عمرو حديث الباب، يمتد من غروب الشمس إلى مغيب الشفق بمقدار ساعة ونصف، وحديث إمامة جبريل يدل على أن صلاة المغرب ليس لها إلا وقت واحد، حيث صلى بالنبي -عليه الصلاة والسلام- في اليوم الأول، وفي اليوم الثاني، بعد أن وجبت الشمس، يعني بعد أن غربت، بعد أن غربت الشمس صلى في اليوم الثاني في الوقت الذي صلى فيه في اليوم الأول، وبهذا قال الشافعية، وأن وقت صلاة المغرب مضيق، بحيث لا يزيد على ما يتسع للوضوء والصلاة يعني مقدار ربع ساعة، تقريباً، الجمهور أخذوا بهذا الحديث والشافعية عملوا بحديث إمامة جبريل، ولا شك أن هذا من حيث الصناعة أرجح وهو أيضاً متأخر عن حديث إمامة جبريل للنبي -عليه الصلاة والسلام-، فمن حيث الرجحان هذا أرجح، ومن حيث التأخر هذا آخر الأمرين، فقول الجمهور أقوى. ((ووقت صلاة العشاء إلى نصف الليل الأوسط)) يعني من مغيب الشفق بداية إلى نصف الليل الأوسط، وهذه نهاية وقت صلاة العشاء، نصف الليل الأوسط، متى يقال أوسط؟ نعم إذا كان مركب من ثلاثة أطراف، نعم، أو خمسة أو سبعة، نعم إذا كان من ثلاثة أطراف فالثاني أوسط، لكن هل التقسيم إلى نصفين ذكر النصف يدل على أنه ثلاثة أو اثنين؟ يمكن أن يكون الشيء ثلاثة أنصاف لنقول: نصف الليل الأول، ونصف الليل الأوسط، ونصف الليل الأخير، يعني مثل ما نقول في الثلث، ثلث الليل الأول، ثلث الليل الأوسط، ثلث الليل الأخير، نعم؟ كيف يقول الأوسط؟ المقصود به نهاية النصف الأول، وقيل له أوسط لوقوع نهايته في وسط الليل، لوقوع نهايته في وسط الليل، وحديث الباب دليل على أن وقت صلاة العشاء ينتهي بانتصاف الليل على أن حديث إمامة جبريل يدل على أن نهاية وقت صلاة العشاء ثلث الليل، ويقال فيه ما قيل سابقاً من أن هذا الحديث أقوى وهو أيضاً متأخر فهو أرجح. الأقوال ثلاثة في نهاية وقت صلاة العشاء: القول الأول: أنه ثلث الليل، نهاية ثلث الليل ويستدل بما ذكرناه من إمامة جبريل. والقول الثاني: أنه منتصف الليل ويدل عليه صراحة هذا الحديث.

والقول الثالث: أنه ينتهي بطلوع الفجر، بطلوع الفجر، والدليل عليه قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((ليس في النوم تفريط، ليس في النوم تفريط، إنما التفريط على من أخر الصلاة حتى دخل وقت الصلاة الأخرى)) فدل على أن وقت صلاة العشاء يمتد إلى أن يدخل وقت الصلاة التي تليها وهي الصبح، لكن عمومه مخصوص بصلاة الصبح إجماعاً، فلا يمتد وقتها إلى أن يدخل وقت الصلاة التي تليها وهو الظهر، وليكن أيضاً مخصوص بصلاة العشاء لهذا الحديث. ((ووقت صلاة الصبح من طلوع الفجر)) والمراد به الفجر الصادق الذي ينتشر في الأفق، وليس المراد به الفجر الكاذب المستطيل الذي جاء تمثيله بذنب السرحان. ((وقت صلاة الصبح من طلوع الفجر ما لم تطلع الشمس)) يعني إلى طلوع الشمس، ما لم تطع الشمس، وهذا متفق عليه، مجمع عليه، فإذا طلعت الشمس طلع وقت صلاة الصبح، إذا صلى ركعة قبل طلوع الشمس وركعة بعد طلوعها يكون حينئذ مدركاً للوقت على ما سيأتي بيانه إن شاء الله تعالى، وهل يكون مدركاً تكون الصلاة كلها أداء، أو ما أدركه في الوقت أداء، وما أدركه بعد الوقت قضاء؟ ستأتي الإشارة إليه إن شاء الله تعالى، رواه مسلم. يقول: وله أي لمسلم من حديث بريدة بن الحصيب الأسلمي في العصر: ((والشمس بيضاء نقية)). الشمس بيضاء نقية، وهو مفهوم من قوله في حديث الباب: ((ما لم تصفر الشمس)). ومن حديث أبي موسى وهو في مسلم أيضاً، يعني وله لمسلم من حديث أبي موسى: ((والشمس مرتفعة)). يعغني لم تتضيف للغروب، لم تمل إلى الغروب. وعن أبي برزة الأسلمي نضلة ابن عبيد، أو عبيد بن نضلة - رضي الله تعالى عنه- قال: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصلي العصر, ثم يرجع أحدنا إلى رحله في أقصى المدينة والشمس حية , حية، يعني تدرك حرارتها، يعني ما زالت حرارتها باقية، يصلي العصر ثم يرجع أحدنا إلى رحلة في أقصى المدينة والشمس حية، هذا دليل أيضاً من أدلة الجمهور على أن وقت صلاة العصر يبدأ من مصير ظل الشيء كطوله. "وكان يستحب أن يؤخر من العشاء" ((إنه لوقتها)) لما تأخر عليهم -عليه الصلاة والسلام- في صلاة العشاء قال: ((إنه لوقتها لولا أن أشق عليكم)).

وكان يستحب أ، يؤخر من العشاء بما لم يشق, وكان يكره النوم قبلها، لئلا يتسبب في إخراجها عن وقتها من جهة، ولئلا يترتب على ذلك تضييع الجماعة، وكان يكره النوم قبلها، والحديث بعدها , يعني بعد صلاة العشاء، مع الأسف أنه لا يطيب الوقت عند غالب الناس إلا بعد صلاة العشاء، وتجد الإنسان في وقته كله يتثاءب العصر، والظهر، المغرب، يتثاءب إن صلى العشاء طار النوم، وتفرغ الناس لأعمالهم وأشغالهم، وكثر منهم في القيل والقال، وإلا لو كان سهره فيما ينفعه وينفع غيره لا إشكال في ذلك، كان النبي -عليه الصلاة والسلام- يسمر مع أبي بكر في أمر المسلمين، وترجم الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- في كتاب العلم من صحيحه باب السمر في العلم، فدل على أن إقامة مثل هذا الدرس بعد صلاة العشاء لا يدخل في كراهية الحديث بعدها، إنما المكروه السهر الذي لا فائدة فيه، السهر الذي لا فائدة فيه، وإلا السهر الذي تترتب عليه فائدة سواءً كانت خاصة أو عامة لا يكره، بل قد يكون لبعض الناس أنفع من النهار، وعرف عن جمع من أهل العلم أنهم يقسمون الليل بين نوم وصلاة وقراءة وتصنيف، فالسمر للمصلحة جائز بل مشروع، فضلاً عن أن يدخل في حيز الكراهة المذكورة في حديث الباب. "وكان ينفتل ينصرف من صلاته، من صلاة الغداة صلاة الصبح حين يعرف الرجل جليسه, وكان يقرأ بالستين إلى المائة" النبي -عليه الصلاة والسلام- يصلي الصبح بغلس، يعني يشرع فيها في وقت الغلس، فإذا انتهى منها يعرف الرجل جليسه لطولها، فكان يقرأ بالستين، بالستين آية إلى المائة إذا خفف القراءة قرأ ستين، وإذا أطال قرأ المائة، قرأ بالمائة، ومثل هذا لا يعارض ما جاء من الأمر بتخفيف الصلاة، والآيات المشار إليها من الستين إلى المائة المراد بها الآيات المتوسطة، ليست الآيات الطويلة ولا القصيرة، وهذا في كل شيء أطلق في النصوص ينظر فيه إلى المتوسط، يعني لا يقرأ مائة آية، من أمثال سورة المائدة، ولا تكون الستين من مثل سورة الشعراء مثلاً، من الآيات المتوسطة، والله المستعان.

من الأئمة الذين يؤمون الناس في هذه الأوقات من يصلي الصبح بآية، مع الأسف، ومن سمة صلاة الصبح الطول، وقد جاء في المسند وغيره من حديث عائشة: ((إن الصلاة أول ما فرضت ركعتين ركعتين، فزيد في الحضر وأقرت صلاة السفر، إلا المغرب فإنها وتر النهار، وإلا الفجر فإنها تطول فيها القراءة)) يقرأ بصلاة الصبح بآية، الصلاة صحيحة ومجزئه، لكن أين السنة؟ الله المستعان. نعم. وعندهما من حديث جابر -رضي الله تعالى عنه-: "والعشاء أحيانا يقدمها وأحيانا يؤخرها إذا رآهم اجتمعوا عجل, وإذا رآهم أبطئوا أخر, والصبح كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يصليها بغلس". ولمسلم من حديث أبي موسى -رضي الله تعالى عنه-: "فأقام الفجر حين انشق الفجر, والناس لا يكاد يعرف بعضهم بعضا". يكفي. وعندهما -يعني عند الشيخين البخاري ومسلم- وهل تقدم لهما ذكر؟ أفاد ذكرها قوله في الحديث السابق: "متفق عليه" وعرفنا فيما تقدم أن مراد المؤلف في المتفق عليه ما رواه الإمامان البخاري ومسلم من طريق صحابي واحد، يعني مع اتحاد الصحابي، هذا اصطلاح المؤلف في هذا الكتاب، وعرفنا أن من أهل العلم من يضم إلى الشيخين الإمام أحمد في كلمة متفق عليه، في اصطلاح متفق عليه، كالمجد ابن تيمية في المنتقى، ومنهم من لا يشترط اتحاد الصحابي، وهذا تقدم الكلام فيه فتجد البغوي في شرح السنة مثلاً يقول: متفق عليه، خرجه محمد من حديث أبي هريرة، ومسلم من حديث ابن عمر، يصير متفق عليه على الاصطلاح وإلا لا؟ ولو اتحد اللفظ الآن هو حديث واحد أو حديثان؟ حديثان على الاصطلاح، هما حديثان، العبرة بالمخرج مخرج الحديث، صحابي الحديث، إذا اتحد الصحابي وهو حديث واحد، ولو اختلف اللفظ، وإذا اختلف الصحابي فهما حديثان وإن اتحد اللفظ.

وعندهما من حديث جابر: "والعشاء أحيانا يقدمها وأحيانا يؤخرها، إذا رآهم اجتمعوا عجل , يعني ينظر إلى أحوال المأمومين ويفعل الأرفق بهم، وهذا من شفقة النبي -عليه الصلاة والسلام- بأصحابه، وهو بالأمة رءوف رحيم، إذا رآهم اجتمعوا عجل صلاة العشاء رفقاً بهم؛ لأنهم أصحاب عمل في النهار كد، لتحصيل المعيشة، وإذا رآهم أبطئوا لأمر ما، لظرف من الظروف أخر , فهو يلاحظ حال الجماعة، فعلى الإمام أن يلاحظ أحوال من خلفه ويرفق بهم، نعم ظروف الناس اليوم قد تتطلب شيء من التحديد؛ لأن يقام للصلاة في وقت معين، وهو المعمول به الآن، يعني بين الآذان والإقامة كذا، وإلا لو ترك لاجتهادات الناس؛ لأن المساجد كثرت والأئمة كثروا، والناس أيضاً وظروفهم وأحوالهم تفرقت كانوا مجتمعين في مسجد واحد، يصلون خلف إمام واحد وهو النبي -عليه الصلاة والسلام- بإمكانه ملاحظة الجميع ومراعاة الجميع، أما الآن كل شخص من الأشخاص له ظرفه الخاص، فمن المصلحة يعني تحديد الوقت، لكن لو قدر أن إمام جماعته معروفون، محددون في قرية، في سفرة، لا يشق عليهم التأخير، ما المانع أن يؤخر صلاة العشاء مثلاً؟ هو وقتها لولا المشقة، لكن إذا وجدت المشقة فالسنة التعجيل؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- إذا رآهم اجتمعوا عجل، وإذا رآهم أبطئوا أخر. "والصبح كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يصليها بغلس". والمراد بالغلس اختلاط الظلمة، ظلمة آخر الليل بضوء الصبح فهو أول وقت، أول وقت صلاة الصبح الغلس، أول الفجر، هذا الأصل، لكنه ينصرف منها والرجل يعرف جليسه، والمساجد ليس فيها مصابيح، الآن لا فرق بين الليل والنهار، الله المستعان.

ولمسلم من حديث أبي موسى: "فأقام الفجر حين انشق الفجر , يعني حين بزغ، طلع الصبح، والناس لا يكاد يعرف بعضهم بعضا" كل هذا من الأدلة على أن صلاة الصبح تصلى في أول وقتها، يعني بعد التأكد من طلوع الصبح، وأنتم تسمعون ما يشاع منذ زمن أن التقويم متقدم على الوقت بزمن أوصله بعضهم إلى ثلث ساعة، سمعتم هذا وتسمعون ومازلنا نسمع، ويؤكده كثير من الثقات من طلاب العلم ممن سبروا الأمر بأنفسهم، وكتبوا إلى الإفتاء يعني قبل خمس سنوات، وست سنوات، ومازالوا يكتبون، والشيخ عبد العزيز -رحمه الله- كلف لجنة تراقب طلوع الصبح، وقررت هذه اللجنة أن التقويم مطابق للوقت، وكتب الشيخ رحمت الله عليه في الصحف، ومازال بعض أهل المعرفة من طلاب العلم يؤكدون على أن التقويم متقدم، مع خروج هذه اللجنة، ويقولون: لعل هذه اللجنة خرجت في وقت مثلاً الشتاء، في الشتاء يقولون: الفرق يسير جداً بين التقويم وبين طلوع الفجر الحقيقي وأما في الصيف فهو متقدم كثير. على كل حال الذي بالإمكان فعله أن تؤخر الإقامة، يعني إذا صار بين الأذان والإقامة مدة نصف ساعة خرجنا من كل خلاف، نعم حتى عند من يقول إن الصلاة أن التقويم متقدم بنصف ساعة، حتى تحل المسألة؛ لأن هذه المسألة من أهم المسائل، يعني تنبغي العناية بها؛ لأن الأذان لصلاة الصبح يترتب عليه لوازم، هؤلاء المعذورون من حضور الجماعة مثلاً من النساء والمرضى مجرد ما يسمعون الآذان يصلون، دخل الوقت؛ لأن الأذان إعلام بدخول وقت الصلاة، ولا يلامون، فينبغي أن ينظر إلى هذه المسألة بعناية، ويتبرع بعض أهل المعرفة والخبرة لسبر هذه المسألة في أوقات متفاوتة من السنة، في فصول متعددة ويكتب إلى المسئولين عن هذا الشأن، ويقرر التقويم ما هو بمعصوم، نعم له أكثر من نصف قرن معمول به، لكن مع ذلك هو نم عمل البشر. فأقام الفجر حين انشق الفجر والناس لا يكاد يعرف بعضهم بعضا" الحديث مخرج في صحيح مسلم وهو من أدلة من يقول بأن صلاة الصبح السنة فيها أن تصلى في أول وقتها، وهو قول الجمهور، ومذهب الحنفية أن الأفضل الإسفار، الإسفار، ويأتي دليلهم إن شاء الله تعالى.

وعن رافع بن خديج -رضي الله تعالى عنه- قال: "كنا نصلي المغرب مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فينصرف أحدنا وإنه ليبصر مواقع نبله" متفق عليه. نعم، حديث رافع بن خديج، أبو خديج الخزرجي الأنصاري، يقول: "كنا نصلي المغرب مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فينصرف أحدنا يعني من هذه الصلاة صلاة المغرب، وإنه ليبصر مواقع نبله" النبل: هي السهام في الأماكن التي تقع فيها، هذا دليل على أن صلاة المغرب تصلى في أول وقتها، قبل أن يشتد الظلام، مجرد ما يتأكد من غروب الشمس، السنة أن يبادر بصلاة المغرب، والنبي -عليه الصلاة والسلام- صلى الصلاتين بإمامة جبريل -عليه السلام-، -عليه السلام-، في اليومين، في أول الوقت، فد لعلى أن السنة التبكير بصلاة المغرب، فينصرف أحدنا وإنه ليبصر مواقع نبله والحديث مخرج في الصحيحين فدل على المبادرة بصلاة المغرب، بحيث ينصرف المصلي منها والضوء باق، يعني لم يشتد الظلام بحيث لا يبصر ما دق وخفي، يعني مواقع النبل دقيقة وخفية، فكونها ترى وتبصر دل على أن ما زال النور باق، قبل أن يختلف الظلام، نعم. وعن عائشة -رضي الله تعالى عنها- قالت: "أعتم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذات ليلة بالعشاء, حتى ذهب عامة الليل, ثم خرج, فصلى, وقال: ((إنه لوقتها لولا أن أشق على أمتي)) [رواه مسلم]. عن عائشة -رضي الله تعالى عنها- قالت: "أعتم" أعتم، أي: دخل في العتمة، كما يقال: أتهم، وأنجد، وأظلم، وأسفر، دخل في العتمة، أنجد دخل في نجد، أتهم دخل في تهامة، وهكذا، العتمة هي حددت بثلث الليل، ثلث الليل العتمة الظلام وحددت بثلث الليل كما في القاموس بعد غيبوبة الشفق. أعتم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذات ليلة بالعشاء, حتى ذهب عامة الليل, عامة الليل، هل هذا يفيد كثير وإلا أكثر؟ كثير وإلا أكثر؟ الشراح يقولون: كثير، لا أكثر، لكي يتفق هذا الحديث مع الأحاديث الأخرى السابقة من تحديث وقت صلاة العشاء بثلث الليل على قول، أو بنصفه على ما سمعنا في حديث عبد الله بن عمرو.

إذا قيل: في مسألة ما، وإلى هذا ذهب عامة العلماء، المقصود إيش؟ أكثرهم، يعني إن لم تفد هذه الكلمة الكل فلا أقل من أن تفيد الأكثر، عامة أهل العلم يعني أكثر أهل العلم، يعني الجمهور من أهل العلم، هذا ما تفيده هذه الكلمة، لكن الشراح قالوا: كثير منه، لا أكثره. حتى ذهب عامة الليل ثم خرج, فصلى, وقال: ((إنه لوقتها لولا أن أشق على أمتي)) فدل على أن تأخير صلاة العشاء هو السنة، فإذا انتفت المشقة فالسنة التأخير، وإذا وجدت المشقة فالسنة التعجيل؛ لأن (لولا) حرف امتناع لوجود، امتنع التأخير لوجود المشقة، فامتنع التأخير إلى ذلك الوقت لوجود المشقة، فدل على أن صلاة العشاء يمتد وقتها، وقتها طويل حتى يذهب عامة الليل، والخلاف في وقتها سبق ذكره، وأن للعلماء ثلاثة أقوال في هذه المسألة، منهم من يقول: ثلث الليل، ومنهم من يقول: نصفه، ومنهم من يقول: حتى يطلع الفجر، وعرفنا مما تقدم أن أرجح هذه الأقوال هو ما دل عليه حديث عبد الله بن عمرو لصحته وصراحته، نعم، وعن أبي هريرة. وعن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إذا اشتد الحر فأبردوا بالصلاة, فإن شدة الحر من فيح جهنم)) [متفق عليه]. وعن رافع بن خديج -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أصبحوا بالصبح فإنه أعظم لأجوركم)) [رواه الخمسة, وصححه الترمذي, وابن حبان]. عن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إذا اشتد الحر فأبردوا بالصلاة)) والمقصود بالصلاة هنا صلاة الظهر، ((فأبردوا بالصلاة)) والعلة في ذلك والسبب منصوص ((فإن شدة الحر من فيح جهنم))؛ لأن النار اشتكت فأذن لها بنفسين: نفس في الصيف، ونفس في الشتاء، فأشد ما يحس به من الحر هو من ذلك النفس، وأشد ما يلاحظ من البرد في الشتاء هو من زمهرير جهنم نسأل الله العافية.

((إذا اشتد الحر فأبردوا بالصلاة)) المقصود بالصلاة صلاة الظهر؛ لأنها هي التي تقع في هذا الوقت، وقت شدة الحر، فإن شدة الحر من فيح جهنم، أبردوا بالصلاة، إيش معنى الإبراد؟ هل معناه أننا ننتظر حتى يبرد الوقت؟ نعم، ((أبردوا)) يعني أدخلوا في الوقت البارد، متى يبرد الوقت في الصيف؟ نعم، الآن صلاة العصر تصلى والشمس حية، يعني يحس بحرارتها، حرارة الشمس متى تذهب في الصيف، حرارة الأرض متى تنتهي في الصيف؟ ما تنتهي ولا المغرب. إيش معنى الإبراد المذكور في الحديث؟ طالب. . . . . . . . . يعني في آخر لحظة من وقتها، وينتهي الإشكال، يبرد الوقت، نعم؟ يعني كل الجدران فيء يستظل به الناس، يعني إذا كان للجدران فيء يستظل به الناس، من حر الشمس، منهم من يرى أنها تصلى في آخر وقتها، ويكون الحل هنا متى؟ يكمن الحل في خروج الناس مرة واحدة في هذا الوقت الشديد الحر لصلاتين، فتصلى الظهر في آخر وقتها والعصر في أول وقتها، لكن لا شك أنه إذا كان للجدران فيء يستظل به المشاة هذا لا شك أنه يحل إشكال هذا الحر الناتج من شدة حر الشمس، وليس معنى هذا أننا، شدة الحر من فيح جهنم، أننا ننتظر حتى يبرد الوقت، فإذا لم يبق على غروبها إذا بردت الشمس نطلع نصلي الظهر، لا، ما هو بصحيح، قد يستدل بهذا الحديث بعض من يتساهل في أداء الصلوات وتأخيرها عن أوقاتها، في تأخير الصلوات عن أوقاتها، يقول الرسول -عليه الصلاة والسلام-: ((إذا اشتد الحر فأبردوا)) إيش معنى نبرد؟ وقت صلاة العصر حر، نؤخر الظهر عن وقت صلاة العصر، وهذا ليس بصحيح، هناك أدلة صحيحة صريحة حددت {إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا} [(103) سورة النساء]، مفروضاً في الأوقات.

ومواقيت الصلاة ملاحظة هذه الأوقات شرط لصحة الصلاة، بعض أهل العلم يرى أن الصلاة إذا خرج وقتها لا تقضى، من غير عذر؛ لأن فعلها بعد خروج وقتها كفعلها قبل دخوله، فالمواقيت وأوقات الصلاة من الأهمية بحيث قدمها الإمام مالك على الطهارة، الإمام مالك -رحمه الله تعالى- افتتح الموطأ بوقوت الصلاة، فقدم الوقوت على الطهارة وهي شرط لصحة الصلاة، فعلينا أن نعتني بهذا الأمر، كثير من الناس وهذا نسأل الله السلامة والعافية من إيثار الدنيا على الآخرة، يركب المنبه على ما يكفيه للخروج إلى الدوام، يضبط الساعة على ست ونصف على شان يتجهز للدوام، والصلاة يقول: الله غفور رحيم، لكن الدوام اللي قفل التوقيع من يفتحه، يا أخي رأس مالك دينك، دينك دينك، لحمك ودمك، هذا رأس المال يعني إذا فرطنا برأس المال إيش يبقى عندنا، نهتم بالدوام ونترك الصلاة نضيع، {فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ} جزاءهم إيش؟ {فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا} [(59) سورة مريم]، نسأل الله السلامة والعافية. ليس معنى تضييع الصلوات أنهم لا يصلون، لا، يصلون، لكن يؤخرونها عن أوقاتها، {فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ} [(4 - 5) سورة الماعون]، كثير من الناس عنده الأولاد من بنين وبنات إذا قيل لهم: أين الأولاد في صلاة الصبح؟ قال: والله برد، مساكين ما يتحملون البرد، لكن هل يتأخرون عن الطابور، ما يمكن، برد ما برد، لو ينزل الثلج والبرد ما تأخر عن الطابور، هذا كله -نسأل الله العافية- من ضعف ورقة الدين، فليس في الحديث مستمسك لمن يؤخر الصلاة عن وقتها؛ لأن مثل هذا الحديث الذي هو في معناه خفاء يرد إلى الأحاديث المحكمة الواضحة، وإلا في معناه إجمال، ((إذا اشتد الحر فأبردوا فإن شدة الحر من فيح جهنم)) فأبردوا بالصلاة بعد الصلاة شامل للظهر والعصر المغرب بعد إذا كانت الإسفلت بعد تنبع منه الحرارة والفيح كذا، تأخر الصلاة وتقول إلى أن نبرد نصف الليل، هذا الكلام ليس بصحيح.

الصلاة فرضت في أوقات، إذا صلى الإنسان قبل دخول الوقت فصلاته باطلة، إذا أخرها عن وقتها استحق العقاب المرتب على التأخير، {فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا} [(59) سورة مريم]، وهو واد في جهنم، وويل أيضاً كذلك وادٍ في جهنم {فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ} [(4 - 5) سورة الماعون]، فهم مصلون، {فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ} ليس المراد به الذين يتركون الصلاة، لا، فويل للمصلين، فهم يصلون، لكنهم عن صلاتهم ساهون، ومن نعم الله -عز وجل- ومن لطفه بخلقه أنه لم يقل: الذين هم في صلاتهم ساهون؛ لأن السهو كثير، والغفلة كثيرة. ((إذا اشتد الحر فأبردوا بالصلاة, فإن شدة الحر من فيح جهنم)) جاء في حديث خباب في صحيح مسلم: "شكونا إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حر الرمضاء في جباهنا وأكفنا فلم يشكنا" فلم يشكنا: يعني لم يزل شكوانا. الإبراد: عرفنا أنه ليس معناه تأخير الصلاة عن وقتها، إلى أن يزول الحر من الأرض، لا. المقصود به التأخير إلى أن يصير للتلول والحيطان فيء يستظل به الذاهب إلى المسجد، وإلا فالشمس ما زالت حية، حرارتها شديدة، والأرض أيضاً حرارتها شديدة؛ لأنهم شكوا حر الرمضاء فلم يشكهم -عليه الصلاة والسلام-. وهذا يدل على أن الإبراد لا يعني زوال وانتهاء الحر، لا من الجو ولا من الأرض. رافع بن خديج -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أصبحوا بالصبح فإنه أعظم لأجوركم)) ((أصبحوا بالصبح فإنه أعظم لأجوركم)) وفي رواية: ((أسفروا تؤجروا)) فالمقصود بأصبحوا الإسفار، سبقت الإشارة إلى أن الحنفية يرون تأخير صلاة الصبح إلى أن يسفر، والجمهور على أنها تصلى بغلس للأدلة السابقة، والحديث هذا صحيح بطرقه وشواهده، ولم يخرج في الصحيحين. رواه الخمسة, قال الترمذي عنه: حسن صحيح، والمراد بالخمسة تقدمت الإشارة إليه في دروس سبقت أصحاب السنن الأربعة مع أحمد، أبو داود، الترمذي، النسائي، ابن ماجه، خامسهم الإمام أحمد، رحمت الله على الجميع، وصححه الترمذي , قال: هذا حديث حسن صحيح وابن حبان أيضاً صححه حيث خرجه في صحيحه.

((أصبحوا)) المراد به تحقق طلوع الصبح، أسفر: دخل في الإسفار، أصبح دخل في الصبح، والصلاة صلاة الصبح فإذا تحققنا من طلوع الصبح فإن صلاة الصبح تصلى بمجرد دخول وقتها كما هو السنة، بعض العلماء يقول: معنى أصبحوا بالصبح: أطيلوا صلاة الصبح، حتى تنتهوا وتفرغوا منها بعد أن تسفروا، وهذا المعنى له ما يشهد له من قراءة النبي -عليه الصلاة والسلام- بالستين إلى المائة، ومنهم من يخص مثل هذا الحديث بالليالي المقمرة، هذا كلام ابن حبان، المراد به الليالي المقمرة، لماذا؟ لأنه لا يتضح أول الفجر في الليالي المقمرة، فمن باب الاحتياط تؤخر الصلاة قليلاً لنتأكد من طلوع الصبح. الحديث الذي يليه: وعن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من أدرك من الصبح ركعة قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح, ومن أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر)) [متفق عليه]. ولمسلم عن عائشة -رضي الله تعالى عنها- نحوه, وقال: ((سجدة)) بدل ((ركعة)). ثم قال: ((والسجدة إنما هي الركعة)). حديث أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من أدرك من الصبح ركعة قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح, ومن أدرك ركعة من صلاة العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر)) ((من أدرك من الصبح ركعة قبل أن تطلع الشمس)) لأن نهاية وقت صلاة الصبح على ما تقدم طلوع الشمس. الذي لا يدرك ركعة لا يدرك الصبح، فمن أدرك من الصبح قبل طلوع الشمس ركعة فقد أدرك وقت صلاة الصبح، وهل يكتفي بهذه الركعة، أو لا بد من إضافة ركعة أخرى إليها، كما جاء عند البيهقي وغيره. ((من أدرك من الصبح ركعة قبل أن تطلع الشمس، وركعة بعد أن تطلع فقد أدرك الصبح)) يعني أدرك الصلاة في القوت، وحينئذ تكون صلاته أداء. من أدرك من صلاة العصر ركعة قبل غروب الشمس وأضاف إليها ثلاث ركعات بعد الغروب أدرك وقت صلاة العصر وصلاته حينئذ تكون أداءً، هذا معنى الحديث. وعلى هذا، على هذه الرواية أنه لا بد من إدراك ركعة كاملة، ركعة كاملة قبل طلوع الشمس بالنسبة لصلاة الصبح، وركعة كاملة بعد، قبل غروب الشمس بالنسبة لصلاة العصر.

بهذا يدرك الوقت بإدراك ركعة، ومفاد هذه الرواية أنها كاملة. الرواية الأخرى وهي عند مسلم يقول: ولمسلم عن عائشة -رضي الله تعالى عنها- نحوه, وقال: ((سجدة)) من أدرك سجدة من صلاة الصبح، من أدرك سجدة من صلاة العصر، وبهذا يستدل من يقول بأن الوقت يدرك بإدراك أي جزء من الصلاة يعني لو كبر تكبيرة الإحرام، ثم طلعت الشمس، كبر تكبيرة الإحرام لصلاة العصر ثم غابت الشمس، يكون مدركاً للوقت، لماذا؟ لأن الركعة اللفظ غير مقصود بدليل الرواية الأخرى ((سجدة))، لكن الرواية الأخرى بينت في الصحيح نفسه قال: ((السجدة إنما هي الركعة)) وعلى هذا لا يكون مدركاً للوقت حتى يدرك ركعة كاملة وهي أقل ما يطلق عليه صلاة. إطلاق الركعة على السجدة والعكس، يعني هل جاء في النصوص ما يدل على أن السجود يطلق ويراد به الركوع، ويطلق الركوع ويراد به السجود، جاء في النصوص ما يدل على ذلك؟ نعم جاء ما يدل على ذلك، {وَخَرَّ راكعاً} [ص: 24]، هذا من؟ داود عليه السلام، {وَخَرَّ راكعاً وأَنَابَ} [ص: 24]، المقصود به خر راكع وإلا ساجد؟ الركعة المراد، الركوع المراد به هنا السجود، {ادْخُلُواْ الْبَابَ سُجَّدًا} [(154) سورة النساء]، المقصود به سجود وإلا ركوع؟ ركوع، فتطلق الركعة والركوع في النصوص ويراد بها السجود، والعكس، وهنا جاء التفسير في الصحيح نفسه ((والسجدة إنما هي الركعة)) وهذا التفسير يحتمل أن يكون مرفوعاً إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- وحينئذ لا كلام، ويحتمل أن يكون من قبل الراوي وهو أدرى بما روى، وعلى هذا لا تدرك الركعة لا يدرك الوقت، لا يدرك الوقت إلا بإدراك ركعة كاملة وحينئذ تكون الصلاة كلها أداء، وهذا من فضل الله -عز وجل-، وإن قال بعض أهل العلم أن ما أدركه في الوقت أداء، وما أدركه بعده قضاء، وبعض أهل العلم يرى أن الحكم للأكثر، إذا كانت الصلاة ثنائية أدرك ركعة، أما إذا كانت ثلاثية أو رباعية أدرك ركعة وفاته ركعتان أو ثلاث لا يكون مدركاً للوقت؛ لأن الحكم للأكثر، وحديث الباب يرد عليه، حديث الباب يرد عليه.

هذا بالنسبة لإدراك الوقت، ماذا عن إدراك الجماعة؟ وإدراك الجمعة؟، وإدراك تكبيرة الإحرام؟، إدراك الركوع؟ نحتاج إلى الإدراك في هذه المواطن كلها، متى يدرك الوقت؟ بإدراك ركعة، انتهينا من هذا. متى تدرك الركعة؟ بإدراك الركوع، بإدراك الركوع، متى تدرك الجماعة؟ مقتضى هذا الحديث أن أقل ما يطلق عليه صلاة ركعة كاملة، فلا يكون مدركاً للجماعة إلا إذا أدرك ركعة كاملة، لكن المذهب عند الحنابلة والمشهور عند كثير من أهل العلم أن من كبَّر قبل سلام إمامه التسليمة الأولى فإنه حينئذ يكون مدركاً للجماعة، ولذا في المتون عند الحنابلة يقولون: من كبر قبل سلام إمامه التسليمة الأولى أدرك الجماعة ولو لم يجلس؛ لأنه أدرك جزء من الصلاة، لكن هل أدرك مع الإمام ما يسمى صلاة؟ هذا الجزء لا يمكن أن يسمى صلاة أقل ما يسمى صلاة الركعة، ولذا يرى شيخ الإسلام أن الجماعة لا تدرك إلا بإدراك ركعة، والمعروف في المذهب أنها تدرك بإدراك أي جزء، والنووي نقله عن الجمهور سواءً في الوقت أو في الجماعة، نقل النووي عن الجمهور أن الوقت يدرك بإدراك أي جزء من الصلاة، ومثله الجماعة، على هذا لو دخل المسبوق والإمام في التشهد الأخير، دخل المسبوق والإمام في التشهد الأخير هل الأولى أن يدخل مع الجماعة؟ أو يبحث عن غيرهم؟، أو ينتظر عل الله أن يأتي بمن يصلي معه؟، أو يطلب من أحد أن يتصدق عليه؟ هاه؟ طالب:. . . . . . . . . نعم؟ طالب:. . . . . . . . . إيه، إيه. طالب:. . . . . . . . . يعني إذا غلب على ظنه أنه يدرك جماعة أخرى فلا يدخل مع هذا الإمام، ليدرك الجماعة بيقين، وإذا غلب على ظنه أنه لن يدرك جماعة أخرى ولن يأتي بعده من يصافه ويصلي معه فإنه يدخل مع الإمام لا سيما وقد جاء في الحديث: ((إذا أتى أحدكم الصلاة والإمام على حال فليصنع)) إيش؟ ((كما يصنع الإمام))، يعني يدخل مع الإمام على أي حال، هذا بالنسبة لإدراك الجماعة، وإدراك الركعة يكون بإدراك الركوع مع الإمام.

ماذا عن إدراك تكبيرة الإحرام؟ متى تفوت تكبيرة الإحرام؟ يعني إذا انتقل إلى ركن آخر، إذا انتقل إلى الركن الذي يليها وهو قراءة الفاتحة، منهم من يقول: أن تكبيرة الإحرام لا تفوت إلا بالفراغ من الركن الثاني، ولذا جاء عن بلال أنه كان يقول إيش؟ بآمين، نعم، لا تسبقني بآمين، فدل على أن وقت التكبير أو فوات تكبيرة الإحرام إنما يفوت بالتأمين وهو نهاية الركن الثاني؛ لأن الركن الأول تكبيرة الإحرام، نعم، والركن الثاني قراءة الفاتحة، يعني على خلاف بين أهل العلم في تكبيرة الإحرام هل هي ركن أو شرط؟ يأتي ذكره إن شاء الله تعالى، والفوائد المترتبة على هذا الخلاف يأتي -إن شاء الله- ذكره. وعن أبي سعيد الخدري -رضي الله تعالى- عنه قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((لا صلاة بعد الصبح حتى تطلع الشمس ولا صلاة بعد العصر حتى تغيب الشمس)) متفق عليه. ولفظ مسلم: ((لا صلاة بعد صلاة الفجر)). وله عن عقبة بن عامر -رضي الله تعالى- عنه: "ثلاث ساعات كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهانا أن نصلي فيهن, وأن نقبر فيهن موتانا: حين تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع, وحين يقوم قائم الظهيرة حتى تزول الشمس, وحين تتضيف الشمس للغروب". والحكم الثاني عند الشافعي -رحمه الله تعالى- من حديث أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- بسند ضعيف، وزاد: "إلا يوم الجمعة". وكذا لأبي داود: عن أبي قتادة -رضي الله تعالى عنه- نحوه. حديث جبير. وعن جبير بن مطعم -رضي الله تعالى- عنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((يا بني عبد مناف, لا تمنعوا أحداً طاف بهذا البيت وصلى أي ساعة شاء من ليل أو ونهار)) أية، أية، أحسن الله إليك ((لا تمنعوا أحداً طاف بهذا البيت وصلى أية ساعة شاء من ليل أو ونهار)). رواه الخمسة, وصححه الترمذي, وابن حبان. فيه يقولون الإخوان: في أسئلة يمكن أن تطرح في أثناء الدرس للتنشيط ما أدري عندك. طالب:. . . . . . . . . طيب، تفضل، بسم الله الرحمن الرحيم ... عندي بعض التنبيهات:

أولاً: جزاكم الله خيراً على الحضور. . . . . . . . . لكن. . . . . . . . . إيقاف السيارات. . . . . . . . . هناك عدة شكاوى من سيارات البعض ... أمر آخر: الجوالات الذي يدخل المسجد يغلقه. . . . . . . . . الأسئلة سنطرح سؤالين سريعين، وربما نستأذن الشيخ الآن وبعد اليوم إن شاء الله تكون سؤالين أو ثلاثة سريعة في منتصف الدرس. التاسعة مثلاً. التاسعة تضبط على الساعة التاسعة وسيكمل الدرس بعدها إن شاء الله. السؤال الأول: ما معنى الدلوك، وما الذي نقله الشيخ عن الزمخشري في اشتقاق الكلمة؟ اختر يا شيخ؟ اختر، اختر. طالب:. . . . . . . . . فيكون معناه ماذا؟ يكون معنى الدلوك ماذا؟ الدلوك هو عدم استطاعة النظر إلى الشمس. هذا ما نقله الشيخ عن الزمخشري لكن المقصود ما معنى الدلوك؟ الشق الأول من السؤال ما جاء الجواب عليه، هذا سبب التسمية. أنت ظاهر كلامك أنك فاهم، الدلوك ما معناه أي ساعة؟ هو الغروب؟ الغروب وإلا طلوع الشمس؟ طالب:. . . . . . . . . طيب وقت الزوال، صح، طيب جبت نصف الإجابة فنطلبك بشيء آخر تكمل إجابتك هو ما الذي نقله الشيخ عن محمد بن الحسن صاحب أبي حنيفة -رحمه الله- في معنى العصب؟ طالب:. . . . . . . . . طيب جزاك الله خير، من يجيب على السؤال الآخر؟ طالب:. . . . . . . . . الشيخ ذكر الموضع الذي ذكر فيه محمد بن الحسن رحمه الله ما هو الموضع تذكر؟ الكتاب الكتاب. . . . . . . . . . سؤال أخير، كل واحد منكم يأتي بعد الدرس يأخذ جائزته. السؤال الأخير: ما دليل الحنفية على أن الذي ذكره الشيخ -حفظه الله- على أن بداية وقت صلاة العصر حين يصبح ظل كل شيء مثليه، ما دليلهم وما وجه الاستدلال بإيجاز؟ نعم الأخ البعيد هناك. نعم. طالب:. . . . . . . . . نعم، حديث الأجير، طيب وجه استدلالهم به، السؤال لك يا أخي نفسك وجه استدلالهم به؟ طالب:. . . . . . . . . كان الإشكال؟ كيف يكون هذا؟ طالب:. . . . . . . . .

لا هو ما بالإشكال في أول الوقت بالنسبة لوقت النصارى من منتصف النهار إلى وقت العصر إلى وقت العصر ووقت المسلمين من وقت العصر إلى غروب الشمس، لكن الإشكال يرد أننا إذا قلنا أن وقت العصر يبدأ من مصير ظل الشيء مثله ما يكون هناك فارق كبير بين وقت الظهر والعصر، والنصارى يقولون: نحن أكثر عملاً فدل على أن وقت الظهر أطول من وقت العصر، في الحديث أنا باسأل سؤال في هذا الحديث، وأنا ما تعرضت له، ما تعرضت له. بعض الشراح أخذاً من هذا الحديث يقول: عمر هذه الأمة ألف وأربعمائة سنة، ما وجه الاستدلال؟ طالب:. . . . . . . . . ألفين موسى. طالب:. . . . . . . . . ما تجي، ستمائة؟ طالب:. . . . . . . . . نعم. طالب:. . . . . . . . . وأن اليهود مكثوا نصف النهار وهو يعادل ألفي سنة، والنصارى وقت الظهر وهو ستمائة سنة فيبقى لهذه الأمة ألف وأربعمائة والكلام ما هو بصحيح، الكلام ليس بصحيح. طالب:. . . . . . . . . نعم. طالب:. . . . . . . . . كيف؟ طالب. . . . . . . . . هذا نظير من يقول أن الساعة تقوم سنة 1407، 1407، الكلام صحيح وإلا باطل؟ باطل، النصوص كلها ترده، أيضاً الواقع يرده، لكن دليلهم، دليل من يقول أن الساعة تقوم سنة 1407، حجتهم؟ طالب:. . . . . . . . . كيف؟ طالب:. . . . . . . . . هم قالوا: إن كلمة بغتة، {لاَ تَأْتِيكُمْ إِلاَّ بَغْتَةً} [(187) سورة الأعراف]، هذه الكلمة في حساب الجُّمل 1407، هذا الذي يعرف حساب الجمل وإلا يحتاج إلى سبورة، نعم. طالب: أبجد هوز إيه أبجد هوز، لكن الكلام ليس بصحيح، علم الساعة لا يعلمها إلا الله، الخمس المغيبات التي لا يعلمهن إلا الله، منها الساعة، {إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ} [(34) سورة لقمان]، ((في خمس لا يعلمهن إلا الله -عز وجل-))، على كل حال كل هذه تخرصات، ويوجد في هذه الأوقات من هذه التخرصات الشيء الكثير، ألفت كتب في هذه التخرصات وحدد سنوات بل أيام استناد إلى بعض الفهوم أو بعض الرؤى كل هذا لا قيمة له؛ لأن العقول والفهوم إذا لم تقيد بالنصوص لا تدرك مثل هذه الأمور إطلاقاً.

هل الأخوة مستعدون لمسألة أوقات النهي مع ذوات الأسباب وغيرها أو غير مستعدين أو نشوف الأسئلة إن كان هناك أسئلة؟ نعم. هذه المسألة يا الإخوان من عضل المسائل إن تيسر، إن تيسر لكم مراجعتها قبل الحضور لكي تكون الأرضية قابلة للطرح؛ لأن هذه المسألة من أعقد المسائل، ويستقبل بها الدرس اللاحق -إن شاء الله تعالى- في وقت النشاط، فإذا تيسر لكم مراجعة هذه المسألة قبل الحضور فهو أكمل وأفضل. هذا سؤال يقول: حدث حفل زواج لأحد الشباب الذي ظاهره الصلاح وفي الحفل أُتي بكاميرا فيديو وأشغل شريط أناشيد، سؤالي: ما حكم الجلوس في هذا الحفل عند من يرى أن التصوير بالفيديو حرام وهل ينكر عليه، وإذا كان صاحب الحفل يرى أن التصوير لا شيء فيه، وأن بعض أهل العلم يجوزه؟ على كل حال من يرى أنه حرام لا يجوز له المُقام؛ لأنه إنما يعمل بما يعتقد ويدين الله به، كون صاحب الحفل ليس من أهل النظر، بل هو من عامة الناس الذين فرضهم التقليد، واقتدى بإمام تبرأ الذمة بتقليده هذا شأنه، لا أحد يلزمه بقول آخر، لكن المتجه في هذه المسألة أن التصوير بجميع أشكاله وصوره لذوات الأرواح حرام، والله المستعان. يقول: إذا كان الإمام لا يمكن المأموم من قراءة الفاتحة في الثالثة والرابعة من صلاة العشاء فما العمل معه؟ إذا جاء المأموم وصلى خلف هذا الإمام الذي سمته في صلاته العجلة بحيث لا يتمكن المأموم من قراءة الفاتحة، المأموم لا شك أنه حكمه حكم المسبوق، إذا ركع الإمام عليه أن يركع، ولا يجوز له الركوع القراءة أثناء الركوع؛ لأن بعض الناس من حرصه على الفاتحة؛ لأنها ركن من أركان الصلاة قد يكملها وهو راكع، القراءة أثناء الركوع والسجود حرام، جاء النهي الصريح عن القراءة أثناء الركوع، على كل حال إذا ركع الإمام فاركع، كملت الفاتحة ما كملت اركع، وحكمك حينئذ حكم المسبوق، لكن إذا عرفت من قاعدة هذا الإمام المطردة أنه لا يمكنك من قراءة الفاتحة ابحث عن غيره، لا ينبغي لك أن تبقى مسبوق في عمرك كله، الإمام الذي لا يمكن المأموم من قراءة الفاتحة هذا ينبغي أن ينصح، إن امتثل وإلا يزجر، يبقى المأموم عمره كله مسبوق ما هو بصحيح.

يقول: لماذا أغفل الحافظ حديث جبريل وهل هذا دليل على أن الحافظ يضعفه؟ ليس بدليل على أن الحافظ يضعفه بل أورد الحافظ ما هو أضعف منه بكثير، حديث جبريل يقول الإمام البخاري: "هو أصح حديث في المواقيت" ولا إشكال في صحته، لكن حديث عبد الله بن عمرو المخرج في الصحيح أرجح منه، وكون الحافظ لم يذكره لا يدل على أنه ضعفه، ترك من الصحيح الشيء الكثير، وأورد الضعيف، بل أورد الضعيف جداً، بل أورد -رحمه الله تعالى- ما حُكِم بوضعه، وليس بالمعصوم، وقد يورد الحديث للعلم به. يقول: لو سافر رجل بعد ذهاب الشفق الأحمر وقبل أذان العشاء فهل يقصر الصلاة أم يتمها؟ يعني إذا أدركته الصلاة في الحضر، الصلاة الرباعية أدركته في الحضر، دخل وقتها وهو في الحضر، بعد مغيب الشفق الأحمر يبدأ وقت صلاة العشاء، أُذن للصلاة أو لم يؤذن، وعلى هذا يصليها تامة، يتمها أربع ركعات. يقول: هل يؤذن للعشاء عند تأخيرها تحرياً للسنة في أول الوقت أو قبل أداءها بوقت يسير يدل على اقتراب الصلاة؟ إذا كان المسجد مسجد قرية يمكن تأخير الأذان فيه، هل يؤذن؟ أولاً: هل الأذان للوقت أو للصلاة؟ يعني الأذان إعلام بدخول الوقت، إذا قلنا هذا، قلنا: من انتبه من نومه بعد خروج الوقت لو قدر لمجموعة مسافرون ناموا عن صلاة الصبح فما أوقظهم إلا حر الشمس، يؤذنون وإلا ما يؤذنون؟ يؤذنون، إذن هل الأذان للصلاة أو للوقت؟ نقول: الأصل أنه للوقت، نعم لكن إذا لم يوجد من يغتر بهذا الأذان كحال سفر مثلاً أو رحلة فإنه يؤذن للصلاة عند قرب فعلها، ولذا يؤذن لصلاة المغرب والعشاء بمزدلفة فور الوصول إليها ولو كان الوصول بعد دخول الوقت بساعة أو ساعتين أو ثلاث، فالأصل أن الأذان إعلام لدخول الوقت، لكنه ارتباط وثيق بأداء الصلاة. يقول: هل قول أبي برزة: "وكان يقرأ بالستين إلى المائة " هل هو في الركعتين أو الركعة؟ الذي يظهر أنه يقرأ في الصلاة، يعني في الصلاة كلها في الركعتين. يقول: هل نستطيع أن نجمع بين أقوال العلماء في نهاية وقت صلاة العشاء بحيث نقسمها كصلاة العصر وقت اختيار، ووقت اضطرار؟

من يقول بأن وقت صلاة العشاء يمتد إلى طلوع الصبح، يقول: وقت الاضطرار، ينتهي وعلى كل حال تكون أداءً إلى طلوع الفجر، والذي يقول بأن وقتها ينتهي بنهاية نصف الليل الأول يقول: صلاتها بعد منتصف الليل قضاء وليست بأداء. ما حكم إعطاء السائل داخل المسجد وهل هناك من قال بالكراهة؟ أما بالنسبة للسؤال في المسجد هذا الذي قيل بكراهته، أما إعطائه من غير سؤال ومن غير تعرض لمسألة فلا بأس به وحصل في عصره -عليه الصلاة والسلام- وبحضوره. يقول: هل أطلب من السائل أن يخرج عند الباب كي يعطيه الناس؟ على كل حال على السائل ألا يسأل؛ لأنه إذا كان ليس له أن يسأل ما فقد منه مما يملكه فليس له أن يسأل ما ليس له أصلاً، لكن لو تعرض للمسألة بحيث جلس في موضع يراه الناس، فلا بأس. يقول: هل صح عن ابن تيمية القول بأن الخضر ولي لا نبي، وأنه الآن حي؟ الشيخ -رحمة الله عليه- له في المسألة رسالتان: أولاهما تثبت أن الخضر ما زال حياً، والأخرى تنفي حياته، وأنه داخل في حديث: ((ما من نفس منفوسة)) على ظهر الآن ((يأتي عليها مائة عام))، والذين يقولون بأنه ما زال موجود، هذا قول الأكثر، بل يزعم بعضهم أنه التقى به ورآه في عصور مختلفة في الأمة، التقى بالخضر وسأل الخضر. المقصود أن الخضر في القول المحقق وهو القول الأخير لشيخ الإسلام -رحمه الله تعالى- أنه مات، وفي نبوته خلاف، هل هو ولي؟ لا شك بأنه ولي، لكن هل هو نبي؟ مسألة خلافية، من يقول بنبوته يستدل بقوله تعالى على لسانه: {وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي} [(82) سورة الكهف]، دل على أنه فعل ذلك بوحي. يقول: من يؤخر صلاة العشاء إلى آخر الليل مع وجود الجماعة في المسجد؟ يؤخر صلاة العشاء إلى آخر الليل أولاً إذا كان ممن تلزمه الجماعة لا يجوز له بحال أن يصلي في بيته، بل الصلاة حيث ينادى بها، وصلاة الجماعة واجبة، يأثم تاركها على القول المرجح، وإن قيل بأنها سنة، وقيل أيضاً بالمقابل شرط لصحة الصلاة، ويأتي بسط هذه المسألة -إن شاء الله تعالى-، فلا يجوز له حينئذ أن يؤخر العشاء ولو إلى ثلث الليل ويترك الجماعة؛ لأنه بفعله هذه السنة يرتكب محظور، يفرط بواجب.

يقول: أتيت إلى المطار بعد دخول الوقت، وأخبرني مسئول الرحلة أنه لا وقت لأداء العصر فإن الطائرة ستغلق فركبت الطائرة وأدرت برأسي فقط إلى القبلة وأنا في المقعد وصليت بالإيماء فما حكم صلاتي علماً أني وصلت قبل المغرب بقليل، يقول: أما زوجتي فأعادت الصلاة في وقتها؟ أولاً: المطار في حكم البلد في حكم البلد ولو كان منفصلاً عنه، فالصلاة لا يجوز جمعها مع غيرها، كما أنه لا يجوز قصرها؛ لأنك ما زلت مقيم، لم تتلبس بالعذر المبيح للجمع والقصر، أنت ما زلت مقيم، مطار الدمام في الدمام، ومطار الرياض في الرياض، ولذا إذا وصلت الرحلة ويش يقولون وصلنا إلى إيش؟ وصلنا، وصلنا الرياض، فالأصل أن يصلي الصلاة في وقتها، كونه لم يتمكن من أداءها على الوجه الأكمل عليه أن يتقي الله -سبحانه وتعالى- ما استطاع، إذا كان يترتب على فوات الرحلة ضرر ومشقة وحرج فإنه يصليها حسب استطاعته، زوجته التي أعادت الصلاة لا شك أن فعلها أحوط، لكن إن أمكن أداء الصلاة على وجهها لا يجوز له أن يخل بشيء من أركانها، إن لم يتمكن من أداءها على وجهها يصليها كيفما اتفق في وقتها، أما إذا كان يغلب على ظنه أنه يصل إلى المطار الثاني قبل خروج الوقت ولو تأخر في آخر الوقت فهو أفضل من فعلها مع الخلل في أول الوقت. يقول: أنا طالب جامعي وقد قدمت من المنطقة الغربية، فهل أعتبر مسافر إذا كنت أنوي العودة إلى بلدي، وهل يحق لي الجمع والقصر أرجو التوضيح؟ جمهور أهل العلم على أن مدة السفر محددة بأربعة أيام، وهذا مأثور عن الصحابة عن ابن عباس وغيره، بأربعة أيام ومنهم من يحددها بأكثر إلى تسعة عشر يوماً، هذا قول جمهور أهل العلم، ويرى شيخ الإسلام -رحمه الله تعالى- أنه ما دام يطلق عليه مسافر أن له أن يترخص، والشيخ ابن باز -رحمة الله عليه- كان يقول بهذا القول، ثم رأى أن قول الجمهور أضبط للناس، وأحوط لهذه العبادة التي هي أعظم العبادات العملية، فعدل عن قول شيخ الإسلام إلى قول الجمهور. يقول: ما مقدار –بالساعات- من مغيب الشمس إلى مغيب الشفق؟ هو على كل حال في التقويم ساعة ونصف، ويتفاوت تبعاً لطول الليل وقصره فيصل من ساعة ونصف إلى ساعة وثلث إذا قصر الليل.

يقول: ما علاج مشكلة السهو في الصلاة؟ علاج مشكلة السهو في الصلاة التفرغ التام لهذه العبادة، من المشاغل كلها، والتدبر لما يُقرأ في الصلاة، واستحضار النية الخالصة لله -عز وجل-، واستشعار عظمة من وقفت بين يديه، وأهمية هذه العبادة التي تؤديها، والله المستعان. يقول: نرجو تنبيه الأخوة بإغلاق هواتف الجوال لعدم الإزعاج؟ هذا نبه عليه الشيخ، وأؤكد على أن مسألة الجوال مشغلة يشغل صاحبه، ويشغل جاره هذا إذا كانت، إذا كانت تنبيه عادي، أما إذا كان التنبيه بنغمات موسيقية فأفتت اللجنة الدائمة بتحريم مثل هذه النغمات، والفتوى موجودة موزعة. يقول: هل يلزم من وجود التصوير بالفيديو في المقابر أن ينصرف قبل الدفن لعدم القدرة على الإنكار خاصة مع وجود علماء لم يتكلموا؟ يعني إذا تسامح الناس في أوقات السعة، في أوقات الفرح، في مثل هذه المسائل المختلف فيها فلا ينبغي أن يصل التساهل إلى المقابر أو في صلاة الاستسقاء مثلاً، هذه مسألة مختلف فيها والخلاف فيها قوي، والنصوص يعني إخراج التصوير بالفيديو من النصوص يحتاج إلى شيء قوي يُعتمد عليه في الإخراج، فمع وجود التشديد، تشديد النكير على التصوير والمصورين ومتخذي الصور يوجد مثل هذا المنكر في المقابر، يعني وصل بنا الحد في التساهل إلى هذا المقدار، يعني يوجد من يتساهل في ارتكاب المحرمات من المسلمين، يوجد حالق اللحية، يوجد المدخن، يوجد المسبل من غير نكير بينهم، يعني في أوقات السعة، في أوقات الرخاء، لكن يوجد من يدخل على شفير القبر؟ توجد آلات التصوير في صلاة الاستسقاء؟ جاءوا ليطلبوا ما عند الله -عز وجل-، وما عند الله لا ينال بسخطه، والله المستعان. يقول: بالنسبة لنعيم بن حماد هل يقبل تفرده خصوصاً أن كثيراً من المتخرصين استدلوا بأحاديث كتاب الملاحم والفتن؟ الكتاب الملاحم والفتن لنعيم بن حماد فيه الصحيح وفيه الضعيف وهو كثير الضعيف، وفيه شديد الضعف، فكل حديث يحكم عليه على ما يليق به بعد دراسة إسناده والنظر في متنه.

يقول ما حكم الحيوانات التي هي ألعاب للأطفال، وإذا كانت حرام كيف نوفق بين ذلك وبين ما كان عند عائشة فرس ذو جناحين، وإذا كان جائز فكيف نوفق بين ذلك وبين تمزيق عائشة للسترة عندما رآه النبي صلى الله عليه وسلم وعدم دخوله؟ الفرس الذي عند عائشة لو كان من الدقة بالمستوى الموجود في الصور المجمسة الآن هل يمكن أن يسأل عنه فيقال ما هذا يا عائشة؟ الفرس عبارة عن خشبة ممدودة على خشبات، وهذا نظير لعب البنات، جاء في النصوص أن البنات يتخذن اللعب من العِهْن، من الصوف، ويستدل بهذا من يقول بأن الصور الموجودة الآن في الأسواق المجمسة حلال؛ لأن البنات كن يلعبن بمثل هذه الصور، نقول: لا، إيش البنات الموجودة، إيش الصور الموجودة في ذلك الوقت؟ بيَّنها الشراح، الشراح قالوا: هي عبارة عن وساد كبير في رأسه وساد صغير، هذه لعب البنات، وحشْوها ليف أو صوف من العهن، هل في هذه مضاهاة لخلق الله، يعني هل يقال: هذه يستدل بها على جواز الصور الموجودة في الأسواق التي إن أُضجعت أغمضت العينين، وإن أُقعدت بكت، وإن صُفق لها غنت ودارت، يعني هل هذه مثل هذه؟ يسترسل في الأمر حتى نصل إلى هذا الحد؟ شتان، أي مضاهاة في اللعب الموجودة سابقاً، بينما اللعب الموجودة الآن والتي يُستدل بالقديم عليها بالجواز فتنة، في بعضها من التصوير الدقيق البارع ما يفتن، ووجد منها أحجام اكتفى بها بعض الفساق، وعندي أن مثل هذه الصور هي الصور المجسمة المجمع على تحريمها. يقول: إمام صلى بجماعة صلاة المغرب ولم يجهر بالفاتحة ثم تذكر وقد قرأ أكثر من نصفها سراً ثم جهر بها من البداية فهل هذه الصلاة صحيحة؟ نعم الصلاة صحيحة، لكن لو بدأ مما وقف عليه هو الأولى؛ لأن الجهر بالقراءة سنة عند جمهور العلماء ما لم يتخذ ديدن وعادة، يبدأ من حيث وقف، قرأ ثلاث آيات يبدأ من الآية الرابعة، كونه أعاد من البداية أهل العلم أيضاً يقولون: بكراهة تكرار الفاتحة، فتكرار بعضها في حكم تكرار كلها. يقول: الصلاة على الميت في القبر أفضل أو انتظار ذلك حتى يدفن؟ الأصل أن الصلاة على الميت قبل أن يدفن، لكن من فاتته الصلاة قبل الدفن فيشرع له أن يصلي على القبر، كما فعل النبي -عليه الصلاة والسلام-. الآن الساعة العاشرة لعلنا نكتفي بهذا القدر. والله أعلم وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبين

كتاب الصلاة (2)

بلوغ المرام – كتاب الصلاة (2) شرح الأحاديث التي وردت في النهي عن الصلاة في أوقات النهي الشيخ/ عبد الكريم بن عبد الله الخضير الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. بقي بعض الأسئلة من البارحة، من أسئلة البارحة، اللي هي أسئلة اليوم في آخر الدرس أو في أثنائه. هذا يقول: في بلد من البلدان العربية تقام صلاة الجمعة مرتين، الأولى في وقتها المعتاد، والجمعة الثانية قبل دخول صلاة العصر بساعة؟ أولاً: إقامة أكثر من جمعة في مكان واحد المقرر عند أهل العلم أن هذا لا يجوز إلا لحاجة، والحاجة تقدر بقدرها، حتى قال أهل العلم أنه إذا أقيمت الجمعة ثانية من غير حاجة فالثانية باطلة، لكن نفترض أن هذا مع الحاجة، يقول: الأولى في وقتها المعتاد، وقت صلاة الجمعة عند الجمهور هو وقت صلاة الظهر من الزوال إلى مصير ظل كل شيء مثله، وعند الحنابلة أول وقت صلاة الجمعة هو أول وقت صلاة العيد، وآخر وقت صلاة الجمعة هو آخر وقت صلاة الظهر، فوقتها يمتد طويلاً. هنا يقول: الأولى في وقتها المعتاد. والخط يظهر أنه من جهة المغرب، وليس بمغربي صرف دون المغربي، إما ليبي أو تونسي هذا الخط، والغالب عليهم أنهم هناك مالكية، وقتها المعتاد عندهم يبدأ من الزوال إلى مصير ظل كل شيء .. مثل صلاة الظهر، كأنه يقول: إن الأمام يدخل بعد زوال الشمس ثم يخطب ثم تصلى الصلاة في غضون نصف ساعة أو أكثر بقليل، أو أقل بقليل، هذا الوقت المعتاد في كثير من البلدان، هذه الجمعة الأولى، والثانية: قبل دخول صلاة العصر، يعني وقت صلاة العصر بساعة، مادام الوقت فيه سعة، وسعة هذه الأوقات من يسر هذه الشريعة، يعني لا يتيسر للناس كلهم أن يصلوا في أول الوقت، لا يتيسر لجميع الناس أن يصلوا في أول الوقت فكون الوقت ممتد على مدى ساعتين ونصف في الشتاء أو ثلاث ساعات أو قد تزيد هذا من يسر هذه الشريعة، والدين يسر، فإذا كانت الجمعة الثانية الحاجة لها قائمة، والمبرر للتأخير قائم، والتأخير في حدود الوقت فلا أرى ما يمنع من ذلك، والله المستعان. يقول -هذا سؤال كأنهم مستعجلين عليه شوي-:

يقول: يشكل على بعض الإخوة أئمة المساجد الجمع في وقت المطر، بل إن بعضهم قد يجمع من غير حاجة، وذلك لإلحاح الجماعة عليه، أرجو التوضيح والتفصيل؟ ذُكر لي أن اليوم بعض الأئمة جمعوا، والسبب غير قائم، يعني وقت صلاة المغرب فيه مطر؟! نعم، هم يشترطون أن يكون السبب قائماً عند إقامة الثانية، والسبب غير قائم، فمثل هذا لا ينبغي الجمع فيه، نعم إذا وجد السبب، وجد المطر الذي بحيث يشق على الناس، وصحبه برد نعم، النبي -عليه الصلاة والسلام- جمع بالمدينة، جمع بالمدينة في حديث ابن عباس: "من غير خوف ولا مطر" وفي وراية: "من غير خوف ولا سفر" المقصود أن الحرج منفي في الشرع، ولذا لما سئل ابن عباس عن السبب قال: "أراد ألا يحرج أمته" أراد ألا يحرج أمته، فمادام الحرج موجوداً فالسبب قائم، يسوغ حينئذٍ الجمع. بعض الأئمة -ولا أخاله ممن طلب العلم- يرى أن الجمع مقرون بالقصر فتجده يجمع إذا وجد المطر ويقصر صلاة العشاء هذا جهل، هذا جهل، الجمع أسبابه أكثر من أسباب القصر، القصر مربوط بالسفر، والجمع المسافر يجمع، المريض يجمع، صاحب المشقة الشديدة من كثرة الوضوء كمن به حدث دائم أو استحاضة رخص لهم في أن يجمعوا، المقصود أن الحرج منفي في الشريعة، لكن التساهل أيضاً يعرض الصلاة للبطلان، فينبغي الاحتياط للعبادة، ينبغي الاحتياط للعبادة، فمثل هذا اليوم لا يسوغ الجمع؛ لأن السبب غير قائم أثناء إقامة الصلاة الثانية، وكثير من الناس يجمع تحت ضغط الجماعة كما يقول السائل، ثم بعد ذلك يذهب إلى عمله أو إلى تجارته، أو .. ، هذا لا يبرر له الجمع؛ لأنه إذا خرج إلى متجره أو إلى عمله دل على أنه لا حرج في العود إلى المسجد، والله المستعان، إي نعم؟ طالب:. . . . . . . . . الإقامة مربوطة بالإمام، فإذا أقام المؤذن من غير إذن الإمام هذا افتئات على حق الإمام، فالإمام أملك بالإقامة هو صاحب الشأن، بينما الأذان مربوط بالمؤذن هو أملك به، لا يتدخل فيه الإمام، وأما الإقامة فهي بيد الإمام، إذا لم يكن هناك مشقة ينصرف ويش المانع؟ يحتاط لنفسه ولدينه. يقول: شرعت في حفظ عمدة الأحكام -ولله الحمد- إن كان شرعت هل تنصح أن أستمر أو أبدأ بحفظ بلوغ المرام؟

لا، استمر؛ لأن أحاديث العمدة أصح، شرط مؤلفها أن تكون أحاديثها من الصحيحين، نعم في البلوغ أحاديث زائدة في غير الصحيحين من السنن، سواءً كانت السنن الأربعة أو البيهقي أو الدارقطني، وغيرها من الكتب يحتاجها طالب العلم، وهي لا توجد في العمدة، فإذا انتهى .. ، فرغ من حفظ العمدة وهي أساس متين لأحاديث الأحكام يشرع بعد ذلك بحفظ البلوغ، ثم بعد ذلك إذا كانت الحافظة تسعف لحفظ الكتب المسندة فذلك المطلوب. يقول: وهل أحفظهما .. إيش؟ فماذا أحفظ بعده من أحاديث النبي -عليه الصلاة والسلام-؟ وهل أحفظ مع السند أم لا؟ إذا انتهى طالب العلم من البلوغ حفظاً وفهماً، وقراءة شروح، وسماع أشرطة عليه، وأتقنه، بعد ذلك يشرع بالكتب المسندة الأصلية كالصحيحين والسنن، ومقدماً صحيح البخاري لأهميته، ثم صحيح مسلم، ثم السنن، على الترتيب المعروف عند أهل العلم، ويذكر هنا يقول: وهل أحفظ مع السند؟ إن كانت الحافظة تسعف فالسند حفظه مهم، ومعرفة الرجال شرط أساس لمعرفة صحة الأحاديث وضعفها، فإذا حفظت صحيح البخاري قد تقول: صحيح البخاري ما الداعي لحفظ أسانيده والأحاديث صحيحة؟ نقول: نعم الأحاديث صحيحة لكن معرفة هؤلاء الرجال يريحك كثيراً إذا أردت أن تحفظ في غير الصحيحين. يقول: نحن في مكان دراسي ووقت الفسحة قصير ولا يمكن الأداء لصلاة الضحى، فهل يجوز لي أداء الصلاة على كرسي الفصل وهو متجه إلى القبلة؟ أيضاً هل يجوز لي الاستمرار على ذلك؟ وما حكم قطع الصلاة مثلاً لسؤال المدرس مثلاً خوفاً من الرياء؟ صلاة الضحى سنة أوصى بها النبي -عليه الصلاة والسلام- بعض الصحابة، فلا ينبغي للمسلم أن يفرط بها، يفرط بها على أي حال، لكن الصلاة مع الخلل في الأركان يقتصر فيها على موارد النص، في صلاة الخوف مثلاً في صلاة النفل في السفر على الراحلة، إما أن يخل بالأركان في غير مورد النص فلا، فلا يصليها وهو في الفصل على الكرسي، لا؛ لأنه لن يتمكن من قيام ولا من ركوع ولا من سجود، والله المستعان.

هذا يسأل عن حديث يقول: هل تعلم بماذا حدد الله -عز وجل- الصلوات الخمس في مواعيدها التي نعرفها؟ روي عن علي -رضي الله عنه- قال: "بينما كان الرسول -صلى الله عليه وسلم- جالس بين المهاجرين والأنصار أتى إليه جماعة من اليهود فقالوا له: يا محمد إنا نسألك عن كلمات أعطاهن الله تعالى لموسى بن عمران لا يعطيها إلا نبياً مرسلاً أو ملكاً مقرباً، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((سلوا)) فقالوا: يا محمد أخبرنا عن هذه الصلوات الخمس التي افترضها الله على أمتك؟ فقال النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((أما صلاة الظهر إذا زالت الشمس يسبح كل شيء لربه، وأما صلاة العصر فإنها الساعة التي أكل فيها آدم -عليه السلام- من الشجرة، وأما صلاة المغرب فإنها الساعة التي تاب الله على آدم -عليه السلام- فيها، فما من مؤمن يصلي هذه الصلاة محتسباً ثم يسأل الله تعالى شيئاً إلا أعطاه إياه، وأما صلاة العتمة فإنها الصلاة التي صلاها المرسلون قبلي، وأما صلاة الفجر فإن الشمس إذا طلعت تطلع بين قرني الشيطان، ويسجد لها كل كافر من دون الله)) قالوا له: صدقت يا محمد، فما ثواب من صلى؟ قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((أما صلاة الظهر فإنها الساعة التي تسعر فيها جهنم)) شوف صلاة الظهر الساعة التي تسعر فيها جهنم، ومعلوم أن صلاة الظهر إنما تكون بعد الزوال، وجهنم إنما تسعر وقت الزوال، اللي هو وقت النهي، وتسعر تسجر يعني ((فما من مؤمن يصلي هذه الصلاة إلا حرم الله عليه لفحات جهنم يوم القيامة، وأما صلاة العصر فإنها الساعة التي أكل فيها آدم من الشجرة فما من مؤمن صلى هذه الصلاة إلا خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه)) ثم تلا قوله تعالى: {حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ والصَّلاَةِ الْوُسْطَى} [(238) سورة البقرة] وأما صلاة المغرب فإنها الساعة التي تاب .. إلى آخره، هذا الحديث غير صحيح، هذا الحديث ليس بصحيح أمارات الوضع عليه ظاهرة. نترك الأسئلة بعد، في آخر الوقت، سم. بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. قال الحافظ ابن حجر العسقلاني -رحمه الله تعالى-:

وعن أبي سعيد الخدري -رضي الله تعالى عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((لا صلاة بعد الصبح حتى تطلع الشمس، ولا صلاة بعد العصر حتى تغيب الشمس)) متفق عليه. ولفظ مسلم: ((لا صلاة بعد صلاة الفجر)). وله عن عقبة بن عامر -رضي الله تعالى عنه-: "ثلاث ساعات كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ينهانا أن نصلي فيهن, وأن نقبر فيهن موتانا: حين تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع, وحين يقوم قائم الظهيرة حتى تزول الشمس, وحين تتضيف الشمس للغروب". والحكم الثاني عند "الشافعي" -رحمه الله تعالى- من حديث أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- بسند ضعيف، وزاد: "إلا يوم الجمعة" وكذا لأبي داود عن أبي قتادة -رضي الله تعالى عنه- نحوه. وعن جبير بن مطعم -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((يا بني عبد مناف لا تمنعوا أحداً طاف بهذا البيت، وصلى أية ساعة شاء من ليل أو نهار)) رواه الخمسة, وصححه الترمذي وابن حبان. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى- في حديث "أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((لا صلاة بعد الصبح)) لا صلاة بعد الصبح ((حتى تطلع الشمس، ولا صلاة بعد العصر حتى تغيب الشمس)) متفق عليه، ولفظ مسلم: ((لا صلاة بعد صلاة الفجر)).

الفرق بين الرواية المتفق عليها ورواية مسلم تقييد وقت النهي بطلوع الصبح الرواية المتفق عليها، ورواية مسلم تقييد وقت النهي بصلاة الصبح، وأيضاً جاء في الصحيحين وغيرهما تقييد الوقت الثاني بصلاة العصر، فهل وقت النهي يبدأ من طلوع الصبح إلى طلوع الشمس أو يبدأ من صلاة الصبح إلى طلوع الشمس؟ الرواية الأولى تدل على الأول، والثانية تدل على الثاني، وهذا الاختلاف جعل بعض أهل العلم يجعل أوقات النهي ستة، يجعل أوقات النهي ستة؛ لأنه جاء في حديث صحيح: ((لا صلاة بعد الصبح إلا ركعتا الفجر)) ركعتا الصبح، فالاستثناء يدل على خفة النهي، فعلى هذا يكون النهي من طلوع الصبح إلى الصلاة هذا وقت، وهو نهي خفيف مخفف، بدليل أنه تجوز فيه النافلة ابتداءً، وعلى هذا إذا دخل أحدكم المسجد وصلى ركعتي الفجر فإنه حينئذٍ لا يصلي غير هاتين الركعتين، وبعض الناس يصلي ركعتين تحية المسجد، ثم يصلي ركعتي الصبح النافلة، فهي من النوافل الراتبة المؤكدة، تسأله يقول: هذه تحية المسجد وهذه راتبة الفجر، نقول: لا، المقصود بتحية المسجد شغل البقعة، شغل الوقت، وتتأدى تحية المسجد بأي صلاة، بأي صلاة، على أن تكون من ركعتين فأكثر ((حتى يصلي ركعتين)). إذا كان الوقت الأول من طلوع الصبح إلى طلوع الشمس، وأقر النبي -عليه الصلاة والسلام- .. ، استثنى ركعتي الصبح قبلها، وأقر من صلى ركعتي الصبح بعدها؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- رأى رجلاً يصلي بعد الصبح فقال له: ((أأصبح أربعاً؟ )) فذكر أنه لم يصلِ الركعتين فأقره على ذلك.

وعلى كل حال هو وقت فيه سعة، الوقت الذي يليه من صلاة العصر إلى أن تتضيف الشمس للغروب، وهو أيضاً وقت موسع، ولذا قضى النبي -عليه الصلاة والسلام- فيه راتبة الظهر لما فاتته، وجاء في بعض الأحاديث ما يدل على اختصاصه بهذا، فهو وقت نهي، فراتبة الظهر إذا دخل وقت صلاة العصر نقول: سنة فات وقتها، وقضاؤها بعد صلاة العصر في وقت النهي من خواصه -عليه الصلاة والسلام-، كما سيأتي -إن شاء الله تعالى-، هذان الوقتان الموسعان هما ما اشتمل عليه حديث أبي سعيد، واشتمل حديث عقبة بن عامر الذي يليه على الأوقات الثلاثة المضيقة، التي النهي فيها أشد "ثلاث ساعات كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ينهانا أن نصلي فيهن, وأن نقبر فيهن موتانا: حين تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع, وحين يقوم قائم الظهيرة حتى تزول الشمس, وحين تتضيف الشمس للغروب" يعني إلى أن تغرب.

قد يقول قائل: لماذا لا نجعل الأوقات ثلاثة بدل ما هي بخمسة أو ستة؟ لماذا لا نجعل الأوقات ثلاثة؟ من طلوع الصبح إلى ارتفاع الشمس وقت واحد، وحين يقوم قائم الظهيرة حتى تزول الشمس، ومن صلاة العصر إلى غروب الشمس ثلاثة، وندخل الاثنين في الثلاثة، يمكن تداخلهم، لماذا قال أهل العلم أنها خمسة؟ هل قصدهم بذلك البسط أو لأن الأحكام تختلف؟ ها يا الإخوان؟ الآن يمكن إدخال الوقتين الذين وردا في حديث أبي سعيد في الأوقات الثلاثة، فتكون الأوقات ثلاثة: من طلوع الصبح إلى ارتفاع الشمس، وحين يقوم قائم الظهيرة حتى تزول، وبعد صلاة العصر حتى تغرب الشمس، لماذا نقول: خمسة أو ستة؟ لأنه كلما قلت الأقسام وانحصرت القسمة سهل الضبط، فهل هذا البسط في الأقسام مقصود لأهل العلم لذاته؟ يعني هو مجرد تصريح بما هو مجرد توضيح؟ هل هو تصريح بما هو مجرد توضيح؟ أو لأن الأحكام تختلف في الوقتين الموسعين عن الأحكام في الأوقات الثلاثة المضيقة؟ نعم، الأحكام تختلف، في الوقتين الموسعين النهي عن الصلاة فقط، في الأوقات الثلاثة المضيقة النهي عن الصلاة وعن دفن الموتى، وعن دفن الموتى، فدل على أن الأمر أشد في الأوقات المضيقة، في الوقتين الموسعين يرى جمع من أهل العلم أن النهي عن الصلاة فيهما -أعني الوقتين الموسعين- إنما هو من باب النهي عن الوسائل، أو من باب الوسائل، يعني سد للذريعة، لئلا يسترسل الإنسان في الصلاة بعد الصبح ثم يصلي وقت طلوع الشمس، الذي هو النهي المضيق، وقت النهي المضيق، ولئلا يسترسل المصلي المتنفل بعد صلاة العصر ثم يستمر في الصلاة حتى يأتي الوقت المضيق حين تتضيف الشمس للغروب إلى أن تغرب، فالوقتان الموسعان فيهما خفة في النهي، والأوقات الثلاثة المضيقة فيها ضيق وشدة.

نستكمل بقية الأحاديث، ونفصل في مسألة التنفل في هذه الأوقات، أما بالنسبة لقضاء الفوائت والفرائض وأداء الفرائض فلا تدخل في النهي، النهي إنما هو عن النوافل فقط، النوافل فقط، والخلاف فيما له سبب وما لا سبب له سيأتي -إن شاء الله تعالى-، لكن الحنفية والأمر عندهم أشد في هذه الأوقات عندهم أن من صلى ركعة من صلاة الصبح ثم طلعت عليه الشمس إيش حكمه؟ تبطل صلاته، بينما من صلى ركعة قبل غروب الشمس ثم غابت عليه الشمس تبطل صلاته وإلا ما تبطل؟ ما تبطل، إيش وجه التفريق؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . نعم طيب، عرفنا المسألتين؟ شرع في صلاة الصبح ثم صلى ركعة طلعت عليه الشمس دخل وقت النهي تبطل صلاته، شرع في صلاة العصر ثم غربت الشمس عليها تبطل صلاته، وجه الفرق بينهما أنه دخل عليه وقت النهي في صلاة الصبح، وفي صلاة العصر خرج وقت النهي، والحديث السابق: ((من أدرك ركعة من صلاة الصبح قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح، من أدرك ركعة من صلاة العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر)) هذا الحديث صريح في الرد عليهم، هذا الحديث صريح في الرد عليهم. هم يقولون: إن الفريضة لا تصح في وقت النهي لا سيما طلوع الشمس، ويستدلون بأن النبي -عليه الصلاة والسلام- لما نام عن صلاة الصبح أخر قضاء الصلاة وانتقل من المكان الذي نام فيه، هم يعللون بأنه إنما أخرها لينتهي وقت النهي، لينتهي وقت النهي، والعلة منصوصة في سبب التأخير، وانتقاله من مكان إلى آخر؛ لأن هذا الوادي الذي ناموا فيه حضر فيه الشيطان، فانتقلوا منه إلى غيره لا لكي يخرج وقت النهي، أيضاً وقت النهي قد انتهى، ما الذي أيقظهم؟ أيقظهم حر الشمس، أيقظهم حر الشمس، الشمس إذا صارت لها حرارة يبقى وقت النهي وإلا ارتفع؟ ارتفع قطعاً. نأتي إلى مسألة أخرى تتعلق بالحديث، إذا نام الإنسان عن الصلاة وهو في مكان، هل نقول له: السنة أن تنتقل عن هذا المكان وتصلي في مكان آخر؟ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- انتقل من هذا الوادي إلى مكان آخر وقال: إنه حضر فيه الشيطان؟ نعم؟ كيف؟ طالب:. . . . . . . . .

لسبب حضر فيه الشيطان، الشيطان حضر في هذا المكان الذي فاتت فيه الصلاة، فهل يحضر الشيطان في كل مكان تفوت فيه الصلاة؟ ما يلزم، الرسول -عليه الصلاة والسلام- أطلع على ذلك، وإلا ما يبقى أحد في بيته، شخص مستأذي من غرفة أو نائم في غرفته نقول: انتقل إلى غرفة أخرى أو ثانية وثالثة، كونه -عليه الصلاة والسلام- أطلع على أن الشيطان حضر في هذا الوادي لا يعني أن كل من فاتته الصلاة يكون الشيطان قد حضره. يقول: "والحكم الثاني" من حديث أبي هريرة "عند الشافعي" -رحمه الله- في مسنده "من حديث أبي هريرة بسند ضعيف: "إلا يوم الجمعة". إيش الحكم الثاني؟ الحكم الثاني هاه؟ الحكم الثاني يعني في حديث عقبة، الآن اشتمل حديث عقبة بن عامر على بيان الثلاثة الأوقات المضيقة، والنهي فيها عن أمرين: عن الصلاة وعن دفن الموتى، يعني المتبادر من قوله: الحكم الثاني أنه دفن الموتى، أنه المقصود به دفن الموتى هو الحكم الثاني الذي دل عليه حديث عقبة بن عامر، لكن حديث أبي هريرة الذي أشار إليه عند الإمام الشافعي يدل على أن مراده بالحكم الثاني حين يقوم قائم الظهيرة، يعني الوقت الثاني، يريد بالحكم الثاني الوقت الثاني مما اشتمل عليه حديث عقبة، واستثنى من هذا الوقت حين يقوم قائم الظهيرة الجمعة، وهو حديث ضعيف، وكذا لأبي داود عن أبي قتادة نحوه، يعني استثناء وقت الزوال حين يقوم قائم الظهيرة، حينما تكون الشمس في كبد السماء يوم الجمعة، والعلة أن النار لا تسجر في يوم الجمعة، لكنه أيضاً حديث ضعيف، فهما حديثان ضعيفان، ثبت عن جمع من السلف أنهم من الصحابة والتابعين ومن بعدهم أنهم كانوا يصلون نصف النهار يوم الجمعة، يصلون نصف النهار يوم الجمعة، فدل على أن للاستثناء في يوم الجمعة أصل، لكن من ترك الصلاة في هذا الوقت وهي مدة ضيقة يعني مقدار ربع ساعة، لا شك أنه أحوط؛ لأن الحديثين الذين أشار لهما المؤلف ضعيفان، وكونه يؤثر عن الصحابة أنهم يصلون في هذا الوقت مع صحة الخبر عن النبي -عليه الصلاة والسلام- في النهي عن الصلاة حينما يقوم قائم الظهيرة شامل الجمعة وغيرها، فاستثناء الجمعة لا يثبت؛ لأن الحديثين كلاهما ضعيف، وضعفهما شديد.

سيأتي من حديث ابن عمر -رضي الله تعالى عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا صلاة بعد الفجر إلا سجدتين)) يعني ركعتي الفجر، في رواية عبد الرزاق على ما سيأتي: ((لا صلاة بعد طلوع الفجر إلا ركعتي الفجر)) وسيأتي في آخر الباب أن النبي -عليه الصلاة والسلام- شغل عن الركعتين بعد الظهر فصلاهما بعد العصر قضاءً، وسيأتي ما فيه. على كل حال عندنا مسألة أوقات النهي التي ذكرناها، واشتملت عليها هذه الأحاديث، النهي فيها عن الصلاة في جميع الأوقات الخمسة، النهي عن الدفن في الأوقات الثلاثة المضيقة، الفرائض لا تدخل في النهي، النوافل مطلقة متفق على كراهة الصلاة بالنسبة للنوافل المطلقة في هذه الأوقات، يبقى عندنا إذا استثنينا الفرائض، استثنينا النوافل المطلقة -المطلقة في مقابل كونها ذات أسباب- لأنها لا يعني أنها مطلقة تقابل الرواتب؛ لأن النوافل المطلقة تطلق ويراد بها ما يقابل ذوات الأسباب، وتطلق ويراد بها ما يقابل الرواتب. أنا أريد النفل المطلق الذي ليس له سبب، متفق على كراهة الصلاة من هذا النوع في هذه الأوقات، والنهي صحيح صريح، وجمع من أهل العلم يرون التحريم، التحريم، تحريم التنفل في هذه الأوقات، وهو مقتضى النهي، لكن الجمهور على الكراهة، ولذلك يقولون: إن الأوقات أوقات كراهة وهي أوقات النهي. ذوات الأسباب منها تحية المسجد، منها سنة الوضوء، منها صلاة ركعتي الإحرام عند من يقول به، سبب، منها ركعتا الطواف، ذوات الأسباب، هل تفعل ذوات الأسباب في أوقات النهي أو لا تفعل؟ تفعل جزماً، نعم، من دون أي تردد ولا .. ؟ كيف؟ طالب:. . . . . . . . .

فيه خلاف صحيح، الأئمة الثلاثة أبو حنيفة ومالك وأحمد، يعني المذاهب الثلاثة، جمهور أهل العلم، الحنفية والمالكية والحنابلة على أنه لا تفعل شيء من النوافل في هذه الأوقات حتى لو كان لها سبب، والشافعية يقولون: تفعل هذه الصلوات ذوات الأٍسباب في أوقات النهي، بم استدل الثلاثة؟ وبم استدل الشافعية؟ ترى المسألة -يا الإخوان- ليست بالسهلة بحيث نقول: تفعل أو لا تفعل من غير نظر دقيق في وجهة نظر أهل العلم، ولكل وجهته؛ لأن هذه المسألة من عضل المسائل، هل تعلمون أن من أهل العلم من يقول: لا تدخل المسجد في وقت النهي؛ لأنك إن صليت حرج، إن صليت خالفت أحاديث النهي، إن تركت وجلست خالفت أحاديث الأمر ((إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين)) يقول: لا تدخل في هذا الوقت، ومن أهل العلم من يقول: لا تجلس إن دخلت، تستمر واقف، حتى يخرج وقت النهي، وعمر -رضي الله عنه- طاف بعد الصبح كما في البخاري معلقاً عنه طاف بعد صلاة الصبح صلى ركعتي الطواف، صلاهما بذي طوى، في الزاهر صلاهما، من أجل إيش؟ من أجل أن يخرج وقت النهي، ترجم الإمام البخاري: باب الطواف بعد الصبح وبعد العصر، وذكر الشارح ابن حجر أحاديث تدل على أنهم ما يطوفون بعد صلاة الصبح وبعد صلاة العصر خشيةً من الصلاة وإلا الطواف ما فيه إشكال، حتى ذكر عن أبي الزبير أن المطاف يخلو تماماً بعد صلاة الصبح وبعد العصر. أقول: المسألة ليست سهلة يدخل الإنسان قبل أذان المغرب بخمس دقائق ويصلي ركعتين وهو مرتاح، لا المسألة مشكلة يعني، عمر -رضي الله عنه- طاف بعد الصبح وصلى الركعتين بذي طوى. البخاري -رحمه الله تعالى- ذكر هذا الأثر عن عمر، وذكر عن ابن عمر أنه كان يصلي ما لم تطلع الشمس، يصلي ما لم تطلع الشمس، إيش معنى هذا الكلام؟ يصلي ركعتي الطواف ما لم تطلع الشمس، معناه أنه يصليها في الوقت الموسع دون المضيق، يصليهما في الوقت الموسع دون المضيق، وعمر -رضي الله عنه- انتظر حتى خرج وقت النهي، في المسند بإسناد حسن عن جابر يقول: "ما كنا نطوف بعد الصبح وبعد العصر" حسن ابن حجر إسناده.

أنا أقول: أقدم بهذا لئلا نتعجل، يعني شيخ الإسلام -رحمه الله تعالى- رجح مذهب الشافعية والناس وراء شيخ الإسلام، وهو أهل لأن يقلد، تبرأ الذمة بتقليده، لكن يبقى أن الأئمة الآخرين ما تهدر أقوالهم، نأتي إلى حجج الفريقين، عرفنا أحاديث النهي وأحاديث ذوات الأسباب، ودعونا نجعل الرمز لأحاديث ذوات الأسباب ((إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين)) نهي عن الجلوس مفاده أمر بالصلاة، نعم إذا نهينا عن الجلوس حتى نصلي معناه أمر لنا بالصلاة.

ماذا يقول الثلاثة؟ أولاً: حجة الشافعية التي درج عليها الناس، وسمعناها، ورددت كثيراً أن أحاديث النهي عامة وأحاديث ذوات الأسباب خاصة والخاص مقدم على العام صح وإلا لا؟ ما هم يقولون كذا؟ يقولون: أحاديث النهي عامة، عامة في جميع الصلوات، وأحاديث ذوات الأسباب خاصة بهذه الصلوات، الخاص مقدم على العام، وهل مثل هذا الكلام يخفى على الأئمة الثلاثة؟ ما يمكن أن يخفى، ماذا يقولون؟ يقولون: أحاديث ذوات الأسباب عامة في جميع الأوقات، وأحاديث النهي خاصة بهذه الأوقات، والخاص مقدم على العام، ظاهر وإلا مو بظاهر؟ أيهما أولى بالقبول، يعني إذا قال الشافعي ومن يقلد الشافعي: إن أحاديث النهي عامة في جميع الصلوات، أحاديث النهي تتناول جميع الصلوات، أحاديث ذوات الأسباب خاصة بهذه الصلوات التي لها سبب، ربطت بسبب، والخاص مقدم على العام، إذا قالوا مثل هذا الكلام يقول الطرف المقابل -وهم الجمهور- ماذا يقولون؟ يقولون: أحاديث ذوات الأسباب عامة في جميع الأوقات، إذا دخل أحدكم المسجد الضحى، الظهر، العصر، المغرب، العشاء في أي ساعة، فلا يجلس حتى يصلي ركعتين هذا عام في الأوقات كلها، لكن أحاديث النهي خاصة بهذه الأوقات، والخاص مقدم على العام، الآن عندنا تكافؤ في الحجة، في تكافؤ وإلا ما في تكافؤ؟ هل نقول: الخاص مقدم على العام بإطلاق؟ نقول مثل هذا إذا كان العموم والخصوص مطلق، إذا كان العموم والخصوص مطلق، أما إذا كان العموم والخصوص وجهياً كما هنا، فلا نستطيع أن نقول مثل هذا الكلام؛ لأن عندنا تكافؤ في الاستدلال؛ لأن العموم والخصوص وجهي، أحاديث النهي فيها عامة من وجه خاصة من وجه، وأحاديث ذوات الأسباب عامة من وجه خاصة من وجه، فالعموم والخصوص وجهي وليس بمطلق.

نأتي بمثال يوضح مثل هذا الكلام من السنة: ثبت النهي عن قتل النساء، ثبت النهي عن قتل النساء، وثبت الأمر بقتل المرتد ((من بدل دينه فاقتلوه)) ((من بدل دينه فاقتلوه)) (من) من صيغ العموم يشمل الرجال والنساء، فهو عام من هذا الوجه، عام لشموله الرجال والنساء وخاص بالمرتدين، النهي عن قتل النساء خاص في النساء، لكنه شامل للمرتدات والكوافر الأصليات، واضح وإلا ما هو بواضح؟ عموم وخصوص وجهي، يعني إذا قال: تقتل المرتدة، نعم، تقتل المرتدة لعموم حديث ((من بدل دينه فاقتلوه)) قال القائل: نهى عن قتل النساء، وإذا قال: لا تقتل المرأة للنهي عن قتل النساء جاء الطرف الآخر يقول: ((من بدل دينه فاقتلوه)) تدخل المرأة، فالحجج متكافئة، الحجج متكافئة، وحينئذٍ نطلب مرجحاً خارجياً، نطلب مرجح خارجي، عموم حديث: ((من بدل دينه فاقتلوه)) هل هو مخصوص بشيء؟ هل دخله تخصيص؟ هل يوجد مرتد لا يقتل؟ محفوظ العموم هنا، لكن النهي عن قتل النساء عمومه محفوظ وإلا غير محفوظ؟ غير محفوظ؛ لأنه دخله مخصصات كثيرة، إذا قتلت المرأة لا تقتل؟ تقتل، نعم إذا زنت وهي محصنة تقتل وإلا ما تقتل؟ ترجم، إذن العموم غير محفوظ، وعموم ذاك محفوظ، فعلى هذا تقتل المرتدة، وكيف رجحنا؟ طلبنا مرجح خارجي.

في أحاديث النهي مع ذوات الأسباب نبحث عن مرجح خارجي، الجمهور الذين يقولون بأن ذوات الأسباب لا تفعل في أوقات النهي قالوا: الحضر مقدم على الإباحة، المنع ((إذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم)) والاستطاعة القدرة قد يكون المانع منها حقيقياً، وقد يكون المانع منها حكمياً، فإذا منعت من الصلاة في هذا الوقت فأنت مستطيع وإلا ما أنت مستطيع؟ أنت ما أنت مستطيع إذا منعت ولو كنت مأموراً ((فإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم)) والمنهي والممنوع من الصلاة في هذا الوقت غير مستطيع، غير مستطيع حقيقة وإلا حكماً؟ حكماً ((وإذا نهيتكم عن شيء)) في مثنوية في تساهل؟ ((فاجتنبوه)) ((إذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه)) ((إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم)) أمرتنا بأن نصلي إذا دخلنا المسجد لكن نهيتنا عن الصلاة في بعض الأوقات، إذن لا نستطيع أن نصلي ((أتوا منه ما استطعتم)) ((وإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه)) هذه وجهة نظر من يقول: الحظر مقدم على الإباحة، وعلى هذا نمتنع من الصلوات في هذه الأوقات، وهي حجة كما ترون قوية.

شيخ الإسلام رأيه بالنسبة للأوامر والنواهي ارتكاب النواهي والمحظورات أسهل عند شيخ الإسلام من ترك المأمورات -رحمه الله-، ارتكاب المحظورات أسهل عنده من ترك المأمورات، بدليل أن معصية آدم ارتكاب محظور، ومعصية إبليس ترك مأمور، أيهما أعظم؟ معصية إبليس، فكونك تترك المأمور أعظم عند شيخ الإسلام من أن تفعل المحظور، لكن حتى هذا الكلام وإن كان شيخ الإسلام يقوله ويقرره إلا أن شيخ الإسلام لا ينازع في أن المأمورات تتفاوت والمحظورات تتفاوت، أنت مأمور بالصلاة مع الجماعة، مأمور بالصلاة مع الجماعة، إذن يلزمك أن تذهب إلى المسجد حيث ينادى بها، لو قدر أن في طريقك إلى المسجد شباب يلعبون ولا تستطيع أن تغير هذا المنكر، هل تقول: أترك المأمور اللي هو الصلاة مع الجماعة لوجود المنكر في طريقي الذي لا أستطيع تغييره؟ نعم، لكن لو كان في طريقك إلى المسجد بغي وعندها ظالم لا بد من أن تقع عليها نقول: لا بد أن تذهب إلى الجماعة لأنه مأمور وهذا محظور؟ يمكن يقول شيخ الإسلام مثل هذا الكلام؟ ما يمكن يقول شيخ الإسلام بهذا الكلام، فالمأمورات تتفاوت والمحظورات تتفاوت، فإذا أطلق مثل هذا الكلام لا بد من تقييده. عرفنا وجهة نظر الجمهور أن الحضر مقدم على الإباحة، وجهة نظر الشافعية ومن يقول بقولهم، وهي أيضاً فيها قوة، يقولون: مثل ما نظرنا بالمرتدات العموم المحفوظ أقوى من العموم المخصوص، العموم المحفوظ أقوى من العموم المخصوص، عموم ذوات الأسباب ماذا دخله من المخصصات، لم يدخله إلا أحاديث النهي في غيرها وإلا ما في؟ ((إذا دخل أحدكم المسجد)) هل هناك ما يخص هذا العموم غير النهي عن الصلاة في الأوقات الخمسة؟ لكن أحاديث النهي، عموم أحاديث النهي مخصوص بالفرائض، نعم، مخصوص بركعتي الطواف على ما سيأتي، منصوص عليها، مخصوص بجميع ذوات الأسباب فدخله من المخصصات أكثر مما دخل عموم ذوات الأسباب من المخصصات، وكلما كثرت المخصصات ضعف العموم، ضعف العموم.

لو أن شخصاً من الناس قال لأولاده: لا يخرج أحد من صلاة العصر إلى صلاة العشاء، وبالفعل طبق بحزم، هل هذا النهي -عموم هذا النهي- بهذه القوة يساوي ما لو قال: لا يخرج أحد، ثم جاء واحد من أولاده أريد شيء يسير من البقالة وأرجع، قال: روح وارجع بسرعة، جاء ثاني وكذلك، البقية منعهم، أيهما أقوى؟ الأول الذي لا يدخله خصوص أصلاً، لا شك أن العموم المحفوظ أقوى من العموم الذي دخله مخصصات، وكلما كثرت المخصصات يضعف العموم، ولذا الاستثناءات من الأنظمة تضعفها، كثرة الاستثناءات من الأنظمة تضعفها، هذا أمر معروف عند الإداريين وغيرهم، وكل من يعاني هذه الأمور. عرفنا وجهة نظر الجمهور، ووجهة نظر الشافعية، وبعد هذا ماذا نقول لمن دخل المسجد في وقت نهي يصلي وإلا ما يصلي؟ نعم، أولاً: مسألة الإنكار على من صلى مع قوة وجهة نظر الشافعية ما هو بوارد، والإنكار على من جلس مع قوة وجهة نظر الجمهور ليس بوارد. يبقى ماذا يصنع الإنسان؟ إذا دخل في الوقتين الموسعين فالأمر أخف، الأمر أخف؛ لأن من أهل العلم من قال: إن النهي عن الصلاة في الوقتين الموسعين إنما هو من باب منع الوسائل والنهي ليس لذات الوقت؛ لئلا يسترسل المصلي فيصلي في الوقت المضيق، ولذا ذكر البخاري عن ابن عمر أنه كان يصلي بعد الصبح، يعني ركعتي الطواف، ما لم تطلع الشمس، فدل على أنه لا يصلي في الوقت المضيق، ويصلي في الوقت الموسع، وعلى هذا نقول: الأوقات المضيقة مدتها محدودة، والنهي فيها شديد، والنهي فيها لذاتها لا لغيرها، الأولى ألا يصلي الإنسان في الأوقات الثلاثة، ينتظر حتى يخرج وقت النهي، أما في الوقتين الموسعين فالأمر فيه سعة، ظاهر وإلا ما هو بظاهر؟ ها يا الإخوان يحتاج إعادة وإلا؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . ويش نعيد؟ الكلام الأخير؟ طالب:. . . . . . . . .

أقول: بعدما سمعنا حجج الفريقين، والمسألة كما قدمت وأسلفت ليست من المسائل السهلة التي يتطاول عليها آحاد الطلبة فينكر على غيره إذا صلى أو جلس، أولاً: جماهير أهل العلم يرون أن تحية المسجد ليست بواجبة، بل هي مستحبة، كما أن الجمهور أيضاً يرون أن النهي للكراهة وليس للتحريم، وقيل بالتحريم وقيل بالوجوب، وجوب صلاة التحية، فالمسائل متوازنة وأشكالها كبير، فالمسألة من عضل المسائل، وتجد آحاد الطلبة إذا سئل .. ، والسبب معروف، السبب معروف، يعني كان البلد مقيد بمذهب، أو متقيد بمذهب معين، ثم جاءت مسألة الثورة على التقليد، وحث الناس على الاجتهاد من غير قيد ولا شرط، والبلد معتمد على مذهب الإمام أحمد، وهم لا يصلون في أوقات النهي، ثم جاءت مسألة محاربة التقليد، وكان من المسائل التي حصلت فيها الشرشرة هذه المسألة، فعلى طالب العلم أن لا يندفع لا إثبات ولا نفي إلا بالدليل، ما ينساق وراء دعاوى، إنما يثبت ويدين الله بالدليل، مع احترامه للأئمة وأهل العلم.

فالخلاصة أن الوقتين الموسعين على ما قرره ابن عبد البر وابن رجب وغيرهما أن النهي عن الصلاة فيهما من باب منع الوسائل، والأوقات الثلاثة المضيقة المربوطة بالشمس، طلوعاً وغروباً وزوالاً كونها حينما يقوم قائم الظهيرة، يعني كونها في كبد السماء، إذ الأمر فيها أشد، وقد نهي عن الدفن فضلاً عن الصلاة، وإن كان جمع غفير من أهل العلم يرون أن نقبر فيهن موتانا يعني لا نصلي صلاة الجنازة، لا نصلي صلاة الجنازة، فإذا دخل أحد المسجد في الوقتين الموسعين لا بأس أن يصلي، الأمر فيه سعة، ما دامت الشمس بيضاء نقية لك أن تصلي، ودخل النهي استثناءات ((إلا ركعتي الفجر)) أقر النبي -عليه الصلاة والسلام- من صلى بعد الصبح راتبة الصبح، فيضعف عموم النهي، وقضى -عليه الصلاة والسلام- راتبة الظهر بعد صلاة العصر، أما في الأوقات الثلاثة المضيقة التي النهي فيها لذاتها فينبغي للإنسان أن لا يصلي، لكن لو صلى يثرب عليه مع قوة حجة الشافعية؟ لا يثرب عليه، وهي أوقات النهي فيها شديد، ومدتها محدودة، لو انتظر الإنسان، وعرفنا أن من أهل العلم من يقول: لا تدخل المسجد في هذا الوقت، ومنهم من يقول: تستمر واقف لا تجلس، وتعرفون مذهب الظاهرية يقولون: إذا دخلت المسجد في وقت النهي اضطجع، تصير ما جلست، ما خالفت لا أحاديث النهي ولا أحاديث النهي عن الجلوس، تضطجع، فلا يصدق أنك جلست، نعم؟ لا والحرم على وجه الخصوص سيأتينا حديث: ((يا بني عبد مناف لا تمنعوا أحداً طاف وصلى بهذا البيت أية ساعة شاء من ليل أو نهار)) فالأمر يخف في المسجد الحرام، نعم يخف، المقصود أننا انتهينا من هذه المسألة، إذا كان أحد عنده إشكال وإلا يبي يستفصل وإلا؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . .

إيه، هو وقت نهي على كل حال، كونه وقت نهي وقت نهي، لكن هل مثل هذه الصلاة تصلى؟ يعني قضاء الرواتب تصلى في أوقات النهي؟ في الوقتين الموسعين الأمر فيه سعة، مثل ما ذكرنا، النبي -عليه الصلاة والسلام- قضى راتبة الظهر، وسيأتي أن هذا .. ، قول من قال: إن هذا من خواصه -عليه الصلاة والسلام-؛ لأنه إذا عمل عملاً أثبته، وأقر من صلى، واستثنى ركعتي الصبح من النهي قبل صلاة الصبح، وإلا ما قبل صلاة الصبح بعد طلوع الصبح وقت نهي، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . سيأتي، سيأتي الحديث -إن شاء الله تعالى-، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . أيه؟ أيه؟ ركعتي الطواف؟ طالب:. . . . . . . . . تصلي في وقت النهي مهما كانت شدة النهي، الصلوات المفروضة قضاء الفوائت هذا ما يدخل في النهي أصلاً. طالب:. . . . . . . . . لا، لا، ما يلزم، ما دام مفروضة صليها ((فليصليها إذا ذكرها)) مربوطة بوقتها. طالب:. . . . . . . . . إيش فيه؟ طالب:. . . . . . . . . فيه أدلة، فيه من دخل، الثلاثة الذين دخلوا، والذي أوى إلى حلقة وأواه الله هذا ما حفظ عنه أنه صلى، نعم في أدلة، في صوارف معروفة، نعم، سم. طالب:. . . . . . . . . إذا كان يشق عليك الذهاب إلى المسجد صلوا في رحالكم، صلِ في البيت، إذا كان يشق عليك، نعم. طالب:. . . . . . . . . الجمعة؟. . . . . . . . . عن بعض الصحابة ثابت أنهم كانوا يصلون في وقت النهي يوم الجمعة، وهو جالس في المسجد؟ طالب:. . . . . . . . . داخل، أقول: إذا ضاق الوقت لا يصلي، إذا ضاق الوقت لا تصلي، نعم. طالب:. . . . . . . . . كلها ما تزيد على ربع ساعة، يعني وقت الصيف إذا زاد النهار زادت قليل. هذا يقول: نخشى من عاقبة فتح باب السؤالات الشفوية. هو صحيح ما دام فتح الباب ما انتهى، لكن أنا أريد أن نتأكد أننا فهمنا مسألة التعارض بين ذوات الأسباب وبين أحاديث النهي؛ لأنها مسألة مشكلة حقيقة هي في غاية الإشكال، وهي من عضل المسائل، ليست من السهولة بحيث يقول آحاد الطلبة: إيش .. ؟ لأن بعضهم يتنقص أهل العلم، يتنقص أهل العلم، ويرمي من يترك الصلاة في أوقات النهي بالتعصب والتقليد، ما هو بصحيح، نعم.

طالب:. . . . . . . . . الأوقات الموسعة من طلوع الصبح إلى طلوع الشمس، ومن صلاة العصر إلى أن تتضيف الشمس للغروب. الأوقات الثلاثة المضيقة التي جاء ذكرها في حديث عقبة من طلوع الشمس حتى ترتفع قيد رمح, وحين يقوم قائم الظهيرة حتى تزول الشمس, وحين تتضيف الشمس للغروب إلى أن تغرب، هذه أوقات مضيقة. عندكم أسئلة؟ أسئلتكم؟ طالب:. . . . . . . . . اسأل، اسأل، الساعة تسعة. بسم الله الرحمن الرحيم السؤال الأول:. . . . . . . . . الأوقات الموسعة والمضيقة وعدد كل منها. . . . . . . . .؟ سم. لو وقفت يقول. السؤال الثاني:. . . . . . . . . ما الذي رجحه الشيخ لمن يدخل إلى المسجد في وقت النهي، ترجيح الشيخ. . . . . . . . .؟ إذا دخل في الأوقات الموسعة. . . . . . . . . النهي ليس. . . . . . . . . إنما سد ذريعة. . . . . . . . .؟ إيش رأيكم؟ طالب:. . . . . . . . . إيه هو اللي يتعلق بالدرس مهم. هذا يقول: لو أن شخصاً أوقع ركعة أو أكثر من صلاته قبل دخول الوقت، وبقية الركعات بعد دخول الوقت؟ لو كبر تكبيرة الإحرام قبل دخول الوقت صلاته لا تصح؛ لأن العبرة بالحال، وليست بالمآل، يعني لو كبر تكبيرة الإحرام قبل دخول الوقت هذا على القول بأن تكبيرة الإحرام ركن أما على القول بأن تكبيرة الإحرام شرط، فلو افترضنا -وهذا بعيد- أن شخصاً قال: الله أكبر خارج الوقت قبل دخول الوقت ثم دخل الوقت مع نهاية التكبير على القول بأن تكبيرة الإحرام شرط ما شي، قريب من هذا لو أن شخصاً أحرم بالعمرة في آخر لحظة من شعبان، ثم أدى العمرة كاملة بطوافها وسعيها وحلقها كلها في رمضان، بعد إعلان دخول الشهر، عمرته رمضانية وإلا شعبانية؟ نعم عمرته في شعبان وليست في رمضان؛ لأن العبرة بالحال، لو أحرم بالعمرة في آخر لحظة من رمضان وأدى العمرة .. ، أخر أداء العمرة إلى منتصف شوال، ثم حج جلس وحج في نفس العام يكون متمتع وإلا غير متمتع؟ طالب:. . . . . . . . . غير متمتع؛ لأنه ما أحرم بالعمرة في أشهر الحج. يقول: أشكل علي بالأمس كيف يدرك المأموم تكبيرة الإحرام؟ وكيف تفوته؟ إذا شرع الإمام بقراءة الفاتحة فاتت تكبيرة الإحرام.

يقول: بعض أئمة المساجد يبدءون الخطبة الساعة إحدى عشر ونصف، وبعضهم اثنا عشر تماماً، والآخر اثنا عشر وربع فما ... ؟ على كل حال عند من يقول بأن وقت صلاة الجمعة يبدأ قبل الزوال على ما يقوله الحنابلة ما في مشكلة لو يبدأ عشر عندهم، لكن الجمهور على أن وقت صلاة الجمعة هو وقت صلاة الظهر، إنما يبدأ بعد الزوال، فعلى هذا لا ينبغي للإمام أن يدخل إلا بعد الزوال، لكن لو خطب قبل الزوال وأدى الصلاة بعد الزوال فلا بأس. يقول: بعض الأئمة يؤخر صلاة العصر مراعاة لحال الموظفين بحيث يكون بين الأذان والإقامة أربعين دقيقة تقريباً أحياناً، وبعضهم يؤخرون صلاة الفجر أربعين أو خمسة وأربعين دقيقة، وبعضهم صلاة العشاء، فأيها مشروع؟ وأيها منهي عنه؟ خاصة أن بعض الناس يتأخر عن صلاة الفجر؟ عرفنا أوقات الصلوات بدايةً ونهاية، وعرفنا ما يستحب تقديمه من الصلوات وما يستحب تأخيره، وهذا هو الأصل، لكن لو طرأ ما يجعل المفضول فاضل، النبي -عليه الصلاة والسلام- يراعي أحوال المأمومين، إذا رآهم عجلوا، اجتمعوا عجل، إذا رآهم تأخروا تأخر، فإذا كان يشق على المأمومين التعجيل عليهم، وهم محصورون، يعني هؤلاء كلهم يشق عليهم، لكن إذا كان بعضهم يشق عليه، وبعضهم يشق عليه التأخير؟ نعتمد السنة، الصلوات التي يستحب تعجيلها تعجل، هذا إذا كان بعض المأمومين يشق عليه التعجيل، وبعضهم يشق عليه التأخير نعتمد ما جاء في السنة، أما إذا كانت المشقة تلحق الجميع في التعجيل وأخروا في أثناء الوقت فالنبي -عليه الصلاة والسلام- يلاحظ أحوال المأمومين. يقول: ما المشروع للمرأة في أوقات الصلاة هل تؤخر صلاة الظهر؟ يعني مع شدة الحر -شدة الحر من فيح جهنم- والعشاء أم تبادر؟

أما العشاء فإذا أخرتها فهو وقتها على ألا تؤخرها حتى يخرج الوقت، صلى النبي -عليه الصلاة والسلام- بهم أخر صلاة العشاء يوماً قال: ((إنه لوقتها لولا أن أشق على أمتي)) والمرأة إذا لم يكن عليها مشقة في تأخير صلاة العشاء تؤخر، وهو وقتها، لكن إن كان أداؤها للصلاة في أول وقتها أنشط لها؛ لأن الإنسان يلاحظ عليه لا سيما المنفرد كل ما يزيد عليه التأخر يزيد عليه الفتور، فإذا كان أداؤها في أول وقتها أنشط لها، وتأتي إلى الصلاة وهي راغبة، فينبغي أن تقدم في أول الوقت. يقول: من فاتته ركعتا سنة الفجر فهل من الأفضل أن يقضيها بعد الصلاة قبل الإشراق؟ يعني قبل طلوع الشمس؟ هو مخير إن قضاها بعد الصلاة فالنبي -عليه الصلاة والسلام- أقر من صلاهما بعد الصلاة، وإن انتظر حتى يزول وقت النهي وصلاهما قبل صلاة الضحى فالأمر فيه سعة. يقول: هل من السنة تأخير صلاة العشاء حتى للنساء خصوصاً وأنهن يأتهن ما لا يأتي الرجال من حيض وغيره؟ المرأة إذا خشيت من العذر يعني كان وقت مجيء الدورة في الساعة الثامنة مثلاً، وأذن لصلاة العشاء السابعة والنصف نقول: بادري، بادري بالصلاة خشية أن يأتي العذر وأنت لم تصلي، فلا تبقى ديناً في ذمتك. يقول: في حديث عبد الله بن عمرو ابتدأ النبي -صلى الله عليه وسلم- بوقت الظهر، هل هذا يدل على أن الصلاة الوسطى هي صلاة المغرب حيث أن كل صلاة يجوز لها أن تكون صلاة وسطى، وعدد الصلوات خمس كما تعلمون؟

الأكثر، تعرفون المسألة خلافية في الصلاة الوسطى {حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ والصَّلاَةِ الْوُسْطَى} [(238) سورة البقرة] لكن المرجح عند أهل العلم أنها العصر، أنها العصر، من أهل العلم من يقول: إنها المغرب؛ لأنها بالنسبة للعدد، إذا قلنا: الظهر الأولى، والعصر الثانية، والعشاء الرابعة، والفجر الخامسة تكون المغرب هي الوسطى، وهي أيضاً متوسطة في عدد الركعات، يعني ليست ثنائية ولا رباعية ثلاثية، فبعض أهل العلم يرى أن الوسطى هي المغرب، والأقوال في هذه المسألة تقرب من عشرين قولاً، في الصلاة الوسطى، قد تعجبون من كثرة هذه الأقوال، لكن من راجع الشروح المبسوطة المطولة يجد، إذا كان ليلة القدر والشهر كله ثلاثين يوم على أقصى حد، فيها ما يقرب من خمسين قولاً. إذا قال الرجل لزوجته: هي عليه حرام فذكر بعض أهل العلم في المسألة ثمانية عشر قولاً، المقصود أن الصلاة الوسطى المرجح عند أهل العلم أنها صلاة العصر. السؤال يقول: هل يجوز للمسافر إذا قدم إلى بلده وقت الظهر وهو متعب أن يجمع بين صلاة الظهر وصلى العصر جمع تقديم، والعلة أنه يخشى أنه لو نام بعد صلاة الظهر أنه لن يستيقظ إلا وقت صلاة المغرب؟ على كل حال ليس له أن يجمع وهو في بلده، ليس له أن يجمع، يصلي الظهر ويعمل الاحتياطات لصلاة العصر، يعمل الاحتياطات، ولو قدر أنه نام وما انتبه إلا في آخر وقت صلاة العصر أحسن من الجمع. يقول: أتيت وأنا مسافر ودخلت مع الإمام في صلاته للعشاء، وأنا أريد المغرب في الركعة الثانية بالنسبة للإمام -ما هو بواضح- بالنسبة للإمام، فأصبحت صلاتي ركعة -إيش يقول؟ - وجلوس التشهد مع الإمام ثم السلام، فهل أعيد صلاتي؟ يعني مفاده لو أن شخصاً يريد أن يصلي المغرب، ودخل مع إمام يصلي العشاء وفاتته ركعة، ويدرك مع الإمام ثلاث ركعات، فتصير صلاة مغرب مقلوبة، نعم، الركعة الرابعة بالنسبة له زائدة، لا يدرك بها شيء، فعليه أن يجلس، عليه أن يجلس في الرابعة لأنه لا يدرك بها شيء، ثم يأتي بما فاته. هذه أسئلة كثيرة، خمسة أسئلة أو ستة، كم الساعة؟ يقول: هل وقت النهي في صلاة الفجر يبدأ من دخول الوقت أو من بعد صلاة الفجر؟

هو من دخول وقت الفجر من طلوع الصبح؛ لأنه جاء ما يدل على ذلك من الأدلة الصحيحة، وكونه جاء ما يدل على أنه من صلاة الصبح لا ينفي أن يكون ما قبله أيضاً وقت نهي. ما حكم دفن الموتى في أوقات النهي؟ حديث عقبة صريح في النهي عن الدفن، وإن حمله كثير من أهل العلم على الصلاة، وأشار إليه الترمذي في جامعه. ما حكم الإبراد؟ وهل هو واجب كما هو مقتضى الأمر الصريح الوارد في الحديث؟ الإبراد علته معقولة، فالنهي عن الصلاة في شدة الحر لأنه يذهب الخشوع، لأنه يذهب الخشوع، والخشوع عند الجمهور سنة، وقال بعضهم بوجوبه، فيذهب الخشوع، فإذا تصور أنهم في مكان مهيأ وبارد، والخشوع لا يذهب بالصلاة في أول الوقت فالكراهة متجة لمخالفة الأمر ((أبردوا)) ولا يصل إلى حد التحريم، لكن لو قدر أنه يصلي في وقت شديد الحرارة بحيث لا يتمكن من أداء الصلاة على الوجه المطلوب لا يبعد أن يقال: أن الأمر للوجوب. شدة الحر من فيح جهنم، إذ أذن لها بنفسين نفس في الشتاء ونفس في الصيف فهل يكون الإبراد لا يكون إلا في يومين في السنة؟ هل الإبراد لا يكون إلا في يومين في السنة؟ أشد ما تجدون من البرد، وأشد ما تجدون .. ؟ صيغة أفعل التفضيل أن الأشد يكون في يوم واحد، نعم الحر شديد في أيام لكن أشدها يوم، لكن ألا يتصور أن الأشد يتساوى في مدة، مدة شهر كله أشد، بحيث لا يقال: إن اليوم أشد من أمس أو أخف من أمس؟ يتصور، فالأشد ما يلزم أن يكون في يوم واحد. يقول: "إلا يوم الجمعة" لو قيل: بأن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يبكر بخطبة الجمعة فيصليها قبل الزوال وقبل قيام قائم الظهيرة فحينئذٍ لا يبقى داعٍ لتخصيص النهي في يوم الجمعة، ويبقى حكمه في حق من أخر الخطبة إلى ما بعد الزوال.

عرفنا أن تقديم الخطبة والصلاة عن الزوال -عن زوال الشمس- هو المشهور عند الحنابلة، وجمهور أهل العلم على أن وقت صلاة الجمعة هو وقت صلاة الظهر، فعلى هذا لا تصلى إلا بعد الزوال، ويبقى الإشكال قائم، يعني إذا دخل أحد أو أراد أن يستغل الوقت الذي يدخل فيه الإمام، وقد جاء ما يدل على أنه ساعة الاستجابة، جاء ما يدل على أنه ساعة الاستجابة، هي وقت دخول الإمام، وجاء ما يدل على فضل الصلاة في هذه الساعة، ساعة الاستجابة، لا يوافيها عبد يصلي، قائم يصلي، أجيب عن هذا بأن من ينتظر الصلاة فهو في صلاة، في كلام طويل لأهل العلم، المقصود أنه ثبت عن الصحابة أنهم كانوا يصلون في وقت النهي يوم الجمعة، وأن النهي مخصوص، وفيه ما سمعنا سابقاً، لكن مادام النهي صحيح وصريح، والمدة التي نهي عن الصلاة فيها محققة الأول والآخر فينبغي للمسلم أن لا يصلي. حديث "جبير بن مطعم قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((يا بني عبد مناف لا تمنعوا أحداً طاف بهذا البيت وصلى أية ساعة شاء من ليل أو نهار)) رواه الخمسة, وصححه الترمذي" يعني الترمذي قال: "هذا حديث حسن صحيح" هذا حديث حسن صحيح.

هذا الحديث من المخصصات لعموم أحاديث النهي، من المخصصات، وعرفنا أن المخصصات في أحاديث النهي أكثر من المخصصات في أحاديث ذوات الأسباب، وعلى هذا فعموم أحاديث النهي أضعف من عموم أحاديث ذوات الأسباب، وعرفنا أن عمر -رضي الله عنه- كان يطوف بعد الصبح ولا يصلي إلا بذي طوى، وهذا مثبت في الصحيح، وابن عمر أيضاً عرفنا كلامه، وليس معنى هذا الحديث الحث على الصلاة في أوقات النهي في المسجد الحرام؛ لأن بعض الناس -وهذا واقع- يقول هو في عصر الجمعة يكثر الخروج من المسجد، من المسجد الحرام لكي يصلي كل ما دخل، يكون له مبرر، الدخول مبرر للصلاة وقت النهي، فكون الإنسان لا يمنع ليس معناه أنه يؤمر ((لا تمنعوا أحداً طاف بهذا البيت وصلى أية ساعة شاء من ليل أو نهار)) ليس معنى هذا أن الإنسان يؤمر بالصلاة، أو يؤمر بالطواف، فكون الإنسان لا يمنع لا يعني أنه يؤمر، فإذا طاف لا يمنع من الصلاة، إذا دخل لا يمنع من الصلاة، لكن هل يؤمر نقول: استغل فضل المكان وفضل الزمان اخرج مراراً وادخل وصلِ تحية المسجد؟ لا يعني هذا. وبعض الناس يفهم بعض الأحاديث على غير وجهها، على غير وجهها، حديث في الصحيح: ((ليلني منكم أولوا الأحلام والنهى)) هل معنى هذا أنك إذا وجدت صبي متقدم جاء قبل الكبار وجلس قرب الإمام أنك تطرد هذا الصبي من هذا المكان؟ بعض رواة الحديث فعل، وهذا فهمه، لكن المتبادر من الحديث هل هو طرد للصغار أو حث للكبار بالتقدم؟ حث للكبار، وليس معناه طرد الصغار، وأهل العلم يقولون: ليس للرجل أن يقيم ابنه ولا عبده من مكانه فيجلس فيه في المسجد؛ لأن القاعدة المطردة في الشريعة أن من سبق إلى مباح فهو أحق به، تعمد إلى شخص بكر، جاء قبلك، يستحق هذا المكان فتطرده من هذا المكان ليس بالصحيح، فبعض الناس يفعل، وقد فهمه بعض الرواة، دخل وفي صبي في روضة المسجد فأقامه، لكن ليس معنى الحديث طرد الصغار إنما هو أمر الكبار، اللام لام الأمر، اللام لام الأمر فهو أمر للكبار، وحث للكبار أن يتقدموا إلى الصلاة فيلوا الإمام.

هنا ((لا تمنعوا أحداً طاف)) وليس معنى هذا أننا نأمر بالطواف، ومن ثم الصلاة بعده، أو نقول، أو نشير، أو نأمر أحد بأن يكثر الخروج والتردد إلى المسجد بحيث يكون له مبرر للصلاة، لا. ((لا تمنعوا أحداً طاف بهذا البيت وصلى)) إيش صلى؟ هل معنى هذا أنه يصلي نوافل مطلقة؟ هل النهي عن المنع عن الطواف فقط أو عن الصلاة فقط أو عنهما معاً؟ نعم، الآن عندنا طواف، وعندنا صلاة، يتصور اجتماعهما ويتصور انفراد كل واحد عن الثاني، يعني شخص جالس صلى العصر في الحرم، في المسجد الحرام، وبعد أن أنهى الأذكار المتعلقة بالصلاة قام يصلي يدخل في حديث: ((لا تمنعوا أحداً طاف بهذا البيت وصلى؟ )) نعم، بعبارة أخرى نقول: الواو هذه ((وصلى)) هل هي واو معية أو استئنافية؟ يعني لو شخص صلى في المسجد وجالس في مكانه وذكر الله وسبح وهلل وقرأ آية الكرسي والمعوذتين وانتهى قام يصلي ركعتين بعد صلاة العصر في المسجد، ويقول: ((لا تمنعوا أحداً طاف وصلى)) أنا أصلي، ويتصور النهي عن منع المصلي، أخذاً من هذا الحديث، أو النهي معلق بالطواف، لا تمنعوا الطائفين، لكن إذا طاف له أن يصلي الصلاة المرتبطة بالطواف، أو عنهما معاً، هل نقول: لا تمنعوا الطائفين؟ أو لا تمنعوا المصلين؟ أو لا تمنعوا من صلى بعد الطواف؟ الاحتمال الثالث، نعم؟ نعم، فالواو هنا واو معية وليست استئنافية. نعم، حديث ابن عمر: وعن ابن عمر -رضي الله تعالى عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((الشفق الحمرة)) رواه الدارقطني وصحح ابن خزيمة وغيره وقفه. وعن ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((الفجر فجران: فجر يحرم الطعام وتحل فيه الصلاة, وفجر تحرم فيه الصلاة -أي: صلاة الصبح- ويحل فيه الطعام)) رواه ابن خزيمة والحاكم وصححاه. وللحاكم في حديث جابر -رضي الله تعالى عنه- نحوه, وزاد في الذي يحرم الطعام: ((إنه يذهب مستطيلاً في الأفق)) وفي الآخر: ((إنه كذنب السرحان)). يكفي. حديث "ابن عمر -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((الشفق الحمرة)) رواه الدارقطني وصححه ابن خزيمة وغيره وقفه" على ابن عمر.

الشفق عند جمهور أهل العلم الذي ينتهي وقت صلاة المغرب بمغيبه هو الحمرة، عند الأكثر، وعند الحنفية هو البياض الذي يعقب الحمرة، والحديث الذي أورده من حديث ابن عمر ((الشفق الحمرة)) يستدل به الجمهور، لكنه مرفوع إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- ضعيف، رواه الدارقطني وصححه ابن خزيمة وغيره وقفه على ابن عمر، يعني يصح عن ابن عمر موقوف، لكنه لا يصح مرفوعاً إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-. إذا صح موقوف على ابن عمر، لو صح مرفوعاً إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- لا كلام، لكن الحديث مرفوعاً ضعيف، والصواب وقفه على ابن عمر، فهل يستدل بقول ابن عمر في تفسير مثل هذه الكلمة، يعني لو احتججت على حنفي قال لك: الحديث ضعيف، تقول له: هذا كلام ابن عمر، يقول: موقوف عليه، هذا رأي ابن عمر، للطرف الآخر أن يقول: المسألة لغوية، إيش معنى الشفق في لغة العرب؟ الشفق الحمرة، وابن عمر -رضي الله عنه- من الأقحاح من العرب، فإذا فسر هذه مثل هذه الكلمة اللغوية تفسيره أولى من تفسير غيره، ولذا جاء في القاموس الشفق محركة الحمرة في الأفق من الغروب إلى العشاء، فالمسألة لغوية، وابن عمر حجة في هذا الباب، صححه ابن خزيمة يعني مرفوعاً إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-، لكن غير ابن خزيمة وقفه على ابن عمر، فإذا تعارض الوقف مع الرفع فما الحكم؟ إذا تعارض وقف الخبر مع رفعه؟ طالب:. . . . . . . . . نعم؟ طالب:. . . . . . . . . كيف؟ طالب:. . . . . . . . . نعم الصحابة كلهم حجة، الصحابة كلهم حجة، كلهم ثقات دون استثناء، من ثبتت صحبته فهو ثقة، نعم طالب:. . . . . . . . .

نعم، الراجح رفعه، نعم من أهل العلم من يقول: يرجح الرفع؛ لأنه زيادة من ثقة، ومنهم من يقول: يرجح الوقف؛ لأنه المتيقن، والرفع مشكوك فيه، لكن صنيع الأئمة الكبار يدل على أنهم لا يحكمون في مثل هذه المسألة بأحكام مطردة، كل ما تعارض وقف مع رفع نحكم للرفع أو نحكم للوقف؟ لا، فتجد الإمام أحمد -رحمه الله تعالى- أحياناً يحكم على الخبر بأنه موقوف، ويحكم على خبر آخر بأنه مرفوع، والبخاري بالعكس، حديث ابن عمر في الصحيح في صحيح البخاري يرفعه إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-، في رفع اليدين بعد القيام من الركعتين، إذا قام من التشهد الأول رفع يديه، هذا مرفوع في صحيح البخاري، فالبخاري رجح الرفع، الإمام أحمد -رحمه الله تعالى- رجح الوقف، فالأئمة الكبار لا يحكمون بقواعد عامة ومطردة في مثل هذا، بل يتركون الحكم للقرائن، إذا ترجح عندهم الرفع حكموا برفع الخبر، إذا ترجح عندهم الوقف حكموا بوقفه، إذا ترجح الوصل حكموا به، إذا ترجح الإرسال حكموا به وهكذا، فالمرجح هنا الوقف، فالخبر موقوف على ابن عمر، والمسألة لغوية، وابن عمر من أهل اللسان الأقحاح، فقوله حجة في مثل هذه المسألة. "عن ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((الفجر فجران: فجر يحرم الطعام وتحل فيه الصلاة)) وهو الفجر؟ يحرم الطعام وتحل فيه الصلاة يعني صلاة الصبح، وهو الفجر الصادق الذي ينتشر في الأفق ((وفجر تحرم فيه الصلاة ويحل فيه الطعام)) وهذا الفجر الكاذب المستطيل، والأول مستطير، هذا الحديث مخرج عند "ابن خزيمة والحاكم" وهو صحيح ما فيه إشكال، والذي يليه أيضاً صحيح، وهو مخرج عند الحاكم من حديث جابر، وزاد فيه: "الذي يحرم الطعام الذي يذهب مستطيلاً في الأفق" في الأفق مستطيل يمنة ويسرة، ليس معناه أنه مستطيل عمودي، لا، بدليل أن الثاني: ((إنه كذنب السرحان)) كذنب السرحان، طول هكذا، فالصلاة تحرم قبل طلوع الفجر الثاني وتحل بطلوعه، كما أن الصوم يحرم الأكل بطلوع الفجر الثاني، ويجوز الأكل مادام الفجر الثاني لم يطلع وإن طلع الفجر الأول، ترى الأحاديث الباقية سهلة ما فيها مطالب. طالب:. . . . . . . . .

تحرم فيه الصلاة؟ لا، لا، فجر، فجر؛ لأنه ما بعد دخل الوقت، الفجر الأول الكاذب ما دخل الوقت، فتحرم فيه صلاة الفجر، لكن الأكل حلال. طالب:. . . . . . . . . لا، لا ما هو بهذا، بدليل ما قرن إليه، نعم ((وفجر تحرم فيه الصلاة -أي صلاة الصبح- ويحل فيه الطعام)) بدليل الاقتران، اقتران حل الطعام. الذي يليه: "وعن ابن مسعود -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أفضل الأعمال الصلاة في أول وقتها)) رواه الترمذي والحاكم، وصححاه، وأصله في الصحيحين. وعن أبي محذورة -رضي الله تعالى عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((أول الوقت رضوان الله, وأوسطه رحمة الله; وآخره عفو الله)) أخرجه الدارقطني بسند ضعيف جداً. وللترمذي من حديث ابن عمر -رضي الله تعالى عنهما- نحوه, دون الأوسط, وهو ضعيف أيضاً. حديث "ابن مسعود -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أفضل الأعمال الصلاة في أول وقتها)) رواه الترمذي والحاكم، وصححاه، وأصله في الصحيحين. ((أفضل الأعمال الصلاة في أول وقتها)) هذا العموم (الصلاة) هل هو من العموم الباقي على عمومه أو من العموم المخصوص، أو العموم الذي دخله الخصوص؟ يعني جميع الصلوات الأفضل فيها أن تقدم في أول وقتها؟ إذن هو عموم مخصوص، عموم مخصوص، ((أفضل الأعمال الصلاة في أول وقتها)) هذا السؤال، أو هذا الجواب أجاب به النبي -عليه الصلاة والسلام- عن أسئلة سئل فيها عن أفضل الأعمال، وجاءت أجوبته -عليه الصلاة والسلام- متفاوتة، جاء في حديث: سئل عن أفضل الأعمال فقال: ((إيمان بالله)) وأجاب بأجوبة أخرى أجاب أن أفضل الأعمال الجهاد في سبيل الله، وأجاب بالحج، وأجاب بأجوبة كثيرة، فإما أن يقدر (من) فيقال: من أفضل الأعمال الصلاة في أول وقتها، من أفضل الأعمال الجهاد في سبيل الله، من أفضل الأعمال –وإن كانت الأفضلية مطلقة هنا- الإيمان بالله، فمن أهل العلم من يقدر (من) وحينئذٍ لا يرد إشكال، كيف يكون السؤال واحد والأجوبة متعددة؟ ومن أهل العلم من يرى أن اختلاف الأجوبة لاختلاف الظروف والأحوال الخاصة والعامة.

لو قدر أن الناس نزل بهم حاجة فاقة، فسئل شخص من أهل العلم ما أفضل الأعمال؟ قال: الإنفاق في سبيل الله؛ لأن الحاجة إلى الإنفاق أشد، لو صار في أهل العلم قلة، واحتاج الناس إلى عدد كبير من المتعلمين ليفوا بحاجة الناس، وسئل عالم عن أفضل الأعمال قال: طلب العلم، هذا بالنسبة للظروف العامة، هناك ظروف خاصة لو شخص غني سأل عن أفضل الأعمال؟ قلنا: الإنفاق في سبيل الله؛ لأن الإنفاق من هذا الشخص له أثر. شخص نضو الخلقة لا يتحمل ضعيف البنية، لكن فيه نباهة ونبل، مثل هذا إذا سأل عن أفضل الأعمال نقول له: الجهاد في سبيل الله وإلا طلب العلم؟ طلب العلم، لكن لو وجدنا شخص بالعكس في قوة بنية، ويظن فيه ويغلب على الظن أنه يجدي في الجهاد، ومع ذلك في الطرف الآخر يكون نباهته أقل أو كذا، نقول له: أفضل الأعمال الجهاد في سبيل الله، على كل حال الظروف العامة والخاصة والأحوال والأزمان والأماكن تختلف الأجوبة بحسب اختلافها. " ((أفضل الأعمال الصلاة في أول وقتها)) رواه الترمذي والحاكم، وأصله في الصحيحين" أصله في الصحيحين، الذي في الصحيحين أخرجه البخاري من حديث ابن مسعود بلفظ: "سألت النبي -صلى الله عليه وسلم- أي العمل أحب إلى الله؟ قال: ((الصلاة لوقتها)) ما في أول ((الصلاة لوقتها)) وليس فيه لفظ: (أول) ووقتها هو ما شرح، سواءً كان المستحب أوله أو أثناؤه، فعلى هذا لا يرد التخصيص، إذا كانت الصلاة لوقتها تكون أفضل الأعمال، ثم بعد ذلكم أفضل هذا الأفضل تقديم ما جاءت السنة بتقديمه، وتأخير ما جاءت السنة بتأخيره، وكلها في إطار الوقت.

حديث "أبي محذورة -المؤذن- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((أول الوقت رضوان الله, وأوسطه رحمة الله; وآخره عفو الله)) أخرجه الدارقطني بسند ضعيف جداً، وهل يكفي أن يقال: ضعيف جداً؟ وفيه وضاع، كذاب، من الكذابين الكبار يعقوب بن الوليد المدني، من رواة هذا الحديث، قال فيه أحمد وغيره: "كذاب" يكفي أن يقال: الخبر ضعيف جداً؟ نعم لو كان متهم بالكذب، قلنا: ضعيف جداً، لكن ما دام كذاب نقول إيش؟ موضوع، وآفته فلان، إذا كان الراوي متهم بالكذب أو ممن فحش غلطه نقول: ضعيف جداً، ولا يكفي في مثل هذا أن نقول: ضعيف جداً، إيش الفرق بين الكذاب وبين المتهم بالكذب؟ إيش الفرق بينهم؟ نعم؟ طالب: صيغة مبالغة؟ كيف؟ طالب: صيغة مبالغة؟ طيب، يعني إذا رميناه بالكذب سواءً قلنا: كذاب وضاع، دجال، يكذب، كذب، وضع، في فرق؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . وإذا قلنا: متهم بالكذب؟ طالب:. . . . . . . . . يعني الكذاب ثبت عليه أنه كذب، والثاني مجرد تهمة، أنت أخذت هذا من لفظ كذاب ومتهم، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . نعم، تمام، يؤثر عنه الكذب في حديثه العادي، لكن ما عرف عنه أنه كذب على النبي -عليه الصلاة والسلام- حينئذٍ يكون متهم، أو أن يكون الخبر لا يعرف إلا من طريقه ويكون الخبر مخالف إما للقواعد العامة أو لأحاديث أقوى منه، فإنه حينئذٍ يتهم بالكذب، وفرق بين الكذاب والمتهم بالكذب. "وللترمذي من حديث ابن عمر نحوه, دون الأوسط" أوسطه رحمة الله، ما فيه إلا: "أول الوقت رضوان الله، وآخره عفو الله" هذا للترمذي، رواه الترمذي من حديث ابن عمر "وهو ضعيف" ولا يكفي أن نقول: ضعيف، بل نقول: هو كسابقه موضوع، لماذا؟ لأن آفته هي الآفة السابقة يعقوب بن الوليد من كبار الكذابين، الآفة الموجودة في الحديث الأول موجود في الحديث الثاني، وإذا اجتمع أكثر من حديث أو أكثر من طريق يجبر بعضها بعضاً أو لا تنجبر؟ تنجبر وإلا ما تنجبر؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . .

لا، هذه ما هي مراسيل هذه موصولة، لكن إيش الفرق بين هناك ضعف ينجبر وضعف لا ينجبر؟ إذا كان الضعف شديداً ينجبر وإلا ما ينجبر؟ لا ينجبر، وروده من طريق وضاع أولاً: أن الطريق واحد، الآفة في الطريق الأول -في الخبر الأول- والثاني واحدة، فمداره على هذا الكذاب ما فيه انجبار أصلاً، لكن لو قدر أنه من طريق كذاب ثاني يستفيد قوة؟ ما يستفيد قوة، يزداد ضعف، خبر يتداوله الكذابون دليل على أنه موضوع. وعن ابن عمر. "وعن ابن عمر -رضي الله تعالى عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا صلاة بعد الفجر إلا سجدتين)) أخرجه الخمسة إلا النسائي. وفي رواية عبد الرزاق: ((لا صلاة بعد طلوع الفجر إلا ركعتي الفجر)). ومثله للدارقطني عن ابن عمرو بن العاص -رضي الله تعالى عنهما- .. عن إيش؟ عن عمرو؟ طالب: عندي عن ابن عمرو. لا، عن عمرو. "عن عمرو بن العاص -رضي الله تعالى عنه-". حديث ابن عمر: ((لا صلاة بعد الفجر إلا سجدتين)) وهذا داخل فيما سبقت الإشارة إليه أن السجدة تطلق ويراد بها الركعة، يعني لا صلاة بعد الفجر بعد طلوع الفجر إلا هاتين الركعتين، هما ركعتا الراتبة راتبة الصبح، فهذا دليل على أن ما قبل صلاة الفجر وما بعد طلوع الفجر وقت نهي؛ لأنه لم يستثنَ فيه إلا هاتين الركعتين، ولو لم يكن وقت نهي ما احتجنا إلى الاستثناء، لو لم يكن وقت نهي نحتاج إلى أن نستثني؟ نقول: للإنسان أن يصلي عشر ركعات عشرين ركعة ما شاء، لكنه وقت نهي من طلوع الصبح إلى صلاة الصبح وقت نهي، ويستثنى من ذلك ركعتا الفجر. وفي رواية عبد الرزاق: ((لا صلاة بعد طلوع الفجر –هذا نص- إلا ركعتي الفجر)) كونه يرد في الصحيح أيضاً: ((لا صلاة إلا بعد صلاة الصبح)) لا يعني أن ما قبل صلاة الصبح ليس بوقت للنهي، يعني التنصيص على شيء لا يعني ارتفاع الحكم عن غيره، فما بعد صلاة الصبح إلى طلوع الشمس ثبتت به النصوص، وما قبل صلاة الصبح إلى طلوع الفجر أيضاً ثبتت به الأدلة. "ومثله للدارقطني عن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما-" هذا شاهد وإلا متابع؟ هذا شاهد وإلا متابع للحديث السابق؟ طالب: شاهد. شاهد ليش ما صار متابع؟ طالب:. . . . . . . . .

لأن الصحابي اختلف؛ لأن الصحابي اختلف وهو حديث آخر. نعم حديث أم سلمة. "وعن أم سلمة -رضي الله تعالى عنها- قالت: "صلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- العصر, ثم دخل بيتي فصلى ركعتين, فسألته, فقال: ((شغلت عن ركعتين بعد الظهر فصليتهما الآن)) قلت: أفنقضيهما إذا فاتتا? قال: ((لا)) أخرجه أحمد. ولأبي داود عن عائشة -رضي الله تعالى عنها- بمعناه". نعم هذا الحديث حديث "أم سلمة تقول: "صلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- العصر" يعني في المسجد "ثم دخل بيتي فصلى ركعتين" سألته أم سلمة لأنه لم تكن عادته أن يصلي بعد العصر، فاحتاجت إلى سؤاله، وقد عرفت أن هذا الوقت وقت نهي، تقول: "فسألته, فقال: ((شغلت عن ركعتين بعد الظهر فصليتهما الآن)) يعني قضاء لراتبة الظهر "قلت: أفنقضيهما إذا فاتتا? قال: ((لا)) " وهذا دليل على أن قضاء النوافل -الرواتب- في أوقات النهي خاص به -عليه الصلاة والسلام-، والحديث مختلف فيه، هل هو ضعيف أو يصل إلى مرتبة الحسن؟ حسنه بعض العلماء، حسنه بعض أهل العلم، وحكم بعضهم بضعفه. وعلى كل حال كونه هو مندرج تحت الأصل العام وهو النهي عن الصلاة في هذا الوقت، النهي عن الصلاة في هذا الوقت فيدل هذا على أنه خاص به، وحينئذٍ لا يكون هناك إشكال، يعني يكون هذا الحديث لا يخالف أحاديث النهي، لا يخالف أحاديث النهي؛ لأنه لو كان الأمر للجميع كل من فاته نفل يقضي ما صار للنهي معنى، فيشهد له مفهوم أحاديث النهي. "ولأبي داود عن عائشة -رضي الله عنها- بمعناه" أنها سألت النبي -عليه الصلاة والسلام- عن الصلاة فذكر أنه خاص به، وهو ضعيف أيضاً، الحديث ضعيف، لكن هذا يجبر ذاك، ولو قيل: بأن الحكم المستنبط من هذين الحديثين بمجموعهما يصل إلى درجة الحسن لذاته، الحديثان بمجموعهما وقد قيل بضعف الأول والثاني لكنه ضعف منجبر؛ لأن بعض أهل العلم حكم عليه بأنه حسن الأول، ودل على أن ضعفه ليس بشديد، حتى عند من يقول بضعفه فهو منجبر، وحينئذٍ يصل إلى درجة الحسن لغيره، والله أعلم. وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

كتاب الصلاة (3)

بلوغ المرام - كتاب الصلاة (3) شرح: باب: الأذان الشيخ/ عبد الكريم بن عبد الله الخضير الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. هذا يسأل عن الضابط في إدراك تكبيرة الإحرام في الصلاة السرية لا سيما أن في الصلوات الجهرية والشروع في الفاتحة؟ مما جاء في إدراك تكبيرة الإحرام والحث على إدراكها يجعل المسلم لا سيما طالب العلم الذي هو القدوة يبادر قبل إقامة الصلاة ليؤدي الرواتب؛ لأن هذه الرواتب من الأهمية بمكان، من حافظ عليها جاء وعده بأنه يبنى له قصر في الجنة، من يفرط بهذا. على كل حال أهل العلم ذكروا أنه إذا انتقل إلى ركن آخر فإن إدراك الركن الأول يفوت، فتكبيرة الإحرام تدرك بالانتقال إلى الركن الثاني، الذي هو قراءة الفاتحة، هذا في الجهرية والسرية بقدرها، يعني بقدر دعاء الاستفتاح، فإذا فات من الوقت بقدر دعاء الاستفتاح فإن تكبيرة الإحرام تكون قد فاتت. يقول: إذا دخل الخطيب يوم الجمعة قبل وقت صلاة الظهر وسمع النساء الأذان وهن في بيوتهن وصلين صلاة الظهر هل تكون صلاتهن باطلة؛ لأنه لم يدخل الوقت؟ نعم، وقت صلاة الظهر ثابت في يوم الجمعة وغيره، من الزوال إلى مصير ظل كل شيء مثله، هذا وقت صلاة الظهر، فإذا كان الخطيب ممن يقتدي بمن يقول: إن وقت صلاة الجمعة متقدم على وقت صلاة الظهر كما هو المشهور عند الحنابلة فإن النساء اللواتي في البيوت والمعذورين عن حضور الجمعة عليهم أن ينتظروا زوال الشمس. يقول: من المعلوم أن الرسول -عليه الصلاة والسلام- أمر الآتي لصلاة الجمعة أن يصلي ما شاء حتى يقوم الخطيب، أليس هذا دليل على قول من قال: إن وقت قيام قائم الظهيرة في يوم الجمعة ليس وقت نهي؟

أولاً: الرسول -عليه الصلاة والسلام- أمر الجالس بأن يصلي تحية المسجد، أمر من جلس قال له: ((هل صليت ركعتين؟ )) قال: لا، قال: ((قم فصلِ ركعتين)) هذه تحية المسجد، وعرفنا ما في ذوات الأسباب ويمثلها المثال الذي يحتاجه الناس كلهم تحية المسجد، نعم عمل الصحابة منقول عنهم بأسانيد صحيحة أنهم كانوا يصلون منتصف النهار يوم الجمعة، وإن كانت النصوص العامة تشمل يوم الجمعة كغيره من الأيام، وأن من قيام قائم الظهيرة حتى تزول الشمس وقت نهي، لكن مثل هذه الأفعال من الصحابة -رضوان الله عليهم- وهم أهل التحري والتثبت والاقتداء يقوي ما ورد من أن يوم الجمعة ليس في منتصفه وقت نهي، وإن كان ضعيفاً فالعمل يسنده، ومما يتقوى به الضعيف كما نص على ذلك الإمام الشافعي في رسالته أن يفتي به عوام أهل العلم، أن يعمل به أحد الصحابة يتقوى به، والله المستعان. يقول: متى يقوم قائم الظهيرة؟ إذا كانت الشمس في كبد السماء، والشيء ليس له ظل، ليس له ظل لا يمين ولا شمال، ولا أمام ولا خلف، إنما ظله تحت. سم. باب: الأذان: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. قال الحافظ ابن حجر العسقلاني -رحمه الله تعالى- في كتابه بلوغ المرام: باب: الأذان: عن عبد الله بن زيد بن عبد ربه -رضي الله تعالى عنه- قال: "طاف بي -وأنا نائم- رجل فقال: تقول: "الله أكبر الله أكبر, فذكر الآذان بتربيع التكبير بغير ترجيع, والإقامة فرادى إلا قد قامت الصلاة، قال: فلما أصبحت أتيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: ((إنها لرؤيا حق)) .. الحديث، أخرجه أحمد وأبو داود, وصححه الترمذي وابن خزيمة. وزاد أحمد في آخره قصة قول بلال -رضي الله تعالى عنه- في آذان الفجر: "الصلاة خير من النوم". ولابن خزيمة عن أنس -رضي الله تعالى عنه- قال: "من السنة إذا قال المؤذن في الفجر: حي على الفلاح قال: الصلاة خير من النوم". وعن أبي محذورة -رضي الله تعالى عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- علمه الآذان فذكر فيه الترجيع أخرجه مسلم، ولكن ذكر التكبير في أوله مرتين فقط، ورواه الخمسة فذكروه مربعاً.

وعن أنس -رضي الله تعالى عنه- قال: "أمر بلال أن يشفع .. أُمِر، أُمِر. أحسن الله إليك: وعن أنس -رضي الله تعالى عنه- قيل: أُمر بلال .. قال، قال. أحسن الله إليك: قال: أُمر بلال أن يشفع الآذان شفعاً, ويوتر الإقامة إلا الإقامة, يعني إلا قوله: "قد قامت الصلاة" متفق عليه, ولم يذكر مسلم الاستثناء، وللنسائي: "أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- بلالاً -رضي الله تعالى عنه-". يكفي، يكفي. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "باب الأذان" الأذان مصدر أذن بالتضعيف، أذن تأذيناً وأذاناً، تكلم تكليماً وكلاماً، مصدر لهذه الكلمة المضعفة المشددة، وأما مصدر أَذِنَ فهو إيش؟ إذناً. يقول أهل اللغة: الأذان في اللغة: الإعلام، الإعلام كما في قوله -جل وعلا-: {وَأَذَانٌ مِّنَ اللهِ وَرَسُولِهِ} [(3) سورة التوبة] أي: إعلام. وهو هنا: الإعلام بدخول الوقت هذا الأصل فيه أنه لدخول الوقت، وسيأتي ما يدل على أنه للصلاة أيضاً، وإن كان بعد دخول الوقت بوقت، هذا بالنسبة للأذان الأكبر، والأذان الأصغر الذي هو الإقامة؛ لأن الإقامة يطلق عليها الأذان؛ لأنها إعلام؛ لأنها إعلام.

جاء في الحديث الصحيح: ((بين كل أذانين صلاة)) ((بين كل أذانين صلاة)) والمراد بذلك الأذان والإقامة، فالإعلام بوقت الصلاة أذان بألفاظ مخصوصة، دل عليها حديث عبد الله بن زيد، وحديث أبي محذورة، والأذان كان فرضه بالمدينة، كان فرضه بالمدينة، وأول ما شرع في قصة عبد الله بن زيد بن عبد ربه في الحديث الأول: "عن عبد الله بن زيد بن عبد ربه" وهو غير عبد الله بن زيد بن عاصم راوي حديث الوضوء، راوي حديث الأذان هذا غير عبد الله بن زيد بن عاصم راوي حديث الوضوء، وإن وهم بعض العلماء فجعلهما واحداً، ومعلوم أن أهل العلم ليسوا بالمعصومين، لا ندعي العصمة لأحد، فيجعلون الاثنين واحد، ويجعلون الواحد اثنين، ومن أخطأ ينبه على خطئه، وفي الباب كتاب نفيس جداً اسمه إيش؟ في باب بيان ما جُعل من الاثنين واحد وما جعل من الواحد اثنين كتاب للخطيب البغدادي في غاية الأهمية لطالب العلم اسمه: (موضح أوهام الجمع والتفريق) يوصى طالب العلم باقتنائه، وأول ما يبدأ بقراءة مقدمته، ليرى الأدب الجمع الذي يتحلى به الكبار كالخطيب؛ لأن موضوع كتابه هذا نقد لأئمة هم أكبر من الخطيب، الأئمة الذين تقدموا الخطيب كالبخاري مثلاً أو أبي حاتم قد يهم الواحد منهم فيجعل الواحد اثنين أو الاثنين واحد، فالكتاب ينبه على الصواب، ولكونه ممن يصيب ويخطئ ترك أشياء للمتعقب. ومثله كتاب: (بيان خطأ البخاري في تاريخه) لكن يوصى كل طالب علم أن يقرأ مقدمة الخطيب في هذا الكتاب (موضح أوهام الجمع والتفريق) اسمه.

"عن عبد الله بن زيد بن عبد ربه قال: "طاف بي -وأنا نائم- رجل" الطائف والطيف، الطائف من الطواف، يعني مر بي وأنا نائم، في النوم لا في اليقظة رجل "فقال: تقول: "الله أكبر الله أكبر" قبل هذه القصة وقبل هذه الرؤيا النبي -عليه الصلاة والسلام- لما كثر الناس تداولوا معه -عليه الصلاة والسلام- شيئاً يعلمون به الناس بدخول وقت الصلاة، فقال بعضهم: نجعل ناقوس، نجعل ناقوس، فقال: ((هذا للنصارى)) قال بعضهم: بوق، قال: ((ذاك لليهود)) قال بعضهم: نجعل نار، والنار للمجوس، كل هذه العروض لا تصلح، الحل؟ اهتم عبد الله بن زيد لهذا الأمر وهو أمر مهم فرأى في الرؤيا في النوم وهي رؤيا حق، أقرت من قبل الشارع، وإلا فالأصل أن الرؤى لا يثبت بها تشريع، لكن هذه رؤيا حق، لقوله -عليه الصلاة والسلام-: ((إنها لرؤيا حق)) أما بناء الأحكام وترتيب الأمور على الرؤى مهما كان صدق قائلها أنها لا تثبت بها أحكام، ولا تناقض بها الشريعة، الدين كامل، ليس لأحد أن يتعبد بأمر رآه في الرؤيا ولو تكرر، نعم لو جاء تأكيد على أمر مهم جاء الشرع بتأكيده تكون رؤيا صادقة، وهي جزء من ستة وأربعين جزءاً من النبوة. هذه الرؤيا يقول عبد الله بن زيد: "طاف بي -وأنا نائم-" والجملة حالية "وأنا نائم رجل، فقال: تقول: "الله أكبر الله أكبر، فذكر الآذان بتربيع التكبير" يعني يقول: الله أكبر أربع مرات "بغير ترجيع" يعني بغير تكرير للشهادتين على ما سيأتي في حديث أبي محذورة، يقول: أشهد ألا إله إلا الله، أشهد ألا إله إلا الله بصوت منخفض، ثم تعيدهما بصوت مرتفع هذا الترجيع، أشهد أن محمداً رسول الله، أشهد أن محمداً رسول الله، ثم تعود إليهما بصوت مرتفع، هذا الترجيع.

"بتربيع التكبير" يعني التكبير أربع مرات "بغير ترجيع" هذا ما يدل عليه حديث عبد الله بن زيد "والإقامة فرادى" والإقامة فرادى، وسيأتي تفصيل ذلك في حديث بلال، أُمر بلال أن يشفع الأذان ويوتر الإقامة "إلا قد قامت الصلاة" الإقامة فرادى يعني لفظ مفرد لكل جملة، مرة واحدة لكل جملة، إلا قد قامت الصلاة، فإنها تثنى؛ لأنها الأهم في ألفاظ الإقامة؛ لأن المطلوب من الإقامة طلب قيام الحاضرين إلى الصلاة ويتم الطلب بهذا الإخبار، قد قامت الصلاة، وسيأتي ما في تثنية التكبير في أول الإقامة وفي آخرها، وما في جعل كلمة الإخلاص في آخر الأذان مرة واحدة، فيكون قوله: "أُمر بلال أن يشفع الأذان ويوتر الإقامة" كلام أغلبي على ما سيأتي -إن شاء الله تعالى-. "إلا قد قامت الصلاة، قال: فلما أصبحت أتيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" يعني فأخبرته بما حصل، وكثير من الكلام يطوى في لغة العرب، وفي نصوص الشرع للعلم به، للعلم به، أتيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يعني تصور أنه أتى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وسكت فقال الرسول -صلى الله عليه وسلم- إنها رؤيا حق؟ لا، قص عليه ما حصل "فقال: ((إنها لرؤيا حق)) الحديث أخرجه أحمد وأبو داود, وصححه الترمذي" قال: هذا حديث حسن صحيح وصححه "ابن خزيمة" أيضاً فالحديث صحيح. فالحديث فيه دليل على مشروعية الأذان للصلاة، ويختلف أهل العلم في حكمه، جاء الأمر به، وجاء تعظيم شأنه، تعظيم شأن الأذان والحث عليه على مستوى الجماعة وعلى مستوى الأفراد، جاء ترغيب الأفراد بالأذان وأن المؤذنين أطول الناس أعناقاً يوم القيامة، وجاء أيضاً تعليق الإغارة على البلد وعدم الإغارة بالأذان، الرسول -عليه الصلاة والسلام- ينتظر إن سمع أذان كف، فدل على أنه شعيرة من الشعائر العظيمة في الإسلام.

يختلف أهل العلم في وجوبه والأدلة محتملة، لكن القول المقرر عند أهل العلم أنه واجب على الكفاية، يعني إذا وجد في البلد من يبلغ جميع أهل البلد دخول وقت الصلاة بالأذان المشروع فلا يقال: نجعل آلات تؤذن وتكفي عن المؤذنين، لا، يبلغون بما شرع الله -عز وجل-، فالأذان فرض كفاية، يعني لو افترضنا أن في البلد مائة مسجد الأصل أن يؤذن الجميع، لكن إذا أذن من تقوم به الكفاية، أذن خمسين ستين، سقط الوجوب وبقي في حق الباقين سنة، ولعل هذا مراد من قال بأنه سنة، وإلا فلا يتصور أنه سنة بالمعنى الاصطلاحي بحيث لو تركه الناس كلهم كان كترك سنة من السنن لا إثم فيه، لا. "وزاد أحمد في آخره قصة قول بلال في آذان الفجر: "الصلاة خير من النوم" الصلاة خير من النوم، وهذا يسمى التثويب، وظاهر عبارة الحافظ أن أحمد زاد في آخر حديث عبد الله بن زيد، فيكون في حديث عبد الله بن زيد قول: "الصلاة خير من النوم" وليس الأمر كذلك، وإنما الحافظ يريد أن الإمام أحمد ساق قصة عبد الله بن زيد ثم وصل بها رواية بلال، وفيها التثويب، فعبارة الحافظ موهمة، واضطره إلى هذا الإيهام شدة الاختصار لكي يحفظ الكتاب، لكن لا شك أن الاختصار مطلوب، بتقليل الألفاظ بقدر الإمكان، لكن إذا كان يترتب على هذا الاختصار شيء من اللبس فإنه يمنع. "ولابن خزيمة: عن أنس -رضي الله عنه-"، يقول الحافظ -رحمه الله- "ولابن خزيمة: عن أنس -رضي الله عنه- قال: "من السنة إذا قال المؤذن في الفجر: حي على الفلاح قال: الصلاة خير من النوم" وحديث أنس يفيد ما أفاده حديث بلال، من السنة سنة من؟ "من السنة إذا قال المؤذن في الفجر: حي على الفلاح قال: الصلاة خير من النوم" يعني إذا قال الصحابي من السنة إنما يريد بذلك سنة النبي -عليه الصلاة والسلام-، كما في قصة ابن عمر مع الحجاج في الصحيح: "إن كنت تريد السنة فهجر بالصلاة" ولا يريدون بذلك إلا سنة النبي -عليه الصلاة والسلام-، ولذا يقول الحافظ العراقي -رحمه الله تعالى-: قول الصحابي من السنة أو ... نحو أمرنا –وسيأتي هذا- حكمه الرفع ولو بعد النبي قاله بأعصرِ ... على الصحيح وهو قول الأكثرِ

فإذا قال الصحابي من السنة فإنه مرفوع؛ لأنه لا يظن بالصحابي أنه يريد سنة فلان أو علان، لا سيما والمسألة المستدل لها تتضمن حكماً شرعياً، تتضمن حكماً شرعياً، الأصل في السنة الطريقة، قد يقول قائل: لماذا لا يراد سنة أبي بكر أو سنة عمر، يعني طريقة أبي بكر أو طريقة عمر؟ نقول: الصحابي لا يستدل بمثل هذا الكلام على حكم شرعي إلا بسنة من سنته ملزمة. "الصلاة خيرة من النوم" هذا يسمى إيش؟ التثويب، والتثويب في الأذان الأول أو الثاني؟ التثويب في الأذان الأول أو الثاني؟ جاء في السنن ما يدل على أنه في الأذان الأول، في السنن الكبرى للنسائي من حديث أبي محذورة قال: كنت أأذن لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- فكنت أقول في أذان الفجر الأول، فكنت أقول في أذان الفجر الأول: "الصلاة خير من النوم" وجاء ما يدل على أنه في الأذان الثاني لصلاة الفجر، وتواتر العمل والتوارث يدل على أنه في الأذان الثاني، إذن كيف يوجه قول أبي محذورة: "كنت أقول في الأذان الأول؟ " الأذان الثاني أذان أول بالنسبة للإقامة، بالنسبة للإقامة، فالأذان والإقامة أذانان ((بين كل أذانين صلاة)) وهذا أشرنا إليه، فالأذان بمعناه الخاص أذان أول، والإقامة بالمعنى العام أذان ثاني، وبهذا تأتلف النصوص. الحديث الذي يليه:

حديث أبي محذورة، حديث "أبي محذورة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- علمه الآذان, فذكر فيه الترجيع" وذكرنا صورة الترجيع أن يأتي بالشهادتين بصوت منخفض ثم يعود إليهما بصوت مرتفع، "فذكر فيه الترجيع" أخرجه مسلم، لكن ذكر التكبير في أوله مرتين فقط" الله أكبر، الله أكبر، ورجع في الشهادتين "ورواه الخمسة فذكروه مربعاً" يعني بتربيع التكبير على ما جاء في حديث عبد الله بن زيد، وبهذا يأتلف حديث عبد الله بن زيد مع حديث أبي محذورة، في صحيح مسلم في أوله التكبير مرتين، كما قال الحافظ -رحمه الله تعالى-، وفي المنتقى للمجد عزا تربيع التكبير لمسلم أيضاً، لمسلم أيضاً هنا قال: "أخرجه مسلم، ولكن ذكر التكبير في أوله مرتين فقط، ورواه الخمسة فذكروه مربعاً" والمجد في المنتقى عزا التربيع لرواية مسلم، ومن المعلوم أن الكتب الأصلية لها روايات، لها روايات، البخاري له روايات، إيش معنى روايات؟ الكتاب روي عن الإمام البخاري أو رواه عن الإمام البخاري خلائق، والروايات المدونة المضبوطة معروفة عند أهل العلم سواءً كانت لصحيح البخاري أو لصحيح مسلم، لكن أكثر ما يظهر .. ، تظهر هذه الفروق في روايات صحيح البخاري، الذي يقرأ في الشرح أو في الشروح عموماً تجد كذا في رواية أبي ذكر، كذا في رواية كريمة، كذا في رواية السرخسي، كذا في رواية الكشميهني، كذا .. إلى آخره، الأصيلي، المستملي، روايات، ويوجد في بعض الروايات زوائد على بعض، وغالبها يسير، إما في حروف أو كلمات، والفروق في الأحاديث قليلة، اللهم إلا في رواية حماد بن شاكر تقل عن سائر الروايات في عدد الأحاديث، مسلم له روايات، روايات معتمدة عن المشارقة، وروايات معتمدة عند المغاربة، فتربيع التكبير لا يوجد في صحيح مسلم برواية المشارقة، وأشار القاضي عياض أنه موجود في بعض الروايات عن الجلودي.

المقصود لا بد أن نعرف أن هذه الكتب مروية من طرق عن هؤلاء الأئمة، وقد يوجد في بعض الروايات ما لا يوجد في البعض الآخر، وأقول مثل هذا الكلام لئلا نبادر بتخطئة أهل العلم، لا نبادر بالتخطئة، يعني مجرد ما تبحث في صحيح مسلم ما تجد في النسخة التي بين يديك تربيع التكبير تقول: وهم المجد في عزوه تربيع التكبير إلى صحيح مسلم، نقول: على رسلك، انتظر، يعني الكتب مروية بروايات، يعني في رواية اللؤلؤي من سنن أبي داود شيء قد لا يوجد في رواية ابن داسه، ويوجد في رواية ابن داسه ما لا يوجد في رواية ابن العبد، وهكذا كل الكتب تروى عن الأئمة بالروايات، فطالب العلم عليه أن يتريث ولا يبادر بالتوهيم، فيقول: لعل هذا في رواية لم أطلع عليها، لكن أنت عند الحكم على هذه الرواية لا تحكم إلا إذا اطلعت، وقد يؤتى بعض الطلبة في توهيمه للأئمة من قصوره أو تقصيره، في البحث لا سيما في صحيح البخاري، فقد نفى بعض أهل العلم وجود أحاديث في الصحيح هي فيه، فعلى سبيل المثال بل من أوضح الأمثلة حديث ضباعة بنت الزبير في الاستثناء، تريد الحج وهي شاكية فقال: ((حجي واشترطي، فإن لك على ربك ما استثنيت)) كثير ممن يحقق الكتب ينفي أن يكون الحديث في البخاري، لماذا؟ لأنه يبحث في كتاب الحج في الإحصار ما يجد شيء، وين يبي يوديه البخاري؟ أين وضع البخاري هذا الحديث؟ نعم؟ طالب: في كتاب النكاح. في كتاب النكاح، في كتاب النكاح، قد يبحث الطالب من أول الكتاب ويقف عند كتاب النكاح، أبعد ما يكون من كتاب النكاح، إيش دخل الاشتراط في الحج في كتاب النكاح؟ كتاب النكاح في باب اسمه: الأكفاء في الدين، يعني الكفاءة إنما ينظر إليها من حيث الدين، فلا تزوج مسلمة بغير مسلم، ولا تزوج عفيفة بفاجر وهكذا، الكفاءة إنما هي في الدين، إيش علاقة حديث ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب عم النبي -عليه الصلاة والسلام- في كتاب النكاح في آخر الحديث: "وكانت تحت المقداد" المقداد مولى، وهي بنت عم النبي -عليه الصلاة والسلام-، فإذا بحث هذا الإنسان عن هذا الحديث في الحج ما وجد، يبادر: "وهم المؤلف"، وهم كذا، وما أسهله على ألسنة المتعلمين.

المقصود أننا لا نستعجل في توهيم الأئمة؛ لأن المجد ابن تيمية -رحمه الله- وُهِّم في هذا، قيل: عزا التربيع لمسلم وهو لا يوجد في مسلم. "ورواه الخمسة فذكره مربعاً" على كل حال ثبت التربيع في أذان أبي محذورة أو لم يثبت، ثبت التربيع في حديث عبد الله بن زيد أو لم يثبت، هل يؤثر أو لا يؤثر؟ هل هما حديث واحد نقول: هذا من اختلاف الرواة؟ أو هما حديثان ونقول: للأذان صيغ ويكون من باب اختلاف التنوع لا اختلاف التضاد؟ فمن أذن على أذان عبد الله بن زيد له ذلك، ومن أذن بأذان أبي محذورة له ذلك، كصيغ التشهد من تشهد بتشهد ابن مسعود له ذلك، من تشهد بتشهد ابن عباس له ذلك، تشهد عمر له ذلك، أدعية الاستفتاح، تنوع وليس بتضاد، بعض الصيغ المستعملة في الصلاة: "ربنا ولك الحمد" جاءت على أربع صيغ: "ربنا لك الحمد"، "ربنا ولك الحمد"، "اللهم ربنا لك الحمد"، "اللهم ربنا -بالواو- ولك الحمد" بالجمع بين اللهم والواو، وإن قال ابن القيم: إن البخاري لم يروِ الجمع، وقد رواه، روى الجمع، على كل حال هو كغيره ليس بمعصوم، فأذان أبي محذورة لا شك أن فيه شيء من الاختلاف عن أذان عبد الله بن زيد، وعرفنا أن من أذن على أذان أبي محذورة له ذلك، وهو مؤذن معتبر علمه النبي -عليه الصلاة والسلام- الأذان، ومكث أكثر من نصف قرن يؤذن في المسجد الحرام، مكة، وأذان عبد الله بن زيد أمره النبي -عليه الصلاة والسلام- أن يلقيه على بلال؛ لأنه أندى منه صوتاً، وأذن مدد متطاولة بين يدي النبي -عليه الصلاة والسلام-. المقصود أن هذا من اختلاف التنوع وليس من اختلاف التضاد، ولذا اختلف أهل العلم في الترجيع هل هو مشروع أو ليس بمشروع؟ من قال: إنه مشروع عمل بحديث أبي محذورة، ومن قال: ليس بمشروع عمل بحديث عبد الله بن زيد ليس فيه ترجيع، وأقول: لا هذا ولا ذاك، للمسلم -للمؤذن- أن يختار؛ لأن كلاً منهما ثابت، كما أن له أن يتشهد تشهد ابن مسعود كون الإمام أحمد يرجح تشهد ابن مسعود لا يعني إلغاء التشهدات الأخرى التي عمل بها الأئمة، بل لو قيل: باستعمال هذا مرة وهذا مرة كان أولى، كأدعية الاستفتاح.

"عن أنس -رضي الله عنه- قال: "أُمر بلال، أُمر بلال أن يشفع، الآذان شفعاً, ويوتر الإقامة إلا الإقامة, يعني إلا قد قامت الصلاة" متفق عليه, ولم يذكر مسلم الاستثناء" يعني: إلا الإقامة. "عن أنس -رضي الله عنه- قال: "أُمر بلال" وإذا قال الصحابي: أمرنا، أو أمر فلان، أو نهينا، أو نهي فلان فالجمهور على أنه له حكم الرفع، الجمهور على أنه له حكم الرفع إذا لم يصرح بالآمر، كما هنا، أمر بلال، من الذي أمر بلال؟ الجمهور على أن الآمر هو الرسول -عليه الصلاة والسلام- لا يحتمله غيره؛ لأنه هو الآمر والناهي الحقيقي في القضايا الشرعية، بعض العلماء كأبي بكر الإسماعيلي يقول: لا يحكم بأنه مرفوع بل موقوف حتى نتأكد من الآمر، وأبو بكر الإسماعيلي أبو بكر الإسماعيلي إمام من أئمة المسلمين، لا يعني أنه إذا قال مثل هذا الكلام تنزل منزلته لا، يقول الحافظ الذهبي في ترجمته: "من اطلع على حاله جزم يقيناً أن المتأخرين على يأس تام من لحاق المتقدمين" فلا يعني أنه قال قول مرجوح تنزل، لا. أبو بكر الإسماعيلي والكرخي أيضاً وجمع من المتأخرين قالوا: إنه لا يحكم بأن مثله مرفوع حتى يصرح بالآمر، ومثله الناهي، وجماهير أهل العلم على أنه مرفوع، وقال الحافظ العراقي ما أشرنا إليه سابقاً: قول الصحابي من السنة أو ... نحو أمرنا. . . . . . . . . "نحو أمرنا" هذا مثال، مثل نهينا، أبيح لنا، إلى آخره. . . . . . . . . . أو ... نحو أمرنا حكمه الرفع ولو بعد النبي قاله بأعصرِ ... على الصحيح وهو قول الأكثرِ "أمر بلال أن يشفع الأذان شفعاً" الشفع: ضد الوتر، والوتر الفرد، فمقتضى هذا الخبر أن تكون جميع جمل الأذان شفع، تربيع التكبير شفع وإلا وتر؟ التربيع؟ طالب:. . . . . . . . . نعم سواء قلنا: الله أكبر أربع مرات، أو قلنا: الله أكبر، الله أكبر مرتين، هو شفع على كل حال، ومقتضى هذا الخبر أن كلمة الإخلاص في آخر الأذان تكرر، مقتضى هذا أنها تكرر، لكنه خبر مجمل بين بالأحاديث الأخرى، وأن كلمة الإخلاص مرة واحدة، وعلى هذا يكون هذا الحديث أغلبياً، يعني غالب جمل الأذان شفع.

"ويوتر الإقامة" يعني الإقامة جميع جملها وتر إلا ما استثني، يعني إلا قد قامت الصلاة فإنها تكرر، وعرفنا السبب، المقصود من الإقامة طلب القيام من الحاضرين لأداء الصلاة، فلكون المقصود من الإقامة طلب القيام يكرر هذا اللفظ، هذا استثني، وخص من العموم، الإقامة هل جميع جملها وتر إلا ما استثني من قوله: "قد قامت الصلاة" وإلا فيها بعض الجمل شفع؟ فيها شفع، إيش؟ طالب: الله أكبر، الله أكبر. الله أكبر الله أكبر، في أولها وفي آخرها، هل يرد هذا على ما عندنا من النص أو نقول: الحكم أغلبي؟ مثل ما قلنا في الأذان، أو نقول: إن تثنية التكبير بالنسبة لتربيعه في الأذان كالوتر؛ لأن الأذان المرجح عند جمع من أهل العلم أن يقول المؤذن: الله أكبر الله أكبر، يقرن بين الاثنتين من التكبير، ثم يقول: الله أكبر، الله أكبر، هذا شفع، بينما في الإقامة يقول: الله أكبر، الله أكبر، وحينئذٍ يكون كالوتر، فلا نحتاج إلى استثناء ويكون الحديث على بابه، استثنيت الإقامة ولا يوجد غيرها، وأما التكبير فهو في حكم الوتر بالنسبة لتربيع الأذان، قد يقول قائل: كونه يقرن، كون المؤذن يقرن بين التكبيرتين هو ما يفيده حديث إجابة المؤذن، وسيأتي بيانه، فإذا قال: الله أكبر، الله أكبر، قال: الله أكبر، الله أكبر، دل على أن المؤذن يقرن بين التكبيرتين. قد يقول قائل: إذا ساغ مثل هذا الكلام في التكبير في أول الإقامة فكيف يسوغ بالنسبة للتكبير في آخرها إذا قارناه بالتكبير في آخر الأذان؟ يعني التكبير في أول الأذان، التكبير في أول الأذان بالتربيع، يقول: الله أكبر أربع مرات، وقلنا: إنه يقرن بين كل تكبيرتين، لكن في آخر الأذان، لكي نجري الحديث الذي معنا على عمومه، ولا يستثنى منه إلا الإقامة.

التكبير في أول الأذان ماشي بالتربيع نقول: الله أكبر، الله أكبر كأنه شفع، ثم يأتي تثنية التكبير في أول الإقامة كأنها وتر إذا قرنا بينهما، لكن ماذا عن تثنية التكبير في آخر الأذان وتثنية التكبير في آخر الإقامة؟ لا بد إما أن يرد هذا أو ذاك، إذا قرنا التكبير في آخر الأذان قلنا: وتر، واحتجنا إلى أن نستثني من عموم الخبر غير كلمة الإخلاص في آخره، أو نقول: المؤذن عليه أن يقول في التكبير في الأذان في التكبير الثاني الله أكبر ويسكت، الله أكبر ويسكت فيكون شفع، بينما تكبير الإقامة في آخرها يقرن بينهما؛ ليكون في حكم التكبير الواحد. من أهل العلم من يقول: إن الإقامة جملها بعدد جمل الأذان، لكن حديث الباب ترد عليه، ومنهم من يقول: بأن الإقامة تفرد، كل جملها مفردة، وتر، على مقتضى حديث أنس، أمر بلال، لكن ماذا عن الاستثناء: "إلا الإقامة"؟ على كل حال هذه أقوال لأهل العلم، والمعتمد ما سمعنا.

"وللنسائي: "أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- بلالاً" "أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- بلالاً" النسائي صحيح، هناك في الرواية السابقة المتفق عليها أمر بلال، وعرفنا ما فيه من الخلاف، ما في هذه الصيغة من خلاف، الرواية رواية النسائي: "أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- بلالاً" هل يرد الخلاف السابق؟ عرفنا أنه إذا لم يصرح الصحابي أو الراوي بالآمر فإنه يحتمل أن يكون الآمر غير النبي -عليه الصلاة والسلام-، وعرفنا أن الراجح أنه مرفوع، لكن هنا هل يحتمل أن يكون الآمر غير النبي -عليه الصلاة والسلام-؟ فهو مرفوع قطعاً بلا نزاع، يبقى فيه في الصيغة خلاف يسير، من أي جهة؟ أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- بلالاً مرفوع بلا نزاع، لكن هل هذه الصيغة (أمر) في القوة وفي إفادة الوجوب مثل ما لو قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: افعل كذا يا بلال؟ افعل كذا يا بلال، اشفع الأذان، أوتر الإقامة، هنا أمر النبي -عليه الصلاة والسلام- بلال أن يشفع الأذان ويوتر الإقامة؛ لأن الأمر له صيغة، فعل الأمر، والمضارع المقترن بلام الأمر، وأيضاً لفظ الأمر كما هنا، على قول جماهير أهل العلم، يعني إذا عبر الصحابي عن الأمر بلفظه، أو عن النهي بلفظه، كما لو قال: نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن كذا، هل يعادل لا تفعلوا؟ جماهير أهل العلم على أنهما بمنزلة واحدة، خالف بعض الظاهرية أو نقول: داود على وجه الخصوص وبعض المتكلمين خالفوا فقالوا: لا يدل على الأمر ولا على النهي حتى ينقل الصحابي اللفظ النبوي، لماذا؟ لاحتمال أن يسمع الصحابي كلام يظنه أمراً أو نهياً وهو في الحقيقة ليس بأمر ولا نهي، متصور هذا الكلام؟ يمكن أن يسمع الصحابي العربي الذي لم يختلط بغيره، لم تختلط عربيته بغيرها من اللغات واللهجات، يسمع كلام فيظنه أمر أو نهي؟ إذا فهم الصحابة من الأخبار -من الأخبار- أنها تدل على الأمر أو تدل على النهي {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ} [(228) سورة البقرة] {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ} [(233) سورة البقرة] إذا فهموا من الأخبار من خلال السياق والنظر في النصوص الأخرى، إذا فهموا من الأخبار ما يدل على الأمر وتلقت الأمة فهمهم بالقبول فكيف يظن بهم

أنهم يسمعون كلام لا يدل على الأمر والنهي فيعبرون عنه بأن النبي -عليه الصلاة والسلام- أمر أو نهى؟ إذا لم يعرف الصحابة مدلولات الألفاظ الشرعية من يعرفها؟ نعم جاء في الحديث الصحيح: ((رب مبلغ أوعى من سامع)) (رب) هذه للتقليل، للتقليل، لكن الأصل أن الصحابة أعرف الناس، الذين عايشوا النبي -عليه الصلاة والسلام-, وعاشروه وخالطوه وعرفوا مقاصده وأهدافه، ومرامي كلامه، هم أعرف الناس بمدلولات الألفاظ الشرعية فقول داود ومن يقول بقوله من المتكلمين لا قيمة له، فإذا قال الصحابي: أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- كأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: افعلوا كذا، إذا قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((أمرت أن أسجد على سبعة أعظم)) ((نهيت عن قتل المصلين)) فالآمر والناهي من هو؟ هو الله -عز وجل- قولاً واحداً، ولا يرد فيه من الخلاف ما يرد في قول الصحابي: "أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" هل يمكن أن يقال يطرد هذا الكلام في قول النبي -عليه الصلاة والسلام- إذا قال: أمرت أو نهيت؟ لا يمكن؛ لأنه يترتب عليه أن نتهم النبي -عليه الصلاة والسلام- بفهم كلام الله -عز وجل- نقول: لا هذا لا يقوله مسلم. هذا منتصف الوقت الآن، هذا منتصف الوقت إذا كان هناك سؤال ينشط الإخوان. نعود -يا إخوان- لشرح بقية الأحاديث بعد أن يلقي الشيخ بعض الأسئلة وتوزع بعض الجوائز للتنشيط يعني دفعاً للملل والسآمة؛ لأن كلام البشر مهما كان مملول، لكن من باب التغيير والتنشيط، ننتظر عشر دقائق لسماع الأسئلة والإجابة عليها، وبعد ذلك نستأنف شرح بقية الأحاديث. من يسكن في بلاد ليس فيه من أهل العلم أحد قد يسر الله لهم من سبل التحصيل ما يسر من هذه الآلات يجلس في بيته بينك وبينه آلاف الكيلو مترات ويستفيد كما يستفيد الحاضر، وإن فاقه الحاضر من وجوه، لو لم يكن في الحضور إلى الدرس إلا الدخول في حديث: ((من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً)) ((من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل الله له به طريقاً إلى الجنة)) لكن الثاني في البلد البعيد الذي ليس فيه من أهل العلم إذا تمنى أن لو كان عنده من أهل العلم من يمثل بين يديه صار له من الأجر مثل الآخر.

هذا يقول: من يستمع لدروسكم على البلتوث مباشرة وبينكم وبينه آلاف الكيلو مترات هل يمكنه أن يعدكم من شيوخه، وينال شرف التتلمذ عليكم؟ كذا يقول هو. الشيخ ابن عثيمين -رحمة الله عليه- جاءه شخص من أقاصي الدنيا من أمريكا، وقال له: إنه من تلاميذ الشيخ، قال: أبداً لست من تلاميذي، أنا لا أعرفك، ما رأيتك في عمري كله، قال: اسأل في كل دروسك التي شرحتها، اسأل، فسأله الشيخ عدة أسئلة فوجده من أتقن الطلاب، قال: نعم أنت من تلاميذي، فإذا وجد بهذا المستوى من يفهم الكلام الفهم التام، أو يستفهم فيكون على صلة مستمرة، يستفهم عما يشكل عليه، ويستفيد من الشيخ، الشيخ من شيوخه، ويخرج على الرواية من وراء حجاب، الرواية من رواء حجاب، عند أهل العلم جائزة، كما كان الصحابة والتابعون يتلقون الحديث عن النساء، أزواج النبي -عليه الصلاة والسلام- من وراء حجاب، فالمسافة والحجاب سواءً قرب أو بعد حكمه واحد، لكن لو بين أثناء الإخبار لئلا يوصف بالتدليس ويوهم غيره أنه رحل من أجل طلب العلم لكان أولى، وهو الأورع، يعني لو قال: هو من تلاميذ فلان بواسطة الأشرطة، أو بواسطة هذه الأجهزة وهذه الآلات لا شك أنه هذا أورع، وأهل العلم يكثر فيهم التحري والتثبت في صيغ الأداء. الإمام النسائي -رحمه الله تعالى- ذهب ليأخذ عن الحارث بن مسكين من الثقات، الحارث بن مسكين لما رأى النسائي والنسائي شخص يهتم بمظهره كأنه اتهمه بالثراء، والحارث -رحمة الله عليه- يأخذ أجرة على التحديث، وأخذ الأجرة على التحديث مسألة خلافية بين أهل العلم، لكن هذا رأيه، نعم فصار بينه وبين النسائي سوء تفاهم فطرد الإمام النسائي من الدرس، فجلس الإمام النسائي خلف اسطوانة وصار يسمع، فروى عن الحارث بن مسكين، هل قال النسائي: حدثنا الحارث بن مسكين؟ أو قال: أخبرنا الحارث بن مسكين؟ ما قال لا هذا ولا ذاك لورعه، فجاء بالأخبار دون صيغة، وإن كان السنن المطبوع فيها الصيغة، لكن القصة تدل على أنه بدون صيغة، فكان يقول -رحمه الله تعالى-: "الحارث بن مسكين فيما قرئ عليه وأنا أسمع" فعلى طالب العلم أن يكون متحرياً متثبتاً دقيقاً في تحمله، دقيقاً في أدائه، والله المستعان.

يقول: من حضر مثل هذا الدرس فلما انتهى وأتت الأسئلة خرج هل يدخل في ((قوموا قد بدلت سيئاتكم حسنات))؟ على كل حال الأجر يتفاوت، فالذي يستمع وهو في بيته له أجر، والذي يحضر له أجر الحضور، وأجر الاستماع بقدر نيته، والذي يحضر الدرس كامل بقدر نيته، والذي يحضر الدرس كاملاً من أوله إلى آخره يختلف عن الذي يحضر نصف الدرس، والذي يعوقه عن حضور الدرس ما يعوقه من الأعمال أيضاً له نصيبه، شخص من الطلاب جاء موعد الدرس فتأهب وخرج قبل الوقت بمدة تكفي للطريق، لما فتح الباب إذا ضيف من أقاربه جاء من بعيد، هذا عاقه عن حضور الدرس عائق، عذر شرعي، ضيف وقريب ومن بعيد، ففتح الآلة واستمع للدرس هو والضيف، فضل الله -عز وجل- لن يضيق بأن يعطيه أجره كاملاً؛ لأن هذا فعل وقصد وحرص لكن منعه مانع، والمانع شرعي. على كل حال فضل الله -عز وجل- يشمل الجميع، لكن الأجور متفاوتة، على قدر النيات، وقد تكون على قدر المشقة إذا كانت المشقة من مقتضيات العبادة، فالأجر على قدر النصب، وإلا فالمشقة لذاتها ليست مقصداً شرعياً، لكن إذا تطلبتها العبادة صار الأجر على قدر هذا النصب، والله المستعان. سم. "وعن أبي جحيفة -رضي الله تعالى عنه- قال: "رأيت بلالاً يؤذن أتتبع فاه هاهنا وهاهنا, وإصبعاه في أذنيه" رواه أحمد والترمذي وصححه، ولابن ماجه: "وجعل إصبعيه في أذنيه". ولأبي داود: "لوى عنقه لما بلغ: حي على الصلاة يميناً وشمالاً ولم يستدر" وأصله في الصحيحين. وعن أبي محذورة -رضي الله تعالى عنه- "أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أعجبه صوته فعلمه الآذان" رواه ابن خزيمة. وعن جابر بن سمرة -رضي الله تعالى عنه- قال: "صليت مع النبي -صلى الله عليه وسلم- العيدين غير مرة ولا مرتين بغير أذان ولا إقامة" رواه مسلم. ونحوه في المتفق عليه: عن ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما- وغيره".

"عن أبي جحيفة" واسمه: وهب بن عبد الله السوائي "قال: "رأيت بلالاً يؤذن وأتتبع فاه هاهنا وهاهنا" فاه هاهنا وهاهنا، يلتفت يميناً وشمالاً "وإصبعاه في أذنيه" الالتفات في الحيعلتين وجعل الأصبعين والمراد بذلك أطراف الأنامل؛ لأنه لا يتصور أن تكون الأصبع كلها في الأذن، المراد في ذلك كما في قوله -جل وعلا- {جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ} [(7) سورة نوح] المقصود أطراف الأنامل، هذا من السنة أن يلتفت يميناً وشمالاً، ويجعل إصبعية في أذنيه؛ لأنه أقوى للصوت، ويلتفت يمنةً ويسرة عند الدعاء للصلاة، حي على الصلاة، حي على الفلاح ليكون أقوى للصوت في تبليغ الجهات كلها، ويستفاد من جعل الأصبعين في الأذنين إضافة إلى قوة الصوت معرفة كون هذا مؤذن؛ لأن ما كل الناس يسمعون الصوت، الأصم مثلاً إذا رأى الشخص قد وضع إصبعيه في أذنيه عرف أنه يؤذن.

"رأيت بلالاً يؤذن أتتبع فاه هاهنا وهاهنا, وإصبعاه في أذنيه" ولابن ماجه: "وجعل إصبعيه في أذنيه" ولأبي داود: "لوى عنقه" يعني التفت يمنياً وشمالاً لما بلغ حي على الصلاة يميناً وشمالاً حي على الفلاح، ولم يستدر، يعني لم يستدر ببدنه، إنما لوى عنقه يميناً وشمالاً، هذا الحديث رواه أبو داود وأصله في الصحيحين حديث مسلم "فجعلت أتتبع فاه هاهنا وهاهنا يمنياً وشمالاً يقول: حي على الصلاة حي على الفلاح" العلة ظاهرة، والفائدة محسوسة حينما كان الأذان في المنارة يُرى المؤذن ويختلف صوته يمنياً وشمالاً عن كونه صامداً أمامه، العلة محسوسة، لكن في مثل ظروفنا الآن والمؤذن لا يُرى، لا يراه الأصم، نعم، وإذا التفت يمنياً وشمالاً ضعف الصوت، إذا قيل: زالت العلة، زالت العلة، بل العكس انتقضت العلة، انعكست العلة، يعني بدل من أن يلتفت يمنياً وشمالاً ليقوى صوته إلى جهة اليمين والشمال، إذا التفت أمام هذه المكبرات يميناً وشمالاً ضعف الصوت، هل نقول: يلغى الحكم؟ الاستحباب يلتغي؟ أولاً: عندنا من الأحكام ما شرع لعلة فارتفعت العلة وبقي الحكم، شرع بعض الأحكام لعلة ارتفعت العلة وبقي الحكم، الأصل في مشروعية القصر في الصلاة الخوف {فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُواْ مِنَ الصَّلاَةِ إِنْ خِفْتُمْ} [(101) سورة النساء] ارتفع الخوف وبقي الحكم، الأصل في مشروعية الرمل في الطواف قول المشركين: يأتي محمد وأصحابه وقد وهنتهم حمى يثرب، لما انقرض المشركون ولا يوجد من يقول هذا الكلام هل نقول: إن الرمل ليس بمشروع؟ ارتفعت العلة وبقي الحكم؟ هل نقول هنا: ارتفعت العلة وبقي الحكم ونلتفت؟ أو نقول: انعكست العلة فبدلاً من أن حكمة التشريع التبليغ لمن كان في جهة اليمين أو في جهة الشمال وانعكست صار الصوت يذهب أو يضعف فيلتغي الحكم؟ أو نقول: الحكم باقٍ؟ أما إن أمكن الجمع بين الالتفات والتبليغ فهو المتعين، يعني لو صار المكبر يدوي يلتفت به يميناً وشمالاً، أو يستطيع أن يحرك هذا المكبر، أو يحرك يتقدم يسيراً أو قليلاً، يمنياً أو شمالاً لكي يطبق هذه السنة مع ما شرعت هذه السنة من أجله فهو المتعين، لكن إذا التفت وانقطع الصوت ويش نقول؟ يؤثر

عن الإمام أحمد، يروى عن الإمام أحمد أنه: "لا يدور إلا إذا كان على منارة قصداً لإسماع أهل الجهتين" وعلى ضوء هذه الرواية عن هذا الإمام، وهو إمام من أئمة أهل السنة، ومن أحرص الناس على تطبيق السنة يقول: "لا يدور إلا إذا كان على منارة قصداً لإسماع أهل الجهتين". وعلى كل حال إن أمكن الجمع بين تطبيق السنة مع حصول المصلحة والفائدة، وتحقيق العلة، فهذا هو المتعين، لكن إذا لم يتمكن فالمقصود الأصلي من الأذان إعلام الناس بدخول وقت الصلاة، فمحافظة على هذا الأصل وإن كان يعني لا بد من بذل شيء من الجهد لتحقيق السنة في هذا إلا إذا تعذر فالشرع جاء بجلب المصالح وأحكامه معقولة غالباً، فإذا كان تطبيق السنة يختلف -يصادم- ما شرعت السنة من أجله فعندنا سنة، وعندنا حرص على تطبيق السنة، وعندنا فقه لكيفية تطبيق السنة، بعض الناس يعرف السنة لكن ما يحرص على تطبيقها، هذا شيء، هذا مفرط، بعض الناس يعرف السنة ويحرص على تطبيقها، لكن لا يفقه كيف يطبق هذه السنة، يقع من المحظورات أكثر مما حصله من أجر في تطبيق هذه السنة، والأمثلة كثيرة، تجدون كثير من آحاد المتعلمين يقع في أمور لو ترك الموضوع من أسه لكان أسهل من كونه يرتكب بعض المحظورات من أجل تطبيق بعض السنن. على كل حال هذه رواية عن الإمام أحمد -رحمة الله عليه- قال: "لا يدور إلا إذا كان على منارة قصداً لإسماع أهل الجهتين" هذه لها حظ من النظر، لكن أقول: يتحرى المؤذن أن يطبق السنة، نعم ويتحرى أيضاً أن يحقق الهدف من هذه السنة، وهو إسماع أهل الجهتين، فإذا تيسر أن يكون في حال الحيعلتين المكبر يدوي أو هو يتحرك بقدر ما يحقق ويطبق هذه السنة أولى.

"وعن أبي محذورة -رضي الله عنه-: "أن النبي -عليه الصلاة والسلام- أعجبه صوته فعلمه الآذان" أعجبه صوته فعلمه الأذان، يدل على أن المؤذن ينبغي أن يكون حسن الصوت، حسن الصوت، ندي الصوت، عبد الله بن زيد لما رأى -رضي الله عنه- لما رأى الأذان قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((ألقه على بلال، فإنه أندى منك صوتاً)) فينبغي أن يكون المؤذن صيتاً وندي الصوت، وفرق بين نداوة الصوت وجمال الصوت وبين التغني والتمطيط، الذي يخرج الكلام عن معانيه المطلوبة، التطريب هذا ما هو بمطلوب، بل مذموم، المدود التي تزيد يترتب عليها زيادة بعض الحروف في الكلمات والجمل هذا مرفوض، لكن يبقى أن المؤذن ينبغي أن يكون صيتاً، ويشترط أهل العلم أن يكون عارفاً بالأوقات، ندي الصوت؛ لأن الصوت مهما كان له أثر، له أثر كما أننا أمرنا أن نزين القرآن بأصواتنا كما جاء في الحديث الصحيح: ((زينوا القرآن -بإيش؟ نعم؟ - بالأصوات)) هل معنى هذا أننا نتأثر ونؤثر بالأصوات، بدليل أننا لو سمعنا هذا المقروء، وهذا القدر من القرآن من فلان حسن الصوت تأثرنا، وإذا سمعنا نفس المقطع من شخص آخر أقل منه صوتاً فإننا لا نتأثر، هل هذا التأثير للصوت أو للقرآن المؤدى بهذا الصوت؟ لا نغفل عن الأمر بتحسين الصوت، فتحسين الصوت هدف شرعي مقصد شرعي مأمور به، يعني هل يطلب من المسلم أن يحسن الصوت لذات الصوت، أو لكي يؤثر بالقرآن المؤدى بهذا الصوت؟ التأثير بالقرآن، قد يقول قائل: لو التأثير بالقرآن ما اختلف تأثيره من شخص إلى آخر، نقول: يختلف، بدليل أن هذا صاحب الصوت الندي الجميل المؤثر بالقرآن لو قرأ بهذا الصوت غير القرآن ما أثر، فالتأثير للقرآن المؤدى بهذا الصوت وليس للصوت ذاته، فالمؤذن أبو محذورة أعجب النبي -عليه الصلاة والسلام- صوته فعلمه الأذان على ما تقدم، بتثنية التكبير أو تربيعه على ما جاء في الروايات مع الترجيع، ففي هذا دلالة على أنه يستحب أن يكون المؤذن حسن الصوت. الحديث الذي يليه:

حديث "جابر بن سمرة قال: "صليت مع النبي -صلى الله عليه وسلم- العيدين غير مرة ولا مرتين بغير أذان ولا إقامة" الأذان عبادة، والصلاة عبادة، ومقتضى شهادة أن محمداً رسول الله ألا يعبد الله إلا بما شرع، طاعته فيما أمر، وتصديقه فيما أخبر، وألا يعبد الله -سبحانه وتعالى- إلا بما شرع ((من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد)) فهذه عبادات لا بد أن يكون لها أصل شرعي.

"صليت مع النبي -صلى الله عليه وسلم- العيدين غير مرة ولا مرتين -يعني أكثر من ذلك- بغير أذان ولا إقامة" فالصواب أن صلاة العيد لا ينادى لها، مجرد ما يصل الإمام إلى المصلى يشرع في الصلاة، يشرع في الصلاة، وإن استحسن بعض أهل العلم النداء لصلاة العيد وقال: إن عثمان -رضي الله عنه- زاد الأذان الأول في صلاة الجمعة لماذا لا نزيد أذان لصلاة العيد؟ نقول: مع الفارق، عثمان -رضي الله عنه- من الخلفاء الراشدين المهديين الذين أمرنا بالأخذ بسنتهم ((عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين)) فمع الفارق ليس لأحد أن يقول: عثمان زاد، فلان نقص، لا، الدين كمل واستقر وليس لأحد أن يزيد، من أهل العلم من استحسن أن ينادى للصلاة، لصلاة العيد، منهم من قال: بالنداء العادي لأنها صلاة تقاس على سائر الصلوات، ومنهم من قال: إنها صلاة طارئة تأخذ حكم صلاة الكسوف فينادى لها الصلاة جامعة، ولا هذا ولا ذاك؛ لأن القاعدة عند أهل العلم أن ما وجد سببه في عصر النبي -صلى الله عليه وسلم- ولم يفعله -عليه الصلاة والسلام- أن فعله بعده بدعة، إذا قام السبب وجد السبب في عصر النبي -عليه الصلاة والسلام- ولم يفعله ففعله بعده بدعة، لكن ينبغي أن نلاحظ مقدار قيام السبب في عصره -عليه الصلاة والسلام-، يعني هل السبب قام في عصره -عليه الصلاة والسلام- بنفس مستوى السبب الذي وجد بعده؟ على سبيل المثال الخطوط هذه اللي في الصفوف في المساجد بعض الناس يقول: بدعة، لماذا؟ يقول: قام السبب في عصره -عليه الصلاة والسلام- لتعديل الصفوف ولا فعل فهي بدعة، هل قيام السبب وقيام الحاجة الداعية لمثل هذه الخطوط في عصره -عليه الصلاة والسلام- بنفس المستوى الداعي في العصور المتأخرة؟ مسجد النبي -عليه الصلاة والسلام- صغير، يعني في عصره أقل من ربع هذا المسجد، وأيضاً غير مفروش، بالرمل، فكيف يتمكن من إيجاد خطوط في مسجده -عليه الصلاة والسلام- والحاجة غير داعية؟! وأيضاً الخط غير ممكن؛ لأنه رمل، على أنها لو تركت هذه الخطوط وترك الناس لاهتمام الإمام وتوجيهه لأن تسوية الصفوف من تمام الصلاة، فالذي يقول: هي بدعة يقول: على الإمام أن يسوي الصفوف بنفسه ويتأكد، لكن في

المساجد الكبير مترامية الأطراف لا يمكن تحقيق التسوية، وهذا ظاهر في مصليات الأعياد، تجد الصفوف أقواس قبل الفرش، أقواس لبعد آخر الصف من جهة اليمين عن آخره من جهة الشمال. لا شك أن هذه الخطوط تحقق مصالح، تحقق تسوية الصفوف التي هي من تمام الصلاة، ولا يترتب عليها مفسدة بأي وجه من الوجوه، وهذه وجهة نظر من يقول بأن وجود مثل هذه الخطوط لا مانع منه، ولا يدخل في حيز البدعة لقيام الحاجة، والمصلحة داعية والمفسدة مغتفرة في مثل هذا، وقل مثل هذا في الخط الموازي للركن في المطاف، والخلاف في هذا كبير، يعني وجد بفتوى ويمكن يشال بفتوى، نظراً لاختلاف وجهة النظر في مثل هذه المسائل. على كل حال ما وجد سببه وتساوى قيام السبب في عصر النبي -عليه الصلاة والسلام- مع قيامه في العصور المتأخرة فلم يفعله النبي -عليه الصلاة والسلام- فوجوده بعد عصره بدعة، كما قرر ذلك الشاطبي وغيره. وعلى كل حال مثل ما ذكرنا الأذان عبادة والصلاة عبادة، الأذان عبادة، والصلاة عبادة، والزيادة في مثل هذه العبادات بدعة، قد يقول قائل: هذه مكبرات، كيف نصلي بالمكبرات والنبي -عليه الصلاة والسلام- ما صلى بمكبرات؟ نقول: من أهل العلم من قال بهذا، فيصلي بدون مكبر؛ لأن الصلاة عبادة محضة كيف يدخل فيها مثل هذه الآلات؟ وجل أهل العلم رأوا أن هذا يحقق مصلحة، مصلحة السماع، سماع المأمومين، ولا يترتب عليه أدنى مفسدة، ولا علاقة له في هيكل الصلاة وداخل الصلاة، إنما هو أمر يبلغ الصوت كالمستملي اللي يسمى المستملي، يعني المكبر وراء الإمام، أو المبلغ لقول المحدث، هذا حكمه، هذه الآلات حكمها حكمه، والله المستعان، نعم. "وعن أبي قتادة -رضي الله تعالى عنه- في الحديث الطويل في نومهم عن الصلاة: "ثم أذن بلال فصلى النبي -صلى الله عليه وسلم- كما كان يصنع كل يوم" [رواه مسلم]. وله عن جابر -رضي الله تعالى عنه-: "أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أتى المزدلفة فصلى بها المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين". وله عن ابن عمر -رضي الله تعالى عنهما-: "جمع النبي -صلى الله عليه وسلم- بين المغرب والعشاء بإقامة واحدة" وزاد أبو داود: "لكل صلاة".

وفي رواية له: "ولم ينادِ في واحدة منهما". نعم حديث "أبي قتادة" واسمه: الحارث بن ربعي كما هو معروف. هذا يقول: ناصر القحطاني أهله في الخارج يريدونه ضروري إن كان ... ؟ "عن أبي قتادة -رضي الله عنه- في الحديث الطويل في -قصة- نومهم عن" صلاة الصبح، وأقول: كون النبي -عليه الصلاة والسلام- نام عن صلاة الصبح هذا فيه تشريع، وفيه أيضاً تسلية للمسلم الذي تفوته بعض الصلوات من غير قصد ولا اختيار، بعض الناس من الحرص الشديد على دينه يأسف ويندم أشد الندم ولو حصل هذا التقصير من غير تفريط، يعني لو تصور أن النبي -عليه الصلاة والسلام- ما نام عن صلاة الفجر طول عمره، ما المشقة اللاحقة بأهل العبادة، أهل الصلة بالله -عز وجل- ممن تفوته الصلاة من غير تفريط؟ هذا من نعم الله -عز وجل- أن الرسول -عليه الصلاة والسلام- نام عن صلاة الصبح، وليس معنى هذا أن الإنسان يفرط، يترك الأسباب ويرتكب الموانع ويقول: النبي -عليه الصلاة والسلام- نام، لا، ليس هذا هو المراد، لكن إذا فعل جميع الاحتياطات، وارتفعت جميع الأسباب التي تقتضي فوات هذه الصلاة، وعمل جميع الاحتياطات ثم فاتت هذه الصلاة له أن يقول: النبي -عليه الصلاة والسلام- نام عن صلاته. في الحديث الطويل في نومهم عن الصلاة: "ثم أذن بلال كما كان يصنع كل يوم" [رواه مسلم].

روى مسلم من حديث أبي هريرة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أمر بلالاً بالإقامة ولم يذكر الأذان، أمر بلالاً بالإقامة ولم يذكر الأذان، حديث أبي قتادة: "ثم أذن بلال"، وهناك: "أمر بالإقامة" فإما أن يقال: أن أبا هريرة لم يسمع الأذان وحينئذٍ يكون المثبت معه زيادة علم خفيت على من لم يذكر، أو نقول: إن بلالاً أذن من غير أمر، إنما أمر بالإقامة وأذن على المعتاد، وحينئذٍ يكون أمر الأذان أخف؛ لأن الأصل في شرعية الأذان الإعلام بدخول الوقت، والوقت قد خرج ما هو بدخل، وعلى هذا نقول: إن لم يؤذن لها أعني الفائتة- فالأمر فيه سعة، ليست كمثل المؤداة، بدليل أنه في صحيح مسلم: "أمر بلالاً بالإقامة" لكنه من حديث أبي هريرة قد نقول: قد خفي على أبي هريرة أن بلالاً لم يؤذن لم يسمعه لبعده عن مكان التأذين، أو نقول: إن بلالاً أذن لكنه بحضرة النبي -عليه الصلاة والسلام- بإقراره -عليه الصلاة والسلام- وعدم إنكاره، فالشرعية موجودة على كل حال، لكن هل يكون حكمه حكم الأذان في أول الوقت؟ الأمر إنما جاء بالإقامة، والله المستعان. وله – يعني لمسلم- عن جابر -رضي الله عنه-: "أن النبي -عليه الصلاة والسلام- أتى المزدلفة فصلى بها المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين".

حديث جابر الطويل في صفة حج النبي -عليه الصلاة والسلام-، في صفة حج النبي -عليه الصلاة والسلام- جابر -رضي الله عنه- ضبط هذه الحجة وأتقنها من خروج النبي -عليه الصلاة والسلام- من بيته إلى رجوعه إليه، ولذا يعتمد كثير من أهل العلم على ما يرويه جابر على ما يرويه غيره، ولذا حديث جابر من أفراد مسلم "أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أتى المزدلفة فصلى بها المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين" حديث ابن مسعود وهو في البخاري: "النبي -عليه الصلاة والسلام- صلى المغرب في المزدلفة بأذان وإقامة، والعشاء بأذان وإقامة" هذا في البخاري، يعني صلى المغرب والعشاء بأذانين وإقامتين، وهذا في البخاري وهذا في مسلم هل نؤذن أذانين؟ نؤذن للمغرب ونؤذن للعشاء؟ ونقيم للمغرب ونقيم للعشاء على ما يقتضيه حديث ابن مسعود وهو في الصحيح؟ أو نقول: نؤذن أذان واحد ونقيم إقامتين على ما يقتضيه حديث جابر وهو في مسلم من أفراد مسلم؟ الأصل أن ما يرويه البخاري أرجح مما يرويه مسلم. أول من صنف في الصحيح ... محمد وخص بالترجيحِ ومسلم بعد وبعض الغرب مع ... أبي علي فضلوا ذا لو نفع فصحيح البخاري عند جماهير أهل العلم أرجح من صحيح مسلم، وعلى هذا ما يرويه البخاري أرجح مما يرويه مسلم، فهل نقول بمقتضى هذا أنه في ليلة الجمع -ليلة المزدلفة- نؤذن أذانين ونقيم أقامتين أو نكتفي بأذان واحد وإقامتين؟ أهل العلم يقولون: قد يعرض للمفوق ما يجعله فائقاً، وعلى هذا نقول: إن بعض ما يرويه .. ، القاعدة أن ما يرويه البخاري -قاعدة مطردة- أرجح مما يرويه مسلم، لكن قد يعرض للمفوق مما يرويه مسلم ما يجعله فائقاً على ما يرويه البخاري، ومنه ما عندنا، جابر -رضي الله عنه- اعتنى بضبط الحجة، اعتنى عناية فائقة، بضبط حجة النبي -عليه الصلاة والسلام-، ولذا يرجح خبره على خبر ابن مسعود، وإن كان في البخاري. هذا عند من يقول: إنه يؤذن للصلاتين أذان واحد وإقامتين، لكن يقول: قد يكون النبي -عليه الصلاة والسلام- أمر بالأذان للصلاتين وخفي الأذان الثاني على جابر، وبهذا قال بعض العلماء، يؤذن لهما لكل صلاة أذان، وكذا لكل صلوات مجموعة، لكل صلاة يؤذن لها أذان وإقامة.

"له" أيضاً لمسلم "عن ابن عمر -رضي الله عنهما-: "جمع -النبي -صلى الله عليه وسلم- بين المغرب والعشاء بإقامة واحدة" بإقامة واحدة هذه الرواية المجملة تقتضي أنه إنما أقام لصلاة المغرب ولم يقم لصلاة العشاء أو العكس، لكن بين رواية أبي داود هذا الإجمال "بإقامة واحدة، زاد أبو داود: لكل صلاة" هذه بينت الإجمال، فلكل صلاة إقامة. نأتي إلى الأذان "وفي رواية له: "ولم ينادِ في واحدة منهما" وهنا نقول: خفي الأذان على ابن عمر، إيش المانع أن يكون ابن عمر وقت الأذان قد ذهب ليقضي حاجته أو ليجدد الوضوء أو شيء من هذا فخفي عليه أن الصلاة قد أذن لها؟ لأن عدم الذكر أمره لا يشكل، عدم الذكر لا يعني عدم الوجود، بينما الذكر هو الذي يحتاج إلى الإجابة عنه، يعني نحتاج أن نجمع بين حديث ابن مسعود وحديث جابر، لكن هل نحتاج أن نجمع إلى حديث ابن عمر بحديث جابر أو ابن مسعود؟ ما نحتاج؛ لأن كون ابن عمر ما ذكر خفي عليه لبعده أو لكونه نسي، لكن العبرة فيمن حفظ، من حفظ حجة على من لم يحفظ، المثبت مقدم على النافي عند أهل العلم، فالمعتمد أنه في الصلوات المجموعة يؤذن أذان واحد، ويقام لكل صلاة كما فعل النبي -عليه الصلاة والسلام- بجمع، على ضوء ما رواه جابر -رضي الله عنه-، وقد ضبط هذه الحجة وأتقنها. نأخذ زيادة وإلا مليتوا يا الإخوان؟ طالب:. . . . . . . . . إيه لكن تدري كم أخذنا؟ ثلاثة عشر حديثاً، ثلاثة عشر حديثاً، لا نريد أن نمل الإخوان، الآن صار ساعتين إلا ثلث منذ بدأنا. يقول: لا يخفى عليكم ما لسير العلماء من تأثير على طلاب العلم في شحذ هممهم وحرصهم على طلبه ونشره، وانطلاقاً من هذا ما رأيكم بذكر موقف أو موقفين من حياة الشيخ ابن باز -رحمه الله- لقربكم منه، وحتى ينال الشيخ أجر التأسي به؟

الشيخ -رحمة الله عليه- كُتب عنه الشيء الكثير، وقرأ القاصي والداني ما كتب عنه، حتى صار بعض من بعد عن الشيخ أدرى بحياة الشيخ من بعض من قرب، لكثرة ما كتب عنه، وجميع جوانب الشيخ العلمية والعملية كتب عنها في كتب مستقلة، ورسائل علمية فأتصور أن ذكر مثل هذه المواقف يعني شيء تكرار وخلاصة ما يقال: إن حياة الشيخ وعلم الشيخ وسيرة الشيخ ترجمة عملية لما قرأناه في سير السابقين، كنا نظنه ضرباً من الخيال، أو نسج من الأوهام في عباداتهم في صبرهم في تحملهم، في علمهم في تعليمهم، في اقتدائهم وائتسائهم فنظرنا المثال العملي لتلك السير، ومع ذلكم الشيخ ليس بالمعصوم -رحمه الله رحمة واسعة-، فكتب عن الشيخ الشيء الكثير فيما يتعلق بالجوانب العلمية والعملية في علمه، في دعوته، في أمره بالمعروف ونهيه عن المنكر، في مناصحاته للخاصة والعامة، للولاة والرعاة والرعية وغير ذلك، فلسنا بحاجة إلى أن نكرر مثل هذا الكلام، وعلى كل حال الشيخ بمجموعه كما قيل عن بعض أهل العلم: كلمة إجماع، بمجموعه، وأكرر أيضاً أنه ليس بمعصوم، لكن ما رأينا مثله ولا ما يقرب منه، والله المستعان. يقول: إمام يتحرك يمنةً ويسرة في الصلاة بقصد إسماع الصوت واضح في المكبرات؟ يوجد بعض الأئمة من إذا أراد أن يكبر ألتفت يسيراً من أجل أن يقرب من المكبر، وإن كان يريد السجود مد عنقه لكي .. ، هذا كله .. ، هذه الحركات في الصلاة تخل بالمقصود منها والخشوع، لا يكون القصد تحسين الصوت والمؤثرات وما أشبه ذلك، لا، هذه الآلات تلتقط ولو من بعد، وبالإمكان أيضاً الرفع عليها بحيث تلتقط من غير هذه الحركات. يقول: هل هناك حد لمد ألفاظ الأذان؟ وما رأيك بمن يضبطها بأحكام المد في التجويد –تجويد القرآن؟ القرآن له خصوصيته، والكلام -كلام البشر- أيضاً له ما يخصه، على كل حال لا يخرج إلى حد التمطيط وزيادة الحروف التي تقلب المعاني، فإذا مد أكبر، فقال: أكبار، أنقلب المعنى، فالأكبار يقول أهل اللغة: إنه الطبل، فما يترتب على المدود من أحكام قد تكون أحياناً مناقضة للمعاني الأصلية لمعاني تختلف معانيها مثل هذا يبطل الأذان. ي قول: بأي شرح توصي باقتنائه واعتماده في شرح البلوغ؟

سبل السلام على ما فيه من اختصار مفيد لطالب العلم، وإن ضم إليه شرح الشيخ ابن بسام -رحمه الله- لبيان بعض المسائل المعاصرة، والعناية بفتاوى أهل العلم من المتقدمين والمتأخرين يكون حسن. يقول: في رواية أبي جحيفة قال: "رأيت بلالاً" كيف يكون هذا حديث ولم يذكر فيه النبي -عليه الصلاة والسلام-؟ إذا فعل في عهد النبي -عليه الصلاة والسلام- لا يخلو في عهده -عليه الصلاة والسلام- لا يخلو إما أن يكون مما يغلب على الظن خفاؤه على النبي -عليه الصلاة والسلام-، أو يكون مما يغلب على الظن علم النبي -عليه الصلاة والسلام- به، واطلاعه عليه، أو يكون مستوي الطرفين، فإذا قال الصحابي: كنا نفعل في عهد النبي -عليه الصلاة والسلام- يحتمل أنه اطلع عليه النبي -عليه الصلاة والسلام- وأقره، ويحتمل أنه لم يطلع عليه، لكن الجهور على أن مثل هذا له حكم الرفع لأنه في عصر التنزيل، فمثل هذا فعل بلال لهذه العبادة التي علمه إياها النبي -عليه الصلاة والسلام-، لا يظن ببلال أنه يزيد من عنده، أو يتصرف من عنده في عصر التنزيل؛ لأنه لو فعل لفضحه القرآن، فكيف يزيد على ما لقنه النبي -عليه الصلاة والسلام- فمثل هذا لا شك في أن له حكم الرفع. يقول: فالذي أعرفه أن الحديث: ما أضيف إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-؟ نعم، والإضافة إما أن تكون حقيقيةً بالتصريح به -عليه الصلاة والسلام-، أو حكمية. ما حكم صلاة الكسوف في وقت النهي؟ صلاة الكسوف جاء الأمر بها ((فإذا رأيتموهما فصلوا)) جاء الأمر بها، والجمهور على أنه سنة، بل نقل النووي الإجماع على أنها سنة، الأمر بها صريح، الأمر بها صريح، ترجم أبو عوانة في صحيحه: باب وجوب صلاة الكسوف، وبهذا يقدح في الإجماع الذي ذكره النووي، الأمر بها صريح إذا قلنا: إن حكمها واجبة ما دخلت في الخلاف السابق، ما تدخل في الخلاف فتصلى في أوقات النهي بدون إشكال، لكن على القول بأنها سنة هي ذات سبب فينتابها الخلاف السابق الذي فصلناه بالأمس. يقول: عن أنس: "أمر بلال أن يشفع الأذان شفعاً" والكتب التي معنا لا يوجد بها ذلك، فنرجو توضيح ذلك أثناء الدرس لاختلاف الكتب؟ على كل حال مثل هذه اللفظة موجودة في بعض النسخ دون بعض.

يقول: لماذا لم يصلِ عمر -رضي الله عنه- بعد الطواف إلا بذي طوى بعد ذهاب وقت الحظر، وقت النهي، وهناك حالة استثنائية كما في حديث جبير بن مطعم؟ أولاً: مقتضى حديث جبير بن مطعم عدم المنع، ولا يعني عدم المنع الأمر بالفعل، فكوننا لا نمنع من يصلي لا يعني هذا أننا نصلي أو نأمر من يصلي، فرق بين الأمرين كما فصلنا بالأمس، فعمر -رضي الله عنه- عمل بنصوص ((لا صلاة بعد الصبح حتى تطلع الشمس)) من يثرب على عمر وقد اقتدى بنصوص صحيحة، ومن يثرب على من يقتدي بجماهير العلماء، أو بجمهور العلماء فلا يصلي في أوقات النهي أي نفل من النوافل مهما كان سببه، وينتظر حتى يخرج وقت النهي، وفصلنا بالأمس المسألة تفصيلاً لا يبقى معه مثل هذا الإشكال على حد تقديري. يقول: روي عن علي أنه كان يتنفل بعد العصر في خبائه، وصحح الشيخ الألباني -رحمه الله- ذلك الأثر في السلسلة، وقال: إنها من السنن التي لا ينبغي أن تفعل أمام العامة؟ على كل حال الصلاة في الوقتين الموسعين أمرها أوسع من الأوقات المضيقة، ووجد من السلف من ينتنفل بعد صلاة العصر، وهذا مما وجد، وهذا ما جعل ابن عبد البر وابن رجب أن يقول: إن ما بعد صلاة العصر وما بعد صلاة الصبح ليس بوقت للنهي، والنهي عن الصلاة في هذين الوقتين لئلا يسترسل المصلي، فإذا ضمن أنه لا يسترسل فيصلي في الأوقات المضيقة فإنه لا تثريب عليه، ويبقى أن هذا فعل علي -رضي الله عنه-، وهو من الخلفاء الراشدين، لكن لا يعارض به المرفوع، لا يعارض به المرفوع. يقول: ذهب الشيح ابن باز -رحمه الله- لاستثناء يوم الجمعة مستدلاً بالحديث الذي ورد فيه: ((من جاء ليوم الجمعة ثم صلى ما شاء أن يصلي إلى أن يدخل الإمام)) فلمن حضر له الصلاة حتى يدخل الإمام وغالباً ما يمر عليه وقت النهي وهو يصلي؟ ذكرنا هذه المسألة، وقلنا: الأحاديث المرفوعة ضعيفة في استثناء يوم الجمعة، لكن ثبت عن جمع من الصحابة أنهم يصلون في منتصف النهار يوم الجمعة.

وجاء في الحديث: ((في يوم الجمعة ساعة لا يوافقها مسلم وهو قائم يصلي)) قائم يصلي، والخلاف في هذه الساعة هل هي وقت دخول الإمام أو في آخر ساعة من الجمعة؟ ومن يرجح أنها وقت دخول الإمام يقول: إنها وقت صلاة وليس بوقت نهي، واستثناء يوم الجمعة مع ضعف الحديثين الذين وردا فيه، إلا أنه يتقوى ما جاء فيه من مرفوع، بالأخبار الموقوفة، وهذا أشرنا إليه سابقاً فلا حاجة إلى الإطالة فيه. يقول: ذكر النووي -رحمه الله- إبان حديثه عن حديث عقبة بن عامر أن الدفن المنهي عنه إنما هو في المتعمد فعل ذلك، يقول: وضعف القول بأن المنهي أيضاً أداء صلاة الجنازة لإجماع العلماء على أن المراد في ذلك الدفن دون الصلاة فلا خلاف، وقد ذكرتم أن بعض أهل العلم ذكر حرمة صلاة الجنازة في الأوقات الثلاثة؟ النص في الدفن: "وأن نقبر فيهن موتانا" وجمع من أهل العلم يرون أن المنع للصلاة، المنع للصلاة، لصلاة الجنازة، والإشارة بالدفن إشارة إلى ما قبل الدفن من الصلاة، لكن لا شك أن هذا التوجيه فيه ضعف، وهنا يقول: لإجماع العلماء على أن المراد في ذلك الدفن، المنهي عنه أصالة في هذه الأوقات هو الصلاة نعم، هو الصلاة، جاء في حديث عقبة بن عامر بالنسبة للأوقات المضيقة، وهذا مما يزيد في شدة النهي والضيق فيها ذكر الدفن، وعلى كل حال الخلاف سبق، فالذي يقول بفعل ذوات الأسباب في هذه الأوقات ما عنده مشكلة، ما عنده مشكلة، فتكون هذه من ذوات الأسباب، لا سيما وأن صلاة الجنازة من الواجبات، من الواجبات، ومن أهل العلم من يرى أنه تعارض مثل هذا النهي الشديد مع الأمر بالإسراع بالجنازة، فتؤخر الجنازة قليلاً حتى يخرج وقت النهي. يقول: مجموعة من الشباب ذهبت للعمرة، وقبل أن يخرجوا من البلد أذن المغرب فصلوا المغرب مع الجماعة، ثم جمعوا العشاء وقصروا، فهل يعيدون صلاة العشاء أم ماذا يفعلون؟

أهل العلم الذين قرروا أن المسافر لا يترخص حتى يتلبس بالسبب، الذي هو السفر، ولذا لا يجيزون له أن يترخص حتى يفارق عامر البلد، وخبر أنس -رضي الله عنه- عندما أراد السفر وأفطر في رمضان قبل أن يخرج من بيته معروف، وكلام أهل العلم فيه قبولاً ورداً أيضاً معروف، فمن فعل اقتداءً بأنس وصح عنده الخبر له ذلك، لكن من فعل الأحوط، من فعل الأحوط وترك الترخص حتى يخرج من البلد لا شك أنه أبرأ للذمة. يقول: هل يصح أن ينبه الإمام المأمومين قبل تكبيرة الإحرام على إغلاق أجهزة الهواتف؟ الأصل أن ينبه على ما فيه تكميل الصلاة من تسوية الصفوف، والاعتدال فيها، والتراص، هذا تكميل الصلاة، ومن تكميل الصلاة أيضاً: إزالة ما يشوش على المصلي، فلو نبه أحياناً بحيث لا يكون ديدنه ذلك، فلا حرج -إن شاء الله تعالى-، والله أعلم. وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

كتاب الصلاة (4)

بلوغ المرام - كتاب الصلاة (4) شرح: تكملة باب: الأذان، وباب: شروط الصلاة الشيخ/ عبد الكريم بن عبد الله الخضير السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. هذا يقول: إنه لم يفهم الترجيع في الأذان؟ الترجيع: أن يقول المؤذن: أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله بصوت منخفض، ثم يعود إليهما بصوت مرتفع، وبعد ذلك يقول: أشهد أن محمداً رسول الله، أشهد أن محمداً رسول الله بصوت منخفض، ثم يعود فيقول الجملة مرتين بصوت مرتفع. هذا يسأل عن الحكمة من الترجيع؟ الحكمة من الترجيع، الشهادتان الركن الأول من أركان الإسلام، فتكرارهما لا شك أنه من أفضل القرب. يقول: ما الحكم على حديث ابن عمر: "لا صلاة بعد الفجر إلا سجدتي الفجر"؟ نعم هو صحيح لغيره، رواه الخمسة وعبد الرزاق. يقول: ما رأيكم فيمن يكرر الكلام والأناشيد التي تقال في المولد النبوي؟ علماً بأنه لا يذهب إليها لكنه يستمع إلى الأشرطة التي فيها هذه الأشياء؟ أولاً: إن كانت هذه الأناشيد تشتمل على شيء من الغلو والإطراء المنهي عنه بالنبي -عليه الصلاة والسلام- فاستماع الحرام حرام، استماع المحرم حرام، إلا إذا قصد منه الرد على هذه. . . . . . . . . أقول: إلا إذا قصد من هذا الاستماع الرد على هذا الكلام الذي فيه المخالفة، نظير ذلك كتب المبتدعة لا يجوز النظر فيها إلا لمن تأهل للرد عليها، وللسخاوي كتاب اسمه: (الأصل الأصيل في ذكر الإجماع على تحريم النقل من التوراة والإنجيل) لكن نرى أهل العلم ينقلون منهما للرد على ما فيهما. هذه مسألة كثر السؤال عنها، ورددناها في مناسبات كثيرة، لكن لا يمنع أن نجيب عنها باختصار. يقول: في حالة نزول الإنسان إلى السجود ما الذي يبدأ بالنزول هل باليدين أو الركبتين؟

هذه المسألة ستأتي حيث يذكر المؤلف حديث أبي هريرة وحديث وائل بن حجر، ويرجح حديث أبي هريرة على حديث وائل، وحديث أبي هريرة يقول النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((إذا سجد أحدكم فلا يبرك كما يبرك البعير، وليضع يديه قبل ركبتيه)) المشاهد أن البعير إذا برك يقدم يديه قبل رجليه، بغض النظر عن كون الركبتين في اليدين أو في الرجلين على ما يقوله بعض أهل العلم؟ مفاد أو مقتضى النظر الظاهر في الحديث أن أوله يعارضه آخره، ولذا قال ابن القيم: إنه انقلب على الراوي، لكن الصحيح أنه لم ينقلب على الراوي، بل آخره يشهد لأوله، المنهي عنه البروك، وهو النزول على الأرض بقوة على اليدين، فيقال: برك البعير، وحصحص البعير إذا أثار الغبار وفرق الحصى، فمن يبرك بقوة على يديه يكون أشبه البعير، ومثله من يبرك بقوة على رجليه على ركبتيه هذا منهي عنه أيضاً، إنما المقصود أن يضع يديه مجرد وضع على الأرض ولا يبرك بقوة، فآخر الحديث يشهد لأوله، وهو أرجح من حديث وائل: "كان النبي -عليه الصلاة والسلام- إذا سجد وضع ركبتيه قبل يديه" وضع فالملاحظ الوضع في الأمرين، ولذا شيخ الإسلام لم يرجح بين الحديثين، يرى أن المصلي إن قدم يديه بمجرد الوضع أو قدم ركبتيه مجرد وضع فالأمر لا يختلف؛ لأن هذا جاء من فعله وهذا جاء من أمره -عليه الصلاة والسلام-، لكن من يريد الترجيح بين الأمرين فتقديم اليدين هو مقتضى حديث أبي هريرة، وهو أرجح من حديث وائل، يقول ابن حجر: فإن له شاهداً من حديث ابن عمر، هذا باختصار، والمسألة مبسوطة في مواضع كثيرة من كلامنا. يقول: ما مقصود الصنعاني في سبل السلام إذا قال: قال: الشارح؟ ومثله إذا قال: ذكره في الشرح، بسطه في الشرح؟ الشارح هو القاضي الحسين بن محمد المغربي صاحب البدر التمام شرح بلوغ المرام، سبل السلام مختصر منه. يقول: ألا يمكن الجمع بين قوله: "ثم أذن بلال"؟ يعني في قصة فوات صلاة الصبح "ثم أذن بلال" وبين قول أبي هريرة بأن المقصود بالأذان عند بلال أي الإقامة؟

ذكرنا أن الإقامة يطلق عليها أذان ((بين كل أذانين صلاة)) المقصود الأذان والإقامة، لكن الأذان عند الإطلاق إذا أطلق لا شك أنه ينصرف إلى الأذان الذي هو خلاف الإقامة، أما الإقامة وإن كان فيها شيء من الإعلام بقرب القيام إلى الصلاة إلا أن الكلمة عند الإطلاق لا تنصرف إليها. يقول: هل الأذان توقيفي ولا يؤذن إلا للصلاة ودخول الصلاة فقط، أم يقال: إنه يؤذن إذا خاف الإنسان من الجن؟ حتى لو قلنا: توقيفي ووقفنا فيه مع موارد النصوص فقد جاء في الخبر: ((إذا تغولت الغيلان فبادروا بالأذان)) والغيلان ضرب من .. ، نوع من الجن، فإذا تراءت للناس فبادر بالأذن، ويكفيك الله شرها، نعم. الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً. قال المؤلف -رحمه الله تعالى-: "وعن ابن عمر وعائشة -رضي الله تعالى عنهم- قالا: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إن بلالاً يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى ينادي ابن أم مكتوم)) وكان رجلاً أعمى لا ينادي حتى يقال له: أصبحت, أصبحت" متفق عليه، وفي آخره إدراج. وعن ابن عمر -رضي الله تعالى عنهما- "إن بلالاً أذن قبل الفجر, فأمره النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يرجع فينادي: ((ألا إن العبد نام)) رواه أبو داود وضعفه. وعن أبي سعيد الخدري -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إذا سمعتم النداء فقولوا مثل ما يقول المؤذن)) متفق عليه، وللبخاري: عن معاوية -رضي الله تعالى عنه- مثله. ولمسلم: عن عمر -رضي الله تعالى عنه- في فضل القول كما يقول المؤذن كلمةً كلمة, سوى الحيعلتين فيقول: "لا حول ولا قوة إلا بالله". وعن عثمان بن أبي العاص -رضي الله تعالى عنه- قال: يا رسول الله اجعلني إمام قومي، فقال: ((أنت إمامهم, واقتدِ بأضعفهم, واتخذ مؤذناً لا يأخذ على أذانه أجراً)) أخرجه الخمسة, وحسنه الترمذي, وصححه الحاكم. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

"عن ابن عمر وعائشة -رضي الله عنهم-" ضمير الجمع يعود إلى؟ رضي الله عنهم "قالا" عندنا ضمير جمع وضمير تثنية، فضمير الجمع يعود إلى عمر -رضي الله عنه- وابنه وعائشة -رضي الله عن الجميع-، "قالا" القول خاص بابن عمر وعائشة "قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إن بلالاً يؤذن بليل)) يعني قبل طلوع الصبح ((فكلوا واشربوا حتى ينادي ابن أم مكتوم)) الذي يؤذن على طلوع الصبح، يؤذن مع الوقت "وكان رجلاً أعمى لا ينادي حتى يقال له: أصبحت, أصبحت" يعني دخلت في الصباح، أصبحت أصبحت قد تقال هذه الكلمة وتراد حقيقتها وهي الدخول الفعلي في الصباح، وقد يراد بها أخذ الحيطة والحذر، أخذ الحيطة والحذر، نعم، قد يتأخر الإنسان بالأكل فيقرب من طلوع الصبح فيقال له: أصبحت، وقد تزيد المبالغة فيقال: أضحيت، خشيت أن يأكل في غير وقت الأكل، والأصل في أصبحت دخلت في الصباح، كما يقال: انجد وأتهم وأظلم إلى غير ذلك مما سبق التنبيه عليه "متفق عليه، وفي آخره إدراج" الإدراج من قوله: "وكان رجلاً أعمى لا ينادي حتى يقال له: أصبحت, أصبحت" ليس من أصل الحديث، المدرج ما يزيده الراوي في الخبر، وقد تكون الزيادة والإدراج في أوله، وقد تكون في أثنائه، وقد تكون في آخره، وهو الأكثر كما هنا، والإدراج إما من ابن عمر أو من الزهري، ودليل الإدراج أنه جاء في بعض الروايات عند البخاري: ((إن بلالاً يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى ينادي ابن أم مكتوم)) قال: "وكان رجلاً أعمى لا ينادي" .. إلى أخره. المقصود أن الأذان المتقدم على طلوع الصبح لا يمنع من الأكل، كما أنه لا يبيح الصلاة على ما تقدم، بينما الأذان الذي يكون مع طلوع الصبح يمنع من الأكل، ويبيح الصلاة على ما تقدم. الحديث يدل على جواز اتخاذ مؤذنين، ففي مسجده -عليه الصلاة والسلام- كان يؤذن بلال وابن أم مكتوم، وليس هناك فاصل كبير بين الأذانين، إنما غاية ما هنالك أن ينزل هذا ويصعد هذا، كما في بعض الروايات.

"وكان رجلاً أعمى" الحديث فيه دليل على جواز قبول خبر المؤذن وإن كان واحداً، فالنداء والأذان إعلام، إخبار بدخول الوقت، والمفترض في المؤذن أن يكون ثقة، فإذا أذن قبلنا خبره، إذا أذن الصبح ما تقول: انظر في التقويم، انظر في الساعة، إذا أذن المغرب وهو ثقة لا تقول: انظر في الساعة هل هو بالفعل، أو انظر إلى الشمس هل غابت؟ لا، يقبل خبره ولو كان أعمى، ولو كان أعمى "وكان رجلاً أعمى" في هذا ما يدل على جواز ذكر الإنسان بعاهته إذا كان القصد من ذلك مجرد التعريف، ولم يقصد بذلك شينه ولا عيبه، تقول: جاء الأعمى، راح الأعمى {عَبَسَ وَتَوَلَّى} [(1) سورة عبس] إيش؟ {أَن جَاءهُ الْأَعْمَى} [(2) سورة عبس] وهنا "وكان رجلاً أعمى" هل يراد بذلك عيب ابن أم مكتوم؟ أو للحاجة الداعية إلى ذكر هذه العاهة لتعريف السامع بالسبب إذا لم يعرف هذا الشخص، إذا كانت العاهة لها أثر في الخبر كما هنا تذكر، إذا كان الشخص لا يعرف إلا بها كالأعمش والأعرج، ولا يقصد بذلك شينه ولا عيبه جاز، وهذا مستفيض عند أهل العلم، عن الأعمش، وله اسم: سليمان بن مهران، والأعرج له اسم: عبد الرحمن بن هرمز، فإذا لم يقصد بذلك شينه ولا عيبه جاز، وفي أيضاً جواز نسبة الرجل إلى أمه، وهذا كله مقيد بما إذا لم يكن يكره ذلك، أو كانت الأم أشهر من الأب، في قوله -جل وعلا-: {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ} [(5) سورة الأحزاب] هذا الأصل، فإذا كان يكره النسبة إلى أمه أو كان أبوه أشهر من أمه لا يجوز أن يدعى بأمه، لكن إذا كانت الأم أشهر وأعرف عند الناس لا مانع إذا لم يكن القصد من ذلك الحط من قيمته، ولا التقليل من شأن أبيه ولا ازدراء الأب، إنما هو مجرد التعريف {يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ} [(71) سورة الإسراء] في القيامة يدعى الإنسان بأحب الأسماء إليه {بِإِمَامِهِمْ} إيش معنى بإمامهم؟ هل المراد به جمع أم؟ أو المراد به الإمام المتبوع؟ طالب:. . . . . . . . .

نعم، نعم يراد به المتبوع، من أهل العلم من شذ وقال: إن الناس في القيامة يدعون بأمهاتهم، بإمامهم جمع أم، ولا عهد أن الأم تجمع على إمام إنما تجمع على أمات وأمهات، فقال بعضهم: يدعى الناس بأمهاتهم؛ لأن إمام جمع أم، ويذكرون، يعللون لهذا القول أن فيه تشريفاً لعيسى -عليه السلام-، وهو منسوب لأمه؛ لأنه ليس له أب، عيسى بن مريم، وستراً على أولاد الزنا، هذه علة هذا القول، ومعروف أن ولد الزنا ينسب لأمه، ولا ينسب إلى أبيه؛ لأن العاهر له الحجر، فهنا نُسب ابن أم مكتوم المؤذن إلى أمه "حتى يقال له: أصبحت, أصبحت" قبول الخبر من وراء حجاب، قبول الخبر من وراء حجاب إذا وثق بالصوت يجوز أن يتروي عن من لا ترى شخصه إذا وثقت بصوته، كما أنه يجوز لك أن تروي عنه وجادة إذا جزمت بأن هذا خطه، وإن لم تسمع من كلامه، تروي عنه وجادة، وتروي عنه من وراء حجاب إذا لم تشك بالصوت، وشعبة بن الحجاج يمنع من الرواية إذا لم يرَ الشخص، لئلا يتلبس الشيطان ببعض الناس ويحدثهم فينقلون، ينقلون عنه، والله المستعان، والراجح في هذا قول الجمهور. والإدراج حكمه؟ عرفنا معناها: الزيادة في الخبر، سواءً كانت الزيادة في أول الخبر أو في أثنائه أو في آخره تعمد الإدراج عند أهل العلم، الإدراج إذا كان لمجرد تفسير كلمة غريبة، أو لتوضيح كلام موجود في أصل المتن لا إشكال فيه، وهذا كثير في النصوص، لكن إذا وجد الإدراج بحيث أن هذا الراوي المدرج لا ينبه على هذا الكلام المدرج في بعض المجالس بحيث يروى عنه من بعض الطرق أنه من كلامه، إن لم يفصل بين كلامه وبين كلام النبي -عليه الصلاة والسلام- في بعض المجالس وأوهم الناس أن هذا من كلامه -عليه الصلاة والسلام- فمثل هذا حرام، يعرف المدرج بجمع الطرق، لا بد أن يبين الكلام المدرج، فالمدرج يأتي في بعض الطرق ما يدل عنه أنه هو الذي زاد هذا الكلام.

وعرفنا أن في الحديث ما يدل على جواز اتخاذ مؤذنين يؤذن الواحد بعد الآخر، أو الثاني بعد الأول، أما اتخاذ مؤذنين في آن واحد، في آن واحد هذا منعه قوم؛ لأنه يحصل به التشويش، يشوش بعضهم على بعض، وعلى هذا إذا أمن التشويش وصار في اجتماع الصوتين قوة في الصوت يمنع وإلا ما يمنع؟ وإذا وجد في المسجد أكثر من منارة وهي متباعدة مترامية لكبر المسجد بحيث إذا أذن أحدهما في المنارة التي في أقصى اليسار يضعف صوته عمن عن يمين المسجد والعكس إذا أذن من على المنارة التي في أقصى اليمين قد لا يسمعه من على شمال المسجد وعن يساره، فمن منع لأجل التشويش مثل هذا يحقق مصلحة، ولا يوجد تشويش، على أنه لو أذن من عن جهة اليمين أولاً فإذا فرغ أذن من على جهة الشمال لا بأس، أما أذانهما في آن واحد فهو غير مأثور، أظن هذا كان موجود في المسجد النبوي في آن واحد يؤذنون؟ ثم منع هذا. الحديث الذي يليه: حديث "ابن عمر -رضي الله عنهما- "إن بلالاً أذن قبل الفجر, فأمره النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يرجع فينادي: ((ألا إن العبد نام)) رواه أبو داود وضعفه" لأنه قال عقب تخريجه: "هذا الحديث لم يره عن أيوب إلا حماد بن سلمة" وقال الترمذي: "هذا حديث غير محفوظ" إذا كان الحديث غير محفوظ يحكم عليه بأنه؟ إيش اللي يقابل المحفوظ؟ الشاذ، ما وجه الشذوذ في الخبر؟ أولاً: الشاذ تعريفه؟ نعم. وذو الشذوذ ما يخالف الثقة ... فيه الملأ فالشافعي حققه هنا فيه مخالفة؟ طالب:. . . . . . . . . "إن بلالاً أذن قبل الفجر" في الحديث السابق الذي قبله: "إن بلالاً يؤذن بليل" الحديث الثاني مخالف للحديث الأول نعم، وجه المخالفة بين الحديث الثاني والحديث الأول نعم أمره بالرجوع، فأمر النبي -عليه الصلاة والسلام- أن يرجع فينادي، وهل يتصور أن يأمره النبي -عليه الصلاة والسلام- بأن يقول: نادِ في الناس: ألا إن العبد نام؟ مع أنه ينادي بليل، يؤذن بليل كما في الحديث الصحيح المتفق عليه، فلا شك أن هذا شاذ، مخالف لما هو أقوى منه؛ ولذا ضعفه أبو داود بعد روايته. الحديث الذي يليه:

حديث "أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إذا سمعتم النداء فقولوا مثل ما يقول المؤذن)) قولوا مثل ما يقول المؤذن "وللبخاري: عن معاوية -رضي الله عنه- مثله، ولمسلم: عن عمر -رضي الله عنه- في فضل القول كما يقول المؤذن كلمةً كلمة" يعني يقول: كلمة كلمة "سوى الحيعلتين, فيقول: "لا حول ولا قوة إلا بالله" ((إذا سمعتم النداء فقولوا مثل ما يقول المؤذن)) تتحقق المماثلة في متابعة المؤذن جملة جملة، وجاء التفصيل من حديث عمر: "فإذا قال المؤذن: الله أكبر الله أكبر، قال: الله أكبر الله أكبر" بهذا يستدل من يقول باستحباب جمع الجملتين في التكبير، لكن لو كان المؤذن يستغرق أذانه خمس دقائق كما هو مشاهد في بعض الجهات، والإنسان بيده عمل أو بيده كتاب يقرأ أو مصحف ويقول: إذا قرب من الفراغ أسرد الأذان هل تتم المتابعة بمثل هذا؟ كثير من الناس يقول: بدلاً من أن أنتظر خمس دقائق أتابع المؤذن أقرأ ربع جزء من القرآن فإذا قال: حي على الفلاح أدركت، سردت جمل الأذان وختمت معه، وقلت بعد ذلك: اللهم رب هذه الدعوة التامة، وأنال ما جاء هنا. ((إذا سمعتم النداء فقولوا مثل ما يقول)) هذا يقتضي أن تكون كل جملة بعد قول المؤذن هذه الجملة؛ لأنه إذا قال: حي على الفلاح فقلت: الله أكبر، أو قلت مثل ما يقول، لا تتم المماثلة يعني في مماثلة من وجه، لكن المماثلة لا تتم إلا إذا كانت جمل المجيب بعد جمل المؤذن، فقولوا مثل ما يقول، ومقتضى العموم أنه يقول مثل ما يقول في جميع جمل الأذان بما في ذلك الحيعلتين، وحديث عمر -رضي الله عنه- بفضل القول كما يقول المؤذن يقول: في الحيعلتين لا حول ولا قوة إلا بالله، مقتضى عموم الحديث الأول -حديث أبي سعيد- أن المجيب يقول مثل ما يقول المؤذن بما في ذلك الحيعلتين، ومقتضى رواية مسلم من حديث عمر أنه يقول: سوى الحيعلتين، فيقول: لا حول ولا قوة إلا بالله" وهذه الرواية كالصريحة في أن المجيب يقول: لا حول ولا قوة إلا بالله، ولا يقول: حي على الصلاة حي على الفلاح.

نظير ذلك إذا قال الإمام: سمع الله لمن حمده ماذا يقول المأموم؟ هل يقول المأموم: سمع الله لمن حمده؟ أو يقول: ربنا ولك الحمد؟ نعم؟ المأموم؟ نعم؟ ربنا ولك الحمد، يعني فإذا قال: سمع الله .. ، إذا كبر فكبروا، إذا ركع فاركعوا، إذا قال: سمع الله لمن حمده فقولوا: ربنا ولك الحمد، ومقتضى الأمر بمتابعة الإمام وعدم الاختلاف عليه أن يقول مثل ما يقول، وهو أيضاً مقتضى الاقتداء بالنبي -عليه الصلاة والسلام-: ((صلوا كما رأيتموني أصلي)) هذا التوجيه يشمل الإمام والمأموم والمنفرد مقتضى ذلك أن الإمام يقول: سمع الله لمن حمده، ثم يقول المأموم سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد، وبهذا قال الشافعية، والجمهور على أن الإمام يقول: سمع الله لمن حمده، والمأموم يقول: ربنا ولك الحمد، ولا يقول: سمع الله لمن حمده؛ لأن قول المأموم عقب على قول الإمام بالفاء، نسق على قول الإمام بالفاء التي تقتضي التعقيب المباشر، مباشرة من غير فاصل، وكأن هذا هو المرجح.

نعود إلى مسألتنا: إذا قال المؤذن: حي على الصلاة، حي على الفلاح فالمجيب يقول: لا حول ولا قوة إلا بالله، لا حول ولا قوة إلا بالله؛ لأنه يقول في رواية حديث عمر: سوى الحيعلتين، ولولا هذا لقلنا: الجمع ممكن، ولا تنافي بين أن يعمل بالعام نعم ويأتي باللفظ الخاص، لا مانع من أن يأتي باللفظ العام؛ لأنه لا منافاة بين العموم والخصوص، هل في منافاة بين اللفظ العام والخاص؟ لا منافاة، وبهذا قال جمع من أهل العلم أنه يجمع بين حي على الصلاة حي على الفلاح المجيب، ومن بعد ذلك يقول: لا حول ولا قوة إلا بالله، لكن المرجح عند أكثر العلماء أنه لا يقول: حي على الصلاة حي على الفلاح؛ لأنه لا فائدة من ذكر هذا الكلام، المؤذن حينما يقول: حي على الصلاة حي على الفلاح يدعو الناس إلى الصلاة، فهذا أمر بمعروف بالنسبة له فيه فائدة، لكن المجيب وهو يجيب بينه وبين نفسه بكلام سري يقول: حي على الصلاة؟ هذا وجه كون المجيب لا يقول: حي على الصلاة حي على الفلاح، وإنما يقول: لا حول ولا قوة إلا بالله، وهذه من أفضل الأذكار، فإذا قال المؤذن: الله أكبر، الله أكبر قال المجيب: الله أكبر، الله أكبر، لأن هذا ذكر يثاب عليه المجيب، والشهادتين كذلك، إلى آخر الأذان، إذا ثوب المؤذن في صلاة الصبح فقال: الصلاة خير من النوم، ماذا يقول المجيب؟ العموم الذي معنا ((إذا سمعتم النداء فقولوا مثل ما يقول المؤذن)) يقتضي أن المجيب يقول: الصلاة خير من النوم، وبعض المتأخرين من الفقهاء يقول: الصلاة خير من النوم خبر، يعني لا فائدة في ذكره سراً، مثل حي على الصلاة، وإنما يقول بدل ذلك: صدقت وبررت، صدقت وبررت، وهذا مجرد استحسان لا دليل عليه، ولذا لا يشرع مثل هذا الكلام؛ لأنه لا دليل عليه، وإنما يقال مثل ما يقول المؤذن، مثل ما يقول المؤذن. أخذت الحديث هذا؟ حديث عثمان قرأته؟ هاه؟ نعم يليه حديث: "عثمان بن أبي العاص -رضي الله عنه- أنه قال: يا رسول الله اجعلني إمام قومي، فقال: ((أنت إمامهم, واقتدِ بأضعفهم)).

"اجعلني إمام قومي، فقال: ((أنت إمامهم)) هذا طلب، طلب الإمامة، يعني هل طلب الإمامة مثل طلب الإمارة المنهي عنه؟ ((يا عبد الرحمن بن سمرة لا تسأل الإمارة)) هل طلب الإمام من هذا الباب؟ "اجعلني إمام قومي" لا شك أن الطلب يتفاوت بحسب القصد، فمن طلب الإمامة قصده ألا تفوته الصلاة، وأن يلتزم وينضبط، يضبط أوقاته، ويراجع حفظه، ولا تفوته الصلاة بخلاف ما لو كان غير إمام مثلاً بعض الناس إذا صار إمام انضبط، وإذا سافر يمين وإلا شمال وإلا ترك الإمامة كثرت مشاغله فخف حرصه، فجاء النهي عن طلب الإمارة، وجاء الخبر بأننا لا نولي هذا العمل من طلبه أو حرص عليه، وهذا في أمور الدنيا، في أمور الدنيا، فإذا طلب الإمامة من أجل المكافئة، نعم لا يجوز، من أجل المكافئة، لكن إذا طلبها لمقاصد صحيحة ليحافظ على حفظه ويزداد من الحفظ وينضبط في صلاته، بعض الناس ما يجتمع قلبه إلا إذا صار إمام، يحرص على ضبط الصلاة إذا صار إمام، إذا صار مأموم يغفل تكثر عنده الغفلة، وبعض الناس العكس، ونظير هذا القارئ في الدرس، بعض الناس إذا وكلت إليه القراءة انشغل بالقراءة فما فهم شيء، وبعض الناس إذا وكلت إليه القراءة انتبه وصار مع الدرس بقلبه وقالبه بخلاف ما لو كان كذلك فإنه يسرح، على كل حال الناس يختلفون أحد إذا كلف بالعمل انضبط، وأحد .. من باب الاستطراد هل الأفضل الإمام الذي يضبط صلاته لأنه إمام، أو الإمام الذي ينتبه إلى المعاني ويترتب على ذلك وجود السهو في صلاته؟ لأن هناك إمام يندر سهوه؛ لأن أمامه بعض الناس الذين يهابهم، أو الجماعة لئلا يقال كثير السهو، ينضبط، تجده مشدود، ملاحظاً من رواءه، وبعض الناس ينظر إلى حقيقة الصلاة، يتدبر ويتأمل في صلاته، ولذا نص بعض المالكية على أن الإمام الذي يسهو في صلاته، أفضل من الإمام الذي لا يسهو في صلاته، الذي يسهو دليل على أنه لم يلاحظ المخلوق، إنما يتأمل ويتدبر في صلاته، والذي لا يسهو إلا نادراً هذا دليل على أنه ملاحظ للمخلوق، مع أنه قد يلاحظ الخالق ولا يسهو، نعم، إذا اعتنى بصلاته وأقبل إليها بقلبه وقالبه وفرغ قلبه وذهنه من مشاغل الدنيا ضبط صلاته، ولا يلزم أن يكون هذا من ملاحظة المخلوق.

إذا طلب الإمامة بقصد حسن أجر على هذا القصد، إذا طلبها من أجل الدنيا فإنه لا يؤجر، النبي -عليه الصلاة والسلام- أجابه إلى هذا الطلب، فطلب الإمامة سواءً كانت في الدين أو في الدنيا إذا حسن القصد كشخص تعين عليه القضاء أو شخص تعين عليه الإفتاء، هو أمثل القوم أهل العلم يقولون: لا مانع أن يتعرض لمثل هذا وإن لم يصرح، وقد صرح يوسف -عليه السلام- {اجْعَلْنِي عَلَى خَزَآئِنِ الأَرْضِ} [(55) سورة يوسف] لكن قد يقول قائل: إن هذا في شرع من قبلنا، وأما في شرعنا فإنه: ((لا تسألوا الإمارة)) على كل حال إذا كان القصد الدين والحرص عليه والمحافظة عليه بمعنى أنه لو لم يولَّ القضاء هو -هذا الشخص- أو الإفتاء لولي فلان أو علان ممن لا تبرأ الذمة بهم هذا هدف صحيح، ومقصد شرعي يؤجر عليه، أما إذا كان قصده الوجاهة في الدنيا، وحب الشرف أو المال فإنه حينئذٍ يحرم عليه. ((أنت إمامهم، واقتدِ بأضعفهم)) يعني اجعل الأضعف نصب عينيك، فلا تشق عليه، يعني اجعل الحد الأدنى من التحمل هذا الأضعف ((واقتدِ بأضعفهم)) عندك شخص يتحمل الوقوف خمس دقائق، وآخر يتحمل الوقوف ربع ساعة، وآخر يتحمل نصف ساعة، ورابع يتحمل ساعة، اقتد بهذا الأضعف الذي لا يتحمل أكثر من خمس دقائق. ((واقتدِ بأضعفهم، واتخذ مؤذناً لا يأخذ على أذانه أجراً)) أخذ الأجرة على الإمامة على الأذان على التعليم تعليم القرآن، تعليم الحديث، تعليم العقائد، تعليم الأحكام الحلال والحرام، تعليم العلوم الأخرى من اللغة والتواريخ وغيرها، أخذ الأجرة على العبادات المحضة عند أهل العلم لا يجوز، لو قال: أنتم تقولون: صلِ، لكن أنا ما أصلي إلا بكذا، ولا مأموم ما أصلي إلا بمبلغ كذا، يحرم عليه، تقولون: صم رمضان، ما أصوم إلا كل يوم بمائة ريال، نقول: حرام عليك، لكن إذا قال: أنا مستعد للإمامة أصلي بكم، ولا أريد أجر على الإمامة، أريد أجر على ارتباطي حول المسجد، أنا أبا ارتبط وهذه حجة كثير من الناس، نعم، يقول: أنا با انشغل بالمساجد عن المصالح، نقول: لا مانع من أن يفرض له جُعل من بيت المال، أما أن يشارط ويقول: لا أصلي بكم إلا بكذا، يقول الإمام أحمد -رحمه الله-: "من يصلي خلف هذا؟! ".

((لا يأخذ على أذانه أجراً)) الأجر والمشارطة في العبادات لا تجوز، ولا مانع من أخذ الجعل من بيت المال، أما بالنسبة للتعليم وقصر النفس عليه والتفرغ له، والانقطاع عن المصالح، والكسب له ولولده فجمهور أهل العلم على جواز أخذ الأجرة عليه، وعمدتهم في ذلك الحديث الصحيح: ((إن أحق ما أخذتم عليه أجراً كتاب الله)) يعني إذا جاز أخذ الأجرة على تعليم القرآن، فمن باب أولى أن يجوز أخذ الأجرة على تعليم الحديث، على أن الإمام أحمد -رحمه الله- والحميدي وجمع من أهل التحري يمنعون أخذ الأجرة على الحديث، لكن جمهور أهل العلم على جواز أخذ الأجرة على التحديث؛ لا سيما إذا أفضى إلى انقطاع هذا المعلم من الكسب له ومن تحت يده، بعضهم يفرق بين العلوم الشرعية التي هي عبادات وبين العلوم -علوم الدنيا- أو علوم الوسائل كالعربية مثلاً يجيز أخذ الأجرة على ذلك، وقد عرف من أهل العلم من يأخذ الأجرة على التحديث، وعرف من يأخذ أجرة على تعليم العربية، حتى ذكر عن بعضهم أنه لا يعلم ألفية بن مالك إلا كل بيت بدرهم، كل بيت بدرهم، على كل حال الورع شيء والحكم بالمنع والتحريم شيء آخر. أما بالنسبة للعبادات المحضة كالإمامة والأذان فالمشارطة والمؤاجرة عليها هذا أمره معروف، لكن إذا جعل له من بيت المال على أن لا يكون الهدف هو هذا الجعل، نعم كونه يستعين به لأنه انقطع وتفرغ هذا أمر ثاني لا بأس به -إن شاء الله تعالى-، والآن يذكر نماذج من الأئمة والمؤذنين من تعلقت قلوبهم بمثل هذه الأجرة، أو بالبيوت التي تعمر للأئمة والمؤذنين، من الطرائف أن إمام مسجد ترك، ترك المسجد، رآه واحد من الجماعة بعد مدة وين يا فلان؟ قال: والله لقيت بيت أكبر شوية فيه زيادة غرفة، مثل هذا يعني الله المستعان هي عبادة، مثل هذا الذي يقول فيه الإمام أحمد: "من يصلي خلف هذا؟! ". "أخرجه الخمسة, وحسنه الترمذي, وصححه الحاكم" فالخبر أقل أحواله الحسن. الحديث الذي يليه. وعن مالك بن الحويرث -رضي الله تعالى عنه- قال: قال لنا النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((إذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم)) .. الحديث أخرجه السبعة.

وعن جابر -رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال لبلال: ((إذا أذنت فترسل, وإذا أقمت فاحدر, واجعل بين أذانك وإقامتك مقدار ما يفرغ الآكل من أكله)) الحديث رواه الترمذي وضعفه. وله: عن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا يؤذن إلا متوضئ)) وضعفه أيضاً. وله: عن زياد بن الحارث -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((ومن أذن فهو يقيم)) وضعفه أيضاً. ولأبي داود: من حديث عبد الله بن زيد أنه قال: أنا رأيته -يعني: الأذان- وأنا كنت أريده، قال: ((فأقم أنت)) وفيه ضعف أيضاً. وعن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- ... يكفي، يكفي. حديث "مالك بن الحويرث -رضي الله عنه- قال: قال لنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم)) وحضور الصلاة إما حضور وقت الصلاة كما هو الأصل في شرعية الأذان، أو حضور فعل الصلاة ((فليؤذن لكم أحدكم)) اللام لام الأمر، وهذا أحد أدلة الوجوب، أحد أدلة القائلين بوجوب الأذان، ووجوبه ظاهر من هذا الحديث وغيره ((إذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم)) وهذا يدل على أنه لا يشترط في المؤذن مزيد على الإسلام (أحدكم) مع أن من يلاحظ المعاني ويلاحظ عمومات ما جاء من النصوص في الأذان أن الأندى صوت أولى، الأعرف بالأوقات أولى من غيره، فالمؤذن له شروط: لا بد أن يكون ثقة يعتمد على خبره، وأن يكون عارفاً بالأوقات، وأن يكون ندي الصوت، وهذا اللفظ مجمل (أحدكم) بينته النصوص الأخرى "أخرجه السبعة" والمراد بهم السبعة؟ هاه؟ الخمسة من هم؟ أبو داود على الترتيب البخاري ومسلم أبو داود، الترمذي، النسائي، ابن ماجه، أحمد، هؤلاء هم السبعة وهم الجماعة.

"وعن جابر -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال لبلال: ((إذا أذنت فترسل, وإذا أقمت فاحدر)) ((إذا أذنت فترسل)) أي تأنى ورتل ((وإذا أقمت فاحدر)) فأسرع، فالأذان كما هو معلوم شرع لنداء الغائبين إلى الصلاة، ويناسب الغائب عدم العجلة وعدم السرعة، بينما الإقامة لإعلام الحاضرين، فالحاضر يعلم بالإقامة وإن كانت مع السرعة والحدر، على أن الخبر ضعيف، رواه الترمذي وضعفه؛ لأن في إسناده جهالة، له شواهد من حديث أبي هريرة ومن حديث سلمان ومن حديث أبي بن كعب، لكنها كلها واهية لا تقبل الانجبار، لكن معناه صحيح وإلا ليس بصحيح؟ ((إذا أذنت فترسل)) صحيح معناه صحيح، ((وإذا أقمت فاحدر، واجعل بين أذانك وإقامتك مقدار ما يفرغ الآكل من أكله)) والشارب من شربه، وصاحب الحاجة من قضاء حاجته إذا دخل لقضاء حاجته، المقصود أن الخبر ضعيف، نعم يجعل بين الأذان والإقامة ما يكفي لتحصيل شرط الصلاة، ما يكفي لتحصيل شرط الصلاة، والآن الجهات حددوا مدد معلومة لإعطاء الفرص للحضور إلى الصلاة، فرض كافية بين أذان الصبح وصلاة الصبح وقت محدد، وبين أذان الظهر وصلاة الظهر وقت كذلك محدد، وهكذا بقية الأوقات، وهذه أمور تنظيمية لا مانع من الإلزام بها إذا رأى ولي الأمر ذلك، وإلا فالأصل إذا لم يشق على الناس أن الإمام يراعي حال المأمومين، إذا اجتمعوا بادر، وإذا تأخروا تأخر وهكذا، لكن في مثل هذه الأوقات لا يمكن ضبط الناس بهذه الطريقة، ولو وجد مجموعة يمكن أن تكون ظروفهم متماثلة تطبق فيهم السنة. الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- ترجم في صحيحه باب: كم بين الأذان والإقامة؟ ولم يذكر حداً محدداً؛ لأنه لم يثبت عنده في ذلك شيء. "وله: عن أبي هريرة" له أي للترمذي؛ لأن الضمير يعود إلى أقرب مذكور وهو الترمذي، "وله عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا يؤذن إلا متوضئ)) وضعفه أيضاً". ضعفه أيضاً لأن فيه انقطاع، الزهري لا تصح له رواية عن أبي هريرة فالخبر منقطع فهو من قبيل الضعيف ((لا يؤذن إلا متوضئ)) يصح الأذان من المحدث سواءً كان حدثه أصغر أو أكبر على ألا يدخل المسجد من كان حدثه أكبر.

((لا يؤذن إلا متوضئ)) الأذان من غير وضوء وإن لم يشترط الوضوء للأذان أو الطهارة للأذان إلا أن المنع يأتي من جهة أخرى، وهي الخروج من المسجد بعد الأذان؛ لأنه إذا أذن وهو غير متوضأ لزم عليه أن يخرج من المسجد ليتوضأ، وجاء في الحديث الصحيح ((أما هذا فقد عصى أبا القاسم)) -صلى الله عليه وسلم-، نعم هذه حاجة لكن ما الداعي إلى مثل هذه الحاجة لو قدر أن إنسان جاء في وقت متأخر على الأذان من مشوار ودخل المسجد وأذن ثم خرج وتوضأ ورجع بسرعة هذا معذور، لكن يكون ديدنه يأتي ليؤدي يسقط هذا الواجب عنه ثم يرجع إلى بيته ويتوضأ ويكمل إن كان عنده شيء من الأعمال ويرجع ما يأتي الصلاة إلا عن دبر مثل هذا. فالمنع لا لأن الطهارة شرط لصحة الأذان وإنما لما يتطلبه ذلك من الخروج من المسجد بعد الأذان، والخبر كما ذكرنا ضعيف، الخبر ضعيف. "وله: عن زياد بن الحارث -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((من أذن فهو يقيم)) وضعفه أيضاً". له: أي الترمذي ((من أذن فهو يقيم)) ضعفه لأن في إسناده الإفريقي عبد الرحمن بن زياد بن أنعم، والجمهور على أنه ضعيف، وبهذا يضعف الخبر، وإن كان ضعفه غير شديد، لكن هذا حكم من الأحكام لا يثبت بمثل هذا الإسناد، نعم له شواهد "حديث عبد الله بن زيد" الذي يليه عبد الله بن زيد بن عبد ربه راوي الأذان "قال: أنا رأيته -يعني: الأذان- وأنا كنت أريده، قال: ((فأقم أنت)) وفيه ضعف أيضاً". الآن حديث عبد الله بن زيد يشهد لحديث زياد بن الحارث أو هو خلاف ما يدل عليه حديث زياد بن الحارث؟ على كل حال الحكم المشتمل عليه الحديث ((من أذن فهو يقيم)) هو قول أكثر أهل العلم، العمل كما قال الترمذي على هذا عند عامة أهل العلم، من أذن فهو أولى بالإقامة.

حديث زياد بن الحارث: ((من أذن فهو يقيم)) وعرفنا أنه ضعيف لأن في إسناده الإفريقي، حديث عبد الله بن زيد قال: أنا رأيته، وهو الذي رآه بالفعل يعني في المنام كما تقدم، وأنا كنت أريده، والنبي -عليه الصلاة والسلام- قال له: ((ألقه على بلال فإنه أندى منك صوتاً)) قال: ((فأقم أنت)) وفيه ضعف، هل هذا يوافق الحديث السابق أو يخالفه؟ يخالفه، مفاده أنه ألقى الأذان على بلال فأذن بلال، وقوله: ((فأقم أنت)) دليل على أن من أذن .. ، في الحديث الأول: ((من أذن فهو يقيم)) وفي الثاني الذي أقام غير من أذن. الحديث الذي يليه. طالب:. . . . . . . . . الأسئلة؟ طيب. السلام عليكم. السؤال الأول أيها الإخوة: يقول: هل يصح أن ينبه الإمام المأمومين قبل الصلاة إلى سجدة تلاوة سوف يمر بها؟ يعني مثل هذا يتصور أن تكون الصلاة سرية أهل العلم يكرهون أن تقرأ السورة التي فيها سجدة إذا كانت الصلاة سرية؛ لأنها تشوش على الناس، فإذا أراد الإمام أن يقرأ سورة فيها سجدة في صلاة سرية هل يسوغ له أن ينبه الناس ويقول: سوف أقرأ سورة فيها سجدة وأسجد فاسجدوا؟ لأنه لو سجد من غير تنبيه لسبحوا به، وما يدريهم أنه سجد للتلاوة، لكن في الصلاة الجهرية الأمر لا يخفى عليهم، مثل هذا غير مأثور، ويبقى أن الصلاة السرية ينبغي ألا يكون فيها سجدة، لتضمنها التشويش على الناس، التشويش على الناس. طالب:. . . . . . . . . والنساء لا يرين الرجال؟ طالب:. . . . . . . . . إيه هذا يحصل بالنسبة للنساء وبالنسبة للرجال في أواخر الصفوف، لكن من عرف يلزمه أن يعود، من عرف يلزمه أن يعود. يقول: نلاحظ أن كثيراً من الإخوة الطلبة يبادر على حجز الأماكن الأمامية من غير حرص على الأذكار الواردة بعد الصلاة فهل من نصيحة؟ أما بالنسبة للحجز هذا معروف أن من سبق إلى مباح فهو أحق به، من سبق إلى مباح فهو أحق به، على أن ملازمة الأذكار الواردة في أدبار الصلوات، وفي طرفي النهار أمر مؤكد للمسلم عموماً، وعلى وجه الخصوص طالب العلم، فعليه أن يحرص على هذه الأذكار.

يقول: لوحظ في كثير من مجالس الشباب وبعد الأحداث الأخيرة التكلم والطعن في كبار العلماء والتنقيص منهم، فهل من نصيحة بأهمية العلماء في هذا؟ العلماء هم ورثة الأنبياء، والطعن فيهم الطعن في عامة الناس أمر خطير، أعراض المسلمين حفرة من حفر النار كما قرر أهل العلم، والغيبة محرمة فإذا كانت الغيبة لعالم ازداد الأمر سوءاً وتضاعف السيئات لما يترتب على الطعن بهذا العالم من تقليل قيمة هذا العالم في المجتمع، ومن ثم إمامة هذا العالم وتوجيه هذا العالم، وضعف قبول الناس لقوله، فإذا لم يقبل قوله فمن يقبل قوله؟! إذا لم يقبل قول العلماء، إذا لم يكن أثر للعلماء في عامة الناس فمن الذي يؤثر؟! من يترك يؤثر فيهم؟ يترك التأثير بدلاً من أن نقتدي بأئمة هدى عرفوا بالعلم والعمل يترك التأثير للصحف والمجلات والقنوات وغير ذلك! ونعرف من علمائنا -ولله الحمد- العلم والعمل والنصح والإخلاص، وليسوا بالمعصومين، وكون الإنسان لا بد أن يفرض رأيه وفهمه على الآخرين هذا ما هو بصحيح، هذا فهمك، ألا تريد .. ، أنت لا تريد الحق هو في الغالب أعرف منك بتحقيق المصلحة من جهة ومعرفة ما يدل عليه نصوص الكتاب والسنة.

على كل حال التقليل من شأن أهل العلم خطر عظيم؛ لأن بعض المجتمعات التي لا يقودها العلماء ولا ينصاع أهلها إلى أقوال أهل العلم ضاعت، إذا لم يكن هناك أئمة يقتدى بهم فبمن يقتدى؟ يقتدى بالسفهاء، يقتدى بالجهال، يسيرنا الصحافة، يسيرنا قنوات وغيرها؟ لا، أبداً، العلماء هم ورثة الأنبياء، ونجزم يقيناً أنهم على خير عظيم، وعلى اجتماع واقتران بين علم وعمل وليسوا بالمعصومين، قد يجتهد فيخطئ، ومن نعم الله -سبحانه وتعالى- على أهل العلم أهل الاجتهاد، أهل الورع أن الواحد منهم إذا اجتهد فهو مأجور على كل حال أصاب أو أخطأ، لكن بعض الشباب يأخذهم شيء من الغيرة وهم -إن شاء الله- مأجورون على هذه الغيرة وبعض الحماس، لكن ما يترتب على هذه الغيرة من قدح في الآخرين، وفرض الرأي على الكبير والصغير، لا بد أن يكون رأيه هو الصواب، والعالم الفلاني قصر، ليش قصر؟ هو أعرف منك بالمصلحة، هناك أمور ظاهرة يعني التقصير فيها قد يكون ظاهر، لكن هم يقدرون المصالح والمفاسد المترتبة على النصح في هذا الظرف أو التغيير أو مطالبة بتغيير أو شيء من هذا. على كل حال التقليل من شأن العلماء أمر خطير يجعل البلد يضيع كغيره من البلدان حينما ضاعت قيمة العلماء، والله المستعان، ولا ندعي أن شيوخنا معصومون، لا، هم كفاهم أنهم مجتهدون، إن أصابوا فلهم أجران، وإن أخطئوا فلهم أجر واحد. هذا يقول: قد حضر عدد من النساء لا بأس به في هذا الدرس، فهل من نصيحة لهن في الحث على الطلب والمواصلة في ذلك مع ذكر الأمثلة التشجيعية؟

النساء شقائق الرجال، النساء شقائق الرجال، والمسائل التي ذكرها الشيخ -رحمه الله- يجب .. ، المسائل التي يجب تعلمها لكل مسلم ومسلمة، نعم، فالنساء يطلب منهن ما يطلب من الرجال، فيما يسوغ لهن فعله، أما ما لا يسوغ للمرأة عمله وتوليه استثني من ذلك، فجاء في الخبر الصحيح: ((لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة)) فمثل هذا الولايات هي للرجال، كما أن للنساء أعمال مرتبطة بهن لا يحسنها الرجال، يبقى أمور مشتركة مثل تحصيل العلم، والعمل، العبادة مطلوبة من الرجال والنساء على حد سواء، التعلم والتحصيل والتأصيل مطلوب من النساء كما هو مطلوب من الرجال؛ لأن المفترض أن النساء يتولين ما يتعلق بالنساء والرجال يتولون ما يتعلق بالرجال، والله المستعان. قال -رحمه الله تعالى-: وعن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((المؤذن أملك بالأذان, والإمام أملك بالإقامة)) رواه ابن عدي وضعفه. وللبيهقي نحوه: عن علي -رضي الله تعالى عنه- من قوله. وعن أنس -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا يرد الدعاء بين الأذان والإقامة)) رواه النسائي, وصححه ابن خزيمة. وعن جابر -رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من قال حين يسمع النداء: اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة, آت محمداً الوسيلة والفضيلة, وابعثه مقاماً محموداً الذي وعدته حلت له شفاعتي يوم القيامة)) أخرجه الأربعة". يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "وعن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((المؤذن أملك بالأذان, والإمام أملك بالإقامة)) رواه ابن عدي وضعفه" لماذا؟ لأنه تفرد به شريك بن عبد الله بن أبي نمر القاضي معروف بسوء الحفظ، وهل نحتاج إلى أن يقول الحافظ: وضعفه؟ أو مجرد ما يتفرد بروايته ابن عدي نعرف أنه ضعيف؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . نعم، مجرد ما يتفرد ابن عدي برواية الخبر نعرف أنه ضعيف، لماذا؟ لأنه لا يروي في كتابه الكامل إلا أحاديث هي ما عُد من تفرد به الراوي المترجم به وأنكر عليه، يعني منكرات، ولذا يقول الناظم صاحب طلعة الأنوار:

وما نمي –يعني في مظان الضعيف- وما نمي لعق اللعق إيش؟ العقيلي، وما نمي لعق وعد، عد عدي، ابن عدي، وخط الخطيب، وكر ابن عساكر. وما نمي لعق وعد وخط وكر ... ومسند الفردوس ضعفه شُهر إلى آخر ما يقول، المقصود أن الكامل لابن عدي من مظان الضعيف، فلا يحتاج أن يقول الحافظ: وضعفه، لكنه تصريح بما هو مجرد توضيح، يعني كأن الكتاب ألفه الحافظ لصغار المتعلمين فقد يخفى عليهم هذا فنبه على أنه .. ، أن ابن عدي ضعفه وإلا فلا يحتاج، إذا قال: رواه ابن عدي فهو ضعيف معروف، وعرفنا علته. يقول البيهقي: "ليس بمحفوظ" ((المؤذن أملك بالأذان, والإمام أملك بالإقامة)) الحديث ضعيف، لكن هل للإمام أن يتدخل في الأذان؟ يقول للمؤذن: قدم، آخر؟ المفترض في المؤذن أنه ثقة، ويعرف الأوقات دخولاً وخروجاً، فليس من صلاحيات الإمام أن يتدخل في الأذان، كما أن الإقامة مربوطة بالإمام، هذا الحديث معناه صحيح، ولذا ثبت عند البيهقي نحوه موقوفاً على علي -رضي الله عنه- من قوله، أما المرفوع ضعيف، والموقوف صحيح، فليس للإمام أن يتدخل بالأذان، وليس للمؤذن أن يفتات على الإمام فيقيم قبل حضور الإمام إلا إذا كان هناك بينهم علامة أنه مجرد ما يدخل يقيم، أما إذا كان مرة يأمره بالإقامة، ومرة يتنفل، ومرة يجلس، ومرة كذا، الإقامة من نصيب الإمام. "وعن أنس -رضي الله عنه-" النبي -عليه الصلاة والسلام- يقول: ((إذا أقيمت الصلاة فلا تقوموا حتى تروني)) وبلال إذا حان وقت الإقامة ذهب فأخبر النبي -عليه الصلاة والسلام- ثم جاء فأقام، أحياناً يقوم المأمومون قبل أن يحضر الإمام، وقد يتأخر الإمام بعد الإقامة، النبي -عليه الصلاة والسلام- دخل في يوم من الأيام فأقام بلال، فتذكر النبي -عليه الصلاة والسلام- أن عليه غسلاً، رجع واغتسل وهم قيام، ولم تعد الإقامة، الإقامة لم تعد.

جاء في الحديث عند البيهقي وغيره أن قيام المأموم عند قول المؤذن: "قد قامت الصلاة" هو المنصوص عليه عند الحنابلة "والقيام عند (قد) من إقامتها" لكن الخبر ضعيف، الخبر ضعيف، في سنده الحجاج بن أرطأه، وهو ضعيف عند عامة أهل العلم، المقصود أن القيام قيام المأموم مربوط برؤية الإمام ((إذا أقيمت الصلاة فلا تقوموا حتى تروني)). الحديث حديث أنس الذي يلي هذا "قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا يرد الدعاء بين الأذان والإقامة)) رواه النسائي, وصححه ابن خزيمة" وهو أيضاً مخرج في سنن أبي داود ((لا يرد الدعاء بين الأذان والإقامة)) هذا من المواطن التي ترجى فيها إجابة الدعاء، بين الأذان والإقامة، يعني بعد متابعة المؤذن وقول ما سيأتي قوله: "اللهم رب هذه الدعوة التامة"؟ .. إلى آخره، إذا دعا الإنسان لنفسه بما شاء من خير الدنيا والآخرة ترجى إجابة هذه الدعوة إلى أن تقام الصلاة. ذكر البيهقي أن النبي -عليه الصلاة والسلام- كان يقول عند كلمة الإقامة: ((أقامها الله وأدامها)) ((أقامها الله وأدامها)) وفي إسناده شهر بن حوشب، شهر بن حوشب، ضعيف وإلا ثقة؟ ضعيف، في مقدمة الصحيح في مسلم: "ألا إن شهراً" إيش؟ نزكوه، "ألا إن شهراً نزكوه" إيش معنى نزكوه؟ رموه بالنيزك يعني ضعفوه، فهذا الخبر ضعيف. حديث جابر عندك وإلا ما هو عندك؟ لأنه ما وجد في كثير من النسخ. طالب:. . . . . . . . . إيه معروف أنه قرئ، لكن عندك في النسخة كذا؟ طالب:. . . . . . . . . نعم؟ عندكم الحديث حديث جابر؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . يقول: "وعن جابر -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من قال حين يسمع النداء)) حين يسمع النداء، إيش معنى حين يسمع النداء؟ يعني في أثنائه أو بعد الفراغ منه؟ أنا أريد دلالة اللفظ، أنا أريد دلالة اللفظ؟ هاه؟ من قال حين يسمع النداء؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . هل معنى هذا إذا فرغ من إجابة المؤذن؟ المقصود إذا فرغ أو وقت سماعه النداء؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . كيف؟ طالب:. . . . . . . . .

حين، الحين إيش معناه؟ وقت، الحين الوقت، فهل معنى هذا من قال وقت سماع النداء أو بعد الفراغ من النداء؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . يعني وقت سماع النداء تقول مثل ما يقول، يعني وقت سماع النداء مستغرق بإجابة المؤذن، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . أنا أقصد دلالة اللفظ، لا أقصد شيء معروف في الذهن ودارجين عليه هذا أمر آخر، وهو صحيح ما في إشكال، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . طيب، إيش يقول؟ تمام، هذا الذي يحدد المراد من الحديث أنه بعد سماع النداء وإجابة المؤذن والصلاة على النبي -عليه الصلاة والسلام- تسأل له الوسيلة، المراد بسؤال الوسيلة ما جاء في هذا الحديث، حين يسمع النداء، الفعل المضارع قد يطلق ويراد به ما يرادف الماضي، كما أن الماضي يطلق ويراد به المستقبل، فهما متقارضان، الماضي السياق قد يدل على أن الفعل يكون بعد تمام ما رتب عليه، بعد تمام ما رتب عليه، وأحياناً يكون عند إرادة ما رتب عليه، وأحياناً يكون عند الشروع فيما رتب عليه.

{إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ} [(6) سورة المائدة] إيش معنى هذا؟ إذا أردتم القيام {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ} [(98) سورة النحل] إذا أردت القراءة، أحياناً يطلق الماضي ويراد به الإرادة -إرادة الفعل- وأحياناً يطلق ويراد به الفراغ من الفعل، وهذا هو الأصل، هذا هو الأصل إرادة الفراغ ((إذا كبر فكبروا)) هل معنى هذا إذا أراد أن يكبر؟ نعم؟ هل معنى هذا إذا أراد أن يكبر الإمام نكبر؟ لا، هل معنى هذا أنه إذا شرع الإمام في التكبير نكبر؟ أو إذا فرغ من التكبير نكبر؟ إذا فرغ ((إذا ركع فاركعوا)) هل المراد به إذا أراد أن يركع؟ نعم؟ لا، هل المراد به إذا فرغ من الركوع نركع؟ نعم؟ إذا فرغ؟ متى يفرغ من الركوع؟ إذا انتظرت حتى يفرغ فاتتك الركعة، إذا شرع، إذا شرع في الركوع فاركعوا، المقصود أن مثله الفعل الماضي، فحين يسمع إذا سمع، بدليل رواية مسلم، بعد الصلاة على النبي -عليه الصلاة والسلام- ((يقول: اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة, آت محمداً الوسيلة والفضيلة, وابعثه مقاماً محموداً الذي وعدته)) والثواب المرتب على ذلك: ((حلت له شفاعتي يوم القيامة)) يقول: "أخرجه الأربعة" هو مخرج في البخاري إضافة إلى الأربعة.

باب: شروط الصلاة:

الدعوة التامة ((اللهم رب هذه الدعوة التامة)) التي هي إيش؟ دعوة التوحيد، دعوة التوحيد، وهي تكون في آخر الأذان بشهادة أن لا إله إلا الله، وفي أوله وفي آخره، في أوله: أشهد أن لا إله إلا الله، وفي آخره: كلمة الإخلاص لا إله إلا الله، الوسيلة ((اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة)) قائمة، يعني التي أقيم لها، أو ستقام، التي ستقام ((آت محمداً -عليه الصلاة والسلام- الوسيلة)) وهي ما يتقرب به إلى الله -عز وجل-، ((والفضيلة)) المرتبة الزائدة على سائر الخلق ((وابعثه مقاماً محموداً)) مقاماً محموداً بحيث يحمد قيامه -عليه الصلاة والسلام- فيه، ومعنى ابعثه أي: أعطه، أو ابعثه من قبره متصفاً بهذا الوصف ((مقاماً محموداً)) والتنكير هنا للتعظيم والتفخيم، وقد روي بالتعريف عند النسائي وابن حبان: ((ابعثه المقام المحمود الذي وعدته)) والتنكير أولى، لماذا؟ لأمور: لما يشتمل عليه من تعظيم وتفخيم؛ ولأنه هو الموافق لما جاء في القرآن {عَسَى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَّحْمُودًا} [(79) سورة الإسراء] وهو أيضاً المروي في الصحيح، هو المروي في الصحيح، ولما يشتمل عليه التنكير من التعظيم والتفخيم، وأيضاً هو الموافق لما جاء في القرآن الكريم، نأخذ من شروط الصلاة؟ على شان نخفف عن الغد. باب: شروط الصلاة: باب: شروط الصلاة: "عن علي بن طلق -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إذا فسا أحدكم في الصلاة فلينصرف وليتوضأ, وليعد الصلاة)) رواه الخمسة, وصححه ابن حبان. وعن عائشة -رضي الله تعالى عنها- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار)) رواه الخمسة إلا النسائي, وصححه ابن خزيمة. وعن جابر -رضي الله تعالى عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إذا كان الثوب واسعاً فالتحف به)) يعني: في الصلاة، ولمسلم: ((فخالف بين طرفيه، وإن كان ضيقاً فاتزر به)) متفق عليه. ولهما من حديث أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه-: ((لا يصلِّ أحدكم في الثوب الواحد ليس على عاتقه منه شيء)).

وعن أم سلمة -رضي الله تعالى عنها- أنها سألت النبي -صلى الله عليه وسلم- "أتصلي المرأة في درع وخمار بغير إزار? قال: ((إذا كان الدرع سابغاً يغطي ظهور قدميها)) أخرجه أبو داود، وصحح الأئمة وقفه. شروط الصلاة: الشروط جمع شرط والشرط في اللغة: العلامة، الشرط العلامة، من ذلكم قول الله -جل وعلا-: {فَقَدْ جَاء أَشْرَاطُهَا} [(18) سورة محمد] يعني علاماتها. في عرف أهل العلم في الاصطلاح في الشرع: ما يلزم من عدمه العدم، ولا يلزم من وجوده وجود ولا عدم لذاته، ما يلزم من عدمه العدم، ولا يلزم من وجوده وجود ولا عدم لذاته، يلزم من عدم الشرط عدم المشروط، يلزم من عدم الطهارة عدم الصلاة، لكن لا يلزم من وجود الطهارة وجود الصلاة، قد يتطهر الإنسان ولا يصلي، لكن إذا لم يتطهر فإنه لا يصلي، فيلزم من عدم الشرط من عدم الطهارة عدم الصلاة، قد يقول قائل: لا يلزم من عدمه العدم، قد يصلي وهو غير متوضأ غير متطهر، نقول: المقصود بالعدم الشرعي؛ لأن الصلاة التي لا يعتد بها شرعاً وجودها مثل عدمها، ولذا قال النبي -عليه الصلاة والسلام- للمسيء: ((ارجع فصلِ فإنك لم تصل)) يعني لو قال قائل: إنه صلى، في الصورة صلى، وقف وركع وسجد كيف يقول: لم تصل؟ الصلاة التي لا يعتد بها شرعاً، ما انتفت حقيقته الشرعية لا وجود له، وجوده مثل عدمه، عندنا شرط لا تصح العبادة إلا به، وعندنا أيضاً ركن لا تصح العبادة إلا به، فهل هناك فرق بين الشروط والأركان أو لا فرق؟ في الشروط لا تصح العبادات ولا تسقط لا سهواً ولا عمداً، ومثلها في الأركان، إذن كيف يقول أهل العلم: هذه شروط وهذه أركان؟ مثلاً النية هل هي شرط وإلا ركن؟ تكبيرة الإحرام هل هي شرط وإلا ركن؟ إيش الفرق بينها؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . نعم؟ أنت يا أخي أنت. طالب:. . . . . . . . .

الشرط ما كان قبل الصلاة، والركن ما كان في أثنائها، نعم، نعم الركن جزء الماهية، والشرط خارج الماهية، الشرط خارج الماهية، والركن جزؤها وداخل الماهية، داخل الشيء، يعني من الأمثلة على ذلك: تكبيرة الإحرام عند جمهور أهل العلم أنها ركن، ويرى الحنفية أنها شرط، وأشرنا فيمن شرع في صلاته قبل دخول الوقت أنه على مذهب الحنفية أنه لو قال: الله أكبر فدخل الوقت صلاته صحيحة، بينما عند الجمهور لا تصح صلاته؛ لأنه أوقع جزءاً من ماهية الصلاة قبل الوقت، لو كبر وهو حامل نجاسة حامل نجاسة فقال، لو افترضنا أن هذه عين متنجسة، فقال: الله أكبر، عند الحنفية صلاته إيش؟ صحيحة؛ لأنه حمل النجاسة خارج الصلاة، وعند الجمهور صلاة باطلة؛ لأنه حمل النجاسة .. إلى غير ذلك من الفروق. المقصود إذا كان الشرط والركن يجتمعان في كون كل منهما مؤثر في الصلاة في صحتها إذا وجد وفي بطلانها إذا فقد، إلا أن هناك من الفروق ما هو واضح وله آثار عملية؛ لأن الشروط خارج الماهية والأركان داخل الماهية. الشروط تختلف من باب إلى باب، وتختلف أيضاً من شرط إلى آخر، منها ما هو شرط صحة، ومنها ما هو شرط إجزاء، ومنها ما هو شرط وجوب، فمثلاً شروط الصلاة التسعة من يعدها؟ شروط الصلاة؟ ثلاثة ما تبي عدد لأنها معروفة في كل العبادات، نعم، الإسلام والعقل والتمييز، استقبال القبلة، ستر العورة، والنية، دخول الوقت، الطهارة من الأحداث وإزالة النجاسة، الطهارة من الأنجاس، هناك شروط لكن هذه ما تتصور في الصلاة، شروط للعقد وشروط في العقد، يعني هذه في المعاملات تجي، يأتي في المعاملات مناسب ذكره في الشروط، هناك شروط للعقود، يعني لصحة العقود، فالبيع لا يصح إلا بسبعة شروط، وهناك شروط في العقود، نعم، شروط في العقود يشترطها أحد المتعاقدين احتياطاً لنفسه، المقصود هذا وقته سيأتي. "عن علي بن طلق -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إذا فسا أحدكم في الصلاة فلينصرف وليتوضأ, وليعد الصلاة)) رواه الخمسة, وصححه ابن حبان".

وهو وإن صححه ابن حبان إلا أنه ضعيف، في إسناده مسلم بن سلام الحنفي مجهول لا يعرف، ومداره عليه، فالخبر ضعيف، كيف صححه ابن حبان؟ جمع من أهل العلم عرفوا بالتساهل كابن حبان والحاكم وابن خزيمة، وإن كان أمثل منهما، والترمذي وإن كان أمثل من الجميع، في شيء من التساهل، فقد يحكم على الخبر بالصحة وهو لا يبلغها، منها هذا. علي بن طلق وهذا يصلح مثال لما أشرنا إليه بالأمس؛ لأنه تقدم حديث طلق بن علي، طلق بن علي، في نواقض الوضوء، الوضوء من مس الذكر حينما قال: ((إنما هو بضعة منك)) وهذا علي بن طلق ابن عبد البر يقول: أظنه والد طلق بن علي، ومال أحمد والبخاري إلى علي بن طلق وطلق بن علي اسم لذات واحدة، فهذا من الجمع والتفريق، الجمع والتفريق الذي أشرنا إليه بالأمس، يعني يوجد نصر بن علي وعلي بن نصر، أحدهما والد للثاني، ويوجد هنا علي بن طلق وطلق بن علي، هل نقول: هذا والد هذا؟ أو نقول: هما اسمان لذات واحدة؟ نعم البخاري -رحمه الله تعالى- وأحمد يقولان: بأنهما ذات واحدة، علي بن طلق وطلق بن علي.

"قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إذا فسا أحدكم في الصلاة فلينصرف)) يعني إذا وجدت الريح من غير صوت، ومن باب أولى إذا وجد الصوت، ((فلينصرف وليتوضأ, وليعد الصلاة)) في حديث عائشة الذي تقدم ((من أصابه قي في صلاته أو رعاف فإنه ينصرف ويبني على صلاته)) هذاك متكلم فيه، وعرفنا ضعفه فيما تقدم، وهنا ضعيف أيضاً ((وليتوضأ، وليعد الصلاة)) لكن أيهما أولى بالقبول وأقعد إعادة الصلاة أو البناء على ما تقدم؟ إعادة الصلاة أقعد؛ لأنه انتقض الشرط ((فلينصرف وليتوضأ)) قد يخجل ولا ينصرف يكمل الصلاة وهو محدث، هذا ارتكب محرم، من صلى محدثاً مع علمه بذلك أثم اتفاقاً، الحنفية لهم قول شديد في من يصلي من غير طهارة إذا تعمد ذلك ((فلينصرف وليتوضأ، وليعد الصلاة)) إذا حصل منه هذا الحدث بطوعه واختياره فما الحكم؟ سواءً كان خارج الصلاة أو داخل الصلاة؟ وجد أدنى حاجة لإرسال هذه الريح، المساجد تصان عن مثل هذه الأمور، ولذا يمنع منها من أكل الثوم والبصل، فإرسال مثل هذه الأحداث المؤذية التي ينبغي أن تصان عن المساجد إذا وجدت حاجة شديدة هذا أمر ثاني، ولذا يقول ابن العربي في شرح الترمذي مستدلاً بحديث أبي هريرة: ((لا يقبل الله صلاة من أحدث حتى يتوضأ)) فسئل أبو هريرة عن الحدث قال: فساء أو ضرط"، قال ابن العربي: "يجوز إرسال الفساء والضراط في المسجد للحاجة" مفاده أنه من غير حاجة لا يجوز؛ لأنه إذا منع من دخول المساجد بالكراث والثوم والبصل ومن باب أولى الدخان وما أشبهه من ذوات الروائح الكريهة، فلأن يمنع من مثل هذا من باب أولى ((فلينصرف وليتوضأ، وليعد الصلاة)) يعني يستأنف من جديد ولا يبني كما جاء في خبر عائشة، وفي كل منهما ضعف، فالحديث وإن كان ضعيفاً ومداره على مجهول إلا أن معناه صحيح.

حديث "عائشة -رضي الله عنها- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار)) ((لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار)) رواه الخمسة إلا النسائي, وصححه ابن خزيمة" والحديث صحيح، ((لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار)) المراد بالحائض المكلفة لا المتلبسة بالحيض، فإن المتلبسة بالحيض لا تقبل صلاتها، بل يحرم عليها أن تصلي سواءً كانت بخمار أو بغير خمار، إنما المقصود بالحائض المكلفة ((لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار)) والخمار: هو ما يغطي الرأس والعنق ((لا يقبل الله)) نفي القبول يرد في النصوص ويراد به نفي الصحة كما هنا، فإذا صلت المكلفة من غير خمار فصلاتها باطلة غير صحيحة، كما أنه يرد نفي القبول ويراد به نفي الثواب المرتب على العبادة، نفي الثواب المرتب على العبادة، مثاله: في قوله -جل وعلا-: {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} [(27) سورة المائدة] {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} [(27) سورة المائدة] هل المراد بهذا أن غير المتقين عباداتهم باطلة، يعني لو رأيت شخص فاسق صلى تقول له: أعد صلاتك، صلاتك باطلة؟ نعم؟ أو المراد بنفي القبول هنا نفي الثواب المرتب على هذه العبادة، والصحة صحيحة مجزئة مسقطة للطلب، كلام ظاهر وإلا ما هو بظاهر؟ نعم؟ {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} [(27) سورة المائدة] يعني لو قلنا: إن المراد نفي الصحة لكانت عبادات الفساق كلهم غير صحيحة، تلزمهم إعادتها، واضح وإلا ما هو بواضح؟ فعلى هذا نفي الثواب هنا يراد به نفي .. ، نفي القبول هنا المراد به نفي الثواب المراتب على هذه العبادة، الصلاة من حيث الصحة والإجزاء مسقطة للطلب، صحيحة ومجزئة، لكن ... نعم؟ طالب:. . . . . . . . . كيف؟ طالب:. . . . . . . . . في الحديث، في حديث الباب نفي الصحة، فإذا صلت المكلفة من غير خمار يغطي الرأس والعنق فصلاتها باطلة، ((لا يقبل الله صلاة من في جوفه خمر)) ((من أتى كاهناً .. )) نعم؟ طالب:. . . . . . . . .

خلي فصدقه، أمره عظيم، لكن مجرد الإتيان ((لن تقبل له صلاة أربعين يوماً)) يقول أهل العلم: إن صلاته صحيحة ما يؤمر بإعادته، لكن الثواب المرتب على العبادة ((لا يقبل الله صلاة عبد آبق)) لا يؤمر بإعادة الصلاة، صلاته مسقطة للطلب صحيحة، لكن الثواب المرتب على هذه العبادة يحرم منه، لعصيانه هذا أمر لا بد من الانتباه له؛ لأن القبول لو قلنا: إن المراد به يطرد في نفي الصحة لأشكلت الآية، كثير من المسلمين يتصف بما يخرم التقوى، كثير ممن ينتسب إلى الإسلام لا سيما في هذه الدهور وهذه العصور متصف بما يخرم التقوى، فلو قلنا: إن المراد بنفي القبول هنا نفي الصحة أشكل؛ لأمرنا جميع هؤلاء بإعادة العبادات، ومتى يعيدونها؟ متى تعاد هذه العبادات وهم مستمرون على فسقهم؟ لا بد من إلزامهم بالتقوى، لا بد من إلزامهم بالتقوى، وهذا لا يمكن تصوره، إلزام الناس كلهم، لكن المراد بنفي القبول نفي الثواب، ولذا لا يؤمرون بالإعادة. طالب:. . . . . . . . . ما يمكن هو فاسق فاسق، خلاص ما دام وصف، لو كان يسرق قلنا: فاسق غير متقي، حتى لو جاء بالصلاة على وجهها، فهو متصف بما يخرم التقوى، هو متصف بما يخرم التقوى سواءً كان داخل الصلاة أو خارج الصلاة، أظن نقف على هذا لأني أشوف الإخوان ملوا شوي، طال الوقت، طال الوقت عليهم. مسألة ينبغي التنبيه عليها، وهي مسألة متعلقة بالحديث عورة المرأة ((لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار)) يغطي الرأس والعنق وبدن المرأة الحرة كله عورة في الصلاة، ومنهم من يستثني الوجه والكفين، ومنهم من يستثني القدمين على خلاف بين أهل العلم، والأحوط أن تغطي جميع بدنها سوى الوجه. هذا بالنسبة للصلاة، ويكثر السؤال عن عورة المرأة بالنسبة للمرأة خارج الصلاة؛ لأنه حصل التوسع الشديد في هذا الباب، يعني وجد من بعض النساء التهتك أمام النساء، وسببه القول بأن عورة المرأة عند المرأة كعورة الرجل عند الرجل من السرة إلى الركبة، لكن هذا الكلام قول، وإن وجد لبعض أهل العلم إلا أنه مرجوح، فعورة المرأة عند المرأة كعورة المرأة عند محارمها؛ لأن النساء عطفن على المحارم في آية النور نعم في آية النور.

أبو عبد الله شريك بن عبد الله القاضي غير شريك بن عبد الله بن أبي نمر صاحب الأوهام في حديث .. ، هذا هو، هو هو، صاحب الأوهام العشرة في حديث الإسراء، ونص الإمام مسلم على أنه زاد ونقص وقدم وأخر والأوهام العشرة ذكرها الحافظ ابن حجر في فتح الباري، وقبله ابن القيم في زاد المعاد. يقول: في إحدى الدول المجاورة يطلب من الإمام والمؤذن أن يسجل في ورقة من الذي أذن، ومن الذي أم لكل صلاة في كل يوم، وذلك لأن لهم راتب شهري، فما حكم العمل في ذلك هل الأفضل رفض هذا الراتب أم إنفاقه في سبل الخير؟ على كل حال هذا المال إذا كان الهدف من الإمامة ما ذكر فأخذ مثل هذا المال والاستعانة به لا إشكال فيه -إن شاء الله تعالى-، وإن صرف في قضاء الديون باعتبار أن فيه شوب شبهة، وأموال الشبهات كما قرر شيخ الإسلام -رحمه الله تعالى- لا مانع من قضاء الديون بها. يقول: تكون هناك مجموعة في رحلة برية ولا يكون هناك شخص معين للأذان فيكون أذان كل فرض لمن سبق في استئذان الأمير للأذان فيتعاقب أكثر من شخص على الأذان لذلك اليوم من باب المنافسة؟ لا مانع أن يؤذن لكل وقت شخص، فإن عمل بالسبق وإلا فالقرعة. لو تأخر المؤذن عن الأذان فأذنت فقال لي: إنه موكل شخص آخر؟ لا شك أن النائب يقوم مقام من أنابه، فهو أحق من غيره، لا يجوز لأحد أن يفتات عليه ويتقدم عليه، أما كونه يتأخر، إذا عرف من حاله أنه لا يتأثر إذا أذن مكانه لا بأس. يقول: هل نتابع الأقرب -يعني المؤذن- أم الراديو مثلاً، أم ساعة الفجر والكمبيوتر وهكذا؟ وهل يكفي متابعة الأذان عبر التكنولوجيا الحديثة؟ على كل حال الأصل متابعة المؤذن، المؤذن، سواءً سمع صوته المباشر أو بآلة أو بآلة تنقله إلى مكان بعيد شريطة أن يكون حياً، يعني في وقته، في وقت الأذان، أما المسجل ما يتابع. الدعاء بين الأذان والإقامة هل يلزم أن يكون في المسجد؟ لا يلزم أن يكون في المسجد، لكن كونه في المسجد أرجى للإجابة. يقول: بعض الناس يرد عليّ السلام بهذه العبارة المختصرة وهي: واو سين فهل يجوز هذا؟

الرموز لا تتأدى بها السنن، الرموز لا تتأدى بها السنن، فلو قال: قال رسول الله (ص) أو (صلعم) فإنه لا يكسب من الأجر شيء، إلا إذا صلى في نفسه يكسب صلاته على النبي -عليه الصلاة والسلام- في نفسه، فالأجور المرتبة على الكلام لا تنال بالرموز، ومن المناسب ما ذكره بعضهم أن أول من كتب الرمز (صلعم) قطعت يده، والله المستعان. ما حكم تأجير الإمام أو المؤذن لمنزله الخاص بالمسجد وأخذ الأجرة؟ على كل حال إذا كان مستغنياً عنه فإن دفعه إلى جهة خيرية تستفيد منه فهو أولى، وإن أجره فالأمر لا يعدوه ولا شيء في ذلك؛ لأنه من استحقاقه. ما صارف الوجوب في الأمر بإجابة المؤذن؟ صارف الوجوب في الأمر بإجابة المؤذن ها من يجيب؟ ((إذا سمعتم المؤذن)) نعم كونه لم يذكر، وذكر في نصوص أخرى اكتفاءً نعم لا ينفي الوجوب، يعني عدم الذكر أو عدم النقل ليس بنقل للعدم كما يقرر أهل العلم، يعني في حديث أم هانئ لما جاءت والنبي -عليه الصلاة والسلام- يغتسل فقالت: السلام عليك يا رسول الله، فقال: ((من هذا؟ )) فقالوا: أم هانئ، فقال: ((مرحباً بأم هانئ)) هل معنى هذا أن النبي -عليه الصلاة والسلام- ما رد السلام عليها، يعني اكتفى بمرحباً؟ أو نقول: إن الراوي ما نقل رد السلام للعلم به؟ فلا يتم الاستدلال بحديث مالك بن الحويرث، ما الصارف؟ طالب:. . . . . . . . . نعم، هذا هو الصارف، فقال: على الفطرة ما قال مثل ما قال، هذا هو الصارف، نكتفي بهذا القدر، والله أعلم. وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

كتاب الصلاة (5)

بلوغ المرام - كتاب الصلاة (5) تابع شرح باب: شروط الصلاة الشيخ/ عبد الكريم بن عبد الله الخضير المؤلف -رحمه الله تعالى- قصد أن تكون أحاديث الكتاب في حيز المقبول الصحيح والحسن، لكن فاته بعض الأحاديث الضعيفة، وهي يسيرة بالنسبة لحجم الكتاب. هل يجوز الترضي على غير الصحابة أم هو خاص بهم؟ العرف عند أهل العلم أن الترضي خاص بالصحابة، والترحم على من بعدهم، والصلاة خاصة بالنبي -عليه الصلاة والسلام- على سبيل الاستقلال، يدخل معه تبعاً آله وصحابته -عليه الصلاة والسلام-، فكما أنه لا يقال: محمد -عز وجل- وإن كان عزيزاً جليلاً، فالعرف خص الترضي بالصحابة، والترحم على من بعدهم كما قرر ذلك ابن القيم -رحمه الله-. هذا يقول: حكم صلاة ذوات الأسباب في أوقات النهي سواءً النهي الموسع أو المضيق؟ وما حكم سجود السهو؟ سجود السهو تابع للصلاة، سجود السهو تابع للصلاة، إن كان القصد به سجود السهو الذي يقع بعد السلام من صلاة العصر فهو في حكم صلاة العصر، سجدة التلاوة على الخلاف بين أهل العلم ومثله سجود الشكر هل السجدة المفردة تسمى صلاة أو ليست بصلاة؟ يشترط لها ما يشترط للصلاة؟ مسألة خلافية بين أهل العلم، والمحقق ما يذهب إليه ابن عمر وغيره أنها ليست بصلاة، وعلى هذا يسجد للتلاوة في أوقات النهي ويسجد للشكر أيضاً؛ لأن أقل ما يطلق عليه الصلاة ركعة كاملة. يقول: إقتداء النساء بإمام بينهن وبينه ممر داخل سور المسجد وهم في مبنى مستقل؟ إذا كان مبنى مستقل منفصل عن المسجد حينئذٍ لا يجوز الاقتداء إلا إذا اتصلت الصفوف، إذا اتصلت الصفوف فلا بأس. لا يسمعون إلا صوته دون رؤيته أو من خلفه؟ على كل حال إذا كانوا في داخل المسجد في حيز المسجد في سور المسجد فلا بأس. يقول: إنزال آية الآية الكريمة من القرآن على شيء من الواقع زيادة على ما ذكره المفسرون ما ضابطه؟

النصوص من الكتاب والسنة تحدثت عن شيء من المستقبل بعضه وقع وبعضه لم يقع، لكن لو غلب على ظن الشخص أن هذه الآية مناسبة لهذا الحدث، فجاء بهذا الحدث على صيغة الترجي لا على سبيل القطع فلا بأس، أقول: لعل هذا الحدث يدخل في المراد من هذه الآية ومن هذا الخبر، لا على سبيل القطع، لا يقطع بأن هذا مراد الله -عز وجل-، أو أن هذا مراد رسوله -عليه الصلاة والسلام-، كالتفسير، تفسير القرآن بالرأي حرام، لكن إذا قيل: لعل المراد كذا، لعل المراد كذا من الآية أو من الحديث لا بأس، على سبيل البحث وعلى سبيل الترجي، دون جزم وقطع، كما في حديث السبعين الألف: لعلهم الذين، لعلهم كذا، لعلهم كذا، النبي -عليه الصلاة والسلام- ما أنكر عليهم، مع أن توقعاتهم كلها لم تصب. كيف نجمع بين حديثي: ((من قرأ آية الكرسي في ليلة لم يقربه شيطان حتى يصبح)) وحديث: ((يعقد الشيطان على قافية رأس أحدكم إذا هو نام ثلاث عقد)) .. إلى آخره؟ الثاني عام، يعقد الشيطان على قافية كل أحد، يخصص بمن قرأ آية الكرسي فإنه لا يقربه الشيطان، لا يقربه الشيطان. يقول: هل خشوع الإمام له تأثير في خشوع المأمومين؟ لا شك أن صلاة المأموم مرتبطة بصلاة الإمام، ولذا يقول أهل العلم: إن الصلاة خلف الفاضل أفضل من الصلاة خلف المفضول، مع أن عامة أهل العلم على صحة الصلاة خلف المفضول أو إمامة المفضول مع وجود الفاضل، لا شك أن لإمامة الفاضل أثر في إتقان صلاة من خلفه، وحضور قلبه عن. . . . . . . . .، إذا قرأ الفاضل، إذا قرأ القرآن عرفت أنه يخشى الله -عز وجل-، فتكون قراءته مؤثرة، وأهل العلم يقررون -كما هو الواقع المشاهد- أن بعض الناس مؤثر في شكله، بعض الناس إذا رؤي ذُكر الله -عز وجل-، وابن الجوزي في مشيخته ترجم لشيوخه كلهم فذكر عن واحد منهم قال: إنه تأثر ببكائه واستفاد من بكائه ولم يستفد من علمه. ما هي الصلاة النافلة؟ وهل يمكن أن تكون جماعة؟ وهل يمكن الجهر بها؟

صلاة النافلة ما عدا الفريضة، ما عدا الواجبات، ويمكن أن تكون .. ، تفعل جماعة أحياناً كما فعل النبي -عليه الصلاة والسلام- في قيام الليل، قام معه ابن عباس، وصلاة التراويح أيضاً جماعة، والصلوات الليلية يجهر بها، صلاة الليل يجهر بها جهراً متوسط {وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ} [(110) سورة الإسراء] متوسط. هل القراءة بمكبر الصوت يجوز مع التشويش على البيوت المجاورة للمسجد من مرضى ونائمين خصوصاً في التراويح والقيام؟ الصلاة، أصل المكبر هذا إنما أوجد لإفادة الحضور، لكي يسمع من حضر الصلاة، يستفيد من القرآن، لكن إذا تحققت مصلحة الحاضرين من غير وجود مفسدة على غيرهم فهذا هو المتعين، أما إذا لم تتحقق مصلحتهم إلا بوجود مفسدة فدرء المفاسد مقدم على جلب المصالح، مع أنه إذا استعملت هذه الآلات مع شيء من التوسط لا يرفع عليها، يعني ما يرفع عليها رفعاً يزعج الناس، أو يوجد اللبس في المساجد المجاورة، هذا موجود، بعض الناس يعمد إلى هذه المكبرات فيرفع عليها فيحصل اللبس، قد يركع ويسجد، ويركع معه من في المسجد المجاور وهكذا، والله المستعان. يقول: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته -وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته- ما حكم تحويل النية؟ كأن أكون قائماً أصلي سنة الفجر وجاء آخر ظاناً أني أصلي الفريضة فالتحق بي ماذا أفعل؟ تستمر على نيتك، صلي سنة الفجر، ويصلي معك الفريضة إن كانت قد فاتته، وصلاة المفترض خلف المتنفل تجوز، كفعل معاذ مع الصحابة -رضي الله عنهم-. يقول: هل العفو والتسامح الذي لا يتضمنه إصلاحاً للمعفو عنه هل هو مرغب فيه؟ {وَأَن تَعْفُواْ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} [(237) سورة البقرة] العفو هذا الأصل فيه أقرب للتقوى، لكن إذا ترتب على هذا العفو مفسدة كأن يجعل هذا المعفو عنه يستمرئ الإجرام ويزداد فيه، ويقع ويغلب على ظنه أنه يعفى عنه كلما أجرم مثل هذا ينبغي أن يعاقب ولا يعفى عنه، والله المستعان. شيء من الإجمال في الشرح من أجل أن نكمل الباب، ونقف على باب جديد، نقتصر على الأمور المهمة، والله المستعان. سم. بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليماً كثيراً. "عن جابر -رضي الله تعالى عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال له: ((إذا كان الثوب واسعاً فالتحف به)) يعني: في الصلاة، ولمسلم: ((فخالف بين طرفيه، وإن كان ضيقاً فاتزر به)) متفق عليه. ولهما من حديث أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه-: ((لا يصلِّ أحدكم في الثوب الواحد ليس على عاتقه منه شيء)). وعن أم سلمة -رضي الله تعالى عنها- أنها سألت النبي -صلى الله عليه وسلم- "أتصلي المرأة في درع وخمار بغير إزار? قال: ((إذا كان الدرع سابغاً يغطي ظهور قدميها)) أخرجه أبو داود، وصحح الأئمة وقفه". يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: من حديث جابر، سبق لنا في الباب حديث علي بن طلق في الحدث في الصلاة: من أحدث عليه أن ينصرف ويتوضأ، ثم بعده حديث عائشة -رضي الله عنها- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار)) وهذا تقدم الحديث فيه، وفيه اشتراط ستر أعلى البدن، ويأتي ما في ستر الجزء الثاني من البدن بالنسبة للمرأة. حديث "جابر -رضي الله عنه- أن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال له: ((إذا كان الثوب واسعاً فالتحف به)) ((إذا كان الثوب واسعاً فالتحف به)) يعين اجعله رداءً ترتديه وأرسله على بقية بدنك ((وإن كان ضيقاً فاتزر به)) اجعله إزار يستر الجزء الأهم من البدن، إذا كان واسع ويستوعب البدن فاجعله لحاف، يستر أعلى البدن بطرفه، وطرفه الآخر يستر بقية البدن، إن كان ضيقاً يعني فيه شح ما يمكن يستر جميع البدن فالاتزار به أولى؛ لأن ستر العورة المغلظة أهم من ستر الجزء الأعلى من البدن كالمنكبين مثلاً.

"ولهما" أيضاً "من حديث أبي هريرة" للبخاري ومسلم "رضي الله عنه قال: ((لا يصلِّ أحدكم في الثوب الواحد ليس على عاتقه منه شيء)) بعض الروايات في الصحيح في البخاري: ((ليس على عاتقيه منه شيء)) ((ليس على عاتقيه منه شيء)) ستر المنكب واجب فكشفه محرم مع القدرة؛ لأنه في الحديث السابق: ((إذا كان ضيقاً فاتزر به)) يقتضي أن أعلى البدن مكشوف؛ لأنه لا يكفي لستر المنكب مع ستر العورة، هنا: ((لا يصلِّ أحدكم في الثوب الواحد ليس على عاتقه منه شيء)) إذا أمكن أن يكفي للمنكب والعورة. من أهل العلم من يرى اشتراط ستر المنكب كالعورة، ومنهم من يرى أن الأمر أمر إرشاد، أو ((لا يصلِّ أحدكم)) النهي هذا يقتضي الكراهة، لكن الأصل في النهي التحريم، وأما الحديث السابق حديث جابر -رضي الله عنه- هو بالنسبة لغير الواجد لما يستر المنكب، فأعدل الأقوال في ستر المنكب أنه واجب، يعني لو صلى ومنكبه مكشوف صلاته؟ صحيحة لكنه آثم، فرق بين الاشتراط والوجوب، هذا واجب وستر العورة شرط، والمنكب ليس بعورة، ولذا يشكل على كثير من طلبة العلم أن يذكر في الشروط ستر العورة، مع هذا الحديث الصحيح ليش ما يذكر مع الشروط؟ نقول: ما في إشكال، الشرط شيء والواجب شيء آخر، فستر المنكب مع القدرة واجب يأثم تاركه. ((ليس على عاتقه)) والرواية الأخرى: ((ليس على عاتقيه)) في اختلاف بين الروايتين؟ نعم؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . وكيف نوجه؟ هل المطلوب ستر عاتق واحد أو العاتقين؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . واحد وإلا اثنين؟ طالب:. . . . . . . . . إيه؟ وراه؟ طالب:. . . . . . . . .

هذا في وقت الصلاة وإلا في طواف القدوم؟ الطواف، ويش دخل الصلاة فيه؟ إيش علاقة الصلاة بالطواف؟ إذا أوجبنا ستر المنكبين نقول: عليك أن تستر منكبيك، إذا فرغت من طواف القدوم أول طواف تطوفه استر منكبيك ((ليس على عاتقه)) فإما أن نقول: إن المراد بالمفرد هنا الجنس فيشمل العاتقين، نعم، أو نقول: ليس على عاتقيه منه شيء نكرة في سياق النفي فيشمل أي شيء، ولو خيط رفيع، لو شيء يسير، وهذا يمكن أن يكون على العاتق أو العاتقين، ليس على العاتقين منه شيء، يعني إذا صلى وعلى أحد العاتقين منه شيء هل نقول: إنه ما امتثل الخبر ((ليس على عاتقيه منه شيء؟ )) يعني لو كان المقصود العاتقين من خلال اللفظ، نعم يكون إذا صلى وعلى أحد عاتقيه شيء من الثوب هل يقال: إنه ليس على عاتقيه شيء؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . كيف؟ طالب:. . . . . . . . . شخص يصلي عليه فنيلة، فنيلة اللي إيش تسمونها؟ علاقي مثلاً إيه، يكفي وإلا ما يكفي؟ هاه؟ ليس .. -ما نقول: يستر- ليس على عاتقيه منه شيء، أو ليس على عاتقه منه شيء، عليه منه شيء؛ لأن قلنا: شيء نكرة في سياق النهي فتعم، يتم الامتثال بأدنى شيء، يتم الامتثال بأدنى شيء، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . لو ما ستر، المقصود أنه على عاتقه منه شيء، والشيء يتم بأدنى شيء. على كل حال الخلاف في هذه المسألة معروف، منهم من يقول: الأمر به على سبيل الاستحباب بدليل الحديث السابق، ومنهم من يقول: شرط في صحة الصلاة، وأعدل الأقوال أنه واجب، يأثم بتركه مع القدرة، ولا تبطل الصلاة.

حديث "أم سلمة -رضي الله عنها- أنها سألت النبي -صلى الله عليه وسلم- "أتصلي المرأة في درع وخمار بغير إزار? قال: ((إذا كان الدرع سابغاً يغطي ظهور قدميها)) " يعني تصلي فيه إذا كان سابغاً، أما إذا كان غير سابغ بحيث لا يغطي ظهور القدمين فإنه لا يكفي، والحديث مخرج في سنن أبي داود، وهو مضعف، مرفوع ضعيف، ولذا يقول الحافظ: "وصحح الأئمة وقفه" وصحح الأئمة وقفه، الآن الخبر يروى مرفوع وموقوف، المرفوع ضعيف، وصحح الأئمة وقفه، لكن هل هناك تعارض بين المرفوع والموقوف؟ أو الاحتمال أن أم سلمة سألت النبي -عليه الصلاة والسلام- عن هذا الحكم على تقدير ثبوته، نعم، ثم صارت تفتي به من قولها، إذا تعارض الرفع والوقف هل نحكم للرفع أو نحكم للوقف؟ هنا صحح الأئمة الوقف مع أنهم في مواضع يصححون الرفع، فهنا الأئمة رأوا القرائن مرجحة للوقف، وأن مثل هذا الكلام لائق بأم سلمة، لائق بفقه أم سلمة، وأنه لا يثبت من المرفوع فيه شيء، وإن قال الشارح: إنه له حكم الرفع، مثل هذا حكم شرعي لا مسرح فيه للاجتهاد، ما يمكن أن تقول أم سلمة هذا الكلام وهي ليس في الباب عن النبي -عليه الصلاة والسلام- فيه شيء، لكنه حكم شرعي، ألا يمكن أن يستنبط من أدلة أخرى؟ ما دام رجح الوقف ألا يمكن أن يستنبط مثل هذا الكلام من أدلة أخرى؟ وحينئذٍ لا يكون حجة. القدمان بالنسبة للمرأة، عرفنا أن المرأة كلها عورة في الصلاة سوى الوجه، ومنهم من يلحق بالوجه الكفين، والحنفية يقولون: حتى القدمين، وكان شيخ الإسلام يميل إلى قول الحنفية بناءاً على عدم ثبوت حديث أم سلمة، وإلا لو ثبت حديث أم سلمة لكان ظاهر في الإلزام بستر القدمين، وعلى كل حال ما دام من أهل العلم من يرى أن المرأة كلها عورة إلا الوجه فعليها أن تستر جميع البدن، تحتاط لدينها؛ لأنها إذا دخلت القدم والكف في العورة المطلوب سترها في الصلاة -المشترط سترها في الصلاة- فعلى المسلمة ألا تعرض صلاتها للبطلان ولو على قول، والأمر -ولله الحمد- فيه سهولة، وليس في الملابس شح الآن، نعم.

وعن عامر بن ربيعة -رضي الله تعالى عنه- قال: "كنا مع النبي -صلى الله عليه وسلم- في ليلة مظلمة, فأشكلت علينا القبلة فصلينا، فلما طلعت الشمس إذا نحن صلينا إلى غير القبلة, فنزلت: {فَأَيْنَمَا تُوَلُّواْ فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ} [(115) سورة البقرة] أخرجه الترمذي وضعفه". نعم، هذا الحديث عند الترمذي وهو ضعيف، ضعيف جداً، وعلته أشعث بن سعيد السمان متروك، وحديث المتروك شديد الضعف بمعنى أنه لا ينجبر بوروده من طرق أخرى إذا كان شديد الضعف، لا يقبل الانجبار، وحديث المتروك شديد الضعف، وعلى هذا كنا حينما يقول: "كنا مع النبي -صلى الله عليه وسلم-" هذا حديث السرية "في ليلة مظلمة فأشكلت علينا القبلة فصلينا، فلما طلعت الشمس إذا نحن صلينا إلى غير القبلة فنزلت" هذا سبب نزول الآية هل نثبت نزول آية بسبب ضعيف؟ وهل نثبت قراءة بخبر ضعيف؟ وهل نفسر القرآن بخبر ضعيف؟ نعم؟ لا، هذا القول المرجح، وإن كان التفسير يتسامح فيه أهل العلم، التفسير مثل الفضائل عند أهل العلم، ولذا يؤثر عن الإمام أحمد أن ثلاثة الأبواب اللي هي: الفضائل والمغازي والتفسير ليس لها أصول، بمعنى أنه يقبل فيها أي خبر.

"أشكلت علينا القبلة فصلينا، فلما طلعت الشمس إذا نحن صلينا إلى غير القبلة" من أشكلت عليه القبلة في بر ولا وجد محاريب إسلامية يعمل بها عليه أن يجتهد، عليه أن يجتهد، وأن يتقي الله ما استطاع، ويصلي صلاة واحدة، فإن بانت له القبلة وهو في أثناء صلاته استدار كما هو إلى القبلة التي ترجحت لديه، ولو بخبر ثقة، إذا قال: يا فلان القبلة إلى جهة اليمين أو إلى جهة الشمال عليه أن يستدير إذا كان يثق بخبره، كما فعل الصحابة -رضوان الله عليهم- لما حولت القبلة، جاءهم المخبر في صلاة الصبح أو العصر على خلاف معروف، فقال لهم: أشهد أن النبي -عليه الصلاة والسلام- صلى إلى الكعبة، فاستداروا كما هم، وعلى هذا يجوز أن تصلى أول الصلاة إلى جهة وفي أثنائها ينصرف إلى الجهة التي ترجحت له، ومحل الاجتهاد غير البلدان، أما البلدان التي يمكن أن يصل إلى قبلتها بيقين وفيها محاريب ويوجد من يخبره من أهل البلد فإنها ليست بمحل للاجتهاد، أما في البراري فإنه يجتهد، ويصلي ويتقي الله حسب استطاعته، فإن بان له أنه صلى إلى غير القبلة، بعض أهل العلم يقول: إن كان في الوقت عليه أن يعيد، وإن كان بعد الوقت فلا إعادة عليه، والصواب أنه إذا اتقى الله ما استطاع فإن الله -سبحانه وتعالى- لم يكلفه بصلاتين {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [(16) سورة التغابن] ومن التكلف ما يذكره بعض الفقهاء أنه يقسم الجهات، حتى يكون قد صلى إلى القبلة بيقين، يعني يصلي إلى جهة، ثم يصلي ثانية إلى جهة ثانية، ثم يصلي صلاة ثالثة إلى الجهة الثالثة، صلاة رابعة إلى .. ، إلى أن يجزم بأنه أصاب عين القبلة، وهذا لا شك أنه من الحرج والعنت المنفي عن هذه الشريعة.

هل يتصور أن تصلى صلاة واحدة إلى أربع جهات؟ بعض الفقهاء يقول: يتصور، يصلي ركعة ثم يأتيه من يأتيه يقول: تيامن، القبلة من جهة اليمين، ثم يتيامن، ثم يأتي ثالث يكون أوثق من السابق يقول: لا تياسر الجهة من جهة اليسار فينصرف، ثم يقول: لا، يجي رابع لا الجهة إلى الخلف، وهذا يتصور إذا كان كل واحد على الولاء أوثق من الذي قبله، أما إذا كان أقل ثقة من الذي قبله فإنه لا يعمل بخبره {فَأَيْنَمَا تُوَلُّواْ فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ} [(115) سورة البقرة]. الحديث الذي يليه: حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قرئ؟ "وعن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((ما بين المشرق والمغرب قبلة)) رواه الترمذي, وقواه البخاري. هذا الحديث صحيح، مصحح عند أهل العلم ((ما بين المشرق والمغرب قبلة)) رواه الترمذي, وقواه البخاري" الترمذي يقول: حسن صحيح ((ما بين المشرق والمغرب قبلة)) هل هذا خطاب للأمة كلها أو خطاب لأهل المدينة مثلاً؟ بالنسبة لكم أنتم في الشرق يصلح أن يكون ما بين المشرق والمغرب قبلة؟ نعم؟ بين الشمال والجنوب، بالنسبة لكم بين الشمال والجنوب قبلة، لكن أهل المدينة بين المشرق والمغرب قبلة، وأهل اليمن بين المشرق والمغرب قبلة، أهل مصر بين الشمال والجنوب قبلة وهكذا، المقصود أن هذا الخطاب خاص بالمدينة ومن كان على سمتها ممن هو عن يمين الكعبة أو يسارها في جهة الشمال أو الجنوب. هذا الحديث دليل من يقول بأن الجهة كافية {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [(149) سورة البقرة] جهة المسجد الحرام، الجهة كافية، والحديث صريح في الدلالة على هذا القول، وهو قول الأكثر، الشافعية يرون أن الواجب إصابة العين -عين الكعبة- قربت أو بعدت، هذا ممكن وإلا غير ممكن؟ نعم؟ طالب: غير ممكن. وين اللي يقول: الحال؟ طالب:. . . . . . . . . كيف يمكن؟ طالب:. . . . . . . . .

ما هي بدقيقة، ما هي بدقيقة، تبقى أنها جهة، تبقى أنها جهة، يعني هل يخفى على مثل هؤلاء الحرج الشديد اللاحق أو الناشئ عن قولهم هذا، أو ينحل الإشكال إذا قالوا: الواجب عين الكعبة على حسب غلبة الظن، ما يلزم اليقين والقطع أن هذه عين الكعبة، الإنسان مكلف بغلبة الظن، نعم الآن هذه الكعبة هم يقولون -الجمهور يقولون-: الجهة، حديث: ((بين المشرق والمغرب قبلة)) {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [(149) سورة البقرة] يعني جهة المسجد الحرام، لكن لا بد من إصابة العين عند الشافعية، إيش معنى إصابة العين؟ تجتهد أن تصيب العين، نعم، تجتهد في أن تصيب العين، لا أن تصيب الجهة، الجمهور تجتهد في أن تصيب الجهة من الأساس، وهؤلاء تجتهد حتى يغلب على ظنك أنك أصبت عين الكعبة، فينمحل الإشكال في كون الإصابة تثبت بغلبة الظن، الإصابة تثبت بغلبة الظن، هذا بالنسبة لمن لا يستطيع معاينة الكعبة، أما الذي يعاين الكعبة وهم يقولون: من كان داخل المسجد فالواجب عليه إصابة العين، هم يتفقون على هذا، من كان داخل المسجد الواجب عليه إصابة العين، من بعد عن المسجد يكفي الجهة، لكن قد يكون في المسجد ويتعذر في حقه مشاهدة العين، عين الكعبة، الذي في السطح أو في الدور الثاني في الصفوف الخلفية، أو في الدور الأرضي ويحول بينه وبينها صفوف وعمد، نعم، والمشقة تجلب التيسير {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [(78) سورة الحج] لكن ليس معنى هذا أننا لا نهتم للأمر، استقبال القبلة شرط من شروط صحة الصلاة، فعلينا أن نحتاط لهذا، ليس معنى هذا ليس معنى مثل هذا الكلام أننا مجرد ما ندخل مع باب الحرم: الله أكبر ما نلتفت لا يمين ولا شمال ولا نتأكد من .. ، هم وضعوا علامات خطوط زرقاء في البلاط نعم، وهي داخلة أيضاً في القاعدة التي مرت بنا، نعم مثل خطوط المسجد، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . كيف؟ طالب:. . . . . . . . .

موجود في عهد النبي -عليه الصلاة والسلام- ولم يفعله فهو بدعة، لا شك أن مصلحتها ظاهرة هذه الخطوط، هذه الخطوط مصلحتها ظاهرة، ولا يترتب عليها أي مفسدة، فعلى الإنسان أن يحتاط لهذا الشرط، مجرد ما يدخل مع الباب: الله أكبر وإذا سلم إذ القبلة .. ، يقال له: أعد، هذا مع الإمكان ليس محل الاجتهاد، ليس محل الاجتهاد مع إمكان الرؤية، إذا تعذرت فلا يكلف الله نفساً إلا وسعها، نعم. "وعن عامر بن ربيعة -رضي الله تعالى عنه- قال: "رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصلي على راحلته حيث توجهت به" متفق عليه، زاد البخاري: "يومئ برأسه, ولم يكن يصنعه في المكتوبة". ولأبي داود: من حديث أنس -رضي الله تعالى عنه-: "وكان إذا سافر فأراد أن يتطوع استقبل بناقته القبلة فكبر, ثم صلى حيث كان وجه ركابه" وإسناده حسن".

حديث عامر بن ربيعة في صلاة النافلة على الدابة، على الراحلة حيث توجهت به، فيومئ إيماءً، لا يتمكن من الركوع، لا يستطيع أن يقف فيركع، ومثله اللي في السيارة لا يستطيع أن يقف ثم يركع، يكفي أن يومئ برأسه، ويكون سجوده أخفض من ركوعه، هذا في النافلة، وهو أيضاً كما يدل عليه الحديث اللاحق في السفر، لا بد أنها تكون الصلاة نافلة، وأن يكون في السفر، يتطوع في السفر على الراحلة حيث توجهت به، مثل الراحلة السيارة الطائرة القطار، لكن هل مثل الراحلة الكرسي في الفصل كما جاء السؤال قبل أمس أو الذي قبله؟ لا، طالب يصلي صلاة الضحى على الكرسي في الفصل، ويذكر أنه من باب إخفاء العمل إذا سأله المدرس أجاب وهو في النافلة، من باب إخفاء العمل، هو يؤجر -إن شاء الله- على هذه النية، لكن هل عمله شرعي وإلا ما هو بشرعي؟ أولاً: جمهور العلماء يخصونه بالسفر، وعلى الدابة، وإن كان عند جمع من أهل العلم وهو المتجه أنه في هذه الأزمان التي تقضى فيها أوقات في السيارات في الحضر أنه لو تنفل النافلة أمرها أوسع؛ لأنها تصح من قعود، النافلة أمرها أوسع، فإذا أجيزت النافلة في السفر أجيزت في الحضر؛ لأن مبناها على .. ، أن أمرها أيسر من الفريضة، لكن لا يصل الأمر إلى مثل هذا الحد في التساهل، شخص واقف جالس، يقال له: أتنفل على هيئتك، لا، هو على سيارته يستغل الوقت بقراءة، بصلاة، باستماع، نعم ولا يمنعه من ذلك مانع.

"يصلي على راحلته حيث توجهت به" لكن وهو في السيارة يتنفل لا يعرض نفسه للخطر، ولا يجوز له أن يعرض غيره للخطر، يومئ إيماءً بحيث لا يصل إلى حد بحيث يخفى عليه الطريق فيتضرر هو بنفسه أو يضر غيره، "يصلي على راحلته حيث توجهت به" زاد البخاري: "يومئ برأسه, ولم يكن يصنعه في المكتوبة" هناك فروق، الأصل أن ما ثبت في النافلة يثبت في الفريضة والعكس، هذا الأصل عند أهل العلم، لكن جاء في النافلة من التسامح ما لم يأتِ مثله في الفريضة، ومنها ما هنا ما معنا، لا يجوز أن يصلي الفريضة على الراحلة إلا إذا منع من مباشرة الأرض والإتيان بالصلاة كاملة إذا منع مانع؟ إذا وجد طين كيف يسجد على الطين؟ كيف يقف على الطين؟ المقصود أنه إذا وجد مانع فالصلاة على الراحلة لا بأس به حتى في الفريضة، لكن الأصل أنه إذا لم يوجد مانع فالفريضة يحتاط لها أكثر من النافلة، منها ما هنا يصلي على الراحلة نافلة، ولا يصلي على الراحلة فريضة. يصلي من قعود وهو قادر على القيام في النافلة ويستحق بذلك نصف الأجر لكنه لا يصلي فريضة من قعود وهو يستطيع القيام، وجاء في الباب: ((صلاة القاعد على النصف من أجر صلاة القائم)) وجاء فيه أيضاً حديث عمران بن حصين: ((صل قائماً، فإن لم تستطع فقاعداً، فإن لم تستطع فعلى جنب)) ((صلاة القاعد على النصف من أجر صلاة القائم)) وهناك: ((صل قائماً، فإن لم تستطع فقاعداً، فإن لم تستطع فعلى جنب)) لماذا خص النص الأول بالنافلة والثاني بالفريضة؟ لماذا لا تدخل النافلة في هذا الحديث؟ وما الذي أخرج النافلة من هذا الحديث؟ ((صلِ قائماً)) سواءً كانت فريضة أو نافلة، وقد يقول صاحب الطرف الآخر: ((صلاة القاعد على النصف من صلاة القائم)) في الفريضة والنافلة، إذا كان لا يريد الأجر كامل، مفرط، زاهد في الأجر، ومستطيع للقيام، نعم؟ طالب:. . . . . . . . .

نقول: لا يوجد ما يمنع من دخول النافلة في حديث عمران بن حصين ((صلِ قائماً)) لو لم يرد غيره لقلنا: إنه شامل للفريضة والنافلة، والحديث الثاني: ((صلاة القاعد على النصف من أجر صلاة القائم)) لو لم يرد حديث عمران لقلنا: إنه شامل للفريضة والنافلة، لماذا خصصنا حديث عمران بالفريضة والحديث الثاني بالنافلة؟ حديث عمران ألا يمكن أن يشمل الفريضة والنافلة؟ شخص صحيح سليم معافى، يقول: الرسول -عليه الصلاة والسلام- يقول: ((صلاة القاعد على النصف من أجر صلاة القائم)) أنا بصلي قاعد، ما أبي إلا النصف الفريضة، نقول: صلاتك صحيحة وإلا باطلة؟ طالب:. . . . . . . . . لماذا؟ ترى يلزم على هذا الدور يا الإخوان، نوجه النصوص بكلام الفقهاء المستنبط من النصوص؟ ما يجي هذا، خلونا في دائرة النصوص، التي هي منها المأخذ، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . طيب لو شفت واحد يتنفل، يصلي نافلة قاعد ويش تقول له؟ تقول له: صل قائماً فإن لم تستطع .... إذا كنت لا تستطيع اجلس؟ طالب:. . . . . . . . . هذا الكلام الذي أنا قلته الآن، أنا أقول: لا نوجه النصوص بكلام الفقهاء المستنبط من النصوص، يعني نوجه نص بكلام مأخوذ من النص يلزم عليه الدور هذا، نرتب كلام على كلام مرتب عليه، هذا الدور. طالب:. . . . . . . . . هذه مسألة ثانية، مسألة الراحلة غير، مسألة الراحلة غير، الكلام على ((صل قائماً، فإن لم تستطع فقاعداً)) طالب:. . . . . . . . . وحديث عمران ويش تسوي به؟ ((صل قائماً، فإن لم تستطع فقاعداً؟ )) طالب:. . . . . . . . . لو قال: أنا أريد أن أصلي نافلة في الشتاء القارس لكن مانا بمتوضئ برد -والله مانا بمتوضئ- نقول: ما يخالف لك نصف الأجر؟ ما يجي، شروط ما يمكن نتنازل عنها إلا بنصوص، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . كيف؟ طالب:. . . . . . . . . ويش يقول؟ طالب:. . . . . . . . . اللهم صلِ عليه، ويش يصير؟ طالب:. . . . . . . . .

من القواعد المقررة عند أهل العلم: "أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب"، "العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب"، وعموم حديث عمران يشمل الفريضة والنافلة، وعموم حديث: ((صلاة القاعد)) يشمل الفريضة والنافلة "العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب" وعلى هذا الأساس هذا التعارض الموجود بين الحديثين لا بد من دفعه، لا بد من دفع هذا التعارض، حديث: ((صلاة القاعد على النصف من أجر صلاة القائم)) له سبب، حديث عمران بن حصين له سبب، سبب الحديث حديث: ((صلاة القاعد على النصف من أجر صلاة القائم)) النبي -عليه الصلاة والسلام- دخل المسجد والمدينة محمة فوجدهم يصلون من قعود، فوجدهم يصلون من قعود فقال -عليه الصلاة والسلام-: ((صلاة القاعد على النصف من أجر صلاة القائم)) فتجشم الناس الصلاة قياماً، فدل على أن هذا الحديث إنما ورد في النافلة، إيش الدليل أنها نافلة؟ أنهم صلوا قبل حضوره -عليه الصلاة والسلام-، لا يصلون الفريضة قبل حضوره، هو الإمام، هذا في النافلة من جهة، ومن جهة أخرى هو في حق المستطيع، هو في حق المستطيع بدليل أنهم تجشموا القيام فاستطاعوا، وإلا من صلى النافلة وهو قاعد عاجز عن القيام أجره نصف وإلا كامل؟ كامل، وحملنا هذا الحديث وقصرناه على سببه، حملناه على النافلة؛ لأن السبب في النافلة؛ لأن عمومه معارض بعموم هو أقوى منه، ولذا قولهم: "العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب" ليس على إطلاقه، قد نحتاج خصوص السبب لدفع التعارض، لدفع التعارض. "ولأبي داود: من حديث أنس -بإسناد حسن -رضي الله عنه-: "وكان إذا سافر" إذا سافر أخذ منه الجمهور أن التطوع على الراحلة لا يسوغ إلا في السفر، وجمع من أهل العلم يقولون: إذا كان مبنى التطوع على التساهل والتسامح فيجوز أيضاً في الحضر، لا سيما في مثل هذه الظروف والأحوال التي يطول فيها البقاء في السيارات.

"وكان إذا سافر وأراد أن يتطوع استقبل بناقته القبلة" يكبر تكبيرة الإحرام إلى جهة القبلة، ثم بعد ذلك يتجه إلى الوجه التي يريدها "ثم صلى حيث كان وجه ركابه" وإسناده حسن" كما ذكرنا، الصلاة في السيارة عرفنا أن السيارة حكمها حكم الراحلة، لا تجوز أن تصلى الفريضة فيها، اللهم إلا إذا تصور أن يؤتى بالصلاة كاملة بركوعها وسجودها بجميع أركانها، الصلاة في السفينة أو في الطائرة، الصلاة في الراحلة لا يجوز أن تصلى الفريضة, وهذا خاص بالنافلة؛ لأنه بإمكانه أن يقف ويصلي، لكن الصلاة في السفينة أو في الطائرة، حتى الفريضة يصليها على حسب حاله؛ لأنه لا يستطيع إيقاف هذه الآلة، لو أوقف السفينة يبي يصلي وين يبي يصلي؟ بالبر وإلا بالبحر؟ يصلي على حسب حاله {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [(16) سورة التغابن] لكن إن كان غلبة الظن أنه يصل إلى البر قبل خروج الوقت فتأخير الصلاة لتؤدى كاملة بأركانها وواجباتها أولى، نعم. "وعن أبي سعيد الخدري -رضي الله تعالى عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((الأرض كلها مسجد إلا المقبرة والحمام)) رواه الترمذي, وله علة. وعن ابن عمر -رضي الله تعالى عنهما-: "أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى أن يصلى في سبع مواطن: المزبلة, والمجزرة, والمقبرة, وقارعة الطريق, والحمام, ومعاطن الإبل, وفوق ظهر بيت الله تعالى" رواه الترمذي وضعفه. وعن أبي مرثد الغنوي -رضي الله تعالى عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((لا تصلوا إلى القبور, ولا تجلسوا عليها)) رواه مسلم". يكفي، يكفي حديث أبي سعيد صححه جمع من أهل العلم، نقل شيخ الإسلام -رحمه الله تعالى- تصحيحه عن جمع غفير من أهل العلم، وصححه الحافظ ابن حجر في التلخيص، على كل حال المتجه أنه في دائرة القبول، خبر مقبول، وإن قال الترمذي: إن له علة، وهي الاختلاف في وصله وإرساله، فالمرجح وصله، وكونه روي من طريق مرسل لا يقدح، وإن قال الدارقطني: المحفوظ المرسل، كذلك البيهقي، لكن صححه جمع من أهل العلم، فالأرض كلها مسجد، الأرض كلها مسجد، ويؤيده حديث: ((جعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً)).

الاستثناء: ((إلا المقبرة والحمام)) إلا المقبرة والحمام، وما أضيف إلى ذلك من المواطن السبعة: "المزبلة, والمجزرة, والمقبرة, وقارعة الطريق, والحمام, ومعاطن الإبل, وفوق ظهر بيت الله تعالى" لكنه خبر ضعيف، تكلم أهل العلم في زيد بن جبيرة راويه بكلام قوي، فالخبر ضعيف. على كل حال الأرض كلها مسجد ((وجعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً)) ومعروف أن الحديث من أحاديث الخصائص، من أحاديث الخصائص، إذا قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((جعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً)) مع بقية الخصائص، الخصائص تشريف للنبي -عليه الصلاة والسلام-، والاستثناء هنا: ((إلا المقبرة والحمام)) وحديث أبي مرثد: ((لا تصلوا إلى القبور، ولا تجلسوا عليها)) وهو مخرج في صحيح مسلم، فالصلاة في المقبرة مستثناة من حديث: ((جعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً)) ومثلها البقعة النجسة، وما يغلب على الظن نجاستها كالحمام، إيش معنى الحمام؟ الحمام هو موضع قضاء الحاجة وإلا الاغتسال؟ الاغتسال، المزبلة المجزرة كلها مظنة للنجاسة. نأتي إلى مسألة وهي في غاية الأهمية: الخصائص عرفنا أنها تشريف للنبي -عليه الصلاة والسلام-، فهل هذه الخصائص تقبل التخصيص فنستثني من حديث: ((جعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً)) وقوله: ((الأرض كلها مسجد)) نستثني المقبرة فنقلل هذه الخصائص؟ إذا خصصنا قللنا، وإذا قللنا الخصائص قللنا التشريف، نعم، ولذا يقول ابن عبد البر وابن حجر: "الخصائص لا تقبل التخصيص"، "الخصائص لا تقبل التخصيص" والحجة ما سمعتم أن التخصيص تقليل لهذه الخصائص، والمفترض أن الخصائص تشريف إذن نحن نقلل هذا التشريف لهذا النبي الذي هو أكرم الخلق على ربه -عليه الصلاة والسلام-.

ابن عبد البر يقول: "صلِ في المقبرة" ليش؟ يقول: إذا خصصنا المقبرة نقول له: الأحاديث صحيحة، حديث أبي مرثد: ((لا تصلوا إلى القبور))، نهى عن الصلاة .. ، ((إلا المقبرة والحمام)) يقول: إذا قللت عموم حديث الخصائص أنت قللت التشريف لهذا النبي الكريم -عليه الصلاة والسلام-، إذن الخصائص لا تقبل التخصيص فصلِ في المقبرة، كلام وجيه وإلا ليس بوجيه؟ يعني كون النبي -عليه الصلاة والسلام- يقول حديث الخصائص مبيناً شرفه ومزيته على سائر الأنبياء، ونحن نقلل هذه الخصائص؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . كلام النبي -عليه الصلاة والسلام- أولى، طيب كون هذا تقليل للتخصيص كيف نناقش ابن عبد البر؟ إمام من أئمة المسلمين يعني ما هو بإنسان عادي، نعم ليس بالمعصوم، لكنه إمام من أئمة المسلمين، كيف نناقش كلام هذا الإمام؟ يعني يخفى عليه مثل ما قلتم؟ نقول: الذي ذكر هذه الخصائص وهذا التشريف هو الذي استثنى، فنحن نستثني من كلامه بكلامه، نعم؟ يخفى عليه مثل هذا الكلام؟ هو يريد أن يحافظ على حقوق المصطفى -عليه الصلاة والسلام-، النهي عن الصلاة في المقبرة ويش هو؟ طالب:. . . . . . . . . لماذا؟ طالب:. . . . . . . . . لا، لا، ما فيها نجاسة، مقبرة المسلم طاهر حي وميت، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . لكن هذا يقول: إنها فاتتنا الصلاة وهي صلاة واحدة، والأرض جعلت مسجداً وطهوراً، أنا أقول: مثل هذا الإمام وإمامته مشهود بها لدى الخاص والعام، معروف إمامة ابن عبد البر، إمام من أئمة المسلمين، فهل يخفى عليه أن من قال الخصائص هو المستثنى؟ ما يخفى عليه، لكن يمكن أن نناقشه بكلام قد يغفل عنه، حينما يحافظ ابن عبد البر على حقوق المصطفى -عليه الصلاة والسلام- إذا عورضت حقوق المصطفى -عليه الصلاة والسلام- بحقوق الله، النهي عن الصلاة في المقبرة لحق الله -عز وجل-؛ لأن الصلاة في المقبرة ذريعة إلى الشرك، ولا شك أن المحافظة على حق الله -عز وجل- أولى من المحافظة على حق النبي -عليه الصلاة والسلام-، فالخصائص تقبل التخصيص، إذا جاء ما يخصصها من نصوص صحيحة.

الحديث الثاني: حديث ابن عمر عرفنا أنه ضعيف، المزبلة: هي الموضع الذي يلقى فيه الزبل، القمامة، المجزرة: مكان الذبح، ويقع فيها الدم المسفوح النجس، المقبرة: موضع الدفن، قارعة الطريق، قارعة الطريق: ما تقرعه الأقدام بالمرور عليها، ما تقرعه الأقدام بالمرور عليها، قارعة هل هي قارعة وإلا مقروعة؟ هاه؟ قارعة وإلا مقروعة؟ هي التي تقرع وإلا تُقرع بالأقدام؟ بالأقدام، إذن هي مقروعة؛ لأن اسم الفاعل يأتي ويراد به اسم المفعول {عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ} [(21) سورة الحاقة] وهي إيش؟ مرضية، عيشة راضية مرضية، كما أنه يأتي اسم المفعول ويراد به اسم الفاعل {حِجَابًا مَّسْتُورًا} [(45) سورة الإسراء] يعني ساتراً، وقارعة الطريق، والحمام: وهو موضع الاغتسال، نهي عن الصلاة فيه، بل جاء النهي عن دخوله في الجملة لما يوجد فيه من تسامح من بعض الناس في كشف العورات، ومعاطن الإبل: ومعاطن الإبل التي هي إيش؟ المبارك، مبارك الإبل، ومواضع إقامتها، سواءً كانت في مراحها ومحل إقامتها أو حول الموارد، أو حول الموارد. يقول: ومعاطن الإبل، وفوق بين الله تعالى، فوق الكعبة، الصلاة داخل الكعبة حكمه؟ جاء في الصحيح أن النبي -عليه الصلاة والسلام- دخل الكعبة وصلى، صلى في جوف الكعبة، لكنها صلاة نافلة، ولذا جمع من أهل العلم لا يصححون بل أكثر أهل العلم لا يصححون الفريضة داخل الكعبة، لا يصححون الفريضة داخل الكعبة، يصححون النفل لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- صلى، ومن أهل العلم من يقول: تصح الفريضة كما تصح النافلة، والنبي -عليه الصلاة والسلام- صلى إذاً تصح، لكن قول الأكثر يقتصر بما ورد على المورد، يعني يتقصر فيه على النافلة، والفريضة يطلب فيها الاستقبال للبيت كاملاً، فوق السطح الهواء لها حكم القرار، الهواء له حكم القرار، فالنافلة لا شك أنها تصح فوق السطح كما تصح في الجوف، وإن قال بعضهم: إن النافلة .. ، حتى النافلة لا تصح لأنه لم يستقبل شيئاً منها، لكن يرد عليه أن من كان في محل مرتفع، من كان في محل .. ، اللي في السطح، في سطح المسجد يستقبل شيئاً من الكعبة؟ يستقبل الجهة، والهواء له حكم القرار، والحديث على كل حال هو ضعيف.

حديث أبي مرثد الغنوي كناز بن حصن، أو كناز بن حصين، يقول: "سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا تصلوا إلى القبور, ولا تجلسوا عليها)) ((لا تصلوا إلى القبور, ولا تجلسوا عليها)) عرفنا علة النهي عن الصلاة إلى القبور، وأنها لأن الصلاة فيها ذريعة إلى الشرك، فالنهي لنجاسة الشرك لا لنجاسة الأرض الذي يقول بنجاسة الأرض يفرق بين المقبرة المنبوشة والمقبرة غير المنبوشة، ويفرق بين ما إذا صلى وباشر تراب المقبرة وبين ما إذا فرش عليها، لكن من نظر إلى العلة الحقيقية رأى أنه لا فرق بين منبوشة وغير منبوشة، بين مطينة وغير مطينة، بين مفروشة وغير مفروشة، والعلة ذريعة إلى الشرك. ((ولا تجلسوا عليها)) لا تجلسوا على القبور، جاء عن الإمام مالك -رحمه الله تعالى- جواز الجلوس على القبور، يخفى على الإمام مالك هذا الحديث؟ لم يخفَ على الإمام مالك هذا الحديث، لكنه حمله على الجلوس على القبر لقضاء الحاجة، ثبت عن ابن عمر أنه كان يجلس على القبر، ثبت عن علي -رضي الله عنه- أنه كان يجلس على القبر ويتوسده، نعم ابن عمر وعلي -رضي الله عن الجميع- قد يخفى عليهم مثل هذا الخبر، فالعبرة بما صح عن النبي -عليه الصلاة والسلام- وإن عارضه غيره كائناً من كان ((لأن يجلس أحدكم على جمرة فتحرق ثيابه فتخلص إلى جلده خير له من أن يجلس على قبر)) هذا في الصحيح. "وعن أبي سعيد -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إذا جاء أحدكم المسجد فلينظر فإن رأى في نعليه أذىً أو قذراً فليمسحه, وليصل فيهما)) أخرجه أبو داود, وصححه ابن خزيمة. وعن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إذا وطئ أحدكم الأذى بخفيه فطهورهما التراب)) أخرجه أبو داود وصححه ابن حبان.

الحديث الأول حديث "أبي سعيد -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إذا جاء أحدكم المسجد فلينظر فإن رأى في نعليه أذىً أو قذراً فليمسحه)) في الأرض، والمسح شامل بأن يكون في الأرض أو بما يمكن أن يسمح به من تراب أو منديل وما أشبه ذلك ((وليصل فيهما)) فليمسحه وليصل فيهما، الحديث صحيح، صححه ابن خزيمة وخرجه أبو داود، وإن اختلف في وصله وإرساله فرجح أبو حاتم الوصل، فالحديث صحيح: ((إذا جاء أحكم المسجد فلينظر)) يعني يحتاط لطهارة المسجد ونزاهة المسجد إذا كان تنظيف المسجد من أدنى شيء من القذاة رتب عليه الثواب العظيم فمن يتسبب في تلويثه لا شك أنه مسيء، وإذا كانت النخاعة خطيئة في المسجد فإدخال النجاسات إليه أعظم. ((فلينظر)) ينظر في نعليه ((فإن رأى فيهما أذىً أو قذراً)) فعليه أن يمسح، ثم بعد ذلك بعد هذا المسح تطهر النعل، تطهر النعل ولو كانت نجاسة، إذا ذهبت عينها بالمسح طهرت، وهذا من المطهرات في هذا الموضع، من المطهرات في هذا الموضع، وتطهير كل عين بحسبها، الأصل أن التطهير لا يكون إلا بالماء، لكن جاء تطهير النعل بالمسح، وتطهير بول الطفل الذي .. ، الغلام الذي لم يأكل الطعام بالرش والنضح، تطهير المذي بالنضح، تطهير السكين بعد الذبح بالمسح، كما قرر ذلك جمع من أهل العلم، تطهير .. ، شيخ الإسلام يرى أن تطهير ما يتلفه الماء يكتفى بمسحه، لو وقعت نجاسة على كتاب مثلاً، والكتاب يتلفه الماء، نغسل الكتاب وإلا نكتفي بمسحه؟ على رأي الشيخ نكتفي بمسحه، وهكذا فالصقيل يكتفى بمسحه، وما يتلفه الماء يكتفى بمسحه؛ لأنه إضاعة للمال، وأما ما عدا ذلك فيبقى كل موضع على حسب ما جاء فيه من نص. حديث "أبي هريرة" وهو شاهد الحديث الذي قبله "-رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إذا وطئ أحدكم الأذى بخفيه فطهورهما التراب)) له شواهد أيضاً من حديث عائشة وغيرها ((إذا وطئ أحدكم -داس أحدكم- الأذى بخفيه فطهورهما التراب)) يمسح هذا الأذى بالتراب، وبعد ذلك يصلي فيهما، نعم.

"وعن معاوية بن الحكم -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس, إنما هو التسبيح, والتكبير, وقراءة القرآن)) رواه مسلم. وعن زيد بن أرقم أنه قال: "إنا كنا لنتكلم في الصلاة على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يكلم أحدنا صاحبه بحاجته حتى نزلت: {حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ والصَّلاَةِ الْوُسْطَى وَقُومُواْ لِلّهِ قَانِتِينَ} [(238) سورة البقرة] فأمرنا بالسكوت, ونهينا عن الكلام" متفق عليه, واللفظ لمسلم. نعم، حديث "معاوية بن الحكم -السلمي- قال له الرسول الله -عليه الصلاة والسلام-: ((إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس, إنما هو التسبيح, والتكبير, وقراءة القرآن)) وهذا له سبب، وهو أن رجلاً عطس في الصلاة فشمته معاوية، هو صاحب القصة، شمته معاوية فرماه الناس بأبصارهم، أنكروا عليه، أنكر عليه الصحابة، فقال له النبي -عليه الصلاة والسلام- مقراً لهذا الإنكار: ((إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس)) كانوا يتكلمون بقدر الحاجة، يردون السلام، يشمتون العاطس حتى نزل قول الله -جل وعلا-: {وَقُومُواْ لِلّهِ قَانِتِينَ} [(238) سورة البقرة] هنا كأن القصة إنما حصلت بعد نزول الآية، ولذا قال له النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس, إنما هو التسبيح, والتكبير, وقراءة القرآن)) ولذا يخطئ من يسترسل بالكلام بالقنوت مثلاً بعض الناس إذا شرع في القنوت كأنه يخطب، بل بعضهم يأتي بعبارات صحفية، وبعضهم يعتدي في الدعاء، المقصود أن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس، فعلينا أن نحتاط لها، فإذا دعا الإنسان في القنوت أو في السجود إن لم تكن هناك حاجة محددة يطلبها من الله -عز وجل- أن يقتصر على الأدعية المأثورة، ليضمن صحة صلاته؛ لأن الأدعية المأثورة ليست من كلام الناس، ومثل القنوت دعاء الختم، ختم القرآن الذي يفعل في بعض الجهات إذا أنهى قراءة القرآن في غير موضع القنوت يشرع في الأدعية التي منها المشروع ومنها غير المشروع، وتذكر فيها أسماء الأشخاص، ويدعى فيها على أشخاص وغير ذلك.

المقصود أن مثل هذا لا ينبغي التوسع فيه، وإن كان جنسه مشروع الذي هو أصل الدعاء، لكن يبقى أن الإنسان يحتاط لهذه الصلاة التي لا يصلح فيها شيء من كلام الناس، إنما هو التسبيح والتكبير، التسبيح في الركوع السجود، التكبير في الانتقال مع تكبيرة الإحرام، قراءة القرآن، الدعاء في السجود وبعد الفراغ من التشهد، ثم ليتخير من المسألة ما شاء، على أن يكون من الأدعية المأثورة التي ليس فيها تعد ولا ظلم ولا قطعية رحم.

زيد بن أرقم يقول: "إن كنا لنتكلم في الصلاة على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، يكلم أحدنا صاحبه بحاجته, حتى نزلت: {حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ والصَّلاَةِ الْوُسْطَى وَقُومُواْ لِلّهِ قَانِتِينَ} [(238) سورة البقرة] فأمرنا بالسكوت" القنوت له معاني كثيرة، القنوت له أكثر من عشرة معاني، منها: السكوت، منها: الدعاء، منها: طول القيام، لكن من معانيه السكوت، وهو المناسب هنا، "فأمرنا بالسكوت، ونهينا عن الكلام" {وَقُومُواْ لِلّهِ قَانِتِينَ} يعني ساكتين، الحديث مخرج في الصحيح، "إن كنا لنتكلم في الصلاة" والمراد بذلك ما لا بد منه من الكلام من رد سلام، وتشميت عاطس، وما أشبه ذلك، ما هو معناه إذا صفوا في الصلاة أخذوا بأطراف الحديث ما قرب منه وما بعد، يمضون الوقت بحديث الركب، لا، إنما هو بقدر الحاجة، ثم بعد ذلكم نهوا عن الكلام، فصارت الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس، ولذا يقول: "فأمرنا بالسكوت، ونهينا عن الكلام" {وَقُومُواْ لِلّهِ قَانِتِينَ} [(238) سورة البقرة] {وَقُومُواْ لِلّهِ قَانِتِينَ} [(238) سورة البقرة] هذا أمر بالقنوت الذي هو السكوت، وفي قوله: "نهينا عن الكلام" ما يدل على أن الأمر بالشيء نهي عن ضده، الصحابي فهم ذلك، يعني مفاد الآية {وَقُومُواْ لِلّهِ قَانِتِينَ} [(238) سورة البقرة] قلنا: القنوت هو السكوت، قوموا لله حال كونكم قانتين، يعني أمروا بأن يسكتوا في الصلاة، هل نهوا عن الكلام؟ نعم نهوا صراحة وإلا التزاماً ولزوماً؟ لأن من لازم الأمر بالسكوت النهي عن الكلام، ولذا يقرر أهل العلم أن الأمر بالشيء نهي عن ضده، والنهي عن الشيء أمر بضده، لا سيما إذا لم يكن له إلا ضد واحد، أما إذا كان له أضداد فالمسألة تختلف؛ أظن هذا ظاهر؛ لأنه يقول: "نهينا عن الكلام" ما فيه نهي هذا أمر، يعني ((إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين)) نهي عن الجلوس بدون صلاة، هل مفاد هذا أنه أمر بالصلاة؟ نعم، الأمر بالشيء نهي عن ضده، والنهي عن الشيء أمر بضده إذا كان له ضد واحد، فمن تكلم في صلاته عالماً عامداً، ويختلفون فيما إذا كان الكلام لمصلحة الصلاة، كما في حديث ذو اليدين فإن صلاته باطلة،

لكن إذا كان الكلام لمصلحة الصلاة فالمسألة خلافية، وحديث ذو اليدين يدل على أن الكلام لمصلحة الصلاة لا بأس به بقدر الحاجة، نعم. "وعن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((التسبيح للرجال, والتصفيق للنساء)) متفق عليه، زاد مسلم: ((في الصلاة)). وعن مطرف بن عبد الله بن الشخير, عن أبيه -رضي الله تعالى عنه- قال: "رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصلي, وفي صدره أزيز كأزيز المرجل من البكاء" أخرجه الخمسة إلا ابن ماجه, وصححه ابن حبان". نعم حديث أبي هريرة المتفق عليه، المخرج في الصحيحين "قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((التسبيح للرجال)) " يعني أن اللائق بالرجال هو التسبيح، ((والتصفيق)) وفي رواية: ((التصفيح)) ((للنساء)) ((التسبيح للرجال)) لأن أصواتهم لا تفتن، وأما النساء باعتبار أن صوت المرأة مما يثير الفتنة فلا ينبغي أن يظهر في العبادة على خلاف بين أهل العلم في صوتها هل هو عورة أو ليس بعورة؟ واتفاقهم على تحريم الخضوع بالقول، فالرجل يناسبه التسبيح سبحان الله، ((والتصفيق للنساء)) وهذا في الصلاة {وَمَا كَانَ صَلاَتُهُمْ عِندَ الْبَيْتِ إِلاَّ مُكَاء وَتَصْدِيَةً} [(35) سورة الأنفال] المكاء: الصفير، والتصدية: التصفيق، فهذا أولاً المسألة في شرع من قبلنا، وأيضاً هو باقٍ على المنع منه، لكن ارتكاب مثل هذا الضرر لتحصيل مصلحة أعظم منه، وهو تصويب هذه الصلاة التي حصل فيها الخلل بالتصفيق بالنسبة للنساء، هو من باب ارتكاب أخف الضررين، الأصل أن التصفيق منهي عنه، لا سيما في الصلاة؛ لأن فيه مشابهة لمن؟ للكفار، الذين كانت عبادتهم تصدية وتصفيق، فهذا التصفيق بالنسبة للنساء يحقق مصلحة هي أرجح من مفسدة مشابهة أولئك، وهي أيضاً أرجح من مفسدة ظهور صوت المرأة في الصلاة، ولا شك أن ارتكاب أخف الضررين أمر مقرر شرعاً، فإذا ناب في الصلاة شيء، وجد شيء من الخلل سبح الرجل وصفقت المرأة.

حديث "مطرف بن عبد الله بن الشخير عن أبيه" مطرف بن عبد الله سيد جليل من سادات التابعين، وأبوه صحابي يقول: "رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصلي وفي صدره أزيز كأزيز المرجل" القدر إذا كان على النار وهو يفور، مع الأسف أن هذا يكاد أن يكون مما اندرس، حتى -مع الأسف الشديد- من بعض طلاب العلم، ولا أبالغ إذا قلت: إن بعض العامة قد يوجد منه مثل هذا الأمر، وكثير من طلاب العلم بسبب الغفلة والانشغال فيما لا فائدة فيه، مما فتح على طلاب العلم من أبواب الجرح والتعديل التي لا يستفيد منها كثير، هذه صار له عقوبات، صار له حرمان من بركة العلم والعمل، أنا لا أقول: كل طلاب العلم بهذه .. ، لكنه موجود على كل حال، بعض طلاب العلم -مع الأسف- همه قال فلان، قال علان، القدح في العلماء، القدح في .. ، عليك بخويصة نفسك، الزم عليك نفسك، أصلح نفسك أولاً، تفقد الخلل الذي لديك، يعني يندر أن نسمع من يصلي وفي صدره أزيز كأزيز المرجل من البكاء، من قلبه حاضر لصلاته، يتدبر ما يقرأ ويتأمل، والله المستعان.

والأزيز: هو الصوت، الصوت الناتج من الغليان، غليان القدر إذا وضع على النار يفور، وخرج البخاري عن عمر -رضي الله عنه- أنه قرأ سورة يوسف حتى إذا بلغ قوله -جل وعلا-: {إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللهِ} [(86) سورة يوسف] سمع نشيجه -رضي الله عنه وأرضاه-، وإلى وقت قريب ونحن نسمع من الأئمة ومن خلفهم مثل هذا الأمر، وإلى وقت قريب أيضاً في ليلة الثالث عشر أو الثاني عشر، ليلة الثالث عشر عند قراءة سورة هود، الثاني عشر أو الثالث عشر، نعم، الناس يبكون، يسمع لهم شيء من هذا كثير، وبعض الأئمة يقصد وإن لم يكن صوته من الجمال بحيث يؤثر في الناس لكنه يتأثر ويؤثر، وإن كان الحديث الوارد في هود، وأن النبي -عليه الصلاة والسلام- سئل عن شيبه، سأله أبو بكر: أراك شبت يا رسول الله؟ قال: ((شيبتني هود وأخواتها)) لكن هود لا شك أنها مؤثرة، الخبر مضطرب، وبعضهم يرجح بعض الروايات على بعض وينتفي الاضطراب، لكن على كل حال هي مؤثرة سواءً ثبت الخبر أو لم يثبت، وعندنا بعض الناس يقرأ سورة هود وكأنه يقرأ جريدة لا أثر ولا تأثير، نسأل الله السلامة والعافية، وهذا يخشى أن يكون من مسخ القلوب، ومعلوم أن مسخ القلوب أشد من مسخ الأبدان، فعلينا جميعاً أن نعتني بهذا الباب، نعم. "وعن علي -رضي الله تعالى عنه- قال: "كان لي من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مدخلان, فكنت إذا أتيته وهو يصلي تنحنح لي" رواه النسائي وابن ماجه. وعن ابن عمر -رضي الله تعالى عنهما- قال: "قلت لبلال: كيف رأيت النبي -صلى الله عليه وسلم- يرد عليهم حين يسلمون عليه وهو يصلي? قال: يقول هكذا, وبسط كفه" أخرجه أبو داود والترمذي وصححه.

حديث علي أولاً: الحديث ضعيف، يقول: "كان لي من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مدخلان, فكنت إذا أتيته وهو يصلي تنحنح لي" والحديث مخرج عند النسائي وابن ماجه وهو ضعيف، وإن صححه ابن السكن، وجاء بلفظ: "سبح لي" بدل "تنحنح" وهي أيضاً ضعيفة، إلا أنها أمثل من رواية: "تنحنح" مع أن الحديث بلفظيه مضعف، هل نقول: إن الروايتين يشهد بعضهما لبعض؟ نعم، يشهد واحد للثاني؟ الحديث واحد نعم من طريق صحابي واحد من طريقه هو، نعم ما يرتقي، لا سيما وأن فيه اختلاف، نعم فيه اختلاف بين (تنحنح) و (سبح) قد يقول قائل: إنه أحياناً يتنحنح وأحياناً يسبح فيرتفع الاختلاف، نقول: مثل هذا الكلام لو صح الخبر باللفظين لقلنا: إنه أحياناً يفعل كذا، وأحياناً يفعل كذا، وأنه لا تعارض بينهما. "وعن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: "قلت لبلال: كيف رأيت النبي -صلى الله عليه وسلم- يرد عليهم حين يسلمون عليه وهو يصلي? كيف يرد عليهم؟ وهذا أمر ينبغي أن يعتنى به، إذا دخل شخص وآخر يصلي فقال الداخل: السلام عليكم، يتركه حتى إذا سلم قال: وعليكم السلام؟ أو يرد عليه بالحال بالإشارة؟ أو نقول: هذا شغل المصلي فلا يستحق الرد؟ هذا الحديث الذي معنا حديث ابن عمر "قلت لبلال: كيف رأيت النبي -صلى الله عليه وسلم- يرد عليهم حين يسلمون عليه" دليل على أنه يرد عليهم، السؤال عن الكيفية نعم، تجاوز وتعدي لمرحلة السؤال عن الوجود، دل على أنهم يسلمون ويرد، نعم، دل على أنهم يسلمون ويرد، لكن السؤال المسئول عنه كيفية الرد، فيرد عليهم بالإشارة فيبسط كفه، يعني بدل ما هو واضع يده على صدره يبسط كفه، نعم، "يقول هكذا, وبسط كفه" هنا فيه إطلاق القول على الفعل إطلاق القول على الفعل، وهذا كثير في النصوص، قال بيديه هكذا، في التيمم، فيطلق القول على الفعل، وهنا "يقول هكذا, وبسط كفه" يعني جعل ظهرها إلى السماء وبطنها إلى الأرض "أخرجه أبو داود والترمذي وصححه" الترمذي يقول: "صحيح".

جاء عند أحمد وابن حبان وغيرهما أن المسئول صهيب، قلت لصهيب: كيف رأيت النبي -عليه الصلاة والسلام-، ولا يمنع أن يكون المسئول مرة بلال ومرة صهيب، ولذا ذكر الترمذي أن الحديثين صحيحان معاً، جميعاً صحيحان، نعم. "وعن أبي قتادة -رضي الله تعالى عنه- قال: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصلي وهو حاملُ أمامةَ بنت زينب, فإذا سجد .. " حاملُ إيش؟ وهو؟ "وهو حاملُ أمامةَ .. " بالتنوين وإلا بغير تنوين؟ طالب: بالتنوين. حاملٌ أمامةَ، طيب حاملُ أمامةَ؟ طالب:. . . . . . . . . أمامة يختلف وضعها بالإضافة أو بالقطع؟ طالب: أمامة ما يختلف لكن بنت. هاه؟ طالب: بنت زينب. نعم، الأثر يأتي في الوصف، الابن والبنت وصف، أو بدل أو بيان مما قبله، هو تابع لما قبله، فإذا قلت: حاملُ أمامةَ بنتِ، أو تقول: حاملٌ أمامةَ بنتَ وأيهما أرجح؟ في قاعدة وإلا مجرد استحسان؟ {بَالِغُ أَمْرِهِ} [(3) سورة الطلاق] {مُنذِرُ مَن يَخْشَاهَا} [(45) سورة النازعات] بالتنوين أو بدونه؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . يعني ما قرئ بالغٌ أمره؟ ومنذرٌ من يخشاها؟ الجواز جائز، الوجهان جائزان، لكن أيهما أرجح؟ منذرُ جيشٍ، لو قال: كأنه منذرٌ جيشاً، يجوز، نعم؟ يجوز، لكن أيهما أرجح؟ أو من الدقائق التي لا تهم مثل هذه؟ في العربية؟ طالب:. . . . . . . . . راجعوها يا الإخوان، راجعوها. {مُنذِرُ مَن يَخْشَاهَا} [(45) سورة النازعات] في أي سورة؟ طالب:. . . . . . . . . كيف؟ طالب:. . . . . . . . . قراءتك أنت المعتمدة عندك، لكن القراءات الأخرى؟ ومتى يترجح هذا؟ ومتى يرجح هذا؟ بعض القراءات ترجح بالعربية، لو رجعت إلى تفسير القرطبي في آخر سورة النازعات شفت ويش لون .. ؟ متى يرجح هذا ومتى يرجح ذاك؟ نعم. "قال: كان -صلى الله عليه وسلم- يصلي وهو حاملُ أمامةَ بنتَ زينب، فإذا سجد وضعها, وإذا قام حملها" متفق عليه". انتظر قليلاً يبي يغير الشريط. "فإذا سجد وضعها, وإذا قام حملها" متفق عليه، ولمسلم: "وهو يؤم الناس في المسجد".

وعن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((اقتلوا الأسودين في الصلاة: الحية والعقرب)) أخرجه الأربعة, وصححه ابن حبان. حديث "أبي قتادة -واسمه هاه؟ الحارث بن ربعي - رضي الله عنه- قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" (كان) تدل على الاستمرار وإلا لو حصل مرة نقول: كان؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . هنا كان، الأصل فيها الاستمرار، لكن هنا ما حصل إلا مرة واحدة، فالمقصود به أنه وجد "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصلي" والصلاة هذه فريضة، جاء البيان في بعض الروايات أنهم كانوا ينتظرونه لصلاة الظهر فدخل -عليه الصلاة والسلام- وهو حامل أمامة بنت زينب بنت الرسول -عليه الصلاة والسلام-، وأبوها أبو العاص بن الربيع، نسبت إلى أمها لشرف النسبة إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-، فيحملها -عليه الصلاة والسلام- الرءوف الرحيم، المربي، العطوف، وهو بهذا يريد أن يجتث ما كانت الجاهلية تتسم به من كره للبنات، وإيثار للبنين، فهو حمل هذه الطفلة في أشرف مقام بين يدي الله -عز وجل-.

"حاملٌ أمامة بنت زينب" هذا الحمل في حال القيام والجلوس يتصور فيه الحمل، لكن "إذا سجد وضعها، وإذا قام حملها" فهو إمام والصلاة فريضة، وهو يؤم الناس وطالت مناقشات عند المالكية حول هذا الحديث منهم من يقول: هو منسوخ، ومنهم من يقول: هو للحاجة والضرورة، إذا لا يوجد من يكفيه أمر هذه البنت -عليه الصلاة والسلام-، في أقوال كثيرة، لكنه لبيان الجواز، لبيان الجواز، وأن مثل هذا الفعل جائز في الصلاة؛ ما دام فعله القدوة -عليه الصلاة والسلام- فلا مانع من أن يحمل الإنسان هذا الطفل، لا سيما إذا كان في مقام تعليم واقتداء إذا كان ممن يقتدى به، أما إذا كان لا يترتب على حملها مصلحة، والحاجة ليست داعية، فعلى الإنسان أن يقبل على صلاته "إذا سجد وضعها، وإذا قام حملها" دل على جواز حمل المصلي الطفل، إذا تحقق من طهارته، وأن ما في جوفه معفو عنه، وأن مثل هذه الأفعال لا تبطل الصلاة، وأخذ من هذا الحديث جواز القراءة من المصحف في الصلاة؛ لأن حمل المصحف ووضع المصحف ليس بأشد من حمل هذه البنت ووضعها، إضافة إلى أن عائشة -رضي الله عنها- اتخذت إمام يقرأ من المصحف، الحنفية يمنعون القراءة من المصحف، لكن الحديث دليل ظاهر لهذه المسألة، إذا لم يوجد حافظ، وأمكنت القراءة من المصحف لا بأس حينئذٍ، وليس المصحف بأشد من حمل هذه البنت. منهم من يقول في الإجابة عن هذا الحديث: "إن هذه البنت كانت تعلق به من غير علمه" كيف من غير علمه وقد دخل حاملاً لها على عاتقه وهم ينتظرونه للصلاة؟! المقصود أن المناقشات حول الحديث طويلة جداً أفاض الشراح في المطولات في بيانها وردها، والحافظ ابن حجر استوعب كثيراً منها، ابن دقيق العيد أيضاً في شرح العمدة بين كثير منها، المقصود أن هذا ليست هناك ضرورة ولا حاجة وإنما فعله -عليه الصلاة والسلام- لبيان الجواز، فلا مانع أن يحمل الإنسان شيئاً طاهراً ولا أثر له في صلاته، لا سيما إذا كان بحيث يقتدى به، ليبين الجواز للناس، أما أن يكون ديدن كل فرض، أو كل صلاة وشايل معه شيء هذا ينشغل به، عليه أن يقبل على صلاته، لكن الصلاة لا تبطل بمثل هذا.

حديث "أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((اقتلوا الأسودين في الصلاة: الحية والعقرب)) أخرجه الأربعة, وصححه ابن حبان" الحديث صحيح، والأسودان جاء تفسيرهما في الحديث الحية والعقرب، وهل الوصف بالسواد وصف مؤثر بمعنى أنه إذا لم تكن الحية سوداء والعقرب سوداء ما تقتل؟ أو نقول: إن الوصف أغلبي، أغلبي وفي حكم السوداء الحية البيضاء، الحية الـ ... ، وغير ذلك من الألوان، وكذلك العقرب الصفراء، وأهل المعرفة والخبرة يرون أن الصفراء أشد شراً من السوداء، فكونها سوداء لا أثر له، إنما الأثر كونها حية، كونها حية يترتب على تركها الضرر له أو لغيره، وكذلك عقرب، فدل على ((اقتلوا)) الأمر بقتل هذه الأمور والأشياء المؤذية والمنصوص عليه مؤكداً قتله، فعلى هذا يقتل ولو ترتب على القتل حركة، تقدم وتأخر وأخذ آلة وأخذ شيء لا مانع؛ لأن امتثال الأمر لا يتم إلا بهذا، ويقاس عليه كل مؤذي، أو جاء ذئب أو أسد أو شيء مؤذي يخاف على نفسه أو على غيره منه يقتله، إذا تكلم لإنقاذ غريق من هلكة أو إنسان يخشى عليه فمثل هذا لا يؤثر -إن شاء الله-، والله أعلم. وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. ثواب الأعمال التعبدية لم يرد فيها نص كقراءة القرآن مثلاً والذكر جاء في الحديث وصول الحج وأنه يقبل النيابة، وصول الصدقة، وصول الدعاء، وجاء النهي عن الصلاة: ((لا يصلي أحد عن أحد)) فالعبادات المحضة لا تقبل النيابة، الصيام عبادة لكن جاء في الحديث: ((من مات وعليه صوم صام عنه وليه)) وإن كان المتجه عند شيخ الإسلام وابن القيم وهو المذهب عند الحنابلة أن هذا خاص بصيام النذر، فيما أوجبه الإنسان والتزمه على نفسه مما لم يوجب بأصل الشرع.

على كل الاقتصار على موارد النصوص هو الأصل، وإن كان من أهل العلم من يرى أن كل قربة فعلها وأهدى ثوابها لحي أو ميت فإنه يصل، فإنه يصل، والولد من الكسب، الولد من الكسب، فالدخول في عموم هذه الآية له وجه، لكن إذا اقتصر المسلم على مورد النص اكتفى بالدعاء، اكتفى بالصدقة، حج عن قريبه، حج عن أبيه، حج عن أمه إلى آخره، وفي هذه الأبواب ما يغني عن الاستطراد وفعل ما لم يرد خشية أن يدخل في حيز الابتداع، لكن لو فعل قرأ القرآن وجعل ثوابه لأبيه أو لأمه لا شك أن هذا قول معتبر عند أهل العلم، وإن لم يكن راجحاً. يقول: إذا بدأت أصلي سنة دخول المسجد وأنا في الركعة الأولى أو في سجود الركعة الأولى وجاء الإمام وأقيمت الصلاة فهل أقطع صلاتي لأدخل معهم؟ ((إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة)) وفي القرآن النهي عن إبطال العمل، فإذا كانت الصلاة مضى منها ما يسمى صلاة، فإبطاله فيه نظر، فإذا صلى صلاة كاملة، ركعة كاملة يتم الباقي خفيف ويلحق به، أما إذا لم يصلِ ركعة كاملة فإنه حينئذٍ يقطعها. بعض الناس عندما يدخل المسجد يلقي السلام ويكون الموجودون مشغولين بين مصلٍ وقارئ للقرآن، فهل يكره السلام في هذا الموضع؟ وماذا عن رد السلام من قبل الجالس؟ إذا كان النبي -عليه الصلاة والسلام- يسلم عليه وهو يصلي، وهو يصلي ويرد السلام بالإشارة، فالداخل يسلم والقارئ يرد، والجالس يرد، والمصلي يرد بالإشارة أيضاً. يقول: ما حكم صلاة الجماعة للنساء في المدارس؟ أولاً: النساء ليس عليهن جماعة، ليس عليهن جماعة، لكن إذا رأى مجموعة من النساء كون صلاتهن الجماعة مجتمعات أحفظ لصلاتهن وبعضهن ما يتقن الصلاة أو يستعجل في صلاته، فرأوا من المصلحة أن يصلوا جميعاً لتؤدى الصلاة على أكمل وجه هذا له وجه، لكن الأصل أن الجماعة للرجال وليست للنساء. يقول: وقد تجبر البنات على الصلاة وهي على عذر؟ يحرم أن تصلي وهي معذورة، وعليها العذر، عذر حيض، لا تصح منها الصلاة بل تحرم عليها. ما حكم إذا صلين فرادى ولسن جماعة؟ جائز، هذا هو الأصل. ما صحة ما ورد من شرب الماء في النافلة؟

ورد عن ابن الزبير، وليس فيه خبر مرفوع، بعض التجاوزات عن بعض السلف ورد عنهم فتح الباب، وإطفاء السراج، المقصود المحتاج إليه في النافلة أمره أخف، ولو قدر أنه ازداد عليه البرد فالتحف أو ازداد عليه الحر فخلع وهو في النافلة إذا كان القصد صحيح لمصلحة الصلاة فلا بأس به -إن شاء الله تعالى-. هل الإلمام باللغة العربية ضروري خاصة في الأحكام الفقهية؟ وهل تنصحون طلاب العلم بأن يكونوا ملمين باللغة العربية؟ أولاً: الكتاب والسنة باللغة العربية، اللغة العربية هي لغة هذه الأمة، هي لغة الكتاب، الكتاب دستور هذه الأمة، فلا يمكن أن يفهم الكتاب إلا باللغة العربية، وكم من حكم بل كم من نص تغير الاستنباط منه تبعاً لتغير إعرابه، هذا من حيث إعراب الكلمات، أما من حيث المعاني -المعاني اللغوية- المفردات، متن اللغة كم من كلمة حرفت بسبب الجهل بالعربية، كم من كلمة حرفت، هناك حقائق يجريها بعض من لا يعرف العربية على أعرافهم، والأعراف تختلف اختلاف كلي في بعض الأحيان -الأعراف- عن الحقائق الشرعية، على سبيل المثال لو جاء شخص عنده أموال لكنه في عرف الناس محروم لا ينفق على نفسه من هذا المال، فيأتي من يقول: هذا يعطى من الزكاة {فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ* لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ} [(24 - 25) سورة المعارج] وهذا محروم، هذا سببه الجهل بالعربية، سببه الجهل بالعربية، فالحديث: ((ذكاةُ الجنين ذكاةُ أمه)) بالرفع، عند جمهور العلماء بالرفع، وعلى هذا يكتفى بذكاة الأم عن ذكاة الجنين، فتكون ذكاة الجنين هي ذكاة أمه، إذا قرأناها بالنصب ذكاة الجنين ذكاةَ أمه اختلف الحكم، وأنه لا بد أن يذكى كذكاة أمه، وبهذا يقول الحنفية. المقصود أن العربية معرفتها أمر لا بد منه لفهم النصوص، لفهم النصوص، بفروعها العشرة المعروفة عند أهل العلم. هل يكون في الإقامة ترديد مع المؤذن؟

الإقامة يشملها مسمى الأذان بالإطلاق العام، هي أذان بالمعنى العام، لكنها عند الإطلاق لا تشملها النصوص، إذا حلف ألا يؤذن فأقام، حلف ألا يؤذن لما حضر الأذان هذا مؤذن مسجد تشاجر مع شخص وقال قم أذن، قال: ما تأذن، قال: والله ما أذن ها اليوم، فأذن الشخص الثاني فجاءت الإقامة أقام يحنث وإلا ما يحنث؟ ما يحنث، نعم، لا يحنث، فالأصل في الأذان أنه الإعلام، وهذا الأصل يشمل الأذان والإقامة، ويؤيده حديث: ((بين كل أذانين صلاة)) لكن بالمعنى الأخص بالمعنى الأخص الأذان خاص بالأول والإقامة بالثاني، وعلى هذا من ردد له وجه، والذي لا يردد له وجه وهو أولى. يقول: للأسف نرى أن كثيراً من الإخوة المستقيمين يتحركون في الصلاة بسبب الشماغ على الرأس، وفي كل ركعة أو سجدة مسك الشماغ وحركة؟ يوجد، يوجد، توجد الحركة إما بقصد أو بغير قصد، وسئل ابن عباس -رضي الله عنهما- ما بال اليهود لا يتحركون في صلاتهم؟ فأجاب: بأن اللص عما يبحث في البيت الخرب؟ يبحث عن إيش؟ منتهي منهم الشيطان، لكن هؤلاء الذين هم ينوون التقرب إلى الله -سبحانه وتعالى- بهذه العبادة يريد الشيطان أن يختلس شيئاً من صلاتهم بمثل هذه الحركات ومثل الالتفاتات، فعلى الإنسان أن يقوم لله -سبحانه تعالى- قانتاً فيسكت، ويتجه بقلبه وقالبه إلى الله -عز وجل-، ويتدبر ما يقرأ أو يسمع، ويحفظ من صلاته القدر الذي يستطيع، أكبر قدر ممكن يستطيعه وإلا ينقص من صلاته بقدر ما غفل عنه منها، وقد ينصرف بصلاة كاملة، وقد ينصرف بالنصف، بالثلث، بالربع، بالعشر تبعاً لذلك. يقول: ماذا أفعل وأنا عامي عندما أرى في التلفزيون مفتين يحلون كشف وجه المرأة، ويصفون غيرهم بالتشدد والتزمت فأخرج وأسمع الناس يخوضون في ذلك ويقعون في العلماء، فهل يجوز لي أن أطعن في ذلك المفتي؟

الطعن في القول، وترجيح الراجح بدليله لا يعني الطعن فيمن قال به، على ألا يتعرض للشخص لذاته، يرجح القول الراجح بدليله، ويضعف القول الضعيف بقدر الإمكان يتحاشى الكلام في الأشخاص، يتحاشى الكلام في الأشخاص، لكن إذا كثرت الشواذ من شخص ينبغي أن يحذر منه، أن يحذر منه لئلا يغتر به العامة من غير استرسال في الطعن بذاته أو في .. ، لا، إنما يكون بقدر الحاجة، وتغطية الوجه هو الراجح عند أهل العلم، كما هو معروف، والأدلة على ذلك كثيرة من نصوص الكتاب والسنة، وبحث المسألة يطول، وفيها مؤلفات. يقول: ما حكم من رد حديث: ((يؤتى بالموت يوم القيامة على صورة كبش)) أو كما قال النبي -عليه الصلاة والسلام- يعلق على الحديث ويقول: العقل لا يتصور هذا؟ القدرة الإلهية صالحة وقادرة على تصوير المعاني وتحويلها إلى أجسام، وأمور القيامة لا يستطيع الخيال إدراكها، فإذا صح الخبر عن النبي -عليه الصلاة والسلام- فالمتعين على المسلم اعتقاد ما جاء فيه، ولا يجوز له أن يرد الخبر لأن عقله لا يتصوره، فالشريعة لا تأتي بالمحال بلا شك، لكن تأتي بما تحتار فيه العقول، لا سيما في الغيبيات، العقل محدود، لا يدرك ما وراء هذا الجدار، فكيف يدرك ما وراء الدنيا؟ كيف يقول في مثل حديث: ((إن ضرس الكافر مثل أحد)) يعظم ليزداد عليه العذاب، يقول: بعد ما هو بمعقول أن كل ضرس مثل أحد ويش يبي يصير حجمه؟ قد أحسن من انتهى إلى ما سمع، علينا الإذعان والتسليم والسمع والطاعة، وهذا هو مقتضى الإيمان بمحمد -عليه الصلاة والسلام-، طاعته فيما أمر، وتصديقه فيما أخبر. يقول: هل يجوز أن نصلي على أرض مزروعة. . . . . . . . . وتحتوي على سماد، وما حكم؟ السماد إذا كان من المواد الطاهرة تجوز الصلاة عليه، وإن كان من المواد النجسة لا تجوز الصلاة عليه. ما حكم صلاة نافلة ركعتين بعد صلاة الجمعة في المسجد؟ النبي -عليه الصلاة والسلام- إذا صلى في المسجد بعد الجمعة صلى أربع ركعات، وإذا صلى في البيت صلى ركعتين. يقول: إذا أدى الرجل نافلة الفجر في بيته بعد الفجر ما حكم ذلك؟

يعني فاتته نافلة الصبح، نافلة صلاة الصبح صلاة الفجر قبل الصلاة ثم أراد أن يقضيها بعد الصلاة يستوي في ذلك أن يصليها في بيته أو في المسجد بعد الصلاة، مع أن الصلاة في البيت أفضل النافلة، صلاة المرء في بيته أفضل إلا المكتوبة، وإن تأخر أخر قضاءها إلى ما بعد ارتفاع الشمس فهو حسن. ما حكم أداء تحية المسجد في كل وقت؟ هذا طالت مناقشة الأقوال في هذه المسألة في فعل ذوات الأسباب في أوقات النهي، وعلى كل حال من دخل في الوقتين الموسعين لا حرج أن يصلي، أما إذا دخل في الأوقات المضيقة فالمتجه أنه لا يصلي. وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

كتاب الصلاة (6)

بلوغ المرام - كتاب الصلاة (6) شرح: كتاب الصلاة: باب سترة المصلي الشيخ/ عبد الكريم بن عبد الله الخضير الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فقد سمعنا ما قاله الشيخ في فضل العلم، وطلب العلم، وبيان منزلة أهل العلم، ولسنا بصدد تقرير ذلك والإفاضة في ذكر ما جاء من النصوص من الكتاب والسنة، وأقوال سلف هذه الأمة، وشواهد الأحوال تشهد شهادة عملية بما جاء في النصوص، وإن لم تكن بحاجة إلى ما يشهد لها، لكن الواقع يشهد بذلك أنه خير الدنيا والآخرة، وأفضل ما يتقرب به إلى الله -عز وجل-، وأن من لديه شيء من العلم يرفع على غيره بقدر ذلك العلم درجات، فنظراً لضيق الوقت والمدة أسبوع واحد، والمقرر من الأحاديث مائة حديث سوف يكون الشرح، شرح متوسط بقدر الحاجة، بقدر الحاجة، لا يكون هناك استطرادات، ولا إفاضة في ذكر أقوال أهل العلم والاستدلال لهم، إنما يكون بقدر الحاجة؛ لأن المقرر مائة حديث، على عشرة دروس، والدرس يصفوا منه ساعة، ساعة وربع، ربع ساعة يكون للإجابة على الأسئلة في بداية كل درس. فلا أظن الوقت مدة ساعة ستين دقيقة تفي بشرح عشرة أحاديث الشرح الذي ترتاح له النفس، لكن الإخوان في تقسيمهم هذا نظروا إلى أن إكمال الكتاب مهم، يعني لو ترك الشيخ بدون تحديد احتمال يستطرد ويفيض في ذكر الأقوال، وذكر الاستطرادات والفوائد، لا شك أن هذه مفيدة لطالب العلم، لكن سلبيتها أن الكتاب كما هو معمول به عندنا في كثير من الدروس الكتاب الواحد عشر سنوات خمسة عشر سنة ما ينتهي، فلا بد من تحديد وضبط ما يراد على الطريقة التي سبقت يعني قريبة منها جداً -إن شاء الله تعالى-، خلا بعض الاستطرادات التي تأن بالخاطر، وتلوح أثناء الشرح، يقتصر من ذلك على ما تدعو إليه الحاجة، والله المستعان. سم. كتاب الصلاة: باب سترة المصلي: الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء وسيد المرسلين، نبينا محمد عليه وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

قال الحافظ ابن حجر العسقلاني -رحمه الله تعالى-، ونفعنا بعلمه، وكتب لنا وله الأجر والمثوبة في كتابه بلوغ المرام من أدلة الأحكام: كتاب الصلاة: باب سترة المصلي: عن أبي جهيم بن الحارث -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لو يعلم المار بين يدي المصلي ماذا عليه من الإثم لكان أن يقف أربعين خيراً له من أن يمر بين يديه)) متفق عليه, واللفظ للبخاري، ووقع في البزار من وجه آخر: ((أربعين خريفاً)). وعن عائشة -رضي الله تعالى عنها- قالت: "سئل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في غزوة تبوك عن سترة المصلي فقال: ((مثل مؤخرة الرحل)) أخرجه مسلم. وعن سبرة بن معبد الجهني -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((ليستتر أحدكم في صلاته ولو بسهم)) أخرجه الحاكم. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "باب سترة المصلي" سترة المصلي: الأحاديث التي أوردها تحت الترجمة تبين المراد وإلا فالسترة أعم من أن تكون بين يدي المصلي للحيلولة بينه وبين من يمر بين يديه، فتشمل سترة، أو ستر عورته، ستر بدنه وغير ذلك مما مر في شروط الصلاة، فسترة المصلي يريد المؤلف -رحمه الله تعالى- ما يجعله بين يديه للحيلولة بين أن يمر أحد بين يديه وهو يصلي.

يقول -رحمه الله تعالى-: "عن أبي جهيم -وهو- ابن الحارث" واسمه: عبد الله بن الحارث بن الصمة، وهو راوي حديث البول المعلق في صحيح مسلم، وهو موصول في صحيح البخاري، موصول في صحيح البخاري، ومعلق في صحيح مسلم، وقيل: هما اثنان، راوي حديث البول غير راوي حديث المرور بين يدي المصلي، وللتأكد من مثل هذا الاختلاف يراجع كتاب الخطيب البغدادي: (موضح أوهام الجمع والتفريق) وهو كتاب نافع في بابه يعتمد على أقوال من تقدمه ويرجح، هناك من الرواة أكثر من راوي يجزم أحد الأئمة أنهما واحد، أو أنهم واحد، ويجزم آخرون أنهم عدد، والكتاب محاكمة بين هذه الأقوال ولا يدعي العصمة والصواب، ولا تدعى له أنه مصيب في كل ما يقول، لا سيما وهو أنه يوازن بين أقوال كبار الأئمة، خلاف يقع بين أحمد والبخاري مثلاً، أو بين أبي حاتم وأبي زرعة ثم الخطيب يوازن بين هذه الأقوال من خلال الاستقراء والتتبع لمروياتهم. "عن أبي جهيم -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لو يعلم المار بين يدي المصلي)) ((لو يعلم المار بين يدي المصلي)) الجواب ((لكان أن يقف أربعين خيراً له)) ما الذي يدفع المار إلى المرور بين يدي المصلي؟ العجلة، العجلة كي يخرج بسرعة، لكن لو علم ما عليه من الإثم وإن كانت هذه اللفظة مما ينازع الحافظ في إثباتها "لكان أن يقف أربعين" ولو قدر أن هذه الأربعين على أقل تقدير دقيقة، أربعين دقيقة مثلاً، ساعة إلا ثلث، وهو لن يقف أكثر من خمس دقائق، هذا إذا لم يكن هناك مساغ ولا مندوحة له، فضلاً عن أن يقف أربعين ساعة، أو أربعين يوماً، أو أربعين خريفاً على ما جاء في بعض الروايات مما أشار إليه الحافظ، فالأمر عظيم، والناس يتساهلون في مثل هذا، تجده يمر بين يدي المصلي وقد يعلم ما ورد في ذلك وهذا أسوأ، وقد يذكر ما ورد في ذلك، وهو غير جاهل ولا غافل، وإلا قد يغفل الإنسان ولا يتذكر أنه مر بين يدي المصلي إلا إذا انتهى، مثل هذا أمره سهل، لكن مع العلم والعمد أمر جد خطير، عقوبته عظيمة ((لكان أن يقف أربعين خيراً له)).

((لو يعلم المار بين يدي المصلي)) يعني بينه وبين سترته ((ماذا عليه من الإثم لكان أن يقف أربعين خيراً له)) لفظ: ((من الإثم)) وهنا قال الحافظ: متفق عليه، متفق عليه، هذه اللفظة: ((من الإثم)) الحافظ انتقد صاحب العمدة، الحافظ عبد الغني حينما نسبها إلى الصحيحين، وقال: إنها لا توجد في الصحيحين، ووقع فيما انتقده فيه، وهذا يدل على أن الإنسان مجبول على الضعف، وعلى الإنسان أن يحتاط في النقد خشية أن يقع فيما انتقده، وهذا كثير، لكن إذا انتقد بنية صالحة ووقع منه السهو والغلط لا يلام ولا يؤاخذ، لكن بعض الناس يقرن نقده بالاستهزاء والسخرية، وأعرف شخصاً معه كتاب يدور به في المجالس والمحافل يتندر به، حققه شخص من فضلاء الرجال، لكنه مع ذلك ليس من أهل الاختصاص وقع فيه أوهام كثيرة، فصار هذا الشخص وهو من أهل الاختصاص يحمل هذا الكتاب يتندر به، من كثرت ما تكلم في الكتاب حُث على تحقيقه، وأكد عليه، ما دام يعرف هذه الملاحظات يستدرك، فحقق الكتاب ونشر الكتاب، ما الذي حصل؟ النشر الثاني لهذا الشخص المنتقد أسوأ بكثير من الأول، وقع في أوهام تضحك الصبيان، فإذا أراد الإنسان أن ينتقد يتجرد من غير أن يقدح في أحد، أو يهزأ أو يسخر ينتقد لا بأس، هذا بيان، بيان للحق، أخذ على من عرف الحق العهد والميثاق أن يبينه للناس، لا بأس بنية خالصة صالحة، من غير أن يقترن بسخرية، ولا حط من قيمة غيره، ولا يلزم من ذلك أن يكون معصوماً، وهنا الحافظ انتقد صاحب العمدة فنسب هذه اللفظة للشيخين ولا توجد عند الشيخين، فوقع الحافظ في ذلك، نعم هي توجد في بعض روايات الصحيح، في بعض روايات صحيح البخاري عند الكشميهني أحد رواة الصحيح، والحافظ وصفه بأنه ليس من أهل العلم هو مجرد راوي، هو مجرد راوي، هو ليس من أهل العلم، تعرض له الحافظ في مواضع من فتح الباري يبين أنه ليس من أهل العلم، وإنما هو راوي من رواة الصحيح، وهو أيضاً موصوف بالإتقان، مع كونه راوية ومتقن، لكن ما يلزم أن يكون مع إتقانه معصوماً.

نأخذ من هذا مثل ما ذكرنا سابقاً أن الإنسان يستدرك، وينتقد بقصد الحق، وبيان الحق، لا لازدراء الناس وانتقاصهم، ولا حباً للظهور، فمثل هذا جرت العادة أنه يخذل، فتقع منه المضحكات، وذكرنا مثال على هذا ولا نريد التسمية، نريد العبرة فقط من هذا. ((لو يعلم المار بين يدي المصلي ماذا عليه من الإثم لكان أن يقف -هذا الجواب- لكان أن يقف أربعين خيراً له من أن يمر بين يديه)) هذا فيه دليل على تحريم المرور بين يدي المصلي، تحريم المرور بين يدي المصلي، ويأتي ما يبين ذلك؛ لأن المالكية لهم تفصيل، تفصيل يتعلق بالمار وبالمصلي؛ لأنهم يرون أن المار إذا لم يكن له مندوحة لم يكن للمار مندوحة، والمصلي لم يستتر فالإثم على المصلي، إذا كان للمار مندوحة وقد استتر المصلي فالإثم على المار، إذا استتر المصلي وليس للمار مندوحة لا إثم عليهما، إذا كانت هناك مندوحة للمار ولم يستتر المصلي فالإثم عليهما معاً، وهذا تفصيل يرده حديث أبي سعيد على ما سيأتي، فعلى كل حال الأمر ينبغي أن يعتنى به ويحتاط له، فالسترة جاء الأمر باتخاذها على ما سيأتي، فعلى الإنسان أن يستتر على الخلاف في حكمها، فإذا استتر ليس لأحد أن يمر بين يديه مهما كانت ظروفه، ويستوي في ذلك المساجد التي تزدحم بالمصلين كالحرمين والجوامع، وغيرها، إلا أن المشقة تجلب التيسير، يعني في أوقات المواسم لو انتظر الإنسان حتى ينتهي المصلون ما خرج من المسجد، فالمشقة حينئذٍ تجلب التيسير، وعلى هذا يصلي الإنسان في مثل هذه الأماكن دون سترة ويمر الناس بين يديه، وقد صلى النبي -عليه الصلاة والسلام- إلى غير جدار، قد يقول قائل: إنه صلى إلى غير جدار لكن صلى إلى سترة سهم مثلاً، نقول: لا، يقول ابن عباس: يعني إلى غير سترة، وهذا للمشقة الحاصلة بالمكان، صلى والناس يمرون بين يديه، فالمشقة تجلب التيسير. ((لكان أن يقف أربعين خيراً له من أن يمر بين يديه)) يدي المصلي، والحديث مخرج عند الجماعة كلهم، البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه وأحمد ومالك وغيرهم، هو مخرج في دواوين الإسلام "واللفظ للبخاري" وعرفنا أن لفظة: ((من الإثم)) لا توجد في جميع روايات الصحيح إلا عند الكشميهني.

"ووقع في البزار من وجه آخر: ((أربعين خريفاً)) " وهذه وإن كان رجالها رجال الصحيح إلا أنها محكوم عليها بالشذوذ من قبل الأئمة، ولو صحت لكان فيها بيان لما أهمل في الحديث، ولعل ترك التمييز لتسرح فيه النفس كل مسرح، وليتعاظم أمره، قد يقول قائل: يمكن أعظم من أربعين خريف، أعظم من أربعين، أكثر من أربعين سنة، يمكن أربعين قرن، فمثل هذا إذا لم يذكر التمييز صار أشد في التحذير والتخويف. الحديث الذي يليه: حديث "عائشة -رضي الله عنها- قالت: "سئل النبي -عليه الصلاة والسلام- في غزوة تبوك عن سترة المصلي" يعني عن ارتفاعها كما بينه الجواب، وإلا فالسؤال عن السترة يحتمل جميع ما يتعلق بها من طولها وعرضها وحكمها ومكانها، وكيفية وضعها، المقصود أن الجواب "قال: ((مثل مؤخرة الرحل)) عند مسلم والنسائي والبيهقي وغيرهم، هذا الطول والارتفاع ((مثل مؤخرة الرحل)) يعني بقدر ثلثي ذراع، بقدر ثلثي ذراع، ويذكر أهل العلم الحكمة من اتخاذ السترة للصلاة منع من أراد أن يجتاز دونها، قالوا: وكف البصر عما وراءها لكي ينظر المرء موضع سجوده، ينظر مسجده –يعني موضع سجوده- ولا يتجاوز السترة، ويمنع من أراد أن يمر بين يديه، بينه وبين سترته " ((مثل مؤخرة الرحل)) أخرجه مسلم". الحديث الذي يليه: حديث "سبرة بن معبد" فيه أيضاً هذاك من حيث الطول، وهذا من حيث العرض ((ليستتر أحدكم في صلاته ولو بسهم)) ((ليستتر أحدكم في صلاته ولو بسهم)) يعني في دقته، بالنسبة للعرض، أما الطول كمؤخرة الرحل، والعرض ولو بسهم، وهذا الحديث حسن مخرج عند الحاكم، وقبله عند أحمد وابن خزيمة والبيهقي وابن أبي شيبة. ((ليستتر)) اللام لام الأمر، والأصل في الأمر الوجوب، اللام لام الأمر، والأصل في الأمر أنه للوجوب، وقد قال به جمع من أهل العلم، وحمله الجماهير على الندب لوجود الصوارف، لوجود الصوارف منها كون النبي -عليه الصلاة والسلام- صلى إلى غير جدار، ولو كان الأمر للوجوب لما صلى النبي -عليه الصلاة والسلام- إلى غير سترة، فمثل هذا الأمر محمول عند جمهور أهل العلم على الندب، وإن قال بعضهم بالوجوب.

((ليستتر أحدكم)) والخطاب متجه لكل مصلٍ، وهو شامل بعمومه للإمام والمأموم والمنفرد، أما الإمام والمنفرد فلا إشكال في دخولهما في الأمر، وأما المأموم فدلت النصوص على أن سترة الإمام سترة لمن خلفه، أو أن الإمام سترة لمن خلفه، وابن عباس جاء على حمار فمر بين يدي الصف في منىً ولم ينكر عليه، فدل على أن سترة الإمام سترة لمن خلفه، وأن الإنسان إذا كان مأموماً لا يرد، ولا مانع من المرور بين يديه، ولا مانع من المرور بين يديه، نعم يحصل هناك تشويش، التشويش فيه الكراهة، والكراهة تزول بالحاجة، تزول بالحاجة، فإذا كان الإنسان محتاج أن يمر بين يدي المصلين من المأمومين زالت هذه الكراهة، أما إذا لم يكن هناك حاجة ولا داعي فاستطراق الصفوف يشوش على المصلي. "وعن أبي ذر الغفاري -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((يقطع صلاة المرء المسلم -إذا لم يكن بين يديه مثل مؤخرة الرحل- المرأة, والحمار, والكلب الأسود)) .. الحديث، وفيه: ((الكلب الأسود شيطان)) أخرجه مسلم. وله: عن أبي هريرة نحوه دون: "الكلب". ولأبي داود والنسائي: عن ابن عباس نحوه، دون آخره، وقيد المرأة بالحائض. وعن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه-. قف على هذا، قف على هذا. حديث "أبي ذر الغفاري -رضي الله عنه-" المخرج في مسلم والنسائي والترمذي والمسند وابن ماجه والبيهقي، حديث أبي ذر -رضي الله عنه- "قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((يقطع صلاة الرجل المسلم)) يقطع: القطع هنا محمول على الإبطال بمعنى أنه يبطل صلاة الرجل المسلم، وإن قال بعضهم أنه يقطعها بمعنى ينقص ثوابها، ينقص ثوابها، وإن كان هذا القول مرجوح، لكنه قيل به.

((يقطع صلاة الرجل المسلم)) صلاة الرجل المسلم، يشمل جميع الصلوات الفريضة والنافلة، الفريضة والنافلة، ويتناول بعمومه الصلاة المعتادة والصلوات النادرة، فهي صلاة، فهي صلاة، الصلوات الخمس، الرواتب، النوافل المطلقة، صلاة الجنازة، صلاة الكسوف، صلاة العيد ((صلاة الرجل)) هذه الصلاة تدخل في عموم الخبر ((يقطع صلاة الرجل)) الرجل يخرج المرأة، يخرج المرأة، فهل معنى هذا أن للإنسان أن يمر بين يدي المرأة، والمرأة تمر بين يدي المرأة والمرأة تترك الحمار والكلب الأسود يمر بين يديها؛ لأنه قال: ((صلاة الرجل)) هاه؟ ((يقطع صلاة الرجل)) الرجل أيضاً يطلق على البالغ فهل تخرج المرأة من النص؟ بمعنى أنها تترك من يمر بين يديها دون رد، دون مدافعة، وسيأتي ما في حديث أبي سعيد ((إذا صلى أحدكم)) تدخل فيه المرأة أو لا تدخل؟ هنا هل ذكر الرجل قيد أو أنه بناءً على الغالب والنساء يدخلن في خطاب الرجال كما هو معروف من النصوص؟ يخاطب الرجل ويدخل فيه المرأة، تدخل المرأة في خطاب الرجال، وكانت مريم -عليها السلام- من القانتين، لكن التنصيص على ذكر الرجل هل له مفهوم أو لا مفهوم له؟ إذا مرت امرأة بين يدي امرأة، مر حمار بين يدي امرأة، مر كلب أسود بين يدي امرأة هل تبطل صلاتها أو لا تبطل؟ نعم؟ كيف؟ طالب:. . . . . . . . . نعم، اللي وراك. طالب:. . . . . . . . . الأصل أن التكاليف الشرعية يستوي فيها الذكور والإناث، والإناث شقائق الرجال، لكن من هذه التكاليف ما يختص بالرجال، ومنها ما يختص بالنساء، وهل لتخصيص الرجل هنا في مثل هذا النص معنى؟ أو ليس له معنى؟ ((يقطع صلاة الرجل)) الكلمة الثانية: ((المسلم)) هل معنى أن صلاة الرجل الكافر لا يقطعها شيء؟ أو أن لفظ: ((المسلم)) وصف كاشف، تصريح بما هو مجرد توضيح، وحينئذٍ يكون لا مفهوم له؛ لأن غير المسلم لا يصلي، ولو صلى لا تصح صلاته، المسلم هذه لا إشكال فيه، لكن بالنسبة للرجل هذا محل الإشكال، هاه؟ يعني هل المرأة خارجة عن هذه النصوص؟ ما يقطع صلاتها شيء؟ الأسئلة سوف تكون في بداية كل درس -إن شاء الله تعالى- يا الله يا الإخوان، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . كيف؟ طالب:. . . . . . . . .

إحنا عندنا: ((يقطع صلاة الرجل)) مفهومه أن صلاة المرأة لا يقطعها مرور هذه الأشياء، صلاة المرأة لا يقطعها مرور المرأة، صلاة المرأة لا يقطعها مرور الكلب ولا الحمار، لقوله: ((صلاة الرجل)) له مفهوم وإلا ما له مفهوم؟ لا مفهوم له؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . مفهوم غير معتبر، متى يلغى المفهوم؟، متى يلغى المفهوم؟ الأصل أن المفهوم معتبر، لكن متى يلغى المفهوم؟ طالب:. . . . . . . . . هاه؟ طيب، متى يلغى المفهوم؟ إذا عورض بما هو أقوى منه كالمنطوق، إذا عورض بمنطوق، ما الذي يعارض مفهوم هذا الحديث؟ هاه؟ كيف؟ نعم، لكن هذا بعمومه دخله من المخصصات الشيء الكثير مما أضعف عمومه، أقول: عموم الحديث: ((النساء شقائق الرجال)) هذا دخله مخصصات فليكن هذا منها، هل يمكن أن يعارض بعموم ما سيأتي: ((إذا صلى أحدكم)) بمعنى أن المفهوم الخاص هل يعارض بمنطوق عام؟ هاه؟ وين الإخوان؟ جاوبوا يا الإخوان، الدرس إذا صار فيه حوار نشط شوي، ونستفيد من الإخوان، ما هي المسألة حكر، كلنا زملاء، ها يا شيخ محمد عندك شيء؟ عندك شيء؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . يقدم المنطوق العام على المفهوم الخاص، له نظائر وإلا ما له نظائر؟ طالب:. . . . . . . . . هم إذا تعارض العام والخاص يقدمون الخاص بلا شك، لكن إذا تعارض المنطوق مع المفهوم؟ نعم. طالب:. . . . . . . . . كلها صحيحة، يعني عندنا: {اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِن تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً} [(80) سورة التوبة] مفهومه أنه لو استغفر واحد وسبعين مرة يغفر لهم، لكن هذا المفهوم وإن كان خاصاً معارض بعموم {إِنَّ اللهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء} [(48) سورة النساء] فقدم العموم على المفهوم وإن كان خاصاً.

((يقطع صلاة الرجل المسلم إذا لم يكن بين يديه مثل مؤخرة الرحل)) ((إذا لم يكن بين يديه مثل مؤخرة الرحل)) هذا نص بمعنى أنه إذا كان بين يديه أقل من مؤخرة الرحل عرضاً وطولاً أما بالنسبة للعرض فبينه حديث سبرة بن معبد ((ليستتر أحدكم ولو بسهم)) هذا بالنسبة للعرض، لكن الطول؟ لو لم يجد شخص إلا كرتون المناديل وضعه قدامه، أقل من مؤخرة الرحل. ((يقطع صلاة الرجل المسلم إذا لم يكن بين يديه مثل مؤخرة الرحل)) أو المقصود بذلك التمثيل، ويكون حينئذٍ المراد إذا لم يكن بين يديه سترة معتبرة، ولو كانت خط عند من يقول بالخط على ما سيأتي، إذا لم يكن بين يديه سترة، والتنصيص على مؤخرة الرحل إنما هو من باب التمثيل، ويأخذ حكم مؤخرة الرحل ما سواها مما يصلح أن يستتر به. ((المرأة)) هذا الفاعل " ((المرأة، والحمار, والكلب الأسود)) .. الحديث" إعراب: الحديث؟ هاه؟ الحديثَ، أي أكمل الحديثَ، ومثله الآيةَ، "وفيه: ((الكلب الأسود شيطان)) أخرجه مسلم" يعني هذا هو السبب في تخصيص الكلب الأسود، فما بال الأسود من الأحمر من الأصفر من الأبيض؟ قال: ((الكلب الأسود شيطان)) فدل على أن ما عداه من الكلاب لا يقطع الصلاة والحمار؟ نعم؟ الحمار باقٍ على إطلاقه والمرأة؟ جاء تقييدها بإيش؟ بالحائض، جاء تقييدها بالحائض.

((يقطع صلاة المرء المسلم إذا لم يكن بين يديه مثل مؤخرة الرحل المرأة)) نص صريح في أن المرأة تقطع صلاة الرجل، ومعنى القطع: الإبطال، وهو معارض بحديث عائشة وكانت عائشة تنكر على من يقول بأن المرأة تقطع صلاة الرجل، تنكر من يقرن المرأة بالحمار والكلب ويسوي بين هذه الأمور، بين هذه الأشياء، وتستدل بأن النبي -عليه الصلاة والسلام- يصلي من الليل وهي معترضة بين يديه، فإذا سجد غمز رجليها فكفتهما، فإذا قام بسطتهما، تستدل بهذا، على رد الخبر الثابت عندها أو الذي لم يبلغها عنه -عليه الصلاة والسلام-؟ لم يبلغها، يعني ما يظن بعائشة -رضي الله عنها- أم المؤمنين الصديقة بنت الصديق أن يبلغها مثل هذا الخبر الصحيح الصريح، وتقول: "ساويتمونا بالكلاب والحمر؟ " كنت أفعل، كنت .. ، كان -عليه الصلاة والسلام- يصلي من الليل إلى آخر الحديث، هذا ثابت وذاك ثابت، فهل تقطع المرأة صلاة الرجل مع ما كانت تصنعه عائشة بين يديه -عليه الصلاة والسلام-؟ كيف نجمع بين حديث أبي ذر وحديث عائشة؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . .

نعم نقول: يفرق بين المار والقار، يفرق بين المار والقار، فكونها بين يديه وهو يصلي لا يعني أنها مرت بين يديه، لا يعني أنها مرت بين يديه، فالقول المرجح أن مرور المرأة بين يدي المصلي يقطع الصلاة، والحمار بعضهم يقول: الحمار لا يقطع الصلاة، استدلالاً بحديث ابن عباس، استدلالاً بحديث ابن عباس، وأنه مر بين يدي الصف على حمار أتان بمنىً فلم ينكر عليه، نقول: إجابة على هذا: إن سترة الإمام سترة لمن خلفه، فالمرور بين يدي المأموم لا أثر له، والمقصود في الحديث الإمام والمنفرد، فيسلم لنا الاستدلال بالحديث على قطع صلاة الرجل بالمرأة وبالحمار، وماذا عن الكلب؟ الكلب مر في الحديث تقييده بالأسود، وذكرنا تمام الحديث: "ما بال الأسود من الأحمر من الأصفر من الأبيض؟ " وجاءت العلة: ((الكلب الأسود شيطان)) فالمعتمد أن هذه الثلاثة كلها تقطع صلاة الرجل إذا مرت بينه وبين سترته، كثير من أهل العلم يرون أن القطع هنا ليس المراد به إبطال الصلاة، وإنما قطع تسلسل الصلاة، بمعنى أنها تشغل بال المصلي فتقطع عليه ذكره لصلاته، فتشوش عليه، فتشغل قلبه هذه الأشياء، المشهور عند الحنابلة أنه لا يقطع الصلاة إلا الكلب الأسود البهيم، هذا الذي يقطع الصلاة، وأخرجوا المرأة بحديث عائشة، وأخرجوا الحمار بحديث ابن عباس، وسبق الجواب عن حديث عائشة وحديث ابن عباس، فيسلم الحديث بجميع جمله. "وله" أي لمسلم: "عن أبي هريرة نحوه" نحو حديث أبي ذر "دون: "الكلب" دون الكلب، يقطع الصلاة المرأة والحمار دون ذكر الكلب، والصواب أن ذكر الكلب موجود حتى في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة: ((يقطع الصلاة المرأة والحمار والكلب ويقي من ذلك مثل مؤخرة الرحل)) فحديث أبي هريرة مطابق لحديث أبي ذر.

"ولأبي داود والنسائي: عن ابن عباس -رضي الله عنهما- نحوه, دون آخره" دون آخره "وقيد المرأة بالحائض" ما المراد بالآخر؟ آخر حديث أبي ذر؟ نعم؟ عندنا "وله عن أبي هريرة نحوه" حديث أبي ذر ذكر المقصود منه وأحال على باقيه "وله عن أبي هريرة نحوه دون الكلب"، "ولأبي داود والنسائي: عن ابن عباس -رضي الله عنهما- نحوه دون آخره" فالضمير ظاهره يعود إلى حديث أبي ذر، ظاهره يعود إلى حديث أبي ذر؛ لأنه أرجع إليه ضمير في الأول، والأصل أن تكون الضمائر متسقة تعود إلى شيء واحد، "وله عن أبي هريرة نحوه" يعني نحو حديث أبي ذر السابق، "ولأبي داود والنسائي: عن ابن عباس -رضي الله عنهما- نحوه" يعني نحو حديث أبي ذر لكي تكون الضمائر متسقة مساقها واحداً "دون آخره" لكن المراد من الاستثناء من حديث أبي هريرة، "وقيد المرأة بالحائض" وقيد المرأة بالحائض، وفيه اختلاف الرفع والوقف فجاء عن ابن عباس من قوله، وجاء عن ابن عباس يرفعه إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-، وفيه تقييد المرأة بالحائض، "وقيد المرأة بالحائض" إيش معنى الحائض؟ المتلبسة بالحيض أو المكلفة؟ يعني من لم تكلف ما تقطع الصلاة، أو المتلبسة بالحيض لاشتمالها على هذه النجاسة؟ وقيد المرأة بالحائض ((لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار)) ((لا يقبل الله صلاة حائض)) يعني متلبسة بالحيض أو بلغت سن المحيض؟ بلغت سن المحيض، والذي معنا هل المراد به المكلفة أو من اشتملت على العادة الحيض؟ نعم؟ البالغة، طيب، عندنا الأحاديث كلها مطلقة، وهذا الحديث ذكر فيه قيد وهو الحيض، وهل هذا القيد مقصود أو ذكره للاهتمام به ولا يقيد به؟ وهل هذا من باب التقييد أو من باب التخصيص؟ لأنه يقول عندنا: وقيد، هذا تقييد وإلا تخصيص؟ هاه؟ جواب يا الإخوان، الحافظ يقول: وقيد المرأة بالحائض، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . إيش؟ طالب:. . . . . . . . . أيوه؟ طالب:. . . . . . . . .

لا، هو عندنا اللفظ الأعم، اللفظ العام إن شئت أو المطلق المرأة على ما مر من حديث أبي ذر، وهنا حديث ابن عباس: المرأة الحائض، هل الحيض وصف وإلا فرد؟ وصف إذن هو من باب التقييد، لو كان فرد من أفراد النساء حيض يبقى عموم النساء دون حيض، وأفراد من أفراد هذا النوع متلبسات بالحيض، يكون من باب التخصيص، لو افترضنا أن هذا تخصيص وليس بتقييد ماذا نستفيد من ذكر الحائض؟ هل نخصص أو لا نخصص؟ هاه؟ نخصص أو لا نخصص إن كان من باب التخصيص؟ إذا قلنا: إن الحيض أفراد من أفراد العام، والعام هو المرأة، من أفراده الحيض فهو مخصص، فهل نقول: يقدم الخاص على العام ونخصص المرأة بالحائض؟ أو نقول: إن التنصيص على بعض أفراد العام لا يقتضي التخصيص؟ نعم التنصيص على بعض أفراد العام بحكم موافق لحكم العام لا يقتضي التخصيص، فإذا قلنا: إنه من باب التخصيص يكون ذكر الحيض هنا للاهتمام بشأن الحائض وأن أمرها أشد؛ لأن الكبيرة تدفع أكثر مما تدفع الصغيرة، للاهتمام بشأنها؛ ولأن العلة تتحقق فيها أكثر من الصغيرة، وإذا قلنا: قيد فالحيض وصف تتصف به النساء، إذا قلنا: قيد، قلنا: لا بد من حمل المطلق على المقيد، لماذا؟ للاتحاد في الحكم والسبب، للاتحاد في الحكم والسبب، والحافظ -رحمه الله- جعله من باب القيد، فعلى هذا من لم تبلغ سن المحيض لا تقطع الصلاة، لا تقطع الصلاة، وعلى هذا لو مر بين يديك وأنت تصلي في المسجد الحرام امرأة، أنت تظنها امرأة؛ لأنه إذا قيدنا بهذا الوصف الحيض، أنت لا تدري هل بلغت سن المحيض أو لم تبلغ؟ هل حاضت أو لم تحض؟ بعض هذا النوع تظنها مكلفة والحقيقة أنها لم تبلغ سن المحيض والعكس، والعكس موجود، فهل يرجع الأمر الشرعي إلى أمر خفي، يخفى على الناس، يعني أنت مر بين يديك إيش نقول: امرأة وإلا إيش نصفها؟ لأنه إذا قلنا: امرأة فهي كبيرة، نعم؟ نعم أنثى، مر بين يديك أنثى، نعم مما يشغل بال الرجال، نعم وأنت لا تدري هل بلغت لأن من ناهزت البلوغ تشغل البال ولو لم تبلغ سن المحيض، نقول: بطلت صلاتك تعيدها أو لا تعيد؟ إذا قيدنا بالحائض، لا سيما مع تساهل الناس الملاحظ الآن أن البنات ما يحجبن، ولو كانت طويلة عريضة وما أشبه ذلك؛ لأنها

مسكينة ما كلفت صغيرة، يتذرع كثير من الناس بهذا أنها مازالت طفلة، يعرض الناس للفتن وهو يقول: طفلة، يا أخي الشخص اللي بيتعلق بهذه المفتون بمثل هذه ما هو بيجي يسألك يقول لك: أعطنا دفتر العائلة كم سن البنت؟ مجرد ما تفتن الرجال نعم تتحجب، ولو لم تكن مكلفة، ولو لم تكن مكلفة. يقول: هل تسمى من لم تحض امرأة؟ فإن كان الجواب بلا فلا إشكال؟ نقول: عائشة -رضي الله عنها- تقول: "إذا بلغت البنت تسعاً فهي امرأة". نقول هنا: الأولى التقييد أو التنصيص على ذكر الحائض من باب الاعتناء بالكبيرة أكثر من الصغيرة ويبقى المرأة على إطلاقها؟ لأننا إذا قيدنا المرأة بالحائض بقيت الحيرة لدى كثير من الناس، إذا مرت المرأة فما الحكم؟ امرأة إحدى عشر سنة اثني عشر سنة وأنت ما تدري هل حاضت وإلا ما حاضت؟ كلفت وإلا ما كلفت؟ التكليف احتمال، نزول الحيض عليها في هذه السن احتمال، وإن كان ينزل قبل وينزل بعد، لكنه احتمال قائم، فهل من مر عليه من هذا النوع نقول: أعد الصلاة أو لا تعيد الصلاة؟ أو نقول: الأصل أن الصلاة صحيحة فلا بد في إبطالها من اليقين؟ إيش نقول يا إخوان؟ تجاوبوا،. . . . . . . . . جايبين ورقة تبي تقول: نريد طرح الإشكالات وطلب الجواب عليها، يا الله جاوبوا؟ طالب:. . . . . . . . . نعم؟ إيش تقول؟ ما تقطع؟ والنصوص الصريحة الصحيحة التي قررنا رجحانها، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . ما علينا من فهم عائشة علينا من الشيء المرفوع إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-، حديث أبي ذر صحيح صريح ما يحتمل، كون عائشة عندها دليل عندها دليل، لكن أجبنا عن دليلها، النصوص إذا تعارضت لا بد من التوفيق بينها، فإذا أمكن الجمع بينها تعين، وقد جمعنا بينها بما سمعت، جُمع بينها بما سمعتم، إيش قلنا يا الإخوان؟ طالب:. . . . . . . . . طيب شخص استفتاك قال: مر بين يدي امرأة ما أدري هي حائض وإلا ما هي بحائض؟ ويش رأيك؟ ماذا تقول؟ تقول: أعد صلاتك، وإلا تقول: الأصل الصلاة صحيحة وكونها حائض مشكوك فيه؟ يا الله عندنا مجموعة من طلاب العلم اللي ما شاء الله، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . كيف؟ طالب:. . . . . . . . .

على غلبة الظن، على غلبة الظن، لكن غلبة الظن الآن هل هي متيسرة مع وجود هذا التفاوت الكبير في الأجسام، في أجسام البنات، سبع ثمان سنوات تظنها مكلفة، عشرين خمس وعشرين تظنها غير مكلفة، وما بين ذلك كثير، غلبة الظن إذا وجدت غلبة ظن، نعم يا إخوان؟ طالب:. . . . . . . . . تعلق بها القلب، بعض القلوب المفتونة يتعلق بالخيال لو لم يمر شيء، نعم، بعض المفتونين يتعلقون وهو بصحن الحرم باللي بالسطح، أو بالدور الثاني، مجرد ما يشوف السواد يتعلق، هذا ما هو .. ، أقول: مثل هذا ما يمكن أن يكون مناط، لا، طولنا على هذه المسألة، وهي ما في شك أن فيها إشكال، الإشكال موجود، فكيف نزيل هذا الإشكال؟ أو نقول: إن التنصيص على الحائض للعناية به، ونجعله من باب العام والخاص، ولا نخصص، وذكر الحيض أو الحائض للاهتمام بشأن الكبيرة والعناية بها، وأنها ينبغي أن يحتاط في أمرها أكثر من الصغيرة، ويكون من باب التخصيص وينتهي الإشكال، ما يصير عندنا مشكلة يصير أي شيء من الجنس الثاني ترده. الإشكال الثاني وهو أيضاً له حظ من النظر كيف ترد المرأة؟ إذا أرادت أن تمر بين يدي رجل كيف ترد؟ إنما في الحديث: ((فأراد أحد أن يجتاز)) شامل للرجل والمرأة فالمرأة أشد لأنها تقطع الصلاة بخلاف الرجل، فكيف ترد المرأة؟ نقرأ حديث أبي سعيد، اقرأ خلينا .. ، بعضها يوضح بعضاً. "وعن أبي سعيد الخدري -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إذا صلى أحدكم إلى شيء يستره من الناس فأراد أحد أن يجتاز بين يديه فليدفعه, فإن أبى فليقاتله, فإنما هو شيطان)) متفق عليه، وفي رواية: ((فإن معه القرين)). وعن أبي هريرة ... حديث "أبي سعيد -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إذا صلى أحدكم إلى شيء يستره)) إلى شيء، إلى شيء، وشيء هنا شامل لكل ما يمكن أن يوضع بين يدي المصلي، فيشمل الكبير والصغير، يشمل مؤخرة الرحل، والسهم، والجدار، والسارية، ويشمل العصا إذا وضعته بين يديك، ويشمل الخط، المقصود أنه يكون شيء، يمكن أن يقال له: شيء، على ما سيأتي في حديث الخط.

((إذا صلى أحدكم إلى شيء يستره من الناس فأراد أحد أن يجتاز بين يديه)) "أحد" يشمل الذكر والأنثى الكبير والصغير، ((فليدفعه)) اللام لام الأمر والظاهر والأصل في الأمر الوجوب، ((فليدفعه)) فإن كان مما يقطع الصلاة وجب دفعه، محافظة على الصلاة، وإن كان لا يقطع الصلاة فالأمر فيه للوجوب وإلا للاستحباب؟ نعم، الاستحباب وإلا الوجوب إذا كان لا يقطع الصلاة؟ طالب:. . . . . . . . . قولاً واحداً وإلا في خلاف؟ طالب:. . . . . . . . . ((فأراد أحد أن يجتاز بين يديه فليدفعه فإن أبى فليقاتله)) اللام لام الأمر، والأصل في الأمر الوجوب، وعرفنا أن ((فليستتر)) للاستحباب عند الجمهور، والصارف كون النبي -صلى الله عليه وسلم- صلى إلى غير جدار، يعني إلى غير سترة، لكن ((فليدفعه))، ((فليقاتله)) اللام لام الأمر، والأصل في الأمر الوجوب، فهل نقول: إنه يجب إذا كان مما يقطع الصلاة صيانة للصلاة ويستحب فيما عدا ذلك صيانةً لتمام أجر الصلاة؟ أو نقول: هو للوجوب مطلقاً أو للاستحباب مطلقاً؟ فإن دفع أثيب على هذا الدفع، وإن لم يدفع يأتي التفصيل إن كان يقطع أو لا يقطع، إن قطع أعاد، وإن لم يقطع لم يعد، أو نفصل، نقول: إن كان يقطع كان الدفع للوجوب، وإن كان لا يقطع الصلاة كان دفعه استحباباً، ومثله المقاتلة، نعم. الأصل في الأمر الوجوب، لكن هو يقول: ما دام مرور الرجل ينقص الصلاة ولا يقطعها أرضى بنقص الصلاة، نقول: يجب عليك تدفع؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . ((فليدفعه)) إذا حملناه مرة على الوجوب ومرة على الاستحباب بناءً على أن ما يقطع يجب دفعه، وما لا يقطع لا يجب دفعه، بل يستحب دفعه، نكون استعملنا اللفظ الواحد في .. ، في إيش؟ هاه؟ طالب:. . . . . . . . . في إيش؟ في معنييه، في معنييه، اللفظ الواحد يجوز أن يستعمل في معنييه؟ عندهم اللي يتوسعون في الكلام ويقولون: في حقيقته ومجازه في آن واحد يجوز؟ نعم؟ يجوز أن يستعمل اللفظ الواحد في معنييه؟ طالب:. . . . . . . . . هاه؟ طالب:. . . . . . . . .

لا، ما هي بأضداد، ما هي بأضداد، ما هو في حلال وحرام نقول أضداد، لا، في وجوب واستحباب كلها مطلوبة، فليست متضادة، فاستعمال اللفظ في معنييه الجمهور يمنعونه، الجمهور على منع استعمال اللفظ الواحد في معنييه في آن واحد، يجيزه الشافعية، الشافعية ما عندهم مشكلة، أن يقولوا: إن الدفع للوجوب فيما يبطل، وللاستحباب فيما لا يبطل، ما عندهم إشكال في هذا، فهل نقول: إن الأصل الدفع فيجب عليك أن تدفع سواءً رجل أو امرأة أو كلب أو حمار، أو أي شيء ((فأراد أحد)) صغير أو كبير لا بد أن يدفع، ولو لم يبطل الصلاة، هذا الأصل، الأصل في الدفع الوجوب، وهو الظاهر من اللفظ، فليدفعه، فإن أبى فليقاتله، الآن يا الإخوان أنت تصلي في المسجد الحرام فأرادت امرأة أن تجتاز بين يديك كيف تدفع المرأة؟ أو في غيره، كيف تدفع المرأة؟ أو تقول: تمر وأعيد الصلاة؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . تقدم إلى السترة، يعني كما فعل النبي -عليه الصلاة والسلام- حينما تقدم إلى الجدار، طيب افترض أن هذه المرأة عمياء وتقدمتَ إلى السترة ومرت، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . كيف؟ طالب:. . . . . . . . . الدفع يأتي معناه، الدفع: الرد يحتاج إلى .. ، ترد باليد، الأسهل فالأسهل ((فإن أبى فليقاتله)) بقوة، وليس معنى المقاتلة أنه يطلع المسدس ويفرغه في رأسه رصاص وإلا شيء لا، ليس معنى هذا المقاتلة، إنما المقصود به الدفع بالأشد إذا لم يندفع بالأسهل، وليس معنى المقاتلة السب والشتم، بعضهم قال: المراد بالمقاتلة هنا السب؛ لأنه يأتي القتل والقتال والمقاتلة بمعناه ((قاتل الله اليهود)) معناه لعنهم، فليس المراد بذلك لأنه ينافي المقصود من الصلاة، هذا مبطل للصلاة، هل نقول لمن أراد أن تمر بين يديه امرأة غافلة ذاهلة قاصدة عمياء مثلاً جاهلة، الذهول كثير إذا كان ولي أمرها يمشي قدامها تبي تمشي مهما كانت النتائج، كثير من النساء على هذا، لا سيما في المواسم تخشى تضيع، تخشى .. ، هل نقول: ادفع ولو ترتب على ذلك أن تمس بدن المرأة؟ أو نقول: اتركها تمر واستأنف صلاتك ارتكاباً لأخف الضررين؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . كيف؟ طالب:. . . . . . . . . نعم؟ طالب:. . . . . . . . .

كيف تمر من خلفك؟ هذه امرأة مفترضة امرأة عمياء قربت للجدار خليك بينك وبينها ذراع فمرت أشد هذا، هذا أشد، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . نعم، تخليها تمر وتستأنف صلاتك، وتمر ثانية وثالثة، أو نقول في مثل هذا: المشقة تجلب التيسير وخليهن يمرن بدون .. ؛ لأن الأمر هنا ((فليدفعه)) "أراد أحد" يدخل فيه الرجل والمرأة؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . نعم؟ طالب:. . . . . . . . . يسبح مثلاً، تنبيه، لكن إذا لم تندفع بالتسبيح؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . هم يقررون أن المشقة تجلب التيسير في مثل هذه الأمور، لكن إذا استتر الإنسان، أنا أقول: إذا استتر .. ، السترة مأمور بها، نعم، في أوقات المواسم لك مندوحة ألا تستتر، وإذا استترت خف الأمر، أما إذا استترت ومر بينك وبين سترتك أحد الأمر ليس بالسهل، لا سيما الثلاث تقطع الصلاة فيلزمك استئنافها. ((فإن أبى فليقاتله)) في أول الأمر بالأسهل، ثم يدفعه بالأشد، وهذا ما تدل عليه المقاتلة ((فإن أبى فليقاتله فإنما هو شيطان)) الذي يعرف أن المصلي يصلي، كان غافل ثم انتبه بالدفع الأيسر، الدفع الخفيف انتبه، افترض أنه غافل انتبه، ثم أصر، ثم دفع أقوى، ثم أصر، هذا لا شك أنه شيطان، أو الذي يدفعه شيطان، ((فإن معه القرين)) فإن معه القرين، وفي رواية وظاهر صنيع المؤلف أن الرواية من حديث أبي سعيد، في رواية هي لمسلم، والأصل أن يبين ما يقول في رواية، لا بد أن يقول: في رواية لمسلم، إن اتحد الصحابي مع الراوية السابقة يسكت، ويعرف أنها من روايته، فهي ليست من المتفق عليه، وليست من رواية .. ، أو من حديث أبي سعيد وإنما هي من حديث ابن عمر، من حديث ابن عمر، وليست من حديث ابن سعيد، فعلى الحافظ -رحمه الله- أن ينبه، وفي وراية لمسلم من حديث ابن عمر: ((فإن معه القرين)) لا بد أن يقول هذا، وإلا إطلاقه أن الرواية عن أبي سعيد، وهي أيضاً للشيخين، وليس الأمر كذلك، والعلة: ((إن معه القرين))، والقرين الشيطان المقرون بالإنسان بحيث لا يفارقه، وما من إنسان إلا معه قرين، إلا معه قرين، وعندنا سبب ورود وسبب إيراد، إيش الفرق بين سبب الورود وسبب الإيراد؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . .

لا، لا، عندنا الحديث له سبب ورود وسبب إيراد، كثير من الأحاديث يحصل فيها هذا، وقد لا يكون للورود سبب، بل يكون للإيراد سبب، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . أيوه سبب الحديث، الباعث للنبي -عليه الصلاة والسلام- على أن يقول هذا الحديث، قد يوجد له سبب، وهنا النبي -عليه الصلاة والسلام- قاله ابتداءً بدون سبب، كأكثر النصوص من الكتاب والسنة، لكن هناك سبب إيراد، حديث: ((يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج)) من حديث ابن مسعود، قاله النبي -صلى الله عليه وسلم- مخاطباً الشباب ابتداءً، فلا سبب لوروده، وهناك سبب لإيراده من قبل ابن مسعود، وهو مقالة عثمان -رضي الله عنه- له، هنا سبب إيراد، سبب إيراد أبي سعيد للحديث في البخاري عن أبي صالح قال: رأيت أبا سعيد الخدري في يوم جمعة يصلي إلى شيء يستره من الناس، فإذا شاب من بني أبي معيط أراد أن يجتاز بين يديه، فأراد شاب من بني أبي معيط أن يجتاز بين يديه فدفعه أبو سعيد في صدره، فنظر الشاب فلم يجد مساغاً إلا بين يديه فعاد ليجتاز، فدفعه أبو سعيد أشد من الأول" .. الحديث، وهذا يرد على تقسيم المالكية الذي أشرنا إليه سابقاً، هم يقولون: إذا لم يكن للمار مندوحة فلا إثم عليه، أبو سعيد هذا الشاب لم يجد مساغ، ومع ذلكم رده. النووي كعادته في نفي العلم بالخلاف، ونقل الإجماع والاتفاق مع وجود المخالف، هو متساهل في هذا الباب، يقول: "لا أعلم أحداً من الفقهاء قال بوجوب الدفع"، لا أعلم أحداً من الفقهاء قال بوجوب الدفع، بما أن الأصل في الأمر الوجوب. كون الحافظ -رحمه الله تعالى- ينقل عن أهل الظاهر أنهم قالوا بوجوبه، لا يستدرك بذلك على النووي لماذا؟ لأنه لا يعتد بقول الظاهرية، لا يعتد النووي بقول الظاهرية، بل صرح في شرح مسلم في الجزء الرابع عشر صفحة تسعة وعشرين أنه لا يعتد بقول داود؛ لأنه لا يرى القياس الذي هو أحد أركان الاجتهاد، فلا يستدرك عليه، لكن من أهل العلم من قال بوجوبه غير الظاهرية، ممن يعتد بهم النووي، والنووي في هذا الباب يتساهل -رحمه الله-، نقل الإجماع على أن عيادة المريض سنة وليست بواجبة مع تصريح البخاري بقوله -رحمه الله-: "باب: وجوب عيادة المريض" والأمثلة على ذلك كثيرة. اعطنا حديث الخط، نأخذه وإلا ترتاحون قليلاً ...

كتاب الصلاة (7)

بلوغ المرام – كتاب الصلاة (7) شرح: باب: الحث على الخشوع في الصلاة الشيخ/ عبد الكريم بن عبد الله الخضير نعم. "وعن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إذا صلى أحدكم فليجعل تلقاء وجهه شيئاً, فإن لم يجد فلينصب عصاً, فإن لم يكن فليخط خطاً, ثم لا يضره من مر بين يديه)) أخرجه أحمد وابن ماجه, وصححه ابن حبان, ولم يصب من زعم أنه مضطرب, بل هو حسن". الذي يليه. "وعن أبي سعيد الخدري -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا يقطع الصلاة شي، وادرءوا ما استطعتم)) أخرجه أبو داود، وفي سنده ضعف". حديث أبي هريرة المخرج في المسند والسنن وغيرها وهو المعروف بحديث الخط "عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إذا صلى أحدكم فليجعل تلقاء وجهه شيئاً)) ((فليجعل تلقاء وجهه شيئاً)) يعني أي شيء ((فإن لم يجد فلينصب عصاً)) فلينصب عصا، العصا ليس بشيء؟ نعم ((فليجعل تلقاء وجهه شيئاً فإن لم يجد فلينصب عصا)) نعم؟ ((فليستتر أحدكم ولو بسهم)) الأصل أن تكون الجملة الأولى أكمل من التي تليها، المخفف فيها ((فليجعل تلقاء وجهه شيئاً)) كأنه قال: كبيراً، فإن لم يجد هذا الشيء الكبير فلينصب عصا، لكن إطلاق الشيء في الجملة الأولى يدل على أن الاستتار يحصل بأدنى شيء، لماذا؟ لأنه نكرة في سياق الشرط فتعم، تعم أي شيء يمكن أن يطلق عليه شيء صغر أو كبر، طال أو قصر عرض أم دق، ((فإن لم يجد فلينصب عصاً)) وهو شيء، لكن التنصيص عليه لأنه يغلب وجوده، ((فإن لم يكن)) يعني فإن لم يكن فإن لم يوجد العصا ((فليخط خطاً)) يعني إذا كانت الأرض تراب، أو كان معه شيء يمكن له لون يخط به ((فإن لم يكن فليخط خطاً, ثم لا يضره من مر بين يديه)) يخط خط، وهذا الحديث "أخرجه أحمد وابن ماجه وابن حبان" وصححه أحمد وابن المديني، كما قال ذلك ابن عبد البر في التمهيد، ورواه أيضاً أبو داود والبيهقي، وضعفه الشافعي والبيهقي والنووي.

يقول الحافظ: "وصححه ابن حبان، ولم يصب من زعم أنه مضطرب, بل هو حديث حسن" الذي زعم أنه مضطرب، بل ذكره مثالاً للمضطرب، مثل به للمضطرب ابن الصلاح في علوم الحديث، والحديث المضطرب: هو الحديث الذي يروى على أوجه، يعني على أكثر من وجه، أوجه مختلفة، إن كانت متحدة أو متفقة في الدلالة فلا اضطراب، أولاً: إذا روي الحديث من وجه واحد فلا اضطراب، لا بد أن يروى من أوجه، إذا روي من أوجه مختلفة في الدلالة فإن كانت دلالتها ومفادها واحداً فلا اضطراب، ولا بد أن تكون هذه الأوجه المختلفة متساوية، متساوية في الثبوت، أما إذا أمكن ترجيح بعضها على بعض انتفى الاضطراب، انتفى الاضطراب، وحديث الخط مثل به ابن الصلاح للحديث المضطرب، ولا شك أنه مروي على أوجه، وهذه الأوجه بينها اختلاف وتفاوت كبير، لم تتحد رواتها، وهي أيضاً من وجهة نظر ابن الصلاح متساوية، بمعنى أنه لم يستطع أن يرجح بعض هذه الأوجه على بعض، الحافظ ابن حجر رجح بعض الطرق على بعض، فانتفى عنده الاضطراب، لكن إذا انتفى الاضطراب وبقي ضعف بعض الرواة يعني نفي الاضطراب بإمكان الترجيح لا ينفي ضعف بعض الرواة، فالحديث ضعيف وإن أمكن ترجيح بعض طرقه على بعض، ولذا قال سفيان بن عيينة: "لم نجد شيئاً نشد به هذا الحديث" وكان إسماعيل بن أمية إذا حدث بهذا الحديث يقول: "هل عندكم شيء تشدونه به؟ " وأشار الإمام الشافعي وغيره إلى ضعفه على أن الضعف ليس بشديد، الضعف ليس بشديد، ولذا يقول بعضهم: لا بأس به في مثل هذا الحكم؛ لأن ضعفه ليس بشديد.

حديث الخط على الخلاف في قبوله ورده على الخلاف في قبوله ورده هذا الخط وفي حكمه طرف السجادة، حكم الخط؛ لأنه إذا نواه المصلي سترة مثل الخط ما يفرق، فهذا الخط إذا وضع يوضع بين يدي المصلي، بينه وبين من يمر بين يديه ممتد من اليمين إلى الشمال كالجنازة خط هكذا، ومنهم من يقول: يوضع الخط طولاً؛ لأن الخط قائم مقام -في الحديث- قائم مقام العصا، فأنت إذا وضعت العصا كأنه أمامك هذا، تخط خطاً أمامك، ومنهم من قال: يوضع الخط بما يشبه الهلال نصف دائرة كالمحراب، على كل حال كل هذا الكلام على فرض ثبوت الخبر، وعرفنا ما فيه من ضعف، وهو قابل لترجيح بعض رواياته على بعض، فينتفي الاضطراب ويبقى الكلام الذي في بعض رواته فهو ضعيف. بعض من يحقق الكتب يترجح له التصحيح أو التضعيف، وليته يقول: هو صحيح عنده، أو ضعيف عنده، بل يتجاوز ذلك فيقول: ضعيف وإن صححه أحمد، يقوله بعض المعاصرين، ضعيف وإن صححه أحمد وابن المديني، بالمقابل يقول: صحيح وإن ضعفه الشافعي والبيهقي، هذا سوء أدب، هذا لا يليق بطالب علم، يكفي أن تبين وجهة نظرك مع احترام الأئمة وإجلالهم، من أين تعلمت؟ وعلى من اعتمدت؟ وما وصلت ما وصلت إليه من علم -إن كان لديك علم- إلا من طريقهم، فعلى طالب العلم أن يلتزم الأدب، الأدب الشرعي مع الكبار، ضعيف وإن صححه أحمد وابن المديني، صحيح وإن ضعفه الشافعي والبيهقي، هذا كلام؟! هذا لا ينفع، هذا فيه جرأة على أهل العلم، وتربية طلاب العلم على مثل هذه الأساليب هذا لا شك أن هذه كارثة، فلا بد من لزوم الأدب مع أهل العلم، نعم؟ طالب:. . . . . . . . .

إذا قال: ضعيف وسكت خلاص، هذا قول من الأقوال، قول من الأقوال التي قيلت في الحديث، وإذا قال: ضعيف وبين لا بأس، بين وجهة نظره لا بأس، ويوجد من الباحثين من يجهل بدهيات العلوم ويقول: وقد قال الجماهير بكذا، والذي أراه كذا، إيش الكلام هذا؟ أحياناً يسرد الأئمة الأربعة وأتباعهم أحمد ومالك والشافعي وأبو حنيفة وفلان وفلان، والذي أراه كذا، هو ما يمنع أن يبدي الإنسان وجهة نظره، ولا يلزم أن يوافق كل قول، ولا يمنع طالب العلم المتأهل للترجيح أن يرجح، فإذا تأهل تعين عليه أن يعمل ويفتي ويقول بما يدين الله به، لكن بالأسلوب المناسب، بالطريقة المناسبة، وأمرنا أن ننزل الناس منازلهم، أمرنا أن ننزل الناس منازلهم. حديث "أبي سعيد الخدري -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا يقطع الصلاة شي، وادرءوا ما استطعتم)) الحديث مخرج عند أبي داود وابن أبي شيبة والدارقطني والبيهقي وجمع من أهل العلم لكنه ضعيف، في إسناده مجالد بن سعيد، يقول الإمام أحمد: "ليس بشيء"، وقال ابن معين: "لا يحتج به" فالحديث ضعيف، مجالد بن سعيد يقول الإمام أحمد: "ليس بشيء". من أهل العلم من يرى أن هذا الحديث ناسخ لحديث أبي ذر ((يقطع صلاة الرجل المسلم)) ما ذُكر، فيقولون: إن حديث أبي ذر منسوخ، وما جاء في معناه منسوخ بهذا الحديث. أولاً: هذا الحديث -كما سمعنا- ضعيف.

باب: الحث على الخشوع في الصلاة:

الأمر الثاني: إنه لا بد من معرفة التاريخ، لا بد من معرفة التاريخ لنحكم بالنسخ، طيب، لو افترضنا هذا الحديث صحيح وجهل التاريخ، افترضنا أن هذا الحديث صحيح ((لا يقطع الصلاة شيء)) وجهلنا التاريخ، كيف نوفق بينه وبين حديث أبي ذر؟ وهذا .. ، أقول: إلقاء مثل هذا الكلام لا يعني أننا نصحح الحديث أو نعتبر الحديث؛ لأن الحديث إذا ضعف نعم ولا يجد له ما يسنده ويدعمه فإنه لا يتكلف اعتباره، هذه القاعدة عند أهل العلم، لكن من باب التمرين على التوفيق بين الأحاديث المتعارضة، والعمل في مختلف الحديث، يعني لو افترضنا أن هذا الحديث ثابت مع حديث أبي ذر وغيره من الأحاديث التي تقول بالقطع هل نستطيع أن نقول: لا يقطع الصلاة شيء؟ يعني لا ينقص ثواب المصلي شيء؟ نعم؟ أو نقول: لا يبطل صلاة الرجل شيء؟ أولاً: الشيء هذا لا بد أن يحمل على ما جاء في الأحاديث الأخرى، وإلا لا يقطع الصلاة شيء يحتمل الحدث، الحدث يقطع الصلاة وإلا ما يقطعها؟ يقطعها إجماعاً، نعم، فقوله: ((ادرءوا ما استطعتم)) لا يعين المراد وهو أن المراد الثلاثة المذكورة، لأن قد يقول قائل: لا يقطع الصلاة شيء ولو كان من الأحداث، ادرءوا، ادفعوا هذه الأحداث بقدر الاستطاعة، إن فات شيء غصباً عليكم ما في شيء، ما يقطع الصلاة، نقول: لا، المقصود به ما جاء في الأحاديث التي تدل على أنه يقطع الصلاة، وليس معنى: ((لا يقطع الصلاة شيء)) لا ينقص ثوابها كما قيل هناك، بل يوجد ما ينقص الثواب قطعاً بالنصوص الأخرى، فلو افترضنا صحة هذا الخبر مع صحة الخبر الأول، نقول: نؤول القطع هناك لتتحد الأحاديث، مع أن هذا الحديث ضعيف، وأهل العلم يقررون أنه إذا كان الخبر لا يثبت فإنه لا يتكلف اعتباره، ونحن لم نتكلف اعتباره من أجل معارضة حديث بحديث، حديث صحيح بضعيف، لا، وإنما مجرد تمرين، وإلا فالحديث كما ذكرنا ضعيف، نعم. باب: الحث على الخشوع في الصلاة: باب: الحث على الخشوع في الصلاة: عن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- قال: "نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يصلي الرجل مختصراً" متفق عليه, واللفظ لمسلم، ومعناه: أن يجعل يده على خاصرته.

وفي البخاري: عن عائشة -رضي الله تعالى عنها- "أن ذلك فعل اليهود في صلاتهم". يقول -رحمه الله-: "باب: الحث على الخشوع في الصلاة" الحث، باب الحث والحض بمعنىً واحد، وهو أعم من أن يكون الأمر المحضوض والمحثوث عليه واجباً أو غير واجب، فيحث ويحض على فعل الواجبات كما يحض ويحث على فعل المندوبات، فهذه الترجمة تجعل الخشوع أعم من أن يكون واجباً أو مندوباً، ولم يقل الحافظ -رحمه الله-: باب وجوب الخشوع في الصلاة، ولم يقل: باب استحباب الخشوع في الصلاة، إنما جاء بما هو أعم من ذلك، ويترك الحكم للأدلة التي يوردها.

والخشوع قالوا: هو الخضوع أو قريب منه، ويكون بالقلب والجوارح، ويكون بالقلب والجوارح، الخشوع أمر مطلوب، بل هو لب الصلاة، وبقدره ينال المصلي النسبة من صلاته، فإذا خشع في صلاته وأحضر قلبه وتمثل أنه قائم بين يدي ربه وخالقه المتصرف فيه، مخبتاً متذللاً خاضعاً ينال من ذلك النسبة المناسبة لنسبة الخشوع في القلب، وبعدمه -بعدم الخشوع- ينقص، أو بنقص الخشوع ينقص ثواب الصلاة، ولذا جاء في الحديث: ((قد ينصرف الرجل من صلاته وليس له إلا ربعها ... أو عشرها)) لماذا؟ لأنه لم يستحضر، لم يعقل من صلاته إلا هذه النسبة، فماذا عمن لم يعقل في صلاته شيئاً؟ دخل في الصلاة وخرج وكأنه لم يصلِ، ما عقل من صلاته شيء، لكنه جاء بالصلاة بجميع شروطها وأركانها وواجباتها، جاء بجميع ذلك، بالشروط والأركان والواجبات، صلاته صحيحة مجزئة مسقطة للطلب أو باطلة؟ ما عقل من صلاته شيء، وقل مثل هذا في العبادات، يعني شخص شرع يقرأ القرآن وما عقل من قراءته شيء، بدأ بالسورة وفرغ منها ودخل بالتي تليها وخرج منها ما يدري هو قرأ هذه السورة أو لم يقرأها، وهذا كثير وملاحظ، كثير ممن يصلي كثير ممن يقرأ بهذه الصورة، يدخل المسجد وذهنه مشغول مشوش بأمور دنياه، دعنا ممن هو مشغول بأمور الدين، فقد كان عمر -رضي الله عنه- يجهز الجيوش وهو في الصلاة، لا يدخل هذا في هذا، يحصل التشريك عبادة بعبادة، لكن هل هذا مؤثر في الصلاة أو غير مؤثر؟ تشريك عبادة بعبادة؟ نعم؟ يعني شخص يسمع قراءة الإمام والإمام يبكي ومن حوله يبكون وهو يبكي لكن هم يبكون متأثرون بالقراءة، وهو يبكي متأثر من أوضاع المسلمين مثلاً، متألم لأوضاع المسلمين متأثر بأحوالهم، يؤثر في صلاته أو لا يؤثر؟ نعم؟ يعني هذا خلط عبادة بعبادة، عمر -رضي الله عنه- يجهز الجيوش وهو في الصلاة، هذا يسمونه تشريك لكنه تشريك عبادة بعبادة، لا شك أنه مؤثر في صلاته.

شخص -وهذا حصل- يصلي في الدور الثاني في الحرم والإمام يقرأ في صلاة التهجد ويبكي ويبكي من حوله وهو يبكي لا لقراءة الإمام يرى الطائفين ويتصور يوم العرض، اليوم الآخر، الناس يموج بعضهم في بعض، هذا تشريك، ولا شك أنه غفلة عما هو بصدده، لكنه غفلة إلى أين؟ ولا شك أن هذا مؤثر في الصلاة، لكن ليس تأثيره مثل تأثير من قلبه معلق بمتجره، هذا يختلف، وهذا أسهل بكثير ممن قلبه متأثر منشغل بمعاصي، يخطط لمعصية وهو في الصلاة هذا أمره عظيم، وكل هذا يتبع حكم الخشوع في الصلاة، جماهير أهل العلم على أن الخشوع في الصلاة مندوب، جماهير أهل العلم على أن الخشوع في الصلاة مندوب، بل ادعى النووي الإجماع، النووي ادعى الإجماع على عدم وجوب الخشوع في الصلاة، وقال بوجوبه جمع من أهل العلم، الغزالي في الإحياء أطال في تقرير الوجوب، ابن رجب -رحمه الله- يرى وجوب الخشوع في الصلاة، لكن الجمهور على عدم وجوبه بمعنى أن الصلاة تصح إذا أديت مكتملة الشروط والأركان والواجبات تصح، ولو لم يعقل منها شيء، لكن يفوته الثوب المرتب عليها، ومعنى الصحة؟ الصحة نعم عدم المطالبة بها، عدم المطالبة بها، بمعنى أنه لا يطالب بقضائها أو بإعادتها، إذا جاء بها مكتملة الشروط والأركان والوجبات، وإذا قلنا: إن الخشوع مستحب تكون الصلاة صحيحة ولو لم يعقل منها شيء، وقد مدح الله -سبحانه وتعالى- المؤمنين بأنهم في صلاتهم إيش؟ {الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ} [(2) سورة المؤمنون] وجاء في الحديث: ((أول ما تفقدون من صلاتكم)) -إيش؟ - ((الخشوع)) من يلاحظ حال الناس اليوم وقبل اليوم يجد أن هذا القدر المهم الذي بقدره يكون مقدار الصلة بين العبد وبين ربه كيف يتلذذ إنسان بمناجاة ربه وقلبه غافل؟ كيف يتلذذ؟ يوجد خلط، نعم يوجد خلط في الفهم الصحيح للصلاة وغيرها من أمور الدين، تجد الإنسان ذهب إلى عمل خيري، من الأمور المطلوبة شرعاً من المستحبات، لكن عاقه هذا عن فعل .. ، عن صلاته مثلاً، انشغل بأمر مستحب ليس من أعمال الصلاة ذهب لتحصيله وتشوشت نفسه عليه فما عقل من صلاته شيء، لا بد أن يعيد حسابه، الواجب أهم من النفل، الواجب أهم من النفل، فعلى الإنسان أن يتحسس هذا

القلب، ويسعى جاهداً في تصفية هذا القلب، ولا أنفع للقلب من قراءة القرآن على الوجه المأمور به ملازمة الذكر، صدق اللجأ إلى الله -سبحانه وتعالى-، والانكسار بين يديه والانطراح بين يديه، لا سيما في الأوقات التي تكون فيها فراغ البال، لا يجي من عمله ثم يقول: الله أكبر، هذا طيب، لكن ما تكون الآثار المترتبة على هذه العبادة مثل ما لو ارتاح من هموم الدنيا ثم أقبل عليها، لكن هذا يتصور فيمن همه الآخرة، أما إذا كان همه الدنيا والآخرة مجرد إسقاط واجب، هذا ما يفلح في الغالب، ليس معنى هذا أنه ما يفلح أنه يلزم عليه أنه يعذب، لا، يمكن المسألة فوق ذلك، يعني شخص يتلذذ بمناجاة الله -عز وجل- مثل هذا لا بد أن يعالج، هذا يحتاج إلى علاج، والله المستعان. فأنت تلاحظ كثير من المصلين بل وجد جماعة المسجد ثلاثة صفوف أربعة صفوف خمسة يترك الإمام ركعة أو يزيد ركعة ما يجد من يقول له: سبحان الله، هذا دليل على إيش؟ على المتابعة؟ نعم؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . .

مشغولين ما في أحد حاضر البال، لكن قد يقول قائل: إن مثل هذا قد ينشأ من انشغاله بصلاته، ما هو بلما الإمام ولا مع الإمام بصدد صلاته، يتدبر ما يقرأ، يستحضر أثناء الذكر والدعاء، ومنشغل عن إمامه بصلاته، ولذا يقرر بعضهم عند قوله -جل وعلا-: {الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ} [(5) سورة الماعون] نعم يقول: إن الذي لا يخطئ في صلاته، الذي لا يخطئ في صلاته ليس بأكمل ممن يخطئ في صلاته، يزيد وينقص، يسهو في صلاته، لماذا؟ لأن هذا منشغل بإكمال ظاهرها، وذاك منشغل بتكميل حقيقتها وباطنها، ذكره المفسرون عند تفسير سورة الماعون، قالوا: الذي يسهو في صلاته أكمل من الذي لا يسهو، لكن المسألة تعود وترجع على السبب الباعث على هذا السهو، إن كان السبب الباعث على هذا السهو تدبر ما يقرأ والتفكر فيه لا شك أنه أكمل ممن يقرأ من غير تدبر ولا تفكر، وإذا كان السبب -سبب هذا السهو- هو الانشغال بأمور خارج الصلاة لا شك أنه أقل، فيكون السهو نعم لذاته جبلي، لا يذم ولا يمدح، إنما الأثر الذي يؤثر في وجود هذا السهو وعدمه هو الذي يمدح ويذم، السبب الذي نشأ عنه هذا السهو يمكن أن يمدح، ويمكن أن يذم.

"عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: "نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يصلي الرجل مختصراً" متفق عليه, واللفظ لمسلم، ومعناه -تفسير معنى الاختصار- أن يجعل يده على خاصرتيه"، "نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" هذا مرفوع وإلا موقوف؟ مرفوع قطعاً، لكن هل هو بمثابة قوله -عليه الصلاة والسلام-: "لا تختصروا في الصلاة" أو" لا تجعلوا أيديكم على خواصركم في الصلاة"؟ "نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يصلي الرجل مختصراً" وفي حكم الرجل المرأة، مختصراً: يضع يديه أو إحدى يديه على خاصرته، وهي الشاكلة، وجاء التعليل بأنه من فعل اليهود، من فعل اليهود، فالنهي عنه -عن الاختصار- للمشابهة للتشبه باليهود أو لأنه مخل بالخشوع؟ إدخال المصنف الحديث في باب الحث على الخشوع يدل على أن للاختصار أثر في الخشوع، أثر في تقليل الخشوع، يعني لو رأيت شخص يصلي ويديه على شاكلته كم تعطيه من نسبة في الخشوع؟ بينما شخص واضع يديه على صدره ومخبت، يعني وضع مثل هذا الحديث في الخشوع ما بعبث يا الإخوان، ليس من باب العبث أن يوضع مثل هذا الحديث في هذا الباب، نعم التخصر لا يناسب في مثل هذه الحال إطلاقاً، بل لا يناسب المسلم مطلقاً، تجدون من .. ، تعرفون من يضع يديه على خاصرته، هو من فعل اليهود ومن يتشبه باليهود من فنانين ومغنين فهل هذا يليق بالصلاة؟ هذا مصادمة تامة للخشوع، بين من وضع إحدى يديه على الأخرى على صدره، ونظر إلى موضع سجوده، وطأطأ رأسه وأخبت هذا الخشوع، هذا خشوع الجوارح، لكن أما خشوع القلب فأمر ثاني، لكن الظواهر عنوان البواطن، الظواهر عنوان البواطن، ما يقول: التقوى هاهنا، والخشوع في القلب، وأنا لو اختصرت أنا .. ، ما يطرح، ما يمكن، فالناس إنما يحكمون عليك بظاهرك.

جاء في حديث: ((المختصرون يوم القيامة على وجوههم النور)) أي المصلون بالليل فإذا تعبوا وضعوا أيديهم على خواصرهم، لكن الحديث لا أصل له فلا يعارض به حديث الباب، لا يعارض به حديث الباب، فسر بعضهم الحديث الاختصار في القراءة، الاختصار في القراءة، يعني يقتصر على الشيء اليسير من المقروء، يقتصر على الشيء اليسير من الدعاء، يقتصر على الشيء اليسير من الذكر هذا اختصار، نعم، وهذا وإن كان مجزئاً إذا جاء بالقدر الواجب إلا أنه خلاف هدي النبي -عليه الصلاة والسلام-، وأولى ما يفسر به الحديث ما ذكر من أن الاختصار وضع اليدين على الخاصرة أو الخاصرتين، والعلة في ذلك كما "في البخاري: عن عائشة -رضي الله عنها- "أن ذلك فعل اليهود في صلاتهم" فعل اليهود في صلاتهم، وقد نهينا عن التشبه بهم خارج العبادات، فالتشبه بهم في داخل العبادات أشد بلا شك، التشبه بهم في داخل العبادات أشد، ولذا مما ينقل عن اليهود أنهم يغمضون أعينهم، فيكره إغماض العين تشبهاً باليهود، وإن كان ابن القيم -رحمه الله- يرى أنه لا بأس به إذا كان أجمع للقلب، فما كان فيه تشبه فهو ممنوع. "وعن أنس -رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إذا قُدم العشاء فابدءوا به قبل أن تصلوا المغرب)) متفق عليه".

"عن أنس -رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إذا قُدم العشاء)) " والعشاء طعام العشي، يعني طعام آخر النهار، الغداء طعام الغداة أول النهار، ((إذا قدم العشاء فابدءوا به قبل أن تصلوا المغرب)) لماذا؟ لأن البداءة بالصلاة مع تقديم العشاء لا سيما مع الحاجة إليه والتعلق به مما يشوش الخاطر، ولذا أدخله المصنف -رحمه الله تعالى- في باب الخشوع، وقل مثل العشاء ما يقاس عليه مما يشوش الذهن، مما يشوش، لكن إذا كان ديدن الإنسان كل شيء يشغل باله نقول له: لا تصلي حتى ترتاح؟ لو اقتنى أدنى شيء ما يرتاح إلى أن يقلبه مراراً، وإن صلى انشغل به، نقول له: انتظر حتى تنهي نهمتك من هذه الشغلة؟ لا تصلي حتى تنتهي، شخص مفتون بأمر من الأمور كتب مثلاً، خلينا بالعلم والدين، اشترى صفقة كتب وهو يقلب في هاالكتب، الليل كله يقلب هذه الكتب، وباقي عليه شيء من إكمالها فأذن لصلاة الفجر نقول له: انتظر، انتظر حتى تنهي نهمتك من هذه الكتب؟ هو بينشغل أحياناً، بعض الناس لهم ميول في طباعهم، وكل مفتون بشيء، هل نقول: انتظر لا تصلي حتى تنتهي نهمتك من هذه الكتب ولو انشغل بالك؟ أو نقول: صلِ ولو انشغل بالك؟ نقول: مثل هذه القلوب التي تنشغل بأدنى شيء أو بأي شيء لا بد من علاجها، هذه فيها خلل، أعظم ما عند المسلم من عمل هو الصلاة، فإذا كان يقتني هذه الكتب من أجل أن تعينه على العبادة، على أن يعبد ربه -جل وعلا- فقدم هذه الوسيلة على الغاية فعنده خلل، لا بد أن يعالج قلبه، إذا قام إلى الصلاة من الليل ثم نعس بما ينصح؟ بإيش؟ بأن ينام، نعم؛ لئلا يذهب يدعو لنفسه فيدعو على نفسه، إذا كان ديدنه النوم، لو نام عشر ساعات تقول له: يصلي نعس، تقول له: روح نام بعد؟ مثل هذا يحتاج إلى علاج، نايم كل الليل ويجلس بعد صلاة الصبح يقرأ القرآن وينعس، تقول له: روح نم؟. . . . . . . . . ما ينفع؛ لأن الذي يكون عنده الشيء ليس بعادة ولا ديدن يعالج به، لكن شخص نهوم أكول، كل ما قدم له طعام انشغل به، قبل الصلاة مشغول بالطعام، وبعد الصلاة مشغول بالطعام وإلى متى؟ يقال له: قدم العشاء على العِشاء على الصلاة على المغرب؟ مثل هذا يحتاج إلى علاج قبل،

فلا بد أن تكون النفس مرتبطة بمطالب الشرع، نعم هناك أمور فطرية جبلية، أكل، شرب، حر، برد، لا بد من أن تهيأ الظروف المناسبة لهذه العبادة العظيمة، لكن إذا كان شخص كل حياته على هذه الطريقة، ينتهي من شغل ويدخل في شغل يقال له: اترك الصلاة؟ نقول: لا، أنت تصلي وليس لك من صلاتك إلا ما عقلت، واحرص أن يحضر قلبك في صلاتك. وهنا يقول: " ((إذا قدم العشاء فابدءوا به قبل أن تصلوا المغرب)) متفق عليه" إذا وضع العشاء كما في الحديث: ((إذا وضع العشاء وأحدكم صائم)) هذا مقيد بالصيام والحديث مطلق، والأولى أن تستنبط العلة من النصوص كلها فتربط بالحاجة إلى الطعام، تربط بالحاجة إلى الطعام، هذه الحاجة تحول دون المصلي وبين صلاته؛ لأنه عرفنا العلة من تقديم العشاء على الصلاة؛ لئلا ينشغل المصلي عن صلاته بطعامه، لئلا ينشغل المصلي بطعامه عن صلاته، ومع ذلكم إذا وجد ما يشغل الإنسان مما يطرأ عليه لا يكون ملازم له، فلا بد من أن يفرغ باله من هذا الطارئ وينصرف إلى صلاته بقلب حاضر. والتنصيص على الصائم، التنصيص على الصائم للاهتمام بشأنه والعناية به؛ لأنه أحوج الناس إلى الطعام، وذكره من بين سائر الأفراد، أفراد من يقدم لهم الطعام لا شك أنه من ذكر الخاص بحكم موافق لحكم العام، فلا يقتضي التخصيص بالصائم، بل كل من وجدت عنده الحاجة الملحة الطارئة، لا نقول لشخص نهوم، دائم شغوف بالطعام، محتاج إلى طعام نقول له: قدم الطعام؟ هذا لم يقل به أحد، إلا إذا كانت حاجته للطعام طارئة تزول إذا أكل العشاء أو الغداء أو أكل الطعام يقدمها حينئذٍ على العبادة ليتفرغ للعبادة، لا اهتماماً بالطعام، إنما اهتماماً بالعبادة، الهدف من هذا ليس الاهتمام بالطعام، إنما الهدف منه الاهتمام بهذه العبادة ليقبل على صلاته بقلب حاضر، والله المستعان.

بقي إذا ضاق الوقت يعني لم يبق من الوقت إلا الشيء اليسير وقدم الطعام نقول: لو فات الوقت، نعم، لا بد أن يصلي الصلاة في وقتها {إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا} [(103) سورة النساء] ولو تشوش ذهنه؛ لأن المحافظة على الوقت شرط من شروط صحة الصلاة، والخشوع الذي يذهبه تعلق القلب بالطعام على القول بوجوبه لا يقاوم ما اشترط للصلاة، إذا قدم الطعام وخشي فوت الجماعة ننظر بقدر ما يذهبه هذا الطعام من صلاته ومن أجره يفاضل بينه، وكل يعرف هذا من نفسه، والله أعلم. وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

كتاب الصلاة (8)

بلوغ المرام – كتاب الصلاة (8) تكملة شرح: باب: الحث على الخشوع في الصلاة الشيخ/ عبد الكريم بن عبد الله الخضير بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. قال المصنف -رحمه الله تعالى- في كتاب الصلاة في باب الحث على الخشوع في الصلاة: وعن أبي ذر -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إذا قام أحدكم في الصلاة فلا يمسح الحصى فإن الرحمة تواجهه)) رواه الخمسة بإسناد صحيح، وزاد أحمد: ((واحدةً أو دع)). وفي الصحيح عن معيقب نحوه بغير تعليل .. معيقيب، معيقيب. عن معيقيب نحوه بغير تعليل. الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "وعن أبي ذر -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إذا قام أحدكم في الصلاة فلا يمسح الحصى -والعلة في ذلك- فإن الرحمة تواجهه)) رواه الخمسة" مر بيانهم مراراً، وأنهم أصحاب السنن الأربع: أبو داود والنسائي والترمذي وابن ماجه، وخامسهم: الإمام أحمد -رحمه الله تعالى-. يقول: "بإسناد صحيح" بإسناد صحيح، معلوم أنه إذا قيل: إسناده صحيح فإن الرواة على هذا ثقات، وكل واحد منهم قد سمع من روى عنه، فإذا صح السند أو صُحح السند فمعناه أن الرواة اجتمع فيهم الأمران الضبط والعدالة، واتصل الإسناد بمعنى أن كل واحد من رواته قد تلقاه ممن فوقه بطريق معتبر، لكن في إسناد الحديث أبو الأحوص، ولا يُعرف اسمه، هو مشهور بكنيته، معروف بكنيته، قد اطردت العادة أن من يشتهر بالكنية أنه يضيع الاسم، يضيع اسمه، لا يعرف اسمه، وأبو الأحوص هذا قال فيه الحافظ ابن حجر نفسه في التقريب: "مقبول" مقبول، متى يوصف الراوي بأنه مقبول؟ لينظر حكم الحافظ على إسناده بأنه صحيح، قال عنه الحافظ ابن حجر: "مقبول" إيش معنى مقبول؟ ومتى يحكم على الراوي بأنه مقبول؟ لا سيما عند ابن حجر الذي أطلق هذا القول حيث قال في هذا الراوي: "مقبول" وقال عن إسناد الحديث أنه صحيح؟ فهل حديث المقبول صحيح؟ نعم يا إخوان؟ طالب:. . . . . . . . . نعم؟

طالب:. . . . . . . . . ضعيف إلا إن توبع، إلا إن توبع، فالمقبول من ليس له من الحديث إلا الشيء القليل، ولم يثبت في حقه ما يترك حديثه من أجله، ليس له من الحديث إلا القليل، ولم يثبت فيه .. ، أو لم يقل فيه ما يترك حديثه من أجله فإن توبع فمقبول وإلا فلين، أبو الأحوص لم يتابع على رواية هذا الحديث، لم يتابع على رواية الحديث، فماذا يستحق؟ يستحق أن يقال: مقبول وإلا لين؟ لين، فالحديث الذي حكم عليه الحافظ بأن إسناده صحيح لو حكم على المتن بأنه صحيح لا إشكال، لكن الحافظ حكم على الإسناد بأنه صحيح، مع أن فيه أبا الأحوص، وهو مقبول إذا توبع ولم يتابع فهو لين ضعيف، فكيف يقول الحافظ بإسناد صحيح؟ رواه الخمسة بإسناد صحيح، لو قال: الحديث صحيح والمقصود به المتن لكان الحكم صحيح؛ لأن له شاهداً من حديث معيقيب وهو في الصحيح، لكن الإسناد ليس بصحيح، على أنه قد يصح الإسناد ولا يصح المتن لوجود شذوذ أو علة، وبمخالفة من هو أوثق منه، فقول الحافظ -رحمه الله تعالى-: بإسناد صحيح فيه ما فيه. الآن حكم الحافظ -رحمه الله تعالى- على هذا الراوي بأنه مقبول هل هو حكم على الراوي أو على روايته؟ طالب:. . . . . . . . . على المروي من أي وجه؟ طالب:. . . . . . . . . على التقعيد في التقريب حكمه على المروي لا على الراوي، والكتاب كتاب مرويات وإلا كتاب رواة؟ طالب:. . . . . . . . . كتاب رواة، كتاب رواة، فأصل التقعيد فيه ما فيه، وليس هذا مجال بسط هذه المسألة؛ لأنه هو حكم على الراوي بأنه مقبول مع أنه لم يتابع على حديثه هذا، فالأصل أن يحكم عليه بأنه لين، واللين حديثه من قبيل الضعيف، نعم ضعفه غير شديد، ينجبر برواية غيره، ويرتقي إلى المقبول، لكن زاد الحافظ على ذلك فقال: بإسناد صحيح. أما متن الحديث فصحيح لا إشكال فيه؛ لأن له شاهداً من حديث معيقيب، وهو مخرج في الصحيح، في الصحيحين وغيرهما على ما سيأتي.

يقول: "قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إذا قام أحدكم)) قام: فعل ماض، والفعل الماضي يطلق ويراد به الفراغ من العمل، ويطلق ويراد به إرادة العمل، ويطلق ويراد به الشروع في العمل ((إذا قام أحدكم في الصلاة)) هل المراد به إذا قام وفرغ من القيام، أو إذا أراد القيام إلى الصلاة أو في الصلاة؟ لأن في هذه للظرفية في الصلاة قام في الصلاة لا بد أن نضمن (قام) فعل يتعدى بفي، فمعناه إذا شرع في الصلاة، إيش معنى قام في الصلاة؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . يعني نقول: هو مثل {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ} [(6) سورة المائدة] إذا أردتم القيام، مثله، نعم؟ ((إذا قام أحدكم في الصلاة فلا يمسح الحصى)) هل المنهي عنه يعني من مسح الحصى النهي متجه إذا أراد القيام لا يمسح أو أنه إذا شرع في الصلاة فلا يمسح؟ التضمين لا بد منه، فإما أن نضمن الفعل أو نضمن الحرف، وتضمين الفعل أولى من تضمين الحرف على ما قرره شيخ الإسلام ابن تيمية وغيره، فنضمن ((إذا قام أحدكم في الصلاة فلا يمسح)) يعني إذا شرع في الصلاة فلا يمسح؛ لأنه قبل الشروع في الصلاة لا يحتاج إلى إذن، مسح الحصى مباح ما في إشكال قبل الشروع، فالممنوع من مسح الحصى بعد الشروع في الصلاة لا يمسح الحصى ((فإن الرحمة تواجهه)) ((فإن الرحمة تواجهه)) هذه علة منصوصة في الخبر إلا أنها منصوصة في هذا الخبر الذي فيه مقال، وخلى منها الخبر الصحيح خبر معيقيب ((فإن الرحمة تواجهه)) إذا كانت هذه هي العلة فلما أدخل الحافظ الحديث في كتاب أو في باب الخشوع؟ إذا كان القصد أن الرحمة تواجهه، والعلة أن الرحمة تواجهه كما في هذه الرواية، حديث معيقيب -وهو في الصحيح- ليس فيه هذه العلة، ولذا قال: "وفي الصحيح عن معيقيب نحوه بغير تعليل" من غير ذكر لهذه العلة، لا شك أن مسح الحصى يتضمن حركة والحركة عبث والعبث ضد الخشوع، ولا يمنع أن يشتمل الخبر على أكثر من علة، على أكثر من علة، يمنع من مسح الحصى لأنه حركة، ويمنع أيضاً لأن الرحمة تواجهه، فيكون دخوله في الباب لأنه حركة والحركة مضادة للخشوع.

الحديث الذي ورد: ((لو خشع قلب هذا لخشعت جوارحه)) يروى مرفوعاً وموقوفاً والموقوف أقوى؛ لأن المرفوع شديد الضعف، بل حكم بعضهم ببطلانه، والقلب لا شك أنه يتبع الجوارح من جهة، أو الجوارح علامة -عنوان- على القلب. ((فإن الرحمة تواجهه)) إيش معنى الرحمة توجهه؟ هل معنى هذا أن الرحمة تنبعث من محل السجود إلى المصلي؟ أولاً: ما المراد بمسح الحصى الأرض أو اللي على الجبهة؟ أو هو أعم من ذلك فلا يمسح الحصى؟ طالب:. . . . . . . . . هو أعم، يعني يشمل مسح ما على الجبهة، ويشمل ما على الأرض، إذا كان المراد به مسح الحصى التي على الأرض، قد يقول قائل: من مقتضى الخشوع في الصلاة أن يمسح الحصى الذي على الأرض، أن يمسح الحصى ليتم الخشوع؛ لأنك لو سجدت على الحصى أو حصبة، أو أرض غير مستوية، أو فيها شيء من النبات فكل شيء يدركه كل الناس، هل يخشع الإنسان في سجوده؟ ((فلا يمسح الحصى فإن الرحمة تواجهه)) إذن ما المراد بالحصى؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . اللاصق بالجدر، نعم؟ طالب:. . . . . . . . .

. . . الحديث حتى في زيادة أحمد شيء من العسر في فهمه، إذا أردنا أن نحلله تحليلاً دقيقاً ونستطرد فيه، وإلا كأن الإنسان إذا قرأه وهو ماشي ما يشكل عليه شيء، ما يشكل عليه شيء، خلاص امسح واحدة الأرض واسجد، واحدة أو دع، قلنا: إنه إذا قام أحدكم في الصلاة يعني شرع في الصلاة فلا يمسح الحصى، والاحتمال قائم ليكون المراد بالحصى ما على الأرض من أجل أن يطمئن في سجوده، أو ما علق في وجهه من التراب والحصى، والحديث أعم من ذلك؛ لأن المسح حركة، والحركة مذهبة للخشوع، إذن ماذا يصنع من لم يذكر المسح قبل الشروع في الصلاة والأرض لا يتمكن فيها من الخشوع لا سيما إذا سجد؟ ماذا يصنع؟ أحياناً وهو واقف لا يتمكن من الخشوع لما تحت رجليه من شوك أو حصى أو ما أشبه ذلك، يمسح واحدة، وزاد أحمد: واحدة أو دع، يعني إن كان ولا بد فامسح واحدة أو دع، وإن كان عطف .. ، أو عطف المؤلف رواية أحمد على أصل الحديث يحتاج إلى رابط، يحتاج إلى رابط يتضح به المعنى، نعم؟ يعني لو قال: وزاد أحمد الإذن بمسحه مرة واحدة، الإذن بمسحه مرة واحدة لكان أتى بالمراد، لكن كيف نعطف؟ وزاد أحمد: "واحدة ودع"؟ ((إذا قام أحدكم في الصلاة فلا يمسح الحصى)) نعم الحافظ وكل الأمر إلى فهم القارئ، والقارئ ما يحتاج إلى أن يوضح له المعنى وإن كان التركيب فيه شيء من القلق، بعض الأمور الواضحة إذا دقق فيها ظهرت إشكالات وإلا إذا قرئت من غير تدقيق فلا تخفى على القارئ، على كل حال هذه الحركة من أجل مسح الأرض، أو من أجل مسح ما علق بالوجه من تراب أو حصى منافٍ للخشوع، لكن قد يحتاج الإنسان إلى ذلك فأذن له بواحدة، والإذن بالواحدة يدل على أن النهي للكراهة، النهي للكراهة، والصارف للنهي من التحريم إلى الكراهة الإذن بالواحدة.

"وفي الصحيح عن معيقيب نحوه" بدون تعليل أو "بغير تعليل"، والمراد في الصحيح الجنس، جنس الصحيح، وإلا فحديث معيقيب في الصحيحين، معيقيب ابن أبي فاطمة الدوسي، بدري شهد بدراً، مات في خلافة عثمان -رضي الله عنه-، "نحوه" يعني قريب من لفظه ((لا تمسح الحصى وأنت تصلي، فإن كنت لا بد فاعلاً فواحدة)) والإذن جاء في الصحيح "بغير تعليل" يعني من دون قوله: ((فإن الرحمة تواجهه)) نعم، قل. "وعن عائشة -رضي الله تعالى عنها- قالت: "سألت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن الالتفات في الصلاة?" فقال: ((هو اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد)) رواه البخاري. وللترمذي: عن أنس -وصححه-: ((إياك والالتفات في الصلاة فإنه هلكة, فإن كان لا بد ففي التطوع)). وعن أنس -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- .. لحظة، عندك وللترمذي عن أنس؟ إي نعم. . . . . . . . . . إي نعم. أو مصحح. . . . . . . . .؟ ذكر الشيخ في التحقيق يقول: فإن النقل عن الترمذي في ذلك مختلف باعتراف الحافظ نفسه، وبيان ذلك في الأصل، طبعة الزهيري يا شيخ. يقول؟ يقول: فإن النقل عن الترمذي في ذلك مختلف باعتراف الحافظ نفسه. الذي في الكتاب: "وللترمذي وصححه" مقتضاه أنه عن عائشة، نعم، مقتضى العطف في رواية الأولى أن يكون الراوي واحد، لكن هل عندك في المتن في نسخة صحيحة اعتمد عليها المحقق: "وللترمذي عن أنس"؟ أو زادها المحقق؟ ما ذكر الزيادة، ذكر في المتن يا شيخ وعن أنس دون عائشة. نعم. طالب:. . . . . . . . . طيب طلع اللي معك.

ما يلزم أن تكون سقطت في الهندية؛ لأن الشارح شرح على هذا، نسخة الشارح: "وللترمذي وصححه" ومقتضى الإطلاق من غير تقييد براوٍ معين أن الروايتين من رواية صحابي واحد، ولذا يقول الشارح: "وللترمذي" أي عن عائشة هذا الأصل، طيب على كل حال كون النسخ تتفق على شيء ولو كان خطأ، يعني نسخ البلوغ إذا اتفقت على شيء مثل هذا: "وللترمذي وصححه" لا بد من طبعه كما هو، ولا يتعرض له بتصحيح إنما يعلق، أهل العلم في رواية الحديث وضبطه يقررون أنه يروى كما وجد، يروى كما وجد، وينبه على الصواب إذا كان فيه مخالفة للصواب؛ لأنه لو فتح المجال للتصحيح في أصل الكتاب، يمكن ما يبقى كتاب سليم، كل من عنَّ له أن يصحح هجم على الكتاب وصحح، ولا يستثنون من ذلك إلا الآيات، القرآن هو الذي يصحح، فلا يروى على الخطأ، أما الحديث يروى على ما وجد وينبه على الصواب، وينبه على الصواب، إذا أخطأ مؤلف من المؤلفين أخطأ خطأ واضح، واتفقت جميع النسخ على هذا الخطأ بما في ذلك نسخة المؤلف والنسخ المقابلة على نسخة المؤلف يبقى كما هو على الخطأ، وتكون وظيفة المحقق ودور المحقق التنبيه على هذا الخطأ. الشارح كأنه شرح على أساس أن هذه الرواية عن عائشة، يعني هي من حديث عائشة السابق يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "سألت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن الالتفات في الصلاة?" فقال: ((هو اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد)) رواه البخاري" ورواه أيضاً أبو داود والترمذي والنسائي.

"وللترمذي" ومقتضى السياق أن يكون عن عائشة وإن كان صوابه عن أنس "وصححه" مضبوط ((إياكِ والالتفات في الصلاة)) ((إياكِ والالتفات في الصلاة)) يقول الشارح: بكسر الكاف لأنه خطاب المؤنث، فيكون من حديث عائشة أو من حديث أنس؟ من حديث عائشة: ((إياكِ والالتفات في الصلاة فإنه هلكة، فإن كان لا بد ففي التطوع)) والحديث الذي صححه الترمذي في إسناده علي بن زيد بن جذعان، وهو مضعف عند الأكثر، مضعف عند الأكثر وصححه الترمذي، نقول: تساهل من الترمذي؟ وإلا المقصود الترمذي صحح المتن بالشواهد التي يذكرها في الباب؟ لا شك أن الترمذي يصحح بالشواهد، ولذا ندر أن يذكر حديثاً ولا يذكر له شواهد، إذا روى الحديث قال: وفي الباب عن فلان وفلان وفلان، ومع ذلكم الترمذي إمام من أئمة المسلمين، وقد يصحح ما فيه ضعف، وتكون هذه وجهة نظر، هو إمام مجتهد في الباب لا يقلد أحداً، والنزاع بين أهل العلم في وصفه بالتساهل أو التوسط والأكثر على أنه متساهل، وتصحيحه لهذا الخبر مع أن في إسناده من ذكر تساهل، نص على ذلك الحافظ الذهبي وغيره، وإن كان الشيخ أحمد شاكر ينازع في هذا، ويقول: إن تصحيح الترمذي معتبر، وتصحيحه للخبر توثيق لرجاله، هذا أشد تساهل من تساهل الترمذي، كلام الشيخ أحمد شاكر، الترمذي ما زعم ذلك، يعني هل معنى هذا أننا نقول: إن الترمذي يوثق علي بن زيد بن جدعان وإن صحح الخبر؟ قد يصححه لطرق وشواهد، ما يلزم أن يصحح الطريق نفسه، فهذا تساهل من الشيخ أحمد شاكر، وقد وثق جمع من الرواة جماهير أهل العلم على تضعيفهم.

"تقول عائشة -رضي الله عنه-: "سألت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن الالتفات –يعني يميناً أو شمالاً- في الصلاة? " ¬يعني في أثنائها "فقال: ((هو اختلاس -أخذ بخفية، خلسة- يختلسه الشيطان من صلاة العبد)) يسرق من صلاة العبد خفية، دليل على أن الالتفات منقص للثواب المرتب على هذه العبادة، ولذا المقرر عند أهل العلم أن الالتفات مكروه ما لم ينحرف بصدره عن جهة القبلة، إذا كان مجرد لي العنق إلى اليمين أو الشمال هذا أطلقوا فيه الكراهة، وهو اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد، الآن أهل العلم يتفقون على اشتراط استقبال القبلة، يتفقون على اشتراط استقبال القبلة، ويقررون أن الالتفات بالوجه مكروه، مع أن المنصوص عليه في الاستقبال {فَوَلِّ وَجْهَكَ} {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [(144) سورة البقرة] الصحابة -رضوان الله عليهم- التفتوا لما خرج النبي -عليه الصلاة والسلام- من حجرته في مرضه، ورأوا إشارته، ويوصف أبو بكر -رضي الله عنه-، بل من مناقبه التي ذكرت أنه كان لا يلتفت في الصلاة، فاعتماد أهل العلم على إطلاق مجرد الكراهة على الالتفات اعتماداً على فعل الصحابة -رضوان الله عليهم-، ويبقى أن هذا الاختلاس ليس معنى إطلاق الكراهة أن الإنسان يترك الحرية لنفسه يلتفت يميناً وشمالاً يسرح بصره يمنية ويسرة، لا، ما دام قالوا كراهة السنة خلافه. نعود إلى ما استدل به على اشتراط استقبال القبلة من قوله -جل وعلا-: {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [(144) سورة البقرة] والمنصوص عليه من بين سائر البدن الوجه، والعلماء يشترطون استقبال القبلة بالبدن كله ويخففون من أمر الوجه، ودخول .. ، أقول: دخول المنصوص عليه من بين أفراد العام في النص قطعي، فبالنظر إلى الآية أولى ما يستقبل به شطر المسجد الحرام المنصوص عليه وهو الوجه، فإذا قلنا: إن الوجه مجرد كراهة فماذا عن بقية البدن؟ ماذا نقول يا إخوان؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . .

من باب أولى، إذا كان استقبال القبلة شرط فدخول المنصوص عليه بالنص في هذا الاشتراط دخول أولي قطعي في النص، يعني إذا قال: {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [(144) سورة البقرة] أو قلنا: يجوز تنحرف يميناً وشمالاً تنظر يمين وشمال مجرد كراهة صلاتك صحيحة، لكن لو نأى صدرك يميناً وشمالاً بطلت صلاتك، هذا فيه إشكال وإلا ما فيه إشكال؟ نعم؟ كيف يزول مثل هذا الإشكال؟ أولاً: من قال بمجرد الكراهة استدلالاً بفعل الصحابة، بفعل الصحابة وإقرار النبي -عليه الصلاة والسلام-، الصحابة التفتوا إلى جهة حجرته لما خرج منها فرأوه ورأوا إشارته -عليه الصلاة والسلام-، ولو لم يلتفتوا لم يروه، فدل على أن الالتفات لا يبطل الصلاة؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- لم يأمرهم بإعادته، وإن كان خلاف الأولى. فقوله -جل وعلا-: {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [(144) سورة البقرة] هل هو العمدة في اشتراط استقبال القبلة؟ أو أن الدليل على اشتراط استقبل القبلة غير هذا؟ فيكون هذا الأمر فيه فيما يتعلق بالوجه الأمر فيه على جهة الاستحباب؛ لأن الالتفات مكروه، ويكون اشتراط استقبال القبلة بأدلة أخرى وإلا لو قلنا: إن دليل اشتراط استقبال القبلة هذه الآية لدخل الوجه دخولاً قطعياً في الاشتراط، الإخوان معنا وإلا .. ؟ ليش ما تجاوبون؟ هاه؟ لماذا لا يتجاوبون؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . طيب. طالب:. . . . . . . . . لا، لا هم التفتوا إلى جهة الجنوب ينظروا إلى الحجرة، التفتوا إلى جهة الجنوب، يعني هم ما التفتوا من جهة أصلية إلى فرعية .. ، إلى جهة أصلية ثانية، نعم. طالب:. . . . . . . . .

نخشى مثل هذا الكلام يفتح باب، يفتح باب لمن يؤول الوجه بالذات {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ} [(27) سورة الرحمن] يقولون: ذاته، إذا كان المقصود بالوجه هنا الذات فيلزمنا أن نؤول الوجه بنصوص أخرى بالذات، لا شك أن أشرف ما في الإنسان وجهه والتنصيص عليه لأهميته، فإذا كان التنصيص عليه لأهميته فيكون هو أولى ما يدخل في النص، يعني لولا إقرار النبي -عليه الصلاة والسلام- لصنيع الصحابة والتفاتهم إلى جهته، ونظرهم إليه وإلى إشارته لما تردد في اشتراط استقبال القبلة بالوجه، ولولا ما ثبت عنهم وعنه من إقرار -عليه الصلاة والسلام- لما كان عن الإبطال إبطال الصلاة مندوحة لأنه منصوص عليه، والمنصوص عليه دخوله في النص قطعي، لا شك أن الالتفات انصراف عن الجهة التي أمر بالاتجاه إليها، ومثل هذا الانصراف بالبدن مؤدي إلى انصراف القلب الذي هو ضد الخشوع الذي ترجم به لهذا الحديث وغيره. "وللترمذي وصححه: ((إياكِ)) " إن كان الخطاب لعائشة، أو إياكَ ((والالتفاتَ)) بالنصب لأنه محذر منه، يعني منصوب على التحذير ((في الصلاة فإنه هلكة)) لأنه مخل بهذا العبادة العظيمة، فالأصل أن الإنسان إذا استقبل القبلة وكبر ورفع الحجب بينه وبين ربه -عز وجل-، ودخل في هذه العبادة أنه مستغرق فيه، يعني هو يناجي ربه، هل يتصور من إنسان يناجي شخص من المخلوقين إذا كانت له في نفسه منزلة أن ينصرف عنه؟ يعني أنت وأنت تتحدث مع زميلك مستغرق في الحديث معه ثم انصرف عنك ألا يكون في نفسك عليه شيء؟ فأنت في أعظم العبادات إذا انصرفت عن مولاك لا شك أن هذا خلل في الاتجاه إلى ربك -عز وجل-، ولذا قال: ((فإنه هلكة)) على ما في الخبر من ضعف؛ لأنه من رواية علي بن زيد بن جدعان وهو ضعيف عند الأكثر، وقد صححه الترمذي كما سمعنا.

((فإن كان لا بد من الالتفات)) فإن كان لا بد يعني من الالتفات ((ففي صلاة التطوع)) ففي صلاة التطوع، صلاة التطوع أمرها أخف من صلاة الفريضة، صلاة التطوع أمرها أخف من صلاة الفريضة، ويكون الالتفات من الفروق بين صلاة التطوع وصلاة الفريضة إن صح الخبر، ومما صح في ذلك من الفروق صلاة النافلة على الدابة دون الفريضة، صحة صلاة النافلة من قعود مع الاستطاعة دون الفريضة، وغير ذلك من الفروق، وما عدا ذلك فما ثبت في الفرض ثبت في النفل؛ لأن الكل يجمعه لفظ الصلاة، نعم. نشوف هذه ورقة هذا يقول: "رغبة في الاستفادة ومشاركة في الإيجابية والتفاعل في الدروس أقدم بين يديكم هذه الوريقة بما يخص حديث: ((يقطع الصلاة المرأة)) .. إلى آخره مع الرواية الأخرى: ((المرأة الحائض)) حيث جرى بحث بالأمس هل هي من قبيل تخصيص العام أو تقييد المطلق؟ والذي يبدو وأظنه -والله أعلم- أنها من باب المطلق والمقيد وذلك لوجوه: أن عموم المرأة هنا عموم صلاحية لا عموم شمول، وهذا من صفات المطلق فالصلاة تقطعها أي امرأة ينطبق عليها لفظ الحديث، وأنهم ذكروا من العلامات الفارقة بين العام والمطلق أن تخصيص العام يؤدي إلى تقليل الأفراد الواجبة أو الممنوعة، وأما إذا كان يؤدي إلى تقليل الأفراد المتاحة وهو في مسألتنا المرأة التي بها يقع قطع الصلاة فمن باب تقييد المطلق، إن القول في المرأة والمرأة الحائض كالقول في الكلب والكلب الأسود، ومع ذلك لم يجعل هذا من باب العام والخاص، الحافظ ابن حجر والصنعاني إيش؟ ولعل المتتبع يوجد غيرهما من العلماء نصوا على أنه من باب الإطلاق والتقييد.

أمس تساءلنا في شرح الحديث وقلنا: إن الحيض هل هو وصف أو فرد؟ هل هو وصف بمعنى أنه يطرأ ويزول أو هو فرد ثابت من أفراد العام؟ وصف، وقلنا فيما سبق: إنه إذا كان وصف فهو من باب التقييد؛ لأن التقييد تقليل أوصاف المطلق، بينما التخصيص تقليل أفراد العام، وهذا ذكرناه بالأمس، لكن يبقى التساؤل من جهة أخرى أن المصلي الذي يشتبه عليه الأمر هل بلغت سن المحيض أو لم تبلغ؟ هل حاضت بالفعل أم لم تحض؟ هذه مسألة تحتاج إلى حل؛ لأن الناس ليس لهم إلا الظاهر، ليس لهم إلا الظاهر، مر بين يديه جرم كبير ما يدري هل يقطع الصلاة أو لا يقطع لأن هذه حائض .. ، بلغت سن المحيض أم لا؟ نعم الأحكام مبنية على غلبة الظن فلعل هذا منها، على كل حال يشكر الأخ هذه المشاركة، ومشاركة طيبة، طيبة لا بأس بها. طالب:. . . . . . . . . بس لا أدري لعله فهم من كلامي بالأمس أنني أقول: إنه من باب العموم والخصوص، وأن ذكر الخاص بحكم موافق لحكم العام لا يقتضي التخصيص وإنما يذكر الخاص في مثل هذه الصورة للاهتمام بشأنه، لا بد من تحرير المسألة هل هي بالفعل من باب العموم والخصوص أو من باب الإطلاق والتقييد؟ وهذا بحثناه بالأمس. يقول: حديث أنس قال فيه الترمذي: "حسن غريب من هذا الوجه" وذاكرت به محمد بن إسماعيل فلم يعرفه ولم يعرف لسعيد عن أنس هذا الحديث ولا غيره، وبهذا علله ابن القيم مع وجود علي بن زيد في إسناده، على كل حال العهدة على ابن حجر، الأمر الثاني: أننا لا نجزم بتخطئة أهل العلم في مثل هذا، لا نقول الحافظ قال وصححه بناءً على ما وقفنا عليه من نسخ أن الترمذي قال: حسن، إيش المانع أن يكون الترمذي قال: "حسن صحيح غريب" ويكون حينئذٍ صححه، ونسخ الترمذي من القدم تتفاوت، بينها تفاوت كبير في الأحكام، ولذا جامع الترمذي كما قال أهل العلم: "أولى ما يعتنى بنسخه الأصلية" لمقابلة بعضها ببعض، وتصحيح ما جاء في بعضها من تصحيف، فهذه الأحكام تتفاوت تفاوت كبير بين النسخ، تجدون أهل العلم ينصون: صححه الترمذي ووقفنا في نسخة على أنه قال كذا، في نسخة قال الترمذي: حسن غريب، وصححه في أخرى.

المقصود أن مثل هذا لا يسارع في تخطئة المؤلفين لا سيما مثل ابن حجر، له عناية فائقة بالنسخ، له عناية بالنسخ، ولذا ينبغي أن يعتنى بهذا الباب، يعتنى بالنسخ الصحيحة الموثقة، ولذا من أهم المهمات وإن كان من الوسائل معرفة الطبعات، وأفضل المطابع، وأجود المحققين، لا بد من هذا يا إخوان؛ لأنه قد تعتمد على كتاب أو على طبعة سيئة من كتاب فتقع في الأوهام الكثيرة التي سبّبها دخول نية التجارة في نشر العلم الشرعي، وإذا كان بعض المطابع يستأجر من يشارك في طباعة المصحف من غير المسلمين، من غير المسلمين يصفون حروف المصحف، والمصحف محفوظ {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [(9) سورة الحجر] لكن غيره، يطبعون في بعض المطابع الكبيرة في لبنان وغيره من دون شاشات، من غير شاشات حروف فقط، من أجل أن في أسرع وقت ممكن ينتهي هذا الكتاب كبر أو صغر، والطابعين بعد من ناس مستواهم أقل في العلم والالتزام من الجنسين، ويحدث في ذلك ما يحدث من الأوهام والأخطاء، بينما المطابع في أول الأمر، الذي يتولى الطباعة فيها علماء، علماء لجان من أهل العلم تتولى طباعة الكتب؛ لأن المقصود بذلك نشر العلم الشرعي، وإشاعته بين طالبيه، يعني كونه موجود في الطبعات كلها الموجودة الآن، لم ينص الترمذي على تصحيحه، وقال الحافظ: وصححه، لا يعني أنه لا يوجد في نسخ من نسخ الترمذي المضبوطة المتقنة التي وقف عليها الحافظ.

مسألة الترمذي والاعتماد عليه وكونه متوسط معتدل في أحكامه أو متساهل هذا إنما يحتاج إليه من يقلد الترمذي في أحكامه، أما من ينظر في الأسانيد وتأهل للنظر في أحوال الرواة، ووازن بين أقوال أهل العلم جرحاً وتعديلاً على ضوء القواعد والضوابط المعروفة عندهم، مثل هذا افرض أن الترمذي صحح أو حسن، وأنت أمامك العمل مكشوف والآلة والأهلية حاصلة، ما تحتاج إلى مثل هذا، يعني عندما حكموا بانقطاع التصحيح والتضعيف بعد الستمائة يعني في القرون المتأخرة حكموا بأنه ليس لأحد أن يصحح ولا يضعف نحتاج إلى مثل هذا الكلام، ولذا نقتدي بالترمذي، بالبخاري، بأحمد، بغيرهم من أهل العلم لأنه انقطع التصحيح، والصواب أن باب التصحيح والتضعيف فرع عن باب الاجتهاد الذي رتب عليه الأجر والثواب، وضمن استمراره إلى قيام الساعة عند وجود الأهلية، عند وجود الأهلية، نعم؟ "وعن أنس -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إذا كان أحدكم في الصلاة فإنه يناجي ربه فلا يبزقن بين يديه ولا عن يمينه, ولكن عن شماله تحت قدمه)) متفق عليه، وفي رواية: ((أو تحت قدمه)). وعنه قال: "كان قرام لعائشة -رضي الله عنها- ...

يقول -رحمه الله تعالى-: "وعن أنس قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إذا كان أحدكم في الصلاة فإنه يناجي ربه فلا يبزقن بين يديه)) " وإذا كان المصلي يناجي ربه فإنه يلزمه على ذلك أن يكون خاشعاً خاضعاً متذللاً متضرعاً مخبتاً منيباً إلى ربه -عز وجل-، هذا مقتضى كونه يناجي ربه، من مقتضيات كونه يناجي ربه -عز وجل- ألا يبصق بين يديه، ألا يبصق بين يديه، في رواية عند البخاري: ((فإن ربه بينه وبين القبلة)) ((فإن ربه بينه وبين القبلة)) ((فلا يبصقن بين يديه ولا عن يمينه)) وجاء في الحديث بيان العلة بأن عن يمينه ملكاً، عن يمينه ملكاً ((فلا يبصقن بين يديه ولا عن يمينه، ولكن عن شماله)) لا شك أن جهة اليمين أشرف من جهة الشمال ((تحت قدمه)) عن شماله تحت قدمه، والمراد حينئذٍ القدم الأيسر ليتحقق الوصفان، كونه عن الشمال وكونه تحت القدم، لكن جاء في رواية وهي عند البخاري: ((أو تحت قدمه))، ((عن شماله أو تحت قدمه)) إذا كان أحدكم في الصلاة فلا يفعل ما ذكر، وهذا يشمل ما إذا كان داخل المسجد وخارج المسجد؛ لأنه علق بأي شيء؟ بالصلاة، بغض النظر عن مكانها، جاء ما يدل على منع البصاق والنخاع في المسجد فهل نقيد ما جاء في حديث الباب بما إذا كان في المسجد؟ أو نقول: حديث الباب باقٍ على عمومه فينهى عن البصاق جهة القبلة واليمين إذا كان في الصلاة سواءً داخل المسجد أو خارجه ويكون البصاق في المسجد ممنوع مطلقاً؟ ولذا جزم النووي بالمنع في كل حالة، داخل الصلاة وخارجها سواءً كان في المسجد أو غيره، يعني تلقاء وجهه، في جهة القبلة أو جهة اليمين، وجاءت أحاديث كثيرة في البصاق جهة القبلة وفي المسجد وأنها خطيئة، وجاء أن كفارتها دفنها، والمسألة لا سيما الحالة التي عليها المصلي وهو في الصلاة أو المكان المقدس شرعاً وهو المسجد، لا يناسب مثل هذه التصرفات، فإذا كان البصاق وهو طاهر يمنع منه في المسجد وفي حال الصلاة عن جهة اليمين أو جهة القبلة احتراماً للحال والمكان، فالمنع مما هو أعظم من ذلك من باب أولى، وجاء في حديث الأعرابي الذي بال في المسجد وأن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: ((أهريقوا عليه ذنوباً أو سجلاً من ماء)) نعم تركه

حتى انتهى للمصلحة الراجحة ودرءاً للمفسدة، والمساجد لم تبن لهذا، وقد أمر ببناء المساجد بالدور، وأن تنظف وتطيب على ما سيأتي، فدل على أن هذه المساجد لا يصلح فيها شيء من ذلك. إذا كان هذا فيما له جرم محسوس من بصاق أو بول أو غائط أو ما أشبه ذلك من سائر النجاسات والطاهرات المستقذرة فماذا عما لا جرم له كإرسال الريح في المسجد مثلاً؟ معروف أن ((من أكل ثوماً أو بصلاً فلا يقربن مسجدنا)) كما صح بذلك الخبر، ماذا عن إرسال الريح في المسجد؟ سيما وأنه قد يحتاج إليه مع طول المكث في المسجد يتصور هذا من معتكف ونحوه هل نقول: إن هذه المساجد ما بنيت لهذه الأمور فإذا نابك شيء من ذلك اخرج من المسجد؟ أو نقول: إذا كانت الحاجة قائمة والمسألة مسألة ريح ما الحكم؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . كيف؟ طالب:. . . . . . . . . يخرج، يعني إذا نظرنا إلى حديث الأمر بإخراج من أكل ثوماً أو بصلاً من المسجد فهل نقول لمن احتاج إلى إرسال الريح أن يخرج من المسجد؟ هو محتاج له لكن يملك، يملك أنه يستطيع أن يخرج. طالب:. . . . . . . . . لا، قد يكون محتاج له مريض موصوف له الثوم، إي الحاجة قد تكون قائمة، نعم. طالب:. . . . . . . . . كيف؟ طالب:. . . . . . . . . باقية، نعم. طالب:. . . . . . . . . نقول: تجتمع هذه الريح مع الثوم والبصل في خبث الرائحة، وإذا أردنا أن نقول بقياس الأولى قلنا: إنه مع خبث الرائحة الثوم والبصل مخرجهما أشرف ما في الإنسان، والروائح الأخرى مخرجها أخس ما في الإنسان، فما حكم إرسال هذه الريح مع الحاجة؟ عند الحاجة أما من دون حاجة لا شك أنه استخفاف بشأن المسجد، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . ((إلا أن يسمع صوتاً أو يجد ريحاً)) شوف إذا سبقته الريح وغلبته هذا غير مكلف أصلاً، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . الحاجة هل تقتصر على إذا سبقته؟ هذا من غير طوعه واختياره، لكن إذا كان محتاج إلى إخراجها لأنها آذته، هذه حاجة، نعم، على كل حال الحديث الذي ذكره الأخ ((حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً)) استدل به ابن العربي في عارضة الأحوذي على أنه يجوز إرسال الريح من فساء أو ضراط في المسجد للحاجة، نعم، نعم؟

طالب:. . . . . . . . . هو يجوز له إجماعاً الخروج لحاجة الإنسان، لحاجة الإنسان يجوز له اتفاقاً يخرج من المسجد وهذه منها إذا قلنا بذلك، أو نقول مثل ما قال بعضهم: إن هذه تزول بسرعة ما هي مثل الثوم ولا البصل، والحاجة إليها قائمة، وإذا جاز النوم في المسجد الذي هو مظنة لهذه الأمور، على كل حال المساجد بيوت الله، المتعين إكرامها واحترامها وتطييبها وتنظيفها، لكن إذا احتاج الإنسان إلى شيء من ذلك من غير استخفاف ببيت الله -عز وجل-، وشق عليه الخروج، أو شق عليه التكرر فالأمر -إن شاء الله- فيه سعة. من باب الاستحسان واعتماداً على مثل هذه النصوص ولو من بُعد، المناديل التي في جيب الإنسان يستعملها لهذه الأمور شخص مبتلى بحساسية أو زكام يحمل مناديل فهل يقال له: ضع المناديل النظيفة في جيبك الأيمن فإذا استعملتها ضعها في جيبك الأيسر؟ وإلا نقول: ما يفرق الأيمن على الأيسر؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . أنت تبي تأخذ المنديل صح وإلا لا؟ وتبي ترجعه ويش يصير؟ الحركة ما تختلف، أنت تبي تأخذ المنديل من جيبك الأيمن النظيف فإذا استعملته تضعه في جيبك الأيسر ويش صار؟ ألا يمكن أن يستروح إلى مثل هذا القول بمثل هذه النصوص وأن الجهة اليمنى محترمة واليسرى أقل؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . كيف؟ طالب:. . . . . . . . . نقول: من عموم هذه النصوص والنظر في معانيها ويش المانع؟ أقل الأحوال أن يقال: الأولى أن يفعل ذا، ما أنت إذا انتهيت من المنديل تبي ترميه في الأرض قطعاً، إذا انتهيت من المنديل تبي تعيده إلى جيبك فهل تعيده إلى الأيمن بعد استعماله؟ كأنك بصقت عن يمينك، فإذا أعدته إلى اليسار كأنك بصقت عن يسارك، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . كيف؟ طالب:. . . . . . . . . أيوه؟ طالب:. . . . . . . . . ارفع صوتك يا أخي؟ طالب:. . . . . . . . .

أيوه، ظاهر؟ هو ظاهر الظاهر هذا الممنوع في النصوص، الكلام حتى وهو ما هو بظاهر يعني نستشعر من هذه النصوص احترام جهة اليمين، نعم جهة القبلة ما يمكن استعمالها في مثل هذا، أنت إذا أردت أن تبصق صور نفسك أنك تبصق بين قدميك، تحت أسفل، ثم بعد ذلك ضعه في يمنك أو في شمالك، اليمين محترم واليسار أقل، أنا أقول: لا يبعد الاستدلال والاستنباط من هذه الأحاديث لهذا الصنيع، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . إي نعم يمسح، يمسح، لكن عندنا أحاديث محددة، عندنا أحاديث محددة، وعندنا جهة يمنى وجهة يسار، اليمنى محترمة واليسار أقل، يبحثون في شرح الحديث ((فإن عن يمينه ملكاً)) يقول الشراح: أيضاً عن يساره ملكاً، هاه؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . ما في إشكال أن اليمين أفضل من اليسار، لكن إذا كان التعليل بمنع البصاق عن جهة اليمين أن فيه ملكاً أيضاً في جهة الشمال ملكاً، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . كيف؟ طالب:. . . . . . . . . كل الأمور المكروهة إلى جهة اليسار، لكن أقول: إذا كانت العلة ((فإن عن يمينه ملكاً)) أيضاً فإن عن يساره ملكاً، نعم، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . تعبد، لكن هذه علة علة علل بها الفعل ((فإن عن يمينه ملكاً)) إحنا نقول: عن يساره ملكاً ولو كان الأمر كذلك، ولو كان الأمر كذلك، ولو كان عن يساره ملك اتفل عن يسارك لأن النصوص جاءت بذلك، والذي قال: ((ولكن عن يساره)) لا يخفى عليه أن عن يسارك ملكاً، لكن الكلام في البحث عن العلة، ما دام علل بهذا وجدت العلة في الجهة الثانية، يعني الملك الذي عن جهة اليمين أشرف من الملك عن جهة اليسار، يقولون: لعل الإنسان وهو في صلاته وهو يزاول أشرف العبادات أن ملك الشمال الذي يكتب السيئات لا يقارنه في هذه الحال قال بعضهم ذلك، وعلى كل حال أن لدينا نصوص أوامر ونواهي علينا الامتثال ((إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم، وإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه)). نأخذ حديث القرام وإلا ترتاحون شوي؟ نعم؟ نأخذ حديث؟ سم.

"وعنه قال: "كان قرام لعائشة -رضي الله عنها- سترت به جانب بيتها، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((أميطي عنا قرامك هذا, فإنه لا تزال تصاويره تعرض لي في صلاتي)) رواه البخاري. نعم واتفقا؟ "واتفقا على حديثها في قصة أنبجانية أبي جهم, وفيه: ((فإنها ألهتني عن صلاتي)). نعم، يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "وعنه" أي عن أنس صحابي الحديث السابق "قال: "كان قرام لعائشة" القرام: الستر، هذا القرام ستر يوضع في البيوت للحاجة لحجب النور والشمس وما أشبه ذلك، وجاء ذم الستر ستر الجدران، وعني بذلك السلف عناية فائقة، وشددوا في أمر ستر الجدر، بعضهم خرج من وليمة تجب إجابتها هذا معروف بين الصحابة والتابعين، وتتابع الناس عليه ساروا يسترون لحاجة ولغير حاجة، والله المستعان.

يقول: ((أميطي عنا قرامك هذا)) القرام: هو الستر والستار الرقيق، ومنهم من يقول: الصفيق، وفيه ألوان ((فإنه لا تزال تصاويره تَعِرض لي في صلاتي)) تصاويره: يعني نقوشه، المقصود بالتصاوير النقوش، ((تعرض لي في صلاتي)) تشوش عليه -عليه الصلاة والسلام-، ففي الحديث دليل على إزالة ما يشوش على المصلي صلاته، والناس بعد أن انفتحت الدنيا ابتلوا بهذه الأمور التي تشوش على الإنسان الصلاة وغير الصلاة، حتى أماكن العبادات لم تسلم منها، إذا أراد الإنسان أن يصلي في أشرف البقاع يجد هذه الملهيات من النقوش والزخارف والأثاث حتى الأثاث في المساجد بعضه يفتن فضلاً عن البيوت، فضلاً عن البيوت، فتجد الإنسان في بيته كأنه في متحف، إذا أراد أن يصلي لم يجد مكان يكون باله متفرغاً لهذه العبادة، وصار هم الناس أو جل الناس على هذا، الزخرفة والأثاث بغض النظر عن صفاء القلوب، واتجاه القلوب بكليتها إلى الله -عز وجل-، تجد الإنسان يذهب ليتعبد في مكان ما قد يكون أفضل البقاع ويبحث عن أرقى الفنادق، يا إخوان التجربة كافية في الأماكن المتواضعة الخالية من هذه المظاهر مظاهر السرف والتبذير، صلي ركعتين في مكان ليس فيه شيء من ذلك، صلي ركعتين في مكان من الفنادق التي يسمونها خمسة نجوم وما أدري كم، كل إنسان يجد هذا من نفسه، كل إنسان يجد هذا من نفسه، قد يغمض الإنسان عينيه ويطأطئ رأسه، لكن هذه عقوبات بعضها يرتب على بعض، وكل ما كان الإنسان أقرب إلى البساطة كان قلبه أقرب إلى الإخلاص، ولا يقال: إن الصلاة في هذه الأماكن لا تصح أو ما .. ، الصلاة ما فيها إشكال ((جعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً)) ((أيما رجل أدركته الصلاة فمعه مسجده وطهوره)) لا إشكال في ذلك، لكن يبقى أن المسألة قدر زائد على ذلك، لب الصلاة الخشوع، النبي -عليه الصلاة والسلام- يقول: ((أميطي عنا قرامك هذا)) تتصورون في القرام بدائع التصوير والنقوش، شيء يناسب وقتهم وعصرهم، ما خرجت هذه الآلات وهذه الفتن التي تصور وتجعل الصورة أفضل من الحقيقة، يقول: ((فإنه لا تزال تصاويره)) والتصاوير: هي النقوش، ولا يلزم من ذلك أن تكون ذوات أرواح ((تعرض لي في صلاتي)) وهذا دليل على أن الصلاة في مثل هذه

الحالة، وفي مثل هذا المكان صحيحة، نعم ينقص الثواب المرتب على هذه الصلاة بقدر ما انصرف فيه القلب من الإقبال على الله -عز وجل-، وإذا كانت الإنبجانية التي ذكرت في الصحيحين. "واتفقا على حديثها" حديث عائشة "في قصة إنبجانية أبي جهم" أبو جهم أهدى إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- خميصة، خميصة كساء مخطط له أعلام، فلبسها النبي -عليه الصلاة والسلام-، وصلى فيها، وألهته عن صلاته وشغلته، وقال النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((إنها كادت أن تفتني في صلاتي)) والمراد بالفتنة هنا الشغل، ومثلها فتنة الرجل في أهله وماله وولده وجاره، يعني انشغاله بهم، فأمر النبي -عليه الصلاة والسلام- بإعادة الخميصة إلى أبي جهم، ولما كانت إعادتها لأمر يتعلق بهذه العبادة لا استخفافاً بالمهدي ولا استنكافاً عن هديته طلب منه الإنبجانية، ومستواها أقل من الخميصة، الإنبجانية كأنه كساء لا خطوط فيه ولا نقوش، فلا يشغل عن الصلاة، لذا قال: "واتفقا على حديثها في قصة إنبجانية أبي جهم" التي طلبها بعد أن رد الخميصة، "وفيه: ((فإنها)) " الضمير يعود إلى؟ ظاهر اللفظ أنه يعود إلى الإنبجانية، والصحيح أنه يعود إلى الخميصة لا إلى الإنبجانية ((فإنها ألهتني عن صلاتي)) دليل على كراهة استصحاب كل ما يشغل ويلهي في الصلاة، ويحول دون المرأة ودون مناجاة ربه والخضوع بين يديه، وما يشوش عليه صلاته، والله المستعان. وصلى وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

كتاب الصلاة (9)

بلوغ المرام – كتاب الصلاة (9) شرح: باب: المساجد الشيخ/ عبد الكريم بن عبد الله الخضير أسئلة كثيرة جداً لا يمكن الإحاطة بها. لكن هذا يقول: التكييف -وهذا يوافق ما عندي- يقول: التكييف الأوسط في المسجد عال جداً، لو نبهت على هذا؟ طيب جزاكم الله خير. يقول هذا: إذا قلنا: إن معنى قوله تعالى: {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ} [(27) سورة الرحمن] إذا قلنا: إن المقصود بالوجه وهو صفة الوجه ألا يلزم من ذلك أن غير وجهه يفنى؟ لا يلزم منه ذلك، لا يلزم منه ذلك، والتنصيص على بعض الأفراد لا ينفي بقية غيره من الأفراد، فالحكم واحد، والكلام في الصفات إنما هو فرع عن الكلام في الذات. وهذا يقول: ما هي أفضل طبعة لسنن الترمذي؟ الترمذي معروف أن الشيخ أحمد شاكر حقق جزأين منه، فإذا استفيد من هذين الجزأين، أما الجزء الثالث فهو بتحقيق فؤاد عبد الباقي وسط، أما الرابع والخامس تحقيق إبراهيم عطوة عوض لا شيء، فيستفاد من الجزأين بتحقيق الشيخ أحمد شاكر مع طبعة بشار على ما فيها من نقص يسير لكنها نافعة. يقول: ما حكم من وضع صناديق النفاية في المسجد؟ على ألا تكون في جهة القبلة أو جهة اليمين. يقول: سئلتم مئات المرات عن أفضل الطبعات والمحققين لكثير من الكتب فلماذا لا يوضع مذكرة وتنشر في الإنترنت ويحال عليها بدلاً من أن يسأل عنها تقريباً في كل دورة علمية في برامج الإذاعة واللقاءات الخاصة والعامة؟ هذا على البال -إن شاء الله-. يقول: قد يطرح بعض الإشكال والمسائل ثم تترك بدون إجابة وهذا يشكل كثير منه؟ نعم نقول: إن طرح الإشكال، وطرح السؤال على المتعلم شرعي، وترجم الإمام البخاري: باب: الإمام يطرح المسألة على أتباعه، فطرح الإشكال لا شك أنه من أنفع وسائل التحصيل، ومن أثبت طرق التعلم، ولذا جاء تعليم الدين على طريقة السؤال والجواب في حديث جبريل، لكن قد يكون هذا السؤال جوابه محرر عند من أبقاه فيطرحه على الطلاب إذا وجد عندهم جواب وإلا أجابهم، وقد يرى الملقي المصلحة أن يترك الإشكال دون جواب، لكي يتعب الطالب في البحث عن جوابه في الكتب ويسأل أهل العلم، فإذا حصل له جواب ثبت في قلبه ولم ينسه.

يقول: نظراً لشرف الجهة اليمنى فهل يقال: من باب الاستحسان لبس الساعة باليمين خصوصاً أنها رمز لضبط الوقت الذي هو أعز ما على الإنسان؟ والله هذه تحتاج إلى نظر؛ لأن كونها تلبس في اليمين أو بالشمال ما يعني أنه تشريف لهذه اليد، لو قيل: إنه إرهاق لهذه اليد المطلوب تشريفها ما بعد، إرهاق لها، لكن إذا كان من الكفار من يستعملها في جهة فمخالفتهم مطلوبة، على أن لبس الساعة باليد ما يسلم من مشابهة لحلي من أذن له بالتحلي، لا سيما إذا كانت ذات منظر جميل، أو لون جذاب، أو ما أشبه ذلك، مع أني لا أقول بالمنع، لكن أقول: ينبغي لطالب العلم أو من كان .. ، من تقدمت سنه في العلم وصار قدوة عند الناس أن يترفع عن مثل هذا. أسئلة الأمس ما أدري وين راحت؟ في أسئلة كثيرة جداً أمس هنا. هذا يقول: المراد بالوجه في الآية {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [(149) سورة البقرة] القبالة لا الوجه الاصطلاحي، وكذلك وجه الله في {وَلِلّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّواْ فَثَمَّ وَجْهُ} [(115) سورة البقرة] فليس المراد به الصفة التي لا نؤولها فلا نؤول إلا بقرينة والقرينة هنا الكلام عن الجهات؟ أما بالنسبة لوجه الله في الآية فالذي قرره شيخ الإسلام وجمع من أهل العلم أن هذه ليست من آيات الصفات، هذه ليست من آيات الصفات، لكن لا يعني أن الوجه في هذه الآية ليس من الصفات، وليس المراد به الوجه الحقيقي لله -عز وجل- أن يكون الوجه فيما جاء في غير هذه الآية من صفة الخالق أو المخلوق {فَوَلِّ وَجْهَكَ} [(149) سورة البقرة] وقد يحتاج إلى مثل هذا التأويل، قد يحتاج إلى مثل هذا التأويل، وأنه ليس المراد بالوجه الوجه الاصطلاحي للتوفيق بين النصوص، هذا قد يسلك للتوفيق بين النصوص، وإلا فالوجه الأصل فيه القدر المعروف من البدن، سم. "وعن جابر بن سمرة -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لينتهين قوم يرفعون أبصارهم إلى السماء في الصلاة)) .. أقوام، أقوام. طالب: قوم يا شيخ. أقوام. . . . . . . . . طالب: في المتن قوم، قوم في أصل المتن. عندك الزهيري؟ طالب: إي نعم.

هو يعتمد على بعض النسخ، لا يلزم أن يكون مصيب في كل ما يثبت، لا يلزم هذا أبداً نعم، نعم؟ على كل حال هو واحد ممن طبع الكتاب لا يعني أنه مصيب في كل ما يثبت، نعم. "وعن جابر بن سمرة -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لينتهين أقوام يرفعون أبصارهم إلى السماء في الصلاة أو لا ترجع إليهم)) رواه مسلم".

حديث "جابر بن سمرة -رضي الله عنه- يقول: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لينتهين)) " اللام هذه هل نقول: إنها موطئة لقسم محذوف فتكون على الجادة؟ ((والذي نفسي بيده لينتهين أقوام)) وعلى كل حال إنما جيء بها لتأكيد التحذير من .. ، ((يرفعون أبصارهم))، ((أقوام))، ((لينتهين أقوام يرفعون أبصارهم إلى السماء)) لما منع المصلي من الالتفات والانصراف إلى جهة اليمين وجهة الشمال بقي من الجهات جهة العلو والسفل، والاستقبال الاستقبال أكثر أهل العلم على أن السنة للمصلي أن ينظر إلى موضع سجوده، والمالكية يرون أنه ينظر إلى جهة القبلة {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [(149) سورة البقرة] فالأمر متردد، المشروع متردد بين استقبال الجهة بالوجه أو موضع السجود هذا تمام القسمة؛ لأن الوجه إما أن ينحرف يميناً أو شمالاً، ومضى الكلام فيه، وحديث الباب إلى جهة العلو، بقي من الجهات مما يتمم القسمة النظر إلى جهة القبلة أو إلى موضع السجود، وهذا قال أهل العلم جمهورهم بالنظر إلى موضع السجود، والمالكية يقولون: الأولى أن ينظر إلى جهة القبلة، وأما رفع البصر إلى السماء فجاء فيه التحذير الشديد، التخويف ((لينتهين أقوام يرفعون أبصارهم إلى السماء في الصلاة أو لا ترجع إليهم)) يرفعون أبصارهم في الصلاة لا خارج الصلاة، النظر إلى السماء خارج الصلاة جاء الحث عليه {أَفَلَا يَنظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ* وَإِلَى السَّمَاء كَيْفَ رُفِعَتْ} [(17 - 18) سورة الغاشية] هذا خارج الصلاة مأمور به على جهة التفكر والاعتبار، وترجم الإمام البخاري -رحمه الله تعالى-: باب: النظر إلى السماء، واقتصر بعد الترجمة على قوله -جل وعلا-: {أَفَلَا يَنظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ} [(18) سورة الغاشية] ولم يذكر الآية الصريحة، صريحة المطابقة للترجمة، يعني الأصل أن يقول: باب النظر إلى السماء {وَإِلَى السَّمَاء كَيْفَ رُفِعَتْ} [(18) سورة الغاشية] لأنها نص، فاقتصر على قوله: {أَفَلَا يَنظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ} [(18) سورة الغاشية] فالأمام -رحمه الله- يترك الاستدلال بالظاهر الجلي ويعمد إلى الغامض

الخفي؛ لأنها مثل الاستدلال بالآية الصريحة أمره سهل عند طالب العلم يدركه أدنى واحد، لكن الاستدلال على الترجمة بالآية الخفية الدلالة {أَفَلَا يَنظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ} [(18) سورة الغاشية] إما أن يكون البخاري اقتصر عليها وأراد ما بعدها، كأنه قال: الآية وما بعدها، وهذا يسلك، يستدل على حكم شرعي بطرف آية والدليل فيما لم يذكر، والدليل قوله تعالى: كذا، الآية، أو يكون مراد البخاري أدق من ذلك وأخفى أن من نظر إلى الإبل لا سيما إذا كانت قائمة أنه لا بد أن ينظر إلى السماء، إذا نظر إلى الإبل لا بد أن ينظر إلى السماء كيف؟ لأن الإبل أرفع في قامتها من المخاطب، مهما بلغ في الطول، فإذا كان أرفع ورفع بصره إلى الإبل لا بد من لازم ذلك أن ينظر إلى السماء، فالنظر إلى السماء خارج الصلاة للعبرة والاتعاظ والتفكر في مخلوقات الله -جل وعلا- عبادة، عبادة جاء الحث عليها في نصوص كثيرة {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِّأُوْلِي الألْبَابِ} [(190) سورة آل عمران] ما كل إنسان يدرك هذه العبر، وهذه العظات، فتفكر ساعة له شأن عظيم، لكن هل من مدكر؟. . . . . . . . . يقول: الأمور طبيعية، ونواميس ماشية فيما كتب لها، وليس لها من الحكم والعلل إلا أنها وجدت. . . . . . . . . أبداً، جاء الحث على الاعتبار والتفكر والاتعاظ وهذا من خير ما يزيد في إيمان المسلم {لآيَاتٍ لِّأُوْلِي الألْبَابِ} من أولو الألباب؟ {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ} أهل الذكر، المفردون، الأحياء حياة حقيقية، لكن رفع البصر إلى السماء حيد وميل عما أمر به الإنسان {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [(149) سورة البقرة] فلا يجوز لإنسان بل يكره كراهة شديدة أن يلتفت يمنةً أو يسرة، وأما رفع البصر إلى السماء فترتيب العقوبة عليه يدل على أنه محرم، أنه محرم، وليس في الحديث ما يدل على إبطال الصلاة برفع البصر إلى السماء؛ لأنه ليس فيه أنه لا صلاة له، أو صلاته باطلة، وإن قال الظاهرية: تبطل به الصلاة؛ لأن عندهم كل شيء، كل نهي يقارن عبادة ولو عاد إلى أمر

خارج عنها يبطلها، فالنهي عندهم يقتضي البطلان مطلقاً، سواءً كان عائداً إلى ذات المنهي عنه، أو إلى شرطه، أو إلى وصفه الملازم له، أو إلى أمر خارج عنه، نعم. "وله: عن عائشة -رضي الله تعالى عنها- قالت: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((لا صلاة بحضرة طعام, ولا هو يدافعه الأخبثان)) .. ولا وهو. ((ولا وهو يدافعه الأخبثان)). وعن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((التثاؤب من الشيطان، فإذا تثاءب أحدكم فليكظم ما استطاع)) رواه مسلم والترمذي، وزاد: ((في الصلاة)) ".

نعم مضى الصلاة بحضرة الطعام إذا حضر العشاء وقت الصلاة، وقت صلاة المغرب المنصوص عليها، فابدءوا بالعشاء؛ لأن النفس تكون تائقة إليه، فينشغل به المصلي عن صلاته، وهنا في مدافعة الأخبثين: ((لا صلاة)) لا هذه نافية ((لا صلاة بحضرة طعام)) والمنفي هنا الصلاة الشرعية، قد توجد صورتها، لكن حقيقتها الشرعية منفية كما في حديث المسيء: ((صلِ فإنك لم تصلِ)) يعني لو قال قائل: إنه صلى، الرسول -عليه الصلاة والسلام- يقول: ((لم تصلِ)) فلو قال قائل: صلى مريداً بذلك الحركات، صورة الصلاة الظاهرة صلى، لكن الصلاة الشرعية التي تبرأ بها الذمة ما صلى، المسقطة للطلب، وهل نقول هنا مثل ما قيل هناك: إن صلاة المسيء باعتبارها باطلة ساغ نفيها؟ ساغ نفيها باعتبارها غير مجزئة، فهل نقول هنا: إن الصلاة بحضرة الطعام ومدافعة الأخبثين باطلة؟ فيتجه النفي إلى الحقيقة الشرعية؟ وإن كانت الصورة موجودة، أهل العلم يقولون في مثل هذه الصورة: يطلقون الكراهة، يطلقون الكراهة، فلو صلى بحضرة الطعام أو مع مدافعة الأخبثين صلاته صحيحة لكنها ناقصة الأجر والثواب بقدر ما يشغله الانشغال بالطعام أو بالمدافعة من إقبال على ربه ومناجاة له، وما نقصه من خشوع في صلاته، هذا فيما يمكن رفعه مما يشغل عن الخشوع، فماذا عما لا يمكن دفعه؟ كحر شديد أو برد شديد، أو جوع مع عدم وجود طعام؟ الانشغال موجود، تقدم حديث: ((إذا اشتد الحر فأبردوا فإن شدة الحر من فيح جهنم)) هذا في المقدور عليه وفي حدود الوقت، لكن قد يوجد ما يشغل الإنسان مما لا يستطيع دفعه، والناس يتفاوتون في هذا تفاوت كبير، بعضهم لا يطيق الحر ولا بالليل بعد غروب الشمس، لا يطيق، فهل يقال مثل هذا: انتظر حتى يذهب عنك هذا الأمر الذي يذهب الخشوع؟ نقول: صلِ على حالك، احرص على الخشوع واحرص على استحضار وحضور القلب، لكن ما لا تستطيعه لا تكلف به. والمراد بالأخبثين البول والغائط، ويلحق بهما ما يشبههما من ريح.

الألم الذي يقطع على المصلي خشوعه، شخص به ألم شديد ينتظر الطبيب يعطيه مسكن مثلاً، نقول: انتظر لا تصلي حتى يخف عليك الألم؟ لا شك أن الألم في قطعه للخشوع أعظم مما ذكر من طعام وغيره، هنا مجرد ربع ساعة نصف ساعة تذهب إلى الدكتور تأخذ إبرة ويسكن الألم، وتقبل على صلاتك تؤديها على الوجه المطلوب، هو مثله إن العلة ظاهرة، العلة ظاهرة بأن هذه المذكورات سبب النهي عنها وإن جاء على صيغة النفي لكن المراد به النهي، وهو أبلغ سببها إذهاب الخشوع بالكلية أو تقليل الخشوع، ويكون في حكمها ما يشاركها في العلة، فإذا كان الألم يعتصره نقول: انتظر، تأخذ مسكن، تأخذ إبرة، تأخذ شيء، إذا برد عليك الألم، لكن لا يعني هذا أن الإنسان يؤخر الصلاة بهذا العذر، لا، لا يؤخر الصلاة، إلا إذا كان لا يطيق يصلي هذا شيء آخر، إذا كان الألم وصل فيه إلى مبلغ لا يستطيع معه الصلاة هذا عذر، لكن هو يستطيع أن يصلي لكن مع شغل البال بهذا الألم، فإذا كان مشتاق الطعام يؤخر الصلاة ليقضي نهمته من هذا الطعام فالذي يعتصره الألم من باب أولى. وعرفنا مراراً أن مذهب الظاهرية أنه إذا نهي عن شيء في الصلاة ولو كان خارجاً عنها أنه يقتضي البطلان، فإذا صلى مع حضرة الطعام أو يدافع الأخبثين فإن صلاته باطلة عندهم؛ لأن كل نهي عندهم يقتضي البطلان، نعم. "وعن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((التثاؤب من الشيطان فإذا تثاءب أحدكم فليكظم ما استطاع)) رواه مسلم والترمذي، وزاد: ((في الصلاة)).

حديث "أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((التثاؤب من الشيطان)) " التثاؤب من الشيطان؛ لأنه دليل على الخمول والكسل والإخلاد إلى الراحة، وغير ذلك مما يعوق عن العبادة أو يثبط عنها، والتثبيط عن العبادة هي عادة الشيطان وديدنه، وينشأ هذا التثاؤب إما من الإفراط في الأكل، أو الإفراط في ترك النوم، وقد ينشأ عن الإفراط في كثرة النوم، المقصود أن المطلوب من المسلم الاعتدال، الاعتدال في الأكل الشرب، النوم، الكلام، النظر، جميع تصرفاته المطلوب من المسلم أن يكون متوسطاً فيها، لا إفراط ولا تفريط، فلا يكثر من النوم بحيث تفوته مصالح دينه ودنياه، ولا يقلل من النوم بحيث يعود عليه ذلك بالضرر في دينه ودنياه، بل يتوسط في أموره، ولذا جاء عنه -عليه الصلاة والسلام- أن من سنته وهديه أنه ينام ويصلي، وما حفظ عنه أنه أحيا ليلة إلى الصباح، وإن كان في العشر الأواخر من رمضان يشد المئزر، ويعتزل الأهل، لكن إن قلنا: إنه في العشر الأواخر لا ينام كما قال بذلك جمع من أهل العلم، لا يعني هذا أن هذا ديدنه -عليه الصلاة والسلام-، والناس في هذا الباب بين مفرط ومفرط، تجد بعض الناس تسرع إليه الشيخوخة والهرم والخرف كله بسبب تقليل النوم، تقليله عن الحد الأدنى، أو يصاب بالعاهات والأمراض بسبب كثرة النوم، فالمطلوب من المسلم أن يكون متوسطاً في أموره كلها، ينام النوم الكافي ولا يزيد عليه، يأكل الأكل الذي يقيم صلبه ولا يزيد عليه، يشرب ما يحتاج إليه ويدفع به العطش ولا يزيد على ذلك، الكلام بقدر الحاجة، النظر بقدر الحاجة، وغير ذلك من التصرفات، وما يؤتى الإنسان، وما يبتلى بمرض القلب، أحياناً بموت القلب إلا من الفضول، فضول الطعام والشراب والنوم والنظر وغير ذلك، لكن لا يعني هذا أن الإنسان يبالغ في تقليل الأكل الذي لا يكفيه بحيث لا يكفيه ما يأكله كما يفعله كثير ممن يزعم أنه من الخاصة، ممن ينتسب إلى الزهد والفقر، وليس الفقر المراد به الفقر العرفي، الفقر عندهم مرادف للزهد، قد ذكر الذهبي في السير عن بعضهم أنه يواصل أربعين يوماً لا يأكل ولا يشرب، بقدر ما حصل من المدة المضروبة بين موسى، ما ضربه الله -جل

باب: المساجد

وعلا- لموسى {فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً} [(142) سورة الأعراف] يقول: يواصل أربعين ثم تنكشف له الأمور، يصير من أرباب الأحوال والمكاشفات، والذهبي يقول: هذا إن ثبت أنه يستمر أربعين يوم، إن ثبت هذا ضرب من الهلوسة، الجوع له أثر، له أثر على الدماغ، كما أن كثرة الأكل تنشأ عنه أبخرة تتصاعد إلى الدماغ فتؤثر فيه، فلا إفراط ولا تفريط، فعلى الإنسان أن يكون معتدلاً في أموره كلها، ويحفظ بذلك دينه ودنياه، وهنا يقول: ((التثاؤب من الشيطان)) التثاؤب من الشيطان؛ لأنه يصدر عن امتلاء البطن والكسل، وهذه تبعث على التراخي والتكاسل والتأخر عن العبادات، وهذا مما يحبه الشيطان، فكأن التثاؤب نشأ منه لأنه يحبه ((فإذا تثاءب أحدكم فليكظم ما استطاع)) أي: يمسك بفمه، يضع يده أو شيء على فمه لئلا يرى منه ما يستقذر، أو يخرج منه ما يستقبح، المقصود أن هذا من الأدب النبوي، ما استطاع، الذي لا يستطيعه لا يكلفه، بعض الناس إذا تثاءب تصدر منه أصوات مزعجة، مزعجة، فإن كانت في الصلاة فالصلاة على خطر من الإبطال، وإن كانت خارج الصلاة فهي مكروهة كراهة شديدة، تثاءب حال قراءة القرآن قالوا: من أدب القارئ، قارئ القرآن أن يمسك عن القراءة أثناء التثاؤب؛ لأن هذه القراءة يتقرب بها إلى الله -عز وجل-، والتثاؤب من الشيطان، لا يجتمع هذا وهذا. "رواه مسلم والترمذي، وزاد: ((في الصلاة)) " ((التثاؤب من الشيطان فإذا تثاءب أحدكم في الصلاة فليكظم ما استطاع)) ولا شك أن التنصيص على الصلاة لا يعني أن الأمر بالكظم مخصوص بالصلاة وأنه خارج الصلاة لا يكظم، بل يكظم مطلقاً، ويعتني بصلاته أكثر من غيرها. دخول هذا الحديث في باب الخشوع في الصلاة، لا شك أن التثاؤب المصحوب بالكسل والخمول لا يمكن أن يتحقق معه الخشوع، لا يمكن أن يتحقق معه استحضار ما هو بصدده من إقبال على ربه -عز وجل-؛ لأنه لو كان مستحضراً الحالة التي هو فيها، والمقام الذي قامه لا شك أنه سوف ينشد معه، ويلقي له باله وهمه، فإذا حضر القلب وتدبر ما قرأ، وتفكر فيما سمع -إن كان مأموماً- فإنه ينشغل عن هذا التثاؤب، والله المستعان، نعم. باب: المساجد باب: المساجد

"عن عائشة -رضي الله تعالى عنها- قالت: "أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ببناء المساجد في الدور, وأن تنظف وتطيب" رواه أحمد وأبو داود والترمذي, وصحح إرساله". نعم "باب: المساجد" المساجد: جمع مسجِد ومسجَد، والمسجد: موضع السجود، المسجَد، والمسجِد: موضع الصلاة، جاء في هذا الباب أحاديث كثيرة جداً تتعلق بالمساجد، في بنائها، وتنظيفها، وتطييبها، واحترامها، وبيان الأحكام المتعلقة بها {إِنَّمَا يَعْمُرُ} إيش؟ طالب: {مَسَاجِدَ اللهِ}. من؟ طالب:. . . . . . . . . نعم {مَنْ آمَنَ بِاللهِ} [(18) سورة التوبة] فلا يعمر المسجد إلا من آمن بالله، والمراد بذلك العمارة الحقيقية، سواءً كانت عمارة معنوية أو حسية، فالذي يعمر المسجد بالتردد إليه لأداء الصلوات هو المؤمن بالله -عز وجل-، والذي يعمر المساجد عمارة حسية من مال طيب يبتغي بذلك وجه الله -عز وجل- من آمن بالله -عز وجل-، المقابلة في قوله -جل وعلا-: {أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللهِ} [(19) سورة التوبة] ولذا من مسائل الجاهلية التمدح بعمارة المسجد الحرام، التمدح بعمارة المسجد الحرام، وهذا مذموم، مذموم إذا كان في مقابلة الإيمان، أما إذا كانت عمارة المسجد الحرام وغيره من بيوت الله مع الإيمان فقد جاء مدحه: ((من بنى لله مسجداً لو كمفحص قطاة بنى الله له بيتاً في الجنة)) والحديث متواتر، لكن متى يذم التمدح بعمارة المساجد والبيوت -بيوت الله- وعلى رأسها المسجد الحرام؟ إذا كانت في مقابل الإيمان، ولذا نعى على المشركين تمدحهم بسقاية الحاج مع مزاولتهم الشرك، عمارة المسجد الحرام مع اقترافهم لهذا الذنب العظيم، لكن إذا كانت عمارة المسجد الحرام وسقاية الحاج والإحسان إليهم مقرونة بالإيمان بالله -عز وجل- فمن أفضل الأعمال، جاء أيضاً في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة مرفوعاً: ((أحب البلاد إلى الله مساجدها، وأبغض البلاد إلى الله أسواقها)) فالمساجد هي بيوت الله، وهي مساكن الأتقياء، وجاء في الخبر: ((المسجد بيت كل تقي)). وخير مقام قمت فيه وحلية ... تحليتها ذكر الإله بمسجدِ

فالمسجد مهوى فؤاد المؤمن، ومجمع قلبه، وهو أنسه، وهو نزهته، فإذا ذهب أرباب الدنيا للنزهة في بلاد أو في أرض الله مما يباح من ذلك فإن المؤمن التقي نزهته وسياحته في بيوت الله، وجاء في السبعة الذين يظلهم الله في ظله: ((رجل قلبه معلق بالمساجد)) فالمساجد في الإسلام لها شأن عظيم، ما أحسن أن يتقدم المسلم إلى الصلاة قبل الأذان فيصلي ما كتب الله له، ويقرأ ما أراد الله له، وينتظر بعد الصلاة إن انتظر الصلاة الأخرى ذلكم الرباط، إن انتظر وقتاً ولو دون الصلاة الأخرى يقرأ فيه كلام الله -عز وجل-، ويناجي ربه، وينكسر بين يديه، نعمة، نعمة لا يدانيها شيء من متع الدنيا. فالمسجد هذا وضعه في الإسلام، مو بالإنسان يدخل المسجد آخر من يدخل وأول من يخرج، المسألة كأنها إلقاء عبء ثقيل على الكاهل، لا، ((ورجل قلبه معلق بالمساجد)) هذا أحد السبعة الذين يظلهم الله في ظله، يوم لا ظل إلا ظله، يتلو كتاب الله، يصلي ما كتب له، يقرأ في كتب أهل العلم، يحاسب نفسه، باقي ربع، طالب:. . . . . . . . . لا، خليه نفسه. . . . . . . . . المقصود أن الحديث في المساجد لا ينتهي، والله المستعان.

المسجد كان في عهد النبوة هو كل شيء، هو الإمارة، وهو الشرطة، وهو الهيئة، ومنه تبعث الجيوش، وفيه تقام الدروس، المقصود أنه كل شيء، كل ما يصدر عن الحكومة النبوية منبعه المسجد، إذا كان المسجد يؤدي دوره الذي بني من أجله صار هو مصدر النور والإشعاع للأمة، قد يقول قائل: قد يوجد من يرغب البقاء في المسجد، لكنه قد لا يمكن من ذلك؛ لأنه يأتي أحياناً تعليمات تنص على إغلاق المساجد، كم من شخص يود أن يجلس في المسجد لا سيما بعد صلاة الصبح إلى انتشار الشمس، ثم يفاجئ أن حارس المسجد يغلق الكهرب والأبواب، ويأمره بالخروج، ما في شك أن هذه التوجيهات لها أسباب، يعني وجد بعض المشاكل، وجد بعض القضايا، وجد بعض السرقات، وجد ما جعل المسئولين عن المساجد يأمرون بإغلاقها، لكنها مع ذلكم إذا وجد شخص مأمون موثوق يلزم المسجد ويتكفل بحفظ المسجد ورعايته فالعلة علة المنع معقولة، تزول، يزول الحكم بزوالها، فعلى من يتولى هذا أن يمكن هؤلاء، لا سيما إذا كانوا على قدر من اليقظة بحيث لا يعبث بالمسجد، لا يتلف شيء من ممتلكات المسجد، أو ما أشبه ذلك، فسبب المنع هو ما ذكر من وجود بعض التجاوزات والتصرفات في المسجد، وله وجه، لكن يبقى أن الأصل أن المسجد متاح للمسلمين، يزاولون فيه ما شرع فيه من عبادات، حتى النوم يجوز في المسجد، حتى النوم يجوز في المسجد، والنبي -عليه الصلاة والسلام- أيقظ علياً وهو نائم في المسجد، المقصود أن مثل هذه الأمور وإن صدر فيها بعض الأنظمة لوجود بعض التجاوزات وبعض التصرفات إلا أنه إذا وجد من يوثق به ويركن إليه يؤنس به مثل هذا يمكن من مزاولة هذه العبادة في هذه البيوت بيوت الله. "عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ببناء المساجد في الدور, وأن تنظف وتطيب" رواه أحمد وأبو داود والترمذي, وصحح إرساله" وصحح إرساله الترمذي، لكن المرجح عند أهل العلم أنه موصول، أنه موصول، وصححه جمع من أهل العلم، فالحديث صحيح. "أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" وعرفنا أن مثل هذه الصيغة مرفوعة بالاتفاق، ودلالتها على اللزوم كدلالة: (افعلوا) عند الجمهور، فلا يحتاج إلى إعادة مثل هذا.

"أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ببناء المساجد في الدور" في الدور يحتمل أن يكون المراد البيوت، ويحتمل أن يراد بها الأحياء المشتملة على الدور، ويحتمل أن يراد بها القبائل، كما جاء في الحديث الصحيح: ((خير دور الأنصار بنو النجار)) يعني خير قبائل الأنصار بنو النجار، فأمر أن تبنى المساجد في هذه القبائل، كل قبيلة تني مسجد، كل حي من الأحياء يبنون مسجد، ولا يمنع أيضاً أن يتناول الحديث بعمومه، أن يتخذ الإنسان في بيته الخاص مسجداً ينظفه ويتعاهده ويصلي فيه، لا سيما النساء وأهل الأعذار المعذورون من صلاة الجماعة، ولا يعني هذا أنه لا يصلى إلا في هذه البقعة، لا. "وأن تنظف" وهذا هو اللائق ببيوت الله -عز وجل-، تنظف من كل ما يستقذر دق أو جل، تنظف من المستقذرات كلها الحسية والمعنوية. "وتطيب" وجاء تطييب المساجد، واشتهر بذلك نعيم المجمر كان يبخر مسجد النبي -عليه الصلاة والسلام- في عهد عمر -رضي الله عنه- فتنظيف المساجد وإظهارها بالمظهر اللائق بها، وتطييبها بالروائح الطيبة، وإزالة ما ينافي ذلك من القاذورات والأوساخ، وما تنبعث منه الروائح الكريهة، ولذلك أمر بإخراج من أكل ثوماً أو بصلاً أو غير ذلك مما له روائح كريهة كالدخان وشبهه، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . الكلام على اتخاذ القبور مساجد يطول، لعلنا نستأنف في الدرس اللاحق -إن شاء الله تعالى-. نشوف بعض الأسئلة. يقول: ما حكم السبحة؟ هل هي بدعة أم لا؟ مع العلم بأني لا أسبح بها في وقت الصلوات أي التسبيح المشروع بعد الصلاة، ولكن أستعملها في بعض التسبيح المطلق كمائة مرة وما أشبه ذلك؟

السبحة لا شك أنها أمر حادث، غير معهودة في عهد النبي -عليه الصلاة والسلام-، وإن أصلت وجعل لها أصل من الحصى التي كانت أم المؤمنين تسبح به، فوجها النبي -عليه الصلاة والسلام- إلى أن تسبح بأناملها لأنها مستنطقات، المقصود أن السبحة كثير من الناس يستعملها لمجرد العبث، لا يستعملها في عبادة، مجرد عبث، لا يسبح بها، هذا حال كثير من الناس، إما سبحة وإلا مرسن وإلا شيء يعبث به، هذا لا علاقة له في حكم شرعي، مجرد عبث وعبث يسير، يعني إن سلمت من السرف والخيلاء لأن من السبح ما قيمته بالمئات، هذا إسراف، لكن إذا كانت أمر يسير يعبث به الإنسان التضييق على الناس في هذا الباب وهو لا يدخل في تعبد ولا يقصد به أداء عبادة، الأمر فيه سهل -إن شاء الله-. يبقى التسبيح به لا إشكال في أن التسبيح بالأصابع والأنامل لأنها مستنطقة أفضل، وبعضهم يطلق البدعة فيمن يسبح ويعد التسبيح وغيره من الأذكار في السبحة، ولا شك أنها مستحدثة، لا توجد في عهده -عليه الصلاة والسلام-، ولا عصر من سلف من هذه الأمة إلا أن من رأى أنه لا بأس بها قال: أصلها الحصى، التي كانت أم المؤمنين تسبح بها. . . . . . . . .، وعد الأذكار بالأنامل سهل وأيسر من السبحة، ومنضبط، منضبط، قد يقول قائل: الأصابع أصابع اليد خمسة فكيف نسبح مائة في خمسة أو كذا؟ نقول: تسبح مائة في خمسة، بضمها وفتحها عشرة، وعد الأعداد بالشمال، تسبح باليمين وتعد هذه الأعداد العشرات الخمسة الأولى بالضم، والخمسة الثانية بفتحها تكون عشر، ثم تعقد واحدة في اليد اليسرى، فإذا انتهيت من العشرة عشر مرات بيدك اليسرى تكون انتهيت من مائة تسبيحة أو مائة تهليلة بيدك اليمنى، على أن التسبيح باليد اليمنى وإن كان أفضل من التسبيح باليدين كلتيهما؛ لأنه جاء فيه حديث في سنن أبي داود، وفيه كلام لأهل العلم، ما يسلم من كلام، لكنه في هذا الباب صالح للاحتجاج، في مثل هذا الباب يصلح للاحتجاج. يقول: سؤال لا أدري هل أحمد هو أحمد ابن المديني أو أحمد بن حنبل؟ أولاً: ابن المديني اسمه: علي، علي بن عبد الله المديني، شيخ البخاري، من أقران الإمام أحمد، من أئمة المسلمين.

يقول: هل ورد حديث في استحباب البقاء في المسجد بعد صلاة الصبح إلى شروق الشمس؟ النبي -عليه الصلاة والسلام- ثبت عنه أنه يمكث في مصلاه حتى ترتفع الشمس، وهذا في الصحيح، أما الترغيب في المكث من قوله -عليه الصلاة والسلام- إلى طلوع الشمس وصلاة الركعتين، فهذا فيه أنه يعدل حجة، وكلام أهل العلم في الحديث معروف، مضعف عند جمع، وحسنه آخرون، ومن يعمل به رجاء ما رتب عليه من ثواب لن يحرم -إن شاء الله تعالى-، وإن عمل بالاقتداء بالنبي -عليه الصلاة والسلام- بفعله وأنه يمكث حتى ترتفع الشمس فهذا لا إشكال فيه، فالمكث سنة، لكن الثواب المرتب عليه، وأنه يعدل حجة هو محل الأخذ والرد. يقول: ما مدى صحة أحاديث السفياني؟ مع أنها تواترت الأحاديث فيه تواتر معنوي؟ أحاديث السفياني كلها لا تسلم من مقال، ولو قيل بضعفها بضعف مفرداتها وبضعفها مجتمعة لما بعد، وكذلك أحاديث الرايات السود مثلها في الضعف. يقول: اللام في كلمة: ((لينتهين)) ما نوعها للتحريم أو للكراهة؟ قلنا: إن ترتيب العقوبة ولو كانت دنيوية يدل على التحريم، إذ لا يعاقب من لا يفعل المحرم. يقول: أرغب في حفظ متن بلوغ المرام فهل أحفظ الأحاديث المحكوم عليها بالضعف؟ نعم احفظ جميع ما في الكتاب، ما بين غلافيه يحفظ، من أراد أن يحفظ كتاباً فليحفظ جميع ما فيه من صحيح وضعيف وغير ذلك، ومع ذلكم يعرف الصحيح من الضعيف، ولا يعني أنه إذا حفظ لا يحفظ الأحكام على هذه الأحاديث، يحفظ، بل لو حفظ الأخطاء والأوهام كما هي واستحضر الصواب كان أولى، هذا إذا حفظ كتاب ما هو حفظ انتقاء من كتاب يختلف هذا عن هذا، والله أعلم. وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

كتاب الصلاة (10)

بلوغ المرام – كتاب الصلاة (10) شرح: باب: المساجد الشيخ/ عبد الكريم بن عبد الله الخضير السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: قال الحافظ ابن حجر -رحمه الله تعالى- في كتاب الصلاة في باب المساجد: "وعن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((قاتل الله اليهود اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد)) متفق عليه، وزاد مسلم: ((والنصارى)). ولهما: من حديث عائشة -رضي الله تعالى عنها-: ((كانوا إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجداً)) وفيه: ((أولئك شرار الخلق)). الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "وعن أبي هريرة" مر بنا مراراً أن الواو هذه تعطف محذوفاً تقديره: أروي أيضاً عن أبي هريرة "- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((قاتل الله اليهود)) " قاتل الله اليهود: يعني لعنهم، وهذا دعاء عليهم بالجملة، وعلى هذا يجوز الدعاء على طائفة بالجملة إذا استحقت هذا الدعاء، كما أنه يجوز الدعاء على قبيلة إذا استحقت هذا الدعاء، فقد دعا النبي -عليه الصلاة والسلام- على بعض القبائل، قاتل الله اليهود، والله -سبحانه وتعالى- أيضاً في كتابه لعن بعض الفرق. ((قاتل الله اليهود)) يعني لعنهم، وبعضهم يقول معنى قاتلهم: قتلهم وأهلكهم، والدعاء عليهم بالجملة لا معارضة له مع الأمر القدري؛ لأن من اليهود من أسلم، ومن القبائل التي دعا عليها النبي -عليه الصلاة والسلام- من أسلم، فالدعاء على فئة أو على قبيلة أو على طائفة استحقت هذا الدعاء لا معارضة فيه للأمر القدري، بل الإنسان يدعو لنفسه، ويدعو لولده، ويدعو لمن شاء، ويدعو على من شاء، ولا راد لقضاء الله -عز وجل-.

" ((قاتل الله اليود اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد)) متفق عليه، وزاد مسلم: ((والنصارى)) " ((قاتل الله اليهود والنصارى)) قاتل الله اليهود والنصارى، اليهود لهم أنبياء وماتوا وقبروا في الأرض، لكن النصارى ليس لهم إلا نبي واحد وهو عيسى -عليه السلام- وقد رفع ولم يقبر، قاتل الله اليهود اتخذوا قبور أنبياءهم مساجد لا إشكال فيه، لكن قاتل الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبياءهم مساجد، والنصارى ليس لهم إلا نبي واحد، ومع ذلكم ليس له قبر، هذا النبي ليس له قبر، فكيف يقول في الحديث: ((قاتل الله اليهود والنصارى)) والرواية في صحيح مسلم، هذا أشكل على الشراح، فمنهم من قال: إن أنبياء اليهود أنبياء للنصارى؛ لأنهم مأمورون بالإيمان بهم، ومنهم من قال: إن في النصارى أنبياء غير عيسى وليسوا بمرسلين كالحواريين ومريم على قول، ابن حزم يرى أن من الأنبياء ست من النسوة، مريم ماتت وقبرت، والحواريون ماتوا وقبروا فلا إشكال.

الزيادة أو الرواية اللاحقة وهي في الصحيحين ولهما: من حديث عائشة: ((كانوا إذا مات فيهم الرجل الصالح بنو على قبره مسجداً)) ((أولئك شرار الخلق)) في رواية أيضاً: ((اتخذوا قبور أنبيائهم وصالحيهم)) ((قاتل الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم وصالحيهم)) وصالحيهم، فيكون الأنبياء بالنسبة لليهود والصالحين بالنسبة للنصارى، على كل حال هذا موجود عندهم، فهم عباد قبور، وأشباههم -مع الأسف الشديد- كثير ممن ينتسب إلى الإسلام، فالمساجد شيدت على القبور في كثير من أقطار العالم الإسلامي، ويجد الذاهب إلى تلك الأقطار من الحرج الشديد في البحث عن مسجد ليس فيه قبر، وهذه فتنة عظيمة، وليست المسألة مسألة بدعة، المسألة مسألة الشرك الآن، جاء في الحديث حديث أبي مرثد الغنوي في صحيح مسلم: ((لا تصلوا إلى القبور، ولا تجلسوا عليها)) فالصلاة إلى القبور ممنوعة، وبعضهم يعلل ذلك بنجاسة تربتها، فيفرق بين المقبرة المنبوشة والمقبرة غير المنبوشة، المنبوشة اختلطت بدماء الموتى وصديدهم فتنجست، وغير المنبوشة لا إشكال فيها، هم نظروا إلى النجاسة الحسية، ولذا يقول بعضهم: لو فرش على أرض المقبرة فراش صحت الصلاة فيه، ولكن الأمر فوق ذلك، المنظور إليه نجاسة الشرك المعنوية، فالصلاة في المقابر لا شك أنها وسيلة إلى الشرك بهؤلاء المقبورين، والأدلة على ذلك من شواهد الأحوال كثيرة، في سائر أقطار العالم الإسلامي ينتسب إلى الإسلام أضرحة شيدت عليها المباني، ودعي أصحابها من دون الله، ولجئ إليهم في أحوال الشدائد، وطيف بها كما يطاف ببيت الله، هناك أضرحة لأناس مشهورين، وهناك أضرحة لأناس مغمورين، وهناك دعاوى لأماكن أنه قبر فيها فلان أو علان، وقد وصلت الفتنة في هذا الباب إلى أن وجد ضريح من أكبر الأضرحة، يسمونه ضريح الشعرة، ضريح الشعرة، شيد بناء كبير على شعرة، وشعرة من؟ حين يزعمون أنها من شعرات عبد القادر الجيلاني، وهذا الضريح يباع التراب والغبار كما يباع الدواء في الصيدليات بل أشد، والماء الذي يدخل تحت الضريح ويخرج من الطرف الآخر يباع كما يباع دهن العود والمسك، وهي شعرة إن صحت، لا شك أن هذه فتنة عظيمة، وجاء التشديد في هذا الباب حماية

لجناب التوحيد وسداً لذرائع الشرك. ((لا تصلوا إلى القبور)) فالصلاة في المقبرة باطلة، والصلاة في المسجد الذي فيه قبر قرر أهل العلم أنها باطلة، الصلاة في المقبرة، في المقبرة خرجت بالدليل الخاص من عموم حديث الخصائص: ((جعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً)) وإن قال ابن عبد البر وابن حجر وبعض أهل العلم أن الخصائص لا تقبل التخصيص، الخصائص لا تقبل التخصيص إيش معنى هذا الكلام؟ يقول: صلِ في المقبرة لماذا؟ لأن حديث الخصائص: ((جعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً)) لا يقبل التخصيص لماذا؟ قالوا: لأن الخصائص تشريف لهذا النبي العظيم -عليه الصلاة والسلام-، والتخصيص تقليل لهذا التشريف، فالخصائص لا تقبل التخصيص، لكن إذا تعارض حقه -عليه الصلاة والسلام- مع حق الله -عز وجل- فما الذي يقدم؟ نعم، حق الله -عز وجل-، بلا شك، والصلاة إنما هي لله -عز وجل-، وسد الذرائع الموصلة إلى الشرك من حق الله -عز وجل-، هذا بالنسبة للصلاة. قراءة القرآن بدعة في المقبرة، لكن لو قال قائل: إن فلاناً من الناس بقي عليه شيء من ورده، أو من أذكار الصباح والمساء وهو في المقبرة افترض أنه خرج مع جنازة بعد صلاة الصبح أو في آخر النهار وعنده أذكار الصباح والمساء التي مشتملة على الآيات، أو تسبيح أو تهليل أو مزاولة أي عبادة في المقبرة، هل يمنع من هذا أو لا يمنع؟ لا شك أنه بعيد عن وسائل الشرك، فيه شيء من البعد لأنه مربوط بسبب كصلاة الجنازة لكن الاحتياط أولى، ألا يقرئ الورد المشتمل على قرآن في المقبرة، الورد المشتمل على دعاء الأولى ألا يكون في المقبرة حماية لجناب التوحيد؛ لئلا يسمعك أحد ويقول: إن فلاناً –لاسيما إذا كان الشخص ممن يقتدى به- فلان يقرأ القرآن في المقبرة، فلان يدعو الله في المقبرة، وإن كان أصل الدعاء للميت مثلاً ما فيه إشكال، لكن يخشى أن يظن لا سيما من يقتدى به أنه يقرأ القرآن أو يدعو الله عند القبور.

الطواف على المقابر بنية التخفيف هناك أرصفة حول المقابر والمقابر باعتبار أنها لا مساكن فيها ولا فيها سيارات مناسبة للمشي والجري ومساحات ومهيأة، وقد وجد من يجري حول المقابر بنية التخفيف لا نية له غير ذلك، لكن منْع هؤلاء حماية لجنابة التوحيد أولى، يبحثون عن مكان آخر؛ لئلا يقال فيما بعد: إن الناس كانوا يطوفون على المقابر وهو لا يعرف ما في نياتهم، لكن يتناقل الناس أنهم يطوفون على المقابر مع وجود الشيخ فلان أو علان ولم ينكر، فمثل هذا يبالغ في منعه؛ لئلا ينفتح باب ولو من بُعد، مثل هؤلاء ينبغي أن يمنعوا، ويبحثوا عن مكان آخر. أصل الحديث أن أم حبيبة وأم سلمة ذكرتا لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- كنيسة رأتاها في الحبشة، فيها تصاوير وهذه عادة النصارى كنائسهم مملوءة بالتصاوير للمسيح -عليه السلام- ولأمه، وللحواريين وغيرهم، فذكرتا ذلك لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: ((إن أولئك كان إذا مات فيهم الرجل الصالح بنو على قبره مسجداً، وصوروا تلك التصاوير، أولئك شرار الخلق عند الله تعالى)) هؤلاء هم شرار الخلق، فالكنائس مملوءة بالتصاوير، وعباداتهم مقرونة بالمخالفات من الموسيقى وغيرها، ومما يؤسف له أن أماكن عبادات المسلمين لم تنزه من هذا، لا من التصاوير ولا من الموسيقى، تجد الإنسان لا يتورع أن يدخل في المسجد ومعه جريدة مملوءة بالصور، أو يزاول التصوير في المسجد نفسه، وإن كان التصوير المزاول مختلف فيه لكنه تصوير، فمواطن العبادة عندما تشبه بمواطن العبادة عند النصارى تصاوير! وفيها أيضاً موسيقى! ناس يصلون اتجهوا بقلوبهم إلى الله -عز وجل- ثم تسمع الموسيقى من هذه الجولات! هذا أمر عظيم يا الإخوان، يعني إذا كانت الموسيقى ممنوعة في كل وقت ففي وقت العبادة أمرها أشد وأعظم، فينبغي أن يُهتم لذلك، وهذه مسئولية إمام المسجد بالدرجة الأولى، ومسئولية كل من سمع هذا المنكر، من رأى وفي حكمه من سمع منكم منكراً فليغيره بيده، فالسماع له حكم الرؤية.

المقصود أنه إذا بلغه المنكر عليه أن ينكر، ولو قيد الإنكار بالرؤية لقلنا: الأعمى ما عليه أمر ولا نهي، فإذا سمع مثل هذه الأصوات المزعجة المحرمة وللجنة الدائمة فتوى في تحريم الموسيقى بما في ذلك ما في الجوالات، المقصود أن المنع من اتخاذ القبور مساجد من باب سد الذريعة والبعد عن التشبه بعبدة الأوثان، فالأمر فيها شديد ينبغي أن يحتاط لهذا الأمر أشد الحيطة، وإذا كان لمن يتعلق بالأولياء نوع شبهة بقصد تبرك وإجابة دعوة هذا الولي لكن هي ليست بشبهة مقبولة، لكن الشيطان لبس بها على كثير من الناس، استطاع الشيطان أن يلبس على مثل هؤلاء، ولبس على آخرين بأن شيدوا الأبنية على قبور الأولياء الشياطين، في تاريخ سيناء -تاريخ مطبوع- صورة لمقبرة فيها من يسمون بالأولياء اللي هم العباد، وفي الصورة لأولياء الشياطين كيف أولياء؟ نعم هم أولياء للشياطين لكن يستحقون أن يصرف لهم شيء؟ يعني إذا كانت الشبهة الشيطانية مشت على كثير من المسلمين بالنسبة للأولياء الصالحين فكيف ينطلي على من له أدنى مسكة من عقل أن يتقرب إلى الله بعبادة هؤلاء أولياء الشياطين، هي فتنة والشرك أمره عظيم، فإذا كان الشرك الأصغر لا يغفر عند جمع من أهل العلم فهو داخل في قوله تعالى: {إِنَّ اللهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء} [(48) سورة النساء] بما في ذلك الشرك الأصغر لا يغفر عند جمع من أهل العلم، لكنه لا يخلد كصاحب الشرك الأكبر، فأمر الشرك عظيم. يبقى مسألة هؤلاء الذين يتقربون إلى الله -جل وعلا- ويجعلون هناك وسائط من المقبورين ما حكمهم؟ ما وضعهم؟ هل يعذرون أو لا يعذرون؟ الأئمة -أئمة هذه الدعوة السلفية المباركة- بحثوا هذه المسائل، وأفاضوا في بحثها، من أراد ذلك فليراجع الدرر السنية في الأجوبة النجدية.

يقول: "ولهما من حديث عائشة: ((كانوا إذا مات فيهم الرجل الصالح بنو على قبره مسجداً)) " وفيه: ((أولئك شرار الخلق)) ((أولئك شرار الخلق عند الله يوم القيامة)) هؤلاء هم شرار الخلق، ولا شك أن المشرك بلغ الغاية في الشر، بلغ الغاية في الشر، والمنافق تحته في النار -نسأل الله العافية- في الدرك الأسفل من النار، فالكل شرار الخلق، والشرار فيهم الشرير وفيهم الأشر، ومراتبهم ومنازلهم متفاوتة، لكن يجمعهم أن الله -جل وعلا- لا يغفر لهم إذا ماتوا على شركهم {إِنَّ اللهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء} [(48) سورة النساء] وبحث مسائل القبور وما يتعلق بها مستوفى في شروح كتاب التوحيد للإمام المجدد الشيخ محمد بن عبد الوهاب -رحمه الله-، وفي شروح كتب السنة. البيضاوي له كلام حول الحديث، وتوجيه غير وجيه ولا مقبول، فيقول البيضاوي: "لما كانت اليهود والنصارى يسجدون لقبور أنبيائهم تعظيماً لشأنهم، ويجعلونها قبلة يتوجهون في الصلاة نحوها اتخذوها أوثاناً، لما كان أمرهم كذلك لعنهم ومنع المسلمين من ذلك .. " ثم قال: "وأما من اتخذ مسجداً في جوار صالح، وقصد التبرك بالقرب منه لا لتعظيم له، ولا لتوجه نحوه فلا يدخل في ذلك الوعيد" الحديث عام، يشمل هذا وهذا، نعم عبادة الشخص المباشرة، وسؤاله الحاجات من دون الله -عز وجل- وهو في قبره شرك أكبر، لكن من قال: إن هذا المكان يعني لبس عليه الشيطان أن هذا المكان فيه هذا العبد الصالح، ودعا الله -جل وعلا- عند هذا القبر، أو قرأ القرآن عند هذا القبر، والمدعو والمتوجه إليه هو الله -عز وجل- أخف، لكن يبقى أن هذا أمره عظيم أيضاً؛ لأنه ذريعة للشرك، ذلك هو الشرك، وهذا وسيلة وذريعة إلى الشرك. المسائل المتعلقة بالباب كثيرة، لكن شروح التوحيد كفيلة في بحث هذه المسائل بالتفصيل، نعم. "وعن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- قال: بعث النبي -صلى الله عليه وسلم- خيلاً, فجاءت برجل, فربطوه بسارية من سواري المسجد" الحديث متفق عليه".

بعض المؤرخين ممن عرفوا بسلامة المعتقد، عرفوا بسلامة المعتقد، إذا ترجموا لأحد من العلماء قالوا: إنه قبره في مكان كذا، وأن مشهده يزار، حتى قال بعضهم: إن قبره ترياق، لا شك أن هذا تجاوز، والمؤرخ وإن كان يكتب في التاريخ، والأديب وإن كان يكتب في الأدب، واللغوي وإن كان يكتب في اللغة والنحو والصرف وغيرها، الكل محكوم بأوامر ونواهي إلهية، ولا فصل بين العلوم، أحياناً ابن رجب في ذيل الطبقات يذكر بعض هذه الأمور، الحافظ ابن كثير في البداية والنهاية يذكر بعض هذا وغيرهم، كأنهم يرون الفصل بين هذه العلوم،، شخص معروف بالعلم والعمل عالم من علماء المسلمين وقاضي ومفتي وعامل -ولا يلزم ذكر اسمه- يؤلف في المجون، لكنه يقول في مقدمته -وأي مجون؟ مجون من أبشع أنواعه وصوره- يكتب في المقدمة: إنه قد ينتقد بعض الناس أن يصدر مثل هذا الكلام من عالم مفتٍ قاضٍ كذا، لكن هؤلاء لا يدرون أن الأدب شيء والعلم شيء، ونحن نقول: أنت مكلف، لا يرتفع عنك قلم التكليف، سواءً كتبت في الأدب أو كتبت في الفقه أو في الحديث أو في التفسير أو غيره من العلوم، فأنت مكلف، قلم التكليف يجري عليك في كل وقت، وفي كل ظرف، أنت مؤاخذ ومحاسب لما تقول، يعني إذا كان هذا من أهل العلم فما بالكم بمن كان جهده كله منصب للأدب ولا عرف بعلم ولا بعمل، بل عرف بالفسق، وعرف بنعيه على من يغفل جانب المجون، حينما كتب مقدمة لزهر الآداب وزهر الآداب من أفضل كتب الأدب وأصفاها كتب يعتب عليه يقول: إنه أغفل جانب مهم من جوانب الأدب وهو المجون، في كلام قبيح، يقول: "إن الحياة تفقد حيويتها حينما تكون هدىً خالصاً" على كل حال مثل هذا ما نشرح عليه لكن عالم قاضٍ مفتٍ معروف بالعمل، معروف بكلماته الوعظية المؤثرة، بقصائده، ويكتب مثل هذا الكتاب، لا شك أن هذه زلة، زلة.

ويكتب آخر كتاباً في جانب من أقبح جوانب الأدب ويؤدي دور القنوات إلا أنه مقروء، ويقول: إنه ألف هذا لم يستعمله على الوجه الشرعي يعني مع زوجته، لا لمن يستعمله في الحرام، إسفاف في القول، المقصود أن الإنسان إذا كتب عليه أن يتقي الله -جل وعلا- فيما يكتب، هل هذه الكتابة تنفعه يوم القيامة أو لا تنفعه؟ فضلاً عن كونها تضر. ونحن نقول: إن المؤرخين لا يبرءون من العهدة إذا فصلوا بين التاريخ والعلم، فإذا مروا بقبر يزار أو مشهد يدعى عنده أو يستشفى بترابه لا بد أن يبينوا، والعتب على مثل الحافظ ابن كثير والذهبي، ابن رجب، مثل هؤلاء أئمة في التحقيق، الشيء الموجود عندهم يسير، لكن عند غيرهم كثير، إذا فات هذا على صاحب الكتاب فلن تبرأ عهدة المحقق، فمثل هذا لا بد أن ينبه عليه، قبر فلان ترياق إيش معنى ترياق؟ يعني علاج يستشفى به، هذا إقرار لهذا العمل الخبيث.

الحديث حديث "أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: "بعث النبي -صلى الله عليه وسلم- خيلاً فجاءت برجل" هو ثمامة بن أثال، ثمامة بن أثال، وقصته في الصحيحين، "فجاءت برجل فربطوه بسارية المسجد" ربطوه، وهذا من فعل الصحابة، لكنه بإقرار النبي -عليه الصلاة والسلام-، فقد كان النبي -عليه الصلاة والسلام- يمر به ثلاثة أيام، فأقرهم على ربطه في المسجد، وفي ذلك دليل على جواز ربط الأسير، الأسير يربط، ولا يقال: إن مثل هذا يخالف القوانين والأعراف الدولية، لا، الأسير يربط، وأيضاً يربط في المسجد، وفي هذا دليل على جواز دخول الكافر المسجد لكنه للحاجة، وليست لحاجته هو، إذا احتيج إلى ربطه في المسجد يربط في المسجد، على أنه لا يجوز له أن يدخل المسجد الحرام بحال {فَلاَ يَقْرَبُواْ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا} [(28) سورة التوبة] لا شك أن المسجد الهدف من بنائه لذكر الله -عز وجل- وطاعته، وأعمال البر والإحسان، لكن إذا احتيج إلى ربطه في المسجد لعدم وجود مكان ملائم من سجن أو غيره فإنه لهذه الحاجة يربط في المسجد، إذا كان الكافر له حاجة في المسجد الحاجة ليست للإسلام، المصلحة للإسلام والمسلمين هل يمكن من الدخول في المسجد؟ الآن تجدون كثير من قائدي السيارات عند الأسر إذا ذهبوا لإحضار الأولاد في الظهر بدلاً من أن ينتظروا -لا سيما إذا كان المسجد بجوار مدرسة- يدخلون المسجد ويجلسون، هل يمكن من هذا أو لا يمكن؟ {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ} [(28) سورة التوبة] والنص في المسجد الحرام {فَلاَ يَقْرَبُواْ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا} [(28) سورة التوبة] فهل يمكن النجس من اتصف بهذا الوصف .. ، دخول المسجد الحرام في النص قطعي لأنه منصوص عليه، لكن هل يمكن مع اتصافه بهذا الوصف -نجس- أن يدخل مواطن العبادات؟ الوصف يمنعه من دخول المساجد {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ} [(28) سورة التوبة] لكن الحاجة كما في حديث ثمامة هو مشرك ربط في المسجد، فإذا وجد مثل هذه الحاجة للمصلحة العامة، لمصلحة الدين وأهله لا بأس، لكن لمصلحته الخاصة، وهل الكلام موجه إليه أو إلى المسلمين من أجل منعه؟ شخص كافر له دين على مسلم

والمسلم في المسجد وهذا المسلم بقاؤه في المسجد من أجل أن ينصرف الدائن، هل يقال له: ادخل لتقاضي خصمك أو نقول: انتظر حتى يخرج؟ الأصل أنه نجس والنجس لا يقرب أماكن العبادات. لكن الحديث يدل على أنه إذا كان هناك حاجة للمصلحة العامة لا مانع حينئذٍ، لو قبل أن يعلن إسلامه أراد شخصاً يشهر إسلامه على يديه وقيل: الشيخ فلان هذا جالس في المسجد لا مانع من أن يدخل، هذه مصلحة راجحة، ويقاس على هذا ما في معناه، كثير من الشركات عندهم عمال كفار في مسجد يحتاج إلى ترميم وصيانة هل يقال: هذه مصلحة يدخل الكافر يرمم المسجد أو يشغل بعض الآلات الدقيقة التي لا يستطيع المسلم تشغيلها؟ هذه مصلحة لكن شريطة ألا يوجد مسلم يقوم مقام هذا الكافر، والأمور تقدر بقدرها. الحديث الذي يليه: "وعنه -رضي الله تعالى عنه- أن عمر مر بحسان ينشد في المسجد فلحظ إليه, فقال: "قد كنت أنشد وفيه من هو خير منك" متفق عليه". "عنه" أي عن أبي هريرة راوي الحديث السابق "أن عمر -رضي الله عنه- مر بحسان" وعمر عرفت شدته في الحق وغيرته على الدين "مر بحسان وهو ينشد في المسجد" يعني حال كونه ينشد في المسجد "فلحظ إليه" نظر إليه نظر إنكار، فهم حسان -رضي الله عنه وأرضاه- "فقال: كنت أنشد -فيه- وفيه من هو خير منك" يعني النبي -عليه الصلاة والسلام-، فالشعر يجوز إنشاده في المسجد لفعل حسان بإقرار النبي -عليه الصلاة والسلام-، وجاء النهي عن تناشد الأشعار في المسجد عند أبي داود والنسائي وغيرهما، وهو حديث مقبول، يصل إلى درجة الحسن، لكنه محمول على الأشعار التي في ألفاظها ما فيه مما يقتضي المنع، أما الأشعار النافعة أو المباحة الألفاظ هذا لا بأس بها، يعني إذا كان المتن الذي يدرس في المسجد شعر، أراد شخص أن يشرح كتاب في علم من العلوم وهو نظم، في أي علم من العلوم هل نقول: نهى النبي -عليه الصلاة والسلام- عن تناشد الأشعار؟ أو نقول: كنت أنشد فيه وفيه من هو خير منك؟

فحديث أبي هريرة في قصة عمر مع حسان دليل على جواز إنشاد الشعر المباح في المسجد، المباح فضلاً عن أن يكون نافعاً متضمن لعلم من العلوم، شخص يبي يدرس نونية ابن القيم نقول: لا يا أخي هذا شعر، هذا شعر وقد نهى النبي -عليه الصلاة والسلام- عن تناشد الأشعار؟ نقول: لا، كان حسان ينشد بين يدي النبي -عليه الصلاة والسلام- ولا ينكر عليه. لكن المعلقات مثلاً وفيها الفخر، وفيها وصف الخمر، وفيها أشياء ممنوعة، نقول: نهى عن تناشد الأشعار، وإن كانت من الناحية اللغوية فيها شيء من الفائدة، لكن الفائدة التي فيها مغمورة بالنسبة لما تشتمل عليه فنقول: فائدتها تستفاد خارج المسجد، قد يقول قائل نونية ابن القيم فيها بعض ما يلاحظ في مقدمتها ومطلعها تشبيب كعادة الشعراء، نقول: هذا شيء مغمور، تدرس نونية ابن القيم بلا إشكال في المسجد، غيرها من المنظومات العلمية، منظومة ابن عبد القوي في الفقه أو في الآداب كل هذه منظومات نافعة، في اللغة العربية، في النحو، في الصرف، في الفرائض، المقصود أن الشعر كلام .. ، كلام حسنه حسن وقبيحه قبيح، فما كان منه من نوع الحسن لا مانع من تناشده بالمسجد. بعض أهل العلم يبطل الخطبة، خطبة الجمعة إذا اشتملت على شيء من الشعر، والجمهور على جواز ذلك إذا كان فيه مصلحة من هذا الباب أن الشعر كلام، ولم يرد فيه نص بعينه فهو كلام، لكن الخطبة لا تتأدى بالشعر، يعني لو كانت كلها منظومة، مشتملة على المواعظ، ومضمنة للأبيات والأحاديث لا تجزئ خطبة؛ لأن الخطابة فن يختلف عن فن الشعر، نعم. "وعنه -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((من سمع رجلاً ينشد ضالة في المسجد فليقل: لا ردها الله عليك, فإن المساجد لم تبن لهذا)) رواه مسلم".

نعم، هذا الحديث "وعنه" يعني عن أبي هريرة كسابقه، يقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((من سمع رجلاً ينشد ضالة في المسجد)) ينشد: يعني يرفع صوته بالسؤال عما فقده، وضل عنه، وسواءً كان هذا المفقود في المسجد أو خارج المسجد، المقصود أنه لا ينشد ولا يبحث عن الضوال في المسجد، فإذا سمع مثل هذا مثلاً يقول: من رأى ساعة ضاعت فيه؟ فليقل: لا ردها الله عليك, من رأى البوك وفيه النقود والإثبات وغيره لا ردها الله عليك، اخرج خارج المسجد وأنشد كما شئت، لكن لو وجد حلقة الدرس وجاء الطلاب لكتبهم ليحجزوا الأماكن وهم في المسجد يؤدون الصلاة في جهة من المسجد والدرس في جهة، وبعد أن صلوا جاء واحداً منهم ما وجد كتابه في مكانه، فقال لزميله: أين كتابي؟ هل يقول: لا رده الله عليك؟ يتصور هذا، هذا ما هو بمتصور؟ الكتب في الأرض حتى تنتهي الصلاة يأتون كل واحد إلى مكانه الذي حجزه، واحد ما وجد كتابه يسأل زميله أين كتابي؟ هل يقول: لا رده الله عليك؟ أصل مادة الإنشاد مصحوبة برفع صوت، هو طلب مع رفع الصوت، فلو قال لزميله: أين كتابي؟ ماذا يقول زميله؟ بماذا يرد عليه زميله؟ لأن عندنا: ((فليقل)) هذا أمر، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . ماذا يقول؟ هو يبحث عن كتابه، وكتابه قد ضل حكماً فهو ضالة، وسؤاله عنه طلب إلا أنه بصوت منخفض نعم، نعم يا .. ؟ طالب:. . . . . . . . . نعم، هذا من وسائل الآخرة، يعني يختلف عن أمور الدنيا، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . هو إذا كان المنظور لقيمته العلمية، هذا كتاب نفيس وعليه تعليقات لا توجد في غيره من قبل صاحبه، أما إذا كان مجرد كتاب يذهب إلى المكتبة ويشتري غيره فهو من أمور الدنيا ما يختلف، يكون سهل يعني؛ لأن الملحوظ ثمنه، أما إذا كان عليه تعليقات من الطالب نقلاً عن شيخه، هذا المسئول عنه العلم ليس الكتاب. على كل حال إذا خلا ذلك عن رفع الصوت، وكان الهدف الدين والدنيا لم ينظر إليها بوجه من الوجوه فالأمر أخف. هنا يقول: قد يأتي في. . . . . . . . . لأنه قدم السين على الفاء، بيان كلمة أو لفظة فيستشهد بها، وقد يكون هذا البيت المستشهد به غزل أو هجاء كالبيت الذي يذكر عند تعريف الكتاب:

لا تأمنن فزارياً خلوت به ... . . . . . . . . . ... البيت، وغير ذلك، الأبيات كثيرة من هذا النوع، فهل يكرم المسجد عن مثل هذه الأبيات؟ يكرم المسجد عن هذه الأبيات؟ أو يقال: هذا لبيان العلم وما كان في بيان العلم فهو علم ويتجاوز فيه؟ وإن أمكن الدلالة عليه من غير تصريح فقيل: يدل على ذلك البيت في هجاء بني فزارة، والطالب يبحث عنه بطريقته، أو يسأل عنه في مكان آخر فهو أكمل، أكمل وإلا فكتب أهل العلم مشحونة بمثل هذه الأبيات، فالشعر ديوان العرب، الشعر ديوان العرب، يفسرون به كتاب الله، ويشرحون به الأحاديث، فلا بد من مرور مثل هذه الأبيات في العلوم كلها. يقول: ما قولكم فيمن ينشد ضالته في مصلى العيد وغيره من المصليات؟ وهل هناك فرق بين المصلى والمسجد من حيث عدد الصلوات؟ وهل حكمها واحد أم أن المصلى يخرج من بعض الأحكام المساجد من تحريم وغيره؟ المصلى -مصلى العيد- إذا عرفت حدوده، وسمي بهذا المسجد فإنه مسجد، ولذا جاء في الحديث في الصحيحين وغيرهما في أمر النساء بالخروج إلى صلاة العيد وفيه ((وليعتزل الحيض المصلى)) دل على أنه مسجد، كونه لا يصلى فيه إلا مرة أو مرتين في العام لا يخرجه عن كونه مسجد، فمسجد نمرة كم يصلى فيه في العام؟ مرة واحدة، وهو إجماع مسجد، فلا عبرة بإقامة جميع الصلوات إنما يصلى به عند الحاجة، وحدوده معروفة ومعالمه ظاهرة مسجد، لكن إذا كانت صحراء ليست لها حدود المسجد ولا معالمه كمصلى الجنائز مثلاً هذا لا بأس به، هذا ليس بمسجد يختلف. وفي الحديث دليل على تحريم السؤال عن الضالة في المسجد سواءً كانت من الحيوان أو غيره من المتاع، من النقود أو غيره، إذا كان المحفوظ فيه أمر الدنيا، طيب، مثلنا بكتاب لو جاء واحد يبي يحجز مكان في الدرس قريب من الشيخ وضع الشماغ، أو بكر إلى الجمعة والصف الأول ما فيه ما يريح الجالس وضع شماغه في الصف الأول وإلا عصاه وتأخر ليسند ظهره لحاجته إلى ذلك، إن تقدم مع إقامة الصلاة قال: وين شماغي؟ وين عصاي؟ نقول: لا ردها الله عليك؟ نعم يا الإخوان؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . .

ما لقاه، ما لقاه ضال، إذا لم يجدها فهي ضالة، إذا لم يجدها فهي ضالة، نعم، قلنا: الكتاب لا سيما إذا كان معتنىً به ولا نظير له في السوق من أمور الآخرة، ماشي، لكن من حجز مكان بشماغ أو بعصا في ظرف يسوغ له فيه الحجز وإلا فأصل الحجز ممنوع، من تقدم إلى مباح، من سبق إلى مباح فهو أحق به، والحجز في المساجد أمره ليس بالسهل، لا سيما في الأماكن التي يستوي فيها الحاضر والباد {الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاء الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ} [(25) سورة الحج] الملازم للمكان، والباد الذي يأتي ليصلي فرض ويرجع، فليس أحد بأولى من أحد، بل هو لمن سبق، نعم إذا كان الشخص داخل المسجد فقد تقدم ويستحق المكان المتقدم لتقدمه في الحضور، سبق إلى هذا المكان وكونه انتقل إلى مكان يريحه داخل المكان له الأحقية؛ لأنه قريب من مكانه، أما شخص يضع عصاه من صلاة الصبح إلى الجمعة، أو يبعث ولده أو خادمه يحجز له مكان، لا، تعدي؛ لأن من يحضر قبله أولى منه بهذا المكان، فإذا فقد العصا أو الشماغ هل له أن يسأل عنه؟ قد عرفنا أن نشدان الضالة النشيد لا بد فيه من رفع الصوت، النشيد والإنشاد والنشدان كلها مع رفع الصوت، يعني لو همس في أذن جاره قال: يا أخي ما شفت الشماغ؟ وين الشماغ؟ نعم يكون بحث عن أمر دنيا وإلا .. ؟ أو نقول: قصده في بحثه هذا الصلاة في الصف الأول وهذه قربة، الأمور بمقاصدها، إذا كان يسأل عن العصا لذات العصا شيء، إذا كان يسأل عن العصا باعتباره يمكنه من الصلاة في الصف الأول هذا شيء آخر، هذا أمر من أمور الآخرة، على أنه إذا سأل سؤال خفيف همس في أذن جاره لا يسمى إنشاد، بعضهم نظر إلى معنى الإنشاد وهو رفع الصوت، فمنع تعليم الصبيان القرآن في المسجد، قال: لأنهم يرفعون أصواتهم في المسجد، يرفعون أصواتهم في المسجد، أيضاً المعلم يحتاج له رفع صوت، يُمنع العلم؟ المنع لا وجه له؛ لأن حديث: ((جنبوا صبيانكم ومجانينكم ورفع أصواتكم المساجد)) هذا حديث ضعيف جداً، نعم على داخل المسجد أن يتأدب فإذا كان في طريقه إلى المسجد عليه أن يمشي بالسكينة والوقار، ولا يسعى إلى الصلاة إنما عليه أن يمشي وعليه السكينة، فإذا دخل المسجد من باب أولى، لكن

الصوت إذا احتيج إليه في تعليم علم، أو تحفيظ قرآن، أو خطبة جمعة، ثبت أن النبي -عليه الصلاة والسلام- يرفع صوته، يحمر وجهه -عليه الصلاة والسلام- حتى كأنه منذر جيش يقول: صبحكم ومساكم، فرفع الصوت بالعلم لا بأس به، وإذا كان للعلم وطُلب له رفع الصوت للحاجة إليه استوى في ذلك المسجد وخارج المسجد، نعم. "وعنه -رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إذا رأيتم من يبيع أو يبتاع في المسجد فقولوا: لا أربح الله تجارتك)) رواه النسائي والترمذي وحسنه". إذا قلنا: نِسائي نسبة إلى إيش؟ إلى النساء، وإذا قلنا: نَسائي نسبة إلى بلدة، بلده يقال له: نَسا، وهو من نَسا، وإذا قلنا: نِسائي وقد عرف الإمام بذلك، الإمام النسائي -رحمة الله عليه- عرف بكثرة علاقته بالنساء، المقصود أن في ترجمته ما يدل على ذلك، وهو إمام على كل حال، والنسبة إلى البلد، النسبة إلى البلد فهو مفتوح النون. "وعنه" أي أبي هريرة، تلاحظون وعنه وعنه وعنه بالنسبة لأبي هريرة ما لا نظير له عند غيره من الصحابة لأنه حافظ الأمة، حافظ الأمة، ولذا أعداء الإسلام إذا أرادوا أن ينتقدوا الدين بأسلوب غير مباشر، أو أرادوا أن يهدموا الدين بأسلوب غير مباشر طعنوا في أبي هريرة؛ لأنه يحمل نصف الدين، والعدو يعرف كيف يطعن؛ لأنه إذا طعن في الدين مباشرة لا تنطلي شبهته على السذج وأهل الغفلة، لكن إذا غلف هذا الطعن مشى على بعض الناس، تلاحظون وعنه وعنه كم حديث مر علينا وعنه؟ لا يوجد لغيره من الصحابة مثل هذه المزية، وقد دعا له النبي -عليه الصلاة والسلام- وبسط رداءه وما نسي، فهو أحفظ الصحابة على الإطلاق.

"وعنه -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إذا رأيتم من يبيع)) " يبيع سلعة في المسجد ((أو يبتاع)) أو يبتاع: يعني يشتري ((في المسجد فقولوا: لا أربح الله تجارتك)) هذا الحديث مخرج في السنن، سنن الترمذي، وهو في عمل اليوم والليلة للنسائي، ومصحح من قبل جمع من أهل العلم، وهذا يدل على منع البيع والشراء في المسجد، منع البيع والشراء في المسجد؛ لأن المساجد ما بنيت لهذا، الدعاء عليه بأن الله -سبحانه وتعالى- لا يربح تجارته كالدعاء على من ينشد ضالة: ((لا ردها الله عليك)) هذا من باب التعزير له؛ لأنه ارتكب أمراً محرماً فيستحق هذا الدعاء، فيستحق هذا الدعاء، لا أربح الله تجارتك، فدل على تحريم البيع والشراء في المسجد. المفاوضة في المسجد وإبرام العقد خارج المسجد، البيع إنما يطلق ويراد به الإيجاب والقبول لا مقدماته، إذا كانت مقدمات البيع تستغرق وقتاً طويلاً جلسوا بعد صلاة العصر أنا عندي لك كذا، أنا عندي لك سيارة، أنا عندي لك بيت، هذا وصفه سين كذا، إلى أن بقي إبرام العقد وهو الإيجاب والقبول خرجوا من المسجد، هل نقول: إن هذه وسائل والوسائل لها أحكام المقاصد فيمنع حتى هذا؟ أو نقول: إن هذه لا يسمى بيع، هذه مفاوضة؟ هذه لا تسمى بيع والخبر جاء فيمن يبيع أو يبتاع؟ يعني لو قال طالب لزميله: ما شاء الله من أين أحضرت هذه النسخة؟ قال: عندي لك نسخة، عندي لك مثلها، لكن إذا انتهى الدرس وخرجنا من المسجد، هذه وسيلة للبيع، لكن هذه تختلف عن المفاوضة بكم؟ وكم تنزل؟ بنسبة كم؟ هذه تختلف. وعلى كل حال المسجد لم يبنَ لهذا، لو حصل البيع عندي لك نسخة بمائة ريال، قال: أديك تسعين، يقول: لا، لا بخمسة وتسعين، ويتفقون ويدفع القيمة ويأخذ الكتاب، ارتكب كل منهما أمراً محرماً، واستحقا الدعاء عليهما، لكن هل يصح البيع أو لا يصح؟ يعني انعقد البيع أو لا ينعقد؟ ينعقد وإلا ما ينعقد؟ هاه؟ طالب:. . . . . . . . . مع وجود النهي؟ طالب:. . . . . . . . . نعم؟ طالب:. . . . . . . . .

البيع باطل؟ الإثم ما فيه خلاف، الإثم ارتكب كل منهما أمراً محرماً فلا إشكال فيه، كل منهما آثم ومستحق لهذا الدعاء، لكن هل ينفذ البيع أو لا ينفذ؟ ينعقد وإلا ما ينعقد؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . مطلقاً، كل نهي يقتضي الفساد؟ متى يقتضي النهي الفساد؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . إيه إذا عاد إلى ذات المنهي عنه أو إلى شرطه، نعم، وهل هناك .. ، هل هنا النهي يعود إلى ذات العقد أو إلى شرطه؟ أو إلى أمر خارج عن ذاته وشرطه؟ أمر خارج، إلى أمر خارج، فالبيع ينعقد حتى قال الماوردي: "اتفاقاً"، ينعقد اتفاقاً، وهذه قاعدة أهل العلم فيما إذا كان النهي يعود إلى ذات المنهي عنه أو إلى شرطه فإنه يبطل مع الإثم، أما إذا عاد إلى أمر خارج فالإثم مع انعقاد العقد والبيع. الظاهرية عندهم أن كل نهي يقتضي الفساد، كل نهي يقتضي الفساد، ولو كان لا يعود إلى ذات المنهي عنه ولا إلى شرطه لو مع انفكاك الجهة، يعني من صلى وفي يده خاتم ذهب، أو على رأسه عمامة حرير صلاته صحيحة عند الجمهور، وباطلة عند الظاهرية؛ لأن صلاته اشتملت على قربة ومعصية في آن واحد، قربة ومعصية في آن واحد، وعرفنا أن الجمهور أنه ينعقد، ونقل الماوردي الاتفاق على أنه ينعقد، يعني مثله البيع بعد النداء الثاني يوم الجمعة، مثله البيع على البيع والشراء على الشراء، الخطبة على الخطبة، النهي كله لأمر خارج عن المنهي عنه فالتحريم ثابت. يقول: إذا حدد درس في طلب العلم بمبلغ من المال هل يعد ذلك من التجارة والاستئجار والبيع؟ نعم إذا كان التحديد .. ، جئت إلى شخص في المسجد وقلت له: أقرأ عليك هذا الكتاب بكم؟ فقال: مائة ريال، بألف ريال، هذا له حكم البيع، لكن إذا عرفت من حال هذا الرجل أنه يأخذ الأجر على التعليم وعلى التحديث وقبلت وأقدمت وأعطيته الأجرة هذا ليس بعقد، ليس بعقد، ولو كان السداد والوفاء بالمسجد. ما حكم البيع داخل حدود المسجد؟ يعني داخل أسوار المسجد هذا هو البيع في المسجد. يقول: إذا قام أحد المصلين بدفع نقود لآخر وهو قضاء دين يوم الجمعة في المسجد والإمام يخطب فكيف يكون إنكار ذلك مع أن الإمام لم ينتبه لذلك؟

لا ينكر عليه، لا ينكر عليه إلا بعد الصلاة، هو من فعل ذلك فقد لغى؛ لأنه أشد من مس الحصى، وللإمام أن ينكر، أما من عداه فعليه أن يسكت. يقول: ما حكم رفع الصوت بطلب المال بعد الصلوات في المسجد؟ إيش طلب المال يعني سؤال الناس؟ يقوم رجل محتاج ويبين حاجته للناس بعد الصلاة. وهل يقاطع كلامه وينهى عن الطلب أم يترك حتى نهاية كلامه؟ إذا منع الإنسان من طلب ماله الذي فقده فلأن يمنع من طلب ما ليس له من باب أولى، لكن نحن بين أمور: منها: أن هذا الشخص يطلب دنيا، وإن كان السؤال مباح بالنسبة له لحاجته، ومنها: أنه يقاطع المصلين وينازعهم في أذكارهم، إذا قام بعد الصلاة مباشرة ويشوش عليهم، وعندنا أيضاً ما جاء في نهر السائل {وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ} [(10) سورة الضحى] فنحن بين هذه الأمور على من يسمعه لا سيما إمام المسجد أن يسدد ويقارب، بمعنى أنه يرعى لهذا الشخص الذي نهينا عن نهره، يرعى له حقه، ويوجه التوجيه الحسن المقبول، وعلى السائل أيضاً ألا يقاطع الناس أذكارهم، بل يجلس في مكان يعرف فيه أنه محتاج، فعلى الجميع مسئولية، مسئولية الإمام وهي التوجيه، توجيه الناس إلى ما ينفعهم ولا يضر غيرهم، وعلى هذا السائل أيضاً أن يتأدب بالأدب الشرعي، فالإمام بأسلوبه وطريقته التي يرعى بها حرمة هذا الرجل الذي على الجميع احترامه، وعلى الجميع رفع ما به من ضر وحاجة، نعم فهو مأذون له في أن يسأل لحاجته، ومفروض على الغني الزكاة في أن يعطي هذا وأمثاله، لكن بما لا يعارض مصالح الآخرين، ولا شك أن تمام الأذكار المتعلقة بالصلاة من مصلحة المصلي، فعلى الإمام أن يسدد ويقارب يصرفه بأسلوب مناسب، وبطريقة حسنة، يلاحظ شعوره ومسكنته وحاجته، ولا ينهره، ولا يوبخه، ولا يكون الأسلوب أسلوب متضمن لاستهزاء أو سخرية أو نهر ورفع صوت عليه؛ لأن هذا الشخص الذي يتعرض لهذا المسكين لا يدري عله في يوم من الأيام أن يقف نفس الموقف، فعلينا جميعاً التسديد والمقاربة. من وضع ورقة داخل المسجد مكتوب فيها النشد عن ضالة فهل يدخل ... ؟

يعني يكتب ورقة إعلان يبحث عن ضالته الحكم قريب من ذلك، الحكم واحد، وإن كان الأصل في نشدان الضالة رفع الصوت فهذا مثله، يبقى أنه إذا وجد الإمام ضالة في المسجد هل يعلن عنها أنه وجد كذا وكذا في المسجد؟ يعني هل المنع لصاحب الضالة أن يبحث عنها في المسجد أو المنع يشمل من وجد الضالة أن يسأل عن صاحبها؟ من وجد الضالة وسأل عن صاحبها هذا محسن، هذا محسن، لكن لو كان الإعلان خارج المسجد كان أحوط وأفضل، والله أعلم. وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

كتاب الصلاة (11)

بلوغ المرام – كتاب الصلاة (11) تابع شرح: باب: المساجد الشيخ/ عبد الكريم بن عبد الله الخضير "وعن حكيم بن حزام قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا تقام الحدود في المساجد, ولا يستقاد فيها)) رواه أحمد وأبو داود بسند ضعيف". الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. حكيم بن حزام معروف من أشراف قريش، من مسلمة الفتح، عُمِّر مثل حسان الذي سبق، عاش مائة وعشرين سنة، على ما يقال: ستون منها في الجاهلية وستون في الإسلام، يقول: "قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا تقام الحدود في المساجد, ولا يستقاد فيها)) رواه أحمد وأبو داود بسند ضعيف". المصنف في التلخيص قال: إسناده لا بأس به، ولذا حسنه جمع من أهل العلم، وممن حسنه الألباني في إرواء الغليل، فإذا وصل الحديث إلى درجة الحسن، قال الحافظ: إسناده لا بأس به، وقال الألباني: هو حديث حسن، صار صالحاً للاحتجاج فلا تقام الحدود في المساجد، لا يجلد الشارب، ولا يقطع السارق، ولا يرجم الزاني في المسجد، وذلكم بأن هذه الحدود في أثناء إقامتها لا بد من مزاولة ما يخل بما ينبغي للمسجد من حق الاحترام، فالمسجد مكان معظم شرعاً جاءت النصوص الدالة على أنه مما يحترم ولا يمتهن، فمزاولة هذه الأمور في المسجد، إقامة الحدود، الجلد مثلاً في المسجد يترتب عليه ما يترتب من الإخلال بحرمة هذا المكان، هذا إذا كان جلد فكيف إذا كان رجماً وقطعاً وما أشبه ذلك؟! ((ولا يستقاد فيها)) لا يستقاد في المساجد من الجاني، لا يقتل القاتل، ولا يقتص من الجاني في المسجد؛ لما ذُكر في الحدود؛ لأن هذه الأعمال تتطلب أثناء تنفيذها مما يخل بأدب المسجد وما ينبغي له من تعظيم، وعلى كل حال الحديث لا يسلم من مقال، واضطرب فيه قول الحافظ ضعف إسناده هنا، وفي التلخيص قال: إسناده لا بأس به، والألباني -رحمه الله- حسنه وهو قابل للتحسين، قابل للتحسين، فمثل هذه الأمور لا تقام في المسجد، لا إقامة الحدود ولا الاستقادة من الجناة، لا يستقاد، لا يقام القود في المساجد لما عرفنا، نعم.

"وعن عائشة -رضي الله تعالى عنها- قالت: أصيب سعد يوم الخندق فضرب عليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خيمة في المسجد ليعوده من قريب" متفق عليه".

"وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: أصيب سعد" بن معاذ، سيد الأنصار، أصيب "يوم الخندق" بسهم في أكحله "فضرب له النبي -عليه الصلاة والسلام- خيمة في المسجد ليعوده من قريب" لأنه أصيب في سبيل الله، فإذا كانت عيادة المريض مشروعة بل قيل بوجوبها فلأن يعاد من كانت شكواه بسبب الدين، ورفع راية الدين، ونصر الدين تعين حقه، إذا كانت زيارة المريض مشروعة من جهة واحدة فمثل هذا شرعيته من جهات، فأصيب سعد بن معاذ يوم الخندق في السنة الخامسة من الهجرة فمات بعدها بشهر من إصابته، فضرب عليه النبي -عليه الصلاة والسلام- ضرب له أو ضرب عليه -عليه الصلاة والسلام- خيمة في المسجد، فدل هذا على جواز مثل هذا الفعل ضرب الخيام عند الحاجة للمريض وللمعتكف إذا لم يكن هذا العمل عائقاً دون تحقيق الهدف الأصلي من إقامة المسجد، لكن لو وجد مجموعة من المرضى كلهم أصيب في سبيل الله، عشرة عشرين مريض، وأراد كل واحد يضرب خيمة، وما تركوا مجال لمزاولة المسجد ما أنيط به من أعمال شرعية، الأصل موجود النبي -عليه الصلاة والسلام- ضرب الخيمة لسعد، هذا أصل شرعي لجواز مثل هذا العمل، لكن إذا عاق مثل هذا العمل دون تحقيق هدف المسجد ورسالة المسجد، فإنه إذا لم يمكن تقليل مثل هذا العمل الذي بحيث يوفى بين جميع الأمور المشروعة فالمصلحة العامة مقدمة على الخاصة، لو أراد جمع من النسوة كما فعل أصحاب النبي -عليه الصلاة والسلام- الاعتكاف، وضربنا الأخبية، وضيقن على المصلين، قال: شيلوه، شيلوا أخبيتكم، إن ما يكفيكم خباء واحد أو اثنين بحيث لا تضيقون على المصلين وإلا .. ، هذا الأمر متعذر؛ لأن الهدف الأصلي من إقامة المسجد هو للرجال، لكن أصل هذا العمل مشروع ما فيه إشكال، فإذا تعارضت المصالح قدم أعلى هذه المصالح، وإذا وجدت المفاسد درئت أعلى المفاسد وهكذا، وهذا أمر مقرر في الشرع، قد يكون الأمر مشروع أو على أقل الأحوال في الشرع ما يدل على جوازه وإباحته، إذا وجد أذى للمصلين من الأطفال وكان الأطفال يُحضَرون إلى المسجد في عهده -عليه الصلاة والسلام-، ويسمع بكاء الصبي، لكن وجد من هذا الصبي أذى للناس ما يُمنع؟ وإن كان الأصل على .. ، أو الدليل على جواز دخوله

المسجد قائم، شخص يدخل بصبيه الذي لا يميز ولا يعقل ويصف مع الناس -الأب- ويترك الولد يمزق المصاحف، ويمتهن كلام الله -عز وجل-، يترك مثل هذا بناءً على أن النبي -عليه الصلاة والسلام- يسمع صياح الصبي؟ يُمنع؛ لأنه إذا تزاحمت الأوامر والنواهي لا يمنع أن يمنع هذا درءاً لمفسدته، فيمنع المباح إذا ترتب على مفسدة، إذا اشتمل على مفسدة فيمنع من هذه الحيثية، وهكذا الأخبية والخيام إذا كثرت، كل واحد يبي يجيب مريضه في المسجد على شان إيش؟ يقول: والله على شان هؤلاء الصالحون إذا دخلوا للصلاة يدعون لهم وإلا ينفثون عليهم وإلا شيء لن يعدموا الخير، لكن ضيقوا على الناس يمنعون، والله المستعان، وإلا فالأصل أنه يجوز أن يضرب الخباء وللمريض، والمريض أيضاً الذي يخرج منه ما يخرج مما يلوث المسجد مع إزالته فوراً، وأيضاً يجوز النوم في المسجد، يجوز النوم في المسجد للذكر والأنثى على ما سيأتي مع أمن الفتنة، مع أمن الفتنة، نعم. "وعنها قالت: رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: يسترني وأنا أنظر إلى الحبشة يلعبون في المسجد" .. الحديث، متفق عليه". "وعنها" يعني عن عائشة -رضي الله عنها- راوية الحديث السابق "قالت: "رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يسترني" كيف رأت النبي -عليه الصلاة والسلام- يسترها؟ لو شخص آخر قال: رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يستر عائشة نعم، لكن رأيته يسترني، يعني جعل نفسه ساتراً بيني وبين هؤلاء الحبشة، صار سترة وستارة بينها وبين هؤلاء الحبشة الذين يلعبون في المسجد، وكان لعبهم بالحراب والدرق، لا يستدل بهذا من يستدل لصبيان الأحياء والحارات أن يلعبوا الكرة في المسجد، يقول: ما في أنسب من حوش المسجد، ولا سيارات ولا عليهم خطر، ولا .. ، الحبشة يلعبون في المسجد، يقول: هؤلاء صبيان ويش اللي يمنع؟ ذولاك حبشة وهؤلاء أهل البلد ليش ما يلعبون في المسجد؟ نقول: لا، يلعبون بالحراب والدرق للتمرن على الجهاد، يعني إذا وجد من يتعلم ويتمرن على الجهاد في المسجد نعم له أصل، أما عبث في المسجد ممنوع، المساجد لم تبن لهذا.

في رواية عند البخاري: "وكان يوم عيد" والعيد لا شك أنه يوم فرح وسرور، ويتجاوز فيه ما لا يتجاوز في غيره، وأذن النبي -عليه الصلاة والسلام- بشيء من هذا ليعلم العدو أن في الدين فسحة، وليس في هذا أيضاً دليل أن يتنازل عن شيء مما يطلبه الدين مراعاةً لحال العدو، إنما يكون هذا في حدود المباح، في حدود المباح، أما أن يرتكب المحرم ويتنازل عن الواجب لنظهر للعدو أن عندنا شيء من قبول ما يمليه علينا أو شيء من التسامح والتساهل في أمر ديننا والتنازل من أجل إرضاء العدو لا، ديننا دين اليسر، إن الدين يسر، ((بعثت بالحنيفية السمحة)) ((لن يشاد الدين أحد إلا غلبه)) المقصود أن هذه سمة الدين، لكنه أيضاً هو دين تكاليف، دين حلال وحرام، دين منع وإلزام، لكن هو في كل ذلك دين يسر وسهولة، لم يكلف الناس بألف ركعة في اليوم؛ لأنه دين سهولة، لكن لا يجعل الناس فلت، لا يأتمرون بأوامر ولا ينتهون عن نواهي، يستدل المستدل بأن الدين يسر أنه يفعل ما يشاء لا، أقول: هو دين تكاليف، والتكليف إلزام ما فيه كلفة، وحفت الجنة بالمكاره، لكن لا يعني هذا أنه يكلف الإنسان ما لا يطيق، ويحمله ما لا يستطيع ((صلِ قائماً فإن لم تستطع فقاعداً)) .. إلى آخر الحديث {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [(78) سورة الحج] كل هذا موجود في الشريعة، لكن ليس بدين انفلات وتنصل عن التكاليف، فالدين فيه فسحة، والعيد فيه مزيد من هذه الفسحة في حدود المشروع على ألا يتعدى ذلك إلى ما حرمه الله -عز وجل-، وبقدر ما فيه من فرح هو أيضاً يوم شكر لله -عز وجل- على إتمام عبادة قبله، فعيد الفطر يوم شكر لله -عز وجل- على إتمام نعمة الصيام، ويوم عيد الأضحى يوم الحج الأكبر شكر على ما أنعم به فيما قبله من أيام هي أفضل أيام العام ((ما من أيام العمل فيها خير وأحب إلى الله من هذه الأيام العشر)) بما في ذلك المناسك، مناسك الحج وغيرها من العبادات لغير الحجاج.

المقصود أنه يوم شكر، يوم العيد يوم فرح صحيح، لكنه أيضاً يوم شكر، بمعنى أن الإنسان يكون معتدلاً في تصرفاته، لا يكون يوم عرفة منقبض صائم متضرع إلى ربه متذلل مخبت إلى الله -عز وجل-، يرجو نفحات الله -عز وجل- عشية عرفة ثم إذا جاء يوم العيد انفلت من كل قيد، لا، هو في يوم العيد عنده فسحة لا يجوز له أن يصوم، ومع ذلكم في حدود ما شرعه الله -عز وجل-. فكون الحبشة هؤلاء يلعبون في المسجد في يوم عيد يظهرون هذا الفرح والسرور، يلعبون بالحراب والدرق إظهاراً لقوة الإسلام، وأن الإسلام دين جد وعمل. على كل حال "يسترني وأنا أنظر إلى الحبشة" فيجوز مثل هذا العمل في المسجد، ولا يستدل به على تجاوز المشروع في المسجد، ما يقال: إن المسجد مكان مناسب مهيأ للعبث واللعب إذا منع البيع والشراء وإنشاد الضالة وتناشد الأشعار وغير ذلك يمنع ما هو أعظم، مُنع إقامة الحدود، يمنع ما هو أشد من ذلك من باب أولى. نظر عائشة -رضي الله عنها- إلى الحبشة هو نظر إجمالي ليس معناه أنها تنظر إليهم واحداً واحداً، وإلا فالمرأة مأمورة بغض البصر كالرجل، لكنها ليست مأمورة بتغميض العينين كالرجل فتنظر إلى الرجال من حيث الجملة كما في المساجد والأسواق وغير ذلك، فهي تنظر إلى هؤلاء في جملتهم، لا تحدد في شخص بعينه من بينهم، أو تحدد فيهم واحداً واحداً، المرأة مأمورة بغض البصر، وليس في هذا ما يدل على جواز نظر المرأة إلى الرجال واحداً واحداً، لكن النظر الإجمالي لا شيء فيه، فنظر المرأة إلى جملة الناس من دون تفصيل لأفرادهم كما تنظر إذا خرجت لأمر مباح كالمسجد مثلاً، وعند ملاقاة الرجال في الطرقات، ماذا نقول للمرأة إذا كانت سائرة في طريق؟ نعم لا تعرض نفسها للرجال بحيث تكون سبباً لفتنتهم، ولا تنظر إليهم نظر دقيق لكل شخص شخص، لكن ما يمنع أنها تنظر إلى المجموع، والنظر إلى المجموع يختلف عن النظر إلى الأفراد، نعم. "وعنها -رضي الله تعالى عنها-: "أن وليدة سوداء كان لها خباء في المسجد فكانت تأتيني فتحدث عندي" .. الحديث، متفق عليه".

"وعنها" أي عائشة -رضي الله تعالى عنها-: "أن وليدة" والوليدة: الأمة "سوداء" وليدة سوداء، أخطأت عائشة حينما قالت: سوداء؟ أبو ذر لما قال لغلامه: يا ابن السوداء أو لمن حصل معه من خلاف حتى قال بعضهم أنه بلال أو غيره قال: يا ابن السوداء، عيره بأمه، قال له النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((إنك امرئ فيك جاهلية)) فهل عائشة لما قالت: أمة سوداء فيها جاهلية؟ أو لأن هذا مجرد وصف؟ هذا مجرد وصف، مجرد وصف لا يقصد منه الشين والعيب، ولذا الألقاب جاء النهي عن التنابز بالألقاب، لكن أهل العلم يقررون بل يزاولون ذكر الألقاب إذا كانت لمجرد التعريف لا للتنقص، جاء الأعرج والأعمى والأصم، نعم والأعور جاء، يعني مجرد أوصاف كاشفة ولا يقصد منها عيب الإنسان ولا شينه، ولذا قالت عائشة: "كانت وليدة سوداء"، "أن وليدة سوداء كان لها خباء في المسجد" والخباء: هو الخيمة إذا كانت من شعر خباء، "فكانت تأتيني فتحدث عندي" يعني تتحدث هذا الأصل، ثم تحذف التاء تخفيفاً، وهذا كثيراً مطرد، "فتحدث عندي" .. الحديث، متفق عليه".

المقصود أن لها خباء في المسجد، سعد ضرب له خيمة في المسجد، وهو رجل يبيت في المسجد، ينام في المسجد، امرأة هذه أمة سوداء لها خباء في المسجد تبيت فيه في الليل والنهار مع أمن الفتنة لا بأس، فالمقام في المسجد .. ، المبيت في المسجد لا بأس به، مثل ما ذكرنا سابقاً إذا خيف الفتنة منعت من البيتوتة في المسجد، ولو كان له أصل شرعي، إذا خيف من الرجل الذي يبيت في المسجد، خيف على المسجد أو ممتلكات المسجد، أو جيران المسجد من هذا الشخص يخرج من المسجد، هذه المرأة، المرأة السوداء الوليدة قصتها كما في البخاري: وليدة سوداء كانت لحي من أحياء العرب، فكانت معهم أعتقوها فجلست عندهم، كثير من الأرقاء إذا تم عتقه يجلس عند أسياده، عند سيده وأولاده؛ لأنه قد يضعف عن الاكتساب، فإذا تركهم ضاع احتاج إلى غيرهم، لا سيما إذا كانت معاملتهم له قبل العتق حسنة، وظروفهم طيبة يجلس عندهم، هذه جلست عند أهلها بعد أن أعتقوها، فكانت معهم فخرجت صبية لهم عليها وشاح أحمر من سيور من جلد، وشاح، قالت: فوضته أو وقع منها، فوضت الوشاح أو وقع منها، فجاءت الحدية -الحدأة- فظنته لحماً فاختطفته وطارت به، افتقدوا هذا الوشاح، يعني جرت العادة أن المفقود وين يروح؟ المأخوذ لا بد له من آخذ، المضروب لا بد له من ضارب، فلا بد لأمر ما حصل لهذا الوشاح أين يذهب؟ هل يتهمون أولادهم وبناتهم؟ نعم، يعني عندهم من وجهة نظرهم، وجهة نظر الناس عموماً من أول من يتهم بهذا هذه الوليدة، والاتهام شأنه عظيم يا الإخوان إذا لم يقم عليه الدليل، الآن إذا سرق في البيت رأساً من يتهم؟ الخادمة، وأنت ما عندك دليل ولا برهان على أن هذه الخادمة لها سوابق أو دلت القرائن على أنها .. ، هذا حرام، اتهموها، وهذه التهم لها أضرارها ومفاسدها، هي حرام، ويترتب عليها آثار، كم من بيت حلت به المصائب والكوارث بسبب هذه الاتهامات، تتهم الخادمة وهي بريئة، ومن أثقل الأمور أن يتهم البريء، من أشنع الأمور أن يتهم البريء، تكون ثقيلة على نفسه إذا لم يكن أهل لذلك، لكن لو كان هناك سوابق سرق قبل هذا ثم اتهم وهو بريء، يعني الأمر أخف، أنت لديك .. ، عندك قرينة من سابقة، وهو أيضاً موطن نفسه على هذا

الطرف الآخر. ما رأيكم في شخص شاب صغير اتجه إلى حفظ القرآن فحفظ البقرة وآل عمران، ثم لما جاءت الجوائز والجوائز كلها من عشرة ريالات، فقد واحدة فاتهم شخص بها، وهو من أبعد الناس عنها، وترك الحلقة، بعيد كل البعد عن هذه التهمة، ترك حفظ القرآن من أجل هذه التهم، وهذا الكلام قبل سنين، فالاتهام أمره عظيم، فهذه التهمة أعظم من الغيبة، هذا هو البهت، هذا بهت الإنسان، وهو من أشق الأمور عليه، نعم بالمقابل يعني هذا بالنسبة للمتهم أما المتهم فمن قبله أيضاً أن يسعى لبراءة نفسه بقدر استطاعته، ويجزم بأن هذه بلوى من الله -عز وجل-، ومحنة واختبار هل يصبر ويتابع في قصة صاحبنا الحفظ ويستمر؟ أو ينقطع من أجل هذا فيحرم وهو المباشر لهذا الحرمان وإن كان المتهم متسبب؟ فمثل هذه المسائل ينظر إليها من زاويتين: المتهِم له حكم، والمتهَم عليه أن يصبر كغيره ممن ابتلي.

ولا أعظم في الاتهام على مر تاريخ الأمة من اتهام عائشة -رضي الله عنها- صبرت واحتسبت ثم نزلت براءتها من السماء، وكثير من الناس من الشباب والشابات قد يتهم، وقد يسجل عليه كلام، وقد يصور بتصوير وهو بريء مما ألصق به، فيكون هذا وسيلة ضغط عليه ليستجر لأمور، لكن عليه أن يصبر ويحتسب ويصدق اللجأ إلى الله -عز وجل- وسوف تظهر براءته، وإياه إياه أن يستجيب للضغوط، فيقع في أسوأ من هذه التهم، يعني بدلاً من أن تكون التهمة نظرية تكون حقيقية، كثير من القضايا الآن فيها تصوير، يتعرض بعض الشباب وبعض .. ؛ لأن الآن تفنن أهل الإجرام في جرائمهم، والتصوير أمره سهل، آلات مصحوبة صغيرة يصور الإنسان وهو لا يشعر، يصور وجهه ويدبلج على وجهه جسداً آخر ويعرض معرضاً قبيح، وهو من أبعد الناس مما اتهم به، من أجل أن يضغط عليه، نقول: وصيتنا: إياك إياك أن تستجيب، مهما كانت الضغوط، مهما كانت أنواع .. ، أو هددت به من فضائح، نقول: الله -سبحانه وتعالى- إذا علم صدقك، هو امتحان بلا شك، يكون امتحان تكفير لخطيئة وقعت فيها، أو رفع لدرجة، أنت على كل حال كسبان، لا تتمنى أن يقع لك مثل هذا وبادر إلى التخلص منه بالوسائل المتاحة، لكن أيضاً قد يكون من المصلحة أن يبتلى الإنسان، وقد ابتلي الأنبياء وقذفت زوجة نبي، أفضل الأنبياء وأفضل النساء ((فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام)) ومع ذلكم نزلت براءتها من السماء، كان هذا من مناقبها، نقول: إن الاتهام أمره خطير، هذا بالنسبة للمتهِم، أما المتهَم عليه أن يبذل الأسباب إذا كان صادق في براءته، أما إذا لم يكن صادق في براءته ووقعت التهمة موقعها عليه أن يتبرأ مما اتهم به.

"فمرت حدياة وهو ملقى –الوشاح- فحسبته لحماً فخطفته، قالت: فالتمسوه فلم يجدوه فاتهموني به، فجعلوا يفتشوني حتى فتشوا قبلها، يبحثون، نعم أهل الشر الذين يسرقون بعض الأشياء يضعونه في مثل هذه الأماكن، وهذه الأماكن مظنة لأن يوضع فيها شيء مسروق، حتى فتشوا قبلها، قالت: والله إني لقائمة معهم إذ مرت الحدياة فألقته فيما بينهم، فقلت: هذا الذي اتهمتموني به، وأنا بريئة منه، وها هو ذا، لكن بعد هذ الاتهام وبعد هذا التفتيش هل تطيق البقاء معهم والمكث عندهم؟ ما تطيق، فجاءت إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأسلمت قالت عائشة: "فكان لها خباء في المسجد أو حفش فكانت تأتيني فتحدث عندي، قالت: فلا تجلس إلا قالت: ويوم الوشاح من تعاجيب ربنا ... ألا إنه من دارة الكفر نجاني يعني هذا سبب إسلامي، صارت هذه المحنة خير، خير عظيم لها في الدنيا والآخرة، أسلمت، وانتقلت إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-، شوف ما أورثت هذه المحنة؟ أورثت منحة من أعظم المنح الإلهية، صحيح أن الإنسان لا يتمنى مثل هذه الأمور، لكن إذا وقعت يصبر ويحتسب ويجزم بالثواب والأجر المرتب على هذه المحنة، قالت عائشة: قلت لها: ما شأنك لا تقعدين إلا قلت هذا؟ فحدثتني بهذا الحديث. فالحديث دليل على إباحة مقام المرأة في المسجد، ومبيتها في المسجد، شريطة أن تؤمن الفتنة، عند أمن الفتنة، والفتنة كما تكون من المرأة تكون أيضاً من الرجل، فإذا خشيت الفتنة من أي .. ، لو شاب أراد أن يضرب خباء في المسجد فخيف عليه يُمنع، لكن مع أمن الفتنة ويش المانع؟ الحديث الذي يليه: "وعن أنس -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((البصاق في المسجد خطيئة، وكفارتها دفنها)) متفق عليه".

تقدم ما يتعلق بالبصاق، وأنه محرم في المسجد، وأن من احتاج إلى ذلك وهو في صلاته .. ، في المسجد المنع مطلقاً، لا أمامه ولا عن يمنيه ولا عن شماله، ولا تحت قدمه، حملاً للحديث على عمومه، على ما تقدم في ما قال النووي، وفي الصلاة يبصق عن يمينه تحت قدمه خارج المسجد، هنا، قال: ((البصاق في المسجد خطيئة، وكفارتها دفنها)) فدل على أن البصاق خطيئة، فهو ممنوع مطلقاً لا عن يمينه ولا عن شماله ولا تحت قدمه، فضلاً عن جهة القبلة، هذه الخطيئة إذا وقعت كفارتها دفنها؛ لأن المساجد كانت أرضها من تراب، ورمل، يفيد فيها الدفن، لكن من أراد أن يبصق يفتح يرفع طرف الفرشة ويبصق في المساجد المفروشة هل نقول: كفارتها دفنها؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . كيف؟ طالب:. . . . . . . . . لا يبصق أصلاً، لا يبصق أصلاً في مثل هذا، فإما أن يصطحب المناديل أو في ثوبه ويفرك طرفه في الآخر على ما تقدم، فالبصاق في المسجد خطيئة، لكن لها كفارة على ما تقدم. منهم من يقول: إن المراد بدفنها نقلها عن المسجد، والجامع بين النقل والدفن إخفاؤها عن النظر؛ لأنها مؤذية، منظرها مؤذي، فإذا نقلت عن المسجد هذه كفارتها؛ لأن هذه الخطيئة لكنه قول صريح الحديث يرده، فإذا دفنت ولو في المسجد كفرت هذه الخطيئة، وعلى الإنسان ألا يرتكب الخطيئة أصلاً، ما يرتكب خطيئة ليكفرها، ما يقصد إلى يمين فيحلف ثم يقول: أنا بحلف على هذه اليمين ويقدم عليها ويعرف أنه سوف يحنث ثم يكفر، نقول: لا، لا تحلف لتكفر، لكن إن حلفت على شيء فلم تفعله كفر عن يمينك، والتكفير يدل على أنك ارتكبت ما يقتضيه من محظور كما هنا. جاء عن أبي عبيدة بن الجراح أحد العشرة المشهود لهم بالجنة كما في سنن سعيد بن منصور، ومصنف بن أبي شيبة وعبد الرزاق أنه تنخم في المسجد ليلة فنسي أن يدفنها، نسي أن يدفنها حتى رجع إلى منزله، فأخذ شعلة من نار ثم جاء فطلبها، بحث عنها، والبحث عن مثل هذه في الظلام يصعب، طلبها حتى وجدها، يعني تعب في طلبها، حتى دفنها، وقال: الحمد لله حيث لم تكتب علي خطيئة الليلة، يعني هي كتبت خطيئة لكنها محيت بالدفن، بالكفارة، نعم.

"وعنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا تقوم الساعة حتى يتباهى الناس في المساجد)) أخرجه الخمسة إلا الترمذي, وصححه ابن خزيمة". وعن ابن عباس .. "وعن ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((ما أمرت بتشييد المساجد)) أخرجه أبو داود, وصححه ابن حبان". نعم، الحديث حديث أنس - رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا تقوم الساعة حتى يتباهى -يتفاخر- الناس في المساجد)) وقد حصل ما أخبر به النبي -عليه الصلاة والسلام- بلسان الحال كثيراً، وقد وقع منه ما وقع بلسان المقال حتى قال بعضهم: مسجدنا أكبر من مسجدكم، ومسجدنا أجمل من مسجدكم وإلى آخر الكلام، يتباهون. أما بلسان الحال فحدث ولا حرج، كل إنسان يعمر مسجد ويبالغ في تزويقه وزخرفته؛ ليكون .. ؛ ليحتل المركز الأول في البلد ولو في نفسه، ليقال: فلان عمر أكبر مسجد أو أجمل مسجد أو .. ، نقول: هذا من أمارات وعلامات الساعة وقد حصل، وهذه قرائن وإن كانت النوايا لا يطلع عليها إلا الله -عز وجل-، لكن هذا السرف وهذا البذخ يدل دلالة على أن النيات مدخولة، وإذا كان أهل العلم يقررون أن من بنى مسجداً وكتب عليه اسمه هذا مسجد فلان بن فلان، يقولون: هذا حظه من الأجر، نسأل الله العافية، ذكروا هذا، الأصل أن يبني لله، وأن يخفي عمله هذا الأصل، والأمور بمقاصدها، يعني لو جاء شخص وبنى مسجد، نعم وأراد من إظهاره أن يقتدي به غيره؛ لأن الناس مجبولون على هذا، الناس مجبولون على تقليد بعضهم بعضاً، والغيرة من بعضهم على بعض، وقد يدخل هذا في المسابقة المأمور بها، والمسارعة التي جاء الحث عليها، المنافسة {وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ} [(26) سورة المطففين] المقصود أن مثل هذا إذا كان إظهاره لقصد أن يقتدى به له حكم، وإن كان إظهاره ليقال: إن فلان بنى مسجد، إن فلان فعل كذا، إن فلان .. ، فليس له إلا ما قد قيل، والله المستعان.

((لا تقوم الساعة حتى يتباهى الناس)) بأن يقول الواحد: مسجدي أحسن من مسجدك، مسجدي أكبر من مسجدك، أنا عمرت المسجد على هذه البقعة التي موقعها استراتيجي، وضحيت بالمصالح الدنيوية، ولو جعلته محلات تجارية لحصل كذا، هذا في الغالب الإخلاص عنده ضعيف، فالتباهي هنا معناه تفاعل، بأن يحصل بين طرفين أو أكثر بأن يقول أحدهم كذا، وأحدهم يقول كذا، وقد يحصل التفاعل من طرف آخر، المفاعلة قد تكون من طرف واحد، وهذا الذم يتجه لمن عمر المسجد أو صارت له يد في المسجد، أو يرجو ثواب هذا المسجد، لكن لو أهل الحي ما لهم علاقة بعمارة المسجد، عمر المسجد واحد من المحسنين مع أهل حي واحد قالوا: مسجدنا أكبر من مسجدكم هذا له علاقة بالاخلاص؟ لأن للمقول له أن يقول: مسجدكم أنتم اللي عمرتوه؟ ما فعلتوا شيء حتى جاء فلان أو علان تصدق ... المقصود أنه يتباهى من يرجو ثواب هذا المسجد، المقصود أن مثل هذا يقدح في الإخلاص، وكلام أهل العلم في الإخلاص ودقته وما يقدح فيه من أقوال وأفعال دقيق جداً من أراد أن يطلع على شيء من ذلك فعليه بما يكتبه ابن القيم في هذه الأبواب، وأيضاً هذه البحوث أعني أعمال القلوب موجودة في كتب ابن القيم، كتب ابن رجب -رحمه الله تعالى-، وفي الإحياء -إحياء علوم الدين- ومختصراته، على ما فيه من ملاحظات، لكنه بحث في هذه الأمور بحوث طيبة يستفاد منها، على ما عنده من مخالفات، فالحديث علم من أعلام النبوة حيث وقع ما ذكره النبي -عليه الصلاة والسلام-.

أما حديث "ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((ما أمرت بتشييد المساجد)) أخرجه أبو داود, وصححه ابن حبان" وعلقه البخاري موقوفاً على ابن عباس مجزوماً به، المقصود أن الحديث صحيح ((ما أمرت بتشييد المساجد)) المعنى العرفي للتشييد هو رفع البناء، المعنى العرفي الناس يقولون: شيد بناء يعني رفعه، لكن المقصود تزيينه بالشيد وهو الجص، وفي حكمه الألوان التي تستعمل في البنايات سواءً كانت المساجد وغير المساجد، فما أمر النبي -عليه الصلاة والسلام- بتشييد المساجد لا برفعها، وقد كان مسجده -عليه الصلاة والسلام- باللبن والطين والجريد، وأعمدته من جذوع النخل، وارتفاعه تمسه اليد، هذا المسجد، يكن من الحر والقر، أما أن يجعل المسجد متحف كما هو واقع بعض مساجد المسلمين فهذا مما لم يؤمر به النبي -عليه الصلاة والسلام-، والحديث ظاهر في المنع من التشييد والرفع والزخرفة، ابن عباس يقول: "لتزخرفنها كما زخرفت اليهود والنصارى" وله حكم الرفع، وقد حصل، والسبب في ذلك أنها تشغل المصلي، تشغل المصلي، وتأخذ بلبه وقلبه وعقله عما هو بصدده من إقبال على ربه -عز وجل-.

مسجد النبي -عليه الصلاة والسلام- كان على عهده مبني باللبن وسقفه الجريد، وعمده خشب النخل، لم يزد فيه، أبو بكر -رضي الله عنه- ما زاد فيه شيئاً، زاد فيه عمر وبناه بنفس المواد التي بني به في عهده -عليه الصلاة والسلام-، عثمان -رضي الله عنه- وسع المسجد، لكنه أدخل عليه بعض التحسينات التي يقول أهل العلم: إنها لا تدخل في حيز المنهي عنه، لما كانت أمور المسلمين ماشية على هذه الوتيرة من بساطة في أمور الدنيا؛ لأنها ممر ومعبر إلى الآخرة كانت أمورهم متيسرة، المسجد يمكن أن يقام في أسبوع بدلاً من أن ينتظر الناس يصلون في مسجد مؤقت لمدة سنة أو سنتين، البيت يقف المسلم عند باب المسجد ويطلب الإعانة لبنة وطين وينتهي، ما يبي شي، أقل من أسبوع، ابن عمر بنى بيته بنفسه، هو الذي بناه، هنا يحتاج المسلم ليسكن مسكن متوسط في عرف الناس أن يموت وهو مدين بسببه، هذه مشكلة إذا نظرنا إلى الدنيا ومتاع الدنيا إلى أنه هو الهدف، نعم على الإنسان أن يسعى فيما يعينه على أمور الآخرة، ومما يعينه على أمور الآخرة البيت المريح، لكن ليس معنى هذا أن يرهن ذمته، ويأخذ أموال الناس من أجل أن يشيد بها مسكن فوق حاجته، نعم. "وعن أنس -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((عرضت علي أجور أمتي حتى القذاة يخرجها الرجل من المسجد)) رواه أبو داود والترمذي واستغربه, وصححه ابن خزيمة".

أنس -رضي الله عنه- يقول: "قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((عرضت علي أجور أمتي حتى القذاة يخرجها الرجل من المسجد)) " لا شك أن تنظيف المسجد دلت أحاديث البصاق وما في معناها دل مفهومها على أن التنظيف لما كان التلويث خطيئة التنظيف حسنة، وأمر النبي -عليه الصلاة والسلام- ببناء المساجد في الدور، وأمر أن تنظف وتطيب، فتنظيفها مطلوب، لكن حديث الباب ضعيف، ضعيف، فالقذاة تطلق على أدنى شيء يلوث المسجد حتى قال أهل العلم أن المعتكف إذا أراد أن يقلم أظافره فليخرج من المسجد؛ لئلا يسقط من أظافره شيء يقع في المسجد وهو لا يشعر به، فالمسجد هو بيت الله، ينبغي أن يعمل فيه ما يناسب وضعه باعتباره بيت الله من التقدير والاحترام على ما تقدم في أحاديث كثيرة، وتقدم لنا أنه ما دام تلويث المسجد بالأمور الطاهرة خطيئة فضلاً عن الأمور المحرمة فتنظيفه من هذه الأمور لا شك أنه قربة وطاعة وعليه الأجر العظيم، وجاء في الخبر أن تنظيف المساجد مهور الحور العين، جاء فيه وإن كان فيه ما فيه، وحديث الباب ضعيف، نعم. "وعن أبي قتادة -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين)) متفق عليه". نعم ((إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين)) هذه تحية المسجد، تحية المسجد، وجماهير أهل العلم على أن التحية سنة، وقال أهل الظاهر بوجوبها، ذكر أهل العلم من الصوارف حديث الثلاثة الذين دخلوا والنبي -عليه الصلاة والسلام- يعظ أصحابه، وحديث: ((من دخل والإمام يخطب)) المقصود أن أهل العلم صرفوا مثل هذا من الوجوب إلى الاستحباب، وعامة أهل العلم على أن ركعتي تحية المسجد سنة، وهي مربوطة بسبب وهو دخول المسجد، سببها دخول المسجد.

الرجل الذي دخل وتخطى الرقاب يوم الجمعة قال له النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((اجلس فقد آذيت)) فلم يأمره بصلاتهما، والاحتمال قائم أنه صلاهما في آخر المسجد، ورآه النبي -عليه الصلاة والسلام- يصليهما ثم قام وتخطى رقاب الناس، ولذا دخل أبو ذر المسجد فقال له النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((ركعت ركعتين؟ )) قال: لا، قال: ((قم فاركعهما)) المقصود أن هذه الصلاة من آكد الصلوات تحية المسجد، في الأوقات المطلقة لا يختلفون في المشروعية في الأوقات المطلقة، أما في أوقات النهي فعندنا ما يسمى بذوات الأسباب كتحية المسجد، وركعتي الطواف وركعتي الوضوء وغير ذلك، وعندنا أحاديث النهي عن الصلاة بعد الصبح حتى طلوع الشمس، وعن الصلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس، وحديث عقبة: "ثلاث ساعات كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ينهانا أن نصلي فيهن، وأن نقبر فيهن موتانا" وبين هذه الأحاديث -أعني أحاديث ذوات الأسباب- والأمر بهذه الصلوات عند حصول أسبابها وبين النهي في هذه الأوقات، وكلام أهل العلم طويل، لكن خلاصته أن الحنفية والمالكية والحنابلة يرون أنه لا يصلى شيء من هذه الصلوات في هذه الأوقات، ويجعلون أحاديث ذوات الأسباب عامة وأحاديث النهي خاصة، والخاص مقدم على العام، يقابلهم الشافعية الذين يرون أن هذه الصلوات المربوطة بالأسباب تفعل في أوقات النهي، ويقولون: إن أحاديث النهي عامة وهذه الأحاديث الواردة في الصلوات ذوات الأسباب خاصة، والخاص مقدم على العام، أحاديث النهي عامة في جميع الصلوات، أحاديث ذوات الأسباب خاصة بهذه الصلوات. الطرف الآخر الأئمة الثلاثة يقولون: أحاديث ذوات الأسباب عامة في جميع الأوقات، وأحاديث النهي خاصة بهذه الأوقات فما الذي يرجح؟ طالب:. . . . . . . . . كيف؟ طالب:. . . . . . . . . لماذا؟ طالب:. . . . . . . . . نعم، أو لأن شيخ الإسلام قال به، وإذا قالت حذام فصدقوها، ونهدر أئمة أئمة الإسلام ثلاثة، مع أتباعهم اثنا عشر قرن أو ثلاثة عشر قرن؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . كيف؟ طالب:. . . . . . . . . حديث إيش؟ طالب:. . . . . . . . . نعم؟ طالب:. . . . . . . . .

طيب، كونه صلى راتبة الصبح بعد صلاة الصبح قضاءً ويش اللي يعمل؟ يعني هل له أن يصلي غير هاتين الركعتين؟ إحنا نقول: ما زلنا بصدد تقرير الاستدلال من هذه الأحاديث لهؤلاء الأئمة، يعني إذا قال من يقول بأن ذوات الأسباب تفعل في أوقات النهي لأن أحاديث النهي عامة وأحاديث ذوات الأسباب خاصة، الخاص مقدم على العام، يقال له: سواءً بسواء، أحاديث ذوات الأسباب عامة في جميع الأوقات، إذا دخلت المسجد صلِ ركعتين في أي وقت من الأوقات، لكن هذه الأوقات المنصوص عليها خاصة، لا تصلي في هذه الأوقات، يعني القولان كفرسي رهان بالنسبة للأدلة، والصواب أنه ليس العموم والخصوص بين هذه النصوص مطلق، هو عموم وخصوص وجهي، عموم وخصوص وجهي، فأحاديث النهي عامة من وجه عامة في جميع الصلوات خاصة بالأوقات، عامة في جميع الصلوات خاصة بالأوقات والعكس أحاديث ذوات الأسباب عامة في جميع الأوقات خاصة في هذه الصلوات، إذا وجد عندنا التعارض من هذا النوع عموم وخصوص وجهي، وهذا أصعب أنواع العموم والخصوص، فنحتاج حينئذٍ إلى إيش؟ مرجح خارجي، نحتاج إلى مرجح خارجي، نحتاج إلى مرجح خارجي، ما المرجح الخارجي؟ عندنا من باب التنظير وإن كان الوقت ضاق، وإن أردتم أن نبدأ بالمسألة في بداية الدرس القادم لتكون أنشط شوي فلا بأس، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . والوقت معنا الآن، خليها في البداية بدل الإجابة على الأسئلة؛ لأن المسألة في غاية الأهمية، وإن كنا تعرضنا لها في دروس كثيرة منها في هذه الدورات، لكن لا يمنع من إعادتها ...

كتاب الصلاة (12)

بلوغ المرام – كتاب الصلاة (12) شرح: باب صفة الصلاة الشيخ/ عبد الكريم بن عبد الله الخضير السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. هذا سؤال مهم يقول: كيف يرد لمن قال لعالم جليل من علماء الزمان ضعف حديثاً في رياض الصالحين أو غيره: هل أنت أعلم من النووي أو غيره؟ المسألة ليست مسألة عالم وأعلم، المسألة إصابة حق، ولا يفترض في أي عالم مهما كانت مرتبته ومنزلته في العلم أن يكون مصيباً في كل ما يقول، بل العلماء الأئمة الكبار المجتهدون يصيبون ويخطئون، وهم حسبهم أن يبذلوا الجهد ويستفرغوا الوسع لينالوا الأجور من الله -عز وجل- أصابوا أم أخطئوا، فإذا أصابوا ثبت لهم الأجران، وإن أخطئوا لهم أجر واحد، ولا يعني أن كون فلان أعلم من فلان أن يكون أعلم منه جملة وتفصيلاً، يكون التفضيل إجمالي، يكون التفضيل إجمالي، وكما يقول أهل العلم في بعض الأمور: قد يعرض للمفوق ما يجعله فائقاً، فإذا قلنا: إن صحيح البخاري أصح من صحيح مسلم هل يعني هذا أن كل حديث في صحيح البخاري أصح من كل حديث في صحيح مسلم؟ ما قال بهذا أحد، وإذا قلنا: إن أحمد أعلم من -على سبيل المثال- أعلم من إسحاق هل يعني هذا أن قول الإمام أحمد أرجح من قول إسحاق في كل مسألة مسألة؟ لا يعني هذا، وإذا قلنا: إن شيخ الإسلام أعلم من ابن القيم فلا يعني هذا أن شيخ الإسلام معصوم، نعم، هذا أمر ينبغي أن يتنبه له، لكن من ترجح له قول خلاف ما يقول به من يوثق بعلمه ودينه، ومن عد من أهل العلم، واستفاض فضله، واشتهر نبله عليه أن يبين الحق بالأسلوب المناسب، بالأسلوب المناسب بما يحفظ لأهل العلم مكانتهم ومنزلتهم، ولا مانع أن يوازن بين أقوال أهل العلم فيقف على قول الإمام أحمد وهو إمام أهل السنة، ويحفظ من السنة ما لا يحفظه غيره، ويترجح عنده خلاف ما قاله الإمام أحمد، يترجح عنده قول البخاري أو العكس يترجح عنده قول الإمام أحمد، ويكون قول الإمام البخاري مرجوح، ويش المانع؟ ما في ما يمنع، لكن مع ذلك يعترف لأهل الفضل بفضلهم، هؤلاء الأئمة حفظ الله بهم الدين، ولهم الفضل والكل من فضل الله -جل وعلا-، ولهم الفضل على من جاء بعدهم.

وقد سئل الشيخ محمد رشيد رضا عن شيخ الإسلام ابن تيمية هل هو أعلم من الأئمة الأربعة أم هم أعلم منه؟ فأجاب بجواب موفق فيما أحسب، قال: باعتبار أن شيخ الإسلام تخرج على كتب الأئمة الأربعة وكتب أتباعهم فلهم الفضل عليه من هذه الحيثية، وباعتباره جمع بين ما قالوه وأحاط بما كتبوه، يعني إحاطة بشرية لا يعني هذا أن شيخ الإسلام أحاط بكل ما كتب أو ما قيل، نعم، فهو من هذه الحيثية أشمل منهم علماً، هذا كلامه.

وهناك أمر ينبغي أن نتنبه له وهو فضل علم السلف، فضل علم السلف، قد يجيب الإمام أحمد -رحمه الله- بكلمة أو جملة تجده عند بعض المتأخرين أجاب عنها بجزء، بجزء، صفحات، وهل يعني هذا أن المتأخر أفضل وأعلم من المتقدم لكثرة كلامه؟ الحافظ ابن رجب -رحمه الله- في كتاب له نفيس ينبغي لكل طالب علم أن يطلع عليه: (فضل علم السلف على الخلف) قال: من فضل متأخراً أو عالماً على آخر بكثرة الكلام فقد فضل الخلف على السلف؛ لأن من طريقة السلف الإيجاز في القول، يفتون بالكلمة، يفتون بالجملة، وأما المتأخرون يسأل واحد المسألة فيبسط القول فيها ويشرق ويغرب، ويأتي بكلام مفيد، وآخر أقل، هذا في المسائل التي لا تحتاج إلى بسط، لا شك أن الوضوح مع الاختصار أفضل وهي طريقة السلف، لكن هناك مسائل شائكة تحتاج إلى مزيد بسط وإيضاح وبيان شيخ الإسلام سئل عن بعض المسائل فأجاب بأكثر من مائتي صفحة، هل يقال لشيخ الإسلام: مسلكه مسلك الخلف من كثرة الكلام؟ كلام كله مفيد، كله مدعوم بقال الله وقال رسوله، ومأخوذ معتمد على فهم السلف، ما جاء بشيء جديد، هو اعتمد على فهم السلف للنصوص، وما فتح الله عليه به من علم سببه الإخلاص والعمل بالعلم، على كل حال الإزراء بأهل العلم والتنقص والتندر بهفواتهم وزلاتهم ليس من مسلك طالب العلم، ومن تعمد هذا وصار ديدنه حرم العلم والعمل، حرم العلم والعمل، ولا يعني هذا أننا نقول: الألباني -رحمه الله- صحح والإمام أحمد ضعف الألباني ما الألباني،. . . . . . . . . جميع من ينتسب إلى العلم لا سيما علم الحديث في العصور المتأخرة عيال على الألباني وكتبه، ولا يعني هذا أنه معصوم، قد يوافق على تصحيح بعض الأحاديث، وقد يخالف وينازع في بعضها، والخلاف أمره واسع، لكن يحفظ له الحق، ويحفظ له مكانته، النووي إمام من أئمة المسلمين في العلم والعمل، في الفقه والحديث وغيرها من علوم الشرع، لكن لا يعني أنه معصوم، مع علمنا بمخالفاته العقدية، ولا يتصور في الإنسان، ولا يطلب من أي إنسان مهما علت منزلته ورسخت قدمه أن يكون جميع أفعاله وأقواله وتصرفاته مطابقة للشرع مائة بالمائة، هذه العصمة، هذه هي العصمة، لكن يكفي الإنسان أن يخلص وأن

يجتهد، وأن يبحث عن الحق، وينصر الحق، كونه يصيب ويخطئ هذا البشر كلهم على هذا، والله المستعان. حجة أهل التقليد إذا قيل لهم: هذه المسألة دليلها كذا في صحيح البخاري أو في صحيح مسلم، هذه .. ، كثير ما يقولون: هل أنت أعلم من أحمد؟ هل أنت أعلم من مالك؟ هل أنت أعلم من أبي حنيفة؟ نقول: لسنا بأعلم من هؤلاء، ولا يعني من كونهم أعلم أن يكونوا أعلم بكل مسألة مسألة، عمر -رضي الله عنه- رد عليه، خفي على أبي بكر بعض النصوص، علمها بعض صغار الصحابة ((ورب مبلغ أوعى من سامع)) ((رب حامل فقه غير فقيه)) المقصود أن هذه الأمور ينبغي أن يهتم لها طالب العلم، وأن يحترم أهل العلم من غير غلو، لا يرفعهم فوق منزلتهم، ولا يزري بهم ويتندر بزلاتهم وهفواتهم. الإمام أحمد -رحمه الله- يقول: من يعرو من الخطأ والنسيان، ما في أحد يعرو، ومهما بلغ الإنسان من علم فإنه لن يعدو ما قاله الله -جل وعلا-: {وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً} [(85) سورة الإسراء] لكن حسب الإنسان أن يخلص ويحرص ويجتهد ويسلك الجادة التي سلكها أهل العلم، ويحترم الكبير، ويحرص على نفع المتعلم بقدر الإمكان، والله المستعان. المسألة التي أجلناها إلى اليوم لأهميتها وهي في آخر حديث من أحاديث الأمس، وذكرناها في مناسبات، في مناسبات، وكررنا الكلام فيها حتى مُلَّ مثل هذا الكلام، لكن هذا وقتها لا بد أن نعرض لها. مسألة ذوات الأسباب وأوقات النهي: عندنا الحديث الذي يمثل ذوات الأسباب وفي حكمها غيرها من ذوات الأسباب تحية المسجد يعني مثل الإخوان الذين يدخلون في هذا الوقت للمسجد وقد صلوا الفريضة، بعضهم يجلس وبعضهم يصلي، أو بعد صلاة الصبح.

أولاً: أوقات النهي كما هو معلوم خمسة: بعد الصبح حتى تطلع الشمس، من طلوع الشمس إلى أن ترتفع، إذا بزغت حتى ترتفع، وحين يقوم قائم الظهيرة حتى تزول، ومن صلاة العصر إلى أن تتضيف الشمس للغروب، ومن تضيفها إلى أن تغرب، هذه الأوقات خمسة، وقد يقول قائل: لماذا لا تكون ثلاثة؟ لماذا لا تكون ثلاثة فتتداخل؟ فتكون من طلوع الصبح إلى أن ترتفع الشمس واحد، ليش نفصلها اثنين، وحين يقوم قائم الظهيرة وقت الزوال، ومن صلاة العصر حتى تغرب الشمس واحد، تكون ثلاثة؛ لأن العلم كل ما أمكن حصره وتقليل أقسامه يكون أضبط وأتقن، هل يمكن أن نقتصر على ثلاثة وندخل بعضها في بعض؟ يمكن؟ طالب:. . . . . . . . . نعم؟ طالب:. . . . . . . . . لا يمكن، لا يمكن لماذا؟ طالب:. . . . . . . . . نعم؛ لأن منها الموسع ومنها المضيق، منها الموسع ومنها المضيق، فهذه الأوقات المضيقة التي جاءت في حديث عقبة: "ثلاث ساعات كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ينهانا أن نصلي فيهن، وأن نقبر فيهن موتانا" الأمر فيها أشد، وأما الوقتان الموسعان فالأمر فيها أخف، حتى قال بعض أهل العلم: أن منع الصلاة من بعد طلوع الصبح أو بعد صلاة الصبح على الخلاف في ذلك وبعد صلاة العصر، يعني قبل حلول الوقت المضيق الصلاة في هذين الوقتين إنما منعت لئلا يسترسل الناس في الصلاة فيصلون عند طلوع الشمس وعند غروبها، فيكون منعها من باب منع الوسائل، ومن الصلاة في الأوقات المضيقة من باب منع المقاصد، لا شك أن الصلاة بعد صلاة الصبح أخف ومن بعد صلاة العصر أخف من الصلاة في الأوقات الثلاثة.

نأتي إلى مسألتنا: عندنا حديث: ((إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين)) ((فلا يجلس حتى يصلي ركعتين)) هذا الحديث خاص، وجه الخصوصية: خاص بهذه الصلاة التي هي تحية المسجد، وجاءت أحاديث خاصة شرعت فيها الصلاة لسبب، لكنها خاصة بهذه الصلوات، وإن كان فيها عموم في الأوقات، عموم في الأوقات، فعندنا عموم وخصوص، أحاديث النهي عامة في جميع الصلوات: "ثلاث ساعات كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ينهانا أن نصلي فيهن، وأن نقبر فيهن موتانا" لا نصلي في هذه الأوقات، في هذه الثلاث الساعات، لا فريضة ولا نافلة ولا ذات سبب ولا مطلقة ولا غير ذلك، عامة في جميع الصلوات، إلا أنها خاصة في هذه الأوقات، فبين هذه النصوص وقلنا بالأمس: إنه إذا قال الشافعي ومن يقلد الشافعي: إن أحاديث النهي عامة في الأوقات وهذه خاصة، عامة في الصلوات أحاديث النهي عامة في الصلوات وهذه خاصة بهذه الصلوات والخاص مقدم على العام، يقول له الحنفي والمالكي والحنبلي: العكس يا أخي، أحاديث ذوات الأسباب عامة في الأوقات، وأحاديث النهي خاصة في هذه الأوقات، فليس قبول قول أحدهما بأولى من قبول قول الآخر، بل هما على حد سواء من هذه الحيثية، فإذا كان التعارض بين النصوص من جهة العموم والخصوص الوجهي هذا يحتاج إلى مرجح خارجي، يحتاج إلى مرجح خارجي، فعندنا في قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((من بدل دينه فاقتلوه)) ((من بدل دينه فاقتلوه)) عام في كل من بدل دينه من الرجال والنساء، وعندنا أحاديث النهي عن قتل النساء والذرية خاص بالنساء عام في جميع من بدل من ارتد ذكوراً كانوا أو إناثاً، وعندنا النهي عن قتل النساء والذرية خاص بالنساء، ذاك عام في الرجال والنساء وهذا خاص بالنساء، لكن هناك عموم وخصوص من وجه آخر، النهي عن قتل النساء والذرية عام في كل ما يوجب القتل، عام في كل ما يقتضي القتل و ((من بدل دينه فاقتلوه)) خاص بالردة، هنا عموم وخصوص وجهي ماذا نصنع؟ نحتاج إلى مرجح خارجي؛ لأنه إذا قال الحنفي: لا تقتل المرأة المرتدة للنهي عن قتل النساء والذرية، نعم، للنهي عن قتل النساء والذرية، ماذا يقول الجمهور؟ يقولون: تقتل المرتدة لعموم: ((من بدل دينه فاقتلوه))

والنهي عن قتل النساء والذرية هذا عام وهذا خاص بالمرتد. نأتي إلى المرجح الخارجي في مسألة الردة وفي مسألتنا التي معنا، لكن التنظير يوضح المسألة، في مسألة الردة ((من بدل دينه فاقتلوه)) هل عمومه محفوظ أو مخصوص؟ هل يوجد مرتد لا يقتل؟ هل دلت نصوص على أن هناك مرتد لا يقتل؟ نعم؟ لم يدل دليل على ذلك، النهي عن قل النساء جاءت النصوص الدالة على تخصيصه، بل جاءت النصوص بقتل المرأة، دعنا من مسألة الردة؛ لأنها هي محل النزاع، جاء قتل المرأة في القصاص إذا قتلت تقتل، قتل المرأة إذا زنت وهي محصنة ترجم، فعموم النهي عن قتل النساء والذرية مخصوص، وعموم ((من بدل دينه فاقتلوه)) محفوظ، وحينئذٍ يرجح قتل النساء المرتدات. نأتي إلى مسألتنا: أحاديث النهي عمومها دخله –دعونا من ذوات الأسباب لأنها محل النزاع- دخلها الفرائض ((من أدرك ركعة من صلاة الصبح قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح)) دليل على أن الفريضة تفعل في الوقت المضيق ((من أدرك ركعة قبل أن تغرب الشمس لصلاة العصر فقد أدرك العصر)) فرائض، فوائت تصلى، رواتب قضيت، راتبة الصبح قضيت لإقراره -عليه الصلاة والسلام- بعد صلاة الصبح، راتبة الظهر قضيت بعد صلاة العصر منه -عليه الصلاة والسلام-، وإن كان القول المتجه أنه خاص به -عليه الصلاة والسلام-، المقصود أن العموم مخصوص دخله مخصصات أكثر مما دخل عموم أحاديث ذوات الأسباب من المخصصات، هذا يقوله من؟ من يرجح قول الشافعي. للطرف الآخر أن يقول: القاعدة المتفق عليها بين الشافعية وغيرهم: أن الحظر مقدم على الإباحة، الحظر مقدم على الإباحة كيف؟ أنت إذا دخلت المسجد في مثل هذا الوقت أنت بين نصين نص يمنعك من الصلاة ونص يأمرك بالصلاة، قالوا: الحظر مقدم، فلتمتنع، لماذا لا تصلي؟ والله الذي منعني من أمرني ((إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم)) هذا المستطاع، أنا لا أستطيع أن أصلي والشرع قد نهاني ((وإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه)) دل على أن الحظر أقوى من –حتى الأمر- فضلاً عن الإباحة.

ولا تزال المسألة من عضل المسائل، والترجيح فيها من أشق المسائل، ويدخل الطالب مع اصفرار الشمس أو قبل غروب الشمس بخمس، عشر دقائق ويصلي، أو مع طلوع الشمس وهو مرتاح البال ذوات الأسباب ما فيها شيء، نقول: الأمر ليس بهذه السهولة كما تتصورون، المسألة من عضل المسائل، المسألة قال بعض أهل العلم: لا تدخل المسجد في هذا الوقت للحرج الشديد، إن صليت مشكلة وإن ما صليت مشكلة، وبعضهم يقول: ادخل المسجد وظل واقف لا تجلس، فلا نتصور المسألة بهذه السهولة يا الإخوان. وأخيراً: الذي أرجحه أنه في الوقت الموسعين الأمر فيه سعة، يعني إن صلى الإنسان عمل بنصوص، وإن لم يصلِ فقد عمل بنصوص، لكن إياه إياه أن يصلي في الأوقات المضيقة مهما كان السبب خلا الفرائض الفرائض مستثناة، بعضهم يقصد أنه يطلع من المسجد ويرجع على شان توافق ساعة الجمعة العصر ويصلي، الأمر ليس من السهولة بهذا، بعضهم يفعل هذا يخرج لغير سبب من أجل أن يدخل فيصلي، وبعضهم يفعل من ذوات الأسباب التي لا يقوى سببها على معارضة مثل هذه الأحاديث مثل ركعتي الوضوء، ركعتي الاستخارة يقول: ذات سبب، يا أخي إذا وجد من ذوات الأسباب ما تأكد مثل هنا مثل تحية المسجد، الخلاف قوي، ويبقى أن النهي شديد يا الإخوان "ثلاث ساعات كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ينهانا أن نصلي فيهن" أنت بفعلك ألا تريد القربة؟ نعم؟ ألا تتقرب إلى الله بهذه الصلاة التي صليتها؟ تريد أن تمتثل ما أمرت به؟ من الذي نهاك؟ فأعود وأقرر أن الصلاة في الوقتين الموسعين أمرها سهل، على أنه لا ينكر على من جلس ولا عن من صلى، لا ينكر على هذا ولا ذاك، لكن في الأوقات المضيقة لا؛ لأن النهي عن الصلاة فيها لذاتها، أما النهي عن الصلاة في الوقتين الموسعين، مثل هذا الوقت الشمس بيضاء نقية فالنهي عنه ليس لذاته، وإنما هو خشية أن يسترسل المصلي أو يتتابع في الصلاة حتى يصلي في الوقت المضيق.

شاع القول بفعل ذوات الأسباب، وصار هو المرجح، ولا حظ للقول الآخر من النظر مع إيش؟ مع مواكبة الثورة على التقليد التي حصلت قبل ربع قرن، يعني إذا كان الإنسان قبل هذه الدعوة –الدعوة إلى التقليد- وهي دعوة لا شك أنها دعوة تصحيحية ما نقول: هي خاطئة، دعوة تصحيحية التقليد ذميم ومقيت لمن تأهل، لكن إذا كان قبل هذه الدعوة يوجد من يصرف الناس بيده، إذا رأى أحد يتسنن أداره بيده اتباعاً للمذهب، هو ما عنده غير المذهب، وجد العكس من ينكر ويشنع على من لا يصلي في أوقات النهي، دين الله يا الإخوان بين الغالي والجافي عندنا نصوص، المرد إلى النصوص، والحَكَم {فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ} [(59) سورة النساء] ما هو بالحكم إلى قول أحمد أو قول مالك أو قول سفيان أو علان، لا، نعم هؤلاء أئمة، ونحسبهم فيما نحسب والعلم لله -جل وعلا- على خير عظيم، بذلوا واجتهدوا ونصحوا واتبعوا، لكن مع ذلكم ليسوا بمعصومين، فالحَكَم النصوص، والمرد إلى الله ورسوله، هذا الذي نختاره، والله المتسعان. بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. قال الحافظ ابن حجر العسقلاني في كتابه بلوغ المرام: باب صفة الصلاة: عن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إذا قمت إلى الصلاة فأسبغ الوضوء, ثم استقبل القبلة فكبر, ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن, ثم اركع حتى تطمئن راكعاً, ثم ارفع حتى تعتدل قائماً, ثم اسجد حتى تطمئن ساجداً, ثم ارفع حتى تطمئن جالساً, ثم اسجد حتى تطمئن ساجداً, ثم افعل ذلك في صلاتك كلها)) أخرجه السبعة, واللفظ للبخاري، ولابن ماجه بإسناد مسلم: ((حتى تطمئن قائما)). ومثله في حديث رفاعة عند أحمد وابن حبان، وفي لفظ لأحمد: ((فأقم صلبك حتى ترجع العظام)). ما عندك: ومثله في حديث رفاعة بن رافع عند أحمد وابن حبان: ((حتى تطمئن قائماً))؟ طالب: نسخة الفقي يا شيخ موجودة في هذا. هاه؟ طالب: نسخة الفقي موجودة في هذا. هي معك طارق؟ طالب: إي نعم يا شيخ. طيب "وفي لفظ لأحمد" هات رواية الحديث.

وفي لفظ لأحمد: ((فأقم صلبك حتى ترجع العظام)). هات. وللنسائي وأبي داود من حديث رفاعة بن رافع: ((إنها لن تتم صلاة أحدكم حتى يسبغ الوضوء كما أمره الله تعالى, ثم يكبر الله ويحمده ويثني عليه)) وفيها: ((فإن كان معك قرآن فاقرأ وإلا فاحمد الله وكبره وهلله)) ولأبي داود: ((ثم اقرأ بأم القرآن وبما شاء الله)) ولابن حبان: ((ثم بما شئت)) ". الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. هذا الباب من أهم ما يقرأ في هذا الكتاب، من أهم ما يقرأ في هذا الكتاب وفي غيره من الكتب؛ لأنه يشتمل على صفة الصلاة من قوله وفعله -عليه الصلاة والسلام-، والصلاة أهم أركان الإسلام بعد الشهادتين، وأولى ما ينبغي أن تصرف الأوقات في معرفتها ليخرج من عهدتها بيقين، ليخرج من عهدتها بيقين، فعلينا أن نولي العناية الفائقة لمثل هذا الكتاب، صفة الصلاة، وما تقدم وسائل لهذه الصلاة المشروحة هنا، والباب فيه أحاديث ثلاثة تشرح الصلاة من قوله وفعله -عليه الصلاة والسلام-، وما عداها روافد لها، منها هذا الحديث، الحديث الأول حديث المسيء، ومنها حديث أبي حميد وعائشة في صفة صلاة النبي -عليه الصلاة والسلام-. هذا حديث المسيء، حديث المسيء حديث عظيم، المسيء اسمه: خلاد بن رافع، صلى صلاة لا تجزئ فأخبره النبي -عليه الصلاة والسلام- وسمي مسيئاً؛ لأنه أساء في صلاته التي صلاها باجتهاده قبل التوجيه النبوي، وكم من مسيء بين المسلمين ممن لا يجد من يعلمه، في بلاد العلم وبين طلاب العلم في موطن العلم وبين أهل العلم فكيف بمن بعد؟ هذا لا شك أنه تقصير، يوجد في بعض القرى والبوادي من لا يحسن الوضوء، يوجد فيها من يصلي عمره كله صلاة لا تجزئ ولا تسقط الطلب، بل قد يوجد ما هو أسوأ من المسيء في صلاته الذي أمره النبي -عليه الصلاة والسلام- بالإعادة مراراً ثم علمه.

قال للمسيء -عليه الصلاة والسلام-: ((إذا قمت إلى الصلاة)) يعني إذا أردت القيام ((فأسبغ الوضوء)) كما في قوله -جل وعلا-: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ} [(6) سورة المائدة] إلى آخر الآية ((فأسبغ الوضوء)) يعني أتم الوضوء، وتقدم الكلام في الوضوء وفي إسباغه بأركانه ومستحباته ((أسبغ الوضوء)) وهذا شرط ((لا يقبل الله صلاة من أحدث حتى يتوضأ)) ((ثم استقبل القبلة)) وهذا أيضاً شرط من شروط الصلاة، شرط من شروط الصلاة استقبال القبلة، ومضى ما فيه، شرط إلا في النافلة على الراحلة في السفر على ما تقدم ((ثم استقبل القبلة فكبر)) فكبر، الوضوء شرط، استقبال القبلة شرط، "فكبر" والمراد بالتكبير هنا تكبيرة الإحرام، يعني قل: الله أكبر، وهل تكبيرة الإحرام شرط أو ركن؟ مسألة اختلف فيها أهل العلم، فالجمهور على أنها ركن، ويرى الحنفية أنها شرط لصحة الصلاة، ما الفرق بين كون تكبيرة الإحرام ركن أو شرط؟ ما الذي يترتب على هذا الخلاف؟ قد يقول قائل: خلاف لفظي، شرط لا تصح الصلاة إلا بها، ركن لا تصح الصلاة إلا بها، في فرق وإلا ما في فرق؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . من أي جهة؟ طالب:. . . . . . . . . أيوه؟ والشرط؟ طالب:. . . . . . . . . يصح ما اشترط له؟ لو أخل بالوضوء تصح الصلاة؟ تصح؟ طالب:. . . . . . . . . إيش الفرقين؟ الركن لا تتم الصلاة إلا به وإذا كان شرط؟ يعني هل نقول: بأن من يصلي دون وضوء يمكن صحة صلاته لأن الوضوء شرط وليس بركن؟ يمكن هذا؟ إذا قلنا: شرط فالطهارة وتكبيرة الإحرام واحد شرط، من لازم الشرط عدم المشروط عند عدم الشرط، يلزم من عدمه العدم، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . طيب قبل، ويش ترتب على هذا؟ تكبر تكبيرة الإحرام ببيتك مثل ما تتوضأ ببيتك وتجي تصلي؟ طيب ببيتك توضأت، صح، وتكبر تكبيرة الإحرام بالبيت مع الشرط الثاني وتجي تصلي. طالب:. . . . . . . . .

نعم الركن جزء الماهية صحيح، والشرط خارج الماهية تريد أن تقول هذا، الركن جزء الماهية والشرط خارج الماهية إيش معنى خارج الماهية؟ أنك تكبر ثم تسولف مع جارك وإلا زميلك ثم تكمل صلاتك؛ لأنه خارج الصلاة، ما بعد دخلت الصلاة صح؟ يعني يسوغ لك ذلك؟ أنك تكبر تكبيرة الإحرام ثم تجلس تسولف ثم تأتي بالصلاة؟ الشرط. . . . . . . . . على شرط، يعني عند الحنفية الحنفية يقولون: تكبر تكبيرة الإحرام وتصير تسولف وتقضي حاجتك وإلا .. ؟ هاه؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . نعم، طيب، طيب، يعني من فوائد الخلاف، هم لا يختلفون في أن تكبيرة الإحرام لا يفصل بينها وبين الصلاة، لا بد أن تكون مقارنة للصلاة، حتى على القول بأنها شرط، لا يعني أنه يكبر تكبيرة الإحرام في بيته بعد ما يتوضأ أو حتى قبل الوضوء ثم يأتي، لا، حتى على القول بأنها شرط وأنها خارج الماهية لكنها خارج ملاصق لا يفصل بينها وبينه حتى عند الحنفية، لكن من فوائد الخلاف أنه إذا كبر قبل دخول الوقت هذه المسألة أظن تصورها ما هو .. ، لكنها من فوائد الخلاف، لأن التكبير ويش يستغرق؟ لكن أوضح من هذا لو كبر وهو حامل نجاسة، نفرض أن هذه العين متنجسة، هذه ورقة متنجسة أصابها بول، ثم قال: الله أكبر، ووضعها مع نهاية التكبير صلاته صحيحة وإلا باطلة؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . كيف؟ طالب:. . . . . . . . . عند الحنفية صحيحة؛ لأنه حمل النجاسة خارج الصلاة، وعند الجمهور صلاته باطلة، لو غير النية مع نهاية التكبير صحت صلاته عند الحنفية وبطلت عند الجمهور، المقصود أن مثل هذا قد يكون الخلاف فيه خفي وفوائده أخفى، لكن هذه من فوائد الخلاف، فتكبيرة الإحرام ركن عند الجمهور شرط عند الحنفية، وعرفنا فائدة الخلاف، أيضاً: ((كبر)) بلفظ: الله أكبر؛ لأن جميع من وصف صلاة النبي -عليه الصلاة والسلام- نقل عنه أن كان يقول في بدايتها: ((الله أكبر)) فهذا أمره -عليه الصلاة والسلام- بينه بفعله، وبيان الواجب واجب.

الشافعية عندهم يجزئ أن تقول: الله الأكبر، عند المالكية والحنابلة لا يجزئ؛ لأن (أل) هذه لا تخلف المعنى، يختلف المعنى إذا قلنا: الله أكبر و .... إذا قلنا: الله الأكبر؟ نعم؟ إذا كان من حيث المعنى؟ نعم يعني الله أكبر من غيره، نعم، أفعل تفضيل، الله أكبر من غيره وإن وجد أكبر شخص وشيء يقال له: أكبر، لكن الله -سبحانه وتعالى- أكبر منه، نعم، يوجد كبير وأكبر، والله -سبحانه وتعالى- أكبر من هؤلاء كلهم، وإذا قلنا: الله الأكبر صار التركيب تركيب حصر أنه لا يوجد أكبر غير الله -سبحانه وتعالى-، هناك لا يوجد شيء إلا والله -سبحانه وتعالى- أكبر منه، يوجد أكبر، لكن الله -سبحانه وتعالى- أكبر منه، هذا لا يوجد أكبر إذا قلنا: الله الأكبر لأن تعريف جزئي الجملة يدل على الحصر، الله الأكبر يعني لا يسوغ أن يقال لغيره: أكبر، عند الحنفية يتوسعون في هذا، كل ما دل على التعظيم يجزئ، الله أعظم، الله أجل، الله أعز، لكن هذه ألفاظ توقيفية، متلقاة من الشارع، لا يدخلها الاجتهاد، كبر وجوباً بل ركن من أركان الصلاة ولا تصح إلا بها، باللفظ الذي تظافر النقل عن النبي -عليه الصلاة والسلام- به، بهذا اللفظ: الله أكبر. ((ثم اقرأ)) اقرأ هذا أمر، والأمر للوجوب، وقبل هذا أهل العلم جعلوا حديث المسيء أصل في باب الصلاة، واعتمدوا عليه في أن كل ما ذكر فيه فهو واجب، وكل ما لم يذكر فيه فليس بواجب، كل ما ذكر فيه واجب؛ لأنه كله بالأوامر، في مجال التعليم، وكل ما لم يذكر فيه فليس بواجب؛ لأنه لو وجب غير ما ذكر لزم عليه تأخير البيان عن وقت الحاجة، وتأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز عند أهل العلم، لكن لا يمنع أن يكون في وقته هذا الكلام، وزاد من الأركان وزاد من الواجبات في الصلاة ما قرر بعد ذلك. ((ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن)) دليل على وجوب قراءة القرآن في الصلاة، وهذا مجمل بينه ما سيأتي من إيجاب قراءة الفاتحة، من إيجاب قراءة الفاتحة في حديث عبادة وغيره.

((ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن ثم اركع)) التكبير ركن، القراءة ركن، الركوع ركن، الطمأنينة ركن ((ثم اركع حتى تطمئن راكعاً)) هناك مباحث متعلقة بالقراءة، ومباحث متعلقة بالركوع تأتي في مفردات الأحاديث -إن شاء الله تعالى-، وإلا بإمكاننا أن نشرح كل صفة الصلاة في هذا الحديث، لكن فماذا نبقي للأحاديث الأخرى؟ تأتي فوائد تتعلق بهذه الجزئيات في أوقاتها -إن شاء الله تعالى- من خلال الأحاديث اللاحقة. ((ثم اركع –وهذا ركن- حتى تطمئن راكعاً)) لا يجزئ النقر في الركوع ولا في السجود ولا في الجلوس ولا في الاعتدال ولا القيام من الركوع، وتكرار الطمأنينة حتى تطمئن حتى تطمئن حتى تطمئن حتى تطمئن مراراً يدل على أن هذه الطمأنينة ركن من أركان الصلاة لا يمكن أن يتجاوز عن الإخلال بها، وما أتي المسيء في صلاته إلا من إخلاله بالطمأنينة، وجاء النهي عن النقر في الصلاة كنقر الغراب على ما سيأتي، المقصود أن الركوع ركن والطمأنينة فيه ركن. ((ثم ارفع)) الرفع من الركوع، وهذا ركن أيضاً ((حتى تعتدل قائماً)) وجاء عند ابن ماجه بإسناد مسلم وعند غيره على شرط البخاري فالزيادة على شرط الشيخين ((حتى تطمئن قائماً)) يعني مثل ما تطمئن في الركوع والسجود تطمئن في الرفع من الركع ((ثم اسجد)) وهذا أيضاً ركن ((حتى تطمئن ساجداً, ثم ارفع –يعني من السجود- حتى تطمئن جالساً, ثم اسجد –السجدة الثانية من الركعة الأولى- حتى تطمئن ساجداً)) والأذكار التي تقال في هذه الأركان يأتي تفصيلها -إن شاء الله تعالى-، ((ثم افعل ذلك في صلاتك كلها)) وحينئذٍ يكون قد تمت له ركعة كاملة، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . اعتدل يأتي بالقدر الواجب من المطلوب، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . يمكن أن تؤدى الصلاة الرباعية بخمس دقائق صلاة مجزئة، وفيها طمأنينة، وفيها الاقتصار على الواجب، لكن يمكن أن تؤدى بزيادة في الطمأنينة وتطويل في الركوع والسجود على القدر الواجب اللازم نعم بدلاً من أن تسبح مرة واحدة تسبح سبع مرات، ربع ساعة مثلاً وهذه صلاة مجزئة وهذه صلاة مجزئة، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . كيف؟ طالب:. . . . . . . . .

مقياسه أن يعود كل فقار إلى مكانه، تطمئن، وإذا أتيت بالقدر الواجب من الأذكار في هذه الأركان اطمأننت، ثم افعل ذلك في صلاتك كلها، افعل ذلك في صلاتك كلها، وأنت أسبغت الوضوء، واستقبلت القبلة، ولا بد من استصحاب هذين الشرطين إلى أن تنتهي الصلاة، ثم كبر، يعني هل يلزمك تكبيرة إحرام في الركعة الثانية كما كبرت للإحرام في الركعة الأولى؟ أو أنك تدخل في الصلاة وهو مفتاحها تكبيرة الإحرام وما عدا ذلك لا يحتاج إلى تكبيرة الإحرام، مقتضى قوله: ((ثم افعل ذلك في صلاتك كلها)) أنك تكبر للإحرام كما كبرت في الركعة الأولى، لكن هذا المفهوم غير مراد اتفاقاً، إنما المطلوب تكبيرة انتقال من الركعة الأولى إلى الركعة الثانية. "أخرجه السبعة" ومر بنا مراراً المراد بالسبعة: البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه وأحمد، "واللفظ للبخاري" وماذا للبقية؟ لهم إيش؟ إذا كان اللفظ لواحد منهم؟ والبقية لهم المعنى. "ولابن ماجه بإسناد مسلم: ((حتى تطمئن قائما)) " وعرفنا أنها أيضاً عند غير مسلم على شرط البخاري، فهي على شرط الشيخين. "ومثله" أي مثل ما أخرجه ابن ماجه من حديث أبي هريرة ((حتى تطمئن قائماً)) مثل ذلك موجود في حديث رفاعة بن رافع عند الإمام أحمد وابن حبان بلفظ: ((حتى تطمئن قائماً)) مثل لفظ ابن ماجه، والزيادة صحيحة، زيادة صحيحة لأنها مروية بشرط الشيخين.

"وفي لفظ لأحمد: ((فأقم صلبك حتى ترجع العظام)) " وسيأتي في حديث أبي حميد: ((حتى يعود كل فقار إلى مكانه)) ويأتي بيان ذلك -إن شاء الله تعالى-، ((حتى ترجع العظام)) هنا مسألة متعلقة بهذا اللفظ: ((حتى ترجع العظام)) وهناك ((حتى يعود كل فقار إلى مكانه)) من المناسب أن نذكر حكم أو وضع اليدين بعد الركوع ((حتى يعود كل فقار إلى مكانه)) هل المقصود به إلى مكانه قبل الركوع أو قبل الدخول في الصلاة؟ نعم، الاحتمال قائم، فإذا قلنا: إن المراد حتى يعود كل فقار إلى مكانه قبل الدخول في الصلاة فماذا يكون وضع اليدين؟ السدل، وهذا كما هو معلوم يرجحه الشيخ الألباني -رحمه الله-، ويرى أن قبض اليدين بعد الركوع بدعة، وإذا قلنا: ((حتى يعود كل فقار إلى مكانه)) أقرب مكان له قبل الركوع وبهذا يقول الأكثر وهو الظاهر أنها تقبض اليدين، في حال القيام اليدان مقبوضتان على ما سيأتي اليمنى على اليسرى على الصدر أو تحت الصدر على ما سيأتي تقريره -إن شاء الله تعالى-. "وللنسائي وأبي داود من حديث رفاعة بن رافع: ((إنها لا تتم صلاة أحدكم حتى يسبغ الوضوء كما أمره الله تعالى)) " يعني يأتي بالوضوء المجزئ كما أمر الله -جل وعلا-، لا يخل بشيء من أركانه، والإسباغ هنا المشترط للصلاة ((لا تتم صلاة أحدكم حتى يسبغ الوضوء)) القدر المجزئ، القدر المجزئ يسمى إسباغ وإتمام، وإن كان التثليث إكمال، كونك تتوضأ مرة مرة، مع الإسباغ والإتمام، وهو على مرة مرة هذا إتمام، وإسباغ وهو مجزئ؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- توضأ مرة مرة، لكن كونك تتوضأ ثلاثاً ثلاثاً على ما تقدم هذا أكمل، هذا أكمل. ((حتى يسبغ الوضوء كما أمره الله تعالى)) ((إنها لا تتم صلاة أحدكم حتى يسبغ الوضوء)) هذا دليل على اشتراط الوضوء والطهارة للصلاة، وهذا تقدم الكلام فيه: ((لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ))

((ثم يكبر الله تعالى ويحمده ويثني عليه)) يكبر الله تعالى تكبيرة الإحرام، كما في الحديث السابق حديث أبي هريرة: ((أسبغ الوضوء ثم استقبل القبلة)) هنا ما ذكر الاستقبال اكتفاءً بما ثبت في غير هذا الحديث، ((ويحمده ويثني عليه)) ويحمده ويثني عليه، والحمد هنا محتمل لأن يكون في دعاء الاستفتاح، وأن يكون بقراءة فاتحة الكتاب على ما سيأتي -إن شاء الله تعالى-. "وفيها" أي في هذه الرواية: ((فإن كان معك قرآن فاقرأ)) والقراءة (اقرأ) جاء الأمر بها في الحديث السابق فهي ركن من أركان الصلاة، لا سيما فاتحة الكتاب على ما سيأتي تفصيله -إن شاء الله تعالى-. ((فإن كان معك قرآن فاقرأ)) هذا يدل على أن تعلم الأركان واجب، تعلم الأركان واجب، لكن من لا يستطيع؟ من لا يستطيع له بدل ((صل قائماً فإن لم تستطع فقاعداً، فإن لم تستطع فعلى جنب)) إذا لم تستطع القراءة بعض الناس يمكث العمر كله وهو عاجز عن أن يحفظ الفاتحة، مثل هذا يقال له: لا تصح صلاتك حتى تحفظ الفاتحة؟ ((فإن كان معك قرآن فاقرأ وإلا فاحمد الله وكبره وهلله)) وهذا يتصور في شخص كبير السن لا يمكن أن يحفظ الفاتحة، وإن كان الأمل أمام الكبار مفتوح، والتجارب أثبتت أن لديهم الملكة وحفظ منهم القرآن، بعضهم القرآن كامل، من ذكور وإناث وهم أميون بلغوا السبعين من العمر، فالآفاق مفتوحة -ولله الحمد- ولا ييأس أحد.

وهذا أيضاً متصور في شخص حديث عهد بالإسلام، إن قلنا له: انتظر حتى تحفظ الفاتحة يمكن يمر عليه وقت طويل تضيع عليه صلوات ما حفظ الفاتحة، يقال: إن كان معك شيء من القرآن وإلا فاحمد الله وكبره، أما بالنسبة للكبار ففي إمكانهم أن يتعلموا والوسائل -ولله الحمد- كثيرة ومبذولة، والآفاق أمامهم مفتوحة، ووجد نماذج في السبعين بدءوا بحفظ القرآن وأتقنوه وضبطوه، يعني تبقى اللكنة العامية، يعني لن يتنصل عنها لكن يبقى أنه حفظ القرآن، بعض العجائز في هذا السن حفظت القرآن كامل، وهذا من نعم الله -عز وجل-، فاليأس ليس بوارد، لا بد من بذل السبب، والبيوت -ولله الحمد- الآن مملوءة ممن يقرأ القرآن، ومملوءة أيضاً من الآلات التي هي في الحقيقة نعم تعين على حفظ القرآن، إذا وجد آلات تردد القرآن ترديد بحيث يستطيع حفظه من أيس من الحفظ فما علينا إلا العمل، ((وإلا فاحمد الله وكبره وهلله)) هذا البديل، تقول: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله، بقدر الفاتحة تعيده مرتين ثلاث حتى تكون أتيت بقدر الفاتحة. "ولأبي داود" وهذه الروايات كلها صحيحة "ولأبي داود: ((ثم اقرأ بأم القرآن وبما شاء الله)) " اقرأ بأم الكتاب، وهذا على سبيل الوجوب والركنية على ما سيأتي، وما زاد على الفاتحة محل خلاف بين أهل العلم والجماهير على أنه مستحب. "ولابن حبان: ((ثم بما شئت)) " من سورة أو آيات من سورة، أو آية، المقصود أنه اقرأ بما شئت، وهذا القدر المستحب. نعم حديث أبي حميد: "وعن أبي حميد الساعدي -رضي الله تعالى عنه- قال: "رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا كبر جعل يديه حذو منكبيه, وإذا ركع أمكن يديه من ركبتيه, ثم هصر ظهره, فإذا رفع رأسه استوى حتى يعود كل فقار مكانه, فإذا سجد وضع يديه غير مفترش ولا قابضهما, واستقبل بأطراف أصابع رجليه القبلة, وإذا جلس في الركعتين جلس على رجله اليسرى ونصب اليمنى, وإذا جلس في الركعة الأخيرة قدم رجله اليسرى ونصب الأخرى, وقعد على مقعدته" أخرجه البخاري".

حديث أبي حميد من الأحاديث التي يدور عليها هذا الباب، وتضمن الكثير من أحكام صفة الصلاة، أبو حميد في مجمع من الصحابة شرح ووضح صفة صلاة النبي -عليه الصلاة والسلام-، كما رآه يصلي، وأبو حميد مشهور بكنيته، وهو ابن عبد الرحمن بن سعد الساعدي أنصاري خزرجي، توفي في آخر ولاية معاوية -رضي الله عنه-. يقول أبو حميد الساعدي -رضي الله تعالى عنه-: "رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا كبر جعل يديه حذو منكبيه" هؤلاء الذين وصفوا صلاة النبي -عليه الصلاة والسلام- من تكبيره إلى تسليمه، وهم أكثر من واحد من الصحابة هل يتسنى لهم ذلك وقد نظروا إلى موضع السجود؟ يتسنى لهم ذلك، كل واحد منهم ينظر إلى موضع السجود، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . وهو يصلي نافلة، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . خلفه، لكن إذا نظر موضع السجود. . . . . . . . . إلى أمامه، نعم يكون الأصل النظر إلى موضع السجود لكن هذا ليس على سبيل الإلزام، والاقتداء به -عليه الصلاة والسلام- والفعل كما يفعل امتثالاً لأمره -عليه الصلاة والسلام-: ((صلوا كما رأيتموني أصلي)) يدل على أنهم مأمورون بالنظر إليه وهو يصلي ((صلوا كما رأيتموني)) لأنه لا يتم امتثال هذا الأمر ((صلوا)) إلا برؤيته؛ لأنه قد يستدل مستدل أنه له أن يلحظ عن يمينه أو عن شماله لأن الصحابة وصفوا صلاة النبي -عليه الصلاة والسلام- ولا يتسنى لهم ذلك إلا بهذا، هم مأمورون بأن يصلوا كما رأوه، فهم رأوه وهو يصلي، ولقائل أن يقول: إنه وهو يصلي نافلة مثلاً، لكن مثل حديث أبي حميد الذي ذكر فيه التشهد الأول والأخير يدل على أنها فريضة، فهم لا يصلون الفريضة إلا معه -عليه الصلاة والسلام-، فمثل هذا .. ، أقول: مثل هذا الصنيع الذي يمكن من امتثال الأمر في قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((صلوا)) ولا يتم امتثال هذا الأمر إلا برؤيته -عليه الصلاة والسلام-؛ لأنه أحال على فعله، ولا يمكن الاقتداء به في فعله إلا بعد رؤيته.

"رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا كبر -يعني للإحرام- جعل يديه حذو منكبيه" يعني رفع يديه كلتيهما حذو مقابل منكبيه والمنكب مجتمع رأس العضد مع الكتف، حذو مقابل، والمنكبان هما المجتمع هذا، فيجعل اليدين مع تكبيرة الإحرام حذو المنكبين، "إذا كبر جعل" إذا كبر جعل دليل على أن الرفع يقارن التكبير، والأصل أنه علامة عليه، يستدل بها من لا يسمع التكبير إذا رآه رفع يديه عرف أنه كبر، فيكون الرفع مقارن للفعل، كما أن تكبيرات الانتقال مقارنة للانتقال، لكن إذا رفع قبل أو بعد أو انتهى من التكبير قبل نهاية الرفع، أو العكس كل هذا فيه سعة.

"إذا كبر جعل يديه حذو منكبيه" يرفع يديه حين يكبر، رفع يديه ثم كبر، كبر ثم رفع يديه هذا كله وارد، فدل على أن في الأمر سعة، لكن يبقى أن مقارنة القول للفعل هو الأصل، مقارنة القول للفعل هو الأصل، وإذا ركع أمكن يديه من ركبتيه, وإذا رفع .. ، إذا ركع أمكن يديه من ركبتيه, يجعل يديه على ركبتيه، وإذا تمكن من وضع اليدين على الركبتين وهو إنسان متوسط الخلقة أجزأه ركوعه إجماعاً، لكن لو كان في يديه طول يمكن يضع يديه على ركبتيه وهو شبه قائم هذا يجزئه الركوع؟ نعم؟ لا يجزئه الركوع، وإذا كان في يديه قصر شديد بحيث لا يتمكن من وضع يديه على ركبتيه إلا أن يجعل رأسه قريباً من رجليه هذا أيضاً لا يجزئ، ليس بركوع هذا، المقصود أنه إذا ركع أمكن يديه من ركبتيه، فإذا كانت اليدين معتدلتين أجزأ مثل هذا الركوع إجماعاً، "ثم هصر ظهره" يعني ثناه، ثنى ظهره، هصر ظهره يعني ثناه وحناه، وسيأتي في صفة ركوعه -عليه الصلاة والسلام- أنه لم يشخص رأسه ولم يصوبه، لا يرفع الرأس ولا يخفضه على ما سيأتي، ويستوي ظهره، لا يرفع رأسه، لا يشخص رأسه ولا يصوبه بمعنى يخفضه، بل يستوي ظهره مع رأسه، وجاء في وصف ركوعه -عليه الصلاة والسلام- أنه بحيث لو صب الماء على ظهره لاستقر، وتجد الناس يصلون بما في ذلك بعض من ينتسب إلى طلب العلم غير مكترث إما يرفع رأسه وإلا ينزله وإلا يخفض ظهره خفضاً وإلا يرفعه، هذا موجود، وبعض الناس في رفع اليدين أشبه ما يكون بالعبث، وهذا كثير في عوام المسلمين، والتبعة والعهدة على أئمة المساجد، يعلمونهم كيفية صلاة النبي -عليه الصلاة والسلام- بعضهم يرفع يديه بما لا يشبه الرفع أقرب ما يكون إلى العبث، وبعضهم يقرن، إذا رفع يديه وخفضها عبث بمناطق لا يسوغ العبث بها خارج الصلاة فضلاً عن داخل الصلاة، هذا موجود، المقصود أن الصلاة صلة بين العبد وبين ربه إذا مثل العبد بين يدي ربه -عز وجل- عليه أن يلاحظ المقام، والله المستعان. "فإذا رفع رأسه استوى" نحن نرى من يخل بهذا كثير لا سيما من المسلمين الذين وفدوا إلى هذه البلاد ممن يزعم الاقتداء بالإمام أبي حنيفة.

"فإذا رفع رأسه استوى حتى يعود كل فقار مكانِه" أو مكانَه، وعرفنا أن الفقار: المفاصل، المفاصل تعود إلى مكانها، والعظام تعود إلى مكانها، وقلنا: إنه يحتمل أن يكون المكان مكان ما قبل الدخول في الصلاة، ومكان ما كان قبل الركوع والمتجه أنه ما كان قبل الركوع لأنه الأقرب، لأنه أقرب مذكور، ويدل له ما سيأتي ذكره -إن شاء الله تعالى-. "فإذا سجد وضع يديه غير مفترش ولا قابضهما" فإذا سجد وضع يديه على الأرض مضمومتي الأصابع متجهتين إلى القبلة مع التجافي من غير ضم لليدين إلى جانبي الصدر "غير مفترش" بمعنى أنه واضع يديه على الأرض، وقد جاء النهي عن الافتراش، جاء النهي عن الافتراش كافتراش السبع على ما سيأتي -إن شاء الله تعالى-، "ولا قابضهما" يعني لا ضامهما بل يجافي، يجافي عضديه عن جنبيه حسب الإمكان، وإلا إذا كان في الصف وترتب على مجافاة اليدين عن الجنبين خلل في الصفوف نعم وفرج في الصفوف فإنه يقدم مصلحة التراص في الصف للأمر به. "ولا قابضهما واستقبل بأطراف أصابع رجليه القبلة" يستقبل بأطراف أصابع رجليه القبلة, قد يقول قائل: إن بعض الناس لا سيما من الكبار الأصابع ما تطاوع؛ لأنها صلبت وقويت بحيث لا تطاوع أن تنحرف إلى جهة القبلة، أقول: لا يكلف الله نفساً إلى وسعها، لكن على الإنسان أن يعمد إلى تطبيق السنة، فإن عجز ثبت له أجرها، ويأتي في مسألة التصاف والمصافة والإلصاق أن على الإنسان أن يسعى لتطبيق السنة، لكن مع الأسف الشديد أن من طلاب العلم أو من عامة الناس من لا يسعى إلى معرفة السنة، وإذا عرف السنة لا يسعى إلى تطبيقها، وإذا طبقها لا يحسن التطبيق، لا يفقه كيف يطبق السنة؟ لأن بعض الناس يسعى جاهداً وبشدة وقوة لتطبيق سنة ويقع في محظورات، فعلى طالب العلم على وجه الخصوص ملاحظة ذلك، وبيان ذلك للناس، ويأتي تفصيل هذه الأمور -إن شاء الله تعالى-.

"استقبل بأطراف أصابع رجليه القبلة" إن أمكنه ذلك وإن كان ممن صلبت أصابعه ولا يستطيع أن يثنيها {لاَ يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا} [(286) سورة البقرة] "وإذا جلس في الركعتين جلس على رجله اليسرى ونصب اليمنى" وإذا جلس في الركعتين يعني بعد تمام الركعتين في التشهد الأول أو بين السجدتين لأن الحكم واحد يفترش، يفترش رجله اليسرى، "جلس على رجله اليسرى ونصب اليمنى" وبعض الناس يطلع لك رجله اليسرى وإلا يدخل الثنتين جميع، وإلا يطلعهن جميع أين السنة يا إخوان؟ لا، يفرش اليسرى ويجلس عليها، مقعدته على رجله اليسرى المفروشة التي ظهرها إلى الأرض وبطنها إليه، وينصب اليمنى. "جلس على رجله اليسرى ونصب اليمنى، وإذا جلس في الركعة الأخيرة قدم اليسرى ونصب الأخرى, وقعد على مقعدته" هذا يسمى التورك، يقدم الرجل اليسرى فيدخلها تحت رجله اليمنى، وإن جعلها بين ساقه وفخذه وأمكنه ذلك من غير مشقة فقد جاءت به السنة، الحديث في سنن أبي داود، إن أمكنه ذلك من غير مشقة، لكن إذا كان ممن يحمل اللحم لا يمكنه ذلك.

يتورك، إيش معنى يتورك؟ يدخل رجله اليسرى تحت رجله اليمنى، تحت ساقه الأيمن، وينصب الأخرى التي هي اليمنى ويقعد بمقعدته -عجيزته- على الأرض، هذا وضع الجلوس في التشهد الأخير، والعلماء يختلفون في كيفية الجلوس في التشهد الأول والثاني، فعند الحنفية الافتراش في كل جلوس، ما عنده شيء اسمه تورك، يفترشون في التشهد الأول والثاني، عند المالكية يتوركون في كل تشهد، عند المالكية يتوركون في كل تشهد، وعند الشافعية التورك في كل تشهد يعقبه سلام، في كل تشهد يعقبه سلام، وعند الحنابلة الافتراش في الأول، والتورك في الثاني على ضوء ما جاء في هذا الحديث، الحنفية ما عندهم إلا الافتراش، المالكية التورك مطلقاً في كل تشهد، الشافعية في كل تشهد يعقبه سلام، فهم يوافقون المالكية في تشهد الثنائية إذا لم يكن بعد التشهد سجود سهو، إذا كان بعده سجود سهو فإنه لا يعقبه السلام وحينئذٍ لا تورك ولو كان التشهد ثاني أخير، والحنابلة يفرقون بين التشهد الأول والثاني فيفترشون في الأول ويتوركون في الثاني، ولو كان بعده سجود سهو على ضوء ما جاء في حديث أبي حميد، والحديث مخرج في الصحيح، وبينه أبو حميد بين جمع من الصحابة. هذا سؤال. طالب:. . . . . . . . . كيف؟ طالب:. . . . . . . . . بس أشوف هذا السؤال من الإنترنت. يقول: هناك من لا يستطيعون الاعتدال في الجلوس بين السجدتين فيرفعون رؤوسهم قليلاً ثم يسجدون بحجة أن الجلوس باعتدال بين السجدتين متعبة لأسباب جسدية؟ لا حرج عليه، الذي لا يستطيع .. ، الذي لا يستطيع أن يؤدي ما أمر به فإنه لا يلزمه، ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها، والقيام ركن من أركان الصلاة، وقد قال النبي -عليه الصلاة والسلام- لعمران بن حصين: ((صلِ قائماً فإن لم تستطع فقاعداً، فإن لم تستطع .. )) والتكاليف كلها مقرونة بالاستطاعة، ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها، والله أعلم. وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد.

كتاب الصلاة (13)

بلوغ المرام – كتاب الصلاة (13) تابع شرح: باب صفة الصلاة الشيخ/ عبد الكريم بن عبد الله الخضير الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: قال -رحمه الله-: "وعن علي بن أبي طالب -رضي الله تعالى عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه كان إذا قام إلى الصلاة قال: ((وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض)) .. إلى قوله: ((من المسلمين))، ((اللهم أنت الملك لا إله إلا أنت, أنت ربي وأنا عبدك)) .. إلى آخره، رواه مسلم. وفي رواية له: "أن ذلك في صلاة الليل". علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- في دعاء الاستفتاح للصلاة وهو واحد من أدعية وأذكار تقال بعد التكبير وقبل القراءة، ويأتي شيء منها، المقصود أن هذا الاستفتاح الذي يرويه علي بن أبي طالب مخرج في صحيح مسلم "عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: أنه كان إذا قام إلى الصلاة" (قام إلى الصلاة) فهم بعضهم أن هذا القيام من النوم، وأن هذا في صلاة الليل، لكن ليس من الأدلة ما يدل عليه، بل جاء ما يدل كما في سنن أبي داود أنه في المكتوبة، ولذا تعقب الشيخ عبد العزيز بن باز -رحمه الله تعالى- الحافظ في وهمه هذا في رواية له: أن ذلك في صلاة الليل، لا يدل .. ، ليس فيه ما يدل على أنها صلاة ليل، فالشيخ نبه على أن هذا وهم من الحافظ، وذلك في تعليقه على فتح الباري، بل نص أبو داود في روايته على أنها في المكتوبة، وهي أيضاً في صحيح ابن حبان نص على أنها في المكتوبة.

"أنه كان إذا قام إلى الصلاة قال: ((وجهت وجهي)) ((وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض)) " يعني قصدي واتجاهي لله -عز وجل- الذي فطر ابتدأ خلق السماوات والأرض، "إلى قوله: ((من المسلمين)) " ((وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض)) ثم قال -عليه الصلاة والسلام-: ((اللهم أنت الملك، لا إله إلا أنت، أنت ربي وأنا عبدك ظلمت نفسي، واعترفت بذنبي، فاغفر لي ذنوبي جميعاً إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، واهدني لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عني سيئها لا يصرف عني سيئها إلا أنت لبيك وسعديك، والخير كله في يديك، والشر ليس إليك، أنا بك وإليك، تباركت وتعاليت، أستغفرك وأتوب إليك)) هذا دعاء الاستفتاح يرويه علي -رضي الله عنه- كما في الصحيح -صحيح مسلم- بهذا اللفظ، والتقييد بصلاة الليل كما نبه الحافظ على ذلك وهم منه، بل جاء ما يدل على أنه في المكتوبة، ولا يمنع أن يقال في صلاة الليل؛ لأن ما يقال في الفريضة يقال في النافلة، وهذا أحد أدعية الاستفتاح، وسيأتي الاستفتاح في حديث أبي هريرة وفي حديث عمر وغيرها من أنواع الاستفتاح. وهل يقال كل ما ثبت عن النبي -عليه الصلاة والسلام- من أدعية الاستفتاح بأن يجمع هذا -يضم- إلى استفتاح حديث أبي هريرة؟ ويضم الاستفتاح الوارد في حديث عمر؟ تضم جميعها فتقال في وقت واحد، أو يرجح بين هذه الاستفتاحات ويقتصر على أصحها وأقواها؟ أو يكون اختلافها من باب اختلاف التنوع فيستفتح بهذا مرة، وبذاك أخرى، والثالث ثالثة وهكذا؟ وهذا هو المتجه لأنه ما دام ثبتت عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه قالها كلها فعلى المسلم أن يقتدي به -عليه الصلاة والسلام- فيستفتح مرة بهذا، ومرة بذاك، ومرة بالثالث حتى يأتي على جميع ما ورد عنه -عليه الصلاة والسلام-، أو ما ثبت عنه -عليه الصلاة والسلام-، وقل مثل ذلك في التشهد على ما سيأتي، التشهد في حديث ابن مسعود، تشهد ابن مسعود، تشهد ابن عباس، تشهد عمر .. إلى غيره، فهذا من اختلاف يسميه أهل العلم اختلاف تنوع، وليس باختلاف تضاد حتى يطلب الترجيح. هل نحن بحاجة إلى شرح مفردات الحديث أو هو واضح؟ ننتقل إلى استفتاح أبي هريرة؟ وفيه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: سم.

"وعن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- قال: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا كبر للصلاة سكت هنية قبل أن يقرأ فسألته, قال: ((أقول: اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب, اللهم نقني من خطاياي كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس, اللهم اغسلني من خطاياي بالماء والثلج والبرد)) متفق عليه". حديث عمر. "وعن عمر -رضي الله تعالى عنه- أنه كان يقول: "سبحانك اللهم وبحمدك, وتبارك اسمك, وتعالى جدك, ولا إله غيرك" رواه مسلم بسند منقطع, والدارقطني موصولاً وهو موقوف". طيب ونحوه. "ونحوه عن أبي سعيد -رضي الله تعالى عنه- مرفوعاً عند الخمسة، وفيه: وكان يقول بعد التكبير: ((أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم من همزه ونفخه ونفثه)) ".

هذا الاستفتاح الوارد في حديث أبي هريرة "قال: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا كبر في الصلاة" كبر تكبيرة الإحرام "سكت" وكان من حرص أبي هريرة وهو من أحرص الناس على الخير، وفي رواية: "على الحديث" سأل النبي -عليه الصلاة والسلام-: "أرأيت سكوتك بين التكبير والقراءة ما تقول؟ كان النبي -عليه الصلاة والسلام- يسكت هنيهة, أي وقت لطيف، قبل أن يقرأ, بين تكبيرة الإحرام وبين قراءة الفاتحة يسكت، فسأله أبو هريرة لحرصه على الخير، لحرصه على الاقتداء، فقال: " ((أقول: اللهم باعد بيني وبين خطاياي)) ((اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب)) " معناه: اللهم اجعل لي من تقواك وخشيتك ما يحول بيني وبين الخطايا، ويبعدني عنها ويبعدها عني كما بعد المشرق والمغرب، فكون أنه يستحيل التقاء المشرق بالمغرب فاجعل مباشرتي للذنوب والخطايا مستحيلاً كاستحالة لقاء المشرق بالمغرب، (( .. بيني وبين خطايا كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم نقني من خطاياي)) نقني وطهرني ونظفني من خطايا، من هذه الذنوب التي اقترفتها، ((كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس)) وهذا يقوله النبي -عليه الصلاة والسلام- المعصوم، المعصوم يقول هذا الكلام، وهذا من باب التعليم لأمته -عليه الصلاة والسلام- الذين يباشرون هذه الخطايا والذنوب، فكونه -عليه الصلاة والسلام- يطلب هذا من ربه ليقتدى به في ذلك أن يطهر وينقى من الذنوب والخطايا وهو معصوم من وقوعها، وقد يقال: إن الخطايا بالنسبة له -عليه الصلاة والسلام- فعل خلاف الأولى، من باب ما يقولون: حسنات الأبرار سيئات المقربين، فيريد أن يباعده، يطلب من الله -جل وعلا- أن يباعده من فعل خلاف الأولى، كما باعد بين المشرق والمغرب، وأن يطهره من هذا الفعل، وأن ينقيه كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس بالغسيل، بالماء وغيره من المنظفات ((اللهم نقني من خطايا)) ((اللهم اغسلني من خطاياي بالماء والثلج والبرد)) التنقية تخلية، والغسيل إيش؟ تحلية، والتخلية قبل التحلية، إذا جئت بثوب فيه بقع وأردت تنظيفه أول ما تبدأ بإزالة هذه البقعة، ثم بعد ذلك تنظفه، إذا أردت أن تصبغ الجدار وفيه بقع قد تظهر وتؤثر على السبغ

الجديد تحرص على إزالة هذه البقع من باب التخلية، ثم بعد ذلك تأتي إلى التحلية، في حديث الدعاء للميت ماذا نقول؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . كيف؟ طالب:. . . . . . . . . نعم؟ طالب:. . . . . . . . . طيب؟ طالب:. . . . . . . . . يعني هل المناسب ترتيب الجملتين هنا أو ترتيب الجملتين في دعاء الميت؟ أو مساقهما واحداً؟ هناك: ((اللهم اغسله بالماء والثلج والبرد، ونقه من الذنوب والخطايا)) وهنا: "اللهم نقه، اللهم اغسله" أيهما أنسب أن يدعى به؟ ينقى ثم يغسل أو يغسل ثم ينقى؟ ينقى ثم يغسل هذا أولى، قد يكون هذا بالنسبة للحي أولى وذاك بالنسبة للميت أولى، إذا جزمنا بأن هذا هو الترتيب النبوي، وإلا إذا أوردنا احتمال أن هذا من تصرف الرواة، وتجوز الرواية بالمعنى والتقديم والتأخير بما لا يخل بالمعنى كما أجازه جمهور أهل العلم، نقول: لعل هذا من تصرف الرواة. هذا الحديث يقول فيه النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((اللهم باعد بيني)) وهذا متفق عليه في الصحيحين، خص نفسه بالدعاء، خص النبي -عليه الصلاة والسلام- نفسه بالدعاء، ((اللهم باعد بيني)) ما قال: باعد بيننا، وجاء في حديث حسن في ذم الإمام الذي يخص نفسه بالدعاء دون المأمومين، جاء ذمه الذي يخص نفسه بالدعاء دون المأمومين، في تعارض وإلا ما في تعارض؟ النبي -عليه الصلاة والسلام- خص نفسه: ((اللهم باعد بيني وبين خطاياي)) نعم في تعارض وإلا ما في؟ طالب:. . . . . . . . . كيف؟ كل مصلي يقول هذا الدعاء، لو ما قال هذا الدعاء، قال: "سبحانك اللهم بحمدك تبارك اسمك" .. إلى آخره، ما دعا، فالإمام خص نفسه بالدعوة دونهم، نعم. طالب:. . . . . . . . . كيف؟ طالب:. . . . . . . . . نعم؟ طالب:. . . . . . . . .

جهر؟ طيب، ابن خزيمة ومنزلته عند أهل العلم في هذا الباب، في باب التأليف والتوفيق بين الأحاديث المتعارضة معروفة عند أهل العلم في باب مختلف الحديث، ونقل عنه أنه كان يقول: "لا يوجد حديثان عن النبي -عليه الصلاة والسلام- متعارضان، فمن كان عنده فليأتني لأؤلف بينهما" ابن خزيمة وهو إمام الأئمة هنا في هذا الباب ما استطاع أن يوفق، فحكم على الحديث الآخر بأنه موضوع؛ لأنه معارض بهذا الحديث الصحيح، لكن شيخ الإسلام له رأي، له رأي، يقول: "إن النهي عن الدعاء من قبل الإمام بخصوصه دون المأمومين هذا خاص بالدعاء الذي يؤمن عليه كدعاء القنوت" يعني لو صليت خلف إمام وراءه صفوف من المصلين، فيقول: "اللهم اهدني فيمن هديت" والمأمومين يقولون: "آمين"، "اللهم عافني في من عافيت" يتصور هذا؟ هذا يصلح؟ لا، لا، هذا الدعاء الذي يؤمن عليه، هذا شيخ الإسلام يقول هذا، وأنه خاص بالدعاء الذي يؤمن عليه، ومنهم من يقول -وذكره السخاوي-: إن هذا المنهي عنه الدعاء الذي ينفرد به الإمام دون ما يشرع للجميع، دون ما يشرع للجميع، يشرع للإمام أن يستفتح، يشرع للمأموم أن يستفتح، يشرع للإمام أن يدعو بين السجدتين، يشرع للمأموم أن يدعو .. ، وهكذا، لكن ليس للإمام أن يدعو بدعاء مطلق في السجود أو بعد التشهد بدعاء يخص نفسه به فيقع في المحظور. ((كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم اغسلني من خطاياي بالماء والثلج والبرد)) بالماء والثلج والبرد الآن هل المناسب لإزالة الأوساخ الماء الحار وإلا الماء البارد؟ نعم، يعني الملابس تغلى وإلا .. ؟ نعم ليذهب وسخها ودرنها وإلا يعمد إلى الماء البارد وتزال به الأوساخ؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . كيف؟ طالب:. . . . . . . . . يعني الماء الحار أنسب لإزالة الوسخ، لكن قالوا: إن الذنوب لها حرارة، حرارة في القلب يناسب هذه الأمور، وهذه الأشياء الباردة تناسب هذه الحرارة.

أما الحديث الثالث في تشهد عمر -رضي الله عنه- يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "وعن عمر -رضي الله تعالى عنه- أنه كان يقول: "سبحانك اللهم وبحمدك" سبحانك اللهم وبحمدك "وتبارك اسمك, وتعالى جدك, ولا إله غيرك" رواه مسلم بسند منقطع, ورواه الدارقطني موصولاً، وهو موقوف" على عمر -رضي الله عنه-، أما كونه موقوف على عمر هو صحيح، صحيح لا إشكال فيه من قول عمر -رضي الله عنه-، كونه عند مسلم بسند منقطع لأنه من رواية عبدة بن أبي لبابة عن عمر ولم يسمع من عمر، ولم يسمع من عمر، والنووي يعتذر عن مسلم -رحم الله الجميع- بأن مسلماً أورده عرضاً لا قصداً، عرضاً لا قصداً، إيش الجواب هذا؟ أقول: هذا الجواب وجيه وإلا ليس بوجيه؟ نعم هذا ليس بوجيه، هذا الجواب ليس بوجيه، أورده مسلم في صحيحه وهو في الجملة صحيح إلى عمر، وهو في الجملة صحيح إلى عمر -رضي الله عنه-. كان يقول -يعني بعد تكبيرة الإحرام-: "سبحانك اللهم وبحمدك" أي أسبحك حال كوني متلبساً بمحمدك، "تبارك اسمك" تبارك اسمك: تعالى وتعاظم "تعالى جدك" حظك ارتفع "ولا إله غيرك، ولا رب سواك" لا إله غير الله، تعالى جدك في سورة الجن {وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا} [(3) سورة الجن] والجد: هو الحظ والنصيب "ولا ينفع ذا الجد منك الجد" يعني لا ينفع صاحب الحظ منك حظه، بعض المفسرين يقولون: {وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا} [(3) سورة الجن] يقولون: هذا من قول الجن وهذا من جهلهم، حيث توهموا أن له جداً، لكنه قول ضعيف لا حظ له من النظر، يعني إذا جهل الجن وتوهموا أن له جداً فكيف يقال بالنسبة لمثل هذا: "تعالى جدك"؟ فالجد: هو الحظ والنصيب.

فالحديث منقطع عند مسلم موصول عند الدارقطني وهو صحيح ثابت عن عمر -رضي الله عنه- من قوله، وعمر -رضي الله عنه- خطب به على المنبر، ولذا يرجحه جمع من أهل العلم، الإمام أحمد عنده أرجح أنواع الاستفتاح هذا، الإمام أحمد .. ، الحنابلة أرجح أنواع الاستفتاح عنده وأذكار وأدعية الاستفتاح هذا؛ لأن عمر -رضي الله عنه- خطب به على جمع من الصحابة، وما أنكره أحد، وإن كان الذي قبله من حديث أبي هريرة متفق عليه موصول، مرفوع، ما فيه إشكال، وهو أصح منه، ومثل ما قدمنا ينبغي أن يكون المسلم متنقلاً بين هذه الاستفتاحات، فمرة يستفتح باستفتاح أبي هريرة، ومرة باستفتاح علي، ومرة باستفتاح عمر، ومرة بغيره من الاستفتاحات، وهناك الاستفتاحات المطلقة كما ذكر، واستفتاحات في صلاة الليل وغير ذلك. يقول: "ونحوه" يعني نحو حديث عمر -رضي الله عنه- "عن أبي سعيد -رضي الله عنه- مرفوعاً عند الخمسة" الخمسة: أحمد، أبو داود، الترمذي، النسائي، ابن ماجه، "عن أبي سعيد الخدري مرفوعاً عند الخمسة" الإمام أحمد يقول: لا يصح هذا الحديث، حديث أبي سعيد، يعني أنه لا يصح مرفوع إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- وإن صح عن عمر، والألباني -رحمه الله تعالى- صححه، صحح حديث أبي سعيد في الإرواء وغيره من مؤلفاته، فكونه يثبت موقوفاً على عمر لا يعني أنه يثبت مرفوعاً، لكن هل الحديث الضعيف ينجبر بالموقوف، هل المرفوع ينجبر بالموقوف أو لا ينجبر؟ وهل يختلف الأمر فيما إذا كان قائل للموقوف هو راوي المرفوع أو غيره؟ يعني لو قلنا: إنه حديث عمر يروى عنه موقوفاً بسند صحيح ومرفوعاً بسند ضعيف، هل نقول: إن الموقوف يجبر المرفوع أو نقول: إن المرفوع يعل بالموقوف؟ أو إذا كان حديث آخر واحد موقوف بسند ومرفوع عن صحابي آخر يختلف الأمر أو لا يختلف؟ لأن من رأى أن حديث أبي سعيد المرفوع ينجبر بالموقوف -وهذا صنيع الشيخ الألباني -رحمه الله- يصحح، ومن رأى أن المرفوع يعل بالموقوف ضعّف، كما هو صنيع الإمام أحمد، والشيخ الألباني -رحمه الله- جارٍ على قواعد المتأخرين، والإمام أحمد جارٍ على طريقة المتقدمين في بيان العلل والحكم بالقرائن.

حديث أبي سعيد ضعيف، والزيادة التي فيه "وفيه: وكان يقول بعد التكبير" هذه لها شواهد، ولها طرق تبلغ بمجموعها درجة الصحيح لغيره "كان يقول بعد التكبير: ((أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم)) " ((أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم)) هذا تابع للاستفتاح أو لبداية القراءة؟ {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ} [(98) سورة النحل] أقول: هل هذا من الاستفتاح أو هذا للبداءة في القراءة؟ {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ} يعني: إذا أردت القراءة فاستعذ بالله؟ نعم؟ هذا من الاستفتاح بمعنى أنه يقول الاستفتاح الذي ذكر ويتبع الاستفتاح: أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم من همزه ونفخه ونفثه، ثم يستعيذ للقراءة ويبسمل؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . إذن هو من أجل القراءة، وهل للقارئ خارج الصلاة أن يقول: أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم من همزه ونفخه ونفثه، بسم الله الرحمن الرحيم، ثم يقرأ القرآن؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . نعم يا إخوان؟ هاه؟ طالب:. . . . . . . . .

القراءة لا شك أنها لها استعاذة، والاستعاذة بهذه الصيغة المقرونة بدعاء الاستفتاح، نسأل ثانية، نقول: هل هي تابعة للاستفتاح بمعنى أنه يستعيذ ثانية للقراءة، أو نقول: إن هذه للقراءة؟ وعلى هذا يكون مثل هذا إذا قيل في الصلاة ففي خارج الصلاة من باب أولى؛ لأن الأمر فيها أوسع، فإذا أراد قراءة القرآن خارج الصلاة يقول: أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم من همزه ونفخه ونفثه، بسم الله الرحمن الرحيم، ثم يقرأ ما شاء، نعم يعني هذا خاص بما كان داخل الصلاة، ويستعيذ للقراءة أو لا يستعيذ؟ لأنه مأمور بالاستعاذة {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ} [(98) سورة النحل] وإذا استعاذ للفاتحة لقراءة الفاتحة هل يستعيذ .. ؟ هل يستعيذ لقراءة السورة؟ وإذا قلنا: إن قراءة الركعة الواحدة قراءة واحدة تكفي استعاذة واحدة هل يستعيذ للركعة الثانية أو تكفي الاستعاذة الأولى بناءً على أن قراءة الصلاة بمجموعها قراءة واحدة؟ الآن يا الإخوان القارئ أليس مأموراً بالاستعاذة؟ مأمور، طيب، استعاذ وقرأ ثم طبق المصحف وراح يشرب ورجع يستعيذ؟ نعم يستعيذ، هل نقول: إن مثل هذا التصرف يشبهه قراءة الركعة الثانية؟ يعني ترك القراءة ثم رجع إليها، أو نقول: قراءة الصلاة قراءة واحدة فتكفي استعاذة واحدة؟ كيف؟ طالب:. . . . . . . . . الآن معنا وإلا ما أنت معنا؟ طالب:. . . . . . . . . نعم إيه المسألة يختلفون فيها تبعاً لاختلافهم في القراءة، هل القراءة واحدة مع وجود هذه الفواصل المشروعة؟ نعم، كما لو مر عليه وهو يقرأ آيات رحمة، وأكثر من سؤال الله -عز وجل-، والتضرع بين يديه ثم رجع إلى القراءة هو في حكم القراءة المتتابعة؛ لأن هذا من لواحق هذه القراءة، مر بآية تسبيح، مر بآية عذاب وما أشبه ذلك فأكثر من هذه الأشياء ثم رجع للقراءة، نقول: هو مازال في القراءة، ولذا يختلفون في مثل هذا، فمنهم من يرى أن قراءة الصلاة قراءة واحدة تكفي فيها استعاذة واحدة، وأما بالنسبة للبسملة فسيأتي الكلام فيها، ومنهم من يقول: لا، كل ركعة قراءة مستقلة، لوجود الفاصل الطويل، لوجود الفاصل الطويل استعاذة، وكان الاستئناف وجيه، الاستئناف وجيه، نعم؟

طالب:. . . . . . . . . إيه. طالب:. . . . . . . . . لكن هذه سجدة يسيرة، أما يمكن يتصور في الصلاة أن يطيل الركوع، يطيل الرفع، يطيل السجود، يطيل الفصل في القراءة، وعلى كل حال المسألة قابلة، يعني نظير ما قيل في صيام رمضان هل هو عبادة واحدة أو عبادات متعددة؟ هل تكفي فيه نية واحدة أو يحتاج إلى نيات كل يوم بيومه؟ نظير الخلاف في هذا. يقول: "ونحوه عن أبي سعيد -رضي الله عنه- مرفوعاً عند الخمسة، وفيه: وكان يقول بعد التكبير: ((أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم, من همزه ونفخه ونفثه)) " الصيغة، صيغة الاستعاذة للقراءة الصيغة المشروعة هل المشروع أن يقول: أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم -كما هنا- أو يقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم؟ الاستعاذة جاءت في القرآن مقرونة بالاسمين السميع العليم، ومجردة عنهما {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ} [(98) سورة النحل] نعم، من إيش؟ فيه السميع العليم؟ ما في السميع العليم {وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ} [(36) سورة فصلت] طالب:. . . . . . . . . نعم فجاءت مرة مقرونة بالاسمين ومرة مجردة، لكن آية النحل التي هي أقرب إلى ما معنا ليس فيها ذكر للسميع العليم؛ لأنك وأنت تستعيذ تمتثل ما أمرت به {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} [(98) سورة النحل] فإذا قلت: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم امتثلت الأمر، لكن هل نقول: إن هذا أكمل أو أكمل منه أن يأتي بمثل هذا الصيغة الموجودة في هذا الحديث أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم؟ محل نظر عند أهل العلم، وكثير منهم يرجح أنه بدون هذين الاسمين.

((أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم من همزه ونفخه ونفثه)) السميع للأقوال، والعليم بالأفعال والأحوال والضمائر، ((من الشيطان الرجيم)) فعيل بمعنى مفعول يعني مرجوم ((من همزه)) همز الشيطان وهو الجنون ((ونفخه)) والمراد به الكبر، الشيطان ينفخ الإنسان فيتكبر على أقرانه، فالكبر من الشيطان، ((ونفثه)) العلماء فسروا النفث بالشعر، ومنهم من فسره بالسحر، السحر يستعاذ منه على كل حال، والشعر يستعاذ مما اشتمل على هجاء أو فخر أو غزل أو ما أشبه ذلك، هذا يستعاذ منه، وهو من نفث الشيطان. حديث عائشة، سم. "وعن عائشة -رضي الله تعالى عنها- قالت: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يستفتح الصلاة بالتكبير والقراءة: بـ (الحمد لله رب العالمين)، وكان إذا ركع لم يشخص رأسه ولم يصوبه, ولكن بين ذلك، وكان إذا رفع من الركوع لم يسجد حتى يستوي قائماً، وإذا رفع من السجود لم يسجد حتى يستوي جالساً، وكان يقول في كل ركعتين التحية، وكان يفرش رجله اليسرى، وينصب اليمنى، وكان ينهى عن عقبة الشيطان, وينهى أن يفترش الرجل ذراعيه افتراش السبع، وكان يختم الصلاة بالتسليم" أخرجه مسلم, وله علة". هذا حديث عائشة وهو من الأحاديث التي يدور عليها الباب في بيان صفة صلاة النبي -عليه الصلاة والسلام-، من أهم ما يشرح في هذا الباب حديث المسيء وقد تقدم، وحديث أبي حميد، وحديث عائشة الذي معنا. "عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" و (كان) تدل على الاستمرار، "يستفتح" المقصود به يفتتح، وليست السين والتاء هنا للطلب، "يستفتح الصلاة بالتكبير" جنس الصلاة، أي صلاة تستفتح بالتكبير، الفريضة والنافلة، الصلوات العامة من الخمس وغيرها، والخاصة الجنائز والكسوف والعيدين وغيرها من الصلوات كلها يستفتح جنس الصلاة بالتكبير، السجود سجود الشكر والتلاوة عند من يرى أنها من الصلاة يقول: تستفتح بالتكبير، مفتاحها التكبير لأنها صلاة، والذي يقول: إنها ليست بصلاة يقول: لا يلزم التكبير، وتأتي في موضعها -إن شاء الله تعالى-، لكن جنس ما يسمى صلاة يستفتح بالتكبير.

"الصلاة بالتكبير والقراءة" المقصود بالقراءة قراءة القرآن، فلا يستدل بهذا على عدم مشروعية الاستفتاح كما يقول المالكية، يكبر ويقرأ على طول، "يستفتح الصلاة بالتكبير والقراءة بـ (الحمد لله) " نقول: نعم يستفتح القراءة بـ (الحمد لله)، لكن هل في ذلك ما ينفي أن الصلاة تستفتح بغير القراءة، في أدعية الاستفتاح وأذكار الاستفتاح؟ ليس في الحديث ما يدل على نفي ذلك وإن قال به المالكية. "والقراءة بـ (الحمد لله رب العالمين) " القراءة بـ (الحمد لله رب العالمين)، قد يستدل بهذا من يرى عدم مشروعية البداءة بالبسملة، والاستعاذة كما يقوله المالكية أيضاً، يستفتح القراءة بـ (الحمد لله رب العالمين) ويستدل به من لا يرى الجهر بالبسملة، فتستفتح القراءة المجهور بها بالحمد لله رب العالمين، وأما ما يسر كالاستفتاح والاستعاذة والبسملة فهو يكون واقعاً بين التكبير وقبل القراءة، وأما القراءة فتستفتح بالحمد، وللشافعية أن يقولوا: إن المراد بـ (الحمد لله رب العالمين) السورة بما في ذلك البسملة، فيجهر بالبسملة على ما سيأتي في حكم الجهر بالبسملة. "يستفتح القراءة بـ (الحمد لله رب العالمين) " الحمد: بالضم على الحكاية لأنك تحكي آية كما هي في القرآن، تستفتح القراءة، قراءة القرآن بسورة الفاتحة، بجميع ما اشتملت عليه من آياتها السبع، والبسملة، وقبلها الاستعاذة والاستفتاح.

"وكان إذا ركع -عليه الصلاة والسلام- لم يشخص" يشخص: يعني يرفع رأسه {وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ} [(42) سورة إبراهيم] ترتفع الأبصار، والروح إذا خرجت شخص البصر، يعني تبع الروح، ارتفع البصر "لم يشخص رأسه" يعني لم يرفعه "ولم يصوبه" لم ينزل رأسه عن مستوى رأسه، فالتصويب: الإنزال والخفض، ومنه سمي المطر الصيب لأنه ينزل "ولم يصوبه" بل يستوي رأسه مع ظهره، وذكرنا صفة ركوعه -عليه الصلاة والسلام- فيما سبق، وأنه جاء في وصفه في بعض الروايات: "أنه لو صب الماء على ظهره لاستقر" مستوي، خلافاً لما يفعله كثير من أهل الغفلة من الركوع بما يشبه القيام، أو من أهل زيادة الحرص والتحري مع الجهل بحيث يكون رأسه قريباً من ركبتيه، وهذا يوجد مع الجهل، حرص مع جهل، وذاك يوجد مع الغفلة والتساهل، وصنيعه -عليه الصلاة والسلام- وسط. "وكان إذا ركع لم يشخص رأسه ولم يصوبه، ولكن بين ذلك" يكون ركوعه بين ذلك، بين الأشخاص والتصويب فيكون مستوياً معتدلاً، إذا رفع من الركوع، رفع: قام من الركوع، لم يسجد حتى يستوي جالساً، بل يطمئن -عليه الصلاة والسلام- قائماً، كما جاء في أمره المسيء صلاته بذلك ((ثم ارفع حتى تطمئن رافعاً)) قائماً، خلافاً لما يفعله بعض من ينتسب إلى أبي حنيفة من عدم الطمأنينة، فتجده مجرد ما يرفع رأسه من الركوع يخر ساجداً، أين الطمأنينة المأمور بها؟ صلاته على هذه الهيئة باطلة؛ لأن الطمأنينة ركن، ونص عليها في حديث المسيء في جميع الأركان لأهميتها. "وكان وإذا رفع من السجود لم يسجد حتى يستوي جالساً" ويقال فيه ما قيل في سابقه، "وكان يقول في كل ركعتين التحية" وكان يقول في كل ركعتين التحية والمراد بذلك التشهد المفتتح بالتحيات، كان يقول في كل .. ، يعني بعد كل ركعتين يقول التحية، فيتشهد بالتحيات لله .. إلى آخره، على ما سيأتي مما ورد من أنواع التشهدات، تشهد ابن مسعود، تشهد ابن عباس، تشهد عمر .. إلى آخره، المقصود أنه جاءت صيغ وألفاظ، وكل إمام من الأئمة اختار واحداً منها، وسيأتي الكلام فيها -إن شاء الله تعالى-.

"وكان يفرش رجله اليسرى، وينصب اليمنى" وجاء بيان ذلك أنه في التشهد الأول يفعل هذا، ويسمى الافتراش ويفعله أيضاً بين السجدتين، أما بالنسبة للتشهد الثاني فقد تقدم في حديث أبي حميد أنه يتورك فيه، يتورك فيه، ومضى بيان معنى الافتراش والتورك ومذاهب أهل العلم في ذلك. "وكان يفرش رجله اليسرى، وينصب اليمنى، وكان ينهى عن عقبة الشيطان" عقبة الشيطان سيأتي تفسيرها -إن شاء الله تعالى- في المنهيات، في المنهيات التي نهي فيها المسلم أن يشابه في صلاته الحيوانات "وينهى أن يفرش الرجل ذراعيه افتراش السبع" وسيأتي هذا -إن شاء الله تعالى- بأن يلصق ذراعيه في الأرض، "وكان يختم الصلاة بالتسليم" وكان يختم الصلاة بالتسليم قائلاً: السلام عليكم ورحمة الله عن يمينه، السلام عليكم عن يساره، وسيأتي ما فيه -إن شاء الله تعالى-. "أخرجه مسلم" أخرجه الإمام مسلم في صحيحه "وله علة" له علة، علته هي أن مسلماً -رحمه الله- خرجه من رواية أبي الجوزاء عن عائشة، وابن عبد البر وغيره على أن أبا الجوزاء لم يسمع من عائشة فهو منقطع، هذه علته، هذه علته، وهي علة ظاهرة، يعني يشملها مسمى العلة الأعم، لكن لو كانت خفية شملها مسمى العلة الأخص، أعل أيضاً بأن مسلماً أخرجه من طريق الأوزاعي مكاتبة، مكاتبة، الأوزاعي عن قتادة مكاتبة، ومعروف أن قتادة ولد أكمه، وكاتبه مجهول، هذه علة، المقصود أن الحديث وإن كان معلاً عند مسلم إلا أنه مروي من طرق عند أحمد وأبي داود وغيرهما، فالحديث صحيح، الحديث صحيح لا إشكال فيه -إن شاء الله تعالى-. اللهم صلِ وسلم وبارك على عبدك ورسولك.

كتاب الصلاة (14)

بلوغ المرام – كتاب الصلاة (14) تابع: شرح باب: صفة الصلاة الشيخ/ عبد الكريم بن عبد الله الخضير السلام عليكم ورحمة الله وبركاته يقول: ما رأيكم في تحقيقات الهيثمي والزيلعي للأحاديث تصحيحاً وتضعيفاً؟ الهيثمي لو اعتنى بقدر ما عنده من علم بالحديث، وحكم على الأحاديث بعد النظر التام فيها، لكن غالب أحكامه مختصرة، وكثيراً ما يقتصر على قوله: رجاله موثقون، ويكتفي بهذا، طيب موثقون ماذا تعني موثقون؟ يعني إذا صدر من أي إمام من أئمة الحديث توثيق لهذا الراوي ولو كان الجمهور على خلافه صار موثقاً، لا يعني أنه موثق يعني ثقة، لا، ورواته ثقات إلا فلان، فيه فلان، وفيه كلام، يعني ما يصدر أحكام دقيقة يصدر عنها طالب العلم وإلا فهو إمام من أئمة هذا الشأن. والزيلعي لا سيما في نصب الراية يفيض في تخريج الأحاديث، والكلام على رواتها، عنده نفائس في كتابه هذا، لكنه لم يبرأ من تأثير المذهب، فإذا تكلم في الأحاديث التي يستدل بها الحنفية لا شك يجيد، لكن إذا استدل بأحاديث أو ذكر أحاديث الخصوم يسميهم خصوم، من المذاهب الأخرى قد يحمله مذهبه من حيث يشعر أو لا يشعر على عدم الدقة في بعض الأحكام على بعض الأحاديث، وعلى كل حال يستفاد من هذه الكتب، يستفاد من هذه الكتب ولا يسلم القياد بإطلاق لهؤلاء، وإن كانوا من علماء هذا الشأن. يقول: ما هي أفضل طبعات تفسير البيضاوي؟

ما أدري ويش اللي دخل التفسير عندنا؟ تفسير البيضاوي تفسير متوسط، وهو تفسير بالرأي، وفيه بعض المخالفات العقدية، لكن العناية به من قبل أهل العلم ظاهرة، عليه حواشي كثيرة، ومفيد ونافع لا سيما فيما يتعلق بالصناعة اللفظية، نافع، لكن من أراد أقوال السلف في التفسير فعليه بتفسير ابن كثير فهو تفسير متوسط، وفيه أقوال السلف، على كل حال هذا يسال عن تفسير البيضاوي، تفسير البيضاوي طبع مراراً كثيرة، في تركيا طبع يمكن عشر مرات، وطبع معه حواشي مطولة ومختصرة، مطولة ومختصرة، فالأفضل للإنسان أن يأخذ حاشية من هذه الحواشي، وهي مصورة موجودة على أن يقتني صورة عن الطبعات القديمة، وإلا فالحواشي طبعت طبعات أخيرة بصف جديد فيها أخطاء كثيرة، يعني لو اعتنى بصورة من طبعة بولاق لحاشية الشهاب، واستفاد من التفسير وما كتبه صاحب الحاشية في ثمانية مجلدات، يعني يرجع إلى الحاشية عند الحاجة. يقول: هل يطلق على الحافظ ابن حجر أنه أشعري؟ هو لا شك أنه تأثر ببيئته الأشعرية، وفي كتابه -أعني فتح الباري- نقل أقوالهم وأقوال غيرهم، يعتني بأقوال السلف ويذكر أقوال المخالفين لمسائل الاعتقاد، وهو مضطرب لا ينسب إلى مذهب معين، وإن كانت بيئته أشعرية؛ لأنه أحياناً يرجح أقوال السلف. يقول: ما رأيكم فيمن يتهم المنهج السلفي بضيق الأفق والتعصب؟ إيش التعصب؟ التعصب لمن؟ إن كان التعصب للحق فمطلوب من كل مسلم أن يتعصب للحق. هل ورد. . . . . . . . .؟ أكثر من كتاب طبع بهذا الاسم، لكن المعروف .. ، أنا أعرف ثلاثة كتب طبعت بهذا، والذي يغلب على الظن أن السائل يسأل عن الباعث الحثيث للشيخ أحمد شاكر، الباعث الحثيث تعليقات على اختصار علوم الحديث للشيخ أحمد شاكر، والأصل للحافظ ابن كثير اختصر فيه ابن الصلاح. الفردوس للديلمي؟ هذا كتاب جمع فيه مؤلفه أحاديث لا خطام لها ولا زمام، بل ما تفرد به صاحب الفردوس، أو مسند الفردوس للولد وهو أمثل من أصله فهو ضعيف عند أهل العلم. . . . . . . . . . ... ومسند الفردوس ضعفه شُهر يقول: ما أفضل شرح لأبي داود؟

شرح الخطابي نفيس: (معالم السنن) على اختصاره، وإذا قرئ معه (عون المعبود) أو (بذل المجهود) أو (المنهل العذب المورود) للشيخ محمود خطاب، كفى -إن شاء الله-، مع تهذيب ابن القيم الذي لا يستغني عنه طالب علم. النسائي شروحه في غالبها مختصرات، (زهر الربى) للسيوطي، وحاشية السندي، والتعليقات السلفية، هناك أيضاً شرح معاصر مطول على سنن النسائي للشيخ محمد علي آدم معاصر موجود، يبلغ الأربعين مجلداً، ولكنه الآن يسعى لاختصاره ليكون في نصف هذا الحجم. يقول: هل هناك أصل لإعلان إسلام الكافر في المسجد وتكبير الناس لذلك، ومصافحتهم له وعناقهم إياه؟ أصل لهذه المسألة بخصوصها قد لا يوجد، لكن عمومات في الشريعة، كون الإنسان يشهر إسلامه له أصل، كثير من الصحابة أشهروا إسلامهم بين الملأ وأعلنوه، وفي المسجد أيضاً ليعرف الناس أن هذا صار أخاً لهم، له ما لهم، وعليه ما عليهم من الحقوق، وتكبير الناس فرحاً بذلك لا يوجد ما يمنع، وأيضاً مصافحتهم له، واحتفاؤهم به، وعناقهم إياه، كل هذا من باب التشجيع على مثل هذا العمل الطيب، والفرح بما يسر المسلم. هل يستوي حال النساء مع الرجال أو الرجال مع النساء في المجافاة بين العضدين في السجود؟ معروف أن الفقهاء ينصون على أن المرأة تجتمع وتلتئم وتنظم لكونه أستر لها، لكن في الصحيح -في صحيح البخاري-: "كانت أم الدرداء تجلس جلسة الرجل، وكانت فقيهة" ولا يعرف شيء يخص النساء في هذا الباب، فالأصل أن النساء داخلات في خطاب الرجال. الأسئلة كثيرة جداً يا الإخوان. يقول: بعض من يبيع السواك ... ؟ يبيع السواك إن أراد الجنس، جنس السواك، لا بأس، لكن هو لا يبيع سواك واحد، وجمع السواك إيش؟ طالب:. . . . . . . . . إيش؟ جمع السواك؟ طالب:. . . . . . . . . هاه؟ طالب:. . . . . . . . . جمع السواك، سُوك، سُوك. يقول: يبيعه بين الأذان والإقامة ما حكم ذلك؟ البيع بين الأذان والإقامة لا بأس به، لا بأس به، إنما الممنوع البيع بعد نداء الجمعة الثاني، أو إذا كان هذا البيع عقد يمتد إلى أن يفوت الجماعة فهذا يمنع لهذا لما يفضي إليه، سم. بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. قال الحافظ -رحمه الله تعالى-: "وعن ابن عمر -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- "كان يرفع يديه حذو منكبيه إذا افتتح الصلاة, وإذا كبر للركوع, وإذا رفع رأسه من الركوع" متفق عليه. وفي حديث أبي حميد عند أبي داود: "يرفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه ثم يكبر". ولمسلم عن مالك بن الحويرث -رضي الله عنه- نحو حديث ابن عمر ولكن قال: "حتى يحاذي بهما فروع أذنيه". نعم. الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

"وعن ابن عمر -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يرفع يديه" و (كان) تدل على الاستمرار، وأنه ملازم لهذا، "يرفع يديه حذو منكبيه" حذو مقابل، والمنكبين: تثنية منكب، وهو مجتمع رأس العضد مع الكتف "إذا افتتح الصلاة، وإذا كبر للركوع, وإذا رفع رأسه من الركوع" في ثلاثة مواضع، دل هذا الحديث عليها، أنه يرفع إلى أن يوازي ويقابل بيديه منكبيه، وفي حديث: "إلى فروع أذنيه" إلى فروع أذنيه، ومنهم من يقول: إن له أن لا يرفع إلى الأذنين بل يوازي المنكبين، ومنتهى الرفع إذا رفع يكون إلى فروع الأذنين، ومن أهل العلم -الشافعي- من جمع بجمع حسن بأن قال: "ظهور الكفين حذو المنكبين، وأطراف الأصابع إلى فروع الأذنين"، وهذا خلاف ما يفعله كثير من الناس في رفعهم عند تكبيرة الإحرام وعند الركوع والرفع منه، كثير من الناس يرفع رفعاً هو أشبه بالعبث، مجرد ما يقول بيده كذا هاه، ما يرفع ولا شبر، يعني ما تصل إلى سرته بعض الناس، هذا عبث، أنت المفترض أنك مسلم تقتدي بالنبي -عليه الصلاة والسلام- تحرص على معرفة السنة، تحرص على تطبيق السنة، تحرص أيضاً وتفقه كيف تطبق هذه السنة؟ بعض الناس عند الرفع يمسك بأذنيه، هذا موجود، أو يضع إبهاميه في سماخيه، كل هذا خلاف السنة، فلا الغلو والزيادة على القدر المشروع ولا الجفاء والتقصير عن القدر المشروع، فيرفع يديه حذو منكبيه، يجعل ظهور كفيه حذو المنكبين، والأصابع تصل إلى فروع الأذنين، وبذلك تجتمع النصوص، أما متى يرفع؟ فالرفع مقارن للنطق، ينبغي أن يقارن النطق، "يرفع يديه إذا افتتح" وفي رواية: "حين يكبر للصلاة" حين يكبر، يعني وقت التكبير، مع التكبير، لكن إن تقدم الرفع على التكبير أو تأخر عنه فلا بأس، رفع يديه ثم كبر، كبر ثم رفع يديه كل هذا ثابت.

مواطن الرفع: عند تكبيرة الإحرام، هذا لا يختلف فيه بين المذاهب الأربعة، بعض المذاهب البدعية لا ترى الرفع مطلقاً حتى عند تكبيرة الإحرام، والحديث رد عليهم، المواضع التي ترفع فيها اليدان عند تكبيرة الإحرام، وعرفنا أن هذا محل اتفاق بين المذاهب، لم يخالف في هذا من المذاهب المعتبرة أحد، عند الركوع والرفع منه يخالف في ذلك الحنفية، والجمهور على أن رفع اليدين عند الركوع والرفع منه سنة، سنة خلافاً لأبي حنيفة -رحمه الله-، هناك موضع رابع ثبت في صحيح البخاري من حديث ابن عمر إذا قام من الركعتين، إذا قام من الركعتين بعد التشهد الأول يرفع، وهذا هو الموضع الرابع، الحنابلة لا يثبتون هذا الموضع، لا يثبتون هذا الموضع، وإنما يكتفون بالثلاثة التي دل عليها هذا الحديث وما جاء في معناه، لا يثبتون الموضع الرابع لماذا؟ يعني هل خفي الحديث على إمامهم؟ هل خفي الخبر على كبار الأصحاب من الحنابلة؟ لا يقولون بهذا، الحديث لم يخف على الإمام أحمد، حديث ابن عمر، ولم يخف على كبار أصحابه بعد تدوين الكتب كالبخاري مثلاً، البخاري معروف لدى الخاص والعام، هل هؤلاء العلماء تعصبوا للإمام، وهل الإمام أعرض عن هذا الحديث من غير حجة؟ الحديث لم يثبت عند الإمام أحمد مرفوعاً، الراجح عند الإمام أحمد وقفه، وهو عند البخاري مرفوع، ترجح لديه رفعه، وأخرجه في الأصول معتمداً عليه، وهذه مسألة لا بد أن ينتبه لها، كثير من طلاب العلم ينتقص المذهب، لماذا؟ إذا انتقص مذهب الإمام أحمد ففي المذاهب الأخرى ما هو نظير هذا السبب الذي انتقص به الإمام أحمد ومذهب الإمام أحمد، لا تجد آحاد المتعلمين إلا في القليل النادر يعتذر لهؤلاء الأئمة، ولو قرأ في رفع الملام عن الأئمة الأعلام لشيخ الإسلام ابن تيمية عرف كيف يعتذر للأئمة، هل الإمام أحمد مطالب بتصحيح البخاري؟ هو أعظم من البخاري، هو أعظم من البخاري، فالإمام أحمد لا يثبت عنده الخبر مرفوعاً، وهو من أهل النظر والاجتهاد، إمام من أئمة المسلمين في هذا، ومن أهل الورع والتقوى، ومن أهل الاقتداء والائتساء، لكن طالب العلم في مثل هذه الأوقات هل يرفع يديه بعد الركعتين لأن الخبر ثبت في أصح كتاب بعد كتاب الله -عز

وجل-؟ أو يوازن بين أحمد والبخاري؟ نقول: ارفع يديك لكن لا تلم غيرك، شخص اقتدى بإمام تبرأ الذمة بتقليده ما يلام إذا كان من أهل التقليد، لكن أنت وقد تأهلت للنظر وتيسر لك البحث في الكتب، وعرفت أن هذا الخبر ثابت عن النبي -عليه الصلاة والسلام- لا مندوحة لك عن العمل به، لكن يبقى أنه يحفظ للأئمة أقدارهم، لماذا الإمام أحمد لا يرفع يديه بعد الركعتين؟ نقول: لم يثبت عنده الخبر مرفوع، والأئمة كثير من مخالفاتهم للنصوص إما لأن الخبر لم يبلغهم البتة، لا يفترض في إمام من أئمة المسلمين أن يحفظ جميع ما روي عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، إما أن يكون الخبر لم يبلغهم، أو يكون الخبر قد بلغهم على وجه لا تثبت به الحجة عندهم؛ لأن الإمام ما هو مكلف باجتهاد غيره، فهذه مسألة لا بد من التنبه لها، وهي أيضاً تجعلنا لا نلقي بالكلام على عواهنه بين آحاد المتعلمين، يعني الشخص الذي يقول عليه بتقليد الأئمة الكبار المتقدمين ونبذ قواعد المتأخرين، طيب إذا جاءك مثل هذا الحديث، وأنت تريد أن تحاكي المتقدمين ماذا تصنع؟ هل عندك معرفة وإحاطة بحيث تكونت لديك ملكة تحكم على الأحاديث من خلالها بقرائن؟ إلى الآن ما تأهلت، فعليك أن تتأهل قبل ذلك، ثم إذا تأهلت صرت أهلاً للنظر في الأحاديث والموازنة بينها لا بأس، لكن إذا كلف الطالب المبتدئ باقتفاء أثر المتقدمين ونبذ قواعد المتأخرين، وجاءه مثل هذا الحديث ماذا يصنع؟ ماذا يصنع؟ يقلد أحمد أو يقلد البخاري، كل منهما إمام، المقصود أن على طالب العلم المبتدئ ومن في حكمه أن يطلب العلم على الجادة، على الجادة وأن يتواضع في طلبه العلم، وأن يعرف للناس أقدارهم، وينزل الناس منازلهم، والله المستعان. الرفع -رفع اليدين- سنة عند جماهير أهل العلم، رفع اليدين في المواضع الثلاثة أو الأربعة سنة عند جماهير أهل العلم لم يقل به إلا نفر يسير من أهل العلم.

"في حديث أبي حميد" الذي تقدم شرحه في صفة صلاة النبي -عليه الصلاة والسلام-، وهو مخرج في الصحيح، لكن رواية أبي داود وهي زيادة صحيحة، هناك: رفع يديه حذو منكبيه، وهنا: "يرفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه ثم يكبر" والمقصود من هذه الزيادة ليس المقصود الرفع عند تكبيرة الإحرام؛ لأنها تقدمت، إنما المقصود الرفع في المواطن الأخرى، ولذا على المؤلف أن يقول: الحديث .. ، ثم يكبر الحديث، ليعرف القارئ أن المقصود من إيراد هذا الحديث المواضع الأخرى، فأفاد هذا الحديث رفع اليدين في المواضع الثلاثة كسابقه. "ولمسلم عن مالك بن الحويرث نحو حديث ابن عمر" الذي سبق في ذكر المواضع الثلاثة لرفع اليدين، "لكن قال: "حتى يحاذي بهما فروع أذنيه " وهذه في صحيح مسلم، وعرفنا كيف نوفق بين هذه الرواية التي تدل على أن الرفع يصل إلى فروع الأذنين، إلى فروع الأذنين يعني أطراف الأذنين، والتوفيق بينه وبين حديث: "حتى يحاذي بهما منكبيه" وأن ظهور الكفين يكون إلى المنكبين، وأطراف الأصابع تكون إلى فروع وأطراف الأذنين، وإن اقتصر على محاذاة المنكبين ولم يصل إلى فروع الأذنين تارة ورفع يديه حتى تصل إلى فروع الأذنين تارة فكل هذا ثابت، لكن يصل إلى هذا الحد، أقل الأحوال المنكبين، إما أن يرفع إلى السرة كما يفعل البعض .. ، كثير من الناس،. . . . . . . . . إيش؟ هذا رفع ذا؟ هذا عبث، أو يرفع قدر زائد ويمسك بأذنيه، أو يدخل إبهاميه في سماخيه، هذا أيضاً مبالغة لم يرد بها شرع، بعضهم يأخذ مدة وهو ممسك بأذنيه، كل هذا خلاف السنة، نعم. "وعن وائل بن حجر -رضي الله تعالى عنه- قال: "صليت مع النبي -صلى الله عليه وسلم- فوضع يده اليمنى على يده اليسرى على صدره" أخرجه ابن خزيمة".

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "عن وائل بن حجر ... قال: "صليت مع النبي -صلى الله عليه وسلم- فوضع يده اليمنى على يده اليسرى" يعني أمسك بيده اليمنى على ظهر كفه اليسرى والرسغ ووضع اليدين "على صدره" أخرجه ابن خزيمة" وهو صحيح بشواهده، وإن كان أصل الحديث في ابن خزيمة فيه مؤمَل بن إسماعيل وهو سيء الحفظ، لكن الحديث له شواهد يصح بها، يصل بها إلى درجة الصحيح لغيره، فهذه هي السنة، وهذا أقوى ما جاء في موضع اليدين، يضع اليمنى على يده اليسرى على صدره، الحديث إذا نظرنا إلى مفرداته فيها ضعف، لكن بمجموعها ترتقي إلى درجة الاحتجاج، والناس في هذا بين غالٍ وجافٍ، السنة وضع اليد على اليد اليمنى على اليسرى على الصدر، على الصدر هنا، وهناك من يغلو فيرفع يديه ويضعهما في عنقه، في عنقه، وقد يستدل لمثل هذا بقوله تعالى: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} [(2) سورة الكوثر] أي ضع يديك على النحر قيل هذا، وهذا فيه بعد شديد، المراد بالنحر هنا نحر ذبح النسك، ذبح النسك، صلِ لربك صلِ صلاة العيد، وانحر وتقرب إلى ربك بذبح النسك، والمرجح عند الحنابلة تحت السرة، تحت السرة يضع يديه كيف؟ طالب:. . . . . . . . . فوق أو تحت؟ طالب:. . . . . . . . . فوق السرة، فوق السرة يعني تحت الصدر وفوق السرة، جاء فيه خبر لكنه ضعيف، جاء فيه خبر لكنه ضعيف، فأقوى ما يروى في هذا أن تكون اليدان يقبض باليمنى على اليسرى فوق أو على صدره كما هنا، النووي في كتابه المنهاج، المنهاج للنووي في أي علم يبحث؟ طالب:. . . . . . . . . شرح صحيح مسلم لابن الحجاج؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . كيف؟ طالب:. . . . . . . . .

لا، المنهاج متن من متون الشافعية، شرح بشروح كثيرة، (تحفة المحتاج) (نهاية المحتاج) (مغني المحتاج) (السراج الوهاج) كتب كثيرة شرحت هذا الكتاب، فهو متن معتمد عن الشافعية، يقول: "ويجعل يديه تحت صدره" تحت صدره، وهذا قريب من قول الحنابلة، تحت صدره، والنص الذي معنا: "على صدره" على صدره، فهذا أولى ما يقال في هذا الباب، يوجه بعض الشراح يقول: كأنهم جعلوا التفاوت بين الصدر وما فوق السرة تفاوت يسير لا يؤثر، على كل حال نتقيد بما ورد، وأقوى ما في الباب حديث وائل بن حجر. يذكر عن مالك الإرسال إرسال اليدين، الذي ذكره مالك في الموطأ ما ذُكر هنا، وضع اليد اليمنى على اليسرى على صدره، ويروى عن مالك الإرسال، وصار إلى هذه الرواية أكثر المالكية، لكن المعروف عن مالك -رحمه الله تعالى- وهو المذكور في الموطأ وضع اليدين على الصدر كقول من يستدل بهذا الحديث وهو أولى وأصح ما ورد في الباب، نعم. "وعن عبادة بن الصامت -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا صلاة لمن لم يقرأ بأم القرآن)) متفق عليه، وفي رواية لابن حبان والدارقطني: ((لا تجزي صلاة لا يقرأ فيها بفاتحة الكتاب)) وفي أخرى لأحمد وأبي داود والترمذي وابن حبان: ((لعلكم تقرءون خلف إمامكم?)) قلنا: نعم، قال: ((لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب, فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها)) ". عبادة بن الصامت أحد النقباء شهد البيعة في العقبة الأولى والثانية والثالثة كما ذكر ابن عبد البر في الاستيعاب، فهو من كبار الصحابة، من الأنصار.

يقول: "قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا صلاة لمن لم يقرأ بأم القرآن)) " (لا) كما هو معروف نافية، ونافية للجنس ((لا صلاة لمن لم يقرأ بأم القرآن)) متفق عليه، والتقدير إما أن يقال: لا صلاة موجودة لمن لم يقرأ بأم القرآن، وهذا هو الأصل في النفي نفي الذات، أو لا صلاة صحيحة مجزئه مسقطة للطلب، أو لا صلاة كاملة لمن لم يقرأ بأم القرآن، فهل نستطيع أن نقول: لا صلاة موجودة لمن لم يقرأ بأم القرآن؟ أو قد توجد صورة الصلاة؟ هل نستطيع أن ننفي وجود الصلاة؟ يعني كما تقدم في حديث المسيء: ((صلِ فإنك لم تصلِ)) هل النفي لوجود الصلاة صورة الصلاة أو للصلاة المجزئة الصحيحة المسقطة للطلب؟ المجزئة الصحيحة، عندنا هذا تقدير ولا يمكن أن يقدر لأنه قد يصلي الإنسان بدون الفاتحة، يعني صورة ظاهرة، وهذه حقيقة عرفية للصلاة، لكن الحقيقة الشرعية للصلاة نعم، الصلاة الصحيحة المجزئة المسقطة للطلب، فإذا لم نستطع أن ننفي الحقيقة العرفية، ننظر إلى الحقائق الأخرى؛ لأن الأصل في الكلام المنفي نفي الحقيقة، المثبت إثبات الحقيقة، فلا نستطيع أن ننفي الحقيقة العرفية، توجد صلاة يقرأ ويكبر ويقرأ ويركع ويرفع ويسجد صلاة في ظاهرها لا إشكال فيها، في ظاهرها، فهذه صلاة عرفية. الصلاة في حقيقتها الشرعية المقصود بها الصحيحة المجزئة المسقطة للطلب، الذي لا يؤمر بإعادتها، هذا احتمال، الاحتمال الثالث أنه قد تنفى .. ، ينفى الشيء مع وجود حقيقته العرفية، ومع وجود حقيقته الشرعية لكن مع نفي الكمال عنه، لكن أيهما الأصل؟ الأصل نفي الحقيقة العرفية، إذا لم نتمكن من نفي الحقيقة العرفية فلا بد أن ننفي حقيقة؛ لأن النفي متجه إلى الحقائق، لكن إن لم نستطع أن نفي الحقيقة العرفية ولا الحقيقة الشرعية لوجود ما يصحح مثل هذه العبادة من أدلة أخرى اتجهنا إلى التقدير الثالث وهو نفي الكمال، فهي متسلسلة، نفي الحقيقة العرفية، لكن لا يمكن، نفي الحقيقة الشرعية وهي أقرب إلى الحقيقة العرفية ممكن، النفي مع الاحتمال الثالث وهو نفي الكمال ممكن لكنه أبعد عن الحقيقة من الاحتمال الثاني.

وعلى هذا لا صلاة صحيحة ولا صلاة مجزئة لمن لم يقرأ، لمن، و (من) من صيغ العموم تشمل كل مصلٍ، تشمل كل مصلٍ، فالحديث دليل على أن قراءة فاتحة الكتاب ركن في الصلاة بالنسبة لكل مصلٍ، وعندنا من أنواع المصلين: الإمام والمأموم والمنفرد والمسبوق، عندنا: إمام ومأموم ومنفرد ومسبوق، القسمة إيش؟ رباعية، دخول الإمام والمنفرد هذا لا إشكال فيه، يبقى عندنا المأموم وفيه الخلاف الطويل، ويبقى عندنا المسبوق ولولا حديث أبي بكرة لدخل المسبوق في عموم الحديث، لكن من الذي أخرج المسبوق حديث أبي بكر، وأنه جاء أبو بكر بعد ركوعه -عليه الصلاة والسلام- فركع دون الصف، هل قرأ الفاتحة؟ نعم ما قرأ الفاتحة، إذن المسبوق لا قراءة عليه، ويكون مخصوص من عموم هذا الحديث، فعندنا لزوم الفاتحة لكل مصلٍ حتى المسبوق إمام مأموم، منفرد، مسبوق، وهذا قيل به، قال به أبو هريرة -رضي الله عنه-، قال به أبو هريرة، يقول به جمع من أهل العلم، إلى الشوكاني -رحمه الله- قال به، فالبخاري -رحمه الله تعالى- بجزء القراءة نص عليه، فالفاتحة لازمة لكل مصلٍ، الذي يدرك الإمام في الركوع فاتته الركعة، ولو أدرك الركوع لماذا؟ لأنه لن يقرأ بفاتحة الكتاب، فعندنا أبو هريرة، البخاري، الشوكاني قراءة الفاتحة فرض، بل ركن لكل مصلٍ بما في ذلك المسبوق، الشافعية عندهم قراءة الفاتحة تلزم كل مصلٍ إلا المسبوق، لعموم الحديث وعمومه مخصوص بحديث أبي بكرة انتهينا من المسبوق. المذاهب الأخرى، المذاهب الأخرى تلزم الإمام والمنفرد، وأما المأموم فقراءة الإمام قراءةً له، ومنهم من يفرق بين ما إذا كانت الصلاة جهرية وبين ما إذا كانت الصلاة سرية، فتلزم في الصلاة السرية دون الجهرية لما يعارض مثل هذا الحديث من قوله -جل وعلا-: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُواْ لَهُ وَأَنصِتُواْ} [(204) سورة الأعراف] وإذا قرأ –يعني الإمام- فأنصتوا، أنت مأمور بالإنصات لا بالقراءة، لكن نقول: هذا عموم، إذا قرأ أي قراءة أنصت، إذا قرئ القرآن على أي وضع كان أنصت، نستثني من ذلك ونخصص هذه العمومات بحديث عبادة بن الصامت، نقول: إلا فاتحة الكتاب وعليه تدل الروايات الأخرى.

"في رواية لابن حبان والدارقطني: ((لا تجزي صلاة لا يقرأ فيها بفاتحة الكتاب)) " حديث أبي هريرة: ((كل صلاة لا يقرأ بها بفاتحة الكتاب فهي خداج)) ناقصة، "في أخرى لأحمد وأبي داود والترمذي وابن حبان: ((لعلكم تقرءون خلف إمامكم?)) قلنا: نعم، قال: ((لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب)) " في حديث أبي هريرة السابق: ((اقرأ بها في نفسك يا فارسي)) ((لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب، فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها)) فهذا دليل على أن الفاتحة تلزم المأموم، وهذا هو المرجح أن الفاتحة تلزم كل مصلٍ، إمام ومأموم ومنفرد ويستثنى من ذلك المسبوق. أبو حنيفة -رحمه الله تعالى- لا يرى لزوم قراءة الفاتحة لأي مصلي، إنما عليه أن يقرأ القرآن، يقرأ ما تيسر من القرآن، وتقدم في حديث المسيء: ((إذا قمت إلى الصلاة فأسبغ الوضوء ثم كبر ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن)) وجمهور أهل العلم حملوا ما تيسر على الفاتحة؛ لأنها هي المتيسرة غالباً، لكي تتفق النصوص، ولا يعارض حديث المسيء بحديث عبادة بن الصامت المتفق عليه. على كل حال نعود فنقول: الفاتحة تلزم كل مصلي عند أبي هريرة، البخاري، الشوكاني، الشوكاني نص على هذا في النيل، وإن كان في فتاويه (الفتح الرباني) له قول آخر، تلزم كل مصلي قول البخاري، وقبله أبو هريرة. القول الثاني: تلزم الإمام والمأموم والمنفرد دون المسبوق لحديث أبي بكرة. القول الثالث: تلزم الإمام والمنفرد والمأموم لا قراءة عليه إما مطلقاً أو في الجهرية دون السرية لتعارض الأحاديث، أو لا تلزم الفاتحة أصلاً بل اللازم ما تيسر من القرآن كقول أبي حنيفة -رحمه الله-. والكلام والمناقشات في هذه المسألة في الفاتحة وقراءة المأموم. يقول: ما صحة حديث: ((من كان له إمام فقراءة الإمام قراءة له؟ )) الحديث ضعيف، وهو عمدة من يرى عدم القراءة بالنسبة للمأموم، لكنه حديث ضعيف.

((ما لي أنازع القرآن؟ )) .. الحديث، ((ما لي أنازع القرآن؟ )) ((لعلكم تقرءون خلف إمامكم؟ )) نص، قلنا: نعم، ((ما لي أنازع القرآن؟ )) ((لعلكم تقرءون خلف إمامكم؟ )) قلنا: نعم، قال: ((لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب)) هذا نص ((فإنه لا صلاة لم يقرأ بها)) وهذا الحديث حسنه الترمذي وغيره، وهو قابل لأن يصحح، قابل لأن يصحح، المقصود أنه يحتج به، من يقول بقراءة المأموم خلف الإمام وهو المرجح يتحين ليجمع بين النصوص أن يقرأ في سكتات الإمام والإمام ينبغي له أن يترسل في قراءته ولا يستعجل ولا يحدر القراءة ويجعل هناك وقت لرد النفس يتمكن فيه المأموم من القراءة لئلا يقع في حرج؛ لئلا يعارض النصوص التي تأمره بالسكوت إذا قرأ الإمام مع أنه لا يفرط بما جاء في حديث عبادة وغيره من لزوم القراءة، نعم. "عن أنس -رضي الله تعالى عنه-: "أن النبي -صلى الله عليه وسلم- وأبا بكر وعمر كانوا يفتتحون الصلاة بـ (الحمد لله رب العالمين) " متفق عليه، زاد مسلم: "لا يذكرون بسم الله الرحمن الرحيم في أول قراءة ولا في آخرها" وفي رواية لأحمد والنسائي وابن خزيمة: "لا يجهرون ببسم الله الرحمن الرحيم" وفي أخرى لابن خزيمة: "كانوا يسرون" وعلى هذا يحمل النفي في رواية مسلم خلافاً لمن أعلها". وعن نعيم، بعده. "وعن نعيم المجمر قال: "صليت وراء أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- فقرأ: {بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} [(1) سورة الفاتحة] ثم قرأ بأم القرآن حتى بلغ: {وَلاَ الضَّالِّينَ} [(7) سورة الفاتحة] قال: "آمين" ويقول كلما سجد وإذا قام من الجلوس: "الله أكبر، ثم يقول إذا سلم: "والذي نفسي بيده إني لأشبهكم صلاة برسول الله -صلى الله عليه وسلم-" رواه النسائي وابن خزيمة". نعم بعده. "وعن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إذا قرأتم الفاتحة فاقرءوا: {بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} [(1) سورة الفاتحة] فإنها إحدى آياتها)) رواه الدارقطني, وصوب وقفه". نعم، هذه مسألة البسملة، وهل تقرأ في الصلاة أو لا تقرأ؟ وإذا قرأت هل يجهر بها أو يسر بها؟ وهذا في الصلاة الجهرية.

"عن أنس -رضي الله عنه-: "أن النبي -عليه الصلاة والسلام- وأبا بكر وعمر كانوا يفتتحون الصلاة بـ (الحمد لله رب العالمين) متفق عليه، زاد مسلم: "لا يذكرون {بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} في أول قراءة ولا في آخرها" يفتتحون الصلاة بـ (الحمد لله رب العالمين) وعرفنا فيما سبق أن الصلاة تفتتح بالتكبير، ولعل المراد بالصلاة قراءة الصلاة، القراءة في الصلاة، أما الصلاة فتفتتح بالتكبير على ما تقدم، وكون القراءة تفتتح بـ (الحمد لله رب العالمين) لا ينفي مشروعية التكبير، ولا دعاء الاستفتاح على ما تقدم، كما أنه لا ينفي الاستعاذة والبسملة، ونفي جميع ذلك عدا تكبيرة الإحرام مذهب مالك على ما تقدم، الله أكبر، الحمد لله رب العالمين، والاستفتاح ثبت بالنصوص الصحيحة الصريحة "رأيت سكوتك بين التكبير والقراءة ما تقول؟ " قال: ((أقول: اللهم باعد بيني وبين خطاياي)) .. إلى آخر الحديث، وغير ذلك من أحاديث الاستفتاح التي تقدمت، فالصلاة تفتتح بالتكبير، وبعد التكبير دعاء الاستفتاح -وإن خالف فيه الأمام مالك- بعده التعوذ، وبحثنا بالأمس هل التعوذ من أجل القراءة أو هو ملحق بالاستفتاح؟ والصواب أنه للقراءة {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ} [(98) سورة النحل] ثم البسملة وهل هي من الفاتحة أو ليست من الفاتحة؟ وهل يجهر بها إذا جهر بالفاتحة أو يسر بها؟ هذا محل البحث. "كانوا يفتتحون الصلاة بـ (الحمد لله رب العالمين) " ويستدل بهذا من يقول: إن البسملة لا يجهر بها، لا يجهر بالبسملة؛ لأن القراءة تفتتح بـ (الحمد لله رب العالمين) مباشرة بدون بسملة، وإن قرئ قبلها ما قرئ سراً كالاستفتاح والتعوذ والبسملة، وهذا ما يدل عليه حديث الباب.

"زاد مسلم: "لا يذكرون بسم الله الرحمن الرحيم في أول قراءة ولا في آخرها"، زاد مسلم: "لا يذكرون بسم الله" ومقتضاه أنهم لا يذكرونها لا سراً ولا جهراً، هذا مقتضى النفي، يشمل الجهر والإسرار، لكن الإنسان لا ينفي إلا ما يعلم، فالإسرار الذي لا يعلم به فليس له أن ينفي، ولذلك أعلت هذه الرواية، أعلت هذه الرواية في صحيح مسلم: "لا يذكرون بسم الله الرحمن الرحيم في أول قراءة ولا في آخرها" الراوي لما سمع الصحابي يقول: "كانوا يفتتحون القراءة بـ (الحمد لله رب العالمين) ظن أنهم لا يذكرون بسم الله الرحمن الرحيم لا سراً ولا جهراً، فصرح بذلك، صرح بما فهمه، فهم من النص الصحيح: "كانوا يفتتحون الصلاة بـ (الحمد لله رب العالمين) فهم من ذلك أنهم لا يذكرون بسم الله الرحمن الرحيم في أول قراءة .. ، وزاد مؤكداً: "ولا في آخرها" مع أنه ليس في آخر الفاتحة بسملة، لكنه محمول على بسملة السورة التي تليها، بهذا أعلت هذه الرواية، الراوي ظن من خلال الرواية الصحيحة: "أنهم كانوا يفتتحون القراءة بـ (الحمد لله رب العالمين) أنهم لا يذكرون بسم الله الرحمن، ومثل الحافظ العراقي بهذا على علة المتن. وعلة المتن كنفي البسملة ... إذ ظن راوٍ نفيها فنقله هذا على حسب ظنه، فنقل ذلك رواية، فهم ثم صرح بفهمه على أنه مروي، نسبه إليهم، فأعلت بهذا. وعلة المتن كنفي البسملة ... إذ ظن راوٍ نفيها فنقله

"وفي رواية لأحمد والنسائي وابن خزيمة: "لا يجهرون بـ (بسم الله الرحمن الرحيم) "، "لا يجهرون"، ومفهوم "لا يجهرون" أنهم يسرون، "وفي أخرى لابن خزيمة: "كانوا يسرون" صرح بالمفهوم وجعله منطوقاً، يقول الحافظ ابن حجر المؤلف: "وعلى هذا يحمل النفي في رواية مسلم", "زاد مسلم: "لا يذكرون بسم الله الرحمن الرحيم في أول قراءة ولا آخرها" يعني جهراً، يعني جهراً، بل كانوا يسرون بها، وحينئذٍ تجتمع الروايات، وينتفي التعليل للرواية، وإذا أمكن نفي التعليل لرواية في الصحيح فالمطلوب حماية جناب الصحيح، وصيانة الصحيح من الوقوع فيه بقدر الإمكان تجيب عن الصحيح، بقدر الإمكان تجيب عن الصحيح، فإذا أمكنك أن توجه رواية: "لا يذكرون" بما تفيده الروايات الأخرى بحيث توفق بين هذه الروايات يتعين عليك ذلك، وصيانتك وحمايتك للصحيح حماية للدين، حماية للدين، فبدلاً من أن نقول: رواية الصحيح معلة، نقول: "لا يذكرون" يعني لا يجهرون، بل يسرون بـ (بسم الله الرحمن الرحيم) ولهذا قال الحافظ -رحمه الله تعالى-: "وعلى هذا يحمل النفي في رواية مسلم خلافاً لمن أعلها".

ومن خلال هذه الأحاديث السنة أن تقرأ البسملة، تقرأ البسملة، لكن سراً لا جهراً، تقرأ البسملة سراً لا جهراً، والخلاف هذا فرع عن الخلاف في البسملة، وهل هي آية من الفاتحة ومن كل سورة بعدها أو ليست بآية؟ فالإجماع قائم على أنها بعض آية من سورة النمل، بعض آية في سورة النمل، كما أن الإجماع قام على أنها ليست بآية من سورة براءة، يبقى الخلاف فيما عدا ذلك، فمن أهل العلم من يرى أنها آية، ومنهم من يرى أنها ليست بآية لا من الفاتحة ولا من غيرها، ومنهم من يقول: هي آية من الفاتحة دون غيرها، ومنهم من يقول: هي آية واحدة كررت في مائة وثلاثة عشرة موضعاً للفصل بين السور، للفصل بين السور، يعني فرق بين أن تكون البسملة آية واحدة وبين أن تكون مائة وثلاثة عشرة آية، وكأن شيخ الإسلام -رحمه الله تعالى- يميل إلى أنها آية واحدة لا من سورة بعينها وإنما تنزل للفصل بين السور، يستدل من يقول بأنها آية من كل سورة إجماع الصحابة على كتابتها في المصحف، يقول: أجمع الصحابة على كتابتها في المصحف فهي آية إذ كيف يدخلون في القرآن ما ليس منه. الطرف الآخر الذين نفوا كونها آية ولا من الفاتحة ولا من غيرها وجود الخلاف فيها، قالوا: لو كانت آية لما ساغ الخلاف فيها هل هي آية أو ليست بآية؟ لأنه لا يسوغ الخلاف في حرف من القرآن، فضلاً عن آية أو كلمة أو ....

كونها آية من سورة الفاتحة أو ليست بآية مسألة خلافية، الشافعية يرونها آية، وهو رواية في المذهب عند الحنابلة، وغيرهم لا يرونها آية، الفاتحة سبع آيات، سبع آيات، وهي السبع المثاني، هناك خلاف شاذ القول بأنها ست آيات أو ثمان آيات، هذه أقوال شاذة، لكن المعتمد بل نقل عليه الاتفاق أنها سبع آيات، ويدل عليها قوله: {وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِّنَ الْمَثَانِي} [(87) سورة الحجر] المراد به الفاتحة، فهي سبع آيات، فإذا اعتبرنا البسملة آية جعلنا الآية الأخيرة آية واحدة {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ} [(7) سورة الفاتحة] آية واحدة، أو نجعلها آيتين كما هو في المذاهب الأخرى، يستدل من يرى أنها ليست بآية بقوله -عليه الصلاة والسلام- في الحديث الصحيح: ((قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين، فإذا قال العبد: الحمد لله رب العالمين)) ما قال: بسم الله الرحمن الرحيم، ((فإذا قال العبد: الحمد لله رب العالمين)) إلى آخره. المقصود أن المسألة طويلة وألفت فيها الكتب، ألف فيها الكتب، ومسألة الجهر والإسرار جاء فيها ما سمعتم مما يدل على الإسرار، وجاء ما يدل على الجهر كما في حديث نعيم المجمر، قال: "صليت وراء أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه-، سمي مجمراً لأنه أمر بتجمير مسجد النبي -عليه الصلاة والسلام- كل جمعة حين ينتصف النهار في زمن عمر -رضي الله عنه-.

يقول نعيم هذا: "صليت وراء أبي هريرة -رضي الله عنه- فقرأ: (بسم الله الرحمن الرحيم) " جهراً وإلا أسر؟ جهراً، "ثم قرأ بأم القرآن حتى بلغ: (ولا الضالين) قال: "آمين" فدل على أن بسم الله الرحمن الرحيم يجهر بها، والحديث السابق يدل على أنهم كانوا يسرون بها، ولا يجهرون بها، وعلى كل حال من حيث الدليل الإسرار أقوى، الإسرار أقوى، لكن لو جهر بها أحياناً لا بأس، ولو قدر أنك تصلي خلف إمام يجهر بالبسملة الأمر فيه سعة، ولذا يقول الشيخ عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب -رحم الله الجميع- في رسالته إلى أهل مكة يقول: "ونصلي خلف الشافعي الذي يجهر بالبسملة، لكن لا نصلي خلف من لا يطمئن في صلاته" نصلي خلف الشافعي المسألة خلافية والنصوص محتملة، والأمر الخلاف فيها سهل، أمرها هين، كونه جهر أو ما جهر نعم الأقوى عدم الجهر، لكن لا تصادر الأقوال الأخرى، يعني إذا ترجح عند إنسان قول ليس معناه أن تلغى الأقوال الأخرى التي لها حظ من النظر. "فقرأ بسم الله الرحمن الرحيم، ثم قرأ بأم القرآن" التي هي سورة الفاتحة "حتى إذا بلغ ولا الضالين قال: آمين" آمين هذه ليست من الفاتحة اتفاقاً، لكن يسن أن تقال بعد قراءة الفاتحة داخل الصلاة وخارج الصلاة؛ لأنها إذا قيلت داخل الصلاة فخارج الصلاة الأمر فيه أوسع. "حتى إذا بلغ: "ولا الضالين" قال: "آمين" ويأتي الكلام عن التأمين، التأمين قول: "آمين" ما هو بالتأمين على .. ، التأمين التجاري هذا، "ويقول كلما سجد وإذا قام من الجلوس: "الله أكبر" هذه تسمى تكبيرة إيش؟ هاه؟ الانتقال، وتكبيرات الانتقال وقول سمع الله لمن حمده سنة عند جمهور أهل العلم، وعند الحنابلة واجبة من واجبات الصلاة، واجبة من واجبات الصلاة؛ لأنه لم يذكر ولا في حديث واحد من أحاديث صفة صلاة النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه صلى من غير تكبير، وقد قال -عليه الصلاة والسلام-: ((صلوا كما رأيتموني أصلي)) فدل على وجوب تكبيرات الانتقال، ووجوب سمع الله لمن حمده على ما سيأتي.

"ثم يقول إذا سلم -أبو هريرة إذا سلم-: "والذي نفسي بيده" وكثيراً ما يقسم النبي -عليه الصلاة والسلام- بهذه اليمين ((والذي نفسي بيده)) (بيده) فيه إثبات اليد لله -عز وجل- على ما يليق بجلاله وعظمته، كثير من الشراح يقولون: والذي روحي في تصرفه، والذي نفسي بيده، بعضهم يقول: روحي في تصرفه، كثير من الشراح يقول هذا، لكن هل هذا مقبول؟ هذا فرار من إثبات صفة اليد، لكن إذا قاله من عُرف بإثبات الصفات يقال: خطأ؟ عرف بإثبات الصفات يقول لله -سبحانه وتعالى- يد حقيقية تليق بجلاله وعظمته، لا تشبه يد المخلوقين، نقول: ما في أحد روحه ليست في تصرف الله -عز وجل-، نقول: كلام صحيح، لكن من يقول بذلك ليحيد به عن إثبات صفة اليد لله -عز وجل- يرد عليه. "والذي نفسي بيده إني لأشبهكم صلاة برسول الله -صلى الله عليه وسلم-" فكونه يفعل هذا الفعل موقوف عليه من فعله، ثم يقول: إنه شبيه بصلاة النبي -عليه الصلاة والسلام- يكون له حينئذٍ حكم الرفع فما فعله يتشبه فيه بصلاة النبي -عليه الصلاة والسلام- فهو مرفوع حكماً "رواه النسائي وابن خزيمة" وهو حديث صحيح. "وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إذا قرأتم الفاتحة فاقرءوا {بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} [(1) سورة الفاتحة] فإنها إحدى آياتها)) " والحديث نص في أن البسملة آية من آيات الفاتحة، يستدل به وبمثله الشافعية، لكنه حديث ضعيف، حديث ضعيف لا يصلح للاحتجاج، ((فاقرءوا {بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} [(1) سورة الفاتحة] فإنها إحدى آياتها)) "رواه الدارقطني, وصوب وقفه" يعني الدارقطني في السنن رواه موقوفاً ومرفوعاً، لكنه في العلل صوب وقفه على أبي هريرة، يعني من اجتهاد أبي هريرة، فليس فيه دليل على أن البسملة آية من آيات الفاتحة؛ لأنه حديث ضعيف، نعم. "وعنه قال: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا فرغ من قراءة أم القرآن رفع صوته، وقال: ((آمين)) رواه الدارقطني وحسنه, والحاكم وصححه. ولأبي داود والترمذي من حديث وائل بن حجر نحوه".

نعم "وعنه" يعني عن أبي هريرة راوي الحديث السابق "قال: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا فرغ من قراءة أم القرآن -الفاتحة- رفع صوته وقال: ((آمين)) " آمين بالمد، وقاله بعضهم بالقصر: أمين، ويروى عن جعفر الصادق التشديد آمّين، ومعنى آمّين يعني قاصدين، والأكثر على أنها آمين بمعنى: يا الله استجب، استجب دعاءنا، والمؤمِن داعٍ، المؤمن داعي، مشارك للداعي فهو داع {قَالَ قَدْ أُجِيبَت دَّعْوَتُكُمَا} [(89) سورة يونس] فالداعي هو موسى -عليه السلام- وهارون يؤمن، فسمى التأمين دعوة، فمن أمن على دعاء فهو داعٍ به. "إذا فرغ من قراءة أم القرآن رفع صوته" وفي هذا رفع الصوت بالتأمين للإمام والمأموم، والأمر بذلك ظاهر، "فإذا قرأ: "ولا الضالين" فقولوا: "آمين" وثبت أن المسجد كان يرتج من اجتماع صوتهم بالجهر بالتأمين "رواه الدارقطني وحسنه" الدارقطني "والحاكم وصححه" ولا شك أنه بما يشهد له من حديث وائل بن حجر الذي يليه صحيح لغيره، "رفع صوته فقال: آمين" وصحح من قبل جمع من أهل العلم كالحاكم والبيهقي وغيرهما. وعلى كل حال هو بما بعده من حديث وائل بن حجر قابل للتصحيح فهو صحيح لغيره، وهنا يقول: وجاء في الحديث في البخاري وغيره حديث: ((إذا أمن الإمام فأمنوا)) ((إذا أمن الإمام فأمنوا، فإنه من وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه)) وفيه أيضاً: ((إذا قال الإمام: ولا الضالين، فقولوا: آمين)) فالكل يقول: آمين، الإمام والمأموم كلاهما يقول: آمين، ويرفع بذلك صوته، فالتأمين سنة، قول: آمين بعد الفراغ من سورة الفاتحة (آمين) ويجهر به من قبل الإمام والمأموم خلافاً للحنفية، خلافاً للحنفية، وعرفنا الضبط الجماهير بأنها بالمد (آمين) بالمد والتخفيف، وقال بعضهم بالقصر: (أمين) وقال بعضهم بالمد والتشديد ويكون حينئذٍ معناها قاصدين، لكن الصحيح الأول. طالب:. . . . . . . . . لا، هو حرم نفسه، حرم نفسه، وجاء بلفظ لا يجزئ. يقول: إذا دخل الشخص إلى الصلاة والإمام راكع فكيف نقرن بين عدم إدراك الرجل الركعة لأنه لم يقرأ الفاتحة وهي ركن وحديث تدرك الصلاة بركعة؟

هذا ما سمع الكلام الذي كرر كثيراً، أعيد مراراً وأن المسبوق لا تلزمه الفاتحة، يستثنى من عموم الحديث المسبوق لحديث أبي بكرة، فإذا وجد الإمام وهو راكع وأمكنه الركوع معه أدرك الركوع، هذا كرر مراراً. يقول: إذا جاء المأموم والإمام يقرأ في سورة غير الفاتحة قد انتهى من قراءة الفاتحة فهل تجب عليه قراءة الفاتحة؟ نعم تجب عليه قراءة الفاتحة. وهل يتعارض ذلك مع الأمر بالإنصات؟ لا يتعارض ذلك مع الأمر بالإنصات، إذا قُرأ فأنصتوا مخصوص بلزوم قراءة الفاتحة، وهو مخصوص من عموم هذا الحديث وغيره. . . . . . . . . يقول: هل المسبوق إذا لحق الإمام في الركوع عليه أن يعيد ركعة لقراءة الفاتحة؟ نفس السؤال السابق، المسبوق تسقط عنه قراءة الفاتحة، المسبوق غير مطالب بقراءة الفاتحة، وهو مخصوص من عموم حديث: ((لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب)) فاتحة الكتاب عرفنا أنها ركن بالنسبة للإمام والمأموم والمنفرد مع ذكر الخلاف الذي ذكرناه، والمسألة الخلاف فيها كبير يحتاج بسطها إلى وقت، وهي لازمة في كل ركعة، في كل ركعة، وإن قال بعضهم: بأنها تجزئ قراءتها مرة واحدة، لكن المتجه والمرجح أنها تجب في كل ركعة من ركعات الصلاة، والله أعلم. وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

كتاب الصلاة (15)

بلوغ المرام – كتاب الصلاة (15) تابع: شرح باب: صفة الصلاة الشيخ/ عبد الكريم بن عبد الله الخضير بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: قال الحافظ -رحمه الله تعالى-: "وعن عبد الله بن أبي أوفى -رضي الله تعالى عنه- قال: جاء رجل إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: إني لا أستطيع أن آخذ من القرآن شيئاً, فعلمني ما يجزئني منه، فقال: ((قل: سبحان الله, والحمد لله, ولا إله إلا الله، والله أكبر, ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم)) .. الحديث، رواه أحمد وأبو داود والنسائي, وصححه ابن حبان والدارقطني والحاكم".

حديث بن أبي أوفى، عبد الله بن أبي أوفى في حق من لا يستطيع الحفظ، قد يقول قائل: كيف يقول الشخص: أنا لا أستطيع الحفظ يكرر إلى أن يحفظ؟! كيف يقول طالب: لا أستطيع أو عامي أو مسلم لا يستطيع أن يقرأ الفاتحة، أن يحفظ الفاتحة؟! لا تتصوروا الإنسان ردد الكلام وسمع الكلام كثيراً ولاكته الألسنة، وأخذت عليه الأسماع يُحفظ، لكن يبقى أن أناس صاروا بمعزل عن هذا الكلام، صاروا بمعزل تام، إما أسلم وهو كبير سن فلا يمكنه، نعم، أو صار منشغل في أموره ودنياه ومنصرف عن آخرته ودينه، مثل هذا يصعب عليه .. ، لكن مع المحاولة أفلح كثير من الناس، المسألة مفترضة والحديث مفترض في شخص بل هو واقع بالنسبة لشخص لا يستطيع أن يأخذ من القرآن شيء، وإذا كان بعض المتعلمين صغار سن حاولوا الحفظ وعجزوا، حاولوا الحفظ وعجزوا، الذي لا يستطيع أن يحفظ الفاتحة كحال هذا السائل الذي قال: إني لا أستطيع أن آخذ من القرآن شيئاً فعلمني ما يجزئني عنه، بعض الناس يحفظ من الشعر القصائد ذوات العشرات من الأبيات، وبعضهم يحفظ من القصص وبعضهم يحفظ .. ، وبعضهم مغرم بجوانب من جوانب المعرفة التي قد تنفعه وقد تضره، لكنه بمعزل عن كتاب الله، يصعب عليه كتاب الله، كلام الله أشرف الكلام، قد يعاقب الإنسان من حيث يشعر أو لا يشعر لذنب ارتكبه بحيث يستغلق عليه حفظ القرآن، وقد يعاقب بنسيان شيء منه عقوبة معجلة لذنب وقع، لكن الذي لا يستطيع أن يحفظ شيئاً من القرآن جاء التوجيه بأنه يذكر الله -جل وعلا- بقدر ما طلب منه، وهنا قال: ((قل: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر)) الباقيات الصالحات، ((لا يضرك بأيهن بدأت)) غراس الجنة، غراس الجنة. أو ما سمعت بأنها القيعان ... فاغرس ما تشاء بذا الزمان الفاني وغراسها التكبير والتسبيح ... والتحميد والتوحيد للرحمن

(فاغرس) جاء عن إبراهيم -عليه السلام- أنه قال لمحمد -عليه الصلاة والسلام-: ((أقرئ أمتك مني السلام، وأخبرهم بأن الجنة قيعان، وغراسها: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله)) فإذا كانت هذه هي الباقيات الصالحات خير من المال، وخير من البنين {الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ} [(46) سورة الكهف] هذا الذي ينفعك في آخرتك وإلا فالمال قد يضرك، الأولاد قد يضرون {إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ} [(15) سورة التغابن] ومع ذلكم يتشبث الإنسان بهذا الحطام، ويتشبث بالولد، وقد يكون هذا الولد وبالاً عليه، لكن الخير الذي لا شر فيه بوجه من الوجوه الذكر، لا يكلف، وأنت جالس، وأنت راقد، وأنت قائم، وأنت ماشي، وأنت تأكل، سبحان الله، وبحمده، سبحان الله العظيم، سبحان الله، الحمد لله، لكن فضل الله إذا رضي عن الشخص وبارك لا يحد، والتوفيق لا نهاية له، كما أن الحرمان أيضاً لا حد له، الحرمان لا حد له، بعض الناس عنده استعداد ليقرأ يومياً عشر من الجرائد بحيث تستوعب الوقت كله، ولا يمل ولا يكل، وقد يكون في مكان غير مريح للقراءة ومنسجم، لكن في مكان مكيف ومريح وعندك تكأة وفرش ونظيف وبيت من بيوت الله تعطيه المصحف ينام، حرمان لا نهاية له، هذا واقع كثير من الناس مع الأسف الشديد يلاحظ على بعض طلبة العلم، إذا قيل له: إنسان بيجي يزوره بيقرأ بيسوي شيء تقول له: مشغول إيش مشغول. . . . . . . . . بس ماسك للمصحف؟ يقول لي: مشغول وهو يقرأ قرآن؟! يعني وصل تصور بعض طلاب العلم إلى هذا الحد، يعني القرآن ليس له نصيب من حياة المسلم، هذا خذلان هذا، كيف يسمى طالب علم وما له نصيب من كتاب الله -عز وجل-؟! كيف يسمى طالب علم؟.

هذا الذي عجز عن قراءة القرآن حاول وعجز {لاَ يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا} [(286) سورة البقرة] لكن عليه بما لا يعجز عنه، التسبيح والتكبير والتحميد والتهليل، ولا حول ولا قوة إلا بالله، ما الذي جاء بـ (لا حول ولا قوة إلا بالله؟ ) هاه؟ كنز من كنوز الجنة، بما يقدر هذا الكنز؟ ترابها الذي على وجهها الظاهر للناس الذي تدوسه الأقدام ما هو؟ المسك الأذخر، إذا كان التراب مسك ويش الكنز ويش بيصير؟ لا حول ولا قوة إلا بالله، ننتبه لهذا الأمر. وعلى كل حال الحديث حسن، وصححه ابن حبان والدارقطني والحاكم وابن خزيمة، لكنه حديث حسن يعني قابل للحجية، وتمام الحديث كما في سنن أبي داود: "قال الرجل: يا رسول الله هذا لله" هذا لله يعني كله ذكر لله -عز وجل-، فما لي؟ ويش اللي لي أنا؟ بإمكانه -عليه الصلاة والسلام- أن يقول: هذا لك، هذا الذكر لك؛ لأن فائدته تعود إليك، لكن الرسول -عليه الصلاة والسلام- يخاطب الناس على قدر عقولهم، عرف أن الرجل يحتاج إلى دعاء، يطلب من الله -عز وجل- شيء يجيبه عنه، قال: ((قل: اللهم ارحمني، وارزقني، وعافني، واهدني)) فلما قام قال هكذا بيديه، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أما هذا فقد ملأ يديه من الخير)) ذكر الله -عز وجل- بهذه الباقيات، وبهذا الكنز ثم سأله بأن يغفر له ويرحمه، وأن يعافيه، وأن يرزقه، وأن يهديه، ملأ يديه من خير الدنيا والآخرة، فدل الحديث على أن هذه الأذكار تقوم مقام الفاتحة لمن لا يستطيع أن يحفظ الفاتحة، نعم. "وعن أبي قتادة -رضي الله تعالى عنه- قال: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصلي بنا فيقرأ في الظهر والعصر في الركعتين الأوليين بفاتحة الكتاب وسورتين, ويسمعنا الآية أحياناً, ويطول الركعة الأولى, ويقرأ في الأخريين بفاتحة الكتاب" متفق عليه".

حديث أبي قتادة الحارث بن ربعي -رضي الله تعالى عنه- قال: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصلي بنا فيقرأ في الظهر والعصر" يعني في الصلوات السرية "في الركعتين الأوليين بفاتحة الكتاب وسورتين" فاتحة الكتاب على سبيل اللزوم بل الركنية، والسورتان على سبيل الاستحباب عند جمهور أهل العلم، "ويسمعنا الآية أحياناً" ومعرفتهم بقراءته -عليه الصلاة والسلام- إما بطريق الحرز والتقدير، الحزر والتقدير أو لكونه يسمعهم الآية أحياناً فيسمعون منه الآية أحياناً، والآية قد تكون من الفاتحة أحياناً وأحياناً من غير الفاتحة، فعرفوا أنه يقرأ سورة أخرى غير الفاتحة في الركعة الأولى والثانية، ويسمعنا الآية أحياناً، دل على أن القراءة السرية يجوز أن يجهر بها أحياناً، كما أن الصلاة الجهرية لو أسر بها أحياناً صحت صلاته، ولذا يقولون: إذا جهر في محل الإسرار أو أسر في محل الجهر صح لكن خلاف السنة، خلاف السنة هكذا يطلقون، لكن لو كان ديدنه يجهر في صلاة الظهر والعصر ويسر ببقية الصلوات نقول: صلاته صحيحة خلاف السنة؟ نقول: هذا مبتدع، هذا مبتدع، لا يكفي أن يقال: ارتكب مكروه، ارتكب محرم، مبتدع هذا، "ويسمعنا الآية أحياناً، ويطول الركعة الأولى" يعني أطول من الثانية، يقرأ في الركعة الأولى سورة طويلة أطول من الأولى كي يدرك الناس الركعة الأولى، لكي يدرك الناس الركعة الأولى يطولها -عليه الصلاة والسلام- رفقاً بمن تأخر عن الإتيان إلى الصلاة بحيث إذا طول النبي -عليه الصلاة والسلام-، ومثله من يقتدي به من الأئمة أدرك الركعة الأولى، "ويقرأ في الأخريين بفاتحة الكتاب" ويقرأ في الأخريين بفاتحة الكتاب فحسب، ولا يقرأ فيهما سورة كما في هذا الحديث، وهو متفق عليه، ويأتي ما يدل على أنه يقرأ أيضاً في الركعتين الأخريين أحياناً بما زاد على الفاتحة.

هناك قرائن يستدل بها الصحابة على قراءته -صلى الله عليه وسلم-: منها غلبة الظن كما هنا استدلالاً بتطويله الركعة، وهذا غلبة ظن، وبتحرك لحيته -عليه الصلاة والسلام- باضطراب لحيته يعرفون أنه يقرأ؛ لأن الذي يقرأ يتحرك فكه الأسفل ثم بعد ذلك تضطرب لحيته، والنبي -عليه الصلاة والسلام- ترى لحيته من قِبَل من خلفه، فكان -عليه الصلاة والسلام- كث اللحية، كث اللحية، ومقتضى هذا أنها تامة طولاً وعرضاً، ولا يقال: إن هذا يشوه نعم خذ ما زاد على كذا، اترك ما زاد على كذا، هذب رتب، النبي -عليه الصلاة والسلام- كان كث اللحية، وكانت تعرف قراءته باضطراب لحيته، وجاء عنه الأوامر بإعفائها ((أعفوا اللحى)) ((أكرموا اللحى)) ((وفروا اللحى)) ويأتي من يأتي ويستدل بالموقوفات، ويعارض بها المرفوعات، ويقول: خذ ما زاد على كذا، ولا يزال المقص يعمل عمله في اللحى حتى تنتهي؛ لأنه ملاحظ يبدأ شيء يسير ثم يسير ثم تزيد هذه، ثم يرتب هذه، يصير مثل قسمة القرد للجبنة، يدخله الهوى، جاء شخص بقطعة جبن -هذه يمكن قرأتموها في المطالعة في الابتدائي- لقرد ليقسمها فقطعها قطعتين إحداهما كبيرة والأخرى صغيرة، فلما رجحت الكبيرة أكل منها حتى صارت أصغر من الأخرى، لما رجحت أكل منها ثم رجع إلى الثانية، وهكذا إلى أن انتهت، وهذا المقص إذا دخل اللحية الشواهد كثيرة، يعني إلى وقت قريب، إلى مائة عام والمسلمون في جميع الأقطار أهل لحى، ثم دخلتهم هذه الأقوال، واختلطوا بغيرهم من الأجانب، وصارت تشويه، وصارت لا بد من تهذيب وترتيب إلى أن انتهت، وتتابع الناس على ذلك، وعمت بها البلوى، وصارت تتداول من غير نكير، لما دخل المقص تتابع على ذلك إلى أن بدأ الموس، والله المستعان، والنبي -عليه الصلاة والسلام- يقول: ((أكرموا اللحى)) ((أعفوا اللحى)) ((وفروا اللحى)) والنبي -عليه الصلاة والسلام- تعرف قراءته باضطراب لحيته، وجاء في وصفه في الشمائل أنه كان كث اللحية -عليه الصلاة والسلام-، نعم.

"وعن أبي سعيد الخدري -رضي الله تعالى عنه- قال: "كنا نحزر قيام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الظهر والعصر, فحزرنا قيامه في الركعتين الأوليين من الظهر قدر: (الم تنزيل) السجدة، وفي الأخريين قدر النصف من ذلك، وفي الأوليين من العصر على قدر الأخريين من الظهر, والأخريين على النصف من ذلك" رواه مسلم". نعم في هذا ما يدل على أنه يطيل في القراءة آلم تنزيل السجدة، نعم قدر ثلاثين آية، ثلاث صفحات وقدرها لا ينافي التخفيف الذي أمر به النبي -عليه الصلاة والسلام-، قرأ في المغرب بالطور، وقرأ بـ (ق) واقترب، وهو الذي وجه وعتب على معاذ ((أفتان يا معاذ؟ )) نعم، هذا ليس بطويل؛ لأن الطول والقصر نسبي، لا شك أن آلم تنزيل السجدة طويل بالنسبة لقصار السور، لكنها إذا قورنت بالبقرة وآل عمران والطول صارت قصيرة، فهذا لا ينافي التخفيف ففي هذا الحديث يقول أبو سعيد -رضي الله عنه-: "كنا نحزر قيام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الظهر والعصر, فحزرنا قيامه في الركعتين الأوليين من الظهر قدر: (آلم تنزيل) السجدة، وفي الأخريين قدر النصف من ذلك" فدل على أنه يقرأ في الركعتين الأخريين أحياناً، في الركعتين الأخريين أحياناً، وأن القراءة فيهما أحياناً سنة، ومضى في الحديث السابق ما يدل على أنه لا يقرأ فيهما، لكن القراءة هنا مشروعة وعدمها أيضاً مشروع، فيفعل هذا أحياناً ويفعل ويترك أحياناً، والله المستعان. "وفي الأخريين قدر النصف من ذلك، وفي الأوليين من العصر على قدر الأخريين من الظهر" يعني على قدر النصف، يعني كل ركعة بقدر خمسة عشر آية "والأخريين على النصف من ذلك" قدر سبع ثمان آيات، في الأخريين، وهل المراد ما زاد على الفاتحة أو أنه لا يقرأ غير الفاتحة؛ لأنها سبع آيات في الركعتين الأخريين من العصر؟ الاحتمال قائم. على كل حال القراءة في الركعتين الأوليين يسن أن تكون بالفاتحة وسورة، وأما بالنسبة للركعتين الأخريين فيقرأ أحياناً ويترك أحياناً، كما دل عليه أحاديث الباب، نعم.

"وعن سليمان بن يسار قال: "كان فلان يطيل الأوليين من الظهر, ويخفف العصر, ويقرأ في المغرب بقصار المفصل، وفي العشاء بوسطه، وفي الصبح بطواله، فقال أبو هريرة -رضي الله تعالى عنه-: "ما صليت وراء أحد أشبه صلاة برسول الله -صلى الله عليه وسلم- من هذا" أخرجه النسائي بإسناد صحيح". سليمان بن يسار مولى ميمونة أم المؤمنين، أحد الفقهاء السبعة، أحد الفقهاء السبعة من التابعين، ويراد بالفقهاء السبعة من هم؟ طالب:. . . . . . . . . نعم، يجمعهم بيت واحد يجمعهم بيت واحد: فخذهم عبيد الله عروة قاسم ... سعيد أبو بكر سليمان خارجة هذا سليمان بن يسار "قال: "كان فلان يطيل الأوليين من الظهر, ويخفف العصر" فلان أمير من أمراء المدينة، جاء بيانه في شرح السنة للبغوي أنه عمرو بن سلمة، وليس هو عمر بن عبد العزيز؛ لأن ولاية عمر بن عبد العزيز يعني كما قيل: إنه عمر بن عبد العزيز لأن ولادة عمر بن عبد العزيز بعد وفاة أبي هريرة، بعد وفاة أبي هريرة "كان فلان يطيل الأوليين من الظهر, ويخفف العصر، ويقرأ في المغرب بقصار المفصل، وفي العشاء بوسطه، وفي الصبح بطواله" يعني هذه جادة تكون في غالب الأحوال، الصبح بطوال المفصل، والمغرب بقصاره، وما عدا ذلك بأوساطه، على أن الظهر ينبغي تطويلها على ما جاء في هذه النصوص، "يطيل الأوليين من الظهر، ويخفف العصر، ويقرأ في المغرب بقصار المفصل" والمفصل يبدأ من أين؟ من (ق)، من (ق) إلى سورة الناس، هذا مفصل، بقصار المفصل القصار تبدأ من أين؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . طيب وأوساطه؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . .

طيب، إذن المفصل أربعة أجزاء وزيادة، أكثره طوال، ثم الأوساط، ثم القصار "يقرأ في المغرب بقصار المفصل" طيب يأتي في حديث جبير بن مطعم وهو الذي يلي هذا أنه سمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والحديث في الصحيحين، لما جاء في فداء الأسرى، سمعه يقرأ بصلاة المغرب بسورة الطور، بسورة الطور، وهنا في حديث سليمان بن يسار المرفوع لأبي هريرة، وهو مصحح عند أهل العلم، إسناده صحيح، كيف يقرأ في المغرب بقصار المفصل وسمعه جبير بن مطعم يقرأ في المغرب بالطور وهي من طوال المفصل؟ نقول: الأصل أنه يقرأ والغالب أن يقرأ بقصار المفصل، لكن لو قرأ بطواله لا بأس، وقد قرأ -عليه الصلاة والسلام- بالمغرب بسورة طويلة جداً هي سورة الأعراف. "وفي العشاء بوسطه، وفي الصبح بطواله، فقال أبو هريرة -رضي الله تعالى عنه-: "ما صليت وراء أحد أشبه صلاة برسول الله -صلى الله عليه وسلم- من هذا" يعني من هذا الأمير، "أخرجه النسائي بإسناد صحيح". حديث جبير، نعم. "وعن جبير بن مطعم -رضي الله تعالى عنه- قال: "سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقرأ في المغرب بالطور" متفق عليه". نعم جبير بن مطعم جاء في فداء الأسرى فسمع النبي -صلى الله عليه وسلم- يقرأ بصلاة المغرب بسورة الطور، وذلك أول ما وقر الإيمان في قلبه، يعني لما جاء في فداء أسرى بدر لم يكن مسلماً، لكن لما سمع هذه القراءة وقر الإيمان في قلبه، وتحمل هذا الخبر حال كفره، لكنه أداه بعد إيش؟ إسلامه، إذا تحمل الكافر أو تحمل الصبي أو تحمل الفاسق حال كفره أو صباه أو فسقه يصح تحمله أو لا يصح؟ يصح التحمل، لكن الأداء لا يكون إلا على حال من القبول، بأن يكون مسلماً مكلفاً عدلاً، فلا يصح أداء الكافر، ولا يقبل خبره، ولا يقبل خبر الفاسق، ولا يقبل خبر الصبي، كما هو مقرر عند أهل العلم، لكن إذا تحمل مع اختلال هذا الشرط وأدى بعد تمامه فإنه حينئذٍ يقبل، والحديث في الصحيحين، وهو مثال لهذا النوع.

جبير بن مطعم جاء في فداء الأسرى قبل أن يسلم، فوقر الإيمان في قلبه ثم أسلم، وفي الصحيح أنه أظل بعيراً بعرفة فبحث عنه فوجد النبي -عليه الصلاة والسلام- قد وقف بعرفة مع الناس، فاستنكر، استنكر كيف يقف النبي -عليه الصلاة والسلام- وهو من الحمس بعرفة؟ والحمس معروف أنهم لا يخرجون عن حدود الحرم، يقفون بالمزدلفة دون الحدود {ثُمَّ أَفِيضُواْ مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ} [(199) سورة البقرة] أنتم مثلهم، ما في فرق، فكيف يستغرب جبير بن مطعم وقوف النبي -عليه الصلاة والسلام- بعرفة مع الناس؟ هل هذا قبل إسلامه أو بعد إسلامه؟ قبل إسلامه، في حجة الوداع وإلا في غيرها؟ نعم؟ هو يستغرب بعد إسلامه؟ يستغرب في .. ، أن هذه الحجة هي حجة الوداع وإلا حجة قبلها؟ هاه؟ طالب:. . . . . . . . . إيش لون واحدة؟ الآن جبير بن مطعم أسلم قبل حجة الوداع بسنين، وكيف يستغرب أن النبي -عليه الصلاة والسلام- يقف؟ نعم، جبير بن مطعم ما حج، أظل بعيراً فجاء إلى عرفة يبحث عنه، مسلم وإلا ما هو بمسلم؟ الناس جاءوا إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- في حجة الوداع من كل فج، فرصة كل مسلم أن يحج مع النبي -عليه الصلاة والسلام-، وجبير بن مطعم أظل بعيره ويبحث عنه في عرفة، ووجد النبي -عليه الصلاة والسلام- وقف بعرفة مع الناس، الناس كانوا يحجون، قبل الإسلام وبعد الإسلام قبل أن يسلموا، الناس يحجون، لكن الحمس يقفون دون عرفة وغيرهم يدخل عرفة، والنبي -عليه الصلاة والسلام- معروف من الحمس، فيستغرب كونه وقف بعرفة مع الناس من قبل غير المسلم، وهذه الحجة حجة كانت قبل حجة الوداع، وهل كانت قبل الهجرة أو بعدها؟ أو هما اثنتان؟ أقوال لأهل العلم، والقصة في الصحيح، في صحيح البخاري. ورد أن النبي -عليه الصلاة والسلام- صلى المغرب بـ (آلمص) التي هي الأعراف، وبالصافات، وأنه قرأ فيها بالدخان، وقرأ فيها بالمرسلات، قرأ فيها بالمرسلات، كلها طوال، فدل على أنه قد يقرأ في المغرب بالطوال، ويقرأ في الصبح بـ {إِذَا زُلْزِلَتِ} [(1) سورة الزلزلة] مثلاً، فالقاعدة والأصل أن يقرأ بما ذكر، لكن قد يقرأ كما دلت النصوص بخلاف ذلك لبيان الجواز، لبيان الجواز، نعم.

"وعن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- قال: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقرأ في صلاة الفجر يوم الجمعة: (آلم تنزيل) السجدة, و {هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنسَانِ} [(1) سورة الإنسان] " متفق عليه. وللطبراني من حديث ابن مسعود: "يديم ذلك". "وعن أبي هريرة قال: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" وهذا يدل على الاستمرار "يقرأ في الفجر يوم الجمعة: (آلم تنزيل) السجدة, و {هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنسَانِ} [(1) سورة الإنسان] " وفي رواية الطبراني: "يديم ذلك" بمعنى أنه لا يخل به، ورواية الطبراني ضعيفة، وأما حديث أبي هريرة متفق عليه، الطبراني في الصغير لكنه ضعيف، حديث ابن مسعود عند الطبراني ضعيف. يقول شيخ الإسلام: "السر في قراءتهما في فجر يوم الجمعة أنهما تضمنتا ما كان وما يكون في يومها" تضمنت السورتان على خلق آدم، وعلى ذكر المعاد، وحشر العباد، وذلك يكون في يوم الجمعة، ففي قراءتهما تذكير للعباد بما كان وما يكون، ولذلك ليعتبروا بما كان، ويستعدوا لما يكون، ليعتبروا بما كان، ويستعدوا لما يكون. الآن المناسبة بين هاتين السورتين وما كان وما يكون في هذا اليوم ظاهرة، فهل للإنسان أن ينزل القراءة على المناسبات؟ يعني في خطبة جمعة رأى من الناسب أن يخطب عن موضوع ما للحاجة إليه، ثم في صلاة الجمعة بحث عن آيات مناسبة لهذا الموضوع فقرأها في الصلاة، الآن الرابط بين قراءة هاتين السورتين واليوم، ما سمعنا في كلام شيخ الإسلام، فإذا وجد مناسبة، وجد مناسبة مات رجل صالح وقدم للصلاة فهل لك أن تقرأ {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا} [(13) سورة الأحقاف] من أجل هذا الرجل الصالح؟ وقل عكس ذلك لو جاء ضيف وفد غير صالح أو كافر هل لك أن تقرأ ما يناسب؟ وتنزل القرآن على المناسبات ويكون الأصل ما ذكر من أن الجمعة كان ويكون فيها ما ذكر، وهذه السور تنبه على ما كان وما يكون؟ أو نقول: نقتصر في ذلك على ما ورد به النص؟

سمعتم القراءات في بعض الأحيان إذا قدم رجل صالح للصلاة عليه قرأت {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا} [(13) سورة الأحقاف] بقصد أو بغير قصد، بقصد أو بغير قصد، نعم؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . كيف؟ طالب:. . . . . . . . . أيوه. طالب:. . . . . . . . . يعني نقتصر على ما ورد، ولو ترك المجال للناس أن يجتهدوا في تنزيل الآيات على المناسبات لاستهين بالقرآن، واستعمل في غير ما أنزل من أجله، لأدنى مناسبة ولد له مولود، مات له طفل، قدم له قريب بعيد، فصارت المسألة لعب، فيقتصر في هذا على ما ورد، يقتصر في هذا على ما ورد، نعم. "وعن حذيفة -رضي الله تعالى عنه- قال: "صليت مع النبي -صلى الله عليه وسلم- فما مرت به آية رحمة إلا وقف عندها يسأل, ولا آية عذاب إلا تعوذ منها" أخرجه الخمسة, وحسنه الترمذي". نعم هو حديث صحيح، حذيفة -رضي الله عنه- قال: "صليت مع النبي -صلى الله عليه وسلم-" وهذه الصلاة يحتمل أن تكون إيش؟ في صلاة الليل، كان في صلاة ليل، ويحتمل أن تكون فريضة، لكن جاءت الروايات عن غيره من الصحابة أنها في صلاة الليل، وجاء أيضاً أحاديث مطلقة كهذا.

يقول: "صليت مع النبي -صلى الله عليه وسلم- فما مرت به آية رحمة إلا وقف عندها يسأل" يسأل الله من فضله، يسأل الله رحمته وعفوه ومغفرته، "ولا آية عذاب إلا تعوذ منها" فإذا مر به ذكر الجنة سأل الله -جل وعلا- أن يجعله من أهلها، وأن يوفقه للعمل الذي يوصله إليها، وإذا مرت به آية عذاب، أو مر به ذكر النار تعوذ بالله منها، ومما يوصل إليها، وما يقرب إليها، كما جاء في الحديث يقول: ((أعوذ بالله من النار، ويل لأهل النار)) فهل يفعل مثل هذا في الفريضة والنافلة أو يقتصر في ذلك على النافلة والأمر فيها أوسع؟ الأصل أن الصلاة واحدة، ما ثبت في النافلة يثبت في الفريضة، هذا الأصل إلا ما دل الدليل على تخصيص النافلة به مما ذكر سابقاً، أو نقول: هذا خاص بالنافلة والفريضة لها أحكامها والأمر فيها أشد، الاحتياط لها ينبغي أن يكون أكثر، وقد يقول المسلم كلمة تبطل صلاته وهو لا يشعر، فيقتصر في الفريضة على القراءة والتدبر، وأما في النافلة يسأل ويطلب الله -جل وعلا-، ويستعيذ بالله من عذابه كما جاء؛ لأن أكثر الروايات تدل على أنه في قيام الليل. على كل حال قيل بهذا وهذا، والأصل أن الفريضة والنافلة سواء، فإذا اقتصر على الألفاظ الواردة عنه -عليه الصلاة والسلام- في النافلة وقيلت في الفريضة لا بأس، لكن التوسع في هذا بألفاظ وجمل لم تثبت عنه -عليه الصلاة والسلام- لا سيما من بعض العامة الذين لا يدركون فحوى الكلام؛ لأنه قد يمر به كلام يظنه رحمة أو العكس، يظنه عذاب أو العكس، عذاب يظنه رحمة، كثير من الناس تسمعه يعني إذا مر ذكر الله -جل وعلا- قال: سبحانه، سبحانه، إذا مر ذكر نبي من الأنبياء صلى عليه وسلم بعضهم يجتهدون في هذا، فإذا اقتصر على المورد باللفظ النبوي الذي لا يخشى منه إبطال الصلاة لا بأس، وإلا فالأصل أن الصلاة {وَقُومُواْ لِلّهِ قَانِتِينَ} [(238) سورة البقرة] يعني ساكتين، إيه نعم. "وعن ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((ألا وإني نهيت أن أقرأ القرآن راكعاً أو ساجداً, فأما الركوع فعظموا فيه الرب, وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء, فقمن أن يستجاب لكم)) رواه مسلم". وعن عائشة.

"وعن عائشة -رضي الله تعالى عنها- قالت: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: في ركوعه وسجوده: ((سبحانك اللهم ربنا وبحمدك, اللهم اغفر لي)) متفق عليه". "عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((ألا وإني نهيت أن أقرأ القرآن راكعاً أو ساجداً)) " لماذا؟ لأن للركوع والسجود أذكار مختصة بهما، وأما القرآن فهو ذكر القيام، الركوع له ذكر، السجود له ذكر، الجلسة بين السجدتين لها ذكر، جلسة التشهد له ذكر، إلى آخره، فالقراءة ذكر القيام الوقوف قبل الركوع، لكن بعض الناس قد يبقى عليه شيء من الفاتحة ثم يركع الإمام ثم يركع معه ويكمل الفاتحة، وبعضهم يبقى من السورة التي قرأها بعد الفاتحة بعض الآيات يركع الإمام فيركع معه ثم يكمل ما شرع، هذا إيش حكمه؟ حرام؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: ((ألا وإني نهيت أن أقرأ القرآن راكعاً أو ساجداً)) نهيت، والنهي يقتضي التحريم، فالحديث دليل على تحريم قراءة القرآن حال الركوع والسجود،؛ لأن الأصل في النهي التحريم، ذكر الركوع: "سبحان ربي العظيم"، وذكر السجود: "سبحان ربي الأعلى" لأنه لما نزل قوله تعالى: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} [(1) سورة الأعلى] قال: ((اجعلوها في سجودكم)) ومثلها التعظيم، فأما الركوع، لماذا لا نقرأ؟ "قال: ((فأما الركوع فعظموا فيه الرب)) عظموا فيه الرب ((وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء)) يعني ينبغي أن يكون الركوع ذكره التعظيم، سبحان ربي العظيم، وأما السجود فاجتهدوا فيه من الدعاء، فأقرب ما يكون العبد من ربه وهو إيش؟ وهو ساجد. ((اجتهدوا في الدعاء فقمن أن يستجاب لكم)) حري وجدير وحقيق وخليق أن يستجاب لكم، إذا أكثرتم من الدعاء، واجتهدتم فيه، حري أن يستجاب لكم، فالحديث فيه على ما ذكرنا تحريم القراءة في حال الركوع والسجود، وفيه أيضاً مشروعية تعظيم الرب -جل وعلا- في الركوع والتسبيح والتنزيه، وفيه أيضاً مع التسبيح في حال السجود مشروعية الدعاء.

"وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: في ركوعه وسجوده: ((سبحانك اللهم)) " في ركوعه وسجوده: ((سبحانك اللهم ربنا وبحمدك, اللهم اغفر لي)) الحديث السابق: ((فأما الركوع ف ع ظموا ... وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء)) دليل على أنه لا يدعى في حال الركوع وإنما يعظم الرب فيه، وعلى أنه لا يعظم الرب في حال السجود وإنما يجتهد فيه بالدعاء، لكن الحديث الذي يليه حديث عائشة دل على أن الركوع وإن كان الغالب في ذكره التعظيم إلا أنه لا يمنع من الدعاء اليسير، ولذا قال: ((سبحانك اللهم ربنا وبحمدك, اللهم اغفر لي)) وهذا دعاء، قد يقول قائل: أما الركوع عظموه ليش تدعو؟ والرسول يقول: ((عظموا)) عليك أن تدعو في السجود، نقول: لا يمنع من أن يكون الدعاء اليسير موجوداً في الركوع أيضاً، والدعاء الكثير مع الاجتهاد فيه وتحري جوامره في السجود، فإنه حري وجدير وقمن أن يستجاب لكم، نعم. "وعن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- قال: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا قام إلى الصلاة يكبر حين يقوم, ثم يكبر حين يركع, ثم يقول: ((سمع الله لمن حمده)) حين يرفع صلبه من الركوع, ثم يقول وهو قائم: ((ربنا ولك الحمد)) ثم يكبر حين يهوي ساجداً, ثم يكبر حين يرفع رأسه, ثم يكبر حين يسجد ثم يكبر حين يرفع, ثم يفعل ذلك في الصلاة كلها, ويكبر حين يقوم من اثنتين بعد الجلوس" متفق عليه".

نعم حديث أبي هريرة في تكبيرات الانتقال: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" وهذا للاستمرار "إذا قام إلى الصلاة يكبر حين يقوم، ثم يكبر -للانتقال- حين يركع, ثم يقول: ((سمع الله لمن حمده)) حين يرفع صلبه من الركوع" وهذا في حق الإمام على ما سيأتي "ثم يقول وهو قائم: ((ربنا ولك الحمد)) " وهي للإمام والمأموم ((إذا كبر فكبروا)) التكبير يشترك فيه الإمام والمأموم، لكن إذا رفع من الركوع فقال: سمع الله لمن حمده، فقولوا: ربنا ولك الحمد، فدل على أن الإمام يقول: سمع الله لمن حمده، والمأموم يقول: ربنا ولك الحمد على اختلاف في الصيغ الواردة في ربنا ولك الحمد، أو ربنا لك الحمد، أو اللهم ربنا لك الحمد، اللهم ربنا ولك الحمد، هي أربع صيغ، ويقولها الجميع، وأما التسميع فلا يقوله إلا الإمام دون المأموم والمنفرد، يقوله الإمام والمنفرد دون المأمون، "حين يرفع صلبه من الركوع، ثم يقول وهو قائم: ((ربنا ولك الحمد)) ثم يكبر حين يهوي للسجود, ثم يكبر حين يرفع رأسه, ثم يكبر حين يسجد، ثم يكبر حين يرفع, ثم يفعل ذلك في الصلاة كلها، ويكبر حين يقوم من الثنتين بعد الجلوس" وهذا ديدنه وعادته -عليه الصلاة والسلام- مع قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((صلوا كما رأيتموني أصلي)) ((صلوا كما رأيتموني أصلي)) فدل على وجوب تكبيرات الانتقال، وعلى وجوب قول: سمع الله لمن حمده خلافاً لمن يقول باستحباب ذلك، خلافاً لمن يقول باستحباب ذلك.

وظاهر قوله: يكبر حين يفعل كذا، ويفعل حين .. ، أن التكبير مقارن للفعل، القول ينبغي أن يكون مقارناً للفعل، لكن إن تقدم يسيراً أو تأخر يسيراً، إن قدم الحركة على الذكر خشية أن يسبق، أو تقدم الذكر على الحركة لثقل وكبر سن ونحوه، فالمسألة فيها سعة، فعندنا قول: سمع الله لمن حمده، التكبير للجميع، إن كبر فكبروا، لكن إذا قال: سمع الله لمن حمده، فقولوا: ربنا ولك الحمد، فدل على أن الإمام يقول: سمع الله لمن حمده، والمأموم يقول: ربنا ولك الحمد، عند الحنفية والمالكية المأموم لا يقول: سمع الله لمن حمده، والإمام لا يقول: ربنا ولك الحمد، هذا ذكر الإمام وهذا ذكر المأموم، الشافعية يرون أن كل مصلٍ إمام ومأموم ومنفرد كل منهم يقول: سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد، والحنابلة يقولون: إذا قال الإمام: سمع الله لمن حمده، المأموم لا يقول: سمع الله لمن حمده، إنما يقول المأموم: ربنا ولك الحمد، والإمام يقولها كذلك، والحديث ظاهر في هذا ((إذا قال ... فقولوا)) لأنه إذا قال: سمع الله لمن حمده نقول مباشرة بالتعقيب دون التأخير: ربنا ولك الحمد، إذن متى يقول المأموم: سمع الله لمن حمده؟ فدل على أن المأموم لا يقول: سمع الله لمن حمده. ((ربنا ولك الحمد)) عرفنا أن الصيغ الواردة في هذا أربع، ربنا لك الحمد، ربنا ولك الحمد، واللهم ربنا لك الحمد، اللهم ربنا لك الحمد، ولك الحمد، المقصود أنها أربع صيغ، وإن قال ابن القيم: إنه لم يرد الجمع بين اللهم والواو، وهو وارد في صحيح البخاري، وارد في صحيح البخاري. "ثم يكبر حين يهوي -يخر ساجداً- ثم يكبر حين يرفع رأسه من السجود، ثم يكبر حين يسجد" ثانية، ثم يكبر حين يرفع من السجدة الثانية، ثم يفعل ذلك في الصلاة كلها في الركعة الثانية والثالثة والرابعة هكذا، "ويكبر حين يقوم من الثنتين بعد الجلوس" بعد الجلوس يكبر. نعم الحديث الذي يليه:

"وعن أبي سعيد الخدري -رضي الله تعالى عنه- قال "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا رفع رأسه من الركوع قال: ((اللهم ربنا لك الحمد ملء السماوات والأرض, وملء ما شئت من شيء بعد, أهل الثناء والمجد, أحق ما قال العبد، وكلنا لك عبد، اللهم لا مانع لما أعطيت, ولا معطي لما منعت, ولا ينفع ذا الجد منك الجد)) رواه مسلم". نعم هذا ذكر القيام بعد الركوع: "عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا رفع رأسه من الركوع قال: ((اللهم ربنا لك الحمد)) " وعرفنا أنه ورد: ((اللهم ربنا لك الحمد)) ((اللهم ربنا ولك الحمد)) وبدون اللهم ((ملء السماوات والأرض)) الحمد ملء السماوات والأرض، الحمد معنى من المعاني والأجرام إنما تملى بالأجرام والأجسام، لا يمتنع أن يكون هذا المعنى بحيث لو كان جسماً لملأ ما بين السماوات والأرض، ولا يمنع أن يكون له حقيقة، وإن لم يدركها البشر، ففي علم الله -عز وجل- أنها تملأ ما ذكر. ((ملء السماوات والأرض، وملء ما شئت من شيء بعد)) يعني مما تعلمه أنت تبارك وتعاليت، ولا نعلمه نحن، فالمطلوب حمد يملأ الظروف المعلومة وغير المعلومة للآدمي ((وملء ما شئت من شيء بعد، أهل الثناء والمجد)) يعني يا أهل الثناء والمجد ((أحق ما قال العبد)) أحق ما قال العبد، (أهلَ) منصوب على النداء الأصل: يا أهل الثناء والمجد، ويجوز رفعه على أنه خبر لمبتدأ محذوف تقديره: أنت أهل الثناء والمجد ((أحق ما قال العبد)) أحق بالرفع خبر مبتدأ محذوف، هذا أو ما ذكر أحق ما قال العبد، ((وكلنا لك عبد)) وكلنا لك عبد اعتراف من العبد لربه بأنه مربوب مدبر ومسير من قبل ربه وخالقه ورازقه -جل وعلا-، وفي هذا من التواضع والانكسار بين يدي الله -عز وجل-، واعترافاً ... مما كان هذا الجد، وهذا الاجتهاد، وهذا الحرص، وهذا الذكاء، وهذه القدرة، وهذه الخبرة كلها لا تنفع إلا إذا أراد الله -جل وعلا- أن ينفع بها، والله المستعان. وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

كتاب الصلاة (16)

بلوغ المرام - كتاب الصلاة (16) تابع شرح: باب صفة الصلاة. الشيخ/ عبد الكريم بن عبد الله الخضير الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. يقول: مرّ معنا مراراً ذكر الإمام الدارقطني فهل من تعريف به؟ الدارقطني إمام من أئمة المسلمين، أشهر من أن يعرف، إمام مجتهد في هذا الباب، وقدوة له السنن أشهر من نارٍ على علم، لكن هذا الكتاب يجمع الصحيح والحسن والضعيف، وهو من أهل النقد وأهل التحري، وعلله بلغت الغاية في معرفة دقائق هذا الفن، حتى قال الحافظ ابن كثير وغيره: إنه لم يصنف مثله شيء يبهر العقل هذا الكتاب، ولا يعني هذا أن طالب العلم إذا سمع مثل هذا الكلام، وسمع الثناء الحافظ ابن كثير وغير الحافظ ابن كثير على علل الدارقطني أن يبدأ به؛ لأن هذا العلم أغمض أنواع علوم الحديث وأصعبها، فإذا بدأ به طالب العلم يُخشى عليه أن ينقطع ويترك، ونظير ذلك من يسمع مدح ابن القيم لكتاب شيخ الإسلام ابن تيمية (تعارض العقل والنقل) كثير من المتخصصين يقرأ في علل الدارقطني ولا يدرك ما مراد الإمام الدارقطني، كتاب: (العقل والنقل) لشيخ الإسلام شيء لا يخطر على بال. واقرأ كتاب العقل والنقل الذي ... ما في الوجود له نظيرٌ ثاني لكن يسمع طالب العلم عن هذا الكتاب ويذهب يبادر فيشتري هذا الكتاب ويقرأ فيه فيفاجئ بترك للعلم وطلب العلم؛ لأنه سوف يطوي مائة الصفحة بالكامل ما فهم منها شيئاً البتة، ولذا كان كثير من الكبار من أهل التخصص في العقيدة، بل في كتب شيخ الإسلام من يأمر الطلاب بل كبار الطلاب وهم يقرؤون عليه أن يتجاوزوا كثير من البحوث في هذا الكتاب. فالطالب عليه أن يتدرج في العلوم، يسمع كتاب يُمدح لا مانع أن يقتني هذا الكتاب إلى وقت الحاجة، لكن لا يقرأ في هذا الكتاب حتى يتأهل؛ لأنه يخشى عليه أن يترك طلب العلم، فعلل الدارقطني من هذا النوع، لا يستغني عنها من يعاني هذا الفن، لكن مبتدئ الطلبة عليهم أن لا يقرؤوا في مثل هذه الكتب التي تكون سبباً في صدهم عن متابعة الطلب.

فمثل هذا الكتاب يذكر في بيان منزلة هذا الإمام العظيم، وليس هو بمعصوم، ولا يعني هذا أن كل ما يقوله هو الراجح لا، لكنه إمام معتبر في هذا الشأن، وهناك رسائل علمية في الدارقطني، وأثره في علوم الحديث أكثر من رسالة، وتناولته البحوث من جوانب متعددة، كما تناولت دراسة كتبه -رحمة الله عليه وعلى جميع أئمة المسلمين-. يقول: ما معنى على شرط الشيخين أو على شرط مسلم وما شابه ذلك؟ المسألة الخلاف فيها طويل جداً، فالحازمي له قول، ابن طاهر له قول، من جاء بعدهم لهم أقوال، أول من صنف في شروط الأئمة الحازمي وابن طاهر، ثم تتابع من كتب في علوم الحديث في بيان شرط الشيخين، وأصل ذلك ما شهره الحاكم في مستدركه من قوله كثيراً: "على شرط الشيخين"، "صحيحٌ على شرط البخاري"، "صحيحٌ على شرط مسلم"، "حديث صحيح" يعني لا على شرط أحدهما. فيرى الحازمي أن شرط الشيخين بعد أن قسم الرواة إلى طبقات، فالطبقة الأولى: من اتصفوا بالحفظ والضبط والإتقان مع ملازمة الشيوخ، والثانية: من وافقوا الأولى في الحفظ والضبط والإتقان مع خفة ملازمة الشيوخ، والثالثة العكس من لازموا الشيوخ لكنهم أخف في حفظهم وضبطهم وإتقانهم، ثم نزل بعد ذلك، الذي يهمنا الطبقات الثلاث الأولى؛ لأن فيها شرط الشيخين. فالأولى: شرط البخاري، وقد يتنقي من أحاديث الطبقة الثانية، والثانية شرط مسلم وقد ينتقي من أحاديث الطبقة الثالثة، هذا قول. قول ابن طاهر: شرط الشيخين التخريج لمن أجمع على ثقته، وكلا القولين لا يسلم من مؤاخذات ومنقاشات، لكن المتأخرين رجحوا كما هو الواقع، ودعموه بالأدلة أن المراد بشرط الشيخين رجالهما على الصورة المجتمعة، إيش معنى هذا الكلام؟ أن البخاري إذا خرج حديثاً من طريق فلان عن فلان عن فلان عن فلان إذا وجد هذا الإسناد في أي كتاب على هذه الصورة فهو على شرط البخاري، ومثله ما كان على شرط مسلم، وإذا خرج البخاري ومسلم لهذه الصورة المجتمعة فوجدنا حديثاً مخرجاً بهذه السلسلة على الصورة المجتمعة في غيرهما من الكتب قلنا: على شرط الشيخين، فشرطهما رواتهما.

ويؤيد ذلك أن الحاكم روى حديثاً من طريق أبي عثمان وليس هو النهدي، قال: والحديث من طريق أبي عثمان هذا ولو كان النهدي لقلت: على شرطهما، فدلَّ على أنه يقصد بشرطهما رواتهما، لكن يوجد إشكال حول هذا الكلام، وإن كان هو الصحيح، هو الصواب، هو المطابق للواقع، لكن يشكل عليه قول الحاكم: "وأنا أستعين الله على إخراج أحاديث رواتها ثقات احتج بمثلها الشيخان" لو كان مراده بشرط الشيخين نفس الرواة لقال: احتج بهم الشيخان، احتج بهم الشيخان ما قال احتج بمثلهم؛ لأن مثل الشيء ليس هو الشيء نفسه. هذا الإشكال الذي يمكن أن يورد على القول الأخير وهو الصحيح؛ لأن الواقع يشهد له، الواقع يشهد له. كيف يقول: بمثلها الشيخان ولم يقل: احتج بهم الشيخان؟ الحافظ ابن حجر يقول: إن الحاكم استعمل المثلية في أعم من حقيقتها ومجازها، فهو يستعمل المثلية في حقيقتها إذا خرج لرواةٍ احتج بهم الشيخان أنفسهم، ويستعمل المثلية في مجازها إذا خرج الحديث وقال على شرط الشيخين، إذا خرج الحديث من طريق رواة لم يحتج بهم الشيخان لكنهم في مرتبة من احتج بهم الشيخان، فهم مثل من احتج بهم الشيخان هذه حقيقة، ويستعمل المثلية في مجازها إذا خرج الحديث عن رواةٍ خرج لهم الشيخان أنفسهم، نفس الرواة. ثم استدل بقصة تشهد لما يقول، وقال: إن شخصاً رأى مع آخر ثوباً وقال له: اشتر لي مثل هذا الثوب، اشتر لي مثل هذا الثوب، فاشترى له الثوب نفسه، اشترى نفس الثوب، يشوف واحد معك سيارة يقول: والله هذه سيارة طيبة هي لك؟ تقول: لا، لزميلي، يقول: رجاءً إن وجدت لي مثل هذه السيارة اشترها لي، تروح لزميلك وتشتري له نفس السيارة، أنت اشتريت له السيارة أو مثل السيارة؟ أنت نفذت ما قيل لك؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . في معناها المجازي ما هو الحقيقي، مثلية مجازية، لأن مثل الشيء غير الشيء. اختصما عند شريح فأمضى البيع، وقال: لا شيء أشبه بالشيء من الشيء نفسه، يعني إذا اشترى لك السيارة نفسها جاء لك بأكثر مما تطلب، أنت تطلب مثل هذه السيارة مثلها، والمثل قد لا يكون مطابق تماماً، فجاء لك بالمطابق تماماً. المسألة طويلة الذيول، وتحتاج إلى بحث، وتحتاج إلى تمثيل وتنظير، والوقت ما يسعف.

يقول: ألا نأخذ بقول الألباني -رحمه الله تعالى- إن قراءة الإمام الجهرية تجزئ عن المأموم؟ يعني هذا قال به جمعٌ من الأئمة، قراءة الإمام في الجهرية تجزئ عن المأموم عند جمع من أهل العلم، وهو فرعٌ من مذهب من يقول: قراءة الإمام قراءة لمن خلفه، فالمأموم ليس عليه قراءة، منهم من يقول: هذا خاص بالجهرية دون السرية، وإليه ميل شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى-. والأسئلة كثيرة جداً، ما تنتهي، والأحاديث التي معنا أيضاً كثيرة، ولن نستطيع أن ننهي القدر المحدد، فنترك منه جزءاً يكون للدورة اللاحقة -إن شاء الله تعالى-. بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: قال الحافظ -رحمه الله تعالى-: "وعن ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أمرت أن أسجد على سبعة أعظم: على الجبهة -وأشار بيده إلى أنفه- واليدين، والركبتين، وأطراف القدمين)) متفق عليه". يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "وعن ابن عباس" والمراد به إذا أطلق من بين ولد العباس عبد الله بن العباس بن عبد المطلب ابن عم النبي -عليه الصلاة والسلام-، حبر الأمة، وترجمان القرآن، "-رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أمرت)) " إذا قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: أمرت فالآمر له من؟ هو الله -عز وجل-، بينما إذا قال الصحابي: "أمرنا" أو قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((نهيت عن قتل المصلين)) مثل هذا، الناهي هو الله -عز وجل-، إذا قال الصحابي: "أمرنا" أو "نهينا" فالآمر والناهي هو النبي -عليه الصلاة والسلام-، يعني من له الأمر والنهي في قول جماهير أهل العلم، وإن قال بعضهم: إنه يحتمل أن يكون الآمر والناهي غير النبي -عليه الصلاة والسلام- ممن ولِّي على هذا الناقل. قول الصحابي من السنة أو ... نحو أمرنا حكمه الرفع ولو بعد النبي قاله بأعصرِ ... على الصحيح وهو قول الأكثرِ

((أمرت أن أسجد على سبعة أعظم: على الجبهة -وأشار بيده إلى أنفه-" سبعة، الأعضاء السبعة، أعضاء السجود، أولها: الجبهة، ويدخل تبعها الأنف فهما عضوٌ واحد، الأصل الجبهة "وأشار بيده" وأمرّ بيده "إلى أنفه" بمعنى أنه جزء من عضو، وليس بعضوٍ مستقل؛ لئلا تكون ثمانية، الحصر في العدد يدل على أنه جزء من عضو، فالأصل الجبهة ويتبعها الأنف؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- أشار على أنفه؛ يعني هذا كله عضو واحد، هذا كله عضو واحد، فمن سجد على الجبهة دون الأنف؟ هاه؟ الجبهة دون الأنف يجزئ أو ما يجزئ؟ طالب:. . . . . . . . . المسألة خلافية، من يقول: إن الأصل الجبهة وهي عضوٌ واحد والأنف تبع لها، كما لو رفع أصبع من أصابع رجليه وبقيت بقية الأصابع، يكون سجد على القدمين وإن كان أحد الأصابع جزء من العضو، منهم من يقول: يجزئ السجود على الجبهة، ومنهم من يقول: لا، هما عضو واحد لا يتجزأ، كما لو سجد على الأنف دون الجبهة، القول الثالث: أن السجود على أيهما يجزئ، لو سجد على الجبهة أجزأه، ولو سجد على الأنف وحده أجزأه ورفع جبهته، لكن هذا القول ضعيف، وأصح الأقوال أنهما عضو واحد لا يجزئ ولا يغني أحدهما عن الآخر، بل لا بد من السجود عليهما.

((أمرت أن أسجد على سبعة أعظم: على الجبهة -وأشار" يعني وأمرّ "بيده على أنفه" فهما عضوٌ واحد لا يتجزأ، فمن سجد على أحدهما لم يأتِ بما أمر به، ولم يمتثل الأمر "واليدين" المقصود باليدين اليد تطلق ويراد بها ما بين أطراف الأنامل إلى المنكب كلها يد إلى المنكب، وتطلق ويراد بها من أطراف الأنامل إلى المرفق، تطلق أيضاً ويراد بها الكف إلى المفصل إلى الرسغ، فالإطلاق الأول على اليدين هل نقول: إن الإنسان يسجد على يديه، ويلصق يديه من الآباط إلى أطراف الأنامل على الأرض؟ لا، لم يقل بهذا أحد من أهل العلم، بل جاء النهي عما دون ذلك، النهي عن الاحتمال الثاني يجعل النهي عن الاحتمال الأول أولى، فإذا نهي عن الافتراش وهو إلصاق الذراعين على الأرض فالنهي عن إلصاق اليد من الأنامل إلى الآباط من باب أولى، فليس مرادٌ قطعاً، والاحتمال الثاني وإن كان اللفظ يحتمله إلا أنه جاء النهي عنه، فأخرجه من هذا النص، بقي اليد التي هي الكف ويقصد بها الراحة مع بطون الأصابع، الراحة مع بطون الأصابع، ويلاحظ على كثيرٍ من الناس أنه يسجد على بطون الأصابع فقط ويرفع الراحة، ترى موجودة يا الإخوان، وكثير أيضاً، وهذا مما ينبغي التنبيه عليه، هذا ما سجد على يديه سجد على أصابعه، أبداً كثير من الناس يسجد هكذا على الأصابع، والمطلوب بطون الكفين، الراحة وبطون الأصابع. وبعض الناس يصلي -وهذا يظهر في سجدة التلاوة لكن الخلاف في كونها صلاة معروف- بعض الناس يصلي ويقرأ في المصحف، ويركع ويسجد والمصحف بيده، فبعضهم يسجد وهو ماسك المصحف، مدخل أصبعه في المصحف هكذا، ويسجد على ظهر الكف يوجد، موجود، وبعضهم يدخل الأصبع أصبع واحدة ويسجد على بقية الكف، يصح السجود وإلا ما يصح؟ أما من سجد على ظهر الكف هذا لا يصح سجوده، أما من رفع أصبع وسجد على بقية الكف فيرجى -إن شاء الله-، وإن كان أخل بالمراد، لم يمتثل الامتثال الكامل، لكن أمره أخف إذا لم يباشر الأرض بأصبع واحدة مثلاً، أو رفعها في أثناء السجود، رفع أصبع أو أصبعين أو ما أشبه ذلك، كما لو رفع إحدى القدمين وهو ساجد، ثم أعادها الأمر سهل.

((واليدين والركبتين)) فعندنا الجبهة مع الأنف واحد، واليدين هذه ثلاثة، والركبتين هذه خمسة، وأطراف القدمين سبعة. ((والركبتين)) ((أمرت أن أسجد على سبعة أعظم)) ظاهر اللفظ أن هذه الأعظم السبعة تباشر المسجود عليه من غير حائل، لكن دل الدليل على الصلاة في الخف، فعلى هذا لا مباشرة لأطراف القدمين، بالدليل، دل الدليل على ستر العورة ومنها الركبتان في الصلاة، فلا مباشرة للركبتين، بقيت اليدان مع الوجه، الأصل المباشرة، لكن إذا قامت الحاجة لوجود حائل لحرارة شديدة مثلاً فللحاجة لا مانع من السجود على حائل، الركبتين لا بد من سترهما على الخلاف في كونهما من العورة في الصلاة، على كل حال إن لم يكونا من العورة فسترهما مما لا يتم الواجب إلا به. ((وأطراف القدمين)) ونشاهد كثيراً من كثير من المصلين من يرفع رجليه عن الأرض أو إحداهما، يسجد وهو رافع رجليه، هذا سجوده غير صحيح؛ لأنه لم يمتثل الأمر ((أمرت أن أسجد على سبعة أعظم)) لكن لو رفع إحداهما لحاجة، لو رفع إحداهما لحاجة، احتاج لحك إحداهما بالأخرى وهذا يحتاجه الإنسان، نقول: الحاجة لها حكمها، على أن يكون الغالب عدم الرفع، على أن يكون الغالب من الوقت عدم الرفع، لكن إن رفع إحدى رجليه يحك الأخرى مضطراً لذلك لا بأس -إن شاء الله-. إذا كانت الأرض حارة ويشق عليه السجود على أطراف القدمين، ولا يوجد ما يحول، وراوح بينهما، أو كانت الأرض غير مريحة مثلاً، السجود على أرض غير مريحة، وأنت مأمور أينما أدركتك الصلاة أن تصلي خلا ما استثني من البقاع، فما يخل بالصلاة بخشوعها لا شك أن له حظ من النظر على أن يكون السجود على أطراف القدمين في غالب السجود، مثل ما ذكرنا في الحاجة إلى حك إحداهما بالأخرى.

السجود على الحائل المستقر، والسجود على الحائل المتحرك، السجود على الحائل المستقر الفرشاة، وهذه لا إشكال فيها عند جماهير أهل العلم، لكن السجود على الحائل المتحرك مع المصلي، بعض الناس تجد المسجد مفروش ومريح ولا فيه إشكال، ثم إذا أراد أن يسجد قدم غترته أو شماغه وسجد عليه، هذا يكره كراهية شديدة لغير حاجة، يكره، نعم كان أحدهم يبسط ثوبه من شدة الحر ثم يسجد عليه هذا للحاجة، وفي حديث خباب: "شكونا إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حرّ رمضاء في جباهنا وأكفنا فلم يشكنا" يعني لم يزل شكوانا، لكن هذا محمولٌ على شيء يطاق، وبعض الناس لأدنى سبب أو بدون سبب إذا أراد أن يسجد قدم شماغه أو غترته وسجد عليه، هذا مكروه عند أهل العلم. "وعن ابن بحينة -رضي الله تعالى عنه-: "أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان إذا صلى فرج بين يديه حتى يبدو بياض إبطيه" متفق عليه". حديث ابن بحينة عبد الله بن مالك بن القشب، وبحينة هذه أمه، عبد الله بن بحينة اشتهر بها، فعلى هذا إذا قيل: عبد الله بن بحينة (ابن) هذه تحتاج إلى ألف، ولو قلنا: عبد الله بن مالك بن بحينة احتجنا إلى الألف كما نقول: عبد الله بن أبي بن سلول، وإعراب ابن الأولى تابعة لما قبلها، والثانية ليست بتابعة، تابعة للذي قبل الذي قبلها، إذا قلت: هلك عبد الله بنُ أبي بنُ سلول، فـ (ابن) تابع، نعم وصف أو بدل أو بيان كل هذا جائز لـ (عبد الله) فـ (ابن) الأولى تابعة لعبد الله، وابن الثانية تابعة لـ (عبد الله) لكن لو قلت: عبد الله بنُ عمر بنِ الخطاب فـ (ابن) تابعة للأولى والثانية تابعة للثاني، فهي مجرورة تبعاً له. "وعن ابن بحينة أن رسول -صلى الله عليه وسلم- كان إذا صلى -وسجد- فرج بين يديه حتى يبدو بياض إبطيه" فرج يعني باعد بينهما، أي نحى كل يدٍ عن الجنب الذي يليها جافى فرج، فالحديث دليلٌ على أن هذا الفعل مما يشرع في الصلاة من مجافاة، قالوا: والحكمة في ذلك أن يظهر كل عظم بنفسه، ويتميز عن غيره، بخلاف ما لو انضم المصلي بعضه إلى بعض تداخلت هذه الأعضاء، لكن كون كل عضو يتميز بنفسه ليؤدي ما أنيط به من عبادة استقلالاً هذه حكمة، والدليل هو ما سمعتم.

لماذا لا نقول: إن مثل هذا واجب؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- كان يفعله، وكان تدل على الاستمرار مع قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((صلوا كما رأيتموني أصلي)) أخرج أبو داود من حديث أبي هريرة أن الصحابة شكوا إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- مشقة من طول السجود، فقال: ((استعينوا بالركب)) وهذا صارف ترجم له أبو داود (الرخصة في ترك التفريج) فإذا احتيج إلى الانضمام من تطويل السجود مثلاً، سواءً كان الإنسان يصلي منفرداً أو في جماعة، أو كان به مرض لا يستطيع أن يتجافى، أو كان في صفٍ مع التراص الذي لا يمكنه في بعض المناسبات في جمعة أو عيد أو في بلاد الحرمين أو غيرهما مثل هذا من قصد فعل السنة وكانت ديدنه إذا لم يستطع فعلها كتبت له، إذا لم يستطع تكتب له؛ لأنه كان قاصداً لفعلها، لكن لم يتمكن منها، لكن الشخص الذي لا يرفع رأساً بالسنن، في حال السعة لا يطبق السنة فهل تكتب له إذا عجز عنها؟ لا تكتب له، كما أن الإنسان إذا مرض أو سافر يكتب له ما كان يعمله صحيحاً مقيماً؛ لأن الحائل دونه ودون فعل ما كان يفعله إجباري وليس اختيارياً، فالمجافاة والتفريج سنة. يقول: ((جعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً)) يدعي الرافضة أن الفرش الذي يصلى عليها ليست من الأرض وإنما مصنوعة من مواد أخرى؟ الأصل الأرض، الأصل الأرض، لكن الصلاة على ما يحول بين المصلي وبين الأرض النبي -عليه الصلاة والسلام- صلى على الحصير، وفي حديث أنس: ((فعمدت إلى حصيرٍ لنا قد أسود من طول ما لبس)) فمثل هذا الحائل تجوز الصلاة عليه وإن كان الأصل الأرض، وفي رواية: ((جعلت تربتها لنا طهوراً)) فالأصل الأرض، لكن هذه الصلاة على الحائل وعلى الفرش جاءت النصوص الصحيحة والصريحة في أن النبي -عليه الصلاة والسلام- صلى عليها. يقول: فلذا فهم يضعون قطعة تربة يصلون عليها؟ هذه التربة ليست أي تربة، وإنما هم يحضرونها من عتباتهم المقدسة، ولها خصوصية عندهم، يعني لو تعطيه أي قطعة من تراب أو من حجارة ما سجد عليها، فليست هذه هي الحجة الحقيقية، والله المستعان.

"وعن البراء بن عازب -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إذا سجدت فضع كفيك، وارفع مرفقيك)) رواه مسلم". البراء بن عازب بالتخفيف: البراء، وهذه هي الجادة في هذا الاسم، إلا نحو أبي معشر البرَّاء بالتشديد؛ لأنه يبري السهام، هذا "البراء بن عازب -رضي الله تعالى عنه- قال: "قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إذا سجدت فضع كفيك، وارفع مرفقيك)) ضع كفيك يعني على الأرض وارفع مرفقيك؛ لأنك إذا لم ترفع مرفقيك افترشت افتراش السبع، وقد جاء النهي عن الافتراش، بل جاء النهي عن الافتراش على وجهين، على جهة التصريح به نطقاً، وجهة الأمر برفع المرفقين الذي يلزم منه عدم الافتراش، فيفهم من حديث الباب النهي عن الافتراش من باب المفهوم، ومنطوق حديث النهي عن الافتراش يفهم منه على جهة المفهوم رفع المرفقين، فالحديثان بمعنىً واحد. ((ضع كفيك)) امتثالاً للأمر الخاص بالكفين والداخل في عموم: ((أمرت أن أسجد على سبعة أعظم)) ومنها الكفان، وعرفنا المراد بالكفين، وهنا يقول: ((إذا سجدت فضع كفيك)) ضع ((وارفع مرفقيك)) يعني فلا تفترش، والحديث مخرج عند مسلم وأحمد والترمذي وغيرهم. هذا بالنسبة للرجل يتجافى ويفرج ولا ينضم، وجاء بالنسبة للمرأة حديث في المراسيل عند أبي داود، ومعلوم أن الحديث المرسل صحيح وإلا ضعيف؟ ضعيف، والإرسال عندهم أعم من كون الحديث مرفوع من قبل التابعي، على ما استقر عند المتأخرين. مرفوع تابعٍ على المشهورِ ... فمرسلٌ أو قيده بالكبيرِ المراسيل تضم ما في أسانيدها خلل من انقطاع سواء كان ظاهر أو خفي. في المراسيل لأبي داود عن زيد بن أبي حبيب أن النبي -عليه الصلاة والسلام- مرّ على امرأتين تصليان فقال: ((إذا سجدتما فضما بعض اللحم إلى الأرض، فإن المرأة في ذلك ليست كالرجل)) والبيهقي يقوي من شأن هذا المرسل، ويقول: هذا المرسل أحسن من موصولين فيه، يعني من حديثين موصولين خرجهما البيهقي، ولا يعني كونه أفضل وأحسن أن يكون حسناً؛ لأن أفعل التفضيل عند أهل الحديث ليست على بابها، لا يستعملون أفعل التفضيل على بابها من كون الشيئين اشتركا في وصف فاق أحدهما الآخر.

يعني عند أهل اللغة: (أحسن) تدل على أن شيئين اشتركا في الحسن، وفاق أحدهما الآخر في هذا الباب، المحدثون على خلاف ذلك، يستعملون أفعل التفضيل على غير بابها عند أهل اللغة، فإذا قالوا: حديث أبي هريرة أصح من حديث ابن عمر هل يلزم من هذا أن يكون حديث أبي هريرة صحيح؟ لا يلزم، قد يكون ضعيف حديث أبي هريرة، إلا أنه أقوى من حديث ابن عمر، يكون حديث ابن عمر أضعف منه، كما أنهم إذا قالوا: فلان أوثق من فلان لا يعني التوثيق، فقد يكون الرجلان ضعيفين لكن أحدهما أقوى من الثاني وأوثق، والعكس. المقصود أن أفعل التفضيل وكون البيهقي يقول: هذا المرسل أحسن من موصولين لا يعني هذا أنه يصحح هذا المرسل، بل هو يضعف إذا كان أصح منهما مرسل فهما ضعيفان، ((فإن المرأة في ذلك ليست كالرجل)) ونقلنا عن أمِّ الدرداء كما في الصحيح أنها كانت تجلس جلسة الرجل، وكانت فقيهة، نعم في الجملة وعموم النصوص يدل على أن المرأة كلما اختفت واستترت كان أفضل، فإن انضمت كان أستر لها، ولو صح هذا الخبر لكان نصاً في الباب، لكنه ضعيف، فتبقى النصوص الموجهة للرجال تتناول النساء إلا ما دل الدليل على اختصاصهن به. النبي -عليه الصلاة والسلام- إذا صلى فرج بين يديه حتى يبدو بياض إبطيه، ويجافي عضديه عن جنبيه حتى يبدو بياض إبطيه، هل معنى هذا أنه يصلي بلا أكمام، الرسول -عليه الصلاة والسلام- يلبس القمص، ويلبس الرداء، ويلبس الحلة، فهل في مثل هذا الحديث أنه كان يلبس القمص التي لا أكمام لها؟ أما الأردية معروف وضعها. لبس الكم -عليه الصلاة والسلام-، وضاق الكم على يده فأخرجها من جيبه -عليه الصلاة والسلام-، من الداخل، فهو يلبس هذا تارة ويلبس ذاك أخرى، يلبس الحلة المكونة من ثوبين، ويلبس الإزار والرداء، وهنا يتسنى أن يرى بياض إبطيه، ويلبس القميص الذي له كم، لكن لو كان عليه قميص وإذا فرج بين يديه حتى يبدو بياض إبطيه لو كانا مكشوفين فلا يلزم من هذا أن الإنسان يعمد إلى القمص التي لا أكمام لها ويقول: هي السنة؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- إذا سجد فرج بين يديه حتى يبدو بياض إبطيه.

"وعن وائل بن حجر -رضي الله تعالى عنه-: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان إذا ركع فرج بين أصابعه، وإذا سجد ضم أصابعه" رواه الحاكم". هذا الحديث حسن الهيثمي وغيره إسناده، وقال الحاكم: صحيحٌ على شرط مسلم "كان إذا ركع فرج بين أصابعه" يمسك بركبتيه يفرج بينهما كأنه قابضهما "إذا ركع فرج بين أصابعه، وإذا سجد ضم أصابعه" لتكون هذه الأصابع متجهة إلى القبلة؛ لأنه إذا فرجت الأصابع في السجود انحرف بعضها عن القبلة، انحرف بعضها عن القبلة، فإذا ضمت الأصابع اتجهت جميعها إلى القبلة. سؤال، يقول: إذا كان الماء قد استعمل في غسلٍ وليس لرفع حديث أي لمستحب كالجمعة مثلاً هل يصح الوضوء به؟ إذا استعمل الماء في غسل في باب الطهارة رجحنا رأي الإمام مالك وأن الاستعمال لا يؤثر في الماء، ولا يسلبه الطهورية ما لم تتغير أحد أوصافه بنجاسة، فيصح الوضوء به. يقول: ما شرحكم لقول الرسول -صلى الله عليه وسلم-: ((لا يتوضأ الرجل بفضل طهور المرأة؟ )) جاء أيضاً: ((ولا المرأة بفضل طهور الرجل)) وهذا سبق حديثه بالتفصيل، وما فيه من أقوال لأهل العلم، وأن النبي -عليه الصلاة والسلام- اغتسل بفضل وضوء بعض نسائه، واغتسل مع بعض نسائه، المقصود أن مثل هذا لا يسلب الماء الطهورية، نعم. وعن عائشة: "وعن عائشة -رضي الله تعالى عنها- قالت: "رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصلي متربعاً" رواه النسائي، وصححه ابن خزيمة".

"عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصلي متربعاً" رواه النسائي، وصححه ابن خزيمة" التربع معروف، بمعنى أنه يجلس على مقعدته ويدخل رجله اليمنى في اليسرى واليسرى في اليمنى، يحتاج إلى شرح التربع؟ "يصلي متربعاً" كيف يصلي متربعاً؟ وسبق أن جاء في بيان وصف جلوسه في الصلاة أنه يفترش ويتورك، يفترش ويتورك فكيف يقال هنا: "رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصلي متربعاً" يعني هذا إذا صلى جالساً، إذا صلى جالساً فبدلاً من القيام يصلي متربعاً، في مواضع الافتراش يفترش بين السجدتين في التشهد الأول، في موضع التورك يتورك في التشهد الثاني، وأما فيما يقوم مقام القيام من الجلوس فإنه يكون حينئذٍ متربعاً، يعني إذا صلى الإنسان جالس كيف يكون جلوسه البديل عن القيام في وقت القراءة وبعد الرفع من الركوع؟ هل يفترش كما يجلس في التشهد الأول وبين السجدتين؟ يتربع نعم، يتربع، فإذا صلى من قعود سواءً كان لحاجة، لا يستطيع القيام في الفريضة والنافلة على حدٍ سواء، أو كان ممن يستطيع القيام لكن في النافلة وليس له من الأجر إلا النصف يصلي هكذا متربعاً، يعني في بديل القيام، أما في القعود الأصلي في الصلاة بين السجدتين وفي التشهد فيفترش، في التشهد الأخير يتورك على ما سبق شرحه؛ لأن ما يمكن الإتيان به مع العجز عن غيره يؤتى به، من استطاع أن يأتي ببعض العبادة وعجز عن بعض يأتي بما يستطيع. فلا نقول: ما دام يتربع في وقت القيام يتربع بين السجدتين، يتربع بالتشهد، اللهم إلا إذا كان لا يستطيع أن يفترش ولا يستطيع أن يتورك يأتي بما يستطيع {لاَ يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا} [(286) سورة البقرة] ((إذا أمرتكم بأمرٍ فأتوا منه ما استطعتم)).

وبعضهم -بعض العلماء- يقول: إن الجلسة في الصلاة ولو كانت من معذور يجلس للقراءة بدلاً من القيام على هيئة ما شرع له من الجلوس في الصلاة، على هيئة ما شرع له من الجلوس في الصلاة، فالصلاة جلوسها واحد، فما دام يجلس يفترش بين السجدتين يفترش إذا جلس للقراءة في ركن القراءة، لكن هذا الحديث وهو صحيح، تقول عائشة -رضي الله عنها-: "رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصلي متربعاً" وهذا نص في الموضوع، ويبقى الافتراش في موضعه والتورك في موضعه، والتربع فيما عدا ذلك. "وعن ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يقول بين السجدتين: ((اللهم اغفر لي وارحمني واهدني وعافني وارزقني)) رواه الأربعة إلا النسائي، واللفظ لأبي داود، وصححه الحاكم". هذا الدعاء بين السجدتين، عرفنا أنه في حال القيام يقرأ القرآن، يقرأ الفاتحة وما تيسر، إذا ركع يعظم الرب "سبحان ربي العظيم" إذا رفع يقول: "ربنا ولك الحمد" إلى آخر الذكر الذي تقدم، إذا سجد يسبح ويدعو ويكثر من الدعاء على ما تقدم التوجيه به ((فإنه قمنٌ أن يستجاب لكم)) إذا جلس بين السجدتين يدعو بما ورد فيقول: "اللهم اغفر لي"، "كان يقول بين السجدتين: اللهم اغفر لي وارحمني واهدني وعافني وارزقني" وهذا الحديث مصحح عند أهل العلم، مخرجٌ في السنن، وصححه الحاكم وغيره، فالمشروع أن يقول هذا الدعاء بين السجدتين، وقد يقول قائل: هل يجهر به أو يسر؟ ابن عباس سمع النبي -عليه الصلاة والسلام- يقول ذلك، فدل على أن النبي -عليه الصلاة والسلام- جهر به، الأصل في ذكر هذا الموطن الإسرار إلا إذا اقتضت الحاجة الجهر به أو ببعضه، الجهر به للتعليم، أو الجهر ببعضه لتنبيه من وراءه فلا بأس كما حصل. "وعن مالك بن الحويرث -رضي الله تعالى عنه-: أنه رأى النبي -صلى الله عليه وسلم- يصلي فإذا كان في وتر من صلاته لم ينهض حتى يستوي قاعداً" رواه البخاري".

مالك بن الحويرث صلى مع النبي -عليه الصلاة والسلام- وحفظ عنه، وضبط صلاته "رأى النبي -عليه الصلاة والسلام- يصلي" والحديث في الصحيح "فإذا كان في وترٍ من صلاته" يعني بعد الفراغ من صلاة وتر، يعني الركعة الأولى والثالثة، إذا فرغ من الركعة الأولى وفرغ من الركعة الثالثة "لم ينهض" إلى الثانية والرابعة "حتى يستوي قاعداً". وهذه الجلسة يسميها العلماء جلسة الاستراحة، والخلاف فيها بين أهل العلم طويل، والأكثر على عدم شرعيتها، وأنها مقرونة بالحاجة، وقد جاء ما يدل على أن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه إنما احتاج إليها في آخر عمره لما بدن، كما في بعض الروايات، لكن ليس في الصحيح ما يدل على ذلك، إنما الذي في الصحيح: أنه -عليه الصلاة والسلام- يصلي، فإذا كان في وترٍ من صلاته لم ينهض حتى يستوي قاعداً. فهل تشرع جلسة الاستراحة مطلقاً؟ أو لا تشرع مطلقاً خاصة به؟ أو تشرع عند الحاجة إليها؟ ذهب إلى القول بشرعيتها الإمام الشافعي في قول، وذهب الجمهور إلى عدم القول بشرعيتها، وإن كان الخلال ذكر عن الإمام أحمد أنه رجع إلى القول بها، وهي ثابتة عن النبي -عليه الصلاة والسلام- من فعله، وجاءت في بعض طرق حديث المسيء، وهذا ذكره الرافعي، هذه الرواية ذكرها الرافعي، وذكرت أيضاً في بعض طرق حديث أبي حميد، والذي يعنينا أن النبي -عليه الصلاة والسلام- فعلها، وقال: ((صلوا كما رأيتموني أصلي)) وعلى هذا فالسنة الإتيان بها. وأما كونها يؤتى بها عند الحاجة فهي جلسة، هل تفيد عند الحاجة؟ هل الأسهل للمصلي إذا سجد أن يعتدل قائماً ولا فاصل بينهما؟ أو يجلس ثم يعتدل قائماً؟ هل هذه الجلسة وإن سماها أهل العلم تريح المصلي أو زيادة عبء على المصلي؟ لذلك سموها جلسة الاستراحة، وهذه الجلسة لا تطابق، الجلسة أحياناً تعوق المصلي، ولا سيما عند الكبر، يعني كونه ينهض من السجود إلى القيام أسهل من كونه يتورك ويجلس ثم يقوم؛ لأنها ليست بجلسة بمعنى استراحة تجلس مدة طويلة، ترد النفس وترتاح، ليست على ما سميت به.

وقد ثبت فعلها عن النبي -عليه الصلاة والسلام- من قبله -عليه الصلاة والسلام-، فلا كلام لأحد، فهي سنة، الإتيان بها سنة ولو لم يفعلها الإمام، فالمسلم مطالب بالاقتداء بالنبي -عليه الصلاة والسلام-، نعم هو مأمورٌ بالاقتداء بالإمام لكن فيما يشرع، وما يفعله الإمام من أمورٍ مشروعة، فعلى هذا لو لم يرفع الإمام يديه في مواطن الرفع نقول: والله ما رفع و ((إنما جعل الإمام ليؤتم به فلا تختلفوا عليه)) ما نرفع أيدينا؟ أو نرفع؟ طالب:. . . . . . . . . كيف؟ إذا أخل ببعض السنن نخل؟ ما نخل ببعض السنن، فإذا لم يجلس الإمام للاستراحة، هذه الجلسة التي يسميها أهل العلم استراحة، وفي تسميتها استراحة نظر كيف استراحة؟ زيادة عبء في الصلاة، فإذا لم يجلس فلا عبرة بما خالف، العبرة بفعله -عليه الصلاة والسلام- نجلس ثم نقوم "لم ينهض حتى يستوي قاعداً" نستوي قاعدين ثم نلحق بالإمام، وكثيرٌ من الناس يفعل هذه الجلسة ويعتدل مع الإمام، يتبع الإمام قبل كثيرٍ من المصلين الذين لم يفعلوها، هي لا تكلف شيء، مجرد ما تستوي قاعد ثم تقوم مباشرة، فلا تخل باتباع، فالأولى للمصلي أن يفعلها، وفعلها سنة، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . إي تقعد إيه، تجلس مفترشاً ثم تقوم، جلسة خفيفة. جاء في ألفاظ لبعض الأحاديث أنه كان لا يفعلها -عليه الصلاة والسلام-، وقد جاء من حديث وائل بن حجر في صفة صلاة النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((فكان إذا رفع رأسه من السجدتين استوى قائماً)) لكن هذا الحديث ضعفه النووي، وجاء في معناه بعض الأحاديث، فإذا ثبتت تحمل على بيان الجواز، وأن فعلها مجرد سنة، وتركها جائز. "وعن أنس بن مالك -رضي الله تعالى عنه-: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قنت شهراً بعد الركوع، يدعو على أحياء من أحياء العرب، ثم تركه" متفق عليه. ولأحمد والدارقطني نحوه من وجه آخر، وزاد: "وأما في الصبح فلم يزل يقنت حتى فارق الدنيا".

هذا القنوت يسميه أهل العلم قنوت النوازل "عن أنس -رضي الله عنه- أن النبي -عليه الصلاة والسلام- قنت شهراً بعد الركوع يدعو على أحياء من العرب" رعل وعصية وبنو لحيان "يدعو على أحياء من العرب" مدة شهر ثم ترك القنوت، هؤلاء الأحياء النبي -عليه الصلاة والسلام- أرسل زهاء سبعين رجلاً إلى قوم من المشركين يعرفون بالقراء، غدروا بهم وقتلوهم، فقنت النبي -عليه الصلاة والسلام- مدة شهرٍ يدعو عليهم، يدعو على هؤلاء الذين غدروا بهؤلاء القراء، هذه نازلة، هذه نازلة. فقنوت النوازل مشروع، وهو مربوط بالأمور العامة التي تنزل بالأمة لا ما ينزل بشخصٍ معين، لو مرض إمام من أئمة المسلمين عالم كبير هل نقول للناس: اقنتوا قنوت نوازل لكي يرفع الله عنه هذا البلاء؟ هذه ليست نازلة، وإن كان أثرها في الأمة ظاهر، لكن يدعى له بظهر الغيب يدعى له بالسجود، يدعى له في أوقات الإجابة لا بأس، أما أن يقنت لرفع ما نزل به، الصحابة ما قنتوا لما مرض النبي -عليه الصلاة والسلام-، فمثل هذا لا يشرع، وإن فعله بعض المجتهدين من أصحاب الحماس والغيرة والحرقة على ما يقولون يفعلونه، مرض شخص من الأشخاص من أهل العلم يقنتون، هذه ليست نازلة، هذه وإن كانت نازلة إلا أنها خاصة وليست عامة. النبي -عليه الصلاة والسلام- قنت بعد الركوع، وجاء عن أنس أن القنوت كان قبل الركوع، قنت بعد الركوع، وجاء عن أنس أن القنوت كان قبل الركوع، أولاً: قوله: "قنت شهراً" هل يحدد قنوت النوازل بهذه المدة؟ أو نقول: إن النازلة تقدر بقدرها على حسب ما يقدره أهل الاجتهاد من علماء المسلمين؟ تقدر بقدرها، فقد لا تصل إلى حد الشهر، وقد تزيد على الشهر؟ أو نقول: إن الرسول -عليه الصلاة والسلام- وهو المشرع وهو القدوة فلا نزيد على ما فعل ولا ننقص عنه؟ محل نظر، ولا شك أن النوازل متفاوتة، ومنها ما هو مربوطٌ بمدة ووقت، ومنها ما يطلب كشفه فيستمر إلى أن ينكشف، ومنها ما حصل وانتهى كقتل هؤلاء القراء، المقصود أنه محل للاجتهاد.

"بعد الركوع" وجاء عن أنس -رضي الله عنه- أنه قبل الركوع، وابن القيم -رحمه الله تعالى- وفق بين ما جاء عنه من هذا وهذا، فقال: إن القنوت الذي هو قبل الركوع طول القيام، فالقنوت في الأصل هو طول القيام {وَقُومُواْ لِلّهِ قَانِتِينَ} [(238) سورة البقرة] القنوت طول القيام، فالقنوت الذي قبل الركوع طول قيامٍ في القراءة، والقنوت الذي هو بعد الركوع طول قيام بالدعاء فلا اضطراب؛ لأن بعضهم يقول: كيف يقول أنس: أحياناً قبل الركوع وأحياناً بعد الركوع؟ ابن القيم -رحمه الله تعالى- قال: المراد بالقنوت طول القيام، فالقنوت الذي هو قبل الركوع طول قيامٍ بقراءة، والقنوت الذي بعد الركوع هو طول قيام بالدعاء. "يدعو على أحياء" أي قبائل "من العرب ثم تركه" لأنه مصيبة وكارثة حلت بالأمة، لا شك أن مثل هذه الأمور تنتهي تدريجياً؛ لأنه مصيبة والمصائب كل ما مضى عليها الوقت تنسى، فلا يحسن التذكير بها، كتعزية المصاب، الآن لو يموت شخص وابنه زميلٌ لك، ومعك في العمل، كل صباح: "أحسن الله عزاك بالوالد"، "أحسن الله .. " لمدة سنة، وبعدين؟ هو نسي وخلاص، انتهت المصيبة في وقتها، فمثل هذا لا يشرع، لأن مثل هذا يذكر بهذه المصيبة "ثم تركه" متفقٌ عليه". "ولأحمد والدارقطني نحوه من وجه آخر" وهذا الوجه ضعيف "وزاد: "وأما في الصبح فلم يزل يقنت حتى فارق الدنيا"، "من وجه آخر" عن أنس "وزاد فيه: "وأما في الصبح فلم يزل يقنت حتى فارق الدنيا"، وفي الحديث الأول: "ثم تركه" فإما أن يقال: إنه تركه في بقية الفرائض والاستمرار في الصبح، أو يقال: إن رواية "لم يزل يقنت حتى فارق الدنيا" ضعيفة ولا تعارض بها الرواية الصحيحة. هذه الرواية التي معنا: "وأما في الصبح فلم يزل يقنت حتى فارق الدنيا" عرفنا أنها ضعيفة، ولو صحت لقلنا: إنه لم يزل يقنت يطيل القراءة، والقنوت طول القيام حتى فارق الدنيا، ويعارض حديث أنس هذا الذي في صلاة الصبح حديث سعد بن طارق الأشجعي وهو صحيح، وهو أصح من هذا، اقرأ الحديثين. "وعنه -رضي الله تعالى عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان لا يقنت إلا إذا دعا لقوم، أو دعا على قوم" صححه ابن خزيمة".

"وعن سعد بن طارق الأشجعي -رضي الله تعالى عنه- قال: "قلت لأبي: يا أبت إنك قد صليت خلف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأبي بكر وعمر وعثمان وعلي أفكانوا يقنتون في الفجر? قال: أي بني محدث" رواه الخمسة إلا أبا داود". نعم "وعنه" يعني أنس بن مالك -رضي الله عنه- راوي الحديث السابق "أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان لا يقنت إلا إذا دعا لقوم" ثبت في الصحيح أن النبي -عليه الصلاة والسلام- كان يدعو لقوم مستضعفين بمكة ((اللهم أنجِ الوليد بن الوليد)) .. إلى آخر الحديث، "أو دعا على قوم" على أحياء من العرب في الحديث السابق "لا يقنت إلا إذا دعا لقوم أو دعا على قوم" وهذا ما يسمى بقنوت النوازل. وأهل العلم يعممون النوازل فيما هو أعم مما ورد في هذا الحديث، ويقولون: إنه لا قنوت إلا إذا نزل بالمسلمين نازلة غير الطاعون، فيقنت الإمام في الفرائض قنوت الوتر يأتي ذكره، لكن المقصود القنوت في الفرائض. من حديث أنس يقول: "لا يقنت إلا إذا دعا لقوم أو دعا على قوم" وأهل العلم عمموا ذلك، فحملوه على النوازل، جعلوا العلة الجامعة هي النازلة، فلا يقتصر قنوت النوازل على الدعاء لقوم أو على قوم، بل إذا نزل بالمسلمين مصيبة تعمهم دُعي بكشفها في الفرائض. وجاء القنوت في الصبح وهو أكثر ما جاء، جاء في بقية الأوقات الخمسة كما في الصحيحين والسنن: "إلا أن تنزل بالمسلمين نازلة" وباء، وإلا عدو يحل بساحتهم، أو سباع تحيط بهم مما لا يستطيعون دفعه، أو هوام، أو زلازل، كوارث، مصائب، هذه يقنت فيها في الفرائض، استثنى أهل العلم الطاعون لا يقنت له ولو صار جارفاً، قالوا: لأن الطاعون إيش؟ شهادة والشهادة لا يطلب رفعها.

حديث "سعد بن طارق الأشجعي" وفي نسخ البلوغ: سعيد، لكن الصواب في اسمه: سعد بن طارق بن أشيم الأشجعي -رضي الله عنه- "قال: قلتُ لأبي" طارق بن أشيم "يا أبت إنك قد صليت خلف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأبي بكر وعمر وعثمان وعلي" يعني خلف النبي -عليه الصلاة والسلام- وخلفائه الراشدين "أفكانوا يقنتون في الفجر؟ قال: أي بني محدث" رواه الخمسة إلا أبا داود" أحمد، الترمذي، النسائي، ابن ماجه "أي بني محدث" يعني مبتدع، وسبق أن النبي -عليه الصلاة والسلام- قنت، وأنس يقول: "وأما في الصبح فلم يزل يقنت حتى فارق الدنيا" فإذا نظرنا إلى قول أنس: "لم يزل يقنت في الصبح حتى فارق الدنيا" مع حديث سعد بن طارق عن أبيه، وحديث سعد بن طارق أقوى من حديث أنس، فحديث أنس في القنوت في الصبح على وجه الخصوص ضعيف، وهو معارضٌ بما هو أقوى منه من حديث سعد بن طارق ولو صح لأمكن حمله على طول القيام في القراءة، ومعلومٌ أن الصبح تطول فيه القراءة. وفي حديث عائشة -رضي الله عنها: "أول ما فرضت الصلاة ركعتين فأقرت صلاة السفر وزيد في الحضر إلا الصبح فإنها تطول فيها القراءة، وإلا المغرب فإنها وتر النهار"، فمن سمة ومن سنة صلاة الصبح أنها تطول فيها القراءة وهذا هو القنوت، وهذا من معاني القنوت طول القيام، فلو صح حديث أنس في القنوت في صلاة الصبح حتى فارق الدنيا حمل على طول القراءة؛ لأنه معارضٌ بما هو أقوى منه. الشافعية يرون استمرار شرعية القنوت في صلاة الصبح، والجمهور على أن القنوت مربوطٌ بالنازلة، لا يقنت إلا في النوازل، والشافعية يستدلون بحديث أنس: "فلم يزل يقنت حتى فارق الدنيا". هذا أعيد السؤال الأول: إذا كان الماء قد استعمل في غسلٍ ولكن ليس لرفع حديث لمستحب كالجمعة مثلاً هل يصح الوضوء به؟

يصح الوضوء به، ولا أثر لاستعماله في الطهارة، ولا ينتقل من كونه طهور إلى كونه طاهر، وهذا قول المالكية، واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية، ومعه الأدلة، أما القول بأنه ينتقل من كونه طهور إلى طاهر وحينئذٍ لا يرفع الحدث مرة ثانية وهو قول الأكثر، ويستدلون بأدلة مضى الكلام فيها وفي بسطها، ورتبوا على هذه أو على هذا القول مسائل، وضيقوا على أنفسهم وعلى غيرهم، ولذا تمنى الغزالي أن لو كان مذهب الإمام الشافعي مثل مذهب الإمام مالك في أبواب المياه، وهو المناسب ليسر الشريعة، وهو المناسب لوضوحها، وإلا وجدت فروع ومسائل تتعلق بهذه المسألة هي إلى التكلف والتعنت أقرب منها إلى أن تكون مسائل مشروعة. وظاهر السؤال هذا: إذا كان الماء قد استعمل في غسل وليس لرفع حديث هل يصح الوضوء بها؟ هذا واضح، وإعادة السؤال مرة ثانية لعله يريد أن الغسل المستحب هل يرفع الحديث؟ بمعنى أنه هل يغني عن الوضوء؟ يحتمل أن يكون هذا المراد، بدليل أنا أجبنا عنه سابقاً وأعاد السؤال مرة ثانية، فإن كان القصد الفهم الأول فأعدناه، وإن كان القصد الثاني فإذا كان الغسل مشروعاً يقولون: يجزئ، الغسل طهارة كبرى تدخل فيها الطهارة الصغرى إذا كانت مشروعة، ومنهم من يقول: إن الوضوء الواجب لا يدخل في الغسل المستحب، لا يدخل في الغسل المستحب، ولذا لا بد من الوضوء إلا إذا كان الغسل رافعاً للحدث، بمعنى أنه واجب يرفع حدث فإنه إذا ارتفع الحدث الأكبر تبعه الحدث الأصغر. يقول: حديث: ((لا يتوضأ الرجل بفضل طهور المرأة وليغترفا جميعاً))؟ جاء النهي عن الوضوء وضوء الرجل بفضل المرأة، ووضوء المرأة بفضل الرجل، ولم يقل أحدٌ بأن الماء الذي يخلو به الرجل لا يرفع حدث المرأة، وإنما قال بعضهم بالعكس، إذا خلت المرأة لطهارة كاملة بالماء فإن هذا الماء لا يرفع حدث رجل وإن رفع حدث امرأة، والصواب أن المسألة واحدة، وقد جاءت في الخبر سيقت مساقاً واحداً، فإذا كان ما خل به الرجل يرفع حدث المرأة فما خلت به المرأة يرفع حدث الرجل، وجاء أن النبي -عليه الصلاة والسلام- توضأ بفضل إحدى زوجاته -عليه الصلاة والسلام-.

يقول: إني عندما أصلي الوتر في آخر الليل في بعض الأحيان في الركعة الأخيرة أقنتُ بعد الركوع في الركعة الأخيرة ولكني أطيل حتى أني في بعض الأحيان يؤذن الفجر وأنا في آخر ركعة فهل تعتبر وتراً لي؟ نعم، أتمها، إذا أذن الفجر أتمها خفيفة. "وعن الحسن بن علي -رضي الله تعالى عنهما- أنه قال: علمني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كلمات أقولهن في قنوت الوتر: ((اللهم أهدني فيمن هديت، وعافني فيمن عافيت، وتولني فيمن توليت، وبارك لي فيما أعطيت، وقني شر ما قضيت، فإنك تقضي ولا يقضى عليك، إنه لا يذل من واليت، تباركت ربنا وتعاليت)) رواه الخمسة. وزاد الطبراني والبيهقي: ((ولا يعز من عاديت)) زاد النسائي من وجه آخر في آخره: ((وصلى الله على النبي)). وللبيهقي عن ابن عباس قال: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يعلمنا دعاء ندعو به في القنوت من صلاة الصبح" وفي سنده ضعف". حديث الحسن بن علي -رضي الله عنهما- في دعاء القنوت: ((اللهم أهدني في من هديت)) .. إلى آخره، مخرجٌ في المسند والسنن، وهو حديثٌ حسن، حديثٌ حسن.

"علمني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كلمات أقولهن في قنوت الوتر: اللهم أهدني فيمن هديت" يطلب الهداية وقد هداه الله -عز وجل- إلى هذا الدين، فالمطلوب المزيد من هذه الهداية والثبات عليها "وعافني فيمن عافيت" والعافية في الدنيا والآخرة لا يعدلها نعمة، فهي من أعظم نعم الله -عز وجل- على العبد، وخير ما يسأله المرء "وتولني فيمن توليت" تولني أنت ولا تكلني إلى نفسي ولا إلى أحدٍ غيرك "وبارك لي فيما أعطيت" يعني فيما رزقتني بارك لي فيه؛ لأن الرزق إذا نزعت بركته ضعف أثره وضعف الانتفاع به بخلاف ما إذا بورك فيه فإنه يعظم أثره، ويعظم الانتفاع به "وقني" من الوقاية "شر ما قضيت" علي وما كتبته "فإنك تقضي ولا يقضى عليك، إنه لا يذل من واليت" من والاه الله -جل وعلا- فهو العزيز، وهو المنيع الممتنع الممنوع من غيره، الممنوع غيره منه "لا يذل من واليت" فولي الله محفوظ، ولو اجتمعت الأمة على أن تضره بشيء ما دام ولياً لله -عز وجل- لن تستطيع أن تضره إلا بشيء قد كتبه الله عليه رفعةً له في درجاته ومحواً لسيئاته "إنه لا يذل من واليت" وفي رواية الطبراني والبيهقي في الكبير والكبرى: "ولا يعز من عاديت" من كان عدواً لله -عز وجل- فإنه ذليل، عدو الله العاصي ذليل مهما رؤي متقلباً بنعم الله -عز وجل-، لذا يقول الحسن: "فإنهم -يعني العصاة- وإن طقطقت بهم البراذين وهملجت بهم البغال فإن ذل المعصية لا يفارقهم" بلا شك العاصي ذليل "ولا يعز من عاديت، تباركت" تعاظمت "ربنا وتعاليت". الزيادة التي في الطبراني والبيهقي مقبولة، لكن زيادة النسائي من وجهٍ آخر وفيها الصلاة على النبي -عليه الصلاة والسلام- في آخر الدعاء في الصلاة ضعيفة، ولذا قال الحافظ ابن حجر في تخريج الأذكار: "لا تثبت". والحديث حسنه الترمذي وغيره، يعني لما علمه النبي -عليه الصلاة والسلام- هذا الدعاء ليقوله في القنوت.

وأما حديث ابن عباس عند البيهقي "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يعلمنا دعاءً ندعو به في القنوت من صلاة الصبح" وفيه: "اللهم أهدني فيمن هديت" .. إلى آخره، لكنه ضعيف، في إسناده مجهول فالخبر ضعيف، هو نعم حسن من حديث الحسن لكنه من حديث .. ، والمقصود به قنوت الوتر، أما ما جاء من حديث ابن عباس في حديث الصبح فهو ضعيف. "وعن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إذا سجد أحدكم فلا يبرك كما يبرك البعير، وليضع يديه قبل ركبتيه)) أخرجه الثلاثة. وهو أقوى من حديث وائل بن حجر: "رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا سجد وضع ركبتيه قبل يديه" أخرجه الأربعة. فإن للأول شاهداً من حديث ابن عمر -رضي الله تعالى عنهما- صححه ابن خزيمة، وذكره البخاري معلقاً موقوفاً". عندنا حديث البروك. هذا يقول -وفي سؤال ثاني- بعض أهل العلم أن زيادة قوله: "في قنوت الوتر" شاذة شاذة؟ لكنها مصححة عند جمعٍ من أهل العلم، يعني محكومٌ عليها بما حكم به على الحديث، وأنها محفوظة ...

كتاب الصلاة (17)

بلوغ المرام - كتاب الصلاة (17) تابع شرح: باب صفة الصلاة: (حديث البروك وأحاديث التشهد) الشيخ/ عبد الكريم بن عبد الله الخضير ذكرتم أن الحافظ ابن حجر حكم على رواية النسائي بأنها لا تثبت في حديث حسن، وأحلتم إلى تخريجها على الأذكار فما المراد به؟ الحافظ ابن حجر له أمالي، أمالي كبيرة جداً خرج فيها أحاديث بعض الكتب، منها ما سماه: (نتائج الأفكار في تخريج أحاديث الأذكار) للنووي، والكتاب لم يكمل، الكتاب لم يكمل، طبع منه مجلدين أو شبههما، المقصود أن الكتاب لم يكمل، وهو تخريجٌ لكتاب الأذكار للنووي. حديث البروك، وهو يحتاج إلى انتباه "وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إذا سجد أحدكم فلا يبرك كما يبرك البعير، وليضع يديه قبل ركبتيه)) ((فلا يبرك كما يبرك البعير، وليضع يديه قبل ركبتيه)) يقول: "أخرجه الثلاثة، وهو أقوى من حديث وائل بن حجر: "رأيت النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا سجد وضع ركبتيه قبل يديه" أخرجه الأربعة". المرجح لحديث أبي هريرة هو أنه له "شاهداً من حديث ابن عمر صححه ابن خزيمة، وذكره البخاري معلقاً موقوفاً". وأيضاً حديث وائل بن حجر له شاهد، له شاهد، لكن المرجَّح من حيث الصناعة حديث أبي هريرة، المرجح من حيث الصناعة الحديثية حديث أبي هريرة، من حيث الصناعة الإسنادية، وله أيضاً شاهد من حديث ابن عمر، موقوفاً عليه أنه كان إذا سجد قدم يديه قبل ركبتيه. نأتي إلى الحديث الأول حديث أبي هريرة "قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إذا سجد أحدكم فلا يبرك كما يبرك البعير، وليضع يديه قبل ركبتيه)) " البعير ماذا يقدم؟ يقدم اليدين قبل الركبتين، كيف يقول النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((إذا سجد أحدكم فلا يبرك كما يبرك البعير، وليضع يديه قبل ركبتيه))؟ والبعير يقدم يديه قبل ركبتيه؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . .

نعم، نحتاج إلى أن نقول مثل ما قال ابن القيم: إن الحديث مقلوب، والأصل: "وليضع ركبتيه قبل يديه" ليتفق آخر الحديث مع أوله، وليتفق مع فعله -عليه الصلاة والسلام- في حديث وائل بن حجر: "أنه إذا سجد وضع ركبتيه قبل يديه"؟ أو نرجح بين الحديثين ونقول: حديث أبي هريرة أرجح وننظر في معناه؟ أولاً: ما ادعاه ابن القيم -رحمه الله تعالى- من القلب ما قال به أحد غيره، العلماء الذين تتابعوا على روايته وصرح بعضهم بتصحيحه يخفى عليهم مثل ما قال ابن القيم، يمكن أن يخفى؟ لا يمكن أن يخفى. إذاً كيف يقول: ((لا يبرك كما يبرك البعير وليضع)) اللام لام الأمر ((يديه قبل ركبتيه)) ننظر في معنى البروك، إيش معنى البروك؟ متى يقال برك؟ وكيف يبرك البعير؟ لا شك أن البعير يقدم يديه قبل ركبتيه، لكن بروك البعير لا يقال: برك البعير، بل من طبيعة البعير إذا برك أنه يثير الغبار ويفرق الحصى، فيكون نزوله على الأرض بقوة، برك البعير، وحصحص البعير إذا أثار الغبار وفرق الحصى يقال له: برك، فمن شابه البعير في نزوله على الأرض بهذه القوة بحيث يثير الغبار ويفرق الحصى فقد برك كما يبرك البعير، لكن بالإمكان أن يضع المصلي يديه قبل ركبتيه مجرد وضع، ترى فرق بين الوضع والبروك، فرقٌ بين الوضع والطرح والإلقاء، يعني الآن عندنا وضع المصحف على الأرض حرام وإلا حلال؟ تضع المصحف على الأرض؟ نعم حلال ما فيه شيء، لكن لو ألقيت المصحف رميته رمي؟ هو وصل إلى الأرض لكن فرق بين هذه الكيفية وهذه الكيفية، إذا سجدت على الأرض قدمت يديك على الأرض بقوة وأثرت الغبار وفرقت الحصى بركت، لكن بإمكانك أن تضع يديك قبل ركبتيك ولا توافق البعير مجرد وضع، ولذا قال: ((وليضع يديه قبل ركبتيه)) فإذا وضع يديه مجرد وضع قبل ركبتيه فإنه حينئذٍ لا يشبه بروك البعير.

يشبهه من وجه ويختلف معه من وجه، والمشابهة مع الشيء لا يلزم أن تكون من كل وجه، هل يلزم أن تكون المشابهة مطابقة من كل وجه؟ يعني تشبيه رؤية الباري برؤية القمر هل هي مطابقة من كل وجه؟ كلا، تشبيه الوحي بصلصلة الجرس مطابقة من كل وجه؟ تشبيه من وجه دون وجه، وإلا الوحي محمود والجرس مذموم، كيف يشبه المحمود بالمذموم؟ إلا أنه من وجه يشبهه ومن وجه آخر لا يشبهه، فالمشابهة المطلوبة في الحديث من الوجه المنطبق. إذا شابهه من الوجه المنهي عنه جاء النهي، إذا نزل بيديه قبل ركبتيه بقوة قلنا: أشبه البعير، إذا وضع يديه قبل ركبتيه مجرد وضع امتثل الأمر في الحديث: ((وليضع يديه قبل ركبتيه)). حديث وائل بن حجر: "رأيت النبي -عليه الصلاة والسلام- إذا سجد وضع ركبتيه قبل يديه" لكن لو وضع يديه قبل ركبتيه بقوة على الأرض يشبه وضع النبي -عليه الصلاة والسلام- وإلا يشبه الحمار؟ إذا وضع ركبتيه قبل يديه بقوة النبي -عليه الصلاة والسلام- يضع ركبتيه قبل يديه في الحديث الذي معنا وإن كان فيه ضعف؛ لأننا نريد أن نفر من مشابهة الحيوانات، لأنه إذا قال لنا من قدم يديه قبل ركبتيه: أشبه البعير، نقول: من قدم ركبتيه قبل يديه بقوة أشبه الحمار، فالمطلوب وضع. إذا أردنا أن نرجح بين حديث أبي هريرة وحديث وائل قلنا: حديث أبي هريرة أرجح، فيكون المطلوب وضع اليدين قبل الركبتين، إذا أردنا أن نسلك مسلك آخر وهو ما يراه شيخ الإسلام ابن تيمية يقول: المطلوب الوضع، لا تنزل بقوة على الأرض لا بيديك ولا برجليك، وحينئذٍ إذا وضعت مجرد وضع هذا هو المطلوب، سواءٌ قدمت يديك أو قدمت ركبتيك، الكلام واضح وإلا ما هو بواضح؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . يحتاج إلى إعادة وإلا ما يحتاج إلى إعادة؟

نحن مأمورون بمخالفة الحيوانات، فإذا قدمنا اليدين قبل الركبتين بقوة أشبهنا البعير، ووقعنا في المنهي عنه، إذا وضعنا أيدينا قبل الركب مجرد وضع امتثلنا الأمر: ((وليضع يديه قبل ركبتيه)) فالوضع غير البروك، الوضع شيء والبروك شيء آخر، وإذا أردنا أن نرجح فحديث أبي هريرة أرجح، وإذا أردنا أن نعمل بالحديثين ممكن، على رأي شيخ الإسلام أن المطلوب مجرد الوضع، مجرد الوضع برفق وطمأنينة وسكون يناسب الصلاة، سواءٌ قدمنا اليدين أو الركبتين لا فرق، فالمطلوب الوضع. فهنا: ((وليضع يديه)) وهناك: ((وليضع ركبتيه)) فنكون على رأي شيخ الإسلام عملنا بالحديثين، هذا من قوله -عليه الصلاة والسلام- وهذا من فعله، ولا تعارض بينهما من هذه الكيفية، وإذا أردنا أن نرجح قلنا: حديث أبي هريرة أرجح كما قال الحافظ -رحمه الله تعالى-. ثبت عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه أمر بمخالفة سائر الحيوانات في هيئات الصلاة، نهى عن التفات كالتفات الثعلب، نهى عن افتراش كافتراش السبع، الافتراش إلصاق الذراعين بالأرض، وإقعاءٍ كإقعاء الكلب، إقعاء كإقعاء الكلب، ونهى عن عقبة الشيطان، ونقرٍ كنقرِ الغراب، معروف الذي يسرع في صلاته كأنه ينقر، ورفع الأيدي عند السلام كأذناب خيلٍ شمس، تحريك الأيدي جاء النهي عنه، هي مجموعة في قول الناظم: إذا نحن قمنا في الصلاة فإننا ... نهينا عن الإتيان فيها بستة بروك بعيرٍ والتفاتٍ كثعلبٍ ... ونقر غرابٍ في سجود الفريضة وإقعاءِ كلبٍ أو كبسط ذراعه ... وأذناب خيلٍ عند فعل التحية وزاد الصنعاني بيتاً رابعاً ذكر فيه قوله: وزدنا كتدبيح الحمار بمده ... لعنقٍ وتصويب رأسٍ بركعة تخفيض الرأس، هذا تدبيح الحمار، لكن حديث التدبيح ضعيف، يكفي عنه أن النبي -عليه الصلاة والسلام- إذا ركع لم يشخص رأسه ولم يصوبه.

أقول: هل نحتاج بعد هذا إلى أن نقول: الحديث مقلوب؟ نعم؟ كما قال ... ؟ لا نحتاج، هل نحتاج إلى أن نقول بما قاله بعضهم: إن ركبتي البعير في يديه؟ وهل ينحل الإشكال إذا قلنا: ركبتي البعير في يديه؟ ينحل الإشكال؟ ما ينحل الإشكال، فلا نحتاج إلى هذا ولا إلى هذا، فإذا فهمنا ألفاظ الحديث انتهى كل إشكال، والمقام لا يحتاج من البسط أكثر من هذا؛ لأن الوقت ضايقنا. يا الإخوان الظاهر الأسئلة ما لها وقت، أقول: هذه فتوى تحتاج إلى تأمل. هذا يطلب إعادة المذاهب في التورك؟ وهذا يقول: هل آخذ بقول الأئمة المعتبرين في جواز الصلاة ذوات الأسباب في أوقات النهي ولا لوم علي؟ على كل حال من لم يكن من أهل النظر بل هو مبتدئ في طلب العلم أو عامي تبرأ ذمته إذا قلد من تتوفر فيه شروط الفتوى، بأن يكون من أهل العلم والدين والورع. وليس في فتواه مفتٍ متبع ... ما لم يضف للعلم والدين الورع وقد قال بفعل ذوات الأسباب في أوقات النهي من تبرأ الذمة بتقليده بالنسبة لمن لم تتوفر فيه الأهلية والنظر في النصوص بنفسه، وإلا من توصل إلى حكمٍ بنفسه من خلال الأدلة، ولديه الأهلية لا تبرأ ذمته بتقليد أحد، بل لا بد من أن ينظر في النصوص بنفسه، إلا إذا ضاق عليه وقت أو ما أشبه ذلك، وعلى هذا من قلد من يقول بفعل ذوات الأسباب كالإمام الشافعي أو من يرجح قوله كشيخ الإسلام ابن تيمية أو غيرهم من العلماء المعاصرين لا لوم عليه. لكن إذا أهدر أقوال الأئمة الثلاثة: أبو حنيفة ومالك وأحمد لمجرد هوىً في نفسه، أو لإعجاب بفلان أو علان هذا لا شك أنه يلام، فلو أخذ بأقوال الأئمة المعتبرين من المتقدمين والمتأخرين مع عدم انتقاص بعضهم، وحفظ حقوقهم وإنزالهم منازلهم، وترجح له ذلك إن كان من أهل النظر، أو ثقةً بمن يقول بهذا القول إن لم يكن من أهل النظر فلا لوم -إن شاء الله تعالى-. يقول: نرجو إعادة أقوال المذاهب في التورك؟ الحنفية الشافعية الحنابلة المالكية، الحنفية: ما في شيء اسمه تورك عندهم، جميع الجلوس في الصلاة كله افتراش هذا الحنفية، لا تورك عند الحنفية.

الشافعية: يقولون: التورك في كل تشهد يعقبه سلام، التشهد في الثنائية، أولاً: لا تورك إلا في التشهد، الأمر الثاني: أن يكون هذا التشهد يعقبه سلام، صليت ركعتين وليس عليك سجود سهو تتورك، إن كان عليك سجود سهو لا تتورك ولو كانت رباعية، فالتورك عندهم في كل تشهد يعقبه سلام، إذا أردت أن تتشهد وتسلم تورك، إذا كان عليك سجود سهو فلا تتورك سواء كانت ثنائية أو رباعية. الحنابلة: عندهم التشهد الأول فيه الافتراش، والتشهد الثاني سواءً كان للرباعية أو الثلاثية فيه التورك، على ضوء ما جاء في حديث أبي حميد وغيره. وأما المالكية: فالتورك في كل تشهد، التورك عند المالكية في كل تشهد سواءً كان الأول أو الثاني. يقول: إذا عمل الإنسان عملاً وخاف على نفسه من الرياء فماذا يعمل؟ يجاهد، يجاهد نفسه، ويسعى جاداً، ويصدق اللجأ إلى الله -عز وجل- أن يخلص عمله، وأن يجعله خالصاً لوجهه الكريم، من غير نظرٍ إلى فلان ولا إلى علان، من غير نظرٍ إلى مادحٍ ولا قادح، من غير أن يشوبه طمع دنيا، ولا خوف مخلوق، المقصود أن على الإنسان أن يجاهد نفسه في الإخلاص. وليس من الحل ترك العمل خوف الرياء، قد يقول قائل: أنا والله جاهد وما استطعت ولذا لا أعمل، لا يعمل خوفاً من الرياء نقول: لا، تركك للعمل خوف الرياء إيش؟ شرك على ما قرر أهل العلم، وليس بحل، كثير من طلاب العلم يدرسون في الكليات الشرعية ويقولون: جاهدنا وعجزنا نخلص، أمامنا المستقبل، أمامنا الوظائف، أمامنا متطلبات الحياة فعجزنا أن نخلص، نقول: عليكم أن تبذلوا الجهد في إخلاص العمل لله -عز وجل- وإذا علم الله -سبحانه وتعالى- صدق النية أعان على الإخلاص. وكيف يعرف أن عمله قد شابه الرياء؟ كون الإنسان إذا عمل عملاً فاطلع عليه أثني عليه بسببه هذه عاجل بشرى المؤمن، لكن كون هذا الثناء يؤثر في العامل ويبعثه على العمل هذا هو الرياء. "وعن ابن عمر -رضي الله تعالى عنهما-: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان إذا قعد للتشهد وضع يده اليسرى على ركبته اليسرى، واليمنى على اليمنى، وعقد ثلاثة وخمسين، وأشار بإصبعه السبابة، رواه مسلم. وفي رواية له: "وقبض أصابعه كلها، وأشار بالتي تلي الإبهام".

نعم، حديث ابن عمر -رضي الله عنهما-: "أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان إذا قعد للتشهد وضع يده اليسرى على ركبته اليسرى" اليد على الركبة "واليمنى على اليمنى، وعقد ثلاثاً وخمسين" عقد ثلاثاً وخمسين، يقول الحافظ ابن حجر في تصوير الثلاثة والخمسين: أن يجعل الإبهام مفتوحة تحت المسبحة هكذا، وقبض أصابعه كلها هكذا، مفتوحة تحت المسبحة، هذه ثلاثة وخمسين، مثل هذا التصوير ومثل هذا العد وهذا الحساب إنما يحتاج إليه في مثل هذا النص، وإلا فهي طريقة اندثرت، ولا وجود لها، ولا يتعامل بها أحد، لكن قد وجد من النصوص ثلاثة وخمسين، وعقد تسعين, وعقد مائة وعقد كذا، هذه موجودة في النصوص، فيحتاج إلى تعلم هذه الطريقة من أجل معرفة ما اشتملت عليه هذه النصوص، ومن كان معه سبل السلام ذكر الطريقة، طريقة معروفة حسابية تواطأت عليها العرب في عقود الحساب؛ لأنهم عملهم كله بهذه الطريقة، أمةٌ أمية لا يقرؤون ولا يكتبون، لا يقرؤون ولا يكتبون، يحتاجون إلى مثل هذا للتفاهم، يحتاجون إلى مثل هذا للتفاهم. "وعقد ثلاثاً وخمسين، وأشار بأصبعه السبابة" يقولون: السبابة مرتبطة متصلة بنياط القلب، فتحريكها تحريكٌ للقلب، لكن هل هذا أمر محسوس يحس به كل إنسان إذا حرك انتبه قلبه؟ أو هذا أمرٌ مستنبط لإيجاد علة ولو كانت عليلة؟ بعضهم يحرص على استنباط علة مناسبة للحكم ويبعد النجعة، ما معنى كون السبابة متصلة بنياط القلب؟ هل هذا واقع أو ليس بواقع؟ يعني هل هذا مما يحس به أو لا يلزم أن يحس به إذا كانت آثاره ملموسة ولو بعد حين؟ هذا إذا كانت هذه العلة منصوصة، جاء النص عليها من قبل الشارع فنقول: لا بد أن يوجد هذا الارتباط، شعرنا به أو لم نشعر، أما إذا كان استنباط، مجرد استنباط من أهل العلم من الشراح أو غيرهم نقول: هذا يحتاج إلى استقراء.

"وأشار بأصبعه السبابة" رواه مسلم، وفي رواية له: "وقبض أصابعه كلها، وأشار بالتي تلي الإبهام" وهي السبابة، "أشار" الإشارة تقتضي التحريك، الآن الإشارة تقتضي التحريك وإلا ما تقتضي؟ في حديث عند ابن خزيمة والبيهقي وغيرهما: "أنه -صلى الله عليه وسلم- رفع إصبعه فرأيته يحركها يدعو بها" وجاء النفي للتحريك في بعض الروايات، ولذا يقول بعضهم: النفي منصبٌ على التحريك المستمر والإشارة الدائمة، التحريك المستمر، والإثبات محمولٌ على التحريك حال الدعاء أو حال الشهادة، يشير بها حال الدعاء، يحركها يدعو بها، وأيضاً يحركها ويشير بها في وقت الشهادة عند قوله: لا إله إلا الله، وعلى كل حال الأدلة في هذا جاء فيها ما يدل على تحريكها والإشارة بها، وجاء ما يدل على عدم تحريكها، والتوفيق بينها على ضوء ما سمعتم. "يحركها يدعو بها" نص في أن الأصبع حال الدعاء تحرك، يدعى بها، والدليل على الإشارة حال ذكر لفظ الشهادة التي سمي بها الذكر كامل وهو التشهد ما أخرجه النسائي والترمذي بسندٍ يثبت بشواهده: أن النبي -عليه الصلاة والسلام- رأى رجلاً يشهر بالأصبعين اليمنى واليسرى" هل منعه من الإشارة؟ أو منعه من الإشارة بالأصبعين كليهما حينما قال له: أحِّد أحِّد؟ يشير بأصبعيه، كونه ينهى عن الإشارة بالأصبعين ويؤمر التوحيد دليلٌ على أنه يشير بإحدى أصبعيه، فهذا دليلٌ على الإشارة وقت النطق بالشهادة، ووقت النطق بالأدعية "يحركها يدعو بها" ومع ذلك .. ، وما عدا ذلك فإنها لا تحرك لما جاء من عدم التحريك، ولا يستثنى من ذلك إلا ما استثني من الدعاء وما اقترن بلفظ الشهادة. "وعن عبد الله بن مسعود -رضي الله تعالى عنه- قال: التفت إلينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: ((إذا صلى أحدكم فليقل: التحيات لله والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، ثم ليتخير من الدعاء أعجبه إليه فيدعو)) متفق عليه، واللفظ للبخاري. وللنسائي: "كنا نقول قبل أن يفرض علينا التشهد". ولأحمد: "أن النبي -صلى الله عليه وسلم- علمه التشهد، وأمره أن يعلمه الناس".

ولمسلم: "عن ابن عباس -رضي الله تعالى عنه- قال: "كان رسول الله يعلمنا التشهد: ((التحيات المباركات الصلوات الطيبات لله)) .. إلى آخره". التشهد يأتي فيه من القول ما قيل في دعاء الاستفتاح، وأنه جاء على ألفاظ وصيغ يجدر بالمسلم أن يحفظ ما صح منها، وأن يستعمل جميع ما ورد منها، فاختلافها اختلاف تنوع وليس اختلاف تضاد، ففي وقتٍ يستفتح باستفتاح أبي هريرة، ومرةٍ يستفتح باستفتاح عمر، ومرة ثالثة بثالث، ورابعة برابع وهكذا. وقل مثل ذلك في التشهد، روي عن النبي -عليه الصلاة والسلام- من التشهدات تشهد ابن مسعود، الحديث الذي بين أيدينا، تشهد ابن عباس، تشهد عمر، تشهدات، فهل نقول: يقتصر على الراجح منها؟ فيرجح تشهد ابن مسعود على ما قال أكثر أهل العلم؟ أو يرجح تشهد ابن عباس على ما قال الشافعي؟ أو يرجح تشهد ثالث أو رابع وما أشبه ذلك؟ الأولى أن يقال: ما دامت كلها ثابتة عن النبي -عليه الصلاة والسلام- وكلها صحيحة أن تقال.

"عن ابن مسعود -رضي الله عنه- قال: التفت إلينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: ((إذا صلى أحدكم فليقل .. )) فليقل في صلاته، ما هو إذا صلى وفرغ من صلاته وسلم منها، المراد بذلك في صلاته في أثناء صلاته في موضعه، سواءً كان التشهد الأول أو الثاني ((فليقل: التحيات لله)) جمع تحية، بالنسبة لله البقاء والدوام، لله -عز وجل- "والصلوات والطيبات" الصلوات إما الصلوات الخمس، أو جميع الصلوات من نوافل وفرائض، والطيبات: أي ما طاب من الكلم وحسن من الفعل "السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين" قُدم النبي -عليه الصلاة والسلام- في السلام لعظم حقه، فسببه وبإتباعه تحصل النجاة للعبد، وبمخالفته تحصل الهلكة له، فيقدم لعظم حقه "السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين" العبد الصالح من يؤدي حقوق الله -عز وجل- وحقوق عباده، من يقوم بحقوق الله وحقوق عباده "أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله" ويأتي الصلاة على النبي -عليه الصلاة والسلام-، والاستعاذة بالله من أربع ((ثم ليتخير من المسألة ما شاء)) ((ثم ليتخير من الدعاء أعجبه إليه)) سواءٌ كان في أمور الدنيا أو في أمور الآخرة وهو الأهم، على خلافٍ بين أهل العلم في أمور الدنيا، وهل يدعى بها في الصلاة أو لا؟ لكن: ((ثم ليتخير من الدعاء أعجبه إليه)) فيه ما يدل على العموم على عموم أمور الدنيا وأمور الآخرة ((فيدعو)) متفقٌ عليه، واللفظ للبخاري، وللنسائي: "كنا نقول قبل أن يفرض علينا التشهد" قبل أن يفرض وفي هذا دليلٌ على أن التشهد فرض، فرض في الصلاة، أما التشهد الأول فهو واجب وليس بركن؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- لما تركه لم يعد إليه، لم يعد إليه بل جبره بالسجود، وليس بمندوب فقط لأنه لو كان مندوباً لما احتيج إلى السجود جبراناً، وأما التشهد الأخير يبقى على فرضيته فهو ركن من أركان الصلاة. "ولأحمد" بإسناد ضعيف "أن النبي -صلى الله عليه وسلم- علمه التشهد" علم ابن مسعود التشهد "وأمره أن يعلمه الناس" وبهذا يستدل على وجوب التشهد، لكن يغني عنه ما قبله لأنه ضعيف.

هذا تشهد ابن مسعود، يقول البزار: "أصح حديث عندي في التشهد حديث ابن مسعود، يروى عنه من نيفٍ وعشرين طريقاً، ولم نعلم روي عن النبي -عليه الصلاة والسلام- في التشهد أثبت منه، ولا أصح إسناداً، ولا أثبت رجالاً، ولا أشد تضافراً بكثرة الأسانيد والطرق" وقال مسلم: "إنما أجمع الناس على تشهد ابن مسعود لأن أصحابه لا يخالف بعضهم بعضاً، وغيره قد اختلف عنه أصحابه" وقال الإمام محمد بن يحيى الذهلي: "هو أصح ما روي في التشهد" نعم؟ طالب:. . . . . . . . . هو من حيث الإسناد أصح، لكن من رجح حديث ابن عباس قال: فيه زيادة، مشتمل على زيادات. "ولمسلم: عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- .. " نعرف تشهد ابن مسعود متفق عليه، تشهد ابن عباس عند مسلم، "قال: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يعلمنا التشهد: التحيات المباركات" المباركات لا توجد في حديث ابن مسعود: "الصلوات الطيبات" .. إلى آخره" واختاره الشافعي لما فيه من الزيادات. المقصود أنه مثل ما ذكرنا سابقاً أنه ينبغي للمسلم -لا سيما طالب العلم- أن يحفظ جميع ما ورد عن النبي -عليه الصلاة والسلام- من هذا النوع، ومن غيره من الأنواع ليأتي ويراوح بين هذه التشهدات، وهذه الأدعية وهذه الأذكار؛ لأنه ليس بينها في الحقيقة اختلاف تضاد، ليس فيها اختلاف تضاد وإنما هو اختلاف تنوع، ونقف على حديث فضالة بن عبيد، والله أعلم. وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

كتاب الصلاة (18)

بلوغ المرام - كتاب الصلاة (18) تابع شرح: باب صفة الصلاة الشيخ/ عبد الكريم بن عبد الله الخضير السلام عليكم ورحمة الله وبركاته بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً. "وعن فضالة بن عبيد -رضي الله تعالى عنه- قال: سمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رجلاً يدعو في صلاته ولم يحمد الله ولم يصلِ على النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: ((عجل هذا)) ثم دعاه، فقال: ((إذا صلى أحدكم فليبدأ بتحميد ربه والثناء عليه، ثم يصلي على النبي -صلى الله عليه وسلم- ثم يدعو بما شاء)) رواه أحمد والثلاثة، وصححه الترمذي وابن حبان والحاكم". الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "وعن فضالة بن عبيد -رضي الله تعالى عنه- قال: سمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رجلاً يدعو في صلاته ولم يحمد الله ولم يصلِ على النبي -عليه الصلاة والسلام-، فقال: ((عجل هذا)) " مقتضى صنيع المؤلف -رحمه الله- في وضعه هذا الحديث بين أحاديث التشهد أن هذا الدعاء كان بعد التشهد، ولا شك أن التشهد ثناء على الله -عز وجل- وتمجيد، وفيه صلاة على النبي -عليه الصلاة والسلام- وفي آخره دعاء. "يدعو في صلاته" هذا مقتضى صنيع المؤلف -رحمه الله تعالى- وإلا النص ليس فيه ما يدل على أنه في التشهد، ولا في شيء من طرقه ما يدل على ذلك، وبعضهم يرى أن الحديث عام في الدعاء داخل الصلاة وخارج الصلاة، يحمد الله ويثني عليه ويصلي على النبي -عليه الصلاة والسلام- في أي موضع كان من الصلاة، أما ما سمعنا من مقتضى صنيع المؤلف -رحمه الله تعالى- وأنه خص ذلك بالتشهد، يعني بعد الثناء على الله -عز وجل- والتمجيد بالتشهد والشهادة والصلاة على النبي -عليه الصلاة والسلام- يدعو بالأربع، على ما سيأتي ثم يتخير من المسألة ما شاء.

ومنهم من يرى أن هذا خاص بالدعاء خارج الصلاة، أما في الصلاة فيقصر فيها على ما جاء عنه -عليه الصلاة والسلام-؛ لأن مواطن الدعاء داخل الصلاة في السجود مثلاً هل يثني على الله -عز وجل- ويصلي على النبي -عليه الصلاة والسلام- في السجود أو بين السجدتين؟ لم يقل بهذا أحدٌ من أهل العلم، هذا إما أن يكون في الصلاة في آخرها كما هو مقتضى صنيع المؤلف، أو يكون في الصلاة التي يراد بها الدعاء بمعناها الأعم، كما هو الأصل في الصلاة هي في اللغة: الدعاء. "رأى رجلاً يدعو في صلاته" يدعو في دعائه، الصلاة هنا بمعناها الأعم التي هي مطلق الدعاء "ولم يحمد لله ولم يصلِ على النبي -عليه الصلاة والسلام-، فقال: ((عجل هذا)) " الإنسان لا بد أن يقدم بين يدي مسألته ما يكون أدعى لقبولها من تمجيد لله -عز وجل-، وتحميد وثناء، وصلاة على النبي -عليه الصلاة والسلام-، ثم يختم ذلك بالصلاة عليه -عليه الصلاة والسلام- "فقال: ((عجل هذا)) ثم دعاه فقال: ((إذا صلى أحدكم فليبدأ بتحميد ربه والثناء عليه)) إذا صلى أحدكم يعني إذا دعا أحدكم فليبدأ بتحميد ربه والثناء عليه، وإن كان المراد الصلاة عموماً إذا صلى أي صلاة فمقتضى ذلك أن يبدأ بتحميد ربه بالفاتحة، والثناء عليه بما يتلوها من قراءة لأنها ذكر، بل أعظم الذكر، القراءة أعظم الذكر، والثناء هو تكرار المحامد وتثنيته، فالذي يظهر -والله أعلم- أن المراد بالصلاة هنا مطلق الدعاء ((إذا صلى أحدكم)) يعني إذا دعا أحدكم ((فليبدأ بتحميد ربه والثناء عليه)) {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاَتَكَ سَكَنٌ} [(103) سورة التوبة] يعني: ادعُ لهم. ((إذا صلى أحدكم فليبدأ بتحميد ربه والثناء عليه)) لأن لو قلنا: إن المراد به الصلاة الشرعية المعروفة سوف يبدأ بالتحميد قطعاً بقراءة الفاتحة، وأما في التشهد كما هو مقتضى صنيع المؤلف فليس في التشهد حمد اللهم إلا إن كان إذا أراد أن يتخير من المسألة ما شاء بعد الدعاء بالأربع، بعد الاستعاذة بالله من أربع، يحمد الله ويثني عليه ويصلي على نبيه -عليه الصلاة والسلام-، لكن هذا فيه بعد؛ لأن الاستعاذة بالله -عز وجل- من أربع دعاء، فلتبدأ بذلك.

الدعاء في السجود دعاء فليبدأ بذلك، الدعاء بين السجدتين دعاء فليبدأ بذلك، ولم يقل بهذا أحدٌ من أهل العلم، إذاً تحمل الصلاة هنا على مطلق الدعاء، وحينئذٍ يبدأ بتحميد ربه والثناء عليه، وبهذا يقول بعض أهل العلم في دعاء القنوت، يبدأ بتحميد الله والثناء عليه والصلاة على النبي -عليه الصلاة والسلام-، وهو داخل الصلاة؛ لأنه في حكم الدعاء المطلق، يدعى فيه بما شاء ما لم يكن فيه إثم أو قطيعة رحم، وليس فيه اعتداء. ((فليبدأ بتحميد ربه والثناء عليه)) الجمهور يفسرون الحمد بأنه الثناء، الثناء على المحمود، والصحيح كما حقق ذلك ابن القيم -رحمه الله تعالى- أن الثناء غير الحمد، ولذا جاء في حديث: ((قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين، فإذا قال العبد: الحمد لله رب العالمين قال الله -عز وجل-: حمدني عبدي، وإذا قال: الرحمن الرحيم قال: أثنى علي عبدي)) وهنا يقول: ((بتحميد ربه والثناء عليه)) والأصل في العطف أنه يقتضي المغايرة. ((ثم يصلي على النبي -صلى الله عليه وسلم-)) يصلي على النبي -عليه الصلاة والسلام- بعد التحميد والثناء يثني بذلك، بالصلاة على النبي -عليه الصلاة والسلام- ((ثم يدعو بما شاء)) وهذا الحديث مصحح عند جمع من أهل العلم، وهو صحيحٌ أيضاً "صححه الترمذي وابن حبان والحاكم" وواقعه أنه صحيح. أحسن الله إليك: "وعن أبي مسعود -رضي الله عنه- قال: قال بشير بن سعد: يا رسول الله أمرنا الله أن نصلي عليك فكيف نصلي عليك؟ فسكت، ثم قال: ((قولوا: اللهم صلِ على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد، والسلام كما علمتم)) رواه مسلم. وزاد ابن خزيمة فيه: فكيف نصلي عليك إذا نحن صلينا عليك في صلاتنا؟ ". نعم حديث: "أبي مسعود" البدري عقبة بن عمرو البدري، نزل بدراً فنسب إليها، ولم يشهد الواقعة في قول الأكثر، وإن عده البخاري -رحمه الله تعالى- ممن شهد بدراً، لكن الجمهور على أنه لم يشهد بدراً.

"قال: قال بشير بن سعد: يا رسول الله أمرنا الله أن نصلي عليك" يعني في قوله -جل وعلا- في سورة الأحزاب: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [(56) سورة الأحزاب] ومقتضى الأمر في الآية لا يخص الصلاة، بل هو مطلق غير مقيد بوقت ولا زمان ولا مكان ولا حال، كلما ذكر يصلى عليه -عليه الصلاة والسلام-، ويصلى عليه في مواطن جاءت الأدلة بها، ومنها الصلاة. الأمر الصادر من الله -جل وعلا- في الصلاة على نبيه -عليه الصلاة والسلام- مطلق، والحديث خاص بالصلاة، ولذا أردف المؤلف -رحمه الله تعالى- رواية مسلم برواية ابن خزيمة "فكيف نصلي عليك إذا نحن صلينا عليك في صلاتنا" ولذا جاء تفسير الأمر بما يخص الصلاة، جاء تفسيره بالصلاة الإبراهيمية المعروفة، فقال: "أمرنا الله أن نصلي عليك فكيف نصلي عليك؟ فسكت" وسكوته -عليه الصلاة والسلام- في هذا الموضع وفي مواضع حينما يسأل يسكت -عليه الصلاة والسلام-، وفي هذا تربية لمن يتولى إفتاء الناس ألا يستعجل بالجواب، النبي -عليه الصلاة والسلام- هو المعصوم الذي لا ينطق عن الهوى، فإما أن يكون ينتظر الوحي -عليه الصلاة والسلام- بالجواب، أو يكون في هذا تربية لمن يقتدي به، ويتولى إفتاء الناس ألا يستعجل، ولذا تجدون في كثير ممن يستعجل في الجواب يتلقف الجواب قبل أن يكمله صاحبه أنه لا يحالفه الصواب، كثير هذا، يتلقف السؤال طرف السؤال ثم يجيب، قد يكون مقصود السائل غير هذا، وقد يكون السائل غير موجود إما بواسطة أو بشيء من هذا ولم يستفهم منه ولا يستثبت، فيأتي الجواب خلاف ما يريده. فعلى من يتولى الإجابة على أسئلة الناس أن يتريث ويستفصل ويفهم السؤال على حقيقته من صاحبه إن أمكن، وإلا من الواسطة إن كان هناك واسطة، وإذا كان السؤال صاحبه غير موجود محتمل يتوقف حتى يستفصل.

"فسكت -عليه الصلاة والسلام-، ثم" العطف للتراخي "ثم قال: ((قولوا)) " يعني إذا صليتم عليَّ مطلقاً امتثالاً للأمر الإلهي، أو قولوا في الصلاة خاصة، يعني هل الإنسان امتثالاً للأمر الإلهي خارج الصلاة، بمعنى أنه لا يتم امتثال الأمر في الآية إلا إذا قلنا: ((اللهم صلِ على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم، في العالمين إنك حميد مجيد)) يعني لا يتم امتثال الأمر في الآية إلا بهذه الصيغة؟ أو نقول: هذا خاص بالصلاة؟ يعني مقتضى صنيع المؤلف -رحمه الله تعالى- في وضعه هذا الحديث في هذا المكان أنه خاص بالصلاة، يعني تفسير أو تبيين النص المطلق ببعض أوصافه، أو العام ببعض أفراده، هذا فرد من أفراد الصلاة على النبي -عليه الصلاة والسلام- وخاص بالصلاة هل يعني هذا أنه يقصر عليه؟ نأتي بمثال يوضح المقام: النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: ((إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا)) وفسر -عليه الصلاة والسلام- رياض الجنة بأنها حلق الذكر، هل نقول: إن حلق الذكر هي رياض الجنة فقط؟ أو أن رياض الجنة هي حلق الذكر فقط؟ أو ما جاءت النصوص بوصفه أو بتسميته بأنه روضٌ من رياض الجنة نرتع فيه وحلق الذكر فردٌ من أفراده؟ وعلى هذا: إذا مررنا بالروضة روضة من رياض الجنة ((بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة)) هل نقول: ارتعوا لأن الرسول -عليه الصلاة والسلام- قال: ((إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا))؟ وحلق الذكر فرد من أفراد رياض الجنة وليس بجميع رياض الجنة.

وهنا ما جاء في الصلاة الإبراهيمية فرد من أفراد الأمر بالصلاة عليه -صلى الله عليه وسلم- في سورة الأحزاب، ولذا يتم امتثال الأمر في الآية بإطلاقه، يعني خارج الصلاة في غير هذا الموضع بقولنا: -صلى الله عليه وسلم-، وحينئذٍ امتثلنا ما أمرنا به في الآية، لكن في الصلاة نقول: هذه الصلاة التي وجهنا إليه الرسول -عليه الصلاة والسلام- ((قولوا: اللهم صلِِ على محمد وعلى آل محمد)) نعم في الصلاة نزيد: "آل محمد" وخارج الصلاة لا يلزم أن نزيد، إنما يتم الامتثال خارج الصلاة بقولنا: "صلى الله عليه وسلم" نعم إذا زدنا: "آل محمد" لما لهم من حق، وهم وصية النبي -عليه الصلاة والسلام- طيب، لكن يتم الامتثال الأمر بدونه، أيضاً إذا زدنا آل الرسول -عليه الصلاة والسلام- خارج الصلاة نزيد صحابته لما لهم علينا من فضل ومنة، عن طريقهم وصلنا الدين، وعلى هذا: إذا قلنا: "صلى الله عليه وسلم" خارج الصلاة إما أن نقول: "وآله وصحبه" لما للجميع علينا من حق، امتثالاً لوصيته -عليه الصلاة والسلام-، ولما لصحابته من فضلٍ علينا، وإلا إذا أردنا امتثال الأمر من غير زيادة نقول: "صلى الله عليه وسلم" وانتهى الإشكال.

وأما الاقتصار على الآل فقط خارج الصلاة -هذا داخل في الصلاة النص صريح في الباب- لكن خارج الصلاة الاقتصار على الآل لما صار شعاراً لبعض المبتدعة كما أن الاقتصار على الصحب صار شعاراً لمبتدعة آخرين، فالذي ينبغي الجمع بينهما أو تركهما، أما ما يقوله بعضهم: من أن المتعين بل يوجبون الصلاة على الآل كالصلاة عليه -عليه الصلاة والسلام-؛ لأنه لا يمكن امتثال بعض الأمر دون بعض، الأمر المطلق جاء في الآية، وامتثاله يتم بتطبيق ما أمرنا به، الأمر المقيد هنا في الصلاة نعم لا يتم إلا بذكر الآل، هؤلاء الذين يوجبون الصلاة على الآل مع الصلاة عليه -عليه الصلاة والسلام- خارج الصلاة أيضاً ماذا يقولون عن صنيع الأئمة من عصر السلف إلى يومنا هذا؟ كتب السنة مملوءة بالصلاة على النبي -عليه الصلاة والسلام- ولا في موضع قالوا: "وآله" يقصدون آله -عليه الصلاة والسلام-، يقولون: الأئمة رووا هذا الحديث وصححوه، وتركوا الصلاة على الآل، وتواطئوا على ذلك تقية، كان الخلفاء من بني أمية يخشى شرهم من قِبَل من يصلي على الآل، بني العباس وهم من الآل لماذا الأئمة المصنفون كلهم في عصر بني العباس لماذا تركوا الصلاة على الآل وهم من الآل؟ أما نتهم علماء الإسلام بأنهم تركوها تقية، ومحاباة ومداهنة ومداراة للخلفاء هذا أمر ليس بالسهل، كلهم يتواطئون على عدم ذكر الآل معه -عليه الصلاة والسلام- خارج الصلاة أما داخل الصلاة ما في أحد يقول: لا يصلى على الآل، نفرق بين هذا وهذا، لكن الكلام خارج الصلاة، امتثال الأوامر المطلقة يتم بتخصيصه -عليه الصلاة والسلام- بالصلاة والسلام، لكن داخل الصلاة كما وجهنا هنا.

ولا نتهم علماء الإٍسلام الذين لم يصلوا على الآل بأنهم كلهم تواطئوا على هذا، فنفرق، يعني ما هم .. ، المقصود أن ليس الإنسان يريد أن يقرر أنه لا يصلى على الآل، الآل هم وصية النبي -عليه الصلاة والسلام-، نصلي عليهم، لهم علينا حق، من حقه -عليه الصلاة والسلام- علينا، لكن أيضاً صحابته الكرام، بواسطتهم وصلنا الدين، لماذا لا نقول: وصحبه؟ لماذا لا نقول: "صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم"؟ فنكون جمعنا بين جميع من لهم علينا حق، وخالفنا طوائف المبتدعة، هذا خارج الصلاة أما داخل الصلاة لا يجوز أن تزيد وصحبه، إذا زدت وصحبه صرت ابتدعت، وإذا حذفت الآل داخل الصلاة ما امتثلت الأمر؛ لأنه قال: ((قولوا: اللهم صلِ على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد، والسلام كما علمتم)) سابقاً يعني قبل ذلك، كانوا يقولون: السلام على الله من العباد، فنهوا عن ذلك، وعلموا كيف يسلمون ((السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين)) .. إلى آخره، ((كما عُلُّمتم)) أو ((كما عَلِمتم)) ضبطت بهذا وهذا، "رواه مسلم". "وزاد ابن خزيمة فيه: فكيف نصلي عليك إذا نحن صلينا عليك في صلاتنا؟ " يعني هذه الصيغ خاصة بالصلاة، وهي فردٌ من أفراد الأمر العام في الآية، ولا يعني أننا نقول: امتثال الأمر في الآية لا يتم إلا بهذه الصيغة، لم يقل بهذا أحد من أهل العلم، لذا رواية ابن خزيمة معتبرة في تخصيص هذه الصيغة بالصلاة، ولا يفهم من هذا أننا لا نصلي على الآل خارج الصلاة، نصلي على الآل، ولهم علينا حق، وهذا من حقه -عليه الصلاة والسلام-، فهم وصيته، لكن أيضاً صحابته الكرام الذين بواسطتهم وصلنا الدين، وهم الذين حملوه وهم الذين بلغوه، ونشروه في الآفاق في المشارق والمغارب أيضاً لهم حقٌ عظيم علينا، وبهذا نكون خالفنا جميع طوائف المبتدعة.

واتهام علماء الإسلام بأنهم تركوا الصلاة على الآل تقية ومداراة للحكام هذا ليس بصحيح، هم يدارون بني أمية طيب التأليف كلها، التأليف باستثناء شيء يسير -يعني ما- بني أمية انتهت سنة (132هـ) ما ألف شيء في ذلك الوقت إلا الجمع العام اللي صار على يد الزهري، وأحاديث نزائع يعني ما هي بمؤلفات، كل التأليف صارت في عهد بني العباس، ونقول: إن أئمة الإسلام كلهم تركوا الصلاة على الآل مداراة للحكام، هذا لا يمكن أن يقوله شخص منصف. نعم يقولوه شخص تأثر ببيئة يمكن، يعني مثل الصنعاني تأثر بالبيئة الزيدية، هو يقول هذا الكلام، ويرمي علماء الإسلام كلهم علشان هذه البيئة التي عاش فيها، وليس هذا من باب تقليل شأن الآل، إنما من باب إحقاق الحق، والإنصاف مع جميع الأطراف، يعني تنصف جهة أو تندفع مع جهة وتترك الجهة الأخرى ما هو بصحيح، يعني اتهام جميع علماء الإسلام بهذا التواطؤ ليس بصحيح. "وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إذا تشهد أحدكم فليستعذ بالله من أربع، يقول: اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن شر فتنة المسيح الدجال)) متفق عليه. وفي رواية لمسلم: ((إذا فرغ أحدكم من التشهد الأخير)) ".

بعض طلاب العلم يقول: إنه من باب الحكمة في الدعوة أن نصلي على الآل، يعني من باب الحكمة في الدعوة، وجاء بعض المبتدعة ورأونا ننصف ونصلي على .. ، من يبغض آل النبي -عليه الصلاة والسلام-؟ وإذا كان هؤلاء المبتدعة يغضبهم أن نصلي على صحابة النبي -عليه الصلاة والسلام- خلهم يغضبون، وليكن ما يكون، الصحابة أهم عندنا منهم، يعني لما سمع المبتدعة أننا نصلي على الآل نصلي على الآل وهم تاج فوق رؤوسنا، أعني من التزم منهم بشرع الله -عز وجل-، والآل فيهم وفيهم، لكن أوائلهم على الجادة، والصحابة أيضاً لهم من الحق علينا، هم صحابة، رضي الله عنهم ورضوا عنه، والنصوص في فضلهم وحقهم علينا، وعدم التعرض لهم، ولا ذكر مساوئ ولا مثالب ولا ما شجر بينهم -عليهم رضوان الله-، فالمسألة مسألة إنصاف، فإذا كان المبتدعة الذي نريد دعوته لا يرضيه الحق لا يرضى يا أخي، إذا كان يغضبه أن نحق الحق ونصلي تبعاً له -عليه الصلاة والسلام- على صحابته لا يرضون أبداً، الله المستعان. يليه حديث: "أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إذا تشهد أحدكم)) إذا تشهد: تشهد فعل ماضي، الفعل الماضي أصله يراد به الفراغ من الفعل، يعني إذا فرغ من التشهد، ويراد به أيضاً الشروع في الفعل، ويراد به إرادة الفعل، وهنا يراد به معناه الأصلي وهو الفراغ من الفعل، إذا تشهدنا وفرغنا من التشهد وصلينا على النبي -عليه الصلاة والسلام- كما في الحديث السابق نستعيذ بالله من أربع ((فليستعذ بالله من أربع)). الصلاة على النبي -عليه الصلاة والسلام- جاء الأمر بها، وهي واجبة، وإن قال بعضهم بسنيتها، والصلاة على النبي -عليه الصلاة والسلام- عند الحنابلة ركن من أركان الصلاة، بهذه الصيغة لا تصح إلا بها، وغيرهم منهم من يرى الوجوب، ومنهم من يرى الاستحباب، لكن الأمر بها ثابت ((فقولوا)) هذا أمر، والأصل في الأمر الوجوب.

وهنا: ((فليستعذ)) اللام لام الأمر ((فليستعذ بالله من أربع، يقول: اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن شر فتنة المسيح الدجال)) يقول المؤلف: "متفق عليه" المتفق عليه من فعله -عليه الصلاة والسلام-: "كان -عليه الصلاة والسلام- إذا تشهد قال: ((أعوذ بالله)) هذا المتفق عليه، أما الأمر بالاستعاذة بالله من هذه الأربع فهو من أفراد مسلم، يعني هل هناك فرق بين الأمر والفعل؟ في فرق، فمن فعله -عليه الصلاة والسلام- كان -عليه الصلاة والسلام- إذا تشهد تعوذ بالله من هذه الأربع، أو استعاذ بالله من هذه الأربع هذا متفق عليه، لكن الأمر بذلك ((إذا تشهد أحدكم فليستعذ بالله من أربع)) هذا من أفراد مسلم، وليس بمتفقٍ عليه كما قال المؤلف -رحمه الله-. ((يقول: اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم))، ((من أربع)) يعني ذكر العدد جاء في النصوص ((آمركم بأربع، وأنهاكم عن أربع)) ((بني الإسلام على خمس)) ((خمس من الفطرة)) ((عشرٌ من الفطرة)) هذا مهم ذكر العدد، لو لم يكن فيه أنه أعون وأضبط للحفظ، بحيث إذا نسي واحدة وعرف جملتها استذكر، لو قال: إذا تشهد أحدكم فليستعذ بالله من: عذاب جهنم، وعذاب القبر، وفتنة المحيا والممات ومن فتنة المسيح .. ، يمكن ينسى واحدة وما يستذكر، ولذا ما تجدون في مثل هذه المواطن ينسى شيء منها التي ينص فيها على العدد، فإذا نسي شيء طالب نفسه به ((فليستعذ بالله من أربع)) وإلا بالإمكان أن يستعذ بالله من عذاب جهنم، وعذاب القبر، وهي أربع، لكن ذكر العدد إجمالاً مفيد في هذا الباب، ولذا من يعنى به من أهل العلم في مؤلفاتهم ينبغي أن يعتنى بكتبه ومؤلفاته، لا سيما المتون التي تحفظ، الأعداد الحاصرة هذه مهمة.

((فليستعذ بالله من أربع)) بينها بقوله: ((يقول: اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم))، ((فليستعذ)) اللام لام الأمر، والأصل في الأمر الوجوب، وقال بوجوب ذلك طائفة من أهل العلم، حتى إن طاووساً -رحمه الله- أمر ابنه أن يعيد الصلاة لما نسي هذه الأربع، وهذا في صحيح مسلم، وبعضهم يقول: هي واجبة كغيرها من الواجبات على ما سيأتي في حديث ترك التشهد أن الواجبات لا تعاد الصلاة من أجلها، بل تجبر، والأكثر على أنها سنة، على أن الاستعاذة بالله من أربع سنة، لكن اللام كما عرفنا لام الأمر، والأصل في الأمر الوجوب. ((فليستعذ بالله من أربع، يقول: اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم)) وأي عذاب أعظم من عذاب جهنم؟! ((ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات)) فتنة المحيا والممات، عذاب جهنم معروف، وعذاب القبر أيضاً جاءت به النصوص، جهنم هي دار الجزاء الثاني لمن عصى ومن أبى جزاؤه جهنم -نسأل الله العافية-، عذاب القبر أيضاً ثبت بالنصوص القطعية المتواترة ((ومن فتنة المحيا)) الإنسان يفتن في حياته، وإن كان ظاهره الصلاح لا تؤمن عليه الفتنة، وإن كانت فواتحه خير لا تؤمن أن تكون عاقبته إلى شر ((وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها)) يفتن عن دينه، تكون هناك دسيسة في قلبه منطوٍ عليها، ولو صارت صغيرة في نظره، لكن تخونه، فتنة المحيا والفتن كثيرة ومتفاوتة، منها الفتن الكبرى المضلة، ومنها الفتن الصغيرة التي تكفرها الصلاة، ورمضان، والعمرة إلى العمرة، فتنة الرجل في أهله، في ماله، في جاره، هذه أمورها سهلة، لكن الإشكال إذا فتن وصرف عن دينه، يقول ابن القيم -رحمه الله تعالى-: والله ما خوفي الذنوب وإنها ... لعلى سبيل العفو والغفران لكن خوفي أن يزيغ القلب عن ... تحكيم هذا الوحي والقرآن الإنسان ما يلزم أن يكون هذا خاص بالحكام والقضاة، كل إنسان مطالب بأن يحكم بشرع الله، فيمن تحت يده، في نفسه، والله المستعان.

((ومن فتنة المحيا)) ومن فتنة ((الممات)) يفتن الإنسان عند موته، كما أنه يتعرض لفتنة في قبره، ويُسأل ((ومن فتنة المسيح الدجال)) من أعظم الفتن في هذه الدنيا فتنة المسيح الدجال، وأي فتنة؟! مخلوق يأتي ومعه ما يفتن به الناس، معه ما يشبه الجنة ومعه ما يشبه النار، يأمر السماء تمطر، ويأمر الأرض تنبت، ويشق الرجل بنصفين ثم يدعوه فيقوم، يفتتن به الناس بلا شك، وهي فتنة عظيمة، لكن على الإنسان أن يصدق مع ربه -جل وعلا-، وأن يتعرف على الله في الرخاء ليُعرف في الشدة، فإذا صدق مع الله -عز وجل-، وصدق الالتجاء إليه، وأخلص له يقيه شر هذه الفتن كلها. "وفي رواية لمسلم: ((إذا فرغ أحدكم من التشهد)) حينئذٍ يكون هذا في نهاية الصلاة، ثم بعد ذلكم يتخير من المسألة بعد ذلك ما شاء، كما في حديث أبي بكر -رضي الله عنه-، نعم. "وعن أبي بكر الصديق -رضي الله عنه- أنه قال لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-: علمني دعاء أدعو به في صلاتي، قال: ((قل: اللهم إني ظلمت نفسي ظلماً كثيراً، ولا يغفر الذنوب إلا أنت، فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني، إنك أنت الغفور الرحيم)) متفق عليه". يقول -رحمه الله تعالى-: "وعن أبي بكر الصديق -رضي الله عنه- أنه قال لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-: علمني دعاء أدعو به في صلاتي" أبو بكر -رضي الله عنه- أفضل الأمة بعد نبيها -عليه الصلاة والسلام-، يطلب من النبي -عليه الصلاة والسلام- أن يعلمه دعاءً جامعاً يدعو به في صلاته، وقد أوتي -عليه الصلاة والسلام- جوامع الكلم، "قال: ((قل: اللهم إني ظلمت نفسي ظلماً كثيراً)).

والصحابة -رضوان الله عليهم- يقولون: وأينا لم يظلم نفسه؟ لما نزل قوله -جل وعلا-: {الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ} [(82) سورة الأنعام] {الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم} لم يخلطوا إيمانهم {بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ} [(82) سورة الأنعام] أينا لم يظلم نفسه؟ جاء تفسير الظلم بالشرك {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} [(13) سورة لقمان] مقتضى القواعد {الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ} (بظلم) نكرة في سياق النفي تعم، لكن النبي -عليه الصلاة والسلام- قصره على بعض أفراده {أُوْلَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ} والمراد بالأمن هنا الأمن المطلق، وإن كان لكلٍ نصيبه من الأمن والخوف بحسب ما يحققه من التوحيد والعدل، وما يتركه من ظلم، وإلا أي إنسان لم يظلم نفسه؟ ولذا قال النبي -عليه الصلاة والسلام- لأبي بكر ((قل: اللهم إني ظلمت نفسي ظلماً كثيراً)) في رواية: ((كبيراً)) هذا اعتراف، والاعتراف بالذنب ضد الكبر والاستكبار، وبعض الناس قد يزكي نفسه شعر أو لم يشعر، فالاعتراف بأنه يظلم نفسه ظلماً كثيراً مظنة، بل هذه تقدمة لما يطلب، والاعتراف بالخطيئة سبب من أسباب العفو والتجاوز، هذا مشاهد في حياة الناس. ((اللهم إني ظلمت نفسي ظلماً كثيراً)) وفي رواية: ((كبيراً)) يقول هذا أحياناً وأحياناً هذا، ولا يجمع بينهما؛ لأن المقول إما هذا أو هذا، فإذا قال أحياناً: كبيراً، وقال أحياناً: كثيراً، امتثل ما جاء في الروايات، لكن لا يجمع بينهما.

((ولا يغفر الذنوب إلا أنت)) إقرار بالذنب، ثم حصر لجهة العفو والمغفرة والصفح لله -عز وجل-، لا يملك مخلوق أن يغفر لأحد، لذا من يتجه إلى غير الله -جل وعلا- في هذا الباب مشرك، ونرى في كثير من تصرفات المسلمين التجاء إلى غير الله -جل وعلا- تطلب مباشرة غفران الذنوب وستر العيوب من البشر وهذا هو الشرك ((ولا يغفر الذنوب إلا أنت، فاغفر لي مغفرة من عندك ... إنك أنت الغفور الرحيم)) فالتعقيب بما يناسب المسألة، المناسب لطلب المغفرة والرحمة والستر والعفو والتجاوز والصفح من الأسماء الحسنى ما يناسبها، كما هنا: ((الغفور الرحيم)). هل يناسب أن نقول: إنك أنت العزيز الحكيم؟ يناسب وإلا ما يناسب؟ وماذا عن آية المائدة؟ {إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [(118) سورة المائدة]؟ أهل العلم يقولون: من آداب الدعاء أن يعقب الدعاء من الأسماء الحسنى بما يناسبه فماذا عن آية المائدة؟ يعني ليس هذا دعاء في الدنيا {رَّبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا} [(4) سورة الممتحنة] {وَاغْفِرْ لَنَا رَبَّنَا إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [(5) سورة الممتحنة] هذا يوم القيامة بعد؟ متى هذا؟ أو نقول: الأولى كما هنا وما جاء على خلافه يدل على الجواز؟ أما بالنسبة لآية المائدة تعقب هذا التذييل أمرين: {إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ} [(118) سورة المائدة] تعقب هذا، كما أنه تعقب أيضاً {وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ} [(118) سورة المائدة] فقد تعقب أمرين، والله -سبحانه وتعالى- من أسمائه العزيز الحكيم، وهو مناسب للشق الأول {إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ} [(118) سورة المائدة]. لكن الإشكال في الآية الثانية، وأولى ما يقال: إنه الأولى أن يؤتى من الأسماء ما يناسب الحال، هذا الأصل، وما جاء على خلاف ذلك دليلٌ على الجواز، ليس بلازم أن نعقب هذا باسم المغفرة والرحمة، ولذا يستحبون ويذكرون من آداب الدعاء .. ، يذكر أهل العلم من آداب الدعاء أن يعقب بالاسم المناسب للحال. أحسن الله إليك:

"وعن وائل بن حجر -رضي الله تعالى عنه- قال: صليت مع النبي -صلى الله عليه وسلم- فكان يسلم عن يمينه: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وعن شماله: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته" رواه أبو داود بسند صحيح". نعم، السند صحيح، حديث وائل بن حجر في السنن أنه قال: "صليت مع النبي -صلى الله عليه وسلم- فكان يسلم عن يمينه: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته" عن يمينه الذي في السنن، "وعن شماله: السلام عليكم ورحمة الله" بدون وبركاته، فزيادة بركاته في التسليمة الثانية ليست في السنن، وجلّ من روى السلام عن النبي -عليه الصلاة والسلام- لم يذكروا هذه الزيادة لا في التسليمة الأولى ولا في الثانية، لكنها ثبتت من حديث وائل بن حجر، فمقتضى صنيع من يقبل زيادة الثقة مطلقاً يقول: زيادة من ثقة فهي مقبولة، ويطلق ذلك البيهقي والحاكم، وابن عبد البر، وجمعٌ من أهل العلم، وعليه جرى المتأخرون أنهم يقبلون زيادة الثقة إذا لم تكن معارضة، وهنا هي زائدة ليست معارضة، لكن صنيع الأئمة لا يطردون قبول الزيادة ولا نفي الزيادة، لا يطردون ذلك، بل قد يقبلون الزيادة ويرون أنها محفوظة، وقد يردونها ويحكمون عليها بالشذوذ تبعاً للقرائن، ولو لم تكن مخالفة، لكن دلت القرائن على أن الراوي لم يحفظ هذه الزيادة وإن كان ثقة، فقبولها باطراد ونفيها باطراد ليس موافق لصنيع الأئمة في هذا الباب، وإن حكموا بأن زيادة الثقة مقبولة، أن هذا ما جرى عليه المتأخرون أما الأئمة الكبار المتقدمون فلا.

وقد يقول قائل والإنسان بصدد تعلم هذا العلم العظيم ودراسته وتخريجه، ودراسة أسانيده، والحكم على الأحاديث والزيادات، نقول: لا مانع أن يتمرن الطالب على القواعد المطردة؛ لأنه إذا لم يتمرن على القواعد المطردة يضيع، يتمرن تمرين لكن لا يعمل ولا يفتي بمقتضى ذلك، يتمرن ويحكم بالقواعد المطردة المعتمدة عند المتأخرين، ويعرض نتائجه على أهل الخبرة وأهل المعرفة، ويقارن بين أحكامه وأحكام الأئمة، فإذا تأهل وصارت لديه الأهلية لمحاكاة المتقدمين من الحكم بالقرائن هذا فرضه؛ لأن المتأخرين عالة على المتقدمين كما هو معروف، لكن الشأن في طالب العلم المبتدئ الذي يريد أن يتعلم، ناشئ يريد أن يتمرن، نقول: لا مانع أن تحكم بالقواعد المطردة، فإذا ما تأهلت فيما عدا ذلك وساويت المتقدمين في معرفة القرائن والحكم بها هذا فرضك، والله المستعان. "فكان يسلم عن يمينه: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته" وعلى كل حال هي ثابتة بالسند الصحيح، فلو فعلها أحياناً وتركها في الغالب كان أولى، يعني لو فعلت أحياناً إحياءً لهذه السنة، والترك هو الغالب؛ لأن أكثر الرواة على عدم ذكرها، أعني: "بركاته" في التسليمة الأولى التي هي عن اليمين، وأما عن الشمال فلا، "فكان يسلم" السلام الجمهور على أنه واجب، وقال بعضهم: ركن لا تتم الصلاة إلا به، فعله النبي -عليه الصلاة والسلام-، وداوم عليه، وقال: ((صلوا كما رأيتموني أصلي)) وعند الحنفية ليس بواجب ولا ركن، إنما تتم الصلاة بدونه، إنما هو مجرد علامة، مجرد علامة على انقضاء الصلاة، النبي -عليه الصلاة والسلام- داوم على السلام، كان يسلم عن يمينه وعن شماله، ومن يوجب السلام يقول: إن الواجب الأكثر من الشافعية والمالكية على أن الواجب التسليمة الأولى، وأما الثانية فهي سنة، والتسليمتان ركنٌ من أركان الصلاة عند الحنابلة، والحنفية لا يرون ذلك، يرون أنه علامة على انقضاء الصلاة. "السلام عليكم ورحمة الله وبركاته" وعرفنا ما في هذه الزيادة من قبولٍ ورد، والصواب أن السلام ركن من أركان الصلاة، داوم النبي -عليه الصلاة والسلام- عليه، وقال: ((صلوا كما رأيتموني أصلي)) وقال: ((تحريمها التكبير، وتحليلها التسليم)).

وأما ما يروى من حديث ابن عمر: أنه إذا رفع الإمام رأسه من السجدة وقعد، ثم أحدث قبل التسليم فقد تمت صلاته، الحديث ضعيف باتفاق الحفاظ، هذا الحديث ضعيف باتفاق الحفاظ، وكون النبي -عليه الصلاة والسلام- لم يعلم المسيء التسليم لا يعني عدم الوجوب؛ لأنه زيد على ما جاء في حديث المسيء واجبات غير السلام، بعضهم يستدل على هذا بقوله -جل وعلا-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا} [(77) سورة الحج] وليس فيه سلام، نقول: أيضاً ليس فيه قيام ولا قراءة، ولا غير ذلك من أركان الصلاة وواجباتها، فلا يعني أنه ليس بواجب. "وعن المغيرة بن شعبة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يقول في دبر كل صلاة مكتوبة: ((لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد)) متفق عليه". يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "وعن المغيرة بن شعبة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يقول في دبر كل صلاة مكتوبة" دبر الشيء: عقبه وآخره، الدبر يحتمل أن يكون في آخر الشيء جزءٌ منه في آخره، ويحتمل أن يكون عقبه منفصلاً عنه، وجاء نصوص بهذا وبعض النصوص بهذا. "كان يقول في دبر كل صلاة مكتوبة" بعد الفراغ منها ((لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير)) في الصحيح في بعض روايات البخاري: ثلاثاً، وفي بعضها: مرة واحدة، ((لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت)) وفي بعض الروايات: ((ولا راد لما قضيت)) عند عبد بن حميد وغيره: ((ولا راد لما قضيت)) وهي صحيحة، زيادةً على ما هنا ((ولا ينفع ذا الجد منك الجد)). ((اللهم لا مانع لما أعطيت)) لو أن الناس كلهم اجتمعوا على أن يمنعوا أحداً من الخلق من شيء قد كتبه الله له لن يستطيعوا أن يمنعوه مما كتبه الله عليه، كما أنهم لو اجتمعوا على أن يعطوه ما لم يكتب له لن يستطيعوا، فالله -سبحانه وتعالى- هو المعطي، وهو المانع، وهو النافع، وهو الضار.

((لا مانع لما أعطيت)) فالمكتوب لا بد من حصوله، وإن اجتمع جميع الأرض للمنع أو للإعطاء لما حصل إلا لمن قدره ((ولا معطي لما منعت)) بعض الناس يجبن عن قول الحق خشيةً على رزقه المكتوب له، كما أن بعض الناس يبادر بالباطل لهثاً وراء شيء لا يدري هل كتب له أو لم يكتب؟ لكنه إذا علق أمره بالله -جل وعلا-، أو تعلق قلبه به، وتوكل على الله حق التوكل، وجزم يقيناً أنه لا مانع لما أعطى ولا معطي لما منع لمن يمنعه من قول الحق مانع. ((ولا معطي لما منعت)) ((ولا راد لما قضيت)) ما قضاه الله -جل وعلا- وكتبه على الإنسان لا بد أن يحصل، قد يكون المكتوب معلق بأسباب وجوداً وعدماً، فيكون وجوده مرتبط بسبب إن وجد وإلا فلا، لكن الأصل أنه لا راد لما قضى الله -جل وعلا-، والسبب مما قضاه الله -جل وعلا-: {يَمْحُو اللهُ مَا يَشَاء وَيُثْبِتُ} [(39) سورة الرعد] في هذا الحديث: ((من سره أن يبسط له في رزقه، وينسأ له في أثره فليصل رحمه)) ينسأ له في أثره المكتوب الذي هو في أيدي وعلى علم الملائكة، أما ما في علم الله -جل وعلا- فإنه لا يتغير، الله -سبحانه وتعالى- كتب له هذا العمر، وكتب له هذا السبب، ويبقى أن الله -جل وعلا- يمحو ما يشاء ويثبت، يعني مما في علم الملائكة، أما ما في علمه -جل وعلا- فإنه لا يتغير. ((ولا راد لما قضيت)) ((ولا ينفع ذا الجد)) لا ينفع صاحب الحظ والنصيب من الله -جل وعلا-، ولا يغنيه منه حظه ولا نصيبه "متفقٌ عليه" ففي هذا دليلٌ على استحباب قول هذا الذكر، بما فيه من كلمة الإخلاص، وما عقبت به بعد الفراغ من الصلاة، وليس بدبر الصلاة يعني في آخرها، لا، إنما هو بعد الفراغ منها. "وعن سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه-: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يتعوذ بهن دبر كل صلاة: ((اللهم إني أعوذ بك من البخل، وأعوذ بك من الجبن، وأعوذ بك من أن أرد إلى أرذل العمر، وأعوذ بك من فتنة الدنيا، وأعوذ بك من عذاب القبر)) رواه البخاري".

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "وعن سعد بن أبي وقاص" أحد العشرة المبشرين بالجنة، وممن اعتزل الفتن بعد النبي -عليه الصلاة والسلام- "-رضي الله عنه-: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يتعوذ بهن" الضمير يعود على متأخر، يعني الأصل أن يقدم: ((اللهم إني أعوذ بك من البخل، وأعوذ بك من الجبن)). . إلى آخره، ثم يقول: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يتعوذ بهن دبر كل صلاة" فعود الضمير على متأخر لا أعني مفردات اللغة. . . . . . . . . في القواعد، الآن أنت تجزم أن هذا لفظ سعد -رضي الله عنه- أو رواه بعض الرواة بالمعنى؟ مسألة الاحتجاج بالحديث في قواعد العربية مسألة خلافية بين .. ، وسبب الخلاف تجويز الجمهور الرواية بالمعنى وإلا لو ضمنا أن هذا هو اللفظ النبوي، أو لفظ الصحابي، الصحابة عرب أقحاح، لا بد أن يحتج بهم، وأهل العلم جوزوا الرواية بالمعنى، ولذا رأى بعض أهل العربية أنه لا يحتج بالحديث في العربية. على كل حال الأمر لا يلتبس، سواءً قدمنا الضمير وأخرنا ما يعود عليه أو عكسنا، المعنى واضح ومفهوم، وإن كان الأصل أن الضمير لا يعود على متأخر لفظاً ورتبةً، لا يعود على متأخر لفظاً ورتبةً، لكن إذا تأخر في أحد الأمرين وتقدم في الأمر الثاني لا بأس، يعني إذا قلت: خاف ربه عمر، الأصل خاف عمر ربه، فأعدنا الضمير على متأخر في اللفظ، لكن رتبته متقدمة، رتبة عمر التقدم لأنه فاعل، لكن لو كان مفعول والضمير مقترن بالفاعل يعود على المفعول لا يجوز، وتأخر المفعول، وعاد الضمير على متأخر في اللفظ والرتبة لا يجوز، (زان نوره الشجر) هذا لا يجوز عند أهل العلم.

فالمقصود أنه كان يتعوذ بهن دبر كل صلاة، "بهن" يعني بهذه الأمور التي ذكر ((اللهم إني أعوذ بك من البخل)) البخل: وهو منع ما يجب دفعه ((وأعوذ بك من الجبن)) وهو المهابة للأشياء، والتأخر عنها لا سيما إذا كانت هذه المهابة تعوق عن أمرٍ واجب من جهاد مثلاً، من أمر بمعروف ونهي عن منكر، من تعليم، لا بد أن يستعاذ منه هذا جبن، وبعض الناس يسميه حياء وهو في الحقيقة ليس بحياء؛ لأن الحياء خيرٌ كله ((الحياء لا يأتي إلا بخير)) فكيف يعوقك هذا الحياء على حد زعمك من الجهاد في سبيل الله، كيف يعوقك هذا الحياء من إنكار المنكر الذي يجب تغييره، كيف يحول بينك هذا الحياء وبين ما يستحب فعله مما ندب الشرع إليه، هذا في الحقيقة ليس بحياء، بل هو جبن وذل ومهانة. ((وأعوذ بك من الجبن، وأعوذ بك من أن أرد إلى أرذل العمر)) كي لا أعلم بعد علم شيئاً، يعني من سبر حال هؤلاء الذين اختلطوا، وردوا إلى أرذل العمر هم يشتركون مع الأطفال في التصرفات التي لا يقبلها العقل، لكنها مقبولة من الطفل وليست مقبولة من كبير؛ لأن الطفل يرجى أن يكبر ويتصرف تصرفاً حميداً، لكن الكبير كيف يرجى؟! والرد إلى أرذل العمر الموت خيرٌ من أرذل العمر، كون الإنسان يرد إلى أن يصل إلى حد لا يعرف نفسه، لا يعرف أولاده، لا يعرف كيف يتعامل مع الناس؟ لا يعرف كيف يتصرف؟ بل يتصرف تصرفات يُستحى من ذكرها، هذا يستعاذ منه لأنه شر، نسأل الله العافية، يعني ختام الحياة بهذا نعم هو موجود وشيء يكتبه الله ويقدره على الإنسان، لكنه ليس بشيء مما يطلبه الناس، بل ينبغي أن يستعاذ منه، وإن كان ظاهره أنه طول في الحياة، الحياة ما قيمتها، يعني لو تصور أن إنسان يموت في الستين أو في السبعين قبل أن يصل إلى هذا الحد، أو إذا وصل هذا الحد وصل إلى أرذل العمر واستمرت به الحياة عشرين سنة ما فائدته من هذه العشرين؟ هل يستفيد منها؟ ما يستفيد منها، ولذا جاء الاستعاذة من أن يرد الإنسان إلى أرذل العمر. نعم ((خيركم من طال عمره)) لكن بالقيد: ((وحسن عمله)) ولا يتصور أو يتوقع ممن رد إلى أرذل العمر أنه يحسن عمله، ولذا جاء أنه كان يتعوذ بالله -جل وعلا- من أن يرد إلى أرذل العمر.

((وأعوذ بك من فتنة الدنيا)) نعم الدنيا تفتن، وكم من شخص سلك الجادة والطريق المستقيم، والصراط القويم، بدأ يطلب العلم ويتعبد، ثم بعد ذلكم دخل في أمور الدنيا فافتتن بها، ولذا سلف هذه الأمة لا يرْغَبون ولا يرَغِّبون في مخالطة أهل الدنيا، لا يرغبون؛ لئلا يفتن الإنسان، وإذا كان النبي -عليه الصلاة والسلام- كاد أن تفتنه الإنبجانية، كساء مخطط تفتنه تشغله عن صلاته، فماذا عن هذه المظاهر التي غزت دور المسلمين؟ بل غزت بيوت الله -عز وجل- من الزخارف، تقدم الحديث عن هذه المسألة في باب المساجد، والعناية بها وتنظف وتطيب لكن لا تزخرف، كل هذا مما يفتن الإنسان {وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِّنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنيَا} لإيش؟ {لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ} [(131) سورة طه] هذه فتنة، والذي يكثر من مخالطة أرباب الدنيا لا يؤمن عليه أن يفتتن، ولذا أهل العلم بالدخول على السلاطين؛ لأنه يخشى عليه من الافتتان، القليل النادر الذي يسلم من هذه الفتنة، جاء النهي: {وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِّنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ} لكن من خالطهم ولم يفتتن بدنياهم وزخرفها، ونفعهم بما عنده من علم هذا على خير -إن شاء الله-، فعله جمع من أهل العلم ممن يؤثر ولا يتأثر، لكن الشأن فيمن يتأثر ولا يؤثر، مثل هذا يقال له: {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ} [(28) سورة الكهف] هنا الزم الذين يعينونك على طاعة الله -جل وعلا-.

((وأعوذ بك من عذاب القبر)) عذاب القبر ليس بالأمر السهل، هذه أيضاً فتنة، وتقدم فتنة القبر، وما يترتب عليها من عذاب، وقد جاء أيضاً في الحديث الصحيح أن النبي -عليه الصلاة والسلام- مر على قبرين فقال: ((إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير، كان أحدهما يمشي بالنميمة، والآخر لا يستبرئ من بوله)) أو ((لا يستنزه من البول)) أو ((لا يستتر من البول)) وعامة عذاب القبر من هذين الأمرين، فعلى الإنسان أن يحتاط لنفسه، والنميمة تفسد بين الناس، نقل الكلام على جهة الإفساد هذا يفسد أحوال المسلمين، وأيضاً الاستبراء من النجاسات والتخلص منها بيقين واجب، والله المستعان. أحسن الله إليك: "وعن ثوبان -رضي الله عنه- قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا انصرف من صلاته استغفر الله ثلاثاً، وقال: ((اللهم أنت السلام، ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام)) رواه مسلم". يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "وعن ثوبان -رضي الله عنه- قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا انصرف من صلاته استغفر الله ثلاثاً" يقول كما يقول الأوزاعي أحد رواة الحديث: أستغفر الله، أستغفر الله، أستغفر الله؛ لأن أستغفر السين والتاء للطلب، فـ (أستغفر) أطلب المغفرة من الله -جل وعلا-، وإذا قيل: استغفَر واستغفِر والاستغفار، وكان النبي -عليه الصلاة السلام- يستغفر، جاء تفسيره بأنه يقول: ((رب اغفر لي، وتب علي، إنك أنت التواب الرحيم)) وأما الاستغفار الوارد في هذا الحديث فسره الراوي بقوله: "أستغفر الله، أستغفر الله، أستغفر الله" ثلاثاً، يعني يكررها ثلاث مرات، لا يقول: أستغفر الله ثلاثاً، وإنما يقول: أستغفر الله، أستغفر الله، أستغفر الله. ثم يقول: ((اللهم أنت السلام ... تباركت يا ذا الجلال والإكرام)) ((اللهم أنت السلام)) فالله -جل وعلا- من أسمائه السلام، كما جاء في آخر سورة الحشر {هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ} [(23) سورة الحشر]. وهو السلام على الحقيقة سالمٌ ... من كل ما عيبٍ ومن نقصانِ

فالسلام من أسمائه -جل وعلا- ((اللهم أنت السلام، ومنك السلام)) منك السلام لخلقك، والسلامة إنما تطلب من الله -جل وعلا-، السلامة من الآفات، السلامة من النقائص والعيوب إنما تطلب من الله -جل وعلا-، ((تباركت يا ذا الجلال والإكرام)) يا ذا الغنى المطلق، والفضل التام، وهذا من عظائم صفاته -جل وعلا-، ولذا جاء الأمر بالإلحاح بهذا ((ألظوا بيا ذا الجلال والإكرام)) فعلينا أن نلح بمثل هذا فإنه حريٌ أن يستجاب لنا. ((إذا انصرف من صلاته)) يعني إذا سلم منها، ليس معنى انصرف قام من مكانه وخرج لا، إذا انصرف يعني سلم ((لا تسبقوني بالركوع ولا بالسجود)) يعني من الصلاة، وإن قال بعضهم: إن المراد بالانصراف الانصراف من جهة القبلة، يعني ما ينصرف الإنسان حتى ينصرف الإمام عن قبلته، وهو محتمل. أحسن الله إليك: "وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من سبح الله دبر كل صلاة ثلاثاً وثلاثين، وحمد الله ثلاثاً وثلاثين، وكبر الله ثلاثاً وثلاثين، فتلك تسع وتسعون، وقال تمام المائة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، غفرت له خطاياه ولو كانت مثل زبد البحر)) رواه مسلم. وفي رواية أخرى: "أن التكبير أربع وثلاثون".

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من سبح الله)) يعني قال: سبحان الله ((دبر كل صلاة ثلاثاً وثلاثين)) قال: سبحان الله، والتسبيح التنزيه، سبحان الله دبر كل صلاة وهذا بعد الانصراف من الصلاة، ولا يقول قائل: إن الدبر يحتمل أن يكون في آخر الشيء قبل الانفصال منه لا، هذا بعد الفراغ من الصلاة إجماعاً ((ثلاثاً وثلاثين، وحمد الله)) قال: الحمد لله ((ثلاثاً وثلاثين)) يقول: سبحان الله، سبحان الله، سبحان الله، سبحان الله .. ثلاثاً وثلاثين، ثم بعد ذلك يقول: الحمد لله، الحمد لله، الحمد لله .. ((وكبر الله)) بأن يقول: الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر ((ثلاثاً وثلاثين، فتلك تسعٌ وتسعون)) ناتج المجموع ثلاثة وثلاثين و ... ، تسع وتسعين ((وقال تمام المائة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، غفرت له خطاياه ولو كانت مثل زبد البحر)) رواه مسلم" هذا الوعد وهذا الجزاء لمن حقق الشرط، بأن قال: سبحان الله ثلاثاً وثلاثين، وحمد الله ثلاثاً وثلاثين، وكبر ثلاثاً وثلاثين، وختم المائة بـ ((لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد وهو على كل شيء قدير)) من حقق الشرط يعني هل يكفي أن نقول باللسان دون عقل المعاني؟ أو نقول: الجزاء المرتب في الحديث على مجرد النطق ولو لم نعقل معانيها؟ وهل يرتب هذا الجزاء لمن زاد عليها؟ من نقص أمره معلوم لكن من زاد عليها بأن قال: سبحان الله أربعين مثلاً، والحمد لله أربعين، والله أكبر أربعين؟ كونه يقصد الزيادة هذا أمره واضح أيضاً؛ لئلا يعتقد أن هذا أكمل مما قاله -عليه الصلاة والسلام- مما جاء عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، والعبادات توقيفية، لكن من خشي أن يكون ما ضبط العدد مثلاً، وأراد أن يخرج من عهدة هذا العدد بيقين هل نقول: إن له أن يزيد أو لا بد أن يتقيد بالعدد ليتحقق الجزاء .... ؟ وهكذا في بقية الأذكار التي جاءت محددة بعدد منهم من يقول: إن الزيادة على القدر المشروع تدخل في حيز البدعة، أنت شرع لك هذا العدد فلا يجوز لك أن تتعداه، النقص لا إشكال في كونه لا يترتب

عليه الجزاء، يصدق على من قال: سبحان الله ثلاثين، والحمد لله ثلاثين، والله أكبر ثلاثين تسعين ما قال تسعة وتسعين، وقال: لا إله إلا الله ... صارت واحد وتسعين، يعني ما يصدق عليه أنه جاء بالعدد ليثبت له الجزاء المرتب عليه، هذا مفروغٌ منه. لكن لو قال هذا خمسة وثلاثين، وهذا وخمسة وثلاثين من باب الاحتياط أو من باب أنه يجزم أنه قال العدد المطلوب الزيادة فضل الله واسع، منهم من يقول: إن الجزاء يترتب على العدد بالتحديد، ولا تجوز الزيادة عليه، وأن من زاد على ذلك يدخل في حيز الابتداع. ومنهم من قال كما جاء في حديث: ((لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير مائة مرة، لم يأتِ أحدٌ بمثل ما جاء به إلا من ... )) أو إيش؟ ((أو زاد)) فدل على أن الزيادة لا بأس بها، زيادة تمجيد، وزيادة تحميد لا بأس، زيادة تنزيه لا بأس مقبولة، ولا شك أن التقيد بالنص، وما جاء فيه من عدد أولى، إذا أردت أن تزيد اذكر أذكار مطلقة، لا أحد يمنعك أن تسبح ألف تسبيحة ما في أحد، كان أبو هريرة -رضي الله عنه- يسبح اثنا عشر ألف تسبيحة أبو هريرة؛ لأنه ذكر مطلق {وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ} [(35) سورة الأحزاب] لا يدخل تحت حد، لكن الكلام على ما رتب عليه من أجر هل يحصل أو لا يحصل؟ مسألة خلافية بين أهل العلم، والأكثر على أن الأجر يرتب على من تقيد بهذا العدد ولو لم يستحضر، يعني بمجرد قول، الاستحضار واستحضار المعاني، والتأثر بهذه المعاني، وأيضاً معرفة هذه المعاني أجرها قدرٌ زائد على ذلك؛ لأن الأجر "من سبح" هذا سبح، يصدق عليه أنه سبح، كما أن من قرأ القرآن له بكل حرف عشر حسنات ولو لم يتدبر، له أجر الحروف، لكن يبقى أجر التدبر قدر زائد على ذلك، وفضل الله واسع. وإذا قلنا: إنه لا بد أن يستحضر ولا بد أن .. ، ولا يثبت له من الأجر حرمنا عموم المسلمين من هذا، من الذي يستحضر كل ما يقول؟ لكن الشرع قال لك هذا وامتثلت يرجى لك الأجر -إن شاء الله تعالى-، إذا قلت ذلك مخلصاً لله -عز وجل-.

((فتلك تسعٌ وتسعون)) يعني جملة، ((وقال تمام المائة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد)) بعض الروايات: ((يحيي ويميت)) وبعض الروايات: ((حيٌ لا يموت بيده الخير)) المقصود أنها روايات، ((وهو على كل شيء قدير، غفرت له خطاياه ولو كانت مثل زبد البحر)) والجمهور على أن المراد بالخطايا هنا الصغائر، وأما الكبائر لا بد لها من توبة، مثل هذا ((الصلوات الخمس، ورمضان إلى رمضان، والجمعة إلى جمعة كفارات ما اجتنبت الكبائر)) ((ما لم تغش كبيرة)) فالكبائر أمرها عظيم، قد يقول قائل: الصغائر مكفرة بغير هذا باجتناب الكبائر مكفرة، بالصلاة مكفرة، بالعمرة إلى العمرة، برمضان، بالجمعة، ومع ذلك أنت بحاجة إلى مزيد من المكفرات، أنت بحاجة إلى مزيد من المكفرات، فعلى الإنسان أن يحرص أشد الحرص على ما جاء في مثل هذه النصوص، ويحرص أيضاً أن لا يغش الكبائر؛ لئلا يعرض نفسه لغضب الله وعقابه؛ لأن الله -جل وعلا- يغار، نعم رحمته وسعت كل شيء، غفورٌ رحيم، لكنه أيضاً شديد العقاب، ذو انتقام {وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ} [(42) سورة إبراهيم] المقصود أن الله -جل وعلا- يعاقب ويغضب ويغار على محارمه، فلا نعتمد على سعة رحمة الله -جل وعلا-، ومع ذلكم لا نيأس ولا نقنط من رحمته التي وسعت كل شيء، فعلينا أن نبذل الأسباب، ولا نعتمد على هذه الأسباب، بل يبقى الإنسان خائفاً وجلاً يرجو ثواب الله. ((حطت عنه خطاياه)) غفرت عنه خطاياه، من قال: سبحان الله وبحمده مائة مرة، يعني في دقيقة واحدة تقال سبحان الله وبحمده، سبحان الله وبحمده، سبحان .. ، في دقيقة واحدة ((حطت عنه خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر)) يعني في كثرتها، مثل ما يعلو على البحر، كم يعلو على البحر من زبد؟!

"وفي رواية أخرى" ومقتضى صنيع المؤلف أنها عن أبي هريرة؛ لأنه إذا اختلف الصحابي لا بد من التنصيص عليه، وليست من رواية أبي هريرة، وإنما هي من رواية كعب بن عجرة "أن التكبير أربع وثلاثون" وهكذا جاءت أيضاً في حديث فاطمة: ((إذا أويتما إلى فراشكما فقولا)) .. إلى آخره، ((كبرا الله أربعاً وثلاثين)) وحينئذٍ تتم المائة، إذا قلنا: سبحان الله ثلاثاً وثلاثين، والحمد لله ثلاثاً وثلاثين، والله أكبر أربعاً وثلاثين تتم المائة، وهذه صيغة من صيغ هذه الأذكار تقال هذه أحياناً، وأحياناً تكمل المائة بـ (لا إله إلا الله)، وجاء أيضاً أن التسبيح خمساً وعشرين، والتحميد كذلك، والتكبير كذلك، ولا إله إلا الله كذلك، وجاء عشراً عشراً، هذا من اختلاف التنوع، فالإنسان يقول هذا أحياناً، ويقول هذا أحياناً، وإن كان الأكثر ما جاء هنا، سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر ثلاثاً وثلاثين، ثم يقول تمام المائة، ويستوي في ذلك أن يفرد كل جملة، وبين أن يجمع بين هذه الجمل، سواءً قال: سبحان الله، سبحان الله، ثلاثة وثلاثين، أو قال سبحان الله، والحمد لله، والله أكبر ثلاثاً وثلاثين، سبحان الله، والحمد لله، والله أكبر يجمع بينهن، ولا يضره بأيهن بدأ، المقصود أن من المجموع يتحصل مائة. أحسن الله إليك: "وعن معاذ بن جبل -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال له: ((أوصيك يا معاذ لا تدعن دبر كل صلاة أن تقول: اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك)) رواه أحمد وأبو داود والنسائي بسند قوي". يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "وعن معاذ بن جبل أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال له: ((أوصيك يا معاذ)) وفي رواية: ((إني أحبك)) فقال معاذ -رضي الله عنه-: "وأنا أحبك" وتسلسل الخبر بقول كل راوٍ من رواته: ((إني أحبك لا تدعن دبر كل صلاة أن تقول: اللهم أعني على ذكرك وشكرك)).

((أوصيك يا معاذ لا تدعن)) (لا) ناهية، أي لا تتركن هذا الذكر ((دبر كل صلاة)) كل صلاة، مثل ما قلنا: يحتمل أن يكون في آخر الشيء، وأن يكون منفصلاً عنه والاحتمال قائم، وإن كان شيخ الإسلام -رحمه الله- يقرر أن الأذكار بعد الصلاة، والدعاء يكون في آخرها، لكنه غير مطرد، هذا غير مطرد، جاء في بعض الأدعية أنها تقال بعد الصلاة، إذا انصرف من صلاته قال: ((ربِّ قني عذابك يوم تبعث عبادك)) والصلاة أيضاً مشتملة على أذكار فليست بمطردة. ((لا تدعن دبر كل صلاة أن تقول)) دبر كل صلاة، كل صلاة، (كل) من صيغ العموم فيشمل صلاة الفريضة والنافلة العامة والخاصة، الصلوات الخاصة، صلاة الجنازة صلاة، لا يمنع أن تدخل في هذا النص، صلاة الاستسقاء صلاة، صلاة العيد صلاة، الكسوف .. ، كلها صلوات، الرواتب، النوافل المطلقة تدخل في هذا الحديث، الفرائض من باب أولى. ((لا تدعن دبر كل صلاة أن تقول: اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك)) إذا لم يكن عونٌ من الله للفتى .. ، لا بد من طلب الإعانة من الله -جل وعلا-، ولذا جاء في سورة الفاتحة التي تقرأ في كل ركعة من ركعات الصلاة {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [(5) سورة الفاتحة] يعني نطلب العون، منك نستمد العون، فالإنسان إذا لم يعنه الله -جل وعلا-، إذا وكله على نفسه وكله إلى ضعف، لا يستطيع أن يصنع شيئاً. ((اللهم أعني على ذكرك)) يعني على مداومة الذكر، على مداومة الذكر ولزومه، وجاء في مداومته ولزومه والإكثار منه نصوص كثيرة، جاء في الترغيب فيه ما يدل على أن من يتركه محروم وأي حرمان، مما رتب على ذلك من أجور عظيمة على أعمالٍ يسيرة، سمعنا: ((سبحان الله وبحمده مائة مرة حطت عنه خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر)) يعني لا يترك مثل هذا إلا شخص بين واضح الحرمان.

القرآن الكريم أعظم الأذكار، يعني يتصور طالب علم ليس له حزب -ورد- من القرآن يومي لا يتركه حضراً ولا سفراً مهما كانت ظروفه؟! يتصور أن يوجد طالب علم يفرط بحزبه ونصيبه من القرآن؟! نعم يوجد، لكن هذا حرمان، شيء لا يكلفك شيء {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ} [(191) سورة آل عمران] ما يحتاج تقول: والله أبداً الآن لست مستعد للذكر، لا يحتاج أن تشغل سيارة ولا تحمي سيارة ولا شيء، حتى ولا يحتاج ولا نور، ولا تجلس إذا كنت جالس لا، اذكر الله قياماً وقعوداً على جنب، اذكر الله على جميع أحوالك وأحيانك. ((اللهم أعني على ذكرك)) يعني من توفيق الله -جل وعلا- للعبد أن يلهمه الذكر، وأيضاً الشكر المتضمن للمزيد من النعم {لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ} [(7) سورة إبراهيم] والشكر مطلوبٌ استمراره، ولا يقال: إنه يلزم منه التسلسل، بل تسلسله مطلوب؛ لأنك إذا شكرت الله -جل وعلا- على نعمةٍ من نعمه التي لا تعد ولا تحصى توفيقك لهذا الشكر نعمة يحتاج إلى شكر فاشكر، ثم توفيقك للشكر الثاني يحتاج إلى شكر وهكذا، فالهج بالذكر والشكر، ولا يزال لسانك رطب من هذا. "وحسن عبادك" يعني الإتيان بها على وجه حسن، على وفق مراد الله -جل وعلا-؛ لأن العبادة إذا جيء بها على مراد الله ترتبت عليها آثارها، لكن لو نقص منها ما نقص نقص أجرها بقدر ما نقص منها، مما لا يخل بأصلها وصحتها، لكن لو جاء بها على وجهٍ غير مجزي ولو صلى أو زكى أو صام على وجهٍ غير مجزي وجودها مثل عدمها ((صلِ فإنك لم تصل)) فالمطلوب إحسان العبادة، لا مجرد إيجاد العبادة على إي وجه، إنما على وجهٍ تبرأ به الذمة، ويسقط به الطلب. يقول: أريد تبيين ما معنى الصلاة والسلام على الصحابي الجليل علي بن أبي طالب؟ وهل يجوز الصلاة والسلام على الصحابة؟ نرجو بيان ذلك؟

أما على جهة الاستقلال فالمسألة خلافية، ثبت أن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: ((اللهم صلِّ على آل أبي أوفى)) لكن العرف عند أهل العلم يخصون الصلاة بالنبي -عليه الصلاة والسلام-، والصحابة يترضون عنهم، ويترحمون على من بعدهم، هذا عرف عند أهل العلم، مشوا عليه، ودرجوا عليه، فلا يصلى على غير النبي -عليه الصلاة والسلام-، ولا يقال للنبي -عليه الصلاة والسلام-: "عز وجل" يعني عزيزاً جليلاً، بل العرف خص ذلك بالله -جل وعلا-. تخصيص علي -رضي الله عنه وأرضاه- بالصلاة أو بالسلام كما يوجد في بعض الكتب: "عليه السلام" دون غيره من خيار هذه الأمة لا ينبغي، بل إذا قلنا: بجواز الصلاة على غير النبي -عليه الصلاة والسلام- فأولى بها قبل علي من هو أفضل من علي -رضي الله عن الجميع- أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي، كما هو المعتمد عند أهل السنة. وعلى كل حال -مثل ما ذكرنا- لا ينبغي تخصيص علي -رضي الله عنه وأرضاه- بشيء إلا بما خصه به النبي -عليه الصلاة والسلام-، ما لم يخص به في النصوص الشرعية فلا، وهو كغيره من الصحابة له منزلته، ولا يغلى به، وعليه تصلى النار طائفتان، كما قال الناظم: إحداهما لا ترتضيه خليفةً ... وتنصه الأخرى إلهاً ثاني لا يغلى ولا يجفى، ينزل منزلته -رضي الله عنه وأرضاه-، رابع الخلفاء، وصهر الرسول -عليه الصلاة والسلام-، ومنزلته في الدين معلومة، لكن لا يعطى أكثر مما يغلى به، فيصرف له شيء من حقوق الرب -جل وعلا-، أو حتى يفضل على من هو أفضل منه، والله المستعان. يقول: هل يدل ذلك على أن قول: "صلى الله عليه وآله وسلم" بدعة؟ أو المقصود بالبدعة الصلاة على الآل فقط، كقولك: "صلى الله على آله وسلم"؟

"صلى الله عليه وآله وسلم" لا أحد يقول: إنها بدعة، وإن كانت شعار لبعض المبتدعة، بمعنى أنهم لا يصلون على الصحب، كما أن الصلاة على الصحب شعار لمبتدعة آخرين، فالأولى أن نجمع بينهما، وإن كان لا يلزم خارج الصلاة أن نصلي على الآل ولا على الصحب، إنما يتم الامتثال بالصلاة على النبي -عليه الصلاة والسلام-، لكن من باب التوازن وبيان وسطية أهل السنة أننا كما نتولى الآل نتولى الصحب أيضاً، فلا نغلو ولا نجفو، ولكلٍ منهما حق، ولا نقول: إن الصلاة على الآل بدعة، لا، أما داخل الصلاة فلا بد من الصلاة عليهم كما جاء في الحديث، خارج الصلاة الامتثال يتم بدونهم، لكن إذا جئنا بهم من باب الإنصاف أن نأتي بالصحب، ولنبين بذلك أن مذهب أهل السنة في الصحابة عموماً وسطٌ بين مذهب الروافض وبين مذهب النواصب، ما يقال: إن الصحابة -رضي الله عنهم- يدخلون في الآل إذا أفرد، الآل أخص، أوائل الآل يدخلون في الصحابة، يعني من له صحبة منهم يدخلون في الصحابة، لكن مع ذلكم من أراد الكمال يفرد الآل لما لهم من حق، وهم وصية النبي -عليه الصلاة والسلام-، وأيضاً ينص عن الصحب لما لهم من فضلٍ علينا، يعني لولا الصحابة ما وصلنا دين، فمن حقهم علينا أن نفردهم بالذكر. يقول: قال الرسول -صلى الله عليه وسلم- لمعاذ: ((لا تدعن دبر كل صلاة تقول: اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك)) هل هي قبيل السلام أم بعده؟ على كل حال هي دبر الصلاة، وعرفنا أن الدبر قد يكون داخل الشيء ملاصقاً له في آخره، وأحياناً يطلق على ما بعد السلام، بعد الفراغ من الشيء، وأكثر التي مرت بنا بعد السلام، وهذا قلنا: إن شيخ الإسلام -رحمه الله- يفرق بين ما كان دعاء وما كان ذكر، فما كان دعاء يكون قبل السلام، وما كان ذكر فهو بعد السلام، وعرفنا أن هذا غير مطرد، بل جاء من الأذكار ما هو داخل الصلاة، وجاء من الأدعية ما هو خارج الصلاة، والمسألة فيها سعة، إن شئت فقلها قبل السلام، وإن شئت فبعد السلام.

يقول: أنا أقول في التشهد الأخير: اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميدٌ مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك ... ؟ نعم، جاء الجمع بين إبراهيم، وجاء أيضاً إفراد الآل، وإذا أفردوا دخل فيهم إبراهيم، فآل الشخص أول من يدخل فيهم دخولاً أولاً الشخص نفسه، كما في قوله -جل وعلا-: {وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ} [(46) سورة غافر] هل يعني هذا أن فرعون ليس معهم؟ هو مقدمهم، يقدمهم يوم القيامة، نسأل الله العافية. يقول: أنا لا أجد الطمأنينة والخشوع في الصلاة، فما هي العوامل التي تساعدني على الخشوع في الصلاة؟ وهل المعاصي تحرم المصلي من الخشوع؟ يعني الخشوع في الصلاة شيء محل شكوى من كثير من أهل الخير والفضل والاستقامة فضلاً عن غيرهم، أما أثر المعاصي فظاهر، لكن الكلام في أهل الفضل والاستقامة، نعم قد يغفل الإنسان قد يطرأ له ما يطرأ، قد يلبس عليه الشيطان، فيسهو عن بعض صلاته، لكن الإشكال في وجود مثل هذا الأمر في جميع الصلاة، حتى ممن ينتسب إلى طلب العلم، هذا شيء مقلق يجده الإنسان من نفسه أحياناً يصلي لا يدري كم صلى؟ يقرأ الإمام لا يدري ماذا قرأ؟ ينصرف من صلاته .. ، لكن ما يعين على ذلك أن تقبل على صلاتك، وأن تستعيذ بالله من الشيطان الرجيم الذي يلبس عليك صلاتك، وأن تصدق اللجأ إلى الله -جل وعلا-، وأن تتدبر وتعي ما تقول وتسمع، وتصدق مع الله -جل وعلا-، ويعينك على ذلك -إن شاء الله تعالى-. يقول: ما هو مذهب الهادوية؟ الهادوية فرقة من فرق الزيدية، وهم في وقت الصنعاني غالب سكان اليمن، كما نص على ذلك في سبل السلام، غالب سكان اليمن هادوية، وهم من الزيدية، فكأن نسبتهم قلت، وزاد عدد نسبة أهل السنة من الشافعية وغيرهم، المقصود أنهم طائفة من الزيدية. يقول: هناك آلة كالحاسبة حاسبة رقمية مع كل تسبيحة يضغط على الزر ما حكمها؟ وأيضاً السبحة؟

الأولى أن يسبح الإنسان بأنامله ويذكر الله يعد بأنامله لأنها مستنطقة، فتشهد له يوم القيامة، والنبي -عليه الصلاة والسلام- وجه أم المؤمنين إلى التسبيح باليد بدلاً من الحصى، بدلاً من العد بالحصى، والسبحة حكمها حكم هذه الحصيات، ومثلها مثل الحصى الآلة هذه التي تعد، فالأولى أن يسبح ويعد الإنسان أذكاره بأصابعه. يقول: متى تقال أذكار الصلاة؟ هل هي بعد الصلاة المفروضة أو النافلة أو الكل؟ ما جاء فيه التعميم دبر كل صلاة يشمل النافلة والفريضة، وإلا فالأصل أن الأذكار المرتبة المذكورة هذه بعد الفريضة. يقول: حكم مشاهدة المناظرات التي تكون بين المسلمين والنصارى أو الشيعة والسنة سمعتُ أنه من موالاتهم؟ فهل هذا صحيح؟ الأصل أن المناظرات بين أهل الحق وغيرهم لإقناع غير أهل الحق، وبيان الحق ونشره طريقة شرعية، وأهل العلم يعقدون المناظرات، ويصنفون فيها الكتب، وجاء هذا الأسلوب -أسلوب المناظرة- في النصوص في القرآن، المقصود أنها لها أصل شرعي، بيان الحق وإقامة الحجة على المخالف، لكن إعلان هذه المناظرات، وكون هذه المناظرات يطلع عليها من يستوعب ومن لا يستوعب هذا خطأ؛ لأن هذه المناظرات لا بد أن يكون فيها شيء من الشبه، وقد تقصر حجة المناظر عن إزالة هذه الشبهة فتقع موقعها من قلوب بعض العامة، وحينئذٍ يصعب اجتثاثها، وقد يستوعب الشبهة ولا يستوعب الرد فيحصل بذلك ضرر على عوام المسلمين، فينبغي أن لا تلقى هذه المناظرات على عوام المسلمين، لكن من تأهل ويستوعب لا بأس يحضر، ويناقش. يقول: أنا ممن ابتلي بتأخير صلاة الفجر عن وقتها؟ هذا لا يجوز، إذا كان هذا ديدن وهذا طريقة مستمرة لا يجوز، بل إذا كان السبب في تأخيرها السهر مثلاً قيل بتحريمه؛ لأن الوسائل لها أحكام المقاصد، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، إذا كان الإنسان لا يتيسر له، بل لا يستطيع الصلاة مع الجماعة إلا بالنوم المبكر تعين عليه، وحينئذٍ يكون السهر في حقه حرام. طالب:. . . . . . . . .

الأصل فيه أنه مكروه، يكره الحديث بعدها -عليه الصلاة والسلام-، لكن إذا ترتب عليه فائدة فهو مطلوب، إن ترتب عليه ترك مستحبات وسنن صار مكروهاً، وزادت في الكراهة، إن ترتب عليه ترك واجبات صار محرماً، يعني على حسب الآثار المترتبة عليه، فمثل هذا لا بد أن يعمل الاحتياطات اللازمة والكافية، ويهتم بصلاة الفجر؛ لئلا يتشبه بالمنافقين ((أثقل الصلوات على المنافقين العشاء والفجر)) فأمرها خطير ((من صلى البردين دخل الجنة)) فأمر صلاة الفجر عظيم جداً، بعض الناس لا يلقي لذلك بال، ولا يهتم، لا بنفسه ولا بمن تحت يده، يركب الساعة والمنبه على الدوام، والأولاد لا يوقظهم إلا للمدارس هذه خيانة لمن استرعاه الله عليه، هذا خيانة للأمانة التي أنيطت به، فإذا كان يفعل ذلك في نفسه ويقصد ذلك فالأمر خطير، فتفويت صلاة واحدة عن وقتها ابن حزم نقل الإجماع على أنه إذا تعمد ذلك وأخرج الصلاة عن وقتها لا يقضيها يكفر، وإن كان طرفٌ آخر نقلوا الإجماع عن أهل العلم لا سيما الأئمة الأربعة كلهم يقولون: يقضي، ولا يكفر بذلك لكن خطره عظيم، نسأل الله السلامة والعافية. وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

كتاب الصلاة (19)

بلوغ المرام - كتاب الصلاة (19) تابع: شرح باب: صفة الصلاة وباب: سجود السهو وغيره الشيخ/ عبد الكريم بن عبد الله الخضير السلام عليكم ورحمة الله وبركاته بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً. قال المؤلف -رحمه الله تعالى-: "وعن أبي أمامة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((من قرأ آية الكرسي دبر كل صلاة مكتوبة لم يمنعه من دخول الجنة إلا الموت)) رواه النسائي وصححه ابن حبان، وزاد فيه الطبراني: ((وقل هو الله أحد)) ". الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. ذكر المؤلف -رحمه الله تعالى- بعض الأذكار التي تقال أدبار الصلوات، ومن هذه الأذكار ما هو من أفضل الأذكار وهو القرآن، ومن أفضل ما يقرأ في كتاب الله -عز وجل-، والمفاضلة معروفة عند أهل العلم، وإن كان الكل كلام الله، أفضل آيةٍ في كتاب الله هي آية الكرسي، كما أن أعظم سورة في القرآن هي سورة الفاتحة، و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [(1) سورة الإخلاص] تعدل ثلث القرآن.

ففي هذا الحديث حديث "أبي أمامة" وهو غير الباهلي، أبو أمامة الباهلي صدي بن عجلان إذا أريد قيل: الباهلي، وإذا أطلق فالمراد به هذا، أنصاري خزرجي اسمه: إياس بن ثعلبة، يقول -رضي الله عنه-: "قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((من قرأ آية الكرسي دبر كل صلاة مكتوبة)) هناك في حديث معاذ: ((لا تدعن أن تقول في دبر كل صلاة)) وقلنا: إن لفظ العموم (كل) شامل لجميع الصلوات، وهنا: ((دبر كل صلاةٍ مكتوبة)) فدل على أنها لا تشرع بعد النوافل، ((من قرأ آية الكرسي)) {اللهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} [(255) سورة البقرة]. . الآية ((دبر كل صلاةٍ مكتوبة)) سميت آية الكرسي لذكر الكرسي فيها {وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ} [(255) سورة البقرة] ((مكتوبة)) يعني مفروضة، والمراد بذلك الصلوات الخمس ((لم يمنعه من دخول الجنة إلا الموت)) العائق من دخوله الجنة أن يموت، فإذا مات دخل الجنة، هل يدخل الجنة مباشرة أو يمكث في قبره في البرزخ قبل دخول الجنة؟ لكن يأتيه من مقدمات الدخول في قبره ما يستحق أن يسمى دخولاً، فيفسح له في قبره مد بصره، يكون قبره عليه روضة من رياض الجنة، نسأل الله من فضله. مقدمات الدخول لا يقول قائل: إنه يدخل الجنة مجرد أن يموت، ولا يمر بالبرزخ لا، هناك حياة برزخية مكانها القبر، بين الحياة الدنيا وبين الآخرة، فهنا سمى مقدمة الدخول دخول، كما أن مقدمات الفتح فتح، فصلح الحديبية باعتباره مقدمة للفتح -لفتح مكة- سمي فتحاً، ونزلت فيه سورة الفتح، وهنا مقدمة الدخول وهو هذه الحياة البرزخية التي ينعم فيها هذا الذي واظب على آية الكرسي ينعم فيها في قبره، والمواظبة على آية الكرسي دبر كل صلاة سبب، سبب من أسباب دخول الجنة، والسبب قد تترتب عليه آثاره فيحصل المسبب، وقد يتخلف الأثر لوجود مانع، قد يكون عند الشخص ما يمنعه من دخول الجنة، ما يستحق به دخول النار إما مؤبداً إن كان عنده ما يخرجه من الدين بالكلية، أو مؤقتاً إن كان عنده شيء من الكبائر.

فقراءة آية الكرسي والمحافظة عليها، والمداومة عليها سبب كغيرها من الأسباب، فلا نتكل على مثل هذا، ولذا جاء: ((من توضأ نحو وضوئي هذا، ثم قال: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له -إلى آخره- دخل الجنة من أي أبوابها الثمانية شاء)) ثم قال في الحديث: ((ولا تغتروا)) يعني ما نغتر بمثل هذه النصوص، نترك الواجبات، ونقترف الكبائر والمحرمات لا، هذه أسباب، ومعلومٌ أن السبب قد ترتب عليه آثاره إذا انتفت الموانع، وقد لا تترتب عليه الآثار إذا وجدت الموانع، قد يلبس المرء من الثياب خمسة ثياب، ستة، عشرة، وفروة وبشت ويدخله البرد لأنه سبب، فليس السبب موجباً ولا مستقلاً بحصول المسبب، لكن علينا أن نعمل بمثل هذه الأمور التي جاء الحث عليها من قبل الشارع، لكن لا نغتر فنعتمد عليها. ((لم يمنعه من دخول الجنة إلا الموت)) والحديث صحيح، مخرج عند النسائي في الكبرى في أعمال اليوم والليلة، وعزاه المنذري إلى ابن حبان وغيره من أهل العلم "وزاد الطبراني: ((وقل هو الله أحد)) جاء الحديث الصحيح فيها: "أنها تعدل ثلث القرآن" {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [(1) سورة الإخلاص] سورة الإخلاص، فعلينا أن نداوم على قراءة آية الكرسي و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [(1) سورة الإخلاص] والمعوذتين، وجاء فيها النص الصحيح أيضاً. "وعن مالك بن الحويرث -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((صلوا كما رأيتموني أصلي)) رواه البخاري".

نعم، حديث "مالك بن الحويرث" من قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((صلوا كما رأيتموني أصلي)) أصلٌ عظيم، وقاعدة كلية من القواعد التي تدور عليها مسائل الصلاة ((صلوا كما رأيتموني أصلي)) ففعله -عليه الصلاة والسلام- الذي داوم عليه بياناً لما أوجبه الله على هذه الأمة من الصلوات، ما داوم -عليه الصلاة والسلام- أخذاً بعموم هذا الحديث يدل على الوجوب، وما تركه -عليه الصلاة والسلام- أحياناً وفعله أحياناً يدل على الاستحباب، فداوم النبي -عليه الصلاة والسلام- على القيام، وعلى القراءة، وعلى الركوع، وعلى السجود، وعلى الجلوس، وعلى التشهد، وعلى السلام، وغير ذلك من الأركان والواجبات، فعل السنن غالباً وتركها أحيانً لبيان الجواز، فكان مما فعله النبي -عليه الصلاة والسلام- من رواية مالك بن الحويرث أيضاً ما سماه الفقهاء جلسة الاستراحة، وهي بعد السجدة الثانية من الركعة الأولى، والثانية من الركعة الثالثة، ففي الصحيح من حديث مالك أن النبي -عليه الصلاة والسلام- لا يعتمد قائماً حتى يجلس، حتى يستوي قاعداً، اصطلح أهل العلم على أن يسموا هذه الجلسة جلسة استراحة، تقدم ذكرها والإشارة إليها، فهل هي مما داوم عليه النبي -عليه الصلاة والسلام-، أو فعله أحياناً فيكون من باب المستحب؟ هل داوم عليها فتكون من الواجبات؟ أو فعلها أحياناً لتكون من المستحبات؟ أو فعلها عند الحاجة إليها لتكون منزلة منزلتها في الحاجة إليها؟ النبي -عليه الصلاة والسلام- لم يداوم عليها، بدليل أن أكثر من نقل صلاة النبي -عليه الصلاة والسلام- لم يذكرها، ونقلها مالك بن الحويرث فدل على أنه فعلها على جهة الاستحباب، والترك إنما هو لبيان الجواز، ثبتت من حديث مالك بن الحويرث هذا مثال، وجاءت في بعض طرق حديث المسيء، وفي بعض طرق حديث أبي حميد في صفة صلاة النبي -عليه الصلاة والسلام- فدل على أن فعلها سنة، وكونها تفعل عند الحاجة -أنا أقول العكس- كونها تترك عند الحاجة؛ لأنها زيادة عبء، ليست استراحة، فكون النبي -عليه الصلاة والسلام- يفعلها في آخر عمره مع حاجته إلى الراحة وليس فيها راحة؛ لأنها ليست بجلسة طويلة بحيث يطمئن الإنسان ويرتاح، فالإنسان إذا قام من سجوده

إلى القيام مباشرة أسهل من كونه يثني رجله ويجلس ثم يقوم، وأيضاً جاءت كما أشرنا في بعض طرق المسيء فلا داعي للقول بأنها تفعل عند الحاجة، بل هي سنة من سنن الصلاة، كونها تترك لبيان الجواز لا يعني أنها غير مشروعة. ((صلوا كما رأيتموني أصلي)) هو نظير قوله -عليه الصلاة والسلام- بعد أن بين الحج المأمور بفعله -عليه الصلاة والسلام-: ((خذوا عني مناسككم)) فما داوم عليه النبي -عليه الصلاة والسلام- ولم يتركه فهو واجب؛ لأنه بيان للواجب، وما تركه دل على أنه ليس بواجب، وأنه تركه لبيان الجواز جواز الترك. ((صلوا كما رأيتموني أصلي)) وفي الوضوء قال -عليه الصلاة والسلام-: ((من توضأ نحو وضوئي هذا)) ((صلوا كما رأيتموني أصلي)) وفي الوضوء ((نحو وضوئي هذا)) هل هناك فرق؟ الظاهر من التشبيه هنا: ((كما رأيتموني)) المطابقة بين المشبه والمشبه به، وهناك التقريب، يعني توضئوا قريباً من وضوئي؛ لأنه لا يمكن محاكاة النبي -عليه الصلاة والسلام- من كل وجه، ويمكن أن يقال هنا في الصلاة أنه لا يمكن أن يصلي المسلم مهما بلغ من التحري لأفعاله -عليه الصلاة والسلام- والاقتداء به أن يصلي كما يصلي، مطابقة مائة بالمائة.

أقول: على الإنسان أن يحرص، يحرص أشد الحرص أن يقتني بالنبي -عليه الصلاة والسلام- في صلاته وفي وضوئه وفي عباداته كلها، مع الأسف أن بعض طلاب العلم يعرف الأحكام المتعلقة بالوضوء، والأحكام المتعلقة بالصلاة، والأحكام المتعلقة بالحج ويفرط في كثيرٍ منها، مع أنه جاء الأمر بذلك: ((صلوا كما رأيتموني أصلي)) نعم {لاَ يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا} [(286) سورة البقرة] الذي يعجز عن تطبيق الصلاة النبوية بحذافيرها يأتي بما يستطيع ((إذا أمرتكم بأمرٍ فأتوا منه ما استطعتم)) الذي لا يستطيع أن يحج كما حج النبي -عليه الصلاة والسلام- مطابقة يفعل ما يستطيع، بعد الحفاظ على الأركان في العبادات كلها، ثم بعد ذلك يأتي بما يستطيعه من السنن؛ لأن بعض الناس يأتي بالعبادات بالقدر المجزئ فقط، ولا يحرص على تطبيق السنن، وهذا حرمان، نعم هي صحيحة ومجزئة ومسقطة للطلب، لكن قد لا تترتب عليها الآثار الكاملة مما أعده الله -جل وعلا- لمن يقيم الصلاة، وإلا فقد تكرر في النصوص إقامة الصلاة، وإقامتها الإتيان بها على الوجه المستقيم القائم التام، فنحرص على تطبيق كل ما يبلغنا عنه -عليه الصلاة والسلام- من أفعال، بأن نحاكي فعله -عليه الصلاة والسلام- ونأتي بالعبادات على ضوء ما ثبت عنه -عليه الصلاة والسلام- من فعله، ونأتمر بأمره، ونمتثل التوجيه النبوي -عليه الصلاة والسلام- في جميع العبادات؛ لأنه يخشى ممن يفرط بالمستحبات أن يتساهل في الواجبات، أو لا يعان على الإتيان بالواجبات، ثم بعد ذلك يصل الخلل إلى أن يفرط بالأركان، حينئذٍ ترد عليه صلاته، فيكون كمن قيل له: ((صلِ فإنك لم تصلِ)) والله المستعان. "وعن عمران بن حصين -رضي الله عنه- قال: قال لي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((صلِ قائماً، فإن لم تستطع فقاعداً، فإن لم تستطع فعلى جنب)) رواه البخاري".

حديث عمران بن حصين -رضي الله عنه وأرضاه- أن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال له: ((صل قائماً -لأنه يشتكي- فإن لم تستطع فقاعداً، فإن لم تستطع فعلى جنب)) وهذا الذي في الصحيح، لكن الذي في البلوغ زيادة: ((وإلا فأومئ)) هذا مخرج في البخاري دون قوله: ((فأومئ)) والمحقق الذي يتصدى لتحقيق الكتب ليس له أن يحذف منها شيئاً، بل يبقي الكتاب كما هو، إذا ألفه بنفسه يفعل ما شاء، لكن يتصرف في كتب الناس لا، يثبت ما في الكتاب مما اتفقت عليه النسخ، ويشير إلى اللفظ الزائد الذي لا يوجد في الأصل أو ما أشبه ذلك، فعلى من تصدى لتحقيق هذا الكتاب هو يترجى يقول: لعل الناس نظروا للحديث الآتي بعده لا، هي موجودة في النسخ، وعليها الشرح، هي موجودة، يعني كون الحافظ أخطأ أو أصاب هذا شيء آخر، لكن هي موجودة في النسخ، فتبقى كما هي، ودور المحقق أن يعلق عليها، أن يقول: هذه اللفظة لا توجد في المصدر الذي نسب إليه، على أن الحافظ -رحمه الله- لم ينسب الحديث إلى مصدر، لم يخرج الحديث، والحديث مخرج في الصحيح في البخاري دون قوله: ((وإلا فأومئ)). حديث عمران بن حصين -وهو شاكي- يسأل النبي -عليه الصلاة والسلام- كيف يصلي؟ يقول: ((صلِ قائماً)) هذا الأصل، ولذا يجب القيام مع القدرة، بل عدوه في الأركان، ولا تجوز الصلاة من قعود إلا لمن لا يستطيع القيام ((فإن لم تستطع فقاعداً)) ((صلِ قائماً)) والأمر بالصلاة يشمل جميع الصلوات ((فإن لم تستطع)) القيام فصل ((قاعداً، فإن لم تستطع)) الصلاة قاعداً ((فعلى جنب)) يعني على جنبك الأيمن مستقبلاٌ القبلة بوجهك، هذا الحديث فيه دلالة على أنه لا بد من القيام في الصلاة، وإطلاقه يشمل جميع الصلوات فرضها ونفلها.

وثبت أيضاً عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه قال: ((صلاة القاعد على النصف من أجر صلاة القائم)) فدل على أن الصلاة تصح من قعود، الحديث يدل على عدم الصحة؛ لأنه علق القعود أو الصلاة من قعود على عدم استطاعة القيام، فدل على أن القائم لا تصح منه الصلاة قاعداً، والحديث الآخر: ((صلاة القاعد على النصف من أجر صلاة القائم)) يدل على أن الصلاة صحيحة من قعود، وإن كان مستطيعاً القيام، لكن ليس له من الأجر إلا النصف، وثبت أن النبي -عليه الصلاة والسلام- كان يصلي من قعود، صلى بعض الصلوات من قعود، في الركعتين التي بعد الوتر، وإذا أراد إطالة القيام قرأ وهو جالس ثم قام فركع -عليه الصلاة والسلام-، فدل على صحة صلاة القاعد، لكن أجره على النصف. كيف نوفق بين الحديثين؟ الحديث الذي معنا يدل على عدم الصحة، والحديث الآخر يدل على الصحة مع نقص الأجر، كيف نوفق بين الحديثين؟ نعم يقول: لزوم القيام كونه ركن من أركان الصلاة في الفريضة دون النافلة، وصحة الصلاة من القاعد على النصف محمولٌ على النفل، بدليل هذا بعمومه يشمل النفل والفرض، وذلك بعمومه يشمل الفرض والنفل، بدليل سبب ورود الحديث، سبب هذا الحديث سبب ورود هذا الحديث الذي معنا أو الحديث الثاني؟ ما في ما يدل على أنها فرض، أو سبب ورود الحديث الثاني وهو أن النبي -عليه الصلاة والسلام- دخل المسجد والمدينة محمة -يعني فيها حمى- فوجدهم يصلون من قعود، فقال -عليه الصلاة والسلام-: ((صلاة القاعد على النصف من صلاة القائم)) فتجشم الناس الصلاة قياماً، سبب الورود يدل على أنهم كانوا يصلون فريضة وإلا نافلة؟ نافلة؛ لأنهم لا يصلون الفريضة قبل حضوره -عليه الصلاة والسلام- ويأتمون به، فهي نافلة، وهو محمولٌ على مستطيع القيام، أما الذي لا يستطيع القيام فأجره كامل، سواءً كان في الفريضة أو النافلة، فسبب الورود يدل على أن الحديث الثاني في النافلة لمستطيع القيام، فله من الأجر النصف، أما الذي لا يستطيع القيام فأجره كامل في الفريضة والنافلة، الذي يستطيع القيام الفريضة لا تصح، والنافلة تصح على النصف.

والصارف والمخصص للحديث الثاني هو سبب الورود، والمقرر عند أهل العلم أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، بل نقلوا على ذلك الإجماع، وإن خالف نفرٌ يسير من أهل العلم، العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، إذاً كيف لجأنا إلى السبب وخصصنا الحديث به؟ لدفع التعارض الظاهر بين الحديثين، وأهل العلم يسلكون مثل هذا كثيراً من أجل دفع التعارض بين النصوص، فإذا صلى المستطيع الفرض من قعود نقول: صلاتك غير صحيحة، وإن صلى المستطيع النفل من قعود قلنا: صلاتك صحيحة، لكن ليس لك من الأجر إلى النصف، إذا صلى غير المستطيع الفريضة من قعود قلنا: صلاتك صحيحة وأجرك كامل، وإذا صلى النافلة غير المستطيع من قعود قلنا: صلاتك صحيحة وأجرك كامل، وفي سبب الورود ما يدل على أنهم كانوا مستطيعين، لما تجشموا القيام قاموا، فدل على أنهم كانوا مستطيعين القيام. ((صلِ قائماً فإن لم تستطع فقاعداً)) من أركان الصلاة ما يؤدى حال القيام، ومنها ما يؤدى حال القعود، بعض الناس يستطيع القعود ولا يستطيع القيام، وبعض الناس بالعكس، يستطيع أن يصلي قائم ولا يستطيع أن يصلي قاعد، يمكن وإلا ما يمكن؟ إذا كان لا يستطيع القعود يمكن، فهل نقول: الذي لا يستطيع القعود مثل ما قلنا: الذي لا يستطيع القيام يقعد في موضع القيام، فالذي لا يستطيع القعود نقول: يقوم في موضع القعود مثله وإلا ما هو بمثله، شخص مصاب في دبره لا يستطيع القعود مثلاً، يقول: أنا لا أستطيع الصلاة إلى قائم أو مضطجع ماذا نقول له؟ الذي لا يستطيع القيام قلنا له: اجلس، صلِِّ قاعداً، نقول: يصلي على جنب لأن البديل عن القعود ((فإن لم تستطع فعلى جنب)) نقول: في موضع القيام تقوم لأنك مستطيع، في موضع القعود غير مستطيع على جنب وهو البديل.

((صلِ قائماً فإن لم تستطع فقاعداً)) كيفية القعود، عرفنا فيما تقدم أن القعود في موضعه من الصلاة الغالب فيه الافتراش، يفترش اليسرى وينصب اليمنى، هذا بين السجدتين وفي التشهد الأول، ويتورك في التشهد الثاني، الذي لا يستطيع القيام يتورك وإلا يفترش أو يتربع؟ الآن النص الذي عندنا يدل على إيش؟ القعود، والقعود يشمل جميع الهيئات، المفترش يقال له: قاعد، المتورك يقال له: قاعد، المتربع يقال له: قاعد، ولذا يجوز عند أهل العلم أن يفترش وأن يتورك وأن يتربع، لكن يخلتفون في الأفضل، فالأكثر على أنه يتربع في القعود البديل عن القيام، وأين يضع يديه إذا تربع في هذا القعود البديل عن القيام؟ يأتي بما يستطيع ((إذا أمرتكم بأمرٍ فأتوا منه ما استطعتم)) يأتي بما يستطيع من هيئة الصلاة، يقبض يده اليسرى باليمنى ويضعهما على صدره، ((فإن لم تستطع فقاعداً، فإن لم تستطع فعلى جنب)) لا يستطيع القيام ولا يستطيع القعود يصلي على جنبه الأيمن، إذا لم يستطع الصلاة على جنبه الأيمن بأن كان في جنبه الأيمن جروح وقروح وجنبه الأيسر سليم وظهره سليم يقال له: يصلي مستلقياً رجلاه إلى القبلة، بحيث يرفع الرأس فيستقبل به القبلة، إن لم يستطع الصلاة من قيام ولا قعود وعلى مضطجعاً، من أهل العلم يقول: خلاص استنفذ الفرص كلها الموجودة في الحديث فتسقط عنه الصلاة، ومنهم من يقول: يومئ إيماءً، إن استطاع أن يومئ برأسه وإلا فببصره أو ما يمكنه الإيماء به، ومنهم من يقول: يمر القرآن والأذكار على لسانه وقلبه، ويسقط عنه ما عدا ذلك مما لا يستطيعه، ومقتضى عموم قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((إذا أمرتكم بأمرٍ فأتوا منه ما استطعتم)) أن الصلاة لا تسقط ما دام مناط التكليف وهو العقل موجود، فيأتي منها بما يستطيع، ولو لم يستطع القيام ولا القعود ولا الاستلقاء ولا على جنب ولا الإيماء أيضاً، يأتي بما يستطيعه من قراءة وذكر ولو كان ذلك بإمرار القراءة على القلب، وعرفنا أن من أهل العلم من يقول: إذا لم يستطع على جنب انتهت الفرص المتاحة، وما عدا ذلك يكون في حيز غير المشروع، المشروع للإنسان يصلي قائم إن لم يستطع فقاعد، إن لم يستطع فعلى جنب، وبعد ذلك ما في فرصة، وهذا

قول معروف عند أهل العلم. لكن مقتضى عموم قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((إذا أمرتكم بأمرٍ فأتوا منه ما استطعتم)) قد يكون مستطيع القراءة مستطيع الأذكار، الأقوال المرتبطة بأفعال غير مستطاعة، تكبيرات الانتقال هو لا ينتقل من حالٍ إلى حال يكبر أو لا يكبر؟ هو يستطيع التكبير، الذي يستطيعه، يعني يكبر للاستفتاح، ثم يقرأ، ثم يكبر للركوع ولا ركوع، ثم يقول: سمع الله لمن حمده ولا رفع، ثم يقول: الله أكبر ولا سجود وهكذا، أو نقول: هذه التكبيرات تابعة فتسقط؟ هناك القاعدة: من عجز عن بعض العبادة استطاع بعض المأمور به، وعجز عن البعض يأتي بما يستطيع إن كان المستطاع عبادة، أما إذا كان المستطاع إنما جيء به تبعاً لعبادة فإنه لا يؤتى به لأنه لا يراد لذاته. فمثلاً يُذكر في هذه القاعدة: الأصلع الذي ليس على رأسه شعر في النسك ماذا يصنع؟ يعني هل مجرد إمرار الموس مقصود لذاته؟ أو إمراره لإزالة الشعر؟ لكن إزالة الشعر مأمور به، لكن إمرار الموس هل مقصود لذاته؟ شخص لا يستطيع الصلاة مع الجماعة لكنه يستطيع أن يصل إلى باب المسجد ويرجع، نقول: تصل باب المسجد وترجع تصلي في بيتك؟ يعني هل مجرد المشي إلى المسجد مقصود لذاته أو من أجل الصلاة؟ ظاهر وإلا ما هو بظاهر؟ إذا كان ما يستطيعه مقصود يأتي به، إذا كان ما يأتي به إنما وجد تبعاً لغيره لأمرٍ مقصود لا يؤتى به، إذا كان شخص لا يستطيع الحج فتبرع واحد يوصله إلى الميقات، نقول: تصل الميقات وترجع أو تصل إلى مكة ثم ترجع لأنك لا تستطيع الحج تستطيع الذهاب إلى هناك؟ يكلف بهذا؟ لا يكلف بهذا؛ لأن الذهاب إلى تلك الأماكن ليس مقصوداً لذاته، لكنه إذا اقتضته العبادة وتطلبته العبادة رتب عليه الأجر، ولذا الذهاب إلى المسجد فيه أجرٌ عظيم، لكنه لا يقصد لذاته. وعلى كل حال كلٌ من القولين له ما يدل عليه أنه يأتي بما يستطيع، ولو كان دون الصلاة على جنب، يصلي بالإيماء للحديث الذي كررناه ((إذا أمرتكم بأمرٍ فأتوا منه ما استطعتم)) والقراءة مقدورٌ عليها، الذكر مقدور عليه، الإيماء مقدور عليه، وحينئذٍ يكون التكبير للانتقال من باب الفصل بين الأركان، وإن لم يكن لها وجود في الظاهر.

"وعن جابر -رضي الله تعالى عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال لمريض صلى على وسادة فرمى بها، وقال: ((صلِ على الأرض إن استطعت، وإلا فأومئ إيماء، واجعل سجودك أخفض من ركوعك)) رواه البيهقي بسند قوي، ولكن صحح أبو حاتم وقفه". هذا الحديث حديث جابر -رضي الله عنه- مختلفٌ في رفعه ووقفه، وله شواهد من حديث ابن عمر وابن عباس -رضي الله عنهم-، صححه بمجموعها بعض أهل العلم مرفوعاً، وصوب أبو حاتم وقفه، ولم يصححه مرفوعاً. النبي -عليه الصلاة والسلام- قال لهذا المريض الذي صلى على وسادة لا يستطيع الوصول إلى الأرض، شخص أراد السجود لا يستطيع الوصول إلى الأرض، هل نقول: ضع مركاة من أجل أن تسجد عليها؟ أو افعل ما تستطيعه مما يقرب من السجود حسب القدرة والاستطاعة؟ شخص أجرى عملية في عينيه لا يستطيع أن يطأطئ رأسه، ماذا نقول له؟ يخفض رأسه بقدر الإمكان للركوع والسجود، ويجعل السجود أخفض من الركوع، لكن هل يلزمه أن يرفع شيئاً ليسجد عليه؟ وبعض العوام يسجد على يده، يجعل يده هكذا يسجد عليها، هذا أمر غير مشروع، ولذا رمى بالوسادة "صلى على وسادة فرمى بها، وقال: ((صلِ على الأرض إن استطعت)) {لاَ يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا} [(286) سورة البقرة] إن استطعت صلِ على الأرض كما هو الأصل ((أمرت أن أسجد على سبعة أعظم)) لكن لا تستطيع {لاَ يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا} [(286) سورة البقرة] رجل مقطوع اليد أو الرجل نقول: سجودك لا يصح لأنك ما سجدت على سبعة أعظم، سجدت على ستة {لاَ يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا} [(286) سورة البقرة]

باب: سجود السهو وغيره:

((صلِ على الأرض إن استطعت)) بهذا القيد ((وإلا فأومئ إيماء)) يعني بالركوع والسجود تومئ إيماءً، وهذا يظهر فيمن أجرى العملية بعينيه ينصحه الأطباء أن لا يسجد، بل ولا يركع، لا يسجد ولا يركع؛ لأن هذا يؤثر عليه، وإذا كان هذا العمل يتضرر به أو يتأخر برؤه بسببه فالشرع لا يكلفه ما يضره، وحينئذٍ يومئ فيجعل السجود أخفض من الركوع، ومثل هذا من أذن له بالصلاة في موضعٍ لا يتمكن فيه من الركوع التام والسجود التام، مثل من يصلي على الراحلة هل يتمكن من القيام؟ يتمكن من الركوع ممكن، لكن ليس على الهيئة التي جاءت صفتها عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، والسجود لا سيما في البديل عن الراحلة في السيارة، يستطيع الإنسان أن يسجد سجود كامل، لا يستطيع والنافلة تصح على الراحلة ومثلها السيارة، فيجعل إيماءه بالسجود أخفض من الركوع. "رواه البيهقي بسند قوي" وذكرنا أن له شواهد من حديث ابن عمر وابن عباس، ولذا صححه بعضهم مرفوعاً، وإن رجح أبو حاتم وقفه، وأبو حاتم -رحمه الله- هذه عادته، يعني يغلب عليه الشدة في الأحكام، فإذا تعارض عنده الوصل والإرسال الغالب أنه يحكم بالإرسال، وإذا تعارض عنده الوقف مع الرفع الغالب أنه يحكم بالوقف، فصححه جمعٌ من أهل العلم مرفوعاً. باب: سجود السهو وغيره: أحسن الله إليك: باب: سجود السهو وغيره: "عن عبد الله بن بحينة -رضي الله عنه-: "أن النبي -صلى الله عليه وسلم- صلى بهم الظهر، فقام في الركعتين الأوليين ولم يجلس، فقام الناس معه، حتى إذا قضى الصلاة، وانتظر الناس تسليمه، كبر وهو جالس، وسجد سجدتين، قبل أن يسلم ثم سلم" أخرجه السبعة، وهذا لفظ البخاري. وفي رواية لمسلم: "يكبر في كل سجدة وهو جالس، وسجد الناس معه مكان ما نسى من الجلوس".

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "باب: سجود السهو وغيره" سجود السهو، السهو: الغفلة والنسيان، ومن يعرو من الخطأ والنسيان والغفلة، كل إنسان معرض، والنبي -عليه الصلاة والسلام- إنما نسي وسها ليسن -عليه الصلاة والسلام-، ولولا أنه حصل منه ما حصل لما عرفنا كيف نفعل إذا سهونا في صلاتنا؟ فيوجد مثل هذا منه -عليه الصلاة والسلام- لا لنقصٍ فيه، نعم هو بشر ينسى كما ننسى، لكن يبقى أنه مقبلٌ على صلاته، يحصل له ويعرض له ما يعرض لنا ولغيرنا ولأمته من أجل أن يشرع ويسن، وتنام عيناه ولا ينام قلبه، وقد نام عن صلاة الصبح للتشريع، فـ (باب: سجود السهو وغيره) مما سيذكره المؤلف -رحمه الله تعالى- من سجود التلاوة، وسجود الشكر، يدخل في قوله: "وغيره" سجود التلاوة والشكر.

"عن عبد الله بن بحينة" هو عبد الله بن مالك، بحينة اسم أمه، عبد الله بن مالك ابن بحينة وبحينة أمه، فإذا قلت: عبد الله بن مالك تقول: ابن بحينة وتثبت الألف قبل ابن بحينة، كما في عبد الله بن أبي ابن سلول تثبت الألف قبل ابن سلول، ويكون إعرابها إعراب الاسم الأول وليس إعراب الاسم الثاني؛ لأنها تابعة للأول لا للثاني كما هنا، فإذا قلت: عن عبد الله بنِ مالك بنِ بحينة، ما يختلف، لكن لو تقول: حدثنا عبد الله بنُ مالك ابنُ تبعاً لعبد الله ابن بحينة فبحينة أمه "-رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- صلى بهم الظهر" في رواية عند مسلم: "العصر" وفي رواية: "إحدى صلاتي .. "، "صلى بهم الظهر"، "عن عبد الله بن بحينة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- صلى بهم الظهر" من غير شك، هناك في حديث ذي اليدين "فقام في الركعتين الأوليين ولم يجلس" يعني لم يجلس للتشهد الأول، صلى ركعتين ثم قام إلى الثالثة من غير أن يجلس للتشهد الأول "فقام الناس معه" الناس في عهد تشريع، منهم الساهي المتابع من غير تذكر، ومنهم الذاكر لكن يظن أن التشهد الأول إما أنه ليس بواجب أو أنه نسخ وألغي هو في زمن التشريع "فقام الناس معه حتى إذا قضى الصلاة -عليه الصلاة والسلام- وانتظر الناس تسليمه" يعني تشهد التشهد الأخير وفرغ منه، انتظروا التسليم "كبر وهو جالس" وما زال مستقبل القبلة "وسجد سجدتين قبل أن يسلم، ثم سلم" هذه الصورة وهي صورة ترك واجب من واجبات الصلاة وهو التشهد الأول، وهذا الواجب تركه يجبر بالسجود، كما فعل النبي -عليه الصلاة والسلام-، وكذا لو ترك غير التشهد الأول من الواجبات، التكبير عند من يقول بوجوبه، قول: سمع الله لمن حمده لمن يقول بوجوبه يجبر بالسجود.

"سجد قبل أن يسلم ثم سلم" أخرجه السبعة" والمراد بهم البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه وأحمد "وهذا لفظ البخاري" وفي رواية لمسلم: "يكبر في كل سجدة وهو جالس" ويسجد وهو جالس، "يكبر في كل سجدة وهو جالس" يحتاج إلى بيان أن يقال: "وهو جالس" كبر وهو جالس، يكبر وهو جالس، هو جالس للتشهد، وينتظرون سلامه -عليه الصلاة والسلام- فهل يحتاج إلى تنصيص؟ التنصيص في مثل هذه الحالة على الجلوس؟ هل يتصور أنه سوف يقوم ليسجد؟ قد يتصور بعض الناس أن هاتين السجدتين مثل سجدتي الصلاة، أولهما تكون من قيام إلى سجود، قد يتصور مع أنه بعيد، لكن قد يتصور بعض الناس ما دام سجدتين مثل سجدتي الصلاة، يقال فيهما ما يقال في سجود الصلاة، يكبر لهما في الخفض والركع، لماذا لا تكون الأولى من قيام مثل ما يسجد للصلاة؟ ولذا قال: كبر وهو جالس "يكبر في كل سجدة وهو جالس ويسجد الناس معه مكان ما نسي من الجلوس" يعني هذا السجود الذي فعله -عليه الصلاة والسلام- إنما جاء به جابراً لما نسي، جبراً للنقصان الذي حصل في صلاته من ترك التشهد. التشهد الأول اختلف فيه أهل العلم، فمنهم من قال: إنه سنة؛ لأنه لو كان واجباً لما صحت الصلاة بدونه، للزم العود إليه، ومنهم من قال بوجوبه، لكن الواجب ليس مثل الركن، الركن لا يقوم غيره مقامه، بينما الواجب يجبر بالسجود، والحجة في فعله -عليه الصلاة والسلام-. ومثل هذا السجود لترك واجب إنما يكون قبل السلام؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- في هذا الحديث سجد قبل السلام، ويأتي من الأحاديث ما يوافقه وما يعارضه، من الأحاديث التي نقلت في سجوده قبل السلام وبعده -عليه الصلاة والسلام-. أحسن الله إليك:

"وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: صلى النبي -صلى الله عليه وسلم- إحدى صلاتي العشي ركعتين ثم سلم، ثم قام إلى خشبة في مقدم المسجد فوضع يده عليها، وفي القوم أبو بكر وعمر فهابا أن يكلماه، وخرج سرعان الناس، فقالوا: قصرت الصلاة، ورجل يدعوه النبي -صلى الله عليه وسلم-: ذو اليدين، فقال: يا رسول الله، أنسيت أم قصرت الصلاة? فقال: ((لم أنس ولم تقصر)) قال: بلى، قد نسيت، فصلى ركعتين ثم سلم، ثم كبر، فسجد مثل سجوده أو أطول، ثم رفع رأسه فكبر، ثم وضع رأسه، فكبر، فسجد مثل سجوده أو أطول، ثم رفع رأسه وكبر" متفق عليه، واللفظ للبخاري. وفي رواية لمسلم: "صلاة العصر". ولأبي داود فقال: ((أصدق ذو اليدين?)) فأومئوا: "أي نعم" وهي في الصحيحين، لكن بلفظ: "فقالوا"، وفي رواية له: "ولم يسجد حتى يقنه الله ذلك".

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: صلى النبي -صلى الله عليه وسلم- إحدى صلاتي العشي" والعشي: ما بعد الزوال إلى غروب الشمس، وصلاتا العشي هما: الظهر والعصر، هما الواقعتان بين زوال الشمس وغروبها "إحدى صلاتي العشي" إما الظهر وإما العصر، كما في بعض الروايات، وجاء الجزم بأنها العصر في رواية عند مسلم "صلى إحدى صلاتي العشي" وهما رباعيتان "ركعتين" صلى الظهر أو العصر ركعتين "ثم سلم -عليه الصلاة والسلام-" لو لم يحصل مثل هذا منه -عليه الصلاة والسلام- كم يتحسر المسلم مما يعتريه من سهو؟ وكم يتقطع قلوب أهل الحرص أساً لما يعتريهم في صلواتهم من غفلةٍ وسهو؟ حصل هذا من النبي -عليه الصلاة والسلام- لأمور: منها: أن تبين الأحكام من خلال هذه القضايا، ومنها: التسلية، الإنسان يسلي نفسه بأن النبي -عليه الصلاة والسلام- سها، كما أنه يسلي نفسه بأن النبي -عليه الصلاة والسلام- نام عن صلاة الصبح حتى أيقظه حر الشمس، لكن ليس معنى هذا أن يكون ديدن الإنسان السهو والغفلة، ولا يستحضر ولا يقبل على صلاته، أو ينام عن الصلوات ويقول النبي -عليه الصلاة والسلام- نام، لا، لكن إذا حصل في العمر مرة، مرات يسيرة مع الحرص الشديد، والاحتياط التام لأعظم العبادات يتسلى بذلك، فالنبي -عليه الصلاة والسلام- صلى الرباعية ركعتين. "ثم سلم، ثم قام إلى خشبة في مقدم المسجد فوضع يده عليها" في بعض الروايات: "فشبك بين أصابعه" فدل على أن التشبيك بعد الصلاة لا بأس به، بينما التشبيك قبل الصلاة مكروه؛ لأنه في صلاة ما دام الصلاة تحبسه "فوضع يده عليها وفي القوم أبو بكر وعمر فهابا أن يكلماه" من شدة تعظيمهما له -عليه الصلاة والسلام- "هابا أن يكلماه، وخرج سُرعان الناس" سُرعان: بضم السين أو بفتحهما سَرَعان، وسُرْعان وسُرُعان الناس، وهم أهل العجلة، الذين يستعجلون في الخروج من المسجد ولكل قومٍ ورث، يوجد من الناس مجرد ما يسلم الإمام تجده في الأبواب، ((والملائكة تصلي على أحدكم ما دام في مصلاه، ما لم يؤذِ، وما لم يحدث)) ثم هذا الحرص على الخروج من المسجد إلى أين؟ إلى مشاكل الدنيا وأكدارها التي طبعت عليها.

"خرج سرعان الناس فقالوا: " يتناجون فيما بينهم: "أقصرت الصلاة" يعني هل نزل تشريع جديد، تقصر الصلاة الرباعية في الحضر ركعتين، "وبين القوم رجل" في يديه طول "يدعوه النبي -عليه الصلاة والسلام- ذا اليدين" يلقبه بهذا، واللقب لا بأس به إذا لم يتضمن القدح في الملقب، ولو أشعر اللقب بذم لكن الذم غير مقصود، إنما هو لمجرد التعريف، فلقب سفيان بن عيينة بالأعور، وهناك عبد الرحمن بن هرمز الأعرج، وهناك سليمان بن مهران الأعمش وهكذا، لا يقصد شينه ولا عيبه إنما هو مجرد تعريف، ولذا لقب النبي -عليه الصلاة والسلام- هذا الرجل بذي اليدين لما في يديه من طول "فقال: يا رسول الله: أنسيت؟ " فسلمت عن نقص "أم قصرت" الصلاة؟ لأن الزمان زمان تشريع يحتمل هذا ويحتمل هذا "فقال النبي -عليه الصلاة والسلام-" بناءً على غلبة ظنه أو ليتأكد ((لم أنس ولم تقصر)) فقال: بلى، قد نسيت" لماذا؟ لأنه ضمن عدم القصر؛ لأن هذا شرع يكون بوحي، فإذا نفي بقي الثاني من قسمي التردد، والتردد بين القصر والنسيان، نفي القصر إذاً بقي النسيان "فقال: بلى قد نسيت، فصلى ركعتين ثم سلم" سلم، استقبل الناس، وقام إلى الخشبة وتكلم، كلموه وردوا عليه بناءً على أن الصلاة قد تمت، فمن جاء بما يبطل العبادة عند غلبة الظن أنها تمت لا يؤثر فيها كما هنا، فالكلام مبطل للصلاة، قيام واستدبار الكعبة، استدبار القبلة يبطل الصلاة، لو جزم أنه في صلاته، لكن بناءً على غلبة ظنه أن الصلاة قد انتهت، تكلم -عليه الصلاة والسلام-، وتكلموا معه، فلم يؤثر هذا في الصلاة، استقبل القبلة فسجد وصلى الركعتين، أتى بالركعتين "ثم سلم، ثم كبر، ثم سجد مثل سجوده" في الصلاة "أو أطول" وبعض الناس لا يهتم بهذا السجود، ينقر السجدتين نقر، ولذا قال: "ثم سجد مثل سجوده أو أطول، ثم رفع رأسه فكبر، ثم وضع رأسه فكبر" يعني سجد سجدتين "فسجد مثل سجوده أو أطول، ثم رفع رأسه وكبر"، "ثم سلم" كما في بعض الروايات، وهذا الحديث "متفق عليه" جاء تعيين الصلاة في رواية مسلم وأنها العصر، وجاء في رواية أبي داود: ((أصدق ذو اليدين?)) فأومئوا" برؤوسهم أو بأيديهم: "أي نعم"، وفي الصحيحين: فقالوا: نعم" والقول كما يكون

باللسان وهو الأصل يكون أيضاً بالفعل، بإمكانك أن تطأطئ فتقول: نعم بدون كلام، وفي حديث التيمم: "فقال بيديه هكذا" قال بيديه، إيش معنى قال بيديه؟ يعني ضرب بيديه الأرض "فأومئوا: أي نعم" وفي الصحيحين لكن بلفظ: "فقالوا" الأصل أن القول باللسان هذا الأصل، وقد يكون بالفعل كما سمعنا "وفي رواية له: "ولم يسجد حتى يقنه الله تعالى" يعني جزم بأن الصلاة ناقصة، لكن هذه الزيادة منكرة، يعني لو ثبتت لما عمل بغلبة الظن، كونهم قالوا له: نعم، هذا يورث عنده -عليه الصلاة والسلام- غلبة ظن، يعارض به ما عنده من شك، فيعمل بغلبة الظن، لكن قوله: "حتى يقنه الله تعالى" حتى يجزم، يقطع بأنه سلم عن نقص، ولذا حكم أهل العلم على هذه الزيادة بأنها منكرة. حديث اليدين حديث عظيم، فيه فوائد كثيرة جداً، استوفاها أهل العلم في مصنفات مفردة، وفي شروح الكتب أفرد القاضي عياض لفوائده مجلداً، وأفاض ابن دقيق العيد في بيان فوائده وغيرهم، الحافظ ابن حجر أطال والعيني وغيرهم في شرح هذا الحديث، ففيه فوائد كثيرة جداً، لكن يهمنا منها ما يتعلق بالسهو، وهو أن من سلم عن نقص ثم جاء بهذا النقص فإنه يكون سجوده بعد السلام، وهناك ترك واجب يكون سجوده قبل السلام. وبعضهم يطرد فيقول: السجود عن نقص قبل السلام، والسجود عن زيادة يكون بعد السلام، إيش معنى هذا الكلام؟ في حديث عبد الله بن بحينة النبي -عليه الصلاة والسلام- زاد وإلا نقص؟ نعم نقص، نقص التشهد الأول، في حديث ذي اليدين -حديث أبي هريرة- زاد وإلا نقص؟ زاد، إيش زاد؟ زاد السلام الأول، وزاد الكلام والقيام، كل هذه زيادات، فيكون السجود بعد السلام، ويطردون هذا، والسبب أن السجود قبل السلام إذا نقص من الصلاة يجبر هذا النقص بأن يزيد في الصلاة من جنس الصلاة ما يجبرها، والسجود إذا كان عن زيادة في الصلاة لئلا تتضمن الصلاة زيادات أكثر من زيادة يكون السجود بعد السلام، وبعضهم يرى أن سجود السهو قبل السلام مطلقاً، وأن مثل هذا الحديث وما جاء من الأحاديث من كونه -عليه الصلاة والسلام- سجد بعد السلام كله منسوخ.

ومنهم من يطرد فيقول: السجود كله بعد السلام؛ لأن الخلل الذي وقع في الصلاة لا يزاد عليه زيادة أخرى، فتكون الصلاة بزيادتها أو نقصها ويفرغ منها، ثم تجبر بعد ذلك بعد السلام بسجودٍ يجبر هذا الخلل. ومنهم من قال: تنزل النصوص منازلها، فأهل العلم يختلفون في هذا، منهم من يقول: السجود للسهو كله قبل السلام، وإلى هذا ميل الشافعية، ومنهم من يقول: كله بعد السلام، ومنهم من يفرق كالمالكية إن كان عن نقص فقبل السلام، وإن كان عن زيادة فبعد السلام، ومنهم من يقول: كله قبل السلام إلا في صورتين: إذا سلم عن نقص، وإذا بنى على غالب ظنه يكون بعد السلام، وما عدا ذلك يكون كله قبل السلام، وهم يتفقون على أن من سجد للسهو قبل السلام في جميع الصور صلاته صحيحة، ومن سجد للسهو بعد السلام صلاته صحيحة، لكن الخلاف في الأفضل. أحسن الله إليك: "وعن عمران بن حصين -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- صلى بهم فسها فسجد سجدتين، ثم تشهد ثم سلم" رواه أبو داود والترمذي وحسنه، والحاكم وصححه". يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "وعن عمران بن حصين -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- صلى بهم فسها فسجد سجدتين، ثم تشهد ثم سلم" رواه أبو داود والترمذي وحسنه" بل قال في بعض النسخ: حسنٌ غريبٌ صحيح "والحاكم وصححه" المقصود بذلك أصل الحديث من غير قوله: "ثم تشهد" والتشهد شاذ، ذكر التشهد شاذ، يعني هذه اللفظة حكم عليها أهل العلم بالشذوذ لمخالفتها ما جاء في أحاديث السهو كلها، تشهد يعني بعد إيش؟ بعد سجود السهو "فسها فسجد سجدتين، ثم تشهد، ثم سلم" فالتشهد بعد سجود السهو محكومٌ عليه بالشذوذ عند أهل العلم، فلا يشرع التشهد بعد سجود السهو لأنه زيادة في الصلاة، والصلاة التي حصل بها الخلل لا يضاف إليه خللٌ آخر، ولذا هذه اللفظة غير محفوظة عند أهل العلم، بل حكموا عليها بالشذوذ. أحسن الله إليك:

"وعن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إذا شك أحدكم في صلاته، فلم يدرِ كم صلى أثلاثاً أم أربعاً? فليطرح الشك، وليبن على ما استيقن، ثم يسجد سجدتين قبل أن يسلم، فإن كان صلى خمساً شفعن له صلاته، وإن كان صلى تماماً كانتا ترغيماً للشيطان)) رواه مسلم". حديث "أبي سعيد -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إذا شك أحدكم في صلاته)) " الشك: هو الاحتمال المساوي، يعني على حد سواء من غير مرجح، خمسين بالمائة أنه صلى ركعتين، والخمسين الأخرى أنه صلى ثلاثاً، هذا مقتضى الشك، احتمال النقيض مع المساواة، لكن إن ترجح أحدهما فالراجح ظن والمرجوح وهم، فإذا شك قام من ركعة إلى أخرى لا يدري هي الثالثة أو الرابعة من غير مرجح على حدٍ سواء ((إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدرِ كم صلى أثلاثاً أم أربعاً? فليطرح الشك وليبن على ما استيقن)) والمتيقن هو الأقل؛ لأن ما زاد على الأقل مشكوك فيه، يعني إذا تردد هل صلى ركعتين أو ثلاثاً، يقيناً صلى ركعتين والثالثة مشكوكٌ فيها، والأصل فيها العدم، إذاً يبني على ما استيقن، ويجعل العدد اثنتين. وسبق لنا في كتاب الطهارة أنه إذا شك هل غسل العضو مرتين أو ثلاثاً ماذا يجعل؟ يبني على إيش؟ كم العدد؟ مثل ما هنا أو يبنِ على الأكثر؟ يعني مقتضى قولهم الحنابلة وغيرهم أنه يطرد مثل هذا: إذا شك هل غسل العضو مرتين أو ثلاثاً يجعلهما ثنتين ويزيد ثالثة، لكن هناك الوضع يختلف عما هنا، الوضع هناك في الطهارة يختلف عنه في الصلاة، في الطهارة إذا قلنا: يجعلهما اثنتين ويزيد ثالثة التردد بين الثلاث والأربع إذا زاد، والأربع سنة وإلا بدعة؟ بدعة، يعني يخرج بذلك إلى حيز البدعة، لكن لو قال: هن ثلاث، وهي في الحقيقة ثنتين، مثل ما لو نقص من الصلاة خلاص الوضوء صحيح، بل سنة أن يتوضأ مرتين مرتين، فإذا بنى على الأقل رجع إلى سنة، وإذا بنى على الأكثر احتمال أن يطلع إلى بدعة.

بينما هنا إذا بنى على الأقل وزاد ثالثة الحل في الحديث يسجد سجدتين، إن طابق الواقع كانتا ترغيماً للشيطان، وإن كان قد زاد على ذلك شفعن له صلاته، لكن لو بنى على الأكثر وصار ثنتين، أو تردد هل هما اثنتين أو ثلاث؟ فقال: لا ثلاث، يكون نقص من الصلاة ستكون باطلة الصلاة، ليس مثل الوضوء ثنتين صحيحة أو سنة، هو في حيز المشروع، لا هنا في حيز البطلان لو بنى على الأكثر بخلاف الوضوء. ((إذا شك أحدكم في صلاته)) الصلاة مفرد مضاف فيعم جميع الصلوات ((فلم يدرِ كم صلى أثلاثاً أم أربعاً؟ فليطرح الشك)) القدر الزائد المشكوك فيه يطرحه ((وليبنِ على ما استيقن)) المتيقن وهو الأقل، ((ثم يسجد سجدتين قبل أن يسلم، فإن كان صلى خمساً شفعن له صلاته)) يعني كأن الصلاة الرباعية إذا زيد فيها خامسة الأصل أن تقطع على شفع، لكن لو تردد في صلاة المغرب هل صلى ثنتين أو ثلاث؟ وجعلهما اثنتين وهي في الحقيقة ثلاث، ثم سجد سجدتين كما هنا، هل نقول: شفعن له صلاته أو أوترن له صلاته؟ لأن صلاة المغرب تقطع على وتر، يعني هل المطلوب في الصلوات كلها أن تقطع على شفع؟ أو أن المغرب تقطع على وتر؟ تقطع على وتر ثلاث، فإن كان صلى في الحقيقة ثلاث وزاد رابعة في المغرب ثم سجد السجدتين أوترن له صلاته؛ لأن المفترض فيها أن تقطع على وتر، بينما الرباعية والثنائية إذا شك وزاد صارت وتر لكن سجود السهو يشفع صلاته.

وعندنا السهو وعموماً النسيان كما في القاعدة: ينزل الموجود منزلة المعدوم، لكنه لا ينزل المعدوم منزلة الموجود، يعني مثلاً: صلى الظهر خمس ناسياً، صلى خمس ومشي، جازم أنه أربع ولا سجد سهو ولا شيء، نقول: النسيان ينزل الموجود -الركعة الخامسة- منزلة المعدوم {رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [(286) سورة البقرة] هذا النسيان نزل هذه الركعة الخامسة الموجودة منزلة المعدوم، لما عرف أن النسيان مرفوعٌ أثره عن هذه الأمة، لكنه لا ينزل المعدوم منزلة الموجود، يعني تذكر فيما بعد أنه صلى خمس، نقول: صلاتك صحيحة؛ لأن النسيان نزل الموجود منزلة المعدوم، هذه الركعة زائدة معفوٌ عنها، لكن لو تذكر فيما بعد أنه صلى الرباعية ثلاثاً يقال له: أعد، هل بإمكانه أن يقول: {رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [(286) سورة البقرة] هذا نسيان وأثره معفوٌ عنه مثل من صلى خمس نقول: لا، النسيان لا ينزل المعدوم منزلة الموجود، يعني لو نسي أن يتوضأ وصلى بدون وضوء هل يمكن أن يقول: {رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [(286) سورة البقرة] نقول: لا، توضأ وأعد الصلاة. ((فإن كان صلى خمساً شفعن له صلاته، وإن كان صلى تماماً كانتا ترغيماً للشيطان)) لأن الشيطان هو الذي يوقع في مثل هذه الأمور، هو الذي يلبس على الإنسان؛ لأن الشيطان إذا أذن للصلاة ((إذا نودي للصلاة أدبر وله ضراط)) وفي رواية: ((حصاص)) ((فإذا فرغ من الأذان أقبل، فإذا ثوب للصلاة -أقيم لها- أدبر، فإذا فرغ من الإقامة أقبل)) ليشوش على المسلم صلاته، وليذكره بما نسيه، بما لم يذكر من قبل: اذكر كذا، اذكر كذا، اذكر كذا، ثم يستمر معه إلى آخر الصلاة، ثم لا يدري كم صلى؟ ففي هذا ترغيم للشيطان الذي همه أن يصرف الإنسان عن صلاته فلا يصلي بالكلية، إذا لم يتمكن من ذلك رضي أن ينقص أجره بقدر ما يستطيع هذا الشيطان، ولذا ليس للإنسان من صلاته إلا ما عقل.

يذكر عن أبي حنيفة -رحمه الله- أن شخصاً جاءه وقال: إنه ترك مبلغاً من المال حفر له حفرة، ودفنه في الأرض وسافر مدة طويلة، لما رجع نسي مكانه، فقال له: صلِ، صلِ ركعتين، واحرص أن تقبل على هاتين الركعتين، لما كبر للصلاة .. ، وهل يتركه الشيطان إلى قرب انقضاء صلاته أو يخبره في أولها ليشغله عن بقيتها؟ في أولها ليشغله عن بقيتها. لكن هل يُظن بالإمام أبي حنيفة -رحمه الله- أن يوجه إلى مثل هذا العمل؟ فيقول لمسلم: صلِ وأنت لا تقصد الصلاة من أجل هذا المال الذي نسيته، هذا منقول عن الإمام -رحمه الله-، لكن لا يُظن به أن يثبت، لا يُظن بالإمام أبي حنيفة أن يقول مثل هذا، أن يأمر شخص أن يصلي لا لقصد الثواب ولا لذات الصلاة، وإنما من أجل أن يتذكر ما نساه من أمور دنياه. ((وإن كان صلى تماماً)) طابق الواقع، إذا بنى على الأقل، وقد صلى الأقل ثم أكمل وطابق الواقع ((كانتا -هاتان الركعتان- ترغيماً للشيطان)). هذا يقول: إذا فاتتني صلاة الظهر وصحيت على صلاة العصر وأقام في المسجد صلاة العصر فماذا أفعل؟ تصلي الظهر لأن الترتيب واجب. يقول: هل يمنع من دخول الجنة إذا قرأ المصلي آية الكرسي بعد الصلاة الذي ارتكب كبيرة وتاب منها؟ التوبة تجب ما قبلها، تهدم ما كان قبلها. يقول: هل يمنع من دخول الجنة إذا قرأ المصلي آية الكرسي بعد الصلاة للذي ارتكب كبيرة وتاب منها؟ التوبة تهدم ما كان قبلها، تجب ما قبلها، والتائب من الذنب إذا توافرت شروط التوبة كمن لا ذنب له، بل التائب توبة نصوح إذا تاب وعمل عملاً صالحاً من بعد الذنب تبدل سيئاته حسنات. وهل التوبة من الكبائر تحمي العبد من عذاب القبر المترتب؟ نعم، تجب أثر المعصية. يقول: ما حد المشقة التي تبيح الصلاة المفروضة جالساً؟ إذا كان لا يستطيع القيام، إذا كان يترتب على قيامه ضرر، إذا كان إذا قام يصاب بدوخة مثلاً، يخشى أن يسقط، أو يغلب على ظنه أنه يسقط فيتضرر. كيف يصلي من لا يستطيع أن يثني إحدى ركبتيه؟ في حال القيام لا أثر، حال الركوع لا أثر، في حال السجود يمد رجله، في حال الجلوس يمد رجله، يأتي بما يستطيع. كيف يصلي من لا يستطيع أن يثني إحدى ركبتيه، وقد أجرى عملية في إحدى عينيه؟

مثل ما ذكرنا، يأتي بما يستطيع. يقول: كنت في الحرم المكي في رمضان ولم أستطع السجود في أحد الصلوات المفروضة وذلك للزحام، وكان أمامي رجل فوضعت رأسي على ظهره؟ صحيح، صلاتك صحيحة. يقول: هل هذا صحيح؟ نعم. وإذا كان أمامي امرأة وذلك للزحام فماذا .. ؟ إذا كان أمامك امرأة لا تصلِّ. قال الحافظ: "ولكن صحح أبو حاتم وقفه" هل المراد بأبي حاتم ابن حبان أم الرازي؟ هو الرازي. إذا كان المصلي في الطائرة في مكان لا يستطيع في القيام قياماً تاماً أي أنه سيبقى راكعاً في ... فهل في هذه الحالة يصلي راكعاً أو قاعداً؟ البديل عن القيام القعود. المريض الذي يشق عليه القيام لكنه يستطيع بمشقة فهل له قعود في الفريضة؟ وهل أجره كامل؟ المشقة تقدر بقدرها، إذا بلغت به المشقة بحيث يتضرر بها أجره كامل -إن شاء الله تعالى-. إذا جلس الإمام جلسة الاستراحة فإن المأمومين سيسبقونه للقيام؟ لا يكبر إلا مع القيام، يجلس هذه الجلسة من غير تكبير ثم يكبر إذا شرع في القيام للركعة، وحينئذٍ لا يسبقونه. يقول: هل الشك في حديث أبي سعيد على ما احتمل أمرين لا مرجح لأحدهما على الآخر، أليس حملاً لألفاظ الشارع على اصطلاحات المتأخرين؟ ويكون الشك في النصوص الشرعية المحتملة مطلقاً؟ هذا الأصل في الشك، لكن غلبة الظن إذا قلنا: إن المراد بالشك غلبة الظن فغالب أحكام الشرع محمولة على غلبة الظن، فالشك شيء وغلبة الظن شيء آخر، غالب الأحكام محمولة على غلبة الظن. شخص إذا جلس شق عليه الوقوف، ويستغرق منه الوقت الطويل، وإذا قام شق عليه الجلوس ويستغرق منه الوقت الطويل فأيهم أفضل له الجلوس أم القيام؟ يقوم في حال القيام، ويجلس في حال الجلوس، وما يدركه مع الإمام يدركه، وما يفوته من غير تفريط يأتي به. يقول: هل يستدل بحديث اليدين على جواز الكلام أثناء الصلاة لمصلحة الصلاة؟ نعم، أهل العلم استدلوا به لأنهم تكلموا في داخل الصلاة لمصلحتها. يقول: هل من نصيحة للإخوة الطلاب الذين نسمع أصوات الجوالات تنبعث منهم أثناء الدرس؟

نعم، لا شك أن .. ، أقول: استعمال مثل هذه الآلات في أوقات العبادات تشغل، لا سيما المصلي، والذي يحضر الدرس بحاجة إلى فراغ بال، فبقدر ما تشغله عنه يكون حكمها، فإن شغلته عن واجب حرمت، وإن شغلته عن مستحب كرهت وهكذا، هذا إذا كانت الأصوات غير محرمة، أما إذا كانت نغمات موسيقية فأهل العلم يفتون بتحريمها، فالمقصود أن على طالب العلم أن يحرص على هذا، لا يشغل نفسه، ولا يكون سبباً في انشغال غيره. يقول: هل لسجود السهو ذكر مخصوص؟ يسبح كما يسبح في سجود الصلاة، يشمله ما يشمل سجود الصلاة من نصوص ((اجعلوها في سجودكم)) يعني: "سبحان ربي الأعلى" فهذا الذكر شامل لسجود الصلاة وسجود السهو، بعضهم يستحسن -وهذا من باب الاستحسان- "سبحان من لا يسهو، سبحان من لا يغفل" هذا لا أثر له، لا دليل عليه. مؤذن في أكثر الأحيان يوكل ابنه الصغير في الأذان ثم يأتي هو في وقت الإقامة ويقيم فهل فعله هذا جائز؟ إذا كان يتقاضى عليه راتب لا يجوز، بل عليه أن يؤدي العمل بنفسه، إذا كان محتسباً متطوعاً وطرأ له ما طرأ ثم وكل الصغير مع قيام الحجة بغيره من المؤذنين فلا بأس، وإلا فالأصل أن المؤذن يشترط أن يكون مكلفاً. يقول: هل -هذا كتب- الهكر حرام، وفسر: هو اختراق المواقع والأجهزة، وكشف ما فيها، وقد يعلن للناس عن طريق الشبكة؟ على كل حال التعدي على حقوق الآخرين من غير إذنهم -لا سيما إذا كان هذا يضر بهم- لا يجوز، فالضرر تجب إزالته، لكن إن كان هذا التعدي من أجل إزالة منكر فهذا ضربٌ من أضرب إنكار المنكر، ونوعٌ من أنواعه، وهو إنكارٌ للمنكر باليد، إذا كان هناك مواقع تبث الشر، تشكك الناس في دينهم، مواقع إباحية واستطاع الإنسان أن يشوش عليها أو يفسدها جزاه الله خير، لكن إذا كان يسطو على حقوق الآخرين ويعتدي عليها بما يضرهم هذا لا يجوز له ذلك. إذا دخل الإنسان مع الإمام وهو في الركعة الثانية ثم زاد الإمام ركعة، هل أسلم معه أم أكمل ركعة وأسلم؟

إذا عرفت أن هذه الركعة زائدة في صلاة الإمام فإنه لا يجوز لك أن تتابعه عليها؛ لأنها ركعة باطلة، فعليك أن تجلس أو تنوي الانفراد، وتكمل صلاتك بنفسك، لكن لا يجوز لك أن تتابع الإمام على هذه الركعة التي زادها. هذا -يقول- يريد نصيحة للإخوان بالمسارعة والمحافظة على تكبيرة الإحرام، حيث إنه يرى في هذا الدرس ما يقارب ثلاثة صفوف متأخرين، إما بركعة أو اثنتين أو ثلاث فهل هذا يليق بطلاب العلم؟ هو لا يليق بطلاب العلم، لكن على كل حال على طالب العلم أن يحرص على إدراك تكبيرة الإحرام، تكبيرة الإحرام خيرٌ من الدنيا وما فيها، فمن يعدل بمثل هذا الخير العظيم بحطام الدنيا كلها، إذا كانت تكبيرة الإحرام خيرٌ من الدنيا وما فيها، وجاء الحث على إدراك تكبيرة الإحرام أربعين ((من لم تفته تكبيرة الإحرام أربعين كتابة له براءتان)) والحديث فيه كلام لأهل العلم، لكنه مع ذلك ينبغي لطالب العلم أن يحرص، وفي سير السلف الصالح ممن مضى معه أربعين سنة ما فاتته تكبيرة الإحرام، يعني يتصور في مثل حالنا أن يوجد مثل هذا مع ما نعيشه من صوارف، وما يشغلنا من مشغلات وملهيات، الله المستعان. مع الأسف الشديد أن العوام أحرص على الخير من كثير من طلاب العلم، نعم قد يقول قائل: إن العوام ما اطلعوا على أقوال، ولا اطلعوا على خلافات، ولا يفرقون بين مندوب وواجب، وهذا يجعلهم يحرصون على كل شيء، بينما طلاب العلم يفرقون بين الواجب والمندوب، والمندوب لا يترتب على فعله إثم، فهو على التراخي، لا، طالب العلم ينبغي أن يكون أحرص من غيره؛ لأنه بلغه من النصوص ومن الحجج ما لم يبلغ العوام. يقول: شخصٌ كان يصلي أحياناً ويترك أحياناً فهل يجب عليه القضاء الآن؟ علماً بأن هذا الشخص قد تاب وأصبح يداوم على الصلاة في المسجد؟ إذا كان ما تركه من الصلوات محصور ومعروف وقضاؤه لا يشق فالأولى كما هو قول جماهير أهل العلم أن يقضي ما ترك، وإذا كان كثيراً أو لا يحيط به، أو يشق عليه قضاؤه ومن باب ترغيبه في التوبة فالتوبة تجب ما قبلها.

هذه تقول: معلمة في إحدى المدارس أحياناً أحضر مبكرة جداً يكون ذلك قبل الساعة السادسة صباحاً، وأثناء التوقيع لا أسجل الوقت الذي حضرت به، ولكن أؤخره قليلاً وهذا لا يضر، يعني لا يضر بصاحب المدرسة، ولا يعرقل حركة التدريس، ولا يعيق فهم الطلاب، فهل هذا من خيانة الأمانة والكذب؟ يعني مطلوب التوقيع الساعة كم؟ الساعة سبع؟ كم التوقيع؟ طالب:. . . . . . . . . هذه تحضر قبل الدرس بساعة، يعني إذا وقعت في السابعة مثلاً وقد حضرت في السادسة هي موجودة في السابعة ما خالفت الواقع، الإشكال لو حضرت في الثامنة ووقعت في السابعة هذا الكذب، الكذب الفعلي، لكن حضر في السادسة ووقع في السابعة هو موجود في السابعة، ما زاد على الحقيقية فلا شيء في ذلك، إن كان هذا المقصود مما فهمته من السؤال. اللهم صلِّ وسلم وبارك على عبدك رسولك محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

كتاب الصلاة (20)

بلوغ المرام - كتاب الصلاة (20) تابع: شرح: باب: سجود السهو وغيره الشيخ/ عبد الكريم بن عبد الله الخضير السلام عليكم ورحمة الله وبركاته سم. بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً. "وعن ابن مسعود -رضي الله عنه- قال: صلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فلما سلم قيل له: يا رسول الله أحدث في الصلاة شيء؟ قال: ((وما ذاك؟ )) قالوا: صليت كذا وكذا، قال: فثنى رجليه ثم استقبل القبلة، فسجد سجدتين ثم سلم، ثم أقبل علينا بوجهه فقال: ((إنه لو حدث في الصلاة شيء أنبأتكم به، ولكن إنما أنا بشر مثلكم أنسى كما تنسون، فإذا نسيت فذكروني، وإذا شك أحدكم في صلاته فليتحر الصواب فليتم عليه، ثم ليسجد سجدتين)) متفق عليه. وفي رواية للبخاري: ((فليتم ثم يسلم ثم يسجد)) ولمسلم: "أن النبي -صلى الله عليه وسلم- سجد سجدتي السهو بعد السلام والكلام" ولأحمد وأبي داود والنسائي من حديث عبد الله بن جعفر مرفوعاً: ((من شك في صلاته فليسجد سجدتين بعد ما يسلم)) وصححه ابن خزيمة". الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى- في باب سجود السهو: "وعن ابن مسعود -رضي الله عنه- قال: صلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فلما سلم قيل له: يا رسول الله أحدث في الصلاة شيء؟ " لأنه صلى مع شيء من الزيادة أو النقص، فسئل عن ذلك ولم ينبهوه أثناء الصلاة إلا بعد أن سلم "فلما سلم قيل له: يا رسول الله أحدث في الصلاة شيء؟ قال: ((وما ذاك؟ )) قالوا: صليت كذا وكذا" لم يبين الخلل الذي وقع في الصلاة بسبب النسيان والسهو "قال: فثنى رجليه واستقبل القبلة فسجد سجدتين ثم سلم" يعني بعد أن سلم السلام الأول سجد سجدتين "ثم سلم، ثم أقبل" على الناس "بوجهه -عليه الصلاة والسلام- فقال: ((إنه لو حدث في الصلاة شيء أنبأتكم به)) وهذا من البيان اللازم الذي أداه النبي -عليه الصلاة والسلام- كما أمر، بلغ البلاغ المبين، ولا يؤخر البيان -عليه الصلاة والسلام- عن وقت حاجته، لو حدث في الصلاة تغيير زيادة أو نقص بكمية أو كيفية نبأهم به -عليه الصلاة والسلام-، ((إنه لو حدث في الصلاة شيء نبأتكم به، ولكن إنما أنا بشر)) هو بشر -عليه الصلاة والسلام- ينتابه ما ينتاب البشر، مع أنه معصوم -عليه الصلاة والسلام-، ثم بين وجه المثلية بينه -عليه الصلاة والسلام- وبينهم فقال: ((إنما أنا بشرٌ مثلكم أنسى مثلكم أنسى كما تنسون))، جاء في الحديث الصحيح: ((لا تقولوا: نَسِيت آية كذا وكذا ولكن نُسِّيت)) وهنا يقول: ((أنسى كما تنسون)) يعني هل هذا من ذاك أنسَّى كما تنسَّون؟ أو ذاك خاص بالقرآن؟ يعني لا تقول: نسِيت آية كذا وكذا قل: نسِّيت أو أنسيت، لا تنسب النسيان إلى نفسك بالنسبة للقرآن، أما في غير القرآن فانسبه لنفسك، لماذا؟ النهي صريح بالنسبة للقرآن؛ ولئلا يدخل الإنسان إذا نسب النسيان لنفسه في القرآن في قوله -جل وعلا-: و {كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى} [(126) سورة طه] لكن فيما عدا القرآن قل: نسيت، وأنت محل للنسيان.

ولذا قال: ((إنما أنا بشرٌ مثلكم أنسى كما تنسون)) ونسيانه -عليه الصلاة والسلام- من أجل التشريع، وهذا من رحمة الله -جل وعلا- بالأمة, ((فإذا نسيتُ فذكروني)) ليترتب على هذا النسيان التعليم والبيان بالفعل إضافةً إلى البيان بالقول، فإذا تضافر القول مع الفعل ثبت العلم ورسخ، وإلا بالإمكان أن يشرح النبي -عليه الصلاة والسلام- هذه الأمور بقوله -عليه الصلاة والسلام- دون أن يقع له شيء من النسيان، لكن ليتضافر التعليم بالقول والفعل تسلية للأمة، وبعض أهل العلم -وإن كان الجمهور على خلافه- يقرر أن الذي ينسى ويسهو في صلاته أكمل ممن لا ينسى ولا يسهو {الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ} [(5) سورة الماعون] ولم يقل: الذين هم في صلاتهم ساهون، لماذا صار الذي يسهو في صلاته أكمل من الذي لا يسهو عند هؤلاء؟ وإلا لا شك أن السهو نقص يعتري الإنسان وليس بكمال، لكن بما يبرر ويعلل من يقول: إن الذي يسهو أكمل من الذي لا يسهو؟ يعني كونه حصل من النبي -عليه الصلاة والسلام- قضايا أربع أو خمس قضايا سها فيها في صلاته هل يعني هذا أن هذه هي القاعدة المطردة أو أن هذا خلاف الأصل؟ هذا خلاف الأصل؛ لما أشرنا إليه، لكن يبقى أن الذي يسهو في صلاته والذي لا يسهو الأكثر على أن الذي لا يسهو في صلاته هذا دليلٌ على أنه أقبل على صلاته، وأحضر قلبه في صلاته، لكن حجة من يفضل الذي يسهو على الذي لا يسهو أنه قد أقبل على لب الصلاة وترك ظاهر الصلاة، يعني الذي لا يسهو ضبط الأركان، ضبط الركوع والقيام والقعود وعدد الركعات وكذا، لكن هل يعني هذا أنه ضبط ما يقرأه وما يجري على لسانه من ذكر؟ واستشعر استشعاراً تاماً أنه بين يدي الله -عز وجل- فغفل عن ظاهر الصلاة؟ ترى المسألة فيها شيء من الدقة يا الإخوان.

الجمهور على أن الذي يضبط صلاته ولا يسهو بصلاته، ويقبل على صلاته بقلبه وقالبه، ويتقن ظاهرها وباطنها أكمل بلا شك، لكن من يقول: إن الذي لا يسهو في صلاته أكمل وأفضل يقول: إن الذي لا يسهو في صلاته اهتم لظاهر الصلاة، اهتم للأعداد؛ لأنه لو اهتم للبها، وأقبل على ما يقرأه، وما يجري على لسانه من ذكر بقلبه لا بد وأن يغفل عن ظاهر الصلاة، لكن لا يمنع أن الإنسان يكون أكمل هذا كله، أن يضبط ظاهر الصلاة وباطن الصلاة لا يمنع، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، وليس في مثل هذا القول تسلية لمن يدخل بجسمه في الصلاة دون أن يحضر قلبه في شيء منها؛ لأنه ليس له من صلاته إلا ما عقل، ليس له من صلاته إلا ما عقل، قد يخرج من الصلاة وليس له من صلاته شيء، ومع ذلكم لا يؤمر بإعادتها؛ لأنه جاء بها بشروطها وأركانها، لكنه ما عقل منها شيء ((وإنما لكل امرئ ما نوى)) فالذي لا يسهو في صلاته ويضبط صلاته ظاهراً وباطناً أكمل وأشمل بلا شك، والذي يعتني بظاهر الصلاة ويضبط عدد الركعات ويغفل عن محتوى الصلاة ولب الصلاة هذا نقص بلا شك، بل هو نقص أشد ممن يقبل على صلاته بقلبه وينسى ظاهرها، وليس هذا من علم من يفرق بين الظاهر والباطن، لا، هما متلازمان في الأصل، لكن لا شك أن ما يتعلق بالقلب أولى مما يتعلق بالجوارح، لا سيما إذا لم يكن المتعلق بالجوراح من الأركان. ظهرت المسألة وإلا ما ظهرت؟ لأن فيها شيء من الخفاء، فيها شيء من الدقة، كيف يقول قائل: إن الذي يسهو في صلاته أكمل؟ يقول: ما سها في صلاته وزاد ونقص إلا لانشغاله بلب الصلاة، والذي ينشغل بشيء لا بد أن يكون على حساب شيء، فإذا انشغل بظاهر الصلاة وفي الغالب أن الذي ينشغل بظاهر الصلاة بحيث لا يزيد فيها ولا ينقص مع انصرافه عن باطنها أن في إخلاصه شيء، قد يكون إمام ويلاحظ المأمومين أكثر من ملاحظته لمن وقف بين يديه، ألا يمكن أن يوجد مثل هذا؟ يوجد. وعلى كل حال على الإنسان أن يقبل ويتمثل أنه بين يدي الله -عز وجل-، فيقبل على صلاته مخبتاً منيباً إلى الله -عز وجل-، يستحضر ما يفعل وما يقول.

((فإذا نسيت فذكروني)) يدل على أن المأموم عليه أن ينبه الإمام إذا حصل في صلاته خلل، ويفتح عليه إذا أخطأ، إذا أخطأ في القراءة يفتح عليه، خلافاً لابن حزم الذي يقول: يتركه، وإذا أخطأ في شيء من الصلاة يسبح، والمرأة تصفق كما جاء التوجيه النبوي بذلك. وهذا سؤال يقول: يدخل الإنسان في الصلاة ومع شروع الإمام في قراءة الفاتحة يقف على خطأ في الحركات، أو زيادة حرف مد، فكيف يصنع؟ على كل حال إن كانت هذه الزيادة وهذه المخالفة مما يخل بالمعنى وبالفاتحة على وجه الخصوص يترتب عليه إبطال الصلاة عليه أن ينفصل ويترك هذا الإمام. فكيف يصنع؟ وهل لو كان الانفراد يسبب نوعاً من الصخب في المسجد؟ نعم عليه أن يتركه ولو سبب ما سبب، ما دام الخلل يحيل المعنى في الفاتحة التي هي ركن من أركان الصلاة، عليه أن ينسحب ويصلي منفرداً. يقول: هل له أن يتركه أو يستمر في الصلاة ثم يعيدها؟ كيف يستمر في صلاةٍ يرى بطلانها، لا عليه أن ينسحب، ثم بعد ذلك ينبه الإمام، لكن لو نبه الإمام أثناء الصلاة، فأخطأ رد عليه في الصلاة، إذا كان الخطأ يحيل المعنى. ((فإذا نسيت فذكروني)) يذكر بالتسبيح بالنسبة للرجل، والتصفيق بالنسبة للمرأة، وماذا عن الخنثى يسبح وإلا يصفق؟ المقصود المشكل الذي لم يتبين أمره لا رجل ولا أثنى، يصفق هل هو امرأة يصفق؟ أو يسبح وليس برجل؟ ... نشوف شكله الظاهر، هو ما يدري، أمره مشكل له ذكر وآلته أنثى، أو يترك الإمام بدون .... ؟ طالب:. . . . . . . . . بينهم بينهم الخناثى، بين الرجال والنساء. طالب:. . . . . . . . . نعم، إذا كان صوته فيه فتنة يصفق وإلا .. ؟ على كل حال الحديث المفصل: ((يسبح الرجال، ويصفق النساء)) لعل الخنثى يدخل في عموم ((من نابه شيء في صلاته فليسبح)) هذا نابه شيء في صلاته، ما الذي أخرج المرأة أخرجها النص، ما الذي يخرج الخنثى من هذا؟ من عموم ((من نابه))؟ ما فيه ما يخرج، فهو داخل في عموم ((من نابه)).

((فإذا نسيت فذكروني، وإذا شك أحدكم في صلاته فليتحر الصواب)) إذا شك يعني على حد سواء يتحرى الصواب، فيبني على غالب ظنه، يبني على غالب ظنه إن وجد غالب الظن، وإلا فليبنِ على الأقل؛ لأنه متيقن، لكن قد يقول قائل: هل أقتدي بمن بجواري إذا كنت مسبوق؟ مسبوق لا أدري كم فاتني ركعتين، لكن ما أدري أنا صليت ركعة وإلا ركعتين؟ أقتدي بمن بجواري الذي دخل معي المسجد وفاته مثل ما فاتني؟ نعم هذا مرجح لفعله تحصل غلبة ظن، وحينئذٍ إذا فعلت ذلك فعليك أن تسجد بعد السلام. ((وإذا شك أحدكم في صلاته فليتحر الصواب فليتم عليه، ثم ليسجد سجدتين)) متفق عليه. وفي رواية للبخاري: ((فليتم ثم يسلم ثم يسجد)) يعني ليكون سجوده بعد السلام "ولمسلم: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- سجد سجدتي السهو بعد السلام والكلام" في حديث أبي هريرة في قصة ذي اليدين ما يشهد لذلك، أنه سجد سجدتي السهو بعد السلام والكلام. وسبقت الإشارة إلى الخلاف في موضع سجود السهو، وأن من أهل العلم من يقول: إن جميع السجود للسهو بعد السلام، ومنهم من يقول: إن جميعه قبل السلام، وأن ما جاء من السجود بعد السلام كله منسوخ، كما يومئ إليه كلام الشافعي -رحمه الله-، ومنهم من يقول: هو بالخيار لأن النصوص جاءت بهذا وهذا، ولا يمكن ضبطها واندراجها وتقليدها، فالمصلي مخير إن شاء قبل السلام وإن شاء بعده، ومنهم من يقول: هو قبل السلام وما جاء من الصور بعده يقتصر عليها، وعلى كل حال الأمر فيه سعة.

ثم قال -رحمه الله-: "ولأحمد وأبي داود والنسائي من حديث عبد الله بن جعفر مرفوعاً: ((من شك في صلاته فليسجد سجدتين بعد ما يسلم)) هذا حديث خرجه الإمام أحمد وأبو داود ومن ذكر بسند ضعيف، سنده ضعيف ((من شك في صلاته فليسجد سجدتين بعد ما يسلم)) شك في صلاته، كيف شك في صلاته؟ إذا شك في صلاته هل صلى ثلاث أو اثنتين فيبني على الأقل ويسجد حينئذٍ، إذا شك في صلاته شك هذا الشك يشمل جميع أجزاء الصلاة ما يسجد له وما لا يسجد له، إذا شك في شيء لا سجود له، شك في الإتيان بسنة مثلاً هل يسجد أو لا يسجد؟ لا يسجد، عوم الحديث هنا: ((من شك في صلاته فليسجد سجدتين بعد ما يسلم)) هذا فيه ما فيه؛ لأنه ليس كل أجزاء الصلاة يسجد لها، ولذا ضعف الحديث عند أهل العلم. أحسن الله إليك: "وعن المغيرة بن شعبة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إذا شك أحدكم فقام في الركعتين فاستتم قائماً فليمض وليسجد سجدتين، فإن لم يستتم قائماً فليجلس ولا سهو عليه)) رواه أبو داود وابن ماجه والدارقطني، واللفظ له بسند ضعيف". يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "وعن المغيرة بن شعبة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إذا شك أحدكم فقام في الركعتين)) هل هذا شك؟ ((إذا شك أحدكم فقام في الركعتين)) يعني إذا ترك التشهد الأول ((فقام في الركعتين)) بعد أن صلى ركعتين ترك التشهد الأول فقام فهذا شك، هل هذا شك أو ترك؟ ما هو بشك، سجد السجدة الثانية من الركعة الثانية فقام ((فقام في الركعتين فاستتم قائماً)) ولذلك يقولون: سجود السهو إنما يشرع لزيادة ونقصٍ وشك، هذا نقص وليس بشك ((إذا شك أحدكم فقام في الركعتين فاستتم قائماً فليمضِ)) أو نقول: إنه في أثناء سجوده شك هل هي الأولى أو الثانية؟ ثم قام تاركاً التشهد الأول بناءً على شكه السابق يحتمل ((فقام في الركعتين فستتم قائماً فليمضِ)) ولا يعود ((وليسجد سجدتين، فإن لم يستتم قائماً فليجلس ولا سهو عليه)) رواه أبو داود وابن ماجه والدارقطني، واللفظ له بسند ضعيف" بل ضعيف جداً؛ لأن مداره على جابر الجعفي، على جابر الجعفي وهو ضعيفٌ جداً.

الألباني -رحمه الله تعالى- صححه للشواهد، لكنه لا يصل إلى درجة القبول، أبو داود -رحمه الله- يقول في سننه: إنه لم يخرج لجابر الجعفي في غير هذا الموضع، وجابر الجعفي معروف وضعه، ضعيف جداً، فالحديث ضعيف. على كل حال، لكن مقتضاه أن من ترك التشهد الأول ترك التشهد الأول استتم قائماً إن شرع في القراءة له حكم، إن لم يشرع في القراءة له حكم، إن لم يستتم قائماً له حكم، إن شرع في القراءة حرم الرجوع، إذا استتم قائماً ولم يشرع في القراءة يكره الرجوع، إذا لم يستتم قائماً يلزمه الرجوع. ((فليمضِ)) ولا يعود ((وليسجد سجدتين، فإذا لم يستتم قائماً فليجلس ولا سهو عليه)) يعني مجرد الحركة اليسيرة، حركة يسيرة في الصلاة مجرد انتقال يسير ثم يعود إلى الجلوس، يقول: مقتضى الحديث أنه لا سهو عليه ولا يسجد، وإنما السجود لترك التشهد لا للانتقال فقط، هذا مقتضى الحديث وعرفنا ضعفه، ومن أهل العلم من يقول: إذا كان الحديث ضعيف بهذه المثابة لا يتكلف اعتباره، ولا يبين معناه، وجوده مثل عدمه، لكن لا يمنع أنه يبين معناه ويبين ما يدل عليه، ومع ذلك ينبه على ضعفه، وأنه لا يستنبط منه حكم، لكن على فرض ثبوته وعلى فرض فيما لو ثبت فيما يوجد له من شواهد. أحسن الله إليك: "وعن عمر -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((ليس على من خلف الإمام سهو، فإن سها الإمام فعليه وعلى من خلفه)) رواه البزار والبيهقي بسند ضعيف". يقول: "رواه الترمذي والبيهقي بسندٍ ضعيف" هو لا يوجد في الترمذي، عزوه للترمذي وهم، وهل هذا العزو من الحافظ أو من النساخ؟ احتمال؛ لأن شمس الحق في تعليقه على الدارقطني قال: رواه البزار والبيهقي كما في بلوغ المرام، فدل على أن الخطأ في العزو من دون الحافظ، يعني من النساخ. وعلى كل حال إغفال ما يوجد في أكثر النسخ خلل في التحقيق، وكون الحديث لا يوجد عند الترمذي لا يعني أن المؤلف لا يهم، وقد مر بنا من أوهامه شيء، وسيأتي كذلك أشياء، وعلى هذا ينبغي أن ينبه المحقق إلى الخطأ، ويذكر الصواب في الحاشية، ويترك الكتاب على ما هو عليه.

نعم له وجه هنا أنه في بعض النسخ دون بعض، ويعتمد على ما شاء من النسخ له وجه، لكن كونه لا ينبه على أن بعض النسخ فيها الترمذي، والشارح مضى على هذا وهو خطأ، الحديث لا يوجد في الترمذي، وليس عدم وجود الحديث في المصدر الذي أحيل إليه مبرر لأن يحكم بالخطأ، قد يوجد في بعض الروايات عند الترمذي دون بعض، وهل المحقق اطلع على جميع الروايات؟ لا أعني أنه يوجد في باب دون باب عند الترمذي، الكتب تروى بروايات متعددة، كم من حديث ينسب إلى البخاري وهو في رواية كذا دون رواية كذا، ثم يجزم المحقق أنه وهم، لا ليس بوهم، مثله مسلم وأبو داود توجد في رواية ابن داسا ولا توجد عند ابن العبد، توجد عند اللؤلؤي ولا توجد عند غيره. المقصود على من يتصدى لتحقيق الكتب أن يتلزم الأمانة، وأن يترك الكتاب كما هو ويعلق عليه؛ لأنه قد يتبادر إلى ذهنه شيء يراه صواباً وهو في الحقيقة ليس بصواب، يزداد الأمر سوءً إذا لم يشر إلى اللفظ المخالف، وكم من موضع صُحح الموضع الذي في الحاشية، وصار أصوب وأرجح مما أثبته المحقق، لكن الأمر سهل إذا أثبت في الحاشية فرق، لكن إذا حذف الفروق وأهملها، وألزم الناس بفهمه هذه مشكلة، هذه يترتب عليها مسخ للكتب، تصرف في كتب الناس، هذا خلاف الأمانة، هذه خيانة، ولو رآه وهماً خطأً لا يجزم به. يقول: "وعن عمر -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((ليس على من خلف الإمام سهو، فإن سها الإمام فعليه وعلى من خلفه)) إذا سها الإمام يسجد ويسجد من خلفه، سها الإمام فترك واجب والمأموم ما ترك هذا الواجب يلزمه أن يتابع الإمام، المأموم ترك واجب والإمام ما ترك الواجب يتابع الإمام، هذا أمر مقرر عند أهل العلم، وليس على المأموم سهو فيما تركه إن لم يكن مما يبطل الصلاة، إن ترك ركن فلا بد أن يأتي به، إن شك في ترك ركن فكتركه، لكن إذا ترك واجب يتحمله الإمام وليس عليه سهو، وإن قالت الهادوية أنه يسجد ما له علاقة بالإمام، إذا سها المأموم يسجد ولو لم يسهُ إمامه، ولكن جماهير أهل العلم على خلافه. والحديث ضعيف، الحديث ضعيف؛ لأن مداره على خارجة بن مصعب وهو ضعيف عند أهل العلم. نعم الحديث الذي يليه:

"وعن ثوبان -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لكل سهو سجدتان بعدما يسلم)) رواه أبو داود وابن ماجه بسند ضعيف". يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "وعن ثوبان عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: ((لكل سهو سجدتان بعدما يسلم)) لكل سهو سجدتان "رواه أبو داود وابن ماجه بسند ضعيف" في إسناده إسماعيل بن عياش، فيه مقال لأهل العلم، لكن روايته عن أهل بلده صحيحة، وهذا من روايته عن أهل بلده، فتضعيف الحديث بسببه فيه نظر، لكن الحديث ضعف بسبب غيره، في إسناده أيضاً: زهير بن سالم العنسي وهو منكر الحديث، ومع ذلكم لم يسمع من ثوبان، فالحديث على كل حال ضعيف. ومقتضى الحديث لو ثبت أن لكل سهو سجدتان، الظاهر منه أن سجود السهو يتكرر بتكرر السهو، سها مرة يسجد سجدتين، سها مرتين يسجد أربع، سها ثلاث يسجد ست، هذا مقتضى الحديث، لكن الحديث ضعيف لا تقوم به حجة. أحسن الله إليك: "وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: سجدنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في: {إِذَا السَّمَاء انشَقَّتْ} [(1) سورة الإنشقاق] و {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} [(1) سورة العلق] رواه مسلم". هذا من أحاديث سجود التلاوة، وأحاديث سجود التلاوة تشملها الترجمة؛ لأن المؤلف -رحمه الله تعالى- قال: "باب: سجود السهو وغيره" يدخل في ذلك سجود التلاوة وسجود الشكر على ما سيأتي، ومقتضى إدخال سجود التلاوة وسجود الشكر في أبواب الصلاة أنه يسجد للتلاوة داخل الصلاة، وأنه يسجد للشكر عند تجدد النعم داخل الصلاة، وسجدة (ص) سجدة شكر على ما سيأتي، فتسجد داخل الصلاة، هذا مقتضى صنيع المؤلف وكثير من أهل العلم، وإن قال بعضهم: إن سجود الشكر لا يسجد في الصلاة؛ لأن وقته واسع، عند تجدد النعم يسجد لكن خارج الصلاة، أمره أوسع من سجود التلاوة؛ لأن التلاوة قد تكون في الصلاة، وهي سنة تفوت، وسجد النبي -عليه الصلاة والسلام- في الصلاة وخارج الصلاة.

يقول -رحمه الله-: "وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: سجدنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في: {إِذَا السَّمَاء انشَقَّتْ} [(1) سورة الإنشقاق] و {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} [(1) سورة العلق] رواه مسلم" سجود التلاوة سنة عند الجمهور، وأوجبه أبو حنيفة، وإليه ميل شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-، الوجوب، والقرآن فيه سجدات اختلف في عددها أهل العلم، مجموعها خمس عشرة سجدة: في الأعراف في أول موضع، ثم الرعد، ثم النحل، ثم الإسراء، ثم مريم، ثم الحج اثنتان، ثم الفرقان، ثم النمل، ثم {ألم} السجدة، ثم بعد ذلك ص، ثم {حم} السجدة، ثم النجم، ثم الانشقاق، ثم اقرأ، خمس عشرة سجدة، في الحج منها سجدتان على ما سيأتي. هذه الخمس عشرة قال جمعٌ من أهل العلم بأنها كلها عزائم تسجد، أخرج بعضهم سجدة (ص) فقال: سجدة شكر وليست من عزائم السجود كما سيأتي، فيبقى سجود التلاوة في أربعة عشر موضعاً، وأخرج بعضهم السجدة الأولى من سورة الحج، وأخرج مالك سجدات المفصل الثلاث، وحديث الباب يرد على من يخرج سجدات المفصل؛ لأن هاتين السجدتين في الفصل، المفصل كما هو معلوم يبدأ بالسُبع الأخير من القرآن، المفصل من (ق) يبدأ، تقسيم السلف للقرآن إلى أسباع: ثلاث، ثم خمس، ثم سبع، ثم تسع، ثم إحدى عشرة، ثم ثلاثة عشرة، ثم المفصل، هذا تسبيع القرآن عند أهل العلم، وهذا يعتني به من يقرأ القرآن في سبع، كيف ثلاث؟ البقرة، آل عمران، النساء، خمسة أجزاء، ثم خمس: المائدة، الأنعام، الأعراف، الأنفال، التوبة، السبع الثاني، ثم سبع: تنتهي بالنحل، ثم تسع: تنتهي بالفرقان، ثم إحدى عشرة، ثم ثلاث عشرة، إلى يس، ثم إلى (ق) ثم إلى آخر القرآن، هذا التسبيع عند أهل العلم. حزب المفصل الذي هو نصيب آخر يوم في الأسبوع فيه ثلاث سجدات، يبدأ من (ق)، وبعضهم يقول من الحجرات، لكن الأكثر على أنه من (ق) هذا الحزب فيه ثلاث سجدات، سجدة النجم، {إِذَا السَّمَاء انشَقَّتْ} {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ}.

الحديث هذا الذي معنا وهو مخرجٌ في مسلم يرد على من يخرج سجدات المفصل كالمالكية، فالسجود في المفصل مشروع كغيره من سجدات القرآن، وعرفنا أن سجود التلاوة سنة عند الجمهور، وأوجبه أبو حنيفة، وهل هو صلاة يطلب له ويشترط له ما يشترط للصلوات أو لا؟ فيدخل في حديث: ((لا يقبل الله صلاة من أحدث حتى يتوضأ؟ )) يشترط له سترة؟ يشترط له استقبال؟ يفتتح بالتكبير يختتم بالتسليم؟ هذا قول معتبر عند أهل العلم. لكن من أهل العلم يقول: إن السجدة المفردة ليست بصلاة، فلا يشترط لها ما يشترط للصلاة، وقد نقل الإمام البخاري عن ابن عمر أنه ينزل من راحلته فيقضي حاجته ثم يركب، فيقرأ القرآن ويسجد على غير طهارة، فدل على أن شروط الصلاة لا تشترط بالسجدة المفردة، وهل يسجد للتلاوة في أوقات النهي؟ الذي يقول: ليس بصلاة يقول: يسجد، يسجد في أوقات النهي؛ لأنه ليس بصلاة، فلا يشترط له ما يشترط للصلاة، ولا يمنع في أوقات النهي كما تمنع الصلاة؛ لأنه ليس بصلاة، لكن هاهنا دقيقة وهي أن الصلاة إنما منعت في أوقات النهي لماذا؟ لأن الكفار عند طلوع الشمس وعند غروبها يسجدون، فمنعنا من الصلاة؛ لئلا نسجد في هذا الوقت، فلماذا لا يمنع السجود في وقت النهي؟ يعني أجزاء الصلاة ليست بصلاة، أجزاء الصلاة ركعة مفردة ليست بصلاة، سجدة مفردة ليست بصلاة، قيام مفرد ليس .. ، تلاوة مفردة ليست .. ، تسبيح ليس بصلاة، تكبير مفرد ليس بصلاة، هذا قول الأكثر الذين يقولون: ليس بصلاة، بل قول كثير من أهل العلم. أما الذين يقولون: إن السجود صلاة فمنعنا من الصلاة من أجل السجود لأنه مشابهة للكفار، فلا يسجد في وقت النهي، ظاهر وإلا ما هو بظاهر؟ الآن نسجد وإلا ما نسجد؟ الذين قرروا أن سجود التلاوة ليس بصلاة ما في مشكلة عندهم يسجدون، كما يقرؤون القرآن في وقت النهي وهو جزء من الصلاة، كما يقف الإنسان وهو جزء من الصلاة، هو لا يقصد صلاة بهذا، فليس بصلاة.

يعني هذه من الدقائق نظير منع المرأة من السعي الشديد بين العلمين في المسعى، نظيره، والسعي إنما شرع بسبب سعي امرأة، يعني بالنسبة لنا اقتداؤنا بالنبي -عليه الصلاة والسلام- أنه سعى سعياً شديداً، هذا ما فيه إشكال، لكن إذا نظرنا إلى السبب والعلة كون امرأة سعت في هذا الموضع وتمنع المرأة من السعي، وهنا منعنا من الصلاة في أوقات النهي لئلا نسترسل فنصلي إلى أن نصادف الوقت الذي يسجد فيه المشركون للشمس أو للشيطان الذي. . . . . . . . .، للشمس، ويتمثل الشيطان مع طلوع الشمس ليصور أنهم يسجدون له، إذاً نسجد وقت النهي وإلا ما نسجد؟ هل نسجد باعتبار أننا منعنا من الصلاة لأن السجود لئلا نشابه المشركين الذين يسجدون للشمس أو لا نسجد لأن السجود بمفرده ليس بصلاة؟ وثابت عن ابن عمر أنه يسجد من غير طهارة، لا تقل: إلى غير جهة الشمس، أنت لا تنظر إلى الشمس لا من قريب ولا بعيد، ولم تدر بخلدك الشمس، يعني ما دار في بالك أنك تسجد للشمس. الكفار المجوس يعبدون النار، ولذا كره جمع من أهل العلم الصلاة إلى النار، والنبي -عليه الصلاة والسلام- في صلاة الكسوف مثلت له النار في قبلته، نعم الذي بيستشعر أنه بيسجد للنار أو يسجد إلى العصا المنصوب أو يسجد إلى السارية، ولذا جاء النهي عن الصمود للسارية لئلا يتصور أنه يسجد لها، الذي بيدور في نفسه هذا الإشكال لو صارت خلفه، أو في أي وقت لا يلزم أن يكون في وقت معين، لكن المسلم يسجد لله بلا شك، هو منع من الصلاة فنقف على هذا الحد، هو ممنوع من الصلاة في أوقات النهي كما تقرر، وبيناه مراراً.

على كل حال الذي يقول: هو صلاة نحن ممنوعون من الصلاة، الذي يقول: سجود التلاوة صلاة نحن ممنوعون من الصلاة، الذي يقول: ليس بصلاة يسجد كيفما شاء، حتى لو سجد إلى غير القبلة، سجد بغير طهارة، سجد من غير سترة المهم يسجد، يعني مثل القراءة، القراءة جزء من الصلاة لكنه ليس بصلاة، القيام جزء من الصلاة لكنه ليس بصلاة، فيقرأ في وقت النهي، يقف في وقت النهي، ويش المانع؟ يعني في الوقتين المضيقين اللي هو وقت الطلوع ووقت ... ، نعم لو أمسك الإنسان في الأوقات المضيقة عن جميع ما يشمله مسمى الصلاة هذا الأصل، والله المستعان. أحسن الله إليك: "وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: " (ص) ليست من عزائم السجود، وقد رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يسجد فيها" رواه البخاري". حديث "ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: (ص) ليست من عزائم السجود" يعني سجدة (ص) {وَخَرَّ رَاكِعاً وَأَنَابَ} [ص: 24] خر راكعاً: المراد بالركوع هنا السجود، يأتي الركوع ويراد به السجود كما هنا، ويأتي السجود ويراد به الركوع ((من أدرك سجدةً من صلاة الصبح قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح)) يقول الراوي: والسجدة إنما هي الركعة، فيطلق الركوع كما هنا يراد به السجود والعكس، فالسجدة التي في سورة (ص) ليست من عزائم السجود، وإنما هي سجدة شكر. جاء عن النبي -عليه الصلاة والسلام- بسندٍ لا بأس به أنه قال: ((سجدها داود توبة، وسجدناها شكراً)) "وقد رأيتُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يسجد فيها" يسجد فيها شكراً لله -عز وجل-: {فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} [(90) سورة الأنعام] نعم نحن مأمورون بالاقتداء بالأنبياء فيما لم يرد شرعنا بخلافه، وقد سجدها النبي -عليه الصلاة والسلام-، هي سجدة شكر، لكن هل تسجد في الصلاة أو لا تسجد؟ الحنابلة يبطلون الصلاة بها، إذا سجد سجدة (ص) داخل الصلاة تبطل الصلاة؛ لأن أمر الشكر واسع، لكنه في مثل هذه الصورة، يعني أمر الشكر عند تجدد نعمة واسع غير مرتبط بصلاة، بقراءة، بشيء، لكن هذه مرتبطة بقراءة أشبهت سجود التلاوة، ولهذا يرى جمع من أهل العلم أنها تسجد حتى في الصلاة سجدة (ص) وإن لم تكن من عزائم السجود

نعم ترك السجود فيها أسهل من ترك السجود في غيرها، وإن كان الجميع سنة، فعزائم السجود آكد من مثل هذه السجدة التي هي سجدة شكر وليست من العزائم، عزائم السجود يعني المؤكدة السجدات المؤكدة التي هي للتلاوة. أحسن الله إليك: "وعنه: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- سجد بالنجم" رواه البخاري. وعن زيد بن ثابت -رضي الله عنه- قال: قرأت على النبي -صلى الله عليه وسلم- النجم فلم يسجد فيها" متفق عليه". يقول: "وعنه" أي عن ابن عباس صحابي الحديث السابق "أن النبي -صلى الله عليه وسلم- سجد بالنجم" يعني السجدة التي في آخر سورة النجم، وهي من سجدات المفصل، وهي من العزائم عند الجمهور خلافاً للمالكية "سجد بالنجم" وسجد معه من حضر حتى من المشركين، فهذه السجدة من العزائم. لكن السجود فيها ليس بواجب بدليل الحديث الذي يليه، حديث: "زيد بن ثابت -رضي الله عنه- قال: قرأت على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- النجم فلم يسجد فيها" متفقٌ عليه" المستمع حكمه حكم القارئ عند أهل العلم، فيسجد المستمع لقراءة القارئ، إذا سجد القارئ يسجد المستمع، ومنهم من يشترط: أن تصح إمامة القارئ للمستمع؛ لأنه حينئذٍ إذا سجد لقراءته كأنه إمام، فيشترط له ما يشترط في الإمام.

النبي -عليه الصلاة والسلام- سجد بسورة النجم، وسجدوا معه، استمعوا لقراءته فسجدوا، هنا زيد بن ثابت قال: "قرأتُ على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- النجم فلم يسجد فيها" لأن من يقرئ الناس القرآن -يلقن الناس القرآن- إذا كان يلقنهم سورة أو مقطع فيه سجدة، واحتاج إلى تكرار هذا المقطع، أحياناً يحتاج إلى تكراره عشر مرات من أجل أن يحفظه الطالب، هذه يحتاجها أهل الحلق، حلق التحفيظ، عنده طفل صغير يقرئه سورة، اقرأ مثلاً، إذا انتهت السورة يسجد وإلا ما يسجد؟ إذا كررها ثانية وثالثة وعاشرة يسجد وإلا ما يسجد؟ أو نقول: السجود إذا قصدت التلاوة مع قصد التعليم؟ يعني هل السجود للتلاوة لقصد التلاوة أو يشمل ذلك التعليم أيضاً؟ شخص يكرر مقطع ليحفظه، وبطيء الحفظ كرر المقطع مائة مرة، وفيه سجدة يسجد مائة مرة؟ أو لا يسجد أصلاً لأنه لم يقصد التلاوة وإنما قصد الحفظ؟ أو يسجد مرة واحدة وتكفيه؟ يسجد مرة واحدة، يعني المسبب لا يتكرر الدور بسببه، يعني لو تردد على المسجد عشر مرات في وقت واحد لا يصلي ركعتين؟ طالب:. . . . . . . . . هو الآن الكلام كله في السنية، لو لم يسجد ما أثم، لو لم يسجد لم يأثم عند الجمهور خلافاً لأبي حنيفة، عند أبي حنيفة يأثم، لكن الآن التلاوة غير مقصودة، هو أراد أن يقرئ هذا الطفل سورة {إِذَا السَّمَاء انشَقَّتْ} [(1) سورة الإنشقاق] أو {اقْرَأْ} [(1) سورة العلق] هذا الطفل من النوع البليد الذي لا يحفظ حتى يكرر مائة مرة، يقرأها عليه مائة مرة، أو يريد هو يحفظها بنفسه مقطع فيه سجدة فكرره مائة مرة يسجد مائة مرة أو يسجد مرة أو لا يسجد أصلاً؟ هنا يقول: "قرأت على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- النجم فلم يسجد فيها" هل نقول: إن مسألة الإقراء والقراءة والتعليم يختلف عن قصد التلاوة؟ طالب:. . . . . . . . .

لا، المسألة افترضناها في شخص يقرأ بنية الحفظ بيحفظ أو التعليم يلقن يلقن تلقين، يعني لو سجد مرة واحدة تكفيه؟ نقول له: يسجد مرة واحدة وتكفيه، ويحصل ثواب سجدة التلاوة وتكفيه، في صحيح مسلم يقول: "كنت أقرأ على أبي في السدة، فإذا مررنا بآية سجدة سجد وسجدتُ معه"، أو ما يذكر هذا في برامج الذين يحفظون؛ لأنهم لا يذكرون إلا المرفوعات، وهنا نقول لطلاب العلم الذين يعتمدون على المختصرات، على طالب العلم أن يتولى الاختصار بنفسه؛ ليكون علمه بما حُذف كعلمه بما ذُكر، يتولى الاختصار بنفسه؛ لأن المختصر قد يحذف شيئاً أنت بأمس الحاجة إليه. على كل حال القراءة بنية التعليم تختلف عن القراءة بنية التلاوة، لكن لو سجد مرة واحدة، وحصل الأجر المرتب على هذه السجدة، وخروجاً من خلاف من أوجب السجود كان أولى، لكنه لا يلزم بأن يسجد عدد القراءات، عدد التلاوات، لا؛ لأن بعض الناس يشق عليه أن يسجد مائة مرة، يمكن بعض الإخوان ما يتصور أن بعض الناس ما يحفظ إلا من مائة مرة {ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء} [(4) سورة الجمعة] بعض الناس يحفظ من مرة، وبعض الناس لا يحفظ إلا من .. ، وبعض الناس لا يحفظ البتة، لكن المشقة تجلب التيسير. أحسن الله إليك: "وعن خالد بن معدان قال: فضلت سورة الحج بسجدتين" رواه أبو داود في المراسيل. ورواه أحمد والترمذي موصولاً من حديث عقبة بن عامر، وزاد: "فمن لم يسجدهما فلا يقرأها" وسنده ضعيف". يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "وعن خالد بن معدان -رضي الله عنه- قال: فضلت سورة الحج بسجدتين" رواه أبو داود في المراسيل" وهو موجود في سننه سنن أبي داود أيضاً، فالعدول عن السنن إلى المراسيل لا شك أنه نقص، يعني خلل في المنهجية في التخريج. وهو أيضاً موجود وموصولاً عند أحمد والترمذي من حديث عقبة بن عامر "وزاد: فمن لم يسجدهما فلا يقرأها" وسنده ضعيف" مداره على ابن لهيعة، أعني حديث عقبة بن عامر، وأما ما جاء في المراسيل فهو مرسل، والمرسل من قسم الضعيف، المرسل ضعيف. ورده جماهر النقادِ ... للجهل بالساقط في الإسنادِ وصاحب التمهيد عنهم نقله ... ومسلمٌ صدر الكتاب أصله

فالمرسل ضعيف، والموصول أيضاً ضعيف؛ لأن مداره على ابن لهيعة، لكن هل نقول: موصول الذي فيه ابن لهيعة وضعفه ليس بشديد ابن لهيعة ليس بشديد الضعف هل يتقوى بالمرسل؟ هل يتقوى بالمرسل لأن ضعفه غير شديد؟ طالب:. . . . . . . . . لا، المرسل يتقوى، المرسل يتقوى، ينجبر الإرسال؛ لأن احتمال الساقط الذي يغلب على الظن أنه صحابي، وإن كان تابعياً فمن الكبار، وخالد بن معدان لقي سبعين رجلاً من الصحابة، فالإرسال في مثل هذه الصورة ضعفه أيضاً ليس بشديد. احتج مالكٌ كذا النعمانُ ... به وتابعهما ودانوا فإذا كان التابعي من كبار التابعين، ووجد ما يسنده من مرفوع متصل، أو مرسل آخر يرويه غير رجال المرسل الأول، أو يفتي به عوام أهل العلم، أو يشهد له قول صحابي، وكان المرسِل ثقة ولا يرسل إلا عن الثقات يقبله الشافعي وغيره، الذي هو أول من رد المراسيل، المقصود أن هذا بهذا يتقوى فيصل إلى درجة القبول، وعلى كل حال سورة الحج عند جمع من أهل العلم فضلت بالسجدتين. أحسن الله إليك: "وعن عمر -رضي الله عنه- قال: يا أيها الناس إنا نمر بالسجود فمن سجد فقد أصاب، ومن لم يسجد فلا إثم عليه" رواه البخاري. وفيه: "أن الله لم يفرض السجود إلا أن نشاء" وهو في الموطأ". يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "وعن عمر -رضي الله عنه- قال: يا أيها الناس إنا نمر بالسجود فمن سجد فقد أصاب، ومن لم يسجد فلا إثم عليه" رواه البخاري" هذا فيه دليل على أن عمر -رضي الله عنه- لا يرى وجوب سجود التلاوة، من سجد فقد أصاب، يعني أحرز الأجر، واقتدى بالنبي -عليه الصلاة والسلام-، ومن لم يسجد فلا إثم عليه، وهذا حد المندوب، ما يثاب على فعله ولا يأثم ولا يعاقب تاركه. "رواه البخاري، وفيه: "أن الله لم يفرض السجود إلا أن نشاء" يعني رده إلى المشيئة فدل على عدم وجوبه، يقول: "وهو في الموطأ" فما دام موكول إلى مشيئة الشخص إن شاء سجد وإن شاء لم يسجد فليس بواجب، نعم رتب عليه الثواب والإصابة.

وعلى كل حال على المسلم أن يحرص على تحصيل الأجر والثواب، وأن يقتدي بالنبي -عليه الصلاة والسلام-، ولا يفرط في مثل هذه الأمور بناءً على أنها سنن لا عقاب عليها، ونرى بعض الناس يصلي الفريضة ثم تقام الصلاة على الجنازة ولا يصلي، لماذا؟ يقول: فرض كفاية قام به من يكفي، فرض كفاية قام بها .. ، لكن الحرمان، كم فرط مثل هذا، وصلاة الجنازة على كل جنازة قيراط، فعلينا أن نحرص على اكتساب الحسنات، ولا نفرط في مثل هذه الأمور. "فمن سجد فقد أصاب، ومن لم يسجد فلا إثم عليه" نعم إذا عورض مثل هذا العلم الذي فيه الثواب بما هو أهم منه، أو انشغل عنه الإنسان لا بأس، معذور حينئذٍ يفاضل، لكن إذا كان لا معارض له عليه أن يحرص، فالدنيا مزرعة، مزرعة للآخرة، ألا يسرك أن يوجد في ميزانك زيادة حسنات، وكثرة ثواب من جراء فعلك لهذه المستحبات، وهذه الموازين التي يستعملها بعض الناس في أمور الدين، يقول: الفرائض وكفى، بركة {يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا} [(17) سورة الحجرات] هذه منة، المنة لله -جل وعلا- أنه وفقك على أنك أسلمت، فالمنة لله -جل وعلا-، وأن وفقك لفعل الطاعات واكتساب الحسنات. في أمور الدنيا تجد الإنسان يلهث وراء الحطام ليل نهار، هل هو يسعى لاكتساب القدر الواجب مما يلزمه ويلزم من يمونه، أو تجده يسعى جاداً ليل نهار في اكتساب ما يشغله عن دينه، ولو لم يكن بحاجته، بعض الناس يسعى لكسب الدنيا وعنده من الأموال ما يكفي لعشرة أجيال من ولده، ما يقول: خلاص يكفي الواجد، الموازين انتكست، يعني في أمور الدنيا ينظر إلى من هو دونه، يقول: الحمد لله نحن نصلي الفرائض ويكفي، في ناس ما يصلون بعد، يمن بعمله، لكن في أمور الدنيا لا، ينظر إلى من أعلى منه، الناس ملكوا وفعلوا وتركوا، قصور واستراحات ومزراع ونحن مساكين ما عندنا إلا .. ، مع أنه مأمور بأن ينظر إلى من هو دونه؛ لئلا يزدري نعمة الله عليه، والدنيا مهما طالت ليست بشيء بالنسبة للآخرة ((ركعتا الصبح خير من الدنيا وما فيها)). . . . . . . . . من الدنيا وما فيها.

فعلى الإنسان في أمور دنياه أن ينظر إلى من هو دونه، أحرى أن يشكر ربه، وأن لا يزدري نعمة الله عليه، وأما في أمور الدين العكس، ما يقول: والله إحنا -الحمد لله- نصلي ونصوم والناس كلها ضالة، كلها ما تصلي، الكفار خمسة مليارات، يقول: كثير من المسلمين ما يصلوا إحنا -الحمد لله- نصلي، ما يكفي يا أخي، وما يدريك لعلك بتفريطك بهذه السنن واستخفافك بها يمكن تفتن في آخر عمرك، وتكون ممن عمل بعمل أهل الجنة، حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار، فلتكن لطالب العلم على وجه الخصوص معاملة مع ربه وصدق ليثبت، وليتعرف على الله -جل وعلا- في الرخاء ليُعرف في الشدة، وما يدريك أنك في يوم من الأيام تتمنى أن تتفتح المصحف ولا يتيسر لك، في يوم من الأيام وأن تتقلب الآن بنعم الله تتمنى أن تجد رصيف تنام عليه ما تجد، يعني هذا موجود في أقطار الدنيا كلها، لننعم بنعم الله لا نظير لها لا عند السابقين ولا عند المعاصرين، فعلينا أن نعنى بهذا الباب، نعم. "وعن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يقرأ علينا القرآن، فإذا مر بالسجدة كبر وسجد وسجدنا معه" رواه أبو داود بسند فيه لين". حديث "ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يقرأ علينا القرآن، فإذا مر بالسجدة كبر" للسجود، ويكبر أيضاً مقتضى ذلك للرفع، التكبيرة الأولى للإحرام، والثانية للرفع، كان يكبر مع كل خفضٍ ورفع، "وسجد وسجدنا معه" لكن التكبير روايته مدارها على عبد الله بن عمر العمري المكبر وهو ضعيف عند أهل العلم، ولذا لفظ التكبير مضعف، وأما الحديث بدون تكبير فهو مرويٌ في الصحيحين من طريق عبيد الله عن نافع عن ابن عمر، صحيح لا إشكال فيه، لكن المضعف لفظ: "كبر" قد تمسك بهذا جمع من أهل العلم، الحنابلة مثلاً يقولون: يكبر، يكبر للسجود ويكبر للرفع منه، ويسلم لأنه صلاة، يشترط لها ما يشترط للصلاة، تفتح بالتكبير، تختم بالتسليم، وهذا حد الصلاة.

"كبر وسجد وسجدنا معه" رواه أبو داود بسند فيه لين" متى يكون السند فيه لين؟ يعني فيه ضعف يسير، وهو من رواية عبد الله بن عمر العمري المكبر، وهو ضعيف عند أهل العلم، واللين ضعفٌ منجبر، لكنه يوجد ما يشهد للفظة: "كبر" ... يوجد ما يشهد للفظة: "كبر". طالب:. . . . . . . . . نعم بدون هذا اللفظ مروي من طريق عبيد الله المصغر، وهو ثقة عند أهل العلم عن نافع عن ابن عمر. "يقرأ علينا القرآن فإذا مر بالسجدة كبر وسجد وسجدنا معه" دل على أن المستمع حكمه حكم القارئ بخلاف السامع الذي يسمع من غير قصد، فالمستمع الذي يقصد الاستماع والانتفاع، والسامع الذي يسمع يصل الكلام إلى سمعه من غير قصد، نعم. أحسن الله إليك: "وعن أبي بكرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان إذا جاءه أمر يسره خر ساجداً لله" رواه الخمسة إلا النسائي". سجود التلاوة ماذا يقال فيه؟ يقال فيه ما يقال في سجود الصلاة؛ لعموم: ((اجعلوها في سجودكم)) وهذا سجود، يقال: سبحان ربي الأعلى، ويقول أيضاً ما ورد في السنن: ((سجد وجهي للذي خلقه وصوره وشق سمعه وبصره بحوله وقوته، تبارك الله أحسن الخالقين، اللهم اكتب لي بها أجراً، وضع عني بها وزرها، واجعلها لي عندك ذخراً)) هذا في السنن موجود، فيقول مثل هذا في السجود، في سجود التلاوة. لما أنهى المؤلف -رحمه الله تعالى- أحاديث سجود التلاوة أردف ذلك بسجود الشكر، وهو أيضاً تشمله الترجمة؛ لأنه قال: "باب سجود السهو وغيره" يعني من سجود التلاوة والشكر. يقول: "وعن أبي بكرة -رضي الله عنه- أن النبي -عليه الصلاة والسلام- كان إذا جاءه خبر يسره خر ساجداً لله" والحديث صحيحٌ لغيره، مخرج عند "الخمسة إلا النسائي" أبو داود والترمذي وابن ماجه وأحمد، فدل على مشروعية السجود عند تجدد النعم، ودليله هذا الحديث وما يليه من أحاديث "كان إذا جاءه خبرٌ يسره خر ساجداً لله" يخر من قيام إن كان وقفاً، ويسجد إن كان جالساً، وسجود الشكر مثل سجود التلاوة، الخلاف فيه هل هو صلاة أو ليس بصلاة الخلاف واحد؟ نعم. أحسن الله إليك:

"وعن عبد الرحمن بن عوف -رضي الله عنه- قال: سجد النبي -صلى الله عليه وسلم- فأطال السجود، ثم رفع رأسه وقال: ((إن جبريل آتاني فبشرني فسجدت لله شكراً)) رواه أحمد وصححه الحاكم". الحديث هذا حديث عبد الرحمن بن عوف هو صحيح أيضاً هو شاهد لما قبله قال: "سجد النبي -صلى الله عليه وسلم- فأطال السجود، ثم رفع رأسه فقال .. " مبيناً السبب في سجوده، وهكذا ينبغي لمن فعل فعلاً يظن أنه عبادة يبين السبب، يعني يأتي شخص ويسجد من غير مبرر، والناس يرون يبين لهم السبب؛ لئلا يظن بعض الحاضرين أن هناك عبادة، سجود مستقل لا لشكر ولا لتلاوة ولا لصلاة، الإنسان يسجد متى أراد متى شاء؟ السجود له سبب "فقال: ((إن جبريل آتاني فبشرني فسجدت لله شكراً)) جاء تفسير البشرى بأنه تعالى قال: ((من صلى عليك صلاةً صلى الله عليه بها عشراً)) اللهم صلِ وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد، وأحاديث الحث على الصلاة على النبي -عليه الصلاة والسلام- كثيرة، فيها مصنفات، من أعظمها وأنفسها: (جلاء الأفهام -لابن القيم- في الصلاة والسلام على خير الأنام)، (الصلات والبُشَر في الصلاة على خير البشر) للفيروز أبادي، (القول البديع في الصلاة والسلام على الحبيب الشفيع) للسخاوي، مصنفات كثيرة في هذا الباب، والنصوص كثيرة، والأمر بالصلاة عليه -عليه الصلاة والسلام- في القرآن، وسبقت الإشارة إليه، والأحاديث في الباب كثيرة، وجاء في الحديث: ((قل: آمين)) فقال: ((آمين)) ثلاثاً منها: ((من ذكرتَ عنده فلم يصلِ عليك فأبعده الله، قل: آمين)) قال: ((آمين)) ولا شك أن من يسمع ذكره -عليه الصلاة والسلام- ولا يصلي عليه -صلى الله عليه وسلم- لا شك أنه محروم، إذا صلى مرةً واحدة صلى الله عليه بها عشراً، هذا حرمان، والحرمان لا نهاية له، بعض الناس يقرأ ويتجاوز، موجودة الصلاة على النبي مكتوبة ويتجاوزها، وبعض الناس يكتب ويمر عليه اسم النبي -عليه الصلاة والسلام- ولا يصلي عليه، هذا حرمان؛ لأنك لو كتبت وصليت وصلى من قرأ كتابتك أجرك عظيم، فلا يفرط في مثل هذا إلا محروم.

((فبشرني فسجدت لله شكراً)) هذه نعمة بالنسبة له -عليه الصلاة والسلام-، فسجد شكراً لهذه النعمة، " رواه أحمد والحاكم وصححه" نعم. أحسن الله إليك: "وعن البراء بن عازب -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- بعث علياً إلى اليمن .. فذكر الحديث، قال: فكتب علي -رضي الله عنه- بإسلامهم، فلما قرأ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الكتاب خر ساجداً" رواه البيهقي، وأصله في البخاري". "عن البراء بن عازب -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- بعث علياً إلى اليمن .. فذكر الحديث" في قصة طويلة "قال: فكتب علي بإسلامهم، فلما قرأ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الكتاب خر ساجداً" النعم تشمل نعم الدين ونعم الدنيا، والنعم المتعلقة بالدين أعظم من نعم الدنيا بلا شك، فإذا بلغ الإنسان ما يسره في دينه من انتصار للمسلمين، أو هزيمة للكفار، أو دخول أقوامٍ في الإسلام، أو التزام بعض الأشرار، أو صدور قرار ينفع الإسلام والمسلمين مثل هذه يسجد لله شكراً، هذه نعمة. فالنبي -عليه الصلاة والسلام- لما كتب له علي بإسلام أهل اليمن قرأه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خر ساجداً شكراً لله تعالى على ذلك، والحديث أصله في البخاري، واللفظ عند البيهقي. وقد سجد كعب بن مالك لما أنزل الله توبته، وأقره النبي -عليه الصلاة والسلام-، والأحاديث في الباب كثيرةٌ جداً، فعلى المسلم أن يشكر الله -جل وعلا- عند تجدد النعم، ونعم الله لا تعد ولا تحصى، يتقلب المسلم في النعم ولا يلقي لها بالاً {لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ} [(7) سورة إبراهيم] لكن كما قال الله -جل وعلا-: {وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ} [(13) سورة سبأ] فليحرص الإنسان أن يكون من هذا القليل، فإذا تجددت عليه نعمة في أمر دينه أو في أمر دنياه يسجد لله -عز وجل-؛ لكي تتابع عليه النعم، ولا يكون من الذين بدلوا نعمة الله كفراً، ولا يلزم من الكفر الخروج من الإسلام لا، الكفر كفر النعمة، والله أعلم. وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

كتاب الصلاة (21)

بلوغ المرام - كتاب الصلاة (21) شرح: باب: صلاة التطوع الشيخ/ عبد الكريم بن عبد الله الخضير السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نبدأ ببعض الأسئلة حتى يكتمل العدد؛ لأن العدد ناقص. هذا يقول: متى ينتهي وقت صلاة الظهر مع التحديد بالساعات؟ ومتى ينتهي وقت صلاة العشاء والمغرب؟ هل هناك فرق بين الإشراق والضحى؟ ومتى تصلى كلٌ منهما؟ وقت صلاة الظهر -وهي الصلاة الأولى- جاء بيانه في حديث إمامة جبريل للنبي -عليه الصلاة والسلام-، وجاء أيضاً في حديث عبد الله بن عمرو في الصحيح، وأنه يبدأ من زوال الشمس إلى مصير ظل كل شيء مثله، ما لم يحضر وقت العصر، ووقت العصر من مصير ظل كل شيء مثله إلى غروب الشمس، ثم وقت المغرب من غروب الشمس إلى مغيب الشفق الأحمر، ووقت العشاء من مغيب الشفق إلى منتصف الليل، كما جاء في حديث عبد الله بن عمرو، يبقى وقت الصبح من طلوع الصبح إلى طلوع الشمس. التحديد بالساعات يختلف من وقت إلى آخر، والتقويم يحدد بالساعات، على ما قيل في التقويم من عدم انضباط في بعض الأوقات، لكن هو في الجملة لا بأس به، الخلاف في كونه يتقدم الوقت قليلاً هذا موجود، لكن على كل حال العمل عليه، ومعتمد عند أهل العلم، لكن على الإنسان أن يتحرى لا سيما صلاة الصبح، يجعل بين الأذان والإقامة نصف ساعة لتكون صلاته بعد دخول الوقت بيقين. يقول: هناك فرق بين الإشراق والضحى؟ ومتى تصلى كلٌ منها؟ إن كان هناك فرق؟

أولاً: الإشراق: هو بزوغ الشمس، والذي في التقويم على البزوغ، لا على ارتفاع الشمس الذي تصلى فيه الركعتان إن صح الخبر فيمن صلى الصبح في جماعة وجلس في مصلاه يذكر الله حتى تطلع الشمس، فالصلاة لا تصلى إلا بعد ارتفاع الشمس، وحينئذٍ يدخل وقت الضحى، فالذي يجلس بعد صلاة الصبح إلى ارتفاع الشمس اقتداءً بفعله -عليه الصلاة والسلام-، ثبت عنه في الصحيح أنه كان يمكث في مصلاه حتى ترتفع الشمس، فإذا ارتفعت الشمس صلى ركعتي الضحى التي أوصى بهن النبي -عليه الصلاة والسلام- عدداً من أصحابه -رضوان الله عليهم-، وجاء الحث عليهما، فإذا جلس امتثل، اقتدى بفعل النبي -عليه الصلاة والسلام-، وإذا صلى الركعتين سواءً ثبت الخبر أو لم يثبت، صلاة الضحى ثابتة، ووقتها قد دخل بارتفاع الشمس. ما معنى: ((بين كل أذانين صلاة؟ )) هل يعني أن أصلي ركعتين بعد سماع الأذان؟ نعم بين الأذان والإقامة صلاة، وهي مندوبة. يقول: إذا فاتتني صلاة الفجر هل أصليها إذا قمت أولاً ثم النافلة أو أصلي النافلة ثم الفرض؟ إذا فاتتك صلاة الفجر تبدأ بالنافلة ما لم تخشَ طلوع الشمس، إذا خشيت طلوع الشمس فاغتنم الوقت وصلِ الصلاة في وقتها أداءً ثم اقضِ النافلة. ثم يقول: ما حكم صلاة تحية المسجد في وقت النهي؟ هذا بسطناه مراراً. وما هي أوقات النهي؟ تقدم الكلام فيها بالتفصيل. يقول: إذا استمعت إلى قارئ في إذاعة القرآن أو شريطٍ فمر القارئ بآية سجدة هل أسجد أم لا لعدم سجوده؟ لا، لا تسجد يا أخي. يقول: أتيتُ وحضرت درساً بعد صلاة الفجر فدخلت المسجد وفي وقت النهي المغلظ، في وقت النهي المضيق قرب طلوع الشمس أو مع بزوغها .. ؟ لا تصلِ يا أخي، اجلس، أو انتظر حتى ترتفع ثم صلِ. يقول: عنده سلس -سلس البول- حيث أنه يحس بعد الوضوء بأنه يخرج بقايا من البول، يقول: حيث أرجع إلى الحمام وألاحظ أحياناً بعض النقاط بارزة على رأس الذكر عند كل وضوء أغسل مقدمة السروال القريبة من الذكر هل طريقتي هذه صحيحة بغسل المحل عند كل وضوء؟

على كل حال إذا كان هذا مستمر وهو سلسل كما ذكرت لا تلتفت إليه، انضح فرجك وسراويلك ثم لا تلتفت إليه، وهنا يكمن علاج مثل هذا المرض، ومثله الوسواس يقطع بمثل هذا. يقول: ما حكم حفظ القرآن في مكتبي حيث أني معظم الوقت جالس بالمكتب دون عمل؟ نعم، إذا كان لا أثر له على العمل، إذا كنت جالس بدون عمل فكونك تشغل وقتك بالقرآن أو بالذكر أو بشيء ينفعك مطلوب. هذا يريد شرح حديث أبي سعيد: ((إذا شك أحدكم في صلاته)) ما معناه؟ وما معنى: ((شفعن له صلاته؟ )) ((كانتا ترغيماً للشيطان))؟ هذا شُرح بالأمس، يعني إن كان قد زاد في صلاته فهاتان السجدتان اللذان يسجدهما للسهو يشفعن صلاته، إن كان صلى خمساً فبهاتين السجدتين يكون كأنه صلى ستاً وهكذا. ((ترغيماً للشيطان)) إلصاقاً لأنفه بالرغام وهو التراب. يقول: اقترضت مالاً من البنك العقاري فهل يجب علي سداد القرض؟ لأن البعض يقول: إن هذا حقٌ لك أصلاً من الدولة؟ لا، يجب عليك سداد القرض، وأنت أقدمت على هذا على أنه قرض وليس بهبة، إنما هو قرض والمسلمون على شروطهم، ولا تدري ما نصيبك من بيت المال هل يزيد أو ينقص؟ فتكون قد تعديت على .. ، وأمراً ... وأيضاً تصريف أموال بيت المال بيد الإمام لا يجوز لأحد أن يتعدى عليه. يقول: رجلٌ يعمل في بنك الراجحي ولم يجد عملاً غير ذلك فهل هذا يجوز؟ العمل في البنوك التي تزاول الربا من التعاون على الإثم والعدوان، لكن بنك الراجحي فيما نعلم لا يقصدون التعامل بالربا، قد يدخل عليهم شيء من غير قصد، ويتخلصون منه، وقد أفتوا بذلك. هذا يسأل عن الشاهد والمتابع والمقطوع والمنقطع والمرسل والموصول والمسند والمسلسل، يعني على أبواب من أبواب المصطلح؟

الشاهد: ما يأتي مما يشهد للحديث أو غيره طريق صحابيه من طريق صحابيٍ آخر، والمتابع: ما كان عن نفس الصحابي، والمقطوع: ما أضيف إلى التابعي، والمنقطع: ما سقط من أثناء إسناده راوٍ أو أكثر لا على التوالي، والمرسل: ما رفعه التابعي للنبي -عليه الصلاة والسلام-، والموصول والمتصل: بمعنىً واحد ما رواه .. ، أو ما تحمله كل راوٍ من رواته عمن فوقه بطريق معتبر، بحيث لا يسقط من إسناده شيء، المسند: المرفوع عند قوم، وهو المتصل عند آخرين، والمسلسل: ما تتابع رواته على هيئةٍ أو صفةٍ فعلية أو قولية، بحيث يلتزمها جميع رواته يكون مسلسلاً. في قوله -جل وعلا-: {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ} [(17) سورة القمر] فهل الأصح أن نقول: هذه الآية صعبة أم أقول: هذه الآية صعبت علي؟ على كل حال القرآن يسر، يسره الله -جل وعلا-، لكن قد يرتكب الإنسان من الموانع مما يجعل القرآن صعباً عليه عقوبةً له، وإلا فالأصل في القرآن أنه ميسر. يقول: أنا شابٌ عندي همة لحفظ القرآن الكريم ولكنني أجد في نفسي شيئاً من الرياء مثل أنني أفرح في داخل نفسي عندما أرد على الإمام فما الحل؟ جاهد، جاهد نفسك، جاهد ولا تترك، الترك ليس بعلاج، إنما جاهد نفسك لدفع الرياء. يقول: وما الحل إذا كنت أنا أقرأ الموجودين في المسجد؟ على كل حال عليك أن تحمد ربك على هذه النعمة وتشكره، ولا تزدري الآخرين، فقد يكون شخص من عوام المسلمين لا يقرأ آيةٍ من القرآن وهو أفضل منك بكثير، لما وقر في قلبه من إيمان وتصديق، ولما عندك من إعجاب ورياء، فلا تغتر. يقول: حدث نقاش حول مسألة الأخذ من اللحية وحديث القبضة والأخذ من اللحية على ما زاد؟ على كل حال المرفوع إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- كله يأمر بإعفائها وإكرامها وإرخائها، وكان -عليه الصلاة والسلام- كث اللحية، وترى لحيته من خلفه، وتعرف قراءته باضطراب لحيته، ولا يمكن أن يكون هذا مع القبضة، وما جاء من أخذ ما زاد على القبضة من فعل ابن عمر ثابت، وعن بعض الصحابة وبعض السلف، لكن هذه الأفعال لا تعارض بها الأحاديث المرفوعة، والتجربة أثبتت أن المقص إذا دخل اللحية أفناها شيئاً فشيئاً.

يقول: ما حكم التورك في التشهد الثاني في الصلاة الثنائية كالفجر أو النافلة؟ الصلاة الثنائية هل فيها تشهد ثاني؟ ليس فيها تشهد ثاني، التشهد الثاني في الثلاثة والرباعية، أما الثنائية فليس فيها إلا تشهد واحد، والتورك في الثنائية كصلاة الصبح والنافلة يقول به المالكية؛ لأن التورك عندهم في كل تشهد، وإذا كان يعقبه سلام أيضاً يقول به الشافعية، أما المعروف عند الحنفية أنه لا تورك في الصلاة كله افتراش، وعند الحنابلة التفريق بين الأول والثاني، التشهد الأول افتراش والثاني تورك، وعليه يدل حديث أبي حميد. باب: صلاة التطوع: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً. "باب: صلاة التطوع: عن ربيعة بن كعب الأسلمي -رضي الله عنه- قال: قال لي النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((سل)) فقلت: أسألك مرافقتك في الجنة، فقال: ((أو غير ذلك؟ )) فقلت: هو ذاك، قال: ((فأعني على نفسك بكثرة السجود)) رواه مسلم". الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "باب: صلاة التطوع" أي صلاة المسلم التطوع، وهو من باب إضافة المصدر إلى مفعوله، وفاعله محذوف ويراد به المسلم والمسلمة.

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "عن ربيعة بن كعب الأسلمي -رضي الله عنه- قال: قال لي النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((سل)) وهذا له سبب، كان يخدم النبي -عليه الصلاة والسلام-، فأحضر له وضوئه في ليلةٍ من الليالي، فقال له: ((سل)) مكافئة له على ذلك، لزم النبي -عليه الصلاة والسلام- وصحبه وخدمه، فأراد النبي -عليه الصلاة والسلام- أن يكافئه فقاله له: ((سل)) "فقلت: أسألك مرافقتك في الجنة" همة، همة عالية، ولو قيل للواحد منا: سل، ما سأل شيئاً من أمور الدين، إنما تنصرف همته إلى أمور الدنيا، والمرء حيث يضع نفسه، وحيث تسمو به همته أو تضعف، فهذه همم الصحابة يسألون الجنة "أسألك مرافقتك في الجنة، فقال: ((أو غير ذلك؟ )) يعني اسأل شيء ثاني. . . . . . . . . "قلت: هو ذاك" يعني لا حاجة لي بحطام الدنيا، ولا شك أن من عرف حقيقة الحال ما سأل غير ذلك؛ لأن الدنيا لا شيء بالنسبة للجنة ((موضع سوط أحدكم من الجنة خيرٌ من الدنيا)) والدنيا لا تزن عند الله جناح بعوضة كما جاءت بذلك الأخبار. ما الذي يساعد على دخول الجنة؟ وجهه النبي -عليه الصلاة والسلام- إلى أمرٍ مهم يغفل عنه كثيرٌ من الناس "قلت: هو ذاك، قال: ((فأعني على نفسك بكثرة السجود)) هل معنى هذا أنه سجود مفرد؟ أو من باب التعبير بالجزء عن الكل، وإرادة الصلاة ((أعني على نفسك بكثرة السجود)) يعني بكثرة الصلاة، ومن هذا يؤخذ أنه لا عدد محدد للنوافل، لا في الليل ولا في النهار، وعمل سلف هذه الأمة عليه فحفظ عنهم العدد الكبير من الصلوات أثناء اليوم والليلة. نعم، يذكر مبالغات لا يستوعبها الوقت، فذكر عن علي -رضي الله عنه- أنه يصلي في اليوم والليلة ألف ركعة، الوقت لا يستوعب، الوقت لا يستوعب ألف ركعة، ذكر عن الإمام أحمد -رحمه الله تعالى- أنه يصلي في اليوم والليلة ثلاثمائة ركعة، إذا اعتبرنا كل ركعة مجزئة بدقيقة فالثلاثمائة تحتاج إلى ست ساعات هذا ممكن. الحافظ عبد الغني المقدسي يذكر عنه أنه بعد ارتفاع الشمس إلى الزوال ثلاثمائة ركعة بالفاتحة فقط.

المقصود أن سلف هذه الأمة ضربوا بنصيبٍ وافر من كثرة النوافل، امتثالاً لمثل هذا التوجيه ((أعني على نفسك بكثرة السجود)) فالكثرة مطلوبة، والاستكثار من التعبد لا يدخل في حيز البدعة مهما كثرت، إذا جاء على وجهٍ مشروع، في الضحى مثلاً صليت عشر تسليمات عشرين تسليمة ثلاثين ما الذي يمنعك؟ بين العشاءين، بعد صلاة العشاء، بين صلاة الظهر والعصر، ما الذي يمنعك من الإكثار من الصلوات إذا لم يكن ذلك عائقاً بين مصالحك الدينية والدنيوية؟ ما هو أهم من ذلك من النفع المتعدي والأمور الواجبة، فالإكثار من التعبد ليس ببدعة امتثالاً لمثل هذا التوجيه، وعليه سلف هذه الأمة، ثبت عن عثمان -رضي الله عنه- أنه يقرأ القرآن في ركعة، من يقول: إن عثمان مبتدع، وثبت عنهم أنهم يصلون أعداد من الركعات، وهذا الحديث أصل في مثل هذه المسألة ((أعني على نفسك بكثرة السجود)) وجاء من حديث صحيح: ((أفضل الصلاة طول القنوت)) يعني: القيام، المراد بالقنوت القيام، فهل الأفضل أن يطيل المصلي القيام ويطيل القراءة كما حفظ عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه صلى في ركعة بالبقرة ثم النساء ثم آل عمران، أطال القيام، يعني خمسة أجزاء في ركعة، كانت قراءته -عليه الصلاة والسلام- مد، ترتيل، ولا يمر بآية رحمة إلا سأل، ولا بآية عذاب إلا استعاذ وهكذا. فمتصور أن تكون هذه الركعة ساعتين مثلاً فهل الأفضل أن يطيل المصلي القيام أو يكثر السجود؟ يقصر القيام يعني بدلاً من أن يصلي تسليمة يصلي عشر تسليمات والوقت واحد؟ وقل مثل هذا في الأفضل: هل يقرأ في ساعة جزء واحد من القرآن أو خمسة أجزاء؟ ما الأفضل في الصلاة أن تطيل القيام والركوع والسجود مع تقليل العدد أو تكثر العدد مع تخفيف الكيفية؟ هذه مسألة خلافية بين أهل العلم، حديث الباب يدل على أن الكثرة أفضل، الكثرة أفضل ((أعني على نفسك بكثرة السجود)) وفعله -عليه الصلاة والسلام- حينما قام حتى تفطرت قدماه وقرأ الخمسة الأجزاء في ركعة {لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا} [(2) سورة الملك] ما قال: أكثر، كل هذا يقتضي أن يكون إطالة القيام مع إطالة الركوع وإطالة السجود أفضل، وحديث الباب يدل على كثرة السجود.

فهل نقول: إن كثرة السجود تليق بمثل هذا السائل بحال هذا السائل؟ كما أن التوجيه لكثرة السجود ويقصد به الإكثار من نوافل الصلاة يليق بهذا الشخص، ومن كان في حكمه من فقراء المسلمين، أو نقول: لو سأل شخص كما جاءت الأجوبة متنوعة في أفضل الأعمال، تختلف اختلاف الأشخاص، رجل عنده أموال وثروات يقول: أفضل الأعمال؟ نقول: البذل والإنفاق في سبيل الله؛ لأن هذا نفعه متعدي، وشخص في جسده قوة وجلد وصبر، نقول: الجهاد في سبيل الله، وشخص عنده ذكاء وتميز بالحفظ والفهم، نقول: العلم أفضل. فهل هذا الحديث يتنزل على مثل هذا؟ ونقول: إن بعض الناس عنده صبر وجلد يصبر على قراءة خمسة أجزاء في ركعة وشخص ما يصبر، فمثل هذا يوجه إلى الطول وهذا يوجه إلى الكثرة، هذا توجيه حسن، وقال به بعض أهل العلم، كما أن التفاوت في القدر المقروء مع اتحاد الوقت يعني شخص يقرأ بساعة خمسة أجزاء، وآخر في الساعة يقرأ جزء واحد مع الترتيل والتدبر أيهما أفضل؟ نعم الجمهور على أن من يقرأ بالترتيل والتدبر ولو قلت قراءته أفضل، وبعضهم يقول: تحصيل أجر الحروف أولى لأنه محدد، كل حرف عشر حسنات، تقرأ خمسة أجزاء في ساعة خمسمائة ألف حسنة، نصف مليون حسنة، لكن لو قرأت جزء بالتدبر على الوجه المأمور به تحصل مائة ألف حسنة للحروف، لكن الأجر المرتب على القراءة على الوجه المأمور به أعظم، يعني كون الحسنات تضاعف لا يقابل الإصابة في العمل، الذي يقرأ القرآن وهو عليه شاق له أجران، يتعتع في القرآن ويشق عليه له أجران، لكن الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة، أيهما أفضل؟ الماهر. الذي صلى بالتيمم وأعاد الصلاة له أجران، والذي لم يعد الصلاة أصاب السنة، إصابة السنة أفضل من تكرار الأجر، وهنا نقول: إن من يقرأ على الوجه المأمور به ولو قلت قراءته أفضل ممن يكثر من قراءة الحروف مع الإخلال بما أمر به من ترتيل وتدبر.

نعود إلى مسألتنا: ((أعني على نفسك بكثرة السجود)) يستدل بهذا من يقول: إنه لا مانع من أن يزيد الشخص على ما جاء في النصوص من النوافل المحددة بالنصوص، الذي جاء في النصوص أربعين ركعة، النصوص المقيدة أربعين ركعة، كان شيخ الإسلام -رحمه الله- وهو في صدد رده على ابن المطهر الذي زعم أن علياً يصلي في اليوم والليلة ألف ركعة، قال: لو قلنا: إن الزيادة على الأربعين غير مشروعة لما بعد، لكن هذا الحديث يدل على أن الزيادة مطلوبة، حديث الباب يدل على أن الزيادة مطلوبة. نعم جاءت الأربعين بالنصوص يعني محددة، الفرائض سبعة عشر ركعة، الوتر إحدى عشر، هذه ثمان وعشرين، الرواتب ثنتا عشرة هذه أربعون، هذه أربعون ركعة، لكن ألا يزاد أربع قبل العصر، وبين كل أذانين كل صلاة على ما سيأتي، يعني ليست حاصرة الأربعين، وفي الحديث: ((ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصره به)) .. إلى آخر الحديث، فدل على أن الإكثار من العبادات مطلوب، لكن على ألا يعوق ما هو أهم منه، ما يجلس يتعبد يصلي الضحى ساعة ساعتين في وقت الدوام ويترك العمل المنوط به الواجب، لا، لكن صلاة ركعتين خفيفتين أثناء الدوام ما تعوق عن تحصيل العمل والمحافظة على السنة، ما تعوق -إن شاء الله-. فالمسألة مسألة موازنة. . . . . . . . . ((وما تقرب إلى عبدي أحب إلي مما افترضته عليه)) الفرائض أهم، فعلى المسلم أن ينتبه لهذا الأمر، ويكثر ما دام في وقت المهلة، فإذا كان ديدنه في حال السعة، في حال الإقامة، في حال الصحة، في حال الشباب، في حال القوة والقدرة الإكثار من التعبد، إذا عجز عن ذلك يكتب له ما كان يعمله، لا يفرط في وقت السعة ثم إذا عجز عن ذلك فيما بعد قال: ليتني أفعل، ليتني فعلت، ما ينفع، تعرف على الله في الرخاء يعرفك في الشدة، يكون لك نصيب من التعبد، من المكث في المسجد، المسجد بيت كل تقي. وخير مقامٍ قمت فيه وحليةٍ ... تحليتها ذكرُ الإله بمسجدِ

فلا بد أن يروض المسلم لا سيما طالب العلم نفسه على هذا الأمر، كثيرٌ من الناس يجد المشقة الشديدة في مزاولة هذه الأعمال السهلة الميسرة، قراءة القرآن، الإكثار من النوافل، النفع المتعدي، بذل النفع للناس، وهذه الأمور يسيرة على من يسرها الله عليه، لا بد أن تري ربك من نفسك خيراً، يعني يوجد من يقرأ القرآن في سبع، ويكثر من النوافل، ويعين المحتاجين، ويساعد المضطرين، يزور المرضى، يزور المقابر، ويصل الأرحام، ويؤدي عمله المنوط به على أكمل وجه، يعني ما في تعارض، وبعض الناس تضيع أيامه بدون عمل، فعلينا أن نغتنم هذه الأنفاس وهذه الأوقات، والله المستعان. أحسن الله إليك. "وعن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: حفظت من النبي -صلى الله عليه وسلم- عشر ركعات: ركعتين قبل الظهر، وركعتين بعدها، وركعتين بعد المغرب في بيته، وركعتين بعد العشاء في بيته، وركعتين قبل الصبح" متفق عليه. وفي رواية لهما: "وركعتين بعد الجمعة في بيته. ولمسلم: "كان إذا طلع الفجر لا يصلي إلا ركعتين خفيفتين". حديث: "ابن عمر -رضي الله عنهما-" في بيان الرواتب، الرواتب التي يداوم عليها الإنسان "حفظت من النبي -عليه الصلاة والسلام- عشر ركعات -يعني رواتب- ركعتين قبل الظهر، وركعتين بعدها، وركعتين بعد المغرب في بيته" كانوا يسمونها البيتية "وركعتين بعد العشاء في بيته" أيضاً، "وركعتين قبل الصبح" وكان النبي -عليه الصلاة والسلام- يصليهما في بيته، فكأن النوافل النهارية في المسجد، والليلية في البيت ((وأفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة)) فالنوافل كونها في البيت أفضل؛ لأنها أبعد عن رؤية الناس ومراءاتهم وملاحظتهم، وفيها أيضاً نفع لأهل البيت للاقتداء والائتساء، يتعلم النساء، يتعلم الصغار، يقتدون به، يقتفون أثره، وقبل ذلك يقتدي هو بالنبي -عليه الصلاة والسلام-.

"ركعتين قبل الظهر" يأتي في حديث أم المؤمنين أنها أربع ركعات، فكأن ابن عمر رأى النبي -عليه الصلاة والسلام- يصلي هاتين الركعتين، وخفي عليه الركعتان الأخريان، فالرواتب ثنتا عشر ركعة، أربع قبل الظهر "وركعتين بعدها، وركعتين بعد المغرب في بيته" والعصر لا راتبة لها، ويأتي الحث على أربع ركعات قبل العصر "وركعتين بعد المغرب في بيته" ثم بعد الركعتين نفل مطلق "وركعتين بعد العشاء في بيته" هذه تابعة للصلاة، لكن لو صلى بعد ذلك ما شاء بعد أن يصلي هاتين الركعتين له أن يصلي ما شاء من النوافل المطلقة "وركعتين قبل الصبح" وهما آكد الرواتب، وكان النبي -عليه الصلاة والسلام- لا يدعهما سفراً ولا حضراً مع الوتر. "متفقٌ عليه، وفي رواية لهما: "وركعتين بعد الجمعة في بيته" إذا صلى ركعتي الجمعة في البيت اقتصر على ركعتين، وإذا صلاها في المسجد صارت أربعاً، وبهذا تجتمع النصوص، فحفظ عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه كان يصلي بعد الجمعة أربعاً، وكان يصلي ركعتين، فحمل هذا على اختلاف المكان، فإذا صلى في المسجد صلى أربعاً بعد الجمعة، وإذا صلى في البيت صلى ركعتين. "ولمسلم: كان إذا طلع الفجر لا يصلي إلا ركعتين خفيفتين" لا يصلي إلا ركعتين؛ لأن الوقت وقت نهي، إذا طلع الفجر بدأ وقت النهي انقطع التنفل المطلق ولا صلاة إلا ركعتي الفجر، ومن صفة هاتين الركعتين أنهما خفيفتان، حتى قالت أم المؤمنين: لا أدري أقرأ بفاتحة الكتاب أم لا؟ لتخفيف هاتين الركعتين؛ لأن هاتين الركعتين مع تأكدهما جاءتا في وقت نهي، وهما نفل، فهما على خلاف الأصل ((لا صلاة بعد الصبح حتى تطلع الشمس)) وهذا يشمل ما قبل الصلاة وما بعدها، وجاء الاستثناء إلا ركعتي الصبح فهما مستثنيتين، والجمهور على هذا أن من صفة ركعتي الصبح الخفة، حتى جاءت المبالغة: "لا أدري أقرأ بفاتحة الكتاب أم لا؟ " وقال بعضهم: إنه لا يزيد على الفاتحة، لا يزيد على الفاتحة، والصواب على ما سيأتي أنه يزيد على الفاتحة سورتي الإخلاص.

بعضهم يبدي -أو دلت بعض النصوص- على أن الفائدة من هذه الرواتب تكميل الفرائض، لا شك أن الإنسان في صلاة الفريضة قد يغفل، قد يسهو، وقد يحصل له خلل في صلاته تكمل من هذه الرواتب، وفي الحديث: ((انظروا هل تجدون لعبدي من تطوع فتكمل به الفريضة؟ )) فإذا كان يتطوع تكمل به الفريضة، لكن إذا كان لا يتطوع، يقتصر على الواجبات إذا حصل الخلل من أين يكمل له؟! نعم جاء في حديث ضمام بن ثعلبة لما ذكر الصلوات الخمس قال: هل علي غيرها؟ قال: ((لا، إلا أن تطوع)) ثم ذكر له الصيام وبقية شرائع الإسلام، فأقسم ألا يزيد على ذلك ولا ينقص، لكن من يضمن لنا أن الإنسان لا ينقص عما افترض الله عليه، إذا ضمن فالنوافل زيادة فضل من الله -جل وعلا-، ورفعة درجات، لكن لا يترتب على تركها عقاب، لكن من يضمن أنه لا ينقص من هذه الفرائض، فعلى الإنسان أن يحرص، يرفو هذه الخروق وهذه الفتوق التي توجد في عباداته بالنوافل، والله المستعان. أحسن الله إليك. "وعن عائشة -رضي الله عنها-: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان لا يدع أربعاً قبل الظهر وركعتين قبل الغداة" رواه البخاري". "وعن عائشة -رضي الله عنها-: أن النبي -عليه الصلاة والسلام- كان لا يدع أربعاً قبل الظهر" هذه الراتبة القبلية، يدخل فيها -في الأربع- الركعتين الواردتين في حديث ابن عمر السابق، ولا يقال: أربع واثنتين يكون المجموع ست، فالراتبة القبلة أربع، والبعدية ركعتين، لكن إذا فاتت الراتبة القبلية متى يقضيها؟ جاء الإنسان لصلاة الظهر فوجد الصلاة قد أقيمت، يدخل مع الناس يصلي الفريضة، فتفوته الأربع الركعات التي هي قبل الصلاة، متى يقضي هذه الراتبة القبلية؟ طالب:. . . . . . . . . بعد الصلاة مباشرة، قبل البعدية وإلا بعدها؟ يصلي الفريضة مع الناس مع الجماعة، ثم يصلي الراتبة الركعتين البعدية، ثم بعد ذلك يأتي بالركعات الأربع القبلية قضاءً. "وركعتين قبل الغداة" يعني قبل صلاة الصبح، كان لا يدع هذه الصلوات؛ لأنها رواتب، كما أنه لا يدع الرواتب الأخرى، وكان لا يدع ركعتي الصبح ولا الوتر سفراً ولا حضراً لتأكدها.

"وعنها قالت: لم يكن النبي -صلى الله عليه وسلم- على شيء من النوافل أشد تعاهداً منه على ركعتي الفجر" متفق عليه. ولمسلم: "ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها". "وعنها" يعني عن عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- "قالت: لم يكن النبي -عليه الصلاة والسلام- على شيء من النوافل أشد تعاهداً منه على ركعتي الفجر" أشرنا مراراً أنها تصلى سفراً وحضراً، وكان النبي -عليه الصلاة والسلام- يواظب عليها في السفر والحضر ولا يخل بها، قد يخل .. ، قد يشغل أحياناً عن بعض النوافل فيقضيها، لكن ركعتا الفجر لا يخل بهما، بل يحرص عليهما أشد الحرص، وهما كالمقدمة للصلاة، النوافل البعدية عرفنا أنها مكملة للفريضة، والرواتب القبلية مهيئة للفريضة، يتهيأ الإنسان، يفرغ قلبه للفريضة التي هي المطلب الأصلي، فهذه النافلة تهيئ النفس للصلاة المشهودة صلاة الصبح. "ولمسلم: ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها" يعني على ما جاء في وصفهما يمكن أن تؤدى ركعتا الفجر بدقيقتين، دقيقتين من العمر، لو قيل للإنسان ترضى بديل بهاتين الركعتين بألف ريال، يرضى وإلا ما يرضى؟ هما ركعتان بدقيقتين خيرٌ من الدنيا وما فيها، قد يتهاون الإنسان ويتساهل بالعمل وهو عند الله عظيم والدنيا كلها لا تسوى شيْ، ولا تعادل شيئاً بالنسبة لما يتعلق بالآخرة، ويقرب إلى الله -عز وجل-، لو قيل للشخص: هاتان الركعتان في دقيقتين بمليون ريال، الدنيا تحتوي على مليارات ما هي بمليون أو ملايين، لكن ركعتا الصبح في يوم واحد من الأيام خيرٌ من الدنيا وما فيها.

يعني هل هذا الكلام مجرد خبر عاري عن الفائدة أو هو منبه للمسلم أن ينظر إلى حقائق الأمور وأن ينزل الأشياء منازلها؟ فالدنيا ليست بشيء، نعم على الإنسان أن يأخذ منها ما يعينه على أمور الآخرة {وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا} [(77) سورة القصص] يعني الذي يعينك على اجتياز هذه المرحلة من السفر، الدنيا سفر، وحياة المرء كلها كمثل مسافر استظل تحت شجرة مدة إقامته بالنسبة لعمره لا شيء، والدنيا كلها بالنسبة للآخرة لا شيء، ومن أيسر الأمور أن يفرط الإنسان بهذه الأشياء التي جاء الحث عليها والترغيب فيها، نعم هذا شيء مشاهد، يجلس الإخوة من الأخيار الساعات من الليل ثم إذا بقي ساعة يجاهد نفسه هل يوتر أو لا يوتر؟ ثم تأتي له التأويلات، وإن كانت السهرة كما هو الغالب ليلة جمعة يأتيه الشيطان ويقول له: إن الجمعة لا تخص بقيام ولا نهارها بصيام، وينام ويترك الوتر، وإن كان بغير ليلة الجمعة يقول: المداومة على النوافل يشبهها بالفرائض أرتاح، كل هذه عقوبة لما فرط فيه من وقته، هذا شيء ملاحظ ومشاهد، من أثقل الأمور على النفس الوتر ما هو بالنسبة للنائم، بالنسبة للقائم الذي أضاع وقته في القيل والقال، وما يتعرض له الإنسان من صوارف وصواد عن العبادات السهلة الميسرة كلها عقوبات لما يرتكبه. "وعن أم حبيبة أم المؤمنين -رضي الله عنها- قالت: سمعت النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((من صلى اثنتا عشرة ركعة في يوم وليلة بني له بهن بيت في الجنة)) رواه مسلم. وفي رواية: ((تطوعاً)) وللترمذي نحوه، وزاد: ((أربعاً قبل الظهر، وركعتين بعدها، وركعتين بعد المغرب، وركعتين بعد العشاء، وركعتين قبل صلاة الفجر)) وللخمسة عنها: ((من حافظ على أربع قبل الظهر وأربع بعدها حرمه الله على النار)).

حديث أم المؤمنين أم حبيبة -رضي الله عنها- قالت: "سمعت رسول -صلى الله عليه وسلم- يقول" فذكرت الرواتب الاثنتي عشرة ركعة، من حافظ عليها وداوم عليها ((بني له بيتٌ في الجنة)) الحديث مخرج في الصحيح ((صلى اثنتا عشرة ركعة في يوم وليلة)) يعني من غير الفرائض، يعني من النوافل، وجاء بيانه في رواية الترمذي: وأنها أربع قبل الظهر وركعتين بعدها، وركعتين بعد المغرب وركعتين بعد العشاء، وركعتين قبل الصبح، هذه هي الرواتب، من حافظ عليها بني له بيتٌ في الجنة. ((من صلى اثنتي عشرة)) ورواية الخمسة: ((من حافظ عليها)) الرواية الأولى: ((من صلى اثنتي عشرة ركعة في يوم وليلة)) تقتضي أنه في كل يوم يبنى له بيت في الجنة، ورواية: ((من حافظ)) تدل على أنه يبنى له بيتٌ في الجنة إذا حافظ عليها في عمره كله. ((من صلى اثنتي عشرة ركعة في يومٍ وليلة)) حصل له الجزاء المذكور، ومقتضاه أنه لو في يومٍ واحد، لكن بيّن المطلوب رواية الخمسة وأن المراد المحافظة على هذه الركعات الاثنتي عشرة، وفي رواية: ((تطوعاً)) وهذا تصريح بما هو مجرد توضيح، وإلا فمعلومٌ أنها قدرٌ زائد على الفرائض. "وللترمذي نحوه، وزاد: ((أربعاً قبل الظهر، وركعتين بعدها، وركعتين بعد المغرب، وركعتين بعد العشاء، وركعتين قبل صلاة الفجر)) وللخمسة" لداود والترمذي والنسائي وابن ماجه وأحمد: ((من حافظ على أربعاً قبل الظهر وأربعاً بعدها حرمه الله على النار)) الأربع هي الراتبة، والاثنتين رواتب أيضاً وزيادة ركعتين، تبقى الرواتب أربع قبل الظهر واثنتين بعدها، وإذا صلى الأربع قبلها والأربع بعدها حرمه الله على النار ثوابٌ آخر وجزاءٌ آخر له إذا زاد ركعتين بعد الظهر، زاد على الاثنتين اثنتين صارت أربع، لكن هي ليست راتبة، ومعنى ((حرمه الله على النار)) التحريم المنع في الأصل، والمحرمات ما منع منها الإنسان, الحرمان أيضاً منع ((حرمه الله على النار)) يعني منعه من دخولها، كما منعه مما حرمه عليه في الدنيا. "وعن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((رحم الله امرأً صلى أربعاً قبل العصر)) رواه أحمد وأبو داود والترمذي وحسنه وابن خزيمة وصححه".

حديث ابن عمر: ((رحم الله امرأً صلى أربعاً قبل العصر)) الحديث فيه كلام لأهل العلم، لكن أقل أحواله الحسن، صححه بعضهم لكنه لا يصل إلى درجة الصحيح، وفي إسناده محمد بن مسلم بن مهران فيه مقال خفيف لأهل العلم، وثقه ابن حبان وغيره، لكنه لا يسلم من التضعيف اليسير، الحديث حسن، وفيه الحث على صلاة أربع ركعات قبل العصر، ومقتضاه الحث على التبكير لصلاة العصر، الحث على صلاة أربع ركعات قبل العصر يتطلب التبكير لصلاة العصر، وصلاة العصر كما هو معلوم شأنها عظيم ((من فاتته العصر فكأنما وتر أهله وماله)) ((من صلى البردين دخل الجنة)) ((من ترك العصر فقد حبط عمله)) المقصود أن صلاة العصر لها شأن، وينبغي إذا كانت هذه الصلاة لها هذا الشأن العظيم أن يكون لها مقدمات تساعد على فراغ البال، وإقبال القلب بهذه الركعات الأربع: ((رحم الله امرأً صلى أربعاً قبل العصر)) وإن لم تكن هذه الأربع من الرواتب لكنها جاء الترغيب فيها بما سمعنا. "وعن عبد الله بن مغفل المزني -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((صلوا قبل المغرب، صلوا قبل المغرب)) ثم قال في الثالثة: ((لمن شاء)) كراهية أن يتخذها الناس سنة، رواه البخاري. وفي رواية لابن حبان: "أن النبي -صلى الله عليه وسلم- صلى قبل المغرب ركعتين. ولمسلم عن أنس: "كنا نصلي ركعتين بعد غروب الشمس، وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يرانا فلم يأمرنا ولم ينهانا". يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "وعن عبد الله بن مغفل المزني -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((صلوا قبل المغرب)) أمر بالصلاة قبل المغرب، والأصل في الأمر الوجوب، ثم بين -عليه الصلاة والسلام- أنه ليس بالأمر اللازم "قال في الثالثة: ((لمن شاء)) كراهية أن يتخذها الناس سنة" يعني راتبة لا يفرطون فيها، وإنما هي نفلٌ مطلق بعد أن انتهى وقت النهي، وانتهى المنع من الصلاة يصلي المرأة ما دامت الفريضة لم تحضر، ويؤيد ذلك الحديث الآخر: ((بين كل أذانين صلاة)).

"كراهية أن يتخذها الناس سنة" طريقة مألوفة وجادة متبعة لا يخل بها ولا يفرط فيها فيشبهها بالرواتب "رواه البخاري، وفي رواية ابن حبان: أن النبي -عليه الصلاة والسلام- صلى قبل المغرب ركعتين" فجاءت هاتان الركعتان، أو جاء الحث عليهما بقوله -عليه الصلاة والسلام-: ((صلوا قبل المغرب)) وجاءت مشروعيتهما بفعله -عليه الصلاة والسلام- فكان يصلي قبل المغرب ركعتين، وجاءت أيضاً بإقراره -عليه الصلاة والسلام- في رواية: "مسلم عن أنس قال: كنا نصلي ركعتين بعد غروب الشمس، وكان -صلى الله عليه وسلم- يرانا فلم يأمرنا ولم ينهانا" فتضافرت أنواع السنن القولية والفعلية والتقريرية على مشروعية هاتين الركعتين، فأمر بهما وفعلهما، وأقر من فعلهما، فالسنة إما قول أو فعل أو تقرير، وقد تضافرت السنن على إثبات هاتين الركعتين، لكنها ليست من الرواتب التي يحافظ عليها، نعم إن تيسرت صلاها إن كان في المسجد صلاهما، وإلا فليس أمرهما مثل أمر الرواتب التي على المرء أن يحافظ عليها، وليست مثل ركعتي الصبح التي يتعاهدها النبي -عليه الصلاة والسلام- ولا يفرط فيها حضراً ولا سفراً. النصوص السابقة تدل على الرواتب، وهي اثنتا عشرة ركعة، يضاف إلى ذلك ركعتين بعد الظهر، كم يصير المجموع؟ أربع عشرة، والأربع التي قبل العصر، كم؟ ثمان عشرة، يضاف إلى ذلك الركعتين قبل المغرب، عشرون، لكن الرواتب التي تلي الفرائض بالأهمية الاثنتي عشرة، وما عدا ذلك فأمرها أخف، والمرتبة الثالثة النوافل المطلقة. الرواتب على الإنسان أن يحافظ عليها، ويتعاهدها في الحضر، إذا سافر والمسلم يكتب له ما كان يعمله إذا كان مقيماً، وجاء الخبر لو كنت مسبحاً لأتممت، فأهل العلم يقولون: الرواتب لا تفعل في السفر باستثناء ركعتي الصبح، فكان النبي -عليه الصلاة والسلام- لا يدعها سفراً ولا حضراً.

النوافل المطلقة تفعل في السفر، مع أنه إذا كان يحافظ عليها في الحضر، وتكبت له ما دام يحافظ عليها في الحضر، تكتب له في السفر وفي المرض فينبغي أن يكون شأنها شأن الرواتب، والتخفيف من صلاة الفرض ملاحظةً للمشقة اللاحقة بالمسافر تقتضي ذلك، لكن أهل العلم ينصون على الرواتب؛ لأنها هي التي يحافظ عليها، أما ما عدا ذلك من النوافل المطلقة بما في ذلك ما نص عليه من أربع الركعات قبل العصر لا بد من الإخلال بها، فالمحافظة عليها ليس مثل المحافظة على الرواتب. "وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يخفف الركعتين اللتين قبل صلاة الصبح حتى إني أقول: أقَرأ بأم الكتاب?" متفق عليه. وعن أبي هريرة-رضي الله عنه-: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قرأ في ركعتي الفجر: {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} [(1) سورة الكافرون] و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [(1) سورة الإخلاص]، رواه مسلم". هذا وصف ركعتي الصبح، الفريضة تطول فيها القراءة كما جاء في حديث عائشة: أول ما فرضت الصلاة ركعتين فزيد في الحضر، وأُقرت صلاة السفر، وزيد في الحضر إلا المغرب فإنها وتر النهار وإلا الصبح فإنها تطول فيها القراءة، هذا بالنسبة للفريضة، أما بالنسبة للنافلة فتخفف فيها القراءة، يعني لا يجتمع إطالة النافلة مع إطالة الفريضة، فجاء في وصفهما أن النبي -عليه الصلاة والسلام- كان يخفف الركعتين، يخففهما "حتى إني أقول: أقَرأ بأم الكتاب .. ؟ " هذه مبالغة في تخفيف هاتين الركعتين، حتى قال بعضهم: إنه لا يشرع قراءة شيء قدر زائد على الفاتحة، وشذ بعضهم فقال: إنه لا تقرأ ولا الفاتحة، لكنه قولٌ شاذ لا يعول عليه، كلام عائشة -رضي الله عنها التشكيك في الفاتحة يدل على أنه لا يمنع من قراءة الفاتحة، لكن مبالغة في التخفيف.

الحديث الذي يليه: "عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قرأ في ركعتي الفجر: {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} [(1) سورة الكافرون] و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [(1) سورة الإخلاص] "، وهما سورتا الإخلاص، فتشرع قراءتهما في افتتاح الصلاة بالنهار، ويقرأ بهما في ركعتي المغرب، وفي ركعتي الطواف، وفي الوتر، المقصود أنهما سورتان عظيمتان تنفيان الشرك بأنواعه، وتثبتان التوحيد بأنواعه، فيحرص على قراءتهما.

جاء في الصحيح من حديث أبي هريرة أن النبي -عليه الصلاة والسلام- قرأ في ركعتي الصبح في الأولى بآية البقرة {قُولُواْ آمَنَّا بِاللهِ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيْنَا} [(136) سورة البقرة]، وفي الركعة الثانية قرأ بالآية التي في آل عمران {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ} [(64) سورة آل عمران] عوضاً عن {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} [(1) سورة الكافرون] و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [(1) سورة الإخلاص] فدل على أنه -عليه الصلاة والسلام- كان يقرأ بعد الفاتحة إما سورة قصيرة كسورتي الإخلاص، أو آية واحدة، وعلى هذا تجوز الصلاة بآية، وبعضهم يقول: لا بد أن تكون هذه الآية بمقدار أقصر السور، وعلى كل حال إذا كانت ينطبق عليها ما تيسر تسمى قراءة، لكن لو قال: {وَلاَ الضَّالِّينَ} [(7) سورة الفاتحة] آمين، {ثُمَّ نَظَرَ} [(21) سورة المدثر] ثم ركع، وفي الركعة الثانية قال: {مُدْهَامَّتَانِ} [(64) سورة الرحمن] أو العكس وركع، هو قرأ آية، إذا كانت الآية بقدر السورة لا شك أنه مشتمل على الإعجاز، ويقع بها التحدي، أما مطلق الآية لم يقع بها التحدي، فجاء التحدي بالقرآن كاملاً، وجاء التحدي بعشر سور، جاء التحدي بسورة، لكن لم يأتي التحدي بآية، نعم إن كانت هذه الآية بقدر سورة يحصل بها التحدي، لكن مطلق الآية الإطلاق الذي يشمل كلمة واحدة {مُدْهَامَّتَانِ} [(64) سورة الرحمن] أو {ثُمَّ نَظَرَ} [(21) سورة المدثر] هذا لا يحصل به تحدي، ويحصل به ثواب قراءة ما تيسر بعد الفاتحة أو لا يحصل؟ يعني لو كبر لصلاة نافلة قال: {وَلاَ الضَّالِّينَ} [(7) سورة الفاتحة] آمين، {مُدْهَامَّتَانِ} [(64) سورة الرحمن] هذه آية، في الركعة الثانية: {وَلاَ الضَّالِّينَ} [(7) سورة الفاتحة] آمين، {ثُمَّ نَظَرَ} [(21) سورة المدثر] الله أكبر، هل يحصل له قراءة ما تيسر بعد الفاتحة؟ نعم كونه -عليه الصلاة والسلام- قرأ بآية، آية البقرة وآية آل عمران في ركعتي الصبح يدل على أن الأجر يثبت بآية، لكن هذه الآية مما يحصل به التحدي مما يكون بقدر أقصر السور.

"وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا صلى ركعتي الفجر اضطجع على شقه الأيمن" رواه البخاري. وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إذا صلى أحدكم الركعتين قبل صلاة الصبح فليضطجع على جنبه الأيمن)) رواه أحمد وأبو داود والترمذي وصححه". حديث: "عائشة -رضي الله عنها-" تذكر أن "النبي -صلى الله عليه وسلم-" كان "إذا صلى ركعتي الفجر اضطجع على شقه الأيمن" في الحديث الصحيح في البخاري، من فعله -عليه الصلاة والسلام- لا إشكال فيه، لكن الأمر الوارد في الحديث حديث أبي هريرة "قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إذا صلى أحدكم الركعتين قبل صلاة الصبح فليضطجع على جنبه الأيمن))، الحديث في المسند والسنن، وصححه بعضهم، لكن شيخ الإسلام -رحمه الله- يقول: ليس بصحيح، الأمر بالاضطجاع ليس بصحيح، تفرد به عبد الرحمن بن زياد، لا يحتمل تفرده، أو عبد الواحد بن زياد، وهو ممن لا يحتمل تفرده، كما نقل ذلك ابن القيم عنه.

أما من فعله -عليه الصلاة والسلام- فهو ثابت "كان النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا صلى ركعتي الفجر اضطجع على شقه الأيمن" وهذه الضجعة بعد ركعتي الفجر اختلف أهل العلم في حكمها، فبالغ ابن حزم فقال بالوجوب، بل قال: إن صلاة الصبح لا تصح لمن لم يضطجع بعد ركعتي الصبح، يبطل الصلاة إذا لم يضطجع قبلها، النبي -عليه الصلاة والسلام- كان يضطجع وهذا من فعله، لكن هل هذا الأمر أو هذا الفعل له ارتباط بالصلاة؟ ليكون له أثر في حكم الصلاة؟ النبي -عليه الصلاة والسلام- كان يقوم الليل قياماً طويلاً، فيحتاج إلى الراحة، حتى قال بعضهم: إن هذه الضجعة لا تشرع إلا لمن أطال القيام، أما شخص قام من فراشه وصلى ثلاث ركعات أوتر بثلاث ركعات، بثلاث دقائق ثم جاء بركعتي الصبح بدقيقتين المجموع خمس، هذا يحتاج إلى أن يضطجع ليرتاح، لكن من صلى ساعة ساعتين يحتاج يرتاح، قال بعضهم: هذه للحاجة، إن احتاج إليها فعلها، والنبي -عليه الصلاة والسلام- كان يفعلها لحاجته إليها، ولذا كان ابن عمر يحصب من اضطجع، يرميه بالحصبة، فهذان قولان متضادان، عدم المشروعية أصلاً، والقول بالوجوب، وتأثير العدم على الصلاة الفريضة كما يقول ابن حزم، وأنها لا تصح إلا إذا اضطجع، ولا بد أن يكون على جنبه الأيمن، فلو لم يستطع الاضطجاع على جنبه الأيمن ماذا يصنع؟ عند ابن حزم يقول: لا يضطجع على جنبه الأيسر، يومئ إيماءً إلى الاضطجاع، لا يضطجع هذه حرفية، تطبيق حرفي، أما إبطال الصلاة فلا. ابن عمر كان يحصب من اضطجع، نعم من اضطجع في المسجد، النبي -عليه الصلاة والسلام- لم يكن يضطجع في المسجد، إنما كان يضطجع في بيته، فالاضطجاع سنة لمن صلى الركعتين في بيته اقتداءً بالنبي -عليه الصلاة والسلام-، ولا يربط ذلك بالحاجة، إنما يربط بفعل .. ، ما فعله النبي -عليه الصلاة والسلام- من الركعتين، إذا صلى الركعتين اضطجع في بيته، إذا لم يضطجع في بيته لا يضطجع، فقد كان ابن عمر يحصب من اضطجع، ومعلومٌ أنه لا يحصب الناس في بيوتهم، إنما يحصبهم في المسجد، وعلى هذا يحمل.

((إذا صلى أحدكم الركعتين قبل صلاة الصبح فليضطجع)) اللام لام الأمر ((على جنبه الأيمن)) نعم، لو ثبت الأمر، الأمر الأصل فيه الوجوب، لكن يبقى أنه أمر خارج عن الصلاة، فهو أمر توجيه وإرشاد وإرفاق، فأقل أحواله الاستحباب. فعرفنا أنه مروي من طريق عبد الواحد بن زياد وفيه مقال لا يحتمل تفرده، ولذا حكم شيخ الإسلام ابن تيمية على الحديث بأنه ليس بصحيح. "وعن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة، توتر له ما قد صلى)) متفق عليه. وللخمسة، وصححه ابن حبان بلفظ: ((صلاة الليل والنهار مثنى مثنى)) وقال النسائي: هذا خطأ" ...

كتاب الصلاة (22)

بلوغ المرام - كتاب الصلاة (22) تابع: شرح باب: صلاة التطوع الشيخ/ عبد الكريم بن عبد الله الخضير السلام عليكم ورحمة الله وبركاته الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "وعن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة توتر له ما قد صلى)) متفق عليه" يقول: "وللخمسة وصححه ابن حبان: ((صلاة الليل والنهار مثنى مثنى)) وقال النسائي: هذا خطأ". حديث ابن عمر: ((صلاة الليل مثنى مثنى)) يعني ركعتين ركعتين، كل تسليمة فيها ركعتان، ولا تجوز الزيادة عليهما، لو أراد شخص أن يتطوع بأربع ركعات قلنا: لا ((صلاة الليل مثنى مثنى)) والمقصود بذلك ما عدا الوتر، فقد ثبت أنه -عليه الصلاة والسلام- أنه أوتر بثلاث، وبخمس، وبسبع، وبتسع بسلامٍ واحد. لكن إذا أراد أن يتنفل يقوم الليل يصلي مثنى مثنى، وعلى هذا في صلاة التراويح إذا قام إلى ثالثة، إذا قام إلى ركعةٍ ثالثة يلزمه الرجوع، ولذا يقول أهل العلم: إنه كثالثة في فجر، بعض الناس يلتبس عليه، يقول: إذا قام إلى الثالثة وشرع في القراءة لا يرجع، نقول: لا، يرجع، هو مقتضى حديث: ((صلاة الليل مثنى مثنى)) يعني لا يزاد على ذلك، وبعضهم يلتبس عليه الأمر فيما إذا ترك التشهد الأول وقام إلى الثالثة، فإن شرع في القراءة حرم الرجوع، إذا استتم قائماً كره الرجوع، ويجعل صلاة الليل مثل ذلك لا، إذا قام إلى ثالثة في التراويح لزمه الرجوع ولو شرع في القراءة، كما لو قام إلى ثالثة في الصبح يلزمه الرجوع ولو ركع، يجلس يتشهد ويسلم فضلاً عن كونه قرأ فقط.

ولذا جاء الحديث في الصحيح: ((صلاة الليل مثنى مثنى)) إطلاق الحديث: ((صلاة الليل مثنى مثنى)) يدل على أنها صلاة الليل لا تتقيد بعدد، ويؤيده الحديث الماضي: ((أعني على نفسك بكثرة السجود)) فلا عدد محدد لصلاة الليل، يصلي مثنى مثنى مطلق، يصلي تسليمة تسليمتين ثلاث عشر عشرين لا حد لذلك، لكنه إذا خشي الصبح يصلي ((واحدة توتر له ما قد صلى)) فدل هذا الحديث على أنه لا يزاد على ركعتين، ولا يخص من ذلك إلا الوتر، وأنه لا تقييد بعددٍ معين لإطلاق الحديث: ((مثنى مثنى)) فإذا خشيت الصبح فتصلي واحد توتر لك ما قد صليت. والحديث يدل أيضاً على أنه إذا طلع الصبح فلا صلاة إلا ركعتي الصبح، خلافاً لمن يقول: بأن الوتر يستمر بعد طلوع الصبح إلى إقامة صلاة الصبح، وفعله بعض السلف، لكن مقتضى هذا الحديث لا، أنه لا يقضى الوتر بعد طلوع الصبح ((فإذا خشي أحدكم الصبح)) يعني خاف أن يطلع عليه الصبح فليصل واحدة ((صلى ركعةً واحدة توتر له ما قد صلى)) ليقطع صلاته على وتر، فدل على أن وقت الوتر ينتهي بطلوع الصبح، ولا يستمر إلى ما بعد الطلوع كما يقول بعضهم، وفعله بعض السلف، قضى الوتر بعد طلوع الصبح، إذا خشي الصبح أن يباغته أن يداهمه يصلي ركعة واحدة، لكن إذا تيقن طلوع الصبح يقف، انتهى وقت الوتر، وفات وقته، ويقضى الوتر وقيام الليل بعد ارتفاع الشمس وقبل الزوال، على أن يكون شفعاً، فالنهار ليس بمحلٍ للوتر، فإذا كانت عادته أن يوتر بثلاث يصلي من الضحى أربع ركعات، ما بين ارتفاع الشمس إلى زوالها، وإذا كانت عادته جرت بأن يوتر بخمس يصلي ست ركعات، وإذا جرت عادته أن يوتر بسبع يصلي ثمان وهكذا، فيشفع لأن النهار ليس محلاً للوتر، وإذا طلع الصبح انقضى وقت الوتر، أما إذا خشي وخاف أن يباغته الوقت يصلي ركعة واحدة، أما إذا تيقن طلوع الصبح انتهى الوقت، فلا صلاة إلا ركعتي الصبح فقط، يدخل وقت نهي الآن ((فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعةً واحدة توتر له ما قد صلى)) متفق عليه".

يقول: "وللخمسة وصححه ابن حبان: ((صلاة الليل والنهار مثنى مثنى)) هذا دليلٌ على أن صلاة النهار أيضاً مثنى مثنى كصلاة الليل، لكن هذه اللفظة: ((والنهار)) هل هي محفوظة أو أخطأ راويها وخالف الحفاظ وحينئذٍ يحكم عليها بالشذوذ أو الخطأ أو النكارة؟ "قال النسائي: هذا خطأ" إن ثبتت هذه اللفظة وقد صححها بعض أهل العلم، ممن صحح هذه اللفظة البخاري، وعلى هذا صلاة الليل وصلاة النهار كلها مثنى مثنى، يستثنى من ذلك ما زاد على الركعتين من الفرائض والوتر، فالتردد الحاصل بسبب إجمال بعض الأحاديث، كالأربع قبل الظهر هل تصلى بسلامٍ أو بسلامين؟ و ((رحم الله امرأً صلى قبل العصر أربعاً)) هل تكون بسلامٍ أو بسلامين؟ الحكم هذه اللفظة، فإن ثبتت كما يقول الإمام البخاري فلا تصلى إلا ركعتين ركعتين، وإن لم تثبت فالأمر فيه سعة، والنسائي يقول: "هذا خطأ" وجمعٌ من الحفاظ يقولون: ليست محفوظة هذه الكلمة المزيدة، ليست محفوظة، وصححها آخرون، وممن صححها البخاري، وعلى هذا فالاحتياط ألا يزيد الإنسان في نوافله على ركعتين، ويستوي في ذلك الليل والنهار. يقول: هذا سؤال عام يقول: لماذا يورد الحافظ ابن حجر الأحاديث الضعيفة؟ وما المطلوب من المتعلم تجاه الأحاديث الضعيفة؟

العلماء يعنون بهذا النوع من الأحاديث، والإمام البخاري -رحمه الله تعالى- يحفظ مائة ألف حديث صحيح، كما أنه يحفظ مائتي ألف حديث غير صحيح، فهذه الأحاديث التي لم تصح يستفيد منها طالب العلم، أقل الأحوال أن يعرف ضعفها فلا تورد عليه، فإذا أوردت عليه في مقام الاحتجاج ردها، ويحفظها على ضعفها، ويبحث عن طرق تقويها، فتثبت بعد هذا الضعف، أما كون أهل العلم يدونوها فهم يدونون كل شيء، على أن ينبهوا على ضعفه، في الأول -في أول الأمر- في زمن التدوين يكتفي أهل العلم بذكر الإسناد؛ لأن آحاد وأفراد المتعلمين يعرفون الأسانيد، وتبرأ العهدة بذكر الإسناد، ومن أسند فقد أحال، ومن أحال فقد برئ، لكن بعد ذلكم لا بد من أن يبين ضعف الضعيف بأسلوب يفهمه المخاطب، بمعنى أنه لا يجوز إلقاء الأحاديث الضعيفة والموضوعة على صغار المتعلمين إلا أن يبين يقال: هذا ضعيف، يعني لم يثبت عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، وهذا مكذوب مفترى على .. ، موضوع يعني مكذوب مفترى على النبي -عليه الصلاة والسلام-، لا بد من البيان الذي يفهمه السامع. ويأتي بعض الخطباء ويلقي على عوام الناس الأحاديث الضعيفة من غير بيان، هذا غش للسامع، لا بد أن يبين أن هذا الحديث ضعيف أو موضوع، ويبين معنى الموضوع، ما المراد بالموضوع؟ لأنه قد يخفى على السامع معنى الموضوع. هذا يقول: أنا طالب في مدرسة وصلاة الظهر نصليها في المدرسة وأريد أن أصلي أربع ركعات قبل الصلاة التي هي النافلة فخائفٌ أن أدخل في الرياء فماذا تنصحني؟ جاهد، صل أربع ركعات ليثبت لك الأجر، وجاهد نفسك في مدافعة الرياء، أما الترك فليس بعلاج. يقول: هل يصلى على النبي -عليه الصلاة والسلام- في التشهد الأول؟ نعم، النص يشمل التشهد الأول والثاني، النص يشمل التشهد الأول والثاني. إذا فاتتني سنن اليوم كلها أأبدأ بالسنن من الفجر إلى العشاء أو بالسنن من العشاء إلى الفجر؟ وماذا عن صلاة الضحى؟

أهل العلم يقولون: إذا خرج الوقت فالنوافل سنن فات وقتها كما يقولون، فعلى هذا لا تقضى، وقضاء الرواتب في غير وقت فرضها من خصائصه -عليه الصلاة والسلام-، فقد قضى راتبة الظهر بعد العصر، بعد صلاة العصر، لكن من فاتته راتبة الظهر حتى خرج وقت الظهر انتهى وقتها. قوله: في حديث عبد الله بن مغفل وهو عربيٌ صحيح اللسان من قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((لمن شاء)) كراهية أن يتخذها الناس سنة، كأنه يفهم منه أنه لو لم يقل: ((لمن شاء)) لكانت سنة، فعليه كأنه يفهم منه أن مقتضى الأمر للاستحباب وليس للوجوب؟ العكس، هذا يفيد أن الأمر للوجوب، لو لم يكن للوجوب لما قال: ((لمن شاء)) فدل على أنه للوجوب كما في حديث: ((لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة)). إذا أذن الفجر وهو في قيام الليل ولم يصل الوتر هل يصلي الوتر بعد الأذان؟ لا يصلي الوتر بعد الأذان. يقول: هلا تكلمتم عن الأمور التي تصرف الإنسان عن فعل الطاعات أو أنها عقوبات واسترسلت في ذلك؟ بينا شيء من هذا على وجهٍ يفهمه اللبيب. الأربع الركعات بعد صلاة الجمعة هل تكون بسلامٍ واحد أم بسلامين؟ بسلامين. يقول: الأربع قبل الظهر بسلامٍ واحد أو بسلامين؟ هما بسلامين. يقول: أيهما أفضل الإكثار من قراءة القرآن والنوافل غير المتعدية أم النوافل المتعدية مثل طلب العلم والدعوة؟

تنوع العبادات من مقاصد الشريعة، ولهذا جاءت العبادات منها اللازم ومنها المتعدي، ومنها البدني، ومنها المالي، والقول بأن العبادات أو النفع المتعدي أفضل من اللازم ليس على إطلاقه، وإلا فالصلاة وهي لازمة أفضل من الزكاة وهي متعدية، هذا بالنسبة لأركان الإسلام، فليس على إطلاقه، نعم إذا تساوى الأجر في هذا وهذا فلا شك أن ما يتعدى نفعه أفضل مما يلزم بالشخص، فكون الإنسان يكثر من النوافل اللازمة الخاصة يعان لا سيما إذا فعلها بإخلاص وبعد عن رؤية الناس لا شك أنه سوف يعان على الأمور المتعدية، كما أنه عليه أن يسعى لنفع الآخرين، وحينما يقال: إن العلم أفضل النوافل، أو أفضل من نوافل العبادات، لا يعني أن النوافل الأخرى تهمل، كونه يقال: إن الجهاد أفضل من نوافل الصيام والصلاة لا يعني أن هذه تهمل، إنما هو من باب الحث على هذا النوع مع العناية بغيره. هل نقول: إن ترك صلاة الضحى من السنة لأنه لم يفعلها -صلى الله عليه وسلم-؟ سيأتي الكلام عن صلاة الضحى -إن شاء الله تعالى-. هل الأفضل أن يصلي راتبة الفجر في بيته ثم يذهب إلى المسجد ويصلي تحية المسجد أم يصلي في المسجد؟ الأفضل أن يصليها في بيته، ويضطجع بعدها كما كان النبي -عليه الصلاة والسلام- يفعل، فإذا حضر للمسجد قبل إقامة الصلاة يصلي تحية المسجد؛ لأن النهي مخفف، والوقت موسع. يقول: هل جاء أن السنة البعدية للجمعة ست ركعات؟ من أهل العلم من جمع بين النصوص، الركعتين والأربع، وقال: المجموع ست، حفظ عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه كان يصلي أربع ركعات، وأنه كان يصلي ركعتين، فقال بعضهم: إن المجموع ست، وابن القيم -رحمه الله- حقق أن الأربع في حالة فيما إذا صلاها في المسجد، والركعتين فيما إذا صلاها في البيت. يقول: ما حكم الزيادة على ركعتي الفجر قبل الإقامة؟ ((لا صلاة بعد طلوع الصبح إلا ركعتي الفجر)) فالوقت وقت نهي. يقول: إذا فاتت الإنسان صلاة الفجر واحتاج الآخر أن يصلي معه جماعة وهذا الآخر قد صلى الفجر فهل يتصدق عليه أم أن هذا وقت نهي؟

النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: ((من يتصدق على هذا؟ )) وهو في صلاة الصبح، فقام شخص صلى معه يعني في الوقت الموسع، فلها سبب، الصدقة سبب، وهو وقتٌ موسع، ولا بأس حينئذٍ -إن شاء الله تعالى-. يقول: ما الراجح في قضاء راتبة الظهر بعد العصر؟ جاء ما يدل على أن هذه من خواصه -عليه الصلاة والسلام-، خاص به. يقول: من أصاب كل سنة فعلها الرسول -صلى الله عليه وسلم- من سنن الصلاة، أي صلى كل الصلوات التي صلاها الرسول -صلى الله عليه وسلم- من قبيل النافلة، فهل يحصل على أجرٍ أعظم ممن زاد، حيث أنه تابع السنة ولم يزد عليها؟ فعله -عليه الصلاة والسلام- واقتصاره على إحدى عشرة كما سيأتي، وأنه لم يزد على ذلك في رمضان ولا في غيره كما قالت عائشة لا يدل على التحديد، نعم، من اقتصر على العدد على الكمية، واقتفى الكيفية يرجى له، أما يقتصر على العدد إحدى عشرة ويأتي بها على وجهٍ قد يخل بها، أو لا يأتي بها على الكيفية التي كان النبي -عليه الصلاة والسلام- يصليها عليها، ويقول: إنه أكمل من غيره لا، يأتي هنا: ((صلاة الليل مثنى مثنى)) كما يأتي هنا: ((أعني على نفسك بكثرة السجود)) فلا تحديد حينئذٍ، لكن من اقتصر على الكمية فعليه أن يأتي بالكيفية، وإذا أتى بالكمية والكيفية يرجى له بلا شك؛ لأن الأصل الاقتداء، أما ينقر إحدى عشرة ركعة بربع ساعة، ويقول: إنه أفضل ممن يصلي ثلاثين ركعة بساعتين ثلاث، ما هو صحيح، نعم صل إحدى عشرة كما كان النبي -عليه الصلاة والسلام- تكن أفضل من غيرك. هذا يقول: هو من الذين يستيقظون لصلاة الفجر متأخرين فهل يجوز أن يصلي ركعتي الفجر بعد الفجر وأكرر ذلك في فترات متقاربة؟ أنت بالخيار، النبي -عليه الصلاة والسلام- أقر من صلى راتبة الصبح بعدها، وإن انتظرت إلى أن تطلع الشمس وترتفع فلا بأس. يقول: هل ثبت عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه قال: "صلاة التطوع في البيت تضاعف على صلاته في المسجد خمسة وعشرين"؟ لا أعرف هذا، إنما جاء التوجيه بأن صلاة المرء في بيته أفضل إلا المكتوبة. يقول: ما حكم بطاقة "سوى" مع العلم أنه يغلب على الظن عندي أني أنهي قيمة البطاقة قبل أن يسحبوه مني؟

حتى لو قدر أنك فرطت أو ما استعملت البطاقة، وانتهى الوقت، وعندما استعملتها أنت الذي ضيعت، المقصود أنها الثمن معلوم، والمثمن دقائق معلومة، تنتفع بها فلا شيء فيها، كونك تستفيد من هذه الدقائق المتاحة أو تفرط فيها هذا الأمر يعود إليك، كما لو استأجرت بيت وإلا دكان وقفلته بقية السنة ما استفدت منه، أنت الذي أذهبت الفرصة عن نفسك، لو اشتريت لتر لبن، وانتهت مدته وأنت ما استعملته يذهب عليك، أنت المفرط. يقول: ما يمكن أن يقال: إن قول النبي -عليه الصلاة والسلام- لمعاذ: ((لا تدعن دبر كل صلاة .. )) أن كل صلاة من العام الذي أريد به الخاص؟ يعني كأن السائل يريد تخصيصه بالفريضة، لكن لا بد من أن يدل الدليل على إرادة الخاص. يقول: هل هناك فرق بين الوتر وقيام الليل؟ قيام الليل المطلق، اللي هو مثنى مثنى، يصلي من الليل ما شاء، والوتر معروف، إما بركعة إذا ضاق عليه الوقت، أو بثلاث، أو بخمس، أو بسبع أو تسع أو إحدى عشرة هذا الوتر، لكن قيام الليل مثنى مثنى مطلق. هل نية الصلاة في قضاء قيام الليل تكون بنية صلاة الضحى أو بنية قيام الليل؟ نعم، بنية قضاء قيام الليل. شخص سها في التشهد الأخير ولم يتذكر أين وصل في التشهد هل يعيد أو ماذا يفعل؟ سها في التشهد، جالس للتشهد ما يدري هل صلى على النبي أو لم يصل على النبي؟ هل استعاذ بالله من أربع أو لم يستعذ؟ هل دعا أو لم يدع؟ يعتبر ما يتيقنه ثم يزيد عليه ما تركه، أو ما يغلب على ظنه أنه تركه. متى يكون سجود الشكر؟ عند تجدد النعم. وهل يصح أن يجعل المرء سجود الشكر في كل يوم وقتاً محدداً في آخر اليوم مثلاً؟ هذا لا، لا يتخذه عادة في وقتٍ محدد، في ساعة معينة لا، كل ما تجدد له نعمة يسجد. وماذا يقال في سجود الشكر؟ يقال فيه ما يقال في سجود الصلاة. يقول: أصلي قبل الفجر سبع ركعات ست ركعات بسلام ثم ركعة لوحدها؟ كيف؟! هذا ليس بصحيح، صل ركعتين ركعتين، ثم توتر بواحدة، أو تصلي السبع بسلامٍ واحد، ويكون الجميع وتر. يقول: غالباً أنتهي من الوتر قبل الأذان بدقيقتين أو ثلاث هل هذا صحيح؟ نعم صحيح، الوتر في مكانه.

يقول هذا: امرأة من أقاربه تسأل عن الحكم الشرعي للرؤية التي تتحول لاحقاً إلى حقيقة؟ فهي -والحمد لله- ملتزمة بالفروض والنوافل، ودائماً تذكر الله -عز وجل- بالأدعية الشرعية، والحمد لله على منهج السلف، فهي كلما صلت صلاة الاستخارة ترى مناماً، وغالباً هذه الرؤى تتحقق، والعجيب هو أنها سألت هنا في استراليا بعض المشايخ قالوا: إن هذه الأحداث غير ممكنة، وأنهم في عصر التكنولوجيا، وأنه لا يؤخذ بهذه الأشياء في أيامنا هذه فما هو الجواب لهؤلاء؟ لا شك أن الرؤيا الصالحة يراها المؤمن أو ترى له جزء من ستةٍ وأربعين جزءً من النبوة، وفي آخر الزمان لا تكاد رؤيا المؤمن تخطئ، فلا شك أن الرؤيا لها أصل في الشرع، والنبي -عليه الصلاة والسلام- كان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح، يعني وقعت، وكلٌ له نصيبه بقدر اقتدائه واقتفائه لأثر النبي -عليه الصلاة والسلام-. نعم، كثيرٌ مما يراه الناس أو كثيرٌ من الناس أضغاث لا حقيقة له، لكن يبقى أن الرؤيا وإن كانت حق إلا أنه لا يرتب عليها أمور شرعية، فالشرع كامل بدون الرؤى، نعم إذا كانت تسر الإنسان مبشرة، إذا كانت تسوؤه إذا كانت توجه إلى أمر غير متعبد به أو إلى شيء .. ، يعني قد يؤخذ منها بعض القرائن، قد يؤخذ .. ، لكن لا يؤخذ منها دلائل يثبت بها أحكام لا، أو لا يؤاخذ بها أحد بمجردها، يعني لو رأى رؤيا أن فلان اعتدى على فلان يطبق عليه حد؟! أو فلان سحر فلان أو زنى بفلانة أو كذا، هذه لا يعمل بها. الآثار المترتبة على الرؤيا المتعدية لا يعمل بها، الأمور الشرعية لا تثبت برؤى، وإن كان الأصل في الرؤية نعم إن كانت تبشره بخير يحمد الله على ذلك، هي تكون من المبشرات، ولها شروط، ولها أحكام، ولها آداب، وجاءت بها السنة، ولا يلزم أن يكون كل ما يرى له واقع وحقيقة. يقول: خطبت وملكت فهل لي أن أذهب مع زوجتي في أي مكان إذا كنت عقدت بوجود الولي والشهود وحصر الإيجاب والقبول؟ فهي زوجتك، افعل معها ما شئت.

يقول: ما حكم بيع التورق الحاصل في بعض البنوك ومنها البنك السعودي الأمريكي، حيث يبيع لك معدن بقيمة مؤجلة، ثم يترك لك حرية بيعه، إما أن تبيعه لمن تحب، أو توكل مكتب معتمد على البنك ليبيعه لك؟ أولاً: هل أنت قبضت هذا المعدن قبضاً شرعياً معتبراً؟ وهل البنك يملك هذا المعدن قبل بيعه عليه؟ ملكه ملك تام مستقر قبل أن يبرم معك أي عقد؟ ثم باعه عليك وقبضته والقبض المعتبر في مثله ثم بعته على ما شئت؟ لا بأس، على أن التعامل مع البنوك التي تتعامل بالربا إذا لم يوجد ما يقضي الحاجة غيرهم لا شك أن هذا من التعاون على الإثم والعدوان. يقول: في بعض الأحيان تكون عندي محاضرة دراسية ويؤذن للصلاة بعد بدء المحاضرة فهل لي أن أؤخر الصلاة بعد الأذان بساعة وربع؟ نعم، وقت الظهر يحتمل، طويل وقت الظهر، لكن لا ينبغي أن يفرط بالصلوات من أجل المحاضرات، ينبغي أن يكون الاهتمام بالصلاة من قبل الجامعات والكليات الأساتذة الطلاب أن يكون أمر الصلاة أعظم عندهم من أمر المحاضرات. يقول: أنا من سكان هذه المدينة منذ سنتين ولاحظت جفاء ملتزمي هذه المدينة؟ يعني التعميم فيه ما فيه، نعم قد يوجد الجفاء من بعض الإخوان لتأويل، أو لأمرٍ في نفسه، لكن الغالب على الإخوان العكس. يقول: وجدت ولاحظت جفاءً ملتزمي هذه المدينة في السلام ورده وخاصة في الدوائر الحكومية ولاحظت ذلك في هذا المسجد؟ هذا ليس على إطلاقه، قد يوجد، وهو خطأ على كل حال: ((لا يحقرن من المعروف شيئاً ولو أن يلقى أخاه بوجهٍ طلق)) التبسم في وجه أخيك صدقة، والسلام ((ألا أدلكم .. )) كما في الحديث: ((لا تدخلوا الجنة حتى تحابوا)) ((ألا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم أفشوا السلام بينكم)) والسلام يذهب الضغائن، ويقضي على القطيعة، فأقل الأحوال السلام والبشر.

يقول: في هذه الأيام نجد بعض الرسائل التحذيرية من البريد الالكتروني محذرةً من بعض المواقع التي تحرف القرآن وتذكر نماذج من بعض السور المحرفة، وقد اطلعت عليها لكنها بعيدة أن تكون سورة محرفة، إنما هي كلمات متراصفة، يقصد بها محاكاة القرآن، فما موقف المسلم منها؟ هل نسعى في نشر هذا التحذير للناس أم لا نلقي لها بالاً أخذاً بأن القرآن محفوظ من التحريف؟ نعم القرآن محفوظ من التحريف، ومصون من الزيادة والنقصان، ومع ذلك كل من يسيء إلى القرآن أو إلى الدين، أو إلى الذات الإلهية، أو إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- يجب أن يحذر منه، ويكشف خطؤه وضلاله، لا بد من التحذير منه. شخص يقول: أنا أجعل قدوتي الله -سبحانه وتعالى- بالأقوال والأفعال هل كلامه صحيح؟ ليس بصحيح، قدوتك وأسوتك النبي -عليه الصلاة والسلام-، الله -سبحانه وتعالى- له أن يقسم بما شاء، فهل لك أن تقسم بما شئت؟ أنت مأمور بالاقتداء بالنبي -عليه الصلاة والسلام-. يقول: اختارني عملي لدورة دراسية مدة سنة ونصف في إحدى الدول الكافرة فهل أذهب لهذه الدورة علماً أني أبٌ لأربعة أبناء؟ لا تذهب يا أخي، دينك دينك، احرص على دينك، أمور الدنيا مدركة، وهذه البلاد -ولله الحمد- وفيها من الفرص والخير الكثير ما يغنيك عن معاشرة الكفار ومجالستهم، ورؤية منكراتهم. يقول: قد تنفعني هذه الدورة في عملي وترقياتي؟ يا أخي ما عند الله لا ينال بسخطه، فلا تسافر. يقول: هل تختلف الفتوى من شخص لآخر؟ تختلف، أمور اجتهادية قد تجد من يفتيك بأن يقول: اذهب. يقول: ما معنى هذا الحديث: ((إذا وسد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة))؟ يعني إذا لم يكن في الأعمال العامة الأكفاء انتظر الساعة. يقول: كثيراً ما أحضر دروس العلم ومجالس الذكر، وأسمع أشرطة العلماء، وأقرأ الكتب العلمية، لكن تحصيلي قليل، وأشعر أنني لست أهلاً لطلب العلم، وتحدثني نفسي بالانقطاع فهل من نصيحة؟

لا تنقطع يا أخي، ثبت في الحديث أن: ((من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل الله له به طريق إلى الجنة)) مجرد سلوك الطريق يسهل الوصول إلى الجنة، ما قال: من صار عالماً دخل الجنة ((من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً)) ومجرد سلوك الطريق وبذل الأسباب هذا طريق موصل إلى الجنة، تكفيك مع أنك إذا حرصت على التحصيل، وصدقت اللجأ إلى الله -عز وجل- لا بد أن تنتفع. وكونك تحس أنك ما أدركت أنت أدركت خير كثير، لكن قد يكون الإنسان استثار نفسه ما وجد شيء، لكنه إذا حصل ما يثيرها في مجلس أو في غيره عرف أن هذه المسألة مرت عليه في الدرس الفلاني، وهذه المسألة سمعها من الشيخ الفلاني، وهذه المسألة تذكرها من الشريط الفلاني وهكذا، لأن الإنسان قد يقرأ الكتاب كامل، مجلد أو مجلدين أو عشرة، ثم يستذكر، يحاول يستذكر ما يذكر شيء، فيظن أن عمله ضاع ذهب خسارة، لا يا أخي، لو حضرت مجلس وبحث مسألة، وطرح مسألة مما دون في هذا الكتاب لا بد أن تستذكر، يعني كونك تستذكر جميع ما في الكتاب، أو بعض ما في الكتاب، أو جل ما في الكتاب، نعم الناس يتفاوتون، كونك تستحضر المسألة بجميع ذيولها، أو تستحضر أصل المسألة هذه مسألة يتفاوت فيها الناس، لكن لا بد أن تستحضر، لا بد أن تستحضر شيئاً منها، فلا بد من الانتفاع إذا حضرت، وعليك أن تصدق اللجأ إلى الله -عز وجل- أن ينفعك بما تسمع، وأن ينفعك بما تعلم، وتتابع التحصيل وتحرص على ذلك، وتأتي العلوم من أبوابها، وسوف تدرك -إن شاء الله تعالى-. يقول: هل يجوز لي أن أقرأ ما تيسر من القرآن إذا كان الإمام يطول في الركعتين اللتين بعد التشهد الثالثة والرابعة؟ لك ذلك، إذا فرغت من قراءة الفاتحة والإمام لم يركع اقرأ ما زاد، اقرأ ما تيسر، والله أعلم. وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

كتاب الصلاة (23)

بلوغ المرام - كتاب الصلاة (23) تابع شرح: باب: صلاة التطوع الشيخ/ عبد الكريم بن عبد الله الخضير "وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل)) أخرجه مسلم". الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى- في أبواب: صلاة التطوع: "وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل)) " صلاة الليل تشمل قيام الليل وتشمل الوتر، وكون صلاة الليل أفضل من صلاة النهار تطوعاً؛ لأنه أقرب إلى الخشوع، وأهدأ وأسكن للقلب، وأبعد عن رؤية الناس، فالليل من طبيعته السكون والظلام والهدوء والبعد عن رؤية الآخرين، هذا الأصل في الليل أنه سكن، والناس فيه في الغالب نيام، وهذا لما كانت الناس على الفطر، أما الآن فالحاصل العكس، هو وقت الانتشار الآن، الليل وقت الانتشار بخلاف النهار، النهار مقسومٌ بين كون الناس في أعمالهم، وهذا وقت غفلة لمن لم يكن لديه عمل، وأيضاً بقية النهار يستغل في الهدوء والراحة بعد عناء العمل في أول النهار، ثم ينتشر الناس في الليل، وهذا على خلاف الأصل، وكان النبي -عليه الصلاة والسلام- يكره الحديث بعد صلاة العشاء، يكره النوم قبلها والحديث بعدها، فانقلبت حياة الناس فصار الانتشار في الليل، والهدوء والسكون في نصف النهار الثاني بعد نهاية الدوام. فعلى طالب العلم أن يعنى بالرجوع إلى ما دلت عليه النصوص من كراهية الحديث بعد صلاة العشاء إلا إذا ترجحت المصلحة من علمٍ يفوت، أو مصلحة عامة تعم المسلمين، فالسمر في طلب العلم ترجم به الإمام البخاري -رحمه الله- في صحيحه في أبواب العلم، وأهل العلم يقسمون ليلهم بين نوم ومطالعة وتصنيف وصلاة هذه حياتهم، وهذا دأبهم، وهذا ديدنهم.

من المؤسف أن نرى طلاب العلم ليلهم كغيرهم، يصرف في القيل والقال، وفيما لا ينفع، وعليهم تبعة ومسؤولية، ولو عنوا بذلك لقلدهم الناس، الناس تبعٌ لأهل العلم، لو أن أهل العلم استغلوا الليل بالنوم في أوله كما كان النبي -عليه الصلاة والسلام- ينام ويقوم، وداود -عليه السلام- كان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه وينام نصفه، وهذا أفضل القيام كما وجه إليه النبي -عليه الصلاة والسلام-، وما ثبت أن النبي وما حفظ عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه قام ليلةً بكاملها، كل الليل قائم، ولا في عبادة، اللهم إلا ما ذكر عنه في العشر الأخير من رمضان، في العشر الليالي الأخيرة من رمضان كان يشد المئزر -عليه الصلاة والسلام-، وما عدا ذلك ينام ويقوم. ((أفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل)) لما ذكرنا، وفي الليل لا سيما في جوفه الآخر الثلث الأخير، وقت النزول الإلهي، فالرب -جل وعلا- ينزل في آخر كل ليلة في الثلث الأخير، ويقول ما يقول، ويمن على من يمن من عباده بالمغفرة، وإجابة السؤال، إجابة الدعوة، فلا نحرم أنفسنا من هذا، إذا ابتلي الإنسان بسهر، أو حصل له ظرف من الظروف، أو جاءه ضيف، أو سهر من أجل العلم وغلب جانب المصلحة، مصلحة العلم وسهر من أجله لا يحرم نفسه من التعرض لنفحات الله -جل وعلا-، لا سيما في الثلث الأخير في وقت النزول الإلهي، والله المستعان. نعم الحديث الذي يليه .. "وعن أبي أيوب الأنصاري -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((الوتر حق على كل مسلم، من أحب أن يوتر بخمس فليفعل، ومن أحب أن يوتر بثلاث فليفعل، ومن أحب أن يوتر بواحدة فليفعل)) رواه الأربعة إلا الترمذي، وصححه ابن حبان، ورجح النسائي وقفه".

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "وعن أبي أيوب الأنصاري -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((الوتر حق على كل مسلم)) " حق يعني متأكد، فهو من آكد النوافل، وإن لم يكن واجباً، حق يعني متأكد، كما تقول لفلان من الناس: لك علي حق، يعني متأكد، ولا يلزم من هذا أن يكون واجباً، ولهذا جمهور أهل العلم على أن الوتر ليس بواجب، والأدلة على ذلك كثيرة يأتي بعضها ((هل علي غيرها؟ )) لما ذكر الصلوات الخمس قال: ((لا، إلا أن تطوع)) فدل على أن الوتر ليس بواجب، وأوجبه أبو حنيفة -رحمه الله- استدلالاً بمثل هذا الحديث، وحمل الحق على الواجب الذي يجب أداؤه، وهنا عامة أهل العلم على أن الحق المتأكد وإن لم يكن واجباً. ((الوتر حقٌ على كل مسلم)) سواءً كان ذكراً أو أنثى، كبيراً أو صغيراً إذا بلغ حد التكليف ((من أحب أن يوتر بخمس فليفعل)) خمس ركعات، وظاهره أنها بسلام، وقد ثبت عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه أوتر بخمس بسلامٍ واحد ولا يجلس بينها ((ومن أحب أن يوتر بثلاث فليفعل، ومن أحب أن يوتر بواحدة فليفعل)) وكون الإنسان يحال إلى مشيئته ومحبته وإرادته يدل على أن هذا الأمر ليس بواجب، كونه من أحب أن يفعل فليفعل ((من أحب أن يوتر بواحدة)) وهذا أقل ما يتصور فيه الوتر، وأدنى الكمال الثلاث، وأكثره إحدى عشرة كما سيأتي. أوتر النبي -عليه الصلاة والسلام- بـ ... ، صلى إحدى عشرة كما سيأتي في حديث عائشة، وثلاث عشرة، وأوتر بتسع يجلس في الثامنة ويسلم على التاسعة، وأوتر بسبع بسلامٍ واحد، وأوتر بخمس وأوتر بثلاث، وجاء النهي عن تشبيه الوتر بالمغرب، التسع يجلس بعد الثامنة يتشهد ثم يقوم إلى التاسعة يتشهد بعدها ثم يسلم، وأما الثلاث فجاء النهي عن تشبيهها بالمغرب، بمعنى أنه لا يجلس بعد الثانية، ثم يأتي بالثالثة ويسلم لا، يسردها سرداً، أو يفصل بينها بسلام لا بأس. ((من أحب أن يوتر بواحدة فليفعل)) لم يثبت من فعله -عليه الصلاة والسلام- أنه أوتر بواحدة، نعم ثبت من فعل معاوية -رضي الله عنه-، وصوبه ابن عباس، ودل عليه هذا الحديث إن صح رفعه، وإلا "رجح النسائي وقفه" على أبي أيوب -رضي الله عنه-.

ومن أهل العلم من يصححه مرفوعاً، ومنهم من يقول: ولو لم يثبت رفعه فإن له حكم الرفع؛ لأن هذه الأعداد أعداد الصلوات توقيفية، لا يمكن أن يقوله الصحابي من تلقاء نفسه ومن اجتهاده، ولا مسرح للاجتهاد في هذا، فالأعداد مردها إلى الشارع، وحينئذٍ يكون الوتر بواحدة مشروع، وبثلاث مشروع، وبخمس مشروع، ثم ما عدا ذلك بسبع من فعله -عليه الصلاة والسلام-، وبتسع، وبالإحدى عشر على ما سيأتي. "وعن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- قال: "ليس الوتر بحتم كهيئة المكتوبة، ولكن سنة سنها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" رواه النسائي والترمذي وحسنه، والحاكم وصححه". هذا من أدلة الجمهور حديث علي -رضي الله عنه- قال: "ليس الوتر بحتم كهيئة المكتوبة، ولكنه سنة سنها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-"، "ليس الوتر بحتم" يعني ليس بواجب، وهذا من أدلة الجمهور وإن كان الحديث فيه مقال؛ لأن فيه عاصم بن ضمرة تكلم فيه غير واحد من أهل العلم، وحسنه الترمذي وصححه الحاكم، لكنه لا يسلم من مقال، وعلى كل حال هو من أدلة الجمهور على عدم الوجوب. "وعن جابر -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قام في شهر رمضان، ثم انتظروه من القابلة فلم يخرج، وقال: ((إني خشيت أن يكتب عليكم الوتر)) رواه ابن حبان". يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "وعن جابر" بن عبد الله -رضي الله عنهما- "أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قام في شهر رمضان، ثم انتظروه من القابلة فلم يخرج، وقال: ((إني خشيت أن يكتب عليكم الوتر)) هذا الحديث "رواه ابن حبان" وهو حديثٌ ضعيف، لكن ثبت في الصحيح أن النبي -عليه الصلاة والسلام- صلى بهم في رمضان، صلى فاجتمع له أناس فصلوا بصلاته، ثم في الليلة الثانية اجتمع أكثر منهم، ثم انتظروه في الثالثة فلم يخرج إليهم، وقال: ((إني خشيت أن تكتب عليكم)) يعني صلاة الليل تفرض، خشي أن تكتب عليهم، وإذا كتبت عليهم قد يعجزون عنها، فترك الصلاة بهم في ليالي رمضان جماعة لا نسخاً لها، ولا عدولاً عنها، وإنما خشيت أن تفرض عليهم.

قد يقول قائل: إن الصلاة فرضت خمس في العدد وخمسين في الأجر في كتاب لا يبدل، هن خمسٌ عن خمسين لا يبدل القول لدي فكيف يخشى أن تفرض؟ أهل العلم لهم أجوبة عن هذا، لكن منها: أن خشية الفرض أن التطوع لا يصح إلا جماعة، يفرض عليهم التجميع في التطوع، لا أن الصلاة هذه تفرض عليهم فتزيد على الخمس المعروفة. وعلى كل حال هذا الحاصل، صلى النبي -عليه الصلاة والسلام- وصلوا وراءه في ليلة، ثم الليلة الثانية كذلك زاد العدد، ثم في الثالثة امتلأ المسجد ولم يخرج إليهم -عليه الصلاة والسلام-, وعلل بذلك "خشية أن تفرض عليهم" فتركه -عليه الصلاة والسلام- للصلاة جماعة في رمضان لا عدولاً عنها ولا نسخاً لها، ولذا لما أمن .. ، أمنت هذه الفرضية بوفاته -عليه الصلاة والسلام- جمعهم عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- على إمامٍ واحد، جمعهم على إمام، خرج وهم يصلون أوزاعاً، كلٌ يصلي لنفسه فجمعهم على إمامٍ واحد، ثم خرج في ليلة وكأنه أعجبه صنيعهم، فقال -رضي الله عنه وأرضاه- كما في الصحيح: "نعمت البدعة هذه"، "نعمت البدعة هذه". البدعة في الأصل: ما عمل على غير مثالٍ سابق، هذا الأصل في البدعة أنها مع عمل على غير مثال سابق، وفي الشرع: ما أحدث في الدين مما لم يسبق له شرعية من كتاب ولا سنة، عمر -رضي الله عنه- سمى صلاة التراويح بدعة، وهذا الكلام في الصحيح صحيح البخاري "نعمت البدعة هذه" الشارح -الصنعاني- تكلم بكلام لا يليق بأمير المؤمنين عمر -رضي الله عنه-، ولا شك أن هذا من تأثير البيئة التي عاش فيها، وقال بعضهم: إنه لم يسلم من شوب التشيع، وله أكثر من موضع يسيء فيه مثل هذه الإساءة، والبدعة مرفوضة ولو كانت من عمر يقول مثل هذه، وليس في البدع ما يمدح، وكل بدعة ضلالة، نعم كل بدعة ضلالة، لكن مثل هذا يقال في الخليفة الراشد أمرنا بالاقتداء به؟! إذا قال مثل هذا في عمر -رضي الله عنه- في هذا العمل الذي له شرعية سبقت شرعيته من فعل النبي -عليه الصلاة والسلام- فماذا يقول عن عثمان -رضي الله عنه- في أمره بالأذان الأول يوم الجمعة؟! وقد تكلموا فيه من سلك هذا المسلك بكلامٍ لا يليق بخيار الأمة وساداتها.

إذاً إذا لم تكن هذه بدعة لا لغوية ولا شرعية فما معنى قول عمر -رضي الله عنه-: "نعمت البدعة" عرفنا أن البدعة في الأصل -يعني في اللغة-: ما عمل على غير مثالٍ سبق، وصلاة التراويح جماعة في ليالي رمضان عملت على مثالٍ سبق، صلاها النبي -عليه الصلاة والسلام- ليلتين جماعةً، فليست بدعة لغوية؛ لأن لها مثال سابق، وشيخ الإسلام -رحمه الله- ويقلده كثير من أهل العلم أنها بدعة لغوية، لكن البدعة اللغوية: ما عمل على غير مثالٍ سابق، وهذه لها مثال سابق فعلها النبي -عليه الصلاة والسلام- جماعةً، كونه تركها لعلة لا يعني أنه تركها رغبة عنها، ولا نسخاً لها؛ لأنها لو نسخت ما يكفي أن يقال مثل هذا الكلام، ولا يسوغ لأحدٍ أن يعمل بمنسوخ إلا من جهل أنه منسوخ، وليست ببدعة شرعية؛ لأنها سبقت شرعيتها من سنة النبي -عليه الصلاة والسلام-، وليست من قبيل المجاز؛ لأن المجاز لا يعرف في لغة العرب بالمعنى الذي يفسره به من يقول به، استعمال اللفظ في غير ما وضع له لا يعرف. إذاً، إذا لم تكن لا بدعة لغوية ولا شرعية ولا مجاز إذاً ماذا تكون؟ على ماذا يحمل قول عمر: "نعمت البدعة"؟ يعني استدل بقول عمر من يقسم البدع إلى بدع حسنة وبدع سيئة، بل قسم بعضهم البدع إلى خمسة أقسام تبعاً للأحكام الخمسة التكليفية، فجعل من البدع ما هو واجب، بدع واجبة، وبدع مستحبة، وبدع مباحة، وبدع مكروهة، وبدع محرمة، والنبي -عليه الصلاة والسلام- يقول: ((كل بدعة ضلالة)) كيف يكون في البدع ما يمدح؟ وكيف يكون من البدع ما هو واجب وما هو مستحب والنبي -عليه الصلاة والسلام- يقول: ((كل بدعة ضلالة))؟ إذاً ماذا نقول عن قول عمر -رضي الله عنه-: "نعمت البدعة"؟ تجوز يعني مجاز؟ وإلا توسع في العبارة؟ طالب:. . . . . . . . . إيه، ما يمسى تجوز هذا، هذا ما يسمى تجوز، لكن هل قيل له: إنها بدعة يعني حقيقةً وإلا تقديراً؟ يعني هل يوجد من قال: إنها بدعة فقال عمر: "نعمت البدعة" ثم إذا قيل ذلك بم يسمى هذا الأسلوب؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . المحافظة عليها إذاً بدعة، إذاً نقر أنها بدعة، تصير بدعة شرعية وإلا إيش؟ طالب:. . . . . . . . .

ما ينفع، إذا قلنا: إن المحافظة عليها .. ، النبي -عليه الصلاة والسلام- ما حافظ، فمن حافظ مبتدع، إذاً من حافظ عليها جماعة مبتدع، والبدع كلها ضلالة نعم، إيه. طالب:. . . . . . . . . إذاً من البدع ما يمدح، والنبي -عليه الصلاة والسلام- يقول: ((كل بدعة ضلالة)) فهل من الضلال ما يمدح؟ طالب:. . . . . . . . . إيه، يحومون حولها، يحوم بعضهم حول الحمى. طالب:. . . . . . . . . ويش هو؟ أمنت الفرضية. طالب:. . . . . . . . . لا، عمر وقف على فعله، وعرف أنه فعل -عليه الصلاة والسلام- جماعة، لكنه ترك خشية أن تفرض، لكن .. طالب:. . . . . . . . . طيب يعني سن في الإسلام سنة حسنة يبتدع ويكون سنة حسنة؟ أحيا سنة قد ماتت، يعني هذه سنة تركت فأحياها عمر فيكون سنة سنة، إذاً كيف يقول: بدعة؟ هو الإشكال من تسميتها بدعة، هاه؟ إذاً كيف يقول عمر: نعمت البدعة؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . إذاً ويش تصير؟ ما في تكون؟ طالب:. . . . . . . . . يعني صلاة التراويح في ليالي رمضان، صلاة النفل، قيام رمضان ((من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه)) الحث عليها حاصل، كونها صليت جماعة النبي -عليه الصلاة والسلام- صلاها جماعة، كونه ترك لا نسخ ولا عدولاً عنها إنما خشيت أن تفرض، فتشريعها باقي مع أمن ما خشيه النبي -عليه الصلاة والسلام- من كونها تفرض. طالب:. . . . . . . . . هو الذي جمع، هو الذي أمرهم بذلك. طالب:. . . . . . . . . من إيش؟ المجانسة والمشاكلة، بعضهم أشار إليه، لكن ما جاؤوا باللفظ اللي هو المطلوب، في قوله -جل وعلا-: {وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا} [(40) سورة الشورى] الجناية سيئة بلا شك، لكن معاقبة الجاني سيئة وإلا حسنة؟ معاقبة الجاني سيئة وإلا حسنة؟ حسنة، سميت في الآية سيئة، من باب المشاكلة والمجانسة في التعبير، من باب المشاكلة، البيت المشهور في المشاكلة: قالوا: اقترح شيئاً نجد لك طبخه ... قلت: اطبخوا لي جبةً وقميصاً

هذه مشاكلة مجانسة، وباب المشاكلة والمجانسة معروف في علم البديع، له أمثلة كثيرة، وهنا لما خرج إليهم عمر ورأى هذا المنظر الذي أعجبه، وقد استند فيه إلى فعل النبي -عليه الصلاة والسلام- ولم يبتدع، فخشي -رضي الله عنه- أن يقال: ابتدعت يا عمر، كأنه قيل له: ابتدعت يا عمر، فقال: "نعمت البدعة" على سبيل المشاكلة والمجانسة في التعبير، وإلا فليست بدعة لا لغوية ولا شرعية. وحينئذٍ من يتكلم في عمر -رضي الله عنه-، وقد أمرنا بالاقتداء به، وقد اقتدى بالنبي -عليه الصلاة والسلام- في فعل هذه الشعيرة، وقيام الليل جماعةً حتى في غير رمضان له أصل، صلاها النبي -عليه الصلاة والسلام- وصلاها معه ابن عباس جماعة، صلى معه ابن مسعود، المقصود أن صلاة الليل مشروعة جماعات فرادى، أما ما يعامل به عمر -رضي الله عنه- بمثل أسلوب الصنعاني فلا شك أن هذا سوء أدب مع هذا الخليفة الراشد -رضي الله عنه وأرضاه-، "والبدعة مذمومة ولو كانت من عمر! " عمر يبتدع؟! ولا شك أن هذا من تأثير البيئة، فقد عاش الصنعاني ومثله الشوكاني في بيئة يغلب عليها التشيع، وإلا مثل هذا لا يصدر من عالم يقدر الصحابة قدرهم، وحصل منه بعض الشيء مع معاوية -رضي الله عنه وأرضاه-، ومع عثمان حينما أمر بالأذان الأول يوم الجمعة، المقصود أنه يحصل من هؤلاء، ومن الشوكاني حصل بعض الأشياء. "وعن خارجة بن حذافة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إن الله أمدكم بصلاة هي خير لكم من حمر النعم)) قلنا: وما هي يا رسول الله? قال: ((الوتر، ما بين صلاة العشاء إلى طلوع الفجر)) رواه الخمسة إلا النسائي، وصححه الحاكم. وروى أحمد عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده نحوه". يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "وعن خارجة بن حذافة" العدوي، ولي القضاء بمصر لعمرو بن العاص، ولما اتفق الخوارج الثلاثة على قتل علي -رضي الله عنه- ومعاوية وعمرو بن العاص، علي -رضي الله عنه- قتل، وعمرو بن العاص كلف خارجة بالصلاة عنه فقتل خارجة، ومعاوية تناوله من وكل به بالسيف فأصاب شيء منه ولم يقتل، في هذا يقول القائل: وليتها إذ فدت -يعني المنية- ..

وليتها إذ فدت عَمراً بخارجة ... فدت علياً بمن شاءت من البشرِ على كل حال هي المقادير، ولا راد لقضاء الله -عز وجل-. هذا خارجة بن حذافة يقول: "قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إن الله أمدكم بصلاة هي خير لكم من حمر النعم)) يعني زادكم صلاةً على ما افترضه عليكم ((هي خيرٌ لكم من حمر النعم)) (أمد) الفعل (مدّ) الثلاثي و (أمدّ) الرباعي؛ لأن الحرف المضعف بحرفين كما هو معروف، يختلف مدّ عن أمدّ وإلا ما يختلف؟ المعنى واحد وإلا يختلف؟ طالب:. . . . . . . . . طيب ومدّكم؟ لو جاء في الحديث: "إن الله مدّكم بصلاة هي خيرٌ لكم من .. " الفعل مدّ وأمدّ ما بينهم فرق؟ لو استعرضنا ما جاء في القرآن من مدّ وأمدّ {وَأَمْدَدْنَاكُم} [(6) سورة الإسراء] {وَنَمُدُّ لَهُ} [(79) سورة مريم] هذا في الخير وهذا في الشر، أمدّ في الخير ومدّ في الشر. ((إن الله أمدّكم)) وهذا من باب الخير، ولذا جاء بـ (أمدّ) ((أمدكم بصلاةٍ هي خيرٌ لكم من حمر النعم)) المقصود بها الإبل الحمر التي هي أنفس أموال العرب " قلنا: وما هي يا رسول الله? قال: ((الوتر)) الوتر من آكد الصلوات، ولذا كان النبي -عليه الصلاة والسلام- يحافظ عليها سفراً وحضراً ((ما بين صلاة العشاء إلى طلوع الفجر)) هذا وقت الوتر، لا يصح الوتر قبل صلاة العشاء، وإذا طلع الفجر انتهى وقت الوتر، انتهى وقته، وهو مربوطٌ بصلاة العشاء، فلو جمعت إلى المغرب جمع تقديم ما بين صلاة العشاء يعني سواءً كانت في وقتها في أوله، في أثنائه، في آخره، قبل وقته إذا جمعت العشاء مع المغرب، أوله من صلاة العشاء بعد الفريضة والراتبة يأتي الوتر، يستمر وقته إلى طلوع الفجر، فإذا طلع الفجر فلا صلاة إلا ركعتي الفجر.

يقول: رواه أحمد والأربعة "إلا النسائي" بعض النسخ: "رواه الخمسة إلا النسائي" والمعنى واحد "وصححه الحاكم، وروى أحمد عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده .. " وعرفنا مراراً الكلام على هذه السلسلة، والخلاف فيها قبولاً ورداً، وسبب الخلاف، والراجح في ذلك "عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده" والخلاف في مرجع الضمير في جده هل يعود إلى عمرو أو إلى شعيب؟ والمراد بالجد هو محمد أو عبد الله بن عمرو بن العاص تقدم مراراً، فعندنا "عمرو بن شعيب عن أبيه" شعيب "عن جده" عن جد الأب أو عن جد عمرو؟ يحتمل، فإذا قلنا: "عن جده" أي جد عمرو المراد به محمد بن عبد الله بن عمر بن العاص وهو تابعي، وعلى هذا تكون الأخبار المروية بهذه السلسلة على هذا الاعتبار مرسلة، وإذا قلنا: الضمير في جده يعود إلى الأب "عن أبيه عن جده" يعني جد الأب وهو أقرب مذكور قلنا: المراد بالجد عبد الله بن عمرو بن العاص، وحينئذٍ يكون .. ، ينتفي الإرسال، لكن يبقى النظر في شعيب هل سمع من جده عبد الله بن عمرو أو لم يسمع؟ مسألة خلافية، وقد جاء التصريح به في بعض الأسانيد عند أحمد والنسائي وغيرهما عن أبيه عن جده عبد الله بن عمرو، التصريح بذلك. وجمعٌ من أهل العلم يرون أن هذه السلسلة ضعيفة للخلاف الذي ذكر، وبعضهم يقول: صحيحة والجد معروف، وشعيب سمع من جده، والتوسط في أمر هذا أن يقال: هي من قبيل الحسن، ومر ذلك مراراً. "وعن عبد الله بن بريدة عن أبيه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((الوتر حق، فمن لم يوتر فليس منا)) أخرجه أبو داود بسند لين، وصححه الحاكم. وله شاهد ضعيف عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عند أحمد".

يقول -رحمه الله تعالى-: "وعن عبد الله بن بريدة عن أبيه -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((الوتر حق، فمن لم يوتر فليس منا)) أخرجه أبو داود بسند لين" يعني فيه ضعف؛ لأن في إسناده عبيد الله بن عبد الله العتكي مضعف عند أهل العلم، وإن صححه الحاكم "وله شاهد ضعيف" أيضاً "عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عند أحمد" فالأصل لين والشاهد ضعيف، والحاكم وصححه على عادته في تساهله في ترقية مثل هذا الحديث بالشاهد المذكور، ويصححه مثل ابن حبان، وقبله الترمذي بالشاهد، فالسند اللين يعني ضعفه غير شديد، يمكن أن ينجبر، فإذا وجد له شاهد يقويه ولو كان ضعيفاً إن لم يكن الضعف شديداً فإنه حينئذٍ ينجبر، ولو قيل: بأن الحديث حسن لغيره لما بعد. ((الوتر حقٌ فمن لم يوتر فليس منا)) هذا من حيث الإسناد لو قيل: إنه حسنٌ لغيره ما بعد؛ لأن ضعف الأصل ليس بشديد، ووجد الجابر على القاعدة يمكن أن يرتقي، لكن متنه فيه ما فيه. ((الوتر حق)) مقبول، يعني ليس بباطل ((فمن لم يوتر فليس منا)) النكارة هنا ((من لم يوتر فليس منا)) والأدلة تدل على أن الوتر ليس بواجب، فلا يمكن أن يأتي ((من لم يوتر فليس منا)) مع أن الوتر ليس بواجب إلا إذا تجوزنا في العبارة قلنا: إن ((ليس منا)) ليس على طريقتنا وهدينا وسنتنا في هذه المسألة، في الوتر، يعني ترك سنتنا، وترك هدينا، وترك طريقتنا في الوتر، وهذا محمولٌ على الرجل الذي يترك الوتر بالكلية، ولذا يقول الإمام أحمد -رحمه الله-: "من ترك الوتر رجل سوء ينبغي أن لا تقبل شهادته" وهو محمولٌ على من تركه واستمر على تركه، لا أنه يوتر .. ، لا أنه تركه مرة أو مرتين هذا لا يؤثر؛ لأن الوتر عند الجمهور سنة.

"أخرجه أبو داود بسند لين" وقد يقال في بعض الرواة: فلان لين، ويقال في الحديث: سنده لين، أو الحديث لين، يعني فيه ضعف، فمتى يقال للراوي: لين؟ إذا كان حفظه فيه ضعف، نقول: في قاعدة تضبط، يعني إذا لم يكن له من الحديث إلا القليل، ولم يثبت فيه ما يترك حديثه من أجله فإن توبع فمقبول وإلا فلين، هذا اللين، "وصححه الحاكم، وله شاهد ضعيف عن أبي هريرة عند أحمد" الشاهد مرّ بنا بالأمس، الشاهد: أن يأتي حديث بلفظه أو بمعناه من طريق صحابي آخر، فإن اتحد الصحابي فهو المتابع، وإن اختلف الصحابي فهو الشاهد. لكن قول الحافظ: "وله شاهد ضعيف" هل يكفي أن يقال: ضعيف وفي رواته من هو منكر الحديث أو لا بد أن يقول: ضعيف جداً؟ في إسناده الخليل بن مرة وهو منكر الحديث، يكفي أن نقول: ضعيف؟ يعني ينبغي أن يقول: جداً، ينبغي أن يقول الحافظ -رحمه الله-: جداً، ضعيفٌ جداً. "وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "ما كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة، يصلي أربعاً فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي أربعاً فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي ثلاثاً، قالت عائشة: فقلت: يا رسول الله أتنام قبل أن توتر? قال: ((يا عائشة إن عيني تنامان ولا ينام قلبي)) متفق عليه. وفي رواية لهما عنها: "كان يصلي من الليل عشر ركعات ويوتر بسجدة، ويركع ركعتي الفجر فتلك ثلاث عشرة". وعنها -رضي الله عنها- قالت: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصلي من الليل ثلاث عشرة ركعة، يوتر من ذلك بخمس لا يجلس في شيء إلا في آخرها". في حديث "عائشة -رضي الله عنها- قالت: ما كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة" ثبت من حديثها أنه صلى إحدى عشر، ومن حديث أبي هريرة وغيره أنه زاد على الإحدى عشرة، لكن هذا على حسب علمها، كما أخبرت عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه ما كان يصوم من العشر ذي الحجة، وثبت عن غيرها أنه كان يصوم، فكونه يترك ويفعل ما لم تطلع عليه لا يعني عدم الوجود.

"قالت: ما كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة" هذا غالب فعله -عليه الصلاة والسلام-، وهذا ديدنه، لا يزيد على ذلك "يصلي أربعاً فلا تسأل عن حسنهن وطولهن" والأربع هذه يحتمل أن تكون بسلامٍ واحد، ويحتمل أن تكون بسلامين، إلا أن الحديث السابق ((صلاة الليل مثنى مثنى)) ينفي الاحتمال الأول "يصلي أربعاً" يعني بسلامين لحديث: ((صلاة الليل مثنى مثنى))، "يصلي أربعاً فلا تسأل عن حسنهن وطولهن" ما يحتاج أن تسأل، حسنهن وطولهن مشهور، لا يسأل عنه، أو "لا تسأل عن حسنهن وطولهن" لأنني لا أستطيع أن أصف هذا الحسن وهذا الطول، لا أستطيع حقيقةً أو لأنك ومثلك لا يحتمل مثل هذا الوصف؛ لأن بعض الناس ينظر إلى الناس ويقيس فعلهم على فعله، يعني لو قيل لواحد من الناس من أوساطنا أنه يمكن قراءة القرآن بيوم قال: مستحيل، يمكن أن يصلي الإنسان في اليوم والليلة ثلاثمائة ركعة قال: مستحيل، لماذا؟ لأنه ما يحتمل هذا العمل، يقيس الناس على نفسه. بالمقابل من سهلت له العبادة يستغرب أن يوجد شخص يستثقل بعض العبادات أو بعض الأعمال؛ لأنها ميسرة، هذا بالنسبة له، ولذا نقل البخاري في كتاب البيوع من صحيحه عن حسان بن أبي سنان يقول: ما رأيتُ شيئاً أهون من الورع ((دع ما يريبك إلى ما لا يريبك)) هذا الذي عجز عنه الخواص فضلاً عن العوام، يقول: "ما رأيت شيء .. " لأنه يتحدث عن نفسه، ونحن إذا قيل لنا: إن فلان من الناس يقرأ القرآن في ثلاث أو في يوم قلنا: مستحيل؛ لأننا نقيس الناس على أنفسنا، وهنا تقول: "لا تسأل عن حسنهن وطولهن" لأنك ما تستوعب؛ لأنه ثبت في الصحيح أنه قرأ بالبقرة، ثم النساء، ثم آل عمران، وقراءة النبي -عليه الصلاة والسلام- مد، يقرأ خمسة أجزاء في ركعة واحدة، وقراءته كانت مداً -عليه الصلاة والسلام-، يعني الهذ والقراءة مع الهذ والسرعة الشديدة الخمسة تحتاج إلى ساعة، ومع الترتيل لا يكفيها ساعتين، إذا أضفنا أنه ركع ركوعاً طويلاً نحو قيامه، سجد سجوداً نحو ركوعه قريباً من ركوعه، كم تكون التسليمة بهذه الصفة؟ كم؟ تحتاج إلى ساعات، ولذا قالت: "فلا تسأل عن حسنهن وطولهن".

مثل ما ذكرنا عن قياس الناس على النفس طرداً وعكساً، نُقل عن بعض علماء المغرب وهذا يستغرب في الوقت الحالي، في. . . . . . . . . السابع، نقل عنه أن الخلاف في كفر تارك الصلاة خلاف نظري، خلاف نظري لا حقيقة له في الواقع لماذا؟ لأنه لم يتصور أن من ينتسب إلى الإسلام يترك الصلاة، العلماء افترضوا هذه المسألة وإلا لا وجود لها، هذا وين يشوف؟ يندر أن يوجد بيت من بيوت المسلمين ما يوجد فيه واحد إما يؤخر الصلاة عن وقتها من ذكر أو أنثى، أو ما يصلي بالكلية، ابتلي الناس بمثل هذا، ويقول: هذه مسألة افتراضية ما يمكن، احتمال أن يكون في وقت شرار الناس بعد الدجال بعد كذا يمكن، لكن في أوقات استقامة الأحوال ما يمكن، افتراضية هذه، هذا شخص يتحدث بقدر ما عنده، والله المستعان. "يصلي أربعاً -عليه الصلاة والسلام- فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي أربعاً فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي ثلاثاً" هذه إحدى عشرة ركعة، من أراد أن يقتدي به -عليه الصلاة والسلام- بالكيفية والكمية فهذا هو المتبع، لكن من قال: أنا أقتدي به في الكمية أصلي إحدى عشرة، كل ركعة بدقيقة مجزئة. . . . . . . . . تسمى ركعة صحيحة بدقيقة، إحدى عشر دقيقة، اثنا عشر دقيقة وهو منتهي من الوتر، ومع ذلك يقول مثل هذا: إن الزيادة على الإحدى عشر بدعة؛ لأن النبي ما كان يزيد -عليه الصلاة والسلام- على الإحدى عشرة، نقول: الذي لم يزد وعرفنا صفة صلاته -عليه الصلاة والسلام- هو الذي قال: ((صلاة الليل مثنى مثنى)) يعني استمر تصلي مثنى مثنى هل حدد؟ ما حدد، إنما قال: ((فإذا خشيت الصبح فصل واحدة توتر لك ما قد صليت)) فإطلاق هذا الحديث يدل على أنه لا عدد محدد، لا تحديد للعدد، ولذا من يقول: إن الزيادة بدعة نقول: لا، قوله مردود، فالنبي -عليه الصلاة والسلام- أطلق ولم يحدد ((صلاة الليل مثنى مثنى)) لو تصلي عشرين ثلاثين تسليمة داخل في حديث: ((صلاة الليل مثنى مثنى)) لكن إذا خشيت الصبح تصلي واحدة.

كونه -عليه الصلاة والسلام- ما زاد ثبت أنه زاد، لكن هذا على حد علمها -رضي الله عنها وأرضاها-، وقد يصلي ولا تراه، ولها ليلة من تسع ليال، لكن يمكن عندها ما زاد، مع أنها نقلت أنه صلى ثلاثة عشرة، وجاء في المسند أنه صلى خمس عشرة، وأوتر بثلاث، أوتر بخمس، أوتر بسبع، أوتر بتسع، المقصود أن العدد ليس مراد ولا محدد ((صلاة الليل مثنى مثنى)) نعم، إن أردت أن تقتدي به -عليه الصلاة والسلام- فتصلي إحدى عشرة على الصفة التي جاءت عنه على الكيفية والهيئة التي ثبتت عنه -عليه الصلاة والسلام- بهذا يتم الاقتداء، أما تأخذ ما يروق لك من عدد وتترك الكيفية هذا ما يجي. "فقلت: يا رسول الله أتنام قبل أن توتر? قال: ((يا عائشة إن عيني تنامان ولا ينام قلبي)) " هذا الغالب من حاله -عليه الصلاة والسلام-، تنام عيناه، وينفخ في نومه، وله خطيط -عليه الصلاة والسلام-، ومع ذلكم قلبه يقظ، قد يقول قائل: النبي -عليه الصلاة والسلام- تنام عيناه ولا ينام قلبه فكيف نام عن صلاة الصبح حتى أيقظه حر الشمس؟ أين قلبه -عليه الصلاة والسلام- عن الفريضة؟ نام حتى أيقظه حر الشمس؟ نقول: في هذه اللحظة نام قلبه، نام قلبه، وإلا لو كان القلب يقظ ما ترك الفريضة، ونام قلبه -عليه الصلاة والسلام- في هذه اللحظة من أجل المصلحة، مصلحة التشريع، كما أنه نسي سها للتشريع، أيضاً نام عن صلاة الصبح للتشريع، وقلنا: إن هذا تشريع، وهذا أيضاً فيه تسلية لأتباعه -عليه الصلاة والسلام-؛ لأنه لو لم يحصل منه هذا النوم الذي بسببه خرج وقت الصلاة لتقطعت القلوب أسىً قلوب من تفوته الصلاة من أهل الحرص يتقطع قلبه أسىً، لكن في ذلك تسلية وليس في هذا مستمسك للمفرطين، كونه يحصل منه -عليه الصلاة والسلام- مرة واحدة لا يعني أن الإنسان ينام ويقول: الرسول نام -عليه الصلاة والسلام-، لكن مع الحرص الشديد، ومع الاحتياطات، وبذل الأسباب وانتفاء الموانع نام الحمد لله، ليس في النوم تفريط، أما يكون عادته وديدنه النوم عن صلاة الصبح أو عن غيرها من الصلوات نقول: لا يا أخي، "من نام ... " أو ((من فاتته العصر فكأنما وتر أهله وماله)).

"فقلت: يا رسول الله أتنام قبل أن توتر؟ فقال: ((يا عائشة إن عيني تنامان ولا ينام قلبي)) إذا صلى الأربع ثم الأربع واضطجع قبل أن يوتر، وسمع له الخطيط، ثم أوتر بعد ذلك لا ينتقض وضوؤه؛ لأن قلبه يقظ، وذكروا من خصائصه -عليه الصلاة والسلام- أن نومه لا ينقض الوضوء. "متفق عليه، وفي رواية لهما عنها: "كان يصلي من الليل عشر ركعات ويوتر بسجدة" والمراد بالسجدة هنا إيش؟ الركعة، وقلنا: إن في النصوص جاءت السجدة ويراد بها الركعة، ومثال ذلك ما جاء في الصحيح: ((من أدرك سجدة من صلاة الصبح قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح)) والسجدة إنما هي الركعة، يعني بهذا الحديث، كما أنه جاء إطلاق الركوع ويراد به السجود، كما في قوله تعالى: {وَخَرَّ رَاكِعاً} يعني ساجداً {وَخَرَّ رَاكِعاً وَأَنَابَ} [ص: 24] يعني ساجداً. "ويوتر بسجدة، ويركع ركعتي الفجر فتلك ثلاث عشرة" يعني المجموع، عشر وواحدة إحدى عشر، وركعتين ثلاث عشرة. الحديث الذي يليه: "وعنها -رضي الله عنها- قالت: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصلي من الليل ثلاث عشرة ركعة، يوتر من ذلك بخمس لا يجلس في شيء إلا في آخرها" يعني أنه -عليه الصلاة والسلام- يصلي ثمان ركعات على الصفة المشروحة سابقة، "يصلي أربعاً فلا تسأل عن حسنهن وطوله، ثم يصلي أربعاً فلا تسأل عن حسنهن وطولهن" ثم يوتر بخمس، فثبت أنه زاد على الإحدى عشر، وهي تقول -رضي الله عنها وأرضاها-: "ما زاد ... لا في رمضان ولا في غيره" وهنا وهو مخرج في صحيح مسلم، وإن قال الحافظ: إنه متفق عليه، لكن عزوه للبخاري وهم. فثبت أنه زاد على الإحدى عشرة، فكونه صلى ثلاثة عشرة لا يعني أن لا يزيد الإنسان إلى خمسة عشرة، إلى سبعة عشرة، إلى تسعة عشرة، هو الذي يشكل في الباب كونه ما زاد "ما كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة" هذا الذي يشكل، وهو الذي حمل بعضهم على أن يقول: الثلاثة عشرة بدعة، الخمسة عشرة بدعة، ما زاد على إحدى عشرة كله بدعة.

نقول: الرسول -عليه الصلاة والسلام- صلى ثلاث عشرة، وما دام صلى ثلاث عشرة فالزيادة مطلوبة، ويؤيدها إطلاق الحديث: ((صلاة الليل مثنى مثنى)) فالعدد غير مراد، كونه يغلب عليه -عليه الصلاة والسلام- أنه يصلي إحدى عشرة لا يعني أن العدد ملزم. "كان يصلي" (كان) وكان أيضاً تدل على الاستمرار "كان يصلي من الليل ثلاث عشرة ركعة، يوتر من ذلك بخمس" هل معنى هذا أنه يصلي ست ثم يوتر بخمس ثم ركعتي الفجر؟ أو أنه "يصلي أربعاً" كما شرح "فلا تسأل عن حسنهن وطولهن ثم يصلي أربعاً .. " ثم يوتر بخمس، هناك يوتر بثلاث وهنا يوتر بخمس، فصلى ثلاث عشرة ركعة. "وعنها قالت: "من كل الليل قد أوتر رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فانتهى وتره إلى السحر" متفق عليهما". "متفق عليهما" عرفنا أن عزو الحديث السابق إلى البخاري وهم، وإنما هو من أفراد مسلم. "وعنها -رضي الله عنها- قالت: "من كل الليل أوتر رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" يعني من أوله ومن أثنائه "فانتهى وتره إلى السحر" انتهى وتره إلى السحر يعني آخر الليل، آخر الليل الذي هو وقت الاستغفار، يصلي -عليه الصلاة والسلام- في أول الليل وفي أثنائه وفي آخره "فانتهى وتره إلى السحر" وفي هذا دليلٌ على أن وقت الوتر ينتهي بطلوع الصبح، وإن قال بعض أهل العلم أنه يقضى الوتر بعد طلوع الفجر، وفعله بعض السلف، لكن هذا الحديث وما في معناه مما سبق ((فإذا خشيت الصبح فصل واحدة توتر لك ما قد صليت)) أن وقت الوتر ينتهي بطلوع الفجر. "وعن عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما- قال: قال لي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((يا عبد الله لا تكن مثل فلان كان يقوم من الليل فترك قيام الليل)) متفق عليه".

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "وعن عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما- قال: قال لي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((يا عبد الله)) يعني يا عبد الله بن عمرو يخاطبه ((لا تكن مثل فلان كان يقوم من الليل فترك قيام الليل)) متفق عليه" وهذا يدل على أهمية قيام الليل وفضل قيام الليل، ويدل أيضاً على فضل المداومة على العمل، المداومة على العمل الصالح، وأن من عمل عملاً صالحاً عنده فيه حجة شرعية لا ينبغي له أن يتركه؛ لأن الترك نكوص عن الحق، والنبي -عليه الصلاة والسلام- إذا عمل عملاً أثبته، لكن ما يمنع أن يكون الشخص يعمل العمل في وقت نشاط، ثم يفتر عنه، ثم يعود إليه، ولا يمنع أن يتركه إلى أهم منه، قد يلزم الإنسان عمل يداوم عليه من النوافل ثم يرى أن غير هذا العمل أفضل منه، مثال ذلك: لو أن أحداً من أهل العلم لزم عبادة من العبادات، صيام نوافل مثلاً، قيام الليل، صلاة أعداد من الركعات أثناء النهار، ثم رأى أن هذا العمل يعوقه عن تعليم الناس الخير، أو رأى أن مثل هذا العمل يضعفه عن عمله المنوط به، ثم ترك بعضه وخفف، يعني هل الأفضل للعالم مثلاً أن يقرأ القرآن كل يوم، يختم كل يوم، أو يخفف من القراءة ويعلم الناس الخير؟ لو كان ديدنه يقرأ القرآن في ثلاث، لكن قراءته القرآن في ثلاث تعوقه عن بعض الدروس، عن بعض التصدي لقضاء حوائج الناس، لا سيما إن كان ممن يحتاج إليه، أو إفتاء الناس وتوجيههم، ألا يقال له: اقرأ القرآن في سبع وعلم الناس الخير، يقول: يا أخي أنا معتاد سأقرأ في ثلاث، وترك العمل مذموم، نقول: نعم إذا تركته لما هو أفضل منه لا تذم. أما هنا يقول: ((يا عبد الله لا تكن مثل فلان كان يقوم من الليل فترك قيام الليل)) نعم قيام الليل دأب الصالحين، وقد قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((نعم الرجل عبد الله -ابن عمر- لو كان يقوم من الليل)) فكان عبد الله بعد ذلك لا ينام من الليل إلا قليلاً، قيام الليل دأب الصالحين، والله المستعان.

((لا تكن مثل فلان)) فلان ما سمي، في الغالب أن ما يأتي بمثل هذا السياق لا يسمى، ولا يحرص على تسميته ستراً عليه، يعني كتب المبهمات تعنى ببيان مثل هذا، إذا مر فلان شخص مبهم يسمونه، ويبحثون عنه، ويحرصون على جمع الطرق من أجل أن يظهر هذا الاسم، ومعرفة المبهمات لا شك أن لها فوائد، لكن مثل هذا الذي ورد في مثل هذا السياق يستر عليه؛ لأن السياق سياق ذم. ((لا تكن مثل فلان كان يقوم من الليل فترك قيام الليل)) ففي هذا استحباب المداومة على العمل الصالح، وعدم ترك ما اعتاده الإنسان إلا إذا كان تركه إلى ما هو أهم منه وأفضل منه مطلوب و ((أحب العمل إلى الله أدومه)) في رواية: ((ما دام عليه صاحبه)) أو ((ما داوم عليه صاحبه)) فالمداومة على العمل والمتابعة أفضل، والانقطاع فعل العمل ثم الانقطاع لا شك أنه يشعر بشيء من الرغبة عن العمل الصالح، فبدلاً من أن يزداد الإنسان ينقص، لا شك أن هذا مذموم شرعاً. يقول: هل يصح القول في سجود الشكر: "اللهم أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي"؟ لا، هذه مسائل الأذكار توقيفية، فيقال في السجود سجود التلاوة وفي سجود الشكر ما يقال في سجود الصلاة؛ لعموم ((اجعلوها في سجودكم)) يضاف إلى ذلك ما جاء في سجود التلاوة في السنن وغيرها مما ذكرناه، وهو أيضاً السجود موضع أيضاً للدعاء ((وأقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد)) فيسبح سبحان ربي الأعلى ثم يدعو بما شاء. يقول: من كانت عادته أن يوتر بإحدى عشرة ركعة فقام في أول الليل بالإيتار بسبعٍ على أمل أن يقوم آخر الليل فيصلي أربع تمام الإحدى عشرة فما حكم فعله؟ يأتي بحديث: ((أجعلوا آخر صلاتكم بالليل وتراً)) أنه ينبغي أن يكون الوتر بآخر الليل، لكن إذا لم يضمن القيام في آخر الليل وأوتر في أول الليل يأتي أنه يصلي من الليل مثنى مثنى بعد ذلك، والأمر في الأمر بجعل آخر الصلاة وتر هذا أمر إرشاد؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- صلى بعد الوتر. يقول: نحن نعيش في منطقة يقل فيها طلبة العلم، وقد قام أحد الإخوة بمنع المؤذن أن يؤذن الأذان الأول يوم الجمعة محتجاً بعدم وجود محلات تجارية وأسواق؟

ليس له أن يمنع الأذان الأول من يوم الجمعة الذي سنه الخليفة الراشد، أمرنا باقتفاء أثره، وأقره الصحابة، لم يخالفه ولم يعارضه أحد، وأجمعوا على ذلك، وأطبقت عليه الأمة إلى يومنا هذا، فليس له أن يمنع. يقول: هل من الحسن أن يصلي الإمام خمساً أو سبعاً أو تسعاً في رمضان إذا أراد أن يصلي الوتر؟ شريطة أن يعرف أن من خلفه يحتمل ذلك ويطيقه بسلامٍ واحد، ولا يوجد منهم من له الانصراف قبل ذلك لا مانع؛ لأن الإيتار بهذه الأعداد شرعي. يقول: هل الأصل في الوتر إذا كان ركعاته ثلاث صلاتها بتسليمة واحدة أم بتسليمتين؟ له أن يصليها بتسليمة واحدة، وله أن يفصل بين الثلاث بالسلام بعد الثانية ثم يسلم، والأمر فيه سعة. يقول: لماذا كان النبي -عليه الصلاة والسلام- يخشى أن تفرض بعض الأعمال إذا داوم عليها؟ النبي -عليه الصلاة والسلام- من رحمته بأمته ورأفته بهم يخشى أن يفرض عليهم ما لا يستطيعون الدوام عليه، فيأثمون بتركه، فالنبي -عليه الصلاة والسلام- رءوف رحيم بأمته، يشق عليه ما يشق عليهم، فخشيته أن تأثم الأمة بترك ما افترض الله عليهم. يقول: ذكرت في ليلة البارحة أن الوتر لا يقضى في النهار؟ ما ذكرنا هذا، بل قلنا: إنه يقضى بعد ارتفاع الشمس إلى زوالها، وأن من كانت عادته أن يوتر بثلاث يصلي أربع، ومن كانت عادته يوتر بخمس يصلي ست وهكذا. هل يجوز صلاة الوتر أو قيام الليل جماعة في غير رمضان؟ وما الحكم إذا كان مع المداومة؟ أصل المسألة أن النبي -عليه الصلاة والسلام- صلى بابن عباس، وصلى أيضاً ومعه ابن مسعود، فهذا أصل للجماعة في النافلة لا سيما قيام الليل. ما الجمع بين قوله: ((صلاة الليل مثنى مثنى)) وبين قول عائشة: ((يوتر من ذلك بخمس))؟ نعم، يوتر بخمس، يوتر بثلاث، يوتر بسبع، يوتر بتسع بسلامٍ واحد، فالوتر غير الصلاة المطلقة، الصلاة المطلقة مثنى مثنى، فإذا أراد الوتر فبسلام واحد. يقول: كيف نوفق بين حديث عائشة -رضي الله عنها- أن النبي -عليه الصلاة والسلام- ما كان يزيد في رمضان إلى آخره .. وحديث: كان النبي -عليه الصلاة والسلام- يستفتح قيام الليل بركعتين خفيفتين؟

لا تعارض، وعرفنا أن العدد غير مقصود، فأحياناً يزيد ركعتين قبل الإحدى عشرة، وأحياناً بعد الوتر يأتي بركعتين، وأحياناً من قيام، وأحياناً من جلوس، فالأمر فيه سعة. ما كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة، يصلي أربعاً ثم يصلي أربعاً، لماذا قالت: أربعاً ثم قالت أربعاً ولم تقل ثمانية؟ لماذا قالت: أربعاً ثم أربعاً ولم تقل ثمانية؟ ولم تقل ركعتين ركعتين إلى الحد المعلوم ألا يبين أنه كان يصلي الأربع بسلامٍ واحد؟ لا، يصلي أربع بسلامين ثم يفصل، وهذا مقتضى العطف بـ (ثم)، ثم يصلي أربعاً بسلامين من غير فاصل، يسلم من الاثنتين ثم يشرع في الاثنتين الأخريين ثم يفصل، بدليل العطف بـ (ثم)، ومن هذا أخذ أهل العلم اسم صلاة التراويح؛ لأنهم يتروحون بعد كل تسليمتين. يقول هذا: أم يدل على أنه كان يرتاح بعد كل أربع؟ هذا هو الصحيح. يقول: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((يا عبد الله لا تكن مثل فلان)) هل يستدل به، أو يستدل من هذا الحديث أنه يجوز عند النصيحة المقارنة بشخص معروف لدى المنصوح؟ لا مانع من أن يقال: لا تصير مثل فلان، كان يطلب العلم ففتر ما يمنع، إذا لم يقصد بذلك النيل من فلان، وتنقص فلان، لا سيما إذا كان المتروك سنة، أما إذا كان القصد منه التنقص والازدراء به فلا يجوز. هنا أسئلة من برا من الإنترنت يقول: كثيرٌ من المشايخ والدعاة خاصة في البلدان الأجنبية كاستراليا يحرمون شراء البضائع اليهودية من الأطعمة، ولكن كيف لنا ألا نشتري منها وهي البضائع الوحيدة التي لها الترخيص الحلال في هذه البلاد، وسواها يحوي شحوم خنزير، أو شحوم الأبقار والأغنام التي لم تذبح شرعاً، فما الحكم الشرعي في هذه المسألة؟

على كل حال ذبيحة أهل الكتاب حلٌ لنا، فإذا ذبح اليهود ما يجوز لنا أكله من الأنعام فلا شك أن مصلحة المقاطعة ظاهرة، لكنها مصلحة عارضة، يعني ليس تقديمها بأولى من تقديم الكف عن المحرم لذاته، يعني إذا كان لدينا ذبيحة يهودي، وطعام اليهود حلٌ لنا، والمذبوح من أكلنا من بهيمة الأنعام من الإبل والبقر والغنم، ووجد طعام كتابي ليس بيننا وبينهم حرب، وليست بيننا وبينهم مقاطعة، لكن طعامه فيه ما يقتضي تحريمه لذاته، إما أمور محرمة كحول وما كحول ومخدرات ومسكرات، أو شحوم خنزير أو كلاب أو شيء مما حرم علينا أكله، فلا شك أن ما مُنع لطارئ أخف مما منع لذاته، فنأكل من ذبيحة اليهودي ونترك ذبيحة الثاني، وإن لم يكن بيننا وبينه حرب لما يشتمل عليه طعامه من تحريم لذاته، والله أعلم. وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

كتاب الصلاة (24)

بلوغ المرام - كتاب الصلاة (24) تابع شرح: باب: صلاة التطوع الشيخ/ عبد الكريم بن عبد الله الخضير الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً. "وعن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أوتروا يا أهل القرآن، فإن الله وتر يحب الوتر)) رواه الخمسة، وصححه ابن خزيمة". الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "وعن علي ... -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أوتروا يا أهل القرآن)) هذا أمر، والأصل في الأمر الوجوب، وهذا الحديث من أدلة من يقول بوجوب الوتر وهم الحنفية، لكن الجمهور عندهم من الصوارف ما يجعل هذا الأمر أمر استحباب، وذكرنا من الصوارف بعض الأحاديث السابقة. ((أوتروا يا أهل القرآن)) المراد بأهل القرآن هم أهل العناية بالقرآن، والأصل أن المسلمين كلهم أهل عناية بالقرآن، ولذا قيل لهم: ((يا أهل القرآن)) والمراد المسلمين في مثل هذا النص يراد بأهل القرآن المسلمون، فالأمر متجه إلى المسلمين، لكن في النصوص الأخرى يراد بأهل القرآن أهل العناية به، الذين يَقرَؤونه ويداومون النظر فيه على الوجه المأمور به، ويُقرِؤونه الناس قراءة وفهماً وحفظاً وتدبراً ودراسة وتدريساً وتعلماً وتعليماً، هؤلاء هم أهل القرآن. ابن القيم -رحمه الله تعالى- في زاد المعاد يقول: "أهل القرآن هم أهل العناية به، الذين هم أهل الله وخاصته، أهل العناية به ولو لم يحفظوه" لكن لا شك أن الحفظ من العناية بالقرآن، لكن قد يقول قائل: أنا عجزت أحفظ القرآن ألا يمكن أن أكون من أهل القرآن؟ نقول: نعم بلى، تكون من أهل القرآن إذا كنت من أهل العناية به، اعتنِ بالقرآن قراءة وفهماً وترتيلاً وتدبراً وإقراءً وتكون بإذن الله من أهله وإن عجزت عن حفظه.

((أوتروا يا أهل القرآن، فإن الله وتر يحب الوتر)) الوتر: الواحد، وهو الفرد، وهو الواحد الأحد، الله -جل وعلا- وتر، والصلاة بركعة واحدة وتر، الصلاة بثلاث وتر، الصلاة بخمس وتر ((فإن الله وتر)) وهذا من الأمور المشتركة، الواحد من الناس يقال له: وتر، ويقال له: واحد، ويقال له: أحد، ولذا قالوا في جمع الآحاد: أحد، وأنكر ذلك ثعلب، وهو من أئمة اللغة المحققين، قال: "حاشا أن يكون للأحد جمع" لأنه نظر إليه باعتباره اسماً من أسماء الله -جل وعلا-، فلا يكون له جمع، حاشا أن يكون للأحد جمع، لكن خفي عليه أن اليوم الذي يلي السبت يقال له: الأحد، وجمعه؟ كما في الشهر من أحد؟ أربعة آحاد، فالآحاد: جمع أحد وإن أنكر ذلك ثعلب؛ لأن من الأسماء الحسنى ما هو مشترك، الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم يوسف، يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم -عليهم السلام- {قَالَتِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ} [(51) سورة يوسف] هذا مشترك، والله وترٌ، والواحد من الناس يقال له: فرد، ويقال له: وتر، ويقال له: واحد، ويقال له: أحد "الله وترٌ يحب" إثبات المحبة لله -جل وعلا- على ما يليق بجلاله وعظمته، إثبات صفة المحبة، تظافرت النصوص في الكتاب والسنة على إثبات صفة المحبة لله -عز وجل-، وأهل السنة قاطبة على إثباتها على ما يليق بجلال الله وعظمته "يحب الوتر" يعني من باب محبة المجانس والمشاكل في التسمية، وإلا الله -جل وعلا- ليس كمثله شيء، يقول بعضهم: معنى (يحب) يثيب، وهذا من باب التفسير باللازم، فإن كان من فسر باللازم ممن يثبت الصفة قبل وإلا فلا، مثال ذلك: كثيراً ما يقول النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((والذي نفسي بيده)) عليك أن تقول: في النص إثبات اليد لله -جل وعلا-، لكن الذي يقول: معناه روحي في تصرفه، إن كان ممن عرف بإثبات اليد لله -جل وعلا- على ما يليق بجلاله وعظمته نقول: تفسير صحيح، من الذي روحه ليست في تصرف الله -جل وعلا-، لكن الذي لا يعرف بإثبات الصفات نقول: هذا فرار، وهذا تأويل، فالله -سبحانه وتعالى- يثيب من يحب، ويقبل منه عمله إذا أحبه {إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} [(222) سورة البقرة] {يُحِبُّ

الْمُحْسِنِينَ} [(195) سورة البقرة] يحبهم بمعنى فيه من جهة إثبات المحبة لله -جل وعلا- باعتبار ما يتعلق به، وباعتبار ما يتعلق بالمخلوقين الإثابة والقبول. "وعن ابن عمر -رضي الله عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وتراً)) متفق عليه". يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "وعن ابن عمر -رضي الله عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وتراً)) يعني اختموا صلاة الليل -قيام الليل التهجد- بالوتر، فاجعلوه آخر ما تؤدونه من هذه الصلاة في هذا الوقت بالليل، وأما بالنسبة للنهار فلا وتر فيه إلا صلاة المغرب، وجاء في حديث عائشة الذي أشرنا إليه سابقاً: ((وإلا المغرب فإنها وتر النهار)) يعني يختم بها عمل النهار، وأما بالنسبة لليل فآخر عمل الإنسان بالليل يكون وتر؛ لن الله يحب الوتر، فيختم العمل بما يحبه الله -جل وعلا-.

((اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وتراً)) مقتضى الأمر ((اجعلوا)) للوجوب، لكن جاء من الأدلة ما يدل على أن النبي -عليه الصلاة والسلام- صلى بعد الوتر، ولذا من أوتر في أول الليل، ثم تيسر له أن يقوم من آخر الليل، نقول له: خلاص أنت صليت الوتر ولا صلاة بعده، والنبي -عليه الصلاة والسلام- ثبت أنه صلى بعد الوتر، نقول له: صل من الليل ما شئت، لكن مثنى مثنى، نعم من غلب على ظنه أنه يقوم من آخر الليل المستحب بالنسبة له أن يجعل آخر صلاته بالليل وتر للأمر الوارد في الحديث، لكن إذا غلب على ظنه أنه لا يستطيع القيام من آخر الليل أوتر في أوله، وقد أوصى النبي -عليه الصلاة والسلام- أبا هريرة -رضي الله عنه- أن يوتر قبل أن ينام، وعلى هذا كلٌ يعرف نفسه، ويعرف حاله، الذي يغلب على ظنه أنه لا يقوم من آخر الليل يوتر من أول الليل؛ لئلا يفوته ما يحبه الله -جل وعلا-، فإذا أوتر في أول الليل ثم تيسر له أن انتبه يصلي مثنى مثنى، وقال بعضهم: يشفع وتره السابق، بمعنى أنه يفتتح صلاته بركعةٍ واحدة تشفع له الوتر السابق، ثم يصلي مثنى مثنى ثم يوتر بعد ذلك، فتكون الركعة التي ابتدأ بها صلاته شفعت وتره الأول، ويكون على هذا ختم صلاته وجعل آخر صلاته بالليل وتراً قيل بهذا، لكن الحديث الذي يليه حديث: ((لا وتران في ليلة)) هو من باب أولى لا أكثر من ذلك، فإذا شفع وتره بركعة ثم أوتر بآخر صلاته كم يكون أوتر؟ أوتر ثلاث أوتار، وجاء النفي ويراد به النهي لصلاة الوتر أكثر من مرة، مرتين فأكثر على ما سيأتي في الحديث الآخر. المقصود أن الأمر هنا أمر إرشاد أن تختم الصلاة بالوتر صلاة الليل كما ختمت صلاة النهار بصلاة المغرب وهي وتر. "وعن طلق بن علي -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((لا وتران في ليلة)) رواه أحمد والثلاثة، وصححه ابن حبان".

"طلق بن علي" الحنفي "قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((لا وتران في ليلة)) (لا) هذه نافية وإلا ناهية؟ نافية، ويأتي النفي ويراد به النهي، وإذا جاء النهي بلفظ النفي صار أبلغ، النفي الأصل فيه يتجه إلى حقيقة الشيء وذاته، فإذا نفيت الحقيقية فلأن تنفى الصحة من باب أولى، يعني إذا قلنا: شخص أوتر مرتين في ليلة والنص يقول: ((لا وتران)) هو أوتر، كيف تنفى حقيقة الوتر الموجودة؟ هذا مبالغة في نفي الصحة؛ لأن نفي الصحة قد تنفى الصحة وتبقى الحقيقة، لكن إذا نفيت الحقيقة صار أبلغ في نفي الصحة وأيضاً ما يعمل على غير هدي، وعلى غير مراد الله وجوده مثل عدمه، كأنه معدوم، ولذا قال النبي -عليه الصلاة والسلام- للمسيء ((صل فإنك لم تصل)) يعني لو قال شخص آخر: إنه صلى، قرأ وركع وسجد هي صلاة ((لم تصل)) هذا نفي للحقيقة، لكن هل المراد به نفي الحقيقة العرفية؟ هو صلى في عرف الناس، في عرفهم صلى، لكن نفي للحقيقة الشرعية، وهنا النفي متجه إلى الحقيقة الشرعية. ((لا وتران)) (لا) هذه نافية، و ((وتران)) هل هذه نافية للجنس أو نافية للوحدة؟ إذا قلنا: نافية للجنس فمقتضى ما بعدها أن يكون منصوب وإلا مبني على الفتح؟ وحينئذٍ يكون الأصل: "لا وترين" ويكون في هذه الحالة المثنى جاء على لغة من يلزمه الألف في جميع الحالات، كلام صحيح وإلا فيه شيء؟ طالب:. . . . . . . . . لا هذه نافية للجنس وإلا للوحدة؟ هو ما عندنا إما نافية للوحدة وإلا نافية للجنس، لجنس الوتر أو للمفرد، بغض النظر عن كونه مثنى أو جمع، لكن الكلام على اللفظ: ((لا وتران)) أجيبوا يا الإخوان أين العربية؟ طالب:. . . . . . . . . كيف؟ طالب:. . . . . . . . .

ترى فيه لغة عند بعض العرب، وهي معتبرة إلزام المثنى الألف: {إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ} [(63) سورة طه] على قراءة الإيش؟ التشديد تشديد إنّ، على لغة من يلزم المثنى الألف، الأصل: (إنّ هذين) لكن على لغة من يلزم المثنى الألف، قال: {إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ} [(63) سورة طه] وإن هذه مخففة من الثقيلة، وإذا خففت قل العمل، يقل عملها، خففت (إن) فقل العمل، لكن على قراءة التشديد على لغة من يلزم المثنى الألف كما هنا ((لا وتران في ليلة)) في ليلةٍ واحدة، وهذا يرد على من يقول بنقض الوتر، وأنه يصلي ركعة تشفع وتره الأول، ثم يصلي ما شاء، ثم يوتر في آخر الليل ليمتثل الأمر الوارد في الحديث السابق: ((اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وتراً)) لكن لو أوتر مع الإمام في أول الليل، أوتر مع الإمام في صلاة التراويح في أول الليل ثم سلم الإمام فجاء بركعة تشفع له وتره، هل يدخل في النفي هنا في الحديث؟ لأنه ما أوتر أصلاً، ما أوتر في أول الليل، إنما صلاها شفعاً، وهل يدخل في حديث: ((من صلى مع الإمام حتى ينصرف)) فإذا زاد على صلاة الإمام يدخل في حديث: أنه قام الليل كله إذا زاد؟ أما إذا نقص أمره معلوم ((حتى ينصرف)) وإذا زاد دخل من باب أولى، وحينئذٍ من أراد أن يوتر آخر الليل يشفع، إذا أوتر مع الإمام يشفع وتره فيزيد ركعة، يمكن أن يرد على هذا؟ لو أوتر الإمام بثلاث بسلامٍ واحد هل يزيد ركعة فيشفع وتره فيكون حينئذٍ صلى أربع ركعات بسلامٍ واحد فيكون قد خالف ((صلاة الليل مثنى مثنى))؟ أو نقول: حينئذٍ لا تشفع الوتر لأنك زدت على الركعتين وإذا قمت من آخر الليل تصلي مثنى مثنى؟ أو يشفع في هذه الحالة؟ إذا أوتر الإمام بثلاث بسلامٍ واحد أو بخمس أو بسبع وأراد أن يشفع الوتر ليقوم من آخر الليل ويجعل آخر صلاته بالليل وتر يشفع وإلا ما يشفع إذا زاد الإمام على ركعتين؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . يكون صلى أربع ((صلاة الليل مثنى مثنى)) وعرفنا أنه إذا قام في التراويح إلى ثالثة فكأنما قام إلى ثالثة في الفجر. طالب:. . . . . . . . . يصلي ركعتين ثم يسلم قبل الإمام؟ فيكون انصرف قبل الإمام فلا يكتب له قيام ليلة، نعم؟ طالب:. . . . . . . . .

يشفع وتكون صلاته ما زاد على الثنتين غير مقصودة، فلا يكون حينئذٍ خالف النص: ((صلاة الليل مثنى مثنى)) لكن يبقى أنها مخالفة سواءً كانت مقصودة أو غير مقصودة، هي مخالفة. "وعن أبي بن كعب -رضي الله عنه- قال: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوتر بـ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} [(1) سورة الأعلى] و {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} [(1) سورة الكافرون] و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [(1) سورة الإخلاص] " رواه أحمد وأبو داود والنسائي، وزاد: "ولا يسلم إلا في آخرهن". ولأبي داود والترمذي نحوه عن عائشة وفيه: "كل سورة في ركعة، وفي الأخيرة {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [(1) سورة الإخلاص] والمعوذتين". حديث: "أبي بن كعب -رضي الله عنه-" فيه ما يقرأ في صلاة الوتر، يقرأ إذا أوتر بثلاث في الأولى: "بـ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} [(1) سورة الأعلى] وفي الثانية: " {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} [(1) سورة الكافرون] " وفي الثالثة: " {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [(1) سورة الإخلاص] " يقول: "رواه أحمد وأبو داود والنسائي، وزاد: "ولا يسلم إلا في آخرهن" عرفنا سابقاً أن له أن يسلم أن تكون الثلاث بسلامين وأن تكون بسلامٍ واحد له ذلك، لكن المنهي عنه تشبيه الوتر بالمغرب، بمعنى أنه يصلي الركعتين، ثم يجلس بعد الثانية ويتشهد ثم يقوم ليأتي بالثالثة، وحينئذٍ يكون قد شبه الوتر بالمغرب، وهذا جاء النهي عنه. الحديث الذي يليه مثل هذا، يقول: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} [(1) سورة الأعلى] في الركعة الأولى، وفي الثانية: {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} [(1) سورة الكافرون] والثالثة: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [(1) سورة الإخلاص] والمعوذتين عند أبي داود والترمذي، لكن لفظ المعوذتين غير محفوظ ضعيف، فيه خصيف الجزري مضعف، بل نص بعضهم على أن هذه الزيادة -زيادة المعوذتين- منكرة، فالثابت ما ذكر من السور الثلاث. "وعن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((أوتروا قبل أن تصبحوا)) رواه مسلم، ولابن حبان: ((من أدرك الصبح ولم يوتر فلا وتر له)).

حديث أبي سعيد يبين آخر وقت الوتر "أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((أوتروا قبل أن تصبحوا)) وعرفنا سابقاً أن وقت الوتر من صلاة العشاء إلى طلوع الصبح هذا وقته ((أوتروا قبل أن تصبحوا)) فهذا دليل على أن الوتر يفعل قبل طلوع الصبح، وإذا خشي الإنسان الصبح فليصل ركعة، إذا خشي، ما هو بإذا أصبح، إذا خشي أن يطلع عليه الصبح يصلي له ركعة توتر له ما قد صلى ((أوتروا قبل أن تصبحوا)) رواه مسلم، ولابن حبان: ((من أدرك الصبح ولم يوتر فلا وتر له)) انتهى وقته، انتهى وقته، الحديث الذي يليه حديث أبي سعيد أيضاً يدل على أن من نام .. ، نعم اقرأ، اقرأ الحديث. "ولابن حبان: ((من أدرك الصبح ولم يوتر فلا وتر له)) وعنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((من نام عن الوتر أو نسيه فليصل إذا أصبح أو ذكر)) رواه الخمسة إلا النسائي". هذا الحديث قد يكون فيه نوع معارضة للأحاديث السابقة، حديث أبي سعيد الثاني: "وعنه -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((من نام عن الوتر أو نسيه فليصلِ إذا أصبح أو ذكر)) ((من نام .... فليصل إذا أصبح)) يعني إذا أصبح دخل في الصبح، ومثله إذا أمسى، إذا أنجد يعني دخل نجد، إذا أتهم دخل تهامة، إذا أظلم دخل في الظلام، مقتضى هذه الصيغة أنه بمجرد دخوله في الصبح يصلي إذا نسي، وهذا فيه معارضة لما سبق من الأحاديث، وقد عمل بهذا جمع من السلف، ورأوا أن الذي يخرج بالصبح فالوقت الاختياري للوتر، وأما وقته الاضطراري فيبقى إلى قيام صلاة الصبح. ((من نام عن الوتر أو نسيه)) عندنا من نام أو نسي ((فليصل)) من نام إذا أصبح، ومن نسي إذا ذكر، وهذا فيه ما يسمى باللف والنشر، مرتب وإلا مشوش؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . لف ونشر هنا، مرتب، مرتب؛ لأن الكلمة الأولى مناسبة للكلمة الأولى من الجملة الأولى، الكلمة الثانية من الجملة الثانية مناسبة للكلمة الثانية من الجملة الأولى، فهذا يسمى عندهم باللف والنشر المرتب، وقد يأتي اللف والنشر مشوشاً، وبكلٍ منهما جاء القرآن أفصح الكلام، جاء مرتب وجاء غير مرتب.

هنا: ((من نام عن الوتر)) نام على أساس أن يقوم، ما انتبه إلا والمؤذن يؤذن لصلاة الصبح ماذا نقول له؟ مقتضى هذا الحديث أن يوتر، وهذا محفوظ عن جماعة من السلف، لكن النصوص السابقة كلها تدل على أن وقت الوتر ينتهي بطلوع الفجر، وهي أكثر وأرجح من حيث الصحة، مجموعها أرجح من هذا، وقد عمل بهذا جماعة من السلف، حفظ عنهم أنهم أوتروا بعد طلوع الفجر، فمن فعله عاملاً بهذا الحديث مقتدياً بمن سلف ما ينكر عليه، لكن النصوص الأكثر والأصرح، الأكثر والأصرح تدل على أن وقت الوتر ينتهي بطلوع الصبح، وحديث الباب يمكن تأويله، فالصبح ما ينتهي بصلاة الصبح، إنما يستمر بعد طلوع الشمس يقال له: صبح، بعد طلوع الشمس وارتفاعها يقال له: صبح ما لم يمسِ، فهو مصبح ما لم يمسِ، فيحمل هذا على أنه ((إذا أصبح)) يعني في أول النهار بعد ارتفاع الشمس، وبعد خروج وقت النهي، إذا نسيه يصليه إذا ذكره، وهذا أيضاً ليس على إطلاقه، افترض أنه ما ذكر الوتر إلا بعد صلاة الظهر، نقول: تقضي؟ خلاص فات محله، فات محله. "وعن جابر -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((من خاف أن لا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، ومن طمع أن يقوم آخره فليوتر آخر الليل، فإن صلاة آخر الليل مشهودة، وذلك أفضل)) رواه مسلم".

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "وعن جابر -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((من خاف أن لا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله)) إذا غلب على ظنه أنه لا يقوم من آخر الليل إما لثقلٍ في نومه، أو لتعب يحس به، أو أنه إذا نام لن يقوم هذا يوتر من آخر الليل، وأوصى النبي -عليه الصلاة والسلام- أبا هريرة أن يوتر قبل أن ينام، لعله لما عرف عنه من ثقلٍ في نومه، وأنه يغلب على الظن أنه لا يقوم، وحينئذٍ إذا خاف وغلب على ظنه أنه لا يقوم من آخر الليل فإنه يوتر قبل أن ينام من أول الليل، وبعض الناس يغالط نفسه، يلبس عليه الشيطان، يسهر فإذا بقي على طلوع الصبح ساعة قال: أرتاح قليلاً ثم أقوم للوتر، هذا الذي يغلب على الظن أنه لن يقوم، فمثل هذا يوتر قبل أن ينام، ووتره واقعٌ في آخر الليل وفي الثلث الأخير، على كل حال يوتر قبل أن ينام مثل هذا؛ لأنه يغلب على ظنه أنه لن يقوم. ((ومن طمع أن يقوم آخره فليوتر آخر الليل، فإن صلاة آخر الليل مشهودة)) تحضرها الملائكة، ولا شك أن ما تحضره الملائكة تؤمن عليه لا شك أنه حريٌ بالقبول، وجدير بأن لا يرد على صاحبه، يقول: ((فإن صلاة آخر الليل مشهودة وذلك أفضل)) الوتر وصلاة الليل والتهجد عموماً في الثلث الأخير من الليل أفضل، وأفضل القيام قيام داود ينام نصف الليل، ثم يقوم ثلثه، ثم ينام السدس، هذا أفضل القيام، إذا نام نصف الليل هل يعتبر النوم من غروب الشمس ودخول وقت الليل أو من صلاة العشاء؟ من غروب الشمس ينام نصف الليل، إذا غربت الشمس نام نصف الليل؟ وإلا من صلاة العشاء؟ يحسب النص بداية من صلاة العشاء، من صلاة العشاء إلى طلوع الفجر، ثم يحسب، ينام نصف هذه المدة، ويقوم الثلث ويرتاح السدس، وإذا حسب بهذه الطريقة يكون قيامه في الثلث الأخير، وبهذا تلتئم النصوص، أما إذا قلنا: يحسب من غروب الشمس، أولاً: لن يتمكن من نوم نصف الليل، لا بد أن ينتظر العشاء، لا بد أن ينتظر العشاء، فلا يتحقق له نوم نصف الليل، وإذا قام نصف الليل فإن أكثر قيامه يكون قبل الثلث الأخير من الليل، ظاهر وإلا مو بظاهر؟

شيخ الإسلام -رحمه الله- يحرر هذا، يقول: في مثل هذا الحديث يحسب الليل من صلاة العشاء، والحث على قيام الثلث الأخير وقت النزول الإلهي يحسب من غروب الشمس وهذا ظاهر، يعني لو حسبنا في قيام ونوم داود -عليه السلام-، لو حسبناه من غروب الشمس، أولاً: لن يتاح للمسلم أن ينام من غروب الشمس، من غروب الشمس أمامه فريضتان المغرب والعشاء، لن ينام قبل صلاة المغرب وقبل صلاة العشاء، فلن يتحقق له نوم نصف الليل، إذا حسبنا الآن من غروب الشمس إلى منتصف الليل في أثناء هذه المدة صلاة المغرب وصلاة العشاء، لكن إذا حسبنا الوقت من صلاة العشاء إلى طلوع الفجر وقسمناه على اثنين، ونام هذه المدة ثم انتبه يكون قيامه في الثلث الأخير، بخلاف ما إذا حسبنا من غروب الشمس. لكن إذا قلنا: وقت النزول الإلهي في الثلث الأخير ونام أو على الأقل ما قام في الثلثين الأول والثاني نام، إذا نام من بعد صلاة العشاء وقام في الثلث الأخير وافق وقت النزول الإلهي، فلا يكون هناك تعارض بين الحديثين. ((فإن صلاة آخر الليل مشهودة وذلك أفضل)) يسعى الإنسان أن يشهده أهل الخير، ولا يشهده أهل الشر، يشكو كثير من الناس من الوساوس، ومن تسلط الشياطين، وقد جلب الأسباب، وترك ما يمنع من دخول الشياطين، تجد البيت مهجور بالنسبة لقراءة القرآن، بيتٌ خرب ليس فيه ذكر، فيه ما يجلب الشياطين من معازف ومزامير وصور لا تدخله الملائكة، فالبيت الذي لا تدخله الملائكة من يدخله؟ يدخله الشياطين، فإذا تسلطت الشياطين على مثل هؤلاء ليس بغريب، فعلى الإنسان أن يسعى جاهداً في تحصيل ما يطرد الشياطين، ويمكن الملائكة من الدخول، فالملائكة لا تدخل بيت فيه كلب ولا صورة ولا .. ، ويحرص على الطهارة، جاء أيضاً في بعض الأخبار أنها لا تدخل بيت فيه جنب، وإن كان فيه ما فيه، فهذه الصلاة فضلها في كونها مشهودة. "وعن ابن عمر -رضي الله عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إذا طلع الفجر فقد ذهب كل صلاة الليل والوتر، فأوتروا قبل طلوع الفجر)) رواه الترمذي".

هذا الحديث المروي عن ابن عمر -رضي الله عنهما- ضعيف، الحديث ضعيف، يقول: ((إذا طلع الفجر فقد ذهب كل صلاة الليل والوتر، فأوتروا قبل طلوع الفجر)) هذا الحديث رفعه ضعيف، وإن كان محفوظ عن ابن عمر -رضي الله عنهما- لكنه لا يثبت مرفوعاً، وهذه .. ، أو مثل هذا القول يدرك بالرأي للاجتهاد في مسرح، يفهم ابن عمر من النصوص أن وقت صلاة الوتر ينتهي بطلوع الفجر كما فهم غيره، ويعبر عن ذلك، فيأتي بعض الرواة ويخطئ في رفعه، ولا نقول: إن هذا مما لا يدرك في الرأي فله حكم الرفع، لا، هو ضعيف مرفوعاً، لكن يغني عنه ما سبق من الأحاديث، يغني عنه ما سبق من الأحاديث، وأن وقت الوتر ينتهي بطلوع الفجر. "وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصلي الضحى أربعاً، ويزيد ما شاء الله" رواه مسلم". انتهينا مما يتعلق بالوتر، الآن صلاة الضحى، صلاة الضحى جاء الترغيب فيها، وجاء فعلها من قبله -عليه الصلاة والسلام-، وجاء نفي الفعل، جاء الترغيب فيها: "أوصاني خليلي بثلاث" ومنها ركعتا الضحى، وصلى النبي -عليه الصلاة والسلام- يوم الفتح ثمانياً، وأخبر -عليه الصلاة والسلام- أن ركعتي الضحى تغنيان عن صدقات المفاصل ((يصبح على كل سلامى أحدكم صدقة)) ثلاثمائة وستين مفصل على كل مفصل أن يتصدق في مقابله شكر لله -جل وعلا- على أن أوجد هذه المفاصل، يعني يتصور الإنسان أن أصابعه واقفة ما .. ، ليس فيها مفاصل ولا تتحرك، أو جسده صالب، كونه مستمر على هذه المفاصل الثلاثمائة والستين هذه نعمة، تحتاج إلى شكر، وكل مفصل من هذه المفاصل يحتاج إلى صدقة شكراً لوجود هذا المفصل، لكن يغني عن ذلك كله ركعتان تركعهما من الضحى، صلاة الضحى مطلوبة وإلا غير مطلوبة؟ "أوصاني خليلي بثلاث: صيام ثلاثة أيام من كل شهر، وركعتي الضحى، وأن أوتر قبل أن أنام" وأوصى غير أبي هريرة بهذا -رضي الله عنه-.

فالنبي -عليه الصلاة والسلام- كان يصلي الضحى أربعاً، ويزيد ما شاء الله، يصلي ركعتين، الضحى تصلى ركعتين كما جاءت في النصوص السابقة، وتصلى أربعاً كما هنا، تصلى ست، تصلى ثمان، صلى يوم الفتح ثمان، على خلافٍ بين أهل العلم أنها صلاة الفتح أو صلاة الضحى؟ ولذا يقرر أهل العلم أن أكثر صلاة الضحى ثمان، والصواب أنه لا حد لأكثرها، كونه صلى ثمان لا يعني أن الزيادة على ذلك غير مطلوبة، الزيادة على ذلك تدخل في الحديث السابق: ((أعني على نفسك بكثرة السجود)) صل ما شئت. وعرفنا أن الحفاظ عبد الغني -رحمه الله- يصلي من ارتفاع الشمس إلى زوالها ثلاثمائة ركعة بالفاتحة فقط، قد يقول قائل: إن هذا ليس على هدي النبي -عليه الصلاة والسلام-، هذا فيه تشديد وفيه .. ، والدين يسر، نعم الدين يسر، لكن من فعل وقد جعل نصب عينيه الخبر: ((أعني على نفسك بكثرة السجود)) لا يلام، قررنا سابقاً أن الإكثار من التعبد ليس ببدعة، يشمله نصوص عمومات وأحاديث خاصة في هذا. "يصلي الضحى أربعاً، ويزيد ما شاء الله" لكنه لا يزيد ركعة ولا ثلاث إنما يزيد شفعاً. اختلف أهل العلم في حكم صلاة الضحى: فذكر ابن القيم -رحمه الله تعالى- أنها مختلفٌ فيها على ستة أقوال، منهم من يقول: سنة مطلقاً، ومنهم من يقول: لا يداوم عليها، ومنهم من يقول: لا تفعل صلاة الضحى، ومنهم من يقول: تفعل عند الحاجة، المقصود أنها مختلفٌ فيها، لكن الصواب أنها من السنن الثابتة، وقد جاء الترغيب فيها، وقد فعلها النبي -عليه الصلاة والسلام-، فأرجح الأقوال أنها مستحبة، قد يقول قائل: إنه يجلس في مصلاه عملاً بحديث: ((من صلى الصبح في جماعة ثم جلس يذكر الله حتى تطلع الشمس ثم يصلي ركعتين كان له أجر عمرة)) وفي رواية: ((حجة تامة)) هذا الحديث محل كلام لأهل العلم تكلموا فيه، لكن إذا جلس في مصلاه يذكر الله حتى تنتشر الشمس فقد اقتدى بفعل النبي -عليه الصلاة والسلام-، اقتدى بفعل النبي -عليه الصلاة والسلام- فهو ثابت من فعله في الصحيح، وإذا صلى ركعتين بنية الضحى ثبت له أجر ركعتي الضحى.

وكون الحديث الذي فيه الثواب يضعف لا يعني أن هذا الفعل لا يفعل عملاً بأحاديث أخرى؛ لأن بعض الناس يقرن العمل وجوداً وعدماً بثبوت الخبر لذاته، لكن قد لا يثبت الخبر هذا، لكن ثبت ما يغني عنه، ثبت ما يغني عنه، ولذا من جلس حتى ترتفع الشمس وصلى ركعتين إن ثبت الخبر الذي فيه الأجر المنصوص عليه وأنه كأجر عمرة أو كأجر حجة تامة بها ونعمت، إن لم يثبت النبي -عليه الصلاة والسلام- جلس حتى تنتشر الشمس، وحث على ركعتي الضحى وأوصى بهما، فما يلام الذي يفعل هذا، وإن قال بعض الناس: تعمل بحديث ضعيف؟ إن ثبت الحديث الضعيف فبها ونعمت، إن لم يثبت فقد عملنا بأحاديث صحيحة، وأجرها .. ، فضل الله لا يحد. "وله عنها: أنها سئلت: هل كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصلي الضحى? قالت: لا إلا أن يجيء من مغيبه، وله عنها: ما رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصلي سبحة الضحى قط، وإني لأسبحها".

يستدل من لا يرى مشروعية صلاة الضحى بمثل هذا، "وله" أي لمسلم راوي الحديث السابق عن عائشة -رضي الله عنها- "أنها سئلت: هل كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصلي الضحى? قالت: لا إلا أن يجيء من مغيبه" الحديث الذي يليه عنها أيضاً، وهو عند مسلم وعند البخاري أيضاً "ما رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصلي سبحة الضحى قط" هذا نفيها على حسب علمها، وقد أثبته غيرها، كما أنها أيضاً أثبتته في الحديث السابق "كان الرسول -صلى الله عليه وسلم- يصلي الضحى أربعاً، ويزيد ما شاء الله" وكان تدل على الاستمرار، فلعلها مع طول المدة؛ لأنها عمرت بعده -عليه الصلاة والسلام- نسيت، أو في وقتٍ من الأوقات نسيت، وفي وقتٍ ذكرت، وعلى كل حال المثبت مقدم على النافي، وصلاة الضحى ثبتت من فعله -عليه الصلاة والسلام-، وثبت الحث عليها، وإن قالت -رضي الله عنها- قالت: "لا إلا أن يجيء من مغيبه" وهنا قالت: "ما رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصلي سبحة الضحى قط، وإني لأسبحها" الحث عليها ثابت، وكونه -عليه الصلاة والسلام- لا يصلي سبحة الضحى، مع أنه ثبت أنه صلاها، حتى على القول بأنه لم يصلِّ سبحة الضحى، وقد ثبت حثه عليها لا يعني أنها غير مشروعة، نفت عائشة -رضي الله عنها- أنه -عليه الصلاة والسلام- كان لا يصوم عشر ذي الحجة، لكنه ثبت من طريق غيرها ثبت من طريق غيرها، حتى لو ثبت أنه -عليه الصلاة والسلام- ترك صيام عشر ذي الحجة، وترك صلاة الضحى، مع أنه حث على ذلك، مع أنه صام عشر ذي الحجة وصام منها، وصلى الضحى وترك، ثبت عنه الفعل وثبت عنه الترك، وثبت عنه الحث العام والخاص، ثبت عنه: ((ما من أيام العمل الصالح فيهن خيرٌ وأحب إلى الله من هذه الأيام العشر)) وثبت عنه -عليه الصلاة والسلام- أن الصيام من أفضل الأعمال فهو داخل في العموم.

كونه لم يفعل، يعني ترك هذه السنة، وثبت عنه أنه فعلها من طريق غيره، كونه فعل أحياناً وترك أحياناً لا يعني أنه غير مشروع، فقد يفعل لبيان المشروعية، وقد يترك لبيان جواز الترك، وأيضاً من كان في صفته -عليه الصلاة والسلام- في تحمل أمور المسلمين العامة قد يترجح في حقه الترك، قد يترجح في حقه الترك، يعني شخص النبي -عليه الصلاة والسلام- على سبيل المثال قال: ((أفضل الصيام صيام داود، يصوم يوماً ويفطر يوماً)) هل ثبت عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه كان يصوم يوماً ويفطر يوماً؟ لم يثبت عنه ذلك، هل نقول: بأن صيام داود غير مشروع؟ لا، إذاً نحن مطالبون بما وجهنا إليه -عليه الصلاة والسلام-، كونه يفعل أو يترك لظرف من الظروف هذا شيء آخر. بعض الناس قد يعوقه بعض الأعمال عن الأمور المتعدية، لو شخص علقت به أعمال الأمة، عالم كبير يحتاجه الناس في قضاء شؤونهم وفي إفتائهم وفي فصل الخصومات بينهم، وإذا صام ضعف عن تحمل هذه الأمور، نقول: يا أخي الأفضل لك ما تصوم، الأفضل أن لا تصوم؛ لأنك مشغول بما هو .. ، النبي -عليه الصلاة والسلام- مشغول بما هو أهم من الصيام، فكونه ما فعل لا يعني أنه غير مشروع. يعني يأتي من يكتب أن من أخطاء الناس في العشر صيام العشر، كتب هذا في مصنف، من أخطاء الناس في عشر ذي الحجة الصيام، وأفضل العمل الصالح في هذه الأيام إلا رجل .. ، ((ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجلٌ خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء)) ((ومن صام يوماً في سبيل الله باعد الله وجهه عن النار سبعين خريفاً)) نفرط بهذه الوعود الثابتة من أجل أن النبي -عليه الصلاة والسلام- نقلت عائشة أنه لم يصم، ونقل عنه أنه صام، وحث على الصيام وبين فضل العمل الصالح.

مثل ما عندنا في صلاة الضحى، هي أثبتت أنه صلى الضحى، ونفت، ونقول: صلاة الضحى غير مشروعة؟ وأوصى بها أبا هريرة وأبا ذر وجمع من الصحابة، وبين لنا أنها كفارة عن ثلاثمائة وستين صدقة ركعتي الضحى، ونقول: غير مشروعة؟ ويأتي بعض من ينتسب إلى العلم، ثم يجلس إلى أن تنتشر الشمس ويقول: يالله خلاص عاد ما في صلاة الآن، ما في شيء اسمه صلاة الإشراق، ينكر على من يصلي، يا أخي صل، إن ثبت الحديث الذي فيه الوعد والثواب العظيم بها ونعمت، إن لم يثبت خلها صلاة الضحى، انوها صلاة الضحى. هنا تقول: "ما رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصلي سبحة الضحى" لكن إذا أثبتها غيرها فالمثبت مقدم على النافي، مع أنها أثبتتها هي -رضي الله عنها- "وإني لأسبحها" يعني هل قولها: "ما رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصلي سبحة الضحى" هل هي تستدل بهذا على عدم المشروعية؟ هل هي تستدل بهذا على عدم مشروعية صلاة الضحى؟ لا، لا تستدل بهذا على عدم مشروعية صلاة الضحى، بدليل أنها كانت تصليها، ولو كانت غير مشروعة ما صلتها، لكن هي استروحت إلى حكاية واقع في وقت من الأوقات، في ظرف من الظروف، ولعلها بصدد الرد على من يرى قد يوجد من يرى وجوب صلاة الضحى مثلاً، فهي تقول في مثل هذا الظرف "ما رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصلي" لتثني هذا المدعي على سبيل المثال، أو شخص يتشدد في مثل فعل الحافظ عبد الغني، لو جاء شخص قال: أنا بأصلي ثلاثمائة ركعة صلاة الضحى، يتجه أن يقال له: "ما رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصلي سبحة الضحى" لأن مثل هذه النصوص تعالج بها الحالات، يعني من ماشي على الجادة، متوسط في أمره من غير إفراط ولا تفريط، مثل هذا يجمع له بين نصوص الوعد والوعيد، لكن شخص منصرف، مفرط يؤتى له بنصوص التشديد والوعيد والعكس، لو وجد شخص مفرط متشدد يؤتى له بنصوص الوعد، فمثل هذه النصوص تعمل في مواضعها اللائقة بها، والعالم المرشد الموجه الداعية ينبغي أن يكون مثل الطبيب، فعائشة أثبتت وهي أيضاً نفت، ويحمل إثباتها على حال ونفيها على حال أخرى.

"وعن زيد بن أرقم -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((صلاة الأوابين حين ترمض الفصال)) رواه الترمذي". "زيد بن أرقم -رضي الله عنه-" ينقل أن النبي -عليه الصلاة والسلام- يقول: ((صلاة الأوابين)) الأواب: هو الرجَّاع إلى الله -جل وعلا-، المقبل عليه وعلى طاعته بفعل المأمورات وترك المنهيات، هذا أواب ((صلاة الأوابين حين ترمض الفصال)) الفصال: جمع فصيل، فعيل بمعنى مفعول فهو مفصول من أمه، وولد الناقة إذا فصل عنها فطم وفصل عن أمه فحرَّ الشمس الرمضاء يؤثر عليه، يقلقله، فهذا الظرف الذي يؤثر فيه على الفصيل دون الكبار هذا هو وقت صلاة الأوابين، وهو المناسب لصلاة الضحى، وهي صلاة الأوابين، والمراد بها صلاة الضحى؛ لأنها تقع في هذا الوقت ويشملها الضحى. ((حين ترمض الفصال)) تؤلمها حر الرمضاء، ومنه سمي رمضان لأنه يؤلم الصائم، لا سيما وأن وقت التسمية تسمية الأشهر كان رمضان في وقت شدة الحر الذي تحرق فيه الرمضاء من يطأ عليها، فسمي رمضان، وهنا: ((صلاة الأوابين حين ترمض الفصال)) رواه مسلم، عزوه للترمذي كما قال المؤلف هذا وهم، وهو في صحيح مسلم، ولا يوجد عند الترمذي. والحافظ -رحمه الله- حفظت عليه بعض الأخطاء بعض الأوهام في هذا الكتاب وفي غيره من الكتب، وهو بشر كغيره يخطئ ويصيب، لكن الخطأ النادر مغتفر، ومن يعرو من الخطأ والنسيان، لكن إذا كثر الخطأ قدح، إذا كان راوي وكثر الخطأ في روايته يقدح في روايته، إذا كان مؤلف وكثرت الأوهام في مؤلفاته تقدح في مؤلفاته. "وعن أنس -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((من صلى الضحى ثنتي عشرة ركعة بنى الله له قصراً في الجنة)) رواه الترمذي واستغربه". نعم يعني قال عنه: غريب، لكنه ضعيف، الحديث ضعيف، هذا الحديث فيه ضعفٌ شديد، وله ما يشهد له من حديث ابن عمر أنه قال لأبي ذر: "أوصني" وفيه: "وإن صليت ثنتي عشرة ركعةً بنى الله لك بيتاً في الجنة" وهو أضعف منه أيضاً فلا يرتق. على كل حال عندنا ما يدل على صلاة الضحى والحث عليها ما يغني عن مثل هذا النص، وبعضهم يستروح إلى قبول مثل هذا الخبر، لا سيما وأنه يسنده أحاديث أخرى.

المسألة في مسألة الوعد والثواب المرتب عليه ((بنى الله له قصراً في الجنة)) هذا ضعيف، وإلا فصلاة الضحى ثابتة بنصوص أخرى، فيصلي من الضحى ما شاء، ركعتين أو أربع أو ست أو ثمان أو عشر أو ثنتي عشرة، يصلي ما تيسر. ويثبت أنه صلى الضحى، وإذا كانت حين ترمض الفصال وافق صلاة الأوابين، والأولى أن تؤخر صلاة الضحى حتى ترمض الفصال، لكن إذا كان صاحب دوام مثلاً، وإذا تركها إلى هذا الوقت يمكن لا يتيسر له فعلها، يصليها إذا ارتفعت الشمس، وهي في وقتها، فوقت صلاة الضحى من ارتفاع الشمس إلى زوالها. "وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "دخل النبي -صلى الله عليه وسلم- بيتي فصلى الضحى ثماني ركعات" رواه ابن حبان في صحيحه". هذا أيضاً فيه انقطاع فهو ضعيف "وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "دخل النبي -صلى الله عليه وسلم- بيتي فصلى الضحى ثماني ركعات" رواه ابن حبان في صحيحه" لكنه ضعيف، وقد أثبتت كما في صحيح مسلم أنه صلى أربع ركعات، وثبت عنها أنها نفت أنه صلى الضحى مطلقاً، وأنه لا يصليها إلا إذا جاء من مغيبه، فالمقصود أن مثل تلك الأحاديث تغني عن مثل هذا، وثبت من حديث أم هانئ أن النبي -عليه الصلاة والسلام- صلى يوم الفتح ثماني ركعات، أما هذا الحديث فهو ضعيف. وأصل صلاة الضحى ثابتة بما سمعنا، وبهذا نكون انتهينا من باب صلاة التطوع، بقي لنا باب: صلاة الجماعة والإمامة، وما بعده من الأبواب في دورات لاحقة، نجيب على بعض الأسئلة. اللهم صلِّ على محمد وعلى آله. يقول: هل يمكن الجمع بين حديثي عائشة في صلاة الضحى بأن نقول: إن قولها: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصلي الضحى .. لا يستلزم رؤيتها له، وإنما علمها بذلك، فاستعملت التورية في قولها: "ما رأيت" تثبت عدم وجوب صلاة الضحى وهي صادقة، ولكنها عالمة بأنه صلاها كما في قولها: "كان يصلي الضحى"؟ على كل حال هي أثبتت وهي نفت، نفت في ظرف قد تكون نسيت، والمثبت مقدم على النافي، وقد أثبتها غيرها. يقول: هل هناك فرق بين صلاة الإشراق وصلاة الضحى؟ لا فرق، هي صلاة الضحى، وقت صلاة الضحى المفضل حين ترمض الفصال، ووقتها يمتد من ارتفاع الشمس وخروج وقت النهي إلى الزوال.

يقول: أنا طالب مدرسة فإذا أتيت أن أصلي في المصلى قال لي الوكيل: لا تصل في هذا الوقت لأنك تفعل سنة وحضورك إلى الحصة واجب، فيفوتني التوعية، فهل أصلي وقت الضحى في وقت الإشراق بنية الإشراق .. ؟ صل الضحى في وقت الإشراق بعد ارتفاع الشمس وقبل دخول الدرس بنية صلاة الضحى. يقول: هل وقت صلاة الظهر خارج عن وقت متعاقد عليه في الدوام؟ وماذا نصنع إذا أجبرنا على تأخير الصلاة بحيث نصليها فرادى في البيت كما يحدث ذلك في بلد آخر غير المملكة؟ نعم، هذه الواجبات الشرعية مستثناة شرعاً، ليس لأحد أن يعارض فيها، ومن عارض فلا طاعة له. طالب:. . . . . . . . . ثلث الليل يحسب من غروب الشمس، ثلث الليل الآخر من غروب الشمس. يقول: هل يقدم حفظ البلوغ أم الجمع بين الصحيحين؟ حفظ البلوغ باعتبار أن فيه أحاديث يحتاجها طالب العلم، وهي لا توجد في الصحيحين، وهي منتقاة من كتب كالبيهقي والدارقطني وابن حبان والحاكم وغيرها من الكتب تنفع طالب العلم، ثم بعد إذا حفظه وفهمه يقرأ الكتب الأصلية. يقول: هل يجوز أن أصلي الشفع والوتر مع العشاء ومن ثم أصلي ركعتي القيام؟ إذا غلب على الظن أنك لا تقوم من آخر الليل تصلي الشفع والوتر بعد صلاة العشاء، ثم إذا تيسر لك القيام تصلي ما شئت ركعتين ركعتين. يقول: أنا أعاني من صلاة الفجر وساعات ما أصليها بالرغم أني أضع المنبه وأوصي ناس، ولكن ساعات أصليها بعد صلاتها بساعة هل يجوز بدون تعمد؟ على كل حال الإنسان إذا بذل الأسباب ولم يفرط، وحصل أنه غلبته عيناه، فاتته صلاة الفجر لا شيء عليه ((من نام عن صلاة أو نسيها فليصليها إذا ذكرها)) على ألا يكون ذلك ديدنه، بمعنى أنه يفرط يسهر ولا يعمل الاحتياطات اللازمة للصلاة حينئذٍ يأثم. يقول: وجد أحد الزملاء صرة مربوطة في الستارة بمنزله وهي على شكل عقد، وشك أنه عمل لسحر من الخدم من المنزل فماذا يفعل؟ يتخلص منه يحرقه. كثرت المتاجرة بالأسهم فهل هي حلال أم حرام؟

الأسهم إن كانت عبارة عن دراهم، يعني مغطاة بالدراهم، فأنت تشتري دراهم بدراهم فهذا الربا، لكن إن كانت الأسهم عبارة عن أموال عروض تجارة مشاعة فلا بأس بها، إذا كانت أسهم في أراضي أسهم في سيارات، أسهم في .. ، بيع المشاع لا بأس به، لكن يبقى أنها إن كانت مغطاة بدراهم تشتري أسهم من شركة هي عبارة عن دراهم، أو أسهم بنك أو أسهم .. ، هذا لا يجوز. يقول: قال -عليه الصلاة والسلام- في حديث سجود السهو: ((فإن كان صلى خمساً فإنها تشفع له)) يعني سجدتي السهو ((شفعن له صلاته)) يقول: فما الغاية من الشفع؟ هنا: إن كان الوتر بلا نية لا يقع، الشفع في حديث السهو هاتان السجدتان تقومان مقام ركعة ((تشفع له صلاته)) الأصل في الصلاة أنها رباعية شفع، فإذا زاد واحدة صارت وتر، إذا سجد سجدتين شفعن له صلاته. يقول: ما حكم نسخ الأشرطة الإسلامية كالمحاضرات والدروس في البيت؟ وهل يشترط الاستئذان من صاحب التسجيلات؟ وهل علي إثم إذا لم أستأذن؟ إن كان نسخك للاستعمال، لاستعمالك الخاص لا للمتاجرة، و .... فهذا لا يترتب عليه ضرر على صاحب الامتياز الذي تعب وخسر على هذه الأشرطة فلا بأس، كمن يصور صفحة أو صفحات من كتاب، لكن من أراد أن يعيد طباعة الكتاب كاملاً أو ينسخ كمية تجارية من الأشرطة بحيث يتضرر من تعب عليها وخسر عليها فالضرر لا يجوز. يقول: هل يجوز أن أستدين مبلغاً من المال من شخص يعمل في بنك ربوي؟ على كل حال التعامل معهم أو مع من يتعامل معهم ويتعاون معهم على الإثم والعدوان الأصل المنع، لكن إن لم يوجد ما يقضي حاجتك إلا من يتعامل بالربا أو من يتعاون معه فلا بأس حينئذٍ، على أن تكون معاملتك معه شرعية. هل يجوز أن أقبل منه الهدايا وأشاركه في طعامه وشرابه؟ الأصل أن يهجر مثل هذا، لكن إن أجدى الهجر وأفاد ونفع به فهو الأصل، وإلا يلجأ إلى صلته إن كان أدعى لقبوله لترك هذه المعصية. يقول: عند الوضوء أحاول قدر الإمكان أن أستبرئ من البول ولكن بعد أن أذهب للصلاة أحس أن هناك نزول للبول، وبعض الأوقات وأنا في الصلاة، وكذلك أحس بريح لا صوت لها ولا رائحة فهل يبطل وضوئي؟

لا يبطل وضوئك، احرص أن تستبرئ من البول في وقت الاستنجاء حال الاستنجاء، ثم انضح، رش الماء على موضع الخارج، وعلى السراويل وخلاص تنتهي، ولا تلتفت إلى ما يخرج بعد ذلك. يقول: هل نستطيع أن نجمع بين نية الوضوء وتحية المسجد والضحى والنافلة؟ نية يعني سنة، سنة الوضوء الواردة في حديث بلال -رضي الله عنه-، نعم يمكن تجمع بينها وبين تحية المسجد؛ لأن تحية المسجد لا تراد لذاتها فتدخل في أي صلاة، أما الجمع بينها وبين صلاة الضحى، صلاة الضحى مقصودة لذاتها ما تدخل. يقول: في حديث: ((من نام عن الوتر أو نسيه فليصل إذا أصبح أو إذا ذكر)) ليس على إطلاقه فمن ذكر بعد الظهر فلا يقضِ؟ القاعدة عند أهل العلم أن السنن إذا فات محلها لا تقضى، وكثيراً ما يعبرون بقولهم: سنة فات وقتها، لا تقضى إذا فات وقتها، بمعنى أنه دخل وقت صلاة تليها صلاة أخرى، حينئذٍ لا تقضى. يقول: إذا صليت الوتر مثلاً تسليمتين بعد صلاة العشاء مباشرة، يعني أربعاً بعد صلاة العشاء، وقبل طلوع الفجر صليت الباقي مع العلم بأنها كلها إحدى عشرة ركعة فهل عملي هذا صواب؟ نعم، عملك صحيح. يقول: الدعاء الذي يقال بين السجدتين هل لا بد فيه من الترتيب؟ نعم، الأصل أن تقال الأذكار كما رويت، لكن من قدم أو أخر لا شيء عليه. يقول: بعد ما أعمل عملاً طيباً أشعر بإعجاب من نفسي لأنني عملت هذا العمل؟ إن كنت تفرح ومجرد فرح بأنك وفقت للعمل الصالح، ولتسرك حسنتك هذا مطلوب، لكن كونك تعجب بعملك وتترفع به على الناس، وتزدري الناس من أجله. فالعجب فاحذره إن العجب مجترفٌ ... أعمال صاحبه في سيله العرمِ فالإعجاب والعجب هذا ليس بمحمود بل مذموم، وشأنه خطير، لكن كون الإنسان يفرح بأنه عمل العمل الصالح، ووفق له هذا مطلوب، ولا ينافي الإخلاص. يقول: بعض أقراص الكمبيوتر التي بها قرآن أو أحاديث لا بد لفتحها من إجراء قسم بأنها الأصلية: أقسم بالله العظيم أنها أصلية فما حكم ذلك؟ هذا يحلف بالله وهذا كاذب، لا يجوز له أن يحلف بالله وهو كاذب، وهناك ما يغني عن مثل هذا العمل {وَلاَ تَجْعَلُواْ اللهَ عُرْضَةً لِّأَيْمَانِكُمْ} [(224) سورة البقرة]. طالب:. . . . . . . . .

دعاء القنوت الذي علمه النبي -عليه الصلاة والسلام- الحسن: ((اللهم اهدنا فيمن هديت، وعافنا فيمن عافيت)) .. إلى آخره، وإذا زاد من الأدعية المطلقة ما ليس فيه قطيعة ولا إثم ولا اعتداء لا بأس به، على أن لا يداوم على القنوت. يقول: هل يجوز أن أصلي أربع ركعات بنية قيام الليل؟ متى؟ إذا كان في الليل فهو من قيام الليل، لكن صل مثنى مثنى. كيف يكون الغسول من الجنابة؟ الاغتسال أولاً: يغسل الفرج وما تلوث، ثم الوضوء كوضوء الصلاة، يغسل فرجه وما لوثه، ثم يتوضأ وضوؤه للصلاة، ثم يفيض على رأسه الماء ثلاثاً، يروي أصول الشعر، ثم يغسل شقه الأيمن ثلاثاً، ثم الأيسر كذلك هذا الأكمل، وإن عمم البدن بالماء كفى. كم عدد الرضعات التي يصبح فيها الطفل أخٌ لأولادهم؟ خمس رضعات. هذا يريد جدول مناسب لطالب العلم من حيث ترتيب وقته والاستفادة من وقته .. بمَ ينصح طالب العلم؟ عليه أن يستغل الوقت، وأن يبدأ من العلوم والكتب من هذه العلوم بالأهم فالأهم، والموضوع يطول شرحه. طالب:. . . . . . . . . استماع الجنب للقرآن لا بأس به. أحد الدعاة يقول: بأن قول الشيخ ابن باز -رحمه الله- باشتراط الاستحلال لتكفير الحاكم بغير ما أنزل الله زلة عالم؟ هذا رأي الشيخ -رحمه الله-، وهو قول معتبر عند جمع من أهل العلم، وإن قيل بخلافه. يقول: هل يجوز قول: اللهم صل وبارك على محمد وعلى آل محمد كما صليت وباركت .. ؟ لا، هذا اختصار، هذا اختصار من النص، والنص متعبد بلفظه. يقول: بيني وبين شخص آخر خصومة عندما أريد الإصلاح بيني وبينه يرفض ذلك وقد أرسلت عليه أناس آخرون للصلح، ولكن رفضوا ذلك فهل علي إثمٌ؟ على كل حال هو يستقل بالإثم، ومع ذلك إذا لقيته فسلم عليه، والله أعلم. وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

كتاب الصلاة (25)

بلوغ المرام – كتاب الصلاة (25) شرح: باب: صلاة الجماعة والإمامة الشيخ/ عبد الكريم بن عبد الله الخضير السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد: قال شيخ الإسلام ابن حجر -رحمه الله-: "باب: صلاة الجماعة والإمامة" عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة)) متفق عليه. ولهما عن أبي هريرة: ((بخمس وعشرين جزءاً)). وكذا للبخاري: عن أبي سعيد, وقال: ((درجة)). وعن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((والذي نفسي بيده لقد هممت أن آمر بحطب فيحتطب, ثم آمر بالصلاة فيؤذن لها, ثم آمر رجلاً فيؤم الناس, ثم أخالف إلى رجال لا يشهدون الصلاة, فأحرق عليهم بيوتهم, والذي نفسي بيده لو يعلم أحدهم أنه يجد عرقاً سميناً أو مرماتين حسنتين لشهد العشاء)) متفق عليه، واللفظ للبخاري. وعنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر, ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبواً)) متفق عليه. وعنه قال: "أتى النبي -صلى الله عليه وسلم- رجل أعمى فقال: يا رسول الله ليس لي قائد يقودني إلى المسجد, فرخص له, فلما ولى دعاه, فقال: ((هل تسمع النداء بالصلاة?)) قال: نعم، قال: ((فأجب)) رواه مسلم. وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من سمع النداء فلم يأتِ فلا صلاة له إلا من عذر)) رواه ابن ماجه والدارقطني وابن حبان والحاكم, وإسناده على شرط مسلم, لكن رجح بعضهم وقفه.

وعن يزيد بن الأسود -رضي الله عنه- أنه صلى مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صلاة الصبح, فلما صلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا هو برجلين لم يصليا, فدعا بهما, فجيء بهما ترعد فرائصهما, فقال لهما: ((ما منعكما أن تصليا معنا?)) قالا: قد صلينا في رحالنا، قال: ((فلا تفعلا, إذا صليتما في رحالكم ثم أدركتم الإمام ولم يصلِ فصليا معه, فإنها لكم نافلة)) رواه أحمد, واللفظ له, والثلاثة, وصححه الترمذي وابن حبان". الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "باب: صلاة الجماعة والإمامة" الترجمة مؤلفة من شقين من باب أحكام صلاة الجماعة وحكمها، وأحكام الإمامة، وشروط الإمام، بدأ -رحمه الله تعالى- بالشق الأول في بيان حكم صلاة الجماعة وفضلها، فقال -رحمه الله تعالى-: "عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((صلاة الجماعة -الجماعة اثنان فأكثر- أفضل من صلاة الفذ -يعني الواحد- بسبع وعشرين درجة)) " الحديث مخرج في الصحيحين من حديث ابن عمر، وحديث الأكثر على رواية: "الخمسة والعشرين" وعلى رواية: "السبع والعشرين" هذه، حديث: "سبعة وعشرين" ثابت في الصحيحين وغيرهما. "ولهما" أي للبخاري ومسلم من حديث: "أبي هريرة -رضي الله عنه-: ((بخمسة وعشرين جزءاً))، وكذا للبخاري من حديث أبي سعيد -رضي الله عنه- وقال: ((درجة)) ".

أكثر الرواة على الخمس والعشرين، ابن عمر يروي السبع والعشرين مع أنه يروى عنه الخمس والعشرين أيضاً، صلاة الجماعة يعني اثنان فأكثر أفضل وهذه أفعل تفضيل مقتضاها أن تكون صلاة الجماعة فاضلة، وصلاة الفذ فاضلة، فاشترك المفضل والمفضل عليه في الوصف الذي هو الفضل، وفاق أحدهما الآخر، فاقت صلاة الجماعة على صلاة الفذ في هذه الصفة، فصلاة الجماعة فيها فضل وصلاة الفذ فيها فضل، والمراد بالفضل هنا الأجر، ثبوت الأجر، ولا يثبت الأجر إلا إذا سقط الطلب وصحت الصلاة وصارت مقبولة، بمعنى أنه يترتب عليها ثوابها، وتسقط الطلب، فكل من صلاة الجماعة وصلاة الفذ كلاهما فيه فضل، وكلاهما فيه أجر، وكلاهما مسقط للطلب، لكن صلاة الجماعة فاقت صلاة الفذ في هذا الفضل وفي هذا الأجر. من يقول بسنية صلاة الجماعة وعمدتهم هذا الحديث يقول: لو كانت صلاة الجماعة شرطاً لصحة الصلاة أو واجبة لما جاء الخبر بمثل هذه الصيغ، نقول: نعم صلاة الفذ فيها أجر وفيها ثواب، ولا مانع من أن يجتمع الأجر والثواب مع الإثم لانفكاك الجهة، هذا جواب من يرى وجوب صلاة الجماعة. أقول: هذا الحديث وما جاء في معناه هو عمدة من يقول: صلاة الجماعة سنة؛ لأنها هنا أفضل من صلاة الفذ، إذن صلاة الجماعة سنة، وهو المعروف عند الحنفية والمالكية والشافعية يقولون: فرض كفاية، والحنابلة يقولون: واجبة وجوباً عينياً بمعنى أنه يأثم كل من وجبت عليه الجماعة من الرجال الذكور المكلفين الذين لا عذر لهم.

يجيب الحنابلة عن استدلال الحنفية والمالكية بهذا الحديث على أن صلاة الجماعة سنة أن العمل قد يجتمع فيه أمران: الأجر والوزر لانفكاك الجهة، فالصلاة إذا أديت بشروطها وواجباتها وأركانها ترتبت آثارها عليها، لكن إذا ترك المصلي ممن تجب عليه الجماعة الجماعة أثم، ويدعم هذا القول الأحاديث اللاحقة، وليست الجماعة شرط لصحة الصلاة ليتجه قول من يستدل بهذا الحديث على أنها سنة، إنما الجماعة واجبة وجوباً عينياً على كل ذكر مكلف قادر على الإتيان لا يمنعه من الحضور إليها عذر، وعرفنا دليل من يقول: بأنها سنة، ومن يقول: بأنها فرض كفاية كالشافعية يقولون: الأحاديث كحديث أبي هريرة وما في معناه يدل على تأكدها بل تعينها وهي شعار يسقط بقيام البعض به، وسيأتي الرد عليهم من خلال الحديث اللاحق -إن شاء الله تعالى-.

((صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة)) حديث أبي هريرة وحديث أبي سعيد، حديث أبي هريرة جزءاً، فالجزء هو الدرجة، وجاء تفسير الجزء بالصلاة، فعلى هذا صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذ بسبع وعشرين صلاة، سبع وعشرين مرة كما جاء في بعض الروايات، فاختلاف الرواة في العدد منهم من يقول: العدد لا مفهوم له، والأصل أن الكلام له مفهوم، نعم إذا تعارض المفهوم مع منطوق أقوى منه يلغى المفهوم، {اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِن تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَن يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ} [(80) سورة التوبة] هذا لا مفهوم له؛ لأنه معارض بمنطوق أقوى منه {إِنَّ اللهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ} [(116) سورة النساء] فهنا سبع وعشرين درجة، وفي حديث أبي هريرة وأبي سعيد: "خمس وعشرين درجة" فمنهم من يقول: إن العدد لا مفهوم له، ويستوي في ذلك السبع والعشرين والخمس والعشرين وما هو أكثر من ذلك وما هو أقل، بل المراد من هذه الأحاديث بيان مزية صلاة الجماعة من غير تحديد بعدد معين، وإنما ذكرت هذه الأعداد للتمثيل، وإلا فالأصل فالعدد لا مفهوم له، منهم من يثبت أن العدد له مفهوم، ويحمل حديث ابن عمر على صور وأحاديث أبي هريرة وأبي سعيد وغيرهما مما جاء في الخمس والعشرين على صور أخرى، طلباً للجمع بين هذه النصوص، فبعضهم يقول: السبع والعشرين لمن صلى جماعة في المسجد، والخمس والعشرين لمن صلى جماعة خارج المسجد، في غير المسجد، ومنهم من يقول: السبع والعشرين للأعلم الأخشع، والخمس والعشرين لمن كان حاله ضد ذلك، ومنهم من يقول: السبع والعشرين لمدرك الصلاة كلها، والخمس والعشرين لمدرك بعضها، ومنهم من يقول: السبع والعشرين للبعيد من المسجد، والخمس والعشرين للقريب منه. وعلى كل حال هذه أقوال لا دليل عليها، ولا شك أن حضور القلب في الصلاة له دور كبير في ترتب الأثر والأجر عليها، ولذا من الناس من ينصرف بصلاة كاملة، ومنهم من ينصرف بنصفها، ومنهم من ينصرف بالربع، ومنهم من ينصرف بالعشر، ومنهم من ينصرف بلا أجر، لكن يكفيه أن صلاته تسقط عنه الطلب وتبرأ ذمته بها.

أقول: هذه الأقوال وهذه المسالك التي سلكها أهل العلم للتوفيق بين هذه الروايات هو للجمع والتوفيق بين النصوص، وقد يسلك ما هو أقل من ذلك لرفع التعارض، فمنهم من يقول: إن الله -جل وعلا- أخبر نبيه بالخمس والعشرين أولاً ثم زاد تفضلاً منه -جل علا- على عباده المحافظين على الجماعة بالدرجتين، يعني هل يقال نظيره في من اقتنى كلب غير ما استثني ينقص من أجره كل يوم قيراط، وفي رواية: قيراطان، هل نقول: إنه أخبر أولاً بالقيراط ثم أخبر بالقيراطين زيادة في التشديد؟ احتمال، وقد قيل بذلك، وإن قال بعضهم: إن نقص القيراط لمن اقتناه في البادية، ونقص القيراطين لمن اقتناه في الحاضرة، تبعاً للأثر المترتب على هذا الاقتناء، والضرر المترتب عليه. على كل حال أهل العلم يسلكون مثل هذه المسالك للتوفيق بين النصوص، المراد من الحديث واضح وهو بيان مزية صلاة الجماعة على صلاة الفذ، وصلاة الفذ وإن كانت صحيحة مسقطة للطلب، مجزئة وفاضلة بنص هذا الحديث إلا أنه لا يمنع من إثم من ترك الجماعة لوجوبها، فلا يمنع أن يجتمع في العمل الإثم والأجر لانفكاك الجهة، كمن صلى وبيده خاتم ذهب، نقول: صلاتك صحيحة، والأثر المترتب عليها ثابت، وهو آثم في لبسه خاتم الذهب أو عمامة الحرير، أو ما أشبه ذلك، فمن أقوى ما يستدل به من يقول بوجوب صلاة الجماعة عيناً يعني على الأعيان، ونعرف المراد بالأعيان لأن بعض الناس من العامة أو بعض المبتدئين قد يظن أن المراد بالأعيان الوجهاء، نعرف أن الواجب ينقسم إلى وجوب عيني ووجوب كفائي، بمعنى أنه لا يعذر فيه أحد إذا كان واجباً عينياً، وليس المراد بذلك أنه واجب على الوجهاء كما يتصوره البعض، من أقوى الأدلة على ذلك حديث أبي هريرة الذي يلي هذا.

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى: "وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((والذي نفسي بيده)) " هذا قسم، كثيراً ما يقسم النبي -عليه الصلاة والسلام- بهذا ((والذي نفسي بيده)) وفي هذا القسم على الأمور المهمة ولو من غير استحلال، ولا يتعارض هذا مع قوله -جل وعلا-: {وَلاَ تَجْعَلُواْ اللهَ عُرْضَةً لِّأَيْمَانِكُمْ} [(224) سورة البقرة] لأن هذا مهم، يحتاج في تثبيته وتأكيده إلى مثل هذا القسم، وقد أمر الله -جل وعلا- نبيه أن يقسم على البعث في ثلاثة مواضع من كتابه في يونس، وفي سبأ، وفي التغابن، فالأمور المهمة يقسم عليها ولو من غير استحلاف. ((والذي نفسي بيده)) نفسه -عليه الصلاة والسلام- يعني روحه بيده، بيد الله -جل وعلا-، وفي هذا إثبات اليد لله -جل وعلا- على ما يليق بجلاله وعظمته، وإن كان أكثر الشراح درجوا على تفسير هذا القسم بقولهم: "الذي روحي في تصرفه" ولا شك أن أرواح العباد في تصرف الله -جل وعلا-، لكن إن كان المراد بهذا التفسير الفرار من إثبات صفة اليد فهو مردود، وإلا فمعناه صحيح، وإثبات اليد لله -جل وعلا- محل اتفاق بين سلف هذه الأمة وأئمتها على ما يليق بجلاله وعظمته. ((والذي نفسي بيده لقد هممت)) اللام واقعة في جواب القسم، "قد هممت" الهم: مرتبة من مراتب القصد، أولها: الخاطر، ثم الهاجس، ثم حديث النفس، ثم الهم، ثم العزم ((لقد هممت)) قد يقول قائل: هذا ليس فيه دليل لأنه مجرد هم، حديث النفس معفو عنه، الخاطر معفو عنه، الهاجس معفو عنه، الهم؟ ماذا عن الهم؟ ((إذا هم أحدكم .. )) إذا هم بالسيئة تكتب عليه وإلا ما تكتب؟ إذا لم يفعلها ولم يتحدث بها؟ يعني هل الهم مثل حديث النفس معفو عنه؟ إذا هم بخير أجر عليه، وإذا هم بسيئة لم تكتب عليه حتى يعملها أو يفعلها، هنا الهم بالتحريق، المخالف يقول: إنه مجرد هم، والهم لا أثر له، ولذا يقول الناظم في مراتب القصد، يقول: مراتب القصد خمس هاجس ذكروا ... فخاطر فحديث النفس فاستمعا جيليه همٌ فعزمٌ كلها رفعت ... إلا الأخير ففيه الأخذ قد وقعا

إلا الأخير -الذي هو العزم- ففيه الأخذ قد وقعا، يجاب عن هذا بأن النبي -عليه الصلاة والسلام- لا يهم إلا بما يجوز له فعله، فإذا كان هذا الفعل الذي هو التحريق على المتخلف عن الصلاة بالنار يجوز للنبي -عليه الصلاة والسلام- فعله مع أنه أكده بالقسم ((والذي نفسي بيده لقد هممت)) فدل على أن ترك الجماعة حرام، إذ لا يتوعد بمثل هذا الوعيد إلا على شيء محرم ((لقد هممت أن آمر بحطب فيحتطب, ثم آمر بالصلاة فيؤذن لها, ثم آمر رجلاً فيؤم الناس, ثم أخالف إلى رجال)) آمر بحطب فيحتطب من أجل أن يحرق على المتخلفين عن الصلاة جماعة بالنار ((ثم آمر بالصلاة فيؤذن لها، ثم آمر رجلاً فيؤم الناس)) قد يقول قائل -وقد قيل-: كيف يهم بالتحريق -تحريق البيوت على أصحابها- بسبب التخلف عن صلاة الجماعة ويتخلف -عليه الصلاة والسلام- لأنه سوف يأمر رجل يؤم الناس؟ النبي -عليه الصلاة والسلام- سوف ينطلق إلى هؤلاء ومعه رجال وحينئذٍ تقوم الصلاة بهم، صلاة الجماعة، ((ثم آمر رجل فيؤم الناس، ثم أخالف إلى رجال)) يعني أذهب إلى رجال على غرة منهم، وقد انشغلوا بلهوهم وغفلتهم عن الصلاة، ((أخالف إلى رجال لا يشهدون الصلاة)) الذين يقولون بأن صلاة الجماعة ليست بواجبة على الأعيان هذا الحديث من أقوى ما يرد به عليهم؛ لأن صلاة الجماعة إذا كانت واجبة على الكفاية سقط الوجوب بفعل النبي -عليه الصلاة والسلام- ومن معه في مسجده فكيف يبحث عن مثل هؤلاء وقد سقط عنهم الواجب؟ لأن الواجب على الكفاية إذا قام به من يكفي سقط الإثم على الباقين، صار في حقهم سنة، فكيف يخالف إلى هؤلاء وقد قامت الجماعة به -عليه الصلاة والسلام- في مسجده -صلى الله عليه وسلم-؟ ((ثم أخالف إلى رجال لا يشهدون الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم)) يقول بعضهم: لو كانت صلاة الجماعة واجبة والتهديد هذا على وجهه وحقيقته ما تركه النبي -عليه الصلاة والسلام-، فلما تركه عرفنا أنه عدل عن هذا التهديد فدل على عدم وجوب صلاة الجماعة، نقول: إنما ترك التحريق معللاً ذلك بقوله: ((لولا ما في البيوت من النساء والذرية)) لحرق عليهم بيوتهم، أناس لا ذنب لهم، أرواح لا ذنب لها، ويكفي في وجوب الجماعة أقل من مثل هذا

التهديد، وقال المخالفون في مسائل كثيرة جداً بالوجوب العيني ولم يرد فيها مثل هذا التهديد. ((والذي نفسي بيده)) أعاد القسم -عليه الصلاة والسلام- لأهمية هذا الأمر ((لو يعلم أحدهم)) يعني أحد هؤلاء المتخلفين ((أنه يجد عرقاً سميناً)) قد يقول قائل: إن مثل هذا الكلام ما يقال في حق مسلم صحيح الإسلام إنما هذا الذي يبعثه إلى حضور الجماعة مثل هذه الأشياء اليسيرة قد يقول قائل: إنه من المنافقين، فالحديث جاء في حق المنافقين، لا في حق صادقي الإيمان والإسلام، نقول: إن التخلف عن صلاة الجماعة من سمة المنافقين، فلا يكاد ينفك التخلف عن صلاة الجماعة عن صفة النفاق. ((والذي نفسي بيده لو يعلم أحدهم أنه يجد عرقاً سميناً)) العرق: هو العظم إذا كان عليه لحم ((أو مرماتين حسنتين)) المرماتين يقولون: هي ما بين ظلفي -بالفاء- الشاة من اللحم، لكن هل بين أظلاف الشاة لحم؟ وهل يمكن أن يوصف هذان الظلفان بالحسن؟ ولذا يتجه القول الآخر بأن ظلفي مصحفة من ضلعي، ما بين ضلعي الشاة من اللحم، وبينهما لحم وحسن أيضاً، وإلا أكثر كتب الغريب والمعاجم تقول: ما بين ظلفي، كتب الشروح تواطأت على هذا، لكن من حيث المعنى هل بين أظلاف الشاة لحم؟ وهل يمكن أن يوصف بالحسن؟ نعم، لكن إذا قلنا: إنها مصحفة عن ضِلْعي أو ضِلَعي قلنا: بينهما لحم وهو أيضاً حسن.

((أو مرماتين حسنتين لشهد العشاء)) تباً لمن كان هذا همه، لا يحضر إلى الصلاة إلا من أجل هذه الأمور اليسيرة، وسيأتي أن أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر في الحديث الذي يليه، في حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر)) ولو وجد هؤلاء المنافقون أمور يسيرة من حطام الدنيا لتجشموا المصاعب للحضور، أثقل الصلاة على المنافقين، الصلاة كلها ثقيلة على المنافقين {وَإِذَا قَامُواْ إِلَى الصَّلاَةِ قَامُواْ كُسَالَى} [(142) سورة النساء] الكسلان عن أي عمل من الأعمال العمل عليه ثقيل، لكن أثقل هذا الثقيل صلاة العشاء وصلاة الفجر، لماذا؟ لأن الذي يبعث على العمل هو الطمع إما في أجر أخروي أو في أجر دنيوي، الذي يبعث على العمل الطمع، لا يطمعون في أجر الآخرة، وإذا قاموا إلى الصلاة إنما قاموا رياءً وصلاة العشاء وصلاة الفجر إنما تقعان في الظلام، العشاء في الظلام، الصبح في الظلام، وهم إنما يصلون رياء الناس والناس لا يرونهم، إذن الباعث الديني مفقود والباعث الدنيوي مفقود، ولو علم هؤلاء ((لو يعلمون ما فيهما)) يعني من الأجر العظيم ((لأتوهما)) أعني صلاة الصبح وصلاة العشاء، يعني صلاة الصبح وصلاة العشاء، ((ولو حبواً)) على اليدين والركبتين "متفق عليه". ولما علم الصحابة ما في الصلوات من الأجور أتوا إليها وهم يهادون، يأتي الرجل وهو يهادى بين رجلين من المرض والتعب؛ لأنه يعلم بالأجر، ومصدق بوعد الله -جل وعلا-، الذي يصدق بالوعد يعلم الوعد ويصدق به ينفذ، ما الذي يمنعه؟ لأنه إذا وازن بين المصالح والمفاسد وجد أن المسألة لا مقارنة، لا مقارنة، لكن إنما يتخلف من يشكك أو يشك في ثبوت هذا الوعد، أو لا يصدق به أصلاً كالمنافقين والكفار، فإذا اجتمع التصديق بثبوته مع ابتغائه وطلبه حصل الحضور إلى الصلاة ((ولو يعلمون ما فيهما)) يعني في فعلهما والإتيان إليهما من الأجر ((لأتوهما)) أتوهما إلى أين؟ إلى المسجد حيث ينادى بها ((ولو حبواً)) أي مشياً على اليدين والركبتين كما يفعل الطفل، حرصاً على هذا الأجر المرتب عليهما.

يقول: "وعنه -رضي الله عنه- قال: "أتى النبي -صلى الله عليه وسلم- رجل أعمى" جاء تفسيره في بعض الروايات بأنه ابن أم مكتوم المؤذن الذي عاتب الله نبيه -عليه الصلاة والسلام- بسببه "أتى النبي -صلى الله عليه وسلم- رجل أعمى فقال: يا رسول الله إنه ليس لي قائد يقودني إلى المسجد" هذا رجل أعمى، وبينه وبين المسجد متاعب ومصاعب وأشجار، جاء في بعض الروايات أنه له قائد، لكن لا يلائمه، يعني لا يلازمه فرخص له؛ لأن هذا عذر، رجل أعمى كفيف البصر ويجد مشقة في الحضور إلى الصلاة رخص له -عليه الصلاة والسلام-, فلما ولى دعاه, فقال: ((هل تسمع النداء بالصلاة?)) قال: نعم، قال: ((فأجب)) في بعض الروايات: ((لا أجد لك رخصة)) فالأمر ليس بالسهل، ليس بالهين أن يتخلف الإنسان عن الصلاة لأدنى سبب، يسمع الأذان ويتخلف عن الصلاة، وعلى هذا كل من سمع النداء عليه أن يجيب إلا إذا كان له عذر، لا رخصة لمن سمع النداء عن الإجابة، والمراد بسماع النداء بالصوت العادي دون مكبرات، ودون موانع من السماع، يعني افترض المسألة ما في مكبرات صوت، ولا يوجد ما يمنع من سماع الأذان من سيارات وآلات ومشوشات، من كم يُسمع الأذان العادي؟ يعني كيلوين ثلاثة أو أكثر أو أقل؟ الأذان العادي بدون مكبر وبدون موانع كم يقدر هذا؟ لأن الإنسان قد ينام في غرفته أو يجلس في غرفته في بيته، وقد أغلق الأبواب والنوافذ، وأصوات السيارات عن يمينه وشماله ويقول: أنا لا أسمع النداء إذن أصلي في بيتي والمسجد خطوات عنه؟ له ذلك وإلا ليس له ذلك؟ نعم نفترض المسألة بدون مكبرات، وبدون موانع، فصوت المؤذن بدون مكبر وبدون مانع ينفذ إلى إيش؟ إلى مقدار؟ لنعرف الرخصة الشرعية. طالب:. . . . . . . . .

ثلاث إيش؟ أميال، يعني خمسة كيلو، فيحتاج مشي إلى ساعة إلا عشر الخمسة كيلو المتوسط؛ لأنه إذا كان بينك وبين المسجد خمسة كيلو يلزمك تحضر الصلاة؟ لأن المسألة تحتاج إلى ضابط، الآن المشوشات كثيرة، فقد يكون في بيته في الصالة جالس مع أهله ما يسمع الأذان، الذين يسكنون الشقق يعرفون هذا مع المكيفات ومع السيارات يعرفون هذا، فهل يقال له: أنت لا تسمع النداء لا تصلي؟ أو يقال لمن في البرية سمع أذاناً بمكبر وبلغه هذا في صلاة الصبح وبينه وبينه عشرين ثلاثين كيلو نقول: اذهب إلى الصلاة وليست معه سيارة؟ لا نجد لك رخصة تسمع النداء؟ لا بد من ضابط، فإذا تصورنا المسألة مجردة عن الأسباب التي هي هذه المكبرات وعن الموانع فهل نقول مثلاً: المتوسط ثلاثة كيلو مثلاً، يعني ما جرب هذا؟ طالب:. . . . . . . . . لا، لا يسمعون، يسمعون قبل هذه الحضارة التي نعيشها الآن قبل المكبرات يسمعون من بعيد ترى، يسمعون من بعيد مع الهدوء؛ لأن المسألة لا بد لها من ضابط، ما نقول: المسألة خلاص حراج ويزيد وينقص نص كيلو خمسة كيلو، لا، المسألة لا بد من تحديدها على الواقع، تطبيقها على الواقع، ما جربت هذه؟ قبل هذه المكبرات وقبل المؤثرات في ضاحية تبعد عن بلد من البلدان ثلاثة كيلو بدون مبالغة يعني ويسمعون أذان الجامع لكن ما هو بكل الأوقات في صلاة الصبح، أذان المسجد اللي في وسط البلد في صلاة الصبح فقط؛ لأن الرخصة علقت بسماع النداء، إذن لا بد من تحرير هذه المسألة، يعني تسمع النداء من مسافة ثلاثين كيلو بالمكبر نقول: يلزمك وأنت ما عندك سيارة أو استأجر أو .. ، نعم إذا تجشمت ومشيت وتعبت وركبت سيارة وأنفقت هذا في سبيل الله لن تعدم الأجر، لكن هل تلزم بذلك؟ لا تلزم بذلك، لكن الذي يبدو -والله أعلم- أن الثلاثة كيلو تسمع بدون مكبر وبدون مؤثر، فعلى هذا من كان بينه وبين المسجد ثلاثة كيلو يجب عليه إجابة الصلاة، إجابة النداء.

وهذا رجل أعمى، الأصل أن مثله لا سيما إذا كان ليس له قائد، وفي طريقه العوائق من الأودية والأشجار أنه معذور، عتبان بن مالك وحديثه في الصحيح لما كف بصره طلب من النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يزوره ليصلي له في مكان يتخذه مسجداً، وفعل النبي -عليه الصلاة والسلام-، زاره وصلى، واتخذه مسجداً، هل هناك معارضة بين حديث ابن أم مكتوم وحديث عتبان؟ نعم ما في دليل على أن عتبان يسمع النداء من جهة، الأمر الثاني: أن عتبان أراد أن يقيم الجماعة في حيه، في بيته، فإذا لم يسمع النداء له أن يقيم الجماعة في بيته أو في حيه، هذا إذا لم يسمع النداء، فهو محمول على أن عتبان لا يسمع النداء، أقول: في معارضة بين حديث ابن أم مكتوم وبين حديث عتبان؟ طالب: لا توجد معارضة. النبي -عليه الصلاة والسلام- عذر عتبان وجاء إلى بيته وصلى له فيه؛ ليتخذ له مسجداً بعد أن كف بصره، وعذره مثل عذر ابن أم مكتوم، هذا أعمى وذاك كف بصره فاحتاج أن يصلي في بيته، فالفارق أنه هنا صرح بسماع النداء وهناك لم يصرح به لا وجوداً ولا عدماً، وهو محمول على أنه لا يسمع النداء، منهم من يقول: إن حديث ابن أم مكتوم محمول على الندب وإلا عذره يبيح له التخلف عن الجماعة، لكن الحديث فيه قوة، ((هل تسمع النداء؟ )) قال: نعم، قال: ((فأجب)) فالأمر ثابت والحكم معلل بسماع النداء، ولا يمكن صرفه إلا بصارف قوي، نعم بعض العميان يتفاوتون، بعض العميان إذا لم يكن له قائد يضل، هم يتفاوتون، ولعل النبي -عليه الصلاة والسلام- رأى في ابن أم مكتوم من الفطنة والفراسة ما يستطيع معها أن يصل إلى المسجد بسهولة، وإلا بعض العميان مجرد ما يطلع من البيت يتوه يضيع، هم متفاوتون، والمبصرون أيضاً متفاوتون، والأصل أن الحرج والمشقة مرفوع في الشرع، ((إن الدين يسر، ولن يشاد أحد الدين إلا غلبه)) لكن ليس معنى هذا أننا نتنصل من الواجبات بحجة أن الدين يسر، الدين كما هو دين يسر هو دين تكاليف، دين ابتلاء، دين امتحان، والجنة حفت بالمكاره، فلا نخلط بين هذا وهذا.

يقول: "وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من سمع النداء فلم يأتِ فلا صلاة له إلا من عذر)) " وجاء تفسير العذر بالخوف والمرض، يقول: "رواه ابن ماجه والدارقطني وابن حبان والحاكم, وإسناده على شرط مسلم" لكن رجح بعضهم وقفه، وصححه بعضهم مرفوعاً، هو من حيث الإسناد على شرط مسلم، لكن الخلاف في رفعه ووقفه على ابن عباس، هل هو مرفوع إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- كما صرح به هنا أو هو موقوف من قول ابن عباس؟ رجح بعضهم وقفه وبعضهم صححه مرفوعاً، ومعلومٌ إذا تعارض الوقف مع الرفع الخلاف بين أهل العلم في مثل هذه المسألة معروف، منهم من يحكم بالرفع؛ لأنه زيادة والزيادة من الثقة مقبولة، ومنهم من يحكم بالوقف؛ لأنه متيقن، ومنهم من يحكم للأكثر، ومنهم من يحكم للأحفظ، على كل حال المسألة خلافية، وليس عند المتقدمين قاعدة مطردة يحكمون بها في مثل هذا الاختلاف، بل الحكم للقرائن. وعلى كل حال الحديث لو صح هل هو دليل لوجوب الجماعة عيناً؟ ((من سمع النداء فلم يأتِ فلا صلاة له، إلا من عذر)) فلا صلاة له مفاده أن الجماعة شرط لصحة الصلاة، مفاده أن الجماعة شرط لصحة الصلاة عندما يصح الخبر، وإن قال بعضهم: إنه لا صلاة له كاملة، وعلى كل حال الحديث مختلف فيه، والمرجح وقفه على ابن عباس -رضي الله عنهما-.

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "وعن يزيد بن الأسود -رضي الله عنه- أنه صلى مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صلاة الصبح, فلما صلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا هو برجلين لم يصليا" يعني مع الجماعة، لم يصليا يعني مع الجماعة في المسجد "فدعا بهما, فجيء بهما ترعد فرائصهما" هذان قد صليا في رحالهما -في منزلهما- أو في منازلهما "وجيء بهما ترعد فرائصهما" والآن بجوار المسجد الشباب يتحدثون ويلعبون في جوار المسجد، ولا كأن هناك صلاة أذن لها، ولا صلاة أقيمت، ولا جماعة يصلون، اثنان من الصحابة جيء بهما ترعد فرائصهما، نعم الذي دعاهما هو النبي -عليه الصلاة والسلام- ولا نقول: إن أحداً مثله -عليه الصلاة والسلام- في الهيبة، لكن يبقى أن من اقتدى به -عليه الصلاة والسلام- يرث من علمه ويرث من هيبته بقدر ما عنده من علم وعمل ما يؤثر في الخصم، تصلي وشخص جالس في سيارته عند باب المسجد ينتظر أحداً يصلي، ولا يرفع بالمسلمين رأساً، لا شك أن هذا سببه التساهل من المصلين، وإلا لو كل شخص مر بهذا جالس في سيارته وقال له: الصلاة، ثم ثاني: الصلاة يا أخي، الصلاة أقيمت، الصلاة، ما يجلس مثل هذا أبداً، ولا يطيق الجلوس في مثل هذا المكان، في يوم من الأيام الصلاة تقام وعامل من العمال في السيارة جالس عند باب المسجد، طيب ادخل صلِ، قال: ما هو بمسلم، ذكر أنه ليس بمسلم، يعني يجلس مراغمة للمسلمين عند باب المسجد؟! عليه أن يختفي مثل هذا، لا يجاهر بمثل هذا ويراغم المسلمين، ومثل هذا لو ترك له المجال اختلط الحابل بالنابل ولا يدرى من يصلي ومن لا يصلي، فلا بد من أطر الناس على الحق، وهذه وظيفة كل مسلم؛ لأن التخلف عن الصلاة منكر، والنبي -عليه الصلاة والسلام- يقول: ((من رأى منكم منكراً فليغيره بيده)) هذا إذا استطاع ((فإن لم يستطع فبلسانه)) لا أحد يمنعك من أن تقول: صلِ يا أخي، ادخل المسجد، تمر على شباب يلعبون في ساحات قريبة من المسجد ولا أحد يقول لهم: صلوا، أنا مراراً أجي للمسجد على الشارع هذا في مكاتب هنا على اليد اليمنى قرب الإقامة فاتحين، وقت الصلاة، فلو كل واحد من الإخوان مر بهم: صلوا يا إخوان، قفلوا، نعم يتعين هذا على أهل

الحسبة لكن أهل الحسبة عددهم لا يفي بما يطلب منهم، فهذا واجب الجميع. هؤلاء من أخبر النبي -عليه الصلاة والسلام- أنهم لم يصليا، أنهما لم يصليا قيل له: إن في اثنان في آخر المسجد ما صليا فدعا بهما، دعا بإحضارهما "فجيء بهما ترعد فرائصهما" ما يترك فرصة لمثل هؤلاء، وإن كان المجتمع مجتمع صالح، الآن بكل بساطة يقول: إيش دخلك؟ إذا قلت له: صلِ، لماذا؟ لأننا تتابعنا على السكوت، تواطئنا عليه مدة، والآن نجني الثمار شاب في العشرين بادٍ نصف عورته ويقول: ويش دخلك في بلاد المسلمين بين المسلمين؟ هذه تحتاج إلى حل، تحتاج إلى تظافر جهود، الدولة عينت لهذا الأمر رجال حسبة، لكن الشرع قبل ذلك طلب من كل مسلم، من كل من رأى منكر أن يغيره، ولا أحد يمنعك من أن تقول إذا رأيت شخص لم يصلِ: صلِ يا أخي، لا بد من وضع آلية تميز بين من هو من أهل الصلاة ومن هو ليس من أهل الصلاة، ولا يختلط الأمر في البلدان المختلطة التي فيها مسلمون وغير مسلمين وإلا ترتب عليه ضياع، إذا قال: والله ما ندري ما أبحث إذا كان هذا يصلون وإلا ما يصلون وإلا اللي يصلون فرادى وإلا يصلون جماعات؟ لا بد من حزم في هذا الباب؛ لأن الصلاة رأس المال يا الإخوان، يعني آخر ما تفقدون من دينكم الصلاة، آخر ما يفقد من الدين الصلاة، فإذا فقدت الصلاة ويش يبقى في الدين، ما يبقى شيء، فالمسألة تحتاج إلى همة وصدق وعزيمة وإخلاص لله -جل وعلا- مع الرفق واللين لا يترتب على إنكار المنكر منكر أعظم منه، فعلينا جميعاً أن نتواصى بهذا.

"فجي بهما ترعد فرائصهما، فقال لهما -عليه الصلاة والسلام-: ((ما منعكما أن تصليا معنا?)) " الناس يصلون وأنتم جالسين ((ما منعكما أن تصليا معنا)) والعرض بطريقة السؤال أجدى حتى يعرف الجواب يعني لو دخل شخص افترض دخل من الشارع وجلس هل يناسب جداً أن تقول: قم صلِ ركعتين، أو تقول: هل صليت ركعتين؟ بسؤال برفق ولين ليستجيب، وهنا: ((ما منعكما أن تصليا معنا)) يمكن له عذر مقبول "قالا: قد صلينا في رحالنا" والرحل المنزل "قال: ((فلا تفعلا)) " فلا تفعلا: يعني لا تجلسا والناس يصلون ((إذا صليتما في رحالكما ثم أدركتم الإمام ولم يصلِ فصليا معه)) وهذا لسد الذريعة لئلا يتذرع أحد بترك الصلاة ويعتذر بأنه قد صلى، حين يطلع الإنسان إلى المسجد ويقابله شباب رايحين للجهة الثانية، أحياناً يقولون: صلينا في المسجد هذا اللي يبكر، وأحياناً يقولون: لا نبي نروح نصلي مع اللي تأخر، مثل هذا يضيع الأمر، ولذا حسم، سد الباب عليهم -عليه الصلاة والسلام-، صلينا في رحالنا صلوا أيضاً، ((إذا صليتما في رحالكما ثم أدركتم الإمام ولم يصلِ فصليا معه)) لئلا يوجد في المسجد في آن واحد ناس يصلون وناس ما يصلون، ثم يصير في ذلك وسيلة لمن أراد أن يترك الصلاة بحجة أنه صلى. ((فصليا معه فإنها لكما نافلة)) "فصليا فإنها" الضمير يعود على أقرب مذكور وهي الصلاة الأخيرة "فصليا" المأمور بها "فإنها" يعني هذه الصلاة الأخيرة لكما نافلة، فالنافلة هي الثانية والأولى هي الواجبة التي سقط بها الطلب "رواه أحمد واللفظ له, والثلاثة: أبو داود والنسائي والترمذي، وصححه الترمذي وابن حبان، وقال الترمذي: حسن صحيح". وعلى كل حال الحديث صحيح.

((فإنها لكما نافلة)) يعني الثانية نافلة والفريضة هي الأولى، وقال بعضهمِ: من جاء والإمام يصلي وقد صلى منفرداً له أن يرفض الصلاة الأولى ويصلي مع الإمام الفريضة لأن الثانية أكمل؛ لأن الفريضة كونها في جماعة أكمل من كونها منفردة، فيرفض الأولى وتكون الثانية الفريضة، لكن الحديث نص في أن الثانية هي الفريضة، إذا صلى الإنسان منفرد فريضة ثم أحس أن هناك جماعة هل نقول: إن هذه هي الفريضة ولا يجوز له تحويل النية، ويستوي في ذلك ما إذا كان في أثناء الصلاة أو بعد الفراغ منها؟ أو نقول له: أن يقلب النية نفل ويصلي الفريضة مع الجماعة، الفقهاء يقولون: وإن قلب منفرد فرضه نفلاً في وقته المتسع جاز، وإن قلب منفرد فرضه نفلاً في وقته المتسع جاز.

أحاديث النهي عن الصلاة بعد الصبح وبعد العصر ألا يتعارض مع إعادة صلاة الصبح مع الإمام وفي إعادة صلاة العصر، وأيضاً النهي عن أكثر من وتر في ليلة ألا يتعارض مع إعادة صلاة المغرب، يعني من جاء والإمام في صلاة الصبح له نافلة، وهو ممنوع من التنفل بعد صلاة الصبح، لا صلاة بعد الصبح حتى تطلع الشمس، هل نقول: هذا وقت نهي لا تعيد الصلاة؛ لأنها نافلة أو نقول: أحاديث النهي عامة وهذا الحديث خاص لإعادة الصلاة مع الإمام؛ لأن الواقعة حصلت في صلاة إيش؟ الصبح، هنا عندنا، صلى مع رسول الله صلاة الصبح فتعاد صلاة الصبح ولو كان وقت نهي مع الإمام، وقل مثل هذا في صلاة العصر، وقل مثل هذا من باب أولى في صلاة الظهر، وصلاة العشاء مع ما يعارضه من قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((صلاة الليل مثنى مثنى)) لأنه بيأتي بصلاة رباعية نافلة، لكن صلاة المغرب إذا صلى المغرب في رحله ثم جاء والصلاة تقام -صلاة المغرب- ماذا يصنع؟ يعيد مع الإمام؟ لا وتران في ليلة فهل يعيد مع الإمام أو نقول: لا، هذه الوتر ولا يكرر الوتر في ليلة واحدة؟ أو نقول: صليها شفعاً صلِ مع الإمام واشفعها برابعة؟ ماذا يقال؟ مقتضى الحديث أن يصلي الصلاة على صورتها، صليها ثلاث مع الإمام هذا عموم الحديث، لكن الأحاديث الأخرى مثل: ((لا وتران في ليلة)) وقل مثل هذا في التصدق على من فاتته الصلاة ((من يتصدق على هذا)) يعني شخص صلى مع الجماعة، يعني حديث الباب فيمن صلى منفرداً ثم صلى مع الجماعة، من صلى في مسجد مع جماعة ثم جاء والصلاة تقام في مسجد آخر يعيد وإلا ما يعيد؟ الآن الحديث -حديث الباب- نص فيمن صلى في منزله -في رحله- ثم جاء، الآن الاثنين هؤلاء الرجلان صليا جماعة في رحالهما أو كل واحد صلى في بيته؟ "قالا: قد صلينا في رحالنا" في رحالنا، ما قالا: في رحلنا. طالب:. . . . . . . . .

لا ما تجي رحلينا، قلوبكما {فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} [(4) سورة التحريم] ظاهر النص أنهما صليا فراداً، من صلى منفرداً ثم جاء والجماعة أقيمت يعيد الجماعة، لكن من صلاها في جماعة في مسجد ثم وجد جماعة تقام يصلي معهم أو لا يصلي؟ أو صلى مع جماعة فجاء شخص ((من يتصدق على هذا)) نص وفي صلاة الصبح، وفي مسجد النبي -عليه الصلاة والسلام- مع أن من أهل العلم من يمنع إعادة الجماعة في الحرمين، وحديث: ((من يتصدق على هذا)) نص في إعادة الجماعة؛ لأنه صلى مع الجماعة، وصلى الصبح التي بعدها وقت نهي وفي مسجده -عليه الصلاة والسلام-، لكن يبقى إشكال المغرب ما الذي يمنع من أن يصلي المغرب مع الجماعة ويشفعها بركعة زائدة لئلا يقع في مخالفة: ((لا وتران في ليلة))؟ كان هذا هو المتجه -إن شاء الله تعالى-. يقول السائل: حديث يزيد بن الأسود -رضي الله عنه- قوله: "قد صلينا في رحالنا" كلمة رحالنا ألا تعني عند إبلهم أو غنمهم في الصحراء أو في المراعي؟ المقصود أن الرحل هو المنزل، الرحل هو المنزل سواءً كان في حاضرة أو في بادية. يقول: ما المقصود بقوله: ((لا صلاة له)) هل هي عدم القبول؟ من سمع النداء؟ طالب: ((فلا صلاة له)). ظاهر الحديث ظاهره يدل على الاشتراط، يدل على اشتراط الجماعة هذا الظاهر، وإن قال بعضهم: إنه لا صلاة له كاملة، وعلى هذا المعنى يحمله من يقول عدم اشتراط الجماعة، واشتراط الجماعة قول عند أهل العلم معروف، اشتراط الجماعة لصحة الصلاة هو قول الظاهرية، ورواية عن أحمد ينصرها بعض الأصحاب، وشيخ الإسلام -رحمه الله- كأنه يميل إلى هذا أنها شرط لصحة الصلاة. يقول: هل إذا فاتتني صلاة الجماعة ودخلت فوجدت شخصاً قد صلى مع الجماعة وفاتته ركعة أو أكثر فهل أدخل معه فيكون إماماً لي فأدرك بذلك الجماعة؟ لا مانع من ذلك الذي يقضي الصلاة هو في حكم المنفرد، ما يقضيه المسبوق هو بعد سلام الإمام في حكم المنفرد، ويجوز أن تأتم بالمنفرد وهذا في حكمه. يقول: كيف يجيب القائلون بعدم وجوب الجماعة على حديث: الأعمى؟

يجيب عن هذا بأن أمره هو أمر استحباب بدليل أنه معذور في ترك الجماعة، فدل على أن قوله: أجب، أمر استحباب لا أمر وجوب، لكن الصحيح أنه أمر وجوب، وإذا كان هذا الأعمى مع ما عنده من عذر العمى وعنده من المشقة، وما يحول دونه ودون المسجد فكيف بالمبصرين؟ إذا لم يعذر الأعمى فكيف المبصرين؟ يقول: كيف يرد على من يقول: إن وجوب الجماعة كان في أول الإسلام بدليل عدم ترخيص النبي -صلى الله عليه وسلم- بمساجد أخرى في أول الإسلام ثم ترخيصه وأن المتخلفين عن الصلاة معه منافقون أما غيره فلا؟ عدم الترخيص بإقامة جماعة أخرى لعدم الحاجة إليها، يعني إقامة مساجد أخرى مع أنه موجود مساجد، يوجد مساجد أخرى في بني عمرو بن عوف، وفي قباء وفي أطراف المدينة يوجد مساجد، لكن لنعلم أن الأصل والهدف الشرعي من شرعية صلاة الجماعة أن يتحد المسلمون، فإذا كان يكفيهم مسجد واحد فلا داعي لإقامة ثاني، وأقوال أهل العلم في إقامة جماعة في صلاة الجمعة ثانية، إقامة جمعة ثانية كلامهم شديد في هذا يبطلون الثانية إذا لم تكن هناك حاجة، لكن إذا كانت الحاجة داعية والمسلمون في أول الأمر عددهم قليل يستوعبهم المسجد النبوي وما أذن بإقامته فلا داعي لإقامة مساجد أخرى، لكن لما كثر العدد احتاجوا إلى جماعات أخرى. يقول: هل صلاة الجماعة في غير المسجد مثلاً في البيت تكون أفضل من صلاة الفرد بسبع وعشرين درجة؟

إذا افترضنا أن شخصاً في بيته يريد أن يصلي جماعة أو يصلي منفرد فصلاته مع غيره أفضل من صلاته منفرداً بسبع وعشرين درجة، لكنها من جنس الصلاة التي في البيت، فالمفاضلة نسبية، الصلاة جماعة في المسجد أفضل من صلاة الفذ في المسجد، وصلاة الجماعة في البيت أفضل من صلاة الفرد في البيت وفي السوق وفي الفلاة وما أشبه ذلك، فالمسألة .. ، المفاضلة نسبية كل نوع مع جنسه جماعة مع منفرد سواءً كانت في المسجد إذا كانت الجماعة في المسجد فهي أفضل من صلاة منفرد في المسجد فذ، صلاة جماعة في بيت أفضل من صلاة فذ في بيت وهكذا، لكن لنعلم أن الصلاة في المساجد واجبة، ولا يكفي أن يصلي الإنسان في بيته، ولا يعذر عن ترك الجماعة في المسجد إلا بالعذر المعروف العذر الشرعي خوف وإلا مطر وإلا أكل ثوم وإلا بصل وإلا شيء يمنعه من حضور الجماعة في المسجد، وإلا فالأصل أن الصلاة حيث ينادى بها، ((أتسمع النداء؟ )) قال: نعم، قال: ((أجب، لا أجد لك رخصة)) وكثير من أهل العلم يلزم المسافر إذا كان يسمع النداء أن يصلي في المسجد لهذا الحديث: ((أتسمع النداء؟ )) قال: نعم، قال: ((أجب، لا أجد لك رخصة)). يقول: أنا في بعض الأحيان أكون في مسجد لا يصلي فيه أحد، فأذن للصلاة وأنتظر، فأيهما أفضل أن أقيم الصلاة في وقتها أو أؤخر الإقامة حتى يأتي أحد، وإذا كان الأفضل أن أقيم الصلاة فهل أجهر بصوتي في المكبر أم أسر؟ إذا انتظر المؤذن إلى وقت الإقامة فلم يحضر أحد ولم يشق عليه الانتظار، ورجاء أن يحضر أحد فالأفضل أن ينتظر، وإذا لم يأتيه أحد فأجره كامل -إن شاء الله تعالى-، وإذا أراد أن يقيم بالمكبر لينبه الناس الذين يسمعون هذه الإقامة للحضور إلى الصلاة فهو أفضل، والأمور بمقاصدها، وعلى كل حال إذا انتظر في مسجده ولم يحضر أحداً فصلى منفرداً في وقت الصلاة أجره كامل -إن شاء الله تعالى-. يقول: كيف نربط بين أجر من يصلي في بيته فرداً وبين حديث النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد)) هل يعني الحديث انتفاء أجر الفذ أم غير ذلك؟

حديث: ((لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد)) ضعيف، حديث ضعيف عند أهل العلم، الحديث مضعف عند أهل العلم فلا تقوم به حجة، فصلاة الفذ صحيحة وفضلها ثابت ومسقطة للطلب، لكن المصلي منفرداً مع إمكان الجماعة آثم تارك للواجب. يقول السائل: ما حكم القول بأن النبي -صلى الله عليه وسلم- حي يسمع ويجيب؟ ما حكم قولي: اللهم برسول الله؟ أليس الرسول رحمة؟ وأليس حياً يسمع السلام ويرده؟ الرسول -عليه الصلاة والسلام- ثبت في القرآن والسنة أنه قد مات -عليه الصلاة والسلام- {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ} [(144) سورة آل عمران] {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ} [(30) سورة الزمر] فالنبي -عليه الصلاة والسلام- ميت، وهو في قبره -عليه الصلاة والسلام- منعم في قبره في حياة برزخية، لا تشبه حياة الأحياء الذين أرواحهم في أجسادهم، وهي أكمل من حياة الشهداء، حياته أكمل من حياة الشهداء، لكنها حياة برزخية، الله أعلم بها، وإلا فالموت الذي هو مفارقة الروح للجسد مقطوع به، من ينكره منكر للنصوص القطعية، فإذا سلم عليه أحد سواءً كان قريباً منه أو بعيداً منه رد الله -جل وعلا- روحه فرد -عليه السلام-، فيرد السلام على من يسلم عليه ولو من بعيد، لكن حياته -عليه الصلاة والسلام- برزخية، ليست مثل حياة الأحياء الذين لم يموتوا بمفارقة الروح للجسد، وهي أكمل من حياة الشهداء، وليست مثل وفاة سائر الناس الذين هم أجسام هامدة لا يعون ولا يحسون، ولا يشعرون بشيء، والله المستعان، وقد حرم الله -جل وعلا- على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء. الشق الآخر يقول: حكم قول: اللهم برسول الله؟ اللهم برسول الله إذا كان هذا أراد به القسم فهذا شرك، وإن أراد به التبرك بذاته فهو بدعة، وإن أراد التبرك باتباعه -عليه الصلاة والسلام- اللهم بإتباعي لنبيك -عليه الصلاة والسلام- فإتباعه من القرب، والتوسل بالقرب مشروع، أما التوسل بذاته -عليه الصلاة والسلام- ممنوع؛ لأنه بدعة ما فعله خيار هذه الأمة.

يقول: ذكرتم أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لا يهم إلا بما يجوز له فعله، وهنا هم بإحراق بيوت من لا يصلي فهل هذا يتنافى مع حديث: ((لا يعذب بالنار إلا رب النار))؟ هذا خاص، هذا مخصص للحديث العام، هذا مخصص للحديث العام، ثابت يعني في الصحيح ما فيه إشكال، والنبي لا يهم إلا بما يجوز له فعله، ولم يترك النبي -عليه الصلاة والسلام- ما هم به إلا لما ذكره من العلة ما في البيوت من النساء والذراري. يقول: توجد طرق كثيرة لتعزير المتخلف عن الجماعة غير التحريق فلماذا لم يفعلها -صلى الله عليه وسلم-؟ هذه مبالغة في شأن الصلاة، وفي شأن الجماعة، الصلاة أعظم أركان الإسلام، وشرعت جماعة لهدف ومقصد شرعي فهذا همه -عليه الصلاة والسلام-، وهو معصوم -عليه الصلاة والسلام-، وليس لأحد أن يقول مثل هذا الكلام، مستدركاً بذلك على النبي -عليه الصلاة والسلام-، اللهم إلا إن كان مستفهماً له أن يستفهم، لكن إن عرف الحكمة والسبب فبها ونعمت، وإن لم يعرف فالحكم هو النص. يقول: هل الحرية شرط من شروط وجوب صلاة الجماعة؟ أهل العلم يذكرونها من شروط وجوب صلاة الجماعة؛ لأن وقت الرقيق مستغرق لسيده هذا قول الجمهور، وبعضهم يقول: لا، أنه وقت صلاة مستثنىً شرعاً، ويقال مثل هذا في الموظف، الموظف يجب عليه أن يخرج إلى الصلاة مع جماعة المسلمين، وإن كان العقد في الوظيفة يشمل وقت الصلاة، لكن هذا الوقت مستثنىً شرعاً، لا يجوز له أن يتخلف بمجرد أنه تعاقد على هذا الوقت. اللهم صلِ وسلم وبارك على عبدك ورسولك، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

كتاب الصلاة (26)

بلوغ المرام – كتاب الصلاة (26) شرح: باب: صلاة الجماعة والإمامة الشيخ/ عبد الكريم بن عبد الله الخضير السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. هذه مجموعة من الأسئلة. يقول من السويد: يقول: هذا السؤال يقول: سافر لدولة غربية تعرف على فتاة طلبت منه أن يتزوجها علماً أنها نصرانية وعن استعداد لتغيير دينها إلى الإسلام، يقول: لكنه واثق أنها تقول ذلك فقط لترغبه في الزواج منها، وقد تنازلت عن جميع حقوقها المالية من مهر ومصرف بعد الزواج ومسكن؟

الأصل أن نساء أهل الكتاب حل للمسلمين لكن الخطر لا سيما في مثل هذه الظروف التي نعيشها على الشخص نفسه وعلى نسله من الزواج من غير المسلمة، وما تنازلت هذه التنازلات إلا لمقابل، تنازلت عن المهر، والمهر أمر لا بد منه في النكاح، تنازلت عن المصرف والنفقة، الأمر لا يعدوها، تتنازل عن المسكن الأمر يخصها، لكن يبقى أنه ما الداعي لهذه التنازلات، الإنسان قد يقدم على خطبة غير المتدينة سواءً كانت تتدين بديانة أخرى كاليهودية والنصرانية أو بديانة الإسلام من فرقة أو مذهب آخر غير أهل السنة، أو من أهل السنة ممن يتساهل في أمر الدين، الإنسان عليه أن يبحث عن ذات الدين ((فاظفر بذات الدين تربت يداك)) وقد يخيل للإنسان والأمور بمقاصدها أنه يبحث عن امرأة ولو لم تكن دينة صالحة، من أجل أن يكسب الأجر في دعوتها، وقد يبحث عن امرأة ولو كانت متلبسة ببدعة لتكون هدايتها على يديه، وقد يقدم على الزواج من يهودية أو نصرانية ليدعوها إلى الإسلام، والدال على الخير كفاعله، لكن هناك خطر عظيم، عمران بن حطان تزوج امرأة على مذهب الخوارج رجاء أن تهتدي على يديه فما الذي حصل؟ غلبته وصار من رؤوس الخوارج -نسأل الله العافية-، وكم من شخص تأثر بالمرأة، كم من شخص، يعني ذكر من تنصر، وذكر من انسلخ من دينه، وذكر من تساهل بالفرائض والواجبات، تساهل بالشعائر بسبب المرأة، هناك منظر لا أنساه طيلة حياتي، شاب من الشباب لحيته تغطي صدره، وحريص على طلب العلم، ينتقل من شيخ إلى آخر، وفجأة رأيته حليقاً، وسألت عن السبب فإذا به قد تزوج امرأة اشترطت عليه أن يحلق لحيته، فعلى الإنسان أن يعتني بهذا الأمر ويهتم له، يبحث عن من تعينه في دينه، ولا يقدم على نكاح امرأة لا يدرى أتهتدي أو يضل بسببها؟ والتوجيه النبوي: ((فاظفر بذات الدين تربت يداك)) والله المستعان، فهذه ما تنازلت عن هذه الأمور إلا وقد قصدت شيء، وقد يكون هذا أسلوب من أساليب الدعوة عندهم، وقد سلكوا أساليب شتى في تنصير المسلمين. يقول: إحدى الأخوات تشتكي من أن مدرستها تقول دائماً بأن الديانات كلها محرفة وبما فيهم القرآن، وهي تكره ذلك وترد عليها؟

القرآن محفوظ مصون عن التحريف وعن الزيادة والنقصان {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [(9) سورة الحجر] هناك قصة ذكرها البيهقي وغيره أن القاضي يحيى بن أكثم دعا يهودياً إلى الإسلام فلم يستجب، ولم يسلم، وبعد عام كامل جاء اليهودي إلى القاضي يحيى بن أكثم فأعلن إسلامه، فسأله عن السبب، قال: السبب أنه طيلة هذا العام انشغل بنسخ التوراة، نسخ مجموعة من التوراة وحرفها وزاد فيها ونقص، فعرضها على اليهود فباعها عليهم واشتروها وقرؤوا فيها بعد أن زاد فيها ونقص وقدم وأخر وحرف ثم نسخ نسخ من الإنجيل وصنع فيها مثل ما صنع في التوراة، وعرضها في سوق النصارى فاشتروها، ولزموها وقرؤوها ثم نسخ نسخ من القرآن وتصرف فيه شيء يسير جداً لا يكاد يذكر، يقول: فلما عرضت هذه النسخ في سوق المسلمين كل من طالع نسخة رماها في وجهه، يقول: عرفت أن هذا الدين محفوظ وهو يهودي، يقول يحيى بن أكثم: لما قال لي هذا الكلام حججت والتقى بسفيان بن عيينة وقال له .. ، ذكر له هذه القصة، فقال: يا أخي هذا في القرآن منصوص عليه، بالنسبة لكتابنا جاء فيه: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [(9) سورة الحجر] لم يوكل حفظ القرآن لأحد من البشر، وإنما تكفل الله -جل وعلا- بحفظه، وأما الكتب الأخرى السماوية استحفظوا عليها، استحفظ اليهود على التوراة، استحفظ النصارى الإنجيل، استحفظ غيرهم على كتبهم فلم يحفظوا وضيعوا وحرفوا، كما قال الله عنهم في محكم التنزيل، فهذا الكلام ليس بصحيح أبداً، والواقع يشهد بأنه باطل. يقول: هل يجوز لرجل مسلم يقيم في السويد ومتزوج لكن غير مسجل في الدولة بأنه متزوج، ويأخذ إعانة من الدولة ولا يقول: إنه متزوج عند ملء استمارة الإعانة فهل يحق له ذلك؟ هذا كذب، والكذب لا يجوز لا على المسلم ولا على الكافر. يقول: ما هي شروط لباس الرجل خصوصاً إذا كان يقيم في دولة شديدة البرودة مثل السويد هل علي إلزام بلبس الثوب؟

عليك أن تلبس لباس المسلمين ولا يجوز لك تقليد الكفرة، واللباس يقرر أهل العلم أنه عرفي باستثناء ما جاءت النصوص بمنعه، فإذا تعارف الناس في بلد من البلدان على لباس معين يلبس، وهم في هذه البلدان يلبسون الغالب البنطلون، وما يغطي على البدن، لكن لو كان البنطلون هذا لا يلبسه إلا الكفار قلنا: هذا من لباس الكفار، لكن مع الأسف الشديد أن المسلمين قلدوا الكفار في كثير من أقطار المسلمين، ثم صار هذا لباسهم، فالذي يلبس البنطلون مثلاً في مصر أو في الشام أو في الهند أو في غيرها من البلدان التي يكثر فيها المسلمون هل يقال: إنه يقلد الكفار في هذا مع أن عامة الناس على هذا؟ هم يقلد بعضهم بعضاً، نعم أول ما لبس البنطلون في ديار المسلمين هذا تقليد، تشبه محرم، ثم يبقى بعد النظر في هذا البنطلون إذا كان يبين العورة أو ينحسر عن بعض مواطن العورة، أو ينزل عن حد الكعب أو غير ذلك من الأمور الممنوعة يمنع من أجلها، على كل حال اللباس عرفي، عرفي وإن اعتز بدينه في بلاد الكفار وقال: إنني من المسلمين ولبس لباس المسلمين، ولو عد نشازاً بين الكفار، ما في بأس، هذه عزيمة يثاب عليها -إن شاء الله تعالى-، لكن إذا كان يواجه مضايقات ويقول: أنا أقلد المسلمين في ديار المسلمين يلبسون هذه الألبسة، فإذا كان نظره وتقليده للمسلمين لا شيء عليه -إن شاء الله تعالى-، فلا يلزم بالثوب. يقول: أسرة مسلمة تذبح عند أحد السويديين لكنه يطلق الرصاص على الذبيحة أولاً وقبل موتها يذبحها أحد المسلمين فهل يجوز الأكل منها؟ أولاً: هذا تعذيب للحيوان لا يجوز؛ لأنه تعذيب للحيوان، فإن أدرك بعد رميه بالرصاص أدركت فيه الحياة المستقرة وذكي الذكاة الشرعية جاز أكله، مع أن رميه بالرصاص محرم، إذا لم يكن صيداً. يقول: هل يجوز للصبي الصغير الصلاة بالشرت؟ يعني السروال الصغير هو الشرت اللي تبين منه الركبة؟ الصبي الصغير الأصل أنه غير مكلف، غير مكلف ويؤمر بالصلاة إذا تم له سبع سنين ويضرب عليها لعشر من باب التمرين، والتمرين بالصلاة ينبغي أن يشمل التمرين بشروطها وأركانها، فيمنع من الصلاة بهذا اللباس القصير. يقول: هل يجوز للحائض أن تسمع شريط قرآن ثم تسجد للتلاوة؟

نعم يجوز أن تستمع للقرآن وتتفكر وتتدبر وتتعظ وتتأمل لكن لا تسجد، حتى ولو قلنا: إن سجود التلاوة ليس بصلاة، ولو قلنا: إن سجود التلاوة ليس بصلاة لا تشترط له الطهارة. يقول: سؤال هل لزوم أو وجوب الجماعة من حيث كونها جماعة تصلي أم المراد بالجماعة المسجد فيخرج وجوب الجماعة في المسجد إلى كونها جماعة حيث نودي للصلاة؟ الأصل أن الجماعة مثل ما تقرر عند أهل العلم واجبة للصلاة، وأن الصلاة حيث ينادى بها يعني في المساجد، إذا وجدت هذه المساجد لا بد من الصلاة في المساجد، ولا يجوز أن تعطل المساجد، لكن إذا كان في بلد لا يوجد فيه مسجد، ونودي للصلاة بأي مكان شريطة أن يكون مكاناً طاهراً خالياً من الشواغل مما يفتن المصلي بصلاته في غير المواطن السبعة فعموم حديث: ((جعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً)) يشملها، والله المستعان. لو يذكرنا أحد الأخوة بحكم صلاة الجماعة الخلاف والأدلة. طالب:. . . . . . . . . عند من؟ الحنابلة واجبة على الأعيان بدليل؟ حديث: الهم بالتحريق، وغيره؟ من أظهر أدلتهم الأعمى، حديث الأعمى ابن أم مكتوم: ((أتسمع النداء؟ )) قال: نعم، قال: ((أجب لا أجد لك رخصة)) {وَارْكَعُواْ مَعَ الرَّاكِعِينَ} [(43) سورة البقرة] الجماعة في صلاة الخوف فكيف بالأمن؟ أدلة كثيرة متظافرة على أن الجماعة واجبة على كل مسلم حر مكلف. القول الثاني: القول بأنها سنة، قول من؟ طالب:. . . . . . . . . المالكية والحنفية، دليلهم؟ بسبع وعشرين درجة، أو بخمس وعشرين درجة، وجه الاستدلال؟ ولا يمكن أن يجتمع الفضل مع الإثم، نقول: يمكن أن يجتمع مع انفكاك الجهة، وهو مأجور على أداءه الصلاة، وآثم لتركه الواجب وهو صلاة الجماعة، نظير من صلى وبيده خاتم ذهب أو على رأسه عمامة حرير هو آثم لكنه مأجور على صلاته لانفكاك الجهة. القول الثالث؟ طالب:. . . . . . . . .

نعم فرض كفاية عند الشافعية؛ لأنها شعار يكتفى فيه بالبعض، لكن هذا قول لا يعلم له دليل بين إلا إن كانوا أرادوا الجمع بين دليل أدلة الفريقين فحملوا أدلة الوجوب على بعض الناس، وحملوا دليل المالكية والحنفية على البعض الآخر، فقالوا بأنها واجبة على الكفاية، لكن من أقوى ما يرد به عليهم حديث: الهم بالتحريق؛ لأن الجماعة قد قامت في مسجده -عليه الصلاة والسلام- به وبأصحابه فلا داعي للتحريق لو كانت فرض كفاية، الظاهرية ورواية عن أحمد يميل إليه شيخ الإسلام أنها شرط لصحة الصلاة. سم. بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد: قال شيخ الإسلام ابن حجر -رحمه الله-: وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إنما جعل الإمام ليؤتم به, فإذا كبر فكبروا, ولا تكبروا حتى يكبر, وإذا ركع فاركعوا, ولا تركعوا حتى يركع, وإذا قال: سمع الله لمن حمده, فقولوا: اللهم ربنا لك الحمد, وإذا سجد فاسجدوا, ولا تسجدوا حتى يسجد, وإذا صلى قائماً فصلوا قياماً, وإذا صلى قاعداً فصلوا قعوداً أجمعين)) رواه أبو داود وهذا لفظه، وأصله في الصحيحين. وعن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رأى في أصحابه تأخراً فقال: ((تقدموا فأتموا بي, وليأتم بكم من بعدكم)) رواه مسلم. وعن زيد بن ثابت -رضي الله عنه- قال: "احتجر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حجرة بخصفة, فصلى فيها, فتتبع إليه رجال, وجاءوا يصلون بصلاته" .. الحديث, وفيه: ((أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة)) متفق عليه. وعن جابر قال: "صلى معاذ بأصحابه العشاء فطول عليهم, فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((أتريد أن تكون يا معاذ فتانا? إذا أممت الناس فاقرأ: بالشمس وضحاها, وسبح اسم ربك الأعلى, واقرأ باسم ربك, والليل إذا يغشى)) متفق عليه, واللفظ لمسلم.

وعن عائشة -رضي الله عنها- في قصة صلاة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالناس وهو مريض قالت: "فجاء حتى جلس عن يسار أبي بكر, فكان يصلي بالناس جالساً وأبو بكر قائماً, يقتدي أبو بكر بصلاة النبي -صلى الله عليه وسلم- ويقتدي الناس بصلاة أبي بكر" متفق عليه. وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إذا أم أحدكم الناس فليخفف, فإن فيهم الصغير والكبير والضعيف وذا الحاجة, فإذا صلى وحده فليصلِ كيف شاء)) متفق عليه". الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. هذه الأحاديث تندرج تحت الشق الثاني من شقي الترجمة: باب صلاة الجماعة والإمامة، فالأحاديث التي قرأت تندرج في الإمامة في أحكامها وصفة الإمام وواجب المأموم. يقول -رحمه الله تعالى-: "وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إنما جعل الإمام ليؤتم به, فإذا كبر فكبروا, ولا تكبروا حتى يكبر, وإذا ركع فاركعوا, ولا تركعوا حتى يركع)) " .. الحديث، هذا الحديث رواه أبو داود، وأصله في الصحيحين، الحديث بحروفه في الصحيحين في الجمل الأولى: ((إنما جعل الإمام ليؤتم به, فإذا كبر فكبروا)) هذا في الصحيحين، ((ولا تكبروا حتى يكبر)) هذه ليست في الصحيحين، ((وإذا ركع فاركعوا)) في الصحيحين، ((ولا تركعوا حتى يركع)) ليست في الصحيحين، ((وإذا قال: سمع الله لمن حمده فقولوا ... ، وإذا سجد فاسجدوا)) هذا في الصحيحين، ((ولا تسجدوا حتى يسجد)) هذا ليس في الصحيحين، ((وإذا صلى قائماً فصلوا قياماً)) كذلك، ((وإذا صلى قاعداً فصلوا قعوداً أجمعين)) وهذا من الصحيحين، إذن ما معنى قوله: "وأصله في الصحيحين"؟ الحديث يكون في كتاب من كتب السنة الدواوين المعتبرة كالسنن والمسانيد ويكون له أصل في الصحيح، ويكون ما في الفرع أتم مما في الأصل، يكون جزء منه أو جملة أو جمل منه في الصحيح، والباقي لا يوجد في الصحيح، إذن أصله في الصحيح لأنه حديث واحد.

في الحديث يقول: ((إنما جعل الإمام ليؤتم به)) ((إنما جعل الإمام ليؤتم به)) يعني: إنما جعل هذا الشخص المتصف بهذا الوصف الذي هو الإمامة إنما جعل ليؤتم به، في بعض الروايات: ((فلا تختلفوا عليه)) ومقتضى هذا أن يقتدى به ويؤتم به في جميع أفعال الصلاة، وفي جميع أقوالها حتى النية، هذا مقتضى العموم: ((إنما جعل الإمام ليؤتم به)) يعني لكي يؤتم به، فلا تختلفوا عليه في شيء من الأشياء، لا في الأفعال ولا في الأقوال ولا في النيات هذا الأصل، لكن جاء ما يخرج بعض الصور من هذا العموم، يأتي في حديث معاذ إخراج النية في صلاة المفترض خلف المتنفل، وهذا ستأتي الإشارة إليه، في صلاته -عليه الصلاة والسلام-، وهو مسافر يقصر الصلاة والناس خلفه يتمون، يخرج صورة من صور النية، وصورة من صورة تطابق الأفعال؛ لأن الذي يقصر يصلي ركعتين والمأموم يصلي أربع على هذا اختلفنا عليه، على كل حال هذا العموم مخصوص بصور، وما عدا هذه الصور تجب موافقة الإمام من قبل المأموم، إمام لا يرفع يديه مع التكبير للافتتاح ولا للركوع ولا للرفع منه ولا من القيام من الركعتين، إذا كان الإمام لا يرفع يديه نقول للمأموم: إنما جعل الإمام ليؤتم به فلا تختلفوا عليه لا ترفعوا أيديكم؟ أو نقول: هذا أمر مشروع لا يترك من أجل مخالفة الإمام؟ أمر مشروع ثابت في حق الإمام والمأموم إن أحسن الإمام وأتى به فله، وإن أساء فعليه، ويبقى أن المأموم مطالب بمثل هذا.

الإمام لا يجلس جلسة الاستراحة التي يسميها الفقهاء جلسة الاستراحة، يعني ما ترجح عنده أن جلسة الاستراحة مطلوبة من كل مصلي، يعني المتجه عنده أن النبي -عليه الصلاة والسلام- إنما فعلها في آخر حياته لحاجته إليها، والمأموم يتجه عنده أنها مشروعة لكل مصلي، وهي ثابتة في حديث مالك بن الحويرث وجاءت في بعض طرق حديث المسيء وحديث أبي حميد ولها أدلة، نقول: لا تجلس بعد الركعة الأولى والثالثة لأن الأمام لا يجلس؟ نقول: اجلس يا أخي، وليس في هذا مخالفة، المقصود أن المطلوب ما طلبه الشارع من المصلي يأتي به ولو خالف الإمام سواءً كان عن اجتهاد أو تفريط، لا يتابع الإمام في ترك السنن ((إنما جعل الإمام ليؤتم به)) هذا حصر، حصر حقيقي وإلا حصر إضافي؟ يعني الإمام ليست له إلا هذه الصفة أو له صفات أخرى بهذا الوصف الذي هو الإمامة؟ يعني هل هذا الحصر (إنما) حرف حصر بمثابة ما وإلا فهل هذا حصر حقيقي؟ يعني ما في عمل للإمام إلا ليؤتم به ليكون الحصر حقيقياً أو له أوصاف أخرى غير الائتمام؟ دعنا من كونه يصلي لنفسه يؤدي يسقط فرض عن نفسه هذه مسألة أخرى للمقيد بالوصف الذي هو الإمامة، قد يزيد في صلاته مما لا يشرع له -للمأموم- أن يتابعه عليه، وقد يزيد المأموم قد ينقص الإمام، هذا مسألة الائتمام مسألة أخرى، لكن أقول: هل للإمام .. ، هل لنصب الإمام حكمة شرعية، علة شرعية غير الائتمام، القراءة والمأموم مأمور بالإنصات، ((إذا قرأ فأنصتوا)) هل يؤتم بالإمام في القراءة مع أن قراءة المأموم مرتبطة بقراءة الإمام، الآن السؤال واضح وإلا ما هو بواضح؟ عندنا إمام عينه الشارع إمام ليقتدي به المأموم هل لهذا الشخص بهذا الوصف الذي هو الإمامة فائدة غير الاقتداء؟ إن كان هناك فائدة غير الاقتداء قلنا: الوصف إضافي، أعظم ما في الإمام الاقتداء والباقي أمره أخف، نعم، يعني هل الحكمة من شرعية أو تقديم إمام يصلي بالناس هي مجرد أن يقتدي به المأمومون، ويتبعوه في أفعاله وأقواله؟ أو هناك حكم أخرى؟ هذه فائدة من شرعية الجماعة، ضامن، الإمام ضامن، بمعنى أن المأموم لو فرط في شيء من الواجبات يتحمله الإمام، لكن مقتضى قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((إنما جعل الإمام

ليؤتم به)) يعني يؤتم به في الصلاة لا خارج الصلاة، هذا الأصل في نصب الإمام، هل هناك فائدة غير الاقتداء من نصب هذا الإمام حتى لا يختلف عليه؟ هذه حكمة أو مشروعية صلاة الجماعة، القراءة ما هي باقتداء صحيح، يعني ما هو معنى هذا أنه إذا قال: الحمد لله رب العالمين، قال المأمومون: الحمد لله، هذا .. ، ليس معنى هذا إذا قرأ فاقرءوا ليكون اقتداء، إذا قرأ فأنصتوا فهذا مما يستثنى مما ذكر، إذن الحصر هنا إضافي، ((ليؤتم به)) يعني ليقتدى به، ((فإذا كبر فكبروا)) (إذا) جملة شرطية ((إذا كبر فكبروا)) والفعل الماضي في الحديث هنا: ((إذا كبر)) يعني فرغ من التكبير؛ لأن الفعل الماضي يطلق ويراد الفراغ منه كما هو الأصل، ويطلق ويراد به الشروع فيه، ويطلق ويراد إرادة الفعل، فعندنا: ((إذا كبر فكبروا)) إذا فرغ من التكبير كبروا، ويؤكد مفهوم هذه الجملة، هذه الجملة لها منطوق ((إذا كبر فكبروا)) إيش مفهوم هذه الجملة؟ أننا لا نكبر حتى يكبر الإمام وهو منطوق الجملة التي تليها: ((ولا تكبروا حتى يكبر)) هذه الجملة مؤكدة لمفهوم الجملة الأولى. ((وإذا ركع فاركعوا)) يعني أخذ في الركوع وشرع فيه، ولا يمكن أن يقال: إذا فرغ من الركوع، ولا يمكن أن يقال: إذا أراد الركوع، وإذا ركع فاركعوا مفهوم هذه الجملة أننا لا نركع حتى يركع الإمام، ويؤيدها ويشهد لهذه الجملة منطوق الجملة التي تليها. ((ولا تركعوا حتى يركع، وإذا قال: سمع الله لمن حمده)) سمع الله لمن حمده، العلماء يقولون: سمع بمعنى أجاب، الشراح يقولون: سمع بمعنى أجاب، وعلى كل حال فيه إثبات السمع لله -جل وعلا-، فيه إثبات السمع لله -جل وعلا-، وقد ثبت السمع بالأدلة القطعية من نصوص الكتاب والسنة.

((إذا قال: سمع الله لمن حمده فقولوا)) الإمام يقول: سمع الله لمن حمده، "فقولوا" المأموم يقول: اللهم ربنا لك الحمد, أو يقول: اللهم ربنا ولك الحمد، وهي ثابتة أيضاً في الصحيح بالجمع بين اللهم والواو، أو قولوا: ربنا لك الحمد بدون اللهم والواو، أو ربنا ولك الحمد بالواو دون اللهم، فهي أربع صيغ تقدمت الإشارة إليها، أربع صيغ وكلها ثابتة خلافاً لابن القيم الذي ينفي ثبوت الجمع بين اللهم والواو وهو في الصحيح. ((إذا قال -الإمام-: سمع الله لمن حمده فقولوا)) يعني معاشر المأمومين: ((اللهم ربنا لك الحمد)) العطف بالفاء يقتضي أنه لا فاصل بين قول الإمام .. ، بين فراغ الإمام من قوله: سمع الله لمن حمده وبين قول المأموم: اللهم ربنا ولك الحمد، من الذي يقول: سمع الله لمن حمده في الحديث؟ الإمام، ومن الذي يقول: اللهم ربنا لك الحمد؟ المأموم بدليل؟ طالب:. . . . . . . . . شو النهي؟ والمأموم منهي أن يقول: سمع الله لمن حمده؟ هو ثبت أن النبي -عليه الصلاة والسلام- يجمع بينهما، ثبت أن النبي -عليه الصلاة والسلام- يجمع بينهما، ولذا يرى الشافعية أنه يجمع بينهما كل مصلٍ إمام ومأموم ومنفرد كلهم يقولون: سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد، الحنفية يقولون: الإمام يقول: سمع الله لمن حمده ولا يقول: ربنا ولك الحمد، والمأموم يقول: ربنا ولك الحمد ولا يقول: سمع الله لمن حمده.

الحنابلة يقولون: الإمام يجمع بينهما لأنه ثابت عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، والمأموم يقتصر على قوله: ربنا ولك الحمد؛ لأن العطف بالفاء يقتضي أنه لا فاصل بين فراغ الإمام من قول: سمع الله لمن حمده وبين قول المأموم: ربنا ولك الحمد، وإذا كان لا يوجد فاصل بينهما إذن متى يقول المأموم: سمع الله لمن حمده؟ إذن هذا خاص، وإن كان ثابت عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، وهو الأسوة والقدوة، لكن النبي -عليه الصلاة والسلام- غالب أحواله الإمامة، فعمله محمول على الإمام، والنبي -عليه الصلاة والسلام- في أفعاله منها ما يحمل على عموم الأحوال فيشمل جميع المسلمين، وهذا هو الأصل في الاقتداء والائتساء، ومنها ما لا يمكن حمله على جميع الأحوال لمعارض راجح، النبي -عليه الصلاة والسلام- متى يأتي لصلاة الجمعة؟ للخطبة، يأتي للخطبة، يأتي فيصعد المنبر، هل نقتدي به -عليه الصلاة والسلام- في هذا بمعنى أننا لا نأتي إلا مع دخول الخطيب؟ أو لنا ما يخصنا من النصوص: "من جاء في الساعة .. "، "من راح في الساعة الأولى .. "، "من راح في الساعة الثانية .. "؟ وعمله محمول على الأئمة لأنه بوصفه إمام -عليه الصلاة والسلام- له مثل هذا الفعل، فيقتدي به الأئمة في ذلك، ولذا لا يشرع للإمام أن يروح في الساعة الأولى أو في الساعة الثانية أو في الثالثة، اقتداءً به -عليه الصلاة والسلام- بهذا الوصف الذي هو الإمامة.

((وإذا سجد فاسجدوا)) يعني إذا شرع وأخذ في السجود فاسجدوا، يؤكد مفهوم هذه الجملة منطوق الجملة التي تليها: ((ولا تسجدوا حتى يسجد)) كسابقاتها ((وإذا صلى قائماً فصلوا قياماً)) وهذه الجملة كالجمل السابقة لا توجد في الصحيح؛ لأنه قد يقول قائل: إنه لا يحتاج إلى ذكرها لأن الصلاة من قيام هو الأصل، ((إذا صلى قائماً)) هل يتصور أن المأمومين يجلسون مع معرفة ما جاء في حديث عمران بن حصين: ((صلِ قائماً فإن لم تستطع فقاعداً)) وغيره مما يدل على أن القيام ركن من أركان الصلاة؟ فهذا لا يحتاج إلى ذكر، ولذا لا يوجد في الصحيحين، يوجد في سنن أبي داود، لكن الذي يحتاج إلى ذكر الجملة التي تليها، ((وإذا صلى قاعداً -يعني لعذر- فصلوا قعوداً أجمعين)) القيام مع القدر في الفريضة ركن من أركانها، وفي النافلة نصف الأجر، الصلاة صحيحة وله نصف الأجر، صلاة القاعد على النصف من أجر صلاة القائم، هنا في الفريضة قعد الإمام لعذر فصلوا قعوداً أجمعين، حال كونكم مجتمعين، وفي كثير من الروايات: أجمعون، وهو تأكيد لضمير الجمع في قوله: ((صلوا)) تأكيد لضمير الجمع، والمعنى متقارب.

((إذا صلى قاعداً)) ومعلوم أنه في الفريضة لا بد من عذر، وإلا فالقيام ركن، قلنا: النافلة تصح من قعود على النصف، إذا صلى الأمام في صلاة التراويح أو في صلاة التهجد قاعد من غير عذر صلاته صحيحة وإلا باطلة؟ يصلي المأموم خلفه قيام وإلا قعود؟ قعود، لهم الأجر كامل وإلا النصف؟ من غير عذر، لكن هم يقولون: نبي الأجر كامل ما جينا ندور نصف الأجر، عندنا هنا النص صريح: ((إن صلى قاعداً فصلوا قعوداً أجمعين)) أو ننتهي من الفريضة ثم نعود إلى النافلة؟ قال بموجب الحديث الحنابلة، وقالوا: إذا صلى الإمام لكن بقيود، أولاً: أن يكون الإمام الراتب، إمام الحي إذا ابتدأ كل كلمة لها مفهوم "إذا ابتدأ إمام الحي الصلاة من قعود لعلة يرجى برؤها -لعلة يرجى برؤها- فإن المأمومين يلزمهم أن يصلوا قاعدين"، إذا ابتدأ إمام الحي الصلاة قاعداً لعلة يرجى برؤها، أن يبتدئ الصلاة من قعود، أن يكون هو إمام الحي الراتب، أن تكون علته وعذره يرجى برؤه، فإنه يجب على المأمومين أن يقتدوا به في قعوده فيجلسوا فيصلوا جالسين. إذا جاء شخص طارئ، شخص طارئ مريض قال: أبا أصلي بكم بيجلس، نصلي قعود وإلا قيام؟ قيام؛ لأن الصلاة ما ابتدأت من قعود، وأيضاً لأن الإمام ليس بإمام الحي، إذا طرأ على الإمام بعد أن افتتح الصلاة قائماً ما يجعله يعجز عن القيام فجلس في الركعة الثانية أو الثالثة يتمون من قعود أو من قيام؟ من قيام؛ لعلة يرجى برؤها، ما نأتي بإمام الحي وقد قطعت رجلاه ولا يستطيع القيام ونجعله يصلي بالناس من أجل أن نصلي جالسين؛ لأن هذه العلة لا يرجى برؤها، لماذا الحنابلة قيدوا هذا الحكم بهذه القيود ولا إشارة فيها في الحديث؟ هم يقولون مثل هذا الكلام ويقيدون بهذه القيود لئلا يتعارض هذا الحديث مع ما سيأتي، حديث سيأتي في إمامة أبي بكر، صلاته بالناس في أول الأمر، ثم مجيء النبي -عليه الصلاة والسلام-، فجاء فجلس عن يسار أبي بكر، وستأتي تكملة البحث عند شرح هذا الحديث.

على كل حال الحنابلة عرفنا مذهبهم، إذا ابتدأت الصلاة من قعود، والإمام إمام الحي، لا يؤتى بإمام طارئ يصلي بالناس لا ميزة له على غيره، فلا بد أن تبتدئ الصلاة من قعود، والإمام علته يرجى برؤها، فإنه يلزمه القعود عملاً بهذا الحديث. المالكية ماذا يقولون؟ المالكية يقولون: لا تصح إمامة القاعد، كيف لا تصح إمام القاعد؟ يرون في ذلك حديث: ((ولا تتابعوه في القعود)) ((لا يؤمن أحد بعدي قاعداً قوماً قياماً)) وهذه أحاديث ضعيفة لا تقاوم مثل هذا الحديث، فعندهم لا تصح إمامة القاعد لا من قيام ولا من قعود. الحنفية والشافعية يقولون: تصح إمامة القاعد، لكنه لا يتابع على القعود استدلالاً بما سيأتي في قصة مرض النبي -عليه الصلاة والسلام- وصلاة أبي بكر، وافتتاح أبي بكر الصلاة بالناس من قيام، ومجيء النبي -عليه الصلاة والسلام- وجلوسه عن يساره والمأموم قيام؛ لأن الصلاة افتتحت من قيام فتكمل قيام، ومثل هذه الصورة تخرج بالقيد الأول عند الحنابلة، الحنفية والشافعية يرون أن هذا الحديث منسوخ، منسوخ بما فعله -عليه الصلاة والسلام- في آخر أمره في مرض موته، وهذا الحديث سيأتي، وبقية المباحث نتركها إلى الحديث اللاحق -إن شاء الله تعالى-. هناك أشياء لم يشر إليها في الحديث لكنها معلومة: ((ولا تسجدوا حتى يسجد)) ((وإن صلى قائماً)) وإلا إيش .. ؟ إلى آخره، لكن السلام؟ يتقدم على الإمام بالسلام؟ ((لا تسبقوني بالركوع ولا بالسجود ولا بالانصراف)) فلا يجوز أن يسلم المأموم قبل سلام إمامه. الحديث الذي يليه: حديث أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- "أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رأى في أصحابه تأخراً فقال لهم .. " لكن لو قدم المؤلف -رحمه الله تعالى- الحديث الثاني عشر قبل هذا لكان أولى. يقول: "عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- "أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رأى في أصحابه تأخراً، فقال لهم: ((تقدموا فأتموا بي, وليأتم بكم من بعدكم)) رواه مسلم".

وهذا التأخر احتمال أن يكون تأخرهم في بيوتهم وفي أعمالهم، وأن يكون تأخرهم وهم موجودون في المسجد، يوجد من يتأخر وهو في المسجد جالس، تقام الصلاة ويشرع فيها وهو جالس في آخر المسجد، فعلى مثل هذا أن يتقدم، وبعض الناس يبادر يأتي مع الأذان مثلاً، ويجلس ومجرد ما يسمع الإقامة يقوم، وهذا نوع ثالث من التأخر، لكنه يكبر في أدنى مكان عنده، وهذا ملاحظ في المساجد الكبيرة التي يصلي فيها الجموع الغفيرة كالحرمين مثلاً، لأنه، يقول: إن ذهبت إلى الصف الأول فاتت ركعة، الحرم المكي أو المدني طول المسافة، مسافة طويلة جداً إلى الصف الأول، وتجد الناس أوزاع، خمسة في صف، عشرة في صف، اثنان في صف، ثلاثة عند الباب، دعونا من الذين هم خارج المسجد هؤلاء حكمهم آخر، من كان في محيط المسجد داخل سور المسجد صلاته صحيحة إذا لم يكن فذاً، لكن كم فاته من الأجر والفضل بسبب هذا التأخر، يصلي في أدنى مكان، يفوته أجر الصف الأول أو الذي يليه، ويفوته أيضاً صلة وصل الصفوف، ولذا جاء الأمر بذلك، رأى في أصحابه تأخراً -عليه الصلاة والسلام- فقال لهم: ((تقدموا فأتموا بي)) هذا الأصل، الأصل أن من يحضر مبكر إلى المسجد يتقدم إلى الصف الأول ((فأتموا بي، وليأتم بكم من بعدكم)) قد يكون هناك معارض لما حث عليه وحظ عليه في الصف الأول، حلقة علم في آخر المسجد، إن جلس في هذه الحلقة فاتته الصفوف العشرة أو العشرين الأولى، وإن تقدم إلى الصف الأول ما سمع الدرس هذه مسألة، وهذا من باب تعارض النوافل.

مسألة أخرى، لو تقدم إلى الصف الأول فاتته تكبيرة الإحرام، ومسألة ثالثة لو تقدم إلى الصف الأول أو الثاني فاته ركعة، ومعلوم أن من يقضي الصلاة لا سيما في الأماكن المزدحمة يحصل له ما يحصل من مرور الناس بين يديه وتشويشهم عليه، ثالث يقول: إن تقدمت إلى الصف الأول وفاتني ركعات، فاتني صلاة جنازة مثلاً، وهنا تتعارض عنده سنن، فماذا يقدم؟ هل نقول له: تقدم إلى الصف الأول أو الذي يليه أو الذي يليه بحسب ما يتيسر لك واترك مسألة تكبيرة إحرام أو ركعة أولى، ولو اقتضى ذلك أن يفوتك ركعة أو ركعتين ويشوش الناس عليك، يمرون بين يديك، أو لو فاتتك صلاة جنازة؟ أو نقول: لا، صلِ في مكانك لا تصلي فذ، وفي سور المسجد وصلاتك صحيحة، وأدرك الصلاة كاملة وسلم مع الإمام ولا أحد يشوش عليك، وتدرك صلاة الجنازة وهكذا، فهنا تتعارض سنن، ما الذي يقدم من هذه السنن؟ أهل العلم يقررون قاعدة، وهو أن المحافظة على الأجر المرتب على العبادة نفسها أولى من المحافظة على الأجر المرتب على مكانها أو زمانها ما لم يكن المكان أو الزمان شرط، أما إذا كان المكان شرط قد يقول: أنا عندي غرفة خارج الحرم مريحة ومكيفة وأضبط الصلاة وأخشع في صلاتي ولا يمر أحداً بين يدي، نقول: لا يا أخي، نعم هذا الخشوع مما يطلب للصلاة، نقول: أدخل، يقول: حر، نقول: ولو كان حر، المكان شرط لصحة الاقتداء.

أقول: المحافظة على الأجر المرتب على العبادة نفسها أولى من الأجر المرتب على مكانها أو زمانها هذه قاعدة، إذا كان الإنسان يتيسر له أن يطوف بجوار الكعبة، لكنه لا يحضر من قلبه شيء، أو يطوف من وراء الناس بسكينة ويحصي طوافه، ويحضر قلبه ويذكر الله على الوجه المأمور به أيهما أفضل؟ نقول: ابعد يا أخي، ونقول مثل هذا في الصلاة، يعني الصلاة في الصف الأول في الأماكن المزدحمة ترى يترتب عليها إضاعة أشياء كثيرة، أحياناً الإنسان من شدة الزحام ما يكمل صلاته، وقد لا يتيسر له ركوع ولا سجود، فهل مثل هذا نقول له: زاحم في الصفوف الأولى ولو ترتب على هذا ما يترتب عليه من خلل في الصلاة؟ على كل حال المسألة مسألة فضائل، ولا بد أن نوازن بين هذه الفضائل، نعم هناك سنن، وهنا ترغيب في هذه السنن، لكن نفقه كيف نطبق هذه السنن بما لا يتعارض مع ما هو أقوى منها، يعني طرف الصف الأول، يمين الصف الأول افترض أنه ما فرش، وفي بقايا من أسمنت، وبقايا من أشياء لا يرتاح الإنسان في الجلوس عليه، كأنه جالس على شوك، أو الصف الثاني أيهما أفضل؟ الصف الثاني على القاعدة لماذا؟ لأن هذا محافظة على لب الصلاة الذي هو الخشوع، وهناك محافظة على مكانها. وعلى كل حال على الإنسان أن يحرص على جميع السنن، يحرص على تطبيق السنن، وعلى الفقه في كيفية تطبيق هذه السنن، يعني يحصل جدال وخصام ونزاع شديد، بل قد يحصل مضاربة عند الصف الأول، هذا الذي حرص والباعث عليه الحرص في تطبيق هذه السنن، هل هذا فقه كيف يطبق السنة؟ وقد ترتب على تطبقها أمور محظورة، أقول: لا بد من الفقه في هذه الأمور، في كيفية التطبيق، ولا بد من الموازنة، فهناك سنن تتعارض في مثل هذه الصور، فهل نقول: احرص على الصلاة من أولها إلى آخرها وأدها في مكان وأنت مرتاح لو صار بينك وبين الإمام مفاوز في الحرمين مثلاً؟ لكن لا تصلِ منفرداً، ((لا صلاة لمنفرد خلف الصف)) على ما سيأتي، معك مجموعة في سور المسجد صلاتك صحيحة وبالإجماع، لكن فاتتك أجور، فرطت بأجور.

وعلى كل حال الظرف أو الظروف في هذه الأماكن التي يرتادها الفئام من الناس لا شك أنها .. ، لا بد من تجاوز كثير من الأمور، يعني الصلاة بين السواري في أوقات الزحام مثلاً، نقول: الصلاة بين السواري مكروهة، لكن في رمضان ويش با تسوي في الحرم المكي؟ نقول: لا تصلِ بين السواري؟ وين تروح؟ لا بد أن تصلي بين السواري، أقول: لا بد من تجاوز بعض هذه الأمور لعدم القدرة على الإتيان بجميع ما حث عليه الشارع، لكن إذا تزاحمت المسائل سواءً كانت كلها واجبات أو كلها مستحبات لا بد من المفاضلة بينها، على أن لا نعرض جوهر الصلاة للخلل. هنا يقول: "رأى في أصحابه تأخراً فقال لهم: ((تقدموا فأتموا بي، وليأتم بكم من بعدكم)) " تكملة للحديث تمامه: ((لا يزال قوم يتأخرون حتى يؤخرهم الله -عز وجل-)) في بعض الروايات: ((في النار)) يعني من كان ديدنه التأخر عن الصلاة من غير عذر، من كان ديدنه التأخر عن الصلاة هذا لا شك أنه فيه وصف راسخ، وإن شئت فقل: ملكة من ملكات المنافقين، إذا كان ديدنه كذلك، فإنه لا يزال قوم يتأخرون حتى يؤخرهم الله -عز وجل- في النار، كما جاء في بعض الروايات، وبعض الناس يتذرع في التأخر عن الصلاة وعدم التقدم إليها؛ لأنه بصدد تحصيل مصالح، إيش هذه المصالح؟ ولتكن هذه المصالح تأليف مثلاً، أو تعليم علم أو قراءة في القرآن مثلاً، جالس في البيت يقرأ القرآن ولا يطلع إلا إذا سمع الإقامة، هل هذا أفضل من الذي تقدم إلى الصلاة ينتظر الصلاة؟ لا سيما إذا كان ممن يقتدى به. . . . . . . . . أو للتأخر في الخروج من المسجد تجد مجموعة من عامة الناس يقلدونه ويجلسون حتى تطلع الشمس وعلى خير -إن شاء الله-، والمسجد اللي ما فيه أحد ما في أحد، خلاص، الناس ينظرون إلى أهل العلم وإلى طلاب العلم نظرة تختلف، ولذا شرعت الصلاة في المساجد من أجل أن يقتدي الجاهل بالعالم، وشرع أيضاً بعض الصلوات لا سيما النوافل في البيوت من أجل أن يقتدي أهل البيت من نساء وأطفال وذراري يقتدون به في صلاتهم.

((تقدموا فأتموا بي، وليأتم بكم من بعدكم)) يعني من بعدكم في الزمان أو في المكان؟ اللفظ محتمل، يعني من جاء من التابعين يقتدي بالصحابة، هذه مسألة، الصف العاشر الذي لا يرون الإمام مثلاً، أو الصف الثالث الرابع يأتمون بمن أمامهم، ولذا يقول: ((وليأتم بكم من بعدكم)) الإمام قدوة يأتم به من يراه من المصلين، لكن من لا يراه من المصلين يقتدي بمن يرى، وليأتم بكم من خلفهم، وإلا لو قلنا: إنه لا يقتدي بالإمام إلا من يراه ويسمع صوته في المساجد الكبيرة التي تجمع العدد الجم الغفير من الناس والمسألة مفترضة بدون مكبرات معناه ينقطع الاقتداء، لكن هذا الحديث فيه ما يدل على أن المأمومين بعضهم يصلح أن يكون قدوة لبعض، وعلى هذا يرى بعضهم وإن كان الجمهور على خلافه أنه إذا كبر للركوع وركع قبل أن يرفع الصف الذي أمامه أنه يدرك الركعة ولو كان الإمام قد رفع، لكن الجمهور أبداً، الاقتداء مرتبط بالإمام، إذا رفع الإمام فاتت الركعة، ولا شك أنه إذا استغلق واستحال الاقتداء بالإمام فالاقتداء بمن وراءه سائغ بهذا الحديث، وقل مثل هذا في المسبوقين، اثنان دخلا إلى المسجد فاتهم شيء من الصلاة لأحدهما أن يقتدي بالآخر، بعد سلام الإمام الأول، فيكون إمام ومأموم، ويش المانع؟ يقتدى به؛ لأن كل منهما في حكم المنفرد، والإمامة سائغة في مثل هذه الصورة، لكن إذا شك الثاني كم فاته من الصلاة ودخل معه واحد صلى ركعة وسلم بناءً على اللي فايتهم واحد، والثاني ما يدري هل هي ركعة وإلا ركعتين شاك، هل يقتدي بزميله ويصلي ركعة ويسلم أو يقول: إنه يبني على الأقل ويأتي بركعتين؟ هو شاك، والشك: استواء الطرفين، وصاحبه الذي دخل معه معروف أن اللي فائتهم شيء واحد، مقدار الفائت واحد بين الاثنين، هذا جزم أو غلب على ظنه أنهم فاتهم واحدة وسلم، ترجح أحد الطرفين بالنسبة للثاني بسلام الأول فصار عنده الفوات بركعة واحدة من باب غلبة الظن، يعني. . . . . . . . . خمسين بالمائة أنه واحدة أو خمسين بالمائة أنها اثنتين، لما سلم زميله -صاحبه الذي دخل معه- من ركعة واحدة طلعت النسبة إلى سبعين بالمائة، صار عنده غلبة الظن، لكن هل يعمل بغلبة الظن أو يعمل بالأقل لأنه

المتيقن؟ وهل يفرق بين المبتلى وغيره؟ يعني مراعاة شخص مرة في الشهر أو مرة في السنة تردد هل نقول: رجح بصنيع صاحبك أو ابنِ على الأقل واخرج من عهدة العبادة بيقين؟ وشخص كلما صلى ما يدري كم فاته، نقول: هذا يقتدي به، فنفرق حينئذٍ بين المبتلى وبين غيره، شخص إذا سلم ما يدري كم صلى وفي كل فرض نقول: مثل هذا مبتلى لا يعقل من صلاته شيء يقتدي بمن جواره؛ لأنه مبتلى، وصلاة جاره ترجح عنده غلبة الظن، والعمل بغلبة الظن معروف عند أهل العلم، لكن إذا كان ما حصل مثل هذا إلا مرة في السنة، نقول له: تبني على اليقين وتزيد ركعة وتسجد بعد السلام ترغيماً للشيطان، نعم وتخرج من عهدة الواجب بيقين، هذا في غير المبتلى، أما المبتلى لو يقال له مثل هذا الكلام يمكن يزيد، وأيضاً إذا كان قد زاد في صلاته وسجد سجدتين صار ترغيماً للشيطان، شفعنا له صلاته على ما تقدم، وعندي أنه يفرق بين المبتلى وغيره.

يقول: "وعن زيد بن ثابت -رضي الله عنه- قال: "احتجر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حجرة بخصفة فصلى فيها"، "احتجر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حجرة بخصفة" حصير من سعف النخل اتخذ حجرة من هذا الحصير فصلى فيها، وفي بعض الروايات: "احتجز" يعني اتخذ حاجزاً يحجز بينه وبين الناس في مسجده -عليه الصلاة والسلام-، "فصلى فيها فتتبع إليه رجال" يعني من التتبع وهو الطلب للاقتداء به والائتساء به في صلاته -عليه الصلاة والسلام-، "وجاءوا يصلون بصلاته" يصلون بصلاته فريضة وإلا نافلة؟ نافلة، معلوم أنه في رمضان -عليه الصلاة والسلام- صلى بهم ليلة ثم الثانية كثر العدد، ثم الثالثة أو الرابعة لم يخرج إليهم خشية أن تفرض عليهم، وفي هذا دليل على مشروعية صلاة النافلة جماعة على ألا تشبه بالفريضة، يعني لو اعتاد بعض الناس أنه لا يصلي الرواتب إلا جماعة، نقول: لا يا أخي ابتدعت، لكن لو صلاها مرة مرتين لا بأس، وقد اقتدى ابن عباس بالنبي -عليه الصلاة والسلام- على ما سيأتي في النافلة، والنبي -صلى الله عليه وسلم- صلى جماعة في المسجد نافلة، فينبغي أن تفعل أحياناً، وإذا وجههم النبي -عليه الصلاة والسلام- إلى الأفضل صلاة الجماعة نافلة لا بأس، لكن هناك ما هو أفضل ((أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة)) وبدل أن تصلوا معي في هذه الحجرة صلوا في بيوتكم، "لا تشبهوا بيوتكم بالقبور"، "لا تجعلوا بيوتكم قبوراً"، "صلوا في بيوتكم" ((أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة)) فينبغي أن يجعل المسلم ولا سيما طالب العلم في بيته مكاناً يؤدي فيه نوافله وتطوعاته الراتبة وغير الراتبة، مكان يتعاهده بالتنظيف والتطييب ولا يشبه بيته بالمقبرة التي لا يصلى فيها: ((أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة)) وهذا النص قيل في المدينة، ما يقول قائل: أنا أغتنم شرف البقعة فأصلي في الحرم لأنها أفضل، نقول: لا يا أخي هذا النص قيل في المدينة، لا سيما الحرم المدني الذي التضعيف خاص به ((صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه)) قد يقول قائل: أنا بأغتنم هذا التفضيل وأصلي النوافل في المسجد، نقول: لا يا أخي هذا الحديث قاله النبي -عليه الصلاة والسلام- في

مدينته، في بلدته، وفي مسجده، فأنت تصلي في البيت أفضل من صلاتك في المسجد ولو كان الحرم، أما بالنسبة للحرم المكي حدوده فيها سعة، المسجد الحرام يشمل كل الحرم عند جمهور أهل العلم، أما بالنسبة للمدني فما حاطه السور، ومثل هذا الحديث حمل بعض أهل العلم أن يخصوا التضعيف بالفريضة، لماذا خص التضعيف بالفريضة؟ ((صلاة في المسجد الحرام بمائة ألف صلاة)) خاص بالفريضة دون النافلة، صلاة بألف صلاة في مسجده -عليه الصلاة والسلام- في الفريضة دون النافلة؟ لئلا يتعارض مع مثل هذا الحديث، يعني لو قلنا: إن التضعيف شامل للفريضة والنافلة وقلنا: إن البيوت في المدينة لا تضعيف فيها، التضعيف خاص بمسجده ألا يحصل تعارض هنا؟ في تعارض وإلا ما في؟ لأنه قد يقول: أنا أريد ألف صلاة ونترك التفضيل ذا؛ لأنه قد يكون أفضل بشيء يسير، وهناك محقق. . . . . . . . . ألف ضعف، فلماذا لا أصلي؟ نقول: هذا النص قيل في المدينة، وأفضل صلاة المرء في بيته في المدينة أفضل من المسجد إلا المكتوبة، وهذا ما جعل بعض العلماء يرون أن التضعيف خاص بالفرائض دون النوافل. "وعن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- قال: "صلى معاذ بأصحابه العشاء فطول عليهم"، معاذ -رضي الله عنه- يصلي العشاء مع النبي -عليه الصلاة والسلام-، يصلي صلاة العشاء مع النبي -عليه الصلاة والسلام- ثم يرجع إلى قومه فيصلي بهم، يصلي فريضته مع النبي -عليه الصلاة والسلام- ثم يأتي إلى قومه فيصلي بهم نافلة، وهو من أقوى الأدلة على جواز وصحة صلاة المفترض خلف المتنفل، ومعروف أن المذهب عند الحنابلة لا تصح صلاة المفترض خلف المتنفل، والقول الآخر عند أهل العلم صحة ذلك، ودليلهم حديث قصة معاذ، فيقول ناظم الاختيارات يقول -وهو يتحدث عن صلاة المفترض خلف المتنفل-: وعند أبي العباس ذلك جائزٌ ... لفعل معاذ مع صحابة أحمدِ يصلي بهم نفلاً وهم ذوو فريضةٍ ... وكان قد صلى الفرض خلف محمدِ

يقول: "صلى معاذ بأصحابه العشاء فطول عليهم" وفي رواية: "قرأ البقرة" وبعض الروايات: "قرأ النساء"، "فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((أتريد يا معاذ أن تكون فتانا?)) " وفي وراية: ((أفتان يا معاذ؟ )) يعني هل تريد يا معاذ أن تفتن الناس وتصرفهم عن صلاتهم بسبب التطويل؟ لأن الذي يفتن الشيء عن دينه يعني يصرفه عنه، يصرفه عن دينه، أتريد أن تكون فتاناً؟ تصرف الناس عن صلاتهم وأهم عباداتهم بتطويلك؟ ((إذا أممت الناس فاقرأ: بالشمس وضحاها, وسبح اسم ربك الأعلى, واقرأ باسم ربك, والليل إذا يغشى)) يعني لا تطيل على الناس "متفق عليه" فأمر معاذاً أن يقرأ بهذه السور وما هو في مقدارها من الآيات؛ لئلا يكون سبباً في انصراف الناس عن الصلاة أو عن حضور الجماعات، بهذا يفتتن الناس، وجاء الأمر بالتخفيف ((من أم الناس فليخفف، فإن فيهم الكبير والضعيف وذا الحاجة)) وهؤلاء تجب مراعاتهم، إذا صلى الإنسان لنفسه فليطول ما شاء، لكن من أم الناس عليه أن يخفف، هذا هو الأصل التخفيف، لكن يبقى أن المسألة مرتبطة بالجماعة، فإذا علم الإمام أن الجماعة لا يكرهون التطويل، بل يرغبون فيه فالنبي -عليه الصلاة والسلام- صلى المغرب بالأعراف، وصلى بالطور، صلى بالمرسلات، صلى بـ (ق)، صلى بـ (آلم) السجدة، المقصود أنه صلى بطوال، ولا تعارض، هذا لا يعارض هذا، لا شك أن الناس فيهم المعذور، وفيهم من عنده حاجة، فيهم كبير، فيهم مريض يحتاج إلى مراعاة، لكن إذا جزم الإمام أنه لا يوجد فيهم من هذه الأنواع أحد، بل يجزم ويغلب على ظنه أن الجماعة يرضون يطلبون التطويل بعض الجماعة، لا سيما إذا كان الإمام خاشع في صلاته، يقرأ القرآن كما أمر، قراءته تؤثر في المصلين، مثل هذا الناس يطلبون التطويل منه، وعرفنا أن الحديث فيه .. ، صحة صلاة المفترض خلف المتنفل مسألة خلافية بين أهل العلم والحديث نص فيها. يقول -رحمه الله- ...

عرفنا أن بالأمس أن إعادة الصلاة يختلف حكمها عن حكم ابتدائها، فيعيد الصلاة هنا، ومن صلى في رحله يعيد الصلاة، سبق هذا الكلام، فلا يتعارض مع قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((صلاة الليل مثنى مثنى)) النبي -عليه الصلاة والسلام- في صلاته افتتح سورة المؤمنون فأخذته سعلة فركع. في الحديث الذي يليه: يقول -رحمه الله تعالى-: "وعن عائشة -رضي الله عنها- في قصة صلاة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالناس وهو مريض" يعني في مرض موته -عليه الصلاة والسلام-، وهذا الآخر من أموره -عليه الصلاة والسلام- "قالت: فجاء حتى جلس عن يسار أبي بكر" والذي يجلس في اليسار هو إيش؟ الإمام "فجلس عن يسار أبي بكر فكان يصلي بالناس جالساً وأبو بكر قائماً" وعلى كل حال اختلف العلماء في صلاته -عليه الصلاة والسلام- هذه هل كان إماماً أو مأموماً؟ لكن أكثر الروايات على أنه جلس عن يسار أبي بكر وهو في الصحيح، واليسار هو موضع الإمام، يعني من الطرائف أنه جاء سؤال يقول: اثنان يصليان إمام ومأموم، فدخل ثالث ودفع الأيمن ليتقدم، تقدم الأيمن وتمت الصلاة، الصلاة صحيحة وإلا ليست صحيحة؟ هو دفع المأموم، المأموم هو الأيمن، صلاة صحيحة وإلا غير صحيحة؟ صلاة وقعت وانتهت ومن جهال، يبدو أن الثلاثة كلهم جهال، وكون المأموم ينقلب إلى إمام هذا هناك ما يدل له في صورة الاستخلاف، وكون الإمام يصير مأموماً له هذا الحديث، فيمكن أن تصحح هذه الصورة لا سيما مع الجهل.

"فجاء حتى جلس عن يسار أبي بكر" وهو موضع الإمام "فكان يصلي بالناس جالساً وأبو بكر قائماً، يقتدي أبو بكر بصلاة النبي -صلى الله عليه وسلم-، ويقتدي الناس بصلاة أبي بكر" هذا هو دليل الحنفية والشافعية في أن المأموم يلزمه أن يصلي قائماً خلف إمامه القاعد، ويقولون: إن هذا الحديث متأخر عن الحديث الأول فهو ناسخ، وتأخره أمر محقق مؤكد هذا متأخر، لكن الحنابلة يجمعون بما سمعت، يوفقون بين هذه النصوص بما سمعنا، إذا ابتدأ إمام الحي، إذا ابتدأ هنا ابتدأت الصلاة من قيام، وهم يشترطون لصلاة المأموم قاعداً خلف القاعد أن تفتتح الصلاة من قعود، وهنا افتتحت الصلاة من قيام، والذي افتتح إمام الحي وإلا غيره؟ غيره، المقصود أن القيود التي وضعها الحنابلة منضبطة، وعلى كل حال من قال بالنسخ له وجه كما قال الحنفية والشافعية، والعمل على آخر الأمرين منه -عليه الصلاة والسلام-، فمن قال بالنسخ فله وجه وهو مسبوق من قبل جمع من الأئمة، ومن قال بالصلاة -صلاة المأموم- بالقيود التي ذكرها الحنابلة للتوفيق بين هذه النصوص له وجه.

أما ما يستدل به المالكية من عدم صحة إمامة القاعد فأحاديث ضعيفة،. . . . . . . . . الإمام الراتب، إذا صلى الإمام، ((إنما جعل الإمام ليؤتم به)) الإمام، إمام الحي لكي يقطعوا الطريق على الكسالى ناس والله ما ودهم يصلون قيام، فينظرون وين؟ يتلفتون يشوفون لهم مقعد يصلي بهم، يعني شخص ما له ميزة ليش يصلي جالس؟ ما هو بإمام هذا جايبينه من أدنى مكان، تقول: الإمام يعني الإمام المرتب، والإمام المرتب من قبل ولي الأمر هو إمام الحي، أو بالاتفاق اتفقوا عليه فصار إمام، فالإمام لا شك أن له وقعه في الشرع، كل من طرأ عليه يبي يصلي جالس، يقول: يا الله تقدم يا أبو فلان، اترك الكرسي اللي جالس عليه وتعال مدد بها المحراب ونصلي وراك جالسين، لا يا أخي، لا، لا بد أن يكون له وصف معتبر، ولا وصف معتبر إلا لإمام الحي، فهو مجعول، يسار الإمام؟ النبي -عليه الصلاة والسلام- أدار ابن عباس فجعله عن يمنيه، وسيأتي من يثبت أنه جلس عن يسار أبي بكر فهو إمام بلا شك، الذي يثبت هؤلاء المالكية يقولون: هو ليس بإمام -عليه الصلاة والسلام- إنما هو مأموم، ولذا يضطرون إلى تأويل: "جلس عن يساره" أو ينفونها؛ لأنهم لا يرون إمامة الجالس أصلاً، فخلافهم من هذه الحيثية. طالب:. . . . . . . . . يعني افتتح الصلاة قائم؟ لا، لا بد أن تفتتح الصلاة من جلوس، إذا طرأ له عذر وجلس ما عليهم يتمون قيام، ولو كان غير إمام الحي، ما في شيء، المقصود أن هذه القيود لتسويغ الصلاة من قعود خلف الإمام.

أبو بكر عن يمين النبي -عليه الصلاة والسلام- قد يقول قائل: هل يسوغ لشخص يأتي ويصلي عن يمين الإمام والمسجد فيه مساحات؟ بل فيه صف ناقص في الأخير يقول: أنا با أدخل أصلي جنب الإمام، طيب ويش اللي حثك على هذا؟ يقول: ((خير صفوف الرجال أولها)) دعنا من قصة أبي بكر، وهو مكانه الذي افتتحت الصلاة فيه، وأراد أن يتأخر فأشار إليه النبي -عليه الصلاة والسلام- أن يثبت، لكن شخص يقول: لا أنا بصلي جنبه هذا فاضي، المحراب يسع خمسة أنا بجلس جنب الإمام ويش اللي يمنع؟ وأبو بكر صلى بجنب النبي -عليه الصلاة والسلام- أريد أن أتقدم ((خير صفوف الرجال أولها)) هو أريد فضيلة الصف الأول، يحصل له ذلك أو لا يحصل؟ لماذا؟ نعم الصف الأول هو الذي يلي الإمام، لو قدر أنه ضاق المسجد وتقدم ناس وصاروا بجوار الإمام نقول: هذا صف حاجة، وليس بصف طبيعي تترتب عليه الأحكام، صف حاجة، فضله بعد آخر صف، آخر صف أفضل من هذا الصف لأنه صف حاجة، وقل مثل هذا في الدور الثاني أو في قبو أو خارج المسجد كل هذه صفوف حاجة، ولو كانت أقرب إلى الإمام؛ لأن بعض الصور في المسجد لا سيما الحرم المكي هناك من هو أقرب إلى الكعبة من الإمام في بعض الجهات، هل نقول: إنهم أفضل من الصف الذي يلي الإمام لقربه من الكعبة؟ المسألة عاد تحتاج إلى بسط، ولعله يتيسر فرصة لشرحها. "وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إذا أم أحدكم الناس فليخفف, فإن فيهم الصغير والكبير والضعيف وذا الحاجة, فإذا صلى وحده فليصل كيف شاء)) متفق عليه".

((إذا أم أحدكم الناس فليخفف)) لمثل ما جاء في حديث: ((أفتان يا معاذ؟ )) ((أتريد يا معاذ أن تكون فتاناً؟ )) التخفيف مطلوب لئلا يفتن الناس، ينفر الناس، وفيهم أيضاً من يحتاج إلى التخفيف، فيهم هذه الأنواع الصغير الذي لا يحتمل طول القيام، فيهم أيضاً الكبير العاجز، فيهم الضعيف، ضعيف البنية، نضو الخلقة الذي لا يستطيع أن يطيل القيام، فيهم صاحب الحاجة الذي شغلته حاجته عن الإقبال على صلاته، مثل هؤلاء يخفف من أجلهم، إذا صلى وحده الإنسان فليطول كيف شاء، فليصلِ كيف شاء، يعني لقائل أن يقول: أنا الآن منفرد، والنبي -عليه الصلاة والسلام- يقول: ((فليصلِ كيف شاء)) مضى على دخول وقت صلاة العصر ثلث ساعة أقاموا الناس وأنا في البر لا أسمع أذان أبي أقيم، لكن فليصلِ كيف شاء، أنا بقرأ القرآن كامل، نقول: لك ذلك وإلا لا؟ ما هو بقائل: ((فليصلِ كيف شاء)) يقول: أنا بقرأ القرآن كامل، أبا أصلي مع دخول وقت صلاة العصر وبأقرأ القرآن كامل، امتثالاً لهذا ((فليصلِ كيف شاء)) في أحد يمنعه؟ لكن من يمنعه أن يقرأ في الأولى بالبقرة والثانية آل عمران ولو انتهى الوقت، في ما يمنع؟ دعونا من كونه يقرأ القرآن كامل فيضيع وقت المغرب ووقت العشاء هذا ممنوع لأنه تسبب في تضييع أوقات، يخرج صلوات عن أوقاتها، لكن ما هو مخرج شيء، الفريضة ما تدخل في النهي، يقول: أبطول كيف شئت، أبقرأ في الأولى البقرة، وفي الثانية آل عمران، وبعد يمكن بعد يضيف لهن النساء، ويسلم مع غروب الشمس "فليطول كيف شاء" أو بعد غروب الشمس. طالب:. . . . . . . . . هو ما هو يخرج، من أدرك ركعة، وأدرك ركعة قبل غروب الشمس، يعني لو قرأ مثلاً بعد دخول وقتها قرأ عشرة مثلاً وقف على يونس، وأدرك الركعة الأولى قبل غروب الشمس لا سيما في الصيف، وجاب بقية الركعات بعد الغروب، المسألة مسألة حكم شرعي يا الإخوان، حكم ((فليصلِ كيف شاء)) من يمنعه من قراءة عشرة أجزاء؟ ويش يقول؟ طالب:. . . . . . . . .

ما في تفريط، ما أخر الصلاة عن وقتها، صلى، شرع في الصلاة في وقتها ((من أدرك ركعة من صلاة العصر قبل أن تغرب فقد أدرك العصر)) هو أدرك ركعة أو ركعتين بعد، ما تفوته يقول: أنا بصلي ها الركعتين الطوال إلى غروب الشمس، ويأتي بعدهن بركعتين بعد الغروب ما يضر، يعني مقتضى هذا الحديث أن يصلي كيف شاء؟ النبي -عليه الصلاة والسلام- افتتح البقرة، ثم النساء، ثم آل عمران، وأطال الركوع والسجود، ويسأل ((إذا صلى وحده فليصل كيف شاء)) من أم الناس فليخفف الفريضة؛ لأنه إن صلى صلاة الليل مثلاً ومعه ضعيف وكبير وذو حاجة وتهجد والناس يصلون يقرؤون أجزاء من القرآن، يقول: لا أنا بقرأ آية يا أخي ورائي ضعفاء وورائي .. ، في صلاة التهجد يطاع؟ نقول: لا، طول يا أخي، هذه نفل اللي قادر أن يقوم يقوم وإلا يجلس، فيها سعة، لكن النهي في الفريضة لا مندوحة للإنسان من عملها .... ، هو مسافر هو مخيم مائة كيلو عن البلد. طالب:. . . . . . . . . نعم مفاد الحديث أن ما في ما يمنع أبداً، أن يصلي العصر كله، إيش اللي يمنع؟ تؤخرها كامل، يعني ما تقيم إلا أن يطلع الوقت، أما من أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر ما في تفريط هذا، أما أن تفتتح الصلاة بعد خروج وقتها هذا تفريط، هو شرع فيها في أول وقتها، وكبر وقرأ في الركعة الأولى عشرة أجزاء، أو خمسة في الأولى وخمسة في الثانية وانتهى، أنه لو أدرك ركعة من العصر في الوقت وثلاث بعد الوقت، أو ركعة من الصبح والأخرى بعد خروج الوقت، العلماء يختلفون في القضاء والأداء، نقول: في القضاء والأداء، بعضهم يقول: ما فعله داخل الوقت أداء، وما فعله بعد خروج الوقت قضاء، ومعروف حكم القضاء، على كل حال إطلاق الحديث يدل على أنه لا شيء في ذلك -إن شاء الله تعالى-، يطول كيف يشاء. طالب:. . . . . . . . .

إيه من أهل العلم من يشترط لأن تكون الصلاة أداءً تكون ركعة كاملة ((من أدرك ركعة)) وفي رواية: ((سجدة)) وفسرت في الصحيح: "والسجدة إنما هي الركعة" ويعبر بالسجدة عن الركعة والعكس، من أدرك سجدة يراد بها الركعة {وَخَرَّ رَاكِعاً} [ص: 24] يعني: ساجداً {ادْخُلُواْ الْبَابَ سُجَّدًا} [(154) سورة النساء] يعني ركوعاً، ما يمكن أن يدخلوا سجداً، المقصود أنها تطلق السجدة ويراد بها الركعة والعكس. صلاة العشاء شرع فيها بعد مغيب الشفق إلى منتصف الليل، إطلاق الحديث يدل على أنه ما في شيء. يقول السائل: حديث: ((ائتمروا بالمعروف، وتناهوا عن المنكر، حتى إذا رأيت شحاً مطاعاً، وهوىً متبعاً، ودنيا مؤثرة، وإعجاب كل ذي رأي برأيه، فعليك بنفسك، ودع عنك العوام)) رواه أبو داود، هل هذا الحديث صحيح؟ الحديث حسن، لكن وقته لم يأتِ بعد، ولا شك أن الأمر والنهي ينفع، والتأثير موجود -ولله الحمد-. هذا السؤال من القدس: يقول السائل: هل يجب على المأموم قراءة الفاتحة في كل ركعة؟ وهل في المسألة خلاف وإن كان كذلك فما الراجح؟ نعم المسألة خلافية بين أهل العلم بالنسبة للقراءة خلف الإمام، فمنهم من يرى أن قراءة الإمام قراءة لمن خلفه، ولا يقرأ المأموم شيئاً، ((وإذا قرأ فأنصتوا)) مطلقاً سواءً كان في السرية أو في الجهرية، ومنهم من يفرق فيقول: المأموم لا يقرأ في الجهرية ويقرأ في السرية، ومنهم من يرى أن المأموم تلزمه القراءة ولو جهر الإمام، في الفاتحة في جميع الركعات، ويسنده أيضاً حديث عبادة: ((لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب)) وهذا هو المرجح أن كل مصلي تلزمه الفاتحة في كل ركعة سوى المسبوق. يقول: إمام أثناء صلاة العصر شك هل صلى ثلاثاً أو أربعاً فلما قام للركعة قال المأمومون: سبحان الله، فعرف أنه قد أخطأ ومع ذلك أكمل الركعة؟ أتمها؟ طالب: أتمها. على كل حال ما دام في شك وتسبيحهم يرجح إحدى طرفي التردد، فيكون إتمامه الصلاة غلبة ظن، فعليه أن يرجع، ما دام شك يلزمه أن يرجع، لا سيما إذا سبح به اثنان فأكثر، أما لو سبح به واحد مع معارضة فعله لا يلزمه الرجوع. طالب:. . . . . . . . .

وحينئذٍ يلزمه أن يرجع، الصلاة انتهت، ويبدو أنه يجهل الحكم، وما دام انتهت والمسألة زيادة في الصلاة فصحيحة -إن شاء الله تعالى-، لكن لو كان نقص يؤمرون بالإتمام. تقول السائلة: هل المرأة تقطع صلاة المرأة أم أنها تقطع صلاة الرجل فقط؟ تقطع صلاة الرجل، يقطع صلاة الرجل .. ، أو صلاة أحدكم إذا مر بين يديه أحد الثلاثة: المرأة والحمار والكلب، فهي تقطع صلاة الرجل، وتشغل باله، فعليه أن يعيدها، ولا تقطع صلاة المرأة، نعم. طالب:. . . . . . . . . في كل مكان، الحكم واحد، لكن هذا بالنسبة إذا استتر، أما إذا لم يستتر فليس له أن يدفع، وإذا شق عليه الدفع في أماكن الزحام كالحرمين النبي -عليه الصلاة والسلام- صلى إلى غير جدار في الحرم، والناس يطوفون بين يديه، فيهم الرجال وفيهم النساء إذا شق، المشقة تجلب التيسير. طالب:. . . . . . . . . لا، الطفلة لا؛ لأنه جاء تقييد المرأة بالحائض، ومعنى الحائض يعني مكلفة. طالب:. . . . . . . . . كيف؟ طالب:. . . . . . . . . أهل العلم يقولون: الأسود لأنه شيطان، نعم. هذا ليس سؤال، لكن يقول: وقت بداية الدرس بين الأذان والإقامة عندنا يقول: فهل أبكر بالذهاب إلى الصلاة أو أستمع للدرس حتى وقت الإقامة؟ نعم هذه مفاضلة بين سنن، ولا شك أن العلم مقدم على جميع النوافل. يقول: هل تقصد فضيلة الشيخ يرجى برؤها أي يرجى برؤها أثناء الصلاة، يعني مريض صلى قاعداً منذ البداية، ومعلوم أنه لن يشفى أثناء الصلاة؟ لا، لا، يرجى برؤه مستقبلاً، وهو إمام الحي يرجى برؤه مستقبلاً، لكن إذا كان لا يرجى برؤه فيبحث عن غيره. شخص عقد على فتاة ولكن كان لا يصلي وهو يعتقد أن تارك الصلاة كافر، ثم بعد ذلك تاب إلى الله وأصبح يصلي، هل عقده الأول صحيح أم يجب ... ؟ إذا ثبت أنه لا يصلي بالكلية فعقده غير صحيح، لا بد من تجديد العقد، ونظراً للخلاف في المسألة فالعقد الأول عقد شبهة تثبت به أحكام الزواج، لكن لا بد من تجديده، ينسب إليه الأولاد، ولا يلزمه التفريق حتى .. ، لكن تجديد العقد لا بد منه. يقول: ما معنى كلمة مخصفة؟

إي نعم من خصف، من خصف، الخصف: هو من سعف النخل، الخصف والحصير يصنع من سعف النخل، وهو معروف الخصف معروف، نعم. يقول: في مسألة تعارض السنن هل يمكن أن يقال: إن الرمي ليلاً وأداء سنة الدعاء في الرمي والسكينة أفضل من الرمي نهاراً؟ الخلاف القوي في الرمي ليلاً يجعل الرمي في النهار على أي وجه كان، مع تحقق وقوع الحصى في المرمى أفضل على كل حال، الرمي في النهار بعد الزوال، أفضل من الرمي ليلاً لقوة الخلاف، مع أنه يتيسر بالليل أن يرمي على الوجه المطلوب، ويدعو الدعاء المطلوب، لكن الخلاف في المسألة قوي. يقول: ما حكم قراءة الفاتحة في الصلاة الجهرية هل هو ركن؟ نعم ذكرنا مراراً أن المرجح أنه ركن على كل مصلٍ إلا المسبوق، المسبوق كما سيأتي في حديث أبي بكرة لا تلزمه قراءة الفاتحة، يتابع الإمام وتسقط عنه قراءة الفاتحة، نعم. أحسن الله إليك. يقول: ألا يدل حديث ابن أم مكتوم على أن الجماعة واجبة؟ بلى، وهذا الذي قررناه ((أتسمع النداء؟ )) قال: نعم، قال: ((أجب، لا أجد لك رخصة)). أحسن الله إليك. يقول: لو أعطيتنا نبذة عن وسائل ضبط العلم حيث الكثير منا يعاني من عدم ضبط العلم؟ العلم يحتاج إلى أولاً: نية صالحة، نية صالحة، فالعلم الشرعي من أمور الآخرة المحضة التي لا تقبل التشريك، فإذا أقبل طالب العلم وقد توفرت لديه الآلة من حفظ وفهم وكانت نيته صالحة في الغالب يفلح، على أن يعنى بعلمه، ويعنى بما حصله، ويزاحم الشيوخ، ويتردد على الدروس، ويسمع ما سجل على المتون، ويفرغ ويكتب ما يسمعه، يقيد ويلزم من يرى أنه يفيده من أهل العلم في الغالب يفلح -إن شاء الله تعالى-، لكن إذا كان يتخبط يوماً يقرأ في هذا الكتاب، ويوماً يقرأ عند هذا الشيخ، ويوماً ينتقل إلى هذا البلد ويوم .. ، هذا ما يفلح، إضافة إلى أن العلم إنما يثبت بالمذاكرة، لا بد أن يقرأ الدرس قبل الحضور إلى الشيخ، ثم ينصت ويدون ما يسمع، ثم يذاكر بما سمعه بعض زملائه، وبعض الإخوان يحضر الدرس ثم يترك الكتاب إلى موعد الدرس اللاحق، وهذا في الغالب أنه لا يفلح بهذه الطريقة، العلم لا يضبط بهذه الطريقة، والله المستعان، نعم، انتهى؟ اللهم صلِ وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

كتاب الصلاة (27)

بلوغ المرام – كتاب الصلاة (27) شرح: باب: صلاة الجماعة والإمامة الشيخ/ عبد الكريم بن عبد الله الخضير السلام عليكم ورحمة الله وبركاته بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله. قال الإمام ابن حجر -رحمه الله-: "وعن عمرو بن سلمة -رضي الله عنه- قال: قال أبي: "جئتكم من عند النبي -صلى الله عليه وسلم- حقاً قال: ((فإذا حضرت الصلاة فليؤذن أحدكم, وليؤمكم أكثركم قرآنا)) قال: "فنظروا فلم يكن أحد أكثر قرآناً مني فقدموني, وأنا ابن ست أو سبع سنين" رواه البخاري وأبو داود والنسائي. وعن أبي مسعود -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله, فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة, فإن كانوا في السنة سواء فأقدمهم هجرة, فإن كانوا في الهجرة سواء فأقدمهم سلما ً -وفي رواية: ((سناً)) - ولا يؤمن الرجلُ الرجلَ في سلطانه, ولا يقعد في بيته على تكرمته إلا بإذنه)) رواه مسلم. ولابن ماجه من حديث جابر: ((ولا تؤمن امرأة رجلاً، ولا أعرابي مهاجراً, ولا فاجر مؤمناً)) وإسناده واهٍ". الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "وعن عمرو بن سلمة" أبي يزيد أو أبي بريد على خلاف في ذلك الجرمي، اختلف في رؤيته، أدرك النبي -عليه الصلاة والسلام-، وأمَّ قومه في عهده، والقرآن ينزل، وهل رأى النبي -عليه الصلاة والسلام- وقدم مع أبيه أو لم يقدم؟ محل خلاف بين أهل العلم.

يقول -رضي الله عنه-: "قال: قال أبي: "جئتكم والله" بعد أن وفد على النبي -عليه الصلاة والسلام-، أبوه سلمة بن نفيع يقسم أنه جاء من عند النبي -صلى الله عليه وسلم- حقاً مرسل من عند الله رسالةً "حقاً" حقاً مصدر مؤكد، فقال بعد كلام سبق، بعد أن علمهم مواقيت الصلاة قال لهم بعد ذلك: ((فإذا حضرت الصلاة)) يعني دخل وقتها ((فليؤذن أحدكم)) يعني من غير اشتراط في المؤذن ((وليؤمكم أكثركم قرآناً)) وبهذا يفضل جمع من أهل العلم الإمامة على الأذان؛ لأن الإمامة لها شروط فيها أولويات، فيها مقدم وغيره، أما الأذان يؤذن أحدكم، وإن كان أهل العلم يشترطون في المؤذن أن يكون ثقة، أميناً، صيتاً يبلغ الناس، ويعلمهم بدخول الوقت، ((أحدكم)) يعني ممن يصلح للأذان؛ لأن (أحدكم) مفرد مضاف يعم جميعهم، لكن إن شئت فقل: إنه من العام الذي أريد به الخصوص، لو قدر أن فيهم الأبكم يشمله هذا العموم؟ لا يشمله هذا العموم، وجد فيهم من يتكلم لكن لا يستطيع رفع الصوت -وهذا موجود في الناس- لا يصلح للأذان؛ لأن الأذان وظيفة شرعية الهدف منها إخبار الناس بدخول وقت الصلاة، فالذي لا يتحقق فيه الهدف الشرعي لا يصلح للأذان، ولا بد أن يكون المؤذن مع كونه صيتاًَ أن يكون أميناً عارفاً بالأوقات، يكون أمين مؤتمن؛ لأن غير الأمين، غير الثقة في هذا الباب لا يأمنه الناس على عباداتهم، لا يأمنه الناس على أوقات الصلاة، ولا على وقت اللزوم، ولا على وقت الإفطار، فهي وظيفة شرعية تترتب عليها أحكام، عارف بالأوقات، الجاهل الذي لا يدري متى يدخل وقت الظهر ولا وقت العصر، ولا يخرج وقت المغرب هذا ما يصلح أن يكون مؤذن، لا بد أن يكون عارفاً بالأوقات.

((وليؤمكم أكثركم قرآناً)) والقصة تدل على أن المراد بالأكثر قرآناً والمراد بالأقرأ كما سيأتي في الحديث اللاحق حديث أبي مسعود أنه الأحفظ؛ لأنهم بحثوا ونظروا فلم يكن أحد أكثر قرآن منه، من هذا الصبي، ولذا قدم على غيره مع وجود من هو أكبر منه، والسن له دور في التقديم كما سيأتي، فدل على أن الأهم في الإمامة أن يكون أكثر قرآناً، يعني أحفظ للقرآن، لكن القرآن له متعلقات فمن الناس من يحفظ حروفه، لا على الوجه الشرعي، يحفظ لكن عنده أخطاء كثيرة في الأداء، ومن الناس من هو أكثر ولا يفهم معانيه، ومن الناس من هو أكثر قرآناً ولا يعمل بما تضمنه من أوامر ونواهي، فهل معنى الحديث هذا والحديث الذي يليه: ((أقرأهم لكتاب الله)) أنه الأحفظ بغض النظر عن الوجوه الأخرى أو لا بد من توافر الجميع يكون أحفظ أكثر قرآن كما هو منطوق هذا الحديث، وهو أيضاً أعرف بكيفية أدائه ومعانيه وفهمه؟ وأيضاً أجود صوت مثلاً مما يرجح به أن يكون صوته له تأثير، يؤدي القرآن على الوجه المأمور به شرعاً، فلا شك أن هذه النصوص تحتمل كل ما يتعلق بالقرآن، وإن كان حديثنا هذا صريح في أن المراد به أكثرهم جمعاً للقرآن، والسبب في كون هذا الصبي أكثرهم جمعاً للقرآن أنه يتلقى، يتقلى الركبان الذين يمرون بهم بقبيلتهم -حيهم- ممن وفد على النبي -عليه الصلاة والسلام-، وأخذ عنه شيئاً من القرآن، ورجع إلى قومه، هذا يتلقى الركبان، وهذا من التلقي المأمور به، لا التلقي المنهي عنه، تذهب الوفود إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- فيتعلمون ما يتعلمون منه من قرآن وأحكام وسنة وآداب، ثم يعودون إلى قبائلهم وأحيائهم فيتلقاهم مثل هذا الحريص، فيأخذ عنهم ما سمعوه من النبي -عليه الصلاة والسلام-، وهذا هو السبب في كونه أكثرهم قرآناً.

يقول: "فنظروا فلم يكن أحد أكثر مني قرآناً فقدموني بين أيديهم" يعني إماماً لهم في الصلوات المندوبة والمفروضة؛ لأن الحديث سياقه سياق الفرائض؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- علمهم الأوقات، والأوقات إنما هي للفرائض، ثم قال: ((فإذا حضرت الصلاة فليؤذن أحدكم وليؤمكم)) .. إلى آخره، فالسياق سياق فرائض، وبهذا يرد على من قال: إنه يؤمهم في النوافل، ولا يصححون صلاة المكلف خلف الصبي المميز، من أهل العلم من يرى أن الصلاة لا تصح خلف الصبي لماذا؟ لأن صلاته نافلة والمكلف مفترض ولا تصح صلاة المفترض خلف المتنفل، والحديث حجة عليهم؛ لأن سياق الحديث سياق الصلاة المفروضة، "فقدموني بين أيديهم وأنا ابن ست -سنين- أو سبع سنين" لا شك أن هذا الصبي مميز، والتمييز لكم؟ كم يميز الصبي؟ النبي -عليه الصلاة والسلام- يقول: ((مروا أولادكم بالصلاة لسبع)) ((مروا أولادكم بالصلاة لسبع)) لم يعلق الأمر بالتمييز، وهذا ابن ست أو سبع، هذا المميز إذا فهم الخطاب ورد الجواب المطابق يكون مميزاً، لكن هو لا يؤمر بالصلاة قبل سبع، قبل ثمان سبع سنين، يعني لو جاء طفل عمره خمس سنوات يحسن الصلاة وأراد أن يصف في الصف مميز والواقع يشهد بأن بعض من بلغ الخمس سنين يميز، ومحمود بن الربيع عقل المجة التي مجها النبي -عليه الصلاة والسلام- في وجهه وهو ابن خمس سنين في الصحيح، فهل يقال: هذا الطفل ابن خمس سنين وجوده مثل عدمه في الصف وهو كالفرجة لأنه لم يؤمر بالصلاة؟ أو نقول: إنه مادام مميز يصلي بعد ما في إشكال وهذا ابن ست سنين وأم الناس؟ يعني هل هناك حد فاصل لمن يتاح له أن يصاف الكبار أو ليس هناك حد؟ منهم من يجعل الحد الفاصل السبع، تمام السبع؛ لأنه مأمور بالصلاة، وما قبل ذلك غير مأمور بالصلاة، إذن وجوده كالفرجة في الصلاة، لكن هذا ابن ست أو سبع أم الناس ما هي بمسألة يصف مع الناس، لا، هذا إمام لهم، فهل الأمر معلق بالتمييز أو معلق ببلوغ السبع سنين؟ في الأحكام العامة الشرع يضبطها بضابط لا يتغير ولا يتفاوت، ولا يصير فيه مجال للأخذ والرد، من الأطفال من يميز لأربع سنين، ومن الأطفال من لا يميز ولا لتسع سنين، ومثل هذا الاضطراب لا تعلق به أحكام

شرعية؛ لأنه قد يأتي الرجل بولده ابن ثلاث سنين، ويقول: ولدي مميز إيش فيكم؟ يأتي به ابن أربع سنين ويشغل الناس ويؤذيهم ويعبث بالمسجد وبالمصاحف، ويقول: لا ولدي مميز، كيف نمنعه من الصلاة؟ ويوجد الطفل ابن ثمان وتسع سنين في الشارع يلعب فإذا قيل لأبيه، قال: ابني مسكين ما ميز، فهذا فيه مجال؛ لأنه قد يميز لأربع وقد لا يميز إلى تسع، لكن الشارع في مثل هذه الأحوال يضبط بضابط يحكم غالب الناس، ولذا قال: ((مروهم بالصلاة لسبع)) تسعة وتسعين بالمائة من الناس ميزوا في السبع، النادر واحد بالمائة هذا ما له حكم، لذلك ما يترك مثل هذه الأمور للناس، ولدي والله ميز، ولدي ما ميز، لا، قال: ((مروهم بالصلاة لسبع)) والتمييز قد يكون قبل سبع، لكن ما يؤمر بالصلاة ولو كان مميز، لكي نسد الباب على من يريد أن يعبث بالمسجد ولده ويدعي أنه مميز. فمثل هذه الأمور الأحكام العامة يضبطها الشارع بضابط ثابت لا يتغير، حد محدد، ولذا التكليف .. ، التكليف لما كان أمراً خفياً ربط بأمور يتفاوت فيها الناس، وجعل أقصاه حد يتفق فيه كل الناس، الإنبات يتفاوتون فيه الناس، الإنزال يتفاوت فيه الناس، وهذه أمور خفية، قد تقول: لماذا لا يصلي ولدك؟ ولدك مكلف لماذا .. ؟ يقول: لا يا أخي ولدي ما كلف، هذا أمر خفي، لكن ثم بعد ذلك يأتي الحد الذي لا يمكن يتجاوز أحد وما كلف،. . . . . . . . . خمسة عشر سنة، فأمور الشارع مضبوطة، منضبطة؛ لئلا يترك مجال للتلاعب والأخذ والرد، هنا ابن ست سنين أو سبع سنين يعني إذا قلنا: إنه ابن سبع سنين اتفقت النصوص، واطرحنا الأقل باعتباره مشكوك فيه اللي هو ست. إمامة الصبي المميز الذي بلغ سبع سنين مختلف فيها بين أهل العلم، منهم من لا يرى صحتها في الفرائض؛ لأنه متنفل فلا يؤم المفترض، ومنهم من يقول: صحيحة، ما دام يضبط الصلاة، ويعرف أحكام الصلاة، ويحفظ القرآن إمامته صحيحة، والحديث نص في صحتها، فالقول بصحة صلاة إمامة المميز ابن سبع سنين لا إشكال فيها من هذا الحديث، والحديث الذي يليه يشهد لمعناه، وهو أن أولى الناس بالإمامة الأكثر حفظ للقرآن.

يقول: "وعن أبي مسعود -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((يؤم القوم أقرؤهم)) " (يؤمُ القومَ) القوم: فاعل مؤخر، حكم تأخيره؟ يجب تأخير الفاعل هنا؛ لأنه مشتمل على ضمير يعود على متأخر، فلو أخرنا المفعول -متأخر رتبة- فلو أخرناه لفظاً لعاد الضمير على متأخر لفظاً ورتبة وهذا شاذ، يقول ابن مالك -رحمه الله تعالى-: وشاع نحو: "خاف ربه عمر" ... وشذ نحو: "زان نوره الشجر" لا يجوز أن يعود الضمير على متأخر في اللفظ والرتبة، هذا يعود على متقدم في اللفظ، وإن تأخرت رتبته لأنه مفعول والأصل فيه أن يؤخر. ((يؤم القوم أقرأهم لكتاب الله)) الأقرأ هنا هو الأحفظ، الأحفظ لكتاب الله, الأكثر حفظاً لكتاب الله -جل وعلا-، ويدل له الحديث السابق.

يرى أكثر الأئمة أن الأولى في الإمامة الأفقه. . . . . . . . . مذهب الحنفية، مذهب المالكية، مذهب الشافعية يقولون: الأولى بالإمامة الأفقه، طيب مخالفة للنص: ((يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله)) قالوا: الحديث خرج مخرج الغالب، حال الصحابة -رضوان الله عليهم- الأقرأ هو الأفقه، وليس غيرهم مثلهم، ويعللون قولهم بأن ما يحتاج إليه من القرآن في الصلاة مضبوط، يعني لو وجدنا فقيه يحفظ المفصل، وعامي يحفظ القرآن كامل، نقول: الذي يحتاج إليه من القرآن مضبوط، يمكن ضبطه يعني، الذي يحفظ المفصل يكفيه في الإمامة، لكن المحتاج إليه في الفقه غير مضبوط، قد يعرض للإمام ما يفسد صلاته ولا يشعر إذا كان غير فقيه، فلا يصلح أن يكون إمام في هذه الصورة، كلام وجيه وإلا غير وجيه؟ النص: ((يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله)) لو قلنا بقول هؤلاء الأئمة إيش يكون معنى قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة)) الأعلم بالسنة هو الفقيه، إذن نلغي هذه الجملة، لو كان المراد بالأقرأ الأفقه ألغينا الجملة الثانية ما لها داعي، ويبقى أن الأقرأ والأحفظ لكتاب الله -عز وجل- هو الأولى بالإمامة، وإن كان غيره أفقه منه، وهذا من الوجوه التي يرفع بها حافظ القرآن والمعتني بالقرآن ((إن الله يرفع بهذا القرآن أقواماً ويضع به آخرين)) أكثر حفظ تقدم لها، ولو كان خلفك إمام من أئمة المسلمين لكن لا يحفظ القرآن كامل، فيبقى أن الراجح في هذه المسألة يقدم الأكثر قرآناً على من هو أقل منه في حفظ القرآن ولو كان أعلم منه بكثير، ويكون هذا من رفعته، وإن كان غيره أفقه منه، نعم إذا أخطأ في صلاته ينبه، والمفترض أن حامل القرآن ينبغي أن يكون له عناية بغيره مما يعين على فهم القرآن من سنة النبي -عليه الصلاة والسلام-، وأقوال أهل العلم الموثوقين، حيث تكون المسألة متكاملة، لكن إذا وجدنا حافظ لا يعرف شيئاً من الفقه، وفقيه مدرك في الفقه إدراكاً تاماً لكنه لا يحفظ إلا شيء يسير من القرآن نقول: لا، يقدم الأقرأ بهذا النص ((فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة)) يأتي هنا بعد إشكالات كثيرة، هناك قال: ((أقرؤهم)) المسألة مرتبطة بالحروف، وهنا قال:

((أعلمهم بالسنة)) ولو أن عندنا شخصين كلاهما حافظ للقرآن، حافظ للقرآن متقن، مجود، ضابط، وأحد الاثنين يحفظ مائة ألف حديث، والثاني ما يحفظ ولا ألف حديث، لكن الأول الحافظ ما يفهم من معانيها شيء، ولا يستطيع أن يستنبط منها شيء، والحافظ الألف مستفيد من هذه الأحاديث فائدة تامة، يستنبط منها، ويتفقه ويفقه من هذه الألف من يقدم؟ يقدم الثاني؛ لأنه ما قال: الأحفظ للسنة، قال: الأعلم بالسنة، وهذا مما ينبغي أن يفرق فيه بين الكتاب والسنة، الكتاب لا بد من أن تتقن حروفه ويتقن حفظه؛ لأنه لا بد أن يؤدى كما هو بحروفه، بمدوده، بحركاته، بشداته، السنة الرواية بالمعنى يجيزها جمهور أهل العلم، لكن أعظم من الحفظ الفهم، اللي هو الثمرة العظمى من التفقه في السنة، ولا يعني هذا أن الإنسان يقلل من حفظ السنة، لا، السنة أصل أصيل في تأصيل العلم الشرعي، لكن مع ذلك الفهم أمر لا بد منه، ولذا قال: ((فأعلمهم بالسنة، فإن كانوا في السنة سواءً)) في الحفظ والفهم على حد سواءً ((فأقدمهم هجرة)) يعني أقدمهم انتقال من بلد الكفر والشرك إلى بلد الإسلام، فالهجرة: هي الانتقال من دار الكفر إلى دار الإسلام، وهي واجبة، وباقية إلى قيام الساعة، وأما حديث: ((لا هجرة بعد الفتح)) فالمراد به لا هجرة من مكة بعد فتحها؛ لأنها صارت دار إسلام، من أهل العلم من يقول: لا هجرة بعد الفتح فضلها كفضل الهجرة قبل الفتح، ولا شك أن الفضل اختلف بعد الفتح {لَا يَسْتَوِي مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ} [(10) سورة الحديد] لا شك أن أوقات الحاجة والشدة تجعل بعض الأعمال المفوقة فائقة لشدة الاحتياج إليها، أما في وقت السعة يخف الأمر، ولذا يقول بعضهم: لا هجرة بعد الفتح فضلها وأجرها كفضل الهجرة قبل الفتح، من تقدمت هجرته أفضل ممن تأخرت هجرته، وهذا بعد الاستواء بالكتاب والسنة.

النووي في شرح مسلم يقول: أولاد المهاجرين لهم حكم آبائهم في التقديم، نعم إن كانوا هاجروا معهم ما يخالف لا بأس، الكلام وجيه، من ولد بعد هجرة المسبوق بالهجرة مثلاً من أولاد المهاجر الأول، الوظائف الشرعية تورث وراثة وإلا بالكفاءة؟ بالكفاءة، ولذا يقول الشوكاني: ليس في الحديث ما يدل عليه، الحكم يتعلق بالأب، هذه أمور ما تورث. ((فإن كانوا في الهجرة سواء فأقدمهم سلماً)) يعني أقدمهم إسلاماً، فأقدمهم إسلاماً، لماذا لا يقدم الأقدم إسلام على الأقدم هجرة؟ لنفترض شخص أسلم في السنة الأولى من البعثة ولا هاجر إلا في السنة التاسعة من الهجرة، شخص أسلم قبل الهجرة بسنة وهاجر في السنة الثانية، يعني هذاك أسلم قبله بعشر سنوات، والثاني هاجر قبل الثاني بثمان سنوات أو سبع سنوات، المهاجر الأول الذي هاجر أولاً يقدم على الثاني ممن تأخرت هجرته ولو تقدم إسلامه، الآن الإسلام: انتقال من كفر إلى إسلام، الهجرة هو مسلم، لكن هو باقٍ في بلاد الكفر، هذا للتنفير من الإقامة بين أظهر المشركين، الآن الأثر المترتب على الإسلام في الحقيقة لشخص مسلم وإلا كافر، أسلم وبقي بين الكفار هذا يستحق التقديم لأنه أقدم إسلاماً، الثاني: أسلم بعده بسنين، لكنه هاجر قبله بسنين لا شك أنه أولى منه بالتقديم وإن تأخر إسلامه، وإن كان أثر الإسلام أعظم من أثر الهجرة؛ لأن الإقامة بين أظهر الكفار خطر على المسلم نفسه، وفيه أيضاً تكثير لسواد الكفار، ولذا جاء تعظيم شأن الهجرة فقدم الأقدم هجرة على الأقدم إسلام، سلماً، -وفي رواية: ((سناً)) يعني الأكبر، الكبير له نصيب في الشرع من التقدير بنصوص كثيرة، لما أراد أن يتكلم صاحب الشأن أخو المتقول مع وجود من هو أكبر منه قيل له: كبر كبر، فلا شك أن السن له قدر في الشرع، وجاء تقديم الأكبر والكبير، واحترام الكبير، وهذا من احترامه، تقديمه من احترامه.

((ولا يؤمن الرجلُ الرجلَ في سلطانه)) يعني في ملكه إذا كان إمام أعظم، أو في ولايته إذا كان أمير، أو في بيته إذا كان صاحب بيت، صاحب البيت سلطان، أو في مؤسسته أو في شركته أو في .. ، هو رئيس الدائرة سلطان فيها، مدير المدرسة سلطان فيها، لا يفتأت عليه، ((إلا بإذنه)) لو أن الإمام الأعظم أذن لواحد من الناس أن يصلي، صاحب البيت أذن لزيد من الناس أن يصلي لا بأس به؛ لأن هذا حقه وهو صاحب الشأن، لكن التقدم بين يديه من غير إذنه لا شك أنه افتئات عليه. ((ولا يقعد في بيته على تكرمته)) يعني ما يوضع له من فراش وتكأة لا يجلس فيها أحد إلا بإذنه؛ لأن الجلوس من غير إذنه افتئات عليه، وهو سلطان في هذه البقعة. قد يقول قائل: النبي -عليه الصلاة والسلام- قدم أبا بكر في الإمامة مع أن في الصحابة من هو أقرأ منه، قدم أبا بكر في الإمامة ((مروا أبا بكر فليصلِ بالناس)) مع أنه في الصحابة بالنص من هو أقرأ منه، أبي أقرأ من أبي بكر، ابن مسعود، في مخالفة لهذا الحديث أو ليست بمخالفة؟ نعم، الآن عندنا النص: ((يؤم القوم أقرؤهم)) وثبت بالنص أن أبياً أقرأ من أبي بكر لماذا ما قال: "مروا أبياً فليصلِ بالناس" على شان تطرد الأحاديث. طالب:. . . . . . . . .

لا هذه إمامة واحدة، إمامة صلاة، يأذن لمن شاء، يعني الآن لو في بيتك ضيوف وأنت الأحق بالإمامة صح وإلا لا؟ بهذا النص، فهل لك أن تتجاوز ما جاء في الحديث؟ عندك عشرة من الإخوان منهم من يحفظ القرآن كاملاً، ومنهم من يحفظ النصف، ومنهم من يحفظ جزء واحد، هل لك أن تقول: صل بهم يا فلان وهو لا يحفظ إلا جزء واحد أو تنظر في هذا الحديث؟ أنت الأحق، لكن هل لك أن تتجاوز ما جاء في هذا الحديث وتريد من شئت بغض النظر عن ما جاء في النصوص من أسباب التقديم؟ المسألة شرع، شرع لا بد أن يطرد، أنت فهمت الإشكال اللي أوردت الآن؟ أنت نفسك عندك في بيتك عشرة لا يجوز لأحد أن يؤم إلا بإذنك، أنت الأحق بالإمامة في هذا البيت، وأنت مستثنى من قوله: ((يؤم القوم أقرؤهم))، أنت مخصص لعموم قوله: ((يؤم القوم أقرؤهم)) فأنت أذنت هل تأذن للأقرأ لأن هذا النص .. ، يؤيده النص؟ أو تقول: أنا الإذن لي أأذن لمن شئت الأقرأ ما يلزم أقرأ اللي حافظ جزء يتقدم، ولو. . . . . . . . . الإخوان كلهم، امتثالاً لهذا النص، لماذا لم يقدم النبي -عليه الصلاة والسلام- أبي مع وجود .. ؟ قدم أبا بكر مع وجود من هو أقرأ منه؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . نعم يعني تقديم أبي بكر مشتمل على مصلحة عظمى، مصلحة عظمى، وهي الإشارة إلى تقديمه في الإمامة والخلافة بعده، نعم قد يعرض للمفوق ما يجعله فائق، فهذا عارض لا شك أن له حظه من التقديم، أراد النبي -عليه الصلاة والسلام- أن يجعله الخليفة من بعده، فلو قدم غيره .. ، ولذا بم استدل الصحابة على تقديم أبي بكر في الإمامة العظمى؟ رضيه النبي -عليه الصلاة والسلام- لديننا أفلا نرضاه لدنيانا، لكن لو قدم أبي، أقرؤكم أبي، نعم، صار إشكال عظيم عند اختيار خليفة، فليس في هذا دليل على صرف الحديث عن ظاهره. الحديث الذي يليه: حديث ابن ماجه: "ولابن ماجه من حديث جابر: ((ولا تؤمن امرأة رجلاً, ولا أعرابي مهاجراً, ولا فاجر مؤمناً)) وإسناده واه" الحديث منكر، ضعيف جداً، فيه عبد الله بن محمد العدوي متهم، وفيه علي بن زيد بن جدعان ضعيف عند الجمهور، على كل حال الحديث منكر لا يفيد شيئاً.

نأتي إلى جمله: ((ولا تؤمن امرأة رجلاً)) الأئمة الأربعة كلهم على أن المرأة لا تصح إمامتها، إمامتها للرجال، وإن أجاز أبو ثور إمامة المرأة مطلقاً، وأجاز الطبري إمامتها في التراويح إذا لم يوجد أحفظ منها، وسيأتي ما في حديث أم ورقة من فقه -إن شاء الله تعالى-، وعلى كل حال المرأة لا تؤم الرجال في قول عامة أهل العلم. ((ولا أعرابي مهاجراً)) تقدم أن من وجوه التقديم قدم الهجرة، إذا وجد اثنان كلاهما مهاجر، كلاهما مهاجر، فيقدم الأقدم هجرة، فكيف إذا وجد مهاجر وغير مهاجر؟ نعم، فيقدم المهاجر على غير المهاجر، إضافة إلى ما في وصف الأعرابي، ما يتصف به الأعرابي غالباً من جهل، وما يتصف به المهاجر من علم. ((ولا فاجر مؤمناً)) إمامة الفاسق جمع من أهل العلم يرون أن إمامة الفاسق لا تصح، الحنابلة يقولون: "ولا تصح خلف فاسق ككافر" والأكثر على أنه أن من صحت صلاته صحت إمامته، من صحت صلاته لنفسه صحت إمامته، صلاة الفاسق صحيحة مسقطة مجزئة، مسقطة للطلب، مجزئة، وإن كانت غير مقبولة؛ لأن الله -جل وعلا- إنما يتقبل من المتقين، ومعنى كونها غير مقبولة أن الآثار المترتبة عليها من الثواب لا يستحقه هذا العاصي، ولذا يشدد الحنابلة في أمر الفاسق، الفاسق محقق الفسق، لكن ماذا عن مظنون الفسق؟ أما محقق الفسق الحنابلة لا يصححون إمامته، ويصححها غيرهم، مظنون الفسق جاء في كتب الفقهاء: تصح إمامة الجندي وولد الزنا إذا سلم دينهما، يقولون: هذا مظنة، مظنة لأنه خلق من نطفة غير شرعية فهو مظنة للفسق، ولذا هذه المظنة ليس لها حكم، يقول: الجنود في من قديم الزمان، يعني في عصر القرون المفضلة الجنود عندهم تجاوزات، ولذا يقولون: تصح؛ لأن هذا أمر مظنون لا يعلق به حكم شرعي "تصح إمامة ولد الزنا والجندي بشرط إذا سلم دينهما" فمرد ذلك إلى سلامة الدين، وعلى كل حال إذا صححنا إمامة الفاسق فلا يحتاج أن نشترط إذا سلم دينهما. سم. قال شيخ الإسلام -رحمه الله-: "وعن أنس -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((رصوا صفوفكم, وقاربوا بينها, وحاذوا بالأعناق)) رواه أبو داود والنسائي, وصححه ابن حبان.

وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((خير صفوف الرجال أولها, وشرها آخرها, وخير صفوف النساء آخرها, وشرها أولها)) رواه مسلم. وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: "صليت مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذات ليلة, فقمت عن يساره, فأخذ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- برأسي من ورائي فجعلني عن يمينه" متفق عليه. وعن أنس -رضي الله عنه- قال: "صلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقمت ويتيم خلفه, وأم سليم خلفنا" متفق عليه, واللفظ للبخاري. وعن أبي بكرة -رضي الله عنه- أنه انتهى إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو راكع, فركع قبل أن يصل إلى الصف, فقال له النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((زادك الله حرصاً ولا تعد)) رواه البخاري. وزاد أبو داود فيه: "فركع دون الصف، ثم مشى إلى الصف". وعن وابصة بن معبد الجهني -رضي الله عنه- "أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رأى رجلاً يصلي خلف الصف وحده, فأمره أن يعيد الصلاة" رواه أحمد وأبو داود والترمذي وحسنه, وصححه ابن حبان. وله عن طلق: ((لا صلاة لمنفرد خلف الصف)). وزاد الطبراني من حديث وابصة: ((ألا دخلت معهم أو اجتررت رجلاً?)). يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "وعن أنس -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((رصوا صفوفكم, وقاربوا بينها, وحاذوا بالأعناق)) " قاربوا بينها، بعض الروايات: ((ولا تدعوا فرجات للشيطان)) وفي رواية: ((فو الذي نفسي بيده إني لأرى الشياطين تدخل في خلل الصف كأنها الحذف)).

((وحاذوا بالأعناق)) وفي رواية: ((بالمناكب)) "رواه أبو داود والنسائي, وصححه ابن حبان" التراص في الصف وهو أمر نسبي لا يعني أن الإنسان يرص غيره حتى يذهب عنه الخشوع في الصلاة، نعم كثير من الناس يحرص على تطبيق هذه السنن والصحابة -رضوان الله عليهم- كما في البخاري حتى صار أحدهم يلصق كعبه بكعب الآخر، وعقبه بعقب الآخر، يحرصون على تطبيق السنة، والحرص مطلوب لا سيما من طالب العلم، لكن لا بد من الفقه في هذا التطبيق، هل معنى هذا أننا نزاحم من يصلي بجوارنا حتى ننفره من الصلاة؟ بعض الناس حساس عنده حساسية، بعضهم عنده نفرة من القربة منه، لا يطيق أن تمس قدمه، هذا مثل .. ، هذا إذا رأيت منه هذه النفرة فدع بينك وبينه شيئاً يسيراً بحيث لا يكون فرجة في الصف، لكن حقق المصلحة والهدف الشرعي من هذا التراص، وإلا الأصل أن يتراص المصلون حديث أبي داود، الذي خرجه أبو داود من حديث جابر بن سمرة: ((ألا تصفون كما تصف الملائكة عند ربهم؟ )) قلنا: وكيف تصف الملائكة عند ربهم؟ قال: ((يتمون الصفوف المقدمة، ويتراصون في الصف)) يتراصون في الصف، نعم التراص مطلوب، لكن ليس معنى التراص الالتصاق بحيث لا يستطيع الإنسان أن يتنفس، وليس معنى هذا أننا نتراص بالأقدام ونهمل بقية الجسم؛ لأن المطلوب المحاذاة والتراص بالأقدام، والمحاذاة بالأعناق والمناكب، بمعنى أن الإنسان يأخذ حيزاً من الصف بقدره، بقدره؛ لأن بعض الناس ترونه إذا كان هناك فرجة من يمين ومن يسار ذراع من يمين وذراع من يسار، مد رجليه، هذه محاذاة أو تراص؟! هل المطلوب المحاذاة بالأقدام فقط؟ يعني النصوص المجتمعة تدل على أن الإنسان يأخذ من الصف حيز يكفيه، يكفي بدنه كاملاً، ليس معنى هذا أنه إذا وجدت فرج ما يمد الرجلين بحيث .. ، هذا ما هو بتراص هذا؛ لأن المحاذاة كما تكون بالأقدام تكون بالمناكب أيضاً، وليس المراد من التراص بحيث يضغط الإنسان في الصف يتمنى التنفس ولا يستطيع، ويذهب بلب الصلاة اللي هو الخشوع، المسألة لا يترك فرج وخلل في الصفوف للشياطين، ولا يتراص ويتضاغط الناس بحيث لا يستطيع الإنسان أن يؤدي الصلاة على الوجه المشروع.

((رصوا صفوفكم، وقاربوا بينها)) هذا بعض المساجد يجعلون بين الصفين ثلاثة أمتار أو مترين، لا سيما إذا وجد مثلاً عمود، والصف الذي بعد العمود يضيق عليه الصف لقرب العمود منه ثم يتجاوزن صف ثاني، هذا ما فيه مقاربة بين الصفوف،. . . . . . . . . مقاربة بين الصفوف، لا تترك فرصة، يعني بقدر الحاجة، يعني كم يكفي الإنسان لموضع سجوده؟ يكفيه متر متر وعشرين؟ لا تزيد يا أخي إلى مترين، ما قاربت بين الصفوف. ((وحاذوا بالأعناق)) كيف تتم المحاذاة بالأعناق؟ كيف تتم هذه المحاذاة؟ بمعنى أن الأعناق يكون على خط مستقيم، وهذا من المبالغة في تقويم الصفوف، وإلا الأقدام تكفي، إذا كانت الأقدام على خط واحد نعم، صارت الأعناق على خط واحد، نعم قد يكون في الصف أمور لا يمكن تحقيقها، مثل شخص نحيف وشخص بدين، ويش تحاذي من هذا؟ النحيف كيف يحاذي البدين هذا؟ يحاذيه بالأقدام، لو زاد من وراء ومن قدام هذا لا يمكن تحقيقه، وهي مسألة الكرسي بالصف، يوجد إشكال كبير الكرسي، كيف يحاذي الناس وهو على الكرسي؟ بم تكون المحاذاة على الكرسي؟ بالمناكب، يعني يصير جالس كذا على الكرسي والناس بجوار منكبه، وإذا أراد أن يسجد يتقدم؟ يعني ما في مانع أنه يتقدم على الصف بحيث يساوي الإمام؟ إذا نزل يبي يسجد من الكرسي يتقدم في السجود والجلوس موافقاً الصف؟ طالب:. . . . . . . . .

أرجله هو، هو اللي يتراص برجليه على الأرض، يصير على الصف، هذا بالأقدام يعني، هو لا بد من الإخلال بشيء من الحد إن حاذى بالأقدام ما حاذى بالمنكب، وإن حاذى بالمنكب تقدمت الأقدام فما المعتبر؟ يعني العبرة بحال القيام، العبرة بحال القيام، طيب حال القيام المنظور فيها إلى الأقدام أو إلى المناكب؟ طيب والأقدام؟ يلصقون القدم بالقدم وشلون يلصقونه؟ سبحان الله مريض وجالس رجليه مع رجلين الناس يا أخي، مسألة ترتب الأذى على هذا الكرسي بمعنى أننا إذا قلنا: يحاذيهم بمنكبه، فإذا سجد يتقدم، وإذا تقدم في السجود وهو في الصف الثاني آذى الصف الأول، وإن تأخر آذى الصف المؤخر فكيف يصنع؟ لا بد من معالجة وضعه بما لا يترتب عليه أذىً لأحد هذا أول شيء؛ لأن هذا المتعدي يختلف عن القاصد، ثم بعد ذلك ننظر في أمره، إن كان يريد أن يسجد على الأرض يحاذي بالأقدام، وإذا كان يسجد على الكرسي ... ، بعضهم يستطيع أن يقف في حال الوقوف وفي وقت السجود الركب ما تطاوع يجلس على الكرسي ويسجد، مثل هذا يحاذي نعم بالمناكب، لا شك أن هؤلاء يتفاوتون، هؤلاء يتفاوتون، منهم من يستطيع القيام ولا يستطيع السجود، ومنهم من يستطيع الركوع والسجود ولا يستطيع القيام، فهذا ينظر في وضعه، فإن كان ممن يستطيع القيام يحاذي بالأقدام، وإن كان ممن يستطيع السجود يحاذي بالمناكب، من وظيفة الإمام كفعله -عليه الصلاة والسلام- أن يتفقد الصفوف، ويقوم هذه الصفوف كما تقوم القداح، لكن هذه الخطوط في الفرشاة وفي البلاط حكمها؟ الآن هي معتمدة في غالب مساجد المسلمين منها هذا المسجد فيه خطوط الناس يصفوا على الخط الأسود مثلاً حكمها؟ لا شك أنها تسهم مساهمة قوية في تعدل الصفوف، فهل نقول: إنها مشروعة لأنها تحقق مصلحة ولا يترتب عليها أدنى مفسدة؟ أو نقول: هي محدثة والمسألة مسألة عبادة وقام سببها في عهد النبي -عليه الصلاة والسلام- ولم يفعلها؟ ولا في بأس أن الناس يصلون في المساجد الكبيرة على هيئة شبه محاريب يعني مائل الصف وإلا. . . . . . . . .، لا شك في ظهور مصلحتها، لا أحد ينازع في هذا، يعني فيها الآن مجال أخذ ورد وجدال ونقاش هل تزال وإلا تبقى وإلا .. ؟ مثل مكبر الصوت، إذن

ما فيها بأس -إن شاء الله-، أما القاعدة التي قعدها أهل العلم أن ما وجد ما قام سببه في عهد النبي -عليه الصلاة والسلام- ولم يفعله داخل في حيز البدعة، لكن هل السبب الذي قام في عهده -عليه الصلاة والسلام- في مسجده مساوٍ للسبب القائم في عهدنا من كل وجه، وإمكان الفعل في عهده -عليه الصلاة والسلام- هل هو مثل إمكان الفعل في عهدنا؟ مسجد النبي -عليه الصلاة والسلام- غير مفروش، بالرمل، كيف يستطاع أن توضع الخطوط في الرمل؟ الأمر الثاني: الحاجة الداعية لهذا الفعل هل هي مساوية للحاجة الداعية في عهدنا؟ مسجد النبي -عليه الصلاة والسلام- يمكن نصف ها المسجد أو أقل، وتعديل الصفوف متيسر، لكن في المساجد الكبرى كيف يتم تسوية الصفوف تسوية الصفوف من تمام الصلاة؟ من تمام الصلاة، من تمام الصلاة، فهل من المصلحة أن تزال هذه الخطوط أو تبقى؟ مصلحتها ظاهرة بلا شك، لكن هذا الكلام قد يجر إلى أمور لا يوافق عليها القائل، إذا قلنا: كل ما يحقق مصلحة بغض النظر عن مقدار هذه المصلحة والآثار المترتبة على هذه المصلحة، وأن يدخل في حديث: ((من سن في الإسلام سنة حسنة)) وفي الجملة ما في شك أن هذا حسن، لا يختلف أحد في أن هذه الخطوط حسنة تضبط الصفوف، في هذا العصر لا يمكن ضبط الصفوف إلا بهذه الطريقة، نعم؟ طالب:. . . . . . . . .

الذي هو بمثابة مسجد النبي -عليه الصلاة والسلام-، والمسجد غير المفروش أيضاً، لا يمكن تحقيق هذه المصلحة فيه، ففي مسجده -عليه الصلاة والسلام- السبب قائم، لكن قوة هذا السبب ليست مثل قوة السبب في عصرنا، إمكان الفعل في عهده -عليه الصلاة والسلام- ليس بمثابة إمكان الفعل في عهدنا؛ لأن مسجده -عليه الصلاة والسلام- غير مفروش، وكونك تحط خط ويطأه واحد اثنين خلاص يروح، فما يحقق المصلحة المرجوة منه، إضافة إلى تساهل الناس في هذه العصور، والناس بحاجة إلى ما يعينهم على إتمام صلاتهم، والمسألة اجتهادية، يعني من قال: تزال هذه الخطوط له وجه، ومن قال: هي محققة مصلحة عظمى هي من تمام الصلاة ولا يترتب عليها مفسدة مثل غيرها من الوسائل مكبرات الصوت وغيرها، الإضاءة وما أشبهها كلها محدثات، لكن الذي ينبغي أن يوصى به ألا نسترسل في هذه المحدثات، يعني نأخذ منها بقدر الحاجة، تلاحظون بعض الناس أمور لا حاجة لها ولا داعي، تجدوه بحاجة مثلاً إلى إنارة في المحراب ليقرأ الإمام وينفع المصلين، لكن ويش الداعي أن يضع ثرية بمائة ألف أو كذا على المحراب؟ قدر زائد على الحاجة، ويش الداعي أن يضع محسنات صوت بألوف وما أشبه ذلك تردد الكلام وراءه؟ هذا ما له داعي، هذا قدر زائد على الحاجة، ينبغي أنه يقتصر منه على قدر الحاجة. الأشرطة وسيلة حفظ ليس مباشرة لعبادة محضة، يعني الصلاة عبادة محضة لا يجوز التصرف فيها بزيادة ولا نقصان لا في كيفية ولا في وسيلة، احتاج الناس إلى من يبلغ صوت الإمام نعم فاتخذ المبلغ، واختلفوا في جواز الاقتداء بهذا المبلغ، جاءت هذه المكبرات واستغني عن المبلغ مع أنه يوجد في بعض الجهات هذه المكبرات والمبلغ أيضاً، أقول: الاسترسال في مثل هذه الأمور ينبغي أن يكون بقدر الحاجة؛ لأنه بصدد عبادة محضة الأصل فيها الاقتداء، وأي خلل فيها يخالف ما جاء عن النبي -عليه الصلاة والسلام- هو ابتداع، لكن يبقى أن من هذه الأمور المخالفة ما مصلحته أعظم من مفسدته، فينظر إليه بقدره.

إمكان التطبيق ما هو مثل إمكان التطبيق عندنا، فننظر إلى المسألة من جهتين: مسألة قوة السبب، ومسألة إمكان التطبيق، لا بد من .. ، إذا تطابق قوة السبب مع قوة السبب عنده وتطابق إمكان التطبيق عندنا مع إمكان التطبيق عندهم، فلا بد من النظر إلى هذه الأمور، والحاجة داعية بلا شك. "وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((خير صفوف الرجال أولها, وشرها آخرها)) " ((خير صفوف الرجال أولها, وشرها آخرها)) لا شك أن الأفضل الصف الأول، وجاء في فضله نصوص: ((لو يعلمون ما في النداء والصف الأول لأتوهما ولو حبواً)) وفي رواية: ((لاستهموا)) اقترعوا، فإذا دخل اثنان وفي الصف الأول فرجة لا تسع إلا واحد، فالقرعة، دخلا في آن واحد، هذا كله من زيادة الأجر والفضل المرتب على الصف الأول، وهذا يحثنا على التقدم إلى الصلاة.

((وشرها آخرها)) يعني خيرها أكثرها أجراً، وأعظمها فضلاً ((وشرها)) يعني أقلها أجراً ((آخرها)) لأن أفعال التفضيل ((خير صفوف الرجال أولها)) على وجهه، اشترك الأول والذي يليه والذي يليه في الخير، لكن الأول زاد في هذا الوصف، زاد في الخيرية، لكن نأتي إلى الشق الثاني: ((شرها آخرها)) مقتضى أفعل التفضيل أن يكون هذه الصفوف اشتركت في الوصف الذي هو الشر، لكن زاد الآخر على الذي قبله، لكن المراد بالشر هنا النسبي، ولا شك أن الخير في الأكمل، الذي دونه خير بلا شك، لكن هذا النقص من الكمال شر، شر نسبي؛ لأنه. . . . . . . . . الحسابات هل من الخير أن تبيع هذا البضاعة بمائة أو بتسعين؟ بمائة، إذن هذه العشرة خير وإلا شر اللي نقصت لما بعته بتسعين؟ شر نسبي. . . . . . . . .، إذن هذه العشرة التي نقصت شر وإن كانت التسعين خير، ولذا قالوا في قوله: ((شرها آخرها)) يعني أقلها أجراً، ليس معنى الشر معناه العرفي المتبادر، لا، لكن الخير والشر أمور نسبية، فالأكثر خير والأقل شر، بالنسبة لما هو أكثر منه، والأقل خير بالنسبة لما هو أقل منه، والأقل شر بالنسبة لما هو فوقه وهكذا، ولذا قد يقول قائل: خير وشر أفعل تفضيل، {أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُّسْتَقَرًّا} [(24) سورة الفرقان] ممن؟ من أصحاب النار، لكن هل أهل النار في خير؟ لا، مقتضى أفعل التفضيل أن يكونوا في خير، لكن أهل الجنة أكثر منهم خير، لا، نقول: أفعل التفضيل ليست على بابها فأهل النار في شر، وهنا نقول: شرها يعني أقلها أجراً وإن كان في خير، الذي صلى في الصف العاشر نقول: أنت في شر، واللي فيه الخير يدور أجر، ويحصل له الأجر -بإذن الله- بوعده الصادق؟ يحصل له أجر لكنه بالنسبة لمن تقدم فعله لا شك الذي فوت عليه هذه المصلحة شر.

((وخير صفوف النساء آخرها, وشرها أولها)) الرجال مطالبون بالجماعة وبالتقدم إليها، والنساء بيتها خير لها، لكن إذا جاءت وبادرت مع أول الأذان، وصارت في الصف الأول، نقول: شرها أولها، يعني إن قدم. . . . . . . . . الناس؛ لأن الأصل القرار في البيوت، ولذا قيل في الحديث: ((خير صفوف النساء آخرها, وشرها أولها)) ومنهم من ينظر إلى السبب، وهو أن الأول من صفوف النساء يقرب من الآخر من صفوف الرجال، فلكون الصف الآخر قريب من صفوف النساء صار شراً، ولكون الصف الأول من النساء قريب من صفوف الرجال صار شراً، ولبعد الصف الأول عن النساء صار خير، ولبعد الصف المؤخر عن الرجال بالنسبة للنساء صار خيراً، هذا إذا كان المسجد يصلي فيه رجال ونساء، افترضنا أن النساء في مكان مستقل في الدور الثاني، ما في قرب من الرجال بحال من الأحوال، هل نقول: انتفت العلة فيشملها ما في الحديث الأول، فيبقى خير الصفوف أولها حتى بالنسبة للنساء؟ يفرق بين الرجال والنساء، هذا مما يختلف فيه الرجال عن النساء، يعني المقصود من الحديث كله الحث على التقدم إلى الصلاة؟ ومقصود الحث على تأخر النساء عن الجماعة هذا الكلام، لكن إن قلت: بالنسبة للرجال تقول: بالنسبة للنساء، أما إذا قلنا: العلة معقولة وهي أن سبب تفضيل صفوف الرجال الأولى على الأخيرة واضح، تفضيل صفوف النساء الأخيرة على الأولى واضح إذا كان هناك رجال ونساء واضح؛ لأنه كلما بعدت المرأة عن الرجال أفضل لها، وكلما بعد الرجل عن النساء أفضل له، افترضنا أن هذه العلة ارتفعت ولا وجود لها، النساء في الدور الثاني، هل نقول: إن المرأة التي تصلي هنا أفضل من المرأة التي تصلي هناك في الدور الثاني أو العكس؟ أهل العلم يقولون: إن الحكم يدور مع علته وجوداً وعدماً، لكن متى تكون العلة مؤثرة هذا الأثر؟ العلة المنصوصة هي المؤثرة، أما العلل المستنبطة اللي يستنبط عالم هذه العلة، ويجي عالم يستنبط يقول: لا، العلة الثانية، غير منصوصة، علل اجتهادية ما تؤثر مثل هذا الأثر، فيبقى أن صفوف الرجال مطلقاً سواءً كان معهم نساء أو ليس معهم نساء أولها خيرها وشرها آخرها، وصفوف النساء مطلقاً معهم رجال أو بدون رجلها خيرها آخرها

وشرها أولها؛ لأن العلة مستنبطة، ما في علل منصوصة من الشارع، كلها علل اجتهادية، فنغير ما جاء في الحديث من أجل هذه العلل المستنبطة؟ لو كانت العلة منصوصة على العين والرأس، يدور معها الحكم وجوداً وعدماً إقراراً للأصل وهو أن بيتها خير لها {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ} [(33) سورة الأحزاب] ومعلوم أن صلاة المرأة في بيتها أفضل لها من المسجد، الحديث واضح ولا اجتهاد مع النص، تكون آخر شيء على الجدار، ويش المانع؟ جماعة نساء في مكان مستقل نقول: خيرها آخرها. . . . . . . . . قدام، تحرص على الصف المؤخر؛ لأنه جاء في النص في الصحيح: ((شرها أولها)) ليس لنا أن نجتهد إلا لو كانت العلة منصوصة مأخوذة من النص نفسه، أما علل مستنبطة نغير فيها أحاديث؟ لا، يبي يجيك مستقبلاً ما تدري ويش يجيك؟ يمكن يظهر علة غير ما ذكره أهل العلم، نغير النص مرة ثانية على شان العلل المستنبطة المبنية على أفهام؟ ما تدري، هو ما في شك أن في الحديث تعضيد لقرار المرأة في بيتها، وأن صلاتها في بيتها أفضل لها، وأنها كلما اختفت حتى في بيتها في غرفتها أفضل من البيت اللي هو بقية أجزاء البيت وهكذا، فالمرأة مطلوب منها الستر، وأن تقر في بيتها، ولا يراها الرجال ولا تراهم، هذا الأصل، لكن الآن الدعوات بخلاف هذا، إنسان كامل عامل مؤثر شأنه شأن الرجل، نصف المجتمع، يريدون أن يخرجوا هذه النساء على تعاليم الدين بهذه الحجج، والله المستعان.

جاء في الحديث أمر أولو الأحلام والنهى أن يتقدموا فيلوا الإمام ((ليلني منكم أولو الأحلام والنهى)) يعني الكبار العقلاء، لا يترك المجال للسفهاء، للصبيان، للصغار، فهل معنى هذا حث الكبار على التقدم أو طرد الصغار من الصفوف الأولى؟ نعم حث الكبار على التقدم، وليس معناه طرد الصغار؛ لأن من سبق إلى مباح -كما تقول القاعدة الشرعية- أحق به، ولا يجوز للأب أن يقيم ولده ليجلس في مكانه، لا يجوز له ذلك، فمعنى هذا حث الكبار على التقدم إلى الصلاة والصفوف الأولى، وهم أولى بذلك من الصغار ((ليلني)) تقدموا، يجب عليك أن تتقدم، لكن هل إدراك أول الجماع واجب وإلا سنة؟ هل التقدم إلى الصلاة والصف الأول واجب وإلا سنة؟ يعني شخص ما يجي إلا مع الإقامة تقول: فعل محرم؟ آثم؟ لا، الأمر للاستحباب، الأمر للاستحباب. حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: "صليت مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذات ليلة" هي الليلة التي بات فيها عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وخالته ميمونة بنت الحارث "صليت مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذات ليلة، فقمت عن يساره" صف عن يسار الإمام "فأخذ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- برأسي من ورائي فجعلني عن يمينه" هذا موقف الواحد مع الإمام، الشخص الواحد إذا أراد أن يصلي مع الإمام يقف عن يمنيه، ولو وقف عن يساره تصح صلاته وإلا ما تصح؟ لا تصح، لا بد أن يقف عن يمينه، لو وقف وراءه؟ لا تصح؛ لأنه فذ، منفرد، إذن لا بد أن يقف عن يمنيه إذا كان هناك أكثر من واحد يصليان، الاثنان يصليان خلفه، وإن كان أحدهما عن يمينه والآخر عن يساره فعله ابن مسعود، ولعله لضيق المكان، وإلا فالأصل أن يتقدم الإمام في هذه الصورة. وهنا فيه دلالة الحديث على صحة صلاة المتنفل بالمتنفل، إمام في النافلة يصلي بمن يقتدي به، وعرفنا فيما تقدم لما اتخذ النبي -عليه الصلاة والسلام- الحجرة من حصير، وثابوا إليه، وتتبعوه، وصلوا وراءه، وفي رمضان انقطع في الليلة الثالثة أو الرابعة، يدل على أن الجماعة للنافلة لا بأس بها ما لم تتخذ عادة، يعني إن صلوا جماعة أحياناً لا بأس، وهذه المسألة تقدمت.

"جعلني عن يمينه" الأكثر على أنه لا بد أن يكون مساوياً له، يحاذيه بالأقدام، بالمناكب، يصافه، مثل ما يصف المأموم مع المأموم في الصف، ويرى الشافعية أن الإمام يتقدم على المأموم شيئاً يسيراً لكي يتميز الإمام من المأموم، في بعض ألفاظ حديث ابن عباس: "فقمت إلى جنبه" ومقتضى هذا أنه محاذياً له. "وعن أنس -رضي الله عنه- قال: "صلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقمت ويتيم" من يعرب؟ قمت على الضمير المتصل، يجوز ولا ما يجوز؟ يعني هذا التركيب جائز؟ يجوز وإلا ما يجوز؟ العطف على الضمير -ضمير الرفع- المتصل من غير فاصل يجوز وإلا ما يجوز؟ "أنا ويتيم" هذا الأصل، لكن مذهب الكوفيين الجواز، وعليه جاء هذا الحديث وإلا فالأصل أنه لا بد من الفاصل. وإن على ضمير فرفع متصل ... عطفت فافصل بالضمير المنفصل فقمت أنا ويتيم "فافصل بالضمير المنفصل * أو فاصل ما" أي فاصل. أو فاصل ما وبلا فصلٍ يرد ... في النظم فاشياً وضعفه اعتقد

هذا كلام ابن مالك، هنا ورد في غير النظم، هل يصلح أن يكون هذا الحديث دليل للكوفيين في تجوزيهم مثل هذا؟ يصلح وإلا ما يصلح؟ يعني هل يحتج بالحديث على قواعد العربية أو لا يحتج؟ أو هو من قول الصحابة، أقحاح الصحابة، أو من أقوال التابعين؛ لأنه في عصر الاحتجاج، نعم الاحتجاج بالحديث بالعربية، مسألة مختلف فيها بلا شك؛ لأن الحديث يجوز روايته العلماء بالمعنى، فما المانع أن يكون هذا التغيير من بعض من تأخر ممن لا يحتج بقوله؟ فالمسألة خلافية بين أهل العلم، هل يحتج بالحديث في قواعد العربية أو لا يحتج؟ على كل حال من أراد بحث هذه المسألة فليطالع مقدمة خزانة الأدب، المطلوب خزانة الأدب لمن؟ للبغدادي هنا، في شرح شواهد شرح الكافية، خزانة الأدب لابن حجة الحموي هذا كتاب من الأدب المتأخر اللي فيه شيء من الركة، في كتاب خزانة الأدب كتاب صغير في العربية لا أعرف مؤلفة، معاصر، لكن العبرة بكتاب البغدادي نعم، البغدادي هذا كتاب الخزانة مطبوع في ثلاثة عشر جزءاً، طبعته القديمة في أربعة مجلدات، طبع محققاً في ثلاثة عشر جزءاً، وهو كتاب نفيس في شواهد في شرح الكافية، وبحث هذه المسألة واستوفاها في مقدمة الكتاب، وفي رسالة لامرأة عراقية في الاحتجاج بالحديث في العربية. "فقمت ويتيم خلفه" اليتيم اسمه: ضمرة، أو ضميرة بن سعد، وأم سليم، هي أم أنس، واسمها: مليكة "وأم سليم خلفنا" وفي رواية: "صففت أنا واليتيم خلفه، والعجوز من وراءنا" فدل على أن المرأة لا تصاف الرجال، وأن الاثنين مقامهما خلف الإمام، والمرأة تقف خلف الرجال، وبعض أهل العلم يبطل الصلاة إذا تقدمت المرأة صفوف الرجال أو صفت مع الرجال في صفهم، ولا شك أن هذا في حال الاختيار لا يجوز، لكن في حال اضطرار مثلاً في أوقات مواسم في أماكن تجمعات كبيرة يعني قد يأتي الإنسان لا يجد إلا مكان في الحرم مثلاً في أيام حج أو في رمضان، نعم لا يجوز له بحال أن يصف جنب امرأة، لكن وجد صف طويل فيه، التفت وإذا به امرأة في أقصاه بعيدة عنه، فيدرك الصلاة، يحصل الصلاة، وإن كان فيه امرأة، هذه حاجة، كما يقال: لك أن تصف في الشارع إذا ضاق المسجد، والله المستعان.

وذهب بعض العلماء على إبطال الصلاة في الصف الذي فيه امرأة، فضلاً عن أن تكون المرأة أمام الصف، وهذا معروف عند الحنفية، ولا شك أن إذا كانت المسألة مسألة اختيار، وفي حال السعة لا يجوز للرجل أن يصاف المرأة، وهنا: "وأم سليم خلفنا" وهل يستوي في المرأة أن تكون محرماً أو أجنبية؟ رجل فاتته الصلاة فأراد أن يصلي هو وزوجته، أراد أن يصلي هو وزوجته يقول: نصير جماعة أحسن من لا شيء، تصلي بجانبه أو من خلفه؟ زوجته، هذه فيها العجوز ذي؟ أم أنس، إذن المرأة مقامها خلف الرجال ولو كانت من المحارم. مصافة الصبي: عرفنا إمامة الصبي، الآن مصافة الصبي، (اليتيم) كبير وإلا صغير؟ غير مكلف؛ لأنه لا يتم بعد احتلام، فإذا كان مكلفاً فإنه حينئذٍ لا يسمى يتيم، فدل على أنه صبي، فتصح مصافة الصبي.

يقول في الحديث: "وعن أبي بكرة -رضي الله عنه- أنه انتهى إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو راكع, فركع قبل أن يصل إلى الصف, فذكر ذلك للنبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: ((زادك الله حرصاً ولا تعد)) " أبو بكرة: نفيع بن الحارث انتهى إلى الصف، والنبي -عليه الصلاة والسلام- راكع، فخشي أن تفوته الركعة فركع دون الصف، ركع دون الصف، ثم مشى وهو راكع إلى الصف، فذكر ذلك للنبي -عليه الصلاة والسلام-، النبي -عليه الصلاة والسلام- قال له: ((زادك الله حرصاً)) هذا لا شك أنه يدل على حرص، لكن هل كل حرص ممدوح؟ الحرص الذي يبعث على عمل السنة لا شك أنه ممدوح، الحرص الذي يبعث على التقدم إلى الصلاة ممدوح، لكن الحرص الذي يبعث على الإسراع في المشي مثلاً وعدم السكينة والوقار في الائتمام، هذا حريص، لا شك أنه حريص يريد يدرك الصلاة، لكن هذا الحرص ممدوح؟ أو يمدح الحرص ويذم الأثر المترتب عليه؟ ولذا قال له النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((زادك الله حرصاً)) لو زاد حرص عن حرصه الذي هو فيه هل يصنع مثل هذا الصنيع؟ نعم، هو حريص جاء مع الركوع، لو زاده الله حرصاً على ذلك جاء قبل الإقامة، فدعا له النبي -عليه الصلاة والسلام- بهذا، وأثنى عليه بحرصه؛ لأنه حرص ممدوح، الحرص على الخير، وعرف أبو هريرة -رضي الله عنه وأرضاه- بحرصه على الخير، ولذا سأل النبي -عليه الصلاة والسلام- عن بعض المسائل التي تدل على بذلك، ((زادك الله حرصا ولا تعد)) بصنيعك هذا بأن تحضر إلى الصلاة وأنت منبهراً؛ لأنه مع هذا الحرص، ومع الإسراع يصاب بالبهر الذي هو تردد النفس بسرعة، وهذا لا شك أنه مخل بالخشوع، ولذا أمر من يأتي إلى الصلاة بعد الإقامة أن يمشي وعليه السكينة والوقار، ((ولا تعد)) يعني لا تعد لمثل هذا الفعل، تأتي متأخر مسرعاً وتركع دون الصف، لكن عملك صحيح، وصلاتك صحيحة؛ لأنه لم يأمره بالإعادة.

وفي بعض الروايات: ((ولا تُعِد)) صلاتك صحيحة ومجزئه لا تعد صلاتك، وإن كان جزءاً منها وقع خلف الصف؛ لأنه ركع دون الصف في بعض الروايات: ((ولا تعدو)) من العدو وهو الإسراع، وعلى كل حال هذا العمل صحيح، وإن كان خلاف الأولى، الأولى أن يأتي الإنسان إلى الصلاة بسكينة ووقار، فإذا حصل مع هذا أن الإمام ركع وهو بسكينة ووقار وركع دون الصف ثم لحق بالصف عمله صحيح، والحديث يدل على أن بعض الركعة خلف الصف ما لم تكن ركعة كاملة صلاة صحيحة، ويدل أيضاً على سقوط الفاتحة عن المسبوق، المسبوق تسقط عنه قراءة الفاتحة، هذا مسبوق ولم يدرك إلا الركوع، ولم يأمره النبي -عليه الصلاة والسلام- بإعادة الركعة؛ لأن الفاتحة فاتته، فالفاتحة تجب على كل مصلٍ إلا المسبوق، إلا المسبوق، هذه مسألة تقدمت، وإن قال أبو هريرة والإمام البخاري والشوكاني: إن الفاتحة لازمة لكل مصلٍ حتى المسبوق، فالمسبوق تسقط عنه قراءة الفاتحة، "رواه البخاري" زاد أبو داود فيه: "فركع دون الصف, ثم مشى إلى الصف" مسألة الصلاة -صلاة المنفرد أو الفذ خلف الصف- ستأتي -إن شاء الله تعالى-. هذا يسأل يقول: الوضوء واستقبال القبلة وستر العورة شرط في الصلاة المفروضة الواجبة فإن لم يجد الماء تيمم وإن لم يعرف اتجاه القبلة فله أن يجتهد ويصلي؟ معلوم أن الاجتهاد في المواضع التي لا يمكن فيها معرفة القبلة بيقين في البراري مثلاً، في البلدان التي لا يوجد فيها محاريب إسلامية، له أن يجتهد. السؤال يقول: فإن لم يجد ما يستر به عورته فما العمل؟ يصلي على حسب حالة أو ينتظر حتى يجد؟

يصلي على حسب حاله، إن وجد ما يكفي بعض العورة يستر السوأتين يحرص على ذلك، فإن لم يكفهما إذا كان يكفي إحدى السوأتين مثلاً، وجد ما يكفي المغلظة إما الدبر وإما القبل فإن لم يكفهما فالدبر، يعني مر علينا في الحديث: إن خير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها، والعكس بالنسبة للنساء، وهذا في الأماكن التي فيها الرجال والنساء ظاهر وواضح، لكن ماذا عما لو كان النساء في محل محجوب عن رؤية الرجال؟ نفس النص، يعني ما يتغير، أبدى بعض أهل العلم علل وهو أن السبب في تفضيل الصفوف المؤخرة نعم البعد عن الرجال لكنها علل .. ، الصفوف الأولى مستنبطة وإلا منصوصة؟ مستنبطة، لذا لا يعول عليه. طالب:. . . . . . . . . طالب العلم عليه أن يتأدب مع شيخه؛ لأن الشيخ بشر يمل ويضجر ويقلق فلا بد من ملاحظة نفسه ووضعه النفسي، ومع هذا على طالب العلم أن يتأدب في كيفية إلقاء السؤال، وفي انتقاء السؤال، وفي الأسلوب الذي يعرض به السؤال، بعض الطلاب يسأل ما حكم كذا يا شيخ؟ تجيبه، حكمه جائز، طيب الشيخ فلان يقول: حرام، هل هذا أسلوب؟ أنت تريد أن تلقن الشيخ هذه الفتوى وتأتي به على ما تريد، نعم قد يكون الشيخ .. ، قد يغفل عن هذه الفتوى، قد يكون الشيخ بحاجة إلى التنبيه على مثل هذه الفتوى، لا سيما إذا كانت ممن يعتد بقوله من أهل العلم، لكن ليست بهذه الطريقة، إذا قال لك: حلال، مباح، جائز، تقول: ما رأيك فيمن يقول: كذا؟ بأسلوب مناسب، لا بد من الأدب، مثل ما ذكرنا الشيخ شأنه شأن غيره، بشر، فعلى الطالب أن يتحمل ويصبر على جفاء الشيخ لا سيما إذا .. ، مع طول الوقت يمل الشيخ، وعليه أن يعامل الشيخ بأدب، وعلى الشيخ أيضاً في المقابل أن يرفق بطلابه، وأن ينبسط معهم، ويرحب بهم، وما نال هذه الأجور إلا بسببهم، فعلى كل من الطرفين أن يتحمل الآخر، وأن يتعامل مع الآخر بأدب، والشرع كله مبني على الأدب والاحترام، إنما جاء النبي -عليه الصلاة والسلام- ليتمم مكارم الأخلاق -عليه الصلاة والسلام-. هل المسبحة تحقق مصلحة لا يحققها غيرها؟

المسبحة إنما هي لعد التسبيح وضبط العدد، وتقوم الأصابع وهي الأصل في هذا، وهي مستنطقة تدفن مع الإنسان، وتبعث معه، وتستنطق يوم القيامة، وتشهد للمسبح بها، المسبحة لا تصحبه، ولذا وجه النبي -عليه الصلاة والسلام- إلى التسبيح بالأصابع، والمسبحة في حكم الحصى، نعم قد لا يشدد في أمر المسبحة؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- لم ينكر على أم المؤمنين، إنما وجهها إلى الأكمل والأفضل، هذا إذا سلمت المسبحة من مشابهة الكفار أو المبتدعة الغلاة، أو ما أشبه ذلك، فأقل أحوالها أنها خلاف الأولى، نعم. . . . . . . . . . يقول: أنا شاب في عمر الزهور وأدرس في اليمن. . . . . . . . . اقتصادية، وحينما ذهبت إلى بعض المعاهد الأجنبية لكي أدرس فيها، فسألت بعض الناس فقالوا: إنها معاهد تنصير، يقول: نعم في الحقيقة من. . . . . . . . . لا يجوز لك أن تتعلم فيها؛ لأن خطرها على الدين، وأمر الدين وشأنه عظيم، فالمحافظة عليه أولى عليه من المحافظة على كل شيء، وعلى كل ثمين، المحافظة على الدين أولى من المحافظة على البدن، فضلاً عن غيره، وتكفف الناس وسؤال الناس خير من الدراسة في مثل هذه المدارس، ورأس المال هو الدين، دينك دينك، فإنما هو لحمك ودمك، فإذا لم تحرص على هذا الدين، ولو هيئت لك جميع أسباب الراحة، ولو يسرت لك جميع أمور دراستك، فالعيش مع الجهل وخلف أذناب البقر خير من التعلم في هذه المدارس التي خطرها ظاهر على الدين، والله المستعان. ما أجبتم -حفظكم الله- عن مسألة عدم تقديم الأقدم إسلاماً على الأقدم هجرة؟ قلنا: إن الشرع جاء بتحريم البقاء بين أظهر الكفار، وجعل للهجرة شأن، وجعل للهجرة شأناً؛ لأن البقاء بين أظهرهم تكثير لسوادهم، وفي الحديث قدم الأقدم هجرة على الأقدم إسلاماً، من باب الحث على تقدم الهجرة وعدم البقاء بين أظهر الكفار. يقول: إذا كان المصلي ضيف في بيت فاسق فلمن تكون الإمامة؟

الأصل أن صاحب البيت هو صاحب السلطان، فلا يجوز له أن يفتأت عليه في سلطانه، إن كان ممن لا يرى صحة إمامة الفاسق عليه أن يخرج من هذا البيت، ويبحث عن مكان يصلي فيه، وإن كان يرى الصحة وصلى وراءه أو استأذنه بأدب وأسلوب بأن يصلي وأذن له، الأمر لا يعدوه. يقول: هل وردت أحاديث مخصصة يقولها الإمام عند تسوية الصفوف، وما حكم قول غيرها مثل قول الإمام دائماً: أغلقوا جوالتكم -رحمكم الله-؟ نعم جاء ما يدل على الأمر بتسوية الصفوف ((سووا صفوفكم)) ((استووا)) جاء الأمر بهذا ((سووا صفوفكم فإن تسوية الصف من تمام الصلاة)) ويقوم مقامها ما يؤدي معناها، وإذا احتيج إلى التنبيه على شيء بعينه مما يشغل المصلين فلا مانع من ذكره، لا مانع من ذكره، إذا كان هناك شيء يشوش على الناس مكيف مزعج مثلاً، يقال: يا فلان طفي المكيف، أو أغلقوا هذا، أو جوال يغلقوا الجوال إيش المانع؟ لأن هذا من تحصيل مصلحة الصلاة، لا سيما إذا كانت هذه الجولات نغماتها من النغمات المحرمة الموسيقية التي أفتى أهل العلم بتحريمها، قد يتعين على الإمام لا سيما إذا سمع شيئاً من ذلك أن ينبه عليه ويزجر، ويتعين على من سمع هذا المنكر أن يغيره، وأقل الأحوال باللسان، ومع الأسف الشديد أن كثير من المساجد المسلمين شبهت بكنائس النصارى، الناس يصلون والموسيقى تصدح على مرأى ومسمع من الناس كلهم، ومع الأسف قد تصلي في مسجد فيه خمسة صفوف ولا واحد يرفع بذلك رأس، هذه مصيبة هذه. يقول: قرأت من كتب أن مصليات النساء في المساجد بدعة؛ لأنها لم توجد في عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رأيكم؟ الاختلاط، اختلاط الرجال بالنساء لا سيما في أوقات الفتن محرم، وعزل الرجال عن النساء في هذه الأوقات التي تعظم فيها الفتنة واجب، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب. أحسن الله إليك. يقول: إن لم يكن المصلي واضع سترة أمامة فكم المسافة التي يسمح بها بالمرور من أمامه؟

أهل العلم يقدرون ثلاثة أذرع، يكفيه ثلاثة أذرع، على أنه إذا لم يستتر ليس له أن يدفع، وليس له أن يمنع؛ لأن الأمر بالدفع، الأمر بمنع المرور بين يديه مقرون بالاستتار ((إذا صلى أحدكم إلى شيء يستره فأراد أحد أن يجتاز بين يديه فليدفعه)) نعم. أحسن الله إليك. يقول: إذا صلى المأموم عن يسار الإمام جاهلاً فما حكم صلاته؟ ولو وقف ثلاثة مأمومين عن يمين الإمام وليس خلفه فما حكم صلاتهم؟ إذا صلى عن يسار الإمام فصلاته ليست بصحيحة، قد يعذر بجهله؛ لكن الصلاة في الأصل ليست صحيحة، فيؤمر بإعادتها ولو احتياطاً، أما إذا صلوا عن يمينه ولو كانوا أكثر من واحد فالصلاة صحيحة، والأصل أن موقف هؤلاء خلف الإمام، نعم. أحسن الله إليك. يقول: متى يخرج وقت صلاة الظهر والعصر؟ يقول: الرجاء الإيضاح بالساعة؟ وقت صلاة الظهر يبدأ من زوال الشمس، من زوال الشمس إلى مصير ظل كل شيء مثله، ثم بعد ذلك يحضر ويدخل وقت صلاة العصر عند مصير ظل الشيء مثله إلى غروب الشمس، كما في حديث عبد الله بن عمرو، بالساعة التقاويم -الحمد لله- موجودة، وهي تختلف من وقت إلى آخر، ومن أسبوع إلى أسبوع، ومن يوم إلى يوم، وليست ثابتة لتحدد بالساعة، لكن الثابت ما جاء في النصوص أن وقت صلاة الظهر يبدأ من زوال الشمس إلى مصير ظل الشيء مثله، ما لم يحضر وقت العصر، وحينئذٍ لا اشتراك بين الظهر والعصر في وقت واحد كما يقول الإمام مالك -رحمه الله-، ينتهي وقت صلاة الظهر عند مصير ظل الشيء مثله، وفي هذا الوقت الذي هو النهاية يبدأ وقت صلاة العصر إلى غروب الشمس، ولا اشتراك بينهما، نعم. أحسن الله إليك. يقول: أليس الله -عز وجل- إذا أشرك أحد به فلن يقبل توبته، فكيف المؤمنين السابقين كانوا يعبدون الأصنام ومن ثم اتجهوا إلى عبادة الله؟

من قال بهذا أن الله لا يقبل توبة المشرك؟ لا يقبل عمل المشرك ما دام مشركاً، أما إذا تاب {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا} [(53) سورة الزمر] لم يستثنِ ذنباً من الذنوب مع التوبة، لم يستثنَ ذنب من الذنوب حتى الشرك، وأبو بكر وعمر كانوا مشركين، ومع ذلكم صاروا هم خيار الأمة لما أسلموا، فالمشرك تقبل توبته، وحينما يقرر أهل العلم عدم قبول التوبة لنوع أو لفئة من الفئات فمرادهم بذلك في الدنيا، وأما في الآخرة إذا توافرت شروط التوبة من الذي يحول بينهم وبين خالقهم، ورازقهم أرحم الراحمين، وأكرم الأكرمين، لكن التوبة مقبولة اتفاقاً من المشرك إذا أسلم. ما أدري من أي جاءه هذا اللبس؟ {إِنَّ اللهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء} [(48) سورة النساء] يعني حال الشرك لا يمكن أن يغفر للمشرك، المشرك لا يغفر له إلا بتوبة، فإذا تاب تاب الله عليه، والتوبة تهدم ما كان قبلها، نعم. أحسن الله إليكم. يقول: ذكر الصنعاني -رحمه الله- في ثنايا شرحه لحديث عمرو بن سلمة كما في صحيح البخاري: ((إذا حضرت الصلاة فليؤذن أحدكم، وليؤمكم أكبركم)) قوله -يعني الصنعاني-: ثم الحديث فيه دليل على القول بصحة صلاة المفترض خلف المتنفل، يقول كذا في الشرح وفيه تأمل انتهى, كيف يكون .... ؟.

كتاب الصلاة (28)

بلوغ المرام – كتاب الصلاة (28) تابع: شرح: باب: صلاة الجماعة والإمامة الشيخ/ عبد الكريم بن عبد الله الخضير السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: قال شيخ الإسلام ابن حجر -رحمه الله-: وعن وابصة بن معبد الجهني -رضي الله عنه- "أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رأى رجلاً يصلي خلف الصف وحده, فأمره أن يعيد الصلاة" رواه أحمد وأبو داود والترمذي وحسنه, وصححه ابن حبان. وله عن طلق: ((لا صلاة لمنفرد خلف الصف)). وزاد الطبراني من حديث وابصة: ((ألا دخلت معهم أو اجتررت رجلاً?)). وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إذا سمعتم الإقامة فامشوا إلى الصلاة وعليكم السكينة والوقار, ولا تسرعوا, فما أدركتم فصلوا, وما فاتكم فأتموا)) متفق عليه, واللفظ للبخاري. وعن أبي بن كعب -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده, وصلاته مع الرجلين أزكى من صلاته مع الرجل, وما كان أكثر فهو أحب إلى الله -عز وجل-)) رواه أبو داود والنسائي, وصححه ابن حبان. وعن أم ورقة -رضي الله عنها- "أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أمرها أن تؤم أهل دارها" رواه أبو داود, وصححه ابن خزيمة. وعن أنس -رضي الله عنه- "أن النبي -صلى الله عليه وسلم- استخلف ابن أم مكتوم يؤم الناس, وهو أعمى" رواه أحمد وأبو داود. ونحوه لابن حبان: عن عائشة -رضي الله عنها-. وعن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((صلوا على من قال: لا إله إلا الله, وصلوا خلف من قال: لا إله إلا الله)) رواه الدارقطني بإسناد ضعيف. وعن علي -رضي الله عنه- قال: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((إذا أتى أحدكم الصلاة والإمام على حال فليصنع كما يصنع الإمام)) رواه الترمذي بإسناد ضعيف". الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

القارئ -جزاه الله خيراً- في بداية قراءته يقول: قال شيخ الإسلام، وأحياناً يقول: قال الإمام، هذه الألقاب قد يستنكرها من يرى مخالفة الحافظ ابن حجر في بعض مسائل الاعتقاد، لكن إذا عرفنا أن المشيخة والإمامة أمور نسبية، وأن ما عنده من أخطاء عقدية، هو ليس بالمجتهد في هذا الباب، وإنما هو مقلد، وهي أيضاً وإن كانت أخطاء، وكل يؤخذ من قوله ويرد، إلا أنها في بحار الحسنات يرجى زوال أثرها -إن شاء الله تعالى-، فيؤخذ من علمه وخدمته للسنة ما يفيد العالم قبل المتعلم، ولا شك أن الله نفع بمؤلفاته نفعاً عظيماً، وكتب لها رواجاً وقبولاً، وأفاد منها الكبير والصغير، فمن من العلماء يستغني عن فتح الباري، لا يمكن أن يقول –مهما بلغ من العلم-: إنه يستغني عن فتح الباري.

وهذا المختصر الذي نفع الله به طلبة، وصار عمدة وأساس يعتمد عليه طلاب العلم، لا شك بأن له أثر في تدرج العلم المؤصل، وعلى كل حال الأخطاء موجودة عند ابن حجر، وعند النووي، وعند العيني، عند الكرماني، جل الشراح على هذا، وغالب المفسرين على هذا، وإذا كان الغالب هو الصواب، وإذا كان الراجح من الكفتين كفة الحسنات فالمآل إلى خير -إن شاء الله تعالى-، وليس الرجل بمعصوم بل يؤخذ من قوله ويرد، ويوجد من بعض طلاب العلم من تحمله الغيرة على عقيدة السلف هذا أمر محمود، فتحمله الغيرة على عقيدة السلف فيقع، الغيرة محمودة، لكن الآثار المترتبة عليها قد لا تكون محمودة إذا زادت الغيرة عن حدها، فيقع في عرض مثل هذا الشيخ، مثل هذا العالم، بل تجاوز بعضهم وأحرق بعض الكتب التي فيها شيء من الخلل، نعم إذا زاد الضرر على .. ، زاد الخطأ على الصواب نعم ينبغي أن يحذر من الكتب، وأئمة الدعوة كانوا يحرقون الدلائل، دلائل الخيرات لما فيه من غلو بالنبي -عليه الصلاة والسلام-، وما صح في حقه -عليه الصلاة والسلام- مما لا يشارك فيه ربه وخالقه -جل علا-، يكفينا عن مثل هذه الكتب التي تشتمل على هذه المبالغات، فإذا زاد صواب الكتاب على خطئه يستفاد منه، وينبه على الخطأ في مواضعه، وإذا زاد الخطأ على الصواب يحذر من الكتاب، ومازال أهل العلم يحذرون من بعض الكتب، بل يأمرون بإتلاف بعضها وإحراقه، لكن الآن ماذا ينفع الإحراق؟ لما كانت البلد يوجد نسخة أو نسختين من كتاب فيه ضرر تحرق وينتهى منه، لكن الآن وألوف مؤلفة من الكتب تزفها المطابع كل يوم، ماذا تحرق؟ وماذا تترك؟ لكن ينبغي أن التحذير أمر لا بد منه، والتنبيه على الأخطاء التي خيرها أكثر من خطئها، وصوابها أكثر من خطئها أمر لا بد منه، فالحق يقبل ممن جاء به، والباطل يرد على من قال به مهما كان، وبالحق يعرف الرجال، ولا يعرف الحق بالرجال، إنما يعرف الرجال بالحق، ولا نتعصب لأحد، وكل يؤخذ من قوله ويرد إلا النبي -عليه الصلاة والسلام-، وينبغي لطالب العلم أن يحترم أهل العلم، ويتأدب مع أهل العلم، هؤلاء لهم عليك فضل، فاعرف فضلهم، وبواسطتهم وصلت إلى ما وصلت إليه من علم وتحصيل وفضل، فمن أسدى إليك نصيحة

بكلمة صار له حق الدعاء، فكيف بمن نهلت من علمه منذ أن بدأت الطلب إلى النهاية؟! فلهم منا الدعاء، نسأل الله -جل وعلا- أن يتجاوز عنهم، وأن يرفع درجاتهم، وأن يحشرنا وإياهم في زمرة محمد -عليه الصلاة والسلام-. يقول -رحمه الله تعالى-: "وعن وابصة بن معبد" معبد كمنبر بكسر الميم الجهني، وابصة بن معبد بن مالك أبو قرصافة صحابي، سكن الكوفة، ومات بالرقة، يقول -رضي الله عنه-: "أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رأى رجلاً يصلي خلف الصف وحده, فأمره أن يعيد الصلاة" والحديث صحيح، ويشهد له الحديث الذي يليه: ((لا صلاة لمنفرد خلف الصف)) ونسبه الحاكم -رحمه الله تعالى- لابن حبان برواية طلق بن علي، وصوابه: علي بن الجعد بن شيبان هكذا في صحيح ابن حبان، يقول: "أمر أن يعيد"، "أمر أن يعيد الصلاة" من صلى خلف الصف، دليل على أن الصلاة خلف الصف باطلة، وقال: ((لا صلاة لمنفرد خلف الصف)) والأمر بالإعادة تجعل التقدير المتعين لقوله: ((لا صلاة لمنفرد خلف الصف)) يعني لا صلاة صحيحة، على هذا إذا دخل الرجل والصف قد اكتمل، ولم يجد مكاناً يصلي فيه، ولم يستطع الوصول إلى الإمام فيصف بجواره عن يمنيه ماذا يصنع؟ الحديث الذي يليه، أو زيادة الطبراني في حديث وابصة: ((ألا دخلت معهم أو اجتررت رجلاً?)) لكن هذه الزيادة منكرة، في إسنادها السري بن إسماعيل، وهو متروك، بل صرح بعضهم بأنه كذاب، فالاجترار .. ، وجاء في بعض ألفاظ الحديث: "الاختلاج" والمراد به هو: الاجترار، يجتر رجلاً، يسحب رجل من مكانه ليصف بجانبه، هذا من حيث الرواية لا يثبت، ومن حيث المعنى أيضاً له أثر اعتداء على الآخرين، الذي أدرك فضل الصف الأول، ثم جاء شخص متأخر فاجتره ليصف بجواره، اعتدى عليه، وأيضاً ترك في الصف فرجة، هذه مخالفة، المصلي مأمور بسد الفرج، فكيف يترك فرجة في الصف؟

المقصود أن المخالفات من حيث المعنى كثيرة، وهذا الرجل الذي اجتر أخاله تسبب في هذه الأمور، اعتدى على هذا الشخص، وحرمه من الصف الأول، وترك فرجة في الصف، وقد يتعرض لبطلان صلاة المجرور، بعض الناس ما يتحمل مثل هذه الحركات فيصدر من الأفعال ما تبطل معه صلاته، فلا يثبت من حيث الرواية، ولا يصح من حيث المعنى، وعلى هذا إذا دخل المسبوق أو الذي لا يجد مكاناً في الصف، ولا يجد مساغاً إلى أن يصاف الإمام ينتظر حتى يأتي من يصلي بجواره، ينتظر ولو أدى ذلك إلى فوات الصلاة كلها، ولا يسوغ بحال أن يعتدي على أحد، أو يصف منفرد خلف الصف؛ لأنه لا صلاة له، وعليه أن يعيدها لو صلى، لكن لو كبر خلف الصف ثم ركع مع الإمام فلما رفع من الركوع دخل واحد وصف بجواره قبل السجود أو قبل الركوع، المقصود قبل أن تتم له ركعة؟ حديث أبي بكرة المتقدم ركع خلف الصف، ثم دخل في الصف، فجزء من صلاته خلف الصف، ولم يتمم ركعة كاملة التي هي أقل ما يطلق عليه صلاة، فإذا لم تكمل له ركعة كاملة وصافه أحد قبل أن تكمل الركعة صلاته صحيحة -إن شاء الله تعالى- استدلالاً بحديث أبي بكرة.

لو أن شخصاً من الصف الكامل الذي لا فرجة فيه سمع بوجود شخص لا يجد مكاناً في الصف تبرع وتأخر بنفسه فما الحكم؟ هذا تصدق على صاحبه بطوعه واختياره وآثره، آثره بفضيلة الصف المقدم، والإيثار بالقرب معروف حكمه، يطلقون الكراهة فيه لا سيما بالنوافل، لكن إذا ترتب على هذا الإيثار مصلحة عظمى، إدراك شخص لصلاة الجماعة، فهل يحمد أن يتأخر الشخص ليحسن على هذا المتأخر فيصحح صلاته؟ أو يقال له: الحمد لله الرجل جاء إلى الجماعة وقصد الجماعة فله مثل أجرهم سواءً أدرك الجماعة أو لم يدرك، ولا داعي لمثل هذا الإيثار؟ قد يستدل للإحسان والإيثار في مثل هذا الموقف بحديث: ((من يتصدق على هذا؟ )) أقول: قد يستدل له، لكن ماذا عما لو كان المتَصدَق عليه لئيماً كيف؟ تأخر هذا الرجل يصف معه فجلس في مكانه، وقف في مكانه في الصف وترك الذي تأخر من أجله، فما الحكم؟ ألا يمكن أن يوجد؟ يوجد، قد يوجد لئيم يسمع بفضيلة الصف الأول ويريد أن يدرك هذه الفضيلة، يقول: ما دام تأخر بطوعه واختياره فرصة نصف في الصف الأول، ما حكم صلاة المتأخر وصلاة اللئيم؟ صلاة المتأخر هل يكمل صلاته مع الناس خلف الصف أم ماذا يصنع؟ نفترض أن هذا جاء في الركعة الثالثة، هذا صلى ركعتين مع الجماعة وبقيت ركعتان، إذا أكمل ركعة قبل أن يحضر معه أحد صار منفرد خلف الصف، يجتره مرة ثانية؟ {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُواْ بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ} [(126) سورة النحل] يجتره، ولو ترتب عليه بطلان صلاته؟ تصير المسألة ينافي هذا الصنيع، وهذا التصرف قد ينافي الحكمة من مشروعية الجماعة الذي دخل في الصف صلاته صحيحة، يعني على ما عنده من لؤم، نعم؛ لأن ما ارتكبه من محظور .. ، الحظر الذي ارتكبه لأمر خارج عن الصلاة لا يتعلق بذات الصلاة، صلاته صحيحة بلا إشكال، الثاني الذي دخل في الصف وإن كان مذموماً شرعاً وعرفاً لكن صلاته صحيحة، أما الذي يتأخر وقد صلى ركعة مع الإمام ثم صار منفرد خلف الصف إن تمت له ركعة كاملة خلف الصف فصلاته باطلة. طالب:. . . . . . . . .

هذه مسألة افتراضية، لكن يمكن أن تقع، لا هو تصدق على صاحبه، أقل الأحوال أن يكون عمله مباحاً، يعني صار في تعارض بين صدقته على أخيه وبين تركه للصف الأول، صار فيه مفاضلة بين أمور مستحبة، نعم الفرجة في الصف أمرها أشد، تصور مسألته بمن يصلي المغرب خلف من يصلي العشاء صح؟ ينتظر في الركعة الرابعة ويسلم مع الإمام، وأنت تفترض هذا بمسبوق بركعة، يصلي المغرب خلف من يصلي العشاء وهو مسبوق بركعة، يأتي بالركعتين مع الإمام التي هي الثانية والثالثة ثم يجلس؛ لأن الركعة الرابعة بالنسبة للإمام زائدة في حق المأموم فينتظر فإذا سلم يأتي بما فاته، هذا الذي خلف الصف، اثنان صلاتهما صحيحة، دخلا جميعاً، ثم تذكر أحدهم أنه ليس على طهارة، أو أحدث ثم انصرف ماذا يقال للثاني؟ هنا: ((لا صلاة لمنفرد خلف الصف))، "رأى رجل يصلي خلف الصف وحده فأمره أن يعيد" بهذه الصيغة يشمل جميع الصور، حتى اللي كان معه واحد، والثاني ذا اللي دخل ولا لقى أحد وانتهت الصلاة وهو .. ، صلاته صحيحة؟ شخص دخل وجد الصف كامل نظر يمين يسار حاول أن يدخل .. ، ما استطاع، عندنا نصوص صحيحة ما فيها إشكال، "صلى خلف الصف فأمره أن يعيد الصلاة" ((لا صلاة لمنفرد خلف الصف)) يعني النصوص ما تحتاج إلى مثل الاحتمالات التي يبديها بعضهم، هذا الذي يجتر أدرك ركعتين مع الإمام، وصار منفرد خلف الصف، نوى الانفراد، إن جاء معه أحد نوى الائتمام وإلا استمر منفرد، ما تكون صلاته؟ صلى مع الإمام ركعتين وبقيت له ركعتان وراح مكانه عليه، وهذا الذي كان يبي يصافه انتهى، ينوي الانفراد يصلي منفرد؛ لأنه لا صلاة معهم لأنه ينوي الائتمام، هذا إذا نوى الانفراد وهو خلف الصف صلاته منفرد صحيحة وإلا ما هي صحيحة؟ يعني صلاة من هو مع الجماعة ثم ينوي الانفراد، الحديث الذي تقدم: ((أفتان يا معاذ؟ )) يدل على أن الشخص لعذر ينوي الانفراد وتصح صلاته، فإن جاء معه آخر نوى الائتمام، فكما أنه يجوز له أن ينوي الانفراد ويترك الجماعة يجوز له أن يلتحق بالجماعة، البقعة التي صلى عليها اللئيم مغتصبة، يعني تصح صلاته، حكم الصلاة في الدار المغصوبة، الذين يصححون الصلاة في الدار المغصوبة لأن النهي عاد إلى أمر خارج

عن الصلاة، إلى أمر خارج عن الصلاة، لا يعود إلى الصلاة نفسها، إلى ذاتها، ولا إلى ركنها، ولا إلى شرطها صلاة صحيحة مع التحريم. على كل حال المخرج في هذه الصورة أن ينوي الانفراد ويكمل منفرد، إن جاء أحد يصافه تابع وإلا ينوي الانفراد. طالب:. . . . . . . . . لا ما يمنع أن يكبر ويركع مع الإمام في الصورة، لكن النية أنه منفرد، ويش اللي يمنع؟ الممنوع أن يصلي خلف الصف وهو يأتم بهذا الإمام. حديث الباب الشافعي كأنه يشكك في ثبوته، وجرياً على عادته لو ثبت هذا الحديث لقلت به، وتعرفون أن هناك أكثر من مؤلف في قول الشافعي: "إذا ثبت هذا الحديث، أو إن صح الحديث فهو مذهبي" ومن هذه المسائل، والبيهقي من كبار أتباعه يقول: "الاختيار أن يتوقى ذلك" لثبوت الخبر المذكور، من خالف في بطلان صلاة المنفرد خلف الصف يستدل بحديث: أبي بكرة، وأنه أوقع جزءاً من الصلاة خلف الصف، وإذا صح الجزء صح الكل، وعرفنا أن دون الركعة لا يسمى صلاة، فلا يدخل في النفي هنا، لا يسمى صلاة فلا يدخل في النفي هنا. يقول في الحديث الذي يليه: يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إذا سمعتم الإقامة فامشوا إلى الصلاة وعليكم السكينة والوقار))، ((إذا سمعتم الإقامة فامشوا إلى الصلاة وعليكم السكينة والوقار، ولا تسرعوا, فما أدركتم فصلوا, وما فاتكم فأتموا)) الحديث متفق عليه". ((إذا سمعتم الإقامة فامشوا إلى الصلاة)) يعني لا تسرعوا كما صرح بذلك، والإسراع هو: السعي إلى الصلاة، وفي صلاة الجمعة {إِذَا نُودِي لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} [(9) سورة الجمعة] والسعي هو إسراع في المشي، وهذا الحديث فيه: ((إذا سمعتم الإقامة فامشوا إلى الصلاة وعليكم السكينة والوقار)) ينبغي أن يكون ديدن المسلم التأني والوقار والسكينة حتى في الأمور التي تظن في بادئ الرأي أنها تحتاج إلى شيء من العجلة. لما بعث النبي -عليه الصلاة والسلام- علي إلى خيبر قال له: ((انفذ على رسلك)) معلوم أن العجلة من الشيطان، والرفق لا يكون في شيء إلى زانه.

فـ ((إذا سمعتم الإقامة فامشوا إلى الصلاة وعليكم السكينة والوقار)) هل يفهم منه أننا إذا لم نسمع الإقامة نسرع أو من باب أولى؟ فإذا العادة أن الإنسان إذا سمع الإقامة قد يوجد لنفسه مبرر للسرعة من أجل أن يدرك، يدرك إدراكاً نسبياً حسب حاله، إن كان ممن يريد إدراك تكبيرة الإحرام، يريد إدراك الركعة، يريد إدراك قراءة الفاتحة، يريد إدراك مكان في المسجد؛ لأن بعض المساجد مع الإقامة تمتلئ لا سيما المساجد التي في الأسواق، وبعض الناس يسرع لأي غرض من الأغراض، فمثل هذا لا يجوز له أن يسعى. ((إذا سمعتم الإقامة فامشوا إلى الصلاة -مشي- وعليكم السكينة والوقار)) لأنه في صلاة، إذا خرج من بيته لا ينهزه ولا يدفعه إلى الخروج إلا الصلاة فإنه في صلاة، ولا يرفع رجله إلا بحسنة، ولا يحطها إلا وتحط عنه خطيئة، والإسراع يفوت عليه كثير من هذه الحسنات؛ لأنه يقتضي ويستلزم مد الرجل فتقل الخطى، يقل عددها. ((إذا سمعتم الإقامة فامشوا إلى الصلاة)) ما دام في صلاة منذ أن خرج من بيته وخطاه مكتوبة حتى أنه لينهى عما ينهى عنه وهو في الصلاة، ينهى عن تشبيك الأصابع إذا خرج من بيته إلى الصلاة؛ لأنه في صلاة، ((فامشوا إلى الصلاة وعليكم السكينة والوقار)) عليكم يعني تظهر عليكم، تبدو عليكم السكينة والوقار. ((ولا تسرعوا)) هذا النهي تأكيد لمفهوم الأمر السابق ((ولا تسرعوا)) وقلنا في الجمعة: {إِذَا نُودِي لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا} [(9) سورة الجمعة] ومعلوم أن السعي هو الإسراع هذا الأصل، فهل الجمعة مستنثاة من هذا الحديث أو هي داخلة في الحديث؟ ((إذا سمعتم الإقامة)) يشمل الإقامة للجمعة وغيرها، يعني المسارعة إلى الحضور، لا الإسراع في كيفية الحضور، المسارعة، جاء الأمر العام (سارعوا) (سابقوا) هل معنى هذا أن الإنسان يرفع ثوبه ويجري ليسبق غيره سابقوا؟ ليس هذا هو المعنى، إنما المقصود به المبادرة إلى أفعال الخير، وليس المراد به الجري والركض لتحصيل هذا الخير.

((فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا)) ما أدركتم مع الإمام قل أو كثر فصلوا، في هذا دليل لمن يقول: إن الجماعة تدرك بإدراك أي جزء من الصلاة قبل سلام الإمام، وهذا قول الأكثر، يعني لو دخل والناس في التشهد الأخير، مقتضى الحديث: ((فما أدركتم فصلوا)) أمر، فما أدرك من الصلاة قل أو كثر يتبع فيه إمامه ويصلي معه، وهو مثل ما قلنا: دليل للأكثر في أن الجماعة تدرك بإدراك أي جزء منها، كتب الحنابلة يقولون: "من كبر قبل سلام إمامه التسليمة الأولى أدرك الجماعة ولو لم يجلس" أدرك الإمام، ((إذا جاء أحدكم والإمام على حال فليصنع ما يصنع)) يتابع الإمام، القول الآخر: وهو أن الجماعة لا تدرك إلا بإدراك ركعة، من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك، وهذا في الجمعة وغير الجمعة، من أدرك ركعة من صلاة الصبح قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح، ومثله العصر، يقول: لا بد من إدراك ركعة كاملة، وأقل من ركعة لا يطلق عليه اسم الصلاة، وما دام هذا ما أدرك صلاة، الذي لم يدرك ركعة كاملة ما أدرك صلاة؛ لأن ما دون الركعة لا يسمى صلاة، لكن الحديث دليل للأكثر، وأن إدراك أقل من ركعة يسمى إدراك، ((فما أدركتم)) (ما) من صيغ العموم يشمل أكثر من الركعة كما يشمل الركعة، ويشمل ما دون الركعة.

((وما فاتكم فأتموا)) وفي رواية وهي صحيحة أيضاً: ((فاقضوا)) ((وما فاتكم فاقضوا)) الرواية: ((فأتموا)) يستدل بها من يرى أن ما يدركه المسبوق أول صلاته، وما يقضيه آخر صلاته، ((ما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا)) شخص أدرك سجدتين مع التشهد من الركعة الأخيرة، يقول: ((ما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا)) وأنا أدركت سجدتين وتشهد، أريد أن آتي بالركعات كلها فإذا لم يبقَ علي سوى السجدتين والتشهد أسلم مباشرة؛ لأن الحديث: ((ما أدركتم فصلوا)) أنا صليت السجدتين، ليش أعيدهن؟ يصلح وإلا ما يصلح؟ يعني الحديث فيه مستمسك لمثل هذا أو ما فيه؟ ((ما أدركتم فصلوا)) يقول: أنا أدركت مع الإمام سجدتين وتشهد وليش أعيدهن أنا صليتهن، أدركت وصليت مع الإمام، والذي فاتني كله أقضيه -إن شاء الله- أو أتمه، يصلح أن يكون مستمسك لمثل هذا القول؟ عند الحنابلة والحنفية ما يدركه المسبوق آخر صلاته، يعني لو قيل بهذا القول لكن لم يقل به أحد من أهل العلم البتة، لكن هو مقتضى اللفظ: ((ما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا)) فاته الركوع، وبفوات الركوع تفوت الركعة كاملة، طيب التشهد يقول: ما أنا متشهد، أنا متشهد مع الإمام، خل التسليمتين تابعة للركوع لكن التشهد؟ يقول: أنا تشهدت مع الإمام، يقول: فاتني القيام والركوع لكن أدركت السجود ليش أؤمر بالسجود مرة ثانية؟ على كل حال لم يقل أحد بهذا، لم يقل أحد بأنه إذا ما يدركه قل أو كثر يحسبه من صلاته إذا أدرك، نفترض أنه أدرك التعوذ من أربع، أو أدرك الصلاة على النبي -عليه الصلاة والسلام- مع الإمام وفاته التشهد، نقول: يقف على ما أدرك في الصلاة؟ لم يقل بهذا أحد، بل إذا فاتته ركعة أتى بالركعة بجميع لوازمها، والتشهد لا بد من الإتيان به؛ لأنه وقع في غير موقعه من صلاته، ((وما فاتكم فأتموا)) هذا يستدل به المالكية والشافعية في أن ما يدركه المسبوق هو أول صلاته، وما يأتي به بعد سلام الإمام هو آخر صلاته، جاء المسبوق والإمام في الركعة الثالثة صلى معه الثالثة والرابعة بالنسبة للإمام وبالنسبة له هي إيش؟ الأولى والثانية، ثم إذا سلم الإمام يأتي بالثالثة والرابعة على هذا القول، وعلى القول الثاني العكس، ما

يدركه آخر صلاته، وما يقضيه هو أول صلاته، ((وما فاتكم فاقضوا)) اقضوا ما فاتكم على الرواية الأخرى، والقضاء يحكي الأداء، تكبر وتستفتح وتأتي بالفاتحة وسورة معها، يعني إذا أمكن تصور مثل هذا في الأقوال فكيف يتصور في الأفعال؟ لا يمكن تصوره القول الثاني في الأفعال، فالراجح هو هذا، وتحمل رواية: ((فاقضوا)) على رواية: ((فأتموا)) تحمل هذه على هذه، وجاء القضاء والمراد به الأداء {فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ} [(12) سورة فصلت] هل يقال: إنها فعلت في غير وقتها؟ لا، فيكون حينئذٍ معناه: فما أدركتموه مع الإمام فصلوه معه ولو لم تعتدوا به، إذا كان مما لا يعتد به كأقل من ركعة، ((وما فاتكم فأتموا)) يعني أضيفوا إليه، يعني كما جاء في حديث: ((من أدرك من الصبح ركعة قبل أن تطلع الشمس)) جاء في بعض الروايات: ((وأضاف إليها أخرى)) يعني ولو بعد طلوع الشمس ((فقد أدرك الصبح)) القول الثاني: وهو أن ما يدركه المسبوق هو آخر صلاته، وما يقضيه هو أول صلاته يرد عليه أن تكبيرة الإحرام إنما هي في الركعة الأولى، والسلام إنما يعقب آخر الصلاة ولا يعقب أول الصلاة، أيضاً صورة الصلاة وكيفيتها تختلف إذا قلنا بهذا، وإذا قلنا: إن معنى القضاء الوارد في بعض الروايات هو معنى الأداء والإتمام، ويشهد له نصوص الكتاب والسنة، ولغة العرب أيضاً، جاء في صلاة الجمعة على وجه الخصوص من لم يدرك ركعة كاملة فإنه يأتي بها ظهراً، يعني لا يقضي ما فاته فقط، لا يتم ما فاته فقط، بل عليه أن يصليها ظهراً.

بعد هذا حديث: "أبي بن كعب -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده, وصلاته مع الرجلين أزكى من صلاته مع الرجل, وما كان أكثر فهو أحب إلى الله -عز وجل-)) " لا شك أن الصلاة وإن كان ما يؤديه المسلم على الوجه المطلوب المأمور به المجزئ المسقط للطلب أجره واحد، إلا أن هذا الأجر قد يزيد بما يحتف به من أمور كصلاة الجماعة على ما تقدم تفضل صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة، صلاة الرجل مع رجلين أفضل من صلاته مع رجل واحد، صلاته مع ثلاثة أفضل من صلاته مع اثنين وهكذا ((وما كان أكثر فهو أحب إلى الله -عز وجل-)) وعلى هذا ينبغي أن يحرص الإنسان على المساجد التي تكثر فيها الجموع؛ لأن ما كان أكثر فهو أحب إلى الله -عز وجل-، ويفضلون أيضاً بقدم المسجد، ويفضلون أيضاً بفضل الإمام، إذا كان الإمام من أهل الفضل فالصلاة وراءه أفضل، ولذا معاذ -رضي الله عنه- يصلي خلف النبي -عليه الصلاة والسلام- ثم يصلي بقومه إدراكاً لفضل الصلاة خلفه -عليه الصلاة والسلام-، والحديث حسن، صححه ابن حبان، لكنه لا يصل إلى درجة الصحة، فهو حسن، صلاة الرجل مع الرجل يعني الواحد أزكى من صلاته وحده؛ لأنها جماعة، فاثنان فما فوقهما جماعة، وجاء بهذا حديث في سنن ابن ماجه وهو ضعيف، لكن البخاري -رحمه الله تعالى- بوب، باب: اثنان فما فوقهما جماعة، واستدل بحديث مالك بن الحويرث: ((وليؤمكما أكبركما)) دليل على أنها جماعة تكونت من اثنين، فالاثنان فما فوقهما جماعة، لكن إذا كان العدد أكثر، ثلاثة فهو أفضل، أربعة أفضل، خمسة وهكذا، وما كان أكثر فهو أحب إلى الله -عز وجل-، قد يقول قائل: ووجوه اكتساب الحسنات كثيرة، يصلي خلف شخص يتأثر بالصلاة خلفه، يتأثر بقراءته، ويقبل على صلاته وإن كان عدد الجماعة أقل أيهما أفضل؟ يعني لو شخص قصد مسجد في سوق واجتمع فيه من الناس الخليط، التقي والفاسق والمستقيم، وغيرهم، جموع، وهو في هذه الحالة بين هذه الجموع قد يكون إقباله على صلاته أقل مما لو صلى خلف شخص لا يصلي معه إلا عد يسير عرفوا بالصلاح والتقوى والإقبال وقراءة هذا الإمام أيضاً أكثر تأثير، هل نقول: إن الصلاة هنا أفضل أو

في المسجد الأكثر جماعة مهما ترتب على ذلك؟. . . . . . . . . الذي هو ذات عبادات؛ لأن الفضل المرتب على العبادة نفسها أولى من الفضل المرتب على ما يحتف بها، وهذا كثرة الجماعة مما يحتف بها، لو قال قائل مثلاً: أنا إذا صليت في مسجد خلف فلان في بلدي وهذا يسأل عنه كثيراً في الأوقات الفاضلة في العشر الأخيرة من رمضان، يقول: في بلدنا إمام مؤثر يصلي معه صفين أو ثلاثة في التهجد، ومكاني خلف الإمام ومرتاح أأدي الصلاة على الوجه المطلوب، وأقبل عليها بكليتي، أو أصليها في أحد الحرمين مع كثرة الجموع، وقد لا يتسنى له أن يخشع، ولا يقبل على صلاته، وهذا يدفعه من جهة، وهذا يرده من جهة، يقول: أيهما أفضل؟ مسجده هو، لكن هل يمكن أن يقال هذا لكل الناس يعني اتركوا هذا الزحام ولا تروحون للحرم ولا .. ؟ أو نقول: اذهبوا إلى الحرم واحرصوا على الخشوع؟ نعم على الإنسان أن يتطلب أماكن التضعيف، يتطلبها ويبحث عنها؛ لأنها ما جاءت الأحاديث عبث، الترغيب في الصلاة في مسجده -عليه الصلاة والسلام-، والترغيب الأكثر في الصلاة في المسجد الحرام، ليس من باب العبث، إنما هو لأمر محقق مرتب على هذه البقع المقدسة، لكن إذا كان الشخص لا يستطيع أن يقبل على صلاته في هذه الأماكن، نقول له: تصلي في أي مكان يجتمع فيه قلبك، بل يزداد الأمر سوءً إذا كان الشخص إذا ذهب إلى تلك الأماكن لا يستطيع أن يحفظ بصره هل نقول له: ما دام أنت ترتكب محظور في إرسال البصر في النساء الذي بعضهن متبرجات، وبعضهن .. ، نقول له: لا تذهب إلى تلك الأماكن؟ نقول: درء المفاسد مقدم على جلب المصالح؟ أو نقول: اذهب واحرص على غض البصر؟ نعم يحرص، لكن يقول: ما أقدر، كم واحد جرب وعجز، يقول: عجزنا، هاه؟ إذا طلع، طلع من المسجد بيواجه، وإذا أقبل على المسجد بيختلط، يتذرع بهذا، لا شك أن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح، درء المفاسد مقدم على جلب المصالح، فإذا كان لا يستطيع أن يؤدي العبادة التي هو بصددها إلا مع ارتكاب محظور، نقول له: لا تحضر يا أخي، ولذا إذا تعارض الأمر مع النهي أيهما المقدم؟ إذا كان فيه اختلاط بنساء في طريقك إلى المسجد، فإن كانت هذه الصلاة التي تقصد الصلاة من

أجلها سنة نقول: ترك المأمور مع اجتناب المحظور أفضل صلِ في بيتك، لكن إذا كانت فريضة من الفرائض الخمس نقول: اذهب إلى المسجد ولو اعترضك في طريقك محظور؛ لأن كل شيء بحسبه، الأوامر فيها العظائم وفيها ما دون ذلك، والنواهي كذلك، وإطلاق القول بأن ارتكاب المحظور أخف من ترك المأمور أو العكس ليس على إطلاقه. إذا كان في طريقك إلى المسجد شباب يلعبون وقت الصلاة ولا تستطيع أن تنكر عليهم، إقرارك لهذا المنكر منكر، لكن لا يمنعك هذا من الصلاة، بخلاف ما لو كان في طريقك إلى المسجد بغي، وألزمت ما تمر من هذا الطريق إلا .. ، عندها ظالم يلزمك بالوقوع عليها، نقول: لا، اترك الصلاة مع الجماعة؛ لأن هذه الأمور تقدر بقدرها، فالنواهي متفواتة، والأوامر متفاوتة، فلا ينبغي إطلاق القول بأن ارتكاب المحظور أسهل من ترك المأمور كما يقول شيخ الإسلام -رحمه الله- أو العكس كما يقوله غيره، وإن كانت معصية آدم في ارتكاب محظور ومعصية إبليس في ترك مأمور، فهذه الأمور تقدر بقدرها. الحديث الذي يليه: حديث أم ورقة -رضي الله عنها-: "أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أمرها أن تؤم أهل بيتها" أم ورقة بنت نوفل الأنصارية، كان النبي -عليه الصلاة والسلام- يزورها ويسميها الشهيدة، معجزة من معجزاته -عليه الصلاة والسلام-، وعلم من أعلام نبوته، يسميها الشهيدة، وكان لها غلام وجارية أعتقتهما عن دبر، دبرتهما فاجتمعا عليها في ليلة فغماها بقطيفة فماتت في عهد عمر -رضي الله عنه-، بحث عنهما فصلبهما، كذا جاء في السير، وظهرت معجزته -عليه الصلاة والسلام-.

أم ورقة النبي -عليه الصلاة والسلام- أمرها أن تؤم أهل دارها، ففيه دليل على صحة إمامة المرأة، أما إمامتها بالنساء لا إشكال فيه، لكن النص يحتمل أن يكون من أهل دارها من الذكور، فهي تؤم أهل دارها، وأهل دارها فيهم الذكور وفيهم الإناث، اللهم إلا إذا أمكن أن نخرج من هذا الإشكال أن الذكور إنما يصلون في المساجد يعني تؤم من يصلي بالبيت، من له أن يصلي في البيت، وهم النساء والصبيان، صلاتها فيها بالنساء لا إشكال فيها، صلاة المرأة، وأجاز المزني وأبو ثور صلاة المرأة بالرجال، وأجازها الطبري أن تصلي بالرجال صلاة التراويح وهذا تقدم، لكن الجماهير على أن المرأة لا تؤم الرجال بحال من الأحوال، فتبقى صلاة أم ورقة بأهل دارها ممن له أن يصلي في الدار.

بعد هذا حديث أنس -رضي الله عنه- "أن النبي -صلى الله عليه وسلم- استخلف ابن أم مكتوم يؤم الناس, وهو أعمى"، استخلف النبي -عليه الصلاة والسلام- ابن أم مكتوم على المدينة مراراً إذا خرج لغزو استخلف ابن أم مكتوم، أوصلها بعضهم إلى ثلاثة عشرة مرة، استخلاف النبي -عليه الصلاة والسلام- لابن أم مكتوم، مناسبة هذا الحديث للباب إمامة ابن أم مكتوم وهو أعمى الناس المبصرين، ولا خلاف في جواز إمامة الأعمى، لكن الخلاف في الأفضل، أيهما أفضل إمامة الأعمى أو إمامة المبصر؟ لا شك أن الحديث دليل على صحة إمامة الأعمى من غير كراهة؛ لأن هذا فعله -عليه الصلاة والسلام-، المفاضلة بين المبصر وبين الأعمى بين أهل العلم موجودة، من أهل العلم من يفضل الأعمى؛ لأن ذهنه لا يتشوش بسبب ما يراه، ذهنه محصور، ولذا يستحب بعضهم أنه إذا كان تغميضه عينيه أجمع لقلبه يغمض عينيه وهو يصلي، وإن كان القول المحقق أنه لا يغمض عينيه؛ لأن هذا من فعل من؟ اليهود، على كل حال إذا كان أعمى ما يحتاج يغمض عينيه، إذا كنا نطلب من المبصر أن يغمض عينيه ليجتمع قلبه ولا يتشوش ولا يتشتت ذهنه فالأعمى متوفر من غير مشابهة يهود، وهذه حجة من يفضل إمامة الأعمى على المبصر، ومنهم من يرى العكس، المبصر أفضل في الإمامة من الأعمى؛ لأنه يخرج من عهدة النجاسات بيقين، يزيل النجاسة بيقين، يستنجي بيقين، يسبغ أعضاء الوضوء بيقين، قد يتلبس بنجاسة وهو لا يشعر الأعمى، بخلاف المبصر، وعلى كل حال أصل المسألة أن لا مفاضلة ولا ممايزة، لكن كل إنسان بحسبه، بعض العميان أحرص من المبصرين، يخرج من عهدة الواجبات بيقين، ويتوقى المحرمات والنجاسات بيقين، هذا يرجع إلى حرصه، وبعض الناس لا يكترث ولو كان مبصراً، فكل إنسان بحسبه، ولا يرجح بوجود البصر أو بفقده، النبي -عليه الصلاة والسلام- هو الإمام وهو مبصر، واستخلف ابن أم مكتوم وهو أعمى، فدل على جواز الأمرين من غير مفاضلة، المفاضلة في الأمور المترتبة على وجود البصر أو على فقده، وكل إنسان بحسبه.

يقول: "ونحوه لابن حبان عن عائشة -رضي الله عنها-" وهو أيضاً في الأوسط عند الطبراني أن النبي -عليه الصلاة والسلام- استخلف ابن أم مكتوم على المدينة مرتين يؤم الناس، وعلى كل حال هو شاهد للحديث السابق، والحديث صحيح بشواهده. "وعن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((صلوا على من قال: لا إله إلا الله, وصلوا خلف من قال: لا إله إلا الله)) " الحديث "رواه الدارقطني" يقول الحافظ: "بإسناد ضعيف" لكن غيره .. ، هل يكفي أن يقال: إسناده ضعيف؟ وهو شديد الضعف، وطرقه كلها لا تثبت، فهو ضعيف جداً، ((صلوا على من قال: لا إله إلا الله)) يعني على المسلم الذي يقول: لا إله إلا الله، ((أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله، فإذا قالوا .. عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها)) لكن من قال: لا إله إلا الله دخل في الإسلام، فإذا أتى بناقض من نواقض لا إله إلا الله لا يصلى عليه. ((وصلوا خلف من قال: لا إله إلا الله)) يعني المسلم براً كان أو فاجراً، وتقدم الخلاف في هذا هل يصلى خلف الفاسق؟ ((ولا فاجر مؤمناً)) على ما تقدم، على ما فيه من ضعف، المسألة خلافية، وسبقت في الباب نفسه. يوجد من يقول: لا إله إلا الله ولا يأتي بناقض، بل قد يرتكب ما يحرمه من صلاة الإمام عليه، المدين لما قدم إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: ((صلوا على صاحبكم)) الغال، وقاطع الطريق، وقاتل نفسه، يعزر بترك صلاة الإمام عليه، ويصلي عليه الناس، الشهيد لا يغسل ولا يصلى عليه، والمسألة خلافية بين أهل العلم، لكن هذا هو المعتمد. يقول: "وعن علي -رضي الله عنه- قال: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((إذا أتى أحدكم الصلاة والإمام على حال فليصنع كما يصنع الإمام)) رواه الترمذي بإسناد ضعيف" لأن فيه الحجاج بن أرطأة، وهو مضعف عند أهل العلم، لكن له شواهد عند الترمذي من حديث معاذ، وهو شاهد لحديث علي، وعند غيره، المقصود أنه بشاهده حسن.

((إذا أتى أحدكم الصلاة والإمام على حال فليصنع كما يصنع الإمام)) الآن إذا دخل المسبوق والإمام جالس ماذا يصنع هذا المسبوق يكبر وإلا ما يكبر؟ إذا كبر صنع كما صنع الإمام وإلا ما صنع؟ يعني مقتضى الحديث أنه إذا كان الأمام جالس تجلس مباشرة لا تكبير ولا غير التكبير، فليصنع كما يصنع الإمام، جئت والإمام راكع تركع، لكن المجمع عليه أن تكبيرة الإحرام تكون في أول الصلاة، لا بد أن تكون تكبيرة الإحرام في افتتاح الصلاة، فمفتاح الصلاة التكبير، فيكبر ثم بعد هذا يتابع الإمام، بعض الناس إذا جاء والإمام راكع كبر، ويعرف من حال الإمام أنه يطيل الركوع، وهذا قد يفعل في التهجد الذي فيه إطالة الصلاة، أو في صلاة الكسوف مثلاً، يجي ويكبر ويستفتح ويتعوذ ويقرأ الفاتحة ثم يركع، يدرك الإمام، هذا موافق للحديث أو مخالف؟ مخالف للحديث، ((إذا أتى أحدكم الصلاة والإمام على حال فليصنع كما يصنع الإمام)) لكن تكبيرة الإحرام لا بد منها، يكبر للإحرام ثم يركع، يكبر للإحرام ثم يسجد مباشرة، يكبر للإحرام ثم يجلس، إذا كان الإمام جالس ((فليصنع كما يصنع الإمام)) وعرفنا أنه إذا أدرك الإمام في أقل من ركعة أنه عليه أن يتابع الإمام ((وما أدركتم فصلوا)) لكنه لا يعتد بما أدركه، فعليه أن يقضي جميع ما فاته. يقول السائل: شخص مريض يصلي على كرسي فهل يصلي في طرف الصف أم يجلس على كرسيه حيث انتهى وقوف المصلين؟ الأولى أن يحرص المريض على الصف الأول، وعلى يمين الصف، وعلى القرب من الإمام بقدر الإمكان، إذا كان يتسنى له أن يؤدي الصلاة من غير أن يتأذى ولا يؤذي أحداً مع تحصيل ما دل الدليل على فضله من يمين الصف والتقدم والقرب من الإمام فهذا هو الأصل، المريض كغيره، لكن إذا كان يتأذى بالقرب من الإمام أو يؤذي غيره فينظر إلى مكان لا يتأذى فيه ولا يؤذي. هذه الأخت السائلة تقول: امرأة غير متزوجة وهي موظفة تستلم راتب وأبوها يقول: إنه ليس عليه نفقة لها، وأن ما يعطيها صدقة غير واجبة، وذلك بعد أن سأل أحد الشيوخ فهل هذا صحيح؟ وما حكم النفقة؟ لكن هذا الراتب الذي تتقاضاه لأنها موظفة ألا يكفي لحاجتها؟ إذا كان لا يكفي يلزم الأب النفقة عليها. أحسن الله إليك.

يقول السائل: ما هو الدليل على تحريم لعب الورق البلوت بدون عوض، والدليل على تحريم لعب الشطرنج بدون عوض أم أنه حرم لمجرد القياس؟ أما بالنسبة للنرد الشطرنج جاء فيه بعض الأخبار من المرفوع والموقوف، وأما بالنسبة للورق المتداول الآن ففيه شبه منه، وأقل ما فيه إذا تجرد عن جميع الآثار السيئة من ألفاظ بذيئة أو تضييع لواجبات، إذا لم يترتب عليه ذلك فأقل ما فيه الكراهة، أقل أحواله الكراهة نعم. أحسن الله إليك. يقول السائل: هل هناك حديث أو أثر يحذر من الزواج من القريبات وما صحة حديث: ((لا تزوجوا القريب فيخرج ضغث؟ )) يذكر هذا عن عمر -رضي الله عنه- أن الإبعاد في المصاهرة يعني نكاح المرأة البعيدة أنجب، ونكاح القريبة مذموم عند العرب؛ لأن الولد يخرج نضو الخلقة، نضو الخلقة، يعني والنجابة في النساء الأباعد، لكن لم يطرد هذا ولم ينعكس، وجد النجباء من القريبات، ووجد غيرهم من البعيدات، هذا غير مطرد، وإن كان يعني كلامهم له أصل يعني .. ، لكن هو غير مطرد نعم، فالمرد والمدار على الدين ((فاظفر بذات الدين تربت يداك)) والفقهاء يستحبون أمور لم يدل عليها دليل، لكن يلتمسون لها تعاليل، فعندهم الأجنبية أفضل من القريبة، وعندهم التي ليس لها أم أفضل من التي لها أم، وعندهم أمور بعض الوقائع يشهد بخلاف ذلك، نعم. أحسن الله إليك. هذا سؤال تكرر كثيراً وما يشبهه، يقول: أليس من التجمل أخذ الشعر الذي يطول من شعر اللحية المعتادة لا سيما إذا كان طول شعر اللحية متفاوت؟ وهل يعتبر ذلك من التجمل؟ وهل أخطأ عمر وابنه -رضي الله عنهما- في الأخذ مما جاوز القبضة؟ على كل حال العبرة بما ينسب إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-، وهو الأسوة وهو القدوة، وقد أمرنا بتوفيرها، وأمرنا بإعفائها، وأمرنا بإكرامها، وكان -عليه الصلاة والسلام- كث اللحية، وتروى لحيته من وراءه وهو يقرأ، وتعرف قراءته باضطراب لحيته، ولا يعارض ما ثبت عنه -عليه الصلاة والسلام- بقول غيره كائناً من كان، نعم. أحسن الله إليك. هذا سؤال من الإنترنت يقول: فضيلة الشيخ الصف الأول مزدحم في الصلاة فوقفت في الصف الثاني منفرداً هل تصح صلاتي؟

إذا تمت لك ركعة لا تصح، صلاتك عليك أن تعيدها، على ما تقدم، نعم. أحسن الله إليك. يقول: إذا كان شخص يؤم مأموماً بالغاً وأطفال دون العاشرة أو في العاشرة ويزيدون قليلاً هل يرجعون صفاً خلفه أم يصلي بجواره ولا عبرة بالصغار، وما الضابط في العمر الذي تعتبر به مثل هذه الحالة أقصد أن يعد الطفل مع الجماعة؟ تقدم في حديث أنس في الصحيح صففت، قمت واليتيم خلفه، والعجوز من وراءنا، أم سليم من ورائهم، فمصافة الصبي صحيحة إذا كان مميزاً يحسن الصلاة، كما أن إمامته صحيحة. أحسن الله إليك. يقول السائل: أريد أن أستفيد من علمكم فضيلة الشيخ لأني أحب الشريعة الإسلامية الحنفية أو الحنيفة -يبدو أنه مصري وكتب باللهجة العامية- يقول: أريد أرجع بلدي داعياً بالدعوة المحمدية، ولكي نخرج الناس من الظلمات إلى النور، ومن عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، وهذا يحتاج جهد للتعلم، ونرجو منكم النصيحة الوافية، من أريتيريا السؤال. على كل حال ما هممت به أمر طيب، وتؤجر على هذه النية، وعليك أن تسعى لتحقيقها، وأن تطلب العلم من أبوابه، وعلى الجادة المعروف عند الأئمة المحققين، فتبدأ بالمتون الصغيرة، ثم إلى ما هو فوقها من كتب المرتبة لطلاب الطبقة الثانية ثم الثالثة وهكذا، فالعلم إنما يؤخذ بالتدريج، وعلى الجادة المرسومة عند أهل العلم، للإنسان الذي .. ، إما يتخبط فيقرأ في كتب لا تناسبه وكتب تناسبه هذا في الغالب لا يدرك، أيضاً الذي يتخطى الكتب في الذي في مستواه، ولا يأخذ العلم على الجادة والتركيب المعروف عند أهل العلم، مثل هذا لا يفلح في الغالب، فعليه أن يلزم الشيوخ ممن عرف بالعلم والعمل ممن يصدق قوله فعله، وعليه أيضاً أن يراجع مع حضوره على الشيوخ يراجع الكتب ويحفظ ويسمع الأشرطة ويعتني بذلك ويوفق -إن شاء الله تعالى-. أحسن الله إليك. من الإنترنت يقول: في شرح كتاب الحج أتذكر أن فضيلة الشيخ تحدث عن عدم جواز تغطية الوجه حال النوم فهل هذا للرجل المحرم فقط أم هو للنائم عموماً سواءً كان محرماً أو غير محرم؟

هذا بالنسبة للمحرم، هذا بالنسبة للمحرم، ودليله حديث الرجل الذي وقصته ناقته في عرفة، وفيه: ((ولا تخمروا رأسه)) وفي بعض الروايات: ((ولا تخمروا وجهه)) وإن قال بعضهم أن هذه الزيادة غير محفوظة، لكن مادامت في الصحيح، في صحيح مسلم كتاب تلقته الأمة بالقبول ينبغي أن يتقى مثل هذا ويجتنب. أحسن الله إليك. من الإنترنت يقول: إن حضرت للصلاة والإمام في الركوع هل أعتبر بهذه الركعة أم لا مع حديث: ((لا صلاة لمن لم يقرأ بأم الكتاب؟ )) ذكرنا سابقاً في حكم قراءة الفاتحة الخلاف فيها، وأن ما ذكرته هو رأي أبي هريرة والإمام البخاري والشوكاني أن المسبوق لا بد أن يقرأ الفاتحة كغيره، إذا لم يدرك قراءة الفاتحة ولم يتمكن من قراءتها قبل الركوع فاتته الركعة، لكن القول المعتبر عند أهل العلم أن الفاتحة ركن في كل ركعة بالنسبة لكل مصلٍ عدا المسبوق، والمسبوق مستثنى بحديث أبي بكرة الذي أدرك النبي -عليه الصلاة والسلام- وهو راكع ولم يؤمر بقضاء هذه الركعة، فالمسبوق تسقط عنه الفاتحة، وفي حكمه من يصلي خلف إمام يسرع في قراءته فلا يتمكن المأموم من إكمال الفاتحة، نعم. أحسن الله إليك. من الإنترنت يقول: أنا شاب حديث عهد باستقامة أرجو من فضيلتكم إرشادي إلى الكتب التي تفيدني وفقكم الله؟ على كل حال الكتب المرتبة لطلب العلم معروفة عند أهل العلم، وأي عالم في بلدك بإمكانه أن يدلك على الترتيب المعروف، لكن عليك بقراءة .. ، بمداومة النظر في الكتب التي تعالج أمراض القلوب، مثل كتب ابن القيم الجواب الكافي، وإغاثة اللهفان وغيرهما من كتبه، مدارج السالكين في بعض مواضعه، هو بحاجة شديدة إلى مثل هذا، كلنا محتاجون إلى هذا، نعم. أحسن الله إليك. يقول السائل: إن وجد مجموعة قد اصطفوا بين السواري مع وجود متسع والصفوف فارغة في المسجد فماذا أفعل؟ إذا لم تجد مكان غير هذا الصف الذي صفوا فيه بين السواري، الصلاة بين السواري مكروهة، جاء النهي عنها، فإذا لم تجد فأنت محتاج، الكراهة عند أهل العلم تزول بأدنى حاجة. أحسن الله إليك.

يقول: فضيلة الشيخ ذكرتم -حفظكم الله- في الليلة قبل الماضية أن الإمام إذا سها وزاد ركعة فعليه أن يجلس للتشهد الأخير، ولكن إذا زاد الإمام الركعة في الفريضة وسبح المأمومون فلم يُعِد أو فلم يَعد .. يَعُد يعني: يرجع. ويجلس وأتم الركعة الزائدة وتبعه المأمومون في الركعة يقول: ما حكم الركعة في حق المسبوق؟ هذه زائدة لا يدرك بها شيء، هذه زائدة والزائد باطل، والباطل لا يدرك به شيء، فإذا علم المأموم أو المسبوق أن هذه الركعة زائدة من تابع الإمام وهو يعلم أنها باطلة تبطل صلاته، والإمام إذا عرف أنها زائدة وأصر واستمر تبطل صلاته، لكن إذا غلب على ظنه أنها ليست زائدة، ولم يترجح عنده بعد التسبيح أنها زائدة واستمر فمن علم من المأمومين وجزم بأنها زائدة وتابعه على ذلك تبطل الصلاة ومثله المسبوق، لو علم المسبوق أن هذه زائدة بطلت صلاته، ولو علم بعد سلام الإمام أنها زائدة يأتي ببدلها؛ لأنها باطلة لا يدرك بها شيء من الصلاة. فضيلة الشيخ: يقوم بعض طلاب العلم بالحضور مبكراً إلى الدرس أو المحاضرة ويقومون بوضع كتاب ونحوه في الصف الأول ثم ينصرف ويعود قبيل الدرس فيحجز المكان ما الجواب على حكم ذلك؟ إذا كان الفاصل بين حجزه المكان بالكتاب ومجيئه إلى الدرس يسير وعوده إليه قريب فلا بأس -إن شاء الله تعالى-، أما إذا كان يطول بأن يضع الكتاب الآن لدرس الغد لا يجوز، من سبق إلى مباح فهو أحق به، نعم. أحسن الله إليك. يقول: إن لم يجد المصلي ما يستر عورته فما العمل؟ هل يصلي أم ينتظر حتى يجد؟ إذا لم يجد وخشي فوات الوقت وأيس من وجود سترة قبل خروج الوقت يصلي على حسب حاله. يقول السائل: هل يجوز لي إذا دخلت المسجد والإمام راكع أن أركع وأمشي راكعاً حتى أدخل في الصف وما هو الصحيح من الروايات في ضبط لفظ: ((زادك الله حرصاً ولا تعد)) يقول: إن كان الصحيح لا تَعُد، ألا يدل على النهي؟ لا تعد تدل على النهي، لكن لو فعل ما يدل على أن الصلاة غير صحيحة، الصلاة صحيحة، ويدرك بها الركعة، نعم. أحسن الله إليك.

يقول: ما حكم إضاعة الوقت في المباحات مثل لعب الكرة والكمبيوتر وغيرها من الملهيات، وإذا كانت محرمة ألا يكون أقل مما في البلوت من إضاعة الوقت؟ على كل حال مثل هذه الأمور يربأ طالب العلم بنفسه عنها، على طالب العلم أن يربأ بنفسه عنها، فوقته أنفس وأغلى من أن يضاع بمثل هذه الأشياء، مما يؤسف له أن كثير من طلاب العلم يضيع كثير من الأوقات التي هي هو، هو عبارة عن أنفاس، وهو عبارة عن دقائق وساعات، فإذا أضاع شيئاً من وقته معناه أنه أضاع نفسه، فعليه أن يستغل كل لحظة من حياته فيما يقربه إلى الله -جل وعلا-، ومن خير ما يصرف وتضاع فيه الأوقات العلم الشرعي والعمل به، نعم. أحسن الله إليك. يقول السائل: فضيلة الشيخ هل يجوز للرجل كفيف البصر أن يؤم بالنساء وليس معه أحد من الرجال إنما هو الإمام والنساء هن المأمومات؟ على كل حال مثل هذه ليست خلوة، وفعله كثير من طلاب العلم فإذا أمنت الفتنة والصلاة نافلة كالتراويح مثلاً، وأمنت الفتنة مع أنه غير مرغوب فيه بالجملة، لكن إذا أمنت الفتنة والنساء لا يجدن من يصلي بهن، والمسجد يشق عليهن الخروج إليه مع أمن الفتنة، وهذا أمر لا بد من التأكيد عليه، والنسوة جمع ارتفعت الخلوة، وأمنت الفتنة، وتحققت المصلحة من أهل العلم من يرى أنه لا بأس به -إن شاء الله-، نعم. أحسن الله إليك. من الإنترنت يقول: هل يقال: بأن صلاة المنفرد خلف الصف واجب يسقط بالعجز عند عدم وجود مكاناً فيصلي منفرداً إذ لا يكلف الله نفساً إلا وسعها؟ لا إذا لم يستطع مصافة أحد في الصلاة، ولم يجد مكان إلا خلف الصف يصلي منفرد. أحسن الله إليك. من الإنترنت يقول: أريد أن أسأل عن زواج المسيار ما حكمه أرجو التفصيل؟

زواج المسيار هو عبارة عن زواج خالي عن الإعلان، وقد تتنازل فيه المرأة عن بعض حقوقها، فترضى باليسير من الصداق والنفقة، وقد تتنازل عن السكن، تتنازل عن القسم، فإذا اكتملت الشروط والأركان، وانتفت الموانع، وخرج عن كونه نكاحاً خفياً بالشهود، ووجد الولي والشهود، وتوافرت الأركان والشروط وانتفت الموانع من الطرفين فما زاد على ذلك فهو سنة، الإعلان سنة، لا بأس به -إن شاء الله-، لكن لا ننظر إلى بعض الصور التي يحصل فيها بعض التجاوزات فندخلها في الحكم، لا، كل صورة لها حكمها، لكن إذا لم .. ، إذا توافرت الشروط والأركان، وحصل التنازل من المرأة، والمرأة تملك هذا الأمر، والأمر لا يعدوها، ولم يبقَ بعد ذلك إلا إعلان النكاح للناس كافة مع وجود من يشهد في حال الخلاف، ويثبت به النكاح، ويثبت به النسب يكفي -إن شاء الله-؛ لأنه وجد كثير من التجاوزات من بعض الناس والتصرفات، والله المستعان، نعم. أحسن الله إليك. يقول: ما رأيكم -حفظكم الله- في كتاب التفسير المنير في العقيدة والشريعة والمنهج للشيخ وهبة الزحيلي؟ تفسير المنير اقتنيته منذ صدوره لكن لم تتيسر لي فيه المطالعة والقراءة؛ لأنني لا أقرأ في كتب المتأخرين إلا نادراً، عمدتي كتب المتقدمين، والله المستعان، فلا أستطيع الحكم عليه. أحسن الله إليك. يقول: هل إعطاء الزوجة مالاً أو هبتها عقاراً يعتبر من تفضيل بعض الورثة على بعض علماً أنه ليس معها ضرة؟ ليس معها ضرة ولا يقصد من ذلك حرمان بعض الورثة من الإرث، هو الواجب التعديل بين الأولاد، أما الزوجة لا يجب التعديل بينها وبين بقية الورثة إلا بين الزوجات، فإذا لم يوجد لها ضرة، ولم يقصد بإعطائها هذا المال حرمان بعض الورثة من الإرث، ولم يكن ذلك في المرض المخوف لا بأس به -إن شاء الله تعالى-. أحسن الله إليك. يقول: هل يجوز منح ابني مبلغاً من المال بمناسبة نجاحه من الجامعة؟ يعني دون إخوانه؟ ما وضح. إذا كان الهدف من هذه الهبة حث البقية على مضاعفة الجهد، وتحصيل العلم فالأمور بمقاصدها، لا بأس به -إن شاء الله تعالى-، على أن يعطي الآخرين إذا وصلوا إلى مثل هذه المرحلة. أحسن الله إليك.

يقول: من توضأ ثم لبس الخف وعندما جاء وقت الصلاة التالية قام بخلع أحد الخفين وغسل رجله ومسح على الخف الآخر فهل هذا جائز؟ إذا خلع أحد الخفين انتهت الطهارة، إذا خلع الخف بعد أن مسح عليه وانتقض وضوؤه ثم أراد أن يخلعه ويمسح عليه ثانية لا، لا بد أن يلبس الخف على طهارة كاملة، نقول: لبس الخف على طهارة كاملة، بطهارة القدمين، ولا يكفي طهارة قدم واحد، نعم. أحسن الله إليك. يقول: فلماذا لا يكون سؤال النبي -صلى الله عليه وسلم- للأعمى بقوله: ((هل تسمع النداء؟ )) ثم قال له: ((أجب)) أنه يقصد يردد الأذان فقط وليس الذهاب إلى المسجد ما تعليقكم؟ يقصد إيش؟ يقصد يردد الأذان فقط وليس الذهاب عندما سأله: ((هل تسمع النداء؟ )) أجب يعني ردد؟ يكون الجواب مطابق وإلا غير مطابق؟ لو قال له: أجب يعني ردد مع المؤذن والسؤال عن إيش؟ ما هو بالسؤال عن الترخيص عن حضور الجماعة؟ هل يمكن أن يتصور هذا من النبي -عليه الصلاة والسلام- أن يسأل عن شيء في غاية الأهمية ويجيب بما دونه؟ نعم قد يسأل عن الدون فيجيب بما هو أهم، لكن العكس لا يمكن أن يتصور، نعم. أحسن الله إليك. هذا سؤال من السويد من الإنترنت يقول: ما هي نصيحتكم إلى المسلم في السويد من المدرسة التي فيها النساء العاريات يقول: مع العلم أنهم متمسكون بالدين؟ وين التمسك الله. . . . . . . . .؟ الأصل أن الإقامة في بلاد الكفار حرام، والهجرة واجبة، لكن إذا لم يستطع فهو مستثنى، الذي لا يستطيع ولا بالحيلة الوصول والهجرة إلى بلاد المسلمين هو معذور، لكن عليه أن يحتاط لدينه، يحتاط لعقيدته ورأس ماله، وإذا كانت المدرسة التي يتعلم فيها بها اختلاط فتعلم العلم مندوب إليه إذا كان علم شرعي، مندوب إليه، ومع وجود المحرم لا يجوز بحال من الأحوال أن يختلط بالنساء لتحصيل المندوب، لا شك أن المندوب الذي لا يتوصل إليه إلا مع ارتكاب المحظور ينقلب محظور، والله المستعان نعم. أحسن الله إليك. يقول السائل: هل فضل صلاة الجماعة خاص للرجال فقط دون النساء؟

نعم؛ لأن فضل .. ، أفضل صلاة المرأة في بيتها، بيتها خير لها، فتفضيل صلاة الجماعة إنما هو بالنسبة للرجال المطالبين بالجماعة، أما النساء فلا، بيتها خير لها، وفضل الله -جل وعلا- أوسع وأرحب من أن يحد بعدم التفضيل بالنسبة للنساء في بيوتهن، يعني لو قيل: إنه يحصل للنساء في بيوتهن ما يحصل للرجال في المساجد جماعة لما بعد، فضل الله واسع لا يحد. أحسن الله إليك. يقول السائل من الإنترنت: شخص لديه -أكرمكم الله- كلب للحراسة، فما حكم لمس هذا الكلب هل يغسل سبع مرات؟ وهل إذا أتى الكلب على الفرش والمساند وتمسح في ثوب صاحبه وأمسك به أطفاله هل يجب الغسل سبعاً؟ حراسة إيش؟ حراسة زرع، حراسة ماشية، كلب صيد، هذا مأذون فيه، وما عدا ذلك فلا، ينقص من أجره كل يوم قيراط، وفي رواية: "قيراطان"، فالمأذون به كلب الصيد، كلب الزرع، كلب الماشية فقط، وما عدا ذلك لا يجوز اقتناؤه، نعم. أحسن الله إليك. يقول السائل: بعد أن من الله -عز وجل- علي بالاستقامة وترك المعاصي إلا معصية واحدة سرعان ما أتوب منها وأرجع إليها، يقول: ثم أعود ولم أستطع تركها نصيحتكم؟ ما بين ويش هي المعصية؟ لا. على كل حال عليه أن يقلع عن هذه المعصية، ويعزم على عدم العود إليها، ويندم ويتوب إلى الله -جل وعلا-، ويصدق اللجأ إلى الله -جل وعلا-، ويعينه على التوبة منها -إن شاء الله تعالى-. أحسن الله إليك. يقول السائل: إذا كان الإمام يصلي بسرعة ولم ألحق أن أقرأ الفاتحة كاملة، فلما أكملت الفاتحة كان الإمام قد رفع من الركوع فهل أتابع الركوع ثم القيام وهل علي إعادة الركعة علماً بأني بدأت الصلاة مع الإمام بتكبيرة الإحرام؟ فاتته الركعة، إذا فاته الركوع فاتته الركعة، وعليه أن يأتي بركعة بدلها إذا سلم الإمام، لكن لو ركع مع الإمام وأدرك الركعة وصار في حكم المسبوق سقط عنه ما بقي من الفاتحة، نعم. أحسن الله إليك. يقول: ما معنى قول النبي -صلى الله عليه وسلم- في حديث يزيد بن الأسود للرجلين: ((فإنها لكما نافلة)) قوله: ((نافلة)) ما المقصود بها؟ وهل يمكن القول أنه يوجد في ديننا نافلة يجب فعلها؟

هي نافلة، النافلة غير واجبة، فلا يأثم بتركها، وتصريحه -عليه الصلاة والسلام- بأنها نافلة صارف لأمره بقوله: ((فصليا)) من الوجوب إلى الاستحباب. أحسن الله إليك. هذه السائلة تقول: قبل أيام نزل دم بسيط في موعد ... لكن علينا أن نفرق بين أمره -عليه الصلاة والسلام- وأمر غيره، يعني المواجهة منه -عليه الصلاة والسلام- بالأمر فقال: ((صليا)) هي في الأصل نافلة لا يأثم بتركها، لكن لو كانت المعاندة له -عليه الصلاة والسلام- موجهة بالمخالفة معصية بلا شك؛ لأن مواجهة النبي -عليه الصلاة والسلام- بمخالفة الأمر معصية، ويبقى أن الأصل في هذا الأمر الاستحباب، يعني لو قال شخص .... : صلِ يا أخي، وقال: والله ما أنا مصلي، إحنا صلينا وعلينا .. ، الفريضة انتهت وهذه نافلة. . . . . . . . . تقول السائلة: قبل أيام نزل دم بسيط في موعد الدورة الشهرية، وكان في وقت صلاة العصر، ولم تصل صلاة العصر والمغرب والعشاء، وبعد ذلك لم ينزل منها دم فتوضأت وصلت ما فات، وبعد ذلك في نفس الليلة نزل دم بسيط في الليلة نفسها ثم توقف لمدة ثلاثة أيام، ولم ينزل منها شيء، ولما قامت بالتحليل وجد احتمال حمل ماذا تفعل فيما فات؟ عليها أن تقضي ما فات، ما دام وجد الحمل، الحامل لا تحيض، الحامل لا تحيض، فعليها أن تقضي ما تركته من الصلوات. أحسن الله إليك. يقول السائل: ألا يمكن أن يقال –أحسن الله إليكم- أن قوله -صلى الله عليه وسلم-: ((صلاة في مسجدي هذا)) أن لفظة: (صلاة) نكرة في سياق الامتنان فتفيد العموم، أي فرضاً كانت الصلاة أم نفلاً، ويجاب في هذا على من قال بأن التضعيف خاص بالفرض؟

لكن كيف نجيب عن قوله: ((صلاة المرء في بيته أفضل إلا المكتوبة)) مع قوله هذا؛ لأن التضعيف في مسجده -عليه الصلاة والسلام- خاص بالمسجد، لا يشمل المدينة كلها، كما قيل في مكة، هو خاص بالمسجد، أما بالنسبة للمسجد الحرام فمكة كلها حرم عند الجمهور، والتضعيف شامل للبيوت، أما بالنسبة للمدينة والحديث قيل في المدينة صلاته النافلة في بيته أفضل من صلاته في مسجد النبي -عليه الصلاة والسلام- كيف نجيب عن هذا؟ هل نقول: صلاته في مسجد النبي -عليه الصلاة والسلام- الفريضة بألف صلاة، وصلاته في بيته أفضل من هذا التضعيف أيضاً؟ وهو يقول: ((في مسجدي)) التضعيف في مسجده، يمكن أن يقال؟ ويرد على هذا هذا، وهو من أقوى ما يستدل به من يرى أن التضعيف خاص بالفرائض، وإن كان اللفظ يمكن حمله على العموم باعتباره سياق امتنان، كما في قوله -جل وعلا- {فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ} [(68) سورة الرحمن] هذه من صيغ العموم؛ لأنها في سياق الامتنان، نعم. أحسن الله إليك. بالنسبة للسؤال السابق -أكرمكم الله- عن الكلب هذا توضيح من السائل يقول: بالنسبة لكلب الحراسة هو كلب لحراسة الماشية، لكن هل إمساكه ليس به نجاسة؟ ما دام كلب لحراسة الماشية فهو مأذون به، ولا إثم في اقتنائه، يبقى الخلاف بين أهل العلم في نجاسة عينه، مادام هو يابس، فاليابس عند أهل العلم لا ينجس اليابس، لكن إذا ابتل أو ابتلت اليد أو ابتل ما يلامس هذا، فالجمهور على أنه نجس ينجس لا بد من غسله، وإن قال الإمام مالك -رحمه الله- بطهارته. أحسن الله إليكم. يقول السائل: يوجد عندنا مدرس مواد دين ومنها القرآن الكريم، وعند تسميع الطلاب للقرآن الكريم إذا أخطأ الطالب قال له المعلم: أنت فاجر، هو فاجر، هو منحرف عن الصراط، وقد يصل إلى الكفر، فماذا عليه؟ وما حكم ذلك؟ أعوذ بالله، لا، هذا تشديد ليس بمكانه، يقول: فاجر لأنه أخطأ، لمجرد أنه أخطأ؟ أسلوب غير لائق، لا شرعاً ولا تربية ولا عرفاً أيضاً، لا، لا هذا خلل في العقل، هذا خلل في التصور، نعم. أحسن الله إليك.

يقول السائل: فضيلة الشيح -حفظكم الله- يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((من صلى الفجر في جماعة فكأنما قام الليل كله)) فليس هذا الحديث كافٍ لترك قيام الليل أو صلاة ركعة واحدة فقط؟ هذا لا يقتضي ترك قيام الليل، إذن قد يقول النبي -عليه الصلاة والسلام- يقول: ((الصلوات الخمس إلى الصلوات الخمس كفارات لما بينهن، الجمعة إلى الجمعة، رمضان إلى رمضان)) يقول: ما دام يكفر لي من رمضان إلى رمضان ليش أصلي الصلوات الخمس؟ ومادام يكفر لي ما بين هذه الصلوات لماذا أفعل الواجبات الأخرى؟ النصوص لا يضرب بعضها ببعض، وإنما هذا من مزيد فضله -جل وعلا- على عباده، هذا مما يضاعف به الأجور، والتشبيه تشبيه الشيء بالشيء لا يقتضي الاتفاق المشبه بالمشبه به من كل وجه، لا يقتضي هذا، فقراءة القرآن، قراءة الحروف التي تشتمل على ثلاثة ملايين حسنة، هل معنى هذا أن من قرأ قل هو الله أحد يحصل له مليون حسنة؟ أقول: التشبيه تشبيه الشيء بالشيء في النصوص لا يقتضي تشبيهه من كل وجه، وقد جاء تشبيه المحمود بالمذموم، يعني من الوجه المحمود؛ لأن المذموم يشتمل على أكثر من وجه، فجاء تشبيه الوحي بصلصلة الجرس، والجرس مذموم، الجرس له أكثر من وجه، وجه محمود ووجه مذموم، يشبه الوحي بالوجه المحمود دون الوجه المذموم، على كل حال التشبيه لا يقتضي المطابقة من كل وجه، نعم. أحسن الله إليك. هذا السؤال من الإنترنت من السويد أيضاً: يقول السائل: أكون أحياناً في الدراسة وتأتي صلاة الظهر والعصر فأصليها هناك بأن أتخير لي مكاناً منعزلاً فأصلي فيه، لكن أحياناً مع الخوف والاضطراب قليلاً وعدم الطمأنينة كأن يأتي أحد مثلاً ويقطع علي الصلاة وكذا، وقبل ذلك لم أكن أعرف القبلة وبعد فترة من الزمن عرفت فكيف الآن؟ هل أعيد الصلوات كلها التي صليتها قرابة سنة لعدم وجود مسلمين أسألهم تعذر علي ذلك؟ على كل حال بلدان الكفار التي ليس فيها محاريب إسلامية، ولا يوجد فيها ثقات من أهل المعرفة والخبرة بالقبلة تشبه البراري والقفار، إذا اجتهد يصلي حسب ما يؤديه إليه اجتهاده وصلاته صحيحة ولا يلزمه إعادتها، نعم. أحسن الله إليك.

يقول: هناك من لديه موهبة تقليد الأئمة خصوصاً المعروفين، هل هذا يدخل في الغيبة لهم؟ وما حكم من يصلي ويقلد أحد الأئمة سواءً بتكلف أو بغير تكلف؟ يعني يقلده في أدائه للقراءة؟ نعم. إذا لم يكن هناك تكلف وأعجبه صوت هذا القارئ صار يقلده؛ لأنه متقن ضابط للقراءة، ومؤثر في السامع من هذه الحيثية لا يظهر فيه وجه المنع أبداً، نعم. أحسن الله إليك. هذا السؤال من الإنترنت يقول: ما حكم مشاهدة الكرة في التلفاز؟ أقل ما فيها تضييع الأوقات، ومشاهدة العورات هذا على القول بأن الكرة غير محرمة، أما من يحرمها -وقد قال به بعض العلماء- فمشاهدة الحرام حرام، نعم. أحسن الله إليك. هذا السائل يقول: كيف تكون تسوية الصفوف في الحرم لا تكاد ترى صفاً واحداً مرصوصاً؟ على كل حال المشقة تجلب التيسير، فإذا لم يتمكن من وجود صف تام مستقيم متراص لا يتخلله أعمده ولا سواري يصلي حسب استطاعته، نعم. أحسن الله إليك. هذا السائل يقول: فضيلة الشيخ نشهد الله أننا نحبك في الله، ونسأل الله أن يجمعنا بك في الجنة، يقول: سؤالي هو هل الصلاة المكتوبة في داخل سور المسجد بالحرم النبوي لها الأجر الوارد في الحديث؟ نعم التوسعة لها حكم الأصل، وإن كان بعض أهل العلم يستدل بقوله: ((هذا)) الإشارة إلى القائم في الأعيان أنه لا يشمل التوسعة، لكن فضل الله واسع، مادام هذا مسجد وزيد فيه ما زيد، ويطلق عليه أنه مسجد النبي -عليه الصلاة والسلام- فضل الله واسع، نعم. أحسن الله إليك. يقول السائل: كيف تكون الصلاة في حال القعود نرجو شرح كيفية ذلك لأن الكثير يجهلون؟ في حال القعود الذي لا يستطيع القيام يصلي قاعداً ((صل قائماً، فإن لم تستطع فقاعداً)) في حال القعود في ركن القيام الذي هو ركن القراءة والرفع من الركوع مثل هذا يجلس متربعاً على المختار، وما عدا ذلك من الجلوس بين السجدتين والتشهد يفترش، ينصب رجله اليمنى ويفترش اليسرى، وفي التشهد الأخير يتورك ويومئ بالركوع ويسجد إن استطاع على الأرض وإلا يكفي أن يكون سجوده أخفض من ركوعه، نعم. أحسن الله إليك. يقول: هل صحيح أنه إذا غاب الإمام فإن الأولى بالإمامة المؤذن ولو كان هناك أقرأ منه من المأمومين؟

لا، هذا ليس بلازم، يستوي الجميع، الأقرأ هو الأولى؛ لأن الحق معلق بالإمام نفسه، والمؤذن أملك بأذانه وإقامته، والإمامة يملكها الإمام، نعم إذا كان هناك نيابة من الإمام للمؤذن اكتسب الحق من إنابة الإمام، أما إذا لم ينبه الإمام فشأنه شأن غيره، نعم. أحسن الله إليك. يقول: ما حكم ترك الرجل مسجد الحي والذهاب إلى مسجد بعيد بحثاً عن إمام ذي صوت حسن هل يجوز ذلك خصوصاً في رمضان؟ نعم إذا كان القصد منه التأثر بقراءة هذا الإمام والإقبال على الصلاة لا بأس به -إن شاء الله-، يبحث عن الأنفع لقلبه، ما لم يوجد هناك شحناء وبغضاء وتناحر بين الجيران، وحمل في النفوس، فالجماعة إنما شرعت لإزالة مثل هذا، نعم. أحسن الله إليك. يقول: بعض المساجد يوجد على جوانب الصفوف من اليمين والشمال طريق عبارة عن بلاط في خط مستقيم إلى آخر المسجد فهل يعتبر هذا الطريق فرجة علماً أن الناس لا تصلي فيه؟ إن كان مما يحتاج إليه للاستطراق فليس بفرجة، إن كان ما يحتاج إليه، يستطرقه الناس ويمشون معه، بأن كان طريقاً من الباب إلى الصفوف فليس بفرجة، وإن كان مما لا يحتاج إليه فهو فرجة، نعم. أحسن الله إليك. يقول: أيهما يقدم الأقدم في السن أو الأقدم في السلم -يعني الإسلام- وأي الروايتين أرجح؟ لكل منهما وجه في التقديم، وهما روايتان في موضع واحد، هذه بدل هذه، نعم وراية: "السلم" أرجح من رواية: "السن"، على أن رواية السن لها ما يؤديها من النصوص الأخرى بتقديم الكبير في الصلاة وغيرها، نعم. أحسن الله إليك. يقول: إذا كان الإمام يطيل في السكتة التي يأتي فيها بدعاء الاستفتاح فهل للمأموم أن يشرع بقراءة الفاتحة قبل الإمام؟ نعم إذا أنهى قراءة الاستفتاح، أنهى دعاء الاستفتاح يتعوذ، ويبسمل، ويقرأ الفاتحة، نعم. أحسن الله إليك. يقول: إذا جاز ذلك ثم بدأ الإمام بقراءة الفاتحة هل يتم المأموم فاتحته أم يقف؟ إن تمكن من قراءتها في سكتات الإمام فهو أولى ليخرج من الأقوال التي لها حظ من النظر بيقين، وإن لم يمكن فليكمل على أي حال، نعم. أحسن الله إليك. يقول: المبلغ في المسجد إذا كان يصلي في مكان منعزل عن المأمومين فهل تصح صلاته؟

إذا كان معه من يصافه داخل المسجد صلاته صحيحة، لكن انفراده عن المأمومين وتأخره عن مكان إقامة الصلاة لا شك أنه مفضول، وإلا فصلاته صحيحة. أحسن الله إليك. يقول: نحن مقيمون وصلينا العشاء خلف إمام مسافر يصلي المغرب ما حكم التشهد الثالث في صلاة العشاء التي صلينا؟ وهل الأفضل أن نأتم به -أي المسافر- أم يؤم الصلاة بنا أحد المقيمين؟ إن انتظرتم إلى أن يسلم هذا المسافر وأديتم الصلاة خلف المقيم على الوجه المشروع الكامل فلا بأس، وإن صليتم معهم وجلستم للتشهد معه، فإذا سلم جئتم بالركعة الرابعة فلا بأس، والتشهد الزائد هذا لا أثر له إنما ثبت تبعاً للإتمام بهذا الإمام، وأهل العلم يقولون: يثبت تبعاً ما لا يثبت استقلالاً، لكن لو جلس شخص مقيم يصلي العشاء، وجلس بين الثالثة والرابعة وتشهد عن عمد بطلت صلاته، نعم. أحسن الله إليك. يقول: من يأتي من سفر وقد صلى جمع تقديم هل يعيد الصلاة التي يدركها في بيته وقد قدمها؟ متى جاء؟ من جاء إيش؟ يقول: من يأتي من سفر وقد صلى جمع تقديم طيب. هل يعيد الصلاة؟ صلى المغرب والعشاء والعذر قائم الوصف الذي هو السفر الذي علق عليه جواز الجمع قائم، فعل ما أمر به، وما أذن له فيه، فإن أعادها كمن صلى في رحله. لو لم يعد يا شيخ وصل وأذن للعشاء وهو في بيته؟ ما عليه، ما دام صلى الصلاتين في وقت مأذون له، والوصف قائم، مأذون له أن يصلي فيه لا بأس ...

كتاب الصلاة (29)

بلوغ المرام – كتاب الصلاة (29) شرح: باب: صلاة المسافر والمريض الشيخ/ عبد الكريم بن عبد الله الخضير يقول -هذا كتب تنبيه- يقول: إن بعض الشباب يصورون المشايخ بالجوالات يصورنهم بالجوالات؟ الآلة التي في الجوال آلة تصوير، والتصوير المترجح عندي في أمره أنه بجميع صوره وأشكاله وآلاته داخل في التحريم، فعلى هذا لا يجوز تصوير ذوات الأرواح بأي آلة كانت، فعلينا أن نتقي الله -جل وعلا- في أنفسنا، وأننا محاسبون فيما نأتي وفيما نذر، ولا أبيح لأحد كائناً من كان أن يصورني؛ لأن هذا هو المترجح عندي لا أجيز لأحد أن يصورني، والله المستعان. باب: صلاة المسافر والمريض: بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: يقول شيخ الإسلام ابن حجر -رحمه الله-: "باب: صلاة المسافر والمريض: عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "أول ما فرضت الصلاة ركعتين, فأقرت صلاة السفر وأتمت صلاة الحضر" متفق عليه. وللبخاري: "ثم هاجر ففرضت أربعاً, وأقرت صلاة السفر على الأول". زاد أحمد: "إلا المغرب فإنها وتر النهار، وإلا الصبح فإنها تطول فيها القراءة". وعن عائشة -رضي الله عنها- "أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يقصر في السفر ويتم, ويصوم ويفطر" رواه الدارقطني, ورواته ثقات، إلا أنه معلول، والمحفوظ عن عائشة -رضي الله عنها- من فعلها, وقالت: "إنه لا يشق علي" أخرجه البيهقي. وعن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إن الله يحب أن تؤتى رخصه كما يكره أن تؤتى معصيته)) رواه أحمد, وصححه ابن خزيمة وابن حبان، وفي رواية: ((كما يحب أن تؤتى عزائمه)). وعن أنس -رضي الله عنه- قال: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا خرج مسيرة ثلاثة أميال أو فراسخ صلى ركعتين" رواه مسلم. وعنه قال: "خرجنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من المدينة إلى مكة، فكان يصلي ركعتين ركعتين حتى رجعنا إلى المدينة" متفق عليه, واللفظ للبخاري.

وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: "أقام النبي -صلى الله عليه وسلم- تسعة عشر يقصر" وفي لفظ: "بمكة تسعة عشر يوماً" رواه البخاري، وفي رواية لأبي داود: "سبع عشرة"، وفي أخرى: "خمس عشرة". وله عن عمران بن حصين -رضي الله عنه-: "ثماني عشرة". وله عن جابر: "أقام بتبوك عشرين يوماً يقصر الصلاة" ورواته ثقات إلا أنه اختلف في وصله". الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "باب: صلاة المسافر والمريض" يعني كيف يصلي المسافر والمريض؟ صلاة المقيم الصحيح معروفة فكيف يصلي المسافر؟ هل يطالب بما يطالب به المقيم ومثله المريض؟ وهل يطالب بما يطالب به الصحيح السليم؟ أو لكل ظرفه والشرع يراعي الظروف والأحوال في التكاليف؟

يقول -رحمه الله تعالى-: "عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "أول ما فرضت الصلاة ركعتين" أول ما فرضت، فرضت الفرض يأتي بمعنى التقدير، ومنه الفرائض المقدرة في كتاب الله -عز وجل-، ويراد به الإيجاب والإلزام، فهل معنى: "أول ما فرضت" يعني أول ما قدرت الصلاة ركعتين؟ أو أول ما فرضت يعني أوجبت الصلاة ركعتين؟ الأول قول الجمهور، وهو أن أول ما فرضت يعني قدرت الصلاة، وليس هذا على سبيل الإيجاب، قدرت، والحنفية يرون أن معنى فرضت: أوجبت، ليستمر هذا الإيجاب أو هذا الوجوب بعد أن أقرت صلاة السفر وأتمت صلاة الحضر، وبناءً على هذا فالجمهور على أن القصر -قصر الرباعية ركعتين- في السفر عند الجمهور رخصة، ويقول بعضهم: إنه عزيمة لكن لا على سبيل الوجوب، وعند الحنفية القصر في السفر واجب، فرضت أوجبت، واستمر هذا الإيجاب بعد ذلك واستمر ولم ينسخ ولم يغير إنما الذي غير صلاة الحضر، الحنفية يرون وجوب القصر في السفر استدلالاً بهذا الحديث، والجمهور أدلتهم كثيرة {فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُواْ مِنَ الصَّلاَةِ إِنْ خِفْتُمْ} [(101) سورة النساء] ورفع الجناح يقتضي رفع الإثم، ومجرد رفع الجناح لا يقتضي الوجوب، هل يلتزم الجمهور بمثل هذا الكلام في رفع الجناح بالنسبة للسعي؟ وهل يقول الحنفية في آية السعي مثل ما يقولون في آية القصر؟ عندنا دلالة الحديث محتملة؛ لأن الفرض يحتمل معنيين، الفرض الذي هو بمعنى التقدير، والفرض بمعنى الإيجاب، قد يقول قائل: إن القصر في الآية مع كونه رفع فيه الجناح وهو الإثم مشروط بالخوف {إِنْ خِفْتُمْ} [(101) سورة النساء] وهذا شرط وعلى هذا السفر وحده لا يستقل بالقصر، بل لا بد معه خوف، والذي استقر عليه عمل الأمة جواز القصر في السفر ولو من دون خوف، وهي صدقة تصدق الله بها، فلتقبل صدقته، وهذا من الأحكام التي شرعت لسبب، وارتفع السبب وبقي الحكم، فعل سبب ارتفع السبب وبقي الحكم كالرمل في الطواف، استمر الحكم وإن كان السبب ارتفع.

انتهينا من اشتراط الخوف، وأن القصر صدقة تصدق الله بها كما قال عمر -رضي الله عنه-، وقصر النبي -عليه الصلاة والسلام-، وقصر أصحابه من بعده من غير خوف، فدل على أن السبب ارتفع وبقي الحكم. نأتي إلى ما تفيده الآية: الجمهور يقولون: إن الآية مفادها رفع الجناح، ورفع الجناح وهو الإثم لا يقتضي لزوم القصر، والحنفية يقولون بوجوب القصر مع أن الآية تنص على أنه لا جناح، إذا جئنا إلى آية السعي {فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا} [(158) سورة البقرة] الجمهور على أن السعي ركن، السعي ركن خلافاً للحنفية والحنفية يقولون: إن رفع الجناح لا يقتضي الوجوب في آية السعي.

إذن المعول في الحكمين على النصوص المفسرة للآيتين، فالجمهور عندهم ما يدل على ركنية السعي مما يجعل الآية تفيد وجوبه بل ركنيته، والمناظرة بين عائشة وعروة في آية السعي معروف، وأن سبب نزول الآية أنهم كانوا يتحرجون من السعي بين الصفاء والمروة؛ لأن العرب قبل الإسلام يسعون بينهما بين صنمين فتحرجوا من شرعية السعي، فرفع هذا الحرج وهذا الجناح بالآية، قل مثل هذا في قوله تعالى: {فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَن تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى} [(203) سورة البقرة] الذي يتعجل لا إثم عليه، والذي يتأخر لا إثم عليه، هل الحاج جاء لمجرد رفع الإثم لبقائه أو استعجاله أو جاء طلباً للمغفرة؟ ((من حج فلم يرفع ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه)) والمعنى المعتمد في الآية أنها مطابقة للحديث، يستوي في ذلك من تأخر ومن تعجل شريطة أن يتقي الله -جل وعلا- في حجه، فإذا اتقى الله في حجه لا إثم عليه، يرتفع الإثم عنه، فيرجع مغفوراً له سواءً تعجل أو تأخر، شريطة أن يتقي الله -جل وعلا- في حجه، ولا نقول: إن التقوى شرط للتأخر دون التعجل، لا، لأن بعض الناس قد يفهم هذا، فلا إثم عليه، {فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَن تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ} [(203) سورة البقرة] يعني يرتفع عنه الإثم الذي ارتكبه قبل حجه، شريطة أن يتقي الله -جل وعلا- في حجه سواءً تعجل أو تأخر، ويكون مفاد الآية هو مفاد من حج ولم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه؛ لأن رفع الجناح الأصل فيه ورفع الإثم الأصل فيه أن يرجع كفاف لا له ولا عليه، يعني لم يستفد من هذه العبادة إذا قلنا: إنه مجرد رفع إثم، والمراد تقريره سواءً كان في الآية أو في الحديث بيان فضل الحج. الحنفية يستدلون بهذا الحديث على وجوب القصر، والجمهور يستدلون بهذا الحديث على عدم وجوب القصر، معنى الحديث محتمل، والحديث محتمل للمعنيين، والحنفية مشوا على أصل الفرض وهو الإيجاب، والجمهور أيدوا ما ذهبوا إليه بالأدلة اللاحقة -إن شاء الله تعالى-.

نأتي إلى الحنفية نقول: القصر عندكم واجب وإلا فرض؟ ويش يقولون؟ واجب، ليش ما يصير فرض؟ فرضت الصلاة خلاص، تستدلون بفرضت ولا تقولون: فرض؟ نقول: لهم اصطلاح خاص في التفريق بين الفرض والواجب. الآية المقررة لمشروعية القصر قطعية الثبوت لكن دلالتها على الإلزام ظنية عندهم، والحديث من الأصل، ظني الدلالة والثبوت، إذن قصر الصلاة في السفر واجب وليس بفرض عندهم، والحديث كما تقول عائشة: "أول ما فرضت الصلاة ركعتين" لمخالفة الاصطلاح للفظ الشرعي.

سبق أن ذكرنا أن زكاة الفطر عندهم واجبة وليست بفرض مع قول الصحابي: "فرض رسول الله -صلى الله عليه وسلم- زكاة الفطر" وبينا أن أهل العلم لهم اصطلاحات، وينبغي أن تكون هذه الاصطلاحات موافقة للألفاظ الشرعية، حينما يقول النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((غسل الجمعة واجب على كل محتلم)) ويقول: جماهير العلماء أنه ليس بواجب، هل نقول: هذه محادة للنص، خيار الأمة الأئمة كلهم نقول: هذه محادة للنص، مصادمة، الرسول يقول: واجب تقولون: ما هو بواجب، نقول: هذه اختلاف في الحقائق، حقيقة شرعية وحقيقة عرفية، عرف خاص عند أهل العلم، لو يقول شخص هذا مر مراراً تعرضنا لها، لو يقول شخص: أنا ما رأيت في عمري جمل أصفر، والله -جل وعلا- يقول: {كَأَنَّهُ جِمَالَتٌ صُفْرٌ} [(33) سورة المرسلات] نقول: هذه معاندة مصادمة؟ هو نظر إليهم من ناحية الحقيقة العرفية الأصفر بهذا اللون اللي هو الأصفر هذا في جمل بهذا اللون؟ نعم، في جمل؟ لو تأتي إلى أعرابي تقول له: جمل كالبيج هذا؟ يعني يسفهك، يضحك عليك، الحقيقة العرفية عنده تختلف عن الحقيقة العرفية عندك، فنظراً لاختلاف هذه الحقائق يسهل الأمر، ولا يكون هناك مصادمة ومعاندة؛ لأنه مع انفكاك الجهة يهون الأمر ينظر كل شخص إلى الشيء من زاوية معينة، بخلاف ما إذا اتحدت الجهة، فإذا اتحدت الجهة لا مندوحة من لزوم الألفاظ الشرعية، مع أنه كلما قربت الاصطلاحات العلمية الشرعية مع ألفاظ الشرع هو المطلوب، يعني العزيز عند أهل العلم تعريفه؟ ما يتفرد بروايته اثنان ولو في طبقة من طبقات الإسناد، والله -جل وعلا- يقول: {فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ} [(14) سورة يس] إيش. . . . . . . . .؟ العزيز مروي الثلاثة، نعم كلما قربت الاصطلاحات العلمية للألفاظ الشرعية هو الأولى، لكن إذا نظرنا في اصطلاحات أهل العلم وجدنا شيء من هذه الفوارق، ومردها اختلاف الحقائق العرفية، العرف الخاص عند أهل العلم مع الحقائق الشرعية، وبينا أنه قد يأتي في الشرع للفظ الواحد أكثر من حقيقة شرعية.

على كل حال رأي جمهور أهل العلم أن القصر في السفر رخصة، والله -جل وعلا- كما سيأتي في الحديث يحب أن تؤتى رخصه، فهل الراجح القصر أو الإتمام؟ هذا ما سيأتي ذكره في الحديث اللاحق -إن شاء الله تعالى-. أقرت صلاة السفر على أنها ركعتين، والمراد بذلك ما عدا المغرب، وأتمت صلاة الحضر، يعني أقرت صلاة السفر على الفرض الأول ما عدا المغرب، وأتمت صلاة الحضر أربع ركعات ما عدا الصبح. "وللبخاري: "ثم هاجر ففرضت أربعاً -ففرضت أربعاً- وأقرت صلاة السفر على -الفرض- الأول" ركعتين. "زاد أحمد" يعني من حديث عائشة -رضي الله عنها-: "إلا المغرب فإنها وتر النهار، وإلا الصبح فإنها تطول فيها القراءة"، "إلا المغرب فإنها وتر النهار" كيف وتر النهار؟ المغرب قبل غروب الشمس وإلا بعده؟ بعد الغروب إذن هي وين تقع في النهار وإلا في الليل؟ المغرب ليلية وإلا نهارية؟ ليلية، إذاً كيف تكون وتر النهار؟ كيف تكون وتر النهار وهي بعد غروب الشمس؟ ووتر صلاة الليل هل يقع في الليل وإلا في النهار؟ نعم، في الليل، وتر صلاة النهار يقع في الليل وإلا في النهار؟ هنا: "إلا المغرب فإنها وتر النهار" نعم؟ هي ليلية بلا شك، لوقوعها بعد صلوات النهار كأنها ختمت بها صلاة النهار، وهي وتر، يعني نظير ما يقال: رمي جمرة العقبة تحية منى، طيب جمرة العقبة داخل منى وإلا خارج منى؟ على الخلاف هل هي داخل وإلا خارج؟ الذي يقول: هي خارج منى كيف نقول: إن رمي جمرة العقبة تحية منى؟ يقول: نعم تحية ولو كانت خارج، الطواف تحية البيت وهو خارج البيت، نعم. على كل حال: "إلا المغرب فإنها وتر النهار" لأنها تعقبت صلوات النهار وجاءت بعدها فكأنها ختمت بها كالوتر.

"وإلا الصبح, فإنها تطول فيها القراءة"، "وإلا الصبح فإنها تطول فيها القراءة" ولذا عبر عنها بالقرآن، كما في قوله -جل وعلا-: {وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا} [(78) سورة الإسراء] ويكون المقصود بذلك صلاة الصبح؛ لأنه أطول أجزائها، القراءة أطول الأجزاء، فعبر بالجزء عن الكل، بالجزء الأعظم عن الكل، وشأن صلاة الصبح وكونها مشهودة أمر لا يخفى، جاءت به النصوص، وجاء التشديد فيها، وأن من صلاها في جماعة كان في ذمة الله حتى يمسي، وأنها أثقل الصلوات على المنافقين، ومن أراد بيان هذا الأمر فليرجع إلى طريق الهجرتين لابن القيم، لما شرح ابن القيم حال المقربين وأنهم يتقدمون إلى صلاة الصبح، ويحرصون أن يكونوا قرب الإمام، ليقبلوا على صلاتهم، ويسمعوا قراءة إمامهم، وبين أن لها شأناً عظيماً على طالب العلم أن يرجع إليه في طريق الهجرتين لابن القيم. "إلا المغرب" يعني فإنه لا يزاد على ثلاث ركعات لأنها وتر النهار، والوتر ينبغي أن يكون مقطوعاً على وتر، واحدة أو ثلاث، أو خمس، أو سبع، فهذه لا يزاد فيها بل تبقى على ثلاث فتكون وتراً. وإلا الصبح فإنها لا تزاد ولم تزد عن ركعتين؛ لأنها تطول فيها القراءة، فطول القراءة هي عوض عن جعلها أربع ركعات كالظهر والعصر والعشاء. الحديث الذي يليه: حديث عائشة -رضي الله عنها-: "أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يقصر في السفر ويتم, ويصوم ويفطر" رواه الدارقطني, ورواته ثقات إلا أنه معلول" إلا أنه معلول، إذا كان الحديث رواته ثقات هل يلزم من ذلك أن يكون متنه صحيحاً؟ وإذا كان الرواة غير ثقات هل يلزم من ذلك أن يكون المتن ضعيفاً؟ وعلى هذا يقال: هل هناك تلازم بين السند والمتن؟ هنا يقول: "رواته ثقات إلا أنه معلول" .. طالب:. . . . . . . . . من هو أوثق منه؟ طيب فإذا خالف؟ يعل بالمخالفة، يحكم عليه حينئذٍ بالشذوذ.

الأسانيد للمتون لا شك أنها كالقوائم لا تمشي المتون إلا بالأسانيد، حديث لا إسناد له لا قيمة له، لكن قد يوجد للحديث إسناد، والإسناد صحيح والرواة ثقات، لكن المتن غير صحيح، قد يهم الراوي الثقة قد يخطئ فيخالف من هو أوثق منه، كما أنه قد يروى الخبر بسند فيه كلام ويصح المتن فلا تلازم، قد يصح المتن لوروده من طرق أخرى، فلا تلازم حينئذٍ بين صحة المتن وصحة السند.

"إلا أنه معلول" يقول: "والمحفوظ" المحفوظ يقابله؟ نعم؟ الشاذ؛ لأن عندنا محفوظ يقابله إيش؟ الشاذ، وعندنا معروف يقابله المنكر، فالذي يقابل المحفوظ هو الشاذ، إذن الطريق الأول رواته ثقات إلا أنه شاذ، والمحفوظ الذي يقابل الشاذ "عن عائشة من فعلها" يقول شيخ الإسلام ابن تيمية في الرواية الأولى: "هو كذب على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-"، ويقرر أن النبي -عليه الصلاة والسلام- لم يتم في السفر، ولم يصم في السفر، فيقول كما .. ، فيما نقله ابن القيم في زاد المعاد: "هو كذب على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-"، "والمحفوظ عن عائشة -رضي الله عنها- من فعلها، وقالت: "إنه لا يشق علي" أخرجه البيهقي"، لا يشق علي، وهل عدم المشقة مبرر لفعل المخالفة أو أنها تقول في القصر رخصة والإتمام لا يشق عليها؟ والأصل الإتمام فتتم، ابن عمر لما أشار عليه النبي -عليه الصلاة والسلام- أن يقرأ القرآن في شهر، وقال: إنه يطيق أكثر من ذلك، ثم اقرأ القرآن في الشهر متين، ثلاثاً، اقرأ القرآن في سبع ولا تزد، وزاد على ذلك، ابن عمر فهم أن نهيه عن قراءة القرآن في أقل من سبع أنه للإشفاق عليه، من أجل الإشفاق عليه، ما دام ما يشق عليه والمسألة تحصيل ثواب؛ لأن من قرأ القرآن كان له بكل حرف عشر حسنات، كان له بكل حرف عشر حسنات، ومعلوم أن الذي يقرأ القرآن في ثلاث يحصل من الحسنات أكثر ممن يقرأ القرآن في سبع، ومادام النهي عن الزيادة إرفاقاً به يطلب الزيادة من الأجر، وهنا قالت: "إنه لا يشق علي" فالأصل الأربع ركعات، خفف عن المسافر للمشقة ولا مشقة علي، وأتمت، ثبت عن عائشة أنها أتمت، وثبت عن عثمان أنه أتم، وعائشة تأولت كما تأول عثمان -رضي الله عن الجميع- لكن يبقى أن الأفضل هو القصر؛ لأنه لم يحفظ عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه أتم في السفر، أنه أتم في السفر.

ابن القيم يقول في الرواية الأولى: "أن النبي -عليه الصلاة والسلام- كان يقصر في السفر وتتم" يعني عائشة ويصوم وتفطر، ويصوم وتفطر، وبعضهم يربأ بأم المؤمنين -رضي الله عنها وأرضاها- أن تخالف النبي -عليه الصلاة والسلام- وهي معه، وهذه الرواية يؤتى بها نعم لتتفق مع ما حفظ عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه لم يتم البتة. على كل حال بالنسبة للصيام ثبت أن النبي -عليه الصلاة والسلام- صام في السفر، ثبت عنه أنه صام وأفطر، صام وأفطر، لما بلغ كراغ الغميم أفطر، ثبت عنه الصيام في السفر، لكن المسألة مسألة إتمام الصلاة هي التي معنا الآن. بعد هذا حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: "قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إن الله يحب)) " وفي هذا إثبات المحبة لله -جل وعلا-، وفي الشق الثاني إثبات الكراهية، وأن الله -جل وعلا- يكره، يحب ويكره على ما يليق بجلاله وعظمته من غير مشابهة للمخلوق، ((يحب أن تؤتى رخصه)) يعني إذا كان المخلوق يسره أن تقبل هبته وهديته فكيف بالخالق الكريم المتفضل؟! ((يحب أن تؤتى رخصه)) الرخصة عند أهل العلم: ما ثبت على خلاف دليل شرعي لمعارض راجح، فعندنا القصر رخصة، الفطر في السفر رخصة، المسح ثلاثة أيام رخصة، أكل الميتة للمضطر رخصة، كل هذا ثبت على خلاف الأصل، خلاف الدليل الشرعي، الأصل الإتمام، الأصل مسح يوم وليلة؛ لأن الغالب حال الإقامة فتكون هي الأصل، الأصل هي الإقامة، والسفر أمر طارئ على خلاف الأصل، وهذه الرخصة جاءت على خلاف الأصل المقرر لمعارض راجح للأدلة الثابتة في حقها.

ومنهم من يقول: إن الرخصة مادام ثبتت بدليل مستقل لا يقال: إنها على خلاف الدليل الشرعي، بل هي على وفق الدليل الشرعي، إذن كيف نفرق بين الرخصة والعزيمة؟ الرخصة على ما ذكرنا: ما ثبت على خلاف دليل شرعي لمعارض راجح، والعزيمة: ما ثبت على وفق الدليل الشرعي مع عدم المعارض، مع عدم المعارض، الذي ينكر أن تكون الرخصة على خلاف الدليل الشرعي، هي وإن خالفت دليل إلا أنها وافقت دليل، كيف نقول: هذه على خلاف وهذه على وفق؟ الكل موافق، إذا قلنا بهذا كيف نفرق بين الرخصة والعزيمة؟ الرخصة ما فيه سهولة، تسهيل وتيسير بخلاف العزيمة، العزيمة جاءت على الأصل في التكاليف وأنها إلزام ما فيه كلفة، والرخصة تقليل لهذه التكاليف وتسهيل وتيسير على المكلف. ((إن الله يحب أن تؤتى رخصة كما يكره أن تؤتى معصيته)) هل في الحديث ما يدل على تفضيل الرخصة على العزيمة؟ في الحديث: ((إن الله يحب أن تؤتى رخصة ... يكره أن تؤتى معصيته)) (( ... يحب أن تؤتى عزائمه)) هل في هذا تفضيل على العزائم على الرخص أو على العكس؟ يعني كما يحب أن تؤتى عزائمه، يعني كونها جاءت قبل، يعني محبة العزيمة هو الأصل المشبه به، ومحبة الرخصة فرع مقيس عليه مشبه، والأصل أن المشبه أقل من المشبه به، فهو مشبه، شبهت الرخص في محبة الله -جل وعلا- لها وإتيانها بالعزائم في محبة الله -جل وعلا- لها وإتيانها، الأصل أن يكون تشبيه الرخصة بالعزيمة أن تكون العزيمة أفضل من الرخصة؛ لأن المشبه به أقوى من المشبه في باب التشبيه، زيد كالأسد تريد أن يكون الأسد أقل مرتبة من زيد؟ نعم؟ هذا الأصل أن يكون المشبه أقل من المشبه به، لكن تشبيه رؤية الباري -جل وعلا- برؤية القمر ليلة البدر هو المراد تقرير رؤية الباري، وما دام القمر لا يماري أحد في رؤيته، نعم إذن لا يماري أحد يسمع هذا التشبيه في رؤية الباري، والمراد تشبيه الرؤية بالرؤية، وليس المراد تشبيه المرئي بالمرئي، على كل حال هل في الحديث ما يدل على ترجيح الرخص على العزائم أو العكس؟ يعني تصلي ركعتين أو تصلي أربع ما في فرق؟ نعم؟ ((إن الله يحب أن تؤتى رخصه)) .. طالب:. . . . . . . . .

نعم الأصل العزائم، الأصل العزائم، والعزائم إذا لم يوجد مبيح لتركها نعم ليس المسألة مسألة محبة فقط، بل المسألة مسألة ترتيب عقاب عليها، بعضهم يفهم من مثل هذا السياق ترجيح الرخص على العزائم عند قيام سببها، فيرجحون القصر على الإتمام، يرجحون الفطر على الصيام، لكن هل الرخص إذا نظرنا إليها مجردة هل هي على مستوى واحد؟ يعني افترضنا أن شخص في آخر رمق ما بقي إلا الموت من الجوع ووجد ميتة؟ هل نقول: الأفضل أن يأكل أو الأفضل أن يترك؟ نعم جمع من أهل العلم يقولون: يجب عليه أن يأكل حفظاً للنفس. إذا قرر الأطباء أن زيد من الناس إن لم يعالج مات يجب عليه يعالج وإلا ما يعالج؟ بالنسبة للأكل من الميتة حفظ النفس متحقق، وأما بالنسبة للعلاج مظنون، ولذا يقول شيخ الإسلام: "لا أعلم سالفاً أوجب العلاج"، "لا أعلم سالفاً أوجب العلاج" يعني لا أعلم أحداً من السلف أوجب العلاج. على كل حال مسألة الأفضل في القصر والإتمام والصيام والفطر مسألة خلافية بين أهل العلم، والذي يميل إليه جمع من المحققين تقديم إتيان الرخص على العزائم، وأن العزائم تبقى في موضعها، والرخص تبقى في موضعها، وأن الإنسان يتصرف مع النصوص كيفما دارت، أفطر بالنص وصام بالنص، أتم بالنص، قصر بالنص، فهو يدور مع النصوص حيثما دارت، ومادام النبي -عليه الصلاة والسلام- لم يحفظ عنه أنه أتم في السفر فالقصر أفضل، القصر أفضل، وأما بالنسبة للصيام فالنصوص مجتمعة تدل على أنه إذا كان الصيام لا يشق فإنه من أفضل الأعمال، وثبت عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه صام، وإذا كان يشق فثبت عنه أنه قال -عليه الصلاة والسلام-: ((أولئك العصاة)) وقال: ((ليس من البر الصيام في السفر)) وقال: ((ذهب المفطرون بالأجر)) مع المشقة. "وعن أنس -رضي الله عنه- قال: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا خرج مسيرة ثلاثة أميال أو فراسخ -شعبة الشاك- صلى ركعتين" رواه مسلم".

"وعن أنس -رضي الله عنه- قال: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا خرج مسيرة ثلاثة أميال أو فراسخ -الشك من شعبة- صلى ركعتين" ثلاثة أميال، الميل كيلو أو كيلوين إلا ثلث، إذن ثلاثة أميال خمسة كيلو، والفرسخ الواحد ثلاثة أميال، ثلاثة أميال، إذا قلنا: ثلاثة فراسخ في خمسة كيلو خمسة عشر كيلو، أو خمسة كيلو على الوجه الأول من وجهي التردد، و (أو) هنا للشك، التصريح في الصحيح أن الشك من شعبة، الحديث يبين أن النبي -عليه الصلاة والسلام- إذا خرج مسيرة ثلاثة أميال قصر الصلاة، وقد صلى الظهر بالمدينة أربع ركعات، وصلى العصر بذي الحليفة ركعتين، وذي الحليفة قريبة جداً من المدينة، تعادل فرسخ وإلا ما تعادل؟ خمسة عشر كيلو فرسخ واحد وإلا ما تعادل؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . أقل، إيه هو أقل من خمسة عشر كيلو، فهي أقل من فرسخ، وعلى هذا يحمل الحديث على مفهوم الحديث الثاني، وأنه في بداية سفر، ومجرد ما يخرج من عامر البلد ويتلبس بالوصف الذي علق به الترخص، الوصف الذي علق به الترخص السفر، فلا بد من التلبس بهذا الوصف ليتم الترخص، وعلى هذا إذا أراد الإنسان أن يسافر ولم يخرج من البلد، عازم على السفر يقصر قبل أن يخرج؟ قبل أن يتلبس بالسبب المبيح؟ نعم لا يقصر، إذن حديث أنس لما أراد أن يسافر قبل أن يخرج أفطر، ورفعه إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- هذا تنزيل للهم منزلة الفعل، تنزيل للعزم منزلة الفعل، لكن هل للإنسان أن يترخص قبل أن يفارق البلد، ويباشر السبب الذي علق عليه الترخص؟ نعم لو ثبت حديث أنس وصححه بعض المتأخرين لكان حجة، لكن الحديث فيه مقال، فيبقى أن السبب المبيح للقصر والمبيح للفطر هو السفر، ولا يجوز أن يترخص الإنسان حتى يباشر السبب الذي علق عليه الترخص، افترضنا أن البلد له مطار، وهناك فاصل بين المطار وبين البلد، فارق البنيان لكنه مازال في المطار، يترخص وإلا ما يترخص؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . لماذا؟ طالب:. . . . . . . . .

نعم، ما دام في مطار البلد فهو لم يفارق البلد، والمساحة التي بين المطار وبين البلد مثل الفجوات التي توجد داخل المدن، ولذلك إذا وصل إلى هذا المطار قيل: وصلنا إلى كذا، وصلنا إلى الدمام، وصلنا إلى الرياض، بمجرد وصول المطار، إذن المطار من البلد، والذي في المطار لم يباشر السبب إلى الآن لم يسافر إلى الآن، هل يصح أن يقول: سافرت الآن؟ هو لم يسافر حتى يفارق هذا العامر، نعم قد يوجد من يفتي بأنه خرج من البلد وترك البلد وراء ظهره، وينظرون في هذا أيضاً مصلحة تحصل الوقت أو تحصيل الإتيان بالصلاة على وجهها؛ لأنه قد توجد في المطار مثلاً في وقت صلاة الظهر إن لم تجمع إليها العصر، أمامك سفر طويل يستغرق المدة كلها، إن أخرت إلى أن تصل المطار الثاني ذهب الوقت، وإن صليت على حسب حالك في الطائرة أتيت بالصلاة على شيء أو على وجه فيه شيء من الخلل تقتضيه الحال، ويقتضيه الظرف، ظرف السفر، ظرف الركوب، ظرف المكان، فهم تحصلاً للفائدة وهي مصلحة كبرى وهو الإتيان بالصلاة على وجهها يقولون: اجمع جمع تقديم، وأنت ما دام وصلت إلى المطار وفارقت البلد الحمد لله، لكن يبقى المسألة شرعية معلقة بوصف أمر عظيم، يعني لو إنسان صلى في بلده في مسجده ركعتين الظهر هل يقال: اجتهد وحصل الصلاة ولو على وجه؟ نقول: لا يا أخي صلاته باطلة، فالمسألة شرع، ما دام موجود في البلد خرجنا من الرياض وأنت في المطار، خرجنا طارت الطائرة، فارقنا الرياض، إذن أنت ما دمت في المطار لم تفارق البلد. هل في الحديث ما يدل على تحديد المسافة، مسافة السفر، يعني ثلاثة أميال، منهم من قال: إن مسافة السفر ثلاثة أميال، ومنهم من قال: ميل، خلاص من سافر ميل يقصر ويفطر، أو ثلاثة أميال كما هنا، أو ثلاثة فراسخ، إذا كانت منتهى السفر الثلاثة هل له أن يقصر أو ليس له أن يقصر؟ عرفنا أن أقل من فرسخ قصر النبي -عليه الصلاة والسلام- في ذي الحليفة، لكن هل هذا منتهى السفر؟ ليس هذا منتهى السفر، وليس فيه دليل على أن من سافر هذه المدة أنه مسافر وأنه يترخص، بل فيه دليل أنه مجرد ما يفارق البلد ولم تكن غاية السفر إلى هذه المسافة فإنه يباشر الرخص.

إذن مسافة القصر مسألة خلافية بين أهل العلم، المسافة التي تقصر فيها الصلاة، والجمهور على التحديد، تحديد المسافة، والأكثر على مسيرة يومين أربعة برد ثمانين كيلو، فإذا وجدت هذه المسافة أجازوا الترخص إذا كان الباعث على السفر مباح نزهة مثلاً أو مستحب أو واجب، أما إذا كان الباعث على السفر محرم، الباعث على السفر محرم، سفر المعصية يترخص من سافر سفر معصية؟ الجمهور على أنه لا يترخص؛ لأنه لا يعان على تحصيل معصيته، والرخص لا شك أنها إعانة للمسافر، وعند الحنفية يجوز له أن يترخص، الحكم علق بسبب وجد السبب بغض النظر عن الأهداف والمقاصد، لكن إذا قلنا للي يسافر سفر معصية بدل أن تصلي أربع ركعات صلي ركعتين كأننا نقول له: اغتنم الوقت لتحصيل هذه المعصية، ولذا جاء في الأكل من الميتة للمضطر التقييد بكونه غير باغ ولا عاد، فدل على أنه لو كان باغياً أو عادياً لا يجوز له أن يأكل من الميتة، ويقاس عليها بقية الرخص، فلا يجوز له أن يجمع، ولا يجوز له أن يقصر، ولا يجوز له أن يمسح أكثر من يوم وليلة، ولا يجوز له أن يأكل من لحم الميتة، فليس له أن يترخص مادام عاصياً في سفره، أما إذا كان السفر مباحاً كسفر النزهة يجوز له، إذا تحققت المسافة المقررة عند الأكثر، منهم من يقول: السفر يكفي مسيرة يوم للنهي عن سفر المرأة بغير محرم مسيرة يوم، ومسيرة اليوم كأن هذا هو المرجح عند الأمام البخاري تقدر بأربعين كيلو، الآن حينما تضبط المسافة بالوقت بيوم بيومين، وتقدر هذه المسافة هذه المدة المقررة بالكيلوات يصير المرجع الوقت وإلا المرجع المسافة؟ الجمهور قدروا المسافة حتى، قالوا: ولو قطعها في ساعة، أنتم استدللتم بأن المسافر لا يسافر مسيرة يوم مسافة هذا اليوم سواءً كانت أربعين كيلو على الإبل المحملة، أو كان فيها عشرة آلاف كيلو، أو حتى عشرين ألف كيلو، تستدلون لا تسافر المرأة مسيرة يوم، فكيف يقال: اليوم أربعين كيلو؟ على هذا يكون الأصل المسافة أو الأصل المدة؟ مدة السير، دعونا من مدة الإقامة، هذه مسألة أخرى ستأتي، إذا قلنا: مسيرة يومين، أو مسيرة يوم ويستدل لذلك بحديث النهي عن سفر المرأة بغير محرم، نهى أن تسافر المرأة بغير محرم مسيرة

يوم، جاء أيضاً تسافر ثلاثة أيام، ونهى أن تسافر المرأة من غير تقييد، فدل على أن المرأة لا يجوز لها أن تسافر، لا يجوز لها أن تباشر السفر، لا يجوز لها أن تخرج من البلد إلا بمحرم، والمدة غير مرادة، بدليل تفاوت هذه الأزمنة، فلا يجوز للمرأة بحال أن تخرج من البلد بغير محرم ولو ميل واحد، فالمفهوم -مفهوم المدة- غير مراد؛ لأنها جاءت متفاوتة، هؤلاء الذين استدلوا بهذه الأحاديث على تقدير مسافة القصر اعتمدوا المسافة، والأكثر على اعتماد مسيرة يومين يعني مرحلتين ثمانين كيلو من مكة إلى الطائف من مكة إلى جدة، من مكة إلى عسفان كما يقول الصحابة، وما دون ذلك فليس بمسافة قصر، هذا قول الأكثر في مسافة القصر. من أهل العلم من يرى أنه لا تحدد المسافة بمقدار معين؛ لأنها جاءت مطلقة في النصوص، وكيف نحدد ونقيد ما أطلقه الله -جل وعلا- في كتابه؟ وهذا ما يراه شيخ الإسلام ابن يتيمة، يقول: جاء السفر غير مقيد لا بمدة ولا مسافة فكيف نقيد ما أطلقه الله -جل وعلا-؟ أولاً: التقدير بأربعة برد اللي هي ثمانين كيلو ثابت عن الصحابة، ورأي شيخ الإسلام من حيث الوجاهة وجيه، والأدلة التي يعتمد عليها الجمهور قد لا تكون في صراحتها في الدلالة على المطلوب بقوة ما يقوله شيخ الإسلام، لكن إذا نظرنا إلى الآثار المترتبة على إطلاق السفر في مسافته وفي مدة الإقامة الآثار المترتبة على ذلك وجدنا أن التحديد وسلوك مذهب الجمهور وجدناه أضبط وأحوط للعبادة، ومطلوب من الإنسان أن يحتاط لدينه، وكان الشيخ ابن باز -رحمة الله عليه- يفتي بقول شيخ الإسلام ثم رجع عنه إلى قول الجمهور؛ لأنه أضبط للعبادة، وإذا قلنا بعدم التحديد بمسافة هل نقول: للذي يسافر يطلع عن البلد خمسة كيلو يقصر ويجمع يقصر ويجمع وإلا لا؟ يفطر؟ تحديد ما يسمى سفر هل هناك ما يضبطه؟

المشقة غير منظور إليها؛ لأنه لو قلنا بالمشقة نعم الأصل في السفر أنه شاق، نعم، والرخص إنما جاءت لإزالة هذه المشقة، لكن يبقى أنه لو سافر شخص بدون مشقة إطلاقاً، نقول: لا يترخص لعدم وجود المشقة، وهل عرف الناس منضبط في هذه الأمور؟ يعني لما اعتمد عند بعض أهل العلم قول شيخ الإسلام، وأفتي للطلاب الذين يدرسون في بلد ما أربع سنين، خمس سنين، ثمان سنين أنهم يترخصون لأنهم مسافرون، لو شاع هذا في بلاد المسلمين كيف تنضبط الأمور؟ ناس جايين للمنطقة يدرسون خمس سنوات ويرجعون بالجامعة مثلاً، أو جايين للرياض وبيرجعوا بيجمعون الصلوات، ويفطرون رمضان، ويمر عليهم رمضانات من غير قضاء ويش الناس الآن في مثل هذه الظروف؟ الناس منهم المتساهل المنفلت،، ومنهم الموسوس هو ما في شك أن المرد إلى لغة العرب، المرد في هذا إلى لغة العرب، لكن لغة العرب قالت: السفر من البروز إذا قيل سافر فلان يعني برز عن بلده، خرج عن بلده، أي خروج، ومنه قيل: سمي السفر لأنه يسفر ويبرز الخلال والخصال التي تنطوي عليها الأنفس، الإنسان في السفر يظهر على حقيقته، المجاملات وما المجاملات تنتهي في السفر، ومنه قيل للمرأة التي تبرز محاسنها: سافرة، فمجرد البروز والخروج سفر، فهل يمكن أن نقول بمثل هذا أو نقول: إن السلف فهموا -بما في ذلك بعض الصحابة- فهموا أن السفر لا بد من ضبطه؟ ومثل ما ذكرنا الشيخ ابن باز كان يفتي بالإطلاق بقول شيخ الإسلام، ثم رأى أن المصلحة في ضبط الأمر، ولا ينضبط الناس إلا بتقدير معين، لا في المسافة والمعتمد عليه عند الأكثر أنها ثمانين كيلو، أربعة برد، والمدة التي هي أربعة أيام، وسيأتي الكلام فيها -إن شاء الله تعالى-.

((لا يرى عليه أثر السفر)) إذا قلنا: هذا ضابط في هذه الأعصار أن الأثر هو الضابط طيب قد يسافر الإنسان ألوف الأميال ولا ينثني شماغه، ولا ينثني ثوبه، نقول: ما في رخص أجل؟ نقول: ما في رخص؟ لا يرى عليه أثر السفر أبداً، الشماغ كأنك مطلعه من الغسالة الآن، والثوب مثل، وقد يحصل للمقيم من الأثر أكثر مما يحصل للمسافر الآن، المسافر جالس على كرسي مريح وثير، ورجل على رجل، ويقرأ جريدة ونقول له: لا تترخص، أقول: إن ما يستدل به الجمهور قد لا يقوى على الدعوى، لكن الإطلاق الذي يميل إليه شيخ الإسلام ومن يقول بقوله لا يمكن ضبطه، ونقول: اتباعنا لفهم من سلف بما في ذلك الصحابة الذين هم سادة الأمة هم أولى بالتقليد من غيرهم، ولذا رجع الشيخ ابن باز -رحمه الله تعالى- عما كان يفتي به من الإطلاق إلى التحديد، وهو قول الأكثر، قول الجمهور. "وعنه -رضي الله عنه- قال: "خرجنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من المدينة إلى مكة، فكان يصلي ركعتين ركعتين حتى رجعنا إلى المدينة" حتى رجعنا إلى المدينة، ومعلوم أن مدة السفر في الذهاب عشرة أيام، خرجوا من المدينة لخمس بقين من القعدة، ودخلوا مكة لخمس مضين من ذي الحجة عشرة أيام، ومكثوا اليوم الخامس والسادس والسابع والثامن والتاسع والعاشر والحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر تسعة أيام، ثم عادوا إلى المدينة، وقل: إن الإياب مثل الذهاب عشرة أيام، فمنذ خرج من المدينة إلى أن رجع إليها وهو يصلي ركعتين، عشرة وعشرة وتسعة شهر كامل، وإن كان الاحتمال قائم في خروجهم هذا هل هو عام الفتح أو عام حجة الوداع؟ على كل حال المسألة محتملة، فهنا المدة شهر، تسعة وعشرين يوم، فهل نقول: إن هذه المدة هي الحد في الترخص أو أن للمسافر أن يترخص ولو زادت المدة على الشهر؟

والحديث الذي يليه: "عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: "أقام النبي -صلى الله عليه وسلم- تسعة عشر -يعني يوماً- يقصر الصلاة"، "أقام النبي -صلى الله عليه وسلم- تسعة عشر -يعني يوماً- يقصر الصلاة"، "وفي لفظ: "بمكة تسعة عشر يوماً" رواه البخاري، وفي رواية لأبي داود: "سبع عشرة"، ويمكن التوفيق بين الروايتين الرواية الأولى: تسعة عشرة، يعني إذا عددنا يوم الدخول ويوم الخروج بسبعة عشرة بدون يوم الدخول ولا يوم الخروج، "وفي أخرى: "خمس عشرة" كيف نوفق؟ طالب:. . . . . . . . . منكرة صحيح. "وله عن عمران بن حصين -رضي الله عنهما-: "ثماني عشرة" وهذه الرواية ضعيفة؛ لأنها من رواية علي بن زيد بن جدعان وهو ضعيف عند الجمهور، وعلى كل حال المعتمد رواية البخاري: "تسعة عشر" ويقصر الصلاة، بل يقصر أكثر من ذلك ما دام مسافراً، ما دام مسافر يقصر. "وله" يعني لأبي داود "عن جابر -رضي الله عنه-: " أن النبي -عليه الصلاة والسلام- أقام بتبوك عشرين يوماً يقصر الصلاة" وهذا الحديث وإن كان ورواته ثقات إلا أنه اختلف في وصله وإرساله.

جاء عن بعض الصحابة أنه أقام ستة أشهر يقصر، ستة أشهر يقصر الصلاة، والجمهور .. ، الحنفية عندهم المدة خمسة عشر يوماً، وعند الشافعية والحنابلة: أربعة أيام إذا أقام وعزم على الإقامة في مكان ما أكثر من أربعة أيام فإنه لا يجوز له أن يقصر، من أين جاء التحديد بالأربعة؟ يعني رأي الأكثر رأي المالكية والشافعية والحنابلة التحديد بأربعة أيام، وعند الحنفية خمسة عشر يوماً، الحنفية استدلوا على بعض الروايات السابقة، لكن بما استدل الجمهور على تحديد المدة بأربعة أيام، الخامس والسادس والسابع وفي الثامن خرج إلى منى، نعم، يعني هو أقام بمكة أربعة أيام فقط صح وإلا لا؟ وأيضاً أذن للمهاجر أن يقيم ثلاثة أيام، يمكث ثلاثة أيام، وهو منهي عن الإقامة في البلد الذي هاجر منه، فدل على أن الثلاثة أيام ليست بإقامة، الثلاثة الأيام المأذون بها ليست بإقامة، إذن ما زاد عليها وهو اليوم الرابع فعلى هذا تكون الأيام الأربعة إقامة؛ لأنه لم يؤذن للمهاجر أن يقيم في البلد الذي هاجر منه أكثر من ثلاثة أيام، فدل على أن ما فوق الثلاثة وهي الأربعة إقامة، ونقول: مثل ما قلنا سابقاً أن مثل هذه الأدلة لا تنهض على تقرير مثل هذه المسألة الكبرى، لكن يبقى أن عدم التحديد فيه تضييع، فيه تضييع لهذه العبادة التي هي أعظم شعائر الإسلام، ولذا المعتمد عند الجمهور التحديد وهو المفتى به عند شيوخنا، هو المفتى به، وهو المعتمد حفاظاً على هذه العبادة العظيمة، محافظة على هذه العبادة العظيمة، ولكي يخرج الإنسان من عهدة هذه العبادة بيقين؛ لأنه إذا قصر الصلاة أو جمع مع وجود هذا الخلاف الكبير عرض صلاته للبطلان عند قوم، لكن إذا أتم صلاته صحيحة وإلا باطلة؟ على جميع الأقوال حتى عند من يقول بوجوب القصر صلاته صحيحة، ما يقول أحد ببطلان الصلاة إذا أتمها المسافر، ولا يقول أحد ببطلان الصلاة إذا لم يجمع بين الصلاتين، فعلى هذا الاحتياط، الاحتياط لهذه العبادة العظيمة، الاحتياط لهذه العبادة العظيمة لا شك أنه أولى، ولذا رجع إليه الشيخ -رحمه الله-، وصلت مكة، وصلت جدة، وصلت الرياض، في هذه .. ، تصلي عشرين فرض إذا زادت خلاص، إذا نويت الإقامة أكثر من عشرين، إذا نويت

الإقامة أكثر من عشرين فرض فأنت مقيم، أما أربعة أيام فأقل لست بمقيم مسافر. طالب:. . . . . . . . . لا ما تقصر أربعة أيام أنت مقيم، ما تقصر، ما دام عازم على الإقامة، لكن ما دمت متردداً هل تجلس أربعة أيام؟ هل تجلس ثلاثة؟ هل تجلس عشرة؟ ما تدري فلو مكثت سنة تقصر وتجمع، الكلام فيمن أزمع أو عزم على الإقامة هذه المدة، وعلى كل حال لا حجر على الاجتهاد، لأن مو معنى هذا أننا إذا احتطنا للعبادة أننا نلغي الأقوال الأخرى، لا، يعني شيخ الإسلام -رحمه الله تعالى- إمام من أئمة المسلمين، يعني لو ضبط لنا المسألة بضابط يمكن أن يحمل عليه الجميع مثل ما ذكرت الأدلة على تحديد المدة والمسافة قد لا تنهض لمثل هذا القول الكبير. يقول: أقام ابن عمر بأذربيجان ستة أشهر يقصر الصلاة، معلوم أن هذا محمول على أنه لا يدري متى يسافر؟ هو عازم على عدم الإقامة لكن الإقامة الجبرية هل هي إقامة؟ إقامة جبرية، شخص أراد سافر بنية أن يجلس يوم، جاء من الرياض إلى الدمام أو العكس وفي نيته أن .. ، حاجة ويرجع على طول، صار له حادث وسجن لمدة شهر هذا مقيم؟ يعني الإقامة الجبرية هل تسمى إقامة؟ ليست إقامة، وعلى هذا فعل ابن عمر ستة أشهر يقول القائل: إن الثلج لن ينحل في أقل من شهر مثلاً الذي حال دونه ودون السفر، فكيف نقول: إن ابن عمر في حكم المقيم؟ نقول: هذه إقامة ليست بإقامة حقيقة، إنما هي ليست باختياره ولا بطوعه، يعني شخص سجن، شخص حبسه حابس ليست إقامته بطوعه ولا اختياره، إذن لا تسمى إقامة، مسألة الجمع ستأتي -إن شاء الله تعالى- غداً نختم بها الدورة، والله أعلم. وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. طالب:. . . . . . . . . الذي يقول: إنه خاص بالفرائض ما يدخل التراويح، ويش المانع أن تكون التراويح في البيت أفضل من المسجد وما يصليها جماعة؟ لا سيما إذا كان تركه للجماعة لهدف صحيح، يقول: الجماعة يقرؤون نصف جزء وأنا بأقرأ خمسة أجزاء، هذه أيام فاضلة ليش أفرط بها؟ ويفعله كثير من أهل العلم الآن، يصلون في بيوتهم، بدل من أن يقرأ نصف جزء ويسمع .. ، يصلي في بيته.

والأولى خشية أن يظن به خلاف ما هو عليه أن يصلي مع الجماعة ويزيد في بيته ما شاء، يصلي لنفسه ما شاء. طالب:. . . . . . . . . يعني إذا خرجوا من الأحساء وقت الظهر يصلون الظهر والعصر متى يصلون الرياض؟ بعد دخول وقت العصر. طالب:. . . . . . . . . هو إذا كان هدفهم أن يستريحوا من الصلاة هذه مشكلة، يعني ينبغي أن تصلى الصلوات في أوقاتها حسب الإمكان إذا كان هذا يشق عليهم فالله يحب أن تؤتى رخصه. طالب:. . . . . . . . . حديث اليوم حديث الباب: المغرب وتر النهار بالنص، وكونها وتر النهار ذكرنا أنها لأنها وقعت بعد أو ختام صلوات النهار فهي كالوتر له، ومعارضة هذا الكلام لحديث: ((لا وتران في ليلة)) غير واردة؛ لأن المقصود بالوتر الوتر الذي يقع بين صلاة العشاء وطلوع الفجر، يعني لا معارضة بين هذا الحديث وحديث: ((لا وتران في ليلة)) لأن المقصود بالوتر الذي جاء المنع منه ما يقع في وقت الوتر، ووقت الوتر بين صلاة العشاء وطلوع الفجر، فلو أوتر شخص مرتين بعد صلاة العشاء قلنا: لا وتران في ليلة، لكن ماذا عما لو أوتر في المغرب بين العشاءين هل يشمله حديث: ((لا وتران في ليلة))؟ نقول: صلى صلاة غير مشروعة، صلاة مبتدعة، لو صلى ثلاث ركعات بعد صلاة المغرب أو صلى خمس ركعات، أو صلى ركعة نقول: هذه بدعة لم يأتِ بها شرع، وأما صلاة المغرب فليست واقعة في وقت الوتر وإن كانت وتراً، فهي غير داخلة في الوتر المنفي. طالب:. . . . . . . . .

الآن ما هو بعندنا وقت الصيام من طلوع الفجر إلى غياب الشمس، هل حصلت نية نقض الصيام نية الفطر في هذه المدة؟ إذن لا أثر لها، لكن لو نوى الإفطار في أي جزء من طلوع الفجر إلى غروب الشمس من نوى الإفطار أفطر، طيب لو أن شخصاً .. ، وهذا كما هو معلوم في الفريضة أما النافلة لو نوى نقضها، نعم النافلة لو صلى الصبح وجاء إلى البيت وقال: عندكم فطور ناوي يأكل؛ لأنه لا يشترط للنافلة تبييت، النافلة لا يشترط لها تبييت نية، فيختلف حكمها عن حكم الفريضة، ما دام ما أكل ولو نوى أن يأكل لا أثر لهذه النية في صوم النفل، لكن لو نوى الإفطار في أي جزء من طلوع الفجر إلى غروب الشمس في الفريضة يقول أهل العلم: أفطر، من نوى الإفطار أفطر، طيب من نوى نقض الوضوء ينتقض وضوؤه وإلا ما ينتقض؟ نعم، شخص متجه إلى الدورة يريد أن ينقض الوضوء ويتوضأ، سمع الإقامة قال: أنقض الوضوء بعد الصلاة نقول: انتقض وضوؤه وإلا ما انتقض؟ ما انتقض، لماذا؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . كيف؟ طالب:. . . . . . . . . نعم نوى الإفطار ولا أكل ما هو مثله؟ مثله وإلا لا؟ طالب:. . . . . . . . . ويش هو؟ ويش هو اللي ما هو بواجب؟ ارفع صوتك، ارفع صوتك. طالب:. . . . . . . . . ما هي بواجبة؟ شرط، مثل النية في الصيام، مثل النية في الصلاة، هم يقولون: من نوى الإفطار أفطر، فهل من نوى نقض الوضوء ينتقض وضوؤه بعد الفراغ من العبادة؟ النية لا أثر لها بعد الفراغ، نعم؟ طالب:. . . . . . . . .

إذن نرجع إلى كلام الأخ، أنه بعد الانتهاء من العبادة لا أثر للنية فيها، ولذا إذا أذن المغرب وغربت الشمس ونوى الإفطار نوى نقض الصيام، قال: أنا هذا الصيام ما هو بمعجبني، أبصوم يوم غيره يبطل صيامه؟ صيام أمس، نعم ما له أثر بعد الفراغ من العبادة، ولذا يقولون في النية .. ، لكن التنظير أن يقال شخص يتوضأ الآن لما غسل وجهه ويديه، غسل وجه واليدين نوى نقض الوضوء، ينتقض وإلا ما ينتقض؟ ينتقض ولذا يشترطون استصحاب الحكم، حكم النية، إيش حكم النية؟ ألا ينوي نقضها حتى تتم الطهارة، وهنا لا ينوي نقض الصيام حتى يتم الصيام، فإذا نوى نقض الطهارة بعد فراغه من الطهارة، أو نوى نقض الصيام بعد فراغه من الصيام لا أثر لهذه النية. طالب:. . . . . . . . . أما بالنسبة للزوم الجماعة على من يسمع النداء عليه أن يجيب، كما في حديث ابن أم مكتوم ((أتسمع النداء؟ )) قال: نعم، قال: ((أجب لا أجد لك رخصة)) وأما بالنسبة للقصر في المشاعر والجمع في عرفة وفي مزدلفة فمن أهل العلم من يقول: إنه من أجل النسك، وعلى هذا يجمع ويقصر كل حاج، سواء كان بينه وبين مسكنه مسافة قصر أو دون ذلك، ولا ينظر إلى المسافة حتى أهل مكة يجمعون ويقصرون؛ لأن الجمع والقصر من أجل النسك، ليستعان بالقصر والجمع على تطويل وقت الوقوف، وتطويل وقت الراحة في مزدلفة لمباشرة أعمال يوم النحر بقوة ونشاط، هذا قول معتبر عند أهل العلم، ومنهم من يقول: أبداً الجمع والقصر للسفر، وعلى هذا لا يجمع في عرفة إلا من كان بينه وبينها مسافة قصر، ولا يجمع في مزدلفة إلا من كان بينه وبينها مسافة قصر، ولا يقصر في منى إلا من كان بينه وبينها مسافة قصر، وهذا هو مقتضى قول الأكثر، مقتضى قول الجمهور، لكن ما حفظ عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه نبه أهل مكة أن يتموا الصلاة في عرفة ولا في مزدلفة ولا في منى إنما نبههم في مكة، لما صلى بهم في المسجد قال -عليه الصلاة والسلام-: ((أتموا فإنا قوم سفر)) لكن مقتضى قول الجمهور أن أهل مكة ومن كان دونه ودون هذه المشاعر أقل من مسافة القصر أنهم لا يجوز لهم أن يقصروا الصلاة ولا يجمعوا. طالب:. . . . . . . . .

نعم الرخص حكمها واحد، الرخص حكمها واحد، لا يجوز أن يجمع، ولا يجوز أن يقصر حتى يفارق عامر البلد، نعم. طالب:. . . . . . . . . المرأة لا يلزمها المصافة، وجاء في حديث أنس أن أم سليم خلفهم، والعجوز من وراءنا، فليست .. ، انفراد المرأة في الصف لا يقتضي بطلانه، وتكون حينئذٍ مخصصة من عموم: ((لا صلاة لمنفرد خلف الصف)) الكلام موجه إلى الرجال، يعني لو أن الانفراد مؤثر في النساء لطلب امرأة نعم تصلي مع أم سليم، وحينئذٍ لا صلاة لمنفرد خلف الصف، أما الرجال فالجماعة والمصافة مقصد شرعي بالنسبة لهم، نعم. طالب:. . . . . . . . . من يقف في آخر الصف الأول المتأخر نظير من يقف في الصف المؤخر من الرجال، نعم. طالب:. . . . . . . . . الحكم الشرعية قد ندركها وقد لا ندركها، قد يقول قائل: النساء في مكان معزول لا يراهن أحد، والتقدم مطلوب، والقرب من الإمام و .. ، هذا النص، وعلينا أن نسمع ونطيع ((خير صفوف النساء آخرها، وشرها أولها)). طالب:. . . . . . . . . لا يجوز السفر ولا .. ، السفر يعني الخروج من البلد والبروز منه لا يجوز ولا دقيقة فضلاً عن ساعة، ويتساهل الناس في السفر لا سيما المعلمات يخرجن من البلد مع سائق، ولو كن جمعاً، لا يجوز السفر والمراد بالسفر الإسفار والبروز والخروج عن البلد، فلا يجوز أن تركب مع غير محرمها، ولو كن جمعاً من النساء، السفر له مخاطر، يسأل بعض من يتولى نقل المعلمات إلى خارج المدن يقول: إننا لا نستطيع أن نقف في أثناء الطريق لأداء صلاة الصبح، ويريد أن ينتظر بالصلاة حتى تطلع الشمس ويصلون المدرسة، ظلمات بعضها فوق بعض، ظلمات بعضها فوق بعض، كم من المصائب والكوارث حصلت من مثل هذا التساهل، هذا بالنسبة للسفر، أما بالنسبة للخلوة بالسائق فتحرم الخلوة بالسائق في السيارة إذا لم يكن محرم ولو كانت داخل المدن، فإذا انضم إليها أخرى انتفت المحرمية، انتفت الحرمة لعدم الخلوة، ونفرق بين الخلوة وبين السفر، السفر ولو انتفت الخلوة تبقى الحرمة لا بد من محرم، داخل المدن انتفى السفر ...

كتاب الصلاة (30)

بلوغ المرام – كتاب الصلاة (30) تابع: شرح: باب: صلاة المسافر والمريض الشيخ/ عبد الكريم بن عبد الله الخضير هذا واحد من الإخوان أحضر شرح حديث أبي هريرة من فتح الباري أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إذا صلى أحدكم للناس فليخفف -فإن فيهم، أو- فإن منهم الضعيف والسقيم والكبير، وإذا صلى أحدكم لنفسه فليطول ما شاء)) يقول: قال ابن حجر الشرح: "قوله: ((فإن فيهم)) كذا للأكثر، وللكشمهني ((فإن منهم))، قوله: ((الضعيف والسقيم)) المراد بالضعيف هنا ضعيف الخلقة، والسقيم من به مرض، زاد مسلم من وجه آخر عن أبي الزناد: ((والصغير والكبير)) وزاد الطبراني من حديث عثمان بن أبي العاص: ((والحامل والمرضع)) وله من حديث عدي بن حاتم: ((والعابر السبيل)) وقوله في حديث أبي مسعود الماضي: ((وذا الحاجة)) وهي أشمل الأوصاف المذكورة، قوله: ((فليطول ما شاء)) ولمسلم: ((فليصل كيف شاء)) أي: مخففاً أو مطولاً، يقول: واستدل به على جواز إطالة القراءة ولو خرج الوقت، وهو مصحح عند بعض أصحابنا، وفيه نظر؛ لأنه يعارضه عموم قوله في حديث أبي قتادة: ((إنما التفريط أن يؤخر الصلاة حتى يدخل وقت الأخرى)) أخرجه مسلم، وإذا تعارضت مصلحة المبالغة في الكمال بالتطويل ومفسدة إيقاع الصلاة في غير وقتها كانت مراعاة ترك المفسدة أولى، واستدل بعمومه أيضاً على جواز تطويل الاعتدال والجلوس بين السجدتين. الكلام في جواز ذلك لا الأولى منهما، يعني هل الأولى أن يقرأ سورة من ثلاثين أو أربعين أو خمسين آية وتقع الصلاة كلها في وقتها يسلم منها قبل خروج الوقت؟ أو الأفضل أن يقرأ بسورة البقرة مثلاً ولو وقع نصف الصلاة في الوقت ونصفها الثاني خارج الوقت؟ يجوز هذا وهذا، لكن الحديث يدل على جواز الأمرين، لكن الأولى أن تقع الصلاة كاملة في الوقت؛ لأن من أهل العلم من يقول: إن ما يؤديه المصلي في الوقت أداء، وما يقضيه بعد خروج الوقت قضاء، ولو افتتحت الصلاة في الوقت.

وعلى كل حال المسألة الجمهور يرون أنها كلها أداء، ولو وقع بعضها خارج الوقت لحديث: ((من أدرك ركعة من صلاة الصبح قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح)) يعني أدرك صلاة الصبح، وإذا كان مدركاً لها فهي في وقتها، وحينئذٍ تكون أداءً. يقول النووي في الروضة: "ولو شرع فيها وقد بقي من الوقت ما يسع جميعها فمدها بتطويل القراءة حتى خرج الوقت لم يأثم قطعاً، ولا يكره على الأصح"، وقال في شرح المهذب: "وأما إذا شرع في الصلاة وقد بقي من الوقت ما يسع جميعها فمدها بتطويل القراءة حتى خرج الوقت قبل فراغها فثلاثة أوجه: أصحها لا يحرم ولا يكره، لكنه خلاف الأولى، والثاني: يكره، والثالث: يحرم، حكاه القاضي حسين". على كل حال الجواز جائز باتفاق، لكن هل هو الأولى أو خلاف الأولى؟ لا شك أن إيقاع الصلاة كاملة في الوقت هو الأولى. هذا يطلب إعادة تعريف الرخصة والعزيمة التي تحدثنا عنها في الحديث السابق، يقول أهل العلم: إن الرخصة ما جاءت على خلاف دليل شرعي لمعارض راجح، فمثلاً أكل الميتة على وفق الدليل أو على خلاف الدليل؟ الدليل يقول: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ} [(3) سورة المائدة] هذا الدليل، هذا الأصل، والأكل منها على خلاف هذا الأصل لمعارض راجح وهو دليل آخر يخص هذه الحالة، وتبقى الآية الأولى التي هي الأصل باقية في عموم الأحوال عدا هذه الحالة، وهي حالة الاضطرار، فالمعارض راجح لأنه خاص، العزيمة: ما جاءت على وفق الدليل لعدم المعارض، هذه هي العزيمة، لعدم المعارض. بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد: قال الإمام الحافظ أحمد بن علي بن حجر -رحمه الله تعالى-: "وعن أنس -رضي الله عنه- قال: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا ارتحل قبل أن تزيغ الشمس أخر الظهر إلى وقت العصر, ثم نزل فجمع بينهما, فإن زاغت الشمس قبل أن يرتحل صلى الظهر ثم ركب" متفق عليه، وفي رواية الحاكم في "الأربعين" بإسناد الصحيح: "صلى الظهر والعصر ثم ركب". ولأبي نعيم في مستخرج مسلم: "كان إذا كان في سفر فزالت الشمس صلى الظهر والعصر جميعاً ثم ارتحل".

وعن معاذ -رضي الله عنه- قال: "خرجنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في غزوة تبوك فكان يصلي الظهر والعصر جميعاً, والمغرب والعشاء جميعاً" رواه مسلم. وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا تقصروا الصلاة في أقل من أربعة برد من مكة إلى عسفان)) رواه الدارقطني بإسناد ضعيف، والصحيح أنه موقوف، كذا أخرجه ابن خزيمة. وعن جابر -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((خير أمتي الذين إذا أساءوا استغفروا, وإذا سافروا قصروا وأفطروا)) أخرجه الطبراني في الأوسط بإسناد ضعيف، وهو في مرسل سعيد بن المسيب عند البيهقي مختصر. وعن عمران بن حصين -رضي الله عنهما- قال: "كانت بي بواسير, فسألت النبي -صلى الله عليه وسلم- عن الصلاة؟ فقال: ((صل قائماً, فإن لم تستطع فقاعداً, فإن لم تستطع فعلى جنب)) رواه البخاري. وعن جابر -رضي الله عنهما- قال: "عاد النبي -صلى الله عليه وسلم- مريضاً, فرآه يصلي على وسادة فرمى بها, وقال: ((صل على الأرض إن استطعت, وإلا فأوم إيماء, واجعل سجودك أخفض من ركوعك)) رواه البيهقي، وصحح أبو حاتم وقفه. وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "رأيت النبي -صلى الله عليه وسلم- يصلي متربعاً" رواه النسائي، وصححه الحاكم" الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "وعن أنس -رضي الله عنه- قال: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا ارتحل قبل أن تزيغ الشمس" يعني في سفره إذا توقف في سفره ثم ارتحل قبل أن تزيغ الشمس، قبل الزوال "أخر الظهر إلى وقت العصر" قبل الزوال، وحينئذٍ لا يصلي كل صلاة في وقتها للمشقة، هذا إذا ارتحل قبل الزوال، قبل أن تزيغ الشمس يعني تزول، الزوال والزواغ: هو ميل الشمس إلى جهة الغرب، وهو الدلوك {أَقِمِ الصَّلاَةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ} [(78) سورة الإسراء] قبل أن تزيغ الشمس أخر الظهر إلى وقت العصر "ثم نزل فجمع بينهما" جمع تأخير، أخر الظهر إلى وقت العصر، يعني إلى دخول وقت العصر، وليس معناه إلى قرب وقت العصر، إنما ظاهر اللفظ أنه يؤخر الظهر إلى دخول وقت العصر، فيجمع بين الظهرين جمع تأخير، فجمع بينهما فإن زاغت الشمس قبل أن يرتحل ماذا يصنع؟ يجمع جمع تقديم وإلا يؤخر فيجمع جمع تأخير؟ هذه الرواية تقول: "فإن زاغت الشمس قبل أن يرتحل صلى الظهر ثم ركب" صلى الظهر وحده، فهذا الحديث فيه دلالة على جواز جمع التأخير، وليس فيه ما يدل على جمع التقديم، والجمع بين الصلاتين في السفر علته السفر، التلبس بهذا الوصف المؤثر، وهو جائز عند جمهور العلماء، حديث الباب فيه دلالة صريحة على جواز جمع التأخير، ينازع أبو حنيفة -رحمه الله تعالى- في جواز الجمع، ويستدل بأحاديث التوقيت على أنه لا يجوز أن تؤخر الظهر إلى وقت العصر إلى أن يدخل وقت العصر، ولا يجوز أن تقدم صلاة العصر فتصلى قبل دخول وقتها في وقت الظهر، استدلالاً بعموم أحاديث التوقيت، ويحمل ما جاء في هذا الحديث وما في معناه على الجمع الصوري الجمع الصوري يؤخر الصلاة الأولى إلى آخر وقتها، ويقدم الصلاة الثانية إلى أول وقتها، فيصلي كل صلاة في وقتها، لكن الواقع أنه بتأخير الأولى وتقديم الثانية وإن وقعت كل واحدة منهما في وقتها كأنه جمع؛ لأنه لا فاصل بين الصلاتين، لا فاصل بين الصلاتين إلا الإقامة، مجرد ما يفرغ من الأولى ينتهي الوقت، ومجرد ما يشرع في الثانية أو يقيم للثانية يكون وقتها قد دخل، لكن إذا نظرنا إلى أن الجمع وعموم الرخص إنما شرعت للتيسير، التيسير على المكلفين

مراعاةً لحال السفر، وما فيه من مشقة. أيهما أسهل على المسافر أن يصلي كل صلاة في وقتها؟ أو يجلس يرقب الأوقات بدقة؟ لأن الفارق يسير جداً بحيث .. ، ولا نتصور أن المسألة فيها ساعات وأمور تضبط الأوقات على وقتها ما في شيء، إلا أن الإنسان يقيس الشواخص، هل مالت الشمس أو لم تمل؟ هل بلغ ظل الشيء طوله أو زاد عليه؟ هذا فيه مشقة، مراقبة أواخر الأوقات وأوائل الأوقات، فقول الحنفية لا يسلم من حرج، وإن كان فيه ملاحظة لحديث التوقيت وأدلة التوقيت. وإذا تصورنا الجمع الصوري في جمع التأخير فإنه لا يمكن تصوره بحال في جمع التقديم، وعرفنا أن هذه الرواية تدل على جمع التأخير فقط، أما جمع التقديم فلا تدل عليه، وعرفنا أن القول بجواز الجمع بين الصلاتين تقديماً وتأخيراً هو قول الجماهير، جماهير أهل العلم، الأوزاعي يعمل بهذه الرواية فقط، ويقول: يجوز جمع التأخير ولا يجوز جمع التقديم، وماذا عن جمع التقديم؟ يقول الحافظ -رحمه الله تعالى-: "وفي رواية الحاكم في "الأربعين" بإسناد الصحيح" هذا كلام ابن حجر، إسناد هذه الرواية في كتاب: "الأربعين" للحاكم: "صلى الظهر والعصر ثم ركب" والذي في الصحيحين: "إذا زاغت الشمس قبل أن يرتحل صلى الظهر ثم ركب" في رواية الحاكم في: "الأربعين" بإسناد الصحيح في الحديث نفسه الحديث نفسه يعني لو كان دليل آخر حديث آخر ما في إشكال، فيحمل هذا -حديث أنس- على حال وظرف من الظروف، وتحمل الروايات الأخرى على ظرف آخر، لكن هذا الحديث نفسه، ومفادها فإن زاغت الشمس قبل أن يرتحل صلى الظهر والعصر ثم ركب، يعني جمع تقديم. ولأبي نعيم في المستخرج -المستخرج على صحيح مسلم-: "كان إذا كان في سفر فزالت الشمس صلى الظهر والعصر جميعاً ثم ارتحل" "كان إذا كان في سفر فزالت الشمس صلى الظهر والعصر جميعاً ثم ارتحل".

رواية الأربعين للحاكم حكم عليها الحاكم نفسه بأنها لا تصح، بل هو حكم بوضعها، بأنها موضوعة، وإن قال الحافظ أنها بإسناد الصحيح؛ لأنها مخالفة لما في الصحيح، رواية أبي نعيم في المستخرج سياقها يدل على أنه حديث آخر وقصة أخرى، ولذا يقول أهل العلم: إن رواية المستخرج لا مقال فيها، رواية المستخرج لا مقال فيها، "كان إذا كان في سفر فزالت الشمس صلى الظهر والعصر جميعاً ثم ارتحل" يعني جمع بينهما جمع تقديم، إيش معنى المستخرج؟ إيش المستخرج هذا؟ مستخرج أبي نعيم على صحيح مسلم؟ الاستخراج: أن يعمد عالم إلى كتاب من الكتب الأصلية فيخرج أحاديث هذا الكتاب بأسانيده هو، من غير طريق مؤلف الكتاب الأصلي، هذا يسمونه استخراج، واستخرجوا على الصحيحين على البخاري على مسلم على الصحيحين معاً. واستخرجوا على الصحيح كأبي ... عوانة ونحوه فاجتنبِ جعزوك ألفاظ المتون لهما ... إذ خالفت لفظاً ومعاً ربما المقصود أنه يستفاد من المستخرجات مثل هذه الزيادة؛ لأنه قد يقول قائل: إذا كان المستخرج على صحيح البخاري أو على صحيح مسلم يخرج أحاديث الكتاب الأصلي لسنا بحاجة للمستخرج، نقول: لا، هذه المستخرجات تخرج بأسانيد لا تخرج مروراً بأصحاب الكتب الأصلية، وعلى هذا تشتمل هذه المستخرجات على زيادات وهذه من فوائدها، الزيادة في قدر ألفاظ الصحيح، وهذه منها: "كان إذا كان في سفر فزالت الشمس صلى الظهر والعصر جميعاً ثم ارتحل" في هذه الرواية دلالة على جواز جمع التقديم، وهو مستند الجمهور في جواز صلاة الظهرين والعشاءين في وقت الأولى منهما، خلافاً للأوزاعي وخلافاً لأبي حنيفة الذي يمنع الجمع تقديماً وتأخيراً.

وفي حديث ابن عباس المخرج في صحيح مسلم النبي -عليه الصلاة والسلام- جمع بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء، صلى سبعاً ثمانياً وسبعاً من غير خوف ولا مطر، وفي رواية: "من غير خوف ولا سفر" المقصود أنه يصلي .. ، صلى -عليه الصلاة والسلام- في المدينة مرة، وجمع بين الصلاتين، وظاهر قوله: "من غير خوف ولا مطر" أنه من غير عذر، لكن كلام ابن عباس لما سئل ابن عباس -رضي الله عنهما- لما سئل قال: "أراد -يعني النبي -عليه الصلاة والسلام- ألا يحرج أمته" فدل على أن في ترك الجمع في هذا الظرف حرج {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [(78) سورة الحج] الجمع في الحضر من غير سفر ومن غير خوف ومن غير مطر مع وجود حرج، ابن عباس كلامه يدل على أنه يوجد حرج، فأراد النبي -عليه الصلاة والسلام- ألا يحرج أمته، ويمكن أن يستعمل مثل هذا الجمع في أحوال الضرورات، يعني لو قدر أنه بين السيارات ولا تستطيع أن تنزل، ولا تستطيع أن تنتقل، ولا تستطيع .. ، نعم الأصل أن تصلي كل صلاة في وقتها، لكن لا تستطيع أن تصلي، وقد تكون على غير طهارة، فإن انتظرت إلى أن ينحل الإشكال وتنزل من سيارتك يكون وقت الأولى قد خرج، وحينئذٍ الصلاة كل صلاة في وقتها حرج، فمثل هذا قد يحمل عليه هذا الحديث، مثل هذه الصورة لأن فيها حرج. على أن الترمذي نص في علله على أنه لم يخرج حديثاً أجمع العلماء على ترك العمل به إلا هذا الحديث وحديث قتل المدمن، الذي شرب حديث معاوية، شرب الخمر في الأولى: اجلدوه، والثانية: اجلدوه، والثالثة: اجلدوه، الرابعة: اقتلوه، قتل مدمن الخمر، يقول الترمذي: "أجمع أهل العلم على عدم العمل بهذين الحديثين" والعادة عند أهل العلم أنه إذا اجمع على ترك العمل بحديث فهذا الإجماع يدل على وجود ناسخ لهذا الحديث ولو لم نطلع عليه، فلا يعكر مثل هذا الحديث على ما نحن فيه، وهو أن الرخص مربوطة بأسباب لا بد من تحققها، وليس فيه مستمسك لمن يتساهل ويؤخر الصلوات عن أوقاتها.

رخص السفر ما دمنا في الحديث الأول: القصر، قصر الصلاة الرباعية ركعتين، الجمع بين الظهرين والعشاءين، وهذا عرفنا، الفطر {فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [(184) سورة البقرة] المسح ثلاثة أيام، ثلاثة أيام بلياليهن، المسح فيه شيء زائد، نعم الترخيص في ترك الرواتب مثلاً، صلاة النافلة على الراحلة، صحيح. طالب:. . . . . . . . . هو من لازم الصلاة على الراحلة على الدابة عدم وجودها دليل على سقوطها، لكن لو وجدت هل يعفى عنها؟ وليش ما تجب وهي موجودة؟ شخص في الحضر ما وجد أحد يصلي معه ما تجب عليه؟ لكن هذا ما يتصور إلا في حالة ما إذا كان نائماً، لا يجب عليه أن يبحث عن أحد. طالب:. . . . . . . . . لا هذا ما هو من خواص السفر. طالب:. . . . . . . . . الجمعة، ليس على المسافر جمعة. طالب:. . . . . . . . . الإشهاد، إيش فيه؟ طالب:. . . . . . . . . الرهن خاص بالسفر؟ ما يترتب عليه سهل، المقصود أن الفطر رخصة، يحق له أيوه ليش ما يحق له؟ فما دام أفطر هو مفطر ما عليه.

هنا مسألة يختارها بعض المتأخرين ممن لا سلف له، وهي أن المسافر يتيمم ولو كان الماء بجواره، ولا سلف لهذا القائل، هذا منقول عن بعض المعاصرين، ويستدل بآية الوضوء، آية المائدة: {وَإِن كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاء أَحَدٌ مَّنكُم مِّنَ الْغَائِطِ أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاء فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء} [(6) سورة المائدة] يقول: لم تجدوا ماءً هذا خاص بالحكم الأخير، ولا يتناول الحكم الأول والثاني {وَإِن كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ} [(6) سورة المائدة] هذا لا يحتاج إلى أن يجد ماء أو لا يجد ماء {فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء} هذا القيد خاص بالحكم الأخير، لكنه -أعني هذا القائل- لا سلف له، لم يقل بهذا أحد من أهل العلم ممن تقدم، بل نقل الإجماع على أن واجد الماء القادر على استعماله لا بد أن يمسه بشرته، لا بد أن يتوضأ مقيماً كان أو مسافراً، صحيحاً كان أو سقيماً، إذا كان واجد للماء قادر على استعماله لا يعفى من الوضوء، لكن إذا كان عادم للماء حقيقة أو حكماً، قد يكون الماء بينه وبينه متر، لكنه في بئر وليس عنده من الأسباب ما يستطيع استنباط الماء من هذا البئر، قد يكون الماء قريب، لكنه في سفر ويخشى على نفسه من السباع، مثل هذا يعذر وإلا ما يعذر؟ يعذر إذا كان غلبة ظن، لكن إذا كان مجرد وهم؛ لأن بعض الناس يخاف من الظلام ولو لم يكن هناك سباع، لا يستطيع أن يخرج من الخيمة أو من البيت في الظلام، الماء ثلاثة أمتار على الخيمة، وهذا يخاف خوف شديد، خوف وهمي، إيش نقول له: تيمم أو لا تتيمم؟ يلزمه الوضوء، نعم في قول الأكثر يلزمه الوضوء، ما لم يكن المخوف غلبة ظن يلزمه الوضوء، لكن إذا كان لا وجود له، أو وهم أو شك فإنه يلزمه أن يتوضأ. من أهل العلم من يستروح إلى أنه في مثل هذه الحالة يسوغ له أن يتيمم، وكم من وهم عند بعض الناس أشد من غلبة الظن عند آخرين، يعني وهم مجرد صوت الريح عند بعض الناس أشد من زئير الأسد بالنسبة لآخرين، فمثل هذا لو كلف أن يخرج ليتوضأ يمكن يجن، احتمال، ولو لم يكن هناك شيء، فبعضهم يرى أن هذا الخوف مبرر لأن يتيمم.

نأتي إلى الآية: {وَإِن كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاء أَحَدٌ مَّنكُم مِّنَ الْغَائِطِ أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاء فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء} [(6) سورة المائدة] هل يقول: إن من جاء من الغائط وعنده الماء لا يتوضأ؟ هل يقول بهذا أحد؟ لأن عندنا قيد: {فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء} تعقب جمل، تعقب أكثر من جملة، هل هو قيد للجملة الأخيرة أو لها وللتي قبلها؟ أو لجميع الجمل؟ هذا القيد المتعقب لجمل، ومثله الوصف المؤثر، ومثله الاستثناء كما في قوله -جل وعلا- في القذف: {فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ* إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا} [(4 - 5) سورة النور] هذا الاستثناء يرجع إلى الجملة الأخيرة بالاتفاق، لكنه لا يرجع إلى الجملة الأولى بالاتفاق، فمن قذف وتاب يلزمه الحد إلا إذا عفا صاحب الشأن؛ لأن الأمر لا يعدوه، قبل أن يرفع إلى الإمام، وعوده إلى الجملة الثانية محل خلاف: {وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا} [(4) سورة النور] محل خلاف بين أهل العلم، وهم مختلفون أيضاً فيما يعود إليه مثل هذا، والمرجح أن القرائن هي التي ترجح عوده إلى جميع الجمل أو إلى بعضها دون بعض، والذي في آية التيمم عائد إلى جميع الجمل، وهذا محل إجماع، والإجماع نقله أكثر من واحد، أن واجد الماء بالإجماع عليه أن يمسه بشرته إذا كان يستطيع ذلك ويقدر عليه. يقول: "وعن معاذ -رضي الله عنه- قال: "خرجنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في غزوة تبوك فكان يصلي الظهر والعصر جميعاً, والمغرب والعشاء جميعاً" رواه مسلم" هذا فيه دليل على الجمع، الجمع بين الصلاتين في السفر، وتقدم أن النبي -عليه الصلاة والسلام- منذ خرج إلى المدينة إلى أن رجع وهو يقصر الصلاة، وهنا في غزوة تبوك يجمع بين الصلاتين في السفر، في هذا دليل على جواز الجمع بين الصلاتين في السفر باستثناء صلاة الصبح، صلاة الصبح فإنها لا تجمع مع غيرها، صلاة الجمعة أيضاً لا تجمع مع غيرها؛ لأنها فرض مستقل ولم يرد فيها ما يدل على جواز الجمع بينها وبين العصر.

يصلي الظهر والعصر جميعاً والمغرب والعشاء جميعاً لوجود السبب المبيح للجمع وهو السفر، لكن ما الفضل؟ هل المفضل القصر أو الإتمام؟ وهل المفضل الجمع أو التوقيت؟ عرفنا أن القصر رخصة، والله -جل علا- يحب أن تؤتى رخصه، وقد أوجبه بعض أهل العلم، فالقصر أفضل من الإتمام عند وجود السبب، بالنسبة للجمع والتوقيت إن كان قد جد به السير فالجمع أفضل؛ لأنه ثابت ثبوتاً لا مرية فيه عن النبي -عليه الصلاة والسلام- وهو أرفق بالمسافر، وإن كان نازلاً فالأفضل أن يصلي كل صلاة في وقتها هذا الأفضل، النبي -عليه الصلاة والسلام- في منى كان يصلي كل صلاة في وقتها، حتى ذكر ابن القيم أنه لم يحفظ عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه جمع بين صلاتين وهو نازل إلا في عرفة ومزدلفة من أجل أن يتسع الوقت للوقوف. الحديث الذي يليه: حديث "ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا تقصروا الصلاة في أقل من أربعة برد من مكة إلى عسفان)) " من مكة إلى عسفان، ومن مكة إلى جدة، ومن مكة إلى الطائف أربع برد، وهي مسافات متقاربة تعادل ثمانين كيلاً، "رواه الدارقطني بإسناد ضعيف" بل ضعيف جداً، كونه مرفوع إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- ضعيف جداً، في إسناده عبد الوهاب بن مجاهد وهو متروك، وحديث المتروك شديد الضعف، لا يقبل الانجبار، وجوده مثل عدمه. يقول ابن حجر: "والصحيح أنه موقوف، كذا أخرجه ابن خزيمة" يعني موقوفاً على ابن عباس، وإسناده إلى ابن عباس صحيح، الموقوف صحيح، وهذا من اجتهاد الصحابي، وعرفنا فيما تقدم أن تحديد المسافة لا يصح فيها شيء مرفوع، وفيها من أقوال الصحابة ومن جاء بعدهم الشيء الكثير، ولذا اعتمد الجمهور على التحديد.

ثم قال -رحمه الله تعالى-: "وعن جابر -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((خير أمتي)) " المقصود أمة الإجابة وإلا أمة الدعوة؟ أمة الإجابة ((خير أمتي الذين إذا أساءوا استغفروا)) {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ} [(135) سورة آل عمران] والاستغفار شأنه عظيم، الاستغفار جاءت به النصوص القطعية من نصوص الكتاب والسنة، والنبي -عليه الصلاة والسلام- يحفظ عنه في المجلس الواحد أنه يستغفر سبعين، وفي بعض المجالس مائة مرة -عليه الصلاة والسلام- وقد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ((خير أمتي الذين إذا أساءوا استغفروا)) وجاء في الخبر ((من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجاً، ومن كل ضيق مخرجاً)) فالاستغفار هو طلب المغفرة شأنه عظيم، فعلى المسلم لا سيما طالب العلم المقتدي المؤتسي أن يكون لهجاً به مع سائر الأذكار، ((الذين إذا أساءوا استغفروا)) أساءوا: ظلموا أنفسهم أو ظلموا غيرهم يبادرون بمحو أثر هذا الظلم وهذه الإساءة بالاستغفار ((وإذا أحسنوا استبشروا)) فعلوا عملاً صالحاً سرهم هذا العمل الصالح يستبشرون، ومن سرته حسنته وساءته سيئته جاء الخبر بمدحه. ((إذا أحسنوا استبشروا)) لا شك أن المسلم يستبشر بالعمل الصالح، ويسوؤه العمل السيئ ولو فعله بطوعه واختياره لكنه يندم عليه، والندم توبة، ((وإذا سافروا قصروا وأفطروا)) وهذا هو الشاهد من الحديث، ((إذا سافروا قصروا وأفطروا)) هذا هو الشاهد، فالقصر والإفطار أفضل، والقصر فيه ما تقدم من أنه لم يحفظ عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه أتم، وأما بالنسبة للإفطار فثبت أنه -عليه الصلاة والسلام- صام في السفر، وسافر أصحابه معه، منهم الصائم ومنهم المفطر. يقول: "أخرجه الطبراني في الأوسط بإسناد ضعيف" لأنه من رواية ابن لهيعة، والمرجح فيه أنه ضعيف، الراجح من أقوال أهل العلم أنه ضعيف، يقول: "وهو في مرسل سعيد بن المسيب عند البيهقي مختصر" المرسل رواه الشافعي في منسده، والبيهقي في المعرفة، والمرسل معروف أنه من قسم الضعيف. ورده جماهر النقادِ ... للجهل بالساقط في الإسنادِ

فهو ضعيف، وعلى كل حال هذا الخبر ضعيف.

يقول -رحمه الله تعالى-: "وعن عمران بن حصين" -ومعناها إن صح الخبر صحيح معناها صحيح، وإن لم يصح الخبر فالجمل كلها على الجادة مثلها- يقول -رحمه الله تعالى-: "وعن عمران بن حصين -رضي الله عنه- قال: "كانت بي بواسير" والبواسير: جروح وقروح تكون في المقعدة، يقول: "فسألت النبي -صلى الله عليه وسلم- عن الصلاة" وكأنه يشق عليه مع هذا المرض أن يصلي من قيام "فسألت النبي -عليه الصلاة والسلام- عن الصلاة، فقال: ((صل قائماً, فإن لم تستطع فقاعداً, فإن لم تستطع فعلى جنب)) " الترجمة التي معنا باب: صلاة المسافر والمريض هذا إيش؟ مريض، داخل في الشق الثاني من الترجمة ((صل قائماً)) وهذا الأصل، والقيام ركن من أركان الصلاة المفروضة، لكن إذا لم يستطع المسلم أن يصلي قائماً فإنه يصلي قاعداً، إن لم يستطع القعود يصلي وهو قاعد يصلي على جنبه، يصلي على جنبه الأيمن ووجه إلى القبلة ((صل قائماً، فإن لم تستطع فقاعداً)) وهذا على سبيل اللزوم؛ لأن القيام ركن من أركان المفروضة مع القدرة عليه، إن لم يستطع صلى قاعداً، إن لم يستطع يصلي على جنب، وهذا الحديث تقدم، وذكرناه مثال إن كان فيكم من يذكر مع حديث: ((صلاة القاعد على النصف من أجر صلاة القائم)) ذكرناه مثال لما يكون فيه العمل بخصوص السبب لا بعموم اللفظ، أهل العلم يطلقون أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، وهذا الحديث مع الحديث الآخر: ((صلاة القاعد على النصف من أجر صلاة القائم)) دليل على أنه قد يلجأ إلى السبب، ويقصر الخبر على سببه لوجود المعارض، هذا الحديث محمول على الفريضة، يصلي قائم، إن لم يستطع فقاعد، والنافلة له أن يصلي قاعد ولو كان ممن يستطيع القيام، استدلالاً بالحديث الآخر: ((صلاة القاعد على النصف من أجر صلاة القائم)) لماذا حملناه على النافلة؟ أقول: هو محمول على النافلة لمن يستطيع القيام، فالذي يستطيع القيام لا تصح منه الفريضة إلا من قيام، والذي يستطيع القيام تصح منه النافلة، الذي يستطيع القيام تصح منه النافلة من قعود، لكن ليس له من الأجر إلا النصف، ((صلاة القاعد على النصف من أجر صلاة القائم)) طيب ما الدليل على هذا التفريق؟ الدليل سبب ورود الحديث الثاني،

الحديث الثاني ورد على سبب، النبي -عليه الصلاة والسلام- دخل المسجد والمدينة محمة -فيها حمى- فوجدهم يصلون من قعود، فقال النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((صلاة القاعد على النصف من أجر صلاة القائم)) فتجشم الناس الصلاة قياماً، هذا دليل على أنها نافلة، صلاتهم كانت نافلة؛ لأنهم لا يمكن أن يصلوا الفريضة قبل حضوره -عليه الصلاة والسلام-، وهو أيضاً هو محمول على من يستطيع القيام، أما الذي لا يستطيع القيام ويصلي من قعود أجره كامل؛ لأنه إذا كان أجره كاملاً في الفريضة من باب أولى النافلة، وهو محمول على من يستطيع القيام، أما من لا يستطيع القيام فأجره كامل، بدليل أنهم لما سمعوا هذا الحديث تجشموا القيام، يستطيعون القيام فقاموا، فالذي لا يستطيع القيام صلاته صحيحة وأجره كامل، والحديث تقدم شرحه وبيانه مع الحديث الذي ذكرناه. ((صل قائماً, فإن لم تستطع فقاعداً, فإن لم تستطع فعلى جنب)) في بعض الروايات: ((فإن لم تستطع فأومئ إيماءً)) وبعض أهل العلم الذي لا يثبت هذه الزيادة تقدم الكلام في هذه المسألة، الذي لا يثبت هذه الزيادة يقول: الذي لا يستطيع أن يصلي على جنب تسقط عنه الصلاة، وقول الأكثر أنه ما دام مناط التكليف وهو العقل باقياً فالمسلم مطالب بالتكاليف، فيصلي على حسب حاله، فيومئ إيماءً.

الحديث الذي يليه: حديث "جابر -رضي الله عنه- قال: "عاد النبي -صلى الله عليه وسلم- مريضاً فرآه يصلي على وسادة فرمى بها" يصلي على وسادة فرمى بها, "وقال: ((صل على الأرض إن استطعت)) الصلاة على الأرض هي الأصل لكن مع الاستطاعة ((إن استطعت وإلا فأومئ إيماءً, واجعل سجودك أخفض من ركوعك)) يعني إذا صلى من لا يستطيع القيام ويأتي كيفية الجلوس والخلاف فيه، هل يصلي متربعاً أو يصلي مفترشاً؟ يصلي وهو جالس، وأعني بذلك المعذور، فإذا جاء ركن الركوع خفض رأسه، يخفض رأسه، إذا جاء ركن السجود يخفضه أكثر من ذلك، فإن كان يستطيع يباشر الأرض حال السجود فهو المطلوب، يصلي على الأرض، إن كان لا يستطيع أن يباشر الأرض في حال السجود يخفض رأسه ويهصر بدنه أكثر من حال الركوع ((واجعل سجودك أخفض من ركوعك)) إذا أجري للإنسان عملية جراحية في عينه وقيل له: لا تركع ولا تسجد، اصلب قائماً، ويستطيع القيام يقوم، لا تركع ولا تسجد، هل يحتاج أن يرفع شيئاً يسجد عليه أو يسجد على يده كما يفعله بعض الناس يقول هكذا؟ لا يحتاج؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- رمى بهذه الوسادة، وعلى كل حال الحديث مختلف في وصله ووقفه، في رفعه ووقفه، يقول: "رواه البيهقي، وصحح أبو حاتم وقفه" الحديث موجود عند البيهقي في سننه الكبرى وفي المعرفة، معرفة السنن والآثار، لكن أبا حاتم صحح وقفه، والغالب أن أبا حاتم إذا اختلف في الخبر من حيث الرفع والوقف أو الوصل والإرسال أنه يميل إلى المتيقن، وهو الوقف والإرسال، وعلى كل حال هذا الحديث تقدم في آخر باب صفة الصلاة قبيل سجود السهو. أحياناً يكون الإنسان في مكتبه في مكتبه في العمل المصحف أمامه يقرأ تأتي آية سجدة، في الحديث الذي معنا يصلي على وسادة، وهذا الموظف الذي يقرأ في مكتبه المصحف أمامه الأولى أن ينزل ويسجد على الأرض كما هو مقتضى هذا الحديث، والسجود على الأرض هو الأصل، لكن إذا قال .. ، سجد، وضع يديه على الطاولة أو على الكرسي وسجد، يكفي وإلا ما يكفي؟ أو نقول: هذه الطاولة بمثابة الوسادة ينبغي أن يرمى بها؟

تأملوا النص: "فرمى بها وقال: ((صل على الأرض إن استطعت)) " وهذا يستطيع ينزل من الكرسي ويسجد على الأرض وهذا هو الأصل، وبعض الناس يقرأ في السيارة فتمر به آية السجدة ويسجد على الطبلون مع أمن المفسدة، مع أمن الخطر، وبعض الناس يقرأ وهو يمشي في الشارع ثم تمر به آية سجدة فهل يترك السجود أو ينحني قليلاً إشارة إلى أنه يسجد حسب استطاعته كالمعذور أفضل من أن يترك هذه السنة؟ أو نقول: إن هذه السنة عبادة إن لم تؤدَ على وجهها فلتترك؟ وقل مثل هذا إذا كان يقرأ القرآن في المطاف في وقت زحام ماذا يصنع؟ أو في وقت سعة هل يسجد أو نقول له: لا تقطع الطواف واصل الطواف ولا تسجد؟ كل هذه مسائل تحتاج إلى انتباه. الحديث أصل في أنه لا يسجد إلا على الأرض مع الاستطاعة، أما مع عدم الاستطاعة مع عدم الاستطاعة يمشي في شارع عام والسيارات رايحة جاية وهو يقرأ القرآن ويسجد، خطر، ما يمكن، مع ما جاء من نهي عن الصلاة في قارعة الطريق، فهل نقول له: أومئ إيماءً مثل ما جاء في هذا الحديث لأنك لا تستطيع أو نقول: هذه عبادة ائت بها على وجهها وإلا فهي سنة اتركها؟ على القول بأنه موصول لأن الذي صحح أبو حاتم وقفه، واللي غيره صححوا رفعه، وعلى كل حال الحديث مصحح عند جمع من أهل العلم، مصحح؛ لأنهم يقولون: الرفع زيادة ثقة، والزيادة من الثقة مقبولة. وعلى كل حال نقول: تحصيل السنة والسنة مبناها على التخفيف الآن الأصل في هذه المسألة أن من يصلي على الراحلة هل يتمكن من السجود والركوع على الوجه المطلوب؟ والحديث فيه إشارة ((صل على الأرض إن استطعت)) فنقول: حصل هذه السنة على وجه مشروع ولو أقل من الوجه الأصلي.

بعد هذا حديث: "عائشة -رضي الله عنها- قالت: "رأيت النبي -صلى الله عليه وسلم- يصلي متربعاً" "يصلي متربعاً" رواه النسائي، وصححه الحاكم" مع أنه مخرج عند ابن خزيمة، وفي الموضع الأول في باب صفة الصلاة أشار الحافظ إلى أنه صححه ابن خزيمة، فلعله وهم هنا، والحديث فيه كيفية الجلوس لمن لا يستطيع القيام، أو أراد أن يصلي نافلة من قعود، هل يقال: إن جلوس الصلاة غالبه الافتراش؟ غالب جلوس الصلاة افتراش فأنت افترش، يعني في ركن القيام للقراءة وبعد الرفع من الركوع هل نقول لمن أراد أن يصلي من قعود: افترش كما تفترش في التشهد الأول وفي الجلسة بين السجدتين؟ انصب اليمنى واجلس على اليسرى؟ أو نقول له: تورك كما تفعل في التشهد الأخير؟ هنا تقول عائشة: "رأيت النبي -صلى الله عليه وسلم- يصلي متربعاً" يعني في ركن القيام، لا أنه يتربع في التشهد أو يتربع في الجلسة بين السجدتين وهو يستطيع الافتراش، وصف صلاته -عليه الصلاة والسلام- في حال التشهد الأول وفي الجلسة بين السجدتين يفترش، والتشهد الثاني يتورك كما في حديث أبي حميد وغيره، أما في حال القيام يصلي متربعاً، يصلي متربعاً، لتكون هذه الحالة دالة على أنه في غير تشهد وفي غير جلوس، والتربع يقوم مقام القيام عند العجز عن القيام، والله أعلم. وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. بسم الله الرحمن الرحيم. يقول السائل: فضيلة الشيخ هل كتاب: (البدر التمام في شرح بلوغ المرام) للقاضي المغربي مطبوع؟ وإن كان مطبوعاً فهل تنصحوا باقتنائه للمبتدئ؟

(البدر التمام شرح بلوغ المرام) تحدثنا عنه في بداية الكلام على البلوغ، وهو أصل هذا الكتاب الذي بأيدي كثير من الطلبة الذي هو السبل، سبل السلام، وهو شرح جيد، لكن فيه استطرادات لا يحتاجها طالب العلم، وجله منقول من فتح الباري وشرح النووي والتلخيص، يعني هذه الكتب الثلاثة هي مصادره الأصلية، وفيه استطرادات يستغني عنها طالب العلم حذفها الصنعاني في هذا المختصر، وأضاف إليه فوائد لا توجد في (بدر التمام) على كل حال الكتاب طبع منه جزأين فقط، يعني تعادل ربع الكتاب، طبعت، والكتاب نصفه جاهز يعني محقق وجاهز للطبع، لكن الطلب عليه ليس بالكبير باعتبار أنه ليس من الكتب التي ينبغي لطالب العلم أن يوليها الاهتمام الزائد، يعني ما هو مثل الشروح المعتمدة عند أهل العلم مثل فتح الباري أو شرح النووي على مسلم حتى سبل السلام أو نيل الأوطار، هذه درجتها أقل، لكن لا يخلو من فائدة على كل حال. هذا سؤال مهم ملح أقصد من النساء تقول السائلة: فضيلة الشيخ أنا امرأة مرضع وعادتي الشهرية في حال الرضاع تتأخر عن وقتها كثيراً، وصفة الدم تتغير بأن تكون كدرة شديدة وصفرة مدة الدورة، مع بقاء الريح أكرمكم الله، تقول: ما حصل معي فضيلة الشيخ أنه جاءتني كدرة شديدة ثم صفرة مع وجود الرائحة لمدة عشرة أيام علماً أن عادتي ثمانية أيام فاعتبرتها حيضاً، حيث أن العادة عندي تأخرت قبلها قرابة الشهرين، ثم بعد هذه العشرة الأيام طهرت ثلاثة أيام، ثم جاء دم غزير لم أعتد عليه في حال الرضاع أو غيره، واستمر سبعة أيام لم أصل فيها، ثم بعد الطهر قضيت الصلاة يومين بناءً على أن أكثر مدة الحيض خمسة عشر يوماً فهل فعلي صحيح؟ وفقكم الله.

الحامل والمرضع في مجيء أو إتيان الدورة لهما محل خلاف بين أهل العلم، والخلاف في الحامل قوي، بل المرجح أنها لا تحيض، المرضع الصحيح من أقوال أهل العلم أنها تحيض، فإذا كانت هذه الكدرة التي تذكرها الأخت في وقت الدورة في وقت عادتها فإنها حيض، أما إذا كانت في غير وقت الدورة المعتادة بالنسبة لها، فإنها ليست بشيء، وليس بغريب أن يرتفع نزول الدورة عن المرضع، هذا ليس بغريب، فإذا كان ما ينزل عليها من دم يوافق وقت الدورة، أو يوافق لون الدم ورائحة الدم إن كانت مميزة فأنها تجلس وإلا فلا، إذا كان لا يوافق وقت الدورة، ولا لون دم الدورة ولا رائحته فالأصل أن الحيض عنها مرتفع، وما ينزل عليها هو دم فساد، يسمونه نزيف تصوم وتصلي. هذا السائل يقول: قال شخص عن نفسه يقول: لعنه الله إن فعل هذه المعصية مرة أخرى ثم فعلها فماذا عليه؟ عليه التوبة والاستغفار، وألا يعود لمثل هذا؛ لأن اللعن أمره شديد، يتساهل فيه كثير من الناس، وجاء في الحديث الصحيح أن أكثر أهل النار النساء وسبب ذلك يكثرن اللعن، وجاء في الحديث الصحيح: ((لعن المؤمن كقتله)) ((وليس المؤمن بالطعان ولا باللعان)) فعلى الإنسان أن ينزه لسانه عن هذه البذاءة التي لا تليق بالمسلم، فعليه حينئذٍ أن يتوب ويستغفر ولا يعود لمثل هذا ويندم عليه، نعم. من الإنترنت يقول السائل: فضيلة الشيح -حفظكم الله- قناة المستقلة التي يلغ فيها المبتدعة في عرض شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- نريد كلمة توجيهية لعموم المسلمين تجاه تلك القناة والمشاهدة لذلك البرنامج، وجزاكم الله خيراً؟

القنوات عموماً وما تبثه من سموم من شهوات وشبهات لا شك أنها كارثة ومصيبة وفتنة عظمى دخلت البيوت بغير استئذان، ولا شك أن من يمكن من تحت يده بمشاهدتها أنه جانٍ خائن للأمانة، فلا يجوز بحال النظر إلى هذه القنوات، لا للشخص نفسه، ولا لمن تحت يده، ولو قال عن نفسه: إنه يملك وإنه يكتفي بالأخبار وينظر الدروس وينظر .. ، لا، لا أبداً، هذه ضررها أكثر من نفعها وشرها أعظم من خيرها إن كان فيها خير، فلا يجوز بحال الاطلاع عليها، ويحرم اقتناؤها، وكم من مصيبة وكارثة وقعت بين المحارم بسبب هذه القنوات، فإذا كان هذا في الشهوات في المعاصي وتوليد الفجور فما بالك إذا تعدى الأمر ذلك إلى التشكيك في الدين وفي حملة الدين ورجاله، إذا شككنا في خيار الأمة فعن من نأخذ؟ بمن نقتدي؟ فليحذر الإنسان أشد الحذر من اقتناء هذه الآلات المدمرة، وكم من قضية ما كانت تعرف ولا كانت تخطر على البال وجدت بسبب هذه القنوات، قبض على شخص يفعل الفاحشة بدجاجة كيف؟ يعني هل يتصور هذا عاقل؟ فلما بحث عن السبب إذا في برنامج في إحدى القنوات بهذه الطريقة، وكم من قضية وردت إلى المحاكم بين أخ وأخته وبين ولد وأمه، وبين رجل وابنته، يعني هل هذه الأمور يدركها .. ؟ يستطيع تخيلها مسلم لولا وجود مثل هذه الآلات المدمرة؟ فعلى الإنسان أن يتقي الله -جل وعلا-، ويحارب هذه الآلات بكل ما يستطيعه من قدرة، ولا يجوز بحال النظر إليها، والسلامة من جميع هذه الآلات لا يعدلها شيء؛ لأنه يكثر السؤال عن بعض القنوات التي فيها خير كثير مثل على سبيل المثال قناة المجد، نقول: يا إخوان السلامة لا يعدلها شيء، لكن المبتلى وعنده بعض الآلات نقول: المجد خير الموجود، وإذا كان لا يستطيع أن يضبط نفسه أو يضبط أولاده عن الخروج يمين وإلا شمال نقول: ارتكاب أخف الضررين لا بأس به، وإن قلنا: إنها إسلامية، وقلنا: إنها خيرها كثير، لكن ما تسلم، لو لم يكن فيها إلا مشاهدة النساء للرجال، تخلو المرأة بهذه الآلة وتشاهد هؤلاء الرجال، الأصل يجب عليها أن تغض بصرها، لكن نقول: إذا كان هناك ضرر عظيم لا يستطيع الإنسان أن يملك أولاده، يخرجون إلى أعمامهم وأخوالهم وجيرانهم ويشاهدون ما لا يرضاه،

نقول: ارتكاب أخف الضررين أمر مقرر في الشريعة، والله المستعان. يقول السائل: إذا دخلت المسجد يوم الجمعة والمؤذن يؤذن الأذان الثاني فهل الأفضل أن أنتظر حتى يفرغ من الأذان ثم أصلي تحية المسجد أم أشرع في تحية المسجد مباشرة؟ الأذان والأجر المرتب على إجابة المؤذن شيء آني ويفوت، لو شرعت في التحية فاتك هذا الأجر العظيم، والأجر المرتب على ذلك كبير، ففي تقديري أن إجابة المؤذن ثم الشروع في التحية والخطبة مدركة بلا شك، يجيب المؤذن ثم يؤدي التحية، وإن قال بعضهم: إنه يؤدي التحية ويتفرغ لسماع الخطبة؛ لأن الخطبة شرط لصحة الصلاة، نعم. من الإنترنت يقول: من صلى جالساً كيف يضع يديه على صدره أم على ركبتيه؟ في حال القيام يضع يديه على صدره. يقول السائل: ذكرتم -حفظكم الله- أنه لا بأس من جمع الجمعة مع العصر للمسافر، ولكن الذي ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- هو جمع الظهر مع العصر والمغرب مع العشاء فهل أوضحتم لنا هذا الإشكال؟ أقول: هذا إشكال، السؤال إشكال، فهل أنا قلت: بجواز جمع الجمعة مع العصر أو قلت: لا يجوز جمع الصبح مع غيرها، ولا الجمعة مع غيرها؟ مو هذا اللي أنا قلت؟ طالب: بلى. انتهى الإشكال، ما في إشكال، نعم، الإشكال الفهوم، الفهوم يعني مع كثرة الإخوان يوجد من يفهم خلاف المطلوب، ولذلك أمس يقول لي واحد يقول: إنكم تقولون: بصحة صلاة المنفرد خلف الصف أنا قلت هذا؟ طالب: أبداً. أكدت على هذا مراراً، وضربنا له مسائل ونظائر، وفرعنا عليه أمور، فكيف -سبحان الله- يفهم بعض الناس هذا الفهم؟ أنا لا أستبعد أن يسبق اللسان إلى ما لا يراد، لا أستبعد هذا، قد يكون في سؤال من الأسئلة أنا ما فهمت السؤال، أو فهمت وسبق اللسان إلى غير ما أريد ممكن، لكن أنا اللي أذكر أني أبديت وأعدت في مسألة المنفرد خلف الصف، وأعدتها مراراً، وأن صلاته باطلة، لا صلاة له، يؤمر بالإعادة، نعم، .... وأجل ما فهمت السؤال، ما فهمت السؤال احتمال، لذلك أنا أقول: لا يمنع أن يسبق اللسان إلى غير المراد، لكن هذا الكلام الذي في كلمة واحدة يرد إلى الكلام المحكم الكثير، نعم.

من الإنترنت يقول: هل يجوز نسخ صوتيات من مواقع على الإنترنت على أشرطة كاسيت ثم توزيعها أحياناً توزيعاً خيرياً من غير مقابل علماً بأنه نادر ما توجد محلات لشراء التسجيلات الإسلامية في بلادنا؟ هو الآن يستشكل مسألة النسخ من غير إذن، من غير إذن أصحاب المواقع، وأن حقوقها محفوظة هذه مسألة، وإذا كانوا يأذنون بالنسخ والتسجيل وحتى التفريغ على أوراق واستنساخ الورق إذا كانوا يأذنون بهذا فلا بأس، لا مانع من ذلك، إذا كانوا لا يأذنون لا بد من إذنهم، وإن كان الأصل أن العلم غير حكر على أحد، وأنه لا يملكه أحد إلا من تعب عليه حتى يأخذ مقابل أتعابه، فإذا أخذ ما يقابل الأتعاب حينئذٍ لا بأس من .. ، لأن العلم مشاع بين الناس كلهم، لا يملكه أحد إلا من تعب فيكون له شبه اختصاص في هذا الأمر، كما أن الناس شركاء في الكلأ وفي الماء وفي النار، لكن من ذهب في سيارته واحتش من الكلأ وتعب عليه ووضعه في بيته يأتون الجيران يأخذون من غير إذن، أو استنبط الماء وجاء به ونقله وتعب عليه يستولى عليه من غير إذنه؟ لا، وإن كان في الأصل الناس شركاء في هذه الأمور في أماكنها، لكن ليس لأحد أن يحرج على الناس أن يستفيدوا من كتاب لمتقدم مثلاً مبذول موجود في الأسواق، نعم، يقول: أنا أحرج على الناس أن يستفيدوا من بلوغ المرام مثلاً، نقول: لا يا أخي أنت ما تملك، نعم تعبت على هذه المسألة وعلى هذا الكتاب وأخذ عليك الجهد والوقت والمال، نعم لك أن تحتكر حتى تستوفي ما يقابل أتعابك، وبعد ذلك ليس لك شيء. كذلك من الإنترنت تقول السائلة: ما مدى صحة زواج فتاة قامت أختها بالحضور بدلاً منها وبدون علمها في المحكمة للموافقة أمام القاضي على الزواج بمعنى أن العقد كتب في حضور الأخت، والقاضي ظن أن الفتاة الحاضرة هي الفتاة المعقود عليها والمكتوب اسمها في العقد، والفتاة المعقود عليها لم تكن تدري وغير موافقة؟ إذا كانت غير موافقة فالنكاح غير صحيح، لا بد من إذنها، لا بد من إذنها، والولي لا يملك الإجبار، إجبار المكلفة العاقلة لا يملكه الولي، فلا بد من إذنها. أحسن الله إليك.

يبقى أن مسألة الإنترنت والإفادة منه ينبغي أن تكون على أضيق نطاق، وبقدر الحاجة؛ لأن فيه أبواب من الشرور استرسل فيها كثير من الإخوان فضاعوا، ووقعوا في أمور صارت سبباً في ضياعهم، وإهدار أوقاتهم، وتساهلهم في فعل الواجبات، وتساهلهم أيضاً في ارتكاب بعض المحرمات، فينبغي أن يكون الإفادة من الإنترنت بقدر الضرورة، إما أن يستمع درس أو شبهه، وما عدا ذلك يترك. طالب:. . . . . . . . . العكس، العكس البكر تستأذن وإذنها صماتها، تصمت، تسكت، والثيب تستأمر، يطلب أمرها، لا بد أن تنطق. أحسن الله إليك. من الإمارات يقول السائل: في الصلاة إذا قرأت آية ولحنت فيها لحناً جلياً أُغير في التشكيل هل تبطل الصلاة؟ إن كانت من الفاتحة فنعم، إذا كان اللحن يحيل المعنى والآية من الفاتحة التي قراءتها ركن من أركان الصلاة نعم، أما ما عدا ذلك فلا، لا يبطل الصلاة. يقول السائل: من خرج إلى مخيم خارج المدينة بمسافة مائة وعشرين كيلو متر تقريباً فهل له الجمع والقصر؟ نعم على رأي جمهور أهل العلم يجمع ويقصر ويترخص، نعم. أحسن الله إليك. يقول: هل هذا دليل على أن الخمر غير نجسة .... قال هو: إن الخمر والأنصاب والأزلام .. إنما، إنما. نعم، هو كتب هكذا يا شيخ، إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان، يقول: نجاسة عينية؟ هو يقول يستدل بهذا على النجاسة أو على عدم النجاسة؟ على أن الخمر غير نجسة نجاسة عينية؟

لا، إذا أخذنا بالآية قلنا: نجسة، الرجس النجس، الشيطان الرجيم بالنص، تفسير الرجس بالنجس، لكن نجاسة الخمر محل خلاف بين أهل العلم، والجماهير على أنه نجس، الجمهور على أنه نجس، نعم أنا لم أقف على دليل ينهض على القول بنجاسته غير هذه الآية، التي يستدل بها على غير النجاسة، وإن كانت دلالة الاقتران تدل على عدم النجاسة؛ لأن الخمر قرن بأمور متفق على طهارتها، لكن دلالة الاقتران عند أهل العلم ضعيفة، فيتقى بقدر الإمكان، ومن أهل العلم من يقول: إنه ليس بنجس وأريقت في سكك المدينة، ولو كانت نجسة لما جازت إراقتها، وإذا تخللت طهرت، المقصود أن الكلام لأهل العلم في هذا كثير، والجمهور على أنها نجسة، فعلى المسلم أن يتقيها بقدر الإمكان. أحسن الله إليك. يقول: ما حكم العطور التي فيها نسبة من الكحول؟ إذا كانت مسكرة فحكمها حكم الخمر، إذا كانت مسكرة تصل إلى حد الإسكار فحكمها حكم الخمر، فتكون نجسة على قول الجمهور، وطاهرة على القول الآخر، منهم من يرى أن الكحول مزيد، زيد في التطهير، نعم. الذي ترجحونه؟ يزيد في التطهير، أقول: إن ما يستدل به الجمهور على نجاستها لا ينهض عندي على القول بالجزم، لكن يكون من باب اتقاء الشبهة اتقاؤها، لكن لو باشرت بدن الإنسان أو ثوبه أو بقعته التي يصلي عليها ما يؤمر بالإعادة، نعم. أحسن الله إليك. يقول: متى تبدأ الساعة الأولى من يوم الجمعة؟ من طلوع الشمس، من طلوع الشمس وارتفاعها. يقول: ما حكم من قال لصاحبه ممازحاً: الله يسلط عليه العافية والستر؟ يريد أن يمزح على صاحبه بهذا الدعاء يدعو له أو يدعو عليه؟ التسليط استعماله العرفي نعم في المكروه لا في المحبوب، نعم، وقام شخص يسأل والإمام -إمام المسجد- من أهل العلم فقال هذا الفقير الذي يسأل: سلط الله عليه الأمراض هو يخبر عن نفسه، فقال له الشيخ: قل: قدر الله علي وكتب، سلط هذه لا شك أنها في الغالب استعمالها العرفي إنما تستعمل فيما يكره. يقول السائل من الإنترنت -أحسن الله إليكم- هل صح شيء في قراءة سورتي الإخلاص في راتبة المغرب؟ نعم تقرأ في راتبة المغرب، وفي راتبة الصبح، وفي ركعتي الطواف، نعم. أحسن الله إليك.

هل للحاضر في خطبة الجمعة أن يرفع يديه عند التأمين مع الخطيب؟ وهل للخطيب ذلك كذلك عند الدعاء؟ الخطيب يدعو، يدعو من غير رفع لليدين، إلا إذا كان الدعاء دعاء استسقاء، وكذلك المأموم من باب أولى، فإن لم يكن الدعاء دعاء استسقاء يدعو يشير بأصبعه، أصبعه يرفعها ويدعو بها. أحسن الله إليك. يقول السائل: هل تجهر المرأة في إمامة النساء إذا كانت صلاة جهرية؟ إذا كانت بحضرة الرجال ويخشى الفتنة لا تجهر، كما أنها لا ترفع صوتها بالتلبية، أما مع الخلوة وفي مكان ليس فيه إلا نساء فلا مانع من الرفع. تقول: ما حكم من صلى على يسار الإمام إذا كان المكان مزدحماً؟ صلى إيش؟ صلى عن يسار الإمام إذا كان المكان مزدحماً؟ يسار الإمام ويمينه فارغ؟ يمين الإمام فيه أحد وإلا ما في؟ يقول: مزدحم. لا، هو الاحتمال أن يكون الإمام في المحراب ما في فرصة عن يمينه ما في إلا عن يساره، نعم والمسجد مزدحم ما في غير هذا، هذا احتمال، هذه صورة، وحينئذٍ لا تصح صلاته، لكن لو كان عن يمينه أحد وصلى عن يساره فلا بأس؛ لأن ابن مسعود توسط اثنين وصلى بينهما. يقول السائل: فضيلة الشيخ نحن نسافر من جدة إلى هذه المنطقة بالسيارة فيما يقارب الثنتا عشرة ساعة فهل نقصر في تلك الصلوات؟ وإذا سافرنا بالطائرة فإن المدة هي ساعتين فهل نقصر إذا خفنا خروج الوقت؟ عرفنا أن المرد في هذا عند أكثر العلماء إلى المسافة، والمسافة متحققة، فلكم الترخص حينئذٍ. يقول: هل يجوز إذا فات المسلم سنن الرواتب مثلاً السنة قبل الظهر أن يجعلها ويجمعها مع السنة بعدها؟ وهل يصح أن يصلي الأربع ركعات قبل العصر بعدها؟

أما الرواتب فإذا لم يخرج وقت الصلاة المرتبة لها فتقضى، الأولى أن تقضى، فإذا فاتت الركعات الأربع الراتبة القبلية لصلاة الظهر يقضيها بعد أن يؤدي الصلاة والراتبة البعدية، ثم بعد ذلك يأتي بالقبلية، فيقدم الفريضة إذا جاء والصلاة قد أقيمت يصلي مع الجماعة فرض، ثم يأتي بالراتبة التي هي بعد صلاة الظهر؛ لأنه وقتها، والراتبة القبلية مقضية مقضية، فتكون بعد الراتبة البعدية فتقضى بعد ذلك، لكن إذا خرج وقت الظهر يقول أهل العلم: إنها سنة فات محلها، والنبي -عليه الصلاة والسلام- وهذا مما يختص به أنه إذا عمل عملاً أثبته، فاتته راتبة الظهر فقضاها بعد العصر، وهذا خاص بالنبي -عليه الصلاة والسلام-، نعم. أحسن الله إليك. هذا توضيح للسؤال السابق حول نسخ المواد من الإنترنت يقول: المواد متوفرة في الإنترنت، وهنا كي تحصل على شريط عليك بالسفر لمنطقة أخرى، وربما قديمة، وربما لا تجد ما تريد، فتضطر لأن تنسخ من الإنترنت للاستفادة لنفسك، أو لمن هو في حاجة إليها ليس للتجارة؟ إذا لم يكن الكميات تجارية مؤثرة على صاحب العمل الأصلي، يعني شيء يسير لا أثر له في تجارة أو في ما يؤثر على مردود صاحب العمل الأصلي كنسخ ورقة أو ورقتين من كتاب، أو شريط أو ما أشبه ذلك لا يظهر فيه شيء -إن شاء الله تعالى-. أحسن الله إليك. يقول: هل هناك حديث صحيح يدل على جواز تحريك الأصبع في التشهد في الصلاة؟ التحريك جاء في مواضع، إدامة التحريك ضعيف، كون الأصبع ترفع ويقرن هذا الرفع بلفظ الشهادة هذا ثابت، ولذا لما رفع الأصبعين قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((أحد أحد)) وأيضاً من الثابت الرفع، رفع الأصبع عند الدعاء، عند الدعاء، وهذا أمر مقرر، ومنهم من يقول: إنها تحرك باستمرار، وجاء ما يدل على ذلك، لكن لا يسلم من مقال، نعم. أحسن الله إليك. يقول السائل: هل تصح إمامة الفاسق للناس؟ وما حكم من أم الناس وهو حالق للحيته أو مطيل لثوبه؟ وما حكم صلاة من خلفه؟

ذكرنا أقوال أهل العلم في إمامة الفاسق، الحنابلة يشددون في هذا، ومن نصوصهم في كتبهم: "ولا تصح خلف فاسق ككافر" وفي الحديث الذي ورد معنا: ((ولا فاجر مؤمناً)) والحديث ضعيف، ولذا الجمهور على أن صلاة الفاسق صحيحة، وكل من صحت صلاته صحت إمامته، وجاء الأمر بالصلاة خلف أئمة الجور وهم فساق، فإمامتهم صحيحة -إن شاء الله تعالى-. أحسن الله إليك. يقول: إذا دخلت المسجد والإمام ساجد في صلاة الجمعة وأنا لا أعلم في أي ركعة هو فهل أدخل بنية الظهر أم بنية الجمعة؟ تدخل بنية مترددة فإن كنت أدركت ركعة فهي الجمعة، وإن لم تدرك ركعة تضيف إليها الركعات الأخريات، ومثل هذا التردد لا يضر، أنت دخلت بنية فريضة إما الجمعة أو الظهر، ولا يلزم التعيين مع عدم القدرة عليه، لا تستطيع أن تعين والذي لا يستطاع لا يلزم، فأنت دخلت والإمام ساجد لا تدري هل هو في الركعة الأولى وبقيت له ركعة، أو في الثانية وتكون الصلاة حينئذٍ قد انتهت، مثل هذا التردد لا يضر -إن شاء الله تعالى-، قد يقول قائل: لماذا لا ينتظر حتى يتبين إما أن يجلس الإمام للتشهد أو يقوم للثانية ويدخل في الصلاة بيقين؟ نقول: قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((وما أدركتم فصلوا)) يرد هذا الاحتمال، نعم. أحسن الله إليك. يقول السائل: ما حكم ما يفعله بعض الأئمة من المداومة على قراءة سورتي السجدة والإنسان في فجر يوم الجمعة؟ جاء ما يدل على أنها يداوم عليها، وأنها تقرأ ديمة، يعني مداوماً عليها، لكنها لا تشبه بالواجبات، فيكثر من قراءتها في يوم الجمعة، لكنه يخل بذلك أحياناً؛ لئلا تتشبه باللازم الواجب، نعم. أحسن الله إليك. يقول: ما حكم السفر إلى دولة البحرين للمسافر؟ هل يقصر ويجمع الصلاة ويفطر أم لا؟ المسافة كم؟ عشرين كيلو. لا، ليست مسافة قصر، ليست مسافة قصر، هذا إذا كان السفر مباحاً، أما إذا كان السفر محرماً فعرفنا أن العاصي بسفره لا يجوز له أن يترخص ولو بلغت المسافة أو تحققت المدة. أحسن الله إليك. يقول: ما حكم تغميض العينين أثناء الصلاة في المكان المظلم؟

تغميض العينين معروف أن من أهل العلم من يطلق فيه الكراهة لما فيه من مشابهة اليهود، وابن القيم -رحمه الله- يقول: "إذا كان يحقق مصلحة راجحة كالخشوع مثلاً فيستحب" وهذه المسألة ذكرناها سابقاً، نعم. أحسن الله إليك. يقول: لماذا يتم تحديد مدة القصر بأربعة أيام مع أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أقام بتبوك عشرين يوماً يقصر الصلاة وكذلك في فتح مكة؟ ذكرت سابقاً أن الأدلة التي يستدل بها الجمهور على التحديد غير ملزمة، ولا تنهض على الإلزام، لكن هذا من باب المحافظة على الصلاة التي هي أعظم شعائر الدين الظاهرة، ومن باب الخروج من عهدة الواجب بيقين، والنبي -عليه الصلاة والسلام- أذن للمهاجرين أن يمكثوا بمكة التي هاجروا منها ثلاثة أيام فدل على أن هناك فرق بين الثلاثة والأربعة، فدل على أن هناك فرق، وهو أيضاً لم يقم بمكان واحد أكثر من أربعة أيام إلا على نية التردد ما يدري متى يرجع؟ إذا كان الأمر كذلك فمن الصحابة من مكث ستة أشهر، وهذه المسألة سبق بسطها، وعرفنا أن الشيخ -رحمة الله عليه- كان يفتي بقول شيخ الإسلام وهو أنه ما دام الوصف موجود فالحكم ساري، ما دام السفر الذي هو مناط الترخص موجوداً فحكم هذه الرخص ساري، لكنه رجع عن هذا القول لما ترتب عليه من تضييع بعض المسافرين لفرائض الدين، وإذا عرفنا أن الجمهور يرون .. ، أو الكل لا يوجد من أهل العلم من يبطل من صلى الصلاة كاملة أربع ركعات، ولا يبطل صلاة من صلى كل صلاة بوقتها، لا يوجد من يقول بذلك، حتى عند الحنفية الذين يقولون بوجوب القصر .... لا يبطلون الصلاة، يأثم من فعله، والجمهور عندهم أن من تجاوز المدة المحددة صلاته باطلة، صلاته باطلة، فلماذا نعرض الصلاة للبطلان ولو على قول، فالاحتياط كما قال الشيح -رحمة الله عليه- أن يسلك مسلك الجمهور فتحدد المدة بأربعة أيام، وتحدد المسافة بثمانين كيلو، والله المستعان، نعم. أحسن الله إليك. يقول: إذا كنت مسافراً في مدة أقل من أربعة أيام وسكنت بجوار مسجد فهل يجب علي صلاة الجماعة أو يجوز أن أصلي منفرداً مكان إقامتي؟ إذا كنت تسمع النداء لا بد من الإجابة حيث ينادى بها وهو المسجد، نعم. أحسن الله إليك فضيلة الشيخ.

يقول: ما حكم من يهتز عند قراءة القرآن الكريم ليس لقصد تقليد اليهود ولكن لأنه أنشط له؟ على كل حال هذا ليس من صنيع سلف هذه الأمة وخيارها، فإذا لم يكن في البال تقليد اليهود الذين قيل عنهم أنهم أثناء قراءتهم يهزون هذه الهزة، ويتحركون ويميدون هذا الميد فالأمر أخف، لكن الأصل أن كل عمل فيه مشابهة ممنوع. أحسن الله إليك. يقول: صليت إماماً وبعد الصلاة بساعتين تبين لي أني مسحت على الشراب وأنا على غير طهارة فماذا يلزمني؟ وماذا يلزم المأمومين؟ المأمومين لا يلزمهم شيء، لا يلزمهم شيء، أما بالنسبة لك وقد مسحت على غير طهارة عليك أن تعيد الصلاة بعد أن تخلع الخف وتمسح على طهارة كاملة، تعيد الصلاة، نعم. أحسن الله إليك. يقول: ذكرتم -حفظكم الله- أن كل من صحت صلاته صحت إمامته فهل نستطيع ... على أن إمامة المصاب بسلس البول صحيحة؟ الأمر كذلك، ما دام تصح صلاته لنفسه تصح إمامته، هذا قول مطرد عند أهل العلم، وإن كان بعضهم يرى أن الأكمل أن يؤم الناس من كملت طهارته فسلم من هذا الداء، وطهارته كاملة بمعنى أنها أصلية بالماء، فلا يؤم المتيمم بالمتوضئ دون العكس، ولا من به سلس، سلس البول وسلس الريح بالمعافى، وإن كانت القاعدة والأصل أن من صحت صلاته صحت إمامته، وهذا يشمل المتيمم صلاته صحيحة وكاملة، وكذلك من به نوع من المرض الذي يجعل طهارته ناقصة، نعم. أحسن الله إليك. تقول السائلة: رجل يريد تزويج ابنته من رجل لا ترغب فيه فرفضت فقال لها: أنا لست راضٍ عنك ودعا عليها فهل توافق خوفاً من أن دعوة الوالد مستجابة مع أنها لا تريده أبداً؟ إذا كانت ترفضه لأمر مقبول لا ترضى دينه ولا أمانته فليس لأبيها أن يكرهها، وليس عليها أن تقبل مشورة أبيها بهذه الحالة، ولا يلزمها طاعته في هذه الصورة؛ لأن الطاعة بالمعروف، أما إذا كان ممن ترضى ديانته وأمانته فعليها أن تقبل بمشورة أبيها، وأبوها أعرف بمصلحتها غالباً، وإلا إذا رفضت ليس عليها شيء؛ لأن الأمر لا يعدوها، والأب ليس له أن يكرهه موليته بكراً كانت أو ثيباً إذا كانت مكلفة. أحسن الله إليك.

جاءت أسئلة كثيرة جداً يسأل الإخوة فيها عما يشترى من الكتب لطالب العلم وكيفية البداية في طلب العلم، وكذلك كيفية كتابة التعليقات على الكتب؟ هذه الأمور ما يتعلق بالقراءة والإفادة من الكتب والطلب صار فيها عدة لقاءات وسجلت والآن موجودة وإن كانت ناقصة وفي النية إكمالها -إن شاء الله تعالى-. أحسن الله إليك. اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك.

كتاب الصلاة (31)

بلوغ المرام ـ كتاب الصلاة (31) شرح: باب: صلاة الجمعة. الشيخ/ عبد الكريم الخضير الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. ما تفضل به الشيخ -وفقه الله- من الحرص على العلم والسعي الجاد في تحصيله لا يحتاج إلى مزيد لا سميا إذا استحضرنا النصوص الثابتة من الكتاب والسنة القطعية في أهمية العلم وفضل العلماء، ومنازل أهل العلم في الدنيا والآخرة، وأن الله -جل وعلا- يرفعهم بهذا العلم درجات على غيرهم، فلسنا بحاجة إلى مزيد في بيان فضل العلم والعلماء، لكن على طالب العلم أن يستحضر هذا دائماً؛ ليكون باعث له على الاستمرار في التحصيل، وداعياً قوياً على الصبر والمصابرة على هذا الباب العظيم من أبواب الجهاد، فهذا باب عظيم يحقق به العبد الهدف الذي من أجله خلق وهو العبودية لله -جل وعلا- على مراد الله -سبحانه وتعالى-، ينفع نفسه وينفع غيره، يتعلم العلوم الشرعية المورثة للخشية على الجادة المعروفة عند أهل العلم، ويطلب العلم على أهله، ويلازم أهله المعروفين بالعلم والعمل، ثم بعد ذلك يعمل بما علم، ويعلم غيره، ويستحق أن يكون بذلك ربانياً إذا كان مخلصاً لله -جل وعلا- في جميع ذلك في العلم والتحصيل، في العمل والتطبيق، في التعليم والتوجيه، ما قاله الشيخ لسنا بحاجة إلى أن نضيف فيه شيئاً؛ لأن فيه خير وبركة -إن شاء الله تعالى- لكن نبدأ بما نحن بصدده بشرح أحاديث البلوغ، والمدة قليلة ما تفي بالقدر الذي النية -إن شاء الله تعالى- جادة في تحقيقه، وختم الكتاب في أقرب مدة، هذا لا شك أنه مطلوب من الإخوان لكنه ليس بهدف، هدفنا أن نستفيد الفائدة المرجوة المطلوبة، يعني نبسط في موضع البسط، ونختصر في موضع الاختصار -إن شاء الله تعالى-، والله المستعان. سم. بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد: قال الإمام الحافظ أحمد بن علي بن حجر -يرحمه الله-. "باب: صلاة الجمعة: عن عبد الله بن عمر وأبي هريرة -رضي الله- ... الترجمة فيها صلاة الجمعة؟ سم يا شيخ. وإلا باب الجمعة؟ باب: صلاة الجمعة، طبعة الزهيري.

كل الطباعات فيها هذا وإلا باب الجمعة؟ طالب. . . . . . . . . نعم؟ طالب. . . . . . . . . لأن صلاة هذه في الغالب يذكرها الشراح، يعني باب بين قوسين، ثم بعدها صلاة ثم بين قوسين الجمعة، تجد بعض الإخوان الذين ينشرون الكتب ينشرون العنوان على ما وجدوا، والغالب أن صلاة هذه من كلام الشارح وليست من كلام المؤلف، وقد توجد في بعض النسخ، قد توجد في بعض النسخ، نعم. قال -رحمه الله-: "عن عبد الله بن عمر وأبي هريرة -رضي الله عنهم- أنهما سمعا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول على أعواد منبره: ((لينتهين أقوام عن ودعهم الجمعات أو ليختمن الله على قلوبهم، ثم ليكونن من الغافلين)) رواه مسلم. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "باب: الجمعة" الباب عرفناه مراراً، وأنه في الأصل لما يدخل معه ويخرج منه في المحسوسات، هذه حقيقته اللغوية والعرفية عند الناس، العرف العام على هذا، لكن العرف الخاص عند أهل العلم أنه ما يضم مسائل علمية وفصول، ويدخل في الغالب تحت كتاب، وهو أيضاً من إطلاق الحقيقة وليس بمجاز على ما يقولون، لكنها الحقيقة الخاصة، الحقيقة العرف الخاص عند أهل العلم، كما ذكرنا ذلك مراراً.

"باب: الجمعة" في الحديث الأول يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "عن عبد الله بن عمر وأبي هريرة -رضي الله عنهم-" الضمير يعود إلى الثلاثة إلى عبد الله وعمر وأبي هريرة "أنهما سمعا" الترضي والدعاء للثلاثة، وإسناد الخبر إلى الاثنين؛ لأن عمر لا علاقة له بهذا الحديث، الحديث مروي من طريق عبد الله بن عمر وأبي هريرة "أنهما سمعا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول على أعواد منبره" على أعواد منبره هذه من إضافة الصفة إلى الموصوف، الصفة إلى الموصوف، الأصل على المنبر الذي هو من أعواد لا من الطين ولا الجذع الذي كان يخطب إليه النبي -عليه الصلاة والسلام-، كان يخطب مستنداً إلى جذع فلما كثر الناس قيل له: لو اتخذت منبراً، فاتخذ المنبر من أعواد يعني من خشب، مكون من ثلاث درجات، لما كثر الناس ليراهم أقترح عليه -عليه الصلاة والسلام- أن يتخذ المنبر، فلما جاء النبي -عليه الصلاة والسلام- ليصعد المنبر الجديد وتخطى الجذع حن إليه الجذع -عليه الصلاة والسلام-، وسمع صوته فنزل النبي -عليه الصلاة والسلام- من منبره واحتضنه حتى سكت، وهذه من معجزاته -عليه الصلاة والسلام- ومن دلائل نبوته، رقي المنبر وخطب -عليه الصلاة والسلام- خطبة كان منها قوله: ((لينتهين أقوام)) ((لينتهين أقوام)) اللام هذه في جواب قسم محذوف تقديره: "والله لينتهين" اللام، وينتهين: فعل إيش؟ مضارع معرب وإلا مبني؟ مبني على إيش؟ على الفتح، لماذا؟ لاتصاله بنون التوكيد، لاتصاله وهذا مهم جداً، تكون النون مباشرة للفعل، وجاء في آخر الحديث: ((ثم ليكونن)) ما قال: ليكونن لماذا؟ نعم؟ النون ما باشرت ليش ما باشرت والنون مع النون؟ نعم فيه الفاصل الواو، الواو واو الجماعة محذوفة، لماذا لا نقول: ((لينتهين)) فيه واو محذوفة؟ نعم؟ ما في واو هنا؟ لماذا؟ طالب:. . . . . . . . . نعم لأن الفاعل موجود "أقوام"، والفاعل في ((ليكونن)) الواو التي هي كناية عن الأقوام. وأعربوا مضارعاً إن عريا ... عن نون توكيدٍ مباشر ... لا بد أن تكون النون مباشرة.

((لينتهين أقوام)) جمع قوم، والقوم: الجماعة، ويخصه بعضهم بالرجال {لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ} {وَلَا نِسَاء مِّن نِّسَاء} [(11) سورة الحجرات] فدل على أن المراد بالقوم هم الرجال، نعم يأتي التعبير بالقوم ويدخل فيه النساء، ويدخل فيهم النساء، لكن هنا يدخل النساء وإلا ما يدخل؟ لا يدخل النساء؛ لأن النساء غير مطالبات بأداء الجمعة ((لينتهين أقوم عن ودعهم)) ودع مصدر أي ترك، ودعهم تركهم للجمعات، والمصدر من هذه المادة الذي هو أصلها مستعمل كما هنا، استعمل أيضاً المضارع ((من لم يدع)) استعمل الأمر ((دع ما يريبك)) لكن أهل العلم يقولون: إن الماضي أميت من هذه المادة، ما يقولون: ودع بمعنى ترك، يقولون: أميت، وأن قرئ في الشواذ: {ما وَدَعَك ربك} ((لينتهين أقوم عن ودعهم)) يعني تركهم الجمعات جمع جمعة، والجمعة بضم الجيم والميم على المشهور جمعة، وسكنها الأعمش في قراءته جمْعة، وضبطه بالفتح جمَعة كهمزة ولمزة، وفي لغية كسرت الميم جمِعة، لكن الأشهر وبها قرأ الأكثر الجُمُعة {إِذَا نُودِي لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ} [(9) سورة الجمعة].

وفضل هذا اليوم وأنه عيد في الأسبوع معروف ((ما طلعت الشمس على خير من يوم الجمعة)) والخلاف في المفاضلة بينه وبين يوم عرفة معروف عند أهل العلم، والجمعة كما جاء في الحديث الصحيح: ((الجمعة إلى الجمعة كفارة لما بينهما)) وجاء في حديث آخر أنها ((كفارة لما بينهما وزيادة ثلاثة أيام)) فالمقصود أن فضل يوم الجمعة معروف، وفيه ساعة الاستجابة، وفضل صلاة الجمعة جاء فيه من النصوص ما في حديث الباب ((لينتهين أقوام عن ودعهم الجمعات أو ليختمن الله على قلوبهم)) هذا تهديد وعيد شديد على من تساهل في الجمعة، وجاء: ((من ترك ثلاث جمع طبع الله على قلبه)) لأن التكرار ثلاثاً مطرد في الشرع أنه يجعل الشيء عادة وديدن ((عن ودعهم الجمعات)) يعني الإتيان إلى هذه الصلاة ((أو ليختمن الله على قلوبهم)) والختم: الطبع على القلب نسأل الله العافية، الطبع والاستيثاق منه بحيث لا ينفذ إليه خير ولا يرد الشر، بحيث لا ينفذ إليه خير ولا يرد شراً، هذا الختم {خَتَمَ اللهُ عَلَى قُلُوبِهمْ} [(7) سورة البقرة] يعني طبع عليها، كثير من الناس -من المسلمين- بهذه المثابة وهو لا يشعر، وهذا من مسخ القلوب -نسأل الله السلامة والعافية-، وهو فيما يقرر أهل العلم أنه أعظم من مسخ الأبدان، أعظم من مسخ الأبدان، وسببه التفريط في أمر الله -جل وعلا- والاستخفاف بمحارم الله –تبارك وتعالى-، كثير من الناس مختوم على قلبه، مطبوع على قلبه، ممسوخ، وهذا كما جاء في النصوص يحصل كثيراً في أخر الزمان في هذه الأمة مسخ القلوب ومسخ الأبدان كلها تحصل في آخر الزمان بالنسبة لهذه الأمة.

ذكر ابن القيم -رحمه الله- وغيره من هذا الأمر أمور تشيب منها الذوائب، الآن لما يذكر في الخبر أنه يمضي الاثنان إلى المعصية فيمسخ أحدهما خنزير -نسأل الله السلامة والعافية-، ويمضي الثاني إلى معصيته ما يرجع، يمضي إلى معصيته كلاهما ممسوخ، كلاهما مسخ، لكن هذا مسخ بدن، وهذا مسخ قلب -نسأل الله السلامة والعافية-، ويحصل هذا في أخر الزمان، وقرر ابن القيم -رحمه الله تعالى- أنه يكون في طائفتين من الناس -نسأل الله العافية-، في الحكام الظلمة، وفي العلماء الذين يبدلون شرع الله بالتحريف -نسأل الله السلامة والعافية-. ((لينتهين أقوام عن ودعهم الجمعات أو ليختمن الله على قلوبهم، ثم ليكونن من الغافلين)) الغفلة عما ينفع في الدنيا والآخرة، الغفلة عما ينفع في الدنيا والآخرة، الغفلة عامة، قد يقول قائل: إن كثير من هذا النوع الذين لا يحضرون الجمعات قد نجحوا في أمور دنياهم، وتولوا المناصب العليا، وحصلوا الأموال الطائلة والجهل عريض، نقول: ما أفلحوا ولو صار لهم ما صار من أمور الدنيا، فإن الدنيا كلا شيء بالنسبة للآخرة من جهة، والأمر الثاني: أنه ما يدريك أن هذا المسئول الكبير مفلح، أو هذا التاجر الكبير مفلح، أو هذا الوجيه مفلح؟ ما يدريك أنه يعيش في نفسه أمور يغبط عليها الفقراء وفي حياته اليومية؟ المقصود أن الاهتمام بشأن الجمعة معروف في النصوص، والشارح يقول: "وعدم إتيان الجمعة من باب تيسير العسرى" ما معنى هذا الكلام؟ "وعدم إتيان الجمعة من باب تيسير العسرى" يعني هل هذا مثلما يقال اليوم من فقه التيسير، يعني إذا شق عليك الإتيان إلى الجمعة تيسر الأمر، عدم إتيان الجمعة من باب تيسير العسرى أو الأمر يختلف؟ هذا تهوين من شأن الجمعة أو تشديد وتهويل من شأنها؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . نعم {فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى} [(10) سورة الليل] فسنيسره للعسرى، هذا أمر خطير جداً، ولا شك أن التهاون بصلاة الجمعة طريق مسهل ومذلل يوصل إلى العسرى، نسأل الله السلامة والعافية.

أما بالنسبة لحكم صلاة الجمعة فهي فرض على الأعيان المستطيعين، فرض على الأعيان يعني فرض عين، فرض على الأعيان يعني لا على الكفاية كما نقل بعضهم عن بعض العلماء، لكنه فرض عين، ومثل هذا الحديث نص صحيح صريح في وجوبها على كل مكلف مستطيع، يستثنى من ذلك المعذور، ومن الأعذار السفر، فالمسافر ليس عليه جمعة، والنساء ليس عليهن جمعة، نعم. قال المؤلف -رحمه الله-: "وعن سلمة بن الأكوع -رضي الله عنه- قال: "كنا نصلي مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الجمعة ثم ننصرف وليس للحيطان ظل نستظل به" متفق عليه، واللفظ للبخاري، وفي لفظ لمسلم: "كنا نجمع معه إذا زالت الشمس ثم نرجع نتتبع الفئ". وعن سهل بن سعد -رضي الله عنهما- قال: "ما كنا نقيل ولا نتغدى إلا بعد الجمعة" متفق عليه، واللفظ لمسلم، وفي رواية: "في عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-". يقول المؤلف -رحمه الله-: "وعن سلمة بن الأكوع -رضي الله عنه- قال: "كنا نصلي مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الجمعة" وكنا الصيغة تدل على الاستمرار "مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الجمعة ثم ننصرف وليس للحيطان ظل يستظل به" ثم ننصرف يعني من صلاة الجمعة بعد الخطبة والصلاة ينصرفون وليس للحيطان ظل يستظل به، هذا الحديث في الصحيحين وغيرهما. ظل يستظل به هل هذا نفي لمطلق الظل؟ بمعنى أن الشمس لم تزل بعد، ما زالت الشمس يعني قبل الزوال؟ أو أن للحيطان ظل لكنه لا يصل إلى حد بحيث يستظل به فيكون فعلها بعد الزوال؟ {بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا} [(10) سورة لقمان] الآن السموات على عمد وإلا بغير عمد؟ بغير عمد البتة أو عمد لا ترى؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . .

البتة طيب ترونها يمسك السماء بعمد ويش المانع؟ هذا اللفظ محتمل كاللفظ الذي معنا: "وليس للحيطان ظل يستظل به" يحتمل نفي الظل بالكلية ويكون من أدلة الحنابلة على جواز فعل الجمعة قبل الزوال، أو أنه ليس لها ظل يستظل به يعني ظل ظليل مديد بحيث يمشون الناس وهم كلهم يستظلون بهذا الظل دفعة واحدة، فيكون فعلها بعد الزوال مباشرة قبل أن ينتشر الظل الظليل المديد؟ نعم، ويكون هذا ليس فيه مستمسك للحنابلة وإن وقتها إنما هو بعد الزوال كما يقول الجمهور، وهذا اللفظ محتمل، اللفظ محتمل، وإن قال بعضهم: إنه يبعده أن النبي -عليه الصلاة والسلام- كان يقرأ في صلاة الجمعة بسور طويلة الجمعة والمنافقين مثلاً، فلو كانت بعد الزوال لصار هناك ظل مع طول القراءة، والنبي -عليه الصلاة والسلام- يرتل، فهذا من أدلة الحنابلة الذين يرون أن الجمعة يجوز فعلها قبل الزوال، وأن أول وقتها وقت صلاة العيد، وأن أخر وقتها وقت صلاة الظهر، والجمهور على أن وقتها وقت صلاة الظهر تبدأ من بعد الزوال وتنتهي بمصير ظل كل شي مثليه. وفي لفظ لمسلم: "كنا نجمع" يعني نصلي الجمعة نجمع نصلي الجمعة بخلاف نجمع فالجمع غير التجميع، "نجمع مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا زالت الشمس ثم نرجع نتتبع الفيء" يعني دليل على المبادرة .... نقول: إذا زالت الشمس، وهذا الحديث يفسر الحديث الذي قبله، يفسر: "كنا نجمع مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ... نصلي الجمعة إذا زالت الشمس، ثم نرجع نتتبع الفيء" يعني فيء قليل، يعني بعد الزوال لكنه قليل لا يستوعب الناس إذا خرجوا من المسجد، على كل حال الاحتمال في الحديث الأول قائم في الراوية الأولى، أما الراوية الثانية فإنها مفسرة وأنهم كانوا يجمعون مع النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا زالت الشمس، إذا زالت وهذا نص في تأييد قول الجمهور، ثم نرجع نتتبع الفيء لقلته، وهذا فيه دليل على المبادرة بصلاة الجمعة.

"وعن سهل بن سعد -رضي الله عنهما- قال: "ما كنا نقيل" نقيل: من القيلولة، وهي الراحة في منتصف النهار، الراحة في منتصف النهار، وهي معروفة عندهم القيلولة، وهي من أنفع أوقات النوم في النهار، بخلاف طرفيه بخلاف طرفي النهار، فالنوم بعد صلاة الصبح غير محمود، وكذلك النوم بعد العصر إنما إذا وقع النوم في وسط النهار ليستجم الإنسان ويأخذ البدن قسطه من الراحة بعد الجهد الجهيد والتعب والكد ليل نهار يقيلون في هذا الوقت، وسواء صاحبها نوم أو لم يصاحبها نوم، القيلولة أعم من أن تكون نوماً، بل هي راحة "ما كنا نقيل ولا نتغدى" يعني نتناول طعام الغداء إلا بعد الجمعة، إلا بعد الجمعة؛ لأنهم يبادرون بصلاة الجمعة، ويبادرون إلى صلاة الجمعة، يبادرون إليها ويبادرون بها كما تقدم في الحديث السابق، "متفق عليه، واللفظ لمسلم"، وفي رواية: "في عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-". "ما كنا نقيل ولا نتغدى" احتمال يكون في عهده واحتمال أن يكون بعده -عليه الصلاة والسلام-، لكن الراوية الثانية نص في أنهم في عهده -عليه الصلاة والسلام-، مع أن قول الصحابي: "كنا نفعل أو ما كنا نفعل" سواء أضافه إلى عصر النبي -عليه الصلاة والسلام- أو لم يضفه فالمراد به في عصر النبي -عليه الصلاة والسلام- عصر التشريع، ولا يظن بالصحابي أنه ينسب إلى عصر ليس بوقت تشريع، في حكم شرعي "كنا نفعل أو كنا نقول أو كنا نعمل" هذا لا يمكن أن يقوله إلا في وقت التشريع؛ لأنه بصدد تقرير مسألة شرعية، ولذا أهل العلم عندهم مثل هذه الصيغة مرفوعة، ولو لم يضفه إلى عهد النبي -عليه الصلاة والسلام-.

يعني في قوله -جل وعلا-: {وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُم مِّنَ الظَّهِيرَةِ} [(58) سورة النور] يعني في الساعات الثلاث التي لا بد فيها من الاستئذان، {وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُم مِّنَ الظَّهِيرَةِ} [(58) سورة النور] قد يقول قائل: إن هذا ديدنهم أن نومهم وقيلولتهم إنما هي بعد الظهر، فلا يكون في الحديث دليل على المراد، هذه عادتهم، ما كانوا يقيلون إلا بعد الجمعة وهو بعد الظهر {وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُم مِّنَ الظَّهِيرَةِ} [(58) سورة النور] ها؟ هل نقول: إن الحديث إذا قلنا مثل هذا وأردنا أن نوفق بين الآية والحديث وقلنا: إن ديدنهم القيلولة بعد الظهر {وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُم مِّنَ الظَّهِيرَةِ} [(58) سورة النور] يعني بعد الظهر، حينئذٍ يكون قوله: "ما كنا نقيل ولا نتغدى إلا بعد الجمعة" جاري على العادة على عادتهم، وأنهم باستمرار يفعلون هذا بعد الجمعة وبعد صلاة الظهر ولا فرق، واضح وإلا ما هو بواضح؟ في إشكال وإلا ما في إشكال؟ نعم؟ وفي قوله: {وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُم مِّنَ الظَّهِيرَةِ} [(58) سورة النور] هذا في الجمعة وغير الجمعة، الغالب؟ طالب:. . . . . . . . . لا هو الآية جاءت على العادة، على الجادة، افترض أن واحد ما نام في الليل، من بعد صلاة العشاء نعم وعوض عن النوم بعد صلاة الصبح يدخل عليه بدون استئذان؟ لكن الجادة أن النوم بعد صلاة العشاء، فلآية فيها تقرير العادة هذا الأصل {وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُم مِّنَ الظَّهِيرَةِ} [(58) سورة النور] أو نقول: إن الظهيرة وقت ظهور الشمس وارتفاعها وشدة حرها، ولو لم يكن بعد صلاة الظهر، غير مرتبط بصلاة الظهر، المهم ارتفعت الشمس وازداد حرها واحتاج الناس إلى القيلولة هذا وقت الظهيرة، وفي الحديث: ((وحين يقوم قائم الظهيرة)) يعني وقت الزوال، وإذا عرفنا السبب لماذا قالوا .. ، جاء في الحديث ((وحين يقوم قائم الظهيرة)) سموا وقت الزوال قائم الظهيرة، الإبل على شدة تحملها للحر تقف في هذا الوقت، لا تطيق حر الأرض، ولذا قالوا: "يقوم قائم الظهيرة"، وهذا يبدأ قبل الزوال، تبدأ شدة الحر فهو أعم من أن يكون من صلاة الظهر.

وعلى كل حال هذا الأحاديث كلها تدل على المبادرة بصلاة الجمعة، المبادرة بصلاة الجمعة، والخلاف بين أهل العلم معروف، الحنابلة يرون صحة صلاة الجمعة قبل الزوال، وعرفنا وقت الجمعة عندهم، والجمهور على أن وقتها وقت صلاة الظهر، والقاعدة التي ذكرها أهل العلم ابن رجب وغيره أنه إذا كان للعبادة سبب وجوب ووقت وجوب لا يجوز فعلها قبل السبب اتفاقاً، ويجوز فعلها بعد الوقت يعني بعد دخوله اتفاقاً والخلاف فيما بينهما فسبب الوجوب هنا طلوع الشمس، طلوع الشمس من يوم الجمعة، سبب الوجوب ووقت الوجوب الزوال، فلا تجوز قبل ارتفاع الشمس وتجوز بعد الزوال، وهذا متفق عليه في الأولى والثانية والخلاف فيما بينهما، يعني كفارة اليمين سببها انعقاد اليمن ووقتها الحنث لا يجوز قبل أن تعقد اليمن أن تكفر، ويجوز اتفاقاً أن تكفر بعد الحنث، لكن بينهما هو محل الخلاف على هذه القاعدة، دم المتعة والقران سببه الإحرام بالعمرة للمتمتع، والإحرام بهما للقارن، ووقته يوم العيد، والخلاف بين السبب والوقت يعني قبل يوم العيد هل يذبح الهدي وإلا ما يذبح؟ محل خلاف بين أهل العلم. على كل حال القاعدة هذه لها فروع كثيرة جداً، منها مسألتنا هذه، والحنابلة مشوا على الجواز، ولا شك أن الاحتياط في ألا تصلى إلا بعد الزوال، ولو بدئ بالخطبة قبل ذلك، لكن الصلاة لا بد أن تقع بعد الزوال، وهذا قول الاحتياط، والأدلة محتملة، فمن صلاها قبل الزوال قريب منه لا يأمر بالإعادة، لكن الأحوط والأولى ألا يصليها إلا بعد الزوال، ولو وقعت الخطبة قبل ذلك، والأدلة تدل ... يقولون: الرجاء توفير مكيف لغرفة النساء الخارجية وإضاءة لنتمكن من الجلوس في دروس المغرب والعشاء. نعم. قال الإمام -رحمه الله-: لحظة لحظة نعم؟ طالب. . . . . . . . . ويش فيها؟ هاه؟ طالب. . . . . . . . . المقصود الكلام في الصلاة، في الصلاة، الكلام في الصلاة، نعم. "وعن جابر أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يخطب قائماً، فجاءت عير من الشام فانفتل الناس إليها حتى لم يبق إلا اثنا عشر رجلاً" رواه مسلم".

هذا الحديث حديث جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يخطب في يوم الجمعة قائماً، كان يخطب يوم الجمعة قائماً، القيام في خطبة الجمعة واجب عند أهل العلم، ولم يخطب النبي -عليه الصلاة والسلام- وهو جالس البتة، ولا خلفاؤه من بعده، أبو بكر ولا عمر ولا عثمان ولا علي، يقال: إن أول من خطب جالس كان معاوية -رضي الله عنه- لما ثقل، ثقل جداً فخطب جالساً، وخطب بعض بني أمية بعده جالسين، وأنكر عليهم بعض الصحابة، أنكر عليهم أبو سعيد وغيره، فالخطبة من جلوس لا تجوز، خطبة الجمعة بل الخطب الشرعية لا بد لها من قيام. "كان يخطب يوم الجمعة قائماً، فجاءت عير من الشام" العير: هي الإبل المحملة، هي الإبل المحملة بالبضائع "فجاءت عير من الشام فانفتل الناس إليها" انصرفوا إليها، انصرفوا إليها "حتى لم يبق إلا اثنا عشر رجلاً"، رواه مسلم" انفتل الناس وهؤلاء كلهم صحابة، يعني من المسلمين، انفتل الناس إليها، {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا قُلْ مَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ مِّنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ} [(11) سورة الجمعة] فكون الصحابة -رضوان الله عليهم- انصرفوا وتركوا النبي -عليه الصلاة والسلام- يخطب، الصحابة أولاً: هم بشر يعتريهم ما يعتري البشر، وقد يكون الوقت وقت شدة وضيق، فإذا سمعوا بشيء مثل هذا لا شك أنه يؤثر على النفوس، وحضور الخطبة أصلاً عند عامة أهل العلم ليس بواجب، لكن من حضر يلزمه الإنصات على ما سيأتي، يعني لو إنسان حضر مع إقامة الصلاة أو بعد أن فاتته الركعة على ما سيأتي في الحديث الآتي يضيف إليها أخرى وتتم له جمعة، لكنه حرم من التبكير والأجور العظيمة التي رتبت على التبكير لصلاة الجمعة واستماع الخطبة، واستماعها واجب.

إذا قال لصاحبه: أنصت ارتكب محظور محرم، أيهما أسهل أن يقول لصاحبه: أنصت ينكر المنكر أو يخرج ويترك الخطيب؟ لا شك أن مثل هذا لن يكون من الصحابة -رضوان الله عليهم- إلا في حال حرج شديد، هم بأمس الحاجة إلى هذه العير، ولا يبعد أن يكون فيهم شديد الجوع، من أهل العلم من يرى أن الخطبة كانت بعد الصلاة، كانت الخطبة بعد صلاة الجمعة، وظنوا أن الانصراف عنها كالانصراف عن خطبة العيد، وجاء في الترخيص في الانصراف من خطبة العيد ما جاء: ((إنا نخطب فمن شاء أن يجلس فليجلس)) المقصود أن هذا قول لبعض أهل العلم، ويلجأ إليه لرفع مثل هذا الإشكال، وإن كانت الخطبة بعد الصلاة، وحكمها عندهم كحكم الاستماع لخطبة العيد، إذا صلى الصلاة يجوز له أن يجلس ويجوز له أن ينصرف، لكن هذا يحتاج إلى نقل، يحتاج إلى نقل، وعوتبوا على انصرافهم، ولو كان مما يجوز لهم ما عوتبوا عليه في سورة الجمعة {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انفَضُّوا إِلَيْهَا} [(11) سورة الجمعة] لو كانت الخطبة بعد الصلاة ويسوغ الانصراف منها ما عوتبوا "فانفتل الناس حتى لم يبق إلا اثنا عشر رجلاً" لم يبق معه -عليه الصلاة والسلام- إلا اثنا عشر رجلاً، واشتراط العدد سيأتي الكلام فيه، لكن من أقول أهل العلم من يقول: إن الجمعة تنعقد باثنا عشر رجلاً لهذا الحديث، لهذا الحديث. ففي الحديث أن الخطبة تكون من قيام، وأن هؤلاء الذين انصرفوا وعادوا وأدركوا الصلاة صلاتهم صحيحة، وإن كانوا فعلوا ما يستحقون عليه العتاب، والمظنون بالصحابة -رضوان الله عليهم- أن الحاجة شديدة وماسة إلى مثل هذا الخروج. "وعن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((من أدرك ركعة من صلاة الجمعة وغيرها فليضف إليها أخرى وقد تمت صلاته)) رواه النسائي وابن ماجه والدارقطني، واللفظ له، وإسناده صحيح، لكن قوى أبو حاتم إرساله.

حديث "ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: "قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((من أدرك من صلاة الجمعة وغيرها)) الحديث مخرج في السنن، والذي في الصحيحين: ((من أدرك من الصلاة ركعة فقد أدرك الصلاة)) ((من أدرك من الصبح ركعة قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح)) ((من أدرك من العصر ركعة قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر)) هذا اللي في الصحيح، أما ادارك الجمعة بركعة هذا في السنن، رواه النسائي، يقول: ((فليضف إليها أخرى وقد تمت صلاته)) مثل هذا جاء نظيره في من أدرك من الصبح ركعة فليضف إليها أخرى، ومن أردك من العصر فليضف إليها ثالثة، الإدراك عندنا أكثر من إدراك، إدراك للوقت، وإدراك للجماعة، وإدراك للركعة، وإدراك لتكبيرة الإحرام.

حديث: ((من أدرك من الصلاة ركعة فقد أدرك الصلاة)) وحديث: ((من أدرك من الصبح)) هذا تقدم الكلام فيه، تكلمنا عن الإدراك، وبم يكون؟ أما بالنسبة لإدراك الوقت فالنص صريح في أن الوقت يدرك بادراك ركعة: ((من أدرك من الصبح ركعة قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح)) وقل مثل هذا في سائر الصلوات، يعني يضيف إليها ما بقي وتكون صلاته أداء، أدركها في وقتها، ومن أهل العلم من يرى أن ما أدركه في الوقت أداء، وما أدركه بعده قضاء، يعني أن الركعة التي أدركها من الوقت تكون في وقتها، وهي أداء هذا حد الأداء ينطبق عليها، وما أدركه بعد خروج الوقت يكون قضاء، لكن فضل الله -جل وعلا- أوسع من أن يقول النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((فقد أدرك الصلاة)) ونقول: نصفها أداء ونصفها قضاء، هذا بالنسبة لإدراك الوقت، لإدراك الجماعة، الجمهور على أن من أدرك مع الإمام أدنى جزء من الصلاة أنه يكون مدركاً للجماعة، حتى قالوا: من كبر قبل سلام إمامه التسليمة الأولى أدرك الجماعة ولو لم يجلس، وجمع من أهل التحقيق يقولون: إن الجماعة لا تدرك إلا بإدراك ركعة؛ لأنها أقل ما يطلق عليه اسم الصلاة ركعة، وعلى كل حال الكلام في مثل هذا مضى مفصلاً، إدراك تكبيرة الإحرام يدرك الركن وهو تكبيرة الإحرام إلى أن يشرع الإمام في ركن ثاني بعده وهو القراءة، فإذا شرع الإمام القراءة فاتته تكبيرة الإحرام، ومنهم من يقول: إنه ما دام يقرأ في الفاتحة إلى أن يقول: أمين فتكبيرة الإحرام مدركة، يستدلون بقول بلال: "لا تسبقني بآمين" للنبي -عليه الصلاة والسلام- وهو مؤذن، أول من حضر إلى المسجد وتفوته تكبيرة الإحرام ويقول: "لا تسبقني بآمين" يستعبد مثل هذا.

إدارك الجمعة يكون بإدراك ركعة، بإدراك ركعة هذا قول الجمهور، وعند الحنفية يدرك الجمعة بإدراك أي جزء منها كغيرها من الصلوات، وعلى هذا من دخل مع الإمام وقد رفع من الركوع وهو لا يدري أفي الركعة الأولى أو الثانية؟ ينوي ظهر وإلا جمعة؟ أو نية معلقة فإن كانت الركعة الأولى التي فاتته يدرك الثانية وإن كانت الثانية ما أدرك شيء فيصلي ظهر؟ يعني هذا الحديث: ((من أدرك من صلاة الجمعة وغيرها -من صلاة الجمعة- ركعة فليضف إليها أخرى وقد تمت صلاته)) فيكون قد أدرك الجمعة، لكن الذي لا يدرك ركعة لا يدرك الجمعة، جاء والإمام رافع من الركعة الثانية عليه أن يصلي أربعاً ظهراً، لكن إذا جاء وقد رفع الإمام من الركوع وهو لا يدري هل هو في الركعة الأولى أو في الثانية ماذا ينوي؟ ينويها جمعة والاحتمال أن تكون الثانية وهو غير مدرك للجمعة؟ ينويها ظهر والاحتمال أن يكون في الركعة الأولى فيكون مدرك للجمعة؟ أو ينوي نية معلقة إن كانت الأولى فكذا وإن كنت الثانية فكذا وصلاته صحيحة؟ نعم؟ يعني ينوي فرض الوقت إن كان جمعة فجمعة، وإن كان ظهر فظهر، نعم. طالب. . . . . . . . . نعم ينوي فرض الوقت، إن كانت جمعة فجمعة، إن أدرك ركعة فجمعة وإلا فظهر. هذا الحديث يدل على أن استماع الخطبة ليس بشرط لصحة صلاة الجمعة، حضور الخطبة ليس بشرط لصحة صلاة الجمعة.

"رواه النسائي وابن ماجه والدارقطني واللفظ له، وإسناده صحيح" الإسناد صحيح ما في إشكال، لكن أبا حاتم قوّى إرساله، قوّى إرساله، ويكون حينئذٍ فيه تعارض الوصل والإرسال، وقدمنا مراراً نظير هذا الخلاف في تعارض الوصل والإرسال تقدم مراراً في نظير هذا الحديث، وأبو حاتم كثير ما يرجح الإرسال، كثير ما يرجح الإرسال، وغيره قد يرجح الوصل وقد يرجح الإرسال، لكن من أهل العلم من ميله إلى الوصل، ومنهم من ميله إلى الإرسال كأبي حاتم، ومنهم من لا يحكم بحكم مطرد، وهذا الأصل في أحكام المتقدمين أنها ليس فيها حكم عام مطرد، بل ما ترجحه القرائن هو الراجح، وهنا رجح أبو حاتم إرساله، وأكثر الأئمة على أنه موصول، على كل حال الحديث مصحح من قبل جمع من أهل العلم، وإسناده صحيح لا إشكال فيه، الإشكال في تعارض الوصل مع الإرسال، ولا يمنع أن يكون الترجيح أو الراجح قول الأكثر، يتصور على مذهب الحنفية أن تستمر صلاة الجمعة إلى دخول وقت العصر، يعني يأتي شخص فاتته الجمعة أقول: شخص يدرك مع الإمام التشهد، هذا أدرك الجمعة عندهم، ثم يأتي شخص ويجد هذا الشخص المسبوق في التشهد يدخل معه، أدرك الجمعة مع من أدرك الجمعة وهكذا إلى ما لا نهاية، نعم وهكذا يستمر الأمر إلى قرب صلاة العصر، وما أدري هل هم يقولون بهذا حقيقة أو هو من باب الإلزام لهم، إنما ذكر عنهم هذا، كما ألزم الظاهرية بكثير من المسائل التي لا يقولون بها، وإنما هي تجري على أصولهم، نعم. "وعن جابر بن سمرة -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يخطب قائماً ثم يجلس ثم يقوم فيخطب قائماً فمن أنبأك أنه كان يخطب جالس فقد كذب" أخرجه مسلم".

نعم هذا حديث جابر بن سمرة -رضي الله عنهما- أن النبي -عليه الصلاة والسلام- كان يخطب قائماً، ولم يحفظ عنه أنه خطب جالساً البتة، يخطب قائماً ثم يجلس ثم يقوم فيخطب قائماً وهذا أمر لا بد منه للخطبة، ويشترط لصحة الجمعة شروط منها: أن يتقدمها خطبتان، يجلس بينهما، فعلى هذا لو فصل بين الخطبتين وهو قائم، جعل فاصل بين الخطبتين وهو قائم هل نقول: إنها خطبتان أو خطبة واحدة؟ يعني ما جلس، سنته -عليه الصلاة والسلام- وطريقته وهديه أنه يخطب الخطبة الأولى قائم، ثم يجلس ثم يقوم بعد ذلك للخطبة الثانية، ولم يحفظ عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه خطب جالساً ولا عن خلفائه الراشدين، وعرفنا أن أول من خطب جالساً فيما يذكر معاوية -رضي الله عنه- بعد أن ثقل، وصعب عليه القيام، ثم تبعه على ذلك بعض بني أمية، هل نقول: إنه لا بد من تقدم خطبتين، لكن هل يلزم أن يكون بين الخطبتين جلوس أو يتم الفصل بينهما بأي فاصل؟ افترض أنه احتاج ماء شرب ماء وهو قائم، افترض أنه احتاج الدورة مثلاً خطب الخطبة الأولى ونزل ورح للدورة ورجع ما جلس وشرع في الثانية ما يتصور يا أخوان؟ أنه قد يحتاج الدورة ضرورة؟ هل يكفي مثل هذا عن الجلوس أو نقول: لا بد من الجلوس؟ نعم؟ طالب. . . . . . . . . نعم كيف؟ طالب. . . . . . . . . ما يشترط أن يجلس ويش اللي فرق بين الجلوس هذا وبين القيام؟ الرسول كان يخطب قائماً ثم يجلس ثم يقوم هذا ديدنه أنت تقول: قائماً واجب والجلوس سنة ويش اللي دل على هذا؟ طالب. . . . . . . . . أيوه؟ طالب. . . . . . . . . إيه لو قلنا: إن الجلوس سنة وله أن يواصل بين الخطبتين ويش المانع أنها تكون خطبة واحدة طويلة؟ إيش الداعي لهذا الفاصل؟ تكون خطبة واحدة طويلة. . . . . . . . .؟ طالب. . . . . . . . .

كلاهما ثابت على حد سواء عنه -عليه الصلاة والسلام-، إما أن يستويا في الوجوب أو يستويا في العدد، وبه بالوجوب فيهما قال جمع من أهل العلم، وبالسنية فيهما قال جمع من أهل العلم، وفرق بينهما بعض أهل العلم بأن القيام لا بد منه لا خطبة من غير قيام، أم الجلوس فهو حاجة إن احتيج إليه وإلا فلا، قال بعض أهل العلم بهذا، الجلوس الترك حاجة نعم والحاجة يُرَدُ تقريرها إلى المحتاج نفسه، قد يقول: أنا لست بحاجة إلى الجلوس من أجل أرتاح، ما أنا مرتاح ألزمتموني بالقيام أقوم، لكن الجلوس ما هو من أجلي؟ نعم؟ أنا مانا بحاجة إلى راحة، والأصل الإقتداء به -عليه الصلاة والسلام- فهو الأسوة والقدوة، وهذا ديدنه، وهذا شأنه. طيب لو احتاج إلى دورة ونزل من المنبر وراح الدورة توضأ ورجع ما جلس هل نقول: إن جلوسه هناك يكفي عن جلوسه عن المنبر؟ أو نقول: لا بد أن يجلس على المنبر كفعله -عليه الصلاة والسلام-؟ يعني كل على مذهبه في هذا، يبقى أن المسألة جلوس على المنبر، ولا يتحقق الجلوس على المنبر بالجلوس على غيره. "ثم يقوم فيخطب قائماً فمن أنبأك أنه كان يخطب جالساً فقد كذب" في مسلم عن جابر بن سمرة: "فقد –والله- صليت معه أكثر من ألفي صلاة" والله لقد صليت معه أكثر من ألفي صلاة، وكان يخطب قائماً ثم يجلس ثم يقوم" ألفي صلاة؟ ألف صلاة جمعة كم سنة؟ ألفي صلاة؟ السنة فيها خمسين جمعة، ألفي صلاة جمعة؟ طالب. . . . . . . . . نعم؟ أربعين سنة؟ نعم أربعين سنة صلى النبي -صلى الله عليه وسلم- أربعين سنة جمعة؟ لا، لا، نعم يحمل على جميع الصلوات الجمعة وغير الجمعة، يعني أنه ملازم مواظب للصلاة خلف النبي -عليه الصلاة والسلام- في الجمعة وغيرها، يعني ما يتصور صلى أربعين سنة. "فمن -نبأك أو- أنبأك أنه يخطب جالساً فقد كذب" دليل على أنه جازم فيما يقول ومتأكد منه غير متردد ولا مرتاب ولا شاك، الآن عندكم راحة وإلا ما فيه؟ في راحة وإلا ما في؟ هذا وقتها وإلا باقي؟ طالب: والله ما ادري متى وقتها بالضبط، لكن في راحة، في فاصل.

الآن وإلا؟ كيف؟ إيه هذا منتصف الوقت، هذا منتصف الوقت، إن كانت الراحة لا بد منها فلتكن في هذا الوقت، وإن أردتم أن نستمر في الدرس إلى أن ينتهي هذا الأمر إليكم، إن كان هناك راحة فهذا وقتها، هذا منتصف الدرس. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته هذه أسئلة مجموعة من الإنترنت ستة أو أكثر. يقول: بالنسبة للساعات المنهي عن الصلاة عنها فالقول أنه يستثنى من ذلك صلاة الجمعة، ويستثنى من ذلك صلاة الفرائض، فقد يقال: العموم إذا دخله الخصوص ضعف، فما قولكم فيمن يقول بضعف القول بمنع الصلاة في هذه الاستثناءات؟ هذه المسألة مسألة ما جاء في النهي عن الصلاة في بعض الأوقات، وما جاء في الأمر بها، وأهل العلم يتفقون على أن الفرائض لا تدخل في النهي، لا تدخل في النهي، ويتفقون على أن النوافل المطلقة داخلة في النهي، ويبقى النوافل المرتبطة بأسباب هي محل الخلاف بين أهل العلم، وهي مسألة بحثناها مراراً، وأفضنا القول فيها، لكن مسألة ذوات الأسباب في أوقات النهي وجاء الأمر بصلاة ركعتين قبل الجلوس من غير نظر إلى وقت من الأوقات، وجاء النهي عن الصلاة في هذه الأوقات، بعض النظر عن جميع الصلوات، فاستثنيت الفرائض بالنصوص. لا شك أن أحاديث النهي كما ذكر هنا في السؤال دخلها مخصصات، وضعفت بهذه المخصصات، وتبقى قوتها في غير هذه الأشياء المخصوصة، تبقى قوتها في غير الأمور التي جاءت النصوص بتخصيصها، يعني لو شخص جالس بعد صلاة الصبح، أو بعد صلاة العصر جالس في المسجد لما بقي على غروب الشمس قام وصلى ركعتين بقي على غروب الشمس ربع ساعة نصف ساعة قام وصلى ركعتين ويش الداعي لهذه الركعتين؟ هل هناك سبب يحمل عليهما؟ ما في سبب، دخل إلى المسجد معه النص ((إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين)) وأيضاً النص ما زال قائماً "ثلاث ساعات كان رسول -صلى الله عليه وسلم- ينهانا أن نصلي فيهن" ونهى عن الصلاة، و ((لا صلاة بعد الصبح حتى طلوع الشمس))، و ((لا صلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس)) معنا نصوص النهي ما زالت قائمة، أما أنها ... يقول: ما قولكم فيمن يقول في ضعف القول بمنع الصلاة لهذه الاستثناءات؟

الآن هو لما قرر أن العموم إذا دخله الخصوص ضعف، وقرر القول في ضعف القول بمنع الصلاة لهذه الاستثناءات كأنه يقول: ما دام ضعف عمومه بطل الاستدلال به، نقول: ليس بصحيح، يبقى عمومه متناول لجميع الصور التي لم يرد فيها استثناء؛ لأن التخصيص إخراج بعض أفراد العام لا جميع أفراد العام، وليس معنى أن حديث: ((لا صلاة بعد الصبح حتى تطلع الشمس)) ويقر النبي -عليه الصلاة والسلام- من صلى راتبة الصبح بعدها أنه يضعف .. ، إيش معنى يكون حديثاً ضعيفاً؟ لا، الحديث في الصحيحين، لكن ضعف الدلالة على تناول جميع الصور نعم؛ لأنه أخرج من هذه الصور بعضها، ويبقى الصور التي لم تخرج بدليل يتناولها العموم بقوته، يعني لما يقال في الوصية مثلاً: يعطى جميع بني تميم، كل شخص من بني تميم يعطى من هذا المال، أو كل طالب في هذا المسجد يعطى من هذه الوصية، ثم كل شوي جايب استثناء: لا تعطون فلان، لا تعطون فلان، لا تعطون فلان وهكذا، العموم السابق ضعف، نعم ضعف هذا نسويه في حياتنا اليومية لو أن الأب قال لأبنه: لا تتحرك من هذا المكان، لا تخرج من هذا المكان، ثم قال: أذن يا .. أنا بطلع أصلي، طيب اطلع صل، جاءت الدراسة اطلع المدرسة، اطلع الخباز، اطلع كذا ضعف النهي، يضعف النهي، لكن لو قال: لا تخرج البتة، أريد أخرج أصلي قال: لا تطلع، أريد أروح المدرسة قال: لا تطلع، هذا فيه قوة، وهكذا النصوص الشرعية إذا حفظت من التخصيص صار فيها قوة، يعني قوة في الدلالة بغض النظر عن قوة الثبوت، الحديث في الصحيحين، فكونه يخرج بعض الصور منه لا يعني أنه يضعف في ثبوته أبداً، لا أثر في ذلك على الثبوت، ويبقى أنه جاء في الأوقات المضيقة أكثر مما جاء في الأوقات الموسعة؛ لهذا السؤال الذي جاء وأظنه على ما ذكر الكاتب من مصر. يقول: فما قولكم فيمن يقول في ضعف القول بمنع الصلاة لهذه الاستثناءات؟

معنى الصلاة مطلقاً؟ يعني مثلما قلنا: جالس بعد صلاة العصر يقرأ القرآن وبعد ساعة قام وصلى ركعتين قال: أنشط لي لو أتابع الجلوس إلى المغرب نمت، نقول: لا يا أخي لا تصل ركعتين، ما في سبب يدعو إلى هاتين الركعتين، لكن لو دخل إلى المسجد في هذا الوقت صلى ركعتين، شمله حديث: ((إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين)) ويبقى ما عدا هذه الأمور المخصوصة على أصل المنع، على أنه لو دخل إلى المسجد وجلس لا يثرب عليه؛ لأن معه أحاديث النهي، وعمل بها الجمهور، وقدموها على أحاديث ذوات الأسباب، والمسألة بحثت مراراً، وقررت بالتفصيل. أخ يقول: إنه يشتغل معه بعض الناس من أصول إسلامية، ولكنهم لا يصلون، وهو يدعوهم إلى الصلاة وفي نفس الوقت يعلمهم بعض الآداب الإسلامية، يسأل هل عنده أجر إذا لم يصلوا وطبقوا تلك الآداب؟ ((من دعا إلى هدى كان له مثل أجل فاعله)) من دعا إلى هدى كان له مثل أجر فاعله، هو مأمور ببذل السبب، مأمور بالدعوة، مأمور بالتوجيه، مأمور بالإرشاد، مأمور بالإنكار، وهذا بذل السبب، والأجر مرتب على هذا السبب، كون المدعو يستجيب هذا هو المطلوب، لكن إذا لم يستجب فأنت لست مسئول عنه، إثمه عليه، ولك الأجر، فستمر على هذا. أخ يقول: إنه اتصل عبر الهاتف على زوجته بسبب جدال معها غضب غضب شديداً مما دفعه بالتلفظ بكلام مفاده الطلاق، ويقول: إنه لا يتذكر حتى المكان الذي اتصل منه بسبب ذلك الغضب يسأل هل عليه شيء؟

على كل حال الغضب إذا بلغ مبلغاً يفقد الإنسان عقله أو يقرب من ذلك فطلاق الغضبان معروف عند أهل العلم حكمه وهل يقع أو لا يقع؟ لكن النص يدل على أنه لا يقع، لكن شريطة أن يكون قد بلغ من صاحبه مبلغ يحول بينه وبين عقله، أم إذا كان يعقل ماذا يقول فمناط التكليف ثابت، وتقرير قوة الغضب وضعفه لا بد من حضور الطرفين لينظر في الأسباب والباعث على هذا الغضب، هل هو بالفعل يدفع إلى غضب شديد يعذر معه الإنسان أو لا؟ وعلى كل حال على المسلم أن يلتزم وصية النبي -عليه الصلاة والسلام- لما قيل له: أوصني، قال: ((لا تغضب)) بعض الناس يقول: أنا مجبول على الغضب لا استطيع، نقول: لا تغضب مع ذلك، تصبر يصبرك الله، تحلم على كل حال عليك أن تجاهد نفسك، وتلزمها بالأخلاق الحميدة، والآداب الإسلامية التي جاءت الشريعة بالحث عليها، ثم بعد ذلك توفق وتسدد وتعان. يقول: ما هي أفضل منهجية يمكن إتباعها لتعليم الحدث سواء التائبون من الفساق أو الكفار الذين دخلوا في الإسلام؟ يعلمون أهم المهمات، وأوجب الواجبات مما يتعلق بالشهادة وتقريرها، وتحقيق التوحيد، وما ينافيه ويناقضه، يعلمون الوضوء والصلاة والصيام وقواعد الإسلام الكبرى بالتدريج والرفق واللين مع السهولة والوضوح، ثم بعد ذلك يتدرج بهم إلى ما بعد ذلك. أخ يقول: إنه يبيع الألبسة التي تلبسها النساء في الحفلات والأعراس يسأل هل يجوز له بيعها علماً أنها ليست ساترة لجسم المرأة بأكمله؟

على كل حال هي تبعاً لحكم اللباس نفسه، البيع تابع لحكم المبيع، هل العين التي وقع عليها العقد مباحة أو غير مباحة؟ إذا كانت مظهرة للعورات أو مشتملة على التشبه بالكافرات والفاسقات لا يجوز بيعها، أما إذا كانت ساترة سابغة تظهر ما يجوز إظهاره للنساء إذا كانت بين النساء أو للمحارم إذا كانت بين المحارم، هذا لا بأس بها، إذا كانت سابغة وافية لا يخرج من المرأة شيء إذا كانت في الأماكن العامة وما أشبه ذلك بحيث يراها الأجانب حينئذٍ يكون بيعها حلال؛ لأن لبسها حلال، أما إذا كانت مما لا يجوز لبسه بأن كانت تظهر شيء من محاسن المرأة التي تفتنها بين محارمها أو بين النساء؛ لأن حكم عورة المرأة عند النساء هي عورتها عند محارمها؛ لأن السياق واحد في أية النور وفي آية الأحزاب، النساء عطفن على المحارم، فعورة المرأة عند المرأة كعورتها عند أخيها وأبيها، فإذا كانت تظهر القدر المباح عند الأب والأخ لا بأس أن تحضر به الأعراس على أنها كلما اتصفت بالحشمة والاحتياط لنفسها لا سيما في هذه الأزمان التي يمكن أن تخرج بصورة ولو كانت مباحة شرعاً إلا أنها تعرض نفسها لبعض الأمور التي لا تحمد عقباها. في هذا الزمان الذي تواردت فيه الشرور، وتواطأ فيه الأعداء، وتكالبوا على المرأة المسلمة بإمكانها أن تحضر وهي لابسة لباس يعني جائز لا بأس به، لكن قد تصور على هيئة من الهيئات لا سيما إذا خشيت على نفسها أنها في موضع ليست في مأمن من التصوير، والتصوير شأنه خطير، وشره مستطير، وقد حضر العفائف إلى هذه الأماكن وصورن ودبلج على وجوههن صور مشينة، وتسببت في الضغط عليهن ووقع بعضهن، وهن في الأصل عفيفات، فعلى المرأة أن تحتاط لنفسها، وتبحث عن الموطن الذي تريد الذهاب إليه هل هي في مأمن من هذه التصرفات أو لا؟ على الإنسان أن يحرص على نجاة نفسه، ولو ضحى بحقوق الآخرين، نعم هناك بر وهناك صلة وهناك آداب وتعامل مع الأقارب مع الجيران مع الأصحاب، لكن يبقى أن الزم ما على الإنسان نفسه، يحتاط لنفسه أكثر مما يحتاط لغيره. يقول السائل: ما حكم السجود وبين الجبهة والأرض حاجز كالطاقية؟

إذا كان هذا الحاجز متصل بالمصلي عند أهل العلم يكره إلا لحاجة، الكراهة تزول بأدنى حاجة، لو هناك شوك أو حر شديد أو أي شيء وسجد على طاقيته على شماغه لا بأس، وإلا فالأصل الكراهة عند أهل العلم أم غير المتصل المنفصل عن المصلي لا بأس بالسجود عليه إذا كان طاهراً. هذا يسأل يستعمل العادة السرية يقول: أستعملها دائماً؟ ولا شك أن كثير من الشباب -هداهم الله- يعرض نفسه لمواقع الفتن، ويهيئ لنفسه من أسباب الشرور ما يلزمه بالوقوع في الفاحشة، أو ما يقرب منها، فعلى الإنسان أن يحسم المادة، ويدفع جميع الأسباب التي توقعه في المحرمات، فلا يخرج إلى الأماكن العامة التي يرتادها النساء المتبرجات، ولا يقتني من الآلات من يجعله يزاول مثل هذه المنكرات، ما يضطره إلى ذلك، لكن إذا وجد نفسه في موقع لا يمكن التخلص منه إما الفاحشة أو هذه العادة هذه العادة أسهل، ارتكاب أخفف الضررين إذا لم يجد وإلا فهي محرمة عند أهل العلم {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} [(6) سورة المؤمنون] ما استثني شيء إلا الزوجة وملك اليمين، فهذه العادة محرمة، ولو كانت مباحة لأرشد إليها النبي –عليه الصلاة والسلام- من لا يستطيع النكاح، لا يستطيع الباءة، أرشد إلى الصيام، لكن بعض الناس لا يملك نفسه، يقول: عجزت، نقول: هذه أسهل من الوقع في الفاحشة، ومع ذلكم هي محرمة، من حصلت منه عليه أن يتوب ويندم ويقلع. يقول: كيف أتخلص منها مع أني أستخدم هذه العادة من خمس سنوات؟ على كل حال عليك أن تبذل الأسباب في التخلص منها، ولا تمكن نفسك من الأسباب التي توقعك فيها، لا شك أن هذا من أعظم ما يتحصن به الإنسان، ويستعين به على أن يحصن نفسه، فعليك أن تسعى جاداً ألا تنظر في الصور لا الحقيقة ولا الوهمية، لا في شاشات، ولا في مجلات، ولا جرائد، وبعض الناس يفتح لنفسه المجال على أوسع أبوابه، ويقول: أنا اضطررت إلى هذا، أنت اللي اضطريت نفسك يا أخي، {ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ} [(40) سورة النور] الوسيلة محرمة والنتيجة محرمة، فعلى الإنسان أن يهتم لنفسه.

يقول: مع أني أستخدمها لمدة خمس سنوات ولا أدي ماذا أفعل وعمري الآن سبعة عشر سنة، وأخاف أن أكون فيّ عقم؟ الأطباء يذكرون لها بعض الأضرار، يذكرون لها بعض الأضرار الصحية والنفسية، وأن فيها أثر على الإنجاب، هي الآن يا أخي ما دامت محرمة فلا تنظر إلى الأمور الأخرى، نعم الأمور الأخرى مثل الحكم والعلل نعم المرتبة الحكم الشرعية والعلل التي من أجلها منع هذا العمل، نعم تكون رافد لا تكون هي الأصل في المنع، لا تقول: أنا لا أفعل هذه لأن فيها أضرار، لا، لأنها محرمة يا أخي؛ لتؤجر على كفك كما تؤجر على فعلك، والله أعلم. نعم، ها محمد إيش عندك؟ طالب. . . . . . . . . لما لا إيش؟ طالب. . . . . . . . . وجميع الصور المحرمة التي تندرج تحت أصول عامة وقواعد كلية في الشرع لا بد أن ينص عليها الشارع؟ يعني ألا تدخل في قوله تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} [(6) سورة المؤمنون] هات نص يدل على جوازها وهي داخلة في المنع هنا؟ طالب. . . . . . . . . الله أعلم، كل المنكرات معروفة بعد في الجاهلية، نعم؟ طالب. . . . . . . . .

لا، لا هي تندرج في هذه الآية، وتدخل فيها دخول أولي، ويبقى أن لو كانت جائزة لأرشد إليها الشارع -عليه الصلاة والسلام- من لا يستطيع النكاح، أرشد إلى الصيام، لكن مع ذلك كثير من الشباب يقول: أنا لم أستطع الكف حتى مع الصيام، يبقى أنها محرمة، ولا تجوز نعم لكنها أسهل بكثير من الوقوع في الفاحشة، الإنسان إذا كان بين أمرين أمر صعب جداً موبقة من الموبقات، كبيرة من كبائر الذنوب، أو مثل هذه، لا شك أن ارتكاب أخف الضررين مقرر في الشرع، لكن لا يعني هذا أن الإنسان يسترسل مع هذا الكلام، مع مثل هذه القواعد، ويقول: ما دام في أعظم منها أنا -الحمد لله- أنا أسهل، نعم أنت أسهل، ويجب عليك أن تنظر في أمور دينك إلى من هو أعلى منك، لا تنظر إلى من هو دونك، تقول: الحمد لله أنا أستعمل هذه العادة والناس يزنون ويلطون ويفعلون، لا يا أخي يعني بعد الناس كفار ومشركون كثير منهم بعد تصل إلى حدهم تبرر لنفسك، بينما في أمر الدنيا عليك أن تنظر إلى منه دونك؛ لأنه أجدر ألا تزدري نعمة الله عليك، نعم. طالب. . . . . . . . . نعم عثمان بن مضعون، إيه ولو أذن له لختصينا، إيش فيه؟ طالب. . . . . . . . . على كل حال لو لم يرد فيها إلا الآية؛ لأن الآية حصرت المباح، وما عدا ذلك يبقى محرم، نعم. بسم الله الرحمن الرحيم قال الإمام الحافظ -رحمه الله-: وعن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا خطب احمرت عيناه، وعلا صوته، واشتد غضبه حتى كأنه منذر جيش، يقول: "صبحكم ومساكم" ويقول: ((أما بعد: فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة)) رواه مسلم. وفي رواية له: كان خطبة النبي -صلى الله عليه وسلم- يوم الجمعة يحمد الله ويثني عليه، ثم يقول على إثر ذلك وقد علا صوته، وفي رواية له: ((من يهديه الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له)) وللنسائي: ((وكل ضلالة في النار)).

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى- في حديث جابر: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" يعني هذه عادته وديدنه وطريقته "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا خطب احمرت عيناه، وعلا صوته، واشتد غضبه حتى أنه منذر جيش يقول: "صبحكم ومساكم" هذا الأسلوب الخطابي منه -عليه الصلاة والسلام- ليقع كلامه موقعاً قوياً في التأثير في السامع "إذا خطب احمرت عيناه، وعلا صوته، واشتد غضبه" وهكذا ينبغي أن يكون الخطيب لا سيما إذا كانت خطبته في إنكار منكر منتشر، أو في ترك مأمور مهجور، مقرر في الشرع مثل هذا ينبغي أن يكون وضع الخطيب ليؤثر في السامع؛ لأن بعض الخطباء يلقي الخطبة على طريقة رتيبة تجعل أكثر السامعين ينامون، تبعث على النوم والخمول والكسل، لكن لو اعتمد الناس هذا الأسلوب من النبي -عليه الصلاة والسلام- كان ما نام الناس، إذا خطب -عليه الصلاة والسلام- احمرت عيناه، يعني من شدة الغضب لما يرى أو لما رأى من التقصير أو التعدي لبعض حدود الله "وعلا صوته" وهنا ينبغي رفع الصوت علا صوته، الخطيب ينبغي أن يرفع صوته، وإن كان المطلوب أن يكون بقدر الحاجة، لا يزيد على الحاجة، لكن تعلمون أنهم ليس عندهم ما يبلغ الصوت من هذه المكبرات، فإذا كان الجمع لا يبلغه الصوت العادي يرفع الصوت حتى يبلغ السامع؛ لأن القصد من الخطبة السماع، القصد من الخطبة أن تسمع ويستفاد منها "وعلا صوته، واشتد غضبه" وبعض الناس يخطب في صفين أو ثلاثة، ويرفع على الآلات إلى أعلى شيء، ويرفع صوته ويجعل الناس يصدعون، صحيح –والله- بعض الآلات تورث الصداع، على شأن إيش؟ أصوات مرتفعة ومؤثرات تردد من أجل إيش؟ يأتي في هذا الحديث: ((خير الهدي هدي محمد)) قد يقول: هدي محمد رفع الصوت يا أخي أرفع صوتك بدون مكبر؛ لتقتدي بهدي محمد -عليه الصلاة والسلام-، إذا كنت بالفعل تريد تقتدي بمحمد لا تحط مكبر، أما تضع مكبر وتقلك الناس وتأذيهم بهذا المكبر، وترفع على أعلى شيء ومؤثرات وأصوات تتردد، وبعض الكلام يضع بعضاً من قوة الصوت، لا شك أن هذا خلاف السنة، فقوله: "علا صوته" حيث لا آلة؛ لأنه المقصود تبليغ الحاضرين.

"واشتد غضبه" يشتد غضبه -عليه الصلاة والسلام- لا سيما إذا انتهكت المحارم، لا سيما إذا انتهكت المحارم "حتى كأنه منذر جيش" "حتى كأنه منذر جيش يقول: صبحكم" صبحكم الجيش أيها الناس "ومساكم" يعني جاءكم في وقت الصباح، وجاءكم في وقت المساء، هذا وضعه -عليه الصلاة والسلام-، يخوف الناس ويحذرهم ليصلوا إلى مأمن، ليصلوا إلى المأمن، ويقول بعد ذلك: ((أما بعد)) ويقول: ((أما بعد)) وهذه من سنن الخطبة، سنن الرسائل ثبتت عنه -عليه الصلاة والسلام- في خطبه وفي مراسلاته وكتاباته يقول: ((أما بعد)) ثبتت عن أكثر من ثلاثين صحابي، في الخطب والرسائل، ولا يقوم غيرها مقامها، ويؤتى بها للانتقال من أسلوب إلى أخر، وهي في الموضع الأول لا تحتاج إلى ثم؛ لأن بعض الإخوان إذا أخذ يتكلم: الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين ثم أما بعد" على شان إيش جبت ثم؟ أما بعد مباشرة، فإذا أردت الانتقال إلى أسلوب ثالث قل: ثم، اعطف الثانية على الأولى، أما قبل فلا. "أما بعد" وأما: قائم مقام الشرط، أما: حرف شرط، وبعد: قائم مقام الشرط، وجوابها ما بعد الفاء "أما بعد فإن" وبعدُ مبني على الضم كما تقدم في خطبة الكتاب؛ لأنه مقطوع عن الإضافة مع نية المضاف إليه، ومثله قبل {لِلَّهِ الْأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ} [(4) سورة الروم] لكن لو أضيفت أعربت، ولو قطعت مع عدم نية المضاف إليه أعربت مع التنوين، والخلاف في أول من قالها معروف: جرى الخلف أما بعد من كان بادئاً ... بها عُد أقوال وداود أقربُ ويعقوب وأيوب الصبور وآدم ... وقس وسحبان وكعب ويعربُ ثمانية أقوال.

((أما بعد: فإن خير الحديث كتاب الله)) خير الحديث الحديث إذا أطلق في مقابل القرآن يراد به ما يضاف إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-، لكن إذا أطلق الحديث على عمومه وهو ما يتحدث به دخل فيه القرآن، ودخل فيه كلام النبي -عليه الصلاة والسلام-، ودخل فيه كلام من دونه، فهنا خير الحديث عموم ما يتحدث به كتاب الله، خير ذلك كتاب الله -جل وعلا- وهو القرآن، وجاء في فضله وفضل تعلمه وتعليمه من النصوص ما لا يحتاج إلى بيان ((فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد)) الهدي كذا ضبط بفتح الهاء، وضبط بضمها، الهدي والهدى، خير الهدى هدى محمد، وخير الهدي هدي محمد، والمراد بذلك طريقته وسنته وعادته وديدنه، خير الهدي عموماً خير الطرق التي تسلك والسنن التي تتبع سنة محمد -عليه الصلاة والسلام-، وهديه وديدنه وعادته -عليه الصلاة والسلام-، هدي محمد، ويصرح باسمه -عليه الصلاة والسلام-، باسمه العلم، وخير الهدي هدي محمد، هل يكون في قوله -عليه الصلاة والسلام- بعد التصريح باسمه -صلى الله عليه وسلم-؟ نحن مأمورون {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [(56) سورة الأحزاب] اشترط بعضهم الصلاة على النبي -عليه الصلاة والسلام- لصحة الخطبة، فغيره لا بد من أن يصلي، لكن بالنسبة له هل يدخل في الأمر: ((البخيل من ذكرته عنده فلم يصل علي)) {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [(56) سورة الأحزاب] ويذكر اسمه المجرد باسمه العلم، ولا أحفظ نص صلى فيه -عليه الصلاة والسلام-، وإنما أمر بذلك وحث عليه، على نفسه.

((وشر الأمور محدثاتها)) شر الأمور كلها من الأقوال والأفعال شرها محدثاتها، وكل خير في اتباع من سلف، فالإحداث لا شك أنه لا سيما في الدين بدعة، أما المحدثات في أمور العادات والدنيا فالمسلم يأخذ بما ينفعه منها، ويترك ما يضره على ألا يكون فيما يأخذه من النافع ألا يكون من باب التشبه بالأعداء ((شر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة)) كل بصيغة العموم، والبدعة في أصل اللغة: ما عمل على غير مثال سابق، ما عمل على غير مثال سابق، وفي الشرع: ما عمل من دون أن يسبق له شرعية من الكتاب والسنة، وهذا في أمور الدين، البدعة في اللغة في الأصل: ما عمل على غير مثال سابق، يعني صنع شيئاً ما سبق إليه ابتدعه، والله -جل وعلا- بديع السماوات، يعني مبدع، منشأ على غير مثال سابق، وأما في الشرع: ما لم يسبق له شرعية من الكتاب والسنة، ومعلوم أن هذا في أمور العبادات، وما يتقرب به إلى الله -جل وعلا- في المقاصد والغايات، وأما الوسائل فهي متفاوتة، منها ما يقرب من الغايات، ومنها ما يبعد عنها، فما بعد من الوسائل عن الغايات فمثل هذا قابل للاجتهاد والتجديد، فالدعوة مثلاً لها وسائل، لها وسائل فمثلاً من وسائلها استعمال المركوب مثلاً، هل يقول قائل: إن الرسول -عليه الصلاة والسلام- في دعوته لم يركب إلا الحمار أو البعير ما نركب إلا مثله هذه وسيلة للدعوة وسيلة لعبادة لا يدخلها الاجتهاد؟ أو نقول: هذه بعيدة عن الغاية؟ وإن كانت وسيلة إلى هذه الغاية، لكن لبعدها نعم، تخضع للاجتهاد، لكن هناك وسائل تقرب من الغايات حتى أن منهم من ينازع في كونها وسائل، بل هي غايات، الآن الوضوء الوضوء هو وسيلة إلى الصلاة، وسيلة إلى الصلاة، منهم من يقول: هو غاية بذاته بدليل أنه يشرع أن يبقى المسلم على طهارة ولو لم يرد بذلك العبادة مما يتعبد به إلا بالوضوء، مثل هذه الآلات المكبرة للصوت أو المبكرة للحرف للقراءة هذه وسائل، هل نقول: إنها خاضعة للاجتهاد أو غير خاضعة للاجتهاد، نعم أمور اجتهادية أمور اجتهادية وهي حادثة وتستعمل في عبادة، لكنها ليست غايات فدخلت في حيز الاجتهاد، وهذه الأمور تتفاوت فيها وجهات النظر، منهم من يضيق تضييقاً شديداً، ومنهم من يتوسع

توسعاً غير مرضي، وخير الأمور في الوسط، من أهل العلم المعروفين من رفض الاستعمال من هذه الآلات، أمور حادثة تستعمل في عبادة كيف أدي أفضل العبادات وأعظم العبادات الصلاة أؤديها بآلة حادثة وهي المكبر؟ ومن الشيوخ من مات ولم يستعملها لا في صلاته ولا في خطبته ولا .. ، ومن أهل العلم من رأى أن المصلحة راجحة، والمفسدة لا تكاد تذكر في جانب المصلحة العظيمة فرأى أن استعمال مثل هذه الآلات يحقق مصلحة ولا يترتب عليه مفسدة ولو استعمل في أمر .. ، في عبادة، المقصود أن مثل هذه الأمور تقدر بقدرها، هناك ضابط وضعه بعض أهل العلم أن كل ما كنت الحاجة داعية إليه في عهد النبي -عليه الصلاة والسلام- ولم يفعله فإنه بدعة، نقول: هل الحاجة داعية إلى تبليغ الصوت إلى البعيد القاصي في عهد النبي -عليه الصلاة والسلام-؟ نعم؟ الحاجة داعية بلا شك، الحاجة داعية بدليل أنه أواخر الصفوف لا يسمعون القراءة، فالحاجة داعية، لكن هل مثل هذه الآلات موجودة في عصره ولم يفعلها؟ ليست موجودة، هم في عهد السلف يستعملون المستملي الذي هو المبلغ عن المتكلم في الجموع الكثيرة، وهذه الآلة تقوم مقام المستملي. فالخطوط التي تجعل في الفرش فرش المسجد أو في محاذاة الحجر الأسود خط هذه ينطبق عليها الحد الذي حدد في تعريف البدعة، الحاجة داعية إلى مثل هذا في عهد النبي -عليه الصلاة والسلام- ولم تفعل، لكن الحاجة في عهده -عليه الصلاة والسلام- هل هي بمستوى الحاجة بعده -عليه الصلاة والسلام-؟ نعم؟ يعني خطوط الفرشات هذه النبي -عليه الصلاة والسلام- بإمكانه يخط برجله في الرمل ويستوون على هذا الخط، ولا يحرص على إقامة الصفوف مثل ما كان يفعل -عليه الصلاة والسلام- يرتاح من هذا، لكن الحاجة ليست بقوة الحاجة الآن، صفه -عليه الصلاة والسلام- يمكن عشرة أو عشرين، يمكن تسويتهم، لكن في الجوامع الكبرى وفي الحرمين وغيرهما لا يمكن تنظيم الناس بمجرد الكلام، كثير من الناس يتساهل في تطبيق السنن، وقد لا يتسنى له، وكثير من الناس يجهل، منهم من يجهل ومنهم من يتساهل، وتجدون الصفوف في الحرمين رغم وجود هذا السجاد ووجود الخطوط يعني صفوف تحتاج إلى تعديل.

كانت مصليات الأعياد قبل أن تفرش بهذه الفرش التي تعدل الصفوف يعني الصفوف كالأقواس لا يمكن تعديلها، وعلى كل حال هذه مما تتجاذبها وجهات النظر، لكن يبقى أنه إذا زادت المصلحة وغمرت المفسدة في سبيل تحقيق هذه المصلحة ينبغي ألا يلتفت إلى المفسدة، الخط المحاذي للحجر الأسود رأى أهل العلم أنه يحقق مصلحة؛ لأنه يأتي من يستفتي يقول: بدأت الطواف بالحرف يقول: من رجل إسماعيل، وين رجل إسماعيل؟ المقام، ما فيش رجل إسماعيل يا أخي وين أنت؟ مثل هذا لو ترك له الأمر بدون خط وبدون شيء بيعرف شيء ذا؟ وكثير من الناس يعني الذي يسأل عن الكعبة إذا دخل صحن الكعبة هذا بيعرف اشلون يطوف؟ وشلون يبدأ؟ وشلون ينتهي؟ جهل جهل مطبق، فرأي أهل العلم أن هذا الخط يحقق مصلحة والمفسدة مغمورة، لكن زادت المفسدة رأينا المفسدة تزيد يوماً فيوماً يحنون على الخط، يقصدون الخط كالقاطرة واحد وراء الثاني يصلون على الخط الأسود، وضيقوا على الطائفين، فلا بد من إيجاد بديل لهذا الخط، ولا شك أن المصالح والمفاسد تزيد وتنقص من وقت إلى أخر، وعلى كل حال هذا ضابط في الحديث: ((كل بدعة ضلالة)) ((وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة)) عام في كل ما يبتدع في أمر الدين، لكن هل هو من العام الباقي على عمومه أو العام المخصوص كما يقول بعض أهل العلم؟ هل هو عام محفوظ بحيث يكون كل ما أحدث في الدين ضلالة؟ كل ما ابتدع في الدين ضلالة؟ من أهل العلم من يرى أنه من العام المخصوص، والصحيح أنه باقي على عمومه، باقي على عمومه، وأنه كل ما أحدث في الدين من غاياته ومقاصده ووسائله القريبة من الغايات مثل هذه كلها ضلالة، من أهل العلم من يقسم البدع إلى بدع واجبة، وبدع مستحبة، وبدع مباحة كيف؟ النبي –عليه الصلاة والسلام- يقول: ((وكل بدعة ضلالة)) وأنت تقول: بدعة واجبة كيف ضلالة واجبة؟ منهم من يقول: هناك بدع محمودة وبدع مذمومة، بدع مستحسنة ومستحبة وبدع مذمومة، يستدل بقول عمر -رضي الله عنه- في صلاة التراويح: "نعمت البدعة" نعمت البدعة، وإذا نظرنا إلى صلاة التراويح التي جمع عمر -رضي الله عنه- الناس عليها، وأردنا أن نطبق التعريف عليها التعريف اللغوي: ما عمل على غير مثال سابق،

هي عملت على مثال سبق، صليت في عهد النبي -عليه الصلاة والسلام- جماعة، فليست ببدعة لغوية، وهل هي بدعة شرعية؟ ليست بدعة شرعية؛ لأن هناك سبق لها شرعية من فعله -عليه الصلاة والسلام-، ليست بدعة شرعية، النبي -عليه الصلاة والسلام- صلى بأصحابه ليلتين أو ثلاث جماعة في ليالي رمضان ثم ترك، لا رغبة عنها، ولا نسخ لها، ولا رفعاً لحكمها، وإنما خشية أن تفرض، وإذا كان الأمر كذلك فقد سبق لها شرعية من فعله -عليه الصلاة والسلام-، والعلة في تركها ما ذكره النبي -عليه الصلاة والسلام- شفقة على أمته، فإذا لم تكن بدعة لا لغوية ولا شرعية فماذا تكون؟ الشاطبي يقول: مجاز، وشيخ الإسلام -رحمه الله تعالى- في الاقتضاء يقول: بدعة لغوية، وتبعه على هذا كثير من أهل العلم، لكن إذا طبقنا التعريف الغوي ما وجدناه ينطبق، نعم؟ طالب. . . . . . . . . نعم هي مشاكلة، مشاكلة أو مجانسة في التعبير، وهذا أسلوب مطروق في لغة العرب وفي النصوص أيضاً، {وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا} [(40) سورة الشورى] ذي مسألة تقدمت مراراً، لكن التذكير بها في موضعها لا بد منه، الشاطبي -رحمه الله تعالى- رد التقسيم وقوض دعائمه، وقال: إنه قول مخترع مبتدع التقسيم تقسيم البدع، الذين يقولون بالتقسيم يقولون: هناك بدع واجبة كالرد على الزنادقة والملاحدة، لكن القرآن يرد على المخالفين، السنة فيها نصوص، السلف ردوا على المخالفين، فليست ببدعة من البدع الواجبة يقولون، من البدع المستحبة بناء المدارس والأربطة من المقرر في الشرع أن الوسائل لها أحكام الغايات، وامتثال الأمر لا يتم إلا بفعل المأمور، وما يتم به فعل المأمور، أنت مأمور بالعلم والتعليم والتعلم كيف يتم هذا العلم وتحصيل العلم والتعليم إلا ببناء يضم المتعلمين بالأربطة وغيرها من الأمور متعدية النفع، يقولون: هذه بدع، نقول: لا ليست ببدع، إذا أمر الشرع بغايتها فوسائلها تبع لها؛ لأن الأمر بالشيء أمر بما لا يتم إلا به أيضاً.

((وكل بدعة ضلالة)) رواه مسلم، وفي راوية له: "كانت خطبة النبي -صلى الله عليه وسلم- يحمد الله ويثني عليه" يحمد الله قالوا: من شرط صحة الخطبة أن يتقدمها الحمد والثناء مع الصلاة -على النبي عليه الصلاة والسلام-، وقراءة شيء من القرآن، وينطبق عليها مسمى الخطبة، يعني لو صعد المنبر وقرأ سورة قاف ونزل ما تكلم بكلمة هل يقال: إنه خطب؟ يقال: قرأ ما يقال: خطب، لو أنشد قصيدة ولو ابتدأت القصيدة بالحمدلة والصلاة على النبي -عليه الصلاة والسلام- وأما بعد، وضمنت شيء من القرآن قال: خطب؟ ما خطب، ومن أهل العلم من يرى أن الخطبة تبطل بتضمينها الشعر؛ لأنه لم يؤثر عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه قال بيتاً في خطبته، في خطبه كلها، لكن إذا كان الشعر شيء مغمور بحيث لا يخرج الخطبة عن مسماها شي يسير جداً بالنسبة للخطبة واحتيج إليه لعدم ما يقوم مقامه في معناه فلا بأس -إن شاء الله تعالى-. "يحمد الله ويثني عليه" وبهذا نعرف أن الحمد غير الثناء، وإن فسر الجمهور الحمد بأنه هو الثناء، الحمد غير الثناء وجاء في حديث أبي هريرة في مسلم: ((قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين، فإذا قال العبد: الحمد لله رب العالمين، قال: حمدني عبدين، وإذا قال: الرحمن الرحيم قال: أثنى علي عبدي، وإذا قال: مالك يوم الدين، قال: مجدني عبدي)) فهذا الحديث يدل على أن الثناء غير الحمد، ابن القيم -رحمه الله تعالى- في الوابل الصيب فرق بين الحمد والثناء، وحد كل وحد منهما بحد خاص، فليرجع إليه، "ثم يقول على إثر ذلك" يعني بعد ذلك، إثر وأثر لا فرق، ضبطت بهذا وهذا "وقد علا صوته" والحال أنه -عليه الصلاة والسلام- قد علا صوته، ارتفع صوته كما تقدم.

"وفي راوية له: ((من يهدي الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له)) " الأمور كلها بيد الله -جل وعلا- هداية القلوب بيد الله -جل وعلا- إذا كتب للعبد الهداية ووفقه لها لن يستطيع من على وجه الأرض بجميع ما يستطيعونه من قوة أن يصرفوه عن هذا الهدى، وبالمقابل من أراد الله إضلاله لو بذلت جميع الأسباب لهدايته ما تم، ومن أوضح الأدلة حرص النبي -عليه الصلاة والسلام- على هداية أبي طالب حتى اللحظة الأخيرة من حياته ((قل: لا إله إلا الله كلمة أحاج لك بها عند الله)) أخر ما قال: "هو على ملة عبد المطلب" ((من يضلل فلا هادي له)) {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاء} [(56) سورة القصص] وهذه الهداية هي هداية التوفيق والقبول والانقياد والإذعان، أما هداية الدلالة والإرشاد فيملكها النبي -عليه الصلاة والسلام- وبعث بها {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ} [(52) سورة الشورى] وأتباعه كذلك يدلون الناس ويرشدونهم إلى الطريق الحق، أما القبول فبيد الله -جل وعلا-، وعلى هذا يبذل الإنسان ما أمر به من بذل لأسباب الهداية، أما كون الناس يهتدون أو لا يهتدون هذا الأمر ليس إليه، يحرص على أن يهتدوا وتحقق دعوته الثمرة التي من أجلها نصب نفسه لها، إذا لم يتحقق السبب فالقلوب بيد الله -جل وعلا-. "وللنسائي: ((وكل ضلالة في الناس)) " كل ضلالة في النار، يعني كل صاحب ضلالة في النار، وليس المراد الضلالة نفسها، كما في حديث الإسبال ((ما أسفل من الكعبين ففي النار)) يعني من الثوب وإلا صاحب الثوب؟ صاحب الثوب وإلا الثوب سهل، فكل الناس الثوب سهل عنده لو كل الثوب في النار ما هو بمشكلة، لكن الإشكال في صاحب الثوب، نسأل الله السلامة والعافية. كم باقي على الأذان؟ طالب:. . . . . . . . . أيه يكفي هذا يكفي، والله أعلم. وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

كتاب الصلاة (32)

بلوغ المرام ـ كتاب الصلاة (32) شرح: باب صلاة الجمعة. الشيخ/ عبد الكريم الخضير بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد: قال الإمام الحافظ أحمد بن علي بن حجر -رحمه الله تعالى-: ابن الثانية مجرورة؛ لأنها تابعة لما قبلها. سم يا شيخ. أحمد بنُ علي بنِ حجر؛ لأنها وصف لما قبلها، تابع لما قبلها، نعم. قال الإمام الحافظ أحمد بن علي بن حجر -رحمه الله تعالى-: "وعن عمار بن ياسر -رضي الله عنهما- قال: "سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((إن طول صلاة الرجل وقصر خطبته مئنة من فقهه)) رواه مسلم" الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى وصحبه أجمعين. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "عن عمار بن ياسر -رضي الله تعالى عنهما- قال: "سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((إن طول صلاة الرجل وقصر خطبته مئنة من فقهه)) " طول الصلاة الطول الذي لا يدخل في حيز الفتنة، يعني فتن المصلين عن صلاتهم، التي جاء التحذير منها في حديث معاذ: ((أفتان أنت يا معاذ؟ )) الطول الثابت عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، فلا شك أن طول صلاة الرجل وإتقان الصلاة والإتيان بجميع ما يطلب لها من أركان وواجبات وسنن بطمأنينة تامة، بقراءة مرتلة، لا شك أن هذا دليل على أن الرجل فقيه، الذي يأتي بجميع ما شرع في الصلاة، ومن لازم الإتيان بجميع ما شرع وأداء الصلاة على الوجه المأمور به بإقامتها، وكلنا نعرف معنى إقامة الصلاة ليس المراد أداؤها والإتيان بها على أي وجهٍ، لا، ولذا جاءت النصوص كلها بإقامة الصلاة، إقامتها جعلها قويمة ومستقيمة على مراد الله -جل وعلا- ومراد رسوله -عليه الصلاة والسلام-، ومن لازم ذلك أنها إذا أديت على هذا الوجه دلت على أن هذا الإمام فقيه يعرف فقه صلاة، وقد ضبط جميع ما يتعلق بصلاته بخلاف من نقر الصلاة من نقر الصلاة لا يخلو إما إن يكون جاهلاً أو معانداً، وهو على كلا الحالين ليس بفقيه.

طول الصلاة النسبي، طول الصلاة النسبي، النبي -عليه الصلاة والسلام- نهى عن الإطالة التي تفتن بعض المصلين وتصرفهم عن صلاتهم، لكنه مع ذلك قرأ بطوال المفصل، قرأ بـ (قاف) واقتربت والطور والصافات والجمعة والمنافقون، قرأ أيضاً بالأعراف في المغرب على ما تقدم، المقصود أن من يطبق ما ثبت عن النبي -عليه الصلاة والسلام- في صلاته، لا شك أن هذا هو الفقيه، وقد قدمه أكثر العلماء على الأقرأ عندهم يقدم الأفقه على الأقرأ، وعند الحنفية والمالكية والشافعية يقدم الأفقه على الأقرأ، مع أن النص جاء صريح حديث أبي مسعود: ((يؤم القوم أقرأهم لكتاب الله)) يقولون: لأن الإمام قد يعرض له في صلاته ما يحتاج معه إلى فقه، وأما القراءة فيكفي منها القدر الواجب، فقد يكون الإنسان حافظ للقرآن لكن يخفى عليه كثير من فقه الصلاة، فجعلوا الأقرأ هو الأولى، معروف عند الحنابلة ومن يقول بقولهم من فقهاء الحديث أن الأقرأ هو الأولى مطلقاً للنص عليه، للنص عليه، الجمهور يجيبون عن الحديث بأنه جاء على الغالب من حال الصحابة -رضوان الله عليهم-، وهو أن الأفقه هو الأقرأ، الأفقه هو الأقرأ، فجاء لبيان الواقع وليس الأمر كذلك، إذ لو كان الأمر كذلك لما احتيج إلى قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((فإن كانوا في القراءة سواء فأعلموهم بالسنة)) وأحكام الصلاة جلها في السنة، وليس في القرآن منها إلا الأمر بها، المقصود أن هذا الذي هو بالفعل أقرأ هو الأولى بالإمامة، لكن ينبغي أن يكون الأقرأ يعني حث للقراء أن يعنوا بفقه الصلاة، ما دام أتيحت لهم هذا الفرصة وفضلوا على غيرهم نعم فإنه لا يليق بهم أن يؤموا الناس وهم لا يفقهون أحكام الصلاة، فتقديم الأقرأ متضمن للحث على فقه الصلاة.

((إن طول صلاة الرجل وقصر خطبته مئنة من فقهه)) يعني علامة من فقهه، علامة من فقهه، قد يتكايس بعض الناس ويريد أن يطبق هذا الحديث فيقول: طول صلاة الرجل في الجمعة يقرأ في الأولى البقرة وفي الثانية آل عمران بعد أن خطب دقيقة أو دقيقتين؛ ليكون داخل دخول أولياً في هذا الحديث، لكن هل هذا مقبول؟ الطول والقصر نسبي، الطول والقصر نسبي، فإذا خطب الخطبة المجزئة المشتملة على أركان الخطبة، وما يجب فيها وحققت الهدف الشرعي من شرعيتها بأخصر عبارة، وأوضح بيان، بحيث لا يحتاج معه إلى استفسار في الوقت المناسب، هذه خطبة قصيرة، بحيث لا يزيد على ما تحتاجه المعاني من الألفاظ، ولا شك أن إدراك المعاني والتعبير عنها بأخصر عبارة وأقصر أسلوب مفهوم واضح هذا علامة على فقه الرجل، علامة على بلاغته وفصاحته، وأما طول الصلاة فلا شك أنه نسبي، وقد جاء التحذير من التطويل الممل، وجاء في بيان صلاته -عليه الصلاة والسلام- بعض السور التي كان يقرأها.

((مئنة من فقهه)) علامة من فقهه، علامة من فقهه؛ لأن بعض الناس يتصور أن الحكم عليه إنما يتم بجودة أسلوبه وفصاحته واستعماله الغريب من الألفاظ بعض الناس يتصور هذا، أن الناس بيقولون له: هذا أسلوبه راقي، نقول: لا يا أخي هون على نفسك هذا مسألة شرعية، مسألة شرعية شرعت لتحقق هدف لهداية الناس وإرشادهم ودلالتهم، وبيان ما يخفى عليهم، فخاطبهم على قدر عقولهم، ولا تملهم بحيث .. ، سمعنا من يخطب ساعة، لكن ما النتيجة؟ نصف الناس نيام، هل هذا فقيه؟ هل هذا يراعي الأحوال؟ هذا لا يراعي الأحوال، ومراعاة الحال أمر لا بد منه، ولذا كان النبي -عليه الصلاة والسلام- يتخولهم بالموعظة، لا يكثر عليهم، ولا يثقل عليهم، يتخولهم بالموعظة، وجاء في الحديث: ((وإن من البيان لسحراً)) وهو من تمام الحديث: ((فأطيلوا الصلاة، واقصروا الخطبة، وإن من البيان لسحراً)) وإن من البيان لسحراً، والبيان معروف، البيان الذي هو تمام الإيضاح مع جزالة الأسلوب، وخلوه عن القدر الزائد عن المطلوب بدون إطناب ولا إيجاز مخل، والتعبير عن المراد بقدر الحاجة بيان، وهو من ضرب من ضروب السحر؛ لأنه يؤثر في السامع كتأثير السحر، البيان يؤثر في السامع كتأثير السحر، وهل هذه الجملة مدح للبيان أو ذم للبيان؟ نعم مدح وإلا ذم؟ طالب. . . . . . . . . نعم، إذا استعمل هذا البيان في بيان الحق، ودحض الباطل فهو مدح، والعكس بالعكس، إذا تضمن هذا البيان تحريف النصوص وتأويل النصوص، والخروج من التكاليف بالتأويلات الباطلة، لا شك أنه ذم، والله المستعان. النبي -عليه الصلاة والسلام- كان يصلي بالجمعة والمنافقون، وهل هذا تطويل أو اختصار في صلاة الجمعة؟ نعم؟ طالب. . . . . . . . . نعم هذا نسبي، لا شك أن الجمعة والمنافقون أطول من سبح والغاشية، التي كان يصلي بهما -عليه الصلاة والسلام- في الجمعة والعيدين أطول، فهو طول نسبي، ولا يزال في دائرة التخفيف الذي أمر به النبي -عليه الصلاة والسلام-؛ لأنه في مقابل سورة البقرة التي قرأ بها معاذ، نعم.

قال -رحمه الله-: "وعن أم هشام بنت حارثة -رضي الله عنها- قالت: "ما أخذت (ق) والقرآن المجيد إلا عن لسان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقرأها كل جمعة على المنبر إذا خطب الناس" رواه مسلم" يقول: "وعن أم هشام بنت حارثة -رضي الله عنها- قالت: "ما أخذت (ق) والقرآن المجيد" يعني ما أخذت السورة كاملة، ليس المراد بها ما ذكر فقط، وإنما هذه كناية عن السورة بكاملها، وجاء في أول الحديث: "كان تنورنا وتنور رسول الله -صلى الله عليه وسلم- واحداً سنتين أو سنة وبعض السنة، وما أخذت (ق) والقرآن المجيد إلا عن لسان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقرأها كل جمعة إذا خطب الناس" لأن في سؤال من الأسئلة يقول: هل تجوز الخطبة بـ (قاف) فقط؟ يصعد المنبر ويقرأ سورة (ق) وينزل؟ نقول: هذه ليست خطبة؛ لأنها إنما أخذت (ق) والقرآن المجيد عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقرأها كل جمعة على المنبر إذا خطب الناس، يعني ضمن الخطبة تصير، تكون في ضمن الخطبة، ولا تكون هي الخطبة. النبي -عليه الصلاة والسلام- يكثر من قراءة هذه السورة إذا خطب الناس في الجمعة، وذلكم لما اشتملت عليه، لما اشتملت عليه هذه السورة من المعاني العظيمة، فيها أمور لو تأملها المسلم لأفاد منها؛ ولذا جاء في أخرها {فَذَكِّرْ} كيف؟ {بِالْقُرْآنِ مَن يَخَافُ وَعِيدِ} [(45) سورة ق] {فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَن يَخَافُ وَعِيدِ} [(45) سورة ق] فالتذكير ينبغي أن يكون بالقرآن وكفى بالقرآن واعظاً، ومع الأسف تجد أن بعض الناس إذا كان هناك درس وإلا محاضرة يعتنون بالدرس والمحاضرة ويجلبون عليه بكل ما أتوا من استنفار، ثم إذا جاءت الصلاة لم يحضر لها قلب، لا من الطالب ولا من غيره؛ لأن العناية والهمة منصبة إلى هذا الدرس، لا يا أخي نقول: ينبغي أن يعنى بالفريضة قبل كل شيء التي هي الصلاة وتؤدى على الوجه المشروع، وتطال فيها القراءة طول نسبي، لا سيما إذا كثر الناس بصوت جميل يؤثر في الناس، وهذا التذكير بالقرآن، وهذا هو التذكير بالقرآن، بعض الناس يتضايق إذا أطال في الصلاة، وهو ينتظر درس، لا يا أخي هذه أهم من الدرس.

فهذه السورة لا شك أن فيها موضوعات تهم المسلم، تهم المسلم فيها أمور، يعني ولو تدبرها طالب العلم لخرج منها بالمعاني العظيمة واستعراض هذه السورة، وما فيها من معاني يحتاج إلى دروس لا يكفي درس أو درسين، وكلكم يحفظ هذه السورة -ولله الحمد-، وهي من أعظم سور القرآن، فعلى الخطباء أن يعنوا بها، وأن يكثروا من قراءتها على الناس بطريقة أو على الوجه المأمور به من الترتيل وإدخالها إلى القلوب بتحسين الصوت والتغني بها؛ لأن القرآن يزين بالقرآن ((زينوا القرآن بأصواتكم)) ((وليس منا من لم يتغن بالقرآن)) والتأثير أولاً وأخراً للقرآن المؤدى بالصوت الجميل، وليس التأثير للصوت أبداً، بدليل أن هذا الصوت لو قرأ به شيء غير القرآن ما أثر هذا التأثير، لكن التأثير للقرآن المؤدى بهذا الصوت، ولا شك أن السامع يتأثر بالقرآن لا سيما إذا أدي على ما أمر به من ترتيل وتدبر وتخشع واستحضار قلب، والله المستعان، نعم. "وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: "قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((من تكلم يوم الجمعة والإمام يخطب فهو كمثل الحمار يحمل أسفاراً، والذي يقول له: أنصت ليست له جمعة)) رواه أحمد بإسناد لا بأس به، وهو يفسر وهو يفسر ... ها؟ كمل. "وهو يفسر حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- في الصحيحين مرفوعاً: ((إذا قلت لصاحبك: أنصت يوم الجمعة والإمام يخطب فقد لغوت)) "

نعم حديث ابن عباس في المسند يقول الحافظ: إسناده لا بأس به، لكن الإسناد ضعيف؛ لأن فيه مجالد بن سعيد وضعفه الأئمة، فالخبر ضعيف، لكن له شاهد، له شاهد، لكنه مرسل، وحديث ابن عباس متصل، لكنه ضعيف، فيه مجالد بن سعيد ضعفه الأئمة، وورد من مرسل حماد رواه جمع، فهل يعتضد الضعيف بالمرسل؟ أو بعبارة أخرى يعتضد المرسل بالضعيف؟ ضعف مجالد وإن ضعفه الجمهور قواه بعضهم، فيكون ضعفه منجبراً، يقبل الانجبار، يقبل الانجبار فهل ينجبر بمرسل؟ ينجبر بمرسل؟ نعم نص الحافظ ابن حجر وغيره على أن المرسل يجبر وينجبر به، والشافعي -رحمه الله تعالى- في فيما يتقوى به المرسل يقول: يتقوى بالمرفوع، يتقوى بمرسل أخر رجاله غير من أرسل الخبر الأول، فلعل الحافظ لحظ هذا، وقال: بإسناد لا بأس به، لو أسقط كلمة بإسناد؛ لأن الإسناد ضعيف، لو أسقط قوله: بإسناد، لو قال: رواه أحمد وهو لا بأس به، حديث لا بأس به باعتبار المجموع لا باعتبار المفرد كانت العبارة أدق، أما ما رواه أحمد عن ابن عباس من طريق مجالد ضعيف، فإن كان الحافظ لحظ ما يتقوى به ... المرسل فحكمه صحيح، لكنه ليس بدقيق، أما إسناده بمفرده فيه بأس، ما يقال: لا بأس به؛ لأن فيه مجالد وهو ضعيف، على كل حال الحديث يشهد له الحديث حديث أبي هريرة الذي يليه وهو في الصحيحين "يقول: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((من تكلم يوم الجمعة والإمام يخطب فهو كالحمار يحمل أسفارا)) فهو كالحمار يحمل أسفاراً، كيف كالحمار؟ ما وجه الشبه بين من جاء إلى صلاة الجمعة تعب في الحضور إليها، اغتسل لها، وقد يكون قد بكر، نعم ثم بعد ذلك تكلم والإمام يخطب؟ ما وجه الشبه بينه وبين الحمار؟ نعم؟ عدم الانتفاع، هذا لا ينتفع بحضور الجمعة، وهذا لا ينتفع بما على ظهره من الأسفار، هذا وجه الشبه، عدم الانتفاع في كل، يعني: كالعيس في البيداء يقتلها الظمأ ... والماء فوق ظهورها محمولُ الذي لا يتنتفع بما حمل كالحمار، ولذا شبه الله -جل وعلا- من؟ نعم؟ طالب. . . . . . . . .

نعم؟ نعم {مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ} [(5) سورة الجمعة] وهو اليهود {ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا} [(5) سورة الجمعة] فما معنى لم يحملوها؟ طالب. . . . . . . . .

نعم لم يعملوا بها، وأما حملها حملوها، بمعنى أنهم نظروا فيها، واعتنوا بها، ولكن لم يعملوا بما فيها، بدليل أن الحمار يحمل ولا يتم التشبيه إلا إذا كانوا حملوها ثم لم يعملوا بها؛ لأن الحمل إنما المراد منه العمل، فالذي يحمل شيئاً من العلم وهو لا يعمل به مثلهم، الذي لا يعمل بعلمه كمثل الحمار يحمل أسفاراً، ويش الفائدة؟ الذي لا ينتفع بعلمه، وما يحمله بعض الفساق من العلم هو في الحقيقة ليس بعلم؛ لأن العلم ما نفع، وهذا العلم الذي لا تترتب عليه أثاره ليس بعلم، وإنما الثمرة العظمى من العلم العمل، أما كون الإنسان يعرف الحكم حلال حرام ثم لا يعمل، هذا جاهل {إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللهِ} [(17) سورة النساء] لإيش؟ {لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوَءَ بِجَهَالَةٍ} [(17) سورة النساء] يعملون السوء بجهالة، يعني هل نقول: إنه إذا زنا الشخص وهو عارف أن الزنا حرام تقبل توبته وإلا ما تقبل؟ إذا سرق وهو عارف أن السرقة حرام تقبل وإلا ما تقبل؟ إذاً ما فائدة قوله: بجهالة؟ نعم كل من عصى فهو جاهل، كل من عصى فهو جاهل، إذاً من عنده شيء من العلم ولم يعمل به هو جاهل لأنه عاصي، ولذا جاء في الحديث المختلف فيه: ((يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله)) يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله، من تكلم يوم الجمعة والإمام يخطب فهو كمثل الحمار يحمل اسفاراً، الأسفار: جمع سفر، والسفر الكتاب حمار يحمل كتب ماذا يستفيد؟ لا يستفيد ولا ينتفع، وهذا الذي حضر الجمعة وتكلم والإمام يخطب لم يستفد، لم يستفد، لم يستفد الأثر المرتب على الجمعة، وإلا فجمعته صحيحة ومسقطه للطلب، بمعنى أنه لا يأمر بإعادتها، لكن الثواب المرتب على الجمعة لا يحصل له ((والذي يقول له: أنصت ليست له جمعة)) ليست له جمعة، أيهما أشد الذي تكلم أو الذي نهاه عن المنكر؟ نعم، الذي تكلم كمثل الحمار يحمل أسفاراً، والذي قال له: أنصت ليست له جمعة، وفي حديث أبي هريرة عند الشيخين: ((إذا قلت لصاحبك: أنصت يوم الجمعة)) تأمره بالمعروف، تكفه وتنهاه عن المنكر ((والإمام يخطب فقد لغوت)) نعم فأيهما أشد؟ الثاني أشد؛ لأنه باشر الكلام وتسبب في كلام الثاني، فاجتمع له الأمران المباشرة والتسبب، نعم.

طالب. . . . . . . . . أما بالنسبة للأول فلا وجه لكلامه، والثاني على ما ارتكبه من محظور إلا أنه ينتابه أمران: مأمور ومحظور؛ لأن الأول عصى وارتكب محظوراً بالكلام حال الخطبة، وقد جاء الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهذا منكر، فكونه قال له: أنصت نهاه عن هذا المنكر، بل أمره بالمعروف وهو الإنصات امتثل أمر، لكنه مع ذلك كله وقد أمر بالمعروف لغا وليس له جمعة، فكيف بمن تكلم بغير فائدة ولا مصلحة؟ نعم كيف بمن يتكلم بغير فائدة ولا مصلحة ابتداء؟ إذا كان من ينكر المنكر ويأمر بالمعروف هذا وضعه فكيف بمن يتكلم كلام ابتداء لا حاجة إليه؟ ثم هل النهي عن الكلام حال الخطبة لكل من سمع الخطبة لأنه قال: ((والإمام يخطب))؟ يعني حال خطبة الإمام لا يجوز الكلام، فمعنى هذا أنه قبل أن يبدأ بالخطبة أو إذا جلس بين الخطبتين أو إذا فرغت الخطبة قبل الصلاة يجوز له أن يتكلم، يجوز له أن يتكلم؛ لأنه قال: ((والإمام يخطب)) والإمام يخطب مفاده أنه إذا كان الإمام لا يخطب فإن الكلام يجوز. مسألة وهي: هل لزوم الإنصات لمن كان داخل المسجد أو لكل من سمع الخطبة؟ بمعنى أنك لو جئت والإمام يخطب ووجدت شخص يبيع عند باب المسجد، ثم قلت له: إن البيع والشراء بعد أذان الجمعة الثاني حرام البيع باطل يجوز لك وإلا ما يجوز؟ أو أن هذا خاص بمن يستمع الخطبة؟ تصور أنت هذا الشخص الذي قبل أن يدخل المسجد وجد شخص يبيع عند باب المسجد بعد دخول الإمام؛ لأن هذا له توابع؛ لأن لو قلنا: بمنع هذا لقلنا: بمنع من في البيوت من المعذورين والإمام يخطب يسمعون الخطبة نقول: ما يجوز أن يتكلموا والإمام يخطب؟ أو نقول: هذا خاص بمن دخل وقصد الجمعة وجاء لاستماعها؟ يعني لو أنت عند الباب تسمع واحد .. ، تسمع الإمام يخطب وواحد يبيع تقول له: حرام البيع هذا الوقت، يحرم عليك أن تبيع هذا الوقت؟ نعم؟ طالب. . . . . . . . .

قبل أن تدخل المسجد، يعني إلى الآن ما ثبتت الأحكام، بدليل أنه بإمكانك أن تصل إلى هذا المسجد ثم تقول: والله الإمام الآن دخل في مسجد يتأخر أروح مسجد ثاني ممكن قبل أن تدخل أنت بالخيار، لكن إذا دخلت لا يجوز لك أن تخرج، يعني لو منعنا من ينكر المنكر لو وجد مثلاً شباب يلعبون والإمام يخطب فقال لهم: صلوا يجوز وإلا ما يجوز قبل أن يدخل المسجد؟ بخلاف ما لو اطلع عليهم من النافذة وقال: صلوا، هذه مسألة ثانية وهو داخل المسجد هذا مثل من يقول: أنصت، لكن خارج المسجد ما باشر الصلاة وأسباب الصلاة، وإذا قلنا: بمنع مثل هذا فما الفرق بينه وبين من يسمع الخطبة من المعذورين؟ وين اللي بيجاوبون؟ ها؟ إيش الحكم؟ طالب. . . . . . . . . وجد شباب يلعبون كرة عند باب المسجد والإمام يخطب قال: صلوا يجوز وإلا ما يجوز؟ قبل أن يدخل؟ قبل أن يدخل إيه. طالب. . . . . . . . . يجوز له ذلك؛ لأنه إلى الآن ما بعد ترتبت عليه الأحكام والآثار إلى الآن، بدليل أنه لو رجع إلى مسجد آخر توقع أن مسجد أخر ما بعد دخل الإمام ورجع ما يلزمه سماع هذه الخطبة، مسائل تتداعى {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُواْ لَهُ وَأَنصِتُواْ} [(204) سورة الأعراف] مررت من عند مسجد وأنت تمشي على رجليك، أنت مصلي في مسجد ثاني، ومررت من عند مسجد والإمام يقرأ بالمبكر وتسمع القرآن وباقٍ عليك شيء من أذكارك هل نقول: استمع لهذا القرآن أو أكمل أذكارك وأنت ماشي؟ يعني هل أنت مطالب بالاستماع لهذا القرآن الذي يقرأه هذا الإمام؟ إذا دخلت مع باب المسجد خلاص لزمتك أحكامه. طالب. . . . . . . . . إذا وصلت إلى المصلين، إذا وصلت إلى المصلين فأنت دخلت المسجد حكماً. طالب. . . . . . . . . المقصود أنك ما دام وصلت إلى حيز موضع الصلاة فأنت تبع الإمام، أنت مطالب بما يطالب به المستمع.

((إذا قلت لصاحبك: أنصت يوم الجمعة والإمام يخطب)) يعني حال الخطبة ((فقد لغوت)) جاء في بعض الأخبار: ((من لغا فلا جمعة له)) من لغا فلا جمعة له، وجاء في بعض الحديث حديث ابن عمر عند أبي داود وابن خزيمة: ((من لغا وتخطى رقاب الناس كانت له ظهراً)) كانت له ظهراً، يعني هي مجزئة ومسقطة للطلب لا يؤمر بإعادتها، لكن الأجر الزائد على صلاة الظهر لا يثبت له، وعلى كل حال الكلام والإمام يخطب حرام، القول الراجح عند أهل العلم، وإن قال بعضهم بكراهته لكن هذه النصوص تدل على أنه حرام، نعم. "وعن جابر قال: دخل رجل ... " لحظة لحظة. طالب. . . . . . . . . أيه؟ هذا حديث أبي هريرة؟ طالب. . . . . . . . . ((قال لصاحبه: أنصت)) فثبت في حقه هذا كغيره من الذنوب، ارتكب محرم لا شك، لكن إذا تاب وندم وعزم ألا يعود فباب التوبة مفتوح. طالب. . . . . . . . . وين؟ نعم لكن كفارتها التوبة، نعم. "وعن جابر قال: دخل رجل يوم الجمعة والنبي -صلى الله عليه وسلم- يخطب، فقال: ((صليت؟ )) قال: لا قال: ((قم فصل ركعتين)) متفق عليه" في الحديثين السابقين منع الكلام والإمام يخطب، وهذا الحديث فيه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- سأله: فقال له: هل صليت؟ قال: لا، تكلم قال: لا، قال: ((قم فصل ركعتين)) فدل على أن الكلام من الخطيب ومع الخطيب مستثنى من الكلام الممنوع، فإذا كلم الخطيب يعني كلام من الخطيب إلى أحد المستمعين أو العكس لا بأس به، والذي دخل والنبي -عليه الصلاة والسلام- يخطب وشكا له الجذب فستسقى النبي -عليه الصلاة والسلام- ما لامه ولا ثرب عليه، فدل على أن محادثة الخطيب لا شيء فيها، إذا كانت فيما ينفع، إذا كانت فيما ينفع، أما إذا كانت في كلام لاغي لا قيمة له، أو كلام يثير إشكالات، أو فيه ضرر على أحد مثل هذا هو ممنوع من الأصل ففي الخطبة من باب أولى، أما إذا كان كلام ينتفع به المتكلم أو ينتفع به الحاضرون هذا لا بأس به، وهذه الأدلة تدل عليه.

"عن جابر -رضي الله عنه- قال: دخل رجل يوم الجمعة والنبي -عليه الصلاة والسلام- يخطب، فقال: ((صليت؟ )) " النبي -عليه الصلاة والسلام- يراه لما دخل، والنبي يخطب فجلس، قال: "فقال: ((صليت؟ )) قال لا: ((قم فصل ركعتين)) " وهذا فيه أدب، أدب التوجيه والإرشاد؛ لأنك لو رأيت داخلاً وقلت له: قم فصل، أولاً: المباشرة بالأمر فيها ما فيها، ثقيلة على النفس، لكن إذا استفهمت هل صليت ركعتين؟ يعين الآن دخلت إلى قلبه احتمال أن يقول لك: نعم صليت ركعتين في فناء المسجد، داخل السور، وهي تحية المسجد، أو يكون مثلاً جار لشخص في فرجه بينك وبين جارك صلى واحد الركعتين في الصف الثاني ثم تقدم إلى هذه الفرجة تقول له: قم صل ركعتين! ويش با يقول لك؟ بيقول لك: صليت، لكن لو جئت بأسلوب: هل صليت ركعتين؟ ما في أثر على نفسه، وهكذا ينبغي أن يكون الأدب في الحوار والمناقشة، يعني لو سمعت كلام منقول عن أحد من المشايخ فتوى تراها خطأ أنت تروح للشيخ وتقول: خطأ، أخطأت يا شيخ والصواب كذا، أو تقول: ما حكم كذا أولاً، فإذا أجاب بما نقل عنك مما لا تراه، تقول: ألم يدل الدليل على كذا؟ ألم يقل عامة أهل العلم بكذا؟ يعني بأسلوب مناسب لأنه أدعى للقبول؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- لم دخل هذا الرجل قال له: ((صليت؟ )) يعني المراد تحية المسجد "قال: لا، قال: ((قم فصل ركعتين)) متفق عليه" وهذا من ضمن الأوامر التي جاءت بتأكد تحية المسجد، ومنها: ((إذا دخل أحكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين)) وهي سنة مؤكدة عند جماهير أهل العلم، وأوجبها بعضهم لثبوت الأمر ((قم فصل ركعتين)) ((فلا يجلس حتى يصلي ركعتين)) قيل بوجوبها، لكن هناك الصوارف التي صرفت، وقد سبق بحثها المسألة، المقصود أن عند جماهير أهل العلم سنة، قد يقول قائل: من أدلة وجوبها هذا الحديث كيف؟ غير مسألة ((قم فصل ركعتين)) لأن له صارف؟ نعم؟ طالب. . . . . . . . .

نعم هو مأمور بالاستماع والإنصات كونه يخل بهذا الاستماع وهذا الإنصات المأمور به على جهة الوجوب بأمر مستحب أو بأمر واجب؟ لا يكون إلا بأمر واجب؛ لأن الواجب لا يعارض إلا بواجب، لكن يبقى أن عامة أهل العلم على استحباب هاتين الركعتين، والصوارف كثيرة، منهم من يرى أنه إذا دخل والإمام يخطب أنه لا يصلي ركعتين، لا يصلي ركعتين، وهذا منقول عن مالك والليث وأبي حنيفة والثوري وغيرهم لا يصلي ركعتين لأنه منشغل بواجب، فكيف يقطع الانشغال بواجب بمستحب؟ لكن مادام ثبت الأمر بهما، مادام الأمر ثبت بهما فلا كلام لأحد، فلا كلام لأحد، يجيب بعضهم بأنه إنما أمر بصلاة الركعتين لكي ينتبه له الناس ويتفطنوا له؛ لأنه بحاجة إلى مساعدة، بحاجة إلى صدقة، فالنبي –عليه الصلاة والسلام- أمره أن يصلي هاتين الركعتين ليراه الناس فيعطفوا عليه ويتصدقوا عليه، ينظرون إلى حاله وأنه بحاجة ماسة إلى الصدقة فيتصدقوا عليه، لكن هذا كلام ليس بشيء؛ لأن الأمر بالركعتين، لكن لا يمنع أن يقول له: قف، وإلا تقدم قليلاً يراه الناس بمجرد المخاطبة، مجرد ما يوجه إليه الخطاب بيلتفتوا له الناس، ما يحتاج إلى أن يصلي ركعتين، لو كانت الركعتين لا تشرعان لمعارضتهما الواجب، لكن هذا دليل على أن هاتين الركعتين ركعتي تحية المسجد تشرعان والأمام يخطب. طالب. . . . . . . . . ((اجلس فقد آذيت)) إيه. طالب. . . . . . . . . إيه الثاني يمكن أنهم شافوا مصلين وراءه، نعم هذا رجل يتخطى الناس، يتخطى الرقاب فقال له -عليه الصلاة والسلام-: ((اجلس فقد آذيت)) وكل من يتخطى يؤمر بالجلوس، لكن الأمر بالجلوس لا يعارض الأمر بالركعتين، احتمال أنه رآه صلى الركعتين، أو المراد به الكف عن تخطي الرقاب، ولا يلزم منه حقيقة الجلوس. طالب. . . . . . . . .

لا، لا، لا يتكلم إلا الإمام أو مع الإمام، إذا دخل والإمام يخطب في المسجد الحرام مثلاً، وهو قاصد لصلاة الجمعة مع الإمام، هل له أن يطوف ويصلي ركعتي الطواف أو هو مأمور بالاستماع والمستثنى من ذلك تحية المسجد فقط؟ تحية البيت الطواف وتحية المسجد الركعتان هل له أن يطوف ويستصحب حديث: ((يا بني عبد مناف لا تمنعوا أحداً طاف بهذا البيت وصلى أية ساعة شاء من ليل أو نهار)) يقول: أنا بأطوف هذه ساعة والإمام يخطب، أو نقول: ما استثني إلا تحية المسجد الواردة في النص؟ النص الخاص وإلا النصوص العامة بالإمكان أن يرد غيرها بالنصوص العامة، لكن معروف أن الخاص مقدم على العام، أية ساعة شاء من ليل أو نهار، هل يعارض عموم هذا الحديث بخصوص الأمر بالإنصات؟ يعني إذا كان مجرد مس الحصى ((من مس الحصى فقد لغا)) هل يعارض مثل هذا بالطواف والإمام يخطب أو نقول: يلزمه أن يصلي ركعتين ويجلس إن أراد الطواف فبعد ذلك في غير هذا الوقت؟ نعم؟ نعم يصلي ركعتين ويجلس، يصلي ركعتين ويجلس. شخص دخل يقول: أنا مسافر أبا أدي العمرة وأصلي الظهر والعصر جمع والإمام يخطب، لا يريد حضور الجمعة، يقول: أنا أبا طوف وأسعى والإمام يخطب وأصلي الظهر والعصر جمع وأرجع له ذلك وإلا ليس له ذلك؟ نعم له ذلك؟ طالب. . . . . . . . . لكن حضرها نعم إذا حضرها لزمته، يعني لو جاء مسافر وجلس بين الناس، الناس يستمعون الخطبة وهو يسولف وإلا معه كتاب يقرأ وإلا قرآن وإلا شيء، طيب ما هو مأمور بالإنصات؟ يقول: لا أنا مسافر أنا ما علي جمعة ولا أنا مصلي معكم، إذا صليت الجمعة با أصليها ركعتين ظهر على شان أجمع العصر، لو صلى جمعة ما صاغ له الجمع، ويبي يستغل وقت الخطبة بقراءة وإلا بذكر وإلا قراءة قرآن وإلا .. ، أو اثنين بعد جالسين يسولفون والإمام يخطب نعم يلزمهم الاستماع وإلا ما يلزمهم؟ يقولون: إحنا مسافرين بس نبغي نصلي مع الإمام هو يصلي جمعة وإحنا ننوي ظهر وبعد ذلك نصلي ركعتي العصر ونسافر، ماجينا نصلي الجمعة نعم، يلزمهم، نعم يلزمهم؛ لأنهم يشغلون الناس، ومن دخل في سور المسجد فله حكم المصلين، نعم. "وعن ابن عباس ... "

طيب لحظة، هذا الداخل الذي لم يصل ركعتين أمره النبي -عليه الصلاة والسلام- أن يصلي ركعتين، لكن هل النبي -عليه الصلاة والسلام- لما دخل صلى ركعتين وإلا ما صلى؟ نعم ما صلى، رقي المنبر، نعم فالأمام لا يصلي ركعتين، الإمام إنما ينشغل بما هو بصدده من الخطبة، هل يأخذ هذا الحكم .. ؟ يعني الإمام إذا أراد الصلاة دخول الجمعة يصعد المنبر ويسلم على المؤمنين، وينتظر المؤذن فيؤدي الخطبة، ثم ينزل للصلاة، هل يقال مثل هذا لمعلم مدرس مثلاً عنده درس بعد العصر صلى في الطريق أو بعد الظهر أو أي وقت أو بعد الصبح صلى في الطريق أدركته الصلاة وهو في الطريق ثم جاء وجلس على الكرسي مباشرة هل نقول: هذا له حكم الخطيب أو نقول: يصلي ركعتين ثم يحضر الدرس؟ هاه؟ يعني كونه يجلس على كرسي ويعلم الناس ما هو مثل الخطبة، خاص يعني ما تسقط ركعة التحية إلا عن الخطيب، واضح وإلا ما هو بواضح؟ نعم. "وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- "أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يقرأ في صلاة الجمعة سورة الجمعة والمنافقين" رواه مسلم" وله عن النعمان بن بشير -رضي الله عنهما- كان يقرأ في العيدين وفي الجمعة بـ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} [(1) سورة الأعلى] و {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ} [(1) سورة الغاشية]. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- "أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يقرأ في صلاة الجمعة سورة الجمعة والمنافقين" أو والمنافقون؟ يقرأ في صلاة الجمعة سورة الجمعة والمنافقين أو والمنافقون؟ طالب. . . . . . . . . نعم الذي في المصحف، العنوان سورة المنافقون، نعم "إن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان" وهذا يدل على الاستمرار "يقرأ في صلاة الجمعة سورة الجمعة وسورة المنافقون" يعني في الركعة الأولى الجمعة والمنافقون في الركعة الثانية أيهما أطول؟ نعم؟ طالب. . . . . . . . . نعم؟ أيهما أطول؟ طالب. . . . . . . . . لا، لا، ما هي بأطول، ما تزيد سطر المنافقون؟ نعم أظنها تزيد سطر، نعم؟ أطول بحدود سطر يمكن واحد، أطول بشيء يسير، وعلى هذا ما جاء في تطويل الركعة الأولى أطول من الثانية، نعم. طالب. . . . . . . . .

يكون مخصوص بمثل هذا، يكون هو الأصل تطويل الأولى تكون أطول من الثانية، لكن في مثل هذا الموضع يستثنى نعم لأنه ثابت بالنص عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، تبقى القاعدة في الصلاة أن الركعة الأولى أطول من الثانية، لكن إذا قرأ هاتين السورتين نعم لا مانع، أيضاً سبح والغشية هما متقاربتان مثل ما معنى، لكن أيهما أطول؟ عندكم مصحف؟ أطول بشيء يسير، هذا لا تخالف فيه القاعدة، تكون القاعدة: أن الركعة الأولى أطول، فإذا حصل شيء منصوص عليه كما هنا. الغاشية أطول لأنها ثمانية أسطر، وهذه إحدى عشر سطر، نعم لكن لو أراد شخص أن يقرأ في الركعة الأولى الانفطار وفي الثانية المطففين نقول: على السنة وإلا لا؟ يقول لك: الرسول -عليه الصلاة والسلام- قرأ الغاشية في الركعة الثانية وهي أطول من سبح، نقول: لا، قاعدة الصلاة أن الركعة الأولى أطول من الثانية، وما عدا ذلك يقتصر فيه على الوارد، واضح يا الإخوان وإلا ما هو بواضح؟ نعم فما عدا ذلك يقتصر فيه على الوارد وإلا فقاعدة الصلاة أن الركعة الأولى أطول من الثانية، وسبب التخصيص بهاتين السورتين .. ، أما بالنسبة لسورة الجمعة مناسبتها ليوم الجمعة ولصلاة الجمعة ظاهرة، نعم {إِذَا نُودِي لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا} [(9) سورة الجمعة] فيها الأمر بالسعي إليها، وبيان بعض أوصافه -عليه الصلاة والسلام- وأنه يتلو عليهم الآيات ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة. على كل حال وفي الركعة الثانية يقرأ سورة المنافقون؛ لأن المنافقين يحضرون يحرصون على حضور صلاة الجمعة؛ لأنها مرة في الأسبوع ويجتمع الناس ويأخذ بعضهم أخبار بعض، نعم فيحرصون على حضورها، فلما فيها من ذكر أوصافهم وتوبيخهم نعم؛ لأنهم يحرصون عليها أكثر من غيرها.

يقول: "وله" أي لمسلم "عن النعمان بن بشير -رضي الله عنه- قال: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقرأ في العيدين وفي الجمعة بـ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} [(1) سورة الأعلى] و {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ} [(1) سورة الغاشية] " وعرفنا أن سورة الغاشية أطول من سبح، نعم لكن هذا على خلاف الأصل، وما ثبت بدليل خاص فهو أصل، نعم فهو أصل برأسه، فيقرأ -عليه الصلاة والسلام- في العيدين في عيد الفطر وعيد الأضحى وفي صلاة الجمعة بهاتين السورتين، وفيهما من التذكير بأحوال الآخرة والوعد والوعيد ما يناسب قراءتهما في هذه المجامع العظيمة في العيدين وفي الجمعة، وجاء في العيد أنه كان -عليه الصلاة والسلام- يقرأ بـ (ق) و (اقتربت) لما اشتملتا عليه من ذلك، فأحياناً يقرأ بـ (سبح) والغاشية، وأحياناً يقرأ بـ (ق) واقتربت، وأحياناً يقرأ بالجمعة والمنافقون في الجمعة، وهذا يدل على أن (كان) ليست للاستمرار المطلق، وإنما تدل على التكرار، أما كونها للاستمرار بحيث لا يختلف الأمر فجاء ما يخالف هذا، نعم. "وعن زيد بن أرقم -رضي الله عنه- قال: "صلى النبي -صلى الله عليه وسلم- العيد ثم رخص في الجمعة فقال: ((من شاء أن يصلي فليصل)) رواه الخمسة إلا الترمذي وصححه ابن خزيمة".

يقول الإمام -رحمه الله تعالى-: "عن زيد بن أرقم -رضي الله تعالى عنه- قال: "صلى النبي -صلى الله عليه وسلم- العيد -يعني في يوم الجمعة- ثم رخص في الجمعة" قال للمصلين: ((من شاء أن يصلي فليصل)) من شاء أن يصلي الجمعة معنا فليصل، وأما هو -عليه الصلاة والسلام- فقد صلى الجمعة، فالإمام ومن تقوم بهم الجمعة يلزمهم أن يصلوا الجمعة، وأما غيرهم فحضور الجمعة رخصة؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- رخص، والرخصة عند أهل العلم: ما ثبت على خلاف دليل شرعي، ما ثبت على خلاف دليل شرعي لمعارض راجح، لمعارض راجح هذه هي الرخصة، فالأصل أن المسلم مطالب بحضور الجمعة الدليل دل على ذلك، وتتأكد الجمعة وهي من الفرائض المؤكدة في حق المسلم، وجاء فيها ما جاء: ((لينتهين أقوام عن ودعهم الجمعات أو لختمن الله على قلوبهم)) هذا وعيد شديد، لكن الترخيص مع هذا الوعيد الشديد بالنسبة لمن حضر العيد، لا شك أنه خلاف هذا الأصل فهو رخصة، وجاء أيضاً التصريح بكونه رخصة، فقال: "رخص في الجمعة، فقال: ((من شاء أن يصلي فليصل)) يصلي جمعة، لكن هل الترخيص في الجمعة ترخيص بها وبما يقوم مقامها؟ يعني الجمعة لها بديل وإلا ما لها بديل؟ لها بديل، فهل الجمعة المرخص بها يعدل عنها إلى بدلها، عندنا مسألتان الأولى: هل الجمعة بدل عن الظهر؟ أو الظهر بديل عن الجمعة؟ الجمعة بديل عن الظهر أو الظهر بديل عن الجمعة لمن فاتته الجمعة؟ وماذا نستفيد من هذا الكلام؟ إذا قلنا: الأصل الجمعة والظهر بدل منها، فإذا عفي عن الأصل عفي عن البدل، وإذا قلنا: إن الأصل الظهر والجمعة بدل منها فقد يعفى عن البدل ولا يعفى عن الأصل، أدركنا الفرق وإلا ما أدركنا؟ الآن إذا وافق يوم الجمعة يوم العيد صلت العيد، النبي -صلى الله عليه وسلم- رخص لك أن لا تحضر الجمعة تصلي ظهر وإلا ما تصلي ظهر؟ نعم تصلي الظهر في قول جماهير العلم.

يذكر عن ابن الزبير -رضي الله عنه- أنه صلى العيد ولم يصل بعدها إلا العصر، صلى العيد ولم يصل بعدها إلا العصر، لكن عامة أهل العلم على خلافه، عامة أهل العلم على خلافه، فإذا عفي عن الجمعة باعتبارها أشق حضورها والاستعداد لها أشق من صلاة الظهر فتظهر الرخصة، نعم تظهر الرخصة من الأشق إلى الأخف، ما تظهر رخصة؟ نعم، لو قال يوم الخميس مثلاً: سامحناكم ما تصلوا ظهر صلوا جمعة رخصنا لكم يعقل؟ لأن هذا فيه مزيد من المشقة والتكليف، لكن العكس لما يرخص من الجمعة إلى الظهر يبين وجه الرخصة، وليس معنى الترخيص في هذا الحديث الترخيص إلى غير بدل. "صلى النبي -عليه الصلاة والسلام- العيد ثم رخص في الجمعة" لأن المقصود حصل، المقصود وعظ الناس وتوجيههم وإرشادهم بخطبة الجمعة وحصل بخطبة العيد، فقال: ((من شاء أن يصلي فليصل)) ((من شاء أن يصلي فليصل)) عندنا ترك الجمعة صلاة الظهر في يوم العيد رخصة وفعل صلاة الجمعة في يوم العيد عزيمة؛ لأنه هو الأصل، أيهما أفضل العزيمة أو الرخصة؟ النبي -عليه الصلاة والسلام- صلى الجمعة مع كونه صلى العيد أيهما أفضل العزيمة أو الرخصة؟ طالب. . . . . . . . . الرسول -عليه الصلاة والسلام- صلى الجمعة هل نقول: هذا أفضل بالنسبة للإمام ومن يقيم الجمعة والأعياد أو عموم الناس أيضاً فعله -عليه الصلاة والسلام- وما كان الله ليختار لنبيه إلا الأكمل، فنقول: حضور الجمعة أفضل من قبول الرخصة وصلاة الظهر؟ أو نقول: كسائر الرخصة المسلم الأفضل في حقه أن يفعل الأرفق به ويقبل رخصة الله -جل وعلا-؟ إذا تصورنا مثلاً أنه سهران، وكل عاد سبب السهر عنده يختلف عن الآخر شخص أحيا ليلة العيد ممن يعمل بالضعيف وأحيا ليلة العيد صلاة، وجاء في الخبر: ((من أحيا ليلة العيدين لم يمت قبله يوم تموت القلوب)) الحديث ضعيف، لكن عمل بهذا على قول الجمهور، وسهر الليل كله، وصلى يا الله صلى العيد، وصلى ونام، هل نقول: الأفضل في حقك تقوم وتستعد لصلاة الجمعة وتروح تصلي أو تصلي ظهر وتقبل رخصة الله؟ نعم؟

نعم نقول: الأرفق بالمسلم هو الأفضل في حقه، الأرفق به هو الأفضل في حقه ((من شاء أن يصلي فليصل)) "رواه الخمسة" الخمسة من هم؟ نعم؟ الإمام أحمد وأصحاب السنن: أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه إلا الترمذي فإنه لم يروه "وصححه ابن خزيمة" وصححه أيضاً على بن المديني والحاكم، وعلى كل حال الحديث صحيح له طرقه أيضاً، له شواهد ترقيه إلى درجة الصحيح لغيره، نعم. "وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إذا صلى أحدكم الجمعة فليصل بعدها أربعاً)) رواه مسلم"

الرواتب الثابتة في أيام الأسبوع ثنتا عشرة ركعة: أربع قبل الظهر وركعتان بعدها، وركعتان بعد المغرب، وركعتان بعد العشاء، وركعتان قبل الصبح ثنتا عشرة ركعة، فماذا عن الجمعة؟ هل حكمها حكم الظهر يصلي قبلها أربعاً وبعدها ركعتين؟ هنا يقول: ((إذا صلى أحدكم الجمعة فليصل بعدها أربعاً)) وثبت في الصحيحين من حديث ابن عمر أن النبي -عليه الصلاة والسلام- كان يصلي بعد الجمعة ركعتين في بيته، ركعتين في بيته، فمن أهل العلم من يقول: إنه يُصلى بعد الجمعة ست ركعات، هذه الأربع وما كان يصليها النبي -عليه الصلاة والسلام- في بيته ركعتين يكون المجموع ست، وابن القيم -رحمه الله تعالى- نقل عن شيخه ابن تيمية أنه إن صلى في المسجد صلى أربعاً، وإن صلى في بيته صلى ركعتين للتوفيق بين النصوص، النبي -عليه الصلاة والسلام- يصلي ركعتين في بيته، وأمر هنا بأن يصلى بعدها أربعاً، فتحمل هذه على حال وهذه على حال وهذا فعل ابن عمر، كان إذا صلى في المسجد صلى أربعاً، وإذا صلى في بيته صلى ركعتين، وبهذا تتحد النصوص وتتفق، وصلاة البيت أفضل من صلاة المسجد إلا المكتوبة ((صلاة الرجل في بيته أفضل من صلاته في المسجد إلا المكتوبة)) فهل الركعتان في البيت أجرهما كأجر الأربع في المسجد أو أعظم أو أقل؟ نعم؟ أو نقول: هذا اختلاف تنوع يصلي أحياناً في المسجد أربع ويصلي أحياناً في البيت ركعتين، ويطبق هذا الحديث وهذا الحديث، ويكون حينئذٍ أفضل في حقه، يعني مرة يصلي في المسجد أربع ومرة في البيت ركعتين ويمتثل هذا وهذا، والتنوع مقصود، ولا شك أن صلاة النوافل في البيت أفضل، لكن لو قال: أنا أصلي أربع في البيت هو مأمور بصلاة أربع؟ مأمور بصلاة أربع ((إذا صلى أحدكم الجمعة فليصل بعدها أربعاً)) وفي بيته ليجمع بين هذا الأمر وبين كون صلاة البيت أفضل؟ طالب. . . . . . . . .

ما في، لكن النبي -عليه الصلاة والسلام- يصلي ركعتين في بيته، إلا أنه مأمور بأربع كيف يأمر بأربع ويصلي ركعتين؟ حمل هذا على حال وهذا على حال، وفعل ابن عمر يفسر، إذا صلى في المسجد صلى أربعاً وإذا صلى في بيته صلى ركعتين، الجمع ودفع التعارض بين النصوص يسلك فيه مسالك قد لا تكون من القوة بحيث تكون مقنعة، إنما لرفع الخلاف لا بد من ارتكاب بعض هذه الأمور؛ لرفع الاختلاف وللتوفيق بين النصوص والجمع بينها لا بد من ارتكاب بعض هذه التصرفات، وقد ارتكب كثير من أهل العلم في كثير من المواضع أقل من هذا للتوفيق بين النصوص لدفع التعارض، لكن لو قال: أنا با أمتثل الأمر ((فليصل أربع ركعات)) با أصلي أربع ركعات، وأجزم بالدليل الصحيح أن صلاة المرء في بيته أفضل من صلاته في المسجد إلا المكتوبة. أنا ما أدري كيف حاجته ماسة إلى هذا الجواب؟ يقول: أرجو منك يا شيخ الإجابة عن هذا لحاجتي الماسة، يقول: ما رأيك في قتل المعاهدين من الدول ... ؟ هذا الكلام انتهى، يعني أفتى أهل العلم وانتهوا منه، قتل المعاهد النصوص صحيحة صريحة في تحريمه، ((من قتل معاهداً لم يرح رائحة الجنة)) يقول: لحاجتي الماسة إليه. . . . . . . . . المصلحة، نسأل الله السلامة والعافية، نسأل الله العافية، استغفر الله، استغفر الله.

ماذا نقول لهذا الذي يريد أن يتمثل هذا الأمر، النبي -عليه الصلاة والسلام- أمر أن يصلي أربع ركعات بعد الجمعة، وذكر أن الصلاة في البيت أفضل إلا المكتوبة، نعم فيقول: أنا أريد أن أمتثل الأمر، وأعرف أن الصلاة في البيت أفضل أصلي في البيت، هل هذا أكمل؟ أو نقول: صل أربعاً في المسجد أو ركعتين في البيت لا تزد على ما فعله النبي -عليه الصلاة والسلام-؟ أو أن الزيادة مقبولة مطلقاً لو صلى عشر بعد الجمعة في المسجد أو في البيت ويش المانع؟ لأن الإكثار من التعبد ليس ببدعة، فيكون المأمور به هو الأصل، وما زاد على ذلك يكون نفل مطلق، نعم لو أرد أن يصلي عشر ركعات بعد الجمعة في المسجد أو في بيته فيما يمنع؟ هل هناك ما يمنع؟ أقول: إذا زاد على ما ثبت عنه -عليه الصلاة والسلام- إن نوى به النفل المطلق الوارد في مثل قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((أعني على نفسك بكثرة السجود)) فلا يوجد ما يمنع منه، لكن إذا تصور أنه يفعل ما هو أفضل من فعل النبي -عليه الصلاة والسلام- نقول: لا، ما كان الله ليختار لنبيه إلا الأفضل، أنت افعل ما فعله -عليه الصلاة والسلام-، ثم زد عليه ما شئت من باب التنفل المطلق، لا بأس، نعم. "وعن السائب بن يزيد أن معاوية قال له: إذا صليت الجمعة فلا تصلها بصلاة حتى تكلم أو تخرج فإن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أمرنا بذلك ألا نوصل صلاة بصلاة حتى نتكلم أو نخرج" روه مسلم"

الحديث وإن كان سياقه سياق الخاص بالجمعة؛ لأن معاوية قال للسائب: "إذا صليت الجمعة فلا تصلها بصلاة حتى تكلم أو تخرج" فهل هذا خاص بالجمعة أو استناداً إلى الحديث العام؟ كأنه لحظ على السائب أنه سلم من صلاة الجمعة ثم قام فصلى بعدها صلاة أخرى نافلة، فأنكر عليه فعله مستدلاً بالحديث العام، وأن ما فعله فرد من أفراد العام يدخل فيه إذا وصل الجمعة بصلاة أخرى أو وصل الظهر بصلاة أخرى أو وصل العصر أو المغرب، وصل المغرب أو العشاء بصلاة أخرى فقد خالف "فإن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أمرنا بذلك" يعني أمرنا بأن لا نوصل صلاة بصلاة حتى نتكلم أو نخرج، لا بد من فاصل يفصل بالأذكار أو بالانتقال من مكانه خارج المسجد أو في ناحية من المسجد، المقصود أنه لا يصل الفريضة بغيرها، وإذا فصلها بالأذكار وتم أذكاره، وقام يصلي لم يصل الصلاة بأخرى، تم الفصل بهذا، مسألة التحول من مكان إلى آخر، صلى الفريضة بمكان فهل يشر ع له أن ينتقل ويتحول إلى مكان ثاني أو يصلي النافلة في مكانه؟ نعم؟ في مكانه، لماذا؟ طالب:. . . . . . . . . نعم أهل العلم يستحبون التحول للنافلة من مكان الفريضة لتكثر المواضع التي يؤدي فيها العبادات، وتشهد له يوم القيامة "ونكتب آثارهم" نعم "ونكتب آثارهم" فهذه الآثار التي هي مواضع السجود من الأرض يستحب أهل العلم أن ينتقل من مكانه الذي صلى فيه الفريضة فيتنفل في غيره. وذكر الإمام البخاري في صحيحه عن أبي هريرة بصيغة التمريض قال: يذكر عن أبي هريرة -رضي الله عنه-: "لا يتطوع الإمام في مكانه ولم يصح" لا يتطوع الإمام في مكانه ولم يصح، فهذا حديث ضعيف، نص الإمام البخاري -رحمه الله- على عدم صحته، فلم يرد في ذلك ما يدل على التحول، يعني ما ورد شيء مرفوع، لكنه مع ذلك إذا نظر إلى أنه بانتقاله من مكان إلى أخر يكثر الأماكن التي عبد الله -جل وعلا- فيها، وعلى كلام أهل العلم تشهد له يوم القيامة، وهي آثاره، آثار عبادته وآثار طاعته فلا بأس -إن شاء الله تعالى-. هذا النص يا شيخ الأمر بالخروج في الحديث. إيش فيه؟ هو نوع تحول من المكان أو يخرج حتى تكلم أو تخرج؟

إيه لكن ما هو بنص في التحول، المهم أنه لئلا يصل من أجل أن لا يصل صلاته بصلاة لا لذات البقعة بدليل التكلم؛ لأنه لو تكلم وصلى في مكانه أدى الغرض فهي جزء المدعى، نعم. نعم هذا الحديث مخرج عند أبي داود من حديث أبي هريرة: "أيعجز أحدكم أن يتقدم أو يتأخر عن يمينه أو عن شماله" هذا الحديث مروي بسنن أبي داود، لكن ما خرج؟ من عنده السبل؟ السبل طبعة الحلاق؟ معك؟ ويش يقول؟ هذا ذكره الشارح ها يا محمد؟ ما أنت معنا؟ أخر حديث اللي نشرحه؟ طالب. . . . . . . . . لا انتهينا، شوف المعلق ويش قال؟ قبل، الذي قبله لم يضعفه أبو داود علق عليه وإلا لا؟ هات أريحك -إن شاء الله- أخرجه أبو داود خمسة وهو حديث صحيح. طالب. . . . . . . . . هذا اللي إحنا نبيه، ذا الحديث ذا، دعنا من كلام البخاري، انتهينا من كلام البخاري "أيعجز أحدكم أن يتقدم أو يتأخر عن يمنيه أو عن شماله في الصلاة" يعني السبحة ولم يضعفه أبو داود، القاعدة أن أبا داود إذا سكت عن الحديث لم يتعقبه فهو حسن، هذا الذي قرره ابن الصلاح وغيره، وهو يقول: "وما سكت عنه فهو صالح" يعني صالح والصلاحية هنا أعم من أن تكون للاحتجاج أو للاستشهاد، فيدخل فيها الصحيح والحسن الذي هو صالح للاحتجاج، ويدخل فيها الضعيف المنجبر الذي يصلح للاستشهاد والإعتضاد، على كل حال هذا حديث المخرج يقول: حديث صحيح وأنا لا أعرف درجته الآن، فهو لا بأس يدل على الانتقال يتقدم ويتأخر، نعم. "عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((من اغتسل ثم أتى الجمعة فصلى ما قدر له ثم أنصت حتى يفرغ الإمام من خطبته، ثم يصلي معه غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى وفضل ثلاثة أيام)) رواه مسلم"

نعم هذا الحديث يقول النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((من اغتسل ثم أتى الجمعة)) والغسل للجمعة تقدم الكلام فيه، وما جاء في تأكده واستحبابه، وإن قال بعضهم بوجوبه، المقصود أنه من السنن المؤكدة ((من اغتسل ثم أتى الجمعة فصلى ما قدر له)) اغتسل ثم أتى الجمعة، وجاء الحث على الإتيان إليها ماشياً، والرجوع منها كذلك ماشياً، فإذا اغتسل وأتى الجمعة فصلى ما قدر له الذي كتب له ركعتان فأكثر، ركعتان أو أربع أو ست أو ثمان أو عشر ما كتب له وما قدر له، فإذا صلى ركعتين وجلس هذا صلى ما كتب له، إذا صلى أربع وجلس هذا صلى ما كتب له وهكذا، لكن اللفظ يفهم منه الحث على الصلاة الحث على الصلاة؛ لأن الصلاة مؤثرة في المغفرة نعم؛ لأنها من المؤثرات في هذه المغفرة والإكثار منها أفضل من الإقلال، فيفهم منه أنه كلما أكثر من الصلاة في هذا الوقت أنه أفضل ((من اغتسل ثم أتى الجمعة فصلى ما قدر له)) وإلا فالحديث ليس فيه حد للركعات التي تصلى في هذا الوقت ((ثم أنصت)) لم يتكلم ابتداءً، ولم ينكر على من تكلم ((حتى يفرغ الإمام من خطبته)) دل على أنه لا مانع من الكلام بين الخطبة والصلاة ((حتى يفرغ ... من خطبته ثم يصلي معه)) يعني الجمعة ((غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى، وفضل ثلاثة أيام)) وفضل ثلاثة أيام، يعني عشرة أيام، وجاء في الحديث الصحيح أيضاً: ((الجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان، والصلوات الخمس)) وجاء أيضاً: ((العمرة إلى العمرة كفارات لما بينهن ما لم تغش كبيرة)) وفي راوية: ((ما اجتنبت الكبائر)) فالغفران للذنوب الصغائر هنا، سواء من الجمعة إلى الجمعة أو غفران عشرة أيام كما هنا في حديث الباب، أو الصلوات الخمس إلى الصلوات الخمس، يعني من الصلاة إلى الصلاة، والعمرة إلى العمرة، رمضان إلى رمضان كلها مكفرات، ما لم تغش كبيرة، فالكبائر لا يكفرها مثل هذه الأعمال، بل لا بد لها من توبة، لا بد لها من توبة، قد يقول قائل: إنه إذا لم يغش كبيرة ما هو بحاجة إلى هذه الأعمال؟ يتصور أن يقال: إن مجرد اجتناب الكبائر كفيل بتكفير الصغائر وغفرانها {إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَآئِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ} [(31) سورة

النساء] فإذا اجتنبت الكبيرة كفرت الصغيرة، فماذا بقي للصلوات الخمس والجمعة ورمضان والعمرة؟ ماذا بقي لها؟ أو يقال: كلها مكفرات؟ ولا يمكن أن يوصف بأنه اجتنب الكبائر حتى يؤدي هذه الأعمال؟ نعم؛ لأنه إذا لم يؤدِ هذه الأعمال المكفرات نعم لا يوصف بأنه اجتنب الكبائر، يعني ترك الجمعة ترك الصلوات الخمس أو ترك صيام رمضان هذه هي الكبائر، لكن بما يحصل التكفير إذا كان يصوم رمضان ويعتمر ويصلي الجمعة ويصلي الصلوات الخمس ويجتنب الكبائر ما الذي كفر سيئاته الصغائر؟ نعم؟ طالب. . . . . . . . . كيف؟ الحج؟ إيش فيه؟ ((رجع من ذنوبه)) لا ما يشمل، لا ما يشمل، الكبائر عند جمهور أهل العلم لا بد لها من توبة، لا بد لها توبة الكبائر، لكن هذه النصوص لو مثلاً شخص كفرت عنه الصغائر، لكن قوله: ((ما لم تغش كبيرة)) نعم ما اجتنبت الكبائر هل معنى هذا أنه إذا ارتكب كبيرة وصغائر هذه الأعمال الجليلة تكفر الصغائر وتبقى الكبائر؟ أو أن تكفير هذا الأعمال الصالحة للصغائر مشروط باجتناب الكبائر؟ واضح وإلا ما هو بواضح؟ نفترض المسألة في شخص يصلي الصلوات الخمس ويعتمر ويصوم رمضان، ويصلي الجمعة يحافظ عليها بهذه الطريقة المشروحة، ويسرق ويزني وعنده صغائر، نقول: هذه الأعمال الجليلة الأعمال العظيمة تكفر الصغائر وتبقى الكبائر؟ نعم؟ باقية حتى يتوب منها، أو نقول: إن هذه الأعمال لا تكفر الصغائر حتى يجتنب الكبائر، ما لم تغش كبيرة، ما اجتنبت الكبائر؟ نعم؟ طالب. . . . . . . . . إنها ما تكفر شيء إذا كان مرتكب للكبائر الصغائر والكبائر كلها عليه، نعم تبقى الكبائر عليه، طيب افترض وإن كان هذا لا يتصور افترض أن شخص يزاول كبيرة من الكبائر أو بعض الكبائر، وهو مجتنب لجميع الصغائر، وفعل هذه الأعمال، هذا أولاً: ما يمكن أن يتصور؛ لأنه لا يمكن أن يصل إلى الكبيرة إلا بواسطة صغيرة وسيلة إليها، لكن لو افترضنا هذا، لو تصورنا هذا هل نقول: إن هذه الأعمال تخفف الكبائر؟ نعم؟ أو تبقى الكبائر على الأصل لا يمحوها إلا التوبة؟ نعم؟ تخفف الكبائر، نعم؟ طالب. . . . . . . . . في إيش؟ طالب. . . . . . . . . طيب؟ ها؟ طالب. . . . . . . . .

إيه لكن عندنا أكثر .. ، عندنا مكفرات كثيرة، مكفرات كثيرة، عندنا هذا الحديث: ((غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى وفضل ثلاثة أيام)) نقول: هذا الوعد من الله -جل وعلا- لا شك أنه يحث المسلم على العمل، ولا يعني هذا أنه يسترسل في ارتكاب الصغائر؛ لأنه يعمل هذه الأعمال، بل عليه أن يعمل الأعمال الصالحة، ويجتنب السيئات بقدر الإمكان، إذا وقعت منه كفرت، ولذلك لا يقول قائل: إن هذا الشخص الذي اغتسل وأتى الجمعة وصلى ما قدر له وفعل وترك ثم غفر له ما بينه وبين هذه الجمعة وفضل ثلاثة أيام، طيب جاءت الجمعة الثانية وفضل ثلاثة أيام يصير عنده رصيد، الآن عنده رصيد ستة أيام زائدة، نعم طيب وجاءت جمعة ثالثة صار عنده رصيد تسعة أيام، سنة خمسين جمعة كم عنده رصيد هذا؟ هل نقول: إن هذا لأنه عنده من الرصيد له أن يفعل ما يشاء من الصغائر؟ ليس له ذلك، إنما هو المقصود الحث على فعل هذه الأعمال الصالحة على الوجه المأمور به مع اجتناب ما أمر باجتنابه، وما نهي عن ارتكابه، ومسألة الحساب كونها زادت نقصت، زادت ثلاثة أيام هذا كله في كتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة، وأنت اعمل الخير واترك الشر، افعل الواجبات وجميع ما أمرت به، واجتنب جميع ما نهيت عنه، وحسابك عند الله -جل وعلا- لن يضيع منه شيء، نعم. "وعنه -رضي الله عنه-: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ذكر يوم الجمعة، فقال: ((فيه ساعة لا يوافقها عبد مسلم وهو قائم يصلي يسأل الله -عز وجل- شيئاً إلا أعطاه إياه)) وأشار بيده يقللها" متفق عليه, وفي راوية لمسلم: ((وهي ساعة خفيفة)). نعم كمل كمل. "وعن أبي بردة عن أبيه سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((هي ما بين أن يجلس الإمام إلى أن تقضى الصلاة)) رواه مسلم، ورجح الدارقطني أنه من قول أبي بردة. وفي حديث عبد الله بن سلام عند بن ماجه، وجابر عند أبي داود والنسائي: ((أنها ما بين صلاة العصر إلى غروب الشمس)) وقد اختلف فيها على أكثر من أربعين قولاً أمليتها في شرح البخاري".

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "وعنه" يعني عن أبي هريرة صحابي الحديث السابق "أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذكر يوم الجمعة" ذكر يوم الجمعة، ذكره يعني ذكر فضله ومزيته على سائر الأيام، وأنه أفضل أيام الأسبوع، "فقال: ((فيه ساعة)) هذه مما يميزه ويفضله، وفيه ساعة ساعة: مقدار من الزمان لا تتحدد بالساعة الفلكية المعروفة، التي هي جزء من أربعة وعشرين جزء من اليوم تعادل ستين دقيقة، لا إنما يقولون: ساعة لجزء من الوقت سواء كانت ساعة أو أكثر أو أقل، فيه ساعة في ساعات الجمعة من راح في الساعة الأولى، من راح في الساعة الثانية، من راح في الساعة الثالثة، الساعات في الصيف الساعة الواحدة من هذه الساعات ساعة وزيادة، ساعة وربع، وفي الشتاء أقل، على كل حال الساعة في النصوص ليس المراد بها الستين دقيقة المعروفة الآن. ((فيه ساعة لا يوافقها عبد مسلم وهو قائم يصلي يسأل الله -عز وجل- شيئاً إلا أعطاه -الله- إياه)) ((لا يوافقها)) يصادقها ((عبد مسلم)) عبد فاعل، ومسلم وصف ((وهو قائم)) جملة إعرابها حال وإلا صفة؟ الجمل بعد المعارف أحوال، وبعد النكرات صفات، اللي معنا نكرة وإلا معرفة؟ نعم، إذاً الجملة صفة وإلا حال؟ طالب: حال. حال؟ الجمل بعد المعارف أحوال وبعد النكرات صفات، والذي معنا نكرة وإلا معرفة؟ نكرة، وين معرفة؟ طالب. . . . . . . . . إيه ((عبد مسلم)) إيش صار؟ طالب. . . . . . . . . تعرف بالوصف؟ هو تعرف بالوصف؟ طالب. . . . . . . . .

ما أضيف يا أخي وصف عبدٌ مسلمٌ، ما قال: عبدُ مسلمٍ، بعدين الإضافة إلى النكرة ما تفيد، عبدٌ مسلمٌ وصف بكونه مسلم، وما زالت في حيز العموم فهي نكرة، ما تعرفت بالوصف ((وهو قائم)) نعم هي تحددت وإن لم تتعرف، يعني لما وصف العبد بكونه مسلم، قلّ الشيوع، أما عبد مغرق في العموم، لكن لما وصف بكونه مسلم قل شيوعها في بابها، فجاز وصفها وجاز بيان هيئتها، ولذا جوزوا أن يكون ((وهو قائم)) حال، وإن كان الفاعل نكرة جوزوا ذلك، والأصل على القاعدة أن يكون صفة، قالوا: والواو لتأكيد لصوق الصفة، وأما إن قلنا: إنها حال الجملة حال فالواو واو الحال مفروغ منها ((وهو قائم يصلي)) قائم ويصلي حال بعد حال، ويسأل الله حال أيضاً بعد حال، وهو قائم يصلي طيب صادفه وهو ساجد ما هو بقائم يدخل وإلا ما يدخل؟ لماذا يقول: قائم؟ نعم؟ طالب. . . . . . . . .

نعم من باب إطلاق الجزء على الكل، يراد بها وهو يصلي، على أي حال من أحوال صلاته ((يسأل الله -عز وجل-)) أيضاً حال ((شيئاً إلا أعطاه إياه)) إلا أعطاه إياه هذه ساعة الاستجابة، وإجابة الدعاء في هذه الساعة لا شك أنه من تلمس الأسباب، لا يقول قائل: أنا قائم أصلي في هذه الساعة التي جاءت بها النصوص وما استجيب دعائي، هذا سبب لكن قد يكون عندك مانع من قبول الدعاء، فتش نفسك قد يكون عندك مانع من قبول الدعاء، فاحرص على حصول الأسباب وانتفاء الموانع، وكونه سبب لا يعني أنه يترتب عليه أثره قد يتخلف الأثر، يتخلف المسبب لأمر قد يكون أعظم من إجابة الدعاء، وجاء في الحديث أنه: ((إما أن يجاب دعاؤه، أو يدخر له في القيامة، أو يدفع عنه من الشر ما هو أعظم منه)) فهذا سبب، لئلا يقول قائل: أنا جلست تعرضت لهذه الساعة فما استجيب لي ((إلا أعطاه إياه)) وأشار بيده يقللها" قليلة هكذا، شويه يعني، يقللها، "وفي رواية لمسلم: ((وهي ساعة خفيفة)) " ساعة خفيفة قد يقول القائل: الساعة ساعة لا ثقيلة ولا خفيفة، نقول: نعم ليس المراد بالساعة الستين دقيقة كما قررنا؛ لأنها تقبل الزيادة والنقص، هي مجرد مقدار من الزمان يزيد وينقص، لا شك أن يوم الجمعة له مزية وله فضل، وفيه هذه الساعة التي تميزه على غيره، فعلى الإنسان أن يتحرى هذه الساعة، وأن يبذل الأسباب لقبول دعائه، وأن يحرص أشد الحرص أن تنتفي الموانع، ومن أعظم ذلك التخليط في المطعم والمشرب ((وذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يا رب يا رب)) نعم عنده أسباب مسافر ودعوة المسافر لا ترد، أشعث أغبر أقرب إلى الخضوع وانكسار القلب نعم، ومع ذلك يمد يده يا رب يا رب ما يستجاب، لماذا؟ لأن مطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام، فأنى يستجاب لمثل هذا، الموانع موجودة وإن بذلت الأسباب، فلا بد من انتفاء الموانع. "وعن أبي بردة عن أبيه" وأبوه أبو موسى الأشعري عبد الله بن قيس -رضي الله عنهما- ... نعم؟ طالب. . . . . . . . .

ويش هو؟ ويش فيها؟ الحديث الذي يليه وش ... ؟ هذا عندنا حديث "وعن أبي بردة عن أبيه -يعني أبا موسى الأشعري -رضي الله عنهما- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((هي ما بين أن يجلس الإمام إلى أن تقضى الصلاة)) " هي ما بين أن يجلس الإمام إلى أن تقضى الصلاة، وهذا يرويه أبو موسى عن النبي -عليه الصلاة والسلام- كما في صحيح مسلم مرفوع، ورجح الدارقطني أنه من قول أبي بردة، من قول أبي بردة، وفي مسلم: "عن أبي بردة عن أبيه سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" وهذا لا شك أن الخلاف وقع بين الإمام مسلم والدارقطني، لكن الصواب مع مسلم -رحمه الله تعالى-، ولذا رجح كثير من أهل العلم هذا الوقت لساعة الاستجابة، حتى قال القرطبي: إنه نص في موضع الاختلاف، فلا يلتفت إلى غيره، وقال النووي: هو الصحيح، بل الصواب؛ لأنه ثابت في مسلم، ومرفوع إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-، إذاً هو أصح ما يعتمد عليه، لكن جاء في حديث عبد الله بن سلام -رضي الله عنه- عند ابن ماجه وهو أيضاً صحيح، لكن ما يعارض ما جاء في سنن ابن ماجه بما جاء في صحيح مسلم، ولو كانت مما اختلف فيه؛ لأن مسلم تلقته الأمة بالقبول.

"وفي حديث عبد الله بن سلام -رضي الله عنه- عند ابن ماجه، وجابر -رضي الله عنه- عند أبي داود والنسائي" وهو أيضاً صحيح معتضد بما قبله "أنها ما بين صلاة العصر إلى غروب الشمس" ما بين صلاة العصر إلى غروب الشمس، قد يقول قائل: كيف هذا صحيح وذاك صحيح؟ هذا يؤيد قول من يقول: إنها متنقلة مثل ليلة القدر، أحياناً تكون في هذا الوقت، وأحياناً تكون في ذلك الوقت، أحياناً تكون من بين دخول الإمام صعوده على المنبر إلى أن تقام الصلاة، وأحياناً تكون من بعد صلاة العصر إلى غروب الشمس، ولا شك أن عصر الجمعة له مزية بهذا الحديث، الحديث صحيح لا إشكال فيه، له مزية فينبغي أن يغتنم بالدعاء عل الله -جل وعلا- أن يوفق العبد لمصادفة هذه الساعة فيستجيب دعاءه، وإذا كان الإنسان مأمور بالدعاء {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [(60) سورة غافر] فليحرص على الدعاء لنفسه ولوالديه ولمن له حق عليه ولأمته أيضاً لا سيما في مثل هذه الظروف التي الأمة بحاجة ماسة إلى الدعاء، والأمة الآن تعيش في وضع لا تحسد عليه، فهي بحاجة إلى الدعاء، وأن الله -جل وعلا- يرفع ما نزل بها، وأن يعيدها إلى حظيرة التدين والاستقامة والالتزام بعد هذا الانصراف. يقول ابن حجر: "وقد اختلف فيها على أكثر من أربعين قولاً" وقد اختلف فيها على أكثر من أربعين قولاً كيف ساعة من اثني عشر ساعة يكون الخلاف فيها أكثر من أربعين قولاً طيب الأقوال في ليلة القدر وتحديدها حول خمسين قول، طيب هذه الأقوال كيف تتشعب إلى هذه الكثرة وفي مدد محدودة؟ نعم تتشعب لأن قول ثم قول ثم ثالث ثم رابع ثم مركب من الأول والثاني ثم مركب من الثالث والرابع ثم وهكذا تتشعب الأقوال، وعلى كل حال أقواها ما ذكر، إما من صعود الإمام على المنبر إلى الفراغ من الصلاة، أو من صلاة العصر إلى غروب الشمس، فليحرص المسلم ولا سيما طالب العلم على اغتنام هذين الوقتين، يقول: "أمليتها في شرح البخاري" ذكرها الحافظ ابن حجر في فتح الباري، ومعروف أن ابن حجر -رحمه الله تعالى- أملأ كتابه إملاءً، أملأ كتابه إملاءً، وكان يستفيد من طلابه النابهين يحضرون له بعض المسائل فينظر فيها نظراً دقيقاً، ويراجع أصولها ويسبكها ويصوغها بعبارته، ثم يمليها، والله أعلم. وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصبحه أجمعين.

كتاب الصلاة (33)

بلوغ المرام ـ كتاب الصلاة (33) تابع شرح: باب صلاة الجمعة. الشيخ/ عبد الكريم الخضير السلام عليكم ورحمة الله وبركاته: هذا يقول: كيف نوفق بين التنفل بعد العصر وحديث الساعة الخفيفة التي يجاب فيها الدعاء لا يوافقها عبد وهو قائم يصلي إذا قلنا: بأنها بين صلاة العصر وبين المغرب؟ يعني مفاد السؤال أن هذا الوقت ليس وقت للصلاة، ليس وقت للصلاة، بين العصر وبين المغرب وقت نهي فكيف يقال: إنه هو وقت الساعة التي يجاب فيها الدعاء، وجاء فيها: ((لا يوافقها عبد مسلم وهو قائم يصلي)). الجواب عن هذا أجاب به بعض الصحابة -رضوان الله عليهم-، وهو من اختار هذا الوقت لساعة الإجابة، وهو أن الذي ينتظر الصلاة فهو في صلاة ما دامت الصلاة تحبسه، مادام ينتظر صلاة المغرب فهو في صلاة، مادامت الصلاة تحبسه، وهذا ينبغي ذكره مع شرح الحديث السابق، لكن الإلحاح من بعض الإخوة على الاختصار في الشرح وعدم الاستطراد، وجاء أن نأخذ أكبر قدر ممكن من الأحاديث يجعل بعض الأمور وإن كانت مهمة تتجاوز. هذا من الإنترنت يقول: علمنا رأيكم في قضاء الصلاة المتروكة عمداً حتى يخرج وقتها، فماذا نقول في أثر عن الصديق: "إن لله حقاً بالنهار لا يقبله بالليل" .. إلى أخر الأثر؟ القول بلزوم القضاء فيمن أخر الصلاة عمداً حتى يخرج وقتها قول جماهير أهل العلم، ونقل عليه الإجماع أنه يلزمه قضاء الصلاة إذا تركها عمداً كان أو سهواً حتى يخرج وقتها، يجب عليه القضاء، وعليه التوبة والاستغفار مما اقترفه من الذنب العظيم، وإن نقل ابن حزم الإجماع على خلافه، فهذه من المسائل التي نقل فيها الاتفاق على القولين المتضادين، وعلى كل حال عامة أهل العلم على أنه يلزمه القضاء، وأما أثر الصديق -رضي الله عنه-: "إن لله حقاً بالنهار لا يقبله بالليل" .. إلى أخر الأثر، فهذا معروف أن نفي القبول يرد ويراد به نفي الصحة، كما أنه يرد ويراد به نفي الثواب المرتب على العبادة، وهذا سبق أن قررناه عند حديث: ((لا يقبل الله صلاة بغير طهور)) وحديث: ((لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار)) وإلى غير ذلك.

المقصود أن نفي القبول يأتي ويراد به نفي الصحة، كما في هذين الخبرين، ويأتي ويراد به نفي الثواب المرتب على العمل، كما في قوله -جل وعلا-: {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} [(27) سورة المائدة]. يقول: ما رأيك في لعن المعين أو الكافر؟ المعين من المسلمين لا يجوز لعنه ولو لعن جنسه، ولو جاء النص بلعن جنسه ((لعن الله السارق)) نعم ((إن الله لعن في الخمر)) ثم عدهم ((شاربها وحاملها وعاصرها ومعتصرها والمحمول إليها)) .. إلى أخره، لكن لما جئ به -الشارب- قال بعضهم: "لعنه الله ما أكثر ما يؤتي به" قال: ((لا تكن عوناً للشيطان على أخيك)) فالجنس غير المعين، المعين لا يجوز لعنه من المسلمين، بخلاف الجنس قد يرد لعن الجنس، وجاء في المتبرجات: ((فالعنوهن)) يعني جنس المتبرجات، ويلحق بالجنس -وإن كانت المسألة مسألة تحتاج إلى نظر إذا كانت فئة معينة أكثر من واحدة اتصفت بهذا الوصف، لو قيل: انتشر التبرج في العرس الفلاني جنس هذا ينتابه أمران: الجنس والتعيين، هو دائر بين الجنس والتعيين، المرأة الواحدة المتبرجة معينة، وجميع وعموم المتبرجات ((العنوهن فإنهن ملعونات)) لكن يبقى لو تبرج أكثر من واحدة مجموعة في حفل مثلاً عرس أو شبهه هن من حيث التعيين والانحصار في هذا الجمع معينات، لكنه لا يقصد بذلك واحدة بعينها، إنما يقصد الجنس، فهذه ينتابها الأمران، وعموماً ((ليس المؤمن بالطعان ولا باللعان ولا بالفاحش البذي)). وقال عبد الله بن أحمد لأبيه كما في الأحكام السلطانية وغيرها: "ما تقول في يزيد -الذي استباح المدينة، وأهان الصحابة، وقتل بعضهم تكلم فيه بكلام شديد جداً- قال له عبد الله: "لماذا لا تلعنه؟ قال: "وهل رأيت أباك لعاناً؟ " هذا بالنسبة لمن هو في دائرة الإسلام، يبقى مسألة الكافر المعين، جاء في قنوته -عليه الصلاة والسلام-: "اللهم العن فلاناً وفلاناً" ثم نزل قوله -جل وعلا-: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شيء} [(128) سورة آل عمران] ولعن الكافر المعين مسألة خلافية بين أهل العلم لا سيما من اعتدى وظلم المسلمين عند جمع من أهل العلم من أهل التحقيق المتجه جوازه.

يقول: ما رأيكم في الحديث الذي يستدل به كثير من الناس لمحبة الكفار وهو أن الوفد النصراني الذي أتى النبي -عليه الصلاة والسلام- من نجران فلما حان وقت الصلاة أذن لهم النبي بالصلاة في المسجد. . . . . . . . .؟ المحبة أمر قلبي، لا يجوز أن يميل القلب ويحب الكفار ولا واحداً منهم، مهما كان أثره عليك، لكن المكافأة مطلوبة، المكافأة مطلوبة، التأليف أيضاً باب معروف في الشرع، يصرف للكافر من الزكاة التي هي ركن الإسلام للتأليف لتأليف القلوب، مسألة التأليف غير الميل القلبي والحب والمودة {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاء تُلْقُونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ} [(1) سورة الممتحنة] المحبة لا تجوز بحال ولا الميل القلبي إليهم، لكن المكافأة لا بأس بها، أيضاً حسن التعامل {وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [(46) سورة العنكبوت] المداراة عند الحاجة إليها، وفي حال الضعف مثلاً وحال تسلط عدو، المداراة غير المداهنة، والتنازل عن شيء من الدين، المداراة تختلف عن المداهنة، فالمكافأة مطلوبة، وأيضاً التأليف تأليف القلوب على الإسلام أمر مقرر في الشرع. يقول: بالنسبة للدعاء: "اللهم اجمعنا في مستقر رحمتك" بعض الناس يقرر أن مستقر الرحمة الذات الإلهية؟ جاء منعه في أثر عن عمر -رضي الله عنه-، لكن مستقر الرحمة هو الجنة، مستقر الرحمة هو الجنة {وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي} أين؟ {رَحْمَةِ اللهِ} [(107) سورة آل عمران] يعني في الجنة، والله -جل وعلا- موصوف بصفة الرحمة، موصوف بصفة الرحمة على ما يليق بجلاله وعظمته، ولا يجوز تأويل هذا الصفة، لكن هناك آيات لفظها لفظ الصفة، وهي في الحقيقة ليست من آيات الصفات، ليست من آيات الصفات.

يقول: تعلمون ما نعيشه في هذا البلد من النعم والتي من أهمها نعمة الأمن وسلامة المعتقد، ووجود العلماء والعناية بالعلم، يقول: ومنه هذه الدورات العلمية، ولكن الأعداء قد غاظهم ذلك وسعوا جاهدين لإفساده بما استطاعوا، وقد نفذ بعض أفكارهم وللأسف إلى بعض شبابنا فزهدوا في العلم، وطعنوا في العلماء، وسعى بعضهم في زعزعة الأمن؟ لا شك أن مثل هذا خلل، خلل في التصور، ولا شك أن الأمن من أعظم النعم، وهو أهم من نعمة الأكل والشرب، ولذا جاء تقديمه {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشيء} [(155) سورة البقرة] من إيش؟ {مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ} [(155) سورة البقرة] قدم الخوف على الجوع في الابتلاء، فالأمن لا يعدله شيء، كيف يتعبد الناس؟ كيف يحقق الناس الهدف من وجودهم بغير أمن؟ وبعض المفسرين ضرب لذلك مثلاً: بأن جاء بشاة مسكورة كسيرة، أقلقها الألم، اشتد عليها الألم، ووضع عندها طعام مناسب لها، وجاء بأخرى سليمة ووضع عندها الطعام، وربط أمامها ذئب، لما جاء من الغد وجد الكسيرة قد أكلت الطعام كله، ووجد الخائفة من الذئب لم تأكل شيئاً، فلا شك أن الأمن نعمة من الله -جل وعلا-، فمن يسعى في تهديده أو الإخلال به لا شك أنه جاني على الأمة، والله المستعان. فعلى كل أحد أن يحافظ على هذا الأمن بقد استطاعته، ومع الأسف أن بعض الناس يساهم في الإخلال بالأمن وهو لا يشعر، العاصي مثلاً العاصي مساهم في الخلل بالأمن؛ لأن الأمن نعمة تحتاج إلى شكر، فإذا لم نشكر هذه النعمة فرت، فإذا عصينا الله -جل وعلا- ونحن نتقلب في نعمه التي من أعظمها نعمة الأمن، يعني بعد نعمة الدين المسألة مفترضة في مسلمين، يعني بعد نعمة الدين ما في مثل الأمن. فإذا عصى الإنسان ربه، وحل بالمسلمين بسبب معصيته ومعصية غيره والثاني والثالث هم المتسببون في اختلال الأمن؛ لأن الأمر يكون له مباشر ويكون له متسبب، يكون له مباشر مباشرة يعني يحاولوا تهديد الأمن، لكن هناك من يتسبب في زعزعة هذا الأمن وهم العصاة الذين لم يشكروا هذه النعمة، وعلى كل واحد من المسلمين كفل من هذا، بقدر ما يقترفه من معاصي {فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ} [(30) سورة الشورى]

يقول: نفذ بعض أفكارهم وللأسف إلى بعض شبابنا فزهدوا في العلم، وطعنوا في العلماء. لا شك أن الحاجة إلى أهل العلم في الظروف الحالكة أشد، ولا بد من الابتلاء، لا يظن أن العالم أو الداعية أو غيره الطريق سهل ممهد، ما هو بصحيح، في مثل هذه الظروف نرى أن بعض العلماء يواجهون ما يواجهون، فبعض طلاب العلم يقول: أنا ليش أعرض نفسي لمثل ما وصلوا إليه من الإحراجات وغيرها؟ لماذا أصل؟ يا أخي لا بد أن تصل، الطريق ليس بالسهل، وكلما يزداد الأمر شدة يزداد الأجر، وتعظم الأجور بمثل هذا، والله المستعان. فعلى طالب العلم أن يستمر في طريقه، وأن يحرص ويجد ويجتهد، لأن طلبه للعلم وعبادته لله -جل وعلا- على بصيرة، وسعيه في هداية الناس هذا لا شك أنه نصر للإسلام، نصر للإسلام، فعلى طالب العلم أن يطلب العلم ويجد ويجتهد لا سيما من أدرك شيئاً منه، لا ينبغي له أن يضيع نفسه، على الجادة والطرق المعروفة الجواد المسلوكة عند أهل العلم، ويأخذ العلم عن أهله المعروفين بالعلم والعمل، والثبات والروية والأناة، بالرفق والين، لا بد من هذا، لا بد من هذا ليتم له ما يريد -إن شاء الله تعالى-. يقول السؤال: من زاد على الثلاث مرات في الوضوء تعد وظلم فهل الزيادة تبطل الوضوء؟ الزيادة لا تبطل الوضوء، لكن لنعلم أن الغسلة الرابعة والخامسة وما بعدها داخلة في حيز الابتداع في الدين، بدعة، ولذا قررنا سابقاً أنه إذا تردد هل غسل العضو مرتين أو ثلاثاً يكون ثلاث، ولا يجعلها اثنتين يبني على الأقل كالصلاة، لماذا؟ لأنها إن كانت بالفعل ثلاثاً جاء بالسنة، وإن كانت اثنتين فهو إلى سنة، لكن لو زاد؟ فإن كانت ثلاثاً خرج عن حيز السنة إلى البدعة، فكونه يتردد بين سنة وبدعة فالسنة هي المطلب، وهذا تقدم تقديرها، والزيادة لا تبطل الوضوء. يقول: ما الأحاديث الضعيفة في الأربعين النووية؟ الأحاديث تكلم عليها الحافظ ابن رجب -رحمه الله تعالى- في شرحه: جامع العلوم والحكم، وبين درجة هذه الأحاديث، والأسئلة كثيرة جداً والوقت ضيق، والأخوان يطالبون في الإتيان على أكبر قدر ممكن من الكتاب. سم. بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: يقول الإمام الحافظ أحمد بن علي بن حجر -رحمه الله-: "وعن جابر -رضي الله عنه- قال: "مضت السنة أن في كل أربعين فصاعداً جمعة" رواه الدارقطني بإسناد ضعيف" الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "وعن جابر -رضي الله عنه- قال: "مضت السنة أن في كل أربعين فصاعداً جمعة" رواه الدارقطني بإسناد ضعيف" ولا يكفي أن نقول: ضعيف، بل هو ضعيف جداً، وحكم بعضهم بوضعه، حكم بعضهم بوضعه؛ ولأنه من رواية عبد العزيز بن عبد الرحمن القرشي، قال أحمد: اضرب على أحاديثه فإنها كذب أو موضوعة، وقال النسائي: ليس بثقة، إلى غير ذلك من أقوال أهل العلم التي تدل على أنه لا يعتد به، ولا بما يروي، فالخبر ضعيف.

مسألة العدد هل هناك حد محدد للجمعة أو أن الجمعة كغيرها من الصلوات تقوم باثنين فقط إمام ومأموم خطيب ومستمع؟ فالمسألة خلافية بين أهل العلم، وصلت الأقوال فيها إلى أربعة عشر قولاً، وعلى كل حال المذهب عند الحنابلة والشافعية ما جاء في هذا الحديث الأربعين، وإن كان عمدة القول هذا الحديث التالف فلا يعتد به، ولا يعول عليه، منهم من قال: لا بد من إمام ومؤذن، ثم من يتجه إليه الخطاب بقوله: {فَاسْعَوْا} {إِذَا نُودِي لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا} [(9) سورة الجمعة] الخطاب للواحد أو للجماعة؟ لجماعة {فَاسْعَوْا} يدخل في هؤلاء الجماعة الإمام والمؤذن أو الإمام دخل على المنبر والمؤذن يؤذن؟ يعني هل الإمام والمؤذن مطالبان بالسعي في هذه الآية؟ أولاً: المؤذن موجود؛ لأن هو الذي أذن {إِذَا نُودِي لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ} لأن {فَاسْعَوْا} معطوف على الأذان فهو غيره، فالمطالب بالسعي غير المؤذن، والمؤذن لا يؤذن حتى يدخل الإمام، فنحن بجماعة غير الإمام والمؤذن فسعوا، والخلاف في أقل الجمع معروف، أقل ما قيل فيه: اثنان، {فَإِن كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ} [(11) سورة النساء] يعني المراد اثنان، لأن أقل الجمع اثنين، وقيل: أقل الجمع ثلاثة، وهو قول معتبر عند أهل العلم؛ لأن التثنية تقابل الجمع، إفراد وتثنية والجمع، فالجمع غير التثنية، وهذا هو الأصل، لكن يحتاج إلى القول بأن أقل الجمع اثنين في مثل آية المواريث، فمن قال: بأنه خمسة، وذهب بعضهم بأنه ثلاثة تقوم بهم الجمعة، ثلاثة تقوم بهم الجمعة؛ لأنه قد يخاطب ويأمر الواحد بلفظ الجمع، نعم قد يأمر الجمع {فَاسْعَوْا} ولو واحد الموجود، فالإمام والمؤذن موجودان، وهذا المأمور بالسعي، لكن لو قال قائل: إن الجماعة تتم بالإمام والمؤذن الجمعة؛ لأنه إذا لم يوجد من يسعى والإمام على المنبر والمؤذن يؤذن ماذا يصنع الإمام والمؤذن؟ ما وجد من يخاطب بالسعي، أو ما استجاب أحد، ينزل الإمام من المنبر ويصلون ظهر وإلا يكملون؟ يعني افترضنا أنه ما وجد من يتمثل هذا الأمر (اسعوا) ما هو بهذا الأمر (اسعوا) بعد حصول الأذان؟ يعني بعد مباشرة أسباب الصلاة والخطبة؟ بعد الشروع في

مقدمتها، دخل الإمام وصعد المنبر وشرع المؤذن بالأذان ونودي الناس للصلاة ما وجد من يستجيب، ما في أحد، أو ما في إلا عصاة نسأل الله السلامة والعافية، ممن طبع الله على قلبه، دليل على أن أسباب الصلاة ومقدماتها بوشرت قبل حضور المطالبين بالسعي، المسألة فيها خلاف كبير، ومنهم من يقول: إن الجمعة شعيرة من شعائر الإسلام الظاهرة، القصد منها إغاظة الأعداء باجتماع المسلمين، فإذا اكتمل عدد الذين تحصل بهم الإغاظة تشرع الصلاة، وهذا القول لا يضبطه ضابط، وأيضاً حتى الأربعين لا تحصل بهم الإغاظة، المقصود أنه ليس هناك حد، فيرجع في ذلك إلى العرف، يرجع في ذلك إلى العرف، والأقوال كثيرة، فإذا وجد جمع يستحقون أن يخطب بهم، يستحقون الخطبة، وتبين لهم الأخطاء، ويحثون على طاعة الله، أقيمت صلاة الجمعة وإلا فلا. سم. "وعن سمرة بن جندب -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يستغفر للمؤمنين والمؤمنات كل جمعة" رواه البزار بإسناد لين. وعن جابر بن سمرة -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان في الخطبة يقرأ آيات من القرآن، ويذكر الناس" رواه أبو داود، وأصله في مسلم" هذا الحديث وهو أيضاً كسابقه ضعيف جداً، ضعيف جداً، بل متروك، يقول: "وعن جابر بن سمرة -رضي الله عنه- أن النبي -عليه الصلاة والسلام- كان يستغفر للمؤمنين والمؤمنات كل جمعة" زاد في رواية الطبراني: "والمسلمين والمسلمات" "رواه البزار بإسناد لين" لكن هل يكفي أن يقال: لين وهو من راوية يوسف بن خالد السمتي عن أبيه؟ الأب متروك، ومتى يترك؟ إذا كان ضعفه شديد، أتهم بوضع مثلاً أتهم بالكذب مثلاً، فحش غلطه يترك، المقصود أن الحديث ضعيف جداً، ولو دعا واستغفر الخطيب للمؤمنين والمؤمنات ودعا للإسلام والمسلمين لا شك أن هذه من أهداف الخطبة؛ لأنها موطن دعاء؛ لأنها موطن دعاء، الخطبة موطن للدعاء، كما جاء في خطبة العيد: "يشهدن الخير ودعوة المسلمين" فدل على أن الخطبة تتضمن الدعاء.

ومنها هذا، لكن ليس اعتماداً على هذا الحديث، وقول الحافظ -رحمه الله تعالى-: "بإسناد لين" قول لين، قول لين، الحديث الذي هو "عن جابر بن سمرة -رضي الله عنهما- أن النبي -عليه الصلاة والسلام- كان في الخطبة يقرأ آيات من القرآن، ويذكر الناس" يقرأ من القرآن، ويذكر الناس "رواه أبو داود، وأصله في مسلم" وأصله في مسلم، والشارح يرى أن أصله حديث أم هشام بنت الحارث السابق التي تقول: "ما أخذت (ق) والقرآن المجيد -تقدم قريباً- "ما أخذت (ق) والقرآن المجيد إلا عن لسان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقرأها كل جمعة على المنبر إذا خطب الناس" رواه مسلم، فهو من حيث الجملة مؤيد لحديث الباب يقرأ آيات من القرآن فـ (قاف) من القرآن، لكن هل هذا هو أصل حديث أبي داود؟ يعني لو اختلف الصحابي يسمى أصل لهذا الحديث؟ ما يسمى أصل، يسمى حديث أخر، يشهد له حديث أم هشام بنت حارثة، أما كونه أصل له، لا، الأصل فيما إذا كان في غير الصحيحين مثلاً بسط للحديث وتفصيل، ثم يكون في الصحيحين شيء من هذا الحديث عن نفس الصحابي، قطعة من الحديث، نعم يكون أصله في الصحيح، وعلى كل حال في صحيح مسلم "عن جابر بن سمرة كنت أصلي مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فكانت خطبته قصداً، وصلاته قصداً، وكان يقرأ شيئاً من القرآن" على كل حال هذا أصله من طريق نفس الصحابي جابر بن سمرة. "كان في الخطبة يقرأ ... القرآن" اشترط أهل العلم أن تشتمل الخطبة على آية أقل الأحوال، لا بد أن تشتمل على شيء من القرآن "ويذكر الناس" يعظهم ويوجههم ويرشدهم، ويذكرهم بما أمامهم، وما ينبغي أن يستعدوا به لما أمامهم، ومن أعظم ما يذكر به القرآن {فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ} [(45) سورة ق] وبما ثبت عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، وبأقوال العلماء –الأئمة- الموثوقين من سلف هذه الأمة وأئمتها، فهذه أهداف الخطبة، قراءة قرآن تبدأ بالحمد كعادته -عليه الصلاة والسلام- كما تقدم، ويصلي على النبي -عليه الصلاة والسلام-، ويأتي بـ (أما بعد) وتشتمل على القرآن والتذكير، توجيه الناس وإرشادهم، وبيان ما يلاحظ عليهم، إلى غير ذلك، نعم.

"وعن طارق بن شهاب أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((الجمعة حق واجب على كل مسلم في جماعة إلا أربعة: مملوك، وامرأة، وصبي، ومريض)) رواه أبو داود، وقال: لم يسمع طارق من النبي -صلى الله عليه وسلم-، وأخرجه الحاكم من رواية طارق المذكور عن أبي موسى" يقول: "وعن طارق بن شهاب" طارق بن شهاب له رؤية، رأي النبي -عليه الصلاة والسلام-، ولم يثبت له سماع من النبي -صلى الله عليه وسلم-، فإذا ثبتت رؤيته للنبي -عليه الصلاة والسلام- فهو صحابي، إذا رآه مؤمن به، أما إذا رآه قبل أن يؤمن به ثم آمن بعده فيكون من كبار التابعين، من كبار التابعين؛ لأنه لا بد أن تكون رؤيته حال كونه مؤمن به؛ لتثبت له الصحبة، فطارق هذا رأي النبي -عليه الصلاة والسلام- وأدرك الجاهلية قبل البعثة، رأي النبي وليس له سماع منه -عليه الصلاة والسلام-، إن كان صحابياً وكان حال رؤيته للنبي -صلى الله عليه وسلم- مؤمن به فهو صحابي ولا إشكال، ولو لم يثبت له سماع من النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ لأنه حينئذٍ يكون مرسل صحابي، وحكمه الوصل، ونقل عليه الاتفاق. أما الذي أرسله الصحابي ... فحكم الوصل على الصوابِ وفيه خلاف لبعض أهل العلم، لكنه شاذ، مراسيل الصحابة مقبولة، وإلا فكم من حديث ترويه عائشة -رضي الله عنها- سمعته بواسطة بعض الصحابة، وكم من حديث يرويه ابن عباس وهو من المكثرين، من المكثرين ابن عباس من رواية الحديث عن النبي -عليه الصلاة والسلام- دون واسطة، وقد صرح جمع من أهل العلم أنه لم يسمع من النبي -عليه الصلاة والسلام- أكثر من الأربعين، بل بالغ بعضهم قال: إنه لم يسمع إلا أربعة، لكن هذا ليس بصحيح. ابن حجر يقول: "تتبعت مرويات ابن عباس فوجدت ما صرح به بالسماع من النبي -عليه الصلاة والسلام- مما صح أو حسن نحو أربعين" المقصود أن مثل هذا وهو مكثر بقية أحاديثه التي لم يسمعها من النبي -عليه الصلاة والسلام- إنما سمعها بواسطة، وحينئذٍ تكون من مراسيل الصحابة، ومراسيل الصحابة لا إشكال في قبولها.

البيهقي يقول: هذا مرسل جيد، فطارق من خيار التابعين، وممن رأى النبي -عليه الصلاة والسلام-، ولم يسمع منه، ولحديثه هذا شواهد، المقصود أن الحديث تقوم به الحجة، تقوم به الحجة، فأقل أحواله أنه بشواهده صحيح، يعني صحيح لغيره "أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((الجمعة -يعني صلاة الجمعة- حق واجب)) تقدم بيان حكمها، وأنها فرض عين على كل من لم يستثن مما ذكر من هذا الحديث، يعني مجموع من استثني ممن لا تجب عليه ستة ((الجمعة حق واجب كل مسلم في جماعة)) يعني الجمعة لا تصح فرادى، إنما لا بد أن تكون في جماعة ((إلا أربعة: مملوك)) لأنه منشغل بأمور سيده، مملوك مشغول بحقوق سيده، ولا شك أن انشغاله بالجمعة يفوت على سيده بعض حوائجه، فالمملوك مستثنى بهذا، وداود الظاهري يقول بوجوب صلاة الجمعة على المملوك لأنه داخل في عموم قوله -جل وعلا-: {إِذَا نُودِي لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا} [(9) سورة الجمعة] وهو داخل في هذا العموم، لكن ولو دخل في هذا العموم يكون الحديث مخصص للآية، مخصص للآية، هذا من حيث اللزوم، لكن لو حضرها المملوك أذن له سيده وحضر الجمعة، لا شك أنها تجزئه مملوك وامرأة، والمرأة مجمع على عدم وجوب الجمعة عليها، المملوك الذي يعتد بقول داود لا يحكي الإجماع، لكن الذي لا يعتد بقول داود يقول: المملوك مجمع عليه، لم يخالف إلا داود، وذكرنا مرراً أن النووي -رحمه الله- في شرح مسلم يقول: "ولا يعتد بقول داود؛ لأنه لا يرى القياس الذي هو أحد أركان الاجتهاد" فالذي لا يعتد بقول داود ينقل الاتفاق، لكن الذي يعتد بقول داود وهو إمام من أئمة المسلمين نعم عنده أمور لا يرى القياس، فإذا كانت المسألة عمدتها القياس لا يعتد بقوله، لكن إذا كان عمدتها نصوص يعتد بقوله؛ لأنه إمام من أئمة المسلمين، ومن أهل النظر.

((والمرأة)) أيضاً مجموعون على عدم وجوب الجمعة عليها، والشافعي -رحمه الله تعالى- يقول: يستحب للعجائز حضور الجمعة بإذن الزوج، ونقل عنه القول بالوجوب، لكن أصحابه لا يعرفون إلا القول بالاستحباب، ومسألة الجمعة وحضور النساء للخطبة وإفادتهن لا شك أنه أمر مطلوب، لكن ليس بواجب، على ألا يرتكبن محظوراً أثناء خروجهن، مع الأسف أن بعض النساء من حرصها على الخير تجيب النداء تخرج إلى الجمعة، وتخرج إلى التهجد والتراويح وغيرها، لكن ترتكب بعض المحظورات إما جهلاً وإما تساهلاً، تخرج مع سائق أجنبي إلى صلاة التهجد، هذا تناقض هذا، تخرج متطيبة إلى صلاة الجمعة، هذا لا شك أنه إما جهل وإما تناقض، فعلى المرأة إذا أرادت أن تحضر الجمعة وإلا فالأصل أنه ليس عليها جمعة أرادت أن تحضر الخير ودعوة المسلمين أن تخرج من غير فتنة واستشراف ونظر للرجال أو تعريض للرجل بالنظر إليها، وإذا كان هذا بالنسبة للجمعة فأمر العيد أكد، فأمر العيد أكد، في حديث أم عطية: "أمرنا أن نخرج العواتق والحُّيض وذوات الخدود إلى صلاة العيد يشهدن الخير ودعوة المسلمين" هذا أمر، حتى قال بعضهم بوجوب خروج المرأة إلى صلاة العيد، لكن يلاحظ ما ذكر، درء المفاسد مقدم على جلب المصالح، إذا كانت بحيث يفتتن الرجال بها قد .. ، عليك القرار في بيتك، والله المستعان. ((وامرأة وصبي)) الصبي أيضاً متفق أنه لا جمعة عليه، الصبي الصغير الذي لم يكلف يعني من حيث الوجوب كغيرها من واجبات الإسلام، لم يكلف بعد، لكن يأمر بحضورها، ويأمر بالصلاة، ويأمر بالصيام إذا أطاقه تمريناً له على الطاعة، ولذا جاء في الحديث الصحيح: ((مروا أولادكم بالصلاة لسبع)) ليمرن، أم من حيث الوجوب وكونه يأثم بعدم الحضور لا، وهذا متفق عليه.

((ومريض)) مريض لا يجب عليه حضور الجمعة إذا كان يتضرر بالحضور، تحلقه مشقة شديدة، أو يتأخر برؤه، أو يزيد مرضه، مثل هذا لا تجب عليه الجمعة؛ لأن الله -جل وعلا- لا يكلف الإنسان إلا ما يطيق {لاَ يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا} [(286) سورة البقرة] {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [(16) سورة التغابن] لكن بعض الناس ويوجد هنا في مثل هذا المسألة ناس أهل تحري فتجد الإنسان في غاية المشقة، في غاية الحرج، في مرض شديد وآلام ومع ذلك لا يترك الجمعة، وبعض الناس لأدنى شيء، لأدنى مرض يعذر نفسه ويصلي في البيت، مسألة تساهل بالشعائر خلاف ما ذكره الله -جل وعلا- في قوله: {وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ} [(32) سورة الحج] نعم لا شك أن التحامل على النفس والحضور مع شيء من المشقة، لا أقول: مشقة شديدة بحيث يتأذى بها الإنسان هذا من تعظيم شعائر الله، وكان الرجل من الصحابة يؤتى به يهادى بين الرجلين ليحضر الصلاة، والله المستعان. ويبقى أن الدين دين يسر، ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه، لا يحمل الإنسان ما لا يطيق، لكن أيضاً بالمقابل الإنسان لا يترخص لنفسه بأدنى رخصة، فيتنصل بذلك عن فعل الواجبات. ((ومريض)) رواه أبو داود، وقال: لم يسمع طارق من النبي -صلى الله عليه وسلم-" وأخرجه الحاكم من رواية طارق عن أبي موسى، فبانت لنا الواسطة، وأن طارقاً رواه عن صحابي، فهو إن قلنا: إن طارق صحابي فلا إشكال ولو لم نعرف الواسطة، وإن قلنا: إنه تابع وعرفنا الواسطة ارتفع الإشكال، على أن كبار التابعين مراسليهم تختلف عن مراسيل غيرهم، هي أولى بالقبول من غيرها من المراسيل، أولى بالقبول من غيرها من المراسيل من أوساط التابعين فضلاً عن صغارهم، والشافعي -رحمه الله- يحتج بمراسيل كبار التابعين لكن بشروط اشترطها، نعم. "وعن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((ليس على مسافر جمعة)) رواه الطبراني بإسناد ضعيف" هذا الحديث يضاف إلى ما تقدم، وهو أيضاً نظيره، يعني يصح بشواهده.

"عن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((ليس على مسافر جمعة)) رواه الطبراني" يعني في الأوسط "بإسناد ضعيف" لأن في إسناده عبد الله بن نافع، وهو ضعيف، لكن له شواهد، له شواهد يصل بها إلى درجة القبول، فيضاف المسافر إلى الأربعة الذين ذكروا في حديث طارق، فمن لا تلزمهم الجمعة يجتمع من النصوص: المملوك، والمرأة، والمريض، والمسافر، فليس على المسافر جمعة، والنبي -عليه الصلاة والسلام- في جميع أسفاره لم يثبت أنه جمع فيها، صلى فيها الجمعة، يوم عرفة هو يوم جمعة بالنسبة له –عليه الصلاة والسلام- هل صلى الجمعة أو صلى الظهر والعصر جمع تقديم بنمرة؟ نعم ما صلى جمعة، صلى الظهر والعصر، فالمسافر ليس عليه جمعة، وأضاف أهل العلم سادساً وهم أهل البادية، ولذا يتشرط كثير من أهل العلم لوجوب الجمعة أن يكونوا مستوطنين، أهل استقرار واستيطان في مكان تمر عليهم فيه الفصول الأربعة، ليس من الرحال، الفصل في مكن هؤلاء بادية، والمقصود بالبادية الذين ينتقلون من مكان إلى مكان تبعاً للرعي وأماكن الخصب بخلاف أهل القرى والأمصار الثابتين في أمكانهم المستقرين. "وعن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا استوى على المنبر استقبلناه بوجوهنا" رواه الترمذي بإسناد ضعيف، وله شاهد من حيث البراء عند ابن خزيمة" يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "وعن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا استوى على المنبر استقبلناه بوجوهنا" يعني الجميع يستقبل الخطيب بوجه، سواء كان في وسط الصفوف أو في أطرافها على مقتضى هذا الحديث.

يقول: "رواه الترمذي بإسناد ضعيف" جداً لا يكفي أن يقال: بإسناد ضعيف، بل هو ضعيف جداً؛ لأن فيه محمد بن الفضل بن عطية شديد الضعف، بل كذبه بعضهم "وله شاهد من حديث البراء عند ابن خزيمة" وهو أيضاً عند البيهقي حديث البراء عند البيهقي، فهو بشاهده إذا قيل: ضعيف لا بأس، يعني بشاهده، وإن كان الأصل ضعيف جداً لا يعتبر به ولا يعول عليه، لكن حديث البراء صححه ابن خزيمة، وأخرجه البيهقي، المقصود أن هذه المسألة قال فيها الترمذي: والعمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- يستحبون استقبال الإمام إذا خطب، وهو قول سفيان الثوري والشافعي وأحمد وإسحاق يستحبون استقبال الخطيب عملاً بحديث الباب على ضعفه، ولما يشهد له من حديث البراء وعمل الصحابة، وهو اختيار سفيان الثوري والشافعي وأحمد وإسحاق، على كل حال من عمل به لأنه عمل هؤلاء المتقدمين فلا بأس، ومن تكره باعتبار أن الخبر لا تقوم به حجة فهو ضعيف حتى أن ضعفه لا يقبل الإنجبار، ضعفه شديد، نعم. "وعن الحكم بن حزن -رضي الله عنه- قال: "شهدنا الجمعة مع النبي -صلى الله عليه وسلم- فقام متوكئاً على عصا أو قوس" رواه أبو داود" "عن الحكم بن حزن" من مسلمة الفتح، مخزومي "قال: شهدنا الجمعة" يعني صلاة الجمعة "مع النبي الله -صلى الله عليه وسلم-" صلاة الجمعة وخطبتها "شهدنا الجمعة مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقام متوكئاً على عصا أو قوس" رواه أبو داود" ورواه أيضاً أحمد في المسند، وهو حديث لا بأس به، إسناده حسن، إسناده حسن، فاعتماداً على مثل هذا نص الفقهاء على أنه يستحب للخطيب أن يعتمد على عصا أو أو قوس سيف، بعضهم قال: يعتمد على السيف، ويعللون هذا بالإشارة إلى أن الإسلام انتشر بالسيف، فالفقهاء يقولون هذا، النبي -عليه الصلاة والسلام- توكأ على عصا أو قوس، وجاء في بعض الأخبار أنه كان يعتمد على عنزة، لكن لم يحفظ عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه توكأ على سيف، يقول ابن القيم: "وكان أحياناً يتوكأ على قوس، ولم يحفظ عنه أنه توكأ على سيف، وكثير من الجهلة يظن أنه كان يمسك السيف على المنبر إشارة إلى أن الدين إنما قام بالسيف، وهذا جهل قبيح.

الدين انتشر بالدعوة، انتشر بالدعوة، وانتشر أيضاً مما انتشر به الفتوح إنما كانت بالجهاد، لكن لا يتعين الجهاد لنشر الإسلام، يعني الجهاد باب من أبواب النشر، وفعله النبي -عليه الصلاة والسلام-، وفعله أصحابه، نشروا الدين بالجهاد، أما أن يكون السيف هو الوسيلة الوحيدة لإخضاع الناس للدين كثير من الناس دخلوا في دين الله أفواجاً من غير سيف، وإلى وقتنا هذا يسلم من يسلم من الكفار بغير سيف، ويسلم من يسلم منهم بغير دعوة؛ لأنه دين الفطرة، ولا يعني هذا أنه يقلل من شأن الجهاد لا، الجهاد باب من أبوب نشر الدين، من أبواب نشر الدين الدعوة، من أبواب نشر الدين القدوة الصالحة، كما حصل بالنسبة لكثير من التجار المسلمين، من أسباب انتشار الدين ملائمته للفطرة، ومطابقته للعقل، ويحضرنا الآن قصتان: في الأيام الأخيرة أسلم غسال أمريكي بدون دعوة، فسأل عن السبب، قال: إذا جاءتني الثياب ثياب المسلمين نظيفة رائحتها طيبة، وإذا جاءت ثياب غيرهم جاءت نجسة قذرة، رائحتها كريه؛ لأن الإسلام الدين دين طهارة، دين استنجاء واستجمار ووضوء، يختلف عن غيره.

وأسلم هندوسي من الهند بدون دعوة، وجاء ليعلن إسلامه، فسألوه عن السبب ما سبب إسلامك؟ هل دعاك أحد؟ قال: أبداً ما دعاني أحد، إيش السبب؟ قال: إن أمه ماتت وعندهم في ديانتهم أن من مات يحرق، فذهب بأمه -وهذا من البر بها عندهم- فجمع لها الحطب الكثير بعد أن كفنها لفها ووضعها في النار، أوقد عليها النيران، يقول: فجاءت النيران فأكلت الكفن فقط، ولم تمس البدن، فظهرت أمه عارية تماماً أمام الناس، فجمع عليها حطب ثاني وزاد عليها من أسباب الاشتعال وأشعلها وأوقدها، ثم جاء يعلن أسلامه لماذا؟ لأن المسلمون إذا مات فيهم الميت طهروه ونظفوه وصلوا عليه ودفنوه في حفرة من غير أن ترى عورته ومن غير .. ، دين عظيم، أما كونه انتشر بالسيف لا يعني أنه انتشر بالسيف فقط، ولا يعني أن السيف ليس بوسيلة، لا الجهاد شرع مقرر في دين الله، ماضٍ إلى قيام الساعة بعز عزيز وذل ذليل، شريعة هذه ما هي بمسألة لعب، فريضة من فرائض الإسلام، ذروة سنام الإسلام، لكن لا يعني أن الدين انتشر بالسيف فقط، انتشر بالدعوة من الدعاة المحققين المخلصين، انتشر أيضاً بالقدوة الصالحة من التجار المسلمين الذين جابوا الأقطار، ورأى الناس منهم الصدق في المعاملة والاضطراد في الحياة ولا تناقض ولا شيء. من أهل العلم من يرى أن الاعتماد على القوس أو العصا إذا خطب على الأرض فقط، أما إذا خطب على المنبر فلا، ولذا يقول الألباني -رحمه الله تعلى- ضمن كلام طويل: الظاهر من تلك الأحاديث أن الاعتماد على القوس والعصا قوس إذا خطب على الأرض؛ لأنه -عليه الصلاة والسلام- كان يخطب على الأرض فلما كثر الجمع قيل له: لو اتخذت منبراً؟ كان يستند إلى الجذع، وهذا ذكرناه في درس مضى، نعم. باب: صلاة الخوف: "عن صالح بن خواتٍ عمن صلى مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوم ذات الرقاع صلاة الخوف أن طائفة صلت معه وطائفة وجاه العدو، فصلى بالذين معه ركعة، ثم ثبت قائماً، وأتموا لأنفسهم، ثم انصرفوا فصفوا وجاه العدو". وِجَاه.

"ثم انصرفوا فصفوا وجاه العدو، وجاءت الطائفة الأخرى فصلى بهم الركعة التي بقيت ثم ثبت جالساً وأتموا لأنفسهم ثم سلم" متفق عليه، وهذا لفظ مسلم، ووقع في المعرفة لابن منده: عن صالح بن خوات عن أبيه" يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "باب: صلاة الخوف" باب: صلاة الخوف، الخوف: هو ضد الأمن، الذي أشرنا إليه، والخوف ابتلاء من الله -جل وعلا-، ابتلاء من الله -جل وعلا- وامتحان واختبار؛ لكي يراجع الناس دينهم، ويقلعوا عما ارتكبوه من المعاصي، وهو عقوبة دنيوية وعقوبة الآخرة أشد، فإذا لم يقلع الناس بهذه العقوبة عما اقترفوه واجترحوه من المعاصي جمع الله لهم بين هذا وبين عقوبة الآخرة، نسأل الله السلامة والعافية.

لكن إذا راجعوا دينهم لا شك أن الله -جل وعلا- يكشف عنهم الخوف ويبسط عليهم الأمن، وهو من باب إضافة إيش؟ صلاة الخوف يعني الصلاة التي سببها الخوف، من إضافة المسبب إلى سببه، من إضافة المسبب إلى سببه، وصلاة الخوف ثبتت في الكتاب والسنة، وجماهير أهل العلم على أنها ثابتة بعد النبي -عليه الصلاة والسلام- إلى قيام الساعة، وأبو يوسف صاحب أبي حنيفة يرى أنها لا تفعل إلا مع النبي -عليه الصلاة والسلام-؛ لأن غير النبي -عليه الصلاة والسلام- ليس عنده من الميزة في الإمامة بحيث يفرط في ببعض أفعال الصلاة، يعني بدلاً من أن تصلى صلاة الخوف على شيء من النقص في الصلاة على ما سيأتي في صورها تصلى كاملة تامة في أكثر من إمام، وينتهي الإشكال، ويستدل بقوله -جل وعلا-: {وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاَةَ} [(102) سورة النساء] إذا كنت فيهم, فالخطاب موجه إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-، وكونه فيهم في الآية يوحي بأنه شرط، لكن خطاب النبي -عليه الصلاة والسلام- خطاب له ولأمته، بدليل قوله -جل وعلا-: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً} [(103) سورة التوبة] هل معنى هذا أن غيره لا يؤخذ صدقة من الناس؟ ما يأخذون الزكاة؟ ما يجبون الزكوات؟ من يقوم مقامه من الأئمة ما يجبي الزكاة؟ لا، وأيضاً فعلها الصحابة بعده -عليه الصلاة والسلام-، فدل على أن تشريعها قائم إلى قيام الساعة، وهي أيضاً شرعية صلاة الخوف من أعظم الأدلة على وجوب صلاة الجماعة، من أعظم الأدلة على وجوب صلاة الجماعة كيف؟ صلاة الخوف إنما شرعت من أجل الحفاظ على الجماعة، فإذا كانت الجماعة واجبة في مثل هذا الظرف وهو الخوف في مواجهة الأعداء في الجهاد مع التنازل عن بعض الواجبات في الصلاة، واشتمال صلاة الخوف على ما يبطلها لو كانت في حالة الأمن، لا شك أن العناية بهذه الفريضة أعني الجماعة في مثل هذا الظرف لا شك أنه يدل على اهتمام شديد من الشارع ففي حال الأمن من باب أولى. "عن صالح بن خوات" بن جبير بن النعمان الأنصاري، تابعي، سمع أباه خوات من جبير، وسمع سهل بن أبي حثمة وسمع جمع من الصحابة.

"عن صالح بن خوات -رضي الله عنه- عمن صلى مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" عمن صلى صالح بن خوات يروي الخبر عمن صلى، الذي صلى هذا صحابي وإلا ليس بصحابي؟ إذاً يرويه عن صحابي، صحابي معروف وإلا مبهم؟ لا في هذا النص مبهم، جهالة الصحابي تضر وإلا ما تضر؟ ما تضر إذاً الحديث صحيح، عرفنا من صلى مع النبي -صلى الله عليه وسلم- عرفنا الواسطة أو لم نعرف "عمن صلى مع النبي -صلى الله عليه وسلم-" جاء تعيين هذا المبهم في صحيح مسلم: عن صالح بن خوات بن جبير عن سهل بن أبي حثمة، فصرح بمن حدثه في رواية مسلم، وجاء في المعرفة لابن منده: عن صالح بن خوات عن أبيه، عن صالح بن خوات عن أبيه، ولا يبعد أن يروي صالح بن خوات الخبر عن الاثنين، مرة عن أبيه ومرة عن سهل بن أبي حثمة، ومرة يبهم؛ لأنه الخبر تقوم به الحجة على أي حال كان حتى مع الإبهام مادام أن المبهم صحابي، ابن حجر رجح أن يكون المبهم أبوه خوات بن جبير، والذي في صحيح مسلم يرويه صالح بن خوات عن سهل بن أبي حثمة، وعلى كل حال سواء كان هذا أو ذاك أو لم نعرفه البتة فالأمر لا يختلف، إبهام الصحابي لا يضر، وصالح بن خوات يرويه مباشرة دون واسطة عن صحابي.

"عمن صلى مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوم ذات الرقاع" وهي غزوة وقعت في مكان من نجد بأرض غطفان، ذات الرقاع سميت بذلك لأن أقدامهم نقبت من الحفاء، فلفت عليها الرقاع يعني الخرق، أو لأن راياتهم مرقعة، أو لأن الأرض هناك ذات ألوان كأنها خرق مرقعة، أو لجبل هناك فيه أكثر من لون، المقصود أن أولى ما يعتمد عليه هو أصح ما ذكر في الباب أن أقدامهم نقبت من الحفاء فلفت بالرقاع بالخرق، وهذه الغزوة كانت في قول جمهور أهل السير في السنة الرابعة من الهجرة، في السنة الرابعة من الهجرة، وصلى النبي -عليه الصلاة والسلام- هذه الصلاة في هذه السنة الرابعة، وإذا كانت السنة الرابعة تكون قبل الخندق أو بعد الخندق؟ قبل الخندق، وثبت أن البني -عليه الصلاة والسلام- في الخندق حبس عن الصلوات، وأدى الصلوات بعد خروج وقتها، فلو كانت صلاة الخوف مشروعة ما أخر الصلوات عن وقتها، وهذا ما يجعل الإمام البخاري وابن القيم يجزمان بأن غزوة ذات الرقاع بعد الخندق؛ لأن لو أن صلاة الخوف شرعت قبل الخندق ما أخر الصلوات عن وقتها، يصلها بعد غروب الشمس أربع صلوات يصلها بعد غروب الشمس، كان يصلي كل صلاة في وقتها على هذه الطريقة. من أهل العلم من يرى أنه للتوفيق بين هذه النصوص أن يقول: إن صلاة الخوف لا تفعل إلا في السفر والخندق في الحضر، ما نفعل صلاة الخوف في الحضر، والمانع له -عليه الصلاة والسلام- من الصلاة على هذه الكيفيات في الخندق هو كونه في الحضر، لكن أيضاً الصلاة في الحضر لا مبرر لتأخير الصلوات عن وقتها، يعني كونهم يصلون فرادى أو جماعات كثيرة كل صلاة في وقتها، أو يجمعون في الحضر لا بد أن تكون كل صلاة في وقتها ولو فرادى أيسر من تأخير الصلوات عن وقتها، لكن قد يكون الأمر أعظم من أن يصلي كل إنسان بمفرده، والخوف أشد من أن تصلى كل صلاة في وقتها، وهذا ما حصل في عهده -عليه الصلاة والسلام- حيث حبسه العدو، على كل حال الإمام البخاري يرجح أن غزوة ذات الرقاع بعد الخندق وكذلك ابن القيم, ويقول. . . . . . . . . بأن صلاة الخوف تفعل في السفر الحضر، ولا معارضة بين هذا وبين ما حصل في عهده -عليه الصلاة والسلام- في غزوة الخندق.

"يوم ذات الرقاع صلاة الخوف، أن طائفة صلت" في المسلم: "صفت"، "معه وطائفة وجاه العدو" يعني في مواجهة العدو، في مقابلته للحراسة، طائفة صفت مع النبي -عليه الصلاة والسلام-، يقسم الجيش إلى قسمين إلى طائفتين، والطائفة: القطعة من الجيش، وأقل ما تطلق عليها الطائفة واحد فتصح صلاة الخوف بثلاث إمام ومأموم وحارس، فصلى بالطائفة التي صلت معه، والطائفة الأخرى تحرس وجاه العدو، في مواجهة العدو، في مقابلته "فصلى بالذين معه ركعة ثم ثبت قائماً" كبر للإحرام بالطائفة الأولى، ثم قرأ، ثم ركع، ثم رفع، ثم سجد سجدتين، ثم قام إلى الثانية "ثم ثبت قائماً وأتموا لأنفسهم" أثناء قيامه -عليه الصلاة والسلام- وعلى هذا يكون قد أطال القيام لتدرك الطائفة الثانية التي تحرس هذه الركعة أطال القيام -عليه الصلاة والسلام-، هؤلاء لما أطال القيام أتموا لأنفسهم "ثم انصرفوا فصفوا وجاه العدو" يعني في مقابلة العدو، في مكان إخوانهم، وجاء إخوانهم الطائفة الأخرى فصلى بهم النبي –عليه الصلاة والسلام- الركعة التي بقيت، الركعة التي بقيت، صلى بالطائفة الأولى ركعة، ثم أتموا لأنفسهم، ثبت قائماً في الركعة الثانية، جاءت الطائفة الأخرى فصلى بهم هذا الركعة "فثبت جالساً ثم أتموا لأنفسهم" وأطال الجلوس للتشهد حتى أتموا لأنفسهم، "ثم سلم بهم" وهذا من تمام العدل، من تمام عدله -عليه الصلاة والسلام-، لو نظرت إلى الصلاة صلاة الطائفتين لوجدت أن كل من الطائفتين أخذ نصيبه من النبي -عليه الصلاة والسلام- بقدر ما أخذت الطائفة الأخرى من غير زيادة، نعم حصّل هؤلاء تكبيرة الإحرام، وهؤلاء حصلوا على السلام، وكلاهما ركن "ثم سلم بهم" متفق عليه" وهذا لفظ مسلم، ووقع في المعرفة لابن منده معرفة الصحابة كتاب لابن منده، ومنده بالهاء في الوقف والدرج كابن داسه وابن ماجه، عن صالح بن خوات عن أبيه وفيه تعيين المبهم، وهذا الصورة تسلك إذا كان العدو في غير جهة القبلة، في غير جهة القبلة، بحيث يحتاجون إلى حراسة، وعلى كل حال صلاة الخوف ثبتت عن النبي -عليه الصلاة والسلام- من أوجه، ثبتت عن النبي -عليه الصلاة والسلام- من أوجه ستة أو سبعة كما قال الإمام أحمد -رحمه الله-،

وأوصلها بعضهم إلى أربعة عشر وجهاً، على كل حال هي ثابتة عن النبي -عليه الصلاة والسلام- على أوجه، وكلها صحيحة، كل الصور صحيحة الستة أو السبعة التي أشار إليها الإمام أحمد، وعلى الإمام أن يفعل من الصور الأحوط للصلاة، الأبلغ في الحراسة، الأحوط للصلاة والأبلغ للحراسة. الخوف لا أثر له في القصر، القصر معلق بالسفر، فالخوف كان سبب في القصر وارتفع السبب {فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُواْ مِنَ الصَّلاَةِ إِنْ خِفْتُمْ} [(101) سورة النساء] نعم هذا كان الأصل في مشروعية القصر، لكنه ارتفع الخوف وثبت الحكم، فصار القصر صدقة تصدق الله بها على عباده، هذا إذا كانت الصلاة ثنائية أما إذا كانت ثلاثية فيثبت الإمام ويطيل التشهد الأول وتنصرف الطائفة الأولى؛ لأن الركعة لا يمكن قسمتها ركعة واحدة، نعم لا يمكن قسمتها إلى قسمين، أما الرباعية فيستمر في التشهد الأول كالثلاثية. "وعن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: "غزوت مع النبي -صلى الله عليه وسلم- قبل نجد فوازينا العدو فصاففناهم، فقام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصلي بنا، فقام طائفة معه، وأقبل طائفة على العدو وركع بمن معه، وسجد سجدتين، ثم انصرفوا مكان الطائفة التي لم تصل فجاءوا فركع بهم ركعة، وسجد سجدتين ثم سلم، فقام كل واحد منهم فركع لنفسه ركعة وسجد سجدتين" متفق عليه، وهذا لفظ البخاري"

نعم هذه صورة من صور صلاة الخوف، وهي كسابقتها في الصحيحين من حديث "ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: "غزوت مع النبي -صلى الله عليه وسلم- قبل نجد -يعني جهة نجد- فوازينا العدو -أي قابلناهم- فصاففناهم -صفوا صفاً واحداً في وجاه العدو للقتال- فقام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصلي بنا" وفي رواية: "يصلي لنا"، "فقام طائفة معه وأقبل طائفة على العدو، وركع بمن معه وسجد سجدتين ثم انصرفوا مكان الطائفة التي لم تصل" هذه الصورة توافق الصورة التي تقدمت من وجه وتخالفها من وجه، توافق الصورة السابقة في كونه قسم الجيش إلى قسمين، وبكونه صلى بالطائفة الأولى ركعة كاملة، لكن تخالفها في كون الطائفة الأولى لم تتم لنفسها، والنبي -عليه الصلاة والسلام- في صلاته، بل انصرفوا يحرسون، صلوا ركعة مع النبي -عليه الصلاة والسلام- ثم انصرفوا يحرسون وهم في صلاة، صلاتهم ما تمت، "فقامت طائفة معه واقبل طائفة على العدو، وركع بمن معه وسجد سجدتين، ثم انصرفوا" يحرسون، يعني "مكان الطائفة التي لم تصل" وهم في صلاة، ما كملت صلاتهم، فجاءوا فركع بهم الطائفة الثانية "جاءوا فركع بهم ركعة وسجد سجدتين ثم سلم" بهم "فقام كل واحد منهم" كل واحد من الطائفتين هذا الأصل، كل واحد من الطائفتين ما تمت صلاته واضح وإلا ما هو بواضح؟ كل واحد من الطائفتين بقي له ركعة "فقام كل واحد منهم فركع لنفسه ركعة وسجد سجدتين" متفق عليه"

هذا يوحي بأن الطائفتين جاءوا بالركعة الثانية في وقت واحد؛ لأن اللفظ يحتمل "فقام كل واحد منهم فركع لنفسه ركعة، وسجد سجدتين" والاحتمال الثاني أن يكون فقاموا كل واحد منهم من الطائفة الثانية أقرب مذكور فركع لنفسه ركعة وسجد سجدتين ثم سلم، وذهبوا للحراسة، ثم أتمت الطائفة الأولى ركعتها الباقية، فالذي يظهر من الحديث ويؤيده كون الضمير لأقرب مذكور أن الطائفة الثانية والت بين ركعتيها، جاءت بالركعة الثانية بعد سلامه -عليه الصلاة والسلام-، أما الطائفة الأولى فلم تصل الركعة الثانية حتى استلمت الطائفة الثانية الحراسة، من أهل العلم من يرى أن هذه الصورة يمكن أن تؤدى بأن تصلي طائفة مع النبي -عليه الصلاة والسلام- ركعة ثم ينصرفوا للحراسة، ينصرفوا للحراسة، ثم تأتي الطائفة الثانية فيصلي بهم ركعة، ثم ينصرفوا للحارسة وهم في صلاتهم كالأولى، ثم تأتي الطائفة الأولى لتتم الصلاة، نعم فإذا تمت الطائفة الأولى صلاتها بما بقي من الركعة الأخيرة من الركعتين، ثم بعد ذلك تعود الطائفة الثانية لتصلي على الولاء كذا، يعني على التعاقب، لكن ظاهر الحديث يدل على أنهم .. ، أن الطائفة الثانية والت بين ركعتيها، بعد ما سلم جاءت بالركعة ثم بعد ذلك ذهبوا للحراسة، وهذا كأنه أقل في الحفاظ على أصل الصلاة، أما كونهم وهو الاحتمال الأول يصلون كلهم الركعة الثانية في آن واحد، واللفظ يحتمله، فقام كل واحد منهم يعني من الطائفتين، لكن هذا وإن احتمله اللفظ، أولاً: هو الاحتمال المرجوح ومع ذلك يلزم عليه تضييع الحراسة تضييع الحراسة، وصلاة الخوف إنما شرعت من أجل الحراسة والاحتياط، نعم. "وعن جابر -رضي الله عنهما- قال: "شهدت مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صلاة الخوف، فصفنا صفين، صف خلف رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، والعدو بيننا وبين القبلة، فكبر النبي -صلى الله عليه وسلم- وكبرنا جمعياً، ثم ركع وركعنا جميعاً، ثم رفع رأسه من الركوع ورفعنا جميعاً، ثم انحدر بالسجود والصف الذي يليه، وقام الصف المؤخر في نحر العدو، فلما قضى السجود قام الصف الذي يليه فذكر الحديث.

وفي رواية: "ثم سجد وسجد معه الصف الأول، فلما قاموا سجد الصف الثاني، ثم تأخر الصف الأول وتقدم الصف الثاني فذكر مثله، وفي أخره: ثم سلم النبي -صلى الله عليه وسلم- وسلمنا جمعياً" رواه مسلم. ولأبي داود عن أبي عياش الزرقي مثله، وزاد أنها كانت بعسفان" حديث جابر -رضي الله عنه- في صورة من صور صلاة الخوف، وهي فيما إذا كان العدو بين المسلمين والقبلة، والحراسة تكون حينئذٍ ممكنة أثناء الصلاة، أثناء الصلاة الحراسة ممكنة، يقول: "شهدت مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صلاة الخوف فصفنا صفين" صف مقدم وصف مؤخر، صف أول وصف ثاني، "صف خلف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والعدو بيننا وبين القبلة" هذه الصورة تختلف عن سابقتيها، لا يحتاجون إلى من يحرس، ولا يدخل في الصلاة هم يحتاجون من يحرس وهو داخل الصلاة؛ لأن العدو في جهة القبلة "صف خلف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والعدو بيننا وبين القبلة، فكبر النبي -صلى الله عليه وسلم- وكبرنا جميعاً" كبر الصف والأول والثاني الحراسة ممكنة كلهم دخلوا في الصلاة "ثم ركع وركعنا جمعياً" الحراسة ممكنة في حال الركوع "ثم رفع رأسه من الركوع ورفعنا جميعاً، ثم انحدر بالسجود" ثم انحدر -عليه الصلاة والسلام- للسجود، هوى للسجود "والصف الذي يليه، وقام الصف المؤخر في نحر العدو" للحراسة، يعني من غير أن يسجدوا معه -عليه الصلاة والسلام-، إنما ثبتوا قياماً للحراسة، سجد انحدر بالسجود والصف الذي يليه، إعراب والصف؟ نعم معطوف علي إيش؟ فاعل انحدر، يجوز العطف في هذه الطريقة؟ ما نقول: انحدر هو؟ الضمير المستتر ما في إشكال، لكن يجوز العطف على الضمير المستتر المرفوع بهذه الطريقة؟ وإن على ضمير رفع متصل ... عطفت فافصل بالضمير المنفصل فافصل بالضمير المنفصل، قل: انحدر هو والصف الذي يليه، لكن التعبير الذي معنا صحيح وإلا غير صحيح؟ طالب:. . . . . . . . . نعم؟ كيف؟ طالب:. . . . . . . . . لا، لا، معطوف معطوف على الضمير في انحدر، انحدر وانحدر الصف الذي يليه. وإن على ضمير رفع متصل ... عطفت فافصل بالمضير المنفصل

لا يجوز أن تقول: انحدر والصف، لكن هنا حصل الفصل بالجار والمجرور، ولذا يقول: "أو فاصل ما" أي فاصل, وهنا حصل الفصل بالجار والمجرور. أو فاصل ما وبلا فصلٍ يرد ... في النظم فاشياً وضعفه اعتقد فالفاصل هنا موجود وهو "بالسجود"، "ثم انحدر بالسجود والصف الذي يليه وقام الصف المؤخر في نحر العدو" ما سجدوا مع النبي -صلى الله عليه وسلم-، طيب سجد النبي –عليه الصلاة والسلام- سجدتين فاتهم ركنين أو ثلاثة أركان الصلاة صحيحة وإلا باطلة؟ يعني لو كان في حال سعة في حال أمن انقطع الصوت وثبتوا قائمين إلى أن قام إلى الركعة الثانية انشبك الصوت صار الركعة صحيحة وإلا باطلة؟ باطلة؛ لأنهم فاتهم أركان مع الإمام، فاتهم ثلاثة أركان، لكن هذه صلاة خوف يتجاوز فيها ما لا يتجاوز في صلاة الأمن، "وقام الصف المؤخر في نحر العدو، فلما قضى السجود قام الصف الذي يليه .. فذكر الحديث"، وفي راوية: "ثم سجد وسجد معه الصف الأول، فلما قاموا سجد الصف الثاني ثم تأخر الصف الأول وتقدم الصف الثاني" ليفعلوا في الركعة الثانية مثل ما فعلوا في الركعة الأولى، ما الداعي إلى التقدم والتأخر؟ لتمام العدل، ليتم العدل بين الصف الأول والثاني، يعني لو فعلوا في الركعة الثانية مثل ما فعلوا في الركعة الأولى صار الصف الثاني مظلوم، صلاة أرباب الصف الأول تامة، فكونهم يتقدمون إلى الصف الأول ويحزون فضيلة الصف الأول بعد أن كانوا في الصف الثاني لا شك أن هذا من تمام عدله -عليه الصلاة والسلام-، "وفي أخره: ثم سلم النبي -عليه الصلاة والسلام- وسلمنا جميعاً" نعم لأنهم في حال القيام، وفي حال الركوع في حال الجلوس لا يحتاجون إلى حراسة؛ لأن العدو في جهة القبلة، أما في حال السجود وهي التي حصل فيها الاختلاف مع صلاة الأمن يحتاجون إلى الحراسة، فمثل هذه الصورة تفعل فيما إذا كان العدو في جهة القبلة، أما إذا كان العدو في غير جهة القبلة فالصورتان السابقتان وغيرهما من الصور.

يقول: "ولأبي داود عن أبي عياش الزرقي -رضي الله عنه- مثله" مثل رواية جابر، لكنه زاد في تعيين محل الصلاة، متى كانت هذه الصلاة التي شهدها جابر؟ كانت بعسفان، وهو موضع على مرحلتين من مكة، موضع على مرحلتين من مكة، يعني مسافته مثل الطائف عن مكة، ومثل جدة عن مكة، نعم. "وللنسائي من وجه آخر عن جابر أن النبي -صلى الله عليه وسلم- صلى بطائفة من أصحابه ركعتين، ثم سلم ثم صلى بآخرين أيضاً ركعتين ثم سلم. ومثله لأبي داود عن أبي بكرة" بكرة وإلا بكر؟ طالب: عندي بكرة

طيب، يقول -رحمه الله تعالى-: "وللنسائي من وجه آخر عن جابر" في قصة أخرى؛ لأنها تختلف عن الصورة السابقة "أن النبي -صلى الله عليه وسلم- صلى بطائفة من أصحابه ركعتين" ثم صلى بآخرين ركعتين ثم سلم، صلاته بالطائفة الأولى هي فريضته -عليه الصلاة والسلام-، صلى بهم ركعتين فريضته، والثانية حينما صلى بالطائفة الثانية ركعتين هو مفترض وإلا متنفل؟ متنفل؛ لأنه صلى الفريضة مع الطائفة الأولى، ولا شك أن في مثل هذه الصورة محافظة على جميع أجزاء الصلاة، يصلي ركعتين كاملتين كما يصلي في الحضر، كما يصلي في حال الأمن، ويصلي بالطائفة الثانية ركعتين كما يصلي في حال الأمن، لكن يرد على هذه الصورة أنه في الأولى مفترض وفي الثانية متنفل، فمن يقول بصحة صلاة المفترض خلف المتنفل لا إشكال عنده، والذي لا يرى صلاة المفترض خلف المتنفل تشكل عليه مثل هذه الصورة، تشكل عليه مثل هذه الصورة، وعلى كل حال القصة صحيحة والخبر صحيح، وما دام ثبت لا يمنع من أن يصلي الإمام بطائفة صلاة، وبطائفة أخرى صلاة أخرى، وجاء مثله من حديث أبي بكرة -رضي الله عنه-، وهذه يحصل فيها المحافظة على كيفية الصلاة التامة، فإذا كانت الصلاة ثنائية أو مقصورة يصلي ركعتين، ثم ركعتين، إذا كانت ثلاثية يصلي ثلاث ويصلي ثلاث بطائفة أخرى، إذا كانت رباعية يصلي أربع بطائفة وأربع بطائفة أخرى، وهذا إذا كان الإمام أو من ينيبه الإمام، أو كان شخص له مزية على غيره، بحيث يكون الاجتماع إليه أهيب عند العدو، أما إذا وجد ناس لا، لا مزية لبعضهم عن بعض، متساوون في المزية مثل أن يحضر شخص إلى بلد وهو مسافر، ثم يؤم الناس وهو ما له أدنى مزية، طالب من طلاب العلم، ومثله كثير يصلون خلفه، ثم يؤم الناس ويقصر الصلاة، والناس خلفه عشرة صفوف أو أكثر هذه مسألة واقعة: "أتموا فإن قوم سفر" يا أخي لماذا تتقدم تحرج الناس؟ تخلي الناس بدءً من المؤذن كلهم يتمون الصلاة، هذا إنما يكون لمن له مزية عالم جليل يقتدى به، تفضل الصلاة بالصلاة خلفه، أما شخص شاب من الشباب لا مزية له، ولم يتميز بشيء يكون عنده من الجرأة بحيث يتقدم، وهذا حاصل في مساجد مكة حصلت في أيام الموسم عشرين صف وكل العشرين الصف يقضون

الصلاة، وأتموا فإن قوم سفر، تصلي بهم ركعتين ولا مزيلة؟! أقول: مثل هذا تكرر الجماعات ويحافظ على أصل الصلاة، أما إذا كان الإمام أو نائبه أو شخص له مزية بحيث يرى العدو الهيبة في اجتماع حول هذا الإمام نعم، أما شخص لا مزية له، إيش المانع من أن تصلى على هذه الطريقة بأكثر من إمام؟ نعم. "وعن حذيفة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- صلى صلاة الخوف بهؤلاء ركعة وبهؤلاء ركعة ولم يقضوا "رواه أحمد وأبو داود والنسائي، وصححه ابن حبان. ومثله عند ابن خزيمة عن ابن عباس" يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "وعن حذيفة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- صلى في الخوف بهؤلاء ركعة وهؤلاء ركعة ولم يقضوا" هذه الصورة إذا كان العدو في غير جهة القبلة، يقسم الجيش إلى قسمين، فيصلي بهؤلاء ركعة وينصرفون من غير قضاء، يعني نضير ما في قصة أو حديث ابن عمر إلا أنهم لا يقضون شيئاً، في حديث ابن عمر الذي تقدم ركعة بمن معه وسجد سجدتين ثم انصرفوا، لكنه في النهاية يكملون صلاتهم، ثم تأتي طائفة أخرى يصلي بهم الركعة الثانية ويكملون صلاتهم، ولكن هنا في هذه الصورة الصورة التي ذكرها حذيفة -رضي الله عنه-، وفعلها أيضاً حذيفة في طبرستان، هذه الصورة صلى بهم على ضوء حديث ابن عمر إلا أنه من سلم انصرف ما عليه قضاء "صلى في الخوف بهؤلاء ركعة وهؤلاء ركعة، ولم يقضوا " رواه احمد وأبو داود والنسائي، وصححه ابن حبان" والحديث صحيح، وإذا كان السفر مع الأمن يسقط شطر الصلاة فإذا اجتمع السفر والخوف نعم ألا يقتضي أن يكون الإسقاط أكثر والتخفيف أعظم؟ نعم؟ نعم وهذه الصلاة صلاها حذيفة بعد النبي -عليه الصلاة والسلام- بطبرستان.

"ومثله عند ابن خزيمة عن ابن عباس -رضي الله عنه-" وهذه الصورة أخذ بها جمع من أهل العلم، بحيث إذا زاد الخوف عن هذا الحد الذي لا يتمكنون فيه من أداء ركعة يصلون ولو بالإماء، ولو بالإيماء، وفي سنن أبي داود عن ابن عباس، قال: "فرض الله تعالى الصلاة على لسان نبيكم في الحضر أربعاً، وفي السفر ركعتين، وفي الخوف ركعة" وبعض العلماء يزيد في التخفيف في صلاة الخوف فيصححها بالإيماء، يصحح مجرد الذكر ولو بتكبيرة تجزيء عن الصلاة، لكن لا شك أن الأدلة دلت على وجوب إقامة الصلاة، هذا الأصل وجوب إقامة الصلاة وهو المطلوب إذا اطمأننتم، يعني إذا أمنتم، أما في حال الخوف فيتجاوز عن بعض الواجبات، بل عن بعض أركان الصلاة لكن بحدود الوارد، لا نزيد على ما ورد، لا نزيد على ما ثبت على النبي -عليه الصلاة والسلام-، والحديث الذي معنا صحيح لا شك، لكن الصور التي تقدمت في الصحيحين وغيرهما أثبت من هذه الصورة وإن كانت ثابتة، فإذا كانت الحاجة داعية لمثل هذه الصورة فلا بأس، نعم. "وعن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((صلاة الخوف ركعة على أي وجه كان)) رواه البزار بإسناد ضعيف. وعنه مرفوعاً: ((ليس في صلاة الخوف سهو)) أخرجه الدارقطني بإسناد ضعيف" ابن عمر -رضي الله عنهما- يقول: "قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((صلاة الخوف ركعة على أي وجه كان)) " صلاة الخوف ركعة، ويشهد له الحديث السابق حديث حذيفة "على أي وجه كان" يعني على جهة القبلة أو إلى غير جهة القبلة، وهو ثابت وهو ماشي وهو راكب، لكن هذا الحديث ضعيف كما قال الحافظ، بل منكر، منكر في إسناده محمد بن عبد الرحمن بن البيلماني وهو ضعيف جداًَ عند أهل العلم.

وأخرج النسائي أن النبي -عليه الصلاة والسلام- صلى هذه الصلاة بذي قرد، بهذه الكيفية صلاها ركعة على أي وجه كان، نعم وذو قرد موضع قرب المدينة، قرد بفتحتين كما في القاموس، وهذا الحديث عرفنا أنه ضعيف جداً، بل منكر، ومثل ما ذكرنا صلاة الخوف جاءت على كيفيات ستة أو سبعة كما قال الإمام أحمد ولعله لم يثبت عنده إلا هذا العدد ستة أو سبعة، لم يثبت عنده إلا هذا العدد، ويقول ابن حجر في فتح الباري: قد روي في صلاة الخوف كيفيات كثيرة، ورجح ابن عبد البر الكيفية الواردة في حديث ابن عمر، التي صلى بالطائفة الأولى ركعة ثم ينصرفون، ثم يصلي بالطائفة الثانية ركعة ثم يتمون في مكانهم، ثم تأتي الطائفة الأولى فتتم، ورجح ابن عبد البر الكيفية الواردة في حديث ابن عمر لقوة الإسناد، وموافقة الأصول في أن المؤتم لا تتم صلاته قبل الإمام، لا تتم صلاته قبل الإمام. يعني في حديث سهل بن أبي حثمة وحديث صالح بن خوات عن أبيه مثلاً الحديث الأول الطائفة الأولى تتم صلاتها قبل الإمام، يسلمون قبل الإمام، في حديث ابن عمر ما يسلمون قبل الإمام لا الطائفة الأولى ولا الثانية، ولذا اختارها ابن عبد البر نعم لقوة الإسناد وموافقة الأصول في أن المؤتم لا تتم صلاته قبل الإمام، لا تتم صلاته قبل الإمام، وعلى هذا لو نوى المأموم الإنفراد مثلاً عن الإمام ثم سلم قبله على كلام ابن عبد البر ما تصح، لا بد أن ينتظر، يعني افترضنا شخص يصلي المغرب خلف شخص يصلي العشاء لما قام الإمام إلى الرابعة في العشاء ونوى المأموم الإنفراد؛ لأنه لا يجوز له أن يتابعه لو تابعه بطلت صلاته، نوى المأموم الإنفراد ثم جلس للتشهد ينتظر حتى يسلم الإمام على كلام ابن عبد البر، وغيره يقول: لو نوى الإنفراد وما دام نوى الإنفراد فحكمه حكم المنفرد يسلم متى شاء؟

يقول: وقال ابن حزم: صح منها أربعة عشر وجهاً، أربعة عشر وجهاً، وقال ابن العربي: فيها روايات كثيرة أصحها ستة عشر رواية مختلفة، وقال النووي نحوه في شرح مسلم ولم يبينها، قال الحافظ: وقد بينها شيخنا الحافظ أبو الفضل يعني العراقي في شرح الترمذي وزاد وجهاً فصارت سبع عشرة وجهاً، ولكن يمكن أن تتداخل هذه الأوجه، وشرح الحافظ العراقي على جامع الترمذي هو تكملة لشرح ابن سيد الناس، وهو من أعظم شروح الترمذي، يعني لو طبع هو محقق الآن لو تم طبعه وتداوله بين الناس يمكن يغني جميع .. ، يغني طلاب العلم عن جميع شروح الترمذي؛ هذا شرح الحافظ العراقي تكملة لشرح ابن سيد الناس. وقال في الهدي النبوي يعني ابن القيم في زاد المعاد، قال في الهدي النبوي: صلاها النبي -عليه الصلاة والسلام-، ولذلكم العزو إلى زاد المعاد بلسان أهل العلم ما يقولون: زاد المعاد، ولا الزاد أبداً، قال ابن القيم في: (الهدي) هذه الجادة عندهم، تجد بعض الشباب وبعض الإخوان يقول: قال في الزاد إيش الزاد؟ هذا ما هو معروف عند أهل العلم بهذا أبداً، إذا قلت: في الزاد راحوا زاد المستنقع، يقول: قال في الهدي النبوي: صلاها النبي -صلى الله عليه وسلم- عشر مرات، وقال ابن العربي: صلاها أربعاً وعشرين مرة، بعض أهل العلم إذا اختلف الرواة في سياق خبر جعل الخبر متعدد، والقصة متعددة، ولو كان مرد هذا الاختلاف إلى اختلاف الرواة أنفسهم في الخبر الواحد، فتجد الأربعة والعشرين مرة يمكن تختصر في الربع التي ذكرها، في ستة أو سبعة على ما قال الإمام أحمد، إنما بعضهم يجعل صور جديدة لمجرد اختلاف الرواة. وقال الخطابي: صلاها النبي -عليه الصلاة والسلام- في أيام مختلفة بأشكال متباينة يتحرى فيها ما هو الأحوط للصلاة والأبلغ في الحراسة، لا بد من تحري هذا، فيختار من الصور الثابتة عن النبي -عليه الصلاة والسلام- لصلاة الخوف بما يتحقق به الأمران: الأحوط للصلاة والأبلغ في الحراسة.

يقول: فهي على اختلاف صورتها متفقة المعنى، هذا الحديث الذي يليه "وعنه" عنه الضمير يعود على من؟ مقتضاه أن يكون من حديث ابن عمر، صحابي الحديث السابق، وهذه جرت عادة المختصرات أنهم يصرحون باسم الراوي في الموضع الأول، ثم يكنون عنه في الموضع الثاني والثالث وهكذا، فيقولون: "وعنه" لكنه في مجمع الزوائد معزو لابن مسعود، أحد عنده الدارقطني؟ معه الدارقطني هنا؟ ما أشار إلى هذا يا شيخ؟ نعم؟ سمير الزهيري ما أشار عن غير ابن عمر ذكر أنه رواه الدارقطني وضعفه. طيب هو على كل حال عزو الحافظ للدارقطني وهو من حديث ابن عمر يقول هنا: وقال عقبه اللي هو في سنن الدارقطني من راوية ابن عمر -رضي الله عنهما- قال عقبه: تفرد به عبد الحميد بن السري وهو ضعيف، فهو في الطبراني من حديث ابن مسعود وهو ضعيف أيضاً، وعند الدارقطني من حديث ابن عمر "مرفوعاً: ((ليس في صلاة الخوف .. )) " مرفوعاً يعني إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- " ((ليس في صلاة الخوف سهو)) أخرجه الدارقطني بإسناد ضعيف" طيب ليس فيها سهو يعني لا يمكن أن يخطأ الذي يصلي صلاة الخوف فيسهو يزيد أو ينقص أو يغفل أو يشك؟ أو أنه ليس فيها حكم السهو الذي يترتب عليه السجود ولو وقع السهو من المصلي؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . الثاني؟ طالب:. . . . . . . . . إيه؛ لأن الخوف مظنة للسهو والغفلة والانصراف عن الصلاة، فقوله: ((ليس في صلاة الخوف سهو)) يعني ليس فيها ما يترتب عليه من سجود، هذا لو صح الخبر، لكنه ضعيف، لكن الخبر ضعيف. الشارح ذكر بعض الشروط اشترطها بعض أهل العلم منها: السفر، أشترط بعضهم السفر؛ لقوله تعالى: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ} [(101) سورة النساء] فلا تفعل في الحضر، ولذا لم يفعلها النبي -عليه الصلاة والسلام- في غزوة الخندق؛ لأنها في الحضر، وإن كانت على قول الجمهور أهل المغازي والسير بعد غزوة ذات الرقاع، والجمهور على أنه لا يشترط السفر، إنما إذا وجد الخوف صحت، ووجد الداعي لها وكونه -عليه الصلاة والسلام- لم يصل صلاة الخوف في الخندق لأنها لم تكن شرعت على ما سبق تقريره عن الإمام البخاري وابن القيم -رحمهما الله تعالى-.

اشترط بعضهم أن يكون فعل صلاة الخوف في أخر الوقت، في أخر الوقت، لماذا؟ لأنه مادام في الوقت سعة واحتمال أن ينجلي الخوف فتصلى الصلاة كاملة، نعم يعني نظير ما قالوا في التيمم، قالوا: لا يصلي بالتيمم حتى يضيق عليه الوقت ويجزم أنه لن يجد الماء في الوقت، ومثل هذا لا يصلي صلاة الخوف حتى يضيق الوقت، في أخر الوقت بحيث يجزم ويغلب على ظنه أنه لن يصلي الصلاة صلاة حضر، صلاة أمن، إذا جزم بهذا صلاها صلاة خوف، لكن هذا ليس له دليل. اشترط بعضهم حمل السلاح حال الصلاة، وهذا اشترطه داود، فلا تصح صلاة الخوف إلا لمن حمل السلاح نعم حمل السلاح واجب، حمل السلاح واجب، لكن لا أثر له في الصلاة؛ لأن مخالفة هذا الواجب وارتكاب المحظور بوضع السلاح من غير سبب، نعم من غير حاجة أمر خارج عن الصلاة، فلا أثر له فيها.

منها: ألا يكون القتال محرماً، لا يكون القتل محرماً؛ وذلكم لأن التجاوز عما يتجاوز عنه من صورة الصلاة في صلاة الخوف إنما هو للحاجة فهو على خلاف الأصل، ويكون حينئذٍ في عرف أهل العلم رخصة وإلا عزيمة؟ رخصة والعاصي لا يترخص، العاصي لا يترخص؛ لأنه لا يعان على معصيته، شخص أو مجموعة من الأشخاص يطلبون غيرهم في البراري والقفار لقتلهم والاعتداء عليهم وسلب أموالهم ونتيح لهم فرصة لصلاة الخوف؟ ولذا اشترط بعضهم ألا يكون القتل محرماً، نعم هذا شرط لا بد منه، نظير ما قالوا في كون العاصي بسفره لا يترخص، لا يجمع ولا يقصر ولا يفطر؛ لأنه بإباحة هذه الرخص نعينه على معصيته، ومنها: أن يكون المصلي مطلوب للعدو لا طالباً له؛ لأن الطالب آمن ما هو بخائف، المطلوب هو الخائف الطالب لغيره آمن وإلا خائف؟ آمن لأنه متى ما أراد رجع ما صار شيء، لكن المطلوب هو الخائف، ولذا اشترط بعضهم أن يكون المصلي مطلوب للعدو لا طالباً له؛ لأنه إذا كان طالباً أمكنه أن يأتي بالصلاة تامة أو يكون خاشياً لكر العدو عليه، يقول الشارح: وهذه الشرائط مستوفاة في الفروع، مأخوذة من أحوال شرعيتها، وليست بظاهرة في الشرطية، لا شك أن بعضها ظاهر وبعضها ليس بظاهر؛ لأن صلاة الخوف جاءت على خلاف الأصل فهي رخصة، ولا يعان من لا يشرع له القتال في مثل هذه الصور على ما هو بصدده، ثم قال الشارح: واعلم أن شرعية هذه الصلاة من أعظم الأدلة على عظم شأن الجماعة، من أعظم الأدلة على عظم شأن الجماعة، وهذا قررناه في أول الكلام على صلاة الخوف؛ لأن هذه الصلاة التي أوجبها الله -جل وعلا- على هيئات وكيفيات محددة، فيها أركان وفيها شرائط، وفيها واجبات، يتنازل عن بعض هذه الأركان من أجل الحفاظ على الجماعة يتم التنازل عن هذه الأركان للمحافظة على صلاة الجماعة، ففي حال الأمن من باب أولى، في حال الأمن من باب أولى. هذا يقول: هل يجوز الجمع بين صلاة الجمعة وصلاة العصر؟

العلماء أفتوا بأنه لا يجوز، لا يجوز الجمع بين الجمعة وصلاة العصر لعدم الدليل؛ لأنه لا يوجد ما يدل على أنه -عليه الصلاة والسلام- جمع أو أقر من جمع بين العصر مع الجمعة علماً بأن الجمعة فرض مستقل كالصبح، لا تجمع ولا يجمع إليها. يقول: هل كتاب الترمذي جامع أم سنن؟ وإذا كان جامع فلماذا يعد من أصحاب السنن؟ يعد من أصحاب السنن على جهة التغليب، وإلا فهو جامع نظير البخاري ومسلم؛ لأنه يجمع غالب أبواب الدين، أما كونه يجمع مع السنن فيقال: السنن الأربعة، أخرج البخاري وأصحاب السنن، أحمد وأصحاب .. ، المقصود أنه من باب التغليب، من باب التغليب. يقول: ما أفضل الكتب المؤلفة في الحكم على الأحاديث من حيث الصحة والضعف؟ كتب التخريج كثيرة جداً، التفاسير لها كتب تخريج، كتب الحديث هي الأصل في هذا الباب، وخدمت وخرجت، وحكم عليها من قبل الأئمة وأهل العلم، كتب الفقهاء أيضاً لها تخريج، خرجت أحاديث الفقهاء وحكم عليها، نصب الراية، والتلخيص الحبير، والبدر المنير، وإرواء الغليل وغيرها كتب كثيرة جداً، كتب العقائد أيضاً خرجت، فالكتب كثيرة. يقول: في قتال الفتن هل يرخص للفئتين من المسلمين أن يصلوا صلاة الخوف؟ أولاً: من جهة من عرف أنه ليس على الحق لا يجوز له أن يقاتل، بل يجب عليه أن يكف، فإذا اشتبه عليه الأمر، وصارت بالفعل فتنة، وغلب على ظنه أن الحق معه، وأنه ينصر الحق فلا بأس يصلي صلاة الخوف. يقول: قراءة القرآن مرتلاً في الخطبة أو المواعظ هل هو سنة أم هذا خاص بالقراءة؟ الترتيل مأمور به مطلقاً، في الصلاة وخارج الصلاة، عند إرادة القرآن وعند قرأته في الخطب والدروس وغيرها، هو مأمور بترتيله لا سيما إذا كان تأثيره في السامع أبلغ. الإشارة بالأمر بالسكوت أثناء الخطبة؟ أباحه بعض أهل العلم على ألا يقول لصحابه: أنصت، أم المناولة لشيء كالمصحف أثناء الخطبة هذا مثل مس الحصى. يقول: بعض الناس يتساهل في قضية الفتوى دون علم ثم إذا سأل قال: الله أعلم؟ هذا ما تساهل، الذي يقول: الله أعلم ما تساهل، الذي يقول: الله أعلم هذا احتياط منه، فالإشكال فيمن يتساهل ويجيب عن كل ما سئل، هذا الذي على خطر هذا إذا لم يكن من أهل العلم.

يقول: ما هي الطريقة المثلى التي تجعلني طالب علم قوي؟ الطريقة المثلى أن تسلك الجادة وتصبر، تسلك الطريق الذي اختطه أهل العلم، والكتب التي يبدأ بها الأصغر، طبقات المبتدئين ثم المتوسط للمتوسطين، ثم كتب المنتهين، وتحرص وتراجع وتحفظ وتقيد وتحضر الدروس وتسمع الأشرطة، وتفرغ، تجتهد تحرص على هذا، فإذا حرصت بنية صادقة خالصة يسر الله لك السبيل. هذا يقول: هل حفظ الأصول .. ؟ يقول: ما الوسيلة لحفظ حديث الرسول -عليه الصلاة والسلام-؟ هل تكون بحفظ الأصول الكتب الستة أم للمختصرات؟ لا، المختصرات، يبدأ بالمختصرات، يبدأ بالأربعين والعمدة والبلوغ والمحرر وغيرها من المختصرات، ثم بعد ذلك يرتقي بعدها إلى كتب الأصول. يقول: ما هو أفضل كتاب للذي يريد البداءة بفن الحديث من أوله؟ ذكرنا أن الأربعين هي التي يبدأ بها ثم العمدة. هل يجوز جمع العصر مع صلاة الجمعة؟ هذا ذكرناه. هل يجب على المسافر التمام خلف إمام البدل؟ إذا ائتم بمقيم لزمه الإتمام، إذا ائتم بمقيم لزمه الإتمام. هذا يقول: يوجد إفطار للصائمين مع الوجبة الخفيفة نهاية الدرس -إن شاء الله-. يقول: جلسة التورك لمن فاته شيء من الصلاة يتورك عند جلوس الإمام للتشهد الأخير؟ لا يتورك عند جلوسه هو بعد الفراغ من أخر ركعة له سواء كانت الصلاة ثلاثية أو رباعية. أم يتورك عند إتمامه للصلاة وجلوس المأموم المتأخر للتشهد الأخير أم في كلا الحالتين؟ لا يتورك في أخر تشهدٍ في صلاته. يقول: سمعت من يقول: بأن العادة السرية فيها خلاف، وأن بعضهم أجازها لما ورد عن أحد الصحابة وكذلك الأخذ من اللحية هل فيها خلاف قوي جزيتم خيراً؟

على كل حال مسألة العادة تساهل بعض العلماء فيطلق الكراهة، والقول المعتمد عند أهل العلم أنها محرمة؛ لأن الله -جل وعلا- يقول: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} [(29 - 30) سورة المعارج] ما استثنى إلا هذا، وأرشد العاجز إلى الصيام، لكن إذا كان بين خيارين إما الفاحشة وإما هذه العادة فارتكاب أخف الضررين مقرر في الشرع، على أنها محرمة ويأثم بها، لكن هي أسهل من الفاحشة، نسال الله السلامة والعافية، فإذا اضطر إليها وفعلها وندم على ذلك واستغفر يرجى، الأخذ من اللحية ثبت عن ابن عمر في النسك أنه يحلق رأسه ويأخذ من لحيته ما زاد عن القبضة، متأول قوله تعالى: {مُحَلِّقِينَ رُؤُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ} [(27) سورة الفتح] يعني معاً، فإذا حلق رأسه يقصر إيش؟ ما عنده إلا الحية، ووليست هذا عنده للتقسيم إنما هي للجمع هذا رأيه، وهذا اجتهاده، لكن الثابت عن النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((أكرموا)) ((وفروا)) ((أعفوا)) ((أرخوا)) ولحيته -عليه الصلاة والسلام- كثة، تعرف قرأته -عليه الصلاة والسلام- من خلفه باضطراب لحيته. يقول: كيف يوجه قول من قال: إن الجمعة بدل عن الظهر والبدل يقوم مقام المبدل وبالتالي يصح جمع الجمعة مع العصر لأن الجمعة بدل من الظهر والظهر. . . . . . . . .؟ العبادات توقيفية، العبادات توقيفية، ثبت أن النبي -عليه الصلاة والسلام- جمع الظهر والعصر، وثبت أنه جمع المغرب مع العشاء، لكن لم يثبت أنه جمع الجمعة مع العصر، والعبادات توقيفية. يقول: حديث القراءة بـ (ق) في الخطبة ألا يعارض ظاهر حديث الأمر بقصر الخطبة وطول الصلاة؛ لأن قراءة (ق) في الصلاة يلزم منها طول الخطبة؟ لا ذكرنا أن الطول والقصر نسبي، الطول والقصر نسبي، وإذا كان هناك ظرف أو حاجة داعية لتطويل النسبي الذي لا يدخل في حيز الإملال، وجعل المستمعين ينصرفون عن الخطبة، ويتضايقون منها، هذا لو دعت الحاجة إلى ذلك لا بأس، لو دعت الحاجة إلى ذلك، ومن الحاجة قراءة (ق). يقول: هل الرخصة أفضل أم العزيمة في حق المأمومين لصلاة الجمعة إذا وافق يوم عيد؟

لا العزيمة أفضل، يعني كونه يتحامل على نفسه ويصلي صلاة العيد وصلاة الجمعة، لا شك أنه أفضل، وهذا فعله -عليه الصلاة والسلام-. يقول: ما هو القول الراجح في الأخذ بالحديث الضعيف؟ النووي -رحمه الله تعالى- نقل الإجماع على أنه يعمل بالضعيف في فضائل الأعمال، أولاً: العقائد والأحكام لا مدخل ولا مجال للضعيف فيها، مسألة الفضائل والمغازي والسير والتفسير وبعض الأبواب التي تساهل فيها أهل العلم النووي نقل الاتفاق على أنه يؤخذ بالضعيف، ويعمل به في الفضائل نقل الاتفاق، مع أن الخلاف موجود، الخلاف موجود، والفضائل أحكام؛ لأن هذه الفضائل إن رتب عليها أجر تكون داخلة في حيز السنة، والسنة حكم من الأحكام، فالذي يرجحه أهل التحقيق أن الضعيف لا يعمل به مطلقاً. الجمهور الذين يعملون به يشترطون له شروط أوصلها بعضهم إلى عشرة شروط، وكثير منها لا يمكن تطبيقه. رجل سها في صلاته فسجد سجدة واحدة فما حكم تلك الركعة؟ أولاً: ما حكم هذا السجود لهذا السهو؟ هل سجد لما يبطل عمده؟ وهل طال الفصل أو لم يطل؟ إذا طال الفصل يأتي بالثانية، إذا طال الفصل والسجود واجب على أنه من أهل العلم من يقول: إنه من نسي السجود وطال الفصل يسقط عنه، من نسي السجود وطال الفصل يسقط عنه، ومنهم من يقول: إذا كان السجود لما يبطل عمده فهو واجب فهو كغيره من واجبات الصلاة، إذا طال وقته يعيد الصلاة من أجله، لكن القول الثاني الذي فيه أن السهو مبني على الترخيص والتسهيل، وهو إنما شرع لجبر الخلل الذي في الصلاة فكيف تعاد الصلاة من أجله؟ يقول: هل أمر الخطباء في نهاية الخطبة الأولى بالاستغفار له أصل من سنة الرسول -عليه الصلاة والسلام-؟ جاء في الحديث: ((استغفر للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات)) وهذا خبر كما تقدم ضعيف، لكن الخطبة مظنة للدعاء والاستغفار منه: "يشهدن الخير ودعوة المسلمين". يقول: ما حكم التهنئة بالمعانقة أيام العيد؟ هل هي من البدع أم تعتبر من الأمور الخاضعة للعادات والتقاليد؟

أولاً: التهنئة تهنئة القادم، تهنئة من حصل له أمر يسره في دينه ودنياه، يعني كما حصل للثلاثة الذين خلفوا أمر مشروع، أما التهنئة والمعانقة في العيد فلا يثبت لها دليل، وكذلك تبادل العبارات والجمل المعتادة بين الناس، والإمام أحمد -رحمه الله تعالى- كان يتساهل في هذا، فلا ينكر، لكنه لا يبدأ أحداً، لا يبدأ أحداً، أما إذا هنئاه أحد رد عليه من باب: {وَإِذَا حُيِّيْتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَا} [(86) سورة النساء] والله أعلم. وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

كتاب الصلاة (34)

بلوغ المرام ـ كتاب الصلاة (34) شرح: باب: صلاة العيدين. الشيخ/ عبد الكريم الخضير السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. هذا أورد الحدث ذكر الحديث الذي مر بنا بالأمس في سنن أبي داود من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أيعجز أحدكم؟ )) قال: عن عبد الوارث ((أن يتقدم أو يتأخر، أو عن يمينه أو عن شماله)) زاد في حديث حماد: ((في الصلاة)) يعني في السبحة، يقول: قال عنه الألباني -رحمه الله تعالى-: صحيح؟ هو لا شك أن الإسناد المذكور: حدثنا مسدد قال: حدثنا حماد وعبد الوارث عن ليث عن الحجاج بن عبيد عن إبراهيم بن إسماعيل عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: سند جيد. يقول: إذا ثبت الحديث أعلاه فهل يكون نص في مسألة تغيير المكان للنافلة؟ لا شك أنه نص لا سيما مع القدرة على التقدم والتأخر؛ لأنه ربطه بالعجز ((أيعجز؟ )) فدل على أنه مع العجز نقول: نعم يعجز في مواطن الزحام الشديدة يعجز أن يتقدم أو يتأخر، فإذا لم يعجز عن التقدم أو التأخر استحب له ذلك. يقول: ما هي الطريقة المثلى لحفظ الحديث النبوي؟

الحديث النبوي أولاً: مسألة الحفظ لا غنى عنها بالنسبة لطالب العلم، فلا علم إلا بحفظ، لا علم إلا بحفظ، والطلاب عموماً منهم من يتميز بحافظة تسعفه بحيث إذا أرد حفظ شيء سهل عليه ذلك، ومنهم من لا يستطيع، ومنهم من بين ذلك، فالذي تسعفه الحافظة يحفظ على الطريقة المعروفة الجادة الأربعين ثم العمدة ثم البلوغ أو المحرر، ثم يبدأ بالكتب الكبيرة المسندة، بدءً بالبخاري ثم مسلم ثم أبي داود ثم الترمذي ثم النسائي ثم ابن ماجه، ثم بعد ذلك إلى ما فوقها، وإن حفظ على الطريقة المشتهرة الآن من طلاب العلم يحفظ من البخاري أولاً غير المكرر بدون أسانيد، هذا يريحه من كثير من الأمور التي المقصد منها الوصول إلى المتن ثم يحفظ زوائد مسلم، ثم زوائد أبي داود على الطريقة التي يتبعها الإخوان جزآهم الله خيراً، الذين سنوا هذه السنة الحسنة، ويرجى لهم أجرها وأجر من عمل بها، بعد أن مضت عقود بل قرون على اليأس من حفظ السنة، شباب يحفظون زوائد المسند، زوائد الموطأ زوائد .. ، يعني هذا كله بعد أن ضمنوا الكتب الستة، وسمعت من يحفظ زوائد البيهقي الآن والحاكم، المقصود أن هذه سنة حسنة فتحت آمال وأفاق أمام طلاب العلم الذين كانوا يظنون أنهم كانوا على يأس تام من حفظ السنة، فمن كانت الحافظة تسعفه فليسلك هذه الطريقة، وهي طريقة جيدة، وإن كان الحفظ السريع هذا يفقد بسرعة كما هو معروف، لكن بالمتابعة متابعة المراجعة والمذاكرة لا شك أنه يثبت العلم.

يبقى مسألة التفقه من هذه المتون التي حفظت، وهو في سن الطلب في سن الصغر لا مانع من أن يكثر الطالب من الحفظ، ثم بعد ذلك يلتفت إلى الفهم والاستنباط، مستعيناً بشروح الأئمة المعتبرين عند أهل العلم، وطالب العلم الذي يقتصر على حفظ المتون فإما ألا يستنبط أو يخطئ في الاستنباط، لا بد أن يكون له سلف في فهم النصوص، لا بد أن يكون له سلف في فهم النصوص، يكون من طريق أهل العلم وفهمهم، وخير ما يعتمد عليه في هذا الباب فهم السلف للنصوص، سواء كانت من القرآن أو من السنة، وشروح الأئمة المعتبرين الذين تلقت الأمة شروحهم بالقبول، وراجعوها، وأفادوا منها لا شك أنها تفيد، والطالب الذي يدمن النظر في الشروح بعد حفظ المتون، لا شك أنه يتولد لديه ملكة لفهم السنة، ملكة لفهم السنة والاستنباط منها، ولا شك أن العمر لا يستوعب كل شيء، فإذا أراد أن يعنى بالحفظ ويحفظ كل شيء ضاع عليه مسألة الفهم والاستنباط، أو العكس بعض الناس يقول: الغاية من النصوص الاستنباط، فيعنى بالاستنباط ثم يضيع عليه العمر ما حفظ شيء، كما هو حال كثير من الجيل الذي تقدمكم، الجيل الذي سبقكم ما هو بجيل حفظ، كانوا على يأس من الحفظ، حتى أنه بين الطلاب طلاب العلم الذين هم قبل الأربع مائة، يعني في العقد الأخير من القرن الماضي لو قيل: إنه يندر فيهم حفظ القرآن ما هو ببعيد، فضلاً عن حفظ السنة وغيرها، المقصود أنكم عشتم في ظرف -ولله الحمد- فتحت لكم فيه الأفاق والآمال، ويُسرت الأسباب، فاغتنموا قبل فوات الأوان، قبل أن تشغلوا بأنفسكم وبغيركم أو بالمعيشة، النعم التي نعيشها من يضمن استمرارها، الأيام دول، كان الناس في السابق قبل نصف قرن لا نروح بعيد قبل نصف قرن الناس كثير منهم لا يستطيع أن يطلب العلم لأمور المعيشة، يحول دونهم ودون طلب العلم السعي وراء المعيشة، وراء الأكل والشرب، فأنتم -ولله الحمد- تهيأت لكم الأسباب، ويسرت لكم الأمور، وتوافرت لكم أسباب المعيشة، ما عليكم إلا أن تغتنموا هذا العمر بالحفظ والفهم يجعل وقت للحفظ، ويكون في هذا السن يكون له نصيب كبير، بحيث إذا ضعفت الحافظة وكثرت المشاغل يكون الإنسان عنده رصيد يأوي إليه ويرجع إليه، فالمؤمل من

الإخوان كلهم العناية بهذا الجانب، حفظ القرآن وحفظ السنة، وفهم ما يعين على فهم الكتاب والسنة، مراجعة الشروح، نعم مراجعة الشروح، وإن كانت طويلة، طويلة صحيح الشروح تحتاج إلى .. ، بعض الشروح تحتاج إلى سنتين متواصلتين، فنعنى بهذا ونهتم به على طريقة أهل العلم المعروفة، بعض الناس لا يقرأ الشروح إلا عند الحاجة، إذا أشكل عليه معنى حديث راجعه، لكنه إذا قرأ شرحاً تاماً صار عنده تصور كامل للكتاب، وصارت لديه أهلية، وحفظ مسائل، وأدرك بعض المسائل التي يستدل بها على البعض الآخر، المقصود أن هذا مهم جداً بالنسبة لطالب العلم. يقول: ما رأيك في المقولة التي تقال عن الأئمة والفقهاء الذين يخرجون العمل عن مسمى الإيمان بمرجئة الفقهاء؟ هل صحيح هذه التسمية؟ مرجئة الفقهاء الذين يخرجون العمل عن مسمى الإيمان فليس بشرط لصحة الإيمان، يوجد الإيمان دون عمل، لكنهم يُأثمون تارك الأعمال، تارك الواجبات ومرتكب المحرمات آثم عندهم، بينما المرجئة مرجئة الجهمية وغيرهم إيمان أفسق الناس كإيمان جبريل، ولا أثر للأعمال، لا يضر مع الإيمان عمل كما أنه لا ينفع -عند بعضهم من الخوارج وغيرهم- كما أنه لا ينفع .. ، أولاً: لا يضر مع الإيمان عمل، ويقابلهم الخوارج الذين يكفرون بالذنوب بحيث يخرج عن دائرة الإسلام إذا ارتكب أدنى كبيرة، والله المستعان، فالفرق بين مرجئة الفقهاء والمرجئة الغلاة من الجهمية وغيرهم أن مرجئة الفقهاء يُأثمون بترك الواجبات، وفعل المحرمات بخلاف المرجئة الغلاة فلا أثر للمعصية، ولا أثر لترك العمل مع الإيمان، هم يقولون: لا يضر مع الإيمان ذنب كما أنه لا ينفع مع الكفر طاعة. يقول: الذين يقولون بتحريم التصوير الفيديو فكيف بمن يظهر في التلفاز لأجل الخير كالفتوى مثلاً؟ أولاً: المسألة كما تعلمون خلافية، ومن يظهر للفتوى ترجح عنده الجواز أو ترجح عنده المصلحة، وتكون المفسدة مغمورة بالنسبة له، هذا المسألة يعني محل نظر، المسألة مصالح ومفاسد، فإن ترجحت المصلحة عند من يقول بذلك له ذلك.

يقول: ما رأيكم في قول من يقول بحذف أنصبة زكاة السائمة من بهيمة الأنعام، وذلك لأن أغلب الطلاب لا يعرفونها خاصة هذا الزمن الذي قلت فيه مهنة الرعي، فليس معروف بنت مخاض وبنت لبون .. ؟ هذا ليس له وجه أبداً، بل لا بد من الفقه في الدين كله، وهذا من الدين، بل ركن من أركان الدين، التفقه في الدين في جميع أبوابه لا بد منه، حتى الفقه في المعنى الأخص يتناول هذا، أما كون الإنسان .. ، شخص يسأل: يقول أنا ما عندي مال البتة ليش أدرس كتاب الزكاة؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . جاي يدرس الفقه يقول: بترك كتاب الزكاة لأنه ما عندي مال أصلاً، ويش أسوي؟ إذاً لا يلزمه أن يدرس كتاب الحيض، والمرأة لا يلزمها أن تدرس صلاة الجماعة، ولا يلزمها ما يلزم الرجال، هذا خلل في التصور، بل عليه أن يدرس الدين بجميع أبوابه، إذاً ماذا يقول مثل هذا عن كتاب العتق الذي لا يوجد فيه رق الآن؟ ألا يمكن أن يكون ما منع النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه في الخندق من الصلاة هو شدة الخوف وكونه بلغ بهم مبلغاً يختلف عن غيرهم من الخوف الذي تشرع لأجله صلاة الخوف؟ لا شك أنهم بلغ عندهم المبلغ الذي أشار إليه السائل، وشغلوا النبي -عليه الصلاة والسلام- عن الصلوات، شغلوه عن الصلوات، لكن إذا عرفنا أن صلاة الخوف ممكنة مع هذا الخوف، مع هذه الشدة على بعض الصور التي جاءت بها النصوص، ولا شك أن كل جهاد وكل حرب تحتاج إلى .. ، فيها مشغلة، وفيها خوف، وفيها .. ، ولذا شرعت صلاة الخوف مخففة. هذا يسأل عن شرح الورقات هل سجل على أشرطة؟ وهل سيطبع في كتاب؟ نعم هو سجل على أشرطة وتدولت وموجودة في الأسواق، والنية -إن شاء الله- طبعه في كتاب إذا تمت مراجعته. يقول -هذا مؤذن مسجد-: هل يجوز لي أن أصلي السنة الراتبة التي قبل الصلاة في البيت قبل الأذان أم أنه لا يجوز لي أن أصليها إلا بعد الأذان؟ مسألة يجوز أو لا يجوز هي سنة، لكنها مؤكدة، ووقتها القبلية بين الأذان والإقامة والبعدية بعد الصلاة ما لم يخرج وقتها. ما حكم الخروج من المسجد بعد الأذان؟

الخروج من المسجد حرام لا يجوز معصية إلا لحاجة، إلا لحاجة، وجاء عن بعض التابعين أنه لا يخرج من المسجد بعد الأذان إلا منافق، عن كبار التابعين. هذا عرض مراراً ما أفضل طبعة لمقدمة ابن خلدون وكتاب بداية المجتهد ونهاية المقتصد؟ أفضل طبعة للمقدمة هي طبعة بولاق الأولى الحجم الطويل جداً، هذه أفضل الطبعات، هي طبعت في بولاق ثلاث مرات مقدمة ابن خلدون مستقلة، وطبعت بعد ذلك مراراً، لكن طبعة بولاق أفضل. كتاب بداية المجتهد ونهاية المقتصد طبعاته القديمة من أفضلها طبعة السعادة، وأما الطبعات الجديدة فطبعة صبحي حلاق لا بأس بها. يقول: ما رأيكم في ترجيح وضع اليدين على الصدر في القيام الثاني؟ وما ردكم على حديث: "يرجع كل عظم إلى محله"؟ رفع القبض ووضع اليدين على الصدر بعد القيام الثاني يعني من الركوع هذا ينتابه أمران، وفيه قولان، كل منهما يستدل إلى الحديث: "حتى يعود كل فقال إلى مكانه" هو يقول: "حتى يرجع كل عظم إلى محله" حتى يعود كل فقار إلى مكانه، ومكانه هذا قبل الدخول في الصلاة أو قبل الركوع؟ الأقرب أنه قبل الركوع، ومكانه قبل الركوع على الصدر، مكان وضع اليدين قبل الركوع لأنه الأقرب على الصدر. يقول: ما رأيكم في أن النار في الأرض أو في السماء وحديث أن النبي -صلى الله عليه وسلم- سمع صوت قعقعة في السماء ففسر هذا أنه حجر ألقي في النار؟ الله المستعان، نسأل الله العافية. ابن القيم -رحمه الله تعالى- في مفتاح دار السعادة أطال في موضع النار، وبسط المسألة فليرجع إليه. يقول هذا: ما رأيكم فيمن يستدل على جواز مس المرأة بحديث الجارية التي كانت تأخذ بيد النبي -صلى الله عليه وسلم-، وأنه لا يمكن أن تخدم امرأة صغيرة النبي -عليه الصلاة والسلام-، فلا يصح أن نقول: إنها صغيرة؟ وما معنى غض البصر إذ أن بعضهم يقول: إن الغض في اللغة ليس إمساك البصر فقط، وهو بمعنى صرف القلب عن الفتنة، وما معنى القواعد من النساء؟ أما كون الجارية تمسك بيده -عليه الصلاة والسلام- تأخذ بيده، هذا ليس على حقيقته، وإنما هو في بيان تواضعه -عليه الصلاة والسلام-، وأنه ينقاد لكل أحد يريد منه حاجة، فليس على بابه. وما معنى غض البصر؟

غض البصر صرفه عن المرأة بالنسبة للرجال، وعن الرجل بالنسبة للنساء، صرفه. يقول: إذ أن بعضهم يقول: إن الغض في اللغة ليس إمساك البصر فقط. البصر لا شك أنه وسيلة إلى القلب ودهليز إلى القلب، فالذي يقع في البصر ينصرف مباشرة إلى القلب، فإذا تابع النظر إلى ما لا يجوز النظر إليه أثر في قلبه بلا شك، لكن إذا نظر ثم صرف له الأولى وليست له الثانية، لا شك أنه يوفق ويسدد ويعوض بحلاوة يجدها في قلبه، لا توجد عند غيره ممن أرسل بصره، وليس المراد بغض البصر تغميض العينين، ولذا قال: {مِنْ أَبْصَارِهِمْ} [(30) سورة النور] إنما يصرف بصره عن الرؤية، ويتشاغل عنها، كما أن المرأة مطالبة بذلك. وما معنى القواعد من النساء؟ القواعد من النساء الكبيرات في السن اللواتي لا يرجون نكاحاً، مثل هؤلاء يتسامح في أمرهن. يقول: منذ فترة وأنا أسأل هذا السؤال فأرجو توضيحه لي، عندما أدخل الصلاة والإمام في الركعة الثانية مثلاً في صلاة العشاء فات التشهد الأول الذي أصبح أول ركعة لي والثانية للإمام هل أذكر التشهد أم لا؟ اصنع كما يصنع الإمام، إنما جعل الإمام ليؤتم به، تشهد معه، لا سيما وأنت مقتدياً به، وسوف يأتيك التشهد الأول بالنسبة لك بين ركعة الإمام الثالثة والرابعة، ولن تتمكن منه، فيثبت عند أهل العلم تبعاً ما لا يثبت استقلالاً. لو صليت الظهر مثلاً أو العشاء صليت ركعة ثم جلست للتشهد، ثم قمت إلى الثالثة والرابعة، ثم جلست للتشهد، نعم هذا صلاتك بمفردك باطلة على هذه الطريقة، لكن لكونك تبعاً للإمام وأنت مأمور بالإقتداء به يثبت حال الإقتداء ما لا يثبت في حال الاستقلال، فأنت تتشهد مع الإمام لا سيما وأنت لن يتسنى لك أن تتشهد التشهد الأول في موضعه، تشهدك الأول سوف يكون بين ركعتي الإمام الثالثة والرابعة، فأنت تشهد وإذا قام الإمام إلى الثالثة تقوم معه، ثم إذا قام إلى الرابعة إن كنت ممن يرى الجلسة بين الثالثة والرابعة تجلس جلسة خفيفة وليست موضع للتشهد، ثم بعد ذلك تقوم. سم. بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد: قال شيخ الإسلام ابن حجر -رحمه الله-:

"باب: صلاة العيدين: عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((الفطر يوم يفطر الناس والأضحى يوم يضحي الناس)) رواه الترمذي" الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "باب: صلاة العيدين" باب: صلاة العيدين، والمراد بالعيدين كما لا يخفى الفطر والأضحى "عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((الفطر يوم يفطر الناس، والأضحى يوم يضحي الناس)) " هذا الحديث مخرج عند الترمذي وابن ماجه، الترمذي عن عائشة، وابن ماجه من حديث أبي هريرة، وهو بمجموع الطريقين يثبت، أما حديث الترمذي .. ، في حديث عائشة قال بعد سياقه: هذا حديث حسن غريب، وفي بعض النسخ: صحيح من هذا الوجه، صحيح؛ لأن نسخ الترمذي تتفاوت في الأحكام على الأحاديث، في الأحكام على الأحاديث، فتجدون في بعض النسخ: هذا حديث حسن، وفي بعضها: هذا حديث حسن صحيح، وفي بعضها: هذا حديث حسن غريب، وفي بعضها: هذا غريب صحيح .. إلى غير ذلك من الأحكام، ولذا يعنى أهل العلم بضبط نسخ الترمذي أكثر من غيره؛ لكثرة الاختلاف في أحكامه بين النساخ والرواة عن الترمذي، وخلافات قديمة ما يقال: جديدة من المطابع أو من النساخ المتأخرين، لا، من ينقل أحكام الترمذي من القدم، ينقلون شيء من التفاوت، فعلى طالب العلم أن يعنى بنسخة صحيحة موثقة من جامع الترمذي يعتمد عليها، هذا الحديث بما يشهد له من حديث أبي هريرة يصل إلى درجة القبول، بل صححه بعضهم ((الفطر يوم يفطر الناس، والأضحى يوم يضحي الناس)) وهذا يبحث في الغالب في الصيام، وما يثبت به دخول رمضان، هذه المسألة تبحث هناك، وفي ضمنها يبحث مسألة اختلاف المطالع.

((الفطر يوم يفطر الناس)) مقتضى هذا أنه إذا أفطر الناس برؤية عدل أو برؤية .. ، الفطر يكون باثنين، إذا شهد شاهدان بأنهم رأوا هلال شوال، أو أتموا رمضان ثلاثين أنه يلزم الفطر، وأن ما بعد ذلك هو يوم العيد الذي لا يجوز صيامه، ولو لم يراه الإنسان، ولو شك في شهادة الشاهدين بعد أن أثبته ولي الأمر وأمر بذلك، عليه أن يفطر، ولا مجال للتشكيك في هذا الباب، سمعنا في بعض السنوات من يشكك، سواء كان في دخول الشهر أو في خروجه، ولا مجال للتشكيك؛ لأن عندنا وسائل شرعية، وسائل شرعية، وقواعد من الشرع نعمل بها، نثبت بها دخول الشهر وخروجه، كون الإنسان عنده شيء من التحري والتثبت والاحتياط هذا الأمر ليس إليه، هذا الأمر ليس إليه، يحتاط في عباداته الخاصة، أما في العبادات العامة التي شرعت له ولغيره لعموم الأمة فهو واحد من هذه الأمة، مقتضى هذا أنه لو رأى الهلال ردت شهادته، لو رأى بعينه المجردة الهلال ردت شهادة، سواء كان في الدخول أو في الخروج، يصوم ويفطر وإلا يفطر مع الناس؟ هو مع الناس، مقتضى الحديث أن يكون مع الناس، أن يكون مع الناس، فإذا رأى هلال رمضان ردت شهادته، بعض أهل العلم يقول: إن رآه بحيث يقطع بأنه الهلال، ولا يماري في ذلك، منهم من قال: يصوم سراً؛ لأنه شهد الشهر؛ لأنه شهد الشهر، وإذا رأي هلال شوال وردت شهادته منهم من يرى أنه يفطر سراً؛ لأنه إن صام صام يوم العيد، لكن مقتضى هذا الحديث أنه لا يصوم ولا يفطر برؤيته، وكذلك ما يرد في يوم الأضحى، ولهذا ينص أهل العلم على أنهم لو وقفوا في اليوم الثامن -عرفة- وقفوا في اليوم الثامن أو في اليوم العاشر غلط والأمة اتفقت على ذلك كلهم، يعني إيش معنى غلط؟ عملوا بالمقدمات الشرعية نعم فثبت قبل وقته بشهادة شاهدين، أو لم يثبت مع أنه يعني من خلال المقدمات الشرعية ثبت أو لم يثبت، فيكون حجهم صحيح، حجهم صحيح، لكن لا بد من اتباع الوسائل الشرعية، اتباع الوسائل الشرعية، والشهود التي يثبت بها دخول الشهر وخروجه هم الشهود الذين تثبت بهم الحقوق العدول، هم الشهود الذين تثبت بهم العدول، فكما يتصور أن الشاهدين يخطأن في الشهادة على زيد من الناس أو كذا يتصور أيضاً أن يخطئ لكن مع

ذلك بانضمام الثقة إلى الأخر يضعف هذا الاحتمال، حتى يكون في عرف الشرع لا أثر له، لا أثر له، وإن كان احتمال قائم؛ لأنه ما من .. ، إذا فتحنا باب الاحتمالات ما انتهى الأمر، فإن الأمر لا ينتهي. ((الفطر يوم يفطر الناس)) طيب رأيت الهلال في بلدك رأيته بنفسك، ورآه الناس وصاموا، ثم انتقلت إلى بلد أخر، صاموا بعد بلدك بيوم وأتممت الثلاثين بناء على أنك صمت قبل الناس بيوم، وهم أتموا الثلاثين لأنهم لم يروه، لم يروا الهلال، فإن صمت معهم صمت ثلاثين أو أكثر؟ واحد وثلاثين، واحد وثلاثين، أما كونهم يرون الهلال لتسع وعشرين وأنت قمت صمت ثلاثين الأمر سهل، لكن كونك تصوم واحد وثلاثين، فإذا أتممت الثلاثين صمت قبلهم بيوم وأتممت الثلاثين، تم شهرك وإلا ما تم؟ الأصل أنه تم، لكن مقتضى الحديث الفطر يوم يفطر الناس، أنك تلزم ولا تفطر إلا مع الناس ولو اقتضى الأمر أنك تصوم واحد وثلاثين، هذا مقتضى ما يفيده الحديث، وفي صحيح مسلم من حديث ابن عباس وقد قال له كريب: إنه صام أهل الشام ومعاوية برؤية الهلال يوم الجمعة بالشام، وقدم كريب المدينة أخر الشهر، وأخبر ابن عباس بذلك، فقال ابن عباس: لكنا رأيناه ليلة السبت فلا نزال نصوم حتى نكمل ثلاثين أو نراه، فلا نزال نصوم حتى نكمل الثلاثين أو نراه.

يعني رئي الهلال في الشام ليلة الجمعة، وفي المدينة ما رئي إلا ليلة السبت، يعني كريب لو لم يروه ليلة الثلاثين هل يفطر باعتباره أكمل الثلاثين أو لا يفطر إلا مع الناس وإن ترتب على ذلك أن يصوم واحد وثلاثين؟ قال كريب: أو لا تكتفي برؤية معاوية والناس؟ قال: لا، هكذا أمرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، هذه المسألة كثر الكلام فيها لأهل العلم، فمن يقول باتحاد المطالع قال: إن ابن عباس لم يقتنع بشهادة كريب، لم يقتنع بها، ومن يقول باختلاف المطالع لا إشكال عنده، فالمطلع في الشام غير المطلع في المدينة، وهو المرجح أن لكل بلد أو إقليم مطلعه، كل بلد أو إقليم له مطلعه، والمسألة فيها إشكالات كثيرة لا سيما مع الحدود السياسية، نعم لا سيما مع الحدود السياسية، مثلاً البلدان المتجاوران بينهما حد سياسي، حدود مثلاً قل: بين عرر وجهة الشمال والأردن جهات متقاربة هل الحكم تبع هناك أو هنا؟ فهل تصوم تبع الرياض مثلاً إذا أعلن دخول الهلال في الرياض أو تصوم تبعاً الشام لأنها أقرب؟ وقل مثل هذا في كل الجهات، فهذه المسألة لا شك أنه ترتب عليها إشكالات مع هذه الحدود السياسية، يبقى أن في قوله -جل وعلا-: {فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} [(185) سورة البقرة] وفي قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته)) صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته، أولاً: هذا ليس خطاب للأفراد، بمعنى أن كل فرد يلزمه أن يصوم أو لا يصوم إلا برؤيته بنفسه، لا هذا خطاب للمجموع، لكن هل هو لمجموع الأمة بكاملها بحيث تتحد رؤية المشرق مع المغرب والشمال مع الجنوب؟ أو خطاب لكل من تتأتى منه الرؤية في بلده أو في إقليمه؟ نعم؟ على القول باختلاف المطالع الثاني، والنص محتمل، الآية محتملة، والحديث محتمل: ((صوموا لرؤيته)) ليس خطاب للأفراد بأعيانهم بأن يصوم كل إنسان لرؤيته بمفرده ويفطر لرؤيته، لا، ليس خطاب على مستوى الأفراد كل فرد بعينه، إنما هو خطاب للجماعة بكاملها أو للمجموعات كل مجموعة على حدة؟ لو قلنا: إنه خطاب للأمة بمجموعها لقلنا: إنه يلزم الصيام برؤية من تثبت الرؤية به، ولو كان في أقصى المشرق أو أقصى المغرب، ومثل هذا حديث

الباب: ((الفطر يوم يفطر الناس)) من الناس؟ هل هم في سائر الأرض، كل المسلمين في جميع بقاع الأرض، أو ممن يتحد معه في المطلع، المسألة خلافية بين أهل العلم، يأتي استيفاؤها -إن شاء الله تعالى- في كتاب الصيام. ((والأضحى يوم يضحي الناس)) جاء من يشهد بأن هلال ذي الحجة دخل يوم كذا، نعم أو لم تأتِ شهادة ولم ير الهلال وأكمل شهر القعدة ثلاثين، وهو في الحقيقة الهلال قبل ذلك لكن ما تمكنوا من رؤيته لغيم أو شبهه، ووقف الناس في اليوم العاشر وضحوا في اليوم الحادي عشر، نقول: وقوفهم صحيح، وأضاحيهم يوم يضحي الناس صحيح، لا إشكال فيها، بناء على هذا الحديث، والمسألة لها فروع كثيرة يأتي الإتيان على باقيها -إن شاء الله تعالى - في مواضعها، نعم. "وعن أبي عمير بن أنس عن عمومة له من الصحابة أن ركباً جاءوا فشهدوا أنهم رأوا الهلال بالأمس فأمرهم النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يفطروا، وإذا أصحبوا يغدوا إلى مصلاهم" رواه أحمد وأبو داود، وهذا لفظه، وإسناده صحيح" يقول: "وعن أبي عمير بن أنس" أبو عمير بن أنس بن مالك الصحابي الجليل، خادم النبي -عليه الصلاة والسلام-، لكن هل أبو عمير هذا هو المخاطب بقوله -عليه الصلاة والسلام-: ((يا أبا عمير ماذا فعل النغير؟ )) نعم؟ طالب:. . . . . . . . . وذاك صغير بعد، وذاك صغير يوم يخاطب وهو صغير، ذاك أصغر بعد، لأن هذا .. ، أيهما. . . . . . . . . صغير؟ إيه كلهم أبا عمير، كلاهما أبا عمير، هذا ابن أنس وذاك أخو أنس، نعم أخ أنس ومات صغيراً، وأما هذا فعمر بعد أبيه زمناً طويلاً، عمر بعد أبيه زمناً طويلاً، مع أن أباه عاش إلى نهاية القرن سنة ثلاث وتسعين.

"عن أبي عمير بن أنس -رضي الله عنهما- عن عمومة له من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم-" على كل حال هو تابعي، هو تابعي، من صغار التابعين، من أصاحب النبي -صلى الله عليه وسلم-: "أن ركباً" الركب: جمع راكب كصحب جمع صاحب "أن ركباً جاءوا إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-" والركب أكثر من واحد، يشهدون "أنهم رأوا الهلال بالأمس فأمرهم ... أن يفطروا" رأوا الهلال بالأمس، متى جاءوا إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-؟ بعد الزوال، بعد زوال الشمس، وبعد خروج وقت صلاة العيد، بعد زوال الشمس وبعد خروج وقت صلاة العيد "فشهدوا أنهم رأوا الهلال بالأمس فأمرهم النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يفطروا" أمر الناس أن يفطروا، قبل شهادتهم، ويكون هذا هو يوم العيد، هذا هو يوم العيد "وإذا أصبحوا أن يغدوا إلى مصلاهم" رواه أحمد وأبو داود، وهذا لفظه، وإسناده صحيح" على كل حال الحديث صحيح، فصلاة العيد إذا لم ير الهلال إلا بعد الزوال أو لم يبلغ خبره إلا بعد الزوال نعم يلزم الفطر؛ لأن صيام يوم العيد حرام، ثم تقضى الصلاة، تقضى الصلاة -صلاة العيد- من الغد، وهل يكون يوم العيد الذي فيه الصلاة أو الأمس؟ يوم العيد أمس أو اليوم الذي صلوا فيه؟ يوم العيد الذي رئي فيه الهلال؟ نعم أو اليوم الذي حصلت فيه الصلاة؟ ويش يترتب على هذا من الخلاف والفائدة؟ نعم، .... مسألة صلاة العيد تقضى لكن اليوم الثاني الذي صلي فيه العيد يجوز صيامه وإلا ما يجوز؟ ها يا شيخ؟ يجوز صيامه وإلا ما يجوز؟ طيب إذا حصل مثل هذا في عيد الأضحى أيام التشريق بعده اثنين وإلا ثلاثة؟ نعم؟ كيف؟ طالب:. . . . . . . . . إيش فيه؟ طالب:. . . . . . . . .

تأخرت الشهادة إلى مدة طويلة، ما يمكن يحصل؟ أنت لا تتصور وسائل الاتصال اليوم، أخبار ما تجي إلا عقب .. ، الغرباء ما تجيهم الأخبار بالوفيات إلا بعد سنين، نعم لكن من فوائد هذه المسألة إذا قلنا: إن يوم العيد الذي رئي فيه هلاله فالثاني ليس بعيد، ويبقى أن مسألة الاحتياط ألا يصام، نعم، وإذا قلنا: إن العيد ما تحصل به صلاة العيد نعم قلنا: إنه لا يجوز صيامه من شخص. . . . . . . . . صيام الست، أو امرأة عليها قضاء وقالت: العيد أمس، الهلال رئي قبل البارحة، واليوم. . . . . . . . . نصوم؟ يمنع وإلا ما يمنع؟ نقول: احتياطاً وإبراء للذمة وخروجاً من الخلاف ما يصام مثل هذا اليوم، فهذا الحديث دليل أن صلاة العيد تصلى في اليوم الثاني إذا فات وقتها بحيث لم ير الهلال، أو لم يبلغ خبر الهلال إلا بعد الزوال، إذا صليت في اليوم الثاني تبعاً للكلام السابق هل تكون قضاء أو أداء؟ "فأمرهم أن يفطروا، وإذا أصبحوا أن يغدوا إلى مصلاهم" يذهبوا في الغداة إلى مصلاهم، فهل هذا قضاء وإلا أداء؟ إذا قلنا: إن العيد أمس يصير قضاء، وإذا قلنا: إنه اليوم الذي صلى فيه هو يوم العيد صارت أداء، هذا مقتضى هذا الحديث، وذهب بعض أهل العلم إلى أنها لا تقضى مطلقاً، لا تقضى مطلقاً، خلاص ذهب وقتها، لا سيما عند من يقول: إنها سنة، سنة والسنة إذا فات محلها نعم السنة إذا فات محلها لا تقضى، هذا على القول بأن صلاة العيد سنة لا تقضى، لا بالنسبة للمجموع إذا لم يعلموا به إلا بعد الزوال، ولا بالنسبة للأفراد فيمن فاتته صلاة العيد، أما على القول بوجوبها هذا لا إشكال في كونها تقضى، لا إشكال في كونها تقضى، والخلاف في هذه المسألة في حكم صلاة العيد من أهل العلم من يرى أنها واجبة على الأعيان، واجبة على الأعيان، كل من تجب عليه الجمعة يجب عليه العيد، وهذا قول الحنفية، قول الحنفية، يرجحه شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-؛ لمداومة النبي -عليه الصلاة والسلام- عليها، ولمداومة خلفائه من بعده -عليه الصلاة والسلام-؛ ولأمره الحيض والعواتق وذوات الخدور بالخروج إليها، فالرجال من باب أولى، إذا أمر بخروج العواتق والحيض فكيف بالرجال، وأيضاً يستدلون بقول الله -جل

وعلا-: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} [(2) سورة الكوثر]، {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} [(2) سورة الكوثر] أمر بالصلاة على أن المراد بالصلاة صلاة العيد، وهي واجبة عندهم، وليست بفرض نعم؛ لأن الدلالة عليها ليست قطعية، فهي واجب وليست بفرض، من أهل العلم من يرى أنها فرض كفاية وليست بواجبة على الأعيان، فإذا تركتها الأمة أثموا جمعياً، وإذا قام بها من يكفي سقط الإثم عن الباقين، وقالوا: لأنها شعار، شعيرة من شعائر الإسلام، وشعار يسقط بقيام البعض به كالجهاد، هذا كلامهم. والقول الثالث: أنها سنة مؤكدة، سنة مؤكدة، لا يأثم بتركها يؤجر على فعلها، يستدلون بالعمومات: ((خمس صلوات كتبهن الله في اليوم والليلة)) وهذا عند من يقول: إنه لا يجب من الصلوات غير الخمس، أما من يوجب صلوات أخرى فيخصص هذا العموم بمثل هذه الأحاديث، أو يقول: إن الحصر بالخمس في اليوم الليلة لا في العام ولا في الأسبوع ولا في الشهر بالنسبة لليوم والليلة لا يجب غير خمس صلوات، وهذا يختلف عما يوجب في العام، والقول بوجوبها متجه، متجه. فالنبي -عليه الصلاة والسلام- دوام عليها وخلفائه من بعده وصحابته، لا يعرف عن أحد منهم أنه تخلف عنها، وأمر بها النساء -عليه الصلاة والسلام-، وقيل بوجوبها حتى على النساء، وهذا دليل على تأكدها، نعم. قال -رحمه الله-: "وعن أنس -رضي الله عنه- قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لا يغدوا يوم الفطر حتى يأكل تمرات" أخرجه البخاري، وفي رواية معلقة ووصلها أحمد: "ويأكلهن أفراداً"

هذا الحديث حديث أنس -رضي الله تعالى عنه- يقول: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" وهذا يدل على المداومة "لا يغدوا يوم الفطر" يعني لا يغدوا يوم عيد الفطر إلى صلاة العيد "حتى يأكل تمرات" أخرجه البخاري، وفي رواية معلقة" معلقة في البخاري موصولة عند أحمد، وإسنادها حسن: "ويأكلهن أفراداً" في رواية: معلقة التعليق: حذف مبادئ السند، أما من حدثه ويقتصر على شيخه أو من حدثه وشيخه ويقتصر على شيخ شيخه ولو إلى آخر الإسناد كل هذا يسمى تعليق "وصلاها أحمد" يعني ذكر إسنادها المتصل، فهذه الرواية تنص على أن هذه التمرات تأكل أفراداً، يعني وتراً، وتراً، والوتر: خلاف الشفع، فيأكل واحدة أو ثلاث أو خمس أو سبع، ويرجح السبع حديث: ((من تصبح بسبع تمرات)) لكن الواحدة وتر، والثلاث وتر، والخمس وتر، كل على حسب قدرته واستطاعته؛ لأن من الناس من يضره أكل السبع، ومنهم من يضره أكل الخمس، يقتصر على الثلاث، يقتصر على الواحدة من لا يضره يزيد، لكن يقطع ذلك على وتر "ويأكلهن وتراً". فالحديث صيغته تدل على الاستمرار والمداومة، والحكمة في الأكل قبل الصلاة أن العيد هذا تعقب الصيام والكف عن الأكل فلئلا يظن ظان لزوم الصوم حتى يصلي العيد يأكل قبل الصلاة، يأكل قبل الصلاة، ويقول ابن حجر في فتح الباري: الحكمة في استحباب التمر ما في الحلو من تقوية البصر الذي يضعفه الصوم، ولذا كانت السنة الإفطار على التمر، والرطب أفضل من التمر، ثم التمر ثم الماء. يقول: الحكمة في استحباب التمر ما في الحلو من تقوية البصر الذي يضعفه الصوم، أو لأن الحلو مما يوافق الإيمان، ويعبر به في المنام، ويرقق القلب، ومن ثم استحب بعض التابعين أن يفطر على الحلو مطلقاً، يعني إذا لم يجد تمر عسل مثلاً أو أي شيء حلو، طيب قال: والله أنا ما عندي تمر عندي قهوة أو شاهي، ما المفضل منهما على هذا الكلام؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . على هذا الكلام أن المراد الحلو الشاهي، لكن كأن التمر له خصائص لا توجد في غيره، فلا يقوم غيره مقامه، فإذا عدم التمر يقوم مقامه الماء، الماء، وأما التمر التنصيص عليه لأنه حلو هذا مجرد استنباط، استنباط من واقعه لا يدل عليه النص. يقول الناظم:

فط ـــــــ ور التمر سنة ... رس ــــــ ول الله سنه فاز بالأجر من يحلي منه سنه ... . . . . . . . . . فلا شك أن التمر هو الثابت في النص، فالإفطار عليه هو المتأكد، فلا يعدل عنه مع وجوده إلى غيره، إلا إذا كان الإنسان يضره أكل التمر، فلا شك أن مثل هذا يسوغ له أن يفطر على غيره، يسوغ له أن يفطر على غيره، والمرضى مرضى السكري -نسأل الله السلامة والعافية- هؤلاء يعانون من الفطور على التمر، تجدهم يباشرون بأكل الأدوية والعلاجات، وتكثر الأسئلة عن الإبر قبل الإفطار، وعلى كل حال إذا تصور الإنسان الأجر المرتب على المرض سهل عنده كل مرض، إذا كان الأجر مرتب حتى الشوكة يشاكها، يستحضر أنه مع استعمال هذه الإبرة أنها شوكة، إضافة إلى المرض الذي ابتلي به، فليصبر وليحتسب، وما يدريك أن هذا خير له في دينه وديناه وما يدريك؟ لأن الإنسان ما يدري عن المصلحة أين تكون؟ وما يقدره الله -جل وعلا- على الإنسان عليه أن يرضى ويسلم. كن صابراً للفقر وادرع الرضا ... بما قدر الرحمن واشكره واحمدِ لأنه يوجد في وقت الإفطار أناس تضيق بهم الحياة ذرعاً، ويتأففون لوجود مثل هذا المرض، وما يدريك لعل الله -جل وعلا- ساق لك منح إلهية، أو قدر لك منزلة بالجنة لا تبلغها بعملك إلا بمثل هذا المرض، ما يدريك؟ والدنيا كلها كلا شيء بالنسبة للآخرة. والحديث الذي يليه. أما كونها وتر وأفراد فلا شك أنه جاء في الخبر ((إن الله وتر يحب الوتر)) والوتر محبوب في الشرع في جملته، نعم. "وعن ابن بريدة عن أبيه قال: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- لا يخرج يوم الفطر حتى يطعم، ولا يطعم يوم الأضحى حتى يصلي " رواه أحمد والترمذي، وصححه ابن حبان"

نعم وهذا حديث بريدة بن الحصيب يشهد لما قبله، يشهد لما قبله، "قال: كان النبي -عليه الصلاة والسلام- لا يخرج يوم الفطر حتى يطعم" يطعم إيش؟ التمرات، وتكون وتراً، لا يطعم مقتضاه أي طعام، لكن أولى الأطعمة ما نص عليه للاهتمام بشأنه والعناية به، لكن إذا لم يوجد ما نص عليه يدخل في العموم، حتى يطعم تطبيق هذا ما شاء الله، هذا تطبيق عملي، يقول: "لا يخرج يوم الفطر حتى يطعم" وعرفنا الحكمة في تقديم الطعام يوم الفطر على الصلاة؛ لأن تقدمه صيام واجب، وتلاه فطر واجب، "ولا يطعم يوم الأضحى حتى يصلي" يوم عيد الأضحى لا يطعم حتى يصلي، لكي يبادر بذبح أضحيته والأكل منها، ولذا شُرع تعجيل الأضحى، تعجيل صلاة الأضحى وتأخير الفطر؛ ليتمكن من الأكل قبل الفطر وليعجل في ذبح أضحيته في يوم الأضحى، الباب فيه أحاديث، فيه أحاديث في راوية البيهقي يقول: "وكان إذا رجع -يعني من صلاة العيد- أكل من كبد أضحيته" ففي الحديث دليل على شرعية الأكل يوم الفطر قبل الصلاة، وتأخير الأكل يوم الأضحى إلى ما بعد الصلاة ليأكل من أضحيته، ليأكل من أضحيته؛ لأن الفطر مسبوق بصيام والأضحى مسبوق بأيام فطر، لكن قد يقول قائل: إذا صام العشر أو صام يوم عرفة كان يوم العيد متعقباً لصيام، لماذا لا يشرع الأكل قبل الصلاة مثل عيد الفطر؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . نعم الصيام ليس بواجب، الصيام ليس بواجب، وليس ملزم فهذا الصيام سنة، وأيضاً يشرع بعد الصيام بعد الصلاة صلاة عيد الأضحى عبادة التي هي النسك الأضحية، نعم فيشرع له أن يأكل من أضحيته لفعله -عليه الصلاة والسلام-، ولكون عادته المطردة -صلى الله عليه وسلم- أنه لا يخرج يوم الفطر حتى يطعم، ولا يطعم يوم الأضحى حتى يصلي، ولو لم يكن في ذلك إلا مجرد الإقتداء والإئتساء بالنبي -عليه الصلاة والسلام- لكفى، نعم. "وعن أم عطية -رضي الله عنها- قالت: "أمرنا أن نخرج العواتق والحيض في العيدين، يشهدن الخير ودعوة المسلمين، ويعتزل الحيض المصلى" متفق عليه"

حديث أم عطية وهي نُسيبة أو نَسيبة -بالتصغير والفتح- بنت الحارث أو بنت كعب، هذه صحابية جليلة روت أحاديث، وصارت مرجعاً في بعضها، مرجع للصحابة والتابعين في بعضها، لا سيما حديث تغسيل الميت، فإنها غسلت ابنة النبي -عليه الصلاة والسلام- فصار الصحابة والتابعون يسألونها عن كيفية تغسيل الميت، أم عطية هذه "قالت: "أمرنا" مبني للمجهول، حذف الآمر للعلم به، وهو النبي -عليه الصلاة والسلام-، في رواية للبخاري: "أمرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن نخرج العواتق" ومر بنا مراراً أن الصحابي إذا قال: أمرنا حكمه الرفع، أمرنا أن نفعل كذا حكمه الرفع؛ لأن الصحابي لا يطلق الأمر والنهي إلا لمن له الأمر والنهي في مثل هذه المسائل، وهو النبي -صلى الله عليه وسلم-، وأما إذا صرح بالآمر كما في الرواية الأخرى: "أمرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" فهو مرفوع قطعاً. قول الصحابي من السنة أو ... نحو أمرنا حكمه الرفع ولو بعد النبي قاله بأعصرِ ... . . . . . . . . . المقصود المسألة مرت مراراً، وأمرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كقوله: "افعلوا كذا"، افعلوا كذا، كأنه قال: "أخرجوا العواتق والحيض" ولا فرق بين صيغة الأمر وبين التعبير عن الأمر، ولا التفات لقول من يقول: إنه لا حجة فيه حتى ينقل اللفظ النبوي، لا التفات لمثل هذا القول؛ لأن الصحابة أعرف بمدلولات الألفاظ الشرعية "أمرنا أن نخرج العواتق والحيض" العواتق: البنات الأبكار البالغات، والحيض: من تلبسن بالحيض، وذوات الخدور: اللواتي لا يبرزن إلى الأسواق، وذوات الخدور والمخدرات وصف معروف في المسلمين، معروف بين المسلمين، ويوجد في بعض الجهات إلى الآن، يوجد من النساء من لا تخرج البتة، وخروج النساء على خلاف الأصل، تسمى المرأة التي تخرج برزة، برزة، وهي على خلاف الأصل، والله المستعان.

الآن تجد النساء لا يقر لهن قرار في البيوت، وهذا على خلاف الأمر الإلهي {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ} [(33) سورة الأحزاب] ولذا لو تجد المرأة في بيتها ليلة الخميس أو ليلة الجمعة تجدها كأنها في مأتم ليلة خميس وليلة جمعة تجلس في البيت؟! مع الأسف جميع الناس على هذا، ما هو بيقال: فئة من الناس أو طائفة من الناس، كل الناس على هذا، ولا شك أن هذا قلب للحقائق، وعبث بالموازين الشرعية، فالأصل أن النساء ذوات خدور، مأمورات بالقرار في البيوت، نعم إذا كان هناك حاجة راجحة لا مانع. "أمرنا أن نخرج العواتق والحيض -في العيدين- يشهدن الخير" يشهدن الخير من مجموع ما يحصل، من الصلاة وغيرها، من انتفاعٍ بالخطبة، وتأمين على دعائها، ولذا قال: "ودعوة المسلمين" والمأمن داعي، والمأمن داعي، عله أن يوجد في هذا الجمع رجل يكون مستجاب الدعوة، أو امرأة صالحة تكون مستجابة الدعوة، فشهود مثل هذه المواطن لا شك أنه مشتمل على مصالح، لا يقدر قدرها، ولذا عمم قال: "يشهدن الخير" ما قال: يشهدن الصلاة فقط؛ لأن منهن من لا تصلي، الحيض لا تصلي، فيشهدن الخير من مجموع ما يحصل. "ودعوة المسلمين" فيه ما يدل على أن الخطب ينبغي أن تشتمل على الدعاء الذي يؤمن عليه من قبل هؤلاء الأخيار الذين جاء .. ، خرجوا إلى ربهم راغبين راهبين "يشهدن الخير، ودعوة المسلمين، ويعتزل الحيض المصلى" يعتزل الحيض المصلى، فيكون للحيض ولذوات الأعذار أماكن مخصصة لسماع الخير والدعوة، ولحضور الدروس، ولمجالس الذكر لكن خارج المسجد، خارج المسجد؛ لأن الحائض لا يجوز لها أن تمكث في المسجد، لا يجوز لها أن تمكث في المسجد "ويعتزل الحيض المصلى" فإن كان مصلى العيد ولا تثبت له جميع أحكام المسجد، هو أقل من المسجد في الأحكام يعتزله الحيض فمن باب أولى المسجد، وإن قال بعضهم: إن المراد بالمصلى موضع الصلاة، موضع الصلاة التي يصلي فيه الناس؛ لئلا تضيق على الناس فليست مطالبة بالصلاة فكونها تجلس في مصلاهم تضيق عليهم، لكن هذا فيه بعد.

"أمرنا أن نخرج العواتق" الأصل في الأمر الوجوب، فما حكم إخراج النساء إلى صلاة العيد؟ الأصل في الأمر الوجوب، ففيه دليل على وجوب إخراج النساء إلى صلاة العيد، وإذا أمر بإخراج العواتق وربات الخدور، فلا شك أن أمر الكبار من العجائز من باب أولى، والأصل في الأمر الوجوب، وهذا القول الذي هو وجوب إخراجهن منسوب إلى الخلفاء الثلاثة، إلى أبي بكر وعمر وعلي، وقال به جمع من السلف، وهو ظاهر النص، ومنهم من يقول: إن أخراج النساء لصلاة العيد سنة مؤكدة، والأمر هذا مصروف من الوجوب إلى الاستحباب، ما الصارف له؟ الصارف العلة، الصارف العلة، ما العلة في حضور النساء صلاة العيد؟ إخراج النساء إلى صلاة العيد "يشهدن الخير ودعوة المسلمين" فهل شهود الخير واجب؟ وهل حضور الدعوة والتأمين عليها واجب؟ العلة ليست بواجبة فكونه علل بأمر ليس بواجب، إذاً أصل الأمر ليس بواجب، إذا قال لك أبوك أو من تلزمك طاعته: احضر، نعم احضر لتأكل مثلاً، أو احضر السوق لتربح، يعني كونك تأكل هذا أمر مرده إليك، نعم أو لا تأكل، قد لا تكون بحاجة إلى أكل، يعني إذا قال لك، اتصل عليك والدك: تعال اتغدى معنا، احضر لتأكل معنا، وأنت سبق أن تغديت، سبقته بالغداء، هل يكون هذا الأمر للوجوب وقد عرفنا العلة التي من أجلها أمر؟ نعم؟ لا يكون للوجوب، لكن لو قال: احضر من غير تعليل، أو علل بأمر واجب حمل الأمر على الوجوب واللزوم، فالصارف للأمر من الوجوب إلى الاستحباب السنية، وهذا قال به جماعات من أهل العلم، جماعات من أهل العلم، يرى بعضهم أن الأمر بهذا الحديث منسوخ، منسوخ، قالوا: إن الأمر بإخراجهن في أول الأمر، في أول الإسلام لما كان في المسلمين قلة، فأمرن بالخروج لتكثير السواد وإرهاب العدو، لكن يرد على هؤلاء بأن المرأة ليس فيها إرهاب للعدو؛ لأنها ليست بصدد قتال ولا جهاد ولا تكثير سواد، المرأة تطمع، يعني لو قيل: إنها تطمع العدو ما بعد، فالقول بأنه منسوخ لا وجه له، والتعليل بهذه العلة عليل جداً، وقد أفتت أم عطية بهذا بعد وفاة النبي -عليه الصلاة والسلام-.

خروج المرأة إلى المسجد جاء فيه الأمر في مثل هذا الحديث: ((لا تمنعوا إيماء الله بيوت الله)) وجاء في قول عائشة -رضي الله عنها-: "لو رأى النبي -صلى الله عليه وسلم- ما أحدث النساء لمنعهن عن المساجد" "لو رأى النبي -صلى الله عليه وسلم- ما أحدث النساء لمنعهن عن المساجد" يستدل به من يقول: بأن المرأة إذا كانت مثار فتنة لا تحضر، لكن يستدل به الطرف الأخر يقول: الخبر نص على أن النبي -عليه الصلاة والسلام- ما منع النساء، ما منع النساء، ولم يخف على الله -جل وعلا- أن النساء سوف يحدثن، وعلى كل حال من أحدثت تمنع للمفسدة المترتبة على حدثها، أما من لزمت السنة ولزمت الهدي فمثل هذه تأمر بالخروج وتؤجر عليه، نعم. "وعن ابن عمر -رضي الله عنهما- كان النبي -صلى الله عليه وسلم- وأبو بكر وعمر يصلون العيدين قبل الخطبة" متفق عليه"

نعم الجمعة الخطبة فيها قبل الصلاة، وأما بالنسبة للعيدين فالصلاة قبل الخطبة، يقول ابن عمر: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأبو بكر وعمر يصلون العيدين قبل الخطبة" وهذا ظاهر في أن تقديم الصلاة على الخطبة واجب؛ لأنه هو القاعدة والجادة المتبعة عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، ولم يحصل ولا مرة واحدة أنه خطب قبل الصلاة، كما أن الواجب في صلاة الجمعة أن تقدم الخطبة، قد يقول قائل: إن خطبة الجمعة واجبة، وخطبة العيد ليست بواجبة، خطبة العيد ليست بواجبة بدليل أنه يخير الإنسان بين حضورها وبين الانصراف ((إنا نخطب فمن أحب أن يجلس للخطبة فليجلس، ومن أحب أن يذهب فليذهب)) هذا حديث لا بأس به، مخرج في السنن عند أبي داود والنسائي وابن ماجه بإسناد لا بأس به، وأما الجمعة فلا يجوز الكلام فيها، ولا مس الحصى، ولا الأمر بالمعروف، ولا النهي عن المنكر يدل على أن شأنها أعظم، على كل حال هذه السنة، فمن قدم الخطبة على صلاة العيد خالف السنة، وحصل تقديم الخطبة على صلاة العيد، واختلف في أول من قدم الخطبة قبل الصلاة، فجاء في صحيح مسلم أنه مروان، وأنكر عليه أبو سعيد، وهو على المنبر، أنكر عليه أبو سعيد وهو على المنبر، فإذا أمنت الفتنة ولم يترتب على مثل هذا الإنكار مفسدة أعظم منها فلا بأس به، فعله الصحابي الجليل أبو سعيد، وله مواقف من هذا النوع، لكن إذا خشي الإنسان على نفسه، أو خشي أن يترتب على فعله منكر أعظم مما زاوله أو مفسدة عظيمة فإن مثل هذا يسعه السكوت، ويبين وينصح في غير هذا الموضع.

في صحيح مسلم مروان قدم الخطبة، وروى بعضهم بل هو من مراسيل الحسن، ومراسيل الحسن ضعيفة، مراسيل الحسن ضعيفة أن أول من خطب قبل الصلاة عثمان، لكن هل يعتبر مرسل وإلا ما يعتبر مرسل؟ ما دام أدرك الحسن أدرك القصة ما يعتبر مرسل، لا يعتبر مرسلاً ما دام أدرك القصة، فهو مما يروى عن الحسن، بل صرح بعضهم أن سنده جيد إلى الحسن، فيقول الحسن: أول من خطب قبل الصلاة عثمان، يعني عثمان -رضي الله عنه- تأول إن ثبت عنه هذا، إن ثبت عنه هذا فلتمسوا له أن الجموع كثرت في المدينة، وكثر من تفوته الصلاة أو يفوته شيء منها، فأراد أن يدرك الناس الصلاة فقدم الخطبة. على كل حال إن ثبت عن عثمان -رضي الله عنه- فهو خليفة راشد، أمرنا بالإقتداء به ((عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي)) فلا يدخل مثل هذا في حيز البدعة؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- سماه سنة، ويبقى أنه إذا تعارضت سنة الخلفاء الراشدين مع السنة الثابتة عن النبي -عليه الصلاة والسلام- يقدم المرفوع، يقدم المرفوع، وعثمان -رضي الله عنه- له اجتهادات، وهو خليفة راشد، مشهود له بالجنة، فلا يقال عن فعله أنه بدعة، وإنما يقال: مرجوح؛ لأنه مخالف لما .. ، وهو سنة لكنها خالفت ما ثبت عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، ولذا لم يعمل بها من بعده، ولم يقل بها أحد من أهل العلم لمخالفتها لما ثبت عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، بخلاف الأذان الأول يوم الجمعة لعدم المخالفة قال به أهل العلم، قال به أهل العلم، وأما من بعده من بني أمية الذين قدموا الخطبة على الصلاة فلأن الناس كانوا ينصرفون عن استماع خطبهم؛ لأن فيها شيء من الكلام على بعض الناس، مما لا يطيقه كثير من الناس، سواء كان بحق أو بغير حق، لكن مثل هذا الكلام لا سيما في الأخيار لا يطاق بلا شك، فكون الجيل الأول لا يستمعون لمثل هذه الخطب لا شك أنه عين الحكمة، فاضطروا أن يلزموا الناس بسماع خطبهم فقدموها على الصلاة؛ لأنه لا يمكن أن ينصرف وهو ما صلى، وعلى كل حال هذا ليس بمبرر، ليس بمبرر، نعم. "وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- صلى يوم العيد ركعتين، لم يصل قبلها ولا بعدها" أخرجه السبعة"

حديث ابن عباس يقول المؤلف -رحمه الله-: "وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- صلى يوم العيد ركعتين" صلى يوم العيد ركعتين، وهذا محل إجماع أن صلاة العيد ركعتان، صلاة العيد ركعتان، والخلاف في قضاء صلاة العيد، هل تقضى على صفتها وهذا قول الأكثر؟ وهل تقضى أربعاً كالجمعة إذا فاتت؟ قيل بهذا، وروى الطبراني عن ابن مسعود أنه قال: "من فاتته صلاة العيد مع الإمام فليصل أربعاً" رجاله ثقات، فليصل أربعاً يعني قياساً على الجمعة، قياساً على الجمعة إذا فاتته تصلى ظهر أربع، لكن الأصل في القضاء أنه يحكي الأداء، يحكي الأداء والأداء ركعتين إذاً القضاء مثله "صلى قبل العيد ركعتين لم يصل قبلهما ولا بعدهما" دليل على أن صلاة العيد لا راتبة لها لا قبلية ولا بعدية، لا قبلية ولا بعدية، لكن إذا دخل مصلى العيد قبل الإمام في وقت تجوز فيه النافلة بعد ارتفاع الشمس وأراد أن يصلي نفلاً مطلقاً، أو تحية للمصلى فهل له ذلك أو ليس له ذلك؟ طالب:. . . . . . . . . نعم، لماذا؟ المصلى ليس له .. ؟ يعني لا تثبت له أحكام المسجد، على كل حال المسألة خلافية الحنابلة يرون أنه مسجد، يرون أنه مسجد، وتثبت له أحكام المسجد مصلى العيد بخلاف مصلى الجنائز الجبانة، وعندهم أنه لا صلاة قبل العيد لا قبلها ولا بعدها حتى في المسجد، عند الحنابلة لو صليت العيد في المسجد ما في صلاة تحضر تجلس؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- صلى العيد لم يصل قبلها ولا بعدها، لكن هل هذا وصف لأمر حصل من النبي -عليه الصلاة والسلام- أو لبيان التشريع؛ لأنه لقائل أن يقول: إن النبي -عليه الصلاة والسلام- صلى الجمعة ركعتين لم يصل قبلهما ولا بعدهما، أليس لقائل أن يقول ذلك؟ لأنه دخل لصلاة الجمعة رقي المنبر وخطب وصلى ركعتين وخرج وصلى ركعتين في بيته -عليه الصلاة والسلام-، أنا أقول: هل هذه مجرد وصف للواقع كما للواحد منا أن يقول: إن النبي -عليه الصلاة والسلام- صلى الجمعة ركعتين لم يصل قبلهما، فهل هذا يشمل الجميع أو يكون من كان وصفه كالنبي -عليه الصلاة والسلام- مثل الإمام؟

النبي -عليه الصلاة والسلام- وصفت حاله باعتباره إمام، دخل المسجد فصلى العيد، انشغل بصلاة العيد، دخل للجمعة فانشغل بالخطبة ولذا لا يشرع للإمام أن يصلي قبل العيد ولا قبل الجمعة، لكن هل يشرع للمأموم أن يصلي قبل الجمعة؟ بل يأمر بذلك، النبي -عليه الصلاة والسلام- قال له: ((هل صليت ركعتين؟ )) قال: لا قال: ((قم فركع ركعتين)) فهل العيد في حكمها؟ وأن هذا مجرد وصف لحال النبي -عليه الصلاة والسلام- باعتباره إماماً، وتبقى النصوص الأخرى في مواطنها ((إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين)) أما إذا كانت صلاة العيد في المسجد، فلا إشكال أن الأمر بالتحية متجه، تحية المسجد، ولا يقاوم الأمر بالتحية مثل هذا النص الذي فيه مجرد الوصف، نعم الأصل الإقتداء والإئتساء، لكن النبي -صلى الله عليه وسلم- له أحوال، حال ينظر إليه باعتباره إمام في الصلاة، وحال باعتبار أنه إمام للمسلمين، فيقتدي به أئمة الصلاة في الحالة الأولى وأئمة الإسلام وولاة الأمور في الحالة الثانية، وحال باعتباره أسوة وقدوة لجميع الناس. يعني إذا قال الإمام باعتبار النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: ((سمع الله لمن حمده)) ((ربنا ولك الحمد)) هل هذا الإقتداء للأمة كلها أو للأئمة فقط؟ نعم؟ باعتباره إمام ولا يجمع بينهما إلا إمام ومنفرد، لكن مأموم؟ ((فإذا قال: سمع الله لمن حمده، فقولوا: اللهم ربنا ولك الحمد)) مفاده أن المأموم لا يقول: سمع الله لمن حمده، وهنا هذا باعتبار وصفه إماماً، فالإمام لا يتنفل قبل العيد ولا قبل الجمعة ولا قبل .. ، ينشغل بما هو بصدده، كما انشغل النبي -عليه الصلاة والسلام-، أما المأموم فإذا دخل قبل الإمام إن كان مسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين، وإن كان ليس بمسجد مجرد مصلى أو صحراء فيختلف الأمر، منهم من يطلق أنه لا صلاة لا قبل العيد ولا بعدها في المسجد ولا في المصلى ولا في البيت، ومنهم من يفرق بين المسجد والمصلى، ومنهم من يفرق بين المسجد والبيت، فيصلي في بيته إذا رجع لا بأس.

ومقتضى عموم النفي: "ولا بعدهما" أنه لا يصلي بعد العيد لا في المسجد ولا في المصلى ولا في البيت، عموم النفي هنا، لكن لا يلزم منه أنه لا يصلي في بيته، بل جاء ما يدل على أنه كان يصلي في بيته من حديث أبي سعيد أنه -صلى الله عليه وسلم- كان يصلي بعد العيد ركعتين في بيته، صححه الحاكم، فيحمل قوله: "لم يصل قبلهما ولا بعدهما" يعني في المصلى، فيبقى المسجد خارج عن مفاد هذا الحديث للأمر بتحيته، الأمر بتحية المسجد ثابت، لا يعارض بمثل هذا، وأما بالنسبة للمصلى فالأولى أن لا يصلي الإنسان؛ لأنه ليس له جميع أحكام المسجد، وإن أمر الحيض باعتزاله، فلا تثبت له جميع أحكام المسجد المعروف بحدوده، وهو أيضاً موقوف للصلاة لا يجوز بيعه، أما المصلى لو استغني عنه أمره سهل، نعم. طالب:. . . . . . . . . لا ما يصلي، لا يصلي، الأوقات المضيقة التي ذكرنها مراراً لا ينبغي أن يصلى فيها، الأوقات المضيقة لا ينبغي لأحدٍ أن يصلي فيها، إما أن ينتظر حتى يخرج الوقت، أو لا يدخل في مثل هذا الوقت، أو يدخل ويجلس: "ثلاث ساعات كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ينهانا أن نصلي فيهن، وأن نقبر فيهن موتانا، حين تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع" .. إلى أخره، مثل هذا الأوقات المضيقة لا صلاة فيها. طالب:. . . . . . . . . كيف؟ طالب:. . . . . . . . . حتى ولو كانت ذات سبب، ولو كانت ذات سبب، عمر -رضي الله عنه- طاف بعد الصبح وصلى الركعتين بذي طوى، ينتظر خروج الوقت المضيق، صلى الركعتين بذي طوى وهي ذات سبب، فالأوقات الثلاثة المضيقة ينبغي أن يتقيها الإنسان بقدر المستطاع، نعم. "وعنه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- صلى العيد بلا أذان ولا إقامة" أخرجه أبو داود، واصله في البخاري"

"وعنه" يعني ابن عباس، صحابي الحديث السابق -رضي الله تعالى عنه- "أن النبي -صلى الله عليه وسلم- صلى العيد" يقول: "وعنه -رضي الله عنه-، في الأول قال -رضي الله عنهما- في الموضع الثاني: عنه -رضي الله عنه-، يعني لو صرح فقال: عن ابن عباس -رضي الله عنهما- يعني الابن والأب. . . . . . . . . واحد، الضمير يعود إلى واحد، فضمير الدعاء يعود إلى واحد، فقال: "رضي الله عنه" لكن لما قال: عن ابن عباس ذكر الابن وذكر الأب ثنى الضمير. "أن النبي -صلى الله عليه وسلم- صلى العيد بلا أذان ولا إقامة" أخرجه أبو داود، وأصله في البخاري" وعلى كل حال الحديث صحيح، وهو دليل على عدم شرعية الأذان والإقامة لصلاة العيد، فالتأذين لصلاة العيد بدعة وكذلك الإقامة، فمجرد ما يدخل الإمام يشرع في الصلاة، يأمر بتسوية الصفوف وينظر فيها، ثم يكبر تكبيرة الإحرام بدون أذان ولا إقامة، ولم يثبت عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه أذن في عهده لصلاة العيد، وعند ابن أبي شيبة عن سعيد بن المسيب أن أول من أحدث الأذان لصلاة العيد معاوية -رضي الله عنه-، ومثله رواه الشافعي عن الثقة، الثقة من هو عند الشافعي؟ وأحياناً يقول: حدثني من لا أتهم، نعم، وأحياناً يقول: حدثني الصدوق في حديثه المتهم في دينه، هذا إبراهيم بن أبي يحيى، وهو ضعيف عند الجمهور، على كل حال العبرة في إسناد ابن أبي شيبة لا بأس به عن سعيد بن المسيب أن أول من أحدث الأذان لصلاة العيد معاوية.

كأنه لما توسعت البلدان، وتفرق الناس رأوا أن الحاجة داعية لذلك، وعلى كل حال هذا اجتهاد مرجوح، وعلى كل حال هو فعل صحابي إن صح عنه فعل صحابي خلاف السنة، يعني ليس من الأدب أن نقول: ابتدع وهو بصحابي، إنما نقول: خلاف السنة، نعم أخذ به بعده الحجاج، وروى ابن المنذر أن أو من أحدثه زياد في البصرة، وهناك أقوال أخرى أن أول من أحدثه مروان، وروى الشافعي عن الثقة يبقى أن الثقة عنده إبراهيم بن أبي يحيى وهو ضعيف عند جماهير أهل العلم عن الزهري مرسلاً أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يأمر المؤذن في العيد أن يقول: الصلاة جامعة، مثل الكسوف، لكن فيه إبراهيم بن أبي يحيى هذا، ضعيف جداً عند الجمهور، وهو أيضاً مرسل، فلا تقوم به حجة، ويبقى أن النبي -عليه الصلاة والسلام- يصلي العيد بلا أذان ولا إقامة، ولم يثبت أنه أمر بذلك، فلا يجوز التأذين لصلاة العيد ولا الإقامة لها، وإنما تصلى دون أذان ولا إقامة، منهم من قال: لا مانع من أن يقال: الصلاة جامعة لهذا الخبر، وإن كان ضعيفاً قياساً على صلاة الكسوف، لكن يصرح الأئمة أن العبادات لا يدخلها القياس، لا يدخلها القياس، نعم. "وعن أبي سيعد -رضي الله عنه- قال: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لا يصلي قبل العيد شيئاً، فإذا رجع إلى منزله صلى ركعتين" رواه ابن ماجه بإسناد حسن" وعنه قال ... أكمل يا شيخ؟ لا، لا. هذا حديث أبي سعيد الذي سبقت الإشارة إليه "أن النبي -عليه الصلاة والسلام- كان لا يصلي قبل العيد شيئاً" فليس لها راتبة من جهة، وينشغل بالصلاة بصلاة العيد؛ لأن الإمام لا يشرع له الحضور والتعجيل لا لصلاة الجمعة ولا لصلاة العيد؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- مباشرة يدخل المصلى فيشرع في صلاة العيد، يدخل المسجد يوم الجمعة فيرقي المنبر، إذا دخل الجمعة رقي المنبر مباشرة، فلا ينشغل بصلاة، ولا يشرع بالنسبة للإمام أن يبكر لصلاة العيد ولا الجمعة، إنما يدخل وقت الحاجة إليها.

"كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لا يصلى قبل العيد شيئاً، فإذا رجع إلى منزله صلى ركعتين" منهم من يرى أن الإمام كغيره مطالب بالتبكير إلى صلاة الجمعة، وأنه إن جاء إلى الجمعة في الساعة الأولى كان كمن أهدى بدنة .. إلى أخر الحديث، وأنه إذا جاء وقت الخطبة خرج ثم دخل، منهم من يرى هذا، وأن النص شامل له ولغيره، لكن الثابت عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه لا يدخل قبل وقت الخطبة. "لا يصلي قبل العيد شيئاً، فإذا رجع إلى منزله صلى ركعتين" وهذا الحديث تقدم أن إسناده لا بأس به، يقول الحافظ: "رواه ابن ماجه بإسناد حسن" وهاتان الركعتان إن قلنا: إنها مرتبطة بالصلاة كما كان يفعل إذ رجع من صلاة الجمعة صلى ركعتين في بيته، وإن قلنا: إنها ركعتا الضحى مثلاً فالأمر في سعة، على كل الصلاة مشروعة بعد العيد في البيت لا في المصلى؛ لأنه في المصلى ثبت أنه -عليه الصلاة والسلام- لم يكن يصلي قبلها ولا بعدها، يعني في موضعها، نعم. "وعنه -رضي الله عنه- قال: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يخرج يوم الفطر والأضحى إلى المصلى، وأول شيء يبدأ به الصلاة، ثم ينصرف فيقوم مقابل الناس، والناس على صفوفهم فيعظهم ويأمرهم" متفق عليه" "وعنه" أي عن أبي سعيد صحابي الحديث السابق -رضي الله عنه- قال: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" هذه عادته، وهذا ديدنه أنه يخرج يوم الفطر والأضحى إلى المصلى، ففيه دليل على شرعية الخروج إلى المصلى، شرعية الخروج إلى المصلى؛ لأنه كان -عليه الصلاة والسلام- يخرج يوم الفطر ويوم الأضحى إلى المصلى، فالصلاة في المصلى هي سنة، والصلاة في المساجد تعطيل لهذه السنة، نعم عند الحاجة مثلاً عند مطر أو برد شديد فمثل هذا يسوغ أن تصلى الأعياد في المساجد "يخرج يوم الفطر والأضحى إلى المصلى، وأول شيء يبدأ به الصلاة" لا الخطبة كما تقدم، فالبداءة بالصلاة هي السنة، والبداءة بالخطبة خلاف السنة، خلاف السنة "ثم ينصرف فيقوم مقابل الناس، والناس على صفوفهم" الناس على جلوسهم في صفوفهم بعد الصلاة "فيعظهم" ويذكرهم "ويأمرهم" وينهاهم.

وهكذا ينبغي للإمام أن يصلي بالناس العيد، ثم بعد ذلك يخطب فيهم، خطبة يعظهم فيها ويذكرهم ويخوفهم من الله -جل وعلا-، ويذكر ما عندهم من مخالفات، ويحذرهم منها، وينبه على ما عندهم من أخطاء، ويدلهم على الخير، ويأمرهم به، ويحثهم عليه. ثم بعد ذلك يأتي النساء، بعد أن يفرغ من الرجال يأتي إلى النساء فيذكرهن ويخوفهن ويعظهن ويأمرهن بالصدقة، ويحذرهن مما هو منتشر بينهن، فالخطبة من خصائص الرجال، فلما فرغ النبي -عليه الصلاة والسلام- من خطبته في الرجال انتقل إلى أن يخطب في النساء، ويذكر النساء، ويعظ النساء. فهذا من شأن الرجال، ومن خصائص الرجال، وإلا فبإمكانه أن يكل الأمر إلى إحدى النسوة أن يخطبن في النساء، لكن الخطابة للرجال ليست للنساء. "أول شيء يبدأ به الصلاة ثم ينصرف فيقوم مقابل الناس" يعني يستقبلهم بوجه "والناس على صفوفهم فيعظهم ويأمرهم" هذه الحكمة من مشروعية الخطبة، الوعظ والأمر والنهي والزجر، وبيان ما عندهم من أخطاء، وإنكار ما عندهم من ظواهر مخالفة للشرع، وربطهم بالله -جل وعلا-، وأمرهم بتقوى الله –عز وجل-، وأمرهم بما ينفعهم في دينهم ودنياهم، نعم. "وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: قال نبي الله -صلى الله عليه وسلم-: ((التكبير في الفطر سبع في الأولى، وخمس في الآخرة، والقراءة بعدهما كلتيهما)) أخرجه أبو داود، ونقل الترمذي عن البخاري تصحيحه"

"عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده" عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، عمرو بن شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص، فعمرو بن شعيب عن أبيه شعيب، عن عمرو عن أبيه شعيب، هذا ما فيه إشكال، عن جده الكلام في عود الضمير في جده، يعود على من؟ يعود على ما عاد عليه الضمير الأول وهو عمرو، الجد محمد تابعي فيكون الخبر مرسلاً، أو يعود الضمير على أقرب مذكور وهو الأب، عن أبيه عن جده أي جد الأب وهو عبد الله بن عمرو بن العاص، ثم يرد الخلاف هل سمع شعيب من جده عبد الله بن عمرو أو لم يسمع؟ المسألة خلافية، وعلى كل حال لوجود الاختلاف في عود الضمير، ولوجود الخلاف في سماع شعيب من جده عبد الله اختلف أهل العلم في الاحتجاج بهذا السلسلة، وقد روي بها أحاديث، روي بها أحاديث فمن مضعف لها للاختلاف في الجد، وجاء ما يدل على التنصيص عليه، جاء في بعض الأحاديث: عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عبد الله بن عمرو، فهنا يضعف الخلاف في الضمير، يبقى مسألة النظر في سماع شعيب من جده عبد الله بن عمرو مسألة خلافية بين أهل العلم، وكثير من أهل التحقيق يثبتها، وعلى كل حال الخلاصة في هذه السلسلة: منهم من ضعفها مطلقاً، ومنهم من صحح، والقول الوسط أنه إذا صح السند إلى عمرو فما يروى بهذه السلسلة حسن، لا يبلغ إلى درجة الصحيح الذي هو أعلى المراتب، ولا ينزل به عن درجة القبول فهو حسن.

ونظير هذه السلسلة: "بهز بن حكيم عن أبيه عن جده" بهز بن حكيم عن أبيه عن جده، بهز بن حكيم بن معاوية بن حيدة، ولا خلاف في الضمير، فبهز يروي عن أبيه حكيم عن جده معاوية، لا خلاف في مرجع الضمير، لكن يبقى النظر في بهز، فيه كلام لأهل العلم طويل، والقول الوسط في الاحتجاج به أنه مثل عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده حسن، واختلفوا في المفاضلة بين السلسلتين أيهما أفضل؟ منهم من رجح ما معنا عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أرجح من بهز بن حكيم عن أبيه عن جده، وهذا يلجأ إليه عند التعارض؛ لأن البخاري صحح كما عندنا، ونقل الترمذي عن البخاري تصحيحه، ونقل الترمذي عن البخاري تصحيحه وعلق لبهز بن حكيم عن أبيه عن جده، ولم يعلق لعمرو بن شعيب، لكنه لم يصحح أيضاً لبهز بن حكيم إنما علق عنه تعليق. فمن قال: إن تصحيح البخاري أقوى من تعليقه قال: إن عمرو بن شعيب أقوى، ومن قال: إن إيداعه مرويه في صحيحه الذي تلقته الأمة بالقبول أقوى من تصحيحه خارج الصحيح رجح بهز بن حكيم عن أبيه عن جده، وعلى كل حال المسألة عند التعارض. هنا يقول: "عن أبيه عن جده -رضي الله عنهما- قال: قال نبي الله -صلى الله عليه وسلم-: ((التكبير في الفطر سبع في الأولى، وخمس في الآخرة، والقراءة بعدهما كلتيهما)) " أخرجه أبو داود، ونقل الترمذي عن البخاري تصحيحه" يعني هل الترمذي خرج الحديث؟ لم يخرج الحديث، ولذا الشارح شكك في كون الترمذي نقل عن البخاري التصحيح؛ لأن الترمذي لم يخرج الحديث أصلاً، فأين نقل؟ نقول: نعم نقل في علله الكبير: (العلل الكبير) في الجز الأول صفحة: (مائتين وثمانية وثمانين) نقل عن البخاري أنه سأله عن حديث عبد الله بن عبد الرحمن الطائفي فقال: "هو حديث صحيح" وهو هذا الحديث الذي معنا، هذا الحديث "قال نبي الله -صلى الله عليه وسلم-: ((التكبير في الفطر سبع في الأولى، وخمس في الآخرة)) ومثله الأضحى، يعني التكبير في العيد ((سبع في الأولى)) يعني في الركعة الأولى: الله أكبر، ألله أكبر، الله أكبر سبع مرات، ((وخمس في الآخرة)) سبع في الأولى هل هي سبع بتكبيرة الإحرام أو دون تكبيرة الإحرام؟ فإذا كانت مع تكبيرة الإحرام هل يكون العدد سبع وإلا ثمان؟

طالب:. . . . . . . . . نعم سبع، يعني ست مع تكبيرة الإحرام، وفي الثانية خمس مع تكبيرة الانتقال أو دون تكبيرة الانتقال؟ الآن قلنا: السبع مع تكبيرة الإحرام فتكون المجموع سبع، طيب هذه إذا قلنا: دون تكبيرة الانتقال صار المجموع ست، أو نقول: أربع مع تكبيرة الانتقال يكون المجموع خمس مثل ما قلنا في الأولى؟ وتعرفون المذاهب في هذا، الحنابلة يقولون: ست في الأولى مع تكبيرة الإحرام تكون سبع، وخمس في الثانية مع تكبيرة الانتقال، لماذا فرقوا بين الأولى والثانية؟ ما قالوا: إما مع تكبيرة الإحرام سبع ومع تكبيرة الانتقال خمس أو ست وأربع؟ كما قال بعضهم؛ لأنه قيل: بأنها ست مع تكبيرة الإحرام وأربع مع تكبيرة الانتقال، وقيل: سبع مع تكبيرة الإحرام فتكون ثمان، وخمس مع تكبيرة الانتقال فتكون ست، فلماذا فرق بعضهم كالحنابلة بين الأولى والثانية؟ في الأولى اعتبروا تكبيرة الإحرام وفي الثانية لم يعتبروا تكبيرة الانتقال؟ طالب:. . . . . . . . . أيوه؟ طالب:. . . . . . . . . نعم لأن تكبيرة الانتقال ليست من الثانية، ليست من الركعة الثانية، وتكبيرة الإحرام من الأولى بلا شك، وتكبيرة الانتقال ليست من الثانية، فعلى هذا لا تدخل في العدد، أما تكبيرة الإحرام فهي من الأولى بلا شك، فتدخل في العدد، ولذا فرقوا بين هذا وهذا. ((سبع في الأولى، وخمس في الآخرة)) سبع سرد وإلا يقف بين تكبيرتين؟ وهل يقول بين التكبيرتين شيء؟ هل يقول مثلاً مثل ما روي عن ابن مسعود وغيره: "الله أكبر كبيراً، والحمد لله كثيراً، وسبحان الله بكرة وأصيلاً" ثم يقول: الله أكبر مثل، إلى أن يكمل سبع، وهل يفصل بين التكبيرة الأولى -تكبيرة الإحرام- والثانية بدعاء الاستفتاح أو يترك دعاء الاستفتاح حتى يفرغ من التكبير؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . نعم، لأنه يقول: ((والقراءة بعدهما كلتيهما)) القراءة لا إشكال فيها أنها بعد التكبير في الركعتين نص، لكن الاستفتاح؟ نعم؟ هو بلا شك أنه بين التكبير والقراءة: "أرأيت سكوتك بين التكبير والقراءة ما تقول؟ حديث أبي هريرة، هو بينهما، نعم؟ نعم يا إخوان؟ طالب:. . . . . . . . .

بعد تكبيرة الإحرام وقبل التكبيرات الأخرى، هل الاستفتاح للصلاة بمعنى أنه مرتبط بالتكبيرة أو هو مرتبط بالقراءة؟ في الصلاة العادية ما في إشكال، هو بين التكبير والقراءة لكن هنا؟ على كل حال النص محتمل بين التكبيرة والقراءة، بين التكبيرة والقراءة، فالأصل أن يكون بعد نهاية التكبيرات. ((التكبير في الفطر سبع في الأولى، وخمس في الآخرة، والقراءة بعدهما كلتيهما)) أولاً: الحديث عمل به الجمهور، عمل به الجمهور، فقالوا بالعدد المذكور، وعند الحنفية التكبير ثلاث في الأولى وثلاث في الثانية؛ لحديث يرونه في ذلك، وهو لا تقوم به حجة في مقابل هذا النص الذي صححه البخاري. ((والقراءة بعدهما كلتيهما)) يعني إذا فرغ من التكبيرات السبع والخمس شرع في القراءة، وعند الحنفية القراءة في الأولى بعد التكبير، وفي الثانية قبل التكبير ليوالي بين القراءتين، ليوالي بين القراءتين، كيف يوالي بين القراءتين؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . نعم، لا يمكن أن يوالي بين القراءتين؛ نعم في ركوع في سجود وفي .. ، على كل حال قولهم مرجوح، مخالف لما في هذا الحديث "أخرجه أبو داود، ونقل الترمذي -يعني في علله الكبير- عن البخاري تصحيحه". لم يرد في هذه التكبيرات ما يدل على الرفع ولا على عدمه، لكنه مروي عن ابن عمر -رضي الله عنهما- وقال به الجمهور؛ لأن ابن عمر صحابي مقتدي مؤتسي متحري للإتباع، فالجمهور أخذوا بقوله، وهو أيضاً جاء من رواية وائل بن حجر عن النبي -صلى الله عليه وسلم- من فعله، وهو نظير رفع اليدين في تكبيرات الجنازة، من أثبته قال: هو ثابت عن ابن عمر، ومروي عن البني -عليه الصلاة والسلام-، والمرفوع فيه ضعف، بل ضعيف، قال: هو منقول عن صاحبي متحري للإتباع مؤتسي فمثله يقتدي به في هذا، ولا يظن به أنه يبتدع، نعم. "وعن أبي واقد الليثي -رضي الله عنه- قال: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يقرأ في الأضحى والفطر بـ (ق) و (اقتربت) " أخرجه مسلم"

نعم حديث أبي واقد اسمه: الحارث بن عوف الليثي، يقول: "كان النبي -عليه الصلاة والسلام- يقرأ بـ (ق) -يعني في الركعة الأولى- واقتربت" الساعة وانشق القمر في الركعة الثانية، والمراد بالسورتين، المراد السورتان، وتقدم أنه كان يقرأ في الجمعة والعيدين بـ (سبح والغاشية) والذي يغلب على الظن أنه كان يقرأ هذا تارة وهذا تارة، وتارة يقرأ غيرهما، لكن الأكثر في قراءته -عليه الصلاة والسلام- ق، واقتربت، وسبح، والغاشية، نعم. "وعن جابر -رضي الله عنه- قال: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا كان يوم العيد خالف الطريق" أخرجه البخاري، ولأبي داود عن ابن عمر نحوه" هذا الحديث الصحيح من حديث جابر -رضي الله عنه- قال: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا كان يوم العيد خالف الطريق" يعني ذهب من طريق ورجع من طريق آخر، وقال بهذا جمع من أهل العلم، واستحبوه لا سيما للإمام، لا سيما للإمام، وهو مذهب عند الحنابلة والشافعية يستحبون للجميع، بعضهم خصه بالإمام؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- إمام؛ لأن الناس كلهم بحاجة إلى الإمام، وقد يكون لهم حاجات عنده لا يستطيعون الوصول إليه إلا بهذه الطريقة، فإذا كان يمر من هؤلاء ويمر من هؤلاء، ويقضي حوائج هؤلاء، ويستمع إلى مطالب هؤلاء لا شك أنه يحقق السنة بهذا، وهل يقال مثل هذا في الجمعة باعتبارها تشارك العيد وهي عيد الأسبوع؟ أو يقال: هذا خاص بالعيد؟ المسألة محتملة، فإذا نظرنا إلى أصل العلة قلنا: إنها بحاجة مستمرة إلى الإمام، لا سيما مثله -عليه الصلاة والسلام- الذي يحصل الأمور ... الخير والبركة، ولأهل العلم وأهل الفضل الإقتداء به في مثل هذا، والله المستعان.

"ولأبي داود عن ابن عمر -رضي الله عنهما- نحوه" وعلى كل حال حديث ابن عمر صحيح لغيره، وأما الحديث الأول ففي البخاري، العلماء يختلفون في السبب والحكمة التي من أجلها كان -عليه الصلاة والسلام- يفعل ذلك، فمنهم من يقول: إنه كان ليسلم على هؤلاء ويسلم على هؤلاء، وقيل: لينال بركته الفريقان، منهم من قال: ليظهر شعائر الإسلام، ومنهم من قال: ليقضي حوائج الناس إلى غير ذلك، المقصود أن هذه سنة بالنسبة للعيد، وأما بالنسبة للجمعة فمحل نظر، نعم. "وعن أنس -رضي الله عنه- قال: "قدم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- المدينة ولهم يومان يلعبون فيهما، فقال: ((قد أبدلكما الله خير منهما يوم الأضحى ويوم الفطر)) أخرجه أبو داود والنسائي بإسناد صحيح"

نعم النبي -عليه الصلاة والسلام- لما قدم المدينة وجدهم يلعبون في يومين، فسألهم ما هذان اليومان؟ فذكروا أنهم كانوا في الجاهلية يتخذون هذين اليومين أيام سعة وفرح ومرح، فوجههم النبي -عليه الصلاة والسلام- إلى يومين، وأن الله -جل وعلا- قد أبدل هذه الأمة بالعيدين المعروفين، الفطر والأضحى، وهما من أيام الفرح والسرور، أيام العيد أيام فرح وسرور، وقد نظر النبي -عليه الصلاة والسلام- إلى من يلهو في هذا اليوم ويلعب، وقال: ((لتعلم يهود أن في ديننا فسحة)) وديننا -ولله الحمد- فيه فسحة، هو دين تكاليف ودين عبودية لكن أيضاً فيه ما يعين على الاستجمام والترويح، لكن في حدود المباح، في حدود المباح، ولا يجوز الاسترسال في مثل هذه الأمور إلى أن يدخل الإنسان فيها في حيز التحريم؛ لأنها أيضاً .. ، وهما يومان للمرح والعب وفيهما فسحة إلا أنهما يوما شكر؛ لأنهما وقعا بعد عبادتين، بعد ركنين من أركان الإسلام، فالفطر وقع بعد الصيام، والأضحى وقع بعد الحج، وكلاهما ركن من أركان الإسلام، فالشكر أمر لا بد منه، وليس معنى أن الإنسان يتحرر من القيود الشريعة، ومن التكاليف ويتنصل عنها بترك الواجبات، ويتجاوز بفعل المحرمات هذا لا يجوز البتة، لكن باعتباره أنهى هذه العبادة بعد أن عاناها مدة، له أن يسترخي قليلاً، ويستجم أيضاً، ويوسع على أولاده لكن بحدود المباح، والدين فيه فسحة، والنبي -عليه الصلاة والسلام- مع ما عرف عليه من شدة في العبادة، وتحري وتحقيق لمعنى العبودية كان -عليه الصلاة والسلام- يمزح، لكنه لا يقول إلا حقاً، فليقتدى به في هذا من غير استرسال ومن غير تعدي، ومن غير قربان لما حرمه الله -جل وعلا-، فعلى الإنسان أن يتوسط في أموره كلها، وإذا كان من أهل العزائم ومن يلزم العبادات ويريد أن يقصر نفسه على .. ، أيضاً في وقت الغفلة في مثل هذا اليوم يتعبد الله -جل وعلا-، لكن ليس له أن يلزم أهله وذويه ممن ليسوا في مرتبته ويحملهم على ما يحمل نفسه عليه؛ ليوسع على أولاده مثل الناس، فإنهم بشر يريدون ما يريده الناس، وكما ترون الأمة في كثير من تصرفاتها تعيش حالة انفلات، مجرد ما تنتهي العبادة يتوسعون في استعمال المباحات التي تجرهم

إلى بعض المحرمات، فعلى الإنسان أن يتوسط في أموره كلها. "قدم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- المدينة ولهم يومان يلعبون فيهما، فقال: ((قد أبدلكما الله خير منهما يوم الأضحى ويوم الفطر)) أخرجه أبو داود والنسائي بإسناد صحيح". فعلى هذا الحديث فيه دليل على أن إظهار السرور والفرح بالعيد وإدخال السرور على الآخرين أمر مطلوب، وفي مفهومه أنه لا يجوز بحال الفرح بأعياد الكفار، ولا المشاركة فيها، في فرحهم، هذا أمر خطير جداً، بعضهم قال كلاماً شديداً أبو حفص البستي من شيوخ الحنفية قال: "من أهدى في أعياد المشركين بيضة إلى مشرك تعظيماً ليوم عيده كفر" لكن هذا كلمة شديدة، ويبقى أن المسألة خطر؛ .... نفرح بعيدنا لأن الله –عز وجل- أبدلنا وأغنانا عن أعيادهم، وجعل لنا ما فيه غنية، ودلنا الطريق، ووضح لنا البيضاء المحجة، وأكمل لنا الدين فلسنا بحاجة إلى أن نتلقى شيء من ... -ولا من عاداتنا- نتلقاها من أعدائنا، فضلاً عن عباداتنا. "وعن علي -رضي الله عنه- قال: "من السنة أن يخرج إلى العيد ماشياً" رواه الترمذي وحسنه"

نعم يقول: "علي -رضي الله عنه-: "من السنة" معروف أن قول الصحابي: من السنة له حكم الرفع "من السنة أن تخرج إلى العيد ماشياً" رواه الترمذي وحسنه" لكنه من راوية الحارث الأعور عن علي وهو ضعيف جداً، فالخبر ضعيف، فالخبر ضعيف، والترمذي حسنه في جامعه لما يشهد له من أخبار أخرى مرسلة عن الزهري وغيره، وأيضاً جاء النص الصحيح بالنسبة لصلاة الجمعة، يخرج إلى الجمعة ماشي ويرجع ماشي، والعيد في حكم الجمعة، إذا أمكن ذلك وتيسر، لكن إذا كان المصلى بعيداً ويشق عليه المشي فلا شك أن الركوب لا بأس به، فالإمام البخاري -رحمه الله تعالى- بوب في الصحيح، قال: "باب: المشي والركوب إلى العيد"، "باب: المشي والركوب إلى العيد" فسوّى بينهما، وأن كل منهما جائز، لكن مسألة كون المشي أفضل لا شك كالجمعة والجمعة فيها نص صريح صحيح في أن المشي إليها أفضل، وأن كل خطوة يرفع بها درجة، ويحط عنه سيئة، وتكتب له بها حسنة، والعيد في حكمها، وكذلك المشي إلى الصلوات كذلك، فالعيد من باب أولى، لكن هذا الحديث لا يثبت، في إسناده الحارث الأعور وهو ضعيف جداً، نعم. "وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنهم أصابهم مطراً في يوم عيد، فصلى بهم النبي -صلى الله عليه وسلم- صلاة العيد في المسجد" رواه أبو داود بإسناد لين" لا يكفي أن يقال: لين، بل هو ضعيف؛ لأن في إسناده عيسى بن عبد الأعلى وهو مجهول، وشيخه أبو يحيى كذلك مجهول، فيه مجاهيل، فلا يكفي أن يقال: لين، بل هو حديث ضعيف "أصابهم مطر في يوم عيد، فصلى بهم النبي -عليه الصلاة والسلام- صلاة العيد في المسجد" أولاً: في غير وقت الحاجة لا شك أن الخروج إلى المصلى أفضل وهو ديدنه -عليه الصلاة والسلام-، ديدنه -عليه الصلاة والسلام-، فالخروج إلى المصلى أفضل، إذا دعت الحاجة من مطر أو برد شديد فلا شك أن مثل هذا مبرر لأن تقام صلاة العيد في المسجد، فصلاة العيد في المصلى خارج البلد أفضل إلا في المسجد الحرام، والله أعلم. وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصبحه أجمعين.

كتاب الصلاة (35)

بلوغ المرام - كتاب الصلاة (35) شرح: باب: صلاة الكسوف، وباب: صلاة الاستسقاء. الشيخ/ عبد الكريم الخضير السلام عليكم ورحمة الله وبركاته تقول: هذه امرأة متزوجة من رجل صوفي من أهل البدع، وقد حملت منه، وهي الآن في شهرها الأول، لكنها لا تريد هذا الطفل بسبب مشاكل أخرى مع زوجها، فهل يجوز لها الإجهاض؟ كونها متزوجة من رجل صوفي، الصوفية متفاوتون، منهم من هو مغرق في تصوفه، وتصل به بدعته إلى حد الكفر، تكون بدعته مكفرة هذا لا يجوز الزواج منه بحال، ومنهم من هو دون ذلك، فهم متفاوتون تفاوتاً شديداً كغيرهم من أهل البدع، على كل حال إذا كان في حيز في دائرة الإسلام فالزواج صحيح، ويبقى أن هذا الحمل وإن كان في الشهر الأول الاعتداء عليه لا شك أنه اعتراض على القدر، وإن كان أهل العلم يجيزون إلقاء النطفة قبل الأربعين بدواء مباح، على أن يتفق على ذلك الطرفان الأب والأم، ولا بد أن يكون هذا لحاجة شديدة، أما مجرد إلقائه لأنهم لا يريدون الحمل هذا ليس بمبرر، هذا ليس بمبرر، ولا بد من رضا الطرفين، ولا بد أن تكون في مدة الأربعين في الطور الأول، وعلى كل حال الإجهاض اعتداء واعتراض على القدر لا ينبغي إلا لحاجة. يقول التفدية وهي قولك: "فداؤك أبي وأمي" قالها النبي -عليه الصلاة والسلام- لسعد بن أبي وقاص يوم أحد، وأورد هذا ابن القيم في: (بدائع الفوائد) أن ذلك لكون أبوي النبي -عليه الصلاة والسلام- كافرين، وعليه فالأبوان المسلمان لا يجوز تفدية غيرهما؟ ولكن أورد أن أبا بكر قال للحسن: "أفديك بأبي" فكيف ذلك؟ على كل حال هذه إذا لم يفهم منها الأبوان التقصير في حقهما، إذا لم يفهم منها الأبوان التقصير في حقهما، وتفضيل غيرهما عليهما، وشجعت هذا الشخص المفدى، وحثته على الاستمرار على ما هو عليه من خير فمن النصوص الكثيرة ما يشهد لجوازها، فالنصوص تدل على جوازها، إذا كان الشخص في عمل خير، ويراد تشجيعه واستمراره على هذا الخير على ألا يفهم الأبوان أن هذا حط من قيمتهما وتفضيل غيرهما عليهما. يقول: هل يقال شيء بين كل تكبيرة وتكبيرة في صلاة العيد؟ وهل يصح أنه لا سكوت في الصلاة؟

ذكرنا أنه ذكر عن ابن مسعود أنه كان يقول بين كل تكبيرتين: "الله أكبر كبيراً، والحمد لله كثيراً، وسبحان الله بكرة وأصيلاً" ونقل غير ذلك عن غيره، لكن لم ينقل شيء مرفوع عن النبي -عليه الصلاة والسلام- ثابت بين كل تكبيرتين، فإذا كبر ولا نقول أنه سكت بين التكبيرتين، يكبر فإذا انقطع نفسه شرع في التكبيرة الثانية وهكذا، إذا لم يحفظ شيء يقال بينهما يتابع بينهما، بين التكبيرتين. يقول: هل السنة إذا فات محلها لا تقضى على إطلاقها؟ نعم السنن المرتبة إذا فاتت لا تقضى، فات محلها يقرر أهل العلم، كون النبي -عليه الصلاة والسلام- قضى راتبة الظهر بعد صلاة العصر هذا لأنه -عليه الصلاة والسلام- إذا عمل عملاً أثبته، إذا عمل عملاً أثبته، وهذا خاص به -عليه الصلاة والسلام- وكونه أقر من قضى راتبة الصبح بعد صلاة الصبح هذا للاعتناء بشأن هذا الراتبة، والاهتمام بها، ومثلها الوتر يقضى بعد ارتفاع الشمس، ولذا كان النبي -عليه الصلاة والسلام- لا يترك ركعتي الصبح ولا الوتر سفراً ولا حضراً. هذا أيضاً سؤال يقول: عاجل من الإنترنت يقول: سؤالي أني كنت أعيش مع أهلي في بلدي، وكما تعلم أنه كم عمت الفواحش والمنكرات فقد كنت أجلس مجالس الاختلاط مع غير المحارم من النساء مثل النساء من أصدقاء العائلة وأولاد العمات والخالات، ولكن -ولله الحمد- بعد أن تزوجت وتركت البلد التزمت التزاماً كاملاً والحمد لله، وسأعود إلى بلدي للإجازة الدراسية وسؤالي هو ماذا يترتب علي أن أفعل إذا دخل النساء والبنات وجلسوا في المكان الذي أجلس فيه، فأنا أتجنبه تجنباً كاملاً، وقد عزمت التجنب في بلدي ولكن أخشى منهم عدم التقبل تقبل الوضع والنفور من هذه الأفعال؟ عليك أن تفعل ما يجب عليك كونهم يقبلون أو لا يقبلون ليس هذا إليك، ولو انتشر مثل هذا الفعل بحيث إذا دخل النساء من غير المحارم خرج الأخيار، وما جاملوا ولا داروا كان حسب لهم حساب، كان ما يدخل النساء غير المحارم على الرجال الأجانب. يقول: فأنا قررت أنا أبقى لمدة خمس دقائق بعد دخولهم لعدم لفت النظر، ومن ثم الخروج، فهل هذا ممكن أم علي الخروج في حين دخولهم؟

أولاً: عليك أن تنبه من دخل عليك من غير محارمك أن تنبه أن هذا لا يجوز إلا مع الستر الكامل، وعدم الخلوة، فإذا حصل الستر الكامل الحجاب الشرعي السابغ، وأمنت الفتنة، وارتفعت الخلوة، ثم بعد ذلك يوجهون بالكلام المناسب، وينصحون عن مثل هذا التوسع. يقول: إذا فات الإنسان صلاة العيد لنوم هل يقضيها؟ على القول بوجوبها وهو قول الحنفية، ورأي شيخ الإسلام ابن تيمية لا بد من قضائها، لا بد من قضائها. يقول: هل للنساء صلاة العيد في البيوت جماعة وفرادى لمن لم تحضر المسجد؟ هذا في وقتها لا تصلى إلا مع الإمام، لا تصلى إلا مع الإمام، لكن إذا فاتت تقضى. في بعض المساجد يصلي النساء داخل المسجد، ثم يفرش في خارج المسجد لمن معها أطفال فهل تعتزل الحيض هذا المكان؟ هو ما دام خارج المسجد ليس له حكم المسجد. هذا من النساء فتقول: أرجو إعادة الفرق بين أُمرنا وأَمرنا؟ هل من يحضر بعد الخطيب لا يكتب له جمعة؟ إعادة الفرق بين أُمرنا مبني للمجهول، والآمر محذوف، وبين أمرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الآمر هو النبي -عليه الصلاة والسلام-، فالخلاف الموجود في أُمرنا، وأن له حكم الرفع، وإن كان قول الجمهور أن له حكم الرفع، نعم: لا يوجد أمرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لتصريح بالآمر لأنه لا يوجد احتمال أن يكون الآمر غير النبي -عليه الصلاة والسلام-، يبقى الخلاف في دلالته على اللزوم، وجماهير أهل العلم على أنه لا فرق بين أمرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وبين قوله -عليه الصلاة والسلام-: افعلوا كذا. يقول: هل من يحضر بعد الخطيب لا يكتب له جمعة؟ من يحضر بعد الخطيب لا يكتب له الأجر المرتب على التقدم والتعجل إلى صلاة الجمعة، أما الجمعة يكتب له الجمعة. أحياناً يكون المصلى للنساء في الطابق العلوي فهل يجوز أن نجلس على الدرج لسماع خطبة العيد؟ هذا سؤال من النساء، إذا كان المكان المخصص للنساء لا يستوعب بحيث إذا ضاق بالقدر الزائد عن العدد المحدد له تستمع الخطبة ولو على الدرج، ولو على الدرج. طالب: بالنسبة للحائض يا شيخ؟ ها؟ طالب: بالنسبة للحائض يا شيخ؟

لا ما قالت: الحائض، تقول: أحياناً يكون المصلى للنساء في الطابق العلوي فهل يجوز أن نجلس في الدرج لسماع خطبة العيد؟ أما بالنسبة للدرج الداخل في سور المسجد له حكم المسجد لا يجوز أن تمكث فيه الحائض. ما القول الراجح في مسألة أمر النساء في الخروج إلى صلاة العيد؟ هو متأكد يقرب من الوجوب، وقول الجمهور على أنه سنة مؤكدة، لكن ينبغي الحرص عليها. إذا فآتتني الركعة الأولى من صلاة العيد فكيف أقضيها؟ بسبع تكبيرات أم بخمس تكبيرات؟ على القول المرجح وأن ما يدركه المسبوق هو أول صلاته يقضيها ثانية بخمس تكبيرات. هل نقيس رفع اليدين في الجنائز لأثر عند ابن عمر -رضي الله عنهما- على العيدين؟ هو ثابت عن ابن عمر في الموضعين أنه يرفع يديه في تكبيرات العيد وفي تكبيرات الجنازة، وفي المسألتين خبر مرفوع ضعيف، والأكثر على أنها ترفع الأيدي في هذا وفي هذا، استناداً إلى ما ثبت عن ابن عمر، وهو من أهل التحري من الصحابة -رضي الله عنه وأرضاه-. يقول: هل لا يجوز القياس في العبادات في كل جزئية؟ نعم هذا أمر متفق عليه بين أهل العلم أن العبادات توقيفية لا يقاس بعضها على بعض. يقول: ما صحة حديث: ((من صلى أربع قبل العصر دخل الجنة)) ((رحم الله امرأ صلى قبل العصر أربعاً))؟ وهذا الحديث مختلف فيه، لكن الذي يغلب على الظن أنه حسن -إن شاء الله تعالى-، فيحرص عليهما. يقول: هل للعيد خطبتان أو واحدة؟ جاء ما يدل على أن الخطبة واحدة، بل فيه عدم التصريح بكون الخطبة يجلس بين طرفيها لتكون اثنتين، ما صرح بأنه يجلس، فالذي يفهم من الخبر أنها واحدة لكن لكون الخبر محتمل، وخطبة الجمعة فيها التصريح أنهما خطبتان، عامة أهل العلم على أن للعيد خطبتين كالجمعة. هذا يقول: نود وجماعة من الإخوان -ولا يجوز العطف هنا من غير فاصل- نود وجماعة -لا بد أن يقول: نحن- وجماعة من الإخوان إعادة الاستراحة إلى وقتها؟ إذا كان العدد الأكثر يرون الاستراحة لا بأس، وإذا كان العدد الأقل فسبق أن أخذنا رأي الجميع كأن ما وجدنا معارض. يقول: إني سمعت بعض الناس يقول: إنه يستدل بالحديث الضعيف إذا كان لا يوجد إلا هذا الحديث للاستدلال به؟

"باب: صلاة الكسوف:

هذه طريقة أبي داود أنه يخرج الضعيف إذا لم يكن في الباب غيره, إذا لم يوجد في الباب غيره، لكن مسألة الاحتجاج به أما العقائد والأحكام فلا، وإن وجد في كتب الفقه، لكنهم لا يبنون عليه حكماً شرعياً، وأما في الفضائل فالجمهور على أنه يتسدل بالضعيف في الفضائل، وسبق أن ذكرنا الخلاف مراراً. نذرت نذراً إن فاتني صلاة الفجر في الجماعة أن أصلي عشر ركعات، سؤالي هل يجوز أن أصلي النذر في الأوقات المنهي عنها؟ من جهة أن النذر يجب الوفاء به فهذه الصلاة واجبة، والنهي لا يتناول الواجبات، هذه من جهة، وباعتبار أن النذر غير محدد الوقت فلك مندوحة في أن تصلي هذه الصلاة بعد خروج وقت النهي. يقول: هل يلزموني صلاتها مرة واحدة أم أجزئها مع الليل والضحى؟ على حسب نيتك إن نويتها متتابعة عليك أن تأتي بها متتابعة، وإلا فالمقصود إيجادها على أي وصف. يقول: ما المقصود بالجماعة؟ هل هي الجماعة الأولى؟ أم الصلاة في أي جماعة لها نفس الفضل حتى لو كانت بعد انتهاء الجماعة الأولى؟ أولاًَ: لا شك أن الفضل الكامل للجماعة الأولى، ومسألة إعادة الجماعة مسألة خلافية بين أهل العلم، فمن أهل العلم من يمنع إقامة جماعة ثانية، إذا فاتت الصلاة تصلي وحدك، وهذا قول معتبر عند أهل العلم، لكن حديث: ((من يتصدق على هذا؟ )) بعد انتهاء الجماعة من الصلاة يدل على أن الجماعة تعاد، وأن من صلى الصلاة في جماعة يدخل فيها الجماعة الأولى والثانية، لكن ليس للإنسان أن يتأخر حتى تفوته الجماعة الأولى احتمال ألا يجد جماعة أخرى، والخروج من الخلاف الذي ذكرناه مطلوب، سم. بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد: يقول شيخ الإسلام الحافظ ابن حجر -رحمه الله-. "باب: صلاة الكسوف:

عن المغيرة بن شعبة -رضي الله عنه- قال: "انكسفت الشمس على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوم مات إبراهيم، فقال الناس: انكسفت الشمس لموت إبراهيم، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: ((إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله، لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتموهما فادعوا الله وصلوا حتى تنكشف)) متفق عليه. وفي رواية للبخاري: ((حتى تنجلي)) وللبخاري من حديث أبي بكرة -رضي الله عنه-: ((فصلوا ودعوا حتى يكشف ما بكم)) " الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "باب: صلاة الكسوف" الكسوف: مصدر كسف يكسف كسوفاً، ويقال: كسفت الشمس بفتح الكاف، وتضم كُسفت وهو نادر كما يقال: انكسفت وخسفت وانخسفت، هذا بالنسبة للشمس يطلق فيها اللفظان: الكسوف والخسوف، وأما بالنسبة للقمر فثبت نسبة الخسوف للقمر في القرآن، وأما نسبة الكسوف إلى القمر فصرحوا بأنه لم يرد في هذا نص، إلا أنه إذا عطف على الشمس جاز إطلاق الكسوف عليه ((إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله، لا ينكسفان)) لكن ما تقول: انكسف القمر، تقول: انكسفت الشمس، ولا تقول: انكسف القمر، وتقول: خسفت الشمس وخسف القمر للاثنين معاً. صلاة الكسوف والأصل في الكسوف في اللغة: التغير إلى السواد، والخسوف: النقصان، هذا الأصل اللغوي، فالكسوف تغير في إحدى الآيتين الشمس أو القمر بذهاب نورهما أو بعضه، فالكسوف ذهاب لنور الشمس بالكلية أو لبعض نورها، وذهاب لنور القمر أو بعضه. وهم يقررون إمكان معرفة وقت الكسوف بدقة من القدم، ما هو كلام جديد، المتقدمون من علماء الهيئة يثبتون أنه يدرك بالحساب، ويجزمون بهذا، ومنهم من يقول: إنه يمكن إدراكه على سبيل غلبة الظن لا جزماً، ومنهم من ينكر الإدراك بالكلية، ويقول: إنه من باب إدعاء معرفة ما في الغيب، ويرمون من يخبر عن ذلك قبل وقوعه بأنه يدعي معرفة الغيب، وعلى كل حال ثبت أنه يمكن إدراكه بالحساب، وليس في إدراكه بالحساب ما يخل بكونه آية من آيات الله يخوف بها عباده، ولذا شرعت هذه الصلاة.

لكن الإخبار بوقته قبل حدوثه، وتكرر ذلك مراراً، إخبار الناس على العموم بأنه سوف يحدث في الساعة كذا، الدقيقة كذا، من ليلة كذا، وينجلي في الثانية كذا يجعل هذا الأمر عند عامة الناس طبيعي، يجعل هذا الأمر عند عامة الناس طبيعي، ولا يوثر فيهم الأثر الذي أثر في النبي -عليه الصلاة والسلام- وفي صحابته الكرام، النبي -عليه الصلاة والسلام- لما انكسفت الشمس خرج مسرعاً يجر رداءه يظنها الساعة، فهذه الآية كما قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((يخوف بهما عباده)) ((آيتان من آيات الله)) {وَمَا نُرْسِلُ بِالآيَاتِ إِلاَّ تَخْوِيفًا} [(59) سورة الإسراء] هذه هي الفائدة من حدوث مثل هذا، يخاف الناس، ويرجعون إلى ربهم، ويفزعون إلى الصلاة، ((فإذا رأيتموهما فادعوا الله وصلوا حتى تنكشف)) ينكشف هذا التغير وهذا الظلام، فاشغلوا هذا الوقت بما يرضي الله -جل وعلا- عنكم؛ لتعود هذا الآية إلى عادتها. ويقررون أيضاً أهل الهيئة يقررون أنه قد يصحب هذا التغير في هاتين الآيتين خلل، يتضرر به بعض الناس، وهم أيضاً يقررون أن سبب الكسوف حيلولة الأرض بين الشمس والقمر، أنهم يقررون أن القمر إنما يستمد نوره من الشمس، فإذا حالت الأرض بين الشمس والقمر ذهب نور القمر، وأورد على هذا أنهم جزموا بأن الأرض أصغر بكثير من الشمس فكيف يتم الحجب؟ حجب الكبير بالصغير؟ كيف يتم حجب الكبير بالصغير؟ يتم ذلك بسبب القرب والبعد، فينحجب البعيد إذا حال دونه القريب، ولو كان اصغر منه، بدليل أن اليد على صغرها تحجب الباب على كبره لبعده، يعني لو وضعت يدك بينك وبين الباب انحجبت وهو كبير وهي صغيرة لقربها وبعده، فما في إشكال من هذه الحيثية، لكن يبقى أن مسألة التخويف بهاتين الآيتين يزول مع الإخبار بوقت الكسوف ووقت انجلائه، ومع معرفة الفلكيين وأهل الهيئة لوقت حصوله.

أولاً: لا ينبغي أن يعتنى بذلك، ويقرر قبل وقته، وإذا عرف لا ينبغي أن يلقى على العامة؛ لكي تبقى الفائدة من حصوله قائمة، والارتباط بالله -جل وعلا- يبقى، ونحن نرى أثر الإخبار .. ، نراه واضحاً في حياة الناس، بعضهم الكسوف والخسوف لا يؤثر عليه، ولا يحرك ساكن، بل بعضهم في لهوه، وبعضهم في معصيته لا يتأثر يقول: الآن انكسفت وبعد ساعة أو ساعتين بتنجلي ويش يصير؟ عنده خبر مسبق لأن الناس إذا عرفوا أطمأنوا، ويُطمأنون بهذا الكلام، أن الكسوف سوف ينجلي بعد ساعة أو ساعتين والمسألة سهلة يعني، مثل ما يذهب ضوء الشمس بقدوم الليل والعكس، المسألة كأنهم يخرجونها بالصورة اليسيرة السهلة خلاف ما كان عليه النبي -عليه الصلاة والسلام-. "انكسفت الشمس على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" يعني مرة واحدة يوم مات إبراهيم ابن النبي -عليه الصلاة والسلام-، في السنة العاشرة في اليوم العاشر أو الرابع من ربيع الأول، في اليوم العاشر أو الرابع على قولين، ومعلوم أنه كالمتفق عليه بين أهل الهيئة أن الشمس لا تنكسف إلا في أخر الشهر، كما أن القمر لا ينخسف إلا في منتصف الشهر، هنا انكسفت في اليوم العاشر أو في اليوم الرابع على غير عادتها في اليوم الذي مات فيه إبراهيم ابن النبي -عليه الصلاة والسلام-.

"فقال الناس: انكسفت الشمس لموت إبراهيم" لهذا الحدث الذي حصل، لهذا الحدث الذي حصل "فقام النبي -عليه الصلاة والسلام- فقال: ((إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله)) " يعني بعد أن صلى بهم صلاة الكسوف على الصفة الآحقة، بعد أن صلى بهم خطب، صرح بالخطبة، وفي كثير من الراويات لم يصرح بها، فقال -صلى الله عليه وسلم-: ((إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله)) وفي بعض الروايات: ((يخوف بهما عباده)) كما قال -جل وعلا- {وَمَا نُرْسِلُ بِالآيَاتِ إِلاَّ تَخْوِيفًا} [(59) سورة الإسراء] ((آيتان من آيات الله، لا ينكسفان لموت أحد)) رداً لزعمهم أن الشمس إنكسفت لموت إبراهيم ((ولا لحياته)) مبالغة في النفي، يعني هل قال أحد: إن الشمس تنكسف لحياة أحد؟ يعني إذا كانوا يزعمون أن الشمس والقمر تنكسفان لموت عظيم مثلاً نعم، فهل قال قائل: بأنهما ينكسفان لحياة عظيم أو ظالم أو شرير؟ لم يقل أحدهم بهذا، وبعضهم يقول: يتصور أن يقول أحد: إنه يُمرض عظيم مرضاً شديداً يقرب من الهلاك فإذا شوفي وعوفي قيل: إنه حي، فيتصور أن تكسف الشمس من أجله؟ وقد نفى النبي –عليه الصلاة والسلام- الأمرين: ((لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته)) وقد يكون ذكر الحياة مبالغة في النفي، مبالغة في النفي، كما قال الراوي في حديث نفي البسملة: "لا يذكرون بسم الله الرحمن الرحيم في أول القراءة ولا في أخرها" ومعروف أنه في أخر القراءة ليس فيها بسملة، لكن مبالغة في النفي، يستعمل مثل هذا الأسلوب للمبالغة، ((لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتموهما فادعوا الله)) والجئوا إليه وتضرعوا حتى يكشف ما بكم ((وصلوا)) هذه هي صلاة الكسوف، جاء الأمر بها ((فادعوا الله وصلوا حتى تنكشف)) وعامة أهل العلم على أن صلاة الكسوف سنة، ونقل النووي الإجماع على أنها سنة، وقد ترجم أبو عوانة في صحيحة: "باب: وجوب صلاة الكسوف" وأخرج الحدث الذي فيه الأمر الصريح بها، والأصل في الأمر الوجوب، والجماهير قالوا: ليست بواجبة لعموم حديث: ((خمس صلوات كتبهن الله في اليوم والليلة)) والكسوف خارجة عن الصلوات الخمس، إذاً ليست بواجبة، ((فإذا رأيتموهما فادعوا الله وصلوا)) التعقيب بالفاء أمر بالدعاء

والصلاة بعد رؤية الكسوف سواء كان في الشمس أو بالنسبة للقمر، يفزع المسلم إلى الدعاء والصلاة في أي وقت كان، وبهذا يستدل من يقول: إن صلاة الكسوف تفعل في أوقات النهي؛ لأنه علقت الصلاة بمجرد الرؤية، وقد تكسف الشمس بوقت النهي وقد .. ، القمر يمكن؟ ممكن وإلا ما هو بممكن؟ ما يمكن يكسف القمر بعد صلاة الفجر؟ وهذا وقت نهي نعم وقد حصل قبل كم؟ قبل خمس سنوات؟ طالب:. . . . . . . . . نعم؟ طالب:. . . . . . . . . لا أكثر ترى. طالب:. . . . . . . . . كم؟ يمكن خمس أو أربع سنوات، المقصود أنه حاصل بعد صلاة الصبح ذهب ضوء القمر، هذا وقت نهي، وبعض الناس لم يعلم به إلا مع بزوغ الشمس أو قبيل بزوغ الشمس، يعني في وقت النهي المشدد، فالذي يقول بمثل هذا فرأيتهما ... ، أما المسألة إذا قيل بوجوبها انتهى الإشكال تفعل في وقت النهي، أما على قول الأكثر أنها سنة وهي ذات سبب، الذي يقول بفعل ذوات الأسباب في وقت النهي كالشافعية ما عندهم مشكلة، لكن الذي يمنع من فعل النوافل حتى ما له سبب في أوقات النهي يمنع من هذه الصلاة وهو يقول بسنيتها، مثل الحنابلة والحنفية لا تصلى الكسوف في أوقات النهي لأنها سنة، وإن كانت ذات سبب إلا أن النهي مقدم على الفعل، وهذه المسألة فرع مما سبق بحثه في فعل ذوات الأسباب في أوقات النهي، وأطلنا الكلام في المسألة. ((فإذا رأيتموهما فادعوا الله وصلوا حتى تنكشف)) طيب، غابت الشمس وهي كاسفة، طلعت الشمس والقمر خاسف، عند أهل العلم يصلون وإلا ما يصلون؟ نص عندهم في الزاد وغيره: "وإن غابت الشمس كاسفة أو طلعت والقمر خاسف لم يصلوا" لم يصلوا، ويعللون هذا بذهاب وقت الانتفاع بهما، وقت الانتفاع بالشمس انتهى بغيابها، ووقت الانتفاء بالقمر بطلوع الشمس، لكن متى نعلم الغاية التي تنتهي بها الصلاة؟ بالانكشاف وما دام غابت الشمس متى ندري أنها انكشفت أو ما انكشفت؟ ومثلها القمر، على كل حال كلامهم له وجه. غابت الشمس استمرت كاسفة إلى أن غابت وبعض الناس ما يبلغه الخبر إلا في أخر لحظة، نقول: مثل هذا لا يصلي، لأنه ما يدري متى تنكشف؟ الغاية التي ينتهي بها وقت الصلاة مجهولة.

((فادعوا الله وصلوا حتى تنكشف)) طيب انكشفت وهو في الصلاة، أو صلى وانتهى من الصلاة قبل أن تنكشف نعم أما إذا صلى وسلم من الصلاة قبل أن تنكشف لا يعيد الصلاة، وإنما يلزم الذكر، ويكثر من الاستغفار، ويلجأ إلى الله -جل وعلا- بالدعاء، يستمر حتى تنكشف، وأما إذا انكشفت وهو في صلاته يتمها خفيفة، يتمها خفيفة، بعض الناس يؤدي هذه الصلاة على أي وجه، يصلي صلاة لا يطيلها ولا يطيل قيامها ولا ركوعها ولا سجودها من غير حضور قلب، وإذا صلى عاد إلى لهوه، هذا بلا شك أفضل من الذي لم يصل بالكلية، لكن ينبغي أن سبب المشروعية لهذه الصلاة الرغبة إلى الله -جل وعلا- بانكشاف هذا الأمر. "وللبخاري من حديث أبي بكرة -رضي الله عنه-: ((فصلوا وادعوا)) " هناك قال في رواية المغيرة: ((فإذا رأيتموهما فادعوا وصلوا)) وهنا: ((فصلوا وادعوا)) ليكون الدعاء قبل الصلاة وبعدها؛ ليشمل الدعاء ما قبل الصلاة وما بعدها، فيدعى قبل الصلاة بالانكشاف، ويدعى بعدها إذا سلم من الصلاة قبل الانكشاف، نعم. "وعن عائشة -رضي الله عنها- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- جهر في صلاة الكسوف بقراءته، فصلى أربع ركعات في ركعتين، وأربع سجدات" متفق عليه، وهذا لفظ مسلم، وفي رواية له: "فبعث منادياً ينادي: الصلاة جامعة"

حديث "عائشة -رضي الله عنها- أن النبي -عليه الصلاة والسلام- جهر في صلاة الكسوف" جهر في صلاة الكسوف نص في أن صلاة الكسوف جهرية، جهر في صلاة الكسوف بقراءته، وقد قال بهذا جمع من أهل العلم أن صلاة الكسوف جهرية، سواء كانت في الليل أو في النهار؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- جهر في صلاة الكسوف والذي حصل في وقته كسوف الشمس بالنهار، فإذا جهر في كسوف الشمس فمن باب أولى أن يجهر في خسوف القمر، والحديث صريح في هذا، ومنهم من يرى الإسرار مطلقاً؛ لحديث ابن عباس أنه صلى مع النبي -صلى الله عليه وسلم- الذي يأتي بعد هذا: "فقام قياماً طويلاً نحو من قراءة سورة البقرة" لأنه لو جهر بها النبي -عليه الصلاة والسلام- ما قال ابن عباس نحواً، قال: فقام قياماً طويلاً قرأ فيها سورة كذا، فمادام قدر القراءة نحواً من كذا، دليل على أنه لم يسمع، إنما لطول القيام قدره بسورة، فهذا القول الثاني وهو الإسرار مطلقاً، ويجيب عنه أصاب القول الأول ومعهم التصريح بأنه جهر فيها -عليه الصلاة والسلام- بأنه يحتمل أن ابن عباس كان بعيداً عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، فلم يسمع جهره بالقراءة، منهم من يقول: إنه مخير بين الجهر والإسرار، مخير بين الجهر والإسرار، عمل بالحديثين يقول: الجهر جائز لحديث عائشة، والإسرار جائز لحديث ابن عباس، لكن مثل هذا التخير إنما يكون لو تعددت القصة، ويكون النبي -عليه الصلاة والسلام- مرة جهر بها، ومرة أسر بها، يكون مخير لكن القصة واحدة، فهو إما أن يكون قد جهر، والمشروع موافقة فعله -عليه الصلاة والسلام-، أو يكون أسر والمشروع هذا.

القول الثالث: أن كل صلاة من صلاتي الكسوف الليلية والنهارية كسوف الشمس وكسوف القمر يعامل معاملة الصلاة المفروضة، فكسوف الشمس يعامل معاملة الفرائض النهارية فيسر به، إذا كسفت الشمس بالنهار تكون صلاة الكسوف سرية كصلاة الظهر والعصر، وإذا خسف القمر بالليل صارت صلاة الكسوف مثل صلاة الليل جهرية كالمغرب والعشاء، كالمغرب والعشاء، وهؤلاء يستدلون بحديث ابن عباس، ابن عباس قرأ نحواً من سورة البقرة، هو دليل الإسرار، هذا بالنسبة لكسوف الشمس، أما بالنسبة لخسوف القمر فلكونه لم يحصل في عهده -صلى الله عليه وسلم- يقاس على صلاة الليل فيجهر به، لكن الجهر مطلقاً هو الذي صرح به في الأحاديث الصحيحة، فهو خبر صحيح صريح، وما عداه وإن كان صحيحاً إلا أنه ليس بصريح، بل هو محتمل كحديث ابن عباس. "فصلى أربع ركعات في ركعتين، وأربع سجدات" هذا سيأتي تفصيله في الحديث الآحق والأحاديث الأخرى. "وفي رواية له -لمسلم- فبعث منادياً ينادي: الصلاةُ جامعةٌ" أو الصلاةَ جامعةً؟ الصلاةُ جامعةٌ هذا مبتدأ وخبر، برفع الجزأين، أما بنصب الأول فيكون إيش؟ نعم منصوب على الإغراء، أو يكون منصوب بفعل محذوف تقديره أحضورا، وجامعة: حال، أحضورا الصلاة حال كونها جامعة، وفيه دليل على أن النداء لصلاة الكسوف بهذه الصيغة مشروع، كم يقال: الصلاة جامعة مرة وإلا مرتين وإلا ثلاثة؟ وإلا كم؟ طالب: ثلاث. نعم فيه دليل؟ ها؟ طالب:. . . . . . . . . كم تقال: الصلاة جامعة؟ أو بقدر ما يسمع الناس بقدر الحاجة؟ فإذا كان الناس نيام احتاج أن يكرر، وإذا كانوا متيقظين ما احتاج إلى التكرار، نعم.

"وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: "انخسفت الشمس على عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- فصلى فقام قياماً طويلاً نحواً من قراءة سورة البقرة، ثم ركع ركوعاً طويلاً، ثم رفع فقام قياماً طويلاً وهو دون القيام الأول، ثم ركع ركوعاً طويلاً وهو دون الركوع الأول، ثم سجد، ثم قام قياماً طويلاً وهو دون القيام الأول، ثم ركع ركوعاً طويلاً وهو دون الركوع الأول، ثم رفع فقام قياماً طويلاً، وهو دون القيام الأول، ثم ركع ركوعاً طويلاً وهو دون الركوع الأول، ثم سجد ثم انصرف، وقد تجلت الشمس، فخطب الناس" متفق عليه، واللفظ للبخاري. وفي رواية لمسلم: "صلى حين كسفت الشمس ثمان ركعات في أربع سجدات" وعن علي مثل ذلك. وله عن جابر -رضي الله عنهما-: "صلى ست ركعات بأربع سجدات" ولأبي داود عن أبي بن كعب: "صلى فركع خمس ركعات وسجد سجدتين، وفعل في الثانية مثل ذلك". هذا الحديث فيه صفة صلاة الكسوف، أولاً: مذهب الحنفية أن صلاة الكسوف ركعتان لا صفة لهما زائدة، لا صفة لهما زائدة، يصلي ركعتين كما يصلي الصبح، ويذكرون في هذا حديث: ((أن الشمس والقمر آيتان من آيات الله، فإذا رأيتموهما فصلوا كأقرب صلاة صليتموها من المكتوبة)) كأقرب صلاة صليتموها من المكتوبة، وأقرب صلاة بالنسبة للنبي -عليه الصلاة والسلام- هي صلاة الصبح، فيكون صلى الكسوف بركعتين لا صفة لهما زائدة كصلاة الصبح وكصلاة النافلة، هذا الحديث في ثبوته نظر. الأمر الثاني: أنه كيف تترك مثل هذه النصوص الصريحة الصحيحة المفسرة المفصلة لخبر مجمل لا يرقى لمعارضتها؟ فقول الحنيفة مرجوح.

يقول: "وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: "انخسفت الشمس في عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فصلى رسول -صلى الله عليه وسلم- فقام قياماً طويلاً نحواً من سورة البقرة" وعرفنا أنه استدل بقوله: "نحواً" من يرى أن صلاة الكسوف سرية "نحواً من قراءة سورة البقرة" والذين يقولون بالجهر قالوا: يحتمل أن ابن عباس كان بعيد من النبي -عليه الصلاة والسلام- فلم يتبين قراءته "ثم ركع ركوعاً طويلاً، ثم رفع من ركوعه فقام قياماً طويلاً وهو دون القيام الأول" الذي قرأ فيه سورة البقرة، أو نحواً من سورة البقرة "دون القيام الأول ثم ركع ركوعاً طويلاًَ وهو دون الركوع الأول" الذي تلا القيام الأول "ثم سجد" وجاء في صفة السجود أنه طويل جداً، ثم جلس بين السجدتين "ثم سجد سجوداً طويلاً دون السجود الأول، ثم قام قياماً طويلاً وهو دون القيام الأول" في الركعة الثانية الركوع الأول من الركعة الثانية "قام قياماً طويلاً وهو دون القيام الأول، ثم ركع بعده ركوعاً طويلاً وهو دون الركوع الأول، ثم قام قياماً طويلاً وهو دون القيام الأول، ثم ركع ركوعاً طويلاً وهو دون الركوع الأول، ثم رفع رأسه ثم سجد" عندنا الأول، وفي الحديث: "فقام قياماً طويلاً نحواً من قراءة سورة البقرة، ثم ركع ركوعاً طويلاً، ثم قام قياماً طويلاً وهو دون القيام الأول" والمراد بالأول هنا الأولية المطلقة الذي أشار إليها ابن عباس بقوله: "نحواً من قراءة سورة البقرة" في هذا الموضع الأولية المطلقة الذي تقدمه ولم يتقدمه غيره، ثم ركع ركوعاً طويلاً وهو دون الركوع الأول مثله، ثم قام قياماً طويلاً وهو دون القيام الأول، الأول الذي ذكر مرة ثانية هل يراد به الأولية المطلقة أو الأولية النسبية الذي هو أول بالنسبة له، نسبي وإلا أولية مطلقة؟ طيب ويش يترتب على هذا؟ ويش يترتب على ذاك؟ نعم؟ بين الثاني والثالث والرابع.

إذا قلنا: الأولية المطلقة يتميز الأول فقط، الذي قرأ فيه نحو سورة البقرة، ثم بعد ذلك القيام الثاني دون القيام الأول، القيام الثالث دون القيام الأول، القيام الرابع دون القيام الأول، فتكون الثلاثة كلها دون الأول الذي قرأ فيه نحو سورة البقرة، ويكون طولها واحد الثلاثة، المتميز هو الأول إذا قلنا: بأن الأولية مطلقة، وإذا أن الأولية أولية نسبية فكل واحد من هذه القيامات وهذه الركوعات أول بالنسبة لما يليه، وإذا قلنا: أولية نسبية فدون القيام الأول يعني الذي قبله، فيكون أطولها الأول ثم الثاني دونه ثم الثالث دون الثاني ثم الرابع دون الثالث وهكذا، وقل مثل هذا في الركوع والسجود. الآن هذه الصفة التي شرها ابن عباس فيها أربعة من القيام، وأربعة من الركوع، وأربع سجدات، كل قيام وكل ركوع وكل سجود دون القيام الأول والركوع الأول والسجود الأول، فما المراد بالأول في جميع الألفاظ في الحديث؟ ما المراد بالأول؟ هل المراد به أولية مطلقة بمعنى أنه يتميز القيام الأول الذي قرأ فيه نحواً من سورة البقرة ويستوي الثلاثة بكونه دون الأول لكنها متساوية وهذا احتمال، وإذا قلنا: إن الأولية أولية نسبية بمعنى أن كل قيام وكل ركوع وكل سجود أول بالنسبة للذي يليه، فلأول أطول من الثاني، والثاني أطول من الثالث، والثالث أطول من الرابع ظاهر وإلا ما هو بظاهر؟ واللفظ محتمل، اللفظ احتمال إذا قلنا: بأن الأولية أولية مطلقة وقلنا: إن المتميز بالطول هو القيام الأول قلنا: أنه قرأ في الأولى نحواً من سورة البقرة للتتميز، وقرأ في الثانية آل عمران، وقرأ في الثالثة النساء، وقرأ في الرابعة الأعراف متقاربة، متقاربة الثلاث، يتميز عنها الأول فقط.

لكن إذا قلنا: إن الأولية نسيبة نقول: قرأ في الأولى نحواً من البقرة، وفي الثانية نحو من آل عمران، ولا نقول في الثالثة نحو النساء؛ لأنه ما يكون دون القيام الأول الذي قبله نعم، وإنما نقول: نحواً من المائدة مثلاً؛ لأنها أقل من آل عمران وإن كانت أقل بيسير يعني ربع جزء، وفي الرابعة قرأ يونس مثلاً، وهي أقل من المائدة، وهذا على القول بأن الأولية أولية نسيبة، وهذا هو المعروف في صلاته -عليه الصلاة والسلام-، أنه يطول الأولى ثم الثانية وهكذا؛ لأن الناس يدخلون الصلاة بهمة ونشاط وعزيمة ثم يدب إليهم التعب، فالمرجح هو الاحتمال الثاني، المرجح هو الاحتمال الثاني. طيب صلى وقرأ في القيام الأول والثاني والثالث وفي الرابع رأي الشمس ما تجلت فأراد أن يمد في القراءة، يزيد، يخالف هذه السنة، يخالف هذه السنة، إذا زاد وجعل الرابع أطول من الثالث خالف السنة، لكن إذا اجتهد وقال: أنا أريد أن أستمر في الصلاة حتى تنجلي، ونمد الرابع إلى أن يحصل الانكشاف فنقول: خالفت السنة. "ثم انصرف وقد تجلت الشمس فخطب الناس" فخطب الناس قائلاً: ((إن الشمس والقمر)) وفي رواية: "حمد الله وأثنى عليه" وقال: ((إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله)) .. إلى أخره، في قوله: "فخطب الناس" ما يدل على أن صلاة الكسوف تشرع لها الخطبة وبهذا قال الشافعية، من أهل العلم من يرى أنه لا خطبة لصلاة الكسوف، من أهل العلم من يرى أنه لا خطبة لصلاة الكسوف، وإنما هذه موعظة وليست بخطبة، لها مراسم الخطبة يرقى المنبر، ويحمد الله، ويثني عليه، ويأتي بأركان الخطبة وشروطها، إنما هي كلمة توجيهية بعد الصلاة للتنبيه على خطأ وقعوا فيه، فإذا كان الناس بحاجة إلى التنبيه على شيء بعينه تكلم بعد الصلاة، ووعظ الناس وأرشدهم، فإذا لم يكونوا بحاجة فليس هناك خطبة.

لكن قوله: "فخطب الناس" صريح، اللهم إلا أن يكون هذا من فهم الراوي، فهم أن هذا التوجيه خطبة ولغيره أن يفهم أن هذا تنبيه على خطأ وقعوا فيه، يعني لو قدر أنه رأى وهو في طريقه إلى الصلاة نساء متبرجات مثلاً، ثم صلى صلاة الكسوف، ثم ذكر التبرج ونهى عنه، وما ورد فيه من نصوص، وحذر منه، نعم، هل نقول: إن هذه خطبة؟ لكن لو لم ير شيئاً ما تكلم عن شيء، أو غير التبرج مسائل أخرى، .... أكثر أهل العلم أنها للحاجة الداعية إلى ذلك، وليست هناك خطبة كخطبة العيد ونحوها. "متفق عليه، واللفظ للبخاري، وفي رواية لمسلم: "صلى حين كسفت الشمس ثماني ركعات في أربع سجدات" حديث ابن عباس والحديث الذي قبله: "صلى أربع ركعات في ركعتين وأربع سجدات" لأن عندك ركعات وركوعات، نعم ركعات وركوعات، نعم صلاة الكسوف ركعتان في كل ركعة ركوعان، هل هناك فرق بين الركوع والركعة؟ الركعة بجميع ما تشمله من ركوع وسجود ولو تعدد الركوع تصير ركعة واحدة كما في صلاة الكسوف؛ لأنه من باب التوضيح، بعض الناس يقول: هل لي أن أصلي ركعة واحدة بسلامين؟ يمكن تصلي الوتر ركعة واحدة بسلامين يمكن وإلا ما يمكن؟ يقولون هم: الأفضل أقل الوتر أدنى الكمال نعم ثلاث ركعات بسلامين متصور، يصلي ركعتين ثم يسلم ثم يصلي ركعة ثم يسلم، لكن لو قال: أنا أريد أن أصلي ركعة واحدة بسلامين، يعني يبي يسلم إذا رفع من الركوع ثم يسلم إذا تشهد؟ نعم وإلا المقصود بسلامين يعني بتسليمتين، نعم؟ كيف؟ نعم التعبير صحيح بسلامين، السلام عليكم ورحمة الله هذا السلام، السلام عليكم ورحمة الله هذا سلام، هذا في الأصل لكن مثل هذا التعبير يوقع في إيهام وهو نظير ما عندنا لو قيل مثلاً: صلاة الكسوف أربع ركعات، صلاة الكسوف أربع ركعات لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- ركع أربع مرات ويش صار؟ كلامه صحيح؛ لكن للتوضيح والبيان يقال: صلاة الكسوف ركعتان في كل ركعة ركوعان وينتهي الإشكال، وإلا لو قال: أربع ركعات باعتبار أنه ركع فيها أربع مرات، الركوع الأول ركعة مرة واحدة من الركوع يقال له: ركعة، فهي أربع ركعات وهي في الحقيقة ركعتان في كل ركعة ركوعان.

حديث عائشة وحديث ابن عباس في الصحيحين نعم المتفق عليه أنه ركع في كل ركعة ركوعين، وفي رواية لمسلم: "صلى حين كسفت الشمس ثماني ركعات في أربع سجدات" ثمان، أربعة ركوعات في ركعة، وأربع ركوعات في الركعة الثانية. "وعن علي -رضي الله عنه- مثل ذلك" وهو أيضاً في مسلم، أربع ركوعات في الأولى، وأربع في الركعة الثانية "وله -أي لمسلم- عن جابر -رضي الله عنه-: صلى ست ركعات بأربع سجدات" فعندنا الذي في الصحيح المتفق عليه ركعتان في كل ركعة ركوعان، هذا المتفق عليه، وفي مسلم: "ست ركوعات، وثمان ركوعات" هذا في مسلم. "ولأبي داود عن أبي بن كعب قال: "فركع خمس ركعات وسجد سجدتين، وفعل في الثانية مثل ذلك" يعني إذا صلى ثمان ركوعات في كل ركعة، في الركعة الأولى أربعة، وفي الثانية أربعة سيكون المجموع ثمان، إذا صلى ثلاث ركوعات في الركعة الثانية يصير صلى ست ركوعات، وهنا عشر ركوعات، خمس في الركعة الأولى وخمس في الركعة الثانية، وكلها مرفوعة إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-، كلها مرفوعة.

أما ما جاء في سنن أبي داود فهو خبر منكر، العشر، ومن اليسير جداً أن يحكم على ما في سنن أبي داود بالشذوذ لمخالفته ما في الصحيحين، مع ضعفه، في إسناده أبو جعفر الرازي عيسى بن ماهان ضعيف، سهل أن نتطاول على سنن أبي داود؛ لأن فيه الضعيف، والحديث من طريق رجل ضعيف، راوٍ ضعيف، وهو مخالف لما في الصحيحين، لكن ماذا نقول عما في صحيح مسلم؟ هل نقول: تجوز جميع الصور؟ تجوز جميع الصور؟ وهي حكاية حال وقعت من النبي -عليه الصلاة والسلام-؟ أو نقول: تعددت القصة كما قال بعضهم؟ نقول: تعددت القصة؟ أهل السير يقررون أنها لم تتعدد، أنها ما حصلت إلا مرة واحدة من النبي -عليه الصلاة والسلام-، وشيخ الإسلام يقرر ذلك، وأنها ما حصلت إلا مرة واحدة، وإبراهيم ما مات إلا مرة واحدة؛ لأن كلها انكسفت لما مات إبراهيم، أهل العلم لهم في مثل هذا مسلكان، المسلك الأول: الجزم هو أنه يحكم للراوية الراجحة، وهي هنا المتفق عليها بأنها هي المحفوظة، وعلى هذا يكون ما عدها شاذ، ولذا حكموا على راوية مسلم بأنها شاذة لمخالفتها ما في الصحيحين، والمسلك الثاني: لأهل العلم، وهذا يسلكه من يحرص على صيانة الصحيحين، من يحرص على صيانة الصحيحين من أن يوجد فيهما الشاذ، والشاذ من قبيل الضعيف، والأمة تلقت الكتابين بالقبول، فيحكم بتعدد القصة، يوهم أهل المغازي والسير وأن القصة حصلت أكثر من مرة؛ لأنه ورد في الصحيح ما يدل على ذلك، فتخطئة أهل المغازي والسير أهون من التطاول على صحيح مسلم مثلاً، من يريد صيانة الصحيح يسلك هذا المسلك، ومن أهل العلم من يجزم، ويقول: لا مانع أن يثبت الخبر إلى الصحابي على الطريقة وعلى الشرط الذي اشترطه صاحب الكتاب وحينئذٍ لا يكون خرج عن شرطه، ولا يمنع أن الصحابي أخطأ، يعني مثل حديث ابن عباس في الصحيح: "أن النبي -عليه الصلاة والسلام- خطب ميمونة وهو محرم" خطب ميمونة وهو محرم، وفيه أيضاً من حديثها من حديث ميمونة نفسها، ومن حديث أبي بكرة السفير بينهما أنه كان حلال، فالسند إلى ابن عباس صحيح، ما في أشكال على شرط الصحيح، لكن يبقى أن ابن عباس وهم، ومن يعرو ومن يسلم من الخطأ والوهم، فيقال مثل هذا، فيحكم على ما في الصحيح بأنه غير

محفوظ لمخالفته ما هو أرجح منه، والقول الثاني أنه يعتمد ما في الصحيح ويصحح؛ لأنه في كتاب تلقته الأمة بالقبول، ويحكم على ما في خلافه بالوهم، يحكم على أهل المغازي والسير أنهم أخطئوا ويش المانع؟ لأن في الصحيح ما يدل على تعدد القصة، يعني تعدد الصور، تعدد الصور يدل على تعدد القصة، وبعض الناس يتوسع فيقول: بتعدد القصة لتعدد السياق، ولو كان الاختلاف فيه من اختلاف الرواة لا في أصل القصة، بعضهم إذا وجد اختلاف بين روايتين ولو كان مرده إلى اختلاف الرواة قال: القصة تعددت، ومنهم من يتوسط فلا يحكم بتعدد القصة إلا إذا تغيرت القصة تغيراً جذرياً بحيث لا يمكن التوفيق بينها وبين غيرها، ومنهم من يجرؤ على الحكم بالشذوذ على المرجوح والراجح يحكم له بأنه محفوظ، وعلى كل حال صيانة الصحيح أمر لا بد منه؛ لأنه إذا تطاول الناس على ما في الصحيح فلا شك أنهم سوف يتطاولون على ما دونه، ويسهل عليهم نسف السنة. لكن يبقى أن الصحيحين اتفق الأمة على تلقيهما بالقبول، وأن ما فيهما صحيح، نعم قد يكون من الصحيح ما هو معارض بما هو أرجح منه، وكونه يوجد الراجح والمرجوح أمر سهل، يعني ما يضر -إن شاء الله تعالى-. وجمهور أهل العلم أخذوا بالصورة الأولى التي ذكرها ابن عباس، وهي المتفق عليها، والصورة الثانية أخذ بها بعض أهل العلم، وكل واحد من الصحابة أخذ بنوع من أنواعها، ابن القيم -رحمه الله- قال: كبار الأئمة لا يصححون التعدد كالإمام أحمد والبخاري والشافعي، ويرونه غلط، يقول: وهذه قاعدة في كل ما اختلف فيه السياق، بحيث لا يمكن التوفيق بين .. ، من حيث المعنى لا يمكن التوفيق بين هذا الاختلاف من سياق إلى أخر، يكون الاختلاف في المعنى لا في اللفظ، أما الاختلاف في اللفظ أمره سهل لتجويزهم الرواية بالمعنى، أما الاختلاف في المعنى هذا هو الذي لا بد من الترجيح فيه، أو يقال بتعدد القصة، نعم. "وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: "ما هبت ريح قط إلا جثا النبي -صلى الله عليه وسلم- على ركبتيه، وقال: ((اللهم اجعلها رحمة ولا تجعلها عذاباً)) رواه الشافعي والطبراني"

هذا الحديث ضعيف؛ لأن الشافعي يرويه من طريق من لا يتهم، وهو إبراهيم بن أبي يحيى وهو ضعيف جداً، عامة أهل العلم على تضعيفه، ويرويه الطبراني من طريق حسين بن قيس الملقب بحنش، وهو متروك، وعلى كل حال الحديث ضعيف "عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: "ما هبت الريح قط إلا جثا النبي -صلى الله عليه وسلم- على ركبتيه" وقال: ((اللهم اجعلها رحمة ولا تجعلها عذاباً)) " وعرفنا ما فيه من ضعف، وعرفنا ما فيه من ضعف. لا شك أن عاد أهلكت بالدبور بالريح، والرياح مخيفة، الريح مخيفة، فإذا هبت الريح على الإنسان أن يهتم لها، كما كان النبي -عليه الصلاة والسلام- يهتم، يتغير لونه، ويخرج ويدخل يخشى أن تكون عذاب، وهو الرسول -عليه الصلاة والسلام- الذي قدم من العمل ما يحميه من ذلك، وأمته محمية حال وجوده من العذاب {وَمَا كَانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ} [(33) سورة الأنفال] لكن ما الذي يأمن الأمة بعد هذا البعد الشديد عن دين الله -جل وعلا-؟ وكثرة الخبث بين أفرادها مع ضعف العمل من أهل الفضل، حالنا تختلف كثيراً عن حال السلف، حال السلف خائفون وجلون مع حسن العمل {وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ} [(60) سورة المؤمنون] وحالنا على العكس من ذلك ضعف في العمل، وتوسع في الأمل والرجاء، ولا شك أن الرجاء مطلوب، كما أن الخوف مطلوب، الرجاء مطلوب والخوف مطلوب، والمقصود منهما ما يبعث على العمل، ما يبعث على العمل، أما الخوف المجرد المؤدي إلى القنوط من غير عمل هذا مذموم، وكذلك الأمل الذي لا يبعث على العمل أيضاً مذموم. هذه تسأل تقول: نرجو إعادة شرح تعدد صور الكسوف والخسوف؟

أقول: جاء في الصحيحين من حديث ابن عباس أن النبي -عليه الصلاة والسلام- صلاها ركعتين في كل ركعة ركوعين، قام قياماً طويلاً نحواً من قراءة سورة البقرة، ثم ركع ركوعاً طويلاً، ثم قام قياماً طويلاً دون القيام الأول، ثم ركع ركوعاً طويلاً ثم رفع ثم سجد سجدتين، وبهذا تكون انتهت الركعة الأولى، والثانية مثلها، هذه الصورة المتفق عليها، الصورة الثانية مثلها إلا أنها تزيد الركعة الأولى ركوع، والثانية ركوع تكون ستة ركوعات، والثالثة مثلها، وهي إلا أنها تزيدها ركوع فتكون بثمان ركوعات، والصورة الرابعة مثلها إلا أنها تزيد في كل ركعة ركوع، فيكون في كل ركعة خمسة ركوعات، لكن هذا منكر، هذه الصور. هل صلاة الكسوف من ذوات الأسباب؟ نعم من ذوات الأسباب. أرجو إعادة الأقوال الثلاثة في سرية وجهرية صلاة الكسوف والخسوف؟ حديث عائشة يدل على الجهر، صريح في الجهر، في كسوف الشمس وخسوف القمر من باب أولى، وحديث ابن عباس نحواً استدل به من يقول بالسرية، سرية صلاة الكسوف والخسوف، ومنهم من يرى أن المصلي مخير إن شاء أسر وإن شاء جهر، إن شاء أسر عملاً بحديث ابن عباس، وإن شاء جهر عملاً بحديث عائشة، ومنهم من يقول: كل صلاة تلحق بوقتها أو ما في وقتها من الفرائض، فالليلية يجهر بها كالصلوات الليلة، والنهارية يسر بها كالصلوات النهارية، نعم. "وعنه -رضي الله عنه- أنه صلى في زلزلة ست ركعات وأربع سجدات، وقال: "هكذا صلاة الآيات" رواه البيهقي. وذكر الشافعي عن على -رضي الله عنه- مثله دون أخره". "وعنه" يعني "ابن عباس -رضي الله عنهما- صلى في زلزلة ست ركعات وأربع سجدات" صلى في زلزلة "وقال: هكذا صلاة الآيات" رواه البيهقي" وهو ضعيف، ضعيف، إسناده ضعيف.

"وذكر الشافعي عن علي -رضي الله عنه- مثله دون أخره" دون قوله: "هكذا صلاة الآيات"، والصلاة صلاة الآيات لم يرد فيها شيء مرفوع، لم يرد فيها شيء مرفوع، وإنما ورد عن بعض الصحابة أنهم صلوا، ولذا الخلاف في الصلاة للآيات كالزلازل مثلاً والبراكين وغيرها من الأمور التي ضررها عام، ومنهم من يقول: الصلاة فيها من باب أولى؛ لأن ضررها المحسوس أعظم ضرر كسوف الشمس، فيصلى لها، فالصلاة للكسوف تنبيه على ما هو أعلى منها كالزلازل مثلاً، وهذا مروي عن بعض الصحابة ومن بعدهم من الأئمة، ومنهم من يقول: الصلاة توقيفية فلا يصلي إلا إذا ثبت عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه صلى، وعلى هذا لا نصلي إلا في الكسوف، لا نصلي إلا في الكسوف. أخرج البيهقي من طريق عبد الله بن الحارث أنه كان في زلزلة في البصرة في خبر ابن عباس فصلى صلاة الزلزلة، على كل حال العبادات توقيفية، توقيفية، وليس في الباب ما تقوم به حجة، فهل يقتصر في هذا على صلاة الكسوف، وأما في غيرها من أوقات الشدائد، فيلجأ إلى الله -جل وعلا- بالدعاء والتضرع، يلجأ إلى الله -جل وعلا- بالدعاء والتضرع. طالب:. . . . . . . . . ما مر، ما ذكر، ما مر إلا كسوف الشمس فقط، ولا خسوف القمر بعد. طالب:. . . . . . . . . من أي نوع؟ طالب:. . . . . . . . . لا هو العبادات توقيفية، يعني إذا شرعنا صلاة ما ثبت شيء عن لله وعن رسوله نكون دخلنا في حيز البدعة، وما روي عن الصحابة فيه ضعف، ما روي عن الصحابة فيه ضعف. بعض الإخوان يكتب أنه بدنا نرتاح قليلاً ويش رأيكم؟ نرتاح لنا ربع ساعة؟ نعم؟ كيف؟ هو الدرس إلى ست يعني إن ارتحنا ربع ساعة زدنا ربع ساعة. طالب:. . . . . . . . . والله ما أردي نشوف إن كان الإخوان نشيطين وإلا عندنا صلاة الاستسقاء وفيها طول أيضاً، ثم بعد الاستسقاء اللباس غداً -إن شاء الله تعالى- لنقف على الجنائز، ها؟ ويش قال الإخوان؟ ترتاحون؟ طالب: ما تحب يا شيخ. هو إذا ارتحنا ربع ساعة زدنا ربع ساعة، ونكمل إلى ست وننتهي؟ نعم؟ خلاص نكمل، نكمل، سم. "باب: صلاة الاستسقاء:

عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: خرج النبي -صلى الله عليه وسلم- متواضعاً متبذلاً متخشعاًً مترسلاً متضرعاً، فصلى ركعتين كما يصلي في العيد، لم يخطب خطبتكم هذه" رواه الخمسة، وصححه الترمذي وأبو عوانة وابن حبان"

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "باب: صلاة الاستسقاء" والسين والتاء للطلب، والمراد بالاستسقاء طلب السقيا عند تأخر المطر، وحصول القحط والجدب يشرع للمسلمين أن يخرجوا ليطلبوا من الله -جل وعلا- أن يسقيهم، يشرع لهم ذلك، لكن الاستسقاء طلب ودعاء؛ فليحرص كل مسلم أن يكون مجاب الدعوة؛ لينكشف ما بهم، أما أن يزاولون المعاصي والمنكرات وتكثر عندهم موانع قبول الدعاء ولا يبذلوا من أسباب القبول شيئاً هذا الأمل فيه ضعيف، وإن كان الرب -جل وعلا- أكرم الأكرمين، وأجود الأجودين، لكن يبقى أنه أمرنا ببذل الأسباب، وكلفنا باجتناب الموانع التي تمنع من قبول الدعاء، ففي سنن ابن ماجه بسند لا بأس به حسن من حديث ابن عمر أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لم ينقص قوم المكيال والميزان إلا أخذوا بالسنين، وشدة المئونة، وجور السلطان عليهم، ولم يمنعوا زكاة أموالهم إلا منعوا القطر من السماء)) فهل استشعر التجار مثل هذا الخبر؟ ((ولم يمنعوا زكاة أموالهم إلا منعوا القطر من السماء)) ومع الأسف أن كثير من الناس يتصور أنه ليس بحاجة إلى مطر، ليس بحاجة إلى مطر، الذين يتحاجون المطر سيتسقون من أهل البوادي والمزارع وغيرهم، هذا خطأ، هذا خلل، وما يشاع ويذاع ويعلن من نقص في المياه الجوفية أمر مخيف، فلا بد من بذل الأسباب الحسية والمعنوية لتدارك الوضع وإلا هم يذكرون في تقاريرهم أشياء مذهلة ومع ذلك ومع كثرة ما يسمع الناس تجد الإسراف الشديد في الماء، وقد نهينا عن الإسراف، إسراف شديد في الماء، وعلى الناس جميعاً أن يقتصدوا في جميع أمورهم بحيث لا يضيقون على نفوسهم، ولا على من تحت أيديهم، ويحفظوا هذه الثروات، يعني الماء كونه بأرخص الأثمان هل يعني هذا أنه غير متعوب عليه؟ متعوب عليه، لكن من نعم الله -جل وعلا- أنه كلما كانت الحاجة إلى الشيء أشد كان ثمنه أقل رفقاً بالناس، ولذا تجدون يعني أرخص ما يباع من الكتب الضروريات لأهل العلم وطلاب العلم فتجد على سبيل المثال وليست المسألة مقايسة بالأقيام أو مقدرة بالأثمان المصحف أرخص ما يباع المصحف، ثم شوف حاجة عامة الناس إلى رياض الصالحين أو إلى تفسير ابن كثير أو إلى صحيح البخاري من أرخص ما

يباع، وكل ما يحتاجه عموم الناس تجده أرخص شيء، من أرخص الأمور الماء والملح والتمر أمور ضرورية، لكن تعال إلى الأمور التي لا يحتاجها عامة الناس الكماليات، الكماليات، أغلى الكتب كتب الرحلات والذكريات، هذه أغلى الكتب، ثم انظر إلى ما في أسواق الناس من السلع التي تباع تجد الكماليات بأغلى الأثمان والضروريات رخيصة، وهذا من لطف الله -جل وعلا-؛ لأن الضروريات يحتاجه الناس كلهم بخلاف الكماليات، فلا بد من استشعار هذا، لا بد أن نعلم أننا بحاجة ماسة إلى الماء، وأنه لا يمكن أن يعش أحد من دون الماء {وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ} [(30) سورة الأنبياء]. وعلى كل إنسان أن يؤدي ما عليه، يسعى إلى صلاحه وصلاح نفسه، وصلاح من تحت يده، يحرص على الاقتصاد في الماء، ولا بد من هذا، التجار عليهم أيضاً أن يساهموا برفع الشدة بأداء الزكاة ((ولم يمنعوا زكاة أموالهم إلا منعوا القطر من السماء)) والبلد فيه خيرات -ولله الحمد-، وفيه أموال، ولو أديت الزكاة بدقة احتمال ألا يوجد فقير في البلد، يمكن ألا يوجد فقير في البلد لو أديت الزكاة على الوجه المطلوب، والله المستعان.

أيضاً على الناس أن ينصحوا ((لم ينقص قوم المكيال والميزان إلا أخذوا بالسنين وشدة المئونة)) هذا من النصح للمسلمين؟ هذا من الغش لهم، هذا من الغش لهم ((لم ينقص قوم المكيال والميزان)) يعني تصور قبل سنين يمكن قبل عشرين سنة وجد جزار في حبل يربط به كفة الميزان بأصبع رجله فإذا وضع قطعة من اللحم جر الحبل فرجحت، هذا على خطر عظيم نسأل الله العافية ((لم ينقص قوم المكيال والميزان)) {وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ} [(1) سورة المطففين] ويل: وادي في جهنم، نسأل الله العافية، جاء في وصفه أنه لو سيرت فيه جبال الدنيا لذابت {وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ} [(1) سورة المطففين] وهذا يربط كفة الميزان بحبل فإذا وضع قطعة جر الحبل فرجحت الكفة، نسأل الله السلامة والعافية، ويلاحظ على مثل هذا أنه يعيش فقيراً، يعيش فقير مثل هذا، وهذا واقع هذا الرجل إلى أن مات، نسأل الله السلامة والعافية، مسألة الغش مشكلة أيضاً ((من غشانا فليس منا)) وفي رواية: ((من غش فليس منا)) من غشنا: يعني غش المسلمين، ومن غش يشمل المسلمين وغير المسلمين. ((إلا أخذوا بالسنين وشدة المئونة)) كثير من الناس يعيش في ضيق، وعنده الدخول العظيمة، عند راتب كثير، لكن نقص، يقول: أنا ما نقصت لا مكيال ولا ميزان، أنت طففت في وضيفتك، ما أديت العمل على الوجه المطلوب، ما أعطيت العمل حقه، فتبتلى بالديون، وهذا نوع من المئونة شدة المئونة، كون الراتب إذا جاء لا يستمر ولا يوم ولا يومين، هذه شدة المئونة، على كل حال على كل إنسان إن يحاسب نفسه، وأن يقدم ما يكون فيه فرج له ولغيره.

يقول -رحمه الله تعالى-: "عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: "خرج النبي -صلى الله عليه وسلم- متواضعاً" متواضعاً: يعني مظهر الحاجة لله -جل وعلا- "متبذلاً" لابساً الثياب ثياب البذلة لا ثياب الزينة، يعني تاركاً لثياب الزينة وثياب الهيئة، فالثياب الغالية والنفيسة ما تناسب في مثل هذا الوقت "متخشعاً" والخشوع معروف يكون في البدن والطرف وفي الكلام، ومثله الخضوع وإن خص بعضهم الخشوع في الصوت، والخضوع في البدن، لكن قوله -جل وعلا- {فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ} [(32) سورة الأحزاب] يشمل الخضوع بالقول والفعل، والخشوع أيضاً كما يكون في القلب يكون أيضاً أثاره تظهر على الأطراف. "مترسلاً" يعني متأنياً في مشيه غير مستعجل "متضرعاً" التضرع: التذلل والمبالغة في السؤال والرغبة التذلل والمبالغة في السؤال والرغبة "فصلى ركعتين" صلاة الاستسقاء، خرج فصلى، فعلى هذا أول ما يبدأ به الصلاة كالعيد "فصلى ركعتين كما يصلي في العيد" مقدماً الصلاة على الخطبة، على صفة صلاة العيد، كما يصلي في العيد، كما يصلي في العيد، فعلى هذا يشرع في صلاة الاستسقاء ما يشرع في صلاة العيد من التكبير في الأولى سبعاً، وفي الثانية خمساً "لم يخطب خطبتكم هذه" لم يخطب خطبتكم هذه، النفي للخطبة هل هو متجه إلى أصل الخطبة أو إلى الخطبة المشابهة لخطبهم؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . .

نعم للخطبة المشابهة لخطبهم بدليل أنه يخطب في صلاة الكسوف، ويكون فيها الدعاء والتضرع، ففي هذا مشروعية صلاة الاستسقاء، مشروعية صلاة الاستسقاء، وأنها ركعتان، وأنها ركعتان كصلاة العيد، والحنفية لا يرون الصلاة أبو حنيفة قال: لا يصلى للاستسقاء، وإنما هو التضرع والدعاء، وحمل ما ورد من لفظ الصلاة في النصوص على الصلاة اللغوية، والأصل في الصلاة الدعاء، الصلاة في الأصل الدعاء، فهي الصلاة اللغوية عنده ولا صلاة شرعية بركوع وسجود؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- استسقى عند أحجار الزيت بالدعاء، وأحجار الزيت موضع بالمدينة، قريب من المسجد، محل سوق، هذا دليل الحنفية على عدم الصلاة للاستسقاء، والجمهور يقولون: بأن صلاة الاستسقاء مشروعة؛ لأنه جاء التصريح بها في هذا الحديث وفي غيره، أما كونه استسقاء بالدعاء فهذا نوع من أنواع استسقائه -عليه الصلاة والسلام-، يستسقي بالصلاة ثم الدعاء يستسقي بالدعاء المجرد يستسقي في خطية الجمعة، يستسقي في خطبة مفردة من غير صلاة على المنبر كما فعل في بعض أحواله، واستسقى وهو جالس في المسجد رفع يديه ثم دعا، واستسقى في بعض غزواته لما سبقه المشركون إلى الماء وأغيث -عليه الصلاة والسلام- في جميع استسقاءاته في كل مرة. جاء في حديث عباد بن تميم عند البخاري أن النبي -عليه الصلاة والسلام- صلى بهم ركعتين، صلى بهم ركعتين فاستدل به من يقول: إن صلاة الاستسقاء ركعتان لا صفة لهما زائدة، لكن حديث الباب فيه: "فصلى ركعتين" وفيه زيادة زيادة في وصفهما: "كما يصلي في العيد" فهذه الزيادة مقبولة، والزيادة على ما في النص الأخر غير مخالفة، فالاستدلال بحديث عباد بن تميم بأن صلاة الكسوف لا صفة لهما زائدة مقيد بما عندنا "كما يصلي في العيد" وأما قول الحنفية لكونه استسقى عند أحجار الزيتون دون صلاة، فلا يعني أن صلاة الاستسقاء غير مشروعة، بل هي مشروعة قد فعلها النبي -عليه الصلاة والسلام-، واستسقاؤه دون صلاة نوع من استسقاءاته -عليه الصلاة والسلام-، نعم.

"وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "شكا الناس إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قحوط المطر فأمر بمنبر فوضع له في المصلى، ووعد الناس يوماً يخرجون فيه، فخرج حين بدا حاجب الشمس فقعد على المنبر فكبر، وحمد الله ثم قال: ((إنكم شكوتم جدب دياركم، وقد أمركم الله أن تدعوه، ووعدكم أن يستجيب لكم)) ثم قال: ... نعم؟ سم يا شيخ. إنكم شكوتم؟ ((إنكم شكوتم جدب دياركم، وقد أمركم الله أن تدعوه)). ما عندك غير هذا؟ سم يا شيخ. واستئخار المطر؟ ما في يا شيخ. ((إنكم شكوتم جدب دياركم، واستئخار المطر عن إبان زمانه عنكم)) ما فيه؟ ما في يا شيخ. عندكم وإلا .. ؟ نعم؟ ((إنكم شكوتم جدب دياركم، واستئخار المطر عن إبان نزوله عنكم، فقد أمركم الله أن تدعوه، ووعدكم أن يستجيب لكم)) ثم قال: ((الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين)) يعني ما هو موجود عندكم في النسخ كلها؟ طالب:. . . . . . . . . أي طبعة؟ طالب:. . . . . . . . . طبعة الجامعة هي اللي معي، ويش هو؟ موجودة؟ أحد معه الشرح؟ نعم الشرح الشرح معك؟ السبل؟ هاته، شوف الآن في الشرح: "فكبر وحمد الله، ثم قال: ((إنكم شكوتم جدب دياركم، فقد أمركم الله أن تدعوه)) حتى أنا عندي في الشرح، موجود حتى في الشرح، موجود في الشرح، نعم. ثم قال: ((إنكم شكوتم جدب دياركم، واستخار المطر عن إبانه)) ((عن إبان زمانه عنكم، وقد أمركم الله أن تدعوه)) ضعه بين قوسين. ((عن إبان زمانه عنكم، وقد أمركم الله أن تدعوه، ووعدكم أن يستجيب لكم)) ثم قال: ((الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين، لا إله إلا الله يفعل ما يريد، اللهم أنت الله لا إله إلا أنت، أنت الغني ونحن الفقراء، أنزل علينا الغيث وجعل ما أنزلت قوة وبلاغاً إلى حين)) ثم ... ما في علينا؟ ((وجعل ما أنزلت علينا قوة)). ((واجعل ما أنزلت قوة)). ما في علينا؟ ما في علينا يا شيخ. طيب.

((واجعل ما أنزلت قوة وبلاغاً إلى حين)) ثم رفع يديه فلم يزل حتى رئي بياض إبطيه، ثم حول إلى الناس ظهره، وقلب رداءه، وهو رافع يديه، ثم أقبل على الناس ونزل وصلى ركعتين، فأنشأ الله سحابة فرعدت وبرقت ثم أمطرت" رواه أبو داود، وقال: "غريب، وإسناده جيد" وقصة التحويل في الصحيح من حديث عبد الله بن زيد، وفيه: "فتوجه إلى القبلة يدعو، ثم صلى ركعتين جهر فيهما بالقراءة". وللدارقطني من مرسل أبي جعفر الباقر: "وحول رداءه ليتحول القحط".

يقول -رحمه الله تعالى-: "وعن عائشة -رضي الله تعالى عنها- قالت: "شكا الناس إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قحوط المطر" يعني أبدوا حاجتهم الشديدة والماسة إلى نزول المطر "فأمر النبي -عليه الصلاة والسلام- بمنبر فوضع له في المصلى، ووعد الناس يوماً يخرجون فيه" نعم يضرب الإمام موعد محدد للاستسقاء، يحدده للناس فيخرجون لطلب السقيا في هذا اليوم المحدد من قبل الإمام، وعلى هذا صلاة الاستسقاء بالصلاة لا بالدعاء، أما بالدعاء كل إنسان يدعو لنفسه بما شاء ولا أحد يمنع من هذا، لكن الصلاة هل لكل إنسان يصلي متى شاء للاستسقاء ويدعو؟ أو هل لطائفة من الناس أن يرتبوا أنفسهم فيستسقون؟ النبي -عليه الصلاة والسلام-، وعدهم يوماً يخرجون فيه، وعدهم يوماً يخرجون فيه، فرتب لهم هذا الموعد، وعد الناس يوماً يخرجون فيه فالترتيب يكون من قبل الإمام "قالت عائشة: فخرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حين بدأ حاجب الشمس" خرج، لكن هل يعني هذا أنه صلى قبل ارتفاعها؟ كونه خرج إليها مع بزوغ الشمس هل يعني أنه صلاها قبل خروج وقت النهي؟ لا، لا يلزم منه هذا "فقعد على المنبر فكبر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وحمد الله -عز وجل- ثم قال: ((إنكم شكوتم جدب دياركم))، ((شكوتم جدب دياركم، واستئخار المطر عن إبان زمانه)) يعني عن وقت نزوله، بحيث أصابكم الضر والشدة والجدب والقحط، ((وقد أمركم الله أن تدعوه، ووعدكم أن يستجيب لكم)) ثم قال: ((الحمد لله رب العالمين)) {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [(60) سورة غافر] وقال أيضاً: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} [(186) سورة البقرة] فأمر الله -جل وعلا- بالدعاء، ووعد بالإجابة، لكن أمر مع ذلك بفعل الأسباب، وحذر من ارتكاب الموانع، وإلا نرى الناس يدعون يدعون، ثم ماذا؟ لانتفاء الأسباب أو لتخلف كثير من الأسباب ووجود بعض الموانع، في حديث الرجل الذي يطيل السفر أشعث أخبر، يمد يده إلى السماء يارب يا رب، عنده موانع، مطعمه حرام، مشربه حرام، ملبسه حرام، نسأل الله العافية، وجاء في الخبر: "أن من عليه ثوب من ثمنه درهم من حرام لا

يستجاب له" ما دام الثوب عليه.

والمقصود أن على الإنسان أن يطيب مأكله ومشربه وملبسه، غذاؤه يكون من حلال ليستجاب له، مطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام، فأنى يستجاب له، وإن كان عنده بعض الأسباب التي تقتضي إجابة الدعاء، السفر المسافر له دعوة، أشعث أغبر أقرب إلى انكسار القلب، ويمد يديه أيضاً، رفع اليدين من الأسباب، ويلح بهذا الاسم الذي جاء في القرآن مقرون بأغلب الأدعية: "يا رب، يا رب" هذه من أسباب الإجابة، لكن لما وجد المانع تخلف الأثر، والأمر بالدعاء {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [(60) سورة غافر] أمر بفعل أسبابه، وأمر باجتناب موانعه وإلا صار عبثاً ولغواً ((فأنى يستجاب له)) يارب يا رب، أكثر الأدعية القرآنية تصدر بـ (يارب) حتى قال جمع من أهل العلم: إنها إذا كررت يارب خمس مرات أجيب للإنسان، واستدل على ذلك بما جاء في آخر سورة آل عمران كم فيها من (ربنا)؟ خمس مرات، وفي النهاية {فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ} [(195) سورة آل عمران] هذه أسباب، لكن لما وجدت الموانع تخلف الأثر، وهنا: ((فقد أمركم الله أن تدعوه، ووعدكم أن يستجيب لكم)) ثم قال: ((الحمد لله رب العلمين، الرحمن الرحيم، ملك يوم الدين)) هكذا في سنن أبي داود ((لا إله إلا الله يفعل ما يريد)) وبعض الروايات: ((يفعل ما يشاء، ويحكم ما يريد، اللهم أنت الله لا إله إلا أنت، أنت الغني ونحن الفقراء، أنزلنا علينا الغيث، وجعل ما أنزلت علينا قوة لنا وبلاغاً إلى حين)) واجعل ما أنزلت علينا قوة نتقوى به على طاعتك، نستعمله في مرضاتك ((وبلاغاً إلى حين)) أي إلى حين وفاتنا وانتقالنا من هذه الدار "ثم رفع يديه -عليه الصلاة والسلام- ولم يزل يلح بالدعاء حتى بدا بياض أبطيه" مبالغة في رفع اليدين -عليه الصلاة والسلام-، ثم حول إلى الناس ظهره، استقبل القبلة وقلب رداءه رافع يديه، ما زال ملح بالدعاء، "ثم أقبل على الناس ونزل فصلى ركعتين" هذا فيه أن الصلاة بعد الخطبة بعد الخطبة "ثم أقبل على الناس ونزل فصلى ركعتين، ثم أنشأ الله سحابة فرعدت وبرقت ثم أمطرت" وهناك في الحديث: "خرج فصلى" خرج فصلى، التعقيب بالفاء يدل على أنه أول ما بدأ بعد خروجه بالصلاة، وعلى كل حال جاء ما يدل

على أن الخطبة قبل الصلاة، وما يدل على أنها بعدها؛ لكن للتوفيق بين هذه النصوص قال أهل العلم: إنه بدأ بدعاء خفيف، ثم صلى صلاة الاستسقاء، ثم بعد ذلك خطب ودعا. ثم قال -رحمه الله تعالى-: "وقصة التحويل" وهناك: "وقلب رداءه ثم قال: "وقصة التحويل" يعني تحويل الرداء في الصحيح من حديث عبد الله بن زيد بن عاصم، عبد الله بن زيد بن عاصم راوي الوضوء، وليس المراد عبد الله بن زيد بن عبد ربه راوي الأذان، وإن وهم في هذا بعض الحفاظ، من حديث عبد الله بن زيد هذا في البخاري -رضي الله عنه-، وفيه: "فتوجه إلى القبلة يدعو ثم صلى ركعتين جهر فيهما بالقراءة" قصة التحويل والتحويل سنة عند الأكثر، والحنفية يقولون: لا يشرع، لا يشرع التحويل، وما دام ثبت على النبي -عليه الصلاة والسلام- فإنه لا كلام لأحد مع فعله -عليه الصلاة والسلام-، وكيفية التحويل كما جاء عند البخاري عن سفيان: "جعل اليمين على الشمال" وزاد ابن خزيمة: "والشمال على اليمين" التحويل تحويل الرداء، ويقوم مقام الرداء البشت والفروة والشماغ، كل ما يمكن انفصاله، وهل تحول النساء أو لا؟ تحول كالرجال نعم لا شك أن النساء شقائق الرجال، فإذا حضرن صلاة الاستسقاء وأمن انكشافهن أمام الرجال بحيث إذا كن في محل مستقل في محل مصلى مستقل بحيث لا يراهن الرجال البتة فيشملهن الإقتداء به -عليه الصلاة والسلام- في هذا، أما أذا كن يصلين مع الرجال كما في المصليات المكشوفة في الصحاري مصليات الأعياد فمثل هذا تدرأ المفسدة، وتترك هذه السنة بسبب ما يترتب عليها. "وللدارقطني من مرسل أبي جعفر الباقر -رضي الله عنه-" أبو جعفر أولاً: جعفر هو الصادق، وأبوه الباقر محمد بن علي بن الحسين، محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب "وللدارقطني من مرسل أبي جعفر الباقر -رضي الله عنه-: وحول رداءه ليتحول القحط" ليتحول القحط، وهذا من باب التفاؤل، الخبر وإن كان مرسلاً، ورواه الحاكم موصولاً عن جابر وصححه الحاكم، لكن هو أولى ما يعلل به هذا التحويل؛ ليكون من باب التفاؤل، حول رداءه ليتحول الحال ويتحول القحط إلى خصب.

يقول ابن العربي: إن هذا التحويل أمارة بين النبي -عليه الصلاة والسلام- وبين ربه –عز وجل-، كأنه قيل له: حول رداءك ليتحول حالك، وعلى هذا يشرع في حق الأمة أو لا يشرع؟ على كلامه لا يشرع في حق الأمة، أمارة بين الله -جل وعلا- وبين نبيه -عليه الصلاة والسلام-، لكن هذا لا شك أن يحتاج إلى نقل، يحتاج إلى نقل، وأولى ما يعلل به التحويل ما جاء في هذا الخبر وإن كان مرسلاً "حول رداءه ليتحول القحط" والمرسل من قبيل الضعيف عند أهل العلم، إلا أنه رواه الحاكم موصولاً عن جابر، فيكون فيه تعارض الوصل مع الإرسال، وصلاة الاستسقاء جهرية، في الصحيح يقول: "وقصة التحويل في الصحيح من حديث عبد الله بن زيد -رضي الله عنه- وفيه: "فتوجه إلى القبلة يدعو ثم صلى ركعتين جهر بهما بالقراءة" ونقل ابن بطال الإجماع على أن صلاة الاستسقاء جهرية، الإجماع على أن صلاة الاستسقاء جهرية، طيب، الإجماع على أن صلاة الاستسقاء جهرية ما رأي الحنفية في الجهر والإسرار بها؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . ما يرون الصلاة في الاستسقاء، نعم، لا يرون صلاة الاستسقاء، والله أعلم. وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصبحه أجمعين.

كتاب الصلاة (36)

بلوغ المرام- كتاب الصلاة (36) شرح: باب: اللباس. الشيخ/ عبد الكريم الخضير يقول: هل يجب على طالب العلم النظر في كتب شيخ الإسلام وابن القيم -رحمهما الله تعالى-؟ وإن كان الجواب بنعم فبم تنصحون؟ أولاً: بالنسبة للوجوب يقول: هل يجب على طالب العلم النظر في كتب شيخ الإسلام؟ العلم جملة منه ما هو واجب، وهو ما لا يتم الواجب إلا بمعرفته على المكلف، وباقيه نفل من أفضل الأعمال، وهو باب من أبواب الجهاد، أما كونه يجب فلا، وتبعاً لذلك فالنظر في كتب شيخ الإسلام وابن القيم -رحمهما الله تعالى- من أولى ما ينبغي أن يعنى به طالب العلم؛ لأنها خير ما يعين على فهم الكتاب والسنة، خير ما يعين على فهم الكتاب والسنة. فبم تنصحون؟

لا شك أن مؤلفات الشيخين كلها قيمة، وكلها نافعة، لكن منها ما ينسب المتوسطين، ومنها ما لا يدركه إلا الكبار، ومنها ما لا يدرك، كتب شيخ الإسلام على الخصوص إلا القليل النادر جداً، فكتب شيخ الإسلام -رحمه الله تعالى- متفاوتة جداً، فيها تفاوت، وعلى كل حال الطالب المبتدئ عليه أن يلزم الجادة، ويقرأ كتب المبتدئين التي خصصها أهل العلم لهم، مع حفظ ما أمكن حفظه من كتاب الله -جل وعلا-، وبقية العلوم على الترتيب المعروف عند أهل العلم، وكتب شيخ الإسلام بالنسبة للمبتدئين تصعب عليه جداً، المتوسطين قد تناسبه بعض كتب ابن القيم -رحمه الله-، كتب ابن القيم أيضاً فيها نفائس، وفيها فهم عجيب للنصوص، وفيها توجيه، وفيها علاج لكثير من أمراض القلوب، فلا يستغني عنها طالب علم، لا يستغني عنها إلا من استغنى عن العلم، فكتب الشيخ -رحمه الله- شيخ الإسلام وتلميذه ابن القيم في غاية الأهمية لطالب العلم، لكن ينبغي أن ترتب الأمور، منها ما يمكن أن يفهم، ومنها ما لا يفهم إلا بالقراءة على الشيوخ، ومنها ما يؤجل تؤجل قراءته حتى يدرك الشخص، تكون لديه أهلية لفهم هذه الكتب، فبعض الطلاب يسمع مدح بعض الكتب وهذا الشيء يؤثر في الجميع أن الشيخ يمدح كتاب يذهب الطالب يقتنيه، وينظر فيه، ثم بعد ذلك يفاجأ أنه فوق مستواه، فيمل منه ويترك، وكثير من الطلاب على هذه الشاكلة، أن الشيخ المتحدث أمامه فئات متفاوتة في العلم، فهو يمدح الكتاب باعتباره نافعاً، لكن ما ينظر إلى أن بعض من يحضر من المبتدئين قد يصرفه هذا الكتاب عن تحصيل هذا العلم، فإذا سمع طالب العلم المبتدأ مثلاً مدح الحافظ ابن كثير لعلل الدارقطني، أشاد به والكتاب كذلك، لكن هل يصلح لطلاب مبتدئين وحتى متوسطين؟ ما يصلح؛ لأن الطالب حتى المتوسط قد لا يدرك كثير مما يرمي إليه الدارقطني. أو يسمع مدح ابن القيم -رحمه الله تعالى- لكتاب العقل والنقل لشيخ الإسلام ابن تيمية. واقرأ كتاب العقل والنقل الذي ... ما في الوجود له نظير ثانِ

ثم يذهب ليقرأ، يمر عليه مائة صفحة مائتين صفحة أو مجلد ما فهم منه شيء البتة، هذا حتى المتوسطين حتى المنتهين بل كثير من الشيوخ لا يدرك كثير من كلام شيخ الإسلام، في مثل هذا الكتاب، أو نقض التأسيس، يسمع كلام ابن القيم -رحمه الله-: وكذلك التأسيس أصبح نقضه ... أعجوبة للعالم الرباني ومن العجيب أنه بسلاحهم ... أرداهم نحو الحضيض الداني يعمد لشراء هذا الكتاب ثم يقرأ فيه، كونه يقتنيه ويجعله عنده، يدخره في مكتبته إلى أن يتأهل لقراءته هذا طيب، لكنه يبدأ بهذه الكتب؟ تصور أن طالب العلم قد يصاب بردة فعل، منهاج السنة لشيخ الإسلام ابن تيمية من أمتع كتبه -رحمه الله-، من أيسرها على أوساط المتعلمين، لكن في المجلد الأول ثلاثمائة صفحة لو تدبس مرة ما تقرأ، وفي السادس أيضاً مثلها، يعني كلام جزل صعب صعب على كثير من المتعلمين، ومع ذلك كتب شيخ الإسلام وابن القيم من أنفع ما يعين على فهم الكتاب والسنة، إضافة إلى ما كتبه الأئمة المحققون من سلف هذه الأمة وأئمتها. يقرأ الطالب لابن القيم مثل: الفوائد، ومثل: إغاثة اللهفان، ومثل: مفتاح دار السعادة، ومثل: حادي الأرواح، ثم بعد ذلك يطلع إذا تأهل إلى أعلام الموقعين، وقبله: زاد المعاد، وكتب نافعة في غاية الأهمية، كتب لا يغني عنها شيء، فطالب العلم لا يستغني عن كتب هذين الإمامين. يقول: ما رأيكم في القراءة المجردة في كتب الحديث دون الشروح كالبخاري ومسلم والنسائي مع الرجوع إلى الشروح إذا دعت الحاجة؟

لا شك أن الهدف والمقصد والغاية هي المتون الثابتة عن النبي -عليه الصلاة والسلام-؛ لأن الحجة فيها، لكن الطالب بحاجة إلى ما يعينه على فهم هذه المتون، فإدامة النظر في الشروح لا شك أنه يعني فهم النص، ويولد لدى طالب العلم ملكة للفهم والاستنباط، يقرأ الشروح وبعد ذلك قد يرد عليه حديث ماله شرح، في كتاب ما شرح البتة، الطالب من خلال نظره في الشروح، وكيفية التعامل مع هذه المتون من قبل العلماء تتولد لديه الملكة في الفهم، لكن قد يقول قائل: إن الشروح طويلة تنتهي دونها الأعمار، ويقتصر من كل كتاب على شرح واحد، على شرح واحد، ولو اعتنى بالبخاري وقرأ عليه أكثر من شرح، ثم بعده شرح واحد لكل كتاب، لا شك أن شروح البخاري فيها على ما قيل: "كل الصيد في جوف الفرا" يعني فتح الباري فيه كل شيء يحتاجه طالب العلم، عمدة القارئ أيضاً فيها أشياء، إرشاد الساري لا يستغني عنه الطالب لبيان اختلاف الروايات لصحيح البخاري فينبه على كل شيء حتى ما لا أثر له، بخلاف ابن حجر ما ينبه إلى اختلاف الروايات إلا عند الحاجة، والعيني قيمته في مباحثه الفقيه، الرجل فقيه، وفي مناقشاته لابن حجر، وردوده عليه، هذه تعين وتفيد الطالب كثيراً هذه المناقشات، وتفتق الذهن، وتفتح آفاق أمام الطالب.

على كل حال الشروح قراءتها والرجوع إليها أمر لا بد منه، لا يستقل الطالب بفهم يند فيه عن فهم أهل العلم، ثم إذا فهم الحديث أو فهم الآية على غير مراد الله -جل وعلا- وعلى غير مراد رسوله يضل، وقد يرتب على فهمه أحكام قد لا تحمد عقباها، وقد يبتدع قولاً لم يسبق إليه، فإذا أدام النظر في الشروح، وعرف الطريقة وعرف الجادة تيسر له فيما بعد ذلك أن يفهم السنة -إن شاء الله تعالى-، فمثل ما ذكرنا الشروح لا بد منها، لكن لا شك أن العناية بها أكثر من الحاجة إلا شخص يصرف جميع وقته للعلم، هذا يقرأ الشروح ويفهم المتون، أما شخص قراءته على الفرغة هذا ما يدرك شيء؛ لأن فتح الباري لو خصصت له درس يومي كل يوم ساعة يومي ولا يوم يتخلف يحتاج إلى سنتين، يحتاج إلى سنتين على الأقل، بينما النووي لو خصصت له ساعة في اليوم يحتاج إلى أربعة أشهر، فالشروح متفاوتة، وأيضاً هي متفاوتة في السهولة والصعوبة، بعضها فيه استغلاق كثير على الطالب مثل هذا تؤجل قراءته، وبعضها سهل سمح يعني مثل النووي على مسلم، أو مثل الكرماني على البخاري هذه شروح سهلة، يقرأها الطالب وهو مرتاح، شروح ماتعة، فيها نكات وطرائف وفوائد يحتاجها طالب العلم، ويحسن أن يبدأ بها الطالب، على أن يكون على حذر شديد من المخالفات العقدية، فكل من الكرماني والنووي على مذهب الأشعري في الاعتقاد؛ ليكن على حذر من هذا الباب، وإلا فالكتابان في غاية الأهمية من جهة، وفي غاية المتعة والطرافة. شرح ابن رجب -رحمه الله- أيضاً شرح نفيس جداً على طريقة السلف، وفيه أو منه تشم رائحة السلف -رحمه الله تعالى-، وجميع كتبه على هذه الشاكلة، فالعناية تكون أولاً وأخراً بالغاية التي هي النصوص نصوص الكتاب والسنة، ثم بعد ذلك يستفيد من الشروح، ومن التفاسير ما يعينه على فهم الكتاب والسنة. يقول: هل تنصحون المبتدئين بسماع شرح الشيخ ابن باز -رحمه الله- على بلوغ المرام؟

شرح الشيخ -رحمه الله- على بلوغ المرام وغيره من الكتب يستفيد منه كل أحد المبتدأ يستفيد، يسمع علم سهل ميسر مبسط، ليس فيه غموض، ولا استعمال للاصطلاحات البعيدة، ويستفيد منه العالم من اختيار الشيخ وتوجيهات الشيخ، وليس فيه أيضاً ما يحتاج إلى وقت طويل؛ لأنه مختصر جداً؛ لأنه يحكي علم الشيخ فقط، ما في استطراد، في قال: فلان ولا علان، ولا نقول، ولا خلافات ولا استطرادات، بينما هذه الأمور توجد عند الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله تعالى-، ويسوقها بأسلوب سهل، فالشيخ عليه رحمة الله- الشيخ ابن باز له خصائصه، ويستفيد منه كل أحد، الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله تعالى- ذلل العلم ويسيره وسهل لطلابه، يعني تقرأ كتب الشيخ كأنك تسمع سواليف الشيخ -رحمه الله-، وهذا يدل على أن الشيخ فهم هذا العلم وتصرف في أدائه، بينما بعض الناس الذي يقرأ له مسألة أو يبحث مسألة لكن لا يستوعبها استيعاباً كاملاً لا يستطيع أن يتصرف في كيفية أدائها. أيضاً الشيوخ الآخرون الشيخ ابن جبرين، الشيخ ابن فوزان، شيوخنا كلها عندهم -ولله الحمد- العلم والخير وفيهم الإفادة، وهذا يدل على إخلاص -إن شاء الله تعالى-، على ما نحسب، والله حسب الجميع، فعلينا أن نعنى بكتب المتقدمين وهي الأصل، والمتون التي قررت لكل طبقة، وما كتب عليها من شروح، وشروح المعاصرين أيضاً باعتبارها كتبت وألفت بلغة العصر، ولهجة العصر، يستفيد منها كل أحد، ولا ننسى فتاوى العلماء المعاصرين؛ لأنها تعالج قضايا ونوزل وجدت في هذا العصر، ولا توجد في كتب المتقدمين. ففتاوى الشيخ -رحمه الله- الشيخ محمد بن إبراهيم، والدرر السنية، وفتاوى الشيخ ابن باز، وفتاوى اللجنة الدائمة، فتاوى العلماء في غاية الأهمية لطالب العلم؛ لأنها أولاً: لا تحتاج إلى شيخ تقرأ عليه، سهلة صيغت بلهجة ولغة يفهمها أهل العصر، طريقة سهلة ميسرة، وفيها أيضاً نوازل ووقائع لم توجد عند المتقدمين فيستفاد منها، يكفي هذا السؤال؟ نعم؟

هنا ثلاثة أسئلة إن بقي وقت تترك الأسئلة إلى آخر الدرس -إن شاء الله-، إحنا قررنا أن نأخذ كتاب اللباس كاملاً ونقف على الجنائز -إن شاء الله تعالى-، وهذا خلاف ما خططنا له سابقاً على الطريقة السابقة، لكن أشرنا مراراً إلى أن الإخوان ودهم إلى أننا نمشي حتى بعض الطلاب كأنه دب إليه الملل، والكتاب طويل فيحتاج إلى ما لا يقل عن خمس سنوات لاحقة، فنختصر كثيراً باعتبار هذا مطلب الجميع، وأرجو ألا يكون الاختصار مخلاً. سم. بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم النبيين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً، وبعد: فيقول الإمام الحافظ أحمد بن علي بن حجر في بلوغ المرام: "وعن أنس -رضي الله عنه- أن رجلاً دخل المسجد يوم الجمعة والنبي -صلى الله عليه وسلم- قائم يخطب، فقال: يا رسول الله هلكت الأموال، وانقطعت السبل، فادع الله يغيثنا" فرفع يديه ثم قال: ((اللهم أغثنا، اللهم أغثنا)) فذكر الحديث، وفيه الدعاء بإمساكها" متفق عليه" الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصبحه أجمعين. ولا يزال الحديث في أحاديث الاستسقاء، هذا الحديث حديث: "أنس -رضي الله عنه- أن رجلاً دخل المسجد يوم الجمعة والنبي -صلى الله عليه وسلم- قائم يخطب" وهذا نوع من أنواع استسقائه -صلى الله عليه وسلم-، وتقدم ذكر الأنواع نقلاً عن ابن القيم أنه استسقى في الصلاة ثم الدعاء، واستسقى بالدعاء فقط دون صلاة، واستسقى بالخطبة على المنبر دون جمعة، واستسقى في خطبة الجمعة، واستسقى وهو جالس في المسجد، واستسقى عند أحجار الزيت، واستسقى في بعض غزواته لما سبقه المشركون إلى الماء، وأجيب -عليه الصلاة والسلام- في جميع استسقاءاته، استسقى-عليه الصلاة والسلام- يوم الجمعة على المنبر بطلب من هذا الداخل، الذي لا يعرف اسمه كما قال الحافظ ابن حجر، لم يقف في شيء من الطرق على اسمه.

"عن أنس -رضي الله عنه- أن رجلاً" هذا مبهم لم يتم تعيينه في الروايات الأخرى "دخل المسجد يوم الجمعة والنبي -صلى الله عليه وسلم- قائم يخطب، فقال: يا رسول الله هلكت الأموال" دخل هذا الرجل والحال أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قائم يخطب "فقال: يا رسول الله هلكت الأموال -هلكت من القحط والجدب وما يقيتها وما تقوم به حياتها- وانقطعت السبل" انقطعت السبل الطرق، لماذا؟ لأن الدواب التي تسلك هذه السبل هلكت، أو لأنه لا يوجد في هذه السبل شيء تأكله الدواب فيخشى عليها من التلف، فلا يسافر عليها، ولا ينتقل عليها من مكان إلى مكان، أو أنه لا يوجد من البضائع بسبب الشدة في هذه السنة ما تنقله الدواب "هلكت الأموال، وانقطعت السبل، فادع الله" فادع الله يلتمس من النبي -عليه الصلاة والسلام- أن يدعو الله -عز وجل- "فادع الله أن يغيثنا" فادع الله يغيثنا كذا بالياء إعرابها؟ إذا قلت: ذاكر تنجح، ذاكر تنجح، تنجح؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . مجزوم لأنه جواب الطلب، أو جواب شرط مقدر، وهنا "فادع الله -عز وجل- يغيثنا" {فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا * يَرِثُنِي} [(5 - 6) سورة مريم] لو قلنا: جواب الطلب لقنا يرثْني، وهنا لو قلنا: جواب الطلب لقال: يغثْنا، ها ما يكون إعرابها؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . كيف؟ طالب:. . . . . . . . . وين المجزوم؟ طالب:. . . . . . . . . (ادع) فعل أمر مبني على الجزم معروف هذا ما في إشكال، يغيثنا الكلام. طالب:. . . . . . . . . على إيش؟ طالب:. . . . . . . . . ما يجي جواب الطلب، إذا بغينا جواب الطلب لا بد أن نقول: يغثنا إذا قلنا: جواب الطلب، {فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا -إيش؟ - * يَرِثُنِي} [(5 - 6) سورة مريم] يرثُ: فعل مضارع مرفوع، لو قلنا: جواب الطلب قلنا: يرثْني وهنا: يغيثنا، لو قلنا: جواب الطلب قلنا: يغثنا، نعم. طالب: يا شيخ أولاً: جاء في رواية: "يغثنا" في بعض الروايات. طيب. وفي هذه: خبر لمبتدأ محذوف: "هو يغيثنا". طالب:. . . . . . . . . كيف؟ طالب:. . . . . . . . .

لا ما يلزم ما نبي ننصبه، نعم لو أردنا نصبه بأن المضمرة بعد واو المعية وفاء السببية قلنا هذا الكلام، لكن نريد جزمه إحنا، نعم الجواب: أنه جاء في رواية على أنه مجزوم جواب الطلب، نعم. طالب:. . . . . . . . . كيف؟ طالب:. . . . . . . . . منفصلة بإيش؟ طالب:. . . . . . . . . يعني مالها ارتباط بالأمر (ادع)؟ ليس لها ارتباط بالطلب المتقدم (ادع)؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . ويش هو؟. . . . . . . . . ما تجي يا أخي، ما تجي، يعني لو مشت على القاعدة المعروفة قال: يغثنا وانتهى الإشكال، نعم؟ ووجه التأدب إيش؟ كيف؟ يعني الصواب فيها الراوية على القاعدة، نعم؟ ويغيثنا؟ يعني هذه مروية بالمعنى؟ طالب:. . . . . . . . . نعم عادي تخريجها سهل، نعم هذه نعم ترد عليك الآية، ترد عليك الآية، يغيثنا هذه هي جواب لـ (ادع) جاءت في بعض الروايات على أنها مجزومة جواب الطلب، وهذا الرواية بالمعنى، الرواية بالمعنى جائزة، وحتى من رواها بالمعنى على هذا يمكن تخريجها على القواعد بأن يقال: خبر لمبتدأ محذوف هو يغيثنا، أو تقول: الياء هذه للإشباع {إنه من يتقي ويصبر} يتقي ويصبر بقراءة إشباعها. ألم يأتيك والأنباء تنمي ... . . . . . . . . . إشباع، فالتخريج من حيث العربية أمره سهل، يعني ما لم يكن عاد خطأ واضح ما له .. ، لا يمكن تصويبه. "يغيثنا" يعني يرسل علينا الغيث الذي هو المطر الذي بسببه والله -جل وعلا- هو المسبب، وهو النافع الضار، يحصل لنا الغوث والغيث من الشدة واللهف الذي نعيشه، "فرفع النبي -عليه الصلاة والسلام- يديه" رفع النبي -صلى الله عليه وسلم- يديه داعياً الله -جل وعلا-، ورفع اليدين في الدعاء ثابت، وفيه أكثر من مائة حديث، بل فيه المصنفات ألفت في أحاديث رفع اليدين في الدعاء. "فرفع يديه ثم قال: ((اللهم أغثنا، اللهم أغثنا)) استجاب النبي -عليه الصلاة والسلام- لطلب هذا الرجل "فذكر الحديث" بتمامه "وفيه الدعاء بإمساكها" بإمساك السحاب عن الإمطار "متفق عليه".

وتمامه كما في صحيح مسلم: "قال أنس: "فلا والله ما نرى في السماء من سحاب ولا قزعة، وما بيننا وبين سلع من بيت ولا دار، قال: فطلعت من روائه سحابة مثل الترس، فلما توسطت السماء انتشرت ثم أمطرت، قال: فلا والله ما رأينا الشمس سبتاً" سبتاً يعني أسبوعاً كاملاً، يعبرون باليوم على الأسبوع، لأنه نزل المطر يوم؟ يوم إيش؟ الجمعة، إلى الجمعة القادمة لما دخل الأعرابي مرة ثانية، أسبوع كامل "فو الله ما رأينا الشمس سبتاً" ثم دخل رجل ولا يدرى، أنس لا يدري هل هو ذلك الرجل أو غيره لما سئل؟ أو رجل أخر احتمال أو هو نفسه؟ ثم دخل رجل؛ لأنه لو كان الرجل لقال: "ثم دخل الرجل" لأن مقتضى التعبير أن النكرة إذا أعيدت نكرة صار غيره، وإذا أريد نفس الرجل السابق أعيد معرفة {فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ} [(16) سورة المزمل] هو الرسول السابق الذي ذكر، فإذا أريد عينه أعيد معرفة، ومع ذلكم قال شريك: فسألت أنس بن مالك أهو الرجل الأول؟ قال: لا أدري، ثم دخل رجل من ذلك الباب نفس الباب الذي دخل منه الرجل الأول في الجمعة المقبلة ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- قائم يخطب، فاستقبله قائماً فقال: يا رسول الله هلكت الأموال، وانقطعت السبل، هلاكها الأول بسبب تأخر المطر، الهلاك الأول بسبب المطر، وهلاكها الثاني بسبب كثرة المطر، وبنو أدم مسكين ضعيف لا يحتمل هذا ولا هذا، ليس لديه حول ولا قوة، لكن إذا كانت الأمور ماشية على ما يريد ظلوم جهول، جبار عنيد، ثم بعد ذلك إذا اعتراه أدنى ما يعتريه ضعف وانكسر خنع وخضع، فعلى الإنسان أن يعرف قدر نفسه، ولا يرفعها ولا يعطيها أكثر من حجمها، فالإنسان إذا عرف قدر نفسه ارتاح وأراح الناس من شره، والله المستعان.

"ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- قائم يخطب فستقبله قائلاً: يا رسول الله هلكت الأموال، وانقطعت السبل، فادع الله يمسكْها" أو يمسكُها كسابقه، وفيه ما فيه، ما قيل في الأول "يمسكها عنا، قال: فرفع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يديه ثم قال: ((اللهم حوالينا ولا علينا)) " يعني أبعدها عن الأماكن الآهلة، تعرفون ما يحصل بسبب كثرة الأمطار وهو الغيث الذي يخرج الناس لطلبه، ما يخرج من الأضرار، ولذا الدنيا مجبولة على كدر، هذا الناس يخرجون لطلبه، ومع ذلكم يتضررون به، والخير المحض الذي لا يشركه أدنى شر وأدنى ضرر إنما هو في الجنة، فليكن سعينا وجدنا واجتهادنا إلى تحصيل هذا الخير الذي لا يشركه ضر، وأما خير الدنيا الذي يشوبه الشر والضر مثل هذا يطلب منه الإنسان بقدر ما يعينه على بلوغ غايته، ولا تنسى نصيبك من الدنيا، مع كون الإنسان جهده كله للدنيا، وينسى الآخرة بحيث يحتاج إلى التذكير بها كما هو حال كثير من الناس، جل الناس على هذا، والله المستعان. ((اللهم حوالينا ولا علينا، اللهم على الآكام)) جمع: أكمة ((والضراب، وبطون الأودية، ومنابت الشجر)) تعرفون الكوارث التي تحصل بسبب كثرة السيول والفيضانات لا يطيقها الناس، الماء الذي هو عنصر من عناصر الحياة لا يستغني أحد {وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ} [(30) سورة الأنبياء] ومع ذلكم يحصل منه ما يحصل فكيف بغيره؟

"قال: فنقلعت فخرجنا نمشي في الشمس" انقلعت يعني توقفت وانجابت عن السماء السحب والغيوم المتراكمة فخرجوا يمشون في الشمس، وانظر كيف يتلذذ الناس بالشمس بعد هذا الأسبوع؟ الله المستعان، وبالمقابل كيف يتأذى بها الناس إذا زاد حرها؟ وهكذا أمور الدنيا كلها بهذه الطريقة، يوم كذا ويوم كذا، وليست هذا الدنيا بدار قرار، ولذا جبلت على هذه الأكدار، فلنعرف قدرها، فالمطر إذا تأخر يشرع الاستسقاء، وإذا زاد يطلب كشفه لما يترتب عليه من ضرر كما في هذا الحديث، لكن إذا وجه ولي الأمر بالاستسقاء، وضرب يوماً يخرجون فيه كما يحصل الآن في هذه البلاد، وبعض البلدان نزل عليه مطر كثير، نزل عليه مطر كثير، وبعضها بحاجة إلى مطر، فهل يشرع الاستسقاء للجميع أو الذين أغيثوا لا يحتاجون إلى استسقاء؟ فالاستسقاء طلب السقيا وهؤلاء كيف يطلبون السقيا وعندهم المطر كثير جداً، لا شك أن الإقليم والقطر كالبلد الواحد كالبلد الواحد، وولي الأمر إذا أكد على الجميع الخروج إلى الاستسقاء يخرجون، ويطلبون السقيا لإخوانهم، والذي لا يشعر بحاجة إخوانه ولم يهتم بأمور المسلمين على خطر، على خطر، فلا يقول قائل: إن مادامت الأمطار عندنا كثيرة لماذا نستسقي؟ لا تستسقي يا أخي، تطلب السقيا وأن تكون هذه السقيا سقيا رحمة، لا سقيا عذاب ولا هدم ولا غرق، على ما سيأتي في بعض الروايات، المقصود أن هذا يتردد كثيراً حينما يؤمر بصلاة الاستسقاء ثم يقول: كثرت علينا السيول فلسنا بحاجة إذاً ما نستسقي، تستسقي يا أخي، وقد تكون الفوائد ظاهرة وقد تكون باطنة، أنت لا تقدر حاجتك من الماء، نعم أنت لا تقدر الحاجة، اسأل ربك أن يسقيك، ويسقي إخوانك في جميع الأقطار، وما يحتاج إليه من المياه التي تسلك في الأرض وتسمونها المياه الجوفية، وبعض الناس جبلة لا يريد المطر، ووجد من يخاف وقت المطر فهو يكره المطر، فضلاً عن أهل الترف الذين لا يريدون المطر من أجل توسيخ ثيابهم وسياراتهم، ويكره المطر لأنه مغسل السيارة مدري بكم؟ ومغسل الثوب والشماغ، يعني هذه توافه يعني لو يتصور يوم من الأيام أنه بيموت عطش يلتفت إلى مثل هذا الأمور؟! وبعض التجار الذين يدخرون الأقوات أهل الادخار والاحتكار

بعضهم يكره المطر؛ لأنه إذا نزل المطر تبعه الخير، فرخصت الأسعار، وما استفاد من الاحتكار، بل قد يتضرر لأنه يأتي أشياء جديدة عنده سمن قديم وإقط قديم فإذا نزل المطر وضرب الناس بعطن عنده مشكلة، في حساباته التجارية خسران، لكن أولاً: عليه أن يتهم بشأن المسلمين كلهم، ولا ينظر إلى مصلحته الخاصة، ولذا جاء في الحديث الصحيح: ((لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه)) وإذا كان بلدك ليس بحاجة إلى مطر لكثرة السيول فإخوانك بأمس الحاجة، وقد تكون أنت بحاجة وأنت لا تشعر، والله المستعان، سم. "وعن أنس -رضي الله عنه- أن عمر -رضي الله عنه- كانوا إذا قحطوا استسقى بالعباس بن عبد المطلب، وقال: "اللهم إنا كنا نستسقي إليك بنبينا فتسقينا، وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا، فيسقون" رواه البخاري" الجادة "وعنه" في بعض النسخ "وعنه" يعني أنس صحابي الحديث السابق -رضي الله عنه- أن عمر -رضي الله تعالى عنه- في خلافته كان إذا قُحِطوا بضم القاف وكسر الحاء أي أصابهم القحط والجدب، كان إذا قحطوا استسقى بالعباس بن عبد المطلب عم النبي -عليه الصلاة والسلام-، استسقى به، استسقى بذاته؟ توسل بذاته؟ لا إنما يستسقي ويتوسل بدعائه، والدعاء عمل صالح، والدعاء عمل صالح يتوسل به، كما توسل الثلاثة الذين انطبق عليهم الغار بأعمالهم الصالحة، ففرج عنهم، فهذا الاستسقاء والتوسل إنما هو بدعاء العباس عم النبي -عليه الصلاة والسلام-؛ لقربه منه -عليه الصلاة والسلام- ومكانته؛ لأنه عمه، وعم الرجل صنو أبيه، مثل أبيه.

مما ذكر من دعاء العباس في مثل هذا الاستسقاء أنه كان يقول: "اللهم إنه لم ينزل بلاء من السماء إلا بذنب أنه لم ينزل بلاء من السماء إلا بذنب، ولم ينكشف إلا بتوبة، ولم ينكشف إلا بتوبة، لا شك أن ما يصيب العباد فبما كسبت أيديهم ويعفو عن كثير {وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِن دَابَّةٍ} [(45) سورة فاطر] ولم ينكشف إلا بتوبة، لا شك أن ما يصيب الناس في جميع أمورهم الخاصة والعامة إنما هي عقوبات بسبب الذنوب، فإذا أصيب الإنسان بأي مصيبة سواء كانت المصيبة عامة أو خاصة عليه أن يبادر بالتوبة {إِنَّ اللهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ} [(11) سورة الرعد] فالتغيير إلى الأصلح لا شك أنه يتطلب تغييراً إلى الأصلح، والتغيير إلى الأسوأ لا شك أن سببه تغيير من قبل الخلق إلى الأسوأ، {إِنَّ اللهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ} [(11) سورة الرعد] يقول العباس: ولم ينكشف إلا بتوبة، وقد توجه بي القوم إليك لمكاني من نبيك -هو عم النبي -عليه الصلاة والسلام- وهذا أيدينا إليك بالذنوب، هذا أيدينا إليك، يعني مرفوعة إليك، وقد تلطخت بالذنوب، ونواصينا إليك، يعني اتجهت إليك بالتوبة، فاسقنا الغيث، مثل هذا الانكسار هو الذي ينبغي أن يقدم في مثل هذه الخطبة، ونسمع بعض الخطباء في مثل هذا الظرف من الحاجة الشديدة إلى الله -جل وعلا- يأتي بخطبة الاستسقاء كأنها مقامة، يستعمل فيها كل ما يستطيع من بيان وبلاغة، وكلمات مترادفة، وأسجاع، الله -جل وعلا- يريد منك الخضوع والانكسار بين يديه، ومثل هذه الظروف في مثل خطبة الاستسقاء يطلب أتقى الناس وأورع الناس، وأخشى الناس للطلب لأنه مظنة الإجابة، والمسألة مسألة دعاء، والله المستعان.

يقول: "فأرخت السماء مثل الجبال حتى أخصبت الأرض" فهذا الحديث الخبر الثابت عن عمر -رضي الله عنه- يدل على جواز التوسل بدعاء الصالحين، والتماس الدعاء منهم، وقد ثبت في صحيح مسلم أن النبي -عليه الصلاة والسلام- أمرهم بطلب الدعاء من أويس، فلتمسه عمر وبحث عنه في أمداد اليمن حتى وجده، ثم طلب منه أن يستغفر له، فإذا رأيت رجلاً صالحاً تظنه مجاب الدعوة لا مانع من أن تسأله أن يدعو لك، وأن لا ينساك من دعائه. فيه أيضاً الاعتراف بحق ذوي القربى من النبي -عليه الصلاة والسلام-، بالاعتراف بحق ذوي القربي، وهم وصية النبي -صلى الله عليه وسلم-، فلا شك أن لهم حقاً على الأمة {قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى} [(23) سورة الشورى] فلهم حق على الأمة بالدعاء لهم، والترضي عنهم، والترحم عليهم، والاعتراف بفضلهم، والإشادة بمناقبهم، لهم هذا الحق. وفيه أيضاً تواضع عمر -رضي الله عنه وأرضاه-، ما قال: أنا الخليفة، أنا ثاني الخلفاء الراشدين، أنا ثاني رجل في الفضل من هذه الأمة بعد أبي بكر، خير هذه الأمة بعد نبيها وصديقها، ما قال: أنا مشهود لي بالجنة، لا أحتاج إلى أحد، لا، وكل ما يعرف الإنسان قدر نفسه، ويهضم نفسه يرتفع عند الله -جل وعلا-، نعم. "وعنه -رضي الله عنه- قال: أصابنا ونحن مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مطر، قال: فحسر ثوبه حتى أصابه من المطر، وقال: ((إنه حديث عهد بربه)) رواه مسلم"

"وعنه" يعني عن أنس صحابي الحديثين السابقين -رضي الله تعالى عنه- "قال: أصابنا ونحن مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مطر، قال: فحسر ثوبه" حسر عن جسده، وذلك يكون برفع الثوب عن الساق وبكشف الرأس، وإظهار اليد والساعد ليصيب الأطراف "فحسر ثوبه حتى أصابه من المطر" وهذه سنة والسبب في ذلك قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((إنه حديث عهد بربه)) حديث عهد بربه، ما معنى كونه حديث عهد بربه؟ الآن المقرر عند الناس حسب ما تلقوه من علوم الدنيا أن المطر سببه؟ نعم؟ تأثير الشمس في مياه البحار، فيتبخر الماء ويتصاعد إلى الجو ويتكثف ثم يتكون منه السحاب ثم ينزل المطر، وكثير من البلدان نزول المطر فيها في فصل الشتاء، ما أدري كيف يتبخر الماء في فصل الشتاء ولا يتبخر في فصل الصيف؟ هم في علومهم يدركون أشياء لا ندركها، لكن هذا مما يدركه جميع الناس، فهل عندهم جواب؟ نعم؟ اطلعتم جميعكم على كلامهم، مر عليكم في الدروس في دراستكم النظامية يمر مثل هذا، نعم؟ كيف؟ طالب:. . . . . . . . . ينتقل من الصيف إلى الشتاء وإلا من بلد إلى بلد؟ الدنيا كلها باردة، في الشتاء كلها باردة من وين يجي؟ ينتقل من وين؟ كل الدنيا باردة ينتقل إلينا من البلدان الأكثر تجمد منا، فتبخر الشمس مياه البحار؟ إيش معنى ((حديث عهد بربه))؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . غير الشمس؟ طالب:. . . . . . . . . هم يقولون: بسبب الشمس، بسبب أشعة الشمس، ونحن نرى المياه في البحار في الشتاء يعلوها طبقات من الثلج، وهذه من الحكم والمصلح للحيوانات التي داخل البحار، ما أدري أنا هذه مشكلة عندي، لكن إن وجد لها حل؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . طيب حارة هذه الحارة ما هي بحارة في الصيف أشد؟ أليست حرارتها في الصيف أشد؟ لماذا لا تتبخر في الصيف؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . .

التكوين من الله -جل وعلا-، هذا ما أحد يشك فيه، الذي يشك في هذا هو على خطر، هذا التكوين حتى التبخير على قولهم المسبب هو الله -جل وعلا-، يبقى المسألة مرتبطة بالله -جل وعلا-، لكن أنا لا أدري كيف تكون هذا المطر؟ أنا ما أنا من أهل الاختصاص، لكن يبقى أن هنا قدر مشترك مدرك بين الناس كلهم يقول: تبخير بسبب أشعة الشمس على الماء يتبخر ثم يرتفع ويتكاثف ثم ينزل. طالب:. . . . . . . . . يعني هو يتبخر في؟ الصيف، أيوه، واللي يجي بالصيف متى يتبخر هذا؟ نعم؟ لأن بعض المناطق المطر عليها في الصيف، نعم، لا، لا ما يلزم نبرر يا أخي إذا أخطئوا نقول: أخطئوا يا أخي، هذه أمور ترى لعبوا بعقولنا سنين في قضايا أثبوتها ثم نفوها، ونحن عدلنا النصوص عندنا على ضوء مرادهم، إحنا ليش نصير تبع إحنا؟ جاءوا بشيء .. ، المسألة عقلية جاءوا بشيء تقبله العقول من غير أدنى .. ، عندنا نصوص، عندنا نصوص، فماذا نفعل بحديث صحيح يقول: ((إن الشمس تسجد تحت العرش كل ليلة)) وهم يقولون: في فلكها أربعة وعشرون ساعة؟ نوافقهم؟ ما نوافقهم، ما نوافقهم، أبداً، ولا يلزم، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . أيوه؟ طالب:. . . . . . . . . متى تبخرت؟ بدعاء النبي -عليه الصلاة والسلام-؟ لما دخل الرجل وما في السماء لا سحابة ولا قزعة، ولا شيء فنجابت مثل الترس؟ هذه مسألة يعني كوننا نتبعهم في كل ما يقولون، لا شك أن هذا من باب اقتداء المغلوب بالغالب، إحنا ذهلنا في تقدمهم وصناعاتهم وصرنا نسلم لهم كل شيء مو بصحيح، والله المستعان. نعم لا شك أنه حديث عهد بربه الآن نزل من جهة السماء، من جهة العلو، وهو من أخر المكونات، من أخر المخلوقات وأقربها بالله -جل وعلا-، ففيه بركة. طالب:. . . . . . . . . أشعة الشمس الباردة وإلا الحارة؟ الطالب: أشعة الشمس الحارة. ومتى؟ في الصيف وإلا في الشتاء؟ الطالب: في أي وقت. في الشتاء؟ حتى بالشتاء؟ طالب:. . . . . . . . . إحنا ما عندنا شك أن الماء يتبخر مع الحرارة، لكن حرارة الشمس ما تبخر في الشتاء. طالب:. . . . . . . . .

طيب أنت الآن تقرر أن الذي يأتينا في الشتاء هذا جاء من نصف الكرة الجنوبي صح؟ أكثر ما يجينا من الشمال من جهة الباردة. الطالب: يأتي من الشمال. ويش. . . . . . . . . يأتي من الشماء؟ هذا أبرد منه. . . . . . . . . طالب:. . . . . . . . . الظاهر أننا ما حنا مدركين معهم شيء، علينا أن نلتزم بديننا، ونعتز بإسلامنا ولا نصير تبعاً لهم، نعم ما عندهم مما ينفعنا في ديننا ودنيانا نستعمله ونستفيد منه، أما أن نكون تبع لهم ما هو بصحيح أبداً، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . لا ما يمكن. طالب:. . . . . . . . . الذي ذكروه لا يزال مشكلاً، لكنني أعجب من أناس يتلقفون كل ما يصدر عنهم، قالوا: الشمس ثابتة والأرض حولها تدور، قلنا: تمام، قالوا: ثابتة والله -جل وعلا- يقول: {وَالشَّمْسُ تَجْرِي} [(38) سورة يس] المسألة ليست سهلة، ليست سهلة، الحديث السابق حديث الرجل الذي دخل –الأعرابي- هذا يبطل كل ما قالوه، هذا يبطل كل ما قالوه، وعلى كل حال على المسلم أن يعتز بدينه، نعم يذكر ويؤثر في هذا الباب من الإسرائيليات أيضاً ما لا تقبله العقول، ما لا تقبله العقول، أيضاً هذا إذا لم يثبت بدليل صحيح لسنا بملزمين بقبوله أبداً، فلا نسترسل مع الإسرائيليات ونتمسك بها، ولا نقلد الأعداء ونتلقف كل ما أتوا به، وإخضاع النصوص للنظريات تعريض لها .. ، لا شك أنه تعريض لها للإنكار، طيب قال كذا هذا الآية مفادها كذا، ثم بعد تبين أن النظرية خاطئة، ثم جاءت نظرية ثانية وأخضعوا لها آية ثانية، وهكذا، نعم. طالب:. . . . . . . . . نعم؟ وين تروح؟ وين تروح؟ هذا الذي يستعمله الناس يرجع إلى الأرض وين راح؟ تريد هذا؟ طالب:. . . . . . . . . أيه. طالب:. . . . . . . . . وما يصير في جفاف؟ فنقول: هذه الأمور لا شك أن لها أناس مختصين بها، ويدركون منها ما لا ندرك، نعم وهي فن، لكن يبقى أننا لا نعرض عقولنا للتلاعب، ولا نصوصنا للاستخفاف بقدر الإمكان، نعم. طالب:. . . . . . . . . من يخاطب؟ الإمام ما يدخل، نعم الذي يخاطب الإمام أو الذي يخاطبه الإمام ما يدخل في النهي، نعم.

"وعن عائشة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان إذا رأى المطر قال: ((اللهم صيباً نافعاً)) أخرجاه" نعم أن النبي -صلى الله عليه وسلم- من حديث عائشة كان إذا رأى المطر قال: ((اللهم صيباً نافعاً)) يعني أجعله صيباً نافعاً، صيباً نازلاً حال كونه نافعاً، صيباً: من صاب المطر إذا وقع، والتصويب: النزول، والتشخيص: الارتفاع، فجاء في وصف النبي -عليه الصلاة والسلام- إذا ركع لم يشخص رأسه، ولم يصوبه، يعني لم يجعله نازلاً ولم يجعله مرتفعاً بل على مستوى ظهره -عليه الصلاة والسلام-، ومنه الصيب لأنه ينزل في الأرض، ينزل، ومنه إذا مات الميت شخص بصره، يعني ارتفع، ونافعاً صفة مقيدة لهذا المطر، احتراز عن المطر الذي يضر؛ لأنه تقدم أن منه ما يضر، وإن كان غيثاً، الأصل فيه أنه غيث نافع، لكن منه ما يضر على ما تقدم، نعم. "وعن سعد -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- دعا في الاستسقاء: ((اللهم جللنا سحاباً كثيفاً قصيفاً دلوقاً ضحوكاً تمطرنا منه رذاذاً قطقطاً سجلاً يا ذا الجلال والإكرام)) رواه أبو عوانة في صحيحه" أولاً: صحيح أبو عوانة هو المستخرج على صحيح مسلم، المستخرج على صحيح مسلم، والاستخراج كما تعرفون أن يعمد عالم من علماء الحديث إلى كتاب أصلي من كتب السنة تروى فيه الأحاديث بالأسانيد فيخرج أحديثه من طريقه هو بأسانيده هو من غير طريق صاحب الكتاب، هذا هو المستخرج على صحيح مسلم لأبي عوانة، ويتجوزن باعتباره مستخرج عن الصحيح فيقولون: صحيح أبي عوانة، وقد يقولون: هو مسند أبي عوانة؛ لأنه يروى بأسانيد، والحديث وإن كان مخرجاً في هذا المستخرج على الصحيح إلا أنه ضعيف، ضعيف جداً، يقول الحافظ ابن حجر في التلخيص: فيه ألفاظ غريبة كثيرة، أخرجه أبو عوانة بسند واهي، يعني شديد الضعف.

هذا الحديث الذي يروى عن سعد -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه دعا في الاستسقاء في خطبة الاستسقاء: ((اللهم جللنا)) يعني عمم الأرض بالمطر ((جللنا سحاباً كثيفاً)) يعني متكاثفاً كثيراً متراكماً ((قصيفاً)) يعني يصحبه رعد شديد ((دلوقاً)) مندفع اندفاعاً قوياً، كما جاء في وصف بعد الأمطار كأنه كأفواه القرب ((دلوقاً ضحوكاً)) يصحبه برق، ((تمطرنا منه رذاذاً)) رذاذاً: دون الطش، نعم لكن رذاذاً يعارض قول: ((دلوقاً)) لأن هذا يريده برفق ولين، وكونه دلوق يعني كونه مندفعاً بشدة، ((رذاذاً قطقطاً)) يعني أصغر من الرذاذ، أسهل من الرذاذ، فاجتمع فيه القطقط الذي هو أقل من الرذاذ، واجتمع فيه الرذاذ الذي هو فوق القطقط ودون الدلوق، وفيه أيضاً الشديد ((قطقطاً سجلاً)) يعني ينصب منه الماء صباً ((يا ذا الجلال والإكرام)). على كل حال هذه ألفاظ غريبة اشتمل عليها هذا الخبر، وهو ضعيف جداً، وأما الدعاء بـ (يا ذا الجلال والإكرام) فإنه من أقوى الأدعية، ولذا جاء الأمر به: ((ألظوا بيا ذا الجلال والإكرام)) وعلى كل حال الحديث ضعيف، نعم. "وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((خرج سليمان -عليه السلام- يستسقي فرأى نملة مستلقية على ظهرها، رافعة قوائمها إلى السماء، تقول: اللهم إنا خلق من خلقك، ليس بنا غنىً عن سقياك، فقال: ارجعوا فقد سقيتم بدعوة غيركم)) رواه أحمد، وصححه الحاكم"

هذا الحديث حديث أبي هريرة ضعيف أيضاً، هذا الحديث أيضاً ضعيف، وله طرق حسنه بعضهم بسببها، لكن المرجح أنه ضعيف "رواه أحمد" ولا يوجد في المسند فلعله في غيره من كتبه، وروا الحاكم أيضاً، وصححه الدارقطني، المقصود أنه حديث ضعيف "أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((خرج سليمان)) بن داود النبي -عليهما السلام- ((يستسقي)) يطلب السقيا والمطر من الله -جل وعلا- ((فرأى نملة)) النملة معروفة، النملة من أصغر المخلوقات، وهي بحاجة إلى السقيا كغيرها، فكل بحاجة إلى المطر وجعل الله منه كل شيء حي، لا يستغني عن المطر أحد، ولا يستغني عن الماء أحد ((فرأى نملة مستلقية على ظهرها)) تصور نملة ظهرها إلى الأرض وقوائمها إلى السماء، مظهرة هذه الحاجة وهذه الفاقة، مع أنه لا ذنب لها، لا ذنب لها ((رافعة قوائمها إلى السماء، تقول: اللهم إنا خلق من خلقك، ليس بنا غنى عن سقياك)) فهم مضطرون، ولا شك أن شؤم معاصي بني أدم يلحق من لا ذنب له، كهذه الحشرات وهذه المخلوقات الصغيرة فضلاً عن غيرها عما هو أكبر منها، فالعاصي المذنب لا يقتصر شرره على نفسه، بل يتعدى ضرره إلى غيره بالتسبب، يكون سبب لضرر الآخرين، فيكف بمن يباشر الضرر بالآخرين؟ والأمر فيه أشد وأعظم، نسأل الله السلامة والعافية.

((تقول: اللهم إنا خلق من خلقك، ليس بناء غنى عن سقياك، فقال: ارجعوا)) لستم بحاجة، ما في أبلغ من هذا، نملة تستسقي؟! وهذا على القول بثبوته؛ لأنه حسنه بعضهم بسبب الطرق، المقصود أن هذه النملة تستسقي لا ذنب لها، فهي أحرى بالإجابة من كثير من بني آدم، الذين هم سبب لمنع القطر من السماء، ارجعوا وهذا نبي من الأنبياء يقول: ((ارجعوا فقد سقيتم بدعوة غيركم)) النملة لها عجائب، يعني من أخبر النملة وأرشدها ووجهها إلى مثل هذا الفعل؟ ومن ألهمها أن تكسر الحبة نصفين لئلا تنبت؟ من الذي وجهها؟ من الذي ألهمها إلى أن تكسر الحبة نصفين لئلا تنبت؟ كثير من الآدميين الذين أتوا العقول قد لا يدرك هذه الفائدة، النملة مجرد ما تجعل الحبة في محلها، في جحرها تقسمها نصفين لئلا تنبت؛ لأنه إذا كانت كاملة وجاءها رطوبة نبتت وضاعت عليها خلاص راحت ما تستفيد منها، من الذي ألهمها لهذا؟ وهذه المخلوقات ليس لها عقول، إنما لها ملكات مدركة تدرك بها ما ينفعها وما يضرها، تدرك ما ينفعها فتسعى إليه، وتدرك ما يظهرها فتفر منه، فمن الذي أخبر الشاة بأن الطعام مطلوب وأن الذئب مهروب منه؟ ولا تريد الموت، وذكر أهل العلم قصص عجيبة لهذه الحشرات والحيوانات كبيرها وصغيرها. ابن القيم -رحمه الله تعالى- في مفتاح دار السعادة ذكر أشياء عجائب، وابن حجر ذكر في شرح حديث الذباب، لما قال بعض المعترضين على الحديث من أين له العقل -أي للذباب- من أين له العقل فيقدم الجناح الذي فيه الداء؟ لماذا لا يقدم الجناح الذي فيه الدواء؟ الذي يلهمه هو الله -جل وعلا-، وذكر الحافظ في شرح هذا الحديث قصة أن فرساً أكره على أن ينزو على أمه فرفض، بالجلد رفض، فجللت الأم بغطاء بحيث لم يعرفها، فنزا عليها فكشف الغطاء فلتفت إلى ذكره فقطعه بأسنانه، هذا حيوان غير مكلف ولا عقل له، وبعض الناس -نسأل الله السلامة والعافية- بسبب ما كسبت أيديهم وجنوا من إدخال الشر إلى أهليهم وذويهم في بيوتهم، يحصل لهم ما يحصل، نسأل الله السلامة والعافية.

وهذا حيوان غير مكلف ولا عاقل يحصل منه مثل هذا، فوصل الحد بكثير من الناس إلى أن نزلوا عن مستوى الحيوانات، والله المستعان، فبعضهم يتأول مثل هذا الحديث أنها استسقت بلسان حالها كيف تنطق هذه النملة؟ أقول: القدرة الإلهية صالحة لمثل هذا {وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ} [(44) سورة الإسراء] كل شيء يسبح بحمد الله -جل وعلا-، نعم. "وعن أنس -رضي الله عنه-: "أن النبي -صلى الله عليه وسلم- استسقى فأشار بظهر كفيه إلى السماء" أخرجه مسلم" نعم الاستسقاء كما في حديث أنس كما تقدم أن النبي -عليه الصلاة والسلام- يرفع يديه في دعاء الاستسقاء يرفع يديه بدعاء الاستسقاء، ويبالغ في الرفع حتى يرى بياض إبطيه. هنا يقول: "استسقى فأشار بظهر كفيه إلى السماء" فأشار بظهر كفيه إلى السماء، والكيفية مختلف فيها، هل هو مباشرة يجعل ظهر الكف إلى السماء وبطنها إلى الأرض هكذا ويدعو؟ وقد رأينا من الشيوخ من يفعل هذا، من أهل العلم، ومنه من يقول: إنه يبالغ في الدعاء حتى يصل إلى أن يكون ظهر الكف إلى السماء هكذا مبالغة في الدعاء، نعم واللفظ محتمل نعم هكذا يدعو هكذا ظهرها إلى السماء، ولفظ الحديث لا يأبى لا هذا ولا هذا نعم الحديث محتمل، ورأينا من الشيوخ من يفعل هذا وهذا، والحديث محتمل، وقيل بهذا وقيل بهذا وعلى كل حال أهل العلم .. ، وقد جاء في الحديث المخرج في المسند بإسناد حسن وإن كان مرسلاً من حديث خلاد بن السائب عن أبيه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان إذا سأل جعل بطن كفيه إلى السماء، إذا سأل يعني طلب نعم، وإذا استعاذ جعل ظهرهما إليها، وقد فسر بعضهم قوله تعالى: {وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا} [(90) سورة الأنبياء] فقال: إن الرغب يكون بالبطون، والرهب يكون بالظهور، وعلى كل حال الحديث محتمل للصورتين اللتين ذكرناهما. طالب:. . . . . . . . . تريد أن اللفظ يعطي هذا، الكف هذا كله البطن والظهر هذا الكف. طالب:. . . . . . . . . ومع ذلك قالوا: إنه يبالغ في الرفع إلى أن يرى بياض إبطيه في أحاديث أخر، على كل حال اللفظ محتمل للصورتين، محتمل للصورتين، نعم. طالب:. . . . . . . . .

"باب: اللباس:

على كل حال المسألة مسألة حاجة، المسألة مسألة حاجة، فالذي يحتاج إلى استسقاء يستسقي، وإذا طلب من الناس الاستسقاء والإمام عينهم لطلبه يتعين عليهم إذا وعدهم يوماً يخرجون فيه يتأكد في حقهم ولو لم يكونوا بحاجة، لكن الأصل أن الاستسقاء طلب السقيا، والسقيا إنما تكون عند تأخر نزول المطر، لكن ليسوا بحاجة إليه مثلهم بإمكانهم أن يدعوا لإخوانهم دعاء من يحتاج، ولو من غير صلاة، وأنواع الاستسقاء تقدم، وعلى كل حال المسألة مقرونة بالحاجة، نعم. قال الإمام الحافظ ابن حجر: "باب: اللباس: عن أبي عامر الأشعري -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الخز والحرير)) رواه أبو داود، وأصله في البخاري" كذا عندك الخز مضبوط كذا؟ طالب: إيه يا شيخ. أي طبعة؟ الطالب: طارق عوض الله. "عن أبي عامر الأشعري" في الصحيح، أو أبي مالك بالتردد عن أبي عامر أو أبي مالك الأشعري "قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحِر والحرير)) بمهملتين، وضبط بالمعجمتين، لكن كونه بالمهملتين أرجح، وهذا ما رجحه شراح البخاري، ومنهم ابن حجر، وإن قال الصنعاني: إن إدخال الحديث في باب اللباس يرجح المعجمتين الخز؛ لأن ابن حجر أدخل الحديث في باب اللباس والخز من اللباس، الخز من اللباس، إذاً راوية الخز بالمعجمتين أرجح من رواية الإهمال، نقول: إنه وإن أدخله في باب اللباس فالراجح أنه بالمهملتين الحر والحرير، وإدخاله في باب اللباس من أجل ما عطف عليه وهو الحرير. الصنعاني يرجح أن المراد بالحر هذا المراد به الخز؛ لأنه أدخل في باب اللباس وهذا أنسب، نقول: الذي رجحه ابن حجر الذي أدخله في باب اللباس رجحه في فتح الباري هو الحر بالمهملتين ويراد به الفرج، فهم يستحلون الزنا.

((ليكونن من أمتي)) ومثل ما تقدم في: ((لينتهين أقوام)) بالفعل المضارع، اللام هذه لام موطئة لقسم محذوف والله ليكونن، ويكونن فعل مضارع مبني على الفتح لاقترانه بنون التوكيد الثقيلة، ((من أمتي)) المراد بهم أمة الإجابة؛ لأن أمة الدعوة يستحلون كل شيء، يستحلون كل شيء، وهم باستحلالهم الزنا كفروا؛ لأن من يستحل أمر مجمع عليه، معلوم من الدين بالضرورة يكفر، يستحلون فهم من أمته باعتبار ما كان، ((أقوام)) جمع قوم، ويشمل الرجال والنساء هذا الأصل وإذا عطف عليه النساء اختص بالرجال على ما تقدم، ((يستحلون)) يجعلون الحرام حلالاً، يجعلون الحرام حلالاً، الحر بالمهملتين بكسر الحاء وتخفيف الراء، والمراد به الفرج، فهم يستحلون الزنا، والحرير وهو محرم بالنص على الرجال، محرم بالنص حيث أشار النبي على ما سيأتي إلى الذهب والحرير، فقال: ((حرام على ذكور أمتي حل لإناثها)) ورخص النبي -عليه الصلاة والسلام- في الحرير لأجل الحاجة على ما سيأتي، فالحرير حرام على الذكور، وفيه أيضاً كما في الصحيح ((والخمر والمعازف)) وفيه الإخبار عن أنهم يخسف بهم، ومنهم من يمسخ نسأل الله العافية، والمسخ والخسف يكثر في هذه الأمة في آخر الزمان، ومن أسبابه استحلال المحرمات، استحلال المحرمات.

هذا الحديث يقول: "رواه أبو داود" وهو صحيح لا إشكال فيه، حديث صحيح لا إشكال فيه، وأصله في البخاري، كيف أصله في البخاري؟ يعني البخاري بلفظه: ((ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف)) هو في البخاري، لكن البخاري بدلاً من أن يقول: حدثنا هشام بن عمار قال: وقال هشام بن عمار حدثنا صدقة بن خالد .. إلى أخره، فلكونه قال: هشام بن عمار وهشام بن عمار من شيوخه الذين لقيهم وروى عنهم، من شيوخه، من شيوخ البخاري، والإضافة إليه بقوله: قال فلان بدلاً من حدثنا فلان أوجدت خلاف بين أهل العلم في مثل هذا الخبر هل هو متصل أو منقطع؟ يعني معلق؟ فمنهم من قال: معلق وكأن ابن حجر يميل إلى مثل هذا، والحافظ المزي علم عليه علامة التعليق، وأما ابن الصلاح والنووي والعراقي وجمع من أهل العلم يرونه متصلاً؛ لأن قال نعم قال فلان وهو من شيوخه الذين لقيهم وأخذ عنهم وحدثنهم عنهم بصيغة التحديث ما الذي يمنع أن يأخذ عنه هذا الحديث، وللتفنن في العبارة مرة يقول: حدثنا ومرة يقول: قال، وغاية ما في (قال) أنها مثل (عن) مثل (عن) محمولة على الاتصال بالشرطين المعروفين عند أهل العلم: أن يثبت اللقاء كما هو مقتضى شرط البخاري وما استفاض عنه، أو تثبت المعاصرة كما مقتضى اكتفاء مسلم، ومنهم من يقول: لو كان تلقاه عنه بدون واسطة لقال: حدثنا كبقية الأحاديث، حدثنا هشام عن عمار، ولذا يقول الحافظ العراقي -رحمه الله تعالى-: . . . . . . . . . أما الذي ... لشيخه عزا بـ (قال) فكذي عنعنة كخبر المعازفِ ... لا تصغ لابن حزم المخالفِِ

يقصد هذا الحديث، يقول: غاية ما في (قال) أنها مثل السند المعنعن، إذا سلم الراوي من وصمة التدليس، وثبت اللقاء صح على شرطه، على شرط البخاري، وقد ثبت لقاء البخاري لشيخه هشام بن عمار، وأيضاً يقول ابن القيم: إن البخاري أبعد خلق الله عن التدليس، فتوافر الشرطان، لكن لو قال: من أبعد خلق الله لكان أحوط، على كل حال هذا يدل على تحريم ما ذكر الحر والحرير والخمر والمعازف كلها محرمة، واستحلالها خطر عظيم، خطر عظيم، مؤذن بشر مستطير من خسف وغيره، وكون بعضها يقرن ببعض لا يدل على أن حكمها واحد، هي كلها محرمة، لكن هي متفاوتة في التحريم، فتحريم الحرير ما هو مثل تحريم الزنا، تحريم الخمر ما هو مثل تحريم المعازف، المقصود أنها كلها محرمات، فالذي يستحلها على خطر عظيم من العقوبة العاجلة قبل الآجلة، ولا شك أن الذي يستحل الخمر ويستحل الزنا كافر؛ لأنه ثبت بالنصوص القطعية، لكن الذي يستحل الحرير أو يستحل المعازف لأن ثبوتها ليس قطعياً لا يصل إلى حد الكفر وإن كان على خطر، فالحديث فيه دليل على تحريم ما ذكر؛ لأن معنى الاستحلال جعل الحرام حلالاً. الخز على الراوية الثانية ثياب، نوع من الحرير، نوع من الحرير وإن كان أخشن منه؛ لأنه يكون مخلوط بشيء من الصوف، نعم مخلوط بشيء من الصوف فعطف الحرير عليه من باب عطف العام على الخص، وعلى كل الحال المرجح بضبط الراوية الإهمال الحر والحرير، نعم. "وعن حذيفة -رضي الله عنه- قال: "نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن نشرب في آنية الذهب والفضة، وأن نأكل فيها، وعن لبس الحرير والديباج، وأن نجلس عليه" رواه البخاري"

نعم هذا الحديث تقدم في باب الآنية حديث حذيفة -رضي الله عنه- تقدم في باب الآنية، يقول هنا: "نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- أن نشرب في آنية الذهب والفضة" وتقدم في الآنية بلفظ: ((لا تشربوا في آنية الذهب والفضة)) وهنا قال: "نهي النبي -صلى الله عليه وسلم- أن نشرب" فدل على أن تعبير الصحابي عن الأمر والنهي بـ (أمر ونهى) بمثابة (أفعلوا) والنهي بمثابة (لا تفعلوا) فهنا في أول الكتاب قال: ((لا تشربوا)) وهنا قال: "نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- أن نشرب" والمعنى واحد "أن نشرب في آنية الذهب والفضة" وتقدم ما في هذا المسألة، وبيان حكمها، وشيء مما يتعلق بالأكل والشرب في آنية الذهب والفضة "وأن نأكل فيها" هذا تقدم، ونهى "عن لبس الحرير والديباج، وأن نجلس عليه".

لبس الحرير والديباج حرام بالنسبة للرجال، حرام بالنسبة للرجال دون النساء، وإلى هذا ذهب جماهير العلماء، وحكي عن ابن عليه أنه أباحه للرجال، لكنه قول شاذ، وانعقد الإجماع بعده على التحريم بالنسبة للرجال، ونقل عن ابن الزبير تحريمه بالنسبة للنساء، ثم انعقد الإجماع بعده على الحل .... فهو حرام على الرجال بالاتفاق، وحلال للنساء بالاتفاق "وأن نجلس عليه"، "عن لبس الحرير" الحرير نوع ناعم جداً من اللباس، والديباج نوع منه، بل هو من أنعم ما فيه "وأن نجلس عليه" فالجلوس على الديباج لبس، الجلوس لا شك أنه لبس، ولبس كل شيء بحسبه، هنا جاء التنصيص على الجلوس للحاجة إلى ذلك؛ لأنه قد يفرش الحرير فيجلس عليه، ولولا التنصيص عليه بمثل هذا لا ما أدرك كثير من الناس أن لبس كل شيء بحسبه، وقد جاء في حديث أنس: "فعمدت أو فقمت إلى حصير لنا قد اسود من طول ما لبس" فلا شك أن الحرير بالنسبة للرجال حرام لبسه والجلوس عليه، وبالنسبة للنساء حلال، يبقى غير المكلفين مثلاً من الصبيان، يعني ما يحرم على الكبار يحرم على الصغار، والمخاطب بهذا الولي ولي الصبي، وأجازه بعضهم كمحمد بن الحسن مطلقاً؛ لأنهم غير مكلفين، ويجوز في وجه عند الشافعية إلباسهم إياه في أيام العيد، يلبسون الحرير والذهب في أيام العيد فقط، لكن الرجال الذكور من الصبيان يلزمون بما يلزم به الكبير، كما أن النساء الصغار تلزم بما يلزم النساء الكبير، وكل هذا على سبيل التعويد وإلا فالأصل أنهم غير مكلفين، وأمرهم أمر لأوليائهم، لا يتجه الأمر إليهم؛ لأن القلم مرفوع عنهم، وإنما المطالب بهذا هو الولي، كما في قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((مروا أولادكم بالصلاة لسبع)) هذا أمر للولي أن يأمر صبيه بالصلاة، وعلى الولي أن يأمره بما ينفعه ويحذره ويكفه عما يضره، نعم. طالب:. . . . . . . . . نعم الحرير؟ هذا للاستعمال لبس، لبس كل شيء بحسبه، وإذا نهي عن اللبس مع أن الحاجة قد تكون داعية إليه فمع عدم الحاجة من باب أولى. طالب:. . . . . . . . . نفس الشيء أن نجلس عليه منصوص عليه هذا جلوس. طالب:. . . . . . . . . ولا المشي، المشي مثل الجلوس، نعم؟ طالب:. . . . . . . . .

نعم هم يقولون: الفخر والخيلاء، وكونه لباس رفاهية لا يليق بالرجال، بل يليق بالنساء وقيل: لما فيه من التشبه بأهل الجنة، أو التشبه بالمشركين، المقصود أنه التمس علل كثيرة. طالب:. . . . . . . . . مثله نوع من الحرير. طالب:. . . . . . . . . لا ما يلزم، أصل الديباج كانوا يسمون المخمل ديباج، كانوا يسمون المخمل ديباج، فالتسميات إذا لم تكن تشهد لها الحقائق لا قيمة لها، الآن تباع أثواب للرجال يمسونها حرير وهي ليست حرير فلا تأخذ نفس الحكم. طالب:. . . . . . . . . وهو حرير؟ حرير لا يجوز لبسه ولو لبسه الناس كلهم، والعبرة بالحقائق لا بالألفاظ، يعني لو تواطأ الناس كلهم على تسمية البترول الذهب الأسود نقول: تجب فيه الزكاة زكاة الذهب؟ ما يلزم يا أخي، نعم. طالب:. . . . . . . . . هو إذا أخذ جميع خواص الحرير الطبيعي يدخل؛ لأن العبرة بـ. . . . . . . . .، بغض النظر عن مصدره، نعم. "وعن عمر -رضي الله عنه- قال: "نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن لبس الحرير إلا موضع إصبعين أو ثلاث أو أربع" متفق عليه، واللفظ لمسلم" يقول -رحمه الله تعالى-: "وعن عمر -رضي الله عنه- قال: "نهي النبي -صلى الله عليه وسلم- عن لبس الحرير" هذا الأصل، الأصل المنع، ولا يستثنى من هذا الأصل إلا ما استثني هنا، موضع إصبعين أو ثلاثة أو أربعة، أكثر شيء أربعة أصابع، (أو) هنا للتنويع أو للتخيير، وكأنه يوحي بأن العدم أفضل، ثم الأقل؛ لأنه بدأ بالأصبعين، يعني وإن كان ولا بد أو ثلاثة إن كان ولا بد أو أربعة على ألا يزيد على ذلك، والترخيص في هذا القدر هو مذهب الجمهور، وروي عن مالك منعه مطلقاً قل أو كثر؛ لأنه قد يحتاج إلى الشيء اليسير، قد يكون هناك شيء يحتاج إلى وصل، خرق الثوب مثلاً، ولا وجد إلا قطعة من حرير، أو ما أشبه ذلك يستثنى مثل هذا، نعم. طالب:. . . . . . . . .

والله هو الأصل المقصود أربعة أصابع، لكن ما بيّن هذا، يقولون: في كل كم يكون مثلاً أصبعين مثلاً، أو في طرفه يكون أصبعين، لكن الأحوط أن يكون بقدر الأصابع الأربعة، لا يكون بطول الثوب، يعني رقعة بقدر الأصابع الأربعة، رقعة بقدر الأصابع الأربعة، وإن كان لهم تفاصيل في هذا، لكن لا شك أن التنصيص على الأربعة يدل على أنها لو كانت بطول الثوب صارت نعم كثيرة. طالب:. . . . . . . . . نعم، رقعة؛ لأنه قد يحتاج إليه فاستثني مثل هذا القدر، نعم. "وعن أنس -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- رخص لعبد الرحمن بن عوف والزبير في قميص الحرير في سفر من حكة كانت بهما" متفق عليه" عرفنا أن الأصل في الحرير المنع والتحريم بالنسبة للرجال، وهو مجمع عليه كما تقدم، فهذه هي العزيمة، يقابلها الترخيص للمضطر، فالمضطر يرخص له كما رخص للمضطر إلى أكل الميتة رخص له إلى أن يقول كلمة من باب التقية إذا خاف على نفسه يرخص له، ويبقى أن الأصل هو العزيمة، وهنا التحريم هو العزيمة، فإذا احتيج إلى هذا المحرم من حكة لا تزول إلا بالحرير فلا بأس؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- "رخص لعبد الرحمن بن عوف والزبير في قميص الحرير في سفر" منهم من قال: إن السفر وصف مؤثر لا بد أن يكون في سفر، أما إذا كان في حضر فلا يرخص ولو كان به حكة؛ لأن الحضر قد يجد البدائل إذا كان مقيم يجد بدائل، يجد علاج، يجد شيء، لكن إذا كان مسافر لا يجد بديل. "من حكة كانت بهما" والحكة تكون بسبب القمل كما جاء في بعض الروايات، فالقمل يسبب حكة، وأيضاً الجروح والقروح إذا كانت تتأثر باللباس الخشن يرخص في الحرير، ولا تبرأ بل يزيد أمرها يرخص، المقصود أن الحاجة تبيح مثل هذا. منهم من قال: إن الترخيص خاص، الترخيص خاص بمن ذكر بـ (عبد الرحمن بن عوف والزبير) فلا يجوز لغيرهما أن يلبسا الحرير بحال، وهو قول مالك وأبي حنيفة أنه لا يجوز مطلقاً، لا من حكة ولا من غيرها، وهذا خاص بمن رخص له النبي -عليه الصلاة والسلام-، لكن التخصيص يحتاج إلى دليل، ولذا يجوز للضرورة عند الحنابلة والشافعية أن يلبس ما يدفع به الضرر بقدر الحاجة، نعم.

"وعن علي -رضي الله عنه- قال: "كساني النبي -صلى الله عليه وسلم- حلة سيراء، فخرجت فيها فرأيت الغضب في وجهه فشققتها بين نسائي" متفق عليه، وهذا لفظ مسلم" وهذا لفظ؟ طالب: مسلم. نعم هكذا في الكتاب، لكن هو في البخاري هكذا أيضاً. طالب: يا شيخ أنا راجعتها يا شيخ هذا لفظ البخاري وليس لفظ مسلم. نعم هذا الصواب أن هذا لفظ البخاري. طالب: في كتاب اللباس.

يقول: "علي -رضي الله عنه-: كساني النبي -صلى الله عليه وسلم- حلة سيراء" الحلة لا تكون إلا من ثوبين إزار ورداء، وسيراء فعلاء، يقول الخليل: ليس في الكلام فعلاء بكسر أوله مع المد سوى سيراء، وهو حولاء وعنباء، والحلة لا تكون إلا من ثوبين إزار ورداء "كساني حلة سيراء" وصف، وجاء بالإضافة من غير تنوين حلةَ سيراء، وهذا ذكر النووي في شرحه أنه أجود، حلةَ سيراء "فخرجت فيها" في هذه الحلة الإزار والرداء "فرأيت الغضب في وجهه" وهي حرير خالص، حرير خالص، أو برود مقطعة مخلوطة من حرير وخز، المقصود أن الحرير فيها ظاهر "فرأيت الغضب في وجهه -عليه الصلاة والسلام- فشققتها بين نسائي" هو يعرف أن الحرير للنساء جائز، وفي أول الأمر تصور أن النبي -عليه الصلاة والسلام- إنما كساه إياها ليلبسها، إنما كساه إياها ليلبسها فلبسها، لكن لما رأى الغضب في وجهه -عليه الصلاة والسلام- قطعها بين نسائه، شققها بين نسائه، وفي رواية: "بين الفواطم" بين الفواطم، والفواطم: زوجته فاطمة بنت النبي -صلى الله عليه وسلم-، وأمه فاطمة بنت أسد، وفاطمة بنت حمزة، وفاطمة امرأة عقيل بن أبي طالب، المهم المقصود الجمع فواطم، لكن تقطيع هذه الحلة التي تكفي شخص واحد بين الفواطم بين النساء إتلاف لها أو بإمكان النساء أن تستعمل هذه القطع ولو لم تكن كاسية لجميع البدن؟ إما خمر نعم تكون خمر على الرؤوس فقط، وإلا لو جاءك ثلاثة من الفقراء بحاجة إلى ثياب أو بحاجة إلى ما يغطون به الرؤوس تشق الثوب بين الثلاثة والشماغ بين الثلاثة وإلا .. ؟ نعم هذا إتلاف لأنه لا يمكن أن ينتفع به، ولذا جاء في حديث الواهبة ليس عنده إلا رداء، من أردها من النبي -صلى الله عليه وسلم- ليس عنده إلا الرداء، يقول: إن كساها إياه جلس بدون رداء، وإن لبسه ما صار عنده شيء، وإن شقه بينهما ما استفيد منه، على كل حال مثل هذا الصنيع إتلاف، لكن مثلما صنعه علي -رضي الله عنه- شقه كأنه خمر بين هؤلاء الفواطم، استدل بعضهم بالحديث على جواز تأخير البيان عن وقت الخطاب، عن وقت الخطاب، وقت الخطاب لما دفعه إليه، ما قال: هذه حلة سيراء يحرم عليك لبسها إنما أخر هذا إلى وقت الحاجة، وقت الحاجة وهو لما رأى

المنكر بادر بتغييره، رأى الغضب غضب النبي -صلى الله عليه وسلم- لما رأى المنكر، فهذا وقت الحاجة، أما أول الأمر وقت الخطاب وهو واضح، نعم. "وعن أبي موسى -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((أحل الذهب والحرير لإناث أمتي وحرم على ذكورهم)) رواه أحمد والنسائي والترمذي وصححه"

نعم، هذا الحديث حديث أبي موسى فيه كلام لأهل العلم أعل بالانقطاع، وأعل بغيره، وفي رواته بعض الضعفاء، لكن له طرق، يروى من طريق بضعة عشر من الصحابة -رضوان الله عليهم-، فله طرق كثيرة يصل بها إلى درجة الصحيح لغيره "أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((أحل الذهب والحرير لإناث أمتي)) " على ما تقدم؛ لأن المرأة بحاجة إلى الزينة لتكميل نفسها، والتجمل لبعلها، لما اشتملت عليه من النقص، المرأة خلقت ناقصة تحتاج إلى زينة {أَوَمَن يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ} [(18) سورة الزخرف] فهي بحاجة إلى التكميل تكميل هذا الناقص بخلاف الرجل الذي خلق على جهة الكمال البشري اللائق به، فهو أكمل من المرأة فلا يحتاج إلى تكميل، ولذا جاء في قوله -جل وعلا- {أَوَمَن يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ} [(18) سورة الزخرف] لأنه بحاجة إلى تكميل {وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ} [(18) سورة الزخرف] الرجال لا شك أنهم أهل خصام وأهل بلاغة والحجاج والخصومات بخلاف النساء، فالنساء طبعهن الحياء والانكسار، وعدم رفع الصوت، وعدم المخاصمة، وعدم .. ، وقد يوجد في النساء من تفوق بعض الرجال، لكن المقصود به الجنس مقابلة الجنس بالجنس، فلا شك أن الرجال أكمل من النساء، وقد كمل من الرجال كثير،، ولم يكمل من النساء إلا عدد قليل، عدد قليل، ولا شك أنه من المعلوم بالضرورة من دين الإسلام أن الله -جل وعلا- فضل الرجال على النساء، فضل الرجال على النساء {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء} [(34) سورة النساء] معلوم من الدين بالضرورة، والمرأة على النصف من الرجل في خمسة أبواب، لكن قد .. ، وهذا تفضيل جنس على جنس، لا يعني أن كل رجل من الرجال أفضل من كل امرأة من النساء، لا، قد يوجد من النساء من تعدل ألوفاً من الرجال، لكن الكمال في الرجال أكثر منه في النساء، وهذا تفضيل جنس على جنس، وهذا معلوم من الدين بالضرورة، وهو عليه الأمة منذ بعثة نبيها -عليه الصلاة والسلام-، بعد أن شرف الله وكرم المرأة، ورفعها من الحضيض الذي كانت تعامل به في الجاهلية إلى يومنا هذا.

النساء لهن خصائص، والرجال لهم خصائص، الرجال لهم ما يليق بهم من أعمال، وللنساء ما يليق بهن من أعمال، والله -سبحانه وتعالى- الذي خلق الجنسين العالم بمصالح الجميع، العارف بما يليق بالرجال وما يليق بالنساء، وجا في الحديث الصحيح: ((لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة)) هذا عموم النساء، ولا يمنع أن يوجد في الرجال من لا يصلح للتولي، ولذا قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((يا أبا ذر إني أراك رجلاً ضعيفاً)) فنهاه عن التولي في الأمور العامة، وألا يتولى ولا مال يتيم، يعني ضعيف في التدبير، ومع ذلك يشاد بأبي ذر، وهو الصحابي الجليل، يشاد به في مسائل المال والاقتصاد؛ لأن له رأي في الاقتصاد، يعني أن ما زاد عن الحاجة لا يجوز ادخاره، ولذا نُفي إلى الربذة من قبل الصحابة، على كل حال المسألة تطول لو أردنا أن نستعرض كل ما في الباب، لكن مناداة الأعداء بالمساواة بين الرجل والمرأة لا شك أنه لنقض عرى الإسلام، وما جاء به الدين، واتهام الإسلام والمسلمين، وتبقى أن المرأة مكرمة معززة هي أم غالية، ولها من الحقوق ثلاثة إضعاف ما للأب، لها ما يخصها، البنت أيضاً من أغلى ما يملكه الرجل في الدنيا، وقد أمر بالإحسان إليها، فمن ولد له أو ابتلي بشيء من البنات، وأحسن تربيتهن له الوعد العظيم من الله -جل وعلا-، فالأمر بالإحسان إلى النساء مطلوب شرعاً، والمعاشرة بالمعروف هو الواجب في الشريعة، لكن يبقى أن لكل مخلوق ما يخصه، والشرع كرم هذا وهذا، لكن باعتبار أن الله -جل وعلا- وهو العليم الخبير الذي خلق الرجل وركب فيه ما يليق به اسند إليه ما يناسبه من أعمال، والذي خلق المرأة وعلم ما يصلحها ويصلح لها أسند إليها من المهمات والأعمال ما لا يطيقه الرجال، ما لا يطيقه الرجال لكن يناسب النساء، نعم. "وعن عمران بن حصين -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إن الله يحب إذا أنعم على عبد نعمة أن يرى أثر نعمته عليه)) رواه البيهقي"

هذا الحديث حديث لا بأس به، عند البيهقي وهو أيضاً عند أحمد، ورجاله لا بأس بهم، فالحديث حسن، "عن عمران بن حصين -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إن الله يحب إذا أنعم على عبده نعمة أن يرى أثر نعمته عليه)) " يظهر بالمظهر اللائق المناسب، يظهر بالمظهر اللائق المناسب، الذي به يشكر الله -جل وعلا- على هذه النعمة، ولا يظهر بمظهر مع أن الله أغناه عن التكفف والحاجة يظهر بمظهر بحيث يزدريه الناس، أو يعطفون عليه ويتصدقون، هذا وإن لم يكن كفر للنعمة باللسان هو بالفعل يظهر بالمظهر غير اللائق بحيث يزدريه الناس، ويحسنون إليه، بل على من أغناه الله وقدره على أن يظهر بالمظهر اللائق المناسب من غير إسراف، فالله -جل وعلا- يحب أن يرى أثر النعمة من غير إسراف ولا تكبر، ولا ترفع على الناس، ومن غير مبالغة، بعض الناس كل يوم يلبس ثوب بحيث لا يعود إليه أبداً، هذا إسراف -نسأل الله العافية-، لكن يتوسط في أموره كلها، يتنظف ويتطيب ويخرج بالمظهر اللائق بين الناس، يركب المركوب المناسب، يسكن المسكن المناسب من غير أن يلفت أنظار الناس إليه، لا بالزيادة ولا بالنقص، من أهل العلم من يرى أنه إذا أظهر النعمة عليه من أجل أن يقصده المحتاج فيسأله، من أجل أن يقصده المحتاج فيسأله، وبعض الناس إذا سافر إلى البلدان في الخارج يخلع لباسه؛ لأن أهل هذه البلاد عرفوا -ولله الحمد- بالنعمة، وقد وسع الله عليهم، فإذا استمروا في ثيابهم ابتلوا بالشحاذين وأوذوا، بل قد يبتلوا بالسراق، فيضطر إلى أن يغير لباسه إلى لباس بلد لم تظهر فيه النعم، هذا إذا خشي على نفسه أو خشي على ماله من السراق يغير، لكن يغير بلباس شرعي، لا يتجاوز ما شرعه الله -جل وعلا-، فمثل هذا لا بأس به إذا خشي على نفسه أو خشي على ماله يغير، ولا يلزمه أن يلبس لباس بلده، شريطة ألا يتجاوز ما أباحه الله -جل وعلا-، فإذا خير بين أن يلبس اللبس الأجنبي الذي أصله من الكفار، إفرنجي أو لباس بعض المسلمين بعض الجهات من بلاد المسلمين الفقيرة يختار لباس المسلمين، نعم بحيث لا يؤذى ولا يضيق عليه ولا يبتلى بالسراق والمؤذين، على كل حال هذا المسألة تقدر بقدرها، والأصل إذا

لم يخش على نفسه شيئاً أن يرى أثر النعمة عليه، نعم. "وعن علي -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نهى عن لبس القسي والمعصفر"، رواه مسلم" "نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن لبس القسي" بفتح القاف وتشديد السين المهملة، بعدها ياء النسب، وياء النسب مشددة. ياء كيا الكرسي زيدت للنسب ... . . . . . . . . . نعم، يذكر عن أهل الحديث أنهم يكسرنها يقولون: قِسي، وأهل مصر يفتحونها، وهي نسبة إلى بلد في مصر يقال لها: القَس، مدري يعرفها المصريون وإلا .. ؟ معروفة وإلا .. ؟ قس، احتمال أن تكون من البلاد المندرسة؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . كيف؟ طالب:. . . . . . . . . نعم؟ طيب كم في مصر من بلد من مدينة من قرية من عزبة من مدري إيش تسمونها عاد .. ؟ ها؟ طالب:. . . . . . . . . القاموس، القاموس الجغرافي للبلاد المصرية الحالية والمندرسة مطبوع في خمسة مجلدات، مجرد أسماء تعداد أسماء، في خمسة مجلدات كبار، ما هو بعندك أنت؟ كيف تنتسب لبلد ما تعرف عنها شيء؟ لا مثل هذه الأمور ينبغي أن يعنى بها،. . . . . . . . . تمر مثل هذه لازم تعرفها، فالبلدان التي يشار إليها في النصوص لا بد من معرفتها؛ لأنها تحدد بعض .. ، تعين على فهم النص، تعين على فهم النص، فالقاموس الجغرافي مطبوع قديم قديم مطبوع في بولاق في مجلد ضخم قبل مائة سنة للبلاد الحالية والمندرسة، وطبع بعد ذلك في ستة مجلدات في دار الكتب المصرية، وكل بلد له قواميس، وله معاجم، وله .. ، فالعناية بها بقدر الحاجة، ما هو الإنسان ينهمك بقراءة هذه الأمور، ويغفل عما هو أهم منها، يقول: إن القس هذه بلد في مصر تجلب منها هذه الثياب. طالب: يا شيخ -أحسن الله إليك- فيها بلد الآن اسمها: قوس ما تكون تغيرت مع .... ؟

قوس موجودة، نعم ومشهورة أيضاً، والله ما أدري؟ لا بد من مراجعة هذا المعجم، المعجم ذكر فيها عزب يسكنها أنفار، مائة نفر، مائتين نفر يعني أشياء قليلة جداً مثل المراكز عندنا والهجر وغيرها، يقول: وأهل مصر يفتحونها قَس، وهي نسبة إلى بلد يقال لها: القس، القسي، في البخاري هذه الثياب التي هي القسي، فيها حرير أمثال الأترج، الحرير بقع من الحرير كبيرة أمثال الأترج، تزيد عن الأربعة الأصابع يمكن بقدر الكفين معاً، فيها حرير أمثال الأترج ولذا منعت لما فيها من الحرير. "والمعصفر" وهو المصبوغ بالأصفر، يعني الأصفر الخالص نعم، ولا شك أن ما اشتمل على الحرير الزايد على الأربعة أصابع محرم، وأيضاً المعصفر ثبت النهي عنه، ثبت النهي عنه، وجواز لبس المعصفر وحمل النهي على الكراهة قال به الجمهور، وإن كان الأصل في النهي التحريم، وجاء في الحديث الصحيح أن النبي –عليه الصلاة والسلام- لبس الحلة الحمراء، لبس الحلة الحمراء، وابن القيم -رحمه الله تعالى- يجزم بأنها ليست حمراء بحتة، وإنما فيها خطوط حمر، وبقع غير حمراء، وإن كان الغالب الحمرة، لكن الأحمر الخالص جاء النهي، وجاء إنكاره على ابن عمر وغيره من قبل النبي -عليه الصلاة والسلام-، ونهى النبي -عليه الصلاة والسلام- المياثر الحمر، نهى عن المياثر الحمر، وأما كونه -عليه الصلاة والسلام- لبس الحلة الحمراء فهي ليست بحمراء خالصة، والمنهي عنه الخالص، يعني كما يقال للشماغ أحمر وإلا أبيض؟ أحمر وإن كان البياض بقدر الحمرة، لكن باعتبار أن الأحمر لا شك أنه يجذب أكثر من الأبيض، فالنظر يتجه إليه والوصف ينصرف إليه، فهو أحمر وإن كان فيه من اللون الأبيض بقدر ما فيه من الأحمر، نعم. "وعن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- قال: "رأى علي النبي -صلى الله عليه وسلم- ثوبين معصفرين، فقال: ((أمك أمرتك بهذا؟ )) رواه مسلم"

نعم في حديث عبد الله بن عمرو النبي -عليه الصلاة والسلام- أنكر عليه لبس الثوبين المعصفرين، فقال: ((أمك أمرتك بهذا؟ )) لأنه لباس النساء؛ لأنه لباس النساء، وعلى كل حال لبس المعصفر منهي عنه، وأقل أحواله الكراهة الشديدة، وذهب بعض العلماء إلى تحريمه، وأما الأحمر الخالص فهو أشد من الأصفر، فلا يجوز لبسه، الأحمر الخالص بالنسبة للرجال فقد ثبت النهي الشديد عنه، وأما المعصفر فهو لباس النساء، ومعروف أن التشبيه بالنساء لا يجوز، لكن الأمر فيه أخف عند أكثر العلماء حيث حملوا النهي عن الكراهة في سنن أبي داود عن عبد الله بن عمرو أن النبي -عليه الصلاة والسلام- رأى عليه ريطة مضرجة بالأصفر، فقال: ((ما هذه الريطة التي عليك؟ )) قال: فعرفت ما كره، فأتيت أهلي وهم يسجرون تنوراً لهم، فقذفتها فيه، ثم أتيته من الغد فقال: ((يا عبد الله ما فعلت الريطة؟ )) فأخبرته، فقال: ((ألا كسوتها بعض أهلك، فإنه لا بأس به للسناء)) وهذا حديث جيد لا بأس به حسن؛ لأن من تمام الحديث الحديث الأول تمام الحديث عند مسلم لما قال له: ((أمك أمرتك بهذا؟ )) قال عبد الله بن عمرو: أغسلهما يا رسول الله؟ قال: ((بل أحرقهما)) هذا تأكيد، تأكيد، وهنا لما أحرقهما قال: ((هلا كسوتهما بعض نسائك أو بعض أهلك)) فدل على أن الأمر بالإحراق مبالغة في الإنكار، لكن لو قسم للنساء يجوز أن تلبسه النساء؛ لأنه من لباسهن، والأمر بالإحراق لا شك أنه من باب التغليظ في الأمر والتشديد فيه، نعم. "وعن أسماء بنت أبي بكر -رضي الله عنهما- أنها أخرجت جبة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مكفوفة الجيب والكمين والفرجين بالديباج" رواه أبو داود، وأصله في مسلم، وزاد: "كانت عند عائشة حتى قبضت فقبضتها" وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يلبسها، فنحن نغسلها للمرضى نستشفي بها" وزاد البخاري في الأدب المفرد: "وكان يلبسها للوفد والجمعة".

نعم حديث أسماء بنت أبي بكر الصديق ذات النطاقين أم عبد الله بن الزبير، أخت عائشة -رضي الله عنها- وهي أكبر منها، وعمرت بعدها، وماتت عن مائة سنة، ولم يسقط لها سن، ولم يتغير لها عقل، ماتت بعد ابنها عبد الله بشيء يسير، قيل: بعشر ليالي، المقصود أنها أخرجت جبة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، أخرجت هذا عند الحاجة؛ لتستدل بها على ابن عمر؛ لأنه بلغها أنه كان يحرم العَلَم في الثوب، يعني الشيء اليسير، يحرمه لعموم قوله: ((إنما يلبس الحرير من لا خلاق له)) فأرادت أن تستدل بدليل عملي، هذه جبة النبي -عليه الصلاة والسلام- أخرجت جبة النبي -عليه الصلاة والسلام- مكفوفة الجيب عندك طيالسة؟ طالب: لا. عندكم وإلا .. ؟ طالب: مخرج يا شيخ من السنن. نعم؟ طالب: عزاه إلى السنن في الهامش.

لكن هو يقول: "أخرجت جبة رسول -صلى الله عليه وسلم- طيالسة مكفوفة" نعم الطبعات الأخرى" طبعة الزهيري فيها شيء؟ نعم؟ الطبعات القديمة إذا كان في صورة وإلا شيء؟ طبعة حامد الفقيه وإلا غيره؟ طيب "مكفوفة الجيب" الجيب الذي يخرج منه الرأس "والكمين والفرجين" أين الفرجين؟ "مكفوفة الجيب" الجيب الذي يخرج منه الرأس، والكمين الكمان معروفان، طيب والفرجين الجيب؟ نعم؟ مشروحة الفرجين عندكم وإلا لا؟ شرحها؟ نعم؟ الجيب هو هذا "مكفوفة الجيب والكمين والفرجين بالديباج" رواه أبو داود، وأصله في مسلم" مكفوفة، الكف: هو ثني الطرف، الكف ثني الطرف، طرف الشيء إذا ثني صار مكفوف، ما هو بأعمى لا مكفوف، وهذا يقال لها إيش؟ كِفة وإلا كُفة؟ لأنهم، يقولون: كل مستدير كِفة، وكل مستطيل كُفة، نعم "وأصله في مسلم، وزاد -أي مسلم- من رواية أسماء: "كانت عند عائشة حتى قبضت" احتفظت بها هذا الجبة عائشة حتى قبضت في سنة سبعة وخمسين، "وكان النبي -عليه الصلاة والسلام- يلبسها" استعملها النبي -عليه الصلاة والسلام-، فصار فيها من البركة ما نالها من مُماسة جسده الطاهر -عليه الصلاة والسلام-، المبارك "وكان النبي -عليه الصلاة والسلام- يلبسها، فنحن نغسلها للمرضى يستشفى بها" نعم النبي -عليه الصلاة والسلام- فيه من البركة بحيث يستشفى بما باشر جسده الطاهر، "وزاد البخاري في الأدب المفرد: "وكان يلبسها للوفد" يعني ممن يفد إليه من علية الناس من البلدان من القبائل يتجمل بها ويلبسها للجمعة، كما أنه يلبس أحسن ثيابه للجمعة والعيدين، ولهذا يشرع للمسلم أن يستقبل الناس باللباس الطيب، ويستقبل أيضاً الوفود ومن يفد إليه من ضيوف بالأكمل، ولا يليق بالشخص إذا جاءه الآتي أن يخرج إليه بقميص نوم وإلا بسروال وإلا شيء، لا، لا، يتجمل؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يتجمل للوفود، ويلبس الثياب الجميلة للوفود، وكذلك للجمعة والعيدين، واللباس له آداب وله أمور تتعلق به تطلب من المطولات، والله أعلم. وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصبحه أجمعين.

مما ينبه عليه في باب اللباس: مسألة الإسبال، مسألة الإسبال ما دون الكعب حرام ((ما أسفل من الكعبين فهو في النار)) ولو لم يصحبه خيلاء، أما إذا صحبه خيلاء فالأمر أشد لا ينظر الله إليه -نسال الله السلامة والعافية-، أيضاً الكم ينبغي أن يكون إلى الرسغ، كما ثبت عن النبي -عليه الصلاة والسلام-؛ لأن بعض الناس يطول الأكمام وهذا إسبال، لكنه ليس مثل إسبال أسفل الثوب، أسفل الثوب إسباله حرام، وتطويل الكم خلاف السنة، وأقل أحواله الكراهة، والله المستعان. وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصبحه أجمعين.

كتاب الجنائز

بلوغ المرام - كتاب الجنائز (1) الشيخ/ عبد الكريم الخضير الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد: يقول الإمام الحافظ أحمد بن علي بن حجر -يرحمه الله-: كتاب الجنائز: عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أكثروا ذكر هادم الذات الموت)) رواه الترمذي والنسائي وصححه ابن حبان. الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "كتاب الجنائز" الكتاب مر التعريف به مراراً، والجنائز جمع جَنازة وجِنازة بفتح الجيم وكسرها، واللفظان للميت أو للسرير وعليه الميت، ومنهم من يجعل الأعلى للأعلى والأسفل للأسفل، جَنازة للميت وجِنازة للسرير، نعم؟ أقول: منهم من يجعل الأعلى للأعلى ويطردون هذا في كثير من الألفاظ الأعلى الفتحة والأسفل الكسرة الأعلى للأعلى الأعلى الميت إذا وضع على سريره، والأسفل الجِنازة للسرير نفسه، يطردون هذا في بعض الألفاظ، فمثلاً يقولون: دَجاجة بالفتح للذكر وبالكسر للأنثى، والمايح والماتح الماتح بالتاء المثناة من فوق الذي يكون في أعلى البئر والمائح الذي في أسفله عند استقاء الماء من البئر، وعلى كل حال مثل هذه الألفاظ المعروفة الجنازة والجنائز أمر لا يختلف فيه اثنان في حقيقته والمراد به، ولذا لا تجدون في كتب المتقدمين تعريف مثل هذه الألفاظ المعروفة، إنما احتاج إليها المتأخرون لاحتمال أن يوجد من لا يعرف هذا اللفظ وما المراد به لكثرة الاختلاط بين من يحسن ويعرف هذه الاصطلاحات مع غيرها، ويرون أن الأحكام المترتبة على هذا اللفظ لا تكون إلا بعد تصوره، وهذا هو الترتيب العلمي في اصطلاح العلماء أن يعرف الشيء ثم بعد ذلك تذكر الأحكام المتعلقة به، ولذا تجدونه في مطلع كل كتاب وكل باب يعرفون، يبدؤون بالتعاريف والحدود ثم يرتبون عليها ما يريدون. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى- في الحديث الأول:

عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أكثروا ذكر هادم اللذات الموت)) الحديث مخرج في سنن الترمذي والنسائي، ومصحح عند ابن حبان والحاكم وابن السكن، وجمع من أهل العلم صححوه، وله طرق وشواهد تجعل لتصحيحهم وجهاً، وهادم اللذات وجاء في بعض الألفاظ بالدال المهملة "هادم" وجاء في بعضها "هازم" والفرق بين هذه الألفاظ أن الهاذم هو القاطع، والهادم هو المزيل كالذي يهدم البناء، والهازم هو الغالب، وإذا نظرنا إلى الموت وجدنا فيه هذه الألفاظ كلها، فهو يقطع اللذات، والمراد باللذات المحسوسة من استمتاع بمتع هذه الحياة فيحول بين المرء وبينها فيقطعه من الاستمتاع بالأكل والشرب ومعاشرة الأقران والنساء وما أشبه ذلك من متع هذه الحياة الدنيا على أنه قد ينقل الإنسان إلى ما هو أشد متعة ولذة منها، لكن هذا بالنسبة لمستوى الناس كلهم الذين يشتركون فيه في متعال الحياة الدنيا، لكن من الناس من ينتقل إلى ما هو أفضل من حاله وعيشه، ومنهم من ينتقل إلى حال سيء -نسأل الله السلامة والعافية- فهو قاطع وحائل بينه وبين لذاته، وهو أيضاً هادم مثل ما يهدم البناء ويتحطم فهو مزيل لهذه النعم سواء أكانت حقيقته أو ذكره عند من أحياء الله قلبه، مزيل للتلذذ بهذه النعم واللذات، وهو أيضاً غالب لها، ولذا يتقزز كثير من الناس من ذكر الموت أثناء الطعام، وينكر على من يذكر الموت في أوقات الفرح مثلاً في الأعياد وفي الأفراح وفي الأعراس وفي غيرها وأثناء الأكل والشرب ينكر يقول: الناس جاءوا ينبسطوا ويفرحوا ويتلذذوا بالحياة لكن أولى ما يذكر فيه الموت في هذه المواطن، مع أنه ينبغي أن يكون على لسان الإنسان على لسان المسلم امتثالاً لهذا الحديث، وللمصلحة المترتبة على ذكره؛ لأن الإنسان الذي يكثر من ذكر الموت، الموت لا يذكر في كثير إلا قلله، ولا في قليل إلا كثره، إذا كانت عندك الأموال الطائلة إذا ذكرت الموت أمنت من الطغيان؛ لأنك رأيت أنك استغنيت، فإذا عرفت أن وراءك موت تأمن من هذه الآفة، وإذا كنت فقيراً لا تجد ما يكفيك تكاد نفسك تتقطع حسرات إذا رأيت ما عند الناس من أموال ذكرت الموت فهان عليك كل شيء، فهذا الأمر على

المسلم أن يتمثله، لماذا؟ لئلا يسترسل في إتباع شهواته وملذاته وينسى ما أمامه من أهوال، فإذا استحضر ذكر الموت ارتاح ضميره، وعمل لما بعد الموت، لا يذكر في كثير إلا قلله، ولا في قليل إلا كثره، وجاء في بعض الألفاظ لهذا الحديث بعد الأمر بذكره أن من أكثر ذكره أحيا الله قلبه، من أكثر ذكر الموت أحيا الله قلبه، ومعناه صحيح، معناه صحيح إذا تصورت ما أمامك عملت، وإذا نسيت ما أمامك أهملت وغلفت، فلا شك أن هذا الأمر على كل مسلم أن يتمثله لا سيما من ينتسب إلى العلم وطلبه تجد الناس ويوجد هذا في مجالس طلاب العلم أيضاً يكثر فيها الهزل، يكثر فيها الضحك، يكثر فيها القيل والقال، لكن لو ذكر الموت الموت شبح أمام الناس كلهم، مخيف يقفون عند حدهم، والله المستعان. سم. قال -رحمه الله-: وعن أنس -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا يتمنين أحدكم الموت لضر نزل به، فإن كان لا بد متمنياً فليقل: اللهم أحيني ما كانت الحياة خيراً لي، وتوفني ما كانت الوفاة خيراً لي)) متفق عليه. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

وعن أنس بن مالك خادم النبي -عليه الصلاة والسلام- رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا يتمنين أحدكم الموت)) يكثر ذكر الموت ليعمل ليحدوه ذلك إلى العلم، لكن ((لا يتمنين أحدكم الموت لضر نزل به)) فيتعجل، يتعجل الموت لما يقاسيه من آلام ومشاق، وبعض الناس عنده ضيق شديد في الخلق لأدنى شيء يتمنى الموت له أو لغيره، أنت تدري أن الموت الذي تمنيته يقطع عنك الزاد الموصل إلى مرضاة الله -جل وعلا- وإلى جناته، خلاص إذا مت طويت الصحف، انقطع عملك إلا ما استثني، والمسلم كلما طال عمره وحسن عمله كان خيراً له، قيل لشخص من السلف يعني رجل من السلف كبرت سنه قيل له: هل تتمنى الموت؟ قال: لا أتمنى طول العمر، لماذا؟ يقول: الآن كنت غافل لما كنت في الشباب، لكن الآن إذا جلست قلت: بسم الله، إذا قمت قلت: كذا سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله، يعني غراس هو يغرس في هذه الحياة الدنيا، لكن الإنسان الذي يتصور الهدف الحقيقي من وجوده على هذه الحياة ويتمنى أن تكون عاقبته حسنة لا يتمنى انقطاع وقت الزرع، بل ليزداد من حياته لموته ((لا يتمنين أحدكم الموت لضر نزل به)) لهذا السبب لا يتمنى لضر نزل به في بدنه في ولده في ماله، لكن لغير ذلك لغير الضر في أمور الدنيا لأمر من أمور الآخرة، رأى أسباب الفتن قد انعقدت، وغلب على ظنه أنه لا يثبت أمام هذه الفتن، فإذا خشي فتنة في دينه لا بأس أن يتمنى الموت خشية أن يفتن في دينه؛ لأنه ما يدري، هو يتمنى طول الحياة لا لذات الحياة وإنما ليغرس فيها ويعمل لآخرته، لكن إذا كان الغالب على ظنه أن يتضرر من هذه الحياة لا مانع، ومريم بنت عمران تمنت ذلك {يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا} [(23) سورة مريم] لأن هذه فتنة في الدين، امرأة تأتي بولد من غير زوج! هذه يخشى عليها من الفتنة، إذا تسلط الناس عليها يخشى عليها أن تفتن في دينها، والإنسان لا يصبر على مثل هذه الأمور، المقصود أنه إذا وجد مبرر شرعي ديني وخشي الإنسان على دينه لا على دنياه له أن يتمنى، ومن ذلك تمنى الشهادة، والشهادة موت، والنبي -عليه الصلاة والسلام- قال: ((وددت أني أقتل في سبيل الله، ثم أحيا فأقتل، ثم

أحيا ثم فأقتل، ثم أحيا ثم فأقتل)) ... إلى أخره، فهذه تمني، فإذا وجد مبرر شرعي لهذا التمني جاز، ولذا قال: ((ليتمنين أحدكم الموت لضر نزل به فإن كان لا بد متمنياً)) يعني ما احتمل المصيبة التي يعيشها ((فإن كان لا بد متمنياً فليقل: اللهم أحييني ما كانت الحياة خيراً لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خيراً لي)) هو لا يدري، ما يدري ماذا يحصل له؟ المستقبل غيب، لا يعرف المرء نتائجه، والله -جل وعلا- هو الذي يعلم الغيب، فيكل الأمر إلى الله -جل وعلا-، فيجعل الخيرة لله -جل وعلا- يختار له ما يصلحه في دينه وديناه، إن كانت الحياة خير له بمعنى أنه يزداد من الأعمال الصالحة الزاد الحقيقي الذي يوصله إلى الآخرة أحيني ما كانت الحياة خير لي بحيث أزداد فيها من الزاد الحقيقي، ((وتوفني إذا كانت الوفاة خيراً لي)) لأن المسألة لا بد من المحاسبة، فإذا كانت نتيجة الحساب الحسنات غالبة على السيئات كانت الحياة خيراً للمرء، وإذا كان العكس فالوفاة خيراً له، يعني هذه الأيام والليالي التي ينتج عن مجموعها السنون، ومن مجموع السنين عمر الإنسان ظرف خزائن بحسب ما يودع فيها، فإن أودع الإنسان فيها الخير وسعى لفعل الخير، واجتهد لطلب الخير كانت خيراً له، وإذا كان الأمر بالعكس فرط في أعمال الخير، وارتكب بعض ما حرم الله عليه كانت الوفاة خيراً له، لكن الإنسان ما يدري عن المستقبل، هو ينوي الخير، لكن ما يدري ما يعرض له من شبهات وشهوات تحرفه عما تمناه، فالله –جل وعلا- يختار له وإذا نهينا عن تمنى الموت فمن باب أولى، هذا مجرد التمني، لا يجوز جاء النهي عنه هنا مجرد التمني فكيف بمباشرته؟! أما مباشرة الموت الذي هو إزهاق نفس هذا لا شك في تحريمه بغير حقه لا شك في تحريمه، وجاءت فيه النصوص المستفيضة من الكتاب والسنة، وكون الإنسان يباشر قتل نفسه إذا نهي عن مجرد التمني كونه أيضاً يباشر قتل نفسه أيضاً لا يوجد في النصوص ما يدل على جوازه، بل جاء في النصوص ما يدل على تحريمه والتشديد في أمره، ومن قتل نفسه بشيء جاء به يوم القيامة يكرر قتل نفسه هناك، من قتل نفسه بحديدة، من قتل نفسه بسم، يأتي به يوم القيامة، نسأل الله السلامة والعافية، فمباشرة

المسلم لقتل نفسه حرام، ولا يوجد في النصوص ما يبيح للمسلم أن يقتل نفسه يباشر القتل نعم قد يوجد ما يجعل الإنسان يكون سبب في قتل نفسه دون مباشرة، سبب لقتل نفسه بأن يقتحم صفاً، أو ينزل في بكرة في حصن على الكفار ويغلب الظن أنه يقتل، أو يدل العدو على كيفية قتله، كما في قصة الغلام التي هي في شرع من قبلنا، لكنها سيقت مساق المدح في شرعنا، يكون المرء سبب في قتل نفسه إذا كانت المصلحة راجحة، أما أن يباشر قتل نفسه فلا أعلم في النصوص ما يدل على ذلك، مهما يكون المبرر، وفرق بين التسبب والمباشرة، على كل حال من أفتى في هذه المسائل وأن للإنسان له أن يقتل نفسه إذا ترجحت المصلحة ولا سيما المصلحة العامة إذا كانت لديه أسرار وخشي أن يفشيها للكفار اتجه القول بجواز ذلك عند بعض أهل العلم ومثل العمليات التي يختلفون فيها من رأى أن فيها نكاية للعدو، وأنه لا وسيلة لتحصيل الحقوق إلا بها أجازها بعض أهل العلم، أما أنا فلا أعرف نصاً يبيح ذلك، والمسألة اجتهادية، يعني وجد ما يبيح التسبب مما يقرب من المباشرة، يعني كونهم يعجزون عن قتله ويقول: خذوا سهماً من كنانتي وقولوا: كذا وكذا مصلحة راجحة، لكن ما باشر هو تسبب تسبُب قريب من المباشرة، ولنعرف الفرق بين التسبب والمباشرة، جاء في الحديث حديث الدعاء: ((إذا أردت بعبادك فتنة فاقبضني إليك غير مفتون)) نعم، وهذا من الخوف على الدين، وجاء في يوسف -عليه السلام-: {تَوَفَّنِي مُسْلِمًا} [(101) سورة يوسف] ظاهر في كونه يطلب الوفاة، لكن لا مطلقاً إنما على الإسلام، ولا يلزم من ذلك أن تكون الوفاة الآن أو قريباً من الآن، إنما يطلب أن يكون حال وفاته مسلماً فلا تعارض، وكل يتمنى بل يدعو أن يموت على الإسلام، كل يدعو ربه أن يموت على الإسلام ولو بعد حين.

بالنسبة لطول الأمل ذم طول الأمل هل فيه مخالفة مع النهي عن تمنى الموت طول الأمل يعني النهي عن تمني الموت تمني الموت تعجيل الموت وطول الأمل المنهي عنه تأخير الموت، يعني هل الإنسان .. يعني دعاء الإنسان بطول العمر يقابل الدعاء بالموت، وتمنى الموت، هل مفهوم الحديث: ((لا يتمنين أحدكم الموت لضر نزل به)) أن يدعو بطول العمر أو يترك الأمر لله -جل وعلا- ويعمل بما أمر به؟ ولذا جاء النهي وذم طول الأمل ((يشب ابن آدم ويشب منه خصلتان حب الدنيا وطول الأمل)) بل جاء بما يدل على تقصير الأمل فرق أن يسعى في تقصير عمره وبين أن يعمل على مقتضى قصر العمر، وما يقتضيه قصر العمر ما يقتضيه قصر العمر اغتنام الوقت، وما يقتضيه طول الأمل تفريط في الأوقات فنظراً لما يقتضيه الأمران استحب هذا وذم هذا، ولذا جاء في الحديث الصحيح: ((كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل)) وجاء ذم طول الأمل، حب الدنيا وطول الأمل؛ لأن تصور الإنسان أنه غريب يحدوه هذا إلى مضاعفة جهده، يجتهد في أن يكسب الحسنات، يبتعد عن السيئات، يحرص على أن يملأ هذه الخزائن بما يسره غداً يوم القيامة، هذا ما يقتضيه الأمل ((كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل)) ولذا قال ابن عمر راوي الحديث: "إذا أصبحت فلا تنتظر المساء، وإذا أمسيت فلا تنتظر الصباح" وكل له أثره في واقع المسلم، فالذي ينظر إلى هذه الدنيا وأنها قصيرة وأنه قد تخترمه المنية اليوم أو غداً أو الساعة أو التي تليها لا شك أنه يغتنم أنفاسه بخلاف من يمد في أمانيه الشخص الذي يدخل السلك الوظيفي، وأمامه من فسحة العمل أربعين سنة مثلاً، ويخطط ما يصنع بعد التقاعد؟ يعني بعد الستين ماذا يصنع؟ يعني هذا عنده قصر أمل أو طول أمل؟ نعم طول أمل، يعني واقع الناس حتى صرح به بعضهم أنه دعه يتنعم في هذه الدنيا فإذا وصل الستين والسبعين التفت، لكن ما الذي يضمن له أن يعيش إلى الستين أو السبعين، وقد أعذر الله لامرئ بلغه الستين، والناظم -رحمه الله- ابن عبد القوي يقول: ومن سار نحو الدار ستين حجة ... فقد حان منه الملتقى وكأن قدِ

يعني وصل خلاص، بلغه الستين ويش ينتظر بعد؟ ومن القصص الواقعية أن شخصاً بلغ الستين ولم يتزوج ولا يصلي، ذهب إليه قريب له لينصحه ويحثه على الصلاة وسائر الطاعات، وأن يتزوج عله أن يولد له ولد يذكره إذا مات ويدعو له، وكان هذا الكلام في يوم الجمعة قال له ذلك: يا فلان ألا تتزوج فتنجب ولداً يدعو لك بعد موتك، فيستمر عملك وتلتفت إلى ربك وتصلي وتزكي عنده أموال وعنده ضياع، لكنه محروم، نسأل الله السلامة والعافية، قال له: أنا الآن عمري ستين تدري كم عمر والدي يوم يموت؟ تدري كم عمره؟ قال: مائة وعشرون، قال: وعمي؟ قال: مائة وخمسة وعشر، قال: وخالي مائة وثلاثين، قال: أنا من قوم أعمارهم طويلة، فقلت له: يا أخي لا علاقة لك بأبيك ولا عمك، هذه منايا، وأنت تشوف الآن الحوادث حصادها في الشباب أكثر من حصادها في الشيوخ ... ، فأيس منه فرجع إلى بلده وبلغه خبر وفاته في الجمعة التي تليها، سبحان الله هذا الحاصل، هذا الحاصل في الجمعة التي تليها بلغه خبر وفاته، فعلى الإنسان أن يغتنم هذه الأنفاس، ويغتنم هذه الليالي والأيام، وأن تكون زاداً له، ومركباً توصله إلى ساحل النجاة، فالدنيا تموج بالفتن ويخشى على المسلم أن يفتن في دينه، وأنتم ترون الآن حتى من ينتسب إلى العلم ترون واقعهم وفتواهم وبعضهم ما ينطقون به ويتفوهون به وما يكتب -نسأل الله السلام والعافية-، فالقلوب بين أصبعين من أصابع الرحمن، والذي يضمن بإذن الله -جل وعلا- حسن العاقبة الحرص على العمل بإخلاص، فمن عمل لغير الله مكر به فعلى الإنسان أن يعمل، وأن يكون عمله خالصاً لوجه الله، نعم. قال -رحمه الله-: وعن بريدة -رضي الله عنه-: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((المؤمن يموت بعرق الجبين)) رواه الثلاثة وصححه ابن حبان. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: وعن بريدة -رضي الله عنه-: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((المؤمن يموت بعرق الجبين)) رواه الثلاثة، من المراد بالثلاثة؟ أيوه؟ نعم أبو داود والترمذي والنسائي، لكن التخريج عندكم؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . .

لم يخرجه أبو داود وإنما خرجه الترمذي والنسائي وابن ماجه، فهذا يرد على اصطلاحه، اصطلاحه في الثلاثة أبو داود والترمذي والنسائي وهذا خرجه الترمذي والنسائي وابن ماجه، وصححه ابن حبان، وله شاهد من حديث ابن مسعود وغيره، وهو قابل للتصحيح، قابل للتصحيح بشاهده.

يقول: عن بريدة -رضي الله عنه-: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((المؤمن يموت بعرق الجبين)) وهذا عبارة عن ما يكابده المؤمن عند نزع روحه، فالمؤمن يكابد شدة عن نزع الروح، وذلك لما له من الأجر عند الله -جل وعلا- من عظم الأجر يكابد، فالنبي -عليه الصلاة والسلام- قال له ابن مسعود: إنك توعك وعك شديد، قال: ((أجل إني أوعك كما يوعك الرجلان منكم)) قال: ذلك أن لك أجرين؟ قال: ((أجل)) فكلما زادت منزلة المرء عند الله -جل وعلا- زادت المشقة عليه ليعظم أجره، فالمؤمن يموت بعرق الجبين، فأثناء النزع يجد شدة والموت له سكرات، ومنهم من يرى أن تفسير الحديث أن المؤمن ينصب ويتعب في هذه الدنيا في طلب الحلال ليطعم الحلال ويشرب الحلال يلبس الحلال وينكح الحلال مع تعبه لدينه فهو يسعى جاهداً لما يرضي الله -جل وعلا- في أمر دينه ودنياه وأمر الدنيا إذا قترن بالنية الصالحة أجر عليه الإنسان، وصار من أمر الآخرة، يعني هذا الشخص الذي يلهث وراء الدنيا إما أن يكون عمله خالص للدنيا وهذا لا أجر له فيه إن سلم من وسائل الكسب المحرمة وسائل الصرف المحرمة لا له ولا عليه، لكن اقترن بذلك نية صالحة يريد بذلك إعفاف نفسه والإنفاق على من تحت يده والإنفاق في سبيل الله -جل وعلا- مثل هذا يؤجر ولو كد وتعب في تحصيل الدنيا لأنها انقلبت بالنية الصالحة إلى عبادة إضافة إلى ما يكابده لآخرته ويوجد من هذا النوع -ولله الحمد- جمع يوجد من يتعب في أمر الدنيا، وحصل منها من الأموال الطائلة، ومع ذلكم لم ينس الآخرة بل الآخرة هي عمله وهي همه، فديدنه مصحفه، وصيامه قيامه، مع ما فتح عليه من أمور الدنيا، فمثل هذا يكابد، لكن يكابد ليرضي الله -جل وعلا-، ومن الناس من يكابد ليل نهار ولم يحصل لا على خير الدنيا ولا على خير الآخرة، من الناس من يتعب لكسب الحرام وبإمكانه أن يصرف هذا الجهد لكسب الحلال فالذي يوفقه الله -جل وعلا- ويفتح له من أبواب الخير سواء كانت من أمور الدين أو الدنيا مع أن المسلم لا سيما من ينتسب إلى العلم ينبغي أن يكون همه الدين والدنيا تأتي تبع ووجه إلى ذلك ويفهم من قوله -جل وعلا-: {وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا} [(77) سورة

القصص] أن الأصل في المسلم أنه للآخرة يكون عمله محض للآخرة، ولذا وجه إلى ألا ينسى الدنيا ليستعين بها على تحقيق الهدف وهو العبودية، فالمؤمن يموت بعرق الجبين يعرق لأمور ديناه وأمور أخرته، يعرق جبينه في أمور دنياه وأمور آخرته، وإذا جاءه النزع ضوعف عليه الشدة ضوعفت عليه ليزداد أجره بذلك، وكأن الحديث فيه حث على متابعة السعي وعدم الكسل، وأن يكون المسلم عضواً فاعلاً -كما يقولون- نافعاً لنفسه ولولده ولمن تحت يده ولأمته يتابع العمل ما يقول: أنا والله وصلت إلى حد ارتاح، مالك راحة {وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ} [(99) سورة الحجر] إلى الموت ليستمر عملك ونصبك وعرقك إلى أن يأتيك اليقين حتى تموت وأنت على هذه الحالة، نعم. قال -رحمه الله-: وعن أبي سعيد وأبي هريرة -رضي الله عنهما- قالا: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لقنوا موتاكم لا إله إلا الله)) رواه مسلم والأربعة.

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: وعن أبي سعيد وأبي هريرة -رضي الله عنهما- قالا: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لقنوا موتاكم لا إله إلا الله)) رواه مسلم والأربعة، وهذا من أجل أن يكون أخر ما ينطق به المسلم من هذه الدنيا لا إله إلا الله، وقد جاء في الحديث الصحيح: ((من كان آخر كلامه من الدنيا لا إله إلا الله دخل الجنة)) فالتلقين مستحب، يلقن الشهادة، موتاكم يعني المسلمين، فإذا حضر أحدهم الموت والمراد بالموتى هنا من قربت وفاته جمع ميت وهو من سيموت يعني من قربت وحضرت وفاته يلقن لا إله إلا الله لا أنه يلقن الشهادة بعد وفاته انتهى ((من كان أخر كلامه من الدنيا)) ما قال من الآخرة؛ لأنه انتقل من هذه الدنيا فلا تنفعه إنما يلقن وكيف يلقن وهو ميت والميت لا يقبل التلقين، إنما من يقبل التلقين ليقول لا إله إلا الله ويختم بها حياته، وهل يلقن ... الميت انتهينا منه لا يقبل التلقين ولا يسمع ولا يرد الجواب، لكن الذي يسمع أو في حكم من يسمع وهو من روحه في جسده وإن كان مغمى عليه وظهرت علامات الموت يلقن أو يترك؟ عموم الحديث يشمل ((لقنوا موتاكم)) وهذا من موتاكم، وما يدريك عله يسمع، ويقولها حسب استطاعته، حتى من قرر الأطباء أنه مات دماغياً يلقن لا إله إلا الله، وما يدريك، وكلامهم نعم يغلب على الظن ثبوته والواقع يشهد بذلك لكنه ليس بقطعي بدليل قصة واقعة شخص قرر ثلاثة من الأطباء أنه مات دماغياً، وأحضر أخوته الأربعة من أجل أن يتبرعوا بأعضائه طلب منهم هذا فوافق ثلاثة وامتنع الرابع، والله لا نستطيع هو لا أوصى ولا نملك ولا شيء وهم ماشين على الجواز، وإن كان المتجه المنع أي كان لا من الشخص نفسه ولا من غيره أن يتصرف فيه لأنه لا يملك، رفض الرابع، فما الذي حصل؟ حصل أن الرجل أفاق، وهو مقرر أنه ميت دماغياً، فصارت العداوة بينه وبين أخوته الثلاثة، وصار أخوه الرابع أحب شيء إليه حتى من نفسه وولده، يعني تصور شخص بين ثلاثة مجتمعين هم يتبرعون بأعضائه يقول: إنه ذكر أنه سمع كل ما دار، لكن لا يتحرك منه شعرة فمثل هذا إذا وصل إلى هذا الحد يدخل في عموم الحديث يلقن، وزيارة المريض وعيادته سنة، ولو كان لا يحس بمن حوله وقد

ترجم الإمام البخاري -رحمه الله تعالى-: باب زيارة المغمى عليه، وزار النبي -عليه الصلاة والسلام- جابر بن عبد الله وهو مغمى عليه فمثل هذه الأمور الإنسان المسلم ما دامت روحه في جسده كامل الحقوق لا يجوز التعدي عليه بحال، ما لم تفارق روحه بدنه، كثير من يسأل الأطباء عندهم بعض المرضى مثلاً يجلس أشهر ستة أشهر حاجز سرير وحاجز أجهزة لو رفعت عنه الأجهزة مات هل يجوز رفع الأجهزة عنه وهو مسلم كامل الحقوق روحه في جسده؟ لا يجوز رفع الأجهزة عنه، لكن قد يقال فيما لو حضر مريض بحاجة إلى هذه الأجهزة وهو أرجى منه في الحياة بحيث لو ترك مات، ونسبة حياته ستين خمسين بالمائة، وهذا نسبة حياته واحد بالمائة مثلاً أو عشرة بالمائة هذا محل نظر يعني هل تعرف عنه الأجهزة أو نقول: إنها لمن سبق؟ لكن رفع الأجهزة دون حاجة لا يجوز، والله المستعان، فمثل هذا داخل في التلقين عله أن يسمع هذه اللفظة هذه الشهادة كلمة التوحيد ثم يقولها ولو بالطريقة التي يعلمها الله -جل وعلا- ولو لم يعلمها البشر، موتاكم المخاطب بذلك المسلمون، وموتاهم يعني المسلمين، وإن كان يتناول على بعد الميت القريب من المسلم، وإن كان غير مسلم، والنبي -عليه الصلاة والسلام- عرض الشهادة على عمه أبي طالب، وعرضها على اليهودي الذي زاره، المقصود أنها تعرض حتى على غير المسلم، علّ الله -جل وعلا- أن ينفعه بها، وينقذه بها، لا سيما من ظهر نفعه في المسلمين، لا مانع، الدليل يدل على أنه تعرض عليه الشهادة، وإن كان قوله: ((موتاكم)) خاص بالمسلمين موت المسلمين؛ لأنه يخاطب المسلمين والكافر ليس بميت لمسلم بل هو بعيد عنه، والصلة منقطعة تماماً عنه، لكن لو عرضت على الكافر علّ الله أن ينفعه بها تنفعه عند الله كما قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((قل لا إله إلا الله كلمة أحاج لك بها عند الله)) و. . . . . . . . . اليهودي مع العرض والتلقين أولاً لا بد أن يكون التلقين برفق، ولا يكرر عليه إلا بقدر الحاجة، بالأسلوب المناسب؛ لأن الإنسان في هذا الظرف يضيق خلقه، ويسوء فيخشى أن ينطق بكلمة تضاد هذه الكلمة، الأمر الثاني مما ذكره أهل العلم في هذا الباب أن تذكر أن يذكر من أعماله

الصالحة التي عرف بها ليحسن الظن بالله -جل وعلا-؛ لأنه جاء في الحديث الصحيح ((لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بربه)) وقال الله -جل وعلا- في الحديث القدسي: ((إنا عند حسن ظن عبدي بي)) فإذا ذكرت له أعماله الصالحة أحسن الظن بربه، وانشرح صدره، وتمنى لقاء الله، بخلاف ما إذا ذكرت أعماله السيئة، اللهم إلا لو كانت هناك في فسحة من الأمر ليذكر بها فيتوب عنها، أما إذا ضاق الوقت بحيث لا يتمكن من هذا بل تخشى العواقب والآثار السيئة تترك وإنما يذكر بسعة رحمة الله -جل وعلا-، وأنه كان يعمل وكان يعمل وكان يعمل وكان يفعل على الإنسان أن يعمل في حياته من الأعمال الصالحة ما يجعله يحسن الظن بالله -جل وعلا-، وما يكون سبباً في حسن العاقبة وحسن الخاتمة، والشواهد من المحتضرين كثيرة جداً على هذا وعلى ضده فمن عاش على شيء مات عليه، وأهل العلم يقولون: الفواتح عنوان الخواتم، فمن عاش على شيء مات عليه مات على شيء بعث عليه من لزم الأعمال الصالحة ذكرها عند موته وكررها وقت اختلاطه وهرمه وشغف بها وأحبها وكم من شخص وشواهد الأحوال كثيرة على هذا، كم من شخص يحصل له من يحصل من إغماء وهو من أهل القرآن يردد القرآن، وهو لا يعرف أحداً، ولا يستطيع أن يتكلم بكلمة، ومع ذلك يسمع منه القرآن واضح، وكم من مؤذن إذا جاء وقت الصلاة سمع منه آذان وهو في حالة إغماء وبالمقابل من كان يزاول الأعمال السيئة والجرائم والمنكرات تجده يكررها، وذكر ابن القيم -رحمه الله تعالى- في الجواب الكافي بعض القصص المخيفة، فينتبه الإنسان لهذا، وإذا قيل لبعض الناس ممن شغف بالخمر قل: لا إله إلا الله أجاب بما عاش عليه، وإذا كان مشغوف بالغناء قيل له: قل: لا إله إلا الله ردد أغنية، وإذا كان مشغوف بالنساء إذا قيل له: قل لا إله إلا الله ذكر بعض النساء المومسات، نسأل الله السلامة والعافية، فعلى الإنسان أن يعمر حياته بطاعة الله -جل وعلا- ليستصحبها إلى وفاته، قد يكون في نفس الإنسان هواجس وخواطر يرددها وأماني تغلب على تفكيره ذكر ابن القيم في حلية الصابرين أن كثير من الناس ممن غلبت عليهم هذه الهموم والهواجس إذا صار في حالة من إغماء أو خرف أو تخليط صار يرددها عند

الناس، وكل له همه فمن الناس من كان همه في الدين ونصر الدين يردد هذا، من كان همه في الدنيا رددها، من كان همه في الأكل ردد الأكل إذا خرف، أدركت شخصاً من كبار السن من المسلمين كف بصره وصار يجلس في الشارع وكل من مر قال -يعني بلهجته-: من يراهن على دجاجة، يبي أحد يجيب له دجاجة يأكلها كاملة، هذا أيام كان الدجاج قليل جداً لا يوجد، فاستصحب هذا الأمر إلى أن خرف وصار يردد هذه الكلمة، بعد أن وسع الله على المسلمين وصار الدجاج يعني أكثر من التراب؛ لأنه عاش على هذا الأمر ومن عاش على ذكر الله ردد الذكر، ومن عاش على التلاوة ردد التلاوة وهكذا، والجزاء من جنس العمل، وتجد بعض من خرف .. أقول: بعض من خرف يُحجب عن الزائرين حتى أقرب الناس إليه لأنه يتكلم بكلام حقيقة يخجل السامع فضلاً عن القريب لماذا؟ لأنه كان يردده في حياته، وفرق بين من تدخل العناية المركزة في المستشفى وتجد شخصاً يقرأ القرآن، وأخر يؤذن، وثالث يلعن ويشتم ويسب من لا شعور هو ما يدري عن شيء، شيء مشاهد يعني، ومن أراد أن يعتبر ويدكر كما قال القرطبي في تفسير {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ} [(1) سورة التكاثر] يقول: من أراد الاعتبار والادكار يزور المقابر، يقول: إن كان مع كثرة زيارته للمقابر قد قل أثرها في نفسه وتأثيرها عليه فليحضر المحتضرين، يعني حال حال سبحان الله العظيم من شاهدها لا شك أنها تؤثر من في قلبه أدنى حياة، لكن الميت! مال لجرح بميت إيلام، قلب الميت ما في فائدة، ويشارك في التغسيل، ويحضر الجنائز، ومع ذلكم بعض الناس يشهد هذه المشاهد ولا تؤثر فيه شيئاً، لا شك أن كثرة الإمساس وكثرة معاناة هذه الأمور قد تخففها على النفس، لكن يبقى أنها لا بد من استحضار حال الإنسان في هذا الظرف، فمن استحضر حاله في هذا الظرف لا بد أن يتأثر، وعثمان -رضي الله عنه وأرضاه- إذا رأى القبر بكى بكاءً شديداً يقول: هذا أول منازل الآخرة إذا نجينا من هذا المنزل خلاص عتقنا، ويوجد الآن رأي العين من يدخن على شفير القبر موجود، وليس بشاب لا كهل نصف لحيته أبيض ويدخن على شفير القبر فضلاً عن من يبيع ويشتري ومواعيد ونكت في المقبرة فكل حالة لها لبوسها، والله المستعان.

قال الإمام الحافظ -رحمه الله-: وعن معقل بن يسار -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((اقرؤوا على موتاكم ياسين)) رواه أبو داود والنسائي وصححه ابن حبان. حديث معقل الذي ذكره الحافظ -رحمه الله تعالى- في قراءة سورة ياسين هذا ضعيف، مضعف عند أهل العلم، رواه أبو داود والنسائي في عمل اليوم والليلة، ورواه ابن حبان في صحيحه، لكنه حديث ضعيف والموتى هنا مثل ما في الحديث السابق من سيموت، وذكروا من فائدة قراءة سورة ياسين أنها تخفف وتهون وتسهل خروج الروح كما قالوا، والحديث ضعيف، كما قال الدارقطني مضطرب الإسناد، مجهول، لا يصح، على كل حال الحديث ضعيف فلا يتكلف اعتباره ولا شرحه، نعم. وعن أم سلمة -رضي الله عنها- قالت: دخل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على أبي سلمة وقد شق بصره فأغمضه ثم قال: ((إن الروح إذا قبض اتبعه البصر)) فضج ناس من أهله، فقالوا: ((لا تدعو على أنفسكم إلا بخير، فإن الملائكة تؤمن على ما تقولون)) ثم قال: ((اللهم اغفر لأبي سلمة، وارفع درجته في المهديين، وافسح له في قبره، ونور له فيه، واخلفه في عقبه)) يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: وعن أم سلمة -رضي الله عنها- قالت: "دخل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على أبي سلمة وقد شق بصره" شخص ارتفع؛ لأن الروح إذا خرجت تبعها البصر، شخصه بصره ارتفع لينظر أين تذهب هذه الروح فأغمضه النبي -عليه الصلاة والسلام-، ولذا يستحب تغميض عين الميت؛ لأن منظره مخيف إذا كان بصره شاخصاً وهو في حال موت، لا شك أن إغماض بصره أكمل؛ لأن قيمة البصر في الإبصار وقد انتهى الإبصار فانتهت قيمة البصر فيغمض، ويخشى أن يدخل في عينيه شيء أو تتأثر عيناه مما في الجو، وتتعفن، المقصود أن إغماض البصر سنة كما فعل النبي -عليه الصلاة والسلام-، ثم قال: إن الروح إذا قبض تبعه البصر.

وشق بصره بفتح الشين وبصره فاعل وضبطه بعضهم بالنصب يعني شق المرء بصره، ((إن الروح إذا قبض تبعه البصر)) هل هذه التبعية حسية بمعنى أن الروح تمكن رؤيتها أو لا تمكن؟ بمعنى هل هي جسم أو عرض ليست بجسم؟ يتكلم العلماء في هذا كثيراً لكن الجواب الإلهي {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي} [(85) سورة الإسراء] ما لأحد كلام في هذا الباب {وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً} [(85) سورة الإسراء] والبراهين على ذلك ما في الآية نفسها الروح بين جنبي الإنسان مائة سنة ولا يدري ما هي، فيغالط نفسه، ويكذب على نفسه من يريد أن يطلع على كل شيء، ويعرف كل شيء، فضلاً عن من يزعم أنه يعرف كل شيء روحه التي بين جنبيه لا يدري ما حقيقتها، فهذه التبعية الله أعلم بها، تبعاً للمتبوع، أما البصر في حال الحياة إتباعه للأمور مدرك، يتبع المرئيات يميناً وشمالاً، نعم مدرك لكن المتبوع هنا وهو الروح غير مدرك فهذه التبعية تبعاً لهذا المتبوع غير مدرك.

يقول: فضج ناس من أهله لأنهم فهموا من كلامه -عليه الصلاة والسلام- أن الروح إذا قبض خلاص الرجل مات فهموا أن الرجل قد مات، كان قبل ذلك يرجى أن تعود له الروح، وأن تعود له الحياة، لكن قبضت الروح انتهى كل شيء، فضج ناس من أهله بالبكاء والأصوات، فقالوا: ((لا تدعو على أنفسكم)) لأنه في الغالب أن الإنسان في هذه الحال مع شدة الفزع يدعو على نفسه بالهلاك أو بالبوار أو بأي شيء من شدة الفزع يصاحب ذلك شيء من الدعاء ((لا تدعو على أنفسكم إلا بخير، فإن الملائكة يؤمنون على ما تقولون)) أي من الدعاء، ثم قال: ((اللهم اغفر لأبي سلمة)) ضج ناس من أهله البكاء على الميت جاء الخبر أن الميت يعذب ببكاء أهله عليه تأتي الإشارة إليه، والمراد به، ثم قال: اللهم اغفر لأبي سلمة، دعا له -عليه الصلاة والسلام-، اللهم اغفر لأبي سلمة، وارفع درجته في المهديين، في بعض الألفاظ: ((واخلفه في عقبه في الغابرين، واغفر لنا وله يا رب العالمين، وافسح له في قبره، ونور له فيه)) وهنا اقتصر على قوله: ((اللهم اغفر لأبي سلمة، وارفع درجته في المهديين، وافسح له في قبره، ونور له فيه، واخلفه في عقده)) وهذا الحديث في المسند وتعرض العلماء والشّراح والمفسرون لبيان حقيقة الروح لكن الأولى أن لا يتعرض لها، وكل من تكلم فيها فكلامه ضرب من الظن والتخمين؛ لأن الله -جل وعلا- قطع الطريق على من أراد أن يتلكم فيها ولم يجب من سأل عنها {قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي} [(85) سورة الإسراء] وانتهى الإشكال، وما كل ما يسمع الإنسان يقف على حقيقته، وما كل ما يبلغه يجيد فهمه أو يصل إلى كنهه، بل من الأمور مما لا بد أن يقف المسلم فيه عند حده، ولا يجوز له أن يسترسل فيها، وقد جاء الكف عن الاسترسال في الأسئلة، يعني الأسئلة التي يترتب بضعها على بعض، والشيطان يلقي على لسان الإنسان أسئلة تكون فيها شبهات، فإذا وصل الإنسان إلى هذا الحد عليه بالتسليم، وهناك شبه لا يمكن الجواب عنها، بل يقف العقل البشري حائر تجاهها، ولذا يخطأ في حق عوام الناس، في حق عوام المسلمين من يطلب المناظرة أمامهم في مسائل كبرى أو في قضايا قد يوجد شبة لا يستطيع المدافع أن يجيب عنها، فما موقف

العوام في مثل هذه الشبه موقف طلبة العلم فضلاً عن العوام؛ لأن الشبه إذا علقت بالأذهان يصعب اجتثاثها نعم هذه الأمور نسبية قد يكون الإنسان يستطيع أن يجيب عن هذه الشبة وغيره لا يستطيع والعكس، ومن الذي تتوافر فيه الأهلية للإجابة عن جميع ما يلقى من شبهة هذا ما يمكن، فلذا من الخطأ والإجرام في حق عوام المسلمين أن تتطلب المناظرات على المستوى العام لا شك أن هذه جريمة، لا بد من الوقوف عن حد معين، العقل البشري لا يدرك كل شيء، هناك أمور لا بد أن يقف عندها المسلم، كما قال أهل العلم: قدم الإسلام لا تثبت إلا على قنطرة التسليم، هناك أمور ذكرت .. ، من كلام شيخ الإسلام -رحمه الله تعالى- وهو يرد على شبه المبتدعة ما يقف عنده كبار أهل العلم حائراً يكون في حيرة لا يستطع أن يفهم الرد فضلاً عن الشبه، فمثل هذه القضايا تنزل منازلها، ولا يطلع عليها إلا من يدركها ويحتملها عقله، والله المستعان، نعم. قال الإمام -رحمه لله-: وعن عائشة -رضي الله عنها- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- حين توفي سجي ببرد حبرة. متفق عليه. وعنها -رضي الله عنها- أن أبا بكر قبل النبي -صلى الله عليه وسلم- بعد موته. رواه البخاري. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: وعن عائشة -رضي الله عنها- "أن النبي -صلى الله عليه وسلم- حين توفي سجي" التسجية: التغطية، يعني غطي ببرد حبرة، مخطط، وفيه أعلام، غطي بعد أن مات -عليه الصلاة والسلام-، وقبل تغسيله وتكفينه، غطي ببرد حبرة هذه التسجية مطلوبة لئلا ينكشف الميت، فيبدو منه شيء، وهذا الحديث في الصحيحين، وكما سمعنا التسجية التغطية، وحكمتها صيانة الميت عن الانكشاف؛ لأن الميت إذا مات وفارقت روحه بدونه تتغير صورته وشكله فيفزع رائيه، وعلى هذا المشروع التغطية. د

يقول: "وعنها -رضي الله عنها- أي عائشة- أن أباها أبا بكر الصديق -رضي الله عنه- قبل النبي -صلى الله عليه وسلم- بعد موته" رواه البخاري، فتقبيل الميت لا سيما بالنسبة لذويه ومحبيه مشروعة، وقبل النبي -عليه الصلاة والسلام- عثمان بن مضعون وهو ميت، والنبي -عليه الصلاة والسلام- عيناه تذرفان رحمة وشفقة ومودة لهذا الصحابي الجليل فتقبيله سنة بالنسبة لمحبيه وذويه كالتوديع له. وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضى عنه)) رواه أحمد والترمذي وحسنه. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضى عنه)) فالميت لا يزال مشغولاً يهمه أمر الدين؛ لأنه سوف يطالب به ويحاسب عليه حتى يقضى، فإذا قضي عنه دينه بردت جلدته، وقد ورد التشديد في الدين، حتى أن النبي -عليه الصلاة والسلام- ترك الصلاة على المدين حتى ضمن الدين، والشهادة يغفر للشهيد عند أول دفعة من دمه إلا الدين، فالدين شأنه عظيم، وهو في الدنيا وفي حال الحياة ظل في النهار وهم في الليل، وقال بعضهم: إنه ما دخل الدين في قلب امرئ إلا ذهب من عقله بقدره ما لا يعود إليه، فالدين شأنه عظيم، ولا شك أنه ذل، يعني كل إنسان جرب الحاجة إلى الناس، فهو ذل، وشأنه في الآخرة أيضاً عظيم؛ لأنه لا بد من الوفاء وهذه حقوق الناس، فإذا كان يغفر للشهيد حتى ما اقترفه من الكبائر، يغفر له كل شيء إلا الدين، والناس في هذه الأزمان يلاحظ عليهم التتابع والاسترسال، وعدم الاكتراث من الدين، ووجد ما يسهل ذلك، وبعض الناس عنده أن أي شيء لا تدفع قيمته فوراً كأنه يأخذه مجاناً من أسهل الأمور عليه أن يأخذ شيء بالدين، ولا يحسب أي حساب للعواقب، ولذا تجد الآن النسب المدينة كبيرة جداً نسب بين الناس يعني قل أن تجد من ليس بمدين بسبب مسكن، بسبب سيارة، بسبب زواج لأي سبب من الأسباب، وهو داخل في هذا الحديث، وبعض الناس يتساهل في الدين إذا كان لبيت المال، بل بعضهم نسأل الله السلامة والعافية وهو يبرم العقد ويوقع على الشروط وفي نيته ألا يسدد هذا موجود، أقول: بعض الناس وهو يبرم العقد ويوقع عليه وعلى الشروط وفي نيته أنه لا يسدد، ومن أخذ أموال الناس وفي نيته الوفاء والسداد وفّى الله عنه وسدد عنه، لكن من في نيته عدم الوفاء هذا عكس من ذلك ووصل الدين إلى الكبار والصغار والرجال والنساء بشكل مخيف، امرأة تملك من المال تقول: مائتين وثلاثين ألف عندها الآن في رصيدها، وتريد أن تشتري بيت، بيت مناسب تجد بيت مناسب بمائتين وثلاثين ألف وليست بحاجة إلى دين، لكن تقول: إنها وجدت بيت مناسب تدفع المائتين والثلاثين مقدم، وبقية الثمن تقسط أقساط شهرية قيمة كل قسط أربعة ألاف وثمانمائة ريال لمدة ستة عشر سنة

هذا سؤال امرأة، امرأة تقول هذا الكلام، والسجون مملوءة بالمدينين، وامرأة تقول هذا! من يضمن لها أن تستمر لها الوظيفة ألا يمكن أن تصاب بعاهة تمنعها من الوظيفة؟ كيف تسدد هذه؟ ألا يمكن أن تخترمها المنية اليوم أو غداً؟ وقل مثل هذا في كل من تساهل في الدين، كل من أراد شيء راح وقسط وأصحاب الأموال يضحكون على الناس النسبة خمسة بالمائة، خمسة بالمائة، لكن إذا أخذت لمدة ستة عشر سنة كم النسبة؟ النسبة ثمانين بالمائة، خمسة نضربها في عدد السنين، نعم، فالمسألة ليست سهلة، ليست هينة، يتساهل الناس ويتتابعون على الديون من غير نظر إلى العواقب، فنفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضى عنه، كثير من الناس يموت وعليه دين فيسعى أولاده جاهدين لسداد هذا الدين، وهذا من برهم به، لكن قد لا يستطيعون السداد، كل من ذهبوا إليه أعطاهم اللي يعطي مائة واللي يعطي مائتين والديون كبيرة، يعني وجد من بعض الناس قال: كم دينك يا فلان؟ يعني يتفاخرون بهذا، قال: مائة ألف، قال: دين حرمة هذا، ما هو بدين رجال، صحيح إلا ما هو بملايين ما هو بدين رجال، يعني انتكاس في الفطر، وفي المفاهيم، وين الدين؟ الدين مما يفتخر به؟! يعني هو في ذهنه ويسول له الشيطان أن الناس وثقوا به وأعطوه أموالهم أنت ما يثقون بك، ما أنت على مستوى يثق بك الناس على الملايين، وهو ما يدري المسكين أنه مضحوك عليه، وهذا الذي يقول: دين حرمة أنا أعرف أجزم أنه من الذين يأخذون التجار قبل البنوك عاد، الذين يأخذون النسب المرتفعة جداً، بعضهم من السنة الواحدة يأخذون خمسين بالمائة، وهذا موجود إلى وقت قريب، فعلى المسلم أن يهتم بهذا الأمر، ويبادر بإبراء ذمته، ويحتاط لنفسه بما في ذلك الديون التي لبيت المال؛ لأن بيت المال يتعلق به جميع الناس، نعم. قال الإمام الحافظ -رحمه الله-: وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال في الذي سقط عن راحلته فمات ((اغسلوه بماء وسدر وكفنوه في ثوبين)) متفق عليه. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال في الذي سقط عن راحلته فمات وهو واقف بعرفة سقط عن الراحلة وقصته دابته فمات: ((اغسلوه بماء سدر)) وفي رواية: ((لا تحنطوه وكفنوه في ثوبين)) وفي رواية: ((في ثوبيه)) يعني الإزار والرداء الذي عليه، متفق عليه. اغسلوه بماء وسدر فالسدر يجعل في الماء فيغسل به لمزيد النظافة، وغسل الميت تعبدي لا لنجاسته، ولا لأن الموت حدث موجب للغسل، إنما هو تعبد ((اغسلوه)) أمر بالغسل، ولذا عامة أهل العلم على أن غسل الميت فرض كفاية، يعني لو ترك الميت المسلم دون غسل أثم من علم بحاله، وإن رجح بعضهم من المالكية أنه سنة، لكن الأمر صريح في ذلك ((اغسلوه))، وفي حديث أم عطية الأتي: ((اغسلنها)) أوامر ((اغسلوه بماء وسدر)) فالماء هو الأصل في الغسل، والسدر للتنظيف، ويكفن في ثوبيه، ولا يغطى رأسه، ولا وجهه، ولا يمس طيب ولا حنوط؛ لأنه يبعث يوم القيامة ملبياً، وعلى هذا لا يكمل عليه الحج؛ لأن بعض الناس يتصور أنه مات في عرفة خلاص يكمل عنه حجه، يناب عنه لا خلاص تمت حجته فيبعث يوم القيامة ملبياً، هل يخلط الماء في السدر أو يكون السدر مستقل ويصب عليه الماء أو يكون السدر في غسله من الغسلات ويتابع عليه الماء بدون سدر؟ لأن أهل العلم في مسألة ما يخلط الماء من الطاهرات هل يسلبه الطهورية أم لا؟ مسألة تقدمت في كتاب الطهارة لكن يغسل بالماء والسدر ثم بعد ذلك يتبع بالماء. وفي قوله: ((وكفنوه)) ما يدل على وجوب التكفين، وأنه لا يشترط أن يكون وتر، النبي -عليه الصلاة والسلام- كفن في ثلاثة أثواب، وهذا قال: ((كفنوه في ثوبيه)) لأنه ثوب زاول فيه هذه العبادة، وسوف يستمر في هذين الثوبين حتى يفرغ من هذه العبادة، ولن يفرغ منها حتى يبعث يوم القيامة، يلبي في حكم الحاج فيكفن في ثوبيه الذين مات فيهما، وفي قوله: ((يبعث ملبياًً)) التي لم يذكرها المؤلف -رحمه الله تعالى- لأنها لا تدخل في هذا الباب، ما يدل على أن من شرع في عمل طاعة ثم اخترمته المنية دون إتمامه أنه يحصل له ما يؤمله ويرجوه من الله -جل وعلا- كاملاً قياساً على هذا الذي يبعث يلبي، وأن الله يكتب له أجر ذلك العمل، نعم.

وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: لما أرادوا غسل النبي -صلى الله عليه وسلم- قالوا: والله ما ندري نجرد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كما نجرد موتانا .. الحديث، رواه أحمد وأبو داود. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: لما أرادوا غسل النبي -صلى الله عليه وسلم- بعد موته ترددوا، قالوا: والله ما ندري نجرد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من ثيابه كما نجرد موتانا، دل على أن الأموات يجردون من ثيابهم عند الغسل على أن تستر العورات، ولا تباشر باليد عند الغسل، فيجردون، قولها: كما نجرد موتانا دليل على أن الميت يجرد، لكن النبي -عليه الصلاة والسلام- وله من الوضع الخاص ما يميزه عن غيره، هل يفعل به كما يفعل بغيره فيجرد من ثيابه كغيره أم يغسل عليه ثيابه تمام الحديث عند أبي داود: "فلما اختلفوا ألقى الله عليهم النوم حتى ما منهم رجل إلا وذقنه في صدره" نوم، "ثم كلمهم مكلم من ناحية البيت لا يدرون من هو: أن اغسلوا النبي -عليه الصلاة والسلام- وعليه ثيابه" فغسلوه وعليه قميصه، وتولى الغسل علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-، وعائشة -رضي الله عنها- قالت: لو استقبلنا من الأمر لما تولى غسل النبي -عليه الصلاة والسلام- إلا نسائه، وعلى كل حال الرجل يغسله الرجال، وللزوجة أن تغسل زوجها، على ما سيأتي، والمرأة يغسلها النساء، وللزوج أن يغسل زوجته على خلاف في ذلك سيأتي -إن شاء الله تعالى- والحديث مخرج في المسند وسنن أبي داود، وهو حديث حسن. هنا يقول: يقترحون أن ينتهي الدرس في الخامسة والثلث، الآن خمس وثلث؟ طيب نشوف، هنا أسئلة: هذا يقول: هل ينافي قصر الأمل التخطيط للمستقبل؟ التخطيط للمستقبل يعني يعرف أنه غداً سوف يذهب إلى المكان الفلاني، وإذا جاء وقت الحج سوف يحج ولو كان بعد أشهر ولو كان كذا سوف يفعل ينوي نية الخير ولو طال أمله هذا، وقصر الأمر المطلوب إنما هو في أمور الدنيا، والمذموم منه ما يبعث على ترك العمل، والتواني فيه والتراخي.

يقول: كيف نوفق بين حديث: ((يموت المؤمن بعرق الجبين)) وبين حديث البراء الطويل، ولما وصل إلى قبض روح المؤمن قال: ((فتخرج منه كما تخرج القطرة من في السقاء)) ويا حبذا لو أجبتم على هذا السؤال فإنه أشكل عليّ؟ يعني إذا وصل إلى مرحلة خروج الروح هو قبل ذلك يموت بعرق الجبين، لكن إذا وصل إلى مرحلة خروج الروح تخرج روحه كما تخرج القطرة من في السقاء بخلاف روح الكافر. هذا سائل من الإمارات يقول: في العمل لدينا شخص من مجموعة العمل يتهرب من أحد أعباء العمل والمفترض أن الهرب من أحد أعباء العمل بالاتفاق بيننا وقد أخذ هذا العبء جميع من في المجموعة، ومن المفترض أن يحمله هذا الشخص هذه السنة تبعاً للحق لكنه رفض حمله واضطر أحد أعضاء المجموعة أخذه فقمت بنصحه بأن من العدل أن يأخذ العبء ولا يتهرب من جميع المسؤوليات لكنه رفض متحججاً بأمور كثيرة أرشدونا؟ هذا إذا كان مما اشترط عليه في أصل العقد لزمه أن يقوم به، فإن قام به على الوجه الأكمل وإلا فما يأخذه من مقابل هذا العبء الذي تركه لا يحل له أخذه. هذا يسأل عن حكم الصلاة على الميت بعد العصر على قبره ستأتي الصلاة على القبر، وأيضاً سؤال أخر حول ضوابط الصلاة على الميت الغائب أيضاً ستأتي عند الصلاة على النجاشي -إن شاء الله تعالى-؟ يطلبون التوقف من أجل يتسنى للطلاب الراحة، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . كيف؟ طالب:. . . . . . . . . إيه عندنا درس ثاني بعد العشاء -إن شاء الله- وبعض الأسئلة ما لها علاقة بالجنائز، يعني أسئلة عامة ليس لها علاقة بالجنائز. هذا يسأل يقول: هل تدخل السرقة في الدين؟ هذه أعظم من الدين هي دين بغير رضا صاحبها، وإذا كانت النصوص في الدين مع الاتفاق والرضا بين الطرفين فدخول السرقة والغصب والمظالم من باب أولى. ونكتفي بهذا ...

كتاب الجنائز (2)

بلوغ المرام - كتاب الجنائز (2) الشيخ/ عبد الكريم الخضير السلام عليكم ورحمة الله وبركاته يقول: هل تغسيل الميت ينقض الوضوء؟ تقدم ما جاء فيه، وأنه حديث ضعيف، ((من غسل ميتاً فليغتسل، ومن حمله فليتوضأ)). وهل إذا غسلت المرأة تفك ضفائر الشعر أفيدونا؟ هذا في الحديث الأول من هذا الدرس -إن شاء الله تعالى-. يقول السائل من الجزائر: هل العقل في القلب أم في الدماغ بنظرة الإسلام؟ لا شك أن العقل هو مناط التكليف، وفيه حديث: ((رفع القلم عن ثلاثة)) هو مناط التكليف، ((والمجنون حتى يفيق)) فغير العاقل لا يكلف، وخطابات الشرع كلها موجهة إلى القلب، خطابات الشرع في الكتاب والسنة وتعليق الصلاح والفساد كله معلق بالقلب، فدل على أن هناك ارتباطاً وثيقاً بين القلب والعقل، فجُل أهل العلم يقولون: إن العقل محله القلب، ومعروف عند الأطباء أن العقل محله الدماغ، ويستدلون على ذلك بأمور حسية، يعني يمكن أن يغير القلب الذي هو المضغة في الجسد المحسوس، وما يتغير شيء من حال الشخص، وإذا تأثر دماغه تأثر عقله، وقول الإمام أحمد فيه جمع بين هذه الأقوال والنظر إلى ما جاء في النصوص وإلى ما يشهد به الواقع فيقول: العقل محله القلب وله اتصال بالدماغ، يعني مثل ما نقول: الكهرباء لا بد من وجود موجب وسالب، لا بد من ذلك، فالموجب في القلب، والسالب في الدماغ. يقول: إذا مات الشخص وعليه دين، ثم قام أحد أبنائه وقال: ما كان له دين فهو في ذمتي حتى أقضي عنه فهل تبرأ ذمة الميت؟ نعم تبرأ براءة موقوفة حتى يقضى هذا الدين، ولذا استمر النبي -صلى الله عليه وسلم- يسأل ما فعل الديناران، ولما قضيت قيل: الآن بردت جلده، على كل حال تبرأ براءة مؤقتة إلى أن يقضى. يقول: هل تجب عليه زكاة الفطر إذا كنت مقيماً مؤقتاً في بلد أخر مثل مصر وأبي مقيم في بلد آخر مثل السعودية مع أني لم أزل تحت نفقته لأنني ما زلت طالب؟ أهل العلم ينصون على أن زكاة الفطر تتبع البدن فيخرجها الإنسان عن نفسه في مكان إقامته التي فيه بدنه، وجمع من أهل التحقيق لا يرون مانعاً أن يخرجها الأب عن ولده المسافر، لا مانع إن يخرجها الأب عنك، لكن إن أخرجتها عن نفسك فهو أحوط.

يقول: لو أن رجلاً لديه أبل وغنم سائمة ويقول: إنما اتخذتها لمجرد النزهة وإتباع الآباء، ولم أجعلها للتجارة، ولكن إن جاءنا مشتري وثمن طيب بعنا، فهل يجب عليه زكاة عروض التجارة؟ هو يقول: سائمة ولم يقصدها للتجارة زكاتها زكاة بهيمة الأنعام، وأما هذه النية المبيتة أنه لو جاء سعر مغري باع، لو أن إنساناً أغري بثمن كبير في ثوبه الذي على جسده باعه، أو في بيته الذي يسكنه باعه، هذه النية لا تكفي لتكون عرض تجارة. يقول: ما حكم كشف وجه الرجل أو المرأة عند تنزيله في القبر أمام الناس بدون تغطية؟ لا يجوز إلا إذا كان محرماً. يقول: في الحديث حديث أبي هريرة: ((أكثروا ذكر هادم اللذات الموت)) هل كلمة الموت هنا لفظة من الحديث أما أنها زيادة توضيح؟ الذي يظهر أنها من الحديث؛ لأن الهادم للذات والقاطع لها أعم من أن يكون الموت أو غيره، فليس دلالتها على الموت لغوية بحيث يعرفها الصحابة فيكتفى بقول: أكثروا ذكر هادم اللذات، فالذي يهدم اللذات ويقطعها لا يختص بالموت بل المرض يقطع اللذة، الهم يقطع اللذة، فجاء الحديث لتعيين القاطع الحقيقي. يقول: إذا بلغت طائفة من المؤمنين على الأخرى وعلمنا أن مع الطائفة الباغية الحق أكثر من الطائفة الأخرى فهل ننصر الطائفة الباغية؟ الباغية {فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي} [(9) سورة الحجرات] أنت وصفتها بأنها باغية، إيش معنى باغية ومعها الحق؟! {فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي} [(9) سورة الحجرات] على كل حال إذا ترددت في الأمر فالعزلة، كما فعل بعض الصحابة. يقول: هل القول بعرق الجبين كناية عما يكابده من النصب هو القول الراجح فقد سمعت أنه يقول الشيخ بن باز -رحمه ... - بدون لفظ الجلالة ولا كلام الشيخ أيضاً ... ؟ على كل حال هما قولان لأهل العلم. يقول: ما رائكم فيمن يقول: إن التلقين يكون بعد الموت يعني في القبر، والدليل أن الميت يسمع قرع النعال؟ يعني كونه يسمع قرع النعال لا دلالة فيه أنه يسمع غيره.

يقول: ذكر شيخ الإسلام في الفتوى أن ابن عمر -رضي الله عنه- أوصى بأن يقرأ عليه عند دفنه بفواتيح البقرة وخواتيمها، وكذلك أثر على بعض الصحابة فهل ينكر على من يوصي بذلك، وهو يقرأ فواتيح البقرة وخواتيمها عند دفن الموتى، والإمام أحمد -هذا قاعدة مستقلة ما لها علاقة بالكلام- يرى الأخذ بفعل الصحابي ما لم يخالف. لكن هل فعله من هو أفضل من ابن عمر، أولاً: هل ثبت ذلك في المرفوع؟ ما ثبت إلا ما يفهم من قوله: ((اقرؤوا على موتاكم)) و ((لقنوا موتاكم)) مع إمكان تخريجه على وجه يصح دون معارضة للنصوص، فهل ينكر؟ نعم ينكر؛ لأنه لم يفعله من هو أفضل من ابن عمر وإلا لك أن تدخل الماء في عينيك حتى يكف بصرك، ولك أن تفعل ما فعله ابن عمر وتقتدي به وهو صحابي مؤتسي من خيار الأمة، لكن في الأمة من هو خير منه -رضي الله عن الجميع-. بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد: قال الإمام الحافظ أحمد بن علي بن حجر -يرحمه الله تعالى-: وعن أم عطية -رضي الله عنها- قالت: دخل علينا النبي -صلى الله عليه وسلم- ونحن نغسل ابنته فقال: ((اغسلنها ثلاثاً أو خمساً أو أكثر من ذلك إن رأيتن ذلك بماء وسدر، وجعلن في الآخرة كافوراً أو شيئاً من كافور)) فلما فرغن آذنه فألقى إلينا حقوه فقال: ((أشعرنها إياه)) متفق عليه، وفي رواية: ((ابدأن بميامينها ومواضع الوضوء منها)) وفي لفظ للبخاري: "فضفرنا شعرها ثلاثة قرون فألقيناه خلفها". الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. يقول المصنف -رحمه الله تعالى-: وعن أم عطية، أم عطية اسمها: نُسيبة أو نَسيبة بالضم أو بالفتح، والأكثر على الضم، بنت كعب أو بنت الحارث الأنصارية صحابية جليلة شهيرة روت عدة أحاديث، وهي من المراجع في غسل الميت، هي مرجع للصحابة والتابعين في تغسيل الميت؛ لأنها حضرت غسل بنت النبي –عليه الصلاة والسلام- على الخلاف في حضورها واحدة أو اثنتين.

"قالت: دخل علينا النبي -صلى الله عليه وسلم- ونحن نغسل ابنته" دخوله -عليه الصلاة والسلام- على هؤلاء الجمع من النسوة التي يغسلن البنت، إما أن يكون مع علمهن بذلك، وفعل ما يجب فعله تجاه الرجال، أو على القول المرجح عند جمع من أهل العلم أنه لا يجب الاحتجاب من النبي -عليه الصلاة والسلام-، "ونحن نغسل ابنته" الجملة حالية، والبنت هذه هي زينب، هذا هو المشهور، وهو الذي جاء في بعض روايات الصحيح، زينب زوج أبي العاص، وهي أم أمامة التي حملها النبي -عليه الصلاة والسلام- وهو يصلي، زوج أبي العاص بن الربيع، وكانت وفاتها في أول سنة ثمان من الهجرة، وقع في رواية عند ابن ماجه وغيره أنها أم كلثوم، وفي البخاري عن ابن سيرين: "لا أعلم أي بناته" على كل حال تعيين المبهم هنا بكونها زينب هذا أكثر وأشهر، وإن جاء ما يدل على أنها أم كلثوم، ولا مانع من أن تكون أم عطية شهدت غسل البنتين، ما في ما يمنع أن تكون شهدت غسل البنتين، فمن نقل أنها زينب فباعتبار، ومن نقل أنها أم كلثوم فالاعتبار الثاني، "ونحن نغسل ابنته فقال: ((اغسلنها ثلاثاً)) " هذا من الأدلة على وجوب تغسيل الميت، وأنه فرض كفاية، وتقدم الكلام في المسألة عند قوله: ((اغسلوه بماء)) وعند المالكية وجه أنه سنة وليس بواجب، والمعتمد عند عامة أهل العلم أنه على الوجوب الكفائي ((اغسلنها ثلاثاً)) هل العدد واجب وإلا ليس بواجب؟ هل المأمور به الغسل والعدد قدر زائد على الواجب كما في غسل الحي، منهم من يرى أن تعميمه بالماء كافي كالحي، ومنهم من قال: أول عدد بدء به الثلاث فهو أقل المجزي، فالأمر بالثلاث، الأمر بالغسل ثلاثاً أو خمساً أو أكثر، وهذا على التخيير الذي مرده الحاجة، وليس مرده التشهي، ((اغسلنا ثلاثاً)) إن كفى، كفت الثلاثة بها ونعمت، أو زدن على ذلك إن لم تكفِ خمساً، أو أكثر من ذلك، منهم قال: إن السبع لا يزاد عليها، بدليل أنه قال في بعض الروايات: ((أو سبعاً)) ومنهم من قال: يزاد عن السبع ما دامت الحاجة قائمة، مع أن ابن عبد البر قال: لا أعلم أحداً قال بمجاوزة السبع على أنه جاء في بعض الروايات: ((اغسلنها ثلاثاً أو خمساً أو سبعاً أو أكثر من ذلك إن رأيتن)) لكن ابن

عبد البر -رحمه الله-، قال: لا أعلم قائلاً بمجاوزة السبع على أن الرواية التي أشرنا إليها، ورواية أبي داود: ((أو سبعاً أو أكثر من ذلك إن رأيتن)) فهذا دليل على مشروعية الزيادة على السبع إن دعت إلى ذلك الحاجة، يعني إن لم يكفِ السبع ((إن رأيتن ذلك)) يعني إن رأيتن الحاجة داعية إلى ذلك، فمرد هذه الروية الحاجة، وليس مردها التشهي ((بماء وسدر)) كما جاء في تغسيل المحرم ((اغسلوه بماء وسدر)) وهنا قال: ((اغسلنها بماء وسدر)) فالسدر له خصوصيات، له خصوصيات، ينظف ويلين جسد الميت، فيه التنظيف، وفيه تلين جسد الميت، ويقوم مقامه ما توجد فيه هذه الخصوصيات ((واجعلن في الآخرة)) يعني في الغسلة الآخرة كافور، اجعلن في الغسلة الأخيرة كافوراً لأنه طيب الرائحة، ويساعد في طرد الهوام، وفي بقاء الجثة دون تغير ((واجعلن في الآخرة كافوراً أو شيئاً من كافور)) هذه شك من الراوي، هل قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: اجعلن في الآخرة كافوراً أو قال: أو شيئاً من كافور؟ شيئاً من كافور يدل على التكثير أو التقليل؟ التقليل، فهل ينافي ما جاء في الرواية الأخرى: ((اجعلن في الآخرة كافوراً))؟ طالب:. . . . . . . . . ما ينافي، لماذا؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . .

لا ما يكفي هذا يعني نكرة في سياغ الإثبات فلا تعم فتنصرف إلى أدنى شيء، "فلما فرغن آذناه" أي أعلمناه "فألقى إلينا حقوه" بفتح الحاء وقد تكسر، وهو الإزار، والأصل في الحقو أنه معقد الإزار، المحل الذي يعقد فيه الإزار، وأطلق على الإزار من باب إطلاق المحل وإرادة الحال، "فقال: ((أشعرنها إياه)) " يعني اجعلنه شعاراً لها، والشعار هو اللباس الذي يلي جسد الميت، ويلامس شعره، هذا هو الشعار، ولذا جاء في الحديث المذكور في مناقب الأنصار بعد غنائم حنين قال لهم: ((الأنصار شعار، والناس دثار)) فهم شعار بمنزلة الشعار الذي يلبس مما يلي الجسم فهم أقرب الناس إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- "فقال: ((أشعرنها إياه)) وتسمية ما يلي البدن شعار لأنه يلامس شعر البدن من غير فاصل بخلاف الدثار الذي يلبس فوقه، الآن الشعار أقرب ما يكون إلى الثوب وإلا الفنيلة؟ نعم الفنيلة التي تلي شعر البدن، والثوب يسمى: دثار، ((أشعرنها إياه)) متفق عليه، وفي رواية: ((ابدأن بميامينها ومواضع الوضوء منها)) ابدأن بميامينها يعني بالجهة اليمنى منها، ومواضع الوضوء هاتان الجملتان بينهما اختلاف أو بينهما اتحاد؟ اختلاف وإلا اتحاد؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . .

ابدأن بميامينها مقتضى هذه الجملة أن تغسل الرجل اليمنى قبل اليد اليسرى؛ لأن الرجل اليمنى من الميامن واليد اليسرى من المياسر والميامن تغسل قبل المياسر ((ابدأن بميامينها)) الجملة الثانية تدل على العكس أن اليد اليسر تغسل قبل الرجل اليمنى، ويش صار بينهما تضاد وإلا اتفاق؟ نعم ظاهر وإلا ما هو بظاهر؟ الجملة الأولى: ((ابدأن بميامينها)) تقتضي أن تغسل الرجل اليمنى قبل اليد اليسرى، ومواضع الوضوء يعني وابدأن بمواضع الوضوء منها تقتضي العكس أن تغسل اليد اليسرى قبل الرجل اليمنى؛ لأنها كذلك في الوضوء، كيف نوجه؟ يعني في الغسلة التي فيها الوضوء يقدم مواضع الوضوء، وما عداها من الغسلات يقدم الشق الأيمن، يعني جاء في غسل الحي أنه يتوضأ وضوءه للصلاة، وعلى هذا يغسل اليد اليسرى قبل الرجل اليمنى يتوضأ وضوءه للصلاة ثم يفيض الماء على رأسه ثلاثاً ثم يغسل شقه الأيمن بما فيه رجله اليمنى ثم شقه الأيسر بما فيه اليد اليمنى، فعلى هذا ما في تنافي، فيبدأ بالميامن في الغسلة التي فيها الوضوء، ويبدأ بالميامن في الغسلة التي لا وضوء فيها، وأما البدائية بمواضع الوضوء فيكون في الغسلة التي فيها الوضوء، "وفي لفظ للبخاري: "فضفرنا شعرها" يعني جعلناه ضفائر بعد نقضه وغسله يجعل ضفائر، ثلاثة قرون، ثلاثة ضفائر ويلقى خلف المرأة هذا ما يدل عليه الحديث، وبه قال الجمهور "فضفرنا شعرها ثلاثة قرون" ثلاثة ضفائر "فالقينها -هذه القرون وهذه الضفائر- خلفها" يعني مثلما يضفر الحبل معروف ضفر الشعر نُحيل بضفر الشعر "فليدعها ولو بضفير" يعني حبل مضفور مجدول مثلما يجدول الشعر، نعم أظن هذا واضح، "فألقينها خلفها" وبهذا قال الأكثر، وقال الحنفية بأنه يلقى الشعر مرسلاً من غير ضفر خلفها وعلى وجهها يفرق، وحديث الباب دليل على ما ذهب إليه الجمهور، وهو حديث متفق عليه، الحنفية ما أخذوا بهذا الحديث كأنهم رأوا أن هذا من تصرف أم عطية ومن معها دون أمره -عليه الصلاة والسلام-، "قالت: فضفرنا شعرها" ما في ما يدل على أن النبي -عليه الصلاة والسلام- أمرها أمر النسوة أن يضفرنا شعرها، هذه حجة الحنفية، لكن جاء في بعض الروايات: ((أجعلن لها ثلاثة قرون)) فهذا نص قاطع

حاسم للنزاع، مع أن تصرف هؤلاء النسوة في مثل هذا الموضع لا يكون إلا عن علمه -عليه الصلاة والسلام- وتوجيهه، والوضوء والغسل تعبدي بالنسبة للميت؛ لأن المؤمن طاهر حياً وميتاً ليس بمحدث هو طاهر، لكن يتجدد سيمته في ظهور أثر الغرة والتحجيل، هذا بالنسبة للوضوء، وأما بالنسبة للغسل فهو للتنظيف، وهو تعبدي يعني لو قدر أنه اغتسل غسلاً مبالغ في تنظيفه قبيل وفاته يكفي وإلا ما يكفي؟ لا يكفي لأنه تعبدي، نعم. قال -رحمه الله-: "وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: كفن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في ثلاثة أثواب بيض سحولية من كرسف ليس فيها قميص ولا عمامة" متفق عليه. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

"وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: كفن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في ثلاثة أثواب" لا سبعة كما جاء في بعض الروايات الضعيفة، وجمع بعضهم بين هذه الرواية وراوية السبعة أن هذا ما اطلعت عليه عائشة، لكن الصواب أنه كفن في ثلاثة أثواب، وفي حديث المحرم: ((كفنوه في ثوبيه)) ذلك يدل على أن الثوبين يكفي، والثلاثة أكمل، والواحد الذي يغطي جميع البدن هو أقل القدر المجزئ، والنبي -عليه الصلاة والسلام- إنما فعل به الأكمل، ثلاثة أثواب جاء بيانها في طبقات ابن سعد عن الشعبي إزار ورداء ولفافة إزار ورداء ولفافة، أثواب بيض يعين يستحب أن يكون الكفن أبيض، وجاء في الحديث: ((ألبسوا من ثيابكم البياض، وكفنوا فيها موتاكم)) فإنها أطيب وأطهر، ((البسوا من ثيابكم البياض فإن أطيب وأطهر وكفنوا فيها موتاكم)) قد يقول قائل: ما دام هذا هو المأمور به البسوا من ثيابكم البياض أولاً الأمر أمر استحباب لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- لبس الألوان الأخرى، لبس الحلة الحمراء ولبس .. ، فدل على أن الأمر للاستحباب، نقول: ما دام الأمر هنا ((البسوا من ثيابكم البياض)) لماذا تتابع الناس لا سيما أهل العلم والفضل على عدم اعتماد الأبيض في جميع ما يلبس، يعني إن لبس شماغ إلى أحمر، إن لبست بشت إلى أسود وإلا غيره من هذه الألوان، يعني ما يلبسون البياض، على كل حال من أهل العلم من يعتني بهذا ويلبس البياض، إن لبس لبس أبيض ولبس غترة بيضاء ولبس بشت أبيض وهكذا، لكن ما دام ثبت أن النبي –عليه الصلاة والسلام- لبس الألوان الأخرى فلا ضيق في المسألة، فإذا لبس الثوب الأبيض ولبس معه غيره صدق عليه أنه لبس البياض مع أن العناية بالأبيض ينبغي أن تكون أوفر وأكثر، ثلاثة أثواب بيض، الحنفية يستحبون المخطط؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- سجي ببرد حبرة، الخبرة المخطط، وسبق بيان معنى التسجية وهو أنها التغطية، غطي النبي -عليه الصلاة والسلام- بعد وفاته وقبل غسله بهذا البرد الحبرة، ولو غطي به بعد تكفينه لينزع عنه بعد ذلك كما يوضع البشت على الرجل إذا مات أو المرأة على الكفن، إنما الأكفان الأفضل أن تكون بيضاء ثلاثة أثواب بيض سحولية سحول قرية في اليمن ترد منها

هذه الأثواب، ومنهم من يقول: إنها مأخوذة من السحل وهو الغسل، لكن المرجح أنها قرية باليمن سحولية، وسحول جمع سحل، والنسبة إلى الجمع إذا قلنا: إنها مأخوذة من السحل وهو الغسل، قلنا: سحول جمع سحل، والنسبة إلى الجمع شاذة، فالمرجح أنها نسبة إلى البلدة التي في اليمن، "من كرسف" من قطن، والقطن بارد على الجسد "ليس فيها قميص ولا عمامة" استحب بعض العلماء التكفين في القميص، النبي -عليه الصلاة والسلام- كفن في ثلاثة أثواب التي ليس فيها القميص، وما كان الله ليختار لنبيه إلا الأفضل، فكيف يقال باستحباب القميص؟ النبي -عليه الصلاة والسلام- كفن عبد الله بن أبي في قميصه فكيف يفعل النبي -عليه الصلاة والسلام- خلاف الأفضل؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . هنا ليس فيها قميص وهو كفن -عليه الصلاة والسلام- ابن أبي في قميصه، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . ابن أبي يفيده التبرك؟ يفيده منافق! أولاً: هي مكافئة لولده المؤمن المسلم الصادق وجبراً لخاطره، ومكافئة للأب الذي كساء العباس قميصاً، نعم هذه مكافئة لئلا تبقى له منة على النبي -عليه الصلاة والسلام-، وجبراً لخاطر ولده، وعلى كل حال هم يجيبون على حديث الباب: "ليس فيها قميص ولا عمامة" بعض الناس يظن أن هذا نص قاطع في المسألة، نعم نص قاطع في .. ، هم يقولون: ليس فيها يعني ليس في الثلاثة، الثلاثة إزار ورداء ولفافة، وأيضاً قميص، فيكون القميص ليس في الثلاثة، قدر زائد على الثلاثة، لكن هذا ليس هو الظاهر من النص، الظاهر من النص الاقتصار على الثلاثة دون غيرها لأنه قال: كفن في ثلاثة أثواب يعني فقط ليس فيها قميص ولا عمامة، فلا يتسحب التكفين لا بالقميص ولا بالعمامة، اللهم إذا لا يوجد لفائف ولا يوجد إلا هذا القميص يكفن به، والمسألة مسألة إيش؟ استحباب، الواجب من الكفن كما أسلفنا ما يستر البدن ولو كان قطعة واحدة، فإن لم يوجد ما يستر جميع البدن سترت العورة، فإن زاد على ذلك فليجعل في أعالي البدن، ويجعل على الرجلين شيء من الحشيش، كما فعل النبي -عليه الصلاة والسلام- في عمه حمزة ومصعب بن عمير الذين ماتوا قبل أن تبسط الدنيا وتتوسع، نعم. قال -رحمه الله-:

وعن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: لما توفي عبد الله بن أبي جاء ابنه إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: "أعطني قميصك أكفنه فيه" فأعطاه إياه، متفق عليه.

هذا الحديث الذي أشرنا إليه أنفاً، وعن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: لما توفي عبد الله بن أُبي رأس المنافقين، الذي نهي النبي -عليه الصلاة والسلام- عن الصلاة عليه، أخباره كثيرة شهيرة في مضاداته ومحاداته للدعوة ولصحابها -عليه الصلاة والسلام-، ومات على نفاقه -نسأل الله السلامة والعافية- قال لما توفي عبد الله بن أُبي جاء ابنه إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: "أعطني قميصك أكفنه فيه" "أعطني قميصك" هذه محبة جبلية من الابن تجاه أبيه وإلا فهو عدو، المنافق -نسأل الله السلامة والعافية- لا تجوز مودته ولا محبته، لكن هذه جبلة بحيث لو خالفت هذه المحبة والمودة الحكم الشرعي، هل يجرؤ عبد لله الابن أن يطلب مثل هذا لو جاء النهي عن ذلك؟ لا، المودة والمحبة الجبلية لو عارضت المحبة الشرعية صارت محرمة، ((أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما)) فإذا قدم هذه المودة الجبلية على أوامر الله وأوامر رسوله ما صار الله ورسوله أحب إليه مما سواهم، لكن الولد مجبول على حب أبيه، والبحث عن شيء عله أن ينفعه، فطلب من النبي -صلى الله عليه وسلم- القميص ليكفنه فيه، فأعطاه النبي -عليه الصلاة والسلام- قميصه، وقلنا: إن هذه مكافئة، لما أسر العباس في بدر كساه ابن أبي قميصاً، فأراد النبي -عليه الصلاة والسلام- أن يكافئه، جاء ما يدل على أن النبي -عليه الصلاة والسلام- لما دفن ابن أبي .. ، وهل الدفن حقيقة أو يراد إرادة الدفن، أقول: لما دفن عبد الله بن أبي كساه النبي -عليه الصلاة والسلام- قميصه، فهل المراد أنه لما دفن نبشه النبي -عليه الصلاة والسلام- وألبسه قميصه ونفث فيه من ريقه، أو أنه لما أراد دفنه لما دلوه في قبره كساه النبي -عليه الصلاة والسلام- قميصه، الفعل الماضي يطلق ويراد به حقيقته، وهو حصول الفعل والفراغ منه، ويطلق ويراد به الشروع فيه، ويطلق ويراد به إرادته، والرواية الثانية صحيحة أنه لما دفن في البخاري وغيره، لكن هذه الرواية متفق عليها أنه أعطاه القميص قبل أن يكفن، والرواية الثانية أنه لما دفن ألبسه قميصه فاحتمال أنه نبشه بعد دفنه، واحتمال أنه قبل أن يدفن بعد أن دلي في قبره ألبسه القميص، وللتوفيق بين

هاتين الروايتين .. ، الروايتين بمجموعهما تدلان على أنهما قميصان، صح وإلا لا؟ القميص الذي طلبه الابن وأعطاه إياه أعطني قميصك أكفنه فيه، فأعطاه النبي -عليه الصلاة والسلام- قميصه، يعني هل هذا هو القميص الذي كفنه فيه بعد دفنه؟ الذي يظهر من السياق أنهما اثنان؛ لأن هذا طلبه الابن فأعطاه إياه ليكفنه، لما جاء يطلب القميص من النبي -عليه الصلاة والسلام- ليكفنه هل يكون كفن وإلا ما كفن؟ ما كفن إلى الآن، فيكفن في هذا القميص، النبي -عليه الصلاة والسلام- لما جاء إليهم بعد دفنه، وأخرجه من قبره ونفث فيه من ريقه وألبسه قميصه يدل هذا على شيء ثاني، منهم من يقول: إن ما جاء في هذا الحديث حديث ابن عمر هو مجرد عدة، وعده أن يعطيه القميص "أعطني قميصك أكفينه فيه فأعطاه النبي -عليه الصلاة والسلام-" يعني بالعدة، قال: أبشر لك ما طلبت، فلما حصل ما حصل ذهب إليه وكفنه فيه، وألبسه إياه في قبره، منهم من يقول: هما قميصان، ويش المانع أن يكونا اثنين، لكن مجموع النصوص يدل على أنه قميص واحد، وهذه مكافئة له لما حصل منه مع عم النبي -عليه الصلاة والسلام- لما أسر، مثل هذا التصرف من النبي -عليه الصلاة والسلام- لا شك أنه يترتب عليه مصالح، هذا كبير قوم ومثل هذه التصرفات تأثر في قومه، وله ابن مصاب به فتخفيف المصيبة على الابن بهذا التصرف، لا شك أنه لائق بخلقه -عليه الصلاة والسلام-، وقلنا: إن هذا الحديث دليل لمن يستحب التكفين بالقميص؛ لأن هذا فعل النبي -عليه الصلاة والسلام-، وذاك ما فعل به، على أنه يمكن التوفيق بينهما بأن تكون الثلاثة غير القميص والعمامة، لكن الظاهر من النص أن القميص لا يوجد في أكفانه -عليه الصلاة والسلام- وإنما أكفانه ثلاثة فقط، نعم. قال -رحمه الله-: وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((البسوا من ثيابكم البياض فإنها من خير ثيابكم، وكفنوا فيها موتاكم)) رواه الخمسة إلا النسائي وصححه الترمذي.

هذا الحديث فيه الأمر بلبس الأبيض من الثياب، وهو خير الثياب وأطيب وأطهر؛ لأن القذر يظهر فيها أكثر من غيرها فيسارع إلى تنظيفها وتطهيرها؛ لأن الألوان الأخرى قد يقع عليها شيء من الوسخ أو شيء من النجاسة أيضاً فلا يشعر به بينما البياض يشعر به إذا وقع عليه شيء، ولذا جاء وصفها بأنها أطيب وأطهر يمكن تطهيرها، ويرى ما يقع عليها بخلاف الألوان الأخرى. ((البسوا من ثيابكم البياض)) وقلنا: إنه إذا كان غالب ما عليه البياض فلا يضره أن يلبس معه غيره، ولذا لبس النبي –عليه الصلاة والسلام- غير البياض؛ لبيان أن هذا الأمر أمر استحباب، والذي يعتني بهذا الأمر لا يلبس إلا البياض لا شك أنه أسعد بمثل هذا النص، الذي لا يلبس إلا البياض حتى الغترة البيضاء والبشت الأبيض هو أسعد بهذا النص، لكن من يعتني بثوبه وجعله أبيض وجعل ما زاد على ذلك بلون أخر لا يثرب عليه، ومنهم من يقول: إنه في وقت من الأوقات وهذا قبل ثلاثين سنة معروف يعني اشتهر بين الناس أن الغترة البيضاء لا يلبسها إلا الناس الأقل في الاستقامة والالتزام، وأما أهل الفضل والخير والصلاح يلبسون الشماغ الأحمر، حتى كان جواب بعض أهل العلم بهذا، سئل قيل له: يا شيخ لماذا لا تلبس غترة بيضاء والنبي -عليه الصلاة والسلام- يقول: ((البسوا من ثيابكم البياض)) فكان جوابه: لما لبستها أنت وأمثالك تركناها، لكن يبقى أن من يعنى بالبياض أسعد بمثل هذا النص. ((البسوا من ثيابكم البياض فإنها من خير ثيابكم)) لأنها أطيب وأطهر ((وكفنوا فيها موتاكم)) وتقدم أن النبي -عليه الصلاة والسلام- كفن بثلاثة أثواب بيض، وعرفنا أنه لو لم يرد إلا هذا النص لقلنا: إن الأصل في الأمر الوجوب، لكن لبس النبي -عليه الصلاة والسلام- غير الأبيض بلا شك، نعم. قال -رحمه الله-: وعن جابر -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إذا كفن أحدكم أخاه فليحسن كفنه)) رواه مسلم.

هذا الحديث حديث جابر -رضي الله عنه- قال: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((ذا كفن أحدكم أخاه فليحسن كفنه)) وسيأتي حديث بعد هذا: ((لا تغالوا في الكفن فإنه يسلب سريعاً)) هذا الحديث صحيح في مسلم حديث جابر في مسلم صحيح ((إذا كفن أحدكم أخاه فليحسن كفنه)) ليكون النوعية حسنة، وللون حسن، والكمية كافية ضافية، هذا إحسان الكفن من كل وجه، إحسان الكفن من كل وجه هو ما يقتضيه هذا الأمر، وفي حديث علي حديث ضعيف سيأتي: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((ولا تغالوا في الكفن فإن يسلب سلباً سريعاً)) لأنه مآله إلى الذهاب والبلاء، لكن الأمر بإحسانه مطلوب لحديث جابر، والمغالاة ممنوعة سواء كانت في الكفن أو في غيره، النهي عن المغالاة لا تعارض الأمر بإحسان الكفن، يكون إحسانه بدون مغالاة وبدون إسراف، نعم. قال -رحمه الله-: وعنه -رضي الله عنه- قال: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يجمع بين الرجلين من قتلى أحد في ثوب واحد، ثم يقول: ((أيهما أكثر أخذاً للقرآن؟ )) فيقدمه في اللحد، ولم يغسلوا ولم يصلّ عليهم" رواه البخاري.

هذا الحديث عنه أي عن جابر -رضي الله تعالى عنه- قال: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يجمع بين الرجلين في قتلى أحد في ثوب واحد، هذا يتطرقه إحتملان: الاحتمال الأول أن الرجلين يدرجان في كفن واحد، بمعنى أنهما يلفان لفاً واحداً هذا إيش؟ الاحتمال الأول، والاحتمال الثاني: أن الرجلين يقسم بينهما الثوب الواحد، يقسم بين الرجلين ثوب واحد، استعمال الأول للضرورة ما وجد إلا ما يكفن به المجموع يعني الاثنين، يعني يدرجان أدارج واحد، إدراج واحد؛ لأنه لو قطع الكفن الثوب الصغير القطعة الصغيرة التي تكفي للفهما مرة واحدة معاً لو قطعت بين اثنين قد لا تكفي كما هو الاحتمال الثاني، فهذا للضرورة وهو الاحتمال الأول، أما الاحتمال الثاني، وهو الذي يراه بعضهم أنه هو المتعين أن الثوب الواحد يقسم بين الاثنين فإن كفت جميع البدن وإلا غطت العورة والرأس وما يليه أفضل من أن يدرج الاثنان إدراجاً واحداً بحيث تمس بشرتهما بشرة الأخر، يجمع بين الرجلين من قتلى أحد في ثوب واحد؛ لأن القتل كثر في غزوة أحد، ولا شك أن مثل هذا يوجد حاجة وضرورة إلى كثرة الثياب وكثرة القبور. يقول: "يجمع بين الرجلين من قتلى أحد في ثوب واحد، ثم يقول: ((أيهما أكثر أخذاً للقرآن)) فيقدمه في اللحد" بمعنى أنه يجعل في القبر الواحد أكثر من واحد أيضاً، لكن الذي يظهر أنهم يجعلون بين كل اثنين شيء من التراب، أيهما أكثر قرآناً فيقدمه في اللحد، وهذا لا شك أنه فرع من فروع ما يكسبه القرآن صاحبه من الرفعة والتقديم والإجلال والإكرام في الدنيا والآخرة، إن الله يرفع بهذا القرآن أقواماً، ويضع به آخرين، فيقدم الأكثر قرآناً أكثر أخذ للقرآن فمعنى هذا أنه يقدم الأحفظ أو يقدم الأعرف في القراءة؛ لأنه قد يوجد أحفظ لكنه لا يحسن القراءة، قد يوجد أحفظ وأجود قراءة لكنه تعامله مع القرآن ومخالفته للقرآن وعدم عمله بالقرآن ظاهر، فما المراد؟ وهذا مثله يقال: ((يؤم القوم أقرأهم لكتاب الله)) يعني إذا وجدنا شخص حافظ مجود لكن عليه آثار المخالفات أنه يقدم على غيره نقول: لأنه أقرأ؟ أو نقول: بأن المراد بأهل القرآن كما قال ابن القيم هم العالمون به العاملون به ولو لم يحفظوه؟ نعم؟ كيف؟

طالب:. . . . . . . . . نعم المسألة مهمة جداً شخص حفظ القرآن ونائم عن القرآن، وغفل عن القرآن، وارتكب ما يخالف القرآن مثل هذا يقتضي التقديم؟ حمله للقرآن وبال عليه مثل هذا، حمله للقرآن وبال عليه، لكن ظاهر النص ((أيهم أكثر أخذاً للقرآن)) أنه يقدم في الدنيا والله -جل وعلا- يتولاه في الآخرة، إن كانت هناك مخالفات، كما هو ظاهر قوله: ((يؤم القوم أقرأهم لكتاب الله)) يعني تقدم الخلاف في ذلك، الحنابلة يقولون: الأحفظ للقرآن هو الأولى بالإمامة، والجمهور يقولون: الأفقه هو الأولى بالإمامة، هذا تقدم، يعني هل يقدم الأحفظ، وإن خفي عليه كثير من مسائل الفقه المتعلقة بالصلاة كما هو منطوق الحديث، وهو مدلول قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((فإن كانوا في القراءة سواء فأعلموهم بالسنة)) دل على أن السنة التي فيها أحكام الصلاة مرتبة متأخرة عن القراءة وحفظ القرآن فيظهر شرف حامل القرآن في الدنيا، وأما في الآخرة يتولاه الله، إن كان مخالف يحاسب على مخالفاته، وهذا هو الذي يظهر، ينظر كم يحفظ هذا وكم يحفظ هذا ويقدم الأحفظ والأكثر حفظ، وأما الأوصاف الأخرى {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [(13) سورة الحجرات] لو كان هذا اتقى وأفضل، وهذا أحفظ يقدم الأتقى أو يقدم الأكثر أخذاً للقرآن؟ يعني مقتضى الحديث الأكثر أخذاً للقرآن وأما التقوى تنفعه عند الله -جل وعلا- في الآخرة؛ لأن أيضاً حتى المفاضلة بالتقوى يعني تحتاج إلى شيء من الدقة قد يخفى أمر كثير من الناس إذا أردت المفاضلة بينهما؛ لأن عند هذا لما ليس عند هذا، عند هذا ما ليس عند الأخر، نعم؟ لكن هذا وصف فاصل هذا كم يحفظ؟ وهذا كمن يحفظ؟ وقدمه.

"فيقدمه في اللحد" وعرفنا أن هذا من باب قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((إن الله يرفع بهذا القرآن أقواماً ويضع به آخرين)) {وَمَن يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِن مُّكْرِمٍ} [(18) سورة الحج] "فيقدمه في اللحد ولم يغسلوا" نعم الشهداء لا يغسلون "ولم يصل عليهم" الشهيد لا يحتاج إلى من يشفع له، بل هو يشفع لغيره، والصلاة على الميت شفاعة له ودعاء له بالمغفرة، وحط الذنوب والأوزار، والشهادة تجب هذه الذنوب من غير طلب، يغفر للشهيد كل شيء عند أول قطرة من دمه إلا الدين، فلا يصلى على الشهيد ولا يغسل، كما هو مدلول هذا الحديث، بعض السلف مثل سيعد والحسن يقول: يجب غسله كغيره، لكن الحديث الصحيح حديث الباب نص في المسالة، أنه لا يغسل، وجاء أنه يدفن بدمه، ويبعث يوم القيامة وجرح إيش؟ طالب: يثعب.

نعم اللون لو الدم، والريح ريح المسك، فإذا غسلناه أذهبنا هذا الأثر، فتغسيله المعتمد أنه لا يغسل، وبهذا قال الجمهور، وذهب بعض السلف كالحسن وسيعد بن المسيب إلى أنه يغسل، ولكن الحديث حجة عليهم، ولا يصلى على الشهيد، كما هو مدلول الحديث، وقول الجمهور أن الشهيد لا يصلى عليه؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- لم يصل على قتلى أحد، وذهب أبو حنيفة -الحنفية- وإسحاق إلى أنه يصلى عليه كغيره بعموم أدلة الصلاة على الميت؛ ولأن النبي -عليه الصلاة والسلام- صلى على شهداء أحد بعد ثماني سنين كالمودع لهم، يعني هل في هذا دليل؟ يعني لم يصل عليهم في أول الأمر هنا، لم يغسلوا ولم يصل عليم دفنوا ولا صلي عليهم، يعني في أول الأمر، صلى عليهم النبي -عليه الصلاة والسلام- كالمودع لهم، هذا دليل من؟ دليل الحنفية، وعندهم الصلاة على القبر، لهم فيها شروط، ولا يدخل فيها طول المدة ثمان سنين، فماذا عن الصلاة على شهداء أحد بعد ثمان سنين كالمودع لهم؟ يعني كيف يجبون عنها الجمهور؟ الذين قالوا: إن الشهداء لا يصلى عليهم؟ يعني صلاة لغوية وهي الدعاء، بهذا قال جمع من أهل العلم، ومنهم من قال: مر عليهم وصلى عليهم صلاة الجنازة، وهذا من خصوصياتهم، ولذا لم يذكر أنه طلب من الصحابة أن يخرجوا معه للصلاة عليهم كما فعل بالنجاشي، فهذا من باب الخصوصية، وحملها على اللغوية ما في ما يمنع والصلاة في اللغة يعني الدعاء، يعني دعا لهم خرج إلى المقبرة خرج إليهم في قبورهم ودعا لهم، ويسلك مثل هذا من أجل التوفيق بين النصوص، يعني جاءت الأخبار المتواترة التي منها حديث الباب أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يصل على شهداء أحد، كونه صلى الله عليهم بعد ثمان سنين كالمودع لهم لا يمنع أن تكون الصلاة لغوية وهي الدعاء، بدليل أنه لم يجمع الصحابة كما هي عادته في الصلاة على الجنازة، ما قال: اخرجوا نصلي على شهداء أحد، كما نعى النجاشي للصحابة وخرج وصلى عليه، فالمرجح أن الشهيد لا يصلى عليه، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . وين؟ طالب:. . . . . . . . . صلوا عليه أرسالاً، يعني ما صلوا عليه جميعاً بإمام لا. طالب:. . . . . . . . .

من الشهداء، لكن الشهداء معهم ما يشهد لهم من الدم، وهذه نصوص، أقول: هذه نصوص، وهذا فعل صحابته به -عليه الصلاة والسلام-، يعني صلوا عليه وودعوه ويش المانع؟ وهو كغيره، ويبقى أن الشهيد له أحكامه، ولو يوجد في الأمة من هو أتقى وأورع وأخدم للإسلام والمسلمين من الشهداء صلي عليه؛ لأنه تشمله النصوص، ويبقى أن عدم الصلاة على الشهيد بالنصوص، نعم. قال الإمام الحافظ -رحمه الله-: وعن علي -رضي الله عنه- قال: سمعت النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((لا تغالوا في الكفن فإنه يسلب سريعاً)) رواه أبو داود. هذا الحديث المروي عن علي -رضي الله تعالى عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((لا تغالوا في الكفن فإن يسلب سلباً سريعاً)) رواه أبو داود بإسناد ضعيف؛ لأنه من رواية الشعبي عن علي فهو منقطع؛ لأن الدارقطني وغيره نصوا على أنه لم يسمع من علي إلا حديث واحد وليس هذا، الأمر الثاني أن فيه علة أخرى وهي عمرو بن هشام الجنبي أيضاً ضعيف، وعلى كل حال المنع من المغالاة دلت عليه النصوص الأخرى المستفيضة من نصوص الكتاب والسنة التي تنهى عن الإسراف والتبذير، فالمغالاة نوع وضرب من الإسراف والتبذير، فلا يغالى في كفن ولا في غيره، ((فإنه يسلب سلباً سريعاً)) لأنه يبلى ويذهب وتأكله الأرض فلا داعي للمغالاة فيه، ولذا لما أوصى أبو بكر -رضي الله تعالى عنه- أن يغسل ثوبه الذي عليه ويكفن فيه قيل له: إن هذا خلق، قال -رضي الله تعالى عنه وأرضاه-: إن الحي أولى بالجديد من الميت، الحي أولى بالجديد من الميت، والكفن إنما هو للمهلة للصديد والقيح والهوام والحشرات، وأما بالنسبة إلى الحي فإنه يعبد الله فيه، ويستقبل فيه إخوانه، ويحضر به الجمع والجماعات، فهو أولى به، وعلى كل حال الحديث ضعيف، ومعناه صحيح، فالمغلاة والمبالغة ممنوعة لا بالنسبة إلى الحي ولا بالنسبة للميت. قال -رحمه الله-: وعن عائشة -رضي الله عنها- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال لها: ((لو متِ قبلي لغسلتك)) .. الحديث رواه أحمد وابن ماجه، وصححه ابن حبان. يقول -رحمه الله تعالى-:

وعن عائشة -رضي الله عنها- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لو متِ قبلي لغسلتك)) وسبق قول عائشة: "لو استقبلنا من الأمر ما استدبرنا ما غسل النبي -عليه الصلاة والسلام- إلا نساؤه" ففي هذا ما يدل على أن للزوج أن يغسل زوجته والعكس له أن يغسل الزوجة، وفاطمة -رضي الله عنها- كما في الحديث الآتي: أوصت أن يغسلها علي، فما زالت الرابطة والعلاقة موجودة بين الزوجين، بدليل أنه تستمر حتى في الجنة، المقصود أن الرابطة ما انقطعت فهو أولى الناس بالإطلاع عليها، وهي أولى الناس بالإطلاع عليه، ومن أهل العلم من يقول: انقطعت الرابطة بالموت، فالمرأة لا تغسل زوجها، والزوج لا يغسل زوجته، ومنهم من يفرق يقول: إيش؟ ها؟ طالب:. . . . . . . . . الزوجة تغسل والزوج لا يغسل، لماذا؟ ها؟ طالب:. . . . . . . . . نعم لأن المرأة تعتد والزوج لا يعتد، يعني لو ماتت المرأة خلاص انتهى منها، ما انتهت جميع العلائق، لكن لو مات الزوج بقيت حبيسة من أجله حتى تخرج من عدته، والصواب ما يدل عليه الحديث أن للزوج أن يغسل زوجته وللزوجة أن تغسل زوجها، وأما بالنسبة للرجل بين النساء وللمرأة بين الرجال غير الأزواج نعم فقد جاء في المراسيل لأبي داود عن مكحول أن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: ((إذا ماتت المرأة مع الرجال ليس فيهم امرأة، والرجل مع النساء ليس فيهن رجل فإنهما يُيممان ويدفنان)) يعني إذا ماتت المرأة بين رجال تُيمم ولا تغسل، وإذا مات رجل بين نساء يُيمم ولا يغسل؛ لأن الرجال لا يجوز أن يطلعوا على النساء، والنساء لا يجوز لهن أن يطلعن على الرجال، وهذا في حال الموت ففي حال الحياة من باب أولى التي فيها الافتتان من الطرفين، وإذا كان هذا في حال الموت ففي حال الحياة من باب أولى، وقال بهذا جمع من أهل العلم أن التغسيل يسقط، لا يغسل الرجل إذا لم يجد رجل يغسله، ولا تغسل المرأة إذا لم تجد امرأة تغسلها، منهم من يرى إرسال الماء على الرجل أو على المرأة من بُعد، يسقط به الواجب، وتنتفي به المفسدة، نعم. قال الإمام الحافظ -رحمه الله-:

وعن أسماء بنت عميس -رضي الله عنها- أن فاطمة -رضي الله عنها- أوصت أن يغسلها علي -رضي الله تعالى عنه-. رواه الدارقطني. الدارقطني روى هذا الحديث بإسناد لا بأس به مقبول في الجملة، ويشهد له الحديث السابق، يشهد له الحديث السابق عن أسماء بنت عميس -رضي الله عنها- أن فاطمة -رضي الله عنها- أوصت أن يغسلها علي -رضي الله عنه-، أسماء بنت عميس كانت تحت من؟ طالب:. . . . . . . . . قبله. طالب: جعفر. جعفر الطيار نعم وبعده تحت أبي بكر، وبعد تحت علي، فلها علاقة بالموضوع، قد يقول قال: إيش دخل امرأة أبي بكر في فاطمة وزوجها أوصت ما أوصت؟ لا لا هي تزوجت علي بعد فاطمة، فاطلعت على مثل هذا، فاطمة -رضي الله عنها- أوصت أن يغسلها علي، فدل على أن الرجل يغسل زوجته، ويشهد له ما تقدم من حديث عائشة: ((لو متِ قبلي لغسلتك)) وتقدم مراراً قول عائشة: "لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما غسل النبي -عليه الصلاة والسلام- غير نسائه" وأوصى أبو بكر امرأته أسماء أن تغسله، المقصود أن هذا بين الزوجين جائز، بل لو قيل: إن المرأة أولى الناس بتغسيل زوجها، وأن الزوج أولى الناس بتغسيل زوجته لاطلاعه على ما لم يطلع عليه غيره كان له وجه، على أن النبي -عليه الصلاة والسلام- غسله علي -رضي الله عنه-، واستعان ببعض الصحابة فدل على أن الرجال يغسلهم الرجال، والنساء يغسلهن النساء، والرجل يغسل الرجل، والمرأة تغسل المرأة، وعند الفقهاء بالنسبة للجنسين يفرقون بين من بلغ السبع وبين من لم يبلغ السبع، فالذي بلغ السبع له عورة محترمة مأثرة في الناظر، فلا يغسله إلا جنسه، وأما ما دون السبع فللمرأة أن تغسل ما دون السبع، وللرجل أن يغسل ما دون السبع، نعم. قال الحافظ -رحمه الله-: وعن بريدة -رضي الله عنه- في قصة الغامدية التي أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- برجمها في الزنا قال: "ثم أمر بها فصلى عليها ودفنت" رواه مسلم. يقول المؤلف –رحمة الله عليه-:

وعن بريدة -رضي الله عنه- في قصة الغامدية التي زنت، وقصتها معروفة، وجاء وصفها أو نسبتها إلى جهينة، وهل هما اثنتان أو واحدة، الغامدية والجهنية أن امرأة من جهينة وهذه غامدية وبعض الشراح يذهب إلى أن غامد بطن من جهينة قصتان في الصحيح غامدية والجهنية فهل هما اثنتان أو واحدة؟ يعني سياق القصتين متقارب جداً حتى جعل بعض أهل العلم يقول: إن القصة واحدة، وغامد بطن من جهينة، فهل هذا الكلام مجته وإلا ما هو بمتجه؟ ما عندنا أحد من غامد ومن جهينة؟ ها؟ طالب:. . . . . . . . . ما جئنا بشيء. طالب:. . . . . . . . . ها؟ طالب:. . . . . . . . . إيه معروف إحنا نسمع بغامد ونسمع بجهينة، لكن هل بينهما اتصال في النسب، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . لكن لو قيل -أنت غامدي أنت- لو قيل لك: إن من جهينة فخذ يقال لهم: غامد غير غامد الذي تعرف الطائفة الكبيرة المعروفة، يعني هذا ممكن ألا يمكن هذا؟ ما يمكن أن يكون غامد غير الطائفة المعروفة غير القبيلة المعروفة نعن غيرهم في فخذ من جهينة يقال لهم: غامد ممكن؟ طالب:. . . . . . . . . عجيب، يعني أنت مصر إلا أن تكون منكم هذه؟! عجيب! خليها من جهينة يا أخي. طالب:. . . . . . . . . يعني هذا مرده إلى جهينة بحيث يُسألوا هل عندهم فخذ يقال له: غامد وإلا لا؟ نعم؟ كيف؟ طالب:. . . . . . . . . يعني الشيباني النسبة .. ، الإمام أحمد بن حنبل الشيباني هل هم الشيابنة الذين هم فرع من عتيبة؟ طالب:. . . . . . . . .

لا، .... ليسوا منهم، شيبان الشيابين هؤلاء فخذ من عتيبة غير الشيباني الذي ينسب إليهم أحمد، ألا يمكن أن يكون مثل هذا؟ لأن فحول الذين قالوا: غامد بطن من جهينة ما هو من فراغ، يعني شراح كبار ما هم يتخرصون، فاحتمال قائم، وأنت إيش يضرك أن تكون هذه المرأة ما هي من غامد؟ يعني المسألة متصور، ما هي متصورة؟ يعني ألا تتصور أن جهينة فيها بطن يقال لها: غامد ما تدري عنه، يمكن صغيرين، يمكن فخذ صغير انقرض وانتهى، شيء ما بلغك احتمال يعني؛ لأن الأسماء تتكرر في هذه القبيلة وفي تلك القبيلة، وإذا رجعت إلى الأنساب للسمعاني تجد النسبة متحدة الفلاني الفلاني وكل نسبة تتجه إلى قبيلة من قبائل العرب، هذا متصور يعني والتصوير بالشيباني تراه مطابق لما نحن فيه، نعم.

هذه الغامدية التي حصل منها ما حصل، ورجمت وتابت توبة لو قسمت على سبعين من أهل المدينة لوسعتهم وفي رواية: ((لو تابها صاحب مكس)) يعني توبة نصوح، أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- برجمها؛ لأنها زنت وهي محصنة فأمر بها، ثم أمر بها، فصلي عليها ودفنت، دل على أن المحدود الميت بحد يصلى عليه، الميت بالحد يصلى عليه؛ لأنه مسلم والمسلم يصلى عليه، لكنه لم يصل عليها أمر بها فصلي عليها هو أمر بها فرجمت ما باشر الرجم -عليه الصلاة والسلام-، وأمر بها فصلي عليها ولم يباشر الصلاة عليها فدل على أن الإمام لا يباشر مثل هذه الأمور لا سيما الصلاة على من كانت سبب وفاته فيه شيء نعم لئلا يقال: إن فعلها صحيح، ولو لم يكن فعلها صحيح ما صلى عليها النبي -عليه الصلاة والسلام-، قد يظن بعض الناس المرأة تابت توبة نصوح وانتهينا منها، توبة نصوح ولا إشكال وماعز يسبح في أنهار الجنة وما عندنا مشكلة بالنسبة للأشخاص، لكن يبقى أن الفعل قبيح الذي من أجله رجمت، فلو صلى عليها الإمام مثلاً واعتنى بشأنها .... حد بعض الناس يقول: من أجل أن يصلي عليه الإمام، أو صلى عليها الإمام فدل على أن فعلها لا شيء فيه، فمثل هذا إذا مات بطريقة بالحد الذي أصله ارتكاب مخالفة لا يصلي عليه الإمام، العلماء بينهم خلاف في الصلاة على الفساق وعلى من قتل في حد، وعلى المحارب، وعلى ولد الزنا، على كل حال هم في دائرة الإسلام، ويصلى عليهم، لكن يبقى أن علية القوم وأشراف الناس والإمام على وجه الخصوص يتورع عن الصلاة عليها. انتهى الوقت يا شيخ. حديث جابر مثله. قال -رحمه الله-: وعن جابر بن سمرة -رضي الله عنه- قال: أُتي النبي -صلى الله عليه وسلم- قتل نفسه بمشاقص فلم يصلى عليه. رواه مسلم.

هذا الرجل الذي باشر قتل نفسه بمشاقص جمع مشقص وهو النصل العريض ترك النبي -عليه الصلاة والسلام- الصلاة عليه عقوبة له، وردع وزجر لمن أراد أن يفعل مثل فعله، ومباشرة قتل النفس جريمة كبيرة من كبائر الذنوب، ويأتي يوم القيامة بمشاقصه، ومن قتل نفسه بحديدة أو قتل نفسه بسم أو ترد من جبل وما أشبه يكرر فعله يوم القيامة -نسأل الله السلامة والعافية-، فمباشرة قتل النفس حرام لا تجوز بحال، ولا يوجد في النصوص ما يدل عليها، وإن جاء في النصوص ما يدل على التسبب، لكن المباشرة لا يوجد في النصوص ما يدل عليها، فمثل هؤلاء لا يصلى عليهم من قبل الإمام وإلا فهم في دائرة الإسلام، والمسلمون مطالبون بالصلاة عليهم، والله أعلم. وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

كتاب الجنائز (3)

بلوغ المرام - كتاب الجنائز (3) الشيخ/ عبد الكريم الخضير تدخر من أجل الدر والنسل لا يرجى منها نسل ولا در، ولحمها ليس بطيب، مثل هذه لا تأخذ الهرمة، وأما الرقة فهي الفضة، والتيس معروف. يقول: اقتراح كتاب الزكاة يحتاج إلى فهم فعندما يكون أخر شيء قد يمل الإنسان بطبعة فأرجو أن يكون كتاب الجنائز هو الأخر حتى يأتي الإنسان العصر في تشوق وحب للعلم، يقول: وإن كان الحضور في العشاء أكثر فرب قلة خير من كثرة مع الفهم؟ على كل حال هذا تم إعلانه والاتفاق عليه. هل يجوز للابن أن يغسل أمه إذا ماتت؟ لا يجوز له ذلك. وكذلك هل يجوز للأب أن يغسل ابنته؟ لا يجوز له ذلك إذا كان لها أكثر من سبع. وهل يجوز للأم أن تغسل ابنها؟ لا يجوز لها ذلك فالتفاوت بين الجنسين إنما هو بين الزوجين. يقول: إذا أسلم الكافر فهل نلزمه بدفع الزكاة أم أنه يطالب بها إذا حال عليه الحول من أسلامه؟ إذا كان الإمام قد تمكن من قبله وإذا طلبت منه الزكاة فوراً لا يكون عنده تردد في الإسلام ولا يؤثر ذلك عليه فالأصل أنها وجبت عليه من قبل وحال عليها الحول نعم فتطلب فوراً، لكن إن كان في تأجيلها ترغيب له في الإسلام فالأمر فيه سعة -إن شاء الله تعالى-. ما حكم تعليق الفضة على الجدران في لوحة كمنظر تراثي؟ وهل عليه زكاة؟ أولاً: هذا يدخل في باب الإسراف والتبذير، وعليه الزكاة إذا بلغ النصاب. أثناء السجود إذا أردت الدعاء يستحب لي الإتيان بمقدامات الدعاء من المحامد لله والصلاة على رسول الله؟ لا ما يحتاج إلي هذه. رجل طلق امرأة ثم تزوج أخرى فهل تكشف المرأة المطلقة على أولاد المرأة الأخرى؟ هم أولاد زوجها تكشف لهم. هل لماعز بالغامدي علاقة؟ ليس له علاقة هذه قصة وهذه قصة. وهل اعتراف أحد بالزنا يلزم الطرف الآخر بإقامة الحد عليه؟ لا يلزم، ولذلك لما اعترف ماعز ما سأله النبي -صلى الله عليه وسلم- عن المزني بها. يقول: بمعنى أن الزنا لا بد من وجود طرفين فهل الاعتراف بطرف لا يؤثر على الأخر؟ نعم لا يؤثر. يقول: يطلب إعادة تعريف العزيمة والرخصة؟

العزيمة يقولون: ما ثبت على وفق دليل شرعي لعدم المعارض، والرخصة ما ثبت على خلاف الدليل الشرعي لوجود المعارض الراجح، فالأصل العزائم، الأصل في الأوامر والنواهي أنها كلها عزائم، لكن ما جاء على خلاف هذه العزائم كأكل الميتة مثلاً والجمع والقصر كلها رخص. هل يجوز الاتفاق مع العمال بتأجير محال مثل ورشة عليهم بعد استئجارها وهم تحت كفالتي؟ إذا أمنت لهم ما تطلبه الورشة ثم أجرتها لهم فالأجرة جائزة وهم من أهلها، لكن إذا كانت الأنظمة لا تجيز ذلك، بل هذا تحايل على الاكتساب من غير جهد فهذا قد يمنع، إذا كان مجرد حيلة، بدلاً من أن تأتي بالعمال وتسرحهم في الأسواق، وتأخذ عليهم أموال بدون مقابل تأجر عليهم محل أجره، يعني المقصود منها الحيلة للوصول إلى المال، تستأجر محل بعشرة ألاف، وتقول: بدلاً من أن تدفعوا لي كل شهر ألف أجركم المحل بعشرين ألف هذه حيلة ظاهرة. يقول: أنا شاب أريد أن أكون أماماً لمسجد، وقد رزقني الله صوتاً حسناً وتجويداً للقرآن، ولكني أخاف جداً أن يفتح علي باب للعجب بالنفس فما لحل؟ الترك ليس بعلاج، عالج مرض القلب، وماعدا ذلك الترك ليس بعلاج، وإلا هذا التخوف يعرض لجميع العبادات. يوجد لدينا في العمل مصلى وأحياناً نرابط يوم الجمعة فهل نصليها جمعة أو ظهر؟ إذا كان المسجد مسجد جمعة ورخص له في ذلك، وجاءت الفتوى بإقامة الجمعة فيه وإلا فلا. اقتناء جوال به كامرة والمشكلة أنه مع شاب ملتزم؟ على كل حال التصوير حرام واقتناء الآلة يعين على ارتكاب الحرام ويسهله، فالأولى تركه، لكن مجرد الاقتناء لا للتصوير أو لتصوير الوثائق أو أشياء ليست ذوات أرواح إذا كان يضمن أن هذا الجوال لا يقع في يد غيره فالأمر فيه سعة -إن شاء الله تعالى-. سائل من مصر يقول: ما هو العثري؟ يعني العثري هو الذي يعثر على الماء بجذوره بعروقه، ولا يحتاج إلى سقي. وهذا سائل من الرياض يقول: أريد أن أعرف رأي الشيخ في كتاب مسائل أحمد وإسحاق؟

الإمام أحمد له مسائل كثيرة مسائل أبي داود طبعت قديماً، ومسائل ابن هانئ ومسائل كثيرة جداً، فما يروى عن الإمام من مسائل ... معروف .... رأي الإمام أحمد سواء كان في الأحكام أو في الرجال أو في السؤال عن الأحاديث والعلل ومسائله كثيرة، وإسحاق إمام من أئمة المسلمين إن كان يريد مسائل برواية معينة وبطبعة معينة فليحدد السؤال. سم. بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد: يقول الإمام الحافظ ابن حجر -يرحمه الله-: وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- في قصة المرأة التي كانت تقم المسجد فسأل عنها النبي -صلى الله عليه وسلم- فقالوا: ماتت، فقال: ((أفلا كنتم آذنتموني؟ )) فكأنهم صغروا أمرها، فقال: ((دلوني على قبرها)) فدلوه فصلى عليها، متفق عليه، وزاد مسلم، ثم قال: ((إن هذه القبور مملوءة ظلمة على أهلها، وإن الله ينورها لهم بصلاتي عليهم)). الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- في قصة المرأة والخلاف في كونها امرأة أو رجل موجود في الروايات الصحيحة، وبعضهم شك هل هي رجل أو امرأة، وبعضهم جزم على كل حال القصة أو الحكم المستنبط من القصة لا يتوقف على كونها ذكر أو أنثى، التي كانت تقم المسجد تخرج القمامة وهي الكناسة، يعني تنظف المسجد، وجاء في فضل تنظيف المساجد، والأمر ببناء المساجد وتنظيفها وتطيبها معروف؛ لأنها لإقامة شعائر الله مثل هذه الصلاة التي هي أعظم أركان الإسلام بعد الشهادتين والأذكار وقراءة القرآن وإلقاء العلم والدروس والتعليم وجميع ما يتعلق بالأمة، الأصل أن يصدر من المسجد، فتنظيف المساجد جاء الترغيب فيه، وكانت هذه المرأة تقم المسجد، ولا مانع من خدمة النساء للمساجد إذا أمنت الفتنة، لكن مع وجود الفتن لا يجوز بحال أن تدخل أماكن الرجال لها أن تنفض أماكن النساء ومصليتهن، أما أماكن الرجال فلا، كما أنه لا يجوز للرجل أن يدخل ويغشى أماكن النساء.

كانت تقم المسجد قال: فسأل عنها النبي -عليه الصلاة والسلام-، كأنه افتقدها، ما رآها، فقال: أين فلانة التي كانت تقم المسجد؟ فقالوا: ماتت، فقال: ((أفلا كنت آذنتموني؟ )) يعني أعلتموني بموتها؛ لأن مثل هذه التي تنظف ولا نتصور أنها تأخذ مقابل أو راتب أو تتبع شركة معينة أو شيء لا لا، كان العمل يصدر منهم ابتغاء وجه الله –جل وعلا- دون مقابل، لكن إذا صرف من بيت المال لمثل هؤلاء فهذا من خير المصارف بلا شك، لكن كون الإنسان يتبرع بمثل هذه الأعمال الصالحة أجره على الله –جل وعلا-، وثوابه عظيم -إن شاء الله تعالى-، فقال: ((أفلا كنتم آذنتموني؟ )) فكأنهم صغروا أمرها، قللوا من شأنها، امرأة سوداء تقم المسجد، تنظف في نظرة قديمة للخدم الذين يعانون المهن، ويخدمون الناس، لكن نظرة الشرع تختلف، النظرة الشرعية أنه إنسان كامل الحقوق، فكأنهم صغروا أمرها، فقال: ((دلوني على قبرها)) مثل هذه لها حق تبرعت بجهدها وعملها ووقتها لتنظيف المسجد، لا شك أن لها حق ((دلوني على قبرها)) فدلوه إيش؟ فدلوه فصلى عليها، ما الفرق بين قولنا: "فدَلُّوه" و"فدَلَّوه" لأن بعض الناس قد يقرأها هكذا، والمعنى يختلف، ومثله الإمام الذي يقول: تراصُوا وبعضهم تسمعه يقول: تراصَوا، نعم؟ فدلَوه من الدلالة، ودلُوه من التدلية نعم، وتراصُوا أمر بالتراص، تراصَوا ماضي انتهوا تراصوا وانتهوا، ((دلوني على قبرها)) فدلوه فصلى عليها، متفق عليه.

وفيه الصلاة على القبر، وهذا مستثنى من النهي عن الصلاة إلى القبور في حديث أبي مرثد: ((لا تصلوا إلى القبور ولا تجلسوا عليها)) فدل على أن المنهي عنه الصلاة المعروفة المعتادة ذات الركوع والسجود، أما صلاة الجنازة مستثناة، فالنبي -عليه الصلاة والسلام- صلى على القبر، ولا يدخل هذا في النهي عن اتخاذ القبور مساجد، ولا يدخل في النهي عن الصلاة إلى القبور، الصحيح من حديث أبي مرثد: ((لا تصلوا إلى القبور ولا تجلسوا عليها)) وهنا صلى على قبرها، هذا مخصص لعموم النهي، ويبقى أنه لا يقاس على هذا الخاص غيره، يبقى الأصل النهي عن الصلاة إلى القبور، والصلاة في المقبرة والصلاة في المسجد الذي فيه قبر، كل هذا تتناوله النصوص، وأما صلاة الجنازة على القبر فثبتت من فعله -عليه الصلاة والسلام-، صلى عليها، وصلى على البراء بن معرور، المقصود صلى عليه بعد شهر من وفاته، فحد بعضهم الصلاة على القبر إلى شهر، ويختلفون في المدة التي تفوت فيها الصلاة على القبر، المقصود أن الصلاة على القبر مشروعة ثبتت من فعله -عليه الصلاة والسلام-، ويبقى ما عداها في حيز المنع، من صلاة وقراءة وغيرهما، فالنهي عن اتخاذ القبور مساجد يتناول جميع العبادات التي تزاول في المسجد، وعلى هذا لو حصل الدفن بعد صلاة الفجر، وأراد شخص وهو ينتظر الدفن أن يؤدي أذكار الصباح مثلاً في المقبرة أو يهلل المائة، أو يسبح أو ما أشبه ذلك، هل يمنع من هذا أو لا يمنع؟ ((اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد)) فهل نقول: إن أداء الأذكار في المقبرة اتخاذ لها مسجد؟ أو ينتظر في أذكاره حتى يخرج؟ هاه؟ أن يؤدي الأذكار في المقبرة بما في ذلك ما يمر من آيات طالب:. . . . . . . . .

الصلاة فيها، فيها الفاتحة وفيها .. ، لكن قراءة القرآن تجوز وإلا ما تجوز؟ قراءة القرآن بدعة في المقبرة، وجاء النهي عن اتخاذ القبور مساجد، ولعن اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، فدل على أن العبادات لا تزاول في المقبرة، يخص من ذلك ما جاء الدليل بتخصيصه، وما عدا ذلك يبقى على المنع، وزاد مسلم: ثم قال: ((إن هذه القبور مملوءة ظلمة على أهلها، وإن الله -عز وجل- ينورها لهم بصلاتي عليهم)) هذا يستدل به .. ، أولاً: هذه الزيادة لم يخرجها البخاري، بل هي من أفراد مسلم، ويحتج بها من يرى أن الصلاة على القبر خاصة بالنبي -صلى الله عليه وسلم-، والمالكية والحنفية لا يرون الصلاة على القبر؛ لعموم النهي، والحنابلة والشافعية يرون جواز ذلك، لما ثبت عنه -عليه الصلاة والسلام- في هذا الحديث وغيره، المدة التي تشرع فيها الصلاة على القبر منهم من قال: إلى شهر؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- صلى على البراء بن معرور بعد مضي شهر، ومنهم من يقول: إلى أن يبلى الميت، ما دام الميت موجود في قبره يصلى عليه، إذا بلي وفني لا يصلى عليه، لكن تعليق الحكم بمثل هذا الذي لا يطلع عليه ولا على مدته وأمده تعليق على مشكوك فيه، وكونه صلى ووقع منه أتفاقاً المدة الشهر لا يقتضي التحديد، وأما دعوى الخصوصية بالنبي -عليه الصلاة والسلام- فالخصوصية تحتاج إلى دليل للتخصيص، دليل يخصه -عليه الصلاة والسلام-، وإلا فالأصل أنه القدوة والأسوة، فإذا فعل شيئاً طلب من الأمة أن تفعله إقتداء به، لكم في رسول الله أسوة حسنة، قد يؤخذ التخصيص من التعليل ((إن هذه القبور مملوءة ظلمة على أهلها، وإن الله ينورها بصلاتي عليهم)) لكن الأصل الإقتداء، وهذه صلاة جنازة جاء الترغيب فيها، فلا يفوت المسلم أجره المترتب عليها، نعم. قال الإمام الحافظ -رحمه الله-: وعن حذيفة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان ينهى عن النعي، رواه أحمد والترمذي وحسنه. اللي بعده. وعن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نعى النجاشي في اليوم الذي مات فيه، وخرج بهم إلى المصلى فصف بهم، وكبر عليه أربعاً، متفق عليه.

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

وعن حذيفة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان ينهى عن النعي، والحديث لا بأس به حسن، ينهى عن النعي، والحديث الذي يليه من حديث أبي هريرة أن النبي -عليه الصلاة والسلام- نعى النجاشي، ينهى ونعى، لا شك أن الذي فعله غير الذي نهى عنه، النعي هو الإخبار بالموت، وأخبر النبي -عليه الصلاة والسلام- بموت النجاشي، فمجرد الإخبار من أجل أن يجهز الميت ومن أجل أن يصلى عليه ومن أجل أن يبادر بقضاء ديونه واستفاء حقوقه، هذا مجرد إخبار لا بأس به، فالنبي -عليه الصلاة والسلام- نعى لهم النجاشي في اليوم الذي مات فيه، وأخبرهم ليجتمعوا فيصلوا عليه، هذا مجرد إخبار، لكن النعي الذي جاء النهي عنه ما كانت الجاهلية تفعله من رفع الصوت في أفواه السكك والطرقات ألا أن فلان بن فلان وبعث البعوث إلى القبائل، ألا أن فلان بن فلان قد مات، ثم بعد يحصل ما يحصل من بيان محاسنه والنياحة عليه، المقصود أن مثل هذا الذي لا يترتب عليه هدف شرعي هو الداخل في الذم، وهو ما كانت الجاهلية تفعله، وأما إذا كان الإخبار والنعي لمجرد الاجتماع للصلاة عليه وتوفية حقوقه، وقضاء ديونه، وتعزية أهله، لا بأس به، والذي يعلن في الصحف أحياناً ويصدر بما يدل على التركية {يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ} [(27) سورة الفجر] هذه تزكية لا تجوز، هذا حكم له، لا يجوز مثل هذا، والإعلان عنه في الصحف والأمور بمقاصدها إن كان له علاقات طويلة، وأعمال مبعثرة، لا يمكن تبليغ من له به صلة إلا بهذه الطريقة، وكان هذا هو الهدف فيجوز منه ما يحقق هذا الهدف، أما حجز الصفحات الأولى من الجرائد أو الصفحات الكاملة بالألوف المؤلف لا شك أن هذا تبذير، لكن لو وضع خبر صغير بإعلان وفاته، وأن من له عليه حق فليتقدم على أو إلى كذا، هذا هو الصحيح، أما أن تعلن وفاته في الصفحات الكاملة، وتتقبل التعازي فيه في صفحات من أجل المباهاة هذا لا يجوز هذا هو المنهي عنه، فعرفنا أن الإخبار حكمه يتبع ما يحققه، فإن كان يحقق للمخبر المباهاة وليقال: إنه صلى عليه الجماهير الغفيرة، وأنه تناقل خبر وفاته الناس، مثل هذا لا شك أنه ينهى عنه، أما إذا كان لاجتماع أهله وذويه ومعارفه وأحبابه

وأهل الخير والفضل والصلاح للصلاة عليه فهذا لا بأس به، مطلوب هذا؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- نعى النجاشي في اليوم الذي مات فيه، منهم من يقول: إنه لا يجوز النعي إلا في اليوم الذي يموت فيه، وماعدا ذلك ينتهي، على كل حال الأمور بمقاصدها، وكل يجد من نفسه ما يجد، لكن الملاحظ في كثير من التصرفات أن المباهاة لها دور كبير في النعي الموجود الآن، تجد بعض الأخيار إذا سمع بوفاة شخص أو بجنازة ولو لم يعرف صاحبها يرسل رسائل بالجوال من أجل أن يحضر الناس للصلاة عليه، وهذا من دل على خير فله مثل أجر فاعله، هذا لا بأس به، هذا لا يقصد به المباهاة ولا المكاثرة وإنما يقصد به أن يحصل المبلغ على أجر الصلاة على هذا الميت، قل مثل هذا لو أن إمام المسجد قال: يصلون على فلان في الوقت الفلاني في المسجد الفلاني هذا ليس فيه فخر ولا مباهاة ولا شيء إنما ليحصل الناس أجر الصلاة على الجنازة وسيأتي، النبي -عليه الصلاة والسلام- نعى النجاشي في اليوم الذي مات فيه، علم من أعلام النبوة، ليس هناك وسائل اتصال، الخبر من الحبشة إلى المدينة يحتاج إلى وقت طويل، فهذا علم من أعلام نبوته -عليه الصلاة والسلام- في اليوم الذي مات فيه، الآن في اللحظة يبلغ الخبر الآفاق، الخبر يبلغ الآفاق بلحظة من خلال وسائل الاتصال، وجاء في الحديث: ((الرجل ليكذب الكذبة تبلغ الشرق والغرب)) ومصداقه ما بين أيدنا من آلات، وخبر الدجال ينتشر في وقت قصير، المقصود أن كل هذه من أعلام نبوته -عليه الصلاة والسلام-، وخرج بهم إلى المصلى فصف بهم، وكبر عليه أربعاً، خرج به إلى المصلى، يستدل بهذا من يمنع الصلاة على الميت في المسجد، وأنه لا بد أن يخرج بها، وستأتي المسألة، وأن النبي -عليه الصلاة والسلام- صلى على ابني بيضاء في المسجد إلى أخره، فالصلاة على الميت في المسجد يمنعها بعض أهل العلم خشية تلويث المسجد؛ ولأن النبي -عليه الصلاة والسلام- خرج للصلاة على النجاشي ولم يصل عليه في المسجد، وخروجه أو صلاة النبي -عليه الصلاة والسلام- على النجاشي في المسجد العلة التي أوردوها وهي تلويث المسجد الصلاة على الغائب ما فيها تلويث، فما الذي جعله يصلي على النجاشي خارج

المسجد في المصلى؟ نعم؟ ليكثر الجمع، ولذا تجدون الجنائز الكبيرة التي لا تستوعبها المساجد يصلى عليها في مصليات العيد، هذا حصل، فيصلى على الجنائز الحافلة في مصليات العيد، يخرج بها، مع أنه يصلى على غيرها في المساجد، فالنبي -عليه الصلاة والسلام- لما خرج بهم إلى المصلى أراد أن يكثر الجمع، خرج بهم إلى المصلى فصف بهم الصلاة على الغائب هذا دليلها، النبي -عليه الصلاة والسلام- صلى على الجنازة والميت غائب، وقال بشرعية الصلاة الغائب مطلقاً الشافعية والحنابلة، ونقل ابن حزم عن السلف أنه لم يأتِ عن أحد منهم خلاف هذا القول، وعند الحنفية والمالكية لا يصلى على الغائب لكثرة من مات في عهد النبي -عليه الصلاة والسلام- بغير حضرته فلم يصل عليهم، لكن فعله في الصلاة على النجاشي وهو غائب دليل الجواز، ولذا منهم من يقول: إذا كان الغائب لم يصل عليها في بلده فيصلي عليه الغائب، أما إذا عرفنا أنه صلي عليه في بلده لم يصل عليه، وإلى هذا ميل شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-، لكن نحتاج إلى دليل يثبت أنه لم يصل عليه في بلده، نعم لا يصلى على كل أحد إنما يصلى على من له أثر في الإسلام كالنجاشي كان ردء نافع للمسلمين، فمثل هذا يصلى عليه، ولو وجد من هل نفع عام في الأمة أو نفع خاص لبعض الناس يصلى عليه وفاء له، منهم من يقيد الصلاة على الغائب في اليوم الذي مات فيه، جمود على ما جاء في الخبر، ومنهم من قال: يصلى عليه إذا كان في جهة القبلة، إذا كان الميت في جهة القبلة يصلى عليه، لكن لو مات ميت في الهند أو باكستان أو الجهات الشرقية كيف تصلي عليه وأنت تستدبره توليه ظهرك، لكن لو كان الميت في مصر أو في المغرب ممكن أن تستقبله وتستقبل القبلة، والحديث الذي معنا النجاشي في جهة القبلة بالنسبة للمدينة، فالحبشة في قبلة المدينة، ومكة تقع بين المدينة والحبشة، وهذا أيضاً جمود على النص، ويقول به ابن حبان، على كل حال المرجح صحة وجواز الصلاة على الغائب لا سيما إذا كان له أثر في الإسلام أو أثر فيمن يصلي عليه في وجه الخصوص، توفي والد مثلاً والابن لا يستطيع الحضور عليه يصلي عليه ويدعو له، ما المانع؟ لأن له أثر في حياته، وفضل عليه، ومثله

لو تفي شيخ له يصلي عليه. قال -رحمه الله-: وعن عباس -رضي الله عنهما- قال: سمعت النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((ما من رجل مسلم يموت فيقوم على جنازته أربعون رجلاً لا يشركون بالله شيئاً إلا شفعهم الله فيه)) رواه مسلم. يقول المؤلف -رحمه الله-:

وعن عباس -رضي الله عنهما- قال: سمعت النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((ما من رجل مسلم يموت فيقوم على جنازته أربعون رجلاً لا يشركون بالله شيئاً إلا شفعهم الله فيه)) ما من رجل مسلم يخرج المرأة وإلا ما يخرج المرأة؟ يعني هل هذا المفهوم معتبر لو امرأة مسلمة ماتت وقام على جنازتها أربعون رجلاً وقل مثل هذا في القائم لو قام على رجل أربعون امرأة، أو قام أربعون رجلاً على امرأة أو أربعون امرأة على امرأة قسمة إيش؟ رباعية؟ رباعية، رجل يموت يقوم عليه أربعون رجل، رجل يموت يقوم عليه أربعون امرأة، امرأة تموت يقوم عليها أربعون رجلاً، امرأة تموت يقوم عليها أربعون امرأة، فالقسمة رباعية، فهذا الحديث مخرج للصور الثلاث أو لا؟ نعم؟ نعم، ليس بمخرج لماذا؟ لما ثبت في النصوص القطعية أن النساء شقائق الرجال، وحكم الرجال حكم النساء إلا ما وردت الأدلة بتخصيص الرجل أو العكس، فمثل هذا القيد غير معتبر، ما من رجل مسلم ومثله المرأة، ((يموت فيقوم على جنازته)) يعني يصلون عليه، لا مجرد القيام يقومون عليه للصلاة ((أربعون رجلاً لا يشركون بالله شيئاً)) لو رجل مات بين نساء وصلى عليه أربعون امرأة، رجل مات بين نساء صلى عليه أربعون امرأة، أولاً: هل المرأة تصلي على الميت أو لا تصلي؟ نعم؟ تصلي هي ممنوعة من أتباع الجنازة، وممنوعة من زيارة القبور، لكن ما منعت من الصلاة، وهي مخاطبة بالنصوص التي تدل على أن من صلى على جنازة فله قيراط، هي مخاطبة كالرجل، لكن الصورة التي معنا يفترض المسألة رجل مات بين نساء وليس عنده رجال يصلون عليه يدفن من غير صلاة؟ يصلين عليه، فإذا قام عليه أربعين امرأة لا شك أنه يدخل في مثل هذا؛ لأن الوصف غير مؤثر، نعم الوصف دلت الأدلة على عدم تأثيره؛ لأن هذا مما يشترك فيه الرجال والنساء، ((لا يشركون بالله شيئاً)) فيحرص على أهل التحقيق تحقيق التوحيد وتجريد التوحيد هؤلاء هم الذين يدعون للصلاة على الميت، يحرص عليهم أكثر من غيرهم، يعني كونه يحضر غيرهم لا يمنع، وإن أراد أن يصلي يصلي، لكن يوجد من طوائف المبتدعة من إذا أراد أن يصلي على أهل السنة يمنع وإلا ما يمنع؟ ما يمنع، لكن الحرص يكون لمن لا يشرك بالله شيئاً؛

ليحصل الوعد في الحديث ((إلا شفعهم الله فيه))، نعم. طالب:. . . . . . . . . "شيئاً" عمومه يشمل، فليحرص في هذا المقام على أهل التحقيق للتوحيد والتجريد، وأهل الإخلاص، وأهل الصدق مع الله -جل وعلا-؛ لأن هذه دعوة فيرجى ويطلب من ترجى إجابة دعوته، نعم. قال الحافظ -رحمه الله-: وعن سمرة ... طوائف المبتدعة كغلاة الصوفية وغلاة ... الذين يعظمون البشر، أو مثل المعتزلة الذين جاء وصفهم بأنهم مجوس هذه الأمة أو غيرهم لا يدعون، لكن لو وجد من صلى مع الناس في المجتمعات العامة مثل الحرمين وغيرهما ما يقال .. ، ما يخرج أحد لأنه لم يثبت على مر التاريخ أن مثل هؤلاء يمنعون لا من الصلاة العامة ولا من الصلاة الخاصة، لكن إذا دعي شخص من أهل السنة ليصلي على مثل هؤلاء، الصلاة شفاعة والشفاعة لا تنال المشرك، فقيل لشخص من أهل السنة: صل على فلان المعتزلي، فقال: لا أصلي عليه، الرجل يقول بخلق القرآن، وينكر الرؤيا من يمكن أصلي عليه، ألزم، كأنه ألزم وأحرج فصلى عليه، وكان من دعائه: اللهم إن فلاناً ممن ينكر عذاب القبر، معروف عندهم إنكار عذاب القبر فأذقه إياه، هذا اعتداء في الدعاء، فمثل هذا لا يصلي، هذا اعتداء فلا .. ، مثل هذا لا يصلي، وإذا كان المسلم أقول: الرجل في دائرة الإسلام فالدعاء له مشروع، نعم. قال الإمام الحافظ -رحمه الله-: وعن سمرة بن جندب -رضي الله عنه- قال: صليت وراء النبي -صلى الله عليه وسلم- على امرأة ماتت في نفاسها فقام وسطها، متفق عليه. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

وعن سمرة بن جندب -رضي الله عنه- قال: "صليت وراء النبي -صلى الله عليه وسلم- على امرأة ماتت في نفاسها" يعني بعد الولادة أو أثناء الولادة "فقام وسطها" وسط المرأة، ولعل من الحكم الظاهرة في هذا أن يستر هذا الوسط عن المصلين، يعني إذا قام في وسطها استتر هذا الوسط عن رؤية المصلين، وعلى كل حال هذا حكم المرأة، وأما بالنسبة للرجل فعند رأسه، إزاء رأسه، ومن أهل العلم من يقول: عند صدره، صدر الرجل، هو النبي -عليه الصلاة والسلام- قام عند رأسه، مما أخرجه أبو داود والترمذي من حديث أنس أن النبي -صلى الله عليه وسلم- صلى على رجل فقام عند رأسه، وصلى على المرأة فقام عند عجزتها، يعني عند وسطها، كما هو في هذا الحديث، فهذه هي السنة، نعم. قال الإمام الحافظ -رحمه الله-: وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "والله لقد صلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على ابني بيضاء في المسجد" رواه مسلم. تقول عائشة -رضي الله عنها- رداً على من أنكر عليها الصلاة على الميت في المسجد: "والله لقد صلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على ابني بيضاء في المسجد" سهل وسهيل، والبيضاء أمهما، وأبوهما وهب بن ربيعة صلى عليهما النبي -عليه الصلاة والسلام- في المسجد، وصُلي على أبي بكر في المسجد، وصلي على عمر في المسجد، وما زالت صلاة الجنازة تؤدى في المسجد في عهده -عليه الصلاة والسلام- وبعده، ففي هذا رد على من يرى عدم إدخال الميت المسجد بشبهة التلويث، أو لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- صلى على النجاشي في المصلى، فالصلاة على الميت في المسجد جائزة من غير كراهة، وبهذا يقول الجمهور، وذهب بعضهم إلى أنها لا تجوز، بعضهم يطلق الكراهة، وبعضهم يتجاوز فيطلق عدم الصحة، لكن هذا كله قول مرجوح، فالراجح جواز الصلاة على الميت في المسجد، والاحتجاج عليه مما ذكر، عمر -رضي الله تعالى عنه- صلى على أبي بكر في المسجد، صهيب صلى على عمر في المسجد، وقبل ذلك النبي -عليه الصلاة والسلام- صلى على ابني بيضاء في المسجد، نعم. قال الإمام الحافظ -رحمه الله-:

وعن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: "كان زيد بن أرقم يكبر على جنائزنا أربعاً، وأنه كبر على جنازة خمساً، فسألته، فقال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يكبرها" رواه مسلم والأربعة. وعن على -رضي الله عنه- أنه كبر على سهل بن حُنيف ست، وقال: إنه بدري، رواه سعيد بن منصور وأصله في البخاري. بعده. وعن جابر -رضي الله عنه- قال: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يكبر على جنائزنا أربعاً، ويقرأ بفاتحة الكتاب في التكبيرة الأولى" رواه الشافعي بإسناد ضعيف. وعن طلحة بن عبد الله بن عوف قال: صليت خلف ابن عباس على جنازة فقرأ فاتحة الكتاب فقال: لتعلموا أنها سنة" رواه البخاري. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

وعن عبد الرحمن بن أبي ليلى -رضي الله عنه- قال: "كان زيد بن أرقم يكبر على جنائزنا أربعاً" عبد الرحمن بن أبي ليلى من التابعين، بل من خيارهم وثقاتهم، حديثه في الصحيحين وغيرهما، وابنه محمد الإمام الفقيه المشهور الذي يدور اسمه كثير في كتب الفقه، لكنه بالنسبة للرواية ضعيف، سيئ الحفظ، والأب من ثقات التابعين، قال: "كان زيد بن أرقم يكبر على جنائزنا أربعاً" وهذا هو الغالب في التكبير على الجنازة أربع تكبيرات، "وأنه كبر على جنازة خمساً، فسألته فقال: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يكبرها" رواه مسلم والأربعة" التكبير على الجنازة جاء عدده متفاوتاً في الروايات الصحيحة، من ثلاث إلى تسع، لكن الاتفاق في النهاية كما قال ابن عبد البر وغيره وقع على الأربع، وكان التكبيرات تزاد في حق من زاد فضله، وبان أثره، فمنهم من يقول: إن هذا الاتفاق يمنع من الزيادة فيما بعد، ومنهم من يقول: إن الزيادة منهم من يمنع الزيادة بعد الاتفاق، ومنهم من يقول: إن الزيادة ما زالت، ولذا يذكر عن بعض أهل العلم من الصحابة والتابعين فمن بعدهم إلى وقتنا هذا من قد يزيد، لكن ينبغي أن يكون على قلة، هذا إذا سوغت الزيادة، لكن يبقى أن الاتفاق له هيبة، وإن كان الأصل الجواز، "يكبر على جنائزنا أربعاً، وأنه كبر على جنازة خمساً فسألته فقال: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يكبرها"، النبي -عليه الصلاة والسلام- كبر على النجاشي أربعاً، كبر أربعاً، وهذا الحديث يدل على الخمس، وذهب الجمهور من السلف والخلف ومنهم الأئمة الأربعة وكثير من أتباعهم إلى أن الأمر استقر على الأربع، فلا يزاد عليها، ومنهم من يرى أنه لا مانع من الزيادة على الأربع حسب قوة الأثر لهذا الشخص في الدين يزاد عليه، ما دام ثبتت الزيادة من فعله -عليه الصلاة والسلام- فيزاد على هذا، ولذا على لما كبر أو صلى على سهل بن حنيف كبر عليه ستاً وقال: إنه بدري، رواه سعيد بن المنصور، وأصله في البخاري، في البخاري أن علي كبر على سهل بن حنيف من دون عدد، من دون الست، وقال: إنه شهد بدراً، التعليل وقال: إنه شهد بدراً يدل على أنه هناك زيادة في الصلاة في العدد، والبرقاني في مستخرجه ذكر هذه

الزيادة، يعني من الطريقة التي روى بها البخاري الحديث، فهذا يدل على الاستمرار، استمرار الزيادة لمن كان له أثر، وعند البيهقي من حديث وائل قال: كانوا يكبرون على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أربعاً وخمساً وستاً وسبعاً، بل ابن عبد البر أخبر بما هو ... إلى التسع، من الثلاث إلى التسع، فجمع عمر -رضي الله عنه- أصحاب رسول -صلى الله عليه وسلم- فأخبر كل بما رأى، فجمعهم عمر على أربع تكبيرات، وهذا حجة من لا يرى الزيادة، يقول: أفتى به عمر، وجمع الناس عليه، ولم يخالفه أحد، لكن صنيع علي -رضي الله عنه- لما كبر على سهل بن حنيف، وإن كان هذا العدد ليس في الصحيح، لكن التعليل يشعر بأن هناك زيادة في العدد، يستدل بها بعضهم على أنه لم يحصل إجماع، والحجة في الاتفاق، وعن جابر -رضي الله عنه- قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يكبر على جنائزنا أربعاً، ويقرأ بفاتحة الكتاب في التكبيرة الأولى، فرواه الإمام الشافعي بإسناد ضعيف، بل ضعيف جداً؛ لأنه من طريق شيخه إبراهيم بن أبي يحيى، وهو متروك، الحفاظ على تضعيفه، بل ضعفه شديد، والإمام الشافعي -رحمه الله تعالى- يحسن الظن به، من حيث الصدق لا من حيث الديانة، فيقال: حدثنا المتهم في دينه، الثقة في روايته، وكثيراً ما يقول: حدثني الثقة، ويريد بذلك إبراهيم بن أبي يحيى هذا الذي تركه أكثر الأئمة، فالحديث ضعيف جداً، والتكبير على الجنائز أربعاً تقدم ما يشهد له، صلى على النجاشي وكبر أربعاً، وأما القراءة بفاتحة الكتاب في التكبيرة الأولى فيدل لها من روى البخاري عن طلحة بن عبد الله بن عوف -رضي الله تعالى عنه- قال: "صليت خلف ابن عباس -رضي الله عنهما- على جنازة فقرأ بفاتحة الكتاب، وقال: لتعلموا أنها سنة، وقول الصحابي: سنة أو من السنة له حكم الرفع؛ لأنه لا يريد بذلك إلا سنة النبي -عليه الصلاة والسلام-، ولذا قال: سالم في الصحيح -في الحديث الصحيح- في صحيح البخاري في كتاب الحج لما قال ابن عمر للحجاج: إن كانت تريد السنة فهجر في الصلاة، قال سالم: وهل يريدون بذلك إلا سنة النبي -عليه الصلاة والسلام-؟ فإذا قال الصحابي: من السنة فهو مرفوع.

قول الصحابي من السنة أو ... نحو أمرنا حكمه الرفع ولو بعد النبي قاله بأعصرِ ... على الصحيح وهو قول الأكثرِ فبعد التكبيرة الأولى يقرأ بفاتحة الكتاب بدلالة هذا الحديث؛ ولعموم حديث عبادة: ((لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب)) والجنازة صلاة، صلاة الجنازة صلاة، فيشملها هذا، فلا بد من قراءة الفاتحة، والمسألة خلافية، لكن هذا الذي يدل عليه الدليل. قال الحافظ -رحمه الله-: وعن عوف بن مالك -رضي الله عنه- قال: "صلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على جنازة فحفظت من دعائه: ((اللهم أغفر له وارحمه وعافية واعفُ عنه، وأكرم نزله ووسع مدخله واغسله بالماء والثلج والبرد، ونقه من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، وأبدله داراً خيراً من داره، وأهلاً خيراً من أهله، وأدخله الجنة، وقه فتنة القبر، وعذاب النار)) روه مسلم. هذا الحديث في الدعاء للميت، والأصل في مشروعية الصلاة على الجنازة الدعاء للميت، ومن أجله شرعت لأنها شفاعة.

وعن عوف بن مالك -رضي الله عنه- قال: "صلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على جنازة فحفظت من دعائه" فدل على أن الدعاء أطول من هذا، ويحتمل أن النبي -عليه الصلاة والسلام- جهر بهذا الدعاء حتى سمع وحفظ، ويحتمل أنه سأله بعد أن سلم فحفظ عنه، كما سأل أبو هريرة النبي -عليه الصلاة والسلام- عن ما يقوله في سكوته بين التكبير والقراءة فأخبره بدعاء الاستفتاح، والاحتمال قائم على أنه إما أن يكون جهر به جهراً خفيفاً وهذا لا يؤثر، ويكون حينئذٍ عوف قريب منه فحفظ منه، ولذا لم يحفظه كله، بل حفظ من دعائه: ((اللهم اغفر له وارحمه)) وبعضهم أخذ من هذا مشروعية الجهر بالدعاء، لكن لو شرع الجهر به لحفظ التأمين عليه، فدل على أنه مما يسر به، يسر به الإمام ويسر به المأموم، لكن كيف حفظه من دعاء النبي -عليه الصلاة والسلام-؟ لا يمنع أن يكون النبي جهر ببعض الدعاء فحفظ عنه، كما كان يجهر بالآية أحياناً في الصلاة السرية، فحفظ من دعائه هذا: ((اللهم اغفر له وارحمه، وعافه واعف عنه، وأكرم نزله)) ضيافته ((ووسع مدخله)) قبره ((واغسله بالماء والثلج والبرد، ونقه من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس)) الغسل قبل التنقية وإلا التنقية قبل؟ يعني في دعاء الاستفتاح التنقية قبل الغسل، ينقى من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، ثم بعد ذلك يغسل، يعني هل الأفضل إذا جيء للغسال بثوب فيه بقع أن يغسله أولاً ثم يتتبع هذه البقع، أو يتتبع هذه البقع ثم يغسله كاملاً؟ يتتبع البقع ثم يغسله كاملاً، لماذا؟ لأن التخلية قبل التحلية، في دعاء الاستفتاح ماشي على هذا، نقني من الذنوب والخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، واغسلني بالماء والثلج والبرد، لكن هنا: اغسله بالماء والثلج والبرد، ونقه من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، قد يقول قائل: إن هذه الواو لا تقتضي ترتيب، والمسألة معنوية سواءً غسل قبل أو نقي قبل فالمسألة معنوية، لكن ترتيب الكلام في المحسوسات ما جاء في دعاء الاستفتاح أظهر مما جاء هنا؛ لأن المسألة هنا معنوية، ظاهر وإلا ما هو بظاهر؟ وأبدله داراً خيراً من داره، وأهلاً خيراً من أهله، وأدخله الجنة.

يقول: هل قراءة سورة الفاتحة في صلاة الجنازة سنة؟ وإذا لم يقرأها المصلي في صلاة الجنازة ليس عليه شيء؟ لا بلى، ليست بسنة بل واجبة، بعضهم يقول بركنيتها كالصلاة؛ لعموم حديث عبادة: ((لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب)) وأما قول الصحابي: إنها سنة، فالمراد أنها عمل مأثور عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، والسنة هنا أعم من أن تكون واجبة أو سنة اصطلاحية. ((وأبدله داراً خيراً من داره، وأهلاً خيراً من أهله، وأدخله الجنة، وقه فتنة القبر وعذاب النار)) قال عوف: فتمنيت لو كنت أنا الميت لدعاء الرسول -صلى الله عليه وسلم- لذلك الميت، لا شك أن كون النبي -صلى الله عليه وسلم- يدعو للإنسان بهذا الدعاء هذه منقبة له، والحديث في صحيح مسلم، نعم. قال الإمام الحافظ -رحمه الله-: وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا صلى على جنازة يقول: ((اللهم اغفر لحينا وميتنا وشاهدنا وغائبنا وصغيرنا وكبيرنا وذكرنا وأنثانا، اللهم من أحييته منا فأحييه على الإسلام، ومن توفيته منا فتوفه على الإيمان، اللهم لا تحرمنا أجره ولا تضلنا بعده)) رواه مسلم والأربعة. هذا الحديث الذي عزاه الحافظ -رحمه الله- إلى صحيح مسلم لا يوجد في مسلم، وإنما هو موجود في السنن، وأعل الحديث، أعله بعضهم، لكن العلة لا تقدح، لا تقدح العلة التي ذكرت، فالحديث أقل أحواله الحسن فهو مقبول في الجملة يقول: وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا صلى على جنازة يقول: -يعني من ضمن ما يقول من الأدعية بعد التكبيرة الثالثة-: ((اللهم اغفر لحينا وميتنا وشاهدنا وغائبنا -الحاضر والغائب- وصغيرنا وكبيرنا)) يعني تطلب المغفرة للصغير! الصغير لم يقترف ذنباً يؤاخذ عليه لأنه غير مكلف، فكيف تطلب المغفرة له أو تكون موقوفة فيما إذا كلف ورتكب ذنباً؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . .

إذا صار مكلفاً وارتكب ذنباً دعا له إنما يدعو له لأنه موجود، وتكون الدعوة موقوفة حتى يكلف ويرتكب الذنب وإلا فالأصل أنه لا ذنب له، ((وصغيرنا وكبيرنا وذكرنا وأنثانا)) الآن الحي والميت آلا يشمل ما جاء بعده؟ الحي ما يشمل الشاهد والغائب؟ ويشمل الصغير الكبير وكذلك الميت ويشمل الذكر والأنثى؟ لكن هذا تفصيل لما قد يعزب عن الذهن أثناء الدعاء فيستحضر ((اللهم اغفر لحينا وميتنا وشاهدنا وغائبنا وصغيرنا وكبيرنا)) وذكرنا وأنثنا ثم قال: ((اللهم من أحييته منا فأحييه على الإسلام)) أحييه على الإسلام على أعماله الظاهرة المتطلبة للأعمال الباطنة، ومن توفيته منا فتوفه على الإيمان على الكمال؛ لأن الإيمان أكمل من الإسلام، فيطلب الكمال عند الخاتمة ((ومن توفيته منا فتوفه على الإيمان، اللهم لا تحرمنا أجره، ولا تضلنا بعده)) هذا نوع من أدعيته -عليه الصلاة والسلام- إضافة إلى ما تقدم، وجاء في السنن سنن أبي داود والبيهقي وغيرهما: ((اللهم أنت ربها وأنت خلقتها وأنت هديتها للإسلام، وأنت أعلم بسرها وعلانيتها، وأنت قبضت روحها، جئناك شفعاء فاغفر له، اللهم إنه في ذمتك وحبل جوارك، فقه فتنة القبر وعذاب النار، وأنت أهل الوفاء والحمد، اللهم فاغفر له واحمه إنك أنت الغفور الرحيم)) المقصود أنه حفظ أدعية عن النبي -عليه الصلاة والسلام- فإن أمكن أن تقال جميعها وإلا يقتصر على بعضها، ويخلص في الدعاء للميت كما في حديث لاحق، نعم. قال الحافظ -رحمه الله-: وعنه -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إذا صليتم على الميت فأخلصوا له الدعاء)) رواه أبو داود، وصححه ابن حبان.

وعنه -رضي الله تعالى عنه- أن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: ((إذا صليتم على الميت فأخلصوا له الدعاء)) لأن الصلاة على الميت شفاعة، والدعاء له الإنسان يدعو من أجل أن يستجاب، فإذا لم يخلص في دعائه ولا في شفاعاته فحري ألا يستجاب الدعاء ولا تقبل الشفاعة، وصلاته حينئذٍ تكون عبثاً، ولا يترتب عليها الأثر المنوط بها لا بالنسبة للمصلي ولا المصلى عليه، إذا لم يخلص في الدعاء تؤجر على الصلاة على الميت، لماذا؟ لأنك جئت في لنفع أخيك، وجاء الحث على ذلك من حديث لاحق ((من شهد الجنازة)) .. إلى أخره ((من صلى عليها فله قيراط)) تصلى عليها بقلب غافل لا تفقه منه شيء وتستحق القيراط والقيراط أجر كبير وثواب كبير على ما سيأتي! فإذا لم يخلص الإنسان في الدعاء بعض الناس يكون بينه وبين المصلى عليه مشاحة وإلا خصومة وإلا بنيه وبين أبيه وإلا بينه وبين قريبة ثم يتأثر بذلك وحينئذٍ لا يخلص في الدعاء، وقد يدعو عليه كما سمعنا قريباً مع الاختلاف في المعتقد قد يحملهم ذلك على الدعاء عليه، وهذا ضد الإخلاص في الدعاء، ((فإذا صليتم على الميت فأخلصوا له الدعاء)) وهذا حديث حسن، فعلى الإنسان أن يخلص، وأن يستحضر قلبه؛ لأن الدعاء لا يقبل من قلب لاهٍ، فإذا أخلص وأحضر قلبه نفع أخاه بدعائه الذي أخلص فيه وانتفع هو بهذه الصلاة وترتب عليها أثرها من الأجر الآتي ذكره -إن شاء الله تعالى- فإذا حصل هناك خلاف في أمر من أمور الدنيا وجد خلاف في أمر من أمور الدنيا، وجد خلاف في أمر من أمور الدنيا، هل يقتضي مثل هذا أن يدعو عليه؟ نعم {لاَّ يُحِبُّ اللهُ الْجَهْرَ بِالسُّوَءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلاَّ مَن ظُلِمَ} [(148) سورة النساء] فيدعى عليه في حياته بقدر مظلمته، وإن ترك الدعاء استوفى حقه كاملاً يوم القيامة، وإن أباحه وحلله ضُوعف له في الأجل، لا يظن الإنسان إنه إذا حلل أخاه وأبرأه مما عنده من مظلمة لا يظن أن أجره يذهب سداً {فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ} [(40) سورة الشورى] {وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ} [(134) سورة آل عمران] المقصود أن العفو مطلوب، لكن بعض النفوس قد لا تجود بمثل هذا، بل تتمنى أن يعاقب في دنياه قبل أخراه،

وظلم شخص أخر فدعا عليه دعاء كثيراً، وكرر الدعاء ثم جيء له بالخبر أن فلان قد مات الذي دعا عليه، فقال بلهجته: وبس، يعني فقط، يعني ما جاءه غير الموت، نعم هذا موجود، النفوس البشرية لا شك أنها يحصل منها مثل هذه الأمور، لكن إذا لم تزم وتخطم بخطام الشرع تفلت على الإنسان، فعلى الإنسان أن يتأدب بآداب الشرع وأخلاقه؛ لأنه ما يضيرك لو عفوت، ما الذي تجنيه من هذا الدعاء؟ وهل تظن أن عفوك عنه ينزل من قيمتك لا في الدنيا بل يرفعك، فالعفو ما زاد الله أحد بعفو إلا عزاً، المقصود أن مثل هذا يزيده عزة ورفعة بين الناس وعند الله -جل وعلا- فيخلص له الدعاء هو يبيحه ويحلله عما له عليه، ويجد أجره موفوراً عند الله -جل وعلا- ويدعو له ليدعى له، وتجد بعض الناس محروم، تذكر له جنازة في مكان قريب فلا يكلف نفسه ليمشي خطوات، والأعظم من ذلك الذي يجلس في مسجد الذي تقام فيه الجنازة ولا يصلي، وقد كُلم بعضهم إن الصلاة على الجنازة قيراط يا أخي قم جالس في المسجد يقول: أنا صليت أمس على واحد، هذا حاصل ما هو بافتراء، صلى أمس على واحد يكفي، الحرمان يا الإخوان ما له نهاية، وبالمقابل أناس يصلون الأوقات الخمسة في المساجد التي يصلى فيها على الجنائز مع بعد منازلهم عنها، هذا زادك، وإذا صليت على الناس صلوا عليك فيما بعد، إذا حرمت حرمت نفسك، ولا يضيع عند الله شيء أنت إذا دعوت لمسلم دعوي لك، دعا لك الملك، والجزاء من جنس العمل، فتهتم بالشيء توفق إليه، ويحصل لك مثله، أما إذا تساهلت فلا شك أن الجزاء من جنس هذا، لن يصلي عليك أحد إلا النادر، وحرمت نفسك الأجر العظيم الوارد فيما سيأتي -إن شاء الله تعالى-، نعم. قال الحافظ -رحمه الله-: وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((أسرعوا بالجنازة فإن تك صالحة فخير تقدمونها إليه، وإن تك سوى ذلك فشر تضعونه عن رقابكم)) متفق عليه. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((أسرعوا بالجنازة)) الأمر هذا يراد منه المبادرة، وتقليل الوقت بين خروج الروح وإدخاله القبر، فيبادر بتجهيزه وبالصلاة عليه، ويسرع في المشي أيضاً إلى المقبرة ((أسرعوا بالجنازة)) منهم من يفهم أن الإسراع هو مجرد الطريق من المسجد بعد الصلاة عليها إلى دفنها، لكن العلة تتناول جميع ما يحتاجه الميت من خروج روحه إلى إدخاله في قبر ((أسرعوا في الجنازة)) يقول أهل العلم: يسن الإسراع بها دون الخبب، يعني دون ما يؤثر على الحامل ولا على المشيع، ولا يعرض الميت للسقوط ولا ... وإلا يسن الإسراع بها، لكن ((أسرعوا بالجنازة)) هل مقتضاه أن نسرع بالصلاة؟ هل يقتضى أن نسرع بالصلاة؟ لا؛ لأن الصلاة إطالتها من مصلحة الميت ومن مصلحة المصلي، ((فإن تكن صالحة -هذه الجنازة- فخير تقدمونها إليه)) ما الذي ينتظره في قبره طالب:. . . . . . . . .

إذا كانت هذه الجنازة صالحة فخير تقدمونها إليه تقدمونها إلى روضة من رياض الجنة، روضة من رياض الجنة، ولذا جاء في الخبر أنه يقول: ((قدموني قدموني)) بخلاف إن كانت سوى ذلك ((فشر تضعونه عن رقابكم)) التخلص من الأشرار مطلوب أحياء وأمواتاً، والأموات مستريح ومستراح منه، فمثل هذا يستراح منه، يبادر بدفنه ويستراح منه، وجاء في الخبر أنها تقول: ((أخروني أخروني)) لأنها تقدم على جزاء عملها السيئ، ((وإن تك سوى ذلك فشر تضعونه عن رقابكم)) قوله: ((تضعونه عن رقابكم)) عنكم ولا يلزم من ذلك حقيقة الرقبة؛ لتستريحوا من هذا الشخص الذي غير صالح الذي ينبغي أن يكون مستراح منه، فذكر الرقاب لا يقتضي حقيقة الرقبة؛ لأن بعضهم يستدل بهذا على أن المراد به الإسراع في أثناء حملها، لكن هل هي تحمل على الرقاب أم على المناكب؟ على المناكب، ما تحمل على الرقاب، اللهم إذا وجد من الأربعة الحملة شخص قصير يريد أن يضعها على رأسه ممكن، لكن الأصل أنها توضع على المناكب، فالرقبة ليست مقصودة لذاتها، فلا يقال: إن هذا المراد به الإسراع به أثناء حملها، بدليل أنهم يقولون: فلان تحمل في رقبته ديناً، تحمل في رقبته ديناً، دين في رقبته، دين في عنقه، تبقى ديناً في ذمته، المقصود أن مثل هذه لا تراد الرقبة والعنق على وجه التخصيص، إنما لأن الأصل أن يوضع المدين أو المطلوب عموماً أن يوضع القيد في رقبته ويسلم لدائنة لطالبه فتعد هذا إلى التصرفات بقية التصرفات، ولا يراد حقيقة الرقبة، والأمر بالإسراع نقل جمع من أهل العلم الاتفاق على أنه للندب، فيسن الإسراع فنقل الاتفاق على أنه للندب لا للوجوب، وأوجبه ابن حزم، هناك أمور تتطلب عدم الإسراع والمبادرة، العام الماضي توفي شيخ من المشايخ بعد صلاة العشاء عنده درس وتوفي الساعة الواحدة، وصلي عليه صلاة الصبح في الصيف يعني بعد وفاته والصلاة عليه ساعتين أو ثلاث، لكن إذا كانت الوفاة فجأة مثلاً، وأريد التأكد من ذلك يعني احتمال، فلا شك أن التأخير واجب، واجب، ويذكر قصص في بعض المستشفيات أنه حصل أنه حكم عليه بموته وكتب تقرير الوفاة وأدخل الثلاجة ثم بعد ذلك ويش تبين؟ وجد جالس فدل على أنه لم يمت، يعني وجد جالس ميت،

لكن عاد مات من البرد فيريزر، فمثل هذا لا يستعجل به، ولا يبادر بكتابة تقريره، حتى يجزم بأنه مات، خرجت روحه من جسده؛ لأنك بهذا قضيت على نفس مؤمن، احتمال أن تعيش، فكنت سبباً في وفاتها، فإذا وجد هذا الاحتمال أقول: إذا وجد هذا الاحتمال لا يجوز المبادرة والإسراع إلا بعد التأكد، فينبغي التثبت في مثل هذا، يجب التثبت في مثل هذا، وهناك قصص تدل على شيء من .. ، أقول: شيء من خلاف ما توقع، وكم من غريق استخرج من البائر كُفن وجهز للصلاة عليه ثم تحرك، هذا من القديم وهو موجود، فالتثبت في مثل هذا واجب، انتهى الوقت، أسئلة كثيرة جداً. يقول: إذا علمنا أن التعبد عند القبور من البدع والشرك، فماذا يجب علينا فعله عندما نرى الرافضة يتعبدون عند القبور في البقيع خاصة إذا رأينا تخاذل من أهل الحسبة؟ المقصود أن مثل هذا يجب أن يعالج بالطرق المناسبة بالاتفاق مع أهل الحسبة المسئولين عن هذا الشأن. يقول: حديث عائشة: ((لو مت قبلي لغسلتك)) قال الزهري: وفي نسخة (ألف) ((لغسلتك)) وهو تحريف؟ ويش أثبت هو؟ ها؟ ولا جود له في مصادر الحديث. ويش أثبت هو ولا نعرف طبعته؟ قال الحافظ في التلخيص: لغسلتك باللام تحريف، والذي في الكتب المذكورة فغسلتك بالفاء وهو الصواب، والفرق بينهما أن الأول شرطية والثاني للتمني. يقول: جاء في حديث ابن عطية: أن النبي -عليه الصلاة والسلام- دخل عليهن في أثناء تغسيل ابنته فما هو حكم كشف النساء بالنسبة للنبي -صلى الله عليه وسلم-؟ ذكرنا هذا أنه لا يلزم الكشف، فإذا علمنا بدخوله احتجبنا على القول بأنه يحتجب عنه عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، والقول المرجح عند ابن حجر وغيره أنه لا يلزم الحجاب منه -عليه الصلاة والسلام-. هذه أسئلة متعلقة بالزكاة لها نظائر -إن شاء الله-، تترك الأسئلة، تترك، كثيرة.

كتاب الجنائز (4)

بلوغ المرام - كتاب الجنائز (4) الشيخ/ عبد الكريم الخضير يقول: عرضت مسألة إتمام الأذكار في المقبرة هل يجوز أم لا ولم تذكر الراجح؟ مثل ما ذكرنا إن كان يتصور أن الذكر في هذه البقعة فضل لوجود الأخيار ولوجود الصالحين ولوجود الأولياء ولوجود المقربين فهذا لا يجوز بحال، وإن كان لا يتصور هذا وأراد إتمامه لئلا يفوت وقته فالأمر -إن شاء الله- أخف، لكن عندي الأعمال التي هي من خصائص المسجد من العبادات لا تفعل في المقبرة تشبيهاً لها بالمسجد. يقول: اشتريت أرضاً منذ ثلاث سنين ولم يبن عليها شيء بعد هل عليها زكاة؟ إذا كنت اشتريتها بنية التجارة فلا زكاة عليها، وان كنت اشتريتها بنية السكن أو الاستثمار فلا زكاة فيها، إنما الزكاة في أجرتها. يقول: لدي منزلين منزلان معروضان للإيجار تم الانتهاء من بنيانهما منذ وقت قريب، هل فيهما زكاة؟ الزكاة على الأجرة وليست على العمارة. يقول: في المدرسة عندنا من هو قائم بالتوعية، ولكن من برامجهم التمثيل والمسرحية فهل ينكر عليهم أم لا؟ أفتونا مأجورين. الأولى ألا تسلك هذه المسالك، هناك وسائل شرعية للدعوة جاءت فيها نصوص الكتاب والسنة، وفعلها سلف هذه الأمة وخيارها، والتمثيل والمسرحيات هذا كلها حادثة وطارئة، وتستعمل في عبادة، نعم هي من الوسائل لكن يبقى أنها تزاول في عبادة، فتتقى بقدر الإمكان، من أهل العلم من أجازها وأباحها، وإن كانت فيها شوب الكذب، لكن المصلحة راجحة عندهم، والذي عندي أنها لا تفعل، بل تسلك الوسائل الشرعية. يقول: ما أفضل الكتب في مصطلح الحديث للمبتدئين والمتوسطين والمتقدمين؟ للمبتدئين ما في أفضل من النخبة، لا يوجد أفضل من النخبة مع شروحها المقروءة والمسموعة، وللمتوسطين اختصار علوم الحديث للحافظ ابن كثير، مع ما كتب عليه، وللمتقدمين ألفية العراقي مع شروحها، ثم العمل لأن هذا العلم عملي أكثر منه نظري. ما أفضل شرح لكتاب سنن أبي داود؟

سنن أبي داود له شروح كثيرة، منها شرح ابن رسلان هذا ما طبع إلى الآن، ومنها شرح للعيني طبع الموجود منه، ومنها شرح للخطابي معالم السنن وهو أقدم هذه الشروح، وهو شرح على اختصاره الشديد نفيس، لا يستغني عنه طالب علم، فإذا قرئ هذا الشرح مع تذهيب ابن القيم يستفيد الطالب فائدة كبيرة، وعون المعبود أيضاً كتاب قيم ويدور مع الدليل، بذل المجهود أيضاً كتاب فيه فائدة، لكنه على طريقة الحنفية. يقول: ما الطريقة المثلى لحفظ كتاب الله؟ الطريقة المثلى للحفظ عموماً أن يعرف الإنسان قدر حافظته، ثم بعد ذلك يقرر القدر المحفوظ في كل يوم، إذا كانت حافظته تسعف لحفظ ورقة، عشرة أحاديث عشرين حديث أو عشرين ثلاثين أية فليجعل هذا حزبه اليومي، يكرر هذا النصيب حتى يتقنه، ثم من الغد يكرر خمس مرات مراجعة، ثم يبدأ بنصيب اليوم الثاني بالقدر الذي تقرر عنده من خلال نصيب الأمس، إن كان نصيب الأمس سهل عليه يمكن أن يزيد يزيد، إذا كان صعب عليه يمكن ينقص ينقص؛ لأن الذي يريد أن يأخذ العلم جميعه لا يستطيع يفوته جميعاً، فإذا تقرر عنده أن ما حفظه بالأمس صعب قلل، وإذا تقرر عنده أن ما حفظه بالأمس سهل يزيد أو يقتصر عليه، ثم بعد ذلك يكرره حتى يتقنه، في اليوم الثالث يكرر نصيب اليوم الأول أربع مرات، ونصيب اليوم الثاني خمس مرات، ثم يبدأ بحفظ النصيب الجديد لليوم الثالث على الطريقة السابقة، فإذا حفظه وأتقنه ثم جاء اليوم الرابع يكرر نصيب اليوم الأول ثلاث مرات والثاني أربع مرات والثالث خمس مرات ثم يحفظ نصيب اليوم الرابع وهكذا، في اليوم السادس ينتهي نصيب اليوم الأول ما يكرره ولا يرجع إليه، وهكذا وكل يوم يترك نصيب اليوم الذي يلي اليوم الأول ثم الثاني على هذا الترتيب وهذه طريقة مجربة. ما الأفضل الصلاة على الميت في المسجد أم عند المقبرة؟ الصلاة على الميت في المسجد الصلاة الأولى أفضل. هذا يسأل عن كتب كثيرة طبعات يسأل عن طبعات ومحققين وعن ... ؟ ذكرت كثيراً هذه الكتب. يقول: شخص رأى رؤيا لشخص ميت في مسجد وقد سأله عن سبب دخوله الجنة، قال الميت: دخلت الجنة رحمة من الله؟ هل هذه الروي تدل -إن شاء الله- بأن هذا الميت من أهل الجنة؟

هذه ليست قطعية إنما يرجى له. يقول: إذا كان من السنة الصلاة على الرجل أن تقوم عند رأسه والمرأة عند وسطها فإذا كان رجل وامرأة فهل نصنع أو نضع رأس الرجل موازي لوسط المرأة ثم نصلي عليهما؟ نعم. يقول: ذكرتم بالأمس أن أبا بكر قبل النبي -عليه الصلاة والسلام-، وقلت: قبل أن يغسل، فما رأيكم فيمن يريد أن يرى ميّته ويقبله قبل أن يضعه في القبر وبعد ما غسل وكفن؟ الأصل أن مثل هذا يكون التقبيل قبل التكفين، وأما بعد التكفين فلا يتعرض له بشيء، إن قبله من وراء الكفن لا بأس. هل الصلاة على الميت مرة واحدة أو مرتين؟ من قبل الشخص الواحد مرة واحدة، لكن تعداد الصلوات لأشخاص لم يصلوا عليه لا بأس. يقول: يوجد في المقابر بعض البلدان مجلس خاص بأهل الميت تؤدى التعازي فيه؟ هذا حادث، هذا أمر حادث، الأصل أنهم يدفنون الميت ثم ينصرفون. يقول: هل لكم كتب تحت التأليف؟ وأين نجدها؟ موجود كتب لكن حال دونها المشاغل، وبعضها يخرج قريباً -إن شاء الله-. يقول: ما أفضل تحقيق لشرح الألفية فتح المغيث؟ لها أكثر .. ، أما المتبوع الآن فأفضل تحقيق علي حسين علي، الطبع الهندية على حسين علي، وأما التحقيق الثاني يخرج قريباً -إن شاء الله-. هذا صعب قراءته هل يجب على الابن أن ينزل والداه في القبر ويرى أن عدم تنزيل القبر نفسه من العقوق؟ ليس كل شخص يقدر على هذا، فإن كان ممن يقدر عليه فهو أولى الناس به، وإذا أناب غيره غير مستنكف من تنزيله، إذا كان .. ، هناك أمور نفسيه بعض الناس لا يستطيع، فلا يكلف ما لا يستطيع. يقول: هل يجب قيام الأربعين في نفس المسجد أو المجموعة الذي في المقبرة أي الذين يشفعون له؟ الكتابة ما هي بواضحة أبداً. . . . . . . . . على كل حال إذا صلى عليه أربعون ترجى شفاعتهم. يقول: قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((وأخلفه خيراً من أهله)) ألا يدل هذا على أن المؤمن لا يجتمع مع زوجته ولو كانت مؤمنة لقوله: ((أبدله أهلاً خيراً من أهله)) وجزآكم الله خير. على كل حال ثبت أن المرأة تتبع زوجها في الجنة، إذا كانت من أهلها، لكن يبدل خيراً منها أيضاً من الحور العين، ومن النساء الصالحات معها. يقول: ما هي خوارم المروءة؟

خوارم المروءة أن يفعل المرء شيئاً لا يليق به، ولا يستعمل في بلده، مما ينكر عليه، وليس له حكم في الشرع، يعني ليس بمحرم. حكم الصلاة على الجنائز في المقابر قبل الدفن؟ هل من السنة قراءة سورة بعد الفاتحة في صلاة الجنازة؟ نعم رآه بعض الصحابة، والأكثر على أنها الفاتحة فقط. هل الإخبار عن الميت بقصد أن يكثر عدد المصلين عليه لكي يشمله شفاعة الأربعين؟ ما كتب أصل السؤال، لكن الإخبار عن الوفاة فعله النبي -عليه الصلاة والسلام- فأخبر عن وفاة النجاشي في يومه الذي مات فيه ليكثر العدد. يقول: لو مات شخص في الهند فكيف تكون صفة صلاة الغائب تستقبل القبلة ويستدبر الميت أفتونا مأجورين؟ الذين يجيزون وهم الأكثر الصلاة على الغائب لم يشترطوا أن يكون في جهة القبلة، ولا أعرف هذا الشرط إلا عن ابن حبان. وردت نصوص في ذم الدين، لكن ما رأيكم فيمن يستدين ليعف نفسه بالزواج؟ هذا يرجى أن يسدد الله عنه، ويقضي دينه شريطة أن يكون ممن ينوي الوفاء، الدين للحاجة لا شيء فيه، والنبي -عليه الصلاة والسلام- مات ودرعه مرهون عند يهودي، فللحاجة لا شيء فيه والزواج حاجة. يقول: لماذا حدد بعض العلماء الصلاة على الميت عند القبر بشهر، ما الدليل على التحديد بشهر واحد فقط، مع أن مجرد الفعل لا يدل على التحديد إلا .... ؟ النبي -عليه الصلاة والسلام- صلى على البراء بن معرور بعد موته وبعد دفنه بشهر ورأى بعضهم أن الاسترسال يعني كل من جاء إلى المقبرة صلى على الأموات، بمعنى هذا أنه كلما دخلت بلد تذهب إلى هذه المقبرة وتصلي على الأموات، هذا لم يفعل أبداً، فلا بد من ضابط، فرأوا أنه لا يوجد ضابط إلا هذا يعني ما في ما يدل على المدة إلا هذا الحديث، مع أن مجرد الفعل لا يدل على التحديد، رأوا هذا، والتحديد بشهر المقصود أنه إذا كان ممن له عليه حق أو له في الإسلام أثر كصلاة الغائب إذا حضر البلد يصلي عليه متى بلغه الأمر، كما فعل النبي -عليه الصلاة والسلام- بالمرأة التي كانت تقم المسجد. يقول: ما أفضل طباعات صحيح مسلم؟

أفضل الطباعات الطبعة العامرة، التركية الثمانية أجزاء، وطبعة فؤاد محمد عبد الباقي جيدة مخدومة ومرقمة وصحيحة في الجملة، هي مأخوذة من العامرة. يقول: صلينا يوم الجمعة بخطبة واحدة سهواً من الإمام ولم يذكره أحد من المصلين فماذا علينا؟ يقول أهل العلم: يشترط لصحة الجمعة تقدم خطبتين، فإذا لم يتقدم إلا بخطبة واحدة تعاد الصلاة فإذا خرج وقتها ظهراً. ما حكم التأمين على دعاء الإمام وقت الخطبة؟ يؤمن سراً بينه وبين نفسه. هل هناك فرق لسجود السهو إن كان قبل السلام أو بعده؟ منهم من يرى أن السجود كله قبل السلام، ومنهم من يرى العكس، على أن الأمرين في حيز الجواز عند أهل العلم، والفرق في الأفضل، ومنهم من يرى أن كل سجود عن زيادة فهو بعد السلام، وعن نقص فهو قبل السلام، من أهل العلم من يرى أن السجود كله قبل السلام إلا في صورتين إذا سلم عن نقص، وإذا بنى على غالب ظنه. الذي يطوف بالبيت الحرام وأحدث في الشوط السادس ماذا عليه؟ عليه أن يتوضأ ثم يكمل طوافه. يقول: قد راجعت حديث الغامدية في صحيح مسلم ووجدته برواية عبد الله بن بريدة وليس من رواية بريدة، وقد جاءت الراوية أن النبي -صلى الله عليه وسلم- صلى عليها؟ وهناك رواية في صحيح مسلم بالتصريح أن النبي -صلى الله عليه وسلم- صلى عليها، حيث قال عمر بن الخطاب: وتصلي عليها يا نبي الله وقد زنت؟! فقال: ((لقد تابت توبة لو قسمت بين سبعين من أهل المدينة لوسعتهم)) وهذا في سياق المرأة الجهنية، قد جاء في صحيح البخاري أن النبي -صلى الله عليه وسلم- صلى على ماعز وهي من رواية محمود بن غيلان عن عبد الرزاق وخالفه جمع من الرواة فقالوا: ولم يصلي عليه، وبعضهم ساق الحديث ولم يذكر هل صلى أم لا؟ على كل حال مثل هذه الأمور وهي الصلاة على المقتول في حد ترجع إلى اجتهاد الإمام، فإذا رأى الإمام أن هذا قد تاب توبة محت أثر الذنب فلا مانع من أن يصلي عليه، لكن إذا رأى أن الناس يظنون به إذا صلى عليه الإمام لا سيما مثل النبي –عليه الصلاة والسلام- أو صلى عليه علية القوم أو أشرافهم، وقد قتل في حد وقد يكون مبرراً أو مسهلاً عند بعض الناس لما ارتكبه من ذنب، فالمسألة مسألة مصلحة شرعية.

يقول: بعض الناس يسأل عن الميت هل جنازته كانت خفيفة الوزن أثناء حملها؟ هل حفر قبره كان سهلاً؟ ونحو ذلك يستدل به على حاله فما رأيكم؟ يعني إذا كان خفيف إيش يصير وضعه أفضل وإلا لو كان ثقيل؟ هذه أمور لا علاقة لها، فحمله خفة وثقلاً يتبع وزنه، من الناس من هو خفيف الوزن ومنهم من هو ثقيل الوزن، والموت والحياة واحد، وبالنسبة للقبر حفره سهل أو صعب هذا يتبع الأرض صلابة ورخاوة. يقول: هل الشهيد يصلى عليه؟ وهل الشهيد لا يأكله الدود لأنه وجد .... إلى أخره؟ لا الشهيد لا يصلى عليه، والشهيد أيضاً حي في قبره، ومقتضى ذلك أنه لا تأكله الأرض. ما حكم وضع النعي في لوحات المسجد الداخلية؟ ما الداعي لذلك؟ ما الداعي لهذا؟ يكتفى بالإخبار، ونكتفي بهذا لأن ... سم. ما جاء الشيخ؟ ما جاء؟ نعم؟ إيش هو؟ أقول: ما جاء؟ لا لا ما هو بهو، اللي أعطانا الأسئلة؟ أيه معروف بقيت أسئلة، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . الكراهية قد يقال: إنه خلاف الأولى لئلا يحرم الناس بقية الناس من هذا الفضل، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . على كل حال لا يشق على أهله، لكن إذا رأى أهله أن يصلى عليه في مسجد أبعد من مسجدهم من أجل كثرة الجمع لا بأس، واتخاذ مسجد من أجل أن يقصده الناس بهذه النية لا بأس، لكن على ألا يحرم الناس بقية المساجد لا يحرمون من هذا الفضل العظيم. طالب:. . . . . . . . . إيه. طالب:. . . . . . . . . والله ما في شك أن كونه يصلى عليه في مسجده أيسر لأهل ولجيرانه، لكن إذا رأوا أن المصلحة أن يصلى عليه في مسجد أكبر مأهول معروف بكثرة المصلين هذا مقصد شرعي، ما في إشكال. سم. بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم النبيين محمد وآله وصحبه أجمعين، وبعد: فيقول الحافظ الإمام ابن حجر -رحمه الله-:

وعنه -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((من شهد الجنازة حتى يصلى عليها فله قيراط، ومن شهدها حتى تدفن فله قيراطان)) قيل: وما القيراطان؟ قال: ((مثل الجبلين العظيمين)) متفق عليه، ولمسلم: ((حتى توضع في اللحد)) وللبخاري: ((من تبع جنازة مسلم إيماناً واحتساباً وكان معه حتى يصلى عليها، ويفرغ من دفنها فإنه يرجع بقيراطين كل قيراط مثل أحد)). الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. وعنه -يعني أبا هريرة راوي الحديث السابق -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((من شهد الجنازة حتى يصلى عليها فله قيراط)) والمقصود بذلك الصلاة على الجنازة؛ لأن ما قبل الصلاة وسائل كون الإنسان يتبعها حتى يصلى عليها هذه وسيلة للصلاة عليها، بدليل أنه جاء في بعض النصوص ترتيب القيراط على الصلاة حتى يصلى عليها فله قيراط، من شهد الجنازة حضر الجنازة حتى يصلى عليها فله قيراط، طيب حضر الجنازة وما صلى يكفي؟ له قيراط وإلا ما له قيراط؟ ليس له قيراط، تصريح بصلاته عليها في النصوص الأخرى، ومن شهدها حتى تدفن فله قيراطان، يعني حضرها حتى تدفن صلى عليها شهد الصلاة عليها بمعنى صلى؛ لأنه ليس المراد مجرد الشروط، ثم أخالف إلى رجال لا يشهدون الصلاة لا يكفي مجرد الشهود، وإنما المقصود فعل الصلاة لا يشهدون يعني لا يصلون، وهنا من شهد يعني صلى عليها، ((ومن شهدها حتى تدفن فله قيراطان)) بأن يتبعها من المصلى إلى المقبرة، ثم يشارك في الدفن صلى عليها ثم تبعها وشيعها؛ لأن الإتباع والتشييع له أقول: له أثره، وذكر في النصوص الأخرى، فمن صلى عليها وتبعها إلى المقبرة ثم شهد الدفن وشارك فيه له قيراطان، لكن إذا تبعها من المسجد وحال دونه ودونها ما هو خارج عن إرادته مسكته الإشارة وهم مشوا هذا تبع؛ لأن هذا ليس بيده، لكن لو قال: أنا أجلس في المسجد أقرأ جزء من القرآن حتى تنفك الزحمة وأصل معهم، لا سيما في الجنائز المشهودة، يقول: أصلي الراتبة وأقرأ جزء من القرآن وألحقهم، هذا ما تبعهم، هذا لم يتبع الجنازة.

ومن شهدها حتى تدفن له قيراطان، والقيراطان للصلاة وللدفن، وإن كان اللفظ فهم منه بعضهم أنه إذا صلى قيراط يضاف إلى ذلك شهود الدفن قيراط تكون ثلاثة. قيل: وما القيراطان؟ قال: ((مثل الجبل العظيمين)) ولمسلم: ((حتى توضع في اللحد)) حتى تدفن، يعني توارى بالتراب، وجاء في رواية: ((حتى يفرغ من دفنها)) فعندنا مجرد وضعها بالحد ولو لم تدفن، كما دلت عليه رواية مسلم، وعندنا أيضاً حتى تدفن، يعني يشرع في دفنها، وتوارى بالتراب، ولو لم يتم الدفن، والرواية الثلاثة: ((حتى يفرغ من دفنها)) فالراوية الأولى: تقتضي أن القيراط مرتب على مجرد وضعها، والثانية: على مواراتها بالتراب ولو لم يفرغ منها، والثالثة: مرتب على الفراغ من دفنها، ولا شك أن الذي ينتظر حتى يفرغ من دفنها ينال القيراط بيقين، أما إذا انصرف قبل ذلك دلت بعض الروايات أن له قيراط لكن الرواية الأخرى تدل على أنه ليس له القيراط، فضلاً عن كونه ينصرف بمجرد وضعها، ولا يشارك في دفنها، وللبخاري: ((من تبع جنازة مسلم إيماناً واحتساباً)) إيمان بالله -جل وعلا-، وتصديق وإذعان واحتساب إخلاص لطلب الثواب من الله -جل وعلا-، والإحسان على أخيه بالدعاء له، وأداء حق لا مكافئة؛ لأن كثير من الناس يحرم الأجر وهو لا يشعر، يتكلف الحضور إلى الجنازة لكن يحرم الأجر بسبب قصده، آل فلان حضروا جنازتنا جنازة الوالد أو الوالدة، لكن آل فلان ما حاضروا، هذه مكافئة، لا يترتب عليها الأجر، هذا مكافئة أو مراءاة حضر جنازة ليقال: يحضر الجنائز، أو يقال: وجدنا فلان في جنازة فلان، أو لغير ذلك من المقاصد، إنما الأجر المرتب على الإيمان والاحتساب.

((من تبع جنازة مسلم إيماناً واحتساباً وكان معها حتى يصلى عليها ويفرغ من دفنها فإنه يرجع بقيراطين)) هذا نص مفسر لما تقدم، حتى يفرغ من دفنها فإن يرجع بقيراطين، قيراط للصلاة وقيراط للإتباع والدفن، كل قيراط مثل أُحد، إذا وجد القيراط هذا مثل جبل أُحد في كفة الحسنات، لا شك أنه خير عظيم، فكيف بالقراريط؟! ولذا قال ابن عمر: "قد فرطنا في قراريط كثيرة" فكيف بالقراريط؟! وفضل الله واسع، والأمر سهل وميسور، يعني لا يكلف شيء يذكر، وكما قال الله -جل وعلا-: {إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى} [(4) سورة الليل] من الناس من تقام صلاة الجنازة وهو في المسجد، ولا يصلي محروم، ومن الناس من يتكلف في حضور الجنائز في كل وقت، لا شك أن مثل هذا حريص على كسب الحسنات، والسعي لما يرضي الله -جل وعلا-، وبعض الناس على العكس لا يطلب هذا القيراط، بل يسعى في نقص أجره في كل يوم قيراط: ((من أقتنى كلباً)) إلا ما استثنى كلب الصيد والزرع والغنم هذه استثنيت وإلا من اقتنى كلباً لغير هذه المقاصد الثلاثة فإنه ينقص من أجره كل يوم قيراط، وفي رواية لمسلم: ((قيراطان)) فإن كان القيراط المذكور في اقتناء الكب هو المذكور في الصلاة على الجنازة واتباعها فالأمر عظيم، إذا وضع في كفة سيئاته عن كل يوم مثل جبل أحد هذا مسكين، والله المستعان، القيراط هو في عرف الناس جزء من أربعة وعشرين جزء، ولذا قال بعضهم: إن المراد بالقيراط الذي جاء تفسيره في الحديث الصحيح مثل جبل أُحد، وفي رواية أصغرهما مثل جبل أُحد بعضهم يقول: إن القيراط المراد به جزء من أربعة وعشرين جزءاً من عمل هذا المصلى عليه، هذا غريب، فإذاً نزل القيراط على القيراط العرفي، القيراط العرفي، القيراط جزء من أربعة وعشرين جزءاً، لكن يحتاج إلى منسوب، جزء من أربعة وعشرين جزء من أي شيء؟ فما وجد إلا أن يقول: من عمل هذا الشخص، وعلى هذا حث -بناء على ذلك- حث على الحرص على الصلاة على الأخيار؛ لأن الأخيار هم أصحاب الأعمال الصالحة الذين تكثر أجورهم، فيكون له بالصلاة عليه جزء من أربعة وعشرين جزءاً من أعماله، لكن هذا في مقابل ما عندنا من نص صحيح لا يعول عليه، تقدم الحث على الإسراع بالجنازة في تجهيزها

والصلاة عليها، والمشي بها، في دفنها، تقدم هذا، وجاء الحث على الحمل -حمل الجنازة-، واستبق إليه الصحابة ومن بعدهم من خير الأمة، وحملوا الجنائز، ولذا ينص أهل العلم أنه يسن التربيع في حملها، يسن التربيع في حملها بأن يحملها أربعة ويتناوبون الأماكن، أو يتناوبون مع غيرهم، ومنهم من حملها بين العمودين، كل هذا على حسب ما تقتضيه الحاجة، بعض الأموات يكون ثقيل فيحتاج إلى أربعة، وبعضهم يكون خفيفاً فيحمل بين العمودين، من قبل اثنين، عثمان بن عفان -رضي الله عنه- حمل جنازة أمه بين عمودين، وغيره من الصحابة ثبت والتربيع معروف، نعم. قال الحافظ -رحمه الله-: وعن سالم عن أبيه أنه رأى النبي -صلى الله عليه وسلم- وأبا بكر وعمر يمشون أمام الجنازة، رواه الخمسة، وصححه ابن حبان، وأعله النسائي وطائفة بالإرسال.

عن سالم عن أبيه -رضي الله عنهما- أنه رأي النبي -صلى الله عليه وسلم- ابن عمر -رضي الله تعالى عنه- رأى النبي -عليه الصلاة والسلام- وأبا بكر وعمر يمشون أمام الجنازة، رواه الخمسة، وصححه ابن حبان، وأعله النسائي وطائفة بالإرسال، وممن أعله بالإرسال الإمام أحمد -رحمه الله-، قال الترمذي: أهل الحديث يرون المرسل أصح، فأعل بالإرسال، ومنهم من حكم بوصله، والحديث على كل حال مصحح عند جمع من أهل العلم، وهو دليل على أن المشاة أمام الجنازة، وجاء ما يدل على أن الركبان خلفها، والقول بأن المشاة يمشون أمامها هو قول الأكثر، والحنفية يرون أن المشي خلفها مطلقاً للمشاة والركبان، ومنهم من قال: يتفرقون خلفها وأمامها وعن يمينها وعن شمالها ليكون أيسر لهم وأسهل، تفرقهم أيسر، وعلى كل حال الحديث يستدل به من يرى أن المشاة يكونون أمام الجنازة، وهو قول أكثر العلماء، لكن إن كان ممن يتيسر له الإسراع بحيث يتمكن من أن يمشي أمامها لكن إذا كان لا يستطيع اللحوق بهم، ومشى خلفها، وتبعها مقتضى الإتباع أن يكون خلفها؛ لأن التابع يكون خلف المتبوع، لكن ينزل على أن من يستطيع السرعة ويمشي أمام الجنازة ليصل قبلها ويهيئ لها ما يحتاج إليها هذا أفضل، والذي لا يستطيع أن يمشي أمامها وتبعها حصل له الأجر الموعود -إن شاء الله تعالى- وهو مقتضى التبعية، نعم. وعن أم عطية -رضي الله عنها- قالت: "نهينا عن إتباع الجنائز ولم يعزم علينا" متفق عليه.

أم عطية هي التي سبق ذكرها في غسل ابنته -عليه الصلاة والسلام-، نسيبة بنت الحارث أو بنت كعب الأنصارية، قالت: نهينا عن إتباع الجنائز، ولم يعزم علينا، وهي التي روت .. ، أم عطية روت قالت: أمرنا أن نخرج العواتق والحيض، وذوات الخدور إلى صلاة العيد، فهي تروي بهذه الصيغة، أمرنا ونهينا، وهذه الصيغة لها حكم الرفع عند أهل العلم عند الجمهور؛ لأنه لا يتصور أن يقول الصحابي: أمرنا ونهينا في مسألة شرعية وهو لا يريد بذلك من له الأمر والنهي، وهو النبي -عليه الصلاة والسلام-، من أهل العلم -هم قلة- أبو بكر الإسماعيلي وبعض أهل العلم يرون أن الصحابي لا بد أن يصرح بالآمر، وإلا يحتمل أن يكون غير النبي –عليه الصلاة والسلام- ولذا لا يحكم له بالرفع. قول الصحابي من السنة أو ... نحو أمرنا حكمه الرفع ولو بعد النبي قاله بأعصرِ ... على الصحيح وهو قول الأكثرِ

فقولها: نهينا مرفوع على القول الصحيح، وصرحت بالناهي في بعض الروايات عند البخاري قالت: نهانا رسول -صلى الله عليه وسلم-، ومثل هذا إذا صُرح بالآمر يحتمل أن يكون موقوف أو مرفوع قطعاً؟ مرفوع قطعاً، لكن هل هو بمثابة قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((لا تتبعوا الجنائز)) هذا النهي الصريح من لفظه -عليه الصلاة والسلام-، وقولها: نهانا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تعبير منها، الجمهور أو الجماهير أنه لا فرق بين أن ينقل الصحابي اللفظ النبوي أو يعبر عنه فهما في دلالتهما على التحريم سيان، ينقل عن داود الظاهري وبعض المتكلمين أنه لا يدل على النهي، قول الصحابي: نهانا أو أمرنا لا يدل على النهي، يقول: لاحتمال أن يسمع كلاماً يظنه أمراً أو نهياً وهو في الحقيقة ليس بأمر ولا نهي، لكن هذا كلام باطل؛ لأننا إذا لم نعتقد في الصحابة أنهم فهموا النصوص، يعني نشكك في نقل الشرع إلينا، فإذا كان الصحابة الذين عايشوا النبي -عليه الصلاة والسلام- وعاصروه وعرفوا موارده ومصادره ومقاصده، وهم العرب الأقحاح الذين فهمهم سالم من الشوائب إذا لم يعرفوا مدلولات الألفاظ من يعرفها بعدهم؟! يعرفها من اختلطت ثقافتهم بثقافة الأمم الأخرى، يعرفها ما لم يهتم بالدين كاهتمامهم، يعرفها من اختلط بغير العرب، كيف نعرف النصوص إذا لم يعرفها الصحابة؟! هذا قول باطل. نهينا عن أتباع الجنائز، الأصل في النهي التحريم، ولم يعزم علينا، وهذا صارف من التحريم إلى الكراهة، وبهذا قال جمع من أهل العلم، ولم يعزم علينا، لكن الإتباع غير الزيارة، الزيارة ثبت فيها اللعن كما هو معروف، أما مجرد الإتباع الصلاة عليها مطلوبة من النساء كما هي مطلوبة من الرجال، ولها من الأجر مثل ما رتب للرجال، لكن الإتباع النساء منهيات عنه، وليس فيها أجر، بل هو مكروه كراهة عند الجمهور، أما الزيارة فمحرمة، نعم. وعن أبي سعيد -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إذا رأيتم الجنازة فقوموا، فمن تبعها فلا يجلس حتى توضع)) متفق عليه. يقول الحافظ -رحمه الله تعالى-:

وعن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إذا رأيتم الجنازة فقوموا)) يعني إذا مرت بكم كما جاء في بعض النصوص: ((فقوموا)) والأمر بالقيام للجنازة ثابت إذا مرت، وتشمل جنازة المسلم والكافر؛ لأن القيام من أجل الموت، والموت له رهبة، ويستوي فيه المسلم والكافر، ومن أجل الذي قبض روح هذا الميت، كما جاء تعليله في بعض النصوص، وجاء أن النبي -عليه الصلاة والسلام- لم يقم مرت به جنازة فلم يقم، فمن أهل العلم من يرى الترك للقيام ناسخ، فيكون القيام للجنازة منسوخاً، يعني كان هذا أول الأمر ثم نسخ، ومنهم من يرى أنه صارف، القعود وعدم القيام صارف للأمر من الوجوب إلى الاستحباب، يبقى أن المسلم إذا مرت به جنازة قام، وإذا رأى الجنازة قام، ولو لم تمر به؛ لأن النص بالمرور يحكي حالة أنها مرت فقاموا، والذي معنا ((إذا رأيتم الجنازة فقوموا)) فعلى هذا يعني بما يصنع في كثير من المساجد أنه يهيأ مكان للصلاة على الجنازة في المسجد ويكون دونها باب مغلق أثناء صلاة الفريضة ثم يفتتح هذا الباب وهي باقية مكانها، حديث الباب يدل على أن من رآها يقوم، ولو لم تمر به، إذا رأيتم الجنازة فقوموا، لكن ننظر في عدم القيام في آخر الأمر، هل هو ناسخ أو صارف، وهو محتمل، ناسخ أو صارف؟ يعني مجرد الترك هو ناسخ للأمر أو صارف له بمعنى أنه ملغي له بالكلية أو صارف له من الوجوب إلى الاستحباب، والأمر محتمل، وكثير من أهل العلم يرى أنه منسوخ، القيام منسوخ، ومنهم من يرى أنه صارف، فمن لم يقم لم يأثم، وعلى كل حال القولان قيل بهما، وكأن شيخ الإسلام يرى أنه صارف غير ناسخ، ومن تبعها فلا يجلس حتى توضع، يحتمل أن يكون الوضع هنا على الأرض، ويحتمل أن يكون الوضع في اللحد، ثبت عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه جلس، وجلس أصحابه من حوله انتظاراً للدفن، وكان ينكت في عود وحدثهم وهو جالس -عليه الصلاة والسلام-، فالمرجح أنها حتى توضع على الأرض لا في اللحد، وتنتظر من جلوس أثناء الدفن، مروان جلس قبل أن توضع ومعه أبو هريرة -رضي الله عنه-، فجاء أبو سعيد فأخذ بيديه إنكار بالفعل أخذ بيده وقال: نهي النبي -عليه الصلاة والسلام- عن

الجلوس حتى توضع، أخذ بيديه أبو هريرة -رضي الله عنه- أخذ بالرخصة، وأن هذا هو الأولى، وأنه لا يأثم من جلس قبل ذلك، لكن مقتضى فلا يجلس مخالفة هذا النهي ليست بالهينة، وأبو سعيد -رضي الله عنه وأرضاه- عرف بمواقفه في الإنكار، وأنكر على مروان وهو على المنبر، ولما أراد أن يصلي أو يخطب قبل الصلاة أنكر عليه، أراد أن يخطب قبل الصلاة فأنكر عليه، أبو هريرة -رضي الله عنه- ترخص ورأى أن هذا في مثل هذا الموضع يمكن أن يتجاوز عنه، يعني في معاملة الكبار، هل يسكت عن مثل هذا ويجامل فيه ويدارى فيه تحصيلاً لمصالح أعظم أو تتبع النصوص ويدار معها من غير نظر إلى غيرها؟ لا شك أن الإسلام جاء بالمصالح ودرء المفاسد، فإذا كان يترتب على مثل .. ، هذا الفعل هو الأصل ((من رأى منكم منكراً فليغره بيده فإن لم يستطع فبلسانه)) لكن إذا ترتب على مثل هذا الإنكار منكر أعظم منه، لا شك أن يكون حينئذٍ الإنكار الذي يترتب عليه منكر أعظم منه يكون مرجوح، وأهل العلم ينصون على هذا، وأبو سعيد له مواقف مشهودة ومعروفة في الصحاح وفي غيرها من هذا النوع. وعن أبي إسحاق أن عبد الله .... لحظة. طالب:. . . . . . . . . على كل حال ثبت الجلوس، وما دام ثبت الجلوس ... ، الإعظام أيضاً قد يكون واجب وقد يكون مندوب، فإذا كان مندوباً فيكون الجلوس صارف من الوجوب إلى الاستحباب، وهذا من شيخ الإسلام -رحمه الله-، نعم. وعن أبي إسحاق أن عبد الله بن يزيد أدخل الميت من قبل رجل القبر، وقال: "هذا من السنة" أخرجه أبو داود.

عن أبي إسحاق هو السبيعي عن عبد الله يزيد الخطمي صحابي شهد الحديبية، أدخل الميت من قبل رجلي القبر، رجلي القبر هل القبر له رجلان أو المكان من القبر التي توضع فيه الرجلان؟ فيكون من إطلاق الحال على المحل، رجلي القبر، القبر له رجلان؟ نعم؟ ليست له رجلان، إذاً الموضع الذي توضع فيه الرجلان، هما رجلا القبر، والموضع الذي يوضع فيه الرأس من القبر هو رأس القبر، من إطلاق الحال وإرادة المحل الحديث يدل ... ؛ لأن عبد الله بن يزيد صحابي، وقال: هذا من السنة، قول الصحابي من السنة له حكم الرفع، فيدل على أن أول ما ينزل في القبر ما يلي الرجلان، وما يليهما، وهذا الوضع مناسب جداً؛ لأن تدلية الرجل من قبل رأسه ليس هو الوضع الطبيعي، نعم تدلية الإنسان في حياته أول ما يضع رجليه قبل رأسه، ثم يضع رأسه وحرمة المؤمن بعد موته كحرمته حال حياته، على ما سيأتي فيصنع به كما يصنع بالحي، في أحد يبي يضع الرأس قبل الرجلين؟ نعم؟ افترض أن معك مريض تريد أن تضعه على سرير الأصل أن توضع الرجلان ثم يضجع، هذا ما يدل عليه الحديث، وبه قال الشافعية والحنابلة، ومنهم من قال: الرأس أفضل فيوضع في القبر قبل، وروي عن الشافعي -رحمه الله- عن الثقة مرفوعاً، والثقة عنده إبراهيم بن أبي يحيى كما نص على ذلك أهل العلم، وهو في غاية الضعف، جماهير العلماء على ضعفه، من حديث ابن عباس أنه -صلى الله عليه وسلم- سل ميتاً من قبل رأسه، وهو أحد قولي الشافعي، هذا القول الثاني، والقول الأول هو الذي يؤيده حديث الباب، هناك قول ثالث وهو لأبي حنيفة أنه يسل من قبل القبلة معترضاً هكذا، من قبل القبلة معترضاً بحيث يوضع رأسه ورجلاه في آن واحد، لا يقدم هذا ولا هذا معترض، والذي يدل عليه حديث الباب أن الذي يوضع في اللحد الرجلان قبل الرأس، هذه هي السنة كما قال عبد الله بن يزيد، لكن إذا خشي مثلاً من ثقل الميت أنه لو دليت الجهة التي فيها الرجلان قبل ما فيها الرأس أو العكس أنه يسقط من حامليه لثقله مثلاً يسل، يفعل الأرفق به وبحامله، لكن إذا تيسر أن يدلى من قبل رجليه هذه هي السنة، لكن إذا لم يتيسر يفعل الأرفق به وبحامله، مسألة ستر القبر عند إدخال الميت فيه جاء من حديث

ابن عباس عند البيهقي وغيرها أن النبي -عليه الصلاة والسلام- جلل القبر في جنازة سعد، لكنه ضعيف، والصحابة يرون أن يبسط رداء إن كان الميت امرأة، بل نزع بعضهم الرداء لما وضع على جنازة رجل، ورأى أن هذا خاص بالنساء التي هن بحاجة إلى ستر، نعم. قال الحافظ -رحمه الله-: وعن ابن عمر -رضي الله عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إذا وضعتم موتاكم في القبور فقولوا: بسم الله، وعلى ملة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-)) أخرجه أحمد وأبو داود والنسائي وصححه ابن حبان، وأعله الدارقطني بالوقف. هذا الحديث حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- عن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: ((إذا وضعتم موتاكم في القبور فقولوا: بسم الله وعلى ملة رسول الله)) وهذا الحديث مصحح، مخرج في المسند والسنن، وصححه جمع من أهل العلم، وعله النسائي والدارقطني بالوقف، قالوا: هو موقوف من فعل ابن عمر، ورفعه إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- فيه ما فيه، لكن له شواهد، حديث له شواهد، وإن كانت مفرداتها لا تثبت يعني ضعيفة، لكن هي بمجموعها تدل على أن له أصلاً، بسم الله وعلى ملة رسول الله، وجاء أيضاً قوله بعد وضعه في قبره: {مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى} [(55) سورة طه] هذا الحديث خرجه البيهقي مرفوعاً لكنه ضعيف، فيستحب أن يقال: بسم الله وعلى ملة رسول الله، والذي يعمل بالضعيف في مثل هذا الموطن؛ لأنه ترغيب، الذي يعمل بالضعيف وهو قول الجمهور، رأي الجمهور العمل بالضعيف في مثل هذا، فيقول {مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ} [(55) سورة طه] إذا قال: بسم الله وعلى ملة رسول الله، {مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى} [(55) سورة طه] نعم، والذي لا يعلم بالضعيف مطلقاً لا يعمل بمثل هذا، نعم. وعن عائشة -رضي الله عنها- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((كسر عظم الميت ككسره حياً)) رواه أبو داود بإسناد على شرط مسلم، وزاد ابن ماجه من حديث أم سلمة: ((في الإثم)).

يقول: وعن عائشة -رضي الله عنها- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((كسر عظم الميت ككسره حياً)) يعني الاعتداء على الميت كالاعتداء على الحي، فالمسلم محترم حياً وميتاً، فالذي يعتدي عليه في حال موته حكمه حكم الذي يعتدي عليه في حياته، والذي يكسر العظم في حال الحياة نعم؟ كيف؟ طالب:. . . . . . . . . يضمن بلا شك، الذي يكسر يقتص منه، تأخذ قيمة جنايته، لكن في رواية لابن ماجه هنا بينت وإن كانت ضعيفة رواية ابن ماجه ضعيفة، يعني من كسر رجل ميت تكسر رجله وإلا ما تكسر، مقتضى الراوية الأولى أنها تكسر، أو تأخذ قيمتها إن لم يمكن الاقتصاص، إن لم يمكن الاقتصاص تأخذ ديتها، لكن رواية ابن ماجه من حديث أم سلمة: ((في الإثم)) يعني لا في الاقتصاص في الدنيا، كما في الدنيا، فيختلف الحي عن الميت بأن الحي الجناية عليه إما توجب الاقتصاص أو الدية، لكن الجناية على الميت مقتضى الرواية الأولى أنه كالحي، ومقتضى الرواية الثانية أنه لا يقتص منه، لكن إذا عرف شخص أنه يعتدي على الأموات فضلاً عن كونه يتسبب في الموت يعتدي عليهم في نفسه شيء على هذا بعينه أو على هذه القبيلة بعينها، أو على هذا البلد بعينه مثل هذا يعزر تعزيراً بليغاً يردعه عن فعله؛ لأن المسلم محترم، إذا احتيج إلى الكسر، القبر صغير والمساحة ضيقة لا يمكن توسيعه أو القبر صلب لا يمكن الزيادة فيه، فماذا يصنع؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . ما في غير هذا، هذه مسألة مفترضة، وإلا معروف يشاف قبر ثاني شاف قبر ثاني، ذهب؟ طالب:. . . . . . . . . بعضهم سهل لكن الذهب يخلع، دعونا في مسألتنا القبر ضيق، والمسألة مفترضة أن ما في إلا هذا القبر الصغير، وهذا طويل، يكسر وإلا يثنى؟ كيف؟ يثنى ولا يكسر، نعم. وعن سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه- قال: "ألحدوا لي لحداً، وانصبوا علي اللبن نصباً، كما صنع برسول الله -صلى الله عليه وسلم-" رواه مسلم. وللبيهقي عن جابر نحوه وزاد: "ورفع قبره عن الأرض قدر شبر" وصححه ابن حبان، ولمسلم عنه: "نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يجصص القبر، وأن يقعد عليه، وأن يبنى عليه". يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

وعن سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه- قال: "ألحدوا لي لحداً" اللحد والإلحاد هو الميل، واللحد في القبر الميل به إلى جهة القبلة، بأن يحفر في داخل القبر إلى داخل القبلة، فيوضع فيه الميت هذا اللحد، وأما الشق فهو مجرد الحفر في الأرض دون ميل إلى جهة بعينها، وكان في المدينة رجل يلحد القبور، ورجل لا يلحدها، فلطلب أحدهما فجاء الذي يلحد فحفر للنبي -عليه الصلاة والسلام- لحداً، هكذا جاء عند أحمد وابن ماجه بإسناد لا بأس به، فدل على جواز الأمرين، وإن كان الحد أفضل؛ لأن الله -جل وعلا- ما كان ليختار لنبيه إلا الأفضل، وجاء في حديث: ((اللحد لنا، والشق لغيرنا)) على كل حال الشق إذا لم يمكن اللحد فالشق لا بأس به، إذا لم يمكن كانت الأرض رخوة إذا تعرض لها من أي جهة منها انهارت فمثل هذا لا بأس به، لكن إن أمكن اللحد فهو الأفضل من الشق "ألحدوا لي لحداً، وانصبوا علي اللبن نصباً" نصب بأن تجعل واقفة مائلة إلى جهة اللحد، كما صنع برسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فهذه هي السنة، لكن إذا اعترى المسألة غير هذا بأن كانت الأرض رخوة لا يمكن أن يلحد فيها يكفي الشق، ويوضع الميت في هذه الحفرة على أي حال كان وضعها، والله المستعان. وللبيهقي عن جابر –رضي الله عنه- نحوه، وزاد: "ورفع قبره عن الأرض قدر شبر" وصححه ابن حبان لكنه معلول، فيه ضعف، وعلى كل حال جاء النهي عن كون القبور مشرفة، يعني مرتفعة، وأوصى النبي -عليه الصلاة والسلام- علي بن أبي طالب ألا يرى قبراً مشرفاً إلا سواه، فرفع القبور لا يجوز أكثر من شبر بحيث يتميز ويعرف أنه قبر، أما أكثر من ذلك فهو إشراف لهذا القبر تجب تسويته، وأوصى علي بن أبي طالب أبا الهياج الأسدي أن لا يرى قبراً مشرفاً إلا سواه، ولا صورة إلا طمسها، فيرفع القبر بقدر ما يعرف أنه قبر، وذلك يتم بكونه شبر، ويكون أيضاً مسنماً أي محدباً؛ لأنه إذا كان مسطحاً لاستقرت عليه المياه وأثرت عليه، أما كونه مسنماً يجعل الماء لا يستقر عليه.

يقول: ولمسلم عنه عن جابر -رضي الله عنه- قال: نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يجصص القبر، وأن يقعد عليه، وأن يبنى عليه، تجصيص القبور هو البناية بالأسمنت مثلاً أو بالرخام كما يفعل ببعض البلدان أو رفعها وتشيد الأبنية عليها كل هذه من البدع المنهي عنها، وهي من وسائل الغلو بالأشخاص والشرك، وما منيت الأمة ووقع الشرك الأكبر فيها إلا بهذه الوسيلة -نسأل الله السلامة والعافية-، وتتابع المسلمون في أقطار الأرض على هذا ونبوا على القبور ثم شيدوا وبالغوا، ورفعوا الأضرحة فوقع الشرك الأكبر في هذه الأمة، تسمعون ما يدور في هذه الأيام حول ما يدعى ويزعم أنه قبر علي -رضي الله عنه وأرضاه- أو قبر الحسين أو قبر زينب أو نفيسة أو غيرها أو عبد القادر الجيلاني قبور تعبد من دون الله يطاف بها كما يطاف بالكعبة ببيت الله، هناك قبر يعبد ويطلب منه المدد لأبي لؤلؤة المجوسي قاتل عمر -رضي الله عنه-، قاتل عمر قبر، في بعض البلاد الشرقية قبر يسمى وعليه بنائية عظيمة جداً من أعظم الأضرحة يقال له: ضريح الشعرة، شعرة مدفونة في هذا المكان ويطاف بها، ويباع الماء كما يباع الطيب، ويباع الغبار والتراب، وسدنة ومرتزقة، وهي شعرة، شعرة لمن؟ قد يقول قائل: للرسول -عليه الصلاة والسلام-، هذا هو المتبادر لكن هي لمن؟ للشيخ عبد القادر الجيلاني، شرك أكبر يدعى من دون الله ويزاول الشرك الأكبر حول هذه القبور، وسمع من يقول تحت الكعبة: يا فلان -سماه باسمه مخلوق من المخلوقين- جئنا بيتك، وقصدنا حرمك، نرجو مغفرتك، يعني إذا كان هناك شبهة حول قبره، فما الشبهة في الكعبة؟! فالشرك الأكبر موجود في الأمة -نسأل الله السلامة والعافية-، يعني إن لم يكن هذا شرك فما الشرك؟! يا فلان جئنا بيتك البيت له وهو بيت الله، الكعبة، وقصدنا حرمك نرجو مغفرتك، وليس هذا مبالغة، أو من باب التقول على الآخرين في موسم الحج سمعته بنفسي، وهو يطوف بالكعبة، وأما كونه يا فلان يا علي يا حسين يا جيلاني يا كذا يا كذا في الكعبة هذا موجود، لكن جئنا بيتك، وقصدنا حرمك، نرجو مغفرتك، شيء لا يخطر على البال؛ لأن المسألة مسألة استدراج نبدأ بالوسائل بدؤوا بالوسائل، وتوارثوها ونشئوا

عليها ثم بعد ذلك وصلوا إلى الغايات الكبرى -نسأل الله السلامة والعافية-، فهذه وسائل، ولذا سد النبي -صلى الله عليه وسلم- كل طريق توصل إلى الشرك، وحمى جناب التوحيد، وسد جميع الذرائع الموصلة إلى الشرك، ولذا قال: نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يجصص القبر، وأن يقعد عليه" لأن القعود عليه إهانة وأن يبنى عليه؛ لأنه وسيلة من وسائل الشرك، يقعد عليه في حديث أبي مرثد الغنوي عند مسلم: ((لا تصلوا إلى القبور، ولا تجلسوا عليها)) فالجلوس على القبور حرام، الإمام مالك -رحمه الله تعالى- يجوز الجلوس على القبر فيما يذكر عنه، ويحمل ما جاء من ذلك على الجلوس والقعود كما هنا لقضاء الحاجة، ويذكر عن بعض الصحابة أنه كان يتوسد القبر ويضطجع عليه، لكن ما بلغه مثل هذا النص قطعاً، وجاء في الحديث: ((لئن يقعد أحدكم على جمرة فتحرق ثيابه، وتخلص إلى جلده خير من أن يقعد على قبر)) نسأل الله السلامة والعافية، نعم. وعن عامر بن ربيعة -رضي الله عنه-: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- صلى على عثمان بن مضعون وأتى القبر فحثا عليه ثلاث حثيات وهو قائم" رواه الدارقطني. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: وعن عامر بن ربيعة -رضي الله عنه-: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- صلى على عثمان بن مضعون وأتى القبر فحثا عليه ثلاث حثيات وهو قائم" رواه الدارقطني، لكنه ضعيف جداً، فلا يثبت هذا الخبر، والمشاركة في الدفن مطلوبة، ورتب عليها الثوب العظيم، لكن بهذا الصيغة لا يثبت، بل هو ضعيف، ذكر بعضهم من حديث أبي هريرة: ((من حثا على مسلم احتساباً كتب له بكل ثراة حسنة)) لكنه أيضاً ضعيف جداً، فالمشاركة في الدفن مطلوبة، ودفن الميت فرض كفاية، دفن الميت فرض كفاية، فالمشاركة فيها فيها ثواب عظيم، لكن الحديث بهذا السياق لا يثبت، نعم. وعن عثمان -رضي الله عنه- قال: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه وقال: ((استغفروا لأخيكم وسألوا له التثبيت فإن الآن يسأل)) رواه أبو داود، وصححه الحاكم. هذا حديث مصحح عند أهل العلم، وهو لا بأس به، يقول:

وعن عثمان -رضي الله تعالى عنه- قال: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه وقال: ((استغفروا لأخيكم)) يعني أنفعوه بالدعاء، بدعاء الله -جل وعلا- لا بدعاء غيره، بدعاء الله -جل وعلا- أن يغفر له ذنوبه ((استغفروا لأخيكم وسألوا له التثبيت)) والمسئول هو الله -جل وعلا- أن يثبته عند السؤال؛ لأنه إذا وضع الميت في قبره وتم دفنه انصرفوا وسمع قرع نعالهم يأتي ملكان فيسألانه أسئلة: من ربك؟ وما دينك؟ وما هذا الرجل الذي بعث فيكم؟ المقصود أنه يسأل، فيسأل للمسلم التثبيت بالإجابة الصحيحة عن هذه الأسئلة، في ذلك يقول الله -جل وعلا-: {يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آمَنُواْ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ} [(27) سورة إبراهيم] فيسأل له التثبيت فإنه الآن يسأل من قبل الملكين، جاءت تسميتهما عند ابن حبان والترمذي أنهما منكر ونكير، والكلام في التسمية معروفة عند أهل العلم، لكن هما ملكان، جاء وصفهما بالغلظة والشدة، وأنهما يسألانه، يسألان الميت من ربك؟ أما المؤمن والموقن فيقول: ربي الله وديني الإسلام، وأما من هذا الرجل الذي بعث فيكم؟ فيقول: هو محمد، آمنا به واتبعناه، فيقول: صدقت، فيوسع له في قبره، ويفتح له باب إلى الجنة، يأتيه من روحها ونعيمها، ويكون قبره عليه روضة من رياض الجنة، وأما المنافق أو المرتاب فيقول: هاه هاه لا أدري سمعت الناس يقولون شيئاًَ فقلته، فيقال: لا دريت ولا تليت، ثم يضرب بالمطرقة ويضيق عليه قبره، ويفتح له باب إلى النار، يأتيه من سمومها عذابها -نسأل الله السلامة والعافية-، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . ترد عليه روحه حتى يجيب، يجيب السؤال، يسمع السؤال ويسمع قرع النعال، ويجيب السؤال، ويقع العذاب عليه، لكن هل العذاب والنعيم للروح فقط أو للروح والبدن؟ نعم؟ نعم؟ النعيم والعقاب على الروح، في الدنيا على البدن، وفي البرزخ على الروح، وفي الآخرة عليهما معاً. طالب:. . . . . . . . . هذا على الروح. طالب:. . . . . . . . . الروح التي تجيب والعذاب يقع عليها. طالب:. . . . . . . . .

على كل حال الميت إذا دفن تعاد إليه الروح، وإذا أكلته السباع أو حرق وذري في الهواء أو غيره، الله -جل وعلا- قادر على إعادته على الكيفية التي يشاؤها، فمثل هذه الأمور الغيبية تفصيلها ترى يوقع في شيء من الارتياب، على كل حال مثل هذا لا بد من الإيمان به، وأن الله -جل وعلا- قدرته نافذة ومشيئته تامة. طالب:. . . . . . . . . بلا شك إيه الجميع، إيه، نعم. وعن ضمرة بن حبيب أحد التابعين قال: كانوا يستحبون إذا سوي عن الميت قبره، وانصرف الناس عنه أن يقال عند قبره: يا فلان قل: لا إله إلا الله، ثلاث مرات، يا فلان قل: ربي الله، وديني الإسلام، ونبي محمد" رواه سعيد بن منصور موقوفاً، وللطبراني نحوه من حديث أبي أمامة مرفوعاً مطولاً. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: وعن ضمرة بن حبيب -رضي الله عنه- أحد التابعين قال: كانوا، التابعي إذا قال: كانوا يعني الصحابة، كانوا يستحبون إذا سوي على الميت قبره، يعني إذا دفن وفرغ من دفنه، وانصرف الناس عنه أن يقال له عند قبره: يا فلان قل: لا إله إلا الله يعني يلقن في قبره ثلاث مرات يا فلان قل: ربي الله، هذا أشبه ما يكون في الامتحانات؟ نعم؟ بالتغشيش لكن هل ينتفع؟ هل ينتفع؟ لا ينتفع، والحديث ضعيف، الخبر ضعيف، لا يعمل به، قل: لا إله إلا الله ثلاث مرات، يا فلان قل: ربي الله، وديني الإسلام، ونبيي محمد، رواه سعيد بن منصور موقوفاً والطبراني نحوه من حديث أبي أمامة مرفوعاً مطولاً، لكنه ضعيف لا يعمل به، وعرفنا أن التلقين، لقنوا موتاكم لا إله إلا الله يكون لمن حضرته الوفاة؛ ليكون أخر كلامه من الدنيا لا إله إلا الله، فهذا الحديث لا يشك أهل المعرفة بالحديث في أنه لا أصل له، فلا يعمل به. انتهينا، يكفي هذا. اللهم صل وسلم على محمد.

كتاب الجنائز (5)

بلوغ المرام - كتاب الجنائز (5) الشيخ/ عبد الكريم الخضير السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. يقال: يستخدم في هذه المنطقة بدلاً من اللبن لوح من البُلك فإذا كان اللبن لا يثبت لرخاوة الأرض؟ وهذا يحتاج إلى إطلاع عليه إذا كان لا يثبت فيوضع مكانه ما يثبت. يقول: في مصر بعض الأراضي طينية والماء فيها قريب جداً فتبنى القبور من الأحجار والأسمنت مرتفعة ويوضع فيها الموتى، فما حكم هذا العمل؟ البناية لا تجوز، والأجر والأسمنت كلها لا تجوز، على كل حال إذا كانت طينية والماء قريب يوضع على سطح الأرض، ويوضع عليه من التراب ما يعادل قبره، بحيث إذا اكتملت المقبرة وهي على سطح الأرض نعم، يعني يوضع على سطح الأرض إذا كان حفر التراب يخرج معه الماء توضع على سطح الماء، ثم توضع عليه تراب، ولو ارتفع هذا التراب، بحيث إذا دفن بجانبه أخر وسوي ما بينهما مما يحتاج إليه القبر يكون الارتفاع بمقدار شبر، يعني بقدر الحاجة. يقول: ما الراجح في حد الصلاة على القبر هل هو شهر أم أكثر من ذلك؟ هو لا يتقيد بزمان، لكن إذا طالت المدة صار كغيره. لا بد من التقيد بالفرق بين دعاء الاستفتاح والدعاء للميت في الغسل والتنقية؟ تتبع النصوص الواردة في هذا. يقول: قد لا يرفع الإمام يده عندما يستسقي في خطبة الجمعة فهل على المأموم متابعته في ذلك أو أن المأموم يرفع ولا يتبع الإمام؟ يتبع الإمام. يقول: ذكرتم في درس سابق أن السنن الراتبة النهارية تكون في المسجد والليلية تكون في المنزل؟ يحرص على أن تكون في المنزل الليلية، وأما بقية الرواتب فصلاة الرجل في بيته أفضل إلا المكتوبة. يقول: هل الميت يرى مغسل الأموات وهو يغسل ويرى الذين يشيعونه إلى قبره؟ لا أبداً لا يراهم، روحه فارقت جسده. يقول: مجموعة من الحجاج طافوا طواف الإفاضة بعد وقوفهم بعرفة أي لم يتجهوا إلى مزدلفة وبعد إنهاء الطواف توجهوا إلى مزدلفة وباتوا فيها فما حكم عملهم هذا؟

الطواف ليس بصحيح، لكن إن كان طوافهم بعد دخول وقت الطواف يعني عند الجمهور بعد مضي أكثر الليل من ليلة النحر يكون مبيتهم في مزدلفة فاتهم، ويلزمهم بسببه دم، ورجوعهم إليه لا يجزئ؛ لأنهم تمكنوا من الوقوف ولم يقفوا، لم يبيتوا بمزدلفة مع تمكنهم عليه، فإذا كان وقوع الطواف بعد ذهاب أكثر الليل فالطواف صحيح، لكن يكون المبيت في مزدلفة فاتهم بتفريط منهم فعليهم بسببه دم. يقول: عائلة أحرمت من جدة وهم من المنطقة الشرقية، وقد نووا العمرة منذ سفرهم من منطقتهم حيث أفتاهم رجل أن جدة ميقات لهم، وبعد رجوعهم تبين لهم الخطأ، وسألوا أحد العلماء هل عليهم شيء؟ فقال: ليس عليكم شيء لجهلكم؛ ولأن الفعل انتهى، وأكثر العلماء قالوا: إن عليهم دم، فما هو القول الفصل في هذا؟ العلماء يفتونهم بأنهم أفتوا بعد مجاوزة الميقات فعليهم دم، والقول بلزوم الدم لمن تجاوز الميقات غير محرم هو قول عامة أهل العلم، وهو قول وسط بين قولي سعيد بن المسيب وسعيد بن جبير، يقول ابن المسيب: لا شيء عليه، وابن جبير يقول: لا حج له، فعامة أهل العلم على أن من تجاوز الميقات دون إحرام يلزمه دم. يقول: ذهبت بأمي لأداء عمرة ولما كنت معها في المسعى ضاعت مني في بداية السعي لشدة الزحام، ولم أجدها إلا بعد مشقة وسألتها هل سعيت سبعة أشواط، فقالت: لا أدري لكني سعيت سعياً كثيراً يأتي على العدد وزيادة، فأخذ بيدها وخرج، فماذا عليه الآن والحال ما ذكرت؟ هي تقول: يأتي على العدد وزيادة، إذا كانت جاءت بالعدد فهو المطلوب، وإن زادت عن جهل فلا شيء عليها، أما إذا كانت مترددة هل يأتي على العدد أو لا، الآن التردد في كونه سبعة أشواط أو أكثر، فإن كان التردد بين كونه سبعة أو أقل هذا له حكم، فلا بد أن تأتي بالباقي حتى تكمل السبعة، أما إذا كان التردد بين سبعة أو أكثر فلا شيء عليها. يقول: ثلاثة من الحجاج تعبوا من الطواف استراحوا لمدة ربع ساعة تقريباً، ثم أذن المؤذن للصلاة فصلوا ثم أكملوا من حيث وقفوا، فما حكم هذا الفاصل؟

أذن المؤذن للصلاة فصلوا، يعني أقام وإلا أذن؟ أذن المؤذن يعني الأذان ما يقطع، ما يقطع من أجله تتابع الطواف، لكن لو قطعوا من أجل الإقامة وصلوا مع الناس وأتموا من حيث وقفوا يكفيهم -إن شاء الله تعالى-، وإن استأنفوا من أول الشوط فهو أحوط، والسعي نفس الشيء. يقول: عسكري جاء كلب -أجلكم الله- وعدى على حذائه فلحق به ثم ألقاه الكلب بعد أن تلوث بلعابه فهل يكون له حكم الإناء يغسله سبعاً السابعة بالتراب؟ نعم الحكم واحد. يقول: هناك جوال يوضع فيه القرآن الكريم فهل يجوز الدخول به إلى دورات المياه؟ لأنه إذا أغلق الجوال وأطفأ يعني أثناء بروز الحروف على الشاشة ما في شك أن هذا قرآن لا يجوز الدخول به الحمام، لكن إذا أطفأ الجوال مثلاً وشغل برنامج أخر، المقصود أنه إذا لم يكن القرآن على الشاشة فلا بأس نعم وإذا كان فيها قرآن متتابع برسم القرآن فهو قرآن، لكن إذا كان برسم أخر ولا يمسكه مع الشاشة يمسكه مع طرفه ما في شيء -إن شاء الله-. يقول: هل له حكم المصحف من حيث المس؟ وما حكم وضع النغمة على الآذان؟ من حيث المس عرفنا أنه إذا امسك الجوال من أسلفه الذي فيه الأرقام ما في شيء -إن شاء الله تعالى-، والقرآن أحياناً يستشكل بعض الناس وجود القرآن كاملاً على هيئته وصورته في المصحف لكن معه تفسير هذا يختلف من تفسير إلى أخر، إذا كان المسألة مسألة قرآن وبهامشه تفسير له حكمه، وهذا إذا كان القرآن أكثر من القرآن التفسير مفردات وآيات، وأما إذا كان تفسير ومعه القرآن كما مثلاً طبع تفسير ابن السعدي أو تفسير ابن كثير التفسير أضعاف مضاعفة عن القرآن، فالحكم للتفسير، حكم وضع النغمة على الأذان هي إذا كانت المسألة مسألة تكبير أذان ليس بكامل ليس الأذان الشرعي الكامل فالأمر فيه سعة، أما وضعه على الأذان الكامل فلا. طالب: نغمة موسيقى أشبه بالآذان؟ تجي؟ طالب: نعم. هذا استهتار إذا كان موسيقى يشبه الأذان أو يشبه قراءة القرآن هذا استهزاء استخفاف هذا خطر جداً، خطر عظيم. ما القول الراجح في لبس النعال في المقبرة أقصد: هل هو على الكراهة التنزيه أم التحريم؟

الأصل فيه النهي والأمر بالخلع أنه لا يجوز لبسها اللهم إلا إذا كانت ضرورة حر شديد وشوك وما أشبه ذلك لا يتمكن من المشي إلا بها. يقول: علمنا ميلكم ... ما أدري كيف علم أخونا؟ باتجاه قول الحنفية والشافعية في مسألة الصلاة خلف إمام جالس، وأن القيام ركن من أركان الصلاة، لكن قد يقول قائل: إنه مما يقوي رأي الحنابلة أن أكبر ما يقيد قدرة المسلم النصوص الشرعية؟

لا شك أن المسلم مطالب بإتباع النصوص، لا سيما العلماء وطلاب العلم، فالعبرة بالنصوص، وإلا ما يمنع المسلم أن يشرب قائماً، أو يبول قائماً إلا النصوص، نقول: لا يتمنع أن يشرب قائماً فقد شرب النبي -عليه الصلاة والسلام- قائماً، ويرى جمع من أهل العلم أن شربه قائماً ناسخ للنهي أو صارف من التحريم إلى الكراهة، وأما البول قائماً فقد ثبت عند السبعة من حديث حذيفة أنه انتهى إلى سباطة قوم فبال قائماً، فلا مانع منه، لا مانع منه اللهم إلا إذا لم يستتر أو لم يأمن الرشاش فإذا استتر وأمن الرشاش جاز له أن يبول قائماً كذلك هنا ما يمنعه القيام مع القدرة في النص ((فصلوا جلوس أجمعين)). . . . . . . . . على كل حال المسألة كما هو معروف النبي -عليه الصلاة والسلام- لما سقط عن فرسه وجحش شقه جرح صلى جالس، وهذا قبل، صلى جالساً فقاموا خلفه، فأومأ إليهم: "أن اجلسوا" وذكر العلة: ((كدتم أن تشبهوا فارس والروم)) في الحديث: ((إذا صلى جالساً فصلوا جلوساً أجمعين أو أجمعون)) هذا يستدل به الحنابلة على أن إمام الحي إذا ابتدأ الصلاة جالساً لعلة يرجى برؤها فالمأموم يلزمه الجلوس، ابتدأ وهو إمام الحي والعلة يرجى برؤها، النبي -عليه الصلاة والسلام- في مرض موته، بل في أخر صلاة صلاها جاء إليهم وهم يصلون وإمامهم أبو بكر فجلس عن يساره، فأبو بكر يقتدي بالنبي -عليه الصلاة والسلام- وهم يقتدون بأبي بكر، المقصود أنه صلى جالساً وهم من قيام، الحنابلة لا يرد عليهم مثل هذه الصورة باعتبار أن الصلاة افتتحت من قيام، والعلة لا يرجى برؤها فلا ترد عليهم، لكن ما المانع أن يقال: أن الحديث الأول منسوخ بفعله -عليه الصلاة والسلام- في أخر الأمر كما يقول الحنفية والشافعية؟ أقول: لا مانع من ترجيح هذا القول، والقول الثاني له قوة يعني قول الحنابلة؛ لأن العلة التي ذكرت في الحديث وهي منصوصة لا زالت قائمة، وهي مشابهة فارس والروم، فإذا قيلت بالقيود التي ذكرها الحنابلة صار لقولهم وجه، وإذا قيل بالنسخ فالنسخ باب معروف من أبواب الدين وهو رفع للحكم، وتبقى مع عدم المعارضة لحديث عمران بن حصين: ((صل قائماً فإن لم تستطع)) فقيد الحكم بعدم الاستطاعة، فقول

الحنابلة له وجه بقيوده وشروطه، وقول الشافعية والحنفية له وجه، أما قول المالكية وهو أن إمامة القاعد لا تصح مطلقاً استدلالاً بحديث ضعيف جداً ((لا يؤمن أحد بعدي جالس قوم قياماً)) هذا ضعيف ولا يعتمد عليه، ولا يستند إليه، ولكل من القولين وجه، ولا شك أن القيام ركن من أركان الصلاة، والمحافظة عليه لا شك أنه أولى من المحافظة على بقاء العلة. طالب:. . . . . . . . . والله أنا كلاهما عندي له وجه قوي جداً، كل من القولين، لكن ميلي إلى قول الحنفية والشافعية. يقول: ما الجمع بين قول ابن عباس في التعوذ من مضلات الفتن فإن من الفتن ما ينفع، وحديث: ((تعوذوا من الفتن ما ظهر منها وما بطن))؟ هذا أجبنا عليه ما أدري هنا وإلا في دورة أخرى؟ نعم أجبنا عليه، لكن من الفتن ما ينفع، مما سماه الله فتنة {إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ} [(15) سورة التغابن] هل يتصور أن إنسان يستعيذ من ماله وولده؟ إنما يستعيذ من شر ماله وولده، وإلا فالفتن أصلها يطلق على المشغلة، ما يشغل، والأموال والأولاد والزوجات تشغل، فهي فتنة فإذا دعونا بإطلاق شمل هذا، لكن قد يطلق اللفظ العام ويراد به الخصوص، فأنت تستعيذ بالله من الفتن وتريد ما يضرك منها في دينك. يقول: بالنسبة للدعاء على عموم الكفار بالهلاك غير الظالمين منهم هذا مخالف لأصول الاعتقاد إذ أن من مقتضى أسمائه وأفعاله أنه الرازق حتى الكفار يرزقون والدعاء عليهم بالهلاك مناقض لهذا، وأنه مخالف للسنن الكونية ... ؟

أما مخلفته للسنة الكونية فلا إشكال، نعم الدعاء مخالف للسنة الكونية، لكن المسلم مأمور بأن يدور مع السنن الشرعية، مع الإرادة الشرعية لا مع الإرادة الكونية، لا بد أن يبقى من الكفار من يبقى، لا بد كوننا ندعو عليهم مخالف لهذا، لكن أنت مأمور بقتالهم، {جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ} [(73) سورة التوبة] نعم أنت مأمور بقتالهم، والدعاء عليهم أسهل من قتالهم، فما دمت مأمور بقتالهم فالدعاء عليهم أيسر، وقد ثبت أن النبي -عليه الصلاة والسلام- دعا على قبائل، ومن هذه القبائل من أسلم، وأنت مأمور بأن تدعو لنفسك وتدعو لولدك وتدعو لعموم المسلمين مع أن من عموم المسلمين من سيدخل النار، فلا معارضة بين هذا وهذا، ومر بنا في الموطأ من قول أحد التابعين –نسيته-: أدركنا الناس، والمقصود بذلك الصحابة، وهم يدعون على عموم اليهود والنصارى، فأما مخالفة الإرادة الكونية فلا ... ، فالمسلم غير مطالب بها، وقد جاء من النصوص ما يدل على أن هذا الأمر سيقع كوناً مع أنك مأمور بالأدلة الصحيحة الصريحة بمخالفة هذا الأمر، في أخر الزمان يفشو الزنا، ويكثر الجهل، ويكثر الهرج، الهرج: القتل، هذه إرادة كونية، لكن أنت مأمور بأن تحقق الإرادة الكونية، تساهم في كثرة الزنا، تساهم في قلة العلم، وكثر الجهل، لا لا أبداً، أنت مأمور شرعاً، أمر شرعي، إرادة شرعية بأن تحول دون وقوع هذه الأشياء، إذاً سيأتي يوم والضعينة تسير من عدن إلى صنعاء بمفردها لا تخشى إلا الله، نقول: إن هذه إرادة كونية أن المرأة تسافر بدون محرم؟ لا يا أخي، أنت مأمور بأن تدور مع الإرادة الشرعية لا مع الإرادة الكونية. سم. بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد: يقول الإمام الحافظ شيخ الإسلام أحمد بن علي بن حجر -يرحمه الله تعالى-: وعن بريدة بن الحصيب الأسلمي -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها)) رواه مسلم، وزاد الترمذي: ((فإنها تذكر الآخرة)) وزاد ابن ماجه من حديث ابن مسعود -رضي الله عنه-: ((وتزهد في الدنيا)).

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: وعن بريدة بن الحصيب الأسلمي -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول -صلى الله عليه وسلم-: ((كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها)) جاء النهي رافع للإباحة الأصلية، ثم رفع هذا الرافع ((كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها)) النهي عن زيارة القبور منسوخة، والدليل على النسخ يؤخذ من لفظ الحديث: ((كنت -يعني في الماضي- نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها)) وهذا أمر وحكمه عند أهل العلم الاستحباب لوجود العلة والأثر المترتب على الزيارة ((فإنها تذكر الآخرة)) وفي اللفظ الآخر: ((تزهد في الدنيا)) العلة تدل على الاستحباب، وإن كان الأصل في الأمر الوجوب، قد يقول قائل: إن هذا أمر بعد حظر، بعد منع، وبعضهم يطلق في الأمر بعد الحظر الإباحة {وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُواْ} [(2) سورة المائدة] {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا} [(10) سورة الجمعة] للإباحة، لكن المحقق أن الأمر يعود إلى ما كان عليه قبل الحظر، وهنا الأمر لا شك أنه للاستحباب، والعلة تدل على هذا، ((فإنها تذكر الآخرة)) في قوله -جل وعلا-: {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ * حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ} [(1 - 2) سورة التكاثر] فشغلكم التكاثر في الأموال والأولاد وأمور الدنيا حتى حصلت لكم هذه الزيارة إن كنتم أحياء، وإن كنت أموات يعني بالموت، فالميت إذا دفن في قبره فهو زائر، ولذا لما سمع الأعرابي قوله -جل وعلا-: {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ * حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ} [(1 - 2) سورة التكاثر] قال: بعث القوم ورب الكعبة، أخذ من هذه الآية دليل على البعث، لماذا؟ لأن الزائر لا بد أن يعود، لا يمكث في مكانه الزائر، فاستدل بالآية على البعث، ولا شك أن زيارة القبور فيها الأثر النافع سواء كان للزائر نفسه أو المزور للاعتبار، القبر أول منازل الآخرة، وكان عثمان -رضي الله تعالى عنه- يبكي عند القبر أكثر مما يتأثر بغيره؛ لأنه مرحلة حاسمة، يعني إذا كان القبر مريح فما بعده أريح، وإذا كان غير ذلك فما بعده أشد.

تذكر الآخرة بعض الناس يزور القبور، لكن قد لا يحصل له الأثر، لما غشى القلوب من الران، وغطى عليها الشبهات والشهوات، هذا كل إنسان يجده في نفسه، ما كانت أحوالنا مثل الآن أبداً، كان الناس إذا مُر بالجنازة من الشارع الناس أسبوع يتأثرون، يتصورون هذه الجنازة، وليس المراد السبب الخوف من الموت، إنما السبب الخوف مما بعد الموت، وإلا بعض الناس جبلي يخاف، يخشى الموت، عنده خوف وهلع وجزع هذا ما هو بالمطلوب، لكن الإشكال فيما بعد الموت، والخوف النافع هو الذي يبعث على العمل وإلا ما فائدة الخوف؟ الخوف لا يفيد، بل هو صفة نقص إذا لم يبعث على العمل.

تذكر الآخرة، الران غطى على القلوب، وأنت على شفير القبر تجد الناس يضربون في كل باب، تجد التاجر أحياناً يعرض المساهمات في المقبرة، وتجد صاحب المهنة يفكر في مهنته ويعرضها على من يتوسم فيه أنه يشاركه فيها، وتجد يعني تجد جميع الأصناف، شخص رأى شخصاً منذ مدة ما رآه تجده يتحدث معه في أمور ليس بحاجة إليها، وقد يعرض عليه الاستجابة لدعوته، المقصود أن هذه أمور وجدت بين المسلمين، تجد الكلام في وادي والوضع الراهن في وادي، بل وجد من يزاول المعصية على شفير القبر، ورجل خمسيني نصف لحيته أبيض يدخن على شفير القبر، وهو من أهل البلد يعني، المقصود أنه لا نفرق بين أهل البلد وغيرهم لكن قد يقول قائل: إن هذا جاهل ومن بلد بعيد ولا يفرق ولا كذا، كما يعلل بذلك في كثير من القضايا؛ لأنه إذا قلنا: إن النغمات الموسيقية حرام قالوا: هؤلاء عمال ويش يدريهم إيش الحلال من الحرام؟ نعم هذه قيلت، وتجد العامل من يدخل في الصلاة إلى أن ينتهي والجوال شغال على الموسيقى، وإذا تكلم عليه أو وُجه بعد ذلك قيل: هذا عامل مسكين ما يدري عن شيء، ليش ما يدري؟ مسلم ومكلف، إذا كان لا يفهم بالعربية يفهم بلغته، فالمقصود أنه وجد مثل هذا التصرفات، ولا شك أن هذا من موت القلوب، القلوب لا بد لها من حياة، والقلب الذي ليس بسليم لا ينفع {يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} [(88 - 89) سورة الشعراء] ومن أراد أن يستفيد في هذا الباب فليقرأ تفسير القرطبي في سورة: "ألهاكم" يقول: كثير من الناس يزور المقابر، لكن مدة ثم يجد الأمر عادي، هذا عليه بمشاهدة المحتضرين، مشاهدة المحتضر حتى مع طول المدة يبقى لها أثر؛ لأنها ليست على لون واحد، بل على ألوان، وكل إنسان من المحتضرين له ما يخصه من هذه الألوان، فلا بد أن يجد ما يؤثر فيه.

((فإنها تذكر الآخرة)) تذكر الآخرة، تذكر الموت والإكثار من ذكره أمر مطلوب؛ لأنه لولا ذلك لاسترسل الناس في دنياهم، ونسوا العمل للآخرة، وزاد ابن ماجه من حديث ابن مسعود: ((وتزهد في الدنيا)) يعني ذكر الموت، ورؤية الأموات، ورؤية مساكن الأموات لا شك أنه يقطع اللذة على صاحبها، فمثل ما تقدم ((أكثروا من ذكر هادم اللذات الموت)) لا يكون ذكره فضلاً عن رؤيته في قليل ألا كثره، ولا في كثير إلا قلله، والله المستعان. فزيارة القبور سنة عند عامة أهل العلم، وقال بعضهم بوجوبها إتباعاً للأمر، لكن العلة تدل على السنية، ((فزوروها)) هذا الأمر خطاب للرجال، والنساء يدخلن في عموم خطاب الرجال، وجاء في مريم -عليها السلام- أنها كانت من القانتين، فالمرأة تدخل في عموم خطاب الرجال، لكن جاء ما يخص المرأة من حديث أبي هريرة. قرأته؟ لا. اقرأ. وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لعن زائرات القبور" أخرجه الترمذي، وصححه ابن حبان.

هذا الحديث حديث أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لعن زائرات القبور أخرجه الترمذي، وصححه ابن حبان، وهو صحيحه بشواهده، يدل على منع النساء من زيارة القبور، وإخراجهن من النص العام، أي جعل النص الأول خاص بالرجال، وذلك لما جبل عليه النساء من التأثر وعدم التحمل والصبر، فلا يجوز للمرأة أن تزور القبور في لفظ: "لعن رسول الله زوارات" بصيغة المبالغة، وهذا اللفظ جعل بعض العلماء يحمله على المكثرات من الزيارة، لكن إذا كان العمل بمفرده مباح فكيف يلعن من كرره؟ وهنا زائرات ولو مرة واحدة، يصدق عليها أنها زائرة، فمن تزور مرة واحدة يشملها، ومن تكرر الزيارة يشملها، والمبالغة في الزيارات يشملها، وعلى كل حال اللعن هو الطرد والإبعاد من رحمة الله، وهو دليل على أنه كبيرة من كبائر الذنوب، اللعن يدل على أن الزيارة بالنسبة للمرأة كبيرة، منهم من يرى أن الزيارة لما حدث من فعل بعض الصحابيات كعائشة -رضي الله عنها- أنها زارت أخاها عبد الرحمن بن أبي بكر، وهذا بعد وفاته -عليه الصلاة والسلام-، وعائشة -رضي الله عنها- قالت: يا رسول الله كيف أقول: إذا زرت القبور؟ قال: ((قولي: السلام عليكم أهل الديار من المسلمين والمؤمنين، يرحم الله المتقدمين منكم والمستأخرين، وإنا -إن شاء لله- بكم لاحقون)) فهي تسأل ماذا تقول إذا زارت؟ فأخبرها ما تقول، ولم يقل لها: إن الزيارة حرام، يمكن هذا تخريجه على أنه قبل اللعن، وأما ما حصل منها بعد وفاة النبي -عليه الصلاة والسلام- من زيارة أخيها عبد الرحمن هذا اجتهاد منها لا يعارض به المرفوع اجتهاد منها، ولها اجتهادات لم توافق عليها، لا يعارض به حديث اللعن، أما إذا مرت بالمقبرة من غير زيارة، وهذه مسألة التنبيه عليها مطلوب، يعني لو مر إنسان بمقبرة خارج السور فهل يسلم أو لا يسلم؟ نعم؟ يسلم، بدليل؟ طالب:. . . . . . . . . وين؟ طالب:. . . . . . . . .

يعني يحمل قول عائشة على أنها مجرد مرور، وهي تقول إيش؟ كيف أقول: إذا زرت القبور؟ بعضهم يمنع يقول: أنت ما زرت، أنت مار بمقبرة ولم تدخل فكيف تسلم؟ قبل الدخول، نعم السلام قبل الدخول بالنسبة للحي مشروع ما فيه إشكال، السلام عليكم أأدخل مثلاً، فالسلام عليهم قبل الدخول لا مانع منه، الأمر الثاني: أنه إذا قلنا: إنه لا يسلم إلا بعد الدخول والمار لا يسلم قلنا: انقطع التسيلم على النبي -عليه الصلاة والسلام-؛ لأنه لا يمكن الدخول عليه، يمكن الدخول على النبي -عليه الصلاة والسلام-؟ وكان ابن عمر يمر بالقبور قبره -عليه الصلاة والسلام- وقبر صاحبيه من وراء الحجرة ويسلم، فإذا مر بجوار مقبرة قال: السلام عليكم أهل الديار من المسلمين والمؤمنين يرحم الله المستقدمين منكم والمستأخرين .. إلى أخره، كما يفعل إذا مر بقبره -عليه الصلاة والسلام- من وراء ثلاثة جدران ما هو بجدار واحد، ويقول: السلام عليك يا رسول الله، السلام عليك يا أبا بكر، السلام عليك يا عمر، فيلزم من قولنا: إنه لا يسلم من خارج المقبرة ألا نسلم على النبي -عليه الصلاة والسلام-، هم الآن الحاصل ليست زيارة للقبر، إنما الزيارة للروضة، والقبر لا تمكن زيارته، القبر دونه ثلاثة جدران، فالحاصل الآن أن الزيارة للروضة، يُفتح لهم للروضة، وأنا قيل لي: إنهم يضعون أيضاً رواق بين الروضة وبين الجدار السور، على كل حال القبور لا يمكن زيارتها، يعني كما لو وقف سيارة أو وقف .... عند. . . . . . . . . نعم، فخارج السور ما يأخذ حكم الزيارة التي تباشر القبور، على كل حال الأمر فيه سعة -إن شاء الله تعالى-، مع أنه لو أخذوا من الاحتياط أكثر مما هو واقع عليه الآن؛ لأن حتى شكل الناس حينما يُفتح لهن المجال مزري، جلبة وأصوات وركض وسعي شديد، المسألة يعني تحتاج إلى إعادة نظر وترتيب وإلا فالنساء شقائق الرجال؛ لأن الروضة الشريفة التي هي بين المنبر والبيت النبوي، ((بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة)) هذا خطاب يخاطب به الرجال والنساء، قد يقول قائل: ما الذي يخص هذه الروضة من العبادات؟ منهم من يقول: إن قوله: ((روضة من رياض الجنة)) كما يقال: ((النيل والفرات من أنهار الجنة)) يعني

يستحب للناس يسبحون في النيل والفرات؟ لا ما يستحب، وعلى هذا لا يصلى في الروضة، ولا يقرأ في الروضة أكثر مما فيه غيره، نقول: هذه البقعة يشملها عموم الحديث: ((إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا)) تفسير رياض الجنة بحلق الذكر هذا تفسير ببعض الأفراد، ولا يقتضي التخصيص، كتفسير الظلم بالشرك، وتفسير القوة بالرمي، وما أشبه ذلك، لا يقتضي تخصيص، نعم. قال الحافظ -رحمه الله-: وعن أبي سعيد الخدري -رضي الله تعالى عنه- قال: "لعن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- النائحة والمستمعة" أخرجه أبو داود. وعن أم عطية -رضي الله تعالى عنها- قالت: "أخذ علينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ألا ننوح" متفق عليه. في حديث أبي سعيد -رضي الله تعالى عنه- قال: "لعن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- النائحة والمستمعة" أخرجه أبو داود، وهو حديث ضعيف، ويغني عنه حديث أم عطية، لا شك أن اللعن أشد من مجرد أخذ البيعة على شيء، وإن كانت في مقابل رأس المال، البيعة هذه البيعة على الإسلام، نعم، لعن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- النائحة والمستمعة، المستمعة لأنها شريكة لها، لكنه حديث ضعيف، حديث أم عطية -رضي الله عنها- قالت: أخذ علينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عند البيعة ألا ننوح، فدل على أن النياحة وهي رفع الصوت بذكر محاسن الميت، وإظهار الجزع عليه لا شك أنها حرام، فجاءت البراءة من النائحة، وفي الحديث المتفق عليه: ((ليس منا من ضرب الخدود، وشق الجيوب، ودعا بدعوى الجاهلية)) وفيه: ((أنا بريء ممن حلق وسلق وخرق)) من الحالقة والسالقة والشاقة التي تشق الثوب، المقصود أن مثل هذا حرام، بل من كبائر الذنوب، فيحرم رفع الصوت بذكر محاسن الميت، وإظهار الجزع والهلع عليه، والصبر عند الصدمة الأولى، من يتصبر يصبره الله، لكن لا مانع من أن يبكي الإنسان من غير إظهار صوت، فالعين تدمع، والقلب يحزن، ولا يجوز للإنسان أن يقول شيئاً لا يرضي الله -جل وعلا-، وأما البكاء من غير رفع صوت فإنه فعله -عليه الصلاة والسلام-، وهذا رحمة، كما سيأتي، نعم.

وعن عمر -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((الميت يعذب في قبره بما نيح عليه)) متفق عليه، ولهما نحوه عن المغيرة بن شعبة -رضي الله تعالى عنه-. المقصود إذا صحب البكاء صوت فهو ممنوع، وهو الداخل في حديث عمر وإلا ابن عمر؟ ابن عمر، الشارح مشى على أنه ابن عمر، ما علق عليه المؤلف؟ طالب: لا يا شيخ. على كل حال هو ثابت من حديث عمر ومن حديث ابن عمر، وعائشة -رضي الله عنها- استدركت على عمر وعلى ابنه، يقول: عن ابن عمر -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((الميت يعذب في قبره بما نيح عليه)) يعني يعذب ببكاء أهله عليه، ولهما نحوه من حديث المغيرة بن شعبة، مثل هذا الخبر يعذب ببكاء أهله، وبما نيح عليه، مفاده أنه يعذب ويؤاخذ بعمل غيره، فيكون معارض بقول الله -جل وعلا-: {وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [(164) سورة الأنعام] هذا وزر من ناح، وزر من بكى، فكيف يؤاخذ به الميت الذي لم ينح ولم يبكِ؟ ولذا عائشة أنكرت هذا الحديث على عمر، وكذلك أنكره أبو هريرة، فأهل العلم لهم أجوبة عن هذا، أجوبة منهم من يقول: إن هذا محمول على أنه إذا عرف من عادتهم البكاء والنياحة إذا عرف الميت أن من عادة أهله أنهم يبكون وينحون ولم ينههم عن هذا فيكون عذابه ضريبة سكوته على هذا المنكر، عذابه ووزره بما جنا نفسه، ولا شك أن السكوت عن قول الحق له وزره وعليه إثمه، حينما يجب الإنكار فيسكت الإنسان ألم يرتكب إثم؟ بلى، والأمة في كثير من ظروفها وأحوالها الآن تجني ضرائب سكوت سنين متطاولة، ما وصلت إلى هذا الحد إلى أن تواطأ الناس على السكوت على كثير من المنكرات، على كل حال الذي يرى المنكر ولا ينكره يأثم، وهذا الذي عرف من حال أهله أنهم ينوحون ويبكون ولم ينههم عن ذلك هذا أنه يأثم بهذا، ويعذب به، ومنهم من قال: إن الحديث فيمن أوصى بأن يبكى عليه ويناح عليه. إذا مت فابكيني بما أنا أهله ... وشقي علي الجيب يا بنت معبدي هذا معروف عند العرب. إلى الحول ثم اسم السلام عليكما ... ومن يبكي حولاً كاملاً فقد اعتذر

حول كامل يكفي، نعم، فهم يوصون بهذا، فمن وجد من يوصي فلا شك أنه آثم بوصيته، منهم من حمل الحديث على الكفار، وأن المؤمن لا يعذب بذنب غيره بخلاف الكافر، ونقول أيضاً: إنه من عدل الله -جل وعلا- أنه لا يعذب أحداً بذنب غيره لا مسلم ولا كافر، منهم من يقول: إن العذاب هنا توبيخ الملائكة، فإذا ذكر هذا الميت بحسنة من حسناته أو بفعل من أفعاله قيل له: هل أنت كذلك؟ ثم ذكر بحسنة أخرى هل أنت كذلك؟ يوبخ بهذا، لكن العذاب يدل على أن له أثر في المعذب، والجمهور حملوه على ما إذا أوصى فيكون إثمه ووزره على فعله، وعلى هذا يتحد الحديث مع الآية، فأثمه على وزره، نعم. طالب:. . . . . . . . . منهم من قال: إنه يتألم، منهم من قال: إن المراد به أنه يتألم في قبره مما يسوؤهم فبكاؤهم ونياحتهم لا شك أنها تؤثر فيهم، أقول: لها أثر فيهم، فهو يتألم من أجل هذا الأثر فيهم، هذا قيل، يتألم بهذا، والألم عذاب، يعني لو قدر أن إنساناً رأى ولده يبكي لأمر من الأمور ألا يتأثر من بكاء ولده لا سيما إذا كان كبيراً؟ يتألم من بكاء ولده وإن كان كبيراً، ويحز في نفسه أن يرى زوجته وأبناءه وبناته يبكون، فيتألم من أجل هذا، على كل حال هناك تأويلات كثيرة في هذا الحديث من قبل الشراح، لكن منهم من يحمله على أنه يعذب حقيقة، وأن هذا من وزره هو لا من وزر غيره؛ لسكوته عليهم، وعدم إنكارهم لما يحصل منهم، أو لإصائه بذلك، نعم. قال -رحمه الله-: وعن أنس -رضي الله تعالى عنه- قال: "شهدت بنتاً للنبي -صلى الله عليه وسلم- تدفن، ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- جالس عند القبر، فرأيت عينيه تدمعان" رواه البخاري. نعم يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

وعن أنس -رضي الله تعالى عنه- قال: "شهدت بنت للنبي -صلى الله عليه وسلم- تدفن" وجاء في بعض الروايات: أن البنت هي أم كلثوم، وقال بعضهم: إنها رقية، لكن رده البخاري بأن رقية ماتت ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- في بدر، فلم يشهد دفنها -عليه الصلاة والسلام-، فالمتجه أنها أم كلثوم، وتسميتها لا يتعلق به حكم، إنما الحكم متعلق ببكائه -عليه الصلاة والسلام-، بمجرد دمع العين وحزن القلب ولا يقال في مثل هذا الظرف إلا ما يرضي الله -جل وعلا-، كما قال النبي -عليه الصلاة والسلام- لما مات إبراهيم ابنه -عليه الصلاة والسلام-: ((إن القلب ليحزن، وإن العين لتدمع، ولا نقول إلا ما يرضي الله -جل وعلا-، وإنا على فراقك يا إبراهيم لمحزونون)) لا شك أن الإنسان يؤثر فيه موت قريبه أو موت عزيز عليه، لكن لله ما أخذ، وله ما أعطى، ومثل هذا الموقف من مضايق الأنظار، يعني الإنسان يصعب أن يتصرف التصرف الشرعي مثل تصرفه -عليه الصلاة والسلام-، بأن يحزن القلب، وتدمع العين، ولا يكون في القلب أدنى اعتراض على قدر الله -جل وعلا-، يعني كثير من الناس لا يتسنى له هذا، لأن حزن القلب ينشأ عنه الاعتراض سواء كان الملفوظ به أو غير الملفوظ به، نعم يعني هذه من المضايق، يعني نظير ما يباشر الإنسان السبب ولا يتلفت إلى السبب البتة، يعني يمرض يذهب إلى الطبيب يأخذ العلاج، مع أن نظره أولاً وأخراً إلى الله -جل وعلا-، ولا يلتفت إلى الطبيب أو إلى مهارة الطبيب أو إلى قوة العلاج وضعف العلاج هذا يا إخوان من المضايق، نعم، ولذا النبي -عليه الصلاة والسلام- قال في حديث السبعين الألف: ((لا يكتوون ولا يسترقون)) مع أن هذه أسباب والمسبب هو الله -جل وعلا-، لكن لا يمكن أن تباشر هذه الأسباب ولا يخدش هذه المباشرة بتوكلك نعم، بعض الناس يقرب ويبعد يعني بعض الناس اعتماده الكلي على الطبيب وعلى العلاج، ليس الكلام مع هذا، الكلام مع شخص يرى أن المسبب هو الله، والشافي هو الله، لكن ألا يقر في قلبه لا سيما إذا وجد النفع المباشر من العلاج، يعني جئت إلى طبيب وأنت في غاية من القلق وشدة الألم أعطاك علاج وخمد المرض، يعني لا بد أن تجد في نفسك شيء، نعم، في خضم هذا الظرف

الذي تعيشه لا بد أن تجد .. ، هذا من المضايق، النبي -عليه الصلاة والسلام- باشر الأسباب، لكن لا يتصور بحال أنه التفت إلى شيء من هذه الأسباب، علاقته بالمسبب، وهنا قلب يحزن، وعين تدمع، وإنا على فراقك لمحزونون، ولا يتصور أنه -عليه الصلاة والسلام- اعترض على القدر بحال، لكن هل يتصور هذا من آحاد الناس؟ هل يتصور؟ بعض الناس يقول: إن الرضا بالقدر أن يكون رضاك بما قدر الله -جل وعلا- أفضل من رضاك بعدمه، يعني إذا مات لك ولدك يكون في قلبك ارتياح لموت هذا الولد أكثر من بقائه، نعم، ما يمكن، صعب صعب في حال كثير من الناس، ولذا الحريص على الرضا بالقدر لما صعُب عليه الأمر وضاق في نظره التوفيق لما مات ولده ضحك، ضحك، يقول: ما يمكن تدمع العين ولا أحزن ولا أعترض على القدر، ضحك ليحقق تمام الرضا بالقدر، لكن هذا خلاف السنة. فرأيت عينيه تدمعان، فالبكاء بغير صوت فعله النبي -عليه الصلاة والسلام-، والإشكال هنا عند كثير من الناس أنه يستحضر الأمور النظرية، لكن إذا جاء التطبيق العملي تجده صفري، يعني كثير من الناس يحث الناس على الصبر، ويورد النصوص، وإذا حضر عزاء وإلا موت وإلا مصيبة صبّر الناس، ومن أبرع الناس في سياق الألفاظ والجمل والأحاديث التي تحث على الصبر، لكن لما تكون المصيبة عنده في بيته صفر، هذا موجود الكلام النظري سهل، لكن العبرة في إيش؟ ((إنما الصبر عند الصدمة الأولى)) .... والمصائب مكفرات للذنوب، يشترط جل أهل العلم لتكفيرها الصبر والاحتساب، ومنهم من يقول: إن الأجر المرتب على المصيبة على المصيبة، ولو لم يصبر، وأجر الصبر قدر زائد على أجر المصيبة، وفضل الله واسع، نعم. قال -رحمه الله-: وعن جابر -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا تدفنوا موتاكم بالليل إلا أن تضطروا)) أخرجه ابن ماجه، وأصله في مسلم، لكن قال: "زجر أن يقبض الرجل بالليل حتى يصلى عليه". طالب:. . . . . . . . . إيه في شيء؟ طالب:. . . . . . . . .

لكن أنت انظر إلى هذه المحبة الفطرية مع الأمر الشرعي، نعم هناك أمور فطرية إذا قورنت مع الشرع المسألة فيها سعة يغلب الشرع عليها، لكن هناك أمور فطرية جبلية من المضايق يعني أن توفق بينها وبين الشرعية إلا إذا إنسان موفق، النبي -عليه الصلاة والسلام- حصل منه أكمل حال، فلا أحد يقول: لا تبكي على ولدك ولا تحزن عليه، لكن لا تعترض على القدر.

يقول: وعن جابر -رضي الله تعالى عنه- أن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: ((لا تدفنوا موتاكم بالليل ألا أن تضطروا)) أخرجه ابن ماجه، وهو حديث صحيح -إن شاء الله تعالى-، وأصله في مسلم، لكن قال: "زجر أن يقبض الرجل بالليل حتى يصلى عليه"، ((لا تدفنوا موتاكم بالليل إلا أن تضطروا)) هذا النهي مفاده كما دل على ذلك النصوص الأخرى أن الليل في الغالب سبب للتقصير في حق الميت، الدفن بالليل سبب للتقصير في حق الميت؛ لأن الصلاة عليه بالليل تحول دون كثير من الناس من الصلاة عليه، فأكثر من الناس يأتي متعب فإذا كانت الصلاة عليه والدفن بالليل، يقل من يصلي عليه، ويقل من يشيعه، وقد لا يكفن في كفن مناسب وقد .. ، المقصود أنه قد يحصل التقصير في حق الميت، فلا يدفن بالليل، ولذا زجر النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يقبر الرجل بالليل حتى يصلى عليه، يعني فالزجر سببه القبر بالليل أو عدم الصلاة عليه؟ زجر النبي -صلى الله عليه وسلم- والزجر النهي بشدة أن يقبر الرجل بالليل حتى يصلى عليه؛ لأنه قد يذكر النهي عن الشيء في حال معينة، أو يطلب الشيء في حال معينة فلا يسري على بقية الأحوال، يعني هل قول يوسف -عليه السلام-: {تَوَفَّنِي مُسْلِمًا} [(101) سورة يوسف] هل مراده طلب الوفاة أو الوفاة على الإسلام؟ وهنا زجر أن يقبر الرجل بالليل فقط أو حتى يصلى عليه لهذه الغاية فإذا صلي عليه جاز الدفن بالليل؟ وجوازه يدل عليه أدلة كثيرة، فأبو بكر دفن ليلاً -رضي الله عنه وأرضاه- وعلي -رضي الله عنه- دفن فاطمة ليلاً، وفعل الصحابة يدل على هذا، وفي الترمذي من حديث ابن عباس أن النبي -عليه الصلاة والسلام- دخل قبراً ليلاً فأسرج له سراج، فأخذ من قبل القبلة وقال .. إلى أخره، أما الدفن بالليل لا بأس به، وإن كان الدفن بالنهار أكمل وأفضل، لكن الدفن بالليل لا بأس به، والزجر إنما هو في حق من دفن بالليل مع التقصير في حقه، إما في كفنه أو في كثرة المصلين عليه، أو في كثرة مشيعيه وتابعيه، وكثرة من يحضر دفنه، المقصود أن الليل كان إلى وقت قريب عائق كبير عن تحصيل كثير من الأمور، يعني قل: إلى أن وجد الإنارة العامة والكهرباء، نعم الليل يعوق دون تحصيل كثير من

الأمور، لكن بعد وجود الكهرباء واستواء الليل والنهار في كثير من الأمور، وكثير من الناس يفضل الليل على النهار، نعم يفضل الليل على النهار، ولذلك كثير من الناس إذا دعي إلى طعام الغداء بالنهار شق عليه جداً، بخلاف ما إذا دعي إلى وليمة بالليل سارع إليها، فالأمور اختلفت بعد وجود الكهرباء، وتيسرت الأمور -ولله الحمد-، لكن ينبغي أن السنة الإلهية أن الليل سكن، تقدم في أحاديث النهي عن الصلاة في أوقات النهي حديث عقبة بن عامر: "ثلاث ساعات كان النبي -صلى الله عليه وسلم- ينهانا أن نصلي فيهن، وأن نقبر فيهن موتانا، حين تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع، وحين يقوم قائم الظهيرة حتى تزول، وحين تتضيف الشمس للغروب حتى تغرب" هذه الأوقات المضيقة لا يصلى فيها، لا على جنازة ولا على غيرها، ولا يدفن فيها الميت، بل ينتظر حتى يخرج وقت النهي، فلو أعاده المؤلف أو أشار إليه هنا لكان الأولى ليذكر به، نعم. أحسن الله إليك يا شيخ: هنا نقل عن سماحة الشيخ أنه رجح ضبط: حتى يصلي بسكر اللام عليه. زجر حديث مسلم؟ نعم يا شيخ. زجر أن يقبر الرجل بالليل حتى يصلِي عليه، كيف يصلي عليه المخاطب واحد أو جمع من الناس؟ ذكر الشيخ أن هذا ضبط ابن حجر، واستدل بحديث عند النسائي: ((لا يموتن فيكم ميت ما كنت بين أظهركم إلا آذنتموني به فإن صلاتي عليه له رحمة)) يعني يصلي عليه النبي -عليه الصلاة والسلام-؟ حتى يصلي عليه النبي -عليه الصلاة والسلام- متجه، نعم. قال -رحمه الله-: وعن عبد الله بن جعفر -رضي الله عنهما- قال: لما جاء نعي جعفر حين قتل قال رسول -صلى الله عليه وسلم-: ((اصنعوا لآل جعفر طعاماً فقد أتاهم ما يشغلهم)) أخرجه الخمسة إلا النسائي. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى- في هذا الحديث:

وعن عبد الله بن جعفر -رضي الله عنهما- قال: لما جاء نعي جعفر بن أبي طالب، جعفر الطيار المعروف، حينما قتل بمؤتة مع صاحبيه، حين قتل قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((اصنعوا لآل جعفر طعاماً)) أهل الميت شغلوا بميتهم، وبخبر وفاته، وذهلوا بهذا فلم يكن عندهم من الفراغ ما يمكنهم من صنع الطعام فأمر النبي -عليه الصلاة والسلام- بصنع الطعام لهم ((اصنعوا لآل جعفر طعاماً فقد أتاهم ما يشغلهم)) ويلهيهم عن صنع الطعام، فيعانون بهذا، وهذا الحديث حديث حسن، بل قال الترمذي: حسن صحيح، فصنع الطعام لأهل الميت سنة ((اصنعوا لآل جعفر طعاماً)) أقل أحوالهم السنية؛ لأنه جاءهم ما يشغلهم، لكن يصنع لهم بقد الحاجة، أما المباهاة بصنع الطعام؛ لأنه جاءهم ما يشغلهم فمثل هذا كان الاجتماع وصنع الطعام يعد من النياحة، هذا إذا كان أكثر من قدر الحاجة، ومعلوم أن الناس تعارفوا فيما بينهم سواء كان في الضيافات أو في غيرها أن الطعام لا بد أن يزاد فيه، ويحسب للنوائب حسابها، فلا يحسن أو يجمل لمن أراد أن يصنع لهم طعاماً فيقول: كم أنتم؟ فيأتي بعددهم، يقدر ما يكفيهم ويكفي أقاربهم الذين جاءوا لهم وضيوفهم لا بأس، وهذا أصل في الباب، فصنع الطعام لأهل الميت سنة، هذا أقل أحواله، أما المباهاة والمبالغة فقد تكون هذه الظروف مكان للمباهاة، ودعوة الناس واجتماعهم عليها بقصد، يعني وجد في مثل هذه المناسبات شيء ما يخطر على البال، يعني إذا كنت سمعتم بولائم الأعراس التي هي في غاية السرف التي ينفق فيها عشرات بل مئات الألوف وجد في مثل هذا الظرف، وجد، فهذا لا شك أنه لا يجوز بحال السعة فضلاً عن حال الضيق في مثل هذا، ولذا الشرع لا يأتي بما يخالف الفطر، يعني عزاء عزاء لكن بالحد الشرعي، ولذا يكره أهل العلم كثرة الكلام في أمور الدنيا والضحك وتبادل النكت والطرائف أثناء حزن بعض الناس، كما أنه يستحب أن يرى أن في الدين فسحة في أيام الأعياد والأعراس وما أشبهها، لكن بالتوسط في هذا وفي هذا، لا بد من التوسط، ولا بد من مراعاة الآداب الشرعية في البابين، فالمنع بالكلية من صنع الطعام مخالف لهذا الحديث، والتوسع فيه توسع غير مرضي وغير مقبول في الظروف العادية

هو في هذا لا شك أنه في مثل هذا الظرف أولى بالمنع، نعم. قال الحافظ -رحمه الله-: وعن سليمان بن بريدة عن أبيه -رضي الله عنه- قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يعلمهم إذا خرجوا إلى المقابر أن يقولوا: ((السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنا -إن شاء الله- بكم لاحقون، نسأل الله لنا ولكم العافية)) رواه مسلم. هذا حديث سليمان بن بريدة -رحمه الله- عن أبيه -رضي الله تعالى عنه- قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يعلمهم إذا خرجوا إلى المقابر صيغة السلام، يعلمهم صيغة السلام على أهل القبور، السلام على أهل الديار، والسلام جاء في التعريف هذا بالنسبة للسلام على الميت، السلام، وأما بالنسبة للسلام على الحي فأنت مخير إن شئت فعرف، وإن شئت فنكر، ولذا يقول أهل العلم: ويخير في تعريفه وتنكيره في سلام على الحي، مفاده أن الميت يعرف ولا ينكر؛ لأن النصوص كلها جاءت بالتعريف، أما بالنسبة على السلام على الحي فجاءت بهذا وهذا. السلام على أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، ولا شك أن المقبرة يقال لها: دار، دار قوم مؤمنين، فهي دار وهي مسكونة ومعمورة بأهلها، السلام على أهل الديار من المؤمنين والمسلمين وإنا -إن شاء الله- بكم للاحقون، إن شاء الله وهذه المشيئة هل فيها شك؟ تفيد شك في اللحاق بهم؟ يعني هل يشك أحد في الموت؟ يعني إذا شكت طوائف في البعث فإن الموت لا يشك فيه أحد، وإنما هذا المشيئة إنما هي للتبرك، وإنا -إن شاء الله- بكم للاحقون، أسال الله لنا ولكم العافية، دعاء ينفع بها الموتى، ينفع الله به الموتى، فهكذا ينبغي أن يقال، نسأل الله لنا ولكم العافية، فالعافية يطلبها .. ، وقد أمر بطلبها في حال الحياة، العفو والعافية في الدنيا والآخرة أمر مطلوب، وجاء الأمر به، فزيارة القبور جاء الحث عليها كما تقدم، ومن فوائدها أن ينتفع الميت بالسلام والدعاء له، نعم. قال: وعن ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما- قال: مر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بقبور المدينة فأقبل عليهم بوجهه، فقال: ((السلام عليكم يا أهل القبور، يغفر الله لنا ولكم، أنتم سلفنا ونحن بالأثر)) رواه الترمذي، وقال: حسن.

هذا الحديث حسنه الترمذي وفيه ضعف، لكن لعله حسنه بشواهده له شواهد، عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: مر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بقبور المدينة، فأقبل عليهم بوجهه، فقال: ((السلام عليكم يا أهل القبور يغفر الله لنا ولكم، أنتم سلفنا ونحن بالأثر)) معناه معنى ما تقدم، السلام عليكم أهل الديار هم أهل القبور، يغفر الله لنا ولكم، وهنا قال: أسأل الله لنا ولكم العافية، وهناك قال: وإنا -إن شاء الله- بكم لاحقون، وهنا قال: أنتم سلفنا ونحن بالأثر، فالمعنى واحد، فالميت ينتفع بالدعاء إجمالاً، الميت ينتفع بالدعاء اتفاقاً، وينتفع بالصدقة بلا خلاف، وينتفع بالحج والعمرة ((حج عن أبيك واعتمر)) هذه أمور تقبل النيابة، الدعاء والصدقة والحج والعمرة، والخلاف في وصول الثواب، وإهداء الثواب للأموات أو الأحياء مسألة معروفة عند العلماء، فمنهم من يقصر الوصول على هذه الأمور المذكورة، ويجعل ما عداها على خلاف الأصل، فتبقى هذه مستثناة، ومنهم من يقول: أي قربة فعلها المسلم أي قربة فعلها يدخل في ذلك الصلاة والصيام والصدقة والحج وغيرها، أنواع القرب أي قربة فعلها ثم أهدى ثوابها لحي أو ميت وصلت، كثير من الناس يقرأ القرآن ويقول: اللهم اجعل ثواب القراءة لفلان، من الطرائف شخص من عوام المسلمين مكثر لقراءة القرآن إذا ختم قال: اللهم اجعل ثوابها لوالدي، إذا ختم ثانية لوالدتي، إذا ختم ثالثة لجدي لجدتي، لعمي لعمتي، هذا ديدنه وهو ماشي يعني على قاعدة على المذهب، المذهب يقول بهذا، إمام المسجد وهو من الشيوخ الكبار ما يرى هذا، أن الثواب ما يصل إلى فيما ورد فيه النص، يقول له: يا فلان أنت تفعل شيء ما له أصل، وكان رد هذا العامي من عوام المسلمين وأصحاب العبادة معروفين، قال: يا أخي شوف هذا الكلام بيصل إلى من؟ إلى الله -جل وعلا-، فإن وصل إلى أمي أو إلى أبي وإلا رجع إليّ، لن يذهب سدى -إن شاء الله تعالى-، يقول: لن يذهب سدى، يعني إن وصل وإلا رجع يعني ما هو برايح، لكن المسألة مسألة إيش؟ أن الإنسان يتعبد بشيء غير مشروع فهو من هذه الحيثية من يرى أنه لا يصل إلا ما ذكر لا شك أنه يمنعه من هذه الحيثية، وإلا فالله -جل وعلا- لن يضيع أجر من

أحسن عملاً، العمل لن يضيع، وعلى الإنسان أن يعمل وأما النتائج بيد الله -جل وعلا-، المقصود أن هذه المسألة خلافية، منهم من يرى أن الكل يصل، أي قربى يفعلها الإنسان تصل إلى من أهدى ثوابها إليه، ومنهم من يرى الاقتصار على ما ورد، فيحرص الإنسان أن يفعل لميته لا سيما من له حق عليه ما ذكر، وجاء من الأسئلة من يريد أن يضحي أو يفعل قربه ويهدي ثوابها إلى شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم والإمام أحمد وشيخ الإسلام الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب هذا لا شك أنه يؤجر على هذه النية بلا شك -إن شاء الله تعالى- لأنه ما الذي يربطه بهؤلاء؟ ما العلاقة التي تربطه بهؤلاء؟ نعم إلا الدين ونصر الدين، فهم من هذه الحيثية لا نشك أنه مأجور -إن شاء الله تعالى- أم الثواب المخصص لهذه العبادة فعلى الخلاف، نعم فعلى الخلاف، بعضهم يقول .. ، وقد سُئلت عن هذا في مناسبات، يريد أن يحج ويهدي ثواب الحجة للنبي -عليه الصلاة والسلام-، نقول: يا أخي النبي -عليه الصلاة والسلام- له مثل أجرك، الذي دلك على هذا الفعل، فمن دل على هدى كان له مثل أجر فاعله، له مثل أجر الأمة كلها، فليس بحاجة إليك، قال: ومع ذلك محبة النبي -عليه الصلاة والسلام- تدعوه، نقول: يا أخي ما فعله خيار الأمة، هذا كلام قلته في الإذاعة، سئلت عن هذا قلت: ما فعله خيار الأمة، قال: يمكن ما خطر ببالهم، قلت له: إذاً أنت لا يخطر ببالك، النبي -عليه الصلاة والسلام-. . . . . . . . .، شخص من الأثرياء يوصي في وصيته ألف حجة لآدم، وألف ضحية لحواء، وألف ما أدري إيش؟ طالب:. . . . . . . . . لا لا هذه لم يرد بها شرع، فعلى الإنسان أن يقتفي الأثر ولا يبتدع. هل نطلق عليه مبتدع. لا هذه بدعة، لا شك، والله الاقتصار على الوارد هو الأصل، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . هم على خير -إن شاء الله تعالى-، والله -جل وعلا- لن يضيع أجر من أحسن عملاً. يعني برأيك يا شيخ. والله رأي أنا الاقتصار على الوارد، وما في معناه، يعني أبواب الصدقات كلها، كل ما يتعلق بأمور الحج والعمرة، كلما يتعلق ... ، على كل حال فضل الله واسع، والخلاف موجود بين أهل العلم. طالب:. . . . . . . . .

على كل حال هذه القصص معروفة، نعم. قال -رحمه الله-: وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا تسبوا الأموات فإنهم قد أفضوا إلى ما قدموا)) رواه البخاري، وروى الترمذي -رضي الله عنه- نحوه، لكن قال: ((فتأذوا الأحياء)). يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا تسبوا الأموات)) السب عند ما يكون بالشتم، وإظهار المساوي، وكشف الأسرار، الأموات: والأموات جنس عند بعض أهل العلم يشمل المسلمين والكفار، فلا يسب الميت؛ لأنه قد أفضى إلى ما قدم، سوف يواجه حكماً عدلاً لا يظلمه، فيجازيه على حسناته، ويعاقبه على سيئاته، فالسب لا نتيجة له، ولا فائدة منه، لكن إذا ترتب عليه مصلحة، ولم يقصد السب، وإنما قصد النصيحة، وهذا يظهر جلياً في جرح الرواة، حينما يقال: فلان كذاب سبيناه وإلا ما سبيناه؟ سبيناه لكن ويش يترتب على هذا؟ يترتب على هذا التصحيح والتضعيف، صيانة الدين مقدمة على حرمة الأشخاص، فكوننا ننهى عن سب الأموات لا يعني أننا نحذر من هذا الكذاب أو هذا الضعيف أو هذا المبتدع الذي يخشى من بدعته، ويش المانع من أن يقال: فلان معتزلي؟ كونك تصفه بالاعتزال أو جهمي أو رافضي هذا سب له، لكن لا يمنع تحذيراً من بدعته التي يخشى ضررها، فالنهي عن السب كسب الأحياء لا يجوز غيبة الأحياء بحال، إلا إذا ترتب عليها مصلحة أعظم منها، والله -جل وعلا- حكى ما حكى عن الأمم السابقة، وذكر كفرهم وجرائمهم وتكفيرهم للأنبياء وقتلهم لهم، وهم قد أفضوا إلى ما قدموا، لكن لما يترتب على ذلك من المصلحة الراجحة؛ لأنه كما يقول عمر وغيره: مضى القوم ولم يرد به سوانا {لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ} [(111) سورة يوسف] ليست لمجرد التفكه بأعراضهم وأفعالهم، لا إنما لنعتبر ونتعظ ونزدجر لئلا تكون العاقبة واحدة، جاء في الجنازة التي مر بها على النبي -عليه الصلاة والسلام- فأثنوا عليها شراً فلم ينكر عليهم، بل أقرهم على ذلك، وقال: وجبت، يعني النار، وجاء في ذمه أنه كان فظاً غليظاً، جاء في ذكره أنه كان فظاً غليظاً، ولم ينكر عليهم ذمه، ولم ينكر عليهم، فإما أن يقال: إن هذا كان قبل النهي، أو يقال: إن مثل هذا شره ظاهر ولا يستتر به، ولا يخفيه، وما كان مما يظهره الإنسان ويخشى من تعديه إلى غيره، ويقتدى به فيه يحذر منه.

يقول: وروى الترمذي عن المغيرة نحوه، لكن قال: ((فتأذوا الأحياء)) يعني إذا كان لهذا الميت الذي أرتكب ما ارتكب مما يبرر سبه هو يتأذى به، ويتأذى به قريبه الحي، لا شك أن الإنسان لا يرضى أن يذكر قريبه بما يسوؤه، فيتأذى بذلك، وأذية المؤمنين سواء كانوا أحياء أو أموات محرمة، {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا} [(58) سورة الأحزاب] المقصود أن مثل هذا المؤذي يمنع في حق الحي والميت، لا سيما المسلم، وأما الكافر فمحل خلاف ولا أعظم من وصفه بالكفر، نسأل الله السلامة والعافية، لا سيما إذا كان مما يستريح منه المسلمون، أقول: من الأذية للميت القعود على قبره، والمشي عليه، القعود على القبر والمشي عليه، وجاء في الحديث الصحيح: ((لأن يقعد أحدكم على جمرة فتحرق ثيابه فتخلص إلى جلده خير له من أن يجلس على قبر)) وجاء في حديث أبي مرثد: ((لا تصلوا إلى القبور، ولا تجلسوا عليها)) فالجلوس على القبور محرم، وجاء عن ابن عمر وعن علي -رضي الله عنه- أنه كان يضطجع على القبر، ويجلس عليه، ولعل النهي لم يبلغهما، ولذا قال مالك: إن القعود على القبر بالنسبة للجلوس العادي لا شيء فيه، وحمل ما جاء من النهي عنه على القعود لقضاء الحاجة، لكنه تأويل مستكره بعيد، بعيد جداً يعني، يعني الإنسان .. ، أليس من الامتهان أن يوطأ القبر وقد نهي عن المشي في النعال بين القبور لا على القبور فكيف بالقعود؟ نعم هذا لا شك أن هذا التأويل بعيداً جداً من الإمام، والإمام معروف حد يبي يقدح في ذاته، إمام دار الهجرة، ونجم السنن، ولا أحد يتطاول عليه، لكن تأويله هذا ضعيف، ونكون بهذا انهينا كتاب الجنائز، وفي درس العشاء -إن شاء الله تعالى - ننهي كتاب الزكاة، وأما كتاب الصيام فسوف يعلن عنه لاحقاً في دورة مدتها ثلاثة أيام -إن شاء الله- الأربعاء والخميس والجمعة قبيل رمضان للمناسبة -إن شاء الله تعالى- وننهيه -إن شاء الله- ...

كتاب الزكاة

بلوغ المرام - كتاب الزكاة (1) الشيخ/ عبد الكريم الخضير هذا يقول: هل لصلاة الجنازة دعاء استفتاح؟ صفة الصلاة تأتي -إن شاء الله تعالى-؛ لكن في حديث أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- مخرج في الصحيحين وغيرهما أنه سأل النبي -عليه الصلاة والسلام- عن سكوته بين التكبير والقراءة في الصلاة فرأيت سكوتك بين التكبير والقراءة ما تقول؟ عموم الخبر يشمل، إلا أن صلاة الجنازة سرية، فلا يدرى ما يقال، والصلاة المسؤول عنها سكوت بين التكبير والقراءة يدل على أنها جهرية، وألحق بها الصلاة السرية لكن هل المراد بالصلاة جنس الصلاة؟ فيدخل فيها كل صلاة؟ أو المراد الصلاة المعهودة ذات الركوع والسجود فتخرج صلاة الجنازة؟ العلماء لا يذكرون دعاء الاستفتاح في صلاة الجنازة؟ وإنما يقرأ بعد التكبيرة الأولى الفاتحة؛ لكن من أدخلها في عموم حديث أبي هريرة بناءً على أن المراد بالصلاة الجنس -جنس الصلاة- له وجه؛ لكن يبقى أن الدلالة ليست قوية على هذا، كقوتها في الدلالة على الاستفتاح للصلوات الخمس، و (أل) هذه يحتمل أن تكون جنسية، فتشمل جميع الصلوات بما في ذلك صلاة الجنازة، والسكوت المسؤول عنه إنما هو في الصلاة الجهرية، وحكم الجهرية والسرية واحد بالنسبة للصلاة المعهودة ذات الركوع والسجود، فإذا ألحقنا صلاة الجنازة بالصلاة السرية بناءً على أن (أل) للجنس فيشملها السؤال؛ لأن السؤال وقع عن الصلاة وصلاة الجنازة صلاة اتفاقاً هي صلاة، وإن لم تكن كالصلاة المعهودة ذات الركوع والسجود، على كل حال من تمسك بهذا الحديث بعمومه، ورأى أنه يشمل الجنازة له وجه، بينما الصلاة المعهودة تدخل دخولاً أولياً بما في ذلك السرية، وإن كان الظاهر من السؤال أنه في الجهرية. يقول: ما حكم تقبيل النساء المحارم بعد وفاتهن؟ ثبت تقبيل الرجال للرجال، والمرأة إذا كانت من المحارم التقبيل بالنسبة لها في حال الحياة، التقبيل فيما يختص بين الزوجين من تقبيل للفم والخدين، وما أشبه ذلك مما يكون مثار فتنة، فلا يجوز لا في الحياة ولا بعد الممات؛ لكن لو كانت امرأة عليها حق أم وإلا خالة وإلا عمة وإلا أخت كبيرة وقبلها، قبل رأسها، أو ما أشبه ذلك، لا بأس.

يقول: متى يسوغ لطالب العلم أن يقول عن أحد المشايخ أنه شيخه، وأنه درس عنه، ويروي عنه، ويقول: قال شيخنا عندما يقرأ كتاب له؟ يقرأ له كتاب، إذا لم يمثل بين يديه ويحضر دروسه، ويناقشه مما تدل له التلمذة عرفاً، وإلا لا يحق له ذلك، قد يقول قائل: إن سماع الأشرطة يغني عن الحضور، لا سيما من لا يتسنى له الحضور، نعم يغني عن الحضور إذا لم يتمكن الطالب من الحضور، وفيه خير -إن شاء الله-؛ لكن عليه أن يبيّن ولا يدلّس؛ لأنه إن قال: قال شيخنا من غير بيان فهذا تدليس يوهم بأنه رحل إليه، وطلب العلم بين يديه، يقول شيخه من خلال الأشرطة من خلال الانترنت، من خلال الكتب والمؤلفات فلا بأس إذا بيّن، يقول: لا يحضر له محاضرة أو أكثر، يحضر له عدداً من الدروس، يقرأ عليه متن أو أكثر؟ إذا قرأ عليه متن كامل أو أكثر من متن هذا ما فيه إشكال؛ لكن حضر له درس أو حضر له محاضرة، وأراد أن يتكثر بذلك، تنقل بين الشيوخ، من شيخ إلى شيخ، فيثبت في ثبته في النهاية أن له من الشيوخ المئات والألوف، هذا لا شك أنه تشبّع، والأمور بمقاصدها. وهل يشترط أن يعرفه الشيخ باسمه أو بشكله؟ لا يشترط أن يعرفه الشيخ. هل يشرع لمن فاتته صلاة الكسوف جماعةً أن يصليها فراداً؟ إذا كان السبب قائماً والكسوف ما زال، يصليها فراداً، أما إذا انجلى الكسوف انتهى وقتها. هل يجوز للإنسان أن يوصي أن يكفّن في ثياب الإحرام التي يحج بها؟ ليس لها مزية عن غيرها. يقول: عود الروح لبعض الموتى أصحيح هو أم ممتنع؟ وما وجه امتناعه أهو امتناع شرعي أم عادي؟ جاء قوله تعالى: {وَمَا أَنتَ بِمُسْمِعٍ مَّن فِي الْقُبُورِ} [(22) سورة فاطر] وجاء بالنسبة لندائه -عليه الصلاة والسلام- لأهل القليب أنهم سمعوا كلامه، وجاء في الحديث: إنه ليسمع قرع نعالهم، فالأصل أن الروح فارقت الجسد، وإذا فارقت الروح الجسد أنه لا يسمع ولا يحس؛ لكن يقتصر على ما ورد على الموضع الذي ورد فيه النص، يسمع قرع النعال، وأيضاً النبي -عليه الصلاة والسلام- أسمع من في القليب، والرسول -عليه الصلاة والسلام- أيضاً ترد إليه روحه فيرد السلام. يقول: ما صحة ما يروى في خبر المرأة التي مات ابنها فدعت الله فأحياه لها؟

ما أدري والله. يقول: هل ينصح من هو شديد الخوف من سكرات الموت لعلمه بقلة صبره وتيقّن جزعه أن يسأل الله كثيراً أن يميته عند حضور أجله بدون سكرات؟ يعني بسكتة قلبية؟ إذا كان يخشى أن يقول كلمةً يزل فيها في آخر عمره بسبب شدائد الموت له ذلك، وإلا فالأصل أن ما يصيب المسلم يضاعف له في أجره، يعني ما يصيبه من تعب عند سكرات الموت، والمؤمن يموت بعرق الجبين، من أجل أن يضاعف له في أجره، فلا يحرم نفسه هذا الأجر، بل عليه أن يصبر ويوطّن نفسه ويحتسب؛ لكن إن كانت خشيته مبعثها أنه يخشى أنه إذا حصل له شيء من هذه الأمور المهولة إنه لا يصبر على ذلك وينطق بكلمةٍ أثناء جزعٍ تضره في دينه، بل تكون سبباً في سوء خاتمته، لا أعرف ما يمنع من ذلك. يقول: أننا سمعنا عن مكتب، ونحن نستبشر بذلك كثيراً، ونسأل الله أن يجعل ذلك سبباً في معونة الشيخ في إبراز شروحه ودروسه مكتوبةً، ليعمّ النفع بها أكثر، وتبقى صدقةً جاريةً على شيخنا، فهل نطمع -حفظكم الله- أن يسدّ ذلك المكتب هذا المسد؟ وما هو تصوركم حوله؟ العلماء ألفوا ودرّسوا، درّسوا علموا وألفوا كل واحد بمفرده، دون مساعدة أحد، الذي العمل لا ينبعث من ذاته فلا يستفيد من الناس؛ لكن لما أرادوا وطُلب المكتب قلت: هل يعينني المكتب على تحضير دروسي، وعلى إلقاء دروسي؟ قالوا: هذا أمر يخصك، وش الفائدة من المكتب؟ قالوا: تفرغ الأشرطة، وتحرر، وتنقّح وتعرض عليك، قلت لهم: أن قناعتي أن ما في الأشرطة لا يصلح أن يكون مؤلفاً، قد تلجئ إليه الضرورة والحاجة فيما بعد، يعني لو عاجلت المنية قبل أن ينظر الإنسان في عمله بنفسه، وتحروا الدقة في التفريغ، نعم تكون المسألة مسألة حاجة، أحسن من لا شيء، وإلا عندي قناعة تامة أن ما يلقى ويستساغ سماعه غير ما تستساغ قراءته، والمكتب في بداياته، مع أنه ليس رغبةً لي أبداً. يقول: ما هو رأيك في والدٍ يقول لولده: إن لم تقل للقاضي في مسألة طلاق التعليق أني طلقت والدتك طلاق تعليق، فإني سوف أذمك عند القاضي حتى يكرهك؟ يعني يريد أن يبلغ القاضي سؤاله، ما فهمت المقصود حقيقةً.

يقول: انتشر بين الطالبات لباس مريول، كتفصيل لباس ثياب الرجال دون فارق في أغلب صفاته، دون ما يماثله تماماً؟ ما أدري والله، ركيك السؤال. لكن مشابهة المرأة للرجال حرام، وجاء لعن المتشبهة من النساء بالرجال والعكس، فلا يجوز التشبه بالرجال لا في نوع القماش، ولا في كيفية تفصيله. يقول: هل يجوز في صلاة الميت التكبير أكثر من أربع تكبيرات؟ هذا سيأتي -إن شاء الله تعالى-. والأسئلة كثيرة جداً، فنقتصر منها على هذا، أين القارئ؟ يعني بيختلف القارئ عن ... الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، قال الحافظ ابن حجر -رحمه الله-: كتاب الزكاة: عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- بعث معاذاً -رضي الله عنه- إلى اليمن، فذكر الحديث، وفيه: ((إن الله قد افترض عليهم صدقةً في أموالهم تؤخذ من أغنيائهم فترد في فقراءهم)) متفق عليه، واللفظ للبخاري. الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: كتاب الزكاة:

والزكاة: أصلها النماء والتطهير، فبها يزكو المال، ويكثر وينمو، وبها يزكو صاحب المال، ويبارك له، وهي طهرة للمال ولصاحبه {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ} [(103) سورة التوبة] يعني أصحاب الأموال، وزكاة الفطر طهرة للصائم، وزكاة المال طهرة لصاحب المال، وهي أيضاً نماء وزيادة في المال، وقد يقول قائل أن صاحب الألف إذا أدّى زكاته صار بعد أن كان ألفاً صار تسعمائة وخمسةً وسبعين، فأين الزيادة؟ وأين الزكاة؟ وأين النماء؟ هو نقص، وسيأتي الأمر بالاتجار في أموال الصبيان لئلا تأكلها الصدقة، أما من حيث الظاهر فالزكاة بحسم المقدار الواجب ينقص المجموع الكلي، هذا من حيث الظاهر؛ لكن في حقيقة الأمر وباطنه والواقع يشهد بذلك، الواقع يشهد بهذا أنها زيادة في المال، وترك الزكاة محق للمال، وذهاب لبركته، وكم من شخصٍ جمع الأموال، وشحّ بالواجب فذهبت أمواله سدى، ولم ينتفع بها، بل صارت وبالاً عليه والأمثلة على ذلك كثيرة، إذا عرفنا هذا، ومن المعلوم بالضرورة من دين الإسلام أن الزكاة ركن من أركان الإسلام، حتى لو كانت نقص، افترض أنها نقص، كما يدعيه بعضهم: "ما هي إلا جزية أو أخت الجزية" افترض أنها نقص هي قبل ذلك ركن من أركان الإسلام، في حديث عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- في الصحيحين وغيرهما: ((بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة)) ركن من أركان الإسلام، يرى جمع من أهل العلم كفر مانع الزكاة، وهو قول معروف يشمله القول بكفر تارك أحد الأركان الخمسة، أما بالنسبة للشهادة محل إجماع أنه لا يدخل في الإسلام إلا إذا شهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وأما بالنسبة للصلاة فدلت النصوص الصحيحة الصريحة على كفر تاركها، والصحابة لا يرون من الأعمال شيء تركه كفر إلا الصلاة، وأما بالنسبة للزكاة فقال بكفره، كفر مانعها بعض العلماء، ورواية في مذهب أحمد، انتصر لها بعض أصحابه ككفر تارك الصيام وترك الحج بل أولى؛ لأنها قرينة الصلاة، وقد قاتل أبو بكر الصديق -رضي الله تعالى عنه- بالاتفاق مع الصحابة من منع الزكاة، قاتلوهم وأقسم أبو بكر -رضي الله تعالى

عنه- أن يقاتل من فرّق بين الصلاة والزكاة، فالأمر خطير ليس بالسهل، فالواجب على من بلغت أمواله النصاب، وحال عليها الحال أن يخرجها طيبةً بها نفسه، والمؤمل في المسلم أن يدفع أكثر من الزكاة، والخلاف في المال هل فيه حق غير الزكاة أو ليس فيه حق سوى الزكاة؟ وجاء من حديث عائشة -رضي الله عنها- النفي والإثبات: (ليس في المال حق سوى الزكاة) وجاء عنها (إن في المال حقاً سوى الزكاة) فلا شك أن في المال حقوق واجبة غير الزكاة، حقوق واجبة غير الزكاة مما يتعيّن عليهم من نفقات، ومن ضيافة ضيف، ومن إغاثة ملهوف، لا يجوز البتّة أن يجوع المسلم وله جيران من ذوي اليسار، يجب على المسلم أن يسدّ خلّة أخيه، هذا واجب في ماله، ففي المال من هذه الحيثية حق سوى الزكاة، وقد ذمّ الله -جل وعلا- الذين يمنعون الماعون، وأما بالنسبة للفرض المقدّر فليس في المال حق سوى الزكاة، فيصح حينئذٍ النفي والإثبات، وحمل النفي على صور، والإثبات على صور، والزكاة يقول أكثر العلماء: أنها فرضت في السنة الثانية من الهجرة، قبل فرض الصيام.

وفي الحديث الأول: يقول الحافظ -رحمه الله- عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- بعث معاذاً إلى اليمن، بعث معاذاً -رضي الله تعالى عنه- إلى اليمن فذكر الحديث بطوله، وكان بعث معاذ في السنة العاشرة قبل أن يحج النبي -عليه الصلاة والسلام-، أو في السنة التاسعة أو في السنة الثامنة على خلافٍ بين أهل العلم في ذلك، بعثه إلى اليمن معلماً وداعياً، وأخبره -عليه الصلاة والسلام- أنه يقدم على قومٍ أهل كتاب ليتأهب لدعوتهم ومجادلتهم ومحاجّتهم، فدعوة من عنده علم تختلف عن دعوة من لا علم عنده، دعوة العامي سهلة، العامي سهل القياد؛ لكن من عنده علم من أنصاف المتعلمين الذي حفظ بعض الشيء الذي يحاجّ ويجادل فيه، اطلع على بعض المتشابهات مثل هذا يصعب إقناعه؛ لكن مع ذلك دعوته منها، فأخبره النبي -عليه الصلاة والسلام- أنهم أهل كتاب ليتأهب لدعوتهم، فقال له النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله)) هذا أوجب الواجبات، وأول ما يجب على المكلف، بل يفرض عليه، خلافاً لمن قال إن أول الواجبات النظر أو القصد إلى النظر أو الشك كما يقول المتكلمون، ((أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله)) هذا أول ما يجب، فإذا أذعنوا، وقالوا لا إله إلا الله محمد رسول الله، أقروا بالشهادتين، واعترفوا بهما، تدرّج في دعوتهم حسب الأهمية، ((فإن هم أطاعوا لك بذلك فأخبرهم أن الله قد افترض عليهم خمس صلوات في اليوم والليلة)) فلا يدعى إلى الصلاة من لا يشهد أن لا إله إلا الله، ولا يؤمر بها، وهذه حجة من يقول: أن الكافر غير مخاطب بالفروع؛ لأن الأصل شرط لصحة الفروع، وما دام لا يخاطب بها أثناء كفره، ولا يؤمر بها إذا أسلم بقضائها، فما الفائدة من خطابه بها، والجمهور على أن الكافر مخاطب بالفروع، وإن كان لا يؤمر بها حال كفره، ولا يؤمر بقضائها إذا أسلم، إلا أنه يعاقب عليها ويعذب على تركها إضافةً على عقوبته وعذابه بترك الأصل الذي هو الإيمان، ولا شك أن الإيمان شرط للصحة؛ لكن مقتضى قول من يقول بهذا الرأي، رأي أنه لا يأتي بالمشروط قبل أن يتحقق الشرط، ولا يؤمر به

مقتضى هذا أنك إذا رأيت شخصاً وقد أقيمت الصلاة ما تقول له: صل، ما تأمره بالصلاة، تأمره بالوضوء، فإن توضأ تقول له: صل، يعني أنت مررت في طريقك إلى المسجد برجل مكلف عاقل مسلم واقف بقرب المسجد تقول له: صل وإلا تقول له: توضأ؟ لا بد أن يؤمر بالصلاة، وأمره بالصلاة أمر بجميع ما تطلبه الصلاة، مقتضى قول الحنفية، وأنه لا يؤمر وليس بمأمور ولا مكلف إلا إذا أسلم يقتضي هذا أننا إذا رأينا شخصاً لا نقول له: صل حتى نتأكد أنه متوضي، وليس معنى هذا أن الصلاة تصح منه إذا أداها قبل أن يسلم أو أن الصلاة تصح منه إذا أداها قبل أن يتوضأ، ((لا يقبل الله صلاةً بغير طهور)) ((لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ)).

((فإن أطاعوا لك في ذلك فأخبرهم أن الله قد افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم وترد في فقرائهم)) وهذا هو الشاهد في الحديث، يعني استجابوا وأذعنوا بالشهادتين والصلاة، فأخبرهم بالركن الثالث، أن الله -جل وعلا- قد افترض عليهم صدقة في أموالهم تؤخذ من أغنيائهم فترد في فقرائهم، لو قال قائل مثلاً دُعي هذا الكافر فاستجاب إلى الشهادتين ورفض أن يصلي، هل يؤمر بالزكاة؟ لا سيما إذا كان الداعية هذا الذي تولى دعوة هذا الكافر لا يرى كفر تارك الصلاة؟ يعني هذا الكافر المدعو شهد أن لا إله إلا الله، وغني عنده أموال، يقول: أنا مستعد أشهد أن لا إله إلا الله، وأؤدي زكاة مالي، لكن ما يصلي، رفض أن يصلي، هذا إن لم يعترف بوجوبها، هذا لم يدخل في الإسلام بالكلية، عند جميع العلماء، إذا لم يعترف بوجوبها، أما إذا أقرّ بوجوبها ورفض بل ترك فعلها تكاسلاً أو عجزاً تهاوناً، فهل تؤخذ منه الزكاة، أو نقول النبي -عليه الصلاة والسلام- قال لمعاذ: ((فإن هم أطاعوا لك بذلك)) يعني صلوا، فأمرهم بالزكاة، يعني نفترض المسألة مع طلوع الشمس، وجد كافر، فدعاه إلى الشهادتين فتشهّد، ودعاه إلى الصلاة فأقر بوجوبها، والآن باقي على الصلاة خمس أو ست ساعات إذا اعترف بوجوبها يؤمر بالزكاة أو إذا صلى يؤمر بالزكاة؟ إيش معنى الطاعة؟ يعني هل ننتظر حتى يأتي وقت صلاة الظهر ويصلي ثم نخبره أن الله قد افترض عليه زكاة؟ نعم إذا اعترف بوجوبها، إذا تشهد دخل في الإسلام، ثم اعترف بوجوب الصلاة، يؤمر بالزكاة، وينتظر في أمره حتى ينظر هل يصلي أو لا يصلي؟ إذا صلى انتهت المشكلة، إذا لم يصلِ فيعامل معاملة غير المسلم، معاملة مرتد عند من يقول بكفره، بكفر تارك الصلاة، على الخلاف الطويل بين أهل العلم في مقدار الترك، وفي كيفيته، المقصود أن هذه الأمور مرتب بعضها على بعض، وهذا منهج نبوي للدعوة من جيران المسجد، افترض من جيران المسجد من لا يصلي، وهو مرتكب لبعض المحرمات، مسبل ويدخن وما أشبه ذلك، هل تكون دعوته بترك الدخان والإسبال أو بالصلاة؟ بالصلاة، ثم بعد ذلك إذا أذعن وصلى ينظر في الأمور الأخرى، ولذا يجب أن يكون الداعي حكيماً يعرف بما يأمر، وكيف يأمر؟ ويرتب الأمور

وأولويات الأمور، نعم إن وجد هناك شيء يفوت فالذي يفوت يقدم، فلو افترضنا أن شخصاً لا يصلي، جار للمسجد، ولا يرى في المسجد، ومع ذلك عرفنا أنه يريد أن يرتكب الفاحشة، فيريد أن يزني بامرأة، أو يلوط بغلام، أو ما أشبه ذلك، وهذا أمر يفوت إن تركناه حتى يصلي، أيهما أعظم هذه الفاحشة أو ترك الصلاة؟ ترك الصلاة أعظم، لكن لو رتبنا هذه الأولويات، وقلنا: ما دام ما يصلي يسوي الذي يبي، المسألة أولويات وفرائض الدين مرتبة، هل نقول: أنه لا نحول بينه وبين هذه المرأة، أو بينه وبين هذا الصبي حتى يصلي؟ لا، لأن هذه أمور تفوت، فالأمور التي تفوت لا بد أن يحال بينها وبين من أراد ارتكابها. ((افترض عليهم صدقة)) في هذا جواز إطلاق الصدقة على المفروضة، على الزكاة، خلافاً لمن قال: إن لفظ الصدقة يختص بالنفل، والحديث فيه ما يدل على إطلاق الصدقة على المفروضة (صدقةً في أموالهم) الصدقة في المال أو في الذمة؟ الصدقة تجب بعين المال أو بذمة صاحب المال؟ أو بعين المال ولها تعلق بالذمة؟ بمعنى أنه لو قلنا: أنها في الذمة المال ما له علاقة، بحيث لو تلف قبل وإلا بعد هي في ذمة صاحب المال، وإذا قلنا: أنها في المال لو تلف المال تلفت تبعاً له، وإذا قلنا: أن لها تعلق بالذمة، ربطنا بين الأمرين، قلنا: الأصل أنها في أموالهم؛ لكن ارتباطها بالذمة من أجل الضمان؛ لئلا يضيع حق الفقير.

((تؤخذ من أغنيائهم فترد في فقرائهم)) في الفقراء، وهذا مصرف من المصارف الثمانية، فيجوز أن تصرف الزكاة في واحد من المصارف الثمانية، ولا يلزم توزيعها على الثمانية؛ لأنه نص على الفقراء، نعم هم أشد حاجةً، ولا شك أن المسكين يشاركه في الحاجة، ولا يعني أننا لا نصرف على المساكين حتى نعدم الفقراء، ولا نصرف على غيرهم، إنما الصدقات على الفقراء والمساكين ولا نعطي العامل حتى نعدم المساكين وهكذا، لكن التنصيص على الفقراء لشدة حاجتهم في فقرائهم من أغنيائهم، يعني أغنياء هذا البلد، وفي فقرائهم فقراء البلد نفسه، وهذا دليل من يقول: لا يجوز نقل الزكاة من بلدٍ إلى آخر، والذي يقول: من أغنيائهم أغنياء المسلمين والفقراء، فقراء المسلمين، والمسلم الغني يجب عليه ما يجب في أي بلدٍ كان، والفقير يجب له ما يجب في أي بلدٍ كان، فيجوز على هذا نقل الزكاة من بلدٍ إلى بلد، لا سيما إذا اشتدت الحاجة، وإلا فالخلاف معروف في نقل الزكاة، فالخلاف معروف إذا وجدت الحاجة في هذا البلد فهم أحق به من غيره، وإذا كانت الحاجة أشد في بلدٍ آخر من بلدان المسلمين فالنقل قال به جمع من أهل العلم، والنص محتمل، جاء في تكملة الحديث: ((وتوقّ كرائم أموالهم)) ((واتق دعوة المظلوم، فإنه ليس بينها وبين الله حجاب)) فهذه الزكاة التي شرعت لرفع حاجة المحتاج ليست على حساب حاجة الأغنياء، فالشرع حينما يلحظ مصلحة الفقير لا يهدر مصلحة الغني، ولذا جاء بالأخذ من أوساط المال، فلا تؤخذ من الكرائم التي هي النفائس، إنما تؤخذ من أوساط المال، فإذا أخذ الساعي أو الوالي الزكاة من كرائم الأموال فهو ظالم، ولذا أردف النبي -عليه الصلاة والسلام- ذلك بقوله -عليه الصلاة والسلام-: ((واتق دعوة المظلوم، فإنه ليس بينها وبين الله حجاب)) فعلى الساعي ومن يتولى جباية الزكاة أن يتقي الله -جل وعلا- في مصلحة الفقير بما لا يظلم فيه الغني.

وعن أنسٍ أن أبا بكرٍ الصديق -رضي الله عنه- كتب له: "هذه فريضة الصدقة التي فرضها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على المسلمين، والتي أمر الله بها رسوله في كل أربع وعشرين من الإبل، فما دونها الغنم في كل خمسٍ شاة، فإذا بلغت خمساً وعشرين إلى خمسٍ وثلاثين ففيها بنت مخاضٍ أنثى، فإن لم تكن فابن لبون ذكر، فإذا بلغت ستاً وثلاثين إلى خمس وأربعين ففيها بنت لبون أنثى، فإذا بلغت ستاً وأربعين إلى ستين ففيها حقة طروقة الجمل، فإذا بلغت واحدةً وستين إلى خمسٍ وسبعين ففيها جذعة، فإذا بلغت ستاً وسبعين إلى تسعين ففيها بنتا لبون، فإذا بلغت إحدى وتسعين إلى عشرين ومائة ففيها حقتان طروقتا الجمل، فإذا زادت على عشرين ومائة ففي كل أربعين بنت لبون، وفي كل خمسين حقة، ومن لم يكن معه إلا أربع من الإبل فليس فيها صدقة إلا أن يشاء ربها، وفي صدقة الغنم في سائمتها إذا كانت أربعين إلى عشرين ومائة شاةٍ شاةٌ؟ ومائةِ شاةٍ شاةٌ، ما هي مكررة شاة؟ طالب: لا يا شيخ. لا، لا بد أن تكرر؛ لأن الأولى المجرورة تمييز، تمييز مجرورة بإضافة المائة، وشاةٌ مبتدأ مؤخر لقوله: "وفي صدقة الغنم في سائمتها إذا كانت". وفي صدقة الغنم في سائمتها إذا كانت أربعين إلى عشرين ومائةِ شاةٍ شاةٌ، فإذا زادت على عشرين ومائةٍ إلى مائتين ففيها شاتان، فإذا زادت على مائتين إلى ثلاثمائة ففيها ثلاث شياه، فإذا زادت على ثلائمائة ففي كل مائةٍ شاةٌ، فإذا كانت سائمة الرجل ناقصةً من أربعين شاةٌ شاةً تمييز منصوب. فإذا كانت سائمة الرجل ناقصةً من أربعين شاةً شاة واحدة فليس فيها صدقة إلا أن يشاء ربها، ولا يجمع بين متفرقٍ ولا يفرّق بين مجتمعٍ خشية الصدقة، وما كان من خليطين فإنهما يتراجعان بينهما بالسويّة، ولا يخرج في الصدقة هرمة، ولا ذات عوارٍ إلا أن يشاء المصّدق، وفي الرقّة في مائتي درهم". هرمة ولا ذات عوارٍ ولا تيس. طالب: ما هو مذكور يا شيخ. ما عندك؟ طالب: لا ما هي موجودة. وش الطبعة اللي معك؟ طالب: الداعي.

ولا يخرج في الصدقة هرمة، ولا ذات عوارٍ ولا تيس إلا أن يشاء المصّدق، وفي الرقّة في مائتي درهمٍ ربع العشر، فإن لم تكن إلا تسعين ومائة فليس فيها صدقة إلا أن يشاء ربها، ومن بلغت عنده من الإبل صدقة الجذعة، وليس عنده جذعة وعنده حقة فإنها تقبل منه، ويجعل معها شاتين بما استيسرتا له، أو عشرين درهماً، ومن بلغت عنده صدقة الحقة وليست عنده الحقة وعنده الجذعة فإنها تقبل منه الجذعة ويعطيه المصّدق عشرين درهماً أو شاتين" رواه البخاري.

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى- في هذا الحديث الذي جمعه الحافظ ابن حجر -رحمه الله تعالى- من مواضع من صحيح البخاري، البخاري جرت عادته -رحمه الله- بتقطيع الحديث الواحد حسب ما يستنبط منه من فوائد وأحكام، ويترجم على جمله بتراجم، هي فقه الإمام البخاري من هذه التراجم، الحافظ ابن حجر جمّع هذه الروايات، وساقها مساقاً واحداً، فالجمع والتفريق يجوز بشرطه، تقطيع الحديث الواحد إلى جمل يجوز عند أهل العلم شريطة أن لا يتوقف فهم المذكور على ما حذف منه، وهذه طريقة البخاري -رحمه الله- العكس إذا كان الحديث الواحد مفرقاً مقطعاً يجمع إذا أريد سياقه بتمامه فعلى سبيل المثال صحيفة همام بن منبه مشتملة على مائة واثنين وثلاثين حديث، جمل قطعها البخاري، وكذلك مسلم وغيرهما من الأئمة قطعوها في مواضع متفرقة تبعاً لما يستنبط منها، وهي مجموعة في الكتب التي تسوق الأحاديث على أسماء الصحابة ومسانيدها، فلا يتصور من الإمام أحمد أنه يقطع مثل هذه الصحيفة؛ لأنه لا يترجم بأحكام تستنبط من هذه الأحاديث المجتمعة، فصنيع الحافظ -رحمه الله- الذي جمع هذا الحديث من مواضع لا يوجد كامل بهذه الصورة في موضعٍ واحد، هذا صنيعه جائز، جمع المتفرق إذا كان السند واحد، لا بأس به، كما أن تفريق المجتمع بالشرط الذي ذكرناه لا بأس به، وأما من يقول: أنه لا بد أن يساق النص بفصه، فهذا الكلام يتجه لمن لم يتأهل لفهم النصوص، إذا كان التفريق يجوز في القرآن، تقتصر من الآية على ما أردت، لا يلزمك أن تسوق الآية كاملة، إذا كان ما بعد المسوق لا يتوقف عليه فهم المسوق، إذا كان المحذوف لا يتوقف عليه فهم المذكور، {إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} [(58) سورة النساء] يجوز لك ذلك إذا كنت تتحدث عن الأمانة، ولا يلزمك أن تقول: {وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ} [(58) سورة النساء] وإذا كنت تتحدث عن العدل تذكر الجملة الثانية ولك أن تترك الجملة الأولى، وهكذا.

عن أنس -رضي الله عنه- أن أبا بكر الصديق -رضي الله تعالى عنه- كتب له، الكتابة له والمكاتبة طريق معتبر من طرق التحمل، روى بها الصحابة فمن دونهم، وما زال الأئمة يتداولونها فيما بينهم، فالصحابي يكتب للتابعي، الصحابي يكتب للصحابي كما هنا وللتابعي، والتابعي لمن دونه إلى شيوخ الأئمة يكتبون لهم، يقول الإمام البخاري -رحمه الله-: كتب إليّ محمد بن بشّار، فالمكاتبة طريق معتبر من طرق التحمل. "كتب له هذه فريضة الصدقة" يعني هذا تقديرها التي فرضها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، يعني قدرها، وإلا فأصل الحكم الفرض والإيجاب من الله -جل وعلا-، ولذا قال: "والتي أمر الله بها رسوله" التي فرضها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قدّر الأنصبة، وما يؤخذ منها، وعيّن الأموال الزكوية التي تؤخذ منها الزكاة، التي فرضها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على المسلمين، والتنصيص على المسلمين لأنهم هم الذين يمتثلون ما فرض عليهم، وإلا فالكافر مخاطب بها على ما قرر في دخول الكفار في الخطاب بفروع الشريعة، وأشرنا إليه آنفاً. "والتي أمر الله بها رسوله" نعم فرضها ثابت في القرآن، ودل على فرضيتها الكتاب والسنة والإجماع، وهي ركن من أركان الإسلام، وأمرها عظيم، وشأنها خطير، وإذا منع الناس زكاة أموالهم حرموا القطر من السماء، نسأل الله السلامة، عقوبة لهم، جزاءً وفاقاً، فتلفت أموالهم بسبب حرمانهم القطر من السماء، تلفت أموالهم وزروعهم ومواشيهم، تلفت أنفسهم، والله المستعان. "في كل أربع وعشرين من الإبل، فما دونها الغنم" هناك زيادة في البخاري: "فإذا بلغت خمساً من الإبل ففيها شاة"، وهذه الرواية تغني عنها.

"في كل أربع وعشرين من الإبل فما دونها الغنم" يعني في الخمس شاة، وفي العشر شاتان، وفي الخمس عشرة ثلاث شياه، وفي العشرين أربع شياه، ثم إذا بلغت خمساً وعشرين .. الخ، سيأتي، في كل أربع وعشرين من الإبل فما دونها الغنم، هذا دليل للإمام مالك -رحمه الله تعالى- ورواية عن أحمد: أن الإبل لا تجزئ فيما دون الخمسة والعشرين، بمعنى أنه لو أخرج بعير عن العشرين، في الخمسة والعشرين يجزئ، في العشرين؟ على قولهم ما يجزئ، طيب أخرج عن الخمسة عشر بعير؟ ما يجزئ، عن العشر، عن الشاتين بعير ما يجزئ، عن الشاة الواحدة ما يجزئ. إذا نظرنا إلى القيمة ووجدنا أن الأربع الشياه أكثر قيمة من البعير هذا ما فيه إشكال؛ لأن هذا فيه ضرر على الفقير، قيمة البعير أقل من قيمة ثلاث شياه كذلك؛ لكن هذا اللفظ يفيد ويدل على ما ذهب إليه مالك، "في كل أربع وعشرين من الإبل فما دونها الغنم"، وتأخير المبتدأ مع كونه معروفة يدل على الحصر، والجمهور يجزون الإبل؛ لأن الزكاة والأموال الزكوية وما يؤخذ منها أمور معللة معروفة معقولة الحكمة، القصد منها نفع الفقير، فإذا أخذنا من الخمس والعشرين كون يفرض فيها الغنم مراعاةً لحال الغني، والغني تبرع بهذا لا يمنع من ذلك، هذه حجة الجمهور، إنما نصّ على الغنم إرفاقاً بالغني، فإذا تبرع من تلقاء نفسه وقال: بدلاً من أن أخرج شاة أخرج بعير، وإذا كان عندي عشرين أفترض أن عندي خمس وعشرين شريطة أن لا تكون قيمة البعير أقل من قيمة الشياه، هذا عند الجمهور أجازوه. "في كل خمسٍ شاة، فإذا بلغت" يعني زادت على الأربع والعشرين، "بلغت خمساً وعشرين إلى خمسٍ وثلاثين فيها بنت مخاضٍ أنثى"، من خمس وعشرين إلى خمس وثلاثين بنت مخاض أنثى، أكملت السنة، ودخلت في الثانية، والتنصيص على كونها أنثى تصريح بما هو مجرد زيادة في التوضيح، وإلا البنت أنثى معروفة.

"فإن لم تكن فابن لبونٍ ذكر"، يعني أكمل السنتين، ودخل في الثالثة، وهذا يدل على أن الأنثى أفضل من الذكر مع التساوي في السن، أما إذا زاد السن، سن الذكر على سن الأنثى تساويا، "فإن لم تكن" يعني فإن لم تجد فكان هنا تامة وإلا ناقصة؟ تامة، "فإن لم تكن" مثل ما في قوله -جل وعلا-: {وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ} [(280) سورة البقرة] يعني وجد ذو عسرة. "فإن لم تكن فابن لبونٍ ذكر" يعني إذا أكمل السنة الثانية، والتنصيص على كونه ذكراً كالتنصيص على الأنثى في بنت المخاض، تصريح بما هو مجرد زيادة في التوضيح، "فإذا بلغت ستاً وثلاثين، جاوز الخمسين والثلاثين إلى خمس وأربعين ففيها بنت لبونٍ أنثى"، قد يقول قائل: هذا عنده خمس وثلاثين، وهذا عنده ستة وثلاثين انتقلت الفريضة نقلة ليست بالسهلة من أجل رأس واحد انتقلت، وقد تكون قيمة الخمس والثلاثية أكثر من قيمة الستة والثلاثين، نقول: لأن الشرع يأتي بقواعد لا بد أن تكون دقيقة ومحددة، وإلا لو ترك التقدير للناس لكان كل واحد يدعي، فلا بد من ضبط الأمور، ولا يمكن ضبطها إلا بالعدد، أما الضبط بالأوصاف فيتفاوت، ويختلف الناس في تقديره، ويقع الناس في إشكالات، ما في أضبط من العدد، يعني في مقاييس الناس اليوم قد يقول قائل: وش الفرق بين تسعة وثمانين وتسعين؟ المسألة درجة واحدة؟ لو أعيد النظر في بعض الكراسات ارتفع إلى تسعين، ليش هذا جيد جداً وهذا ممتاز، لا بد من ضبط الأمور بمثل هذه، وإلا تكون ضياع، لو ترك الأمر إلى التقديرات الفردية صار ضياع، وإلا قد يقول: أنا والله عندي خمس وثلاثين وهذا عنده ستة وثلاثين أو العكس، وبعدين هذا عنده -ما شاء الله- إبل ثمينة، وأنا يجب عليّ بنت لبون، وهو يجب عليه بنت مخاض، نقول: نعم سمعنا وأطعنا، ولا بد من الحد الفاصل الذي ينتهى إليه، ولا يترك الأمر للتقديرات الفردية. "فإذا بلغت ستاً وثلاثين إلى خمس وأربعين ففيها بنت لبونٍ أنثى"، لأنه لو ترك الأمر لقال: طيب أنا عندي ست وثلاثين، وهذا عنده خمسة وأربعين ليش الواجب واحد علينا؟ نعم ليش الواجب علينا؟ فمثل هذه الأمور لا بد أن تحسم بهذه الطريقة.

"إلى خمسٍ وأربعين ففيها بنت لبونٍ أنثى" يعني أكملت السنتين ودخلت في الثالثة، فإذا بلغت ستاً وأربعين إلى ستين ففيها حقة، أكملت الثلاث سنين طروقة الجمل استحقت الضراب، ولذا قال: طروقة الجمل، استحقت أن يطرقها الجمل، "فإذا بلغت واحدةً وستين إلى خمساً وسبعين ففيها جذعة" أكملت أربع سنين، ففيها جذعة، "فإذا بلغت ستاً وسبعين إلى تسعين ففيها بنتا لبون"، بنتا لبون، "فإذا بلغت إحدى وتسعين إلى عشرين ومائة ففيها حقتان، طروقتا الجمل، فإذا زادت على عشرين ومائة"، الآن تستقر الفريضة والمسألة بالحساب، فإذا زادت على عشرين ومائة ففي كل أربعين بنت لبون، وفي كل خمسين حقة، في كل أربعين بنت لبون، وفي كل خمسين حقة، طيب مائة وخمسة وعشرين فيها إيش؟ حقتان طروقتا الجمل وشاة؟ طالب:. . . . . . . . . مائة وعشرين حقتان، طروقتا الجمل، إذا زادت على مائة وعشرين زادت بالآحاد أو بالعشرات؟ طالب:. . . . . . . . . يعني لو زادت واحدة؟ فإذا زادت على عشرين ومائة ففي كل أربعين بنت لبون، وفي كل خمسين حقة، هل نقول: أنها زادت على مائة وعشرين في كل أربعين يعني ثلاث بنات لبون، أو نقول: أن الحساب بدأ الآن بالعقود بالعشرات، الحنفية يقولون: تعود الفريضة، ترجع الفريضة مائة وعشرين فيها حقتان طروقتا الجمل فإذا وصلت إلى خمس وعشرين ومائة ففيها حقتان وشاة، مائة وثلاثين شاتان، وهكذا، والجمهور يقولون: إذا زادت على مائة وعشرين إلى مائة وثلاثين ما فيه شيء؛ لكن مائة وثلاثين؟ فيها ... طالب: ثلاث .... على رأي الجمهور، انتهينا من رأي الحنفية، انتهت الشياه، ما في شياه بعد الأربعين والعشرين، مائة وثلاثين على القسمة، في كل أربعين بنت لبون، وفي كل خمسين حقة، بنتا لبون للثمانين، وحقة للخمسين، مائة وأربعين؟ بنت لبون وحقتان، مائة وخمسين؟ طالب: ثلاث حقاق.

ثلاث حقاق، وهكذا، يقول: "ومن لم يكن معه إلا أربع من الإبل فليس فيها صدقة إلا أن يشاء ربها" إذا أخرج فيها الزكاة لو يخرجها كلها في سبيل الله قبلت، فالأمر إليه، ولا يكلف من قل ماله إلى هذا الحد أن يخرج الزكاة، "وفي صدقة الغنم" وجاء تقييد الإبل بالسائمة في غير هذا الحديث، والغنم قيّدت بكونها سائمة في هذا الحديث، وألحق بهما البقر على سبيل القياس، الإبل نص على كونها سائمة، والبقر نص على كونها سائمة فاشترط السوم الجمهور، وقالوا: إذا كانت معلوفة فلا زكاة فيها، أما إذا كانت سائمة ففيها الزكاة. شخص عنده إبل معلوفة، وآخر عنده سائمة، المعلوفة معدة للتجارة، والسائمة معدة للتجارة، فكيف تخرج زكاتها؟ قلنا: المعلوفة ليس فيها زكاة، عنده ألف رأس من الإبل للبيع والشراء، وهذا عنده ألف رأس من الإبل غير معدّة للتجارة، وهي سائمة، كيف تزكّى هذه؟ وكيف تزكى تلك؟ طالب:. . . . . . . . . إذا كانت للتجارة فزكاتها زكاة عروض تجارة، وإذا لم تكن للتجارة فلا يخلو إما أن تكون سائمة أو غير سائمة، إذا كانت معدة للتجارة لم ينظر إلى السوم، تزكى زكاة عروض تجارة، لماذا؟ لأنه أنفع للفقير، تزكيتها زكاة عروض تجارة أنفع للفقير، يعني في ألف رأس من الغنم في زكاة السائمة كم رأس؟ عشر، وفي زكاة عروض التجارة خمس وعشرين، اثنين ونصف بالمائة، فإذا أعدت للتجارة لم ينظر إلى الوصف الذي هو السوم، تزكى زكاة عروض تجارة، سواءً كانت معلوفة أو سائمة، وإذا كانت ليست للتجارة فإن كانت سائمة وجب فيها زكاة بهيمة الأنعام، وإن لم تكن سائمة فلا زكاة فيها للتنصيص على هذا القيد، ويرى الإمام مالك أن فيها الزكاة ولو لم تكن سائمة، وهذا القيد المنصوص عليه في سائمتها يقول: خرج مخرج الغالب وأن موالي العرب من بهيمة الأنعام كلها سائمة، فخرج مخرج الغالب، وأنه قيد لا مفهوم له، فتزكى زكاة بهيمة الأنعام سائمةً كانت أو معلوفة.

"وفي صدقة الغنم في سائمتها إذا كانت أربعين إلى عشرين ومائة شاة شاة"، أربعين إلى عشرين ومائة فيها شاة واحدة، يعني خمسين فيها واحدة، ستين فيها واحدة، سبعين فيها واحدة، ثمانين مائة وعشرين واحدة، فإذا زادت على عشرين ومائة إلى مائتين ففيها شاتان، فإذا زادت على مائتين إلى ثلاثمائة ففيها ثلاثة شياه، الثلاثمائة فيها ثلاث شياه، وثلاثمائة وواحدة؟ فإذا زادت على ثلاثمائة ففي كل مائة شاة؛ لأن هذا نقلة من عدد إلى عدد؛ لأن هناك غاية وما بعد الغاية؛ لأنه قال: إلى ثلاثمائة فيها ثلاث شياه، طيب بعد ثلاثمائة ولو بواحدة كم شاة؟ لأن بعضهم يرى أن هناك فرق في نهاية الغاية وما بعدها، إيش معنى قوله هنا؟ فإذا زادت على مائتين إلى ثلاثمائة ثلاث شياه، طيب ثلاثمائة وواحد؟ يعني هل ما بعد الغاية يأخذ حكم ما قبل الغاية؟ النص يدل على أن الثلاثمائة حد للثلاث شياه، وأن ما بعد الغاية يختلف حكمه، ولذا يرى بعضهم أنها إذا زادت على ثلاثمائة ولو واحدة تزيد زكاتها، لكن قوله في الحديث: "ففي كل مائة شاة" يقطع مثل هذا الاختيار لأنه يقول: فإذا زادت على ثلاثمائة ففي كل مائة شاة، فالزكاة في المئات لا في الآحاد، الزكاة في المائة، انتهت زكاة الآحاد، إذا زادت على ثلاثمائة لا ينظر إلى الأفراد، إنما في كل مائة شاة، ثلاثمائة وواحد، ثلاثمائة وتسع وتسعين كم؟ ثلاث شياه، أربعمائة أربع شياه.

"فإذا كانت سائمة الرجل ناقصةً من أربعين شاةً واحدة فليس فيها صدقة إلا أن يشاء ربها"، فوكل الأمر إليه، وإلا من حيث الإلزام ليس فيها شيء، وهذا من إرفاق الشارع بالأغنياء، "ولا يجمع بين متفرقٍ، ولا يفرق بين مجتمعٍ خشية الصدقة"، ولا يجمع بين متفرق، ولا يفرق بين مجتمع خشية الصدقة، يعني ليس لرب المال ولا للشريك أن يفرقا أو يجمعا خشية الصدقة، وليس للساعي أيضاً أن يفعل ذلك، فليس لرب المال أن يجمع أو يفرق خشية أن تزيد الصدقة، وليس للساعي أن يجمع أو يفرق خشية أن تنقص الصدقة، فالخطاب يتجه إلى الجميع، ولا يجمع بين متفرق ولا يفرق بين مجتمع خشية الصدقة، ثلاثة كل واحد عنده أربعين يجب على كل واحد شاة واحدة، فإذا أقبل السائل قالوا: أن هذه المائة والعشرين شركة، نحن خلطاء مائة وعشرين من أجل أن لا يجب عليهم إلا واحدة، والأصل أن يجب على كل واحدٍ منهم واحدة، لا يجوز أن يفعل هذا فراراً من الزكاة، ولا يفرق بين مجتمع، مثاله: مثال التفريق؟ طالب:. . . . . . . . . اثنين شراكة، طيب. طالب:. . . . . . . . . لا، إذا فرقوا صار على كل واحد واحدة. طالب:. . . . . . . . . مثل ما يقول الأخ. طالب:. . . . . . . . . لا، لا، هذا العكس، هذا يزيد عليهم الزكاة لو فرقوا. طالب:. . . . . . . . . ما هو الفقير، قل الساعي، الساعي نعم. طالب:. . . . . . . . . نعم ستين أو خمسين أو أربعين يفرقون بينها لئلا تجب فيها الزكاة، "ولا يفرق بين مجتمع ولا يجمع بين متفرق خشية الصدقة"، وعرفنا أن هذا الخطاب يمكن أن يوجه لصاحب المال وللساعي، فهذا إذا خشي أن تزيد عليه الزكاة فرق أو جمع، والساعي إذا خشي أن تقل الزكاة فرق أو جمع، "وما كان من خليطين فإنهما يتراجعان بينهما بالسوّية" شخص عنده سبعين، وآخر عنده ستين من الغنم، والمجموع مائة وعشرين يجب عليهم شاة، هل معنى أن كل واحد عليه نصف الشاة بالسويّة؟ أو بالنسبة؟ يعني صاحب الخمسين يأخذ خمسة على اثنا عشر من قيمة الشاة، عليه خمسة على اثنا عشر، وصاحب السبعين عليه سبعة على اثنا عشر، إيش معنى السويّة هنا؟ بقدر الحصص بقدر الأموال؟ أو المناصفة؟ طالب:. . . . . . . . .

يعني أنت تفترض أن هذا له مائة رأس، أو مائة وتسع عشر رأس، وهذا عنده رأس واحد؟ قال: نبي نضمهن خليطين، هل نقول: أن صاحب الرأس عليه نصف الرأس الذي أخذ؟ الذي أخذ والذي معه تسعة عشر عليه النصف، أو نقول: بالنسبة؟ الطلاب: بالنسبة. "وما كان من خليطين فإنهما يتراجعان بينهما بالسوية" ظاهر اللفظ أنهما على النصف، كل واحد يدفع النصف، بغض النظر عن كثرة المال وقلته، والمثال الذي ذكروه، وذكره العلماء في هذه المسألة، هنا ذكروا المثال في زكاة البقر، التراجع بين الخليطين أن يكون لأحدهما مثلاً أربعون بقرة، وللآخر ثلاثون، الثلاثون فيها تبيع، وفي الأربعين مسنّة على ما سيأتي، ومالهما مشترك فيأخذ الساعي عن الأربعين مسنة، وعن الثلاثين تبيع فيرجع باذل المسنة بثلاثة أسباعها على خليطه، وباذل التبيع بأربعة أسباعه على خليطه؛ لأن كل واحدٍ من السنين وجب على الشيوع، كأن المال ملك واحد، يعني عندنا أربعين من الإبل وخمسين المجموع تسعين، ما الذي في التسعين؟ طالب:. . . . . . . . . أربعين وخمسين، وراه بنتين لبون؟ طالب:. . . . . . . . . بنت لبون وإيش؟ طالب: بنتا لبون. الثمانين بنتا لبون. طالب: تسعين. نعم، التسعين، لا هذا بعد ما يتجاوز المائة والعشرين، نفترض أن فيه مائة وثلاثين، من المجموع مائة وثلاثين، شخص عنده أربعين وواحد عنده تسعين. طالب:. . . . . . . . . إيش؟ طالب: بنتا لبون وحقة.

بنتا لبون وحقة، أخذت الحقة من مال واحدة، وبنتا اللبون من مال واحد، يرجع باذل بنتي اللبون بنسبة ما دفعه، يرجع على صاحبه بالنسبة، مثل باذل التبيع وباذل المسنة، لكن جاءوا بالمثال، كيف يرجع باذل التبيع؟ الآن أيهما الذي بذل التبيع وأيهما الذي بذل المسنة؟ في مثالهم شخص واحد عنده أربعين من البقر، والثاني عنده ثلاثين، وجب في المجموع في السبعين تبيع ومسنة، باذل التبيع يدفع لباذل المسنة، وباذل المسنة يدفع لباذل التبيع بالحصص، يعني على ما ذكروا، الذي يظهر أن المطلوب أن كل واحد يدفع بنسبة ماله، يدفع بنسبة ماله، وينتهي الإشكال؛ لأن الخلاف في هذه المسألة كبير، وليس تحته طائل، نعم بالسوية يقتضي أنهما يتناصفان؛ لكن الشرع حينما لاحظ مصلحة الغني ومصلحة الفقير لم يهدر مصالح الشركاء، ولن يحمل بعض الشركاء أكثر مما يجب عليه، فالتراجع بالسوية، جاء الساعي مثلاً إلى شريكين عندهما مائة وعشرين فأخذ ثنتين، ظلمهم بدل واحدة أخذ ثنتين من مال أحدهما، والواجب عليهم واحدة، أخذ من مال أحدهما ثنتين، هل يرجع على شريكه وخليطه بكاملة أو بنصف؟ "وما كان من خليطين فإنهما يتراجعان بالسوية". طالب:. . . . . . . . . ويبقى الظلم عليه وحده؟ طالب:. . . . . . . . . الواجب عليهم واحدة وأخذ الساعي ثنتين، هل يتراجعان بالسوية؟ بمعنى أن كل واحد يدفع واحدة؟ أو نقول: هذا لا يدفع إلا ما وجب عليه شرعاً، والمظلوم له نصيبه في الآخرة؟ المسألة خلافية بين أهل العلم، ومقتضى التساوي أنهما يتساويان في العدل والظلم، ولا يخرج في الصدقة هرمة، كبيرة، لا تؤخذ؛ لأن لحمها ليس بطيب، وليس فيها احتمال لنفع الفقير بحمل ولا لبن ولا ... ، الهرمة معيبة. طالب:. . . . . . . . . يعني بحيث إذا عدها الناس هرمة، واستقذروا لحمها، وكرهوها ما تؤخذ، "ولا ذات عوارٍ" يعني عينها عوراء أو عوار: أي معيبة، ذات عَوار: يعني معيبة، وذا عُوار: يعني إحدى عينيها لا تبصر بها: يعني عوراء، وضبطت بالفتح، والضم وعلى ضبط الفتح تكون أشمل، بمعنى أنها لا تؤخذ المعيبة، "ولا تيس إلا أن يشاء المصدق" فالتيس لا يؤخذ إلا إذا شاء المصدق، المشيئة مردها إلى الساعي أو إلى رب المال؟

طالب:. . . . . . . . . يعني إن شاء المصدق، المصدق بالتشديد هو المتصدق، إن شاء أخرج هرمة؟ أولاً: هنا مسألة: وهي في غاية الأهمية، مسألة عود الاستثناء على جمل أو كلمات، هل يعود إلى الجميع أو إلى الأخيرة منها؟ بمعنى أن هذه المشيئة تتناول الهرمة وذات العوار أو خاصة بالتيس؟ طالب:. . . . . . . . . الأخيرة فقط أو إلى الجميع؟ طالب:. . . . . . . . . المشيئة مشيئة المصدق، فإن خففت قلت: المصدق فهو الساعي، وإن شددت فهو المتصدق، المشيئة لأحدهما لكن هل الاستثناء يعود إلى الجميع أو إلى الأخير فقط؟ يعني نظير قوله -جل وعلا-: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ * ِلَّا الَّذِينَ تَابُوا} [(4 - 5) سورة النور] يعني هل التوبة ترفع الفسق فقط؟ أو ترفع رد الشهادة مع الفسق؟ أو ترفع الجميع؟ طالب: ترفع الجميع يا شيخ. ترفع الحد، يعني إذا تاب القاذف يعفى من الحد؟ إجماع هذا لا يعفى، وعودها على الأخير أيضاً إجماع، تعود إليه، والخلاف في الوسط، هنا عندنا الاستثناء "إلا أن يشاء المصدق" يرجع إلى الثلاثة؛ لكن هل للمصدق مشيئة في أن يبذل هرمة أو ذات عوار؟ التيس أحياناً في بعض الصور يكون أنفس من المطلوب، إذا كان فحل الغنم مثلاً، ورأى المصدق أنه يدفعه ولو كان فحل الغنم؛ لأنه أنفع للفقير، أما بالنسبة لذات العوار والهرمة فليس فيهما مشيئة، لما دلت عليه العمومات أن المعيب ما يؤخذ في الزكاة، التيس هو اللي محل كونه ذكر لا شك أنه أقل من الأنثى؛ لكن أحياناً يحف به ما يجعله أعلى منها، لو اجتمع مجموعة من الغنم فيها الذكور والإناث في الجملة المفضل الإناث؛ لكن لو كان هناك تيس له مميزات، يرفع قيمته عند الناس فجادت به نفس صاحبه، ورأى الساعي أن أخذه أنفع للفقير؟ ولذا جاء الاستثناء "إلا أن يشاء المصدق".

"وفي الرقة ربع العشر" الرقة الفضة، ربع العشر ونصابها مائتا درهم، "فإن لم تكن إلا تسعين ومائة، فليس فيها صدقة إلا أن يشاء ربها" لأنها لم تبلغ النصاب، والنصاب مائتا درهم، ويأتي تفصيل هذا. "ومن بلغت عنده من الإبل صدقة الجذعة، وليست عنده جذعة، وعنده حقة" يعني دون المفروض، عنده سن دون المفروض يجب عليه جذعة، قال: والله ما عندي إلا حقة، لا يكلف أن يذهب ليشتري الواجب، وإنما يدفع الحقة، ويجعل معها جبران، وهذا الجبران محدد شاتين إن استيسرتا، أو عشرين درهماً، شاتين أو عشرين درهماً، هذا يسمونه إيش؟ جبران، يقابله أنه إذا كان عنده سن أكبر من المطلوب فإنه يدفع السن، وجب عليه حقة وعنده جذعة، قال: ما عندي إلا هذه الجذعة، نقول: ادفع الجذعة، ويعطيه المصدق عشرين درهماً أو شاتين جبران أيضاً. لكن هل هذا التقدير توقيفي؟ بمعنى أنه لا يزاد عليه ولا ينقص؟ العشرين الدرهم أحياناً تعادل عشر شياه مثلاً، وأحياناً ما تعادل شاة واحدة؛ لأن القيم تزيد وتنقص، فهل نقول: أن هذا توقيف ما فيه إلا هذا؟ وماذا عما لو كان عنده شاة واحدة وعشرة دراهم، يمكن أن يلفق من خصلتي الجبران المخير بينهما؟ يدفع شاتين مع إيش؟ مع الحقة في مقابل الجذعة، أو يأخذ شاتين بدلاً من أن يدفع ما وجب عليه، بحيث لا يجد إلا ما هو فوقه، عكس الصورة الأولى، قد تكون في بعض الظروف والأحوال أن الشاتين أعلى من قيمتين الجذعة، هو يجب عليه جذعة ولا عنده إلا حقة، نقول له: ادفع .... انتبهوا يا الإخوان، نقول: يجب عليك أن تدفع الحقة لأن ما عندك جذعة وتدفع شاتين؟ نقول: يا إخوان الشاتين أكثر من قيمة الجذعة الواجبة أصلاً، يلزم بهذا أو لا يلزم؟ وقد تكون قيمة الجذعة عشرة دراهم أو خمس عشر درهم أكثر من الجبران؟ في مثل هذه الصورة إذا اختار أن يشتري الجذعة ويدفعها الأمر إليه، هو لا يكلف ابتداءً أن يشتري ما ليس عنده؛ لكن إذا اختار لأن هذا يرى أنه أنفع له، فلن يكلف أكثر من الواجب عليه شرعاً، وإذا وجد التفاوت الذي صورناه فإنه سوف يشتري، ويكون أرفق به شراء ما وجب الله عليه.

هم يقترحون أن الدرس ينتهي في التاسعة والنصف، وعشر دقائق للأسئلة، التاسعة والنصف وش يمدينا نأخذ؟ الآن إلا ثلث؟ على كل حال هذا الحديث مهم وطويل، ويحتاج إلى وقت؛ لكن يكفي هذا، لعلنا نقتصر على هذا، وفيه طلب هنا من بعض الإخوان الطلب يقول: يأمل تأخير درس العصر لأننا نأتي من الجبيل على بعد ثمانين كيلو، وننطلق من هناك بعد صلاة العصر؟ هذا مرده إلى المشرف على الدورة، فإذا اقتنع بذلك، ورأى أن المصلحة في تأخير درس العصر إلى المغرب مثلاً، فالأمر إليهم، وأما الأصل على ما أعلن. يقول: الاستثناء المتعقب لجمل أو كلمات هل يعود على العموم أو على الأخير؟ منهم من يطلق ويقول: يعود على الجميع ومنهم من يقول: يعود إلى الأخيرة، والحقيقة أن النصوص فيها ما يدل على هذا، وما يدل على هذا، والمرجِّح الأدلة الأخرى، وكل مسألةٍ لها حكمها. يقول: هذا يوجد عندي جار يعد من المساكين حيث أن راتبه لا يسد الحاجة الرئيسية من طعام ولباس ولكنه يظهر يسر الحال؟ ويغضب إذا تصدق عليه أحد ويردها، وأنا وبعض الجيران نريد أن نساعده، ولكنه يرفض؟ ما هو السبيل في تقديم المساعدة له؟ على كل حال إذا تعفف ورفض، واكتفى بما قدر الله له فهو أفضل في حقه ولا يجوز التعدي عليه لأن هذه منّة عليه، وما دام يرفضها لا يقبلها لا يلزم بها. يقول: يوجد عندي جار لا يصلي في المسجد، ولم أره في المسجد منذ ثلاث سنوات إلا مرتين أو ثلاث، وتم نصحه من قبل إمام المسجد، وبعض جماعة المسجد، ولكن دون جدوى، فيذهب للدوام الساعة السابعة وكذلك عندما نعود من المسجد من صلاة العصر نجده خارجاً لدوامه المسائي، مع أنه يغلظ على من نصحه بألفاظٍ سيئة، فما نفعل في مثل هذا؟ هذا يرفع إلى الجهات، يرفع إلى الهيئات، يرفع أمره إلى ولي الأمر. هذا يقول: أهالي بيشة يتمنون الزيارة في أقرب وقت. الله المستعان. يقول: كيف تكون زكاة مال الراتب الشهري خصوصاً أنه لا يمر عليه الحول؟

الذي لا يمر عليه الحول ليس فيه زكاة؛ لكن كل ما حال عليه الحول من المدخر من هذه الرواتب يزكى، ولو جعل الإنسان له شهر في السنة كرمضان مثلاً، ونظر في حسابه الذي حال عليه الحول، والذي لم يحل عليه الحول، وأخرج زكاته كان أيسر له، وهذه طريقة يفعلها كثير من الناس. هذا يقول: في مقبرة الثقبة بعض الممثلين من أفراد بعض المسلسلات التي سوف تعرض في رمضان يمثلون في المقبرة، فأدخلوا الكاميرا وغيرها؟ ما حكمها؟ لا يجوز هذا البتة، لا يجوز مثل هذا البتة، يصورون؟! الله المستعان، يصورون ذوات أرواح وإلا يصورون القبور فقط وإلا ماذا؟ طالب:. . . . . . . . . تمثيل؟ المقصود أن تصوير ذوات الأرواح حرام. تدخل السرقة في الدين؟ انتهى هذا، قد جاوبنا عليه، والله أعلم. وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

كتاب الزكاة (2)

بلوغ المرام - كتاب الزكاة (2) الشيخ/ عبد الكريم الخضير يقول: ما أفضل طبعة لسبل السلام شرح بلوغ المرام؟ أما من حيث الخدمة والتعليق فطبعة ابن الجوزي هي أكثرها تعليقاً وتوثيقاً، وطبعة الجامعة طبعة طيبة وصحيحة في الجملة، ومعتنىً بها، وطبعة طارق عوض الله أيضاً صحيحة؛ لكنها أعني طبعة الجامعة وطبعة الشيخ طارق التعليق عليهما يسير قليل جداً. القول بأنه لا يصلى على الفاسق والعاصي؟ أولاً: الإطلاق بأنه لا يصلى عليه، يصلى عليه؛ لكن هل الإمام يصلي عليه أو يترك الصلاة عليه زجراً له وردعاً لأمثاله وتحذيراً من الفسق والعصيان؟ هذا له وجه. يقول: ألا يستثنى من ذلك من يترتب عليه حد القصاص، وقد تاب والتوبة تجب ما قبلها؟ على كل حال ما في أعظم من توبةٍ شهد لها النبي -عليه الصلاة والسلام-، في قصة الغامدية، ولم يصل عليها، وإنما أمر غيره أن يصلي عليها. هذا يسأل عن الإجازات، وما الإجازات، ومن أشهر المشايخ الذين يجيزون؟ ومن أكبر المحدثين المعاصرين من الأحياء؟ يقول: قلت في الدرس السابق: أن هناك فرقاً بين السائمة وعروض التجارة، ما هي السائمة؟ السائمة التي ترعى أكثر الحول. ولماذا هناك فرق؟ وكيف يتم إخراج زكاته إن كانت هناك فرق؟ زكاة السائمة التي لم تعد للتجارة إذا بلغت النصاب لها زكاة، وهي التي بينت في كتاب أبي بكر -رضي الله عنه- لأنس حينما وجهه إلى البحرين، زكاة سائمة غير معدة للتجارة، أما إذا أعدت للتجارة فزكاتها أشد، فعلى سبيل المثال من عنده مائة رأس من الغنم سائمة، ولا ينوي التجارة فيها يخرج منها واحدة؛ لكن إذا كان يعدها للتجارة سواء كانت سائمة أو معلوفة، ويعدها للتجارة فيها اثنين ونصف في المائة، ففيها شاتان ونصف. يقول: في الحديث: ((ولا يخرج في الصدقة هرمة، ولا ذات عوارٍ إلا أن يشاء المصدق)) هل المقصود الصدقة بالزكاة؟ فإن كان كذلك فكيف يكون إلا أن يشاء المصدق؟ كلام غير مفهوم، وعلى كل حال الاستثناء يعود إلى التيس؛ لأنه الأقرب. ما معنى الآتي: بنت مخاض، بنت لبون، حقة جذعة؟ خذها على الترتيب: بنت مخاض لها سنة، بنت لبون سنتان، حقة ثلاث، جذعة أربع، يعني على الترتيب خذها.

يقول: ما رأيكم في طبعات الكتب التالية: فتاوى ابن تيمية طبعة مكتبة العبيكان؟ هذه لم أطلع عليها. فتح الباري طبعة العبيكان؟ هي تصوير للطبعة الثانية أو الثالثة؛ لأن الثالثة تصوير عن الثانية من الطبعة السلفية، وهي أسوأ الطبعات، يعني لو صور على السلفية الأولى أفادوا؛ لكن صوروا على الثانية أو الثالثة وهي صورة على الثانية، وهي طبعة سيئة. المصباح المنير في تهذيب تفسير ابن كثير؟ هذا له أكثر من طبعة وإلا طبعة دار السلام فقط؟ أنا ما أعرف غيرها. التدمرية في تحقيق السعوي طبعة مكتبة العبيكان؟ طيبة. من أفضل المحققين المعاصرين من الأحياء والطبعات القديمة يصعب توفرها دائماً؟ جمع غفير يصعب حصرهم وعدهم. يقول: هل يجوز شراء قرضٍ عقاري؟ هذا أسئلة الشيخ وإلا .... ؟ أجاب عليها الشيخ وإلا ما أجاب؟ الأسئلة هذي؟ وين ... ؟ يعني شيلت؟ هل يجوز شراء قرضٍ عقاري باسم شخصٍ آخر؟ قرض عقاري، القرض عبارة عن مال، والمال الدراهم ما تباع بالدراهم إلا يداً بيد مثلاً بمثل، فلا يجوز بيعه إلا بعروض، إذا خرج القرض لفلان ثلاثمائة ألف تشتريها بأربع سيارات، خمس سيارات، ثم تشتريها بدراهم فلا. وهل يجوز شراء أرضٍ مع قرضٍ عقاري قد حل؟ هذه يستثنى القرض، ويكون البيع للأرض، والقرض يكون حوالة، بذمة المشتري. هل يجوز الزيادة في القرض مثل الدين مقابل الأجل؟ الزيادة في القرض يعني يقرضه الدراهم ويزيد عليه في مقابل الأجل، وهذا عين الربا. هذا منصوصاً على الشيخ، أنا أخشى أن هذه الأسئلة معدّة للشيخ، القرض والدين الظاهر أن كلها تبع الشيخ. المقدم:. . . . . . . . . الشيخ عبد الله إيه لكن الموجه للشيخ، السائل يريد أن يسأل الشيخ، المعاملات تحول على الشيخ، أما الطبعات والتحقيقات لا بأس. أكثرها في المعاملات، وهذا أيضاً منصوص على الشيخ بعد، لا الذي يظهر أن كلها للشيخ -إن شاء الله-. هذا ممكن: ما رأيكم في كتاب المتجر الرابح في ثواب العمل الصالح؟ كتاب نافع وجيد، من أمثال رياض الصالحين، ومن في حكمه.

يقول: جاء في الصحيحين أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قال: "مالنا وللرمل، إنما كنا رائينا به المشركين، وقد أهلكهم الله، ثم قال: "شيء صنعه النبي -صلى الله عليه وسلم- فلا نحب أن نتركه" أشكل عليّ هذا الحديث مع القاعدة الأصولية المعروفة، وهي الحكم يدور مع علته وجوداً وعدماً، فإن العلة هنا زالت وهي مراءاة المشركين، ولكن لا يزل الحكم أفتونا؟ هناك من الأحكام ما ارتفعت علته وبقي حكمه، وهذا منها، ومنها أيضاً القصر، قصر الصلاة في السفر، العلة الأصلية فيه {إِنْ خِفْتُمْ} [(101) سورة النساء] وارتفع الخوف، وبقي الحكم، فهناك من الأحكام ما يثبت لعلة ثم ترتفع العلة ويبقى الحكم. يقول: أفضل التحقيق لكتاب التوحيد لابن خزيمة؟ الطبعة التي أعتمدها وهي ما زالت عندي هي المعتمدة، هي طبعة الملك عبد العزيز الطبعة الأولى القديمة الطبعة المنيرية، ونراجع أيضاً، وقرئ علينا في طبعة مكتبة الرشد الشيخ عبد العزيز الشهوان، أما الطبعة الثانية التي أظن في نظر الفريابي أو من؟ أو سمير الزهيري وإلا من؟ في طبعة ثانية للكتاب. طالب: للهراس؟ خلي الهراس هذيك فرع عن المنيرية أقدم منها، لا رأيتها بتحقيقٍ آخر غير الشهوان. السنة للإمام أحمد؟ يعني الطبعة الأولى طبعة الملك عبد العزيز المطبعة السلفية يقال: أن فيها أشياء محذوفة، وأنا ما قرأتها، إنما المتداول طبعة الدكتور محمد سعيد القحطاني. يطلب كتب كثيرة البخاري ومسلم والنسائي أبو داود الترمذي؟ هذه لها وقتها. الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد: يقول الإمام الحافظ شيخ الإسلام: أحمد بن علي بن حجر -رحمه الله- في كتاب الزكاة: وعن معاذ بن جبل -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- بعثه إلى اليمن، فأمره أن يأخذ من كل ثلاثين بقرةً تبيعاً أو تبيعة، ومن كل أربعين مسنّة، ومن كل حالمٍ ديناراً أو عدله معافرياً، رواه الخمسة، واللفظ لأحمد، وحسنه الترمذي، وأشار إلى اختلافٍ في وصله، وصححه ابن حبان والحاكم. الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: وعن معاذ بن جبل -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- بعثه إلى اليمن معلماً. طالب:. . . . . . . . . لا، لا، انتهينا منه، الحديث الطويل انتهينا منه. أن النبي -عليه الصلاة والسلام- بعثه إلى اليمن، فأمره أن يأخذ من كل ثلاثين بقرةً. أولاً: هذا الحديث مختلف في وصله وإرساله؛ لأنه من رواية مسروق عن معاذ، بعضهم ينص على أن مسروق لم يسمع من معاذ، وأشار إلى ذلك الترمذي -رحمه الله تعالى- وكأنه يرجح الإرسال، ومسروق معاصر لمعاذ، وهو يماني أيضاً، واللقاء ممكن، فهذا على رأي الأكثر الذين يصححون بالمعاصرة، يثبتون السماع بمجرد المعاصرة مع إمكان اللقاء، وهو رأي الإمام مسلم، جارٍ عليهم، يحمل على الاتصال، محمول على الاتصال عند مسلم ومن يقول بقوله. يقول الشارح: "وكأن الترمذي يرى رأي البخاري في أن الاتصال لا يثبت إلا باللقاء" وعلى كل حال المسألة خلافية بين أهل العلم، ورأي البخاري هو الأحوط؛ لكن يبقى أن العمل على رأي مسلم، وإذا اختلف في الوصل والإرسال فهذه مسألة كبرى بحثها أهل العلم، والمتقدمون لا يحكمون بحكمٍ مطرد، بل يرجحون ما ترجحه القرائن، والنفس تميل إلى أن مسروقاً مع معاصرته لمعاذ ومساكنته إياه أنه سمعه منه. "بعثه إلى اليمن فأمره أن يأخذ من كل ثلاثين بقرة تبيعاً أو تبيعة" هذا هو الحد الأدنى لنصاب البقر، ليس في البقر زكاة ما لم تبلغ الثلاثين، وما ذكر نقل عليه الإجماع، وأنه ليس فيما دون الثلاثين من البقر زكاة، مع أنه حفظ عن بعض السلف قياس البقر على الإبل، ففي الخمس من البقر شاة، والخلاف في العشر أيضاً ذكر، لكن المرجح هو ما دل عليه هذا الحديث، وهو قول عامة أهل العلم.

"فأمره أن يأخذ من كل ثلاثين بقرة تبيعاً أو تبيعة" لا فرق بين الذكر والأنثى هنا، وإن فرّق بينهما بالنسبة للإبل، وبالنسبة للإبل فرق بين بنت مخاض وابن مخاض، إنما الذي يعادل بنت المخاض ابن اللبون، فدل على أن الإناث أفضل من الذكور، ولا تجزئ الذكور عن الإناث، وهنا تبيع أو تبيعة على التخيير، ومن كل أربعين مسنّة، والتبيع هو الذي بلغ الحول، والمسنة هي التي ذات الحولين، يعني بلغت سنتين، كملت سنتين، "ومن كل أربعين مسنة، ومن كل حالمٍ" حالم: يعني محتلم، بالغ الحلم مكلّف، "ومن كل حالمٍ ديناراً" هذا مما لم يسلم منهم، تؤخذ عليه الجزية دينار "أو عدله معافرياً" يعني يقوم عليه هذا الدينار فيؤخذ عرض ثوب معافري، ومعافر زنة مساجد، حيّ من اليمن، فالذي لا يجد الدينار يؤخذ منه هذا الثوب المعافري. يقول: "رواه الخمسة، واللفظ لأحمد" الخمسة أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه، كما مرّ بنا مراراً، واللفظ لأحمد وحسّنه الترمذي، وأشار إلى اختلافٍ في وصله، حسّنه يعني هل يحسن الترمذي ما فيه انقطاع؟ يحسن الترمذي ما فيه انقطاع؟ نعم، قد يحسن ما فيه انقطاع، الحسن عنده لا يبلغ الحسن عند غيره، ولذا اشترط له أن يروى من غير وجه، وحسنه الترمذي وأشار إلى اختلاف في وصله، وأشرنا إلى هذا الاختلاف، وصححه ابن حبان والحاكم، يعني خرجاه في صحيحيهما. طالب:. . . . . . . . . من المحقق؟ ارفع النسخة أشوفها؟ على كل حال المسألة خلافية، وأهل العلم ليست عندهم في هذا قاعدة مضطردة، ليست هنا قاعدة مضطردة، وإن كان المتأخرون يرجحون الوصل لأنه زيادة ثقة. واحكم لوصل ثقةٍ في الأظهرِ ... وقيل: بل إرساله للأكثرِ المقصود أن هذه المسألة من المسائل المختلف فيها، والأئمة الكبار لا يحكمون بأحكامٍ عامة مضطردة، بل يتركون هذا لما ترجحه القرائن، فقد حكم البخاري بوصل: ((لا نكاح إلا بولي)) مع أن من أرسله كالجبل شعبة وسفيان أرسلاه. قال الحافظ -رحمه الله-: وعن عمر بن شعيبٍ عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((تؤخذ صدقات المسلمين على مياههم)) رواه أحمد ولأبي داود: ((لا تؤخذ صدقاتهم إلا في دورهم)).

هذا الحديث يروى من طريق هذه السلسلة المشهورة، عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، والخلاف فيها معروف، وأشرنا إليه مراراً أنها مسألة مختلف فيها بين أهل العلم، هل يحكم باتصالها أو إرسالها؟ هل تقبل أو لا تقبل؟ وسبب الخلاف ومنشؤه في عود الضمير في جده، هل يعود إلى عمرو فجده محمد تابعي، فيكون الخبر مرسلاً، أو يعود إلى أبيه يكون جد الأب عبد الله بن عمرو بن العاص، وصرح به في مواضع، وهو المرجح، ولذا القول الوسط في هذه السلسلة أنه إذا صح السند إلى عمرو أنها لا تنزل عن درجة الحسن، فهذا الحديث حسن. قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((تؤخذ صدقات المسلمين على مياههم)) رواه أحمد، ولأبي داود: ((ولا تؤخذ صدقاتهم إلا في دورهم)) فائدة مثل هذا الحديث أن الغني صاحب المال لا يكلف إحضار زكاته، وإنما تؤخذ صدقات المسلمين على مياههم، قوله: على المياه يدل على أن هذه زكاة إيش؟ بهيمة الأنعام، هي التي ترد المياه، وعلى هذا لو جاء الساعي إلى صاحب الإبل، وقال له: عليك جذعة، قال هذه الجذعة خذها، قال: تحتاج إلى نقل، تبي لها أقل شيء تنقل إلى البلد الذي فيه الإمام لتسلم إليه تحتاج إلى مال ثلاثمائة ريال، أقل شيء، النقل على من؟ طالب: بناءً على الحديث؟

على صاحبها وإلا على .... ؟ على الساعي، المقصود أنه هو الذي ينقلها، عليه نقلها، وليس على صاحبها، فالصدقات إنما تؤخذ على المياه، يعني مهما كلفت عليه نقلها؛ لكن إذا رأى الساعي مثلاً أن هذه لو باعها في مكانها هذه الجذعة تبي تجيب ألفين في مكانها، وإذا نقلها تحتاج إلى نقل بخمسمائة، ثم تجيب ألفين هناك في محل قبضها؟ كيف يتصرف؟ يبيعها في مكانها ويفعل الأصلح للفقراء، والمسألة مفترضة في ساعٍ والسعاة ثقاة، هذا الأصل، لا يجوز للإمام أن يولي في هذه الأعمال إلا الثقاة الأمناء، فإذا رأى أن من مصلحة الفقير أن يتصرف فيها، كما لو اعترضها شيء يقتضي ذبحها، يعني يتركها تموت هدراً وإلا يذبحها؟ يذبحها، فعلى كل حال هذه مسألة؛ لكن ما يترك المجال على أوسع أبوابه بحيث إذا سئل الساعي أين زكاة آل فلان؟ قال: والله أشرفت على الموت وذبحتها، لا بد من التأكد، وإقامة البينات على ذلك، لا بد أن يقيم بينة على ذلك، وإذا قلنا: أن الأصل أنه ثقة، وهو مؤتمن، يكفي يمينه. ولأبي داود: ((ولا تؤخذ صدقاتهم إلا في دورهم)) قد يقول قائل: أننا نمر أحياناً على الصوامع، والصوامع تحسم الصدقة، والسراوات تبلغ كيلوات، وأهلها هم الذين ينقلونها، نقول: ما نقولها من أجل الزكاة، وإنما نقولها من أجل البيع، وإلا مؤونة الزكاة على بيت المال، عليها، على الزكاة نفسها. قال -رحمه الله-: وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((ليس على المسلم في عبده ولا فرسه صدقة)) رواه البخاري، ولمسلم: ((ليس في العبد صدقة إلا صدقة الفطر)).

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: وعن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((ليس على المسلم في عبده)) المراد به العبد الذي يُتخذ للخدمة، ((ولا في فرسه)) مثله الذي يتخذه للركوب، ليس فيه صدقة، ((وليس في العبد صدقة إلا صدقة الفطر)) فما يعد للقنية لا زكاة فيه، ما يعد للاستعمال لا زكاة فيه، على خلافٍ بين أهل العلم في الحلي؛ لكن العبد المتخذ للتجارة أو الفرس المتخذ للتجارة، الحنفية يرون أن هناك زكاة في الخيل المعدة للنتاج لا للتجارة، وعندهم حديث عند البيهقي والدارقطني لكنه ضعيف، فما يعد للقنية ليس فيه زكاة، والحنفية يرون أن في الفرس زكاة عليه دينار أو عشرة دراهم، ويستندون في هذا إلى خبرٍ ضعيف، لا يقام حديث الباب. الظاهرية لا يرون في العبد ولا في الفرس زكاة، ولو أعد للتجارة، ولو كانت للتجارة، وهم ينازعون في زكاة العروض –عروض التجارة- ينازعون في زكاة عروض التجارة، ومن أهل العلم من أوجب زكاة التجارة، ونقل عليه الإجماع كابن المنذر، نقل الإجماع على أن زكاة عروض التجارة واجبة، والخلاف عن الظاهرية وقولهم معروف، فالذي يعتد بقول الظاهرية يخرق هذا الإجماع، والذي لا يعتد به يرى أن الإجماع قائم، والإجماع حجة، وعلى كل حال عروض التجارة مال يجب تطهيره، وتتعلق به نفوس الفقراء، فلا بد من زكاته، وهو مال نامٍ، القياس يقتضي الزكاة، فقول جماهير العلماء هو المرجح في هذه المسألة. قال -رحمه الله-: وعن بهز بن حكيمٍٍ عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((في كل سائمة إبلٍ في أربعين بنت لبون، لا يفرق إبلٍ عن حسابها، من أعطاها مؤتجراً بها فله أجرها، ومن منعها فإنا آخذوها وشطر ماله، عزمة من عزمات ربنا، لا يحل لآل محمدٍ منها شيء)) رواه أحمد وأبو داود والنسائي، وصححه الحاكم، وعلق الشافعي القول به على ثبوته.

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: وعن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده، وهذه أيضاً من السلاسل المشهورة في رواية الحفيد عن أبيه عن جده، مثل شهرة عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، والخلاف فيها بين أهل العلم معروف، وإذا كان الخلاف في السلسلة السابقة سببه الخلاف في مرجع الضمير، فإن مثل ذلك الخلاف وهو السبب لا يرد هنا، فإن بهز وأبوه حكيم وجده معاوية بن حيدة صحابي معروف؛ لأن العدد بعدد الضمائر، بخلاف السلسلة الأولى، عمرو بن شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص، وهم ثلاثة الرواة، وأما هنا فالعدد ثلاثة، والضمائر ثلاثة، فلا خلاف في عود الضمير على معاوية في جده، جده معاوية بن حيدة، لا خلاف في هذا بين أهل العلم، وسبب الخلاف في هذه السلسلة قبولاً ورداً منشؤه الكلام في بهز نفسه، فمنهم من يقبله، ويحتج به، ومنهم من يرده ويضعفه، والخلاف فيه بين أهل العلم معروف، وعلى كل حال مثل هذا الخلاف المرجح عند كثيرٍ من أهل العلم أنه يجعل هذه السلسلة كسابقتها، ما يروى بها يكون من قبيل الحسن، فهذا الحديث حسن، إذا كانت السلسلة الأولى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده يتوسط في أمرها، ويحكم على ما يروى بها بأنه حسن، وهذه السلسلة كذلك فما الراجح منهما فيما لو حصل تعارض بين حديث يروى بهذه وحديث يروى بتلك؟ من أهل العلم من يرجح أمر ابن شعيب عن أبيه عن جده؛ لأن الترمذي سأل البخاري عن حديث جاء بواسطتها فصححه، ومنهم من يرجح هذه السلسلة لأن البخاري علّق في صحيحه عن بهز، ولم يعلق عن عمرو، لكنه لم يصحح لبهز، فهل تصحيحه خارج الصحيح يقاوم تعليقه في الصحيح؟ أقول: من أهل العلم من يرجح عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده لأن البخاري صحح له، وهو في ذاته أقوى من بهز، ومنهم من يرجح بهز لأن البخاري في صحيحه الذي تلقته الأمة بالقبول علّق له على أن الرواية بالتعليق لا تقتضي التصحيح؛ لكن تلقي الأمة لهذا الكتاب بالقبول ترجحه على غيره، فأيهما أرجح؟ عمرو بن شعيب في ذاته مقبول، لكن بهز من أهل العلم من قال: ليس بشيء، لا يحتج به، فالكلام فيه، فعمرو بن شعيب أرجح من بهز بن حكيم عن أبيه عن جده.

قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: في كل سائمة إبل، نص على السائمة في الإبل، فالسوم شرط لوجوب الزكاة في الإبل، وفي حديث أنس الذي كتب به أبو بكر إليه، وفي الغنم في سائمتها نص على الغنم أن تكون سائمة، وهنا نص على الإبل أن تكون سائمة، وألحق العلماء البقر بالإبل والغنم، إذاً لا بد من السوم في البقر، والجمهور يعتبرون هذا الوصف، وأن له مفهوم فإذا لم تكن الإبل أو البقر أو الغنم سائمة فلا زكاة فيها خلافاً لمالك، وأشرنا إلى خلافه سابقاً، وأن هذا خرج مخرج الغالب من النعم الموجودة في عهده -عليه الصلاة والسلام- أنها سائمة، في سائمة إبل في كل سائمة إبل في أربعين بنت لبون، هل يختلف هذا مع الحديث السابق؟ هناك من إيش؟ طالب:. . . . . . . . . نعم، من ست وثلاثين إلى خمس وأربعين، يختلف مع هذا وإلا ما يختلف؟ منطوق هذا ما يختلف مع منطوق ذاك، منطوق هذا لأن الأربعين داخلة في العدد السابق؛ لكن مفهوم هذا يخالف منطوق الحديث السابق، مفهوم هذا أن التسع والثلاثين ما فيها، المفهوم العدد المحدد زيادةً ونقصاً هنا يخالف حديث أنس، ولذا لا يعتبر، ما يقول قائل: رسول الله قال: أربعين إذاً تسع وثلاثين ما فيها بنت لبون؟ نقول: لا، يشملها الحديث السابق، فالمفهوم هنا ملغى؛ لأنه معارض بمنطوق، والمنطوق أقوى من المفهوم، بنت لبون لا تفرق إبل عن حسابها ومضى القول في الجمع والتفريق.

((من أعطاها مؤتجراً بها فله أجرها)) يعني من أعطاها طيبةً بها نفسه يطلب الأجر والثواب من الله -جل وعلا- فله أجرها، ((ومن منعها)) رفض أن يدفعها يترك؟ لا، ((ومن منعها فإنا آخذوها وشطر ماله)) الشطر منصوب معطوف على الضمير المنصوب آخذوها وشطر ماله، يعني معناه: آخذوها وآخذون شطر ماله، عقوبة له، تعزير له، تعزير بالمال، (عزمةٌ) عزمةٌ خبر لمبتدأ محذوف يقدر هي أو هذه عزمةٌ من عزمات ربنا، والنصب (عزمةً) على أنه مصدر مؤكد لنفسه، مصدر مؤكد عزمةً من عزمات ربنا، عزمة يعني جد ليست بالهزل، فلا يتراخى فيها، هل العزمة هنا بمعنى العزيمة التي تقابل الرخصة؟ الآن مسألة التعزير بالمال الذي دل عليه هذا الحديث، هل الحديث يدل على التعزير بالمال؟ نعم يدل على التعزير بالمال، وكالصريح في هذا، الذين لا يجيزون التعزير بالمال يؤولون يقولون: هو شُطِر ماله، بمعنى أنه المال يجعل نصفين، نصف خيار، ونصف أقل، يعني خيار المال في جهة وأرذاله في جهة، فتؤخذ الزكاة من خياره، وحينئذٍ لا يؤخذ منه أكثر مما وجب عليه شرعاً، ويقولون هذا الكلام من أجل إيش؟ أن يفروا من العقوبة بالمال، ليفروا من العقوبة بالمال؛ لكن حتى على هذا التأويل فيه عقوبة بالمال، كما قال النووي -رحمه الله تعالى- لأن خيار المال لا يجوز أخذه؛ لأن قيمته أعلى، ((وإياك وكرائم أموالهم)) نفائس الأموال لا يجوز أخذها، وإنما تؤخذ الزكاة من الأوساط، من أوساط المال، لكن إذا أخذت من الكرائم تعزيراً له، هذا فيه تعزير بالمال، يعني إذا وجب عليه جذعة مثلاً وعنده جذعة نفيسة وجذعة متوسطة وجذعة رديئة؟ لا تؤخذ الردئية مراعاةً لحظ الفقراء، ولا تؤخذ النفيسة الكريمة مراعاةً لحظ الغني، إنما يؤخذ الوسط، نفترض الكريمة هذه بألفين، والمتوسطة بألف وخمس، والرديئة بألف، إذا أخذنا الكريمة التي تسوى ألفين هذه الخمسمائة القدر الزائد على الواجب الأصلي الذي هو المتوسط تعزير بالمال، ففروا من التعزير بالمال بهذا التأويل، ووقعوا فيه، يلزمهم هذا وإلا ما يلزمهم؟ يلزم، إذاً من يصحح الحديث فيه جواز التعزير بالمال، عزمة، العزيمة تعريفها عند أهل العلم ما ثبت على خلاف دليلٍ شرعي لمعارضٍ راجح، هذه

إيش؟ الرخصة، العزيمة ما ثبت على وفق الدليل الشرعي مع عدم المعارض، والرخصة ما ثبت على خلاف دليلٍ شرعي لمعارضٍ راجح، الآن الدليل الشرعي ما هو يقتضي احترام الأموال؟ أموال الناس وتحريم أخذها؟ وأن الله حرم الأموال كما حرم الدماء؟ وشدد ((لا يحل مال امرئٍ إلا بطيب نفسٍ منه)) ولا يجوز الاعتداء على مال المسلم، و ((من قتل دون ماله فهو شهيد)) كل هذه النصوص تحرم الاعتداء على أموال المسلمين، فهل هذا الحديث يجري على تعريف العزيمة، أو على تعريف الرخصة؟ ما هو بالأصل عندنا تحريم أموال المسلمين، وهذا فيه أخذ أموال المسلمين، إذا على الحد رخصة، فعزمة هل تخالف قولنا: رخصة فيما يقابل العزيمة؟ هل لنا بأن نقول: عزمة وليست بعزيمة؟ طالب:. . . . . . . . . يعني مثلما يقول الحنفية في زكاة الفطر: فرض رسول الله -صلى الله عليه وسلم- زكاة الفطر، ويقولون: ليست بفريضة، ومثلما يقول جمهور العلماء في حديث: ((غسل الجمعة واجب)) يقولون: ليس بواجب، مثله يعني، الاصطلاح مختلف، على كل حال هذا دليل واضح عند من يقبله ويصححه على جواز التعزير بالمال، وإذا قلنا: أنه رخصة والأصل حرمة الأموال قلنا: لا يجوز طرده في كل مخالفة، بل يقتصر على النص في مورده، ولا يجوز أن يتوسع فيه، والشارح ذكر عن أهل عصره أنهم توسعوا ويفرضون الضرائب على كل شيء، ويصرفونها في مصالحهم الخاصة، وتوسع في هذا الكلام كلام طويل، حتى آل بهم الأمر أو ببعضهم إلى أن يجعل هذه العقوبات المالية في مقابل الحدود، وجب عليه جلد شرب ثمانين جلدة هات ثمانين وامشي، زنا مائة جلدة هات مائة وامشي، هذا تغيير، تغيير لشرع الله، هذا تبديل لشرع الله، نسأل الله السلامة والعافية، وعلى كل حال أموال المسلمين محترمة، وأعراضهم محترمة، ودماؤهم محترمة، ويبقى مثل هذا النص في مورده، وهو أصل لمن يعتمد عليه في التعزير بالمال.

((عزمة -أو عزمةً- من عزمات ربنا، لا يحل لآل محمد)) يعني هل تحل لمحمد؟ دخول الشخص في آله دخولاً أولياً، فهي لا تحل لمحمد، يعني إنما حرمت على آل محمد من أجله -عليه الصلاة والسلام-، لشرفه فيدخل، كما جاء في الحديث: ((لا تحل لمحمد ولا لآل محمد، فإنما هي أوساخ الناس)) فلا تحل لمحمد -عليه الصلاة والسلام- لأن أخذ الزكاة ضعة، فاليد العليا خير من اليد السفلى، اليد العليا هي المعطية، واليد السفلى هي الآخذة، بعض المتصوفة يعكس يقول: لا، اليد العليا هي الآخذة، يبررون تكاسلهم عن العمل ويجعلون اليد العليا وهي خير من اليد السفلى اليد الآخذة هي العليا، كيف اليد الآخذة؟ الآن يلاحظ واضح، اليد المعطية فوق، في أحد بيعطي هكذا؟ ما في أحد، اليد المعطية فوق واليد الآخذة أسفل، فاليد العليا خير من اليد السفلى؟ يقول: لا، اليد السفلى هذه نائبة عن الله، إن تقرضوا عن الله، هذه نائبة عن الله اليد السفلى فهي العليا، ظاهر وإلا ما هو ظاهر؟ طالب:. . . . . . . . . لا، لا، الصدقات والزكوات لا شك أنها أوساخ الناس؛ لكن من احتاج إليها الحمد لله، المسألة مسألة حلال وحرام، لا شيء في ذلك، ((لا يحل لآل محمد منها شيء)) وآل محمد بنو هاشم وبنو المطلب على خلافٍ في ذلك بين أهل العلم، منهم من يرى أنهم بنو هاشم فقط، وجاء في الحديث أن بني هاشم وبني المطلب لا يفترقون في جاهلية ولا إسلام، فحكمهم واحد. رواه أحمد وأبو داود والنسائي، وصححه الحاكم، وعلق الشافعي القول به على ثبوته. وقال الشافعي في قاعدةٍ عامة: "إذا صح الحديث فهو مذهبي" ولكن هذا الحديث عنده وهو يضعف بهز بن حكيم لا يثبت عنه لأنه يضعف راويه. يقول: فإن ثبت يعني ولو من طريقٍ آخر فأنا أقول به، وهكذا الأئمة كلهم يدورون مع النص حيثما دار، والاختلاف بينهم إنما هو في فهم النص، أو في بلوغ النص، أو في المعارض للنص، المعارض الأقوى.

قال الإمام الحافظ: وعن علي -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إذا كانت لك مائتا درهم ٍوحال عليها الحول ففيها خمسة دراهم، وليس عليك شيء حتى يكون لك عشرون ديناراً وحال عليها الحول ففيها نصف دينار، فما زاد فبحساب ذلك، وليس في مالٍ زكاة حتى يحول عليه الحول)) رواه أبو داود، وهو حسن، وقد اختلف في رفعه. وللترمذي: عن ابن عمر -رضي الله عنهما-: ((من استفاد مالاً فلا زكاة عليه حتى يحول عليه الحول)) والراجح وقفه. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: وعن علي -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إذا كانت لك مائتا درهم وحال عليها الحول ففيها خمسة درهم)) مائتا درهم، هذا نصاب الفضة، مائتا درهم، إذا كانت مائة وتسعين ليس فيها زكاة على ما تقدم، فهذا المنطوق يشهد له مفهوم الحديث الصحيح السابق، وأن نصاب الفضة مائتا درهم، خمس أواقي، ففيها خمسة دراهم، يعني كم؟ العشر كم؟ ربع العشر، وليس عليك شيء حتى يكون لك عشرون ديناراً، يعني من الذهب، نصاب الذهب عشرون ديناراً، وحال عليها الحول، وهذا شرط في وجوب الزكاة أن يحول عليها الحول، ونازع بعضهم في الحول؛ لكن الحديث صريح في ذلك، ((ففيها نصف دينار)) وهو ربع العشر؛ لأن عشر ديناران، ربعها نصف دينار، ويمثلون للزيادة من العبادة غير المتميزة، يقولون: كمن أخرج ديناراً عن عشرين، كيف؟ يعني وجب عليه نصف دينار عنده عشرون ديناراً فوجب عليه نصف دينار فأخرج دينار، هذه زيادة غير متميزة، منهم من يقول: إذا كانت الزيادة غير متميزة فالكل واجب.

((ففيها نصف دينار فما زاد فبحساب ذلك)) فالنقدين ليس فيها وقص، يعني واحد وعشرين دينار زكاتها ربع العشر، ما يقال: نصف دينار يكفي؟ لا، حتى الدينار الواحد فيه زكاته ربع عشره، وإذا زادت الفضة مائتين وعشرة مثلاً ففيها ربع العشر، ((فما زاد فبحساب ذلك)) على خلافٍ في هذه الجملة، والخلاف فيها أشد من الخلاف في أصل الحديث، ((وليس في مالٍ زكاة حتى يحول عليه الحول)) ومضي الحول شرط في غير المعشرات، المعشرات إنما تجب زكاتها، {وَآتُواْ حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} [(141) سورة الأنعام] في وقت الحصاد، رواه أبو داود، وهو حديث حسن، اختلف في رفعه ووقفه على علي -رضي الله عنه-، لكنه صححه البخاري فيما نقل عنه، وهو صحيح، ولبعض جمله ما يشهد مما في الصحيح، نصاب الفضة مائتنا درهم ونصاب الذهب عشرون ديناراً، الفضة يعني حسابها بالريال السعودي، الفضة يعني المائتي درهم تعادل عند أهل العلم ست وخمسين ريال عربي سعودي فضة، فينظر في قيمته وقت الزكاة، عندك ست وخمسين ريال عربي، انظر، تسأل أهل المجوهرات كم يسوى الريال؟ يتراوح بين عشرة خمسة عشر اثنا عشر ثلاثة عشر، تضرب، تعرف النصاب عندك؟ والذهب العشرون الدينار تعادل أحد عشر جنيه وأربعة أسباع الجنيه، أحد عشر جنيه من المتعامل به الآن وأربعة أسباع الجنيه، وهذا قبل سنتين في تاريخ (25/ 8/23هـ) كنا نشرح كتاب الزكاة من زاد المستقنع أرسل هذا الخطاب يقول: أكتب لكم هذه الورقة بعد بحثٍ ومراجعة، وآمل منكم التصحيح والإفادة، وهي تحتوي على محاولةٍ متواضعة في بيان كيفية إخراج الزكاة بالعملات الورقية الرائجة في هذا البلد، أولاً: لا بد من معرفة ما تقوم به العملة من النقدين، وعندما نقوم بالفضة نحسب نصاب الفضة أو الذهب بالجرامات، وهي كالتالي: الجرام من الفضة يساوي 2 و97 بالمائة، كما بينه صاحب المقادير الشرعية لمؤلفه الكردي، وهي رسالة علمية من الأزهر قديمة، قبل أكثر من عشرين سنة، ويقول: أنها أفضل ما كتب في المقادير والمكاييل الشرعية، هذا سعر الدرهم، هذا سعر الدرهم بالنسبة لإيش؟ يعني الجرام الواحد -على كلامه- يقرب من ثلاثة دراهم؟ يقول: نضرب الجرام في النصاب وهو (200) يخرج مقدار نصاب

الفضة، لا، لا، يريد أن الدرهم يقرب من ثلاث جرامات، فيقول: نصاب الفضة (594) جرام ثم نضرب النصاب في سعر الفضة اليوم، وقد سألت أهل الخبرة عن سعر الفضة يوم الأربعاء الماضي (25/ 8) فقالوا: أن السعر 50 بالمائة، يعني نصف ريال، خمسين هللة، وعليه فيكون المقدار (297) ريال، فمن كان عنده هذا المبلغ فتجب عليه الزكاة، (297) ريال، الجرام من الذهب كما قرره صاحب الكتاب أربعة فاصلة أربعة وعشرين (4. 24) يضرب في المقدار، وهو عشرون مثقالاً فيساوي أربعة وثمانين بالمائة من الجرام، يقول: وقد سألت عن سعره، عن سعر الذهب يوم الأربعاء فقالوا إنه (32) ونصف، فيكون مقدار النصاب يساوي (2756) ريال سعودي، شوف كم المضاعفات؟ قريب من عشرة أضعاف، يعني تسعة أضعاف، وعليه فمن كان عنده (297) ريال ورقي سعودي فتجب عليه الزكاة، لماذا حسب الزكاة بالفضة؟ وأهمل حساب الذهب؟ ألحظ للفقراء، وأيضاً الأصل أن الريال أول ما ضرب بالفضة، والزكاة سوف تكون بالريال، فالريال الموجود الورقي نائب عن الريال الفضة، فأصله الفضة، ما أدري هل تغيرت الأمور بعده والآن هذا له سنتين؟ طالب:. . . . . . . . .

أربعين؟ إيه، قريب من كلامه هذا، يقول: (32) ونصف، يعني لو مشينا على تقدير أهل العلم أول ما خرجت العملة السعودية الخاصة بالبلد بالريال العربي السعودي الفضة بست وخمسين ريال، وقلنا: أن الريال الآن يساوي اثنا عشر ريال، يعني قريب من ستمائة ريال، هذا النصاب، وعلى كل حال سواء قلنا: مائتين أو ثلاثمائة ما تضر، فعلى المسلم أن يعمل بالأحوط، ويأخذ بالأقل ويخرج اثنين ونصف بالمائة، سبعة ونصف زكاة اللي ذكره هنا، سبعة ونصف، يخرج سبعة ونصف، وإذا احتاج شيئاً يأخذ بدله آلاف، ليكمل نفقته، يعني إذا كان يملك مائتين وسبع وتسعين ريال على هذا الكلام يلزمه أن يخرج زكاة هذا المبلغ الثلاثمائة سبعة ونصف؛ لكن إذا كان لا يكفيه إلا ألفين بالشهر مثلاً؟ يأخذ ألفين، وهذا على القول بأنه يصح أن يكون آخذاً دافعاً، وهذه مسألة لا بد من اعتبارها، يصح أن يكون المسلم آخذاً للزكاة، دافعاً لها في آنٍ واحد، يعني شخص يملك ألف يقال له: طلع خمس وعشرين ريال زكاة، صح وإلا لا؟ لكن يقول: ألف أنا ما يكفيني، أنا عندي عشرة أنفس في البيت، يقول: ثلاثة آلاف، يقال: خذ، خذ تكميل ألفين، فصح أن يكون آخذاً دافعاً في آنٍ واحد، لكن من أهل العلم من يمنع؛ لأن في حديث معاذ القسمة ثنائية، ما في إلا غني وإلا فقير؟ تؤخذ من أغنيائهم فترد في فقرائهم، الذي تؤخذ منه زكاة فهو غني، لا يجوز أن يأخذ الزكاة، واضح وإلا ما هو واضح؟ فعلى هذا ... طالب:. . . . . . . . . ما هو واضح، ما هو في حديث معاذ: ((تؤخذ من أغنيائهم فترد في فقرائهم)) في قسم ثالث؟ إما مأخوذ منه أو معطى؟ ما في ثالث، ما في إلا واحد يؤخذ منه لأنه غني، والآخر يعطى لأنه فقير، ولا ثالث لهما، طيب هذا الذي ما يكفيه إلا ثلاثة آلاف وما عنده إلا ثلاثمائة ريال، نقول: ما يجوز يأخذ؟ نقول: يصرف الثلاثمائة وكلها أنت وأولادك ثم يصير ما عندك شيء خذ، لكن هذا يرد على تعريفهم الفقير والمسكين، المسكين عنده لكن ما يكفيه، الذي عنده ألف ولا يكفيه إلا ألفين هذا مسكين، وهو مصرف من مصارف الزكاة، وعلى كل حال الأمر فيه سعة ما دام ما يكفيه والزكاة إنما شرعت له ولأمثاله.

قال الحافظ -رحمه الله-: وعن علي -رضي الله عنه- قال: ((ليس في البقر العوامل صدقة)) رواه أبو داود والدارقطني، والراجح وقفه أيضاً. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: وللترمذي عن ابن عمر -رضي الله عنهما-: "من استفاد مالاً فلا زكاة عليه حتى يحول عليه الحول" والراجح وقفه، هذا شاهد للحديث السابق، وأنه لا زكاة حتى يتم الحول. وعن علي -رضي الله عنه- قال: "ليس في البقر العوامل صدقة" وهذا أيضاً جارٍ على القاعدة، وأن ما يتخذ للاستعمال والقنية أنه لا زكاة فيه، رواه أبو داود والدارقطني، والراجح وقفه أيضاً، يعني يكون هذا من اجتهاد علي -رضي الله عنه-، وليس بمرفوع؛ لكنه اجتهاد يندرج تحت أصلٍ عام، يشهد له ما يدل على أن الفرس والعبد والأثاث والمتاع والبيت وكل ما يستعمله الإنسان ليس فيه زكاة، فالبقرة العاملة في الحرث وغيره، كما أن آلة الحرث قد يكون عند الإنسان آلات يستعملها في زراعته، في تجارته لم يعدها للبيع هذه ليس فيها زكاة. طالب:. . . . . . . . . كيف؟ هذه عاملة، العاملة للقنية إذا كانت سائمة يرد فيها ما تقدم. قال الحافظ -رحمه الله-: وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عبد الله بن عمروٍ أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((من ولي يتيماً له مال فليتجر له، ولا يتركه حتى تأكله الصدقة)) رواه الترمذي والدارقطني، وإسناده ضعيف، وله شاهد مرسل عند الشافعي. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عبد الله بن عمرو، وجاء التنصيص عليه في مواضيع مما يرفع الخلاف في الضمير، ويرجح القول بأن الجد عبد الله بن عمرو، عن جده عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهم- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من ولي يتيماً له مال فليتّجر له، ولا يتركه حتى تأكله الصدقة)) رواه الترمذي والدارقطني، وإسناده ضعيف، وله شاهد، إسناد ضعيف؛ لأن فيه المثنى بن الصباح في رواية الترمذي: وهو ضعيف، ورواية الدارقطني فيها أيضاً راوٍ ضعيف، وهو مندل بن علي، وفيها أيضاً راوٍ ثالث العرزمي متروك، على كل حال الحديث بطرقه ضعيف.

وعن عائشة -رضي الله عنها- أنها -كما أخرج مالك في الموطأ- أنها كانت تخرج زكاة أيتام، كانوا في حجرها، أبناء لأخيها، أيتام كانت تخرج زكاة مالهم، وعلى كل حال الزكاة عند الجمهور تجب في مال الصبي والمجنون خلافاً للحنفية، الحديث ضعيف، ورفع القلم عن ثلاثة، ومنهم الصبي والمجنون، والجمهور على أن الزكاة تجب في مال الصبي والمجنون، كيف يرفع القلم عنه ونوجب الزكاة عليه؟ الآن هل الصبي والمجنون في دائرة التكليف وإلا لا؟ لا، وإلزامه بالزكاة تكليف وإلا لا؟ طالب:. . . . . . . . . إيه، لو قلنا: للولي ولا يلزم الصبي قلنا: تأديب مثل أمره بالصلاة؛ لكن الجمهور نظروا إلى هذا المال من جهةٍ أخرى، أولاً: أن من عنده المال فهو غني، وتجب في زكاة الغني، تؤخذ من أغنيائهم، بغض النظر عن التكليف وعدمه، فهو غني ما دام عنده مال يسمى غني، والزكاة تؤخذ من أغنيائهم، ما دام الصغير هذا الصبي عنده مال والمجنون عنده مال إذاً هو غني، فيدخل في حديث: ((تؤخذ من أغنيائهم فترد في فقرائهم)) وأخذ الزكاة ليس من باب التكليف، فلا يقال: أن الصبي والمجنون غير مكلفين، وإنما هو من باب ربط الأسباب بالمسببات، فالسبب موجود وهو المال، إذاً المسبب له بد أن يوجد فيكون من باب الحكم الوضعي لا الحكم التكليفي، ما يترتب على العمل من إثم لا يلحقه؛ لأنه غير مكلف تكليفاً غير مخل في الأحكام التكليفية، جاء واعتدى على مال شخص، أو ضرب شخص يلزمه ما يترتب على اعتدائه؛ لكنه الإثم مرفوع عنه، ولذا يقول أهل العلم: من الخطأ أو مما يلحق بالخطأ عمد الصبي والمجنون، صبي قتل شخص تلزمه الدية وإلا ما تلزمه؟ تلزمه؛ لكن ما يقاد به؛ لأنه صبي غير مكلف، مجنون اعتدى على سيارة شخص وكسرها، تلزمه قيمتها؛ لكنه لا يأثم؛ لأنه مرفوع عنه التكليف، فإلزامه بهذا من باب ربط الأسباب بالمسببات، يعني شخص نايم في مكان فانقلب على شيء وكسره لشخص آخر، يضمن وهو نائم فهذا مثله، فهذا من باب الحكم الوضعي لا الحكم التكليفي، والحنفية يقولون: ما دام غير مكلف بالصلاة ولا مكلف بصيام إذاً لا يكلف بالزكاة.

وعن عبد الله بن أبي أوفى -رضي الله عنه- قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا أتاه قوم بصدقتهم قال: ((اللهم صل عليهم)) متفق عليه.

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: وعن عبد الله بن أبي أوفى -رضي الله عنهما- قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا أتاه قوم بصدقتهم دعا لهم قائلاً: ((اللهم صل على آل أبي أوفى)) كما جاء في الحديث: ((اللهم صل عليهم)) ومن أفرادها: آل أبي أوفى؛ لأن أبا أوفى لما جاء بصدقته قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((اللهم صل على آل أبي أوفى)) وهذا امتثال للأمر الإلهي: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ} [(103) سورة التوبة] فهو مأمور بالصلاة على المزكّين المتصدّقين، مأمور بهذا -عليه الصلاة والسلام-، ففعلها وامتثل الأمر، فمن جاءه بصدقته قال: اللهم صل على فلان، أو على آل فلان، ويدخل فيهم المتصدق دخولاً أولياً، كما أشرنا، يدخل فيهم دخولاً أولياً كما أشرنا إلى ذلك، لا تحل لآل محمد، وكما في قوله -جل وعلا-: {وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ} [(46) سورة غافر] يعني هل ينجو فرعون من أشد العذاب وآله هم الذين يدخلون أشد العذاب؟ يدخل فيهم دخولاً أولياً، هنا إذا أتاه قوم بصدقتهم قال: ((اللهم صل عليهم)) هذا أمر للنبي -عليه الصلاة والسلام-، امتثله -عليه الصلاة والسلام-، فهل لغيره أن يفعل هذا؟ من جاءه بصدقته قال: اللهم صل عليه؟ يعني كونه يدعو: جزاكم الله خيراً، الله يوفقكم، أخلف الله عليكم، لا بأس؛ لكن هل لمن بعد النبي -عليه الصلاة والسلام- أن يصلي على الناس؟ أو هذا خاص به -عليه الصلاة والسلام- ولم يعلمه أحد، ولم يقله أحد بعده؛ لأن صلاته هي التي سكن، أما صلاة غيره فليست سكن؟ يعني كونه يدعى للباذل، يدعى للمتصدق، يدعى للمتبرع، هذا أمر مطلوب؛ لكن هذه الصلاة خاصة به -عليه الصلاة والسلام-، وأخذ منها الظاهرية يوجبون هذا على الإمام، لأن كل إمام في حكمه -عليه الصلاة والسلام-؛ لكن الإيجاب يحتاج إلى أن ينقل هذا عن خلفائه -عليه الصلاة والسلام-، ما دام ما نقل عنهم أنهم يصلون ما يلزم، وإلا فالأصل الاقتداء والائتساء، والتعليل بقوله -جل وعلا-: {إِنَّ صَلاَتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ} [(103) سورة التوبة] هذا يدل على أن من عداه ليس

في حكمه. الصلاة على غير الأنبياء جاء فيها مثل هذا، وجاء فيها الصلاة على التبع، اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم، المقصود أن الصلاة على جهة التبعية لا بأس بها، وكونها تصدر منه -عليه الصلاة والسلام- أيضاً لا بأس بذلك؛ لكن العرف عند أهل العلم خص الصلاة بالأنبياء، والمسألة خلافية بين أهل العلم، وخص العرف العلمي المصطلح عليه بين العلماء أن الترضي للصحابة والترحم على من بعدهم، وقولنا: عز وجل خاص بالله -جل وعلا- فلا نقول: قال رسول الله -عز وجل-، وإن كان عزيزاً جليلاً، يعني لما تسمع قال رسول الله -عز وجل- تستسيغ وإلا ما تستسيغ؟ ما تستسيغ، العرف العلمي جرى على خلاف هذا، وتواطأ الناس عليه، وتواردوا، ولا يوجد شخص يمكن أن يقول هذا الكلام، مع أن النبي -عليه الصلاة والسلام- عزيز جليل، ولذا ما تجد من يقول: أبو بكر -صلى الله عليه وسلم-. قال الحافظ -رحمه الله-: وعن علي -رضي الله عنه- أن العباس -رضي الله عنه- سأل النبي -صلى الله عليه وسلم- في تعجيل صدقته قبل أن تحل، فرخّص له في ذلك. رواه الترمذي والحاكم.

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: وعن علي -رضي الله تعالى عنه- أن العباس ابن عبد المطلب عم النبي -عليه الصلاة والسلام- سأل النبي -صلى الله عليه وسلم- في تعجيل صدقته قبل أن تحل، فرخص له في ذلك، بعض الروايات يدل على أن النبي -عليه الصلاة والسلام- استسلف من العباس زكاة عامين، وهذا يدل على جواز تعجيل الزكاة، ويشهد لهذا الحديث المتفق عليه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- بعث عمر على الصدقة، جاء عمر قال: منع ابن جميل وخالد والعباس الزكاة، شكاهم إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- فقال: ((ما ينقم ابن جميل؟ إلا أن كان فقيراً فأغناه الله)) يعني ليس له عذر، ما ينقم ابن جميل؟ ما يعتذر به ابن جميل؟ لأنه كان فقير فأغناه الله! ((وأما خالد فإنكم تظلمون خالد، فقد احتبس عتاده وأدراعه في سبيل الله)) ما يتهم مثل هذا الذي أوقف أمواله لنصر دينه، هذا ما يتهم بمنع الزكاة، ولذا لو كان عند شخص عمارة معدّة للبيع ولمدة أحد عشر شهراً تسام بمليون ريال، بقي شهر ويحول عليها الحول، وهي معدة للبيع لما بقي شهر قال لجمعيات تحفيظ القرآن: خذوا العمارة ذي، هل يتهم مثل هذا أنه يهرب من الزكاة؟ ما يتهم أبداً، هذا تبرع بالمليون كامل والواجب عليه خمس وعشرين، مثل هذا لا يتهم ولا يلام، بل يدافع عنه مثل خالد، ((وأما العباس فهي عليّ ومثلها)) يعني عندي زكاتين للعباس، فأخذ من هذا أهل العلم جواز تعجيل الزكاة، وقد يستحب إذا قامت الحاجة إلى ذلك، إذا قامت الحاجة إلى ذلك لكونه أنفع، وحاجة الفقراء قائمة وشديدة، لا مانع أن يطلب الإمام من بعض الناس أن يعجل زكاته لا على سبيل الإلزام، فتعجيل الزكاة لا بأس به، وإليه ذهب الأكثر، كما قال الترمذي وغيره، بعضهم منع تعجيل الزكاة مستدلاً بقوله: أنه لا زكاة في مالٍ حتى يحول عليه الحول، مع أن هذه الجملة إنما سيقت لبيان عدم الوجوب، لا على التوقيت، التعجيل يقابله التأجيل، فإذا كان التعجيل جائزاً بدلالة ما سمعنا، فالتأجيل والتأخير لا يجوز بحال، يتسامح أهل العلم في اليوم واليومين، وما قرب منها؛ لكن تأخير الزكاة اعتداء على حق أصحابها، على حقوق الفقراء والمساكين، لا يملك تأجيلها، بل مجرد ما تجب عليه

يبرأ من عهدتها. قال الحافظ -رحمه الله-: وعن جابر -رضي الله عنهما- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((ليس فيما دون خمس أواقٍ من الورق صدقة، وليس فيما دون ذودٍ من الإبل صدقة، وليس فيما دون خمسة أوسقٍ من التمر صدقة)) رواه مسلم. وله من حديث أبي سعيدٍ -رضي الله عنه-: ((ليس فيما دون خمسة أوسقٍ من تمرٍ ولا حبٍ صدقة)) وأصل حديث أبي سعيدٍ -رضي الله عنه- متفق عليه. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: وعن جابر -رضي الله عنهما- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((ليس فيما دون خمس أواقٍ من الورق صدقة)) والأواق جمع أوقية، والأوقية: أربعون درهماً، والخمس في أربعين مائتا درهم، وليس فيما دون خمسٍ ذودٍ، أو خمسِ ذودٍ؟ طالب: على الوجهين، يصح الوجهين. وجهان، وهل يختلف المعنى أو ما يختلف؟ خمسٍ ذودٍ من إضافة الصفة إلى موصوفها، وإذا قلنا: خمسِ ذودٍ يعني خمسة أذواد، والذود يطلق على إيش؟ العدد كم؟ ما بين الثلاث إلى العشرة، إذا قلنا: خمس ذود يعني خمسة أذواد، فنحتاج أقل شيء إلى خمسة عشر، فكأن (خمسٍ ذود) أرجح من حيث المعنى. ((من الإبل صدقة)) وتقدم نصاب الإبل مفصلاً ((وليس فيما دون خمسة أوسقٍ من التمر صدقة)) والوسق وتكسر الواو ستون صاعاً، فيكون نصابها ثلاثمائة صاع، وله -أي لمسلمٍ- من حديث أبي سعيد: ((ليس فيما دونه خمسة أوساقٍ من تمرٍ ولا حبةٍ صدقة)) وأصل حديث أبي سعيد متفق عليه، والحديث دليل على أن هذه الأموال إذا لم تبلغ هذه المقادير المحددة في هذا الحديث وغيره أنه لا زكاة فيها، لا زكاة فيها، تيسيراً من الله -جل وعلا-، ورفقاً بعباده التجار، ولما ساق: ((وليس فيما دون خمسة أوسقٍ صدقة)) ساق بعده: ((فيما سقت السماء والعيون العشر)) اقرأه لأن له ارتباط فيما سبق. وعن سالم بن عبد الله عن أبيه -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((فيما سقت السماء والعيون، أو كان عثرياً العشر، وفيما سقي بالنضح نصف العشر)) رواه البخاري. ولأبي داود: ((أو كان بعلاً العشر، وفيما سقي بالسواني أو النضح نصف العشر)).

وعن سالم بن عبد الله عن أبيه -رضي الله عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((فيما سقت السماء والعيون، أو كان عثرياً العشر)) (فيما) هذه من صيغ العموم، ترد على القليل والكثير، فيجب في كل ما سقت السماء والعيون أو كان عثرياً العشر، يعني بلغ النصاب أو لم يبلغ، صاع أو صاعين أو عشرة أو مائة أو ألف (ما) من صيغ العموم، وهو معارض بحديث: ((ليس فيما دون خمسة أوسقٍ صدقة)) والحنفية حملوا الحديث على عمومه، فقالوا: الخارج من الأرض فيه الزكاة في قليله وكثيره، عملاً بعموم هذا الحديث، والجمهور خصصوه بما سبق من النصاب المحدد بالخمسة الأوسق، وإذا اجتمع العام والخاص فالخاص مقدم على العام، الآن قول الحنفية يعتمد إلى عموم الحديث، وهناك ((ليس فيما دون خمسة أوسقٍ صدقة)) يعني لو كان النص: في كل خمسة أوسقٍ صدقة، وما في نفي (ليس) لقلنا: أن مفهوم الحديث يقتضي أن ما دون الخمس اللي فيها صدقة؛ لكن هل هذا المفهوم ثبت به منطوق؟ يعني افترضنا أنه قال في الحديث: في خمسة أوساقٍ صدقة، هذا منطوقة أن في الخمس صدقة، مفهومه أنه ليس فيما دون الخمسة صدقة، وإذا عارضنا هذا المفهوم بمنطوق حديث: ((فيما سقت السماء)) تكافأ الدليلان، هذا فيه ضعف، وهذا فيه ضعف، هذا فيه قوة من جهة، وهذا فيه قوة من جهة؛ لأنه يكون هذا مفهوم خاص، وهذا عموم أو منطوق عام، وتقابل المنطوق مع المفهوم، والخاص والعام فيه شيء من التكافؤ، المسألة يمكن بسطها يحتاج إلى ... ؛ لكن ورود النفي ((ليس فيما دون خمسة أوسق)) دلالة المفهوم المعارض دُلّ عليها بمنطوق، وهو قوله: ((ليس فيما دون خمس أوساق من تمرٍ ولا حبٍ صدقة)) يعني نفترض أن هذا النص ليس بموجود، إنما الموجود تحديد النصاب في خمسة أوساق صدقة، عندنا هذا النص وعندنا النص عن سالم عن أبيه ((فيما سقت السماء العشر)) مفهوم النص المفترض أنه ليس فيما دون الخمس صدقة، فدل بمفهومه أنه ليس في القليل صدقة، ودل منطوق الحديث الذي معنا أنه في القليل صدقة بعمومه، فالعموم أضعف من الخصوص؛ لكن المفهوم أضعف من المنطوق؛ لكن الذي قضى على هذا الكلام كله، النص عندنا ((ليس فيما دون خمسة أوساق صدقة)) فالمرجح في هذه المسألة

قول الجمهور، وأن ما دون الخمسة أوساق ليس فيها صدقة؛ لأن الخاص مقدم على العام. ((فيما سقت السماء والعيون)) سقي بالأمطار، سقي بالأنهار، سقي بالعيون الجارية، عثرياً يحصل على الماء بعروقه من غير تعب هذا فيه العشر لماذا؟ لأن ما فيه كلفة ولا مؤونة على صاحبه، فيزاد في زكاته في مقابل التيسير الإلهي في حصول هذه المنفعة، ((وفيما سقي بالنضح)) يعني بالتعب بالنضح نصف العشر يخفف على التاجر في الزكاة لأنه تعب من وراء، رواه البخاري ولأبي داود: ((إذا كان بعلاً)) يعني يعثر على الماء، والبعل هو العثر، بعلاً الذي لا يحتاج إلى سقي العشر، وفيما سقي بالسواني والنضح نصف العشر، يعني ما يسقى بدون مؤونة زكاته العشر، والذي يسقى بالمؤونة زكاته نصف العشر، والذي يسقى بهما إحدى عشر شهر بمؤونة وشهر واحد بدون مؤونة، أو العكس، أو ستة أشهر وستة أشهر، إذا كان ستة أشهر نصف المدة ونصف المدة هذا ما فيه إشكال، ثلاثة أرباع العشر، والمسألة بحسابها، والله أعلم. وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد. هذا يقول للإخوان: نود تنبيه الإخوان والأخوات بأنه سيكون هناك إفطار صائم غداً الاثنين. وهنا مسألة بحث بعض الأخوان -جزاه الله خيراً- يقول: تتميم الفوائد التي تشيرون إليها مجملاً. ما ذكره الحافظ ابن رجب في قواعده في مسألة تعلق الزكاة بالذمة أم بالعين؟ وذكرنا الخلاف بالأمس، وقلنا: أن ارتباطها بالعين –بالمال- ولا تعلق بالذمة. يقول: تقريب المسألة وذكر أطرافها وفائدة ذلك نسأل الله .... الخ. هذا من قواعد ابن رجب يقول: الزكاة هل تجب في عين النصاب أم في ذمة مالكه؟ اختلف الأصحاب في ذلك على طرق، نخليها في أول الدرس القادم لأننا نشوف الإخوان ينصرفوا؟! نتركها للدرس القادم. اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

كتاب الزكاة (3)

بلوغ المرام - كتاب الزكاة (3) الشيخ/ عبد الكريم الخضير هذه أسئلة خمسة علاقتها بدرس العصر من كتاب الجنائز، هذه أعيدت مرة ثانية من الإنترنت. هذا يقول: اشتركت بجريدة الوطن قبل سنة تقريباً، وفي هذه الأيام أجرت الجريدة مسابقة، ومن شروطها نزع الكوبون الموجود في الجريدة، فهل هذا الاشتراك في المسابقة يدخل في القمار، علماً بأني حال الاشتراك بالجريدة قبل سنة تقريباً لم يكن قصدي المسابقة، أفتوني مأجورين؟ أولاً: السبق جاء حصره فيما يعين على الجهاد فقط، السبق: وهو ما يأخذه الفائز، جاء حصره فيما يعين على الجهاد فقط، ((لا سبق إلا خف أو نصل أو حافر)) فيما يستعان به على الجهاد، وألحق بعض العلماء ومنهم شيخ الإسلام بن تيمية وابن القيم جواز أخذ السبق على مسائل العلم؛ لأن العلم باب من أبواب الجهاد، وما عدا ذلك يبقى على المنع. المسألة التي أشير إليها في درس الأمس وهي الزكاة، وارتباطها بالمال، وعلاقتها بالذمة. هذا نقل لنا كلام من قواعد ابن رجب، وكتاب القواعد لابن رجب كتاب عظيم، لا يستغني عنه طالب علم، وقد يقول قائل: أنه يطلِق في ذكر الروايات والوجوه ولا يرجح؛ لكنه يخرج طالب علم، يعرف كيف يتعامل مع أقوال العلماء؟ وكيف يفهم النصوص؟ وإن لم يشر المؤلف إلى النصوص، فيذكر مأخذ القول من التعليل. يقول هنا: الزكاة تجب في عين النصاب أو ذمة مالكه؟ الزكاة هل تجب في عين النصاب أو في ذمة مالكه؟ اختلف الأصحاب في ذلك على طرق إحداها: أنها تجب في العين، يعني في عين المال، رواية واحدة، وهي طريقة ابن أبي موسى والقاضي في المجرد، والثانية: أن الزكاة تجب في الذمة رواية واحدة، وهي طريقة أبي الخطاب في الانتصار، وصاحب التلخيص متابعة للخرقي. والثالثة: أنها تجب بالذمة، وتتعلق بالنصاب، ووقع ذلك في كلام القاضي وأبي الخطاب وغيرهما، وهي طريقة الشيخ تقي الدين. والرابعة: أن في المسألة روايتين إحداهما: تجب في العين والثانية: في الذمة، وهي طريقة كثير من لا أصحاب المتأخرين، وفي كلام أبي بكر في الشافي ما يدل على هذه الطريقة.

تجب في العين رواية واحدة، تجب في الذمة رواية واحدة، تجب بالعين ولها تعلق بالذمة أو العكس، أو روايتان، يعني هل معنى أن الطريقة الأولى تلغي الثانية من الوجود؟ لأنه قد يشكل مثل هذا الكلام على بعض الناس، يعني ابن رجب اطلع على هذه الأقوال كلها، اطلع على هذه الأقوال، فكيف يقول: إحداها: تجب في العين رواية واحدة، طيب الرواية الثانية في القول الثاني الذي في الطريقة الثانية التي ذكرت، يعني هل معنى هذا أن الذي ذكر أو اختار الطريقة الثانية ما اطلع على الطريقة الثانية التي نص فيها على أنها رواية؟ تجب في الذمة رواية واحدة، الأول: تجب في العين رواية واحدة، والثاني: تجب في الذمة رواية واحدة، إيش معنى هذا الكلام؟ هل معنى هذا أن كل من اختار طريقة ألغى الطريقة الثانية، أو يظن به أنه لم يطلع عليها؟ أو نقول: أنه صاحب الطريقة الأولى لم يعتد بالقول الثاني رواية عن الإمام، وإنما لم يثبت عنده عن الإمام إلا الطريقة التي اختارها، وقل مثل هذا في الطريقة الثانية العكس، يمكن أن يقال هذا وإلا ما يمكن؟ هذا يسأل يقول: أفضل الطبعات لكتاب قواعد ابن رجب؟ الطبعة الأخيرة طبعة مشهور حسن سلمان، هذه طبعة طيبة، اعتمد فيها على بعض النسخ؛ لكن اعتمادي أنا على الطبعة الأولى، الطبعة المصرية، طبعة فوزان السابق، وهي طبعة نفيسة ممتازة، الثانية التي تليها طبعة طه عبد الرءوف سعد، ذكروا بعض معاني الكلمات التي تشكل، أذكر في قراءتنا قبل ثلاثين سنة على الشيخ ابن غديان، مر بنا كلمة في طبعة فوزان كلمة (التاوي) فبحثنا عنها، بحث قريب ما رجعنا إلى معاجم ولا رجعنا إلى شيء، فبينت هذه الكلمة في الطبعة التي تليها طبعة طه عبد الرءوف سعد أنه الهالك، فالطبعات التي تعنى بشرح الكلمات مع مقابلة النسخ يعتنى بها؛ لكن ما زلت أنا أقول: أن الطبعة الأولى طبعة فوزان السابق نفيسة.

نعود إلى المسألة كيف يقول: رواية واحدة، وهو يعرف أن في المسألة رواية ثانية؟ أو معنى هذا أن الرواية الثانية لم تثبت عنده؟ أو لا تجري عنده على قواعد المذهب؟ الآن أدركتوا الإشكال؟ الطريقة الأولى: يجنح صاحبها إلى أن الزكاة تجب في العين رواية واحدة، والثانية: أنها تجب في الذمة رواية واحدة، والثالث، دعونا من الثالثة، الرابعة: أن في المسألة روايتين، يعني هل الرابع جاب جديد؟ أو نظر إلى الطريقة الأولى والثانية وأثبت كل منهما رواية؟ هل مقتضى هذا الكلام أن الأول ينفي الرواية الثانية، والثاني ينفي الرواية الأولى؟ وأثبتهما صاحب الطريقة الرابعة؟ رواية أنها تجب في العين، والرواية الثانية تجب في الذمة، وكل واحد من صاحبي القولين يجنح إلى أن الرواية الثانية وجودها مثل عدمها، كأنها لم توجد، ولذلك لا يثبت إلا رواية واحدة، والقول الرابع: يثبت الروايتين، والقول الثالث: يوفق، أو يلفق بين الروايتين. في أحد يساهم يشارك في المسألة وإلا ما في أحد؟ يعني كأن أصحاب الطريقة الأولى يرون أن القول الثاني أو الطريقة الثانية لا تجري على قواعد المذهب فلا تذكر رواية والعكس، والطريقة الرابعة تجمع بين القولين وتجعلهما روايتين، والطريق الثالث أنها تجب في الذمة وتتعلق بالنصاب. هنا مسألة يقول: في ذلك اختلف الأصحاب في ذلك على طرق: إحداها: والثانية والثالثة والرابعة، الطريق مذكر وإلا مؤنث؟ نعم جل استعمال المحدثين على أنه مؤنث، مروي من عدة طرق: الأولى الثاني الثالثة، ومثله كلام المؤلف هنا؛ ولكن الذي جاء في القرآن {طَرِيقًا فِي الْبَحْرِ يَبَسًا} [(77) سورة طه] فعلى هذا مذكر وإلا مؤنث؟ مذكر، وعلى كل حال هو يذكر ويؤنث في الأصل، طيب ما الفائدة من هذا الخلاف؟ ما الفائدة التي تترتب على هذه الطرق وهذه الأقوال؟ أولاً: المؤلف ما خرج عن المذهب، كل الأقوال وفي روايات المذهب، وفي أقوال الأصحاب، لهذا الخلاف فوائد تظهر في عدد من المسائل:

المسألة الأولى: إذا ملك نصاباً واحداً ولم يؤدِ زكاته أحوالاً، يزكي زكاة سنة واحدة وإلا سنوات؟ أو على ما تقدم كل على مذهبه؟ إذا قلنا: أنها تجب في العين سنة واحدة، وإذا قلنا: أنها تجب في الذمة سنوات، وإذا قلنا: تجب في الذمة وتتعلق بالنصاب إيش الفرق بينها؟ يعني إذا كان لها تعلق بالنصاب وتلف النصاب، تبرأ الذمة وإلا ما تبرأ؟ إذاً ما الفرق بين الثانية والثالثة، الثانية يقول: تجب في الذمة، والثالثة تجب في الذمة وتتعلق بالنصاب، يعني الفرق بين القولين أن وجوبها في الذمة ثبتت ديناً في ذمته من غير ارتباط بالنصاب، نعم، لكن على الطريقة الثالثة أن تعلقها بالذمة ولها ارتباط بالنصاب فتخرج من عين النصاب، فإذا تلف النصاب المثلي يزكى مثله، والذي ليس بمثلي يزكى قيمته. الفائدة الثانية: إذا تلف النصاب أو بعضه قبل التمكن من أداء الزكاة، وبعد تمام الحول، إذا تلف النصاب أو بعضه قبل التمكن من أداء الزكاة وبعد تمام الحول على الطرق تجب في العين خلاص ما في زكاة، تجب في الذمة استقرت في الذمة فتجب. الفائدة الثالثة: إذا مات من عليه زكاة أو دين وضاقت التركة عنهما، إذا قلنا: أن ارتباطها بالذمة فالذمة الآن إيش فيها الذمة؟ انتهت، الذمة فارغة الآن انتهت لأنه مات، وإذا قلنا: وجوبها بالنصاب أنها تخرج منه قبل قسمة التركة. الفائدة الرابعة: إذا كان النصاب مرهوناً وجبت في الزكاة فهل تؤدى زكاته منه؟ نعم إذا كان النصاب مرهوناً عند الدائن، فهل إذا حال عليه الحول يأتي الراهن إلى المرتهن فيأخذ منه مقدار الزكاة؟ قد يرفض المرتهن؛ لأنه ينقص التوثقة، تنقص التوثقة فإذا قلنا: لها تعلق بالذمة يخرج من غيره. الفائدة الخامسة: التصرف في النصاب أو بعضه بعد الحول ببيع أو غيره مثل ما لو تلف. الفائدة السادسة: لو كان النصاب غائباً عن مالكه لا يقدر على الإخراج منه، فإذا كان تعلقها بالمال، بالعين ينتظر حتى يحضر المال، وإذا كانت بالذمة يخرج بدله.

الفائدة السابعة: إذا أخرج رب المال زكاة حقه من مال المضاربة، فهل يحسب ما أخرجه من رأس المال ونصيبه من الربح أو من نصيبه من الربح خاصة؟ شخص عنده مائة ألف أعطاها لزيد من الناس، وقال: خذ هذه المائة ألف مضاربة على أن يكون الربح بيني وبينك نصفين، علي المال وعليك العمل، إذا حال الحول على هذا المال يجب أن يخرج منه ومن ربحه، افترضنا أن المائة صارت مائة وعشرين، فربع العشر ثلاثة آلاف، ثلاثة آلاف هل تؤخذ؟ فهل يحسب ما أخرجه من رأس المال ونصيبه من الربح على كل واحد منهما الآن، الآن كم نصيب المضارب؟ عشرة آلاف، ونصيب صاحب المال مائة وعشرة، إذا أخرج رب المال زكاة حقه من مال المضاربة منه فهل يحسب ما أخرجه من رأس المال ونصيبه من الربح؟ أم من نصيبه من الربح خاصة؟ فعلى هذا يكون على كل واحد منهما ألف وخمس إذا قلنا: من نصيبه من الربح خاصة، ومرد ذلك أنها إذا كانت في عين المال، أخرجت من مجموعه، وإذا كانت في الذمم معنى أنه لا يتبين وجهه، هنا الآن إذا أخرج رب المال زكاة حقه من مال المضاربة، أخرج زكاة حقه قلنا: مائة وعشرين فيها ثلاثة آلاف، ونصيب صاحب المال مائة وعشرة، ونصيب المضارب عشرة آلاف فتكون زكاة المضارب بمائتين وخمسين، وزكاة صاحب المال المائة في ألفين ونصف، ومائتين وخمسين ألفين وسبعمائة وخمسين، هذا على أي الروايتين؟ طالب:. . . . . . . . . إذا قلنا: أنه متعلق بالعين، أما إذا قلنا: أنه متعلق بالذمم لا ارتباط له بالعين، فالمضارب له النصف باعتبار عمله وربحه، والثاني له النصف باعتبار مئته مع الربح. نعم. طالب:. . . . . . . . . بالعين؟ ينتظر حتى يحضر. طالب:. . . . . . . . . والله الجمع بينهما بطريقة شيخ الإسلام طيب، على شان ما يهدر حق الفقير، ولا يكلف الغني أكثر مما يطيق لأنه لو تلف المال ولها ارتباط به من غير تفريط ولا تعدي ذهبت خلاص؛ لكن الذي يقول: تثبت في الذمة ولو تلفت من غير تعدي ولا تفريط يضمن. الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: يقول الإمام الحافظ شيخ الإسلام أحمد بن علي بن حجر -رحمه الله تعالى-:

وعن أبي موسى الأشعري ومعاذ -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال لهما: ((لا تأخذا في الصدقة إلا من هذه الأصناف الأربعة: الشعير والحنطة والزبيب والتمر)) رواه الطبراني والحاكم، وللدار قطني عن معاذ -رضي الله عنه-: "فأما القثاء والبطيخ والرمان والقصب فقد عفا عنه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" وإسناده ضعيف. الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: وعن أبي موسى الأشعري ومعاذ -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال لهما حين بعثهما إلى اليمن يعلمان الناس أمر دينهم. أبو موسى عاد والنبي -عليه الصلاة والسلام- في حجة الوداع، وأحرم بما أحرم به النبي -عليه الصلاة والسلام- كما هو معروف، وأما معاذ فلم يعد إلا بعد وفاة النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((لا تأخذا الصدقة إلا من هذه الأصناف)) حصر، ((لا تأخذا الصدقة إلا من هذه الأصناف: الشعير والحنطة والزبيب والتمر)) هذا الحصر يقتضي أن الزكاة لا تجب إلا في هذه الأصناف فلا تجب في الذرة مثلاً، ولا الدخن، ولا غيرهما من الحبوب، إلا في الشعير والحنطة، ولا تجب من الثمار إلا في الزبيب والتمر؛ لأن هذا مقتضى الحصر وقال به جمع من أهل العلم، وأهل القياس يجعلون هذه أصول فما يجتمع معها في العلة يلحق به، فيلحقون الذرة، مع أنه جاء فيها نصوص ضعيفة، ومن أهل العلم وهو المعروف عند الحنابلة أن الزكاة تجب في الحبوب كلها، تجب في الحبوب كلها، وأما بالنسبة للثمار فتجب في كل ما يكال ويدخر، والحديث صريح في أنه لا تؤخذ -وهذا حصر- إلا -والنفي مع الاستثناء يقتضي الحصر- ((لا تأخذا الصدقة إلا من هذه الأصناف الأربعة: الشعير والحنطة والزبيب ... )) والحديث مصحح، وأعله ابن دقيق العيد في شرح العمدة، لكن علته يقولون: غير قادحة.

المقصود أن الأصل الأخذ وإلا عدم الأخذ؟ يعني هل الأصل شغل الذمة وإلا براءة الذمة؟ براءة الذمة، ولا تشغل الذمة إلا بما يرفع هذا الأصل؛ لأن هذا نفي وإثبات، لو كان السياق تؤخذ الزكاة من الشعير والحنطة والزبيب والتمر اتجه الإلحاق، كما في الأصناف الربوية ألحق بها أهل العلم ما يشاركها في العلل؛ لكن هنا حصر والأصل براءة الذمة فلا تؤخذ إلا من هذه الأصناف الأربعة، فالعمل بهذا النص هو المتعين، منهم من يرى أن الزكاة تؤخذ من كل ما أخرجت الأرض، كل ما يخرج من الأرض فيه الزكاة، لعموم ((فيما سقت السماء العشر)) لكن هذا الحصر أخص من هذا العموم، ولا نقول: أن الحصر دل بمفهومه، هل دلالة الحصر بمفهومه على عدم الأخذ وإلا النص أنها لا تؤخذ بمنطوقه؟ الدلالة على عدم الأخذ بالمنطوق، والأصل عدم الأخذ، ثم جاء الاستثناء من هذا الأصل فيقتصر عليه، طيب مزارع الفواكه يقول: وللدار قطني عن معاذ -رضي الله عنه- قال: "فأما القثاء والبطيخ والرمان والقصب قد عفا عنه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" حديث إسناده ضعيف جداً، حديث فيه أكثر من عله فهو ضعيف؛ لكن أنت افترض أن شخص عنده مزرعة كيلوات فيها الفواكه: بطيخ ورمان، وأنواع الفواكه كلها، التفاح والبرتقال والموز، تدر ملايين، هل نقول: هذه ليس فيها زكاة؟ نقول: ليس فها زكاة الخارج من الأرض، وإنما الزكاة في قيمتها إذا حال عليها الحول، والخبر هذا ضعيف. قال الإمام الحافظ -رحمه الله-: وعن سهل بن أبي حثمة -رضي الله عنه- قال: أمرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ((إذا خرصتم فخذوا، ودعوا الثلث، فإن لم تدعوا الثلث فدعوا الربع)) رواه الخمسة إلا ابن ماجه، وصححه ابن حبان والحاكم. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: وعن سهل بن أبي حثمة -رضي الله عنه- قال: أمرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ((إذا خرصتم فخذوا، ودعوا الثلث، فإن لم تدعوا الثلث فدعوا الربع))

الخرص: هو الحرز والتخمين والتقدير، أولاً: الحديث فيه ضعف؛ لكن كيف تؤخذ الزكاة؟ هل تخرص قبل حصادها؟ والنبي -عليه الصلاة والسلام- كان يرسل عبد الرحمن، من الذي كان يخرص؟ عبد الله بن رواحة، كان يبعثه النبي -عليه الصلاة والسلام- يخرص على أهل خيبر، هل نقول: يخرص على المسلم مادام الثمرة في الأشجار؟ التمر على رؤوس النخل، ثم بعد ذلك يحاسبون فيما بعد لاحتمال أنهم يجحدون بعض الأشياء، ولا يخرجون الكل، كونه -عليه الصلاة والسلام- يبعث إلى أهل خيبر من يخرص قبل أن يتصرف في النخل، هؤلاء يهود احتمال يجحدون؛ لكن غيرهم من المسلمين الذين يتدينون بطاعة الله ورسوله، هل يلزم أن تخرص أموالهم؟ أو يقال: إذا جذوا ينظر في أموالهم؟ لكن ماذا عن الأموال التي تباع قبل جذاذها؟ وهل يترك التقدير لصاحب المال أو يبعث الإمام من يخرص الزروع والثمار؟ حديث الباب ((إذا خرصتم فخذوا، ودعوا الثلث، فإن لم تدعوا الثلث فدعوا الربع)) هذا مضعف؛ لكن الخرص ثابت ويقول به جمهور أهل العلم، ويرى الحنفية أنه إيش؟ رجم بالغيب، ولا يثبت به حكم؛ لكن ما دام ثابت، يبعث النبي -عليه الصلاة والسلام- من يخرص على أهل خيبر، كعبد الله بن رواحة فليس لأحد كلام، والواقع يشهد أن أرباب الخبرة عندهم دقة متناهية في هذا الباب، يعني الآن تتصور أن الشخص إذا خرص الذي يقول عنه الحنفية: أنه رجم بالغيب، إذا دخل البستان، الخبير، ما هو بأدنى شخص، تقول له: كم تسوى هذه السلعة؟ وهذه حاصلة، كم تجيب؟ يقول: ألف أربعمائة ألف وست، ويش من كلام هذا؟ هذا ما هو بخارص ولا حول الخرص؛ لكن شخص يقدر البستان الكبير بالكيلوات، ومع ذلك لا يزيد إلا شيء أو ينقص شيء يسير جداً، وهذا حاصل يعني، ما هي مبالغة، وكل مهنة، وكل صنعة لها أهلها، المسألة مسألة خبرة، العلم له أهله، الصناعة لها أهلها، الزراعة لها أهلها، كل مهنة لها أهلها، فالذي له صلة بالمزارعين يعرف أن الخرص من أدق الوسائل للتقدير؛ لكن ما يجاب شخص من الشارع ويقال له: اخرص، يخرص ثم يطلع أضعاف أو ينقص أضعاف، لا، لا، هناك من أهل الخبرة من يزيد إلا الشيء اليسير جداً الذي لا يكاد يذكر، أو ينقص الشيء اليسير الذي لا يكاد يذكر،

مثل هذا يعتمد عليه، والمسألة مسألة غلبة ظن. الحديث الذي معنا حديث سهل بن أبي حيثمة ((إذا خرصتم فخذوا، ودعوا الثلث، فإن لم تدعوا الثلث فدعوا الربع)) عمل به بعض أهل العلم، وقال: ينبغي أن يترك لأهل المزارع شيء يأكلونه في أول الأمر هم وأولادهم، ويهدون منه، ويتصدقون على أقاربهم، ومعارفهم، لا يحاسبون بالمشاحة، بمعنى أنه يجب عليك كذا، أدفع كذا، يترك لهم شيء يتصرفون به. وهذا الحديث قد عمل به بعض أهل العلم على ضعفه، والمقصود أن الخرص وسيلة للتقدير، وسيلة شرعية. الحديث الذي يليه: قال -رحمه الله-: عن عتاب بن أسيد قال: "أمرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يخرص العنب كما يخرص النخل، وتؤخذ زكاته زبيباً" رواه الخمسة، وفيه انقطاع. وهذا أيضاً ضعيف؛ لكن هل الزكاة تؤخذ من التمر الرطب والعنب الرطب؟ أو تؤخذ منه إذا صار تمراً بالنسبة للتمر، أو صار زبيباً بالنسبة للعنب؛ لأنه هو الذي يمكن كيله، هو الذي يكال، الذي يكال الزبيب والذي يكال التمر، أما الرطب لا يكال، والعنب لا يكال، والزكاة إنما تؤخذ كيلاً، وهذا الحديث على ضعفه يقول فيه: وعن عتاب بن أسيد قال: "أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يخرص العنب كما يخرص النخل" كم يقدر في هذا البستان من عنب رطب، ثم كم تكون حصيلته إذا جف وصار زبيباً، وقل مثل هذا في النخل، كم فيه من صاع رطب وكم يؤول إليه إذا كان جافاً؟

"أمرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يخرص العنب كما يخرص النخل، وتؤخذ زكاته زبيباً" رواه الخمسة، وفيه انقطاع؛ لأنه رواه سعيد بن المسيب عن عتاب، قال أبو داود: "لم يسمع منه"، وقال أبو حاتم: "الصحيح عن سعيد بن المسيب أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أمر عتاباً" فسعيد حينما يقول أن النبي -عليه الصلاة والسلام- أمر عتاباً يحكي قصة لم يشهدها، فهي مرسلة، وإذا قال: عن عتاب قلنا: أنه لم يسمع منه كما نص على ذلك أبو داود؛ ولكن النووي يقول: أن هذا الحديث وإن كان مرسلاً فهو يعتضد بقول الأئمة" فالخرص لأن أصحاب الأموال إذا أرادوا أن يتصرفوا فيها قبل أن تصير زبيباً أو تمراً، لا بد أن يخرص عليهم، وتقدر ثمارهم، لتثبت في ذممهم الزكاة، فلا بد من الخرص، وإذا خيف من أرباب الأموال جحد شيء من أموالهم فعلى الإمام أن يبعث من يخرص عليهم، كما بعث ابن رواحة يخرص على اليهود في خيبر. الخارص من شرطه أن يكون عدلاً، وأن يكون خبيراً، عارفاً، ويكفي واحد، ما يقال: هذه شهادة لا بد فيها من اثنين، إنما هي بمثابة الحكم، والحكم يكفي فيه واحد، ومثل ما ذكرنا فائدة الخرص أمن الخيانة إذا شك في أمر صاحب الزرع، أو ترك التصرف لصاحبه إذا أراد أن يتصرف فيه قبل أن يجذ، قبل حصاده، ففائدة الخرص الاحتياط لحق الفقراء؛ لأن صاحب المزرعة إذا كان رطب ويخرف منه كل يوم مائة سطل ويبيعها تزيد وتنقص، ثم بعد ذلك يصعب عليه ضبطها وحسابها، وكم تؤول إليه إذا جفت؟ فذلك يصعب عليه، لا بد أن يأتي خبير يخرص له. قال الحافظ -رحمه الله-: وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن امرأة أتت النبي -صلى الله عليه وسلم-، ومعها ابنة لها، وفي يد ابنتها مسكتان من ذهب، فقال لها: ((أتعطين زكاة هذا؟ )) قالت: لا، قال: ((أيسرك أن يسورك الله بهما يوم القيامة سوارين من نار؟ )) فألقتهما" رواه الثلاثة، وإسناده قوي، وصححه الحاكم من حديث عائشة. وعن أم سلمة -رضي الله عنها- أنها كانت تلبس أوضاحاً من ذهب، فقالت: يا رسول الله أكنز هو؟ قال: ((إذا أديت زكاته فليس بكنز)) رواه أبو داود والدارقطني، وصححه الحاكم.

هذا الحديث يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن امرأة أتت النبي -صلى الله عليه وسلم-، ومعها ابنة لها، وفي يد ابنتها مسكتان غليظتان، سوران غليظان، وفي يد ابنتها مسكتان من ذهب فقال لها: ((أتعطين زكاة هذا؟ )) قالت: لا، قال: ((أيسرك أن يسورك الله بهما يوم القيامة سوارين من نار؟ )) فألقتهما" رواه الثلاثة، حديث معروف، وهو أقوى ما يحتج به من يرى زكاة الحلي المستعمل، ((أتعطين زكاة هذا؟ )) نص على أنه تجب فيه الزكاة، ولذا قال: ((أيسرك أن يسورك الله بهما يوم القيامة سوارين من نار؟ )) فألقتهما، هذا أقوى الأدلة في وجوب زكاة الحلي، إضافة إلى قوله -جل وعلا-: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللهِ} [(34) سورة التوبة] وحديث: ((ما من صاحب ذهب ولا فضة ... )) إلى آخره فالعمومات مع هذا الحديث الذي يقبله جمع من أهل العلم بهذه الصيغة، بهذا الإسناد.

"مسكتان من ذهب" ((أتعطين زكاة هذه؟ )) ذهب مستعمل في اليد، ولا يدرى هل بلغ النصاب أو لم يبلغ؟ والذي يغلب على الظن أنه لا يبلغ النصاب، ولذا قال بعضهم: تجب زكاة الحلي ولو لم يبلغ النصاب، وإذا قيل بهذا مع عدم اعتبار الشروط، شرط بلوغ النصاب، بلوغ النصاب شرط، والذي يغلب على الظن أن هذين المسكتين لا تبلغان النصاب، وأيضاً: مسألة الحول، ما استفصل النبي -عليه الصلاة والسلام- هل حال عليها الحول؟ فمع عدم اعتبار الشروط المعتبرة للزكاة المفروضة التي هي ركن من أركان الإسلام، هل يحمل لفظ الزكاة هنا على الزكاة المفروضة؟ التوعد بالنار يدل على وجوب إخراج الزكاة فيها؛ لكن هل هذه الزكاة مع عدم اعتبار الشروط، هل هذه الزكاة هي الزكاة الواجبة في الذهب؟ معنى أنها تخرج منها ربع العشر؟ أو تزكيها والتزكية تحصل بشيء منها، وتحصل بإعارتها كزكاة الماعون، الذي جاء ذم منعه {وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ} [(7) سورة الماعون]؟ يعني الجادة والقاعدة الشرعية في الأموال أنها لها شروط معتبرة، وأنه لا زكاة في مال حتى يبلغ النصاب، الذهب نصابه أحد عشر جنيهاً وأربعة أسباع الجنيه، هل يتصور أن هاتين المسكتين إحدى عشرة جنيه؟ لا يتصور في يد بنت صغيرة، هذا بالنسبة للنصاب.

الأمر الثاني: الحول ما استفهم عنه، ولا قالت: أنا الآن اشتريته، وإلا حال عليهم حول أو حولين أو أكثر، فالذي يظهر أن الزكاة هذه ليست من جنس زكاة الأموال؛ لأن زكاة الأموال لها شروط، وهذا لا تنطبق عليها شروط زكاة الأموال، وللعلم هذا أقوى ما في الباب، وإلا فالأصل أنه إذا جاءنا لفظ شرعي نحمله على الاصطلاح الشرعي؛ لأن الشرع ينطق باصطلاحاته؛ لكن إذا اختلت الشروط التي اشترطها الشارع للاصطلاح الخاص، اختلت الشروط، فهل مع اختلال هذه الشروط، لا حول، ولا نصاب، هل نطلب النتيجة المرتبة على المال الذي حال عليه الحول وبلغ النصاب؟ يعني الجادة معروفة في الشرع، بلغ النصاب وحال عليه الحول فيه ربع العشر مال انتهى؛ لكن هذا لا حال عليه حول، ولا بلغ النصاب، لأن هذا أقوى ما عندنا، لو افترضنا أن حلي المرأة يبلغ النصاب، وحال عليه الحول، هو تبعاً لثبوت هذا الحديث، وما يقرر فيه، المسألة مسألة شرعية، لا بد أن تنطبق عليها الشروط الشرعية، الملاحظة في بقية الأموال، والتي منها الذهب، لا بد من اكتمال النصاب، ولا زكاة في الذهب حتى يبلغ عشرون مثقالاً، كما تقدم، ولا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول، المقصود أن اشتراط الحول معروف متقرر، وأيضاً بلوغ النصاب متقرر، وهنا لم يشترط حول ولا بلوغ نصاب، وقال: ((أتعطين زكاة هذه؟ )). طالب:. . . . . . . . . إيه، لأن البنت ما يتجه لها خطاب غير مكلفة. طالب:. . . . . . . . . لكنها لا يتجه الخطاب للبنت لأنها غير مكلفة، ترون يا إخوان المسألة من عضل المسائل، لا نحسب المسألة سهلة؛ لأن إلزام الناس بغير لازم مشكل، وأيضاً ترك هذا الركن العظيم من أركان الإسلام، وهو أداء الزكاة فيما تجب فيه الزكاة أيضاً مشكل، فالاحتياط صعب في هذا. طالب:. . . . . . . . . حلي، حلي لا للتجارة ولا ... ، هو للزينة. طالب:. . . . . . . . .

المقصود أنه حلي المرأة المعروف أنها تلبسه {أَوَمَن يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ} [(18) سورة الزخرف] الزينة يعني، هذا الأصل في الحلي، ولذا لو اتخذت المرأة أناء من ذهب وجبت فيه الزكاة؛ لأنه حرام ما يجوز أن تقتنيه، فالمسألة هل إجراء الذهب المستعمل حلي للمرأة، كما يستعمل في القنية ((ليس على المسلم في عبده ولا فرسه زكاة)) وأيضاً الأثاث ما فيه زكاة، كل ما يستعمل ما فيه زكاة، وأقوى ما في المسألة من الأدلة الخاصة حديث الباب هذا، والحديث الذي يليه ضعيف؛ لكن أقوى ما فيها هذا. طالب:. . . . . . . . .

لا، لا، الترمذي صحيح أنه يقول: لا يعرف إلا من طريق ابن لهيعة؛ لكن غير صحيح يروى من غير طريقه يروى عن حسين المعلم، وهو ثقة ما في إشكال، لا، الذي يقبل حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده يقبل هذا الحديث، الذي يقبل حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ما فيه إشكال الحديث من حيث الثبوت أقل أحواله أنه حسن؛ لكن هل الزكاة المطلوبة هي الزكاة المطلوبة فيما توافرت فيه الشروط؟ أو أن زكاته إعارته كما يقول جمع من أهل العلم؟ كما أن الماعون زكاته أيضاً بذله عند الحاجة إليه، فزكاة كل شيء بحسبه، فالمقصود أن إيجاب الزكاة فيما لا تجب فيه تكليف بما لا يجوز التكليف فيه، إلا بنص يقطع العذر، لأن الأصل براءة الذمة، والقاعدة الشرعية أن المقتنيات لا زكاة فيها، المستعملة، ومنها هذا، مثل الأثاث ومثل السيارة، ومثل الفرس، ومثل العبد، ومثل البيت، كلها ما فيها زكاة؛ لأنها مستعملة؛ لكن أيضاً التفريط بواجب من واجبات الإسلام والدليل فيه صحيح لا يمكن، ولذا الشيخ محمد الأمين الشنقيطي -رحمه الله تعالى- في تفسير آية التوبة عرض المسألة، وبسطها بسطاً لا نظير له، وبعضهم يرى أن مثل هذا الحديث كان في أول الأمر، لما كان الذهب محرماً على النساء؛ لكن كيف يقول: تؤدين زكاته ويسكت عن تحريمه؟ لأن الذهب المحلق فيه ما فيه، وجاء فيه كلام، لكن كيف ما أنكر اللبس فضلاً عن الزكاة؟ لو كان هذا الكلام له وجه؟ فإذا قارنا بين الأصل الذي هو براءة الذمة، وأن مثل هذا الخبر على ما فيه من خلاف بين أهل العلم، وليس في الباب ما هو أقوى منه، فتبقى المسألة مسألة احتياط، فلا يحمل الإنسان نفسه ما لا تحتمل، نعم إذا أراد أن ينقل الفتوى، يقول: والله الشيخ فلان يفتي بوجوب الزكاة، هذا ما عليه شيء، لا سيما وأن من يفتي به تبرأ الذمة بتقليده؛ لكن هو يتحمل مثل هذا وهو غير مقتنع مشكلة؛ لأن تكليف الناس بغير واجب لا يجوز، والاحتياط إذا أراد أن يحتاط يحتاط لنفسه، أما يحتاط لغيره لا، يقول لهم: الأحوط أن تدفعوا الزكاة، لا مانع، أما مسألة الإلزام والإيجاب يحتاج إلى نص قاطع للعذر. طالب:. . . . . . . . .

هو الأصل أن الزكاة إذا أطلقت في النصوص فالمراد بها المفروضة، المقدرة التي اشترط لها في الشرع شروط، بحيث إذا توافرت هذه الشروط وجبت هذه الزكاة؛ لكن هل توافرت الشروط للزكاة المقدرة شرعاً هنا؟ طالب:. . . . . . . . . نعم، كيف؟ المانع المسكتين بيد الطفلة الصغيرة إحدى عشر جنيه؟ يمكن ما تشيلهم إحدى عشرة جنيه، هذا واضح كونها ما بلغت النصاب هذا ما فيه إشكال؛ لكن الحول الذي هو احتمال، فالذي تجب فيه الزكاة المفروضة هو الذي تتوافر فيه الشروط للزكاة المفروضة، أنا ما أقول: أنها لا تزكي، النساء ما تزكي، لا، أنا أقول: أن إيجابها يحتاج إلى دليل قاطع، إيجاب الزكاة على النساء يحتاج إلى دليل قاطع، والذي يزكي من باب الاحتياط هو بينقل فتوى، من استفتاه من النساء، قال: والله الشيخ ابن باز يقول فيه الزكاة، تبرأ عهدته وذمته؛ لكن لا يتبنى شيء إلا إذا ترجح له دليله. طالب:. . . . . . . . . لا، لا هو نص على زكاة، ما نص على لبس، هو نص على الزكاة. طالب:. . . . . . . . . وين؟ من باب الخروج من العهدة بقوة، ما يكفي أن تزكي لا ذهب ولا شيء، لا هذا يتصور هذا سهل؛ لأنه في مقابل نار، سوارين من النار في الآخرة، لأن الزينة كمال. طالب:. . . . . . . . . لا، تعطين، وتدفعين، وتؤدين، كلها بمعنى واحد ما فيه فرق، في شيء؟ في شيء يا شيخ؟ أنا ما زال في نفسي شيء من إيجاب زكاة الحلي، وأن الدليل لا ينهض بحيث يلزم الناس بها، أما باب الاحتياط لا بأس، الشيخ الشنقيطي -رحمه الله تعالى- لما أنهى الكلام وتكلم على المسألة بعجرها وبجرها، بأدلتها وخلافها، أشار إلى أن إخراج الزكاة احتياط، الاحتياط أمره سهل؛ لكن الإلزام بغير لازم هذا هو المشكل، ومعروف أن الأئمة جمهورهم لم يقولون بها، مالك والشافعي وأحمد: لا تجب الزكاة في الحلي عندهم، وجاء عن بعض الصحابة أيضاً آثار تدل على أنهم لا يرون زكاة الحلي. الحديث الذي يليه: قال الإمام الحافظ -رحمه الله-: وعن سمرة بن جندب -رضي الله عنه- .. حديث أم سلمة، قرأته؟ نعم يا شيخ، قرأت حديث أم سلمه؟ نعم.

بعد هذا يقول الحافظ -رحمه الله تعالى- وعن أم سلمة -رضي الله عنها- أنها كانت تلبس أوضاحاً من ذهب فقالت: يا رسول الله أكنز هو؟ قال: ((إذا أديت زكاته فليس بكنز)). الكنز: في الأصل الذي يدفن في الأرض، هذا الأصل فيه، وحقيقته العرفية واللغوية؛ لكن حقيقته الشرعية تدور وجوداً وعدماً مع الزكاة، فالمال الذي لا تؤدى زكاته هو كنز، ولو نشر في السطوح، والمال الذي تؤدى زكاته ليس بكنز، ولو أخفي في الآبار، ودفن وطمر تحت التراب، فحقيقته الشرعية تأدية الزكاة {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللهِ} [(34) سورة التوبة] ما أديت زكاته فليس بكنز، وأما ما لا تؤدى زكاته فهو كنز ولو كان على وجه الأرض. هذا الحديث ضعيف الإسناد، وله شاهد، ذكر العلماء له شاهد، ولذا صححه الحاكم. وعن أم سلمة -رضي الله عنها- أنها كانت تلبس أوضاحاً من ذهب فقالت: يا رسول الله أكنز هو؟ قال: ((إذا أديت زكاته فليس بكنز)) رواه أبو داود والدارقطني، وصححه الحاكم، ويجعلونه شاهد لحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ويتقوى به، وعلى كل حال المسألة في النفس من إيجاب الزكاة فيها شيء، والدليل لا يقطع العذر ولا يلزم، والأصل براءة الذمة، ومن أراد أن يخرج الزكاة باعتبار أن هذه الأحاديث تورث عنده شبهة، عليه أن يتقيها ليستبرئ لدينه وعرضه، هذا في خاصة نفسه، ومن تحت يده، أما أن يلزم به الناس فالأصل براءة الذمة. قال الحافظ -رحمه الله-: وعن سمرة بن جندب -رضي الله عنه- قال: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يأمرنا أن نخرج الصدقة من الذي نعده للبيع" رواه أبو داود، وإسناده لين. نعم أيضاً هذا الحديث ضعيف، يقول: عن سمرة، وسبب ضعفه أنه من رواية سليمان بن سمرة عن أبيه، وسليمان مجهول، عن سمرة بن جندب -رضي الله عنه- قال: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يأمرنا أن نخرج الصدقة من الذي نعده للبيع".

الحديث دليل على وجوب زكاة مال التجارة، والزكاة في عروض التجارة نقل الإجماع عليه، ابن المنذر قال: الإجماع قائم على وجوب الزكاة في مال التجارة، فعروض التجارة فيها الزكاة بالاتفاق، وإن قالت الظاهرية بعدم الوجوب فيها، والحديث فيه لين؛ لأنه من رواية سليمان، وهو مجهول، واللين عند الحافظ كما قرره في مقدمة التقريب: الراوي اللين عنده من ليس له من الحديث إلا القليل، ولم يثبت فيه ما يترك حديثه من أجله فإن توبع فمقبول وإلا فلين" وإن كان هنا المراد الذي يظهر من لين الإسناد الكلام التضعيف الخفيف، استدل الجمهور بوجوب زكاة التجارة بقوله -جل وعلا-: {أَنفِقُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ} [(267) سورة البقرة] يقول مجاهد: نزلت في التجارة، وأخرج الحاكم أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: ((في الإبل صدقتها، وفي البقر صدقتها، وفي البز صدقته)) وعلى كل حال عامة أهل العلم على وجوب الزكاة في التجارة. قال -رحمه الله-: وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((وفي الركاز الخمس)) متفق عليه. وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال في كنز وجده رجل في خربه: ((إن وجدته في قرية مسكونة فعرفه، وإن وجدته في قرية غير مسكونة ففيه وفي الركاز الخمس)) أخرجه ابن ماجه بإسناد حسن.

حديث أبي هريرة المتفق عليه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((وفي الركاز الخمس)) هذه جملة من حديث يشتمل على عدة جمل ((العجماء جبار، والمعدن جبار، وفي الركاز الخمس)) والركاز: ما يوجد من دفن الأموال تحت الأرض، فيحصل عليه بحفرها، مال يدفن تحت الأرض، ومنهم من يشترط أن يكون من دفن الجاهلية، وليست عليه علامات تدل على أنه مال لمسلم، وإن كان مالاً لمسلم إن عرف دفع إليه وإلا فحكمه حكم اللقطة، يعرف، فالركاز: هو دفن الجاهلية، المال المدفون، وعليه آثار غير إسلامية، وفيه الخمس لأن الزكاة تتبع المشقة كثرةً وقلة، فالذي يتعب عليه فيه ربع العشر، فإن كان التعب أقل فنصف العشر، ثم إن قل التعب ففيه العشر، وإن قل التعب فيه الخمس، والشرع حينما أوجب الزكاة في أموال الأغنياء دفعاً لحاجة الفقراء نظر أيضاً إلى عدم إهدار جهد التجار، فجعل لجهدهم أثر في الزكاة، فالركاز الذي لا يحتاج إلى جمع، بساعة يحصل على هذا، اشترى أرض، وأحضر المقاول، وحفر القواعد، أو أراد أن يضع بدروم فوجد هذا الكنز، والقصص يتناقلها الناس في أنه يرى رؤي أن في المكان الفلاني من بيتك كنز، فيحفره، قد تصدق هذه الرؤيا، وقد لا تصدق؛ لكن الكلام كثير.

طيب إذا اشترى أرض بمبلغ وجد فيها كنز، فهل هذا الكنز للواجد أو لصاحب الأرض؟ إذا كان فيه ما يدل على أن صاحب الأرض هو الذي دفنه فهو صاحبه، له، وإذا لم يدل الدليل على أن صاحب الأرض له يد في هذا الكنز، أو له، أو وجد علامات تدل على أن هذا المدفون قبل أن يملك صاحب الأرض الأصلي أرضه، فمثل هذا يورث وقفة، وأهل التحري لهم مواقف، فشخص اشترى أرضاً، فوجد فيها كنزاً، فذهب إلى صاحب الأرض فقال: خذ مالك، أنا ما اشتريت المال، أنا اشتريت الأرض، فرفض صاحب الأرض فقال: أنا بعت الأرض بما فيها، هذه المسألة في تصورنا هل تحتاج إلى خصومة؟ تحتاج إلى أن نذهب إلى القاضي؟ يعني من خلال واقعنا تحتاج إلى خصومة وإلا ما تحتاج؟ ذهب إلى القاضي، فادعى، قال: أنا اشتريت أرض ووجدت فيها كنز، وما هو لي، لصاحب الأرض، سأله قال: أنا بعت الأرض بما فيها، ما لي علاقة، استلمت قيمتها، أراد أن يصلح بينهما ويقسم المال بينهما رفضوا، كل واحد يقول: ما هو لي، أخيراً قال: هل لك من ابن -يقول للمدعي؟ - قال: نعم، وقال للمدعى عليه: هل لك من بنت؟ قال: نعم، فقال: يتزوج الابن بهذه البنت، وينفق عليهما من هذا الكنز، هكذا يكون أهل التحري، الله المستعان. بعض الناس لما ارتفعت أقيام العقار، يذهب إلى بعض كبار السن ويقول: هل تعرف لآبائي وأجدادي أملاك وإلا شيء على شان إيش؟ على شان يذهب إلى هذه الأملاك، ويدعي على أصحابها، أقل الأحوال أن تكون بعض الوثائق ضاعت، يصطلح وإياهم، هذا أقل الأحوال، هذا وجد من يبحث ويسأل نقيض هذه القصة، الله المستعان. على كل حال الكنز هذا أو الركاز فيه خمسه، وهل مصرفه مصرف الزكاة أو مصرف الفيء في مصالح المسلمين العامة؟ أو هو للزكاة يصرف في مصارف الزكاة؟ محل خلاف معروف بين أهل العلم. ويقول أيضاً: عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده -رضي الله عنهم- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال في كنز وجده رجل في خربة: ((إن وجدته في قرية مسكونة فعرفه)) الآن السؤال بعد وجوده أو قبل وجوده؟ طالب:. . . . . . . . .

بعد وجوده، قال: في كنز وجده رجل في خربة، والجواب ((إن وجدته في قرية مسكونة)) يعني إن كنت وجدته في قرية مسكونة فعرفه، يعني لأنه لقطة، ((وإن وجدته في قرية غير مسكونة ففيه وفي الركاز الخمس)) لأنه إذا كان على وجه الأرض وقرية خربة متروكة، مهجورة، فحكمه حكم ما تحت الأرض، حكمه حكم الكنز لخفائه على الناس، هذه القرية المهجورة يعني لو دخل إنسان في قرية هجرها أهلها، وتهدمت بيوتها فدخل فيها من باب الاعتبار والاتعاظ والادكار، دخل المجلس فوجد صندوق فيه أموال، هذا كنز وإلا ليس بكنز؟ هو على وجه الأرض ما هو بمدفون ولا دفين ولا شيء؟ طالب:. . . . . . . . . ليس بكنز، الكنز: المدفون؛ لكن حكمه حكم الكنز؛ لأنه قال: ((وإن وجدته في قرية غير مسكونة ففيه وفي الركاز الخمس)) فدل على أنه ليس بكنز؛ لأنه على وجه الأرض؛ لكن حكمه من حيث إخراج الخمس حكم الكنز. قال -رحمه الله-: وعن بلال بن الحارث -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أخذ من المعادن القبلية الصدقة" رواه أبو داود. نعم يقول: وعن بلال بن الحارث المزني -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أخذ من المعادن القبلية، موضع بناحية الفرع، جهة المدينة، الصدقة، والخبر ضعيف؛ لأنه مرسل. في الموطأ عن ربيعة عن غير واحد من علمائهم أنه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أقطع بلال بن الحارث المعادن القبلية، وأخذ منها الزكاة دون الخمس، يعني زكاة الأموال العادية، الزكاة دون الخمس. عن ربيعة عن غير واحد من علمائهم، المروي عنهم مجاهيل، غير واحد من علمائهم؛ لكن بعض أهل العلم يرى تصحيح مثل هذه الجهالة؛ لأن وصفهم بالعلم واجتماعهم أكثر من واحد، هم موصوفون بالعلم، وهم أيضاً عدد، فصفتهم بالعلم مع كثرتهم يجبر بعضها بعضاً، فترتفع الجهالة، فوصفهم بالعلم مع كونهم عدد يجبر بعضهم بعضاً، كما قيل: عن مشايخ من جهينة، وكما قيل: عن عدة من شيوخه، كما يقول ابن عدي، بعضهم يصحح بمثل هذا؛ لأن الواحد منهم مجهول؛ لكن مجموعة مجاهيل موصوفين بالعلم يجبر بعضهم بعضاً، فهو قابل للتحسين، وإن كان في الأصل ضعيفاً. أقطع بلال بن الحارث المعادن القبلية، وأخذ منها الزكاة دون الخمس، يعني بعد تخليصها وتنقيتها يؤخذ منها نصيب الفقراء ... وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

كتاب الزكاة (4)

بلوغ المرام – كتاب الزكاة (4) الشيخ/ عبد الكريم الخضير هذا يقول: كيف نجمع بين حديث: ((ما نقص مال من صدقة)) وحديث: ((لا يترك حتى تأكله الصدقة))؟ الزكاة عرفنا أنها نماء للمال وطهر وتطهير لصاحبه، وهذا أمر مقطوع به وجاء النص من الكتاب والسنة عليه، والواقع يشهد له، لا يترك المال حتى تأكله الصدقة، لا شك أن المال ينقص بالصدقة، والنقص الحسي ظاهر، لكن هذا النقص يعوض بزيادات أخرى بحيث لو حرك صارت الصدقة والزكاة سبباً لكثرته وتضاعفه، وأيضاً: لو نقص حساً زاد بركة، فنفع المال القليل أكثر من الكثير الذي لا يزكى، والواقع يشهد بهذا، فلا إشكال إن شاء الله تعالى. يقول: لو أن عندي حلي لزوجتي وبلغ النصاب وحال عليه الحول وليس عندي من المال ما أدفعه للزكاة هل يجوز لي تأجيل صرفها أم أبيع من الحلي وأدفعها لمن يستحقها؟ عند من يقول بوجوب الزكاة في الحلي كالزكاة في الأموال لا يجوز تأخيرها ولو اضطر أن يبيع منها. يقول: نرجو تفصيل الحكم في زكاة الرواتب الشهرية للموظفين؟ الرواتب الزكاة فيما يبقى منها ويحول عليه الحول، فالإنسان بإمكانه الموظف أن يسجل الرواتب وما يتوفر منها، فإذا توفر من الراتب الأول افترض أن الراتب خمسة آلاف أنفق منه أربعة وبقي ألف هذا راتب شهر محرم، هذا الألف يزكى في محرم القادم من السنة القادمة، ثم من راتب صفر وفر ألفين يزكي ألفين من صفر القادم، وهكذا، وهذا لا شك أن فيه مشقة على بعض الناس لا سيما بعض الناس ليس عندهم تنظيم ولا ترتيب وماشية أمورهم على ما يقول العوام بالبركة، ما ينظمون ولا يرتبون ولا عندهم محاسب ولا يحسبون، إنما ماشين ما يدري إيش وفر وما يدري إيش أنفق، فمثل هذا يتخذ له شهر من السنة وليكن في المثال المذكور محرم، فينظر في رصيده في شهر محرم ويزكي جميع ما فيه فما حال عليه الحول هذا الواجب عليه، والذي لم يحول عليه الحول ينوي تعجيل الزكاة. زكاة التمر هل يخرج كل نوع من نوعه؟ أو يخرج من أوسط الأنواع عن الجميع؟

إذا كان الأوسط بماله الأوسط بالفعل ما تجيب لي واحد كيلو وهو بعشرين وواحد بخمسة وواحد بريالين، تقول با أزكي من أبو خمسة لأنه الأوسط، لا، إذا كان عندك بعشرين أو بعشرة أو بخمسة تزكي الأوسط بعشرة، نعم، أما أن تزكي تترك النفيس الغالي عندك جداً، وتقول: هذا كرائم الأموال، نعم كرائم الأموال ولكن الزكاة متعلقة بعينه والمسألة مسألة تقريبية، فينظر الإنسان في الأحظ للمسكين ويحرص على براءة ذمته بيقين. المرأة التي تخرج زكاة الحلي في أقاربها سواءً عمتها أو خالتها أو أمها وغيرهم من الأقارب المتحاجون لهذه الأموال؟ زكاة الأموال عرفنا الحلي أن المسألة خلافية وعند من يقول بوجوب الزكاة فيه تخرج الزكاة في مصارفها التي هي مصارف الزكاة العمة والخالة فلا بأس، أما الأم فلا. هل أستطيع أن أصلي سنة الظهر أربع ركعات بتسليمة واحدة وجلسة للتشهد؟ على كل حال حديث صلاة الليل والنهار مثنى، مثنى اللفظة بالنهار غير محفوظة، وعلى هذا يجوز ذلك لكن الأكمل أن تصليها بتسليمتين. ما هي أحكام دعاء القنوت، هل يقنت إمام المسجد عند وقوع أي نازلة بالمسلمين؟ قنوت النوازل سنة، لكن يبقى تقدير هذه النازلة هل هي مما يستحق القنوت أو لا يستحق هذا لأهل العلم. هل تجب الزكاة في صغار الإبل والغنم التي لم يحل عليها الحول؟ هي تبعاً لأصلها، نتاج السائمة وربح التجارة تبعاً لأصلها، تزكى مع أصلها. هل يحسب فحل الإبل والناقة المعدة للركوب مع باقي قطيع الإبل وتخرج في الزكاة؟ إذا كانت سائمة فتحسب منها. هل تحسب الناقة المشتراة مع القطيع أم ينتظر حتى يحول عليها الحول، ثم تخرج زكاتها؟ إذا كانت مستقلة ليست نتاج فهذه لا تحسب. من أجل زكاته حوالي شهرين عن موعدها المحدد لها لإخراجها فماذا عليه الآن؟ عليه أن يخرج الزكاة ويبادر في إخراجها ويندم على ما فات ويتوب. يقول: رجل زكاة ماله حقة وعنده حقتان الأولى جيدة والثانية رديئة، فبأيهما يزكي؟ يزكي الجيدة، {وَلاَ تَيَمَّمُواْ الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ} [(267) سورة البقرة]. إن كانت الإبل سائمة وفي نفس الوقت من عروض التجارة فبأي زكاة تزكى؟ تزكى على أساس أنها عروض، لأنه أنفع للمساكين.

ما حكم الصلاة مع السلام على غير النبي -عليه الصلاة والسلام- من الأنبياء أو عامة الناس؟ أما بالنسبة للأنبياء فهم يصلى عليهم، أما عامة الناس فلا. يقول: إذا كان الراتب ألف وخمسمائة ريال أو ألفين ريال فهل تجب عليه زكاة إذا كان أهله والذي يأخذون منه أغلبية الراتب أفيدونا؟ على كل حال ما يوفر منه ويحول عليه الحول فيه الزكاة إذا بلغ النصاب. هل الذهب بجميع أنواعه حلال للنساء؟ نعم إذا كان حلياً، حلياً بالقدر المعتاد لا يصل إلى حد الإسراف. ما حكم تأخير الصلاة عن وقتها للنساء؟ وهل لي أن ألزم أهلي أن يؤدوها وقت صلاة الجماعة؟ ما يلزم، المقصود أنه وقتها لا يجوز لها إخراجها عن وقتها، لا يجوز لها أن تؤخر الصلاة حتى يخرج وقتها، لها أن تؤخر إلى أثناء الوقت أو إلى آخر الوقت، لكن لا يجوز لها أن تخرجها عن وقتها. ذكرت في شرح حديث غسيل ابنة النبي -عليه الصلاة والسلام- أن النساء لا يحتجبن منه -عليه الصلاة والسلام-، ممكن التوضيح؟ المسألة خلافية، والذي رجحه ابن حجر أن النبي -عليه الصلاة والسلام- ليس عنه حجاب. زكاة جمعية الموظفين، لو اشترك عشرين موظف في جمعية ما لمدة عشرين شهراً وكل موظف عليه ألف ريال فكيف تكون الزكاة؟ زكاة الجمعية إذا حال عليها الحول يزكي، ويعتبر هذه قرض، ما دفعه لزميله قرض عند ملي يزكيه إذا حال عليه الحول. أفضل الشروحات على بلوغ المرام؟ أفضلها سبل السلام، وأيضاً توضيح الأحكام فيه فوائد وفيه أمور حادثة يحتاجها طالب العلم. من لم يأتي إليه الساعي لأخذ زكاة ماشيته فهل تسقط عنه الزكاة، أم يتطلب الساعي أم يبذلها لأقرب مصرف؟ إذا لم يأتيه الساعي عليه أن يدفع الزكاة لأهلها ولا تسقط عنه. إذا كانت بهيمة الأنعام تعلق أكثر الحول والبعض منها معد للتجارة والبعض للإنتاج، والبعض الآخر للقنية فهل يفرق بينها قبل إخراج الزكاة؟ نعم يفرق بينها فما كان للتجارة يزكى زكاة عروض تجارة، وما كان للقنية له حكمه، والسائمة تزكى ولو لم تكن للتجارة. يقول: أنا أخرج زكاتي كنسبة من راتبي شهرياً وليس لي دخل آخر وأقساط وأحتاط فأخرج خمسة بالمائة وأكثر فهل يجزئ هذا وأنا أتبع في هذا فتوى واحد من المعروفين؟

على كل حال إذا احتاط لنفسه وأخرج زكاة الشهر من حين يقبضه بنية تعجيل الزكاة وأخرج اثنين ونصف بالمائة هذا يكفي، لكن إذا زاد له الأجر إن شاء الله تعالى. يقول: ما الحكم بين ما الفرق بين الحكم الوضعي، والحكم التكليفي وكيف نطبقه على الصدقة من مال الصبي والمجنون؟ الحكم التكليفي المعروف الوجوب والاستحباب والإباحة والكراهة والتحريم هذه أحكام تكليفية، هذا خطاب الشرع المتلعق بأفعال المكلفين، لكن خطاب الشرع المتعلق بأمور تجعل وتوضع علامة على أمور أخرى هذه أحكام وضعية فمثلاً {أَقِمِ الصَّلاَةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ} [(78) سورة الإسراء] دلوك الشمس الذي هو وقتها وهو شرط في وجوبها من شروطها من شروط صحتها، الشرط من الأحكام الوضعية، فالشرع وضع هذه العلامة على دخول الوقت، فهذا حكم وضعي، لكن أقم هذا حكم تكليفين. زكاة الصبي، الزكاة في مال الصبي والمجنون وجود المال علامة وضعها الشارع على وجوب الزكاة، ملك النصاب، فإذا ملك الصبي هذا المقدار الذي وضعه الشارع علامة على وجوب الزكاة عليه وجبت عليه الزكاة، من باب ربط الأسباب بمسبباتها، فهذا من حيث الحكم الوضعي، والحكم التكليفي الوجوب، الوجوب لتوفر الحكم الوضعي. يقول: أنا أجمع مبالغ لترميم مسجد وجمعت مبلغ ثمانية عشر ألف أو مائة وثمانية عشر ألف ريال وقد حال عليه الحول فهل فيها زكاة؟ لا ليس فيها زكاة لأنها ليس لها مالك. يقول: ما حكم التأمين على الرخصة علماً بأن التأمين إلزامي؟ الإلزام، ملزم المكره لا حكم له. هل من الضروري إعلام الفقير أن هذا المبلغ زكاة لصرفه على الفقراء؟ إذا عرف من عادته أنه لا يقبل الزكاة لا بد من إخباره. يقول: ما الراجح في زكاة الحلي المعد للاستعمال والزينة؟ عرفنا، ذكرنا بالأمس أنه من باب الاحتياط. يقول: وهل في الراتب الشهري زكاة مع العلم أنه في الغالب لا يبقى منه شيء في نهاية الشهر؟ إذا لم يبقى منه شيء ويحول عليه الحول فلا شيء فيه. يقول: لو كان لدي مبلغ مائة ألف مثلاً في يوم غد تكون زكاته يعني حال عليه الحول، وفي هذه الليلة اشتريت به أرضاً وبعتها بمكسب عشرة آلاف، فهل أزكي المائة أو المائة وعشرة؟

إذا اشتريت هذه الأرض بنية التجارة فتزكيها مع ربحها، وإذا اشتريتها للقنية لتسكنها ما فيها شيء، خلاص، ما لم يكن شرائك للأرض حيلة على ترك الزكاة. يقول: هل عدد المواشي بالصغار والكبار؟ نعم بالصغار والكبار، والنتاج له حكم الأصل. يقول: ما علاقة كراهته -عليه الصلاة والسلام- للقيام إليه والقيام للجنازة، وأيضاً حديثه -عليه الصلاة والسلام- ((من أحب أن يتمثل الناس له قياماً فليتبوأ مقعده من النار)) وما الضابط له في علاقتنا؟ أصل النهي عن القيام لما يؤثر في نفس من فعل معه هذا، لا شك أن من أحب أن يتمثل الناس له قياما لا بد أن يتأثر، لها أثر في نفسه ومنعت من أجل هذا الأثر، وفيه أيضاً مشابهة لفارس والروم كما جاء في الحديث الصحيح لكن من قام له الناس من غير أن يحب فلا شيء عليه، والميت معروف أنه هذه المحبة زالت عنه، فالمسألة المنع سببه ما يقر في قلب من يقوم له الناس ويحب ذلك. يقول: أفضل الطبعات المحققة والمخدومة لكتب شيخ الإسلام بن تيمية وتلميذه ابن القيم الصراط المستقيم؟ الطبعة المحققة طبعة الشيخ ناصر العدل طيبة وطبعة حامد الفقي أيضاً جيدة. الاستقامة: طبعة الجامعة طيبة. الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان: هذا فيه طبعة مع مجموعة التوحيد، طبعة المكتب الإسلامي. الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي: في طبعة محققة جديدة نسيت محققها. زاد المعاد: الطبعة الأخيرة طبعة الرسالة. مدارج السالكين: طبعة الشيخ حامد الفقي، ومع تحامله على المؤلف لكن ينتبه لهذا، هو مصيب في بعض تعليقاته لكنه تحامل. شخص كان يؤخر الزكاة عن وقتها ما مقداره شهرين تقريباً وإن كان ذلك قبل سنتين فماذا عليه الآن؟ عليه التوبة والاستغفار وإخراج ما بقي في ذمته منها. يقول: ما تعليقك على الذين يزاحمون على الصف الأول في الصلاة إلى درجة ذهاب الخشوع بزحام بعضهم البعض؟

الأمر بالتراص في الصفوف يفهمه بعض الإخوان على المضايقة المؤذية، لا يا أخي، التراص في الصفوف أن لا يبقى فرج وأن يأخذ الإنسان بقدر ما يكفيه، لأن بعض الناس لا يفهم حقيقة المحاذاة يجعل الفرج موجودة ويتحايل على سد هذه الفرج بفتح وتوسيع ما بين الرجلين، هذا ليس التراص المطلوب، أبداً، إنما المحاذاة بالمناكب والأقدام، بمعنى أن الإنسان لا يأخذ أكثر مما يكفيه، ولا يترتب على ذلك أن يتراص الناس تراص يذهب عنهم الخشوع، ويخطئ في حق إخوانه من يرصهم رصاً بحيث لا يطمئنون في صلاتهم، فالمسألة مسألة اعتدال، لا تترك فرج ولا تسد بالطريقة التي بعض الناس يفعلها بأن يوسع ما بين الرجلين، هذه ليست ليس بحل شرعي، لأن المحاذاة إنما هي بجميع البدن، فالذي يؤذي الناس في التراص هذا الذي من زعم، على حد زعمه أنه ليدرك أجر الصف الأول قد يحصل له من الإثم أكثر من ذلك، إذا كنت تريد الصف الأول فهجر يا أخي بادر، أما تأتي متأخر وتؤذي الناس وتراصهم وتذهب الخشوع وتجعلهم لا يعقلون شيء من صلاتهم ما هو بصحيح. طالب:. . . . . . . . . على كل حال المطلوب في الصلاة ولبها الخشوع، فإذا تراص الناس تراص مؤذي، بعض أحيان مؤذي، فهذا لا يفقه من صلاته شيء، هذا يتسبب إلى إذهاب لب الصلاة الذي هو الخشوع، والمسألة مسألة توسط واعتدال، لا تؤذي الناس ولا تترك فرج، ((من وصل صفاً وصله الله)) نعم، ويبقى أن المسألة بقدرها، ما تأتي إلى مكان شبر وأنت عرضك متر، ما هو بصحيح أبداً، هذا مؤذي هذا، ويحصل لك من الإثم أعظم وإن حرصت على الصف بزعمك. طالب:. . . . . . . . . يعدل، يسوون ما في بأس أبداً، لا بس يبقى أنه بالطريقة المناسبة، بعض الناس يرص الناس غصب، لا، لا ما يمكن هذا يتعرض إلى بطلان صلاة بعضهم. يقول: موضع السؤال حديث عمرو بن شعيب في الزكاة إذا كان مضي الحول والنصاب أمر ثابت ومتقرر في الشريعة فلماذا لا نحمل حديث عمرو بن شعيب على أن النبي -عليه الصلاة والسلام- علم أن لديها ما يكمل النصاب؟ لكن المسألة وقعت لأمر معلوم مشاهد، مشاهد، مسكتان.

لا يمكن أن نحمل لفظ الزكاة في الحديث الذي عليه الزكاة الشرعية المفروضة، إما قياسه على الماعون والفأس ونحوها بأن تكون تزكيته الإعارة وما أشبه ذلك فقياس مع الفارق لأن الذهب تتعلق به النفوس وتشح به، أما تلك فتتعلق به النفوس تعلقاً كبيراً؟ على كل حال لكنها تحتاجها أكثر من الذهب، لا تتعلق بها النفوس، لكن تصور شخص ما عنده ماعون، ولا عنده فأس، حاجته إليها أشد من حاجته إلى الذهب. يدل على مضي الحول الذي عندها من الذهب أنها ألقتها؟ ما يلزم، ما يلزم إطلاقاً أنها لما هددت بالنار ألقتهما،؟؟؟ المسألة مسألة كمال في مقابل نار، ما يلزم. يقول: هل هناك شرح لقواعد بن رجب، هل هناك شرح لكتاب الإلزامات والتتبع للدار قطني، ما أفضل الطبعات المحققة لحلية الأولياء؟ القواعد ليس لها شرح إلا ما سجل من دروس بعض المشايخ، الإلزامات والتتبع أيضاً ليس لها شرح إلا أنها طبعة محققة، والعلماء أجابوا عنها، فإذا قرأ الإنسان هذا الكتاب يرجع إلى أجوبة الحافظ ابن حجر والنووي وغيرهما، حلية الأولياء ما حققت إلى الآن. يقول: قمت بدفع مبلغ للمساهمة في بناء مسجد بنية إيصال ثوابه للإمام أحمد ولشيخ الإسلام بن تيمية وكذلك ابن القيم فهل هذا أفضل أم هناك طريقة لي أفضل؟ على كل حال أنت استفدت من هؤلاء الأئمة ويصل إن شاء الله أجره وثوابه لهم، لكن إن كان أبواك بحاجة إلى مثل هذا فهم أحق. شخص يجمع المال لتسديد الديون الذي على والده فهل في المال عليه زكاة علماً أنه يحول عليه الحول ربما أكثر من مدة؟ ليس فيه زكاة لأنه ليس ملك لشخص مطالب بالزكاة. من يصرف راتبه كله خلال الشهر فهذا ليس فيه زكاة لأنه لم يحل على الباقي حول، إذا كان يصرف قبل أن يحول عليه الحول فليس فيه زكاة، لكن إذا تصدق بشيء منه فالصدقة معروف حكمها سيأتي.

يقول: لقد بعت سيارة بألفين ريال وكتب ورقة بيني وبين من اشتراها وأخوه صاحب المعرض موجود وكانت المبايعة في بيت صاحب المعرض واتضح ما يلي: بعد ذلك أن المعرض موقوف من قبل المرور بست سنوات والختم مزور، وأنا لم أعلم بذلك إلا بعدما اتضح أن صاحب السيارة المشتري ترك السيارة على الطريق وانسرق منها ما أدري إيش يقول وسحبها المرور واستدعوني من قبل الشرطة وأجبروني بأخذها، أو بيعها لهم في الحراج فقبلت غصب عني، فباعوها وأخذوا ثمنها وصاحب السيارة المشتري لا أعرف مكانه وفصل جميع تلفوناته، ونقل من السكن وقد وعدني وماطلني في نقل الملكية سنة كاملة أو أكثر ولم ننقلها باسمه، فهل علي ذنب بالموافقة للمرور ببيعها علماً بأنهم هددوني بالسجن إذا لم آخذ السيارة وأبيعها، وصاحب السيارة المشتري عنده علم ولم يبلغ المرور أو الشرطة بالبحث عنها، أي تركها ولم يسأل عنها. هذه المسألة قضائية لكن إذا كنت مجبراً فلا شيء عليك، لأن المكره لا شيء عليه. يقول: شخص يقوم بعمل برامج محاسبية تعمل على الكمبيوتر ويقوم ببيعها في السوق ويقوم هذا البرنامج بعمل مراقبة مالية داخل المؤسسات أحياناً، بعض المؤسسات تسجل على هذا البرنامج معاملات ربوية، فهل على الذي قام بعمل البرنامج إثم؟ إذا كان هذا البرنامج يمكن استعماله فيما هو مباح وفيما هو حرام فلا شيء عليه، لأنه عمله بنية المباح، لكن إذا غلب على ظنه أو شهد الواقع بأن استعماله في الحرام أكثر لا يجوز له، لأنه إذا ترجحت المسألة منع. ومع العلم أنه وقت بيع البرنامج قد لا يعلم أن المؤسسة تقترض ربوياً أو تودع مبالغ ربوية فما الحكم؟ على كل حال إذا وجد مثل هذا لا يبيع البرنامج إلا على من يثق باستعماله استعمالاً شرعياً. يقول: وصلت الرياض قبل العصر بنصف ساعة، هل أصلي الظهر ركعتين عند الوصول أو أنتظر عند دخول وقت صلاة العصر، إذا صليتها ركعتين بعد أذان العصر فما حكمها؟ أنت الآن ما أدري هل أنت من أهل الرياض أو من غيره، السؤال يحتاج إلى توضيح. سم. الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد: يقول الإمام الحافظ ابن حجر ي-رحمه الله- تعالى: باب صدقة الفطر:

عن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: فرض رسول الله -صلى الله عليه وسلم- زكاة الفطر صاعاً من تمر أو صاعاً من شعير على العبد والحر، والذكر والأنثى والصغير والكبير من المسلمين وأمر بها أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة" متفق عليه، ولابن عدي والدارقطني بإسناد ضعيف أغنوهم عن الطواف في هذا اليوم. وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: كنا نعطيها في زمن النبي -صلى الله عليه وسلم- صاعاً من طعام، أو صاعاً من تمر، أو صاعاً من شعير أو صاعاً من زبيب" متفق عليه، وفي رواية أو صاعاً من أقط، قال أبو سعيد: أما أنا فلا أزال أخرجه كما كنت أخرجه في زمن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، لأبي داود لا أخرج أبداً إلا صاعاً. وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: فرض رسول الله -صلى الله عليه وسلم- زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث، وطعمة للمساكين، فمن أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة، ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات" رواه أبو داود وابن ماجه وصححه الحاكم. الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد فيقول المؤلف -رحمه الله- تعالى: باب صدقة الفطر، وفي الحديث زكاة الفطر، والصدقة والزكاة بمعنى واحد، كما تطلق الصدقة على المندوبة تطلق أيضاً على الفريضة المفروضة.

في حديث معاذ ((أعلمهم أن الله قد فرض عليهم صدقة -وهي الزكاة- تؤخذ من أغنيائهم وترد في فقرائهم)) فكونها صدقة الفطر لا يعني أنها مستحبة، وإن قال بعضهم بهذا، لكن عامة أهل العلم على أنها واجبة، وإضافتها إلى الفطر من باب إضافة المسبب إلى سببه، سببها الفطر من رمضان، ولذا صار وجوبها وقت الفطر من رمضان، غروب الشمس ليلة العيد، هذا وقت الوجوب وسبب الوجوب دخول الشهر، فعندنا سبب وجوب ووقت وجوب، ونستفيد من هذا تطبيق القاعدة التي ذكرها ابن رجب وغيره أنه إذا كان للعبادة وقت وجوب وسبب وجوب جاز تأخيرها عنهما، إجماعاً ولا يجوز تقديمها عليهما إجماعاً والخلاف فيما بينهم، فهذه الزكاة وقت وجوبها غروب الشمس، يجوز تقديمها على الوقت بيوم أو يومين وقد فعله الصحابة وذكره البخاري عنهم، ولا يجوز تقديمها أكثر من ذلك وإن قيل به، وتقديمها بين الوقت والسبب محل خلاف بين أهل العلم نظيره هدي المتعة والقران، سببه الإحرام الأول، سواءً كان بالعمرة أو الإحرام بالقران، ووقته وقت الأضحية بعد صلاة العيد، وما بينهما محل خلاف بين أهل العلم أجازه الشافعية وجمع من أهل العلم والمسألة والقاعدة بذيولها وفروعها موجودة في قواد ابن رجب، فسببها الفطر، لكن على تقعيدهم سببها الشروع في الصيام بدخول الشهر، ووقتها الفطر، وهم يقولون سببها الفطر، وذكرها ابن رجب من فروع تلك القاعدة، مريداً بالسبب دخول الشهر وبالوقت الفراغ من الصيام بخروج الشهر بغروب الشمس ليلة العيد، زكاة الفطر من رمضان. عن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: فرض رسول الله -صلى الله عليه وسلم- زكاة الفطر، فرض عند الجمهور أوجب، وزعم بعضهم أن معنى فرض قدر، وعلى هذا لا يدل على الوجوب، والجمهور على أنه معنى فرض قدر، ولو جئنا إلى حديث ((فرضت الصلاة ركعتين ركعتين، فأقر في صلاة السفر وزيد في الحضر)) هل يحمل الجمهور فرضت على أوجبت أو على قدرت؟ قدرت والحنفية يقولون أوجبت، الألفاظ تنزل منازلها ويأتي الفرض ويراد به التقدير، ويأتي ويراد به الوجوب، وهو مرادف للوجوب عند الجمهور، والحنفية عندهم أن الفرض أقوى من الواجب، فالفرض عندهم ما ثبت بدليل قطعي، والواجب ما ثبت بدليل ظني.

نأتي إلى ما عندنا، الحنفية هل يقولون زكاة الفطر فرض وإلا واجب؟ طالب:. . . . . . . . .

واجبة يقولون واجبة، نقول: الصحابي يقو: فرض رسول الله، وأنتم تقولون لا، ليست فريضة، هذا من اختلاف الحقيقة العرفية عندهم، -العرف الخاص- مع الحقيقة الشرعية، الصحابي عربي لكن هل يريد الفرض معناه اللغوي الذي يشمل الوجوب أو معناه الأخص عند الحنفية الذي هو أعظم من الوجوب، اختلاف الحقائق العرفية مع الحقائق الشرعية، هل يؤدي هذا إلى تضليل المخالف نقول أن الحنفية عاندوا الحديث وردوا الحديث قالوا ليست فرض؟ هذه مسألة مهمة يعني إذا جاءنا لفظ شرعي موافق للاصطلاح الفقهي ما فيه إشكال لكن إذا جاء على خلاف الاصطلاح الفقهي كما هنا وكما في قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((غسل الجمعة واجب على كل محتلم)) الأئمة قاطبة على عدم وجوبه، الرسول -عليه الصلاة والسلام- يقول واجب، وهم يقولون: ليس بواجب، هل هذه معاندة ومحادة أو أن الوجوب له معان في اللغة يحمل عليها، كما أن الحقيقة العرفية إذا نفي اللفظ بسببها لأن المسألة مع انفكاك الجهة ما تكون هناك معاندة، لو أقسم شخص أنه ما رأى جمل أصفر في عمره كله، وفي قوله -جل وعلا-: {كَأَنَّهُ جِمَالَتٌ صُفْرٌ} [(33) سورة المرسلات] يقسم شخص يقول: والله ما رأيت جمل أصفر، نقول يا أخي أنت مكذب للقرآن أو نقول لك وجه باعتبار انفكاك الجهة، أنت تريد الأصفر في الحقيقة العرفية عند الناس، في جمل أصفر على ما يتعارف عليه الناس، في اللون الذي تعارف ما في، الذي تعارف عليه عموم الناس ما في أصفر، لكن جاء النص في ذلك، فاختلاف هذه الحقائق، أولاً ينبغي أن تكون الاصطلاحات الشرعية العرفية عند أهل العلم متحدة مع الاصطلاحات الشرعية ومع الألفاظ النبوية، لكن قد يكون للفظ الواحد أكثر من حقيقة شرعية، يعني لو جاء شخص ما يملك درهم ومدين بالملايين، وجاء شخص وقال هذا مفلس وأقسم آخر أنه ليس بمفلس بناءً على حديث: ((أتدرون من المفلس؟ )) حقيقة شريعة المفلس الذي يأتي بأعمال أمثال الجبال صدقة وصيام وصلاة وغيرها من أنواع العبادات ويأتي بتعديه على الآخرين بالكلام بالضرب بأخذ المال بغيره، هذا مفلس، وهذا الشخص ليس هذا وصفه، فهو ينظر الذي قال أنه ليس بمفلس ينظر إلى هذا النص، وآخر أقسم أنه مفلس، هو مفلس وتأتي

حقيقة شرعية في باب الحجر والتفليس أنه ينطبق عليه أنه مفلس من وجد متاعه عند رجل قد أفلس، لو بعت على شخص غني، عنده أموال لكنه يأتي بأعمال أمثال الجبال ويأتي وقد ضرب هذا وقذف هذا واعتدى على هذا، هو مفلس من جهة باعتبار، لكن عنده أموال فهو غير مفلس، فمثل هذه الأمور التي تختلف فيها الحقائق الشرعية تنزل منازلها، لكن هنا فرض وهؤلاء يقولون: ليس بفرض فالفرض والواجب يتفقان يجتمعان في ترتب الإثم على الترك، والثواب على الفعل، فهما من هذه الحيثية شيء واحد، وبهذا يقول الجمهور، لكن لا يختلف أحد في أن الفرض يوحي بأن هناك، لأن الفرض فيه حز وفيه قطع وفيه بخلاف الواجب الذي أصله السقوط، {فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا} [(36) سورة الحج] يعني سقطت لكن لو لم تؤثر على الأرض، إذا أحدثت في الأرض شرح قيل افرضت الأرض، لكن إذا كان مجرد سقوط وهو أخف من هذا اللغة تدل على أن الفرض أقوى من الواجب، لكن ما الذي يمنع أن نقول هي فرض كما قال الصحابي فرض رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لتتحد الحقيقة والاصطلاح العرفي عند أهل العلم مع الحقيقة الشرعية، وهذا قول الجمهور وعلى كل حال ليس هذه محادة ومعاندة للنص، لكن أهل العلم ينصون أنه كلما قربت الحقائق العرفية مع الحقائق الشرعية كان أولى.

فرض رسول الله -صلى الله عليه وسلم- زكاة الفطر صاعاً من تمر، بدل من زكاة، أو منصوب على التمييز، صاع من تمر، أو صاع من شعير، الصاع معروف أربعة أمداد بكفي الرجل المعتدل، يعني تقرب من كيلوين ونصف، وبعضهم يجعلها ثلاثة من باب الاحتياط، صاع من تمر أو صاع من شعير، على العبد والحر، العبد لا يملك إذاً هي على سيده لأنه لا يملك ولا مال له، على العبد والحر والذكر والأنثى، المرأة إذا كانت ذات مال فمن مالها، أو على زوجها والصغير على من تلزمنه نفقته، والكبير من ماله من المسلمين، وجوب الزكاة على العبد هل يدخل فيها العبد الكافر؟ الجمهور لا، لقوله "من المسلمين" وأنه وصف يعود إلى جميع ما تقدم، والحنفية يقولون ما نحتاج إلى هذا الأصل تجب على العبد وإن كان كافراً، لحديث ((ليس على المسلم في فرسه ولا عبده صدقة إلا صدقة الفطر)) يستدل بعموم الحديث ويتركون خصوصه، كما أنهم لا يشترطون في العتق الإسلام عملاً بالإطلاق في آية الظهار، فلا يشترطون في العبد أن يكون مسلماً، والجمهور على اشتراطه لقوله من المسلمين، والحر والذكر والأنثى ويستوي في ذلك الذكر والأنثى والحر والعبد كلهم فطرتهم واحدة زكاتهم واحدة صاع كامل، ولا نقول أن للذكر مثل حظ الأنثيين إذاً صدقة المرأة نصف صاع، لا، والصغير تجب على الصغير عند بعض أهل العلم من ماله إن كان له مال، وإلا على من تلزمه نفقته، ومنهم من يقول على من تلزمه نفقته مطلقاً، لكن العلة التي ذكرت في الحديث الأخير، طهرة، فرض رسول الله -صلى الله عليه وسلم- زكاة الفطر طهرة للصائم، قد يقول قائل الصغير ليس بصائم، وليس بمكلف فكيف يفرض عليه صدقة، منهم من قال بهذا، أنه لا تلزم في حق الصغير، لكن الحديث نص في الباب وأن صدقة الفطر تلزم الصغير، ولزومها له معروف يعني أنها تلزم من يمونه، ويكون الحكم للغالب، طهرة للصائم، الغالب أن الناس يصومون، أو من هو صائم بالقوة، هناك من هو صائم بالفعل، ومن هو صائم بالقوة، يعني أهل للصيام إذا كلف، عند أهل العلم شيء يقال له من تحقق فيه الوصف بالفعل ومنهم من يتحقق الوصف فيه بالقوة، إيش معنى بالقوة؟ إذا قلت فلان فقيه بالفعل، وزيد فقه بالفعل، وعمر فقيه بالقوة،

يعني القريبة إلى الفعل، زيد يستحضر المسائل بأدلتها حفظ عنده في ظهر القلب، ويعرف كيف يتعامل مع النصوص، أما الثاني ما في ذهنه شيء أو في ذهنه شيء يسير لكن إذا بحث أنتج, ووصل إلى نتيجة الحكم بدقة، هذا فقيه بالقوة عند أهل العلم، فهذا إذا بلغ يصوم، فهو صائم بالقوة، والصغير والكبير من المسلمين هذه اللفظة يختلف في ثبوتها وهي في الصحيح فمن أثبتها قال: زيادة من ثقة، ومن نفاها قال: أنها لا توجد عند أكثر الرواة، لكن وجودها في الصحيح المتلقى بالقبول لا يجعل لأحد كلاماً، وأمر بها أن تخرج قبل خروج الناس إلى الصلاة: هذا أفضل الأوقات، يعني بعد طلوع الشمس وقبل الصلاة، هذا أفضل الأوقات، لكن إذا أخرجت ليلة العيد أيضاً بعد وجوبها بغروب الشمس أيضاً وقت فاضل، لو تقدم العيد بيوم أو يومين فقد فعله الصحابة، وأمر بها أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة: وجوبها بغروب الشمس وهو الحد الفاصل ولا تجب إلا بغروب الشمس ليلة العيد، فمن مات قبل غروبها تخرج عنه صدقة الفطر؟ لا، من مات بعد غروبها تخرج عنه، من ولد قبل غروبها تلزمه، من ولد بعد غروبها لا تلزم صدقة الفطر عنه، هذا سر تقييدها بغروب الشمس وهو وقت الفطر. هنا يقول: ولابن عدي من وجه آخر والدارقطني بإسناد ضعيف أغنوهم عن الطواف في هذا اليوم، هذه علة حكمة بمشروعية صدقة الفطر طهرة للصائم وأيضاً طعمة للمساكين وإغناء لهم في هذا اليوم الذي هو يوم عيد ويوم فرح يغفل فيه الناس عن وينشغلون فيه عن الكسب لكنه ضعيف، في إسناده أبو معشر نجيح الصندي وهو ضعيف عند الأكثر.

وعن أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه كنا نعطيها في زمن النبي -صلى الله عليه وسلم- صاعاً من طعام، أو صاعاً من تمر، أو صاعاً من شعير أو صاعاً من زبيب" تعطى من هذه الأنواع وقوله من طعام، من طعام يشمل ما يطعم ولذا الجمهور على أنها تجزئ من قوت البلد ولو لم ينص عليه لدخوله في الطعام، صاعاً من طعام، أو صاعاً من تمر، أو صاعاً من شعير أو صاعاً من زبيب" متفق عليه يعني عند البخاري، وفي رواية أو صاعاً من أقط، الأقط هو اللبن الذي يطبخ نعم ويجف وييبس ومعروف الأقط لطن قد يختلفون في تسميته من بلد إلى آخر، له أسماء، بعض الجهات يسمونه مضير، وبعضهم؟؟؟ على كل حال هو الأقط، قال أبو سعيد: أما أنا فلا أزال أخرجه كما كنت أخرجه في زمن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، لأبي داود لا أخرج أبداً إلا صاعاً. سبب هذا الكلام أن معاوية -رضي الله عنه وأرضاه- خرج حاجاً أو معتمراً فقال: إنه يرى أن نصف الصاع المدين من سمراء الشام يعني الحنطة تعدل صاعاً من تمر، فعدل هذا بهذا وأخرجها وتبعه بعض الصحابة وخالفهم أبو سعيد وجمع من الصحابة. يقول أبو سعيد أما أنا فلا أزال أخرجه يعني صاعاً كاملاً كما كنت أخرجه في زمن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، لا ينقص عن الصاع، والحنطة تدخل في الطعام، يقول أبو سعيد كنا نعطيها في زمن النبي -عليه الصلاة والسلام- صاعاً من طعام ويشمل ذلك الحنطة، ولأبي داود لا أخرجه أبداً إلا صاعاً.

وأبو سعيد مثل ما نبهنا في درس العصر له مواقف من مثل هذا، يعني الإنكار ولزوم السنة على ألا يترتب على ذلك أثر تعظم مفسدته على مصلحة الإنكار، وله مواقف وذكرنا بعضها في درس العصر، فلزوم السنة هو الأصل، وما جاء عن النبي -عليه الصلاة والسلام- هو المعتبر، ومعاوية -رضي الله عنه وأرضاه- صحابي جليل واجتهد ووافقه بعض الصحابة لكن يبقى أن هناك راجح ومرجوح، فالراجح في هذه المسألة هو قول أبي سعيد لأنه كان هو الموجود على عصر النبي -عليه الصلاة والسلام-، ورد أخبار ضعيفة منها مرفوعة منها ما يدل على أنهم كانوا يخرجون صاع من بر للتنصيص عليه على عهد النبي -عليه الصلاة والسلام- وهذا ضعيف، ومنها ما يدل على أنهم كانوا يخرجون مداً من بر، وهذا أيضاً ضعيف، ويبقى أن المسألة فيها صاع من طعام بحيث يشمل البر وغيره يشمله بعمومه لا بخصوصه ويبقى تصرف معاوية ومن وافقه على التنصيص على البر بخصوصه، ولا شك أن العمل بعموم النص المرفوع أولى من خصوص الموقوف. عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: فرض رسول الله -صلى الله عليه وسلم- زكاة الفطر طهرة لماذا فرضها؟ طهرة مفعول لأجله نعم، كيف؟ طالب:. . . . . . . . . مفعول لأجله

طهرة للصائم من اللغو والرفث، يعني الذي يقع منه في صيامه في النهار يرقع هذا الخلل بزكاة الفطر يعني من كثرة الكلام والقيل والقال، أما من ارتكب محرماً بغيبة أو شهادة زور أو غيره من لم يدع قول الزور فليس لله حاجة في ترك طعامه وشرابه ليس لله حاجة في صيامه في ارتكابه المحرم وهذا لا شك أنه زجر وتهديد والصيام صحيح لا يؤمر بإعادته لكن لا تترتب عليه آثاره، لأن الصيام التي تترتب عليه آثاره هو المورث للتقوى، لأن الله -جل وعلا- يقول: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [(183) سورة البقرة] أما الذي لا يتقي الله -جل وعلا- ويرتكب المحرمات، هذا الصيام لا تترتب عليه آثاره، لكنه صحيح لا يؤمر بإعادته والله -جل وعلا- إنما يتقبل من المتقين وهذا لم يتقي الله -جل وعلا- بهذا، ولكن نفي القبول المراد به نفي الثواب المرتب على العبادة لا نفي الصحة، ولذا لا يقول أحد من أهل العلم أنه يلزم الفساق إعادة عباداتهم، عباداتهم صحيحة لكن الثواب مرتب عليها لا يحصل، طهرة للصائم من اللغو والرفث وطعمة للمساكين، لا سيما في هذا اليوم الذي يغفلون عنه فيه عن التكسب فمن أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة، هذا وقتها، زكاة مقبولة ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات" يعني اختلف حكمها، بينما إذا أديت قبل الصلاة أو بعد الصلاة، فدل على أنه يأثم إذا أخرها ومنهم من نظر إلى العلة وهي إغنائهم في ذلك اليوم وقال لو أداها بعد الصلاة وأمكن أن يطبخوا منها ذلك اليوم واستغنوا بها حققت العلة، تحققت العلة، لكن التفريق موجود، بين كونها زكاة تسقط الواجب، وبين كونها قضاء صدقة من الصدقات، فيأثم بتأخيرها، إذا تعمد ذلك، وإلا وجد قضايا مثلاً كال للزكاة وضعها على جنب فسرقت، فاضطر بحث عنها والناس مقفلين ما لها إلا بعد الصلاة، طيب ربطها بحبل وأراد أن يحملها فانكبت في التراب نعم، بحث ما وجد أحداً يبيع إلا بعد الصلاة، المقصود أن هذه الأمور الخارجة عن إرادة الشخص هذه لا يحاسب عليها، مع أن الاحتياط للعبادات واجب. قال الإمام الحافظ -رحمه الله-: باب صدقة التطوع:

عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله فذكر الحديث وفيه ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعمل شماله ما تنفقه يمينه)) متفق عليه. يقول المؤلف -رحمه الله- تعالى: باب صدقة التطوع: يعني القدر الزائد على الواجب ما ينفه الإنسان من ماله قدراً زائداً على ما أوجب الله عليه، وجاء أن هذه الصدقة القدر الزائد على الواجب تكمل النقص الحاصل في الواجب كالنوافل بالنسبة للصلاة ((انظروا هل لعبدي من تطوع)) هذا في الصلاة وفي الصيام وفي الزكاة في جميع العبادات، فإذا كان له تطوع من الصدقة وعنده خلل في الواجب يكمل هذا من هذا. والمراد بالتطوع النفل على ما تقدم في صلاة التطوع.

عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله)) يعني لا شيء يستظل به الناس إلا ظل الله -جل وعلا-، جاء في بعض الروايات ((يظلهم في ظل عرشه)) وحمل بعضهم ما في حديث الباب على ذلك ورجحوه سبعة يظلهم الله في ظل عرشه وبهذا جزم جمع من أهل العلم، ومنهم من يقول: يمكن، ما دام ثبت في الحديث الصحيح أن الله -جل وعلا- له ظل ما المانع من إثباته؟ وهذا ينحو إليه جمع من أهل العلم، ما دام ثابت في الصحيح، لا أحد، لا كلام لأحد في مثل هذا، فيثبت ما أثبته الله -جل وعلا- لنفسه، فيثبت له الظل، والحديث صحيح وليس لأحد كلام، من هم من يقول: يحمل هذا على هذا فيقدر مضاف فيكون في ظله على تقدير مضاف، ويكون التقدير في ظل عرشه، في ظله أي في ظل عرشه، ويجعلون هذا من مثل قوله -جل وعلا- {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} [(82) سورة يوسف] والمراد اسأل أهل القرية، وهذا عند من يثبت المجاز، مجاز الحذف ما فيه إشكال، لكن المحقق عند أهل التحقيق أنه لا مجاز لا في اللغة ولا في النصوص، والمجاز لسببه ولج المبتدعة إلى ما وقعوا فيه من نفي لما أثبته الله -جل وعلا- لنفسه، ومنهم من يخص هذا الباب بعدم دخول المجاز فيه لأنه أمر غيبي، فلا يقاس على ما جاء في لغة العرب في مخاطباتهم، المقصود أن هذه المسالة خلافية والحديث صحيح لا إشكال فيه ولا مانع إطلاقاً من إثبات الظل لله -جل وعلا-، وإثبات ظل العرش ثابت وكل له ظله، ومسألة يعني بسطها يحتاج إلى وقت، لكن الأمور الغيبية إجمالها أفضل، فذكر الحديث الإمام العادل وشاب نشأ في عبادة ربه ورجل قلبه معلق في المساجد، ورجلان تحابا في الله اجتمعا على ذلك وافترقا عليه ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال إني أخاف الله، ورجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه، ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعمل شماله ما تنفقه يمينه)) هذه رواية الصحيحين.

وجاء في صحيح مسلم: ((حتى لا تعلم يمنيه ما تنفق شماله)) الإنفاق باليمين وإلا بالشمال؟ باليمين هي محل الأخذ والعطاء، حكم جمع من أهل العلم بل جل الشراح حكموا على رواية مسلم بأنها مقلوبة، ((حتى لا تعلم يمينه ما تنفق شماله)) رواية الصحيحين: ((حتى لا تعلم شماله)) ماشي على الجادة، طيب كيف رواية في صحيح مسلم وعلى طالب العلم أن يسعى في صيانة الصحيحين بقدر الإمكان، لأنه إذا تطاول الناس على الصحيح ما بقي لنا شيء فبقدر الإمكان نسعى إلى صيانة الصحيح والجواب عنها ممكن ومتصور، كيف نجيب عن رواية مسلم لنجعلها صحيحة؟ قد يقول النبي -عليه الصلاة والسلام- لا تعلم يمينه، لا تعلم شماله ما تنفق يمينه)) هذا الأصل أن الإنسان ينفق باليمين، لكن ألا يمكن حمل الرواية الثانية بأنه لا مانع من أن يحتاج الإنسان أحياناً إلى الإنفاق بالشمال وذلك لشدة الإخفاء، أنت افترض أن هذا الشخص الذي عنده في معه دراهم ومعروف بالإنفاق وعن يمينه ثلة من الناس، مجموعة من الناس جاءه فقير من الجهة الأخرى فسحب من جيبه أو من كمه الدراهم وأعطاها للفقير بالشمال ليخفيها عن من في جهة اليمين، يتصور وإلا ما يتصور؟ يعني هل الفقير يبي يقول، والله ما أبي صدقتك ليش تمدها لي باليسار، ما يتصور هذا، الفقير محتاج لهذه الدراهم وأعطيها، نعم لا ينبغي أن يكون تعامل الإنسان بالشمال أبداً، لكن مثل هذه الصورة تغلب المصلحة الراجحة، ومسألة الإخفاء والحديث مداره على إخفاء الصدقة، أيضاً في حديث أبي هريرة المتفق عليه ((ما يسرني أن يكون لي مثل أحد ذهباً تأتي علي ثالثة وعندي منه درهم إلا دينار أرصده بدين، ألا أن أقول به هكذا وهكذا، وهكذا وهكذا، عن يمينه وعن شماله، ومن أمامه ومن خلفه)) فيتصدق عن يمنيه وعن شماله يكون مكثر من الصدقات، وعلى هذا تكون رواية مسلم ليست مقلوبة، ويمكن حملها على وجه يصح. هؤلاء السبعة إمام محب ناشئ متصدق مصل وباك من ... خشية الباس يظلهم الله في ظل عرشه يوم لا ظل للناس

جمعت في أبيات كثيرة، جاء شعراء كثر وجمعوها، فالحديث فيه الحث على الصدقة وفيه أيضاً الحث على إخفاء الصدقة، وهو الأصل أن العمل السر أفضل، كما أن صلاة السر أفضل نصيحة السر أفضل إذا أدت الغرض، لكن إذا ترتب على الإعلان مصلحة راجحة {إِن تُبْدُواْ الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ} [(271) سورة البقرة] والرجل الذي تصدق وجاء بصدقته وألقاها بين يدي النبي -عليه الصلاة والسلام- والمسجد يغص بالمصلين، قال فيه النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((من سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة)) أجر الاقتداء، لأن الناس يقتدون بالقدوات الذين يسبقونهم بالفعل قبل القول فمثل هذا إذا ترتبت عليه مثل هذه المصلحة صار أفضل وإلا فالأصل الإخفاء. هناك خصال موصلة إلى الظلال، للحافظ ابن حجر كتاب أسماه. طالب:. . . . . . . . . لا، لا هذا السيوطي، الحافظ ابن حجر له كتاب اسمه (معرفة الخصال الموصلة إلى الظلال) صحيح وذكر فيه ثمان وعشرين خصلة، والسيوطي له (بزوغ الهلال في الخصال المقتضية للظلال) أوصلها إلى سبعين، فيحرص عليها الإنسان لأن العرق والشمس تدنو والعرق يلجم بعض الناس وبعضهم على حسب أعمالهم. يقول: ذكرت أن كل شيء له ظل والظل لا يأتي إلا بتأثير الشمس فلا يتصور أن الشمس تعلو الله عز وجل، تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً. هذا كلامهم، هذا كلام من نفى، وقل المسألة، المسألة محتملة وقابلة للمسائل المتعلقة بالعقيدة، إذا اختلف فيها السلف للخلف مندوحة، لكن إذا اتفقوا على شيء لا يجوز للخلف مخالفتهم، وهذا مما اختلفوا فيه يسرع فيه الخلاف، لكن يبقى أن النص صحيح، وإيش المانع؟ على ما يليق بجلاله وعظمته مع اعتقاده للتنزيه، مع اعتقادنا عدم مشابهة المخلوق، فهو الذي أثبت لنفسه على لسان نبيه -عليه الصلاة والسلام-، يعني هناك يفهم منها، صفات يفهم منها أنها شيء من النقص، وتوصل بعض المبتدعة إلى نفيها من أجل ما تصوروه من نقص، فما وصلوا إلى حد التعطيل إلا بعد أن مروا بقنطرة التشبيه، فإذا تصورنا أن الله -جل وعلا- ليس كمثله شيء وأنه منزه عن مشابهة المخلوق، لا يضيرنا أن نثبت له ما أثبته لنفسه وأثبته له نبيه -عليه الصلاة والسلام-.

يقول هل المقصود يا شيخ ((حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه)) هل المعنى هنا أن أخرج من جيبي مال ولا أراه كم المبلغ؟ المقصود الإخفاء، المقصود إخفاء الصدقة. قال الإمام الحافظ -رحمه الله-: وعن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((كل امرئ في ظل صدقته حتى يفصل بين الناس)) رواه ابن حبان والحاكم. وعن وعن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((كل امرئ يعني كل امرئ مسلم في ظل صدقته فالصدقة تظله والمتصدق المخفي للصدقة في الظل، في الحديث السابق، وهنا في ظل صدقته حتى يفصل بين الناس)) هذه من فوائد الصدقة وجاء في فضل الإنفاق في سبيل الله، نصوص كثيرة جداً، ولو لم يكن منها إلا هذا، في ظل الصدقة، تظله صدقته أحوج ما يكون إلى الظل، وماله الحقيقي ما قدم، وما يتركه هو مال الوارث. والنصوص الصحيحة الكثيرة المستفيضة في فضل الإنفاق في سبيل الله لا يمكن حصرها، لكن هذا منها، ولا مانع من إرادة الحقيقة، ويقول بعضهم أن المراد في كنفها وحمايتها، لكن لا مانع من إرادة الحقيقة، نعم. قال الإمام الحافظ: وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((أيما مسلم كسا مسلم ثوباً على عري كساه الله من خضر الجنة، وأيما مسلم أطعم مسلم على جوع أطعمه الله من ثمار الجنة، وأيما مسلم سقى مسلم على ظمأ سقاه الله من الرحيق المختوم)) رواه أبو داود وفي إسناده لين.

هذا الحديث أولاً: ضعيف، الحديث ضعيف، فيه أبو خالد الدالاني تكلم فيه غير واحد من أهل العلم، ومقتضاه جاءت به النصوص، وهو أن الجزاء من جنس العمل، الجزاء من جنس العمل وفي هذا يقول في الحديث على افتراض ثبوته: ((أيما مسلم كسا مسلماً ثوباً على عري، يعني وهو بأمس الحاجة إليه، كساه الله من خضر الجنة، من لباس الجنة، ولباسهم أخضر، وأيما مسلم أطعم مسلماً على جوع، يعني مع الحاجة إلى الطعام، أطعمه الله من ثمار الجنة)) فعلى المتصدق بأي نوع من أنواع الصدقة أن ينظر الأحوج، ((وأيما مسلم سقى مسلماً على ظمأ سقاه الله من الرحيق المختوم)) الرحيق هو الخالص من الشراب الذي لا غش فيه، والمختوم الذي تختم أوانيه عليه لأهميته وقيمته، إذا كانت المرأة البغي التي سقت كلب دخلت الجنة بسببه، وهي بغي، كلب يأكل الثرى من العطش فكيف بمن يسقي مسلماً محتاجاً؟ فالحديث حقيقة لمعانيه ما يشهد لها من النصوص الكثيرة، هذا فيه أن الجزاء من جنس العمل، وفيه أن المتصدق عليه أن يبحث عن الأحوج، يبحث عن الأحوج لأنه قال عن عري، عن جوع، عن ظمأ، وبعض الناس لا يكلف نفسه مثل هذا، لا شك أن الصدقة تقع موقعها إذا كانت على فقير محتاج لكن إذا كان هناك من هو أحوج منه، حرم نفسه زيادة الأجر. قال -رحمه الله-: وعن حكيم بن حزام رضي الله عنه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((اليد العليا خير من اليد السفلى، وابدأ بمن تعول، وخير الصدقة ما كان على ظهر غنى، ومن يستعفف يعفه الله، ومن يستغني يغنه الله)) متفق عليه واللفظ للبخاري. يقول المؤلف -رحمه الله- تعالى: وعن حكيم بن حزام رضي الله عنه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((اليد العليا خير من اليد السفلى، وابدأ بمن تعول))

اليد العليا جاء تفسيرها في المرفوع بأنها المنفقة، والسفلى الآخذة، العليا هي المعطية المنفقة، والسفلى هي السائلة الآخذة، هذا التفسير مرفوع إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- وهو الواقع، وصورناه فيما مضى بأنه لا يتصور أن تكون الآخذة عليا من حيث الواقع يعني ما يمكن أن يقول: خذ ثم يأتي بيده ويأخذ ممكن لكن المتصوفة بعض المتصوفة الذين استمروا الكسل والخمول والذل والدناءة كسلاً منهم، أولوا الحديث على أن اليد العليا هي الآخذة واليد السفلى هي المعطية، كيف؟ يقولون الآخذة نائبة عن الله -جل وعلا- {إِن تُقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا} [(17) سورة التغابن] الفقير نائب عن الله -جل وعلا-، ولا يتصور الإقراض إلا على يد هذا الفقير، فباعتبارها نائبة عن الله -جل وعلا- فهي الآخذة، لكن إذا كان محمد -عليه الصلاة والسلام- وآله يتنزهون عنه لأنها أوساخ الناس فكيف تكون أو كيف يكون من يأخذها هو الأعلى، واليد التي تأخذها هي العليا؟ لا شك أن هذا كما قال ابن قتيبة: "ما أرى هؤلاء إلا قوماً استطابوا السؤال فهم يحتجون للدناءة، يحتجون للدناءة. يقول: ((وابدأ بمن تعول)) لا شك أن الإنسان مطالب بالنفقات الواجبة وما أوجب الله عليه أولى من أن تنفق الأموال على غيرهم، اللهم إلا في حال الإيثار مع العلم بالصبر والجزم به بالنسبة لنفسه ولمن يعول، فالإيثار محمود في الشرع، وجاء مدح الأنصار به {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} [(9) سورة الحشر] يعني حاجة شديدة، والصحابي الذي آثر ضيفه وترك أولاده، صنيعه لا يخالف هذه مع العلم بالقدرة على الصبر والاحتساب، ولا يكون هذا أيضاً ديدن لأنه فعله أحياناً ويكون الأصل الإنفاق على من أوجب الله النفقة عليه ((وابدأ بمن تعول، وخير الصدقة ما كان عن ظهر غنى)) يعني ما يبقى بعد إخراجها صاحبها يبقي شيئاً يستغني به عن الناس بحيث لا يكون عالة يتكفف الناس لا هو ولا من تحت يده.

وجاء في حديث سعد لما مرض ((إنك إن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس)) فيبقي الإنسان لنفسه ولمن يعول، هذا الحكم العام لكن إذا كان الإنسان لديه قدرة وتحمل وصبر واحتساب على ما إذا أخرج جميع ماله وليس له عيال، أو له عيال يضمنهم كذلك، أو له مهنة وتجارة يستطيع أن يتقوت منها هو ومن يمون، فقد فعل ذلك الصديق الأكبر -رضي الله عنه وأرضاه-، ومدح بهذا؛ لكن من كانت منزلته دون ذلك، فالأفضل له ألا يتصدق بجميع ماله. ((وخير الصدقة ما كان على ظهر غنى، ومن يستعفف يعفه الله)) يعني يتخلق بالعفة، يتحلم يرزق الحلم، يتصبر يرزق الصبر، يتعلم يرزق العلم، وهكذا يتعبد إلى آخره، وهنا من يستعفف يطلب العفة يعفه الله -جل وعلا-، يعينه على نفسه، ((ومن يستغني يغنه الله)) ومن يستغني عما في أيدي الناس يغنه الله، يستغني عما في أيدي الناس ثقة بالله -جل وعلا- يغنيه الله؛ ولكن من سأل الناس وامتهن السؤال يأتي ذمه، ولا يزداد بذلك إلا حاجة وفاقة، على ما سيأتي. قال -رحمه الله-: وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قيل: يا رسول الله أي الصدقة أفضل؟ قال: ((جهد المقل، وابدأ بمن تعول)) أخرجه أحمد وأبو داود، وصححه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم. نعم هذا الحديث صحيح، وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قيل: يا رسول الله أي الصدقة أفضل؟ قال: ((جهد المقل، وابدأ بمن تعول)) جهد المقل، وهناك في الحديث الذي قبله ((ما كان عن ظهر غنى)) جهد المقل الذي لا يجد إلا القليل، يتصدق بشيء منه، وذاك عن ظهر غنى بحيث يبقى لنفسه ويبقى لمن تحت يده، وكل في موضعه، المقل يمدح إذا تصدق، الغني يمدح إذا تصدق، وينزل الناس منازلهم، رجل غني سأل أي الصدقة أفضل؟ نقول: ما كان عن ظهر غنى، ورجل فقير سأل أي الصدقة أفضل؟ قال: ((جهد المقل)) ليفتح الباب أمام الجميع للصدقة.

يعني لو جاء الجواب الأول للسؤال الثاني مثلاً لو قال الغني مثلاً أي الصدقة أفضل؟ قيل له: جهد المقل، يعني ما شجعناه على الصدقة، صح وإلا لا؟ ولو قال: هذا أي الصدقة أفضل؟ وعليه آثار الفقر، وقلة المال نقول له: ما كان عن ظهر غنى، معناه لا تتصدق، والحث على الصدقة على الجميع، جاء لجميع الناس، فمثل ما يسأل عن أفضل الأعمال يجيب هذا بالجهاد، يجيب هذا بالعلم، يجيب هذا بالصلاة، يجيب هذا بالحج، كل له ما يناسبه، وكل ينزل حسب منزلته، فالغني يقال له: ما كان عن ظهر غنى، ليدفع إلى الصدقة، ومثل ما قلنا: لو قيل: جهد المقل معناه الغني صدقته ما لها قيمة، ولو جاء الفقير ليتصدق قال: لا، قليل المال قيل له: ما كان عن ظهر غنى، معناه لا تتصدق، فحرمنا هذا وحرمنا هذا. وعلى كل حال على كل مسلم أن يتصدق، وهذا من الترغيب في الصدقة، ترغيب الجميع، والجهد والجهد الجهد بالضم الوسع والطاقة وبالفتح المشقة، وقيل: بمعنى واحد. ((وابدأ بمن تعول)) كما تقدم الأقرب فالأقرب، والصدقة على القريب صدقة وصلة، وعلى البعيد صدقة؛ لكن هناك أيضاً مفاضلات، لو كان فيه قريب لكن حاجته أقل من البعيد، القريب يحتاج إلى سيارة، يحتاج إلى مكيف، يحتاج إلى فرش، والبعيد يحتاج إلى طعام وشراب، نقول: البعيد أفضل، فالمسألة مفاضلة بين هذه السنن. قال -رحمه الله- وعنه -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((تصدقوا)) فقال رجل: يا رسول الله، عندي دينار، قال: ((تصدق به على نفسك)) قال: عندي آخر، قال: ((تصدق به على زوجتك)) قال: عندي آخر، قال: ((تصدق به على ولدك)) قال: عندي آخر، قال: ((تصدق به على خادمك)) قال: عندي آخر، قال: ((أنت أبصر به)) رواه أبو داود والنسائي، وصححه ابن حبان والحاكم. لكن عندك الجملة ((تصدق به على زوجك))؟ الطالب: إيه نعم في الحاشية يقول: ما بين المعكوفتين زيد من مصادر التخريج. إيه لا يوجد في الأصل، لا توجد هذه الجملة في البلوغ، وهي موجودة في سنن أبي داود وغيره، على كل حال الحديث حسن يصلح للاحتجاج.

يقول: وعنه، يعني عن أبي هريرة صحابي الحديث السابق -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((تصدقوا)) حث على الصدقة، وخص النساء بالحث على الصدقة بعد صلاة العيد ((تصدقن ولو من حليكن)) تصدقوا، فقال رجل: يا رسول الله عندي دينار، قال: ((تصدق به على نفسك)) إذا كان ما تملك إلا دينار فأنت أولى به، عندي آخر: تصدق به على زوجك لأنها أولى الناس بذلك، ونفقتها واجبة عليك، عندي ثالث: تصدق به على ولدك؛ لأنه في ذمتك، عندي آخر قال: تصدق به على خادمك، الآن الأسرة انتهت، أراد أن يتصدق بغيره، عنده فائض، وأراد أن يتصدق بها قال: ((أنت به أبصر)) اجتهد في وضعه في الأنسب. وهذا الحديث مخرج عند أبي داود والنسائي وصححه ابن حبان والحاكم، وهو في الجملة لا بأس به، ولم يذكر الوالدين، في ذكر للوالدين؟ ومع الحاجة فنفقتهما واجبة، والحديث لم يستوعب كل من تجب نفقته؛ لكن هل المقدم في النفقة الزوجة والأولاد أو الوالدين؟ طالب:. . . . . . . . . الوالدين، طيب. طالب:. . . . . . . . .

الزوجة، عند الجمهور الزوجة؛ لأنه يجب عليه الإنفاق عليها، وأخذها على هذا الأساس، ولها أن تطلب الفراق إذا لم يستطع، أو بخل عنها، فهي أقرب الناس إليه بعد زواجه بها، ومن أهل العلم من يرجح أن الوالدين أولى، وأحق، وحقهما أعظم، لا يختلف أحد في أن حقهما أعظم، وحديث الثلاثة الذين انطبق عليهم الغار فلم يستطيعوا الخروج، وتوسلوا بأعمالهم الصالحة فكان من عمل أحدهم أنه كان بار بوالديه، يترك الأولاد ينامون جوعاً وينتظر حتى يشرب الوالد اللبن، أو نقول: أن هذا قدر زائد على الواجب؟ هذا من تمام البر، وقدر زائد على الواجب، نعم يعني هل الأفضل أن ينتظر الأب ويترك الصبية يتضاغون جوعاً وعطشاً إلى أن ينتبه الوالد من نومه؟ أو يقسم اللبن، ويعطي الأولاد، ويسد جوعهم، وينتظر آباه بالباقي، لو كان الدين بالرأي نقول: إيش المانع؟ لو مثلاً جاء الوالد من عمله وصلى الظهر ونام، وجاءوا الطلاب الأولاد من مدارسهم جوعى، وقالوا: يا الله نبي غداء، قال: لا إلى أن يقوم الوالد، ألا يمكن أن يطعم الأولاد من بعضه والوالد من بعضه؟ هذا ممكن، لكن صنيعه من تمام البر، على أن هذا في شرع من قبلنا، لكن يبقى أن إذا لم يلحق بالزوج أو الأولاد ضرر أن ملاحظة الوالدين هو الأصل. طالب:. . . . . . . . . حتى الوالدين تجب إذا لم يوجد غيرهم، حتى الوالدين تجب، يعني حصل قصة في الحريق الذي حصل بمنى شخص حاج بأمه المقعدة وبأولاده حصل الحريق، فحمل الأطفال وفي نيته الرجوع إلى والدته، وأخرجهم عن مكان الحريق رجع إلى الوالدة إذا هي محترقة، يعني هل نقول: تترك الأطفال وتشيل الأم تنقذها أو تنقذ الأولاد قبل؟ طالب:. . . . . . . . . كيف؟ طالب:. . . . . . . . .

عاجزة هي مقعدة، يعني هل يأتي في مثل هذا المفاضلة أن الوالدة مثلاً بلغت سبعين ثمانين أكلت العمر وهؤلاء مساكين ما بعد، ما تأتي مفاضلة هنا، المدح في مثل هذه التصرفات كون الإنسان غلب هواه وتصرف على مقتضى النظر الشرعي والمحبة الشرعية، لا شك أن الذي يترك أولاده يبكون من الجوع وينتظر أباه هذا تغلب على هواه، وتصرف على مقتضى النظر الشرعي المحبة الشرعية، فالذي أنقذ أولاده وترك أمه، عرضت المسألة على أحد المشايخ الكبار فبكى، كيف تترك أمك هذا شيء ما يخطر على البال؟! يعني هذا الشخص تصرف على مقتضى المحبة الغريزية، يعني عموم الناس في الجملة أنهم يجدون بأولادهم أكثر مما يجدون لوالديهم، ولذلك كثير من الناس ما يحس بفضل والديه حتى يولد له أولاد، وتجد كثير من الناس يمرض الوالد والوالدة وصحيح أنه يحز في النفس، لكن يبقى أنه إذا مرض الولد ما نام، هذا موجود هذه جبلة وفطرة في النفوس؛ لكن يبقى أن المكافأة على سبب الوجود الوالدين، الوالدان هما سبب الوجود فحقهما عظيم، وحقهما مقرون بحق الله -جل وعلا-، فالمدح حينما مدح الذي توسل بالبر إنما هو لمخالفة هوى نفسه، يمكن الذي في نفسه من الحرقة على هؤلاء الأولاد الجوعى أكثر مما في أنفسهم، ومع ذلك قدم الوالد، فهذا مناط المدح. طالب:. . . . . . . . . إذا جاء النص بأن هذا أولى يأثم. طالب:. . . . . . . . . إذا جاء النص على أن هذا أولى من هذا، نعم لكن جاء النص بالنسبة للنفقة هنا حتى الفقهاء، ترون يقدمون الخادم على الوالدين؛ لأنه ليست له حيلة، مربوط لخدمته، والوالدان بإمكانهما أن يتصدق عليهم، لهم أولاد غيرك، المقصود أن الحلول قد تكون موجودة؛ لكن الزوجة أين تروح؟ الولد أين يذهب؟ الخادم أين يذهب؟ لكن بالنسبة للوالدين هذه مقتضى نظر الفقهاء، ويستدلون بمثل هذا الحديث "عندي دينار، ((تصدق به على نفسك)) عندي آخر، ((تصدق به على زوجتك)) عندي ثالث، ((تصدق به على ولدك)) عندي آخر، ((تصدق به على خادمك)) عندي آخر، ((أنت به أبصر)) وعلى كل حال إذا قدم ما يتطلبه الشرع مقدماً إياه على هوى النفس لا شك أنه أولى. طالب:. . . . . . . . .

لا أصل الزوجة ما هي بمذكورة في النسخة أصلاً، في البلوغ ليس فيها ذكر للزوجة، نعم. الطالب: هنا يا شيخ في الحاشية -حسن الله إليك-، يقول: في صحيح مسلم ذكر الزوجة مقدم على الولد. لكن هذا حديث مخرج في مسلم؟ الطالب: ابن القاسم الذي ذكرها، حاشية ابن القاسم على شرح ابن باز. الحديث مخرج في مسلم؟ الشرح أنا أعرف أنه ذكر الصنعاني أنه في مسلم مقدم؛ لكن هل الحديث مخرج في مسلم؟ رواه أبو داود والنسائي وصححه ابن حبان والحاكم، عزاه لمسلم الجزء في الجزء والصفحة؟ الطالب: لا. هذا نقل عن الصنعاني، لا ما فيه شرط مسلم، صححه الحاكم صحيح، صححه ابن حبان والحاكم؛ لكن هل هو موجود، عزي إلى مسلم بالجزء والصفحة؟ أو قلد الصنعاني؛ لأن الصنعاني قال: وورد في صحيح مسلم مقدم على الولد، نعم. طالب:. . . . . . . . . لكن هل هي بالفعل في مسلم؟ مسلم خرج الحديث؟ نعم. طالب:. . . . . . . . . إيش يقول؟ طالب:. . . . . . . . . هذا حديث آخر، حديث جابر حديث آخر غير حديث أبي هريرة، نريد من حديث أبي هريرة، حديث أبي هريرة هل هو مخرج في مسلم؟ ما خرج في مسلم، فالاستدراك ليس بمحله إلا أن ينص على أ، هـ في حديث جابر المخرج في صحيح مسلم الزوجة مقدمة أو الولد مقدم، هي مقدمة. تستمر وإلا نقف؟ نعم. طالب:. . . . . . . . . يعني هو خلط الصنعاني، حقيقة محل كلامه محل نظر هي مقدمة في حديث جابر وهو غير حديث أبي هريرة المفترض أنه نص عليه. نتابع وإلا يكفي؟ طالب:. . . . . . . . . نعم، اقرأ قال -رحمه الله-: وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((إذا أنفقت المرأة من طعام بيتها غير مفسدة كان لها أجرها بما أنفقت ولزوجها أجره بما اكتسب وللخازن مثل ذلك لا ينقص بعضهم من أجر بعض شيئاً)) متفق عليه. هذا من فضل الله -جل وعلا- أنه يدخل في السهم الواحد جمع كل من كان له دور في تحقق مثل هذه العبادة أجر على ذلك.

يقول: وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((إذا أنفقت المرأة من طعام بيتها غير مفسدة كان لها أجرها بما أنفقت، ولزوجها أجره بما اكتسب)) شريطة ألا تكون مفسدة مبذرة مبعثرة للأموال، مفرقة للأطعمة المحتاج إليها؛ لكن إذا كانت لا تسرف في إنفاقها تعطي المحتاج بقدر الحاجة لا مانع، وهل يشترط الإذن أو لا يشترط؟ الأصل أن الإذن لا بد منه لأنه هو المالك؛ لكن ما جرت به العادة أن المرأة تتصرف فيه، أو عرفت من طبيعة زوجها أنه لا يكره ذلك لا يحتاج إلى إذن، أما إذا عرفت أن زوجها شحيح بخيل يوجد إنفاقها بغير علمه مشاكل مثل هذه لا تتصرف إلا بإذنه، وهو حينئذ محروم، فإذا أنفقت غير مفسدة فلها الأجر بما أنفقت وساهمت ولزوجها بما اكتسب، بما أنفق، أنفقت يعني بذلت من مال زوجها، وهو بذل من حر ماله، وله أجره ولزوجها أجره بما اكتسب وللخازن مثل ذلك لا ينقص بعضهم من أجر بعض شيئاً، الخازن: الخازن الأمين إذا أنفق مما أؤتمن عليه بعد الإذن، أو معرفة أن صاحب الشأن لا يكره ذلك، ومع الأسف أنه يوجد في المستودعات، مستودعات التوزيع التي من بيت المال ما يؤمر بصرفه من قبل المسئول، ويعترض الخازن، يعني فضلاً عن كونه يبذل من غير أمر بما تعورف عليه، نعم أن منع وحددت صلاحيته، لا يجوز أن يتعداها؛ لكن إذا جاءه أمر (اصرف لفلان كذا وكذا) ثم يقول: لا، يمنع ويتحجج ينتهي، هذا يوجد أحياناً في المستودعات الخيرية والرسمية الحكومية، ومستودعات الكتب مثلاً، تجد بعض الناس يكون مفتاح يساعد طلاب العلم كل فيما ينفعه، وما أوجد إلا من أجلهم، على أن يكون تصرفه تبعاً لهواه هو، وبعض الناس مغلاق تأتي القائمة فيها عشرين كتاب مأمور بها من قبل المسئول، ومعه القلم هذا انتهى، هذا ما يوزع، هذا ما أدري إيش؟ حصل، ما أدري ما الداعي لهذا، يعني أن الإنسان جبل وفطر على شح؛ لكن يشح بماله، ما يشح ببيت المال، وفي هذا إنفاق الخازن، وله من الأجر مثل أجر من بذل الأموال. فالشيء الذي لا يؤثر على المال لا يحتاج إلى إذن، أما الشيء المؤثر فلا بد من إذن، الناس بطبائعهم مختلفون، فمن عرفت أو عرف الخادم أن صاحب المال لا يبخل بمثل هذا لا يحتاج أن يستأذن، وإذا عرف أنه شحيح أو بخيل أو تصرفه يوجد شيء من المشاكل مثل هذا لا بد من إذنه، والله أعلم. وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

كتاب الزكاة (5)

بلوغ المرام (كتاب الزكاة) الشيخ/ عبد الكريم الخضير السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. هذه أسئلة تمت الإجابة عليها، وكأنه حصل خلط بين ما أجيب عليه وما لم يتم الجواب عليه. هذا السائل يقول: إذا أسبل الذي لم يبلغ الحلم هل على وليه إثم؟ لماذا؟ أولاً: الذي لم يبلغ الحلم لا تكليف عليه، غير مكلف وغير مؤاخذ، لكنه يمنع مما يمنع منه جنسه، من باب التمرين والتعويد على امتثال الأوامر والنواهي، ولذا جاء أمره بالصلاة، والصحابة كانوا يحملون صبيانهم على الصيام، فيمنع مما يمنع منه المكلف من باب التمرين ومن ذلك الإسبال، محمد بن الحسن وقول عند الشافعية أنهم لا مانع من لبس الصبيان الذين لم يكلفوا الذهب لبسهم الحرير، لكن الأكثر على منعهم من ذلك. كيف يمكن أن يعلم المرء نفسه الصبر؟ يتصبر ويتحمل وينظر في النصوص، يجمع النصوص التي تحث على الصبر، وتكون دائماً على باله، ثم ينظر أيضاً في عاقبة الجزع، وأثره في الدنيا والآخرة، وهل له قيمة إن فرد أو عدم؛ فالصبر جاء فضله في نصوص الكتاب والسنة {وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ} [(155) سورة البقرة] ويتمنى الناس كلهم يوم القيامة أنهم ممن أصيب لما يروا من جزاء الصابرين وعظيم ثوابهم، وأشد الناس بلاء الأنبياء. يقول: هل العلة في النهي عن الدفن في الليل هو التقصير في حقه وإذا زالت العلة جاز الدفن في الليل؟ هذا ما فهمه الصحابة، أبو بكر دفن ليلاً، علي -رضي الله عنه- دفن فاطمة ليلاً، فإذا أمن التقصير فلا مانع من الدفن ليلاً. يقول: ما حكم الاجتماع للعزاء؟ هذا بحث وإذا كان الهدف منه التيسير على المعزي ولم يكن هناك قصد آخر ولم يلحق أهل الميت عناء ولا تعب ولا نفقة أموال هذا (الأمور بمقاصدها)، أما إذا اجتمع مع الاجتماع للعزاء الطعام من قبل أهل الميت وحصل في العزاء ما حصل من شيء ممنوع كالنياحة وشبهها واجتمعت هذه الأمور منع، ولو لم يكن في ذلك إلا صنع الطعام من قبل أهل الميت، أما صنعه لهم فقد عرفنا أنه سنه. هل يعزى فقط أو فقد يقول فقد أقربائه؟

ما أدري والله، من أصيب به يعزى، من أصيب بالميت يعزى سواءً من قريب أو بعيد، إذا كانت بينه وبينه صله أو مودة ومحبة في الله يعزى لأن فقده مصيبة. وإنا إن شاء الله بكم لاحقون أليس هذا دعاء، وقد دخلت إن شاء الله أليس هذا تعليق في الدعاء؟ قلنا إن (إن شاء الله هنا) للتبرك وليست للتعليق والدعاء إذا كان بلفظ الأمر لا يجوز أن يقترن بالمشيئة ولا يجوز أن يقول الإنسان: اللهم اغفر لي إن شئت، أما إذا كان الدعاء بلفظ الخبر جاز تعليقه بالمشيئة، مع أنه ليس بتعليق، جاز ذكر المشيئة معه، طهور إن شاء الله، ثبت الأجر إن شاء الله، ففرق بين هذا وهذا. يقول السائل من ليبيا: هل يجوز للإمام عندما يصلي على الجنازة أن يخبر المصلين أن هؤلاء رجال أو نساء؟ يعني قبل الصلاة عليهم يقول للمصلين الجنازة رجل أو امرأة من أجل التغيير في الضمير اللهم اغفر لها وراحمها وعافها واعف عنها، اللهم اغفر له وارحمه وعافه واعف عنه، هذا مقصد لا بأس به ولا يترتب عليه شيء، يعني لو ترك ما ضر؛ لأن للمصلي أن يقول: اللهم اغفر له: أي الميت ويشمل الرجل والمرأة أو اغفر لها أي الجنازة، جنازة رجل أو امرأة. السائل من فلسطين يقول: أنا شاب عمري ستة عشر عاماً وأحافظ على الصلوات وعلى فعل الخيرات وعلى دعوة الشباب في المدرسة ولكن أنا ومع الأسف أمارس العادة السرية بشكل مبسط؟ إيش معنى مبسط، المقصود أنه يمارس هذه العادة السيئة التي هي استخراج المني مع اللذة وهي محرمة عند أهل العلم، محرمة والأدلة تدل على التحريم {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ* إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} [(5 - 6) سورة المؤمنون] فقط، والنبي -عليه الصلاة والسلام- أرشد الذي لا يستطيع الباءة أن يصوم ولو كانت جائزة لوجه الناس إليها، لكن قد يقول قائل أنا في بلد أو في مجتمع أتعرض فيه للفتن رغم أنفي من غير اختياري ولا قدرة لي على الصبر والتحمل وجربت الصيام وما أجدى وجربت كذا وكذا أقول: إذا خشي الإنسان بحيث يغلب على ظنه أنه يقع في الفاحشة فارتكاب أخف الضررين مقرر بالشرع ومنه هذا. هذا يسأل عن كتب وطبعات شرح مسلم للقاضي عياض؟

هذا الشرح شرح نفيس ولا يستغني عنه طالب علم وينقل عنه الشراح واعتمد عليه كل من جاء بعده، فلا يستغنى عنه شرح طيب ونفيس، وأفضل طبعاته الطبعات المتداولة مثل طبعة دار الفكر نسيت والله أي طبعة، لكن الكاملة هي الكاملة ما أظن في غيرها، طبع منه أجزاء في مصر لكنه لم يكمل. أفضل الطبعات الجديدة لكتب الحديث؟ هذا ما يتسنى إلا بالتفصيل. يقول: ما هي الشروح التي ينصح بها لطالب العلم المبتدئ بعد فتح الباري وشرح النووي وعون المعبود وتحفة الأحوذي؟ هذه الكتب لا ينصح بها المبتدئ فضلاً عمن بعده، يعني من أراد حفظ المتون على الطريقة المعروفة وقرأ شروحها وسمع وحضر الدروس وفرغ الأشرطة عليها له أن يقرأ في الكتب الأصلية بشروحها لكن الشروح منها ما لو بدئ منه لصد عن القراءة ومنها ما يعين على الاستمرار فيها؛ فالطالب حينما يبدأ بالقراءة يبدأ بفتح الباري هذا خطر يترك القراءة، أو يبدأ بالشروح الكبيرة التي حتى إخراجها ما أخرج على وجه يحبب طالب العلم للقراءة، فلو بدأ طالب العلم بشرح النووي، شرح الكرماني على البخاري، هذا يعينه على الاستمرار في القراءة؛ لأن مادة الكتابين في الشرح فيها شيء من الانتقاء والاختيار، فالجمل التي يختارها النووي في شرحه التي تحبب الطالب للقراءة وللعبادة وللإقبال على الله -جل وعلا- هذا يعينه على ما في الكتاب من أخطاء عقدية لا بد من التنبه لهذا، الكرماني أيضاً مثل النووي في أخطاءه كلهم أشاعرة، لكن الكرماني ميزته انتقاء الطرائف العلمية التي قد لا توجد عند غيره، فينتقي في تراجم الرواة أطرف ما وقف عليه في ترجمته، لا يهمه أن يكون الراوي في أعلى درجات التوثيق أو أدناها لا يهمه كثيراً، إنما يهمه أن ينقل للقارئ أطرف ما وقف عليه في ترجمته، النووي يهمه إن ينقل في ترجمة الراوي ما كان عليه هذا الراوي من عمل من عبادة من إقبال، أما فتح الباري وإرشاد الساري وعمدة القاري هذه كتب تأتي مرحلة ثانية. عون المعبود كتاب سهل وسمح وميسر يستفاد منه، تحفة الأحوذي كذلك أيضاً مختصرة وتنفع طالب العلم.

يقول: إن استطاع الطالب الموافقة بين حديثين مثل حديث: ((إذا سجد أحدكم فلا يبرك كما يبرك البعير)) وحديث وائل بن حجر: "رأيت النبي صلى الله عليه وسلم إذا سجد وضع ركتبيه قبل يديه". يقول: لم يجده عند أحد من الشراح، فهل له ذلك أم ليس له أن يتعدى أقوال العلماء وما الضابط في ذ لك؟ المسألة لغوية، يعني إذا فسرنا البروك وفهمنا معناه عرفنا أن الحديث ليس فيه قلب البتة، يعني كونه لا يوجد عند الشراح مثل هذا الفهم، لكن المسألة لغوية إيش معنى البروك في لغة العرب، متى يقال برك البعير؟ يقال برك البعير إذا أثار الغبار وفرق الحصى، فمعناه أن البعير ينزل على الأرض بقوة، فإذا نزل الساجد على يديه المقدم يديه على الأرض بقوة قلنا برك مثلما يبرك البعير، لكن مجرد وضع اليدين على الأرض هذا ليس ببروك، وإن أشبه نزول البعير من وجه، لكن لا يلزم مطابقة الصورة من كل وجه، ولذا لا أعرف أحداً أعل الحديث بالقلب غير ابن القيم، ومن تبعه. فالمسألة مثل هذه لغوية. يقول: ما أفضل شرح لجامع الترمذي؟ أفضل شرح يعني على حد علمي شرح ابن سيد الناس وتكملته للحافظ العراقي لكنه ما طبع كامل إلى الآن، وأفضل طبعات التمهيد الطبعة الهندية الأولى، الطبعة المغربية التي اعتمد فيها على النسخ، في طبعة يذكرها الإخوان أن صاحبها اعتنى بها وقارن بينها وبين بين الطبعة الهندية وبين نسخ خطية أخرى وقف عليها لا أعرفها. الأسئلة كثيرة جداً تحتاج إلى دورة، ما هو بدرس، تحتاج إلى وقت طويل وهذا آخر الدروس وبقي فيه جمع من الأحاديث لعلنا إن بقي وقت نعود إلى الأسئلة. سم. بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد: قال الإمام الحافظ أحمد بن علي بن حجر -يرحمه الله تعالى-: وعن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: جاءت زينب امرأة ابن مسعود فقالت: يا رسول الله إنك أمرت اليوم بالصدقة وكان عندي حلي لي فأردت أن أتصدق به فزعم ابن مسعود أنه وولده أحق من أتصدق به عليهم فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((صدق ابن مسعود زوجك وولدك أحق من تصدقت به عليهم)) رواه البخاري.

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: وعن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: جاءت زينب امرأة ابن مسعود عبد الله بن مسعود بن غافل الهذلي ابن أم عبد من جلة الصحابة وساداتهم فقه من فقهاء الأمة، من أهل القرآن ومن أهل الله وخاصته، ابن مسعود -رضي الله عنه- كان قليل ذات اليد وليس بعيب أن يوصف بهذا الوصف فحاله ميسورة يعني أقل من يقوم بحاجته ولذا احتاج إلى صدقة زوجته وليس بعيب أن يعيش المسلم دون المستوى المطلوب، كما أنه ليس من العيب أن يعيش طالب العلم بل العالم هذا ليس بعيب، فلا يحمل طالب العلم استبطاء الرزق أن يترك العلم ويتجه إلى الدنيا وينصرف عما حصله فيضيع نفسه، فالعلم خير مغنم وأولى ما يحرص عليه الإنسان، هذا ابن مسعود ابن أم عبد جاءت مناقبه في الأحاديث الصحيحة لا تكاد تحصر، يقول: فقالت: يا رسول الله إنك أمرت اليوم بالصدقة، أمر النبي -عليه الصلاة والسلام- بالصدقة بعد الخطبة في العيد وخص بها النساء لأنهن أكثر أهل النار فجاءت امرأة ابن مسعود وكان عندها حلي لها، تقول: وكان عندي حلي لي فأردت أن أتصدق به هل في هذا ما يدل على زكاة الحلي؟ ليس فيه ما يدل على زكاة الحلي وإنما تريد أن تتصدق بالحلي لا من الحلي ولذا لم يذكره أهل العلم في أدلة زكاة الحلي فأردت أن أتصدق به فزعم ابن مسعود أنه وولده أحق من تصدقت به عليهم، ظاهر السياق أنه في صدقة النفل؛ لأنها تريد أن تتصدق بجميع المال وإن حمله بعضهم ورأى أنه في الصدقة الواجبة ففي صحيح البخاري عن زينب امرأة ابن مسعود أنها قالت يا رسول الله أيجزي عني أن نجعل الصدقة، أو يجزي عنا أن نجعل الصدقة في زوج فقير؟ فقال: ((نعم، لك أجر الصدقة والصلة)) والإجزاء إنما يكون في الواجب، كما أن أيجزي عني؟ يأتي بمعنى أيغني عني؟ أيغني عني هذا؟ أو يقبل مني أن أجعلها في زوج وأولاد وأيتام فليس في الحديث ما يدل على أنها واجبة ولا على أنها ليست واجبة، والصدقة تطلق على هذا وهذا، فزعم ابن مسعود زعم يعني قال: تأتي زعم كما هو الأصل بمعنى قال، واستعمالها العرفي في القول المشكوك فيه أو القول الذي يغلب على الظن أنه خطأ، كثيراً ما يقول سيبويه في كتابه: زعم الكسائي، ويوافقه، فهو

يستعمل زعم بمعنى القول، ولا يتهم القول ولا صاحب القول، بينما استعمالها العرفي يشم منه الشك في الكلام زعم ابن مسعود أنه وولده أحق من تصدقت به عليهم، أحق به من تصدقت به عليه، فصدقة الزوجة على زوجها جائزة وعند الأكثر حتى الفرث لأنها لا تجب عليها نفقته، بخلاف العكس زكاة الزوج لا تصرف للزوجة لأنها تجب عليه نفقتها، نفقة الزوج لا تجب على الزوجة فتصرف له زكاتها. يقول بعضهم، هذا رأي لبعض أهل العلم أنها لا تصح صدقة الزوجة أن تصرف للزوج لماذا؟ لأنه ينفق من هذه الزكاة عليها فترجع إليها، ولا يمنع أنه إذا ملك الفقير أن يأكل منها غني، كما أكل النبي -عليه الصلاة والسلام- من اللحم الذي تصدق به على بريرة، قال: ((هو عليها صدقة ولنا هدية)) لا يمنع إذا ملكه الفقير يتصرف به، فزعم ابن مسعود أنه وولده، الولد قال أهل العلم يحتمل أنه من غيرها، وإلا فالصدقة أو الزكاة على، لا تصرف لا إلى الأصل ولا إلى الفرع والولد فرع، فقالوا: إن الولد ليس منها، أو أن هذه الصدقة ليست هي الواجبة التي حددت مصارفها، أحق من تصدقت به عليهم فقال النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((صدق ابن مسعود زوجك وولدك أحق من تصدقت به عليهم)) لا شك أنه إذا وجدت الحاجة لا سيما في الصدقات النفل، وأما في الفرض فيحتاط له؛ لأن الفرض ركن من أركان الإسلام ومصارفه محددة تولى الله -جل وعلا- بيانها ولم يكلها إلى أحد فيحتاط لها أما صدقة النفل فالأمر فيها سعة، وكلما كان من هدف هذه الصدقة المندوبة كل ما كان فيه صلة فهو أفضل ((زوجك وولدك أحق من تصدقت به عليهم)) وهذا حديث في البخاري وعرفنا أن الصدقة مختلف فيها هل هي الواجبة أو مندوبة، وعلى كل حال لو كانت الواجبة ففيه دليل على جواز صرف زكاة المرأة لزوجها، وهذا جائز عند الجمهور؛ لأن نفقته ليست واجبة عليها، ومنعه بعضهم لأن هذا المال سوف يعود عليك عليها بالإنفاق، وقلنا أنه لا مانع من ذلك. وأما الولد فحملوه على أنه من غيرها. طالب. . . . . . . . . ينزل منزلة الولد، ولد الزوجة ينزل على حسب التوسع منزلة الولد هكذا حمله جمع من أهل العلم وكثير منهم يقول أنها في الصدقة غير الواجبة نعم. طالب. . . . . . . . .

الزوجة المرأة تتصدق على زوجها نعم إيش المانع، هذا حديث نص في الباب. طالب. . . . . . . . . والزكاة الجمهور ما يمنع عندهم لأن الصدقة مرتبطة ارتباط بالنفقة، إذا كان يقي ماله بهذه الصدقة، نعم هو يقي ماله بهذه الصدقة إذا أعطاهم من زكاته ونفقته واجبة أحالها على هذا المعطى وهو زكاة. قال -رحمه الله-: وعن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((ما يزال الرجل يسأل الناس حتى يأتي يوم القيامة وليس في وجهه مزعة لحم)) متفق عليه. وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((من سأل الناس أموالهم تكثراً فإنما يسأل جمراً فليستقل أو ليستكثر)) رواه مسلم. وعن الزبير بن العوام -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لأن يأخذ أحدكم حبله فيأتي بحزمة من الحطب على ظهره فيبيعها فيكف بها وجهه خير له من أن يسأل الناس أعطوه أو منعوه)) رواه البخاري. وعن سمرة بن جندب -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((المسألة كد يكد بها الرجل وجهه إلا أن يسأل الرجل سلطان أو في أمر لا بد منه)) رواه الترمذي وصححه. الأحاديث المذكورة كلها تدل على تحريم المسألة من غير حاجة للتكثر.

في الحديث الأول يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: وعن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما يزال الرجل يسأل الناس ... )) يعني من أموالهم، وقد جاء النهي عن كثرة السؤال نهى عن قيل وقال وكثرة السؤال، وحمله أهل العلم على عمومه في أمور الدنيا وفي مسائل العلم {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَسْأَلُواْ عَنْ أَشْيَاء إِن تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} [(101) سورة المائدة] فهو محمول على عمومه، فالسؤال ممنوع لهذه النصوص لكن من نزلت به نازلة أو حصلت له مسألة يريد الحكم الشرعي فيها اتجه إليه الأمر، في قوله جل وعلا: {فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ} [(43) سورة النحل] فالسؤال المنهي عنه غير السؤال المأمور به، منهم من يحمل السؤال المنهي عنه على السؤال على سبيل التعنت، ولذا جاء النهي عن الأغلوطات على سبيل التكبر والترفع وبيان المنزلة، أو على سبيل تعنيت المسئول أو السؤال عن فضول المسائل وتشقيقها والمسائل التي لم تقع والحوادث التي يبعد وقوعها ويندر، كان السلف يتوقون مثل هذا، وكانوا يسألون السائل هل وقعت هذه المسالة أو لم تقع، في وقت التنزيل الذي يخشى منه التحريم بسبب السؤال وقد جاء الوعيد في حق من سأل عن شيء لم يحرم فحرم من أجله، لكن بعد أن أمن هذا وانقطع الوحي واستقرت الشريعة وكمل الدين العلماء فرعوا المسائل وصوروا مسائل لم تقع ومرنوا الطلاب عليها، وخرجوا الطلاب على هذه الطريقة وتوسعوا في هذا فلا مانع من أن يمرن الطالب على مسائل لم تقع، لكن يبقى أنه لا يكثر السؤال إلا لشيء يرجو منه فائدة.

السؤال الذي معنا في أمور الدنيا ما يزال الرجل يسأل الناس يعني من أموالهم وفي حكمه المرأة لأن خطاب الرجال يدخل فيه النساء، يسأل الناس حتى يأتي يوم القيامة السائل رجلاً كان أو امرأة وليس في وجهه مزعة، قطعة لحم، فمقتضاه أن النار في مقابل هذا السؤال تأكل لحم وجهه فلا يبقى إلا العظم، نسأل الله السلامة والعافية، فالحديث فيه دليل على تحريم السؤال؛ لأن مقتضاه أن النار تأكل والنار لا يتوعد بها إلا على محرم، والحديث محمول على من يسأل تكثراً لغير حاجة، أما من سأل من حاجة ففي النصوص اللاحقة ما يدل على جوازه، ولذا ترجم البخاري على الحديث باب من سأل الناس تكثراً، فحمله على هذه الصورة وجاءت في بعض الروايات. الحديث الذي يليه حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((من سأل الناس أموالهم تكثراً)) يعني بهذا القيد، من سأل الناس وفي رواية: ما هو أعم من ذلك ((من أخذ الناس تكثراً)) جاء ذمه ولو أخذه بطريق القرض أو بطريق الدين يتكثر بذلك فإنه لا يعان على سداده فكيف إذا أخذه بغير مقابل بالسؤال، فالأمر أشد ((فإنما يسأل جمراً)) يسأل جمراً يحرق وجهه ليتحد مع الحديث السابق: ((فليستقل أو ليكثر)) اللام لام الأمر ((فليستقل أو ليستكثر)) يعني إذا عرف أن هذه العاقبة يتصور نفسه يسأل الناس جمر، والجمر نسأل الله العافية هل لأحد طاقة في مقاومته، إذا تصور أنه يسأل الجمر فليستقل أو ليستكثر اجمع اجمع وقود لك وهذا سؤال تهديد نقول هذا أمر تهديد وليس بأمر تخيير إنما هو أمر تهديد {اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ} [(40) سورة فصلت] في الحديث: ((فليأخذها أو ليدعها فإنما أقضي له بقطعة من نار فليأخذها أو ليدعها)) ما هو بهذا تخيير إنما هو تهديد.

في الحديث الذي يليه يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: وعن الزبير بن العوام -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لأن يأخذ أحدكم حبله فيأتي بحزمة من الحطب على ظهره فيبيعها فيكف الله بها وجهه يعني بقيمتها خير له من أن يسأل الناس أعطوه أو منعوه)) هذا فيه حث على العمل فالدين ديننا ولله الحمد دين العمل، وليس بدين بطالة ولا كسل ولا خمول، إنما على الإنسان أن يعمل {وَقُلِ اعْمَلُواْ} [(105) سورة التوبة] لكن العمل لما خلق له الإنسان وهو تحقيق العبودية ومن العبودية أن يسعى في تحصيل ما يعينه على تحقيق الهدف {وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا} [(77) سورة القصص] لأن النصيب من الدنيا لا بد منه لتحقيق الهدف والوسائل لها أحكام المقاصد والأمر بالشيء أمر به وبما لا يتم إلا به، لا يمكن أن يتعبد الإنسان بدون ما يعينه على بقاء جسمه وبقاء حياته، فهذا لأن يأخذ أحدكم حبله فيأتي بحزمة من الحطب تصور هذه المهنة مهنة شاقة على كثير من الناس فكيف بما هو أهون منها وأسهل والناس الآن يستنكفون عن كثير من المهن؛ لأنهم عاشوا في رخاء وفي رغد فعلى الإنسان ألا يمتهن نفسه بسؤال الناس، فكونه يمتهن نفسه بالعمل أيسر له من أن يسأل الناس، فالناس يستثقلون من يسأل ولو كان المسئول شيئاً يسيراً. ولو سئل الناس التراب لأوشكوا ... إذا قيل هاتوا أن يملوا ويمنعوا لو تقول أعطيني كف من تراب استثقلوا، والصحابة -رضوان الله عليهم- يسقط سوط أحدهم من يده وهو على البعير لا يقول لفلان ناولني السوط، ينزل فيأخذه، وقد بايعوا النبي -عليه الصلاة والسلام- على مثل هذا.

((لأن يأخذ أحدكم حبله فيأتي بحزمة من الحطب)) يخرج إلى خارج البلد حيث يوجد حطب ((يأتي بحزمة من الحطب على ظهره فيبيعها فيكيف الله بها وجه خير له من أن يسأل الناس أعطوه أو منعوه)) السؤال لا شك أنه ذل، والسؤال مع الحاجة لا بأس به لأن هذا أمر لا بد منه، لكن شريطة ألا يكون له حيلة يستطيع بواسطتها يعني له قدرة على التكسب على ما سيأتي، فمثل هذا لا يحل له أن يسأل الناس، هذا الذي أراد أن يحتطب لنفسه ويبيع ويستغني بذلك عن الناس يقول: أخذ الحبل وخرج ووجد الحطب ممنوع ماذا يصنع؟ نقول: إذا سد باب فتح الله أبواب ما يلزم الحطب، وإذا منع في هذا يمنع من جهة أخرى؛ لأن هناك أنواع من الحطب أو جهات يراعوا المصلحة في منعها، المقصود أنه قد يقول هذا الكلام، الرسول قال له احطب، قال والله الحطب ممنوع وأنا إيش أسوي نعم يفتح الله لك آفاق، فأنت عليك السعي والتوكل على الله -جل وعلا- لا تعتمد على جهدك وقدرتك فلو توكل الناس على الله حق التوكل لرزقهم كما ترزق الطير تغدوا خماصاً وتروح بطاناً، لكن لا بد من السعي ما قال تجلس في أوكارها والسماء لا تمطر لا ذهب ولا فضة، بل على الإنسان أن يسعى ويبشر ويؤمل، وإذا سعى ولم يتيسر له الرزق فهناك باب المسألة إذا عجز وكثير من الناس الآن من الذين يسألون تجد هناك خلل في حياتهم يأتي يسأل شاب في العشرين من عمره، تقول له أنا أذكر لك عمل يكفيك ويعفك ولا يكلفك، يقول: أنا والله ما عندي إقامة، إقامتي غير نظامية ولا أمكن من العمل إلا بالإقامة، نقول ما الذي يمنعك من أن تحصل على إقامة نظامية؟ فهنا لا شك أن هناك وسائل تسلك غير شرعية فمثل هذه الأمور تحتاج إلى حل، وأما المنع من السؤال بالكلية وإخافة السُّؤال مع حاجتهم ومسيس الحاجة إليه، فهذا يحتاج إلى دراسة، نعم إذ تكفل بمصالحهم من بيت المال وأغنوا عن السؤال فليمنعوا، يبقى أن السائل عليه أن يتوخى الأوقات المناسبة والظروف المناسبة فلا يقطع على المصلين صلاتهم ولا أورادهم ولا أذكارهم؛ لأن بعض الناس مباشرة بعدما يقول الإمام: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته مباشرة يقوم، ويتكلم بكلام طويل منظم مرتب كأنه موعظة، وهذا صاحب دربة وخبرة الذي

يظهر ويغلب على الظن أن له مدة طويلة يسأل الناس، المقصود أن مثل هذا إذا جلس في ناحية من المسجد وظهر عليه آثار الفاقة وأعطاه الناس من غير قطع لأورادهم وأذكارهم ولا خلل في صلاتهم مثل هذا نهي عن منعه ونهره، {وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ} [(10) سورة الضحى] وما يدريك لعله صادق أما بالنسبة لمن يقطع الأذكار ويشوش على المصلين مثل هذا يقال له اجلس أو شوف لك مكان مناسب وإن بعض الناس يتخذ هذه مهنة، وتنوعت الأساليب تنوعت الأساليب وصارت هذه المهنة في بعض الأحوال مدخل للفساد وبوابة إلى الشر وحصل فيها خطر على بعض السُّؤال من الصبية وكبار السن، تجدهم عند الإشارات مثلاً، وبعضهم يتحايل يا شيخ السلام عليكم؟ عليكم السلام، عندي سؤال لو تفضلت، تقول له والله الآن ما معي شيء، لا، لا سؤال علم وما أدري إيش، ويجيك والله أنا يا شيخ وأنا كذا وأنا حصل لي ويسأل، يتحايلون بهذه الطرق، المقصود أن السائل له نصيب ولا يجوز نهره ولا منعه منعاً باتاً لأن منهم من هو صادق ولا وسيلة له إلا هذه ومنهم من هو كاذب لكن تحتاج المسألة إلى دراسة متثبتة تفرق بين هذا وهذا ويقف هؤلاء الصبية عند الإشارات والأماكن الخطرة، أيضاً في أوقات الصلوات يسألون، طيب متى يصلون هؤلاء، يمنعون في مثل هذا، بنات يفتن الناس يسألن عند الإشارات أيضاً هذا خطر يجب منعهم المقصود أن مثل هذه لا بد من عناية المسئولين بها، وبعضهم يتحايل ببيع بعض الأشياء حتى وجد من الصبية من يجمع جرائد أمس وقبل أمس ويتحين الإشارة إذا بغت تفتح جريدة أعطاه ريالين ومشى إذا وصل البيت إذا هي جريدة أمس هذا موجود، المقصود أن مثل هذه الأمور لا بد من حلها ولا بد من علاجها.

وعن سمرة بن جندب -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((المسألة كد يكد بها الرجل وجهه خدش جروح يجرح وجهه بهذه المسألة، يكد بها الرجل وجهه إلا أن يسأل الرجل سلطان أو في أمر لا بد منه)) السلطان مستثنى لأن السلطان إنما يعطي من بيت المال ولا منة في هذا، لا منة في مثل هذا لأنه من بيت المال وبيت المال مستحق لجميع المسلمين فهو كالوكيل عن عامة المسلمين يوزعه عليهم، فإذا سأل السلطان لا يلام والتعفف والتورع بعد أفضل وأفضل أما إذا أعطاه السلطان من غير مسألة فسيأتي في حديث عمر أن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: ((خذوا فتمولوا)) وفي حديث أبي ذر في صحيح مسلم أن ما جاء من غير مسألة ولا استشراف أنه يؤخذ، وفي الحديث نفسه أما إذا كان ثمناً لدينك فلا لأن بعض الناس يعطي لكن يحتاج يبي مقابل مما يعطي، تاجر يعطي بعض طلاب العلم لا يظن بالتجار ولا يظن بطلاب العلم لكن قد يوجد مثل هذا، قد يعطيه لأنه يحتاجه في بعض المسائل، فيحرج أحياناً أن يفتيه بمنع بعض الصور أو يتساهل معه في تخفيف بعض الأمور، المقصود أن مثل هذا إذا خفت سواءً كان من تاجر أو من سلطان أو من أمير أو من وزير أو من كبير إذا كان ثمناً للدين فلا، إذا كان المقابل لهذه العطية سوف يكون من دينك قف، الدين رأس المال، فإذا تعرض رأس المال للخدش إيش يبقى منه عندك. ((المسألة كد يكد بها الرجل وجهه إلا أن يسأل الرجل سلطان أو في أمر لا بد منه)) حاجة ماسة فضلاً عن ضرورة إذا وجد مثل هذا، يسأل، ويكون سؤاله بقدر الحاجة سؤاله بقدر الحاجة ويوجد -ولله الحمد- في الأمة نماذج من يحتاج ويتعفف ويوجد ناس أيضاً تعرض عليهم الأموال والزكوات وهم بأمس الحاجة إليها فيردونها، الأمة ما زالت بخير -ولله الحمد-، ويوجد من أصحاب الأموال من يعطي بسخاء وبخفاء تام يرتب الأمور ترتيب ويوجد -ولله الحمد- من يسعى على حوائج المحتاجين من الجمعيات والمستودعات الخيرية، يعني موجود الخير -ولله الحمد- لكن لو أخرج الأغنياء جميع ما أوجب الله عليهم، لا يتصور أن يوجد محتاج، فلا شك أنه يوجد من يبخل ويوجد من يعطي، يوجد من يسأل وهو غني، يوجد من يتعفف.

((أو في أمر لا بد منه)) فهذا لا مانع من السؤال والحديث رواه الترمذي وصححه. طالب. . . . . . . . . لكن ثبت أنه تصدق على المحتاج والفقير في المسجد ولذا يفرق بين من يؤذي الناس بسؤاله ويحلف عليهم وبين من يظهر في حالة تبين أنه محتاج فيعطى، فرق بين هذا وهذا، تريد أن تقول إذا منع من يسأل ماله الذي يملكه فلأن يمنع أن يسأل مال غيره من باب أولى. طالب. . . . . . . . . لا هنا أعرف أنت الذي يسأل عن الضالة يدعى عليه، لأن المساجد ما بنيت لهذا، والضالة ماله فكيف بمن يسأل مال غيره، وقد قيل هذا وخرج على هذا لكن يبقى أن المساجد هي مجتمعات للناس، قد يصعب على الإنسان أن يطرق البيوت ويدخل عليها يدخل على الناس في بيوتهم يصعب عليه فلا وسيلة إلا في المسجد لكن بالطرق المناسبة يجلس في المكان بحيث يشعر الناس أنه محتاج فيتصدقوا عليه، لكن أنت افترض أنه جلس ولا أعطاه أحد شيء وهو محتاج، جلس خارج المسجد وسألهم للحاجة، أمر لا بد منه فلا بأس. قال -رحمه الله-: باب قسم الصدقات: عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا تحل الصدقة لغني إلا لخمسة: لعامل عليها، أو رجل اشتراها بماله، أو غارم أو غاز في سبيل الله، أو مسكين تصدق عليه منها فأهدى منها لغني)) رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه وصححه الحاكم وأعل بالإرسال. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى- باب قسم الصدقات أو قسمة الصدقات:

وتولى الله -جل وعلا- بيان مصارف الزكاة {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللهِ وَابْنِ السَّبِيلِ} [(60) سورة التوبة] الثمانية لا غير لكن القياس على الثمانية معروف عند أهل العلم منهم من يقيس بعض الوجوه ويضمها إلى بعض الأصناف التي أشير إليها وجاءت الأصناف مختلفة الحروف فإنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين (اللام) هذه للتمليك فلا بد أن يملكها هؤلاء ولا يتصرف فيها قبل تمليكها إياهم، يملك الفقير هذه الزكاة فيفعل فيها ما شاء وبعض الناس يجتهد يقول الفقير غالباً لا يحسن التصرف أنا بانفق عليه، أقبض زكاة لمدة سنة وأنفق عليه، هذا ما هو بتمليك، أن تملكها إياه واطلب منه أن يوكلك على الإنفاق عليه، لا بأس، ولذا جاءت باللام التي هي للملك، بينما الأصناف الأخرى في سبيل الله، نعم فبعضها بفي التي تقتضي أنها توجد وتنفع في هذا المجال ولو لم يملكها شخص بعينه أما البعض التي اقتضت بلام الملك لا بد من التمليك، فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا تحل الصدقة لغني إلا لخمسة .. حصر الأغنياء ليس لهم مدخل وليس لهم نصيب من الصدقة إلا هؤلاء الخمسة ((لعامل عليها)) ولو كان غنياً لأنه يأخذ أجرة، ((أو رجل اشتراها بماله))، هذه زكاة حقه أعطيت فقير فجاء غني واشتراها منه، على ألا يكون هو المزكي فلا يشتريها المزكي، فحديث عمر لما حمل على فرس في سبيل الله وباعه صاحبه وأراد أن يشتريه منه سماه رجوع في الصدقة، سماه عود في صدقته ورجوع إليها، فمثل هذا لا يجوز له أن يشتريها ولغيره أن يشتريها، أو اشتراها أو رجل اشتراها من ماله لعامل أو رجل اشتراها بماله، ((أو غارم)) الغارم إما أن يكون غرمه لمصلحته أو لمصلحة غيره، فإن كان لمصلحته وهو غني يسدد الغرامة من ماله ولا تحل له الزكاة، مادام الوصف ثابتاً غني، نعم لو أتى هذا الغرم على جميع ماله صار فقيراً يستحقه اسم الفقر، لكن غارم مدين وسدد زكاة وسدد الديون من بعض ماله، هل نقول أن

هذا الغارم الذي يملك الأموال وعليه ديون يملك مليون وغارم بمائة ألف يأخذ هذه المائة ألف من الزكاة؟ لا تحل له، إنما المقصود به الغارم الذي يأتي الغرم على جميع أمواله حتى يصير فقير فيأخذها باسم الفقر، أو يغرم لمصلحة غيره لحظ غيره، فمثل هذا يأخذ من الزكاة، وهو المنصوص عليه، ولو كان غنياً احتاج إلى الصلح بين فئتين أو بين شخصين فتحمل حمالة من أجل الإصلاح فيأخذ هذه الحمالة من الزكاة ولو كان من أغنى الناس. ((أو غارم أو غاز في سبل الله)) غاز في سبيل الله يأخذ الغزاة الزكاة فيما يعينهم على تحقيق الجهاد والانتصار على الأعداء ولو كانوا، ولو كانت لهم أموال. ((أو مسكين تصدق عليه منها لغني)) تصدق فأهدى منها لغني وحديث بريرة صريح في هذا اللحم تصدق به على بريرة ((ألم أرى البرمة وفيها لحم؟ )) قالوا: لحم تصدق به على بريرة، قال: ((هو عليها صدقة ولنا هدية)) فأكل منه -عليه الصلاة والسلام- والحديث في الصحيحين فلا مانع. لك قريب فقير فأعطيته من الزكاة ودعاك لوليمة أقام وليمة ودعاك، تقول أنا آكل زكاتي؟ لا، الفقير ملك هذه الزكاة طيب، أصهارك فقراء يحتاجون إلى الزكاة فأعطيتهم من الزكاة وملكتهم إياها وأولادك يذهبون إليهم ويأكلون من هذه الزكاة، تقول ما أعطيهم من الزكاة؛ لأن أولادي يأكلون منها، هم ملكوا هذا الزكاة ويتصرفون فيها وهذه المسألة فيها سعة، لكن لا يقصد الإنسان هذا لا يقصد تفضيل الأصهار على غيرهم لأن أولاده يذهبون إلى المكان باستمرار ويأكلون عندهم، أما إذا حصل من غير اتفاق أنه تصدق عليهم أكلوا أو لم يأكلوا فالأمر فيه سعة والحديث دليل عليه، رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه وصححه الحاكم وأعل بالإرسال، أحمد وأبو داود وابن ماجه رووه موصولاً، وأرسله الإمام مالك في الموطأ، والإمام مالك -رحمه الله تعالى- يرسل كثيراً الأحاديث المخرجة في الصحيحين الموصولة كثير منها يرسلها؛ لأنه لا فرق عنده بين الموصول والمرسل، الإمام مالك يحتج بالمراسيل فليست بمشكلة عنده أن توجد في الموطأ مراسيل كثيرة والبلاغات لأنه يحتج بالمراسيل. احتج مالك كذا النعمان ... به وتابعوهما ودانوا

ولذا لا يحرص على الوصل، وصل أو لم يوصل سيان عنده. قال -رحمه الله-: وعن عبد الله بن عدي بن الخيار عبيد الله، عبيد الله معروف، وعن عبيد الله بن عدي بن الخيار أن رجلين حدثاه أنهما أتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم يسألانه من الصدقة فقلب فيهما النظر فرآهما جلدين فقال: ((إن شئتما أعطيتكما ولا حظ فيها لغني ولا لقوي مكتسب)) رواه أحمد وقواه أبو داود والنسائي. عبيد الله بن عدي بن الخيار من كبار التابعين، طلب من شخص أن يريه وحشي بن حرب قال أريد أن أرى وحشي الذي قتل حمزة وقتل مسيلمة، وحشي كبير جداً في ذلك الوقت، في الشام يزيد عمره على التسعين، فلما وقف عليه عبيد الله ومن معه وكان عبيد الله متلثماً، قال له وحشي: أنت ابن عدي بن الخيار؟ قال: نعم، فأماط اللثام وما يدريك؟ ما يعرف اسمه لأنه يعرفه قبل أن يسمى، يقول: عرفت رجلك، ناولتك أمك على الدابة وأنت في المهد، عرفه برجله بعد كم؟ عبيد الله في ذلك الوقت يمكن عمره أكثر من خمسين سنة قال بعضهم أنه صحابي لكن المعتمد أنه من كبار التابعين. أن رجلين حدثاه أهما أتيا، رجلين الرجلين أو الرجلان مبهمان، والمبهم لا بد من تعيينه، لكن هما صحابيان، والصحابة كلهم عدول أن رجلين حدثاه أنهما أتيا النبي -صلى الله عليه وسلم- يسألانه من الصدقة، فقلب فيهما النظر فرآهما جلدين، ردد النظر مرة مرتين ثلاث شوف سبب مبرر للمسألة فما وجد، فرآهما جلدين يعني فيهما قوة وقدرة على العمل، فقال: ((إن شئتما أعطيتكما -للوصف وهو الحاجة- ولا حظ فيها لغني)) يعني إن كنتما غنيين فلا حظ لكما فيها، والمسألة ديانة والخيار لكما، لكما النظر إن شئتما رد ذلك إلى مشيئتهما فيدل هذا على أن مرده إلى الديانة، وأن الإنسان لا يستحلف، إذا ظهرت عليه آثار الفقر لا يستحلف يعطى ولا يطالب ببينة إلا إذا عرف عنه خلاف ما يدعي على ما سيأتي في حديث قبيصة. ((إن شئتما أعطيتكما ولا حظ فيها لغني ولا لقوي مكتسب)) لقوي مكتسب هما جلدان لديهما القدرة والقوة على الاكتساب ولا حظ لهما فيها فكيف يقول إن شئتما أعطيتكم؟ هل لهما حظ في الصدقة جاء وصفهما بأنهما جلدان. طالب. . . . . . . . .

ولا لقوي مكتسب يعني احتمال أنهما جلدان وقويان ولديهما القدرة لكن هما لا يكتسبان لكن إذا قال شاب في العشرين من عمره قوي قادر أو افترض أنه في الخمسة والعشرين وعنده شهادة وقيل له توظف قال ما أنا متوظف، أنا ما عندي شيء أبا أطلب الزكاة، إذا رددناه إلى الوصف الأخير ترى يرد عليه مثل هذا يرد عليه مثل هذا عنده شهادة وبإمكانه يتوظف وينفع وينتفع قال لا ما أنا متوظف أنا قوي وجلد لكني ما أنا مكتسب، يعطى من الزكاة أو ما يعطى؟ الآن الإشكال وينه عندنا في الحديث؟ الوصف قائم هما جلدان ولا حظ لقوي مكتسب في الزكاة لا حظ له فهل الوصف يكتفى بالقدرة على الكسب أو لا بد من تحقق وصف الاكتساب، لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- رد ذلك إلى مشيئتهما إن شئتما أعطيتكما أو يكون النبي -عليه الصلاة والسلام- مع رؤيته لهما وتحقق وصف القوة إلا أنه يشك في قدرتهم على الاكتساب فوكل الأمر إليهما، كما وكل أمر الغنى إليهما؛ لأن بعض الناس تشوف مثل ما شاء الله تظنه يعمل عمل عشرة ولا يستطيع أن يعمل عمل شيء ما عنده قدرة، وبعض الناس تجده من أذكى الناس ومن أحرص الناس ولا يوفق، وبعض الناس تنقصه الخبرة والحذق والحرص والنباهة ومع ذلك غني، شخص من البادية دخل إلى البلد فاشترى كيساً كبيراً من بر كبير جداً يقولون فيه مائة وزنه يعني مائة وخمسين كيلو في الكيس كبير جداً فقال لصاحب البر أعطني كيساً ثانياً فارغاً فملأه من الرمل وعدل الكيسين على البعير، البعير عليه ثلاثمائة كيلو الآن، أراد أن يركب البعير ما يتحمل فصار يمشي وراءه فتبعه رجل فقال: وراك تمشي قال: البعير والله ما يتحمل، قال: ويش هو هذا؟ قال: بر، قال: ويش هو هذا؟ قال: رمل، لماذا ليعدل هذا بهذا لأن الكيس بمفرده لا يثبت لا بد من عدله على البعير، قال يا أخي وين عقلك، كب الرمل واقسم البر بين الكيسين واركب، فعل ارتاح البعير ومشى مشياً حثيثاً ثم لما أدبر ناداه يا رجل تعال، ما عندك من الأموال قال: أبد والله ما عندي إلا ها العصا وها الثوب المتمزق، قال: لا، يكفينا العقل الذي عندنا، أنا عندي جيوش من الأموال أقول عقلي يكفيني وعقلك يكفيك فعاد الكرة إلى الرمل وعدل به، هذا لو عقله

نافعه كان رازقه الله، قال هذا العقل لا دخل له، وهذه حكمة إلهيه، لئلا يقول كسبته بعقلي وحنكتي ودهائي وخبرتي لا، لكنه أيضاً مزلة قدم لمن لا يرضى ويسلم كم جاهل يقول المعري وهو متهم بالزندقة: كم جاهل جاهل أعيت مذاهبه وعالم عالم يقول .. كم عالم عالم أعيت مذاهبه ... وجاهل جاهل تلقاه مرزوقا كم عالم يعترض بهذا على القدر، هذا الذي صير الأفكار حائرة ... وصير العالم النحرير زنديقا الواقع يدل على كثير من الأذكياء، أذكياء العالم فقراء، وكثير ممن هم دونهم في المستوى عندهم، وبعضهم يرد هذا إلى أن الذكي جداً يتردد ما يقدم على شيء إلا بعد دراسة وافية وتامة ويحسب وليش هذا ومتى هذا ثم تفوته الفرص، بخلاف غيره الذي يغامر والتجارة تحتاج إلى شيء من الجرأة، على كل حال قد ترى الإنسان وتقدر وضعه أنه قادر على الاكتساب وهو في الحقيقة لا يستطيع، فالمرد في الاكتساب لا على القوة ولذا رده النبي -عليه الصلاة والسلام- إلى مشيئتهما. قال الحافظ -رحمه الله-: وعن قبيصة بن مخارق الهلالي -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إن المسألة لا تحل إلا لأحد ثلاثة رجل تحمل حمالة فحلت له المسألة حتى يصيبها ثم يمسك، ورجل أصابته جائحة اجتاحت ماله فحلت له المسألة حتى يصيب قواماً من عيش، ورجل أصابته فاقة حتى يقوم ثلاثة من ذوي الحجا من قومه، لقد أصابت فلان فاقة فحلت له المسألة حتى يصيب قواماً من عيش، فما سواهن من المسألة يا قبيصة سحت يأكله صاحبه سحتاً)) رواه مسلم وأبو داود وابن خزيمة وابن حبان.

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: وعن قبيصة بن مخارق الهلالي -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إن المسألة لا تحل إلا لأحد ثلاثة -هذا حصر رجل بدل من الثلاثة ويجوز رجل على تقدير مبتدأ- ((رجل تحمل حمالة)) يعني عن غيره تحمل حمالة عن غيره وهذا غارم فحلت له المسألة حتى يصبيها ثم يمسك، فالحمالة ما يتحمله الإنسان عن غيره ((ورجل أصابته جائحة)) أصابته جائحة أي آفة سواءً كانت سماوية أو أرضية فتلف ماله بسببها رياح سيول فيضانات حرائق أو غيرها، غرق في بحر، ((أصابته جائحة اجتاحت ماله)) يعني أتت عليه فأهلكته ((فحلت له المسألة حتى يصيب قواماً)) بكسر القاف وهو ما يقوم بحاجته ويسد خلته، ((حتى يصيب قواماً من عيش))، أو قال: سداداً من عيش، ((ورجل أصابته فاقة حتى يقوم ثلاثة))، فاقة حاجة، حتى يقوم ثلاثة من ذوي الحجا من ذوي العقول وإلا المغفل، من أهل الفطنة لا من أهل الغفلة، لأن أهل الغفلة سهل أن يلقنهم ولو كانوا من الصالحين، المغفل سهل تلقينه، المغفل سهل يعني قد يكون من أتقى الناس لله -جل وعلا- لكنه متصف بالغفلة، فيلقنه هذا الشخص الغني فيقول أنه جاءنا بضاعة من كذا فغرقت ويوم ثاني جاءنا من كذا ثم بعد ذلك يرسخ في ذهنه أن هذا الرجل بحاجة وأصابته فاقة ومع الوقت يوم ثم يوم ثم يوم، يقدر ثم يشهد له، ومثل هذا النوع لا يؤمن أن يؤخذ مع غرة، فيشهد شهادة زور، بالتلقين يأتي إليه شخص فيقول اشترينا الأرض الفلانية يقول ما شاء الله أرض طيبة وموقعها استراتيجي وما أدري إيش وينتهي الأمر على هذا، بعد أسبوع يجي يقول والله كنا كنت اشتريتها على أساس أني أشيد عليها سكن وأتوسع ثم يقول والله بعد ما أدرك قريبة من كل المرافق ثم يأتي بعد أسبوع يقول عدلنا عن كونه سكن لأن الموقع تجاري يريد أن يقيم عليها محلات تجارية ومكاتب وغيرها، ثم يأتيه أسبوع رابع المقصود أن هذا استقر في ذهنه أن الأرض له، ثم يأتيه بعد أسبوع خامس وقد مر واحد واثنين من بعد مثله ولقنهم بهذه الطريقة يقول والله إن البينة الآن فلان سافر وما أدري إيش إحنا محتاجين أن نفرق الأرض. . . . . . . . . أهل الغفلة يقبلون التلقين مع الأسف أن عامة

المسلمين الآن منهم من أهل لخبرة والفطنة والنباهة صاروا يلقنون على أعلى مستوى، وسائل الإعلام الآن صارت تلقن الناس فجميع ما يقال فيها صحيح، هذه مشكلة، فقبول التلقين آفة، جرح عند أهل العلم، الراوي الذي يلقن لا يتلقن مردود الرواية وكثير من الناس يقول أبداً شفت بعيني شوف الصحف، وكونهم يلقنون من العلوم والأخبار والصور المدبلجة وقد الآن السفهاء والمفسدون يدبلجون صور عارية على أناس أهل خير وأهل فضل هذه مشكلة إذا كنا نبي نصدق من خلال ما يفعله هؤلاء أساس التلقين بعينه، وضرره محض حتى يقوم ثلاثة من ذوي الحجا، الآن الشخص إذا كان فقير يحتاج إلى أن يقيم بينة وثلاثة؟ ما يحتاج إذا كان ظاهره الفقر ولا عرف بغنى يعطى بمجرد دعواه، لكن المسألة هنا فيمن عرف بخلاف دعواه، عرف بغناه فلا بد أن يأتي بثلاثة ما يكفي اثنين لان الثالث يقاوم ما عرف به، وإن قال بعضهم أنه يكفي الاثنين والثالث مجرد استحباب وزيادة تأكد ويكفي الاثنين كغيرها من الدعاوى. من قومه: الذين هم أعرف الناس به ويشهدون فيقولون: لقد أصابت فلاناً فاقة، أصابته بدليل أنه قبل هذه الإصابة لا يستحق ما ادعاه، فحلت له المسألة حتى يصيب قواماً من عيش فما سوى هذه الأمور الثلاثة من المسألة ((يا قبيصة سحت يأكلها صاحبها سحتاً))، والسحت الحرام وإذا كان الحلال يذهب فما بالك بالحرام الذي يذهب نفسه ويذهب غيره من الحلال، يسحت ما عند الشخص وجاء وصف أهل الكتاب بأنهم أكالون للسحت، ((يأكلها صاحبها سحتاً)) رواه مسلم وأبو داود وابن خزيمة إلى آخره. قال -رحمه الله-: وعن عبد المطلب بن ربيعة بن الحارث -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إن الصدقة لا تنبغي لآل محمد إنما هي أوساخ الناس، وفي رواية: وأنها لا تحل لمحمد ولا لآل محمد)) رواه مسلم.

هذا الحديث مخرج في صحيح مسلم عن عبد المطلب صحابي لا يوج له رواية في الكتب الستة إلا هذا الحديث وقد اختلف في اسمه هل هو عبد المطلب أو المطلب، رجح كثير من أهل التحقيق أنه المطلب، وليس عبد المطلب، لأنه كونه عبد المطلب يرد عليه إشكال لماذا ما غيره النبي -عليه الصلاة والسلام-؟ وقد غير من نوعه كثير لأن التعبيد لغير الله -جل وعلا- لا يجوز، وغير النبي -عليه الصلاة والسلام- من هذا النوع عدد، عبد المطلب أجاز بعض أهل العلم التسمية بعبد المطلب لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: ((أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب)) كيف يفتخر بشخص معبد لغير الله -جل وعلا-؟ لكن هذا مجرد إخبار، وتغيير اسم جده لا أثر له، الذي مات مات، المسألة فيمن هو تحت التكليف، مات على كفر، لكن لو وجد في عهد النبي -عليه الصلاة والسلام- وأسلم غير اسمه، فالتغيير في شخص قد مات يعني لو كان للشخص ولد اختار له اسماً قبيحاً سماه به ثم مات الطفل هل يتعب عليه ويروح يقدم على الجهات يغير اسمه وإيش الفائدة من الاسم إلا أن ينادى به بين الأحياء، وما دام مات لا يحتاج إلى تغييره فهذا منه فكونه -عليه الصلاة والسلام- قال: أنا ابن عبد المطلب يحكي واقع. هذا الراوي الذي معنا وهو عمدة من غير ابن حزم، ابن حزم يستدل بكون جد النبي -عليه الصلاة والسلام- عبد المطلب، لكن هذا الراوي الذي معنا إذا كان اسمه عبد المطلب ففيه حجة لمن يقول أن النبي -عليه الصلاة والسلام- لم يغيره فتجوز التسمية بعبد المطلب، لكن من ناحية النظر ما الفرق بين المطلب ومناف مثلاً إيش الفرق أن نقول عبد المطلب أو عبد مناف؟ من ناحية النظر. طالب. . . . . . . . . لا، لا كلها أسماء والتعبيد لغير الله لا يجوز البتة، ابن حزم يقول: حاشا عبد المطلب ويستدل بقوله، لكن هذا الراوي لا شك أنه لو كان اسمه عبد المطلب مشكل، ويستروح بعض أهل العلم إلى جواز عبد المطلب من خلال استدلوا بهذا الراوي، والخلاف فيه معروف، هل هو عبد المطلب أو المطلب وما دام وجد الخلاف في اسمه فلا يكون وجود مثل هذا الراوي مبرراً للتعبيد لغير الله -جل وعلا-، لأن العبودية خاصة.

عبد المطلب بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب بن هاشم قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: لأنه جاء يطلب العمالة على الصدقة، فقال له النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((إن الصدقة لا تنبغي لآل محمد ومن باب أولى النبي -عليه الصلاة والسلام- دخوله في آله دخولاً أولياً فلا تحل له كما في الرواية الأخرى ولا لآله، ((إنما هي أوساخ الناس))، هذه هي العلة إنما هي أوساخ الناس وفي رواية: ((أنها لا تحل لمحمد ولا لآل محمد)) رواه مسلم. جاء تفسير الآل في النصوص على وجوه حديث التشهد جاء بدل من آل محمد اللهم صلي على محمد وعلى أزواجه وذريته، فهم من آله، {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ} [(33) سورة الأحزاب] والنص في أزواج النبي -عليه الصلاة والسلام- فهن من آله، فهذا تفسير للآل. ومنهم من يخص آل محمد بآل علي وآل جعفر وآل عقيل وآل العباس ومنهم من يعمم، فيقول: آل محمد بنو هاشم، كلهم فيدخل فيهم من ينتسب إلى أبي لهب مثلاً ومنهم من يضيف إليهم بني المطلب وهو المعروف عند الحنابلة والشافعية وعند غيرهم أنه خاص ببني هاشم، والحديث الذي يلي هذا فيه الدلالة على ما يختاره الحنابلة والشافعية من دخول بني المطلب فيمن لا تحل لهم الزكاة. قال -رحمه الله-: وعن جبير بن مطعم رضي الله عنه قال: مشيت أنا وعثمان بن عفان إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقلنا: يا رسول الله أعطيت بني المطلب من خمس خيبر وتركتنا ونحن وهم بمنزلة واحدة، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إنما بنو المطلب وبنو هاشم شيء واحد)) رواه البخاري. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: وعن جبير بن مطعم -رضي الله عنه- قال: مشيت أنا وعثمان، الفصل بالضمير هنا واجب لئلا يعطف على الضمير المرفوع والمتصل دون فاصل وجاء في الشهر ما، الفصل بدون فاصل لكن المحقق عندهم أنه لا يجوز العطف على ضمير الرفع دون فاصل مشيت أنا وعثمان، أو قال مشيت وعثمان؟ ما جاز عندهم وإن على ضمير رفع متصل ... عطفت فافصل بالضمير المنفصل أو فاصل ما وبلا فصل يرد ... في النظم فاشياً وضعفه اعتقد

مشيت أنا وعثمان بن عفان إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- فقلنا يا رسول الله: أعطيت بني المطلب من خمس خيبر وتركتنا ونحن وهم بمنزلة واحدة، لأنه من بني عبد مناف جبير بن مطعم من بني عبد مناف، وعبد مناف وعبد المطلب والمطلب واحد بمنزلة واحدة لأنهم أبناء عم، فهم بمنزلة واحدة، فما المبرر لتخصيص بني المطلب وإلحاقهم ببني هاشم، هم ما يستدلون ببني هاشم لأنهم أصل بنو هاشم أصله -عليه الصلاة والسلام- لكن الإشكال في بني المطلب وهم بمنزلة عبد مناف فما الذي يخصص هؤلاء من هؤلاء أعطيت بني المطلب من خمس خيبر وتركتنا ونحن وهم بمنزلة واحدة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: -جبير بن مطعم من أولاد نوفل بن عبد مناف وعثمان من أولاد عبد شمس بن عبد مناف ويستوون مع بني المطلب وبني هاشم لكن هم لا ينظرون إلى بني هاشم لأنهم أصل النبي -عليه الصلاة والسلام- فهم يحتجون ببني المطلب أعطاهم النبي -عليه الصلاة والسلام- من خمس خيبر وترك هؤلاء وهم بمنزلة واحدة فكان الجواب النبوي منه -عليه الصلاة والسلام- فقال: ((إنما بنو المطلب وبنو هاشم شيء واحد)) يعني هذا حكم شرعي لم يفترقوا في جاهلية ولا إسلام كما جاء في ذلك الخبر، كما جاء بذلك الخبر، فهذه العلة جعلت إلحاق بني المطلب ببني هاشم بهذه الخصيصة إعطائهم من الخمس مفهومه والغنم مع الغرم والخراج بالضمان أعطوا من الخمس إذاً يحرمون من الزكاة كبني هاشم لأن حكمهم حكم بني هاشم، فما دام أعطوا من الخمس يحرمون من الزكاة وهذا من أقوى ما يعتمد عليه الحنابلة والشافعية. قال: وعن أبي رافع -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- بعث رجلاً على الصدقة من بني مخزوم، فقال لأربي رافع اصحبني فإنك تصيب منها، فقال: لا، حتى آتي النبي -صلى الله عليه وسلم- فأسأله فأتاه فسأله فقال: ((مولى القوم من أنفسهم وأنها لا تحل لنا الصدقة)) رواه أحمد والثلاثة وابن خزيمة وابن حبان.

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى- وعن أبي رافع وهو مولى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقال اسمه هرمز ويقال إبراهيم، وهذا شأنه شأن من يشتهر بغير اسم العلم فإنه يضيع، إذا اشتهر الإنسان بشيء ضاع غيره، من اشتهر باسمه ضاعت كنيته، من اشتهر بنسبه ضاع اسمه وكنيته، من اشتهر بكنتيه ضاع اسمه، وهكذا والأدلة كثيرة من الرواة، يعني في أحد يعرف كنية قتادة؟ طالب. . . . . . . . . أبو سليمان، كيف؟ طالب. . . . . . . . . قتادة بن دعامة معروف باسمه كنيته؟ طالب. . . . . . . . . لا، لا. طالب. . . . . . . . . إيش؟ نعم طالب أبو الحارث لا، لا، كنيته أبو الخطاب. فهذا شأن من يشتهر بشيء يضيع الباقي، وانظر في الناس كلهم من المتقدمين من أهل العلم من غيرهم إلى عصرنا هذا تجد كثير من المؤلفين والكتاب الذين يكتبون بالكنى ما يعرف الناس أسمائهم. فالعبرة بأهل العلم وأهل الرواية الذين لا بد من تعيينهم فهذا اختلف فيه اختلف في اسمه، كان مولاً للنبي -عليه الصلاة والسلام- بشر النبي -عليه الصلاة والسلام- بإسلام العباس فأعتقه، الرسول -عليه الصلاة والسلام- بعث رجل على الصدقة عامل على الصدقة جاء تعيينه بأنه الأرقم بن أبي الأرقم في بعض الروايات، عامل على الصدقة من بني مخزوم فقال لأبي رافع: اصحبني فإنك تصيب منها، تشاركني في العاملة وتأخذ نصيبك بصفتك عامل عليها، ولا يريد أن يعطيه من نصيبه، تكون له زكاة في العمالة وهذا تكون له هدية منه، لا يريد ذلك، إنما يريد أن يشاركه في العمالة ويشاركه فيما يترتب عليها، اصحبني فإنك تصيب منها، فقال: لا حتى آتي النبي -صلى الله عليه وسلم- فأسأله فأتاه فسأله فقال النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((مولى القوم من أنفسهم وإنا لا تحل لنا الصدقة)) فلا تحل لمولاه، رواه أحمد وابن خزيمة وابن حبان، طيب بريرة حلت لها الصدقة بريرة حلت لها الصدقة نعم، طالب. . . . . . . . . التطوع ليس من الزكاة. مولاة لعائشة.

كانت لعائشة مولاة لعائشة -رضي الله عنها- فألحق الموالي بأسيادهم مولى القوم منهم أو من أنفسهم فما دامت لا تحل لأسيادهم فلا تحل لهم تبعاً لهم ومولى القوم منهم، فهم في حكمهم في تحريم الصدقات، نعم. طالب. . . . . . . . . ما تحل لها الزكاة، من بني هاشم ومن بني المطلب هي؟ طالب. . . . . . . . . لكن هي من بني هاشم ومن بني المطلب؟ ليست منهم. طالب. . . . . . . . . ولو كان، دليل يدل على منع الزكاة لبني هاشم وبني المطلب، لأنه ما هي بالمسألة انتهت تقول عائشة ترفع عن هذا لكن إخوانها، المسألة مسألة نسب. والآل جاء في النصوص يختلف من نص إلى آخر المراد بهم؛ لأن معناه اللغوي أوسع ابن القيم ذكر خلاف ذكر في المسألة أربعة أقوال واختار منها ما اختار. قال -رحمه الله-: وعن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يعطي عمر بن الخطاب العطاء فيقول: "أعطه أفقر مني" فيقول: ((خذه فتموله أو تصدق به، وما جاءك من هذا المال وأنت غير مشرف ولا سائل فخذه، وما لا فلا تتبعه نفسك)) رواه مسلم.

وعن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه عبد الله بن عمر -رضي الله عن الجميع- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يعطي عمر، عمر بن الخطاب فيقول عمر من باب التورع أعطه أفقر مني، فعمر يأتيه المال من غير استشراف ولا تتطلع فمثل هذا لا يرد يتوسع به الإنسان فيما يعينه على أمور دينه ودنياه وينفق منه ويتصدق فعمر -رضي الله عنه- يقول: أعطه أفقر مني يعني ليست بحاجة إليه فيقول النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((خذه فتموله أو تصدق به)) انتفع به أنت أو انفع به غيرك، ((وما جاءك من هذا المال وأنت غير مشرف ولا سائل فخذه، وما لا -يعني ما يحتاج إلى استشراف وتطلع إليه وسؤال هذا- لا تتبعه نفسك .. ))، لا تلتفت إليه وإنما علق آمالك ورجاءك بالله -جل وعلا-، فالذي يأتي من غير طلب ولا تطلع ولا استشراف هذا يؤخذ ويبقى النظر في أمور هذا المال الذي يعطى من شخص كسبه حرام تورعاً مطلوب، إذا كان هذا المال المعطى مظلوم صاحبه مأخوذ غصباً عنه لا يؤخذ لأن هذا من باب التعاون على الإثم والعدوان، إذا كان الشخص فاسق فلا تقبل هديته ولا عطيته إلا إذا كان فيها تأليف لقلبه وإلا لا شك أن الهدية والعطية لها أثر على القلب فيكون لهذا الفاسق يد على هذا الشخص فيميل إليه القلب، وجاء في الخبر اللهم لا تجعل لفاسق عندي يداً فيوده قلبي إذا كان يريد من هذه الهدية أو هذا العطاء مقابل وتقدم في حديث أبي ذر: ((وإذا كان ثمناً لدينك)) فلا فالمسألة لا بد من التأكد من سلامة القصد. والله أعلم وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

كتاب الصيام

بلوغ المرام - كتاب الصيام (1) الشيخ: عبد الكريم الخضير عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: ((لَا تَقَدَّمُوا رَمَضَانَ بِصَوْمِ يَوْمٍ وَلَا يَوْمَيْنِ, إِلَّا رَجُلٌ كَانَ يَصُومُ صَوْمًا, فَلْيَصُمْهُ)) [مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ]. وَعَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ -رضي الله الله عنه- قَالَ: ((مَنْ صَامَ اَلْيَوْمَ اَلَّذِي يُشَكُّ فِيهِ فَقَدْ عَصَى أَبَا اَلْقَاسِمِ)) وَذَكَرَهُ اَلْبُخَارِيُّ تَعْلِيقًا, وَوَصَلَهُ اَلْخَمْسَةُ, وَصَحَّحَهُ اِبْنُ خُزَيْمَةَ, وَابْنُ حِبَّانَ. الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. يقول المؤلف رحمه الله تعالى: (كتاب الصيام). الكتاب: سبق التعريف به مراراً، والصيام مصدر صام ومثله الصوم، صام صوماً، قال قولاً، والصيام مثل قام قياماً، فهما مصدر للفعل صام، ولذا تجدون التراجم أحياناً، كتاب الصيام، وأحياناً كتاب الصوم، ولا فرق بينهما إذ الكل كل منهما مصدر للفعل صام.

الصيام عرفوه في اللغة بأنه: الإمساك عن أي شيء، بمجرد الإمساك يسمى صيام، فالإمساك عن الكلام صيام، الإمساك عن الحركة صيام، الإمساك عن الأكل والشرب صيام، فجاء في الإمساك عن الكلام في قوله -جل وعلا- لمريم -عليها السلام-: {إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا} [(26) سورة مريم]، فهي لم تنذر الصيام في الإمساك عن الأكل والشرب وإنما الكلام، بدليل قولها {فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيًّا} [(26) سورة مريم]، ويأتي الصيام بمعنى الإمساك عن الحركة، خيل صيام وخيل غير صائمة، يعني ممسكة، خيل تجري، وخيل ممسكة عن الجري والحركة، كما أن الإمساك عن الأكل والشرب والجماع وسائر المفطرات التي هذه هي أصولها صيام، والحقيقة اللغوية التي هي الإمساك لا تختلف عن الحقائق الشرعية اختلافاً متبايناً، بل في الغالب أن الحقيقة اللغوية تبقى ويزاد عليها من القيود ما يميز الحقيقة الشرعية، فالصيام الشرعي إمساك، كما أن الصيام في اللغة إمساك، يزاد في الحقيقة الشرعية من القيود ما يميز به هذه الحقيقة عن الحقيقة الأصلية التي هي مجرد الإمساك، وقل مثل هذا في الصلاة في الزكاة في الإيمان في غيرها من الحقائق الشرعية، لو تأملت وجدت أن الحقائق اللغوية موجودة، ما هناك تباين بين الحقائق الشرعية والحقائق اللغوية، قد يكون هناك تباين وتفاوت في الحقائق العرفية، لكن الحقائق اللغوية لا تتابين مع الحقائق الشرعية وإنما يزاد في الحقائق الشرعية بعض القيود التي تميزها عن مجرد الإطلاق اللغوي، وهنا الصيام في اللغة الإمساك، وفي الشرع الإمساك، لكن الإمساك من نوع خاص، إمساك من نوع خاص، الإمساك عن الأكل والشرب والجماع، هذه هي أصول المفطرات في وقت مخصوص من طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشمس بنية، بعضهم يقول: إمساك المكلف، وبهذا يخرج صيام الصائم، لكنه صيام، صيام يعود عليه ويمرن عليه لا يؤاخذ بتركه لكن من باب التمرين فهو صيام شعبان، ولذا المحقق أنه يجزئ إذا وقع نصفه نفل ونصفه فرض، بمعنى أنه كله في أثناء النهار صوم، صيام شهر، هذا الصبي صام في أول النهار ثم أكل في أثنائه يكفيه هذا الصيام؛ لأن الحقيقة الشرعية موجودة، بعضهم يضيف في جميع العبادات

قيد يدل على أنه عبادة، فيقول: الصيام مثلا: التعبد لله -جل وعلا- بالإمساك عن كذا وكذا وكذا لكن إذا قلنا بنية، النية من لازمها التعبد، بعضهم يضيف في القيد النية؛ لأنه بدون نية وإن وجدت صورته فلم توجد حقيقته الشرعية، فلا صيام لمن لم يبيت الصيام من الليل، كما أنه جاء في الحديث الصحيح الذي يشمل الصيام وغيره حديث: ((إنما الأعمال بالنيات)) وهذا يأتي دراسته في الموضوع -إن شاء الله تعالى-. فالصيام الإمساك عن الأكل والشرب والجماع من طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشمس بالنية المصاحبة المتقدمة على أول جزء منه، والصيام المقصود به صيام شهر رمضان ركن من أركان الإسلام ولكونه شاقاً على النفوس جاءه تشريعه تدريجياً كالمنع من الخمر، جاء التشريع تدريجي، والصيام جاء التشريع تدريجي، كان الواجب عاشوراء، ثم بعد ذلك نزل صيام رمضان مع التخيير، من أراد أن يصوم ومن أراد أن يطعم، والصيام أفضل، ثم بعد ذلك نسخ التخيير في حق القادر، وبقي الصيام لا خيرة فيه بالنسبة للمستطيع ويبقى أن الإطعام في حق من لا يستطيع. صيام رمضان ركن من أركان الإسلام دل عليه الكتاب والسنة والإجماع، أما الكتاب فلقول الله -جل وعلا-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [(183) سورة البقرة]. وأما السنة فالأدلة متضافرة على وجوبه وأنه من دعائم الإسلام وأركانه. حديث عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: ((بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة والحج وصوم رمضان)) [الحديث متفق عليه]. وأجمع المسلمون على أنه ركن من أركان الإسلام. في حديث ابن عمر الرواية المتفق عليها في تقديم الحج على الصيام، وعلى هذه الرواية بنى البخاري تأليف كتابه فقدم الحج على الصيام ولعل ذلك لما جاء في الحج بخصوصه من النصوص الشديدة مما لم يأت نظيره في الصيام.

في آية آل عمران {وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً} [(97) سورة آل عمران]، ثم قال: {وَمَن كَفَرَ} هذا أمر عظيم {وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ} وجاء عن عمر وغيره أنهم يرسلون إلى عمالهم في الأقاليم أن ينظروا من كانت له جِدَة ولم يخرج فليفرضوا عليه الجزية، ما هم بمسلمين؟ ما هم بمسلمين، جاء مثل هذه النصوص التي تجعل بعض العلماء لا سيما الإمام البخاري يجعل الحج آكد من الصيام والرواية المتفق عليها بتقديم الحج على الصيام، وفي صحيح مسلم من حديث ابن عمر بعض روايات الحديث عند مسلم قال: ((وصوم رمضان والحج)) فقدم الصيام على الحج، فقال رجل: الحج وصوم رمضان، فقال ابن عمر: لا، صوم رمضان والحج، إنكار ابن عمر -رضي الله تعالى عنهما- على هذا المستدرك لا شك أنه مشكل مع أنه ثبت عن ابن عمر أنه قدم الحج على الصيام، يشكل عليك، كيف ترد عليه وقد ثبت عنك أنك قدمت الحج على الصيام، والحديث في الصحيحين، فأهل العلم لهم كلام في السبب الذي من أجله رد ابن عمر على هذا المستدرك، ومن ذلك ما قاله النووي -رحمه الله-، قال: لعل ابن عمر روى الحديث عن النبي -عليه الصلاة والسلام- على الوجهين، مرة بتقديم الحج ومرة بتقديم الصوم، فرواه كذلك على وجهين، ثم لما رد عليه هذا المستدرك أراد أن يؤدبه، فقال: لا تستدرك ولا تعترض بما لا علم لك به، وهذا أسلوب من أساليب تربية بعض الطلاب الذين يتعجلون بحضور الأكابر، فيردون عليهم ويستدركون عليهم، يعني من السهل جداً أن تجد طالب صغير والشيخ يتكلم يقول: لا يا شيخ، كذا، أمر سهل جداً أن أتقدم بسؤال فإذا أجيب قال: لا يا شيخ الشيخ فلان يقول كذا، مثل هذا يحتاج إلى تأديب مثل تأديب ابن عمر لهذا المستدرك، وإلا فالحديث ثابت على الوجهين. جوز النووي -رحمه الله تعالى- أن يكون ابن عمر يروي الحديث على الوجهين، ثم لما رواه بتقديم الصيام على الحج نسي الوجه الأول، الذي فيه تقديم الحج على الصيام فلما استدرك عليه المستدرك قال: لا، صوم رمضان والحج.

الحافظ ابن حجر -رحمه الله تعالى- يرى أن هذا الاختلاف من الرواة عن ابن عمر، أو من الراوي عن ابن عمر وحنظلة، يقول إن نسبة الرواية بالمعنى إذا قيل أن ابن عمر يروي الحديث على وجه واحد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- لتقديم الصيام على الحج، بدليل أنه أنكره على الرجل الذي استدرك عليه، يقول ابن عمر يرويه هكذا جزماً ثم الراوي عنه رواه بالمعنى، فمرة قدم الحج ومرة قدم الصيام. ويقول: هذا التصرف ينسب إلى التابعي أولى من أن ينسب إلى الصحابي؟ افترضنا أن الراوي نسي فقدم وأخر، هل نسبة هذا النسيان للصحابي أولى من نسبته إلى التابعي أو العكس؟ يقول: إلى التابعي نسبته، نسبة هذا التقديم والتأخير إلى التابعي والرواية جائزة بالمعنى والعطف بالواو لا يقتضي الترتيب سواء قدم أو أخر ما يضر؛ بدليل أنه جاء في بعض الروايات تقديم الحج على الزكاة، فهل يقال أن عمر رواه على ثلاثة أوجه؟ على كل حال المسألة سهلة يعني، الصيام والحج كلاهما ركن من أركان الإسلام. وسواء قدم الحج على الصوم، والصوم على الحج فالأمر سهل، لكن عامة أهل العلم على تقديم الصيام على الحج، والبخاري رحمه الله تعالى اعتماداً على الرواية المتفق عليها قدم الحج على الصيام. بالنسبة للأركان الخمسة الركن الأول: الشهادتان، من لم يأت بهما لم يدخل الإسلام أصلاً؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: ((أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله)) فلا إسلام دون التلفظ بالشهادتين، وأما بالنسبة للركن الثاني فجاء فيها النصوص الشديدة ((العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر)) أما من ترك أحد الأركان الخمسة جحوداً فهذا يكفر اتفاقاً، فالمسألة مفترضة من تركها تهاوناً وكسلاً لا جحوداً، وجاء في الصلاة ما يخصها من مثل قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر)) ((بين العبد وبين الكفر والشرك ترك الصلاة)) ولذا يفتي جمع من أهل التحقيق أن تارك الصلاة كافر، ولو اعترف بوجوبها وهذه رواية عند الإمام أحمد ينصرها شيخ الإسلام وابن القيم وجمع من أهل التحقيق، وهو المفتى به الآن.

من حكم الصيام:

ونقل اتفاق الصحابة على أنهم لا يرون شيئاً من الأعمال تركه كفر إلا الصلاة، وأما بالنسبة لبقية الأركان الزكاة والحج والصيام فقيل بكفر تاركها، وهي رواية عن الإمام أحمد نصرها جمع من أصحابه وهي قول عند المالكية، ذكرها شيخ الإسلام ابن تيمية في كتاب الإيمان، والجمهور على عدم كفر تارك هذه الأركان مع الاعتراف بوجوبها، لكنه على خطر عظيم. أي بناء تهدمت أركانه لا يقال له شيء والركن جانب الشيء الأقوى، فإذا هدم أي ركن من أركانه يكاد أن يزول. الصيام شرع في السنة الثانية من الهجرة، فصام النبي -عليه الصلاة والسلام- صيام رمضان تسع سنوات، صام تسعة رمضانات -عليه الصلاة والسلام-. من حِكَم الصيام: شرعية الصيام لحكم ومصالح عظيمة دينية ودنيوية. من أعظم مصالح الصيام وحكمه: التقوى التي أشير إليها في آيات فرض الصيام، {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [(183) سورة البقرة] لا شك أن الصيام يورث التقوى، وهذه فائدة عظمى بالنسبة للمرء، أعظم ما يستفيده الإنسان في هذه الدنيا التقوى. وتقوى الله أفضل مستفادِ

فإذا تحققت هذه الفائدة من الصيام عرفنا أن الصيام جيء به على الوجه المشروع؛ لأنه مع الأسف الشديد يلاحظ أن بعض الناس يصوم يمسك عن الطعام والشراب والجماع المدة المطلوبة ومع ذلك يزاول المنكرات، يترك الواجبات ويرتكب المحرمات فأين التقوى؟ هل هذا راجع إلى خلف في الوقت والرجاء، أو هذا راجع إلى خلل في الصيام الذي لم يترتب الأثر عليه؟ هذا راجع لا شك إلى خلل في الصيام، فالصيام الذي لا يورث التقوى معناه أنه لم تترتب آثاره عليه، وإن صح في عرف الفقهاء وأجزأ الطلب لكن يبقى أنه لا بد من وجود خلل، ما أتى به على الوجه المشروع؛ فالعبادات التي يرتب عليها آثار المقصود بها العبادات التامة التي تؤدى بإخلاص لله -جل وعلا-، وبمتابعة دقيقة للنبي -عليه الصلاة والسلام-، وحينئذ يورث التقوى، أما صيام شخص لم يلاحظ ولم يراعي الواجبات والآداب ولم يترك المحرمات أثناء صيامه ولا بعد صيامه مثل هذا لا تترتب عليه آثار، وقل مثل هذا في سائر العبادات، فالصلاة مثلاً، {إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ} [(45) سورة العنكبوت] قد يقول قائل كثير من الناس يصلي ويسرق، يصلي ويزني، كيف نهته صلاته؟ نقول: نعم، هذه الصلاة لم يؤتى بها على الوجه المشروع وإن تحققت شروطها وأركانها وواجباتها وأسقطت الطلب ولم يؤمر بالإعادة لكن فيها خلل. لبها وروحها لم يوجد؛ فالشخص الذي لا ينصرف من صلاته إلا بربعها بخمسها بعشرها مثل هذا لا تترتب آثاره عليها وقل مثل هذا في الصيام، ((الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان كفارات لما بينها ما اجتنبت الكبائر)) يعني تصور العبادات التي يؤتى بها على الوجه الناقص الذي لا يكسب صاحبها من جرائها ولا عشر الأجر هذه تكفر الذنوب؟ هذه إن كفرت نفسها يكفي، فننتبه لهذا، فالتقوى يحرص الإنسان عليها، هي وصية الله للأولين والآخرين، وقد أمر بها في نصوص كثيرة، فإذا ترتبت التقوى على الصيام، فعلى الإنسان أن يحمد الله -جل وعلا- ويشكره على التوفيق لهذه النعمة العظيمة.

والصيام أيضاً فيه فوائد للفرد الصائم وللمجتمع؛ فالصائم إذا أحس بالجوع والعطش عرف أن له أخوة جُل وقتهم على هذه الصفة، فيحمله ذلك على العطف عليهم والإحسان إليهم فيكسب بذلك الأجور العظيمة، وهو أيضاً وقد فرض على الصغير والكبير والأمير والحقير والملك والوزير، فرض على الجميع، كتب عليكم جميعكم، يتصور الصائم وهو يرى الأمير والوزير والكبير والصغير كلهم صيام يتصور عدل الله -جل وعلا-، فيعدل فيما ولي، بمن تحت يده، بدءاً من الإمام الأعظم إلى أصغر مسؤول، إلى الرجل وبين أولاده إلى الرجل مع نفسه ومع غيره، لا بد أن يتصور هذا أيضاً. في الصيام فوائد صحية البدن طيلة العام تتراكم عليه المأكولات التي ترهقه وتتعبه فإذا جاء الصيام لا شك أنه يتخلص بالامتناع عن الأكل والشرب من كثير من الفضلات، لا سيما الدهون والشحوم التي تتراكم على الجسم وتؤثر على القلب فيتخلص منها في الصيام، ولهذا يؤمر كثير من الناس بالحمية، الأطباء يأمرون كثيراً من المرضى بالحمية ولا شك أن الحمية علاج لكثير من الأمراض، يعني الحركة معها الحمية تقليل الأكل يتفق الأطباء على أنهما علاج لكثير من الأمراض، كثير من الأمراض لا تحتاج إلى علاج أكثر من هذا، فإذا احتمى الإنسان هذه المدة من طلوع الفجر إلى غروب الشمس تخلص الجسم من هذه الفضلات، لكن الملحوظ أولاً وآخراً، امتثالاً للأمر الإلهي {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ} [(183) سورة البقرة] وبعض الناس من يرغب الناس في العبادات، أول ما يبدأ في المنافع الدنيوية ولا شك أن تعليق الناس بهذه الأمور الدنيوية لا شك أنها على حساب الآخرة، احتساب امتثال الأمر الذي هو الأصل، لكن لا مانع أن يذكر هذا رافد، بل يربط الناس بالأمر والنهي، أنت عبد مخلوق لهدف عظيم هي العبودية، فعليك أن تحقق هذه العبودية، ولا مانع من أن يلحظ ملحظاً آخر لكن يبقى أن الأصل هو امتثال الأمر.

قد يقول قائل: أن الإنسان إذا لحظ هذا وصام وأمسك عنه الطعام هذه المدة الطويلة؛ لأنه نصح من قبل الأطباء ألا يكثر الأكل، هل يعتبر صيامه شرعي؟ وقد بيت النية، وصام المدة كاملة، من طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشمس يؤجر أو ما يؤجر؟ نقول نعم يؤجر؛ لأنه لم يعدل من الحمية المجردة إلى الصيام الذي يتقرب به إلى الله -جل وعلا- إلا وفي قلبه شيء من ملاحظة هذه العبادة، ويبقى أن الذي يصوم لا ينهزه إلا الصيام، إلا طلب الثواب من الله -جل وعلا-، أعظم أجراً مما شرك في صيامه بين العبادة والأمر المباح. في الحديث الأول الذي ذكره الحافظ -رحمه الله تعالى-، يقول -رحمه الله تعالى-، وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لَا تَقَدَّمُوا رَمَضَانَ بِصَوْمِ يَوْمٍ وَلَا يَوْمَيْنِ, إِلَّا رَجُلٌ كَانَ يَصُومُ صَوْمًا, فَلْيَصُمْهُ)). الأصل لا تتقدموا رمضان يعني عليه بصوم يوم أو يومين إلا رجل كان يصوم صوماً فليصمه، لا تقدموا رمضان، فيه جواز إطلاق رمضان على الشهر دون إضافة، يعني ما يلزم أن تقول شهر رمضان، إنما يجوز أن تقول جاء رمضان، وجاءت النصوص الكثيرة رمضان دون إضافة. وترجم الإمام البخاري في حكم اطلاق رمضان، هل يقال رمضان أو لا يقال رداً على من كره ذلك من بعض المتقدمين وثبت في النصوص الإطلاق من غير إضافة، وجاء هنا حديث لكنه ضعيف، جاء من طريقة معشر السندي وهو ضعيف ((لا تقولوا رمضان فإن رمضان من أسماء الله)) لكن الحديث ضعيف باتفاق الحفاظ. رمضان هذا الشهر العظيم، الشهر التاسع من شهور العام سبب تسميته على ما قيل أن العرب لما أرادوا النقل، نقل الأسماء القديمة إلى لغتهم وافق مجيء هذا الشهر في حر شديد، والرمضاء فيه محرقة، فسموه رمضان، ومنهم من قال: إنما قيل له رمضان؛ لأنه يمرض الذنوب ويحرقها، وعلى كل حال هذا اسمه الشرعي الذي جاءت به النصوص، وعرف عند العرب أيضاً بهذا الاسم قبل الإسلام.

((لا تقدموا))، يعني لا تتقدموا عليه بصيام يوم أو يومين ((إلا رجل كان يصوم صوماً فليصمه))، ((لا تقدموا)) نهي والأصل في النهي التحريم، فإذا لم يبق على رمضان إلا يوم أو يومين لا يجوز أن يصوم المسلم إما مطلقاً أو احتياطاً لرمضان كما قال بعض أهل العلم، إلا من استثني، ((إلا رجل)) في بعض الروايات: ((إلا رجلاً))، ويجوز الوجهان في مثل هذه الحالة في الصورة، ((إلا رجل كان يصوم صوماً فليصمه))، شخص يصوم يوم ويفطر يوم، وافق الذي يصومه آخر يوم من شعبان أو يصوم الاثنين والخميس ووافق آخر يوم من رمضان خميس أو اثنين هذا يصوم ولا إشكال على أنه سيأتي مزيد بحث في هذه المسألة عند حديث: ((إذا انتصف شعبان فلا تصوموا)) على ما سيأتي وما قيل فيه من كلام، فجمهور العلماء حملوا النهي على الكراهة، ((لا تقدموا رمضان بصوم يوم ولا يومين))، أما إن كان من باب الزيادة في رمضان على القدر المشروع يصوم قبل رمضان بيوم احتياطاً لرمضان من غير الرؤية فالتحريم متجه، وهو الأصل في النهي، ولذا جاء الحديث الذي يليه، حديث عمار بن ياسر -رضي الله تعالى عنهما- قال: ((من صام اليوم الذي يشك فيه فقد عصى أبا القاسم -صلى الله عليه وسلم-)) ذكره البخاري تعليقاً مجزوماً به. من طريق صلة بن زفر عن عمار وجزم به، فهو صحيح إلى صلة، وصلة ثقة، وعمار صحابي فالخبر صحيح، وهو موصول عند الخمسة كما يقول الحافظ، لكن لا يوجد في المسند، إنما هو في السنن الأربع، وصححه ابن خزيمة وابن حبان.

((من صام اليوم الذي يشك فيه)) اليوم أبلغ أن يقال اليوم الذي يشك فيه، أو من صام يوم الشك، الذي يشك فيه، من صام الشك، يعني يوجد الشك من جميع الناس، أما الذي يشك فيه ولو وقع الشك من بعض الناس، من بعض الناس، ولو وقع الشك فيه من بعض الناس من صامه فقد عصى أبا القاسم -عليه الصلاة والسلام-، ولو بأدنى شك، ونظير هذا الحديث ((من حدث عني بحديث يرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين))، وفي الرواية الأخرى: ((من حديث عني بحديث يرى أنه كاذب .. )) وهذا أشد، لأنه لا يمتنع من التحديث إلا إذا رأى هو على الرواية الأولى وعلى الرواية الثانية يمتنع إذا كان إذا رأى أحد من الناس أو من أهل العلم أنه كاذب، عليه أن يمتنع لأنه يرى أنه كذب، فليمتنع من روايته، ولو لم يره أنه كذب.

الذي يشك فيه وهو آخر يوم من شعبان، وحمله بعضهم على أنه يوم الثلاثين من شعبان مع الصحو، يعني تراءى الناس الهلال ليلة الثلاثين من شعبان دون غيم ولا قتر، ولم يروا الهلال، منهم من يرى أن هذا هو يوم الشك، ومنهم من يرى أن يوم الشك هو في يوم الثلاثين من شعبان، مع ما يوجد مما يحول دون رؤية الهلال من غيم أو قتر، يوم الشك الآن يوم الثلاثين من شعبان هو المحك، هو يوم الشك لكن هل يكون هناك شك مع دون وجود لما يحول من رؤية الهلال؟ منهم من قال هذا يوم الشك، احتمال أن يكون من رمضان والناس ما رأوه ولو لم يكن هناك حائل، ومنهم من يقول أن يوم الشك هو الذي يكون فيه ما يحول دون رؤية الهلال، أما إذا كانت السماء صحوة وتراءى الناس الهلال ولم يروه فلا شك هو من شعبان قطعاً، لكنه يدخل في الحديث السابق، يدخل في الحديث السابق، يكون تقدم رمضان بيوم، فهو منهي عن صيامه على الوجهين، لكن على الوجه الثاني أن يوم الشك هو يوم الثلاثين إذا حال دون رؤية الهلال بغيم أو قتر وهو المرجح من يصومه قد عصى أبا القاسم -صلى الله عليه وسلم-، وعلى القول الأول من يصومه دخل في الحديث الأول، لكن على القول الأول، وهو أنه يوم الثلاثين مع الصحو، يأتي رأي من يقول أن مثل هذا اليوم يوم الثلاثين إذا حال دون رؤية الهلال بغيم أو قتر أنه يصام كقول ابن عمر، وهو المعروف في مذهب الحنابلة، فإن حال دون رؤيته بغيم أو قتر فظاهر المذهب يجب صومه، بناء على أن الشك فيما إذا كان صحواً، فيدخل في هذا الحديث أما إذا كان هناك ما يحول دون رؤيته فهذا ليس بشك على هذا القول، والجمهور على أن هذا هو يوم الشك، أما إذا لم يحول دون رؤيته غيم ولا قتر ولا غبار فلا شك من شعبان قطعاً، وسيأتي بحث هذه المسألة في الحديث الذي يليه. ((فقد عصى أبا القاسم)) هذا كلام عمار بن ياسر وهو وإن كان موقوف عليه لفظاً إلا أنه مرفوع حكماً، ولذا يقول ابن عبد البر: أن هذا مسند عندهم لا يختلفون فيه، يعني هذا مرفوع لا إشكال فيه؛ لأن تقرير المعصية لا يأتي بها الصحابي من تلقاء نفسه لا بد من توقيف.

((فقد عصى أبا القاسم -صلى الله عليه وسلم-)) وأبو القاسم هي كنيته -عليه الصلاة والسلام- ولد له القاسم من خديجة قبل البعثة ومات، فهو يكنى به -عليه الصلاة والسلام-، ثم ولد له بعد ذلك إبراهيم. وعن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((إذا رأيتموه فصوموا، وإذا رأيتموه فأفطروا فإن غم عليكم فاقدروا له)). ولمسلم: ((فإن أغمي عليكم فاقدوا له ثلاثين)). وللبخاري: ((فأكملوا العدة ثلاثين)). وله في حديث أبي هريرة: ((فأكملوا عدة شعبان ثلاثين)). وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: ...

يقول المؤلف رحمه الله تعالى: يقول ابن عمر -رضي الله تعالى عنهما- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((إذا رأيتموه .. )) والضمير يعود إلى الهلال، ولو لم يسبق له ذكر، للعلم به، حذف للعلم به، ((إذا رأيتموه فصوموا، وإذا رأيتموه فأفطروا)) فعلق النبي -عليه الصلاة والسلام- الأمر بالصيام على الرؤية، وكذلك الأمر بالفطر علق على الرؤية، ((إذا رأيتموه)) هذا خطاب للأمة، ((فصوموا)) أيضاً هو خطاب لها، والأصل أن يتجه الخطاب ((رأيتموه)) على كل من تتأتى منه الرؤية فهو خطاب للجميع، هذا الأصل، لكنه خطاب لمن يثبت الحكم برؤيته بالاتفاق، أن الخطاب لا يتجه إلى جميع الأمة إذا رأيتموه فصوموا لأن مقابلة الجمع بالجمع تقتضي في القاعدة القسمة أفراد ((إذا رأيتموه فصوموا)) مقابلة جمع بجمع، يعني الأصل أن كل من رأى يصوم، ومفهوم ذلك أن من لم ير فإنه لا يصوم هذا مقتضى القاعدة مقابلة الجمع بالجمع، لكن هذا غير مراد بالاتفاق، فالخطاب للمجموع لا للجميع، ((إذا رأيتموه)) يعني رآه فيكم من تثبت الرؤية فيه، أو من يثبت الحكم برؤيته فصوموا، وإذا رأيتموه كذلك فأفطروا ((فإن غم عليكم فاقدوا له)) ليلة الثلاثين من شعبان، والسماء صحو تراءى الناس الهلال فلم يروه آخر يوم من شعبان قطعاً؛ لأننا عندنا مقدمات شرعية إذا لم تثبت هذه المقدمات لم تثبت نتائجها، يعني علق الصيام بالرؤية، ما وجدت الرؤية لا توجد النتيجة التي هي الصيام، ((إذا رأيتموه فصوموا، وإذا رأيتموه فأفطروا))، طيب ما رأيناه، ليلة واحد وثلاثين ترى ما رأيناه بعد أيش الحل؟ السماء صحو ما رأيناه؟ نستمر حتى نراه؟ لا زيادة على الثلاثين، إذا تراءى الناس الهلال ليلة الثلاثين كانت صحواً فلم يروه كانت من شعبان قطعاً إن رأوه فهو من رمضان، إن حال دون رؤيته ما يمنع من الرؤية من غيم أو غبار أو قتر أو دخان أو ما أشبه ذلك ((فإن غم عليكم فاقدروا له))، يفسر هذه الرواية، لأن القدر هنا يحتمل معاني، يحتمل اقدروا عليه، ضيقوا عليه، {وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ} [(7) سورة الطلاق] يعني ضيق عليه رزقه، ضيقوا عليه، طيب، ضيقوا عليه، ضيق على شعبان ولا على رمضان؟ حتى على معنى ضيقوا

عليه. طالب:. . . . . . . . . نعم. طالب:. . . . . . . . . تضيق على شعبان معناه تجعله تسعة وعشرين. هذا قصدك. طالب:. . . . . . . . . وين أقرب شيء. طالب:. . . . . . . . . فيه شيء في رمضان ولا في شعبان ما فيه شيء. ((فإن غم عليكم))، الليلة محتملة على حد سواء أنها من شعبان أو من رمضان؛ لأن فيه حاجز، ((فاقدروا له ثلاثين))، هذه الرواية تفسر الرواية السابقة ولا تجعل هناك مجال للاجتهاد؛ لأن السنة يفسر بعضها بعضاً، إذا جاء اللفظ مجمل في السنة بين بالسنة، ((فاقدروا له))، ((فإن غم عليكم فاقدروا له ثلاثين))، فعلى هذا إذا لم ير الهلال أكملنا شعبان ثلاثين يوماً. لمسلم: ((فإن أغمي عليكم فاقدروا له ثلاثين))، غم أو أغمي ومنه الإغماء الذي يغطي العقل والتغمية هنا والإغماء ما يحول دون الهلال ويغطي الأبصار فلا تستطيع رؤيته، فاقدروا له ثلاثين. وللبخاري ما هو أصرح من ذلك: ((فأكملوا العدة ثلاثين))، أكملوا العدة ثلاثين، فاقدروا له، ابن عمر يرى أنه يضيق عليه، يضيق عليه، كيف يضيق عليه؟ يجعل شعبان تسعة وعشرين، ولذا كان ابن عمر يتراءى الهلال فإن لم يره لما يحول دونه أصبح صائماً، وهو عمدة المذهب؛ لأن ابن عمر هو راوي الحديث، عمدة المذهب عند الحنابلة في وجوب صوم يوم الثلاثين إذا حال دون الرؤية الغيم وما في حكمه. قالوا ابن عمر يصبح صائم، وهو راوي الحديث والراوي أعرف ممن رواه، ولذا جاء في عبارتهم فإن حال دونه غيم أو غبار أو قتم فظاهر المذهب يجب صومه، والجمهور على أن هذا هو يوم الشك، هذا هو يوم الشك الذي من صامه فقد عصى أبا القاسم -صلى الله عليه وسلم-، وعامة أهل العلم وهو القول الصحيح الذي لا مرية في رجحانه أن هذا هو يوم الشك إن لم يكن هذا هو يوم الشك فأي يوم يكون يوم الشك؟ يعني إن لم يكن يوم الشك ليلة الثلاثين من شعبان مع عدم التمكن من الرؤية لما يحول من رؤيته، هذا هو يوم الشك إن لم يكن هذا هو يوم الشك فلا شك؛ لأنه إذا لم يجد ما يحول دون رؤيته ولم ير لا شك أن هذا اليوم من شعبان. ((إذا رأيتموه فصوموا))، وله من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-: ((فأكملوا عدة شعبان ثلاثين)) ومعناه ما تقدم.

إذن دخول رمضان يثبت برؤية الهلال، إذا تمت، إذا لم تتم الرؤية فإكمال شعبان ثلاثين يوماً ولا ثالث لهما، منهم من نزع إلى أن معنى فاقدروا له بالحساب، يعني يرجع إلى أقوال الحُسَّاب، فاقدروا، التقدير بالحساب، وهذا مذكور عن أبي العباس بن سريج من الشافعي، ويروى عن مطرف بن عبد الله التابعي الجليل، ويذكر عن ابن قتيبة. يقول ابن عبد البر -رحمه الله تعالى-: أما مطرف بن عبد الله فلم يثبت عنه، وأما ابن قتيبة فليس ممن يعول عليه في هذا الباب، ويبقى أنه قول ابن سريج من الشافعية، والإجماع قائم على خلافه، وأنه لا عبرة بالحساب، وأنه ليس للأمة وسيلة لإثبات دخول الشهر إلا رؤية الهلال أو إكمال شعبان ثلاثين يوماً، ولا ثالث لهما، هذه المسائل الشرعية ولم نؤمر ولم نكلف بأكثر مما آتانا الله -جل وعلا- {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا} [(7) سورة الطلاق]؛ فالأمة أمية لا تكتب ولا تحسب، الشهر هكذا وهكذا، يعني مرة تسعة وعشرين ومرة ثلاثين، وعلق الأمر بالصيام على الرؤية لا غير، أو بالإكمال، أما أن نتمحل ونتكلف أمور لم يكلفنا بها الشرع فلا حاجة لنا بذلك، الشرع كامل ولله الحمد والدين كمل قبيل وفاة النبي -عليه الصلاة والسلام-، فلسنا بحاجة إلى وسائل ولا حساب والأمة أمية. قد يقول قائل: كانت الأمة أمية لا تحسب ولا تكتب، لكن الآن صارت تحسب وتكتب وانتفت العلة، فنرجع إلى الحساب؟ نقول: لا أبداً، هذا وصف الأمة وإن وجد فيها من يكتب ويحسب. {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ} [(2) سورة الجمعة]، والنبي -عليه الصلاة والسلام- أمي، وإن قرأت وإن كتبت فالأمة أمية بالخبر النبوي الصادق. قد يقول قائل: لماذا لا نستعمل ما يعييننا على الرؤية من مراصد ودرابيل ومكبرات؟ نقول: لا يمنع من استعمالها، لكنها ليست بلازمة، لو أن الأمة ما وضعت هذه المكبرات، ولا هذه المراصد ولا هذه الدرابيل ما أزمت فوسائلها شرعية ونتائجها شرعية، ولا يكلف الله نفساً إلا ما آتاها. قد يقول قائل: ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، ما نستطيع الرؤية إلا بالمراصد والدرابيل؟

نقول: لا أبداً، الرؤية ممكنة في كل وقت وفي كل مكان، في كل زمان وكل مكان، من غير استعمال لهذه المراصد، لكن إن استعملت ودورها التوضيح فقط، يعني ليس دورها أن توجد شيئاً لم يوجد، لا، دورها مجرد توضيح الموجود فلا مانع من استعماله كما تستعمل النظارة، تكبر لك الحروف، أو تستعمل مكبرات الصوت وغيرها أما أن تكون على سبيل الإلزام فلا، لا يكلف الله نفساً إلا ما آتاها، ووسائل الشرع مبنية على ما يطيقه كل مسلم، ما يستطيعه كل مسلم؛ لأن المسألة مفترضة مع عدم وجود هذه الأمور، أنتم لا تضنون هذه الأمور ثابتة ومستقرة وموجودة مثل وجود الهواء والشمس لا، لا، هذه في يوم من الأيام تتعطل، نترك الصيام لأنها تعطلت؟ لا. الرؤية بالعين المجردة، هذا الأصل، لكن إن استعمل ما يعين على التوضيح المرئي لا بأس من غير إلزام. فشيخ الإسلام وغيره نقلوا الإجماع على أنه لا يعول على الحساب، على حساب المنجمين أبداً، وإنما المعول عليه ما جاءنا في النصوص الصحيحة من الوسائل الشرعية المعتبرة التي تترتب عليها نتائجها وإذا فعلنا ما أمرنا به تراءينا الهلال، رأيناه بها ونعمت، ما رأيناه لا نكلف أكثر من هذا، افترض أن الناس رأوا الهلال ليلة الثلاثين ما رأوه، ثم لما صار ليلة تسعة وعشرين من رمضان رؤي الهلال، نقول: ضلت الأمة أو أثمت الأمة؟ نقول: لا ضلت ولا أثمت بل فعلت ما أمرت به ولم يروه، يعني مثل ما يحكم القاضي بالمقدمات الشرعية البينات افترض أن هذه المقدمات الشرعية فيها خلل فخرجت النتيجة ليست صحيحة عند القاضي، يأثم القاضي، القاضي ليس له أكثر من أن ينظر في الوسائل ثم يكتب عليها النتائج، إن كانت الوسائل سليمة خرجت النتائج سليمة وليس له أكثر من هذا، وليس عليه أكثر من هذا، كما أننا مطالبون أن الوسائل الشرعية ذات الأهلة خرجت النتائج صحيحة أو غير صحيحة لسنا مطالبين بأكثر من هذا. طالب:. . . . . . . . . لا بد من الرؤية وإكمال الشهر ما فيه غير هذا. طالب: أو إكمال شعبان. أو إكمال شعبان ما فيه غير هذا. سؤال: يقول: هل يوجد للدروس الماضية في نفس الكتاب شرح مكتوب؟ إيش قلنا للأخوة، ما أدري والله.

فيما يتعلق بالحديث من المسائل، مسألة المطالع وهل هي متفقة أو مختلفة متحدة أو مفترقة؟ الجمهور على ما يدل عليه حديث الباب وأن الأمر متجه لمجموع الأمة، فإذا رأى من يثبت الحكم برؤيته من مجموع الأمة، الهلال فإنه يلزم جميع الناس الصيام، وهذا قول الأكثر، فإذا رؤي الهلال في المشرق لزم أهل المغرب الصيام، أو العكس في أقصى الشمال يلزم من في أقصى الجنوب بناء على اتحاد المطالع والحديث محتمل. والقول الثاني: هو القول بأن المطالع مختلفة وكل أهل إقليم لهم مطلع يخصهم، ويستدل لهذا القول بحديث ابن عباس في صحيح مسلم وهو بأن كريباً جاء من الشام وقد صام يوم الجمعة، لأن الهلال رؤي في الشام ليلة الجمعة فصام معاوية وصام معه الناس وصام كريب معهم، فلما جاء إلى المدينة بعد وأكمل الثلاثين قال لابن عباس: إن معاوية والناس صاموا يوم الجمعة فقال ابن عباس: لكننا لم نره إلا ليلة السبت، فإما أن نرى الهلال أو نكمل العدة ثلاثين، هكذا أمرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. هذا عمدة من يقول باختلاف المطالع، وحديث الباب محتمل، وحديث ابن عباس كالنص على اختلاف المطالع؛ لأنه رأى أن رؤية معاوية في الشام لا تلزم أهل المدينة بالصيام، لا تلزمهم بالصيام، لاختلاف المطالع، ويتأكد ذلك بقوله هكذا أمرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، لكن الذي يرد على هذا هل أمرهم النبي -عليه الصلاة والسلام- بنص خاص يدل على اختلاف المطالع؟، أو أمرهم -عليه الصلاة والسلام- بقوله: ((صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته)) التي يستدل بها الجمهور؟، فيكون هذا من اجتهاد ابن عباس مستند إلى النص العام الذي يستدل به الجمهور؟ ما بين، قال: هكذا أمرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، لكن ظاهر استدلاله على كريب، وهو أنهم ليسوا بملزمين برؤية معاوية والناس أن هناك نص خاص لكنه لم يبين هذا النص والاحتمال قائم أنه استند إلى حديث: ((صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته)) احتمال. طالب:. . . . . . . . . طيب، بهذا، بهذا الذي ذكرت. طالب:. . . . . . . . .

أي حديث: ((صوموا لرؤيته)) لا، هي المسألة .. ، لو قلنا استدل بالحديث الأصلي قلنا هذا فهم لابن عباس للنص، معارض بقول غيره من جماهير الأمة فلا عبرة باختلاف المطالع. واضح ولا مو بواضح. القول باختلاف المطالع مع وجود الحدود السياسية القائمة الآن لا شك أن يورث إشكال كبير، على كل حال الحدود هذه السياسية واختلاف السياسيات واختلاف أيضاً وسائل الإثبات بين هذه الدول، إثبات الدخول والخروج أيضاً، توجد إشكالات؛ فالبلد اللي في آخر أو في آخر دولة هل يصوم بالدولة التي هي أقرب له من عاصمة الدولة التي يتبعها؛ فمثلاً تبوك أو الجهات الشمالية هل الأقرب في المطلع -على القول باختلاف المطالع-، هل الأقرب لهم الشام أو الرياض؟ الأقرب الشام، بلا شك، يصومون تبع الشام، أو تبع الرياض والحجار؟ وقل مثل هذا في نجران، يصومون تبع اليمن ولا تبع الرياض؟ على كل حال هذه الحدود لا شك أن أوجدت بعض الإشكالات لأنها خلاف الأصل، أوجدت بعض الإشكالات، لكن يبقى أننا لو قلنا باتحاد المطالع ورؤي الهلال في المغرب مثلاً، وقلنا يلزم الأمة كلها الصوم وسائل الإثبات وتفاوت الناس في الثقة، من بلد إلى بلد، ومن عرف إلى عرف؛ لأن الثقة مبناها على التقوى والمروءة، قد تكون التقوى منضبطة إلى حد ما، لكن المروءات متفاوتة؛ فالمسألة لا شك أن فيها شيء من الإرباك وعلى كل حال الذي يراه الشيخ ابن باز أنه لا إشكال في أن يقال باتحاد المطالع أو باختلافها لا فرق، وهذه لم تحدث مشكلة على مر العصور بالنسبة للأمة، مع أنه وجد في بعض العصور من يفتي بالاتحاد، ووجد في بعض العصور من يفتي باختلاف المطالع لكن لما كانت الأمة تحت قيادة شخص واحد يستطيع أن يلزم الأمة في شرقها وغربها، لكن الآن هل لوالٍ من ولاة المسلمين على دولة أن يلزم الناس في دولة أخرى؟ لا. يعني كل أهل دولة يجتهدون وعلماؤهم ممن تبرأ الذمة بتقليده يجتهدون ولا يوجد -إن شاء الله- أدنى مشكلة في هذا.

إذن الإشكال يحصل غالباً في الأقليات الذين لا يحكمهم، لا ينضوون تحت حكم ينتسب إلى الإسلام، هذا الذي يحصل لهم إشكالات وأسئلتهم كثيرة ومشاكلهم طويلة، الآن يحصل كثيراً مثلاً من أهل التحري، من أهل مصر أو الشام أو المغرب إذا صمنا نصوم تبعكم وجماعتنا ما صاموا، ولا ننتظر، وإذا أفطرنا يقولون: نفطر معكم ولا ننتظر، جماعتنا أفطروا ننتظر، يحصل شيء من التحري في بعض الأسئلة لكن عندما يصوم الناس صم أنت تبع بلدك صم مع أهل بلدك، وعلى ولاة الأمر في جميع بلدان المسلمين أن يتحروا ما يصحح عبادات شعوبهم، عليهم هذا، من أوجب الواجبات عليهم حفظ العبادات. وَعَنِ اِبْنِ عُمَرَ -رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا- قَالَ: ((تَرَاءَى اَلنَّاسُ اَلْهِلَالَ, فَأَخْبَرْتُ رَسُولَ اَللَّهِ أَنِّي رَأَيْتُهُ, فَصَامَ, وَأَمَرَ اَلنَّاسَ بِصِيَامِهِ)) [رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ, وَصَحَّحَهُ اِبْنُ حِبَّانَ, وَالْحَاكِمُ]. وَعَنِ اِبْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا- أَنَّ أَعْرَابِيًّا جَاءَ إِلَى اَلنَّبِيِّ –صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ: ((إِنِّي رَأَيْتُ اَلْهِلَالَ, فَقَالَ: ((أَتَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اَللَّهُ?)) قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: ((أَتَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اَللَّهِ?)) قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: ((فَأَذِّنْ فِي اَلنَّاسِ يَا بِلَالُ أَنْ يَصُومُوا غَدًا)) [رَوَاهُ اَلْخَمْسَةُ, وَصَحَّحَهُ اِبْنُ خُزَيْمَةَ, وَابْنُ حِبَّانَ وَرَجَّحَ النَّسَائِيُّ إِرْسَالَهُ]. يقول المؤلف -رحمه الله- وعن ابن عمر -رضي الله تعالى عنهما- قال: ((تراءى الناس)) يعني تكلفوا رؤية الهلال وقصدوا رؤيته، والصيغة تدل على أن فيها أكثر من طرف، وفيها معالجة ومحاولة فالترائي لا يكون إلا لما في رؤيته مشقة، ((تراءى الناس الهلال)) وترائي الهلال أمر مطلوب؛ فعلى من عرف نفسه بقوة البصر وحدته أن يسعى لهذا، وعلى ولي الأمر أن يكلف من يقوم بذلك وتسمعون قبل رمضان بشهر أحياناً أو بشهرين الطلب من الجهات المسؤولة عن هذا الأمر وحث المسلمين على ذلك، وهذا أمر يحمدون عليه.

((تراءى الناس الهلال فأخبرت النبي -صلى الله عليه وسلم- أني رأيته، فصام، -عليه الصلاة والسلام- وأمر الناس بصيامه)) أثبت دخول الشهر برؤية ابن عمر والحديث صحيح مخرج في سنن أبي داود وابن حبان والحاكم وغيرهم، وهو صحيح. ((تراءى الناس الهلال فأخبرت النبي -صلى الله عليه وسلم- أني رأيته فصام وأمر الناس بصيامه)) ويشهد له حديث ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما- أن أعرابياً جاء إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: ((إني رأيت الهلال قال: ((أتشهد أن لا إله إلا الله؟ )) قال: نعم، قال: ((أتشهد أن محمداً رسول الله؟ )) قال: نعم، قال: ((فأذن في الناس يا بلال)). أثبتوا رؤية الهلال بشهادة الأعرابي، واكتفى منه بإسلامه، اكتفى منه بإسلامه، ويستدل به من لا يشترط في العدالة على قدر زائد على مجرد الإسلام لكن هذا صحابي، والصحابة كلهم عدول ثقات، يختلف الأمر بالنسبة لهم عمن جاء بعدهم؛ فالصحابة كلهم عدول، شهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول ورأى النبي -عليه الصلاة والسلام- مؤمناً بذلك معتقداً له صح، فتشمله النصوص التي جاءت بمدح الصحابة.

هذا شاهد، مع أن الحديث فيه ضعف، لكنه يقبل في مثل هذا؛ لأنه ليس بأصل يعتمد عليه، وإنما هو شاهد لحديث ابن عمر، فعلى هذا ثبوت هلال رمضان يثبت بواحد بدلالة حديث ابن عمر وما يشابهه، وهل هذا الإخبار من قبيل الرواية أو هو ملحق بالشهادة؟ يعني الأشهر التي الملحظ فيها دنيوي هي بالأمور الدنيوية ألصق، وأمور الدنيا إنما يطلب لها أكثر من شاهد، وأمور الدين بما في ذلك رواية الحديث يكفي فيها واحد فتكون من قبيل الأخبار، ابن عمر أخبر ما شهد، أخبر وهو عالم ثقة يقبل خبره؛ لأن هذا من أمور الدين، فإذا ثبت الحكم برواية واحد فليثبت تنفيذه برواية واحد، يعني نظير ما يقال في التعديل والتجريح، يكفي تعديل واحد للراوي أو لا بد من تعديل اثنين، ومن زكاه عدلان فعدل مؤتمن وصحح اكتفاؤهم بالواحد جرحاً وتعديلاً خلاف الشاهد؛ لأن هذه أمور ديانات تعبدية، تختلف عن أمور الدنيا التي يدخلها ما يدخلها من المؤثرات، نعم وجد من بعض الجهال من يشهد بدخول الشهر وهو يكذب، هذا جهل وحجته في ذلك أنه فاعل خير؛ لأنه خلاَّ الناس يصومون زيادة يوم ويش يضر، هذا فعل خير، وهي نفس الحجة التي يستدل بها من يضع الخبر على النبي -عليه الصلاة والسلام-، من يكذب على النبي -عليه الصلاة والسلام-، يقول: أنه يكذب له ولا يكذب عليه، هذا يؤثر على ما عندنا؟ هذا لا يؤثر؛ لأن هذا مستبعد، مجروح هذا كذاب، المسألة مفترضة فيمن يخبر وهو ثقة، فرمضان الملحوظ فيه التعبد، فهو ملحق بالأخبار والروايات يكفي فيه واحد، بدلالة حديث ابن عمر، يعني بالنسبة لدخول شهر رمضان، هذا يتأثم المسلم أن يثبت دخول شهر عبادة وهو ليس بصادق، يعني إذا اتهم في خروج رمضان ليرتاح من الصيام فإنه لن يتهم في إدخاله والمسألة مفترضة في ثقة، لن يتهم في إدخاله، فيثبت بخبر الواحد كما يثبت الخبر بنقله المضاف إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-؛ فالناس يتعاظمون الكذب على النبي -عليه الصلاة والسلام- فاكتفي بواحد، يتعاظمون أن يدخلوا شهر العبادة من غير مبرر، أو من غير رؤية، كما هنا، لكن بالإمكان أن يشهد شخص أنه رأى هلال ربيع مثلاً، شهر ربيع الأول، لماذا؟ لأن له دين يحل على هذا الشخص بدخول شهر ربيع، أو

لأن امرأة يترقب خروجها من العدة ليتزوجها، يمكن يشهد هذه أمور دنيا، ولذلك يشدد في أمرها؛ لأن فيها مجال للتلاعب، فيطلب لها أكثر من شاهد، ولما كان شهر الصيام شهر العبادة يتعاظم الناس الشهادة للرؤية من غير رؤية حقيقية اكتفي بالواحد، وأيضاً هو احتياط للعبادة، لو أهدرنا شهادة الواحد يمكن يضيع علينا يوم من رمضان، فمن باب الاحتياط للعبادة قلنا يدخل الشهر بواحد ولا يخرج إلا باثنين كغيره من الشهور؛ فالحديث دليل على العمل بخبر الواحد، والنصوص القطعية متضافرة على وجوب العمل بخبر الواحد؛ لأننا ألحقناه بالأخبار هنا، لا بالشهادات، بقية الأشهر شهادات؛ لأنه يترتب عليها أمور دنيوية لا تثبت إلا باثنين، فكذلك وسائلها لا تثبت إلا باثنين، فهذا خبر يخبر بدخول الشهر فيكفي واحد. جاء في حديث عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب وفيه: ((صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته فإن غم عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين يوماً، إلا أن يشهد شاهدان)) مفهومه أن الواحد لا يكفي، لكن حديث ابن عمر من حيث الصناعة أقوى منه، مع ما يشهد من حديث الأعرابي، هذا من جهة، الأمر الثاني: أن دلالة الحديث إلا أن يشهد شاهدان بمفهومه، مفهومه أنه لا يكفي الواحد، وهو معارض بمنطوق حديث ابن عمر، ولا شك أن المنطوق مقدم على المفهوم. وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- ((أن أعرابياً)) منسوب إلى الأعراب، نسبة إلى الجمع على خلاف الأصل لكنه جرى مجرى العَلَم فصحت النسبة إليه، ((جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إني رأيت الهلال، فقال: أتشهد أن لا إله إلا الله؟ قال: نعم، قال: أتشهد أن محمداً رسول الله؟ قال: نعم)) فعلى هذا هو مسلم ثبت إسلامه، ورأى النبي -عليه الصلاة والسلام- فثبتت صحبته فهو صحابي تشمله عموم النصوص التي تزكي الصحابة، فلا يقال أنه شخص مجهول لم يعرف منه إلا أنه نطق بالشهادة، جهالة الصحابي لا تضر، ((قال: فأذن في الناس يا بلال أن يصوموا غداً))، وقلنا أن هذا الحديث لا يسلم من ضعف إلا أنه يشهد له حديث ابن عمر، ويقبل مثله في باب الاستشهاد وإن لم يعتمد عليه بمفرده.

وَعَنْ حَفْصَةَ أُمِّ اَلْمُؤْمِنِينَ -رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهَا-, عَنِ اَلنَّبِيِّ –صلى الله عليه وسلم- قَالَ: ((مَنْ لَمْ يُبَيِّتِ اَلصِّيَامَ قَبْلَ اَلْفَجْرِ فَلَا صِيَامَ لَهُ)) [رَوَاهُ اَلْخَمْسَةُ, وَمَالَ النَّسَائِيُّ وَاَلتِّرْمِذِيُّ إِلَى تَرْجِيحِ وَقْفِهِ, وَصَحَّحَهُ مَرْفُوعًا اِبْنُ خُزَيْمَةَ وَابْنُ حِبَّانَ]. وَلِلدَّارَقُطْنِيِّ: ((لَا صِيَامَ لِمَنْ لَمْ يَفْرِضْهُ مِنَ اَللَّيْلِ)). وَعَنْ عَائِشَةَ -رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهَا- قَالَتْ: ((دَخَلَ عَلَيَّ اَلنَّبِيُّ –صلى الله عليه وسلم- ذَاتَ يَوْمٍ. فَقَالَ: ((هَلْ عِنْدَكُمْ شَيْءٌ?)) قُلْنَا: لَا. قَالَ: ((فَإِنِّي إِذًا صَائِمٌ)) ثُمَّ أَتَانَا يَوْمًا آخَرَ, فَقُلْنَا: أُهْدِيَ لَنَا حَيْسٌ, فَقَالَ: ((أَرِينِيهِ, فَلَقَدْ أَصْبَحْتُ صَائِمًا فَأَكَلَ)) [رَوَاهُ مُسْلِمٌ].

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: وعن حفصة أم المؤمنين -رضي الله تعالى- عنها وعن أبيها عمر ابن الخطاب، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من لم يبيت الصيام قبل الفجر فلا صيام له)) هذا الحديث مما اختلف في رفعه ووقفه، وهو ثابت من قول ابن عمر موقوفاً عليه، وهو أيضاً ثابت من حديث حفصة وأم سلمة، بالرفع إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- وبالوقف عليه، اختلف في رفعه ووقفه، وعلى التنزل بأنه موقوف، له حكم الرفع؛ لأن مثل هذه نفي الصحة عن العبادة، ((من لم يبيت الصيام قبل الفجر فلا صيام له)) لا بد له من توقيف لا يدخله الاجتهاد، علماً بأنه يشمله الحديث المتفق عليه، حديث: ((إنما الأعمال بالنيات)) ومن شرط النية أن تتقدم العبادة؛ لأن الشرط قول المشروط، من شرطها أن تتقدم على العبادة، فالذي لا يبيت الصيام قبل طلوع الفجر والتبييت يكون بالليل، والليل ينتهي بطلوع الفجر، ((من لم يبيت الصيام قبل الفجر فلا صيام له)) فالنية السابقة للعبادة شرط لها، بدلالة حديث عمر -رضي الله تعالى عنه- العام، والأحاديث الخاصة في الصيام، ((من لم يبيت الصيام قبل الفجر فلا صيام له)) الصيام (ال) هذه احتمال أن تكون جنسية، فجنس الصيام جميع الصيام كل الصيام لا يصح إلا إذا نوي قبل طلوع الفجر من الليل، ويحتمل أن تكون عهدية، فالصيام المعهود وهو صيام رمضان ولا مانع من أن تكون اللام هذه أو أل هذه جنسية فيكون جنس الصيام يشترط له تقدم النية قبل طلوع الفجر، لكن عموم هذا الجنس مخصوص بالحديث الذي يليه بالنفل، فمن لم يبيت الصيام إما أن نقول أن (أل) عهدية، والمراد بالصيام الصيام المشترط صيام رمضان وما في حكمه، أو نقول أنها جنسية، الجنسية فيدخل فيها جميع أنواع الصيام سواء كانت لرمضان أو قضاء رمضان، أو نذر أو نفل مقيد أو مطلق، ((لا صيام لمن لم يبيت)) ويكون هذا العموم مخصوص بالحديث الذي يليه.

وعن عائشة -رضي الله تعالى- عنها قالت: ((دخل علي النبي -صلى الله عليه وسلم- ذات يوم فقال: هل عندكم شيء؟ قلنا: لا، قال: فإني إذن صائم)) دخل علينا ذات يوم، يعني في النهار، قال: هل عندكم شيء، قلنا: لا، مفهومه أنهم لو قالوا نعم أكل، قلنا: لا، قال: فإني إذن صائم، ((ثم أتانا يوماً آخر فقلنا: أهدي لنا حيس))، منطوقه أنه أكل، فقال: ((أرينيه فقد أصبحت صائماً فأكل))، لكن مفهومه أنه لو لم يأكل لو لم يجد عندهم شيئاً صام، فمفهوم الجملة الأولى مؤيد لمنطوق الجملة الثانية، ومفهوم الجملة الثانية مؤيد لمنطوق الجملة الأولى، فدلت الجملتان بالمنطوق والمفهوم أن صيام النفل يصح من أثناء النهار، وبهذا يخرج من عموم حديث حفصة السابق، الذي فيه أن الصيام لا يصح إلا أن يبيت من الليل، فيحمل حديث حفصة على الصيام الواجب، ويحمل حديث عائشة على النفل؛ لأنه يتوسع في النفل ما لا يتوسع في غيره، فإذا أمكن أن يحمل كل من الحديثين على وجه فيتم العمل بهما معاً أم أولى من القول بالترجيح أو النسخ والجمع ممكن، لحمل حديث حفصة على الواجب وحمل حديث عائشة على النفل. يقول: ((لا صيام لمن لم يفرضه من الليل)) وهو بمعنى ما تقدم يبيت النية، فالنية شرط لصحة كل عبادة، لكن لا شك أن الاحتياط للواجبات يكون أكثر من الاحتياط للمندوبات، فقد جاء في النوافل من التساهل ما لم يأت نظيره في الفرائض ((ثم أتانا يوماً آخر فقال: أهدي لنا حيس)) الحيس هو التمر مع السمن والأقط، فقال: ((أرينيه))، ليتأكد من وجوده، لئلا يعزم على الفطر قبل أن يوجد المبرر أو ليرى هل إعداده مناسب مما تشتهيه النفس؛ لأن بعض الناس ينوي الفطر ثم بعد ذلك يكون الطعام الذي يريد أن يأكله غير مناسب له؛ لأن الفقهاء ينصون على أن من نوى الإفطار أفطر، شخص مسافر وهو صائم يوم من رمضان، صائم يوم من رمضان، وهو مسافر يجوز له الفطر، دخل مطعم يريد أن يأكل، فرأى الطعام الذي عندهم غير مناسب يفطر أو ما يفطر؟ هنا قال: ((أرينيه)) قبل أن يعقد العزم على الإفطار. طالب:. . . . . . . . .

هو ناوي أن يفطر، لكن هل نقول أن النية هذه تتفاوت هناك مجرد خاطر، مثل ما قال هنا، ((فقلنا: اهدي لنا حيس)) هو ما كان عنده نية يفطر هنا في الجملة الثانية ((أهدي لنا حيس، فقال: أرينيه)) يعني يستحق أن يخرم الصيام من أجله، فقال: (( ... أصبحت صائماً فأكل))، يعني الشخص الذي هو سائر في سفره وميل على المطعم وجد طعام ما يناسبه .. طالب:. . . . . . . . . طيب افترض أنه بيت نفسه أنه إن وجدت طعاماً مناسباً أفطرت وإلا فلا. طالب:. . . . . . . . . هاه. طالب:. . . . . . . . . ناوٍ بالتردد، افترض أنه يقول أن المطعم احتمال ما يصير فيه أكل أصلاً، يقول انتهى. أو نقول أن الفرد يحتاط له فلا يدخله مثل هذا التردد بخلاف النفل؛ لأن الفقهاء ينصون على من نوى الإفطار أفطر، يعني هل الصيام يختلف عن غيره في هذا الحكم؟ شخص متوضأ فأحس أنه في بطنه شيء يريد أن يخرج فعرض نفسه على محل قضاء الحاجة ما خرج شيء، هل انتقض وضوءه أو ما انتقض؟ طالب:. . . . . . . . . كيف. طالب:. . . . . . . . . ما خرج شيء، هذا أراد أحس بجوع أراد أن يأكل ما أكل شيء، يختلف ولا ما يختلف؟ طالب:. . . . . . . . . نعم. طالب:. . . . . . . . . كيف؟ طالب:. . . . . . . . . نص أيش، والنية ما هي بشرط للوضوء؟ طالب:. . . . . . . . . طيب النية ما هو بشرط للوضوء؟ شرط للوضوء. طالب: هي شرط للوضوء لكن. . . . . . . . . أيش من شرط في الحدث؟ طالب:. . . . . . . . . النية تختلف، يعني قطع النية؛ لأن العلماء يشترطون استمرار الحكم دون استمرار الذكر، استمرار الحكم لئلا ينوي قطع العبادة، ولذا لو تردد لو قال أثناء الوضوء غسل وجهه وذراعيه ثم قال: والله أنا أحس بشيء يبي يخرج وعرض نفسه على الدورة ثم وجد شيء؟ يكمل الوضوء ولا يستأنف؟ يلزمه الاستئناف؛ لأن مثل هذا التردد في أثناء الصيام، أما قطع النية بعد الفراغ من العبادة لا أثر له البتة، صام صيام كامل، ثم لما أفطر الناس قال أنا صيامي ذا ما هو بشيء؟ نقول: لا صيامك شيء، تردد قال يمكن أصوم يوم بدله يمكن ما هو مجزئ أو ما هو بشيء، نقول: لا أثر لهذا التردد.

وبعضهم يلتمس شيء لهذا التفريق مما لا يظهر وجهه يقول أن الصيام يدخل فيه بالنية فيخرج منه بالنية بخلاف العبادات الفعلية، ما يخرج منها إلا بفعل لا يكفي النية. على كل حال المسألة تحتاج إلى مزيد تمثيل وتوضيح .. طالب:. . . . . . . . . من أكل فليتم، أو فليصم، ومن لم يأكل فلا يأكل. طالب:. . . . . . . . . معروف، ما كان واجباً، لكن هل يقضى؟ افترض أنه واجب هل يقضى؟ هل له بدل؟ إذا أبطل صيام واجب له بدل لكن عاشوراء مراد معلق بيوم معين، يفوت بفواته فما فيه إلا هذا على أن لزوم الصوم على ما سيأتي تقريره، هل يلزم من بلوغه بحيث ما عرف الناس أن الهلال رؤي إلا في أثناء النهار ثم أمسكوا بقية اليوم، يكفي ولا ما يكفي أم لا بد من القضاء؟ المسألة خلافية .. صبي ما كلف إلا في أثناء النهار، يكفيه هذا الصيام ولا ما يكفيه؟ مجنون أفاق في أثناء النهار؟ مثل صيام من هذا النوع الذي لا بدل له، وهل لزوم العمل بالخبر من بلوغه، من بلوغ المكلف، يكون مثل هذا في الناسخ، هل يلزم من بلوغه المكلف؟ أو من صدوره؟ أنت تعمل بخبر منسوخ، نعم، مكلف ما بلغه الناسخ زال، يعمل بالخبر المنسوخ، ثم بلغه الناسخ، نقول: تقضي ما فاتك صلواتك باطلة، أو حجك أو صيامك باطل اقض ما فاتك؟ أو نقول إنما يلزم العمل من بلوغه، وهنا بلغ في أثناء النهار، من أكل فليتم الصوم، ومن لم يأكل فلا يأكل، خلاص صيام اليوم واجب، هذه مسألة ثانية هذه. طالب:. . . . . . . . . يعني فاتك صيام عرفه تقضيه؟ طالب:. . . . . . . . . شيء معلق بوقت معين، هذا يوم نجى الله فيه موسى وقومه، تصوم هذا اليوم، ولم يثبت أنه قضي. طالب:. . . . . . . . . حتى لو كان موجود ومعلق بوصف ارتفع الوصف. اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك نبينا محمد ...

كتاب الصيام (2)

كتاب الصيام من بلوغ المرام بلوغ المرام - كتاب الصيام (2) الشيخ: عبد الكريم الخضير هذا يقول: هل يجوز شراء ثياب الكفار بعد استعمالها من قبل الكفار؟ إذا غلب على الظن أنهم يزاولون فيها النجاسات فهم في الغالب لا يستنجون، فتلبس بعد غسلها، المسألة معلقة بغلبة الظن، إذا غلب على الظن أنهم غسلوها غسلاً معتبراً قبل بيعها يكفي. يقول: بعض الأوروبيين يقولون: أعيادهم ثابتة التاريخ في السنة الميلادية، أما المسلمون في كل عام يختلفون في وقت دخول رمضان، وكذلك في العيد؟ نعم هذا صحيح، وليس بعيب وليس بقادح، نحن أمة مطالبون بأوامر ونواهي نقف عندها، ولا عيب في ذلك، بل هذا مما يمدح به المسلمون؛ لأنه إذا أمر بأمور مختلفة غير ثابتة ودار مع هذه الأوامر في عسره ويسره، ومنشطه ومكرهه، على مراده وعلى خلاف مراده، هذا لا شك أنه أكمل. هذا قال: أسائلكم بالله أن تجيبوا على هذا السؤال لما له من أهمية يقول: شخص مبتلى بكلام الفتيات والحديث معهن الساعات الطوال علماً بأنه متزوج وعنده أطفال، وأنه يريد الخلاص والتوبة والرجوع إلى الله تعالى، بما تنصحونه، وأرجو الدعاء؟ على كل حال الكلام مع النساء الأجنبيات لا شك أنه وسيلة وباب لشر مستطير وخطر عظيم، فعليك، بل يجب عليك فوراًَ أن تقطع هذه المكالمات، وأن توصد جميع الأبواب الموصلة إليها، ولا تعرض نفسك للفتن، إذا كان الكلام مع المرأة الأجنبية محرم إلا بقدر الحاجة، فإذا دعت الحاجة إلى مكالمة النساء بقدر الحاجة، يعني امرأة تستفتي تجاب، ولا يزاد على ذلك، ولا يسترسل معها، إلا بقدر ما يتطلبه السؤال من جواب، وجمع من أهل العلم ينصون على أن صوت المرأة عورة، لا يجوز أن تسمعه الرجال؛ لكن بقدر الحاجة لا بأس به، ومع أمن الفتنة بهذا القيد، بالحاجة ومع أمن الفتنة، فإذا دعت الحاجة إلى مخاطبة الرجال والفتنة غير مأمونة فإنه حينئذ لا يجوز لها أن تخاطب الرجال؛ لأن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح.

فعليك أن تبادر فوراً بقطع الحديث معهن، وسد جميع الأبواب الموصلة إلى ذلك، وعليك أن تكتفي بما أباحه الله لك لئلا تسلب هذه النعمة، تعاقب بسلب هذه النعمة، وتبتلى في زوجك في بناتك في أخواتك، يعني ما شعورك أنت وأنت تدخل والمرأة تخاطب رجال على خفية منك، أو بنتك أو أختك تصور هذا، بل الغالب أن الجزاء من جنس العمل، والوفاء من الأهل إن لم يكن من النفس، فالمقصود أن عليك أن تتقي الله -جل وعلا- في بنات المسلمين وفي أعراضهم، وتراقب الله -جل وعلا- في السر والعلن. بالنسبة للنية في الصيام وعرفنا أنها شرط في صحته، سيما الفرض، وأنها لا بد أن تكون من الليل، لا بد من تبييتها من الليل، قد يقول قائل مثلاً: هل يشترط في كل يوم بعينه أن تنوى نيته من الليل، أو يكفي نية واحدة لرمضان كله؟ فقط مثل هذا السؤال ما يحتاجه إلا شخص يحتاج أن يلفظ بالنية، ويستحضر النية، مجرد عزمك على صوم رمضان كاملاً وأنت مسلم وصمته مراراً وسنين وناوي تصومه كاملاً هذه هي النية، قصدك لمحل الوضوء ومثولك أمام مصدر الماء، وفتح الماء على يديك وعلى وجهك هذه هي النية، وقوفك في الصف وتكبيرتك تكبيرة الإحرام، لماذا جئت إلى المسجد؟ هذه هي النية، ولا يشترط قدر زائد على ذلك، هذه هي النية. لكن منهم من يقول: أننا نحتاج إلى أن نجدد النية في كل ليلة؛ لأن صيام كل يوم عبادة مستقلة، فيحتاج كل يوم إلى نية. نقول: الحاجة هنا داعية إلى عدم قطع النية، أما استمرار النية واستمرار ذكر النية فلا سبيل إلى الحاجة إليه، يعني مثل ما قلنا: في الوضوء يشترط استصحاب الحكم، نويت أن تسافر الليلة مثلاً، الليلة صيام نعم، فأنت قطعت نية الصيام، نويت أن تسافر وتفطر في سفرك أنت قطعت فتحتاج إلى تجديد النية، إذا عدلت عن رأيك وعن سفرك. أما ما دمت مقيماً صحيحاً عازم على صيام رمضان كامل هذه هي النية، والذي يقول: رمضان عبادة واحدة يستحضر النية في أول ليلة وخلاص ويكفي، وهذا هو الأصل نعم.

وعن سهل بن سعد -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر)) متفق عليه، وللترمذي من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((قال الله -عز وجل-: أحب عبادي إلي أعجلهم فطراً)) وعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((تسحروا، فإن في السحور بركة)) [متفق عليه]. وعن سلمان بن عامر الضبي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إذا أفطر أحدكم فليفطر على تمر فإن لم يجد فليفطر على ماء فإنه طهور)) [رواه الخمسة وصححه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم]. الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. يقول المؤلف -رحمه الله-: وعن سهل بن سعد -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر)) وفي رواية: ((وأخروا السحور)) فتعجيل الفطر سنة، ((ولا يزال الدين ظاهراً -كما جاء في الرواية الأخرى- ما عجل الناس الفطر وأخروا السحور)) وإذا كان الدين ظاهراً فالناس بخير بلا شك، الناس بخير مازال الدين ظاهر.

((ما عجلوا الفطر، وأخروا السحور)) الصيام عبادة محددة بوقت محدد شرعاً، من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، فمن تقدم في سحوره على طلوع الفجر لا شك أنه أخطأ السنة، وإن قصد بذلك الاحتياط للعبادة، ولا مبرر لهذا الاحتياط بأن لا يكون ممن يعرف طلوع الفجر، وليس عنده من يعرف فحينئذ الاحتياط في العبادة مطلوب؛ لكن إذا وجد في مكان يعرف فيه الوقت بدقة مثل هذا لا داعي للاحتياط؛ لأنه مخالف للتوجيه الشرعي، وبعضهم يعجل السحور من باب الاحتياط للعبادة على حد زعمه، ويؤخر الفطر كذلك احتياطاً للعبادة، والمعروف أن الاحتياط إنما يطلب عند احتمال الوقوع في المخالفة، أما إذا أدى الاحتياط إلى ارتكاب محذور أو ترك مأمور فالاحتياط في ترك هذا الاحتياط، فالمطلوب تعجيل الفطر بمجرد غروب الشمس، وسقوط القرص ((إذا أقبل الليل من هاهنا، وأدبر النهار من هاهنا، وغربت الشمس فقد أفطر الصائم)) هذا وقت الفطر الشرعي، إذا احتاط على حد زعمه وأخر الفطر إلى أن يصلي المغرب مثلاً أو مع ذلك آخر المغرب، هذا لا شك أنه قدر زائد على المشروع، والذي يزيد على المشروع لا شك أنه يدخل في حيز الابتداع، إذا ألحقه بالمشروع، إذا رأى أن فعله أكمل من فعل النبي -عليه الصلاة والسلام-، أو أكمل مما وجه إليه النبي -عليه الصلاة والسلام- دخل في حيز الابتداع. جاءت العلة مبينة في بعض الروايات في تعجيل الفطر بعدم مشابهة اليهود والنصارى؛ لأن اليهود والنصارى يؤخرون الإفطار إلى اشتباك النجوم، ويوجد ممن ينتسب إلى الإسلام من يؤخر صلاة المغرب والفطر إلى اشتباك النجوم، تشبهاً باليهود والنصارى، نسأل الله السلامة والعافية.

في قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((إذا أقبل الليل من هاهنا، وأدبر النهار من هاهنا، وغربت الشمس فقد أفطر الصائم)) هل نقول: أنه أفطر حقيقة أو حكماً؟ أو أنه دخل وقت الفطور؟ نعم، دخل في وقت الفطور، (أفطر) يعني: دخل في وقت الفطور بدليل لو كان قد أفطر ما صار لمثل هذه النصوص فائدة، الأمر بتعجيل الفطر وهو أفطر، ولا صار للنهي عن الوصال فائدة أيضاً، ولكن المراد بقوله: ((فقد أفطر الصائم)) أي دخل وقت فطره شاء أم أبى؛ لكن عليه أن يعجل كما جاء في التوجيهات التي سمعنا، ((لا يزال الدين ظاهراً ما عجل الفطر وأخروا السحور)) ولا شك أن هذا من باب يسر هذا الدين، وقطع الطريق على كل من أراد أن يكلف نفسه ويشق عليها، والله -جل وعلا- عن تعذيب الإنسان نفسه غني. وللترمذي من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((قال الله -عز وجل-: أحب عبادي إلي أعجلهم فطراً)). ولا شك أن هذا يشهد معناه للحديث السابق؛ لكن الحديث السابق في الصحيحين، وهذا فيه ضعف ((أحب عبادي إلي أعجلهم فطراً)) ولا شك أن من يقتدي ويأتسي بالنبي -عليه الصلاة والسلام- ويلتزم الأوامر ويجتنب النواهي، ويتجه بالتوجيهات ويلتزمها لا شك أنه محبوب عند الله -جل وعلا-، فالمعنى صحيح. وعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((تسحروا فإن في السحور بركة)) [متفق عليه].

(تسحروا) الأمر بالسحور أمر إرشاد، والعلة تدل على ذلك، تحصيل البركة المرتبة عليه، فالسحور مستحب لهذا الأمر؛ لأن الأصل في الأكل ما لم يؤدِ إلى ضرر الإنسان، أنت تفترض شخص فيه جميع .. افترض في المسألة جميع الأحوال، شخص قام قبيل الفجر وهو متخم أكثر من الأكل، حمل نفسه ما لا تطيق، ثم قام إلى وقت السحور يعني المسألة مسألة أكل ((تسحروا)) وجاء ((نعم السحور التمر)) ((هلموا إلى الغداء المبارك)) لا شك أن السحور مبارك؛ لكن يبقى أنه يأخذ حكم الأكل إضافة إلى ما يدعمه مما جاء في السحور على وجه الخصوص، شخص متخم بالأكل، أو شخص يضره الأكل نقول: هذا يتسحر بأقل قدر يطلق عليه السحور، ولو بتمرة، وكأس من الماء مثلاً أو اللبن، وإذا كان بحاجة إلى الأكل اتجه إليه الأمر به، ففرق بين من يضره الأكل، ومن يضره ترك الأكل، فيعود إلى حكم الأكل الأصلي إلا أن القدر الذي يطلق عليه أنه سحور بحيث يقطع الوصال هذا فيه بركة، ويعين على ما أمامه من ساعات النهار ((فإن في السحور بركة)) ولا شك أن إتباع السنة، ومخالفة أهل الكتاب بركة، ((فصل ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب أكلة السحر)) ففيه إتباعاً للسنة، وفيه أيضاً مخالفة لأهل الكتاب. وعن سلمان بن عامر الضبي -رضي الله تعالى عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إذا أفطر أحدكم فليفطر على تمر)) طيب ((لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر وأخرا السحور)).

ذكر الإمام مالك في الموطأ عن حُميد بن عبد الرحمن "أن عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان كانا يصليان المغرب إذا رأيا سواد الليل قبل أن يفطران ثم يفطران" هذا فيه تعجيل أو فيه تأخير؟ تأخير، هذا مخالف للنص وإلا غير مخالف؟ منهم من يقول: أن المخالفة للنص التأخير الذي يصل إلى حد اشتباك النجوم، الذي هو تأخير أهل الكتاب؛ لكنه لا شك أنه تأخير، فالمطلوب المبادرة والعجلة في الإفطار، هذا هو المطلوب، وما عدا ذلك تأخير، فماذا يقال عما نقل عن عمر وعثمان -رضي الله عنهما- حميد بن عبد الرحمن، أن عمر بن الخطاب وهو لم يدرك عمر، فهو يحكي قصة لم يشهدها، وأما إدراكه لعثمان فهو بين، ولكنه ما قال: رأيت عمر وعثمان، قال: أن عمر وعثمان، ولم يقل: رأيت عمر وعثمان، فالخبر لا شك أنه فيه ما فيه، والعبرة بالمرفوع، والذي يغلب على الظن أنه لم يثبت عنهما، والثابت عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه لم يصلِ المغرب يوماً ما إلا بعد فطره. وعن سلمان بن عامر الضبي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إذا أفطر أحدكم فليفطر على تمر، فإن لم يجد فليفطر على ماء فإنه طهور)) رواه الخمسة وصححه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم، وقال الحاكم: على شرط البخاري؛ لكنه مضعف عند أهل العلم؛ لأنه مروي من طريق عمران بن حصين أيضاً فيه ضعف، وهذا الحديث حديث سلمان أيضاً فيه ضعف، فالمقصود أنه لم يثبت من قوله -عليه الصلاة والسلام-، وإن ثبت من فعله.

نعم صحيح من فعله أنه -عليه الصلاة والسلام- كان يفطر على رطبات، فإن لم يجد فعلى تمرات، فإن لم يجد حسا حسوات من ماء، المقصود أنه ثابت من فعله -عليه الصلاة والسلام-، وأما من قوله ففيه ضعف، وعلى هذا السنة أن يفطر الإنسان على التمر والرطب أفضل، إن لم يجد فعلى التمر، فإن لم يجد فعلى الماء، ولا شك أن المعدة إذا كانت فارغة، إذا فرغت وخلت من الطعام ينفعها الطعام الحلو، والماء الذي يهيئها للأكل الذي يليه، ولا شك أن التوجيه إلى التمر مع ما عرف عنه من المنافع العظيمة للبدن، بجميع أجزائه وأطرافه، فليحرص عليه، وبعض الناس يفطر على أي شيء ما يهمه المائدة أمامه ويتخير منها ما شاء، فعلى المسلم أن يعنى بما ثبت عن النبي -عليه الصلاة والسلام- لا سيما وأنه فيه منفعة لبدنه. وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: "نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن الوصال، فقال رجل من المسلمين: فإنك تواصل يا رسول الله، فقال: ((وأيكم مثلي؟ إني أبيت يطعمني ربي ويسقيني)) فلما أبوا أن ينتهوا عن الوصال، واصل بهم يوماً ثم يوماً، ثم رأوا الهلال، فقال: ((لو تأخر الهلال لزدتكم)) كالمنكل لهم حين أبوا أن ينتهوا" [متفق عليه]. نعم يقول المؤلف -رحمه الله-: وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: "نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن الوصال ... " رفعه إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- لا إشكال فيه؛ لأنه صرح بالناهي وهو بمثابة (لا تواصلوا) خلافاً لمن زعم أنه لا يحتج به، حتى ينقل اللفظ النبوي، وهذه المسألة مرت بنا مراراً؛ لكن لا عبرة بهذا القول.

نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن الوصال: وهو صوم أكثر من يوم دون أن يتخلله فطر في الليل، هذا هو الوصال، فقال: "فإنك تواصل يا رسول الله" هذا الرجل لم يوقف على اسمه وترك، يترك مثل هذا لأن ذكره لا يترتب عليه فائدة، فإنك تواصل يا رسول الله، الآن الحاجة داعية لمثل هذا الكلام وإلا ليست داعية؟ يعني ما في إشكال بين تعارض القول والفعل؟ في إشكال، فالحاجة داعية؛ لأنه لو لم تدعو الحاجة لمثل هذا فمواجهة النبي -عليه الصلاة والسلام- بمثل هذا الكلام نهى عن الوصال أنت تواصل، نعم ما يوحي بشيء من سوء الأدب مع النبي -عليه الصلاة والسلام- أن يرد فعله بقوله؟ لكن الحاجة داعية لهذا، لأن قوله تشريع وفعله تشريع، فبأيهما نعمل؟ أراد أن يستفهم الصحابي -رضي الله عنه- فقال: ((وأيكم مثلي)) النبي -عليه الصلاة والسلام- يختلف عن غيره ((إني أبيت يطعمني ربي ويسقيني)) هذا الطعام لا يخلو إما أن يكون حقيقياً أو معنوياً، وهل حقيقة الطعام المذكور لغوية أو عرفية أو شرعية؟ يعني طعام حقيقي، لكن ليس من حقيقة الطعام الشرعية المؤثرة في الصوم الأكل والشرب فيما يؤكل حقيقة؟ الأكل حينما يمنع الصائم من الأكل، لو نزل الصائم في أثناء إلى المكتبة وقرأ في كتب العلم وقال: أنا أكلت وشربت، هذا الغذاء الروحي، نقول: أفطرت أو لا؟ طالب:. . . . . . . . . لكن لو أكل، قلنا: أكل أكل حقيقي شرعاً وإلا عرفاً؟ الظاهر أنكم ما فهمتم مقصودي. لأنه عندنا الكلام لا بد له من حقيقة والأصل الحقيقية، خلافاً لمن يقول بالمجاز، الذي يقول بالمجاز ما عنده أدنى مشكله في الحديث، يقول: أطلق عليه الطعام مجازاً وانتهى من الإشكال؛ لكن هنا حينما يقول: ((يطعمني ربي ويسقيني)) هل نقول أن هذه حقيقة لغوية؟ هل يوجد في لغة العرب ما يدل على هذا؟ نعم، هل هناك حقيقة عرفية بمعنى أنك يمكن أن تقرأ في الكتب النافعة وتستغني به عن الطعام؟ لأن المرجح عند ابن القيم أن هذا الطعام والشراب ما يفاض عليه من الغذاء الروحي من الله -جل وعلا-.

لا شك أن الإنسان قد يحس من نفسه أنه في بعض الأوقات إذا قرأ قراءة مفيدة ونافعة واستغرق معها، أنه ليس بحاجة إلى طعام ولا شراب، هذا يدركه كل أحد، بحيث لو قدم الطعام وهو بأمس الحاجة إليه قبل أن يشرع في القراءة كان أشوق الناس إليه؛ لكن لما صار يقرأ استغنى عنه، هذه لذة يدركها الناس كلهم، يدركها طلاب العلم على وجه الخصوص؛ لكن يبقى أن نريد أن نطبق الحقائق الثلاث التي لا رابع لها على الطعام والشراب المذكور، يعني يوجد في لغة العرب طعام وشراب غير المأكول والمشروب؟ لا يوجد، يوجد في حقيقة الناس وعرفهم شيء غير المأكول والمشروب؟ لا يوجد. طالب:. . . . . . . . . كيف أكل المر، يأكل المر إيش يصير؟ طالب:. . . . . . . . . إيه لكن هل إطلاق هذا من باب الحقيقة التي تعارف عليها الناس أو من باب المجاز استعمال الشيء في غير ما وضع له؟ طالب:. . . . . . . . . خلي إننا ننكر المجاز، هنا الإشكال عند من يقول بعدم وجود المجاز، كيف يتخلص من مثل هذا الحديث؟ المترجح عندنا وعند علمائنا وشيوخنا وأهل التحقيق من أهل العلم أنه لا مجاز، ونتفق على هذا، لكن أنا أريد أن أطبق الحقائق الثلاث على النص، يعني هل لغة العرب فيها ما يحتمل مثل هذا الكلام؟ أو نقول: أنها حقيقة شرعية، مع أن الأكل الحقيقي حقيقة شرعية، يعني الأكل الحقيقي تتوافر عليه الحقائق الثلاث، هذا وعاء، وهو أيضاً إناء، وتتوافق فيه الحقائق الثلاث: لغة وعاء، عرفاً وعاء، شرعاً وعاء، نعم، أيضاً الأكل والشرب الحسي تتفق فيه الحقائق الثلاث؛ لكن لما تقول: ابن آدم وعاء، الله -جل وعلا- هو الذي يضع فيه هذه العلوم والمعارف والأخلاق المحاسن والمساوئ إيش تصير هذه؟ أقول: قد تأتي الحقيقة الشرعية لأكثر من معنى، ورددنا مراراً المفلس مثلاً، المفلس حقيقة شرعية أنه هو الذي يأتي بأعمال أمثال الجبال ويأتي وقد شتم هذا وضرب هذا، وأكل مال هذا، وقذف هذا، هذه حقيقة شرعية، جاءت في الحديث الصحيح.

وحقيقة شرعية أخرى، أنه لا درهم له ولا متاع، في باب الحجر والتفليس له حقيقة، وفي باب الترهيب من ظلم الناس له حقيقة، فيكون له أكثر من حقيقة، وهنا نقول: للأكل والشرب أكثر من حقيقة شرعية؛ لأن مثل هذا النص نلزم به من يقول بالمجاز، يقول: ما نتفق على الحقائق الثلاث كلها الأكل والشرب المحسوس؟ نقول: لا، نتفق على هذا أيضاً من حقيقته الشرعية الأكل المعنوي؛ لأنه لو كان أكل حسي ما ثبت أنه صائم، ما صار مواصل لو كان أكل حسي، إذاً ليس بأكل حسي، هو أكل معنوي، وهذا الأكل المعنوي حقيقة شرعية بدلالة هذا النص، مثل ما قلنا في المفلس. الحديث فيه دليل على أن الوصال من خصائص النبي -صلى الله عليه وسلم-، والأصل في النهي التحريم، نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن الوصال؛ لكن حمله كثير من أهل العلم على أنه للكراهة. نعم لماذا؟ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- واصل بهم، فلما أبوا أن ينتهوا عن الوصال واصل بهم يوماً ثم يوماً لأنه لو كان الوصال محرماً ما أدبوا بهذا المحرم، فلما أدبوا به عرف أنه جائز؛ لكنه خلاف الأولى ويكون هذا صارف عن النهي من التحريم إلى الكراهة. ومن أهل العلم من يرى أن الأمر والنهي إذا جاء من أجل الشفقة على المأمور أو على المنهي فهو للاستحباب، حينما قال النبي -عليه الصلاة والسلام- لعبد الله بن عمرو: ((اقرأ القرآن في سبع ولا تزد)) نقول: يحرم على ابن عمر أن يزيد على أن يقرأ القرآن في أقل من سبع؟ أو نقول: هذا من باب الرأفة به والشفقة عليه مع جواز غيره؟ فيكون النهي للكراهة، وعامة أهل العلم على أنه تجوز قراءة القرآن في أقل من سبع، وكأنهم جعلوا الصارف ما ذكر من أن الأمر من أجل الشفقة على المأمور والنهي من أجل الشفقة على المنهي. ((وأيكم مثلي فإني أبيت يطعمني ربي ويسقيني)) فلما أبو أن ينتهوا من الوصال واصل بهم يوماً ثم يوماً ثم رأوا الهلال، فقال: ((لو تأخر الهلال لزدتكم)) كالمنكل لهم حين أبوا أن ينتهوا" متفق عليه. هذا يدل على أن الوصال جائز أو حرام، وإلا مكروه، يعني هل يمكن أن يؤدب الإنسان بمحرم؟ طالب:. . . . . . . . .

محرم يؤدب الإنسان بمحرم ممكن؟ محرم، محرم يعني حصل من إنسان مخالفة نعم فعزر بشيء حرام، افترض أنه شرب خمراً ثم شرب، ثم شرب ثم جلد وهكذا فلم ينتهِ فقيل: اسقوه سماً، مثلاً أو افعلوا معه فعلاً محرماً، من باب التنكيل، أهل العلم يقولون: أن فعل النبي -عليه الصلاة والسلام- واصل بهم يوماً ثم يوماً صارف للنهي من التحريم إلى الكراهة. جاء الترخيص بالوصال إلى السحر ((فأيكم أراد أن يواصل فليواصل إلى السحر)) وهذا أسلوب لا شك أنه لا يدل على الاستحباب، وإنما يدل على الترخيص، وذلك لمخالفته تعجيل الفطر؛ لكنه من واصل إلى السحر هل يسمى وصال وإلا ما يسمى وصال؟ (فليواصل) سماه النبي -عليه الصلاة والسلام- وصال؛ لكنه وصال نسبي، وصال لهذه المدة الطويلة؛ لكنه ليس وصالاً بين يومين متواليين. بعض الناس يضرب عن الطعام على حد زعمه أنه يتوصل بذلك إلى إخراج حقه من خصمه، يواصل اليومين والثلاثة والعشرة والأكثر، يسميه إضراب عن الطعام، وهو ليس بشرعي، يعني ما عرف إلا أن أم سعد بن أبي وقاص رفضت أن تأكل أضربت عن الطعام حتى يرتد ابنها، واصلت وأضربت عن الطعام وقال: "لو أن لها روح تخرج ثم روح تخرج ثم ... ما أرتد" -رضي الله عنه- فكانوا يفتحون فمها بعود ليدخلوا فيه الطعام. فليس لائق بالمسلمين أن يفعلوا مثل هذا، وليس من صنيعهم، ولا عرف عنهم هذا، ليس من الحلول الشرعية أن يترك الإنسان ما أوجب الله عليه، ويعرض نفسه للهلاك، يوجد عند بعض طوائف الصوفية الامتناع عن الأكل على حد زعمهم أربعين يوماً، وأنهم يحصل لهم من الفيوض والكشوف مكاشفات والعلوم والمعارف مالا يحصل لغيرهم بهذه الرياضة على حد زعمهم، الحافظ الذهبي أشار إلى مثل هذا في مواضع من السير وقال: إنه ضرب من الهلوسة، الإنسان إذا جاع واشتد جوعه لا شك أنه يترآى له أمور وخيالات نعم، ويقر في قلبه شيء من الهذيان، وقد يسمع غير مسموع، وقد يتكلم بكلام لا معنى له، يسمونها فيوض، وهذا خلاف الشرع، إذا كان الوصال بين يومين منهي عنه فكيف بما زاد على هذه المدة؟ إيش النتيجة.

على كل حال الأمور تقدر بقدرها إذا لم يكن وسيلة لاستخراج الحقوق أو فيه نكاية في عدو وما أشبه ذلك، المسألة أظن أصلها غير شرعي، وبعد ذلك ينظر في حقيقتها على حسب ما تجلبه من مصالح؛ لكن أصلها غير شرعي. يقول ابن القيم: "المراد ما يغذيه الله -في قوله: ((يطعمني ويسقيني)) - ما يغذيه الله به من عارف ويفيض على قلبه من لذة المناجاة، وقرة عينه وقربه وتنعمه بحبه وشوقه إليه" إلى غير ذلك، لا شك أن هذا غذاء روحي؛ لكن في الاكتفاء به عن غذاء البدن يحتاج إلى أن يصل الإنسان إلى أن يبيت عند ربه، يعني هذا قد يكون من خواصه -عليه الصلاة والسلام-، بل هو من خواصه، لا يمكن أن يصل الإنسان إلى هذه الدرجة. وعنه -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه)) [رواه البخاري وأبو داود واللفظ له]. وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يقبل وهو صائم، ويباشر وهو صائم، ولكنه كان أملككم لإربه" متفق عليه، واللفظ لمسلم وزاد في رواية "في رمضان". يقول المؤلف -رحمه الله تعالى- وعنه من؟ أبي هريرة صحابي الحديث السابق، -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((من لم يدع قول الزور)) والكذب ((والعمل به والجهل)) والسفه، وسقط القول، ((فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه)) وفي رواية: ((الرفث)). في الحديث الصحيح ((الصيام جنة، فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يفسق)) والرفث الجماع ودواعيه وقيل: هو الكلام في النساء مع المواجهة لهن به، يعني إذا كان الكلام في الجماع ودواعيه مما يواجه به النساء، هذا هو الرفث، أما إذا كان هذا الكلام موجه إلى رجال ليس بحضرة نساء فلا يدخل في الرفث، وهذا معروف عن ابن عباس فيما نقله المفسرون وأهل اللغة، والمعتبر عند أهل العلم أن الرفث: الجماع والكلام فيه والحديث عنه، وما يتعلق به.

((من لم يدع قول الزور)) يدع: فعل مضارع مستعمل والأمر مستعمل أيضاً، ((دع ما يريبك)) والمصدر مستعمل ((لينتهين أقوام عن ودعهم الجمعات)) أم الماضي (ودع) فقد أميت، كما نص على ذلك غير واحد من أئمة اللغة، أميت ماضيه واستغني عنه بتَرَكَ، قريء في الشواذ: (ما ودَعَك ربك) يعني ما تركك؛ لكنها قراءة شاذة. ((من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل فليس لله حاجة)) مفهومه أن من ترك هذه الأمور أن الله -جل وعلا وتعالى وتقدس- له حاجة في صيامه، والله -جل وعلا- هو الغني، ((يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل منكم ما نقص ذلك من ملكي شيئاً)) فلا شك أن المفهوم غير مراد. ((من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه)) هذه الأمور هل تبطل الصيام أو تذهب الأثر المترتب عليه؟ بمعنى أنه لا أجر له، صيامه غير مقبول، ولا يعني أنه غير صحيح بل يؤمر بإعادته، صيامه لا تترتب عليه آثار، بل على الإنسان أن يصوم الصيام الشرعي المورث للتقوى، أما الصيام الأجوف الشكلي الظاهري الذي يزاول صاحبه في أثناءه ما حرم الله -جل وعلا- هذا ليس بصيام، وإن كانت صورته صورة الصيام، وإن كان مجزئاً مسقطاً للطلب؛ لكن الآثار من أعظمها تقوى الله -جل وعلا-، ما ترتبت عليه، ولهذا مثل هذا الصيام وجوده كعدمه في حياة المسلم الصائم. وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقبل وهو صائم، ويباشر وهو صائم؛ ولكنه كان أملككم لإربه" متفق عليه، واللفظ لمسلم، وزاد في رواية: "في رمضان".

القبلة للصائم لا شك أن الصائم ممنوع من الجماع، وما يؤديه إليه من باب منع الوسائل؛ لكن مجرد القبلة التي لا أثر لها في الصيام، ولا تتسبب في إبطاله، بأن يخرج منه شيء، يخل في الصيام شبهها النبي -صلى الله عليه وسلم- في حديث عمر بالمضمضة، الصائم يتمضمض والمضمضة مظنة لانسياب شيء إلى بطنه إلى جوفه؛ لكنها لذاتها لا تمنع، وكذلك القبلة لذاتها لا تمنع، لذاتها لا تمنع، أما إذا أدت إلى خدش الصيام أو غلب على الظن أنها تؤدي إلى إبطاله فلا، ثبت أن النبي -عليه الصلاة والسلام- قبل من نسائه أم سلمة، وحفصة، وعائشة، حصل التقبيل منه -عليه الصلاة والسلام-؛ لكن كما قالت عائشة: "ولكنه كان أملككم لإربه" والإرب هو حاجة النفس من الوطء، ومنهم من يقول: "أملككم لعضوه" بحيث لا يترتب عليه خروج شيء من هذا العضو، لكن لو قبل الإنسان ثم أنزل أو قبل فأمذى؟ عند الحنابلة لا فرق سواءً أمنى أو أمذى يبطل صومه وغيرهم يقول: لا إن أمنى بطل صومه لأنه شهوة، وإن أمذى فلا، الأصل أن الصيام يبطل بالجماع؛ لكن يلحق بالجماع ما يحصل فيه اللذة، ولذا جاء في الحديث الصحيح ((يدع طعامه وشرابه وشهوته من أجلي)) أما المذي فليس به شهوة فلا يبطل الصيام؛ لكن على الإنسان أن يحتاط لدينه. وجاء في حديث النعمان في اتقاء الشبهات: ((من حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه)) وجاء التفريق بين الشاب والشيخ فرخص للشيخ ولم يرخص للشاب، أما بالنسبة للمرفوع فضعيف، وأما ما ثبت عن ابن عباس فصحيح، التفريق لا شك أن الدواعي بالنسبة للشاب أشد، والتأثر بالنسبة للشاب أشد، بخلاف الشيخ، ولذا جاء الأمر بالزواج موجه إلى الشباب: ((يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج)) وليس معنى هذا أن الشيخ لا يتزوج، يتزوج؛ لكن الداعي عنده أقل، فعلى الإنسان أن يحتاط لدينه. أما أصل المسألة فلا شيء فيه؛ لأنه ثبت عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه قبل، فمجرد التقبيل لا بأس به، واستحبه أهل الظاهر اقتداءً بالنبي -عليه الصلاة والسلام- لكن هو على حسب ما يترتب عليه.

قد يقول قائل: الوسائل لها أحكام المقاصد، نهينا عن الاستنشاق ((وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائماً)) والاستنشاق وسيلة إلى دخول الماء إلى الجوف، والقبلة وسيلة، نقول: الاستنشاق وسيلة يغلب على الظن حصول الغاية معه، بينما القبلة لا يغلب على الظن حصول الغاية معه، ولو غلب على الظن حصول الغاية معها لمنعت. "يقبل وهو صائم، ويباشر وهو صائم" يباشر: يعني يمس البدن من غير حائل، وليس معنى هذا أنه يطأ في ما دون الفرج هذه مباشرة؛ لكن الوطء هذا يحصل به الإنزال، والإنزال مبطل للصوم؛ لكن المباشرة المقصود بها: مس البدن من غير حائل "ولكنه كان أملككم لإربه" فعائشة تثبت أن النبي -عليه الصلاة والسلام- كان يقبل لكن عنده ما يمنعه مما يخدش الصوم. أيضاً يمنع الصائم مما يمنع منه غيره، فإذا كان قول الزور والعمل به والجهل والرفث ممنوع في غير وقت الصيام يتأكد منعه في حال الصيام؛ لأن مضاعفة الذنوب لا تضاعف؛ لكنها تعظم بسبب شرف الزمان والمكان، وقل مثل هذا في النظر إلى النساء محرم في كل وقت، والرجل مأمور بغض البصر سواءً كان النساء على الطبيعة أو على الشاشات أو في صور الصحف والمجلات، المقصود أنه ممنوع من النظر إلى النساء الأجنبيات، بل هو مأمور بغض البصر، وإذا كان هذا في غير رمضان، كان المنع منه في رمضان أشد، والعقوبة فيه أغلظ، نسأل الله السلامة والعافية. وبعض الناس يسترسل في هذه الأمور، ويتعرض لإبطال صومه، بل لإبطال صلاته، أحياناً ينظر في هذه الشاشات وفي هذه القنوات وفي هذه الصورة ثم إذا مثل بين يدي ربه -جل وعلا- خرج منه ما يخرج، هذا كثير، لا سيما عند الشباب، فعلى الإنسان أن يبعد عن مواطن التهم، الموطن التي تخدش دينه، يبعد عما حرم الله عليه، ويتقي الله -جل وعلا-، حب وتتذلل لله -جل وعلا-، وليس بحر، كما يردد بعض الناس، أبداً ليس بحر، بل هو عبد لله -جل وعلا-، خلق لهدف عظيم، وغاية عظمى، وهي العبادة، تحقيق العبودية بعض الناس يرددون أبداً الناس أحرار، نعم الناس أحرار من رق العباد، أما من رق الخالق فهم عبيد، وخلقوا للعبادة، فلتجري عليهم الأحكام.

وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- "أن النبي -صلى الله عليه وسلم- احتجم وهو محرم، واحتجم وهو صائم" رواه البخاري، وعن شداد بن أوس أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أتى على رجل بالبقيع وهو يحتجم في رمضان فقال: ((أفطر الحاجم والمحجوم)) [رواه الخمسة إلا الترمذي وصححه أحمد وابن خزيمة وابن حبان]. وعن أنس بن مالك قال: "أول ما كرهت الحجامة للصائم أن جعفر بن أبي طالب احتجم وهو صائم فمر به النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: ((أفطر هاذان)) ثم رخص النبي -صلى الله عليه وسلم- بعد في الحجامة للصائم، وكان أنس يحتجم وهو صائم، رواه الدارقطني وقواه. وعن عائشة -رضي الله عنها- "أن النبي -صلى الله عليه وسلم- اكتحل في رمضان وهو صائم" رواه ابن ماجه بإسناد ضعيف، وقال الترمذي: لا يصح في هذا الباب شيء. قال المؤلف -رحمه الله-: وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- "أن النبي -صلى الله عليه وسلم- احتجم وهو محرم، واحتجم وهو صائم" هما جملتان، ومنهم من يجمع الجملتين، ويقول: احتجم وهو محرم صائم، لكن هل ثبت أن النبي -عليه الصلاة والسلام- أحرم وهو صائم؟ صام عام الفتح في رمضان فلما بلغ الكديد، أو كراع الغميم، أو عسفان أفطر. ((واحتجم وهو صائم)) ثبت عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه احتجم وهو صائم، وأيضاً ثبت عنه أنه احتجم وهو محرم، في هذا دليل على قول الجمهور بأن الحجامة لا تؤثر في الصيام، لا تؤثر في الصيام. ماذا عن حديث شداد؟ شداد بن أوس -رضي الله عنه- أن النبي -عليه الصلاة والسلام- أتى على رجل بالبقيع، البقيع هذه غير محفوظة؛ لأن القضية كانت بمكة عام الفتح، النبي -صلى الله عليه وسلم- أتى على رجل وهو يحتجم في رمضان فقال: ((أفطر الحاجم والمحجوم)) رواه الخمسة إلا الترمذي وصححه أحمد وابن خزيمة وابن حبان، احتجم النبي -عليه الصلاة والسلام- وهو صائم، وقال في حديث شداد بن أوس: ((أفطر الحاجم والمحجوم)). الإمام الشافعي يرى أن حديث شداد منسوخ بحديث ابن عباس؛ لأنه متأخر عنه، ما الدليل على تأخره عنه؟ طالب:. . . . . . . . .

هذا إذا قلنا: هو محرم صائم، إذا قلنا: أنها جملة واحدة؛ لكن إذا قلنا: بانفكاك الجملتين احتجم وهو صائم، واحتجم وهو محرم. طالب:. . . . . . . . . قلنا: ألا يحتمل أنه محرم في عمرة من عُمَرِه في عمرة القضاء مثلاً، وهي بعد الفتح أو قبله؟ قبله، قبل الفتح، نعم كل من قال بالنسخ ومنهم الإمام الشافعي يرى أن حديث ابن عباس كان في حجة الوداع؛ لكن في حجة الوداع هل حفظ عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه كان صائم؟ عمدتهم الجمع بين الجملتين، احتجم وهو صائم، احتجم وهو محرم، فجمعتا جملة واحدة، فصارت احتجم وهو صائم محرم. حقيقة يشم رائحة التأخر لحديث ابن عباس، أن حديث شداد لا إشكال في كونه في عام الفتح، وابن عباس إلى عام الفتح وهو مع أبويه بمكة، ثم انتقل بعد ذلك أو قبل؟ طالب:. . . . . . . . .

نعم انتقل بعد، فحديث ابن عباس متأخر عن حديث شداد، وهو الذي مال إليه الشافعي وجمع غفير من أهل العلم، يرون أن حديث شداد بن أوس منسوخ بحديث ابن عباس، ومنهم من يقول وهو المعروف عند الحنابلة ورجحه شيخ الإسلام والمفتى به أن الحجامة مفطرة، والحديث نص ((أفطر الحاجم والمحجوم)) منهم من يرى أن الحاجم والمحجوم في هذه القضية كانا يغتابان الناس، فالفطر هذا حسي أو معنوي؟ معنوي كانا يغتابان الناس فحكم عليهما بأنهما أفطرا فطراً معنوياً؛ لكن ابن خزيمة تعجب من هذا القول، يقول: "لو سئل هذا القائل هل الغيبة تفطر الصائم أو لا تفطر؟ لقال: لا، فكيف يقول بأن النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((أفطر الحاجم والمحجوم)) لأنهما كانا يغتابان الناس، لا شك أن مثل هذا لا حظ له من النظر، منهم من يقول: أفطر الحاجم والمحجوم لأن الحجامة تؤول بهما إلى الفطر، كيف تؤول بهما إلى الفطر؟ الحاجم قد ينسى شيء من الدم في جوفه فيفطر، والمحجوم قد يضعف عن متابعة الصيام فيفطر، أما إذا قوي وتابع صيامه إلى غروب الشمس فلم يفطر، والحاجم أيضاً إذا احتاط لنفسه ولم ينساب شيء في بطنه فلم يفطر، لو كان الحاجم مثلاً بآلة، يحجم بآلة كهربائية لا علاقة له بفمه، نقول: أفطر الحاجم، هل يمكن أن يقول أحد أفطر الحاجم لهذا؟ لا يمكن أن يقال، والحديث يتناوله ما في تفصيل، الحديث يتناوله؛ لكن هذا التأويل سائغ في أن الحجامة تؤول بالحاجم والمحجوم إلى الفطر، فمن كانت تضعفه الحجامة منعت في حقه؛ لأنها تؤول به إلى الفطر، وهذا رجحه جمع من أهل العلم أيضاً، والاحتياط ألا يحتجم الصائم، فإن احتاج إليها فليحتجم بالليل، كما قال ابن عمر، إن احتاج إليها، وإن اضطر إليها فهو صائم بيقين، ولا يبطل صيامه إلا بيقين مثله، لا سيما مع وجود المعارض من حديث ابن عباس، وهو أقوى منه؛ لأنه في البخاري، وهذا في المسند والسنن.

الحجامة لها ذيول مثل: سحب الدم للتحليل مثلاً، سحب الدم للتبرع، تغيير الدم بالنسبة للغسيل، الشيء اليسير الذي لا يؤثر على الصائم كسحب شيء يسير لا أثر له في الغالب، هذا لم يقل أحد بأنه يفطر، الشيء الكثير الذي بمقدار ما يخرج في الحجامة يلزم من قال بالتفطير بالحجامة أن يفطر بهذا، وأما الغسيل واستخراج الدم من البدن ثم إعادته إليه بعد إضافة مواد مطهرة منقية لا شك بأن هذا يفطر، للإعادة وإن لم نقل بأن الحجامة تفطر، هذا مفطر قطعاً، ومثل ما قلنا: أن الاحتياط ألا يحتجم الصائم، فإن اضطر إلى الحجامة يحتجم في الليل، وإن اضطر إليها ولا مفر ولا مناص وقرر الأطباء أنه لا بد من استخراج هذا الدم فالصوم ثابت بيقين واستخراجه وإبطاله يحتاج إلى يقين مثله، ولا سيما أن حديث ابن عباس أقوى من حديث شداد. وعن عائشة -رضي الله عنها- "أن النبي -صلى الله عليه وسلم- اكتحل في رمضان وهو صائم" رواه ابن ماجه بإسناد ضعيف، الحديث ضعيف، ولذا قال الترمذي: لا يصح في هذا الباب شيء. والكحل، العين ليست بمنفذ إلى الجوف، وكون المكتحل أو المتداوي بعينه قد يرى طعم الكحل في فمه لا يعني أنه منفذ، بدليل أن من وطئ الحنظل بقدمه وجد طعمه في حلقه، وجد أثره في معدته، هل معنى هذا أنه نفذ إليها؟ ليست بمنفذ، بينما الأنف منفذ، الفم منفذ، الأذن منفذ أو ليس بمنفذ؟ هي منفذ إلى الفم، فإن أخرج ما يصل إلى الفم بواسطتها فلا أثر له على الصيام، وإن ذهب لأنه لا شك أن هذا مجرب أنه يصل، يصل جرم ما هو مجرد طعم نعم. طالب:. . . . . . . . .

لولا حديث صفوان بن عسال: ((وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائماً)) يدل على أنه منفذ، الفم الصائم منهي عن المبالغة في الاستنشاق؛ لكن هل ينهى عن المبالغة في المضمضة ((بالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائماً)) هل ينهى عن المبالغة في المضمضة؟ هل نقول: من باب أولى لأنه المنفذ الأصلي؟ أو نقول: لا، له أن يبالغ لأن المنفذ الأصلي محكم، ما هو مثل الأنف، الأنف مفتوح ما في شيء يمنع من انسياب الماء، بينما الفم محكم، ما هو مثل الأنف، فهل نقول: بأنه يبالغ في المضمضة وبعد أن يدير الماء في فمه بلسانه يخرجه أو نقول: لا يبالغ بل هي مثل الاستنشاق، وإن قيل: أنها أولى لأنه المنفذ الأصلي صار له وجه؛ لكن يبقى أن الفارق واضح، الفم يمكن التحكم فيه بخلاف الأنف، ولذا جاء التنصيص على الاستنشاق دون المضمضة. وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

كتاب الصيام (3)

بلوغ المرام - كتاب الصيام (3) الشيخ: عبد الكريم الخضير السلام عليكم ورحمة الله وبركاته: الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

في آخر الدرس الماضي تكلمنا عن أحاديث الحجامة وفي الباب ذكر الحافظ ثلاثة أحاديث، حديث ابن عباس أن النبي -عليه الصلاة والسلام- احتجم وهو محرم. واحتجم وهو صائم. وهذا الحديث مخرج في الصحيح، وخرج أيضاً حديث شداد بن أوس ذكره الحافظ بن حجر في كتابه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((أفطر الحاجم والمحجوم)). وهذا الحديث عند أحمد وأصحاب السنن وهو مصحح من قبل جمع من أهل العلم، هذان الحديثان تكلمنا فيهما وعرفنا مواقف أهل العلم وأن الجمهور يرون أن حديث ابن عباس ناسخ لحديث شداد، وعلى هذا عامة أهل العلم، حديث ابن عباس متأخر؛ لأنه جاء في بعض طرقه ما يدل على أنه في حجة الوداع، وحديث شداد بن أوس في عام الفتح، فهو متأخر عنه، ولذا قرر جمهور أهل العلم ونص على ذلك الإمام الشافعي، رأى أنه ناسخ، وأيدوا النسخ بحديث أنس وهو الحديث الثالث في المسألة، عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: ((أول ما كرهت الحجامة للصائم أن جعفر بن أبي طالب احتجم وهو صائم، فمرّ به النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أفطر هذان، ثم رخّص النبي -صلى الله عليه وسلم بعد في الحجامة للصائم، وكان أنس يحتجم وهو صائم)). [رواه الدارقطني وقواه]. الدارقطني يقول رجاله كلهم ثقات ولا أعلم له علة. لكن حكم جمع من أهل التحقيق بضعفه، وأنه منكر. يبقى في المسألة حديث ابن عباس وحديث شداد، هما أقوى ما في المسألة. حديث ابن عباس أقوى الحديثين؛ لأنه مخرج في الصحيح، فمن رجح بالقوة وهو قول الجمهور رأى أن الحجامة لا تفطر الصائم، من رأى أن حديث ابن عباس ماش جارٍ على الأصل وحديث شداد ناقل عن الأصل علماً بأن حديث ابن عباس ليس فيه أكثر من أنه -عليه الصلاة والسلام- احتجم وهو صائم، لكن هل استمر في صومه؟ أو أفطر؟ الذين يقولون بالقول الثاني كالحنابلة يقولون ليس فيه ما يدل على أن الحجامة لا تفطر، أكثر ما في الحديث أن النبي -عليه الصلاة والسلام- احتجم وهو صائم، لكن ليس فيه أنه استمر في صومه، فيه جواز الحجامة للصائم. وهل هذا الصيام نفل؟ والمتطوع أمير نفسه يحتجم إن شاء، كما أن له أن يأكل إذا شاء، أو هذا الصيام واجب واحتاج إلى الحجامة، كما أن المريض له أن يفطر

بالأكل والشرب في رمضان عند الحاجة إلى ذلك، المقصود أن كلاً من الدليلين يعتريه ما يعتريه من أجوبة الفريق الذي لا يستدل به؛ فالحنابلة أجابوا عن حديث ابن عباس بأنه فيه إثبات للحجامة أثناء الصيام، لكن ليس فيه ما يدل على الاستمرار في الصيام. وحديث شداد بن أوس أجاب عنه الجمهور بأنه منسوخ، ومنهم من قال أن معنى قوله: في حديث شداد: ((أفطر الحاجم والمحجوم)). أنه آل أمرهما إلى الفطر. أو يؤول أمرهما إلى الفطر. بمعنى أن الحاجم احتمال أن ينساب إلى جوفه شيء من هذا الدم الذي يمصّه الحاجم، والمحجوم احتمال أن يؤول حاله إلى الفطر؛ لأنه يضعف باستخراج الدم؛ فالمسألة مسألة مآل، هذا كلام من لا يحتج بهذا الحديث على أساس أن الحجامة تفطر الصائم، وللطرف الآخر أن يقول هذه مظنة للفطر، مظنة للفطر كون الشخص حاجم أو محجوم مظنة للفطر، وقد تنزل المظنة منزلة المئنة كما يقولون، كما أن النائم ينتقض وضوءه والأصل أن الناقض ما يخرج أثناء النوم وليس النوم نفسه، بدليل أن النوم إذا لم يكن مستغرق لا ينقض الوضوء، فهو مظنة للنقض، وكذلك الحجامة مظنة للنقض نزلت منزلة الناقض، وأخذت حكمه، لكن لو افترضنا أن حاجماً احتجم بالآلات الحديثة بحيث لا يباشر مص الدم، ينطبق عليه الحديث أو لا ينطبق؟ هو حاجم على كل حال، هو حاجم على كل تقدير، لكن المظنة التي علق عليها الحكم لا توجد، وقد يوجد في المحجوم من القوة وغزارة الدم بحيث لا تؤثر فيه الحجامة؛ فالمسألة مبناها على غلبة الظن، وغلبة الظن أن الحاجم يفطر بما ينساب في جوفه وأن المحجوم يفطر بسبب الضعف الذي يعتريه من جراء الحجامة. والأصل أن الإنسان صام بيقين، فلا يرفع حكم هذا الصوم بمجرد كون المذكور مظنة؛ لأن الأمر مشكوك فيه، هل يؤول أمره إلى الفطر أو لا يؤول؟ كما أن العمل المرهق يؤول بصاحبه إلى الفطر، يعني شخص يعمل طول النهار في أيام الصيف وهو صائم. هذا يؤول به الأمر إلى الفطر، فهل نقول أن مثل هذا يفطر؟ لكن هذا يختلف عما ورد فيه النص، وحديث شداد مصحح عند جمع من أهل العلم وإن لم يكن في الصحيحين، فالمسألة ينتابها ما ذكرت، والجمهور على أن الحجامة لا تفطر، وأن حديث شداد بن أوس منسوخ

بحديث ابن عباس، والحنابلة لهم ما يدللوا لقولهم، ولا شك أن الاحتياط أن لا يحتجم الصائم أثناء صومه، بل يؤخر الحجامة إلى الليل بقدر الإمكان، إذا اضطر إليها ورأى أن يصوم يوماً مكانه من باب الاحتياط، فالأمر فيه سعة، وإلا فالجمهور على أن الحجامة لا تفطر، في حكم الحجامة التبرع بالدم تبرع بالدم في حكم الحجامة لأنه دم كثير مؤثر على الصائم، وأما ما يؤخذ من الدم الشيء اليسير من أجل التحليل ونحوه فإن هذا لا أثر له، معفو عنه، والغسيل الذي يستعمله من أصيب بالفشل هذا استخراج للدم وإضافة بعض المواد عليه ثم إعادته، فهو مفطر بخروجه عند من يقول بالفطر بالحجامة وبدخوله عند من يقول أن الفطر إنما يكون مما دخل لا مما خرج، فهو مفطر على الوجهين، إضافةً إلى أنه مضاف إلى الدم مواد منظفة ومنقية، أما حديث أنس -رضي الله عنه- قال: ((أول ما كرهت الحجامة للصائم أن جعفر بن أبي طالب احتجم وهو صائم فمرّ به النبي -عليه الصلاة والسلام- فقال: أفطر هذان ثم رخص النبي -صلى الله عليه وسلم- بعد بالحجامة للصائم وكان أنس يحتجم وهو صائم)). هذا قواه الدارقطني، وهو إمام حافظ ناقد لكن حكم عليه جمع من أهل التحقيق بأنه منكر، لكن هل يرجّح إذا تكافئت الأدلة بمثل هذا؟ يرجح بالضعيف إذا تكافئت الأدلة؟ على القول بضعفه، ابن القيم -رحمه الله تعالى- يرى أن الضعيف لا يعمل به البتّة. لكن إذا وجد في المسألة قولان متساويان من كل وجه أو وجد في حديثٍ أو في نصٍ من النصوص وجد احتمالان متساويان من كل وجه فإنه لا مانع من الترجيح بالضعيف، ونص على ذلك في تحفة المودود. الحديث الذي يليه وهو الاكتحال بالنسبة للصائم شرحناه بالأمس وهو ضعيف. والعين ليس بمنفذ إلى الجوف، وإن وجد طعم الكحل أو القطرة أو العلاج في الحلق كما يوجد من يطأ الحنظل بقدمه يجد طعمه في حلقه، وهذا ليس بمنفذ حقيقي بخلاف الأنف والفم، الأنف منفذ ولذا قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((بالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائماً)). ودل على أن الأنف منفذ. والآن الأنف يستعمل للتغذية بواسطة أنابيب تدخل مع الأنف توصل إلى الجوف وهو منفذ بلا شك، وتعرضنا أمس لمسألة وهو أنه -عليه الصلاة والسلام-

نص على الاستنشاق ولم ينص على المضمضة، قال: ((بالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائماً)). ولم يقل بالغ في المضمضة إلا أن تكون صائماً. فهل نبالغ في المضمضة؟ لأن الفم هو المنفذ الحقيقي فهي أولى بعدم المبالغة؟ أو نبالغ ولا نتردد في المبالغة ويختلف الفم عن الأنف باعتبار أن الفم يمكن التحكم فيه بخلاف الأنف؟ هذه مسألة أثرناها بالأمس، ولا شك أن الأنف لا يمكن التحكم فيه؛ لأنه منفذ مفتوح، بخلاف الفم فيمكن إدارة الماء في الفم من غير أن ينساب منه شيء إلى الجوف، وعلى كل حال على الصائم لا سيما في صيام الفرض أن يحتاط لصومه. أنا أقول من باب الاحتياط يتقيه الصائم وإلا فإبطال الصوم الثابت بيقين يحتاج إلى حجةٍ ملزمة، وحديث ابن عباس أرجح. بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين: قال المؤلف رحمه الله تعالى: وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((من نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه)). [متفق عليه]. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: أكمل أكمل. وللحاكم: ((من أفطر في رمضان ناسياً فلا قضاء عليه ولا كفارة)) وهو الصحيح.

يقول المؤلف -رحمة الله تعالى عليه-، وعن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((من نسي وهو صائم فأكل أو شرب -حال نسيانه- فليتم صومه، فإنما أطعمه الله وسقاه)). وللحاكم: ((من أفطر في رمضان ناسياً فلا قضاء عليه ولا كفارة)). الرواية الأولى التي ساقها المؤلف المتفق عليها: ((من نسي وهو صائم فأكل أو شرب)) يعني من أفطر ناسياً بالأكل والشرب يعني دون الجماع، ((فليتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه))، الرواية الثانية تدل على أن من أفطر بأي مفطر بما في ذلك الجماع ناسياً فلا قضاء عليه ولا كفارة، يعني من أفطر يلزمه القضاء والكفارة، لكن من نسي فأكل ليس فيه تنصيص على الفطر الرواية الأولى، لكن الرواية الثانية: من أفطر، كيف يقول من أفطر فلا قضاء ولا كفارة من أفطر يلزمه القضاء، إذا أثبتنا أنه أفطر، لكن الرواية مؤولة بأنه أكل، يعني شابه المفطرين بالأكل والشرب والجماع، ودلالة الرواية الثانية على الجماع ظاهرة؛ لأنه نفى الكفارة ولا كفارة إلا في جماع. من نسي النسيان وهو الذهول وعزوب الشيء عن الذهن حال كونه صائماً فأكل أو شرب فليتم صومه، يعني ما زال صائماً، صومه ما زال سارياً فإنما أطعمه الله وسقاه، هذه العلة من نسي والقاعدة العامة في النسيان أنه لا مؤاخذة فيه، ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا. فالإثم مرتفع على كل حال، لكن هل يعفى عن المنسي مطلقاً؟ أو منه ما يعفى عنه ومنه ما يلزم الإتيان به، ولو ترك أو فعل ناسياً، القاعدة عند أهل العلم أن النسيان ينزل الموجود منزلة المعدوم، ولا ينزل المعدوم منزلة الموجود، إيش معنى هذا الكلام؟ هذا نسي وأكل وشرب الأكل والشرب موجود، النسيان ينزله منزلة المعدوم، لكن لو نسي وترك، نسي النية مثلاً، هل نسيانه ينزل المعدوم منزلة الموجود؟ هل يمكن أن يقال ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا في مثل هذا. ولذا أخطأ من قاس، من نسي وأكل وشرب فإنه يفطر مثل من نسي ركن من أركان الصلاة، بعض المذاهب عند المالكية على وجه الخصوص يقول أن من نسي وأكل وشرب لا يأثم لكن يلزمه القضاء، كما أن من نسي ركن من أركان الصلاة يلزمه الإتيان به، نقول الفرق بينهما أن

هذا موجود فالنسيان ينزله منزلة المعدوم كمن زاد خامسة في الصلاة، وذاك معدوم؛ فالنسيان لا ينزله منزلة الموجود كمن صلى الظهر ثلاثاً ناسياً، لا بد أن يأتي برابعة، الفرق ظاهر وإلا ما هو ظاهر، هم يقولون ركن الصيام الإمساك وهذا ما أمسك، فلم يأتِ بهذا الركن كمن ترك ركعة أو ركوع أو سجدة من الصلاة لا بد أن يأتي به، نقول الفرق بينهما أن هذا موجود وذاك معدوم، والنسيان ينزل الموجود منزلة المعدوم كأن لم يوجد بخلاف المعدوم فإنه لا ينزله منزلة الموجود، من نسي وهو صائم فأكل وشرب فليتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه. بهذا أخذ جمهور أهل العلم على من أكل وشرب ناسياً فإنه لا قضاء عليه ولا كفارة؛ لأنه ناسي، والأكل والشرب إيجاد، والإيجاد ينزله النسيان منزلة المعدوم، والحديث صحيح وصريح في ذلك، ويرى المالكية أنه عليه القضاء لكن لا كفارة عليه، بخلاف من أكل أو شرب عامداً فإنه عليه القضاء والكفارة كالجماع، وللحاكم: ((من أفطر في رمضان ناسياً فلا قضاء عليه ولا كفارة))، من أفطر في رمضان ناسياً فلا قضاء عليه ولا كفارة. من أهل العلم من يفرق بين الفطر حال النسيان، بين الأكل والشرب والجماع، فيقول الأكل والشرب يتصور فيه النسيان، أما الجماع لا يتصور فيه النسيان، ولذا يفرق بينهما عند جمع من أهل العلم، الذين يقولون النسيان لا يؤثر، الفطر مع النسيان لا يؤثر يفرقون بين الأكل والشرب والجماع فيقولون الجماع لا يمكن نسيانه، يعني شخص في رمضان ما يستحضر أن الجماع يفطر؟ يستبعد هذا، كما أنهم فرقوا في مسألة الإكراه بالنسبة للرجل، يقولون لا يتصور إكراهه على الزنا، لا يتصور إكراه الرجل على الزنا بخلاف المرأة؛ لأنه إذا أكره لا ينتشر، بخلاف المرأة، وهنا يقولون: لا يتصور من صائم لا يتصور منه أن يجامع، أو لا يدرك أن الصيام أو يعزب عن باله ويغيب عن باله أن الجماع مفطر؟ وعلى كل حال الجادة أن يكون الحكم واحد، الأكل والشرب والجماع حكمها واحد، وبهذا قال أكثر من يعذر بالنسيان، ورواية الحاكم كالصريحة في إرادة الجماع لأنه قال: ولا كفارة. ولا كفارة إلا بجماع. ما دام نفيت الكفارة فهم من ذلك أن الجماع لا قضاء فيه ولا كفارة. بعض الناس

الذين ما تعودوا الصيام تجده باستمرار، يعني يأكل في اليوم مرات، كما جاء شخص لأبي هريرة وقال له: كنت صائماً فنسيت فأكلت، قال: "إنما أطعمك الله وسقاك". ثم جاءه ثانياً قال: دخلت على قوم فأكلت. قال: "إنما أطعمك الله وسقاك". ثم دخلت على قوم فأكلت قال: "أنت شخص لم تتعود الصيام". ومع ذلك صيامه صحيح ما دام ناسياً، ومع هذا من رأى شخصاً يتناول المفطر في رمضان هل يقال له مثل صاحب الميزاب لا تخبرنا يا صاحب الميزاب اتركوه إنما أطعمه الله وسقاه؟ نقول لا هذا الظاهر منكر، ظاهره منكر، رجل يأكل ويشرب في رمضان فيجب الإنكار عليه، وإلا لتذرع بذلك كثير من الفساق، كثير من الفساق يتذرع بهذا إذا ذكر قال والله نسيت، وعلى هذا لا بد من الإنكار عليه، المقصود أن من أكل أو شرب أو جامع ناسياً فلا شيء عليه صيامه صحيح ولا قضاء ولا كفارة، والجادة واحدة، والنسيان مرفوع الإثم والتبعة، لا سيما في الإيجاد، أما في العدم فلا بد من الإتيان بما عدم نسياناً، على ما ذكرنا. وعن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((من ذرعه القيء فلا قضاء عليه، ومن استقاء فعليه القضاء)) [رواه الخمسة وأعله أحمد وقواه الدارقطني].

يقول المؤلف -رحمة الله عليه- وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((من ذرعه القيء -أي سبقه وغلبه- فلا قضاء عليه)). ذرعه يعني سبقه وغلبه، نعم مع كثرة الأكل وزيادته تجد كثير من الناس في صلاة الفجر بعد السحور يحصل لهم شيء من هذا، وفي صلاة العشاء والتراويح قد يحصل لهم هذا يسبقهم، لكن من باب الاحتياط للعبادة لا تكثر، لئلا تتسبب في مثل هذا، بعض الناس مبتلى بسعةٍ في فم المعدة، إذا ركع وإلا سجد لا بد أن يخرج شيء ثم إذا رفع عاد، فما الحكم؟ وهو صائم؟ هذا موجود عند بعض الناس، يصير سعة في فم المعدة إذا ركع خرج منه شيء، ثم إذا رفع عاد، لكنه إذا وصل الفم يستطيع أن يتحكم فيه، فمثل هذا إذا كان يستطيع أن يتحكم فيه يلزمه أن يمجّه، وأن يقذفه ويخرجه من فمه بأي طريقة، فإن عاد وهو صائم أفطر، إذا لم يتمكن من ذلك، إذا لم يستطع حاول أن يمجّه ما استطاع، فهذا حكمه حكم المغلوب، من طار إلى حلقه ذباب أو غبار أو ما أشبه ذلك هذا مغلوب، لا يستطيع الاحتراز منه، ((من ذرعه القيء فلا قضاء عليه))؛ لأنه غلبه من غير قصدٍ منه، ((ومن استقاء)) يعني استدعى وطلب القيء فعليه القضاء؛ لأن القيء مفطر عند جمع من أهل العلم، حتى نقل ابن المنذر الإجماع على أن تعمد القيء يفطر الصائم. ابن المنذر نقل الإجماع على أن تعمد القيء يفطر الصائم. لكن جمع من أهل العلم لا يرون أنه يفطر وإنما الفطر مما دخل لا مما خرج، وهذا ذكره الإمام البخاري معلقاً في صحيحه الفطر مما دخل لا مما خرج، والوضوء بالعكس، لكن هذا القول لم يسلّم طرداً ولا عكساً، لم يسلم طرداً ولا عكساً. الذي يقول بأن الحجامة تفطر يقول خرج، الذي يقول أن القيء يفطر يقول يفطر بما خرج، والذي يقول أن أكل لحم الجزور ينقض الوضوء ينقض الشق الثاني من القول، فالقول غير مسلم طرداً ولا عكساً، ((ومن استقاء فعليه القضاء)) على كل حال الحديث صححه بعض العلماء، الدارقطني يقول: رواته كلهم ثقات، والحاكم يقول: صحيح على شرط الشيخين. والبخاري يقول: لا أراه محفوظاً. ولا يصح إسناده وإن روي من غير وجه وأنكره أحمد لكن الحديث قابل للاحتجاج، قابل للتحسين، وعلى هذا إذا

تعمّد القيء، طيب من ذرعه القيء هذا مغلوب، لا يفطر لكن من استقاء يعني طلب القيء؟ وهذا أعم من أن يكون يستجيب له القيء فيخرج أو لا يستجيب فلا يخرج؛ لأن بعض الناس يطلب يستقيء يطلب القيء فلا يخرج منه شيء، هذا يفطر وإلا ما يفطر؟ من استقاء يعني النص يتناول ما إذا خرج منه وما إذا لم يخرج منه، يفطر من أي وجه؟ لماذا يفطر؟ لأنه نوى الفطر، ومن نوى الإفطار أفطر، لكن افترض أن شخصاً لا يعرف هذا؟ لا يعرف أن من نوى الإفطار أفطر، فاستقاء ولم يخرج منه شيء يفطر وإلا ما يفطر؟ لأن الفطر في هذا معلق بالقيء، بدليل من ذرعه القيء فالمسألة كلها تدور على القيء، والقيء خروج الطعام من المعدة، ومن استقاء يعني فخرج منه القيء طلب خروج القيء فخرج منه فإنه يفطر، فعليه القضاء، يعني واضحة أصل المسألة ظاهر وإلا مو بظاهر؟ لأن من استقاء استدعى القيء طلب القيء؟ طيب هذا القيء استدعاه هذا الشخص، فعليه القضاء، لا يخلو إما أن يكون بعد الاستدعاء أن يستجيب له فيخرج أو لا يستجيب فلا يخرج، هل نقول مثل ما لو عرض نفسه على الدورة وهو متوضئ ولم يخرج منه شيء وضوؤه ثابت ما فيه شيء ما انتقض، ما خرج منه ناقض، وهنا ما خرج منه مبطل للصوم، هل نقول هذا مثله وإلا .. ؟ أو يختلف؟ يختلف من أي وجه؟ طالب:. . . . . . . . . لا، هذه أبطلت القاعدة هذه نقضت طرداً وعكساً. طالب: ... استقاء أي خرج منه ... هو استقاء طلب القيء فعليه القضاء. طالب: لم يرد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- إن خرج أو لم يخرج فـ ...

لكن الحديث كله مداره على القيء بدليل أن من ذرعه القيء لا شيء عليه، طيب من استقاء يعني طلب القيء يعني ظاهر النص أنه فخرج منه شيء، يبقى أنه إذا لم يخرج منه شيء وقد طلب القيء إن كان يعرف أن القيء مفطر فقد نوى الإفطار ويكون أفطر من هذه الحيثية، أنه نوى الإفطار إذا كان لا يعرف أن من نوى الإفطار أفطر وقال أبداً مثلما لو عرضت نفسي على الدورة وما خرج شيء الوضوء صحيح، وذكرنا بالأمس أن النية أثرها بعد الفراغ من العبادة يختلف عن أثرها في أثناء العبادة؛ لأن من عرض نفسه على الدورة إن كان بعد فراغه من العبادة ولم يحدث منه ما ينقض وضوءه؛ فالوضوء صحيح ثابت ما انتقض، لكن لو غسل وجهه ويديه وبقي عليه مسح الرأس وغسل الرجلين وعرض نفسه على الدورة نقول له لا بد أن تعيد فسد وضوءك خلاص؛ لأنه يشترط استصحاب حكم النية؛ لأنك في أثناء العبادة، والصائم في أثناء العبادة هذا أشرنا له بالأمس مع النية، فهذا الذي استقاء نوى الإفطار، إذا كان ممن يرد على ذهنه أن من نوى الإفطار أفطر، وإلا من لا يخطر على باله مثل هذا الحكم يفطر وإلا ما يفطر؟ لا سيما ولم يخرج منه شيء، لم يخرج منه مفطر، وهو القيء. أن افترض شخص ذهب إلى المستشفى ليتبرع طلب منه قريبه أو صديقه التبرع بالدم، وذهب للمستشفى وجلس على السرير ومد يده علشان إيش؟ يستخرجوا منه الدم، قالوا أنت اكتفينا، يفطر وإلا ما يفطر؟ هو يعرف أن التبرع مفطر، يعرف أن التبرع مفطر، ومثل على السرير ومد يده وركبوا السيور وقبل .. قالوا اكتفينا، مثل هذا نوى الإفطار، وبذل الأسباب للإفطار، فهل يتجه القول بفطره، هذا نوى الإفطار، وعند أهل العلم أن من نوى الإفطار أفطر، وهذا الذي استدعى وأدخل أصابعه في فمه أو حاول تقيأ هذا نوى الإفطار فهو مفطر من هذه الحيثية، ولو لم يخرج منه شيء. طالب:. . . . . . . . . الذي لا يرى أن القيء مفطر لا يرى أن القيء مفطر، وكان من أهل النظر وتحرر عنده أن القيء هذا لا يدخل في الخلاف، لا يدخل في أصل المسألة، الجاهل إذا سأل من تبرأ ذمته بتقليده بحسب ما يفتى، إن أفتاه من يرى التفطير فطّره وإن أفتاه من لا يرى التفطير ما أفطر؛ لأنه يتبع من يقلد.

طالب:. . . . . . . . . في فرق؟ لا شك أن العزم أقوى من مجرد الهم، كما أن الهم أقوى من مجرد حديث النفس، وحديث النفس أقوى من الهاجس، والهاجس أقوى من الخاطر، فالمراتب مراتب القصد متفاوتة، لكن العزم فيه بذل للأسباب، هذا عازم، شغل السيارة وراح للمستشفى مسافة عشرين ثلاثين كيلو تهيأ للتبرع ثم قيل له في آخر لحظة والله اكتفينا، هل يقال أن مثل هذا التردد أو هذا الهم وهذا البذل أنه لدمه موقوف على قبولهم له، يعني إن قبلوه وإلا رجعت؟ لأنه يقول بروح المستشفى أبي أتبرع قريبي بأمس الحاجة أو صديقي أو مسلم تتوقف صحته على هذا الدم بتبرع ولن أتأخر إلى الليل لكن إن كان اكتفوا من دوني فأنا صائم، التردد مثل هذا التردد يؤثر في الصيام؟ طالب:. . . . . . . . . على حسب غلبة الظن، إن كان يغلب على الظن أنهم يحتاجونه فمثل هذا مؤثر؛ لأن الأحكام تبنى على غلبة الظن، وإن كان يغلب على ظنه أنهم لا يحتاجونه فإنه لا يؤثر. وعن جابر بن عبد الله .. الأحاديث طويلة وكل حديث كثيرة ونحتاج إلى أن ننهيها إن شاء الله تعالى. وعن جابر بن عبد الله -رضي الله تعالى عنهما- ((أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خرج عام الفتح إلى مكة في رمضان فصام حتى بلغ كراع الغميم فصام الناس ثم دعا بقدحٍ من ماء فرفعه حتى نظر الناس إليه، فشرب ثم قيل له بعد ذلك إن بعض الناس قد صام فقال: ((أولئك العصاة أولئك العصاة)). وفي لفظٍ قيل له: إن الناس قد شقّ عليهم الصيام وإنما ينتظرون فيما فعلت. فدعا بقدحٍ من ماء بعد العصر فشرب)). [رواه مسلم]. وعن حمزة بن عمرو الأسلمي -رضي الله عنه- أنه قال: يا رسول الله: ((إني أحد فيّ قوةً على الصيام في السفر فهل عليّ جناح؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: هي رخصة من الله فمن أخذ بها فحسن، ومن أحب أن يصوم فلا جناح عليه)). [رواه مسلم وأصله في المتفق عليه من حديث عائشة أن حمزة بنَ عمروٍ سأل].

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: وعن جابر بن عبد الله -رضي الله تعالى عنهما- ((أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم خرج عام الفتح إلى مكة في رمضان فصام حتى بلغ كراع الغميم فصام الناس))، خرج عام الفتح لعشرٍ خلون من رمضان لفتح مكة فصام -عليه الصلاة والسلام- يعني من خروجه إلى أن بلغ كراع الغميم، وهو وادٍ أمام عسفان، وفي بعض الروايات: ((حتى بلغ عسفان))، وفي رواية: ((حتى بلغ الكديد))، وهي أماكن متقاربة، يشملها عسفان والبقية من أعماله، فالاختلاف لما بلغ كراع الغميم فصام الناس، الآن صيامه هذا -عليه الصلاة والسلام- ابتدأ من المدينة وكراع الغميم وعسفان على مراحل من المدينة، ثلاث مراحل من المدينة، إذاً صيامه هذا في اليوم الذي شرع فيه في صيامه من المدينة أو في يومٍ شرع فيه الصيام من في السفر؟ الآن هذا اليوم الذي أفطر فيه لما بلغ كراع الغميم بدأ في صيامه بالمدينة؟ أو بدأ صيام هذا اليوم من السفر، في أثناء السفر؟ طالب: صام هذا اليوم في السفر .. في أثناء السفر؟ طالب: ... عندما خرج عنه في الفتح إلى مكة في رمضان فصام .. يعني من باب أولى الأيام التي قبله صام؛ لأن هذه المسألة ثلاث مراحل تحتاج إلى أيام، شرع في الصيام بالمدينة، وأكمل في السفر اليوم الأول والثاني ثم أنشأ الصيام في اليوم الثالث في السفر ثم أفطر لما بلغ كراع الغميم، نحتاج هذا الكلام لماذا؟ لماذا نحتاج مثل هذا الكلام، وش الفرق بين أن يبدأ الصيام في السفر أو يبدأه في الحضر؟ طالب:. . . . . . . . .

لأن من أهل العلم من يرى أنه إذا شهد أول اليوم في الحضر ليس له أن يفطر، ومنهم من يرى أنه إذا صام أول النهار في الحضر ثم تلبس بالسبب المبيح للفطر له أن يفطر، سواء ابتدأ الصيام في السفر أو في الحضر، لا فرق. فنحتاج لمثل هذا التفصيل لمعرفة منشأ القولين، من كان منكم مريضاً أو على سفرٍ فعدة. أولاً في الحديث ما يدل على الصيام في السفر، وصام النبي -عليه الصلاة والسلام- في السفر، وصام الصحابة في السفر، بصحبته -عليه الصلاة والسلام-، وكان منهم الصائم ومنهم المفطر، فلم يعب الصائم على المفطر، ولا المفطر على الصائم. فالصوم في السفر صحيح، خلافاً لمن أبطله، وقال إنه لا يجزئ لأن الله تعالى يقول: {فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ} [(184) سورة البقرة]. يعني يلزمه عدة، وإذا لزمته العدة هل يجمع بين البدل والمبدل منه؟ يلزمه البدل، لكن إذا لزم البدل هل يجمع بينه وبين ما أبدل منه، لا على قولهم، لكن الجمهور يقدرون في الآية يقولون: فمن كان منكم مريضاً أو على سفرٍ فأفطر فعدة من أيام أخر. فالواجب عليه عدة من أيام أخر. فلا يجب عليه عدة إلا إذا أفطر، وهذا التقدير لا بد منه بدلالة الأحاديث الصحيحة الصريحة، وأنه لا يلزمه عدة من أيام أخرى إلا إن أفطر. ((خرج عام الفتح إلى مكة في رمضان فصام حتى بلغ كراع الغميم فصام الناس))، يعني صام الناس معه ((ثم دعا بقدحٍ من ماء فرفعه حتى نظر الناس إليه ثم شرب فقيل له بعد ذلك إن بعض الناس قد صام)). أفطر النبي -عليه الصلاة والسلام- بمرأى الناس، فيدل على جواز الفطر في أثناء النهار في رمضان إذا قام السبب المبيح للفطر، إذا قام السبب المبيح للفطر، وهو هنا السفر، والسفر مأخوذ من الإسفار وهو البروز والوضوح والظهور ومنه السفور بالنسبة للمرأة التي تبرز شيئاً مما يجب تغطيته؛ فالسفر الأصل فيه البروز فلا ينطبق الوصف حتى يسفر ويخرج عن البلد ويبرز عنه، ويتلبس بالوصف المبيح للفطر، ((حتى بلغ كراع الغميم فصام الناس ثم دعا بقدحٍ من ماء فرفعه حتى نظر الناس إليه ثم شرب، فقيل له بعد ذلك بعد أن أفطر ورآه الناس واستمر بعض الناس على صيامه فقال: إن بعض الناس قد صام

فقال: أولئك العصاة أولئك العصاة)). وجاء في الحديث الصحيح: ((ليس من البر الصيام في السفر)). أولئك العصاة، وليس من البر الصيام في السفر، {فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [(184) سورة البقرة]، هذه يستدل بها من لا يرى الصوم في السفر. لكن الذين يرون الصيام في السفر هم الجمهور. على خلافٍ بينهم في الأفضل الصيام أو الفطر، يقولون النبي -عليه الصلاة والسلام- ثبت بالنص القطعي أنه صام في السفر وصام الصحابة معه، فلا بد من حمل قوله: ((أولئك العصاة)) وقوله: ((ليس من البر)) على حالةٍ معينة للتوفيق بين النصوص. أولئك العصاة الذين شقّ عليهم الصيام. فيكون عندنا مراتب، شخص سافر والصيام لا يشق عليه بحال بل قد يكون حاله أثناء السفر أيسر وأحسن له من حاله حال الحظر، مثل هذا يصوم، والصيام أفضل لعموم قوله: {وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ} [(184) سورة البقرة]. وشخص يصوم تلحقه مشقّة مثل المشقة اللاحقة بالحاضر أو تزيد عنها قليلاً مثل هذا مخيّر، إذا زادت المشقة فالفطر أفضل، إذا زادت المشقة بحيث يحصل معها حرج ((أولئك العصاة))، ((وليس من البر الصيام في السفر))، هذا التفصيل لا بد منه من أجل إيش؟ التوفيق بين النصوص، وفي لفظ فقيل له: ((إن الناس قد شقّ عليهم الصيام، وإنما ينظرون فيما فعلت فدعا بقدحٍ من ماءٍ بعد العصر فشرب)). [رواه مسلم]، بعض الناس يشق عليه الصيام. لكن يقول بقي الآن ساعة أو ساعتين بتحمل. هل نقول أن المشقة اللاحقة له بالقضاء أشد من المشقة اللاحقة في هذه المدة اليسيرة يستمر صائم ولو شق عليه الصيام؛ لأن بعض الناس الذي ما تعود على الصيام القضاء أشد عليه من نقل جبل، فيقول أكمل هذي الساعتين على أي حالٍ تكون ولا يبقى في ذمتي صيام يوم كامل وأصوم والناس كلهم مفطرون فبعض الناس يشق عليه الصيام فينظر، لا شك أنه إذا شق عليه الصيام أثناء السفر بحيث يتضرر من صومه لا شك أنه عاصٍ بصيامه. ولذا أفطر النبي -عليه الصلاة والسلام- وقال: بالنسبة لمن شق عليهم أولئك العصاة. من شرع في الصيام في الحظر ثم طرأ عليه السفر كثير من أهل العلم يرون أنه ليس له أن يفطر، وأجاز الإمام أحمد وجمع من أهل العلم أنه تلبس بالسفر

إذاً له أن يفطر، ما دام السبب قائماً، والحديث الذي يليه. يقول وعن حمزة بن عمرو الأسلمي -رضي الله عنه- أنه قال: ((يا رسول الله إني أجد بي قوةً على الصيام في السفر))، وفي روايةٍ: ((إني أسرد الصوم فهل عليّ جناح)) يعني أن أصوم في السفر، فقال -عليه الصلاة والسلام-: ((هي رخصة))، {فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [(184) سورة البقرة]. هذه رخصة؛ لأن الأصل أن من استطاع الصيام يلزمه الصيام، {فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} [(185) سورة البقرة]، ومن لم يشهد بأن كان مسافراً فجاءت الرخصة في حقه، وهي رخصة من الله ومن أخذ بها فحسن، ومن أحب أن يصوم فلا جناح عليه، النص يدل على أن الفطر أفضل من الصيام؛ لأن كون الشيء حسناً أفضل من رفع الجناح عنه، فمن أخذ بها الرخصة والله -جل وعلا- يحب أن تؤتى رخصه، ومن أحب أن يصوم فلا جناح عليه والمسألة على ما مضى من تفصيل. رواه مسلم وأصله في المتفق عليه من حديث عائشة أن حمزة بن عمروٍ سأل، يعني المتفق عليه الحديث من مسند عائشة، والذي تفرد به مسلم الحديث من مسند حمزة. يعني إذا أردت أن تبحث عن هذا الحديث في تحفة الأشراف، تبحث عنه في مرويات حمزة وإلا في مرويات عائشة؟ الآن تريد أقرب طريق لتصل إلى الحديث من خلال تحفة الأشراف، عائشة مكثرة وحمزة مقل، فهل يمكن أن تجد الحديث في مسند حمزة؟ الحديث حديث الباب الذي اعتمده الحافظ رواية مسلم هو من مسند حمزة، والرواية المتفق عليها من مسند عائشة، فتجده هنا وتجده هناك، فإذا أردت أن تبحث عن مثل هذا الحديث المذكور في الكتب الستة من طريق صحابيٍ مكثر، ومن طريق صحابي ٍمقل، ابحث عنه من طريق المقل لتصل إليه بأقرب فرصة. وعن ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما- قال: "رخص للشيخ الكبير أن يفطر ويطعم عن كل يومٍ مسكيناً ولا قضاء عليه". [رواه الدارقطني والحاكم وصححه].

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: وعن ابن عباسٍ -رضي الله تعالى عنهما- قال: "رخّص للشيخ الكبير أن يفطر ويطعم عن كل يومٍ مسكيناً ولا قضاء عليه". وهذا الخبر إذا قال الصحابي: رخّص لنا أو أبيح لنا أو حرّم علينا أو أوجب علينا أو فرض علينا منهم من يرى أنه له حكم الرفع مطلقاً؛ لأن هذه الأحكام إنما تصدر عن المشرع، فالمرخص هنا هو النبي -عليه الصلاة والسلام-، على هذا القول، احتمال آخر وهو الذي أبداه بعضهم، هو أن هذا الترخيص فهمه ابن عباس من قوله -جل وعلا-: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} [(184) سورة البقرة]. الصيام في أول الأمر كان على التخيير، القادر إن شاء صام وإن شاء أطعم، ثم حصل الإلزام به وارتفع التخيير وتم نسخ قوله -جل وعلا-: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ}، المشهور عند الجمهور أنها منسوخة، {فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} [(185) سورة البقرة]، نسخت الآية السابقة، وعلى رأي ابن عباس أنها ليست منسوخة، بقي حكمها في الشيخ الكبير الذي لا يستطيع الصيام، له أن يفطر ويطعم عن كل يومٍ مسكيناً ولا قضاء عليه، الآية النص فيها وعلى الذين يطيقونه، فهل الشيخ الكبير الذي لا يستطيع الصيام الشيخ الكبير إذا كان يستطيع الصيام له أن يفطر ويطعم؟ يستطيع الصيام ليس له أن يفطر، الشيخ الكبير الذي لا يستطيع هل يدخل في قوله: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ} كما يقول ابن عباس؟ ترى فيه ملحظ دقيق جداً هنا، يعني الجمهور على أن قوله -جل وعلا-: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ}. منسوخة ارتفع حكمها، ارتفع التخيير بقي الإلزام، ثم بعد ذلك بقي التكليف لمن عقله حاضر وهو إما مستطيع أو غير مستطيع، فالذي لا يستطيع هل نقول أنه مثل الحج ما يستطيع يسقط عن الحج وهذا لا يستطيع الصيام يسقط عنه الصيام؟ كما هي الجادة العادة في جميع التكاليف، صل قائماً فإن لم تستطع فقاعداً، فنقول هذا الشيخ الكبير مكلف، لا يستطيع الصيام لا يلزمه الصيام، لا يستطيع الحج لا يلزمه الحج، والجادة واحدة، أو نقول أن الصيام في الأصل له بدل. لا يستطيع

الأصل يستطيع البدل، في أول الأمر التخيير بين الصيام والإطعام؟ صح وإلا لا، إذاً الصيام له بدل، بقي الإلزام في حق المستطيع وأنه ليس له أن يعدل إلى البدل مع قدرته على الأصل، الذي لا يستطيع الأصل وهو مكلف، عقله ثابت، الشيخ الكبير الذي لا يستطيع ولا يطيق الصيام يعود إلى البدل؛ لأنه يستطيع البدل، واضح الاستدلال وإلا ما هو واضح؟ أقول منزع يعني في غاية الدقة، الأصل أن هذا الشخص مكلف عقله ثابت، والصيام ركن من أركان الإسلام لا يستطيع الأصل يستطيع البدل، يطعم عن كل يومٍ مسكين، لا يستطيع يطعم عن كل يومٍ مسكين، نظيره الذي لا يستطيع الحج ببدنه وعنده مال يحجّ عنه من ماله، فهذا منزع ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما- وهذا من دقيق فقه، لكن هل هذه الرخصة التي ذكرها يستند فيها إلى نص يدل عليها بخصوصها أو أنه فهم من الآية ويؤيد فهمه القراءة الأخرى: وعلى الذين يطوقونه. يعني تكلفون يتحملون مشقة شديدة بمباشرته، وعلى كل حال ما يراه ابن عباس هو قول جماهير أهل العلم، أن من بقي التكليف بالنسبة له لكنه لا يستطيع الأصل أنه يعدل إلى البدل وهو الإطعام، ومنهم من قال الإطعام منسوخ مرفوع حكمه بالكلية، وإذا ارتفع الحكم بالكلية ما بقي أن يعمل به أناس ويعفى منه أناس، يعني رفع كلي للحكم، الإطعام منسوخ فلا يطالب به أحد، والمرجح في هذه المسألة ما قاله ابن عباس وهو قول الجمهور. طالب: .... ذهاب ابن عمر إلى ابن عباس في الحامل المرضع ما العلة في .. لماذا ... المرضع الحامل؟ إذا خافت على نفسيهما أو على ولديهما. طالب: طيب المرضع مثلاً ألا تأكل مثلاً بعد الإفطار؟ تأكل بعد الإفطار إلا. طالب: هل يضر. . . . . . . . . إيه إيه يضر، تبي تكف عن الأكل خمسة عشر ساعة، فيموت ولدها، احتمال، لا، الضرر ظاهر.

وعن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- قال: ((جاء رجل إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: هلكت يا رسول الله، قال: وما أهلكك. قال: وقعت على امرأتي في رمضان. قال: هل تجد ما تعتق رقبة؟ قال: لا. قال: فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين. قال: لا. قال: فهل تجد ما تطعم ستين مسكيناً؟ قال: لا. ثم جلس فأتي النبي -صلى الله عليه وسلم- بعرقٍ فيه تمر، فقال: تصدق بهذا. فقال: أعلى أفقر منا؟ فما بين لابتيها أهل بيتٍ أحوج إليه منّا. فضحك النبي -صلى الله عليه وسلم- حتى بدت أنيابه. ثم قال: اذهب فأطعمه أهلك)). [رواه السبعة واللفظ لمسلم].

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: وعن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- قال: جاء رجل إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-. وفي بعض الروايات أعرابي، ومنهم من سماه: سلمة بن صخر البياضي أو سلمان ومنهم من قال أعرابي ولم يسمّه. ((جاء رجل إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: هلكت يا رسول الله)). هذا يستشعر الذنب ويستشعر عظمة من عصى، بخلاف من يزاول المعاصي وهو يضحك أو يتحدث بها ويتبجح ويتمدح بها، هذا يقول: ((هلكت يا رسول الله. قال: وما أهلكك. قال: وقعت على امرأتي في رمضان)). وقعت على امرأتي في رمضان، هل كان يعرف الحكم قبل ذلك أو لا يعرف؟ بدليل قوله: هلكت. لو كان ما يعرف أن هذا محرم أو أن هذا مفطر يعذر بجهله أو لا يعذر؟ يعذر بالجهل، إذا كان لا يعرف أن هذا محرم، ولا يعرف أن هذا مفطر يعذر بجهله ولا يلزمه شيء. لكن يعرف أنه محرم ولا يعرف الأثر المترتب عليه، إما يلزم صيام شهرين متتابعين أو عتق رقبة هذا تترتب آثاره عليه لأن ما دام عرف أنه محرم عليه أن يكفّ، فرق بين من لا يعرف الحكم أصلاً، وبين من يعرفه ولا يعرف الأثر المترتب عليه ((وما أهلكك؟ قال: وقعت على امرأتي في رمضان. فقال: هل تجد ما تعتق رقبة؟ قال: لا. قال: فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين. قال: لا. قال: فهل تجد ما تطعم ستين مسكيناً؟ قال: لا)). هذه كفارة الجماع في نهار رمضان. وهي على الترتيب كما هنا. وجاءت بفظ التخيير بأول. عند مالك في الموطأ ولذا جنح أنها على التخيير، ولم يشر مالك في روايته أن هذا الذي أفطر عمداً أن فطره كان بالجماع، وإنما ذكر أن أعرابياً جاء إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- فقال: أفطرت في رمضان ولذا جعل الكفارة لكل من أفطر عمداً في رمضان بالأكل والشرب والجماع على حدٍ سواء. والكفارة على التخيير لأنه خرجها بـ أو، أعتق رقبة أو أطعم أو صم، على التخيير عنده، ويرى الإمام مالك أن كل من أفطر عن عمد سواء كان عن أكل أو شرب أو جماع أنه تلزمه الكفارة، ولذا ما نص على أن فطر هذا الأعرابي كان بالإجماع، في روايته الأولى الذي اعتمد عليها في الموطأ. فجعل الرواية تشمل جميع المفطرات وإلى هذا جنح -رحمه الله- فهنا في الحديث نص على أنه وقع

على امرأته. ولذا في الحديث الماضي من أكل أو شرب ناسياً عند مالك أو جامع ناسياً يلزمه القضاء ولا عليه كفارة، كما سبقت الإشارة إليه، وعند الجمهور لا يلزمه شيء، من تعمّد الأكل والشرب والجماع في نهار رمضان عند مالك تلزمه الكفارة وعند الجمهور لا تلزم الكفارة إلا من جامع في نهار رمضان كما هنا، قال: ((هل تجد ما تعتق رقبة)). طيب هذه كفارة الإجماع في نهار رمضان؟ الفقهاء يقولون من جامع في نهار رمضان فعليه إيش؟ كفارة إيش؟ كفارة ظهار، لماذا لا يقول أن عليه كفارة مجامع في نهار رمضان؛ لأنها ثابتة بالنص الصحيح ما هو بالقياس، ثبوت الكفارة هنا ليست بالقياس، بالنص، قالوا عليه كفارة ظهار، لماذا؟ طالب:. . . . . . . . . يعني هنا في المجامع ذا ما يجوز له أن يمسها حتى يكفر؟ أو هذاك خاص في الظهار؟ خاص بالظهار، طالب: ... أن الآية كما أشرتم .. وهنا ذكر الترتيب طالب:. . . . . . . . . نفس الكفارة لكن هذه كفارة ظهار وهذه كفارة مجامع في نهار رمضان وش المانع، وهذه ثبتت بالكتاب وهذه ثبتت بالسنة. طالب:. . . . . . . . . ثابتة بأصل ما هي بالقياس بالإلحاق، هنا ملحظ وهو أن ما يثبت بالقرآن الذي يعرفه الخاص والعام، القرآن معروف عند المسلمين كلهم، كلهم يقرؤون سورة المجادلة، لكن مثل هذا النص قد يخفى على كثير من الناس، فإذا كان الحكم واحداً أحيل على ما في القرآن الذي يعرفه الخاص والعام، كما قال عبادة: بايعنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على بيعة النساء، وش الداعي تقول بيعة النساء والرجال أشرف وبيعة الرجال قبل بيعة النساء؟ لماذا لأن بيعة النساء مسطرة بالقرآن، بينما بيعة الرجال بالسنة، فالذي يوجد في القرآن يحال عليه؛ لأن القرآن يعرفه عامة الناس بخلاف السنة التي لا يعرفها إلا نفر يسير بالنسبة لعموم الناس، قالوا عليه كفارة ظهار ما قالوا عليه كفارة قتل؟ طالب: .... مشترك. لا ما في. ظهار هذا، افتراق هذا ما هو التحام، نعم القتل ليس فيها إطعام، كفارة القتل ليس فيها التنصيص على الإطعام وإن قال به بعضهم بالإلحاق، فالكفارة المطابقة لما عندنا هي كفارة الظهار وهي ثابتة بالقرآن فأحيل عليها.

طالب: من قبل أن يتماسا ... ؟

يعني هنا كفارة الظهار من قبل أن يتماسا. كفارة الجماع في نهار رمضان لا ما له علاقة، هذاك ظهار والظهار فيه افتراق، فلا يجوز له أن يمسها حتى يكفر، أما هذه مثل المفطرات الأخرى مثل الكفارات الأخرى. هل تجد ما تعتق رقبة، الرقبة هنا مطلقة، وهي كذلك في كفارة الظهار، في كفارة القتل مقيدة بكونها مؤمنة، فهل تقيد هنا أو لا تقيد؟ هل يعتق الرقبة الكافرة وتجزئ وإلا لا بد أن تكون مؤمنة، لا بد أن تكون مؤمنة حملاً للمطلق على المقيد، حملاً للمطلق على المقيد، المطلق في كفارة الظهار وكفارة الجماع، لكن المقيد في كفارة القتل، فتحرير رقبةٍ مؤمنة، يعني مع هذا الاختلاف في السبب هل يمكن حمل المطلق على المقيد مع الاختلاف في السبب، ممكن لماذا؟ للاتحاد في الحكم، الحكم واحد كله وجوب العتق في كفارة الظهار، في كفارة الجماع كما هنا في كفارة القتل يجب العتق، في كفارة اليمين لا بد أن تكون مؤمنة حملاً للمطلق على المقيد لأنه يجب، تجب الكفارة في الجميع، طيب مع الاختلاف في السبب أما إذا اختلف الحكم فلا يحمل المطلق على المقيد وإن اتحد السبب، إذا اختلفا معاً فلا يحمل، وإن اتحدا معاً فالحمل متفق عليه، ((هل تجد ما تعتق رقبة قال: لا، قال فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين))؟ لا بد أن يكونا متتابعين، لو أفطر بينهما يوماً واحداً لا بد أن يستأنف فيصوم شهرين متتابعين، لا بد من الاستئناف، اللهم إلا إن أفطر بعذرٍ يبيح له الفطر في رمضان، يبيح له العذر في رمضان فلا ينقطع التتابع، لأن صيام رمضان آكد، ((قال: لا، قال: فهل تجد ما تطعم ستين مسكيناً؟ قال: لا. قال: ثم جلس)) وفي رواية قال له: ((اجلس)). انتظاراً للفرج، من وحيٍ أو غيره ((ثم جلس فأوتي النبي -صلى الله عليه وسلم بعرق))، العرق الزنمبيل أو المكتل فيه تمر فقال: ((تصدق بهذا))، فيه خمسة عشر صاعاً أو عشرون صاعاً خمسة عشر في حديث أبي هريرة وعشرون في حديث عائشة، فقال: ((تصدق بهذا)). يعني إذا تبرع أحد لمن لزمه شيء، لزمه واجب، يجزئ وإلا ما يجزئ، عليك كفارة فتبرع شخص وأخرجها عنك برضاك بعلمك، تجزئ وإلا ما تجزئ؟ تجزئ، تبرع شخص أخرج عنه كفارة تجزئ، تبرع عنك شخص فأخرج عنك زكاتك، زكاة

مالك، وجب عليك ألف ريال زكاة فجاء واحد فقال: ترى أنا بدفع الألف عنك هذا ألف. تجزئ وإلا ما تجزئ؟ طالب:. . . . . . . . . الذمة؟! طالب:. . . . . . . . .

لها تعلق بالذمة، لكن الأصل فيها المال، وأخرجه هذا تبرعاً عنه، وهذا يكثر بالنسبة للابن الذي يعيش، الابن المكلف الذي يعيش في كنف والده، تجد والده يلتزم بكل شيء، في حديث عمر وفيه منع ابن جميل وخالد بن الوليد والعباس الزكاة، ثم جاء عمر إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- يذكر له ذلك، فقال: ((أما خالد فقد احتبس أدراعه في سبيل الله وعتاده في سبيل الله، وأما ابن جميل فما ينقم لجميل إلا أنه كان فقيراً فأغناه الله وأما العباس فهي عليّ ومثلها)). هذا تحمل للزكاة وإن قال بعض أهل العلم أنه أخذ منه زكاة عامين، تعجل منه زكاة عامين، فقال: ((هي عليّ ومثلها)). فهنا لما جيء بالزمبيل لولا أن مثل هذا تدخله النيابة ويتحمله غيره عنه لما قال تصدق بهذا، فقير خلاص بين أمرين إما أن تسقط عنك كما قال بعض أهل العلم وإما أن تبقى ديناً في ذمتك كما قاله الأكثر وهو الأقيس، كغيرها من الديون والواجبات، فقال: تصدق بهذا. فقال: ((أعلى أفقر منا؟ فما بين لابتيها))، وفي رواية: ((فوالله ما بين لابتيها أهل بيت أحوج منا)). أقسم على غلبة ظنه ولم ينكر عليه النبي -عليه الصلاة والسلام-، لا شك أن هذا غلبة ظن، يعني هل أجرى مسح شامل لبيوت المدينة ولم يوجد فيها أفقر منه؟ إنما غلب على ظنه لما يعرفه من شدة الحاجة عنده أقسم أنه ما يوجد أفقر منه، ولذا يجوز جمع من أهل العلم القسم على غلبة الظن، ((فما بين لابتيها أهل بيتٍ أحوج منا، فضحك النبي -عليه الصلاة والسلام- حتى بدت أنيابه))، الموجب للضحك، يعني شخص هالك جاء يدعو بالويل والثبر هلكت وأهلكت وفي رواية: ((ينتف شعره)) وفي رواية: ((يحثو على رأسه التراب))، وأخيراً يرجع بمكتلٍ يكفي له شهرين، أو شهر على الأقل؟ ضحك النبي -عليه الصلاة والسلام- حتى بدت أنيابه، ثم قال: ((اذهب فأطعمه أهلك)). أطعمه أهلك، يعني هل هذا الطعام الذي جيء به هذا التمر، هو الكفارة؟ خذ هذا فتصدق به؟ وهل تصح الكفارة من الإنسان لأهله؟ يدفعها لأهله؟ أو أن نقول لما أقسم أنه ما بين لابتيها أهل بيتٍ أحوج منهم، هذا إسعاف لهذه الأسرة التي ما في المدينة أفقر منهم وتبقى الكفارة مسكوت عنها؟ ولذا يرى جمع من أهل العلم أن الكفارة

تبقى دين في ذمته متى أيسر يدفعها. ومنهم من استدل بالحديث على أنه إذا كان معسراً أثناء الحاجة إلى كفارة أثناء وقت الكفارة إذا كان معسر تسقط عنه، والحديث محتمل، الحديث محتمل، وكل منهم استدل بهذا الحديث والأقيس الجاري على القواعد أنها تثبت ديناً في ذمته كغيرها من الديون، إن أيسر في بقية عمره دفعها وإلا فالله -جل وعلا- يتولاها، ولذا أهل العلم يقولون في الحقوق المتعلقة بالتركة، الحقوق الخمسة الأول مؤنة التجهيز، والثاني: الديون المتعلقة بعين التركة كالديون برهن، والثالث: الديون المرسلة، المطلقة، التي ليست برهن لا تتعلق بعين التركة كديون الآدميين والكفارات، ودين الله أحق وفي قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((دين الله أحق)). يدل على أن هناك ما يثبت بذمة المكلف. من الدين لله -جل وعلا-، ثم الوصايا ثم الإرث، إطعام ستين مسكيناً، وهي الخصلة الثالثة بعضهم أفتى من علماء الأندلس من أفتى بعض الأمراء بالصيام قبل العتق، وقع على أهله في رمضان قال تصوم شهرين متتابعين، قيل له لماذا؟ قال لو قيل له العتق وطئ كل يوم، سهل العتق عنده، لكن لما يقال له: تصوم شهرين متتابعين لن يعود، فهل هذه الفتوى صحيحة؟ فتوى باطلة، لأنها مخالفة للنص، إطعام الستين المسكين الخلاف في كون المد كافي أو نصف صاع، مسألة معروفة عند أهل العلم والأحوط أن يجعل نصف صاع، نصف صاع من طعام وسواء أطعم الستين مجتمعين أو متفرقين، المقصود أنه يخرج ثلاثين صاعاً أو خمسة عشر صاعاً على الخلاف المعروف. نأخذ شيء وإلا تصلون؟ بالنسبة لمن جامع في نهار رمضان، الحديث ما فيه هنا في الرواية التي ساقها المصنف ما يدل على أنه يقضي يوماً مكانه. لكن نصّ، يعني جاء من طرقٍ تثبت عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه قال: ((صم يوماً مكانه واستغفر الله)). ومنهم من يقول الروايات أكثرها ما فيها تنصيص على القضاء فلا قضاء عليه، فالكفارة تشمل الكفارة بمجموعها بدل عن هذا الصيام الذي أبطل فلا قضاء بهذا بعض العلماء لكن الرواية صحيحة وثابتة صم يوماً مكانه، وهي القاعدة أن من أفطر فعدة من أيام أخرى بما في ذلك الفطر بالجماع.

كتاب الصيام (4)

بلوغ المرام - كتاب الصيام (4) الشيخ: عبد الكريم الخضير السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. في حديث المجامع السابق لم يُذكر عن المرأة شيء، لم يتعرض لذكرها في طرق الحديث؛ لكن النساء شقائق الرجال، إذا حصل منها شيء من المفطرات بطوعها واختيارها لزمها ما يلزم الرجل، فالمجامع والمرأة مجامَعة، والرجل محصِن والمرأة محصنة، يعني كما أن الإحصان تترتب عليه آثاره بالنسبة للرجل، والأمر كذلك بالنسبة للمرأة، وإن كان هذا اسم فاعل وهذا اسم مفعول، نقول: كذلك المجامِع دلت النصوص على أنه تلزمه الكفارة والمجامَعة تلزمها أيضاً الكفارة، هذا إذا كانت مطاوعة، أما إذا كانت مكرهة فالمكره لا تكليف عليه، لكن ليعلم القدر من الإكراه الذي يرتفع به التكليف، وهذا معروف عند أهل العلم. وعن عائشة وأم سلمة -رضي الله تعالى عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم-: "كان يصبح جنباً من جِماع ثم يغتسل ويصوم" متفق عليه، وزاد مسلم في حديث أم سلمة: "ولا يقضي". اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: وعن عائشة وأم سلمة أمي المؤمنين -رضي الله تعالى عنهما- أن النبي -عليه الصلاة والسلام- كان يصبح جنباً من جماع ثم يغتسل ويصوم، وحديث أم سلمة عند مسلم: ولا يقضي يصوم صياماً صحيحاً كاملاً، ولو لم يغتسل إلا بعد طلوع الصبح، وهذا جاء رجل يسأل أم سلمة، جاءت امرأة أرسلها زوجها تسأل أم سلمة فأخبرتها أن النبي -عليه الصلاة والسلام- كان يفعل ذلك، فقال الرجل النبي -عليه الصلاة والسلام- غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، يعني له أن يفعل مثل هذا لكن لسنا مثله، فردها إلى أم سلمة مرةً ثانية، فجاءت والنبي -عليه الصلاة والسلام- عندها، فقال: ((ألم تخبريها؟ )) قالت: أخبرته، ومثل هذا عن عائشة، وجاء إلى مروان أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام مع أبيه فذكر له أن أبا هريرة يقول: "من أصبح جنباً فلا صيام له" فأقسم مروان على عبد الرحمن بن الحارث بن هشام أن يذهب إلى أمي المؤمنين فيسألهم عن ذلك، فأخبرته أن النبي -عليه الصلاة والسلام- كان يصبح جنباً من جماعٍ من غير احتلام ثم يغتسل ويصوم، لما رجع إلى مروان قال: "عزمت عليك أن تذهب إلى أبي هريرة فتخبره بما قالت أما المؤمنين" فاعتذر عبد الرحمن بن الحارث، اعتذر كيف يواجه صحابي بمثل هذا الاستدراك؟ هذا أدب مع الكبار، نعم الحق لا بد من بيانه؛ لكن يتولاه من هو على مستوى البيان بالنسبة لهذا الصحابي الكبير، يعني إذا أردت أن تستدرك على كبير فليكن بالأسلوب المناسب، وليكن الذي يستدرك عليه في مستواه، اعتذر عبد الرحمن بن حارث بن هشام فأقسم عليه مروان، ومروان ولي أمر، لا يمكن عصيانه، كان أمير على المدينة من قبل معاوية -رضي الله تعالى عنه-، فذهب فتحدث معه ساعة، يعني انبسط معه ساعة، بخلاف من إذا سمع بعض المشايخ يقرر مسألة قال: لا يا شيخ، هذه حصلت، حصلت بحضرة الكبار الله المستعان. يقول لا يا شيخ، طالب علم صغير لا يا شيخ، هذا تحدث مع أبي هريرة ساعة علشان إيش؟ ينفتح القلب، ويسلك مع المسلك، بعض الناس يصير عنده مثلما يقولون بالأسلوب العصري: دبلوماسية يستطيع أن يدخل إلى القلب من غير جرح للشعور، وبعض الناس أبداً ما يهمه، تحدث معه ساعة لا شك

أن هذا من أدب السلف، ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما- أراد أن يسأل عمر عن المرأتين التي تظاهرتا عن النبي -عليه الصلاة والسلام- يقول: مكثت سنة، يتحيّن فرصة فحجّ عمر فحجّ معه ابن عباس، وفي أثناء الحج مال عمر عن الطريق فمال معه ابن عباس، وحمل معه الإداوة، وصب عليه الماء فوجد الفرصة مناسبة، فلا بد من مثل هذا الأدب مع الكبار، وليس معنى هذا أن يضيع الحق، ويميع الحق بهذا العذر، لا، البيان لا بد منه؛ لكن نسلك الأساليب المناسبة ليكون الحق مقبولاً، فتحدث معه ساعة، ثم أخبره وصل الحديث إلى هذه المسألة، كنت عند مروان فأرسلني إلى أمهات المؤمنين، وكذا، وأقسم علي أن أذهب إلى أبي هريرة، ولولا قسمه لما جئت، يعني ما هو أنت مثلك الذي يستدرك عليه، فقال أبو هريرة: لم أسمعه من النبي -صلى الله عليه وسلم-، وإنما أخبرني به مخبر، وهو الفضل بن عباس. ومنهم من يثبته نص عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أن من أصبح جنباً فلا صيام له؛ لكنه منسوخ بهذا، على كل حال وجد الخلاف القديم من أبي هريرة، ومن يقول بقوله، ثم ارتفع الخلاف، فأجمع أهل العلم على أن من أصبح جنباً سواء كان من جماع كما هنا أو من احتلام، ونفي الاحتلام في النص من جماعٍ من غير احتلام إنما هو تصريح بما هو مجرد توضيح؛ لأن قوله من جماع يعني أنه من غير احتلام، وأيضاً الاحتلام الجمهور على أنه لا يحدث من الأنبياء؛ لأنه من تلاعب الشيطان، ومنهم من أثبته لهذا النص؛ لأنه لو لم يكن حاصل ما احتجنا إلى نفيه، والجمهور على أنه لا يحصل من الأنبياء؛ لأنه من تلاعب الشيطان، من أصبح جنب والسبب كان قبل طلوع الصبح لا بد من هذا، السبب الموجب للغسل قبل طلوع الصبح، يعني جامع قبل طلوع الصبح؛ لكنه لم يغتسل إلا بعد طلوع الصبح.

امرأة طهرت من حيضها أو نفاسها قبل طلوع الصبح، ثم لم تتمكن من التطهر إلا بعد طلوع الصبح الصيام صحيح، انعقد الإجماع بعد الخلاف القديم وارتفع الخلاف، على الخلاف المعروف عند أهل العلم في الإجماع بعد الخلاف هل ينعقد أو لا ينعقد؟ المقصود أن هذا هو حكم المسألة: من أصبح جنباً كان السبب الجنابة الذي يملكه الشخص الذي هو بطوعه واختياره، قبل طلوع الصبح ولم يغتسل إلا بعد طلوع الصبح صيامه صحيح ومن حصل له السبب الموجب من غير اختياره كالاحتلام فلا أثر له على الصيام، ولو كان في أثناء الصيام، نام بعد صلاة الظهر فاحتلم، نام بعد صلاة الصبح إذاً ما له أثر، لا أثر له على الصيام، يغتسل ويكمل صومه ولا أثر له على الصيام. وهذه مسألة يسأل عنها كثيراً ويخفى حكمها على كثير من الشباب، وهي استعمال العادة السرية كثير منهم يستعملها في رمضان، وكثير منهم لا يغتسل بعدها، على كل حال هي مفطرة وموجبة للغسل، إذا خرج المني دفقاً بلذة فهي مفطرة، وهي موجبة للغسل أيضاً. "ثم يغتسل ويصوم" متفق عليه، وزاد مسلم في حديث أم مسلمة: "ولا يقضي" لا يلزمه القضاء لأن صيامه صحيح. وعن عائشة -رضي الله تعالى عنها- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من مات وعليه صيام صام عنه وليه)) [متفق عليه].

حديث عائشة -رضي الله تعالى عنها- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من مات وعليه صيام صام عنه وليّه)) (صيام) نكرة في سياق الشرط فتعمّ جميع الصيام، سواء كان الصيام من رمضان أو كفارة أو نذر، (من مات وعليه) كلمة (عليه) تدل على أنه مما يلزمه هذا الصيام، فلا يدخل في مثل هذا التطوع، عادة هذا الرجل أن يصوم يوم عرفة، مات يوم العيد وما صام يوم عرفة نصوم عنه يوم عرفة؟ لا، لكن في الواجب الذي يلزمه بدليل قوله: ((وعليه)) لأن من أساليب الإيجاب (عليه صيام) نكرة في سياق الشرط فتعمّ، و (من) هذه من صيغ العموم، كل من مات وعليه صيام أي صيام صام عنه وليه، بهذا قال جمع من أهل العلم أن من لزمه صيام ولم يتمكن منه فإن وليه يقوم مقامه، ومنهم من يخص هذا الصيام الذي يقبل النيابة بالنذر فقط، لا ما وجب بأصل الشرع، ما وجب بأصل الشرع لا يقبل النيابة، "فلا يصوم أحد عن أحد، ولا يصلي أحد عن أحد"، لكن ما أوجبه الإنسان على نفسه مثل هذا قدر زائد على ما أوجبه الشرع فمثله يقبل النيابة، وهذا هو المعروف عند الحنابلة ويرجحه شيخ الإسلام وابن القيم ويرون أنه هو الجاري على القواعد، ويؤيده ما جاء في بعض الروايات: ((من مات وعليه صيام نذر صام عنه وليه)) في بعض الروايات وهي في الصحيح وعندنا صيام مطلق كما هنا وفي الروايات الأخرى مقيد بكونه نذر، وحمل المطلق على المقيد في مثل هذا متعيّن؛ لأنه يتفق معه في الحكم والسبب، يتفق معه في الحكم والسبب؛ لكن إن جعلناه كما قال بعضهم أنه من باب العموم والخصوص، صيام عام والنذر خاص، من باب العموم والخصوص فلا أثر للخاص؛ لأنه ذكر الحكم فيه بحكمٍ موافق للعام، فيكون من باب الاهتمام بهذا الخاص نصّ عليه، وإن كان فرداً من أفراد العام الذي يشمله النص المذكور هنا، وعلى كل حال كما يقول ابن القيم وقبله شيخ الإسلام: الجاري على قواعد الشرع أن العبادات البدنية الواجبة بأصل الشرع لا تقبل النيابة، بخلاف ما أوجبه الإنسان على نفسه هذا يقبل.

((صام عنه وليّه)) الولي القريب، منهم من يخصه بالوارث، ومنهم من يخصه بالعاصب، ومنهم من يقول: من تبرع بحيث لو تبرع الأب عاد مع وجود الأدنى صح ذلك، المقصود أنه يصام عنه، والتنصيص على الولي لأن الغالب على الولي هو الذي يحرص على براءة ذمة قريبه، والقول الثالث في هذه المسألة أن الصوم لا يقبل النيابة كالصلاة، وهو المعروف عند المالكية والحنفية، لا يقبل النيابة، بل من مات وعليه صوم فالكفارة، البدل، لتعذر الأصل؛ لكن الحديث صحيح وصريح في أنه يصوم عنه وليّه، إن قيدناه بالنذر كما يقول الإمام أحمد وهو رأي شيخ الإسلام وهو الجاري على القواعد فهو متجه، وإلا في الأصل العموم، والروايات المقيدة فيها قوة. باب صوم التطوع وما نهي عن صومه: عن أبي قتادة الأنصاري -رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سئل عن صوم يوم عرفة فقال: ((يكفر السنة الماضية والباقية)) وسئل عن صوم يوم عاشوراء فقال: ((يكفر السنة الماضية)) وسئل عن صوم يوم الاثنين فقال: ((ذلك يوم ولدت فيه، وبعثت فيه، وأنزل عليّ فيه)) [رواه مسلم]، وعن أبي أيوب الأنصاري -رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من صام رمضان ثم أتبعه ستاً من شوال كان كصيام الدهر)) [رواه مسلم]. وعن أبي سعيدٍ الخدري -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((ما من عبدٍ يصوم يوماً في سبيل الله إلا باعد الله بذلك اليوم عن وجهه النار سبعين خريفاً)) [متفق عليه، واللفظ لمسلم]. وعن عائشة -رضي الله تعالى عنها- قالت: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصوم حتى نقول: لا يفطر، ويفطر حتى نقول: لا يصوم، وما رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- استكمل صيام شهرٍ قط إلا رمضان، وما رأيته في شهرٍ أكثر منه صياماً في شعبان" [متفق عليه، واللفظ لمسلم]. وعن أبي ذرٍ -رضي الله تعالى عنه- قال: "أمرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن نصوم من الشهر ثلاثة أيام، ثلاثة عشر، وأربعة عشر، وخمسة عشر" [رواه النسائي والترمذي وصححه ابن حبان].

وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا يحل للمرأة أن تصوم وزوجها شاهد إلا بإذنه)) [متفق عليه، واللفظ للبخاري] زاد أبو داود: ((غير رمضان)). وعن أبي سعيد الخدري -رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نهى عن صيام يومين، يوم الفطر، ويوم النحر" [متفق عليه]. وعن نبيشة الهذلي -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أيام التشريق أيام أكلٍ وشرب، وذكرٍ لله -عز وجل-)) [رواه مسلم]. وعن عائشة وابن عمر -رضي الله عنهم- قالا: "لم يرخَّص في أيام التشريق أن يصمن إلا لمن لم يجد الهدي" [رواه البخاري].

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: باب صوم التطوع وما نهي عن صومه، ما عدا رمضان، كما دلت على ذلك النصوص، وما يوجبه الإنسان على نفسه فهو تطوع، حديث ضمام بن ثعلبة الذي جاء يستفهم عن شرائع الإسلام، وأن رسولَ رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم- أخبرهم أن الله فرض عليهم صوم شهرٍ من كل عام، قال: فهل عليّ غيره؟ قال: ((لا، إلا أن تطوع)) فما عدا ذلك تطوع، والتطوع لا شك أنه مما ترفع به الدرجات، وتكسب به الحسنات، وتكفر به السيئات، ويكمل به ما نقص من الواجب، وفي حديث عرض الأعمال إذا وجد فيها نقص من الفرائض قيل: ((انظروا هل لعبدي من تطوع؟ )) يعني فيكمل به هذا النقص، فليحرص المسلم لا سيما طالب العلم الذي ينبغي أن يكون قدوة من الإكثار من التطوع والتعبد في مثل هذه العبادات التي تزكو بها النفوس، وتصفو بها القلوب من الصلاة والصيام والحج والعمرة وغيرها، والأذكار وتلاوة القرآن، كل هذه على طالب العلم أن يعنى بها، نعم بعض طلاب العلم ينشغل بالأمور الذي يتعدى نفعها، وينسى مثل هذه الأمور، والنفع المتعدي عند أهل العلم في الجملة أفضل من النفع القاصر، في الجملة وليس على إطلاقه، وإلا فأعظم أركان الإسلام نفعه قاصر، الصلاة أفضل من الزكاة كما هو معروف، فعلى طالب العلم أن ينوع من العبادات، وتنوع العبادات في شرعنا من مزايا هذه الشريعة، ولها مصالح عظيمة جداً، ولو لم يكن فيها إلا اختبار المكلف هل يذعن أو لا؟ لأن بعض الناس يسهل عليه أن يتطوع بالصلاة، مستعد يصلي مائة ركعة؛ لكن يشق عليه أن يصوم لحظة، ما يمكن، ما يصبر، ما يستطيع أن يصوم يوم مثلاً، بينما عنده استعداد يصلي ألف ركعة، وبعض الناس يصوم شهر، وما عنده استعداد يبذل درهم؛ لكن جاءت العبادات متكاملة منها البدنية، ومنها المالية، ومنها المشتركة بينهما لاختبار المكلفين، والذي ما تعود الصيام يصعب عليه ويشق عليه؛ لكن إذا جاهد نفسه وتعود عليه يتلذذ به، وقل مثل هذا في بقية العبادات، صوم التطوع وما نهي عن صومه يندرج تحته حيث جمع المؤلف في هذا الباب الأيام التي يشرع صومها والأيام التي يكره صومها، والأيام التي يحرم صومها.

عن أبي قتادة الحارث بن ربعي الأنصاري -رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سئل عن صوم يوم عرفة فقال: ((يكفر السنة الماضية والباقية)) يكفر سنتين الماضية والباقية، وسئل عن صوم يوم عاشوراء فقال: ((يكفر السنة الماضية)) فصوم يوم عرفة أفضل من صيام يوم عاشوراء؛ لأنه يكفر سنتين، كونه يكفر الذنوب الماضية متصور؛ لكن يكفر الذنوب المستقبلة، استشكله بعض أهل العلم، ولا إشكال؛ لأن الذنوب المكفرة بهذه الأعمال إنما هي الصغائر هي التي تكفرها هذه الأعمال؛ لأنه جاء القيد ((ما لم تغشَ كبيرة)) ((ما اجتنبت الكبائر)) {إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَآئِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ} [(31) سورة النساء] فدل على أن الذنوب المكفَرة هي الصغائر.

يوم عرفة هو اليوم التاسع من ذي الحجة، وقبله ثمانية أيام، هي أفضل أيام العام، ((ما من أيامٍ العمل الصالح فيها خير وأحب إلى الله من هذه الأيام العشر)) قالوا: يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ((ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء)) فهي أفضل أيام العام على الإطلاق، وأما بالنسبة لليالي فليالي عشر رمضان أفضل عند أهل العلم من ليالي عشر ذي الحجة، صيام العشر باستثناء العيد الذي يحرم صومه، يوم عرفة منصوص عليه بالتحديد وبالتعيين، وأنه يكفر السنة الماضية والباقية، وبقية الأيام صيامها يشمله قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((ما من أيامٍ العمل الصالح فيها خير وأحب إلى الله من هذه الأيام العشر)) وثبت بالنصوص الصحيحة والصريحة أن الصيام من أفضل الأعمال، بل هو على رأس ما يعد من الأعمال الصالحة، ((من صام يوماً في سبيل الله باعد الله وجهه عن النار سبعين خريفاً)) وهو عمل صالح، فيدخل في قوله: ((ما من أيامٍ العمل الصالح .. )) يدخل فيه الصيام، فيشرع ويسنّ صيام التسعة أيام من شهر ذي الحجة، وثبت عن النبي -عليه الصلاة والسلام- فيما قاله الإمام أحمد أنه كان يصوم العشر، وفي صحيح مسلم من حديث عائشة أنه ما صام العشر، والنفي عندها على حسب أو على حد علمها، والمثبت مقدم على النافي، ولنفترض أن النبي -عليه الصلاة والسلام- ما صام العشر، فالذي يخصنا بالنسبة للاقتداء به قوله -عليه الصلاة والسلام-، إذا ثبتت المقدمة ثبتت النتيجة، ثبت أن الصيام عمل صالح فهو من أفضل الأعمال في هذه الأيام، وأيضاً حث النبي -عليه الصلاة والسلام- على كثيرٍ من الأعمال، ولم يفعلها، ثبت عنه أنه قال: ((عمرة في رمضان تعدل حجة)) وفي رواية: ((تعدل حجةً معي)) وما ثبت أنه اعتمر في رمضان، نقول: نترك العمرة في رمضان؛ لأنه ما اعتمر؟ ما نترك، فالذي يهمنا من سنته قوله، كونه ما فعل لأمرٍ من الأمور، نعم من كان بمنزلته -عليه الصلاة والسلام- بحيث يعوقه الصيام عما هو أهم من تصريف شؤون العامة يكون الصيام بالنسبة له مفضول، لو افترض شخص يحتاجه الناس، الأمة بحاجته، بأمس الحاجة إليه، وهو ممن لا يستطيع الجمع بين

الصيام وغيره من الأعمال، نقول له: صم واجلس في بيتك أو في مسجدك واترك أمر العامة؟ لا، هذا بالنسبة له الاشتغال بأمر العامة أفضل من الصيام، لو مثلاً ولي الأمر أو كبير علماء الأمة الذي الناس كلهم بحاجته إذا صام جلس في بيته أو في مسجده وما استطاع أن يستقبل الناس وشق عليه نقول له: يا أخي لا تصوم أفضل لك. فالنبي -عليه الصلاة والسلام- ينظر إليه وما ثبت عنه من قوله وفعله بعدة اعتبارات، ينظر إليه باعتبار أنه الإمام الأعظم، ويجب أن يقتدي به ويأتسي به من هذه الحيثية الإمام الأعظم، الملوك والأمراء وغيرهم، ولاة الأمر، وباعتباره المفتي يقتدي به من يتولى الإفتاء، وباعتباره قاضي -عليه الصلاة والسلام- يقتدي به من يتولى القضاء، وباعتباره إمام يقتدي به الأئمة، وباعتبار الأسوة والقدوة وهذا هو الأصل، لو جاء شخص قال: أنا بجلس في بيتي حتى تكون الساعة إحدى عشر ونصف مع زوال الشمس أدخل المسجد يوم الجمعة هذا أفضل وإلا يجي في الساعة الأولى؟ يقول: ما ثبت أن النبي -صلى الله عليه وسلم- دخل قبل الزوال، أنا مأنا بداخل قبل الزوال، نقول: لا هذا في حق الأئمة، وأنت باعتبارك مأموم مطالب بالمبادرة، بالتهجير، يقول: قال النبي -عليه الصلاة والسلام- ثبت عنه أنه يقول: سمع الله لمن حمده. أنا بقول: سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد، وأنا مأموم، نقول: لا، هذا باعتباره إمام؛ لأنه يقول: فإذا قال: سمع الله لمن حمده فقولوا: ربنا ولك الحمد، فالذي يخصك قوله: ربنا ولك الحمد.

المقصود أن هذه المسألة تحتاج إلى شيء من البسط والأمثلة والتنظير لأنها تلتبس على كثيرٍ من الناس، ويشاع في مثل هذه الأيام أن صيام العشر بدعة، وهذا ليس بصحيح، نعم من احتاجه الناس وصار بمثابة النبي -عليه الصلاة والسلام- الأمور كلها منوطة به لا شك أن مثل هذا نفعه العام المتعدي ويكتب له أجر الصيام إضافةً إلى أن النبي -عليه الصلاة والسلام- قد يترك العمل الفاضل رحمةً بالأمة، يعني يتصور لو أن النبي -عليه الصلاة والسلام- ما حصل منه هذه النصوص المتعارضة تقول عائشة: ما صام، مع حثه على الأعمال الصالحة في هذه الأيام العشر، يمكن كل الناس بيصومون وينزون في بيوتهم، ممكن، تصور لو أن النبي -عليه الصلاة والسلام- اعتمر في رمضان مع قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((عمرة في رمضان تعدل حجة)) إيش يصير وضع الناس لو تظافر القول مع الفعل؟ كان يقتتل الناس على العمرة في رمضان، وتبقى أن العمرة في رمضان سنة وتعدل حجة، وإن قال بعض أهل العلم أنه خاص بتلك المرأة، كما أشارت إليه رواية أبي داود؛ لكن القول الذي لا وجه له ومع الأسف أنه كتب في بعض الصحف القول الذي لا وجه له قول من يقول: نعم العمرة في رمضان تعدل حجة؛ لكن ما هو كل سنة، وش اللي ما هو كل سنة؟ يعني القول بأن هذا النص خاص بالمرأة هذا له وجه، وقال به من أهل العلم المعتبرين؛ لكن ما هو كل سنة؟ وش الحد؟ يعني كود يصدر نظام يحدد العمرة في رمضان يصير هو الشرع؟ ما هو كل سنة؟ على شان إيش؟ المسألة مسألة شرعية، النبي -صلى الله عليه وسلم- قال هذا الحديث، وأهل العلم إما أن يقولوا للجميع، وهذا قول عامة أهل العلم، ومنهم قال خاص بالمرأة، وقل مثل هذا القول ولك سلف، أما أن يقال: تعدل كل حجة؛ لكن ما هو كل سنة، ما أدري كيف من أي قاعدةٍ ينطلق مثل هذا الكلام؟ صوم يوم عرفة يكفر السنة الماضية والباقية، منهم من يقول أن الشخص ما حصل منه في السنة الماضية من الصغائر يكفر، ويحال بينه وبين الذنوب في السنة اللاحقة، أو يوفق للتوبة إن حصلت منه، ولسنا بحاجة إلى مثل هذا ما دام التكفير للصغائر فهذه أعمال عظيمة تأتي على الصغائر إيش المانع؟ بالوعد الصادق، وسئل عن صوم يوم عاشوراء فقال:

((يكفر السنة الماضية)) وسئل -عليه الصلاة والسلام- عن صوم يوم الاثنين فقال: ((ذاك يوم ولدت فيه، ويوم بعثت فيه، أو أنزل عليّ فيه)) يوم ولدت فيه، لا شك أن ولادة النبي -عليه الصلاة والسلام- بالنسبة للعالمين وهو رحمة للعالمين أنها خير، بالنسبة للناس كلهم؛ لأنه رحمة، فولادته ولادة رحمة؛ لكن من تعظيمه والفرح بولادته اتباعه، فلا نحدث في دينه ما لم يشرعه، يوم ولدت فيه، وش يلزمنا من هذا اليوم الذي ولد فيه؟ نبتدع عبادات نتقرب بها إلى الله -عز وجل- فرحاً بهذا اليوم؟ لا، هذا يغضب النبي -عليه الصلاة والسلام-، ((من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد)) لكن مثل هذا الصيام شكراً لله -جل وعلا- الذي وجدت ولادة هذه الرحمة، رحمة للعالمين، هو الرحمة المهداة، لا شك أن هذا من شكر هذه النعمة، ولا نتعبد بغير ما ورد؛ لأن بعض الناس يقول: ما دام يشرع صيامه لأنه يوم المولد لماذا لا نظهر هذا الفرح؟ نظهر هذا الفرح وفرحنا هذا من باب حبه وتعظيمه -عليه الصلاة والسلام-، نعم نفرح بولادته لكن لا نزيد على ما شرعه؛ لأن مقتضى شهادة أن محمداً رسول الله أن لا يعبد الله إلا بما شرع، سئل عن يوم الاثنين فقال: ((ذاك يوم ولدت فيه، ويوم بعثت فيه، وأنزل علي فيه)) وسئل عن الاثنين مع الخميس فقال: ((يومان ترفع فيهما الأعمال، فأحب أن يرفع عملي وأنا صائم)) وما جاء في يوم الاثنين أكثر.

وعن أبي أيوب الأنصاري -رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من صام رمضان ثم أتبعه ستاً من شوال كان كصيام الدهر)) [رواه مسلم]، حديث أبي أيوب أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من صام رمضان)) الشرط: من صام رمضان، فالذي لا يصوم رمضان لا ينفعه صيام الست، ومقتضى الشرط أنه لا بد من استكمال صيام رمضان قبل الست؛ لأنه قال: ((ثم أتبعه)) يعني بعد صيام رمضان كاملاً يتبعه ستاً من شوال، فعلى هذا لا بد من أن يقضي ما أفطره في رمضان ثم بعد ذلك يتبعه الست، قد يقول قائل: وقد قيل: القضاء وقته موسع، وهذه الست وقتها مضيق، عليه خمسة أيام من رمضان أفطرها في سفر، ثم لما بقي ستة أيام من شوال بحيث لا تتسع إلا لهذه الست يقول: وقت القضاء إلى آخر شعبان، وهذه الست يفوت وقتها، مقتضى قوله -عليه الصلاة والسلام- ثم أتبعه أنه لا يتطوع بالست حتى يكمل رمضان، ثم يتبعه، وهذا قال به جمع من أهل العلم، وهو مقتضى ظاهر الحديث، ومنهم من يقول: الوقت موسع، لك أن تتطوع في الوقت الموسع، دخل وقت صلاة الظهر، كم وقت صلاة الظهر ثلاث ساعات، لك أن تصلي ما شئت قبل الفريضة؛ لكن التنظير غير مطابق، افترض المسألة في شخصٍ دخل عليه وقت الظهر وفي ذمته صلاة الفجر مثلاً، هل يتطوع قبل أن يصلي الفجر؟ لا، المقصود أن المسألة خلافية بين أهل العلم، وأكثر ما يستندون إليه فعل عائشة -رضي الله تعالى عنها- أنه يكون عليها من رمضان ما تستطيع أن تقضيه إلا في شعبان لمكانة النبي -عليه الصلاة والسلام-، ويبعد أن تسمع مثل هذه النصوص يوم عرفة يكفر السنة الماضية والباقية وعاشوراء ما تصوم عرفة ولا عاشوراء، يبعد أن لا تتطوع مثل هذه التطوعات، ومقتضى هذا أن تقدم مثل هذه التطوعات على القضاء، يعني ومن باب أولى صيام الست؛ لكن ظاهر الحديث يدل على أنه لا يصح التطوع قبل أن تؤدى الفريضة، وابن رجب ذكر هذه المسألة في قواعده، وذكر لها نظائر كثيرة، فليرجع إليها.

((من صام رمضان ثم أتبعه ستاً)) ستاً الأصل أن يقول ستةً؛ لأنها تمييز مذكر، قال: ((ستاً)) والنحاة صرحوا بأنه يجوز الوجهان إذا لم يذكر التمييز، يجوز الوجهان، (ثم أتبعه ستاً) وصحّفت هذه الكلمة، صحفها الصولي فقال: (شيئاً من شوال) لكن الروايات الصحيحة الثابتة ستاً، من شوال كان كصيام الدهر. الحديث يدل على استحباب صيام الست من شوال، وهو حديث صحيح صريح قال به الجمهور، قالوا بمقتضاه، وأن صيام الست مستحب، وقال الإمام مالك صيام الست ليس بمشروع؛ لأنه نص في موطئه أنه لم يرَ أحد من أهل العلم والفضل يصومها، وما دام العمل على خلافها عند أهل المدينة فلا تشرع، والعمل عندهم حجة؛ لكن إذا ثبت النص لا كلام لأحد، لا مالك ولا غير مالك، ولا أهل المدينة ولا أهل مكة، ما دام النص ثابتاً، فقول الإمام مالك -رحمه الله- مرجوح، ومع ذلكم يبقى إمام، ويبقى أنه نجم السنن، وإمام دار الهجرة ليس هذا قدح في الإمام؛ لكن الحق أحب إلينا منه -رحمه الله-.

((كان كصيام الدهر)) شهر رمضان على عشرة أشهر؛ لأن الحسنة بعشر أمثالها، والست عن ستين يوماً فرمضان مع الست اثنا عشر شهر، فمن صام رمضان وأتبعه ست كمن صام اثنا عشر شهر، واثنا عشر شهر من كل سنة هذا هو الدهر، وصيام رمضان وإتباعه بالست ممدوح؛ لكن هل المشبّه به ممدوح صيام الدهر، لا صام من صام الأبد، جاء النهي عنه، إذاً هو ممدوح وإلا ليس بممدوح؟ وإن كان في حديث حمزة الأسلمي السابق إني أسرد الصوم استدل به بعض أهل العلم على جواز صيام الدهر؛ لكن باستثناء ما حرم صيامه من العيدين والتشريق، صيام الدهر ليس بممدوح، بل جاء التحذير منه، والتنفير منه، كيف نشبه الممدوح بالمذموم؟ ((من صام رمضان ثم أتبعه ستاً من شوال كان كصيام الدهر))؟ في الأجر، فيه أجر لو صام الشخص الدهر كامل؟ يعني لو كان مشروعاً، يعني لا شك أن التشبيه يأتي في النصوص ولا يراد به مطابقة المشبه بالمشبه به من كل وجه، مثلاً يأتي الوحي إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- أحياناً مثل صلصلة الجرس، الوحي محمود والجرس مذموم؛ لكن وجه الشبه من وجهٍ دون وجه، يشبه به من الوجه الذي فيه المطابقة، وهو أنه له صوت متدارك وقوي، وأما مسألة الإطراب والطنين فهذه المذمومة لا يشبه به، وقل مثل هذا في تشبيه رؤية الباري برؤية القمر من وجهٍ دون وجه، وقل مثل هذا في تشبيه السجود على اليدين ببروك البعير، وقل مثل هذا في أمثلة كثيرة جداً، (كان كصيام الدهر) رواه مسلم. طالب:. . . . . . . . . وحديث أيضاً: ((من صام ثلاثة أيام من كل شهر فكأنما صام الدهر)) هنا دهر وهنا دهر، فمن صام من شوال ثلاثة أيام بالأشهر الباقية، هل. . . . . . . . .؟ أليس بحاجة إلى مزيد فضل؟ طالب:. . . . . . . . .

طيب أنت أجل قل مثل هذا في الصلوات الخمس ورمضان إلى رمضان والعمرة إلى العمرة كفارات لما بينهن، قال: أنا يكفيني واحد يكفر وخلاص، أنت مأمور بالإكثار من الطاعات، وعلك أن تنجو، هذا يقول: ثلاثة أيام من كل شهر كصيام الدهر، من أبدأ؟ ما لازم أن أصوم هذه الأيام؟ وإلا أصوم رمضان وستة أيام من شوال، وليست بحاجة إلى أن أصوم من كل شهر، أنت مرغب في هذا، مرغب في عشر ذي الحجة، مرغب بإيش؟ بعاشوراء، مرغب في صيام الأشهر المحرم، في شعبان على ما سيأتي، كلها مرغب فيها، وعلك أن تنجو، وعلى كل حال فضل الله -جل وعلا- واسع، فالحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة إلى ألفي ألف ضعف، كما جاء في المسند، وإن كان ضعيف؛ لكن فضل الله لا يحد، والحسنات آحاد، ولذا يقول أهل العلم: "خاب وخسر من زادت آحاده على عشراته" نحن بأمس الحاجة إلى هذه المكفرات، فالإنسان يطلب النجاة، وبعد النجاة يطلب رفع الدرجات، ومع ذلك يتوسط في أمره، يكون خائف، أنت ضامن أن هذه الأعمال التي عملتها مقبولة؟ {وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ} [(60) سورة المؤمنون] الصحابة يتصدقون ويصومون ويحجون ويصلون ويجاهدون ومع ذلك قلوبهم وجلة؛ لأن عائشة سألت: هم الذين يزنون هم الذين .. لا يا ابنة الصديق، هؤلاء الذين يأتون بالأعمال الصالحة لكن قلوبهم وجلة أنت ما تدري وش اللي يقبل وش اللي يرد؟ فعلى الإنسان أن يكثر ويحسن الظن بربه، ويكون خائفاً من خطيئته ويتوسط في أموره، يتوسط لا يوسع الرجاء بحيث يعتمد على عمله ويتكل عليه ناسياً ربه وناسياً غضبه، وأنه شديد العقاب، ولا أيضاً يقنط من رحمة الله، وييأس ويصاب، بعض الناس هم بين طرفي نقيض، شخص إذا جلس يذكر الله له ربع ساعة نصف ساعة انتظر التسليم من الملائكة عياناً، هذا موسع في الرجاء، وشخص آخر يتعبد سبعين سنة يقول: ما في يوم من الأيام سألت الله الجنة، يكفيني أن أستعيذ من النار، أنا لست بكفءٍ للجنة، فلا هذا ولا هذا، دين الله وسط بين الغالي والجافي. فعلى الإنسان أن يعمل ويترك الأمر بيد الله، يعمل لله -جل وعلا- مخلصاً متبعاً لنبيه -عليه الصلاة والسلام-، ومع ذلك يرجو ربه ويخاف ذنبه.

طالب: نعلم أن .... الفريضة ... بلا شك. طالب: ... وصيام رمضان .... صيام. . . . . . . . . هذا مجرد تمثيل من وجهٍ دون وجه، يعني أقل المضاعفات العشر، فالشهر أقل ما يقال فيه: أنه عن عشرة أشهر، إلى أضعافٍ كثيرة، هذه أمور بيد الله -جل وعلا-، بعض الناس ما يستحق شيء بالنسبة لصيامه، ما يتترب عليه أجر ولا أثر؛ لكن ما يؤمر بإعادته؛ لأنه أمسك عن الطعام والمفطرات في المدة المحددة، وبعض الناس صيامه يلحقه بالمنازل العالية، والله المستعان. وعن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((ما من عبدٍ)) ويشمل الذكر والأنثى، اللهم إلا إذا قلنا: أن المراد في سبيل الله الجهاد، والمرأة ليس عليها جهاد، ((ما من عبدٍ يصوم يوماً في سبيل الله)) (يوماً) يستوي في ذلك اليوم الطويل واليوم القصير واليوم الشديد الحر، واليوم الشديد البرد واليوم المعتدل، المقصود أنه يصوم يوم من طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشمس، وإذا زادت المشقة زاد الأجر؛ لأن المشقة التابعة للعبادة يرتب عليها الأجر العظيم من الله -جل وعلا-، أما المشقة لذاتها فليس فيها أجر إلا إذا ثبتت تبعاً للعبادة، ((ما من عبدٍ يصوم يوماً في سبيل الله)) منهم من قال في سبيل الله في الجهاد، وهو في الظاهر من صنيع البخاري أن هذا هو الراجح عنده؛ لأنه أدخله في كتاب الجهاد، باب ما جاء في الصوم في سبيل الله، باب من أبواب الجهاد، ومن أهل العلم من يقول: في سبيل الله لوجه الله خالصاً لوجه الله، وفضل الله واسع، ((إلا باعد الله بذلك اليوم عن وجهه النار سبعين خريفاً)) سبعين سنة؛ لأن الخريف فصل من الفصول الأربعة، ولن يمر عليه سبعين خريف إلا وقد مر عليه سبعين شتاء وسبعين صيف وسبعين ربيع، إذاً سبعين سنة، الصوم في الجهاد مرغّب فيه بهذا النص، وهو الظاهر منه، لكن إذا ترتّب عليه الإضعاف بحيث يضعف أمام العدو فالفطر أفضل، إنكم ملاقو العدو غداً، أمرهم بالفطر وذكر العلة، إنكم ملاقو العدو غداً، فإذا كان يضعفه الجهاد عن ملاقاة العدو فالفطر في حقه أفضل، ويكتب له ما نواه وقصده -إن شاء الله تعالى-.

يقول: وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصوم حتى نقول: لا يفطر، ويفطر حتى نقول: لا يصوم" الرسول -عليه الصلاة والسلام- يتسنّى له أحياناً أن يسرد الصيام، ويغتنم هذه الأوقات التي يكون فيها العمل عليه أخف، وأحياناً لا يتسنّى له ذلك وينشغل بالأمور العامة فيسرد الفطر، "ويفطر حتى نقول: لا يصوم، وما رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- استكمل صيام شهرٍ قط إلا رمضان" يعني ما في شهر صامه من أوله إلى آخره إلا أن يكون شهر رمضان، وما رأيته في شهرٍ أكثر منه صياماً في شعبان، يكثر من الصيام في شهر شعبان، مع أنه جاء النهي عن تقدم رمضان بيوم أو يومين، وجاء أيضاً: ((إذا انتصف شعبان فلا تصوموا)) وسيأتي الكلام عليها، وجاء أيضاً: ((أفضل الصيام صيام شهر الله المحرم)) وهذا من الترغيب بالقول والفعل. فالنبي -عليه الصلاة والسلام- يرغب في صيام شهر الله المحرم بقوله: وثبت من فعله أنه كان يكثر من الصيام في شعبان، وعلى كل حال الصيام في شعبان يسنّ الإكثار منه، وأيضاً الصيام والإكثار منه في شهر الله المحرم مطلوب، جاءت العلة في الإكثار من صيام شعبان في حديث لا يسلم من مقال، وهو أنه شهر يغفل عنه بين رجب ورمضان، بين رجب وهو أحد الأشهر الحرم، وبين رمضان فيغفل الناس عنه، واستغلال الغفلات مطلوب، هناك أوقات مثلاً يغفل الناس فيها عن العبادة والذكر وكذا، ينبغي أن يستغلها الإنسان؛ لأنه إذا نظر إليه وهو على عبادة والناس منصرفون عنها لا شك أن هذه مزيّة له، لا أقول: نظر البشر، المسألة في نظر الله -جل وعلا-، الناس كلهم لاهون منشغلون بأعمالهم في ديناهم في نومهم في لهوهم في كذا، والشخص هذا جالس يذكر الله، أو يتعبد أو يتعلم أو يعلِّم، فاستغلال أوقات الغفلات جاءت به بعض النصوص. منهم من يرى أن المفاضلة بين قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((أفضل الصيام صيام شهر الله المحرم)) بالنسبة للأشهر الحرم، وتفضيل الصيام في شعبان بالنسبة لغيرها.

وعن أبي ذر -رضي الله تعالى عنه- قال: "أمرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن نصوم من الشهر ثلاثة أيام، ثلاثة عشرة وأربع عشرة وخمس عشرة" رواه النسائي والترمذي وصححه ابن حبان، وقد جاء من طرق عديدة عن أبي ذر وأبي هريرة وغيرهما، أما الحث على صيام ثلاثة أيام من كل شهر، وأنها كصيام الدهر، فقد أوصى بها النبي -عليه الصلاة والسلام- أبا هريرة، "أوصاني خليلي -صلى الله عليه وسلم- بثلاث ومنها: صيام ثلاثة أيام من كل شهر" وأيضاً في حديث أبي ذر: "أوصاني" وأوصى أبا الدرداء، المقصود أنها وصية النبي -عليه الصلاة والسلام- أن يصام من كل شهر ثلاثة أيام؛ لأن من صام ثلاثة أيام كأنما صام الشهر كاملاً، والحسنة بعشر أمثالها، كون هذه الأيام هي البيض هو الذي جاء فيه هذا الحديث وهو حديث ماثل يعني قابل للاحتجاج؛ لأنه حسن، وجاء عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه كان يصوم الاثنين والخميس من أسبوع والاثنين من الأسبوع الذي يليه، المقصود أن الأمر فيه سعة، فإن صام ثلاثة اثنينات ثلاثة من أيام الخميس، حصل له أنه صام ثلاثة أيام، إن صام البيض أيضاً حصل له أنه صام ثلاثة أيام من كل شهر، وامتثل هذا الأمر الوارد في هذا الحديث: "أمرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن نصوم من الشهر ثلاثة أيام ... " الخ، وأكمل من ذلك كله أن يصوم ما حُث عليه، وما جاء فضله من الأيام البيض والاثنين والخميس والعاشر وعاشوراء وستة أيام من شوال إضافةً إلى رمضان، ويكثر من الصيام في المحرم وفي شعبان يجمع الجميع، وأفضل من ذلك كله صيام داود، يصوم يوماً ويفطر يوماً.

وعن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا يحل لامرأة أن تصوم وزوجها شاهد إلا بإذنه)) [متفق عليه، واللفظ للبخاري]، زاد أبو داود: ((غير رمضان)) رمضان مستثنى شرعاً، ليس للزوج أن يمنع الزوجة، وليس للسيد أن يمنع الرقيق، وليس للوالد أن يمنع الولد، وليس للأم أن تمنع الولد، هذا أمر شرعي، فرض إلهي ليس لأحدٍ فيه كلام، فالأمور المفترضة في الشرع ليس لأحدٍ أن يتدخل فيها، يعني لو أن موظف مثلاً في دائرة حكومية لما أذن المؤذن توضأ وخرج إلى المسجد قال له المدير: لا يا أخي أنا ما أسمح لك تصلي معنا، أو لا تصلي إلا إذا طلعت، صل في بيتك، نقول: هذه أمور مستثناة شرعاً لا طاعة لأحدٍ فيها، يعني وما يفتى به من أنه يُصلى في مقر العمل تبعاً للمصلحة الراجحة خشية تفلت طلاب، تفلت موظفين، هذه قضايا خاصة؛ لكن الأصل أن ما وجب بأصل الشرع ليس لأحدٍ فيه مدخل، فليس للزوج أن يمنع زوجته من الصيام، وليس له أن يمنعها من الصلاة، ولذا في صحيح البخاري عن الحسن صبي أراد أن يصلي في المسجد فمنعته أمه، قال: "ليس له أن يطيعها" لأن هذا أمر شرعي، طيب أمه منعته شفقاً عليه أراد أن يخرج إلى الفجر ما يتصور أن المسألة مثلما عندنا الآن الليل والنهار ما في فرق، ظلام دامس، الكبير يستوحش ما هو الصغير، فإذا رأت في وقت الحسن في وقت هذا الكلام وما بعده إلى وقتٍ قريب، أرادت أمه أن تمنعه قال: "ليس لها أن تمنعه" طيب احتمال يجنن الصبي هذا، هذا ما هو مكلف، الحسن يقول: "ليس لها أن تمنعه" على كل حال المسألة تحتاج إلى موازنة بين المصالح والمفاسد، الآن متصور أن في طريق الصبي هذا إلى المسجد شباب عندهم شيء من الانحراف احتمال أن يؤثروا عليه، والأب ما هو حاضر، هل الأفضل أن يصلي في البيت ولا يخرج لمثل هؤلاء الشباب أو يذهب إلى المسجد والأمر لله؟ وقل: مثل هذا إذا ذهب الصبي مثلاً العصر إلى حلقة تحفيظ القرآن مثلاً، وملاحظ أن في الشوارع شباب نبي نروح هنا، نبي نمر البقالة، نبي نروح بيت فلان، والصبي سهل التأثير عليه، فيخشى عليه من مثل هذا، فيقال: لا تصلي في المسجد صل في البيت؛ لأنه يخشى عليك أن يجتالك إخوان

الشياطين، المسألة مسألة غلبة ظن، وموازنة بين المصالح والمفاسد، وهذا بالنسبة لمن لا يتسنى له أن يصحب الابن، أما من يتسنى له أن يصحب ابنه إلى هذه المواضع هذا ما له عذر؛ لكن بعض الناس ما يتيسر له، هو في عمله مثلاً والولد بيطلع والشارع مليان من هذا الشباب الذين احتمال يجتالونه، والمسألة موازنة، والصلاة لا يقدم عليها شيء، ويحرص بقدر الإمكان على التسديد والمقاربة والتحذير، والله المستعان. طالب: بالنسبة لقضاء رمضان. . . . . . . . .؟ قضاء رمضان الموسع يعني له أن يمنعها حتى يضيق عليها الوقت مثل عائشة؛ لكن رمضان مضيق، قد تقول الزوجة: أنا زوجي حاضر؛ لكن ليس له بي أدنى حاجة، ترى الزوجة كبيرة في السن، ومعفاة من كثير من الحقوق وجالسة تتعبد، وزوجها حاضر لا يريدها في شيء، لا لحاجة بيته ولا لحاجته الخاصة، له أن يمنع أو ليس له أن يمنع؟ لها أن تصوم من غير إذنه أو ليس لها أن تصوم؟ إذا علمت أنه لا يكره ذلك ما تحتاج هذا إذن عملي؛ لكن إذا منعها له أن يمنعها، لعموم الحديث، ويبقى أن منعها من جهةٍ أخرى ليس له أن يتعنّت فيما لا حاجة له به، يعني له أن يمنعها لمصلحته، أو لمصلحتها، امرأة كبيرة ومريضة ويتعبها الصيام له أن يمنعها لمصلحتها، كما أن له أن يمنعها لمصلحته وإذا انتفت مصلحة الطرفين فمنعها تعنّت. يقول: وعن أبي سعيد الخدري -رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نهى عن صيام يومين، يوم الفطر ويوم النحر، صيام هذين اليومين، يوم عيد الفطر، ويوم عيد الأضحى حرام بالإجماع، ولهذا النص ولا يجوز ولا يصح، فلو صامه عن قضاء ما أجزأ، ولو نذر أن يصوم يوم العيد لم ينعقد النذر عند الجمهور؛ لأنه نذر معصية، من نذر أن يعصي الله فلا يعصي، وعند الحنفية ينعقد؛ لكن لا يجوز أن يصومه، يصوم يوم مكانه، نقول: محل النذر وهو يوم العيد ليس بمحلٍ للصيام، كما لو نذر أن يصوم الليل مثلاً، يتعبد بصيام الليل، نقول لا: الليل ليس بمحلٍ للصيام.

وعن نبيشة الهذلي، يقال له: نبيشة الخير -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أيام التشريق أيام أكلٍ وشرب وذكر لله -عز وجل-)) أيام أكل وشرب، وهذا خبر يتضمن النهي، متضمن للنهي، وعند أهل العلم أن النهي إذا جاء بصيغة الخبر كان أبلغ من النهي الصريح، أيام أكلٍ وشرب وذكرٍ لله -عز وجل-، وهل هذا النهي تحريم أو تنزيه؟ هل هو نهي تحريم وإلا تنزيه؟ الأصل في النهي التحريم، وقال به جمع من أهل العلم، وأنها ملحقة بالعيد، حكمها حكمه، وإن لم تكن بمنزلته في قوة التحريم لأنه خفف في أمرها بالنسبة لمن لم يجد الهدي، وأما يوم العيد فلا يصام بحال، وما جاء فيه الاستثناء، ما دخله الاستثناء، أخف حكماً مما لم يدخله استثناء، ولذا جاء عن عائشة وابن عمر -رضي الله عنهما- قالا: "لم يرخص في أيام التشريق أن يصمن إلا لمن لم يجد الهدي" رواه البخاري، الذي لم يجد الهدي يلزمه صيام ثلاثة أيامٍ في الحج وسبعةٍ إذا رجع إلى أهله، صيام ثلاثة أيام في الحج الأصل أن تكون قبل عرفة، فالذي لا يجد الهدي يحرم بالحج متى؟ بحيث يتمكن من صيام الثلاثة أيام قبل يوم عرفة، على الخلاف في صوم يوم عرفة على ما سيأتي، يصوم السادس والسابع والثامن، فيحرم قبل السادس لتكون أيامه في الحج، فليكن صومه في الحج في الثلاثة أيام، لكن عنده نفقة وعنده دراهم يستطيع أن يشتري بها هدي، في يوم عرفة سرق المبلغ الذي معه ليشتري به الهدي، الآن ما بقي عنده أن يصوم من أيام الحج إلا أيام التشريق، فيصوم أيام التشريق، ولذا جاء لم يرخص في أيام التشريق أن يصمن إلا لمن يجد الهدي، رواه البخاري، والله أعلم. وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. والأسئلة كثيرة جداً والوقت ما يكفي.

كتاب الصيام (5)

بلوغ المرام - كتاب الصيام (5) الشيخ: عبد الكريم الخضير السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. هذا يقول: هل يمكن أن نقيس على من مات وعليه صيام؟ نعم يصوم عنه وليه، من مات وعليه صلاة هل يجوز أن يصلي عليه وليه؟ لا، القياس لا يرد في العبادات. هذا يقول: بعض طلبة العلم يترك صيام التطوع من أجل ألا يضعف عن الطلب والحفظ، فهل لهذا وجه؟ أهل العلم ينصون على أن طلب العلم أفضل ما يتطوع به، فإذا كان الصيام يعوقه عن التحصيل، فالتحصيل مقدم عليه؛ لكن قد يكون هذا من تلبيس الشيطان عليه، وإلا فسائر التطوعات يعين بعضها على بعض، فالتطوع بالصيام يعين على طلب العلم، والتطوع بكثرة السجود يعين على طلب العلم، التطوع بالأذكار بتلاوة القرآن كل هذا مما يعين طالب العلم. يقول: هل الأصل لطالب العلم أن يبدأ بحفظ كتب أهل العلم أم حفظ كتب الحديث كالكتب الستة وغيرها؟ على طالب العلم أن يعنى بكتاب الله -جلا وعلا-، وبعد ذلك المتون المعروفة عند أهل العلم في سائر الفنون على الترتيب المعتبر عند أهل العلم، ثم بعد ذلك يحفظ من العلوم كلها، وليكن بعد كتاب الله النصيب الأوفر لسنة نبيه -عليه الصلاة والسلام-. يقول: ما رأيك بمن يغتر بأجر الصيام فيهتم بصيام عاشورا ويوم عرفة أكثر مما يهتم بصيام شهر رمضان؟ في الحديث الصحيح أن أفضل ما يتقرب به العبد ما افترضه الله عليه، ((وما تقرب إلي عبد بأحب إلي مما افترضته عليه)) فالفرائض أولى من غيرها، الفرائض أولى من غيرها؛ لأن النوافل قدر زائد على ما أوجب الله -عز وجل-، فإذا أخل بالفريضة عوقب على ذلك، لكن إذا أخل بالنافلة لم يعاقب. يقول: ما الحكم من قطع فريضة الصيام وسافر لفعل سنة كالعمرة في رمضان، هل يجوز ذلك؟ إذا سافر من أجل العمرة يجوز له ذلك، أو سافر سفراً مباحاً يجوز له ذلك، أو سفر تجارة يجوز له؛ لكن لا يسافر من أجل أن يترخص. يقول: إنسان مريض بفشل كلوي يصوم يوم ويفطر يوم لغيسل الكلى فماذا يفعل في اليوم الذي أفطره وهل يقضيه أم لا؟ إن أمكن قضائه فالواجب القضاء، وإن لم يمكن فالبدل، الإطعام. يقول: إذا جامع في نهار رمضان هل يفطر بأن يأكل ويشرب أم يواصل صومه؟

عليه أن يواصل الصوم، عليه أن يواصل الصوم، كمن قدم من سفر وهو مفطر يلزمه عند أهل العلم. يقول: الشهران المتتابعان هل يراد بهما ستين يوماً، أم يحسب شهرين قمرين من بداية الصوم، سواءً كان الشهر تسعة وعشرين أو ثلاثين؟ المراد أن يصوم شهرين متتابعين في الأهلة، سواءً كان الشهر ثلاثين أو تسعة وعشرين. يقول: هل هناك فرق بين الأكل والشرب ناسياً في صيام الفرض والنفل، أم أن هذا خاص بالفرض فقط لظاهر الحديث؟ إذا جاز هذا في الفرض ففي النفل من باب أولى. يقول: هل البخاخ عن طريق الأنف أو الفم يفطر؟ البخاخ إذا كان مجرد هواء لا يفطر؛ لكن إذا كان فيه مواد لها جرم تنساب إلى الجوف فهو مفطر. بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين. قال المؤلف -رحمه الله تعالى-: وعن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا تخصوا ليلة الجمعة بقيام من بين الليالي، ولا تخصوا يوم الجمعة بصيام من بين الأيام إلا أن يكون في صوم يصومه أحدكم)) [رواه مسلم]. وعنه أيضاً -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا يصومن أحدكم يوم الجمعة إلا أن يصوم يوماً قبله أو يوماً بعده)) [متفق عليه]. الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فإن يوم الجمعة عيد الأسبوع، وهو خير يوم طلعت عليه الشمس، خير يوم طلعت عليه الشمس، والخلاف في المفاضلة بينه وبين يوم عرفة معروف عند أهل العلم، فيوم الجمعة من أفضل الأيام، بل هو أفضل الأيام وهو عيدنا أهل الإسلام، وهو الذي وفقنا له من بين سائر الديانات بعد أن ضل عنه غيرنا، ((نحن الآخرون السابقون يوم القيامة)) نحن الآخرون في الزمن، لكن يوم القيامة السابقون، لنا يوم الجمعة، وهو متقدم على السبت والأحد، والناس تبع لنا؛ لكن لا يتعبد الله -جل وعلا- إلا بما شرع.

وعن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا تخصوا ليلة الجمعة بقيام من بين الليالي)) اعتاد هذا الشخص أن يصلي إحدى عشر؛ لكن ليلة الجمعة ليلة فاضلة أزيد ركعتين أزيد أربع، أزيد ست، نقول: لا، لا تخص بقيام زائد عن غيرها، نعم إذا كانت الأيام متفاوتة يوم أصلي خمس، ويوم أصلي سبع، ويوم أصلي تسع، وجد نشاط هذه الليلة فزاد فيها لنشاطه لا لأنها ليلة الجمعة، هذه مسألة أخرى، مع الأسف الشديد الناس ينظرون إلى هذا اليوم من زوايا متعددة، وكل ميسر لما خلق له، {إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى} [(4) سورة الليل] تجد ثلة من الناس يسهرون في مكان ما في استراحة وفي غيرها، طيلة أيام الأسبوع، ثم في ليلة الجمعة بعضهم يريد الانصراف مبكراً، فإذا أراد الانصراف قالوا: ما لك يا فلان؟ قال: يا أخي ليلة جمعة، ثم يقول له من أراد الإطالة يعني بنسهر الليلة جمعة، هذاك يبي ينصرف لأن الليلة جمعة، وهؤلاء يبون يسهرون لأن الليلة جمعة، هؤلاء لحظوا أنه ما في دوام وما في داعي أنك تنصرف، وهذا لاحظ أن هناك صلاة جمعة يستعد لها ويندب التبكير لها، لا شك أن الناس يتفاوتون في نظرتهم إلى القضايا الشرعية، مثل هذا ينبغي أن يلاحظ. ((لا تخصوا ليلة الجمعة بقيام من بين الليالي)) الإنسان يفرط في القيام سائر أيام الأسبوع وإذا جاءت ليلة الجمعة قال: هذه ليلة فاضلة أفضل أيام الأسبوع لماذا لا نقوم؟ نقول: لا يا أخي هذه ليلة لا تخص بعبادة لم تشرع، ولذا صلاة الرغائب، التي هي صلاة أول ليلة جمعة من رجب يسمونها صلاة الرغائب، وجاء فيها خبر لا يثبت، فصلاة الرغائب بدعة؛ لأن هذا الخبر لم يثبت فيها، فهذه الليلة لا تخص بشيء لم يشرع، يشرع فيها الصلاة على النبي -عليه الصلاة والسلام-، كما يشرع في يوم الجمعة، يشرع في يومها قراءة سورة الكهف، وما ورد فيه ليلته فيه ضعف، لا تخص هذه الليلة. ((ولا تخصوا يوم الجمعة بصيام من بين الأيام)) لا يخص يوم الجمعة بصيام، أم المؤمنين لما صامت يوم الجمعة قال: ((صمتِ بالأمس؟ )) قالت: لا، قال: ((تصومين غداً؟ )) قالت: لا، قال: ((فافطري)) فيوم الجمعة يوم فاضل؛ لكن لا يخص بصيام من بين الأيام.

((إلا أن يكون في صوم يصومه أحدكم)) أن يصوم يوم ويفطر يوم، وافق أن يوم الصيام يوم الجمعة لا بأس، ولو لم يكن يوماً بعده أو يوماً قبله، لحديث أم المؤمنين جويرية نص في أن يوم الجمعة لا يختص بالصيام؛ لكن إذا صام يوماً قبله أو يوماً بعده فإنه لا بأس، دل على عدم التخصيص، يوم الجمعة لا يخص بعبادة زائدة على غير ما شرع الله -جل وعلا-، لكن ها هنا مسائل: ساعة الاستجابة في يوم الجمعة، إيش معنى أن النبي -عليه الصلاة والسلام- ينص بالنصوص الصحيحة أن هناك ساعة، ساعة استجابة في يوم الجمعة، وتدل النصوص على أنها من دخول الإمام إلى السلام من الصلاة، وجاء ما يدل على أنها آخر ساعة في يوم الجمعة، ما الفائدة من التنصيص على أن هناك ساعة استجابة؟ التعرض لهذه الساعة، وتحري هذه الساعة، والدعاء في هذه الساعة، وإلا إش معنى أن هناك دعاء مستجاب؟ إلا لنتحرى هذه الساعة، ونطلب هذه الساعة، لندعو فيستجاب لنا. على القول بأن الساعة من دخول الإمام إلى السلام هذا المصلي ينتظر الصلاة أو يباشر الصلاة إذا كان دخل في هذا الوقت المسجد، أو يصلي إذا كان الإمام ما دخل وهو بالفعل في الصلاة ((لا يوافقها عبد مسلم قائم يصلي)) وننتبه لكلمة (قائم) (قائم يصلي) هل المراد به الصلاة فعلاً أو انتظار الصلاة؟ انتظار الصلاة، سواءً قلنا: ساعة الاستجابة من دخول الإمام إلى السلام هذا ينتظر الصلاة ويباشر الصلاة، وإلا لو قلنا: أن المراد بها الصلاة حقيقة فالقيام ليس محل الدعاء، القيام في الصلاة ليس محل دعاء، ولذا من يرجح أن ساعة الجمعة ساعة الاستجابة آخر ساعة قيل له: إن آخر ساعة ما هو بوقت صلاة، قال: الذي ينتظر الصلاة هو في صلاة، هذا الكلام صحيح، والذي يؤيد هذا الكلام أن النص الذي جاء فيه أنه قائم يصلي، القيام ليس موضع دعاء، إلا إذا كان المراد بالقيام مجرد الصلاة بما في ذلك السجود وما بعد التشهد؛ لكن يشار من الحديث أن المراد به من ينتظر الصلاة هو في صلاة وبهذا أجاب الصحابي.

انتظار الصلاة يكون في أي مكان؟ يكون والإنسان في بيته، أو في متجره، أو في عمله، أو في المسجد ينتظر الصلاة؟ في المسجد ينتظر الصلاة؛ لأن الذي ينتظر الصلاة معنى أنه في مكانها، ولا يسمى أنه منتظر الصلاة وهو في بيته والصلاة في المسجد، هذا ما ينتظر الصلاة؛ لأن بعض الناس يستشكل تخصيص بعض الناس الجلوس في المسجد عصر الجمعة، نقول: هذا ما دام ينتظر الصلاة وينتظر ساعة الاستجابة فهو في صلاته متعرض للنفحات الإلهية، يدعو الله -جل وعلا- في هذه الساعة، فلا إشكال في الجلوس بعد عصر الجمعة في المسجد لا إشكال فيه، لماذا؟ لأنه ينتظر الصلاة فهو في صلاة وساعة الاستجابة هذا وقته. بعض الناس يتحرى أن تكون ختمت القرآن في هذه الساعة التي هي ساعة استجابة، وجاء أنه عند ختم القرآن دعوة مستجابة، فيريد أن يجتمع هذا مع هذا ليكون أرجى للإجابة، تخصيص وقت معين لختم القرآن، ما عليه أثارة من علم ولا دليل، وليس من عمل السلف؛ لكن هو من لازم النص، إيش معنى من لازم النص؟ هو ليس بالنص لكن من لازم النص، كيف من لازم النص؟ من لازم النص يعني أن النص: ((اقرءوا القرآن في سبع)) وعدد أيام الأسبوع سبعة، إذا بدأت يوم السبت ختمت يوم الجمعة، وكون الإنسان يقصد أن تكون ختمته في ساعة استجابة انتهى من القرآن في أول الليل وأخره إلى الثلث الأخير من الليل ما يلام، يلام على هذا؟ وكونه ختم يوم الجمعة وآخره إلى آخر ساعة أو مع دخول الإمام ما يلام على هذا لأنها كلها ثبتت بالنصوص.

بعض الناس يقصد أن يكون عنده درس في يوم الجمعة، نعم جاء النهي عن التحلق يوم الجمعة؛ لكن النهي المقصود به عدم التضييق، نعم على وقت المبادرة لصلاة الجمعة وعدم التضييق على من بادر لصلاة الجمعة من المصلين والتالين وغير ذلك، هذا هو المنصوص عليه في كتب أهل العلم، ولذا النهي لا يشمل ما بعد صلاة الجمعة، أما ما قبل صلاة الجمعة هو الذي يحمل عليه النهي، يعني الشراح كلهم أطلقوا على أن السبب عن النهي، سبب النهي عن التحلق يوم الجمعة كونه يضيق وقت المبادرة إلى صلاة الجمعة، وقد يقول قائل: أنا أبادر، أذهب إلى المسجد من طلوع الشمس، وأقيم درس هناك، ويعينني هذا على التبكير، نقول له: أنت بدرسك الذين جاءوا ينتظرون الصلاة، وجاءوا لتلاوة القرآن وللذكر حتى يدخل الإمام، ولذا جاء النهي عن التحلق يوم الجمعة، أما ما بعد الصلاة فمعروف كثير من أهل العلم لهم دروس لا سيما بعد صلاة الجمعة، شيخ الإسلام تفسيره بعد صلاة الجمعة في المسجد، وغيره كثير، أهل الحديث، درس الإملاء، إملاء الحديث يختلفون لكن منهم من جعل درس الإملاء عصر الجمعة. على كل حال، مثل هذا لا يؤثر ولا يدخل فيما نحن فيه، فالمنصوص عليه القيام والصيام، وكوننا نتعرض لنفحات الله رجاء موافقة هذه الساعة التي جاءت النصوص التي تدل على أنها ساعة مستجابة ما نلام على هذا؛ لأنه ما وجهنا إلى أنه في ساعة مستجابة إلا من أجل أن نتطلب هذه الساعة، وإلا صار خبراً عارياً عن الفائدة. المقصود أن هذه وجهة نظر من يجلس في المسجد بعد العصر يوم الجمعة ليتحرى ساعة الجمعة وينتظر الصلاة ويدخل في الوعد، أما يقول: أنتظر الصلاة وأنا في البيت مو بصحيح؛ لأن الانتظار في مكانها. طالب:. . . . . . . . . نعم وين؟ قائم يصلي هذا يستدل به من يرجح أن المراد بقائم يصلي ينتظر الصلاة؛ لأن القيام من أركان الصلاة التي لا دعاء فيها. طالب:. . . . . . . . .

ما يلزم المقصود أنه يصلي حقيقة أو حكماً، يعني في صلاة حقيقة أو حكماً، حقيقة إذا كان الوقت محل وقت للصلاة، إذا كان وقت للصلاة، حكماً إذا لم يكن وقت للصلاة وقت نهي مثلاً، فمادام ينتظر الصلاة لأن الصحابي نص على هذا أنه ما دام قائم ينتظر الصلاة فهو في صلاة. والحديث الذي يليه عنه -رضي الله عنه- أيضاً، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا يصومن أحدكم يوم الجمعة إلا أن يصوم يوماً قبله ويوماً بعده)) متفق عليه، ويشهد له حديث جويرية أم المؤمنين لما صامت يوم الجمعة قال: ((صمت بالأمس؟ )) قالت: لا، قال: ((تصومين غداً؟ )) قالت: لا، قال: ((فأفطري)) وظاهر قوله: ((فأفطري)) وجوب الفطر، وظاهر النهي: ((لا يصومن أحدكم)) التحريم؛ لكن لا يسول لنا الشيطان، أحياناً الشيطان لا سيما الذين ابتلوا بالسهر، تجده مثلاً يسهر طول الليالي، ثم إذا جاء وقت الثلث الأخير من الليل يوم يوتر بركعة، يوم بثلاث ركعات، يوم بخمس على حسب نشاطه إذا جاءت ليلة الجمعة قال: والله أنا تعبان، والرسول يقول: ((لا تخصوا ليلة الجمعة بقيام)) وهذا من تلبيس الشيطان، من أجل أن يترك الوتر في هذه الليلة، نعم لا تخص بقيام زائد، إذا كنت بتوتر في سائر الليالي توتر في هذه الليلة، فهي كغيرها؛ لكن تلبيس الشيطان أحياناً يقول لك مثلاً: أنت سهران وأنت تعبان والفجر ما بقي عليه إلا شيء يسير، وليلة الجمعة ما تخص بقيام، نعم إن كنت ما توتر سائر الليالي لا توتر هذه الليلة، مع أن الوتر شأنه عظيم من السنن المؤكدة، حتى قال جمع من أهل العلم بوجوبه، والرسول -صلى الله عليه وسلم- لم يترك الوتر سفراً ولا حضراً، وأمر به ((أوتروا أهل القرآن)) ومن ابتلي بالسهر تجد الوتر من أشق الأمور على قلبه وعلى نفسه، يكون مستعد لحمل الأثقال، مستعد يمشي المسافات الطويلة، ومستعد يجلس الساعات الطوال في القيل والقال؛ لكن إذا جاء الوتر ما يعان عليه من كان هذا ديدنه لا يعان عليه، فنحذر من تلبيس الشيطان، نعم.

وعنه أيضاً -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إذا انتصف شعبان فلا تصوموا)) [رواه الخمسة، واستنكره أحمد]. وعن الصماء بنت بسر -رضي الله عنها- أن رسول-صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم فإن لم يجد أحدكم إلا لحاء عنب أو عود شجرة فليمضغها)) رواه الخمسة ورجاله ثقات إلا أنه مضطرب، وقد أنكره مالك، وقال أبو داود: هو منسوخ. وعن أم سلمة -رضي الله تعالى عنها- أن رسول -صلى الله عليه وسلم- كان أكثر ما يصوم من الأيام يوم السبت ويوم الأحد، وكان يقول: ((إنهما يوما عيد للمشركين، وأنا أريد أن أخالفهم)) [أخرجه النسائي وصححه ابن خزيمة وهذا لفظه]. يقول المؤلف -رحمه الله-: وعنه، أي عن أبي هريرة -رضي الله عنه- صحابي الحديث السابق، أو الحديثين السابقين، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إذا انتصف شعبان -يعني بعد الخامس عشر من شعبان- فلا تصوموا)) رواه الخمسة، واستنكره أحمد، صححه جمع من أهل العلم كثير من المتأخرين صححوه، واستنكره قال الإمام أحمد وابن معين قالوا: حديث منكر.

تقدم النهي عن تقدم رمضان بيوم أو يومين، وهو حديث صحيح لا إشكال فيه، مفهومه أن التقدم بثلاثة أيام لا بأس به، ولذا استنكر بعض العلماء هذا الحديث وحكموا بأنه منكر، ((إذا انتصف شعبان فلا تصوموا)) يعني في نصفه الأخير، وبعضهم صححه وحمله على من يصوم شعبان في النصف الثاني ولا يصوم في النصف الأول احتياطاً لرمضان، ويرد فيه ما يرد من النهي عن الاحتياط لرمضان في يوم أو يومين، تقدم أن النبي -عليه الصلاة والسلام- أكثر ما يصوم من الأشهر في شعبان، وعلى كل حال هذا حديث مختلف فيه، فمن كانت له عادة بأن يصوم الاثنين والخميس بس يتقي آخر الشهر، أما ما بقي في النصف الثاني لا بأس في صيامه؛ لأن الحديث نص الإمام أحمد ويحيى بن معين وجمع من أهل العلم أنه منكر؛ لأنه من روايات العلاء بن عبد الرحمن وهو صدوق، ربما وهم، فمثل هذا لا يحتمل تفرده، وهو أحد نوعي المنكر؛ لأن المنكر يطلق على المخالفة مع ضعف الراوي، ويطلق على تفرد الراوي الذي لا يحتمل تفرده، تفرد به من لا يحتمل تفرده؛ لأنه صدوق وربما وهم، وإن كان من رجال مسلم؛ لكنه تفرده لا يحتمل. من أهل العلم من يرى أنه إذا انتصف الشهر حرم الصيام عملاً بهذا الحديث، وقد صححه جمع من المتأخرين، من كان عادته أن يصوم ثلاثة أيام من كل شهر يحرص أن تكون هذه الثلاثة الأيام في نصفه الأول ليتقي هذا النهي فيما لو ثبت، وهو قابل حقيقة يعني من حسنه له وجه؛ لأن ضعفه ليس بشديد، العلاء بن عبد الرحمن يعني ربما وهم، وهو علة الحديث، وهو قابل للتحسين، ومن قال: إن مثل هذا لا يقبل تفرده، وقد تفرد بروايته حكم عليه بالنكارة كالإمام أحمد، وعلى كل حال يتقى بقدر الإمكان النصف الثاني. طالب:. . . . . . . . . ما تدخل البيض، ثلاثة عشر وأربعة عشر وخمسة عشر، إذا انتصف فلا تصوموا إذا تم نصفه الأول لا تصم، يعني بعد النصف، المقصود بعد النصف، في نصفه الثاني، وكأن النهي إن ثبت فإنه من أجل ألا يوصل الصيام برمضان، ولذا حديث: ((لا تقدموا رمضان بيوم أو يومين)) أثبت منه.

وعن الصماء بنت بسر -رضي الله عنها- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم)) لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم، ظاهر النهي يتناول ما إذا أفرد بالصيام، وما إذا ضم إليه يوم آخر، لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم، فهو يشمل ما إذا أفرد، وما إذا صيم معه يوم آخر، وهو بهذا معارض بحديث جويرية، لما صامت الجمعة قال: ((أتصومين غداً؟ )) يعني السبت، هذا دليل على جواز صيامه لكن مع الجمعة. ((فإن لم يجد أحدكم إلا لحاء عنب)) يعني القشر، سوق العنب، وخشبها اللحاء الذي يغطي القشرة، ((إلا لحاء عنب أو عود شجرة فليمضغها)) ليفطر، وهذا من باب تأكيد الفطر، رواه الخمسة أصحاب السنن الأربعة وأحمد، ورجاله ثقات، نعم رجاله كلهم ثقات، قال: إلا أنه مضطرب، الحديث المضطرب: هو الذي يروى على أوجه مختلفة متساوية، فالحديث روي مرة عن الصماء، ومرة عن عبد الله بن بسر عن أخته الصماء، ومرة عن عبد الله بن بسر بدون ذكر للأخت، فهذا اختلاف؛ لكن هل مثل هذا الاختلاف مؤثر وعلة قادحة، مرة ترويه الصماء عن عائشة، ومرة عن النبي -عليه الصلاة والسلام- مباشرة مع أن الصيغة التي معنا عن الصماء بنت بسر-رضي الله عنها- أن رسول -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا تصوموا)) محتملة للاتصال والانقطاع، وعلى كل حال لو قدر أنه عن عائشة عن النبي -عليه الصلاة والسلام- يكون مرسل صحابي، وهو مقبول عند عامة أهل العلم، فهذه العلة حقيقة ليست بمؤثرة، الاضطراب يمكن الترجيح بين الأوجه، ويمكن احتمال الأوجه، فلا تكون مختلفة حيث تكون متفقة فمرة يروى كذا، ومرة يروى كذا، فلا مانع، ولا تقدح بعض الروايات ببعض، وحينئذ يكون مقبولاً ولذا صححه جمع من أهل العلم؛ لأن رجاله ثقات، وقد أنكره مالك، نقل أبو داود في سننه عن الإمام مالك قال: "هذا كذب"، وقال أبو داود: "هو منسوخ" منسوخ بأيش؟ بحديث جويرية ((تصومين غداً)) دل على جواز صيام يوم السبت.

الحديث الذي يليه حديث أم سلمة -رضي الله عنها- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أكثر ما كان يصوم من الأيام يوم السبت ويوم الأحد، وكان يقول: ((إنهما يوما عيد للمشركين، وأنا أريد أن أخالفهم)) أخرجه النسائي وصححه ابن خزيمة، وهذا اللفظ له، ولكنه ضعيف وفي سنده مجهولان، في سنده راويان مجهولان فهو ضعيف. طالب:. . . . . . . . . هل هي أخته الصماء أو غيرها؟ لأنه أحياناً ترويه عنه، وأحياناً يرويه عنها. طالب:. . . . . . . . . لكن هل مثل هذا الخلاف مؤثر؟ يعني هل يمكن أن يروي الحديث على وجهين؟ يمكن أن يروى الحديث على وجهين، فإذا نص إمام من الأئمة على أن مثل هذا الخلاف مؤثر لأن هذه من العلل التي لا يدركها كل أحد، فإذا حكم عليه بأنها مؤثرة من أئمة الحديث القدامى الذين يحكمون بالقرائن فصارت مؤثرة وإلا أحياناً تجد حديث وفي مستواه حديث آخر، والخلاف نظير الخلاف، هذا يحكم بأنه محفوظ والخلاف غير مؤثر، وهذا يحكم بأن الخلاف مؤثر وليس بمحفوظ؛ لأن هذا تبعاً للقرائن، الأئمة الكبار هم الذين يستطيعون أن يحكموا بمثل هذه الأحكام الكبيرة. طالب:. . . . . . . . . لا لا هم الذين نصوا على أن الاضطراب في الراوي ما يضر. وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عن صوم يوم عرفة بعرفة، رواه الخمسة غير الترمذي، وصححه ابن خزيمة والحاكم واستنكره العقيلي. وعن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا صام من صام الأبد)) متفق عليه، ولمسلم من حديث أبي قتادة بلفظ: ((لا صام ولا أفطر)).

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى- وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عن صوم يوم عرفة بعرفة، تقدم الحث على صيام يوم عرفة، وأنه يكفر السنة الماضية والسنة الباقية يكفر سنتين، فلقائل أن يقول: ما دام يكفر سنتين، ويوم عرفة وهو بعرفة في الموقف العظيم، وهناك منح إلهية تتنزل على عباده أهل الموقف في هذا اليوم عشية عرفة، لماذا لا يصوم ليكون أدعى لإجابة دعوته؟ نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بصوم يوم عرفة بعرفة؛ لكنه ضعيف، وعلى كل حال في إسناده مهدي الهجري، وهو ضعيف. ثبت أن النبي -عليه الصلاة والسلام- شرب، دعا بإناء فشرب، وهو على دابته والناس ينظرون، أفطر، والناس ينظرون، فهل فطره وعدم صيامه في هذا اليوم يقاوم الحث على صيام يوم عرفة، أو نقول: مثلما أفطر في السفر للمشقة يفطر يوم عرفة خشية المشقة؛ لكي يتفرغ الناس وينشطوا للدعاء والذكر في هذا اليوم العظيم؟ الحديث الذي عندنا ضعيف، الحديث الذي معنا نهى عن صيام يوم عرفة بعرفة ضعيف، وثبت أنه -عليه الصلاة والسلام- أفطر، فهل نكتفي بفعله لنفطر في يوم عرفة أو نقول: هو مثل في صيامه في سفر، أفطر في السفر، صام ثم أفطر لما بلغ الكديد، ولا أحد يمنع من الصيام في السفر، نعم لو ثبت النهي ما في إشكال ولذا ثبت عن ابن عمر وجمع من الصحابة أنهم كانوا يصومون يوم عرفة في عرفة، وأهل العلم يقولون: لا يصام يوم عرفة بعرفة ليتقوى على الذكر، إذا كانت المسألة هذه العلة فبعض الناس يقول: أنا أنشط إذا ما أفطر، أستمر صائم أنشط، إذا كانت هذه العلة يزول الحكم بزوالها؛ لكن يبقى أن النبي -عليه الصلاة والسلام- أفطر وهو الأسوة وهو القدوة، وبعض أهل العلم يؤثم من يصوم يوم عرفة بعرفة، ولعله استناداً لهذا الحديث، مع فطره -عليه الصلاة والسلام-، ولا شك أن فعله هو الأكمل، وما اختاره الله لنبيه هو الأفضل، فلا ينبغي صيامه، أما الاستناد على هذا الحديث فالحديث ضعيف، والشيخ ابن باز نص في مواضع من فتاويه أن الذي يصوم يوم عرفة بعرفة آثم.

وعن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا صام من صام الأبد)) وهذا المشروط عند أهل العلم يحتمل وجهين: أنه خبر، أو دعاء، أنه دعاء زجر له على صنيعه ((لا صام من صام الأبد)) يعني لا مكنه الله من الصيام دعاء عليه، من صام الأبد، والثاني أنه خبر، أن هذا لم يصم، وإن أمسك عن الطعام والشراب إلا أنه لم يصم الصيام الشرعي. ولمسلم من حديث أبي قتادة: ((لا صام ولا أفطر)) وعند الترمذي: ((لم يصم ولم يفطر)) لا هو بالذي صام صيام يرجى ثوابه، ولا هو بالذي أفطر مع الناس واستمتع بما أنعم الله عليه به، صام ولا أفطر، لم يصم ولم يفطر. يقول ابن العربي: "إن كان معناه الدعاء فيا ويح من أصابه دعوة النبي -عليه الصلاة والسلام-، وإن كان خبر فيا ويح من أخبر عنه النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه لم يصم، وعلى الوجهين صيام الدهر مذموم". منهم من يحمل هذه النصوص على من صام الدهر بالفعل بجميع أيام العام بما في ذلك ما نهي عن صيامه كالعيدين وأيام التشريق، بدليل أن سرد الصوم ما فيه إشكال، النبي -عليه الصلاة والسلام- كان يصوم حتى يقال: لا يفطر، وكان يفطر حتى يقال: لا يصوم، وأيضاً جاء في حديث حمزة السابق: ((إني أسرد الصوم)) فحمل النهي هنا على من صام الدهر صياماً حقيقياً الدهر كله، ولم يستثنِ من ذلك الأيام التي نص على تحريم صومه كالعيدين والتشريق، أما من صام بقية الأيام مما لم ينص على المنع منه، فهذا لا يتناوله النهي، وعلى كل حال فالنبي -عليه الصلاة والسلام- ثبت عنه أنه يصوم ويفطر ((أصلي وأنام، وأصوم وأفطر، وآكل اللحم، وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني)) فالذي يصوم الأيام كلها ولو أفطر الأيام المحرمة رغب عن سنة النبي -عليه الصلاة والسلام-، وإن كان الباعث له على هذا الرغبة في الخير، لكن مجرد الرغبة لا تكفي ما لم يكن هناك اتباع، وظاهر الأخبار كما قال طائفة من أهل العلم يدل على تحريم صيام الدهر، ومنهم من قال: إذا أفطر الأيام التي يحرم صيامها لا إشكال فيها، وعلى كل حال: أفضل الصيام، إذا كان الإنسان يبحث عن الأجر فأفضل الصيام صيام داود، يصوم يوماً ويفطر يوماً.

في الحديث السابق ((من صام رمضان وأتبعه ستاً من شوال كأنما صام الدهر كله)) عرفنا أنه تشبيه للممدوح بالمذموم من وجه دون وجه، يعني لا في حقيقة المعنى الذي من أجله ذم صيام الدهر، إنما على فرض مشروعيته، فكأن هذا صام أيام السنة كلها. باب الاعتكاف وقيام رمضان: وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من قام رمضان إيماناًَ واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه)) [متفق عليه]. ذكر المؤلف -رحمه الله تعالى- باب الاعتكاف وقيام رمضان، الاعتكاف والعكوف على الشيء: لزومه، ويراد بالاعتكاف شرعاً: لزوم المسجد لطاعة الله تعالى، وحبس النفس عن الاسترسال في الأمور التي تزاول خارج المسجد، من أجل أن يخلو العبد بربه، ويتفرغ لعبادته الخاصة، من صيام وصلاة وذكر وتلاوة ودعاء، ولذا لا يستحب في الاعتكاف أن ينشغل الإنسان بما يشغل قلبه، ولو كان فيه نفع، من النفع المتعدي، عمل بدني، أو تعليم علم، أهل العلم لا يرون هذا، فالاعتكاف مخصص للعبادات الخاصة، للصلاة والصيام والذكر والدعاء والتلاوة فقط. وقيام رمضان ليس المقصود بالقيام الانتباه، وإنما المقصود به الصلاة وفي حكمها الذكر والتلاوة، فهي من القيام لو أن الإنسان قام الثلث الأخير بمقدار ساعتين، ساعة للصلاة، وساعة لقراءة القرآن، هل نقول: هذا قام ساعتين أو قام ساعة واحدة؟ ساعتين؛ لأن التلاوة والذكر حكمها حكم الصلاة، كلها مما يتقرب به إلى الله -جل وعلا-، فيشمله القيام.

وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من قام رمضان إيماناًَ واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه)) وحديثه الآخر: ((من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه)) وفي الحديث الثالث لأبي هريرة: ((من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه)) فمن قام رمضان إيماناً واحتساباً إيماناً بالله -جل وعلا- وتصديقاً بوعده واحتساباً طلباً للأجر من الله -جل وعلا-، مخلصاً في ذلك غفر له ما تقدم من ذنبه، متفق عليه، والغفران هنا مطلقه يتناول جميع الذنوب، ((غفر له ما تقدم)) (ما) من صيغ العموم، و ((من ذنبه)) ذنب مفرد مضاف فيعم؛ لكن الجمهور على أن الكبائر لا بد لها من توبة. ((من قام رمضان)) هذا الوعد هل يتحقق بقيام ليلة أو بقيام جميع رمضان؟ ظاهر اللفظ يدل على أنه لا بد من قيام جميع رمضان، لأنه قال: ((من قام رمضان)) ما قال: من قام في رمضان أو قام ليلة من رمضان، من قام رمضان، ورمضان يشمل جميع الشهر، وعلى كل حال القيام شأنه عظيم في رمضان وفي غير رمضان، وهو دأب الصالحين، و ((نعم الرجل عبد الله لو كان يقوم من الليل)) والنبي -عليه الصلاة والسلام- قام حتى تفطرت قدماه {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ} [(16) سورة السجدة] {أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاء اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ} ثم بعد ذلك قال: {هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ} [(9) سورة الزمر] فالقانت آناء الليل والنهار هم الذين يعلمون، والنائمون هم الذين لا يعلمون، فمن وصف أهل العلم أنهم أهل قيام بدلالة هذه الآية، والنصوص التي ترغب في القيام كثيرة جداً، ((نعم الرجل عبد الله لو كان يقوم من الليل)) وصار بعد ذلك لا ينام من الليل إلا قليلاً.

ولا شك أن القيام من النوم لا سيما مع ما ابتلي به كثير من الناس من سهر وانشغال بما لا يعني فإذا انشغل الإنسان بما لا يعنيه لا يوفق لمثل هذه الأعمال، فعلى الإنسان أن ينجم على نفسه، ويحفظ أعماله، ولا يتكلم فيما لا يعنيه، وحينئذ يعان، وعليه أن يجاهد، أول الأمر لا بد من جهاد، ثم بعد ذلك يتلذذ كما فعل السلف، ((من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه)) ومثل ما ذكرنا الذنب مفرد مضاف فيعم، ومقتضى الحديث أنه يعم الصغائر والكبائر؛ لكن عامة أهل العلم على أن الكبائر لا تكفر إلا بالتوبة. وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: ((كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا دخل العشر -أي العشر الأخيرة- من رمضان شد مئزره وأحيا ليله وأيقظ أهل)) متفق عليه. وعنها -رضي الله عنها- أن النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله -عز وجل- ثم اعتكف أزواجه من بعده)) [متفق عليه]. وعنها -رضي الله عنها قالت: كان النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((إذا أراد أن يعتكف صلى الفجر ثم دخل معتكفه)) [متفق عليه]. وعنها -رضي الله عنها- قالت: ((إن كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ليدخل علي رأسه وهو في المسجد فأرجله، وكان لا يدخل البيت إلا لحاجة إذا كان معتكفاً)) [متفق عليه، واللفظ للبخاري]. وعنها قالت: ((السنة على المعتكف ألا يعود مريضاً، ولا يشهد جنازة، ولا يمس امرأة ولا يباشرها، ولا يخرج لحاجة إلا لما لا بد له منه، ولا اعتكاف إلا بصوم، ولا اعتكاف إلا في مسجد جامع)) [رواه أبو داود] ولا بأس برجاله إلا أن الراجح وقف آخره. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى- هنا بالنسبة لقيام رمضان الذي سبق الحديث الماضي، يقول أهل العلم: أن من قام في صلاة التراويح سواءً كان مع إمامه أو منفرداً صح عنه أنه قام رمضان، وجمْع الناس على إمام واحد في رمضان فعله النبي -عليه الصلاة والسلام- ليلتين أو ثلاث، ثم تركه خشية أن يفرض القيام على هذه الصورة فيعجز عنه الناس، تركه واستمر الأمر في حياة النبي -عليه الصلاة والسلام-، ثم في عصر أبي بكر، ثم بعد ذلك جمع الناس عمر -رضي الله عنه- على أبي، فصاروا يصلون بصلاة إمامهم.

والشارح بتأثير من البيئة التي عاش فيها لمز عمر في هذا، قال: "وأما صلاة التراويح فقد ابتدعها عمر" وفي موضع آخر قال: "والبدعة قبيحة ولو كانت من عمر"، هذا الكلام في غاية السوء في حق أمير المؤمنين الخليفة الراشد عمر بن الخطاب، تأثير البيئة يعني ما تجد في الكتاب من أوله إلى آخره معاوية -رضي الله عنه- مؤلف محسوب على أهل السنة؛ لكن يبقى أن البيئة أثرت، وتأثير قبيح ما هو تقدير بعد، نعم ليس معدود من الشيعة ولا من الزيدية؛ لكن يبقى أن مثل هذا التأثر قبيح من رجل يهتم بسنة النبي -عليه الصلاة والسلام-، ويأتي في ثنايا كلامه مثل هذا؛ لكن من كثر ما يسمع لا بد أن يتأثر الإنسان بشر يتأثر. يقول: "وأما التراويح على ما أعتيد الآن فقد ابتدعها عمر"، ننظر في الأمر هو بالفعل بدعة أو ليس ببدعة؟ عمر -رضي الله عنه- نفسه في صحيح البخاري قال: "نعمت البدعة" لما خرج والناس يصلون بصلاة إمامهم، قال: "نعمت البدعة" عمر نفسه قال: "نعمت البدعة" لكن هل هي بدعة لغوية أو بدعة شرعية؟ لا لغوية ولا شرعية؛ لأن البدعة اللغوية ما أحدث على غير مثال سابق، تراويح لها مثال سابق من فعل النبي -عليه الصلاة والسلام- صلاها ومن الصحابة جماعة، فلها مثال سابق، وليست ببدعة شرعية؛ لأنه سبق لها شرعية من السنة، يعني كون النبي -عليه الصلاة والسلام- تركه لا عدولاً عنها، وإنما تركها خشية أن تفرض مع بقاء الحكم، فليست ببدعة شرعية ولا لغوية. شيخ الإسلام يرى أنها بدعة لغوية؛ لكن لها مثال سابق، فكيف نقول: أنها بدعة لغوية، الشاطبي يقول: مجاز، ويشكل كلامه عند من ينفي المجاز مطلقاً، هناك في علم البديع شيء يقال له: المشاكلة والمجانسة، في التعبير يعني كأن قائلاً قال: ابتدعت يا عمر، قال: "نعمت البدعة" يعني إذا كانت هذه بدعة فنعمت البدعة، فليست ببدعة لا لغوية ولا شرعية، أسلوب المجانسة والمشاكلة موجود في اللغة وفي النصوص. قالوا: اقترح شيئاً نجد لك طبخه ... قلت: اطبخوا لي جبة وقميصا مشاكلة في النصوص، {وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا} [(40) سورة الشورى] الجناية سيئة ولكن معاقبة الجاني ليست بسيئة، وهذا كثير في النصوص، أسلوب المشاكلة.

وعن عائشة -رضي الله عنها – قالت: ((كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا دخلت العشر)) -أي العشر الأخيرة- من رمضان -ودخول العشر بغروب شمس يوم عشرين، فيوم عشرين ليس من العشر، من العشر ليلة واحد وعشرين- من رمضان ((شد مئزره)) فتأهب للتشمير في العبادة، واعتزل النساء، وطوى الفراش، ((شد مئزره، وأحيا ليله)) أحيى ليله مفهومه أنه لا ينام ليالي العشر، إحياء الليل مفهومه أن النبي -عليه الصلاة والسلام- لا ينام، وجاء في الحديث الصحيح أن النبي -عليه الصلاة والسلام- ما حفظ عنه أنه أحيا ليله كاملة إلى الصبح؛ لكن أحيا ليله خاص بالعشر، وكان -عليه الصلاة والسلام- يخلط العشرين الأول بصلاة ونوم، ولكن في العشر شد مئزره، وأحيا ليله، وأيقظ أهله، يعني ما يلزم من تحت يده بأن يقوموا الليل كله، ولا يحملهم على ما يحمل عليه نفسه، لا، يترك لهم الفرصة ينامون ويوقظهم، لا يفرط في حقهم بأن يتركهم ينامون ولا يصلون أبداً، لا. والعشر لها مزية، وهي أفضل ليالي السنة، العشر الليالي العشر الباقية من رمضان كما أن أفضل الأيام أيام العشر من ذي الحجة، وهذه الليالي العشر تشتمل على ليلة هي خير من ألف شهر، ليلة القدر، وعشر من ذي الحجة تشتمل على يوم عرفة، ويوم العيد الحج الأكبر. وعنها -رضي الله تعالى عنها- أن النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله -عز وجل- ثم اعتكف أزواجه من بعده))، كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان، حتى توفاه الله -عز وجل- ثم اعتكف أزواجه من بعده، النبي -عليه الصلاة والسلام- اعتكف العشر الأول، ثم اعتكف العشر الوسطى، ثم استقر اعتكافه على العشر الأواخر، استمر على هذا، ومرة قطع اعتكافه وقضاه في عشر شوال؛ لأنه إذا عمل عملاً أثبته. والاعتكاف سنة ثابتة بالكتاب والسنة وإجماع أهل العلم على أنها سنة مرغب فيها، وأقل ما ينطبق عليه الاسم ما يشمله المسمى اللغوي، وهو اللزوم والمكث، أما مجرد الدخول في المسجد وجلوس زمن يسير ليس بمعتكف لا لغة ولا شرعاً، خلاف لمن كتب في بعض المساجد يذكر الناس عند المدخل يقول: نويت سنة الاعتكاف، وفيها أكثر من محظور:

أولاً: يريد يقول: قل: نويت سنة الاعتكاف، والنية بهذه الطريقة بدعة. الأمر الثاني: أنه يقول لكل داخل سواءً طال به الوقت أو قصر والاعتكاف الشرعي لا ينطبق إلا على ما يشمله المسمى اللغوي، مع أن التحديد الشرعي جاء بعشر ليالي؛ لكن طول المكث يسمى اعتكاف لغوي، واعتكاف ليلة يسمى اعتكاف، وقد نذر عمر -رضي الله عنه- أن يعتكف ليله، وأقره النبي -عليه الصلاة والسلام-، وقال: ((أوف بنذرك)) فدل على أن اعتكاف ليلة مما يتقرب به، فهو داخل في مسمى الاعتكاف، "حتى توفاه الله -عز وجل-" يريد أن يؤكد في هذا الحديث إلا أن الاعتكاف بقي إلى وفاته -عليه الصلاة والسلام-، "واعتكف أزواجه من بعده" فليس بمنسوخ، بل هو حكم محكم. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى–: "وعنها" يعني عن عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- قالت: ((كان النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا أراد أن يعتكف صلى الفجر ثم دخل معتكفه)) [متفق عليه]. يعتكف العشر الأواخر، وقلنا: إن العشر الأواخر تبدأ من غروب الشمس ليلة إحدى وعشرين.

هنا يقول: إذا أراد أن يعتكف صلى الفجر ثم دخل معتكفه فهل يصلي الفجر يوم عشرين أو يوم واحد وعشرين؟ إن كان واحد وعشرين صارت ليلة واحد وعشرين ما دخلت في الاعتكاف، يعني يوم عشرين صلى الفجر يوم عشرين ودخل المعتكف، ويكون نهار يوم عشرين قدر زائد على العشر، إذا أراد أن يعتكف صلى الفجر ثم دخل معتكفه، العلماء يقولون: أنه يدخل قبل غروب الشمس ليلة إحدى وعشرين، بل ليلة إحدى وعشرين ليلة ترجى فيها ليلة القدر، وجاء فيها الحديث الصحيح الذي يرى أن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه كان يسجد على ماء وطين، فهي في تلك الليلة ليلة إحدى وعشرين، وكف المسجد، وصلى الصبح، وبقي أثر المطر والطين في وجهه -عليه الصلاة والسلام-، فإذا قلنا: أنه يدخل معتكفه من صبح إحدى وعشرين، معناه أنه ما اعتكف قبل ذلك؛ لكن أهل العلم يقولون: يدخل المسجد للاعتكاف ليلة إحدى وعشرين قبل غروب الشمس، ويدخل المعتكف المكان المخصص للاعتكاف، داخل المسجد إذا صلى الصبح، لينقطع فيه عن الناس، لماذا نحتاج إلى مثل هذا الكلام؟ النبي -صلى الله عليه وسلم- اتخذ حَجِيرة، مكان مخصص للاعتكاف، فصلى الفجر دخل المعتكف، وإذا أراد أن يصلي خرج إلى الناس وصلى بهم، ثم دخل المعتكف في إشكال؟ ما في إشكال؛ لكن مفهومه أنه ليلة إحدى وعشرين ما دخل المعتكف؛ لكنه معتكف وفي المسجد، وحينئذ لا إشكال بالحديث. طيب إذا عرفنا أنه كان يدخل المعتكف قبل غروب الشمس فمتى يخرج، يعني كان إذا أراد أن يعتكف العشر فالعشر تبدأ بغروب شمس ليلة إحدى وعشرين، وتنتهي بغروب الشمس ليلة العيد، إذا أراد أن يعتكف يدخل في هذا الوقت ويخرج في هذا الوقت، إذا أرد العشر؛ لكن بعض الفقهاء يستحسن أن يبيت ليلة العيد في المسجد، ويخرج من المسجد إلى المصلى بثيابه الذي اعتكف فيها؛ لكن ليلة العيد ليست داخلة في العشر قطعاً، هم تبعاً لما جاء في إحياء ليلة العيد من حديث ضعيف ((من أحيا ليلتي العيدين أحيا الله قلبه يوم تموت القلوب)) هذا ضعيف، فالفقهاء يستحبون المكث في المسجد من أجل هذا الحديث، وهو ضعيف، وعلى كل حال العشر تنتهي بغروب الشمس ليلة العيد.

وعنها -رضي الله عنها- قالت: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ليدخل علي رأسه وهو في المسجد فأرجله" يدخل علي رأسه يعني في بيتها، وهو في المسجد فأرجله، يعني خروج بعض البدن من المسجد لا يؤثر في الاعتكاف، لا يؤثر في الاعتكاف؛ لكن ليس معنى هذا أن الإنسان يمضي الأوقات الطويلة ورأسه خارج المسجد ينظر في الغادي والرائح والذاهب والجاي ويتفرج على الناس، ويقول: أنا في المسجد، لا، هذا لحاجة لأنها ترجله وهي حائض لا تدخل المسجد، فيخرج رأسه لكي ترجله، وكان لا يدخل البيت إلا لحاجة إذا كان معتكفاً لما لا بد منه لقضاء الحاجة، وقل مثل هذا في الأكل إذا منع من دخوله المسجد، هذه حاجة وما عدا ذلك مخل في الاعتكاف، ((وكان لا يدخل البيت إلا لحاجة إذا كان معتكفاً)) [متفق عليه].

لماذا لا يرجل رأسه في المسجد؟ يقولون: ما يتساقط من الشعر أو من الظفر ينبغي أن يصان منه المسجد، ومسائل التنظيف ومسائل .. هذه ينبغي أن يصان عنها المسجد، ولذا كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يخرج رأسه، يدخل رأسه في حجرتها لكي ترجله، وفعلها من ترجيله -عليه الصلاة والسلام- مما هو معروف ومتعارف مما يكون بين الرجال مع نسائهم، وهذه من الخدمة المطلوبة التي ثبتت بالنصوص، فعلى المرأة أن تخدم زوجها فيما تعارف عليه الناس، لا يكلفها أكثر مما تعارف عليه الناس، ولا يكلفها ما لا تطيق، وعليه أن يعينها أيضاً؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- كان في حاجة أهله، لا يتسلط على المرأة؛ لأن له القوامة، ولا يجعل المرأة أيضاً تتسلط عليه، يعني الشرع جاء بما يسعد الطرفين {لَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ} [(228) سورة البقرة] لأن بعض الناس إما أن يكون على ما يعبرون الناس دكتاتور، إمبراطور، إذا كان في البيت ما أحد يتكلم ولا ينفس، هذا ما هو صحيح، المرأة مثلك، لها من الحقوق عليك مثل ما لك من الحقوق عليها {لَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ} ويبقى أن للرجال على النساء درجة، ليس معنى هذا مثل ما نشاهد الآن من ردود الأفعال من تفضيل النساء على الرجال، هذا ليس بشرع، القوامة للرجل، والأمر بيده، وتجد مثل هؤلاء المهزومين حتى في حديثهم يقدمون النساء على الرجال هذا خلاف الشرع، قد جاء الأمر بتأخيرهن، وهن في أواخر الصفوف، وصفوف النساء أفضل، الصفوف المؤخرة أفضل من الصفوف المتقدمة، هذه نصوص شرعية عندنا، ويجيك من يقول: يقدم النساء، وإيش المانع؟ هن شقائق الرجال، ونصف المجتمع، وإذا عطلناهن كيف نساير الناس؟ لا نساير الناس ولا نواكبهم، مسايرة تخالف ديننا وشرعنا؟!. ((وكان لا يدخل البيت إلا لحاجة)) يعني من قضاء الحاجة التي لا بد منها من نقض للوضوء، ومثله الوضوء خارج المسجد، وقل مثل هذا في الأكل والشرب إذا منع من دخول المسجد وإلا فالأصل جواز الأكل والشرب كله في المسجد، لا مانع من هذا.

يقول: "وعنها -رضي الله عنها- قالت: "السنة على المعتكف" السنة أو من السنة إذا قاله الصحابي فهو مرفوع. قول الصحابي من السنة أو ... نحو أمرنا حكمه الرفع ولو بعد النبي قاله بأعصرِ ... على الصحيح وهو قول الأكثرِ السنة على المعتكف ألا يعود مريضاً؛ لأن معنى الاعتكاف لزوم المسجد، والخروج منه لعيادة المريض خرم لهذا اللزوم، ولا يشهد جنازة، مثل أن تخصص هذه الأيام للخلوة المفيدة للقلب فائدة عظمى، إذا كانت على الوجه الشرعي، بعض الناس يعتكف لكن ما يستفيد يخرج كما دخل، لماذا؟ تجد حياته اليومية التي يزاولها في بيته يزاولها في المسجد، الجوال والاتصالات والجرائد والأخبار، والدنيا كلها عنده، هذا اعتكاف؟ يتابع الأحداث والأخبار، وإيش صار؟ ومن إذاعة ومن محطة ومن ما أدري إيش؟ وجرائد أمامه وبصورها وجوال ورسائل من اليمين والشمال وشرق وغرب، مثل هذا ليس باعتكاف؛ لأنه اعتكف ليعالج هذا القلب الذي تتجه إليه جميع خطابات الشرع، وفي هذه الأيام العشرة تنقطع علائقه بالناس حتى بعض الأعمال التي كان يزاولها من الأعمال الصالحة من طلب علم ومن تعليم علم، ومن شهود جنائز ومن عيادة مرضى، كل هذا ينقطع، حتى صلة الأرحام تنقطع؛ لأن هذا مخصص للعبادات الخاصة، هي عشرة ليالي أو تسع. "ولا يشهد جنازة، ولا يمس امرأة ولا يباشرها، ولا يخرج إلا لما لا بد منه" لا يمس امرأة ولو كانت من محارمه، ولا يباشرها ولو كانت زوجة له؛ لأنه جاء النهي عن المباشرة في القرآن {وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} [(187) سورة البقرة] في المساجد يشمل جميع مساجد الدنيا، وما يجمع فيه، وتقوم فيه صلاة الجماعة.

"ولا يخرج لحاجة إلا لما لا بد منه، ولا اعتكاف إلا بصوم" يعني هل يصح الاعتكاف من غير صوم؟ النبي -عليه الصلاة والسلام- لم يثبت عنه أنه اعتكف إلا وهو صائم، وثبت في الحديث الصحيح أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- نذر أن يعتكف ليلة في الجاهلية، فقال له النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((أوفي بنذرك)) والليل ليس محلاً للصوم، ولذا يختلف أهل العلم في اشتراط الصوم لصحة الاعتكاف، وهنا هذا الحديث يقول: "لا اعتكاف إلا بصوم" لكن ولا اعتكاف إلا بصوم، ولا اعتكاف إلا في مسجد جامع هذا هو الذي أشار المؤلف إلى أنه موقوف، موقوف على عائشة، وما قبله مرفوع، وإن كان من قولها فهو اجتهاد منها يعارضه حديث عمر -رضي الله عنه-، والأولى والأكمل والأحوط أن يكون على صيام، يكون الاعتكاف مقروناً بالصيام. "ولا اعتكاف إلا في مسجد جامع" هذا من كلام عائشة، لئلا يلزم عليه ألا يخرج من المسجد من معتكفه إلى أداء الجمعة، أما المسجد الذي لا يقام فيه صلاة الجماعة بحيث يحتاج إلى أن يخرج من معتكفه خمس مرات في اليوم هذا لا يصح فيه الاعتكاف، وأما المسجد الذي يُجَمع فيه يصلى فيه صلاة الجماعة وإن لم تقام فيه الجمعة لأن خروج مرة في الأسبوع لا يؤثر فيصح. رواه أبو داود ولا بأس برجاله إلا أن الراجح وقف آخره، يعني "ولا اعتكاف إلا بصوم، ولا اعتكاف إلا في مسجد جامع" هذا من قول عائشة -رضي الله عنها-. وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((ليس على المعتكف صيام إلا أن يجعله على نفسه)) [رواه الدارقطني والحاكم والراجح وقفه أيضاً].

هنا يقول المؤلف -رحمه الله-: "وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((ليس على المعتكف صيام إلا أن يجعله على نفسه)) يعني ينذر أن يعتكف صائماً أو يصوم في اعتكافه، رواه الدارقطني والحاكم والراجح وقفه أيضاً، أما بالنسبة للمرفوع فهو ضعيف، المرفوع إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- فهو ضعيف، وأما كونه من قول ابن عباس، عند الدارقطني والحاكم والمرجح أنه موقوف ورفعه إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- ضعيف، وأصح ما في الباب حديث عمر، أصح ما في الباب وجوداً صيام النبي -عليه الصلاة والسلام- أثناء اعتكافه، وعدماً حديث عمر أنه نذر أن يعتكف ليلة، وأما حديث عائشة وحديث ابن عباس فلا تقيم بهما حجة. طالب:. . . . . . . . . ما في شيء يصح، النبي -عليه الصلاة والسلام- خرج من معتكفه سنة من السنوات واعتكف في شوال، الصيام في رمضان يجب لرمضان وليس للاعتكاف، إذا كان في رمضان فالصيام من أجل رمضان؛ لكن أنت افترض أنك سافرت مثلاً وأردت أن تعتكف في الحرم المكي أو المدني يوم واحد، تقول: أنا مسافر يوم واحد ما أنا بصائم، نعم، أنت يباح لك الفطر لأنك مسافر إلا على القول بافتراض الصيام في الاعتكاف ....

كتاب الصيام (6)

بلوغ المرام - كتاب الصيام (6) الشيخ: عبد الكريم الخضير السلام عليكم ورحمة الله وبركاته: وعن ابن عمر -رضي الله عنهما- أن رجالاً من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- أوروا ليلة القدر في المنام في السبع الأواخر، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أُرى رؤياكم قد تواطأت في السبع الأواخر، فمن كان متحريها فليتحريها في السبع الأواخر)) [متفق عليه]. وعن معاوية بن أبي سفيان -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال في ليلة القدر: ((ليلة سبع وعشرين)) [رواه أبو داود والراجح وقفه، وقد اختلف في تعيينها على أربعين قولاً، أوردتها في فتح الباري]. وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: قلت: يا رسول الله: "أرأيت إن علمت أي ليلة ليلة القدر، ما أقول فيها؟ قال: قولي: ((اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني)) [رواه الخمسة غير أبي داود، وصححه الترمذي والحاكم]. وعن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد، المسجد الحرام، ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى)) [متفق عليه].

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. ليلة القدر وفيها السورة العظيمة: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} [(1) سورة القدر] سميت بذلك لعظم قدرها وشرفها عند الله -جل وعلا-، أو لما يقدر فيها من أرزاق وآجال وأعمال، وعلى كل حال هي خير من ألف شهر، ليس فيها ليلة قدر، أكثر من ثمانين سنة لمن وفق فيها وأصابها وتحراها وقامها إيماناً واحتساباً، في الصحيح من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه قال: ((من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه)) ولا شك أن فضلها عظيم من حرمها حرم الخير كله، فعلى الإنسان أن يحرص ويجتهد أن يصيب ليلة القدر، ولا يلزم أن ينظر في الأقوال ويرجح بينها حيث تكون عنده ليلة معينة فيتعمد قيام هذه الليلة ويترك ما عداها؛ لأن هذا يبعثه على الزهد في طاعة الله -جل وعلا-، وإذا قلنا: مثل هذا فهذا الكلام يسري على من أشاع في الناس أنها ليلة كذا اعتماداً على رؤى، والله أعلم بالرائي وكيف رأى؟ وكيف نام؟ علماً بأنها لو ثبتت عنده لا ينبغي أن يشيعها؛ لأن إخفائها له حكم عظيمة، الرسول -عليه الصلاة والسلام- المؤيد بالوحي أراد أن يحدد هذه الليلة، أراد أن يخبرهم بعينها فتلاحى فلان وفلان فرفعت، ورفعها من مصلحة العباد، ليجتهدوا في جميع رمضان لا سيما في العشر الأواخر؛ لأنه لو قيل: أنها في الليلة المعينة، وقل مثل هذا في ساعة الجمعة وما جاء فيها من النصوص، لو عينت تلك الليلة ما قام الناس غالب الناس ما يقوم الليل، فيتعمدون قيام هذه الليلة ويتركون ما عداها، من قام ليالي العشر أصاب ليلة القدر بيقين لكن يحتاج أن يقومها إيماناً واحتساباً، وأن يحضر قلبه، لا يمثل بين يدي ربه بجسده دون قلبه، مثل هذا القيام لا تترتب آثاره عليه.

وعن ابن عمر -رضي الله عنهما-: "أن رجالاً من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- أوروا ليلة القدر في المنام في السبع الأواخر" يعني أوروا ما يدل عليها وإلا فليلة القدر لو كانت ليلة عادية لا يستطيع أن يقول شفت ليلة الجمعة؟ نعم ما يمكن، هل ليوم العيد ما يميزه بين الأيام لذاته، نعم، لا، ولذلك يتساءل بعض الأطفال وأين العيد الذي تقولون؟ صحيح، ما لها إلا العلامات التي تدل عليها، وقد تكون رؤياهم أن رأوا شخصاًَ يقول لهم: ليلة القدر الليلة الفلانية، أو ليلة القدر ما بين ليلة كذا أو كذا في السبع الأواخر، كما يدل عليها الحديث، فكأنه قيل لهم في المنام: هي في السبع الأواخر، أو رآها شخص ليلة أربعة وعشرين، وشخص ليلة خمس وعشرين، وشخص ليلة ست وعشرين، يعني في السبع الأواخر كلها، والتواطؤ هو التوافق، فتواطئوا وتوافقوا على القدر المشترك الذي يشمل الجميع وهو السبع الأواخر، ولا يبعد أن يكون تواطؤهم وتوافقهم على ليلة بعينها، والنبي -عليه الصلاة والسلام- أراد أن يعمم في السبع حرصاً على أن تضرب أمته بسهام من سهام الخير، لا يكفي سهم واحد، وإلا التحديد ليس بمستحيل من المؤيد بالوحي، فإخفاؤها لحكمة عظيمة، ولذا الذين يتعمدون تبادل رسائل الجوال أن ليلة القدر في هذه السنة ليلة كذا، يعارضون هذه الحكمة، ويعينون بعض النفوس الضعيفة على الكسل، تجدون الباعث على القيام في ليالي الأوتار أكثر من الباعث على القيام في ليالي الأشفاع، يظهر الخلل في المساجد ليلة أربعة وعشرين، ليلة ستة وعشرين، ليلة ثمانية وعشرين، ليلة الثلاثين عاد الناس عيدوا وانتهوا، يعني كثير من الناس يمل، هذه عبادة عظيمة، يعني إذا كان المفترض من المسلم والمتصور من طالب العلم على وجه الخصوص أن يكون دأبه وشأنه دأب الصالحين، قيام الليل {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ} [(16) سورة السجدة] فمع الأسف أن هذه أمور من أثقل الأشياء على النفوس، تجد هذه العشر الإنسان ينظر في التقويم في كل لحظة كم تاريخ اليوم، ينتظر نهاية هذه العشر، مع أنها الموسم، الموسم الذي لا يكلف المسلم شيء، يعني الصلاة هل هي مثل نقل الحجارة أو مثل حمل الأثقال؟ تجد الإنسان صاحب أي

بضاعة من البضائع له وقت قد يكون شهر أو أكثر أو أقل موسم في العام مستعد يجلس أربعة وعشرين ساعة يتولى البيع والشراء والمحاسبة، بل قد يحمل الأمتعة إلى سيارات الزبائن وما عنده مشكلة: لأنه يحس بالفائدة، وليلة تعدل ثلاثة وثمانون سنة وستة أشهر تتكاثر عليه، ينظر في الساعة في كل لحظة، وبعضهم إذا ركع الإمام قال: الحمد لله راحت واحدة، إذا ركع الثانية قال: انتهينا من تسليمة، صحيح هذا واقع كثير من الناس، استثقال للعبادة، فالنبي -عليه الصلاة والسلام- قال: ((أرى رؤياكم قد تواطأت في السبع الأواخر، فمن كان متحريها فليتحرها في السبع الأواخر)) يعني يستوي في ذلك الأشفاع والأوتار، إلا أنه جاء في الأوتار ما يرجحها.

ليلة ثلاثة وعشرين من السبع الأواخر أم ليس من السبع الأواخر؟ احتمال تكون من السبع الأواخر، إذا كان الشهر تسعة وعشرين، واحتمال أن تكون الأولى من السبع الأواخر ليلة أربعة وعشرين، وهي المرجحة عند أهل البصرة، أنس بن مالك والحسن البصري وسائر أئمة البصرة، هي ليلتهم ليلة أربعة وعشرين، أو نقول: لا الليلة شفع ما نحتاج، نجمع الهمة إلى الغد -إن شاء الله-، يا إخوة المسألة تحتاج إلى توطين نفس، وإقبال على العبادة بانشراح من غير استثقال، نعم يختلف أهل العلم في عظم الأجر، أجر العبادة مع الاستثقال، يعني يختلفون في الأفضل، يعني هذا فيه قول لأهل العلم أن من يقبل على العبادة وهي ثقيلة عليه له أجران أجر المجاهدة مجاهدة النفس وأجر أداء العبادة؛ لكن المقطوع به أن من يأتي إلى العبادة منشرح النفس مقبل إليها مرتاح بها، أفضل بلا شك؛ لأنه تعدى مرحلة المجاهدة، والنبي -عليه الصلاة والسلام- يقول: ((أرحنا يا بلال بالصلاة)) ولسان حال الواحد منا أرحنا منها، ((فمن كان متحرياً فليتحرها في السبع الأواخر)) وليلة واحد وعشرين جاء فيها النص المتفق عليه ((رأيت كأني أسجد صبيحتها في ماء وطين)) فسجد صبح اليوم الحادي والعشرين على ماء وطين؛ لأنه نزل المطر ووكف المسجد، منصوص عليه صريح أنها ليلة واحد وعشرين، ومجيء النصوص بهذه الطريقة التي قد تلتبس وتشكل على كثير من الناس، ليلة واحد وعشرين فيها نص صحيح، السبع الأواخر فيها نص، سبعة وعشرين فيها نص، الأوتار فيها نص، يعني مجيء النصوص بهذه الطريقة التي فيها شيء من الإشكال عند بعض طلاب العلم لا شك أنه مقصد شرعي، وعدم بيان الراجح بيقين أيضاً هدف شرعي؛ لأن هذا كله يدل على إخفائها، وإخفائها لكي يعمر المسلم وقتاً طويلاً في عبادة الله -تبارك وتعالى-، ولذا يرجح جمع من أهل العلم أنها ليست في ليلة معينة في كل سنة ويقول: أنها تنتقل، هذه السنة في واحد وعشرين، والسنة التي تليها في سبعة وعشرين، التي تليها بخمسة وعشرين، التي تليها ليلة أربعة وعشرين والشهر كامل وأيش المانع؟ فهذا هو المرجح وهو التي تجتمع عليه النصوص، ((فمن كان متحريها فليتحرها في السبع الأواخر)) بدأً من ليلة ثالث وعشرين

إلى آخر الشهر. والحديث الذي يليه الرؤيا هنا (أروا ليلة القدر) الرؤيا لا يبنى عليها حكم شرعي، نعم جاء ما يدل على أنها جزء من ستة وأربعين جزء من النبوة، وأنها فيها المبشرات، وفيها ما يقع؛ ولكن الأحكام الشرعية استقرت بنصوص الكتاب والسنة، وليس لأحد أن يبني حكماً على رؤيا، ليس له أن يصحح أو يرجح في مسألة شرعية بناءً على رؤيا، أو يصحح حديث أو يضعف نقول هذا لا قيمة له، أو يمنع الناس من عمل مباح، أو يسهل لهم في عمل محرم بناءً على رؤيا؛ لكن مثل هذه الرؤيا، ورؤيا الأذان إنما اكتسبت الشرعية من إقرار النبي -صلى الله عليه وسلم-. وعن معاوية بن أبي سفيان -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال في ليلة القدر: ((ليلة سبع وعشرين)) رواه أبو داود والراجح وقفه، يعني على معاوية، ليلة سبع وعشرين، الليلة الراجحة عند كثير من أهل العلم وجمع من الصحابة وفيها مثل هذا الخبر؛ لكن المرجح وقفه على معاوية، وتعيين الليلة كما قال الحافظ: "اختلف في تعيينها على ستة وأربعين قولاً" ذكرها في فتح الباري، والمسألة تحتاج أكثر، ولكن هناك أقوال يمكن إدخالها مع غيرها، وهناك أمور ليست بأقوال، القول بأنها رفعت يعني هذا من الأقوال؟ هذا ليس من الأقوال، وقد عده ابن حجر، "أوردتها في فتح الباري" في الجزء الرابع صفحة مائتين وثلاثة وستين إلى مائتين وستة وستين.

يقول: وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: قلت: يا رسول الله أرأيت إن علمت أي ليلةٍ ليلة القدر، ما أقول فيها؟ دل على أنها تعلم، وأن لها علامات، منها أنها ليلة طلقة بلجة فيها سكون، فيها أيضاً ارتياح، وفيها نور، وذكروا أن الكلاب لا تنبح في تلك الليلة، وذكروا أمور؛ ولكن من أصحها كون الشمس تطلع صبيحتها بدون شعاع؛ لكن لا يستدل عليها بطلوع الشمس الاستدلال الذي يحث على العمل فيها؛ لأنها قد تكون قد انتهت؛ لكن على مثل ما ذكرنا الإنسان يتعرض لنفحات الله في جميع الليالي، ويكون مثل النبي -عليه الصلاة والسلام-، يشد المئزر، ويحي الليل، وإن كان صحب ذلك اعتكاف فنور على نور، وإن لم يصحبه اعتكاف فليتقلل من مخالطة الناس بقدر الإمكان؛ لأن في مخالطة الناس من الأثر على القلب جل المخالطة الآن آثارها ضررها أكثر من نفعها، اللهم إلا إذا كان مع من أمر الله بصبر النفس معهم {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ} [(28) سورة الكهف] الذين يعينونك على ما ينفعك، أما بعض الناس مجالستهم سجال، فيها وفيها، وبعض الناس جلساء السوء هؤلاء لا خير فيهم، ولا يجالسون إلا من أجل نفعهم، مثل هؤلاء لا يجالسون إلا من أجل نفعهم، بعض الناس يستخف مجالسة هؤلاء، مجالستهم تكون أحياناً خفيفة على النفس لأنهم لا يأمرون بشيء ثقيل، ويتوسعون في أمور بما يتعلق بالكلام والنكت وإدخال السرور على الجليس بخلاف أهل التثبت والتحري، تجدهم لا يتكلمون إلا فيما ينفع، وفيما حفت به الجنة والجنة حفت بالمكاره، تجد بعض الناس وإن كان خيّر وطالب علم لكن يستثقل الجلوس مع الأخيار، فمثل هذا يحرص على أن تكون مجالسه في هذه الليالي معمورة بالذكر، بالصلاة بالتلاوة، الله المستعان. "أرأيت إن علمت أي ليلةٍ ليلة القدر ما أقول فيها؟ " طالب:. . . . . . . . . هذا المرفوع أما الموقوف عن معاوية فما فيه إشكال.

"أرأيت" يعني أخبرني يا رسول الله إن علمت أي ليلة ليلة القدر؟ (علمت) يعني بالعلامات التي تدل على أن هذه ليلة القدر، أو قيل لها: أن هذه الليلة ليلة القدر، ما أقول فيها؟ قال: ((قولي: اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني)) هل يلزم لحصول الثواب المرتب على هذه الليلة على قيامها إيماناً واحتساباً العلم بها؟ قد يقول قائل: أنا والله قمت ليالي العشر من ليلة واحد وعشرين إلى ليلة العيد ولا أحسست بأي فرق بين هذه الليالي، ما أدري؟ نقول: أنت قمت ليلة القدر، ويكتب لك من الأجر بقدر ما قدمت، ما هو قدمت ركعت وسجدت؟ هذا شيء مطلوب؛ لكن المدار على القلب، هل حضر قلبك؟ هل انصرفت من الصلاة بجميع أجرها بنصف أجرها بربعه بعشره، يكتب لك.

وبعضهم يقول: لا، الذي ما يحس بها ما أدركها، وقع في حديث عند مسلم من حديث أبي هريرة ((من يقم ليلة القدر فيوافقها)) إيش معنى يوافقها؟ يعني يصيبها؛ لكن ليس من لازم موافقتها أن يكون على علم بها، ((اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني)) ولا أعظم من العفو، العفو عن الزلات، العفو عن السيئات، التجاوز، ((اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني)) يختار من الأسماء الحسنى ما يناسب المقام، فالله -جل وعلا- عفو غفور غفار ستير، المقصود أنه يختار من هذه الأسماء ما يناسب المقام، قد يقول قائل: جاء في النصوص تذييل بعض الأدعية بما لا يناسب، مثال ذلك: {إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [(118) سورة المائدة] لكن قد يقول قائل: هذه تعقبت جملتين مناسبة لجملة دون جملة، في آية الممتحنة: {رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِّلَّذِينَ كَفَرُوا وَاغْفِرْ لَنَا رَبَّنَا إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [(5) سورة الممتحنة] يعني يقول قائل: هذان الاسمان ليسا مناسبين لهذا الدعاء، ((اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني)) يعني قد تقول مثلاً: اللهم إنك حثثت على العتق فاعتق رقبتي، مناسب أو غير مناسب؟ الله -جل وعلا- حث على عتق الرقاب، عتق العبيد، وأنت واحد منهم، ترجو الله وتسأله أن يعتقك من النار، ((إنك عفو تحب العفو فاعف عني)) مناسب جداً، وينص أهل العلم أن من أدب الدعاء أن يختار من الأسماء الحسنى ما يناسب؛ لكن ما جاء في النصوص لا اعتراض عليه، فمن أسمائه الحسنى العزيز الحكيم، القهار. طالب:. . . . . . . . . في آية التوبة نعم، {أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللهُ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [(71) سورة التوبة] ماذا نقول عن مثل هذا؟ ما أحد يقول لك: الدعاء ما هو صحيح أو ما هو مقبول؛ لكن أهل العلم ينصون على أن من أدب الدعاء أن ينظر من الأسماء ما يناسب المقام، مثل ما عندنا ((إنك عفو تحب العفو فاعف عني)). طالب:. . . . . . . . . يعني الانكسار بين يديه، يعني يظهر، بضده تتميز الأشياء، الله -جل وعلا- عزيز حكيم، وأنت فقير ذليل حقير، إذا استشعر الداعي مثل هذا أُجيب.

يذكر بعضهم من علاماتها إضافة إلى ما ذكرنا أن كل شيء يرى ساجد في هذه الليلة، وسجود كل شيء بحسبه؛ ولكن قول قيل، ومما ذكر، ذكر أشياء كثيرة من علامات ليلة القدر؛ لكن من أصحها ما ذكرناه. الحديث الأخير: وعن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد، المسجد الحرام، ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى)). (تشد الرحال) يعني من لازم السفر شد الرحل، فإذا اقتضى هذا السفر شد الرحل منع السفر من أجل التعبد لله -جل وعلا- ببقعة معينة سوى ما استثني من المساجد الثلاثة، أنت ليس لك أن تقول: أنا أذهب إلى البقعة الفلانية أتعبد فيها لأنها أفضل سوى المساجد الثلاثة، فإذا كان هذا في المساجد فمن باب أولى أن تشد الرحال إلى المشاهد والقبور، وغيرها من البقاع، هذه مسألة كبرى أنكرها شيخ الإسلام على بعض علماء عصره، ورُد عليه بسببها وامتُحن بسببها، والذي يفضل البقاع هو الذي خلقها {يَخْلُقُ مَا يَشَاء وَيَخْتَارُ} [(68) سورة القصص] فليس لك أن تفضل بقعة على أخرى بغير دليل، ولا تشد الرحل إليها إلا إذا فضلها الله -جل وعلا- كهذه المساجد الثلاثة، قد يقول قائل: والله في البلد الفلاني إمام قراءته مؤثرة، أروح أصلي معه من أجل هذا الإمام لا من أجل المسجد ولا من أجل البقعة، فأنا أشد رحلي من أجل هذا الإمام، أو من أجل جماعة المسجد، فيه بعض الصالحين وفيه بعض الأخيار ما يعينني على استغلال الوقت، أذهب وأصلي معهم العشر، وأعتكف معهم، التعاون على البر والتقوى، يدخل هذا في النهي أو لا يدخل؟ ما ذهب إليه من أجل البقعة هو ذهب من أجل هذا الإمام المؤثر هذا الرجل الصالح يصلي خلفه. طالب:. . . . . . . . . طيب، ذهب إلى بلد ما ليشهد جنازة عالم أو قريب أو صديق. طالب:. . . . . . . . .

نعم، كيف؟ شد الرحل راح مثلاً إلى جدة في عالم من العلماء مات ويصلى عليه في جدة أو الرياض نعم، يعني ما قصده البقعة لا تشد الرحال إلا إلى ثلاث من البقاع، أما غير البقاع فلا تشد إليها الرحال، يعني كما تشد الرحل لصلة الرحم تسافر لزيارة قريب لزيارة صديق، لبر الوالدين، زيارة أخ في الله في حياته وبعد مماته تشيعه، وتزوره وتعوده إذا كان مريض، أنت لا تذهب لتتعبد في تلك البقعة. ((إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى)) إدخال الحديث في هذا الباب لماذا؟ لأنه قد قيل أو قد ورد ما يدل على أن الاعتكاف لا يصح إلا في هذه المساجد الثلاثة، جاء عن حذيفة ولكن ابن مسعود رد عليه {وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} [(187) سورة البقرة] والمساجد يشمل مساجد الأرض كلها، مما يقام فيه الجماعة، ولذا فالمرجح أن الاعتكاف في أي مسجد تقام فيه جماعة صحيح. جاء التفضيل في هذه المساجد، وأن الصلاة في المسجد الحرام بمائة ألف صلاة، والمسجد النبوي بألف صلاة، وجاء في المسجد الأقصى ما يدل على أنه بخمسمائة صلاة، فهذه المساجد لا شك أن لها مزية، والتفضيل بالنسبة للمسجد الحرام شامل، للحرم كله، ولا يختص بالمسجد، والأدلة على هذا وهو قول جمهور أهل العلم كثيرة، ولو لم يكن منها إلا قوله -جل وعلا-: {وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ} [(217) سورة البقرة] هم أخرجوا من مكة، فالقول المرجح من أهل الجمهور أن مكة كلها حرم، وداخل حدود الحرم مضاعف. ((ومسجدي هذا)) يدل على أن التضعيف خاص بالمسجد، والمسجد الأقصى مثله، التضعيف هذا هل يشمل الرجال والنساء، يشمل الفرائض والنوافل؟ أما بالنسبة للمسجد الحرام والمقرر عند الجمهور أن المضاعفة في الحرم كله، ولا يختص بالمسجد، فتشمل صلوات النساء في بيوتهن، ونوافل الرجال في بيوتهم؛ لأن النوافل في البيوت أفضل.

لكن ماذا عن المسجد النبوي؟ والنبي -عليه الصلاة والسلام- يقول: ((صلاة المرء في بيته أفضل إلا المكتوبة)) فعلى هذا صلاة المرء النافلة في بيته أفضل من صلاته في المسجد النبوي، والمضاعفة خاصة في المسجد، هذا جعل بعض أهل العلم يقول: إن المضاعفة في الفرائض دون النوافل، وقل مثل هذا بالنسبة للمرأة التي بيتها خير لها، وبيتها خير لها. الأسئلة كثيرة جداً لكن نأخذ منها ما تيسر، لا سيما الأسئلة التي جاءت من الآفاق. هذا من إيطاليا يقول: ما حكم من نام قبل المغرب ولم يستيقظ إلا بعد الفجر في أحد أيام رمضان، فلم ينوي هذا اليوم؟ كيف ما نوى؟ أليس من أيام رمضان؟ وفي قرارة نفسه أنه يصوم غد؟ هذه هي النية؛ لكن كيف ينام قبل المغرب ولم يستيقظ إلا بعد الفجر؟! ليس في النوم تفريط؛ لكن مثل هذا النوم كم أضاع؟ وقتاً طويلاً فوت صلاة المغرب، صلاة العشاء، واحتمال الفجر، هذا لا يصوغ مطلقاً، لا بد إذا أراد أن ينام قرب وقت صلاة، يبذل الأسباب للاستيقاظ، وأن يدفع الموانع فلم ينوِ، إذا لم ينوِ ولم يطرأ ولم يجرِ على باله أنه يصوم غداً هذا لا يصح صيامه. سائل من كينيا يقول: كما تعرض الله -سبحانه وتعالى- في كتابه ذكر الحور العين ونساء الجنة، بما لا يحصر؛ ولكن ما العلة في عدم ذكر صفات رجال أهل الجنة للنساء اللواتي كتب الله لهن دخول الجنة، يقول: لماذا لم يصف الرجال؟ وصف النساء لحث الرجال، لماذا لم يصف الرجال لحث النساء؟ لأن الجمال بالنسبة للنساء مطلب؛ لكن جمال الرجال مع أنهم على أكمل صورة جاء وصفهم: ألوانهم بيض وليس لهم لحى ... جعد الشعور مكحلو الأجفانِ والطول طول أبيهم ستون، والعرض سبعة أذرع، كما جاء في المسند، والطول في الصحيحين، المقصود أنه جاء الوصف بالنسبة للرجال، والاهتمام بوصف النساء لا شك أنه الداعي إليه أعظم -والله أعلم- لأن النساء بحاجة إلى الجمال أكثر من حاجة الرجال.

يقول: سأل رجل الإمام علي لماذا نسجد مرتين؟ ولماذا لا نسجد مرة واحدة كما نركع مرة واحدة؟ قال -عليه السلام- من الواضح أن السجود فيه خضوع وخشوع أكثر من الركوع، ففي السجود يضع الإنسان أعز أعضائه وأكرمها، أفضل أعضاء الإنسان رأسه؛ لأن فيه عقله وأفضل ما في الرأس الجبهة على أحقر شيء، وهو التراب كرمز للعبودية لله وتواضعاً وخضوعاً له تعالى، سأل: لماذا نسجد مرتين مع كل ركعة؟ وما هي الصفة التي بالتراب؟ نسجد مرتين كل ركعة جوابه هذا كما تقدم، وما هي الصفة التي بالتراب؟ فقرأ أمير المؤمنين -عليه السلام- الآية الشريفة بسم الله الرحمن الرحيم {مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى} [(55) سورة طه] صدق الله العلي العظيم، أول ما تسجد وترفع رأسك يعني (منها خلقناكم) وجسدنا كله أصله من التراب وكل وجودنا من التراب، وعندما تسجد ثانية تتذكر أنك ستموت وتعود إلى التراب، وترفع رأسك وتتذكر أنك ستبعث من التراب مرة أخرى، على كل حال يحتاج إلى نظر في إسناده، وعلي -رضي الله تعالى عنه- ممن ابتلي بالوضع عليه. يقول: هل يجوز عمل تحليل للدم أثناء الصيام؟ إذا كان شيئاً يسيراً فلا أثر له على الصيام. سائل من السعودية يقول: في قصة الأعرابي ألا يدل ذلك على يسر الشريعة وسماحتها على وجه يجعل من الواجب على العلماء والمفتين مراعاة أحوال السائلين، وأن الفتوى تختلف من سائل لآخر، أما التزام فتوى واحدة يفتي بها كل من وقعت له تلك الحادثة هذا في الاجتهاديات، وأما القطعيات فلا أظن ذلك يسوغ فيها، فما رأيكم؟ مراعاة حال الأعرابي لأنه فقير، ولم يوجد بين لابتي المدينة أفقر منه، فمن كان حاله بهذه المثابة يعامل تلك المعاملة، أما شخص غني يبي يعامل معاملة هذا الفقر فلا، لا شك أن مثل هذه الأمور يدخلها مراعاة الأحوال، وما سُكت عنه من بقية الأحوال التي لا أثر لها في الحكم يستوي فيها جميع الناس. يقول: هل كل من يصلي الفجر جماعة في ذمة الله؟

هذا وعد أن من صلى الصبح في جماعة فهو في ذمة الله حتى يمسي، وليس معنى في ذمة الله أنه لا يموت، النبي -عليه الصلاة والسلام- مات وكلٌ مات، يعني بعض الناس يتصور مادام في ذمة الله يحرص أن يصلي الصبح في جماعة ولا سيما إذا أراد أن يسافر أما إذا أراد أن يبقى في بلده ولم يسافر ولا يتعرض لخطر حوادث أو شيء ما يهتم بصلاة الفجر، لا يا أخي، بعض الناس يتصور هذا أن صلاة الفجر تقيه من الموت، في ذمة الله خلاص مضمون، هذا كلام ليس بصحيح {إِذَا جَاء أَجَلُهُمْ فَلاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ} [(49) سورة يونس]. والثاني: كيف يعرف الواحد أن النفس توسوس أو الشيطان؟ على كل حال إذا حصلت لديك الوساوس فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم، وادفع هذه الوساوس سواءً كانت من نفسك أو من الشيطان. يقول: لدي سؤال ما الحكم عن الخصومات على شكل بطاقات بحيث يستفيد حاملها خمسة أو عشرة بالمائة من منتجات مطعمنا بحيث يشتري دفتر الخصومة بقيمة خمسة وأربعين ريال وفي كوبونات بسعر خمسين ريال، وتكون مدة هذا الدفتر ستة أشهر، وإذا لم يشترِ بكامل الدفتر خلال هذه المدة يتم إخراج ما تبقى من هذا المبلغ لصالح أي جمعية خيرية صدقة، والهدف من هذا الدفتر تسويقي للمشروع، وفقكم الله؟ يعني إذا دفع المبلغ مقدماً وهو يريد أن يأخذ في مقابل هذا الثمن عروض أغذية مثلاً، لنفترض مثلاً أن اللبن يباع بخمسة كم يحتاج من اللبن في الشهر؟ يحتاج ثلاثين بمائة وخمسين يقول: هات مائة وأنا أأمن لك ثلاثين علبة في كل شهر، نعم هذه خصومة، هذه ما فيها إشكال لماذا؟ لأنك قدمت الثمن، أما إذا كانت معاوضة بين هذا الدفتر ويكون قيمة الدفتر الخمسة والأربعين مقابلها خمسين فلوس بحيث لو تقول: والله أنا ما أنا بشايل منك أبي أدور غيرك يعطيك مبلغ أكثر أو أقل فلا، أما إذا كانت المعاوضة بين عروض التجارة مع الدراهم لا بأس، سواءً قدم الثمن وحسم له منه، أو أخر الثمن وزيد عليه من أجله فلا بأس.

يقول: في امرأة يعني لما كانت صغيرة كانوا بدو يرعون الغنم كان عندها كلبة، الكلبة حملت وجابت كلاب ورحلوا من مكانهم البدو، وقال عم المرأة لما كانت المرأة صغيرة وكانت تخاف من عمها، وقال عمها خذي اثنين من الكلاب واتركي الباقي في البر فلم توافق الكلبة أن تترك صغارها وذهب المرأة وحفرت حفرة ودفنت صغار الكلبة، وهن على قيد الحياة، وبعد ما كبرت حست بالذنب ماذا تفعل؟ إذا كان هذا قبل التكليف فلا شيء فيه؛ لأنها غير مكلفة وغير مؤاخذة؛ لكن هذه إذا كانت بعد التكليف تأثم على ما حصل؛ لأن هذه إساءة إلى الكلاب، والإحسان إليها مطلوب، المرأة التي سقت الكلب البغي سقت الكلب دخلت الجنة، وفي كل كبد رطبة أجر، فالإساءة إليها لا تجوز، وإذا قدر أنها مما يجوز قتله فلتحسن قتلته. يقول: هذا السائل من أفريقيا دولة توبو: هل يجوز للشاب المسلم السفر إلى إسرائيل لطلب المال، حيث أن صديقه يتصل به فيقول: أن إسرائيل لا يضيق على ممارستك دينك؟ لا يجوز أن يبقى في بلاد الكفر بحال، لا يجوز له أن يبقى مع الكفار؛ لكن إن كان من أهلها وولد فيها ولم تتيسر له الهجرة فهو من المستضعفين الذين استثنى الله -جل وعلا-. هذا يقول: عندما تفوتني صلاة العصر هل أصلي عندما أقوم أو مع الجماعة في صلاة العصر القادمة غداً؟ لا، يجب قضاء الفوائت فوراً، مجرد ما تنتبه تتطهر وتصلي ما فاتك. يقول: أنا كنت مقصر في الصلاة فلذلك فإن علي أن أقضي ما فاتني، هل هذا صحيح؟ وإذا كان فإن علي بصلاة الظهر مادام أصلي بعده ظهر آخر مما فاتني فإذا فعلت ذلك فسوف أهمل النوافل لأن وقتي لا يتسع إلا لصلاة واحدة، أما النوافل أو ما فاتني من الصلاة بسبب ظروف عملي ماذا أفعل وإذا أهملت النوافل، هل يكون ذلك تقصير وعلي قضاؤها أم أنها غير مهمة أفتني في هذا الأمر من فضلك؟

مقصر في الصلوات تركت صلوات أيام تهاون كسل، عليك قضاؤها إذا كان يمكن الإحاطة بها، أما إذا كنت لا تدري كم عدد هذه الأيام فعليك أن تكثر من النوافل في مستقبل عمرك، إذا حصرت هذه الأيام وجدت أنها في مقدورك ومحصورة ومعروفة فعليك أن تقضيها متتابعة، تصلي الفجر ثم الظهر ثم العصر ثم المغرب ثم العشاء اليوم الأول، ثم اليوم الثاني كذلك، لا تنتظر إلى أن تصلي كل صلاة بعد نظيرتها من صلاة يومك. يقول: هل يجوز أن تصرف الأموال الربوية على المساجد والأشرطة الدينية النافعة، وإلا فماذا نفعل بها؟ علماً بأن العلماء قالوا: تصرف في أسافل الأمور كبناء الحمامات لكن إذا لم توجد؟ المال الخبيث يتخلص منه، وجاء في أن كسب الحجام خبيث قال: ((أطعمه ناضحك)) فيصرف في المصارف التي لا يتقرب بها إلى الله -جل وعلا-؛ لأن الله -سبحانه وتعالى- طيب لا يقبل إلا طيباً، فتصرف في مثل هذه المصارف في دورات المياه، في الطرق، في شيء لا يكون فيه قربة ظاهرة. اللهم صلى وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. نسأل الله -عز وجل- أن يجزي شيخنا خير الجزاء على ما قدم، ونفيدكم -أيها الأخوة- أن موعدكم -إن شاء الله تعالى- الدورة القادمة في اليوم السابع من شهر شوال في كتاب الحج من بلوغ المرام، ولمدة أسبوع بعد صلاة المغرب، وبعد صلاة العشاء، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

كتاب الحج

بلوغ المرام _ كتاب الحج (1) شرح حديث: (العمرة إلى العمرة .. ) وحديث: عائشة -رضي الله عنها- قالت: قلت: "يا رسول الله أعلى النساء جهاد .. "وحديث: أنس -رضي الله عنه- قال: قيل: يا رسول الله ما السبيل؟ .. وحديث: .. فرفعت إليه امرأة صبياً فقالت: ألهذا حج؟ ... وحديث: ... إن فريضة الحج على عباده في الحج أدركت أبي شيخاً كبيراً ... وحديث: ... إن أمي نذرت أن تحج فلم تحج حتى ماتت، أفأحج عنها؟ ... وحديث: (أيما صبي حج ثم بلغ الحنث فعليه أن يحج حجة أخرى .. ) وحديث: (لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم .. ) وحديث: "لبيك عن شبرمة" ... وحديث: (إن الله كتب عليكم الحج .. ). الشيخ/ عبد الكريم الخضير طالب: يقول الحافظ ابن حجر -رحمه الله- في كتابه (بلوغ المرام) كتاب الحج: باب فضله وبيان من فرض عليه، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة)) [متفق عليه]. الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فقد قال المؤلف -رحمه الله تعالى-: كتاب الحج، ونظراً لضيق الوقت فلا مقدمات، ولا إجابة على كثير من الأسئلة إلا ما تمس إليه الحاجة، فالمدة خمس أيام، والقدر المقرر شرحه طويل، ولو لم يكن في هذه الأحاديث إلا حديث جابر في صفة حجة النبي -عليه الصلاة والسلام- لما كفاه الوقت المقرر؛ لكن ما لا يدرك كله لا يترك بعضه، لا أقول: جله، أقول: بعضه، فكتاب الحج والكتاب سبق الكلام عنه مراراً فيما تقدم من كتب، والحج بفتح الحاء وكسرها لغتان وقراءتان، الحج مصدر حج يحج حجاً ويعرفونه في اللغة: بأنه القصد، وفي اصطلاحهم: قصد بيت الله الحرام لأداء النسك الأكبر، واقتصر الحافظ ككثير من المؤلفين على الحج، والعمرة داخلة في الحج، وإلا فالكتاب معقود للنسكين الحج والعمرة، ولذا يعدل بعضهم عن الحج إلى المناسك وهي أشمل.

الحج ركن من أركان الإسلام بالإجماع، ومن مبانيه العظام، ففي حديث عبد الله بن عمر -رضي الله تعالى عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والحج، وصوم رمضان)) تقدم ما في تقديم الحج على الصيام أو العكس في الدورة السابقة في شرح كتاب السير، ولا أرى ما يدعو إلى إعادته؛ لأنه كلام فيه شيء من التفصيل والطول وقد مضى.

الحج جاء في شأنه والتشديد والتأكيد في أمره ما جاء من نصوص الكتاب والسنة، ولو لم يرد فيه إلا ما جاء في قوله تعالى: {وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً} [(97) سورة آل عمران] والجملة التي تليها {وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ} [(97) سورة آل عمران] هذا مما يشدد ويؤكد ويبين أهمية هذا الركن؛ لأن ارتباط جمل القرآن وعطف بعضها على بعض ليس عبثاً أن يعطف قوله --جل وعلا--: {وَمَن كَفَرَ} على بيان فرض الحج، ولذا يرى بعض أهل العلم أن الذي لديه مقدرة باستطاعته الحج ولم يحج أنه يكفر، فيه رواية عند الحنابلة الإمام أحمد ينصرها، بعض المالكية كبقية الأركان؛ لكن الجمهور على أنه لا يكفر تارك الأركان الثلاثة، والخلاف في الصلاة؛ لكن جاء فيها من النصوص الخاصة ما جاء ((العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر)) بين العبد أو المرأة والكفر ترك الصلاة، المقصود أن تارك الأركان الثلاثة على خطر عظيم، وإن كان الجمهور على أنه لا يكفر، سمعنا هذا أن الإنسان كونه لا يكفر، ولا يخرج من الدين بالكلية أن الأمر سهل لا، جاء عن عمر -رضي الله تعالى عنه- أنه كتب إلى الأنصار: "أن ينظروا من كان ذا جده فلم يحج أن تضرب عليه الجزية" ويروى أيضاً مرفوعاً ((من استطاع الحج ولم يمت فليمت إن شاء يهودياً وإن شاء نصرانياً)) لكن رفعه ضعيف جداً، بل أدخله ابن الجوزي في الموضوعات، ولا يصل إلى حد الوضع، المقصود أنه ضعيف مرة، فشأن الحج كغيره من الأركان عظيم جداً، وكثير من الشباب المكلفين الذين لديهم الاستطاعة، بل الذين لا يكلفهم الحج شيئاً يتبرع أبوه أن يحج به، ومع ذلك يقول: والله السنة هذه ربيع نريد نستغل الوقت، وليس هناك دراسة ويروح رحلة أو نزهة، أو يتعلل بدراسة وبعض الشباب مع الأسف أنهم طلاب الكليات الشرعية، يقول: والله تسليم البحث في أول الدراسة بعد الحج، ولا أستطيع أن أحج، وكل هذا من إيثار الفانية، يا أخي لماذا تدرس أنت؟! تترك فريضة من فرائض الإسلام، ركن من أركان الإسلام تقول: تسليم البحث في أول الدراسة! هذه سمعناها مراراً، فضلاً عمن يقول: هذه الأيام ربيع ولا

أستطيع، لما يجي الحج في سنة ما فيها ربيع نحج، مع أن الحج لا يكلفه شيء البتة، كثير من الشباب يتبرع آباؤهم أن يحجوا بهم، ومع ذلك يتعللون بهذه الأعذار الواهية، فالحذر الحذر، والمبادرة المبادرة، الآن تستطيع أن تحج ما يدريك عن المستقبل، يمكن يجي وقت من الأوقات لا سمح الله ما تستطيع، أمن الطريق الذي نعيشه ونتفيؤه نعمة لا يقدرها إلا من عرف ما كان عليه الناس في الزمن الماضي، تصلي المغرب في هذه البلاد وتصلي الفجر في البيت الحرام، وأنت مرتاح، مرتاح جداً، تتصل بمن تريد، تأكل ما تشاء، وتشرب ما شئت، وتقرأ إن شئت، وتسمع إن شئت، وتنام أيضاً وأنت في الطريق، فعلى من كلف أن يبادر، ويتعين هذا في حق طلاب العلم مهما كانت أعذارهم، إذا كان يستطيع فعليه أن يبادر، على خلاف بين أهل العلم في الحج، هل هو على الفور أو على التراخي؟ وهل كان فرضه سنة ست أو تسع أو عشر خلاف؟ لكن الذي رجحه ابن القيم أنه فرض سنة تسع، وكثير من أهل العلم يرون أنه على التراخي؛ لكن ومع ذلك على الإنسان أن يتعجل بالحج؛ لأنه لا يدري ما يعرض له، وكونه فرض سنة تسع على القول المرجح والنبي -عليه الصلاة والسلام- لم يحج سنة تسع، إنما بعث أبا بكر وعلياً وحجا بالناس، وحج -عليه الصلاة والسلام- في السنة التالية سنة عشر لأمور، والنبي -عليه الصلاة والسلام- يتلقى أفعاله وأقواله من الوحي، فمضمون أنه يحج من قابل؛ لكن أنت ما يدريك أن تعيش إلى قابل أو لا؟ وأيضاً النبي -عليه الصلاة والسلام- قدم بين يديه أبا بكر وعلي ليأذنا في الناس: "أن لا يحج بعد العام مشرك، وأن لا يطوف بالبيت عريان" كانوا يطوفون عراة، والنبي -عليه الصلاة والسلام- لا يطيق رؤية هذه المناظر، وكل إنسان سوي لا يطيق هذه المناظر، إلا بعد أن استمرأ الناس، وألفوا هذه المناظر، كما ألفها أهل الجاهلية، في وسائل الإعلام تجد من يتعلل بمشاهدة الأخبار، وسماع الأخبار، ويرى المومسات من غير أن يتمعر وجهه، ويرى العراة، وأشباه العراة من غير أن يتأثر، النبي -عليه الصلاة والسلام- لم يحج في السنة التاسعة مع أنه فرض، وبعث أبا بكر وعلي فحجا بالناس، وبلغاهما ما ينبغي تبليغه عن النبي -عليه الصلاة

والسلام-، فحج النبي -عليه الصلاة والسلام- من قابل، من أهل العلم من يرى أن النبي -عليه الصلاة والسلام- لم يحج في السنة التاسعة؛ لأن الحج في هذه السنة لم يكن في وقته المحدد له شرعاً، بسبب النسيء الذي يفعله العرب في جاهليتهم؛ لكنه في السنة العاشرة استدار الزمان، فصادفت الحجة وقتها المحدد لها شرعاً، منهم من يقول هذا، حج النبي -عليه الصلاة والسلام- قبل ذلك، قبل حجة الوداع، قبل أن يفرض الحج، ووقف مع الناس في عرفة، واستغرب الناس وقوفه مع عامة الناس وهو من الحمس، ولذا جاء في حديث جبير بن مطعم لما أضل دابته وبحث عنها، فرأى النبي -عليه الصلاة والسلام- واقفاً بعرفة فاستغرب، وهذه في حجة سابقة على حجة الوداع، وهل حج مرة أو مرتين؟ مسألة خلافية بين أهل العلم، أعني قبل فرض الحج، وأما بعد فرضه فلم يحج إلا حجة الوداع، الحجة التي ودع فيها الناس -عليه الصلاة والسلام-.

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: بيان فضله، وبيان من فرض عليه، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما)) جاء في الصلاة نظير ذلك ((الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان كفارات لما بينهن ما اجتنبت الكبائر)) وفي رواية: ((ما لم تغش كبيرة)) ولنعلم أن هذه العبادات المكفرة المراد بها العبادات التي تؤدى على مقتضى نظر الشارع، بحيث يؤتى بها على المقتضى الشرعي بأركانها وشروطها وواجباتها، أما الصلاة التي لم يخرج منها صاحبها إلا بعشرها، ما الذي يرجى منها؟! هذه كما ألمح شيخ الإسلام إلى أنها إن كفرت نفسها فبها ونعمت، فلنحرص على أن نؤدي العبادات التي تؤتي ثمارها، وتترتب عليها آثارها، الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، الصيام: {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [(183) سورة البقرة] ومع ذلك بعد أن يسلم من صلاته يزاول المحرمات، هل هذا خُلْفٌ في الخبر؟ لا؛ لكن المراد بالصلاة الصلاة التي أديت كما أمر بإقامتها، والصيام المورث للتقوى هو الذي يؤدى بواجباته وآدابه وسننه، ليس المراد من الصيام مجرد الإمساك، ثم بعد ذلك افعل ما شئت، ذكرنا في الدورة الماضية أن ممن اعتزل الدنيا على حد زعمه، وانقطع وتفرغ للعبادة من يفطر على الخمر، هل هذا الصيام يورث التقوى؟ لا والله، الصلاة التي ينشغل صاحبها عنها بالتخطيط لبعض الأمور المحرمة، أما الأمور المباحة قد لا يسلم منها أحد، القلب لا بد أن يعمر بذكر الله --جل وعلا-- لكي يقبل على الله، أما إذا عمر بالقيل والقال والشبهات والمكروهات والاسترسال في المباحات فضلاً عن المحرمات ينشغل؛ لأن القلب ما سمي قلب إلا لتقلبه، تحرص أشد الحرص على أن يجتمع قلبك في أضيق الظروف والأحوال في ليالي العشر وأنت معتكف ما تستطيع، تريد أن تجمع قلبك وتستحضر الذكر والصلاة والتلاوة ما تجد شيء؛ لأنك طول العام في القيل والقال، ومثل هذا لا يعان على اجتماع القلب، فمثل هذه العبادات التي فيها هذا الانصراف القلبي يندر أن تترتب عليها آثارها، يترتب عليها بقدر ما يستحضر منها، وما عدى ذلك فات الشخص تسعة أعشار الأجر، تسعة أعشار صلاته هذه

مشغولة أو معمورة بالخطرات، بالخواطر والهواجس، ولذا لا يترتب من آثارها في إصلاح النفس إلا بقدر ما حضر من قلبه، وبقدر نيته، وبقدر إتباعه للنبي -عليه الصلاة والسلام-، وهذا الموضوع يطول. المقصود أن في قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما)) الجمهور على أن الذنوب المكفرة بهذه العبادات هي الصغائر، وأما الكبائر لا بد فيها من التوبة، ((كفارة لما بينهما)) يستدل بهذا من يرى من أهل العلم أن تكرار العمرة مشروع، ولا حد لأقل مدة بين عمرتين، ولا كراهة في ذلك، ولا تحديد، وإن كان الإمام مالك يرى كراهة التكرار، ومنهم من يرى أنها لا تكون إلا في السنة مرة واحدة، كما حصل للنبي -عليه الصلاة والسلام-، ومنهم من يرى التكرار لا يكون إلا بعد نبات الشعر، المقصود أن هذه أقوال لا دليل عليها، ومجرد فعله -عليه الصلاة والسلام- أو تركه للفعل لا يقتضي التخصيص؛ لأنه قد يحث على الشيء ولا يفعل رفقاً بالأمة، حث على العمرة في رمضان وبين أنها تعدل حجة، ومع ذلك ما اعتمر في رمضان، هل نقول: أن العمرة في رمضان ليست مشروعة؟ لا مشروعة؛ لكن ينبغي أن يلاحظ مع ذلك أن تنوع العبادات من مقاصد الشرع، يعني ما ينشغل الإنسان كل يوم يأخذ عمرة ويعطل العبادات الأخرى، الأمر الثاني: أنه لا يفوت بهذا العمل الصالح ما هو أهم منه من أعمال، فإذا وازن الإنسان بين أمور دينه ودنياه فلا أحد يمنعه من عبادة جاء الحث عليها، والإكثار من التعبد ليس ببدعة، وإن زعم بعضهم ذلك.

((العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة)) الحج المبرور يقول أهل العلم: هو الذي لا يخالطه إثم، ومنهم من يرى أن الحج المبرور هو المقبول، طيب وما يدريك عن القبول؟ قال: هناك علامات وأمارات في القبول بأن تكون حال الإنسان بعد العبادة أفضل من حاله قبلها، هذا مؤشر إلى أن عبادته مقبولة؛ لكن ماذا عن الذين يستغلون أيام العيد التي تعقب هذه العبادات العظيمة بارتكاب المحرمات، هذه أمارة على عدم القبول، والدين -ولله الحمد- فيه فسحة، توسع المباحات في الأعياد لا بأس به؛ لكن ارتكاب المحرمات دليل والعلم عند الله -جل وعلا- على عدم القبول، الحج المبرور الذي لا يخالطه إثم، أو هو المقبول، وأمارة القبول أن تكون حال الحاج بعد الحاج أفضل من حاله قبله ((من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه)) كثير من الناس يقول: الحج أربعة أيام لو الإنسان يخيط الفم خياطة، ما يتكلم أبداً، أربعة أيام ما يضره؛ لكن مثل من استغل طول العام بالقيل والقال يعان على حفظ النفس وحفظ اللسان هذه الأربعة الأيام؟ ما يمكن، كل إنسان يجد هذا من نفسه، يعني الشخص الذي يستثقل بعض الناس؛ لأنهم لا يقعون في بعض الأمور التي يزاولها كثير من الناس في مجالسهم، إما دلالة على خير، وتوجيه ونصح وإرشاد، أو ذكر، أو سكوت، مثل هذا يستثقله كثير من الناس، ويزعمون أنه ثقيل، وقد لا تتسع له مجالسه، ويعتذرون إذا أراد أن يزورهم، ويتعللون إذا طلب زيارتهم، بينما الشخص الذي ما شاء الله يكون خفيف هو صاحب القيل والقال والنكت والتفكه بأعراض الناس، يعني مثل هذا إذا كان عاش على هذه العيشة هل يستطيع أن يمسك عن الكلام في الأربعة الأيام؟ ما يمكن، والتجربة أكبر برهان.

((والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة)) جاء في حديث جابر عند أحمد أنه -صلى الله عليه وسلم- سئل عن الحج فقال: ((إطعام الطعام، وإفشاء السلام)) ولكن الحديث فيه ضعف، ولا شك أن إطعام الطعام مطلوب، وإفشاء السلام جاءت النصوص بالحث عليه، فهو مما يعين على بر الحج، والخبر ضعيف، والعمرة: الزيارة، والمراد بها زيارة البيت للطواف والسعي، المقصود أنه لأداء النسك الأصغر، زيارة البيت لأداء النسك الأصغر، المكون من طواف وسعي، وحلق أو تقصير. وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: قلت: يا رسول الله أعلى النساء جهاد؟ قال: ((نعم عليهن جهاد لا قتال فيه الحج والعمرة)) رواه أحمد وابن ماجه، واللفظ له وإسناده صحيح، وأصله في الصحيح، وعن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- قال: أتى النبي -صلى الله عليه وسلم- أعرابي فقال: يا رسول الله أخبرني عن العمرة أواجبة هي؟ قال: ((لا، وأن تعتمر خير لك)) رواه أحمد والترمذي، والراجح وقفه، وأخرجه ابن عدي من وجه آخر ضعيف عن جابر -رضي الله عنه- مرفوعاً: ((الحج والعمرة فريضتان)). يقول المؤلف -رحمه الله تعالى- في الحديث السابق عرفنا أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يحج إلا مرة واحدة بعد فرض الحج، وهي حجة الوداع، وأما بالنسبة للعمرة فقد اعتمر النبي -عليه الصلاة والسلام- كم؟ أربع مرات، الأولى: الحديبية، والثانية: القضاء، والثالثة: الجعرانة، والرابعة: التي مع حجه -عليه الصلاة والسلام-، وكلها في القعدة، كما في حديث عائشة في الصحيح الذي استدركت فيه على ابن عمر حينما زعم أن النبي -عليه الصلاة والسلام- اعتمر في رجب، قالت: إنه ما اعتمر النبي -عليه الصلاة والسلام- إلا وهي معه، وما اعتمر في رجب قط، وإن كان بعضهم يجعل المثبت مقدم على النافي، ويقول أن النبي -عليه الصلاة والسلام- اعتمر في رجب لقول ابن عمر، وتكون عائشة -رضي الله عنها- نسيت هذه العمرة؛ لكن الجمهور على أنه لم يعتمر في رجب، موافقة لعائشة -رضي الله تعالى عنها-.

يقول: وعن عائشة -رضي الله تعالى عنها- قالت: قلت: يا رسول الله على النساء جهاد؟ تسأل لتشارك في الجهاد، لما ورد في الجهاد في فضله، وأنه ذروة سنام الإسلام، ومصدر عز المسلمين، فتريد أن تشارك، على النساء جهاد؟ قال: ((نعم عليهن جهاد لا قتال فيه، الحج والعمرة)) والجهاد وبذل الجهد واستفراغ الوسع في طاعة الله -عز وجل- لا سيما ما فيه مشقة كالجهاد الشرعي الاصطلاحي، والحج والعمرة فيهما بذل جهد ومشقة فهي جهاد، وكلما يحتاج إلى معالجة مع النفس ومجاهدة فهو جهاد؛ لكن هنا يقول: ((عليهن جهاد)) هذه الصيغة تدل على الوجوب {وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ} [(97) سورة آل عمران] صيغة وجوب عند أهل العلم ((عليهن جهاد لا قتال فيه)) والمقصود أنه لا قتال ولا مقاتلة مقصودة لذاتها، كما هو شأن الجهاد، وإن حصل قتل وموت في الحج بسبب زحام وشبهه، هذا ليس بقتال ولا مقاتلة، في السنوات الأخيرة بعض ما يتطلبه الحج من أعمال قريبة من القتال، من ذهب ليرمي الجمرة ضحى يوم العيد مثلاً، أو بعد الزوال في الثاني عشر جهاد؛ لكنه لا قتال فيه مقصود لذاته بسل السيوف وشبهها، وإن حصل فيه ما يحصل في القتال من موت، والله المستعان.

((عليهن جهاد)) {وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَّمْ تَكُونُواْ بَالِغِيهِ إِلاَّ بِشِقِّ الأَنفُسِ} [(7) سورة النحل] وشخص من المترفين من أبناء الملوك قال: أحج بدون شق الأنفس، ما يلزم، أنا ابن ملك، تيسر له جميع أسباب ووسائل الراحة، فحمل في هودج، والناس يحتفون به من يمين وشمال، وبينما هو سائر إذ مر بشجرة فأخذت إحدى عينيه، والآن يعلن عن بعض الحملات أنها بالراحة التامة، وييسرون ويوفرون بعض وسائل الراحة؛ لكن الخبر لن يتخلف، لا بد من شق الأنفس، مهما بذلت من الأموال، لا بد من المشقة في الحج ((عليهن جهاد لا قتال فيه الحج والعمرة)) أما وجوب الحج بالإجماع، والعمرة محل خلاف بين أهل العلم، يستدل بهذا الحديث من يقول: بوجوب العمرة، وسيأتي في حديث لاحق أن الحج والعمرة فريضتان؛ لكنه ضعيف، ومما يستدل به لوجوب العمرة الأمر بالإتمام {وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ} [(196) سورة البقرة] وفيه أيضاً على ما سيأتي ((حج عن أبيك واعتمر)) كل هذا مما يستدل به من يقول: بوجوب العمرة، وهو المرجح. يقول: "رواه الإمام أحمد وابن ماجه، واللفظ له، وإسناده صحيح، وأصله في الصحيح" يعني صحيح البخاري من حديث عائشة قالت: يا رسول الله نرى الجهاد أفضل الأعمال أفلا نجاهد؟ قال: ((لا، لكن أفضل الجهاد حج مبرور)) لماذا أورد الحافظ رواية أحمد وابن ماجه وترك رواية البخاري؟ نعم ليس فيه ذكر للعمرة، ولذا قال: أصله في الصحيح، لو كان فيه ذكر العمرة لصار في الصحيح؛ لكن إذا وجدت أصل القصة، أو بعض ما يشهد لشيء من جمل الحديث في الصحيح صار أصله في الصحيح، كما هنا.

يقول: "وعن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- قال: أتى النبي -صلى الله عليه وسلم- أعرابي فقال: يا رسول الله أخبرني عن العمرة أواجبة هي؟ فقال: ((لا، وأن تعتمر خير لك)) رواه أحمد والترمذي، والراجح وقفه، هو على كل حال هو ضعيف مرفوعاً وموقوفاً، هو ضعيف، ويستوي في ذلك المرفوع والموقوف، ولو صح لكان نصاً في أن العمرة ليست بواجبة؛ لكنه لم يصح، كما أن الحديث الذي يليه أيضاً ضعيف جداً، والراجح وقفه، وأخرجه ابن عدي من وجه آخر ضعيف عن جابر مرفوعاً: ((الحج والعمرة فريضتان)) وعلى كل حال لا يوجد في الباب أصرح من الآية: {وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ} [(196) سورة البقرة] والحديث السابق: ((عليهن جهاد لا قتال فيه الحج والعمرة)) وفيه أيضاً: ((حج عن أبيك واعتمر)) وما عدا ذلك فهو ضعيف، وحكم العمرة مسألة خلافية بين أهل العلم فالحنفية والمالكية يقولون: بسنيتها، وهي واجبة عند الحنابلة، ولا يعني أن وجوبها مثل وجوب الحج، يأثم من تركها؛ لكن ليس مثل وجوب الحج، الحج ركن من أركان الإسلام، والعمرة كما سمعنا مختلف فيها، غاية ما هنالك أن من تركها يأثم، والشافعية قولهم كقول الحنابلة أنها واجبة يأثم تاركها، ومن لا يقول بالوجوب يقول: أن الآية ليست أمر بالحج والعمرة، ليس فيها الأمر بالحج والعمرة، إنما فيها الأمر بالإتمام، والنسك إذا شرع فيه لزم إتمامه، الحجة الثانية واجبة أم نفل؟ نفل؛ لكن من دخل فيها لزمه إتمامها، الثانية نفل اتفاقاً، ومع ذلك من دخل فيها لزمه الإتمام، ويحتجون بمثل الحديث الذي سبق حديث جابر على ضعفه، ومعهم أيضاً الأصل الأصل عدم الوجوب الأصل عدم الوجوب فلا بد من ناقل عن هذا الأصل، وسمعنا أدلة من يقول بالوجوب المسألة كما ذكرنا خلافية؛ لكن المرجح عند أهل التحقيق وجوبها. وعن أنس -رضي الله عنه- قال: قيل: يا رسول الله ما السبيل؟ قال -صلى الله عليه وسلم-: ((الزاد والراحلة)) رواه الدارقطني، وصححه الحاكم، والراجح إرساله، وأخرجه الترمذي من حديث ابن عمر أيضاً وفي إسناده ضعف.

نعم يقول -رحمه الله تعالى-، وعن أنس -رضي الله تعالى عنه- قال: قيل: يا رسول الله، ما السبيل؟ المشار إليه في قوله: {مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً} [(97) سورة آل عمران] ما السبيل؟ قال: ((الزاد والراحلة)) يعني كل من وجد زاد وراحلة يلزمه الحج؟ أو مما تتطلبه الاستطاعة الزاد والراحلة؟ يعني هل تفسير السبيل بالزاد والراحلة يعني على فرض ثبوته وإلا فهو ضعيف؛ لأنه من طريق مرسل، وطريق آخر من حديث ابن عمر في سنده متروك، تفسير السبيل بالزاد والراحلة هو تفسير بالمثال أو تفسير بالمطابقة؟ يعني من وجد زاد وراحلة يلزمه الحج، افترضنا أن شخص وجد زاد وراحلة؛ لكنه لا يثبت على هذه الراحلة يلزمه الحج أو لا يلزمه؟ نعم طيب شخص بمكة ويستطيع أن يصل إلى المشاعر بنفسه من غير راحلة، هل نقول: لا يلزمه إلا أن يجد راحلة؟ يلزمه ولو لم يجد راحلة، فعلى كل حال الخبر ضعيف؛ لكن جل الناس لا يتمكن من أداء الحج إلا بالزاد والراحلة، وهي مما يتطلبه الوجوب، وعلى كل الحال الوجوب إما بالنفس أو بالغير؛ لأنه قد يجد زاد وراحلة، يجد نفقة، يجد قدرة واستطاعة للحج لا بنفسه، عنده زاد وراحلة؛ لكن لا يثبت على الراحلة، كما سيأتي في حديث من سألت عن أبيها الذي لا يثبت على راحلة، فلا يلزم من وجود الزاد والراحلة القدرة والاستطاعة بالنفس، كما أنه لا يلزم من عدمهما عدم القدرة على الحج، كما نظرنا فيمن لا يحتاج إلى راحلة من أهل مكة مثلاً، بل من المسلمين من حج على الأقدام من أقاصي الدنيا، والخلاف في المفاضلة بين الركوب والمشي إلى الحج معروف بين أهل العلم، النبي -عليه الصلاة والسلام- حج على رحل، كما في الصحيح: "حج النبي -عليه الصلاة والسلام- على رحل، وحج أنس على رحل ولم يكن شحيحاً" لا شك أن الرحل مركوب متواضع، وهكذا ينبغي أن تكون حال المسلم لا سيما في مواطن العبادة، أن يسلك هذا المسلك، مسلك التواضع بينما تجد كثيراً من الناس العكس يبالغون في الترفه، وإذا اعتمر بحث عن الفنادق الراقية، وإذا أراد أن يحج بحث عن الحملات الغالية، يبالغون مبالغ خيالية، ويوفر لهم على حد زعمهم ما يفتخرون به، إذا رجعوا إلى أهليهم، هذا لا شك أنه ينافي المقصود من

العبادة التي فيها العبودية واستشعار الذل والخضوع لله --جل وعلا--. لا شك أنه ينبغي على ولي الأمر أن يحد من هذه المبالغات التي توجد في بعض الحملات، تجد في إعلاناتهم توفير كل ما يطلبه الحاج، وشاركوا بعض الناس يعني حتى في أقسام النساء ما يوجد عندهن في بيوتهن وفي دوائرهن فيما بينهن يوفرون أكلات الضحى، وأكلات العصر، وأكلات مدري إيش؟ يعني شيء عندهم فيه مبالغة حقيقة؛ والله المستعان. فالإشارة في الحديث إلى أن النبي -عليه الصلاة والسلام- حج على رحل، وحج أنس على رحل ولم يكن شحيحاً، دليل على أن التواضع مطلوب في كل حال، لا سيما في مواطن العبادات، ومنهم من يفضل المشي إلى العبادة، والرجال قدموا على الركبان {وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ} [(27) سورة الحج] نعم قدموا على الركبان، فيرى بعضهم أن المشي أفضل؛ لكن لا أفضل من عمله -عليه الصلاة والسلام- وما أختاره من الركوب، ولا شك أن الزاد أمر لا بد منه، إن لم يتيسر له الزاد عاش عالة على الناس، وكثير من المتصوفة الذين يظهرون التوكل على الله --جل وعلا-- ويقطعون الفيافي والمفاوز بدون زاد يزعمون أنهم يتوكلون على الله -جل وعلا- ومع ذلك إذا حضر وقته تكففوا الناس يسألوهم، هؤلاء توكلوا على الناس، والله المستعان. وعلى كل حال الحديث ضعيف، وليس السبيل هو الزاد والراحلة لا طرداً ولا عكساً، فقد يجب الحج من غير راحلة، وقد لا يجب مع وجود الراحلة، أعني وجوبه بالنفس، منهم من يرى أن هذا الحديث جاء من طرق متعددة ومتباينة، وفيها الموصول، وفيها المرسل، وبعضها يشد بعضاً، فيجعله من قبيل الحسن لغيره، ويجعله من باب التفسير بالمثال، يعني أهم ما يحتاج إليه في هذا السفر الزاد والراحلة، ببعض الأفراد، بل هي من أهم ما يحتاج إليه، كتفسير القوة بالرمي، القوة تتنوع المأمور بإعدادها، ليست الرمي وحده، وإنما الرمي وغير الرمي، والتنصيص على الرمي للعناية به، وهنا من أولى ما يهتم به في هذا الباب الراحلة التي تنقله من مكان إلى آخر، والزاد الذي يبلغه. طالب:. . . . . . . . .

ولأن الاستطاعة شرط لوجوب الحج ولزومه فمن استطاع لزمه أن يحج، والذي لا يستطيع لا يلزمه الحج، ولا يلزمه السؤال، بل ولا قبول الهبة لما فيها من المنة، وبعض الناس يحرص على الحج للمرة الثانية والثالثة والعاشرة بالمنن، يقول: نحج وإذا وصلنا هناك تيسرت الأمور، فتجده إما أن يحرج أناس يجلس معهم، أو مع بعض الدوائر الحكومية من غير إذنهم، وأحياناً يكون بغير رضاهم، أو بإذن من لا يملك الإذن، إذا جاء شخص وأعطاك مبلغ، وقال: حج، هذا فيه منة وإلا ما فيه منة؟ فيه منة، لا يلزمك أن تحج من أجل هذه المنة، فكيف أن تبدأ الناس، وتؤذي الناس، وتحرج الناس، والله -جل وعلا- قد عفاك، وأنت معذور؛ لأن كثير من الناس يتصرفون تصرفات غير لائقة، لا تليق به، كثير منهم، بس أنت وصلنا هناك، هذا بداية السؤال، وصلنا إلى مكة ويسهل الله، وإذا راح أحرج الناس، مثل ما ذكرنا، وأحياناً الدوائر الحكومية تحرج بكثير من أمثال هؤلاء، وهناك أعمال قد لا يرضون اطلاع كثير من الناس عليها، ومع ذلك يحرجهم، وقد يستأذن أدنى واحد فيهم، وقد لا يملك الإذن، وهو من الأصل معافى، لو اتجه إلى عبادات أخرى يتقرب بها إلى الله -جل وعلا- بغير هذه الطريقة؛ لأن أصل السؤال ممنوع، فكيف إذا سألت سؤال تتوصل به إلى عبادة؟ وبعض الناس يرتكب بعض المحرمات من أجل تحصيل نفل، فيتأذى ويؤذي، ويعرض نفسه وغيره لارتكاب بعض ما حرم الله، ومع ذلك يزعم أنه يتطلب ما رتب على الحج المبرور، بعض الناس يتحايل على أن يصرف له مبلغ باسم انتداب، وهو يريد يحج، مصروف الانتداب إلى جهة ما من أجل عمل، يترك هذا العمل ويحج، بعضهم يتحايل لاستخراج المال من بيت المال بأي طريقة كانت من أجل أن يحج، هذه مخالفات، هذا فساد في التصور، تريد أن تتقرب إلى الله -جل وعلا- بما حرم الله عليك، بعضهم يترك العمل الواجب، موظف يترك العمل ومع ذلك لماذا؟ يريد أن يعتمر، ليس معنى هذا أن الموظف خلق من أجل هذه الوظيفة، وصارت له كالظل، بمعنى أنه لا يتركها البتة، لا، يستأذن ممن يملك الإذن، والمسألة عرفية، نعم طلب براءة الذمة هو الأصل؛ لكن إذا كان المسئول يملك الإذن ليوم أو يومين أو أكثر أو أقل، إذا كان يملك ممن منحه

وخوله ولي الأمر بالإذن لمن تحت يده في اليوم واليومين، يستفيد منها في دينه أو دنياه لا بأس، والإجازة الاضطرارية تتفاوت فيها وتتباين أنظار الناس، منهم من يجعلها من حق الموظف، له خمسة أيام خمسة أيام لو يجلس في البيت، ومنهم من يفهم من مسماها اضطرارية أنها في حال الضرورة، والضرورة معروفة عند أهل العلم بأنها ما لا تبقى الحياة بدونها، والمسألة من خلال ما عرف من المسئولين أنها لا هذا ولا هذا، لا تأخذ إجازة اضطرارية وتجلس في البيت وتقول: من حقي، ولا تنتظر إلى أن تصل حد الهلاك وتقول: إجازة اضطرارية، كأن الاضطرار هنا معناه الحاجة، فإذا دعت الحاجة لمثل هذه الإجازة فلا بأس، ليس معناها الضرورة المعروفة عند أهل العلم التي تتوقف عليها الحياة، لا، وهذا كالإقرار من ولاة الأمر في هذا الباب، لا ينتظرون إلى أن يشرف المرء إلى الهلاك ثم يأخذ هذه الإجازة، بناء على أنها ضرورية واضطرارية، لا، إنما المقصود بها الحاجة، فإذا دعت الحاجة إليها لا مانع من أن تمنح لمستحقها. إذا حج بدابة مسروقة أو مغصوبة أو مال مسروق، لا شك أنه ارتكب محرم، والحج صحيح وإلا غير صحيح؟ هذا شخص وقف عند بقالة ترك السيارة شغالة مر واحد قال: والله أنا بحاجة إلى راحلة، تبلغني إلى بيت الله، فأخذ هذه السيارة وامتطاها إلى تلك الأماكن المقدسة، وأدى الحج، فلما رجع بحث عن صاحبها سلمه إياها، الحج صحيح وإلا غير صحيح؟ إذا حججت بمال أصله سحت ... فما حججت ولكن حجت العير على كل حال الجهة منفكة عند أهل العلم، وعندهم أن الحج صحيح مع الإثم، ورواية عند الإمام أحمد وهو مقتضى قول الظاهرية أن الحج ليس بصحيح. وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لقي ركباً بالروحاء، فقال: ((من القوم؟ )) قالوا: المسلمون، فقالوا: من أنت؟ فقال: ((رسول الله)) فرفعت إليه امرأة صبياً فقالت: ألهذا حج؟ قال: ((نعم ولك أجر)) [رواه مسلم].

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى- وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن النبي -عليه الصلاة والسلام- لقي ركباً بالروحاء، محل قريب من المدينة، يبعد عنها ما يقرب من خمسين كيلو، أو يزيد قليلاً، لقي ركباً بالروحاء فقال: ((من القوم؟ )) يقول النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((من القوم؟ )) قالوا: المسلمون، وهم من المسلمين، فهو من العام الذي أريد به الخصوص، فقالوا: من أنت؟ ما عرفوا النبي -عليه الصلاة والسلام- إما لكونهم لم يتقدم رؤية له -عليه الصلاة والسلام-، أو لأن الوقت ليل في ظلام ما رأوه، المقصود أنهم سألوا عنه: من أنت؟ قال: ((رسول الله)) -عليه الصلاة والسلام-، وبعض الناس يأنف أن يقال له: من أنت؟ كأنه يفترض في الناس كلهم أن يكون معروفاً لديهم، يستثقل أن يقال له: من أنت؟ ووجد الإنكار حتى من بعض طلاب العلم أنه يستثقل أن يسأل عنه من أنت؟ بعد أن صار علم، كيف يسأل عنه؟ والرسول -عليه الصلاة والسلام- قالوا له: من أنت؟ قال: ((رسول الله)) فرفعت إليه امرأة صبياً، صبي صغير لم يكلف، سواء كان مميزاً أو غير مميز؛ لكن رفعه يدل على أنه صغير جداً، فقالت: ألهذا حج؟ قال: ((نعم)) يعني حجه صحيح؛ ((ولك أجر)) فإن كان هذا الصبي مميز يلقن النية، ويأتي بما يستطيع فعله، وإن كان غير مميز ينوى عنه، ويدخل في النسك، ويجرد إن كان ذكراً، ويفعل به ما يفعله الكبير مما يستطاع، والذي لا يستطاع يعني تأتي لصبي غير مميز وتقول له: صل ركعتين، الذي لا يستطاع يسقط، فدل على أن الصبي نسكه صحيح، حجه صحيح، عمرته صحيحة، ولمن أدخله في النسك، ونوى عنه، وطاف به، وسعى به، له الأجر، فإذا أدخل في النسك لزمه الإتمام، ولزم وليه أن يتم ما أدخله فيه، هذه مسألة يكثر السؤال عنها، يحرمون للصبي أو للصبية فإذا وصلوا وجدوا زحام تركوه، قالوا: هذا الصبي غير مكلف ما يلزم، بل يلزم {وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ} [(196) سورة البقرة] بطوعكم واختياركم أدخلتوه في النسك، أتموا، ويترتب على ذلك ما يترتب على نسك الكبير، من ارتكاب لمحظورات وغيرها، فلا يحلق شعره، ولا يقص ظفره، ولا يلبس مخيط، كل ما يجتنبه الكبير يجتنبه هذا الصغير، يكثر سؤال بعض العوائل

يذهبون في أوقات الزحام الشديد بأطفالهم، ويدخلونهم في النسك، ثم إذا رأوا الزحام ألبسوهم ثيابهم، ورجعوا بهم إلى بلدانهم، وهم ما زالوا محرمين؛ لأنه يلزمهم الإتمام في قول جماهير أهل العلم؛ لكنه إذا حج الصبي وقلنا: أن حجه صحيح ولوليه الأجر، فإن هذه الحجة لا تجزئه ولا تسقط عنه حجة الإسلام، بل إذا بلغ -كما سيأتي- عليه أن يحج حج الفريضة.

إذا أدخل الصبي في النسك وارتكب محظور أو فعل به أهله ما يفعله كثير من الناس مما ذكرناه آنفاً، وجدوا زحام فلبسوه الثياب، ورجعوا به إلى بلدهم، ثم قيل لهم: لا بد .. ، هو الآن محرم يجرد من المخيط، ويلبس الإحرام، ويطاف به ويسعى، ويكمل نسكه، التكاليف تكاليف الإرجاع إلى مكة على من؟ نعم هم يقولون: لا ينوي عنه إلا وليه في المال، أو وصيه؛ لأنه يتحمل مسئوليات، يعني الآن افترضنا صبي وارث عنده مال وله حج بهذا الحديث، ثم ارتكب ما ارتكب من المحظورات، يفترض أن مثله يطأ، أهل العلم يقررون أن من بلغ العاشرة يطأ، أو حلق شعره، أو قصر أظفاره، ارتكب محظور، أو قتل صيد، ما يترتب على هذه المحظورات؟ هل هي على الصبي أو على وليه الذي أدخله في النسك؟ أجرة إرجاعه إلى مكة على من؟ في مال الصبي وإلا في مال وليه الذي أحرم له؟ يعني كونهم يشترطون أن الذي يحرم له وليه في المال؛ لأن وليه في المال ينفق عليه من هذا المال، ومن ضمن النفقة ما يتطلبه ما أذن به شرعاً، فهي على كلامهم من مال الصبي؛ لكن لو أحرم له، وأدخله في النسك غير وليه، يعني أمه أدخلته في النسك، وهي ليس لها أن تتصرف من ماله، أو أخوه مع وجود الأب الذي هو ولي المال، تكون التبعات كلها على من أدخله في النسك، بعض الأسر إذا اعتمروا بالأطفال وزع هؤلاء الأطفال، كلهم يدخلون في النسك، فلان حجه لجده فلان، وفلان لجدته فلانة، وفلان حجه لعمته فلانة وفلان عمرته لكذا باعتبار أن هذا الطفل ما جرى عليه قلم التكليف لا يكتب له حسنات ولا عليه سيئات، ما حكم هذا العمل؟ في الحديث: ألهذا حج؟ قال: ((نعم ولك أجر)) وإذا حج المكلف عن غيره أو اعتمر وأهدى ثواب عمرته لغيره معروف عند أهل العلم الحكم؛ لكن هذا يقولون: لا مكتوب له شيء ولا عليه شيء، وما دام هذا الأجر ثبت، وهذا الصبي لا يكتب له أجر لماذا لا نصرفها لشخص ينتظر هذا الثواب وهذا الأجر كالجد والجدة والعم والعمة والخال والخالة والأب والأم مثل هذا العمل شرعي وإلا غير شرعي؟ الآن لو أن الولي الذي أحرم لهذا الصبي قال: اللهم اجعل حجتي أو عمرتي أجرها لفلان لأبي أو لأمي، ((حج عن أبيك واعتمر)) ما فيه إشكال، وهذا الولي قال: هذا الصبي

الذي أدخلناه في النسك له حج؛ لكن الحج أجره لمن؟ للصبي نفسه؟ ((ولكِ أجر)) ولكن له حج، إيش معنى له حج؟ يعني أجر بدون حج أو الأجر بثوابه؟ وهذا الثواب هل يصرف للطفل الذي لم يجر عليه قلم التكليف أو أين يذهب؟ أنا أريد أن أقرر مسألة يفعلها كل الناس، إذا حجوا بالصبيان قالوا: فلان حجته لفلان، وجد فلان وفلانة حجتها لجدتها فلانة، وهكذا، فهل يصل هذا الثواب إلى المهدى إليه أو لا يصل؟ باعتبار أن الحج يقبل النيابة ((حج عن أبيك واعتمر)) والعمرة كذلك، فهل هذا العمل شرعي أم أنه ليس شرعي؟ نحن لا ننظر إلى أن الرسول فعل أو ما فعل، ننظر من أصل المسألة الحج يقبل بالنيابة فهذا حجه صحيح، وعمرته صحيحة لكن لا يجري عليه قلم التكليف، لماذا لا يصرف هذا الحج إلى من يحتاج إلى مثل هذا الأجر؟ طالب:. . . . . . . . . وين؟ طالب:. . . . . . . . . هو ليست المسألة أن الحج فرض نقول: يريد ينوب، هذا ثواب رتب على هذا الحج الذي حجه من لم يجر عليه قلم التكليف، وليس بحاجة إلى هذا الأجر؛ لأنه لم يجر عليه قلم التكليف، فبدلاً من أن يكون هذا الأجر له صاحب وإلا ماله صاحب؟ يعني غير المكلف المرفوع عنه القلم ما معنى رفع القلم؟ طالب:. . . . . . . . . غير المكلف يعني لم يجرِ عليه قلم التكليف، ومرفوع عنه القلم، يعني لا يكتب له ولا عليه، هذا الأصل، ما معنى له حج؟ حج بدون ثواب، وثوابه لمن؟ طالب: للصبي. للصبي؟ ما كلف إلى الآن الصبي. طالب:. . . . . . . . . في أنه إيش؟ أجر إيش؟ إدخاله ... وأيضاً ما يفعل معهم متعب الطفل، ما معني له حج؟ يعني هل نقول: أن حجه من باب التمرين؟ يعني إذا أمرنا الطفل بالصلاة لسبع وصلى الطفل تكتب له حسنات وإلا ما تكتب أو مجرد تمرين؟ هو مجرد تمرين عند أهل العلم، وكذلك الحج مجرد تمرين، إذاً هل له أجر أو ما له أجر؟ وإذا ثبت له أجر هل يستطيع وليه أن يهديه إلى غيره يهدي هذا الأجر؟ طالب:. . . . . . . . . الطفل طفل مرفوع باليد له حج. طالب:. . . . . . . . . ما يفرق ترى، له عشر أو عشرين. طالب:. . . . . . . . . كيف؟ يعني إذا ما ثبت الأجر للطفل فلن يثبت لغيره من باب أولى.

طالب: يا شيخ يثبت للطفل الأجر -والله أعلم- لكن ليس لوليه يأخذ هذا الأجر فيهديه لغيره. لا هو الذي يظهر أن المهدى هو الأجر المرتب على إدخال الطفل المنصوص بقوله: ((ولكِ أجر)) الأجر الذي ملكه الولي بقوله -عليه الصلاة والسلام-: ((ولكِ أجر)) هو المهدى، وليس المراد الحج ولا العمرة، إنما الأجر المرتب على إدخال هذا الصبي في النسك هذا الذي يظهر. فيما يذكر في فضل الحج مما هو في معنى حديث: ((من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه)) الآية الأولى التي قرأها الإمام وفقه الله {وَاذْكُرُواْ اللهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَن تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى} [(203) سورة البقرة] معنى الآية أن من حج واتقى الله في حجه فلا إثم عليه، يعني فقد ارتفع الإثم عنه سواء تعجل أو تأخر، فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه شريطة أن يتقي الله -جل وعلا-، فلا يرفث ولا يفسق كما في الحديث، ومثله إذا تأخر، يعني الظاهر من الآية المتبادر الذي يفهمه الناس كلهم من هذه الآية أن الآية فيها التخيير والتسوية بين التعجل والتقدم؛ لكن هل يكفي أن نقول: من ذكر الله في هذه الأيام يرتفع عنه الإثم لا بأس أن يتقدم ولا بأس أن يتأخر ويكفي هذا؟ هل يكفي أن يقال: من حج لا إثم عليه في حجه؟ يعني تأمل معنى الآية: {وَاذْكُرُواْ اللهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ} [(203) سورة البقرة] يعني لا حرج عليه في تعجله هذا المقصود؟ من تعجل في يوم فلا إثم عليه لأنه تعجل؟ بسبب تعجله ما عليه إثم؟ وكذلك إذا تأخر ما عليه إثم؟ وهل يحج الإنسان ليرتفع عنه إثم الحج؟ طالب:. . . . . . . . .

كيف؟ نعم هو يرجو ثواب الله -جل وعلا- بهذا الحج، الآية مطابقة لحديث: ((من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه)) فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه، ارتفع عنه الإثم السابق شريطة أن يتقي الله في حجه، من تأخر ارتفع عنه الإثم شريطة أن يتقي الله في حجه، فيكون معنى الآية معنى الحديث، وعلى هذا يعني الآية بظاهرها لا فرق فيها بين التعجل والتأخر، فلا يؤخذ من الآية تفضيل التأخر، إنما يؤخذ تفضيله من فعل النبي -عليه الصلاة والسلام-، وهو أنه لم يتعجل، فيكون التأخر أفضل من التعجل، وأما الآية ففيها أن من اتقى الله -جل وعلا- في حجه ارتفع عنه الإثم، وهو معنى قوله: ((رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه)) يعني هل هذا المعنى هو الظاهر الذي يفهمه الناس من هذه الآية؛ لأن قوله: {لِمَنِ اتَّقَى} [(203) سورة البقرة] جاءت بعد من تأخر، فالذي يفهمه الناس من هذه الآية أن التأخر أفضل من التعجل، ما فيها دلالة على هذا؛ لأن (لمن اتقى) يرتفع الإثم عن الحاج إذا اتقى الله -جل وعلا- في حجه، سواء تعجل أو تأخر؛ لأن السياق واحد، فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه، ومن تأخر فلا إثم عليه لمن اتقى، هل نقول: لا إثم عليه إذا تأخر شريطة أن يتقي ولا نشترط هذا في التعجل؟ لا، إذ لا يرتفع عنه الإثم إلا إذا اتقى الله -جل وعلا- فلم يرفث ولم يفسق، فيكون معنى الآية هو معنى الحديث. بسم الله الرحمن الرحيم قال الإمام الحافظ ابن حجر -رحمه الله-: وعنه -رضي الله عنهما- قال: كان الفضل بن عباس رديف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فجاءت امرأة من خثعم، فجعل الفضل ينظر إليها، وتنظر إليه، وجعل النبي -صلى الله عليه وسلم- يصرف وجه الفضل إلى الشق الآخر، فقالت: يا رسول الله إن فريضة الحج على عباده في الحج أدركت أبي شيخاً كبيراً، لا يثبت على الراحلة، أفحج عنه؟ قال: ((نعم)) وذلك في حجة الوداع" [متفق عليه واللفظ للبخاري].

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى- وعنه يعني ابن عباس صحابي الحديث السابق يقول: وعنه -رضي الله عنهما- يعني الضمير المجرور يعود إلى ابن عباس، والترضي عنه وعن أبيه، وهذا إنما يحسن إذا ذكر الابن مع الأب يعود الضمير إلى الاثنين، أما هنا ما ذكر إلى واحد، على كل حال الأصل أن يقال: عن ابن عباس -رضي الله عنهما- وإلا إذا قال: وعنه -رضي الله عنه- لتتحد الضمائر، تقول: مثلاً عن أبي هريرة وابن عمر -رضي الله عنهم- أنهما قالا، الضمائر غير متحدة، فالترضي عن الثلاثة ابن عمر وعمر وأبو هريرة، والخبر عن اثنين فقط، وهذا ما فيه لبس؛ لكن تقول: وعنه -رضي الله عنهما- الذي يقرأ الخبر على انفراده فيه لبس، قال: كان الفضل بن عباس رديف رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وهذا في حجة الوداع في أي وقت؟ السنة العاشرة؛ لأن حجة الوداع ما تجي غير العاشرة؛ لكن رديف النبي -صلى الله عليه وسلم- في أي ظرف من ظروف الحج؟ في انصرافه من مزدلفة إلى منى. طيب كان الفضل بن عباس رديف رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، يعني ركب معه على دابته، والإرداف على الدابة إذا كانت تطيق لا بأس به، رديف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فجاءت امرأة من خثعم، خثعم قبيلة معروفة من قبائل العرب، وهل هي بطن من جهينة أو قبيلة مستقلة؟ أو من جهينة من يقال لهم: فخذ يقال لهم: خثعم غير القبيلة الكبيرة المعروفة، مسألة يشير إليها بعض أهل العلم، خثعم الآن ترجع إلى ماذا؟ طالب:. . . . . . . . . إلى ماذا؟ أكيد، وإلا لا؟ طالب:. . . . . . . . . شمران ترجع إلى خثعم، طيب وهناك الارتباط بجهينة مع الغامدية غامد، يعني مع أن غامد قبيلة كبيرة جداً بعضهم يقول: غامد من جهينة، يقول: امرأة من خثعم، فجعل الفضل ينظر إليها، في بعض الروايات: "كانت وضيئة" ويستدل بهذا بعض من يتتبع المتشابه ليرد به المحكم. طالب:. . . . . . . . .

من نصوص الحجاب يقول: كيف ينظر إليها وتنظر إليه وهي متحجبة، النظر لا يلزم أن يكون إلى البشرة كثير من الناس يستهويهم الحجم، الطول والعرض، ويمكن النظر إلى الطول والعرض، ولو كانت متحجبة، والمحرمة لا تلبس القفازين فيبدو من بشرتها الوضاءة، ولو كان وجهها مغطى، المقصود أنه ليس فيه دليل على عدم الحجاب، والنصوص المحكمة تدل على وجوب الحجاب، وأن وجه المرأة عورة، يجب ستره، وفي حديث الإفك: "وكان يعرفني قبل نزول الحجاب" في حديث عائشة تبين أنه إذا حاذوا الرجال سدلت إحداهن جلبابها، المقصود أن أدلة الحجاب المحكمة كثيرة جداً، ومن يتتبع المتشابه يقول: أن الفضل ينظر إليها وتنظر إليه، مع أن الواجب على الطرفين الغض غض البصر، بعض الناس يقول: إذا كانت متحجبة فالبصر يغض عن من؟ يغض عن مثل هذه، النبي -عليه الصلاة والسلام- يصرف وجه الفضل إلى الشق الآخر، فلا يجوز النظر إلى النساء، ولو كن متحجبات نظر شهوة وتلذذ، أما مجرد نظرة عابرة من غير شهوة ولا تلذذ

ومن غير حاجة، الحاجة إذا دعت الحاجة لذلك شريطة أن تؤمن الفتنة لا بأس، النساء يتولين البيع والشراء مع الرجال؛ لكن مع الاحتشام التام، وتؤدي المرأة شهادتها عند القضاة؛ لكن لا يعني هذا أنها تفتن الناس ومثل هذا النص الذي معنا، وقد استدل به من يستدل على أن الوجه ليس بعورة، وأنه لا يلزم حجبه؛ لكن ليس هناك ما يدل على أنها كاشفة للوجه أبداً، والرجال كما يستهويهم الوجه يستهويهم أيضاً الحجم، ينظر إليها وتنظر إليه، وجعل النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو يصرف وجه الفضل إنكار وتغيير باليد يصرفه بيده -عليه الصلاة والسلام- إلى الشق الآخر، فقالت: يا رسول الله إن فريضة الله على عباده في الحج، يعني هذه العبادة المفروضة من قبل الله -جل وعلا- على عباده أدركت أبي شيخاً، أدركته وإلا هو أدرك الفريضة؟ نعم، عندنا مدرِك ومدرَك، المدرِك هو اللاحق، والمدرَك هو السابق، وهذا الشيخ الكبير بلغ هذا السن قبل فرض الحج، ففريضة الحج أدركت هذا الشخص بعد أن كبر أدركته حال كونه شيخاً كبيراً، لا يثبت على الراحلة، فدل على أن مجرد وجود الزاد والراحلة لا يكفي في وجوب الحج بالنفس، بل لا بد أن يكون ممن يثبت على الراحلة، في بعض الروايات إن شددته خشيت عليه، الآن الشخص الذي لا يثبت على الراحلة كيف يشد؟ يحتاج إلى شد مثل شد العفش، شخص ما يثبت مثل العفش، وإذا شد مثلما يشد العفش يخشى عليه، فمثل هذا تقول: أفأحج عنه؟ قال: نعم، يعني وضع السيارات يختلف عن وضع الرواحل، مهما ثبت المركب على الراحلة إلا أنه عرضة لأن يتخلخل فيسقط من عليه، إذا كان لا يثبت، في أول الأمر أول ما جاءت المراكب المريحة من السيارات وغيره، كان كثير من الناس لا يستطيع الركوب، والسفر على السيارة، يتصور هذا ولا ما يتصور؟ يدوخ من ركوب السيارة؛ لكن الآن صار عادي، أفأحج عنه؟ قال: ((نعم)) يعني مع وجود الزاد والراحلة تحج عنه، وذلك في حجة الوداع، فالحج على المكلف الذي لا يستطيعه مجزئ إذا كان ميئوساً من الاستطاعة، ويحج عنه إن وجد من يتبرع من يحج عنه من أهله أو من غيرهم، وإلا فمن ماله؛ لأن هذا حق الله ودين الله، كما سيأتي في الحديث الذي يليه، فإذا تبرع الابن أو البنت

فالحج يقبل النيابة ويصح حج المرأة عن الرجل، كما في هذا الحديث، ويصح حج الرجل عن المرأة في بعض الروايات: إن أمي نذرت قال: رجل أمي نذرت أفأحج عنها؟ قال: ((نعم)) كما سيأتي فيصح حج الرجل عن المرأة والمرأة عن الرجل، ولا فرق، وهما أمام التكليف في هذه العبادة سيان، فإذا كان الشخص المكلف لا يثبت على الراحلة صار ذلك له عذر في النيابة، والحج كما ذكرنا يقبل بالنيابة، فقال: ((نعم حجي عنه)) في بعض الروايات أن السائل رجل والمسئول عنه امرأة، في بعض الروايات فيحمل هذا على تعدد القصة إذا كان الحج يقبل النيابة، وهنا النيابة مع وجود الحاجة إليها، وهذا في حج الفريضة، حج الفريضة الأصل أن يباشرها الإنسان بنفسه، يباشر الفريضة إذا كان لا يستطيع ينيب غير الفريضة، يعني إذا حج أحد عن أحد في فريضة ما أجزأ إلا إذا كان عاجزاً عنها؛ لكن في غير الفريضة حج حجة الإسلام، ويستطيع أن يحج فناب عنه أحد أولاده فحج عنه، يعني هذه مسألة مسألة الباب فيمن لا يستطيع الحج في الفرض يحج عنه في النفل، وهو لا يستطيع يعني من باب أولى إذا كان لا يستطيع والمسألة نفل فإذا جاز في الفريضة جاز في النافلة، إذا كان يستطيع في الفريضة لا يجوز النيابة، وفي النافلة هل يحج عنه ولا ما يحج عنه؟ طالب:. . . . . . . . .

نافلة، الأب حج مراراً وقال: هذه السنة سأرتاح، حج عني يا فلان، أو قال: أحج عنك يا أبي يقبل وإلا ما يقبل مع القدرة؟ عند الحنابلة والحنفية النفل فيه سعة يقبل النيابة المطلقة؛ لأن النفل مبني على التوسعة، الناس الآن ينيبون في الحج؛ لأنه يوجد ناس يحجون بأجور زهيدة جداً، طلاب مغتربون في مكة مثلاً بإمكانه أن يحج عنك أو عن أبيك أو عن من شئت بثلاثمائة ريال، عمرة في رمضان مائة ريال، حاصل هذا، بمائة ريال عمرة في رمضان، فهل نقول: أن هذا فيه سعة باعتباره نفل، وفضل الله واسع، ونتعرض لهذه النفحات ما دام الإنسان حج الفريضة ويريد الثواب، فهل نقول: مثل ما يقول الحنفية والحنابلة بأن الأمر فيه سعة، وأصل الحج الفريضة يقبل النيابة، فكيف بالنافلة؟ أو نقول: ندور مع النصوص؟ العاجز يناب عنه، غير العاجز يتولى العبادة بنفسه لأنه إيش البديل إذا قلنا: ما يقبل النيابة؟ البديل لا شيء، نعم إما أن تدفع هذا المبلغ الزهيد ليحج عنك أو عن أبيك أو يعتمر عنك أو عن أبيك في رمضان أو لا شيء، جالس أنت، ليس بالخيار أنك تحجج عنك أو تحج بنفسك بالأشكال أفضل، فمن رأى أن النفل مبناه على التوسعة، وأن الأصل في هذه العبادة أنها تقبل النيابة أجاز ذلك، ومنهم من قال: أن النيابة جاءت عند العجز عنه عن القيام بالعمل فهي تبقى النيابة وهي على خلاف الأصل فيما ورد فيه النص، منهم من يرى أن هذه العبادة كالصلاة لا تقبل النيابة أصلاً حتى مع العجز، ولا يجزئ أحد يحج عن أحد، كما أنه لا يجزئ أن يصلي أحد عن أحد، وأن ما حصل في هذا الحديث خاص بصاحبة القصة؛ لكن الأصل عدم الخصوصية، وإن جاء زيادة بلفظ: ((حجي عنه، وليس لأحد بعدك)) لأن إسنادها ضعيف، يعني لو صحت هذه الزيادة لصارت نصاً في الباب، ولا اجتهاد لأحد مع النص؛ لكنها ضعيفة، فمن رأى أن المسألة فيها سعة في النفل وأراد أن يبر بوالديه ويحج عنهما أو يحجج عنهما فالأمر -إن شاء الله- فيه سعة.

وعنه -رضي الله عنه- أن امرأة من جهينة جاءت إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقالت: إن أمي نذرت أن تحج فلم تحج حتى ماتت، أفأحج عنها؟ قال: ((نعم حجي عنها، أرأيت لو كان على أمك دين أكنت قاضيته اقضوا الله فالله أحق بالوفاء)) [رواه البخاري].

يقول: وعنه يعني ابن عباس -رضي الله عنهما- أن امرأة من جهينة جاءت إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- فقالت: إن أمي نذرت أن تحج ولم تحج حتى ماتت، أفأحج عنها؟ قال: ((نعم حجي عنها)) العبادات الواجبة إما أن يكون وجوبها بأصل الشرع كالفرائض التي افترضها الله -جل وعلا- على عباده، أو تكون مما أوجبها الإنسان على نفسه، ومضى الكلام على هذه المسألة في الصيام ((من مات وعليه صوم صام عنه وليه)) وعرفنا أن القول المرجح أنه في صيام النذر؛ لأنه جاء في بعض الروايات ((من مات وعليه صوم نذر)) فما أوجبه الإنسان على نفسه يقبل النيابة، ما وجب بأصل الشرع لا يقبل النيابة، أمي نذرت أن تحج ولم تحج حتى ماتت أفأحج عنها؟ والحديث السابق وجبت بأصل الشرع؛ لأنها قالت: إن فريضة الله، فهل نقول: أن النيابة في الحج أوسع منها في الصيام، كما أن النيابة في الصيام أوسع من الصلاة؟ وماذا عن الزكاة؟ لو وجبت زكاة على شخص فتبرع أحدهم بإخراجها عنه تبرأ ذمته أو لا تبرأ؟ نعم، وأما العباس فهي علي ومثلها، الصلاة لا يصلي أحد عن أحد، هي أضيق العبادات في النيابة، يليها الصيام ((من مات وعليه صوم صام عنه وليه)) وفرق العلماء بين ما وجب بأصل الشرع، وما أوجبه الإنسان على نفسه، فجعلوا ما وجب بأصل الشرع مثل الصلاة وإن حمله بعضهم على إطلاقه؛ لكن شيخ الإسلام حمله على النذر، كما جاء في بعض الروايات هو الموافق للقواعد الشرعية، ثم الحج أوسع من الصيام، فالفريضة تقبل النيابة عند العجز والنفل الذي هو النذر والنذر، كما في هذا الحديث قالت: إن ِأمي نذرت أن تحج ولم تحج حتى ماتت أفأحج عنها؟ قال: ((نعم حجي عنها، أرأيت لو كان على أمك دين أكنت قاضيته؟ اقضوا الله فالله أحق أن بالوفاء)) فديون الله كالنذور والكفارات تجب على المكلف، وتجب في ماله إذا مات قبل إخراجها، ولذا ينص أهل العلم في الحقوق المتعلقة بتركة الميت خمسة يقولون: الأول مئونة التجهيز، والثاني: الديون المتعلقة بعين التركة، كالديون التي فيها رهن لأعيان التركة، أو لبعضها، الثالث: الديون المطلقة، سواء كانت لله -جل وعلا- كالكفارات والنذور، أو كانت للمخلوقين، والخلاف بين أهل العلم أيهما مقدم إذا

كان الدين لمخلوق أو لله -جل وعلا-؟ هنا يقول: ((اقضوا الله فالله أحق بالوفاء)). طالب:. . . . . . . . . كيف؟ يعني مبني على المسامحة، وحق المخلوق مبني على المشاحة؛ لكن ما معنى قوله: ((اقضوا الله فالله أحق بالوفاء)) نعم هذا دين ثبت على هذه المرأة، هذا النذر يعني عموم النصوص تدل على أن حقوق العباد مبنية على المشاحة، وأنه لا بد من أدائها بخلاف حقوق الله -جل وعلا- مبنية على المسامحة، هذا الذي يجعل الأكثر على أن حقوق العباد عند ضيق التركة عن وفاء الجميع تقدم، ومنهم من يأخذ من قوله: ((فالله أحق بالوفاء)) تقديم الحقوق الإلهية على الحقوق الآدمية، مسألة مفترضة في الشخص نذر أن يعتق رقبة، وهو مدين بمبلغ يساوي قيمة الرقبة، وقد ترك من المال بقدر هذا الدين فقط، أو بقدر رقبة فقط، هل نقول: هذا الذي تركته يشترى به رقبة وتعتق أو نقول: يسدد به الدين؟ يعني مقتضى قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((اقضوا الله فالله أحق بالوفاء)) أحق أفعل تفضيل، يعني أولى بالوفاء من حقوق الآدميين؛ لأنه نص على الدين، والدين للآدمي، ((أرأيت لو كان على أمك دين أكنت قاضيته؟ اقضوا الله، فالله أحق بالوفاء)). طالب:. . . . . . . . .

يعني الحث، الحث بالمسارعة مسارعة بإبراء الذمة، افترض أن شخص نذر أن يحج، وما تبرع أحد من ورثته أن يحج وترك ماله، هل نقول: هذا النذر من ماله يعطى من يحج عنه وإلا ما يعطى من تركته؟ نعم من تركته، لو افترضنا أن الحجة مثلاً بألف وهو مدين بألف، وقد ترك ألف، ماذا نقول في هذا؟ يحج عنه أم يسدد الدين؟ مقتضى قوله: ((فالله أحق بالوفاء)) أفعل تفضيل، يعني أحق من الدين الذي ذكر في النص مقتضاه أن يقدم الحج على دين الآدمي فهو دين الله، وقال بهذا بعض العلماء استدلالاً بمثل هذا الحديث، والجمهور على أن دين الآدمي مقدم؛ لأنه مبني على المشاحة، وجاء أن من السجلات ما لا يقبل الغفران وهو حقوق الآدميين، والشهادة والقتل في سبيل الله يكفر كل شيء إلا الدين، نعم المقصود أن حقوق الآدميين مبنية على المشاحة، فهي مقدمة عند الأكثر، وقوله: ((فالله أحق بالوفاء)) هذا من أجل المبادرة بقضاء حقوق الله -جل وعلا-، وعدم التسامح فيها؛ لأن بعض الناس إذا كان الشيء لله قال: الله غفور رحيم، ويتسامح ويترك، الله -جل وعلا- غفور رحيم؛ لكن هو أيضاً شديد العقاب، وجاء مثل هذا النص لتأكيد الوفاء بالنسبة لحقوق الله -جل وعلا-. ((أرأيت لو كان على أمك دين أكنت .. )) فيه استعمال للأقيسة، وضرب الأمثلة، فالأمثال جاءت في النصوص {وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ} [(43) سورة العنكبوت] عني أهل العلم عناية فائقة، وألفوا فيها المؤلفات، وعلى طالب العلم أن يعتني بها؛ لأن فيها العبر، وبها يتضح المقال، الله -جل وعلا- ضرب الأمثلة {إِنَّ اللَّهَ لاَ يَسْتَحْيِي أَن يَضْرِبَ مَثَلاً مَّا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا} [(26) سورة البقرة] ضرب المثال بالبعوض وبالذباب وبالعنكبوت وبغيرها، والمقصود أن الأمثلة لها شأنها، ولذا جاء قوله -جل وعلا- {وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ} [(43) سورة العنكبوت] فعلى طالب العلم أن يعنى بها، وفيه أيضاً إشارة إلى شرعية القياس، وأنه مأخذ شرعي، ومسلك شرعي لتقرير الأحكام، وعليه جماهير أهل العلم، خلافاً لأهل الظاهر.

وعنه -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أيما صبي حج ثم بلغ الحنث فعليه أن يحج حجة أخرى، وأيما عبد حج ثم أعتق فعليه حجة أخرى)) رواه ابن أبي شيبة والبيهقي، ورجاله ثقات، إلا أنه اختلف في رفعه، والمحفوظ أنه موقوف.

يقول: وعنه عن ابن عباس قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أيما صبي حج ثم بلغ الحنث)) الحنث: الإثم، والمقصود أنه بلغ مبلغاً يكتب عليه الإثم، إذا عصى ويكتب له الأجر إذا أطاع، إذا بلغ الحنث فعليه أن يحج حجة الوداع؛ لأن تلك الحجة التي حجها قبل أن يكلف هي نافلة إتيانه بها على سبيل التمرين، فلا تجزئ عن حجة الإسلام، ((وأيما عبد حج ثم أعتق فعليه أن يحج حجة أخرى)) كذلك ليس بمطالب بالحج أثناء الرق، فإذا حج كان كالصبي الذي يحج قبل أن يطالب بالفريضة، يقول: رواه ابن أبي شيبة والبيهقي ورجاله ثقات، إلا أنه اختلف في رفعه، والمحفوظ أنه موقوف، ابن حجر صححه مرفوعاً وموقوفاً، صححه في التلخيص مرفوعاً وموقوفاً، وهنا قال: المحفوظ أنه موقوف، ما الذي يقابل المحفوظ؟ الشاذ، يعني رفعه شاذ، رفعه إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- شاذ، والمحفوظ أنه موقوف من كلام ابن عباس؛ لكن هل للاجتهاد في مثل هذا مدخل أو ليس للرأي فيه مجال؟ فيه مجال، بمعنى أن ابن عباس يجتهد ويرى أن الصبي الذي حج نافلة لا تجزئه عن الفريضة، كمن صلى قبل العصر أربعاً وجاء بها بسلام واحد، فأعجله رفقته قال: تكفينا هذه عن الفريضة، تكفي وإلا ما تكفي؟ ما تكفي، الفرض لا يتجه إلى غير المكلف بالنسبة للصبي ظاهر في كون حجه نفل قبل التكليف؛ لكن العبد إذا حج قبل أن يعتق هو مكلف صلاته فريضة، صيامه فريضة، ما المانع أن يكون حجه فريضة؟ ويكون كمن لا يجب عليه الحج لعدم استطاعته؟ الفقير إذا حج هو لا يجب عليه الحج؛ لكن إذا حج يجزئ عن حجة الإسلام وإلا ما يجزئ؟ تجزئ عن حجة الإسلام، ما الفرق بين هذا الفقير الذي لا يستطيع الحج فحج تسقط عنه حجة الإسلام، العبد إنما لم يجب عليه الحج بناء على حقوق سيده، وأذن له سيده، وحج مع كون الحج لا يجب عليه هو بعدم المستطيع من المكلفين أشبه منه بالصبي؛ لأن الرقيق قلم التكليف يجري عليه مكلف، صلاته فريضة، صيامه رمضان فريضة؛ لكن الحج هل يلحق العبد هذا بالصبي، أو يلحق بغير المستطيع من المكلفين؟ نعم هو بغير المستطيع أشبه، ومثل هذا يسمى قياس الشبه، إذا تردد فرع بين أصلين، فإذا صححناه موقوف عن ابن عباس، كما وهو مقتضى صنيع

الحافظ هنا قلنا: أن ابن عباس اجتهد، ورأى أن العبد مثل الصبي، فالصبي لا يختلف أحد في أن هذه الحجة لا تجزئه عن حجة الإسلام؛ لكن العبد في اجتهاد ابن عباس وهو المحفوظ لأنه موقوف عليه في اجتهاده أنه كالصبي، فرأى أنه بالصبي أشبه؛ لكن من قاسه على المكلف غير المستطيع، ورأى أنه به أشبه قال: إذا حج حال رقه أجزأه عن حجة الإسلام، ومن صححه مرفوعاً وموقوفاً قال: ما دام صح مرفوعاً لا مجال للاجتهاد، وعليه حينئذ أن يحج مرة أخرى، ولذا قال: ((وأيما عبد حج ثم أعتق فعليه أن يحج مرة أخرى)) وابن خزيمة وغيره صححوا أنه موقوف، يقول ابن خزيمة: الصحيح أنه موقوف، وهنا يقول ابن حجر: والمحفوظ أنه موقوف. جاء في المراسيل لأبي داود من طريق محمد بن كعب القرظي أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((أيما صبي حج به أهله فمات أجزأت، فإن أدرك فعليه الحج)) ومثله قال في العبد، هذا في المراسيل عند أبي داود، والشافعي خرج مثله عن ابن عباس، يعني مثل ما عند أبي شيبة، يقول ابن تيمية: والمرسل إذا عمل به الصحابة صار حجة اتفاقاً؛ لأن مما يتقوى به المرسل عمل الصحابة، المرسل المرفوع إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- الخلاف في قبوله معروف. ورده جماهر النقادِ ... للجهل بالساقط في الإسنادِ والشافعي وضع لقبول المراسيل شروط منها: أن يثبت مرفوعاً موصول، ومنها: أن يروى مرسلاً عن رجال غير رجال المرسل الأول، ومنها: أن يعمل به عوام أهل العلم، أو يفتي بمقتضاه بعض الصحابة، وهنا أفتى به ابن عباس، فخبر ابن عباس الموقوف المحفوظ إذا أضيف إلى مرسل محمد بن كعب القرظي المرفوع المرسل يتقوى به هكذا، قال شيخ الإسلام -رحمه الله تعالى- فإذا ثبت فلا كلام لأحد، والقياس في مقابل النص فاسد الاعتبار لأننا قسناه على المكلف غير المستطيع فإن ثبت الخبر مرفوعاً فلا مجال للقياس، ولا اعتبار له، يسمونه فاسد فاسد الاعتبار؛ لأنه في المقابل نص، وإن لم يثبت المرفوع وكان من اجتهاد ابن عباس، ورأى ابن عباس أن العبد أشبه بالصبي إذا حج قبل أن يكلف فهذا اجتهاده، ولغيره اجتهادهم.

وعنه -رضي الله عنه- قال سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يخطب ويقول: ((لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم، ولا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم)) فقام رجل وقال: يا رسول الله إن امرأتي خرجت حاجة، وإني اكتتبت في غزوة كذا وكذا، قال: ((انطلق فحج مع امرأتك)) متفق عليه، واللفظ لمسلم.

وعنه -رضي الله تعالى عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يخطب ويقول: ((لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم)) لأنه ما خلا رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما، لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم، فلا تجوز الخلوة بحال مهما كان العذر، ومهما كان السبب، وما يتعذر به الناس من ادعاء الحاجة سواء كانت الخلوة في البيوت، كما يفعله بعض الشباب مع الخادمات، أو يفعله بعض النساء مع الخدم في البيوت، هذا خطر عظيم، كم من كارثة حصلت بسبب هذه الخلوة، من الخلوة أيضاً أن ينفرد السائق بالمرأة في السيارة، وبعضهم يقول: أن السيارة ليست خلوة، هي خلوة، والوقائع التي يندى لها الجبين تقرر ذلك، ويتسامح كثير من الناس، تذهب المرأة إلى المدرسة مع السائق وحدها، ثم يحصل ما يحصل، يذهب بها إلى المستشفى وحصل ما حصل، ومع الأسف الشديد أن يذهب السائق بالمرأة إلى المسجد، حضور درس، أو محاضرة، أو لصلاة التهجد في العشر الأواخر من رمضان، ويحصل ما يحصل، تساهل الناس في هذا الباب، وإن قال من قال: أن الثقة موجودة، وثقتنا بنسائنا، لا ما فيه ثقة أبداً، ما فيه ثقة بين رجل أجنبي وامرأة إطلاقاً؛ لأن هذه النصوص قيلت لمن؟ لأفضل القرون، ومعلوم أنه لا يأتي زمان إلا والذي بعده شر منه، فكيف نقول: ثقتنا بنسائنا وبناتنا؟ كيف والرسول -عليه الصلاة والسلام- يقول: ((ما خلا رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما))؟ وللأسف أن يتبنى بعض طلاب العلم من يقول مثلاً الحمد لله الآن السيارة ما هي بوحدها في الشارع، كيف ما هي بوحدها في الشارع؟ لكن هو والمرأة وحدهما في هذا الظرف، في هذا الحيز، يتكلم بما شاء لا يسمعه أحد، والذي يقول مثل هذا الكلام بمعزل تام إن كان صادق النية عما يحدث ويقع في الأسر من خلال المخالفات الشرعية، وهي عقوبات يجرها شؤم المخالفة للنصوص الشرعية، لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم، ذو محرم هو زوجها، أو من تحرم عليه على التأبيد، من أب، أو أخ، أو عم، أو خال، أو ما أشبه ذلك، هذا المحرم، إذا نظرنا إلى المحرم ومعها ذو محرم لها، لا بد من تقدير جار ومجرور إلا ومعها ذو محرم، هل نتصور أنه محرم له أو محرم لها؟ يعني إذا كان

السائق معه زوجته، والمرأة راكبة معهم، هل نقول: معها ذو محرم؟ يعني محرم له، أو المقصود محرم لها؟ الفرق بين هذه المسألة والمسألة التي تليها ((ولا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم)) ما هو الفرق بينهما؟ أنه في المسألة الأولى يلاحظ أهل العلم مسألة الخلوة، (لا يخلون) وهذا الوصف الذي هو الخلوة يرتفع بوجود طرف ثالث، يعني إذا لاحظنا اللفظ: ((لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم)) قال: إن الخلوة ترتفع بوجود طرف ثالث، طيب إذا قلنا: بوجود طرف ثالث، وأن الخلوة إذا لم تكن بين اثنين فقط فلا بأس بها، يعني إذا وجد اثنين مثلاً سائق يريد يودي البنت للمدرسة، وقال لسائق الجيران: والله الآن أخو البنت هذا ليس موجود اليوم تعال معي نودي البنت يكفي؟ ثلاثة هم السائق سائق الأسرة، المحرم محرم البنت أخوها الذي يروح مع السائق يومياً ما هو بحاضر اليوم، أو مريض، قال هذا السائق لسائق الجيران: تعال على أساس ترتفع الخلوة نمشي مع النص تحليل؛ لأن عندنا إلا ومعها ذو محرم من أهل العلم من يقول: الملحوظ الخلوة، فمسألة السفر غير، لا بد من المحرم؛ لكن في الحضر هل المحظور أكثر من الخلوة أو الخلوة فقط؟ الخلوة ترتفع بوجود طرف ثالث، إذا قلنا: أن الشيطان ثالثهما وجد ثالث ما فيه مجال للشيطان، فقال لسائق الجيران: تعالى على أساس ما تصير خلوة، ومثل هذا إذا قال لزوجته مثلاً: نريد أن نرفع الخلوة، أو أخت البنت هذه، أو أم البنت يكفي وإلا ما يكفي؟ أو لا بد من محرم لها، والمحرم هو زوجها ومن تحرم عليه على التأبيد؟ وهل يرفع الخلوة غير المكلف صبي وإلا صبية وما أشبه ذلك؟ يعني عندنا مسألتان: مسألة من غير سفر، والمسألة الأخرى مع السفر، السفر لا يجوز بحال إلا مع محرم، ولو كان ألف امرأة، لا يجوز أن تسافر المرأة إلا مع ذي محرم لها، أما بالنسبة للحضر فالمحظور الخلوة، إذا ارتفعت هذه الخلوة انتهى الإشكال، هذا ما يقرره كثير من أهل العلم؛ لكن يبقى أن حرفية الخلوة منعت من أجل ماذا؟ من أجل وجود الفتنة، لو وجد اثنين كلهم من ذئاب البشر، نقول: يجوز يروحون بهذه البنت ويجيبونها؟ لا، أبداً، يعني مع وجود مظنة الفتنة لا يجوز بحال ولو ارتفعت الخلوة، طيب

هل مفاد هذا الخبر أن للناس أن يتساهلوا؟ الآن إذا وجدت الأسرة في مكان وعندهم الخادمة تخدمهم بما فيهم من رجال وشباب ومراهقين وغيرهم، هل نقول: الآن ما فيه خلوة إذاً تخدم المرأة بكل راحة وبكل حرية، أو نقول: السائق يدخل البيت ويخرج كواحد من أفراد الأسرة؛ لأن ما فيه خلوة، المحظور من الخلوة، نقول: أن التساهل في مثل هذه الأمور يجر إلى أمور لا تحمد، وإلى مصائب وكوارث وإلى تشتيت للأسر، ويكون منع مثل هذه التصرفات من باب سد الذرائع، وقطع دابر الفساد، وعلى هذا لا يكفي أن يقال: يأتي رجلان ليذهبا بامرأة؛ لأن الخلوة ارتفعت لا، والاحتمال والشيطان أيضاً لا شك أنه مثل ما يسول ويوسوس للواحد يسول ويوسوس للثاني، فلا بد من محرم ليحفظ هذه البنت، يتساهلون في زوجة السائق، ويقولون: أنها تغار عليه أكثر مما يغار عليه رجل الحسبة، غيرة ليست لله، يعني إذا كان السائق معه زوجته يتسامحون في هذا كثيراً، الأم والأخت ما يعنيهما الأمر مثل ما يعني الزوجة، الزوجة تغار عليه غيرة كبيرة، فيجعلون الزوجة ترفع الخلوة، ويتسامحون في مثل هذا، وهذا له وجه، يعني لو سائق معه زوجته يوصل ويجيب داخل البلد الأمر فيه سعة؛ لكن إذا وجد أكثر من شخص ممن يخشى منهم الشر مثل هؤلاء لا شك أنهم لا يدخلون في ارتفاع الخلوة في أكثر من واحد؛ لأن الفتنة موجودة، وإذا خشيت الفتنة وإذا هناك مظنة لفتنة لا يجوز ولا للمحرم أن يخلو بالمرأة، إذا وجدت فتنة بين أخ وأخته يجوز أن يخلو بها؟ لا يجوز وهي أخته، إذا وجد فتنة بين رجل وأمه أو بنته لا يجوز أن يخلو بها، هذا أمر مفروغ منه فكيف إذا وجدت فتنة بين رجل وامرأة؟ ولو وجد من يدعى أنه يرفع الخلوة، فمدار الأمر كله وملاكه على وجود الفتنة، ويبقى التمسك أيضاً بحرفية النص، واحترام النص، قد يقول قائل: هذا شخص كبير السن لا حاجة له بالنساء، تعطلت منافعه من هذا الباب، يذهب بالمرأة ويخلو بها؟ طالب:. . . . . . . . . نعم لكن إذا كان من التابعين من غير أولي الإربة لو افترضنا عنين أو مجبوب، عنين أو مجبوب، نقول: يسافر بهذه المرأة؟ لا يسافر بها، يخلو بها؟ طالب:. . . . . . . . .

نعم ما فيه غير ال. . . . . . . . .، فيه أمور ثانية يا إخوان فيه، فيه يا إخوان، مسألة هذا الباب يجب على المسلم أن يحتاط له أشد الاحتياط؛ لأنه إذا وقعت الكارثة والمصيبة ... هذا يطلب تحديد موعد لإنهاء الدرس والإعلان عنه، كم تبغون مدة الدرس؟ ثمان ونصف؟ لأنه يقول: فيه ناس مرتبطين بمواعيد، وناس أيضاً بالموضوع الي تحدثنا عنه، لهم ناس يجيبونهم ويردونهم؛ لكن نرجو أن لا يكون هناك خلوة.

((ولا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم)) مع ذي محرم، يعني لها، وإن كان في بعض المذاهب يرون أن المحرم لا يمنع أن يكون سواء كان له أو لها، ولذا يجيزون للمرأة أن تسافر مع جمع من النساء معروف عند الشافعية، وليس كل قول يقول به إمام يكون راجحاً، بل قد يكون لا حظ له من النظر؛ لأنه يؤثر عن سعيد بن جبير: أنه لها أن تسافر مع مسلم ثقة، يعني إذا قلنا: بهذا القول ماذا تركنا لهذا النص؟ ما تركنا له شيء، ((ولا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم)) تسافر سفر مطلق، أي شيء أي سفر، يمكن أن يقال له: سفر، والسفر أصله من الإسفار، ومثله السفور، وهو البروز والخروج عن البلد، هذا الأصل فيه، وجاء تحديده بيوم وليلة، وجاء تحديده بيومين، وجاء تحديده بثلاثة، وجاء الإطلاق، فدل على أن العدد ليس بمراد، مجرد ما يسمى سفر، لا يجوز أن تسافر المرأة إلا مع ذي محرم لها، ولو كثر الرفقة، وعلى هذا الذين يسافرون بالمدرسات إلى البلدان والقرى عليهم أن يتقوا الله -جل وعلا- أن لا يسافروا بامرأة إلا ومعها محرم لها، وهو زوجها أو من تحرم عليه على التأبيد، ولا بد أن يكون المحرم نبيه مكلف؛ لأن غير المكلف وغير النبيه يمكن خداعهم، وهل يشترط أو يكون مبصراً أو يكفي ولو كان أعمى؟ اشترط بعضهم البصر، وبعضهم قال: بعض العميان لا شك أنهم أنبه من كثير من المبصرين، فهذا الشرط لا يوجد ما يدل عليه؛ لكن إذا خشيت الفتنة معروف ما هو الحكم، فلا يكون المحرم مغفل ينزل ويذهب ويروح ويجي ويترك موليته التي من أجلها سافر مع الأجنبي، الأسفار التي هي في عرف الناس وجرت العادة بأنها قصيرة الزمن كالسفر بالطائرة، بعضهم يتسامح في هذا، يقول: يا أخي هو سفر ساعة ما يضر، ومع جمع من الناس، ما يحتاج، المحرم يوصلها المطار، وإذا دخلت باب الطيارة سهل -إن شاء الله- ما عليها شيء، تصل إلى المكان الثاني المطار الثاني المحرم أيضاً ينتظرها، وإذا أردنا بعد هذا أن نتوسع في الأمر قلنا: من البلد إلى المطار ليس بسفر ما يحتاج محرم، تذهب مع جمع من النسوان، وتركب الطائرة لأن الزمان يسير، ومثله في المطار الثاني ما فيه سفر، والأمور يجر بعضها بعضاً إلى أن نتنازل عن قيمنا وأخلاقنا، الآن

الطائرة أقلعت من مطار الدمام تريد الرياض مثلاً بنصف ساعة، حالة المؤثرات عن نزول الطائرة، الجو ما يسمح بأن تنزل الطائرة في مطار الرياض، قالوا: حائل، يحصل وإلا ما يحصل؟ حصل كثير هذا، حصل في القطار، يودع المحرم في محطة القطار وتركب للرياض، ومع جمع غفير من النساء الفتنة مأمونة، وتعطل القطار في آخر الشهر في ظلام دامس، في شدة الحر قال: اخرجوا؛ لأن داخل القطار متعطل وحر شديد، اخرجوا، هل هذا تؤمن فيه الفتنة؟ والأعراض مما يجب حفظها، وحفظها من الضرورات، فالتساهل في مثل هذا لا شك أنه يجر إلى ويلات وكوارث، يعني حالت المؤثرات عن هبوط الطائرة في المكان، ونزلت في مكان آخر تؤمن عليها الفتنة، الآن ما فيه أيضاً رحلة تريد تنتقل إلى البلد في مثل هذا اليوم، أو مع الاتصالات قالوا: أيضاً إلى الآن الجو ما يسمح، ومكثت يوم أو يومين بمفردها، لا بد من أن نحسب لمثل هذه الأمور حساب، وهو أيضاً سفر، ولو قصرت المدة، والفقهاء ينصون على المسافة ولو قطعها في ساعة، والرسول -عليه الصلاة والسلام- يقول: ((ولا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم)) فقام رجل فقال: يا رسول الله إن امرأتي خرجت حاجة، سفر عبادة بعض الناس يقول: البنت أو الزوجة تدرس في بلد آخر مائتين كيلو، وأنا والله ما عندي استعداد أعطل أعمالي ومصالحي وأروح أوديها، إما أن تعطل مصالحك أو تعطل مصالحها هي، لا بد من هذا، تريد أن تحوش الدنيا كلها، الأمور لو حسبت حتى بمقاييس الدنيا بموازين الدنيا، امرأة تسافر يومياً –عجوز- تسافر يومياً سبعمائة كيلو، يعني بأي عقل؟ بأي عرف؟ بأي تسافر عجوز مسكينة تروح مع السائق توديها وترجع تسوي الغداء وترجع. . . . . . . . .، مثل هذه الأمور لا بد أن يحتاط لها أشد الاحتياط، قال: يا رسول الله إن امرأتي خرجت حاجة، وإني اكتتبت في غزوة كذا وكذا، هي في عبادة، وهو في عبادة، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((انطلق وحج مع امرأتك)) اترك الغزوة، اترك الجهاد وحج مع امرأتك، هذا أهم، يعني ويش الضرورات التي جاءت الشرائع بحفظها منها: حفظ العرض، وهذا منه، والعرض يخدشه ويدنسه أدنى شيء، وليس بخاص في الشخص نفسه إذا تساهل ضرره يتعدى إليه وعلى

ولده وعلى أصهاره، وعلى أقاربه كلهم، ولذا جاء اهتمام الدين والإسلام على وجه الخصوص بهذا الباب. قال: ((انطلق فحج مع امرأتك)) [متفق عليه واللفظ لمسلم] ومنهم من يفرق نظراً للمعنى مثلاً يقول: إذا كانت المرأة شابة تلفت أنظار الناس فلا بد من محرم، أما إذا كانت عجوز لا يلتفت إليها، ولا تلتفت لها همة الناس مثل هذه يتسامح في حقها، يعني أصل هذا القواعد مثلاً اللاتي لا يرجون نكاحاً هؤلاء أمرهن مخفف؛ لكن لا يعني أنها تسافر بدون محرم، يعني تخفف من حجابها لا بأس؛ لكن لا يخلى بها، لا يجوز الخلوة بها ولو كانت عجوز، ولا يجوز سفرها من غير محرم ولو كانت عجوز، كل صنف من الناس له جنس يريده ويهواه، ومن الناس من سرت في عروقه محبة المعصية، وعاش عليها واستمرأها بحيث صار لا يكف عن شيء، نسأل الله السلامة والعافية، وهذا الباب على وجه الخصوص في الظروف التي نعيشها مع وجود هذه الوسائل التي تؤجج هذه الغريزة، ينبغي أن يزاد في مسألة الحرص على الموليات، سواء كن كبيرات أو صغيرات. طالب: سفر الخادمات بدون محرم؟ ما يجوز، الخادمات مسلمات وهن مطالبات بهذا، وإن كن كافرات فالأمر أشد، لا تسافر امرأة بدون محرم، لكن الشيء الذي حقيقة ابتلي به كثير من الناس أنها إذا جاءت الخادمة أو قال: أنقل كفالتها من الداخل ولا تحتاج إلى سفر من غير محرم، ثم وجدت في البيت لا خلوة ولا سفر ولا شيء، اضطر أن يسافر هو يتركها في البيت وحدها وإلا يسافر بها؟ يجوز وإلا ما يجوز؟ ما معها محرم، معها أهله؟ طالب:. . . . . . . . .

هو الإشكال أننا نرتكب أمور ونبني عليها أمور أخرى، أمور غير شرعية مثل من يسأل شخص عنده عشر مدرسات ينقلهن بباص بمسافة مائتين كيلو، يقول: لا بد أن نخرج قبل صلاة الفجر بساعة، ثم بعد ذلك لا نستطيع أن نقف في الطريق ونصلي الفجر حتى نصل إلى المدرسة، من يأمن أننا نجلس ومعي عشر من النساء يمكن يعتدى عليهم، ويؤخر الصلاة حتى تطلع الشمس، هو يريد جواب شرعي نتيجة صحيحة مبنية على وسيلة الغير صحيحة، يعني ظلمات بعضها فوق بعض، مسألة الخادمات وما ابتلي به الناس، ويتساهلون في هذا الباب، وكون بعض الناس يحتاط ولا يحضرها إلا بمحرم، أو ينقل كفالتها من الداخل، بحيث لا يكون سبباً في ارتكابها المحرم، فيكون شريكاً لها، تأتي مسألة السفر يروحون يسافرون، وفي الصيف يروحون يعتمرون، ويش يسوون يتركونها في البيت وحدها أو عند الجيران أو عند الأقارب؟ مثل ما قال أهل العلم: ارتكاب أخف الضررين، كونها معه ومع نسائه وأولاده أحفظ لها من كونه يتركها عند غيره؛ لكن أيضاً يبقى في النفس ما فيه، يبقى مخالفة النص ((لا تسافر المرأة)) فكون الإنسان يرتكب أخف الضررين، ويعرف أنه مخالف، ويتوب ويستغفر من الله -جل وعلا- أسهل من كونه أيضاً يفرط بها، أو يعرضها لما يضر بها، والله المستعان، وكل هذا سببه شؤم المخالفة، شؤم المخالفات. وعنه -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- سمع رجلاً يقول: لبيك عن شبرمة، قال: ((من شبرمة)) قال: أخ أو قريب لي، قال: ((حججت عن نفسك؟ )) قال: لا، قال: ((حج عن نفسك ثم حج عن شبرمة)) رواه أبو داود وابن ماجه، وصححه ابن حبان، والراجح عند أحمد وقفه.

يقول -رحمه الله تعالى-: وعنه -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- سمع رجلاً يقول: لبيك عن شبرمة، قال: ((من شبرمة؟ )) يسأله النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((من شبرمة؟ )) قال: أخ لي، أو قريب لي، فقال: ((حججت عن نفسك؟ )) قال: لا، قال: ((حج عن نفسك ثم حج عن شبرمة)) هذا الحديث مخرج في السنن، وصححه ابن حبان، وأيضاً رجح الإمام أحمد رفعه، في رواية ابنه صالح، وهنا يقول: الراجح عند أحمد وقفه، فثبت عنه تصحيحه مرفوعاً، وثبت عنه أيضاً ترجيح الوقف، ولا يمنع من صحة الرفع والوقف؛ لكن بهذا السياق، يعني ابن عباس سمع رجلاً يقول: "لبيك عن شبرمة" هذا مقتضى الوقف مقتضى ترجيح الوقف أن ابن عباس سمع رجلاً يقول: "لبيك عن شبرمة" فقال: ((من شبرمة؟ )) قال: أخ لي أو قريب، بهذا السياق، ومقتضى تصحيح الرفع أن النبي -عليه الصلاة والسلام- سمع رجل يقول: "لبيك عن شبرمة" يعني هل نقول: أنها قصة واحدة أو أكثر من قصة؟ قصة واحدة، ثبتت مرفوعة للنبي -عليه الصلاة والسلام- أو موقوفة؟ إما هذا أو هذا، أو نقول: هما قصتان إحداهما ثبتت مرفوعة إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- والأخرى ثبتت موقوفة على ابن عباس؟ أو نقول: الأصل أنها مرفوعة، وبعض من روى الخبر قصر بها فوقفها؟ أو نقول: هي قصة واحدة، والأصل أنها موقوفة، وهذا من كلام ابن عباس، ثم بعض الروايات جرى بها على الجادة، فرفعها إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-؛ لأنه في رواية صالح حكم الإمام أحمد أنه مرفوع، وهنا يقول: الراجح عند أحمد وقفه، هل نقول: أن الإمام أحمد ثبت عنده أنه مرفوع، وثبت عنده أنه موقوف؟ طالب:. . . . . . . . .

القصة واحدة، القصة واحدة وإلا أكثر من قصة؟ يعني بهذا السياق الذي يغلب على الظن أنها قصة واحدة؛ لكن المرجح عند أحمد الوقف، كما قال المؤلف، مع أنه ثبت في رواية صالح أنه صحح المرفوع، يعني أحمد -رحمه الله-، فهل نقول: أن هذه القصة رويت من طريقين طريق مرفوع وطريق موقوف؟ وكلاهما صحيح ثابت عند أحمد، فيكون من رواه مرفوعاً بناء على الأصل، ومن بناه موقوفاً قصر به فجعله من قول ابن عباس؟ يعني نظير ما جاء في رفع اليدين بعد الركعتين، بعد التشهد الأول، المرجح عند البخاري الرفع، ولذا خرجه مرفوعاً، المرجح عند الإمام أحمد الوقف، ولذا لم يقل به، وليس من مواضع الرفع عنده بعد الركعتين، هذا يتصور أنه يثبت عن النبي -عليه الصلاة والسلام- كما فعل البخاري، ويتصور أن يثبت عن ابن عمر موقوفاً عليه؛ لكن قصة بهذا السياق: "لبيك عن شبرمة" ((من شبرمة؟ )) أخ لي إلى آخره، يعني هل هذا من الأسماء المطروقة شبرمة، أو من الأفراد؟ نعم يندر أن يتفق في التسمية على هذا بمثل هذه القصة وبهذا السياق؛ لكن هذه القصة الواحدة رويت من طريقين أحدهما مرفوع، والثاني موقوف، وفي هذا ما يسمى عند طلاب العلم تعارض الوقف والرفع، وإذا تعارضا فهي مسألة خلافية بين أهل العلم، منهم من يقول: العبرة بالرفع؛ لأن من رفع معه زيادة علم، ومنهم من يقول: لا العبرة بالوقف؛ لأن الوقف متيقن، ذكر ابن عباس متيقن، متفق عليه، ذكره من رفع ومن وقف؛ لكن ذكر النبي -عليه الصلاة والسلام- مختلف فيه، والأصل عدمه، فالمرجح الوقف، ومنهم من يقول: يحكم للأحفظ، ومنهم من يقول: يحفظ للأكثر؛ لكن طريقة الأئمة الكبار أنهم لا يحكمون بحكم عام مطرد، بل يجعلون القرائن ترجح، فمرة القرائن عند الإمام أحمد رجحت الوقف، ومرة رجحت الرفع، وحينئذ يكون له أكثر من قول في هذا الحديث، وعلى كل حال الكلام في الحديث طويل، وهو عمدة من يقول: أنه لا تصح النيابة في الحج ممن لم يحج عن نفسه، وهم جمهور العلماء، خلافاً للحنفية، وهو حديث مختلف فيه، وهو مضعف عند جمع من أهل العلم، يعني رفعه ضعيف، وهو عمدة الجمهور في عدم تصحيحهم النيابة قبل الحج، يقول الإمام أحمد: رفعه خطأ، ويقول ابن المنذر: لا يثبت

رفعه.

إذا أحرم عن غيره كما هنا هل يجزئه هذا الإحرام عن نفسه، أو عليه أن يجدد الإحرام ليحرم عن نفسه؟ يجزئ؛ لأن الإحرام ثابت ثابت، الإحرام التلبية بالحج ثابتة؛ لكن ما الذي تغير؟ نية الدخول في النسك ثابتة ما تغيرت؛ لكن الذي تغير كون هذا النسك لفلان أو فلان، شخص حج نيابة عن شخص عن زيد من الناس قال: هذه ثلاثة آلاف حج عني، فقال في المحرم: لبيك عن زيد، صاحب هذه الدراهم، اتصل زيد بالجوال وقال: والله هذه السنة استخرت أنا حاج الفرض، ومتطوع مراراً، وأنا ما أريدك تحج عني، فكان شخص موجود وقال: هذه ثلاثة آلاف بدالها، هو ناوي للدخول في النسك؛ لكن بدل من أن يحج عن زيد يحج عن عمرو، يصح وإلا ما يصح؟ على مقتضى هذا الحديث؟ أو نقول: أن زيد ليس له أن يرجع باعتبار أن نائبة دخل في النسك فيلزمه الإتمام، الآن عندنا ثلاثة أشخاص زيد وعمرو وبكر، هذا زيد جالس في بلده، دفع لعمرو ثلاثة آلاف، وقال: حج عني، ذهب عمرو لما تلبس بالإحرام قال: لبيك عن زيد، اتصل زيد بعد مدة يسيرة، وقال: والله أنا احتجت الدراهم، ابعثهن لي، حولهن لي، ما أحتاج الحج هذه السنة، فإذا بكر موجود قال: هذه ثلاثة آلاف، هذا التنظير يمشي على الحديث؛ لأن الدخول في نسك هذا الرجل الذي هو عمرو دخل في النسك؛ لكن هل هو عن فلان أو عن فلان هذا الذي تغير مثل ما معنا، هذا دخل في النسك؛ لكن هل هو عن شبرمة وإلا عنه؟ هذا الذي سيتغير هل نقول: أن حكم الوكيل حكم الأصيل؟ الآن الذي أثر في التغير كون الذي دخل في النسك ما حج عن نفسه، فإحرامه عن موكله ليس بصحيح؛ لكن هذا إحرامه عن زيد صحيح ولا مو صحيح؟ صحيح فهل يغير هذا الإحرام إلى بكر ولا ما يغيره؟ أنتم أدركتم الفارق ولا ما أدركتموه؟ الآن هذا شخص ما حج عن نفسه، وكل بالحج وقيل له: ما يجوز أن تحج عن غيرك وأنت ما حجيت عن نفسك، حج عن نفسك ثم حج عن زيد، المسألة التي افترضناها شخص حاج عن نفسه تصح نيابته لأنه حج عن نفسه فقبل النيابة عن زيد بمبلغ معين، ثم لما دخل في النسك: لبيك عن زيد اتصل عليه زيد حول لي المبلغ، أنا محتاج، حج عن نفسك وإلا حج عن غيرك، دبر نفسك، وبكر موجود هذا المبلغ حوله، يعني التنظير مطابق لما معنا أو

غير مطابق؟ غير مطابق، لماذا؟ لأن المانع من النيابة في الصورة الأولى صورة حديث الباب مانع شرعي، يمنع من النيابة أصلاً، هذا ما فيه ما يمنع من النيابة، والنائب له حكم من ينوب عنه، فلا يغيره خلاص، ما دام دخل نائب في النسك لا يجوز له أن يغير ولا يرجع، بالنسبة للنية النية في الحج نية الدخول لا بد منها ركن من أركان الحج؛ لكن التعديل في هذه النية فيه شيء من السعة، ما هو مثل الصلاة أو مثل الصيام، لا، فيه شيء من السعة، بمعنى أنه لو حج أحرم إحرام مطلق، ثم صرفه لما شاء لما وصل إلى البيت أو أحرم بما أحرم به فلان يصح وإلا ما يصح؟ يصح، أحرم بالحج مفرداً، فلما وصل إلى البيت قلبه عمرة، ثم أتى بالحج بعده يصح وإلا ما يصح؟ يصح، فنية الدخول في النسك ركن لا تتغير ولا بد من الإتمام؛ لكن التصرف في هذه النية فيما يتيحه الشرع، أما ما لا يتيحه الشرع فلا، يعني أحرم متمتع، أراد أن يقلبه إلى مفرد، يصح وإلا ما يصح؟ يعني من الأقل إلى الأكمل، هذا ما فيه إشكال، دلت عليه الأدلة؛ لكن العكس ترى بيجينا مسائل كثيرة من مثل هذا النوع؛ لكن شخص أحرم مفرد، فلما أحرم بالحج جاء وقال: لا أنا أريد الأكمل أنا بأحرم بعمرة، أنا أريد أن أحرم بعمرة، أحرم بعمرة؛ لكن لما أنهى العمرة قال: من يلزمني بالحج؟ أنا الآن أتممت النسك وبيرجع، يجوز وإلا ما يجوز؟ أقول: هذا أحرم بالحج أو أحرم قارن، قال: والصورة تصير مطابقة لأمر النبي -عليه الصلاة والسلام- لما أحرم قارن وقدم مكة قيل له: هل معك هدي؟ قال: لا والله ما معي هدي، قلنا: اجعلها عمرة، قال: طيب أجعلها عمرة، لما حل من العمرة قال: الآن الحل كله أريد أرجع لأهلي، أنا لست حج يجوز وإلا ما يجوز؟ طالب: {وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ} [(196) سورة البقرة].

أتم العمرة، والحج ما بعد دخل، ما دخل في الحج إلى الآن، هو لو كان عمله ابتداء أحرم بعمرة ولو كان في نيته أن يحج لو كان ابتداء جاء ليتمتع، فلما أدى العمرة وحل الحل كله، ورأى الزحام الشديد، قال: والله أنا لبست ثيابي برجع إلى أهلي، الحج ما بعد تلبست به، هذا يجوز، هذا ما فيه إشكال، وإن كان في نيته أن يحج لكن هذا الذي قلب الحج إلى عمرة ليبحث عن الأكمل ثم يرجع؟ نقول: لا يا أخي، ومن باب أولى إذا فعل ذلك حيلة، بعض الناس يقولون: ورطنا الحين تلبسنا بالحج وبعدين عشرة أيام على الحج وزحام، خلي عمرة ونرتاح، من باب الحيلة نقول: لا، هذا يعامل نقيض قصده، وعلى كل حال مسائل النية يأتي كثير منها -إن شاء الله تعالى-. وعنه -رضي الله عنه- قال: خطبنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: ((إن الله كتب عليكم الحج)) فقام الأقرع بن حابس فقال: أفي كل عام يا رسول الله؟ قال: ((لو قلتها لوجبت، الحج مرة فما زاد فهو تطوع)) رواه الخمسة غير الترمذي، وأصله في مسلم من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-. وعنه يعني ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: خطبنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: ((إن الله كتب عليكم الحج)) كتب يعني أوجب وفرض، عليكم الحج وللتردد في الأمر هل يقتضي التكرار أو لا يقتضيه؟ ومن باب التأكد قام الأقرع بن حابس فقال: أفي كل عام يا رسول الله؟ قال: ((لو قلتها لوجبت، الحج مرة)) وهذا يدل على أن الأمر لا يقتضي التكرار، ويخرج المكلف من عهدته بأدائه مرة واحدة، إلا إذا دل دليل يقتضي التكرار، هنا قال: ((إن الله كتب عليكم الحج)) فقام الأقرع بن حابس فقال أفي كل عام يا رسول الله قال لو قلتها لوجبت في رواية: ((ولو وجبت لم تقوموا بها)) وفي رواية: ((لما استطعتم)).

((لو قلتها لوجبت، الحج مرة، فما زاد فهو تطوع)) يعني من نعم الله -جل وعلا- على المسلمين أن الحج ليس بكل سنة لا يتكرر مثل الصلاة والصيام، رواه الخمسة، ويقول: غير الترمذي وأصله في مسلم، لفظ مسلم خطبنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: ((يا أيها الناس قد فرض الله عليكم الحج فحجوا)) فقال رجل: أكل عام يا رسول الله؟ فسكت حتى قالها ثلاثاً، فقال: ((لو قلت: نعم لوجبت، ولما استطعتم)) ثم قال: ((ذروني ما تركتكم فإنما أهلك من كان قبلكم كثرة سؤالهم واختلافهم على أنبياءهم)) وفيه: ((إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم، وإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه)) والأسئلة في الأمور التي فيها شيء من السعة الخالية من القيود والشروط لا شك أنها قد تكون سبباً في التضييق، وهذا المحظور إنما هو في وقت التشريع، وأما الاستفصال بعد استقرار الأمر وانقطاع الوحي، الاستفصال من أجل أداء العبادة بيقين على وجهها، هذا مطلوب وفيه {فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ} [(43) سورة النحل] لكن في وقت التشريع احتمال أن هذا كان مباح، ثم يحرم من أجله، وهذا من أعظم الناس جرماً، من سأل عن شيء مباح ثم حرم من أجله، اليهود لما قال لهم موسى -عليه السلام-: {إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُواْ بَقَرَةً} [(67) سورة البقرة] لو ذبحوا أدنى بقرة وجدوها كفت؛ لكن شددوا فشدد عليهم، ولولا أنهم استثنوا ما ذبحوها، {إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُواْ بَقَرَةً} [(67) سورة البقرة] فسألوا عن سنها ما هي؟ لا فارض ولا بكر، سألوا عن لونها؟ صفراء، عاملة وإلا غير عاملة؟ لا ذلول تثير الأرض ولا تسقي الحرث، المقصود أنهم سألوا عن بعض القيود فألزموا بها، ولولا أنهم استثنوا ما ذبحوها، وهي أمة بكاملها، تتردد على طريقة اليهود، على طريقتهم في التلكؤ وعدم القبول، أمة تؤمر بذبح بقرة فذبحوها وما كادوا يفعلون، بعد تردد طويل، وفرق بينهم وبين من يؤمر بذبح ابنه فيتله للجبين، يعني الناس يتفاوتون، فهذه أمة كاملة، الشاهد أن مثل هذه الأسئلة في وقت التشريع لا شك أنها مذمومة، وإنما هلك بنو إسرائيل -أو من قبلنا عموماً- بكثرة سؤالهم، جاء النهي عن ذلك: {لاَ تَسْأَلُواْ

عَنْ أَشْيَاء إِن تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} [(101) سورة المائدة] وأما بعد الاستقرار، استقرار التشريع، وعدم الزيادة فيه بانقطاع الوحي، فلا مانع من الاستفصال لتؤدى العبادة على وجهها. وصلى لله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

كتاب الحج (2)

بلوغ المرام _ كتاب الحج (2) المواقيت وأنواع الأنساك وباب الإحرام وما يتعلق به ... الشيخ/ عبد الكريم الخضير الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على خاتم النبيين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً وبعد: فقد قال الإمام الحافظ ابن حجر في بلوغ المرام: باب المواقيت: عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- وقت لأهل المدينة ذا الحليفة، ولأهل الشام الجحفة، ولأهل نجد قرن المنازل، ولأهل اليمن يلملم، هن لهن، ولمن أتى عليهن من غيرهن، ممن أراد الحج والعمرة، ومن كان دون ذلك فمن حيث أنشأ، حتى أهل مكة من مكة" متفق عليه، وعن عائشة -رضي الله عنها- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- وقت لذات العراق ذات عرق" رواه أبو داوود والنسائي، وأصله عند مسلم من حديث جابر، إلا أن راويه شك في رفعه، وفي البخاري أن عمر هو الذي وقت ذات عرق، وعند أحمد وأبي داود والترمذي عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- وقت لأهل المشرق العقيق. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: باب المواقيت، جمع ميقات، والميقات والتوقيت التحديد، التوقيت التحديد فالميقات ما حدد لهذه العبادة، من زمان ومكان، وهنا يتحدث أو يذكر المؤلف الأحاديث التي فيها تحديد مكان الدخول في النسك، وهناك مواقيت زمانية هذه المواقيت المكانية التي ذكر فيها الحافظ -رحمه الله تعالى- هذه المواقيت بالأحاديث المرفوعة إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-، وأما بالنسبة للمواقيت الزمانية فهي المشار إليها في قوله -جل وعلا-: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ} [(189) سورة البقرة] فوقت الحج الزماني شوال وذي القعدة وعشر من ذي الحجة أو شهر الحجة كامل، كما هو عند المالكية والجمهور على أن العشر مع الشهرين شوال والقعدة هي مواقيت الحج الزمانية، والعمرة لا وقت لها، على ما تقدم، فهي مشروعة في كل وقت، ما لم يتلبس مريدها بنسك، ولذا يقولون: أن العمرة لا تصح في يوم عرفة، ولا في يوم الحج الأكبر، وهو يوم النحر، ولا أيام التشريق؛ لأنه متلبس بنسك، ذكر الحافظ -رحمه الله تعالى- حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- أن النبي -عليه الصلاة والسلام- وقت يعني حدد لأهل المدينة ذا الحليفة، يحرمون منه، بمعنى أنهم يدخلون في النسك في هذا المكان، ينوون الدخول في النسك في هذا المكان ذا الحليفة، ولأهل الشام الجحفة، الميقات الأول ذو الحليفة يعرف بأبيار علي، قريب جداً من المدينة، يمكن يبعد عشرة كيلو أو أقل، وهو أبعد المواقيت عن مكة، على نحو عشر مراحل، ووقت لأهل الشام الجحفة، قرية خربة من الأزمان المتباعدة، سميت بذلك لأنه اجتحفها السيل، ولعل السبب في خرابها الدعوة النبوية بنقل حمى المدينة إلى الجحفة؛ لأن سكانها في ذلك الوقت كانوا من اليهود، هذا ميقات أهل الشام، وحدد ووقت لأهل نجد قرن المنازل وبإسكان الراء خلافاً لما زعمه الجوهري في صحاحه حيث قال: هو بتحريك الراء، وزعم أن أويس القرني ينسب إليه، ووهم في الأمرين، قرن المنازل يعرف الآن بالسيل، ولأهل اليمن يلملم، الجحفة على نحو ثلاث مراحل من مكة، وقرن المنازل على مرحلتين، ولأهل اليمن يلملم وهو أيضاً على مرحلتين من مكة، ثم

قال: "هن لهن" هن: أي هذه المواقيت أو هذه الأماكن لهن لهذه البلدان، وفي رواية: "هن لهم" أي لأهل هذه البلدان، "ولمن أتى عليهن" يعني ممن مر على هذه المواقيت من غيرهن، من غير أهل هذه الجهات والبلدان، ممن أراد الحج والعمرة، هن لهن أهل هذه الجهات أهل المدينة لهم ذو الحليفة، وأهل الشام لهم الجحفة، وأهل اليمن لهم يلملم، ولأهل نجد قرن، هذا التحديد الأصل، "ولمن أتى عليهن من غيرهن" بمعنى أنه لو مر الشامي بالمدينة قبل أن يدخل في النسك في حقه الجملة الأولى والجملة الثانية أيضاً، وفيهما عمومان متعارضان، منطوق الجملة الأولى "هن لهن" أن الشامي أو النجدي إذا مر بالمدينة قبل مكة أنه لا يحرم من الحليفة "هن لهن" لأنه ليس من أهل المدينة، إنما يحرم من ميقاته المحدد له شرعاً؛ لكن منطوق الجملة الثانية "ولمن أتى عليهن من غيرهن" أنه يحرم من الميقات الذي يمر به أولاً، فإذا مر النجدي بالمدينة هل له أن يتجاوز ذا الحليفة إلى أن يصل إلى قرن؟ وهل للشامي إذا مر بالمدينة أن يتجاوز ذا الحليفة إلى الجحفة أم ليس له ذلك؟ الجملة الأولى: "هن لهن" تدل على أنه يجوز له ذلك للنجدي أو للشامي أن يقول: والله أنا حدد لي شرعاً ميقات تبرأ ذمتي بإحرامي منه بالنص، له ذلك، وإن أحرم من ذي الحليفة تناولته الجملة الثانية "لمن أتى عليهن من غير أهلهن" فهل الحاج الذي يمر بغير ميقاته مخير بين أن يحرم من أي ميقات أراد ما مر به أو ميقاته المحدد له شرعاً أو ليس له ذلك؟ نأخذ مثال بنجدي مر بالمدينة وترك الإحرام، وهذا يحصل كثيراً ممن يذهبون على الطائرة مثلاً يشق عليه أن يلبس الإحرام في بيته والطائرة لن تنزل تحاذي الميقات، نعم لكن إذا مرت بذو الحليفة ونزلت بجده مثلاً وهو ما أحرم هل نلزمه بالرجوع إلى ذو الحليفة أو نقول: يكفيك تذهب إلى السيل؟ طالب: يكفيه يذهب إلى السيل.

يكفيه يذهب إلى السيل بمنطوق الجملة الأولى؛ لكن منطوق الجملة الثانية "لمن أتى عليهن من غيرهن" الآن الجملتان بينها اتفاق أم بينها اختلاف؟ اختلاف لأن مفاد الجملة الأولى ألا يحرم من أراد الحج والعمرة إلا من ميقاته المحدد له شرعاً، "هن لهن" ومنطوق الجملة الثانية أنه يلزمه أن يحرم من الميقات الذي يمر به أولاً، فإذا أحرم النجدي من ذو الحليفة خالف الجملة الأولى "هن لهن" وإذا أحرم من السيل خالف الجملة الثانية فما العمل؟ طالب:. . . . . . . . . نعم من باب الاختيار، لو أخر الإحرام إلى السيل ما عليه شيء. طالب:. . . . . . . . .

احتياط؟ المقصود أن الجمهور على أنه يلزمه أن يحرم من الميقات الذي يمر به ولو مر الشامي أو النجدي بالمدينة وتجاوز ذو الحليفة ولم يحرم منه وأخر الإحرام إلى ميقاته الأصلي يلزمه دم عندهم؛ لأنه تجاوز الميقات من غير إحرام، وخالف قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((ولمن أتى عليهن من غير أهلهن)) والمالكية يرون أن له أن يؤخر إلى ميقاته، وأقول مثل قول المالكية هذا يحتاج إليه فيمن تجاوز الميقات، لا سيما الذين يأتون عن طريق الجو وما ينتبه الواحد منهم إلا وقد نزل في جدة، وليرجع قليلاً إلى الجحفة، والناس يحرمون من رابغ، ولا يلزمه أن يرجع إلى ذي الحليفة، أو يحرم من السيل، أو يفعل الأرفق به، كلها مواقيت شرعية، ثبتت بالنص الصحيح، فرأي المالكية لا شك أنه أرفق بالناس، والمسألة بالنسبة لهذه المواقيت فيها طرفان ووسط، عندنا رأي سعيد بن المسيب يقول: "من تجاوز الميقات لا شيء عليه" يقابله رأي سعيد بن جبير: "من تجاوز الميقات فلا حج له" لكن الجمهور على أن من تجاوزه يجبر ذلك بدم، فهل تجاوز مر بذا الحليفة وتجاوزه الجمهور يلزمونه بدم، ولو أحرم من ميقات شرعي معتبر؛ لأنه مر بالميقات فتجاوزه، فيلزمه دم على قول الجمهور، والمالكية يقولون: ما دام تجاوز الميقات الذي هو في الأصل ليس له والمحدد له إنما هو الميقات الآخر، الذي رجع إليه وأحرم منه، فلا شيء عليه، ولا شك أن هذا أرفق بالناس؛ لكن هل الملاحظ في تحديد هذه المواقيت سكنى هذه البلاد أو المرور مع هذه المواقيت؟ يعني هل الملحوظ في النص أن يكون هذا الميقات لساكن المدينة؟ يعني هل السكن سكن البلد هذا مقصود شرعي وإلا ما هو مقصود؟ أو أن هذه بمثابة المعالم التي تحدد تعظيم هذا البيت بحيث لا تتجاوز هذه المعالم إلا بالإحرام؟ طالب:. . . . . . . . .

نعم السكن غير منظور له أصلاً كون الإنسان ساكن في المدينة أو ساكن الشام أو ساكن نجد هذا لا علاقة له، ولا ارتباط له بالنسك، إنما الملحوظ أن ساكن هذا البلد لا بد وأن يمر من هذا الطريق، فحدد له هذا المكان ليحرم منه، ولذا لما فُتح العراق -البصرة والكوفة- قالوا لعمر -رضي الله تعالى عنه- النبي -عليه الصلاة والسلام- وقت لأهل نجد قرن، وهو جور علينا، يعني ميل، فيه ميل، نحتاج إلى أن ننحرف عن طريقنا فنحرم منه فوقت لهم ذات عرق، فهذه المواقيت وقتت وحددت رفقاً بالناس؛ لئلا يلزم الإنسان أن يحيد عن طريقه يمين ولا شمال، وما دام الأمر كذلك فليس المنظور ليس الوصف المؤثر سكن هذه البلدة أو المرور بها، على كل حال رأي الجمهور أحوط، وأن لا يتجاوز الميقات الذي مر به إلا المحرم؛ لكن لو وقع هذا الأمر من شخص قال: والله تجاوزت ووصلت جدة الآن، والأرفق بي أن أذهب إلى رابغ، أو إلى السيل، وأفتي بقول مالك، له وجه، والجملة الأولى تؤيده "هن لهن" وإن كان سكنى البلد وصف غير مؤثر، إلا أنه لأنه أرفق بهم. ((هن لهن، ولمن أتى عليهن، من غير أهلهن، ممن أراد الحج والعمرة)) هذه المواقيت التي حددت بعض الناس يحتار، عرفنا أن مجاوزة الميقات دون إحرام لا تجوز، وعند الجمهور يلزمه دم؛ لكن إذا أحرم قبل الميقات ماذا عليه؟ طالب:. . . . . . . . . لا، المقصود أحرم نوى الدخول في النسك، المقصود في الإحرام نية الدخول في النسك، أنت أحرمت من الدمام، لبست الإحرام، وقلت: لبيك عمرة، أو لبيك حج ومشيت، ويش تعديت يعني باقي على الميقات كم كيلو؟ أنت محرم من بلدك خلاص الحين نويت الدخول في النسك اشلون تتعدى الميقات، أنت محرم من قبل الميقات. طالب:. . . . . . . . . يعني خالف السنة. طالب:. . . . . . . . . كيف؟ كراهة. طالب:. . . . . . . . . في أيش؟ لا، لا يقول: مانا بواقع بمحظورات حرام، أبغي ألبس إحرامي في البيت، وأتطيب وأتنظف، وأنوي أركب الطائرة وساعة وأنا بجدة. طالب:. . . . . . . . .

جواز مع الكارهة، يعني الاحتياط في مثل هذه الأمور مقبول شرعاً، يعني فعل أكثر مما فعله النبي -عليه الصلاة والسلام- والزيادة على ما حدده -عليه الصلاة والسلام-، يعني لولا ما نقل من الإجماع على جواز مثل هذا كان المتجه التحريم والمنع؛ لأن الأمور المحددة شرعاً بحيث لا يجوز النقص منها، إذاً لا تجوز الزيادة عليها، افترض المسألة في صلاة الظهر يجوز تصلي ثلاث، يجوز تصلي خمس؟ لا يجوز الزيادة ولا النقصان، فالمقدرات الشرعية لا يجوز الزيادة عليها ولا النقص منها، فكما أنه لا يجوز أن تتجاوز الميقات أيضاً لا يجوز أن تحرم قبل الميقات؛ لكن نقل ابن المنذر وغيره الإجماع على جواز مثل هذا، وفعله بعض الصحابة، ويذكر عن علي -رضي الله تعالى عنه- في تأويل قوله -جل وعلا-: {وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ} [(196) سورة البقرة] قال: "إتمامهما أن تحرم بهما من دويرة أهلك" وجاء أيضاً عند أحمد وأبي داود وغيرهما ((من حج أو اعتمر من بيت المقدس غفر له ما تقدم من ذنبه)) ويبقى أن الأصل الإحرام من الميقات، وإذا تعبد الإنسان بأن ما صنعه أفضل مما فعله النبي -عليه الصلاة والسلام- يكون حينئذ دخل في حيز الابتداع، أنت مأمور في حيز المشروع في الوضوء أن تغسل العضو ثلاث مرات تقول: لا، أنا باحتاط باغسله أربع مرات، أو خمس مرات، قلنا: لا، أنت مبتدع إذا كنت تتعبد بهذا، المقصود أنه لولا ما ذكر من الإجماع لكان التحريم هو المتجه، ويبقى أن أفضل ما يفعل في العبادات ما يتلقى عن النبي -عليه الصلاة والسلام-؛ لأنه هو الأسوة والقدوة، وقد حدد ذلك بقوله وفعله -عليه الصلاة والسلام-، يعني لبس التجرد من المخيط، ولبس ثياب الإحرام، لا يعني نية الدخول في النسك، يعني لك أن تتجهز في بيتك، وتلبس الإحرام، وتركب الطائرة قبل ألف كيلو عن الميقات هذا ما يضر؛ لكن الكلام في نية الدخول في النسك، يلاحظ في المسجد النبوي مثلاً بعض الناس يدخل المسجد وهو محرم، يعني عليه ثياب الإحرام، لا يدرى هل نوى ولا ما نوى؟ هذا يلاحظ وكل سنة أكثر من التي قبلها، يدخلون المسجد النبوي وعليهم ثياب الإحرام، يعني الفرق بين المدينة وبين الميقات عشرة كيلو، خمس دقائق،

يقول: أتجهز في السكن وألبس الإحرام، وأؤدي الصلاة في المسجد وأستمر في طريقي، ولا أقف مرة ثانية، المسألة لو وقفت عند هذا الحد ما فيه إشكال؛ لكن ينوي إذا حاذى الميقات؛ لكن يرد على مثل هذا لا سيما في المسجد النبوي أن يخطر على بال بعض الناس أو يتصور أن الزيارة، زيارة النبي -عليه الصلاة والسلام- تحتاج إلى إحرام، وإذا تتابع الناس على مثل هذا وفعلوه من غير نكير، يمكن أن يتصور في يوم من الأيام مع اندراس العلم أن يقال: أن المسجد النبوي يحتاج إلى إحرام، أو زيارة قبره -عليه الصلاة والسلام- يحتاج إلى إحرام، مثل زيارة بيته ألا يمكن أن يقال مثل هذا؟ فالأولى أن لا يصنع مثل هذا، ومن بيده منع مثل هؤلاء يتجه للمنع سداً للذريعة، الناس اليوم يعرفون أن الإحرام للحج والعمرة فقط؛ لكن فيما بعد وما يدريك أنه يتوالى أناس والبدع من أسرع الأمور في دخولها إلى القلوب، بعض الناس يدور حول المقبرة على الرصيف من برع، باسم التخفيف أو اللياقة أو الرياضة وكذا، وهذا الحد ما فيه إشكال، والدوران حول المقابر باعتبار أن ما حولها سيارات ولا سكان ولا شيء مناسب لهم؛ لكن يأتي في يوم من الأيام من يقول: أن الناس كانوا يطوفون حول المقابر، ولا أحد ينكر عليهم، يكتسب شرعية بهذا، فمثل هذا ينبغي أن يمنع سداً للذريعة، فالإحرام يكون من الميقات، لتحديده -عليه الصلاة والسلام- ولفعله، كونه جاء عن بعض الصحابة من أحرم من بيت المقدس، أو من أحرم كرمان أو من أحرم من كذا، هذه أفعال صحابة، ما يعارض بها الأحاديث المرفوعة. ((هن لهن ولمن أتى عليهن من غيرهن ممن أراد الحج والعمرة)) فلا يلزم الإحرام إلا من أراد الحج والعمرة، وعلى هذا يجوز أن يدخل المسلم مكة إذا كان لا يريد حجاً ولا عمرة من غير إحرام، ودلالة الحديث عليه ظاهرة ((ممن أراد)) مفهومه أن الذي لا يريد الحج والعمرة فإنه لا يحرم، وبعض أهل العلم أنه لا يجوز دخول مكة من غير إحرام، إلا لمن تتكرر حاجته لدخولها للمشقة وإلا فالأصل أن يحرم؛ لكن الحديث صريح في الدلالة على عدم لزوم الإحرام إلا لمن أراد الحج أو العمرة.

((ومن كان دون ذلك)) دون المواقيت بالنسبة لمكة، يعني سكنه بين مكة والميقات، ((ومن كان دون ذلك فمن حيث أنشأ)) فمن حيث أنشأ سواء كان سكنه دون الميقات، أو ذهب إلى هذا المكان من غير نية للنسك ثم طرأت عليه النية، حينئذ يحرم من حيث أنشأ، ((حتى أهل مكة من مكة)) يعني حتى أهل مكة يحرمون من مكة، من داخلها، وعموم اللفظ يشمل النسكين الحج والعمرة، حتى أهل مكة من مكة يحرمون من مكة بالعمرة والحج، فعموم الخبر يشمل النسكين الحج والعمرة، ونقل الإجماع، المحب الطبري وغيره نقلوا الإجماع على أن المكي إذا أراد العمرة يلزمه أن يخرج إلى الحل، ولا يحرم من داخل مكة، وعمدتهم في ذلك أن النبي -عليه الصلاة والسلام- أمر عبد الرحمن بن أبي بكر أن يعمر عائشة من التنعيم، فيكون هذا مخصص لعموم حديث الباب، فيبقى حديث الباب بالنسبة إلى الحج، وأما العمرة فلا بد من الخروج إلى الحل، وأهل العلم يقولون: لا بد من الجمع في النسك بين الحل والحرام، والحاج لا بد أن يخرج إلى الحل للوقوف بعرفة؛ لأنها من الحل، والمعتمر لن يخرج مرة ثانية، فيلزم بالخروج للإحرام، وحديث عائشة، وأمر النبي -عليه الصلاة والسلام- عبد الرحمن بن أبي بكر أن يخرج بها إلى التنعيم صريح في هذا، وإن قال من قال: إنما أمره أن يخرج بها إلى التنعيم جبراً لخاطرها، كي تدخل من خارج الحرم بنسك كصواحبها؛ لأنها أحرمت بالعمرة في أول الأمر، ثم حاضت فأدخلت عليها الحج، فصارت قارنة، وهي تريد عمرة مستقلة كصواحباتها، فأرادت أن تدخل إلى البيت من خارجه، وهي معتمرة جبراً لخاطرها، النبي -عليه الصلاة والسلام- جبر خاطرها بالعمرة بعد الحج وإلا فالأصل أنها لما أدخلت الحج على العمرة، وصارت قارنة أنها اعتمرت، ولذا النبي -عليه الصلاة والسلام- والصحيح في نسكه أنه قارن، عدت العمرة التي مع حجه -عليه الصلاة والسلام- عمرة فلها عمرة لما أدخلت الحج على العمرة وصارت قارنة لها عمرة، وجبر خاطرها بالإتيان بعمرة مفردة؛ لكن لو كان الإحرام من الحرم من داخل مكة بالنسبة للعمرة سائغة يحبس الناس إلى هزيع من الليل في انتظارها، ألا يمكن أن يقول: أحرموا من هنا، وطوفوا واسعوا ونمشي، يحبس الناس كلهم من

أجل أن تخرج إلى التنعيم، ثم تعود إليه، ولا تأتي إلا بعد هزيع من الليل، لولا أن هذا واجب لما حبس الناس من أجل ذلك، فالمصحح قول جماهير أهل العلم أن العمرة عمرة أهل مكة لا بد لها من الخروج إلى الحل. طالب:. . . . . . . . . نعم وشوه؟ نعم العمرة بالنسبة لأهل مكة، هل عليهم عمرة وإلا ما عليهم عمرة؟ أصل النصوص العامة في الترغيب في الحج والعمرة شامل لجميع الناس ((والعمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما)) وهذا يشمل المكي وغير المكي، والخلاف في مرجع الضمير في قوله -جل وعلا-: {ذَلِكَ لِمَن لَّمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [(196) سورة البقرة] هل يعود إلى التمتع والإتيان بالعمرة مع الحج أو يعود إلى الدم؟ ولو حصلت العمرة مع الحج فلا دم عليهم، مسألة خلافية بين أهل العلم؛ لكن عمومات النصوص التي ترغب في الحج والعمرة تشمل المكي وغير المكي، وكونه يرد عن بعض الصحابة من بعض السلف أنهم لاموا بعض المكيين في خروجهم إلى الحل، ودخولهم للإتيان بالعمرة، وتضييع الوقت بمثل هذا، وترك الطواف والصلاة في المسجد، والمكث فيه، لا يعني أن العمرة ليست مطلوبة منهم، المسألة مسألة مفاضلة، والمكي وغير المكي واحد، أنت افترض أن واحد جالس بالحرم، وقال: الأفضل أن أمكث وأقرأ قرآن، وأصلي ما شئت، وأطوف بالبيت، أو أخرج إلى التنعيم وآتي بعمرة، يحتاج إلى كم؟ يحتاج إلى ساعتين ليأتي بعمرة يخرج إلى التنعيم ويرجع ويطوف ويسعى يحتاج إلى ساعتين، هو في هاتين الساعتين بإمكانه أن يقرأ خمسة أجزاء، ويطوف أسبوع كامل، ويصلي عشر ركعات مثلاً أيهما أفضل؟ مسألة مفاضلة بين عبادات، فالإنكار من هذه الحيثية، ولذا يقول طاووس: "لا أدري الذين يعتمرون من التنعيم يؤجرون أو يعذبون" قيل له: فلم يعذبون؟ قال: لأنه يدع البيت والطواف ويخرج إلى أربعة أميال ويجيء أربعة أميال وقد طاف مائتي طواف، فهو وازن بين ما فعل وبين ما ترك، ولا يعني هذا أن العمرة ممنوعة، بل يشملهم مثل قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((والعمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما)). طالب:. . . . . . . . .

هذا التعريف اللغوي، طيب والذي داخل مكة يزور وإلا ما يزور؟ وهو ما هو من أهلها، جاي من نجد ولا من الشرقية، يزور وإلا ما يزور؟ وهو داخل البيت وعائشة زارت ثانية وإلا ما زارت؟ زارت، المقصود أن العمرة بمكة منهم من يختارها على المكث في المسجد، والطواف فيه، وقراءة القرآن، والصلاة، ومنهم من يرجح هذه الأمور عليها، والمسألة موازنة بين فضائل، أحياناً يضيق الوقت لاستيعاب جميع الفضائل، هذه مسألة ضربناها فيما سبق فيمن دخل المسجد الحرام بعد إقامة الصلاة، هل نقول: الأفضل أن تتقدم إلى الصفوف الأولى ولو فاتك ما فاتك، أو نقول: تصلي في الصفوف الدنيا تدرك الصلاة كاملة، ولا تعرض صلاتك للنقص بمرور الناس بعد سلام الإمام، ولا يفوتك صلاة الجنازة، ولا شيء، المسألة موازنة بين فضائل، وهذا منه. طالب:. . . . . . . . . نعم أيش فيه؟ الحج من مكة نعم، العمرة يخرجون إلى التنعيم.

يقول: وعن عائشة -رضي الله عنها- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- وقت لأهل العراق ذات عرق، رواه أبو داود والنسائي، وأصله عند مسلم من حديث جابر، هذا حديث عائشة، والثاني حديث جابر، هل يكون حديث جابر أصل لحديث عائشة، أو شاهد لحديث عائشة؟ ذكرنا مراراً أن الأصل يكون نفس الحديث، إلا أنه تتفاوت جمله، فهذه الجملة التي لها أصل، يعني الحديث مكون من جمل مثلاً، مخرج في الصحيح، أو يشتمل على بعض الجمل دون بعض، وجملة من هذا الحديث التي لم تخرج في الصحيح موجودة عند أبي داود وهناك خرجه أبو داود، وأصله في مسلم حديث واحد مكون من جمل؛ لكن حديث آخر حديث جابر غير حديث عائشة، فالتعبير بقوله: وأصله عند مسلم ليس بدقيق، إنما الأصل أن يقال: ويشهد له ما عند مسلم من حديث جابر، إلا أن الراوي شك برفعه، قال: وغالب ظني وأحسبه أن جابر -رضي الله عنه- رفعه إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-، شك في رفعه، وفي صحيح البخاري أن عمر هو الذي وقت ذات عرق، ذات عرق مكان بينه وبين مكة مرحلتان، والعرق الجبل الصغير، وحديث الباب دليل على أن النبي -عليه الصلاة والسلام- هو الذي وقت لأهل العراق ذات عرق، وفي حديث جابر ما يدل له إلا أن راويه شك في رفعه راويه عن جابر أبو الزبير المكي، شك في رفعه إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-، أحسب أو أظن أن جابر -رضي الله عنه- رفعه إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-، فشك في رفعه، ولولا هذا الشك لكان نصاً في الموضوع، وفي الصحيح، وهنا في السنن وهو أيضاً صحيح، ويشهد له حديث جابر، بعضهم يقول: كيف يوقت النبي -عليه الصلاة والسلام- لأهل العراق ذات عرق والعراق ما فتح أصلاً؟ والشام مفتوح وإلا ما فتح؟ مثل ما وقت لأهل الشام يوقت لأهل العراق، ولو لم تفتح، وهذا من دلائل نبوته -عليه الصلاة والسلام-، وفي صحيح البخاري أن عمر هو الذي وقت ذات عرق، ولا يمنع أن يخفى توقيت النبي -عليه الصلاة والسلام- على عمر، وعلى بعض الصحابة، ويطلب من عمر أن يوقت لأهل العراق، ويصيب اجتهاد عمر ما صح عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أفي ما يمنع؟ وموافقات عمر كثيرة، جاء الوحي مؤيد لكلامه، واجتهد اجتهادات نزل الوحي بموافقتها، وحكم النبي

-عليه الصلاة والسلام- بمقتضاه، فكونه يجتهد ويوافق هذا ليس ببدعة، وهناك الموافقات التي تزيد على عشرين من موافقات عمر -رضي الله تعالى عنه- نعم التنصيص على توقيت النبي -عليه الصلاة والسلام- لأهل العراق ذات عرق ليس في القوة بمثابة التوقيت ذا الحليفة لأهل المدينة، والجحفة لأهل الشام، ويلملم لأهل اليمن، أو نجد لهم قرن، هذا ليس بالقوة بمثابة ما وقت بالنص الصحيح الصريح، هذا في السنن وليس في الصحيح، وينتابه ما ينتابه من تردد الراوي عن جابر، وعلى كل حال ما في ما يمنع من رفعه إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-، وما في ما يمنع من نسيان عمر، وبعض الصحابة بتوقيت النبي -عليه الصلاة والسلام- وطلبهم من عمر، ولا يوجد ما يمنع من موافقة عمر للنص. يقول: وعند أحمد وأبي داود والترمذي عن ابن عباس أن النبي -عليه الصلاة والسلام- وقت لأهل المشرق العقيق، وهذا الحديث ضعيف، مداره على يزيد بن أبي زياد، ضعفه غير واحد من الأئمة، وخرج له مسلم في الشواهد، وفيه أيضاً انقطاع، فالذي يرويه عن ابن عباس محمد بن علي بن عبد الله بن عباس، ولا يصح له سماعه من جده، فهو منقطع وضعيف، وإن قال بعضهم: أن العقيق جزء من ذات عرق، فالإحرام من العقيق إحرام من ذات عرق؛ لكن التنصيص على ذات عرق والعقيق ضعيف. قال الحافظ -رحمه الله-: باب وجوه الإحرام وصفته: عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "خرجنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عام حجة الوداع، فمنا من أهل بعمرة، ومنا من أهل بحج وعمرة، ومنا من أهل بحج، وأهل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالحج، فأما من أهل بعمرة فحل، وأما من أهل بحج، أو جمع الحج والعمرة فلم يحل حتى كان يوم النحر" متفق عليه. هذا يقول: كيف يصح دعوى الإجماع، وقد حفظ عن مالك إنكار ذلك، وأنه مخالف للسنة، خصوصاً مع ملاحظة ما ذكر أهل العلم بخصوص إجماعات ابن المنذر، مع ما في هذه المسألة من مخالفة القواعد الشرعية؟

دعاوى الإجماع التي ذكرها ابن المنذر، وقل مثله بالنسبة لابن عبد البر أو النووي أو ابن قدامة أو غيرهم لا شك أن كثير منها منقوض لوجود المخالف، ولا يعني أن نقض هذا الإجماع بوجود المخالف أنه يبطل بالكلية لا، يبقى أقل الأحوال أنه قول الجمهور، أقل الأحوال إن لم يثبت إجماع فهو قول عامة أهل العلم، هب أنه وجد مخالف؛ لكن وجود المخالف يسوغ الخلاف؛ لكن لا يبطل أقوال الآخرين، يسوغ الخلاف، ويبقى أن هذا القول له هيبته؛ لأنه أقل الأحوال هو القول الأكثر، فإذا وجد مثل هذا الإجماع إن لم يوجد مخالف لا محيد ولا مناص منه ولا مفر لا بد من العمل به؛ لأن الأمة بكاملها معصومة من الخطأ، إذا وجد مخالف ساغ للمخالف أن يحكم؛ لكن يبقى أن كونه قول عامة أهل العلم له هيبته، الشوكاني يقول: "كثير من دعاوى الإجماع تجعل طالب العلم لا يهاب الإجماع" إن كان المقصود أنه لا يهاب الإجماع باعتباره إجماع، وأنه لا تسوغ ولا تجوز مخالفة هذا شيء، أما كونه لا قيمة له، له قيمة، أقل الأحوال أنه قول الجماهير. هنا أيضاً يقول: في مسألة الإحرام من ذي الحليفة أو ما دونه من المواقيت، هل الملاحظ عند الجمهور في ذا الحليفة خصوص المسافة كونه أبعد المواقيت أم غيره من المواقيت فله أن يحرم من أيها شاء؟ يعني لو النجدي تجاوز قرن منازل (السيل)، وأحرم من غيره، أحرم من الجحفة أو أحرم من يلملم نفس الكلام، أو مثلاً هو من نجد يريد الحج أو العمرة ومر بالسيل، ثم قال: أنا لا أريد أن أحرم من السيل الآن، فقد بقي على الحج عشرة أيام، عشرين يوم، أروح إلى المدينة وأحرم من ذا الحليفة، وهو مريد من الأصل ما نهزه من بلده إلا الحج، هل نقول: يلزمك أن تحرم من السيل أو تنتظر حتى تذهب إلى المدينة وتحرم من ميقاتهم؟ مقتضى قول الجمهور أنه تجاوز ميقاته المحدد له شرعاً، كما لو تجاوز الشامي ذا الحليفة وأحرم من الجحفة، وهكذا.

يقول: باب وجوه الإحرام وصفته: الوجوه يراد بها الأنواع، أنواع النسك: التمتع والقران والإفراد، يقول: وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "خرجنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عام حجة الوداع فمنا من أهل بعمرة" تقصد عمرة ويرجع أو عمرة ثم يتحلل منها التحلل الكامل ثم يحرم بالحج فيكون متمتعاً؟ "ومنا من أهل بحج وعمرة" يعني قوله: فمنا من أهل بعمرة، يعني عمرة مفردة ويرجع أو إذا أحل منها أحرم بالحج؟ فيكون تكون هذه الجملة في الدلالة على الوجه الأول وهو التمتع، "ومنا من أهل بحج وعمرة" يعني قرن بينهما، هذا القران، "ومنا من أهل بحج" يعني مفرد، وهذا الإفراد، ففي هذا الحديث وجوه الإحرام الثلاثة وأنواعه، "وأهل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالحج"، يعني جاء ما يدل على أنه أهل بالحج، كما هنا، والحديث في الصحيحين، وجاء ما يدل على أنه جمع بينهما، وهو المرجح في حجه -عليه الصلاة والسلام- أنه حج قارناً، وجاء ما يدل على أنه تمتع "تمتع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وتمتعنا معه" وهنا يقول: أهل بالحج، والإهلال بالحج، يعني مفرداً، هذا الذي يتبادر منه، وجاء ما يدل على أنه حج قارناً، وجاء ما يدل على أنه حج متمتعاً، ما في هذا الحديث أهل بالحج، من قال: أن النبي -عليه الصلاة والسلام- حج مفرداً نظر إلى حقيقة فعله، وأن فعله وإن كان قارناً فإنه لا يزيد على فعل المفرد، فكأنه لم يأت إلا بالحج فقط، والعمرة داخلة في هذا الحج، ومن قال: حج قارناً، وهذا هو آخر حجه -عليه الصلاة والسلام-، وما منعه أن يقلب القران إلى تمتع إلا سوق الهدي، ولذا تأسف -عليه الصلاة والسلام- ((لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما سقت الهدي)) يعني هو أمر أصحابه أن يهلوا بعمرة، يقلبوا نسكهم إلى عمرة ثم يحل منها الحل كله، وأكد على هذا، وغضب -عليه الصلاة والسلام- بالنسبة لمن لم يسق الهدي، أما من ساق الهدي فإنه لا يحل حتى يوم النحر، إذا نحر هديه كفعله -عليه الصلاة والسلام-، فالذي قال: أنه أهل بالحج فقط نظر إلى صورة العمل الذي جاء به -عليه الصلاة والسلام- صورة حج فقط، والعمرة داخلة إذ لا فرق بين حج القران والإفراد من حيث الصورة إلا الهدي، ومن قال:

حج قارناً فحكى الواقع النبي -عليه الصلاة والسلام- جمع بين الحج والعمرة وأهدى ومن قال حج متمتعاً نظر إلى المعنى الأعم للتمتع التمتع أن يأتي بنسكين في سفر واحد وقد جاء بنسكين في سفر واحد، فمن ترفه بترك أحد السفرين فهو متمتع بالمعنى الأعم، سواء كان قارناً أو كان متمتعاً فاصلاً بين حجه وعمرته، أهل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالحج، منهم من يقول: أنه في أول عمره أهل بالحج فقط، مفرد ثم جاءه الملك وقال له: "صل في هذا الواد المبارك وقل: حجة وعمرة" يعني اقرن بينهما، فإهلاله في أول الأمر بالحج مفرد، ثم بعد ذلك لما جاءه الملك وقال له ما قال جمع بينهما.

"فأما من أهل بعمرة فحل" أهل بالعمرة، وهذا متجه بالنسبة لمن لم يسق الهدي وهو الأرجح من أنواع النسك لمن لم يسق الهدي عند الحنابلة، وجمع من أهل العلم؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- أمر أصحابه به، وتأسف -عليه الصلاة والسلام- على سوق الهدي، فيكون حينئذ أرجح من غيره، ومنهم من يرجح القران لأنه هو الذي فعله النبي -عليه الصلاة والسلام-، وما كان الله ليختار لنبيه إلا الأفضل، ومنهم من يختار الإفراد، ولكل قول وجه، واختيار التمتع لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- أمر أصحابه به فهو الأفضل مطلقاً لمن لم يسق الهدي ولا ينوي أن يأتي بالنسكين في سفرين؛ لكن من أراد أن يأتي بالنسكين في سفرين المسألة مفترضة في شخص يقول: لن أزيد على الواجب سأعتمر مرة واحدة في عمري، وأحج مرة واحدة في عمري، هل الأفضل أن أتمتع وآتي بالنسكين في سفر واحد، أو الأفضل أن أنشيء للعمرة سفر مستقل وللحج سفر مستقل؟ هذه الصورة هي التي يرى شيخ الإسلام أنها أفضل اتفاقاً، الإفراد أفضل اتفاقاً في هذه الصورة، ما هي المسألة في شخص يقول: لن آتي بأكثر من الواجب أبداً، أحج مرة واحدة، وأعتمر مرة واحدة، نقول: الإفراد أفضل، وهو الذي نقل عليه شيخ الإسلام الاتفاق لأنك تريد تأتي بسفر مستقل للحج وسفر مستقل للعمرة؛ لكن الذي يريد أن يكرر في عمره نقول التمتع أفضل لأنك تأتي بنسكين أفضل من أن تأتي بنسك واحد والذي ساق الهدي يتعين في حقه القران لأنه لن يحل قبل أن يبلغ الهدي محله يوم النحر فلا بد أن يقرن كما فعل النبي -عليه الصلاة والسلام-.

"فأما من أهل بعمرة فحل" حل الحل، كل الحل بمعنى أنه إذا أهل بعمرة ثم طاف وسعى وحلق وقصر له أن يأتي ما شاء من المحظورات حتى النساء، له أن يجامع زوجته، حل الحل كله، هل له أن يرجع إلى بلده ولا يحج أو ليس له ذلك؟ له ذلك ما لم يكن حيلة، يعني شخص جاء وأحرم بالحج أو أحرم قارن، ثم قال: لا الرسول -عليه الصلاة والسلام- أمر أصحابه أن يحلوا بالعمرة، ثم لما حل من هذه العمرة قال: أنا بالخيار العمرة وانتهت، والحج ما بعد دخلت فيه، وفي نيته أن يصنع هذا، نقول: لا يا أخي أنت تتحايل لإسقاط ما دخلت فيه، وقد أمرت بإتمامه؛ لكن ابتداء جاي في نيته أن يحج هذه السنة، وأحرم بالعمرة متمتعاً، فلما فرغ من أعمالها رأى الزحام الشديد، أو وجد ظرف في بلده يتطلب رجوعه، ما الذي يلزمه بالحج ولم يدخل فيه؟ ذكر صاحب الإنصاف أنه لا يجوز له ذلك بلا نزاع، يعني في المذهب لوجود الارتباط بين الحج والعمرة، وإن وجد الانفكاك؛ لكن الارتباط قائم بدليل أن لزوم الهدي سببه الإحرام بالعمرة، لزوم هدي التمتع سببه الإحرام بالعمرة التي ينوي بعدها الحج، هذا سبب الوجود فهناك ارتباط بين الحج والعمرة، وإن كان هناك فاصل يفصل بينهما فصل تام، والأكثر وهو المفتى به الآن أنه لا يلزمه ما دام حل الحل كله، ما الذي يلزمه بنسك إن لم يدخل فيه؟.

تقول -رضي الله عنها-: "فأما من أهل بعمرة فحل" عرفنا أنه الحل كل الحل، وأما من أهل بحج يعني مفرد أو جمع الحج والعمرة يعني قرن بينهما فلم يحل حتى كان يوم النحر، أما المانع بالنسبة للقارن فمعروف أنه حتى يبلغ الهدي محله، وأما بالنسبة للمفرد فإنه لم يأت بما يتحلل به؛ لأن أعمال الحج يوم العيد هل يتصور التمتع مع سوق الهدي؟ يتصور تمتع مع سوق الهدي؟ يعني بالمعنى الخاص أما المعنى العام الذي يشمل القران القران نوع من التمتع؛ لكن بالمعنى الخاص يتمتع مع سوق الهدي ممكن؛ لأنه لن يحل بين الحج والعمرة حتى يبلغ الهدي محله، لن يتمكن من الحل من العمرة، ولن يقصر شيئاً من شعره بالنسبة للعمرة حتى يأتي وقته، الذي هو وقت نحر الهدي، قد يقول قائل: أنه يأتي بعمرة مفردة يطوف ويسعى، ثم يستمر في إحرامه إلى أن يبلغ الهدي محله، ثم يطوف ويسعى يوم العيد للحج، وبهذا يختلف فعله عن فعل القارن، لأن القارن لا يلزمه إلا سعي واحد، هو في الصورة قارن شاء أم أبى؛ لأنه لم يحصل له ما يميز التمتع، وما أمر به النبي -عليه الصلاة والسلام- من الحل كله، أهل بالقران ولم يسق الهدي، شخص ما ساق الهدي فأهل قارناً، قال: النبي -عليه الصلاة والسلام- حج قارناً، وأنا ما سقت الهدي، هل يلزم بأن يقلب الإحرام إلى عمرة كما أمر النبي -عليه الصلاة والسلام- أصحابه بذلك؟ هل يُلزم؟ منهم من يرى وجوب قلب الإحرام إلى عمرة؛ ليكون متمتعاً، وبهذا أمر النبي -عليه الصلاة والسلام- أصحابه، وأكد عليهم، ومنهم من يقول: لا يجوز، بل قلب النية بالإحرام خاص بالصحابة، أمرهم النبي -عليه الصلاة والسلام- وليس لأحدهم بعدهم لماذا؟ لأنهم كانوا يرون أن العمرة في أشهر الحج من أفجر الفجور، فأراد النبي -عليه الصلاة والسلام- أن يجتث هذا الزعم وهذا التصور من جذوره، فأمرهم بالعمرة في أشهر الحج عمرة مستقلة في أشهر الحج، يعني القران فيه عمرة، فيه رد على هذا القول؛ لكن ما يكفي لأنها ليست بعمرة مستقلة، لو قيل مثلاً: أنه خلاص ما داموا قارنين اعتمروا مع الحج يقول قائل مثلاً: يثبت تبعاً أما لا يثبت استقلالاً، هذه عمرة داخلة في الحج، ولا وجود لها، والعمرة المستقلة من أفجر

الفجور، نقول: لا يا أخي النبي -عليه الصلاة والسلام- أمرهم أن يعتمروا عمرة مستقلة؛ ليجتثوا هذا التصور من جذوره؛ لكن هل هذا خاص للصحابة أم يصوغ لمن بعدهم؟ الأكثر على خصوصيته، وأن من أحرم بشيء لزمه أن يستمر عليه، ولزمه إتمامه، والمعروف عند الحنابلة وعند جمع من أهل العلم من أهل التحقيق أن ذلك إلى قيام الساعة، للإنسان أن يقلب نسكه من الأدنى إلى الأعلى؛ لكن ما ينزل، أحرم متمتع يقول: لا أنا بحج فقط، نقول: لا، يلزمك التمتع، أحرم قارن يقول: أنا بأفرد، نقول: لا، يلزمك القران عند من يرجح القران على الإفراد وهكذا؛ لكن ينتقل إلى الأعلى لا بأس، يغير النية. طالب:. . . . . . . . . يحرم في الحج؟ يحرم من مكة، حتى لو كان ناوي من الأصل الإحرام بالحج من مكة، ما فيه إشكال. باب الإحرام وما يتعلق به: عن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: "ما أهل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلا من عند المسجد" [متفق عليه]. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى- باب الإحرام وما يتعلق به: والمراد بالإحرام نية الدخول في النسك: ونية الدخول في النسك واجب يجبر بدم وإلا ركن من أركان الحج؟ ركن يعني حينما يقول العلماء: أن من تجاوز الميقات من دون إحرام يجبر بدم لا يريدون بذلك أن هذا يغني عن نية الدخول في النسك؛ لأن عملية الدخول في النسك ركن من أركان الحج، لا يصح إلا به طيب نية الدخول في النسك مصنف عند أهل العلم من الشروط أو من الأركان؟ نعم شرط وإلا ركن؟ يعني نية الدخول في الصلاة؟ طالب: شرط. بالنسبة للصلاة ركن وإلا شرط؟ طالب: شرط. وبالنسبة للحج؟ نية الدخول في النسك؟ نية الدخل في الصلاة؟ نية الدخول في الصيام؟ شرط وإلا ركن؟ عندك شروط الصلاة التسعة أليس بآخرها النية؟ الآن أنا أناقشكم حول ما يكتبه أهل العلم في الأركان والشروط، النية في الصلاة من شروطها أو من أركانها؟ من شروط الصلاة، استقبال القبلة والنية هذا آخر شيء، من الشروط، وفي الحج جعلوها من الشروط أو من الأركان؟ قالوا: أركان الحج أربعة أو كم؟ أولها: الإحرام، هل يريدون الإحرام من الميقات أو نية الدخول في النسك؟ نية الدخول، لماذا صارت هنا ركن وهناك شرط؟

طالب:. . . . . . . . . لا ما له علاقة التلفظ، ولا يتلفظ ولا شيء أبد، التلفظ بالنية بدعة، ولا في الحج بدعة، لو قال: نويت أن أحج بدعة؛ لكن لبيك عمرة، لبيك حجة ما فيه إشكال. طالب:. . . . . . . . . جزء في الصلاة وإلا جزء في الحج؟ طالب:. . . . . . . . . نعم كيف؟ طيب. طالب:. . . . . . . . . ما يلزم من وجودها وجود، الآن نتفق على أنه جعلوها في الصلاة من الشروط، وفي الحج من الأركان، ولماذا جعلوها من الشروط ومعروف أن الشرط خارج الماهية والركن داخل الماهية؟ هذا شيء مفروغ منه هذا تعرضنا له في مسألة تكبيرة الإحرام، هل هي شرط أم ركن؟ الحنفية يقولون: شرط، والجمهور يقولون: ركن، كيف جعلوا النية وهي شيء واحد، النية القصد، تقصد هذه العبادة تقصد الدخول فيها، جعلوها بالنسبة للصلاة شرط وبالنسبة للحج ركن؟ فيه جواب؟ طالب:. . . . . . . . . لا ما فيه ارتباط بين النية ولبس الإحرام، ما فيه ارتباط، لو أحرم بثيابه، لو نوى الدخول في النسك بثيابه. طالب:. . . . . . . . . طيب والصلاة بعيد، ينوي قبل دخول الوقت، وإلا قبل يجي للمسجد، وهو ببيته ينوي الصلاة، ينوي الدخول في الصلاة؟ طالب:. . . . . . . . . كثرة تكرار الصلاة هي النية تكلف شيء؟. طالب:. . . . . . . . . أنت افترض التلبية بمثابة التكبير، لبيك عمرة، لبيك حجاً، بمثابة قولك في الصلاة: الله أكبر، نعم طالب:. . . . . . . . . وفي الصلاة؟ يعني قبل أن يكبر ما يلزمه؟ نوى أن يصلي؛ لكن قبل تكبيرة الإحرام لو أجل الصلاة، قال: سأنتظر خمس دقائق، أو نوى الدخول في النسك فسمع واحد قال: أريد أتوضأ وأصلي معك جماعة، ما يلزمه. طالب:. . . . . . . . . لا هو أقرب ما يقال مثل ما ذكر الأخ أنه بنيته في النسك شرع فيه، بينما نية الصلاة وقصد الصلاة مثل .... لو يريد يصف ناوي للدخول في الصلاة، ثم قال واحد: عن إذنك أريد أتوضأ من أجل أن نصلي جماعة وينتظر، ما المانع؟ يلزم أن يدخل في صلاته فور النية؟ هو في الحج باشر العمل بدخوله، بالنية باشر العمل؛ لكن النية بالنسبة للحج بمثابة تكبيرة الإحرام بالنسبة للصلاة. طالب:. . . . . . . . .

ما بعد نوى هو طالع من بيته من الدمام يريد يحج؛ لكن قبل دخوله الميقات له أن يرجع، قبل وصوله إلى الميقات ودخوله النسك له أن يرجع، النية من بيته إلى الدخول هذه ليست شيء، هذه ليست بنية.

يقول: باب الإحرام وما يتعلق به: عرفنا أن المراد بالإحرام نية الدخول في النسك، عن ابن عمر -رضي الله تعالى عنهما- قال: "ما أهل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلا من عند المسجد" يقول ابن عمر هذا رد على من قال: أن النبي -عليه الصلاة والسلام- أحرم من البيداء، يقول ابن عمر: "بيداؤكم هذه التي تكذبون فيها على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأنه أحرم منها ما أهل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلا من عند المسجد" جاء عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه أحرم في المسجد بعد فراغه من الصلاة، وجاء عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه أحرم وأهل ورفع صوته بالتلبية حينما استقلت به دابته، وجاء عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه أهل بالبيداء، في حديث ابن عباس، وفيه جمع بين هذه الروايات كلها أن النبي -عليه الصلاة والسلام- أهل بالمسجد، وحينما استقلت به دابته، وحينما علا على البيداء، فمن سمعه يهل، والإهلال هو رفع الصوت بالتلبية من سمعه يهل بالمسجد قال: هل بالمسجد، ومن سمعه -عليه الصلاة والسلام- يهل ويرفع صوته بالتلبية حينما استقلت به دابته قال: أهل حينما استقلت به دابته، ومن سمعه يلبي بالبيداء قال: أهل -عليه الصلاة والسلام- بالبيداء، ولا يلزم من هذا كذب، ولا من ذاك كذب، كل يذكر ما سمع، وفي حديث ابن عباس هذا توفيق بين الروايات، كل يذكر ما سمع، صلى الركعتين فأهل بالنسك لما استقلت به دابته واقفة قال: لبيك اللهم لبيك، أهل بالنسك، ولما علا على البيداء أهل بالنسك، وكل يذكر ما سمع، ولا اختلاف، وابن عباس حينما ذكر هذا قريب من النبي -عليه الصلاة والسلام- هذا الحديث عند أبي داود والحاكم أنه -صلى الله عليه وسلم- لما صلى في مسجد ذي الحليفة ركعتين أهل بالحج حين فرغ منهما، فسمع ذلك قوم فحفظوه، فلما استقرت به راحلته أهل وأدرك ذلك قوم لم يشهدوا إهلاله بالمسجد فحفظوه ورووه، وهكذا حينما علا على البيداء، وهذا الكلام كلام حسن، كلام ابن عباس فيه جمع من الروايات، وكلها صحيحة، "ما أهل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلا من عند المسجد" وبهذا يرد ابن عمر -رضي الله تعالى عنهما- القول بأنه أخر الإهلال، يعني لقائل أن يقول: أن النبي -عليه

الصلاة والسلام- أهل لما دخل مكة، يعني طرداً لهذا، هل نقول: أن في أحد ما سمع النبي -عليه الصلاة والسلام- يهل إلا لما دخل مكة، ما في أحد، خلاص، نعم الجموع الغفيرة قد يخفى عليهم الإهلال أول مرة وثاني مرة؛ لكن ما يخفى عليهم الثالثة والرابعة والعاشرة إلى أن يدخل مكة، ولا يتصور مثل هذا؛ لأنه مأمور برفع الصوت، والإهلال هو رفع الصوت. وعن خلاد بن السائب عن أبيه -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((أتاني جبريل فأمرني أن آمر أصحابي أن يرفعوا أصواتهم بالإهلال)) [رواه الخمسة وصححه الترمذي وابن حبان].

يقول: وعن خلاد بن السائب عن أبيه -رضي الله تعالى عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((أتاني جبريل فأمرني أن آمر)) هنا الأمر بالأمر بالشيء هل هو أمر به أو لا؟ يعني هل النبي -عليه الصلاة والسلام- مأمور بأن يرفع صوته بالتلبية أو مأمور بأن يأمر أصحابه أن يرفعوا أصواتهم بالتلبية؟ يعني الأمر بالأمر بالشيء ((مروا أولادكم بالصلاة لسبع)) لنفترض مثلاً أن زيداً من الناس قال لابنه الأكبر: قل لأخيك: يفعل كذا، هل هذا أمر يتناول الأخ الأكبر أو خاص بالأصغر، الأمر بالتبليغ يتناول الأكبر؛ لكن الأمر بالتنفيذ يتناول الأكبر وإلا ما يتناول؟ لنفهم ونتصور المسألة، يعني إذا قال زيد لابنه عمرو: قل لبكر ينام مبكر، هل هذا أمر من الأب للابن الأكبر أن ينام مبكراً أو أمر بتبليغ ابنه الأصغر أن ينام مبكراً لكن ما يتناول الثاني أن ينام مبكر مثل أخوه؟ يعني الأكبر يتناوله الأمر بالتبليغ والأصغر يتناوله الأمر بالتنفيذ، يعني الأمر بالأمر بالشيء هذه مسألة خلافية في الأصول، الأمر بالأمر بالشيء هل هو أمر به أو أمر بتبليغه فقط؟ مثل ما عندنا الآن ((أتاني جبريل فأمرني أن آمر أصحابي)) هل نقول: النبي -عليه الصلاة والسلام- عليه أن يرفع صوته بالتلبية، أو نقول: عليه أن يأمر أصحابه وهو حر إن شاء رفع وإن شاء خفض، أو نقول: النبي -عليه الصلاة والسلام- وهو القدوة والأسوة أولى من ينفذ هذا الأمر، يعني إذا قيل: آل فلان هل يتناول فلان نفسه؟ نكثر من التنظير علاشان تفهم المسألة، يعني حينما قال الله -جل وعلا-: {وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ} [(46) سورة غافر] هل هذا يتناول فرعون وإلا ما يتناوله؟ يتناوله من باب أولى؛ لأنهم به نكبوا.

نأتي مسألة ثانية، لو قيل: يا فلان واحد من المشايخ عنده طلاب، هذه مجموعة من الكتب وزعها على طلابك، عندك مائة طالب هذه نسخ كثيرة جداً وزعها على الطلاب، الشيخ ما عنده نسخة له أن يأخذ أو لا يأخذ؟ الموصي قال للطلاب، وزعها على طلابك، هل نقول: أنك أنت أولى من طلابك بأن تأخذ نسخة أو نقول خاص بطلابك؟ أنت افترض أوصى فلان من الناس عنده وقف قال: غلته للمحتاج من طلاب فلان الشيخ نفسه محتاج يأخذ وإلا ما يأخذ؟ يعني مثل ما قلنا في آل فرعون فهو أولى منهم، يعني هذا في السوء وهذا في الخير؛ لكن هذا تنظير بحيث نقرب هذا من هذا، ولذا عندنا النبي -عليه الصلاة والسلام- أمره جبريل أن يأمر أصحابه، وننظر إلى أن هذا الأمر أمر بخير، والنبي -عليه الصلاة والسلام- أولى من يفعل الخير، فإذا أمر أصحابه أن يرفعوا أصحابهم بالتلبية بالإهلال، فالنبي -عليه الصلاة والسلام- أولى من يفعل وأولى من يبادر إلى امتثال هذا الأمر، وقد تدل القرائن إلى أن المأمور بالتبليغ لا يتناوله الأمر، لو قال الأب: يا فلان لابنه الأكبر قل لفلان يحضر لنا خبز مثلاً، يروحون كلهم يشترون خبز؛ لكن لو كان أمر مما يطلبه الوالد، ومما يحرم فعله مثلاً، يا فلان قل لفلان لا يدخن، هل نقول: أن هذا الأمر ما يتناول الأكبر، له أن يدخن، لا ما نقول هذا، نعم قد تدل القرائن على إرادة المأمور بالتبليغ كإرادة المأمور بالتنفيذ، وقد تدل القرائن على عدمه، ولذا الأصوليون اختلفوا في تقرير هذه المسألة. طالب:. . . . . . . . .

المسألة خلافية بين أهل العلم؛ لكن في مثل هذا يتناوله باعتبار أنه فعل خير، والنبي -عليه الصلاة والسلام- أولى من يفعل الخير، الصحابة امتثلوا ذلك، فكانوا يرفعون أصواتهم حتى تبح أصواتهم، وجاء في الحديث أن النبي -عليه الصلاة والسلام- سئل عن أفضل الحج، أي ألحج أفضل؟ فقال: ((العج والثج)) فالعج هو رفع الصوت بالتلبية، فإذا كان أفضل فالنبي -عليه الصلاة والسلام- أولى من يفعل هذا الأفضل، وإن كان الأصل أن رفع الصوت في الجملة ليس بممدوح عموماً؛ لكن في موطنه في مثل هذا ممدوح، يعني أهل العلم قرروا في التفسير عند قوله -جل وعلا-: {إِنَّ أَنكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ} [(19) سورة لقمان] أنه لا يمدح أحد بقوة صوته؛ لأن الأصل الهون والرفق واللين ورفع الصوت هذا كما قال الله -جل وعلا-: {إِنَّ أَنكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ} [(19) سورة لقمان] لكن أحياناً الأمر الشرعي يتطلب رفع الصوت شيخ عنده ألف طالب هو معروف بهدوئه ورزانته ولا عنده مكبرات ولا عند شيء نقول: الأفضل بحقه أن يخفض صوته لأن أنكر الأصوات صوت الحمير، أو مؤذن يحتاج أن يبلغ الناس بالأذان مطلوب يرفع صوته، ولا يعني أن رفع الصوت في كل مقام هو الأولى، لا لكن إذا احتيج إليه صار الأولى، وذكر عن العباس أن صوته يبلغ تسعة فراسخ -رضي الله عنه وأرضاه- المقصود أن مثل هذه العبادة ما نقول: أن اللين والرفق لا، رفع الصوت هو المطلوب، ولذا جاء لما سئل عنه -عليه الصلاة والسلام- أي الحج أفضل؟ قال: ((العج والثج)) والعج: هو رفع الصوت بالتلبية، والثج: نحر الهدي والبدن. بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم النبيين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: فقد قال الإمام الحافظ ابن حجر -رحمه الله- في ضمن باب الإحرام وما يتعلق به، وعن زيد بن ثابت -رضي الله عنه-: "أن النبي -صلى الله عليه وسلم- تجرد لإهلاله واغتسل" [رواه الترمذي وحسنه].

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: وعن زيد بن ثابت -رضي الله تعالى عنه-: "أن النبي -عليه الصلاة والسلام- تجرد لإهلاله واغتسل" رواه الترمذي وحسنه، وقال: أنه حسن غريب، والغالب أن ما يأتي من قبل الترمذي بهذا الحكم أنه لا يسلم من ضعف، ولولا أن له ما يشهد له لحكم بضعفه؛ لكنه بطرقه يرتقي إلى الحسن بغيره، من أراد أن يدخل في النسك يستحب له أن يغتسل، ويلبس ملابس الإحرام، ومن لازم الاغتسال التجرد مع الاستتار، إذا تجرد من ثيابه التي لا يجوز له لبسها، ولا يتم الواجب إلا بهذا، لا يتم له إلا بالتجرد؛ لأنه لا يلبس المحرم القميص ولا العمائم ولا السراويل، هذا على ما سيأتي في الحديث اللاحق، ولا يتم له ترك هذه الأمور إلا بالتجرد؛ لكن لو افترضنا أن شخصاً لباسه في حله هو لباسه في إحرامه، يعني المعترف عندهم في بلدهم أنهم بالإزار والرداء طول العام سفراً وحضراً هذا لباسهم، وأراد أن يدخل في النسك، هل يلزمه أن يتجرد إن أراد الاغتسال من لازمه التجرد، وإن لم يكن على التجرد كامل؛ لكن هذه حكاية واقع، تجرد النبي -عليه الصلاة والسلام- وخلع ملابسه التي لا يجوز له أن يلبسها في إحرامه، واغتسل والاغتسال سنة؛ لكن لو كان لباسه مناسب للإحرام مما يصح لبسه في الإحرام، وقال: الجو بارد لا أريد الاغتسال، ولا أتجرد ولا شيء، نقول: ترك السنة. وعن ابن عمر -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سئل ما يلبس المحرم من الثياب؟ فقال: ((لا تلبسوا القمص، ولا العمائم، ولا السراويلات، ولا البرانس، ولا الخفاف، إلا أحد لا يجد النعلين فليلبس الخفين، وليقطعهما أسفل من الكعبين، ولا تلبسوا شيئاً من الثياب مسه الزعفران، ولا الورس)) [متفق عليه، واللفظ لمسلم].

يقول -رحمه الله تعالى-: "وعن ابن عمر -رضي الله تعالى عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سئل: ما يلبس المحرم من الثياب؟ سؤال عما يلبسه المحرم، والجواب المطابق أن يقال: يلبس كذا وكذا، يلبس إزار ورداء، فالجواب جاء بما لا يلبسه المحرم؛ لأن الذي لا يلبسه المحرم محصور، يمكن حصره والذي يلبسه المحرم لا يمكن حصره، والجواب دائماً يكون بالمحصور، فمثلاً لو قيل: هل زيد ثقة أو ليس بثقة؟ وأردت أن توثقه أو تجرحه بكلام مقبول؛ لأنك لو تقول: ثقة قال لك: لماذا؟ تقول: غير ثقة؟ قال لك: لماذا؟ أهل العلم لا يقبلون الجرح إلا مفسر، فأنت تقول: فلان ليس بثقة؛ لأنه يفعل كذا، ليس بثقة لأنه يشرب الخمر مثلاً، هل يحتاج أن تقول: زيد ليس بثقة يصوم ويصلي ويزكي ويحج ويبر والديه، ولا يسرق ولا يزني ولا يشرك ولا يفعل ولا يترك إلا أنه يشرب الخمر، أو تقول: ليس بثقة لأنه يشرب الخمر، ومعروف أن الباقي على الأصل أنه مسلم؟ نعم فأنت في جوابك تذكر ما يمكن حده، أما ما لا يمكن حده لو قال: يلبس إزار ورداء، لقيل: نعم إزار صوف، وإلا رداء قطن، وإلا أسود، وإلا أحمر، وإلا أبيض، وإلا أخضر، وإلا من أي نوع كان، فجاءك بما يمكن حصره، ويسمى بالأسلوب الحكيم، يعني الأصل أن يسأل الإنسان عما يمنع منه؛ لأن الأصل الإباحة، ما عدا ذلك مباح، والمباح لا يمكن حصره، والممنوع يمكن حصره، فيكون الجواب بالممنوع، وهذا من الأسلوب الحكيم أن يجاب السائل بغير ما سأل مما هو أهم منه، سئل ما يلبسه المحرم -عليه الصلاة والسلام- من الثياب، فقال: ((لا تلبسوا القميص)) وهو مخيط على قدر البدن، وله أكمام، وله جيب، فتحة يدخل منها الرأس، هذا القميص، ((ولا العمائم)) وهي ما يلف على الرأس، لا يلبسه المحرم، فلا يجوز للمحرم أن يغطي رأسه، له أن يغطي بدنه بغير القميص، بغير ما استثني؛ لكن ليس له أن يغطي رأسه، ((ولا السراويلات)) السراويلات: جمع سراويل، السراويل جمع وإلا مفرد؟ مفرد، جمعه سراويلات، السراويل معروف ما يلبس على النصف الأسفل من البدن، وله كمان، هذا واضح ومعروف، ويشمل الطويل والقصير، وإن كان القصير جداً يسمى التبان، وجاء عن عائشة أنها رخصت في لبس التبان لكن

الجمهور على منعه؛ لأنه نوع من السراويل، من السراويل ما يسميه أهل العلم أهل اللغة كالأزهري وابن سيدة وغيرهم النقبة، نوع من السراويل، سروال مفتوح ما له أكمال، سروال مفتوح بدون كرسي ولا أكمام، يسمونه نقبة، وهو نوع من السراويل يدخل في المنع هنا.

((ولا البرانس)) البرانس أيضاً تغطي الرأس كالعمامة إلا أنها ملتصقة في القميص بالثوب، فالعمائم كانت شائعة، والبرانس نادرة فنص على ما شاع استعماله، وما ندر استعماله مما يغطي الرأس، ((ولا الخفاف)) الخف: الذي يلبس على القدم مما يستر الكعبين، ((إلا أحد لا يجد النعلين فليلبس الخفين وليقطعهما أسفل من الكعبين)) هذا الحديث قيل بالمدينة، والنبي -عليه الصلاة والسلام- في خطبته المشهورة التي حضرها الجموع الغفيرة بعرفة ذكر أن من لا يجد النعلين يلبس الخفين، ولم يذكر القطع، فشخص أراد أن يحرم ما وجد نعلين ومعه خفان هل يلزمه القطع كما في هذا الحديث ((فليلبس الخفين وليقطعهما أسفل من الكعبين)) أو لا يلزمه باعتبار أن النبي -عليه الصلاة والسلام- أطلق في الحديث المتأخر ((فليلبس الخفين)) وليس فيه إشارة إلى القطع، لذا اختلف العلماء هل مثل التعارض في مثل هذين الحديثين من باب الإطلاق والتقييد فيحمل المطلق على المقيد، فيلزم القطع، الحديث مقيد بالقطع حديث الباب، الحديث الآخر مطلق، فيحمل المطلق على المقيد واتحد الحكم والسبب، أو نقول: من باب المتقدم والمتأخر فيكون المتأخر ناسخ؟ فالأكثر على أنه يلزم القطع، وهو مما يقتضيه قاعدة الإطلاق والتقييد؛ لأن الحكم واحد والسبب واحد، ومن أهل العلم كما معروف عن الإمام أحمد أنه لا يلزم القطع؛ لأنه لو كان القطع لازم للزم بيانه بعرفة؛ لأنه حضرها من الحجاج من لم يحضر، حينما قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((وليقطعهما أسفل من الكعبين)) فدل على أن الأمر بالقطع منسوخ في عرفة، نعم تم البيان في المدينة، والنبي -عليه الصلاة والسلام- عليه أن يبين، ولا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة، هل يكفي مثل هذا البيان الذي بينه في المدينة وحضره جمع من الصحابة ونقلوه؟ يكفي مثل هذا البيان أو لا بد من البيان لكل من لم يبلغه الخبر الأول، ويغلب على الظن أن من لم يبلغه أكثر ممن بلغه؟ وعندنا حديث الباب، وفيه الأمر بالقطع متقدم، الحديث الثاني بعرفة متأخر وليس فيه أمر بقطع، ولذا اختلفت مآخذ أهل العلم ومسالكهم بالنسبة لهذين الحديثين، يعني مثل ما يقال في لحم الإبل: أنتوضأ من لحم الغنم؟ قال: ((إن

شئت)) أنتوضأ من لحم الإبل؟ قال: ((نعم)) الحديث الآخر كان آخر الأمرين من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ترك الوضوء مما مسته النار، فهل نقول: أن ترك الوضوء ناسخ للأمر بالوضوء من لحم الإبل؛ لأنه متأخر، كان آخر الأمرين، أو نقول: أن هذا بعمومه يتناول الإبل وغير الإبل، والتنصيص على الإبل يدل على أنه مخرج من العموم، فهناك تعارض عموم وخصوص مع تقدم وتأخر، وهنا تعارض إطلاق وتقييد مع التقدم والتأخر، عرفنا ما بين المسألتين من وجه الشبه؟ واضح؟ الآن الحنابلة ماذا يقولون بالنسبة للحم الإبل؟ ينقض الوضوء، طيب لماذا ما عملوا بكونه آخر الأمرين من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، خاص وعام، صحيح، وهنا مطلق مقيد، لماذا ما عملوا بالمقيد؟ لأن هذا فيه إضافة إلى التقدم والتأخر فيه مسألة البيان، وكونه بُين على وجهٍ كافٍ في وقته، المدينة كافي، يعني لو كان العدد هو العدد ما اختلف قلنا: يكفي، ما يلزم أن يكون النص يبلغ كل فرد فرد، ما يلزم؛ لكن لما حضرة الجموع الغفيرة التي تحتاج إلى بيان ولا بين -عليه الصلاة والسلام- دل على أنه عدل عن الحكم الأول إلى الثاني، ولهذا هو المرجح، وإلا بإمكان مثلاً شافعي ولا حنفي ولا مالكي يلزم الحنابلة بمثل هذا في مسألة لحم الإبل، أنتم عملتم بالناسخ بعرفة، ولا عملتم بالمقيد بالمدينة، وعملتم بالمخصص بالنسبة للحم الإبل، ولم تعملوا بالآخر من حاله -عليه الصلاة والسلام- في ترك الوضوء مما مسته النار، لماذا فرقتم بين هذا وهذا والمسألة متطابقة؟ هذا عام وخاص، وهذا مطلق ومقيد، هذا متأخر، وهذا متقدم، يعني أن المسألة هذه نظير تلك؛ لكن يبقى أن المرجح لقول الحنابلة في هذه المسألة مسألة البيان حصل البيان في المدينة لكن يبقى أنه هناك جموع غفيرة تحتاج إلى بيان ولم يبين لها -عليه الصلاة والسلام- ولو كان مطلوباً لبينه في وقته، والأكثر على أنه لا بد من القطع عملاً بقاعدة المطلق والمقيد، ظاهر وإلا ما هو بظاهر؟ والآن تقطع ولا ما تقطع؟ يعني الحنابلة يدعمون قولهم بأمور الأول أن هذا مسألة البيان التي أشرنا إليها مع التأخر يضاف إلى ذلك أنه إتلاف وإضاعة للمال، وقد نهى عن إضاعة المال، فكل هذه مما

يرجح قول الحنابلة. ((ولا تلبسوا من الثياب شيئاً مسه الزعفران)) الرجال منهيون عن لبس المزعفر من الثياب ((ولا تلبسوا من الثياب شيئاً مسه الزعفران)) للونه ولرائحته، ولو غرسه ونبته طيب الرائحة معروف؛ لأن المحرم ممنوع من الطيب وهذا منه، طيب عبد الرحمن بن عوف لما تزوج وجاء إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- وعليه ثوب به ردع من الزعفران، ولا أنكر عليه، ما أنكر عليه، لماذا ما أنكر عليه؟ المتزوج يفعل ما يشاء، العلماء أجابوا بأجوبة منهم من قال: أن هذا الزعفران الذي لحق بثوبه ليس مقصوداً، وإنما هو بسبب المعاشرة، والمرأة تتزعفر وتتصنع وتتزين؛ لأن الظرف ما هو بعادي، المقصود أن النهي عن الثوب المزعفر معروف، ولا يجوز للرجل أن يلبس الثوب المزعفر، ويؤكد عليه هنا في حال الإحرام، لما ينهى عنه في حال الإحلال إضافة إلى أن رائحته طيبة. طالب:. . . . . . . . . فيه المعصفر، وفيه الزعفران، كل اللونين، والأحمر أشد. طالب:. . . . . . . . . الأصفر الغامق مو بالفاتح، وش تسمي هذا؟ أصفر ولا أيش؟ أصفر عرفاً، هذا عند الناس يسمونه أصفر؛ لكن مو بأصفر. وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "كنت أطيب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لإحرامه قبل أن يحرم، ولحله قبل أن يطوف بالبيت" [متفق عليه].

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "كنت أطيب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لإحرامه قبل أن يحرم" ويستمر الطيب في مفرقه -عليه الصلاة والسلام- "كنت أرى وبيص المسك في رأس رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" هذا قبل الإحرام، ويستمر الطيب في البدن، في الرأس لا في الثوب، ولذا أمر النبي -عليه الصلاة والسلام- من أراد العمرة وهو متضمخ بالطيب أن يغسل الجبة، يغسل ما لحق بثوبه لإحرامه، ونساءه -عليه الصلاة والسلام- كن يتطيبن، ويسيل الطيب على وجوههن ويراهن النبي -عليه الصلاة والسلام- ولا ينكر، فكونه ينتقل من مكان إلى آخر بنفسه؛ لكن لو حك رأسه ولصق به الطيب، ثم حك وجهه وإلا بدنه عليه شيء وإلا ما عليه شيء؟ هو الذي نقله ما انتقل بنفسه، كونه ينتقل يتسرب هذا شيء ما فيه إشكال، ونص عليه في حديث أمهات المؤمنين؛ لكن كون الإنسان ينقله من مكان إلى آخر محظور من محظورات الإحرام، هل من الأولى والأحوط أن يترك الطيب لئلا ينقله من غير أن يشعر؟ لأن بعض الناس ما يتطيب، يقول: أنا ملزوم أن أتحكك، وملزوم أن .... نعم كيف؟ يقول: بعض الناس يقول: من باب الاحتياط أنا والله ما أقدر يتحكك الواحد يمين ويسار، وينقله من مكان إلى آخر، وهو لا يشعر فمثل هذا الاحتياط ينفع نعم؟ أنت افترض الطيب دهن عود مثلاً تطيب وإلا ما تطيب؟ طيب وإذا حك رأسه وصار بيده إلى الثوب؟ طالب:. . . . . . . . . إذاً تلزمه إزالته، إذا نقله من مكان إلى آخر من غير عمد يستمر ولا يزيله، لا الأصل باقي، الأصل يسمونه أيش؟ يعني عندك شيء ابتداء يمنع من ابتدائه ولا يمنع من استمراره، المحرم لا يتطيب؛ لكن يستديم الطيب، المحرم لا ينكح ولكن يستديم النكاح. طالب:. . . . . . . . .

لو نقله بنفسه من غير أن يشعر لزمه إزالته، إذا شعر معفو عنه؛ لكنه يلزمه إزالته، كما لو تطيب ناسياً يلزمه إزالته، فبعض الناس يتورع ويحتاط ويقول وهذا ليس من الورع بشيء، ليس من الورع لا من قبيل ولا من دبير أبداً، الأكمل أن يفعل ما فعله النبي -عليه الصلاة والسلام- وهذه سنة، يتطيب ويحتاط بقد الإمكان، وإذا وقع شيء أو حصل شيء من غير قصد معفو عنه، وإذا نقله بنفسه إلى موضع آخر يبادر بإزالته. ((قبل أن يحرم ولحله قبل أن يطوف بالبيت)) بعد أن يفعل ماذا؟ الرمي فقط، وأيضاً والنحر، كل هذه فعلها قبل أن يطوف، ولو كان طيبه قبل أن ينحر وقبل أن يحلق لقالت: "ولحله قبل أن يطوف بالبيت" وهذا يستدل به من يستدل بأن الحل لا يحصل إلا باثنين، على خلاف فيما بينهم في إدخال النحر لكن الجمهور على أنه لا يدخل النحر؛ ليس من أسباب التحلل، يعني لو ترك النحر إلى آخر شيء. طالب:. . . . . . . . . نعم كيف؟ إذا فعل الثلاث وما نحر، ترك النحر آخر شيء، نعم الآن هذا فعل ثلاثة أو أربعة، فعل الرمي والحلق والطواف والسعي، ما بقي إلا النحر، يعني مقتضى كلامه أنه يحل؛ لأنهم ما علقوا الإحلال بالنحر؛ لكن النصوص أليس فيها دلالة يعني {حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} [(196) سورة البقرة] يعني هذا ماله أثر في النصوص؟ ما الذي يمنع القارن من أن يحل؟ الهدي، يعني الهدي لا أثر له في الحل. طالب:. . . . . . . . .

يعني يجوز أن يحلق قبل أن ينحر، وفعله -عليه الصلاة والسلام- ماذا فعل، أول ما بدأ رمى الجمرة، ثم ... نعم طيب المقصود أن الأكثر على أنه لا يتحلل إلا بفعل اثنين من ثلاثة، وليس منها نحر الهدي، وجاء ما يدل على أن التحلل يحصل برمي جمرة العقبة فقط، وهذا الحديث لأنها قالت: "ولحله قبل أن يطوف بالبيت" يعني الطيب ارتباطه بالحل واضح؛ لكن ارتباط الحل بالطواف وكونه قبل الطواف يدل على أن ما قبله داخل في المنع، يعني قبل الحل، ما قبله، انتبه للعبارات، الآن العلماء استنبطوا من هذا الحديث أنه لا يحل إلا باثنين، استنبطوا منه أيضاً ضعف الحديث الذي فيه: "أن من رمى جمرة العقبة حل له كل شيء، على أن يطوف قبل غروب الشمس من يوم العيد" نعم الحل مشروط على أن يطوف، وعائشة -رضي الله عنها- تطيب الرسول -عليه الصلاة والسلام- قبل أن يطوف، يعني الحل المؤقت، يعني الآن رمى الجمرة ولبس ثيابه ما طاف قبل غروب الشمس ينزع الثياب، هذا مقتضى الحديث، بل هو منصوصه، هو منصوص الحديث، يعني جاء الأمر بنزع الثياب في الحديث، الحديث حكم بشذوذه لمعارضة هذا الحديث الصحيح، أولاً حديث مختلف في صحته وضعفه؛ لكن حتى على القول بأن إسناده لا بأس به معارض لهذا الحديث. طالب:. . . . . . . . .

نعم القارن؟ مثل غيره، إذا فعل الاثنين خلاص رمى وحلق يحل، ولا يلزمه النحر باعتبار أن النحر جاء تقديمه وجاء تأخيره، والنبي -عليه الصلاة والسلام- يقول: ((افعل ولا حرج)) ولولا مثل هذا النص لكان للنحر أكبر الأثر في الحل {وَلاَ تَحْلِقُواْ رُؤُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} [(196) سورة البقرة] والمحل: هل هو مكان الإحلال، أو وقت الإحلال؟ يعني مسألة طويلة الذيول، لو بسطناها تحتاج إلى أوقات ما هو بوقت؛ لأن مقتضى النحر وتقديمه على الحلق وتقديمه على الرمي، ما قدم على شيء، جواز تقديمه تأخيره أنه يجوز أن ننحر قبل الصلاة، ألا يجوز لنا أن نرمي قبل الصلاة؟ ويجوز لنا أن نقدم النحر على الرمي، إذاً يجوز لنا أن ننحر قبل الصلاة؛ لكن أهل العلم قالوا: أن وقت نحر الهدي هو وقت الأضحية، على خلاف بينهم في مسألة التقديم في نحر الهدي معروف، قبل وقت نحره، يمكن قبل يوم العيد بعض أهل العلم يقولون؛ لأن السبب انعقد ولا يلزم وقت الوجوب. طالب:. . . . . . . . . هو من أعمال الحج؛ لكن هل هو من الأعمال المؤثرة في الحل أو غير مؤثر في الحل؟ الجمهور ما هو مؤثر، ما عدوه منها. طالب:. . . . . . . . . إيش هو؟ القارن إذا فعل اثنين يحل {حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} [(196) سورة البقرة] وقت حلوله، بلغ وقت حلوله، "ولحله قبل أن يطوف بالبيت" فيستحب لمن أراد الإحرام أن يتطيب، وأيضاً يتطيب إذا أراد الطواف. طالب:. . . . . . . . . ما فيه شيء، على الخلاف بينهم في الحاج، هل عليه أضحية أو ليس عليه أضحية؟ طالب:. . . . . . . . . إيه، البدن لا الثوب، البدن لا الثوب. طالب:. . . . . . . . . هو ينتقل للثوب، والأصل لا ينتقل للثوب، ولذلك النبي -عليه الصلاة والسلام- ما عرف عنه إلا أنه يطيب رأسه، البدن أمره سهل؛ لكن يبقى أن الثوب لا، فيمنع بقية البدن من أجل الثوب. وعن عثمان بن عفان -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا يَنكح المحرم، ولا يُنكح، ولا يخطب)) [رواه مسلم].

يقول -رحمه الله تعالى-: وعن عثمان بن عفان -رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا ينكح المحرم)) نفي وإلا نهي؟ نفي، عندكم جزم وإلا رفع؟ مجزوم وإلا مرفوع؟ إذاً نفي وليس بنهي، ويراد من النفي هنا النهي، بل هو أبلغ من النهي الصريح، ((لا ينكح المحرم ولا ينكح)) يعني لا يتزوج بنفسه، ولا يزوج غيره، ولا يخطب، لا لنفسه ولا لغيره، ما دام محرماً، فالمحرم ممنوع من النكاح، والنكاح المنهي عنه يتناول العقد والوطء معاً، ويتناول كل واحد منهما على انفراده، فلا يعقد ولا يطأ، ولا ينكح أيضاً، لا يزوج غير موليته، ولا يخطب امرأة جديدة، لا له ولا لغيره، جاء في الصحيح من حديث ابن عباس أن النبي -عليه الصلاة والسلام- تزوج ميمونة وهو محرم؛ لكن هذا وهم من ابن عباس -رضي الله عنهما- فالثابت عن ميمونة نفسها، وعن أبي رافع السفير بينهما أن النبي -عليه الصلاة والسلام- تزوجها وهو حلال، إذا عقد المحرم على محرمة مثلاً، والخاطب والسفير محرم، وتم العقد والعاقد محرم، العقد صحيح وإلا باطل؟ صحيح وإلا باطل؟ الزوج محرم، والزوجة محرمة، والخاطب محرم، والعاقد محرم، نعم أنت افترض الأربعة كلهم محرمون، والشهود أيضاً محرمون، والولي محرم، كلهم محرمون، كل الشلة محرمون، وهل يختلف هذا في كون الزوج فقط محرم أو الزوجة فقط محرمة؟ يختلف الحكم؟ ما يختلف الحكم، المقصود أن العقد فيه مخالفة شرعية، فيه مخالفة لما جاء في هذا الحديث؛ لكن هل هذه المخالفة تقتضي ببطلان العقد؟ يعني هل النهي يعود إلى ذات العقد أو إلى شرطه أو يعود إلى أمر خارج؟ طالب:. . . . . . . . . العقد صحيح؛ لأن النهي يعود إلى أمر خارج، لا إلى ذات المنهي عنه، ولا إلى شرطه، معنى مقتضى القاعدة. طالب:. . . . . . . . . الكلام في العقد، العقد يلزم تجديده وإلا يكفي العقد الأول؟ على مقتضى قول من يقول: كل نهي يقتضي الفساد والبطلان وعدم الصحة هذا باطل، فما حصل نكاح أصلاً يحتاج إلى عقد جديد، والذي يقول: أن النهي لا يقتضي البطلان إلا إذا عاد إلى ذات المنهي عنه، مثل نكاح الأخت، أو الجمع بين الأختين، بطلان لأنه عاد إلى ذات المنهي عنه.

طالب:. . . . . . . . . هاه؟ باطل وإلا صحيح العقد مع التحريم الإثم لا بد منه؟ طالب: يا شيخ منهي عن ذات النكاح في الإحرام. لا لو قلنا بهذا كل شيء أجل منهي عنه، أنت انظر إلى أن ذات المنهي عنه، العقد متكامل بشروطه وأركانه وانتفاء الموانع؛ لكن بعضهم يذكر من الموانع أن لا يكون أحدهم متلبس بالإحرام، فيكون المحل غير قابل، وعلى هذا لا بد من تجديده، ولا شك أن تجديده أحوط، باطل على قول من يرى أن كل نهي يقتضي البطلان، هذا الظاهر، أما من يرون جهة الانفكاك أمر ثاني. وعن أبي قتادة الأنصاري -رضي الله عنه- في قصة صيده الحمار الوحشي، وهو غير محرم، قال: فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لأصحابه، وكانوا محرمين: ((هل منكم أحد أمره أو أشار إليه بشيء)) قالوا: لا، قال: ((فكلوا ما بقي من لحمه)) [متفق عليه] وعن الصعب بن جثامة الليثي -رضي الله عنه- أنه أهدى لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- حماراً وحشياً، وهو بالأبواء، أو بودان فرده عليه، وقال: ((إنا لم نرده عليك إلا أنا حرم)) [متفق عليه].

حديث أبي قتادة الحارث بن ربعي حينما صاد حمار الوحش، الحمار الوحشي وهو غير محرم، والنبي -عليه الصلاة والسلام- مع صحابته محرمون، واستشكل كونه لم يحرم، وقد جاوز الميقات؛ لكن الجواب عنه أن النبي -عليه الصلاة والسلام- بعثه مع مجموعة من أصحابه لاستكشاف حال العدو من جهة الساحل، فلم يحرم إلا بعد، المقصود أنه وقت صيده للحمار الوحشي ليس بمحرم، النبي -عليه الصلاة والسلام- لما استفصل من صحابته، هل منكم أحد أمره بأن يصيد، أو أشار إليه بشيء، يعني أعانه على صيده، قالوا: لا، قال: ((فاكلوا ما بقي من لحمه)) وفي بعض الروايات: أن النبي -عليه الصلاة والسلام- سألهم هل معكم منه شيء؟ قالوا: معنا رجله، فأخذها النبي -عليه الصلاة والسلام- فأكلها، هذا الحديث يدل على أن من لم يصد الصيد وهو محرم، ولم يصد من أجله، ولم يعن على الصيد أنه له أن يأكل، وحديث الصعب بن جثامة أهدى لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- حماراً وحشياً، وهو بالأبواء أو بودان فرده عليه، وقال: ((إنا لم نرده عليك إلا أنا حرم)) يعني هل العلة كونه محرم -عليه الصلاة والسلام-؟ يعني هل علة الرد كونه محرم؟ هذه العلة موجودة في حديث أبي قتادة، النبي محرم -عليه الصلاة والسلام-، يعني هل هي هذه العلة المؤثرة في الحكم؟ النص على: ((إنا لم نرده عليك إلا أنا حرم)) المحرم ممنوع، يحرم عليه {وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا} [(96) سورة المائدة] وهو محرم في حديث أبي قتادة، وهو محرم في حديث الصعب، قبل في حديث أبي قتادة، ورد في حديث الصعب، قالوا: الوصف المؤثر هنا أنه في حديث أبي قتادة ما صيد من أجله، وفي حديث الصعب أنه صيد من أجله {وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ} [(96) سورة المائدة] المراد بالصيد هنا هل هو المصيد أو الاصطياد؟ هل هو المصيد حرم عليكم {مَا دُمْتُمْ حُرُمًا} [(96) سورة المائدة] أو هو الاصطياد حرام؟ لأنه يصح يأتي هذا وهذا، واللفظ يحتمل هذا وهذا، فالصيد كما يطلق على المصيد، شوف مع واحد حيوان أرنب وإلا طائر مما يؤكل، تقل له: وش هذا؟ يقول: صيد، فأطلق الصيد على المصيد، وتسأل: وين فلان؟ قالوا: راح للصيد، راح يصطاد، فإطلاق الصيد

على المصيد ظاهر، وإطلاقه على الاصطياد ظاهر، وفي قوله -جل وعلا-: {وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا} [(96) سورة المائدة] يحتمل هذا وهذا، حديث أبي قتادة يدل على أن الممنوع الاصطياد، وحديث الصعب يدل على أن الممنوع الصيد، والفرق المؤثر بينهما أنه في حديث أبي قتادة عند أهل العلم ما صيد من أجل المحرم، وفي حديث الصعب صيد من أجله، ولا يمكن أن يوجد وصف مؤثر غير هذا؛ لأن قوله: ((إنا لم نرده عليك إلا أنا حرم)) هذه العلة موجودة في حديث أبي قتادة، لو كانت موجودة في حديث الصعب لأثرت في حديث أبي قتادة؛ لكن من باب اللطف والتلطف في الرد ذكرها؛ لأن الإحرام يمنع من أكل الصيد في الجملة، ونحن محرمون، والنص من القرآن ظاهر، فهذا من باب التلطف في الرد؛ لأن من أهدي له شيء ينبغي أن يقبله، ولو كان شيئاً يسيراً حقيراً، في نظره، ((لا تحقرن جارة لجارتها ولو فرسٍ شاه)) فالهدية النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يقبل الهدية، ويثيب عليها، فكونه رد هذا واعتذر بهذا العذر المقبول جبراً لخاطر المهدي، أليس بإمكان الصعب أن يقول: أنت حرم صحيح أنت محرم وقبلت من أبي قتادة وأنت حرم؟ ألا يمكن أن يقول هذا؟ لنفترض أن المسألة في غير الرسول -عليه الصلاة والسلام-، اثنين جايبين لك هدية، واحد رجل حمار وحشي، والثاني أرنب، تأخذ من واحد وتأكل، وتقول للثاني: أنا حرم، إذا كنت تعرف أن الظرف الذي من أجله صاد هذا مثل الظرف صار الوصف غير مؤثر؛ لكن إذا كان عندك خبر أن هذا صاحب الأرنب صادها من أجلك، وصاحب الحمار صاده له، ثم بعد ذلك طرأ أن يهديه لك، الوصف مؤثر عند أهل العلم. "أهدى لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- حماراً وحشياً" وفي بعضها: "عضد من لحم حمار" وفي بعضها: "عجز حمار وحشي" المقصود أن يطلق الكل ويراد به البعض، إطلاق صحيح في لغة العرب، "بالأبواء أو بودان" موضعان معروفان، فرده -عليه الصلاة والسلام- للعلة المذكورة, وقال: "إنا لم نَرُدَه" كذا (نردَه) أو (نردُه) أو (نردِه)؟ طالب: نردُه.

اثبتوا على رأي، بفتح الدال؟ الآن العامل (لم) أثر العامل على ما بعده، (لم) ماذا تفعل في الفعل المضارع؟ تجزم، هنا يمكن الجزم؟ لو قال: لم نقبلْه، فيه إشكال وإلا ما فيه إشكال؟ ما فيه إشكال؛ لكن الحرف المضعف المشدد، والحرف المشدد عبارة عن حرفين، ساكن ومتحرك، (لم نردَه) المحدثون يفتحون الدال، والمحققون من أهل العربية يضمونها، يعني لو كان الإدغام مفكوك (لم نردده) صار مثل: (لم نقبلْه) ما فيه إشكال؛ لكن في حال الإدغام الجزم لن يظهر، كالتقاء الساكنين {إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ} [(11) سورة المجادلة] الأصل مجزوم جواب الطلب (يفسحْ) لكن لالتقاء الساكنين حرك بأي شيء؟ بالكسرة {يَرْفَعِ اللَّهُ} [(11) سورة المجادلة] حرك بالكسرة لتعذر السكون، وهنا تعذر السكون نحركه بأيش؟ بالفتح أو بالكسر؟ مثل (يفسحِ الله) (يرفعِ الله) أو بالضم؟ هم يقولون: فيه ثلاثة أوجه: الضم، وعند المحققين في اللغة العربية هو أقواها، وأضعفها عندهم الفتح، عندهم الكسر أسهل من الفتح، مع أنه يمكن ينطق به الكسر؟ (لم نردِه) لو كان الضمير ضمير مؤنث أهدى إليك أرنب فرددتها، فقلت: (لم نردَها) ما فيه إشكال إنك تفتح بدون تردد؛ لكن باعتبار أن الضمير مرفوع مبني على الضم، ومن باب الاتباع عندهم تُضم الدال المشددة، عندهم شيء يسمى الاتباع، كما تقول: الحمد لله، كسرت الدال وأتبعت اللام، أو تضم اللام لتتبعها الدال، الحمد لله، وكل هذا معروف، من باب الإتباع قالوا: تضم الدال، عندنا الأمر يبنى على ماذا؟ على ما يجزم به مضارعه، اشتريت آلة أو اشترى أبوك آلة وما صلحت، وجد فيها عيب، وقال لك: أعطها صاحبها، وش سيقول لك: (ردِه) وإلا (ردَه) ولا (ردُه) وش بيقل لك؟ الآن عندنا أمر والأمر يجزم على ما يبنى به مضارعه، وش بيقول؟ طالب:. . . . . . . . . الهاء مبنية على الضم ما فيها إشكال في المضارع وفي الأمر مبنية على الضم. طالب:. . . . . . . . .

انتهينا من المؤنث ما فيه إشكال، حتى عندنا في الحديث لو كانت مؤنث ما عندنا إشكال (ردَها) (لم نردَها) هذا ما فيها إشكال في المؤنث، الإشكال في المذكر الضمير مبني على الضم، نضم الفعل وإلا إيش نسوي؟ طيب ضم لي الأمر، وهو يبنى على ما يجزم به مضارعه، وش بيقل لك أبوك: ردُه وإلا ردَه؟ أنتم تسخرون من الذي يقول: ردُه. طالب:. . . . . . . . . لا، لا، دعنا من فك الإدغام، إذا فككنا انتهينا من كل شيء، فكينا الإدغام ما عندنا مشكلة أصلاً؛ لكن الآن الحديث مدغم، وأمرك أبوك أن تعيد الآلة التي فيها عيب وش بيقل لك؟ طالب:. . . . . . . . . يا أخي دعونا من الفك، لو الحديث مفكوك ما صار عندنا مشكلة، الآن عندنا إدغام، والأمر يبنى على ما يجزم به مضارعه، كيف نصوغ الأمر من هذا؟ طالب:. . . . . . . . . لا، لا، القاعدة هكذا، متفق عليه أنه يبنى على ما يجزم به مضارعه، أنا أريد أن أقرر أن كلام المحدثين صحيح، ولو تحامل عليهم النووي وخطأهم، ونقول: لم نردَها، أحياناً يتعذر عمل العامل كالتقاء الساكنين، الآن هل يجوز جر الفعل؟ ما يجوز جر الفعل بالكلية، وليس الفعل مما يدخله الجر، الجر من علامات الأسماء، لماذا قلنا: (يفسحِ الله) (يرفعِ الله) والفعل أصلاً ما يجر، طالب: للتخلص ... نعم، ولبيان أثر العامل، لماذا؟ لأننا لا نستطيع أن نرفع، لأننا إذا رفعنا ألغينا أثر العامل، هنا لا بد أن يوجد للعامل أثر، صار ما فيه فرق أن يكون الفعل مجزوم وإلا مضموم، أنا أريد أن أقرر بهذا أن كلام المحدثين صحيح، المحدثون يروونه بفتح الدال، وتحامل النووي وقال: المحققون من أهل العربية، أبداً ولا محققون ولا شيء، في شرح مسلم يقول: "في (رده) ونحو للمذكر ثلاثة أوجه: أوضحها الضم، والثاني: الكسر، وهو ضعيف، والثالث: الفتح، وهو أضعف منه" جاء ما يدل على أن الصعب بن جثامة صاده من أجل النبي -عليه الصلاة والسلام- عند أحمد وابن ماجه، وهذا هو الوصف الحقيقي المؤثر كما ذكرنا. طالب:. . . . . . . . . المؤنث؟ يعني ضمير المؤنث؟ طالب:. . . . . . . . . إيه، نعم، وش فيه؟ طالب:. . . . . . . . . وين الجمع؟ لم نردَه لم نردَه. طالب:. . . . . . . . .

إيه، ما هو بجمع، هو مفرد، المردود شيء واحد. طالب:. . . . . . . . . النون هذه ما لها أثر، أردَه يردَه نردَه، ما يختلف الوضع فيها. طالب:. . . . . . . . . أصلها تضارِر أو تضارَر؟ طالب:. . . . . . . . . معروف هذا؛ لكن الأصل في تضارر إذا فككنا وإن كان ما له علاقة، الاحتمال قائم في أن الراء الأولى مكسورة أو مفتوحة، تضارَر، وهذا متجه أن الوالدة ما تضارَر بولدها، إذا طلبت إرضاعه ما يمكن تقول لها: لا؛ لأنه يلحقها الضرر به، كما أن الوالدة لا ترفض إرضاعه ولا حضانته إذا لم يجد غيرها؛ لأنها تضارِر بهذا، المقصود أن كلامهم من حيث التأصيل صحيح؛ لكن ما هو متعارض مع ما قلناه. طالب:. . . . . . . . . هذا أنا أردت أن أقرر الكلام الطويل هذا الذي كثير من الإخوان كأنه مل من تكراره لأقرر أن المحدثين على الجادة. طالب:. . . . . . . . . ((ولا ينكح)) يعني ما يتزوج ولا يزوج غيره، لا يكون طرف في العقد باعتباره متزوج سواء ذكراً كان أو أنثى، ولا يكون عاقد ما يزوج موليته وهو محرم. وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((خمس من الدواب كلهن فاسق، يقتلن في الحرم، الغراب، والحدأة، والعقرب، والفأرة، والكلب العقور)) [متفق عليه]. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((خمسة من الدواب)) (من) هذه تبعيضية وإلا بيانية؟ طالب:. . . . . . . . .

يعني هؤلاء الخمس بعضاً من الدواب، وليس من جنس الدواب لنقول بيان، هي بيانية تبعيضية، خمس من الدواب، الأصل في الدابة كل ما يدب على وجه الأرض يقال له: دابة، وخصه العرف بذوات الأربع؛ لكن هل الاصطلاح العرفي -العرف الخاص- هو المراد في الحديث؟ المراد الإطلاق، كل ما يدب على وجه الأرض، {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا} [سورة هود: 6] {وَكَأَيِّن مِن دَابَّةٍ لَا تَحْمِلُ رِزْقَهَا} [(60) سورة العنكبوت] طيب الطيور من الدواب وإلا ليست من الدواب؟ {وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ طَائِرٍ} [(38) سورة الأنعام] هذه من الدواب وإلا ليست من الدواب؟ يعني العطف يقتضي المغايرة هنا وإلا تنصيص على بعض أفراد العام؟ مغايرة، يعني الدابة غير الطائر، خمس من الدواب وفيهن الغراب والحدأة طيور وإلا ما هي بطيور؟ إذاً الطائر من الدواب صح وإلا لا؟ إذاً وعطف الطائر على الدابة مغايرة وإلا تنصيص على خاص بعد عام؟ نعم تنصيص وإلا مغايرة؟ نعم تنصيص، وقد يقال: أن الطائر في هذه الآية ليست من الدواب؛ لأن الدابة تطلق بإطلاقات كثيرة؛ لكن الأصل فيها الشمول، كل ما يدب على وجه الأرض يقال له: دابة، وفي الحديث يقال: ((خمس من الدواب كلهن فواسق)) جمع فاسق، والفاسق والفسق أصله الخروج، فسقت الرطبة من قشرها يعني خرجت، والفاسق فاسق لأنه خرج عن الطاعة، وهذه الدواب فواسق، يقتلن في الحل والحرم، ثم ذكر العقرب، وهي المعروفة، والحدأة والغراب والفأرة والكلب العقور، جاء زيادات في روايات منها: "الحية" ومنها: "السبع" وجاء في بعض الروايات: "الذئب والنمر" المقصود أن العلة المؤثرة هنا لنقيس عليها ما يشاركها في العلة، أو نقول: تنصيص وخلاص ما نقيس ما يقتل إلا هذه الخمس؟ وما جاء في النصوص يلحق بها؛ لكن الفسق الوصف هذا له أثر. طالب:. . . . . . . . .

العلة منصوصة، وهي الفسق؛ لكن هل يتفق على معنى الفسق هنا؟ الفاسق الخارج، هؤلاء الخمس وما جاء في بعض الروايات من الزيادات خروجهن وفسقهن على ماذا؟ في كونها مؤذية أو في كونها خرجت عن الجادة في أن كل ما خلق للإنسان وهذه لا تُؤكل فهي ليست له؟ أو نقول: العلة الأذى أو نقول: توقيف ما فيه قياس لعدم الاتفاق على العلة؟ منهم من يقول: العلة عدم الأكل في كونها لا تُؤكل، فيقاس عليها كل ما لا يُؤكل إلا ما جاء النهي عن قتله، ومنهم من يقول: العلة الأذى بجامع الأذى كلها مؤذية، فيقتل كل مؤذي؛ لكن هناك أشياء جاء الأمر بقتلها وإن لم تكن مؤذية، الوزغ مثلاً يقتل في الحرم وإلا ما يقتل؟ طالب: يقتل. والعلة؟ طالب:. . . . . . . . . هو القتل والأمر به في الحل هذا ظاهر، والعلة معروفة. طالب:. . . . . . . . . دعونا من الوزغ، ما فيه غير الوزغ، عندك صراصير في البيت تجيب بخاخ وتقتلها، أيش يصير؟ تقتل وإلا ما تقتل؟ طالب:. . . . . . . . .

المذكورة كلها أذاها ظاهر، العقرب والحدأة والفأر والغراب كلها مؤذية، والكلب العقور والسبع والنمر كلها مؤذية، كلها مفترسة عادية؛ لكن يبقى التنصيص على العلة وهي الفسق إذا قلنا: تقتل لأنها فاسقة فسقها هو أشد من فسق من يعصي الله -جل وعلا- على بصيرة؟ ما هو بأشد، فهل نعتبر هذه علة مؤثرة، أو نقول: فسق لكل شيء بحسبه؟ هذه فسقها بالأذى؛ لأن من أهل العلم من يرى أنها يجمعها عدم الأكل، كلها ما تؤكل إذاً كل حيوان ما يؤكل يجب قتله؛ لكن هذا فيه توسع، توسع غير مرضي، ينافي مقتضى كونه حرم آمن، يعني لو شخص رأى حمار يقتله وإلا ما يقتله لأنه لا يؤكل؟ مقتضى هذه العلة، ولا يستفاد منه، لا يركب وتعطلت منافعه، مقتضى قولهم أنه يقتل؛ لكن هذا ليس بصحيح، والذي يظهر وهو الأقرب أنه الأذى، كل مؤذي يقتل، ولذا القاعدة المقررة عند أهل العلم أن كل ما آذى طبعاً يعني طبعه الأذى فإنه يقتل شرعاً. العقرب والحدأة والغراب، جاء تقييده في بعض الروايات بالأبقع، الغراب الأبقع، وهنا مطلق، عندنا مطلق ومقيد، فهل نقيد بالأبقع أو نقول: الأبقع فرد من أفراد الغراب والتنصيص على الفرد لا يقتضي التخصيص؟ على أنه خص اللفظ بغراب الزرع الصغير، هذا نص على أنه لا يقتل، وقال بعضهم: أنه يقتل، والغراب والفأرة مؤذية بطبعها، والكلب العقور لا شك أنه يغشى على الناس منه، يغشى من ضرره فيبادر بالقتل. ((يقتلن في الحل والحرم)) الذي في الصحيحين: ((يقتلن في الحرم)) أما زيادة الحل فهي موجودة في بعض روايات مسلم، وهي من باب الأولى، إذا قتلت في الحرم تقتل في الحل من باب أولى. طالب:. . . . . . . . . سرقت الأمتعة، مؤذية قد تعدو على الأطفال أحياناً مقلقة، نعم، المقصود أنها مؤذية يجمعها الأذى، نعم، الأسد جاء ذكره في بعض الروايات، وهو في حقيقته كلب، كما في حديث: ((اللهم سلط عليه كلباً من كلابك)) فيدخل في الكلب العقور. طالب:. . . . . . . . . ثابت أصلاً، مثل هذه الأمور المنصوصة ثابتة، فسقها ثابت هي تقتل مباشرة. طالب:. . . . . . . . . لا، لا، معروف مميز، العقور هذا لا بد أن يستكشف، هذا لا بد من اكتشافه. طالب:. . . . . . . . .

عاد الصائل له حكم، لو صال غيره من الأمور التي ليس من أصلها، لو صال أدنى حيوان، وليس من عادته الأذى، الصائل له حكمه، فهذا العقور من وصفه أنه يصول ويهجم. وعن ابن عباس -رضي الله عنهما-: "أن النبي -صلى الله عليه وسلم- احتجم وهو محرم" [متفق عليه]. الحديث تقدم في الصيام، احتجم وهو صائم، احتجم وهو محرم، تقدم الكلام فيه؛ لكن يهمنا هنا أن الحجامة بالنسبة للمحرم لا بأس بها؛ لكن إن تطلبت حلق الشعر حلق الشعر محظور من محظورات الإحرام، والمحظور إذا احتيج إليه يفعله من غير إثم؛ لكن مع فدية، بدليل الحديث الذي يليه، فمن احتاج إلى ارتكاب المحظور يرتفع عنه الإثم، وتبقى عليه الفدية، بخلاف من فعل المحظور من غير حاجة، عليه الفدية وعليه والإثم، يحتاج إلى لبس ثوب أو سراويل للتدفئة مثلاً يلبس ولا إثم؛ لكنه مع ذلك يلزمه الفدية، الحديث الذي يليه هو شارح للذي معنا؛ لأن الحجامة لا أثر لها في الأصل إلا باعتبار أنها أحياناً تطلب حلق الشعر، وإذا حلق الشعر للحاجة فدليلها هو حديث كعب بن عجرة الذي يليه. وعن كعب بن عجرة -رضي الله عنه- قال: "حملت إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والقمل يتناثر على وجهي، فقال: ((ما كنت أرى الوجع بلغ بك ما أرى، تجد شاة؟ )) قلت: لا، قال: ((فصم ثلاثة أيام، أو أطعم ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع)) [متفق عليه]. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: وعن كعب بن عجرة الأنصاري -رضي الله تعالى عنه- قال: حملت إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والقمل يتناثر على وجهي، فقال: ((ما كنت أرى أظن الوجع بلغ بك ما أرى)) لكن هل القمل وجع وإلا سبب الوجع؟ وهنا يكون من باب إطلاق المسبب وإرادة السبب ((ما كنت أرى)) يعني أظن الوجع بلغ بك ما أرى، أتجد شاة؟ الوجع مع القمل، القمل هل هو وجع أو مسبب للوجع أو مسبب عن الوجع؟ يعني هل من الأمراض والأوجاع ما يوجد بسببه القمل، أو أن القمل يوجد ابتداء من غير مرض ولا وجع، ثم ينشأ عنه الوجع؟ طالب:. . . . . . . . .

أنتم لا تنظرو إلى الظروف التي تعيشونه، نِعم وتيسر أسباب، انظروا إلى بعض المجتمعات تجدوا أن القمل بهذه المثابة، لا عندهم وسائل تنظيف، ولا عندهم ... شغلوا بما هو أهم من فلي الرأس، أو فلي الثوب، هذا معروف حتى عند العرب، والرسول -عليه الصلاة والسلام- كان يفلل -عليه الصلاة والسلام-، مثل الظروف التي نعيشها عندك الوقت أربعة وعشرين ساعة تصرف فيها كما شئت؛ لكن كانت الظروف إلى وقت قريب والناس على عاداتهم وعلى سجيتهم، لا يستحم إلا لموجب صحيح، فيكثر فيهم مثل هذه؛ لكن يبقى السؤال الأصلي وهو لا شك أن القمل يوجد مع ترك النظافة في الجملة، يكثر ويقل بسببها؛ لكن هل هو ناشئ عن وجع في البدن، أو يكون مسبباً لوجع؟ لأن التنصيص على أنه: ((ما كنت أرى الوجع)) يعني هل النبي -عليه الصلاة والسلام- استدل بكثرة القمل على وجود وجع عنده بسبب القمل؟ طالب:. . . . . . . . . من آثاره، بسببه، ((ما كنت أرى)) يعني أظن ((الوجع بلغ بك ما أرى)) يعني أشاهد ((أتجد شاة؟ )) قلت: لا، قال: ((فصم ثلاثة أيام، أو أطعم ستة مساكين، لكل مسكين نصف صاع)) هذا فيه دليل على أن الفدية على الترتيب، هنا قال: ((أتجد شاة؟ )) قال: لا، قال: ((فصم)) مفهومه على أنه لو كان يجد شاة للزمته، وأنه لا يعدل إلى الصيام والإطعام إلا إذا لم يجد الشاة؛ لكن ماذا عن الآية التي نزلت بسببه {فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ بِهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِّن صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} [(196) سورة البقرة] و (أو) هنا للتخيير، فلا شك أن التخيير إجماع بين أهل العلم، فمن لزمته فدية الأذى الثابتة بهذه الآية وهذا الحديث فهو مخير إن شاء ذبح، وإن شاء صام، وإن شاء أفطر، طيب عندنا الحديث: ((أتجد شاة؟ )) قلت: لا، قال: ((فصم ثلاثة أيام، أو أطعم)) ظاهره الترتيب؛ لكن الترتيب هنا ليس على سبيل الإلزام، وإنما هو من باب المشورة، يعني إن كنت تجد شاة فهي أنفع للفقراء فاذبح من باب المشورة لا على سبيل الإلزام بدليل الآية، والتخيير إجماع عند أهل العلم.

((فصم ثلاثة أيام، أو أطعم ستة مساكين)) يذكر عن الحسن وعكرمة أنهما قالا: الصيام عشرة أيام؛ لكن الحديث رد عليهم، ((فصم ثلاثة أيام، أو أطعم ستة مساكين، لكل مسكين نصف صاع)) ومنهم من يرى أن الإطعام صاع كامل من غير البر، وأن البر نصف صاع، قياساً على الفطرة، زكاة الفطر من رمضان، ومنهم من يرى أنه نصف صاع من غير البر، ومن البر مد؛ لكن الحديث نص في أن الفدية هنا: ((لكل مسكين نصف صاع)) ولذا المتجه في الكفارات كلها أن لكل مسكين نصف صاع. وصى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

كتاب الحج (3)

بلوغ المرام _ كتاب الحج (3) حرمة مكة وصفة الحج ودخول مكة الشيخ: عبد الكريم الخضير بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم النبيين نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً وبعد فقد قال: الإمام الحافظ ابن حجر -رحمه الله- أثناء أحاديث باب الإحرام وما يتعلق به: وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: لما فتح الله على رسوله مكة، قام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الناس، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: ((إن الله حبس عن مكة الفيل وسلط عليها رسوله والمؤمنين، وإنها لم تحل لأحد كان قبلي، وإنما أحلت لي ساعة من نهار، وإنها لن تحل لأحد بعدي، فلا ينفر صيدها، ولا يختلى شوكها، ولا تحل ساقطتها إلا لمنشد، ومن قتل له قتيل فهو بخير النظرين)) فقال: العباس إلا الإذخر يا رسول الله؛ فإنا نجعله في قبورنا وبيوتنا، فقال: ((إلا الإذخر)) متفق عليه. الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: وعن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- قال: لما فتح الله على رسوله مكة: وذلك في السنة الثامنة من الهجرة في رمضان، قام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الناس خطيباً، ومن متطلبات الخطبة الحمد والثناء على الله -جل وعلا-. فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: كعادته -عليه الصلاة والسلام- في خطبه، ((أما بعد، فإن الله حبس)): اختصر هذا، واقتصر على المطلوب، كما أن الراوي لم يسق لفظ الحمد والثناء الذي بدأ به النبي -عليه الصلاة والسلام-. قال: ((إن الله حبس عن مكة الفيل)): في القصة المشهورة التي استفاضت بل توارت، وذلك لما أراد أبرهة هدم الكعبة، فأنشأ كعبة في بلده؛ ليصرف الناس عن هذه فلم ينصرف الناس، فصمم وعزم على هدم الكعبة، وسار بجيشه إليها، فحبسه الله -جل وعلا- في الوادي المعروف، وادي محسر.

((حبس عن مكة الفيل)): هذه القصة أشار إليها النبي -عليه الصلاة والسلام- إشارة هنا، ونزل فيها سورة كاملة، والإشارة هنا باعتبار أنها قضية استفاضت وانتشرت بينهم، ومثل هذه القصة التي تستفيض وتنتشر بين الناس، وتبلغ مبلغ التواتر الذي يفيد العلم القطعي يعبر عنها بالرؤية، كأنها مرئية عندهم، ولو لم يدركوها؛ لأن بعضهم ما أدركها، فجاء الخطاب بقوله -جل وعلا-: {أَلَمْ تَر} [(1) سورة الفيل]، النبي -عليه الصلاة والسلام- ولد عام الفيل، وخوطب بهذا {أَلَمْ تَر}؛ وذلكم لأنها استفاضت واشتهرت، وعرفها الخاص والعام فصارت بمنزلة المشاهد في القطعية، وقل مثل هذا في ما حل بالأمم السابقة: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ} [(6) سورة الفجر] إلى غير ذلك من القصص التي تستفيض وتشتهر ويعرفها الخاص والعام، تنزل منزلة المشاهد. قال: النبي –عليه الصلاة والسلام-: ((إن الله حبس عن مكة الفيل))؛ لأنهم مفسدون، ((وسلط عليها رسوله والمؤمنين)) لأنه مصلح. ((وسلط عليها رسوله والمؤمنين، وإنها لم تحل لأحد كان قبلي، وإنما أحلت لي ساعة من نهار)): فقط، استثناء من الحكم العام؛ لأن الله -جل وعلا- حرم مكة، وجعلها حرماً بلداً آمناً. وحرمها إبراهيم -عليه السلام- بتبليغ تحريم الله لها: {رَبِّ اجْعَلْ هََذَا بَلَدًا آمِنًا} [(126) سورة البقرة]، في آيتين: {اجْعَلْ هََذَا بَلَدًا آمِنًا} و: {اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا} [(35) سورة إبراهيم]، فيه فرق بينهما ولا ما فيه فرق؟ طالب:. . . . . . . . . ما الفرق؟ نعم. طالب:. . . . . . . . . يعني اجعل هذا المكان قبل أن يكون بلداً يُجعل بلد موصوف بكونه آمن، فلما قامت بلدة متكاملة أشير إليها، فالإشارة في الأولى إلى المكان، وفي الثانية إلى البلد. ((وإنها لم تحل لأحد كان قبلي))؛ لأنها محرمة، ومقتضى التحريم ألا يسفك بها دم، وألا يختلى الخلا -الذي هو الحشيش الرطب- ولا ينفر الصيد، ولا تحل لقطتها وضالتها، إلا لمنشد، حيث لا يتملكها، كما جاء في الحديث وغيره.

((أحلت لي ساعة من نهار)): الساعة هي مدة الفتح، الساعة مقدار من الزمان، وليس المراد بها الساعة الفلكية بحيث يقال أنه أحلت له ستين دقيقة، لا، مقدار من الزمان كافي لإنجاز المهمة. ((وإنما أحلت لي ساعة من نهار، وإنها لن تحل لأحد بعدي)): فلا يحل القتال فيها، لا يحل القتال بعد الفتح، ولا القتل، أما البداءة بالقتال فلا إشكال فيها فإنها لا تجوز، وإذا خرج على الإمام أحد واحتيج إلى قتاله أو ارتكب ما يوجب القتل من قتله لنفس معصومة، مع توافر الشروط وطلب القوَد أو الردة مثلاً، أو زنا مع إحصان، أو غير ذلك مما يوجب القتل، فالمسألة خلافية بين أهل العلم، هل يقتل فيها من استحق القتل أو يضيق عليه حتى يخرج فيقتل خارج الحرم؟ مسألة معروفة عند أهل العلم، لكن القتل بحق يرى جمع من أهل العلم أن من استحق القتل شرعاً لا يدخل في التحريم؛ لأنه ليس له حرمة، فيكون قتله كقتل بهيمة الأنعام، حلال ما دام مستحقاً للقتل. ((فلا ينفر صيدها)): الصيد الآمن المستقر لا يتعرض له بحيث ينتقل من مكان إلى آخر، ومن باب أولى إذا كان بقصد الإخراج من الحرم حتى يقتل، حتى قال بعض العلماء أنه لو وقع صيد على ثوبه فأراد أن يلبس هذا الثوب، ومن مقتضى ذلك أن الطائر يطير، فيعرض له ما يقتله يكون مسئولاً عنه؛ لأنه متسبب، يعني افترض أنك علقت ثوبك في مكان، فجاءت حمامة وقعت عليه، أردت الثوب فطارت، ضربت الحمامة بالمروحة وماتت، عند بعض العلماء تضمن؛ لأنك نفرته، فأنت متسبب في قتله، وهذا من المبالغة في تعظيم هذا البلد الآمن، فما أعظم جرم من يخيف الناس فيه، نسأل الله السلامة والعافية. ((ولا يختلى خلاها)): يعني لا يقطع شوكها، لا يقتلع شوكها، يعني لا يقطع، والخلا: الذي جاء في بعض الروايات هو الحشيش الرطب، فإذا يبس قيل له حشيش، فلا يختلى ولا يقطع، ولا الشوك وإن زعم بعضهم أن الشوك يقطع؛ لأنه مؤذي كالفواسق قياساً على الفواسق، لكنه قياس فاسد الاعتبار لماذا؟ لأنه في مقابل النص، قياس في مقابل النص فهو فاسد.

((ولا تحل ساقطتها إلا لمنشد)): الضالة، اللقطة لا تحل إلا لمنشد لمن يعرفها أبد الدهر، بحيث لا يتملكها بعد التعريف، بخلاف اللقطة في غير مكة، تعرف سنة ثم تملك. ((ومن قتل له قتيل فهو -أي ولي الدم- بخير النظرين)): بخير النظرين، يعني له الخيار، له الخيار، إما أن يفدي القتيل ويدفع الدية إذا اختار ذلك ولي الدم، وإما أن يقيد من نفسه فيقتل به، يعني مع الكفاءة وتوافر الشروط وطلب ولي الدم، وكأن في هذا إشارة إلى أن القصاص يجوز في مكة؛ لأنه سيق مع تحريم مكة، وأنها محرمة أبد الآباد إلا في هذه الساعة التي أبيحت وأحلت للنبي -عليه الصلاة والسلام-. فقال: العباس: ابن عبد المطلب عم النبي -عليه الصلاة والسلام-: "إلا الإذخر يا رسول الله": هو عم النبي -عليه الصلاة والسلام- وجاء في الحديث الصحيح بشأنه أن عم الرجل صنو أبيه، لكن هل لهذه القرابة أثر في تقرير حكم شرعي؟ قال العباس: إلا الإذخر: يعني لو قاله شخص من أبعد الناس قال: إلا الإذخر يا رسول الله، فإنا نجعله في قبورنا وبيوتنا، هل يتأثر الحكم، يعني قال: فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((إلا الإذخر)) يعني لو تصورنا أن شخصاً من أبعد الناس، من أطرف القبائل، فقال: يا رسول الله، إلا الإذخر فإنا نجعله في قبورنا وبيوتنا، يتصور أن يقول النبي -عليه الصلاة والسلام- لا؟ وهل إجابة الطلب والاستثناء نزولاً على رغبة العباس برأيه -عليه الصلاة والسلام- مراعاة لخاطر عمه أو بوحي من الله -جل وعلا-؟ أو باجتهاد أقر عليه -عليه الصلاة والسلام-؟؟ ليست مجاملة أبداً، يسمى عند أهل العلم الاستثناء التلقيني، لكن الوحي نزل بالاستثناء؛ نظراً للحاجة الداعية إليه.

وهل يمكن أن يقال: أن النبي -عليه الصلاة والسلام- لم يخطر بباله حينما تكلم بما ذكر ولا يختلى شوكها ولا يختلى خلاها، والإذخر حشيش نبت طيب الرائحة يجعلونه في القبور بين اللبِن؛ لئلا يتسرب التراب إلى الميت إذا نصب اللبن على اللحد يجعل بينه أذخر، وكذلك في البيوت يجعلونه بين الأخشاب؛ لئلا يتسرب الطين وينزل من بين الخشب، المقصود أنهم يستفيدون منه وإلا فهو داخل في الخلا والحشيش الذي لا يقطع ولا يختلى، لما ذكر النبي -عليه الصلاة والسلام- أنها لا ينفر صيدها ولا يختلى خلاها ولا يقطع شوكها ولا كذا ولا كذا يعني هل في ذهنه استثناء الإذخر أو ليس في ذهنه؟ المقصود أن إقرارا الاستثناء بوحي من الله -جل وعلا-: {وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى* إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} [(3 - 4) سورة النجم]، ولا لأحد أي مدخل في التشريع وفي الوحي. بعض الكُتَّاب يكتب في الصحف أن بعض الأحاديث وبعض الأحكام اكتسبت من الحضارات الأخرى، واستفيدت من الأمم المجاورة، ويستدل على ذلك بحديث: ((كنت قد أردت أن أنهى عن الغيلة -يعني الرضاعة وقت الحمل- فإذا فارس والروم يغيلون فلا يضرهم)) تأثر النبي -عليه الصلاة والسلام- بفعل فارس والروم، وعدل عن الحكم وبيانه، هل هذا الكلام صحيح؟

هذا الكلام يكتبه بعض أهل الزيغ الذين يتتبعون أمثال هذه المتشابهات، علماً بأن الحديث ليس من المتشابه، واضح الغيلة تضر، لكنها بالنسبة لبعض الناس دون بعض، والشرع للجميع، الرسالة عامة لجميع من على وجه الأرض بعد بعثته -عليه الصلاة والسلام-، ليست للعرب خاصة، هي في بلاد العرب وفي بيئتهم قد تضر، والذي يضر ينهى عنه، لكن لما كان التشريع عاماً للناس كلهم عربهم وعجمهم، العرب وفارس والروم والبربر والترك وغيرهم، وما نسبة العرب بالنسبة لغيرهم؟ نسبتهم قليلة، والحكم للغالب، لما رأى النبي -عليه الصلاة والسلام- أن الغالب لا يتضرر عدل عن النهي؛ لأن الحكم للغالب، ويبقى الأمر بالنسبة لمن يتضرر ينهى عن ذلك للضرر، فلا مدخل لأحد في تشريع حكم كائناً من كان، لا العباس ولا غير العباس، ولولا أن هذا نزل الوحي بإقراره، أو اجتهاد من النبي -عليه الصلاة والسلام- ووفق عليه ولم يعاتب عليه، على الخلاف بين أهل العلم أن النبي -عليه الصلاة والسلام- كل ما يقوله وما يحكم به ينزل به الوحي أو يجتهد، له أن يجتهد ويقر على اجتهاده، أو يعاتب عليه كما جاء في بعض المسائل. المقصود أن هذا مقر شرعاً، وقل مثل هذا في الرؤيا، عبد الله بن زيد بن عبد ربه في الأذان، قد يقول: قائل هل الرؤيا يثبت فيها حكم شرعي؟ نقول لا، لا يثبت فيها حكم شرعي، هذه الرؤيا رؤيا الأذان اكتسبت الشرعية من إقرار النبي -عليه الصلاة والسلام-، وهو لا يقر على باطل، وعلى هذا من جاء برؤيا تخالف ما جاء في النصوص فلا التفات إليها، مهما بلغت منزلة رائيها. "إلا الإذخر يا رسول الله، فإنا نجعله في قبورنا وبيوتنا فقال: ((إلا الإذخر)) متفق عليه: هناك نصوص قد يتذرع بها بعض من يتتبع المتشابه. هناك كلمة أراد النبي -عليه الصلاة والسلام- أن ينهى عنها فمنعه الحياء، اللي هي "ما شاء الله وشئت"، وهل الحياء يمنع من إقرار الحكم؟ نعم؟ ليس فيها حكم شرعي، ما ورده عن الله -جل وعلا- ما يقتضي المنع، وأراد أن ينهى عنها لما فيها من المبالغة في تعظيمه الذي لم يرد الشرع بالنهي عنه.

كل إنسان سوي لا يحتمل المبالغة في تعظيمه، لكنه لما كان الدافع إلى ذلك التعظيم يخجل الإنسان أن يرد مثل هذا، وهذا في المسائل التي لا دليل فيها، أراد أن ينهى عنها لما فيها من المبالغة في تعظيمه -عليه الصلاة والسلام- ولم يأت إليه ما يقتضي التحريم، فلما قيل له إنكم تقولون كذا وكذا جاء الخبر بتحريمها فحرم وجزم بالتحريم، فأراد أن ينهى عنها لما فيها من المبالغة. وبعض الناس لا يحتمل بعض أنواع التقدير والاحترام الذي يقدم عليه، لا سيما من الكبار، فيتمنى أن يكف هذا عن مثل هذا، إلا أنه يخجل يعني ما فيه مبرر أن يمنعه، وإن كانت المسألة نفسية. لما جاء الخبر أو جاء الوحي بتحريم هذا اللفظ ما تردد في تحريمه -عليه الصلاة والسلام-. فقال -عليه الصلاة والسلام-: ((إلا الإذخر)): فالبيت معظم والحرم محترم فلا يجوز انتهاكه بحال من الأحوال. من أفسد واعتصم به ولم يخرج أو بغى على الإمام وخرج عليه، الجمهور على أنه يقاتل؛ لأنه مستحق للقتل، ولا حرمة له، وإن ضيق عليه حتى يخرج كما يقول بعض أهل العلم، ففيه أيضاً تحصيل لمصلحة تعظيم البيت، وتحصيل لمصلحة قمع مثل هذا، أما إلا إذا كان هناك من يمده بالمؤونة بحيث يبقى أطول مدة ويسري فساده ويعرض فساده، مثل هذا يبادر والله المستعان. في قوله -عليه الصلاة والسلام: ((سلط عليها رسوله .. )) ((أحلت له)) مع ما يعرف من أنه -عليه الصلاة والسلام- دخل وعليه المغفر، هو دخل من جهة وخالد من جهة، وحصل قتل يستدل بها الجمهور على أن فتح مكة كان عنوة، والشافعي -رحمه الله- يرى أنها فتحت صلحاً ويستدل ويؤيد كلامه بأنها لم تقسم بين الغانمين، والجمهور على أنها فتحت عنوة، والأدلة على ذلك ظاهرة، وكونها لم تقسم تكون مما منَّ به النبي -عليه الصلاة والسلام- على أهل هذا البيت من أقاربه وعشيرته وغيرهم منَّ بذلك كما منَّ عليهم بذواتهم، وأنهم طلقاء منَّ عليهم بممتلكاته كما فعل في غنائم حنين قسمها ثم أعادها.

وعن عبد الله بن زيد بن عاصم -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إن إبراهيم حرم مكة ودعا لأهلها، وإني حرمت المدينة كما حرم إبراهيم مكة، وإني دعوت في صاعها ومدها بمثلي ما دعا إبراهيم لأهل مكة)) متفق عليه. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: وعن عبد الله بن زيد بن عاصم: هذا راوي حديث الوضوء، وهو غير عبد الله بن زيد بن عبد ربه راوي خبر الأذان، وإن زعم بعضهم أنهما واحد -. رضي الله عنه-أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إن إبراهيم)) الخليل -عليه الصلاة والسلام- ((حرم مكة)): في بعض الروايات: ((إن الله)) -جل وعلا- ((حرم مكة)): والأحكام مردها إلى الله -جل وعلا- فهو الذي يحرم وهو الذي يبيح ويحلل، لكن الأنبياء يبلغون عن الله -جل وعلا- هذه الأحكام، فإذا نسب التحريم والتحليل إلى من الله -جل وعلا- فهو الأصل، وإذا نسب إلى أحد من أنبيائه ورسله فباعتبار التبليغ، والله -جل وعلا- يتوفى الأنفس حقيقة، ويتوفاها رسله على سبيل النيابة. ((إن إبراهيم حرم مكة ودعا لأهلها)): {رَبِّ اجْعَلْ هََذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ} [(126) سورة البقرة]. ((ودعا لأهلها، وإني حرمت المدينة)): المدينة: هذا اللفظ إذا أطلق يراد به مدينة النبي -عليه الصلاة والسلام- طيبة، مهاجر النبي -عليه الصلاة والسلام- هذا على الإطلاق. وبعضهم يدلس إذا اشتهرت المدينة النبوية بشيء يمتاز عن غيره ووجد في غيرها ما هو دونه من السلع، بعضهم ينادي هذا مثل أن يقول: هذا نعناع المدينة، هذا وجد فإذا شممته ما وجدت رائحة نعناع المدينة، فإذا نوقش قال: نعم، هذا نعناع المدينة، أنا أقصد الرياض أو الخرج أو القصيم أو كذا المدينة. فالمدينة إذا أطلقت يراد بها المدينة النبوية، ((وإني حرمت المدينة))، يعني هل لأهل جدة أن يقولوا لنا نصيب من هذا الحديث؛ النبي حرم المدينة وجده مدينة أو الرياض مدينة؟ ليس لهم نصيب من هذا.

((وإني حرمت المدينة، كما حرم إبراهيم مكة، وإني دعوت في صاعها ومدها)): يعني بالبركة فيما يكال بالصاع والمد أن يبارك فيه، ودعا -عليه الصلاة والسلام- بنقل الحمى منها إلى الجحفة، فدعا بمثلي ما دعا به إبراهيم لأهل مكة. والبركة ظاهرة بسبب الدعوة النبوية، يلمسها كل من يسكن في المدينة أو يفد إلى المدينة، ولو قصرت مدت إقامته. مقتضى التحريم ((وإني حرمت المدينة كما حرم إبراهيم مكة)) من بعض الوجوه، لا من جميع الوجوه، صيد المدينة حرام وإلا حلال؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . والشجر نعم؟ طالب:. . . . . . . . . هم يختلفون بالنسبة لتحريم هذه الأمور بالنسبة في المدينة مع اتفاقهم على النص الوارد في مكة، أما بالنسبة للتحريم بعضهم يرى أن هذه الأمور محرمة لكن لا جزاء فيها، هي محرمة لا جزاء فيها، مع تحريمها لا جزاء فيها، وأقيمت الحدود بالمدينة ولا خلاف في إقامة الحدود في المدينة كالخلاف في إقامتها بمكة؛ الحدود بمكة بعضهم يخالف. حدود المدينة النبوية: وعن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- قال: قال: النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((المدينة حرم ما بين عير إلى ثور)) رواه مسلم. يقول -رحمه الله تعالى-: وعن علي -رضي الله تعالى عنه- قال، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((المدينة حرم ما بين عير إلى ثور)): هما جبلان بالمدينة في شمالها وجنوبها، وبعضهم يشكك في ثور ويجعل هذه الكلمة وهم؛ لأن جبل ثور معروف أنه بمكة، فيقول: هذا وهم، لكن بالتحري والتأكد، وسؤال أهل البلد من قبل أهل العلم وجد أن بالمدينة جبلاً يقال له ثور، قريب من أحد، فحدودها من الشمال إلى الجنوب ما بين عير إلى ثور، ومن الشرق إلى الغرب ما بين اللابتين، ما بين لابتيها. طالب:. . . . . . . . . نعم الجبلين نعم ومن الشرق إلى الغرب اللابتين، والصنعاني يرى أن هذا الحديث مفسر للابتين، أي ما بين عير إلى ثور تفسير لما بين اللابتين، لكن هذا الكلام ليس بصحيح؛ لأن الحرتين شرقية وغربية، وهذان الجبلان يكتنفان المدينة من الشمال إلى الجنوب. قال: الإمام الحافظ بن حجر -رحمه الله-: "باب صفة الحج ودخول مكة:

عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حج فخرجنا معه، حتى أتينا ذا الحليفة، فولدت أسماء بنت عميس، فقال: ((اغتسلي واستثفري بثوب وأحرمي))، وصلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في المسجد، ثم ركب القصواء، حتى إذا استوت به على البيداء أهلَّ بالتوحيد: ((لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك))، حتى إذا أتينا البيت استلم الركن فرمل ثلاثاً ومشى أربعاً، ثم أتى مقام إبراهيم فصلى ثم رجع إلى الركن فاستلمه، ثم خرج من الباب إلى الصفا، فلما دنا من الصفا قرأ: (({إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ اللهِ} [(158) سورة البقرة]، أبدأ بما بدأ الله به)) فرقي الصفا حتى رأى البيت، فاستقبل القبلة فوحد الله وكبره وقال: ((لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على شيء قدير، لا إله إلا الله أنجز وعده، ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده))، ثم دعا بين ذلك ثلاث مرات، ثم نزل إلى المروة حتى إذا انصبت قدماه في بطن الوادي سعى، حتى إذا صعد مشى إلى المروة، ففعل على المروة كما فعل على الصفا" فذكر الحديث وفيه: "فلما كان يوم التروية توجهوا إلى منى، وركب النبي -صلى الله عليه وسلم- فصلى بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر، ثم مكث قليلاً حتى طلعت الشمس، فأجاز حتى أتى عرفه، فوجد القبة قد ضربت له بنمرة، فنزل بها، حتى إذا زاغت الشمس أمر بالقصواء فرحلت له، فأتى بطن الوادي فخطب الناس، ثم أذن ثم أقام فصلى الظهر ثم أقام فصلى العصر، ولم يصلِّ بينهما شيئاً، ثم ركب حتى أتى الموقف فجعل بطن ناقته القصواء إلى الصخرات، وجعل حبل المشاة بين يديه واستقبل القبلة، فلم يزل واقفاً حتى غربت الشمس وذهبت الصفرة قليلاً، حتى غاب القرص ودفع وقد شنق للقصواء الزمام حتى إن رأسها ليصيب مورك رحله، ويقول بيده اليمنى: ((يا أيها الناس، السكينة، السكينة)) كلما أتى حبلاً من الحبال أرخى لها قليلاً حتى تصعد، حتى أتى المزدلفة فصلى بها المغرب والعشاء بأذان واحد وأقامتين ولم يسبح بينهما شيئاً، ثم اضطجع حتى طلع الفجر فصلى الفجر حين تبين له الصبح، بأذان وإقامة، ثم

ركب حتى أتى المشعر الحرام فاستقبل القبلة فدعا وكبر وهلل، فلم يزل واقفاً حتى أسفر جداً، فدفع قبل أن تطلع الشمس حتى أتى بطن محسر، فحرك قليلاً ثم سلك الطريق الوسطى التي تخرج على الجمرة الكبرى حتى أتى الجمرة التي عند الشجرة، فرماها بسبع حصيات، يكبر مع كل حصاة منها مثل حصى الخذف، رمى من بطن الوادي ثم انصرف إلى المنحر فنحر، ثم ركب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأفاض إلى البيت فصلى بمكة الظهر" [رواه مسلم مطولاً]. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: باب صفة الحج ودخول مكة: وذكر فيه أحاديث منها ومن أشملها حديث جابر في صفة حج النبي -عليه الصلاة والسلام-، وهو حديث جليل عظيم عني به أهل العلم وصنفوا في شرحه المؤلفات، واستنبطوا منه الفوائد، وهو بمجموعه وبرواياته منسك متكامل لنسك صحيح كامل. يقول: وعن جابر-رضي الله تعالى عنهما-: جابر بن عبد الله بن حرام الأنصاري -رضي الله تعالى عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حج: يعني أذن بالحج وأمر بتبليغ الناس أن النبي -عليه الصلاة والسلام- عازم على الحج، فاجتمع بالمدينة خلق كثير؛ كلهم يريد أن يأتم ويقتدي بالنبي -عليه الصلاة والسلام- ليؤدي هذه الفريضة العظيمة والركن من أركان الإسلام على مراد الله -جل وعلا- على وجه مرض لله تعالى. فخرجنا معه: يعني من كان من أهل المدينة ومن وفد إليها من الأطراف. حتى أتينا ذا الحليفة: الميقات، فولدت أسماء بنت عميس: زوجة أبي بكر الصديق، وكانت قبله تحت جعفر بن أبي طالب، وبعد أبي بكر تزوجها علي بن أبي طالب. فولدت أسماء بن عميس، خرجوا من المدينة مسافة قصيرة ويسيرة، فولدت هذه المرأة، والذي يغلب على الظن أن مقدمات الولادة بدأت قبل خروجها من بيتها، ومع ذلك حرصها وهي تمثل النساء في زمنه -عليه الصلاة والسلام- بحرصها على دينها وعلى الاقتداء والائتساء بالنبي -عليه الصلاة والسلام- خرجت وهي في الطلق، والناس اليوم يسوفون ويتعللون ويعتذرون، تقول للواحد أو للواحدة: حج هذا العام ما تدري ما يعرض لك، ومع ذلك يقول -مثل ما ذكرنا سابقاً-: تسليم البحث في أول يوم من الدارسة، هذه امرأة في الطلق تخرج عشرة كيلو ثم تلد.

كثير من الناس مجرد ما يعرف أن المرأة حامل، مجرد ما يخرج التحليل يقول: خلاص ما فيه امكثين في المكان، لا روحة ولا جية، لا حج ولا غيره، وكل هذا يعبر عن الاهتمام والتساهل، فالذي يهتم بالأمور الدنيوية تجده يحتاط لها أشد الاحتياط، وأمور العبادات على التراخي. ذكرنا أن بعض الناس يتعذر بالبحث وبعضهم يقول: هذه السنة ربيع، أعذار واهية، وأسماء بنت عميس بعد أن أخذها الطلق تمشي للحج، ولا شك أن الاعتماد على الله والارتباط به له أثر كبير في حياة الناس. يذكر الجيل الذي قبلنا أن المرأة في الشهر التاسع وقبيل الولادة تزاول من الأعمال ما لا يستطيع كثير من الرجال في هذا الوقت، تجذ النخل الطوال وهي في التاسع من الحمل، نعم، وتجلب الماء من الأماكن البعيدة وتحمل الثياب لغسلها في موارد المياه، وتخدم زوجها وضيوفه، ومع ذلك هي على هذه الحالة، ومع ذلك لما فتحت الدنيا واسترخى الناس صار أدنى شيء يؤثر، فالله المستعان. ولدت أسماء بنت عميس: في آخر القعدة قبل دخول الشهر بخمس ليالي ولدت، طيب، متى يتوقع أن تنتهي من النفاس؟، يعني إذا كان نفاس عادي أربعين يوم، فهي لن تنتهي من نفاسها إلا بعد خروج شهر ذي الحجة، مع أن النفاس لا حد لأقله، فلم يذكر في قصتها أنها أخرت الرفقة أو تأخرت عن الرفقة، فلعلها طهرت في مدة يسيرة ولحقت بالناس، لكن اليوم يحسب لهذه الأمور حسابات طويلة، كثير من الناس إذا ذهب بموليته من زوجته أو ابنته يسأل عن الاستثناء، يقول: احتمال تنزل الدورة الشهرية ثم تحبسنا، المشقة اللاحقة بالناس قبل شيء ما يتصور يعني، بعض الجهات أشهر حتى يصل إلى مكة، نحن في سويعات نذهب ونرجع، ومع ذلك نحتاج نستثني ونحتاج نحتاط على شان ما تحبس الرفقة، وبعضهم بينه وبين مكة ساعتين أو ثلاث أو خمس ثم بعد ذلك يلجأ إلى القول بأن الحائض تطوف لئلا تحبس الرفقة!! الرسول -عليه الصلاة والسلام- يقول: ((أحابستنا هي))، دلَّ على أنها تحبس الرفقة، الناس ما يصبرون على مثل هذا ولا زمن يسير؟

فعلى المسلم أن يهتم بدينه ويعظم شعائر الله في نفسه، لا يتساهل بمثل هذا التساهل، أما أن يستثني ويعود بها بعد أن أحرمت، وبعضهم يقول: لا ما يحتاج تحرم، يحتاج عمرة؛ لئلا تحبسنا، كل هذا من التساهل والتفريط بالأجور العظيمة المرتبة على هذه الأعمال. ولدت أسماء بنت عميس فقال: ((اغتسلي))، قال -عليه الصلاة والسلام-: ((اغتسلي)) كما يغتسل من أراد الإحرام، فدل هذا على أن الحائض والنفساء تغتسل عند إرادة الإحرام، وأنها تحرم مثل الناس إحرام عادي، تدخل في النسك، وتفعل جميع ما يفعله الحاج إلا الطواف. ((افعلي ما يفعله الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت)): وهذا العموم يشمل جميع ما يتطلبه الحج من أركان وواجبات وسنن ولا يستثنى من ذلك إلا الطواف، ولا يعني أنه بعمومه يتناول قراءة القرآن كما قال البعض، يقول: الحاج يقرأ القرآن إذن الحائض تقرأ القرآن، إذ أنه يقول: افعل جميع ما يفعله الحاج ومن ذلك قراءة القرآن! لكن قراءة القرآن ليست من أعمال الحج المقصودة، فلا تحتاج إلى استثناء في مثل هذا. ((اغتسلي واستثفري)): يعني تحفظي، الاستسفار عندهم أن يربط حبل في وسط البدن، ثم يؤتى بخرقة يلف بها الفرج وما حوله وترتبط بهذا الحبل. ((استثفري بثوب وأحرمي)): دليل على أن الحائض والنفساء تحرم؛ إحرامها صحيح وتغتسل قبله على سبيل الندب. وصلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في المسجد: خرج من المدينة، بعد مدة يسيرة وصل إلى المحرم -ذي الحليفة- صلى بالمدينة الظهر أربعاً، ثم صلى بذي الحليفة العصر ركعتين ثم المغرب ثم العشاء ثم الفجر ثم الظهر، ثم أحرم وإحرامه بعد صلاة الظهر، وإن قال بعضهم إنها بعد الفجر، هو صلى ركعتين سواء كانت الظهر أو الفجر.

وصلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في المسجد: ووقع إحرامه بعد صلاة، ولذا يستحب العلماء أن يكون الإحرام بعد صلاة، إن كانت فريضة فبها ونعمت، وإلا صلى ركعتين نافلة، ومنهم من يرى أن الإحرام ليس قبله صلاة، وإنما وقع هذا اتفاقاً من النبي -صلى الله عليه وسلم- صلى الظهر ثم أحرم، لكن مقتضى حديث صل في هذا الواد المبارك وقل، مقتضاه أن الإحرام يكون بعد صلاة؛ للربط بين الأمر بالصلاة والأمر بالإحرام، وهذه حجة من يقول: هناك سنة للإحرام، إن لم يكن هناك فريضة تغني عنها، وله وجه. وصلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في المسجد، ثم ركب القصواء حتى إذا استوت به على البيداء أهل بالتوحيد: وعرفنا في حديث ابن عباس السابق أنه بعد أن صلى في المسجد أحرم أهل، ثم لما استقلت به دابته أهل، ثم لما استوت به على البيداء أهل بالتوحيد، وكل ذكر ما سمع. أهل بالتوحيد: ((لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك)): أهل بالتوحيد، بتوحيد الله -جل وعلا- خلافاً لما كان عليه الناس في الجاهلية من الشرك بالله تعالى، لبيك لا شريك لك إلا شريكاًَ هو لك، تملكه وما ملك، هذا الشرك بعينه، ولذا جاءت تلبيته -عليه الصلاة والسلام- بالتوحيد: ((لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك)): إن وأن روايتان، وهي جملة تعليلية, لا شريك لك. حتى إذا أتينا البيت استلم الركن: المراد به الحجر الذي في الركن، استلم الركن، ثم شرع في الطواف استلام الركن سنة، يحرص عليها الحاج والمعتمر؛ اقتداء به -عليه الصلاة والسلام- إن لم يتيسر له الاستلام بيده استلمه بما في يده من عصا ونحوه، وإن لم يتيسر أشار إليه.

ثم شرع في الطواف فرمل ثلاثاً ومشى أربعاً: الرمل الإسراع، الهرولة ثلاثاً: يعني ثلاثة أشواط، وإذا حذف التمييز جاز التذكير بالتأنيث، فرمل ثلاثاً، والرمل سنة؛ وسببه أن المشركين في عمرة القضاء قالوا: يأتي محمد وأصحابه وقد وهنتهم حمى يثرب، وجلس المشركون مما يلي الحجر، فرمل النبي -عليه الصلاة والسلام- الشوط الأول والثاني والثالث، ثم يمشي بين الركنين؛ لأن المشركين لا يرونهم، وليس في هذا مراءات وإنما هي إغاظة للكفار: {وَلاَ يَطَؤُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ} [(120) سورة التوبة]، هذا من إغاظتهم، فهو مشروع. يقول: حتى إذا أتينا البيت استلم الركن: والبيت: المراد به الكعبة وتحيتها الطواف، والمسجد أوسع، وتحيته الركعتان. حتى إذا أتينا البيت استلم الركن فرمل ثلاثاً ومشى أربعاً: ولم يمنعه -عليه الصلاة والسلام- من الرمل في الأشواط السبعة إلا الإبقاء عليهم؛ لأنه بعد السفر وبعد التعب شاق، فيشق على بعضهم، والنبي -عليه الصلاة والسلام- نبي الرحمة، نبي الرأفة يعز عليه ما يشق على أمته، ولذا ندم على دخوله البيت؛ لئلا يشق على أمته -عليه الصلاة والسلام-. والسبب والباعث والعلة في مشروعية الرمل قول المشركين، ارتفع هذا السبب بعد ذلك، فهل ارتفع الحكم؟ لا، لمَّا جاء النبي -عليه الصلاة والسلام- في حجة الوداع رمل ثلاثة أشواط، لكن بدلاً من أن يمشي بين الركنين استوعب الأشواط الثلاثة بالرمل، وهذا هو الفرق، وهذا في أول طواف، الرمل يشرع في أول طواف بعد ما يقدم الإنسان، ويكون معه الاضطباع: بأن يخرج منكبه الأيمن، ويجعل طرفي الرداء فوق منكبه الأيسر. مشى أربعاً ثم نفر إلى مقام إبراهيم: مقام إبراهيم، ويطلق على المكان الذي قام فيه، كما أنه يطلق على الحجر الذي في هذا المكان. وهل السنة متعلقة بالمكان أو بالحجر؛ لأن الصيغة مقام تشمل المكان كما هو الأصل الذي قام فيه، والحجر الذي قام عليه، فهل الحكم مرتبط بالحجر أو بالمكان؟ في وقته -عليه الصلاة والسلام- الحجر في مكانه ملاصق للكعبة، ثم أبعد عنه قليلاً في زمن عمر -رضي الله تعالى عنه- فهل الحكم متعلق بالمكان والمقام يتناوله أو هو متعلق بالحجر؟

يعني لو اقتضت المصلحة أن الحجر يبعد أيضاً ويكون في الأروقة، تكون السنة تتبع هذا الحجر في الأروقة وتترك المساحة الطويلة بينه وبين الكعبة، أو أن الحكم متعلق بالبقعة التي قام فيها؟ طالب:. . . . . . . . . لأن الأصل أن يبقى الحجر في مكانه؛ لأنه ترتبت عليه أحكام شرعية، لكن لما اجتهد الخليفة الراشد وأبعده عن مكانه صار للاجتهاد فيه مسرح، يأتي من يأتي فيما بعد يقول: أنه الآن حجر ضيق على الناس، وألف في هذه المسألة رسائل، مقام إبراهيم وهل يجوز تقديمه وتأخيره مسألة معروفة عند أهل العلم، وكتب فيها المعلمي بهذا الاسم "مقام إبراهيم"، ثم رد عليه "نقض المباني من فتوى اليماني" ثم رد على من رد عليه، المقصود أن المسألة طال فيها الكلام، فإذا قلنا أن المسألة تقبل الاجتهاد، فإذا كان وجوده مضر بالناس وتسبب في وفيات وزحام وما أشبه ذلك ورأى المجتهدون -مجتهدو الأمة في عصر من العصور- واتفقت كلمتهم على أنه ينقل، مسألة خلافية بين أهل العلم، لكن الذي يهمنا الحكم الشرعي: {وَاتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} [(125) سورة البقرة]، هل نتبع الحجر أينما ذهب به؛ لأن الأحكام متعلقة به أو المكان الذي قام فيه إبراهيم -عليه الصلاة والسلام وعلى نبينا- أو نقول يبقى الحجر في مكانه، ولا يجوز أن نتعرض له بشيء والحكم متعلق به؟ طالب:. . . . . . . . . يكون الحجر الذي هو المقام بين المصلي والقبلة، لكن أنت افترض أنه اجتهد العلماء وقالوا: هذا الحجر الذي ضيق المقام يبعد ويدخل في الأروقة .. طالب:. . . . . . . . . وراء الأروقة، يعني ولو اقتضى الأمر أن الناس يصلون وراءه مع شدة الزحام وخرجوا عن المسجد. طالب:. . . . . . . . .

إي لكن أين مقام هذه الكلمة، بتصريفها تشمل البقعة، يعني لولا أن الاجتهاد من الخليفة الراشد عمر -رضي الله تعالى عنه- لكان المتجه أن يبقى في مكانه؛ لأنه تعلقت به أحكام شرعية، وجد هذا الاجتهاد من هذا الخليفة الراشد الذي أمرنا بالاقتداء به والعمل بسنته، فيه أحد يتطاول على عمر بن الخطاب ويقول: فعل عمر أو اجترأ عمر، لا ما هو بصحيح، خلافاً لما يقول: هـ بعض الناس البدعة سيئة ولو كانت من عمر، هذا ليس بصحيح. طالب:. . . . . . . . . يعني الآن خلِّ الحجر وراءنا، ونصلي إلى القبلة. طالب:. . . . . . . . . طيب المكان هو الأصل، الآن الحجر ليس في مكانه. طالب:. . . . . . . . . الآن منقول الحجر عن مكانه الأصلي، نستدبر الحجر ونصلي إلى الكعبة نفس المقام مكان المقام الأول؟ طالب:. . . . . . . . . هذا بناء على أن المقام المكان الذي قام فيه، وأن الحجر كغيره من الأحجار، لكن أيضاً كما يتناول المكان يتناول الحجر الذي قام عليه هو مقام، نعم، يعني مثل ما تقول لهذا الكرسي هذا مقعد فلان، أزيل هذا الكرسي وجيء بكرسي آخر، نعم، يستمر مقعد فلان باعتبار ما كان؟. طالب: يا شيخ بارك الله فيك، لو نظرنا إلى التنويه الذي وقع في الآية، لعلمنا أن الله نوه على هذا المكان لما حصل فيه، وهو البناء –بناء البيت- فينظر إلى المكان بغض النظر عن الحجر الذي كان قد اعتلاه إبراهيم عليه السلام. يعني أننا نقول هذا الحجر كغيره من الأحجار. طالب: نعم، والعبرة بالبقعة. لكن يبقى أنه على هذا أننا نستدبر المقام الآن؛ لأن مكانه والمكان الذي قام فيه قريب جداً من الكعبة. طالب:. . . . . . . . . خلنا من ظروف الزحام وغيرها، ما صليت خلف المقام، لو استدبرت ما صليت خلفه صليت أمامه. طالب:. . . . . . . . .

إيه هذا يضطر إليه إما للزحام الشديد، أو للاتقاء عن الشمس في صلاة العصر مثلاً في ظل الكعبة، المسألة كلها سنة يعني صليت خلف المقام، أو صليت بعيد عنه في المسجد أو صليت خلف المسجد -الركعتين- عمر -رضي الله تعالى عنه- صلى الركعتين بذي طوى، لكن المسألة في تحقيق السنة، كونهم صلوا أمامه أقرب إلى الكعبة خالفوا {وَاتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} [125) سورة البقرة]، لكن تبقى أن مخالفة السنة قد يعتريها ما يعتريها قد يوجد ما يرجحه عند الحاجة. طالب:. . . . . . . . . أنا أقول لا بد من اعتبار الأمرين معاً، فإذا كان وجود المقام باجتهاد، ممن له الاجتهاد، في المكان الذي تمكن الصلاة فيه لا شك أن هذا هو الأصل؛ لأن الأمر مرتبط بالأمرين كلاهما يقال: لهما مقام، لكن لو قدر أن هذا الحجر وهو المعتبر -النبي -عليه الصلاة والسلام- صلى خلف هذا الحجر- وهو معتبر وملحوظ في النص لو أبعد عن مكانه ما صار مقام، فالمعتبر الأمرين معاً. يقول: ثم نفر إلى مقام إبراهيم -عليه الصلاة والسلام وعلى نبينا- فصلى: صلى الركعتين ركعتي الطواف، الطواف الذي طافه النبي -عليه الصلاة والسلام- هذا طواف القدوم، وهو سنة، فصلى الركعتين، وهما ركعتا الطواف خلف المقام؛ امتثالاً للأمر، وهاتان الركعتان سنة عند جمهور أهل العلم، ويرى بعضهم الوجوب؛ لأنه ما ثبت أنه طاف ولم يصلِّ -عليه الصلاة والسلام- ومنهم من يرى أن حكم هاتين الركعتين حكم الطواف، فإن كان الطواف واجباً كانت الركعتان واجبتين، وإلا فهما سنة تبعاً للطواف. فصلى ثم رجع إلى الركن فاستلمه: رجع إلى الركن، والمراد به الحجر الأسود فاستلمه، كل ما حاذى الركن استلمه إن أمكن، وإلا فبالمحجن، وإلا أشار إليه وكبر، وهذا يقتضي أنه يكبر في الأشواط السبعة بداية ونهاية، ففي الطواف في الأشواط السبعة يكبر سبع وإلا ثمان؟ كل ما حاذى الركن كبر. طالب: ثمان؟

نعم ثمان؛ لأنه في البداية والنهاية، كما جاء في حديث جابر في المسند وغيره: "كنا نطوف مع النبي -عليه الصلاة والسلام- فنمسح الركن الفاتحة والخاتمة" يعني في البداية والنهاية، ومقتضى هذا أنه يكبر ثمان في الأشواط السبعة في الفاتحة والخاتمة. ثم خرج من الباب إلى الصفا: من أجل السعي، والسعي هذا هو سعي الحج والعمرة المقرونة معه بالنسبة للنبي -عليه الصلاة والسلام- لأنه اكتفى به، فإذا قدم السعي الركن بعد طواف القدوم أجزأ عن السعي يوم النحر. فلما دنا من الصفا قرأ: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ اللهِ} [(158) سورة البقرة]، أبدأ بما بدأ الله به: على صيغة الخبر، وعند النسائي: ((ابدأوا بما بدأ الله به)) على صيغة الأمر، والله -جل وعلا- بدأ بالصفا، فبداية السعي من الصفا، وعلى هذا من بدأ بالمروة الشوط الأول لاغي، نعم، لاغي يأتي ببدل، فالبداية بالصفا. فرقي الصفا حتى رأى البيت: استقبل البيت، والآن تشق رؤية البيت من كثرة الأعمدة، قد يراه من يتحراه -يرى شيئاً يسيراً منه- وإلا فجل الناس لا يستطيعون رؤيته لكثرة الأعمدة. حتى رأى البيت فاستقبل القبلة فوحد الله وكبره: وفسر ذلك بقوله: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على شيء قدير، هذا التوحيد، لا إله إلا الله وحده، أنجز وعده ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده. لا إله إلا الله وحده: هذا التهليل والتوحيد، وفي ضمن ذلك يقول: الله أكبر ترجمة لقوله وكبره. لا إله إلا الله وحده المتفرد بالألوهية، أنجز وعده: أنجز لنبيه ما وعده به، ونصر عبده: على أعدائه وهزم الأحزاب الذين اجتمعوا لحرب الدين وأهله وحده.

وهزم الأحزاب وحده: هذا يجعل المسلم يتعلق بربه ويعتمد عليه ويتوكل عليه، ولا ينظر إلى قوته ولا إلى ضعفه، ولا ينظر إلى قوة عدوه وكثرة جنده وعدده، فمن توكل على الله كفاه، ومن اعتمد عليه وقاه، هذا يفتح آمالاً واسعة للأمة مهما بلغت من الضعف إذا اعتمدت على الله -جل وعلا- ومهما بلغ عدوها من القوة؛ لأن الله –جل وعلا- هزم الأحزاب، فإذا اعتمدنا على الله -جل وعلا- كفانا، أما أن نعترف بالضعف ونستسلم للعدو، العدو عنده قوة، لكن هل هذه القوة تقابل قوة الله -جل وعلا- {كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةًِ} [(249) سورة البقرة]، ولم نؤمر إلا بإعداد ما استطعنا على أن نرتبط بالله -جل وعلا-، ما ننصرف عن دينه، وننتهك المحرمات، ونعين العدو على أنفسنا ونقول إن الله -جل وعلا- ينصرنا: {إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ} [(7) سورة محمد]، لا بد من أن نعود إلى ديننا، فالله -جل وعلا- هو الذي هزم الأحزاب وحده، وإلا فالقوة بالنسبة لقوة الكفار في ذلك الوقت ما في مقارنة؛ أحاطوا بالمدينة من جميع الجهات، واستنفروا جميع القبائل، لكن الله -جل وعلا- سلط عليهم الريح فشردتهم. ثم دعا بين ذلك ثلاث مرات: يعني يكرر التوحيد والتكبير والدعاء ثلاث مرات، ثم نزل إلى المروة: يعني شرع في السعي، حتى إذا انصبت قدماه في بطن الوادي: بين العلمين المعروفين. سعى: يعني جرى جرياً شديداً -عليه الصلاة والسلام- حتى أن الركب تبين من تحت الإزار من شدة السعي، حتى إذا صعدتا: يعني وصل الميل الثاني مشى، حتى أتى المروة ففعل على المروة كما فعل على الصفا، استقبل البيت ووحد وكبر ودعا ثلاثاً. فذكر الحديث: يعني ذكر بقية الحديث. وفيه فلما كان يوم التروية: الآن القارن يكتفي بهذا، إذا وصل البيت طاف وسعى، ثم ينتظر وهو في إحرامه؛ لأنه لا يحل حتى يبلغ الهدي محله من ساق الهدي، أما من لم يسق الهدي فيقصر ويحل الحل كله وهذا هو المتمتع، فلما كان يوم التروية توجهوا إلى منى، وهو اليوم الثامن من الحجة يسمونه يوم التروية؛ لأنهم يتروون فيه ويتزودون من الماء؛ لأن المشاعر ليس فيها ماء.

توجهوا إلى منى فأهلوا بالحج: أحرموا بالحج، مقتضى ذلك أنهم بعد أن توجهوا إلى منىً أهلوا؛ لأن العطف بالفاء يقتضي التعقيب وأنهم أحرموا من منى، وعلى كل حال الإحرام بالحج يكون من الحرم، سواء كان من منى أو من غيرها، فيهلون بالحج. وركب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يعني إلى منى فصلى بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر: الخمسة الأوقات في اليوم الثامن وليلة التاسع وفجر التاسع، ثم مكث قليلاً بعد صلاة الفجر؛ كعادته -عليه الصلاة والسلام- يذكر الله في مصلاه حتى طلعت الشمس. فأجاز: وهو من الجواز والعبور. حتى أتى عرفة، فوجد القبة قد ضربت له بنمرة، فنزل بها بهذه القبة حتى إذا زاغت يعني زالت الشمس أمر بالقصواء -بفتح القاف والمد- وقال: بعضهم بالقصر، وهو لقب دابته -ناقته -عليه الصلاة والسلام- فرُحلت: وضع عليها الرحل. فرحلت له فأتى بطن الوادي، فخطب الناس: وهذه خطبة من الخطب المشروعة في اليوم الثامن وقبلها بعد صلاة الظهر من اليوم السابع، وبعدها خطبة يوم النحر، وبعدها في يوم النفر الأول، أربع خطب مشروعة في الحج. فأتى بطن الوادي فخطب الناس ثم أذن ثم أقام فصلى الظهر، ثم أقام فصلى العصر بأذان واحد وإقامتين، ولم يصلِّ بينهما شيئاً؛ لأن هذا مقتضى الجمع أن لا يصلى بين الصلاتين المجموعتين. ثم ركب -عليه الصلاة والسلام- حتى أتى الموقف: ويلاحظ أنه -عليه الصلاة والسلام- يركب بين المشاعر، من مشعر إلى مشعر يركب، وبهذا قال جمع من أهل العلم أن الركوب أفضل؛ لفعله -عليه الصلاة والسلام- وإن رأى بعضهم أن المشي أفضل؛ لأنه أكثر مشقة، لكن لنعلم أن المشقة ليست مطلوبة طلباً شرعياً لذاتها، وإنما إذا جاءت تبعاً للمطلوب شرعاً للعبادة صار الأجر على قدر النصب. ثم ركب -عليه الصلاة والسلام- حتى أتى الموقف، فجعل بطن ناقته القصواء إلى الصخرات من الجبل المعروف بجبل الرحمة.

وجعل حبل المشاة بين يديه: طريق المشبه بالحبل بين يديه: يعني أمامه واستقبل القبلة، فلم يزل واقفاً -عليه الصلاة والسلام- يذكر الله -جل وعلا- ويثني عليه ويدعوه، لم يزل واقفاً حتى غربت الشمس، و ((خير الدعاء دعاء يوم عرفة، وأفضل ما قلته أنا والنبيون من قبلي لا إله إلا الله وحده لا شريك له ... )) فيحرص الإنسان على استغلال هذا اليوم، لا سيما عشية عرفة، ويتعرض لنفحات الله في هذا المكان وفي هذا الزمان، ويوجد بين المسلمين وقد يوجد من بين طلاب العلم من يضيع مثل هذه الأوقات بالقيل والقال، وبعضهم يصطحب معه آلات ويشاهد ما يشاهد، وبعضهم يرتكب بعض المحرمات من الأقوال والأفعال وهو في هذا متعرض لسخط الله -جل وعلا- والنبي -عليه الصلاة والسلام- استغل هذا الوقت فلم يزل واقفاً حتى غربت الشمس، ويدعو ويلح في الدعاء، والإشكال في كثير من الحملات أن هذا الوقت المستغل في الذكر والدعاء -نظراً لكثرة الحجيج- يستغلونه في ترتيب الناس، يعني قبل الغروب بساعة أو أكثر ينفرون الناس إلى السيارات ويرتبونهم وينظمونهم حتى تغرب الشمس، نعم الركوب على السيارات مثل الركوب على الدابة، لكن ينبغي أن يستغل الوقت، وحضرنا بعض الحملات يعني الوقت المطلوب وقت الحاجة كلهم بمكبرات الصوت أنت رقم الباص كذا وأنت مقعد كذا وينتهي الوقت على هذه الطريقة، يعني يعطى الناس تعليمات قبل هذا الوقت، وأنه بمجرد ما تكون الساعة كذا كل واحد ينزل مكانه من دون فوضى ومن دون تشويش، ومن دون ... يعني رأينا مثل هذه الأوقات التي لا تعوض ما تدري أنت يمكن ما تقف غير هذه الوقفة كثير منها يضيع، عند كثير من الناس يوجد ولله الحمد أهل الخير وفضل وحرص موجود وبكثرة ولله الحمد، لكن يراد من الأمة أن تكون كلها بهذا المستوى.

فلم يزل واقفاً حتى غربت الشمس وذهبت الصفرة قليلاً حتى غاب القرص: قرص الشمس، يقول: حتى غربت الشمس وذهبت الصفرة قليلاً حتى غاب القرص، بعضهم يقول: إن حتى هنا مصحفة وأصلها حين، يعني حين غاب قرص الشمس، ودفع -عليه الصلاة والسلام- من عرفة قاصداً جمعاً –مزدلفة- وقد شنق: يعني ضيق الزمام على دابته القصواء، الزمام: الحبل الذي تربط به، فإذا شنقه وضيقه كفت عن الإسراع، بخلاف ما إذا أرخاه، ما تسرع -لعل الإخوان ما يصلون تقام الصلاة الآن طيب جيد- وقد شنق للقصواء الزمام؛ من أجل أن لا تسرع. حتى إن رأسها ليصيب مورك رحله: يعني يرد الرأس إلى الخلف، حتى أنه ليصل إلى مورك الرحل الذي يثني عليه الراكب رجله إذا تعب وهو راكب. ويقول بيده اليمنى يشير إلى الناس: ((أيها الناس السكينة السكينة)): إلزموا السكينة، ويشاهد من كثير من الناس المخالفة الظاهرة لهذا التوجيه النبوي، فيأمرهم بلزوم السكينة، وكم يكون من حادث، ومن اعتداء من مشاكل ومضاربات في هذا الظرف، والنبي -عليه الصلاة والسلام- يقول: ((السكينة السكينة))، وكل واحد من الحجيج يريد أن يصل الأول إلى مزدلفة؛ ليتحدث بذلك إذا وصل إلى أهله، أو يكلمهم أثناء وصوله ويقول: وصلنا، وما قبلنا أحد، هذا ليس مقصد من مقاصد الشرع، المقصود أن تلزم السكينة وتؤدي العبادة على الوجه الشرعي. كلما أتى حبلاً أرخى لها قليلاً: حبلاً من الحبال الرمل التي يكون فيها شيء من الصعود؛ لأنها تحتاج إلى أن يرخى له لتأخذ عزم، هي يشنق لها الزمام ويضيق عليها من أجل أن لا تسرع، والآن السرعة مطلوبة لتأخذ عزم لتصعد مع هذا الحبل من الرمل.

أرخى لها قليلاً حتى تصعد، حتى أتى المزدلفة فصلى بها المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين: كالظهر والعصر، وهذا في حديث جابر، وهو من أفراد مسلم وجاء في حديث ابن مسعود حديث أسامة ما يخالف ذلك في البخاري وغيره، لكن المرجح عند أهل العلم ما جاء في حديث جابر، وإن كان من أفراد مسلم، والأصل أن ما يرويه البخاري أرجح مما يرويه مسلم، لكن قد يعرض عند أهل العلم للمفوق ما يجعله فائقاً، فيرجحون ما جاء في حديث جابر؛ لأنه اعتنى بالحجة النبوية وضبطها وأتقنها وفصلها من خروجه -عليه الصلاة والسلام- من بيته إلى رجوعه، وهذا يكون مرجح، هذه الأوصاف الدقيقة التي جاءت في حديث جابر بجميع رواياته تدل على مزيد عناية منه -رضي الله تعالى عنه وأرضاه- فرُجِّح قوله بأذان واحد وإقامتين. بعض الروايات بإقامتين فقط بعضها بأذانين وإقامتين والمقصود كلها صحيحة لكن يبقى أن المرجح هو ما جاء في حديث جابر. ولم يسبح بينهما شيئاً: يعني لم يصل نافلة سبحة يعني النافلة، ثم اضطجع حتى طلع الفجر: اضطجع: يعني نام -عليه الصلاة والسلام-.

كتاب الحج (4)

بلوغ المرام _ كتاب الحج (4) باب صفة الحج ودخول مكة الشيخ: عبد الكريم الخضير السلام عليكم ورحمة الله وبركاته: يقول جابر -رضي الله تعالى عنه- ثم اضطجع: يعني النبي عليه الصلاة والسلام، حتى طلع الفجر: يعني صلى المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين ثم اضطجع. حتى طلع الفجر: فهم من ذلك بعضهم أنه ترك صلاة الليل، وترك الوتر، والمعروف عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه لم يترك الوتر لا سفراً ولا حضراً، فهل نقول إن هذه الليلة على وجه الخصوص لا صلاة فيها غير الفرائض، حتى الوتر الذي كان يلازمه النبي -عليه الصلاة والسلام-؟ أو نقول إن جابراً ما أطلع على ذلك، كما أنه خفي عليه بعض الأشياء؛ لأن كونه لازم النبي -عليه الصلاة والسلام- لا يعني أنه لازمه ملازمة الظل، ما يلزم هذا، فالملازمة تعني طول المكث والبقاء، لكن لا يعني أنها ملازمة تامة مائة بالمائة، ولذا خفي عليه بعض الأمور مما ذكره غيره حتى في هذه الليلة، ولعل النبي -عليه الصلاة والسلام- استيقظ وصلى وجابر نائم. فالقاعدة أن النبي -عليه الصلاة والسلام- ما ترك الوتر لا سفراً ولا حضراً، وعدم الذكر لا يعني عدم الوجود، لا سيما في ما دل الدليل على وجوده بنصوص أخرى. فصلى الفجر: لما طلع الفجر، صلى الفجر حين تبين له الصبح: يعني في أول وقتها بأذان إقامة كالمعتاد. ثم ركب القصواء حتى أتى المشعر الحرام: جبل هناك يقال له قزح, فأتى المشعر الحرام فاستقبل القبلة فدعا وكبر وهلل؛ لأنه مع زحمة الناس وكثرتهم لا يتمكن جميع الناس من الوقوف عند هذا المشعر، فلو وقف كل إنسان في مكانه وذكر الله -جل وعلا- ودعاه وهلل وكبر حتى يسفر جداً، كما فعل النبي -عليه الصلاة والسلام-، وهذا ديدنه -عليه الصلاة والسلام- بعد صلاة الصبح يجلس في مصلاه، ويذكر الله -جل وعلا- حتى تنتشر الشمس، أما في هذا المكان استقبل القبلة فدعا وكبر وهلل، فلم يزل واقفاً حتى أسفر جداً، فدفع قبل أن تطلع الشمس؛ مخالفة للمشركين الذين كانوا لا ينصرفون من مزدلفة حتى تطلع الشمس، وينتظرون طلوعها فيقولون: "أشرق ثبير"؛ كي ما نغير، فخالفهم النبي -عليه الصلاة والسلام- فدفع قبل أن تطلع الشمس.

حتى أتى بطن محسر فحرك قليلاً: أسرع من نحو رمية حجر؛ لأن هذا محل عذاب، فمثل أماكن العذاب والغضب لا ينبغي البقاء والمكث فيها، ولذا جاء النهي عن دخول بلاد المعذبين إلا باكين أو متباكين، والصلاة في مواضع الخسف والعذاب ترجم الإمام البخاري بهذا وذكر بعض ما يدل على ذلك. فحرك قليلاً ثم سلك الطريق الوسطى: التي تخرج إلى الجمرة: الكبرى غير الطريق التي خرج منها من منى إلى عرفة، تخرج على الجمرة الكبرى. حتى أتى الجمرة التي عند الشجرة: أتى الجمرة جمرة العقبة، وهي كالحد بين منى ومكة، ولذا يختلف أهل العلم، يعني هل هي في منى أو خارج منى مما يلي مكة؟ محل خلاف بين أهل العلم، من يقول أنها من منى يقول إن رمي الجمرة تحية منى، فكيف تحيا وهي خارج منى؟ وأهل القول الآخر يقولون الطواف تحية البيت وهو خارج البيت، الطواف تحية البيت، والطواف يكون خارج البيت وأيش المانع من أن يكون تحية الشيء خارجه؟ وعلى كل حال هي من الحرم سواء كانت من منى أو من مكة هي من الحرم، وأنتم ترون الحدود قريبة جداً منها. حتى أتى الجمرة التي عند الشجرة فرماها بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة مثل حصى الخذف: مثل البندق، مثل الباقلا، مثل الحمص كبير الحمص، والنبي -عليه الصلاة والسلام- لما جمع له الحصى رفعه بيده وقال: ((بمثل هذا فارموا، إياكم والغلو فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو))، وبعض الناس يرمي بالحجارة الكبيرة وبعضهم بقطع الحديد وبعضهم بالنعال، وكل هذا من الغلو الذي جاء النهي عنه. مثل حصى الخذف: حصى الخذف الذي يرمى به بين الأصابع صغير، وقد جاء النهي عن الخذف، وليس فيها إقرار لجوازه لكنه مثل ما هو معروف عندهم ويتداولونه بالخذف وإن كان منهياً عنه. رمى من بطن الوادي: رمى من بطن الوادي، ثم انصرف إلى المنحر فنحر: -عليه الصلاة والسلام- نحر البدن التي جاء بها من المدينة، والتي جاء بها علي -رضي الله تعالى عنه- من اليمن فنحر بيده الشريفة ثلاثاً وستين، وترك الباقي لعلي -رضي الله تعالى عنه- وذبح عن نسائه البقر.

فنحر ثم ركب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأفاض إلى البيت: يعني بعد أن رمى ونحر وحلق شعره أفاض إلى البيت فطاف به طواف الإفاضة، هو طواف الركن -ركن الحج والذي لا يصح إلا به-. فصلى بمكة الظهر: بعد أن طاف طواف الإفاضة صلى الظهر، وجاء من حديث ابن عمر -وهو صحيح- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- صلى الظهر بمنى، وهنا يقول صلى بمكة الظهر، ولعله -عليه الصلاة والسلام- صلاها بمكة ثم أعادها بأصحابه لما رجع إليهم بمنى، والحديث على طوله محل عناية من أهل العلم، منهم من تكلم على فقهه، ومنهم من جمع طرقه ورواياته، وللشيخ الألباني -رحمه الله تعالى- كتاب اسمه حجة النبي -عليه الصلاة والسلام- ذكر فيه هذا الحديث برواياته فأجاد وأحسن -رحمة الله عليه-، وابن المنذر صنف فيه جزءاً كبيراً تكلم على فوائده واستنبط منه ما يزيد على مائة وخمسين فائدة، وبعضهم ضعف هذا العدد ذكر، وأجملنا الكلام فيه؛ لأن ظرف الدورة ما يسمح للإفاضة وهناك أربعة أشرطة متداولة ومعروفة في شرح حديث جابر في صفة حج النبي -عليه الصلاة والسلام- من أراده رجع إليها. قال الإمام الحافظ ابن حجر: وعن خزيمة بن ثابت -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- "كان إذا فرغ من تلبيته في حج أو عمرة سأل الله رضوانه والجنة، واستعاذ برحمته من النار" [رواه الشافعي بإسناد ضعيف]. هذا الحديث الذي ذكره الحافظ عن خزيمة بن ثابت -رضي الله تعالى عنه- أن النبي -عليه الصلاة والسلام- كان إذا فرغ من تلبيته في حج أو عمرة: يعني فرغ من التلبية كلها، والفراغ من التلبية إنما يكون برؤية البيت أو بالاستلام أو بمباشرة رمي الجمرة، إذا فرغ منها سأل الله رضوانه والجنة، واستعاذ برحمته من النار، والخبر ضعيف لا يثبت بمثله حكم، ضعيف؛ لأنه من رواية أبي واقد صالح بن محمد بن أبي زائدة، وهو ضعيف عند أهل العلم. وعن جابر -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((نحرت هاهنا ومنىً كلها منحر، فانحروا في رحالكم، ووقفت هاهنا وعرفة كلها موقف، ووقفت هاهنا وجمع كلها موقف)) [رواه مسلم].

هذا جزء من حديث جابر الطويل في صفة حج النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((نحرت هاهنا)): وهذا من التوسعة على الناس، من شفقته -عليه الصلاة والسلام- ورحمته بأمته، ولو لم يقل مثل هذا الكلام -عليه الصلاة والسلام- لتحرى الناس النحر في المكان الذي ينحر فيه النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو لا يستوعب الناس، ولو لم يقل مثل هذا الكلام لتحرى الناس المكان الذي وقف فيه النبي -عليه الصلاة والسلام- سواء كان بعرفة أو بجمع، والمكان إن قصدوا نفس المكان فهو لا يستوعبه، قد يقتتلون عليه، لكن من شفقته -عليه الصلاة والسلام- أن قال مثل هذا، ((نحرت هاهنا ومنىً كلها منحر)) يعني مكان للنحر. ((فانحروا في رحالكم)): كل إنسان ينحر هديه في رحله في مكانه الذي أقام فيه بمنى، وهذا من التوسعة على الناس، وكونه يمنع مثل هذا ويجبر الناس على النحر في مكان معين لا شك أن الداعي إليه مراعاة المصلحة؛ لأنه مع كثرة الناس وازدحامهم لا شك أن الناس يتأذون بهذا، الإنسان ما يجد مكان يجلس فيه فكيف ينحر والدم يسيل والمخلفات وأمور، وينبعث منها روائح في اليوم الثاني والثالث، فمع الكثرة لا يتسن هذا ولذا رأى القائمون على هذه الأعمال تحديد أماكن للنحر، ولا بأس فيه؛ لأن المنظور فيه إلى المصلحة. ((ووقفت هاهنا)): كما وصف جابر -رضي الله تعالى عنه- أن بطن دابته إلى الصخرات، ومستقبل القبلة -عليه الصلاة والسلام-. ((وعرفة كلها موقف)): نعم، بحدودها، ومعروف أن الحج عرفة، فإذا وقف الإنسان في مكان لا يجزم بأنه في عرفة، فهذا يعرض حجه للخطر والبطلان، فعليه أن يتأكد أنه داخل حدود عرفة، وليرفع عن بطن عرنة؛ فلا يجزيء الوقوف فيه عند جماهير أهل العلم، ولذا جاء قوله: ((وارفعوا عن بطن عرنة))، وإن كان هناك قول للإمام مالك أنه من عرفة والوقوف فيه يجزئ مع التحريم فهو من عرفة، ولو لم يكن من عرفة ما احتيج إلى الإشارة إليه، ما قال: لا تقفوا في مزدلفة ولا تقفوا بمنى؛ لأنها ليست من عرفة، لكن المرجح هو قول الجمهور، عامة أهل العلم على أن بطن عرنة ليس من عرفة.

((ووقفت هاهنا)): يعني بمزدلفة، ((وجمع)): وهو اسم لها؛ لأنه يجتمع فيه الناس، ((كلها موقف)): جمع يجتمع فيه الناس، الحمس وقريش وغيرهم كلهم يجتمعون بمزدلفة، لكن عرفة الحمس لا يخرجون إلى عرفة. المقصود أن مزدلفة كلها موقف من أولها إلى آخرها هي داخل الحدود، والوقوف بعرفة ركن من أركان الحج لا يصح إلا به، والحج عرفة كما جاء في الحديث، وأما الوقوف بمزدلفة والمبيت بها فهو واجب من واجبات الحج، ولذا رخص النبي -عليه الصلاة والسلام- للسقاة والرعاة، لمَّا استأذنوه رخص لهم، ولو لم يكن واجباً لما احتاجوا إلى الإذن، ولو كان ركناً -كما يقول بعض أهل العلم- لما رخص لهم؛ لأن الركن جانب الشيء الأقوى الذي لا يتم إلا به، لا يمكن أن يرخص لشخص عن الوقوف بعرفة، فدل على أن المبيت بمزدلفة واجب من واجبات الحج، وليس بركن، وليمس بمستخب كما يقول بعضهم. وعن عائشة -رضي الله عنها- أن النبي صلى الله عليه وسلم لما جاء إلى مكة دخلها من أعلاها وخرج من أسفلها. [متفق عليه]. يقول -رحمه الله تعالى-: وعن عائشة -رضي الله عنها- أن النبي -عليه الصلاة والسلام- لما جاء إلى مكة: عام الفتح، دخلها من أعلاها: من ثنية يقال لها كداء -بالفتح والمد- من أعلاها، وخرج من أسفلها: من كُدى -بالضم والقصر- هناك محل ثالث يقال له تصغير كُدَيْ. المقصود أن الدخول إلى مكة من أعلاها والخروج من أسفلها، هذا ما فعله النبي -عليه الصلاة والسلام- وهل هذا الأمر مقصود شرعاً فيستحب أو ليس بمقصود؛ لأنه هو طريقه وهو الأيسر له -عليه الصلاة والسلام-؟ الدخول من الأعلى يتطلب النزول إليها وهذا سهل، بينما الخروج من أسفلها أيسر، لو صار العكس لو دخل من الأسفل وخرج من الأعلى لتطلب ما يشق عليه، ويجور عن طريقه، فمن رأى إلى هذه المسألة من هذه الحيثية قال هذا حصل اتفاقاً، فالحاج يفعل الأرفق به، ومنهم من يقول أن الدخول من أعلاها يقتضي أن يدخل إلى البيت مستقبلاً البيت، وبعضهم يستحب هذا، ويقول الحنابلة وغيرهم يستحب دخول مكة من أعلاها، والمسجد من باب بني شيبة، يعني كما فعل النبي -عليه الصلاة والسلام-، ومنهم من يقول يفعل الأرفق ولا يترتب عليه شيء.

الدخول من الأعلى من ثنية كداء بالفتح والخروج من كدى بالضم، ولذا يقولون افتح وادخل، واضمم واخرج، ومثل هذا الكلام يوردونه لضبط الكلمات، لضبط بعض الكلمات التي تحتاج إلى ضبط تضبط بمثل هذا؛ لأن الضبط بالشكل يعتريه ما يعتريه، ومع تناقل الرواة يحصل فيه التصحيف، لكن إذا قيل مثل هذا خلاص انضبطت الكلمة ما تحتاج إلى شكل ولا غيره، افتح وادخل واضمم واخرج، يقول عثمان بن حرام، أو حرام بن عثمان بلفظ ضد الحلال، خلاص ما فيه أحد بيقول حزام ولا خزام ولا أبداً؛ خلاص انضبطت ولهم تصرفات في ضبط الكلمات تدل على عنايتهم بها، التصحيف والتحريف ما يتطرق إلى اللفظ يتطرق إلى المعنى يتبعه المعنى، فعلى طالب العلم أن يعنى بالضبط، ولذا يرى جمع من أهل العلم أن كل كلمة تضبط، وكل حرف يضبط؛ لأن التبين وعدمه أمور نسبية، يعني تكون هذه الكلمة واضحة عندك تقرؤها قال بدون إشكال، لكن يأتي من يقرؤها على غير هذا، لكن الأكثر من أهل التحقيق على أنه إنما يُشْكَل المشكِل، وبقية الكلمات ما تحتاج إلى ضبط. وعن ابن عمر -رضي الله عنهما- أنه كان لا يقدم مكة إلا بات بذي طوى، حتى يصبح ويغتسل، ويذكر ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم. [متفق عليه]. وعن ابن عمر -رضي الله تعالى عنهما- انه كان: ابن عمر، لا يقدم مكة: لا يقدم إليها، ويرد عليها، إلا بات بذي طوى: ذي طوى مكان معروف من أحياء مكة، في المناسك عند المتأخرين يقولون: هو المكان المعروف الآن بالزاهر. إلا بات بذي طوى حتى يصبح ويغتسل: الطرق كانت وما زالت طويلة، لكن الوسائل بعض الناس بهذا المبيت وهذا الانتظار للصبح والاغتسال يذهب إلى مكة ويؤدي النسك ويرجع إلى بلده، لكن لطول المسافات ومشقة الانتقال بين البلدان يحتاجون لمثل هذا، الآن بإمكانك تحضر الدرس بعد العشاء وتروح إلى مكة وتصلي الصبح هناك وتؤدي النسك وترجع بكل راحة في الفترة التي بات فيها ابن عمر.

النبي -عليه الصلاة والسلام- صلى بذي الحليفة خمسة أوقات، وبعض الناس يتصور هذا في زمن الذي يعيشون فيه الآن زمن السرعة والعجلة وزمن يسمونه زمن الاتصالات والتقارب، بإمكانه الخمسة الأوقات يؤدي النسك ويرجع، لكن هناك فوائد تترتب على مثل هذا التريث وهذا التأني؛ لأن وجوده -عليه الصلاة والسلام- في ذي الحليفة مثل وجوده في المدينة، هو القدوة والأسوة هنا وهناك، وأفعاله شرع -عليه الصلاة والسلام- يمكن بعض الناس نسي حاجة ضرورية في المدينة بإمكانه أن يرجع ويأخذ أو يوصي أو يفعل ما يشاء، فهذه العجلة التي توجد الآن بين الناس ما لها مبرر، يعني هم مستعجلون على أي شيء على أيش؟ نعم جاء في السفر وأنه قطعة من العذاب، ويمنع الإنسان نومه وراحته، لكن يبقى أن العجلة التي يستعملها الناس!! بعض الناس يحتاج إلى راحة ولا يرتاح، يحتاج إلى راحة ويعرض نفسه للخطر ويقول لا زمن السرعة حتى توطن الناس على هذا وتربوا بحيث لو وجد أدنى عائق لهم ضاقت عليهم الدنيا بما رحبت، تجد كثيراً من الناس إذا أراد أن يلف يمين -والأصل أن اليمين ما يحتاج إلى انتظار- وجد أمامه سيارة ضاقت به الدنيا كأن القيامة قامت، والسبب هو هذه السرعة المتلاحقة التي تربى الناس عليها، أعمر وقتك بطاعة الله واذكر الله وسبح بهذه المدة ولا يفوتك شيئاً، لكن الناس تربوا على هذا، وإذا ركب السيارة كأن وراءه سبع أو عدو أو حريق أو شيئاً من هذا، ثم إذا وصل إلى المكان الذي يريد لا شيء، والله المستعان يبيت بذي طوى حتى يصبح ويغتسل والدنيا ملحوق عليها، يؤدي العبادة براحة وطمأنينة بعد أن أخذ ما يكفيه من الراحة، ليس معنى هذا أن الإنسان يضيع وقته بنوم وروحات وجيات ويجعل الطريق أيام من أجل أيش؟ لا هذا ولا ذاك؛ المسألة تحتاج إلى توسط، لا عجلة تشبه عجلة المجانين ولا أيضاً تريث يضيع الأوقات بدون فائدة، أقصد من هذا أن الإنسان يلزم الهدوء والطمأنينة والرفق في أموره كلها، ويتوسط أيضاً في أموره كلها، يصبح ويغتسل.

ويذكر ذلك عن النبي -عليه الصلاة والسلام-: يعني من فعله ويرفعه إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- فيستحب فعل مثل هذا لا سيما إذا كان تعقب هذا السفر تعب يحتاج معه إلى راحة. منهم من يرى أنه لا يدخل مكة بالليل حتى يصبح أخذاً من هذا الحديث، لكن المسألة مسألة حاجة إلى الراحة وعدمها؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- دخل مكة من الجعرانة ليلاً. وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- أنه كان يقبل الحجر الأسود ويسجد عليه، [رواه الحاكم مرفوعاً والبيهقي موقوفاً]. أما بالنسبة للتقبيل فهو ثابت عن النبي -عليه الصلاة والسلام- وجاء الحث عليه وأن الحجر الأسود يمين الله، المقصود أن له فضائل، وهذا الحديث اختلفوا في رفعه ووقفه، هل هو موقوف على ابن عباس من فعله، أو هو مرفوع إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- والوقف هو المتيقن. وعنه -رضي الله عنه- قال: "أمرهم النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يرملوا ثلاثة أشواط ويمشوا أربعاً ما بين الركنين" [متفق عليه]. وعنه: يعني ابن عباس -رضي الله عنهما-، قال أمرهم النبي -عليه الصلاة والسلام-: أمرهم، والأصل في الأمر الوجوب، والرمل عند عامة أهل العلم مستحب، فالأمر هنا أمر ندب. أن يرملوا: بمعنى أنهم يهرولون في الأشواط الثلاثة، وأن يمشوا الأربعة الباقية، وأن يمشوا ما بين الركنين، وهذا في عمرة القضاء؛ لأن المشركين مما يلي الحجر، لا يرونهم إذا مشوا بين الركنين، وعرفنا أنه في حجة الوداع استوعب من الركن إلى الركن الشوط كامل بالرمل، والعلة التي من أجلها شرع الرمل ارتفعت، وبقي الحكم كعلة القصر سببها الخوف ثم ارتفع الخوف وأمن الناس واستمر الحكم. حديث ابن عمر رضي الله عنهما أنه كان إذا طاف بالبيت الطواف الأول خب ثلاثاً ومشى أربعاً، وفي رواية رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا طاف في الحج أو العمرة أول ما يقدم فإنه يسعى ثلاثة أطواف بالبيت ويمشي أربعة" متفق عليه.

يعني هو بمعنى حديث ابن عباس، لكن الذي يرجح عدم وجود حديث ابن عمر في الأصل في البلوغ قوله في الحديث الذي يليه: وعنه، يعني لو كان حديث ابن عمر ثابت لقال: وعن ابن عباس ما قال وعنه، وإلا اقتضى قوله وعنه أي عن ابن عمر وهو يريد حديث ابن عباس في الذي بعده، فهذه قرينة على أن حديث ابن عمر لا يوجد في النسخ الأصلية، يعني وجد في بعضها دون بعض لكن يبقى أنه مرد الضمير إلى ابن عباس الذي هو راوي حديث الذي قبل الذي قبله، نعم يدل على أن حديث ابن عمر ما هو موجود، وإلا لصرح بذكر ابن عباس، وقال في الحديث الذي يليه وعنه. انظر في الكتاب الحديث الذي يليه وعنه مقتضاه أنه عن ابن عمر، لو وجد هذا الحديث لكان المقتضى أن يكون ابن عمر، لكن مع عدم هذا الحديث يصح أن يقول وعنه ويريد ابن عباس راوي الحديث الذي قبله. على كل حال حديث ابن عمر في الصحيحين وغيرهما يقول -رضي الله عنهما- أنه كان إذا طاف بالبيت الطواف الأول، يعني أول ما يقدم مكة -سواء كان طواف عمرة أو طواف قدوم- فإنه يخب ثلاثاً يرمل يهرول يسرع ثلاثاً ويمشي أربعة ثلاثة أشواط ويمشي أربعة، وفي رواية رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا طاف في الحج أو العمرة أول ما يقدم فإنه يسعى ثلاثة أشواط في البيت ويمشي أربعة، وهذا الحديث يغني عنه الحديث الذي قبله ولذا لا يوجد في كثير من النسخ. وعنه -رضي الله عنه- قال: "لم أر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يستلم من البيت غير الركنين اليمانيين" [رواه مسلم]. وعنه: يعني عن ابن عباس، وذكرنا أنه لو كان حديث ابن عمر موجود لما قال وعنه، لأعاد صرح، قال وعن ابن عباس، وإلا لاقتضى أن يكون هذا الحديث عن ابن عمر؛ لأنه أقرب مذكور.

وعنه -رضي الله عنه- قال: لم أرَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يستلم من البيت غير الركنين اليمانيين: وهما الركنان الباقيان على قواعد إبراهيم -عليه السلام- بخلاف الركنين الآخرين؛ فإن قريشاً لما بنوا البيت قصرت بهم النفقة فقصروا به دون القواعد وبقي جزء من البيت دون قواعد إبراهيم، معروف بالحجر ستة أذرع تقريباً من البيت لكن قصرت بهم النفقة، ولذا قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((لولا أن قومك حديثو عهد بجاهلية لنقضت البيت وأعدته على قواعد إبراهيم)) هذه أمنيته -عليه الصلاة والسلام- ومنعه من ذلك التشويش على الناس واضطرابهم ودخول الشك إلى بعضهم، ولذا ينبغي أن يجتنب مثل هذا التصرف إذا خيفت المفسدة، وأي بيت أعظم من بيت الله، فإذا خشيت المفسدة يترك الأمر على ما كان. يستلم الركن اليماني والركن الذي يليه الذي فيه الحجر، ويقال لهما اليمانيان من باب التغليب، وبعضهم يستلم الأركان الأربعة ويدعي أنه لا يهجر شيئاً من أركان البيت، لكن الاقتداء به -عليه الصلاة والسلام- هو الأصل فيبقى أن الاستلام لهذين الركنين، أما استلام الركن الذي فيه الحجر تقبيل الحجر واستلامه والإشارة إليه والتكبير عند محاذاته هذا كله ثابت، وفي هذا الركن أكثر من مزية؛ كونه على قواعد إبراهيم وكونه فيه الحجر، الركن الذي قبله هو على قواعد إبراهيم ولذا من تمكن أن يستلمه استلمه، وإلا لا يفعل غير ذلك، لا يشير ولا يكبر؛ لأنه لم يثبت في حقه إشارة ولا تكبير، لكن إذا أمكن استلامه فالنبي -عليه الصلاة والسلام- استلمه، أما الأركان الباقية فليست على قواعد إبراهيم ولذا لا تستلم ولا يشار إليها غير الركنين اليمانيين بتخفيف الياء، والأصل في ياء النسب أنها مشددة: ياء كيا الكرسي زيدت للنسب، يعني مشددة والياء هنا ياء نسب، وينصون على أنه لا بد من التخفيف؛ لأن الألف قامت مقام إحدى اليائين، الحرف المشدد عبارة عن حرفين وإلا لو قلت اليمني أو اليمنيين لا بد من التشديد، الألف هذه المزيدة قامت مقام الياء التي حذفت مع التخفيف، الأصل أن ياء النسب مشددة تقول ابن تيميّة وإلا ابن تيمية؟ تيميَّة ياء نسب.

فكونه لا يستلم من البيت غير هذين الركنين فلا يستلم بقية الأركان ومن باب أولى غيرهما، فلا يمسح مقام ولا يمسح باب ولا يمسح عمود ولا شيء، كل هذه من البدع المحدثة بل من وسائل الشرك وادعاء النفع من غير الله -جل وعلا-. امرأة تقبل وتتمسح بالمقام يقال لها هذا شبك حديد يعني جيء به من المصنع جديد بعد، ما ينفع، تقول عندكم ما ينفع وإلا عندنا ينفع، هذا هو ردها نسأل الله السلامة والعافية. ونحن نعيش ولله الحمد في تحقيق للتوحيد بسبب الدعوة المباركة التي قام بها الشيخ محمد بن عبد الوهاب -رحمه الله- وإلا أهل هذه البلاد وغيرهم كلهم دخلهم ما دخل لكن التجديد الذي قام به الإمام المجدد -رحمة الله عليه- ما زلنا نتفيأ ظلاله ونرجو الله -جل وعلا- أن يديم هذه النعمة التي هي السبب الحقيقي للأمن، {وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًاَ} لماذا؟ {يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا} [(55) سورة النور]. فالشرك هو السبب الحقيقي لاختلال الأمن، ويأتي الوافدون إلى هذه البلاد ببدعهم وشركهم أحياناً الشرك الأكبر، والمأمول أن تكثف الجهود لنفعهم ودعوتهم والحيلولة أيضاً بينهم وبين شركهم؛ لأنه أعظم المنكرات وإنكاره من أوجب الواجبات، فلا يستلم غير هذين الركنين، نعم، ولذا أردف الحافظ هذا الحديث في الاستلام قول عمر -رضي الله تعالى عنه- بعد أن قبل الحجر. طالب:. . . . . . . . . لا هو من رواية ابن عباس وعن ابن عباس والشارح نص على هذا. طالب:. . . . . . . . . وين؟ هو مروي عن ابن عمر هذا اللفظ، لكن ما هو بنفس اللفظ يعني، المقصود أنه جاء من حديث ابن عمر ومن حديث ابن عباس لكن قوله وعنه والشارح نص على أنه ابن عباس يدل على أن حديث ابن عمر أيضاً، حديث ابن عمر ترى لا حاجة إليه زايد. وعن عمر -رضي الله عنه- أنه قبل الحجر الأسود وقال: "إني أعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقبلك ما قبلتك" [متفق عليه].

مناسب جداً أن يردف الكلام السابق والأحاديث السابقة بمثل هذا؛ لئلا يرد على بعض القلوب أن الحجر ينفع، للعناية به والاحتفاء به فالنصوص الصحيحة الصريحة قد يقول قائل إنه ينفع ولولا أنه ينفع ما أمرنا بتقبيله ولا مسحه ولا، أردفه بقول عمر -رضي الله تعالى عنه- بعد أن قبل الحجر: إني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع: فالنافع والضار هو الله -جل وعلا- لا غيره، ولولا أني رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقبلك ما قبلتك: هذا اقتداء وائتساء بالنبي -عليه الصلاة والسلام- هذه أمور شرعية يقتدى بها، لكن حق الله -جل وعلا- لا بد من العناية به والتنبيه عليه، وهذا من احتياطه -رضي الله تعالى عنه- واهتمامه بحماية التوحيد وسده الذرائع الموصلة للشرك. يذكرون عن علي -رضي الله عنه- أنه لما قال عمر هذا الكلام قال فيما يرويه الأزرقي: "بلى يا أمير المؤمنين هو يضر وينفع" وهذا لا يصح ولا يثبت عن علي، ولا يمكن أن يقول علي -رضي الله عنه- الإمام الموحد مثل هذا الكلام؛ الذي نشأ على التوحيد وما سجد لغير الله -جل وعلا- يمكن أن يقول بلى يضر وينفع ليس بصحيح، بل هذا من وضع من أشربوا عبادة غير الله -جل وعلا- من الأحجار وغيرها، كما قال أمير المؤمنين وهو في الصحيحين: "لا تضر ولا تنفع" هذا أمر معلوم من الدين بالضرورة أن النافع والضار هو الله -جل وعلا- لا أحد يضر، ولو أن الأمة اجتمعت لنفع أحد لم يرد الله -جل وعلا- نفعه ما نفعوه بشيء، وبالمقابل لو اجتمعوا على ضره ما ضروه كما جاء في الحديث القدسي. وعن أبي الطفيل -رضي الله عنه- قال: "رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يطوف بالبيت ويستلم الركن بمحجن معه ويقبل المحجن" [رواه مسلم]. يقول: وعن أبي الطفيل: اسمه عامر بن واثلة آخر الصحابة موتاً على الإطلاق .. متى مات؟ سنة عشر ومائة، على رأس مائة سنة من قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((ما من نفس منفوسة يأتي عليها مائة سنة)) -يعني من مقاله إلى وفاة أبي الطفيل، هذا المرجح عند أهل العلم، ومنهم من يقول مات على رأس المائة- المقصود أنه آخر الصحابة موتاً -رضي الله تعالى عنه وأرضاه-.

قال: رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يطوف بالبيت ويستلم الركن بمحجن معه ويقبل المحجن؛ لأنه يطوف على البعير، فإذا حاذى الركن استلمه بالمحجن، والمحجن هو العصا معكوف الرأس فيستلمه ويقبل المحجن، وعلى هذا إن أمكن التقبيل مباشرة فهو الأصل، إن استلمه بيده قبل يده، وإن استلمه بالمحجن قبل المحجن، إن لم يتيسر له كل هذا أشار إليه. التقبيل مع كونه مشروعاً مطلوباً هل هو مقرون بالطواف أو هو مشروع بالإطلاق ولو من غير طواف؟ طالب: مقرون بالطواف. فقط يعني الذي ما يطوف ما يشرع له يقبل الحجر؟ طالب:. . . . . . . . . نعم؛ لأنه جاءت أحاديث مطلقة غير مقترنة بطواف، نعم بعد ما صلى عاد واستلم فما في طواف، فهو مشروع مطلقاً، لكن ينبغي أن لا يترتب على هذه السنة محظور من مزاحمة الرجال للنساء أو التضرر بأن يتضرر في نفسه أو يضر غيره، ولذا جاء في الحديث ما يدل على نهي عمر -رضي الله تعالى عنه- من مزاحمة الناس؛ لأن الرجل قوي وكان ابن عمر -رضي الله تعالى عنه- يحرص على تقبيله ومع ذلك يزاحم وليس هذا من السنة، السنة يحرص عليها بأن لا يتضرر ولا يضر غيره، وبعض الناس يحرص على السنة ويخفى عليه فقه تطبيق السنة، قد يفقه السنة لكن لا يفقه كيف يطبق السنة، بعض الناس يحرص على الصف الأول ثم بعد ذلك يأتي ويؤذي الناس يزاحم الناس حتى يصل إلى الصف الأول، وبعض الناس يفعل من السنة ما جاء عنه -عليه الصلاة والسلام- كالمجافاة مثلاً ثم يؤذي من بجواره، وبعض الناس تجده إذا تورك اعتمد على جاره بحيث لو قام جاره سقط. التورك سنة لكن كيف تطبق السنة؛ لأن بعض الناس يخالف السنة يعني نجد شخص بدين ومتين ولا يعرف كيف يطبق السنة ويتورك حتى بين السجدتين ثم عاد الذي بجانبه ما يصدق أن الصلاة تنتهي.

فعلى الإنسان أن يحرص على العلم بالسنة وعلى تطبيق السنة وعلى فقه التطبيق، المجافاة مع الإمام يعني بالنسبة للمأموم إذا كان يتضرر بها من بجواره لا شك أنه تركها أولى هي سنة لكن أيضاً أذية المصلين لا تجوز بحال، فلنفهم هذا ونعيه جيداً، مثل ما قلنا في الصف الأول بعض الناس يجي ويزاحم الناس ويتخطى الصفوف ويصف بين اثنين عرضه متر والمكان ما يسع قدم هذا ليس بصحيح هذا يشغل نفسه ويشغل غيره ويذهب بلب الصلاة الذي هو الخشوع، وإلصاق القدم بالقدم كانوا يفعلونه في عهده -عليه الصلاة والسلام- وكان يأمر بالتراص، لكن ليس هذا التراص الذي يضيق النفس ويذهب بلب الصلاة حتى وجد بعض الناس عنده ردة فعل من هذا الأمر حيث يترك فجوة كبيرة ويعرض صلاته وصلاة جاره للبطلان أحياناً، بعض الناس ما يتسع خلقه وصبره على مثل هذه التصرفات، وبعض الناس عنده حساسية تامة في الرجل قد يخرج من صلاته إذا أوذي بمثل هذا، لكن يبقى أن السنة سنة ويبقى أن دين الله -جل وعلا- وسط وهذا قلناه في مسائل الصلاة السابقة في التراص في الصف وسد الفرج وخلل الصفوف ومن وصل صفاً وصله الله، لكن يبقى أننا بالقدر المطلوب ما نزيد على هذا. فابن عمر -رضي الله تعالى عنه- كان يزاحم وأحياناً يرعف خشمه أنفه يخرج منه الدم ويعود لكن هذا ليس من السنة في شيء، ولذا جاء في الخبر يا عمر -في الخبر المسند وغيره- يا عمر إنك رجل قوي لا تزاحم على الحجر فتؤذي الضعفاء، ومن باب أولى المنع إذا ترتب على ذلك محظور من التصاق بين الرجال والنساء ويوجد من مرضى القلوب من يستغل مثل هذه الظروف، فمثل هذا يجب منعه وجميع الوسائل الموصلة إلى تحقيق بعض الرغبات من مرضى القلوب. هذا يقول: نأمل إبلاغ الأخوات بموعد انتهاء الدرس لكي يمكن لهن الاتصال بأهلهن الساعة الثامنة والنصف. يقول: هذا ماذا يقول من استلم الحجر الأسود بيده وإذا لم يتمكن من استلامه وأشار إليه بيده أو عصى هل يقول بسم الله والله أكبر أو يقول بسم الله أو أنه يقول الله أكبر؟

الأصل أن يكبر كل ما حاذى الركن كبر، وجاء في حديث عمر وغيره عند البيهقي استقبله وقال: بسم الله والله أكبر، فإن سمى فلا بأس وإن اقتصر على التكبير فهو الأصل. يقول: هل التكبير ثمان مرات هو قول واحد عند العلماء أم أن هناك تفصيل وخلاف؟ من أهل العلم من يرى أن التكبير لبداية الطواف وأنه لا داعي له عند نهايته، لكن إذا استحضرنا أن النبي -عليه الصلاة والسلام- كلما حاذى الركن كبر فالنهاية كالبداية، وفي حديث جابر في المسند وغيره بإسناد حسن أنهم كانوا يطوفون مع النبي -عليه الصلاة والسلام- فيمسحون الركن الفاتحة والخاتمة ولا مسح دون تكبير. طالب:. . . . . . . . . ابحث وأت به غداً. يقول: كيف يجعل الأذخر في القبور وهل وضع بعض النباتات الخضراء كالريحان والبرسيم فيه شيء؟ الآن لو عرفنا لماذا يضعون الأذخر في القبور، ولماذا يوضع في أسقف البيوت؟ يوضع في القبور بين اللبن؛ لئلا ينهال التراب إلى الميت فليس مقصوداً لأنه، لكن هو حشيش ناعم يمنع انهيال التراب إلى الميت؟ يقول هل الخط الأسود الممتد من الحجر الأسود له أصل؟ ليس له أصل هو حادث، لكن الحاجة داعية إليه؛ لأن كثيراً من الناس لا يدري من أين يبدأ الطواف، لا يدري ولا يعلم من أين يبدأ الطواف، لكن سائل يسأل يقول انه ابتدأ الطواف من رجل إسماعيل وين رجل إسماعيل، يعني يقصد من المقام مثل هذا يعرف كيف يبدأ؟ ما يعرف، فرأى أهل العلم في وقت من الأوقات أنه من المصلحة أن توضع علامة تدل على بداية الطواف، فإذا كانت المصلحة راجحة والمفسدة مغمورة فالدين دين مصالح ودرء مفاسد، لكن إذا زادت المفسدة -كما يلاحظ الآن- يوجد زحام شديد بسببه يقف الناس عليه وبعضهم يصلي يقصد هذا الخط ويصلي عليه، ولذلك فيه من يطالب بإزالته ووضع علامات تخلو من المفاسد، وحكمه حكم الخطوط ألي الآن المستعملة في الصفوف كلها حادثة، لكن إذا حققت مصلحة اتجه القول بها. يقول: هل للعمرة طواف وداع وهدي؟

الهدي النفل لا بأس، أما الواجب فلا يجب إلا بموجب، والعمرة ليس لها طواف وداع؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- اعتمر مراراً ولم يذكر أنه قال: ليكن آخر عهدكم بالبيت، ولم يأمر عائشة لما طافت وسعت أن تطوف للوداع. المقصود أن العمرة ليس لها طواف، وبعض العلماء يرى أن النص عام شامل، فإن تيسر أن يطوف الإنسان إذا أراد أن ينصرف سواء كان في حج أو عمرة فهو أحوط، وإلا فالأصل أن العمرة ليس لها وداع. طالب: حديث "إن عبداً أصححت له جسمه لا يفد لي كل خمسة أعوام فهو محروم". هذا صححه بعضهم، ومعناه صحيح، حتى الذي لا يفد وهو يستطيع وهو صحيح البدن ويتيسر له يحج كل سنة محروم الذي لا يحج كل سنة محروم، الحرمان نسبي، نعم، فالحرمان نسبي. طالب: ما يؤخذ منه تأثيمه .... ؟ لا لا ما يؤخذ، لا لا الحرمان لا لأنه لا يجب الحج إلا مرة واحدة؛ النصوص القطعية تدل على هذا. يقول: هل من الممكن أن يكون الدرس ليوم غد بعد الظهر إلى العصر بدلاً من المغرب؟ بعد الظهر يعني لو قال من العصر إلى أذان العشاء ممكن، أما الظهر ما هو محل الدرس. طالب:. . . . . . . . . لا الظهر ما هو محل للدرس؛ لأنه يشق على كثير من الناس، قل مثل هذا في الجمعة لو تركنا غداً يكون الدرس بعد العصر إلى أذان العشاء ومثله يعني يمكن لكن الأصل على ما هو عليه، فإن كانت هذه رغبة الجميع فينزل عند رغبتهم فالدرس لكم، وإن كان هناك أحد يستفتي ويأخذ بقول يكون راجح فلا بأس. يقول: ألا يكون ارتباط الناس بالرحلات الجوية والبحرية وغيرها وخاصة من يأتي من خارج المملكة وجاهة في الاشتراط؟ يعني ما حسب حسابه أنه لما قدم إلى الحج أنه سينتهي في يوم كذا؟ إذا كانت المسألة مسألة فريضة وركن من أركان الإسلام، والنبي -عليه الصلاة والسلام- يقول: ((أحابستنا هي)) ما يقف أمام هذه شيء أبداً، مهما كانت الظروف؛ يعني الحج ركن الإسلام والطواف ركن الحج وإذا فرطنا بالركن شو يبقى؟ كذلك بالنسبة لشدة الزحام للمرأة الحامل ألا يكون ذا وجاهة؟

أنت بتشترط وهي فرض لا بد أن تلاحظ أمرها وتأتي في الأوقات التي يخف فيها الزحام وتسدد وتقارب؛ لأنه لا بد أن نستشعر عظمة هذه العبادة، وأنها ركن من أركان الإسلام أما التساهل متى ما بغى جاء متى ما بغى، رجع ... من كانت عليه أمارات التعب ويخشى عليه أن يفوته الحج بسبب المرض يشترط مثل ضباعة على ما سيأتي. هذا يسأل عن حديث الحجر الأسود يمين الله؟ هذا يبحث عنه بعض الإخوان ويأتي به غداً، ولو بحثه أكثر من واحد عاده يصير أحسن. يقول: هل الأئمة الإثني عشر من نسل علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- من أهل السنة، وإذا كان الجواب نعم لماذا لا نرى في الصحاح مرويات لهم خصوصاً أن هناك مرويات كثيرة لجعفر الصادق؟ أما بالنسبة لأوائلهم كعلي والحسين وعلي بن الحسين زين العابدين، ومحمد بن علي وجعفر الصادق كلهم أئمة، أئمة هدى ومروياتهم في الصحيحين وغيرها ولا نقاش فيه، من مرويات جعفر عن أبيه الباقر عن جابر حدبث حجة النبي -عليه الصلاة والسلام- وخرجها الأئمة في كتبهم، وأهل السنة أهل عدل وإنصاف، ما قالوا أن جعفر الصادق عمدة الشيعة ووضع عليه الشيء الكثير، ما عليه ذنب مما وضع عليه، الكلام فيما يضعه هو، وهو عدل ثقة عند أهل العلم لا يوجد ما يمنع من تقرير حديثه، أما من جاء بعدهم فهم كغيرهم من عادي الناس لهم وعليهم. يقول: هل نوم الرسول -عليه الصلاة والسلام- بذي طوى سنة يقاس عليه أن النوم قبل أداء العمرة سنة أيضاً؟ النوم عند الحاجة إليه لكي يقبل على العبادة وهو مرتاح ومطمئن مطلوب. هذه الأمور تأتي في وقتها -إن شاء الله تعالى- بعض المسائل يشار إليها في أوقاتها من الدروس اللاحقة إن شاء الله تعالى. يقول: نحن مجموعة من الزملاء في العمل عملنا جمعية بجزء من الراتب على أن يأخذها كل واحد شهر فهل عليها زكاة خاصة الذي يأخذها بالأخير مع العلم بأنه حال عليها الحول؟ هذه ديون على أملياء تزكى إذا حال عليها الحول الدين إذا كان عند مليء يزكى كل ما حال عليه الحول بخلاف الدين الذي على معسر. طالب:. . . . . . . . . وش فيه؟ طالب:. . . . . . . . . وأنت تتصور أن السجود يكون على الأعضاء السبعة؟ الوجه الوجه فقط. طالب: يعني مشروع؟

فعله ابن عباس ويذكر عن عمر -رضي الله عنه- لكن المعروف التقبيل. يقول: هل إذا نوى ولي الصبي أن يكون أجر حجة الصبي لأحد أقاربه فهل هذا جائز وهل يثبت الحج لمن أهدي له؟ المسألة ذكرناها في درس مضى، وقلنا أن الصبي لم يجر عليه قلم التكليف، من أهل العلم من يرى أنه لا يثبت له أجر ولا عليه وزر وإنما يؤمر وينهى من أجل التمرين، فهذه الحجة إذا كان ليس فيها أجر لا تهدى، وقوله -عليه الصلاة والسلام-: ((ولك أجر)) يعني الأم، فالأم تهدي ثوابها هذا الأجر الذي ثبت لها لمن شاءت. هذا يقول: عندي سؤال ولكني لا أتجرأ على قوله ولكني لا أدري ما حكمه ما المطلوب عمله؟ المطلوب عمله عند الطواف، هو يقول لا أتجرأ على قوله، هو كلام شنيع يعني بجانب الرب -جل وعلا- سب لله -جل وعلا- في الطواف، فماذا يفعل من سب الله ورسوله، نسأل الله العافية يكفر، هذا يكفر، عليه أن يأتي بالشهادة من جديد إذا كان في حج أو عمرة بطل، بطل النسك كله، وعليه أن يعيده نسأل الله السلامة والعافية، وإذا كان بعد النسك فيعتريه من الخلاف ما يعتري من ارتد ثم عاد إلى الدين، هل يحبط عمله بمجرد الردة أو لا بد أن يموت على كفره؟ المسألة معروفة عند أهل العلم لكن إعادتها هو الأحوط. يقول: حججت عام حريق منى ولم نبت ولا ليلة في منى وكنا نبيت في الأبطح لعدم وجود مكان في منى؟ إذا كان الكلام مؤكد وأنه بالفعل بحثتم عن مكان ولم تجدوا فلا شيء عليكم، وإن كان المسألة مسألة تفريط سمعتم الناس يقولون ما فيه مكان وصدقتم فعليكم بترك هذا النسك دم عند جمهور العلماء؛ لأنه واجب، المبيت واجب. يقول: ما هو الملتزم؟ الملتزم بين الركن والباب، وحكم الدعاء عنده الالتزام إلصاق الصدر والبدن بهذه بهذا الجزء من الكعبة ما بين الركن والباب، والدعاء عنده يتحرى، فعله ابن عمر وابن عباس وجمع من الصحابة وليس فيه شيء مرفوع. يقول: ما حكم التمسح بأستار الكعبة أو ببابها؟ كل هذا من البدع. هذا يسأل عن سفر المرأة مع الحملات بدون محرم؟ المسألة تكلمنا عليها في درس مضى، ويذكر أن بعض المشايخ أفتوا بأن لها ذلك، لكن المرد في هذا والحكم إلى النص، وأنه لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم.

يقول: هل يقول الذكر الوارد في نهاية الشوط السابع من السعي عند المروة؟ نعم. طالب: الدعاء رعاك الله عند الصفا والمروة يرفع كفيه ويدعو؟ يدعو نعم يرفع يديه ويدعو. يقول: هل ينبغي إنقاص عدد الحجاج من مليونيين إلى مليون لكي تؤدى المناسك بخشوع وبدون أذىً للناس وبدون مفاسد أخرى؟ الأصل أن العبادات المفروضة من قبل الله -جل وعلا- على عباده أن لا يتدخل فيها أحد، هذا الأصل، لكن إذا رأى ولاة الأمر باستشارة أهل العلم ممن تبرأ الذمة بتقليدهم رأوا أن المصلحة ظاهرة في التحديد وأن الخطر محقق مع عدمه لهم ذلك، فلهم ذلك. شخص أحرم بالعمرة ثم بعد إحرامه بها ودخوله في النسك لم يؤد العمرة ورجع إلى أهله فماذا عليه؟ عليه أن يعود وهو مازال محرماً حتى يطوف ويسعى ويحلق أو يقصر. يقول: أشرطة شرح بلوغ المرام توقفت عن الظهور فما السبب؟ لا علم لي بالأشرطة، والإخوان عندهم الأخبار والأشرطة التي ظهرت أخيراً صلاة الجمعة والخوف حذف منها الأسئلة القبلية والبعدية. ما حاجة طلاب العلم لتوجيهات -مدري والله- ماحاجة طلاب العلم التوجيهات والمطبات الصناعية التي تصحح السير في الطلب؟ المقصود أن التوجيه مقبول طيب. يقول: بعض الإخوان الذين في الأمام يوقفون الأسئلة وذلك يوغر صدورنا عليهم؟ على كل حال. يقول: نرجو أن يكون الدرس غداً بعد الظهر إن أمكن. هذا يقول: في الأصل في التقويم حديث عائشة -رضي الله عنها- قالت: "إن الرسول -عليه الصلاة والسلام- قال للوزغ فويسق ولم أسمعه أمر بقتله" [أخرجه البخاري]. السائل يقول كيف نوفق بين هذا الحديث أعلاه مذكور في أصل التقويم وبين حديث الخمس الفواسق الذي ثبت وصفه بأنه فاسق والعلة منصوصة فيقتل لا سيما وقد جاء الحث على قتله من غير تقييد.

يقول: أنا طالب للعلم مغرم به وعندي مشكلة أريد الإرشاد والدلالة للأصلح مشكلتي أنني منقطع لطلب العلم حفظاً للقرآن ولحفظ المتون ولكني لا أشارك في أي مجال من غير طلب العلم كثير من الإخوان يطلبون مني المشاركة في الدعوة والأنشطة الدعوية فأمتنع لا رغبة عن ذلك ولكن لعلمي من نفسي أن ذلك يشغلني عن التأصيل فهل ذلك حسن أو هو من حيل الشيطان ومكره علماً أن لي معلماً ولي مجلس شهري فهل أنا مصيب؟ على كل حال إذا انشغل بطلب العلم. يقول: توضيح أكثر جعلت لي حد عشر سنوات وبعدها أبدأ في إلقاء الكلمات العامة فقط المشكلة أخشى من الإنقطاع والقعود والخمول وعدم الظهور .. كلام بعضه مكرر .. المشكلة أخشى من الظهور يعني مرة ثانية والمشاركة من القطع بطلب العلم والانشغال عن ذلك لأنني لا أستطيع أن أجمع بين عملين أو مجالين؟ على كل حال الأصل التعلم قبل كل شيء، أن يبدأ بالعلم ثم العلم، وعلى الإنسان أن يحرص بقدر الإمكان أن يعلم ما تعلمه، وأن يبلغ ما بلغه؛ لأن العمر ليس بمضمون الإنسان يقول أعكف على العلم عشر سنوات خمس سنوات عشرين سنة ثم بعد ذلك أفيد، لا؛ وما يدريك أنك تموت قبل ذلك، فاحرص بقدر الإمكان ولا تعرض نفسك لمواقف تحرج فيها ويطلب منك أكثر مما عندك، وإذا طلب منك مثل هذا قل الله أعلم ولا يضيرك، فعلى الإنسان من تعلم شيئاً أن يبلغه لغيره. يقول: إذا حلفت بالله وحنثت ولم أكفر ثم حلفت بالله مرة أخرى هل أكفر مرة أو مرتين؟ إذا كان الباعث على اليمين ....

كتاب الحج (5)

بلوغ المرام _ كتاب الحج (5) الشيخ: عبد الكريم بن عبد الله الخضير السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الحديث الذي ذكر بالأمس: ((الحجر الأسود يمين الله)) في كتاب القواعد المثلى للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله- يقول: "المثال الأول: ((الحجر الأسود يمين الله في الأرض)) الجواب عنه يقول الشيخ: أنه حديث باطل لا يثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، ثم خُرّج، أخرجه الخطيب في تاريخه، وابن عدي في الكامل، وعزاه الألباني في الضعيف لأبي بكر بن خلاد، وابن بشران في الأمالي، وفي إسناده إسحاق بن بشر الكاهلي، كذبه أبو بكر بن أبي شيبة إلى آخر ما قال، والحديث ضعفه المناوي في فيض القدير، ونقل هناك تضعيف ابن الجوزي في العلل المتناهية يقول ابن الجوزي: هذا حديث لا يصح، قال ابن العربي: حديث باطل، فلا يلتفت إليه، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: روي عن النبي -عليه الصلاة والسلام- بإسناد لا يثبت، يقول الشيخ: وعلى هذا فلا حاجة للخوض في معناه؛ لكن قال شيخ الإسلام ابن تيمية: والمشهور -يعني في هذا الأثر- إنما هو عن ابن عباس، قال: "الحجر الأسود يمين الله في الأرض، فمن صافحه وقبله فكأنما صافح الله، وقبل يمينه" يقول أيضاً: ضعيف، الأثر ضعيف، أخرجه ابن قتيبة في غريب الحديث، ثم نقل عنه الألباني -رحمه الله- أنه قال: "إذا عرفت ذلك فمن العجائب أن يسكت الحافظ بن رجب عن الحديث في ذيل الطبقات، ويتأول ما روي عن ابن الفاعوس الحنبلي أنه كان يقول: الحجر الأسود يمين الله حقيقة، بأن المراد بيمينه أنه محل الاستلام والتقبيل، وأن هذا المعنى هو حقيقة في هذه الصورة، وليس مجازاً، وليس فيه ما يوهم الصفة الذاتية أصلاً، وكان يغنيه عن ذلك كله التنبيه على ضعف الحديث، وأنه لا داعي لتفسيره أو لتأويله؛ لأن التفسير فرع التصحيح، كما لا يخفى، هذا كلام الشيخ الألباني -رحمه الله-، الشيخ ابن عثيمين كأنه ينقل عن الفتاوى يقول: لكن قال شيخ الإسلام ابن تيمية: والمشهور -يعني في هذا الأثر- إنما هو عن ابن عباس قال: "الحجر الأسود يمين الله في الأرض، فمن صافحه أو قبله فكأنما صافح الله، وقبل يمينه" ومن تدبر اللفظ المنقول تبين له أنه لا إشكال فيه، فإنه قال: يمين الله في الأرض، ولم يطلق فيقول: يمين الله، وحكم اللفظ المقيد يخالف حكم المطلق، ثم قال: فمن صافحه

وقبله فكأنما صافح الله، وقبل يمينه، وهذا صريح في أن المصافح لم يصافح يمين الله أصلاً؛ ولكن شبه بمن يصافح الله، فأول الحديث وآخره يبين أن الحجر ليس من صفات الله تعالى، كما هو معلوم عند كل عاقل.

يعني التأويل الذي ذكره شيخ الإسلام هو نفس ما انتقد على ابن رجب، يعني إذا كان الحديث بهذه المثابة من الضعف فلا يتكلف اعتباره، ولا يتكلف تأويله، ولا يتكلف التوفيق بينه وبين غيره من النصوص، هذه الجادة، لكن كأن الشيخ يميل إلى أن الخبر عن ابن عباس يعني قد يقبل، وإذا ثبت عن ابن عباس مثل هذا الخبر، وهو لا مجال للرأي فيه فإنه له حكم الرفع، وهذا بحث من بعض الإخوان يقول: ذكر الحديث عن حديث عبد الله بن عمرو مرفوعاً، أخرجه ابن خزيمة والطبراني والحاكم والبيهقي، وجميع أسانيدها مدارها على عبد الله بن المؤمل، وهو ضعيف، ثم حديث جابر بن عبد الله مرفوعاً أخرجه ابن عدي والخطيب وأبو بكر بن خلاد وابن بشران جميع أسانيدهم مدارها على إسحاق بن بشر الكاهلي، وهو وضاع؛ لكن لم ينفرد به فقد تابعه أحمد بن يونس الكوفي، وهو ثقة كما عند ابن عساكر، وفي إسناد المتابعة أبو علي الأهوازي، وهو متهم، على كل حال إذا كان في طريق وضاع وفي طريق متهم هذا لا يقبل الانجبار شديد الضعف، حديث ابن عباس مرفوعاً، أخرجه الفاكهي في تاريخه، وإسناده ضعيف جداً، حديث أنس مرفوعاً، أخرجه الديلمي في مسند الفردوس بإسناد فيه متهم أيضاً، حديث ابن عباس موقوفاً، أخرجه عبد الرزاق في المصنف، وفي إسناده إبراهيم بن يزيد، وهو منكر الحديث، وأخرجه عبد الرزاق بعده من حديث ابن جريج عن محمد بن عباد عن ابن عباس به، ورواه ابن جريج عن علي بن عبد الله عن ابن عباس، وأخرجه الفاكهي إلى آخره، ولعل هذا هو الراجح في الحديث، أنه من قول ابن عباس، حتى ما نسب إلى ابن عباس ما يسلم طريق من ضعف؛ لكن لتعدد الطرق عن ابن عباس يمكن احتماله موقوفاً عن ابن عباس، كما يفهم من كلام شيخ الإسلام -رحمه الله تعالى-، وإذا ثبت عن ابن عباس وهو مما لا مجال للرأي فيه يكون له حينئذ حكم الرفع، يقول: ولعل هذا هو الراجح في الحديث أنه من قول ابن عباس، حديث أبي هريرة مرفوعاً أخرجه ابن ماجه والفاكهي وابن عدي، وإسناده فيه حميد بن أبي سوية، وهو ضعيف، هذا الذي بحث يقول: الخلاصة أن الحديث ضعيف مرفوعاً، صحيح موقوفاً، هذا ما ترجح لي في هذه العجالة، والأمر يحتاج إلى بحث وتأمل؛ لكن من ضعف

المرفوع والموقوف باعتبار أن جميع طرقه لا تسلم له وجه، وممن نظر إلى اعتبار تعدد هذه الطرق، ولو كان ضعفها شديداً، فإن بعض أهل العلم إذا تعددت الطرق وتباينت وكثرت، ولو كان الضعف شديداً، وفي اصطلاح أهل العلم أن الضعف الشديد لا ينجبر، بعضهم يرى أنه ينجبر، على كل حال لو صح فمعناه مثل ما ذكر شيخ الإسلام أنه من باب أن من صافحه فكأنما كما هو نص الخبر، وحينئذ إذا كان من صافحه فكأنما صافح يمين الله، وبعدين هو يمين الله في الأرض، والله -جل وعلا- في السماء، فلا يخطر على البال أنه هو اليمين التي ثبتت في النصوص، في نصوص الكتاب والسنة، وإثباتها لله -جل وعلا-، فاليد ثابتة على ما يليق بجلال الله وعظمته، وهذا من باب التقريب والتشبيه، "فكأنما" ومعلوم أن المشبه لا يلزم منه مطبقة المشبه به من كل وجه، ففي رؤية الباري -جل وعلا- شبهت بالحديث الصحيح كأنما ترون القمر ليلة البدر، لا تضامون في ذلك، المقصود أن تشبيه رؤية الباري برؤية القمر ليست من كل وجه، إنما في الوضوح والظهور، وإن كان المشبه غير المشبه به. بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: فيقول الإمام الحافظ ابن حجر -رحمه الله- في كتابه بلوغ المرام في باب صفة الحج ودخول مكة: وعن يعلى بن أمية -رضي الله عنه- قال: "طاف النبي -صلى الله عليه وسلم- مضطبعاً ببرد أخضر" رواه الخمسة إلا النسائي، وصححه الترمذي.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى- وعن يعلى بن أمية -رضي الله تعالى عنه- قال: "طاف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مضطبعاً ببرد أخضر" بالنسبة للون ليس هناك لو متعين بحيث لا يجوز سواه، إلا ما ورد النهي عنه من الأصفر، المعصفر المزعفر، الأحمر، كل هذه ورد النهي عنها بالنسبة للرجال، وما عدا ذلك يجوز لبسه، "مضطبعاً" حال كونه مضطبعاً، والاضطباع كما ذكرناه بالأمس أن يبدي ضبعه الأيمن، ويدخل الرداء من تحته، من تحت إبطه الأيمن، ويرسل طرفيه على منكبه الأيسر؛ ليكون طرف على صدره، وطرف على ظهره من جهة الظهر، الاضطباع سنة في جميع الأشواط السبعة، يلاحظ أن بعض الناس منذ أن يعقد النية يضطبع حتى يتحلل ويلبس ثيابه، ولذا تلاحظون أن بعض الحجاج اليد اليمنى قد أثرت عليها الشمس، وضعها على هيئة ولم يغيرها، مع أن الاضطباع في الطواف، في السبعة الأشواط، ومنهم من خصه بالثلاثة الأُول كالرمل؛ لكن المرجح أنه في السبعة، فإن انتهى من الطواف ستر منكبيه؛ ليصلي ركعتي الطواف، وجاء في الحديث الصحيح: ((لا يصلي أحدكم في الثوب الواحد ليس على عاتقيه منه شيء)) والرواية الأخرى: ((ليس على عاتقه)) فعلى هذه الرواية يكفي أحدهما، فلا ينكر على من فعله؛ لكن الأصل أن الاضطباع ينتهي بانتهاء الطواف. وعن أنس -رضي الله عنه- قال: "كان يهل منا المهل فلا ينكر عليه، ويكبر المكبر فلا ينكر عليه" متفق عليه. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: وعن أنس -رضي الله تعالى عنه- قال: "كان يهل منا" يعني الصحابة في مسمع منه -عليه الصلاة والسلام-، "كان يهل منا المهل"، والإهلال رفع الصوت بالتلبية، "فلا ينكر عليه" لماذا؟ لأنه محرم، والتلبية بالنسبة للمحرم سنة، ويأتي متى يقطع التلبية، "ويكبر منا المكبر فلا ينكر عليه" لأن أيام الحج أيام تكبير، فمن كبر فقد أحسن، ومن أهل ولبى فقد أحسن، وهذا صنيع بمسمعه -عليه الصلاة والسلام-.

وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: "بعثي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الثقل، أو قال: في الضعفة من جمع بليل"، وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "استأذنت سودة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ليلة المزدلفة أن تدفع قبله، وكانت ثبطة -تعني ثقيلة- فأذن لها" متفق عليهما.

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: "بعثني النبي -صلى الله عليه وسلم- في الثقل" في المتاع، ثقل المرء متاعه، "أو قال: في الضعفة" يعني من أهله من نساء وذرية "من جمع" يعني من مزدلفة "بليل" يعني بعد منتصفه، وبعد مغيب القمر يسوغ لأهل الأعذار أن ينصرفوا من جمع بعد أن يجلسوا فيها غالب الليل، والحكم للغالب، في حديث أسماء أنها كانت ترقب القمر، ولا يغيب القمر إلا بعد مضي غالب الليل، فإذا غاب انصرفت، وهنا بعثهم النبي -عليه الصلاة والسلام- بليل، يعني قبل طلوع الفجر، وعلى هذا من كان معذوراً بحيث لا يستطيع مزاحمة الناس له أن ينصرف، ومنهم من يطرد يقول: الحكم للغالب، فإذا جلس، مكث الحاج بمزدلفة إلى نصف الليل، وزاد على ذلك قليلاً فطرداً لقولهم: أن الحكم في المسائل للغالب أنه ينصرف الجميع، هذا القول معروف عند الحنابلة والشافعية، الانصراف من منتصف الليل، والنبي -عليه الصلاة والسلام- كما تقدم مكث في مزدلفة حتى صلى الصبح، اضطجع حتى طلع الفجر، ثم صلى الصبح، وذهب إلى المشعر، فقام يذكر الله عند المشعر الحرام، حتى أسفر جداً، ثم دفع، وهذه هي السنة، وأوجب بعضهم البقاء إلى صلاة الصبح، بل جعل صلاة الصبح بعضهم بمزدلفة ركن من أركان الحج، لما سيأتي في حديث عروة بن مضرس، وفيه ما فيه على ما سيأتي، وفي الحديث الذي يليه حديث عائشة -رضي الله عنها- قالت: "استأذنت سودة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ليلة المزدلفة أن تدفع قبله، وكانت ثبطة" الأصل في الثبط: البطيء الحركة، وفي الحديث الصحيح: "وكانت ثبطة ثقيلة" وهنا يقول "وكانت ثبطة" تعني ثقيلة، ولا شك أن الثقل سبب لبطء الحركة، فكونها ثبطة سببه أنها كانت ثقيلة، ومعروف أن الثقل في البدن سواء كان بسبب الزيادة في الوزن أو بسبب الإرهاق، أو بسبب المرض، أو كبر السن كل هذا يجعل الإنسان ثبطاً، يعني بطيء الحركة، وعلى كل حال هي كبيرة السن، وهي ثقيلة، فنشأ عن ذلك بطء الحركة، فصارت من الضعفاء، فاستأذنت، فأذن لها، وعائشة في ذلك الوقت كانت شابة نشيطة قوية ما استأذنت؛ لكنها تمنت فيما بعد أنها استأذنت كما استأذنت سودة، فاستدل بعضهم من كلامها أن

المرأة عموماً لها أن تنصرف، ولا شك أن جل النساء ضعيفات، والضعف ملازم لهن، فمن قال: أن النساء عموماً ينصرفن، لهن الانصراف، فله وجه؛ لأن عائشة ما لاحظت كونها ثقيلة كون سودة ثقيلة، وإنما تمنت لو استأذنت كما استأذنت سودة، ومع ذلك هي شابة خفيفة نشيطة، ليست بثبطة، ولا ثقيلة، ففهمت أن سبب الانصراف هو كونها من جنس النساء، وعلى كل حال من احتاج إلى أن ينصرف قبل الناس هذا عذره، أو كان معه من الضعفة ما يستحق أن ينصرف من أجله له ذلك؛ لكن لا يُتحايل بهذا على إسقاط السنن، لا يُتحايل بهذا على التنصل من السنن والاتباع، قد رأينا باص فيه ما يقرب من خمسين شخص، وليس معهم إلا امرأة واحدة، مكثوا قليلاً، قالوا: ننصرف، كيف تنصرفون وأنتم أقوياء أشداء؟ قالوا: معنا امرأة، وليس في الباص إلا هذه المرأة، وكأنهم جعلوها معهم للاحتيال على تطبيق السنة، ديننا -ولله الحمد- ليس بدين آصار، ولا أغلال، الدين يسر -ولله الحمد والمنة- لكن التحايل على التنصل من الأحكام الشرعية لا شك أنه مذموم، وما حرف اليهود -بنو إسرائيل- ما حرفوا النصوص إلى بالحيل، بالتحايل عليها، لارتكاب المحرمات، والتنصل على الواجبات، فكون الإنسان يحتال من أجل أن ينصرف الأمور بمقاصدها، وأنت تتعامل مع من لا تخفى عليه خافية، يعلم السر وأخفى؛ لكن إذا وجد معك من له الانصراف بالدليل الشرعي، وليس له من يقوم به سواك حينئذ لا بأس أن تنصرف معه، المبيت بالمزدلفة محل خلاف بين أهل العلم، منهم من يرى أنه ركن من أركان الحج، وهذا معروف عن علقمة والنخعي وبعض السلف لحديث عروة بن المضرس، وسيأتي، ومنهم من يرى أنه سنة كالمبيت في منى، والأكثر على أنه واجب من واجبات الحج، كونه واجب هو القول الوسط، ويدل له الإذن؛ لأن السنة لا يحتاج إلى إذن ولا استئذان، المندوب إذا احتيج إليه لا يحتاج إلى إذن ولا استئذان، والركن لا يؤذن فيه، مهما بلغ العذر، لو أن شخصاً في طريقه إلى عرفة حصل له ما حصل حادث أدخل إلى المستشفى إلى أن انتهى الوقوف، نقول: هذه حاجة؟ هذه ضرورة؛ لكن أدرك الحج وإلا فاته الحج؟ فاته الحج، الركن لا يؤذن فيه، والسنة لا يحتاج إلى إذن ولا استئذان، إذاً المبيت

بمزدلفة واجب من واجبات الحج، وهذا هو القول المعتمد، ومن فاته الوقوف بتفريط منه يلزمه عند أهل العلم دم يجبره به، وأما مقداره فمن إمكان الوصول؛ لأن من الناس من لا يصل إلى مزدلفة إلا قرب الفجر، يُلزم بشيء؟ ما يلزم بشيء، ومنهم من يصل إلى المزدلفة بعد غروب الشمس بقليل على كل حال من إمكان الوصول إلى أن يسفر جداً، كما فعل النبي -عليه الصلاة والسلام-، وإن دفع بعد منتصف الليل، بحيث يمضي غالب الليل فالأمر فيه سعة عند جمع من أهل العلم، ولكن الاقتداء به -عليه الصلاة والسلام-، ومبيته بها من وصوله إلى الإسفار مع قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((خذوا عني مناسككم)) هذا يجعل الأمر مما ينبغي أن يهتم به، ويعتنى به، ومن الناس لا سيما من يرتبط بحملة أو غيرها، تجد صاحب الحملة مجرد ما ينزلون قليلاً يركبهم في السيارات، ويتأهبون للانصراف، مع أنه في الطريق يوجد أناس كثير منهم نايم، ولن يتهيأ، ولن يتيسر له أن ينطلق إلى منى لوجود من في الطريق من النوام وغيرهم؛ لكن بعض الناس يحرص على أن يتخلص من هذه العبادة بأي وسيلة، ليس البر بالإيضاع، الكلام في تطبيق السنة، وأن يأتي بهذه العبادة على وجه كامل بقدر الإمكان، أهل الحملات أحياناً يلزمون من يحج معهم بمثل هذا، تجدهم من صلاة العصر أو من وقت صلاة العصر يبدؤون بركوب الناس وإشغالهم عن أذكارهم بعرفة على ما أشرنا أمس، ثم بعد ذلك يدفعونهم إلى مزدلفة، ثم يشغلونهم قبل منتصف الليل بالركوب، وهذا حصل، يركبون من الساعة الحادي عشرة، وينطلقوا لا يمكن المسير بحال من الأحوال ولا خلال ثلاث ساعات؛ لأن الناس نوام قدامك في الطرق؛ لكن مع ذلك تجد صاحب الحملة يحرص أن تنتهي هذه الحجة بأقرب فرصة، مع أنه لن ينته، يعني هذا نظير الذي يسابق الإمام، هل يمكن أن يسلم قبل الإمام؟ ما يمكن يسلم قبل الإمام، وهذا الذي أركب الناس، والناس نوام قدامه في الطرقات لا يمكن أن ينصرف قبل الناس؛ لكن بعض الناس عنده طبع، طبع في نفسه قبل الموعد المحدد بأوقات لا بد يصير جاهز، وهذا يتعب نفسه، ويتعب غيره، وخير الأمور أوسطها، أيضاً التريث الزائد على المطلوب يفوت كثير من المصالح، فخير الأمور أوسطها.

وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: "قال لنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا ترموا الجمرة حتى تطلع الشمس)) رواه الخمسة إلا النسائي، وفيه انقطاع. وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "أرسل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بأم سلمة ليلة النحر فرمت الجمرة قبل الفجر، ثم مضت فأفاضت" رواه أبو داود وإسناده على شرط مسلم.

حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- يقول: "قال لنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا ترموا الجمرة)) وابن عباس في الحديث السابق الذي يقول فيه: أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- بعثه في الثقل، أو قال: في الضعفاء من جمع بليل، وهو ما يحتاج إلى عذر، يناهز الاحتلام، يعني شاب قوي نشيط؛ لكن بعثه معهم، وهو ليس من أصحاب الأعذار، ولذا قال له النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((لا ترمي الجمرة حتى تطلع الشمس)) مثل فعله -عليه الصلاة والسلام-، النبي -عليه الصلاة والسلام- ما رمى إلا بعد ما طلعت الشمس، فمثل هذا القوي النشيط يرتكب العزيمة، وليس بحاجة إلى رخصة، على أن في الخبر انقطاعاً؛ لكن له أكثر من طريق، بحيث يصل إلى أن يحكم عليه بأنه صحيح لغيره، فالذي ليس بحاجة إلى رخصة الأولى أنه لا ينصرف قبل الإسفار، ولا يرمي إلا بعد طلوع الشمس كفعله -عليه الصلاة والسلام-، وهنا قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((لا ترموا حتى تطلع الشمس)) ومنهم من يحمل هذا النهي على الكراهة، والانتظار إلى طلوع الشمس من باب الاستحباب، بدليل حديث عائشة -رضي الله عنها- قالت: "أرسل النبي -صلى الله عليه وسلم- بأم سلمة ليلة النحر فرمت الجمرة قبل الفجر، ثم مضت فأفاضت" فإذا أذن بالانصراف بليل كما هو شأن سودة وأم سلمة، إذا أذن بالانصراف بالليل من مقتضى هذا الانصراف أن تكون التحية بمجرد وصول منى برمي الجمرة، ثم بعد ذلك أفاضت، وعلى هذا من انصرف بعد منتصف الليل، ثم مر بالجمرة فرماها، ثم ذهب إلى البيت فطاف قبل الفجر فعله صحيح أم ليس بصحيح؟ يعني عند من يقول بالانصراف بمضي غالب الليل، فعله صحيح وإلا ليس بصحيح؟ صحيح؛ لأن أم سلمة إسناده على شرط مسلم، رواه أبي داود وإسناده على شرط مسلم، وأنكره الإمام أحمد وغيره؛ لكن يقول البيهقي وغيره: إسناده صحيح لا غبار عليه، إسناده جيد ما فيه إشكال -إن شاء الله تعالى-؛ لكن يبقى أنه بالنسبة لمن له الانصراف، وعرفنا أن من أهل العلم من يرى أنه لا يجوز الانصراف إلا بعد الإسفار، لفعله -عليه الصلاة والسلام-، وقوله: ((خذوا عني مناسككم)) إلا للمعذورين، وقد أذن النبي -عليه الصلاة والسلام- لسودة وغيرها، وممن أذن له أم

سلمة، وعرفنا أن المعروف عند الشافعية والحنابلة أن الانصراف بعد منتصف الليل لا إشكال فيه للجميع، فإذا ساغ الانصراف تبعه ما بعده من الأعمال، رمي الجمرة تحية منى، إذا انصرف من منتصف الليل له أن يرمي قبل الفجر، كما فعلت أم سلمة، وله أيضاً أن يطوف قبل الفجر؛ لكن هل له أن ينحر قبل الفجر وإلا لا؟ أنت افترض عندنا أعمال يوم النحر: الرمي والنحر والحلق أو التقصير والطواف، فإذا استصحبنا هذه الأشياء، وأجزنا بعضها قبل الفجر، ثم استصحبنا أيضاً حديث ما سئل عن شيء قدم ولا أخر إلا قال: ((افعل ولا حرج)) على ما سيأتي شخص انصرف بعد منتصف الليل له أن يرمي قبل الفجر، له أن يطوف قبل الفجر، افترض أن هذا قدم الحلق، أو قدم النحر قبل رمي الجمرة، يعني لو قدم النحر قبل الرمي بعد طلوع الشمس، وبعد صلاة الإمام هذا ما فيه إشكال؛ لكن لو قدم قبل طلوع الفجر هل له ذلك أو ليس له ذلك؟ يعني ما سئل عن شيء قدم ولا أخر. طالب:. . . . . . . . . طيب أنت الآن المتقرر عند جمع من أهل العلم على حديث عائشة في قصة أم سلمة أن لها أن ترمي قبل الفجر، والرسول -عليه الصلاة والسلام- ما سئل عن شيء قدم، يعني لك أن تقدم النحر قبل الرمي؟ نحرت قبل أن أرمي، قال: ((افعل ولا حرج)) هل يدخل في مثل هذا أو لا يدخل؟ طالب:. . . . . . . . . خلنا نتعامل مع نصوص الآن عندك شيء، أنت افترض مثلاً أن هذه الآلة جيدة، وهذه أجود منها، فجيء بآلة ثالثة صارت أجود من هذه، ألا يمكن أن تقول: أنها أجود من هذه؟ لك أن تقول، هذه رقم واحد اثنين أجود منها، ثلاثة أجود من اثنين، إذاً ثلاثة أجود من واحد، صح وإلا لا؟ الرمي يجوز قبل الفجر، والنحر يجوز تقديمه على الرمي بدليل: ((افعل ولا حرج)) إذاً يجوز النحر قبل ... ، ما سئل عن شيء قدم ولا أخر في ذلك اليوم إلا قال: ((افعل ولا حرج)) لكن هل المقصود باليوم النهار، أو يبدأ اليوم الشامل لليل والنهار من غروب الشمس؟ الآن الرمي ما هو من أعمال يوم النحر؟ من أعمال يوم النحر، ليلة العيد تابعة ليوم عرفة وإلا تابعة ليوم النحر؟ طالب:. . . . . . . . .

هو الأصل، الأصل في أن اليوم الشرعي يبدأ بغروب الشمس؛ لكن هم استثنوا ليلة النحر باعتبار أنه يصح فيها الوقوف، والوقوف لا يصح إلا في يوم عرفة، فقالوا: أن ليلة عيد النحر تابعة ليوم عرفة حكماً، وإلا حقيقة بغروب الشمس يبدأ اليوم، فما سئل عن شيء قدم ولا أخر في ذلك اليوم إلا قال: ((افعل ولا حرج)) يعني من أعمال يوم النحر، فإذا أجزنا الرمي قبل الفجر، وأجزنا في النحر أن يقدم عليه. طالب:. . . . . . . . .

يلزم من هذا جوازه؛ لكن الخلاف في وقت النحر معروف بين أهل العلم، وهو تابع لقاعدة شرعية؛ لأن له سبب وجوب، ووقت وجوب، سبب وجوبه الإحرام بالعمرة في التمتع، أو الإحرام بهما معاً في القران، ووقت وجوبه بعد صلاة العيد كالأضحية، والعبادة إذا كان لها وقت وجوب وسبب وجوب القاعدة أنه لا يجوز فعلها قبلهما، لا يجوز أن تذبح الهدي وتقول: أنا لم أحرم بعد؛ لكن أقدمها وأرتاح منهاـ كما أنه لا يجوز لك أن تدفع كفارة اليمين قبل أن تنعقد اليمين قبل ما تحلف تقول: والله فرصة أنا عندي الآن طعام كثير أوزع كفارات احتمال أني أحلف فيما بعد ولا أجد كفارة، قبل انعقاد السبب لا يجوز اتفاقاً، وبعد السبب والوقت يجوز اتفاقاً؛ لكن الخلاف فيما بينهما، الآن السبب منعقد، والوقت لم يحن، فهل يجوز أن تفعل هذه العبادة بينهما أو لا تجوز؟ افترض أنت حلفت وقلت: والله لا أدخل هذه الدار، رأيت من المصلحة أنك تدخل، ((إني والله لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيراً منها إلا كفرت عن يميني، وأتيت ما هو خير)) وفي رواية: ((لأتيت الذي هو خير، ثم كفرت عن يميني)) يجوز عند أهل العلم أن تكفر قبل أن تحنث، وهذا من فروع هذه القاعدة، فهل يجوز لك أن تنحر قبل وقت النحر، وألف في هذا رسالة: (القول اليَسِر في جواز نحر الهدي قبل وقت النحر) لكنها رد عليها، ما نحتاج إلى اسمه، رد عليها برسالة اسمها: (إيضاح ما توهمه صاحب اليسر في يسره) على كل حال القول بالجواز هو قول الشافعي، تنحر قبل يوم النحر، ومقتضى القاعدة العامة أنه ما سئل عن شيء قدم ولا أخر، وما دام يجوز تقديم الرمي قبل الفجر إذاً يجوز تقديم الذي يجوز تقديمه عليه، تبعاً للقول العام الشامل على ما سيأتي؛ لكن أهل العلم يقررون أن وقت النحر هو وقت الأضحية، والمسألة ما تسلم من خلاف، ومردها القاعدة التي أوردناها من أرادها يرجع إلى قواعد بن رجب. طالب:. . . . . . . . .

إحنا قلنا لك: إن الشافعية والحنفية أطلقوا أهل الأعذار غيرهم ينصرفون بعد منتصف الليل؛ لأن الحكم للغالب وهم جلسوا غالب الليل، والمكث بعد ذلك مستحب، وعلى كل حال على المسلم أن يعنى بعباداته، وأن يؤديها على الوجه الكامل بقدر الإمكان، وأن يقتدي بالنبي -عليه الصلاة والسلام-، لا سيما فيما أكد عليه ((خذوا عني مناسككم)) والنبي -عليه الصلاة والسلام- وقف إلى أن أسفر جداً، ((صلوا كما رأيتموني أصلي)) فالأصل هو القدوة والأسوة -عليه الصلاة والسلام-، فالانصراف وقت انصرافه -عليه الصلاة والسلام- لا يسوغ لا سيما لطلاب العلم الذين هم قدوة للناس وأسوة، يعني إذا لم يقتدِ بالنبي -عليه الصلاة والسلام- أهل العلم وطلاب العلم من يقتدي به، يقول: " أرسل النبي -عليه الصلاة والسلام- بأم سلمة ليلة النحر، فرمت الجمرة قبل الفجر، ثم مضت فأفاضت" رواه أبو داود، وإسناده على شرط مسلم، سيأتي وقت قطع التلبية، وفيه إشكال أيضاً نورده في محله، وله ارتباط بهذا الحديث. وعن عروة بن مضرس -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((من شهد صلاتنا هذه -يعني بالمزدلفة- فوقف معنا حتى ندفع، وقد وقف بعرفة قبل ذلك ليلاً أو نهاراً فقد تم حجه، وقضى تفثه)) رواه الخمسة، وصححه الترمذي وابن خزيمة.

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: عن عروة بن مضرس الذي جاء من جبل طي، وذكر أنه أتعب نفسه، وأكل راحلته، ولم يترك جبل إلا وقف عنده، فيسأل هذا حجه صحيح وإلا؟ يقول: فهل لي من حج؟ فقال النبي -عليه الصلاة والسلام- بجواب عام شامل يشمله ويشمل غيره ((من شهد صلاتنا هذه)) صلاة الصبح بالمزدلفة، ((من شهد صلاتنا هذه)) يعني بالمزدلفة ((فوقف معنا حتى ندفع)) إلى هذه الغاية ((وقد وقف بعرفة قبل ذلك ليلاً أو نهاراً فقد تم حجه، وقضى تفثه)) والحديث مصحح عند أهل العلم، ما ذُكر، الآن عندنا شرط وجزاء من شهد، فوقف إلى هذه الغاية، شهود الصلاة، والانتظار حتى يدفع النبي -عليه الصلاة والسلام- بعد الإسفار مع الوقوف، من فعل هذا فحجه صحيح، فقد تم حجه، مفهومه مفهوم الشرط أن من لم يشهد الصلاة، ولم ينتظر حتى يدفع النبي، أو في وقت دفعه -عليه الصلاة والسلام- وهو الإسفار، أو لم يقف بعرفة قبل ذلك أن حجه صحيح وإلا ليس بصحيح؟ ليس بصحيح، وهذا الحديث حجة من يزعم أن المبيت بمزدلفة ركن من أركان الحج كالوقوف بعرفة، وهو أيضاً حجة من يرى ركنية الصلاة -صلاة الفجر- بالمزدلفة، هذا مفهوم الشرط، ((من شهد صلاتنا، فوقف معنا حتى ندفع، وقد وقف بعرفة قبل ذلك ليلاً أو نهاراً فقد تم حجه، وقضى تفثه)) هذا مفهوم الشرط، فماذا عن مفهوم الشرط؟ هل هو حجة أو ليس بحجة؟ وماذا عن دلالة الاقتران في مثل هذه الأمور؟ يعني لو قيل مثلاً: شخص أحرم من الميقات، أو قال شخص من أحرم من الميقات، وطاف وسعى وحلق وبات وجمع جميع أفعال الحج، الأركان والواجبات والمستحبات نسقها كلها، عد عشر خصال، منها الأركان، ومنها والواجبات، ومنها المستحبات، فحجه صحيح، هل يفهم من هذا أن من أخل بشيء منها أن حجه ليس بصحيح؟ يعني لو قال قائل: من كبر للإحرام ثم دعا دعاء الاستفتاح، ثم قرأ الفاتحة وسورة بعدها، ثم ركع، ثم رفع، ثم سجد، ثم كذا صلاته صحيحة، هل المفهوم من هذا أنه إذا لم يستفتح صلاته غير صحيحة؟ من لم يقرأ سورة بعد الفاتحة صلاته ليست بصحيحة؟ طالب:. . . . . . . . .

نعم هذا نظير ما عندنا، فقد ينسق المستحب على الواجب، وقد يعطف الواجب على الركن، ولذا يرى أهل العلم ضعف دلالة الاقتران، أنتم معي وإلا لا؟ يعني كون الإنسان يعطف أمور: واجبات وأركان ومستحبات، ويبين الهيئة الكاملة للفعل، ويحكم بأن هذا صحيح، هل معنى هذا أنه لو أخل بشيء منه أنه ليس بصحيح؟ ولذا ينازعون في مفهوم الشرط، ويضعفون دلالة الاقتران، الآن التنظير بالصلاة ((من شهد صلاتنا)) يعني الصلاة التنصيص عليها باعتبارها الحد الفاصل لإدراك الحج من عدمه، صلاة الصبح ليلة المزدلفة، أنت افترض أنه جاء قبيل طلوع الصبح ووقف بعرفة، يترتب عليه أن لا يشهد صلاته، تقول: حجه صحيح وإلا ليس بصحيح؟ ((وكان قد وقف قبل ذلك ليلاً أو نهاراً)) بعض الروايات: ((أية ساعة من ليل أو نهار)) يعني أدنى جزء من ليل أو نهار، وأنت افترض أن شخص جاء في آخر جزء من أجزاء الليل، مقتضى الجملة هذه الأخيرة ((وقد وقف قبل ذلك بعرفة ليلاً أو نهاراً فقد تم حجه)) يريد أن يجعل صلاة الصبح هي الحد الفاصل للإدراك والفوات؛ لأن من لم يدرك صلاة الصبح خلاص فاته الحج، تأملوا في الحديث يا إخوان؛ لأنه من يتمسك به للقول بركنية المبيت بمزدلفة، أو ركنية صلاة الصبح يقول مثل هذا، مفهومه أن من لم يشهد الصلاة، أو يقف معهم حتى يدفعون، هذا مقرون بالوقوف بعرفة، والوقوف بعرفة ركن بالإجماع، إذاً ما ذكر معه ركن مثله، هذه حجة من يقول بالركنية؛ لكن النبي قال: ((من شهد صلاتنا)) باعتبار أن الصلاة هي الحد الفاصل لإدراك الحج من فواته، ((من شهد صلاتنا، وقد وقف قبلها)) يعني قبل الصلاة وقف بعرفة، افترض أنه قبل الصلاة وقف بعرفة بلحظة قبل طلوع الفجر، هل يدرك الصلاة بالمزدلفة معهم؟ لن يدرك الصلاة معهم، لا سيما والنبي -عليه الصلاة والسلام- صلاها في أول وقتها، فدل على أن الحج كما في الحديث الآخر عرفة، والحد الفاصل للإدراك والفوات هو صلاة الصبح، يعني من صلى الصبح وما وقف بعرفة قبل ذلك فاته الحج، أرجو أن يكون الكلام واضح ومفهوم؛ لأن الاستدلال بعضهم يرى فيه قوة بهذا الحديث، فكون الأمور تُذكر، تُبسط العبادة مثلاً إذا قلت مثلاً: إذا أمسك الشخص من طلوع الفجر إلى غروب

الشمس، وأدى الصلوات مع الجماعة، ولا كذب، ولا اغتاب، ولا فعل، ولا قال زور صومه صحيح، هل معنى هذا أنه لو أخل بشيء من هذه الأمور أن صيامه غير صحيح؟ لا يلزم، وهذا نظير ما عندنا. وعن عمر -رضي الله عنه- قال: "إن المشركين كانوا لا يفيضون حتى تطلع الشمس، ويقولون: "أشرق ثبير" وأن النبي -صلى الله عليه وسلم- خالفهم، ثم أفاض قبل أن تطلع الشمس" رواه البخاري. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "وعن عمر -رضي الله تعالى عنه- قال: إن المشركين كانوا لا يفيضون" يعني من مزدلفة إلى منى "حتى تطلع الشمس" ويقولون مقالتهم: أشرق ثبير، وهو جبل أكبر، أو من أكبر جبال مكة، أشرق ثبير، أمر بالإشراق، ثبير يعني يا ثبير، الزيادة في بعض الروايات: "كي ما نغير" وأن النبي -عليه الصلاة والسلام- خالفهم فأفاض بعد أن أسفر جداً، ودعا الله، وذكره عند المشعر الحرام امتثالاً للأمر، ومع ذلك خالف المشركين فأفاض قبل أن تطلع الشمس، فيحرص الإنسان على تطبيق السنة بقدر إمكانه؛ لكن لو طلعت الشمس وهو بمزدلفة نظراً لزحام سيارات، المقصود أنه يتهيأ للانصراف قبل طلوع الشمس، ويركب دابته أو سيارته قبل طلوع الشمس، فإذا أعاقه أمر خارج عن إرادته فلا شيء عليه. قال المصنف -رحمه الله- وعن ابن عباس وأسامة بن زيد -رضي الله عنهم- قالا: "لم يزل النبي -صلى الله عليه وسلم- يلبي حتى رمى جمرة العقبة" رواه البخاري.

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "وعن ابن عباس وأسامة بن زيد" ابن عباس هو الفضل، مع أنه إذا أطلق ينصرف إلى عبد الله حبر الأمة، وترجمان القرآن، والمراد به هو الفضل، وأسامة بن زيد وابن عباس يروي عنهما، يروي عن أخيه الفضل وأسامة ابن زيد؛ لأن أسامة كان رديف النبي -عليه الصلاة والسلام- من عرفة إلى مزدلفة، والفضل رديفه من مزدلفة إلى منى -رضي الله عنهم-، الترضي عن أربعة، قالا والرواية عن اثنين، لم يزل النبي -عليه الصلاة والسلام- يلبي حتى رمى جمرة العقبة، رواه البخاري، لم يزل يلبي حتى رمى جمرة العقبة، استمر في التلبية إلى أن رمى، وهل المقصود برمى شرع أو فرغ؟ قولان لأهل العلم، الأصل في الفعل الفراغ منه؛ لأنه فعل ماضي، يعني هل الفعل الماضي حتى رمى، يعني حتى شرع يقطع التلبية مع بداية الرمي أو في نهايته؟ الفعل محتمِل؛ لأنه جاء الفعل الماضي مع إرادة الفعل، إذا قرأت القرآن، إذا قمتم إلى الصلاة، يعني إذا أردتم قبل وقوعه، ويأتي الفعل الماضي -وقد ذكرنا هذا مراراً- ويراد به الشروع، إذا ركع فاركع، إذا شرع في الركوع، والأصل في الماضي أنه الفراغ منه، يعني بعد فراغه، إذا قلت: جاء زيد، خلاص انتهى جاء، إذا قلت: شربت الماء، تقول: هذا والماء في الكوب أم في جوفك؟ خلاص منتهي، الفراغ من الفعل، هذا الأصل فيه، وهنا حتى رمى جمرة العقبة، هل المراد به شرع بالرمي فيقطع التلبية مع أول حصاة، أو فرغ منه فلا يزال يلبي حتى يفرغ من الرمي؟ على كل حال الجمهور يقولون: يقطع التلبية بالشروع، كما أنه في العمرة يقطع التلبية برؤية البيت، أو بالشروع في الطواف؛ لكن لا يلبي وهو يطوف، وهنا لا يلبي وهو يرمي، وإلى الثاني ذهب أحمد وبعض الشافعية إلى أنه لا يزال يلبي حتى يفرغ من الرمي، ويدل له رواية عند النسائي: "فلم يزل يلبي حتى رمى الجمرة، فلما رجع قطع التلبية" فدل على أنه كان يلبي وهو يرمي، لم يزل يلبي حتى رمى جمرة العقبة، الذي يبدأ برمي جمرة العقبة من أعمال يوم النحر هذا ما عنده إشكال، ما فيه مشكلة أن الإنسان لا يزال يلبي حتى يرمي؛ لكن افترض المسألة في شخص قدّم، أول ما بدأ بالطواف، ثم الحلق، ولبس ثيابه هل يلبي حتى يرمي جمرة

العقبة، أو يقطع التلبية قبل ذلك؟ مقتضى الحديث: "لم يزل يلبي حتى رمى جمرة العقبة" يعني فيه احتمال أن الإنسان يلبي وعليه ثيابه؟ طالب:. . . . . . . . . ما فيه إشكال؟ الآن هو محرم؟ ما هي التلبية للإحرام؟ طالب:. . . . . . . . . كيف غير متصور؟ الآن طاف وحلق شعره ولبس ثيابه، له أن يلبس الثياب وإلا ليس له؟ له أن يلبس الثياب، مقتضى هذا الحديث أنه لا يزال يلبي وعليه ثيابه حتى يرمي جمرة العقبة؛ لأنه أخر الرمي، الرمي زحام، والبيت ما بعد وصل الناس فاضي، أريد أطوف أول، ثم أحلق، وألبس ثيابي، بعدين أروح وأنا مرتاح أرمي في العصر. طالب:. . . . . . . . . من أسباب التحلل، أول عمل من أسباب التحلل يقطع التلبية فيه، صحيح وإلا مو صحيح؟ أو لا يزال يلبي حتى يرمي جمرة العقبة؟ لم يزل النبي -صلى الله عليه وسلم- يلبي حتى رمى جمرة العقبة، مقتضاه أنه لا يزال يلبي حتى ولو باشر جميع أسباب التحلل، ما عدا الرمي لا يزال يلبي، ولو كان عليه ثيابه، ومعلوم أن التلبية حال الإحرام، فإذا باشر أسباب التحلل والبدل له حكم المبدل، الأصل أن يبدأ بالرمي فإذا بدأ بالطواف قطع التلبية كالعمرة إذا بدأ بالحلق قطع التلبية. وعن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- أنه جعل البيت عن يساره، ومنى عن يمينه، ورمى الجمرة بسبع حصيات، وقال: "هذا مقام الذي أنزلت عليه سورة البقرة" متفق عليه.

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: وعن عبد الله بن مسعود -رضي الله تعالى عنه- أنه جعل البيت عن يساره، ومنى عن يمينه" واستقبل إيش؟ نعم استقبل الجمرة، يعني منى عن يمينه، والبيت عن يساره استقبل الجمرة، فرماها بسبع حصيات، هذا فعل ابن مسعود، ورفعه إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- بقوله: "هذا مقام الذي أنزلت علي سورة البقرة" وأنزل عليه غيرها من السور؛ لكن التنصيص على البقرة باعتبار أنها أكثر الأحكام لا سيما أحكام الحج فيها، أو لأهميتها، أو لكونها أطول سورة في القرآن، المقصود أن التنصيص عليها له وجه، "هذا مقام الذي أنزلت عليه سورة البقرة" هل قال أحد بكراهية أن يقول الإنسان: سورة البقرة؟ نعم عرف عن الحجاج وغيره أنهم قالوا بكراهية القول بسورة البقرة، وإنما يقال: السورة التي تذكر فيها البقرة، السورة التي يذكر فيها كذا؛ لكن جاء في النصوص في هذا وغيره، فدل على جوازه، والبخاري رد على من قال بمثل هذا الحديث، أدخل هذا الحديث في الرد على من كره أن يقال: سورة البقرة. وعن جابر -رضي الله عنه- قال: "رمى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الجمرة يوم النحر ضحى، وأما بعد ذلك فإذا زالت الشمس" رواه مسلم.

نعم هذا وقت الرمي، النبي -عليه الصلاة والسلام- رمى الجمرة يوم النحر ضحىً؛ لأنه مكث عند المشعر حتى أسفر جداً، وطلعت عليه الشمس وهو في الطريق إلى منى، ووصل إلى الجمرة في وقت الضحى فرماها، وأما بعد ذلك في أيام التشريق فالرمي يكون بعد الزوال، فالنبي -عليه الصلاة والسلام- رمى بعد الزوال، وقال: ((خذوا عني مناسككم)) وكانوا يتحينون الزوال فدل على أنه لا يجوز الرمي قبل الزوال، كانوا يتحينون الزوال، ولو جاز ذلك لفعلوه كما فعلوا في جمرة العقبة، ففعله النبي -عليه الصلاة والسلام-، وتحينوا وتحروه، مع ما يترتب على ذلك من مشقة شديدة، ومع ذلك قال: ((خذوا عني مناسككم)) فلا يجوز الرمي قبل الزوال، والرمي يستمر إلى غروب الشمس عند جمع من أهل العلم، ومنهم من يجعله يستمر حتى ولو دخل الليل لحديث: "رميت بعد ما أمسيت" قال: ((افعل ولا حرج)) (أمسيت) يعني دخل في المساء، كقوله: أظلمت دخلت في الظلام، والمساء يبدأ من زوال الشمس إلى اشتداد الظلام. وعن ابن عمر -رضي الله عنهما- أنه كان يرمي الجمرة الدنيا بسبع حصيات يكبر على إثر كل حصاة، ثم يتقدم، ثم يسهل، فيقوم فيستقبل القبلة، فيقوم طويلاً فيدعو ويرفع يديه، ثم يرمي الوسطى، ثم يأخذ ذات الشمال فيسهل، ويقوم مستقبل القبلة، ثم يدعو فيرفع يديه ويقوم طويلاً، ثم يرمي جمرة ذات العقبة من بطن الوادي ولا يقف عندها، ثم ينصرف فيقول: هكذا رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يفعله" رواه البخاري.

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "وعن ابن عمر -رضي الله عنهما- أنه كان يرمي الجمرة الدنيا" التي هي الصغرى، "الدنيا مما يلي منى بسبع حصيات يكبر على إثر كل حصاة، ثم يتقدم، ثم يسهل" يعني يصل إلى المكان السهل؛ لأن المنطقة كانت وعرة، فيقصد المكان السهل المريح البعيد عن محل الرمي؛ لئلا يتأذى بازدحام الحجيج؛ لأنه يريد أن يطيل الدعاء، "فيقوم مستقبل القبلة فيقوم طويلاً ويدعو" (طويلاً) وصف دعاؤه ومكثه في هذا الدعاء بأنه قريب من قراءة سورة البقرة، طويل جداً، أطال -عليه الصلاة والسلام- الدعاء، ولذا قال: "فيقوم طويلاً ويدعو ويرفع يديه" في هذا الدعاء "ثم يرمي الوسطى" التي تليها "ثم يأخذ ذات الشمال فيسهل" ويبعد عن مكان الرمي لئلا يصيبه شيء من الحصى أو يتأذى بازدحام الناس "ويقوم فيستقبل القبلة ويقوم طويلاً فيدعو ويرفع يديه" كما فعل بعد الأولى "ثم يرمي جمرة ذات العقبة من بطن الوادي ولا يقف عندها" ولا يدعو بعدها؛ لأن الدعاء القاعدة فيه أنه في أثناء عبادات لا بعدها "ثم ينصرف فيقول: هكذا رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يفعله" هو الأصل فعل ابن عمر، ثم يرفعه إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-، فكل هذا مستحب الرمي والتكبير مع كل حصاة، والدعاء بعد الأولى والثاني، ورفع اليدين فيه، وإطالة الدعاء، والله المستعان. والإمام مالك لا يرى رفع الدعاء في هذا الموطن؛ لكن الحديث حجة عليه. وعنه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((اللهم ارحم المحلقين)) قالوا: والمقصرين يا رسول الله؟ قال في الثالثة: ((والمقصرين)) متفق عليه. وعنه يعني ابن عمر راوي الحديث السابق، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((اللهم ارحم المحلقين)) الذين حلقوا رؤوسهم تعبداً لله -جل وعلا-، ولذا رتب عليه الثواب الناشئ عن هذا الدعاء، قالوا: والمقصرين يا رسول الله؟ في قوله -جل وعلا-: {لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِن شَاء اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ} [(27) سورة الفتح] الواو هذه محلقين ومقصرين معناها؟ طالب: بمعنى (أو).

بمعنى أو التي هي للتنويع والتقسيم، فقسم منكم محلقون، وقسم منكم مقصرون، هذا ما يفهمه جمهور أهل العلم، وعليه هذا الحديث حيث جعل الحجاج والعمار أيضاً على قسمين: قسم محلقون، وقسم مقصرون، ودُعي للمحلقين ثلاثاً، وللمقصرين في الثالثة أو بعد الثالثة على اختلاف الروايات فدل على أن حلق الشعر أفضل من التقصير، وعلى هذا الفهم أن الواو بمعنى (أو) وتأتي الواو بمعنى (أو) وتأتي (أو) بمعنى الواو، ومن معاني (أو) التي الواو هنا بمعناها التقسيم، وهذا ما يفهمه الجمهور؛ لكن ابن عمر -رضي الله تعالى عنهما- يرى أن هذه الواو للجمع، وأن من حج أو اعتمر عليه أن يجمع بين الحلق والتقصير، محلقين ومقصرين في آن واحد، وفعل ذلك -رضي الله تعالى عنه وأرضاه- كيف فعل ذلك؟ طالب:. . . . . . . . .

لا، حلق رأسه، وقصر من لحيته، أخذ من لحيته ما زاد على القبضة، وهذا فهمه للآية، يعني إذا كان مقتضى العطف الجمع هنا، وأنه لا بد من فعل الأمرين فالحلق هل يتصور أن يقال: أن الحلق للحية والتقصير للرأس؟ ما يتصور، إذاً الحلق للرأس، والتقصير للحية، وهذا فهم فهمه ابن عمر من الآية، وتشبث به بعض الناس، وقصروا من لحاهم اقتداء بابن عمر، وتركاً للنصوص الصحيحة الصريحة الملزمة ((أعفوا)) ((أرخوا)) ((أكرموا)) تعرف قراءته -عليه الصلاة والسلام- باضطراب لحيته، كان كث اللحية، ومع ذلك يتشبثون بمثل هذا، وما الداعي لذلك إلا الهوى، ابن عمر مجتهد، هذا فهم للنص، وهو مأجور على هذا الاجتهاد؛ لكن من دفعه الهوى إلى أن يرجح هذا القول على غيره، ويعارض به النصوص الصحيحة المرفوعة الملزمة من القدوة والأسوة اتباعاً للهوى، مع الأسف أن إذا دخل المقص في اللحية لا شك أنه .. هذه أمثلة كثيرة في الواقع، تجده في أول الأمر ما شاء الله اللحية كثة، ثم بتأثير وضغوط يسميها ضغوط يقتدي بابن عمر هذا في أول الأمر، ثم بعد ذلك طال يمين اللحية، وقصر شمالها، ويواسي ويضبط، ويوظب ثم بعد ذلك يزعم أن القبضة غير قبضة اليد، وهذا قاله كثير ممن اتبع هذه الخطوات، وما حلق المسلمون لحاهم إلا بعد أن قصروها، يعني لو تشوف تواريخ الأمة المسلمة المصورة قبل مائة سنة ما تجد حليق؛ لكن اختلطوا بالأعاجم وبالمستعمرين، واقتدوا بهم، وبحثوا عن الأقوال المرجوحة، وأخذوا يتأولون، وطال اليمين، وقصر الشمال، والعكس وينظم ويوظب على ما يقولون إلى أن تنتهي، حتى وجد من يقول: أن القبضة بالأصبع هكذا، هذا وجد، وتخصصه شرعي، وهذه هي خطوات الشيطان.

((اللهم ارحم المحلقين)) قالوا: يا رسول الله، الحلق هو ما يكون بالموس بحيث لا يبقى شيء من الشعر، ولذا المكاين ولو كانت واحد، رقم واحد أو صفر ما دامت الجذور موجودة فهو تقصير، فالحلق إنما يكون بالموس، قالوا: والمقصرين يا رسول الله؟ قال: ((اللهم ارحم المحلقين)) ثم قال: ((اللهم ارحم المحلقين)) وفي الثالثة قال: ((والمقصرين)) عطفاً على المحلقين، بعض الروايات دعا للمحلقين ثلاثاً، ثم قال: ((والمقصرين)) المقصود أن الحلق والتقصير نسك واجب عند جماهير أهل العلم، يجب بتركه دم كسائر الواجبات، ومقتضى اللفظ العموم والشمول، فالحلق لجميع الرأس، والتقصير من جميعه، هذا هو المقتضى، كمسحه في الوضوء، ومنهم من يرى أنه يكفي قياساً على الوضوء حينما قالوا: إن الباء للتبعيض يمسح ما يطلق عليه مسح، منهم من حدده بالربع، ومنهم من حدده بأقل من ذلك، حتى قالوا: ثلاث شعرات، وقال بعضهم: شعرة؛ لكن هل يمكن أن يقال: لغة أو عرفاً أو شرعاً أن من حلق شعرة أو قصر شعرة أو ثلاث شعرات أنه محلق أو مقصر؟ لا يمكن، {مُحَلِّقِينَ رُؤُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ} [(27) سورة الفتح] يعني جميع الشعر، هذا مقتضى اللفظ، والحلق والتقصير واجب من واجبات الحج والعمرة، أيضاً يجب على من تركه دم، بعض الناس ينسى فإذا طاف وسعى لبس ثيابه، ورجع إلى بلده، هذا انتهى وقته يلزمه دم؛ لكن لو ذكر ذلك وهو في مكة بعد ما لبس ثيابه ما عليه إلا أن يخلع الثياب ويلبس الإحرام ويحلق شعره، هذا بالنسبة للرجال، وأما النساء فليس عليهن حلق، إنما هو التقصير، تقصر من كل ظفيرة مقدار أنملة. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

كتاب الحج (6)

بلوغ المرام _ كتاب الحج (6) ترتيب أعمال يوم النحر - وبم يكون التحلل؟ والحلق والتقصير - والرخصة عن المبيت في منى للعباس وأهل الأعذار - وخطب النبي في الحج ... الشيخ: عبد الكريم الخضير بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم النبيين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: فيقول الإمام الحافظ بن حجر -رحمه الله- في كتابه بلوغ المرام، في باب صفة الحج ودخول مكة: وعن عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقف في حجة الوداع فجعلوا يسألونه، فقال رجل: لم أشعر فحلقت قبل أن أذبح، قال: ((أذبح ولا حرج)) وجاء آخر فقال: لم أشعر فنحرت قبل أن أرمي، قال: ((ارمِ ولا حرج)) فما سئل يومئذ عن شيء قدم ولا أخر إلا قال: ((افعل ولا حرج)) [متفق عليه]. وعن المسور بن مخرمة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نحر قبل أن يحلق، وأمر أصحابه بذلك" [رواه البخاري]. الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "وعن عبد الله بن عمرو -رضي الله تعالى عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقف في حجة الوداع في يوم العيد، فجعلوا يسألونه" عن ما يشكل عليهم، وعما أشكل من متطلبات هذه العبادة العظيمة، "فقال رجل" لم يعرف اسمه، ولم يرد في شيء من الطرق تسميته: "لم أشعر" وهذه تساوي النسيان؛ كأنه نسي وغفل عن الترتيب المطلوب، فحلق قبل أن يذبح، فقال النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((اذبح ولا حرج)) الآن ظاهر اللفظ أن الشخص ليس بمتعمد في التقديم والتأخير؛ لأنه قال: "لم أشعر فحلقت قبل أن أذبح" حلق، ظاهر اللفظ أنه حلق، فعل هذا النسك، وهو الحلق؛ لكن هل فيه ما يدل على أنه ذبح بعد ذلك أو ليس فيه ذلك؟ يعني هل فعل الأمرين قبل السؤال وإلا فعل الأول ثم سأل؟ نعم. طالب:. . . . . . . . . "لم أشعر فحلقت قبل أن أذبح" الحلق ظاهر؛ لأنه حصل منه، هل يقول قائل: أنه ما بعد فعل شيء، لا، نعم. طالب:. . . . . . . . .

لا، الآن يقول: "حلقت قبل أن أذبح" الحلق لا إشكال في كونه حصل منه؛ لكن هل ذبح أو لم يذبح؟ احتمال أنه سأل قبل أن يذبح، أو أنه ذبح قبل أن يسأل، قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((اذبح)) هل يشير به إلى ما تقدم، أو إلى المستقبل ((اذبح ولا حرج)) يعني المستقبل، إذا قلنا: أنه حلق ولم يذبح إلى الآن يتجه أن قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((اذبح)) ولو قدمت عليه الحلق في حجتك هذه ولا حرج عليك؛ لأنك لم تقصد المخالفة، فقدمت وأخرت وحينئذ من غير قصد فعلك صحيح، ولا حرج عليك، ولا إثم، أنا أريد أن أسأل من خلال هذا أن قوله: ((اذبح)) لما يلزمك في هذه الحجة أو في حجة أخرى؟ يعني إن كان ذبح قبل أن يسأل ما الداعي لقوله: ((اذبح)) أنا أقول: إذا كان للمستقبل فهذا يستفاد منه أن قوله: "لم أشعر" وصف كاشف، لا مفهوم له، "لم أشعر" يعني هل هذا الوصف مؤثر؟ بمعنى أن الذي يشعر ويذكر لا يجوز له أن يقدم ويؤخر؟ يعني من أهل العلم من يوجب الترتيب، النبي -صلى الله عليه وسلم- رمى الجمرة، ثم نحر، ثم حلق، ثم طاف، هذا الترتيب؛ لكن قوله: "لم أشعر" يعني ذهل، نسي، لم يقصد المخالفة، فقدم الحلق على الذبح، وعرفنا أنه لا بد أن يكون قد حلق بالفعل، وليس فيه ما يدل على أنه ذبح قبل السؤال أو لم يذبح قبل السؤال؛ لأنه يقول: "حلقت قبل أن أذبح" فإذا كان فيه أنه حلق قبل السؤال، أو ذبح قبل السؤال، حلق قبل السؤال قطعاً؛ لكن هل ذبح قبل السؤال؟ هذا محل الاحتمال، فقوله: ((اذبح)) هذه النسيكة التي قدمت عليها الحلق، أو مستقبلاً، افعل ولا حرج، اذبح مستقبلاً ولا حرج عليك؟ فيكون قوله: "لم أشعر" وصف كاشف، لا مفهوم له، فيجوز التقديم والتأخير في أعمال يوم النحر للعامد والجاهل والناسي، لم يشعر، شعر، قصد، عمد، ما فيه إشكال، اللفظ محتمل وإلا ما هو محتمل؟ اللفظ محتمل.

"فجاء آخر، فقال: لم أشعر نحرت قبل أن أرمي" عرفنا الترتيب: الرمي، ثم النحر، ثم الحلق، ثم الطواف، "نحرت قبل أن أرمي" هذا نحر بالفعل قبل أن يسأل؛ لكن هل رمى قبل أن يسأل، أو سأل قبل أن يرمي؟ محل احتمال، ويتجه الاحتمال السابق في قوله: ((اذبح ولا حرج)) أيضاً هنا في قوله: ((ارمِ ولا حرج))، فإن كان رميه قبل السؤال فيكون قوله: ((ارمِ)) مستقبلاً ولا حرج عليك، ويتقرر ما قررناه في الجملة السابقة، وإن كان نحر قبل السؤال، وأجل الرمي إلى أن يسأل فيكون قوله: ((ارمِ)) في هذه الحجة ولا حرج عليك، فلا إثم عليك؛ لأنك لم تشعر، ((ارمِ ولا حرج)) لو كان الحديث انتهى إلى هذا الحد لاتجه القول بأن التقديم والتأخير مربوط بالنسيان على الاحتمال الأول؛ لكن بعد هذه المسائل التفصيلية تجيء القاعدة العامة، نعم هذا واحد لم يشعر، ثاني لم يشعر؛ لكن عموم السائلين ماذا عنهم؟ فما سئل عن شيء قدم ولا أخر إلا قال: ((افعل ولا حرج)) أقول: من أهل العلم من يرى أن قوله: "لم أشعر" وصف مؤثر، فلا يجوز التقديم والتأخير إلا مع النسيان، وفي حكمه الجهل، ومنهم من يقول: أبداً هذه الأعمال يجوز تقديمها سواء شعر أو لم يشعر، عمد أو نسي، علم أو جهل، القاعدة العامة التي تعقبت الأسئلة التفصيلية في قوله: "فما سئل يومئذ عن شيء قدم ولا أخر إلا قال: ((افعل ولا حرج)) ومقتضى قوله: ((لا حرج)) نفي الإثم، وإذا ألزم مع نفي الإثم بالدم فقد ألزم بالحرج، إذاً لا إثم، ولا دم بسبب هذا التقديم والتأخير، فالمتجه أنه يجوز التقديم والتأخير للعامد والناسي، للعالم والجاهل، لمن يشعر ولمن لم يشعر؛ لأنه أردف الأسئلة التفصيلية بقوله: فما سئل يومئذ عن شيء قدم ولا أخر إلا قال: ((افعل ولا حرج)). النبي -عليه الصلاة والسلام- رتب، وقال: ((خذوا عني مناسككم)) بين بفعله المجمل، ودل قوله: ((افعل ولا حرج)) أن هذا الترتيب على جهة الاستحباب، لا على سبيل الوجوب.

"وعن المسور بن مخرمة -رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نحر قبل أن يحلق، وأمر أصحابه بذلك" نحر قبل أن يحلق وأمر أصحابه بذلك، [رواه البخاري] ففعله ظاهر في كونه نحر قبل أن يحلق، والأمر للوجوب أو للاستحباب؟ الأصل في الأمر الوجوب، فهل يجب النحر قبل الرمي؟ وقد قال -عليه الصلاة والسلام- لمن حلق قبل أن ينحر: ((انحر ولا حرج))، فالحديث السابق يدل على أن الأمر هنا للاستحباب، ويبقى أن الترتيب بين أعمال الحج للاستحباب، وهذا من باب التوسعة على الناس، يعني لو ألزم الناس في وقت واحد، في آن واحد أن يتجهوا إلى عمل واحد للزم من ذلك الحرج، لو قيل للناس: لا يجوز لكم أن تقدموا على الرمي شيئاً، اتجهوا كلهم إلى الجمرة، لو قيل: لا تقدموا على الحلق اتجهوا كلهم إلى الحلاقين، وهكذا، وهذا التقديم والتأخير لا شك أن فيه توسعة على الناس، وهو الموافق ليسر الشريعة، والنبي -عليه الصلاة والسلام- ما سئل عن شيء إلا قال: ((افعل ولا حرج))، فمن ألزمه بدم ويرفع عنه الإثم ((لا حرج)) يعني لا إثم، ويلزمه بالدم {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [(78) سورة الحج] والدم حرج، المقصود أنه لا شيء عليه، والترتيب مستحب. وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إذا رميتم وحلقتم فقد حل لكم الطيب وكل شيء إلا النساء)) [رواه أحمد وأبو داود، وفي إسناده ضعف].

هذا الحديث ضعفه بسبب راويه الحجاج بن أرطأة، مضعف عند أهل العلم، ولو صح لكان نصاً قاطعاً رافعاً للخلاف في أن التحلل لا يحصل إلا بأمرين: الرمي والحلق؛ لأنه يقول: ((إذا رميتم وحلقتم فقد حل لكم الطيب -والثياب- وكل شيء إلا النساء)) وجاء عند أبي داود: ((إذا رمى أحدكم جمرة العقبة فقد حل له كل شيء إلا النساء)) وجاء الحديث الذي سبق ذكره وهو أن الإنسان إذا رمى جمرة العقبة فقد حل، وأبيح له كل شيء، شريطة أن يطوف من يومه قبل أن تغرب الشمس، وقلنا: أنه معارض بحديث أن عائشة -رضي الله عنها- كانت تطيب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لإحرامه قبل أن يحرم، ولحله قبل أن يطوف بالبيت، فقرنت الحل بما قبل الطواف، "ولحله قبل أن يطوف بالبيت" وقد تقدم قبل الطواف الرمي والحلق، وهذا أصح ما في الباب، إلا أنه مفهوم ليس بمنطوق، والحديث -حديث أبي داود-: ((إذا رمى أحدكم جمرة العقبة فقد حل له كل شيء إلا النساء)) منطوق، إذا نظرنا إلى الأحاديث من حيث القوة فأقواها حديث عائشة، أنها كانت تطيب النبي -عليه الصلاة والسلام- لإحرامه قبل أن يحرم، ولحله قبل أن يطوف، مفهومه أنها تطيبه إذا رمى وحلق، يعني فعل شيئين؛ لأنها لو طيبته قبل ذلك، قبل، لأنها قالت: "ولحله" لو قالت: ولحله قبل أن يحلق، ويكون ما تقدم له إلا الرمي، نعم، لقلنا: أنه يحصل بواحد؛ لكن لما طيبته لحله، وهذا اللفظ مقصود، ما قالت: ولطوافه، قالت: ولحله، والحل لفظ مقصود، فدل على أنه قبل أن يفعل هذين الأمرين، نعم، لم يتصف بهذا الوصف المؤثر الذي هو الحل، يعني مفهوم حديث عائشة "ولحله قبل أن يطوف" ما الفائدة من قولها: "ولحله" وقد تحلل قبل ذلك بالرمي فقط؟ فمفهوم الخبر، وهو أقوى ما في الباب أن الحل لا يكون إلا بفعل شيئين: الرمي والحلق، وحديث الباب: ((إذا رميتم وحلقتم فقد حل لكم الطيب –والثياب- وكل شيء إلا النساء)) أما النساء فلا يحل ما يتعلق بهن إلا بعد التحلل الثاني، وهو فعل ما بقي من الثلاثة. ظاهر وإلا مو بظاهر؟ طالب:. . . . . . . . .

{حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} [(196) سورة البقرة] فهل المحل له وقت حلوله -الذي هو يوم النحر- أو مكان حلوله؟ نعم، هذه مسألة خلافية بين أهل العلم معروفة، ولذا الجمهور لم يدخلوا النحر في أسباب التحلل. وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((ليس على النساء حلق وإنما يقصرن)) [رواه أبو داود بإسناد حسن]. يقول -رحمه الله تعالى-: وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((ليس على النساء حلق، وإنما يقصرن)) والحلق بالنسبة للنساء مثلة، محرم عند عامة أهل العلم؛ لكن هل يحصل به تحلل لو حصل؟ هل يجزئ أو لا يجزئ؟ عليهن التقصير، يقصرن من كل ظفيرة أنملة؛ لكن لو حلقن رؤوسهن، جاءت امرأة فقالت: النبي -صلى الله عليه وسلم- دعا للمحلقين ثلاثاً، والمقصرين واحدة، أنا أريد هذه الدعوة الثلاث، اجتهدت فحلقت رأسها، مع أن تصور هذا بعيد؛ لأن كثير من الرجال لا يحلق؛ لأن الحلق في عرفهم مشوه، نعم في عرف كثير من الناس اليوم الحلق مشوه، وهو نسك وعبادة، بالنسبة للمرأة الحلق مثلة، ولا يجوز؛ لكن لو حصل هل يحصل به المقصود، باعتبار أنه تقصير وزيادة، أو نقول: أن المطلوب منها التقصير ولم يحصل عليها دم؟ طالب:. . . . . . . . . نعم، كيف؟ طالب:. . . . . . . . . هل لنا أن نقول: أن الحلق تقصير وزيادة، فحصل النسك وزيد عليه؟ أو نقول: إن المطلوب، الواجب على النساء التقصير، وما حصل، فيه قاعدة: القدر الزائد على الواجب، القدر الزائد على الواجب إن كان متميزاً له حكم، وإن كان غير متميز له حكم، هذا متميز وإلا غير متميز؟ على قدر الواجب؟ طالب: غير متميز. لا، هو متميز، لو قصرت ثم حلقت، هذا يدخل في القاعدة وإلا ما يدخل؟ نعم ما يدخل؛ لأن الخلاف في مثل هذا هل يجب تبعاً للأصل، أو يبقى الواجب واجب وما زاد عليه مستحب؟ هذا ما يدخل في هذه القاعدة الذي معنا، يعني شخص وجب عليه صاع زكاة الفطر، ثم أخرج كيس، هل نقول: الكيس كله واجب، أو الصاع واجب، والزائد نفل؟ طالب:. . . . . . . . .

طبقنا عليه القاعدة ما قلنا هذا الكلام؛ لأن الزيادة غير متميزة إذاً كله واجب، إيش معنى هذا؟ معنى هذا أن لو أخرج فطرة شخص واحد كيس، ثم فرط في حفظه فسرق قبل أن يدفعه، يضمن كيس ما يضمن صاع؛ لأن الزيادة غير متميزة، وإن كان الأصل واجب عليه صاع فقط، فالذي معنا بالنسبة لحلق النساء هذا لا يدخل في هذه القاعدة؛ لأن القدر الزائد على الواجب ليس بواجب ولا مستحب، بل محرم، فعلى كل حال فالمسألة خلافية، وبعض أعداء الدعوة السلفية، دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب ولهم كتب تتداول، قالوا في دعاواهم زوراً وبهتاناً أن الشيخ -رحمه الله تعالى- يأمر من دخل في دعوته، واستجاب له من النساء بحلق رؤوسهن، وهذا من ضمن ما يقال في تشويه هذه الدعوة السلفية النقية الصافية، وعلى كل حال حلق المرأة لشعرها مثلة، حرام لا يجوز، فإذا حصل فالخلاف موجود بين أهل العلم، هل يجزئ عن التقصير أو لا يجزئ؟ من يقول: أنه يجزئ قال: إنه تقصير وزيادة، ومن قال: لا يجزئ قال: إنه ارتكب محظور، محرم، ارتكبت محرم، ولا تحصل القربة بالحرام، فلن تحصل هذه القربة، إذاً لا يجزئ. وعن ابن عمر -رضي الله عنهما- أن العباس بن عبد المطلب -رضي الله عنه- استأذن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يبيت بمكة ليالي منى من أجل سقايته فأذن له" [متفق عليه]. وعن عاصم بن عدي -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أرخص لرعاة الإبل في البيتوتة عن منى، يرمون يوم النحر، ثم يرمون الغد، ومن بعد الغد ليومين، ثم يرمون يوم النفر" [رواه الخمسة وصححه الترمذي وابن حبان]. يرمون يوم النحر؟ طالب: بين معقوفين يا شيخ (ومن بعد الغد). ومن بعد الغد؟ يعني هذا في بعض النسخ؛ لأن بعضها يقول: ثم يرمون الغد ليومين، والفرق بينهما أنه على ما ذكرت أنت، أن الرمي يُجمع تأخير، نعم، وعلى ما عندنا وهو موجود في بعض النسخ، أن الرمي يقدم، في اليوم الحادي عشر يرمى عن الحادي عشر والثاني عشر.

يقول -رحمه الله تعالى-: وعن ابن عمر -رضي الله تعالى عنهما- أن العباس بن عب المطلب، وله السقاية، استأذن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سقاية الحاج من زمزم، استأذن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يبيت بمكة ليالي منى من أجل سقايته، فأذن له، والحديث الذي يليه استأذن الرعاة فأذن لهم، الاستئذان والإذن كما تقدم في مزدلفة في المبيت بمزدلفة الاستئذان يدل على أنه واجب، والإذن يدل على أنه ليس بركن، واجب، إذ المستحب لا يُستأذن فيه، ولا يحتاج إلى إذن، والركن لا يؤذن فيه، فاستأذن العباس أن يبيت بمكة ليالي منى من أجل سقايته، فأذن له، يوجد من يبيت بمكة ليالي منى، وهو ليس بصاحب سقاية ولا رعاية، ولا كان دخوله لمكة لمصلحة عامة من مصالح المسلمين، يتساهلون، ويكتفون بعموم الأخبار أن منى لا يوجد فيها مكان، يعني يستفيض عند الناس، ويتداولون أن منى خلاص ما دام الحجيج بلغ هذا العدد لن يكون فيها مكان، ولا يكلف نفسه بالبحث عن مكان، أو يربأ بنفسه من أن يجلس في بعض الأماكن، هذا واجب من واجبات الشرع، يأثم بتركه، وهذا التساهل جر إلى تساهل في أمور أخرى، حتى جاء حج كثير من الناس مقتصر على الأركان، وعلى وجه لا يدرى أيضاً يجزئ أو لا يجزئ؟ كل هذا سببه التساهل، وهذه أمور مطردة، الذي يتساهل في المستحبات، ولا يرفع بها رأساً، ولا يلقي لها بالاً هذا قد يجره هذا التساهل إلى التساهل بالواجبات، أما الأركان ما يتصور أن الحاج يتساهل بالأركان إلا إذا كان جاهل، ما يعرف أن هذا ركن لا بد منه، من يعرف أنه ركن يجلس في بيته أفضل.

أقول: النبي -عليه الصلاة والسلام- لما أذن للعباس أن يبيت بمكة من أجل السقاية، والسقاية نفعها عام، وأذن أيضاً -عليه الصلاة والسلام- للرعاة، رخص لهم -رعاة الإبل- في البيتوتة عن منى، يرمون يوم النحر إلى آخره، يدل على أن من يحتاجه الناس، من يحتاجه الناس أنه يرخص له، يعني في بعض المصالح والدوائر الحكومية فيها موظفون، ويذهبون إلى تلك الأماكن فترة الحج، ويكون عملهم مثلاً في عرفة، يوم عرفة؛ لكن ليلة مزدلفة يؤمرون بالذهاب إلى مكة لتصريف الطرقات، أو لحفظ الأمن، وقل مثل هذا في منى، مثل هؤلاء يرخص لهم؛ لأن السقاية ومثلها رعاية الإبل ليست بأعظم مصلحة من بعض المصالح الأخرى كحفظ الأمن مثلاً، أو تصريف الناس وتوجيههم، الذين يحفظون الأمن، ويسيرون الناس، ويسعون في راحتهم، وفي مصالحهم هؤلاء لا شك أنهم إن لم يكونوا أعظم من رعاة الإبل فليسوا دونهم؛ لكن هل لمن يفتي الناس مثلاً طالب علم، أو عالم اُنتدب لفتوى الناس وقيل له: أنت كرسيك بالحرم، لا بأس نمكنك من الوقوف بعرفة؛ لكن ليلة المزدلفة الناس ينزلون إلى الحرم ويطوفون، وليالي منى لا تخرج، هل يرخص لمثل هذا باعتبار أن الحاجة داعية لمثله؟ نعم؛ لكن الذي يفتي الناس، وهو إمام المفتين وين جلس؟ نعم، في المشاعر، في مزدلفة، وفي منى، وهو قدوة هؤلاء، قل مثلاً مثل هؤلاء الذين يذهبون إلى الحج، ويساهمون في توعية الناس، وتوجيههم وإفتائهم، هل لهم حكم السقاة؟ السقاية مرتبطة بمكان من زمزم، الرعاية لا بد أن يخرجوا عن منى؛ لئلا يضيقوا على الناس بالإبل، لا بد أن يخرجوا؛ لكن الفتوى؟ لا تلزم مكان معين، وإمام المفتين وجوده في المشاعر، إذاً من أراد، أو عين له مكان خارج منى مثلاً يلزمه في وقت المبيت أن يدخل، وليس حكمه حكم السقاية والرعاية. طالب:. . . . . . . . . هذا فرط في واجب، مادام تقرر أنه واجب، وأهل العلم يقررون ما جاء في خبر ابن عباس: ((من ترك النسك فعليه دم)). طالب:. . . . . . . . .

المسألة مفترضة في طلاب علم، ما هم يستفتون طالب العلم، إحنا نفترض أن السقاة والرعاة هؤلاء أذن لهم النبي -عليه الصلاة والسلام-، من كانت حاجة الأمة إليهم أعظم من حاجتهم إلى السقاية والرعاية، هؤلاء من قياس الأولى، ما في إشكال؛ لكن إذا كانت الحاجة أقل، وتتم في أي مكان كالفتوى وإمام المفتين ما راح إلى مكة، جلس في منى. طالب:. . . . . . . . . كل شيء متيسر، ولله الحمد، وعلى هذا إذا باتوا خارج منى يلزمهم ما يلزم من ترك الواجب، أرخص ... نعم. طالب:. . . . . . . . . المبيت غالب الليل، الحكم للغالب. "أرخص لرعاة الإبل في البيتوتة عن منى يرمون يوم النحر" يرمون جمرة العقبة يوم النحر، ثم بعد ذلك يرمون الغد ليومين، يرمون الحادي عشر، للحادي عشر والثاني عشر تقديماً، وعلى ما جاء في الرواية الأخرى أنهم يرمون من بعد الغد، في اليوم الثاني عشر لليوم الحادي عشر والثاني عشر، وفي نسخة الشارح: "ثم يرمون الغد -يرمون يوم النحر- ثم يرمون الغد، ومن بعد الغد ليومين" كيف يرمون الغد ومن بعد الغد ليومين؟ طالب:. . . . . . . . . ثم يرمون يوم النحر، ثم يرمون الغد الذي هو الحادي العشر، ثم يرمون من بعد الغد ليومين، يعني للثاني عشر والثالث عشر؟ نعم. طالب:. . . . . . . . . دعنا من الحادي عشر انتهى في الغد، هذا الي مشى عليه الشارح، إيش يقول؟ طالب:. . . . . . . . . متى؟ إيه؛ لكن تقديم وإلا تأخير؟ يرمونها في الحادي عشر أو في الثاني عشر؟ ويش قال في الحديث عندك؟ طالب:. . . . . . . . .

يعني النسخة التي معك موافقة لنسخة الشارح؛ لكن إذا رموا يوم النحر انتهى، نعم ثم يرمون الغد، وش هو الغد؟ الحادي عشر، ثم يرمون من بعد الغد ليومين، يعني الثاني عشر والثالث عشر، الذي يطلب الرخصة هل يتوقع منه أن يتأخر؟ ما يتوقع منه أن يتأخر، يتوقع منه أن يتأخر إلى اليوم الثالث؟ ما يتوقع منه أن يتأخر، وعلى كل حال تراجع الأصول، وتراجع السنن، ويثبت منها ما في الأصول، تراجعها غداً -إن شاء الله-، وإلا مقتضاه أنهم يرمون يوم النحر، ثم يرمون من الغد الحادي عشر، ثم يرمون من بعد الغد ليومين، ما صار عليهم تخفيف، صاروا كل يوم بيطلعون يرمون، فما صار عليهم تخفيف، والفائدة في الجمع هنا يرمون ليوم النحر، ومن الغد، ومن بعد الغد ليوم واحد، وينتهون، رموا ثلاثة أيام، نعم. طالب:. . . . . . . . . أيوه، وش النسخة التي عندك التي قررت على أساسها؟ وش قال؟ حنا عندنا ثلاثة ألفاظ، والنسخ كلها متفاوتة، يرمون يوم النحر، ويرمون الغد ليومين، على أساس أنه يقدم الرمي الحادي عشر والثاني عشر في الحادي عشر، النسخة الثانية: يرمون يوم النحر، ثم يرمون من بعد الغد ليومين، يعني يرمون الثاني عشر للحادي عشر والثاني عشر تأخير، وعلى الروايتين واللفظين ما في إشكال، حصل التخفيف؛ لكن الإشكال كونهم يرمون يوم النحر، ومن الغد، يوم النحر والحادي عشر، ومن بعد الغد ليومين هذا المشكلة، ما حصل لهم تخفيف، اللهم .... طالب:. . . . . . . . . على كل الألفاظ الثلاثة فيه جمع يومين؛ لكن هل الرمي في الحادي عشر أو في الثاني عشر، أو في الثاني عشر للثاني عشر والثالث عشر؟ لا بد من الرجوع إلى الأصول. طالب:. . . . . . . . .

الآن من أهل العلم من يرى أن أيام التشريق كلها وقت للرمي، ولو جمعها كلها في آخر لحظة من أيام التشريق أجزأه ذلك، ويكون أداء على كلامهم، وهذا لغير أهل الأعذار عند بعض العلماء؛ لكنها عبادات مؤقتة بوقت، والنبي -عليه الصلاة والسلام- فعلها في الوقت المحدد، وقال: ((خذوا عني مناسككم)) ورمى ضحى، ورمى بعد ذلك بعد الزوال، وكانوا يتحينون الزوال، المقصود أن أوقاتها محددة، دعونا ممن يرى أن أيام التشريق باعتباره وقت للرمي لا فرق بين أوله وآخره؛ لكن نناقش اللفظ الذي عندنا، يقول: يرمون يوم النحر، ثم يرمون الغد ليومين، ثم يرمون يوم النفر، وعلى كل حال إذا جاءت لفظ أصحاب الكتب الخمسة حلت الإشكال -إن شاء الله تعالى-، وعلى كل حال يجوز لأهل الأعذار من السقاة والرعاة ترك المبيت بمنىً فأذن لهم النبي -عليه الصلاة والسلام-، وعرفنا أنه واجب، من فرط فيه من غير عذر يلزمه دم، عند أهل العلم. وعن أبي بكرة -رضي الله عنه- قال: "خطبنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوم النحر ... الحديث. [متفق عليه]. وعن سراء بنت نبهان -رضي الله عنها- قالت: "خطبنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوم الرؤوس فقال: ((أليس هذا أوسط أيام التشريق؟ )) الحديث .. [رواه أبو داود بإسناد حسن]. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "عن أبي بكرة -رضي الله عنه- قال: "خطبنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوم النحر" خطب الحج أربع، هل منها خطبة العيد؟ صلى النبي -صلى الله عليه وسلم- العيد؟ ما صلى العيد، إذاً ليس منها خطبة العيد، خطب في اليوم السابع، وخطب في يوم عرفة -عليه الصلاة والسلام-، وهنا خطب يوم النحر، وخطب في الثاني عشر، يوم النفر، أربع خطب، منها: ما في حديث أبي بكرة، وعند الحنفية والمالكية ثلاث خطب، وأسقطوا خطبة يوم النحر، الخطبة المشهورة في الصحيحين وغيرهما: ((أي يوم هذا؟ )) ((أي شهر هذا؟ )) نعم متى كانت؟ أليس يوم النحر؟ هم يقولون: ثلاث خطب، في السابع والتاسع والثاني عشر، وأشهر الخطب هي خطبة يوم النحر، خطبة يوم عرفة معروفة، يعني قبل الصلاة، واليوم السابع أيضاً ثابتة، وخطبة يوم النفر أيضاً هي الرابعة.

وفي الحديث الذي يليه: عن سراء بنت نبهان -رضي الله تعالى عنها- قالت: "خطبنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوم الرؤوس" يوم الرؤوس أي يومٍ يومُ الرؤوس؟ نعم. طالب: الثاني عشر. يعني مقتضى قوله: ((أليس هذا أوسط أيام التشريق؟ )) يعني مقتضى اللفظ: أليس هذا هو أوسط أيام التشريق؟ أيام التشريق ثلاثة: الأوسط أيام التشريق، الحادي عشر، والثاني عشر، والثالث عشر، أوسطها؟ الثاني عشر؛ لكن هل يوم الرؤوس هو اليوم الثاني عشر؟ طالب: هو الحادي عشر. هو يوم الحادي عشر هو يوم الرؤوس، إيش معنى الرؤوس؟ طالب: ذبح الهدي. الذبح يوم العيد وإلا يوم الحادي عشر؟ هو جل الهدي إنما يذبح في يوم العيد، ثم في اليوم الحادي عشر تفرغ الناس للرؤوس وتنظيفها، فسموه يوم الرؤوس، المقصود أنه هو اليوم الحادي عشر، وتسميته أوسط أيام التشريق، أوسطها، {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا} [(143) سورة البقرة] أي عدولاً خياراً، ولذا قال بعضهم: إن أفضل أيام التشريق هو اليوم الحادي عشر، يعني أفضلها، ويحتمل أن يكون لأنه وسط بين طرفين، بين يوم العيد وبين يوم النفر الثاني عشر، فهو وسط بينهما؛ قد يأتي مثل هذه الألفاظ، وتكون مشكلة، وتحتاج إلى تأويل، مثل ما جاء في حديث عبد الله بن عمرو: "وصلاة العشاء من مغيب الشفق إلى نصف الليل الأوسط" الأوسط معروف أنه ما يكون إلا فيما فيه طرفان، فيه طرفان ووسط، إذا كان ثلاثة أجزاء، صار فيه أوسط، إذا كان خمسة أجزاء فيه أوسط، سبعة أجزاء فيه أوسط؛ لكن إذا كان مكون من جزأين، فيه أوسط؟ ما فيه إلا أول وإلا ثاني، أول وآخر، على ما يخرج؟ نعم، نصف الليل الأوسط، .... إيش معنى نصف الليل الأوسط؟ طالب:. . . . . . . . . نعم، قسمناها نصفين، إما نصف الليل أو نصف الليل الآخر، كيف نصف الليل الأوسط، يعني هذا نظير ما عندنا، ولا نستطيع أن نقول: النصف الأول هو الخيار، وهو الأفضل؛ لأن النصف الثاني أفضل، وقت النزول الإلهي أفضل، ما فيه إلا ما قيل: لأن نهايته تقع في وسط الليل؛ لأن نهايته تقع في وسط الليل، وأحياناً يوصف الشيء بما يجاوره، هو مجاور للوسط، يوصف الشيء بما يجاوره، مثال ذلك، ها؟

"صلاة المغرب وتر النهار" صلاة المغرب بالليل وإلا بالنهار؟ بالليل، كيف صارت وتر النهار؟ لوقوعها ملاصقة لآخر جزء من النهار، كوقوع وتر الليل في آخر جزء منه، ((شهرا عيد لا ينقصان)) عيد الأضحى في نفس الشهر، ما فيه إشكال؛ لكن عيد الفطر، رمضان وذي الحجة، عيد الأضحى في ذي الحجة؛ لكن عيد الفطر هل هو في رمضان؟ كيف شهرا عيد؟ إنما لوقوع العيد ملاصقاً له، أضيف إليه. ((أليس هذا أوسط أيام التشريق؟ )) الجواب: لا بد أن يكون بلا، خطبنا، والمقصود إثبات أن هذا اليوم فيه خطبة، خطبنا رسول الله يوم الرؤوس، فقال: ((أليس هذا أوسط أيام التشريق؟ )) فعلى هذا كم تكون الخطب؟ هل الخطبة يوم الرؤوس هي الرابعة، ويوم النفر تكون خامسة؟ كم يكون عدد الخطب؟ إذا قلنا: خطبة اليوم السابع، ثم خطبة اليوم التاسع، ثم خطبة يوم النحر، ثم يوم الرؤوس، الحادي عشر، ثم خطبة يوم النفر، خمس، العلماء يقررون الخطب أربع، ومنهم من يقول: ثلاث. طالب:. . . . . . . . . نعم، فإذا قلنا: أن هذه في اليوم الحادي عشر خطبة يوم الرؤوس لا بد أن تكون الخطب خمس، نعم، وراه يعتبر الثاني عشر. طالب:. . . . . . . . . الثاني عشر فيه خطبة لتعليم الناس أحكام النفر، والحادي عشر بهذا الحديث، حديث سراء، والعاشر الخطبة المشهورة خطبة يوم النحر، والتاسع خطبة عرفة قبل الصلاتين، والسابع معروفة، يعني فتكون الخطب خمساً، والذي يقول: أربع كأنه لم يثبت عنده هذا الخبر؛ لأن في إسناده ربيعة بن عبد الرحمن، قال الحافظ ابن حجر عنه: "مقبول" إيش معنا مقبول؟ متى يقال عن الراوي: مقبول؟ طالب:. . . . . . . . .

يعني متى يستحق الراوي أن يوصف بكونه مقبول عند الحافظ بن حجر؟ إذا لم يكن له من الحديث إلا القليل، ولم يثبت فيه ما يترك حديثه من أجله، مقل في الرواية؛ لكن ما ثبت ما يترك حديثه من أجله، يقول: "فإن توبع فمقبول، وإلا فلين" هذا الحديث إن كان له متابع لين ضعيف، إن كان له متابع يقبل بالمتابع، وإن لم يكن له متابع فهو لين، يعني ضعيف، فهل لهذا متابع؟ ابن حجر يقول: "بإسناد حسن" يعني هل مقبول عنده إذا استحق الوصف الراوي الوصف بمقبول، يعني تساوي عنده كلمة صدوق، أو أن مقبول لا بد من أن يتابع وإلا فيرد حديثه يعود لكونه لين؟ نقول: المسألة تحتاج إلى شيء من البسط والتمثيل والتنظير، المسألة كبرى بالنسبة للرواة، المقصود أن الذي لا يثبت خطبة الحادي عشر كأن هذا الخبر لم يثبت عنده، وفيه هذا الراوي الذي يحتاج إلى متابع، المخرجون وش حكموا عليه؟ طالب: سكت. حكموا عليه عندكم؟ لا، لا، في السبل طبعة .. طالب: سكت. لا بد أن يذكروا الحكم. طالب: الألباني يقول: ضعيف. من الي ضعفه؟ طالب:. . . . . . . . . كلهم ضعفوه، إيه بناء على أنه لم يتابع، فمثل هذا الراوي إذا لم يتابع عاد إلى الضعف، يكون لين، ما يكون مقبول. طالب: يا شيخ هنا يقول: ويوم الرؤوس ثاني يوم النحر. الحادي عشر إيه. طالب: ثاني يوم النحر. الحادي عشر، يوم النحر كم؟ العاشر. طالب: العاشر. إيه. طالب: وهو الثاني بعد. . . . . . . . . لا ما هو بثاني أيام التشريق، لا، ثاني أيام النحر، يعني يكون الحادي عشر. وعن عائشة -رضي الله عنها- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال لها: ((طوافك بالبيت وبين الصفا والمروة يكفيك لحجك وعمرتك)) [رواه مسلم].

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "وعن عائشة -رضي الله عنها- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال لها: ((طوافك بالبيت وسعيك بين الصفا والمروة يكفيك لحجك وعمرتك)) [رواه مسلم] عائشة -رضي الله تعالى عنها- أحرمت بالعمرة، ثم حاضت بسرف، وقال لها النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((افعلي ما يفعله الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت)) ضاق عليها الوقت ولم تطهر، أدخلت الحج على العمرة فصارت قارنة، وهذا هو المرجح في نسكها، وأما ما جاء من رفضها للعمرة، فالمراد به رفض أعمالها المستقلة، وقولها: "يذهب الناس بحج وعمرة وأرجع بحج فقط؟ " يعني بعمرة مستقلة، كعمرة المتمتع، ولذا اعتمرت بعد حجها، فالمرجح في نسكها أنها أدخلت الحج على العمرة؛ لأن النسك إذا تلبس به لا يمكن رفضه {وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ} [(196) سورة البقرة] فهي قارنة، ولذا قال في الحديث: ((طوافك بالبيت وسعيك بين الصفا والمروة يكفيك لحجك وعمرتك)) يعني الطواف التي طافته، والسعي الذي سعته، يعني يكفيها لحجها المفرد والعمرة مرفوضة، يكفيها لهذا الحج المفرد، والعمرة التي أتت بها بعد الحج؟ هذا المقصود؟ أو أن طوافها هذا وسعيها يكفيها للحج والعمرة المقرونين؟ نعم، المقرونين، الآن عرفنا أنها أحرمت بعمرة، ثم حاضت لم تتمكن من أداء العمرة المستقلة لتكون متمتعة، أدخلت الحج على العمرة وصارت قارنة، القارن ما الذي يلزمه من الأعمال؟ المتمتع يطوف ويسعى للعمرة ويقصر، ثم يطوف ويسعى ويحلق للحج، أعمال منفصل بعضها من بعض، المفرد يطوف للقدوم ويسعى بعده، ثم يطوف طواف الإفاضة في يوم العيد، هذا إن كان معه سعة في الوقت، ولو أجل الطواف ترك طواف القدوم لأنه سنة، وأجله إلى طواف الإفاضة، ثم سعى بعده كفاه طواف وسعي واحد، القارن الذي جمع بين الحج والعمرة أشبه بالمتمتع وإلا أشبه بالمفرد؟ نعم أشبه بالمفرد، أعمال القارن هي أعمال المفرد؛ لأن طوافه وسعيه يكفيه لحجه ولعمرته كالمفرد، ظاهر وإلا ليس بظاهر؟ عرفنا أن المتمتع يطوف للعمرة، ويطوف للحج، يسعى للعمرة، ويسعى للحج، من أهل العلم من يرى أن المتمتع يكفيه سعي واحد، وأما الذين جمعوا بين الحج والعمرة فطافوا بين الصفا

والمروة طوافاً واحداً، جمعوا يشمل التمتع لأنه جمع بينهما في سفرة واحدة؛ لكن هذا القول مرجوح؛ لأن المراد بالذين جمعوا الذين قرنوا بينهما، فالقارن يكفيه سعي واحد كالمفرد، ودليله ((طوافك بالبيت وسعيك بين الصفا والمروة يكفيك لحجك وعمرتك)) فدل على أنها اعتمرت مع حجها، وبعد أن أكملت نسكها اعتمرت ثانية، وبهذا يستدل من يقول بأن تكرار العمرة لا بأس به. طالب: عائشة -رضي الله عنها-، الرسول -صلى الله عليه وسلم- لما أمر الصحابة أن يجعلوها عمرة دخل عليها وهي تبكي، فسألها: ما يبكيك؟ قالت: سمعتك ذكرت العمرة، وأنا لا أصلي، فهذا يدل على أنها أحرمت بالحج؟ وماذا عن: ((ارفضي عمرتك)) في الصحيح؟ وش هي العمرة التي بترفض؟ وش هي؟ وش تصير ذي؟ طالب:. . . . . . . . . محرمة بدون عمرة؟ ما في إشكال كونها محرمة بعمرة، ثم أدخلت الحج عليها صارت قارنة، ما فيه إشكال، لكن ماذا عن إدخال العمرة على الحج ليصير المفرد قارناً؟ ممكن وإلا غير ممكن؟ طالب:. . . . . . . . . أما إدخال الحج على العمرة هذا ما فيه إشكال، والدليل خبر عائشة؛ لكن إدخال العمرة على الحج؟ هذا أعلى وإلا أدنى؟ طالب: أعلى. أدنى، كيف أعلى؟ لأنه إذا أتى بحج مفرد والعمرة لازمة واجبة عليه لا بد أن يأتي بعد هذا الحج بعمرة كاملة، بينما لو أدخلها مع الحج لصارت عمرة، هي عمرة على كل حال؛ لكن ليست كاملة كمال العمرة المفردة، ولذا الجمهور لا يجيزون إدخال العمرة على الحج. يقول: حججت أنا مع الأهل سنة خمس عشرة، ولم نبت في منى أبداً؛ لأنها كانت زحمة، ولم نبت بناء على فتوى أحد المشايخ، وكان بجانبنا في الأبطح، ما الذي علينا؟ ما عليكم شيء، ما دام أفتاكم من تبرأ الذمة بتقليده ما عليكم شيء. يقول: هل يلزم النوم، أو لو بقي بها مستيقظاً؟ على كل حال يكفي. يقول: هل يجوز الرمي قبل الزوال في أيام التشريق، وهل ننكر على من فعل ذلك؟ لا يجوز الرمي قبل الزوال في أيام التشريق؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- انتظر إلى الزوال، وتحينوا الزوال، ورموا بعد ما زالت الشمس.

يقول: من رمى الجمرة الصغرى، وبقيت بعض الحصى على الحوض، ولم تسقط بالداخل، فماذا عليّ حيث أني لا أميز، هل سقطت في داخل الحوض أم لا؟ على كل حال المسألة معلقة بغلبة الظن، إذا غلب على الظن أنها سقطت يكفي. يقول: ما حكم ذهاب امرأتين مع السائق داخل المدينة؟ مع أمن الفتنة لا بأس به؛ لأن الخلوة معدومة، ولا سفر، إذاً لا بأس به، ويبقى أن مثل هذا هؤلاء الذين السائقين في البداية تحصل خلوة، وفي النهاية تحصل خلوة، السائق معه باص، ومعه عشر من الطالبات، أو من المدرسات، هو في البداية واحدة يخلو بها إلى أن يصل إلى الثانية، وفي النهاية أيضاً إذا أنزل ما قبل الأخيرة في بيتها يخلو بالأخيرة، فالمسألة مشكلة، لا بد أن يحتاط الإنسان لعرضه. يقول: نذر صاحبه أنه إذا عمل معصية معينة، فإنه يصوم أربعة شهور متتالية، وهو شاب فماذا عليه؟ ((من نذر أن يطع الله فليطعه)). يقول: من قدم على بلد، ثم تأخروا في الفطر في رمضان، في الفطر نهاية الشهر، يعني زادوا يوماً مثل أهل مصر هل يصوم معهم؟ نعم يصوم معهم، والفطر يوم يفطر الناس، وحكمه حكم البلد الذي يدخل فيه رمضان وهو فيه، أو يخرج وهو فيه. يقول: يقول: بعض أهل العلم أن هناك فرقاً في التقويم المعتمد والواقع، أي أن هناك فرق ما يقارب سبع عشرة دقيقة بين التقويم والواقع في صلاة الفجر، فهل هذا صحيح؟ وما هو الأحوط؟ على كل حال الكلام في هذه المسألة كثير، وهناك لجان تبحث وترقب طلوع الصبح، وتقارن في مختلف فصول السنة، ونسأل الله -جل وعلا- أن يدلهم على الحق. هل يجوز الاستراحة بعد دخول الحرم وقبل الطواف؟ لكن لا يجلس حتى يصلي ركعتين، والاستراحة بعد الطواف وقبل البدء بالسعي، لا بأس إذا احتاج إلى ذلك. طفت بالبيت ولم أكبر عند الحجر الأسود في شوطين للنسيان، فماذا علي؟ لا شيء عليك؛ لأنه سنة، فلو طاف، دار الحاج أو المعتمر على الكعبة سبع مرات بدءاً من الحجر إلى الحجر ولم يتكلم بكلمة واحدة طوافه صحيح. هل يصح الإحرام لأهل مكة من جهة عرفة، أو من أي منطقة خارج الحرم دون التنعيم؟ نعم، يصح.

يقول: يدفع التجار زكاة أموالهم للجمعيات الخيرية فهل توزع هذه الأموال ككفالة شهرية للأسر طوال العام بعد موافقة صاحب الزكاة الذي أعطانا حرية التصرف؟ صاحب الزكاة ليس له حرية التصرف، إنما عليه أن يدفع الزكاة وقت حلولها؛ لكن ينظر في هذه الجمعيات إن كانت نائبة عن التجار فعليهم أن يوزعوها في وقتها، ولا يجوز لهم تأخيرها، وإن كانت هذه الجمعية نائبة عن الفقراء فلهم أن يجعلوها حسبما تقتضيه مصلحة الفقير. هذا من الإمارات يقول: امرأة تعمل مدرسة، وتقوم بإلقاء المحاضرات المتفرقة للطالبات، فهل أفضل لها أن تستمر في عملها أم الاستقالة والصبر مع زوجها في طلبه للعلم؟ على كل حال إن كان زوجها محتاجاً إليها، ويخشى على نفسه من العزوبة بدونها، فذهابها معه متعين، ما لم تخف على نفسها، أو على دينها وإلا فهي على خير -إن شاء الله تعالى-. السائل من مصر يقول: إذا حلف الشخص كثيراً، ووقع اليمين ولا يدري كم مرة حلف، وعرف أنه لا بد من كفارة يمين، فما مقدار الكفارة لكل يمين حلفه؟ إذا كان الباعث على هذه الأيمان والسبب واحد فعليه كفارة واحدة، وإن كانت تعددت الأسباب والبواعث فكفارات بعدد هذه البواعث، والكفارة لكل يمين إطعام عشرة مساكين، كل مسكين نصف صاع، أو كسوتهم أو تحرير رقبة، من لم يجد هذه الخصال الثلاث يصوم ثلاثة أيام. يقول: إذا داعب الرجل زوجته بدون أن ينزل هل عليه غسل؟ لا غسل عليه ما لم ينزل. السائل من السويد يقول: هل يجوز سماع أنشودة فيها كلمة: وتسامت بشعاري قل هو الله أحد؟ كأنه جزء من القرآن؟ على كل حال الاقتباس من القرآن له حكمه عند أهل العلم، وابتذال القرآن، وأداؤه بأصوات المغنين، وأشباه المغنين هذا لا يجوز، فالقرآن يؤدى بالأداء المعروف عند أهله. السائل من اليمن يقول: ما حكم من عمل العادة السرية في نهار شهر رمضان؟ إن أنزل فعليه القضاء، وعليه أيضاً الغسل. ما حكم من حلق لحيته كل جمعة لكي يذهب السبت إلى العمل؟ حلق اللحية حرام، وإعفاؤها واجب. رجل يطوف بالدور الثالث بالسطح فهل يشير إذا حاذى الحجر الأسود؟ وكيف يشير وهو لا يراه؟ يشير إلى جهته، والهواء له حكم القرار.

يقول: لو حصل زحام في الصف الأول فتأخرت إلى الصف الثاني أو الثالث؛ لأن في ذلك تحصيلاً للخشوع علماً بأني قد أدركت الصف الأول قبل الزحام، فهل يكون لي أجر الصف الأول إذا رجعت؟ إذا كان الزحام بحيث يذهب لب الصلاة، أو يكون سبباً في بطلانها فمن رجع بهذه النية ولهذا السبب له أجر الصف الأول. يقول: إذا رمينا عن النساء في جميع الجمرات بسبب الزحمة هل لنا ذلك؟ وماذا يجب علينا إذا لم يكن لنا ذلك؟ من أهل العلم من يرى أن النساء ضعفة، ويرمى عنهن بسبب الزحام الشديد، وبسبب التصاقهن بالرجال يرمى عنهن، ومنهم من يقول -وهو الأحوط-: أن تباشر العبادة بنفسها، مع توخي الأوقات التي يكون الزحام فيها أقل، ولو أدى ذلك أن ترمي بالليل. يقول: هل صحيح أن لفظة: ((من ذنوبه)) في حديث: ((من حج فلم يرفث ولم يفسق)) شاذة؟ من ذنوبه إيش يصير اللفظ أجل؟ يعني ما في ((من ذنوبه)). طالب: نعم. لا، لا، ((كيوم ولدته أمه)) .. ((رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه)).

كتاب الحج (7)

بلوغ المرام _ كتاب الحج (7) الكلام في (الرمل - ونوم النبي في المحصب - وطواف الوداع – وفضل الصلاة في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم - وباب الفوات والإحصار - والاشتراط في الحج) الشيخ: عبد الكريم الخضير هذا يقول: ما ذكرتم في شأن مقام إبراهيم -عليه السلام- لا شك أن الأحوط اعتبار البقعة والحجر معاً؛ لكن لو قال قائل: أننا نقيس المقام وحجارته على البيت وحجارته، فلو أزيل الحجارة في البيت، ووضعت في مكان آخر، فهل نستقبل الحجارة أم موضع البيت الأصلي المعروف؟ أننا نستقبل الموضع، فلو قال قائل: بذلك هل لقوله وجه؟ الصيغة، صيغة المقام، صيغة تشمل المكان الذي قام فيه، والحجر الذي قام عليه، فبينهما ارتباط، يعني لو ألغينا الحجر، واعتبرنا المكان فقط للزم علينا أن نصلي الآن مستدبرين المقام؛ لأن المقام ليس في مكانه، ولم يقل بذلك أحد؛ لكن الصيغة تقتضي الجمع بينهما، ولذا يمنع بعض أهل العلم من أن يحرك المقام من مكانه؛ لأنه مقصود، والمكان مقصود. سم. بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم النبيين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً، وبعد: فيقول الإمام الحافظ أحمد بن علي بن حجر -رحمه الله- في بلوغ المرام، ضمن باب صفة الحج، ودخول مكة: وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يرمل في السبع الذي أفاض فيه" رواه الخمسة إلا الترمذي وصححه الحاكم. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن النبي -عليه الصلاة والسلام- لم يرمل في" ضبطها سَبع ولا سُبع؟ طالب: السبع. سبع إيش؟ طالب: السبع الذي أفاض فيها، السبع الأشواط. أفاض فيها يصير. طالب:. . . . . . . . . فيه، السين وش عليها عندك؟ طالب: فتح يا شيخ.

السبع لا بد أن يكون أفاض فيها، على كل حال هو سبعة أشواط، الطواف هو سبعة أشواط، وكل شيء يتركب من سبعة فهو أسبوع، وسبوع بدون همز، وقد يقول بعضهم: سُبع، وهكذا جاء ضبطها في بعض المصادر التي أُحيل إليها، أما إذا قلنا: سَبع يعني سبع أشواط الذي أفاض فيها، لا بد أن نقول: فيها، على كل حال المعنى واضح، وهذا الذي أفاض فيه، ومثله طواف الإفاضة، وطواف الوداع، وطواف النفل كله لا رمل فيه، إنما الرمل في أول طواف، طواف القدوم، طواف العمرة، يرمل فيه، طواف الحج بالنسبة للمفرد إذا لم يطف للقدوم أو القارن، المقصود أن أول طواف يرمل فيه، وما عداه فلا. وهذا الحديث كما يقول الحافظ: رواه الخمسة إلا الترمذي وصححه الحاكم، ففيه دليل على أنه لا يشرع الرمل في الطواف إلا في أول طواف يؤديه الإنسان بعد قدومه، واجباً كان أو مسنوناً، في الحديث السابق يقول: وروي بألفاظ متعددة منها: رخص للرعاء أن يرموا يوماً ويدعوا يوماً، إلا أن ابن ماجه قال، المقصود يقول: رخص للرعاء الإبل في البيتوتة عن منى يرمون يوم النحر، ثم يرمون الغد، أو من بعد الغد ليومين، ثم يرمون يوم النفر، يرمون الغد أو من بعد الغد، الذي عندنا: يرمون الغد، ثم يرمون الغد ليومين، ثم يرمون يوم النحر، ثم يرمون الغد، ثم يرمون يوم النفر، وفي الشرح يقول: ثم يرمون الغد، ومن بعد الغد ليومين، لأن الذي في الأصل يقول: أو بعد الغد، وهنا ينحل الإشكال إذا كانت (أو). ولفظ أبي داود: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رخص لرعاء الإبل بالبيتوتة يرمون يوم النحر، ثم يرمون الغد ومن بعد الغد بيومين، ويرمون يوم النفر. ولفظ النسائي .. على هذا اللفظ، لفظ أبي داود: يرمون النحر، ثم يرمون الغد، ومن بعد الغد بيومين، ويرمون يوم النفر، كم يوم هذه صارت؟ كم صارت؟ يوم النحر والغد ومن بعد الغد بيومين ويوم النفر، النحر من الغد ويومين ويوم النفر خمسة، النحر ثم يرمون الغد، ثم من بعد الغد بيومين كم هذه؟ أربعة، ثم يرمون يوم النفر.

وللنسائي: "رخص للرعاء في البيتوتة يرمون يوم النحر واليومين اللذين بعده، يجمعونهما في أحدهما" هذا ظاهر، إما تقديم أو تأخير في الأول أو في الثاني، وفي لفظ آخر من طريق مالك إلى آخره .. قال: "أرخص رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لرعاء الإبل في البيتوتة أن يرموا يوم النحر، ثم يجمعوا رمي يومين" يعني سواء كانت في الحادي عشر أو في الثاني عشر، ثم بعد ذلك يرمون يوم النفر الي هو الثالث عشر، وهنا يقول: أرخص للرعاء أن يتعاقبوا فيرموا يوم النحر، ثم يدعوا يوماً وليلة، ثم يرمون الغد، المقصود أنه لوحظت حاجتهم إلى الرخصة، وأنه لا يلزم أن يترددوا إلى منى في كل يوم، ما دام رخص لهم بترك المبيت، فلهم أن يجمعوا الرمي تقديماً أو تأخيراً. وعن أنس -رضي الله عنه-: "أن النبي -صلى الله عليه وسلم- صلى الظهر والعصر والمغرب والعشاء، ثم رقد رقدة بالمحصب، ثم ركب إلى البيت فطاف به" رواه البخاري. وعن عائشة -رضي الله عنها- أنها لم تكن تفعل ذلك -أي النزول بالأبطح- وتقول: "إنما نزله رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لأنه كان منزلاً أسمح لخروجه" رواه مسلم.

نعم مثل هذه الأمور التي يفعلها النبي -عليه الصلاة والسلام- من الوقوف بمكان معين، أو النزول به، أو المبيت به تختلف وتتباين الأنظار في أنه -عليه الصلاة والسلام- تعبد بقصد هذا الموضع أو أنه حصل اتفاقاً؛ لأنه على طريقه، أو لأنه أرفق به، ولكل وجه، وابن عمر -رضي الله تعالى عنهما- يقصد المواضع التي نزلها النبي -عليه الصلاة والسلام-، ويبالغ في ذلك، حتى ذكر عنه أنه يكفكف دابته لتقع أخفافها على مواطئ أخفاف دابة النبي -عليه الصلاة والسلام-؛ لكن ما وافقه أحد على هذا، النزول بالمحصب، والصلاة فيه، الظهر والعصر والمغرب والعشاء، صلى الظهر والعصر والمغرب والعشاء، ثم رقد رقدة في المحصب، ثم ركب إلى البيت فطاف به، هل هذا مقصود؟ منهم من يرى أنه مقصود، لا سيما إذا قلنا: أن المحصب وهو الأبطح، وهو المحل الذي تقاسمت به قريش على قطيعة بني هاشم، وكتبوا فيه الصحيفة الجائرة، فيمكث فيه النبي -عليه الصلاة والسلام- إغاظة لهم، هكذا قال بعضهم، وإذا كان هذا الأمر ملحوظاً فما يفعله النبي -عليه الصلاة والسلام- بهذا القصد تفعله أمته، فيكون المكث فيه هذه المدة سنة؛ لكن ماذا فهمت عائشة؟ عائشة -رضي الله تعالى عنها- لم تكن تفعل ذلك، وهو النزول بالأبطح، وتقول: إنما نزل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لأنه كان منزلاً أسمح لخروجه، طيب المدة التي مكثها وصلى فيها أربع صلوات؟ قد تقول: هو بحاجة إلى هذه الراحة، مثل نومه بذي طوى، هو محتاج إلى الراحة بعد السفر، هو محتاج إلى الراحة بالأبطح من أجل عناء الحج، ومناسك الحج، يرتاح قبل أن ينتقل إذا كانت الحاجة هي الداعي لذلك فلا يقال: بسنيته؛ لكن ماذا عن النزول بالأبطح؟ تقول عائشة -رضي الله تعالى عنها-: إنما نزله رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لأنه كان منزلاً أسمح لخروجه، الرسول -عليه الصلاة والسلام- يريد الرجوع إلى المدينة، والطريق إلى المدينة غير الطريق إلى نجد، فهل نقول لأهل نجد: اذهبوا مع الطريق الذي ذهب معه النبي -عليه الصلاة والسلام- ومكث فيه، ثم بعد ذلك انتقلوا إلى طريقكم؟ عائشة ترى أنه لا يلزم هذا، ولا يتعبد بمثل هذا، كونه -عليه الصلاة والسلام- يبيت بذي طوى، ذو طوى على

طريق الداخل من المدينة، هل يقال لأهل نجد: اذهبوا ودوروا على مكة حتى تنزلوا بذي طوى؟ دخوله مع الثنية العليا، وخروجه مع السفلى محل خلاف بين أهل العلم، وتقدم الكلام فيه، لا شك أن النزول طريق المدينة يرد هكذا، والنزول مع الثنية العليا سهل؛ لكن الطلوع إليها لو أراد أن يرجع معها صعب، فيخرج من السفلى لأنها أسمح له وأسهل، قد يقصد الإنسان تطبيق بعض هذه الأشياء؛ لكن قد يحال دونه ودونه، المرور يمنعه من النزول مع هذا الشارع، فهذا يتبع حكم المسألة، فإن كان النزول مقصود في هذه الأماكن وقلنا بشرعيته اقتداء بالنبي -عليه الصلاة والسلام- فإذا قصده الإنسان ومنع منه ثبت أجره، وإذا كان السبب في بقائه ومكثه -عليه الصلاة والسلام- هذه المدة في هذا المكان هو إغاظة المشركين يكون حينئذ مقصود للأمة وتمكث فيه، وإن لم يكن على سبيل الوجوب، وظروف الحج في السنوات الأخيرة اختلفت كثيراً، يعني قد يقصد الإنسان تطبيق جميع ما بلغه عن النبي -عليه الصلاة والسلام- في هذا الباب؛ لكن لا يقدر على ذلك، يُمنع من ذلك، يعني ظروف السير مع كثرة الناس قد تضطر كثير من الناس إلى أن يفرط ببعض الواجبات، قد، الزحام يمسكه عن دخول مزدلفة إلى أن ينتهي الوقت، عن المبيت بمنى إلى أن يطلع الصبح، احتمال، فمن قصد الشيء ومُنع منه ثبت له أجره ولا يعاب عليه، اللهم إلا الأركان التي لا بد من الإتيان بها، أراد أن يدخل عرفة فمسكه السير إلى أن طلع الصبح نقول: هذا حكمه حكم من أراد مزدلفة أو أراد منى؟ لا، فاته الحج هذا؛ لأنه ركن، أما من قصد مزدلفة والمبيت بها واجب، أو قصد منى والمبيت بها واجب، ثم صده عن ذلك صاد، لا يلزمه شيء، اتقى الله ما استطاع؛ لكن لا يفرط، لا يفرط، فإذا اتقى الله ما استطاع لا يلام. وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: "أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت إلا أنه خفف عن الحائض" متفق عليه.

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: "أُمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت إلا أنه خفف عن الحائض" والحديث في الصحيحين، وهذا الحديث دليل على طواف الوداع، وأنه واجب، وأنه واجب، وأنه ليس بركن، وجوبه يؤخذ من التخفيف عن الحائض، والأمر أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت مع التخفيف؛ لأن المستحب ما يحتاج إلى تخفيف، هو خفيف من الأصل، فلا يحتاج إلى تخفيف، ولو كان ركناً ما احتمل التخفيف، ولا خُفف فيه، المقصود أنه واجب، ويقول به: جمهور العلماء، ويذكر عن مالك -رحمه الله تعالى- أنه ليس بواجب؛ لأنه لو كان واجباً لما خُفف عن الحائض، أحياناً المأخذ يكون الدليل واحد؛ لكن مآخذ ومسالك. . . . . . . . . في طريقة الاستدلال تتباين، الجمهور أخذوا الوجوب من التخفيف، يعني نظير ما جاء في الترخيص بالانصراف للضعفة من مزدلفة، ونظير ما جاء للترخيص للعباس والرعاة بمنى، منهم من يقول: المبيت بمزدلفة ومنى سنة؛ لأنه رخص لهؤلاء، والأكثر يقول: أنه واجب؛ لأن هؤلاء احتاجوا إلى الرخصة؛ لأنه لو كان سنة ما احتاجوا إلى الرخصة، ومثله ما عندنا، طواف الوداع واجب لأنه رخص فيه، فليس بركن، وليس بسنة لأن السنة لا تحتاج إلى تخفيف، وهذا هو القول المحقق.

"أُمر الناس" والآمر هنا هو النبي -عليه الصلاة والسلام-، وهو المخفف؛ لأنه هو المبلغ عن الله -جل وعلا- الأحكام، فهو الآمر، وهو المخفف، ومتى كان الأمر؟ في حجة الوداع، أما جميع العمر التي حصلت منه -عليه الصلاة والسلام- ليس فيها أمر بالوداع، ولذا يرى أكثر أهل العلم على أن الوداع خاص بالحج، خاص بالحج، فالعمرة لا وداع لها، وقد يستدل لهم بأن عائشة لما طافت وسعت للعمرة ما أمرت بوداع، وليس آخر عهدها بالبيت، إنما آخر عهدها بالمسعى، والمسعى ليس من البيت، المقصود أن العمرة في قول الأكثر لا وداع له، ومنهم من يرى أن هذا الأمر شامل لكل من أراد الانصراف من مكة، "أمر الناس" جنس الناس، الحجاج والعمار والزوار وغيرهم، كل من أراد أن يخرج من مكة يلزمه أن يكون آخر عهده بالبيت، طيب آخر عهده بالبيت الصلاة؟ يعني لو صلى ومشى يكفي؟ لا جاء في رواية عند البيهقي وغيره: "أمر على الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت الطواف" الطواف، المقصود أن الطواف واجب، طواف الوداع، وهو للحج على قول الأكثر، ويرى بعضهم أن العمرة لها طواف وداع لعموم الحديث؛ لكن يستشف من عمره -عليه الصلاة والسلام- المتكررة التي لم يأمر فيها بمثل هذا أن العمرة ليس لها طواف وداع، إضافة إلى أن عائشة لما طافت وسعت ما أمرت بوداع.

إذا طاف للوداع ثم مكث بعده، الأصل في الوداع أن يكون عند السفر، يعني كما يودع الإنسان أهله إذا أراد أن يسافر يودع البيت، إذا أراد أن يسافر، فهل يودع أهله ويبيت عندهم أو يحتاج إنه يودعهم مرة ثانية من الغد؟ يحتاج، فإذا طاف للوداع ثم بات بمكة يقولون: لا يكفي هذا الوداع؛ لأنه لم يكن آخر عهده بالبيت، لا بد أن يعيده، أما إذا مكث بعد الطواف مكثاً غير مقصود، نزلوا الرفقة وقالوا: ترى الموعد السيارة، من طاف يجي، جاء الأول ومكث ساعة وما جاء الثاني، زحام، جاء الثاني ومكثوا ساعة وما جاء الثالث، وهكذا، زحام شديد، نقول للأول: أعد طوافك؟ لا، هذا المكث غير مقصود، هو ينتظر الرفقة، ومثل هذا لو اشترى أشياء خفيفة من متطلبات السفر؛ لكن لو اشترى تجارة وبضاعة، وما أشبه ذلك، ما كان آخر عهده بالبيت، الحنفية يقولون: إذا طاف بنية الوداع انتهى، هذا طواف الوداع ولو مكث شهر أو شهرين، خلاص عليه طواف وطاف، أكثر من هذا ما فيه، عليه طواف للوداع وطافه، ولا يوجب عليه ثاني؛ لكنه في الحقيقة ليس بوداع، هذا ليس بوداع، طواف الوداع يحصل بسبعة أشواط على سبيل الاستقلال بنية الوداع عند الخروج من مكة بعد أداء النسك ويحصل أيضاً بأي طواف كان، المقصود أن يكون آخر عهد للإنسان بالبيت، فلو أخر طواف الإفاضة يكفي وإلا ما يكفي؟ يكفي لأن آخر عهده بالبيت؛ لكن لو كان طواف الإفاضة بعده سعي؟ طالب: يكفي لفعل عائشة. عائشة عمرة. طالب:. . . . . . . . . العمرة انتهينا منها، الأكثر أن العمرة ما لها طواف. طالب: يعني بعد أن يسعى يعود ويطوف؟

هذا الأصل؛ لأنه إذا سعى ما كان آخر عهده بالبيت، آخر عهده بالمسعى؛ لكن من أهل العلم من يرى أن المدة يسيرة، مدة السعي لا تزيد عن مدة انتظار الرفقة، فيتسامح في مثل هذا، لا سيما عند الحاجة إلى مثل هذا في شدة الزحام؛ لأنه لو كلف الناس بعد أن يطوفوا للإفاضة، ثم يسعون، ثم يؤمرون بطواف الوداع، لا شك أن في هذا مشقة شديدة، فمن رأى أن الزحام شديد، ويشق عليه مشقة شديدة أن يعيد الطواف، من أهل العلم من يرخص له، وله وجه؛ لأنه ما جعل علينا في الدين من حرج، الآن طواف الفرض يؤدى بكل مشقة، وبكل صعوبة، فإذا أمر بإعادته لا شك أنه يتضرر بهذا، المقصود أن منهم من يخفف ولو كان بعده سعي، كما لو كان بعده صلاة، طاف للوداع ثم أقيمت الصلاة وصلى، نعم، يتسامح في مثل هذا -إن شاء الله تعالى-. طالب:. . . . . . . . . يجوز له ذلك؛ لكن الترتيب أفضل من .. يعني سلوك الرخصة هذه وكونه يكتفي به أفضل من تقديم السعي على الطواف. وعن ابن الزبير -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام، وصلاة في المسجد الحرام أفضل من صلاة في مسجدي هذا بمائة صلاة)) رواه أحمد وصححه ابن حبان.

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: وعن ابن الزبير، هو عبد الله عند الإطلاق، ابن الزبير بن العوام، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((صلاة في مسجدي)) نكرة؛ لكنها في سياق النفي؟ وفي سياق الشرط؟ نعم، في سياق الامتنان؟ نعم، النكرة في سياق الامتنان تقتضي العموم عند أهل العلم، من صيغ العموم النكرة في سياق الشرط، في سياق النفي، في سياق الامتنان، تقتضي العموم، ونحتاج إلى مثل هذا في تفصيل المسألة، ((صلاة في مسجدي هذا)) بالإشارة في مسجده -عليه الصلاة والسلام-، والإشارة تقتضي المسجد القائم في وقته الذي يمكن الإشارة إليه، وما كان خارج أسواره لا يدخل في الإشارة، ولذا قال بعض العلماء: أن الزيادات في مسجده -عليه الصلاة والسلام- والتوسيعات لا تدخل في المضاعفة، ما تدخل في المضاعفة؛ لأنه أشار إليه: ((صلاة في مسجدي هذا)) فالتوسعات كلها، لا التي أمام المسجد، يعني فيه توسعة أمام المسجد -المسجد النبوي- مقدار كم؟ خمسة صفوف يمكن، لا تدخل، وأيضاً فيه توسعة من الجهة الشمالية، وفيه أيضاً توسعة من الجهات الأخرى، المقصود أن هذه على مقتضى الإشارة لا تدخل في المضاعفة، شأنها كشأن سائر المدينة، والمدينة وغيرها في هذا سواء، ليس فيها مضاعفة، إذا أقيمت الصلاة فهل نصلي في مسجده الذي أشير إليه، أو نتقدم للصف الأول والثاني والثالث والرابع والخامس؟ وهل نصلي في يسار الصف ونترك يمين الصف إذا كان خارج مسجد النبي -عليه الصلاة والسلام-؟ أو نقول: أن المسجد مهما بلغ في توسعته من رأوه قال: هذا المسجد النبوي، جاءت أحاديث؛ لكنها ضعيفة تدل على شمول الخبر التوسعات، ولو بلغ ما بلغ، فهو مسجده ولو بلغ صنعاء، كما جاء في بعض الروايات؛ لكنها ضعيفة، فأيها أفضل أن يصلي الإنسان في مسجده الذي أشار إليه، أو يتقدم إلى الصف الأول؟ طالب:. . . . . . . . . ولو كانت صلاته واحد من ألف؟ طالب: فضل الصفوف الأولى أفضل يا شيخ. أفضل؟ طالب: لأن النبي شدد لأتيته ولو حبواً. إيه لكنها ألف صلاة ما هي بسهلة، أنت لو تقعد ببيتك وتصلي ببيتك ما فاتك إلا سبعة وعشرين درجة، وتصلي في الصف الأول يفوتك تسعمائة وتسع وتسعين صلاة. هاه، وش تقول؟ وراك وقفت؟

طالب: أنا ما وقفت، لكن أقول: أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- ما بين الفضل. شوف يا أخي أنا أقول: إن كانت الإشارة مقصودة، والفضل في مسجده فقط، فالمضاعفة في مسجده لا غير، فيكون الصلاة في آخر صف في مسجده أفضل من أول الصف في التوسعة؛ لأنه أشار: ((صلاة في مسجدي هذا)) وتكون الصلاة في يسار الصف أفضل من الصلاة في يمين الصف الذي هو خارج مسجد النبي -عليه الصلاة والسلام-؛ لأن يسار الصف كله داخل في مسجده -عليه الصلاة والسلام-، إلى حدوده من الجهة الخلفية. طالب:. . . . . . . . . وين ما يسع؟ طالب:. . . . . . . . .

سهل، ما يسع صلاة الجماعة صحيحة، ولهم فضلها؛ لكن يبقى ألف ما له ألف، كالمساجد الأخرى، وعلى هذا فبقية مساجد المدينة فيها مضاعفة وإلا ما فيها؟ ما فيها مضاعفة، ليس فيها مضاعفة، فيحرص الإنسان أن يصلي في مسجد النبي -عليه الصلاة والسلام-، في مناسبة، مناسبة الصلاة في مسجده، يعني ما أثير حول القبر من كلام كثير، وتشبث به بعض المبتدعة، والمسألة هذه سبق أن بُحثت مراراً؛ لكن يبقى مسألة الروضة ((ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة)) يعني هل يحرص على هذه البقعة أكثر من يمين الصف لأنها روضة من رياض الجنة، أو نقول: هذا مجرد خبر؟ نعم، إحنا بحثنا هذا سابقاً وإلا ما بُحث؟ ((ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة)) هل نقول: أن هذا مجرد خبر، أو نقول: لا بد أن يكون له أثر في الحكم الشرعي وإلا لكان عاري عن الفائدة يكون لغو؟ قد يقول قائل: النيل والفرات من أنهار الجنة، فهل الانغماس في هذين النهرين أفضل من الانغماس في غيرهما، أو هو مجرد خبر يدل على فضل هذه؛ لكن ما النتيجة المترتبة على هذا التفضيل؟ كون هذه البقعة روضة من رياض الجنة هل يعني أن هي كغيرها، أو لها مزية؟ لها مزية بلا شك، وكونها من رياض الجنة تكون رياض الجنة إلا أن لها مزية، ومزيد فضل في لزومها كحلق الذكر، نعم رياض الجنة ما هي؟ حلق الذكر، وهذه لها حكمها، ((إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا)) قيل: يا رسول وما رياض الجنة؟ قال: ((حلق الذكر)) فقط؟ لا؛ لأن تفسير العام بفرد من أفراده لا يعني قصره على هذا الفرد، مثل تفسير القوة بالرمي، وغيرها من الأمثلة، المقصود أن هذه البقعة لها مزية؛ لأنها روضة من رياض الجنة، وقد أمرنا بأن نرتع في رياض الجنة.

((صلاة في مسجدي هذا)) عرفنا أن التفضيل لا يشمل بقية مساجد المدينة، أفضل من ألف صلاة فيما سواه من مساجد الدنيا إلا المسجد الحرام، صلاة في المسجد الحرام أفضل من صلاة في مسجدي هذا بمائة صلاة، إذاً صلاة في المسجد الحرام أفضل من سائر المساجد سوى مسجد النبي -عليه الصلاة والسلام- بكم؟ بمائة ألف صلاة، ولا يرد فيه الكلام السابق، يعني التوسعات ما التوسعات هذه كلها داخلة؛ لأنه ما أشير إليه، الأمر الثاني: أن مكة كلها مسجد، وكلها محل للتضعيف، الأدلة على هذا هو قول الجمهور على كل حال، والأدلة عليه كثيرة، من أصحها وأوضحها قول الله -جل وعلا- ها؟ طالب:. . . . . . . . . لا، لا، كونه أسري به من بيت أم هاني فيه كلام، {وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ} [(217) سورة البقرة] المشركون أخرجوا النبي وأصحابه من المسجد وإلا من مكة؟ من مكة، فدل على أن المسجد يراد به مكة، المقصود أن هناك أدلة يستدل بها الجمهور، أيضاً فهم الصحابة، وأنهم تفرقوا في الأمصار خشية الوقوع في الإثم؛ لأن مكة حكمها واحد، وكلها حرم ومحرم، وحكمها في التضعيف واحد، وفي تعظيم الإثم واحد، أيضاً يذكر عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه لما أحصر في الحديبية أنه كان يصلي في الحرم؛ لأن محل الحصر قريب جداً من الحرم، هذا جاء من طرق، وغير ذلك من الأدلة التي يستدل بها الجمهور، {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [(1) سورة الإسراء] يقولون: إنه أسري به من بيت أم هاني، ويستدلون به لكن فيه ضعف، على كل حال هو قول الجمهور أن مكة كلها حرم، كلها مضاعفة، جاء في خبر أن الصلاة في مسجد القدس، في بيت المقدس بخمسمائة صلاة، قال ابن عبد البر: إسناده حسن، قد يقول قائل: ما دامت الصلاة في المسجد الحرام بمائة ألف صلاة، والصحابة سمعوا هذا الكلام، ومع ذلك تفرقوا في الأمصار، وأهل العلم أيضاً من بعدهم جلهم في الأمصار، في مصر والشام والعراق والمشرق والمغرب، يعني كيف يفرط الصحابة بهذا الفضل العظيم ويتفرقون؟ كيف يفرط أهل العلم يعيش خيار الأمة في العراق وفي مصر وفي الشام ويتركون هذا الفضل العظيم؟ طالب: من أجل الدعوة.

الدعوة، وبث العلم، وتبليغ الدين والجهاد، كلها أفضل من مجرد المكث من أجل هذه المضاعفة، وفيه تعظيم الإثم، وفيه ترتيب الإثم على مجرد الإرادة، فهي ليست كغيرها، الغنم مع الغرم؛ لكن لا شك أن الذي بيجلس؛ لكن الآن في ظروفنا التي نعيشها شخص متردد هل يسكن في الشرقية، أو في الرياض، أو في مكة؟ مسألة تردد، على حد سواء، عمله في بلده مثل عمله في مكة، إن كان مدرس راح مدرس، إن كان موظف راح موظف، ما الأفضل له؟ طالب:. . . . . . . . . ترى البلد الذي يختلط فيه الناس من أقطار متباينة، وعادات متنافرة، يعني حتى في عصر السلف وجد من يتعرض للنساء في المطاف، ووجد من النساء من يفتن الناس في ذلك الوقت، فكيف بعصرنا هذا؟ فبعض الناس يترك هذه الأماكن خشية الفتنة؛ لأن الناس يجتمعون من بلدان متباينة، وأعراف متباعدة، وعند بعض الأقاليم فيها تساهل أكثر من غيره، فتجده يقول: لا في بلدي أسلم لي، هذا حاصل الآن وإلا مو بحاصل؟ كثير من الناس ما يصدق أنه ينتهي من العمرة ليعود إلى بلده، أقول: لوجود مثل هذه المناظر التي ألفها أصحابها في بلادهم لا تثيرهم مثل هذه المناظر؛ لكن من بلد آخر تثيرهم، تجد مثلاً الشامي أو المصري يفتتن بالمرأة من هذه البلاد لأنه ما ألف هذا المنظر، ومثلاً من أهل هذه البلاد يفتتنون بالبلاد الأخرى؛ لأن عندهم شيء من التسامح أكثر مما عندنا، وفي بلادنا، على حد نظرنا، المقصود أنهم قد تترك هذه المضاعفات إذا خشي الإنسان على دينه، هناك أمور أخرى في ليالي العشر التي ترجى فيها ليلة القدر بعض الناس، من خيار الناس، يقول: أنا سأصلي في مسجدي، وعند بيتي، ويجتمع قلبي، وأعقل صلاتي، أفضل مما أتعرض لزحام الملايين، ولا أدرك من صلاتي شيء، هذا أيضاً له وجه، المحافظة على أصل الصلاة، أولى من المحافظ على ما يزيد في فضلها؛ لأن الآن التجار يحافظون على رأس المال أكثر، أو المكاسب أكثر؟ عندهم رأس المال هو الأصل، فالمحافظة على أصل الصلاة أولى من المحافظة على ما يحتف بها من زيادة الفضل.

((صلاة في مسجدي)) قلنا: هذا أسلوب امتنان فتعم الصلوات، فالصلاة بمائة ألف صلاة، الفريضة لا إشكال فيها، ولم يخالف فيها أحد، النافلة وهذا الكلام قيل: في المسجد النبوي، يعني قيل بالمدينة، فهل صلاة الرجل الساكن المدينة النافلة في بيته أفضل وإلا يصليها في مسجده -عليه الصلاة والسلام- ليحصل على ألف صلاة؟ طالب: في بيته أفضل. نعم؛ لأن الحديث قيل في المدينة ((صلاة الرجل في بيته أفضل إلا المكتوبة)) فصلاته النافلة في بيته أفضل من صلاته في المسجد تحصل المضاعفة وإلا ما تحصل؟ الصلاة في البيت؟ طالب: ما تحصل. ما تحصل، هذا ما جعل بعض أهل العلم يقول: الحديث هذا خاص بالفرائض ولا يتناول النوافل، مكة ما فيها إشكال باعتبار أنها حرم، وفيها مضاعفة، الصلاة في البيت ما فيها إشكال أنها أفضل. غير الصلاة من أنواع الطاعات، الصيام في مكة أفضل وإلا ما هو بأفضل؟ الصدقة في مكة؟ الجمعة في مكة؟ رمضان في مكة أفضل وإلا ما هو بأفضل؟ بهذا المقدار أو مجرد فضل المكان المستفيض ولو لم يقدر بمائة ألف؟ يعني رمضان بمائة ألف رمضان، ليلة القدر بمائة ألف ليلة قدر، أو هذا خاص بالصلاة؟ طالب:. . . . . . . . . دعنا من المسجد والخلاف فيه، الكلام على المسجد الحرام، ومسجده -عليه الصلاة والسلام- بحسبه؛ لكن الصلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة ألف مسجد بالدمام، فهل نقول: رمضان في مكة أفضل من رمضان .... ؟ نعم. طالب:. . . . . . . . . الحديث نص في الصلاة؛ لكن جمع من أهل العلم يرون أن العبادات كلها بهذه المثابة؛ لكن هل نستشف من الحديث ارتباطه بالمسجد، وأن العبادة التي لا تؤدى إلا بالمسجد لها هذا التفضيل، وأن العبادات التي يمكن أن تؤدى خارج المسجد كالصيام والصدقة وغيرها لا ارتباط لها بالمسجد، بينما الصلاة قل مثل هذا في صلاة الجنازة، يمكن أن تحصل، على كل حال الحديث نص في الصلاة، ويقول بعض أهل العلم: أنه يتناول جميع العبادات؛ لكن يحتاج هذا إلى دليل. سم. طالب: بالنسبة للمرأة يا شيخ هل تدخل في هذا الأمر؟ إيش فيها؟ في البيوت أفضل، وبيتها خير لها. قال المصنف -رحمه الله-: باب الفوات والإحصار:

وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: "قد أحصر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فحلق، وجامع نساءه، ونحر هديه، حتى اعتمر عاماً قابلاً" [رواه البخاري]. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: باب الفوات والإحصار: الفوات فوات الحج بأن يطلع الفجر من يوم النحر قبل التمكن من الوقوف بعرفة، فمن طلع عليه الفجر قبل أن يقف بعرفة ولو لحظة فاته الحج، فإذا أحرم بالحج قبيل طلوع الفجر قال: أسرع بالسيارة، وعلى عرفة على طول، وأمكث فيها مدة يسيرة، وأنزل لمزدلفة إلى منى، ثم بنشرت السيارة، أو مسكوه تفتيش وإلا شيء، وعاقه شيء، عاقه عائق، فطلع عليه الفجر قبل أن يدخل عرفة، مثل هذا ماذا يصنع؟ فاته الحج؛ لكن ماذا يصنع؟ يتحلل بعمرة، طيب إن اشترط قال: إن أدركت الحج فبها ونعمة، وإلا فمحلي، هذا ما عليه شيء، هذا يتحلل ما عليه شيء؛ لكن من لم يشترط يتحلل بعمرة، طيب الإحصار أصله المنع، منع، ويختلف أهل العلم، ويفرقون بين الحصر والإحصار، فيجعلون الإحصار هو الذي يكون بالمرض، الحصر يكون بالمرض والعجز والخوف، الإحصار هو الذي يكون بماذا؟ بالمرض والخوف ونحوهما، وإن كان المنع بسبب العدو قيل له: حصر، الآن في قوله -جل وعلا-: {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} [(196) سورة البقرة] هذا متى نزل؟ أحصرتم نزل بشأن إيش؟ طالب: الحديبية. الحديبية، أحصرتم، والآن أحصر مصدره: إحصار، ومنعهم يوم الحديبية بسبب مرض وإلا عدو؟ عدو، إذاً الإحصار يكون بسبب العدو أيضاً، ولذا قال جمع من أهل العلم: أن الحصر والإحصار كله المنع بأي سبب كان؛ لكنه سبب يمنع، ما هو بأدنى سبب، يتصل عليه ويقال له: ارجع عندنا مناسبة، وإلا عندنا كذا، وإلا أخوك يبي يتزوج، وإلا .. ، لا، لا بد أن يكون سبب يمنعه من أداء نسكه، هذا يكون بالمرض، كما سيأتي من كسر أو عرج، ويكون بالعدو الذي لا يمكنه من دخول المشاعر. عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: "قد أحصر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فحلق رأسه، وجامع نساءه، ونحر هديه، حتى اعتمر عاماً قابلاً". طالب:. . . . . . . . .

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: "قد أحصر رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" حصره العدو، لما أراد أن يعتمر في السنة السادسة في الحديبية حصره العدو، الحديبية قريبة على الحد بين الحل والحرم، ويسمونها الآن هي قريبة من إيش؟ من إي شيء؟ ما في مكان يقال له: الشميسي، نعم قريبة من الشميسي، فحلق رأسه لما قال لأصحابه: تحللوا ترددوا، فغضب النبي -عليه الصلاة والسلام-، وأسف لأنهم ترددوا في قبول أمره -عليه الصلاة والسلام-، فأشارت إليه أم سلمة أن يحلق شعره، لما حلق شعره عرفوا أن المسألة جد، فهم ترددوا في قبول الأمر في بداية الأمر، لماذا؟ رجاء أن يتم لهم ما أرادوا من العمرة، فلما حلق رأسه -عليه الصلاة والسلام-، ونحر هديه انتهى، وبهذا يتبين أن الاقتداء بالفعل أقوى من الاقتداء بالقول، ولذ إذا أراد المسئول أن يمتثل أمره يكون قدوة، لا يخالف هو هذا الأمر، ثم يطلب من الناس أن يقتدوا به، بل عليه أن يبادر، إذا طلب من الناس أن يتبرعوا، إذا طلب من الناس أن يبذلوا في العمل، وأن يحتسبوا، ويصبروا لا بد أن يكون قدوة، يكون أول من يحضر هو؛ لأن بعض الناس عنده استعداد يحزم غيره؛ لكن ما يحزم نفسه، هذا ما يطاع أمره، فإذا كان قدوة أول من يحضر هو، ما رأوا عنده شيء من التساهل، جاد في عمله، اقتدى، استطاع أن يحزم الناس، فالنبي -عليه الصلاة والسلام- حلق شعر رأسه، ونحر هديه، فكادوا أن يقتتلوا على الحلق، اقتداء به -عليه الصلاة والسلام-، حلق رأسه، وجامع نساءه، ونحر هديه، ثم بعد ذلك اعتمر عاماً قابلاً، وعمرة الحديبية حسبت من عمره -عليه الصلاة والسلام-، اعتمر عاماً قابلاً، هل هي قضاء لهذه العمرة، أو عمرة مستقلة منشأة جديدة؟ يسمونها عمرة القضاء؛ لكن لو احتاجت هذه العمرة إلى قضاء تحسب عمرة؟ العمرة الأولى التي حبسوا عنها حسبت وإلا ما حسبت؟ حسبت من عمره -عليه الصلاة والسلام-، ونزل فيها سورة الفتح، نعم، فهل عمرة القضاء لأن العمرة الأولى لاغية لم تحسب، أو هي عمرة ثانية حسبت له -عليه الصلاة والسلام-، ولمن معه؟ هي عمرة ثانية، ما الذي يدعونا إلى مثل هذا الكلام؟ إلى أن المحصر هل يلزمه أن يأتي ببدل

أو لا يلزمه؟ ما يلزمه {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} [(196) سورة البقرة] نأتي إلى الهدي، هل الهدي واجب وإلا ليس بواجب؟ {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} [(196) سورة البقرة] يعني هل نقول: فالواجب ما استيسر من الهدي، كما قلنا: {وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [(185) سورة البقرة] يعني فالواجب عدة من أيام أخر، ما استيسر هذه لا تعود إلى أصل الهدي، إنما تعود إلى نوعه، هي تعود ما استيسر هذه تعود إلى نوع الهدي، يعني أنت مخير إن كان عندك بدنة اذبح بدنة، ما عندك عندك بقرة اذبح بقرة، ما استيسر لك إلا شاة اذبح شاة، من أهل العلم من يرى لزوم الهدي للمحصر، ومنهم من يقول: أبداً لا يلزم ولا شيء إلا إذا ألزم .... ، الصحابة جاؤوا بسبعين بدنة من المدينة، أولاً: بالنسبة للقضاء هل الألف واربعمائة الذين مع النبي -عليه الصلاة والسلام- عام الحديبية كلهم تمكنوا من أداء عمرة القضاء؟ ما يلزم، ولا فيما يدل على أن النبي -عليه الصلاة والسلام- أمرهم بذلك؛ لكن هذا تنفيذ للشروط التي بينه -عليه الصلاة والسلام- وبين قريش، ما استيسر من الهدي، هم جاؤوا بسبعين بدنة، وهم ألف وأربعمائة، واشترك كل سبعة في بدنة تكفيهم سبعين؟ ما يكفيهم سبعين، سبعين في سبعة؟ أربعمائة وتسعين، يعني باقي أكثر من تسعمائة، هذا يقول بعض أهل العلم: أنه ليس عليهم شيء، أحصرهم عدو، واتقوا الله ما استطاعوا، أرادوا الخير ولم يتمكنوا منه، ما عليهم شيء، لا عليهم قضاء، ولا عليهم هدي؛ لكن لفظ الآية {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ} [(196) سورة البقرة] هذا شرط {فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} [(196) سورة البقرة] ولذا الجمهور على أن عليه دم، يتحلل بهدي. طالب:. . . . . . . . .

لا، لا، ما يسقط، يبقى كل شيء على ما هو عليه، إذا كان عليه حجة الإسلام لا بد أن يأتي بها، إذا كان عليه العمرة الواجبة لا بد أن يأتي بها، أما إذا أحرم بحج نفل أو عمرة نفل، ثم أحصر ما عليه إلا أن يتحلل بدم، منهم من يرى أن الإحصار خاص به -عليه الصلاة والسلام-؛ لكن لا وجه له، القول بالخصوصية لا وجه له؛ لأن الأصل الاقتداء، على كل حال الجمهور على وجوب الهدي، وأنه يجزيه شاة، إن كانت هي المستيسرة له، والإمام مالك يرى أنه لا شيء عليه، ولا هدي، ومن تأمل الواقعة التي حصلت لهم، وما جاؤوا به من الهدي وعددهم، رأى أن الهدي الذي معهم لا يفي بالعدد، وما حفظ أن النبي -عليه الصلاة والسلام- أمرهم أن يبحثوا عن هدي، أو أمرهم .. ، ما عرف أنهم أيضاً؛ لكن الآية كالصريحة في لزوم الهدي، منهم من أخذ من قوله: "حتى اعتمر عاماً قابلاً" ومن تسميتهم العمرة التي تليها بعمرة القضاء أنه يدل على وجوب القضاء، يدل على إيجاب القضاء؛ لكن ما عرف أن الألف والأربعمائة الذين كانوا معه في الحديبية كلهم أدى هذه العمرة، يعني أصلاً تسميتها القضاء والقضية من مقاضاة قريش في صدهم النبي -عليه الصلاة والسلام-، وإتيانه ببدلها، ومثله ما في الحديث، فلا يوجد ما يدل على أنه يلزمه عمرة ثانية إلا إذا كان عليه عمرة الإسلام الواجبة، ولا يلزمه أن يأتي بحج صد عنه إلا أن تكون عليه حجة الإسلام، وأما الهدي فالمتجه وجوبه. طالب:. . . . . . . . . ما عليه شيء، نعم. طالب:. . . . . . . . . يعني أحرم بالحج منعوه قالوا له: ارجع، هذا إحصار وإلا لا؟ طالب:. . . . . . . . . مثل هذا لو اشترط، لو اشترط نفعه -إن شاء الله-. طالب:. . . . . . . . . على كل حال الحج مطلوب فرضه ونفله، فإذا رأى الإمام بالاتفاق مع أهل العلم أن هذا الزحام لا يحله إلا التحديد، فالعلماء يفتون بهذا؛ لكن إن حصل للإنسان أن يحج من غير حيلة ومن غير كذب، فالحج فرضه ونفله مطلوب.

النحر في الحديبية هل كان في الحل أو في الحرم؟ يعني حتى يبلغ الهدي محله، الحل وإلا الحرم؟ نعم، الحنفية يرون أن محله الحرم، وأن النبي -عليه الصلاة والسلام- إنما نحر في الحرم؛ لكن ظاهر قوله -جل وعلا-: {وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَن يَبْلُغَ مَحِلَّهُ} [(25) سورة الفتح] يعني ممنوع من أن يبلغ محله، ظاهره أنه نحر في الحل، ولا شك أنه لو كلف المحصر بأن ينحر في الحرم لشق عليه، هو بنفسه ما يتيسر له يروح إلى الحرم فضلاً عن الهدي، ولذا الجمهور على أن المحصر له أن يذبح هديه حيث يحل في حل أو حرم؛ لكن إن كان يستطيع أن يبعث به إلى الحرم، وهذا قول وسط لبعض العلماء فيبعثه إلى الحرم، وإن لم يستطع فيذبحه حيث أحصر. وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "دخل النبي -صلى الله عليه وسلم- على ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب -رضي الله عنها- فقالت: يا رسول الله إن أريد الحج، وأنا شاكية، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((حجي واشترطي: أن محلي حيث حبستني)) [متفق عليه]. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "دخل النبي -صلى الله عليه وسلم- على ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب ابنة عم النبي -عليه الصلاة والسلام- دخل عليها فقالت: "يا رسول الله إن أريد الحج، وأنا شاكية" يعني مريضة، وتخشى أن يزداد المرض فلا تتمكن من أداء الحج الذي أرادته، فقال النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((حجي واشترطي: أن محلي حيث حبستني)) هذا الاشتراط، أولاً: هذا الحديث خرجه الإمام البخاري في أي كتاب؟ في كتاب النكاح، ما خرجه لا في كتاب الحج، ولا في كتاب الإحصار في كتاب النكاح؛ لأن ضباعة هذه كانت تحت المقداد، باب الأكفاء في الدين، المقداد مولى وهي قرشية، بنت عم النبي -عليه الصلاة والسلام-، ولذا جزم بعض المحققين، الذين يحققون الكتب أن الحديث لا يوجد في البخاري، ما خرجه البخاري، أين سيذهب به البخاري إذا ما وجد في كتاب الحج بكامله؟ تقول: أريد الحج وأنا شاكية، والبخاري ما خرجه في الحج، إنما خرجه في النكاح.

يقول: "دخل النبي -صلى الله عليه وسلم- على ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب، فقالت: يا رسول الله إني أريد الحج، وأنا شاكية، فقال النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((حجي واشترطي: أن محلي حيث حبستني)) فإذا اشترط الحاج نفعه هذا الاشتراط، مطلقاً كل حاج يشترط؟ كل معتمر يشترط؟ ثم إذا حصل له ما حصل ينفع؟ أو لا يشترط إلا من ظهرت عليه البوادر؟ بوادر مرض، بوادر خوف من عدو أو شبهه، أو غلب على ظنه أنه لا يستطيع، ولا يتمكن، غلب على المرأة أنها لن تتمكن من أداء العمرة لنزول دورة، أو ما أشبه ذلك عادة، منهم من يقول: الاشتراط ينفع من كانت حاله مثل حال ضباعة، شاكي، ويخاف أنه يزداد عليه المرض فلا يتمكن فينفعه، ومن عداه لا ينفعه، ومنهم من يقول: ينفعه مطلقاً، ومنهم من قال: أنه خاص بضباعة، لا ينفع غيرها الاشتراط؛ لكن الخصوصية تحتاج إلى دليل، فالذي يغلب على ظنه أنه لا يتمكن من أداء حجه أو عمرته ثم اشترط نفعه ذلك، ويبقى من عداهم على الأصل؛ لأنه لا يعرف الاشتراط إلا في هذا الحديث، وظاهر هذا الحديث أن من اشترط لظهور الأمارات والعلامات كضباعة، ثم حصل له ما يعوقه، أنه لا شيء عليه البتة، خلاص يلبس ثيابه ويرجع، ما عليه شيء. طالب:. . . . . . . . . المهم أنه اشترط. طالب:. . . . . . . . . اشترط هو؟ طالب:. . . . . . . . . وفيه بوادر وإلا ما فيه؟ يعني تقصد أنه حصر بمرض، كسر أو عرج كما هنا، هذا يأتي في الحديث هذا الي معنا، سم. وعن عكرمة عن الحجاج بن عمرو الأنصاري -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((من كسر أو عرج فقد حل، وعليه الحج من قابل)) قال عكرمة: "فسألت ابن عباس وأبا هريرة عن ذلك فقالا: صدق" [رواه الخمسة وحسنه الترمذي]. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "وعن عكرمة مولى ابن عباس" أصله من البربر، فيه كلام لبعض العلماء، وأنه يرى رأي الخوارج؛ لكن الذي حققه الذهبي وابن حجر براءته من هذا القول، ولذا خرج له الإمام البخاري. ففي البخاري احتجاجاً عكرمة ... مع ابن مرزوق وغير ترجمة

هو تُعرِض له بالجرح؛ لكنه لم يثبت، عن الحجاج بن عمرو الأنصاري، صحابي مقل، لا يروي إلا حديثين، كما قال ابن عبد البر وغيره -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((من كسر)) مبني المجهول، مغير الصيغة، ((من كسر أو عرج فقد حل، وعليه حج من قابل)) يعني حصره المرض، وقل مثل هذا فيمن لم يتمكن، داخل بسيارته فدهس إنسان فأودع السجن إلى أن انتهى الحج، يقول: ((فقد حل، وعليه حج من قابل)) قال عكرمة: "فسألت ابن عباس وأبا هريرة عن ذلك فقالا: "صدق" الحديث حسنه الترمذي، وفي بعض النسخ قال: حديث حسن صحيح، يعني في بعض النسخ، ونسخ الترمذي من القدم، تتباين في أحكامها، تتباين في أحكامها، ولذا الكتاب بحاجة إلى عناية تامة، في مقابلة نسخه الأصلية؛ لأنك تجد عند المتقدمين من أهل العلم، هذا يقول: حسنه، وهذا يقول: صححه، هذا يقول: قال الترمذي: حسن غريب، وذاك يقول: حسن صحيح، وسببه تباين النسخ من القدم؛ لكن الحديث له طرق غير ما معنا، فإذا أصيب بمثل ما ذكر، وقع فانكسرت رجله، وأصيب بكسر في رجله، أو في غيرها من مواضع بدنه، بحيث لا يستطيع من أداء نسكه، فإنه يصير حلالاً؛ لأنه يقول: ((فقد حل، وعليه الحج من قابل)) في الإحصار السابق هل ترجح أنه يأتي بعمرة بدل، أو بحج بدل عما أحرم به؟ يعني في حصر العدو، كما في حصر الحديبية بدون قضاء، وهنا يقول: ((وعليه حج من قابل)) فهل نقول: أن هناك فرق بين المرض وبين العدو كما قال بعضهم؟ أو نقول: أنه إذا منع بمانع لا مدخل له فيه، واتقى الله ما استطاع، جاء ناوياً النسك، وقاصداً رضا الله -جل وعلا-، ثم منع من ذلك، والله -جل وعلا- لا يكلف نفساً إلا وسعها، يحل، كما لو حصر بعدو، وحديث الباب يقول: ((فقد حل، وعليه الحج من قابل)) يعني لو كان هذا الحديث بمثابة الحديث السابق، يعني في قوته، الحديث السابق ما فيه ما يدل على أنه يلزم أن يعتمر أو يحج من قابل، وإن سمى أهل العلم العمرة التي تليها عمرة القضاء، لكن هل نقول: هناك فرق بين أن يحصر بعدو وبين أن يحصر بمرض، فمن حصر بالعدو لا يلزمه قضاء، ومن حصر بالمرض يلزمه أن يحج من قابل؟ لأن المريض يتمكن من الوصول إلى المشاعر،

يتمكن من أن يمكث للعلاج في مكة، ثم يتحلل بعمرة، بخلاف المحصور بعدو لا يتمكن، فإن أراد أن يتحلل المحصور بمرض، فإذا عوفي أتى بنسك آخر كما هو مقتضى هذا الحديث، وإن أراد أن يبقى على إحرامه حتى يشفى، ثم يأتي بما شرع فيه، فهو مخير، كما أنه يمكن أن يحج أو يعتمر بأي طريقة كانت، يُحمل وإلا .. ، ليس مثل الحصر بالمرض لا يساوي الحصر بالعدو؛ لأن العدو يصد، لا يمكنك من الوصول إلى تلك الأماكن، والمرض يتصور الوصول، يعني الآلة التي تعيدك إلى بلدك هي الآلة التي توصلك إلى تلك المشاعر، ولذا بعض أهل العلم يفرق بين الإحصار والحصر، يفرق بين ما كان بعدو، وبين ما كان بمرض، على كل حال الحديث وإن كان فيه كلام، بعضهم يضعفه، أقول: بعضهم يضعف هذا الحديث، يقول الشارح، الشارح طعنه في عكرمة؛ لكن لا وجه له، فعكرمة مبرأ مما نسب إليه من رأي الخوارج. طالب: ألهذا قال: -رضي الله عنه-. أيه؟ طالب: "وعنه" في سياق الحديث تعود إلى عكرمة أم على الحجاج؟ لا، الحجاج، الحجاج صحابي طالب: وعكرمة؟ لا، لا، تابعي، عكرمة تابعي، لو كان صحابي ما قُبل فيه كلام أحد. هنا يقول: الحديث التاسع أن الذين صدروا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالحديبية كانوا ألفاً وأربعمائة، والذين اعتمروا معه في عمرة القضاء كانوا نفراً يسيراً، ولم يأمر الناس بالقضاء. هذه أسئلة يقول: ما حكم القزع؟ ثبت النهي عنه، والأصل في النهي التحريم، وحقيقته حلق بعض الشعر وترك البعض. يقول: وهل يختلف الحكم إذا كان تشبه بالكفار أم لا؟ هذا ثبت فيه النهي، ولو لم يكن فيه تشبه. وهذا من الكويت يقول: سنأتي للحج من الكويت على الطائرة لجدة من أين نحرم؟ إذا حاذيتم أول ميقات تمرون به. السائل من اليمن يقول: حكم الذي يريد أن يصوم الست من شوال، وعليه أيام من رمضان لم يصمها، هل يصوم الست أم يبدأ برمضان؟ يبدأ برمضان، يبرأ من عهدة الواجب، ثم بعد ذلك يصوم الست. يقول: هل الطواف الذي كان من عائشة -رضي الله عنها- قبل الوقوف بعرفة، أو بعده؟ فالحديث الذي ورد بالأمس، والذي قال لها فيه الرسول -صلى الله عليه وسلم-: أنه يكفيها لحجها وعمرتها.

عرفنا أن عائشة -رضي الله عنها- لما حاضت أدخلت الحج على العمرة، فصارت قارنة، فطافت طوافاً واحداً، ولم تتمكن من الطواف طواف العمرة؛ لأنها كانت حائض، فطوافها هذا وسعيها واحد لحجها وعمرتها، ثم بعد ذلك جاءت بعمرة مستقلة. طالب: في بعض المشايخ يرى ومنهم الشيخ عبد العزيز الفوزان أن عائشة كانت تقضي ما عليها من الصيام في شعبان، وكأنها كانت تصوم الست وعليها قضاء. أنت راجعت القاعدة وكلام ابن رجب في مثل هذا؟ إيه ابن رجب ذكر مثل هذا الكلام؛ لكن قال: يبعد أن عائشة لا تتنفل بشيء، هو ثبت أنها كانت، لا يكون عليها القضاء من رمضان فلا تتمكن لمكان النبي -عليه الصلاة والسلام- منها أن تقضي إلا في شعبان، الذين يقولون بجواز تقديم النفل على القضاء يقولون: يبعد أن تسمع عائشة الحث على الصيام والتنفل فيه، ثم تترك الست، وتترك يوم عرفة، وتترك عاشوراء؛ لأن عليها قضاء، ثم ما تصوم إلا في شعبان، القول الثاني المرجح: وهو أنها لا تتنفل حتى تقضي نعم أن العلة الموجودة التي تمنعها من القضاء تمنعها من التنفل، فهمت العلة التي منعتها من القضاء إلا في شعبان تمنعها من التنفل وإلا إيش معنى أنها تمنع من الفرض ولا تمنع من النفل؟ هذه حجة من يقول: بأنه لا يجوز، مع أدلة أخرى أن يتنفل الإنسان وفي ذمته فريضة؛ لأن البراءة من عهدة الواجب بلا شك أهم، والله تعالى أعلم.

كتاب البيوع

بلوغ المرام - كتاب البيوع (1) باب: شروطه وما نهي عنه منه الشيخ: عبد الكريم الخضير الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه أجمعين. اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين والمستمعين، واعصمنا من الفتن أجمعين، ما ظهر منها وما بطن برحمتك يا أرحم الراحمين، أما بعد: قال الإمام ابن حجر -رحمه الله تعالى- في كتابه: (بلوغ المرام): كتاب البيوع باب: شروطه وما نهي عنه منه. عن رفاعة بن رافع -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- سئل: أي الكسب أطيب? قال: ((عمل الرجل بيده, وكل بيع مبرور)) رواه البزار، وصححه الحاكم. وعن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- أنه سمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول عام الفتح وهو بمكة: ((إن الله ورسوله حرم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام)) فقيل: يا رسول الله أرأيت شحوم الميتة فإنه تطلى بها السفن, وتدهن بها الجلود, ويستصبح بها الناس? فقال: ((لا، هو حرام)) ثم قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عند ذلك: ((قاتل الله اليهود إن الله لما حرم عليهم شحومها جملوه ثم باعوه, فأكلوا ثمنه)) متفق عليه. الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: كتاب البيوع:

ترتيب الأبواب عند أهل العلم من المحدثين والفقهاء يراعون فيها حاجة الناس، فيبدؤون بالأهم ثم الذي يليه إلى أن ينتهون من تصنيف كتبهم على الأبواب على اختلاف بينهم في الجمع وكيفيته، فمنهم من يجمع جميع أبواب الدين، فيبدأ بالإيمان والتوحيد والعقائد، ثم يثني بالصلاة، ثم الزكاة إلى أن تنتهي العبادات، ثم المعاملات، ثم ما يلي ذلك من الأبواب، وكتابنا وهو في الأصل كتاب حديث، لكنه صُنف على طريقة الفقهاء فجرد من الأسانيد ليسهل حفظه على الطلاب، وليستدلوا بما أورده المؤلف على ما حفظوه من مسائل فقهية، فهو دعامة قوية لكتب الفقه، ولذا جاء ترتيبه على طريقة الفقهاء، وجرده مؤلفه عن أبواب الدين الأخرى التي لا يتعرض لها الفقهاء، ولذا يعد من كتب الأحكام، أو كتب أحاديث الأحكام، فلا تجد فيه ما يتعلق بالعقائد، ولا بالتفسير ولا الفتن ولا غيرها من الأبواب باستثناء الكتاب الجامع، في نهاية الكتاب ذكر المؤلف الكتاب الجامع، وختم به مؤلفه، وجمع فيه من أحاديث الآداب والرقاق، وما يحتاج إليه إضافة إلى أحاديث الأحكام، الفقهاء ومن سار على نهجهم ممن صنف في مختصرات الحديث من كتب الأحكام، يقدمون العبادات وهي جديرة بالتقديم، وحرية به؛ لأن بمعرفتها يتحقق الهدف الذي من أجله خُلق الإنسان، وهو تحقيق العبودية لله -جل وعلا-، هي أظهر وأوضح ما تتحقق فيه العبودية فيما يتعلق بهذه الكتب، وإلا لو كان الكتاب جامع كصحيح البخاري وغيره ما قدم هذه العبادات العملية على ما يتعلق بالإيمان بالله -جل وعلا-، هم يقدمون كتاب الإيمان، وهذا هو الأصل، لكن الإيمان له كتبه، والحديث بصدد كتب الأحكام، سواء كانت متون فقهيه أو من أحاديث الأحكام كالكتاب الذي نشرحه، فيقدمون العبادات لأهميتها، ثم يثنون بالمعاملات لمسيس الحاجة إليها، ثم يثلثون بالمناكحات والحاجة إليها ماسة، لكنها في مرتبة بعد المعاملات؛ لأن من يحتاج إلي البيع والشراء أكثر ممن يحتاج إلى النكاح، وحاجة الإنسان إلى البيع والشراء أكثر من حاجته إلى النكاح؛ لأنه يحصل مرة واحدة، وأما البيع والشراء فهو متكرر.

الأمر الثاني: أن الإنسان قد يبيع ويشتري سنين قبل أن يتزوج، وقبل أن يحتاج إلى الزواج، فقدم من هذه الحيثية، ثم بعد ذلك إذا عرف أحكام العبادات وكيف يتعامل مع الله -جل وعلا- من خلال هذه العبادات، ثم عرف كيف يبيع ويشتري، ويبرم العقود، ثم عرف أحكام النكاح، يلي ذلك الحدود والجنايات والأطعمة والقضاء، وما أشبه ذلك، فعندهم الفقه أربعة أرباع: العبادات، المعاملات، الأنكحة، الجنايات، ويختلفون في بعض الأبواب هل تدخل في العبادات أو تدخل في غيره من الأبواب؟ كالجهاد مثلاً منهم من يدخله في العبادات، ومنهم من يجعله في أواخر الكتب، ومنهم .. ، على كل حال كل له وجه، وقد اجتهدوا، فلهم من الله -جل وعلا- فيما نرجوه جزيل الأجر والثواب. البيوع، الكتاب مر بنا مراراً، وعرفناه تكراراً، والبيوع جمع بيع، والبيع مصدر باع يبيع بيعاً، ويطبق الفقهاء وغيرهم على أنه مأخوذ من الباع؛ لأن كل واحد من المتبايعين يمد باعه ليأخذ، هذا يأخذ السلعة، وهذا يأخذ الثمن، مأخوذ من الباع، وهذا لا شك أنه إن كان أخذه على سبيل الاشتقاق ففيه نظر، لماذا؟ لأن البيع مصدر والمصدر أصل يشتق منه ولا يشتق من غيره. . . . . . . . . . ... وكونه أصلاً لهذين انتخب يعني رجح كون المصدر هو الأصل للفعل ولسائر مشتقاته.

الأمر الثاني: أن البيع عينه ياء، والباع عينه واو، فاختلف الأصل والفرع في أصل من أصوله، فلا يتسنى الاشتقاق، على كل حال إذا كانت المسألة مسألة نقل، وليست مسألة اشتقاق، فالمسألة فيها سعة، أما الاشتقاق على طريقتهم فلا؛ لأن البيع أصل؛ لأنه مصدر يشتق منه ولا يشتق هو من غيره، جُمع البيع -وإن كان المصدر ينطبق على الواحد والاثنين والثلاثة كما تقدم في المياه جمعت لتعدد أنواعها-، وهنا البيع إنما جمع لاختلاف أنواعه، والبيع عرفوه بألفاظ متقاربة، وتعريفه قد يزيده غموضاً؛ لأن الأمور الواضحة التي يعرفها الناس كلهم تعريفها بالحدود الاصطلاحية التي تطبق عليها قوانين المتكلمين تزيدها غموضاً، من الناس من لا يعرف البيع والشراء، وما يتم به البيع والشراء، أمور يزاولونها، على كل حال قالوا في تعريفه: أنه مبادلة مالٍ بمال، يعني سواء كان حاضراً أو في الذمة كله بيع، أو منفعة، ولو لم تكن عيناً بأن كانت منفعة، المنفعة لا بد أن تكون مباحة، والعين لا بد أيضاً أن تكون مباحة النفع بلا حاجة، ولذا جاء في الباب الأول: باب شروطه، شروط البيع منها ما يرجع إلى العاقد، ومنها ما يرجع إلى السلعة، مما يعود إلى العاقد ويرجع إليه التراضي بين المتعاقدين، إنما البيع عن تراضي {إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ} [(29) سورة النساء] فالتراضي لا بد منه، ومنها: أن يكون العاقد جائز التصرف، وأن يكون مالكاً للسلعة، أو مأذون له في بيعها، والتصرف فيها، وأن تكون السلعة أيضاً مباحة النفع بلا حاجة، كيف مباحة النفع بلا حاجة؟ تكون السلعة مقدوراً على تسليمها، مباحة النفع بلا حاجة، يعني لولا الحاجة لم يبح نفعها، فهل يجوز بيعها، إذا كان أباحة نفعها للحاجة لا مطلقاً، فهل يجوز بيعها أو لا؟ الذي يطلق ويقول: إن تكون العين مباحة النفع، ولا يقيد بارتباط هذا النفع بالحاجة، هذا يقول: كل ما ينتفع به يجوز بيعه، والذي يقيد من غير حاجة أو بلا حاجة، يقول: ينظر في السلعة إذا كانت مباحة النفع مطلقاً تباع، إذا كان نفعها للحاجة فلا يجوز بيعها كالكلب، كلب الصيد مثلاً يجوز بيعه وإلا ما يجوز؟ الذي يطلق يقول: مباح النفع ما المانع من بيعه؟ وقل مثل هذا

في الأسمدة النجسة التي ينتفع بها في الزراعة، يجوز بيعها وإلا ما يجوز بيعها؟ الذي يقيد المنفعة بالحاجة يقول: لا يجوز بيعها كالكلب المعلم، كلب الصيد، كلب الحراسة، كلب الزرع، كلب الماشية، هذه مباحة النفع لكنها مقيدة بالحاجة، وإلا فالأصل المنع من اقتناء الكلب، واستثني هذا بالنص، والذي يقول: ما دام يباح نفعه فكيف يُحصل عليه بغير البيع؟ لا يمكن الحصول عليه بغير البيع، وهذه حكمة تشريع البيع؛ لأن الإنسان قد يكون بحاجة ماسة إلى ما بيد صاحبه ولا يبذله أخوه له بدون مقابل، فيضطر إلى شرائه منه، فإذا احتاج إلى كلب صيد، أو كلب زرع، أو ماشية لا وسيلة له إلا البيع، وقل مثل هذا في الأزبال والأسمدة التي تستعمل في خدمة الزرع، لا يمكن الحصول عليها إلا بالبيع، ومنهم من يفرق بين البائع والمشتري، فيقول: المشتري محتاج، والمنفعة بالنسبة له إنما أبيحت له؛ لأنه محتاج، والمنفعة أبيحت للحاجة فهو من أهلها، فيجوز له الشراء دون البائع، القاعدة عند أهل العلم أن ما حرم أخذه حرم دفعه؛ لأن هذا يدخل في التعاون، فإذا كان هذا لا يجوز له أن يبيع السلعة فكيف يجوز لي أن أمكنه من هذا العقد الذي لا يجيزه الشرع؟ فما حرم أخذه حرم دفعه، هذه القاعدة، وهذا هو التعاون على الإثم والعدوان إذا قلنا: لا يجوز، والمسألة معروفة عند أهل العلم، لا شك أن المشتري أمره أخف من البائع؛ لأن المشتري محتاج، والحاجة تبيح ما منع بالقواعد العامة لا بالنص عليها، وأما الكراهة فتزول بأدنى حاجة. جاء ذم كسب الحجام، والنبي -عليه الصلاة والسلام- أعطى الحجام، مع أنه قال: ((كسب الحجام خبيث)) ففرق بين من يأخذ ومن يعطي، فالآخذ أمره أشد من المعطي المحتاج، قالوا في المصحف عند من لا يجيز بيعه لأن بيعه امتهان، جعله سلعة تباع قابلة للرخص هذا كلام الله امتهان بيعه، ولذا المعروف عن الحنابلة أنه لا يجوز بيعه، لكن يجوزون شراءه للحاجة. الوقف لا يجوز بيعه، لكن إذا اضطر طالب علم إلى كتاب موقوف ولا يوجد إلا عند شخص لا يجود به إلا بالثمن هذا محتاج، فهذه المسألة لها نظائر.

"باب شروطه" الشروط: جمع شرط، والشرط ما يلزم من عدمه العدم، لكن لا يلزم من وجوده وجود ولا عدم لذاته، يلزم من عدمه العدم، يلزم من عدم الطهارة عدم الصلاة حقيقة أو حكماً، يلزم من تخلف شرط من شروط العقد بطلان العقد، فوجوده مثل عدمه، ولا يلزم من وجوده وجود ولا عدم، قد يتطهر الإنسان ولا يصلي، قد يكون جائز التصرف لكن ما يبيع ولا يشتري، ما عنده ما يبيعه ولا يشتريه، المقصود أن هذا الشرط في عرف الفقهاء، سواء علق بكلمة شرطية أو لم يعلق، وسواء كان لفظياً أو عرفياً، إذا تعارف الناس على شيء فالعادة محكمة، هناك من الشروط المقدرة شروط ملفوظة وشروط مقدرة، لو قال شخص لآخر: إنه رأى زوجته ركبت مع شخص أجنبي عنها، فقال زوجها: هي طالق، ثم تبين أن هذا الشخص كاذب، هذا شرط وإن لم يكن ملفوظاً به؛ لأنه رتب على هذا الفعل، فكأنه قال: إن كانت قد ركبت مع هذا الشخص الذي أشرت إليه فهي طالق، والواقع ليس كذالك، إذاً لا تطلق. المقصود أن فروع هذه الأمور كثيرة جداً، لكن هذه أمثلة، وما نهي عنه من أنواع البيوع من الربا وما يشتمل على غرر وتدليس وبيع في المسجد أو بعد النداء الثاني من يوم الجمعة، المقصود أن هناك بيوع نهي عنها، سيأتي ذكرها -إن شاء الله تعالى-، أو شيء منها. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: عن رفاعة بن رافع -رضي الله عنه- إن النبي -صلى الله عليه وسلم- سئل أي الكسب أطيب؟ قال: ((عمل الرجل بيده، وكل بيع مبرور)) رواه البزار، وصححه الحاكم. والحديث له شواهد يرتقي بها إلى الصحيح لغيره.

ورفاعة بن رافع الذي عزا المؤلف الحديث له، وفهم الشارح أنه أنصاري زرقي شهد بدراً، هكذا فهم الشارح؛ لأنه لا يوجد رفاعة بن رافع صحابي إلا هذا، لكن في المصادر الأصلية: عن عباية بن رفاعة بن رافع عن أبيه عن جده، فيكون عباية بن رفاعة بن رافع بن خديج، والحديث معروف عن رافع بن خديج، فيكون المؤلف قصر به، والأصل أن يقول: عن رفاعة بن رافع عن أبيه رافع بن خديج؛ لأن الحديث من مسنده، وعلى كل حال الخلاف في صحابي سواء كان هذا أو ذاك ولا يضر مثل هذا الاختلاف، يعني إذا لم نستطع أن نعين رفاعة بن رافع، يعني إذا قصرنا به إلى هذا الحد يتعين أن يكون الأنصاري الزرقي؛ لأنه صحابي، وأما رفاعة بن رافع بن خديج فتابعي، يروي عن أبيه، وإذا قيل: عن رفاعة بن رافع عن أبيه فالمقصود به رافع بن خديج، وهو هكذا في أكثر المصادر، كما أشار إلى ذلك الحافظ في التلخيص وغيره. "أن البني -صلى الله عليه وسلم- سئل أي الكسب أطيب؟ " السائل وغير السائل يعرفون أن الكسب لا بد منه، وعندنا كسب واكتساب، فإذا كان الكسب لا بد منه فيُسأل عن أطيب أنواعه، الكسب لا بد منه؛ لتتم عمارة الأرض، ويبقى النوع، لكن هذه المكاسب متفاوتة، منها الفاضل، ومنها المفضول، ومنها الطيب، ومنها الأقل، والسؤال عن المكاسب الطيبة، أي الكسب أطيب؟ لأن هنا أفعل تفضيل، فالمراد السؤال عن المكاسب الطيبة، لكن يراد أطيب هذه المكاسب الطيبة، والفرق بين الكسب والاكتساب أن الكسب في ما ينفع الإنسان، والاكتساب فيما يضره، ولذا جاء في قوله -جل وعلا-: {لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ} [(286) سورة البقرة] أي الكسب أطيب؟ قال -عليه الصلاة والسلام- مجيباً عن السؤال: ((عمل الرجل بيده، وكل بيع مبرور)) "عمل الرجل" التصريح بالرجل قيد مؤثر أو لا تأثير له فالمرأة مثله؟ نعم؟ يعني التنصيص على الرجل لا شك أن له دلالة، وهو أن الأصل في الأعمال الرجال، لكن إن احتاجت المرأة إلى الكسب في حدود ما يبيحه الشرع لها دخلت في الحديث، الأصل أن الكسب من أعمال الرجال، والعمل من مهام الرجال، وإن احتاجت المرأة لعدم وجود من يمونها تعمل، وإذا عملت في حدود ما يباح لها من أعمال، وأمنت منها

وعليها الفتنة فلا بأس أن تعمل بيدها، ويكون عملها خير لها. ((عمل الرجل بيده، وكل بيع مبرور)) "عمل الرجل بيده" وهذا يشمل الحرف سواء كانت زراعة، ويرجحها جمع من أهل العلم، أو صناعة وهي مرجحة عند فريق من العلماء، وهي مهنة داود -عليه السلام-، وغيرها من الأعمال، والنظر في المفاضلة بين هذه الأعمال من وجوه منها: ما يتعلق بالعمال من صدق وإخلاص في نيته، في نفع نفسه ونفع غيره، في الأعمال المتعدية، يعني إذا كان الإنسان مزارع يأكل من كسب يده، وينوي بذلك التعفف عن السؤال، ونفع الآخرين، ويحتسب ما يفوت عليه من زراعته مما يأكله كل صاحب كبدٍ رطبة، هذا من أفضل المكاسب، الصناعة إذا كان يصنع بنية صالحة خالصة يعف نفسه عن تكفف الناس، ويصنع للناس ما يفيدهم وينفعهم هذا أيضاً من أفضل الأعمال، وقل مثل هذا في سائر الحرف، إلا ما جاء في وصفها أنها حرف دنيئة ووضيعة وخبيثة، الجزارة عمل الرجل بيده، ولكن باعتبار الجزار قد يلابس شيء من النجاسات أو غيرها صارت أوضع من غيرها، الحجامة كذلك، ومعنى كون كسب الحجام خبيث هل معنى أنه محرم فيدخل في قوله -جل وعلا-: {وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ} [(157) سورة الأعراف] نعم؟ أو لا؟ ليس بمحرم وإنما مرتبته أقل ومنزلته دون؟ كما في قوله -جل وعلا-: {وَلاَ تَيَمَّمُواْ الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ} [(267) سورة البقرة] الخبيث هذا محرم؟ يعني لو كان عندك طعام جيد وطعام أقل نعم رديء جداً مثلاً فيه سوس، لكن يوجد من ينظفه ويأكله، ويحتاج إليه أنت مأجور على التصدق به، لكن هو في مقابل الصدقة بالطيب دون، ولا يعني هذا أنه محرم، ما دام ينتفع به إنسان أو حيوان. ((عمل الرجل بيده)) عرفنا أن من أهل العلم من رجح الزراعة، ومنهم من رجح الصناعة، ومنهم من رجح حرف أخرى حسب انتفاع الناس بها، وما ورد فيها من نصوص، والذي رجحه ابن القيم والحافظ ابن حجر أن أفضل المكاسب الغنائم، وهي كسب النبي -صلى الله عليه وسلم-، ((وجعل رزقي تحت ظل رمحي)) ولما في ذلك من إعلاء الدين وشأنه.

المقصود أن المسألة وتفاضل الأعمال إنما يكون بحسب ما يقر في قلب العبد، وبحسب حاجة الناس إلى هذا العمل، لو قيل: إن الزراعة أفضل الأعمال فاتجه الناس كلهم إلى الزراعة، وأهملوا الجوانب الأخرى، وفاض المنتوج الزراعي، وزاد عن الحاجة، والناس بحاجة إلى أمور أخرى، عطلت أمور أخرى، نقول: هذه الأمور الأخرى أفضل من الزراعة؛ لأنه قد يعرض للمفوق ما يجعله فائقاً، وهذه الجملة تستعمل في كل العلوم، الناس بحاجة ماسة إلى من يعلمهم ويوجههم ويرشدهم ويبصرهم بما ينفعهم في أمور دينهم ودنياهم، ولو بالأجرة، وإذا احتيج إلى مثل هذا فهذا العمل من أفضل الأعمال، وعلى كل حال المسألة ليس فيها قول فصل، وإنما تتفاوت هذه الأعمال بحسب ما يقر في قلب العامل، وبحسب ما يُحتاج إليه من الأعمال. ((وكل بيع مبرور)) خالص من شوائب الغش والخداع والتدليس، والعقود المحرمة، والأيمان الفاجرة لتنفيق السلع، هذا أيضاً من أنفع ومن أفضل الأعمال، وأطيب المكاسب، لكن على من يزاول هذه المهنة والتجارة والبيع والشراء أن يتعلم ما يصحح هذه العقود، لئلا يقع في معاملة يظنها صحيحة وهي في حقيقة الأمر ليست بصحيحة، وعليه أيضاً أن يتحلى بالورع، وأن يجتنب الشبهات، وكان الناس إلى عهد قريب يحرجون من يفتيهم بإقناعهم عن وجه الحل، إذا سألوا عن معاملة فقال المفتي: حلال هم بحاجة إلى من يقنعهم بوجه الحل اتقاءً للشبهة، والآن مع ما وجد في أسواق المسلمين وغير المسلمين من باب أولى من انسعار ولهث وراء الدنيا تجد المستفتي إذا سأل عن مسألة قيل له: حرام قال: أقنعني أنها حرام، والسبب في هذا وجود من يتساهل في أمر الإفتاء، والله المستعان. فعلى الإنسان أن يتقي الشبهات فضلاً عن المحرمات، لا يجوز للمسلم أن يقدم على معاملة محرمة بحال، ولو فتح له الشيطان أبواب، وقال له: تتخلص منها، هذه نسبة يسيرة، أقدم عليها ثم تخلص منها، أبداً، لا يجوز الإقدام على المحرم، لكن إذا أقدم على شيء يجزم بإباحته أو يغلب على الظن إباحته، ثم تبين له فيما بعد أنه لحقه شيء من الشبهات، أو شيء مما لا يجوز في معاملته يتخلص منه لا بأس، وفرق بين هذا وهذا، فرق بين من يقدم على المعاملة المحرمة ولو كانت نسبتها يسيرة، وفرق بين يلحقه شيء من الشبهة أو شيء من المحرم من غير قصد، ثم يتخلص منه، فلا بد من ملاحظة هذا. وصلى الله وسلم على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

كتاب البيوع (2)

بلوغ المرام - كتاب البيوع (2) تابع: باب شروطه وما نهي عنه منه الشيخ: عبد الكريم الخضير السلام عليكم ورحمة الله وبركاته هذا يقول: أنا شاب أعمل في شركة (أرامكو) وأعمل بيدي على إخراج النفط الذي يستفيد منه المسلمين وأعف نفسي فهل داخل في الصناعة؟ هو داخل في عمل اليد، هذا داخل في عمل اليد، إذا أدي على الوجه المرضي الذي ينفع الله به الأمة، لا شك أنه داخل في عمل اليد وكسب اليد. هذا يقول: هل تنصحون باعتماد كتاب: (البدر التمام شرح بلوغ المرام) للحسين بن محمد المغربي بدلاً من سبل السلام؟ أولاً: سبل السلام مختصر من هذا الكتاب، فسبل السلام أصله البدر التمام، واختصره الصنعاني، واقتصر منه على ما يُحتاج إليه، وأما الأصل ففيه جمع طيب، وفيه استطرادات؛ لأنه معتمِد على كتب معينة، إذا كان الحديث في البخاري نقل من فتح الباري، وأفاض في النقل منه، وإذا كان في مسلم نقل كل ما ذكره النووي وهكذا، وفي الحكم على الأحاديث ينقل ما يقوله الحافظ في التخليص بتمامه، ففيه استطرادات كثيرة لا يحتاجها طالب العلم، وللصنعاني أيضاً توجيهات في كتابه لا يستغني عنها طالب العلم. وعلى كل حال من أراد أن يجمع بين هذا وذاك فطيب؛ لأن الاعتماد على اختصار الغير يفوت على طالب العلم الشيء الكثير، الصنعاني من وجهة نظره أن ما تركه ليس مهماً بالنسبة لطالب العلم، لكن قد يكون ترك أشياء طالب العلم في غاية الأهمية، ولذا نصيحتنا لطلاب العلم ألا يعتمدوا على المختصرات، وأن يختصروا لأنفسهم.

ذكرنا في مناسبات كثيرة أن طالب العلم إذا تأهل لهذا الأمر، واتجه إلى المختصرات يرجع إلى الأصول ويختصره بنفسه، فلو مثلاًَ عمد إلى صحيح البخاري، والكتاب مخدوم تذكر فيه أطراف الأحاديث فإذا قرأ الحديث الأول راجعه في جميع المواضع التي ذكره البخاري فيها، واقتصر بأوفى هذه الروايات، واطلع على الروايات الأخرى، وأثبت التراجم التي ترجم بها البخاري على هذا الحديث التي هي فقه الإمام البخاري، بل فقه أهل الحديث كم يستفيد من فائدة في عمله هذا؟! افترض أن صحيح البخاري يحتاج لمدة سنة ليختصر على هذه الطريقة، الحديث الأول خرجه البخاري في سبعة مواضع، يرجع إلى هذه المواضع السبعة، وينظر في تراجم البخاري عليها، وينظر في اختلاف المتون والأسانيد، وما ذكره البخاري وما سطره من أقوال الصحابة والتابعين حول هذا الحديث، وبيان هذه الترجمة، ثم بعد ذلك يقتصر على أوفاها، والحديث الثاني كذلك، والثالث كذالك، والرابع ... إلى آخر الكتاب، وطالب العلم قل: يحتاج إلى سنة لينهي الكتاب على هذه الطريقة، فيستفيد فوائد أعظم من قراءته للمختصر مائة مرة؛ ليكون علمه بما حُذف كعلمه بما أثبت، أما أن يعتمد على اختصار الناس واجتهادات الآخرين فقد يفوته شيء هو من وجهة نظر المختصِر ليس بمهم، وهو في الحقيقة في غاية الأهمية، وضربنا أمثلة على هذا في المقارنة بين الأصول والمختصرات، لو أن شخصاً أراد أن يقرأ في كتاب الرقاق من صحيح البخاري رأى العجب فيما يقرب من مائتي حديث ومائة وخمسين ترجمة، هي من أنفس ما يستنبط من هذه الأحاديث، لكن لو رجع إلى المختصر وجد عشرة أحاديث بدون تراجم، كيف يتصور الكتاب تصور كامل وقد اعتمد على المختصر؟ المختصِر ما حذف من المتون المرفوعة المسندة شيء، إنما اكتفى ببعضها دون بعض، وإذا مر عليه الحديث في كتاب العلم لم يعده في كتاب الرقاق، فصار هذا خلل في التصنيف، البخاري له مقصد من التكرر، التكرار في غاية الأهمية لطالب العلم، ولتعلموا أن البخاري -رحمه الله تعالى- لا يكرر الحديث في موضعين بسنده ومتنه دون فائدة زائدة إلا نادراً يعني في نحو عشرين موضع فقط، وأما في بقية المواضع التي هي يعني المكرر مثل غير المكرر، يعني

إذا افترضنا أن الكتاب سبعة آلاف وخمسمائة حديث، المكرر خمسة آلاف، لكن هذه المكررات لا يحتاجها طالب العلم؟ استنباط البخاري من هذا الحديث في مواضع متعددة لا يحتاجه طالب العلم؟ هو في أمس الحاجة إليه، أقاويل الصحابة والتابعين سلف هذه الأمة فقههم وعلمهم حذفه المختصرون، كم يخسر طالب العلم بهذه الطريقة؟! فأقول: طالب العلم إذا احتاج إلى مختصر يختصر بنفسه، ولا يظن أن هذا التكرار تضييع للوقت، يعني بدلاً من أن يقرأ الكتاب في سنة يقرأ المختصر في شهر، وأين تبي تروح إذا انتهيت من البخاري؟ تبي تروح لمسلم، مسلم فيه أحاديث موجودة في البخاري، بعد تقول: أقتصر على الزوائد؟ افعل في مسلم مثلما فعلت في البخاري، ثم افعل في سنن أبي داود مثلما فعلت في الصحيحين وهكذا، اختصر لنفسك، ثم انظر ما تتفق عليه هذه الكتب، واقتصر على أوفاها، وبذلك إذا أنهيت هذه الكتب ولتأخذ عليك خمس سنين ويش المانع؟ وإيش أنت عجلان عليه؟ تضبط الكتب الستة ضبط وإتقان في خمس سنوات، والعمر يضيع بالتسويف، اليوم أقرأ، غداً أقرأ، الكتاب هذا أولى وذاك أولى، الأصول أسست على تقوى، ولا نقدح في الفرع والمختصرات، لكن من يقارن يرى الفرق، الذي يقارن بين هذه المختصرات وأصولها يرى الفرق كبير. يقول: ما أفضل طبعات الكتب التالية: (تأويل مشكل القرآن لابن قتيبة؟ طبعة السيد أحمد صقر جيدة. وتأويل مشكل الحديث؟ هناك تأويل مختلف الحديث لابن قتيبة، وهناك مشكل الحديث لابن فورك، إن كان يريد ابن قتيبة، وهو مطبوع طبعة قديمة لا بأس بها جيدة، ثم أعيد طبعه ثانية أظن زهري النجار أعاد طبعه، وإن كان يريد مشكل الحديث لابن فورك فليقرأ فيه على حذر تام. الروض المربع؟ الروض المربع طبع أخيراً بتحقيق ثلة من المشايخ، تولى بعضهم مقابلة النسخ، وبعضهم توثيق النصوص، وبعضهم تخريج الأحاديث، وخرج منه الآن سبعة مجلدات، هذه طبعة نفيسة. منار السبيل؟ فيه طباعات كثيرة، لكن منها طبعة المكتبة الإسلامية التي فيها خلاصة أحكام الشيخ الألباني في مجلد واحد. أحكام أهل الذمة؟ هذا لم يطبع إلا مرة واحدة، طبعه صبحي الصالح طبعة جيدة. الخراج لأبي يوسف؟ الطبعة السلفية طبعة طيبة.

يقول: ما رأيكم فيمن يقول: إن النظام المالي الإسلامي قائم على المقايضة، وأن النظام النقدي غير إسلامي، سواء كان القائل ممن يستدل بهذا على إباحة الفوائد الربوية أو كان القائل يقول هذا تمسكاً بالطرق القديمة للبيوع؟ لا شك أن الأصل في البيوع أن الإنسان ما يستبدل مال بمال، نقد بنقد إلا إذا احتجاج لمثل هذا فيما يسمى بالصرف، وجُل العقود مبنية على سلع يحتاجها الناس بأيدي غيرهم يبذلون لنيلها الأموال من النقود، من الذهب والفضة، هذا الأصل، لكن إذا احتاج الشخص إلى أن يفك ما معه من عملة كبرى بعملة صغرى واحتاج إلى صرفها هذا .. ، الذهب بالذهب جائز بالشرط الشرعي: مثلاً بمثل، يداً بيد. يقول: نرجو رفع الصوت حيث أننا نعاني من وضح الصوت؟ كيف تعاني من وضح الصوت أو من عدمه؟ من عدم وضوح الصوت، على كل حال احرص على أنك تكون أقرب إلى هذا الآلات المكبرة، وتسمع -إن شاء الله تعالى-، وبدوري أيضاً أنا هذه الآلات نقربها شوي. يقول: إذا كان الشخص يعمل في مجال الهندسة بتنفيذ المشاريع وتقدم إليه عروض أسعار لبعض الأعمال من مقاول من مقاولي الباطن -ما أدري من هم؟ - فهل يحق له لكي يتحصل على أفضل سعر أن يقوم بكشف أسعار المقاولين لبعضهم البعض؟ الآن الأسعار تقدم إليه من باب المنافسة بين هذه المؤسسات، وإذا كانت تقدم إليه وهو صاحب الشأن فما قدمت إليه إلا لينظر فيها، ويقرر ما يختاره منها، إذا كان هو صاحب الشأن، أما إذا كان له أنيط به مجرد التخطيط، وتقرير رسو المناقصات لغيره فهذا ليس من شأنه. يقول: هل من كلمة في احترام المساجد، وإبعاد ما يظنه البعض فيه مصلحة من الوسائل التعليمية باسم الإبداع وخدمة العلم؟ كتب أسماء أعجمية ما أدري كيف أنطقها؟ المقصود أنه يقول: إن هناك وسائل تعليمية وقد صليت خلف إمام في صلاة التراويح يقرأ من شاشة ويقلب الصفحة بالريمنت ويصلي هنا في الدمام؟

على كل حال كل هذا الأمور محدثات، ولا يباح منها إلا ما احتيج إليه، حتى هذا المكبرات الأصل فيها العدم؛ لأن استعمالها في عبادة على خلاف الأصل، لكن لما كثر الناس، وكثرت الحشود في المساجد، واحتيج إليها، وأفتى أهل العلم بجوازها، والقاعدة أن الحاجة تقدر بقدرها، فلا يزاد فيها على قد الحاجة فإذا كان يكفي مكبر واحد يكتفي به، إذا كان لا يسمع الصوت إذا ركع الإمام واحتجنا إلى ثاني نضع ثاني، إذا كان إذا سجد لا يسمع المأموم صوته فيضطر إلى أن يجتهد بما يبطل عبادته هنا أيضاً يحتاج إلى ثالث، فالحاجة تقدر بقدرها، أما القدر الزائد على ذلك من لوحات، ومن آلات، إضافة إلى أنه أدخل في المساجد كمرات التصوير وغيرها، هذه كله على خلاف الأصل، ومن يقول بها ويفتي بها إذا كان ممن تبرأ الذمة بتقليده يتحمل المسؤولية، لكن يبقى أن الأصل المنع في هذه كلها. وأما ما ذكره من أنه صلى خلف إمام يقرأ من شاشة فهذه مشكلة، اليوم يقرأ من شاشة، وغداً يترك المسجل يصلي بالناس بعد، لأن خطوات الشيطان لا تنتهي، والله المستعان. يقول: ما حكم الاشتراك في بطاقة (سوا) يقولون: ادفع ثمانية آلاف وخمسمائة، وندفع لك كل أسبوع ألف ريال لمدة ثلاثة أشهر؟ هذه البطاقة هي مجرد وسيلة للتحايل على أن تكون الثمانية آلاف بتسعة آلاف وخمسمائة في الشهر الأول، بعشرة آلاف وخمسمائة في الشهر الثاني، فهي مال بمال، والبطاقة هي لمجرد التحايل على هذا المال، وهذا هو الربح المضمون الذي يمنعه أهل العلم. يقول: أخذ ولدي البالغ عمره خمسة عشر سنة سيارتي بدون إذني، ثم قادها وتسبب في إيقاع حادث أوقع ضرر بالغاً بإيش؟ المقصود: أنه أموال تقدر ما بين أربعة آلاف إلى ستة آلاف ريال، ولكن لأنني مدرس ولا استطيع دفع هذا المبلغ، وأنا غير مؤمن على السيارة، والسائق أراد مساعدتي فأحضر شاباً يعرفه لديه بطاقة تأمين وادعى أنه هو المتسبب في الحادث فتحملت شركة التأمين قيمة أضرار السيارة الأخرى، فماذا علي أنا والد ذلك الشاب، خاصة أنني مدين الآن بمبلغ ثلاثين ألف ريال؟

عليك أن تعيد هذا المبلغ للشركة؛ لأنك لا تستحقه، عليك أن تعيده، وبدلاً من أن تكون مدين بثلاثين ألف تكون مدين بخمسة وثلاثين ألف، ولا مانع من ذلك. هذا يسأل عن الطريقة المثلى للحفظ؟ هذه شرحناها في مناسبات كثيرة، وهي موجودة مسجلة في أشرطة يرجع إليها. يقول: إنني قد أخذت بعض الملازم والكتب التي يبذل فيها بعض جماعات الدعوة إلى اعتقادهم الباطل، فهل يحق لي بأن لا أردها إليهم؟ على كل حال هذه الكتب، وهذه المذكرات، وهذه الملازم التي تذكر إن ضررها بالغ بحيث يخشى على المسلمين منها، وعلى ناشئتهم فمثل هذه تتلف، وليس لها حرمة، وقد أفتى أهل العلم بإتلاف الكتب الضارة، وأنها غير مضمونة، وإن كان المخالفة فيها يسيرة محتملة فاليسير مغمور، ولا يخلو كتاب سواء كان من كتب التفسير إلا نادراً، أو الشروح، أو غيرهم من الكتب من المخالفات اليسيرة التي هي مغمورة في بحار الفوائد، نترك بقية الأسئلة. الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. الحديث الثاني: وقد قرأ بالأمس، حديث جابر، يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "وعن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- أنه سمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول عام الفتح وهو بمكة".

"يقول عام الفتح" الفتح في رمضان سنة ثمان من الهجرة "وهو بمكة" أثناء وجوده بمكة -عليه الصلاة والسلام-، والجملة حالية؛ لأن العام يطلق على جميعه من محرم إلى ذي الحجة، ومعلوم أنه لم يدخل مكة إلا في رمضان، ويصدق على الأشهر التي تقدمت هذا الشهر أنها عام الفتح، يعني لو كان هذا القول في رجب أو في جمادى أو في صفر مثلاً هي من عام الفتح؛ لأن عام الفتح سنة ثمان، لكن حدد المراد بقوله: "وهو بمكة"، ويستفاد من هذا الكلام "عام الفتح وهو بمكة" التاريخ، تاريخ الخبر، من أجل معرفة الناسخ والمنسوخ، فلو جاء ما يعارضه مما هو قبل وقت الفتح وهو بمكة، قلنا: إن هذا الحديث ناسخ له، وإذا جاء بعده ما يعارضه قلنا: إن المتأخر ينسخ المتقدم، فمعرفة تواريخ المتون في غاية الأهمية، معرفة تواريخ المتون مهمة جداً؛ ليتوصل بذلك عند التعارض إلى .. وعدم إمكان الجمع إلى القول بأن المتأخر ينسخ المتقدم، فإذا لم نعرف المتقدم من المتأخر وقعنا في حيرة إذا لم نستطع أن نوفق بين النصوص، ولزمنا أن نتوقف، وهنا حدد وقت وتاريخ الخبر.

((إن الله ورسوله حرم بيع الخمر)) الضمير في حرم مفرد ويعود إلى ما تقدم، وما تقدم مفرد وإلا مثنى؟ اثنان وإلا واحد؟ اثنان، فالأصل أن يقال: إن الله ورسوله حرما كما تقدم في حديث: ((إن الله ورسوله ينهيانكم عن لحوم الحمر الأهلية)) وهذا تقدم هذا الأصل، لكن إذا لم يُذكر إلا واحد، يقول -عليه الصلاة والسلام-: ((إن الله ورسوله حرم)) قلنا: إن الأصل أن الضمير ما دام يعود إلى أكثر من واحد، يعني يطابق ما يعود إليه، فإن كان يعود إلى اثنين ثني الضمير، وإن كان يعود إلى أكثر جمع الضمير، وهنا حقه أن يقال: "إن الله ورسوله حرما" وتقدم الحديث الذي أشرنا إليه: ((إن الله ورسوله ينهيانكم)) والتثنية وضم ضمير النبي -عليه الصلاة والسلام- إلى ضمير الله -جل وعلا- جاء ذمه في قوله -عليه الصلاة والسلام- للخطيب لما قال: "ومن يعصهما فقد غوى" فقال له -عليه الصلاة والسلام-: ((بئس خطيب القوم أنت)) والحديث في مسلم، وسبق الحديث عن الجمع بين هذا الحديث وبين قوله: ((ينهيانكم)) وأنه بالنسبة للنبي -عليه الصلاة والسلام- يجوز له أن يجمع ضميره إلى ضمير الله -جل وعلا-؛ لأنه لا يتصور منه -عليه الصلاة والسلام- التسوية بينه وبين ربه -جل وعلا-، بينما غيره لجهله أو لعدم معرفته بعظم ربه -جل وعلا-، قد يتصور منه ذلك، فاستدرك النبي -عليه الصلاة والسلام- وذمه لذلك، ومنهم من يقول: إن مقام الخطابة يحتاج إلى بسط وإيضاح وجمع الضمير خلاف ذلك، بخلاف غير الخطابة، فلا يمنع من جمع الضمائر لاختصار الكلام.

المقصود أن المعارضة بين قوله: ((ينهيانكم)) وبين قوله: "ومن يعصهما" وقول النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((بئس خطيب القوم أنت)) ظاهرة؛ لأنه جمع -عليه الصلاة والسلام-، فإما أن يقال: إن له أن يفعل ذلك -عليه الصلاة والسلام- دون غيره وهذا وجيه؛ لأنه النبي -عليه الصلاة والسلام- أعلم الناس بربه، وأتقاهم وأخشاهم له، بينما غيره ليس بهذه المنزلة، والدليل على ذلك أنه وجد في الأمة من ينتسب إلى الأمة المحمدية من جعل النبي -عليه الصلاة والسلام- بمنزلة الله -جل وعلا-، وصرف له جميع حقوق الرب -عز وجل-، وجد، فلا يمنع من أن يتطرق إلى ذهن المتكلم مثل هذا الأمر، ومثل هذا إذا وجد مثل هذا الاحتمال تحسم المادة، بينما النبي -عليه الصلاة والسلام- وهو أعلم الناس بربه وأتقاهم وأخشاهم له لا يمنع من أن يجمع ضميره إلى ضمير الله -جل وعلا-، وإذا قيل بالقول الثاني أن الخطابة تحتاج إلى بسط له وجه أيضاً، وهو مرجح عند جمع من أهل العلم. ((إن الله ورسوله حرم)) معروف في الأعراب (إن) حرف توكيد ونصب، واسم الجلالة لفظ (الله) -جل وعلا- اسمها منصوب، والواو عاطفة، ورسوله معطوف عليه منصوب، وحرّم فعل وفاعل، والمفعول بيع الخمر، والجملة من الفعل والفاعل وما بعده خبر (إن)، وهذا من باب الاكتفاء وإلا فالأصل أن يقال: إن الله حرم ورسوله حرم. (نحن بما عندنا وأنت ما عندك راضٍ) التقدير نحن بما عندنا راضون، وأنت بما عندك راضٍ، فاكتفي بأحدهما عن الآخر لعدم اللبس، وجاء في بعض الطرق: ((إن الله حرم)) دون عطف للرسول -عليه الصلاة والسلام- عليه، وفي بعض الروايات وهي في غير الصحيحين: ((إن الله ورسوله حرما)). ((بيع الخمر)) الخمر كل ما خامر العقل وغطاه من أي مادة كان، كل ما يخامر العقل ويغطيه خمر عند جمهور العلماء، وعند الحنفية لا يطلق الخمر حقيقة إلا على ما اعتصر من العنب فقط، والجمهور على أن كل مسكر خمر، كل ما يغطي العقل خمر، والمرجح في هذا قول الجمهور؛ لأن الآيات نزلت في تحريم الخمر بالمدنية، وليس فيها إلا التمر، ليس فيها عنب، فدل على أن الخمر يطلق على ما يعتصر من العنب، وعلى ما يعتصر ويستخلص من غيره حقيقة، وهذا قول الجمهور.

((بيع الخمر والميتة)) الميتة: ما مات وفارقت روحه جسده بغير ذكاة شرعية، والخنزير: الحيوان الخبيث النجس الرجس المعروف، مادته رباعية خنزر فهو خنزير، ومنه من يقول: ثلاثية من خزر، إذا أطبق جفنه الأعلى على الأسفل، وضيق نظره، إذا أراد أن يحدد النظر -هذا مجرب- يضيق العين، نعم، حتى الإنسان يفعل هذا، قالوا: خزر عينه إذا ضيقها لتحديد نظر البعيد أو الشيء الدقيق، نعم؟ والخنزير يفعل هذا، وهو معروف، والأصنام: ما يعبد من دون الله كالأوثان، ومنهم من يفرق بين الصنم والوثن بأن الصنم ما كان على صورة، والوثن: ما لم يصور على هيئة، ومنهم من يقول: الوثن ما كان مادته من الحجارة، والصنم ما كان من غيرها، المقصود أنه معروف مما يعبد من دون الله -جل وعلا-، يصور على هيئة فيكون صنماً، وعلى هذا لا يجوز بيع الخمر، لا يجوز بيعه مهما كان المبرر لشرائه، لو شخص عنده إناء خمر الواجب عليه إراقته، لكن قبل أن يريقه جاءه شخص قال: أنا أريد أن أطفأ به نار بعه علي هذه منفعة، إطفاء النار به منفعة، هل نقول: ما دام هذه العين تنفع يجوز بيعها؟ لا يجوز بيعها، "إن الله حرم بيع الخمر" فالمتعين إراقتها ولا يجوز تخليلها، يعني تحويلها من خمر إلى خل لا يجوز؛ لتنقلب عينها من ضارة إلى نافعة، ومن نجسة -عند الجمهور- إلى طاهرة بالاستحالة، لا يجوز تخليلها، وإن تخللت بنفسها جاز الانتفاع بها خلاً، لكن لا يجوز حبسها حتى تخلل بنفسها، بل الواجب المبادرة والمسارعة والمسابقة إلى إراقتها. ((إن الله ورسوله حرم بيع الخمر)) ولا يجوز بيعها لا لمسلم ولا لذمي ولا لغيرهم؛ لأن الله -جل وعلا- إذا حرم شيء حرم ثمنه، وهنا يُحرم بيعها بالنص على أي وجه كانت، ما تقول: والله هذا النصراني أو هذا اليهودي شارب شارب، شارب الخمر شارب من عندي وإلا من عند غيري، هذا ما مبرر، أنت بهذا تأكل الحرام؛ لأن الله حرم البيع في هذه الحالة. ((والميتة)) وهي ما فارقت روحها جسدها لا بذكاة شرعية فلا يجوز بيعها؛ لأنها نجسة، والعلة أيضاً عند الجمهور في منع بيع الخمر النجاسة، جماهير أهل العلم على نجاستها، وإن كان الدليل لا ينهض على القول بنجاستها إلا أنه قول جمهور أهل العلم.

والميتة نجسة فلا يجوز بيعها، والأصل في المنع من بيعها هذا الحديث، الميتة تطلق ويراد بها ما ذكرنا في حدها وتعريفها، وبهذا تشمل جميع أجزائها، فلا يباع شيء منها، لكن دل الدليل على جواز الانتفاع بجلدها المدبوغ، ((أيما إيهاب دبغ فقد طهر)) وجاء في شاة ميمونة: ((هلا انتفعتم بإهابها)) قالوا: إنها ميتة! قال: ((إنما حرم أكلها)) فإذا دبغ الجلد طهر، وإذا طهر جاز استعماله على خلاف بين أهل العلم هل يطهر ظاهراً وباطناً أو ظاهراً فقط؟ وهل يستعمل في المائعات واليابسات؟ وهذه المسألة تقدم شرحها في باب الآنية، على كل حال ((أيما أيهاب دبغ فقد طهر)) ولا كلام، إذا طهر هذا الإيهاب وجاز استعماله هل يجوز بيعه أو نقول: هو جزء من الميتة فلا يباع؟ الشعر، الظفر، والظلف وما أشبه ذلك على الخلاف بين أهل العلم هل هي في حكم المتصل أو المنفصل؟ إذا ماتت البهيمة مثلاً تنجست، صارت نجسة ما يمكن تطهيره كالجلد يطهر، الشعر والظفر هل هو في حكم المتصل أو المنفصل؟ يختلف أهل العلم في ذلك، والمرجح أنه في حكم المنفصل؛ لأنه يجوز جزه وقطعه وإبانته من البهيمة وإن كانت حية، لو كان في حكم المتصل قلنا: ما أبين من حي فهو كميتته، ومثل هذه الأمور يقرر أهل العلم شيخ الإسلام وغيره أنها لا تحلها الحياة، بدليل أنها تقطع من البهيمة ولا تحس ولا تتألم، لا تحلها الحياة الحيوانية، أما الحياة المشبهة لحياة النبات لا شك أنها فيها، بدليل أنها تطول، نعم؟ تنمو وهي على ظهر الحيوان، لكن إذا قطعت ماتت كموت النبات إذا قطع، والحياة والموت المراد به الحياة الحيوانية والموت الحيواني، أما ما يشبه حياة النبات وما يشبه موته فهذا غير مراد هنا، بدليل أن النبات يموت إذا قطع، لكن هل يقال بأنه نجس ولا يجوز بيعه لأنه ميت؟ يدخل في عموم هذا؟ لا يدخل، فالمراد بالحياة الحياة الحيوانية، هذا بالنسبة للشعر والظفر، والحنفية يتوسعون في هذا الباب، ويجعلون العظم أيضاً لا تحله الحياة، فيرون الانتفاع به بعظم الميتة، وشيخ الإسلام أيضاً يرجح هذا القول، ويضيف أيضاً الأنفحة واللبن، لبن الميتة وأنفحة الميتة كل هذا لا علاقة له بروحها، نعم؟ طالب:. . . . . . . . .

الأنفحة الكرش، كشر الجدي الصغير، نعم؟ الذي يستعمل في الجبن، ويستدل شيخ الإسلام أن الصحابة أكلوا الأجبان من البلدان التي فتحت وذبائحهم في حكم الميتة، ولو كانت نجسة ما أكلوها، فعرفنا ما في جلد الميتة وما في شعر الميتة، وظفر الميتة، وقرن الميتة، الجمهور على أنه نجس، وكذلك من باب أولى لبنها وأنفحتها، وهي إن لم تكن نجسة بذاتها فهي متنجسة، وإذا كان اللبن متجنس كيف يمكن تطهيره؟ لأنه في وعاء نجس فكيف يمكن تطهيره؟ إذا تجنس اللبن يمكن تطهيره؟ ما يمكن تطهيره، فيبقى الاستثناء للجلد إذا دبغ، والصوف أيضاً إذا جز جزاً، ولم يستأصل بالنتف؛ لأن أصوله باشرت النجاسة، فيجز جز بحيث لا يباشر النجاسة، الميتة لا يجوز بيعها، أحياناً يستفاد منها، تُجعل علف للكلاب، وعلف للطيور، تُعلف الكلاب الميتة، أقول: هل هذه المنفعة تبيح مخالفة هذا النص؟ لا تبيح مخالفة هذا النص، لا يجوز بيعها، يدخل في الميتة أيضاً جسد الميت من بني آدم، هل يجوز بيعه أو لا يجوز؟ يتصور هذا في التشريح، نعم؟ احتيج لجثة لتشريحها ورفض أهلها أن يدفعوها إلا بقيمة يجوز بيعها وإلا لا يجوز؟ لا يجوز، وجاء في السيرة أن المشركين طلبوا قتيلاً لهم ودفعوا فيه الأموال من النبي -عليه الصلاة والسلام- فدفعه إليهم دون مقابل، فالميتة على عمومها وإطلاقها لا يجوز بيعها، والخنزير ليس بمال ولا محترم، ولا يجوز أكله ولا اقتناؤه فلا يجوز بيعه.

((والأصنام)) الأصنام سواء كانت من مادة يستفاد منها، افترض أنه صنم من ذهب يعبده شخص فأسلم هذا الشخص وقال: انتهينا من عبادته هل يجوز له أن يبيعه؟ لا يجوز له أن يبعه، ومثله لو كان من خشب، أو من أي مادة كان ما دام اسم الصنم يطلق عليه لا يجوز بيعه، لكن إذا تحول اسمه من صنم إلى كسر أو قطع من رآها لا يقول: هذه صنم لا مانع؛ لأنه لم يبع صنم يعني لو أن شخصاً عنده صنم من ذهب، ثم بعد ذلك ذهب به إلى الصاغة فحولوه إلى حلي يجوز بيعه وإلا ما يجوز؟ يجوز بيعه؛ لأنه لا يصدق عليه أنه باع صنماً، وكذا لو كان كِسر من خشب، أو حول هذا الصنم من خشب إلى ماسة أو كرسي أو شيء يجوز الانتفاع به يجوز له بيعه؛ لأنه لم يبع صنم، وقل مثل الأصنام جميع ما يؤله ويعبد، ويصرف له شيء من حقوق الله -جل وعلا- كالصليب مثلاً لا يجوز بيعه. "فقيل: يا رسول الله أرأيت شحوم الميتة؟ " يعني أخبرنا عن شحوم الميتة، الشحوم يستفاد منها، كيف يستفاد منها؟ ذكروا الأوجه، أوجه الاستفادة منها، تطلى بها السفن، لماذا تطلى السفن بالشحوم؟ من أجل إيش؟ كيف؟ طالب: تسرب الماء. نعم لكي ينبو عنها الماء، فلا يشرب الخشب الماء، نعم؟ فيستفاد منها من هذه الحيثية، وتدهن بها الجلود لتلين وتنعم، ويستصبح بها الناس، شمع، الشحم هذا يتخذ مصابيح، قبل الكهرباء الناس عاشوا عليه مدد متطاولة، هو مصابيح الناس، لا شك أن هذه منافع ظاهرة "أرأيت شحوم الميتة، فإنها تطلى بها السفن, وتدهن بها الجلود, ويستصبح بها الناس?"

منافع ظاهرة، ولا فرق بين الطاهر والنجس في هذه المنافع، النجس يؤدي نفس الغرض الذي يؤديه الطاهر، نعم دخان المصباح المتنجس تكلموا فيه هل يؤثر على ما يصيبه أو لا يؤثر؟ المسألة في كتاب الطهارة، لكن هنا "ويستصبح بها الناس" لما ذكروا هذه المنافع، أجابهم النبي -عليه الصلاة والسلام- بقوله: ((لا، هو حرام)) (لا) هنا وقف لازم وإلا جائز؟ لازم، وقف لازم؛ لأنك لو سلطت النفي ((لا هو حرام)) يعني ليس هو حرام، لكن تقف وقفاً لازماً، والوقف اللازم معروف، وهو في القرآن ظاهر، {وَلاَ يَحْزُنكَ قَوْلُهُمْ إِنَّ الْعِزَّةَ لِلّهِ جَمِيعًا} [(65) سورة يونس] نعم، هذا الوقف لازم، لماذا؟ لأن قوله: {إِنَّ الْعِزَّةَ لِلّهِ جَمِيعًا} [(65) سورة يونس] ليس هو قولهم الذي يحزن النبي -عليه الصلاة والسلام-، ولو وصلنا لأوهم السياق أن الذي يحزن النبي -عليه الصلاة والسلام- قولهم: إن العزة لله وليس ... ، فيجب الوقف في مثل هذا، وهنا: ((لا، هو حرام)) يجب الوقف، أهل البلاغة عندهم واو تحل الإشكال، إذا قيل لك: تريد ماءً، ثم قلت: لا سلمك الله، عندهم لا بد أن تقول: لا وسلمك الله، نعم نقول: الوقف اللازم يحل الإشكال، وهو الذي جاءت به بالنصوص، ولا داعي لهذه الواو، قف على (لا) واستأنف ما تشاء من الكلام؛ لأنه لا يوجد في النصوص مثل هذه الواو، (لا) يعني لا يجوز، ثم أكد ذلك بقوله: ((هو حرام)) والضمير (هو) يعود على أي شيء؟ على البيع وإلا على الانتفاع؟ طالب: القاعدة: إلى أقرب مذكور؟ اللي هو إيش؟ الانتفاع؟ طالب: نعم. وهو قول الأكثر، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . هذا الشحم المتنجس. طالب:. . . . . . . . .

يجوز وإلا ما يجوز؟ تأملوا يا إخوان: "أرأيت شحوم الميتة فإنها تطلى بها السفن، وتدهن بها الجلود، ويستصبح بها الناس، فقال: ((لا)) " لما تكلم عن الميتة وأن بيعها حرام سئل عن جزها -عليه الصلاة والسلام-، وذكرت منافع هذا الجزء، إذا كان الميتة بيعها حرام فماذا عن بيع بعضها؟ لا سيما وأن منافعه ظاهرة؟ والسياق يدل على البيع، وإن كان الانتفاع في الجمل الثلاث هو الأقرب، وعلى كل حال المسألة محتملة، والأكثر على أنه يعود إلى الانتفاع؛ لأنه أقرب وأحوط، فقال: ((لا، هو -البيع أو الانتفاع- حرام)) يؤيد ما يختاره جمع من أهل العلم من أن الضمير يعود إلى البيع أول الحديث: ((إن الله ورسوله حرم بيع)) وآخر الحديث ثم قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عند ذلك: ((قاتل الله اليهود، إن الله تعالى لما حرم عليهم شحومها جملوه، ثم باعوه، فأكلوا ثمنه)) تحايلوا على ارتكاب المحرم، وغيروا الاسم والحقيقة واحدة، الحقيقة لم تتغير إنما تغير الاسم، بدل ما هو شحم جامد أذابوه فصار مائعاً سائلاً، فتغير اسمه، ثم باعوه فأكلوا ثمنه، وقالوا: ما بعنا الشحم، هم باعوا جميل، مذاب، ما باعوا شحم، فهم تحايلوا على ارتكاب المحرم بهذه الحيلة، وقد عرفوا بذلك، وقد جاء النهي عن التشبه بهم لا ترتكبوا ما ارتكبت اليهود، فتستحلوا ما حرم الله بأدنى الحيل، فهم أهل حيل، فعلوا مثل هذه الحيلة، وتحايلوا على الصيد، صيد السمك، فوضعوا الشباك يوم الجمعة فوقعت فيه الحيتان يوم السبت، واستخرجوها يوم الأحد، وقالوا: ما صدنا يوم السبت، وهم في الحقيقة تحايلوا على المحرم، وارتكبوا المحرم بهذه الحيل، ومن ذلك ما عندنا.

((قاتل الله اليهود)) يعني لعنهم، ((إن الله تعالى لما حرم عليهم شحومها جملوه)) وهكذا الحكم فيمن يتحايل لإسقاط واجب، أو ارتكاب محرم، ومشبهٌ لليهود من هذه الحيثية، وهو مستحق لهذا الوعيد كما استحقوه بسببه، بسبب هذه الحيلة، جاءت نصوص تدل على جواز بعض الحيل، أما الحيل التي يتوصل بها إلى فعل الواجب، وترك المحرم هذه شرعية، ماذا قال -جل وعلا- عن الهجرة: {إِلاَّ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَانِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلاَ يَهْتَدُونَ سَبِيلاً} [(98) سورة النساء] هؤلاء لا يستطيعون حيلة بمعنى أنهم لو استطاعوا حيلة يذمون وإلا ما يذمون؟ طالب: مفهوم مخالفة. نعم؟ طالب: مفهوم مخالفة.

ما يذمون، بل يمدحون لو يستطيعون الحيلة لفعل الواجب، يرتبكون الحيلة لفعل الواجب، أو يرتكبون الحيلة لترك محرم، وهو البقاء بين أظهر المشركين ولذا مدحوا، أما الحيل التي يتوصل بها إلى ترك الواجب أو فعل المحرم فهي حيل اليهود، هناك حيل يتوصل بها إلى الخروج مثلاً من مأزق، أو ارتكاب مباح، أو ما أشبه ذلك أمرها يسير، لكن يبقى أن الحيل التي ترتكب فيها محرمات محرمة، وفيها مشابهة لليهود، والنبي -عليه الصلاة والسلام- يقول: ((قاتل الله اليهود إن الله تعالى لما حرم عليهم شحومها جملوه، ثم باعوه، فأكلوا ثمنه)) وهم يقولون: والله ما أكلنا، ما بعنا شحم ولا أكلنا شحم، جملناه فبعنها جميلاً مذاباً، ليس بشحم هذا، وهناك حيل يرتكبها الناس وهي موجودة أيضاً حتى عند المسلمين، يرتكبون بعض الحيل لإباحة ما حرم الله -جل علا-، ويسمون الأشياء ويلبسون يسمونها بغير أسمائها، ويلبسون على الناس، وبعضهم يسعى بشتى الوسائل أن يخرج السؤال للمفتي على طريقة يلقنه فيها الجواب، وهناك من الحيل والوسائل التي يرتكبها بعض الناس عند السؤال من أجل أن يحل لهم ما حرم الله، وهذه من حيل اليهود، لا بد أن تكشف المسألة بفصها، تذكر المسألة على وجهها، وإلا ماذا يستفيد المطلق إذا أخفى صورة الطلاق وجاء يستفتي؟ لماذا جاء يستفتي في الأصل ليعاشر امرأته على الوجه الشرعي، إذاً يجب عليه أن يشرح الصورة كما هي، ولا يخفي شيئاً يؤثر في الحكم، قد يتحايل مثلاً على من يفتيه، وهنا يجب الاستفصال من قبل المفتي، قد يتحايل عليه من أجل أن يقنع الزوجة أن تعود إليه، أو يقنع ولي أمرها لكي يعيدها إليه، كل هذه حيل لا تجوز؛ لأنه يتحايل بذلك على ارتكاب ما حرم الله -جل وعلا-، ففيه مشابهة لليهود، نعم. وعن ابن مسعود -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((إذا اختلف المتبايعان وليس بينهما بينة فالقول ما يقول رب السلعة أو يتتاركان)) رواه الخمسة, وصححه الحاكم. وعن أبي مسعود الأنصاري -رضي الله عنه-: "أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نهى عن ثمن الكلب, ومهر البغي, وحلوان الكاهن" متفق عليه. نعم الحديث الثالث: يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

"وعن ابن مسعود" عبد الله بن مسعود بن غافل الهذلي الصحابي الجليل المعروف من جلة الصحابة وفقهائهم -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((إذا اختلف المتبايعان ليس بينهما بينة فالقول ما يقول رب السلعة أو يتتاركان)) رواه الخمسة، وصححه الحكم، الخمسة الإمام أحمد إضافة إلى أبي داود والترمذي والنسائي وابن ماجه، وهذا الحديث كما قال المؤلف: صححه الحاكم، وهو قابل للتصحيح، وفيه قاعدة فيما إذا اختلف المتبايعان البائع والمشتري بأن قال البائع: بعتك بألف، وقال: المشتري بخمسمائة، يقول البائع: بعتك بألف والمشتري يقول: بخمسمائة، اختلفا وليس بينهما بينة تشهد بالواقع، وإلا إذا وجدت البينة فالبينة على المدعي، واليمين على من أنكر، إذا لم توجد البينة والسلعة بيد المشتري، الآن قبضها فطلب منه الثمن فدفع خمسمائة، نفترض أن طالب علم راح إلى مكتبة وأخذ منهم كتاب، وليس عليه سعر، أو نفترض أن عليه سعر ثم ماكسه، أو يزعم أنه ماكسه فبدلاً من أن تكون بألف أخذها بسبعمائة أو ثمانمائة، والغالب في مثل هذه الأحوال أنه ما يوجد شهود، ولا يشهد عليها في مثل هذه الأحوال؛ لأن الإشهاد ليس بواجب، إنما هو سنة، لمثل هذه المنازعات، يسن الإشهاد لقطع مثل هذه النزاعات، لكن إذا لم يوجد بينة فالقول قول رب السلعة، أو يتتاركان، القول قول رب السلعة يعني يلزم المشتري بدفع ألف، أو يتتاركان هذه (أو) للتخيير كذا؟ يعني إذا لم يقبل المشتري بقول رب السلعة فإنهما يتتاركان، يعني هل يلزم المشتري بدفع الألف لأن رب السلعة قال: إني بعتك بألف؟ ومعلوم أن القاعدة فيمن يقبل قوله أنه لا بد مع ذلك من يمينه، فإذا قال البائع: والله إني بعت لك هذا الكتاب بألف ريال، يلزم بدفع الألف أو يتتاركان؟ نعم؟ يخير إما أن يدفع الألف أو يتتاركان، لكن لو رفض اليمين البائع إما أن يأخذ السبعمائة أو يتتاركان، هل يلزم المشتري ... ؟ ألزمنا البيع باليمين إذا أقدم على أن يجزم على قوله، ويكون القول قوله، لكن إذا قال: أبداً أنت .. ، إذا طلب منه اليمين من المشتري يلزم باليمين أو نقول: يتتاركان؟ لأنه ما دام الخيار إما قبول قول البائع أو الترك فالمسألة

فيها مندوحة، ما فيها إلزام لخلو المسألة عن البينة، القضية ما فيها بينة، وكل منهما مدعي وإلا مدعى عليه؟ الآن في مثل هذه الصورة أيهما المدعي؟ في مدعي وإلا كلاهما مدعي؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . كلاهما مدعي وكلاهما مدعى عليه، إذا قلنا: جانب صاحب السلعة أقوى؛ لأننا قبلنا قوله، وجعلنا القول قوله، هل يعني هذا أن قوله ملزم بقبول السلعة مع يمينه أو هناك خيار وهو التتارك؟ نقول: إذا كان الخيار التتارك ما معنى قبول قول رب السلعة ويمين رب السلعة؟ أقسم أنه باعه بألف، ثم بعد ذلك قال المشتري: أنا لا أريدها، وقلنا: إنه لا يلزم بأخذها ودفع الألف، فما معنى قبولنا قول رب السلعة مع يمينه؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . طيب. طالب:. . . . . . . . . انتهينا من هذا، لكن إذا كان الخيار الترك، الخيار الثاني، افترضنا أن صاحب السلعة قال: إني بعتك بألف، وقبلنا قوله بيمينه وأقسم على ذلك، نعم، وأنها بألف لا سبعمائة، والخيار للمشتري أنه يترك ما معنى قبول قول رب السلعة؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . يعني إذا كان السلعة قائمة؟ يعني ينفع التتارك فيما إذا كانت السلعة قائمة، أما إذا كان المشتري قد استهلك هذه السلعة، نعم اشترى كتاب مثلما صورنا، واختلف في القيمة هذا تصرف في الكتاب، كتاب أهداه لغيره، أو تلف منه، أو سرق يلزم بدفع ما يقوله رب السلعة مع يمينه؛ لأنه جاء في رواية: "أو يترادان" وجاء عند ابن ماجه في رواية: "والمبيع قائم بعينه" أما إذا استهلكت السلعة فنلجأ إلى قول رب السلعة، إذا كانت قائمة يتتاركان إذا كانت مستهلكة يلزم المشتري بدفع ما يقوله رب السلعة مع يمينه.

يقول: "وعن أبي مسعود الأنصاري" أبو مسعود عقبة بن عمرو البدري الأنصاري، ينسب إلى بدر؛ لأنه نزلها، وإن لم يشهد الوقعة عند الجمهور، وإن قال البخاري: إنه شهدها، -رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "نهى عن ثمن الكلب، ومهر البغي، وحلوان الكاهن" ثمن الكلب: والكلب يشمل جميع أنواعه، المعلم وغير المعلم، لكن هل يختص بالفصيلة المعروفة من الكلاب، أو يتناول بقية السباع؟ كالأسود مثلاً؟ نعم؟ نهى عن ثمن الكلب يتناول جميع السباع أو يختص بالكلاب الفصلية المعروفة؟ جاء في الحديث: ((اللهم سلط عليه كلباً من كلابك)) فأكله الأسد، فدل على أن الأسد كلب، يدخل وإلا ما يدخل؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . يعني الكلب المعهود المعروف بين الناس؟ لا شك أن له أحكاماً تخصه، الكلب، وجاء التشديد في نجاسته، وفي اقتنائه مما يد على أن غيره بخلافه، فيكون النهي خاص بالكلب المعروف.

"نهى عن ثمن الكلب" ومن لازم النهي عن ثمنه تحريم البيع، سواء كان معلماً أو غير معلم، "ومهر البغي" الزانية ما تأخذه في مقابل الزنا، فيطلق عليه مهر من باب التوسع، وإلا فهو ليس بمهر؛ لأن المهر يستباح به البضع على الوجه الشرعي، هذه حقيقته الشرعية، لكن هذا من باب التوسع؛ لأنه مشبه للمهر، يأخذه ليدفعه في مقابل البضع، نهى عن مهر البغي، فالبغي لا تستحق هذا المهر، لا تستحق هذا المهر، وإن أُلزم الزاني بأرش البكارة مثلاً والحد مهر البغي هذا قد يوجد شخص يستدرج امرأة مثلاً، وهذه المرأة مسألة مفترضة في امرأة عفيفة، وهو يعرف هذا الحديث، هذا الخبيث يعرف هذا الحديث، فيقول لها: هذا مبلغ كبير من المال افترض مليون ريال مثلاً لما سمعت هذا المبلغ وافقت، ولما انتهى قال: مهر البغي خبيث، ونهي النبي -عليه الصلاة والسلام- عن مهر البغي، وأنت لا تستحقين المهر، فلا شيء لك عندي، كلامه صحيح وإلا باطل؟ هي لا تستحقه لأنه خبيث، ونهى عنه النبي -عليه الصلاة والسلام-، لكن يعزر بتفويته عليه لأنه بذله بطوعه واختياره، وإلا لو لم يكن ذلك لحصل الإغراء بأكثر من هذا، ظاهر وإلا مو بظاهر؟ هي لا تستحقه لأنه خبيث؛ ولأن النبي -عليه الصلاة والسلام- نهى عنه، وهو أيضاً يفوت عليه، ويعزر بتفويته عليه؛ لأنه بذله بطوعه واختياره، ونقول مثل هذا فيمن عقد صفقة ربا، احتاج مبلغ من المال، وقال: أنا لا أريد أن استدين ديناً يقره الشرع، ويلزمني بالزيادة، الله -جل وعلا- يقول: {وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ} [(279) سورة البقرة] هذا المرابي لا يستحق إلا رأس ماله، فأخذ مائة ألف بمائة وعشرين ألف لما حال الحول دفع مائة، وقال: أنت لا تستحق الزيادة، وكلاهما مخالف وعاصي وآثم ومحارب لله -جل وعلا-، فصاحب المال لا يستحق الزيادة ليس له إلا رأس ماله، والدافع الباذل يفوت عليه هذا المبلغ تعزيراً له، وإلا بمثل هذه الحيل ما يستقيم أمر.

((وحلون الكاهن)) الكاهن الذي يدعي علم المغيبات، ويدعي معرفة أماكن الضوال والمسروقات، ويأخذ على ذلك أجرة، هذا هو حلوان الكاهن، ما يأخذه من أجرة على كهانته، أيضاً لا يجوز له ذلك؛ لأن عمله محرم، وما نتج عن المحرم فهو محرم، وسمي حلوان، وهو في الأصل أجرة، قالوا: لأنه حلو، جاء من غير تعب ولا مشقة، لأنه جاء من غير تعب ولا مشقة فقيل له: حلوان، فمثل هذه الأمور التي تدفع يدفعها الإنسان في أمور محرمة بطوعه واختياره وإن كان صاحبها لا يستحقها شرعاً إنما تفوت عليه؛ لأنه بذلها مختاراً طائعاً، ويتخلص منها، وتكون في المصارف الدنيئة الوضيعة، وتصرف بها على سبيل التخلص فيشترى بها أعلاف حيوانات، وإلا مجاري وتصريف، وإلا دورات وما أشبه ذلك، ما هو دورات علمية، دورات قضاء الحاجة، نعم؟ لأنه أموال خبيثة لا تناسب، ((إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً)) ولذا قال: ((أطعمه ناضحك)) فإذا اشتري به أعلاف خف الأمر؛ لأنه ليس بكسب طيب، والله -جل وعلا- طيب لا يقبل إلا طيباً، نعم. وعن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- أنه كان على جمل ... يسير، كان يسير ... طالب: نعم يا شيخ؟ أنه كان يسير على جمل. طالب: إي هذه في نسخة أخرى بعده في يسير. نعم. طالب: نقرأ المثبت؟ إيه اقرأ، اقرأ. عفا الله عنك. وعن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- أنه كان على جمل له أعيا، فأراد أن يسيبه، قال: فلحقني النبي -صلى الله عليه وسلم- فدعا لي، وضربه، فسار سيراً لم يسر مثله, قال: ((بعنيه بوقية)) قلت: لا، ثم قال: ((بعنيه)) فبعته بوقية, واشترطت حملانه إلى أهلي, فلما بلغت أتيته بالجمل فنقدني ثمنه, ثم رجعت فأرسل في أثري، فقال: ((أتراني ماكستك لآخذ جملك? خذ جملك ودراهمك فهو لك)) متفق عليه, وهذا السياق لمسلم. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

"وعن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- أنه كان يسير على جمل له قد أعيا" يعني تعب وكل عن السير، فتخلف عن القوم، فأراد أن يسيبه، أراد أن يتركه؛ لأن مثل هذا الجمل بدلاً من أن يستفاد منه الراحة بركوبه ولحوق القوم صار يعوقه عن لحوق القوم، وهو بدونه أفضل، أراد أن يسيبه، فما الذي حصل؟ قال: "فلحقني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فدعا لي" دعا له لشخصه، وضربه، ضرب الجمل، فسار سيراً لم يسر مثله، فقال: ((بعنيه بأوقية)) بعد أن ضربه فسار سيراً لم يسر مثله، وهذا هو النصح وإلا بإمكانه أن يقول: بعنيه قبل ضربه؛ ليكون الثمن أقل، يعني لو ما أراد أن يسيبه، لو قال له النبي -عليه الصلاة والسلام-: "بعنيه بربع أوقية" باعه، لكن ماذا صنع المصطفى -عليه الصلاة والسلام- الناصح؟ وهذا تشريع لأمته -عليه الصلاة والسلام-، ومبالغة في النصح ضربه فسار سيراً لم يسر مثله، فقال: ((بعنيه بأوقية)) قلت: لا" يعني يستحق أكثر، "ثم قال: ((بعنيه)) فبعته بأوقية" أن تعرض السلعة يعرضها صاحبها كالسيارة مثلاً، وفيها علة وصاحبها لا يعرف ما هذه العلة، يتمنى أن يتخلص منها بأقل الأسعار، فيأتي صاحب الخبرة ويقول: بعنيها بكم بعشرة آلاف نصيبك، هذه السيارة أتعبتنا وكذا، المشتري يعرف أن المسألة والعلة هذه مجرد سلك منفصل، أليس من النصح وتطبيق هذا الحديث أن يشبك السلك وتمشي السيارة وتسيراً سيراً حسناً ثم يشتريها بعد ذلك؟ أو يشتريها قبل ربط السلك؟ يشتريها بعد ربط السلك هذا تمام النصح، وهذا تطبيق هذا الحديث، بعض الناس حتى من طلبة العلم يأتي إلى مكتبة واحد من زملائه فيجد كتاب من أنفس الكتب، لكن ناقص مجلد والمجلد هذا عنده، عند هذا الأخ الداخل، ما تبيع عليه الكتاب الناقص المخروم بدلاً من أن يقول: بألف خذه بمائتين بثلاث مائة، لكن لو قال: هذا الكتاب يكمل نسختك فلما كمُلت قال: بعنيها تمام النصح هنا، لكن هل يلزم هذا النصح لا يلزم؟ لكن ينبغي أن يفعله الناس المسلمون اقتداء بنبيهم -عليه الصلاة والسلام-، الآن الذي يفعله كثير من الناس ضد هذا تماماً، يأتي صاحب السيارة التي فيها علة لا يعرفها هو إلى صاحب الورشة، ثم يفحصها ويتبين له أن المسألة سلك،

فبدلاً من أن يربطه فيقول له صاحب السيارة: أنت ما عملت شيء خذ عشرة، عشرين، وانتهى الأشكال، يقول: تأتيني بعد ثلاثة أيام، المسألة تحتاج، معضلة هذه، ليست علة يسيرة، ومجرد ما ينصرف يربط ها السلك وتشتغل ويحبسها ثلاثة أيام على شان يطلب مبلغ كبير، ويظهر لصاحب السيارة أنه تعب عليها، هل هذا من النصح؟ هذا غش هذا، وأكل أموال الناس بالباطل، وأنت مؤتمن على هذه الصنعة، فعلى المسلم أن يكون ناصحاً، فإذا كان شيء يسير، يعني صاحب سيارة أجرة يطلب منه بعض الناس أن يوصله إلى المحل الفلاني، المحل الفلاني أمتار عنه ليس ببعيد، لكن لو ركب معه أمتار قال: هذه خمسة والسلام عليكم، دار به، لف به البلد أكثر من مرة، ثم وصله إلى نفس المكان، على شان إيش؟ يطلب مبلغ يستحق التعب، فاعل هذا الفعل هل طبق ما جاء في هذا الحديث؟ لا، فأراد أن يسيبه قال: فلحقني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فدعا لي، وضربه فسار سيراً لم يسر مثله، كان ربطت السلك ومشت السيارة مضبوط وسم، تعرف أن المسألة سلك ما هي بشيء، ما يبي قطع، وما يبي شيء أبداً، يقول: والله يا أخي احتمال تكون مكينة وإلا جير وإلا شيء، والله يا أخي أمر عظيم، يمكن ما مر علينا مثل هذا، المقصود أن مثل هذا ينبغي أن يكون هو السائد بين المسلمين، لا سيما طلبة العلم. فقال: ((بعنيه بأوقية)) والوقية: أربعون درهماً، "قلت: لا" ما دام ما في علة، ويمشي قدام الناس، صار يمشي قدام الناس مثل جمل ابن عمر، نعم، "قلت: لا" هل قوله: لا فيه معصية لله -جل وعلا- لأنه رد طلب النبي -عليه الصلاة والسلام-؟ أو المسألة عقود بيع وشراء والبيع عن تراضٍ؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . هل هذا ملزم لصحابي أن يبيع للنبي -عليه الصلاة والسلام-؟ لا هذا بيع وشراء والبيع عن تراضي، هذا تشريع، فقال: لا، ولذا ما ذمه، ولا ثرب عليه أحد.

"قلت: لا، ثم قال: ((بعنيه)) فبعته بأوقية" وليس في هذه حجة لمن له سلطة أن يلزم من تحت يده على أن يبيعه ما يريد بما يريد؛ لأن بعض الناس يولى أمر من الأمور، ثم يتسلط على من تحت يده، شاف عنده سيارة زينة، قال: هذه ما تصلح إلا لنا بعنيها، مسكين جانبه ضعيف، يخشى على وظيفته، يخشى على مستقبله، يبيع، أو يذكر عنده بنت متميزة وإلا شيء يقول: زوجنيها من واقع هذه المسؤولية. النبي -عليه الصلاة والسلام- ليس لهذا، قال: ((بعنيه بأوقية)) لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- في الأخير: ((أتراني ماكستك لأخذ جملك؟ )) ليس هذا هو المقصود منه -عليه الصلاة والسلام-، إنما يريد إكرام جابر، فقال: ((خذ جملك ودراهمك)) يعني ما في بأس أن يقول المدير بعني سيارتك بخمسين ألف، وهي تستحق مائة ألف ثم يقول له: والله ما أنا ببايعك، إلا بعنيها ثم يعطيه الخمسين والسيارة طيب، "ثم قال: ((بعنيه)) فبعته بأوقية، واشترطت حملانه إلى أهلي" بيع وشرط، وجاء النهي عن بيع وشرط، وحمله الأكثر على أنه الشرط الفاسد، وحمله بعضهم على عمومه أنه لا بد من أن ينفصل البيع عن الشرط، يبرم عقد البيع، فإذا انتهى عقد البيع أجره إياه، أو طلب منه أن يركبه أن يعيره ظهره فلا مانع، يجيب بعضهم عن هذا الحديث ممن لا يجيز الشرط مع البيع، يقول: إن هذا ليس على سبيل العقد والإلزام، بدليل أن النبي -عليه الصلاة والسلام- ما كان في نيته أن يشتري الجمل، إنما أراد إكرام جابر، وهذه قضية عين لا يقاس عليها، هذا تفضل من النبي -عليه الصلاة والسلام-، والجمل والثمن كله لجابر، والحديث لفظه صريح "اشترطت حملانه" وإذا كان في علم النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه يريد رد الجمل والثمن، فإن هذا لم يكن في علم جابر، وهو الطرف الآخر، يعني لو كان في علم الطرفين على حد سواء أنه مجرد إكرام وليس بعقد قيل مثل هذا الكلام، لكن جابر جازم بأنه باع الجمل، واشترط الحملان، والاشتراط ظاهر. يقول: "فعبته بأوقية واشترطت حملانه إلى أهلي" فدل على جواز اشتراط مثل هذا، ويجاب عن الحديث الآخر بأنه محمول على الشروط الفاسدة.

"واشترطت حملانه إلى أهلي فلما بلغت" يعني بلغت منزلي وأهلي "أتيته بالجمل، فنقدني ثمنه" الأوقية ثم رجعت بالثمن بعد أن سلم الجمل، "ثم رجعت فأرسل في إثري" أو أثري "فقال: ((أتراني)) أتظنني بضم التاء ((أتراني ما كستك لأخذ جملك؟ )) المماكسة المقاولة والمحاولة من أجل تخفيض الثمن، بأن يقول: البائع: بعتك بألف، ويقول المشتري: بخمسمائة، بستمائة هذه مماكسة، ولا بأس بها، ولا تبرر .. ، لا يبرر جواز المماكسة رفع الأسعار من قبل التجار؛ لأن بعض التجار يرفع السعر أضعاف، يقول: الناس ما يقبلون بالسعر الحقيقي، يقول: لو قلت هذه السلعة بمائة قال: بثمانين، فلازم أقول: مائة وعشرين مائة وخمسين على شان يقول: مائة، هذا ليس بمبرر رفع الأسعار، ومع الأسف أنه يوجد في أسواق المسلمين من يرفع السعر عشرة أضعاف، ليأتي من يقول: خفض، أو يرفع عشرة أضعاف ويقول: تخفيضات هائلة خمسين بالمائة، فيزدحم الناس على محله ويشترون منه، وهذا أكثر ما يوجد في السلع التي يحتاجها النساء، والمسترسلون من الرجال، بعض الناس يغتر بالتسعير، يعني هل يتصور أن يكتب على متر القماش في محل بمائة وخمسين ومحل آخر بعشرة نفس القماش؟ هل هذا من النصيحة للمسلمين؟ حجة الذي رفع السعر يقول: لو أقول: بعشرة ما أشتراه الناس يقولون: رديء، اشتري جيد وسعره بالسعر المناسب، أما هو رديء بالفعل لما يكون في مقابل قيمة المائة والخمسين، هو رديء بالنسبة للمائة والخمسين، وهذا لا يبرر مثل هذا التصرفات أبداً، فعلى المسلم أن يحرص على طيب الكسب، ولا يخفى أثر طيب الكسب على إجابة الدعوة ((أطب مطعمك تكن مستجاب الدعوة)) "وذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء: يا رب يا رب، ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وغذي بالحرام، فأنى يستجاب له" يعني إذا كان يتقلب الإنسان في الحرام كيف يستجاب له؟ والإنسان بأمس الحاجة إلى إجابة دعوته، فكيف نرجو إجابة دعوة، وهذه التصرفات موجودة بيننا، فضلاً عن المحرمات الصريحة التي فيها الأضرار، نعم يوجد في البلد مغفلون، ويوجد من يحكم على جودة السلعة من خلال سعرها، لكن لا يبرر هذا أننا نرفع الأسعار لنغرر بالناس أن هذه السلع جيدة، ونسوق بهذه

الطريقة، شخص يأتي لأمرته بقماش من إحدى الدول المجاورة المتر بعشرة دراهم، فقال لها: المتر بثلاثمائة درهم، من باب أن الكذب على المرأة فيها سعة، شكرت الزوج، وفصلت الثوب، وحضرت به مناسبة، واجتمع عليها النساء نريد مثل هذا، نبي مثل هذا، ورجعت بالشنطة مملوءة بالدراهم وصايا، أحرج الرجل شاريه بعشرة دراهم، اشلون بيأخذ هذه الألوف، أخبرها بحقيقة الحال فدعت عليه، وشنعت عليه، لماذا؟ لأنه أحرجها بين الناس أن تحضر هذه المناسبة بهذا الثوب الرديء، كان جيد الثوب لما كانت قيمته عالية، أنا أقول: كل هذه التصرفات لا تبرر رفع الأسعار، مهما قلنا، لا تبرر رفع الأسعار، وعلى المشتري أن يكون نبيهاً لا يؤخذ على غرة، ويخاطب بهذا النساء قبل الرجال. يقول: "فلما بلغت أتيته بالجمل فنقدني الثمن، ثم رجعت فأرسل في أثري فقال: ((أتراني ما كستك؟ )) يعني يوجد في المتسوقة في الشوارع ممن يبيع الطيب أو يبع العسل، أو يبع كذا، يرفع الثمن أضعاف مضاعفة، لكن بعض الناس يأخذ بنصف ما يقال، وبعض الناس بالربع، وبعضهم بالعشر، وصاحب السلعة كسبان، فعليهم أن يتقوا الله -جل وعلا- في المسلمين، لا يستغفلوا المسلمين، ولا يستغروهم، ولا يأكلوا أموالهم بمثل هذه الحيل. ((أتُراني ماكستك لأخذ جملك؟ خذ جملك ودراهمك فهو لك)) والحديث في الصحيحين، نعم. وعنه -رضي الله عنه- قال: "أعتق رجل منا عبداً له عن دبر، ولم يكن له مال غيره، فدعا به النبي -صلى الله عليه وسلم- فباعه" متفق عليه. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

"وعنه" يعني عن جابر صحابي الحديث السابق "قال: أعتق رجل منا" يعني من الأنصار "أعتق رجل منا عبداً له عن دبر" يعني علق عتقه بوفاته، قال: إذا مت فأنت حر، ويسمى المدبر، "لم يكن له مال غيره" المدبر المعلق عتقه بالوفاة حكمه حكم الوصية، التي لا تثبت إلا بالموت، فيجوز بيعه في حال الحياة، كالمال الموصى به بعد الوفاة؛ لأن للموصي أن يتصرف في حال حياته؛ لأن العقد لم يثبت وليس بملزم؛ لأنه معلق بالوفاة، فقبل الوفاة له أن يزيد من النسبة أو ينقص، أو يبيع ما يحتاج إليه، وله أن يغير، أوصى بهذه الدار ثم غيرها، أوصى بالثلث ثم نقص منه إلى الربع وهكذا، ما دام الشرط ما تحقق فله أن يتصرف. "أعتق رجل منا عبداً له عن بدر لم يكن له مال غيره" فكأنه أوصى بجميع ماله، والوصية لا تنفذ إلا بالثلث فأقل، حديث سعد: "أتصدق بجميع مالي؟ بثلثي مالي؟ بنصف مالي؟ بثلث مالي؟ قال: ((الثلث، والثلث كثير)) "لم يكن له مال غيره" هذا جميع ماله، جميع ما يملك "فدعا به النبي -عليه الصلاة والسلام- فباعه" لأنه ليس له أن يوصي، لكن لو أعقته عتقاً منجزاً، كما لو أوقف الدار، وهو لا يملك غيرها، هذا يختلف الحكم، النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: ((من يشتريه؟ )) فاشتراه نعيم بن عبد الله النحام، أو ابن النحام، بثمانمائة درهم، فدفعها إليه، قال: أنت أحق به منه، أنت أحق بهذا المال ما دام لا تملك غيره، فهذا المدبر حكمه حكم الوصية يجوز التصرف به قبل الموت، لا سيما إذا دعت الحاجة إلى ذلك، كما في هذا الحديث. اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

كتاب البيوع (3)

بلوغ المرام - كتاب البيوع (3) تابع: باب: شروطه وما نهي عنه منه الشيخ: عبد الكريم الخضير السلام عليكم ورحمة الله وبركاته هذه ورقة فيها أكثر من بضعة عشر سؤالاً، الإجابة عنها يتعذر؛ لأن الأسئلة كثيرة، وإجابتها تطول، ولعل صاحبها أن يسأل على جهة الاستقلال، ويُجاب بخصوصه؛ لأن في أسئلة قد لا تهم السامعين، ولا علاقة لها بالدرس، وفيها أسئلة قوية وجيدة. يقول: ما حكم شراء الدش الخاص بقناة المجد، والذي سعره ثلاثمائة ريال، وذلك لأنه ليس خاص بقناة المجد. . . . . . . . . المعلوم أن حقوقهم محفوظة، ودشهم بسعر ألف وثمانمائة ريال، وهذا ليس لهم، فما حكم شرائه. . . . . . . . .؟ هم يمنعون من شراء مثل هذا، يمنعون، ولا يبيحون أحداً أن يستعمل قناتهم بواسطة هذا الدش، وعلى كل حال الكلام في القناة رُدد مراراً، وقلنا مراراً: إن السلامة لا يعدلها شيء، والأصل عدم هذه المحدثات كلها، لكن المبتلى بما هو شر منها فارتكاب أخف الضررين أمر مقرر في الشرع، الذي عنده دشوش إباحية، أو فيها برامج محرمة ظاهرة التحريم هذه لا شك أنها أخف منها، وهذه فيها ما فيها من تمكين النساء في بيوتهن من رؤية الرجال الذين يخرجون في هذه القناة، فضلاً عن غيرها على وجه يتجملون فيه بحيث يكون بعضهم فتنة لبعض النساء، وقد وجد. . . . . . . . . الرسائل في الجوالات، تجعل الإنسان يتحرى في مثل هذا الباب، ويحتاط لأهله ونسائه وبناته، على كل حال النساء لا يخرجن في هذه القناة البتة، ففتنة الرجال مأمونة، لكن تبقى فتنة النساء بالرجال، ومثل ما قلنا: إن الرجل المبتلى بقنوات إباحية أو قنوات مشتملة على أمور بينة التحريم هذه خير ما يرى من هذه القنوات، وارتكاب أخف الضررين الذي لا يستطيع أن يضبط نفسه أو يضبط أولاده ارتكاب أخف الضررين أمر مقرر في الشرع، وفيها برامج نافعة، وفيها دروس علمية، لكن يبقى أن الأصل أن ما عند الله لا ينال بسخطه، تريد علم شرعي، تريد توجيه، تريد .. ، لكن فيه دخن، ومثلما قلنا: إن المبتلى هذا خير ما يرى في هذا الوقت، والله المستعان.

وبالنسبة لاستعمال الدش الخاص بهم، يقول: الخاص بهم وسعره ثلاثمائة، لا ما هو بخاص بهم، هذا فيه كل القنوات، لكن الذين يبيعونه يشفرونه على قناة المجد، ويجلونه خاص بها، وبالإمكان إذا كان الشخص حريف ويفهم هذه الشغلة، أو عنده ممن يفهم من الأطفال، وطفل عمره عشرة سنوات في السنة الخامسة أو الرابعة الآن يشفر لك ما تريد، يخرج لك ما تريد من القنوات، يبرمج لك اللي تبي، فالمسألة لا يمكن ضبطها وإحكامها، نعم الدش الخاص بهم لا يأتي عن طريقه إلا قنواتهم، إضافة إلى أنهم لا يبيحون استعمال هذه الدشوش التي يزعم بائعوها أنها خاصة بهم، وحفظ عنهم في مناسبات أنهم يحرجون على استعمال قنواتهم من خلال هذه الدشوش التي تباع من غير وكلائهم، اللهم إلا إذا كان الإنسان لا يستطيع بذل المبلغ الكامل ألف وثمانمائة فهم يتسمحون في مثل هذا، من باب بذل العلم النافع على حد زعمهم ورأيهم، على كل حال المسألة معروف حكمها، والورع معروف والتحري والتثبت بابه لا يخفى على أحد. يقول: ما حكم تعليق الآيات القرآنية على الجدران، ووضعها في براويز على المكاتب؟ في فتوى من اللجنة الدائمة بالمنع. يقول: قصدي من السؤال عن النظام النقدي أن أتبين إن كان هناك إشكال من ناحية شرعية في كون الريالات غير مربوطة بسلعة أو بذهب أو فضة، وإنما هي أوراق ذات قيمة متعارف عليها، فهل في هذه الريالات أو الأوراق شبهة؟ هي ليست من الذهب أو الفضة المنصوص عليها في الربويات، لكنها باعتبار علة النهي والتحريم في التفاضل والنسا في الذهب والفضة عند أهل العلم النقدية، والعلة هذه مطردة في العملات الأخرى، فيجري فيها الربا كجريانه في الذهب والفضة. يقول: كيف نقول: متفق عليه وهذا السياق لمسلم، ومن المعلوم أن البخاري كتب الأحاديث قبل مسلم؟ مرادهم بهذا الاصطلاح "متفق عليه" أن يكون الحديث مخرجاً في الصحيحين من طريق صحابي واحد، فإذا نص على أن مسلم له اللفظ، فالبخاري له المعنى والعكس، وإذا كان الحديث مروي بالمعنى عن طريق الصحابي نفسه فهو الحديث نفسه؛ لأن الرواية بالمعنى جائزة عند الجمهور.

حينما يقول -صلى الله عليه وسلم-: ((قاتل الله اليهود)) هل نأخذ من هذا أن كل من عمل هذا العمل قاتله الله؟ هو معرض نفسه لهذه الدعوة. يقول: هل يجوز اشتراط منفعة أثناء البيع من الحديث مطلقاً يعني حديث جابر، حيث من الممكن أن أشترط بيع جمل وأن آكل من لحمه مثلاً؟ جاء في الحديث النهي عن الثنيا إلا أن تُعلم، فإذا بعت هذا الجمل واشترطت على صاحبه تعرف أنه بيذبح الجمل اشترطت عليه كيلو من لحمه إذا ذبحه، هذه ثنيا وهي معلومة، نهى عن الثنيا إلا أن تُعلم، أما إذا كان يشتريه للقنية، للحمل والركوب، ثم تشترط كيلو من لحمه! ما يتسنى هذا. هذا سؤال مهم يقول: يلاحظ على بعض الإخوان من طلاب العلم الذين عليهم أمارات الحرص على التحصيل ومتابعة الدروس والجثي بين يدي الشيوخ بعض التصرفات التي لا تليق بطالب العلم مثل مد الرجلين تجاه الشيخ .... المسألة متصورة إذا كان الشيخ جالس على الأرض والطالب أمامه ومادٍ رجليه على الشيخ، نعم، أو مادٍ رجليه على المصاحف، أو على كتب العلم، أو تارك كتب العلم في طريق الناس، بحيث يمرون من فوقها، أو يدسونها أحياناً مثل هذه التصرفات على طالب العلم أن يتحاشاها بقدر الإمكان، لكن إذا كان هناك حاجة، رجل في أرجله أو في رجليه ألم في الركب لا يستطيع أن يثنيها باستمرار فله أن يمدها، وهذه الحاجة تقدر بقدرها، ويحرص على ألا يكون في مقابل الشيخ مباشرة مثل هذا، يحيد عنه يمنة وإلا يسرة، وكذلك على طالب العلم أن يحترم من هو أكبر منه سناً، ومن هو مثله في السن، فالاحترام ينبغي أن يكون متبادلاً، وأن يسود بين الإخوان. هذا يقول: إذا أراد شخص أن يشتري خمراً فيريقها لكي لا يصل ضررها إلى الناس، فما الحكم في ذلك؟ إذا كان هناك شخص يبيع الخمر ويستعمله ويبيعه لمن يشربه، فأراد شخص أن يشتريه ليستنقذه، ويكفي الناس شره، لا شك أن المشتري مأجور على هذه النية التي يخلص بها الناس من هذا الشر العظيم، والبائع آثم. يقول: هل يجوز استخدام أي جزء من حيوان الخنزير مثل الشحم الذي يساعد في نمو الشعر؟ شحمه نجس نجاسة عينية، لا يمكن تطهيره، ومزاولة النجاسات لا تجوز، فرق بين النجس والمتنجس.

هذا يقول: شخص فتح المحل ليترزق منه، وجاب الأغراض المعدة للبيع الحلال، وجاب العامل على كفالته وقال: اشتغل في المحل بع واشترِ، وفي نهاية كل شهر تعطيني ألف ريال، ولو بعت بمائة ألف، لا تطيعني إلا ألف، فهل عملي هذا جائز ومباح؟ أم أنا غلطان أفيدوني بارك الله فيكم؟ الآن الأغراض لصاحب المحل الذي هو الكفيل، هذا الذي فهمت من السؤال، يقول: فتح محل ليترزق وجاب الأغراض المعدة للبيع، البضائع جابها صاحب المحل، وجاب عامل، وقال: بع من هذه الأغراض ما شئت ولو بعت بمائة ألف لا تعطيني إلا ألف إيش معنى هذا الكلام؟ هل هذا الكلام حقيقي بمعنى أنه لو قال من يسوم ها المحل بجميع ما فيه، وباع جميع محتوياته خلال شهر، وأعطاه ألف وأخذ الباقي، يرضى صاحب المحل أو هذا كلام استهلاك؟ هذا الكلام لا حقيقة له، إنما يريد أن يستدرج العامل، وإلا ما يمكن أن يجعل بضاعة بمائة ألف ويقول للعامل: تصرف فيها وبع من غير قيد ولا شرط على أن تصفي لي ألف في الشهر، افترض أن البضاعة انتهت في شهر، هذا لا يجوز، مثل هذا لا يجوز؛ لأنه يعرض الطرفين للخصومة والنزاع، ولم يرضَ صاحب المحل بهذا، وإنما جاء بمثل هذا الكلام ليستدرج العامل، أما إذا كان بيعه احتمال أن يبيع في شهر بألف وفي شهر بألف ومائتين، وفي شهر بألف وثلاثمائة، شهر ألف وخمسمائة، دارساً تجارته، نعم؟ وأنه يريد ما زاد على الألف أجره لهذا العامل أيضاً العقد ليس بصحيح؛ لأنها أجرة مجهولة، احتمال أن تكون الأجرة أكثر مما اشترط، واحتمال أن تكون أقل، واحتمال ألا يبيع العامل إلا بثمانمائة فيتضرر، فالعقد على الوجهين ليس بصحيح.

نريد مثالاً على التحايل المباح، لو أن شخصاً استعار كتاب من زميله، استعاره عارية، قال: أعرني كتابك فيه تعليقات حضرت فيها الدروس أنا أريد أن أنقل هذه التعليقات على نسختك، فقال: تفضل خذ الكتاب، ثم بعد مدة طالبه به، بعد أسبوع، عشرة أيام، شهر، غلب على ظنه أنه انتهى من نقل التعليقات فطالبه به، فقال: ما عندي لك شيء، وليس ثم بينة، فقال: ما دام الكتاب كتابك، وعليه تعليقات أعرني إياه لأنقل تعليقاتي على نسخة ثانية، هذه حيلة، ثم بعد ذلك لما مكنه منه قال: هذا كتابي اصنع ما شئت، هذا تحايل على كتابه، أو جعل واحد يستعيره مثلاً بطريقة أخرى، يستعيره منه، فيأخذ منه كتابه بهذه الطريقة، وإذا كان الكتاب لا شبهة في عدم انتقال الملك منه، فلا شيء في ذلك، هذه حيلة مباحة لاستخراج الحق. يقول: ذكرتم في حديثكم عن بيع الخمر أنه يجوز الانتفاع به وبيعه إذا تحول إلى خل؛ لأن علة التحريم الخمر هي النجاسة، فهل يسوغ لنا أن نقول بنفس هذا القول في لحم الخنزير؛ لأنه في الدول الكافرة يوجد هناك مزارع للخنازير، ويتم الاعتناء بلحومها بحيث تكون كما يزعمون خالية من الأمراض والنجاسات، هذه المسألة قد وردت علينا في دراستنا للطب البيطري؟ أصل المادة -مادة الخمر- أصل المادة التمر والعنب والشعير والزبيب، أحياناً العسل، مواد مباحة، طرأ عليها التحريم لما انتابها من تغير، وزال هذا التغير، فتعود إلى أصلها، أما الأصل في الخنزير ليست مادته مباحة في الأصل ثم طرأ عليها ... ، الأصل فيها التحريم والنجاسة العينية، فمهما صنع فيها، مهما عمل فيها لا تطهر بحال من الأحوال. يقول هذا: ما هو بيع الغرر؟ سيأتي في حديث، يرد -إن شاء الله تعالى- اليوم. يقول: ما هو الصحيح في تحريك السبابة في التشهد؟ نقول: ترفع السبابة عند لفظ الشهادة، وتحرك عند الدعاء، وما عدا ذلك تبقى ثابتة. يقول: ما حكم الاكتتاب في بنك البلاد؟

هذا ذكرناه مراراً أن حكم الاكتتاب فيه مثل حكم الاكتتاب في بنك الراجحي، وكلهم أهل تحري وتثبت، ولا يقدمون على محرم، وعندهم لجان شرعية متثبتة متحرية، لا يمكن أن يقدموا على عقد محرم، إقدام، أم كونه يرد عليهم مما لا يقصدونه من الأمور المحرمة بحكم ارتباطهم ببنوك أخرى داخلية وخارجية، لا شك أن هذا يورث شبهة، ولا بد من التخلص من هذه النسبة، أما الإقدام على المحرم ولو كانت نسبته في غاية القلة، ولو كانت ضئيلة جداً الإقدام على المحرم لا يجوز، لكن كون المحرم يرد من غير قصد، ثم يتخلص منه الأمر أسهل، والشبهة موجودة، فمن يتقي الشبهات لا يعرض نفسه لمثل هذه الأمور، وأما الأصل في الحكم ما دام لا يقدمون على محرم، ويتحرون في معاملاتهم، ومعاملاتهم تعرض على ثلة من طلاب العلم المعروفين لا بأس -إن شاء الله تعالى- في الجملة. يقول: هل يجوز للمرء أن يقول عن نفسه: إن الله ابتلاني بهذا الأمر، مثل أن يقول: ابتلاني الله بهؤلاء الأبناء؟ {إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ} [(15) سورة التغابن] والفتنة والابتلاء والاختبار معانيها متقاربة، نعم ابتلاك الله -جل وعلا- بهؤلاء الأولاد، فإن كانوا صالحين وشكرت الله على صلاحهم أجرت على ذلك، وصاروا من البلوى بالخير، وإن كانوا غير ذلك وأتعبوك وأشقوك وصبرت على أذاهم وصابرت معهم في نصحهم وتوجيههم وتربيتهم أجرت على ذلك، وصاروا من البلوى بالشر {وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً} [(35) سورة الأنبياء] وعلى كل حال من ابتلي بالخير فشكر أجره عظيم، ومن ابتلي بغيره فصبر فأجره عظيم، والدنيا كلها محل امتحان وابتلاء، بقي أسئلة كثيرة جداً تحتاج إلى وقت، لعل الله ييسر وقت للإجابة عليها. سم. بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه أجمعين. اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين والمستمعين، برحمتك يا أرحم الراحمين، أما بعد: قال المؤلف -رحمه الله تعالى-:

وعن ميمونة -رضي الله تعالى عنها- زوج النبي -صلى الله عليه وسلم-: أن فأرة وقعت في سمن فماتت فيه, فسئل النبي -صلى الله عليه وسلم- عنها، فقال: ((ألقوها وما حولها, وكلوه)) رواه البخاري، وزاد أحمد والنسائي: "في سمن جامد". وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إذا وقعت الفأرة في السمن فإن كان جامداً فألقوها وما حولها, وإن كان مائعاً فلا تقربوه)) رواه أحمد وأبو داود، وقد حكم عليه البخاري وأبو حاتم بالوهم. الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. هذا الحديث محله كتاب الطهارة، لكن أورده المصنف هنا من أجل بيع السمن الذي وقعت فيه الفأرة فماتت، هل يجوز بيعه لأنه يمكن إلقاء الفأرة وما حولها؟ أو لا يجوز بيعه لأنه باشر النجاسة من ناحية؟ أدخله في كتاب البيوع من هذه الحيثية. عن ميمونة -رضي الله تعالى عنها- زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- أن فأرة وقعت في سمن فماتت فيه، فسئل النبي -صلى الله عليه وسلم- عنها فقال: ((ألقوها وما حولها، وكلوه)) وهذا الحديث في البخاري، سئل النبي -عليه الصلاة والسلام- عنها عن هذه الفأرة التي وقعت في السمن "فماتت فيه، فقال: ((ألقوها وما حولها)) رواه البخاري، وزاد أحمد والنسائي: "في سمن جامد" ويحتاج إلى انتباه مثل هذا. وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إذا وقعت الفأرة في السمن فإن كان جامداً فألقوها وما حولها، وإن كان مائعاً فلا تقربوه)) هذه الرواية موافقة لرواية أحمد والنسائي الماضية، الزيادة التي في الحديث السابق.

"رواه أحمد وأبو داود وقد حكم عليه الإمام البخاري بالوهم"، وقال: "أخطأ فيه معمر" والحكم بالوهم على رواية أبي هريرة، وإنما المحفوظ حديث ميمونة، يعني السامع لهذا الكلام يظن أن البخاري حكم على هذا الحديث بالوهم من رواية أبي هريرة، لكنه من رواية ميمونة محفوظ، رواية ميمونة هل هي بلفظ رواية البخاري؟ "إذا وقعت الفأرة في سمن فإن كان جامداً .. " فيها التفصيل هذا أو التي تقدمت؟ التي تقدمت وليس فيها تفصيل، هذه رواية ميمونة، رواية ميمونة مطلقة، جاء القيد في زيادة أحمد والنسائي، يؤيد هذا القيد حديث أبي هريرة الذي حكم عليه البخاري بالوهم، وكذلك أبو حاتم كما حكاه عنه ابنه في علله، فهل نقول: إن حديث ميمونة مطلق، والزيادة عند أحمد والنسائي من حديث ميمونة، ويشهد لها حديث أبي هريرة الذي أورده المصنف قيد مؤثر فنفرق بين الجامد وبين المائع؟ أو نقول: ما دامت هذه الرواية محكوم عليها بالوهم فهي خطأ وقد أخطأ فيها معمر؟ والمحفوظ: الزهري عن عبيد الله عن ابن عباس عن ميمونة، وإذا كان الحديث عن ميمونة فحديث ميمونة الذي خرجه البخاري عندنا لفظه ما في قيد، إذا أجرينا القواعد من حمل المطلق على المقيد ماذا نقول؟ نحمل ما ورد في حديث ميمونة من إطلاق على ما جاء مقيداً في غيره، يعني رواية البخاري: "أن فأرة وقعت في سمن جامد وإلا مائع؟ " مطلق، نعم؟ "فماتت فيه، فسئل النبي -صلى الله عليه وسلم- عنها فقال: ((ألقوها وما حولها)) رواه البخاري" مقتضى هذا أنه مطلق، ويشمل المائع والجامد سواء كان السمن مائعاً أو جامداً تلقى هذه الفأرة وما حولها، ويُستعمل.

القيد الذي جاء في زيادة أحمد والنسائي: "في سمن جامد" وفي حديث أبي هريرة قيد معتبر وإلا غير معتبر؟ إذاً المائع يلقى على كل حال، نقول مثل هذا الكلام لو كانت الروايات التي فيها التقييد لا كلام فيها، لكن الإمام البخاري وأبو حاتم حكما على حديث أبي هريرة بأنه وهم، وزيادة أحمد والنسائي مقتضى صنيع الإمام البخاري باقتصاره على الرواية المطلقة مع مسيس الحاجة إلى القيد، متقضى صنيعه الحكم عليها بأنها غير محفوظة، ومن حيث المعنى إذا وقعت الفأرة في سمن جامد تموت وإلا ما تموت؟ تموت؟ سمن جامد! هي تغاص بالجامد؟ نعم؟ تموت وإلا ما تموت؟ طالب:. . . . . . . . . ما تغاص يا الإخوان، والموت سببه الغرق في هذا السمن، هذا من حيث المعنى، فالقيد المذكور في سمن جامد الذي يغلب على الظن عدم ثبوته، وأنه يبقى الحديث على عمومه وإطلاقه، كما خرجه الإمام البخاري، سئل عن فأرة وقعت في سمن فماتت فيه، فسئل النبي -صلى الله عليه وسلم- عنها فقال: ((ألقوها وما حولها)) وهو يشمل الجامد والمائع، يبقى الحديث على إطلاقه، وعرفنا ما في حديث أبي هريرة من الكلام والحكم عليه بالوهم، نعم والرواية التي زادها أن أحمد والنسائي تخريج البخاري للحديث مطلقاً من غير قيد قد يُعل به زيادة أحمد والنسائي، ومن حيث المعنى المعنى ظاهر؛ لأن موت الفأرة في السمن سببه الغرق، ومعلوم أن الفأرة لن تغرق في سمن جامد، ظاهر وإلا مو بظاهر؟ السمن يختلف عن الماء، السمن كثيف، الماء رقيق، الأثر الناشئ عن هذا الاختلاف أن النجاسة في السمن سريانها أقل من سريانها في الماء، الماء إذا وقت الفأرة وماتت أرقه، ماتت أرقه؛ لأنها تسري بسرعة، النجاسة، لكن في السمن ألقها وما حولها وينتهي الإشكال، ما يسري لأنه ثخين، ظاهر وإلا مو بظاهر؟ نعيد وإلا ما نعيد؟ طالب:. . . . . . . . . ثم جمد؟

لا، لا، النص ظاهر، أنت أدخل جامد في حديث البخاري لتأتي على رواية أحمد والنسائي: "أن فأرة وقعت في سمن جامد فماتت فيه" هذه رواية أحمد والنسائي "أن فأرة وقعت في سمن جامد فماتت فيه" نقول: يا إخوان الفأرة لا تموت في السمن الجامد إذا كان نهاية مدتها في هذه الدنيا حلت وهي فيه، مجرد ما وقت في هذا السمن جاءها أجلها هذا ما له أثر، وليس بمقصود؛ لأن "ماتت فيه" هذا وصف مؤثر، يعني افترض أنها وقعت في سمن مائع ولم تمت فيه، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . سائل نعم، جاء تحديده بما أخرجه ابن أبي شيبة من مرسل عطاء أنه يكون بقدر الكف، يقول الحافظ: "وسنده جيد". طالب:. . . . . . . . . نعم؟ طالب:. . . . . . . . . الإخوان يقولون: ما المقدار الذي يلقى مما حولها؟ نعم نقول: جاء عند ابن أبي شيبة وغيره من مرسل عطاء أن ذلك يكون بقدر الكف، وسنده لا بأس به، لكنه يبقى أنه مرسل. طالب:. . . . . . . . . قطعاً ظرفية تقتضي هذا، لو وقعت الفارة وما ماتت استخرجناها حية تؤثر وإلا ما تؤثر؟ طالب: تؤثر. تؤثر وإلا ما تؤثر؟ أولاً: سؤرها طاهر وإلا نجس؟ يعني افترض أنها شربت من هذا السمن، وما نزلت فيه إلا لتشرب، الفقهاء يقولون: سؤر الهرة وما دونها في الخلقة طاهر، هذه دونها في الخلقة، نعم؟ ويقرر أهل العلم أن النجاسة غير ملازمة للتحريم، لا تلازم بين النجاسة والتحريم، الحمار مثلاً عرق الحمار، ولعاب الحمار طاهر وإلا نجس؟ هل أثر عن النبي -عليه الصلاة والسلام- على كثرة ما ركب، وصحابته ركبوا الحمار هل أثر عنهم أنهم يغسلون هذه الأمور؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . نعم ما دام هذا الحيوان وإن كان محرم الأكل وهو حي فهو طاهر، يبقى مسألة: مسألة تقزز النفوس كيف يستعمل الإنسان سمن وقعت فيه فأرة؟ هذه مسألة أخرى لا تعلق لها بالحكم الشرعي، هذه مردها إلى كون النفس تعاف هذا الأمر أو لا تعافه، وهذا كون النفس تعاف أو لا تعاف أيضاً يختلف باختلاف الأوقات، يعني في أيام الشح النفس ما تعاف شيء، لكن في أيام رغد العيش والسعة تعاف أدنى شيء، والله المستعان، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . من هو؟ طالب:. . . . . . . . . أي هن؟

طالب:. . . . . . . . . حاكم عليه البخاري وأبو حاتم بالوهم، تدور غير البخاري وأبو حاتم؟ نعم؟ الشيخ الألباني إمام في هذا الباب لكن عندنا كبار، الذين هم العمدة في الباب، يعني إذا مضى مدة يغلب على الظن أن النجاسة سرت والرائحة أنتنت يبقى المسألة مسألة النتن حكمه غير التلبس بالنجاسة، نعم إذا انتن الطعام، ولو ما وقع فيه نجاسة يؤكل وإلا ما يؤكل؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . جاء في الحديث: إذا صاد الصيد وغاب عنه فوجده ميتاً فقال -عليه الصلاة والسلام-: ((كله ما لم ينتن)) والنبي -عليه الصلاة والسلام- أضافه اليهودي على خبز شعير وإهالة سنخة، متغيرة، فيها رائحة، فيجمع بين الخبرين أنه فرق بين نتن ونتن، يعني بداية التغير مقبول، يعني ولا يترتب عليه ضرر، لكن إذا استحكم التغير وأنتنت واشتد نتنها هذه لا شك أنها ضارة، فلا تأكل. طالب:. . . . . . . . . وكلها. . . . . . . . . كلها يرمى، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . لا هو أولى بهذا من الماء؛ لأن الماء سريان النجاسة فيه أسرع من سريانه في السمن؛ لأنه كثيف السمن، لكن أنت لو أتيت بالقلم مثلاً وعندك سطل ماء، وفتحت الأنبوب حقه، وأنزلت الحبر في السطل، تشوف سريان الحبر في الماء لكن ببطء، مو على طول يصير أزرق لا، أو أسود فيه يتخذ طرق يمين ويسار إلى أن يستقر فيغير في الماء، لكن السمن ما يغير هذا التغيير أبداً إلا إذا طبخ معه، ولذلك تجدون السمن أحياناً يكون أبيض، وأحياناً يكون أصفر؛ لأنه يطبخ معه مواد، فتغير في لونه إيش تقول: يا أبو عمر؟ التخريج؟ طيب، يقول: أخرجه الإمام أحمد وأبو داود من حديث معمر عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب. من أين تخريجها؟ طالب: طارق عوض الله. كمل.

طالب: طيب، يقول: أخرجه الإمام أحمد وأبو داود من حديث معمر عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة -رضي الله عنه- مرفوعاً به، قال البخاري فيما نقله عنه الترمذي في العلل الكبير: وهم فيه معمر ليس له أصل، وقال أبو حاتم كما في العلل لأبنه: هذا وهم، والصحيح الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس عن ميمونة عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، قال ابن القيم -رحمه الله- في تهذيب السنن: حديث الفأرة تقع في السمن قد اختلف فيه إسناداً ومتناً، والحديث من حديث الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة أنه سمع ابن عباس يحدث عن ميمونة ولفظه: أن فأرة وقعت في سمن فماتت فسئل النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: ((ألقوها وما حولها وكلوه)) رواه الناس عن الزهري بهذا المتن والإسناد. من غير قيد بكونه جامداً. نعم، عفا الله عنك. ومتنه خرجه البخاري في صحيحه والترمذي والنسائي وأصحاب الزهري كالمجمعين على ذلك، وخالفهم معمر في إسناده ومتنه، فرواه عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- وقال فيه: ((إن كان جامداً فألقوها وما حولها، وإن كان مائعاً فلا تقربوه))، ولما كان ظاهر هذا الإسناد في غاية الصحة صحح الحديثُ جماعة. الحديثَ، الحديثَ. عفا الله عنك. صحح الحديثَ جماعة، وقالوا: هو على شرط الشيخين، وحكي عن محمد بن يحيى الذهلي تصحيحه ... على شرط الشيخين لأن الشيخين خرجا لرجاله بأعيانهم فهو على شرطهما، هذا لو كان محفوظاً، أما لو كان خطأ أخطأ فيه معمر كما نص على ذلك إمام الصنعة الإمام البخاري فلا، نعم. عفا الله عنك. ولكن أئمة الحديث طعنوا فيه، ولم يرووه صحيحاً، بل رأوه خطأ محضاً.

قال الترمذي في جامعه: سمعت محمد بن إسماعيل يقول: حديث معمر عن الزهري عن سعيد بن المسيب في هذا خطأ، وقد أشار أيضاً إلى علة حديث معمر من وجوه فقال: باب: إذا وقعت في السمن الجامد أو الذائب، ثم ذكر حديث ميمونة وقال عقبه: قيل لسفيان: فإن معمراً يحدثه عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال: ما سمعت الزهري يقول: إلا عن عبيد الله عن ابن عباس عن ميمونة عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولقد سمعته منه مراراً، ثم قال: حدثنا عبدان، قال: حدثنا عبد الله عن يونس عن الزهري سئل عن الدابة تموت في الزيت والسمن وهو جامد أو غير جامد، الفأرة أو غيرها، قال: بلغنا أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أمر بفأرة ماتت في سمن فأمر بما قرب منها فطرح، ثم أكل، فذكر البخاري فتوى الزهري في الدابة تموت بالسمن وغيره الجامد والذائب أنه يؤكل، واحتجاجه بالحديث من غير تفصيل دليل على أن المحفوظ من رواية الزهري إنما هو الحديث المطلق الذي لا تفصيل فيه، وأنه مذهبه، فهو رأيه وروايته، ولو كان عنده حديث التفصيل بين الجامد والمائع لأفتى به واحتج به، فحيث أفتى بحديث الإطلاق واحتج به دل على أن معمراً غلط عليه في الحديث إسناداً ومتناً، ثم قد اضطرب حديث معمر فقال عبد الرزاق عنه: فلا تقربوه، وقال عبد الواحد بن زياد عنه: إن كان ذائباً أو مائعاً لم يؤكل، وقال البيهقي: وعبد الواحد بن زياد أحفظ منه، يعني من عبد الرزاق، وفي بعض طرقه: فاستصبحوا به، وكل هذا غير محفوظ في حديث الزهري، يقول: راجع العلل للدارقطني والتنقيح لابن عبد الهادي والتخليص الحبير، انتهى. الحديث الذي يليه. عفا الله عنك. وعن أبي الزبير قال: سألت جابراً عن ثمن السنور والكلب? فقال: "زجر النبي -صلى الله عليه وسلم- عن ذلك" رواه مسلم والنسائي وزاد: "إلا كلب صيد". يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

"وعن أبي الزبير" محمد بن مسلم بن تدرس، المعروف بالرواية المكثر عن جابر -رضي الله عنه- المعروف بالتدليس أيضاً، وتدليسه في صحيح مسلم محمول على الاتصال؛ لأن مسلم تلقته الأمة بالقبول، وهكذا سائر روايات المدلسين في الصحيحين محمولة على الاتصال وليس لأحد كلام فيها، وأن من تكلم فيها محجوج باتفاق من قبله من أهل العلم، سوى الأحرف اليسيرة التي تكلم عليها الحفاظ، وما عدا ذلك فهو متلقى بالقبول. يقول: "وعن أبي الزبير -رضي الله تعالى عنه- قال: سألت جابراً عن ثمن السنور" بكسر السين المهملة وتشديد النون هو الهر كما في القاموس وغيره، والهر له أسماء كثيرة، منها هذا، ومنها الهر، ومنها القط، ومنها أسماء كثيرة، عرضه أعرابي للبيع فجاء شخص فقال: كم تبيع القط؟ فعرضه بالثمن، ثم قبله، جاء آخر كم تبيع السنور؟ قال: بكذا، ما قبله، كم تبيع الهر؟ كم تبيع كذا؟ إلى أن أتى على أسمائه عدد من الأشخاص بعدد الأسماء، فقال: لا بارك الله في سلعة كثرت أسماؤها وقل ثمنها، هو معروف بكثرة الأسماء من بين الحيوانات، المقصود أنه معروف يسمونه العامة؟ طالب: بَس. إيش؟ طالب: بَس. بالفتح وإلا بالكسر؟ طالب:. . . . . . . . . بالفتح؟ بَس؟ طالب: بَس. لا، لا، هذه أوقعت في حرج كبير، العامة يكسرون الباء في جهة من الجهات يفتحونها بَس، مثلما قال سليمان، فواحد عرض على صديق له أن يكرمه بضيافة، قال: لا أريد أن تتكلف رز وبس،. . . . . . . . . يقول: لما قدم الصحن وإذا عليه رز وعليه ... ، قال: يا أخي هذا طلبك، لا هو بكسر الباء عند العامة، وإلا ما أدري هل لها أصل هذه التسمية وإلا لا؟

"سألت جابراً عن ثمن السنور والكلب، فقال: زجر النبي -صلى الله عليه وسلم- عن ذلك" أما بالنسبة للكلب فسبق الكلام فيه، وأن بيعه حرام، ونهى عن ثمن الكلب كما تقدم، ومهر البغي، وحلوان الكاهن، وهنا عن ثمن السنور والكلب، "فقال: زجر النبي -صلى الله عليه وسلم- عن ذلك" فكل من السنور والكلب لا يجوز بيعه، لكنهما متفاوتان كتفاوت ما تقدم، بيع الكلب هل هو مثل حلوان الكاهن؟ لو أن شخصاً باع كلباً، لا سيما إذا كان معلماً أو يستفاد منه فائدة، ليس مثل حلوان الكاهن، وليس بمنزلة مهر البغي، فدلالة الاقتران ضعيفة عند أهل العلم، وهنا السنور يختلف فيه أهل العلم، أشد من اختلافهم في الكلب المعلم، وأجازه بعضهم وقال: إن الزجر هذا لمجرد الكراهة، والآن في المحلات محالات الأحياء الجميلة التي يسمونها يبيعون كل شيء، والله المستعان، لكن ما دام ثبت الخبر في الزجر عن بيعه فبيعه ممنوع، لا يجوز بيعه، على خلاف بين أهل العلم في السنور هل هو زجر ونهي كراهة أو تحريم؟ لكن الأصل أنه إذا نهى أو زجر فالأصل المنع والتحريم. "زجر النبي -صلى الله عليه وسلم- عن ذلك" رواه مسلم" وزاد والنسائي، وزاد يعني النسائي: "إلا كلب صيد" وتقدم الكلام في هذا لأن الصيد منفعة مباحة فأجيز بيعه، أبيح بيعه، وحمل الخبر على غير المعلم على هذه الرواية؛ لأن فيه منفعة مباحة، والذي يمنع بيعه مطلقاً يشترط في نفع العين ألا تكون مقترنة بالحاجة، ونفع الكلب مقترن بالحاجة، ولذا يشترطون في صحة البيع أن تكون السلعة مباحة النفع لغير حاجة، يعني من غير احتياج إليها، يعني نفعها مطلق غير مقرون بالحاجة، زيادة النسائي: "إلا كلب صيد" التي رواها النسائي هذه الزيادة حكم عليها النسائي بأنها منكرة، ومرة قال: "ليست صحيحة" يبقى الحديث على إطلاقه، وأن الكلب لا يجوز بيعه مطلقاً، لكن من احتاجه وصاحبه لا يدفعه إليه، محتاج إلى كلب زرع، محتاج إلى كلب ماشية، محتاج إلى كلب صيد، صاحبه لا يبذله له، مثلما قلنا سابقاً: إن الشراء أمره أخف من أمر البيع، كما في المواد المتنجسة التي تستعمل في خدمة الزراعة، نعم.

وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "جاءتني بريرة فقالت: كاتبت أهلي على تسع أواق، في كل عام أوقية, فأعينيني، فقلت: إن أحب أهلك أن أعدها لهم ويكون ولاؤك لي فعلت, فذهبت بريرة إلى أهلها، فقالت لهم; فأبوا عليها, فجاءت من عندهم ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- جالس، فقالت: إني قد عرضت ذلك عليهم فأبوا إلا أن يكون الولاء لهم, فسمع النبي -صلى الله عليه وسلم-، فأخبرت عائشة -رضي الله عنها- النبي -صلى الله عليه وسلم-، فقال: ((خذيها واشترطي لهم الولاء, فإنما الولاء لمن أعتق)) ففعلت عائشة, ثم قام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الناس فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: ((أما بعد, ما بال رجال يشترطون شروطاً ليست في كتاب الله تعالى، ما كان من شرط ليس في كتاب الله فهو باطل, وإن كان مائة شرط, قضاء الله أحق, وشرط الله أوثق, وإنما الولاء لمن أعتق)) متفق عليه, واللفظ للبخاري، وعند مسلم قال: ((اشتريها وأعتقيها واشترطي لهم الولاء)). يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: جاءتني بريرة" بريرة مولاة كانت لأناس من الأنصار، ثم انتقل ولاؤها إلى عائشة كما في الحديث، وفيها ورد سنن بسببها، منها هذا، ما ذُكر، ومنها: أنها أعتقت وكانت تحت عبد يسمى مغيث فخيرت، ومنها: أنه يتصدق عليها فيأكله من لا تحل له الصدقة من باب الهدية، وسنن كثيرة، وقصتها سواء كانت في هذا الباب، أو في باب النكاح وعتق المرأة تحت العبد كثيرة جداً، استنبط من قصتها أهل العلم فوائد كثيرة، ولخصها الحافظ ابن حجر في فتح الباري، فليرجع إليه. تقول: "جاءتني بريرة" بريرة هذه وإن كانت أمة إلا أن لها شأن، سألها النبي -صلى الله عليه وسلم- عن عائشة فوثقتها، وقبل أهل العلم توثيق المرأة استناداً إلى خبرها، وقبلوا أيضاً توثيق غير الحر استناداً إلى توثيقها لعائشة -رضي الله عنها-، وإقرار النبي -عليه الصلاة والسلام- لهذا التوثيق، فتعلق بسببها أو وجد بسببها أحكام، وحياتها وسيرتها وما حصل لها ينبغي أن تكون محل عناية لطالب العلم؛ لأنه تعلق بها مثل هذه الأحكام العظيمة.

"جاءتني بريرة فقالت: إني كاتبت أهلي" وهم ناس من الأنصار كما بين ذلك النسائي، والمكاتبة مفاعلة، كاتبت مفاعلة، والأصل في المفاعلة أن تكون بين طرفين، يكتب له ويرد عليه كتابة، فهي مكاتبة مفاعلة، وهنا المراد بالمكاتبة ما يكتبه السيد من وثيقة تتضمن بيع العبد على نفسه بثمن يتفق عليه، ويشترط الشافعي أن يكون الثمن منجماً، يعني مقسط على أكثر من نجم، ويجيز الجمهور أن يكون على نجم واحد، يحل في مدة لا تشق على المكاتب، هذه هي المكاتبة: بيع العبد على نفسه، كتابة السيد الوثيقة على عبده ببيعه على نفسه بثمن معلوم، بأجل معلوم أيضاًَ، ويبقى حكمه حكم الأرقاء ما بقي عليه درهم، والمكاتبة جاء الأمر بها بقوله -جل وعلا-: {فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا} [(33) سورة النور] ولذا أوجب جمع من أهل العلم الكتابة، والمكاتبة بيع العبد على نفسه، ومنهم من أوجبها إذا تحقق الشرط، إن علم فيه خيراً، يعني علم فيه القدرة على الوفاء، والمراد أيضاً ما يعم ذلك وغيره، يعني ينفع نفسه وينفع غيره، أما إذا كاتبه وصار كلاً على الناس، يتكفف الناس ليجمع الأقساط، ونجوم الكتابة، ثم يتكفف الناس للاقتيات، مثل هذا ما علم فيه خير؛ ولأن الخير في الأصل المال، وترك خيراً الوصية المال، هذا. . . . . . . . . عند بعضهم، لكن الخير أعم من ذلك، إذا كان هذا العبد المراد كتابته إذا تحرر وتخلص من الرق وتفرغ لعبودية الله -جل وعلا- على مراده ولطلب العلم، رئيت فيه علامات النجابة والنباهة لنفع الأمة مثل هذا علمنا فيه خير، وبضد هذا إذا عرفنا أن هذا العبد الذي يطلب الكتابة قد يتضرر الناس من تفرغه من عمل سيده، يتفرغ لأذى الناس وسرقات، فمثل هذا لا يكاتب، ولذا القيد في الآية معتبر {إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا} [(33) سورة النور] ولهذا من عُلم فيه الخير سواء كان عبداً أو حراً ينبغي أن يعان ليتحقق هذا الخير، ويزداد هذا الخير على يديه، أما من علم عنه خلاف ذلك ينبغي أن يضيق عليه، ولا يعان على ما يحقق به شره، ولذا المرجح عند عامة أهل العلم أن العاصي لا يترخص في السفر، لماذا؟ لأن هذا الرخص توفر له الجهد والوقت الذي يغتنمه ويستغله في

معصيته، فلا يرخص له، خلافاً لمن أجاز ذلك، المقصود أنه إذا علم فيه الخير اتجه القول بالوجوب، وإن كان رأي الجمهور أنه ملكه وهو صاحب الشأن، والأمر إليه، إن شاء كاتبه، وإن شاء لم يكاتبه، فيبقى الأمر للاستحباب. "كاتبت أهلي على تسع أواق" الأوقية كما تقدم: أربعون درهماً، فقيمتها تسعة في أربعين؟ بثلاثمائة وستين درهماً، على أقساط "في كل عام أوقية" على تسع سنوات "فأعينيني" لكي أسدد هذه الأقساط، فعرضت عليها عرضاً مغري أنها تخلصها حالاً وفوراً؛ لأن الذمة تبقى مشغولة لمدة تسع سنوات دين في ذمتها، أفضل منه أن ينقد الثمن الآن، وهذا في عرف الناس عرض مغري "إن أحب أهلك أن أعدها لهم" تسع نقد الآن، "ويكون ولاؤك لي فعلت" الولاء ينتج عنه النصرة، وأيضاً الحق من إرث وغيره، لا شك أن من كان ولاؤه لشخص من الأشخاص أن عليه حق له ليس مثل البعيد، ولذا يرثه إذا مات، ويكون ولاؤك لي فعلت، فذهبت بريرة إلى أهلها، فقالت لهم: يدفع الثمن كامل الآن، ويكون الولاء للدافع وهو عائشة -رضي الله عنها-، فأبوا ذلك عليها، يعني يكفينا أن يكون أقساط، لكن الولاء يستمر لنا، فجاءت من عندهم لتخبر عائشة -رضي الله عنها- بما قالت وما قيل لها، ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- جالس، والجملة حالية.

فقالت: إني عرضت ذلك عليهم فأبوا إلا أن يكون الولاء لهم، النبي -عليه الصلاة والسلام- سمع هذا الكلام، فأخبرت عائشة النبي -عليه الصلاة والسلام- فقال: ((خذيها واشترطي لهم الولاء، فإنما الولاء لمن أعتق)) حكم شرعي: "الولاء لمن أعتق" ومثل هذا الحكم لا يؤثر فيه الاشتراط، يعني كأن شخصاً اشترى سلعة أرض مثلاً بنية التجارة، وقال له البائع: خذها بثمن كذا، ولا تزكيها خلاص، ما عليك زكاة، أو الزكاة عليّ، الحكم الشرعي المتقرر لا تلغيه الشروط، فمثل هذا الحكم حكم عام للناس كلهم، الولاء لمن أعتق، لا يستثنى منه أحد، هل يملك شخص من الأشخاص أن يقول: أنت إذا صليت الجمعة خلاص لا تصلي غيرها، يكفي منك أن تصلي الجمعة؟ ما يملك، هذا حكم شرعي ما يملكه أحد، ولا يملك تغييره مهما بذل الشخص، المقصود أن مثل هذه أحكام شرعية لا يملك أحد تغييرها، ولهذا قال: ((خذيها واشترطي لهم الولاء، فإنما الولاء لمن أعتق)).

والذي يغلب على الظن أن هؤلاء أعني الجماعة من الأنصار، الذي كانت بريرة مولاة لهم يعرفون هذا الحكم، أن الولاء لمن أعتق، والنبي -عليه الصلاة والسلام- بينه أبلغ بيان، ومع ذلك اشترطوا أن يكون الولاء لهم، فخالفوا على بصيرة، نأتي بمثال قد ينشط بعض الإخوان، يذكر أن مزارعاً مر به الساعي وماله أنصبة ما هو بنصاب واحد، فكأنه أكرمه فرق لحاله وكذا، وقال: أنت. . . . . . . . . ما عليك زكاة هذه السنة، فتحدث بها في مجلس فيه واحد من المشايخ، قال: الحمد لله مر بنا الساعي وقال: أنت ما عليك زكاة، قال: ألحقه، اتبعه وهو في البلد الفلاني الآن لعله أن يعفيك من الصلاة بعد، هذه أمور ما يملكها أحد، إذا تقرر بالنصوص الشرعية ما يملكها أحد، ولذا الذي ما يفهم حقيقة الحال يشكل عليه الحديث؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: ((اشترطي لهم الولاء)) ويقول هذا تغرير بهم؛ لأنهم أقدموا على أساس أن الولاء لهم؟ لا، حكم شرعي ثابت بين بأبلغ بيان من النبي -عليه الصلاة والسلام-، ولذلك قال: ((اشترطي لهم الولاء، فإنما الولاء لمن أعتق)) ففعلت عائشة، ثم قام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الناس فحمد الله، وأثنى عليه، كما هي عادته في خطبه -عليه الصلاة والسلام- يفتتحها بالحمد والثناء، ثم يقول: أما بعد: وهذه سنة في الخطب، جاءت من أكثر من ثلاثين طريق عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، أما بعد بهذا اللفظ، وإبدال أما بالواو جرى عليه المتأخرون، لكنها لا تتأدى بها السنة، أما بعد، و (أما) حرف شرط وتفصيل، و (بعد) قائم مقام الشرط مبني على الضم؛ لأنه حذف المضاف مع نيته، وجواب الشرط الأصل أن يقترن بالفاء، يعني الأصل أن يقال: أما بعد فما بال رجالٍ، ولعل الفاء سقطت من نقل الرواة أو الناسخ، وما أشبه ذلك، وإلا فالأصل أنها لا بد أن توجد في جواب الشرط. طالب: مثبت. نعم؟ طالب: مثبتة عندي. عندك؟ ويش يقول؟ يقول: أما بعد فما بال .... هذا الأصل نعم، هذا الأصل لا بد أن تقترن بالفاء. طالب: ونسخة أخرى بدون ....

لا، لا، الصواب بالفاء، أما بعد ما بال رجال، بعض الناس يقول: ثم أما بعد، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين ثم أما بعد، هذه (ثم) لا قيمة لها هنا، لكن لو قال: أما بعد، ثم احتاج إلى الانتقال من أسلوب إلى آخر، أو من موضوع إلى آخر، ثم قال: أما بعد لا بأس؛ ليعطف الثاني على الأولى. ((أما بعد ما بال رجالٍ يشترطون شروطاً ليست في كتاب الله)) هذا الأدب النبوي في الخطب أنه لا يعين الأشخاص، ولا يواجههم بما يحرجهم أمام الناس، بل يعمم -عليه الصلاة والسلام-، ما بال رجال، ما بال أقوام، هذا هو الأدب النبوي في الخطب، ولذا تعيين الأشخاص في الخطب على خلاف هديه -عليه الصلاة والسلام-. ((ما بال رجال يشترطون شروطاً ليست في كتاب الله -عز وجل-)) هل يلزم أن تكون الشروط كلها في كتاب الله؟ أو المراد بكتاب الله هنا حكم الله الذي هو أعم من القرآن فيشمل السنة؟ نعم؛ لأن قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((إنما الولاء لمن أعتق)) هذا في كتاب الله أو في سنته -عليه الصلاة والسلام-؟ في سنته وسنته من حكم الله -عز وجل-. ((ما كان من شرطٍٍ ليس في كتاب الله فهو باطل)) ما كان من شرط ليس في كتاب الله ليس في حكم الله فهو باطل؛ لمعارضته لحكم الله، وكل ما يعارض حكم الله -جل وعلا- يضرب به عرض الحائط، لكن هناك شروط جائزة، وهناك شروط فاسدة لاغية، والعقد يبقى صحيح، وهناك شروط تأتي على العقد بالبطلان إذا كانت تنافي مقتضاه، وتفصيل هذه الأمور في كتب الفروع.

((وإن كان مائة شرط)) يعني ولو أكد مائة مرة ((قضى الله أحق، وشرط الله أوثق)) يعني ما يشترطه الله -جل وعلا- ويقضيه من أحكامه ويبرمه لا شك أنه أحق بالوفاء وأوثق في الثبوت من غيره، ((وإنما الولاء لمن أعتق)) متفق عليه، واللفظ للبخاري، وعند مسلم فقال: ((اشتريها وأعتقيها واشترطي لهم الولاء)) اشترطي لهم هل هو على ظاهره؟ أو أن اللام بمعنى على؟ الشافعي والمزني يقولا: اشترطي عليهم، مو اشترطي لهم، معنى لهم عليهم، وبعضهم يستدل على هذا ببعض الآيات، يعني: {وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا} [(7) سورة الإسراء] يعني عليها، {يَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ} [(107) سورة الإسراء] يعني يخرون على الأذقان والحروف تتناوب، الحروف ينوب بعضها عن بعض، ومر بنا مراراً أن تضمين الأفعال أولى من تضمين الحروف، وهذا ما يقرره شيخ الإسلام ابن تيمية، وعلى كل حال هذا أعني تقارب الحرفين هنا، وأن معنى لهم عليهم مقبول لولا أن السياق يأباه، اشترطت عليهم في أول الأمر فما قبلوا فكيف يقول ثانية وهم ما قبلوا "اشترطي عليهم"؟ ثم بعد ذلك يقوم -عليه الصلاة والسلام- ويخطب ويعرض بهم ((ما بال أقوام)) وقد اشترطت عليهم؟ اشترطت عليهم في أول الأمر ما قبلوا، وقالوا: لا بد أن يكون الولاء لنا، وحينئذٍ يكون هذا التأويل ضعيف يرده السياق، ظاهر وإلا مو بظاهر؟ لأنه لو اشترطت عليهم وقبلوا نعم ما احتاج الأمر إلى هذه الخطبة، ولا التعريض بهم، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . هذا يأتي في كتاب العتق، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . هو مضعف، لكن مثل الرقيق إذا كوتب ثم بقي عليه نجم واحد وأعجز نفسه قال: عجزت، ما قدرت، يعود رقيقاً، هل يعيد السيد عليه ما أعطاه إياه؟ لا يعيده؛ لأنه من كسبه وهو وكسبه لسيده، نعم. وعن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: "نهى عمر عن بيع أمهات الأولاد فقال: لا تباع, ولا توهب, ولا تورث, يستمتع بها ما بدا له، فإذا مات فهي حرة" رواه مالك والبيهقي وقال: "رفعه بعض الرواة فوهم". وعن جابر -رضي الله عنه- قال: "كنا نبيع سرارينا أمهات الأولاد, والنبي -صلى الله عليه وسلم- حي, لا نرى بذلك بأساً" رواه النسائي وابن ماجه والدارقطني, وصححه ابن حبان.

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "عن ابن عمر -رضي الله تعالى عنهما- قال: "نهى عمر عن بيع أمهات الأولاد" فقال في شأن أم الولد: "لا تباع، ولا توهب، ولا تورث" لماذا؟ لأن ولدها أعتقها، بولادتها صارت حرة في باب البيع والشراء، أما في باب الخدمة والمهنة والقسم، فهي لا تزال في حكم الإماء، ففيها شوب حرية، وفيها شوب رق، شوب حرية لأن ولدها أعتقها، فلا يجوز بيعها، وهذا منزع أمير المؤمنين عمر -رضي الله تعالى عنه-، وفيها شوب رق باعتبار أنها لا تعتق العتق التام إلا بوفاة سيدها، فهل تعامل معاملة الأحرار في عدم البيع فتدخل في حكم من باع حر فأكل ثمنه؟ أو تدخل في حكم الأرقاء في جواز البيع؛ لأن عتقها لم يحن إلا بوفاة سيدها؟ وهنا يمكن أن يستعمل قياس الشبه، وهذا فيما لو خلت المسألة عن النصوص؛ لأنها مشبهة للحر من وجه، ومشبهة للرقيق من وجه، عمر -رضي الله تعالى عنه- والخبر موقوف عليه، نهى عمر عن بيع أمهات الأولاد، أم الولد هذه التي تلد بسبب وطء سيدها، لكن إذا ولدت من وطء غيره، إما بإنكاحها من رقيق، أو من حر لا يجد طول حرة، تصير أم ولد وإلا لا؟ فليست أم ولد هذه، بل ولدها رقيق مثلها؛ لأن الولد يتبع أمه حرية ورقاً، نهى عمر عن بيع أمهات الأولاد، وهذا الباب كله فيه غرابة وبُعد عن الواقع الذي نعيشه؛ لأنه لا يوجد هذا النوع من البشر، بل هو ملغى كما تعلمون، ولذلك أحكامه قد تخفى على بعض الخاصة، ومن أحكامه ما يصعب فهمه؛ لأن الناس هجروا دراسته كتاب العتق والرق وما يلتحق به هُجر لأنه غير عملي على حد زعمهم، وهو باب من أبواب الدين لا يجوز تركه، والفقه فيه كالفقه في غيره، داخل في حديث معاوية -رضي الله عنه-: ((من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين)) في جميع أبوابه، ومنها ما يتعلق بالرق والعتق، وما أشبه ذلك.

"نهى عمر -رضي الله عنه- عن بيع أمهات الأولاد، فقال: لا تباع ولا توهب، ولا تورث، يستمتع بها ما بدا له، فإذا مات فهي حرة، رواه مالك والبيهقي" وهو صحيح، لكنه موقوف على عمر، ورفعه بعض الرواة إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- فوهم، والحديث له سبب، أخرج الحاكم وغيره عن بريدة قال: كنت جالساً عند عمر إذ سمع صائحة فقال لغلامه يرفأ: يا يرفأ انظر ما هذا الصوت؟ ثم نظر فجاء فقال: جارية من قريش تباع أمها، ونعلم ما جاء من الوعيد في شأن من فرق بين الولد وأمه، واستدل عمر بهذا الحديث على أنه لا يجوز بيع أمهات الأولاد؛ لأنه يتضمن التفريق المنهي عنه. هل يمكن أن يباع ولدها معها؟ نعم لا يمكن أن يباع لأنه حر، من لازم بيع أمهات الأولاد التفريق بين الأم وولدها، فعمر -رضي الله تعالى عنه- جمع المهاجرين والأنصار فقال لهم: أما بعد فهل كان فيما جاء به محمد -صلى الله عليه وسلم- القطيعة؟ قالوا: لا، قال: قد أصبحت فيكم فاشية، كيف تفشو القطيعة في الصحابة؟ إذا بيعت الأم وترك أبنها، هذه القطيعة، ولا شك أن هذا من دقيق فقه عمر -رضي الله تعالى عنه-. الحديث الذي يليه حديث جابر:

قال: "كنا نبيع سرارينا أمهات الأولاد، والنبي -صلى الله عليه وسلم- حي، لا نرى بذلك بأساً" الذي يرى عم جواز البيع وهم الأكثر استدلالاً بمنع عمر ونهيه عن بيعهن قال: من أين لنا أن نعرف أن النبي -عليه الصلاة والسلام- اطلع على هذا البيع فأجازه؟ والحديث قابل للتصحيح "كنا نبيع سرارينا أمهات الأولاد، والنبي -عليه الصلاة والسلام- حي لا يرى بذلك بأساً"؟ من أين لنا أن نعرف أن النبي -عليه الصلاة والسلام- اطلع على ذلك؟ نعم؟ هذه حجة من يقول: إن أمهات الأولاد لا يبعن، ومن قال بجواز بيعهن وهو مذهب الظاهرية، وقول عند الشافعية، وقال به جمع من أهل العلم، لكن القول الأول هو قول الجمهور، قال: إن قول الصحابي: كنا نفعل له حكم الرفع، فهو مرفوع حكماً، ولذا استدل جابر على مسائل، استدل على جواز العزل، "كنا نعزل والقرآن ينزل" وقوله: "والقرآن ينزل" بمثابة قوله هنا: "والنبي -صلى الله عليه وسلم- حي لا نرى بذلك بأساً" الحكم واحد، كونه حي أن القرآن ينزل، كنا نعزل والقرآن ينزل، ولو كان مما ينهى عنه لنهى عنه القرآن، هذا يستدل به من يقول بجواز بيع أمهات الأولاد، وله حكم الرفع عند أهل العلم، وما تقدم موقوف على عمر، والذين عملوا بقول عمر وبنهيه قالوا: خليفة راشد، أمرنا بالاهتداء بهديه، والاستنان بسنته، وأصدر هذا النهي بمحضر من المهاجرين والأنصار، وهناك نظاير لهذه المسألة عمل بها الجمهور، الطلاق مثلاً طلاق الثلاث في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- وعهد أبي بكر وصدر من خلافة عمر الثلاث واحدة، ثم اجتهد عمر -رضي الله عنه- فأمضاه فصار هو قول الجمهور، فهذه نظيرها، الجمهور عملوا بنهي عمر بناءً على أنه خليفة راشد، أمرنا بالاقتداء بسنته، واجتهد، واستدل بأدلة، قد تكون في قوتها مثل قول جابر -رضي الله عنه-: "كنا نبيع سرارينا .. إلى آخره، لا سيما ما جاء من التحذير والترهيب من التفريق بين الولد وأمه، وعلى كل حال الجمهور على أن أمهات الأولاد لا تباع، والظاهرية يقولون بجواز بيعها، وهو وجه عند الشافعية، هذه بعض النسخ. طالب: عندي مثبتة. وهي التي عليها .... طالب:. . . . . . . . . التي عليها الشرح، الشارح اعتمد الياء، نعم؟

طالب: موجود عندنا. نعم؟ طالب: قال هنا: لا نرى بذلك بأساً هذا المثبت ... لا أقوى، أصح أصح لا نرى، هذه الأصح، هذه الأقوى في اختلاف النسخ، الأقوى وألا نرى بذلك بأساً، كنا نفعل، لا نرى. طالب: في نسخة (دال ونون) يرى وما أثبتناه موافق للمصادر نسخة وسيم. . . . . . . . . على كل حال المسألة جمهور أهل العلم أن أمهات الأولاد لا يبعن، وقال بعض العلماء منهم الظاهرية، وهو أيضاً كان علي -رضي الله تعالى عنه- موافق لعمر في عدم جواز بيع أمهات الأولاد، ثم اجتهد ورأى أنه لا مانع من بيعهن، ولذا قيل له: رأيك مع عمر أحب إلينا من رأيك منفرداً، نعم قاله عبيدة السلماني، عبيدة بن عمرو السلماني: رأيك مع رأي عمر أحب إلينا من رأيك وحدك، نعم. وعن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- قال: "نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- عن بيع فضل الماء" رواه مسلم، وزاد في رواية: "وعن بيع ضراب الجمل". وعن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: "نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن عسب الفحل" رواه البخاري. نعم. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

"وعن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- قال: "نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- عن بيع فضل الماء" نهانا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، التصريح به -عليه الصلاة والسلام- يجعل الخبر مقطوع برفعه إليه -عليه الصلاة والسلام- بخلاف ما لو قال: نهينا عن بيع فضل الماء، والجمهور على أن هذه الصيغة المغيرة من الفاعل إلى المفعول أيضاً مرفوعة، ولو قال الصحابي: نهينا؛ لأنه إذا قال: نهينا أو أمرنا، فالمتجه بل المتعين أن يكون هذا الأمر والنهي لمن له الأمر والنهي، في الأحكام الشرعية وهو النبي -عليه الصلاة والسلام-، وإذا صرح كما هنا: نهانا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فهو مقطوع برفعه، والخلاف في قوة هذه الصيغة، هل هي بمثابة لا تفعلوا، لا تبيعوا فضل الماء النهي الصريح فتدل على التحريم كدلالة النهي الصريح؟ عامة أهل العلم على هذا، وخالف داود الظاهري وبعض المتكلمين، قالوا: لا تدل على النهي، إذا قال الصحابي نهانا لا يدل على النهي حتى ينقل الصيغة النبوية؛ لأنه قد يسمع كلام يظنه أمر أو نهي، وهو ليس في الحقيقة لا أمر ولا نهي، لكن هذا كلام فاسد باطل؛ لأن الصحابة إذا ما عرفوا مدلولات الألفاظ الشرعية من يعرفها بعدهم؟! والدين كله ما أتانا إلا عن طريقهم.

"نهانا رسول -صلى الله عليه وسلم- عن بيع فضل الماء" والأصل في النهي التحريم، فما زاد عن الحاجة عن الماء يجب بذله للمحتاج، وهو محمول على المياه المباحة في الأصل، بأن يكون في وادي مثلاً فيسقي الأول المرتفع ثم يرسل الماء وجوباً إلى من بعده، ولا يقول من في أعلى الوادي: لا أرسله إليك إلا بمبلغ كذا، وكذلك ما يحتاج إليه تدعو الحاجة إليه من الأموال المحوزة ممن لا يستطيع شراءها، أنت عندك أو معك علبتين من الماء وأنت بحاجة إلى واحدة جاء واحد عطشان وليس معه قيمتها نقول: يجب عليك بذلها للمحتاج؛ لأنه نهى عن بيع فضل الماء، أما ما تحتاجه أنت أو يحتاجه من تحت يدك لا تبذله إلا على جهة الإيثار، لكن لا يلزمك بذله إذا كنت بحاجة إليه، أو من تحت يدك ممن تلزمك نفقته بحاجة إليه؛ لأن الحديث في الفضل، والفضل هو القدر الزائد، وزاد في رواية: "وعن بيع ضراب الجمل" الجمل، الناقة احتاجت إلى ضراب، الضراب الظاهر معروف نعم وسيأتي في الحديث الثاني عسب الفحل، نعم نهى عن عسب الفحل، عن بيع ضراب الجمل، احتاجت الناقة إلى ضراب إلى وطء، احتاجت البقرة إلى وطء، احتاجت الشاة أو العنز إلى وطء، هذا عسب الفحل، المراد به قيمة مائه، جاء زيد بناقته إلى عمرو الذي عنده الجمل المتميز الذي نتاجه يباع بأضعاف مضاعفة عن نتاج غيره، قالوا: نريد الجمل ينزو على هذه الناقة، قال: ما يمكن حقنا الجمل متميز دور غيره إذا كنت تبي بمجان، هذا الجمل الآن بمائة ألف أو مأتي ألف، نعم؟ طالب: بملايين.

المقصود عاد بأي ثمن كان، يقول: وعن بيع ضراب الإبل، منهي عنه؛ لأن هذه الأمور مما ينبغي أن تسود بين المسلمين على وجه التعاون، لا على وجه التشاح والتشاحن، فضراب الجمل ومثله بقية الحيوانات لا يجوز أخذ الأجرة عليه، ومنهم من يقول: إن سبب المنع الجهالة، قال: بكم تترك هذا الجمل ينزو على هذه الناقة؟ قال: بألف، النهي من أجل الجهالة في عدد المرات، وفي ... ، سببه الجهالة، والجهالة معروفة في مثل هذا، ففيه غرر، فالنهي عنه من هذه الحيثية، لكن لو حددت المدة قال لك: لمدة ساعة، أو عدد كذا من النزوات، أباح بعض أهل العلم هذا؛ لأنه علل النهي بالغرر والجهالة، ولا شك أن هذه العلة وإن كانت مؤيدة بنصوص أخرى في منع الغرر، ومنع الجهالة، وإذا ارتفعت الجهالة ثبتت الإباحة، لكن هنا الحكم غير معلل، فالذي يظهر المنع مطلقاً، وأن هذا مما ينبغي أن يسود بين الناس، يعني مثل الحجامة، واحد جالس فاتح محل حجام يجي واحد يبي يحجم يقول: كسب الحجام خبيث، طيب أنا خسران وتارك للأعمال وكذا، أقول: هذه مما ينبغي أن تسود بين المسلمين بدون أجرة، والنبي -عليه الصلاة والسلام- احتجم وأعطى الحجام، فالمقصود أنه لا بد أن تسود هذه الروح بين المسلمين، وأن تكون أمورهم مبنية على المسامحة لا على المشاحة، لكن لو افترضنا أن شخصاً عنده جمل متميز وقال: ما في نهى ما نهى، ما عندنا إلا بدراهم، أنا خسران بمئات الألوف ومتى أدخلهن؟ نقول: المحتاج الذي هو دافع الأجرة مثل مشتري ما يحتاج إليه مما يمنع بيعه أمره أخف ممن يأخذ هذه الأجرة، يعني قد يقول قائل: ما دام مُنع أخذ الأجرة يحرم دفعها؛ لأن ما منع أخذه يمنع دفعه، نقول: هناك أمور لا بد منها، فإذا لم يحصل عليها إلا بمقابل، فإلى الله المشتكى، ماذا يصنع صاحبها؟ فيدفع مثل ما يشتري الكلب عند الحاجة إليه، وإن كان النهي عن بيعه يقتضي منع البيع، مثل ما يشتري الأسمدة لزراعته، مثل ما يشتري عموم ما يمنع لما ذكرنا، وهذا خاص الحديث بالجمل، والذي يليه، يعم الجمل وغيره.

يقول: "وعن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: "نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن عسب الفحل" والفحل يشمل الإبل والبقر والغنم وغيرها من الحيوانات التي تقتنى للنسل، الآن يؤتى بالماء من بعيد، يؤتى بالماء من بلدان بعيدة بحوافظ، وبعد ذلك تباع بالقطارة؛ لأنها من سلالات معينة، ومن أشياء نادرة، وهذا منه، هذه التجارة فرع عن هذا الحديث، لا يجوز بيعه، لكن من اضطر إليه واحتاج إليه فالأمر بالنسبة له أخف ممن يأخذ، وبالمناسبة سؤال هنا: يقول: هل الأفضل لمن ابتلي بعقم أن يعمل عملية أطفال الأنابيب أم يتورع عنها؟ لأن المسألة في جلب الماء من الخارج من أجل الحيوانات، الحيوانات ما هو متصور فيها مسألة اختلاط أنساب ولا زنا ولا غيره، أمرها سهل، لكن طفل الأنابيب ابتلي بعقم هذا شخص ابتلي بعقم، وقالوا: إن فيك حيوانات لكنها ضعيفة تحتاج إلى تنشيط نأخذ منك ومن ماء المرأة فنجعله في أنبوب، وبهذه الطريقة ينتج الولد، إذا وصل إلى حد معين يودع في رحم المرأة وتحمل به من جديد، المسألة لا شك أنها مشكلة؛ لأن الزلل والخطر فيها يقع في مسألة عظيمة، وهي مسألة الأنساب، أنت افترض أنهم حفظوا هذا الماء وغُيّر مثلاً، أو حصل خطأ من غير قصد، وفوق هذا كله الرضا بما قدر الرحمن، نعم أفتت بعض المجامع العلمية بجواز مثل هذا شريطة أن تعمل كافة الاحتياطات لحفظ هذا الماء، وهو ماء من زوج وزوجته في الجملة يعني أفتوى بهذا، لكن يبقى أن المسألة من أبتلي بهذا عليه أن يرضى بما قدر الرحمن. وكن صابراً للفقر وادرع الرضا ... بما قدر الرحمن واشكره واحمدِ أنت ما تدري ماذا يحصلك من خلال هذا الولد؟ كم من شخصٍ بذل المستحيلات من أجل الولد، ثم صارت حياته بسبب هذا الولد جحيماً لا يطاق، هل تعرفون أن هناك ناس ما ينامون الليل بسبب الأولاد، يعني الولد ليس بنعمة على الإطلاق، نعم الولد الصالح الذي يدعو له هذا نعمة في حياته وبعد مماته، لكن يبقى أن الإنسان ما يدري وين الخيرة؟ يرضى بما أختار الله له، وعلى كل حال إن أراد أن يفعل هذا الفعل فقد صدرت فيه فتوى من بعض الجهات، لكن أنا في وقفة من هذا، سم. طالب:. . . . . . . . .

هم يقولون: إن الماء المحوز والمتعوب عليه مثل الأمور المشتركة العامة مثل الماء والحطب وغيره الأصل أنها مشاعة بين الناس والحشيش والكلأ، لكن إذا تعب عليه وحازه إلى رحله وتكلف عليه له أن يأخذ قيمة، له أن يأخذ القيمة بقدر أتعابه، وإلا فالأصل أنه مشاع بين الناس، هذا الأصل، وما زاد على ذلك فهو بيع. طالب:. . . . . . . . . مثل هذا، تصفية وشغل، على كل حال. . . . . . . . . ومن يعرف النهي عن بيع فضل الماء يتوقف في مثل هذه الأمور، ويتورع عنها، نعم؟ يكفي. اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

كتاب البيوع (4)

بلوغ المرام - كتاب البيوع (4) تابع: باب: شروطه وما نهي عنه منه الشيخ: عبد الكريم الخضير السلام عليكم ورحمة الله وبركاته سؤال يقول: ما نصيحتكم لطالبات العلم، ودورهن في المنطقة، وتجاه أهلن وبيوتهن، فإننا نتذكر أمنا عائشة -رضي الله عنها- ونتمنى أن يوجد في نساء الأمة من يؤدي دورها، ويكون حجر عثرة أمام المتهجمين على المرأة؟ على كل حال النساء شقائق الرجال، وهن مطالبات بما يطالب به الرجال فيما يناسبهن من الأحكام، بالنسبة للعلم الشرعي على المرأة أن تتعلم العلم الشرعي، وأن تنفع نفسها، وأن تعمل بهذا العلم، وتعلم الناس، وتدعو إلى الخير، فإذا تعلمت العلم الشرعي على وجوهه ومن أبوابه، وعلى الجادة المعروفة عند أهل العلم عن أهله، وتأهلت للتعليم والدعوة، وبذلت في هذا المجال ما تستطيعه، واستطاعت أن توفق بين هذا العمل، وبين ما أوجب الله عليها من خدمةٍ لزوجها، وتربيةٍ لأولادها فمن أفضل ما تعمله المرأة، أو من أفضل ما يطلب منها، فعليها أن تسعى جاهدة مخلصة في التعلم والتعليم والدعوة، وخدمة زوجها وبيتها، وحينئذٍ مع تمسكها بدينها مخلصة في ذلك، لا سيما في مثل هذه الظروف التي نعيشها ينطبق عليها ما جاء في الحديث أن العامل بالسنة في أوقات الفتنة يكون له أجر خمسين من الصحابة، وليس معنى هذا أنه أفضل من أقل الصحابة شأناً، لا؛ لأن منزلة الصحبة لا يمكن أن ينالها غير الصحابة، لكن في هذا العمل .. ، افترض أن العمل نوافل من الصلاة، أو من الصيام، أو من غيرهما من الأعمال المتمسك بهذا العمل الذي يؤديه على ضوء ما شرع الله له في مثل هذه الظروف له أجر خمسين، كما جاء في الخبر، والعبادة في وقت الهرج، في أوقات الفتن كالهجرة إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-، كما جاء في الحديث الصحيح، في صحيح مسلم وغيره، فعلى طلاب العلم عموماً سواء كانوا من الذكور أو من الإناث أن يجتهدوا في تحصيله من أبوابه وأن يبلغوه غيرهم، يعملوا به، ويبلغوه غيرهم بالرفق واللين. يقول: ما رأيكم فيما يحصل الآن في أراضي مكة حيث يباع بعض أراضيها مع كونها وقفاً؟

الوقف لا يجوز بيعه إلا إذا تعطلت منافعه، إذا تعطلت منافعه جاز بيعه، وكون بيوت مكة على الخلاف بين أهل العلم هل فتحت صلحاً أو فتحت عنوة؟ هي فتحت عنوة، دخلها النبي -عليه الصلاة والسلام-، وعلى رأسه المغفر، وأحلت له ساعة من نهار، ففتحت عنوة، وكونها لم تقسم بين المقاتلين كما فُعل بغيرها، مَنّ النبي -عليه الصلاة والسلام- على أهلها بما يملكونه من بيوت ووهبها لهم، كما قال -عليه الصلاة والسلام- بالنسبة لهم أنفسهم ما سبى منهم أحد، قال: ((أنتم الطلقاء)) فالذي منّ عليهم بأنفسهم منّ عليهم بأموالهم، وعلى هذا يجوز بيع بيوتها وتأجيرها، وإن كانت فتحت عنوة. يقول: عندي مساهمة عقارية قدرها ثلاثون ألفاً، وسيحول عليه الحول في شهر محرم سنة ستة وعشرين هل فيها زكاة؟ نعم أصل المساهمات إنما هي للتجارة، وإذا اشتريت السلعة للتجارة بما في ذلك العقار، وحال عليه الحول فإنه يُقوّم ويزكى. يقول: هل الجهاد لابن المبارك أحاديثه صحيحة أم لا؟ فيه الصحيح وغير الصحيح. يقول: حديث الصلاة في الفلاة تعادل خمسين درجة؟ هذا الحديث صححه الألباني، وفيه شيء من الضعف. يقول: ما حكم رفع الإمام صوته جداً في الصلاة؟ أرجو التنبيه لأن هذا الأمر حصل أمام عدد كبير من طلبة العلم في هذا المسجد فقد يفهم إقرارهم بهذا العمل؟ الأصل أن الصوت يكون بقدر ما يسمع المأموم، لكن إذا ورد من الآيات ما يحرك به القلوب من بشارة أو نذارة النبي -عليه الصلاة والسلام- إذا خطب علا صوته، واحمر وجه، علا صوته حتى كأنه منذر جيش يقول: صبحكم ومساكم؛ ليتأثر السامع بالخطبة، فإذا رفع الصوت بآية البشارة، أو النذارة من أجل أن يتأثر السامع بها فأرجو ألا بأس به -إن شاء الله تعالى-، وإلا فالأصل أن الصوت يكون بقدر ما يسمع المأموم. يقول: هل المماكسة تعتبر من المجادلة؟ وما حكم المماكسة في الحج؟ المماكسة يعني طلب التخفيض للسعر من حق المشتري لا سيما إذا غلب على ظنه أو خشي أن يكون قد رفع عليه السعر أكثر من الواقع له أن يماكس، وإذا كان في الحج وبقدر الحاجة لا بأس به. هل يجوز صبغ المرأة بغير لون الأسود إذا سلمت من التشبه؟ إذا سلمت من التشبه لا بأس به.

هل يجوز استخدام زيت الحشيش؟ زيت الحشيش إن كان المراد بالحشيش هو الحشيش المسكر فله حكمه، والجمهور على أنه نجس، لا يجوز استعماله، لا سيما إذا كان مما يتشربه الشعر والبشرة. يقول: ما الدليل على أنه يباح بالاضطرار لمن أراد فحلاً أن يستعيره بأجر من صاحبه؟ هذه الأمور التي يحتاجها الناس ولا تبذل إلا بمقابل فإن كان النص دل على الكراهة فقط فالكراهة تزول بأدنى حاجة، وإن كان النص يدل على التحريم فالحاجة الشديدة تبيحه، لا سيما في مثل هذه الأمور في هذا الباب ما في وسيلة إلا إطراق الفحل، وأنت افترض أن هذه المسألة بين اثنين لا يوجد غيرهما، هذا عنده أنثى، وهذا عنده ذكر وطلب الأنثى هل نقول: ما يحتاج أن ينزو عليها هذا الذكر لأنه طلب؟ ولها نظائر، فالحاجة أبيح بها بعض المحرمات بقدرها، كما قالوا في شراء المصحف، الحنابلة يحرمون بيع المصحف، لكن يجيزون شراءه، الوقف إذا احتيج إليه، احتاج طالب علم إلى كتاب وقف يحرم بيعه، لكن أذا احتاجه طالب علم يشتريه، وله نظائر كثيرة. يقول: ما حكم ريش النعام أو الطيور الميتة؟ هل هي في حكم جلد الميتة، ولكن الريش لا يدبغ؟ الريش مثل الشعر حكمه حكم المنفصل، لكن ما باشر منه النجاسة يقص. ما حكم رفع المرأة صوتها بآمين وهي بين نساء خمس، وليس حولهن رجال قط؟ لا بأس؛ لأن عدم الرفع .. ، الأصل هو رفع الصوت، لكن عدمه بالنسبة للمرأة خشية أن يسمعها الرجال الأجانب، فإذا أمنت هذه المفسدة رجعنا إلى الأصل. ما حكم سترة المصلي إن كانت مدفئة مضاءة أو غير مضاءة؟ إن علمنا أن الصلاة إلى النار لا تجوز تشبهاً بصلاة المجوس؟

الصلاة إلى المدفئة أولاً: ما يكون في المدفئة مما يشبه النار، وليس بنار حقيقة، وإن اشترك مع النار في الإحراق، إلا أنه ليس له لهب كما للنار، فانفصل من هذه الحيثية، الأمر الثاني: أن القول بكراهة الصلاة إلى النار إنما منع للتشبه، والبخاري -رحمه الله- كأنه يضعف هذا القول، وما ورد فيه، وأثبت ترجمة: باب الصلاة إلى النار، وأورد حديث الكسوف، وأن النبي -عليه الصلاة والسلام- تكعكع، تأخر في الصلاة؛ لأنه عرضت عليه النار، يعني في جهة القبلة بالنسبة له، وهذا في البخاري، أما كون الإنسان يقر في قلبه التشبه بالمجوس فالأمر أعظم من مجرد كراهة أو تحريم، كونه يتشبه بهم في هذه العبادة الأمر عظيم، لكن إذا كان مجرد اتفاق حصل هذا، إنها حصلت من غير التفات إليها فالأمر فيه سعة -إن شاء الله تعالى-، ويبقى أن هناك فرقاًَ بين المدفئة وبين النار. هذا عبد الله العتيبي من الكويت يقول: نرجو زيارة الكويت فطلبة العلم متشوقون ... إلى آخره؟ أنا أقول: أنا لا أسافر. محمد خالد من مصر يقول: العلاقة بين الصلاة ولا إله إلا الله؟ لا إله إلا الله، شهادة ألا إله إلا الله هذا الركن الأول من أركان الإسلام، والصلاة هي الركن الثاني. يقول: أحمد من الكويت: هل كتاب صفة صلاة النبي -عليه الصلاة والسلام- للإمام الألباني كتاب معتمد؟ نعم معتمد من إمام محدثٍ محقق، لكن لا يعني أن الشيخ معصوم لا يرجح قولاً مرجوحاً لا، هو كغيره من أهل العلم، لكنه في الجملة معتمد. يقول: أرجو نصحي إلى كتب الفقه المعتمدة علماً أنني لست عالماً في الجرح والتعديل؟ كتب الفقه تحدثنا عنها على اختلاف مذاهبها ضمن أشرطة يقال لها: كيف يبني طالب العلم مكتبته؟ وهي موجودة في الأسواق. يقول: هل يحق لمن اشتغل بجمع الرمل الناعم الخاص بالبناء من الأودية غير المملوكة أن يمنع غيره من الأخذ؟

ليس له أن يمنع، فمن سبق إلى مباح فهو أحق به، عامة أهل العلم على نجاسة الخمر، الخمر نجسة عند عامة أهل العلم، وقلت مراراً: أنني لا أعرف دليلاً ينهض على التنجيس، نعم، لكن يبقى أن هيبة أهل العلم مع كثرتهم وكثرت أتباعهم هيبة قولهم ينبغي أن يكون هو شعار طالب العلم، لكنني لا أعرف دليلاً خاصاً يدل ... ينهض على القول بنجاسته، وعامة أهل العلم حتى نقل الإجماع على أن الخمر نجس، وفي حكمه كل ما يسكر. سم. طالب:. . . . . . . . . إذا قيل بنجاستها لا يجوز بيعها، وعرفنا أنه قول عامة أهل العلم، والدليل لا ينهض على التنجيس، ولطالب العلم أن يتأمل المسألة، أما أنا فلا أجرؤ على مخالفة جماهير الأمة، وإن لم أجزم بنجاسته. سم. بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه أجمعين. اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين والمستمعين، برحمتك يا أرحم الراحمين، أما بعد: قال المؤلف -رحمه الله تعالى-: وعنه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نهى عن بيع حبل الحبلة, وكان بيعاً يبتاعه أهل الجاهلية، كان الرجل يبتاع الجزور إلى أن تنتج الناقة, ثم تنتج التي في بطنها" متفق عليه, واللفظ للبخاري. الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "وعنه" أي عن ابن عمر صحابي الحديث السابق "-رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نهى" النهي أصل صيغته (لا) الناهية لا تفعلوا كذا، لا تبيعوا كذا، حبل الحبلة، وهنا عبر الصحابي -رضي الله تعالى عنه- وهم أعلم الناس بمقاصد النبي -عليه الصلاة والسلام-، وبمدلولات ألفاظه، فلا يرد علينا قول داود الظاهري، وبعض المتكلمين أننا لا نحتج بهذه الصيغة حتى ينقل اللفظ النبوي.

"نهى عن بيع حبل الحبلة" الحبَل: مصدر حبلت تحبل حبلاً، والمراد به الحمل الذي في بطنها، الحمل الذي في بطن الناقة أو البقرة أو الشاة أو الجارية، المقصود به الحمل وهو مصدر يراد به اسم المفعول، المحمول، والحبلة جمع حابل، مثل كتبة جمع كاتب، وظلمة جمع ظالم، والحبل إطلاقه في الآدميات هذا هو الأصل، قالوا: ولم يرد في غير الآدميات إلا في هذا الحديث، مع أن منهم من قال: ورد في غيره من الأحاديث. "نهى عن بيع حبل الحبلة" ظاهر العبارة أن المنهي عنه ما في بطن الناقة، بيع ما في بطن الناقة، أو ما في بطن الذي ما سيكون في بطن الذي في بطنها، نهى عن الحبل هذا الذي في بطن الناقة، وحبل الحبلة ما سيكون في بطن الذي في بطنها "وكان بيعاً" هذا التفسير لما نهي عنه، هذا التفسير مدرج، إما من كلام ابن عمر الراوي، أو من كلام نافع الراوي عنه، وهو تفسير للمراد، وفهم للصحابي أو للتابعي. "وكان بيعاً يبتاعه أهل الجاهلية كان الرجل يبتاع الجزور إلى أن تنتج الناقة" نهى عن بيع حبل الحبل، اللفظ الأصلي المرفوع إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- يدل على نهي بيع الحبل، الذي هو الحمل، عن بيع الحبل الذي هو الحمل، والتفسير سواء كان من الصحابي والجادة عند أهل العلم أن الصحابي أعرف بمعنى ما يروي، وهذا غالب، أغلبي وليس بكلي؛ لقوله -عليه الصلاة والسلام-: ((رب مبلغ أوعى من سامع)) تفسير المدرج سواء كان من الصحابي ابن عمر، أو من التابعي نافع يدل على خلاف هذا، أصل النص يدل على النهي عن بيع الحبل، الذي هو الحمل نفسه، والتفسير يقول: "وكان بيعاً يبتاعه أهل الجاهلية" ماشي إلى هذا الحد "كان الرجل يبتاع الجزور إلى أن تنتج الناقة، ثم تنتج التي في بطنها" التفسير يجعل النهي عن البيع إلى أجل مجهول؛ لأنه ما يُدرى متى تنتج هي أو التي في بطنها؟

و (تنتج) لم يرد إلا مغير الصيغة، يعني لم يأتِ على صيغة المبني للمعلوم البتة، إنما ورد هكذا في لغة العرب، الآن الحديث يحتمل أن يكون معناه البيع إلى أجل مجهول، نهى عن بيع حبل الحبلة، فالمرفوع إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- يدل على النهي عن بيع الحمل، سواء كان الحمل الذي بطن الناقة، أو ما سيحمله ما في بطنها، واضح وإلا مو بواضح؟ نقول: نهى عن بيع حبل الحبلة، والتفسير المدرج سواء كان من الصحابي أو من التابعي يدل على غير هذا، قال: كان الرجل يبتاع الجزور إلى .. يعني إلى أجل حلوله أن تنتج الناقة، واضح وإلا مو بواضح؟

"ثم تنتج التي في بطنها متفق عليه، واللفظ للبخاري" ولذا يختلف أهل العلم في معنى هذا الحديث؛ لأن المرفوع له دلالة، وله مفهوم واضح، وهو أن المنهي عنه بيع الحمل، لما فيه من الغرر؛ لأن من شرط صحة البيع أن يكون المبيع معلوماً برؤية أو صفة، هل يستطيع إنسان أن يصف ما في بطن الناقة؟ ما يمكن فضلاً عن أن يصف ما سيكون في بطن الذي في بطنها، هذا في غرر، القول الثاني لأهل العلم أخذوه في تفسير الصحابي أو التابعي على الخلاف في ذلك المدرج، وقالوا: إن الحديث سيق للمنع من التأجيل إلى أجل غير معلوم مجهول، ويؤيده التفسير: "كان الرجل يبتاع الجزور إلى أن تنتج الناقة، ثم تنتج التي في بطنها" وكلاهما ممنوع، بيع ما في بطن الناقة، وبيع ما سيكون في بطن الذي في بطنها ممنوع، غرر الجهالة والتأجيل إلى أجل غير محدد أيضاً ممنوع، غرر الجهالة، يعني هل وضع الحمل يكون في يومٍ معين، أو في شهر معين؟ ألا يوجد في الحوامل سواء كن من النساء أو من الإبل أو من البقر ما يتأخر الوضع عندها؟ يوجد، فالتأجيل إلى وضع الحمل أجل غير معلوم، {إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى} [(282) سورة البقرة] لا بد أن يكون مسمى ومحدد، ولذا حصل الإشكال في عهد عمر -رضي الله عنه- لما جيء له بصك –وثيقة- فيها أن لفلان على فلان ابن فلان دين مقداره كذا حلوله في شعبان، شعبان الماضي وإلا شعبان القادم وإلا أي شعبان؟ ما في سنة، ما يُدرى؛ لأنه ما كان هناك تاريخ، فوضع عمر -رضي الله عنه- بالاتفاق مع الصحابة التاريخ، فالأجل لا بد أن يسمى، وجاء في السلم، وأنه لا بد أن يسلم في شيء معلوم إلى أجل معلوم، فعلى كلا الاحتمالين البيع ليس بصحيح، ويش هو؟ طالب:. . . . . . . . . وش لون معلوم؟ طالب:. . . . . . . . . يعني ما يختلف إما ذكر وإلا أنثى، ما يعلم وقته، ما في حمل يمكن أن يحدد باليوم، وكثيراً ما يقول الأطباء أن هذه المرأة في الشهر كذا، وسوف تلد في كذا، ولا يصير، ما يصير، وذكر من طرق كثيرة جداً أن من النساء من يمتد حملها إلى ضعف ما تحمله النساء، وقل مثل هذا في البهائم.

حكي عن بعضهم: أن المراد بالحبلة الكرْمة التي هي العنب، وأن الحديث يدل على النهي عن بيع العنب قبل أن يصلح، والنهي عن بيع الثمار قبل بدو صلاحها معروف، لكنه فهم بعيد، واحتمال ضعيف، نعم. وعنه: "أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نهى عن بيع الولاء وعن هبته" متفق عليه. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "وعنه" أي ابن عمر، راوي الأحاديث السابقة، "أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نهى عن بيع الولاء" في حديث في قصة بريرة السابقة، واشتراط الولاء لأهلها من الأنصار، وما حصل من إنكار النبي -عليه الصلاة والسلام- ذلك عليهم، وشراء عائشة لها، وكون الولاء لها، كل هذا يدل على أن الولاء لازم كالنسب، وأنه لحمة كلحمة النسب، لا يُتنازل عنه، فلا يباع، ولا يوهب، مثل النسب، قد يقول قائل: إن أبرز ما في الولاء من أثر عملي هو الإرث، والمولى الذي يستحق الإرث من هذا المعتق له أن يتصرف في هذا الإرث كيف شاء؟ نعم، له أن يهبه لمن شاء، أرثي من فلان لك يا فلان، نعم؟ فيما يملكه من الأموال يتصرف فيها، إذا كان جائز التصرف، لكن يبقى أن المسألة حكم شرعي، يعني لو قيل مثلاً شخص له عشرة أبناء وترك مال يرثه هؤلاء العشرة، فقال شخص منهم: نصيبي لفلان، لعمي فلان مثلاً، يملك أن يهب نصيبه لعمه، لكن لا يملك أن يكون عمه وارث كإخوته، وهنا يملك الإنسان أنه إذا ورث من العبد أعطاه فلان، أو فرقه على المساكين، أو تصرف به كيفما شاء إذا كان صحيح التصرف، أما الإرث فهو حكم شرعي، يعني في إخراج حصر الورثة مثلاً، إذا قيل: مات فلان عن أبناء: فلان وفلان وفلان، وبناته وزوجته وما أدري إيش؟ هل للقاضي أن يثبت اسم العم بدلاً من الابن الذي تنازل عن إرثه؟ ليس له ذلك؛ لأنه ليس له أن يغير من الحكم الشرعي شيء، لا هو ولا الولد، لكن إذا قبض الولد نصيبه وأعطاه عمه ما أحد يستدرك عليه في شيء، وهنا الولاء نهي عن بيعه وعن هبته؛ لأنه حكم شرعي لازم كلزوم النسب، كانت العرب تهب الولاء وتبيعه، فجاء النهي عن ذلك، وجاء فيه ما يدل على أنه لازم كالنسب، نعم. طالب: وعن أبي .... هذا الحديث مثال في علوم الحديث من يذكره؟ في أي باب؟ كالنهي عن بيع الولاء وهبته، في أي باب؟

طالب: في ألفية العراقي لكن ما .... ألفية العراقي! في أي باب؟ الأفراد؟ تحفظ الأفراد؟ طالب: كالنهي عن بيع الولاء وهبته. . . . . . . . . إيه كالنهي عن بيع الولاء وهبته ... لكن كمل، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . الفرد؟ طالب:. . . . . . . . . النسبي أو المطلق؟ وليس في أقسامه النسبي، هاه؟ طالب:. . . . . . . . . تفرد به الزهري، نعم؟ عمن؟ طالب:. . . . . . . . . مالك عن الزهري، المقصود أنه فرد، نعم. وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: "نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن بيع الحصاة, وعن بيع الغرر" رواه مسلم. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: "نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن بيع الحصاة, وعن بيع الغرر". عمومٌ بعد خصوص، نهى عن بيع الحصاة، بيع الحصاة له صور: إما أن يأخذ حصاة من الأرض ويتفق مع صاحب سلعة أو سلع فيقول: أي شيء وقعت عليه هذه الحصاة فهو علي بكذا، احتمال أن تقع على سلعة بمائة، واحتمال أن تقع على سلعة بألف أو بريال، المقصود أن هذا غرر، وهذه صورة واضحة من صور بيع الحصاة، أو يرميها على قطيع من الغنم فالتي تقع عليها أو من الإبل أو من غيرها فهو عليه بكذا، واحتمال أن يكون ما تقع عليه يستحق هذا الثمن أو لا يستحق أو يستحق ضعفه، وفي هذا من الغرر والجهالة ما فيه، منهم من يقول: إن مما يدخل من صور بيع الحصاة أن يقبض كفاً من حصى فيقول: بعتك هذه السلعة بقدر ما في كفك من الحصى، وهذا أيضاً غرر وجهالة، صور كثيرة تدخل في مثل هذا، منهم من يقول أيضاً أن من صوره أنه يجعل في كفه حصاة متى وقعت لزم البيع، متى سقطت من يده لزم البيع، المقصود أن من أظهر صوره قذف الحصاة على السلع، صورة ظاهرة، وسبب المنع منها الغرر والجهالة، وعن بيع الغرر، عموم بعد خصوص، ونص على الخاص وإن كان يشمله اللفظ العام للاهتمام به، والعناية بشأنه؛ لأن من شرط صحة البيع أن يكون الثمن معلوم، وأن يكون المثمن معلوم، أما ما اشتمل على جهالة وغرر فقد اختل شرط الصحة.

صور يتداولها الناس ويتعاملون بها فيها من الغرر ما فيها، غرر وجهالة تأتي إلى المستوصف وتقول له: هذا ألف ريال على أن تعالجني لمدة سنة غرر وإلا ما فيه غرر؟ احتمال أن يكلف علاجك عشرة آلاف، واحتمال ألا تحتاج ولا ريال، تأتي إلى مغسلة سيارات وتقول له: هذه مائة ريال على أن تغسل سيارتي لمدة سنة، كل هذه الأمور تفضي إلى الخصومة والنزاع، وكل ما أفضى إلى نزاع فالشرع لا يأتي به، بل يأتي بحسم مادته، وقطع النزاع، قطع دابر النزاع، المفضي إلى الخلاف، الضمان ضمان السلع فيه غرر، اشتريت جوال قال: عليه ضمانه، احتمال أن يحتاج إلى إصلاح في كل أسبوع، واحتمال أن ينتهي من غير حاجة إلى إصلاح، تنتهي صلاحيته، يبطل عمله الكلي لغير إصلاح، هذا غرر، قد يقول قائل: إن هذا تبرع من صاحب السلعة الذي باعها، وقل مثل هذا في السيارات، نقول: إن كان هناك فرق بين قيمة السلعة المضمونة، وبين قيمة السلعة غير المضمونة هذا ما هو بتبرع، لا سيما إذا كان الفرق له وقع في الثمن، فهذا الضمان في مقابل هذه الزيادة، لكن إن كانت السيارة بمائة ألف مضمونة أو غير مضمونة سواء، ما تزيد ولا تنقص، قلنا: إن إصلاحهم لها تبرع منهم، وقل مثل هذا في الجوال وغيره من السلع، هناك أنواع من الغرر تعارف الناس على التسامح فيها، أو لم يقدروا على الوقوف على حقيقتها، الأساس -أساس البنيان- أساس الجدران، أساس القواعد ما يمكن يطلع عليه الناس، مقدار الحديد الذي في الجسور أو غيره من .. ، لا يمكن أن تطلع على هذه الأمور إلا بفساد السلعة.

الثياب المبطنة لو اشتريت كوت مثلاً فيه حشو، هل يلزم أن تدري إيش اللي بوسطه؟ إما خيش وإلا صوف وإلا قطن وإلا؟ هذا يتسامح فيه، هذا من أنواع الغرر التي تعارف الناس على التسامح فيها، هناك أمور أيضاً يشتمل بيعها على الغرر: مثل السمك في الماء، ويكون حينئذٍ غير مقدور على تسليمها؛ لأنها في الماء حجمها يختلف عن حجمها إذا أخرجت، هو من هذه الحيثية فيه غرر، وفيه أيضاً اختلال شرط آخر وهو كونها غير مقدور عليها، الطير في الهواء لا يمكن ولا يقدر على تسليمه، فمثل هذا لا يصح بيعه حتى يمكن تسليمه، طير في هواء في حكم المقدور عليه، يعني افترضنا أنه في طائر في هذا المسجد، وقال: نبي نبيعك هذا الطائر، وأنت تراه من جميع جهاته، ومقدور عليه، يعني بعد ساعة أو ساعتين بيتعب ويطيح، هذا في حكم المقدور عليه، لكن قد يعتريه ما يعتريه إذا كان هناك مواد متلفة في المسجد، أو في المكان الذي اتفق عليه، مراوح طار الطير وخبطته المروحة وانكسر، الضمان على من؟ المقصود أن مثل هذه الأمور لا بد أن يكون المبيع مقدور على تسليمه، وأن يكون معلوم معرفة تامة، يتسامح في الغرر اليسير الذي تعارف الناس على التعافي عنه، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . بيع الموصوف الوصف الدقيق يجوز، لكن يبقى أن المشتري بالخيار إذا اختلفت صفته، هناك نوع من الخيار يقال له: خيار الخلف في الصفة، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . لا ما هو مسألة ضمان هذه يرد بالعيب، خيار العيب، هذا خيار العيب، نعم. وعنه: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من اشترى طعاماً فلا يبعه حتى يكتاله)) رواه مسلم. نعم، يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

"وعنه" يعني أبا هريرة راوي الحديث السابق "أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من اشترى طعاماً فلا يبعه حتى يكتاله)) " يعنى حتى يقبضه القبض الشرعي المعتبر، وقبض المكيل بكيله، قبض الموزون بوزنه، قبض المعدود بعده، وهكذا فلا بد من القبض، ومع ذلك في الطعام لا بد أن يحوزه إلى رحله، والخلاف في بقية السلع، وجاء في الحديث: "نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن تبتاع السلع حتى يحوزها التجار إلى رحالهم" فالقبض له شأن يعين السلعة، وينقلها من ضمان البائع إلى ضمان المشتري، وأما ما يحصل من التساهل في أمور بالإمكان قبضها ويتساهل في قبضها لا شك أن هذه مخالفة، وابن عباس -رضي الله تعالى عنه- يقول: "ولا أحسب كل شيء إلا مثله" يعني مثل الطعام، وجاء الحديث العام: "نهى أن تبتاع السلع حتى يحوزها التجار إلى رحالهم" والطعام أشد؛ لأن فيها النص الخاص ((من اشترى طعاماً فلا يبعه حتى يكتاله)) فالطعام لا بد من نقله، والسلع كذلك، فيما يمكن نقله، أما ما لا يمكن نقله فقبضه يكون بالتخلية، وبعض الناس يهمه أن يستعجل فيما هو بصدده، ولا يستوفي الشروط والواجبات الشرعية، اشترى سلعة وهو لا يريدها إنما يريد قيمتها، المسمى عند أهل العلم مسألة التورق، ما يهمه إلا القيمة على أي وجه كان، يشتري من شخص قد لا يكون ملكه لهذه السلعة تاماً، ثم بعد ذلك يستعجل فلا يقبض، ثم بعد ذلك يستعجل فيوكل البائع الأول، ويبيعها أو بيعها عليه، كل هذه مخالفات، في مثل هذه المسألة التي هي مسألة التورق، والخلاف فيها عند أهل العلم معروف في أصل جوازها، ويزداد ضعفها مع التساهل الحاصل بين الناس، يشتري تورق حديد في الصين، أو اسمنت في اليابان، أو ما أدري إيش؟ على شان إيش؟! يعني البلد ما في سلع يمكن قبضها؟! أين التحري يا إخوان؟ هذا تحايل، ثم بعد ذلك يشتري السلعة من شخص عرف بالتساهل، وقد يكون في معاملاته المخالفات الشرعية، ويقول: وكلني أقبض لك، وكلني أبيع لك، وتجئ تجد الثمن جاهز، التحايل في مثل هذه الصور ظاهر، لكن من احتاج إلى مسألة التورق يبي يتزوج وما عنده دراهم بيشتري سيارة، بيشتري حاجة أصلية يحتاجها، جمهور أهل العلم ومنهم الأئمة الأربعة على

جواز مسألة التورق، على أن تكون شروطها مستوفاة، يكون البائع الأول مالك ملك تام للسلعة ثم بعد ذلك يبيعها على من يريدها، ولو كانت الإرادة لثمنها يبيعها عليه بالثمن الذي يتفقان عليه، ثم المشتري يقبض قبض شرعي معتبر، ثم يبيعها المشتري يبيع سلعته على طرف ثالث، ثم الطرف الثالث يقبضها ويتصرف فيها، في مثل هذه الصورة مسألة التورق جائزة عند جماهير أهل العلم، لكن يقول: أنا أبيع عليك أسهم، أسهم إيش؟ حديد، وين؟ باستراليا، كيف تقبض؟ كيف؟ هل له حقيقة هذا الحديد؟ صلب في اليابان، كيف؟ يعني ضاقت أسواق المسلمين عن السلع التي تحل مشكلاتهم؟ ما ضاقت، الخيرات كلها عندنا -ولله الحمد-، ومسألة التورق معروف كلام أهل العلم فيها، وأسهل ما يتعامل به بالنسبة لها السيارات، التي يمكن قبضها وتحريكها وحيازتها ببساطة وسهولة، يعني بعض الناس يتعامل بالأطعمة، يستدين من زيد ألف كيس ويقول: وين؟ متى تجي الألف كيس؟ متى نحط ألف كيس؟ إحنا مستعجلين، هذه سيارة شغلها وطلع بس، أيسر على الناس هذه، فهي أقرب إلى تحقيق القبض المعتبر، نعم، قبض كل شيء بحسبه، ما يشق نقله، ولا يستطاع حمله، قبضه بالتخلية كالأراضي والثمار على رؤوس الشجر وغيره ما لم يمكن نقله. في مسألة مما يتعلق بحديثنا الأطعمة في الأسواق، أسواق الفواكه والخضروات وغيرها، يجي يحرج على سيارة كاملة فيها ألف صندوق تمر، كم نبيع؟ بعشرة، عشرين، ثلاثين؟ نصيبك، ثم المشتري وهو في السيارة يبدأ يقطع خذ يا فلان كذا، خذ كذا ما حازها، والطعام أمره أشد من غيره من السلع لورود النص الخاص فيه، فلا بد أن يقبضه يحوزه لا بد أن يحوزه ينقله من هذا المكان إلى مكان آخر، ويطمئن على العدد، وعلى النوعية وعلى .. ، كم من إنسان نكب بهذه الطريقة! ولا يأتي الشرع بشيء لمجرد أنه في زيادة تكليف أو زيادة مشقة أبداً، إنما يأتي الشرع بما يحقق المصالح، كم من واحد استعجل ولا قبض ولا فرز ولا سوى شيء، ثم يندم، يتبين له خلل في السلعة، فيفضي مثل هذا إلى النزاع والشقاق والخصومات، والشرع بمثل هذه النصوص يقطع دابر هذه الخصومات، نعم.

وعنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قال: ((من اشترى طعاماً فلا يبعه حتى يكتاله)) رواه مسلم، وعنه قال: "نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن بيعتين في بيعة" رواه أحمد والنسائي, وصححه الترمذي وابن حبان. ولأبي داود: ((من باع بيعتين في بيعة فله أوكسهما أو الربا)). يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "وعنه -رضي الله عنه- قال: نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن بيعتين في بيعة" يعني في صفقة واحدة، أبيعك كذا على أن تبيعني كذا، أو أن أبيعك هذه السلعة بألف حالة وألف وخمسمائة مؤجلة لمدة سنة، إذا قال: هاتين البيعتين .. لك هذه السلعة بألف حالة وألف وخمسمائة مؤجلة، يعني هل المقصود بهذا أنه يختار في المكان ويختار الحال له الآجل؟ هل هذا هو المقصود في بيعتين في بيعة؟ لا، تم العقد على بيعة واحدة، فلا يدخل في النهي، لكن تكتب الوثيقة على أنها بألف حالة، أو بألف لمدة سنة، وبألفين لمدة سنتين، وتكبت الوثيقة على أنه إن جاء بالمبلغ فهي بالسعر الأول، وإن لم يأت به فبالسعر الثاني، هذه هي الصورة المطابقة للحديث واضح وإلا مو بواضح؟ لكن إذا قال: بألف حالة أو ألف وخمسمائة لمدة سنة، واختار المشتري أحد البيعتين، ما يقال: له بيعتين، لكن المحظور أن يعقد البيعتين في عقد واحد، ولا يقطع بإحداهما في محله، لو قال له: بألف حالة أو ألف وخمسمائة بعد سنة، وأترك لك فرصة تختار مدة أسبوع يصح وإلا ما يصح؟ يصح، لماذا؟ لأنه ما أبرم العقد، ما بعد صار بيع إلى الآن، لكن الإشكال في العقد الملزم، وإبرام العقد، والتفرق بعده، فلا يتضمن بيعتين. ((من باع بيعتين في بيعة فله أوكسهما أو الربا)) طيب باع بيعتين هذه السلعة عليك بألف حالة، دعونا من حالة، بألف لمدة سنة، وبألفين لمدة سنتين، باع بيعتين وكتب العقد على هذا الأساس، لا يستحق صاحب السلعة إلا الثمن الأدنى، فله أوكسهما أو الربا.

وجه الشبه في مثل هذه الصورة بالربا أن الألف المدفوع بعد سنة صار هذا الألف المدفوع بعد سنة بألفين بعد سنتين، وإذا باع شخص ألف بألفين هذا ربا وإلا ليس بربا؟ صار عين الربا، ولذا لا يستحق إلا أوكسهما الذي يمثل في حكم رأس المال، ولذا المرابي لا يستحق أكثر من رأس ماله {وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ} [(279) سورة البقرة] وهنا نقول: له أوكس القيمتين أو الربا، إن أخذ الأكثر أخذ الربا، هذا يعني مع الجهل بحكم مثل هذا العقد، أو مع الإصرار عليه، والعلم بحكمه، ثم التوبة، أما الإقدام على عقد محرم لا يجوز بحال، ولو نوى أن يتصرف بالزائد، ما يعفيه أن يتصرف بالزائد إذا أقدم عليه، يقول: يقدم على محرم ثم بعد ذلك يتخلص منه لا يعفيه هذا أبداً، مسألة التخلص فيما إذا ورد عليه شيء من المحرم مما لم يقصده يبرأ من عهدته بالتخلص منه، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . هذه مسألة عند أهل العلم يعبرون عنها: بـ"ضع وتعجل" يعني افترضنا أنك بعت سيارتك على شخص بمائة ألف لمدة سنة، ثم جاءك بسبعين بعد ستة أشهر، أو أنت احتجت سبعين، وقلت له: عجل لي بسبعين وأتنازل عن الباقي، هذه مسألة معروفة عند أهل العلم يجيزونها، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . عقود إيش؟. طالب:. . . . . . . . . طيب لكن أنت الآن هذه المساهمة في هذه الشركة، الشركة قائمة عبارة عن عروض تجارة وإلا أموال مجمدة في البنوك؟ طالب: عروض تجارة. عروض تجارة أنت لك جزء مشاع من هذه العروض، لك أن تبيعه متى شئت وكيف شئت. طالب:. . . . . . . . . فين مغلقة؟ طالب: نعم؟ كيف مغلقة؟ مساهمتها أو ألغيت؟ على كل حال من أراد أنت لا تغش .... طالب:. . . . . . . . . يعلم ذلك إذا أقدم .. ، إذا كانت أغلقت بحق ولا أمل في الإفراج عنها فلا .. ، ما صارت مال يأخذ عليه قيمة خلاص انتهت، فأنت ما تبيع شيء أنت، أنت تبيع لا شيء الآن. طالب:. . . . . . . . . الإشكال إيش؟ أنك أنت إن كان ميئوس منها فأنت تبيع لا شيء، تأكل مال أخيك بالباطل، أما إذا كان غير ميئوس منها، واحتمال أن تفتح، نعم؟ طالب:. . . . . . . . .

ما يكفي غلبة الظن؛ لأنك تبيع شيء غير مقدور على تسليمه لا حقيقة ولا حكماً، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . ويش هو؟ طالب:. . . . . . . . . ضع وتعجل ما فيه إشكال، ضع ما فيه إشكال -إن شاء الله- نعم؟ طالب:. . . . . . . . . لكنه يختار الآن أحد البيعتين ما فيه شيء إيه، هو راح من عندك ما قطع خياره، صار هو الذي إن شاء .... طالب:. . . . . . . . . الصورة الآن .... طالب:. . . . . . . . . نعم السؤال يقول: ما الفرق بين كون المشتري يختار في المجلس أحد البيعتين وكونه لا يختار؟ يعني أنت إذا قلت له هذه السلعة بألف لمدة سنة وألفين لمدة سنتين، يعني بعد استلامه للسلعة وبيع السلعة انتهت السلعة، ما في سلعة، فيه ألف ريال، في ذمته لك ألف ريال تحل بعد سنة، إن ما سدد هذا الألف بعد سنة صار بعد سنتين ألفين، فيكون ربا الجاهلية، إما أن تقضي وإما أن تربي، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . معروف أن السلعة في مدة الخيار ... هذا يقول: لو تكرمت ينبه الإخوان على عدم المقاطعة في الأسئلة الشفوية؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . لا ما يقبض السلعة، السعلة ما زالت من ضمان البائع. طالب:. . . . . . . . . إلى أن يجزم بأحد .... يقول هذا: لماذا لا يكون الدرس غداً -إن شاء الله تعالى- بعد العصر أو بعد المغرب؟ الشيخ ما عنده شيء بكرة؟ الشيخ ما عنده درس غداً؟ طالب:. . . . . . . . . هذا يقول: لماذا لا يكون الدرس غداً -إن شاء الله تعالى- بعد العصر أو بعد المغرب لوجود محاضرات بعد العشاء، ونريد حضور الدرس مع محاضرة من هذه المحاضرات، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . لكن هل الشيخ المغرب عنده .. ؟ ما هو بعندكم المغرب الشيخ؟ إذاً ما يمكن تقديمه إلى المغرب، العصر هو الاحتمال، العصر نبي نحتاجه يوم الخميس -إن شاء الله تعالى-، يوم الخميس سوف يكون الدرس عصراً -إن شاء الله تعالى-؛ لأن في محاضرة في الجبيل بعد العشاء ما يمدينا عليه، نعم؟ طالب:. . . . . . . . .

متى؟ غداً؟ هو يقول هذا، لكن يقول: إن العصر ما نقدر نحضر، قلنا: غداً العصر الأربعاء باعتباره دوام ما يقدرون يحضرون، لكن المغرب الشيخ عنده درس هنا، فما في حل غداً إلا درسنا العشاء، بعد غدٍ والإخوان كلهم ما عندهم عمل الخميس، يكون الدرس العصر -إن شاء الله تعالى-، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . العشاء محاضرة بالجبيل -إن شاء الله تعالى-. سم. وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده -رضي الله عنهم- قالوا: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا يحل سلفٌ وبيع، ولا شرطان في بيع, ولا ربح ما لم يضمن, ولا بيع ما ليس عندك)) رواه الخمسة, وصححه الترمذي وابن خزيمة والحاكم. وأخرجه في (علوم الحديث) من رواية أبي حنيفة عن عمرو المذكور بلفظ: "نهى عن بيع وشرط" ومن هذا الوجه أخرجه الطبراني في (الأوسط) وهو غريب. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده -رضي الله عنهم-" مضى الكلام مراراً عن هذه السلسلة، وأنها إذا صح السند إلى عمرو فأعدل ما يقال في حكمها أن الحديث حسن، "قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا يحل سلفٌ وبيع)) " والمراد بالسلف هنا: القرض، نعم يراد به هنا القرض، فلا يقول: سلفني أو أقرضني وأشتري منك، أو يقول البائع: أقرضك وتشتري مني؛ لأن هذا القرض جر نفعاً، وإذا كان المراد بالسلف هنا السلم؛ لأن معنى السلف في الأصل والسلم واحد، يبيع عليه ثمرة زرعه بحيث ينقد المشتري الثمن والمثمن آجل، معلوم المقدار ومعلوم المدة، الأجل، فإذا باع عليه هذه الثمرة ونقده الثمن وبقيت السلعة عند صاحبها، الثمرة عند صاحبها المزارع إلى أن استوت وحان قطافها هذا السلم جائز بالإجماع، وهو في الأحاديث الصحيحة في الصحيحين وغيرهما، إذا أضيف إلى هذا العقد بيع، إذا قال: اشتري منك الثمرة الآن بمائة ألف وبقي على جذاذها ستة أشهر، وإذا جذت تستحق مائة وعشرين ألف، هذا السلم، لكن قال له: على أن تشتري مني بهذه المائة ألف السيارة الفلانية أو البيت الفلاني، فيكون هنا المنع من سلم وشرط، وعقدين في عقد، فالمنع من هذه الحيثية.

((ولا شرطان في بيع)) منهم من فسر الشرطين في البيع ما أشرنا إليه آنفاً من أن يقول له: السيارة بمائة ألف لمدة سنة وبمائة وخمسين لمدة ستين، فُسر بهذا، وهذا ممنوع، وذكرنا وجه المنع، ومنهم من يمنع الشروط الفاسدة، وأما الشروط الصحيحة لو اشترى قطعة قماش، واشترط عليه التفصيل والخياطة، نعم اشترط عليه التفصيل والخياطة، هذان شرطان في بيع، من يعمم الخبر يقول: أبداً ما يصح مثل هذا العقد، أو اشترى منه الحطب، وقال بشرط: أن تكسره وتحمله إلى البيت، شرطان في بيع، فالذي يحمل الحديث على عمومه يمنع مثل هذا، والذي يفسره بما سبق يبيح مثل هذا، والمسلمون في الأصل على شروطهم، والذي يقول: إن المراد به من الشروط الفاسدة يحمله على الشروط الفاسدة، لكن الشروط الفاسدة يعني منعها هو الأصل لفسادها ولمخالفتها ما في كتاب الله، فيكون الحديث مؤكد، وليس بمؤسس لحكم جديد، نعم؟ كيف مؤكد وليس بمؤسس؟ لأن الأصل أن الشروط الفاسدة ممنوعة، نعم؟ هذا الأصل، وإذا حملنا هذه الشروط المنصوصة على الشروط الفاسدة قلنا: إنه ما جاب جديد في الحديث، صار مؤكد، لكن لا مانع من حمل الخبر على التأكيد، وأن كان التأسيس أقوى منه إذا كان التأسيس معارض بنصوص أخرى. طالب:. . . . . . . . . نعم؟ طالب: لو يبين التأسيس والتأكيد؟ ويش فيه؟ طالب: ما هو الأصل في الكلام التأسيس؟ لو يُبين يعني بمثال ....

أهل العلم يقولون: التأسيس خير من التأكيد، إذا حملنا هذه الشروط على الشروط الفاسدة كما يقول جمع من أهل العلم يصير الحديث فيه فائدة جديدة وإلا من الأصل أن الشروط الفاسدة مخالفة لما في كتاب الله وممنوعة ولو كانت مائة شرط؟ من الشروط الفاسدة ما يبطل بنفسه، ومنها ما يبطل العقد، إذا كان ينافي مقتضى العقد، فنقول: ولا شرطان في بيع من الشروط الفاسدة، يقول القائل: الشروط الفاسدة من أصلها ممنوعة لسنا بحاجة إلى مثل هذا الحديث؛ لأن ما في جديد يصير مؤكد لنصوص سابقة، لكن إذا قلنا: إنه مؤسس وجاء بحكم جديد غير ما نعرفه من النصوص الأخرى هذا أولى، التأسيس أولى من التأكيد، لكن يبقى أنه إذا كان التأسيس معارض لا سيما في حمله على الشروط الصحيحة التي لا تأتي على العقد بالبطلان، المسلمون على شروطهم، طيب اشترى الحطب في البر هذا جمع له سيارة مليانة حطب، وقال: وصلها البيت هذا شرط، وعليك تكسيرها هذا شرط، مجرد الشرط الواحد معارض بإيش؟ بحديث جابر الذي تقدم في الصحيحين، اشترط الحملان ففيه بيع وشرط، وأكثر من شرط يعني لو قال مثلاً: هذه السيارة التي تعبت على قطعها من الحطب وصلها البيت، وهو بحاجة إلى تكسيرها، نقول: لا تقول لهذا: يكسر يكفيه شرط واحد؟ وائتِ بآخر يكسر وإلا نقول: لا مانع أن يكسر هو؟ وإذا اشتريت قطعة قماش لا تترك الفرصة لهذا بأن يفصل ويقطع ويخيط، لا، شوف واحد ثان، هل هذا هو المراد؟ نعم؟ طالب: ليس المراد. هو قيل به على كل حال، قيل به، أنت اشتريت السلعة خل غيرك يتصرف، يحقق لك ما تشاء من الشروط، لكن عموم المسلمون على شروطهم وهذا شرط لا يحرم حلال، ولا يحل حرام، وأيضاً يدل عليه حديث جابر حيث اشترط الحملان وهو أصح من هذا الحديث لا بد من حمله على وجه لا يعارض ما هو أقوى منه.

((ولا ربح ما لم يضمن)) لأن الخراج بالضمان، والربح خراج فلا بد أن يكون تابع للضمان، الآن تسمعون في كلام أهل العلم أن الربح المضمون لا يجوز، وهنا لا يجوز ربح ما لم يضمن، ويش الفرق بين هذا وهذا؟ هاه؟ الفرق بين الربح المضمون وربح ما لم يضمن؟ نعم؟ نعم تشتري أو تساهم مساهمة مع شخص يقول: ادفع لي مائة ألف وأعطيك كل شهر عشرة آلاف، هذا ما يجوز؛ لأنه ربح مضمون، السلعة التي لم يتم ملكها نعم؛ لأنه لا يكون ضمانها من قبل المشتري إلا إذا تم ملكها، اشترى سلعة وهو بمدة الخيار مثلاً، يبي يجرب قال: لي خيار شهر وصار يدور بها على المحلات إن كسبت جزم، وإن ما كسبت ردها على صاحبها، نقول: هذا ربح ما لم يضمن، أو ما قبض؛ لأن السلعة قبل القبض من ضمان البائع. ويرد عندنا هنا التأجير المنتهي بالتمليك، كيف يرد هنا؟ السلعة في هذا العقد المشتمل على عقدين تأجيل وبيع، الآن من ضمان من؟ اشترى سيارة بأجرة، ما تقدر كيف تعبر؛ لأنها لا تدري هي بيع وإلا أجرة، ولذا ورد إلى هذه الصورة الخلل، قال: هذا السيارة عليك كل شهر ألفين ريال لمدة ثلاث سنين، وأبيعها عليك إذا انتهت هذه الأقساط بعشرة آلاف، تأجير منتهي بتمليك، استلم السيارة، وبدأ يسدد الأقساط، تلفت السيارة من ضمان من؟ من ضمان البائع؟ إن كان بيع إن اعتبرناها بيع فهي من ضمان المشتري، وإن اعتبرناها أجرة فهي من ضمان المؤجر، ولكون الضمان عائر في مثل هذه الصورة أفتى أهل العلم بعدم جواز مثل هذا البيع، عرفنا السبب؟ يعني لو اشترى أو أخذ سيارة من إحدى الشركات بهذه الطريقة تأجير منتهي بالتمليك لما قام الصباح إلى الدوام وجدها محترقة. طالب:. . . . . . . . . هما عقدان في عقد، لكن مسألة الضمان هنا ربح ما لم يضمن، من الذي يضمن الآن؟ وحينئذٍ يمتنع بيعها على صاحبها الأصلي وعلى الثاني، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . أرباح إيش؟ طالب:. . . . . . . . . . . . . . . . . . يضمن له الربح، يضمن الربح؟ عشرة بالمائة من رأس المال أو من الربح؟ طالب:. . . . . . . . . بمائة ألف يعطيه كل شهر عشرة آلاف، لا هذا هو الربح المضمون الذي يمنعه أهل العلم. طالب:. . . . . . . . .

هذا كله ترويج وضحك على الناس،. . . . . . . . . شوف أوضح من هذا البطاقات بطاقات التلفونات اللي تقول لك: هات لنا عشرة آلاف، ونعطيك في كل شهر ألف ريال، أعطنا ثمانية ألف وخمسمائة نعطيك كل شهر ألف وخمس، هذا الربح المضمون الذي يمنعه أهل العلم، لكن إذا أفلس وحجر عليه روح دوره، المسألة الآن صارت الدنيا هدف، ما صار الهدف تحقيق العبودية التي من أجلها خلق الإنسان، ولذلك يتحايلون على الربح بأي وسيلة على كسب الأموال وعلى النصب على الناس والاحتيال عليهم بأي طريقة هذه مشكلة، ولذلك تتابع الناس في هذه الأبواب وغرر بهم، ودفعوا أموالهم، واستدانوا وباعوا أملاكهم والنتيجة لا شيء، مثل ما حصل العام الماضي، على الإنسان أن يتحرى طيب المطعم والمكسب. ((ولا ربح ما لم يضمن)) طيب البيع على التصريف، ينزل عشرة كراتين لبن في كل كرتون عشرين حبة، يقول: الذي يبقى منها رده إليّ هذا بيع ما لم ... نعم؟ يضمن وإلا مضمون؟ غير مضمون؛ لأنه بإمكانه أن يرده في أي لحظة على صاحبه، ولذا مثل هذا العقد لا يسمى بيع، إنما هو توكيل بالبيع بالأجرة، بالقدر الزائد على ما يريده صاحبه، أجرة لهذا البائع، يقول: تبيع اللبن بأربعة أنا لي ثلاثة وأنت لك ريال على كل حبة، نعم كأنه وكله أن يبيع هذا اللبن وأجرته على كل .. ، أجرة البيع على كل علبة ريال، فهو مجرد توكيل، وإلا فمثل هذا الشرط الذي يشترطه المشتري إذا اعتبرناه بيع واشترط المشتري أن يرد القدر الباقي هذا ينافي مقتضى العقد، شرط ينافي مقتضى العقد؛ لأن من تمام أو من مقتضى العقد أن ينتفع البائع بالسلعة كيف شاء وينتفع البائع بالثمن كيف شاء، والمشتري بالسلعة كيف شاء، هذا الأثر المترتب على صحة العقد، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . أجرة، أجرة بيع، سمسرة، إيه سمسرة. طالب:. . . . . . . . . وين؟ طالب:. . . . . . . . . نقول: في شرط ينافي مقتضى العقد فلا يصح البيع، هذا قلنا: إنه وكيل عنه يبيع له بالأجرة هذا شاء أم أبى ما هو ببيع هذا؛ لأنه في شرط ينافي مقتضى العقد، يبطل العقد اللي ما أصرفه أرجعه عليك، هذا ينافي مقتضى العقد، فهو مبطل للعقد.

((ولا بيع ما ليس عندك)) وجاء في حديث حكيم بن حزام حينما سأل النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه يأتيه طالب السلعة وليست عنده فيشتريها له، ثم يبيعها عليه، قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((لا تبع ما ليس عندك)) فلا يجوز البيع قبل تمام الملك، ويزاول الآن في أسواق المسلمين أنه يبرم العقد على المشتري ويأمل له من التجار غداً أو بعد غد، يمكن تجيني بعد أسبوع -إن شاء الله- تجد السلعة جاهزة، هذا باع ما ليس عنده "رواه الخمسة، وصححه الترمذي وابن خزيمة والحاكم" وهو حديث كما قلنا: حسن، "وأخرجه في علوم الحديث" الحاكم في علوم الحديث أخرج الحديث من رواية أبي حنيفة عن عمرو المذكور "عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده بلفظ: "عن بيع وشرط" ومن هذا الوجه أخرجه الطبراني في الأصل، فهو غريب، لكنه لا يكفي أن يقال فيه: غريب، شديد الضعف؛ لأن فيه عبد الله بن أيوب وهو متروك، نعم اقرأ. وعنه قال: "نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن بيع العربان" رواه مالك, قال: "بلغني عن عمرو بن شعيب به". "وعنه" يعني عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، قال: نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن بيع العربان" أخرجه الإمام مالك بلاغاً عن الثقة عنده، عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، والمبلغ مجهول، والثقة عنده مجهول، فالحديث ضعيف، وعمل به الإمام مالك -رحمه الله تعالى-، بل أبطله مالك والشافعي؛ لأنه أكل لأموال الناس بالباطل، إيش معنى العربان؟ العربان والعربون يستعمل الآن، نعم، تأتي لصاحب السيارة وتقول: اشتريت هذه السيارة بمائة ألف وهذه ألف عربون، إن جئتك ببقية الثمن صار هذا الألف من قيمتها، وإن لم آتيك فالألف لك، هذا الألف الذي أخذه صاحب السيارة في مقابل وإلا في غير مقابل؟ في حالة عدم تمام العقد في غير مقابل، ولذا أبطله الإمام مالك والشافعي لهذا النهي؛ ولأنه من أكل أموال الناس بالباطل، نفس الشيء ما في شيء في مقابل هذا الألف، والنهي هنا الحديث عرفنا أنه فيه ضعف، نعم المسألة إذا قلنا: إن الحديث ضعيف، وعرفنا أن الشافعي ومالك عملا به، ويؤيده أن هذا المبلغ لا مقابل له، فهو من هذه الحيثية من أكل أموال الناس بالباطل بدون مقابل، نعم؟

طالب:. . . . . . . . . انتظر، انتظر، هذا القول الثاني، منهم من قال: هذا في حكم الشرط، والمسلمون على شروطهم، وصاحب السلعة متضرر بحجزها، وبتفويت الزبائن، نعم تفويت الزبائن قد يكون من يريد الشراء قصده تفويت الزبائن، نعم يشوف السلعة السيارة يسومها زيد من الناس الذي دراهمه وشيكه في جيبه تسعة وتسعين ألف قال: مائة ألف، وهذا عربون ألف، قصده إيش؟ إلى أن يروح هذا الشاري، بحيث لو دار بها مرة ثانية ما جابت ولا تسعين فيأخذها بأقل، الذي ينظر من هذه الحيثية، وأنه فوت عليه الزبون، وضيع عليه جزء مما هو من حقه من ثمن السلعة، قال: إن العربون صحيح؛ لأنه شرط بينهما، والمسلمون على شروطهم، والحديث ضعيف، ولذا تجدون القضاة في المحاكم منهم من يحكم به، ومنهم من لا يحكم به، بناء على الخلاف بين أهل العلم، ولا شك أن الحكم به فيه قوة وإلا لو لم يوجد مثل هذا يسمونه شرط جزائي في حكم الشرط الجزائي، يعني إن جئت بالثمن وإلا ضاع عليك، مثل ما يتفق مع المقاول على أن يتم بناء المسكن في مدة سنة، لكن إذا ما تم في سنة ترى عليك في كل شهر عشرة آلاف، نعم لولا هذا الشرط الجزائي الذي صححه بعضهم كان تطول المدة، ويتضرر صاحب البيت، وقد يستفيد المقاول من الدراهم التي يأخذها من صاحب البيت في أموره الخاصة، وفي أعماله الأخرى، فهذا الشرط الجزائي صحح لأنه يحفظ الحقوق، ومثله العربون، وفيه قوة لا سيما وأن الحديث ضعيف، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . العربون: هو المقدم من قيمتها بحيث يتفقان على أنه إن كمل القيمة فهو من الثمن، إن لم يكمل ضاع عليه سواء قل أو كثر، لكن ما يتصور عربون بنصف القيمة، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . نعم ما يتصور عربون كبير؛ لأن الناس يحتاطون لأنفسهم، نعم.

وعن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: "ابتعت زيتاً في السوق, فلما استوجبته لقيني رجل فأعطاني به ربحاً حسناً، فأردت أن أضرب على يد الرجل، فأخذ رجل من خلفي بذراعي، فالتفت فإذا زيد بن ثابت, فقال: لا تبعه حيث ابتعته حتى تحوزه إلى رحلك; فإن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نهى أن تباع السلع حيث تبتاع, حتى يحوزها التجار إلى رحالهم" رواه أحمد وأبو داود، واللفظ له, وصححه ابن حبان والحاكم. نعم، يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "وعن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: ابتعت" يعني اشتريت "زيتاً في السوق" الزيت ما يعتصر من الزيتون، أو من السمسم، أو من الشعير، أو من غيره، المقصود أنه ما يعتصر يقال له: زيت، زيت السمسم يسميه الفقهاء؟ هاه؟ شيرج، نعم. "ابتعت زيتاً" يعني اشتريت زيتاً "في السوق، فلما استوجبته" استوجبته يعني بالإيجاب والقبول، قال: بعتك هذا الزيت، قال: اشتريت هذا الزيت، استوجبت يعني تم العقد بالإيجاب والقبول، "فلما استوجبته لنفسي لقيني رجل، فأعطاني به ربحاً حسناً" يعني وهو في مكانه "فأردت أن أضرب على يد الرجل" يعني أن أبيع عليه؛ لأن البيع مثلما تقدم من الباع كل واحد يمد يده هذا يأخذ وهذا يأخذ وهذا يعطي نعم، وأيضاً يقال لها: صفقة لأنه عمل باليدين.

"أن أضرب على يد الرجل" يعني أن أبيع عليه وأخذ الثمن "فأخذ رجل من خلفي بذراعي" وين أنت رايح؟ وين تبي؟ "فالتفت فإذا زيد بن ثابت" ويش المحظور هنا؟ المحظور أنه يبيع الطعام في مكانه من غير أن يحوزه إلى رحله "فإذا زيد بن ثابت قال: لا تبعه حيث ابتعته حتى تحوزه إلى رحلك" الحيازة والقبض الشرعي المعتبر أمر لا بد منه، وإن كان يروج الآن من بعض الناس أن القبض أمر اعتباري، يراد منه التأكد من وجود السلعة وصلاحية السلعة، هذا لا يكفي، بل لا بد من القبض، "لا تبعه حيث ابتعته حتى تحوزه إلى رحلك، فإن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نهى أن تباع السلع" وهذا يشمل الطعام وغير الطعام، وتقدم في حديث ابن عباس التنصيص على الطعام وقول ابن عباس: ولا أحسب أن بقية السلع إلا مثله، مثل الطعام، وهنا جاء العموم: "نهى أن تباع السلع حيث تبتاع حتى يحوزها التجار إلى رحالهم" لا بد من نقلها من مكانها، "رواه أحمد وأبو داود، واللفظ له، وصححه ابن حبان والحاكم" وأقل أحواله أن يكون حسناً، فلا بد من القبض الشرعي المعتبر مع الحيازة، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . ما يكفي حتى يحوزها الثاني، يحوزها المشتري الأول ثم الثاني. طالب:. . . . . . . . . إيش فيه؟ طالب:. . . . . . . . . عندنا حتى يحوزها التجار إلى رحالهم. طالب:. . . . . . . . . لا بد أن يحوزها عن مكان البيع الأول. طالب:. . . . . . . . . الأصل نقلها، الأمور التي لا تفضي إلى منازعات مثل الهبة، نعم لكن الهبة لا تلزم إلا بالقبض، لا تلزم إلا بالقبض، لو قال: وهبتك هذا الكتاب ولا قبضته صار مجرد عدة، له أن ينفذ أو لا، لكن لو قال: وهبتك هذا الكتاب وقبضته العائد في هبته كالكلب لا يجوز العود فيها. طالب:. . . . . . . . . نعم؟ طالب:. . . . . . . . . لا، لا، الحيازة بالنسبة للأمور التي لا يمكن نقلها بالتخلية، وأنت كأنك تريد أن تقول: هل نقل الملكية لها أثر وإلا ما لها أثر؟ يعني الإفراغ ونقل ملكية السيارة هذا قدر زائد على العقد الشرعي، هو زيادة توثقة لا شك، لكن الأصل في العقود الشرعية الإيجاب والقبول، نعم.

وعنه قال: "قلت: يا رسول الله إني أبيع الإبل بالبقيع, فأبيع بالدنانير، وآخذ الدراهم, وأبيع بالدراهم وآخذ الدنانير, آخذ هذا من هذه وأعطي .... من هذا. طالب: نعم؟ آخذ هذا من هذا. طالب: عندي من هذه. هاه؟ طالب:. . . . . . . . . هذه؟ طالب:. . . . . . . . . وش هي هذه؟ آخذ هذا من هذا، وأعطي هذا من هذا. طالب: نعم. أو من هذه الدراهم والدنانير؟ طالب: ما أدري أنا مثبتة؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . هذا اللي عندك، أو أنت راجع إلى الأصول؟ نعم؟ في نسختك يعني، صح؟ لأن النسخ اختلفت الآن، يقول: آخذ هذا المال من هذا الرجل، وأعطي هذا المال من هذا الرجل، المقصود أو من هذه الدراهم والدنانير المعنى واحد ما يختلف. طالب: نعم. علق عليها المحقق؟ طالب: لا هو علق على: "وآخذ بالدنانير". الدراهم، الدراهم هذه. طالب: لا، ما علق. علق عليها غيره؟ هاه؟ طالب:. . . . . . . . . ويش قال؟ طالب:. . . . . . . . . هذا إيه، هو أوضح التذكير أوضح، نعم. وعنه قال: "قلت: يا رسول الله إني أبيع الإبل بالبقيع فأبيع بالدنانير وآخذ الدراهم, وأبيع بالدراهم وآخذ الدنانير, آخذ هذا من هذا وأعطي هذه من هذا? فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا بأس أن تأخذها بسعر يومها ما لم تتفرقا وبينكما شيء)) رواه الخمسة, وصححه الحاكم. يقول -رحمه الله تعالى-:

"وعنه" يعني ابن عمر "-رضي الله عنه- قال: قلت: يا رسول الله إني أبيع الإبل بالبقيع" الحديث مضعف عند أهل العلم، رفعه ضعيف "قلت: يا رسول الله إني أبيع الإبل بالبقيع, فأبيع بالدنانير وآخذ الدراهم, وأبيع بالدراهم وآخذ الدنانير" مقتضى هذا أنه صرف، صرف بوجود المالين أو بوجود أحدهما دون الآخر؟ نعم؟ المالين موجودين، يعني باع جمل بمائة درهم، نعم، فلما أراد الاستيفاء قال: والله ما عندي مائة درهم عندي عشرة دنانير، كلهن موجودات وإلا واحد؟ واحد، صرف في وجود أحد المالين، أبيع بالدراهم وآخذ الدنانير، باع الجمل بمائة درهم جاء ليستوفي الثمن قال: والله ما عندي مائة درهم عندي عشرة دنانير عندي اثني عشر دينار خمسة عشر دينار ثمانية دنانير، صار إيش؟ في حكم الصرف، ومن شرط الصرف أن يكون .. ، ((إذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يداً بيد)) ظاهر وإلا مو بظاهر؟ قلنا: هذا صرف وصرف الدراهم الذي في ذمته بدنانير حاضرة، الدراهم ليست حاضرة، والدنانير حاضرة، إذا قلنا: إن الخبر ضعيف انتهينا من هذا، فلا بد أن يكون المالان الدراهم والدنانير كلها حاضرة، اشتريت بدراهم لا بد أن تدفع دراهم، فإذا دفعت هذه الدراهم، أو كانت بيدك، وأردت أن تأخذ مكانها دنانير، لا بأس، لا بد أن يكون الصرف يداً بيد، يعني قريب من هذا إذا ذهبت إلى صاحب المجوهرات معك ذهب مستعمل، وأنت تريد جديداً، نعم، تريد جديد بعت عليه القديم الجرام الواحد بثلاثين، ووزنه فإذا به أربعين جرام، قيمته ألف ومائتين، وبعت وانتهيت واستقرت القيمة في ذمة المشتري، أردت أن تشتري منه ذهب جديد، هل يلزم أن تقبض قيمة الذهب الأول؟ أو نقول: باعتبارها مقبوضة مثل قيمة البعير؟ فهي في حكم الحاضرة، الآن ما في ذهب بذهب، ذهب بدراهم في ذمته، هو ما هو بيشتري ذهب بذهب، ما قال: خذ هذا الذهب وأعطني جديد، لا، إلا لو كان يداً بيد، وزناً بوزن، لكن هو باع عليه هذه القطعة من الذهب أربعين جرام من ثلاثين بألف ومائتين، اشترى جديد ثلاثين جرام من أربعين ريال بألف ومائتين، قال: خلاص انتهينا، يصح وإلا ما يصح؟ نعم، لا بد أن يكون يداً بيد، ادفع له الألف والمائتين، خذ منه الألف

والمائتين صاحب الدكان، ثم اشترِ منه وابذلها له؛ ليكون يداً بيد. طالب:. . . . . . . . . ويش هو؟ طالب:. . . . . . . . . ما صار يداً بيد، ما قبض. طالب:. . . . . . . . . ولو تم البيع، لا بد أن يكون يداً بيد، ولذا لو صح هذا الخبر لكان فيه مستمسك لمثل هذه الصورة، فيه وإلا ما فيه؟ خلنا نقرر حديثنا الآن؛ لأن الوقت معنا، الآن فيه وجه شبه بينما صورناه وبين ما جاء في الحديث، فيه وإلا ما فيه؟ الآن قيمة الجمل دراهم، قال: ما عندي دراهم خذ دنانير، نعم؟ نأتي إلى صورتنا قال: أنت تحتاج ذهب ليش تأخذ مني ألف ومائتين وأنت تبي لك قطعة من الذهب بألف ومائتين خذ هذه القطعة، نقول: لا بد أن تستوفي القيمة ثم تشتري بها ذهباً جديداً. طالب:. . . . . . . . . ويش هي؟ طالب:. . . . . . . . . فيها خفاء؟ لأن الذهب مستعمل، يستعمله الناس، يستعملوه من غير نكير، يبيع عليه ويأخذ بداله، هذه لا بد من التنبيه عليها، لا بد أن يكون يداً بيد، أنت إذا اعتبرت أن الذهب في مقابل الذهب عين الربا، لكن أنت الآن الدراهم في مقابل الذهب، إذاً لا بد أن يكون يداً بيد، وهنا في صورة الحديث: الدنانير في مقابل الدراهم. "فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا بأس أن تأخذها بسعر يومها ما لم تفترقا وبينكما شيء)) " يعني هل يكفي مجرد أن يحصل هذا في مجلس العقد أو لا بد أن يكون يداً بيد حقيقة؟ لا بد من التقابض حقيقة؟ يعني يكفي في مثل هذا الشيكات؟ بعت عليه ذهب وأعطاك شيك قال: روح اصرفه، يكفي وإلا ما يكفي؟ ما يكفي يا أخي، ما صار يداً بيد، لا؛ لأن الشيك ما هو بعملة، نعم؟ ما هو بعملة هذا الشيك، افترض أنك رحت البنك ولقيته مسكر قال: تجئ يوم السبت صار يداً بيد؟ طالب:. . . . . . . . . لا، لا. طالب:. . . . . . . . . كيف؟ طالب:. . . . . . . . . أنت الآن افترضها في شيك مصدق، خلنا من الشيكات التي يحتمل ردها، قبض وإلا ما قبض؟ قبض القيمة يتصرف فيها كيف شاء؟ ما قبض يا أخي، قبض وثيقة كما لو كتب له بيده: أن عندي لك مبلغ ووقع عليه. اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

كتاب البيوع (5)

بلوغ المرام - كتاب البيوع (5) تابع: باب شروطه وما نهي عنه منه الشيخ: عبد الكريم الخضير السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. يقول: بعض أصحاب الفحول يعني من الجمال والتيوس والثيران إذا طُلب منه الفحل للضراب طلب من المحتاج -يعني صاحب الأنثى- أن يحضر للفحل علف، شعير وبرسيم، فما حكم ذلك؟ هذه أجرته، وهذا عسبه، وهذا ثمن مائه، البرسيم والشعير مال تدفع فيه الدراهم، أما كونه يقول: ما أخذت أجرة، إنما أخذت علف، ولا أخذت مال، ولا أخذت دراهم، نقول: هذا مثل فعل اليهود، أذابوا الشحم وجملوه وباعوه، قالوا: ما بعنا شحم، على كل حال مثل هذا تحايل على النص فلا يجوز. توفي رجل ولديه أسهم في أحد الشركات فهل فيها زكاة؟ وكيف تخرج إذا كانت أكثر من عشر سنوات؟ هذه الأسهم كلما حال عليها الحول تزكى، والزكاة دين الله في المال، ويجب أن يخرج هذا الدين مع ديون الآدميين، وهو في المرتبة الثالثة من مراتب الحقوق المتعلقة بالتركة. الأول: مؤونة التجهيز. والثاني: الديون المتعلقة بعين التركة كالديون بالرهن. والثالث: الديون المطلقة، ومنها حقوق الله -جل وعلا-. والرابع: الوصية. والخامس: الإرث. يقول: رجل اشترى أربعين كيلو ذهب سبيكة بثلاثين كيلو ذهب مصاغ إلى سلاسل وحلق وغيرها من أدوات الزينة، وتكون الزيادة بحكم سعر الصياغة الحاصل على السبيكة .... ؟ هذا عين الربا، ((الذهب بالذهب -مثلاً بمثل- رباً إلا هاء وهاء)) فلا يجوز بيعه إلا مثلاً بمثل يداً بيداً، تجعل السبائك في كفة والمصوغ بعد أن تخرج منه المواد غير الذهب كالخرز ونحوه، فتجعل هذه في كفة وهذه في كفة، فإذا استوى قلب الميزان ولسانه جاز البيع حينئذٍ على أن يأخذ ويعطي، والصياغة لا تحول الذهب من كونه ذهب إلى كونه سلعة، فالصناعة لا تؤثر في حكمه، وهذا قول عامة أهل العلم، وقد أنكر الصحابة على معاوية -رضي الله تعالى عنه- لما باع الجام بأقل من وزنه مقابل الصناعة، وهذا قول ينسب لشيخ الإسلام، المقصود أن عامة أهل العلم على أنه يجري فيه الربا، ولذا القلادة التي فيها خرز جاء الأمر بتصفيتها من هذه المواد التي ليست ذهب لتتم المماثلة.

يقول: وهل ممكن أبيع الذهب بمائتين وخمسين ريال سبيكة غير مشكلة على حلي ووزنها خمسة كيلو مثلاً، ثم أشتري من نفس البائع ذهب مشكل على حلي وزنه ثلاثة كيلو بنفس السعر؟ إذا بعت الذهب غير المصوغ بالريالات، واستلمت القيمة، فاشترِ بهذه القيمة ما يقابلها من الذهب المصوغ، سواءً كان وزن أول المبيع أو لا؛ لأنك الآن ما بعت ذهب بذهب، ولا اشتريت ذهب بذهب، إنما بعت ذهب بدراهم، واشتريت ذهب بدراهم، لكن وعلى كل حال لا بد من التقابض. يقول: ما معنى قوله في حديث ابن عمر "وبينكما شيء"؟ معناه أنه لا يبقى من القيمة شيء، التي تم صرفها في الحال. يقول: ما حكم الأجرة المنتهية بالتمليك؟ هذه شرحناها بالأمس، وقلنا: إن هيئة كبار العلماء أصدروا حكماً بتحريمها، وذكرنا بالأمس أيضاً السبب في التحريم. يقول: هل الضمان محرم علماً بأنه يشمل الصيانة أما التكاليف فهي على المشتري؟ الضمان الذي يؤخذ في مقابله ثمن له وقع في السلعة، يعني إذا كان الجوال مثلاً بدون ضمان بألف، وبضمان بألف ومائتين، فهاتان المائتان في مقابل صناعة مجهولة، وإصلاح مجهول، فيمنع من هذه الحيثية، أما إذا قال صاحب المحل: أنا أبيعك الجوال بألف سواءً أتيتنا به لنصلحه لك، أو لم تأتنا، وليس لها وقع في الثمن، ولا اتخذ قيمة محددة من أجل إصلاحه فلا بأس؛ لأن الإصلاح حينئذٍ يكون تبرع من البائع. يقول: ما حكم الاشتراك في بعض الصالات الرياضية لمدة شهر بمائة ريال، هل هذا يدخل في الغرر أم لا؟ هناك أمور لا بد فيها من الغرر، لا يمكن أن تكون معرفة الثمن، الثمن معروف، لكن معرفة مقابله بدقة مائة بالمائة، استأجرت محل، أنت استأجرت محل، استهلاكك لهذا المحل يعني بما فيه كهرباؤه وماؤه، وهاتفه، لا يدري صاحب المنزل هل تستهلك من الماء عشرة ريالات، أو مائة ريال، هذه أمور تثبت تبعاً، ولا يدري هل تسكن البيت شهراً أو ستكنه سنة، أو لا تسكنه البتة، هذه أمور .. ، وسكنى البيت لا شك أن له أثر على البيت.

تأتي بمفردك إلى المكتب العقاري تقول: بكم هذه الشقة؟ يقول: بعشرة آلاف في السنة تقول: هذا العربون واكتب العقد، وتكتبون العقد، لكن أليس هناك فرق بين أن يسكن في هذه الشقة رجل وزوجته ما عندهم أولاد، أو رجل وزوجته وأولاده العشرة الذين يحدثون الأضرار بالمسكون؟ فهناك تفاوت في استعمال المستأجر، مثل هذا التفاوت يتجاوز فيه؛ لأن مثل هذه الأمور لا يمكن ضبطها كم عندك من الأولاد؟ يمكن يسألك عن أولادك وأنت تبي تستأجر؟ والله أولادك ستة لا، لا بد يصيرون خمسة ما نقدر نأجرك، وأنت تعلم ما يصير مثل هذا، هذه أمور تعارف الناس عليها من غير نكير. وهذا الذي يدخل الحمام مثلاً في وقت في القرون المفضلة كانت الحمامات موجودة، ويدخل الإنسان الحمام، ويستعمله، ويغتسل فيه بأجرة معينة كانت الحمامات موجودة في الشام، وفي مصر، وفي سائر الأقطار، نعم؟ لكن ما يدرى كم يستهلك هذا الذي دخل الحمام، قد يضبط بالوقت يقال: تدخل الحمام لمدة ساعة، تدخل الحمام لمدة نصف ساعة، لكن استهلاك هذا المستأجر للماء ينضبط وإلا ما ينضبط؟ ما يمكن ضبطه، فمثل هذه الأمور يتسامح فيها. فكونه يشترك بمائة ريال في هذه الصالة الرياضية، والمسألة مفترضة في صالة لا محظور فيها، ألعاب يستفيد منها تخفيف الوزن ويسمونه كمال الأجسام والقوة والنشاط هذه يستعملونها، لكن افترضنا أن هذه المسألة في محل لا محظور فيه، فكونه يستعمل هذه الألعاب كلها يستوي مع كونه لا يرغب في لعبة من الألعاب التي تعينه؛ لأن ما كل الناس اتجاههم واحد، فهو متاح له أن يلعب كيفما شاء، كونه تنازل عن بعض هذه الأمور، الأمر لا يعدوه، بعد لو اشترك بمائة ريال ولا حضر إيش نقول؟ ما عليه شيء، يدفع المائة وكونه يحضر هذا الأمر إليه، كما لو اشترى علبة لبن مدتها ثلاثة أيام أربعة أيام، ثم تركها أسبوع نقول: رجعها خلاص فسدت، هو الذي فوت على نفسه هذا الأمر، كيف؟ طالب:. . . . . . . . .

إيه الاشتراك الطبي البون كبير جداً، الاشتراك الطبي لا يتيحون له العلاج بجميع أنواعه، الأمر الثاني هذه المدة هذا الذي اشترك بريال معروف أنه يأتي كل يوم، اتفق على هذا، كونه يتنازل عن هذا نعم الأمر إليه، لكن الاشتراك الطبي لو جاءهم كل يوم يرضون، كل يوم بيكشف يرضون؟ ما يرضون، يرضون إذا مرض، وكونه يمرض أو لا يمرض هذا غيب، احتمال ما يمرض أبداً، واحتمال أن يمرض بمرض عضال يحتاج إلى مائة ضعف مما دفع، بون كبير هذا. يقول: هل يدخل في حديث أبي هريرة: "نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن بيع الحصاة -انتبهوا يا الإخوان- الحصاة بذاتها؟ بيع الحصاة واحدة الحصا، يعني أنت جالس بمنى في خيمتك جمعت لك سبعة آلاف حصاة، وكل سبع بريال، هذه السبعة الآلف تبي. . . . . . . . . نهى عن بيع الحصاة عموم الحديث يشمل مثل هذا؟ لا، لا؛ لأن الحصا تستعمل استعمال مباح، يمكن هناك حصا للبناء، خرسانة وإلا شيء نقول: هذا الحصا لا يجوز بيعه؟ يقول: الغرر الموجود في البوفيه المفتوحة يسير ومغتفر أو لا؟ لا ليس بيسر ولا مغتفر؛ لأن الناس منهم من يأكل عشرة أضعاف غيره. طالب:. . . . . . . . . . . . . . . . . . وماشي بإذن الله. كثير من الإخوان يرسل ورق عتاب يقول: إني أرسل أسئلة ولا تجيبون عليها. لكن الأصل الإجابة على الجميع متعذر، الإجابة على جميع الأسئلة متعذر، لكن سليمان ينتقي منها، ونحن كذلك. هذا سؤال من الإنترنت وهذا سؤال من النساء ونختم بهما. يقول أبو سارة من المملكة العربية السعودية: الحديث إذا كان من كلام جبريل -عليه السلام- فمن أي أٌقسام الحديث؟ كلام جبريل يكون من الحديث المرفوع بالإقرار النبوي، يكون من قسم التقرير، إذا صح سنده وألقاه جبريل، كيف نعرف أن جبريل قال هذا الكلام؟ نعم؟ هل يقوله لأبي بكر؟ هل يقوله لعمر؟ هل يقوله ... ؟ إنما يقوله للنبي -عليه الصلاة والسلام- فإذا أقره النبي -عليه الصلاة والسلام- اكتسب الرفع من هذه الحيثية. يقول من ألمانيا: هل يجوز سداد دين بالربا بفوائد البنك؟ لا يجوز بحال، تسديد الدين لا بد أن يكون بطريقة شرعية. الغزالي من المملكة العربية السعودية: ما حكم بيع التقسيط؟

بيع التقسيط إذا اشترى سلعة يحتاجها وإلا فالانهماك في الديون جاء التحذير منه، ومن أخذ أموال الناس تكثراً جاء الوعيد عليه، لكن من احتاج إلى سلعة فاشتراها بالتقسيط، {إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ} [(282) سورة البقرة] لا بد أن تكون السلعة مما يجوز بيعها، وتباح منفعتها، والثمن معلوم، والأقساط معلومة، والآجال معلومة. يقول: أبو عبدا لعزيز المملكة العربية السعودية: هل سكرة الموت تكون لكل أحد؟ هذا هو الأصل، والنبي -عليه الصلاة والسلام- أثبت: ((إن للموت لسكرات)) وقال النبي -عليه الصلاة والسلام-: "أنه يوعك كما يوعك الرجلان منكم" قال ابن مسعود: "ذلك أن لك أجرين؟ قال: ((أجل)) جاء في الشهيد أن سكرة الموت تخفف عليه، على كل حال مثل هذا ليس بعلامة تشديد السكرة على الإنسان وتخفيفها لا يدل على فضل ولا على عدمه؛ لأن تشديد السكرة عليه قد يضاعف له به الأجور، والنبي -عليه الصلاة والسلام- يوعك كما يوعك الرجلان منكم؛ لأن له أجرين، فإذا وعك كما يوعك الثلاثة صار له ثلاثة أجور وهكذا، وإذا خف عليه الأمر لا شك أن هذا مما يعاقب به الإنسان، فترفع به، أو ترفع به درجاته، إما تكفر به سيئات كانت عنده، وإلا ترفع درجاته كما هو شأن النبي -عليه -الصلاة والسلام-. سم. بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه أجمعين. اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين والمستمعين، برحمتك يا أرحم الراحمين، أما بعد: قال المؤلف -رحمه الله تعالى-: وعنه قال: "نهى -صلى الله عليه وسلم- عن النجش" متفق عليه. الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "وعنه" يعني ابن عمر صحابي الحديث السابق "قال: نهى -صلى الله عليه وسلم- عن النجش" بسكون الجيم مصدر نجش ينجش نجشاً مثل ضرب يضرب ضرباً، والمقصود به في الأصل تنفير الصيد واستثارته من مكانه ليصاد، لكي يتبين، إذا كان مختفياً وراء شيء لا يمكن صيده يثار من أجل أن يتبين وينجش؛ ليتضح أمره فيصاد.

وهو في الشرع: الزيادة في السلعة ممن لا يريد شراءها، إما لنفع البائع أو للإضرار بالمشتري، تأتي إلى سلعة تباع سيارة يحرجون عليها في المعارض ثلاثين ألف تقول: واحد وثلاثين ألف وأنت ما تبي السيارة، ولو باعوا عليك وأنت في مجلس الخيار تقول: والله ما لي رغبة، تريد أن يقال: اثنين وثلاثين، تقول: ثلاثة وثلاثين، ويقال: أربعة وثلاثين وهكذا، وأنت لا تريد شراءها إما لتنفع صاحب السيارة، أو لتضر المشتري، فإن كان باتفاق مع البائع اشتركا في الإثم، والنهي هنا للتحريم، وإن كان من غير اتفاق مع البائع فيستقل الناجش بالإثم إذا حصل العقد على هذه الكيفية، وعلى هذه الصورة، أحياناً يكون عكس هذا، يضر البائع يؤتى بالسلعة فيتفق الحاضرون ممن يريد شراء هذه السلعة على عدم الزيادة فيها ليشتركوا فيها، سيارة بخمسين ألف كم نقول: عشرين ألف، والثاني يقول: واحد وعشرين، ويوقفون على هذا، ما تجيب أكثر من هذا، وكل واحد يدلي برأيه ترى ما تسوى أكثر من هذا، بع على الرجل لا يفوتك، هذا إضرار بالبائع وهو أيضاً لا يجوز، لكن الذي يهمنا الزيادة الذي هو النجش.

النجش إذا حصل السيارة تستحق خمسين ألف، فقال الناجش: واحد وخمسين، قال الثاني: اثنين وخمسين وأوصلوها إلى سبعين ألف، ثمانين ألف، واشترى هذا المسكين الذي غرر به؛ لأن بعض الناس يشتري بالتقليد، يشتري بالتقليد ما يعرف الأسعار، ولولا أنها تستحق ما سيمت تسعة وسبعين ألف إلا أنها ... أنا بحاجة إليها أزيد زيادة يسيرة فهي تستحق هذا الثمن، إذا اشتريت هذه السيارة التي لا تستحق إلا خمسين ألف بسبعين ألف أو ثمانين ألف، فهل البيع صحيح أو باطل؟ وإذا صحح هل يثبت الخيار للمشتري أو لا يثبت؟ الإثم حاصل، نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن النجش، من حيث الصحة وعدم الصحة المسألة خلافية بين أهل العلم، الظاهرية عندهم أن كل نهي يقتضي الفساد، كل نهي يقتضي الفساد، وعلى هذا البيع الذي تم بهذه الصورة فاسد، وهو عقد باطل تُرد السلعة به، إذا اطلع المشتري على حقيقة الحال يرد السلعة، فالعقد باطل عندهم؛ لأن كل نهي يقتضي الفساد، وهذا قول عند الحنابلة، وهو معروف أيضاً عند المالكية، لكن القاعدة في مثل هذا أن النهي إذا عاد إلى ذات المنهي عنه، ذات المنهي عنه بيع خمر مثلاً، أو بيع كلب، أو بيع خنزير عاد إلى ذات العقد باطل، أو إلى شرطه، عاد النهي إلى شرط العقد يبطل، إذا عاد إلى أمر خارج يصح العقد مع الإثم، ومثلنا لهذه القاعدة بأمثلة مرت بنا مراراً من أوضحها سترة العورة الذي هو شرط لصحة الصلاة بثوب مغصوب، أو بثوب حرير بالنسبة للرجال الصلاة صحيحة وإلا باطلة؟ نعم؟ ستر العورة ويش يصير بالنسبة للصلاة؟ شرط، عاد النهي إلى الشرط، الصلاة صحيحة وإلا باطلة؟ طالب: باطلة.

باطلة لأنه عاد إلى شرط العبادة، لكن إذا عاد إلى أمر خارج صلى وعليه عمامة حرير هل عاد إلى ذات العبادة أو إلى شرطها؟ عاد إلى أمر خارج فصلاته صحيحة، هنا عاد إلى أمر خارج، وعلى هذا يصح العقد عند جمع من أهل العلم، لكن له الخيار إذا عرف أنه زيد عليه له الخيار، فهو مغرر به، لو كانت الزيادة من غير نجش، وسيأتي هذا في باب الخيار يثبت الخيار مطلقاً وإلا لا؟ في النجش هذه يثبت الخيار مطلقاً، مثل المصرات، لكن لو كانت الزيادة فاحشة، الثلث فأكثر يثبت الخيار للزيادة الفاحشة، أما لو كانت أقل من الثلث وليس هناك نجش، وليس هناك تغرير، كم هذه السيارة؟ بسبعين ألف، ثم لما اشترها وجدها ما تسوى إلا خمسين، نقول: الزيادة لا تبلغ الثلث فلا تستحق الإقالة ولا الخيار، ظاهر الفرق وإلا مو بظاهر؟ فهم يحددون الزيادة التي فيها خيار الغبن بالثلث، فإذا كان الثلث فأكثر له الخيار، وإذا كان دون ذلك فلا خيار له، لكن مع وجود مثل هذا النهي من النجش المحرم يثبت له الخيار، ولو كانت الزيادة أقل من الثلث، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . لقوله -عليه الصلاة والسلام- الثلث والثلث كثير، هذا اتخذ قاعدة في كثير من الأبواب، من أجل هذا القول منه -عليه الصلاة والسلام-، في حكم النجش فيما لو زاد فهو من حقيقته فيما لو زاد صاحب السلعة، أو زاد الدلال السمسار، كم نقول السيارة؟ خمسين ألف، قال الدلال راح يمين يسار واحد وخمسين، واحد وخمسين، ما في أحد قال: واحد وخمسين، أو صاحب السلعة تنكر وجاء يزود أو ما هو معروف عند الحاضرين وصار يزيد فيها، هذا إيش؟ من حقيقة النجش، شخص جاء بسيارته وحلف بالله أنها سيمت بسبعين ألف هذا في حكم النجش، وهذا -نسأل الله العافية- لو حلف على ذلك، حلف أنها سيمت بمبلغ كذا، المنفق سلعته بالكذب -نسأل الله العافية- باليمين الكاذبة، {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلاً} [(77) سورة آل عمران] يدخل في هذا، بل قيل: إنه سبب نزول الآية، نعم.

وعن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- "أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عن المحاقلة, والمزابنة, والمخابرة, وعن الثنيا إلا أن تُعلم" رواه الخمسة إلا ابن ماجه, وصححه الترمذي. وعن أنس -رضي الله عنه- قال: "نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن المحاقلة, والمخاضرة, والملامسة, والمنابذة, والمزابنة" رواه البخاري. هذان الحديثان اشتملا على النهي عن صور من البيع، ففي حديث جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- أن النبي -عليه الصلاة والسلام- "نهى عن المحاقلة" والنهي عنها أيضاً في حديث أنس، وهي مفاعلة، محاقلة، والمراد بها في تفسير جابر راوي الحديث أنها بيع الرجل الزرع بما يعادله من الحنطة، وهو زرع حنطة، لكنه في سنبله يبيعه بما يعادله من الحنطة، وسبب النهي عدم العلم بالتماثل؛ لأن الحنطة يبست وصار لها كيل معين، ووزن معين، أما ما دام الحب في سنبله لا يمكن الاطلاع على حقيقة مقداره بدقة، فلا يمكن التماثل، والجهل بالتساوي عند أهل العلم في هذا الباب في باب الربا كالعلم بالتفاضل، الجهل بالتساوي كالعلم بالتفاضل. "نهى عن المحاقلة والمزابنة"، المزابنة مأخوذة من الزبن، وهو الدفع الشديد، وهي بيع التمر، وهو على رؤوس النخل بالتمر الجاف كيلاً، هذه المزابنة تشتري عشر عشرين ثلاثين نخلة، يعني تمر هذه النخل وهو على رؤوسها، أو على الأرض وهو رطب بما يقابله من الجاف، وهذا ممنوع كسابقه، وقد قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((أينقص الرطب إذا جف؟ )) قالوا: نعم، قال: ((فلا إذاً)) لماذا؟ لأنه لا بد من التساوي؛ لأن التمر ربوي لا بد فيه من التساوي، فإذا كان أحدهما رطباً والثاني جاف لا يمكن تحقق التماثل. والمخابرة: المعاملة على الأرض ببعض ما يخرج منها من الزرع، وهي المزارعة؛ لأن المخابرة إما مأخوذة من الخبرة؛ لأن الذي يزرعها خبير بالزرع، وصاحب الأرض ليست عنده خبرة، كما هو العادة، أو لأن أول هذه المعاملة إنما حصلت بخيبر.

المزارعة تعطي زيداً من الناس أرضاً، عشرة آلاف متر، عشرين ألف متر، وتقول: ازرعها على بعض ما يخرج منها، ازرع لي هذه الأرض وصفِ لي بالسنة خمسمائة صاع، أو لي النصف الشمالي من الأرض، ما يخرجه النصف الشمالي من الأرض، نعم؟ هذا النوع الممنوع من المزارعة، وهو الذي جاءت به النصوص، احتمال أن الأرض لا تخرج خمسمائة، أو تخرج خمسمائة فقط، فيكون عمل المزارع هباء، فيتضرر بذلك، إذا قال: لي النصف الشمالي ولك النصف الجنوبي احتمال أن النصف الشمالي ينتج والجنوبي ما ينتج، أو العكس، فيحصل الضرر بأحدهما، والضرر ممنوع في الشرع، لكن إذا كانت المزارعة والمخابرة على جزء مشاع، على ربع نصف ما تنتجه الأرض مثلاً، على الربع، على النصف، لا بأس، وعلى هذا تنزل نصوص الجواز؛ لأنهما في هذه الحالة يشتركان في الغنم والغرم، إذا تضرر صاحب الأرض تضرر صاحب الزرع، ما يتضرر أحدهما على حساب الثاني، فإذا أنتجت هذه الأرض عشرة آلاف صاع، فلصاحب الأرض النصف وللمزارع النصف، أنتجت هذه الأرض مائة صاع لصاحب الأرض النصف وللمزارع النصف، فيشتركان في الغنم والغرم، وهذه هي الصورة الجائزة من المزارعة. "عن الثنيّا" والمراد بها الاستثناء، وقد تخفف فيقال: ثنيا، ويراد بها الاستثناء في حديث ماعز اعترف عند النبي -عليه الصلاة والسلام- بالزنا، اعترف، ثم ثنى ذلك عليه مراراً؛ لأنه لو قلت: ثنى صارت مرتين فقط، ولذلك ضبط الكلمة ثنى يعني كرر مراراً، وهنا هي ثني يعني استثناء هذا هو الأصل وقد تخفف. "إلا أن تُعلم" لا بد أن يكون الاستثناء معلوماً، بعتك هذه البضاعة إلا كذا، لا بد أن يكون معلوماً، بعتك هذه الصبرة إلا عشرة أصواع، عشرين صاع، بعتك هذه البضاعة إلا ربعها، يكون معلوم، لكن لو قال: بعتك هذه إلا بعضها، بعتك هذه البضاعة إلا بعضها، يصح الاستثناء وإلا ما يصح؟ لا يصح؛ لأن المستثنى غير معلوم، والبعض متردد بين أدنى شيء، وبين أكثر شيء، وإن كان بعضهم يقف في الاستثناء على النصف، ولا يجيز استثناء أكثر من النصف، المقصود أن مثل هذه الأمور لا بد من أن تكون معلومة لئلا توقع في الخصومة والشجار والنزاع.

"إلا أن تُعلم" هذا استثناء تعقب جمل، فعوده على آخرها متفق عليه، عن الثنيا إلا أن تعلم، لكن هذا الاستثناء إلا أن تعلم هل يعود على الجمل السابقة، نهى عن المحاقلة إلا أن تعلم، نهى عن المزابنة إلا أن تعلم، نهى عن المخابرة إلا أن تعلم، نهى عن الثنيا إلا أن تعلم، يعني الاستثناء المتعقب للجمل المتعددة هل يعود إليها جميعها أو إلى الأخير فقط؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . إيه لكن كيف نعرف أنه رجع في هذا إلى الأخير أو إلى الأول أو إلى الثاني؟ طالب:. . . . . . . . . نهى عن المحاقلة إلا أن تعلم ويش صار؟ نهى عن المزابنة إلا أن تعلم، كيف؟ طالب:. . . . . . . . . إلا أن تعلم، نهى المحاقلة إلا أن تعلم، معلوم أن الزرع معلوم قدامك، والآصوع معلومة من .. ، كلها معلومة. طالب:. . . . . . . . . لا، لا، هذه الأمور فاعلها ضمير مستتر يعود إلى مثنيات، مثنيات مجازية يجب أن يؤنث، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . لكن هل هناك قاعدة تضبط هذا الأمر وإلا ما في قاعدة؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . في مثال رددناه مراراً، وهو قوله -جل وعلا- في القذف، القاذف، القذفة جاء في حكمهم، جاء فيهم ثلاثة أمور، {فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ * إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا} [(5) سورة النور] يعني هذا الاستثناء يعود إلى الثلاث الجمل، أو إلى الأخيرة فقط؟ أم ماذا؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . فقط، الجلد الحد إجماعاً لا يسقط؛ لأنه حق آدمي، الفسق يرتفع اتفاقاً، الوصف بالفسق يرتفع اتفاقاً، لكن الجملة الوسطى يتناولها الاستثناء أو لا يتناولها؟ تقبل شهادته وإلا ما تقبل إذا تاب؟ طالب:. . . . . . . . .

إذا ارتفع الفسق الذي هو سبب رد الشهادة يعني عدنا إلى قبولها، وهذه حجة من يقول: إنه يعود إلى الجملتين، أما من يقول وهو قول موجود عند أهل العلم، وكثير من أهل التحقيق يميلون إليه، وأن شهادته تبقى مردودة، والاستثناء لا يعود إلا للأخيرة، نعم، ولقوله: {وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا} [(4) سورة النور] قرن بالتأبيد، نعم؟ مع أنه لو قرن بالتأبيد هل التأبيد معناه الدوام على هذا التأبيد، أو معناه طول أمده؟ نعم؟ أو تعليقه بوصف يرفعه كما هنا؟ {وَلَن يَتَمَنَّوْهُ أَبَدًا} [(95) سورة البقرة] مع أنه جاء: {وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ} [(77) سورة الزخرف] المقصود أن التأبيد هل معناه التأبيد المستمر أو أن معناه في الأصل طول الأمد؟ طالب: الثاني.

لكن أنت افترض أن هذا الشخص حتى لو قلنا: إنه طول الأمد كما يقول بعضهم، نعم، حتى لو قلنا هذا لو أن شخصاً قذف محصنة، وشهد عليه الشهود وجلد، ثم تاب وحسنت توبته من الغد، ما في طول أمد، نقبل شهادته وإلا ما نقبل؟ الأصل أن الذي ترد شهادته بالنص .. ، الذي تقبل شهادته العدل، والذي يقابل العدل الفاسق، {إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا} [سورة الحجرات: 6] فتثبتوا، يدل على أنه إذا لم يتحقق هذا الوصف الذي رُتب عليه عدم قبول الشهادة إذا ارتفع ارتفع حكمه وتقبل الشهادة، والمسألة خلافية، وإذا قررنا هذا عرفنا هذا، وهو أنه استثناء تعقب ثلاث جمل عاد إلى الأخيرة بالاتفاق، ولم يعد إلى الأولى بالاتفاق، والثانية هي محل الخلاف، نرجع إلى عندنا؛ لأنه يوضح ما عندنا، نقول: الاستثناء يعود إلى الأخيرة اتفاقاً: "عن الثنيا ألا تعلم" لكن هل عوده إلى الأولى يرفع النهي؟ هذه محاقلة معلومة، وقلنا عن المحاقلة في تفسير جابر: الرجل يبيع الزرع بجنسه، الزرع من الحنطة في سنبله بحنطة جاهزة للأكل، هل نستطيع أن نقول: إلا أن تعلم يمكن أن يعود إلى هذا؟ لأن لو علمت ما صارت محاقلة، فلا يمكن العلم بها، لا يمكن أن نعلم بدقة ما التساوي مع المبدل منه، فهذه الجملة لا تعود إلى الجملة الأولى: نهى عن المحاقلة؛ لأن هذا الشرط لن يتحقق، ولو تحقق ما صارت محاقلة، وقل مثل هذا في المزابنة والمخابرة. وفي حديث أنس: "نهى عن المحاقلة" وهذه تقدمت، والمخاضرة: المخاضرة قالوا عنها: إنها بيع الزروع والثمار وهي خضراء، لم يبدو صلاحها، زرع أخضر ما بدا صلاحه، على رؤوس النخل ثمره وهو أخضر، لم يبدو صلاحه، قبل أن يزهي، وبدو الصلاح إنما يكون بإيش؟ إن يحمر أو يصفر، وبدو الصلاح في العنب أن يتموه حلواً، وبدو الصلاح في الحب أن يشتد، فإذا بيع قبل هذه الصلاحية للاستعمال فإنه يكون حينئذٍ من باب المخاضرة من وصفه، الغالب أن لونه أخضر في هذه الحالة، الزرع أخضر، ثم النخل أو طلعه أخضر، والعنب أخضر، في هذه الحالة.

والملامسة: الملامسة تأتي إلى صاحب سلعة وتقول: أي شيء أو أي سلعة ألمسها يقوم لمسها مقام رؤيتها يكفيني اللمس، في ظلام مثلاً ويعطيك الثوب تلمسه تقول: شريت، أو يعطيك الثوب وهو مصفود، مصفد، تلمسه تقول: خلاص اشتريناه من دون أن تنشره، هذه ملامسة، وفيها غرر وجهالة، نعم لأن اللمس وحده لا يكفي، اللمس وحده لا يكفي، طيب ماذا عن بيع الأعمى، وشراء الأعمى، الأعمى وسيلته؟ عنده وسيلة غير اللمس؟ نعم؟ كيف؟ طالب:. . . . . . . . . طيب الوصف نعم الوصف لكن المسألة الوصف يصلح حتى في حال الظلام، جاء في حال الظلام بثوب وقال: صفته كذا وكذا وكذا، ثم إذا أصحبت إن طابق الوصف وإلا فخيار الخلف في الصفة، هل من هذا النوع الأعمى؟ لا بد أن يوصف له وصف دقيق، ثم إن بان غير ذلك .. نعم؟ طالب:. . . . . . . . . الأعمى؟ طالب:. . . . . . . . .

لكن أن افترض أن أعمى اشترى ثوب ولمسه ووجده من النوع الذي يريد ووضعه في أبطه ومشى، لما لبسه إذا به إلى حد الركبة، يرجعه وإلا ما يرجعه؟ إذاً ما يكفي اللمس، طيب افترضنا المسألة في أعمى في غاية النباهة، الآن كثير منهم يعرف العملات المختلفة، نعم يعرف تعطيه ورقة يقول لك: هذه خمسمائة، نعم، هذه خمسمائة، تعطيه ثانية يقول لك: هذه مائة، تعطيه ثلاثة يقول لك: هذه عشرة، وبعضهم عنده طريقة إذا أعطيته العملة وضعها في يده هكذا، يعرف مقاسها، وبسرعة فائقة، يعرف إذا وصلت إلى هذا الحد فهي كذا، ويعرف يقيس الثوب، يعني عنده نباه، بل ذكروا أشياء قد لا يهضمها كثير من الناس، وهي بالفعل حقائق، فالأعمى الذي من هذا النوع في غاية النباهة، يمكن أن يقول: أنا والله ما دريت وهو قايس وشايف طوله وعرضه ويمين ويسار، ولونه، حتى قال بعضهم: الألوان يدركها بعضهم، فالمسألة مسألة كيفية الحصول على حقيقة الشيء، وإدراك حقيقته بدقة، فإذا كان هذا الأعمى من النوع الذي عرف بأنه أبصر من المبصرين يكفي اللمس، ويقيس عرضه وطوله، نعم، هل نقول: إن هذا يكفي؟ أو نقول: إن هذا في حكم الملامسة وله الخيار؟ نعم؟ لأنه اشترى بهذه الطريقة التي جاء النهي عنها، فله الخيار؛ لأنه اشترى بالطريقة التي جاء النهي عنها، وفي مثل هذه الحالة ما يترك الأمر لاختلاف الأفراد، يعطى قاعدة عامة، ولذا يرى جمع من أهل العلم أن شراء الأعمى موقوف على الإجازة، مثل الشراء بالصفة، فإذا اختلف الوصف له الخيار، كمن يشتري سلعة غائبة، أو في ظلام لا يمكنه التحقق والتأكد منها، ومنهم من نظر إلى بعض العميان، وأن عندهم من النباهة ما ليس عند المبصرين، وقال: إن هذا بإمكانهم أنه يتأكدوا مما يريدون وأجازوا شراء الأعمى، لكن لو ادعى أنها خرجت على خلاف ما يريد، ادعى أنها ظهرت على خلاف ما يريد، طيب افترض أنه يريد ثوب له ليلة العيد، جاء يشتري ثوب، فأعطي ثوب امرأة، المادة واحدة، صوف، كله صوف، لمسه وقال: والله صوف طيب، أعطني إياه، وشاله، ووصل البيت فإذا هو .. ، هذا لا إشكال في كونه يرد، نعم؟ كونه توصف له السلعة من قبل البائع ثم يتبين أنها على خلاف الوصف هذا أيضاً لا إشكال في كونه يرد،

لكن إذا تأمل في السلعة ونظر فيها من جميع الوجوه، ووصفت له، ووجد الوصف مطابق، هل نقول: إنك اشتريت بالملامسة؟ نعم؟ لا مثل هذا يلزم البيع إذا وجدت المطابقة. "والمنابذة" أنبذ لي ثوبك، وأنبذ لك ثوبي؛ لأن هذه الصيغ كلها مفاعلة الأصل فيها أن تكون من طرفين، أي ثوب نبذته إليك فهو عليك بكذا، وأي ثوب نبذته علي فهو علي بكذا، والمزابنة تقدمت. طالب:. . . . . . . . . يشترط عدم الترجيع ما يملك؛ لأن هناك خيار العيب فإذا وجد العيب ترد، خيار الخلف في الصفة. طالب:. . . . . . . . . وين؟ إيه، لا، لا، لكن بعضهم يشترط مدة معلومة للترجيع، يعني يقول: خلال أربعة وعشرين ساعة ترجعه، ما عدا ذلك فلا، فإذا كان يتمكن من النظر في السلعة، وقبل المدة صحت، نعم، لكن إذا كان لا يتمكن من النظر فيها خلال أربعة وعشرين ساعة، ولا تبين عيوبه إلا بمدة أكثر من ذلك يحتاج إلى المدة الكافية. طالب:. . . . . . . . . يشتري بقيمتها سلعة أخرى، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . كيف؟ طالب:. . . . . . . . . اشمغة. طالب:. . . . . . . . . يعني إذا قيل له إيش؟ قال: أريد شماغ مقاس ستين مثلاً، فأعطى شماغ مقاس إيش؟ ستين؟ طالب:. . . . . . . . . إيه لكن نوعية الشماغ وماركته. طالب:. . . . . . . . . وتبين أن في قيمته غبناً، كون الإنسان يفرط في حال الشراء لا يعذر، يعني جاء المحل قال: بكم الشماغ؟ قال: بمائة، ثم طلع ووجده يباع ثمانين. . . . . . . . . يفرط، ما يعذر، لكن إن كان فيه عيب لك خيار العيب، إن كان فيه غبن ما يسوى إلا خمسين يمديك ترجعه بخيار الغبن، أما أن تسترسل وتشتري من غير تأمل هذا العهدة عليه، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . نعم الإلزام بالاستبدال، الأصل أنه يستحق القيمة، هذا الأصل، ولو طالبه لألزمه بدفع القيمة، كونه يشتري به بضاعة أخرى مما يحتاجه هذا الأمر إليه، ولو ألزمه دفع القيمة للزمه إذا كان له الخيار، أما خيار غبن، أو خيار عيب، وإلا خيار خلف، أو أي نوع من الخيار، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . ويش هو؟ طالب:. . . . . . . . .

ويش فيها؟ يعني أنت اشتريت شريط وسمعته وانتهيت منه، أو اشتريت شريط ووجدت التسجيل فيه رديء نعم تعيده إلى صاحبه، وتأخذ مثله بقيمته؛ لأن هذا عيب، نعم يا سليمان. وعن طاوس عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا تلقوا الركبان, ولا يبيع حاضر لباد)) قلت لابن عباس: ما قوله: ((ولا يبيع حاضر لباد?)) قال: لا يكون له سمساراً" متفق عليه، واللفظ للبخاري. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى- ... الحديث الثاني مثله. طالب:. . . . . . . . . ويش هو؟ هاه؟ طالب:. . . . . . . . . المنابذة قلنا: إن يقول أحدهما لصاحبه: أي ثوب نبذته إلي فهو علي بكذا، أو أي ثوب أنبذه لك فهو عليك بكذا. الحديث الثاني الذي يليه. وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا تلقوا الجلب، فمن تلقي فاشتري منه فإذا أتى سيده السوق فهو بالخيار)) رواه مسلم. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى- في الحديث المتفق عليه: "عن طاوس" وهو ابن كيسان "عن ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا تلقوا الركبان)) " والحديث الذي يليه: ((لا تلقوا الجلب)) يعني من يجلبون السلع إلى البلدان سواء كانت من القرى أو من البوادي.

((لا تلقوا الركبان)) يعني حتى تصل هذه السلع مع ركبانها -مع جلبها- إلى السوق، والنهي عن تلقي الركبان ينظر فيه إلى الجالب –الراكب- وينظر فيه أيضاً إلى مصلحة أهل السوق؛ لأن المتلقي هذا يريد فائدته فقط، بغض النظر عن فائدة الجالب وبعض النظر عن فائدة أهل السوق، فيشتري هذه السلعة من هذا الجالب قبل أن يعرف الجالب ما تستحقه من قيمة وبعض النظر عن مصلحة الجالب، ثم يبيعها بالسوق، فلا يستفيد لا الجالب ولا أهل السوق، والشرع نظره إلى المصالح، مصالح جميع الأطراف، والمصلحة العامة مقدمة على المصلحة الخاصة، فيترك الجالب والركبان إلى أن يصلوا إلى السوق، فإذا وصلوا إلى السوق وعرفوا الأقيام والأسعار، ثم باعوا على بينة وعلى بصيرة سواء كان بسعرها أو بأقل، وحينئذٍ ينتفع الناس كلهم، ولا يتضرر الجالب؛ لأنه إذا تلقي والسلعة تستحق ألف، ثم قال هذا المتلقي: سلعتك لا تستحق إلا خمسمائة، ووثق به الجالب، تضرر الجالب، فهل يبيعها هذا المتلقي في السوق بخمسمائة وخمسين، أو ستمائة وهي تستحق ألف؟ يبيعها بألف، وحينئذٍ يتضرر الجالب ولا يستفيد أهل السوق، لكن إذا جلب صاحب السلعة من البادية، أو من القرى ببضاعته، ثم وصل إلى السوق وعرف أن هذه السلعة تستحق كذا باعها بما تستحق أو بنازل يسير واستفاد من يشتري منه، دعوا الناس يرزق الله بعضهم من بعض، أما أن يحصل الضرر الكبير بالجالب أو بأهل السوق فلا، وهذا هو سبب النهي عن التلقي. التلقي من أين يبدأ؟ من خارج السوق أو من خارج البلد؟ أو المسألة مربوطة بما يعرف به السعر؟ يعني لو جاء واحد جلب عليكم بضاعة ووقف بطرف الدمام وسأل كم تسوي هذه؟ ما يدرون، يدرون كم تسوى؟ حتى ينزل إلى السوق الذي هو محل البيع والشراء؟ نعم؟ المقصود ألا يتلقى قبل المكان الذي يعرف به الثمن، ويرتفع به الغرر، يعني لو قبل السوق بشارع واحد، وسأل، نعم، هذا شخص معه سمن، أو صل إلى شارع قبل سوق السمن، شارع كله اتصالات وأجهزة وسألهم ما يدرون لا يجي بألف ولا ريال، يحصل به العلم بالسعر؟ ما يحصل به حتى يصل إلى المكان الذي يعرف به السعر بحيث لا يغبن.

((ولا يبيع حاضر لباد)) لا تلقوا أصلها لا تتلقوا الركبان، جمع راكب ويستوي في ذلك الواحد والجماعة، لكن هم في الغالب إنما يدخلون جماعة، وفي الغالب يدخلون ركبان، لكن لو جاءوا على الأقدام مشاة، نعم ومعهم سلع يجوز تلقيهم وإلا ما يجوز؟ لا ما يجوز؛ لأن هم في الغالب يقدمون هكذا، والأمر جرى على الغالب. ((ولا يبيع حاضر لباد)) حاضر لباد، وفيه ما فيه الذي قبله، ((لا يبيع حاضر لباد)) بل يترك البادي ينزل إلى السوق ويبع لنفسه ليستفيد ويستفاد منه، لكن إذا كان لا يعرف يبيع هل معنى هذا أنه يترك ولا يعان على بيع سلعته بأجرة أو تبرع؟ لأن البيع بيع الحاضر للبادي إذا نزل بسلعته إلى السوق ثم جاء هذا الحاضر إلى هذا الباد وقال: أبيع لك سلعتك، وأصير دلال سمسار بالأجرة، نعم؟ قال: أبيع لك بالأجرة. ولذا يقول ابن عباس، قلت لابن عباس: ما قوله: ((ولا يبيع حاضر لباد؟ )) قال: لا يكون له سمساراً". والبخاري -رحمه الله تعالى- ترجم على هذا الحديث وقيد النهي بالأجرة، باب: لا يبع حاضر لباد بأجرٍ، نعم فدل عل أنه لو تبرع جاز، يعني من باب أنه يخدم أخاه بغير مقابل، ومثل هذه الأمور ينبغي أن تسود بين المسلمين فيحصل بينهم التعاون من غير مشاحة ولا مقابل، لكن هل الأجرة لها أثر إذا نظرنا إلى حقيقة الأمر؟ ما العلة في النهي عن بيع الحاضر للبادي؟ نعم؟ العلة أن يستفيد أهل السوق؛ لأنه إذا تولها الحاضر الذي يعرف الثمن بدقة ما استفاد الناس، وهذا البادي في الغالب لن يخسر على أي حال، هذا البادي هو الذي صنع هذه السلعة، أو استخلص هذا السمن، أو صنع هذا الأقط أو غيره، فإذا باعه على الناس واستفادوا منه كلهم حصل المراد الشرعي، فكون الإنسان يتولى البيع الحاضر الذي يعرف الثمن بدقة فيستفيد البائع دون سائر الناس لا يتحقق الهدف الشرعي من نهي البيع الحاضر للبادي، نعم؟ طالب:. . . . . . . . .

((ولا يبيع حاضر لباد)) من أهل العلم من يرى أن هذا الخبر منسوخ، هذا الحديث منسوخ، وأن التوكيل في البيع والشراء جائز، والبيع بأجرة والسمسرة هذا توكيل في البيع، ومنهم من يحمل هذا النهي على قول الحاضر للبادي: أبيع لك هذا السلعة لكن ما أبيعها الآن لأننا إذا قلنا من يسوم ما تأتي بالسعر الذي نريده تتركها عندي أيام فأبيعها لك على التراخي ليحصل لك السعر الذي تريد، ضع هذه السلعة عندي لأبيعها لك على التدريج بأعلى من هذا السعر منهم من يحمل النهي في هذا الحديث على هذه الصورة دون غيرها، وسواء كانت الصورة الأولى مجرد سمسرة تباع في وقتها أو بيع بالتدريج كلها موجودة في أسواق المسلمين، جاء شخص بسلعة، جاء البادي بسيارته يبي يبعها، وقال صاحب المعرض: وقفها عندي على شان نعرضها، نعم، وقفها عندي نعرضها؛ لأنه لو قلنا: من يسوم؟ انكسرت السلعة، ما تجيب لك عشرين ألف، ولو وقفناها تجيب لك ثلاثين، حكم هذا البيع؟ حكم هذا العرض؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . .

مو قلنا: بعض أهل العلم نزل النهي عن قول الحاضر: ضع عندي هذه السلعة لأبيعها لك على التدريج، هذه الصورة على هذا القول جائزة وإلا غير جائزة؟ غير جائزة، إذاً ما الصورة الممنوعة في بيع الحاضر على البادي، إذا عرفنا أنه يكون له سمسار، نعم، يكون له سمسار دلال بأجرة، جاء البادي بالأقط بالسمن بالإبل بالغنم ووجد شخص دلال وأعطاهن إياه يبعهن له، يجوز وإلا ما يجوز؟ هذا أنه. . . . . . . . . حاضر وهذا باد، ينطبق عليه النهي في الحديث، "ولا يكون له سمسار" لا يكون سمسار، وهل هناك فرق بين أن يكون سمسار بالأجرة أو بغير أجرة؟ الجمهور على أنه لا فرق، والبخاري -رحمه الله تعالى- ترجم على الحديث بالأجرة، باب: لا يشتري حاضر لباد بالسمسرة، وكأنه فهم أن السمسرة معناها الأجرة، ليست هي مجرد البيع، أو الدلالة كما يقول الناس، فيكون النهي في هذه الصورة من باب أن هذا الأمر مما ينبغي أن يعان فيه المسلم من غير أخذ أجر عليه، فما الصورة الممنوعة في هذا الحديث؟ يعني من يرى أن الحديث منسوخ، وأنه يجوز بيع الحاضر للبادي مطلقاً، سواء كان بأجرة أو بغير أجرة، باعه مباشرة فيمن يزيد، أو باعه على التدريج، كل هذا جائز، والخبر منسوخ عندهم، لكن هل تصح دعوى النسخ من غير معرفة تاريخ للحديث؟ نعم؟ منهم من يرى أنه منسوخ، وهذا عند أبي حنيفة ومجاهد وعطاء، وإذا استنصحك فانصح له، والدين النصيحة، تترك هذا الأعرابي المسكين يمكن يضحك عليه، وتأخذ السلعة بنصف قيمتها أو أقل، الآن في سوق الكتب وأنتم طلبة علم، أحياناً يرث الورثة كتب نفيسة من أبيهم، أبوهم عالم وعنده مكتبة فيها نفائس الكتب، وقد يكون فيها مخطوطات، هؤلاء الورثة لا يعرفون قدرها، فلو نزلوا بها السوق، وراحوا بها إلى الحراج، وبيعت كالأثاث المستعمل بثمن بخس، لو جاء شخص قال: أنا أعرف هذه الكتب نفائس، ولا يجي أحد يضحك عليكم ويبيعها بما تستحق، يلام وإلا ما يلام؟ يعني هل تعلمون أن من أبناء العلماء من حصل منهم بعد أن مات أبوهم الذي عنده مكتبة عظيمة ونفيسة أخرجوها للشارع؟ ما يدرون عن قيمة هذه الكتب، وفيها مخطوطات، وفيها المطبوعات القديمة، ما يدرون، وماذا لو جاء شخص إلى بيت هؤلاء وهم

لا يعلمون واشتراها بواحد بالمائة من قيمتها غبن هذا، ويأتي في الحديث اللاحق: ((لا تلقوا الجلب، فمن تلقي فاشتري منه فإذا أتى سيده السوق فهو بالخيار)) يعني لو عرف أصحاب هذه الكتب أنها تستحق عشرة أو عشرين ضعف هم بالخيار. طالب:. . . . . . . . . نعم؟ طالب:. . . . . . . . . في غبن كبير هذا. طالب:. . . . . . . . . أي بيع؟ طالب:. . . . . . . . . ما هو بغبن هذا، الشيء اليسير الذي لا يزيد عن الثلث ليس بغبن، فيما قرره أهل العلم ليس بغبن، ومن أهل العلم من يرى أنه لا غبن البتة، لو وجدت كتاب يستحق ثلاث آلاف فجابه لك وراث وقال: بثلاثمائة ريال بعشر القيمة، منهم من يقول: ليس بغبن هذا، الدنيا كلها ليس فيها غبن، الغبن متى؟ {ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ} [(9) سورة التغابن] يعني الدنيا كلها ما تسوى الغبن، ولذا لا يثبت بعضهم خيار الغبن، المقصود أن من أهل العلم من يرى أن الخبر منسوخ، وإذا قلنا بهذا انحل كثير من الإشكالات التي أوردناها، نعم، وأما على القول بأن الحديث محكم، ((لا يبع حاضر لباد)) لا يكون له سمسار لا يبيعه لا بأجرة ولا بغير أجرة، نعم وأيضاً لا يبع له فوراً ولا بالتدريج، المسلمون منذ قرون متطاولة وهم هذه طريقتهم، والسمسرة معروفة، إذاً نحتاج على صورة محررة ينطبق عليها هذا النهي، ويخرج عنه ما عداها، من يذكر لنا صورة يمكن ينطبق عليها هذا النهي؟ يعني هل يمكن أن يستعمل هذا النهي على عمومه وإطلاقه؟ لا يبع حاضر لباد، طيب البادي هذا لا بد أن يأتي بأعرابي مثله يبع له على شان نخلص من كلمة حاضر؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . ترى بعض الإخوان يكررون مراراً أننا نترك الأسئلة الشفوية، لكن لا بد من التفاعل مع الدرس، نريد صورة ينطبق عليها النهي الذي عندنا في الحديث، ولا يبع حاضر لباد؛ لأنه في أسواق المسلمين منذ مئات السنين والدلالين والسماسرة موجودين، ويبيعون فوراً، ويبيعون على التدريج، هذا موجود. طالب:. . . . . . . . . ويش يخشى منه؟ طالب:. . . . . . . . . لا هو الآن الملاحظ مصلحة أهل السوق، الملاحظ في الحديث أن يبع البادي لنفسه فيستفيد الناس من ورائه. طالب:. . . . . . . . .

لا، لا، تلقي الركبان لئلا يتضرر صاحب السلعة، هنا ما عنده مصلحة البائع هذا إلا الأجرة، والأجرة ما تتغير نسبتها واحدة، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . قضينا من التلقي، التلقي لئلا يتضرر الركبان، فيشتري منهم هذا المتلقي سلعهم بأثمان بخسة، إذا نزلوا إلى السوق وعرفوا الأسعار ما في إشكال، عندنا مسألة بيع الحاضر للبادي، الملاحظ في هذه الجملة أن يتولى البادي بيع السلعة بنفسه ليستفيد منه الناس، أهل السوق، يستفيد التاجر ويستفيد من ورائه المستهلك، هذا الأصل، وهذا السمسار إذا تولاها بنفسه ما استفاد أحد، لا سميا إذا قال: ضعها عندي أبيعها لك على التدريج، هذا ما يستفيد أحد، ما هو مخلٍ فيها فرصة، نعم؟ تلقى الركبان هو محتاج هذه السلعة، نفترض شخص يريد سمن، وقال: لو نزل السوق أخذوه الناس، ما تركوه، أنا با اتلقاهم من أجل السلعة لا من أجل ضرر صاحبها في قيمتها، السلعة هذه تستحق ألف ريال، هذا السمن يستحق ألف، وتلقى الركبان، وقال: ترى سلعك تستحق بالسوق ألف، لكن أنا محتاج أنا با أدفع لك ألف، هذا فيه ضرر على الركبان؟ ما فيه ضرر، لكن يبقى أنه لو لم يتلقى ووصل به إلى السوق هي تستحق ألف وأنت محتاج، والثاني أيضاً محتاج تبي تزيد على الألف، فلا ينتفي المحظور، لا تتلقى أصلاً، إن كنت محتاج زد، نعم، من يأتي بصورة ... ؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . .

((ولا يبع حاضر لباد)) يعني الحاضر لا يقصد البادي للبيع له، وإنما إذا عرض عليه البادي أن يبيع له جاز، يعني ما يصدق عليه أنه باع حاضر لباد إذا قصده البادي؟ نعم؟ لا هو التمثيل بالبادي وإلا بعضهم يقول: أهل القرى لا يعرفون الأسعار مثل البوادي، فهل الوصف بالبادي من باب المثال، وأن الجهل في البوادي أكثر من غيرهم، فصار المثال بهم، وفي حكمهم من يشترك معهم في الوصف، الذي هو الجهل، بعضهم يعمم على هذا، لكن يبقى أن الصورة التي يمكن أن نطبق عليها الحديث، ولا تختلف مع ما مشى عليه الناس من قرون باطلاع من أهل العلم، وعدم كف لهم، وعدم منع لهم، هل يمكن في يوم من الأيام أن أهل الحسبة يدورون على المعارض يقولون: لا توقفوا السيارات تبيعونها بـ ... ، خلوا صاحب السيارة يبيعها كسب وإلا خسر؟ يمكن يوجد مثل هذا؟ ما يمكن يوجد مثل هذا؟ ما يمكن يوجد مثل هذا، ولا يمكن أن تتفق أيضاً الأمة من قرون على مثل هذه الأمور وتكون أيضاً داخلة في المنع، إذاً ما الصورة التي تدخل في المنع؟ طالب:. . . . . . . . . من المستفيد؟ طالب: الحاضر. ((ولا يبع حاضر لباد)) ما زال الإشكال؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . يعني يكون هو المستفيد الوحيد؟ نعم؟ بحيث تكون أجرته أكثر من أجرة المثل، نعم؟ يعني يقدرها بتقديرين، يقدر السلعة بتقديرين، يعني يقول للبادي: كم تقدر سعلتك؟ ما يدري يقول: بخمسين، نعم يقول: كم تستحق سلعتك خمسين، ثم يذهب بها إلى السوق ويبيعها فيمن يزيد بدل الخمسين بمائة، يقول صاحبها: أنا راضي بالخمسين من الأصل، يعني صاحبها راضي بالخمسين، ولي الزود، يمكن أن يطبق على مثل هذا؟ فيه بعد، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . لا، البادي ساكن البادية، هو ساكن البادية. طالب:. . . . . . . . . هذا الأصل فيه، لكن إذا اشترك مع البادي في الجهل بقيمة السلعة صار له حكمه، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . يعني في الحوائج الأصلية، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . لا هذا بيجي الاحتكار، يا الله يا الإخوان هاه يا شيخ، صور لنا صورة يمكن ندخلها في الحديث من غير إشكال؟ يا الله. طالب:. . . . . . . . .

لحظة، لحظة، خلونا نشوف الشيخ ويش عنده؟ هذا جاء بسمن، أعرابي جاء بسمن هل يجوز أن يتولى حاضر بيع هذا السمن لهذا الأعرابي؟ أنت افترض أن هذا أعرابي يستحي أن يرفع صوته بين الناس، والسمسرة والدلالة عيب عند كثير من القبائل، يقول: والله ما أبيعه لو أتركه، وجاء واحد من الحضر يمتهن هذه المهنة وقال: أبي أبيعه لك، نقول: حرام عليك تبيعه له وإلا لا؟ النهي صريح والحديث متفق عليه، في صورة واضحة من هذا؟ هو التفريق بين الحوائج الأصلية وغير الأصلية له أصل، ولذا عمر -رضي الله عنه- يأخذ من أصحاب السلع من غير المسلمين في الحوائج الأصلية نصف العشر، وفي غير الأصلية العشر، يأخذ من الحنطة نصف العشر، ومن غيرها نصف العشر؛ لأن الناس بحاجة ماسة إلى الحنطة، فهم يفرقون بين الحوائج الأصلية التي يحتاجها الناس كلهم، وبين الحوائج التي لا يحتاجها الناس كلهم، أنت افترض شخص جلب تمر، أو جلب حاجة أصلية تمس إليها الحاجة، وشخص جالب تحف، أو مناظر، يستوي الحكم؟ نعم؟ يستوي الحكم بين حاجة أصلية يحتاجها أهل البلد وبين تحفة من التحف أو رسم أو شغل يدوي جميل أو شيء من هذا؟ لا يستويان، هو ما شك أن تفريق .. ، لكن نحتاج إلى ما يخرجنا من هذا الإشكال، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . قلت لابن عباس: ما قوله: ((ولا يبيع حاضر لباد?)) قال: "لا يكون له سمساراً" ما يكون دلال، يعني حسم المادة، يعني الدلالة من الحاضر للبادي لا تجوز لهذا الخبر. طالب:. . . . . . . . . هذا إذا حصل إيش؟ إذا حصل غبن، نعم. طالب:. . . . . . . . . طيب هذا الأصل، يعني لو قال: دعها لي أبيعها لك على التصريف بالتدريج. طالب:. . . . . . . . . ويدخل في مثل هذا لو جاء الأعرابي بسيارته يبي يبيعها قال: وقفها أبيعها لك على الراحة، يدخل وإلا ما يدخل؟ طالب:. . . . . . . . . يدخل، لو جاء واحد من وسط البلد ومعه سيارته، وراح المعرض .... ووقفها لي أبيعها لك على التدريج، هذا ما هو ببادي من وسط البلد، يدخل وإلا ما يدخل؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . نعم؟ طالب:. . . . . . . . . للجهل بالسعر؟ لكن يعرف السعر، يقول: سيارتي أعرفها، هاه؟ طالب:. . . . . . . . .

هو الخبر ما فيه ما يشير إلى مسألة تركها عند الحاضر وبيعها بالتدريج، وبيعها على سعر، في حسم للمادة، لا يبع حاضر لباد، يعني اللي بيقف عند ظاهر الحديث، وهو مذهب الظاهرية واللائق بهم، أنه لا يمكن خلاص، لو جاء بدلال سمسار أعرابي وجعله يبيع ما في إشكال؛ لأن النهي عن أن يبيع الحاضر للبادي، لكن بيع حاضر لحاضر جائز، بيع بادي لبادي جائز، على مقتضى مفهوم المخالفة من الحديث، وهو اللائق بمذهب الظاهرية، لكن هل يمكن أن يقال بمثل هذا أن الأثر في الجنس، جنس السمسرة هل هو أعرابي أو حاضر؟ له أثر في الحكم؟ يعني هل البداوة والحضارة وصف مؤثر في تغيير الحكم؟ ما لها أثر، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . مثلما قال الأخ تقصد، أنه قال البادي للحاضر أو الحاضر للبادي في أول الأمر قبل الاتفاق: كم تستحق هذه السلعة؟ قال: خمسين، فعرف هذه الحاضر أنه يريد خمسين فقط، هذا ما قدره في نفسه ويقتنع به، فباعه الحاضر بالتدريج أو جملة أو بالإلحاف في السعي والطلب باعها بمائة، قال: صاحبها قدر خمسين أعطيه خمسين، هل هذا المقصود؟ يعني افترض أنت أن البادي جاء بهذه السلعة وقال للحاضر أو حاضر ثاني الحاضر قال للحاضر أو البادي قال للحاضر: بع لي هذه صفِ لي مائة، والزود لك، فباعها بثلاثمائة وإيش يكون الحكم؟ قال: صفِ لي بهذه السلعة مائة والقدر الزائد لك، فحرج عليها ودلل عليها فباعها بثلاثمائة، السمسار ماذا يستحق من هذه الثلاثمائة؟ طالب: مائتين. يعني هذا حسب إيش؟ الاتفاق، نعم؟ وهذا قول ابن عباس، ((المسلمون على شروطهم)) واشترطوا على هذا واتفقوا عليه، لكن عامة أهل العلم وجمهورهم على أنه ليس له إلا أجرة المثل، لماذا؟ لأن الأجرة المتفق عليها في العقد مجهولة، ما يدرى تزيد عن المائة عشرة عشرين ثلاثين خمسين مائة مائتين، مجهولة، فيبطل المتفق عليه، ويرجع بالمسألة إلى أجرة المثل. طالب:. . . . . . . . . إيه طيب. طالب:. . . . . . . . .

إيه، لكن مع ذلك الأمر المتفق عليه مجهول بينهما، هل يعرفه الطرفان؟ الأجرة ما يعرفها الطرفان، احتمال تستحق مائة، أو أقل من مائة، أو أضعاف المائة، تكون الأجرة وهي القدر الزائد عن المائة مجهولة، فيبطل العقد الذي اتفقا عليه، ويرجعون في مثل هذه المسألة إلى العرف، كم يستحق يعطى، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . ويش الفرق بين الأعرابي والبدوي؟ الأعراب هم سكان البادية. طالب:. . . . . . . . . لا، لا، ما في فرق، على كل حال لو يتبرع أكثر من واحد نحتاج إلى أن يُبحث في كتب أهل العلم في المذاهب، وما قاله المشايخ في هذه المسألة؛ لأنه حقيقة إذا طبقناه على ما نعيشه من واقع، وما عاشه المسلمون منذ قرون الإشكال باقي، فنحتاج إلى هذه. طالب:. . . . . . . . . نعم؟ طالب:. . . . . . . . . لا إذا وجدت التهمة سواء كان أعرابي وإلا حاضر وإلا بادي كله الحكم واحد، إذا وجدت تهمة، لا المسألة مفترضة في ارتفاع التهمة، الآن في الجملتين السابقتين: ((لا تقلوا الركبان)) الملاحظ في هذه الجملة مصلحة الركبان، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . من هو الذي يغلبهم؟ طالب:. . . . . . . . . لا ما ينزل لهم شيء، لكن ما يغلبون، ما ينزل لهم شيء، لكن الملاحظ في الدرجة الأولى في ((لا تلقوا الركبان)) مصلحة الركبان، والملاحظ في الجملة الثانية مصلحة السوق، وعلى كل حال الشرع يلاحظ المصالح كلها، نعم؟ لعلنا نرجئ بقية الكلام في الحديث إلى أن تحضر بحوث مختصرة في هذه المسألة، وتقرأ غداً بدل الأسئلة. طيب.

عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا تلقوا الجلب)) وهو مصدر بمعنى المجلوب، مثل الحبل بمعنى المحبول والمحمول، ((فمن تلقي فاشتري منه)) هو تلقي الركبان، تلقى الركبان وتلقى الجلب فاشترى هذا المتلقي السلعة ((فمن تلقي فاشتري منه فإذا أتى سيده السوق فهو بالخيار)) يعني رب السلعة أتى السوق فوجد هذا المتلقي اشتراها بنصف قيمتها له الخيار، اشتراها بثلثي قيمتها له الخيار، وهذا يدلنا على صحة العقد، نعم؟ هل الخيار يثبت في العقود الباطلة؟ لا ما يثبت في العقود الباطلة؟ ما تحتاج إلى خيار، الخيار إنما يثبت في العقود الصحيحة، فهو صحيح إلى إجازة صاحب السلعة بعد مجيئه إلى السوق، نعم. وعنه -رضي الله عنه- قال: "نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يبيع حاضر لباد, ولا تناجشوا, ولا يبيع الرجل على بيع أخيه, ولا يخطب على خطبة أخيه, ولا تسأل المرأة طلاق أختها لتكفأ ما في إنائها" متفق عليه. ولمسلم: ((لا يسِمُ المسلم على ... )). لا يسوم، لا يسوم. أو لا يسم؟ لا يسم؟ طالب: نعم المثبت هكذا. على أساس أنها ناهية، وإذا قلنا: إنها نافية ((لا يسوم)) مثل: ((لا يبيع)) فهي نافية، ويراد منها النهي، نعم. ولمسلم: ((لا يسِمُ المسلم على سوم المسلم)). يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "وعنه" أي عن أبي هريرة صحابي الحديث السابق "قال: "نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يبيع حاضر لباد" وهذا تقدم الكلام فيه، وسيأتي أيضاً مزيد إيضاح. "ولا تناجشوا" ومضى الكلام في النجش، الذي هو الزيادة في السلعة من غير إرادة لشرائها لنفع البائع أو للإضرار بالمشتري.

"ولا يبيع الرجل على بيع أخيه" (لا) هذه نافية، ولو كانت ناهية لقال: (لا يبع) فتحذف الياء الثانية لالتقاء الساكنين، والنفي هنا يراد منه النهي، وهو أبلغ من النهي الصريح "ولا يبيع الرجل على بيع أخيه" باع زيد سيارته على عمرو بخمسين ألف، فيأتي أحد ويقول لعمرو: أنا عندي لك سيارة أفضل منها بأربعين ألف، وهذا يتصور في مدة الخيار أو بعد انتهاء مدة الخيار؟ هو في مدة الخيار؛ لأنه يضمن فسخ البيع، لكن بعد مدة الخيار، مدة الخيار لا إشكال فيها أنه لا يجوز قطعاً، لكن لو جاء له بعد مدة الخيار وقال: عندي لك سيارة أفضل منها بأربعين ألف يجوز وإلا ما يجوز؟ طالب:. . . . . . . . . لا، لا،. . . . . . . . . الفرق خمسة آلاف، عشرة آلاف، نعم يؤثر على نفسيته، وقد يتسبب في إحراج البائع، يذهب المشتري ويتظلم عنده ويتأذى، لكن لو ذهب للبائع وقال له: أنت بعت سيارتك بخمسين ألف وأنا سيارتي أفضل منها مستعد أن أبيعها بأربعين ألف لو خفضت لصاحبك قليلاً، يعني ينتفع به لا بأس، أما أن يذهب إلى المشتري محاولاً إفساد البيع هذا هو المحرم، إذا أراد أن يشتري شيئاً في المستقبل لا بأس، أما الآن في الوقت الحاضر هذا ما غير يورث الحزن في قلبه، وأيضاً الإحراج للبائع. "ولا يبيع الرجل على بيع أخيه، ولا يخطب على خطبة أخيه"، تقدم زيد لخطبة امرأة ثم علم عمرو أن زيداً تقدم فقال: أنا أفضل منه قطعاً بيقدمونني عليه، ثم ذهب يخطبها، لا يجوز له أن يخطبها، حتى يعلم أنه رد، أو يأذن له، إذا استأذنه قال له: والله أنا بحاجة ماسة إلى امرأة، وهذه المرأة أنا غافل عنها حتى سبقتني وأنت لست بحاجة، أو أنا أحوج منك، أو المواصفات الموجودة فيها تلاءمني أكثر من ملاءمتك ثم أذن له لا بأس، أما أن يذهب بعد علمه بخطبة أخيه وجزمه بأنه لم يُرد هذا لا يجوز، والشرع حينما يصدر عنه مثل هذه النواهي لإسعاد الناس، لكي يعيشوا بتبادل المشاعر الطيبة بينهم، ولا يكن بينهم شحناء ولا بغضاء، وأكثر ما يؤتى الناس من هذه الأبواب.

"ولا يخطب على خطبة أخيه، ولا تسأل المرأة طلاق أختها لتكفأ ما في إنائها" شخص عنده زوجة، عنده أم أولاده، فخطب امرأة فقالت له: لا بد أن تطلق زوجتك الأولى، أنا لا أرضى بزوج عنده امرأة، حتى تطلقها أقبلك وإلا فلا، وتضغط عليه حتى يطلقها، لا يجوز لها ذلك. "ولا تسأل المرأة طلاق أختها لتكفأ ما في إنائها" ما الذي في إنائها؟ هذا تصوير، النص فيه تصوير لما يحصل من الزوج لزوجته، وأن ما في الإناء خير واصل لهذه المرأة من هذا الزوج، فكأن هذه المرأة التي اشترطت الطلاق كفأت ما في هذا الإناء الذي تنتفع به أختها. ولمسلم: ((لا يسم المسلم على سوم أخيه)) لا يسوم المسلم أو لا يسم، إذا قلنا: إنها ناهية، مثل: (لا يبع) ولا يسم أو لا يسوم المسلم على سوم أخيه، يعني هل المسألة مفترضة فيمن يزيد؟ سلعة يحرج عليها بعشرة، ثم يقول واحد: بإحدى عشر، والثاني: باثني عشر هل يدخل في هذا (لا يسم على سوم أخيه)؟ أو إذا عرف أنه ركن إليه لكن العقد لم يبرم بعد؟ نعم؟ ركن إليه ولا يطلب المزيد على ما أعطاه أخوه، ثم يأتي قال: لا أنا أزيد على هذا، يدخل في النهي، نعم. طالب:. . . . . . . . . إذا كان لا يعلم معذور، إذا علم فيما بعد؟ نعم عليه أن ينسحب. طالب:. . . . . . . . . عليه أن ينسحب، نعم، لكن الإثم ما عليه في الأصل، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . أقوى صيغة النفي ويراد به النهي أقوى؛ لأنه في الخبر صيغة النهي خبر، والرسول عليه -الصلاة والسلام- يخبر عن المسلم، نعم أن هذا شأنه لا يبيع على بيع أخيه، فإذا كان هذا شأن المسلم فالبيع على بيع الأخ ليس من شأن المسلم، إنما هو من شأن غير المسلمين، نعم. وعن أبي أيوب الأنصاري -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((من فرق بين والدة وولدها فرق الله بينه وبين أحبته يوم القيامة)) رواه أحمد, وصححه الترمذي والحاكم, ولكن في إسناده مقال، وله شاهد. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

"وعن أبي أيوب الأنصاري -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((من فرق بين والدة وولدها)) " يعني من الأرقاء في البيع ((فرق الله بينه وبين أحبته يوم القيامة)) وهو ظاهر في ملك اليمين، لا يبيع الأم على أسرة ويبيع الولد على أسرة أخرى، أو هذه في بلد وولدها في بلد، ويسعى في التفريق بينهما ليحرم كل واحد منهما من الآخر، وهل يشمل مثل هذا الحديث المطلقة التي لها حق الحضانة شرعاً ما لم تتزوج، فيسعى جاهداً ليفرق بين الولد وأمه فيجلب على هذه المسألة بما أوتي من وسائط ومن بيان وليبين للجهات أن الأم ليست أهلاً للحضانة، فيفرق بينها وبين ولدها، والأصل أن الحضانة حق شرعي لها، يدخل في هذا أو لا يدخل، يدخل في عموم الحديث؟ يدخل، وإن كان الأصل في ملك اليمين ((من فرق بين والدة وولدها فرق الله)) والولد يشمل الذكر والأنثى ((بينه وبين أحبته يوم القيامة)) روه أحمد، وصححه الترمذي والحاكم، ولكن في إسناده مقال" لأن فيه حيي بن عبد الله المعافري، وقد اختلف فيه، وله شاهد من حديث عبادة من الصامت عند الدارقطني بإسناد ضعيف، وعلى كل حال الحديث حسن، نعم. طالب: اللفظ موجود عندي. نعم؟ طالب: اللفظ موجود اللي ذكرته ... ويش هو؟ طالب: اللي هو حديث عبادة. إيه أعطنا حديث علي. طالب:. . . . . . . . . لا، لا، مثل هذا يعني بالنسبة للأولاد المملوكين؟ طالب:. . . . . . . . . إيه ما دون التكليف، أعطنا الحديث الذي يليه فإنه في معناه. وعن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- قال: "أمرني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن أبيع غلامين أخوين فبعتهما, ففرقت بينهما، فذكرت ذلك للنبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: ((أدركهما, فارتجعهما، ولا تبعهما إلا جميعاً)) رواه أحمد, ورجاله ثقات, وقد صححه ابن خزيمة, وابن الجارود وابن حبان والحاكم والطبراني وابن القطان. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

"وعن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- قال: "أمرني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن أبيع غلامين أخوين" أرقاء لكنهما أخوان، يقول: "فبعتهما ففرقت بينهما" باع أحدهما على زيد، والثاني على عمرو، ووضع الأرقاء يختلف عن وضع الأحرار، الأرقاء مشغولون بالخدمة، ولا يراعى شعورهم، ولا شؤونهم مثلما يراعى شؤون الأحرار، فتجدهما في بلد واحد، لكن لا يتمكن هذا من رؤية هذا إلا في القليل النادر؛ لأنه مشغول بخدمة الأسياد، وليس لهم شأن يفرض على أسيادهم تمكينهم من زيارة أقاربهم. يقول: "فبعتهما ففرقت بينهما، فذكرت ذلك للنبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: ((أدركهما فارتجعهما، ولا تبعهما إلا جميعاً)) فدل على أن البيع صحيح وإلا غير صحيح؟ غير صحيح ((فارتجعهما، ولا تبعهما إلا جمعياً)) رواه أحمد، ورجاله ثقات، وقد صححه ابن خزيمة وابن حبان ... إلى أخره.

طيب افترضنا أن شخص عنده غلامين فذهب بهما إلى السوق فقال: من يشتري الغلامين؟ التفريق هذا يستحق عشرة آلاف، وهذا يستحق عشرة آلاف، وإذا ضم إلى بعض الاثنين من يسوم إحدى عشر ألف أثنى عشر ألف، وقد لا يزيد ثمنه مع ثمن الواحد؛ لأنه قد لا يوجد في المحل من يرغب أو يتحمل نفقة اثنين، يقول الله: أنا حاجتي بواحد، حاجتي بشخص واحد، أولاً: ليس عندي من العمل من يستحق أن اشتري اثنين، الأمر الثاني: والله ما عندي استعداد اصرف على اثنين أنا عاجز عن أولادي، ما وجد من يشتريهما معاً، يعني ما هي بالسلع تعرض فلا تمشي إلا بالتفريد، نعم، افترضنا أن هذين الغلامين ذُهب بهما إلى السوق فقيل: من يسوم؟ قال: والله تبيع علي واحد وإلا اثنين، ما عندي إلا عشرة آلاف، الثاني كذلك: أنا والله عاجز عن عيالي ما أبي إلا واحد، بل العكس كم تعطيني وأخذ الثاني، مو باحتمال هذا؟ نعم؟ ويش نقول؟ نفرق وإلا ما نفرق؟ ما نفرق هذا ظاهر، لا نفرق ولو نزلت القيمة، يعني أنت افترض أن شخص معه ثوبين وأنت ما تحتاج إلا واحد قال: خذ الثاني، قال: وأنا إيش أسوي به؟ أو أحذية أو أي نوع من الأنواع التي لا يحتاج منها إلا واحد، لكن التفريق في غير هذه الصورة أمره سهل؛ لأن أمره لصاحبه، لكن هذان غلامان لوحظ الأثر النفسي عليهما فلم يصح بيعهما بالتفريق لهذا الخبر، ولو تضرر صاحبهما؟ يعني لو تضرر؟ قيل: بكم نبيع؟ هذا قال: أنا ابي هذا بعشرين ألف لحاله، وأنا ابي هذا بعشرين كم ذولاء؟ أربعين، لكن الجميع ما أبيهم إلا بعشرة، العشرة يا الله تنفق على الثاني لمدة، ويش يسوي؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . .

يبيع بعشرة؟ نعم؛ لأن هناك من الأوامر الشرعية والنواهي الشرعية ما فيه ابتلاء للمكلف، شخص عنده أخشاب من نوع معين لو قال: من يسوم؟ من نوع معين من نوع غالٍ جداً يعني، أخشاب سقوف، لو قال: من يسوم؟ اللوح يمكن هو على تقديرهم هم في سوقهم، وهذه مسألة حقيقية، اللوح مقدر بمليون ريال، وهي عشرين لوح، بكم؟ عشرين مليون، عرضها في السوق ما وجد من يحتاجها، وهو متكلف عليه قريب من هذا المبلغ، ما وجد من يحتاجها، اتصل عليه في معبد وثني في دولة شرقية، قالوا: بمائة مليون، يبيع وإلا ما يبيع؟ ابتلاء، نعم هذا ابتلاء، نعم ما يبيع، وهنا لو قال: الواحد بعشرين، نعم، هذا بعشرين وهذا بعشرين، وقيل: لا والله ما نبيهم جميعاً إلا .. ، لأنه حتى التفريد أحياناً أنفع للمشتري من وجوه؛ لأنه لو اجتمعوا الأخوة الاثنين يمكن بعضهم يكسل بعض، ويلهو بعضهم ببعض، وإذا مرض هذا مرضه الثاني، وإذا أكل هذا طلب الثاني، نعم، لا شك أن هذا ابتلاء ولا يجوز التفريق بينهما لهذا الحديث، ولو فرق بينهما فالعقد ليس بصحيح، والله أعلم. وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

كتاب البيوع (6)

بلوغ المرام - كتاب البيوع (6) تابع: باب: شروطه وما نهي عنه منه الشيخ: عبد الكريم الخضير السلام عليكم ورحمة الله وبركاته مسألة بيع الحاضر للبادي التي جاء النهي الصحيح الصريح عنها، والتي قد تستشكل فيما يتعامل به ويتداوله الناس، وهذه الموسوعة الفقهية تكلموا عن المسألة، أحضره بعض الإخوان مصوراً، وفيه المذاهب منقولة من كتب أربابها، والحاضر: لا شك أنه من يسكن المدن، والبادي: من يسكن البادية، ويقول: غير أن الحنابلة اعتبروا البدوي شاملاً للمقيم في البادية، ولكل من يدخل البلدة من غير أهلها، سواءً كان بدوياً أو من قرية أو بلدة أخرى، الجامع بين هؤلاء الجهل بثمن السلعة. يقول: والمراد ببيع الحاضر للبادي عند الجمهور أن يتولى الحضري بيع السلعة للبدوي، بأن يصير الحاضر سمساراً للبادي البائع، يقول: قال الحلواني: هو أن يمنع السمسار الحاضر القروي من البيع، ويقول له: لا تبع أنت أنا أعلم بذلك، فيتوكل له ويبع ويغالي، ولو تركه يبيع لنفسه لرخص على الناس، فالبيع على هذا هو من الحاضر للحاضر نيابة عن البادي بثمن أغلى. وذهب بعض الحنفية كصاحب الهداية إلى أن المراد بالحديث أن يبيع الحضري سلعته من البدوي؛ وذلك طمعاً في الثمن الغالي فهو منهي عنه، لما فيه من الإضرار بأهل البلد، وعلى هذا التفسير تكون اللام في: ((ولا يبع حاضر لباد)) بمعنى (من). ذكروا عن أبي يوسف: لو أن أعراباً قدموا الكوفة، وأرادوا أن يمتاروا –يتز ودوا- من الطعام منها، ألا ترى أن أهل البلدة يمنعون عن الشراء للحكرة فهذا أولى. يعني أهل البلدة يمنعون عن الاحتكار ويلزمون ببذل هذه الأموال لمشتريها، وسيأتي ما في الاحتكار. فإذا كان الحضري يمنع من الاحتكار، يترك البدوي والوافد على البلد يبيع بالسعر الذي يريده هو، وإن كان نازلاً، نعم ليكتسب من في البلد، فإذا أمر صاحب البلد بعدم الاحتكار، وحرم عليه الاحتكار، ومنع السلع -على ما سيأتي- أيضاً يترك له فرصة ليستفيد ويكسب. النهي عن هذا البيع: يقول: لا يختلف الفقهاء في منع هذا البيع، فقد ورد النهي عنه في أحاديث كثيرة منها: وذكر حديث أبي هريرة، وحديث ابن عباس، وحديث أنس.

ثم ذكر علة النهي عن بيع الحاضر للبادي، يقول: اختلف الفقهاء في علة هذا النهي، فمذهب الجمهور بناءً على التفسير الأول: أن المعنى في النهي عن ذلك هو ما يؤدي إليه هذا البيع من الإضرار بهذا البلد، والتضييق على الناس، والقصد أن يبيعوا للناس برخص. يعني إذا نظرنا إلى الحديث بجميع جمله: النهي عن تلقي الركبان، فلا يجوز للشخص أن يتلقى الركبان فيشتري منهم برخص قبل أن يعرفوا السعر، وعندنا طرفان مشتري وبائع، المسألة مفترضة في مشتري فرد، وبائع فرد، وليست حينئذٍ مصلحة المشتري بأولى من مصلحة البائع، نعم، فتلاحظ مصلحة البائع؛ لأنه هو الذي يجهل السعر، أما المشتري يعرف السعر، فتلاحظ مصلحته -أعني البائع-، المشتري لن يشتري السلعة بأكثر من قيمتها، لكنه يتوقع أن يشتري السلعة بأقل من قيمتها فيتضرر البائع، فمصلحة فرد في مقابل فرد لا ترجح مصلحة أحدهما على الآخر، فتلاحظ مصلحة البائع؛ لأنه هو الذي يجهل السعر. إذا نظرنا إلى مصلحة الفرد في مقابل مصلحة الجماعة، قُدمت مصلحة الجماعة، وهذا ما يدل عليه الجملة الثانية في الجملة: ((ولا يبع حاضر لباد، دعوا الناس يرزق الله بعضهم من بعض)) يعني اترك هذا الأعرابي الذي السلعة هذه ما كلفته شيء يذكر؛ لأنه هو الذي أنتجها، وهو الذي استخرجها، وهو الذي صنعها، نعم ما راح يشتريها بمبلغ كبير، ثم اشتريت منه بمبلغ ضعيف فيتضرر، يترك فرصة لهؤلاء الذين يبيعون على الناس في الأسواق ليرتزقوا، ((دعوا الناس يرزق الله بعضهم من بعض)) فيعم الرخص بهذه الطريقة، لكن لو تولى الحاضر البيع للبادي ما ترك فرصة لأهل السوق ولا للمستهلكين، هذا هو الملحوظ في الحديث، لكن هناك أدلة أخرى مثل أدلة الوكالة، لو جاء حاضر بادي ووكل حاضر ببيع السلعة، ماذا نقول؟ نقول: فعله معارض بهذا الحديث الصحيح الصريح، وقد تكون المعارضة بالأدلة الأخرى من جواز الوكالة وغيرها صارفاً للنهي من التحريم إلى الكراهة. يقول: لما في ذلك من الإضرار بأهل البلد، والتضييق على الناس، والقصد أن يبيعوا للناس برخص.

قال ابن القاسم: "لم يختلف أهل العلم في أن النهي عن بيع الحاضر للبادي إنما هو لنفع الحاضرة؛ لأنه ما ترك البدوي يبيع سلعته اشتراها الناس برخص، ويوسع عليهم السعر، فإذا تولى الحاضر بيعها ... ، شوف الآن البادي يبيع على الحاضر في السوق برخص، والحاضر بدوره يبيع على المستهلك، فيتجه إليه أمر أخر، وهو أنه لا يجوز له أن يحتكر هذه السلعة حتى يرتفع السعر، فترخص الأسعار على المسلمين عموماً، ويستفيد البائع والشاري والمستهلك. فإذا تولى الحاضر بيعها وامتنع من بيعها إلا بسعر البلد ضاق على أهل البلد، وقد أشار النبي –صلى الله عليه وسلم- في تعليله إلى هذا المعنى. ومذهب بعض الحنفية كصاحب الهداية والكساني، وكذلك غيرهما فيما يبدو بناء على التفسير الثاني، أن المعنى في النهي عن ذلك وهو الإضرار بأهل المصر -يعني أهل الاستهلاك-، من جهة أخرى غير الرخص، وهي أن يكون أهل البلد في حال قحطٍ وعوز إلى الطعام والعلف فلا يبيعهما الحضري مع ذلك إلا لأهل البدو بثمن غالٍ، عوز إلى الطعام والعلف، يعني ننظر إلى ما يعبر به العلماء، أو ما يعبر عنه أهل العلم بالقوتين، قوت الآدميين، وقوت الحيوان. هذا الذي يتجه فيه الأمر، الحوائج التي يحتاجها الإنسان ويحتاجها الحيوان، ويتضرر بارتفاع سعرها، وهي التي نهي فيها عن الاحتكار، لكن الكماليات لو شخص عنده مستودع تحف، وقال: أنا ما أنا ببايع هذه السنة هذه التحف حتى تنقطع من السوق وأرفع ثمنها، قلنا: افعل، الناس ما هم بحاجة إلى تحف، أو مناظر طبيعية أو غيرها، لكن قوت، الناس يموتون جوع ويتضررون بالاحتكار، هذا الذي يأتي فيه المنع، وهو الذي يرد فيه نهي بيع الحاضر للبادي في هذه النصوص.

قيود النهي: قيد جهور الفقهاء النهي عن بيع الحاضر للبادي بقيود وشروط شتى منها: أن يكون ما يقدم به البادي مما تعم الحاجة إليه، سواءً كان مطعوماً أو غير مطعوم، فما لا يحتاج إليه إلا نادراً لا يدخل تحت النهي، افترض أن مصنع المشروبات الغازية مثلاً ببسي وإلا سفن وإلا غيرها، وإلا ميرندا، احتكر قال: أنا هذه السنة ما أنا ببايع حتى يرتفع السعر، الناس بحاجة إلى هذه الأشياء؟ مثل التحف ليسوا بحاجة، بل لو منعت لكان أفضل للناس، الناس يعيشون بدونها، فهذا قيد لا شك أنه معتبر، وعرفنا بالأمس أن عمر -رضي الله تعالى عنه- يفرق بين ما يأخذه ممن يقدم البلد بالأموال، بين الحاجات الضرورية فيخفف العشور، وبين ما لا يحتاجه الناس فيزيد في العشور، وهذه سياسة من عمر شرعية، ما يستعمله الناس في حياتهم اليومية متفاوت تفاوت بين، هناك الضروريات، وهناك الحاجيات، وهناك الكماليات، فالضروريات هي محل هذا النهي، وهي أقوات الآدميين، وأقوات الدواب. القيد الثاني: أن يكون قصد البادي البيع حالاً أو حالّاً، يعني يريد البادي أن يبيعها ويرجع، ما يقول البادي: أنا والله أبا استأجر لي محل، وأبيعها بالتدريج، حينئذٍ لا يختلف وضعه عن وضع الحاضر، فترتفع العلة. يقول: وهو ما عبروا عنه بالبيع بسعر يومه، فلو كان قصده البيع على التدريج فسأله البلدي تفويض ذلك إليه فلا بأس به؛ لأنه لم يضر بالناس، ولا سبيل إلى منع المالك منه، يعني لو جاء البادي بسلعته إلى السوق وقال: أنا أبي استأجر محل وأبيعها بالتدريج، يمنع من هذا وإلا ما يمنع؟ ما يمنع، وهو في هذه الصورة لا يختلف عن الحاضر. يقول: وهذان الشرطان للشافعية والحنابلة، وأن يكون البيع على التدريج بأغلى من بيعه حالاً أو حالّاً، كما استظهره بعض الشافعية، قالوا: لأنه إذا سأل الحضري أن يفوض له بيعه بسعر يومه على التدريج لم يحمله ذلك على موافقته، فلا يكون سبباً للتضييق، بخلاف ما إذا سأله.

المقصود هم نظروا إلى العلة، فإذا ارتفعت ارتفع معها الحكم، لكن العلل التي تكون بهذه المثابة هي العلل المنصوصة، أما العلل المستنبطة فشأنها غير هذا، نعم لها أثر لكنه لا يصل إلى ارتفاع الحكم بارتفاعها، قالوا: لأنه إذا سأله حضري أن يفوض له بيعه بسعر يومه على التدريج لم يحمله ذلك على موافقته، فلا يكون سبباً للتضييق، بخلاف ما إذا سأله أن يبيعه بأغلى فالزيادة ربما حملته على الموافقة فيؤدي إلى التضييق. يعني مسألة التدريج لا أثر لها إلا إذا ترتب عليها زيادة في السعر، لو قدم البادي بمائة تنكة من السمن، وسيمت بالجملة، التنكة بألف ريال أو خمسمائة ريال مثلاً، بخمسمائة ريال، أو بألف، بما تستحقه جملة، وجاء حاضر، وقال لهذا البادي: دعني أبيعها لك على التدريج بهذا السعر، هذا ما في تضييق على الناس، فارتفعت العلة، ويبقى أن الملحوظ فيما لو باع البادي، الملحوظ التاجر الذي يشتريها جملة، فإذا باعها مفردة اكتسب وانتفع، والملحوظ في عرض الحاضر على البادي أن يبيعها بنفس السعر على التدريج، الملحوظ المستهلك، ولا شك أن المصلحة العامة مقدمة على المصلحة الخاصة. قالوا: وأن يكون البادي جاهلاً بالسعر؛ لأنه إذا علمه لم يزده الحاضر على ما عنده، يكون جاهل بالسعر، أحياناً يكون البادي ومن في حكمه أشد في السعر من السعر الحقيقي المتداول في السوق، ضربنا مثال بالأمس بالكتب مثلاً، يرد بها الورثة إلى المكتبات أو إلى أسواق الحراج فيبيعونها بثمن بخس، افترضنا أن هذا الولد الوارث يسمع عن المخطوطات أنها عالية الأقيام، فيرد بكتابه فيقول: هذا الكتاب بعشرة آلاف، وهو ما يستحق إلا ألف، مثل هذا لو بيع له بالثمن المعتاد العلة منتفية وإلا غير منتفية؟ منتفية. وأن يكون البادي جاهلاً بالسعر؛ لأنه إذا علمه لم يزده الحاضر على ما عنده؛ ولأن النهي لأجل أن يبيعوا للناس برخص، وهذا العلة إنما توجد إذا كانوا جاهلين بالأسعار، فإذا علموا بالأسعار فلا يبيعون إلا بقيمتها، كما يبيع الحاضر، فبيع الحاضر حينئذٍ بمنزلة بيعهم، وهذا الشرط للمالكية والحنابلة. ومع ذلك فقد أطلق الخرشي النهي سواء أكان البدوي جاهلاً بالأسعار أم لا.

واختلف في المعتمد عند المالكية، فالمعتمد عند العدوي شرط الجهل بالأسعار هو الذي نص عليه ابن جزيء، والمعتمد عند الآخرين كما نقله الدسوقي هو الإطلاق. واشترط الحنابلة أن يكون البادي قد جلب السلع وحضر لبيعها؛ لأنه إذا حضر لخزنها، أو أكلها فقصده الحاضر وحضه على بيعها كان توسعة لا تضييقاً. يعني جاء بادي ليسكن الحاضرة مثلاً ومعه من السمن أو الأقط أكثر من حاجته. . . . . . . . . قال: والله عندي هذا للاستعمال، ما أنا ببايع شيء، فيقول الحاضر: بع منه ما يزيد على حاجتك، وأنت يكفيك نصفه، دعنا نبيع النصف الثاني لتستفيد ويستفيد الناس، مثل هذا ينتفي المحظور عندهم. يقول: واشترط المالكية أن يكون البيع لحاضر، فلو باع الحاضر لبدوي مثلاًَ فإنه يجوز؛ لأن البدوي لا يجهل أسعار هذه السلع، فلا يأخذها إلا بأسعارها سواءً أشترها من حضري أم بدوي، فبيع الحضري له بمنزلة بدوي لبدوي، واشترط الحنابلة أن يقصد البدوياً حاضرٌ عارف بالسعر، فإن قصده البادي لم يكن للحاضر أثر في عدم التوسعة، يعني المحظور أن يكون هذا الحاضر هو الذي يقصد البدوي، البدوي جاء على وجه يبيع بأي قيمة، فقصده الحضري، لكن فيما لو تصور أن البدوي هو الذي قصد الحضري، ليحتاط لنفسه فينتقل من كونه بيع حاضر لبادي إلى كونه توكيل بادٍ لحاضر، البادي وهو بهذا التصور جاء قاصد الحضري لئلا يغلب في السعر نعم يقولون: ترتفع العلة بهذا، ويكون من باب التوكيل لا من باب ... فإن اختل شرط من شروط المنع لم يحرم البيع من الحاضر للبادي عند القائل بذلك بتلك الشروط، والحنفية الذي صوّر بعضهم النهي بأن يبع حاضر طعاماً أو علفاً للبادي طعماً في الثمن الغالي قيد التحريم بأن يضر البيع بأهل البلد، بأن يكون في قحط من الطعام والعلف، فإن كانوا في خصب وسعة فلا بأس به لانعدام الضرر، وعبارة الحصكفي: وهذا في حال قحط وعوز وإلا لا لانعدام الضرر، أم الذين صوروا منهم النهي بأن يتولى الحاضر بيع سلعة البدوي ويغالي فيها -وهذا هو الأصح- فقد قيدوه بأن تكون السلعة بما تعم الحاجة إليها كالأقوات، فإن كانت لا تعم أو كثر القوت واستغني عنه ففي التحريم تردد، وبما إذا كان أهل الحضر يتضررون بذلك.

ثم قال: حكم بيع الحاضر للباد: ذهب جمهور الفقهاء إلى أنه محرم مع صحته، وصرح به بعض الحنفية وعبر بعضهم بالكراهة وهي للتحريم عند الإطلاق، كما صرح به المالكية والشافعية والحنابلة، لكنه مع ذلك صحيح عند جمهورهم، وهو رواية عند الإمام أحمد، وعرفنا أن النهي إذا كان عائداً إلى أمر خارج عن ذات العقد وشرطه فإن العقد يكون صحيحاً مع التحريم، والنهي عنه لا يستلزم الفساد والبطلان؛ لأنه لا يرجع إلى ذات البيع؛ لأنه لم يفقد ركناً ولا إلى لازمه؛ لأنه لم يفقد شرطاً، بل هو راجع لأمر خارج غير لازم كالتضييق والإيذاء، قال المحلي: والنهي للتحريم فيأثم بارتكابه العالم به، ويصح البيع. وفي رواية عن أحمد أن البيع صحيح ولا كراهة فيه، وأن النهي اختص بأول الإسلام لما كان عليه من الضيق قال أحمد: كان ذلك مرة، يعني ثم نسخ، مذهب المالكية والمذهب عند الحنابلة والأظهر عندهم أن هذا البيع حرام، وهو باطلً أيضاً وفاسد كما نص عليه الخرقي؛ لأنه منهي عنه، والنهي يقتضي فساد المنهي عنه، وكما نص عليه البهوتي بقوله: فيحرم ولا يصح لبقاء النهي عنه، وقال أحمد لما سئل عن هذا البيع: أكره ذلك، وأرد البيع في ذلك، وفصّل المالكية في هذا وقرروا أولاً: أنه يفسخ البيع ما دامت السلعة قائمة لم تفت ببيع أو عيب أو موت أو نحو ذلك. ثانياً: فإن فاتت مضى البيع في الثمن الذي وقع بالبيع وهذا هو المعتمد، وقيل بالقيمة، يقول: وفيما يلي بعض الفروع التفصيلية عند غير الحنفية في هذا البيع:

أولاً: نص المالكية على أنه مع فسخ هذا البيع بشرط عدم فوات المبيع يؤدب كل من المالك والحاضر والمشتري إن لم يعذر أحد منهم بجهله بأن كان عالماً بالحرمة، ولا أدب على الجاهل لعذره بالجهل، لكن هل يؤدب مطلقاً أم يؤدب إن اعتاد هذا البيع، قولان للمالكية في هذا، والشافعية قرروا الإثم على العالم بالتحريم كما قال المالكية، وكذا الجاهل والمقصر، ولو فيما يخفى غالباً، قالوا: وللحاكم أن يعزر في ارتكاب ما لا يخفى غالباً، وإن ادعى جهله، قال القليوبي: إن الحرمة مقيدة بالعلم أو التقصير، وإن التعزير مقيد بعدم الخفاء غير أن القفال من أئمة الشافعية جعل الإثم هنا على البلدي دون البدوي، وقرر أنه لا خيار للمشتري، يعني البدوي يطلب لنفسه ويحتاط لنفسه وهو في مثل هذا لا يُلام والنهي في الحديث لم يتجه إليه، إنما اتجه للحاضر، ثم عمم الشافعي في اشترط العلم بالحرمة في كل منهي عنه، قال ابن حجر: ولا بد هنا في جميع المناهي أن يكون عالماً بالنهي أو مقصراً في تعلمه كما هو ظاهر أخذاً من قولهم: يجب على من باشر أمراً أن يتعلم جميع ما يتعلق به، مما يغلب وقوعه، يعني الإمام يجب عليه أن يتعلم ما يتعلق بالإمامة، وما يصحح الصلاة وما يبطلها، وعموم المسلمين يجب عليهم أن يتعلموا ما يصحح الواجبات من العبادات والمعاملات، والبائع عليه أن يتعلم أحكام البيع، والمشتري كذلك، وصاحب الذهب عليه أن يتعلم، بائع الأطعمة عليه أن يتعلم ما يتعلق بها، وبائع الحيوانات عليه أن يتعلم ما يتعلق بها، وهكذا. يقول: يجب على من باشر أمراً أن يتعلم جميع ما يتعلق به، الموظف عليه أن يعرف حدود صلاحياته، ويعرف الأنظمة المتعلقة به التي تسير أمور المسلمين، مما لا مخالفات فيه، يجب على من باشر أمراً أن يتعلم جميع ما يتعلق به مما يغلب وقوعه، أما الأمور النادرة فهذا تبقى مما يتميز به أهل العلم. ثانياً: بما أن النص ورد في النهي عن البيع للبادي فقد اختلف في حكم الشراء له، مذهب المالكية التفصيل بين الشراء له بالنقد أو بالسلع، فمنهم من يرى جواز الشراء له بالنقد، وبالسلع مطلقاً سوء أحصل السلع بنقد أم بغير نقد، وهو ظاهر كلام خليل.

وقال آخرون: ظاهر كلام الأئمة أنه لا يجوز الشراء له إلا بالنقد لا بالسلع، ويش الفرق؟ لأن الشراء له بالنقد لا يختلف فيه الحاضر عن البادي، لكن لو ورد البادي بسلعة، جاء بسمن وأراد أن يشتري بهذا السمن طعاماً يصير مثل البيع، مثل البيع له؛ لأن الشراء له بهذه السلعة مثل بيعه بالدراهم. وهو ممنوع مطلقاً على المعتمد كما تقدم، واستوجه هذا الدسوقي، ومذهب الشافعية متردد في التأثيم به أيضاً، يعني إذا قدم الإعرابي بدراهم يريد الشراء هو كالحاضر، ما في فرق، يتوكل عنه الحاضر، لكن لو ورد بسلعة يشتري بها سلعة أخرى، كما لو ورد لبيعها يتجه إليه النهي، ومذهب الشافعية متردد في التأثيم به أيضاً، فلو قدم من البدو من يريد الشراء فتعرض له من الحضر من يشتري له رخيصاً فابن يونس قال: هو حرام، بحث الأذرعي الجزم بالإثم، وله وجه كما قال ابن حجر، وهو القياس على البيع، قال الشرواني: وهو المعتمد، لكن قيده بأن يكون الثمن مما تعم الحاجة إليه، السلعة التي أوردها البادي ليشتري بها سلعة أخرى ليتجه إليها ما اشترط في البيع له، من كون السلعة مما يحتاجه الناس، والقول بالمنع نقله ابن هانئ أيضاً من الحنابلة، وله رواية معروفة عن الإمام أحمد، وجمع من المتأخرين اختاروا عدم الإثم في الشراء؛ لأن النص في البيع "لا يبع" أما يشتري له لا بأس، وفرقوا بين البيع والشراء للبدوي بأن الشراء غالباً بالنقد ولا تعم الحاجة إليه، لكن إذا كان الشراء بسلعة صار حكمه حكم البيع، أما ابن حجر فذهب مذهب التوفيق بين القولين، فحمل القول الأول بالإثم على ما إذا كان الشراء بمتاع تعم الحاجة إليه، وحمل القول بعدم الإثم على خلافه، وما إذا كان الشراء بمتاع لا تعم الحاجة إليه، ومذهب الحنابلة في الشراء للبادي أنه صحيح رواية واحدة، وذلك لأن النهي غير متناول للشراء بلفظه، وإن كان البيع من الأضداد، يطلق على البيع حقيقة، ويطلق على الشراء.

يقول: وذلك لأن النهي غير متناول للشراء بلفظه، وله في معناه، فإن النهي عن البيع للرفق بأهل الحضر ليتسع عليهم السعر، ويزول عليهم الضرر، وليس ذلك في الشراء لهم إذا لا يتضررون في عدم الغبن للبادين، بل هو دفع الضرر عنه، والخلق في نظر الشارع على السواء، فكما شرع ما يدفع الضرر عن أهل الحضر لا يلزم أن يُلزم أهل البدو الضرر. ثالثاً: هناك مسألة تتصل ببيع الحاضر للبادي والشراء له وهي: ما لو أشار الحاضر على البادي من غير أن يباشر البيع له: فقد نقل ابن قدامة أنه كرهه مالك والليث أو استشاره مجرد استشارة جاء يبيع قال: ويش رأيك؟ كم نبيع كرهوه لأنه في حكم البيع له. وقال الشافعية: في وجوب إرشاده إلى الادخار أو البيع وجهان: أوجههما أنه يجب إرشاده؛ لوجوب الإشارة بالأصلح عليه، ونقل ابن قدامة أيضاً أنه رخص فيه طلحة بن عبيد الله -رضي الله عنه-, والأوزاعي وابن المنذر، قال ابن قدامة: وقول الصحابي حجة ما لم يثبت خلافه. رابعاً: نص ابن جزيء من المالكية على أن تعريف البادي بالسعر هو كالبيع له فلا يجوز. انتهى كلام أرباب الموسوعة. وهو كلام شامل، ويوضح شيء من المعالم، فإذا ثبت النهي عن هذا البيع من قبل الحاضر للبادي، وقد ثبت بالنص الصحيح الصريح وهو محكم خلافاً لمن يقول: بأنه منسوخ، لا بد من تقييده بالقيود التي ذكرت؛ لأن المعنى واضح، المعنى من نهي الحاضر للبادي واضح، وهو مصلحة أهل السوق، ومصلحة المستهلك الذي يشتري من هذا السوق، وهو لا يرد على هذا أن البادي يبيع برخص على التجار والتجار يرفعون الأسعار على المستهلكين يعني مسألة مفترضة إذا ساد هذا وعرف أنه تكثر السلع في الأسواق برخص، ويحرم على التاجر الاحتكار فيضطر أن يبيعها برخص، فالنصوص متوازنة ومتعادلة نظرت إلى مصلحة الجالب: ((لا تلقوا الركبان)) ونظرت إلى مصلحة أهل السوق: ((لا يبع حاضر لباد)) ونظرت إلى مصلحة المستهلك في تحريم الاحتكار، وهذا في الأقوات كما هو معلوم، وما يحتاج إليه الناس أم الأمور الكمالية فالأمر فيها سعة كما يقرره عامة أهل العلم. الإمام البخاري ترجم على الحديث بتراجم وهي عادته في بيان فقهه لهذه التراجم، يقول في الترجمة الأولى:

باب: هل يبيع حاضر لباد بغير أجر؟ وهل يعينه أو ينصحه؟ وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((إذا استنصح أحدكم أخاه فلينصح له)) ورخص فيه عطاء، النصيحة الآن الترجمة على سبيل التردد، هل يفعل كذا؟ هل يفعل كذا؟ ما جزم البخاري بشيء، لكن العادة أن المرجح عنده ما يردفه به من حديث أو خبر موقوف، ثم أورد ((لا تلقوا الركبان)) و ((لا يبع حاضر لباد)) قال: لا يكون له سمساراً، والسمسار إنما هو من يبيع بأجرة، فمفهوم هذا أن الذي يبيع بغير أجر يجوز عند الإمام البخاري، هذه ترجمة، الترجمة الثاني: باب: من كره أن يبيع حاضر لباد، الترجمة الثالثة: باب: لا يشتري حاضر للباد بالسمسرة، وكرهه ابن سيرين وإبراهيم للبائع والمشتري، وقال إبراهيم: إن العرب تقول: بع لي ثوباً، وهي تعني به الشراء، فقوله: ((لا بيع حاضر لباد)) والبيع من الأضداد يطلق على البيع والشراء، فلا يبيع للبادي ولا يشتري للبادي، وهذا اختيار الإمام البخاري. يقول: باب النهي عن تلقي الركبان، وأن بيعه مردود؛ لأن صاحبه عاص آثم إذا كان به عالماً، وهو خداع في البيع والخداع لا يجوز، ثم ذكر باب منتهى التلقي .. إلى آخره. المسألة التي صورناها بالأمس من التفريق بين الأخوين، وقلنا: إنه لو عرض أخوين على سبيل التفريد فسيم واحد منهما بعشرين ألف، والثاني بعشرين .. ، سام زيد هذا بعشرين وسام عمرو هذا بعشرين، والنهي ثابت من الأحاديث السابقة من فرق بين والدة، وفرق بين أخوين غلامين، كما في حديث علي قال: لا أريد أن أفرقهما، أحدكما يأخذهما بأربعين، قال هذا المعروض عليه: أنا لا أريد إلا واحد، وحاجتي واحد، والثاني يكلفني، ولا أستطيع أن اشتري الاثنين معاً إلا بعشرة، بدلاً من أن يكون الواحد بعشرين؛ لأنه يحتاج إلى نفقة عليه، هل له أن يفرق؟ ليس له أن يفرق؛ لأن النهي ثابت، إذاً ماذا يصنع؟

يقول أحد الإخوة: بدلاً من أن يبيعهما بعشرة، وقد سيم كل واحد منهما بعشرين يبيع واحد بعشرين ويعتق الثاني، والعتق مأمور به، نقول: نعم له أن يعتق، والتفريق بينهما ببيع أحدهما وعتق الآخر ليس كالتفريق بينهما ببيعهما على أكثر من جهة؛ لأن بيعهما على أكثر من جهة يقتضي بقاء الرق وانشغال الرقيق بخدمة سيده، فلا يتمكنان من الاتصال ببعضهما، الذي من أجل القطيعة والتفريق بينهما حصل المنع، أما لو كان أحدهما حر فإنه يزور أخوه متى ما أراد، أيضاً هذا المشتري الثاني احتمال أن يبيعه على مشترٍ ثاني ببلد آخر وهكذا، فله أن يعتقه، ولعل هذا الحديث والذي قبله من الأساليب التي جاءت عن الشارع في التشوف إلى العتق، يعني أنها وسيلة من وسائل العتق، باع الأم لا يجوز له أن يبيع ولدها، له أن يعتقه، هذا المنفذ له أن يعتقه وهكذا، نعم. بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد: قال المؤلف -رحمه الله تعالى-: وعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: "غلا السعر بالمدينة على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال الناس: يا رسول الله غلا السعر, فسعِّر لنا, فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إن الله هو المسعر, القابض, الباسط, الرازق, وإني لأرجو أن ألقى الله تعالى وليس أحد منكم يطلبني بمظلمة في دم ولا مال)) رواه الخمسة إلا النسائي, وصححه ابن حبان. الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

"وعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: "غلا السعر بالمدينة على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال الناس" أولاً: غلاء الأسعار بسبب قلة الموارد وقلة المواد التي يحتاجها الناس، فالبضائع والسلع أسعارها مرتبطة بالعرض والطلب، فإذا زادت في الأسواق رخصت، وإذا قلت في الأسواق غلت أثمانها، خلاف لما يفعله الناس في هذه الأيام من ارتكاب بعض الأساليب التي يتوصلون بها إلى غلاء الأسعار، أو رخصها في الدعاية مثلاً يتوصلون إلى خداع الناس والتمويه عليهم إلى أن تشترى هذه السلع، وإن كانت أقل من غيرها بأقيام أرفع، هذا هو أثر الدعاية، وقد تنزل الأسعار بسبب صنيع بعض التجار للإضرار بغيرهم كما يقولون: لإسقاط بعض التجار الصغار على اصطلاح التجار يأتي التاجر الكبير فيضرب السوق؛ لأنه ما يهمه أن يخسر في هذه البضاعة في سبيل أن بعض المحلات تغلق ليتجه الناس إليه، فالغلاء والرخص سببه الزيادة في العرض والطلب والنقص فيه، المقصود أن الأساليب التي تستعمل في التجارة الآن أكثرها وافدة من غير المسلمين، فعلى المسلم أن يتحرى في طيب المطعم، وتبذل الآن على الدعايات الملايين، وكلها على حساب المستهلك، شخص يتخذ محل لبيع الأقمشة هذا المحل يكفيه خمس من اللمبات مثل هذه من باب الدعاية، وإخراج هذه الأقمشة بشكل غير حقيقتها وضع مائتين، وفي هذا ما فيه الإسراف، وفيه تغرير للمشتري، وتلبيس عليه، المقصود أن مثل هذه الأساليب هي وافدة، واردة على المسلمين وليست من أعمالهم وطبائعهم، فعليهم أن يجتنبوها ويتقوا الله -جل وعلا- في طيب المطعم.

"غلا السعر في المدينة على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال الناس: يا رسول الله غلا السعر, فسعر لنا" سعر لنا حدد الأسعار بحيث لا يتجاوزه التجار، سعّر "فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إن الله هو المسعر القابض الباسط)) كل شيء بيده -جل وعلا-، هو الذي ينعم على الناس فيكثر الخير ويعم الرخاء، وهو الذي يقبض فتقل الأسعار، وتقل الموارد .. ، تقل السلع والموارد فترتفع الأسعار، ((الباسط الرازق)) الله -جل وعلا- هو المعطي المانع ((وإني لأرجو أن ألقى الله تعالى, وليس أحد منكم يطلبني بمظلمة في دم ولا مال)) إذا سعّر المسعر من سلطان ونحوه، وألزم الناس بهذا السعر، فيتصور الظلم على البائع وعلى المشتري، ولذا قال: ((وليس أحد منكم)) لا باعة ولا مشترين، ((يطلبني بمظلمة في دم ولا مال)) نعم إذا حدد سعر هذا الكتاب من قبل ولي الأمر لا يزيد عن مائة ريال، السوق قابل للزيادة والنقصان، فإذا قلت النسخ، وزادة الأسعار، وزادة التكاليف على صاحب الكتاب، واحتاج أن يستأجر له المخازن وغيرها، وارتفعت عليه الكلفة صار ظالم للتاجر، ولو طبع الكتاب مراراً، وصار بدلاً من أن كان يبيعه التجار من مائة وخمسين، وسعره الوالي بمائة، طبع مرة ثانية وثالثة وعاشرة، وصار يباع بعشرين، واستمر السعر على مائة، نعم؛ لأن ما يتصور أن جهة من الجهات تبي تلاحظ الأسعار، وكل صباح تضع السعر الجديد، إذا ما يكون له قيمة التسعير، التسعير ليكون الأمر ثابت لا يتجاوزه البائع ولا يتجاوزه المشتري، وإثبات السعر والسلعة قابلة للزيادة والنقص لن يخلو عن ظلم، يعني افترضنا أن الكتاب ندر وتعب عليه صاحبه، وبذل في تحصيله الأموال الطائلة، ثم ثبت سعره بمائة، وصار يستحق ألف مثلاً، والوالي سعره بمائة هذا ظلم للتاجر، ولو طبع مراراً عشر مرات وصار بدلاً من أن سعره مائة يستحق عشرين ريال، أو يتكدس في المستودعات صار ظلم للمستهلك، ولذا قال: ((وإني لأرجو أن ألقى الله تعالى وليس أحد منكم يطلبني بمظلمة في دم ولا مال)) أنتم تصوروا الظلم الحاصل على الطرفين في البلدان التي يحدد فيها الأجور مثلاً، بلدان وضعت فيها الأجور في ظرف من الظروف في وقت من الأوقات حددت من

خمسين سنة، وما زالت إلى الآن، تجد البيت بدلاً من أن يؤجر أو الشقة بعشرة آلاف في عملاتهم هو يؤجر بعشرة فقط آحاد، بدلاً من الآلاف، وما زال الأمر جاري هذا ظلم لمن؟ ظلم لصاحب المال، ويكون سبباً في ظلم المستهلك؛ لأن صاحب المال بيضطر إيش يفعل؟ يغلق هذا البيت، لا يؤجره، يقول: بدلاً من أن أؤجر لا يؤجر، أيضاً من كانت عنده نية أن يتوسع ويوسع على الناس في البيوت والمساكن، يقول: ليش أعمر، وهو من دخله لا يخرج، ولا أستطيع أن أزيد عليه، خله يجلس، خلها أرض، حتى أن بعضهم يتحايل على بعض العمارات الفارهة الشاهقة يهدمها، فإلزام الناس بأسعار لا شك أنه ظلم لهم، نعم قد يتوقع أو يتوخى مصلحة في وقت من الأوقات في ظرف من الظروف لأمر طارئ ويزول ويزول هذا بزواله، ويجتهد إمام، أو يفتى بهذا شيء، نعم، ويبقى أن الله -جل وعلا- هو المسعر القابض الباسط المعطي المانع، فالأصل أن التسعير لا يجوز، طيب لو لاحظ ولي الأمر أن التجار يمنعون بيع السلع إلا بأسعار مرتفعة، نقول: يترك الأمر للسوق والعرض والطلب، إذا كثرت في الأسواق رخصت، ويحرم الاحتكار، يلزمون بالبيع، يحرم الاحتكار، فإذا ألزموا بالبيع رخصت السلع، لا يستطيعون أن يرفعوا الأسعار، تبيع أنت وإلا يبيع غيرك، نعم، فإذا نظرنا إلى التشريع في هذا المجال وجدناه على أدق وصف وعلى أكمله وأرحمه بالناس عموماً، البائع والمشتري والمستهلك كلهم لوحظت مصالحهم، فالبائع لوحظت مصلحته بقوله -عليه الصلاة والسلام-: ((لا تلقوا الركبان)) المشتري لوحظت مصلحته ((لا يبع حاضر لباد)) المستهلك لوحظت مصلحته بتحريم الاحتكار، الذي يليه. وعن معمر بن عبد الله -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا يحتكر إلا خاطئ)) رواه مسلم. هذا الحديث عن معمر بن عبد الله بن نضلة العدوي أسلم، قديماً وهاجر إلى الحبشة، المقصود أنه صحابي معروف، وإن كان مقل في الرواية "معمر بن عبد الله -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا يحتكر إلا خاطئ)) رواه مسلم.

والخاطئ والمخطئ اسم فاعل، خاطئ من الثلاثي، ومخطئ من الرباعي، أخطأ، والخاطئ مرتكب الخطيئة، وهو الآثم العاصي، والمخطأ مرتكب الخطأ، من أخطأ فهو مخطئ، وقد يكون آثماً، وقد يكون غير آثم لجهله مثلاً. ((لا يحتكر إلا خاطئ)) لا يرتكب إلا خاطئ يعني آثم عاصي، وهذا الحديث في مسلم، وحمله الجمهور على ما يحتاجه الناس، ولذا جاء في الخبر ((من احتكر طعاماً)) أي اشتراه وحبسه حتى يقل في الأسواق فيغلو ثمنه، فحملوه على الطعام، وسبب الحمل تقييد الخبر بفعل الصحابي، راوي الحديث وهو أدرى بما روى. أخرج مسلم عن سعيد بن المسيب أنه كان يحتكر فقيل له: فإنك تحتكر، قال: لأن معمر راوي الحديث كان يحتكر، قال ابن عبد البر: كانا يحتكران الزيت، وهذا ظاهر أن سعيداً قيد الإطلاق بعمل الراوي، وهو أدرى بما روى، فالأمور الضرورية الزيت ضروري وإلا ما هو بضروري؟ نعم؟ في وقتهم ليس بضروري؛ لأن عندهم السمن، لكن عندنا الآن هو حل محل السمن الذي لا يقوم الطعام إلا به، ولو احتكر وارتفع الناس إلى أسعاره رجع الناس إلى السمن، المقصود أن المنع هنا إنما يكون فيما يضطر إليه الناس، في أقواتهم، وهنا الشرع يلاحظ المستهلك، فلا يمكن أن يضطر المسلم إلى طعام والمخازن والمستودعات مملؤة بهذا الطعام، فمن احتكر مع حاجة الناس إلى هذا الطعام آثم عاصي خاطئ، ويلزمه ولي الأمر ببيعه، نعم. وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا تصروا الإبل والغنم, فمن ابتاعها بعد فهو بخير النظرين بعد أن يحلبها, إن شاء أمسكها, وإن شاء ردها وصاعاً من تمر)) متفق عليه. ولمسلم: ((فهو بالخيار ثلاثة أيام)). وفي رواية له علقها البخاري: ((ورد معها صاعاً من طعام لا سمراء)) قال البخاري: "والتمر أكثر". وعن ابن مسعود -رضي الله عنه- قال: "من اشترى شاة محفلة فردها فليرد معها صاعاً" رواه البخاري. وزاد الإسماعيلي: "من تمر". يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

"وعن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا تصروا الإبل والغنم)) " الإبل والغنم، وفي حكمها البقر، والمراد بالتصرية ربط أخلاف الناقة، يعني ربط ثدي الناقة لئلا تحلب فيجتمع فيها اللبن، ولو اجتمع من غير ربط كان له نفس الحكم، المقصود أنه ترك اللبن في ضرع الناقة والبقرة والشاة حتى يجتمع فيراه المشتري كثيراً، فيظن أن هذه عادتها، أنها ذات لبن كثير، فيقدم عليها، فنهي عن ذلك. ((فمن ابتاعها)) من اشتراها وقد اغتر بما في ضرعها من اللبن الكثير ((فهو بخير النظرين)) له الخيار من إمضاء البيع أو ردها، ((فهو بخير النظرين بعد أن يحلبَها)) بعض الروايات: ((يحلبُها)) و (أن) ناصبة للفعل المضارع، وقد يلغى عملها. أن تقرآن على أسماء ويحكما ... . . . . . . . . . المقصود أن الأصل فيها النصب، وجاء في بعض الروايات الصحيحة بالرفع، وهذا إلغاء لها، لعملها، وقد جاء فيه الشعر. إن شاء بعد النظرين أن يحلبها، ((إن شاء أمسكها)) إذا قبلها وعرف وأقدم على الشراء مع علمه بهذا الغرر الأمر لا يعدوه، أحياناً تكون السلعة في نظر المشتري رخيصة جداً، ولو تبين فيها عيب أيضاً تبقى رخيصة فله أن يمسكها، اشتريت كتاب مثلاً يباع بألف قيمته ألف فوجدته بثمانمائة رخيص، لما رجعت إلى البيت وجدت فيه سوس خفيف هذا عيب، لكن إن شئت أن تعيده باعتبارك ما وقعت ولا رأيت هذا العيب، وإن شئت أن تمسك؛ لأنه أيضاً رخيص بهذه القيمة، فلك ذلك، الأمر لا يعدوك، يقول: ((إن شاء امسكها، وإن شاء ردها)) لأن خيار العيب ثابت في الشرع، وهذا عيب، وهذا يثبت به خيار التدليس، هذا تدليس، وهو إظهار السلعة بمظهر غير مظهرها الحقيقي.

((وإن شاء ردها وصاعاً من تمر)) قد يكون هذا اللبن يعدل صاعين من التمر، قيمته تعدل صاعين أو ثلاثة، وقد تكون قيمته لا تعدل ربع صاع، لكن لا يمكن ضبط هذه الأمور إلا بهذه الطريقة، يُجعل قدر وهو هنا متوسط، هذا في الأمور العامة لا بد من إرجاع الناس إلى شيء منضبط، ما يترك للاجتهاد؛ لأنه حلب هذه الناقة، فإن ادعى أنه مثلاً لتر، وقال صاحبها: لا هو عشر لتر، تعطينا قيمة عشرة لترات، من يحل مثل هذا الإشكال؟ في مثل هذه الأمور يرد الناس إلى أمر منضبط، ولا يترك لاجتهادهم؛ لأن اجتهادهم يفضي إلى النزاع الذي لا ينحل، يعني حينما -وهذا تقدم- أُمر الأب أن يأمر ابنه لسبع سنين بالصلاة، وأن يضربه لعشر، ما صار مرد الأمر والنهي إلى التمييز، لماذا؟ لأن التمييز متفاوت بعض الأطفال يميز لأربع، وبعضهم ما يميز إلا لثمان، تسع، ثم إذا قلت لفلان: لماذا لا تأمر ولدك؟ قال: والله ما ميز، عمره عشر سنين، والله ما ميز يا أخي، مرده إلى التمييز، لا، لا يوضع شيء قاعدة عامة تعم الناس كلهم، أما بالنسبة للأمور التي ليس فيها إلزام وتكليف عام يترك للتمييز، طلب العلم مرده إلى التمييز، ميز لأربع دعه يطلب العلم من أربع، ما ميز إلا لعشر لا يطلب العلم إلا لعشر، لا تكلفه بما لا يطيق، فالشرع في الأمور العامة التي تشمل الناس كلهم يضع قاعدة عامة، وإن كان الأصل أرفع أو أقل، أو أحياناً أرفع وأحياناً أقل. متفق عليه، ولمسلم: ((فهو بالخيار ثلاثة أيام)) ثلاثة أيام من الشراء أو من الحلب وتبين العيب؟ قيل هذا وقيل هذا، لكن المفترض أنه لا يتبين أنها مصراة إلا بثلاثة أيام من حلبها، الحلبة الأولى تبين أن فيها عشر لترات، حلبة ثانية فيها خمسة لترات، حلبة ثلاثة فيها ثلاث لترات وهكذا، قد يكون مرد النقص في الحليب نعم التغذية، وهذه تختلف من شخص لأخر، لكن المصرات لا شك أن عيبها يبين للتفاوت الكبير بين اليوم الأول والثاني والثالث تركت فرصة ثلاثة أيام ليتأكد من هذا الأمر.

"وفي رواية له علقها البخاري" لأبي هريرة ((ورد معها صاعاً من طعام لا سمراء)) " طعام مطلق، والطعام يشمل جميع ما يطعم، قال –الإمام- البخاري: "والتمر أكثر" ويش معنى أكثر؟ يعني أكثر في الرواية فهو أرجح، نعم، وقال بعضهم: عن ابن سيرين: "صاع من طعام، وهو بالخيار ثلاثاً" وقال بعضهم: عن ابن سيرين: صاع من تمر ولم يذكر ثلاثاً، والتمر أكثر، يعني أرجح في الرواية، وأكثر في الرواة. يقول بعد هذا .. ، في كلام طويل لأهل العلم في حديث .. ، في المصارات، وأن من الأئمة من العلماء من رد العمل بهذا الحديث، وأنه يخالف القياس، وأن فيه غرر وجهالة، وكيف يرد صاع بدل عشرة لترات أو لتر واحد أو كذا؟ هذا كله جعل بعض العلماء يردون هذا الحديث، وأنه على خلاف الأصل، لكن الحديث هو الأصل، وأنه لا قياس في مقابل هذا النص، فالأقيسة تكون فاسدة الاعتبار عند مخالفتها للنصوص الصحيحة، وجماهير أهل العلم على العمل به. "وعن ابن مسعود -رضي الله عنه- قال: "من اشترى شاة محفلة" وهي التي جمع لبنها في ضرعها "فردها فليرد معها صاعاً" هكذا مطلق، صاعاً من إيش؟ ما بُين، لكن هو في الحديث السابق حديث أبي هريرة -هذا حديث ابن مسعود- مبين بالتمر. "زاد الإسماعيلي: "من تمر" الإسماعيلي في مستخرجه على البخاري زاد: "فليرد معها صاعاً من تمر"، وهذه من فوائد المستخرجات، المستخرجات والاستخراج أن يعمد عالم حافظ يروي بأسانيده إلى كتاب معتبر من كتاب الحديث، فيخرج أحاديث الكتاب بأسانيده هو، من غير طريق صاحب الكتاب، من فوائد هذه المستخرجات قد يقول قائل: لماذا الإسماعيلي يضع مستخرج على البخاري يكفينا البخاري؟ إذا كانت الأحاديث هي أحاديث البخاري لكنها بأسانيد الإسماعيلي يكفينا البخاري، لسنا بحاجة إلى مستخرجه، نقول: لا هذا المستخرجات فيها فوائد كثيرة، أوصلها بعضهم إلى عشرين فائدة، منها الزيادة في المتون، تزيد جمل، وقد تزيد قيد، وقد تزيد ما يحتاج إليه في فهم النص، من فوائدها أيضاً تصريح المدلسين بالسماع وبالتحديث، وأيضاً تعيين المبهمات سواء كانت في الأسانيد أو في المتون، وتمييز المهملات في الأسانيد، المقصود أن لها فوائد كثيرة.

واستخرجوا على الصحيح كأبي ... عوانة ونحوه واجتنبِ عزوك ألفاظ المتون لهما ... إذ خالفت لفظاً ومعنى ربما المقصود أن هذه المستخرجات استفاد منها هذه الفوائد، لكن إذا أخذت الحديث من مستخرج الإسماعيلي ما تقول: رواه البخاري بناء على أن الأصل في البخاري؛ لأنها خالفت وزادت ونقصت، فلا بد إذا عزوت لكتابٍ أن ترجع إلى الكتاب نفسه، نعم لا بد أن ترجع إلى الكتاب نفسه. . . . . . . . . . ... إذ خالفت لفظاً ومعنى ربما وما تزيد فاحكمن بصحته ... فهو مع العلو من فائدته والأصل يعني البيهقي ومن عزا ... وليت إذ زاد الحميدي ميزا لأن من أهل العلم من اعتمد على المستخرجات وعزا للصحيحين، البيهقي يصنع هذا، يسند للبخاري، يضيف للبخاري ما في مستخرج أبي عوانة، الحميدي في الجمع بين الصحيحين كذلك مع أنه ميز وحاول يميز لكن ما دام مرجعه الفرع يصعب عليه التمييز، تمييز كل لفظة بعينها، وقل مثل هذا في جامع الأصول؛ لأن بعض الناس يعتمد على جامع الأصول بناء على أنه جمع الكتب الستة، الصحيحين وأبي داود والترمذي والنسائي والموطأ، يقول: خلاص أنا ليش أرجع إلى الكتب الستة هذه يكفيني جامع الأصول، نقول: لا يا أخي لا بد إذا قال لك: خرجه البخاري ترجع إلى البخاري فتتأكد أن هذا لفظه؛ لأنه يعتمد على المستخرجات، فمن فوائد المستخرجات زيادة في اللفظ: "من تمر" وهذه فائدة مهمة في الحديث، نعم جاءت في أحاديث أخرى، لكنها في حديث ابن مسعود ما جاءت إلا في المستخرج، فيستفاد من المستخرجات مثل هذا، نعم. طالب: طيب ما يحمل المطلق على المقيد، الصاع يكون من تمر. صاعاً؟ طالب: إيه يكون مطلق يحمل على المقيد. هو قيد بكونه من تمر. طالب: يحمل وإلا لا. نعم؟ طالب: يحمل؟ لا بد، نعم. وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مر على صبرة طعام, فأدخل يده فيها, فنالت أصابعه بللاً, فقال: ((ما هذا يا صاحب الطعام?)) قال: أصابته السماء يا رسول الله، قال -صلى الله عليه وسلم-: ((أفلا جعلته فوق الطعام كي يراه الناس? من غش فليس مني)) رواه مسلم. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

"وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مر على صبرة" وهي الكوبة المجتمعة من الطعام "فأدخل يده فيها" ليختبر -عليه الصلاة والسلام- "فنالت أصابعه بللاً" معروف أن التمر إذا جاءه الماء يفسد مع الوقت ما لم ينشف حالاً، لكنه يفسده الماء، وقل مثل هذا فيما يتلفه الماء كالورق مثلاً أو الحبر المكتوب، المقصود أن مثل هذا إخفاؤه عن المشتري غش، "فنالت أصابعه بلالاً، فقال: ((ما هذا يا صاحب الطعام؟ )) قال: أصابته السماء" يعني أصابه الماء، المطر (إذا نزل السماء بأرض قومٍ) فالمراد بالسماء هنا المطر. "أصابته السماء يا رسول الله، قال: ((أفلا جعلته فوق الطعام كي يراه الناس؟ )) أما أن يخفى بحيث لا يراه المشتري هذا هو الغش، وفي الحديث: ((من غش فليس مني)) وفي رواية: ((من غشنا فليس منا)) يعني ليس على هدي، وليس على طريقتي، وليس من المقتدين بي، والمؤتسين بعملي، هذا معناه، وجمع من أهل العلم يكرهون تفسير مثل هذه النصوص؛ لأن عدم تفسيرها أبلغ في الزجر عن هذا العمل.

وعلى كل حال الغش حرام، ويكثر تداول هذا اللفظ بين الطلاب أيام الامتحانات ينظر في ورقة زميله أو يطلب من زميله أن يساعده ويقول: غششني، أو يقال: إنه غش فلان من فلان، لا شك أن هذه خيانة، خيانة للشخص نفسه ولغيره ممن .. ، أقول: هذا الشخص سوف يتولى أعمال ووسيلته في هذا العمل والوصول إليه محرم، أمر مبني على خيانة، ولذا بعض أهل العلم يرى أنه يحرم عليه أن يعمل بهذه الشهادة التي نالها بهذه الطريقة، وبعض الناس يقول: أنا أعمل بعمل لا علاقة له بالعلم الذي تعلمت، يعني كوني غشيت في مادة حديث وإلا تفسير وإلا .. ، وأنا أشتغل في شركة الكهرباء، كيف يؤثر هذا على .. ؟ نقول: ما مكنت من هذا العمل إلا بهذه الشهادة التي هذا العمل الذي عملته جزء منها، ولا شك أن الأمر يختلف فيمن كان ديدنه الغش يعني جميع سنواته يستعمل الغش، وفي جميع المواد هذا لا شك في تحريم ما يكسبه من جراء هذه الشهادة، لكن يبقى أنه لو غلبته نفسه الضعيفة في مادة من المواد، وأخذ كلمة أو شبهها وتاب منها وإلا فشهادته على الجادة، ولا غش غير هذه المرة قد، وإن كان الأمر محرم وخيانة، أما تحريم الكسب لأنه زل في كلمة أخذها أو شيء من هذا، نعم قد يفتى بذاك من باب الاهتمام بشأن هذا الأمر، والتهويل من شأنه ليترك ويجتث من أساسه، لكن من قال: إنه فعل هذا مرة في عمره في كلمة واحدة، في مادة واحدة، في فصل واحد، وتاب وأناب إلى الله -جل وعلا-، التوبة تهدم ما كان قبلها، وليس معنى هذا أنه يقدم على هذا العمل مع الإصرار ليتوب منه، لا، المسألة مفترضة في عمل حصل وتاب منه، كمن زنا وتاب، أو سرق وتاب، ليس معنى هذا أن هذا يهيأ له أن يزني ثم يتوب، لا، يختلف الأمر، فلا يفهم من هذا أن الإنسان يتجاوز ويتسامح في الغش، أبداً، لكن فرق بين من كانت شهادته مبنية على هذه الخيانة، وبين من حصلت منه هفوة أو زلة واستفاد كلمة أو نحوها، ثم تاب منها، تاب يتجاوز عنه أثر المعصية، التوبة تهدم الذنب، لكن العمل المنوط به بسبب هذه الشهادة لا يجوز، يعمل بدون شهادة، يعمل سادة، نعم؟ طالب: ما في قاعدة.

معروف أنه لا يقصد من مثل هذا الكلام خروجه من الدين، معلوم هذا أنه لا يقصد خروجه من الدين، وإن كان فاعله مرتكباً لأمر محرم، نعم. وعن عبد الله بن بريدة عن أبيه -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((من حبس العنب أيام القطاف حتى يبيعه ممن يتخذه خمراً فقد تقحم النار على بصيرة)) رواه الطبراني في الأوسط بإسناد حسن. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "وعن عبد الله بن بريدة عن أبيه" بريدة بن الحصيب الأسلمي الصحابي معروف -رضي الله عنهما- "قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((من حبس العنب أيام القطاف)) تركه أيام القطاف ((حتى يبيعه)) من يهودي أو نصراني، أو ((ممن يتخذه خمراً)) من فساق المسلمين، يستعمله في محرم ((فقد تقحم النار على بصيرة)). أولاً: هذا الحديث باطل، لا يصح، قاله أبو حاتم، وقال الذهبي في الميزان: موضوع، وقول الحافظ بإسناد حسن ليس بحسن، فهذا الحديث ليس بصحيح، لكن مقرر عند أهل العلم من عمومات الشريعة أن من اشترى شيئاً ليتوصل به إلى محرم يحرم بيعه عليه، إذا عرف ذلك البائع، فلا يجوز بيع العنب ممن يتخذه خمراً، ولا بيع التمر، ولا بيع السلاح لمن أراد أن يتقل به مسلماً، ولا بيع آلة التصوير لمن أراد أن يصور بها ذوات الأرواح .. إلى آخره، فكل هذه الأمور محرمة دلت العمومات على تحريمها، جاء شخص يشتري سكين الناس يبيعون السكاكين من غير نكير؛ لأن غالب استعمالها في المباح، لكن عرفنا أن شخص اشترى سكين ليطعن بها مسلماً يحرم البيع عليه؛ لأن هذا من التعاون معه على الإثم والعدوان، ومثله بيع السلاح في الفتنة، وبيع العنب لمن يتخذه خمراً وهكذا، المقصود إذا كان يعرف أن المشتري يستعمله في محرم لا يجوز له أن يبيعه عليه، والحديث عرفنا أنه باطل، نعم. وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((الخراج بالضمان)) رواه الخمسة, وضعفه البخاري وأبو داود، وصححه الترمذي وابن خزيمة وابن الجارود وابن حبان والحاكم وابن القطان. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

"وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((الخراج بالضمان)) " يقول: " رواه الخمسة, وضعفه البخاري وأبو داود، وصححه الترمذي وابن خزيمة وابن الجارود وابن حبان والحاكم وابن القطان". وهؤلاء يعني الترمذي وابن حبان والحاكم وابن خزيمة قد يتساهلون في التصحيح، لكن اجتماعهم على تصحيح خبر لا سميا وقد انضم إليهم ابن الجارود وابن القطان، لا يقل عن مرتبة ولا ينزل عن مرتبة الحسن، وتضعيف البخاري لرواية الترمذي المطولة التي فيها مسلم بن خالد الزنجي، وهو ضعيف، لكن الرواية المختصرة عند الترمذي وغيره يعني ليس فيها هذا المقدوح فيه، فأقل أحواله الحسن، والحديث قاعدة عامة من قواعد الشرع ((الخراج بالضمان)) قد تقدم لنا النهي عن بيع ما لم يضمن، فالربح مربوط بالضمان، اشتريت سلعة واشترط الخيار لمدة شهر لك ذلك، لكن هل لك أن تعرضها على المشترين بمعنى أنها إن جاءت بثمن مرتفع تجزم على شرائها أو تردها على صاحبها، لا يجوز لك أن تبرم هذا العقد، ولك أن تستشرف وتستطلع الآراء تشوف كم تسوى؟ وتتحرى في قيمتها لك ذلك، إما أن تبيعها في مدة الخيار وهي ليست من ضمانك من ضمان البائع فليس لك ذلك، والربح الذي يحصل منها في حال الخيار قبل أن تكون من ضمانك الربح لصاحبها لأن الخراج بالضمان، المرتهن يجوز له أن يركب ما يركب، ويحلب ما يحلب، لماذا؟ لأنه ينفق عليه، لو كان الرهن سيارة يركبها، لماذا؟ لأنه هو الذي يضع فيها البنزين والزيت ويلاحظها، فالخراج بالضمان، الدابة له أن يركبها، وله أن يحلبها؛ لأنه هو الذي يعلفها، فالخرج بالضمان وصور ذلك كثيرة جداً لا تنتهي، المقصود أن هذا القاعدة لها فروع كثيرة، وهي من ضمن القواعد الفقيه التي يذكرها أهل العلم، نعم. وعن عروة البارقي -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أعطاه ديناراً يشتري به أضحية أو شاة, فاشترى به شاتين, فباع إحداهما بدينار, فأتاه بشاة ودينار, فدعا له بالبركة في بيعه, فكان لو اشترى تراباً لربح فيه. رواه الخمسة إلا النسائي. وقد أخرجه البخاري ضمن حديث, ولم يسق لفظه، وأورد الترمذي له شاهداً من حديث حكيم بن حزام -رضي الله عنه-.

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "وعن عروة البارقي -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أعطاه ديناراً يشتري به أضحية أو شاة" للأكل أو لغيره، شك الراوي، "فاشترى به شاتين فباع أحدهما بدينار فأتاه بشاة ودينار" الآن المصلحة من هذا التصرف ظاهرة، تصرف وتعدى ما حد له، أعطي دينار ليشتري شاة، فاشترى شاتين، هل نقول: إن مثل هذا التصرف يجوز؛ لأن المصلحة جلية وظاهرة، افترض أنه اشترى شاتين، وجاء بهما لمن وكله، يختلف الحكم فيما لو باع أحداهما بدينار كما هنا؟ الآن المصلحة ظاهرة، المصلحة مقطوع بها، الدينار الذي أعطيه رده، ومعه شاة، لكن لو اشترى شاتين بدل شاة، وجاء بهما لصاحب الدينار الحكم واحد وإلا يختلف؟ احتمال أن تكون هاتين الشاتين أقل من الشاة الواحدة التي يرغب فيها صاحب الطلب، ولا شك أن هذا يسمى عند أهل العلم التصرف إيش؟ الفضولي، ويسمونه أيضاً العقد الموقوف، والحديث دليل على جوازه بإجازة صاحب الشأن، أعطيت واحد مائة ريال قلت له: هات لي صحيح البخاري، راح ووجد فتح الباري بمائة ريال قال: فرصة الكتاب الذي أنت تريده كامل ومشروح وزيادة، نعم؟ مصلحة راجحة، لكن يبقى أن المسألة موقوفة على إجازتك، تقول: والله ما عندي محل لفتح الباري، وفتح الباري عندي لا أريد نسخة ثانية، أنا أريد نسخة من البخاري صغيرة أحملها في الأسفار، فلك أن ترد ذلك، ولو كانت المصلحة راجحة، فأنت الذي تقدر مصلحتك.

يقول: "فاشترى به شاتين فباع إحداهما بدينار, فأتاه بشاة ودينار, فدعا له بالبركة" لأنه جاء له بما أعطاه وزيادة، صارت الشاة ربح، "بالبركة بالبيع، فكان لو اشترى تراباً لربح فيه" ويوجد على مر العصور من التجار بهذه المثابة، لو قلب حجراً لوجد تحته ما يربحه، وواحد من التجار أراد أن يشيد عمارة أو عمائر على أرض كبيرة، فحفر لها في الأرض للقواعد والأخبية، فاجتمع التراب الكثير بحيث امتلأت الأسواق منه فأحضر شركة لتقوم بنقل هذا التراب، فقالوا: ننقل هذا التراب بثلاثمائة ألف، قال: ما عندي ألا مائة ألف تنقلون هذا التراب، وانفضوا على هذا، في نفس اليوم في آخر يوم جاءت شركة أخرى تشتري هذا التراب بمائتي ألف، وعليهم النقل، أقول: بعض الناس لا شك أن التجارات حظوظ من الله -جل وعلا-، وإنسان من أذكى الناس وأنبههم يتعرض للتجارة وهو في. . . . . . . . . كل يوم أردى من الثاني، ورجل لا يحسن شيء، بل علامة التغفيل عليه ظاهرة والأرباح تزداد، وابن آدم لا يفعل شيئاً، الله -جل وعلا- هو الذي يوسع، وهو الذي يضيق، وهو الذي يرزق، وهو الذي يبسط، وهو الذي يقدر الأرزاق، المقصود أن الإنسان عليه أن يبذل السبب؛ لأنه مأمور به، وأما النتائج فهي بإذن الله -جل وعلا-، وهذا كان لو اشترى تراباً لربح فيه ببركة الدعوة النبوية منه -عليه الصلاة والسلام-. "رواه الخمسة" أبو داود والترمذي وابن ماجه وأحمد "إلا النسائي، وقد أخرجه البخاري ضمن حديث, ولم يسق لفظه" بل ساق لفظه برقم (3642)، "وأورد الترمذي له شاهداً من حديث حكيم بن حزام" لكنه ضعيف، وعلى كل حال الحديث صحيح، نعم. وعن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عن شراء ما في بطون الأنعام حتى تضع, وعن بيع ما في ضروعها, وعن شراء العبد وهو آبق, وعن شراء المغانم حتى تقسم, وعن شراء الصدقات حتى تقبض, وعن ضربة الغائص" رواه ابن ماجه والبزار والدارقطني بإسناد ضعيف. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "وعن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عن شراء ما في بطون الأنعام حتى تضع ... " الحديث.

يقول الحافظ: "بإسناد ضعيف" لأن فيه شهر بن حوشب، والجمهور على تضعيفه، فإسناده ضعيف، وقصة تضعيفه، وقصة السرقة وما أشبه ذلك، وما حيك حولها، قد لا يثبت، لكن الجمهور على تضعيفه، فالحديث ضعيف، وفي جمله الست ما لبعضها شواهد، يقول: "نهى عن شراء ما في بطون الأنعام حتى تضع" وذلك للغرر، ونهى عن بيع حبل الحبلة، وتقدم هذا، والحمل في البطن لا يجوز بيعه لوجود الغرر. "وعن بيع ما في ضروعها" يعني من الألبان، ما يدرى كمية اللبن الذي في ضرعها، فالغرر موجود، "وعن شراء العبد وهو آبق" فلا يجوز بيعه؛ لأنه غير مقدور على تسليمه "وعن شراء المغانم حتى تقسم" لأنها قبل تمام الملك، يبيع نصيبه قبل أن تقسم ويقبضه بيع قبل تمام الملك، فيشمله ((لا تبع ما ليس عندك)) "وعن شراء الصدقات حتى تقبض" كذلك ما تم الملك حتى تقبض "وعن ضربة الغائص" لما فيها من الغرر، الغائص الذي يغوص في البحر، يقول: أغوص أعطني مائة ريال وأعطيك ما أحصله في هذه المرة، قد يحصل حوتاً كبيراً بعشرة أضعاف ما دفع، وقد لا يحصل شيئاً، وقد يحصل شيئاً صغيراً لا يستحق، ولا عشر القيمة، فالغرر موجود، والحديث ضعيف، نعم. وعن ابن مسعود -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا تشتروا السمك في الماء فإنه غرر)) رواه أحمد، وأشار إلى أن الصواب وقفه. هذا الحديث كسابقه في ضربة الغائص، وهو غرر، والعلة مذكورة، يقول: "وعن ابن مسعود -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا تشتروا السمك في الماء فإنه غرر)) " لا سيما وأن الجرم في الماء يبدو أكبر من حقيقته، وأحياناً يبدو أصغر السمك في الماء لا يجوز بيعه؛ لأنه لا يجزم بالاستيلاء عليه، قد ينزل ليمسكه فيعجز عنه، هو غير مقدور على تسليمه من وجه، والأمر الثاني: أن فيه غرر وجهالة، فلا يجوز بيعه، والحديث مضعف مرفوع، والصواب وقفه، نعم. طالب:. . . . . . . . .

لا هو إذا كان مقدور عليه تسليمه يعني في مزرعة صغيرة أو في ظرف صغير فيه ماء، ومعلوم يجوز بيعه نعم على أن للمشتري الخيار إذا ظهر خلاف مرآه، إذا رآه ورأى أن وزنه عشرة كيلو ثم لما خرج من الماء تغيرت حقيقته فإذا وزنه خمسة كيلو له الخيار، وسبق أن قلنا في الطير في الهواء يختلف الهواء المفتوح الذي لا يقدر على تسليمه، وبين الهواء مثل هذا المكان وهذا الظرف، إن لم يقدر على تسليمه في الحال قدر عليه بعد ساعة، هذا يختلف عن هذا، نعم. وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: "نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن تباع ثمرة حتى تطعم, ولا يباع صوف على ظهر, ولا لبن في ضرع" رواه الطبراني في الأوسط والدارقطني. وأخرجه أبو داود في المراسيل لعكرمة, وهو الراجح، وأخرجه أيضاً موقوفاً على ابن عباس بإسناد قوي, ورجحه البيهقي. يقول المؤلف -رحمة الله عليه-: "وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن تباع ثمرة حتى تُطعِم" أما الحديث المذكور فالمرجح أنه موقوف، وأما المرفوع فهو مرسل، لا تقوم به حجة، فالمرفوع ضعيف، وجمله يُنظر فيها، لها ما يشهد لبعضها من المرفوع، وبعضها يندرج تحت قواعد شرعية. يقول: "نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن تباع ثمرة حتى تُطعِم" فالنهي عن الطعام حتى يبدو الصلاح ويحمر أو يصفر على ما تقدم، وعلى ما سيأتي في النصوص، والعنب يتموه حلو، والحب حتى يشتد، لا بد أن يبدو الصلاح، فهذه الجملة لها ما يشهد لها، وتحمل على ما ثبت في النصوص الصحيحة. "ولا يباع صوف على ظهر" صوف على ظهر فيه غرر؛ لأنه إذا بيع الصوف على الظهر صاحب الدابة يبي يترك من الصوف أكبر قدر يستطيعه، والمشتري يريد أن يستوفي جميع الصوف، ولو أمكنه ذلك بالنتف لفعل، إن لم يمكن النتف فبالموسى، نعم، فيحصل الخلاف والشقاق، هذا يقول: لا نستطيع -اللي هو البائع- أن نترك هذه الدابة دون شعر نعطيك من أطرافه، فتكون المسألة تقصير، وذاك يريد الحلق، فيحصل الخلاف والشجار والنزاع، فلذا لا يجوز بيع الصوف على الظهر؛ لأنه لا يوصل فيه إلى حل متفق عليه.

"ولا لبن في ضرع" وقد سبق الكلام في هذا، وأنه فيه غرر، "رواه الطبراني في الأوسط والدارقطني وأخرجه أبو داود في المراسيل لعكرمة وهو الراجح" وهو مرسل "وأخرجه أيضاً موقوفاً على ابن عباس بإسناد قوي، ورجحه البيهقي" فعندنا الموقوف مرسل وهو ضعيف، وعندنا الموقوف صحيح على ابن عباس وجمله يمكن أن يشملها نصوص أخرى، وقواعد عامة، نعم. وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عن بيع المضامين والملاقيح" رواه البزار, وفي إسناد ضعف. وهذا أيضاً حديث ضعيف، "عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عن بيع المضامين" والمراد بها: ما في بطون الإبل، المضامين ما في بطون الإبل، وتقدم النهي عن بيع حبل الحبلة، والحمل في البطن "والملاقيح" ما في ظهور الجمال يبع على المشتري نعم؟ طالب:. . . . . . . . . إيش؟ طالب:. . . . . . . . . المضامين ما في بطون الإبل، والملاقيح ما في ظهور الجمال، فيأتي المشتري ويقول: أشتري أول نتاج لهذا الجمل، هذا إيش؟ ملاقيح؛ لأن الجمل يلقح الناقة، والناقة ما في بطنها وفي ظرفها وفي جوفها في حكم المضمون، المضمون من قبلها؛ لأن تحميه؛ لأن ظرفها وبطنها تحمي ويضمن بقاء هذا الجنين فيه، بخلاف ما لو كان خارج البطن، وعلى كل حال الحديث ضعيف، نعم. وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((من أقال مسلماً بيعته أقال الله عثرته)) رواه أبو داود وابن ماجه, وصححه ابن حبان والحاكم. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

"وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((من أقال مسلماً)) وفي رواية: ((من أقال نادماً)) وهو أعم من كونه مسلماً أو غير مسلم، فمن ندم على شراء سلعة لارتفاع سعرها مثلاً، أو لتبين الأمر بالنسبة له أنه ليس في حاجة إليها، فندم على شرائها من أقاله ((أقال الله عثرته)) يوم القيامة، وهو في أمس الحاجة إلى أن تقال عثرته، وبمثل هذا التعامل الشرعي يسود الحب والوفاق بين المسلمين، أما إذا اشترى سلعة فذهب بها إلى بيته فوجد أنه ليس بحاجة إليها، أو استغنى عنها، أو وجد في بيته ما يغني عنها، أو أهدي إليه مثلها، أو اشترى ابنه أو أخوه مثلها، فوجدها زائدة عن حاجته فندم على شرائها، ثم ذهب إلى البائع قال: أبداً اشتريت وتفرقنا تبي نشتري منك نشتري، وهذا يصنعه كثير من الناس، والجشع قد استولى على قلوبهم، تريد نشتري منك نشري، ثم لا يشتري منه إلا بثمن بخس، فإقالته ودفع ما دفعه كاملاً هو المرغب فيه بهذا الحديث, ((أقال الله عثرته)) يوم القيامة، "رواه أبو داود وابن ماجه, وصححه ابن حبان والحاكم" وهو صحيح، والله أعلم. وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

كتاب البيوع (7)

بلوغ المرام - كتاب البيوع (7) باب: الخيار الشيخ: عبد الكريم الخضير السلام عليكم ورحمة الله وبركاته الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: سم. بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. قال الحافظ ابن حجر العسقلاني -رحمه الله تعالى- في كتابه بلوغ المرام: باب: الخيار عن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((من أقال مسلماً بيعته أقال الله عثرته)) رواه أبو داود وابن ماجه, وصححه ابن حبان والحاكم. هذا الحديث تابع للباب السابق، الخيار أوله حديث ابن عمر -رضي الله عنهما-، نعم. أحسن الله إليك. وعن ابن عمر -رضي الله عنهما- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إذا تبايع الرجلان فكل واحد منهما بالخيار ما لم يتفرقا، وكانا جميعا, أو يخير أحدهما الآخر, فإن خير أحدهما الآخر فتبايعا على ذلك فقد وجب البيع, وإن تفرقا بعد أن تبايعا ولم يترك واحد منهما البيع فقد وجب البيع)) متفق عليه, واللفظ لمسلم. الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: باب: الخيار الباب مضى التعريف به مراراً، وأنه في الأصل وضع لما يدخل ويخرج منه، ثم اصطلح أهل العلم وتعارفوا على جعله عنواناً لما يضم فصولاً ومسائل غالباً، والخيار اسم مصدر من خيّر، أو اختار، خير يخير تخييراً، هذا المصدر، واسمه -اسم المصدر منه- خياراً، أو اختار يختار اختياراً، هذا المصدر، واسم المصدر منه خياراً.

والخيار في اصطلاح أهل العلم: طلب خير الأمرين من إمضاء البيع أو فسخه، طلب خير الأمرين من إمضاء البيع أو فسخه، والخيرية تكون بالنسبة لمن طلبه، فهو خير له فيما يبدو له، ولولا ذلك لما اختار الإمضاء أو الفسخ، والخيار أنواع ذكر منها المؤلف -رحمه الله تعالى- خيار المجلس، وخيار الشرط، وخيار الغبن، ومنها أيضاً خيار العيب، وخيار الخلف في الصفة، وخيار التدليس، وأنواع أخرى ذكرها أهل العلم تفصيلها في كتب الفروع. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

وعن ابن عمر -رضي الله عنهما- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إذا تبايع الرجلان)) تبايعا: تفاعلا، والمفاعلة والتفاعل إنما تكون بين طرفين، تبايعا، والعقود لا تكون إلا بين اثنين، لا تكون إلا بين اثنين، بين عاقدين، وهنا بائع ومشتري، وإطلاق التبايع على الطرفين حقيقة فيهما، أو يقال: هو بالنسبة للبائع حقيقة، وبالنسبة للمشتري فيه شيء من التجوز، وإن أطلق في بعض النصوص على المشتري أنه بائع، وهو في الحقيقة بائع؛ لأن البيع مبادلة مال بمال، البيع في حقيقته مبادلة مال بمال على ما تقدم تعريفه في أول كتاب البيوع، فكل منهما معطي الآخر ما بيده، فالبائع للمشتري السلعة، والمشتري الذي هو بائع أيضاً من هذه الحيثية معطيٍ لما معه من الثمن للبائع، فكل منهما بائع وكل منهما مشتري، من هذه الحيثية قال: ((إذا تبايع الرجلان)) الرجلان وفي حكم ذلك الرجل مع المرأة، أو المرأتان، فإذا تبايع المرأتان ثبت لهما هذا الحكم، أو تبايع رجل مع امرأة فالحكم كذلك، وينص على الرجال كثيراً في هذا الباب؛ لأن الرجال هم الأصل في هذا الباب، وأما بالنسبة للنساء يحصل منهن ما يحصل من عقود، وتصح عقودهن؛ لأنهن يملكن، والمال الذي بيد المرأة ملكها، وتتصدق منه بما شاءت بغير أذن زوجها؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- لما خص النساء بخطبة خاصة في يوم العيد وحثهن على الصدقة تصدقن من غير إذن أزواجهن، وعلى أنه جاء في سنن أبي داود بإسناد لا بأس به على أن المرأة لا تتصرف إلا بإذن زوجها، فالمرأة تملك وتتعامل بالمعاملات المباحة كالرجل إلا أنه ينص على الرجل كثير في هذه الأبواب؛ لأنه هو الأصل، ولو قيل: إن امرأة ما عقدت عقداً منذ أن ولدت إلى أن ماتت ما بعد، وصار إجراءً طبيعياً ما تلام؛ لأنها مكفية، والرجال قوامون على النساء، وتقضى حاجتها وهي في بيتها، وهو الأصل، إتباع للأمر بالقرار في البيوت، خلاف ما إذا كانت المرأة خراجة ولاجة كما هو شأن كثير من النساء مع الأسف الشديد في هذه الأزمان، كثير من الرجال يترك الأمر للمرأة ويدعها تذهب وترجع إلى الأسواق، في كل يوم، وتشتري حاجات البيت التي هي الأصل على عاتقه، وقد يكلفها بشراء ما يختص به

دونها، وقد يستحي الرجل عن شراء بعض الأمور ويكلف المرأة بها، مع أن الأصل في المسألة العكس، المرأة هي التي تستحي، وعادي أن تقف المرأة عند محل تجاري تريد كذا مما يستحي الرجال أحياناً من ذكره، أو عند صيدلية أو غيره، يكلفها الرجل، حجة الرجل مثلاً أن المرأة متحجبة، والحياء في العيون، الحياء في العيون، لكن ليست بحجة، هذه ليست بحجة، كون المرأة تطلب شيئاً يستحي منه الرجال، وقد تستحي من زوجها أن تكلفه بهذا الأمر، أو من ولدها وتذهب هي بنفسها تشتري، وهذا قلب في التصور، وخلل في الفطر، فالأصل المرأة أن تقر في البيت، وأن تقضى حاجتها، والرجال قوامون على النساء، وتكفى المؤنة، وعليها مهمة عظمى وهي القيام بحقوق الزوج والأولاد وتربيتهم. ((إذا تبايع الرجلان فكل واحد منهما بالخيار)) البائع والمشتري، المبايِع والمبايَع كل منهما بالخيار، إن شاء أمضى البيع وإن شاء فسخه، ما لم يتفرقا، وفي بعض الراويات: ((ما لم يفترقا وكانا جميعاً)) يعني في الأصل كان جميعاً، فإذا كان جميعاً وافترقا وكان جميعاً يعني نفترض أن المتبايعين في مكان واحد، وداخل أسوار مكان واحد، ما لم يتفرقا عن هذا المكان، وكان جميعاً فيه، لكن لو قدر أنهما ليسا جميعاً، كما يحصل بوسائل الاتصال الآن، هل نقول: إنهما جميعاً؟ يعني يتصور قبل هذه الوسائل أن المتبايعين لا بد أن يكونا جميعاً، ما لم يكن أحدهما وكيل عن غيره، والحكم حينئذٍ للوكيل، إذا تفرق البائع مع الوكيل عن المشتري أو العكس ثبت البيع؛ لأنه يقوم مقامه، ويأخذ حكمه.

((وكانا جميعاً)) افترض أنهما ليسا جميعاً واحد في الشرقية والآخر في الغربية وبالهاتف تبايعا، كيف ينتهي خيار المجلس؟ النص على أنهما كان جميعاً، نعم؟ هل له مفهوم؟ وكان جميعاً هذا مفهومه أنه إذا لم يكونا جميعاً يعني في مكان واحد فلا خيار للمجلس؛ لأنه لا حقيقة للمجلس، ولا مجلس يضم الاثنين، يعني هل يكون التفرق بالكلام بمجرد الإيجاب والقبول؟ أو بمفارقة كل واحد منهما مجلسه؟ أو يكون هذا هو مجلس البيع حكماً، لكن قوله: ((وكانا جميعاً)) يدل على أنه يحصل التفرق بمجرد انعقاد الصفقة، وهذه فائدة قوله: ((وكانا جميعاً)) وأما ما يتم بالوكالة فالوكيل له حكم موكله. ((ما لم يتفرقا)) ظاهر الحديث .. وفي أخره قال: ((وإن تفرقا بعد أن تبايعا)) ولم يترك واحد منهما البيع فقد وجب البيع، يعني ظاهر اللفظ يدل التفرق بالأبدان، ((وكان جميعاً)) جميعاً بالأبدان أو بالأقوال؟ بالأبدان، وإن تفرقا بعد أن تبايعا, لا يتم التبايع، وإذا تبايعا لا يتم هذا إلا بعد التفرق بالأقوال، ويبقى الخيار إلى التفرق بالأبدان، والنص كالصريح في هذا، وبهذا يقول الشافعي وأحمد والصحابة بحيث لا يعرف من الصحابة من قال بخلافه، ومن تبعهم، فالمراد بالتفرق التفرق بالأبدان، ومذهب أبي حنيفة ومالك أن التفرق بالأقوال، ((إذا تبايع الرجلان فكل واحد منهما بالخيار ما لم يتفرقا)) بالأقوال ولو لبثا في مجلسهما، خلاص قال: بعتك هذه الدابة أو هذه الدار بألف، وقال: اشتريت تفرقا بالأقوال، وعلى هذا يلزم البيع عندهما، ولو مكثا في المجلس، ولو طلبا أحدهما الفسخ، لا يتمكن من ذلك، فقد وجب البيع؛ لأن التفرق عندهما وعند من يقول بقولهما إنما هو التفرق بالأقوال.

ما الذي دعاهم إلى مثل هذا الكلام والحديث كالصريح في المراد بالتفرق بالأبدان، وصنيع الراوي ابن عمر يدل على هذا الفهم؛ لأن ابن عمر إذا عقد بيعاً مشى خطوات من أجل أن يلزم البيع، وقد جاء النهي عن ذلك، لكن ابن عمر لعله أن يبلغه النهي، المقصود أن هذا فهم الصحابي راوي الحديث، يمشي خطوات من أجل أن يلزم البيع، وما الذي دعا من يقول بأن التفرق بالأقوال لا بالأبدان إلى أن يقول ما قال مع أنه احتمال ضعيف جداً؟ وهؤلاء أئمة، يعني كلامهم ما جاء من فراغ، نعم فيه راجح ومرجوح، لكن هل يظن بأبي حنيفة أنه يخفى عليه المعنى الظاهر من هذا الحديث، ويلجأ إلى المعنى المرجوح؟ أو على مالك نجم السنن وقد روى هذا الحديث عن النبي -عليه الصلاة والسلام- بسنده الصحيح عن نافع عن ابن عمر؟ مالك -رحمه الله- من أعمدة رواة هذا الحديث، فكيف لا يقول بخيار المجلس؟ حتى قال ابن أبي ذئب: "ينبغي أن يستتاب مالك لمخالفته هذا النص"، قال: وهذا النص يحتمل معنيين هو التفرق بالأبدان وهو الظاهر، والتفرق بالأقوال وهو معنى يحتمله الحديث، وهو مرجوح، لكن قد يلجأ إلى المرجوح إذا وجد ما يرجحه، يعني الظاهر والمؤول متى نعمد إلى المؤول الذي هو المرجوح؟ نعم؟ إذا وجد ما يدل على أنه هو المراد في هذا الموضع، إنما البيع عن تراض، {إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ} [(29) سورة النساء] وتراضوا وتم البيع خلاص انتهى، صار بيع، وأيضاً {وَأَشْهِدُوْاْ إِذَا تَبَايَعْتُمْ} [(282) سورة البقرة] في المجلس حضر البائع والمشتري والشهود، وقال البائع: بعتك كذا بكذا، وقال المشتري: قبلت ورضيت، وتمت الصفقة وشهد الشهود على ذلك، ومكثا في المجلس، الآن الشهادة لزمت وإلا ما لزمت؟ نعم؟ الأصل أن الشهادة لزمت، وكيف تلزم الشهادة على ما يمكن فصله؟ هذه من أدلتهم، نفترض أن الشهود شهدوا وانصرفوا والبائع والمشتري باقيان في المجلس، وبعد ما انصرف الشهود، قال المشتري: والله أنا رجعت خلاص أنا لا أريد البيع، أو قال البائع: أنا رجعت، على مقتضى الحديث له أن يرجع، لكن ماذا عن شهادة الشهود التي لزمت وانصرفوا بعدها؟ يقولون: يخالف مثل هذا، لكن كل عقد العبرة بنهايته، كل

عقد العبرة بثبوته ونهايته، يعني لو حصل الخيار يبلغ الشهود بأن الصفقة ما تمت، وهناك أجوبة وردود ومقاولات بين الفريقين يطول المقام بذكرها، وعلى كل حال المرجح في هذا قول الحنابلة والشافعية من ثبوت خيار المجلس؛ لأنه هو الذي يدل عليه الحديث، وقبل التفرق بالكلام لا بيع، يعني هل يكون هناك بيع قبل أن يقول المشتري: اشتريت، لا بيع، وفي الحديث: ((إذا تبايع الرجلان)) وفي الرواية الأخرى: ((البيعان بالخيار)) هل يسمى بيع قبل أن يقول: اشتريت؟ هل هناك تبايع من الطرفين قبل أن يقول المشتري: قبلت؟ ما في بيع أصلاً، فكيف يثبت الخيار فيما لم يثبت؟ يعني نثبت الخيار قبل إبرام العقد؟ يثبت؟ له قيمة الخيار قبل إبرام العقد؟ الأصل الخيار طلب خير الأمرين من إمضاء البيع أو فسخه، الآن ما في بيع أصلاً لنطلب خير الأمرين، لكن أحياناً يتوهم أمور ومن أئمة يعني لا نقدح في هذا ولا نطعن في فهمهم، فمثلاً حديث: "أعتق النبي -عليه الصلاة والسلام- صفية وجعل عتقها صداقها" العتق يكفي عن الصداق، يقول أئمة كبار مثل أبي حنيفة وغيره: لا يصح أن يكون العتق صداقاً، أعتقها وجعل عتقها صداقها، قالوا: لا يخلو إما أن يكون النكاح قبل العتق أو بعده، لا يخلو إما أن يكون النكاح قبل العتق أو بعده، فإن كان قبل العتق فهي أمة ولا يجوز نكاح الأمة إلا مع العجز عن طول الحرة، فتبقى ملك يمين ما صار نكاح، وإذا كانت ملك يمين ما تحتاج إلى مهر أصلاً، وإن كان النكاح بعد العتق فيه أملك لأمرها إن شاءت قبلته وإن شاءت ردته، ويكون لها حينئذٍ مهر مثلها، فلا يصح العتق أن يكون صداقاً، يعني مثل هذه الأمور، وهذه التحليلات من أهل العلم التي تأتي على بعض النصوص بالبطلان تطبل مفاد النص، يعني مثل القول بأن التفرق المراد به التفرق بالأقوال؟ يلغي فائدة الخبر، ما يجعل للخبر قيمة، يجعله لغو من الكلام؛ لأنه لا بائع ولا مشتري، الآن ما تم شيء من أجل أن نقول: لهم الخيار، ومثله قولهم في: "جعل عتقها صداقها" وهذه وعود تنبني عليها العقود يعدها بأن يعتقها، ويعدها بأن يكون العتق هو الصداق، ولو قيل: بأنه جعل قيمتها صداقها ما بعد من حيث المعنى، جعل قيمتها، يعني باعها على

نفسها، فجعل هذه القيمة هي صداقها وإلا فالصداق لا بد منه، الآن حينما يقولون: في العتق والصداق يقولون: حصل النكاح قبل العتق فليست بزوجة، هي ملك يمين، وإن كانت زوجة فلا بد أن يكون عاجزاً عن طول الحرة، وعلى هذا يكون العتق نافذاً وإلا غير نافذ؟ لأنه عتق مشروط بالنكاح، هو نكاح مترتب على العتق، فهم لا يجيزون بعض النصوص كلما يدقق فيها بما فيها من الاحتمالات العقلية المجردة، نعم؟ نأتي عليها بالنقض، الشخص الذي خرج بسيارته وقال: سيارتي قيمتها خمسون ألفاً، أنا أبيع السيارة بخمسين ألفاً، ثم جاء شخص وقال: لا يا أخي سيارتك ما تجئ بخمسين ألفاً، قال: أنزل لك عشرة آلاف، تصير بأربعين، على متقضى كلامهم أنه تنازل عن العشرة قبل أن يملكها بالعقد، فلا يصح التنازل فتعود إلى الخمسين، ترى هذا متقضى كلامهم، ظاهر وإلا مو بظاهر؟ يعني شخص تنازل عن شيء لا يملكه؛ لأن ملكه للخمسين إنما هو بالعقد، وتنازل عن عشرة قبل أن يملكها بالعقد، فلا يصح هذا التنازل، لكن هل هذا يمكن أن يقول به أبو حنيفة وغيره؟ يمكن أن يقول بهذا؟ ما يكمن أن يقول بهذا، وقل مثل هذا فيمن يقول: بالزوج الذي يكون فيه شيء من التنازل من قبل المرأة مثلاً، أو من قبل الرجل؛ لأن المسألة عرض وطلب، إذا ارتفعت أسهم الرجل ضغط عن المرأة فجعلها تتنازل عن بعض حقوقها أو العكس؛ لأن بعض النساء تشترط على بعض الأزواج شروط لولا أنه أقل من مستواها ما اشترطت عليه، فإذا قال: لا قسم ولا نفقة ورضيت، بعضهم يقول: لا يصح النكاح، لماذا؟ لأنها تنازلت عن هذه الأمور قبل أن تملكها، نقول: هذا الكلام مثلما يتنازل صاحب السيارة من الخمسين إلى الأربعين قبل أن يملكها، والمماكسة في البيع معروفة، فمثل هذه الأمور والاحتجاج بها والاستدلال بها تأتي أحياناً على النصوص بالإبطال، فقولهم: إذا قلنا: إن الشاهد إنما يشهد قبل التفرق أو نلزمه بالبقاء إلى التفرق حتى يلزم العقد؟ ولا ملزم له، ما يستطيع أحد يلزم الشاهد أن يقول: ابق معنا حتى نتفرق، ولو قام أحدهما من أجل أن يثبت البيع لوقع في النهي، وعلى كل حال المرجح في هذه المسألة قول الشافعية والحنابلة، ولو لم يكن في النص إلا قوله: ((إذا

تبايعا الرجلان)) وقبل العقد بالإيجاب والقبول لا تبايع أصلاً، ولا بيع ولا بيّع. ((أو يخير أحدهما الآخر)) بأن يشترط أحدهما الخيار مدة زائدة على المجلس، فيقول: لي الخيار أو لك الخيار ثلاثة أيام مثلاً، أو يتفقا على إسقاط خيار المجلس، أو يخير أحدهما الآخر، أو يقول: لزمك البيع من غير خيار، لا مجلس ولا غيره، أو يقول: لي خيار الشرط، فإذا اتفقا على شيء من هذا فالمسلمون على شروطهم، وإلا فقد وجب البيع، ((فإن خير أحدهما الأخر فتبايعا على ذلك فقد وجب البيع)) إذا خير أحدهما الآخر بأن قال: لا خيار لك، لا خيار مجلس ولا شرط وجب البيع بالنسبة له، وإذا كان هذا بالنسبة للطرفين فقد وجب البيع لهما. ((وإن تفرقا بعد أن تبايعا)) والبيع لا يكون إلا بعد الإيجاب والقبول، وحمل البيع على السوم -مجرد سوم- خلاف الظاهر؛ لأنه قال: ((وأن تفرقا بعد أن تبايعا -يعني تساوما- ولم يترك واحد منهما البيع فقد وجب البيع)) إيش لون؟ ((وأن تفرقا بعد أن تبايعا ولم يترك واحد منهما البيع فقد وجب البيع)) متفق عليه, البيعان أو إذا تبايعا يعني تساوم الرجلان عند الحنفية والمالكية، وإطلاق البائع والبيع والتبايع على السوم خلاف الظاهر، وعرفنا أن فهم ابن عمر -رضي الله تعالى عنهما- للتفرق أنه التفرق بالأبدان، ويدل على ذلك صنيعه، وأنه كان يمشي خطوات من أجل أن يلزم البيع، ولو لم يكن في القول الثاني إلا أنه إلغاء للحديث، وإبطال لفائدته، نعم. وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده -رضي الله تعالى عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((البائع والمبتاع بالخيار حتى يتفرقا, إلا أن تكون صفقة خيار, ولا يحل له أن يفارقه خشية أن يستقيله)) رواه الخمسة إلا ابن ماجه, ورواه الدارقطني وابن خزيمة وابن الجارود. وفي رواية: ((حتى يتفرقا من مكانهما)). هذا الحديث يقول المؤلف:

"وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده" ومضى مراراً الكلام في هذه السلسلة، وأقوال أهل العلم، وخلاف في الاحتجاج بها فمنهم من يحتج بها ويجعلها من قسم الصحيح، ومنهم من يردها ويضعفها بسبب الخلاف في عود الضمير في قوله: "عن جده" هل يعود لعمرو أو شعيب، والمسألة مضى بحثها مراراً، وأعدل الأقوال عند أئمة التحقيق أنه إذا صح السند إلى عمرو فالحديث من قبيل الحسن، وهذا الحديث كذلك، حسنه جمع من أهل العلم. "وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده -رضي الله تعالى عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((البائع والمبتاع)) " البائع صاحب السلعة، والمبتاع المشتري الذي يدفع الثمن بالخيار حتى يتفرقا، حتى يتفرقا متى نسمي صاحب السلعة بائع وصاحب القيمة مبتاع؟ نسميهما بائع ومبتاع إذا ثبت البيع بالإيجاب والقبول، يعني هل نستطيع أن نسمي شخصاً ما قال قبلت نسميه مبتاع؟ نعم؟ ما قال: قبلت هل نستطيع أن نسميه مبتاع؟ وهل نستطيع أن نسمي شخصاً عرض سلعته ولم يذكر لها ثمناً، أو ذكر لها ثمناً ولم يتفق عليه هل نسميه بائع؟ هناك ما يسمى باعتبار المستقبل، باعتبار ما سيكون، لكن ليس مراداً هنا، نسميه مبتاع إذا كان ذلك في المستقبل، وإذا تحقق وقوعه قلنا: مبتاع، إذا كان هذا الأمر مما يغلب على الظن أو يتحقق وقوعه نسميه مبتاع، كما يقال في الوعد الجازم بأن يزوج فلان فلانةً فلاناً، يزوجه ابنته، وجزم بذلك وتواطؤا على هذا ممكن أن نقول: هذا زوج فلانة باعتبار ما سيكون، لكن هل نثبت له من الأحكام شيء؟ هو مجرد إطلاق، لكن لا يثبت له من الأحكام إلا بعد تحقق الوقوع، وهنا لا نقول: بائع ولا مبتاع ونرتب عليه أحكام قد نتجوز ونقول: هذا بائع وهذا مبتاع باعتبار أن الصفقة ستتم من باب التجوز، لكن لا ترتب الأحكام عليه إلا إذا تحقق الوقوع.

((بالخيار حتى يتفرقا -والتفرق بالأبدان على ما تقدم- إلا أن تكون صفقة خيار)) يعني مثلما تقدم، يُخير أحدهما الآخر ((ولا يحل له أن يفارقه خشية أن يستقيله)) يعني من أجل أن يلزم البيع يقوم فيخطو خطوات ويخرج من المكان من أجل أن يلزم البيع، بهذه النية، لا، لكن إذا انتهى المقصود، ورأى أن الجلوس لا فائدة منه، أو كان وراءه عمل آخر ينتظره وتفرقوا من أجل ذلك لم يدخل في النهي، لكن النهي منصب على إذا كان الباعث خشية أن يستقيله، وابن عمر -رضي الله عنهما- نقل عنه أنه كان يفعله، ولعله لم يبلغه هذا النهي ((ولا يحل)) وإذا انتقى الحل ثبتت الحرمة، ومنهم من يقول بالكراهية فقط، الكراهة؛ لأن فعل الصحابي يجعلونه صارف لما في الخبر ((لا يحل له)) إذا انتفى أو نفي الحل ثبتت الحرمة هذا هو الأصل، وما دام ثبت عن ابن عمر راوي الحديث، وأنه كان يفعل فكأنه حمله على الكراهة، هذا إذا قلنا: إنه بلغه الخبر، ولا يظن بابن عمر أنه يبلغه مثل هذا الخبر ويخالفه. ((خشية أن يستقيله)) السين والتاء للطلب، يعني يطلب إقالته، نعم. وعن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: ذكر رجل للنبي -صلى الله عليه وسلم- أنه يخدع في البيوع فقال: ((إذا بايعت فقل: لا خلابة)) متفق عليه. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

"وعن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: ذَكر" أو ذُكر، وضبط بهذا وهذا، وآخر الحديث يدل على أنه ذكر، ذكر رجل لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن نفسه أنه يخدع في البيوع، يغلب، مسترسل إذا رأى سلعة يريدها لا يسأل عن ثمنها، ولا يتحرى في ذلك، ولا يعرف المماكسة، يُخدع في البيوع، فقال النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((إذا بايعت فقل: لا خلابة)) يعني لا خديعة ولا غبن، وهذا الرجل هو حبان بن منقذ، رجل أصابه ضربة على رأسه فصار فيه شيء من التغفيل بسببها، وأثرت أيضاً على لسانه، فيقول: لا خذابة بالذال، والأصل أن الخلابة الخديعة والخيانة والغش، فإذا اشترط أنه لا خلابة ولا خيانة ولا خش ولا غبن صار له الخيار، وطالع عمره إلى ولاية عثمان -رضي الله عنه- فكان إذا بائع أحداً وأراد الرد أتى بمن يشهد له من الصحابة أن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال له: ((إذا بايعت فقل: لا خلابة)) وكان يقولها فيثبت له الخيار، وهذا ما يسمى عند أهل العلم بخيار الغبن، والغبن يقول به جمع من أهل العلم، وهو معروف عند الحنابلة أنه إذا وجد في ثمن السلعة غبن وزيادة تقدر بالثلث أخذاً من قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((الثلث كثير)) في حديث الوصية، فقدروا ذلك بالثلث، وإلا فالأصل أن ما في تقدير، وأكثر أهل العلم على عدم إثبات هذا النوع من الخيار، وأن الإنسان إذا فرط ولم يحتط لنفسه لم يثبت له هذا النوع من الخيار، ومنهم من يقول: الدنيا كلها لا غبن فيها، ولو بيعت السلعة بعشرة أضعاف لا غبن فيها، والغبن إنما يكون في القيامة {ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ} [(9) سورة التغابن] أما الدنيا فكلها ما فيها ما يستحق أن يسمى غبن، اللهم إلا فيما يضر بالآخرة، أو لا ينفع ولا يفيد في الآخرة هذا هو الغبن، ومنه الحديث الصحيح: ((نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ)) مغبون دل على أن هناك غابن ومغبون، لكن في ترك ما ينفع في الآخرة، أو ارتكاب ما يضر، هذا المغبون، عدم استغلال الصحة والفراغ فيما يقرب إلى الله -جل وعلا- غبن، وأي غبن يعني أنت إذا افترضت أن شخصاً نام الضحى وفاته ما كسبه غيره من أمور الدنيا بأن يكون زيد من الناس خرج إلى السوق، وربح ألف في

الضحى، والثاني: نام ولا ربح شيء، صلوا الظهر جميعاً هذا في جيبه ألف ريال، وذالك ما في جيبه شيء، نقول: هذا مغبون؟ على هذا الحديث ليس بمغبون، لكن لو افترضنا أن شخصاً نام الضحى لمدة أربع أو خمس ساعات، والثاني: قرأ في هذه الخمس الساعات نصف القرآن، هذا غابن وإلا مغبون؟ هذا الغابن حقيقة؛ لأنه أدرك ما فات على غيره مما يوصله ويقربه إلى الله -عز وجل-، ومتى يبين هذا؟ يبين في يوم التغابن، يبين الفرق، ولهذا أكثر أهل العلم على عدم إثبات خيار الغبن، وإثبات خيار الغبن معروف عند الحنابلة وجمع من أهل العلم، ويحدون هذا بالثلث، لكن في أسواق المسلمين اليوم تغابن كثير تجد سلعة تباع مثلاً بألف في مكان، ونفس السلعة تباع في مكان آخر بمائة، وهذا يفعله كثير من التجار بناءً على أنهم لو نزلوا في سعارها ما انباعت، ما جاء من يشتريها؛ لأن الناس اعتادوا أن الجودة تابعة للقيمة من غير إعمال نظر ولا فكر، وشخص يبيع المتر من القماش بمائة وخمسين وجاره يبعه بخمسة عشر ريالاً، والناس مقبلون على الغالي، ويتركون السعر المنخفض؛ لأنهم يتصورون أن السعر المنخفض دلالة على رداءة السلعة، ويصرحون يصرح بعضهم أنه لو خفض من سعرها ما مشت، والنساء في الغالب وأشباه النساء هذا مقياسهم، وعلى هذا معولهم، يعلون على القيمة، لكن هل في هذا ما يبرر رفع الأقيام إلى أضعاف؟ ليس ما فيه ما يبرر، نقول: والله إذا ما رفعنا السعر كسدت البضاعة، خلها تكسد، تربح ربحاً قليلاً يبارك لك فيه خير من أن تربح الأموال الطائلة التي تجتمع عليك بهذه الأسباب، هذا غش للمشتري، وفي النهاية تذهب عليك سداً، لا استفدت منها لا في دينك ولا دنياك، قليل مبارك خير كثير منزوع البركة، وهذا أمر مشاهد، الذي يرفق بالمسلمين وينصحهم هذا يبارك له، وجاء في الحديث الصحيح ((أنهما إن بينا وصدقا بورك لهما في بيعهما، وإن كتما محقت بركة بيعهما)) فالتحديد بالثلث الذي يقول به الحنابلة، إذا كان سبب الزيادة تكاليف، والتكاليف تتفاوت من محل إلى آخر، شخص استأجر محلاً بمائة ألف، وآخر استأجر بعشرة آلاف، وهذا يجد وهذا يجد، ثم هذا رفع الأقيام إلى النصف؛ لأن تكاليف الأجرة أعظم من تكاليف ذاك،

باب: الربا

يلام أو لا يلام؟ استأجر بمائة ألف يقول: من أين أطلع الإيجار؟ لازم أرفع الأسعار، يعني قيمة السلعة الحقيقية عليه بتكاليفها، في أحد بيقول للبائع: ليش تحسب علي أجرة الدكان أو أجرة العامل أو مصاريف الكهرباء، أو التلفون أو شيء من هذا، يعني لو جاءت السلعة قيمتها مثلاً بالصين، أو باليابان أو بغيرهما بمبلغ كذا، لكنه صرف عن هذه السلع حتى وصلت صرف عليها مكالمات، صرف عليها سمسرة ووسائط إلى تضاعفت تكاليفها، تكاليفهما بما يحف بها، فهذا الذي استأجر الدكان بمائة ألف هل نقول: لازم تبيع مثل يبيع الذي استأجر بعشرة آلاف؟ لا، أقول: ملاحظة الطرفين البائع والمشتري أمر لا بد منه، فلا نلاحظ حال المشتري على حساب البائع أو العكس، لكن على المشتري أن يحتاط لنفسه، إذا احتاط لنفسه وسعر السلعة من أكثر من محل، وأخذ بأقلها لا يلام، لكن إذا استرسل واشترى من أول محل، وبعض الناس يؤثر أن يتشري السلعة الغالية طلباً للراحة، يقول: عندنا في الحي تباع بألف، وهي موجودة في وسط البلد بخمسمائة، ليش أكلف نفسي وأروح وأجي وأضيع وقتي على شان هذا الفارق؟ نقول: مثل هذا ورد على بينة ولا خيار له، والخلاصة أنه إذا كانت الزيادة مما تحتملها أسواق المسلمين فلا خيار، وكون الإنسان يغلب بناء على تفريطه يتحمل، أما إذا كانت الزيادة مما لا يتداول مثله في أسواق المسلمين شخص اشترى سلعة ولبس على الناس فيها وعرضها عرضاً يجعلها تباع بأضعاف قيمتها، لا شك أن هذه خديعة، وغش وخيانة للناس مثل هذا يعزر بردها، نعم. باب: الربا عن جابر -رضي الله تعالى عنه- قال: "لعن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه" وقال: ((هم سواء)) رواه مسلم. وللبخاري نحوه من حديث أبي جحيفة -رضي الله تعالى عنه-. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: باب: الربا

الربا: مقصور، وقد يُمد من ربا يربو إذا زاد، فالربا الزيادة، ومن ذلك قول الله -عز وجل-: {اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ} [(5) سورة الحج] يعني زادت، والربا من كبائر الذنوب، وحرب لله ولرسوله، {بِحَرْبٍ مِّنَ اللهِ وَرَسُولِهِ} [(279) سورة البقرة] والمرابي في قول جمع من أهل العلم يبعث يوم القيامة مجنوناً، أخذاً من قول الله -جل وعلا-: {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ} [(275) سورة البقرة] الربا ولو قلت نسبته إذا ثبت أنه ربا فهذا مآله، وهذا مصيره {فأذنوا بِحَرْبٍ مِّنَ اللهِ وَرَسُولِهِ} [(279) سورة البقرة] حرب، نسأل الله السلامة والعافية، ومن يقدر ومن يثبت لحرب الله ورسوله، كثير من الناس تساهل في أمر الشبهات، واسترسل فيها، وحام حول الحمى، ثم وقع فيه، واستمرأه، وصار لا يهتم به، والنبي -عليه الصلاة والسلام- كما في حديث جابر: لعن آكل الربا، وموكله، وكاتبه، وشاهديه، آكل الربا الذي يأخذه وهو حقيق وجدير وخليق بذلك؛ لأنه هو المستفيد من الربا، وموكله الذي يدفع الربا؛ لأنه يتعاون مع المرابي آكل الربا، وكاتبه وشاهديه ممن علم بالصفقة، وأنها صفقة محرمة، شريك لهما في الإثم، وداخل في اللعن، نسأل الله السلامة والعافية، اللعن هو الطرد والإبعاد من رحمة الله -عز وجل-، فآكل الربا مجرم، نسأل الله السلامة والعافية، محارب لله ورسوله، وموكله الذي يمكن الآكل منه، الطرف الثاني في العقد شريك له، وكاتبه وشاهداه متعاونان معه على الإثم والعدوان، فالحكم واحد بالنسبة للجميع، وقال: ((هم سواء)) إثمهم واحد، ولو لم يجد المرابي من يشهد له، ولا من يكتب له، ما رابا؛ لأنه يخشى أن ينكره الطرف الآخر، وهو مظنة لذلك، يعني إذا باع البائع مبلغاً من المال بأكثر منه إلى أجل، أو باع ربوياً بجنسه مع التفاضل أو عدم التقابض ربا، على آخر قد يكون الآخر محتاج، لكنه متعاون مع المرابي آكل الربا، والكاتب هو الذي يثبت هذا العقد، إذ لولا كتابة هذا الكاتب، وشهادة هذا الشاهد لأنكر المحتاج، الذي يعقد عقد ربا الإنكار أسهل من الربا، والربا وإن كان في الظاهر أخذ

المال على طريق التراضي لكن لا يكفي في هذا التراضي، بل لا بد أن يكون العقد على مراد الله -جل وعلا-، وعلى ضوء ما جاء على نبيه -عليه الصلاة والسلام-، وإلا فقد يكون الربا أعظم من السرقة والغصب والنهب، وإن كان الكل حرام، لكن جاءت نصوص الوعيد في الربا أكثر، وحينئذٍ لا يكفي التراضي حتى يكون العقد على مقتضى النظر الشرعي، آكل الربا قد يقول قائل: أنا لا آكل، يتعامل بالربا، ويشتري بيت أو يشتري سيارة، يقول: أنا أكل ما آكل، أعرف أن الجسد الذي ينبت على الحرام سحت، سحت النار أولى به، لكن يقول: أنا أبني بيت وإلا أرابي من أجل أن أشتري سيارة أو أتزوج، لكن ما آكل، والنص في الآكل، التنصيص على الآكل لأنه أبلغ وجوه الانتفاع، ولا ينفي ما عداه، الشرب مثله، وقل مثل هذا في أكل مال اليتيم، الشرب مثل الأكل، سائر الاستعمالات مثل الأكل لكن التنصيص على الأكل لأنه أظهر وجوه الانتفاع.

"آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه" وقال: ((هم سواء)) " وعلى كل حال فالحديث دليل على أن الربا من كبائر الذنوب؛ لأنه لعن صاحبه، وجاء في ذلك ما هو أشد من مجرد اللعن، جاءت نصوص على الحديث الذي سيأتي بعد هذا حديث ابن مسعود يدل على أن الربا من عظائم الأمور، ولا يقال: هذه نسبة ضعيفة، الربا يقدم الإنسان على الربا ويقول: نسبة ضعيفة، واحد بالمائة، اثنين بالمائة هذه ما تشكل شيء، ولا تؤثر في المشتري، أقول: الإقدام على العقد المحرم حرام، ولا يكفي في هذا التخلص منه، يقدم على عقد يلعن من أجله ثم بعد ذلك يتخلص منه! لا يكفي، نظير من يقدم على الزنا ثم يعقد يصحح، ما يكفي، فالأمر جد خطير، والربا قليله وكثيره في النصوص سوء، وإذا سمع المرابي مثل هذا الكلام كلام النبي -عليه الصلاة والسلام- وما جاء عن الله -جل وعلا- ولم يتب فالغالب أن قلبه ممسوخ نسأل الله السلامة والعافية، ممسوخ، يحتاج إلى علاج قلبه ليعود ويفيق، وعلى هذا {فَمَن جَاءهُ مَوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَانتَهَىَ فَلَهُ مَا سَلَفَ} [(275) سورة البقرة] له ما سلف، فإذا تاب المرابي بعد أن عمل في الربا سنين، وتاب قبل مدة، قبل سنين، عشر سنين أو أكثر، شخص من أعمدة البنوك والربا، وقد بدأ التجارة بعشرين ريال، وتاب عن مليارات، قد تبلغ المائة، فله ما سلف {وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ} [(279) سورة البقرة] والخلاف في المراد برأس المال، هل هو رأس ماله وقت دخوله في التجارة الأولى، أو رأس ماله وقت التوبة؟ والتوبة تجب ما قبلها، أو تهدم ما كان قبلها، فهذا صاحب العشرين ريال الذي دخل في التجارة قبل ستين سنة ثم تاب عن المليارات هل يقال له: ما لك إلا عشرين ريال، وتخلص من البقية؟ أو نقول: لك رأس مالك وقت التوبة؟ يعني هذا أنك إذا وجد ربا لم تقبضه لا يجوز لك أن تأخذه، ليس لك منه إلا رأس مالك؟ طالب:. . . . . . . . . هاه؟ طالب:. . . . . . . . .

وكل بيدخل في الزنا ثم يتوب، كل يشرك ويتوب، ومن تاب تاب الله عليه، صح وإلا لا؟ يعني أنت تمنع المشرك الذي عاش سبعين سنة في الشرك ثم تاب؟ يعني أي ذنب الذي رابا عشر سنين أو عشرين أو ستين سنة، أو أشرك سبعين سنة ثم أسلم، والكلام الذي يوجه لمثل هذا أن هذا فيه تسهيل للاستمرار في الربا، مثل تسهيل أمر الزنا وأمر الشرك إذا فتحنا لهم أبواب التوبة، هل معنى هذا أننا نسهل عليهم؟ هل يوفق للتوبة وهذه نيته؟ هل يقول: أبي استأنس وانبسط لي عشرين ثلاثين سنة ثم أتوب؟ مثل هذا من يضمن له أن يعيش إلى أن يتوب؟ هذا الحكم واحد، الذنوب واحدة، ليس في هذا تسهيل أبداً، لكن في هذا حث على التوبة، يعني لما نقول للشخص الذي يملك المليارات بعد عشرات السنين: ما لك إلا عشرين ريال، هل هذا نحثه على التوبة أو نصرفه عن التوبة؟ نعم؟ نصرفه عن التوبة، ومن المحال يعني على طريقة شيخ الإسلام -رحمه الله- يكرر مثل هذا الكلام في مواضع: من المحال في العقل والدين أن الله -جل وعلا- يحث على التوبة، ويأمر بها، ويوجبها على الناس، ويحب التائب، ويحب التوابين، ويفرح بتوبة عبده، ثم يصده عنها، يعني لو أن مغني مثلاً، مغني خمسين سنة يغني، ويأخذ الأموال من الناس، وعمر البيت، وتزوج، وأولاد وأسرة، نقول: اطلع البيت؟ تخلص من البيت؟ أو نقول: التوبة تهدم ما كان قبلها، والله غفور رحيم لنرغبه في التوبة؟ طالب:. . . . . . . . . وين؟ طالب:. . . . . . . . . إذا تاب وتاب الله عليه انتهى الإشكال، مثلما الطيب ينصرف إلى الخبث، الحمير كان طيبة فصارت خبيثة، ويش يصير؟ الكلام مع الدليل وجوداً وعدماً، ما دل الدليل على حله فهو طيب، ما دل الدليل على تحريمه فهو خبيث، الخمرة كانت طيبة فصارت خبيثة، لما كانت مباحة نقول: خبيثة؟ لما كانت مباحة؟ إذاً هذه أوصاف معنوية تنتقل مع الدليل، شوف الحديث الثاني، حديث ابن مسعود. وعن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((الربا ثلاثة وسبعون باباً، أيسرها مثل أن ينكح الرجل أمه, وإن أربى الربا عرض الرجل المسلم)) رواه ابن ماجه مختصراً, والحاكم بتمامه وصححه.

هذا الحديث حديث عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- في التهويل من شأن الربا، "عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((الربا ثلاثة وسبعون باباً أيسرها مثل أن ينكح الرجل أمه)) " هذا للتنفير من الربا، والحديث يعني بمفرداته قد لا يصل إلى درجة الصحيح، لكن له شواهد من أقواها حديث أبي هريرة عند ابن ماجه أيضاً، والحديث مصحح من قبل جمع من أهل العلم، لكن هل معنى هذا أن الربا اليسير أيسره مثل أن ينكح الرجل أمه، وفي رواية: ((علانية)) النفوس تتقزز من مثل هذا، يعني النفوس السوية والفطر السليمة تنفر من مثل هذا بمجرد سماعه، فضلاً عن رؤيته، فضلاً عن مزاولته، والربا قد يتساهل الناس فيه؛ لأن الناس يتصورون بعض الأمور بحسب تأثيرها عليهم، فكثير من الناس لا يدرك خطورة الشرك بينما يستنكر ما هو دونها من الذنوب، يعني قد ينكر أشد الإنكار على امرأة متبرجة مثلاً، ومعه حق في هذا، لكن لا ينكر من يقول: يا فلان، لا ينكر على من يقول: يا فلان، يقول: ذنبه على جنبه، ليش؟ لأنه نظر إلى أثر المعصية عليه، ولذا تجد الناس يتفاوتون في تقدير التبرج، ويتفاوتون في تقدير أثره؛ لأنه حسب تأثيره عليهم، شخص شديد التعلق بالنساء، شديد التأثر برؤيتهن يرى أن أدنى شيء تبرج، ويقع في نفسه من خلال هذه النظرة ما يقع من عظم الأمر عليه فتجده ينكر هذا المنكر أشد مما ينكره زيد من الناس، يعني فرق بين شخص يرى هذه جريمة ومنكر عظيم، وأنه لا بد من تغييره؛ لأنه أثر في نفسه، الأخر ما أثر في نفسه، يقول: المسألة خلافية، والأمر سهل، ما يوجد مثل هذا؟ لكن يتفقون، عامة الناس يتفون على أن نكاح الأم أمر شنيع وخطير، ولذا التمثيل به بالزنا حصل من قبل شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب -رحمه الله-، فجاء بمثال وقال: إن امرأة صاحت ثم بعد ذلك تبين أن رجل دخل عليها البيت، وفجر بها، ففزع الناس أين هذا الرجل؟ كيف فعل؟ وكيف صنع؟ ثم لما صار من الغد قال: لا الأمر غير هذا، إنها لما .. ، المقصود أن المسألة شركية فيها شرك، في ذبح ديك أو شيء من هذا، أو أنها أصيبت مثلاً بجن فصاحت، ثم قيل لها: اذبحي كذا فتشفين فذبحت، فتساهلوا هذا الأمر بالنسبة للزنا، فالزنا تنفر منه النفوس،

وحق لها أن تنفر منه؛ لأنه من الموبقات، نسأل الله السلامة، من كبائر الذنوب، من عظائمها، لكن أين الزنا بالنسبة للشرك الأكبر الذي لا يغفر؟! فيضرب المثل بالزنا لنفرة الناس عنه، ولتقرر أحكامه في نفوس؛ ولأنه يعلم حرمته الخاص والعام، شخص يتلفظ بلفظ شرك، ثم يقول له صاحبه: هذه الكلمة شرك، نسأل الله السلامة والعافية، قال: لا، شيوخنا يقولون هذا، قال: لكن الله -جل وعلا- يقول كذا، قال: هذا لا يفهمه إلا العلماء، وشيوخنا يقولون كذا، لو هو شرك ما قالوه، ثم بعد ذلك وهم في المجلس دخلت بنت لهذا الرجل وسيمة، لكنها صغيرة، قال له صاحبه الذي يحاوره قال: لماذا لا تتزوج هذه البنت؟ أقل الأحوال اعقد عليها ما تفوتك، قال: بنتي، قال: وبعدين لو صارت بنتك؟ المهم لا تفوتك، قال: بنتي حرام، قال: ويش يدريك أنها حرام؟ قال: الله -جل وعلا- يقول: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ} [(23) سورة النساء] قال: أنت تفهم هذا ولا تفهم الشرك وهو أعظم؟! الزنا أمر متفق عليه مغروس في النفوس أنه منفور منه، كل يعرف تحريمه، ولذا قال: ((أيسرها مثل أن ينكح الرجل أمه)) والناس يردون في التمثيل إلى ما يعرفونه ويتفقون عليه، كثير من الناس يقول: وبعدين ريال بريالين ويش صار؟ مات؟ ما صار شيء، الناس يبذرون العشرات بل المئات، ما هو بمسألة ريال زاد وإلا نقص، هو محتاج إلى أن يصرف عشرة بتسعة، أي واحد يقضي حاجته، نقول: يا أخي هذا ربا، جريمة عظمى، محاربة لله ورسوله، يقول: ريال إيش الريال؟ ترى لسان حال كثير من الناس يقول هذا، يقول هذا كثير من الناس بلسان مقاله لا بلسان حاله، ويتساهلون في هذا الأمر، ويقولون: إذا كانت النسبة يسيرة أمرها يسير ويمكن التخلص منها، فالإقدام على الحرام حرام، نعم الذي يرد عليك من غير عمداً ولا قصد عقدت عقداً مباحاً ظاهر الإباحة، ثم من آثار هذا العقد ظهر عليك ما يشوبه، الآن تخلص يا أخي، لك أن تتخلص، أما أن تقدم على العقد المحرم وتقول: أتخلص لا يمكن، هذا كلام ليس بصحيح، وجاء التغليظ في شأن الربا، يقول: ((الربا ثلاثة وسبعون باباً أيسرها مثل أن ينكح الرجل أمه)) والآن الشيء اليسير يختلفون فيه، منهم من

يقول: واحد اثنين بالمائة يسير، هذا أمر لا يمكن أن ينفك منه، إلا ينفك منه، خمسة بالمائة يسير طيب عشرة؟ أحد يقول: كثير؟ يقول: لا، سهل؛ لأن ما في حد، الأمور التي لا حكم لها يرجع إليه بالنص الصحيح من الشرع إذا فتح بابه ما ينتهي الناس، إلى أن يصلوا إلى حد الثلث، والثلث كثير، فما دونه يسير، وعلى هذا جميع صور الربا الموجودة في البنوك يسيرة؛ لأنهم يعطوك أربعة بالمائة، خمسة بالمائة، فعلى هذا ما في ربا، وهذا -نسأل الله العافية- تيسير وتسهيل لأمر هذه الجريمة العظمى، ولو أوصد الباب وسد الباب عن الناس لما وجدت مخالفة، لكن ييسر على الناس، ويسهل عليهم أمر الربا، ويبون الناس يتوبون، أو يبون البنوك تقلع، كثير من البنوك الآن بصدد تغيير معاملاتها إلى ما يتفق مع الشريعة نظراً لأن الناس هجروها، والناس عموم الناس فيهم خير، ولولا بعض البنوك المتساهلة لما وجدت بنك يتعامل بغير ما يبيح الله -جل وعلا-، وفي بنوك لبنان ظهرت تقارير للعام المنصرم فوجد أن البنوك كلها أرباحها تتراوح بين واحد إلى واحد ونصف بالمائة إلا واحد عشرين بالمائة ربحه، فإذا به يتعامل معاملات شرعية، والناس يتدافعون عليه المسلمون عمومهم فيهم خير، ولو ضيق هذا الباب لنقطع دابر الربا، الآن يوم صار في إعلان عن الشركات، وأن بعضها نضيف وبعضها فيه دخن، وفيه كذا، سارعت الشركات إلى تصحيح عقودها، وهذا نعمة، وسبق لمن يخرج مثل هذه البيانات، جزاهم الله خيراً، صار يتسابقون لتصحيح عقودهم، فلو ضيقت الدائرة على الربا والمرابين انقطع دابره بإذن الله تعالى، وأما قولنا: يسير، سهل، إيش يسير؟ في شيء محرم اسمه يسير؟ نعم المحرمات تتفاوت، لكن ربا صريح ولو كانت نسبته يسيرة، يبقى أنه ربا، والإجماع قائم على أن قوله: {أَضْعَافًا مُّضَاعَفَةً} [(130) سورة آل عمران] مفهومه ليس بمقصود، وليس بمراد، بل لا مفهوم له عند أهل العلم، فالربا يسيره وكثيره كله محرم، أيسرها يعني أسهلها في نظر الناس، يعني يجلس واحد يصرف للناس وهو عائش على الصدقات، يجلس ويصرف العشرة بتسعة، هذا الربا، يقول: المسألة ريال ويش ريال؟ يعني ما يضر، الناس يبذرون يعطون البزران عشرات، المقصود أن هذا

ليس له ما يبرره. ((أيسرها مثل أن ينكح الرجل أمه)) وهذا لا زال الناس -ولله الحمد- يستقذرونه ويستقبحونه بشدة، وإن وجد شذاذ يحصل ما حصل منهم مع المحارم، نسأل الله السلامة والعافية، بعد أن مسخت بعض الفطر بسبب ما دخل على بيوت المسلمين من الشر المستطير بواسطة هذه القنوات. ((وإن أربى الربا -أشد الربا- عرض الرجل المسلم)) وهذا يدلنا على أن سياق الحديث سياق التنفير، وأنه لا تراد حقيقته، والزنا عند جمع من أهل العلم أعظم من الربا، فسياق الحديث سياق التنفيذ، والتهويل من شأن الربا، بدليل أن أيسر الربا مثل أن ينكح الرجل أمه، وأربى الربا أشد الربا عرض الرجل المسلم الذي هو الغيبة، من أجل التنفير من الربا والغيبة؛ لأنهما بصدد أن يتساهل الناس في أمرهما، الربا مثلما ذكرنا يتساهل الناس فيه، والغيبة أشد تساهلاً، توجد الغيبة في المجالس بكثرة، وقد توجد بين من ظاهره الصلاح، وقد يستدرج الإنسان، المقصود أن هذا تهويل من شأن الغيبة، وعلى كل حال لوجود مثل هذا، وأن الربا أعظم من الزنا، أعظم من نكاح الأم، أيسره أعظم من الزنا بالأم، وأعظمه أيسر من الغيبة، والنصوص دلت على خلاف هذا، مما جعل بعض أهل العلم يضعف الحديث، وصححه بعضهم بشواهده، وقال: إن المراد به التهويل، والتخويف من شأن الربا والغيبة، نعم؟ طالب: والصحيح -رعاك الله- أن الربا أعظم من الزنا؟ هذا عن جمع من أهل العلم، لكن .... طالب: للحديث الذي في المسند -رعاك الله- النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((درهم ربا يأكله ابن آدم أشد من ستة وثلاثين زنية)). إيه معروف، هذا أيضاً مختلف فيه، مختلف في صحته، وجمع من أهل العلم على أن الزنا أعظم، لكن هذا النص وما يأتي في معناه الربا أعظم، لكن هل نقول: إن أيسر أبواب الربا يعني إذا أردنا حقيقة الكلام أعظم من نكاح الأم؟ وفي بعض الروايات: ((علانية)) إنما يكون سياق الخبر سياق التنفير والتشديد، نعم. طالب: أحسن الله إليك.

وإذا نظرنا إلى أن أيسر الربا أعظم من أن ينكح، وأربا الربا الذي هو أشده أيسر من الغيبة، فعلى هذا الغيبة أعظم من الزنا، والزنا أعظم من ... ، الغيبة، نأتي إلى الغيبة، الغيبة أعظم من الربا، والربا أعظم من أن ينكح الرجل أمه، هذا لا شك أنه سياق تأويل وتشديد وتنفير، نعم. وعن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا مثلاً بمثل, ولا تشفوا بعضها على بعض, ولا تبيعوا الورق بالورق إلا مثلاً بمثل, ولا تشفوا بعضها على بعض, ولا تبيعوا منها غائباً بناجز)) متفق عليه. نعم، يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "وعن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا مثلاً بمثل)) " وزناً بوزن، بحيث لا يزيد أحدهما على الآخر، لا قليل ولا كثير، لا بد من التماثل، والجهل به كالعلم بالتفاضل، الجهل بالتماثل كالعلم بالتفاضل. ((لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا مثل بمثل ولا تشفوا)) يعني: لا تفضلوا ولا تزيدوا بعضها على بعض, لا تزيدوا، ولو حصل الرضا، فلا تجوز الزيادة حينئذٍ، إذا جاء الإنسان إلى صاحب المحل من الذهب، ومعه ذهب مستعمل، وأراد نوعاً جديداً، ورضي أن يعطيه الجديد، وإن كان أقل في الوزن، لا يكفي الرضا، بل لا بد أن يبيع المستعمل ويشتري الجديد، على ما سيأتي في التمر، يبيع القديم بالدراهم، ويقبض القيمة، ثم يشتري بها ذهباً جديداً بقيمته. ((الذهب بالذهب وزناً بوزن مثلاً بمثل)) لا بد من التساوي ((والفضة بالفضة وزناً بوزن)) مثله، لا يجوز التفاضل، إذا بيع الذهب بالذهب أياً كان نوعه أو صياغته أو صناعته فلا بد من التماثل والتقابض، وقل مثل هذا في الفضة، الفضة بالفضة وزناً بوزن، يعني سواء كانت مصنوعة أو ورق عمله، أو خام ما صنعت، لا بد أن تكون مثل بمثل، ((فمن زاد)) زاد غيره، ((أو استزاد)) يعني طلب الزيادة من غيره ((فهو ربا)) يعني إذا بيع الذهب متفاضلاً، أو بيعت الفضة متفاضلة فهي الربا، وقل مثل هذا إذا بيعت من غير تسليم.

((لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا مثلاً بمثل, ولا تشفوا بعضها على بعض)) يعني لا تفضلوا بعضها على بعض لا تفضلوا المبيع على المبيع عليه ولا العكس شيئاً، ولو كان أمراً يسيراً، ((ولا تبيعوا الورق)) الذي هو الفضة مضروبة كانت أو غير مضروبة ((إلا مثلاً بمثل، ولا تشفوا)) يعني: لا تزيدوا، ولا تفضلوا ((بعضها على بعض، ولا تبيعوا منها غائباً بناجز)) لا بد من التساوي والتقابض، لا بد من التساوي في الوزن، ولا بد من التقابض في المجلس، أما إذا اختلفت الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يداً بيد، ذهب بفضة التفاضل لا بأس به، تشتري عشرة دراهم بدينار واحد، وهذا يسمى صرف، لكن لا بد من التقابض، ((ولا تبيعوا منها غائباً بناجز)) وهذا يشمل ما إذا كان من جنس واحد، أو من أجناس، فإذا اختلفت الأجناس فبيعوا كيف شئتم إذا كان يداً بيد، ويحل محل الذهب والفضة عند عامة أهل العلم ما يستعمل بديلاً عنها قيماً للسلع، من المضروبات، النقود، العملات، المسكوكات كلها تقوم مقامها، إذا كانت من جنس واحد لا يجوز الزيادة بعضها على بعض، ولا بد من التقابض، وإذا كانت عملات مختلفة فلا مانع من الزيادة على أن يتم ذلك في المجلس، فإذا بعنا ريال بدولار لا مانع أن يباع الدولار برلين، أو ثلاثة أو خمسة أو عشرة أو بريال واحد التفاضل لا بأس به، لكن لا بد من التقابض، والشيكات لا تغني عن التقابض، وتحويل المبلغ من حساب إلى حساب لا يغني عن التقابض؛ لأنه لا يتم فوراً، والذين يحولون الدراهم إلى بلدانهم، يحولون النقود إلى بلدانهم يقعون في حرج عظيم، يريد أن يحول أولاً إلى عملته، ثم بعد ذلك تقبض في بلده، لو أن مصرياً مثلاً يعمل في هذه البلاد، وتوفر لديه مبلغ من المال، ولنقل: خمسة آلاف مثلاً، توفرت لديه خلال سنة، وأراد تحويلها بالجنيه المصري، هم يقولون: نحول لك .. ، تستلم هناك في مصر بالجنيه المصري، كم في هذا من محظور؟ في محظور عدم التقابض؛ لأنها تقبض هناك، وعلى هذا يلزم بأن يصرفها قبل تحويلها، أو تحول ريالات وتصرف هناك، يقبضها الوكيل في وقتها، يصرفها الوكيل في وقتها، لكن هم يتضررون بهذا طرداً وعكساً، إن صرفوها هنا فالريال أغلى من الجنيه، وإن صرفوها

هناك ماذا يصير؟ كيف يتضررون لو حولت ريالات هناك وصرفت جنيهات؟ نعم؟ يعني هل الأفضل للمصري مثلاً أو غير المصري أن يحول الريال إلى بلده ثم يصرف هناك؟ يصرفه وكيله الذي يقبضه عنه؟ أو الأفضل أن يصرفها هنا؟ نعم؟ ثم بعد ذلك تحول بعملته؟ كثير منهم من يسأل يقول: يتضررون بهذا لو صرفوها قبل التحويل، تحويلها بعد صرفها أولى، لكن على هذا لا بد من التقابض، إذا صرفت لا بد من التقابض، يقبض الجنيه المصري ثم يحوله، هاه؟ في أحد يشكل عليه هذا من الإخوان الذين يعانون مثل هذا الأمر؟ من أي جنسية كانت؟ طالب: هم اللي يحولون الخادمات وإلا السائقين أقول: ليس بالضرورة أن يكون هناك ... يعني .... وين؟ طالب: يعني بجي يحول مثلاً الخادمة اللي عنده، أراد أن يحول مالها هناك يأتي للبنك فيقول: حول مثلاً العملة الاندونيسية مثلاً وإلا .... مثل هذا يعطيه شيك مصدق بالمبلغ الذي يريد يصرفه فوراً، يعطيه البنك شيك مصدق وكأنه أقبضه ثم يحول له هذا المبلغ. طالب: لا، ما في الشيء هذا. طالب:. . . . . . . . . نعم؟ طالب:. . . . . . . . . الآن هذا شيك مصدق من قبل البنك، لو قلت: لا أعطني الدراهم الآن؟ نعم؟ أنت الآن على البنك ما هو بيحول لك بنك ما تدري متى يصرف لك؟ طالب:. . . . . . . . . طيب والبنك الآن في حوزته وفي خزينته هذا المبلغ كامل ويخيرك أن تقبض أو لا؟ الأحوط أن تقبض، لكن الشيك المصدق الذي يمكن صرفه فوراً لا يحولك على بنك ثاني، يقول لك: غداً أو بعد غد، أو انتهى الدوام أو شيء من ذلك. طالب:. . . . . . . . . الآن عندنا عمليتين، عندنا صرف يحتاج إلى تقابض، وعندنا تحويل بنفس العملة، فأنت إذا حولت الريالات إلى جنيهات مصرية أو دولارات، وقال: هذا درهمك، هذه دولاراتك، ودراهمك الأولى معك بيدك، بحيث يكون يداً بيد، هذا لا إشكال فيه البتة، هذا هو الأصل، لكن لو قال لك البنك: والله الدراهم موجودة، تبي دراهم وإلا أصدر لك شيك مصدق؟ طالب:. . . . . . . . . طيب؟ طالب:. . . . . . . . .

لا المسألة مسألة تحويل بواسطة البنك نفسه، لكن فرق بين أن يعطيك شيك مصدق والمبلغ في خزينته الآن بحيث لو طلبته أعطاك إياه، وبين أن يكون المبلغ كبير ما عنده شيء هو، نعم ما عنده، لكن يؤمنه لك، يعطيك هذا الشيك المصدق باعتبار أنه يستطيع أن يؤمنه في أي وقت تريده، هذا لا إذا لم يكن في خزينته فهو ما هو حكم المقبوض. طالب:. . . . . . . . . لا ما صار يداً بيد، لو قلنا: إنه تحويل في آن واحد، لا بد من التقابض في المجلس في المكان، ثم بعد ذلك يحول، هذا لا إشكال فيه إذا تم الصرف في المكان وقبض كل منهما ما يخصه، ثم تم التحويل ما في إشكال، لكن الإشكال في أن يتم الصرف كلام، ويحول المبلغ إلى بلد ثاني قبل التقابض، هذا ما حصل التقابض. طالب:. . . . . . . . . شوف الآن هل البنك الآن في خزينته ما يسدد هذا الشيك؟ طالب: ربما عنده أنا ما أدري .... طالب: أكيد. هو بيقل لك: بالخيار، خذ شيك وإلا خذ دراهم؟ تأخذ جنيهات، لكن أحياناً البنك يكون الصرف كبير جداً، ما عنده، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . ما في خزينته ما يغطي هذا المبلغ، يعني تقول له: والله حول لي مليون ليرات لبنانية، هل في البنك ما يعادل مليون من الليرات اللبنانية في خزينته؟ ما عنده، مستحيل أن يكون في بنك ما يعادل مليون ريال من الليرات اللبنانية أو التركية أو غيرها من العملات الهابطة، يقولون: خذ شيك مصدق، نقول: لا يا أخي ما في تقابض، الشيك هذا ما عندك ما يقابله، لكن لو كان في الخزينة ما يخيرك بين هذا الشيك المصدق وبين هذا المبلغ المتوفر، لكن أنت نظراً لعظم أو كبر حجم هذا المبلغ تأخذ الشيك مصدق في مقابله هذا فيه مقابضة حكماً، ما هو مثل الشيك العادي أو يحولك على بنك ثاني بشيك ثاني، حتى لو حولك بشيك مصدق على بنك ثاني بيقول: والله فرعنا مثلاً في كذا فيه هذا المبلغ، روح اقبض منه، نقول: ما هو بقابضه؛ لأنك احتمال تذهب إلى البنك الثاني يقول لك: والله انتهى الدوام، ائت يوم السبت، ما يجي؟ طالب:. . . . . . . . .

أنت الآن عندك الشيك المصدق مال، هذا مال الآن ما يستطيع أحد يتصرف فيه، وحجز في وقته؛ لأنك بنفس البنك الأصلي الذي أعطاك الشيك المصدق فهو حجز المبلغ اللحظة هذه، الآن مكنت الصراف لو يقول لك: حولناه إلى حسابك يتم تحويله فوراً وإلا تنتظر؟ طالب:. . . . . . . . . لا ما هو بفوراً، البنك اللي أنت قائم عليه الآن فوراً، لكن لو مثلاً من مكينة صراف ما يجيء. طالب:. . . . . . . . . إيه؟ طالب:. . . . . . . . . والله ما أدري، هاه؟ طالب:. . . . . . . . . ما هو بفوراً، ما يجي، لا، لا، ما يجي فوراً، لا، لا. طالب:. . . . . . . . . لا، لا، شوف، ما يجي فوراً يا أخي، هو يحجز المبلغ من صاحبه الأول، لكن ما يأتي إلى الثاني إلا بعد مدة، وهذه حيل منهم؛ لأن الساعة تنفعهم، البنوك بقاء المال عندهم ساعة تنفعهم، كم يباع فيها من سهم، ويشترى من سهم في هذه اللحظة؟! المقصود أن هذه الأمور تحتاج إلى مزيد احتياط، ومن اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه، وأمر الربا شأن خطير جداً، فلا بد من أن يحتاط، من أراد الصرف قال: هات الجنيهات وخذ الريالات، مثل ما نقول: بع القديم واشترِ جديد، بع القديم واقبض الدراهم؛ لأنه يقول لك: أبيع القديم مثلاً جئت لصاحب الدكان هذه قطعة من الذهب قديمة مستعملة بكم؟ والله أشتريها بألفين، طيب خذها بألفين، ما أعطاه الدراهم، اشترِ بالألفين من عندي، هذه فيه تقابض؟ ما فيه تقابض، لا بد أن يقبض القيمة ثم يشتري بها الذهب الجديد، فعلى هذا ... نعم؟ طالب:. . . . . . . . . ما في بأس، ما في بأس، أنت ما طلعت إلا تبي تشتري. طالب: نعم؟ أقول: أنت ما طلعت إلى سوق الذهب إلا تبي تشتري، حتى في حديث -على ما سيأتي- في تمر خيبر النية مبيتة أنه يبي يشتري من النوع الجيد، نعم؟ طالب:. . . . . . . . .

إيه، إيه هذا الذي يشكو منه كثير من الإخوان، يقولون: إنه ما يتم الصرف .. ، يقولون: مستحيل أن يعطيك جنيهات مصرية ويحولها لك جنيهات مصرية، فهم متضررون على الحالين، فالمسألة مشكلة، لكن بإمكانه أن يصرف الآن، ويودعها عندهم، ويأخذ الشيك مصدق ويرسل الشيك، يصرفها عندهم بالجنيهات المصرية وبالعملات الأخرى، ويودعها عندهم، ويأخذ بدلها شيك مصدق ويرسل الشيك، ما في غير هذا. طالب:. . . . . . . . . إيه شيك، ما في أوضح منه. ((ولا تبيعوا منها غائباً بناجز)) لا بد أن يكون يداً بيد حقيقة لا حكماً، لا بد من أن يكون الأخذ والإعطاء في آن واحد حقيقة، حكماً زيد مدين لعمرو بألف ريال، وزيد عنده محل ذهب، فجاء عمرو واشترى من الذهب بألف ريال بقدر الدين الذي له، وقال: ادفع ألف، قال: والله الألف بذمتك، عندك لي ألف، فيه يداً بيد وإلا ما فيه؟ نعم؟ إذاً لا بد قبل ذلك أن يستوفي الألف ثم يشتري به ذهباً، هذا حقيقة، معنا يا الإخوان؟ أقول: زيد مدين لعمرو بألف ريال، وزيد عنده محل ذهب، جاء عمرو أشترى ذهب بألف ريال، قال: ادفع، لا بد يداً بيد، قال: لا اللي بذمتك، يكفي وإلا ما يكفي؟ وإلا نقول مثل بيع الذهب بالذهب، لا بد أن يبيع ويشتري، لا بد أن يبيع التمر ويشتري بقيمته، فيه قبض حكمي، هذا قابض؛ لأنه في ذمته له، فهو في حكم القابض، لكن كون النص يدل على القبض حقيقة يداً بيد تأكيد بألفاظ كلها تدل على أنها اليد لها دور يد الآخذ ويد المعطي كلها حاضرة في الحال في مجلس العقد، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . ما يصلح مقاصة، نعم. طالب: وعن عبادة بن الصامت -رضي الله تعالى عنه- قال .... هاه؟ طالب:. . . . . . . . . إيش؟ طالب:. . . . . . . . . دين؟ طالب:. . . . . . . . . لا، لا، لا بد نقد، لا يستدين بغير ذلك، لا ولا بدراهم، لا ما يجوز إلا بالوكالة يبيعه سمسار وكيل عنه، أما يشتري منه ولا ينقده الثمن لا، ويش إحنا نتكلم من اليوم؟ نعم.

وعن عبادة بن الصامت -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((الذهب بالذهب, والفضة بالفضة, والبر بالبر, والشعير بالشعير, والتمر بالتمر, والملح بالملح, مثلاً بمثل, سواء بسواء, يداً بيد, فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يداً بيد)) رواه مسلم. والذي بعده؟ وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((الذهب بالذهب وزناً بوزن، مثلاً بمثل، والفضة بالفضة وزناً بوزن، مثلاً بمثل, فمن زاد أو استزاد فهو ربا)) رواه مسلم. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

"وعن عبادة بن الصامت -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((الذهب بالذهب, والفضة بالفضة, والبر بالبر, والشعير بالشعير, والتمر بالتمر, والملح بالملح)) " الذهب والفضة والبر والشعر والتمر والملح ستة، كلها ((مثلاً بمثل، سواء بسواء يداً بيد، فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يداً بيد)) هذه الربويات الستة المجمع عليها، وما عداها مما يشاركها في العلة فتحريمه بالإلحاق، بالقياس عند الجمهور، والظاهرية لا ربا إلا في هذه الستة، عند الظاهرية لا ربا إلا في هذه الستة، وعند الجمهور يلحق بها ما يشاركها في العلة، فيلحق بالذهب والفضة ما يتعامل به من النقود، ويكون قيماً للمبيعات، ويلحق بالبر والشعير والتمر ما يشاركها في العلة من المطعومات مما يكال ويدخر ويقتات، ((مثلاً بمثل، سواء بسواء، يداً بيد، فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم)) اختلفت هذه الأصناف المذكورة بعضها مع بعض؟ أو هي مع غيرها مما يشاركها في العلة أو مما يختلف معها؟ ننظر إلى الموجود، الذهب صنف، والفضة صنف، إذا اختلف المبيع مع المبيع معه صار صرف ذهب بفضة كيف شئتم، من حيث الوزن، كيف شئتم من حيث الوزن، إذا كان يداً بيد، هذا الذهب مع الفضة، نأتي إلى الذهب مع البر، فبيعوا اختلفت الذهب جنس أو صنف والبر صنف، اختلفت هذه ((فبيعوا كيف شئتم)) إذا كان يداً بيد يشترط هذا وإلا ما يشترط؟ يعني ما يجوز أن تشتري البر نسيئة، تشتريه بقيمة، ولولا هذا لما أبيح البيع إلى أجل في الربويات، ما يمكن. . . . . . . . . البيع بأجل إذا كان يداً بيد، لكن استثنوا القيم، نأتي إلى الأنواع الأخرى: بر بشعير، صنف واحد وإلا أصناف؟ بر بشعير هل نقول: إنه اختلفت هذه الأصناف نشتري صاعين شعير بصاع بر وإلا ما نشتري؟ إذا كان يداً بيد؟ نعم؟ سيأتي في حديث النهي عن بيع الطعام "كنت أسمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((الطعام بالطعام مثلاً بمثل)) وكان طعامنا يومئذٍ الشعير" وسيأتي الخلاف في أن البر مع الشعير صنف واحد أو صنفين، والجمهور على أنهما صنفان، وسيأتي قول مالك: إنهما صنف واحد ولا يجوز إلا مثلاً بمثل يداً بيد.

((والبر بالبر، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر)) بر بتمر صاع بصاعين يجوز وإلا ما يجوز؟ يجوز، لكن إذا كان يداً بيد، اختلفت الأصناف، يعني الخلاف في البر والشعير هل هما صنفان أو صنف واحد سيأتي، والأكثر على أنهما صنفان، فتشتري صاع بر بصاعين شعير لا بأس إذا كان يداً بيد، وعلى قول مالك: إنهما صنف واحد؟ لا يجوز إلا مثلاً بمثل، يداً بيد. ((والتمر بالتمر، والملح بالملح)) بر بملح يجوز التفاضل وإلا ما يجوز؟ يجوز، تمر بملح يجوز وإلا ما يجوز؟ تمر بشعير يجوز إذا كان يداً بيد. والحديث الذي يليه: حديث أبي هريرة: "وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((الذهب بالذهب وزناً بوزن)) لا بد من التماثل في الوزن ((مثلاً بمثل، والفضة بالفضة وزناً بوزن مثلاً بمثل, فمن زاد -فأعطى الزيادة- أو استزاد -يعني طلبها- فهو ربا)) نسأل الله السلامة والعافية، وهذا تقدم شرحه في الحديث الذي قبله. ((الذهب بالذهب والفضة)) هذا وزن، ذهب بذهب وزن بوزن، والفضة وزن بوزن، وما بعدها من البر والشعير والتمر والملح وزن وإلا كيل؟ كيل، هل يجوز كيل الموزون أو وزن المكيل؟ هل يجوز بيع الذهب والفضة بالكيل؟ صاع فضة بصاع فضة؟ أو نقول: هذا لا بد فيه من الوزن؟ لا بد فيه من الوزن، والبر نشتري عشرة كيلو بر بعشرة كيلو؟ أو نقول: لا بد أن نشتري صاعين أو ثلاثة بصاعين أو ثلاثة؟ نعم؟ سيأتي تحقيقه -إن شاء الله تعالى-، والله أعلم. وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. بقيت الإشارة إلى أن الربا نوعان:

ربا الفضل، وربا النسيئة، والمقصود بربا الفضل: ربا الزيادة، وربا النسيئة ربا التأخير وعدم التقابض، وكل منهما محرم، وأما ربا النسيئة فالإجماع قائم على تحريمه، وجاء فيه الحديث الصحيح ((لا ربا إلا في النسيئة)) وعلى هذا يذكر عن ابن عباس أنه يجيز ربا الفضل، مع أنه ثبت عنه أنه يحرمه، وعامة أهل العلم على تحريمه، وأما الحديث ثابت عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه قال: ((لا ربا إلا في النسيئة)) لكن لا ربا أعظم من ربا النسيئة، لا ربا أعظم منه إلا في النسيئة، يعني ربا النسيئة أعظم من ربا الفضل، على أنه لا يتصور ربا نسيئة إلا بفضل، لا يتصور لا سيما في المعاملات الدائرة اليوم إلا مع النسيئة، ما في أحد يقول: هات ألف وأعطيك ألف ومائة حالة، أو أخذ عليك مكسب أربعة في المائة يداً بيد، ما يمكن، إلا أن مع ربا الفضل ربا النسيئة، نعم في الأنواع الأخرى التي يتصور فيها الجودة والرداءة يتصور فيها ربا الفضل دون ربا النسيئة، تمر رديء بتمر جيد يداً بيد، يتصور فيها ربا الفضل فقط، أو الشعير أو غيرها من الأنواع، وهذا أيضاً انعقد الإجماع على تحريمه بعد أن ذُكر الخلاف الأول وارتفع، والله أعلم. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

كتاب البيوع (8)

بلوغ المرام - كتاب البيوع (8) تابع: باب: الربا الشيخ: عبد الكريم الخضير تنبيه قد يحتاج إليه طلاب العلم لما عندهم من كتب، ويغفلون عن الترتيب المعمول به عند أهل العلم، وهو أن الكتب ترتب إذا وضع بعضها فوق بعض حسب شرفها، فيجعل الأعلى الذي لا شيء فوقه القرآن الخالص، ثم يليه التفسير الذي فيه القرآن مرسوم برسمه على هيئته، ثم يليه الحديث الخالص، ثم التفاسير الأثرية، ثم شروح الأحاديث، ثم يليها ما بعدها، أهل العلم يرتبون على هذا، وينصون على أن آخر الكتب مما يلي الأرض يقولون: كتب النحو، ولا أدري لماذا قالوا: إن كتب النحو هي التي تكون مما يلي الأرض، مع أنه يوجد أسوء منها، لكن لعل من رتب هذا الترتيب وأشار إليه لا يتوقعون من طالب علم أن يقتني كتب أقل من كتب النحو، لا يتوقعون أن طالب علم يقتني كتب فيها إسفاف في الأدب، أو فيما ينافي الخلق الإسلامي. على كل حال هي على حسب قربها وبعدها من الكتاب والسنة، فترتب على هذا الأساس، ويجعل الأعلى القرآن ثم متون السنة، ثم ما يخدم القرآن، ثم ما يخدم السنة من التفاسير والشروح، ويقصد بالتفاسير التفاسير الأثرية، أما التفاسير التي معولها على الرأي فهذه كلام الناس، فيها خلط كثير، وفيها ما جاء النهي عنه، تجعل بعد ذلك، ثم في النهاية كلام البشر، وإن تخلله شيء من نصوص الكتاب والسنة، فالعبرة بالشيء الخالص، والفقهاء نصوا على هذا، ورتبوا الكتب إذا جعلت على الأرض على هذه الكيفية، أما إذا جعلت في الرفوف والدواليب فينبغي أن تكون العناية الأولى بالقرآن، وما يتعلق به على ترتيب المكتبات المعروف، خلافاً للترتيب المبتكر المبتدع الذي هو معمول به في جميع المكتبات، يجعلون القرآن والسنة في آخر شيء، يجعلون معارف العامة، دوائر المعارف وما أشبهها هي الأولى؛ لأنه جاء من غير المسلمين، (ديوي) الذي رتب هذه المكتبات ليس بمسلم، ولا يهمه أن يعتنى بكتاب الله أو لا، لكن طالب العلم يجعل أول مكتبته ما يتعلق بالقرآن، وما يخدم القرآن، ثم بعد ذلك السنة ثم العقيدة، ثم الفقه، وما يتعلق به.

الأولية يقول أهل العلم: لها نصيب في الأولوية، لكن أحياناً يضطر الإنسان أن يجعل كتاب قبل كتاب وهو أهم منه؛ لأنه مرتبط بكتاب بعده، إما لكونه مختصر منه مثلاً، أو لكونه طبع على هامشه، هذا ما تستطيع أن تفصل الهامش من .. ، وإلا قد يقول قائل: كيف يقدم مثلاً تفسير النيسابوري، وفيه ما فيه من مخالفات، وهو مختصر من الرازي على تفسير الأثر؟ لأنه مطبوع على هامش الطبري، أنت قدمت الطبري ما قدمت النيسابوري، لكن هو تقدم تبعاً، فينبغي الاهتمام بمثل هذا في ترتيب المكتبات، ويش معنى أنك تحط أول شيء، أول ما تدخل المكتبة دليل على أنك تعتني بهذا الأول، ولا بد أن يكون محط عناية المسلمين كلهم –لا سيما طلاب العلم- القرآن وما يتعلق به، ثم السنة وما يتعلق بها، ثم العقيدة الصحيحة، ثم بعد ذلك يأتي الفقه وما يخدمه من أصول وقواعد، سواءً كان من كتابات المتقدمين أو المتأخرين. هذا تنبيه قد يغفل عنه بعض الإخوان مع العجلة، أو مع ضيق وقت، أو ما أشبه ذلك يجي ويضع الكتب من غير ترتيب، وقد يكون بينها مصحف أحياناً. سم. أحسن الله إليك. بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. قال الحافظ ابن حجر العسقلاني -رحمه الله تعالى- في كتابه بلوغ المرام: وعن أبي سعيد وأبي هريرة -رضي الله تعالى عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- استعمل رجلاً على خيبر, فجاءه بتمر جنيب, فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أكل تمر خيبر هكذا?)) فقال: لا والله يا رسول الله, إنا لنأخذ الصاع من هذا بالصاعين والثلاث، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ((لا تفعل)). كنا نأخذ الصاع من هذا؟ طالب: نعم. بالصاعين؟ طالب: والثلاثة. مو بالصاعين بالثلاثة، الصاع بالصاعين، والصاعين بالثلاثة؟ طالب: لا. كذا؟ طالب: من هذا بالصاعين والثلاثة. الصاع بالصاعين والصاعين بالثلاثة، إيش الطبعة اللي معك؟ طالب: هذه الجديدة -رعاك الله- أحمد بن سليمان حققه، مكتبة الرشد 1426هـ. التأخر ما هو بدليل، لكن يبقى جودة المحقق، ورجوعه إلى ... طالب:. . . . . . . . . اللي يظهر أنه الصاع بالصاعين، والصاعين بالثلاثة.

طالب: أحسن الله إليك. نقرأ هكذا رعاك الله؟ نعم، إيه. طالب: أحسن الله إليك. إنا لنأخذ الصاع من هذا بالصاعين، والصاعين بالثلاث، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ((لا تفعل، بع الجمع بالدراهم, ثم ابتع بالدراهم جنيباً)) وقال في الميزان مثل ذلك. متفق عليه. ولمسلم: ((وكذلك الميزان)). الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "وعن أبي سعيد الخدري وأبي هريرة -رضي الله تعالى عنهما-" ويقال في مثل هذا ما قيل بالنسبة للترتيب حسب الأولية، فأيهما أولى بالتقديم أبو سعيد أو أبو هريرة؟ أبو سعيد من صغار الأنصار، وأبو هريرة حافظ الأمة، وإن كان إسلام أبي سعيد متقدم على إسلام أبي هريرة، وتقدم الإسلام له شأن في الترتيب، في الإمامة وغيرها، والسن أيضاً له دور في التقديم، فالسابقة لها شأن في التقديم، والسن أيضاً له دور، وقل مثل هذا في الإمامة، لو وجد متقدم إسلام، ووجد أكبر سن، وجاء التنصيص عليهما بحديث الأولى بالإمامة: ((يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة، فإن كانوا بالسنة سواء فأقدمهم هجرة، فإن كانوا في الهجرة سواء فأكبرهم سناً)) فيقدم القدم على السن، ومن هذه الجهة وهذه الحيثية قدم المؤلف أبا سعيد على أبي هريرة، وهو وإن كان أكبر منه سناً، وأحفظ منه للسنة، وأروى منه للحديث، إلا أنه لكونه أقدم في الدخول في الدين قُدم على أبي هريرة، نعم؟ طالب: أعلم بالسنة. أعلم بالسنة، نعم أعلم بالسنة، نقول: من هذه الحيثية من حيث القدم لا شك أن أبا سعيد أسبق من أبي هريرة، نعم، وأبو هريرة أكبر سناً، نقول: من هذه الحيثية في شيء من التقارب مع أن الأقدم أولى من الأكبر سناً، ويبقى أن الميزة لأبي هريرة العلم بالسنة، وهو مقدم على كل شيء بعد العلم بكتاب الله، ولعل الحافظ ما .. ، ولذا يستغرب أن يجعل الحافظ أبا سعيد قبل أبي هريرة، أحياناً يقول: وعن ابن عمر وأبي هريرة، وأحياناً يعكس، فلعله لا يلقي أثناء الكتابة لهذا بالاً، والأصل أن العالم محاسب على ما يكتب، ويُقتدى به في هذا فيدقق في مثل هذا.

"-رضي الله عنهما-" هناك يقول: عن ابن عمر وأبي هريرة -رضي الله عنهم- أنهما قالا، والضمير ضمير الجمع يعود إلى عمر وابنه وأبي هريرة، وضمير التثنية يعود إلى ابن عمر وأبي هريرة، أنهما قالا: سمعنا أو قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وهنا قال: "عن أبي سعيد وأبي هريرة -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- استعمل رجلاً" اسمه: سواد بن غزية، سواد بلفظ ضد البياض، ابن غزية الأنصاري "على خيبر" استعمله، يعني جعله عاملاً عليها، والعامل على البلد، أو على الإقليم هو في عرف المتقدمين: عامل، وهو الأمير فيما تعورف عليه فيما بعد، والله المستعان.

"استعمل رجلاً على خيبر" يعني بعد فتحها "فجاءه بتمر جنيب" الجنيب: طيب، نوع من التمر طيب، نوع واحد خالص طيب صلب لم يختلط به غيره "فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أكل تمر خيبر هكذا؟ )) كله من هذا النوع الجيد الطيب؟ "فقال: لا والله يا رسول الله" هنا أقسم من غير طلب، وأقره النبي -عليه الصلاة والسلام- ولا يثرب عليه "فقال: لا والله يا رسول الله، إنا لنأخذ الصاع بالصاعين" يشترون التمر الطيب بالنوع الرديء مضاعفاً "الصاع بالصاعين، والصاعين بالثلاثة" والطيب يتفاوت، والرديء يتفاوت، فأطيب الطيب يكون الصاع بالصاعين، وما دونه يكون الصاعين بالثلاثة "والصاعين بالثلاثة، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا تفعل)) " لماذا؟ لأن التمر ربوي، لا يجوز بيع بعضه ببعض متفاضلاً، وإن اختلف النوع في الجودة والرداءة؛ لأن التمر جنس واحد ((لا تفعل بع الجمع بالدراهم، ثم ابتع بالدراهم جنيباً)) ((بع الجمع بالدراهم، ثم ابتع بالدراهم)) يعني اقبض الدراهم قيمة الطيِّب، أولاً: بع الرديء واقبض قيمته، ثم بعد ذلك اشترِ بهذه القيمة الطيب، وقبض الثمن، قبض ثمن المبيع قبل الشراء هو الأصل، وهو أبعد عن الاحتيال؛ لأنه قد يكون البيع صوري للتحليل فقط، أو للتحايل، يقول: نقدر هذا ونقدر هذا، وهذا قيمته كذا، وهذا قيمته كذا وتدفع الباقي، الأصل أن يباع الرديء أو القديم بالنسبة للذهب والفضة المستعمل، وتقبض قيمته، ويكون المشتري حينئذٍ بالخيار: إما أن يشتري من هذا المحل أو من غيره، فإذا قبض أشترى به بعقد جديد، الطيب أو الجديد. ((لا تفعل بع الجمع بالدراهم، ثم ابتع بالدراهم جنيباً)) بيع التمر بالتمر لا بد فيه من تحقق الشرطين، التماثل والتقابض، لكن لو بيع التمر بالنوى، يعني إلى وقت قريب يعني قبل انفتاح الدنيا النوى يشترى به؛ لأنه علف للدواب، عنده عشرة آصع من النوى اشترى به صاع واحد من التمر، يمكن وإلا ما يمكن؟ هذا محتاج إلى التمر، وهذا محتاج للنوى، نعم؟ طالب:. . . . . . . . .

ما في بأس، نعم، إذا قلنا: إن التمر فيه نوى، فصرنا بعنا النوى بنوى وزيادة، لكن هل النوى مما يدخل فيه الربا؟ هل هو ربوي؟ ومما يقتات ويدخر ويكال؟ هو ربوي وإلا لا؟ لا، ليس بربوي، ومن قديم يعرف مثل هذا البيع. المناظرة التي حصلت بين شامي وعراقي، الشامي يفضل الزيتون على التمر، والعراقي يفضل التمر على الزيتون، لكل منهما خصائص، المقصود أن هذا يفضل هذا؛ لأنه هو المعروف عندهم، والعراقي يفضل التمر؛ لأنه هو المعروف عندهم، فما استحضروا أدلة يستدلون بها، لكن حسم الموضوع بقول العراقي: إننا نشتري الزيتون بالنوى، فهل يعني في نواكم ما يشتري به شيء؟ ما يشترى به شيء، النوى تبع الزيتون، فالنوى على كل حال ليس بربوي، يجوز أن يشترى به الربويات. ((لا تفعل بع الجمع بالدراهم، ثم ابتع بالدراهم جنيباً)) المقصود بالدراهم: العملة المتداولة من قيم الأشياء، وإلا لو باع الجمع بالدنانير مثلاً أو بالريالات واشترى بهذه الريالات جنيباً انطبقت الصورة، فهذا بالنسبة للمكيل مما يدخله الربا يفعل به هكذا. "وقال في الميزان مثل ذلك" يعني قال فيما يوزن مثل ذلك، ذهب قديم مستعمل يريد أن يشتري به ذهباً جديداً، أو ذهب خام، ما صيغ ولا صنع، يريد أن يشتري به مصوغاً، لا بد أن يبيع الذهب الذي معه بالدراهم، ويقبض الدراهم، ثم بعد ذلك يشتري بالدراهم ما يريد. "وقال في الميزان مثل ذلك" متفق عليه. ولمسلم: ((وكذلك الميزان)) يعني حكمه كذلك، والحكم كذلك، كحكم المكيل، يعني في الموزون، والمكيل لا يجوز بيعه إلا كيلاً، والموزون لا يجوز بيعه إلا وزناً، فلو بيع التمر بالميزان بالكيلو يجوز وإلا ما يجوز؟ لأنه مكيل، يجوز بيعه بالوزن أو لا يجوز؟ قد يقول قائل: الناس كلهم يبيعونه بالوزن؛ لأن ما يعرف المكيال، يجوز بيعه وزناً وإلا ما يجوز، نعم؟ طالب:. . . . . . . . .

نعم بجنسه لا يجوز إلا كيلاً، وبغيره جنسه يبيع ما شاء؛ لأن التفاضل لا إشكال فيه، وما يوزن كالذهب والفضة مثلاً يجوز بيعه كيلاً وإلا ما يجوز؟ لا يجوز بيعه كيلاً، إنما يباع بجنسه وزناً، لا بد من الاتحاد، هذا الأصل، وهذا المكيل ينظر فيه إلى عرف مكة وإلا المدينة؟ نعم؟ الميزان عرف من؟ والمكيل؟، الكيل كيل إيش؟ كيل أهل المدينة، والوزن وزن أهل مكة، نعم، منهم من يقول: هذا يترك لأعراف الناس، يتعاملون على ما عندهم من مكاييل وموازين، ومنهم من يقول .. ، وهذا قريب القول هذا بأن الناس يتعاملون على ما تعارفوا عليه إذا اتحدت وضبطت هذه المكاييل والموازين، ولنفترض أنه بالسطل مثلاً بيع التمر، بالسطل، أحجام متساوية من كل وجه، وهذا سطل وهذا سطل متساوية ويش المانع؟ التماثل متحقق، لكن الإشكال في بيع ما يوزن كيلاً أو العكس، منهم من يخفف فيرى أن المكيل يباع وزن ولا عكس، المكيل يباع وزناً؛ لأن الوزن أدق، من وجه نظره، من وجهة نظر القائل، لكن لا يطرد هذا؛ لأنه قد يكون التقارب في الكيل مما لا يوجد نظيره في الوزن والعكس، فالأصل يبقى على ما كان عليه إن كان مكيلاً فهو مكيل يباع بالكيل، وإن كان موزناً يباع بالوزن. هذا التمر الذي تصرف هذا العامل، وهذا العقد الذي عقده فاشترى الصاع بالصاعين أو الصاعين بالثلاثة، هل هذا العقد صحيح وإلا باطل؟ نعم؟ باطل، لماذا؟ لأنه ربا، الربا باطل وموضوع، تحت قدميه -عليه الصلاة والسلام-، والحديث ليس فيه ذكر للرد، وإبطال العقد، مع أنه جاء في صحيح مسلم في قصة بلال أو غيره أنه قال: هذا هو الربا، فردوه عين الربا، فردوه، فعلى هذا عقود الربا باطلة يجب ردها، لكن حسب الإمكان؛ لأنه قد يتوب الإنسان من الربا ويحاول الرد ولا يتمكن من ذلك، يتوب من الربا ويبذل جهده في إبطال ورد العقد وإبطاله، ثم لا يتيسر له ذلك حينئذٍ يكون في حكم المكره على أن عليه أن يفعل ما أمر به من أخذ رأس المال فقط فسكوت الراوي هنا الراوي هنا في هذا الحديث عن الرد، لا يعني أنه لا يجب الرد، فبيان الحكم في حديث واحد يكفي، وقد جاء في الصحيح فردوه، نعم. "وعن جابر بن عبد الله ... " لحظة، لحظة.

لو وضعت ماء في صاع، ثم وزنته صار وزنه ثقيل، لكن لو وضعت تمر في صاع ثم وزنته وجدت أنه أخف، ولو وضعت تمراً في صاع ووضعت مثله من نوع أخر من التمر في صاع، وتساوى الكيل، ثم وزنت هذا ووزنت هذا وجدت أحدهما أثقل من الآخر؛ لأنه لا ارتباط بين الحجم والثقل، نعم واضح وإلا مو بواضح؟ كيف؟ طالب:. . . . . . . . . لا المنظور في المكيل الكيل بغض النظر هل هو ثقيل وإلا خفيف، لكن لو جئت بهذا المكيل وجئت بنظيره في نفس المكيال ثم وزنت الاثنين وجدت أحدهما أرجح من الآخر؛ لأنه ما في ارتباط بين الحجم والوزن، ما في ارتباط، ظاهر وإلا مو بظاهر؟ مو بظاهر، في ارتباط وإلا ما فيه؟ الآن لو جئنا بصاع ووضعنا فيه تمر ووضعنا فيه أيضاً تمر من النوع الثاني، ووزنا هذا ووزنا هذا يعني هل في مناسبة بين الحجم والوزن؟ يعني من بداهية العلوم هذه، مو يدرس في العلوم؟ يدرس في العلوم، ولذلك تأثير الجرم على الماء مثلاً تجد الحجم كبير، لكن ما يطفو على الماء؛ لأنه خفيف الوزن، وأحياناً تجد الصغير لأن الدفع بقدر الحجم، تجد الحجم أصغر يهوي، وقد تجد الحجم واحد واحد يطفو واحد يرسب تبعاً للثقل، فلا تلازم بين الحجم والوزن. طالب:. . . . . . . . . إيش هو؟ طالب:. . . . . . . . . الفواكه فيها ربا؟ هي ربويات؟ لا ليست ربويات، الكلام على الادخار. طالب:. . . . . . . . . إيه، نعم الملحوظ إلى ما قُرر في عهده -عليه الصلاة والسلام-، ويُوقف عليه. طالب:. . . . . . . . . نعم، لكن إذا بحثت عن صاع ما وجدت، بع التمر بالدراهم واشتر غيره بالدراهم، نعم. وعن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- قال: "نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن بيع الصبرة من التمر التي لا يعلم مكيلها بالكيل المسمى من التمر" رواه مسلم. يقول -رحمه الله تعالى-:

"وعن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- قال: "نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن بيع الصبرة" الكومة الطعام المجتمع الكثير هذه صبرة "الصبرة من التمر لا يعلم مكيلها"، صبرة طعام مجتمع تمر كثير يقدر بخمسمائة صاع مثلاً، يباع هذا التمر الذي لا يعلم مكيله إلا بالتقدير، لا يجوز بيعه بما قُدر به من تمر آخر، لا يجوز أن تباع هذه الصبرة بخمسمائة صاع من تمر. "نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن بيع الصبرة من التمر التي لا يعلم مكيلها" بل لا بد أن يعلم مكيلها، يعني لو كيلت خمسمائة صاع، ثم صارت صبرة فبيعت بخمسمائة صاع أخرى علمنا مكيلها وانتهى الإشكال، يجوز ذلك، لكن كومنا وجمعنا من التمر، ما يشكل في تقديرنا، وغالبة ظننا خمسمائة صاع نبيعه بخمسمائة صاع، لا، ولذا نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن بيع الصبرة من التمر لا يعلم مكيله، ما يكفي أن يظن، لا بد من العلم، لا يعلم، فلا يكفي في هذا غلبة الظن، والجهل بالتساوي عند أهل العلم كالعلم بالتفاضل؛ لأنه لا بد من العلم بالتساوي، ولهذا نهى النبي -عليه الصلاة والسلام- عن ذلك، والنهي للتحريم، نعم. وعن معمر بن عبد الله -رضي الله تعالى عنه- قال: إني كنت أسمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((الطعام بالطعام مثلاً بمثل)) وكان طعامنا يومئذٍ الشعير. رواه مسلم. يقول -رحمه الله تعالى-:

"وعن معمر بن عبد الله -رضي الله تعالى عنه- قال: إني كنت أسمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((الطعام بالطعام)) " وهذا شامل لكل مطعوم، هذا الأصل فيه، شامل لكل مطعوم، لكن هل هذا العموم مراد الطعام بالطعام مثلاً بمثل، أو أنه مقصور على العلة التي إذا تحققت مُنع التفاضل وإلا فالأصل أن كل مطعوم طعام سواء كان مما يُكال أو يوزن أو يدخر، أو يؤكل آنياً كالفواكه والخضروات كلها مطعومة، النصوص الأخرى تدل على أن العموم، في قوله: ((الطعام)) يراد به الخصوص، وكل على مذهبه في العلة الجامعة بين الربويات، هنا يقول: "وكان طعامنا يومئذٍ الشعير" التخصيص بالعادة الفعلية يقول بها الحنفية، التخصيص بالعادة الفعلية طعامهم الشعير إذاً النص خاص بالشعير؛ لأن طعامهم الشعير، ولا يتعداه إلى غيره، وإذا قيل بهذا فليس معنى هذا أن الربا لا يجري في التمر، ولا في البر، ولا في الملح؛ لأننا أخرجناها بالتخصيص بالعادة المطردة عندهم، هذا يؤخذ من نصوص أخرى، والجمهور لا يخصصون بالعادة، فعلى هذا قوله: ((الطعام بالطعام مثلاً بمثل)) يشمل جميع الربويات مما يطعم، وكون طعامهم الشعير يومئذٍ لا يعني أنهم لا يأكلون التمر، ولا يعني أنهم لا يأكلون البر والقمح، ولذا جاء التنصيص عليها في نصوص أخرى.

"طعامهم يومئذٍ الشعير" قد يطلق الطعام ويراد به البر، وقد يطلق ويراد به العموم، "فرض رسول الله -صلى الله عليه وسلم- زكاة الفطر من رمضان صاع من تمر، أو صاع من شعير، أو صاع من طعام، أو صاع من أقط، أو صاع من زبيب" فيراد به في الحديث كما في الأدلة الأخرى البر، ويدخل فيه ما يتناوله اللفظ، يبحث أهل العلم من الشراح في هذا الحديث الطعام، وأنه يراد به ما يشمل الحبوب، كالقمح وطعامهم الشعير، يعني دخول الشعير في النص قطعي وإلا ما هو بقطعي؟ قطعي؛ لأن ذكر التنصيص على فرد من أفراد العام بالنص دخوله قطعي، فالشعير دخوله قطعي، والبر معروف أنه طعام اتفاقاً، فهل الطعام الذي هو البر والشعير الذي هو طعامهم نوع واحد؟ أو جنس واحد أو أجناس؟ يعني هل هو جنس أو جنسان؟ الجمهور على أنهما جنسان، يعني يجوز شراء صاع من قمح بر بصاعين من الشعير، هذا قول الجمهور، والإمام مالك -رحمه الله- والليث والأوزاعي يرون أنهما جنس واحد، فلا يجوز بيع البر قمح بالشعير متفاضلاً لأنهما جنس واحد عندهم، وجاء في حديث في السنن عند أبي داود والنسائي من حديث عبادة بن الصامت -رضي الله عنه- قال: عن النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((لا بأس ببيع البر بالشعير والبر أكثر، إذا كان يداً بيد)) لا بأس ببيع البر بالشعير والشعير أكثر وهما يداً بيد هذا عند أبي داود والنسائي، هذا يدل على أنهما جنسان، وهو ما يؤيد به قول الجمهور، نعم. وعن فضالة بن عبيد -رضي الله تعالى عنه- قال: "اشتريت يوم خيبر قلادة باثني عشر ديناراً, فيها ذهب وخرز ففصلتها، فوجدت فيها أكثر من اثني عشر ديناراً, فذكرت ذلك للنبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: ((لا تباع حتى تُفصّل)) رواه مسلم. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

"وعن فضالة بن عبيد -رضي الله تعالى عنه- قال: "اشتريت يوم خيبر قلادة باثني عشر ديناراً, فيها ذهب وخرز" ذهب وخرز يعني غير ذهب، مشتملة على الذهب وغيره، أحياناً الذهب المصوغ يوضع فيه ما يجمله من خرز من زجاج أو غيره، وفيه أيضاً حبل يربط بالعنق، فيه هذا وهذا، فيه فصوص، وأحياناً يكون فيه أوساخ متراكمة يصير وإلا ما يصير؟ هل يجوز بيعه بذهب وهو بحالته هذه بما في ذلك الخرز والحبل والأوساخ المجتمعة فيه؟ الناس يتفاوتون في نظافتهم، لكن قد يوجد، يتصور، لا سيما في البلدان التي يقل فيها الماء ويشح فيها، وتكون الاهتمام بالنظافة أقل، أو لانشغالهم بمعيشتهم، يعني لا تتصورون أن الناس في بلدانهم وأزمانهم على نحو ما نعيشه من انفتاح من النعم واهتمام بمثل هذه الأمور، الناس قبل انفتاح الدنيا لو وزن الثوب قبل غسله وبعده لاختلف الوزن، ما عندهم وقت، يمكن ما عنده غيره، ولا عنده وقت يغسله ولا عنده .. بلش، مشغول بالمعيشة، فقد يتراكم الأوساخ على هذه القلادة مما يؤثر في الوزن، والفصوص الخرز موجود، والحبل الذي يربط بالعنق موجود، هذه الأمور لا بد أن تفصل عن الذهب عند بيعه بالذهب، عند بيع القلادة بالذهب لا بد أن تفصل فينظف من الأوساخ، ويزال الخرز، ويوضع على جهة، والحبل أيضاً يفك، ثم توزن ويباع بذهب مثلاً بمثل، يداً بيد، أما إذا أراد أن يبيعها بالدراهم فلا يلزم شيء من ذلك.

يقول: "اشتريت يوم خيبر قلادة" والقلادة ما يحيط بالعنق "قلادة باثني عشر دينار فيها ذهب وخرز، ففصلتها فوجدت فيها أكثر من اثني عشر ديناراً، فذكرت ذلك للنبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: ((لا تباع حتى تفصل)) لا بد أن يجعل الذهب الخالص في مقابل الذهب الخالص، وما عدا ذلك يباع بالدراهم، لا مانع من أن يباع بالدراهم ولو بذهب، لحاجة المشتري إليه، لكن لا بد من بيع الذهب بالذهب يداً بيد مثلاً بمثل، ولا يتم ذلك إلا إذا فصلت، وبهذا قال جماهير أهل العلم، يباع على أساس أنه ذهب، ولا يجوز بيع الذهب وغيره بذهب خالص، حتى يفصل، ويتحقق فيه الشرطان، وبعض أهل العلم يرى أنه يجوز بيعه من غير فصل بأكثر من قيمة الذهب ذهباً، هذه فيها أكثر من اثني عشر دينار اشتُريت باثني عشر دينار، فالتفاضل متحقق، لكن لو قدر أنها وزنت، وزن الذهب الخالص فبلغ اثني عشر دينار، فاشتُريت هذه القلادة، اُشترى ذهبها وخرزها وجميع ما فيها مما يتحاج إليه بثلاثة عشر دينار بمعنى أنه يجعل اثني عشر في مقابل اثني عشر، والزايد مما لم يفصل في مقابل الدينار الزائد، يجوز إلا ما يجوز؟ قبل فصلها؟ أنت افترض أن المسألة أننا نجزم أن هذه القلادة زنتها من غير خرز وغيره مما يحتاج إليه فيها ذهب خالص اثني عشر دينار، وفيها الخرز، فقال: اثني عشر دينار باثني عشر دينار، ولا تحتاج تفصل ثم تعيد، دعها ما دام فيها اثني عشر دينار هذه قيمة اثني عشر دينار، والخرز اشتريه بدينار من غير فصل، النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: ((لا تباع حتى تفصل)) يعني ولو علمنا وجزمنا يقيناً أن قيمة الذهب بقدر ما دفع من الذهب، لا بد أن تفصل، الحنفية لهم رأي في المسألة، يقولون: إذا بيعت هذه القلادة بجميع محتوياتها بأكثر مما فيها من الذهب، افترضنا أنها فيها أكثر من اثنى عشر دينار، الذهب والخرز ثلاثة عشر دينار، الخرز والذهب والوسخ والحبل كله ثلاثة عشر دينار، فاشتراها بثلاثة عشر ديناراً ويقول: الذهب مقابله ذهب والزائد من القائمة في مقابل الخرز وما معها، بدلاً من أن نضيع الوقت في فصلها وإعادتها، يعني إذا اشتريت بأكثر وإذا كان الوزن واحد بين الذهب ومعه شيء بالذهب الخالص، عرفنا أنها

اشتريت بأكثر من قيمتها، فيكون القدر الزائد عما أضيف إلى الذهب من خرز ونحوه، هذا عندهم يجوز، لكن كونه يباع بأقل هذا لا يجوز، ولذلك قال: "فوجدت أكثر من اثني عشر ديناراً" مفهومها أنه لو وجد فيها أقل من اثنى عشر دينار على رأي الحنفية يصح وإلا ما يصح؟ يصح، لماذا؟ لأن الإثنا عشر دينار في مقابله ذهب، والقدر الزائد في مقابل الخرز، لكن النص لم يفرق، ليس فيه دليل على ما ذهبوا إليه "فذكرت ذلك للنبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: ((لا تباع حتى تفصل)) رواه مسلم" فيجعل الذهب .. ، لأنه لا بد من العلم بالتساوي، كون الناس يتسامحون في القدر الزائد لا يعفيهم هذا من كونه ربا، لو قال: هذا الزنبيل فيه سبعين كيلو وأنت عندك سبعين كيلو خذ هذا وهذا وإن كان الغلب أنت صديق على ما قالوا، إن كان زائد كيلو أو ناقص كيلو الأمر سهل، سواء كان في تمري أو تمرك، نقول: لا يا أخي هذا عين الربا، ولا يكفي في هذا التراضي، بل لا بد من تحقق المساواة، يدخل في هذا بعض الصور أحياناً كرتون المناديل يوضع فيها ريال هدية، ويباع أحياناً بريال، وأحياناً بريالين، ريال ومناديل بريالين، ما هي بهذه صورتها؟ هذه مثل مسألة مد عجوة، نعم، مد ودرهم بدرهمين، تصح وإلا ما تصح؟ مد ودرهم بدرهمين، حكمها مسألة مد عجوة معروف وإلا ما هو بمعروف؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . مد ودرهم بدرهمين، هاه؟ طالب:. . . . . . . . . وراك؟ طالب:. . . . . . . . .

الآن يقول: درهم بدرهم انتهى الإشكال، والمد بدرهم ثاني، يعني بعقد واحد لا يجوز، لا بد من عقدين، ما الفائدة من بيع الدرهم بالدرهم؟ ما الفائدة من أن يجعل لي مع المناديل التي كانت بريال يجعل معها ريال ويقول: بريالين، هل يستفيد من ذلك البائع أو المشتري؟ ما يستفيد بها إلا إذا كان أحياناً يضع وأحياناً لا يضع، يقول: حضك ونصيبك، وحينئذٍ يجوز وإلا ما يجوز؟ لا يجوز، أما إذا كان محقق أنه يضع ريال لكل مشترٍ ويبيع بالقيمة مضافاً إليها ريال عبث هذا، عبث، وإن كان يضع الريال أحياناً ويبيع بنفس قيمة المناديل، كرتون المناديل بريال يوضع في بعض العلب ريال من أجل الإغراء بالشراء، ويبيع بريال فقط قيمة المناديل، والقدر الزائد منه، من صاحب السلعة، لأي مشترٍ إن ترتب على ذلك أن تشترى السلع من أجل الريال الزائد أو تسبب في ضرر الآخرين كما يقال في الجوائز والهدايا وغيرها فلا يجوز حينئذٍ، فلا بد من الفصل، فصل الربوي من غيره، الربوي إذا أريد بيعه مع غيره لا بد من فصله، وهذا الحديث أصل في هذا المسألة. بيع الذهب المصوغ بذهب أكثر منه، أو أقل، وهل الصياغة أو الصناعة تخرجه عن كونه ذهباً إلى كونه عرض من عروض التجارة أو لا؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . الذهب المصوغ ذهب وإلا ليس بذهب؟ ذهب، أو عرض من عروض التجارة يباع ويشترى بالذهب متفاضل ومن غير تقابض، عامة أهل العلم على أن الصياغة لا تخرجه عن كونه ذهباً يجب فيه التساوي إذا بيع بمثله، والتقابض بالميزان، ولو تعب عليه صانعه أو صائغه، لا يخرجه عن كونه ذهباً، ومن أهل العلم من يرى أن الصياغة والصناعة تخرجه عن كونه ذهباً إلى كونه عرض من عروض التجارة، فيباع ويشترى كغيره من السلع، ويستدلون على ذلك بإيش؟ دليلهم؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . هاه؟ طالب:. . . . . . . . .

حديث الباب دليل عليهم لا لهم، في عهد معاوية -رضي الله عنه- مما غنموه جام من ذهب، إنا من ذهب، فبيع على عهد معاوية على أساس أنه عرض من العروض وأنكره الصحابة أنكروا على معاوية هذا الصنيع -رضي الله عنه وأرضاه-، وكأن شيخ الإسلام فيما أختاره يميل إلى شيء من هذا، وعلى كل حال هو قول مرجوح، وحديث الباب رد عليهم، نعم. وعن سمرة بن جندب -رضي الله تعالى عنه- "أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عن بيع الحيوان بالحيوان نسيئة" رواه الخمسة, وصححه الترمذي وابن الجارود. نعم؟ فضة، لا يجوز بيعه بفضة إلا بالشرطين، التماثل والتقابض مثل الذهب بالذهب، الفضة بالفضة ربا إلا هاء وهاء. طالب:. . . . . . . . . يفصل، لا بد من فصله. طالب:. . . . . . . . . أي؟ طالب:. . . . . . . . . الورقية؟ طالب:. . . . . . . . . أصلها فضة، أصلها كان الريال العربي السعودي من فضة، ثم بعد ذلك تحول إلى العملة الورقية، فهي أصل قائم برأسها، تباع مع فضة مع التفاضل، لكن لا بد من التقابض، تباع بذهب لكن لا بد من التقابض، فهي أصل قائم بأصلها كالذهب والفضة. طالب:. . . . . . . . . إذا بيعت بفضة، أما إذا بيعت بجنس أخر ما يلزم؛ لأنه لا يلزم التساوي. طالب:. . . . . . . . . الورقيات ما يحتاج فصل، ولا شيء أبد، ما تحتاج اشترِ منها بالريالات من الربويات ما شئت. طالب:. . . . . . . . . وش هي فضة؟ طالب:. . . . . . . . . الورقية هذه فضة؟ طالب:. . . . . . . . . لا، لا، ما تأخذ حكم الفضة، كان أصلها فضة، ثم تحولت إلى ورق، فصارت أصلاً برأسها؛ لأن الفضة بالفضة، لا الفضة بالورق. طالب:. . . . . . . . . يفصل، لا بد من فصله. طالب:. . . . . . . . . إيش هو؟ طالب:. . . . . . . . . إيه لكن حسم المادة في مثل هذا لا بد منها، لا بد أن يوقف على الوزن بيقين، لا بد من العلم بالتساوي، وأن يكون الأطراف كلهم على حد سواء بهذا العلم، على كل حال هو ذهب بذهب لا يجوز بيعه بجنسه إلا بالشرطين. طالب:. . . . . . . . .

عيار ثمانية عشر وعيار واحد وعشرين، تريد أن تقول: أنا أشتري عشرة دنانير من عيار واحد وعشرين بإحدى عشر دينار من عيار ثمانية عشر، لا لا بد من .. ، إن كان القدر الفارق بينهما يعني مما أدخل على الذهب فصار عياره أقل، لا بد أن يفصل، إذا أردت أن تبيعه بذهب، نعم؟ كيف؟ طالب:. . . . . . . . . الذهب الأبيض ذهب، نفس الذهب الأصفر إلا أن اللون يتحكمون فيه، يعني ما هي مجرد تسمية مثل الذهب الأسود البترول، لا، هذه عند أهل الصنف حقيقة في الذهب، إلا أن اللون إن شاء جعله أصفر، وإن شاء جعله أبيض، فلا تغير من حقيقته فهو ذهب. طالب:. . . . . . . . . ويش هو؟ طالب:. . . . . . . . . يعني نطبق عليها الفضة بالفضة، نعم الريال بالريال، لكن ريال بفضة ما في تماثل، ولذلك يباع العربي السعودي الفضة بعشرين ريال مثلاً ورقي. طالب:. . . . . . . . . لا ليست ربوية، ما في إلا الذهب والفضة، إلا إذا استعملت عملات، لو أن الدولة ضربت مصكوكاتها كلها ألماس عملتها دخل فيها الربا. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "وعن سمرة بن جندب -رضي الله عنه- "أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عن بيع الحيوان بالحيوان نسيئة" رواه الخمسة, وصححه الترمذي وابن الجارود.

وهذا الحديث أولاً أكثر .. ، هذا يطلب درجة الحديث ويقول: بأنه أحسن، ما هو بأحسن فقط، لا يبنى الحكم إلا على حديث صحيح أو حسن، فلا بد من بيان درجته، وإذا سكت عنه، فالأصل أنه صالح للاحتجاج، الحديث الذي معنا حديث سمرة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى بيع الحيوان بالحيوان نسيئة، رواه الخمسة، وصححه الترمذي وابن الجارود، وصححه جمع من أهل العلم بشواهده وطرقه، لكنه من رواية الحسن عن سمرة، والأكثر على أن الحسن لم يسمع من سمرة إلا حديث العقيقة، ومنهم من أثبت سماع الحسن من سمرة، وعلى كل حال الخلاف قوي، ولو لم يكن إلا هذا الطريق لكان إلى التضعيف أقرب، وضعفه الشافعي وغيره، وفي الباب حديث في معناه، الحديث الرابع عشر، يعني بعد أربعة أحاديث، عن عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما- أن النبي -عليه الصلاة والسلام- أمره أن يجهز جيش فنفدت الإبل، فأمره أن يأخذ على قلائص الصدقة، قال: فكنت آخذ البعير بالبعيرين إلى أبل الصدقة، رواه الحاكم والبيهقي، ورجاله ثقات، الحديث لا بأس به. حديث عبد الله بن عمرو: نفذت الإبل فأمره أن يأخذ على قلائص الصدقة، يعني إذا جاءت الزكاة، قال: فكنت آخذ البعير بالبعيرين إلى إبل الصدقة، وهنا يقول: "نهى عن بيع الحيوان بالحيوان نسيئة" وحديث عبد الله بن عمرو من حيث الإسناد متوسط، يعني حسن، بل هو حسن لذاته، وحديث سمرة بطرقه وشواهده صحح من قبل جمع من أهل العلم، يؤيد حديث عبد الله بن عمرو بن العاص أن النبي -عليه الصلاة والسلام- استسلف بكراً، ورد خياراً رباعياً.

فعندنا حديث الباب حديث سمرة "نهى عن بيع الحيوان بالحيوان نسيئة" فدل على أن الحيوان ربوي، لكن هل هو قبل ذبحه مطعوم؟ مما يكال ويدخر؟ لا تجري فيه علة الربا، نهى عن بيع الحيوان بالحيوان نسيئة، والحديث الآخر حديث عبد الله بن عمرو: فكنت أخذ البعير بالبعيرين إلى إبل الصدقة، ففيه الفضل، وفيه النسيئة، فهما حديثان متعارضان، وحديث عبد الله بن عمرو بن العاص لذاته أرجح من حديث سمرة، ولذا المرجح جواز ذلك، وإذا قلنا: إن النبي -عليه الصلاة والسلام- استسلف بكراً ورد خياراً رباعياً، القرض يجري فيه الربا، يعني هل هو عقد معاوضة, وإلا عقد إرفاق؟ إرفاق ليس بمعاوضة، فلا يتصور فيه الربا، وكونه رد أفضل مما أخذ من غير اشتراط في العقد ليس هذا أيضاً من صور الربا، وإنما هو من حسن القضاء، يعني لو أن شخصاً اقترض من شخص ألف ريال، فلما أراد أن يعيد الألف أضاف إليها مائة من غير اشتراط، هذا من حسن القضاء، وليس من الربا لأنه لم ينص عليه في العقد، وهكذا النبي -عليه الصلاة والسلام- استسلف بكراً ورد خياراً رباعياً، فدل على أن القرض لا يدخل فيه هذا.

يبقى عندنا حديث عبد الله بن عمرو بن العاص وحديث سمرة بينهما التعارض ظاهر، مع أن منهم من حمل حديث عبد الله بن عمرو بن العاص على القرض، لكن القرض مع التفاضل عين الربا، لو قلت لشخص: أقرضني ألفاً على أن أؤديه لك ألف ومائة ربا وإلا ليس ربا؟ ربا بلا شك، ولذا جمهور أهل العلم يرون القرض لا يقبل التأجيل، معنى هذا الكلام أنه لو قال: أقرضني ألفاً وأسدده لك من الراتب، يعني الراتب بقي عليه أسبوعين وأسدده لك، هل يلزم المقرض أن ينتظر إلى مجيء الراتب أو له أن يطالبه قبل ذلك؟ نعم؟ يعني لو قلنا: إن هذا مال بمال مع التأجيل، الجمهور على أن القرض لا يقبل التأجيل، لكن إن تركه إلى أن يأتي الراتب أو الراتب الثاني، أو السنة الثانية هذا فضل منه، فلو أقرضه قال: أنا عندي مشروع ومحتاج إلى مبلغ كذا وأؤديه لك أقساط لمدة سنة كل شهر كذا، ثم احتاج المقرض هل له أن يلزم المقترض أو ليس له ذلك؟ القرض لا يقبل التأجيل، فله أن يلزم المقترض عند الأكثر، ويرى الإمام مالك -رحمه الله- أن القرض يقبل التأجيل، وأن المسلمين على شروطهم، وهو ما يرجحه شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-؛ لأن المسألة في الربوي ريال بريال، لا بد من التقابض، ولا بد من التساوي، التساوي ألف بألف، بيؤدي ألف ما هو بزايد، لكن التقابض أجله لمدة سنة هل في تقابض؟ الجمهور لئلا يلزموا بأن هناك صور من الصور التي فيها عدم التقابض وتجوز، فيورد عليهم بعض المسائل، قالوا: إن القرض لا يقبل التأجيل، وكونه يتأخر في دفعه ويصبر عليه المقرض هذا فضل منه، وإلا لو قبل التأجيل لوقعنا في عين الربا؛ لأنه لا بد من التقابض، وإلا كيف نشترط التقابض وهو يقبل التأجيل؟ هذا قول أكثر أهل العلم أنه لا يقبل التأجيل، وهو معروف عند الحنابلة وغيرهم، وأما المالكية فيقولون: المسلمون على شروطهم، ويرجحه شيخ الإسلام، وأيضاً الحاجة قد تقتضي ذلك.

لو أن شخصاً قال: أنا عندي مشروع يحتاج إلى مائة ألف فتقرضني مائة ألف لمدة شهرين أو ثلاثة أشهر، قال: تفضل، ثم بعد أسبوع نزلت به نازلة وحلت به ضائقة فاحتاج المائة ألف، فقلنا: يلزم دفعها، هذا الذي تصرف بمائة ألف يتضرر، نعم حاجته مراعاتها ليست بأولى من مراعاة حاجة الأصل المقرض، لكن يبقى أن مثل هذا يضر بالمقترض وقد يفعل بعض الناس مكيدة بأخيه فيتضرر بذلك، ويقرضه ويعرض عليه القرض، فإذا تصرف فيه طالبه به، فيضطر أن يبيع السلعة بأقل من قيمتها فيخسر، هذا هو ما دعا المالكية ورجحه شيخ الإسلام أن المسلمين على شروطهم -كما هو معروف- لئلا يتضرر المقترض. وهذا الكلام القروض من قبل الدولة الصناديق من قبل الدولة يجري فيها الاختلاف، على المذهب للدولة أن تطلب ما بذمم الناس حالاً وفوراً إذا احتاجت إلى ذلك، وعلى رأي مالك ليس لها ذلك، إلا بالمدد المضروبة المتفقة عليها بين الطرفين، وهو ترجيح شيخ الإسلام -رحمه الله-، نعم حديث أبي رافع أن النبي -عليه الصلاة والسلام- استسلف بكراً ورد خياراً رباعياً يعارض حديث الباب وإلا ما يعارض؟ نعم، هذا لا يعارض؛ لأنه قرض وليس ببيع، يعني الربويات لو اقترضت، لو جاء شخص واقترض منك دراهم، ويعيدها دراهم بمقدارها ما في إشكال، ولو أضاف إليها من باب حسن القضاء ما في إشكال أيضاً من غير اشتراط وهذا جنسه، فلا يدخل في معارضة حديث الباب، إنما المعارضة تكون بين حديث سمرة وحديث عبد الله بن عمرو بن العاص، وحديث عبد الله بن عمرو بن العاص لذاته أقوى من حديث سمرة، نعم. أحسن الله إليك لحظة, لحظة. طالب:. . . . . . . . . إيه. طالب:. . . . . . . . . حديث عبد الله بن عمرو بن العاص؟ حديث عبد الله بن عمرو بن العاص: فكنت آخذ البعير بالبعيرين إلى إبل الصدقة، ما هو بقرض هذا، ليس بقرض؛ لأنه لو كان قرض قلنا: قرض يجر نفع ولا يجوز، بل بعضهم يطلق عليه الربا، ويروون في هذا ما يروون، لكن الحديثان متعارضان بلا شك، وحديث عبد الله بن عمرو بن العاص أرجح، وعلى هذا البعير بالبعير، الحيوان بالحيوان، الثياب بالثياب وغيرها ليست ربوية، نعم. أحسن الله إليك.

وعن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((إذا تبايعتم بالعينة, وأخذتم أذناب البقر, ورضيتم بالزرع, وتركتم الجهاد سلط الله عليكم ذلاً لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم)) رواه أبو داود من رواية نافع عنه, وفي إسناده مقال. ولأحمد نحوه من رواية عطاء, ورجاله ثقات وصححه ابن القطان. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

"وعن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((إذا تبايعتم بالعينة)) " العينة صورتها: أن يشتري شخص من أخر سلعة بأكثر مما تستحقه نقداً إلى أجل، يشتريها إلى أجل بثمن أكثر مما تستحقه نقداً، ثم يبيعها عليه بأقل مما اشتراها به، زيد يشتري من عمرو سيارة، وليس بمحتاج للسيارة، محتاج إلى قيمتها، يشتري زيد من عمرو سيارة بمائة ألف لمدة سنة، وهي حالّة لا تستحق أكثر من تسعين ألف، ثم يبيعها على صاحبه عمرو، زيد يشتري من عمرو بقيمة أكثر، ثم إن زيداً يبع على عمرو هذه السيارة بأقل من قيمتها نقداً، هذه التحايل فيها على الربا ظاهر، وهذه مسألة العينة؛ لأن البائع الأول رجع إليه عين ماله، والمشتري حصل على العين الذي هو المال، هذه مسألة العينة، لكن لو أن المشتري باعها على طرف ثالث، باع السيارة على طرف ثالث غير البائع الأول صارت مسألة التورق، مسألة التورق إذا كان البائع الأول يملك السلعة ملكاً تاماً ثم باعها بثمن مرتفع إلى أجل، والمشتري لا يحتاج إلى السلعة وإنما يحتاج إلى قيمتها فباعها على طرف ثالث، هذه مسألة التورق، وجماهير أهل العلم على جوازها للحاجة الدعية إليها، وأنه لا يوجد بديل عن الربا إلا السلم، ونادراً ما يوجد السلم، وقد لا يوجد، وقد لا يتيسر لكل أحد، إذاً لا حل لمشاكل الناس إلا بالتورق، ولذا عامة أهل العلم على جوازها، ابن عباس -رضي الله عنهما- وعمر بن عبد العزيز وشيخ الإسلام ابن تيمية يرون أن مسألة التورق لا تختلف عن مسألة العينة، يعني كونه يبيع على البائع الأول أو على غيره لا فرق، وأنها لا تجوز، فهي حيلة على الربا لكن ما الذي يحل مشاكل المسلمين؟ افترضنا أن مسألة التورق لا تجوز وأنت بحاجة إلى دراهم، بحاجة إلى أن تتزوج، بحاجة إلى أن تشتري بيت، بحاجة إلى أن تشتري سيارة، بحاجة إلى نفقة ولم تجد من يقرضك ماذا تصنع؟ افترض المسألة في منع مسألة التورق، ما في حل لهذه المشكلة أبداً إلا التورق، ولذا القول بتجويزها هو المتجه، وهو قول عامة أهل العلم، وتختلف مسألة التورق عن مسألة العينة أن التورق تباع السلعة على طرف ثالث، وفي العينة تعود إلى الطرف الأول.

((إذا تبايعتم بالعينة، وأخذتم أذناب البقر)) كناية عن الزرع، اشتغلتم بالزراعة، والزراعة من أفضل الأعمال. ((وأخذتم أذناب البقر، ورضيتم بالزرع)) يعني حينما يكون المحمود مسبباً لترك .. ، أو يكون في مقابل ما هو أعظم منه يذم صاحبه، لكن إذا كان مضموماً إلى ما هو أفضل منه يذم صاحبه وإلا يمدح؟ يمدح، يعني إذا رضينا بالزرع ونحن نجاهد، أخذنا أذناب البقر وزرعنا وجاهدنا وأدينا الواجبات كلها، عند بعض أهل العلم الزارعة أفضل المكاسب، ولذا يخطئ بعض الناس في فهم قوله -جل وعلا-: {أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ} [(19) سورة التوبة] يعني التمدح بعمارة البيت الحرام، نعم إذا كان في مقابلة الإيمان يعني يتمدح به من لم يؤمن، فهذا ذم وإلا مدح؟ هذا من مسائل الجاهلية، ذكره شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب من مسائل الجاهلية فهو ذم، لكن إذا كانت عمارة المسجد الحرام ممن يؤمن بالله، والمعارة سواء كانت الحسية أو المعنوية جاء مدحها في الشرع، وهنا الزراعة عند جمع من أهل العلم أطيب المكاسب، لكن متى تذم الزراعة وهي أطيب المكاسب؟ إذا صارت في مقابل ما هو أفضل منها وأولى، إذا صدت عن واجب، أنت افترض طالب علم تقرأ القرآن، وتقرأ في السنة، وتنهمك في مثل هذا وتضيع الواجب، ما تصلي في المسجد، أو تجئ صلاة الجمة والخطيب يخطب وأنت في يدك مصحفك، تذم وإلا ما تذم؟ تذم، فالذم هنا والسياق سياق ذم ((وأخذتم أذناب البقر، ورضيتم بالزرع)) الأصل أن هذا من أطيب المكاسب، لكن كيف سيق مساق الذم؟ لماذا؟ ((تركتم الجهاد)) يعني بسبب ذلك تركتم الجهاد في سبيل الله، النتيجة؟ ((سلط الله عليكم ذلاً لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم)) والأسلوب أسلوب تهويل وتعظيم في لشأن الجهاد؛ لأنه جعل من فعل ذلك كأنه خرج من دينه، فاستحق هذا الذل، وهذه المسكنة والمهانة حتى يرجع إلى الذي خرج منه، وهو الدين، ففي هذا تعظيم شأن الجهاد، وتحقير أمور الدنيا التي تصد عن الجهاد.

((سلط الله عليكم ذلا لا ينزعه)) شيء، يعني مهما فعلتم، تركتم الجهاد، عمرتم المساجد ليل نهار، تلوتم كتاب الله ليل نهار، صمتم النهار، وقمتم الليل، لكن تركتم الجهاد، ((سلط الله عليكم ذلاً لا ينزعه –شيء- حتى ترجعوا إلى دينكم)) يعني الدين التي تتدينون به مما تركتموه؛ لأن الصلاة ما تركتموها حتى ترجعوا إليها، الزكاة ما تركتموها حتى .. ، الصيام ما تركتموه إنما تركتم إيش؟ تركتم الجهاد، فلا بد من مراجعة هذا ليرتفع الذُل أو الذِل بالضم والكسر والمسكنة والحقارة التي تعيشها الأمة لا ترتفع إلا بالجهاد، فهو مصدر عز الأمة ورفعتها. "رواه أبو داود من رواية نافع عنه, وفي إسناده مقال". هذه غمزة من الحافظ ابن حجر، وفي إسناده عبد الرحمن الخرساني، مضعف، له مناكير، وقال الحافظ الذهبي: هذا من مناكيره، وعلى كل حال الحديث له طرق يصل بها إلى حد الصحيح لغيره، لكن الشافعية تبعاً لإمامهم لا يثبتون هذا الحديث، ويجيزون التبايع بالعينة، ويستروح من كلام الحافظ ابن حجر -رحمه الله-: "في إسناده مقال" لا نقول: إنه تبرير للمذهب، لكن الحافظ يصحح مثله، وإمامه الشافعي لا يرى ثبوت هذا الخبر، ولا يعمل به، ويجيز مسألة العينة، والجمهور على أن مسألة العينة مسألة محرمة. "ولأحمد نحوه من رواية عطاء، ورجاله ثقات" طيب رجاله ثقات عندك يا ابن حجر، وصححه ابن القطان في بيان الوهم والإيهام، والحديث مصحح من قبل جمع من أهل العلم ولا إشكال فيه -إن شاء الله تعالى-، نعم. وعن أبي أمامة -رضي الله تعالى عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من شفع لأخيه شفاعة فأهدى له هدية فقبلها, فقد أتى باباً عظيماً من أبواب الربا)) رواه أحمد وأبو داود, وفي إسناده مقال. يقول المؤلف:

"عن أبي أمامة" صدي بن عجلان الباهلي "-رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من شفع لأخيه شفاعة)) والشفاعة {مَّن يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُن} [(85) سورة النساء] نعم؟ {وَمَن يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُن لَّهُ كِفْلٌ مِّنْهَا} [(85) سورة النساء] ولا فرق بين النصيب والكفل، معناهما واحد، وقد جاء الأمر بالشفاعة، ((اشفعوا تؤجروا)) فالأصل أن تكون هذه الشفاعة لله -جل وعلا-، رجاء الثوب من الله -جل وعلا-، وأن تسود بين المسلمين دون مقابل. ((من شفع لأخيه شفاعة فأهدى له هدية فقبلها)) هدية، يعني ما اشترط أن يشفع له بكذا ((فقد أتى باباً عظيماً من أبواب الربا))، رواه أحمد وأبو داود، وفي إسناده مقال. لأنه من رواية القاسم الأموي، وفيه مقال فيما قاله المنذري في مختصر السنن، وعلى كل حال الحديث مضعف، والمسألة معروفة عند أهل العلم، مسألة أخذ المال على الجاه، لا شك أن الأولى أن تسود هذه الأمور بين المسلمين دون مقابل، كما أن إعانة بعض المسلمين لبعض ينبغي أن تكون دون مقابل، كالحلاقة والحجامة وغيرها مما ينتفع به بعض المسلمين من بعض، ينبغي أن تسود روح المحبة والمودة، ولا يكون كل شيء مبني على المشاحاة، والشفاعة من هذا، ترجو ثواب الله -جل وعلا- فلا تشترط، ولا تقبل، وإلا فالحديث لا يعول عليه لأنه ضعيف، الحديث ضعيف. ومن أهل العلم من يمنع أخذ المال على الجاه؛ لأنه ليس في مقابل مال، فهو من أكل أموال الناس بالباطل، ومنهم من يقول هذه أتعابه، وأقل الأحوال أن يأخذ أجرة المثل، فإذا أخذ في مقابلها فلا شيء فيه، والمسألة خلافية، لكن يبقى أن الأدب وروح المودة والمحبة بين المسلمين ينبغي أن يكون هو السائد. طالب:. . . . . . . . . وين؟ طالب:. . . . . . . . .

لا هذه غير الرشوة، المسألة مفترضة في شخص أنت احتجت إلى عمل، إلى أن تدرس مثلاً في الجامعة أو غيرها، فقدمت ملفك ما قبلوك، جئت إلى شخص وكتب لك أو ذهب معك فقبلت، كونك تعطيه مال هذا في مقابل الجاه، هذا مختلف فيه، لكن ليس برشوة، لكن لو أعطيته مبلغاً من المال مقدماً نعم واتفقت معه على مبلغ من المال وذهب إلى مدير الدائرة وأعطاه نصف هذا المال صار هو راشي والمدير مرتشي على ما سيأتي، وأنت سبب، سبب متعاون معهم على هذه الرشوة، فحرام على الجميع، بعض الناس يلبس فيدخل الشفاعة باسم الشفاعة يرشي، أنت تعطي هذا الشخص لأنه لا يعمل في نفس الدائرة، فلا تكون رشوة، أنت تعطيه على أساس أنها أجرة له، أجرة عمله، وهو يستعمل هذه الأجرة لتسهيل الأمر فيعطي فلان وعلان ممن يعمل في هذه الدائرة، وأحياناً تكون الوسائط أعداد، لا يوصل إلى المصدر الذي بيده الحل والعقد إلا بواسطة عشرة، وكل واحد يشترط مبلغ، وهذا في المبالغ الطائلة والتثمينات الكبيرة يحصل، هذا يتوسط عند هذا ليتوسط عند هذا، وهذا عند هذا، وذاك عند ذاك إلى أن تصل إلى الكبير، كل واحد يحتاج إلى نصيبه. طالب:. . . . . . . . . إيه إذا كانت أجرة المثل، ولا أثر في المدفوع على من بيده القرار، نعم لا أثر له، فمثل هذه أجرة، أجرة مثل لا إشكال فيها، لكن إذا كان هذا المدفوع بيصل إلى من بيده القرار أو من حاشيته الذين يؤثرون عليه فهذه هي الرشوة، نعم. وعن عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما- قال: "لعن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الراشي والمرتشي" رواه أبو داود والترمذي وصححه. نعم، يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

"وعن عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما- قال: "لعن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الراشي" الراشي: اسم فاعل من الفعل رشا "والمرتشي" الراشي والمرتشي صيغتها إذا كان الأول اسم فاعل فالثاني؟ تأتي مرتشي اسم مفعول أو مرتشى؟ اسم المفعول، إذا قلنا: راشي فاعل، فاسم المفعول على زنته مرشي، مرشي هذا اسم المفعول من الفعل الثلاثي رشا، والفعل ارتشى فاسم الفاعل مرتشي، واسم المفعول مرتشى، فالمرتشي اسم فاعل من ارتشى، والراشي أسم مفعول من رشا، والافتعال؟ الافتعال؟ نعم؟ إيش فيه؟ طالب:. . . . . . . . . نعم؟ طالب:. . . . . . . . . لا، اسم مفعول من رشا مرشي مفعول، أصلها: مرشيوٌ، لكن مرتشي اسم فاعل من ارتشى، كلاهما اسم فاعل، لكن الأول من الفعل الثلاثي رشا، والثاني من ارتشى، خماسي ارتشى يرتشي فهو مرتشٍ، كيف يجتمع في المادة اسم فاعل واسم فاعل والأصل أن فيه اسم فاعل واسم مفعول آخذ ومعطي؟ أخذ ومعطى، فالمعطى في الأصل اسم مفعول، نعم؟ طالب:. . . . . . . . .

لا هو نظر إليه على أنه آخذ فهو اسم فاعل، نظر إلى الراشي على أساس أنه معطي، ونظر إلى المرتشي باعتباره آخذ، لا أن هذا معطي وذاك معطى، أو هذا آخذ وهذا مأخوذ؟ لا، كلاهما اسم فاعل، هذا معطي وذاك آخذ، فيصح من هذه الحيثية، وجاء أيضاً لعن الواسطة بينهما وهو الرائش، الرائش: هو الذي يمشي بينهما، وهذا حديث الباب صحيح عند أبي داود والترمذي، وصححه، وزيادة: الرائش عند أحمد في المسند، واللعن هو الطرد والإبعاد من رحمة الله -جل وعلا-، فدل على تحريم الرشوة، وأنها من الكبائر، ولا شك أن الرشوة خطرها وضررها عظيم، تفسد المجتمعات، وتكدر على الناس معايشهم، الرشوة واعتماد من وكلت الأعمال إليهم عليها إذ تسبب تضييع الحقوق، إذا ارتبط العامل بهذه الجريمة، ولا يعمل لأحد شيء حتى يدفع له مبلغ، وليس كل الناس يستطيع الدفع، فلا شك أنها عثت فساداً في كثير من المجتمعات، بحيث لا يستقيم لهم عمل إلا بها، ولذا جاء التحذير الشديد منها واللعن للأطراف الثلاثة، حسماً لهذه المادة، فلا يجوز أن يدفع لمن يعمل في أي عمل، وتحت أي مسمى شيء من المال لتسهيل الأمر والمهمة؛ لأنه صار سبباً أو يصير سبباً في تعطيل من لم يدفع، وشواهد الأحوال تغني عن طول الشرح، في بلدان العالم كله ما تشمي أمورك لا قليلها ولا كثيرها، لا صغيرها ولا كبيرها إلا بشيء يدفع، والذي لا يدفع يتورع عن الدفع يتضرر، ولذا جاء هذا اللعن، ثم ماذا إذا دفع مال يسير يستخرج به حقه، أو يصل به إلى حقه، نقول: هي رشوة، بعض أهل العلم يرخص في الوصول إلى الحق الذي لا يمكن الوصول إليه بدونها يرخص في أمر الرشوة، لكن هذا الترخيص صار سبباً في تساهل بعض الناس في الرشوة، لماذا؟ أنا والله أريد استخراج حقي، طيب الحديث ويش يحمل عليه؟ نقول: يمكن يحمل على استخراج ما لا يستحقه، لكن لفظ الحديث عام فيما يستحقه وما لا يستحقه، وما عند الله لا ينال بسخطه، قد تبذل المال وتحق عليك اللعنة، نسأل الله السلامة والعافية، ثم بعد ذلك يحصل لك ما تريد فتصرفه، بل قد يكون وبالاً عليك، لا أقول: يذهب سداً كما جاء لا قد يكون هذا المال الذي وصل إليك بهذه الطريقة المحرمة وبالاً عليك، وضرر الرشوة وخطرها لا

يحتاج إلى تدليل، كثير من الناس يعاني لأنه لا يدفع، قد يوجد هذا فيمن يولى أمور عامة من مراقبة أو غيرها يعقد الأمور حتى يصل إلى ما يريد من الرشوة. يقول: حكم إعطاء المال للتوصل إلى إحقاق حق أو إبطال باطل هل يدخل في الرشوة؟ الأصل أن الحديث عام، وعلى هذا الزعم أنك تتوصل بذلك إلى إحقاق حقك، والوصول إليه، وبغيرها لن تصل، طيب ماذا عن غيرك الذي له حق ولا يستطيع أن يدفع؟ يضيع؟ لكن لو لم يدفع أحد شيئاً مشت الأمور، لأن العامل هذا الذي يأخذ الرشوة إذا يئس من الدفع عمل، لكن ما دام يغلب على ظنه أنه يدفع له يطلب، ولا شك أن الرشوة وأخذ الرشوة والسعي بين الراشي والمرتشي تعاون على الإثم والعدوان. يعني هل يفرق بين بلد الرشوة في مبادئها؟ ويخشى من تطورها، ويمكن أن يصل إلى حقه بعد الجهد دون رشوة، وبين بلد لا يمكن إلا برشوة، نعم ما في مسلك إلا الرشوة، على كل حال اللعن صريح، والدينا بحذافيرها لا تقوم له، ولا تعادله، فعلى الإنسان أن يحرص أن لا يدخل في هذا اللعن، كبيرة من كبائر الذنوب، واللعن الطرد عن رحمة الله، فهل تقوم الدنيا بحذافيرها لهذا اللعن؟ الدنيا التي لا تأتي إلا بهذه الطريقة لا خير فيها، بعض الناس قد يدخل في الموضوع ويشتري سلعة من برا ولا يعرف أنها ما تمشي إلا برشوة، فإذا تورط قال: استنقذ مالي، وهو قد يوجد له شيء من العذر بهذا على ضوء من يفتي بأن الوصول إلى الحق الذي لا يمكن أن يوصل إليه إلا بواسطتها قد يفتى بهذا، لكن يثق ثقة تامة أنه بيجيب دفعة ثانية على علم أنه بيدفع الرشوة عقوبة لما دفعه أولاً، ثم بعد ذلك يستمري هذا الأمر فيصير يرشي على كل شيء، والتساهل في أول الأمر يجر إلى العظائم، فلو أن الإنسان حسم المادة بالكلية، ولو تواطأ الناس على مثل هذا ما وجد من يقبل الرشوة، ولا وجد من يعرقل المعاملات، ويكون حجر عثرة في دروب المسلمين إلا بالرشوة، يمكن ما يوجد، ولو انكف الناس عن الربا قليله وكثيره لما وجد من يتعامل بالربا، وقل مثل هذا في كثير أو أكثر الجرائم، نعم. طالب:. . . . . . . . . نعم، حديث الباب؟ طالب:. . . . . . . . .

اللعن لعن العصاة، جاء لعن العصاة، لعن الله الراشي، لعن الله السارق، لعن الله الخمرة، لعن فيها عشرة، لعن آكل الربا وموكله، المراد به الجنس، جنس الراشي، جنس المرتشي، جنس آكل الربا، جنس الموكل، جنس شارب الخمر، جنس السارق، يُلعن، لكن فلان من الناس لأنه اتصف بما ورد فيه اللعن يُلعن بعينه، لا، ما يقال: اللهم العن زيداً لأنه مرابي، لا، أما لعن الله من أكل الربا هذا جاءت به النصوص، فلعن المعين غير لعن الجنس، وكونه يرد لعن الجنس لا يعني جواز ذلك في المعين، نعم. أحسن الله إليك. وعنه -رضي الله تعالى عنه- "أن رسول -صلى الله عليه وسلم- أمره أن يجهز جيشاً فنفدت الإبل، فأمره أن يأخذ على قلائص الصدقة، قال: فكنت آخذ البعير بالبعيرين إلى إبل الصدقة" رواه الحاكم والبيهقي, ورجاله ثقات. يقول المؤلف -رحمه لله تعالى-: في حديث سبق شرحه مع حديث سمرة "وعنه" يعني عبد الله بن عمرو بن العاص، صحابي الحديث السابق "أن رسول -صلى الله عليه وسلم- أمره أن يجهز جيشاً" الجيش يحتاج إلى ما يركب "فنفدت الإبل" الإبل الموجودة نفذت، فأمره النبي -عليه الصلاة والسلام- أن يستدين أبل يركبها الغزاة، الجيش. "فأمره أن يأخذ على قلائص الصدقة" يعني على إبل الصدقة، إذا جاء بها المصدق، من أربابها، والعادة أن السعاة يخرجون في وقت محدد؛ لئلا يقال في مثل هذا: إن الأجل مجهول، نعم، قد يزيد أيام وينقص أيام، لكن وقت الزكاة معروف. "فأمره أن يأخذ على قلائص الصدقة، قال: فكنت آخذ البعير بالبعيرين إلى إبل الصدقة" يعني إبل الصدقة تأتي بعد ستة أشهر مثلاً تعطينا بعير ونعطيك اثنين إذا جاءت إبل الصدقة. "رواه الحاكم والبيهقي, ورجاله ثقات" وأقل أحواله أن يكون حسناً، أقل أحوال الحديث أن يكون حسناً لذاته، وهو معارض لحديث سمرة السابق، والنهي عن بيع البعير بالبعيرين، لكن عرفنا أن هذا أرجح من حيث الصناعة من ذاك. والشافعي يقول في حديث سمرة: إنه غير ثابت عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كما ذكر ذلك البيهقي في السنن الكبرى عن الإمام الشافعي، فالمرجح جواز ذلك، وأنه لا يجري فيه الربا، نعم.

وعن ابن عمر -رضي الله تعالى عنهما- قال: "نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن المزابنة أن يبيع ثمر حائطه إن كان نخلاً بتمر كيلاً, وإن كان كرماً أن يبيعه بزبيب كيلاً, وإن كان زرعاً أن يبيعه بكيل طعام, نهى عن ذلك كله" متفق عليه. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "وعن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: "نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن المزابنة". المزابنة: سبق التعريف بها في أول كتاب البيوع، وأنها من الزبن وهو الدفع الشديد، وفسرها ابن عمر ببيع التمر رطباً بالتمر الجاف كيلاً، وبيع العنب بالزبيب كيلاً، "نهى عن المزابنة أن يبيع ثمر حائطه إن كان نخلاً بتمر كيلاً" يعني يبيع الرطب بالجاف، الرطب مكيل والجاف مكيل، فإن كان كرماً –عنب- يبعه بالزبيب اليابس كيلاً، وإن كان زرعاً في سنبله رصيناً ملياً بالماء أن يبيعه بكيل طعام يابس، "نهى عن ذلك كله" متفق عليه" لأن المماثلة لن تحقق، والعلة في الحديث الذي يليه، والكلام في المزابنة تقدم، والحديث الذي يليه حديث سعد بن أبي وقاص. اقرأ. وعن سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سئل عن اشتراء الرطب بالتمر، فقال: ((أينقص الرطب إذا يبس?)) قالوا: نعم، فنهى عن ذلك. رواه الخمسة, وصححه ابن المديني والترمذي وابن حبان والحاكم. نعم هذا الحديث حديث "سعد بن أبي وقاص -رضي الله تعالى عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سئل عن اشتراء الرطب بالتمر" الرطب الطري الجديد بالتمر الجاف بالنسبة للرطب وإلا ليس بجاف جفافاً تاماً، إنما يقال له: جاف، وقد ييبس ويجف بالكلية، وإذا يبس خف وزنه؛ لأن الرطوبة التي تستدعي الثقل انتهت مع الجفاف.

فقال -عليه الصلاة والسلام-: ((أينقص الرطب إذا يبس?)) يعني إذا جف ينقص وإلا ما ينقص؟ "قالوا: نعم، فنهى عن ذلك" لأنه بهذا النقص لن تتحقق المساواة والمماثلة، بل لا بد من التفاضل، قد يقول قائل: النقص ظاهر في الوزن، والتمر لن يباع وزن، إنما يباع كيل، وكونه ينقص وزنه لا يؤثر في حجمه، لكن هل هذا صحيح أن الحجم يبقى إذا يبس أو يصغر؟ يصغر إذا يبس، فلا يتحقق التماثل، فنهى عن ذلك، لماذا؟ لأن المساواة لن تتحقق، ولا بد من تحققها، أعله بعضهم بجهالة أبي عياش، زيد بن عياش، وهو من رواته، لكن وثقه الدارقطني وغيره، فالجهالة لا تضر إذا كان مردها إلى عدم العلم بحال الراوي إذا علمه غيره، غير من جهله، فالمثبت للعدالة مقدم على من خفي عليه الحال، نعم. وعن ابن عمر -رضي الله تعالى عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- "نهى عن بيع الكالئ بالكالئ, يعني: الدين بالدين" رواه إسحاق والبزار بإسناد ضعيف. يقول -رحمه الله تعالى-:

"وعن ابن عمر -رضي الله تعالى عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- "نهى عن بيع الكالئ بالكالئ" الكالئ: اسم فاعل من كلأ الدين كلأً إذا أخره، وكلأته إذا حفظته، والحفظ من مقتضاه التأخير، يعني كونك تحفظ الشيء من مقتضى هذا الحفظ أن يتأخر عندك بخلاف ما إذا لم تحفظه وعرضته للتلف والفساد، فإنك لا تأخره، فالمادة محفوظة هنا، وعلى هذا فسروا الكالئ بالكالئ "يعني: الدين بالدين" ومنهم من يقول: إن التفسير مرفوع، على أن الخبر ضعيف؛ لأنه من رواية موسى بن عبيدة الربذي، وهو ضعيف، يقول أحمد: لا تحل الرواية عنه، منهم من صحفه بموسى بن عقبة، وموسى بن عقبة هكذا رواه بالتصحيف الحاكم، وصححه تبعاً لذلك؛ لأن موسى بن عقبة ثقة، بينما موسى بن عبيدة الربذي ضعيف، ومنهم من صحف التصحيف فقال: موسى بن عتبة، والذي في الحاكم موسى بن عقبة، وصححه لأن موسى بن عقبة ثقة، والصواب فيه أنه موسى بن عبيدة الربذي وهو ضعيف، يعني الدين بالدين، بيع الكالئ بالكالئ، يعني الواضح من الصورة على أن الحديث ضعيف، ولا يثبت به حكم، لكن الواضح من هذه الصورة أن يكون لك دين في ذمة زيد، ويكون لعمرو دين في ذمة بكر، أنت لك دين في ذمة زيد وعمرو له دين في ذمة بكر، فتأتي إلى عمرو فتقول: بعني دينك الذي في ذمة بكر بديني الذي في ذمة زيد؛ لأن مطالبة بكر أيسر عليّ، ومطالبة بكر أيسر عليك، يعني قد يكون زيد من الناس ابن عم لك في ذمته دين لك، وتحرج من مطالبته، وعمرو نفس الشيء له دين في ذمة ابن عم له ويحرج من طالبته، فتبيع هذا الدين بالدين؛ ليرتفع الحرج، هذه الصورة ظاهرة في بيع الدين بالدين؟ هذه الصورة ظاهرة، لكن يقول في النهاية: هو أن يشتري الرجل شيئاً إلى أجل فإذا حل الأجل لا يجد ما يقضي به فيقول: بعنيه إلى أجل أخر، أصله دين، فإذا حل ولم يجد سداداً فيقول: بعنيه إلى أجل أخر بزيادة شيء فيبيعه عليه ولا يجري بينهما تقابض، يعني على نفس الشخص، هو دين في ذمة الشخص يباع بدين أكثر منه في ذمة نفس الشخص، هذا تفسير صاحب النهاية، وهذا هو ربا الجاهلية، إما أن تقضي وإما إيش؟ طالب: أن تربي. أن تربي، وعلى كل حال كل من الصورتين لا تجوز، والله أعلم. وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

كتاب البيوع (9)

بلوغ المرام - كتاب البيوع (9) باب: الرخصة في العرايا وبيع الأصول والثمار- أبواب السلم والقرض والرهن الشيخ: عبد الكريم الخضير السلام عليكم ورحمة الله وبركاته هذا يقول: ما سبب رواية الحافظ ابن حجر للأحاديث التي يعلم أنها ضعيفة؟ أهل العلم حينما يصنفون في الحديث من أجل الاستدلال بهذه الأحاديث على الأحكام، والأصل أنه لا يستدل إلا بحديث صحيح أو حسن، يعني في دائرة القبول، وحينما يذكرون الحديث الضعيف إنما للعلم به، لا لبناء الحكم عليه، والحافظ في الغالب يبين الضعف، وليبين أن هذا الحديث قد استدل به أهل العلم على ما ذهب إليه، وإن كان فيه ضعف، وقد يكون الحديث ضعيفاً بالطريق الذي .. ، أو بالرواية التي ذكرها، ويكون له ما يشهد له من أحاديث أخرى، أو قواعد عامة، أو أصول، المقصود أن الحديث الضعيف ليس بحجة في الأحكام، وهذا من الأمور المتفق عليها، لكن كونهم يوردون الأحاديث الضعيفة للعلم بضعفها من جهة؛ ولأنه استدل بها من استدل من أهل العلم؛ ولأنها قد تثبت من وجوه أخرى، وإن كان الوجه الذي ذكره فيه ضعف. ما علاقة الرشوة بباب الربا؟ العلاقة واضحة، وأن آكل الربا ملعون، وموكله كذلك، والراشي كذلك، والمرتشي كذلك، فكل منهم ملعون، نسأل الله السلامة والعافية. يقول: حديث عبد الله بن عمرو عندما أمر أن يجهز الجيش، أرجو إيضاح الأمر أليس فيه شبهة الربا أي البعير بالبعيرين حتى تأتي إبل الصدقة؟ أولاً: هل مثل هذا .. ، الحيوانات هل يجري فيها الربا؟ لا يجري فيها الربا، يعني كتاب بكتابين ويش يصير؟ في إشكال كتاب بكتابين؟ ما في أدنى إشكال، كذلك البعير بالبعيرين، الثوب بالثوبين، الشماغ بشماغين، الأمور التي لا يجري فيه الربا لا يقال فيها مثل هذا الكلام. هذا يقول: لماذا لا يكون في وقت راحة بين الفترتين من أجل عدم الملل والكسل؟

أكثر الإخوان إنما يحضرون بعد مضي وقت من الدرس الأول، فإذا مشى الدرس، وقام على سوقه تأتي الراحة، هذا يكون فيه تقطيع للدرس من جهة، والدرس كله ساعتين، ما يتجاوز ساعتين، والساعتين ما فيها ملل، يعني إذا كنا با نمل من ساعتين! كنا في الأعوام السابقة، وفي غير هذه البلاد ثلاث ساعات متواصلة أحياناً، وما يكون فيه ملل ولا شيء. يقول: ألا يحمل حديث سمرة إذا قيل بصحته بأنه إذا بيع الحيوان بالحيوان مؤجلاً جميعاً، يعني أبيعك بعيراً أسلمك إياه بعد سنة، ببعيراً تبيعني إياه تسلمه بعد سنة، فيكون من باب بيع الدين بالدين، أو يكون عندي لك بعير اشتريته مني بالقيمة إلى أجل، وهذا يشبه السلم، فإذا حل الأجل قلت لك: دعه إلى العام القادم وأعطيك بعيرين، على ما جاء في تفسير الكالئ بالكالئ، وهذا تفسير الإمام الشافعي -رحمه الله- له وجه، لكن إذا قيل: بأن الخبر لا يثبت، أو يحمل على التنزيه والكراهة، المسألة سهلة يعني، لكن بيع حيوان بعضه ببعض لا إشكال فيه، ألا يقال: إن حديث سمرة يحمل على جواز النسيئة، وحديث ابن عمرو في التفاضل، فيجوز النسيئة دون التفاضل؟ حديث عبد الله بن عمرو فيه تفاضل وفيه نسيئة. ما حكم الإيداع في البنوك الربوية؟ الإيداع فيها، وجعلهم يستفيدون من هذا المال المودع من فوائده بمعاملات محرمة الأصل فيه أنه حرام، لكن إذا لم يجد الإنسان من يحفظ ماله، وخشي عليه من السرقة، من التلف، من الضياع، ولم يجد إلا هذه فأهل العلم أجازوا ذلك، إذا لم يوجد غيره. ما معنى شرط التماثل في البيع؟ التماثل التساوي في المبيع وعوضه، إذا بيع الربوي بجنسه اشترط فيه التماثل، وزن بوزن، كيلاً بكيل، واشترط فيه أيضاً التقابض، وإذا بيع بغير جنسه اشترط فيه التقابض فقط. هل يجوز بيع التمر ديناً؟ إذا بيع بالنقود لا بأس، إذا بيع بالنقود فلا بأس، أما إذا بيع بربوي غير النقود فلا، إذا كان يداً بيد. هل يجوز المبايعة بالانترنت بحيث أنه يتم تحويل المبلغ قبل قبض السلعة؟

يعني يتصور تسليم المبلغ قبل قبض السلعة حتى في البيع العادي بالمواجهة، ولا أثر له فهما يتفقان بالإيجاب والقبول، فكون المشتري يقبض السعلة قبل الثمن أو العكس ما في إشكال، والبيع بواسطة الآلات الإيجاب والقبول بالانترنت والتلفون وغيرها من المكاتبة هذه أجازوها. هل تعتبر مدة الخيار في المبايعة بالهاتف أي إغلاق السماعة؟ نعم حددوا هذا بالتفرق بالكلام، وإغلاق السماعة؛ لأنه لا يتصور التفرق عن المجلس؛ لأنهما لم يجتمعا أصلاً. لو فصل الدرس لفترتين من أربع إلى خمس، ومن خمس وربع إلى ست وربع، لكان أحضر للذهن، وأضبط للفهم؟ على كل حال مثل هذا التقطيع والتنتيف يقطع الدرس، يقطع ترابط الدرس وتسلسله، وبعدين من يقدر يضبط لنا أن فترة الراحة تكون ربع ساعة؟ بيع التمر بالنوى لا شيء فيه. يقول: ذكر بعض أهل العلم جواز بيع المصوغ من الذهب بجنسه من غير اشتراط التماثل، ويجعل الزائد مقابل الصنعة؟ هذه المسألة ذكرناها بالأمس وقلنا: إن عامة أهل العلم على أن الصياغة والصناعة لا تخرجه عن كونه ذهباً يجب فيه التماثل والتقابض. ومثل ذلك قالوا في الخبز والدقيق ونحوه، فما الراجح في ذلك؟ الراجح أنه إذا اتحدت الأجناس البر بالبر، والشعير بالشعير، والذهب بالذهب، لا بد من التماثل والتقابض. الأسئلة عن الأسهم كثيرة جداً، وأنا لا أنصح بها أحداً. يقول: في الحديث لعن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- آكل الربا وموكله، ثم قال: كلمة (سواء) هل هما بدرجة واحدة في الإثم أم لا؟ نعم هم في درجة وحدة في أصل الإثم، كلهم آثمون، لا يعفى واحد منهم، لكن آثامهم الأصل فيها أن تكون واحدة، وسيئاتهم متماثلة، لكن قد يعتري بعضهم ما يعتريه من التخفيف أو التشديد. يقول: الآن نذهب ونشتري الذهب من محلات الذهب وفيه فصوص فيزنونه بفصوصه؟ إذا اشتري بغير الذهب، اشتري بالريالات بالدولارات، اشتري بالفضة لا يلزم فصله؛ لأنه لا يشترط فيه التماثل، فيوزن بفصوصه لا بأس. وإذا ذهبنا نبيع الذهب القديم عندهم فإنهم ينزعون فصوصه ويزنونه بدون فصوص، فما الحكم في ذلك؟

أما بالنسبة لمن يصنع ذلك من أصحاب المحلات يحتاط لنفسه ويتساهل في أمر غيره فيه مثل قوله -جل وعلا-: {وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ * الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُواْ عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ* وَإِذَا كَالُوهُمْ أَو وَّزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ} [(1 - 3) سورة المطففين] يخشى عليه من هذا. يقول: هل للإنسان أن يخبر بعمله الصالح ليسلم من إضاعة وقته، أو ليعذر بعدم مجيئه إلى عزيمة أو جلسة أو نحو ذلك؟ مثلاً تحضر عندنا كذا يوم كذا ليلة كذا، يقول: والله أنا الآن ما بعد كملت نصيبي ووردي من القرآن، لازم أكمله أو حفظي أو شيء من هذا، إذا ترتب عليه مصلحة، إذا ترتب على .. ، الأصل الإسرار وهو أقرب إلى الإخلاص، لكن إذا ترتب على الذكر مصلحة؛ لأنه يخلص من أمر لا يحمد، أو يقتدى به {إِن تُبْدُواْ الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ} [(271) سورة البقرة]. يقول: زوجتي لا تلبس قفاز اليدين بحجة أن القفاز يسبب لها حرارة في يدها، هل ألزمها بذلك؟ إذا كانت تضرر به لا تلبسه، لكن عليها أن تغطي يديها إذا كانت بحضرة الأجانب. يقول: في حديث مرض موت النبي -عليه الصلاة والسلام- في صحيح البخاري عندما خرج النبي -عليه الصلاة والسلام- إلى الصلاة كان معتمداً على العباس وعلي -رضي الله عنه- فلما روت عائشة الحديث لم تذكر للراوي عنها علياً وإنما قالت: وآخر، فلما عرضه الراوي عنها على ابن عباس قال له ابن عباس: هل أخبرتك من الآخر؟ قال: لا، ثم قال: هو علي بن أبي طالب؟ كون عائشة -رضي الله عنها- تبهم علي -رضي الله عنه- في هذا الموقف الذي هو منقبة له، كونها لا تجود نفسها بذكر اسمه؛ لأنه نصح النبي -عليه الصلاة والسلام- بتركها، فوجدت في نفسها عليه، قال: النساء غيرها كثير، فمثل هذه المواقف تأثيرها على النفوس جبلي، لا يستطيع أن ينفك منه كثير من الناس، فلا تلام بهذا؛ لأنه كاد أن يكون سبباً في حرمانها من خير الدنيا والآخرة. انتشر بين الشباب المتدين هذه الأيام تقسيمات حزبية، فهل من كلمة في ذلك؟

على طالب العلم أن يحرص على تعلم العلم، والعمل به، علم الكتاب والسنة، وأن يقتدي بالنبي -عليه الصلاة والسلام-، وأن يكون على ما كان عليه -عليه الصلاة والسلام- وأصحابه، ويترك هذه الأمور ومشاكلها التي أورثت الحزازات، والبغضاء بين الناس، وحرمت كثير من الناس بركة العلم والعمل، فعليه أن ينصرف عنها، ولا يلتفت إليها. ما حكم حجز مكان للعالم في الصف الأول من المسجد؟ الحجز من سبق إلى مباح فهو أحق به، من سبق إلى ما لم يسبق إليه فهو أحق به، فإن طابت أنفس الجماعة بتقديمه إذا حضر ولو متأخراً فلا بأس، أما أن يحجز والناس لا تطيب نفوسهم بذلك فلا. رجل كفل أمه كفالة غرامية -يعني ضمن ما في ذمتها- ودفع عنها هل له الحق بالمطالبة بما دفع أو لا؟ المبلغ كبير؟ يعني هل له مطالبة أمه؟ له مطالبتها بالأسلوب المناسب الذي لا يوقعه في العقوق، فمن حقه أن يطالبها لكن بالأسلوب الذي لا يدخله في العقوق. يقول: ما حكم بيع الذهب والفضة عن طريق الشيكات البنكية؟ في بحث في مجلة المجمع تعرض لهذا. يقول: ما حكم فتح سجل تجاري باسم زوجتي بحيث أني موظف فلا يسمح لي بمزاولة التجارة، فأنا أريد أن أعمل في مجال التجارة باسم زوجتي؟ زوجتك يسمح لها، وتكون وكيلاً عنها، لا سيما إذا كانت وظيفتك لا تفي بحاجاتك، فمثل هذه الحيلة الخفيفة التي يتوصل إليها أو بسببها إلى كف النفس عن الحاجة إلى الناس، الأمر فيه سهل -إن شاء الله تعالى-. يقول: ماذا يقصد المؤلف في قوله: ترك الاستفصال في مقام الاحتمال ينزل منزلة العموم في القال؟ هذا كلام الشافعي -رحمه الله تعالى-، يعني على سبيل المثال الذي جامع زوجته في رمضان، الأوصاف المؤثرة في الحكم يستفصل عنها، والأوصاف التي لا أثر لها في الحكم لا يستفصل عنها، رجل جامع زوجته وقع منه الجماع هل من الممكن أن يقال: إن زوجتك لونها كذا أو كذا، أو أنت لونك كذا أو كذا، أو هي حرة أو أمة، أنت جامعت خلاص عليك كفارة، والأوصاف التي لم يسأل عنها صار دليل ذلك على عدم تأثيرها في الحكم، فالجماع من الرجل في نهار رمضان يلزمه بالكفارة ولو كان جاهلاً بما يترتب عليها.

ما حكم شراء البيت من خلال الإيجار المنتهي بالتمليك، أو عن طريق البنوك من خلال القروض إذا كانت البنوك الآن غير ربوية؟ المشكلة الإيجار المنتهي بالتمليك الفتوى على أنه لا يجوز، صدر بذلك فتوى من هيئة كبار العلماء، والسبب في ذلك أن الضمان عائر بين الطرفين، وحينئذٍ يوقع في إشكال وخصومة ونزاع، لو اشترى هذا البيت بإيجار لمدة خمس سنوات وينتهي بالتمليك في النهاية بثمن مستقل، لو تهدم هذا البيت من غير تفريط من الطرف الثاني، الطرف الأول يقول: أنا بائع، فالضمان عليك، والطرف الثاني يقول: أنا مستأجر، الضمان عليك، وحينئذٍ يقع الطرفان في النزاع والشقاق، ومثل هذا لا تجيزه الشريعة. طالب: أليس -راعك الله- لأنه بيعتان في بيعة؟ على كل حال هذا من أقوى الأسباب في منعه أن ضمانه عائر ويوقع في شقاق ونزاع. يقول: أو عن طريق البنوك من خلال القروض؟ أنا لا أدري كيف اللبس بين القروض وبين الدين؟ يعني القرض مقتضاه أن يعطيك خمسمائة ألف ويأخذ خمسمائة ألف بعد مدة ما يزيد ولا ريال واحد، هذا القرض، أما إذا زاد عليك هذا دين وليس بقرض، فإن كان يملك البنك البيت ملكاً تاماً مستقراً ثم باعه عليك بقيمة هي أكثر مما يستحقه حالاً بثمن مرتفع إلى أجل، وأنت محتاج إلى هذا البيت هذا الدين جائز بالاتفاق بغض النظر عن كونه بنك أو غير بنك، لكن العقد صحيح، التعامل مع البنوك الربوية ولو كانت بعقود جائزة لا شك أنه يعينهم على ما هم عليه، فينبغي أن لا يكون إلا إذا لم يوجد غيره، أما إذا وجد غيرهم فلا يعانون بمثل هذا، إذا كانت لا حاجة لك بالبيت وإنما تحتاج إل قيمة البيت أو قيمة السيارة واشتريت من البنك سيارة أو بيت يملكها ملكاً تاماً مستقراً ثم بعتها على طرف ثالث هذه مسألة التورق التي سبق الكلام فيها، وإلا إن بيعت على الطرف الأول فهي العينة، وتقدم الكلام في هذا.

استدانة، أو التورق بالأسهم، مسألة التورق فيها خلاف بين أهل العلم، وهو خلاف قوي، ابن عباس وعمر بن عبد العزيز وشيخ الإسلام ابن تيمية كلهم لا يجيزونها؛ لأن فيها تحايل، وأما عامة أهل العلم على جوازها، وتزداد ضعفاً بالتوسع، الذي يزاول في هذه الأيام من خلال الأسهم التي لا يعرف ولا يدرى ما حقيقتها، ولا يمكن قبضها ولا حيازتها. هذا قرار من المجمع الفقهي التابع للرابطة في تجارة الذهب، يقولون: في قرارهم (أ): يجوز شراء الذهب والفضة بالشيكات المصدقة على أن يتم التقابض بالمجلس، يعني يتم قبض الذهب والشيك، هم يجيزون هذا، الشيك المصدق لا مفر من الالتزام به، بخلاف الشيك غير المصدق، وأيضاً الشيك المصدق، وهو مضمون في هذه الحالة إلا أن التقابض فيه ما فيه، ومع أنهم أجازوه فالورع تركه.

يقول: تأكيد ما ذهب إليه عامة الفقهاء من عدم جواز مبادلة الذهب المصوغ بذهب مصوغ أكثر مقداراً منه، لأنه لا عبرة بمبادلة الذهب بالذهب بالجودة أو الصياغة، وعلى هذا إذا اشتريت قلادة زينتها أثنا عشر دينار باثني عشر دينار، هذه إذا كانت خالصة فهي تساوي الموجود، وإذا كان فيها شيء من غير الذهب يجب فصله، ولا يقال: إن هذا القدر الزائد فيها اثنا عشر دينار مثل ما ذكر عن الحنفية في درس الأمس، يكون الزائد في مقابل ما زاد على الذهب، فيها اثني عشر دينار تشتريها بثلاثة عشر دينار، قلنا: اثني عشر في مقابل اثنى عشر، والدينار الزائد مقابل الخرز والصياغة، يقول: لأنه لا عبرة بمبادلة الذهب بالذهب بالجودة أو الصياغة، بالجودة يعني تشتري ذهب عيار واحد وعشرين بعيار ثمانية عشر، لا بد من التماثل والتقابض، ويقولون أيضاً في كلام: لذا يرى المجمع عدم الحاجة للنظر في هذه المسألة مراعاة لكون هذه المسألة لم يبق لها مجال في التطبيق العملي؛ لعدم التعامل بالعملات الذهبية بعد حلول العملات الورقية محلها، وهي إذا قوبلت بالذهب تعتبر جنساً آخر، العملات الورقية جنس مستقل، لا ذهب ولا فضة، يجوز بيعها بالذهب، وبيع الذهب بها متفاضلاً إذا كان يداً بيد، وقل مثل هذا في الفضة، وكونها غير قابلة للتطبيق العملي لا يعني هذا أن تهمل دراسته، وما يدريك أنه في يوم من الأيام تعود الأمور إلى ما كانت عليه. (ج) تجوز المبادلة بين مقدار من الذهب ومقدار أخر أقل منه مضموم إليه جنس أخر، وذلك على اعتبار أن الزيادة في أحد العوضين مقابلة بالجنس الآخر بالعوض الثاني، هذا هو رأي من؟ رأي الحنفية الذي ذكرناه في حديث القلادة، والجمهور على أنه لا بد من فصل الذهب عن غيره، ذهب بذهب يباع بذهب مع التساوي والتقابض، وما زاد عليه يباع بقيمته. قرر ثانياً: بشأن الحلول الشرعية لاجتماع الصرف والحوالة، وهذا يحتاجه الوافدون إلى غير بلادهم، إذا توفرت إليهم أموال وأرادوا تحويلها إلى بلدانهم مع اختلاف العملة.

يقول: الحوالات التي تقدم مبالغها بعملة ما، ويرغب طالبها تحويلها بنفس العملة جائزة شرعاً، سواء أكانت بدون مقابل أو بمقابل حدود الأجر الفعلي، يعني جنيه تسلم جنيه أو ريال وتقبضه في البلد الثاني أو يقبضه وكيلك بنفس العملة جنيه أو دولار أو ريال، هذا ما فيه إشكال، وإن أخذوا عليك أجرة التحويل فلا بأس. فإذا كانت بدون مقابل فهي من قبيل الحوالة المطلقة عند من لم يشترط مديونية المحال إليه، يعني الحوالة من ذمة إلى ذمة الأصل فيها أن يكون الثاني المحال عليه مديون، وهنا ليس بمديون، وهم الحنفية وهي عند غيرهم سفتجة، وهي إعطاء شخص مالاً لأخر لتوفيته للمعطي أو لوكيله في بلد أخر، يعني ليست من قبيل الحوالة هذه، نعم هي تحويل من بلد إلى بلد، وتحول من بلد إلى بلد، لكن الحوالة الواردة في حديث النبي -عليه الصلاة والسلام- المتفق عليه ((من أحيل على ملئ فليحتل)) ليست هذه؛ لأن الملئ الثاني مدين، وأنت تريد أن تحيل إلى شخص غير مدين، هي تحويل وليست حوالة، وإذا كانت بمقابل فهي وكالة بأجر، وإذا كان القائمون بتنفيذ الحوالات يعملون لعموم الناس فإنهم ضامنون للمبالغ جري اً على تضمين الأجير المشترك، يعني هل الذي تولى الحوالة أمين بحيث لو لم تصل هذه الحوالة إلى البلد الثاني يضمن أو لا يضمن؟ فرق بين أن يحول نفس المال الذي أعطيته، أعطيته مبلغ من المال مربوط برباط، ومغلف بغلاف، ومكتوب عليه اسمك، واسم من يصل إليه، وقلت: هذا المال أوصله إلى البلد الفلاني، هو في هذه الحالة أمين، لكن تعطيه مبلغ من المال يدخله في حساباته، ويضارب به، ويسلم في البلد الثاني غير هذا المال، هذا مضمون بلا شك.

باب: الرخصة في العرايا، وبيع الأصول والثمار.

يقول: إذا كان المطلوب في الحوالة دفعها بعملة مغايرة للمبالغ المقدمة من طالبيها فإن العملية تتكون من صرف وحوالة بالمعنى المشار إليه في الفقرة (أ)، وتجري عملية الصرف قبل التحويل، وذلك بتسليم العميل المبلغ للبنك، وتقيد البنك له في دفاتره بعد الاتفاق على سعر الصرف، يعني على كلامهم ما يحتاج إلى قبض مجرد ما يسجل لك المبلغ بالعملة التي تريدها انتهى هذا صرف على كلامهم، وإلا فالأصل في الصرف أنه لا بد من التقابض فيه، وذلك بتسليم العميل المبلغ للبنك، وتقييد البنك له في دفاتره بعد الاتفاق على سعر الصرف المثبت في المستند المسلم للعميل، ثم تجد الحوالة بالمعنى المشار إليه، يعني ما يحتاج قبض عندهم، مجرد ما يثبتونه في دفتر الحوالة، أو في مستنداتهم أن لك عندهم كذا، سلمتهم ألف ريال، وتريدها أن تسلم في مصر جنيهات، وقلت لهم، اتفقت معهم على أن يكون الصرف ألف ريال بألف وخمسمائة جنيه، سلمتهم الألف وقيدوا لك ألف وخمسمائة جنيه ويسلمونها هناك لوكيلك، هذا صرف وحوالة، والأصل أن تسلمهم الألف ويسلموك الألف وخمسمائة جنيه في المجلس، في المكان، ثم تدفع لهم ما تريد تحويله، هذا هو الأصل لا بد من التقابض، وهم يقولون: إن مجرد التقييد في مستنداتهم وأن لك عندهم هذا المبلغ يكفي، وهذا لا يخلو من تساهل. بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين. قال الحافظ ابن حجر العسقلاني -رحمه الله تعالى-: باب: الرخصة في العرايا، وبيع الأصول والثمار. عن زيد بن ثابت -رضي الله عنه- "أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رخص في العرايا أن تباع بخرصها كيلاً" متفق عليه. ولمسلم: "رخص في العرية يأخذها أهل البيت بخرصها تمراً يأكلونها رطباً". وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- "أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رخص في بيع العرايا بخرصها من التمر فيما دون خمسة أوسق, أو في خمسة أوسق" متفق عليه. الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: باب: الرخصة في العرايا، وبيع الأصول والثمار.

الرخصة في الأصل هي التيسير والتسهيل، ومن ذلكم قول الناس: رخصت الأسعار، بأن صارت سهل ميسرة لعموم الناس، والرخصة في اصطلاح أهل العلم: ما شرع من الأحكام لعذر مع قيام المانع لولا ذلك العذر، ويعرفونها أيضاً بأنها: ما ثبت على خلاف دليل شرعي لمعارض راجح، فأكل الميتة ثبتت على خلاف الدليل الشرعي؛ لأن الله حرم الميتة، والعرايا ثبت على خلاف الدليل الشرعي؛ لأن بيع التمر بالتمر لا بد فيه من التساوي، ولا يباع الرطب بالجاف؛ لأن الجاف ينقص، ((أينقص الرطب إذا جف؟ )) أو إذا يبس؟ قالوا: نعم قال: ((فلا إذاً)) هذا الأصل، وذلكم لأن المساواة لا تتحقق، وهنا العرايا رخص فيها بالدليل الشرعي، فهي جاءت على وفق دليل شرعي، جاءت بدليل شرعي على خلاف دليل شرعي متقدم، وإلا فثبوتها بدليل شرعي، ولذا الرخص عامتها إنما يقتصر فيها على موارد الأدلة، ولا يتوسع فيها، بحيث لو احتاج الناس أو احتاج بعض الناس إلى محرم أشد من حاجة من احتاج إلى العرايا نبيح لهم المحرم بالدليل بالنص؛ لأنه احتاج إلى هذا الأمر أشد من حاجة صاحب العرية إلى العرية، الأصل العزيمة، والرخصة على خلاف ذلك الأصل فيقتصر في الرخص على مواردها؛ لأن بعض الناس وهو في بيته عليه من المشقة في الصيام وفي توقيت الصلاة أكثر من مشقة المسافر، نقول: يرخص له أن يجمع وأن يفطر وهو في بيته؟ افترض شخص ما عنده مكيفات ومسافر سافر بالطائرة أيهما أشد مشقة؟ في عز الصيف ما عنده مكيف وهو في بيته، وهذا مسافر بالطائرة السفر مدته ساعة، ويصل إلى فندق، والطائرة مكيفة، والوسيلة بين الطائرة والبيت وبين الطائرة إلى المسكن الجديد أيضاً مريحة أيهما أشق؟ لا شك أن الذي في بيته هذا إن سلم من مزاولة الأعمال الشاقة، المسافر أسهل مشقة من المقيم، ونادى بعض المفتونين بجواز فطر العمال؛ لأن عليهم من المشقة أكثر مما على المسافرين، وعلى هذا يفطرون، نقول: لا يا أخي الرخصة جاءت على خلاف الأصل، على خلاف الدليل الشرعي، فيقتصر فيها على مواردها، ولا يتوسع فيها، على موارد النصوص فقط. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

"عن زيد بن ثابت -رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رخص في العرايا أن تباع بخرصها كيلاً" والمراد ثمر العرايا، والمراد بالعرايا أحد أمرين: إما أن يحتاج الفقير إلى تمر يأكله رطباً مع الناس، وليس عنده ما يشتري به، وعنده ما يبقى من تمر العام الماضي جافاً فأبيح له أن يشتري بالتمر الجاف بخرصه مما على رؤوس النخل؛ ليأكل مع الناس تمراً رطباً، هذا يلاحظ فيه حاجة المحتاج الفقير، تفسر الثاني للعرايا، وقال به جمع من أهل العلم: أن الناس جرت عادتهم بمنح بعض الناس نخلات يأكلون ثمارها مع الناس من باب الإحسان إليهم، يأتي إلى جاره أو إلى قريبه الفقير ويقول: لك هذه الخمس النخلات تخرف منها كل يوم بيومه، وتأكل مع الناس من التمر الرطب، ثم عاد هذا المعرى الموهوب المتصدق عليه المحسن عليه يسيء يتحين فرصة وجود هذا الشخص المحسن مع أسرته في أول النهار أو في أخره، أو في أثنائه في وقت توافرهم في هذا المكان فيطرق الباب ليأخذ من التمر، ومن الغد يا فلان نبي ندخل نأخذ التمر، فيتضرر هذا المحسن هو وعائلته يفرقهم، ويضيق عليهم بتردده، وحينئذٍ يقول له: خذ من هذا التمر اليابس بقدره، وفكنا، وهذا فيه نظر إلى مصلحة الغني الذي هو صاحب التمر الأصلي المحسن، سواء كانت على هذا التفسير أو على التفسير الأول هي على خلاف الأصل؛ لأن الرطب لا يباع بالجاف، الأمر الثاني: أن الخرص لا يكفي في بيع الربوي بجنسه؛ لأنه لا بد من تحقق التماثل.

"أن تباع بخرصها كيلاً" هذه النخلات الخمس فيها أربعة أوسق، ثلاثة أوسق، خمسة أوسق على الخلاف في الخمسة يشتريها المحتاج بمثلها بخمسة أوسق، لكن هل المماثلة متحققة؟ ليست متحققة من وجهين: الأول: أن الخرص لا تتحقق فيه المماثلة بدقة، وإن وجد بعض الناس الذي يخرص البساتين فلا تزيد ولا تنقص، لكن هذا فيه عدم علم بالتساوي، العلم أمر لا بد منه بأن يكون التساوي مقطوعاً به لا مظنوناً فمن هذه الحيثية يمنع لعدم التساوي، لعدم العلم بالتساوي، ومن جهة أخرى أنه يباع الرطب باليابس، وقد جاء النهي عنه، "رخص في العرايا أن تباع بخرصها كيلاً" ويلاحظ في هذا الترخيص حاجة الفقير على التفسير الأول، وحاجة الغني على التفسير الثاني "متفق عليه". "ولمسلم: رخص في العرية يأخذها أهل البيت بخرصها تمراً يأكلونها رطباً" مع الناس، العرية هذه الأصل في تمرها الرطب أن يكون على رؤوس الشجر، وإذا كانت على الأرض تمر رطب مجذوذ وعلى الأرض، يعني ألا يمكن أن يقال في الأصل في مسألة العرية بع القديم واشترِ جديد، كما قيل: بع الجمع بالدراهم واشترِ بالدراهم جنيباً، يمكن أن يقال له، لكن الشارع الحكيم لحظ أنه إذا باعه لا يأتي له بقيمة، لا يأتي له بقيمة يستفيد منها، فيبعها برخص شديد؛ لأنه مضى عليه حول، والناس لا يريدونه، يريدون من التمر الجيد الرطب، فلحظ حاجته فأباح له أن يشتري به بقدره؛ لأنه احتمال أن يبيع الخمسة الأوسق من التمر الجاف بما يساوي قيمة وسق واحد، فلما لحظت مصلحته وحاجته، والذي منع هذا هو الذي أباح هذا، لما جاز مثل هذه الصورة. "ولمسلم: رخص بالعرية يأخذها أهل البيت بخصرها تمراً يأكلونه رطباً" قلنا: إنه إذا كان الرطب على رؤوس الشجر فيه الخرص يكفي، وإن لم تتحقق فيه المساواة، لكن إذا كان مجذوذاً على الأرض فمن أهل العلم من يمنع فيه هذه الصورة، ومنهم من يقول: إن كون الثمرة على رؤوس النخل وصف لا أثر له، إنما الفقير يريد أن يأكل رطب، ومنهم من يرى أن هذا الوصف له أثر؛ لأنه يريد أن يأكله بالتدريج مثل الناس، وإذا كان على الأرض ما أكله بالتدريج، بخلاف ما إذا كان على رؤوس النخل، وعلى كل حال كونه على رؤوس النخل هو الأحوط.

يقول: إن رجالاً محتاجين من الأنصار شكوا إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ولا نقد في أيديهم يبتاعون به رطباً، ويأكلون مع الناس، وعندهم فضول قوتهم من التمر، فرخص لهم أن يبتاعوا العرايا بخرسها من التمر، وجاء التنصيص على كونه على رؤوس الشجر في بعض الروايات، وعرفنا أن هذا الوصف هل له أثر أو لا أثر له؟ منهم من يقول: لا أثر له؛ لأنهم يريدون أن يكون رطب وهذا رطب، ومنهم من يقول: له أثر؛ لأنه وإن كان رطباً على الأرض إلا أنه لا يؤكل بالتدريج، الرطب إذا كان على الأرض لا شك أنه في اليوم الأول مو مثل اليوم الثاني، واليوم الثالث ما هو مثل الثاني وهكذا، بينما لو كان على رؤوس الشجر استمر لمدة شهر أو أكثر يؤكل رطباً بالتدريج.

ولذا يرى بعضهم أن العرية لا تأتي إلا إذا كان على رؤوس الشجر، في حديث أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رخص ببيع العرايا بخرصها فيما دون خمسة أوسق، أو في خمسة، وهذا شك من الراوي، بين الإمام مسلم أن الشك فيه من داود بن حصين، يقول: شك داود هل قال: دون خمسة أوسق، أو قال: خمسة أوسق؟ ما دون خمسة أوسق لا خلاف فيه، وما فوق الخمسة لا خلاف في منعه أيضاً، والخلاف في الخمسة، والأحوط ألا تبلغ الخمسة؛ لأن الخمسة مشكوك فيها، وترجم ابن حبان في صحيحه: الاحتياط ألا يزيد على أربعة أوسق، يعني دون خمسة أوسق، هل يقال: الأربعة دون الخمسة، صحيح الأربعة دون الخمسة، لكن أربعة ونصف دون الخمسة؟ نعم؟ لو قيل: خمسة أسوق إلا كيلو أو إلا صاع واحد، مائتين وتسعة وتسعين صاع هذه دون خمسة أوسق، يصدق أنها دون خمسة أوسق، وابن حبان يقول: الاحتياط ألا يزيد على أربعة أسوق؛ لأنه ما دون الخمسة إلا الأربعة من الأعداد، نعم، وفي المسند حديث: الوسق والوسقين والثلاثة والأربعة، فلم يصل إلى ما دون الخمسة من الكسور، طيب احتاج في العرية أن يأكل هو وأولاده، لكن هذا فقير عنده بيوت، أربعة بيوت مملؤة بالنساء والذراري والأحفاد والأولاد، فاشترى خمسة أوسق فانتهت قبل أن ينتهي ما يسمى بالمقياض، تعرفون المقياض؟ وقت أكل التمر الرطب في وقته يعني، فاحتاج إلى خمسة ثانية هل يجوز له أن يشتري خمسة ثانية بتمر؟ أو يقال: لا، حد لك الشرع خمسة واستوفيتها، نعم؟ طالب:. . . . . . . . .

نعم، يعني كل بيت خمسة، يعني له أن يأخذ عشرين وسق، رخص في العرية يأخذها أهل البيت، يعني وأهل البيت الثاني لهم مثلها، وأهل البيت الثالث لهم مثلها، وأهل البيت الرابع لهم مثلها، أو نقول: إن هذا الرجل الذي يريد أن يعقد الصفقة ليس له أن يأخذ أكثر من خمسة، إنما يأخذ خمسة فما دون على الخلاف في الخمسة، المقصود أنه فيما دون خمسة أوسق الأمر فيه سعة، لكن إذا احتاج إلى ذلك، المسألة فيما إذا احتاج أكثر من الخمسة، أصل المسألة رخصة، والرخصة جاءت على خلاف الأصل، على خلاف الدليل للحاجة والحاجة تقدر بقدرها عند أهل العلم، إذا كان يكفيه وسق واحد، الحاجة تقدر بقدرها، ولذلك قال: الوسق والوسقين والثلاثة والأربعة، فكأن الواو هذه بمعنى (أو) التي هي للتقسيم، إذا كان يكفي واحد أو اثنين أو ثلاثة أو أربعة، وإذا تعدى ذلك للخمسة مع أنه لا يحتاج إلا لواحد، الآن الوسق ستون صاعاً، نعم، والصاع قل: ثلاثة كيلو أو كيلوين ونصف، ستون صاع يعني مائة وخمسين كيلو، فإذا احتاج إلى خمسة من مائة خمسين سبعمائة وخمسين كيلو، هذه تكفي أكبر عائلة، يعني في ظروفنا التي نعيشها، لكن عندهم هم ولا طعام إلا التمر والماء، يحتاجون إلى أضعاف ذلك، الحاجة تقدر بقدرها، والرخصة جاءت على خلاف الأصل، إذاً لا يأخذ أكثر من حاجته، لكن إذا احتاج إلى أكثر من الخمسة، هل نقول: إن الرخصة جاءت في الخمسة فما فوقها لا يجوز؟ هذا هو الأصل، مهما بلغت أسرته لا يزيد عن الخمسة، وهل يقاس على غير التمر؟ هل يقاس غير التمر عليه؟ غير التمر، احتاج إلى عيش؟ طالب:. . . . . . . . . هاه؟ طالب:. . . . . . . . . نعم هي النخل. طالب:. . . . . . . . .

لكن احتاج إلى عيش، وعنده عيش يابس من عيش العام الماضي واحتاج إلى رطب، الرخصة لا تتعدى محلها، الأمر الثاني: أن غير التمر الحاجة إلى يابسه أشد من الحاجة إلى رطبه، فإذا كان عنده أربعة أوسق من البر الجاف الذي من أجود الأشياء للاستعمال، والحب عموماً كلما طالت مدته زادت جودته، إن سلم من سوس، هل يقال: إنه يقاس على التمر ما في معناه من الربويات فيجوز للحاجة بهذا المقدار؟ أو يقال: إن الحاجة للأكل الرطب إنما هو في التمر خاصة، وإذا قلبنا المسألة صاحب الزرع خلِّ المحتاج هو صاحب الزرع عنده حب عيش بر في سنبله، ما تم نضجه، بدا صلاحه ولم يتم نضجه، واحتاج إلى عيش جاهز للاستعمال، هل نقول: من باب القياس على العرية في النخل، أن لهذا أن يأخذ من الصالح للاستعمال بشيء من ثمرة بستانه التي لم تصلح بعد للاستعمال وإن بدا فيها الصلاح؟ يعني لاحظنا حاجة المحتاج في التمر فهل نلاحظ حاجة الغني في غير التمر؟ وأنت افترض مسألة في مزارع لا يجد ما يشتري به عيش جاهز، وعنده عيش غير جاهز، يعني عكس العرية، يعني هل القياس يدخل في الرخص أو لا يدخل؟ يدخل القياس في الرخص وإلا ما يدخل؟ الآن متصورين المسألة؟ يعني في مسألة العرية على التفسير الأول لاحظنا حاجة المحتاج، وعلى التفسير الثاني لاحظنا حاجة صاحب النخل، صاحب البستان، فهل نلاحظ حاجة صاحب الزرع إذا أراد حباً جاهزاً للأكل، جاهز، الحب الآن بدأ يشتد وبدا صلاحه، لكنه غير جاهز للاستعمال إلا بعد مدة شهر أو شهرين، فهل نقول له: إذا كان عند أحد من الحب الجهاز الاستعمال يجوز أن يعريك منه بشيء من حبك غير الجاهز أو لا؟ العكس العرية التي في النخل؛ يعني مو متصور المطابقة، الإخوان معنا وإلا ما هم معنا؟ يعني هل يمكن تطبيق التنظير بين البر وبين التمر من كل وجه؟ أو أن الحاجة في البر تختلف عن الحاجة إلى التمر؟ عكس الحاجة إلى التمر، يعني قلنا: حاجة المحتاج إلى التمر ليأكله رطب، البر لا يؤكل رطب إنما يأكل جاف، يعني الآن نتصور الفقير المحتاج عنده بر رطب، يمكن نتصور هذا وما عنده بستان؟ ما عنده، عنده جاهز للاستعمال، والمزارع هو الذي عنده رطب غير جاهز للاستعمال، فهل ننظر إلى حاجته كما

نظرنا إلى حاجة المحتاج الأول، ونجيز له العرية بخمسة أوسق فما دون، الأصل ألا يقاس على ما جاء في التمر، نعم. وعن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: "نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن بيع الثمار حتى يبدو صلاحها, نهى البائع والمبتاع" متفق عليه. وفي رواية: وكان إذا سئل عن صلاحها? قال: "حتى تذهب عاهته". وعن أنس بن مالك -رضي الله تعالى عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عن بيع الثمار حتى تزهى. تزهيَ. أحسن الله إليك. حتى تزهي، قيل: وما زهوها? قال: "حتى تحمار وتصفار" متفق عليه, واللفظ للبخاري. وعنه -رضي الله تعالى عنه- "أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عن بيع العنب حتى يسود, وعن بيع الحب حتى يشتد" رواه الخمسة إلا النسائي, وصححه ابن حبان والحاكم. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "وعن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: "نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن بيع الثمار حتى يبدو صلاحها" نهى البائع والمبتاع، نهى البائع أن يبيع قبل بدو الصلاح، ونهى المشتري أن يشتري قبل بدو الصلاح، وفي رواية: وكان ابن عمر -رضي الله تعالى عنهما- إذا سئل -راوي الحديث- عن صلاحها، قال: "حتى تذهب عاهتها" لأنها معرضة للآفة وللتلف قبل بدو صلاحها، وقبل خروج النجم الذي هو الثريا؛ لأن الله جعله علامة على ارتفاع العاهة، وإلا فلا أثر له في الحقيقة، لكن خروجه علامة على أنه وصل إلى الوقت الذي فيه الآمان من العاهة.

"عن. . . . . . . . . الثمار حتى يبدو صلاحها" والصلاح يكون باللون، نهى بيع الثمار حتى تزهي، قيل: وما زهوها قال: تحمار أو تصفار، هذا بالنسبة للتمر، وبالنسبة للعنب حتى يسود، وعن بيع الحب حتى يشتد، هذا صلاحها، التمر حتى يحمار أو يصفار، وبالنسبة للعنب حتى يسود، وهذا في العنب الأسود، وفي الأحمر حتى يحمر، وفي غيره مما لا يختلف لونه سواء كان بدا صلاحه أو لم يبدو في أول أمره أو في أخره، مثل هذا حتى يتموه حلواً، وعن بيع الحب حتى يشتد يصلب هذا علامة بدو الصلاح، فإذا طلع النجم وهو الثريا أمنت العاهة بأذن الله، إذا تموه العنب حلواً أمنت عاهته، إذا اشتد الحب أمنت عاهته، إذا احمار أو اصفار التمر أمنت عاهته، والبيع قبل ذلك لا يجوز، لا البيع ولا الشراء؛ لأنه تعريض للمال للتلف، وقد جاء النهي عن إضاعة المال، وتكثر بسببه الخصومات والنزاع؛ لأنه إذا لم يحمار أو يصفار أو يشتد أو يسود تكثر الخصومة، يصير عرضة للتلف، ثم يحصل الشقاق والنزاع، البائع يقول: بعتك ولا. . . . . . . . . وتفرقنا، ولزم العقد، والمشتري يقول: فرطت بالسقي، نقصت الماء، زدت الماء؛ لأنه في هذه المرحلة قبل بدو الصلاح عرضة للتلف، وعرضة للآفة، وما كان سبيله أن يؤدي إلى شقاق أو نزاع يمنع شرعاً، أما إذا بدا صلاحه فإنه حينئذٍ يؤمن العاهة، ولذا إذا بيع قبل بدو الصلاح بشرط القطع يجوز وإلا ما يجوز؟ لأنه. . . . . . . . . في حجة للمشتري أن يقول: أغرقته بالماء، أو شححت عليه بالماء بشرط القطع، إذا اشتراه المشتري قبل بدو صلاحه بشرط القطع يجوز وإلا ما يجوز؟ يجوز، لماذا؟ لأنه ما في شقاق ولا نزاع، لن تتركه مدة بحيث تدعي على البائع أنه قصر في سقيه أو زاد فيه حتى تلف، بشرط القطع اشتر واقطع، كونك تستفيد أو لا تستفيد أنت ما أنت مشتريه إلا من أجل فائدة، للبهائم أو لأي أمر آخر، تدخله في صناعة، في شيء هذا شأنك، لكن مثل هذا لا يؤدي إلى شقاق ولا نزاع، ولذا أجازوه بشرط القطع، أما الذي لا يجوز حتى يبدو صلاحه بشرط البقاء.

الصلاح في الثمرة هل يكفي بدو الصلاح في نخلة واحدة؟ أو في جنس واحد من النخل؟ أو في البستان كله في كل نخلة نخلة؟ بدو الصلاح وهو ظهوره لا يلزم أن يكون في كل تمرة تمرة، صح وإلا لا؟ لأن معنى بدوه ظهوره يعني أوله، لا يلزم أن يكون في كل تمرة تمرة، لكن هل يلزم أن يكون في كل نخلة نخلة، هذه بدا صلاحها يجوز بيعها، وهذه لم يبدو صلاحها فلا يجوز بيعها، هذا الجنس بدا صلاحه يجوز بيعه، وذاك الجنس لم يبدو صلاحه، هذا النوع ما بدا صلاحه لا يجوز بيعه، تعلمون أن النخل بعضه يسبق بعضاً بالصلاح، والصلاح هي للأكل، بعضه يتقدم وبعضه يتأخر، فإذا كان من النوع الذي يتقدم بدا صلاحه، وأما النوع الذي يتأخر لم يبدو صلاحه يجوز بيعه وإلا ما يجوز بيعه؟ يعني هل يكفي بدو صلاح نخلة واحدة في البستان للحكم على البقية؛ لأن اللفظ يبدو يحتمل صلاح البستان كله، ويحتمل صلاح النخلة بمفردها، ويحتمل صلاح النوع بجملته، يعني ما في تفاوت في صلاح النخل؟ بعضها ينزل إلى السوق قبل بعض بشهر وشهرين، بعضها يبادر وبعضها يتأخر؟ يعني هل صلاح المبادر يكفي لبيع الذي يتأخر أو لا يكفي؟ يعني طلوع النجم مثلاً طلوع الثريا الذي معه تؤمن العاهة، ويحصل معه بدو الصلاح هل مع طلوع النجم يبدو صلاح جميع الأنواع؟ المسألة يا الإخوان دقيقة، علق بطلوع النجم الذي هو الثريا، وعلق ببدو الصلاح، ومعلوم أن بعض النخل يتقدم وبعضه يتأخر، نوع يتقدم ونوع يتأخر، بدا صلاح المتقدم وطلع النجم نبيع المتأخر وإلا ما نبيعه؟ يُباع وإلا ما يُباع؟ طلع النجم الذي معه تؤمن العاهة؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . .

إيه لكنها وضعت سبب وعلامة، وضعت علامة على أمن العاهة، بمعنى أن طلوع النجم هل هو سبب مستقل يمكن أن يعلق عليه الحكم أو الأصل بدو الصلاح؟ وطلوع النجم وقت له في الغالب، يعني التعليق على بدو الصلاح، وبدو الصلاح هل يلزم في كل نخلة نخلة؟ عندنا مائة نخلة سكري ومائة نخلة خضري، مائة نخلة صفري، مائة نخلة برحي، هذه المئات بعضها يتقدم صلاحه على بعض، بعضه يتقدم وبعضه يتأخر، هل وجود الصلاح في نخلة من أي نوع من الأنواع يجيز بيع البستان كامل؟ أو نقول: بدو نخلة شيء من ثمر نخلة ما هو بكل النخلة بعد، بدا فيها الصلاح يعني ظهر فيها لأول الأمر الصلاح في نخلة، يجيز بيع هذه النخلة أو يجيز بيع النوع من جنسها؟ أو يبيح بيع جميع البستان، شوف "عن بيع الثمار حتى يبدو وصلاحها" على كل حال المسألة فيها ثلاثة أقوال: على حسب الاحتمالات التي ذكرناها، منهم من يقول: بدو الصلاح يكفي في نخلة وحدة؛ لأنه بدا صلاح نخل هذا البستان، ومنهم من يقول: لا بد أن يكون في جنس تلك الثمرة المبيعة، يعني بدا الصلاح بالبرحي ما نبيع السكري، بدا الصلاح في الخضري ما نبيع الصفري حتى يبدو صلاحه؛ لأنه في الغالب أن يكون صلاح النوع الواحد متقارب جداً، وبعضه من الأنواع الأخرى قد يتقدم وقد يتأخر، ومنهم من يرى أنه لا بد يبدو الصلاح في كل شجرة، ولا يجوز بيع شجرة لم يبدو صلاح ثمرها، واللفظ: "يبدو صلاحها" محتمل، نهى عن بيع الثمار حتى يبدو صلاحها، اللفظ محتمل للنخلة الواحدة وللنوع الواحد وللبستان بكامله، ولا شك أنه إذا جرت العادة بأنه إن كان الصلاح متلاحقاً يعني بدأ صلاح هذه النخلة اليوم، وغداً هذه، وبعده هذه، إذا كان متلاحق لا إشكال، لكن إذا كان يتأخر، وبعض النخل يتأخر شهرين، فمثل هذا لا بد أن يبدو صلاح نفس النوع، وأما بيع الثمار قبل بدو صلاحها بشرط القطع عرفنا أنه أجازه جمع من أهل العلم؛ لأن المفسدة المترتبة على بيع الثمار قبل بدو صلاحها غير موجودة.

حديث: "أنس -رضي الله تعالى عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عن بيع الثمار حتى تزهي" تزهي من أزهى الرباعي، ومضارعه يزهي، حتى تزهي، ومنهم من يقول: من زهى الثلاثي، ومضارعه يزهو، ولكن الخطابي يقول: الصواب الرباعي. "قيل: وما زهوها؟ قال: تحمار وتصفار" تحمار وتصفار، تحمار، وفيه: تحمر، قالوا: إن هذه الصيغة (تفاعل) هي البداية، بداية الحمرة، بداية الصفرة، وهي حمرة أو صفرة بكمودة، وهو الموافق لتبدو، فلا يلزم أن تكون الحمرة خالصة أو الصفرة خالصة، يعني مجرد ما يبدأ بها تغير اللون إلى الاحمرار أو الاصفرار يكفي، وفي حديث أنس الذي يليه، وهو صحيح أيضاً: "وعن أنس -رضي الله تعالى عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عن بيع العنب حتى يسود" وعرفنا أنه إذا كان نهايته إلى السواد، والعنب منه الأسود، ومنه الأحمر، ومنه الأبيض، فالأسود حتى يسود، والأحمر حتى يحمر، والذي لا يختلف لونه في بداية أمره ولا نهايته أن يتموه حلواً. "وعن بيع الحب حتى يشتد" يصلب ويصلح للاستعمال، وأما قبل ذلك فلا يجوز؛ لأن الآفة غير مأمونة، ويخشى عليه من التلف فيحصل الشجار والنزاع والخصام، نعم. وعن جابر بن عبد الله -رضي الله تعالى عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لو بعت من أخيك تمراً فأصابته جائحة فلا يحل لك أن تأخذ منه شيئاً، بم تأخذ مال أخيك بغير حق?)) رواه مسلم. وفي رواية له: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أمر بوضع الجوائح. وعن ابن عمر -رضي الله تعالى عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من ابتاع نخلاً بعد أن تؤبر فثمرتها للبائع الذي باعها إلا أن يشترط المبتاع)) متفق عليه. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "وعن جابر بن عبد الله -رضي الله تعالى عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لو بعت من أخيك تمراً فأصابته جائحة, فلا يحل لك أن تأخذ منه شيئاً، بم تأخذ مال أخيك بغير حق?)) وفي رواية والحديث مخرج في مسلم: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أمر بوضع الجوائح.

الجائحة، وجمعها الجوائح مشتقة من الجوح، وهي الاستئصال، وفي الحديث: "أن أبي يجتاح مالي" تأتي المصيبة وتأتي الكارثة فتجتاح ما أمامها من مال وولد وغيره، فالذي يأتي على الاستئصال يقال له: جائحة، لو بعت من أخيك تمراً فأصابته جائحة، بعت منه تمراً وتركه عندك حتى أصابته الجائحة فلا يحل لك أن تأخذ منه شيئاً بم تأخذ مال أخيك بغير حق؟ الآن البيع هذا قبل بدو الصلاح أو بعده؟ الرسول -عليه الصلاة والسلام- يقول: ((بم تأخذ مال أخيك؟ )) يعني إذا بعت بعد بدو الصلاح بعد الإذن بالبيع، وقبض التمر بالتخلية؛ لأن هذا قبضه المعتبر، وأخذت قيمته بعد تلفه أنت أخذت قيمة مالك وإلا مال أخيك؟ الحديث يحتاج إلى إمعان في النظر؛ لأنه يقول: ((بم تأخذ مال أخيك بغير حق؟ )) إذا بعت على الوجه المشروع، انتظرت حتى بدا الصلاح، فبعت، وقبضت، والقبض حينئذٍ بالتخلية، صار الدراهم الذي عنده في مقابل هذا الثمر مالك وإلا مال أخيك؟ مالك أنت، وفي الحديث يقول: ((بم تأخذ مال أخيك؟ )). طالب:. . . . . . . . . وين؟ طالب:. . . . . . . . . لا، لا، البائع، البائع كيف يأخذ مال أخيه؟ أنا بعت عليك نخل بدا صلاحه، بعت عليك تمر بمائة ألف ريال بدا صلاحه، وقلت لك: استلم، تعال استلم تمرك، ودرت فيها وقلت: خلاص اشتريت، وهذه القيمة مائة ألف، بعد مدة وقبل أن تستوفيه استفاء الفعل بأن تجذه أصابته جائحة وانتهى، ونعرف جميعاً أن الماء يفسد الرطب، نزل المطر ففسد، المال الذي أخذته منك المائة ألف مالي وإلا مالك؟ مالك أنت، أنا البائع، إذاً صار المال لي، وأنت قبضت تمرك، والرسول يقول: ((بم تأخذ مال أخيك؟ )) أنا في هذه الصورة ما هو بمال أخي هو مالي. طالب:. . . . . . . . . . . . . . . . . . لو قال: ابتعت من أخيك، يقلب المعنى اللي بتقوله أنت، هذا فيه قلب للمعنى، أنا بعت عليك تمر بسر ما هو بتمر، ملون، بدا صلاحه، وقبضته بالتخلية قبضاً شرعياً معتبراً، وأعطيتني القيمة، وتصرفت في هذه القيمة، دخلت فيها مساهمة وخسرت مائة ألف كاملة، فأصابت التمر جائحة، أرد عليك المائة وإلا ما أردها عليك؟ طالب:. . . . . . . . .

لا افترض أنه ما أهمل، افترض أن شخص ما أهمل، أرد عليك المائة ألف باعتباره مالك، بالنسبة لي مال أخي كيف استحله؟ أو أن المال مالي لأنه في مقابل ثمرتي التي بعتها بعد ما أذن لي ببيعها، وقبضها صاحبها؟ نريد أن نتوصل بهذا إلى أن من أهل العلم من قال: إن البيع، والأمر بوضع الجوائح بالنسبة لمن باع قبل بدو الصلاح، خالف وباع قبل بدو الصلاح، يعني أنا ما أذن لي أن أبيع، ما بدا صلاحه، فالبيع ليس بصحيح، فالمال مال أخي كيف أستغله؟ ظاهر الفرق بين الصورتين وإلا ما هو بظاهر؟ لأنه في الحالة الأولى وهو بعد بدو الصلاح أنا أذن لي أن أبيع ببدو الصلاح، وبعت على الوجه المشروع، وقبضت الدراهم وصرفتهن، انتهت، المال مالي وإلا مال أخي؟ نعم، مال البائع؛ لأنه باع مالاً مأذون له في بيعه، وحينئذٍ يكون ماله والمشتري قبض المبيع قبضاً شرعياً معتبراً بالتخلية، كونه يتلف من ضمان البائع وإلا من ضمان المشتري؟ من ضمان المشتري؛ لأن البيعة تمت على الوجه الشرعي المأذون فيه، والمال صار مال البائع ما هو بمال المشتري، وفي الحديث يقول: بما تأخذ مال أخيك، بهذا يقول: من يرى أن الصورة منزلة على البيع الذي حصلت فيه المخالفة، وصار البيع قبل بدو الصلاح؛ لأن المال ما هو بمال البائع، ما أذن له بالبيع، فالمال لا يحل له، فليس له، وحينئذٍ يلزمه أن يعيده إليه. طالب:. . . . . . . . . لا، لا، ما عنده مانع، يقطفها الآن. طالب:. . . . . . . . . ليش ما يأذن؟ طالب:. . . . . . . . . لا، لا، يأذن له بقطف الثمار، ما عنده أدنى إشكال البائع، لكن المشتري لن يقطف حتى يتم الصلاح، منهم من يقول: ينزل على جميع الصور، حتى في الصورة المأذون فيها توضع الجوائح، فيحمل البيع على عمومه قبل بدو الصلاح، وبعد بدو الصلاح، وبما يأخذ أحدكم مال أخيه بغير حق، يعني باعتبار ما كان لأنك استوفيت الثمن، ولا وفيت السلعة، فحملوه على عمومه، فيما بدا صلاحه، وفيما لم يبدو صلاحه، وجاء الأمر بوضع الجوائح. طالب:. . . . . . . . .

إذا كانت أمانة كيف يضمن؟ إذا قلنا: أنه أمين كيف يضمن؟ أما إذا فرط وتعدى، وزاد في الماء أو نقص من الماء كونه يضمن ظاهر، كون البائع يضمن لأنه قطع الماء، قال: والله هذا النخل إن أراده صاحبه يسقيه وإلا بكيفه، فمثل هذه الحالة يضمن، أو زاد عليه الماء من أجل أن يتلف في هذه الحالة يضمن؛ لأنه متعدي، لكن المسألة طبيعية آفة ما حسب لها حساب، فالأمر بوضع الجوائح، منهم من يقول: على سبيل الإلزام، وحينئذٍ تذهب الثمرة على صاحبها على البائع، ولا شيء على المشتري، ومنهم من يقول: هذا على سبيل الاستحباب، وينبغي أن يسود مثل هذا بين المسلمين، لكن إذا قلنا على سبيل الاستحباب، وقلنا: لصاحب البستان اضمن القيمة كاملة استحباباً وحثثناه على ذلك، لاحظنا مصلحة المشتري على حساب البائع، والأصل في الأحكام الشرعية أنها متوازنة وعادلة بين الأطراف كلها. جاء في الحديث -حديث أبي سعيد- أن النبي -عليه الصلاة والسلام- أمر الناس أن يتصدقوا على الذي أصيب في ثماره، يعني يتعاونون معه، الذي أصيب في ثماره هل هو البائع وإلا المشتري؟ يعني العقد الذي حصل بعد الإذن ببدو الصلاح، وبعد القبض بالتخلية وهو قبض شرعي معتبر، وانتقل المال من ضمان البائع إلى ضمان المشتري؛ لأنه انتقل إليه الملك، وقد أمر البائع بوضع الجوائح، وأمر الناس أن يتصدقوا على من أصيب بالجائحة، أمر البائع بوضع الجائحة لا شك أنه على سبيل الاستحباب، وهذا الذي يجري على قواعد الشرع؛ لأن البيع صحيح مأذون فيه، مكتمل الشروط والأركان، فالأمر بوضع الجائحة هنا على سبيل الاستحباب إن لم يحمل البيع على غير المأذون به، كما قال بعض أهل العلم، بدليل أنه قال: ((بم تأخذ مال أخيك بغير حق؟ )) وأنت إذا بعته بعد الإذن لك شرعاً صار ملك بحق، وأنت تأخذه بحق، وكون الناس يتصدقون على من أصيب بجائحة هذا أمر شرعي مقرر، فرفع الضرر عن المتضرر من المسلمين أمر لا بد منه، وجاء في حديث قبيصة بن المخارق لما تحمل الحمالة ذكر فيمن يتصدق عليه، وأن المسألة تحل له.

في الحديث الأخير حديث "ابن عمر -رضي الله عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من ابتاع)) يعني من اشترى ((نخلاً بعد أن تؤبر فثمرتها للبائع الذي باعها إلا أن يشترط المبتاع)) من ابتاع نخلاً بعد أن تؤبر يعني: تلقح، واللقاح يكون بذر شيء من طلع الذكر على شيء من طلع النخلة الأنثى، هذا التأبير، وهذا هو التلقيح ((من ابتاع نخلاً)) يعني من اشترى نخلاً ((بعد أن تؤبر فثمرتها للذي باعها إلا أن يشترط المبتاع)) يعني قبل بدو الصلاح أو بعده؟ كيف يجوز بيعه قبل بدو الصلاح؟ هاه؟ طالب:. . . . . . . . . إيه الثمر ما زال، مؤبر، نعم؟ لا هو باع قبل بدو الصلاح، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . نعم البيع للنخل ما هو للتمر، البيع للنخل وليس للتمر، والتمر يكون تبعاً لا استقلالاً، وإلا لو بيع استقلالاً ما جاز؛ لأنه قبل بدو الصلاح، فإذا باع النخل بعد أن تعب البائع وأبرها ولقحها، فالثمرة للبائع إلا إذا اشترطها المشتري وقال: اشتريت النخل بثمرته، وحينئذٍ يكون له، هذا قول الجمهور عملاً بالحديث بمنطوقه ومفهومه، يعني مفهومه أنه إذا ابتاع النخل قبل أن تؤبر الآن بعد أن تؤبر الثمرة لمن؟ للبائع، وقبل التأبير قبل التلقيح مفهومه؟ للمشتري، مفهومه للمشتري، لكن أبو حنيفة، وهو لا يعمل بمثل هذا المفهوم، مفهوم المخالفة، قال: الثمرة للبائع، قبل التأبير وبعده، لماذا؟ بناء على أصله على عدم العمل بمفهوم المخالفة، نعم؟ طالب:. . . . . . . . .

أبواب السلم والقرض والرهن

الحديث منطوقه أن الثمرة بعد التأبير لمن تعب عليها وهو البائع إلا أن يشترطها المبتاع، فيقول: المشتري ترى بالثمر، النخل بالثمر، ومفهوم الحديث أنها قبل التأبير الثمرة لمن؟ للمشتري، الحديث له منطوق ومفهوم، مفهومه ومنطوقه معمول به عند الجمهور، عند الحنفية عملوا بمنطوقه دون مفهومه، وجعلوا ما تضمنه المفهوم مثل ما تضمنه المنطوق الكل للبائع، ولا شك أن اعتبار المفهوم مقرر في النصوص الشرعية، إلا إذا عورض المفهوم بمنطوق أقوى منه فإنه حينئذٍ يلغى إذا عورض بمنطوق أقوى منه، فإنه يلغى، ففي قوله -جل وعلا-: {اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِن تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَن يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ} [(80) سورة التوبة] مفهومه أنه لو استغفر لهم واحد وسبعين مرة أنه يغفر لهم، لكن هذا المفهوم معارض بقوله -جل وعلا-: {إِنَّ اللهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ} [(48) سورة النساء] وحينئذٍ يلغى المفهوم، {لاَ تَأْكُلُواْ الرِّبَا أَضْعَافًا مُّضَاعَفَةً} [(130) سورة آل عمران] {وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ} [(31) سورة الإسراء] هذا له مفهوم، لكن مفهومه ملغى؛ لأنه معارض بمنطوق أقوى منه، وإلا فالأصل أن المفهوم معتبر، ندخل في الباب الذي يليه. سم. أحسن الله إليك. أبواب السلم والقرض والرهن عن ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما- قال: قدم النبي -صلى الله عليه وسلم- المدينة وهم يسلفون في الثمار السنة والسنتين, فقال: ((من أسلف في ثمر فليسلف في كيل معلوم, ووزن معلوم, إلى أجل معلوم)) متفق عليه. وللبخاري: ((من أسلف في شيء)). يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: أبواب السلم والقرض والرهن:

السلم تقديم الثمن في مجلس العقد، مع تأخير المثمن إلى أجل مسمى، ولا بد من الأجل عند الجمهور، وأجازهم بعضهم في الحال، ولا بد أن يسلم الثمن في مجلس العقد، ولا يجوز أن يكون ديناً؛ لأنه يكون بيع دين بدين، فصورة السلم أن يأتي صاحب السلعة التي لا يمكن تسليمها إلا بعد مدة، مدة يكون لها وقع في الثمن كالثمر، كالتمر مثلاً، أو البر، يأتي المزارع المحتاج إلى المال إلى التاجر فيقول: الصاع من البر عندي بعشرة، لكن الثمرة لا يمكن الحصول عليها إلا بعد ستة أشهر، أنا أريد منك ألف ريال، أنا محتاج إلى ألف ريال، وأعطيك بعد ستة أشهر مأتي صاع بدل مائة، هذا سلم، والنبي -عليه الصلاة والسلام- قدم المدينة وهم يسلفون، والسلم هو السلف بمعنى واحد، والسلم لغة أهل الحجاز، والسلف لغة أهل العراق، القرض دفع المال لمن يحتاج إليه على أن يرده من غير زيادة ولا نقصان، وأما الرهن فهو توثقة دين بعين يمكن الاستيفاء منها، أو من قيمتها عند الحاجة.

"عن ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما- قال: قدم النبي -صلى الله عليه وسلم- المدينة وهم يسلفون في الثمار السنة والسنتين" السنةَ يقولون: منصوب على نزع الخافض "قدم النبي -صلى الله عليه وسلم- المدينة وهم يسلفون في الثمار السنة والسنتين" يقول: تعطيني ألف على أن أعطيك مائتي صاع بعد سنة، أو ثلاثمائة صاع بعد سنتين، نعم "فقال النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((من أسلف في ثمر فليسلف في كيل معلوم)) " كيل معلوم مائة صاع، مائتي صاع، ثلاثمائة صاع، خمسين صاع، لا بد أن يكون الكيل معلوماً، ((ووزن معلوم)) إذا كان المبيع المسلم فيه مما يوزن، مائة كيلو، مأتي كيلو، ثلاثمائة كيلو .. إلى آخره، ((إلى أجل معلوم)) إلى يوم كذا من شهر كذا من سنة كذا، لا بد من هذا لقطع دابر الشقاق والنزاع، إذ لو لم يعلم الكيل والوزن لادعى باذل النقود والدراهم أكبر قدر من السلعة المباعة، وادعى صاحب السلعة أقل قدر يقول: أسلفتك على مائتين، ويقول: لا أنا ما أسلفتك إلا على مائة، فلا بد من تحديد الكيل والوزن، والأجل أيضاً، هنا أسلفتك إلى ثمرة هذه السنة، ويقول: لا أنا استلفت منك إلى ثمرة السنة بعد القادمة، فيحصل الشقاق والنزاع، فلا بد من الوضوح، أن يكون الكيل والوزن معلوم، والأجل معلوم أيضاً، ومكان التسليم إذا كان له أثر لا بد من التنصيص عليه، إذا كان له أثر. "وللبخاري: ((من أسلف في شيء)) " لأنه في الحديث: ((من أسلف في ثمر فليسلف)) وللبخاري .. ، وفي بعض الروايات: ((من أسلف في تمر)) والثمر أعم من التمر، التمر خاص بالنخل، والثمر عام للنخل وغيره، وأعم منه من أسلف في شيء، ولذا من أهل العلم من يرى اختصاص السلم بالثمار، ومنهم من يطرده في كل شيء حتى في المصنوعات.

اشترطوا أن يكون المال مدفوع في مجلس العقد، وتجاوزا عن يوم أو يومين، وأيضاً اشترطوا أن يكون المسند فيه مؤجل أجلاً له وقع في الثمن، إذا كان المسلم فيه لا يكال ولا يوزن فإن كان مما يعد فبعدده، وإن كان من المصنوعات فبوصفه الدقيق الذي لا يختلف، هل يمكن ضبط .. ؟ هل يشترط في السلم أن يكون الطرف الثاني مالك لأصل السلعة أو لا يشترط؟ يعني هل لواحد منكم أن يذهب إلى تاجر ويقول: أنا محتاج إلى خمسين ألف سلمها الآن، وبعد شهرين أنا أسلمك سيارة هيلكس (2006) وهذه مواصفاتها، أنت عندك مصنع تصنع له بحيث تفي بجميع ما اشترط له؟ أو ليس عندك مصنع؟ ما عندك مصنع، هل يشترط أن تكون مالك لأصل السلعة أو لا يتشرط؟ من أهل العلم من يشترط، ومنهم من لا يشترط، والحديث الثاني الذي يليه فيه إشارة إلى شيء من هذا، نعم؟ وعن عبد الرحمن بن أبزى وعبد الله بن أبي أوفى -رضي الله تعالى عنهما- قالا: "كنا نصيب المغانم مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وكان يأتينا أنباط من أنباط الشام, فنسلفهم في الحنطة والشعير والزبيب، وفي رواية: والزيت إلى أجل مسمى، قيل: أكان لهم زرع? قالا: ما كنا نسألهم عن ذلك" رواه البخاري. يقول -رحمه الله تعالى-: "وعن عبد الرحمن بن أبزى وعبد الله بن أبي أوفى -رضي الله تعالى عنهما- قالا: "كنا نصيب المغانم مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" يعني يتوفر لدينا مال بسبب المغانم التي هي أطيب المكاسب، ولكننا نحتاج إلى الطعام "كنا نصيب المغانم مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وكان يأتينا أنباط" وهؤلاء أقوام من العرب دخلوا في غيرهم من الأمم من العجم من الفرس والروم، فاختلطت أنسابهم، وفسدت ألسنتهم، وسموا بذلك لخبرتهم باستنباط الماء وإنباطه من جوف الأرض، وكان يأتينا أنباط من أنباط الشام,

"فنسلفهم في الحنطة والشعير والزبيب" يعني نعطيهم الأموال التي نغنمها ونقول لهم في يوم كذا تحضرون لنا كذا من الحنطة والشعير والزبيب وغيرها من الثمار "والزيت إلى أجل مسمى، قيل: أكان لهم زرع?" يعني هذا الشخص الذي أسلمته وأسلفته وأعطيته المال مقدماً له زرع وإلا ما له زرع؟ بيعطيك من مزرعته أو بيشتري لك ويجيب لك؟ "قالا: ما كنا نسألهم عن ذلك" على هذا يجوز أن يكون المسلم معه غير مالك لأصل السلعة، على هذا لو أسلم في سيارة وهو لا يملك مصنع، في كتب وهو لا يملك مطبعة يجوز؛ لأنهم ما كانوا يسألونهم هل عندهم زرع وإلا ما عندهم زرع؟ هل هو من مزارعهم أو ليشتروا بها فيما بعد؟ طيب شخص مؤلف عالم يؤلف كتب يأتي صاحب المطبعة ويقول: هذه مائة ألف الآن، وتأمل لي تفسير مكون من خمسة مجلدات، وهذه صفته تعطيني في كل سنة مجلد أطبعه، خلال الخمسة السنوات يكون الكتاب جاهز في الأسواق يباع، مطبوع وجاهز، سلم وإلا ما هو بسلم؟ نعم؟ الآن الثمن مدفوع في مجلس العقد، والمثمن يسلم على التدريج أخره بعد خمس سنوات، يجوز وإلا ما يجوز؟ هاه؟ طالب:. . . . . . . . . هذا مالك لأصل السلعة عنده كتب ومراجع وعنده قدرة وعنده أهلية، والذي يغلب على الظن أنه خلال السنوات المعدودة المدة كافية للتأليف إلا إذا حصل هناك عارض ومانع، مثل ما يحصل للسلع من الجوائح والثمار. طالب:. . . . . . . . . لا هو العالم قد يموت والثمرة قد ينزل عليها آفة وتجتاحها والغيب غيب، لكن الأصل مبني على أنه هذا عنده قدرة، ويغالب على الظن أنه يوفي بما التزم في المدة المعلومة.

مقتضى قوله: ((بم تأخذ مال أخيك؟ )) أنه بيع غير مأذون فيه، والأمر بوضع الجوائح على سبيل الاستحباب هذا يتجه إلى كل بيع، لكن دعونا في مسألتنا الآن، وهي مسألة عملية العلم الآن قد يكون محتاج إلى مبلغ من المال يعينه على مسيرته العلمية، ويعينه على أمور ديناه، محتاج إلى مائة ألف فقال له صاحب دار نشر: هذه مائة ألف الآن شيك، الآن استلمها على أن تسلمني تفسير في خمسة مجلدات، كل مجلد فيه أربعين أو خمسين ملزمة مثلاً، يحدد، وفي كل صفحة كذا سطر، يحدد بحيث يكون معلوم تمام العلم للجميع، وأما جودة المؤلف وعدم جودته فهي تابعة لجودة المؤلف، هو ما جاء إلا وهو يعرف مستوى التأليف بالنسبة لهذا الشخص، فلا جهل ولا غرر ولا جهالة ولا شيء، فهل مثل هذا يلحق بالسلم أو لا يلحق؟ وهل يختلف الأمر فيما إذا كان العلم مما يبتغى به وجه الله من العلوم الشرعية أو غيرها من العلوم؟ قال: أنا بحاجة قاموس مثلاً؟ طالب:. . . . . . . . . لا، لا، هو يرد عليه إذا كان مما يبتغى به وجه الله وهذا ما ألفه إلا من أجل مائة ألف يصير وإلا ما يصير؟ يجوز وإلا ما يجوز؟ هذا المؤلف ما ألف إلا من أجل المائة ألف، صار تأليفه من أجل الدنيا، وهذا لا يجوز بحال، أما إذا قال: افترض أنه ألف تفسير من غير دافع للنفع العام، ثم جاء من يشتريه منه، إن أحق ما أخذتم عليه أجراً كتاب الله، يعني ما ألفه ما الدافع لتألفيه الدنيا، إنما ألفه يبتغي به وجه الله، ثم جاءته الدنيا تبعاً هذا لا يضر، لكن كونه يؤلفه من أجل الدنيا هذا الذي يضر. لكن افترض المسألة فيما لا يبتغى به وجه الله، أنا أريد كتاب تاريخ في مجلد أنا بعطيك عشرين ألف خلال سنة تحضره لي، يصح وإلا ما يصح؟ ما في ما يمنع، والله أعلم. وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

كتاب البيوع (10)

بلوغ المرام - كتاب البيوع (10) تابع: باب الربا الشيخ: عبد الكريم الخضير يقول: ما المقصود بكلمة العرايا؟ العرايا: هي ما استثني من المزابنة، من بيع التمر الرطب باليابس، وجاء الاستثناء: إلا العرايا، والمقصود بذلك النخلة والنخلات يعريها صاحبها أو من احتاج إليها، ثم يتضرر بذلك، فيشتريها بخرصها، بقدر ما تصل إليه من صاع، من مكاييل، بخرصها، يعني تخرص وهي على رؤوس النخل، يقدر ما فيها وهي على رؤوس النخل، هذه النخلة، أو هذه النخلات، فيها أربعة أوسق، يعطى من التمر الجاف أربعة أوسق، بقدرها، وهنا لا تتحقق المماثلة، ولذا استثنيت من المزابنة المحرمة. يقول: ذكرت بالأمس أن المقصود بالنهي عن أخذ المال فيما لو باع أحد من أخيه تمراً فأصابته جائحة، لو كان هذا التمر لم يبدو صلاحه، ولكن ألا يدل قوله –عليه الصلاة والسلام-: ((لو بعت)) على صحة البيع والانعقاد؛ لأنه لو لم ينعقد البيع ويصح لم يقل: ((بعت))؟ البيوع منها المحرمة ومنها الجائزة، فالمحرم بيع، باعتبار أنه مبادلة مال بمال، فهو بيع، فيطلق على العقد الصحيح، ويطلق على المحرم أنه بيع، لكن قوله في الحديث: ((بم يأخذ أحدكم مال أخيه؟ )) يدل على أنه ليس مالاً له، ولو كان البيع صحيحاً لكان المال ماله، هذه وجهة نظر من يقول: إنه محمول على البيع قبل بدو الصلاح، وأما بعد بدو الصلاح فلا إلزام بوضع الجائحة، ومنهم من يحمله على البيع الصحيح بعد بدو الصلاح، وأنه ما دام القبض ليس بتام، وإنما هو بمجرد التخلية، فهو قبض شرعي معتبر، لكنه لم يحزه صاحبه إلى رحله، ما زال من ضمان البائع عند بعضهم. يقول: إذا قلت في حديثك: قُرئ، فهل يعني أنها متواترة وربما تكون شاذة؟ نعم قد تكون هذا وقد تكون هذا. مع أن القراءة المتواترة تنسب إلى قارئها، لكن إذا جُهل قارئها تقول: قرأ؟ الآن الحديث إذا ثبت ما تقول: يروى، أو يذكر، أو قيل، إذا ثبت تقول: قال فلان، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، أو مباشرة قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا لم تعرف الراوي، لكن القراءة إذا ثبتت ولم تعرف طالب، لا مانع أن تقول: قرئ.

وهل عدم النهي عن البر والصلة {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ} [(8) سورة الممتحنة] والمكافأة بالمعروف، والقسط بالمشركين أمر بمولاتهم لها، فرق بين هذا وهذا، والأب والأم إذا أمراك بالشرك فلا تطعهما، وصاحبهما في الدنيا معروفاً، وهما يأمران بالشرك، لكن مع ذلك لا تجوز طاعتهما، والعقوق أيضاً لا يجوز. يقول: ما رأيكم في كتاب الفتح الرباني، وشرحه للساعاتي؟ الفتح الرباني ترتيب للمسند، واختصار في الوقت نفسه، بحذف المكرر والأسانيد، وشرحه بلوغ الأماني لنفس الساعاتي المختصر، مختصر طيب وجيد في الجملة، إلا أن طالب العلم بحاجة إلى المكرر، بحاجة إلى الأسانيد ليتقوى ببعضها بعض، بحاجة ماسة إلى هذا، الاختصار يناسب غير المتخصصين، ويناسب من ظروفه لا تساعده على مطالعة المطولات، هو ترتيب للمسند على الأبواب، ومن هذه الحيثية نافع، والشرح في أوله أيضاً شرح طيب موسع، ثم بعد ذلك صار حاشية، اختصار شديد. ما أفضل طبعات تحفة الأشراف؟ الطبعة الهندية عبد الصمد شرف الدين طيبة بالجملة، ما فيها إشكال، ثم بعد ذلك خرجت طبعة بشار، وهي أيضاً ممتازة. مجمع الزوائد للهيثمي؟ فيه الطبعة الأولى طبعة القدسي، في عشرة أجزاء، لكنها لا تخلو من سقط وتحريف كثير، والكتاب لا أعرفه طبع محققاً كامل التحقيق يستحق أن يسمى تحقيق. طالب: طرح التثريب رعاك الله؟ طرح التثريب فيه طبعة اللجنة، لجنة التأليف والنشر الأولى القديمة، فيها أخطاء يسيرة جداً، لكنها جيدة. يقول: طلب مني والدي تحويل مبلغ ثمانمائة ريال سعودي إلى يمني عن طريق الصراف، وذلك بتحويلها إلى جدي في اليمن، فكيف تتم العملية، مع العلم بأني أخبرت والدي بعدم شرعية الصراف، ولكن لم يقتنع؟ ذكرنا أمس في قرار المجمع الفقهي أنك تصرفها حالاً، تحولها إلى ريال يمني، ولو لم تقبضه، بأن يثبت في ورقة الحوالة مبلغ كذا بالريالات اليمنية، وتحول هذه الريالات اليمنية، لكن لا شك أن الأكمل أن تقبض يداً بيد، ثم بعد ذلك تحول ما شئت.

يقول: من المعلوم أن الصحابي الجليل عمر بن الخطاب هو الملهم -رضي الله عنه- فهل حكم من اكتشف أنه خائن ضرب العنق؟ النبي -عليه الصلاة والسلام- ما أقره. ما هي كفارة الريا؟ الريا: الشرك الأصغر، والكفارة من الشرك أن يدعو الإنسان بهذا الدعاء، ((اللهم إني أعوذ بك أن أشرك بك وأنا أعلم، وأستغفرك لما لا أعلم)) مع أن مدافعة الريا واجبة. لقد اشتريت سيارة ثم بعتها وقبضت الثمن، ولم يتبق منها شيء، فهل يلزم في ذلك زكاة؟ إذا حال الحول على هذا الثمن وجبت زكاته. ما حكم بيع العربون؟ وما صحة الحديث الوارد في النهي عنه؟ وهل يشترط أن تكون السلعة موجودة في هذا البيع؟ بيع العربون يتفق البائع والمشتري بعد الإيجاب والقبول على دفع شيء من الثمن من قبل المشتري إلى البائع، ويتفقان على أنه إن تمت البيعة يكمل الثمن، وإن لم تتم فالعربون من نصيب البائع، نظير ما حبس من السلعة، وما فوته من زبائن، وجاء النهي عن بيع العربان والعربون، ولكن الحديث فيه ضعف، وعلى هذا من قال بجوازه بناء على أن المشتري فوت على البائع الزبائن، ضاع عليه بعض الوقت، وبعض الفرص، له وجه، ومن القضاة من يحكم به، ومن قال: بأنه أكل مال الأخ المسلم من غير مقابل فهذا صحيح أيضاً، فالمسألة اجتهادية ما دام الحديث ضعيفاً. يقول: إنني اشتري بضاعة من بعض المحلات وأعطيه بطاقة الصراف لأخذ المبلغ، فما حكم ذلك؟ تشتري بضاعة غير ربوية، يعني مما يباع به نسيئة، لا مانع. يقول: زكاة ذهب زوجتي يكون في الشهر السادس من هذه السنة، وقد بعته في الشهر الرابع، واشتريت بالمبلغ ذهباً جديداً، فإذا جاء الشهر السادس هل تلزمها زكاة الذهب القديم، أم انتظر العام القادم؟ تلزمك زكاة ما بيدك، إما أن يكون دراهم قيمة الذهب، أو ذهب جديد، ما بيدك تزكيه في وقته. يقول: إذا اشتريت سيارة من وكالة تويوتا لغرض بيعها فهل يشترط إخراج السيارة إلى أحد المعارض، أم أنه يكفي تشغيلها وتحريكها قليلاً؟

عليك أن تحوزها وتقبضها القبض الشرعي المعتبر، بأن تشغلها وتخرجها من الوكالة، فإن أعدتها إلى الوكالة بناء على أن هذه تم قبضها، فإذا تم قبضها القبض الشرعي المعتبر فكونك تبيعها وهي في الوكالة بعد أن قبضتها، أو تذهب بها إلى المعرض أو إلى مكانك، رحلك، فلا فرق -إن شاء الله تعالى-. إذا قمت بتوكيل شركة تويوتا ببيع السيارة على طرف ثالث فما حكم الوكالة؟ وهل يلزم شركة تويوتا إخراجها إلى أحد المعارض؟ إذا وكلتهم وهم ثقات على أن يبيعوها إلى طرف ثالث، وكلت ثقة في بيعها على طرف ثالث، لاحتمال أن يشتريها هو الطرف الأول، وحينئذٍ تكون هي مسألة العينة، فإذا كانوا ثقات وتأكدت من بيعها على طرف ثالث، فالبيع صحيح -إن شاء الله تعالى-. يعاني كثير من طلبة العلم خاصة المبتدئين من ضبط كتاب البيوع، سواء كان ذلك في الحديث والفقه، أو الفقه، فما هي الطريقة المثلى لضبط مثل هذه الأبواب؟

باب البيوع مثل غيره من الأبواب، إلا أنها معاملات قد لا يحتاجها كثير من طلاب العلم، يمضي عليه السنون، يمضي عشر سنوات ما استعمل هذه الأبواب أو أكثر، ومنهم من لا يستعملها البتة، ولا يحتاج إليها فيصعب ضبطها؛ لأن العلم إنما يثبت بالعمل، الصلاة، الزكاة، الصوم، الحج، مسائل عملية تثبت بالمعاناة، فالعمل بالعلم هو الذي يثبته، الأمر الثاني: أن طريقتنا في التعليم والتعلم كثير منها جار على غير أساس ولا قاعدة، كثير من طلاب العلم نظراً لكيفية الدروس والجداول المرتبة الآن بعض طلاب العلم يتخبط، ما هناك ترتيب ومنهجية في الطلب، تجده مثلاً يحضر درس البلوغ، وهو ما يعرف شيئاً من عمدة الأحكام، ولا حفظ الأربعين، ما مشى على السلم، وما مشى على الجادة، لو ضربنا مثال في الفقه، يحضر الزاد، وهو ما يعرف العمدة، يحضر الزاد وهو ما قرأ قبله كتاب، ويحضر البيوع قبل أن يحضر الصلاة، معلومات مرتب بعضها على بعض، لذا بعض الناس يطالب بتجريد الكتب من الزوائد، الموفق لما ألف العمدة، ثم المقنع، ثم الكافي، ثم المغني، يقول: ما يصلح هذا كله تكرار، الذي في العمدة كله مكرر في المقنع، والذي في المقنع كله مكرر في الكافي، والذي في الكافي مكرر في المغني، إذاً لماذا لا نكتفي بالمغني الذي فيه جميع .. ، نقول: ليس بصحيح، تقرأ العمدة، تدرس العمدة، تحفظ العمدة، تحضر الشروح، تقرأ الشروح، تسمع المسجل عليها من الشروح، فتضبطها وتتقنها، وأنت بهذا أدركت ربع الفقه مثلاً بضبط مسائل العمدة، ثم تبني عليها ما يزيد من أحكام المقنع، مع تكرار ما مر في العمدة، أما تأتي إلى زوائد المقنع على العمدة فتقول: أنا لا أريد التكرار؟! العلم كله تكرار، المسائل التي تبحث في الفقه تبحث في الحديث، تبحث في التفسير، وإذا لم تتضح من هذا الوجه اتضحت من هذا الوجه، إذا لم تتضح بهذه الصورة صورت على وجه آخر في كتاب أخر، فيثبت العلم، أما الذي لا يريد التكرار لا يحصل علم، فإذا ضبط مسائل العمدة، ثم بعد ذلك قرأ في المقنع، وفي المقنع روايات زائدة، ومسائل زائدة على ما في العمدة، وعنده الأرضية من خلال دراسة العمدة، يتأهل لأخذ الزوائد من المقنع مع الأصل، مع ما في العمدة

من أحكام؛ لأنه قد يمر عليك مسألة في العمدة تأخذ وقتاً طويلاً ما فهمتها، تطلب تصويرها وتصور لك ما تفهم، لكن تعرض بأسلوب آخر في كتاب أخر فتتضح لك، مر عليك مسائل العمدة الآن مرتين، مرة في العمدة، ومرة في المقنع ضبطت، تطلع إلى الكافي الذي ألف للمنتهين ممن يبحث في دائرة المذهب، وعلى روايات متعددة، تمر عليك مسائل العمدة وزوائد المقنع، مسائل العمدة تمر عليك مرة ثالثة، وزوائد المقنع للمرة الثانية تمر، ويمر عليك مسائل في الكافي، الآن مسائل العمدة ضبطتها وأتقنتها لأنها مرت عليك ثلاث مرات، مسائل المقنع مرت عليك مرتين، التي مما ليس في العمدة، تضبطها، المسائل الزائدة في الكافي تحرص عليها وتضبطها وتتقنها ثم تمر عليك في الكتب المطولة، بأبسط وأكثر استدلال، وأكثر تعليل مقارنة بالمذاهب الأخرى مع أدلة الأئمة، بهذه الطريقة يثبت العلم، أما تقول: والله أنا ما أريد تكرار، أذكر شخصاً قبل ثلاثين سنة اشترى مجموع القصائد المفيدة، وفيه منظومة الآداب لابن عبد القوي، ثم بعد أن اشتراه طبع شرحه غذاء الألباب شرح منظومة الآداب، فقلت له: هذا الكتاب طيب، إذا اشتريت نسخة تنتفع به، قال: أنا لا أريد التكرار، أنا عندي المنظومة، وشون اشتريها مرة ثانية؟! يعني لو المسألة العكس، عنده الشرح، ولا يريد أن يشتري النظم ممكن، مع أنه ما يضيره أن يشتري المنظومة للحفظ والتكرار والترديد؛ لأنه في الشرح يمر عليك صفحتين ثلاث بيت، تريد تتابع الأبيات ويلتبس عليك الشرح، الأبيات الواردة في الشرح مع الأبيات الواردة في النظم، فتشري المتن وتشتري الشرح، فإذا كان تصور طالب العلم بهذه المثابة لا يريد تكرار فيكف يحصل مثل هذا؟! أعرف ناس يشترون من الكتاب عشر طبعات، عله يصحح كلمة واحدة من طبعة لا توجد في الطبعات الأخرى، هذا اشترى المتن ويقول: ما في حاجة للشرح لئلا يتكرر المتن عندي، فما يدرك العلم بهذه الطريقة، لا بد من التكرار، إذا مرت المسألة في الفقه قد يكون التصور فيه شيء من الصعوبة، تمر في الحديث يبسطها معلم الحديث بتصوير أوضح، إذا مرت عند الشيخ الفلاني هذه المسألة، سمعتها من فلان قد تسمعها من غيره بأوضح، وهكذا.

يقول: ما موقف المسلم من اختلاف العلماء وزلاتهم؟ أولاً: العلماء ليسوا بمعصومين، والحق ليس في قول واحد منهم على التعيين، وإنما كل منهم له نصيبه، بقدر إخلاصه ودينه وورعه، بقدر ما يقذفه الله -جل وعلا- في قلبه من هذا النور، ويحرص على العلماء الذين هم بالفعل على الجادة، ليست لهم شواذ، وليست لهم اجتهادات مخالفة، وإنما هم على الجادة، إذا وجد شذ أو زل عالم يناقش إن أمكنت مناقشته، وإلا يبحث مع غيره من نظرائه، تبحث المسألة، ويطلب من هذا النظير أن يستثبت في الأمر، ويناقش الشيخ بأسلوب مناسب، والله المستعان، أما تتبع الزلات، والتشهير بالمشايخ والعلماء في المجالس هذا له آثار سيئة. ما حكم شراء مزرعة فيها زرع مثمر للمتاجرة بها؟ إذا كان المقصود بالمزرعة شرائها بأرضها وأشجارها فما في إشكال، هذا نوع من التجارة، أما إذا كان المقصود شراء الثمرة فقط، فلا بد أن يبدو صلاحها، فإذا بدا صلاحها جاز بيعها، على ما تقدم. يقول: هذه الدورة هي الأولى لي في طلب العلم الشرعي وأجد صعوبة فيها، فبماذا تنصحني؟ مثلما ذكرنا سابقاً العلم يؤتى من أبوابه، وتدرس الكتب حسب الأولوية، فالمبتدئون لهم كتب، والمتوسطون لهم كتب، والمنتهون لهم كتب. يقول: أنا طالب في كلية الطب، وأتدرب في المستشفى ومعلوم ما في المستشفيات من الاختلاط، وكشف لما يجب ستره، وقدمت بعض ما يثبت ذلك لبعض العلماء هنا إلا أنه الواقع السيئ، وهذه المنكرات لم تتغير، فما واجبي حيال ذلك؟ اصبر واحتسب، وأنكر بقدر قدرتك واستطاعتك بالرفق واللين، ولا يترتب على إنكارك مفسدة أعظم، وأنت على خير -إن شاء الله تعالى-. يقول: إذا أراد البائع أن يبيع الثمار قبل بدو صلاحها لمن يريد قطعها وإطعامها البهائم ... ؟ نعم بشرط القطع يجوز، يجوز بيعها قبل بدو صلاحها بشرط القطع، ما لم يكن في ذلك إضاعة للمال.

يقول: كما تعلمون أنه في هذه الأيام كثر المتساهلون في الفتوى، وأصبحنا نسمع بفتاوى غريبة لا تطمئن إليها النفوس، وقد كنا ندافع فيما مضى عن هؤلاء المفتين إذا تعرض لهم عامة الناس في المجالس والمناسبات، ونقول: بأن العالم قد يخطئ ويصيب، ويجب أن لا نقع على الأخطاء، كنا نقول ذلك لأن لا تنتهك أعراض العلماء، لكن مع الأسف في الآونة الأخيرة اتسع الخرق على الراقع، فلم نعلم ماذا نرقع وماذا ندع؟ فبعضهم قال: بجواز الطبول، وبعضهم ... ، ويقول ... المقصود أنه يذكر أن التساهل في الفتوى وجد، ووجد ممن يفتي من ليسوا بكفؤ ولا أهل، وهذا مصداق لحديث النبي –عليه الصلاة والسلام-: ((إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من صدور الرجال، وإنما يقبضه بقبض العلماء، حتى إذا لم يبق عالماً اتخذ الناس رؤوساً جهالاً، فسئلوا فأفتوا بغير علم، فضلوا وأضلوا)) يوجد من هذا النوع من تصدر للفتوى وليس بأهل، تصدر للفتوى وهو في الأصل أهل لكنه حاد عن الطريق، ومال عنه، وعوقب بشيء بسبب ما قدمت يداه، المقصود أن مثل هذا يوجد في القديم والحديث، لكنه كثر في الآونة الأخيرة، لا سيما بعد قبض بعض العلماء الراسخين الذين لهم حظوة وقبول في الناس، ولهم سلطة أيضاً يمنعون بها أمثال هؤلاء، كثر مثل هؤلاء، وكثرت الوسائل التي بسببها وصلت مثل هذه الفتوى إلى جميع الطبقات، وجميع الفئات، وصار الناس في حيرة من أمرهم، المقصود أن مثل هذا ينصح ويخوف بالله -جل وعلا-، إن ارتدع وإلا فلا بد من منعه من قبل ولي الأمر بالاتفاق مع أهل العلم. يقول: في درس الأحد قررت بتضعيف قبول الهدية على الشفاعة, والألباني يصحح الحديث في أكثر من موضع، ويقول: رجاله رجال مسلم؟ على كل حال الحديث مضعف عند أهل العلم، وتصحيح الشيخ على العين والرأس، لكن لا يعني أنه مصيب في كل ما قال. يقول -سائل من المغرب-: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته -وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته- هل يجوز دفع الزكاة لبناء المساجد؟ لا يجوز دفع الزكاة لبناء المساجد، ولا للمصالح العامة، وإنما مصرفها المصارف الثمانية المذكورة في القرآن.

يقول: حيث تحدث القرآن عن فريضة الصدقات الواجبة، تحدث القرآن بقوله: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} [(60) سورة التوبة] فهل يمكن اعتبار دفع الزكاة في بناء مسجد في سبيل الله؟ لا، جماهير أهل العلم على أن سبيل الله المراد به الجهاد. يقول: كم مقدار زكاة الأسهم للاستثمار وليس أسهم المضاربة؟ أسهم الاستثمار التي تودع في أماكن تستثمرها أماكن موثوقة، لا تتعامل بمعاملات محرمة زكاتها تقوم إذا حال الحول كم تستحق بسعر يومها، ثم بعد ذلك يخرج منها النسبة المقدرة شرعاً (2. 5 %). يقول: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته -وعليكم السلام ورحمة الله- أريد أن أسال فضيلتكم عن رأيكم في الشيخ ابن باز، وسلمان العوضي، والشيخ الألباني، أما سلمان العوضي فلا أعرفه، وأما الشيخ ابن باز والألباني فمثلي لا يسأل عنهما. يقول -سائل من السعودية-: بسم الله الرحمن الرحيم، أريد أن أسأل سؤالاً خاصاً لا يطلع عليه أحد ... كيف لا يطلع عليه أحد؟ الطنطاوي -رحمه الله- سئل سؤال وأقسم السائل أن لا يخبر عن اسمه، وحرج عليه بأنواع من التحريجات والأيمان المغلظة والعهود والمواثيق، ثم قال الشيخ: أتدرون ما اسمه؟ هو لم يكتب اسمه! ما كتب اسمه. يقول: إذا طلبت مني أمي أن أوصلها إلى عرس يغلب على ظني وجود منكرات فيه، علماً بأني إن لم أوصلها فسوف يوصلها السواق، وربما تكون متعطرة؟

أولاً: عليك أن تناصح أمك وتناشدها أن تترك هذا الطيب والعطر مع إرادة الخروج؛ لأن المرأة إذا خرجت متطيبة فهي زانية -نسأل الله السلامة والعافية-، أما وجود منكرات في الأعراس وأماكن الأفراح هذه أمور عمت وطمت، ولذا لو أن الإنسان منع أهله منعاً باتاً من الحضور هذه الأفراح ما بعد، ولصار مصيباً، وهذا التحري يقتضيه، لا سيما مع وجود أناس لا خلاق لهم، فالعورات تبدى بما في ذلك المغلطة، هذا كلام مؤكد بين النساء، والسبب في ذلك التساهل في حد عورة المرأة عند المرأة، جرهم إلى أن أظهروا العورات، ولبسوا عليها شيئاً لا يسترها، إضافة إلى ما يوجد فيها من تصوير وكاميرات، وآثار سيئة جداً ترتبت على ذلك. يقول: هل من الصرف الذي لا يجوز فيه النسأ أن يبقى لك شيء من المال عند التاجر ولا يملك صرفاً فتأخذ بعض مالك، ويبقى لك في ذمته بعض آخر؟ لا هذا ليس من الربا؛ لأنك اشتريت بضاعة من البقالة، اشتريت لبن بخمسة وقال لك: والله ما عندي صرف، أنت أعطيته عشرة، قال: ما عندي شيء، اترك الخمسة الثانية إلى العصر، تتركها إلى العصر ما في شيء -إن شاء الله تعالى-، لكن لو أتيت إلى صاحب هذه البقالة وقلت له: أريد صرف هذه العشرة، تعطيني اثنتين من فئة الخمسة، قال: والله ما عندي الآن إلا خمسة، خذ الخمسة وتقضي لازمك، ويبقى خمسة، هذا لا يجوز، هذا هو الصرف الذي لا يجوز فيه النسأ. يقول: لم يتضح لي مثال أمس عن صاحب المطبعة والمؤلف وما هو الحكم؟ ذكرنا أن من صور السلم أن يأتي صاحب دار نشر إلى عالم ويقول: أريد أن تؤلف كتاباً في التفسير، أو في الحديث أو في الفقه، أو في العقيدة، حجمه كذا، ومجلداته كذا، في كل مجلد كذا ملزمة، نوعيته كذا، ثم بعد ذلك يتفقان على القيمة، وأن يسلم بعد كذا سنة، سنة سنتين ثلاث، تحدد المدة، ويعلم المقدار بدقة، وقلنا: إن مثل هذا لو ساغ في العلوم التي لا يبتغى به وجه الله تعالى من أمور الدنيا، لكن ما يبتغى به وجه الله -جل وعلا- مثل هذا لا يسوغ. ما صحة حديث: ((يدخل عليكم رجل من أهل الجنة))؟ إن كان المراد به الرجل الذي عرف بسلامة الصدر فهو حديث صحيح، حديث عبد الله بن عمرو.

يقول: أزيل ليلة أمس الخط الأسود المحاذي للحجر الأسود عند بيت الله الحرام، فهل من تعليق حفظكم الله؟ أنا ما أدري هل أزيل بالفعل وإلا ما أزيل؟ أزيل هو؟ أزالوه؟ بالأمس؟ أنا حديث العهد يعني من أسبوع ما أزيل، لكن إذا كان في الفعل أزيل فوجوده له وجه، والفتوى لها وجه، وإزالته أيضاً له وجه؛ لأن المسألة مسألة مصلحة ومفسدة، أفتى بجوازه ووجوده لمصلحة، وهي تحديد محل بداية الطواف ونهايته بدقة، وهذا نافع، يصحح العبادة لكثير من الجهال، أنا سألني سأل يقول: بدأت الطواف من رجل إسماعيل؟ مثل هذا بيطوف طواف صحيح؟! مهما قيل له، مهما علم، مثل هذا يصلح له الخط، لكن أيضاً الخط وإن ترتب عليه مصلحة إلا أنه ترتب عليه مفاسد وزحام شديد، ووجد من يصلي على هذا الخط يتعبد بذلك، فإزالته لها وجه. يقول: ما رأيكم في مخطوطة موطأ الإمام مالك التي صورت مؤخراً في الكويت ونشرت، وهل أطلعتم عليها؟ مخطوطة جميلة، وخطها واضح وبين، والعناية بها لأنها من مخطوطات الكويت، لا أكثر ولا أقل، ويوجد أنفس منها من مخطوطات الموطأ، المقصود أنها صورة جميلة، والخط واضح جداً، يعني يضاهي المطبوعات، فتصويرها نافع -إن شاء الله تعالى-. يقول: ما حكم اللبس الباكستاني والبنجابي للمرأة؟ الأصل أنه لباس مسلمين وساتر وسابغ، هذا الأصل، فلا يظهر فيه شيء، لكن بعض النساء اتخذته ذريعة لبسته في أول الأمر، وانتهى آخر الأمر إلى البنطلون، أخذت ترفع الساتر الأعلى شيئاً فشيئاً إلى أن صار بنطلون، بدون ما يستره فوقه. يقول: ما الراجح في قراءة الفاتحة خلف الإمام في الصلاة الجهرية؟ الراجح أن الفاتحة واجبة بالنسبة لكل مصلٍ إلا المسبوق. بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين. قال الحافظ ابن حجر العسقلاني -رحمه الله تعالى-: وعن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدى الله عنه، ومن أخذها يريد إتلافها أتلفه الله)) رواه البخاري.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبد ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

"وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدى الله عنه)) " أخذ أموال الناس بالاقتراض، بالاستدانة، بالإعارة، يريد أداءها وإعادتها إلى أصحابها أدى الله عنه، أعانه الله على ما أراد، ووفقه لذلك، ويسر له ذلك، ومن أخذها يريد إتلافها أتلفه الله، من أخذ أموال الناس يريد أداءها، أخذ من زيد مالاً على سبيل القرض، أو بالاستدانة بالأقساط، بالدين، أو بالعارية يستفيد منها ثم يرجعها، وهو يريد بذلك الأداء أدى الله عنه في الدنيا بأن ييسر له الرد، بأن ييسر له ردها، وفي الآخرة أيضاً النص شامل في الآخرة يؤدي عنه تبعة هذه العارية، أو هذا القرض أو هذا الدين، ومن الأمثلة على ذلك الظاهرة المذكورة في الصحيح، قصة الرجل من بني إسرائيل الذي اقترض من آخر ألف دينار، ذهب، مال كبير، مبالغ طائلة، فجاء إلى أخيه في الله فقال له: أريد مبلغ كذا، قال: هل من شاهد؟ قال: كفى بالله شهيداً، قال: هل من كفيل؟ قال: كفى بالله وكيلاً، فأعطاه إياه، رضي بذلك وأعطاه إياه، وذهب وقضى حاجته فلما جاء موعد الرد خرج إلى البحر يريد أحداً يذهب إلى الجزيرة أو البلد الذي فيه المقرض، فلم يجد، فوجد خشبة فنشرها، فأودع فيها هذا المال، وربطها وأتقنها فوضعها في البحر، خرج صاحب القرض؛ لأنه جاء الموعد، وقد استشهد الله، واكتفى به وكيلاً، في الوقت المحدد ينتظر صاحبه فلم يحضر، ووجد الخشبة تطفو وترسب في الماء، فأخذها ليوقد بها ناراً، فنشرها فوجد المال، ووجد معها ما يدل على أن صاحبه أرسلها، غاية في الثقة بالله -جل وعلا-، والأمانة، وأدى الأمانة، {وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِن تَأْمَنْهُ بِقِنطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُم مَّنْ إِن تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لاَّ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ} [(75) سورة آل عمران] هذا أخذ المال وأراد أداءه، ووثق بالله كل من الطرفين، فأدى الله عنه، ووصلت الدراهم، وصلت الدنانير إلى صاحبه، ومع ذلك وفر المبلغ مرة ثانية؛ لأن الذي يغلب على الظن أنه يصل أو ما يصل؟ أنه ما يصل، وفرها مرة ثانية وذهب بها إلى صاحبه، هذا صادق في أدى ما أخذ أو متردد؟ صادق، فلما ذكر ذاك قال:

المال الذي في الخشبة وصل، يعني غاية في الثقة بالله -جل وعلا-. فلو أن شخصاً أراد أن يصنع مثل هذا الصنيع في شرعنا، هذا في شرعهم وسيقت قصته مساق المدح، فهل له أن يصنع مثل هذا؟ يثق بالله -جل وعلا-، ويبعث المال، أو يحضر صندوق متقن ومضبوط، ويبعث فيه حيوان أو طفل أو ما أشبه ذلك، ثقة بالله -جل وعلا-، أو نقول: هذا من باب إلقاء اليد إلى التهلكة، وتعريض المال للتلف، يعني اقترضت مبلغاً كبيراً من شخص وبعثته بخشبة يجوز وإلا ما يجوز؟ في شرعنا لا يجوز، نهى عن إضاعة المال، وهذا الذي يغلب على الظن هلاكه، لكن لما أخذ المال مريداً أداءه أدى الله عنه، وهذا من أوضح الصور، أدى الله عنه، ومن أخذها يريد إتلافها أتلفه الله، أتلفه يعني المال أو صاحب المال؟ أتلف المال أو صاحب المال؟ نعم الظاهر إتلاف الشخص نفسه، جزاء وفاقاً، يريد الإتلاف فأتلفه الله، ومن باب أولى أن يتلف المال، فلا يستفاد منه، وقد يكون وبالاً على صاحبه، فعلى الإنسان أن يصلح نيته ويعالجها من أجل أن يؤدي الله عنه.

وجاء الترهيب من أخذ أموال الناس للتكثر والديون، والشهيد يغفر له كل ذنب إلا الدين، ورفض النبي –عليه الصلاة والسلام- أن يصلي على المدين، حتى تحمل عنه دينه، فالدين أمره عظيم في الشرع، فإذا كانت الشهادة تكفر الذنوب ويغفر للشهيد كل شيء إلا الدين، والناس يتتابعون ويتتايعون على الدين، بعد أن سهلت أسبابه ويسرت ثم في النهاية يعجز عن السداد، الموظف راتبه ثلاثة ألاف يأخذ أقساط بألف وفواتير ألف، والألف الثالث ما يكفي نفقة، ثم تتراكم عليه الديون، وبعد ذلك لا يستطيع أن يسدد، وإن كان عنده إيجار بعد ألف تكفف الناس، لماذا؟ يريد أن يشتري سيارة، سيارة جديدة بمائة ألف، يأخذها أقساط بمائة وعشرين، بمائة وثلاثين، من أجل إيش؟ من أجل المباهاة، وإلا مثل هذا يكفيه سيارة بعشرة آلاف، وبدل ما هو بالقسط كذا يكون عشر القسط، في أمر يطيقه، المقصود أن الناس تساهلوا في أمر الدين وشأنه مثل ما ذكرنا عظيم، إذا كان الإمام لا يصلي على المدين، ولا تكفر ذنوبه، الشهادة التي تكفر الذنوب لا تكفر الدين، فعلى الإنسان أن يحتاط لنفسه، وبعض الصحابة أخلى من هذا الحديث ((من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدى الله عنه)) وجاء عنه -عليه الصلاة والسلام-: ((إن الله مع الدائن حتى يقضى دينه)) وجاء أيضاً من حديث عائشة: ((ما من عبد كانت له نية في وفاء دينه إلا كان له من الله عون)) فبعضهم يستدين يطلب من الله العون، ويطلب من الله الوفاء، لكن مع ما جاء من النصوص المرفوعة، وفي الحديث ما ذُكر يريد أداءه أدى الله عنه، لكن لماذا تعرض نفسك لمثل هذا؟ أنت في ساعة فلماذا تضيق نفسك؟ الله -جل وعلا- لا يخلف الميعاد، هو يؤدي عنك، لكن لماذا تعرض نفسك لمثل هذا؟ ومثل هذا وعد كالوعد بإجابة الدعاء، قد يحصل هناك مانع من الأداء؛ لأنك أخذته من غير حاجة تكثر مثلاً، فلا يؤدى عنك، قد أخذته لتشتري به محرماً أو مكروهاً أو ما لا حاجة لك به، مما يدخل في حيز الإسراف، فمثل هذا يمنع من هذا الوعد، وإن كان الله -جل وعلا- لا يخلف الميعاد، لكن يبقى أن مثل هذا حكمه أدى الله عنه حكمه حكم الدعاء قد يحصل له ما يمنع من الأداء، ولا شك أن الدين كما يقول أهل العلم ذل بالنهار

وهم بالليل، حتى قال بعضهم: أنه ما دخل الدين في قلب رجل إلا خرج من عقله بقدره ما لا يعود إليه، الدين ذل بلا شك، والدائن صاحب معروف عليك، ولو رفع صوته عليك، لو آذاك ما أحد يلومه، تعرض نفسك للإهانة، تعرض نفسك أحياناً للحجر، وتعرض نفسك أحياناً للسجن والتأديب، فمثل هذا الإنسان في غنية عنه، والله المستعان. وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "قلت: يا رسول الله إن فلاناً قدم له بز من الشام فلو بعثت إليه فأخذت منه ثوبين بنسيئة إلى ميسرة، فأرسل إليه فامتنع" أخرجه الحاكم والبيهقي، ورجاله ثقات. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

"وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: قلت: يا رسول الله إن فلاناً" ولم يسمّ في الطرق كلها ستراً عليه، لأنه حصل منه ما يمكن أن يذم به، فتسميته لا داعي لها "إن فلاناً قدم له بز من الشام" البز: خرق "فلو بعثت إليه فأخذت منه نسيئة إلى ميسرة" فالنبي –عليه الصلاة والسلام- ما يملك قيمة ثوبين، ومات -عليه الصلاة والسلام- ودرعه مرهون بأمداد من شعير، يأكله هو وأهل بيته، فهذه حالته -عليه الصلاة والسلام-، وهذا عيشه، وهو أفضل الخلق وأكرم الخلق على الله، ما يملك قيمة ثوبين، أراد أن يشتري نسيئة، دين بالآجل من هذا الرجل الذي لم يسم، لكن ما الذي حصل؟ بعث إليه -عليه الصلاة والسلام إلى الرجل فامتنع، رفض، إلى ميسرة، بعض الناس يحسب إذا قيل له: تقرض فلان، الشيخ الفلاني عنده ضائقة لو أقرضته؟ قال: لا يا أخي بدل ما أقرضه أدينه لكي استفيد، أو أدين غيره، بعد يمكن يصير فيه إحراج وإلا شيء، أبحث عن غيره، عن شخص ما فيه إحراج، هذا امتنع إلى ميسرة يبيع بالنقد من أجل أن يستفيد، وهذا الرجل احتمال أن يكون مسلماً أو غير مسلم؛ لأنه ما سمي، احتمال أن يكون مؤمناً، واحتمال أن يكون منافقاً، لكن إذا امتنع المؤمن من إقراض النبي -عليه الصلاة والسلام- يأثم وإلا ما يأثم؟ هذا ليس فيه أمر شرعي بأن يفعل، أراد القرض فامتنع، ويوجد من يتسابقون ويتقاتلون على خدمته -عليه الصلاة والسلام-، والناس منهم المعطى، ومنهم المحروم، هذا امتنع، والحديث أخرجه الحاكم والبيهقي، ورجاله ثقات، ومصحح أيضاً من قبل جمع من أهل العلم، فهذا الامتناع من هذا الرجل لا شك أنه حرمان، لكن يبقى هل هو آثم أو ليس بآثم؟ هذا ليس من المسائل التي .. ، وإن كان فيها خدمة للنبي -عليه الصلاة والسلام- لكن لا يُأثم فيها؛ لأنها ليس فيها أمر شرعي، نعم. وعن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((الظهر يركب بنفقته إذا كان مرهوناً، ولبن الدر يشرب بنفقته إذا كان مرهوناً، وعلى الذي يركب ويشرب النفقة)) رواه البخاري.

وعنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا يُغلق الرهن من صاحبه الذي رهنه، له غنمه، وعليه غرمه)) رواه الدارقطني والحاكم، ورجاله ثقات، إلا أن المحفوظ عند أبي داود وغيره إرساله. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "وعن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((الظهر يركب بنفقته إذا كان مرهوناً)) " وهذا داخل في الترجمة؛ لأن الترجمة في أبواب السلم والقرض والرهن، الترجمة تشمل الأبواب الثلاثة، السلم تقدم، والرهن هذان الحديثان يدخلان فيه، والرهن في الأصل: الحبس والاحتباس، الارتهان: الاحتباس، والرهن الحبس {كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ} [(38) سورة المدثر] والمال المرهون، المرتهن محبوس عند المرتهن، وهو في اصطلاح أهل العلم توثقة دين بعين، يمكن الاستيفاء من قيمتها، وجاء ذكره وتشريعه في آخر سورة البقرة، {وَإِن كُنتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُواْ كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَّقْبُوضَةٌ} [(283) سورة البقرة] فالرهن مشروع بالكتاب والسنة والإجماع، على خلاف بينهم في الرهن بالحضر، والرهن إذا لم يمكن قبضه، وعلى كل حال أصله مشروع بالإجماع. يقول: "عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((الظهر يركب بنفقته)) " الظهر ظهر الدابة مما جرت العادة بركوبه، كالحمار والبعير والخيل والبغل، وما أشبه ذلك، هذا يركب بنفقته، وعرفنا أنه إذا كان مما جرت العادة بركوبه، لكن لو كان شخص عنده خروف، قال: والله أنا انفق عليه ولا فيه لبن ولا شيء، أركب، نقول: لا يا أخي هذا ما يركب، وجاء في الحديث الصحيح في البخاري لما ركب بقرة التفتت عليه وقالت: إنا لم نخلق لهذا، التفتت وتكلمت وقالت: إنا لم نخلق لهذا، يعني ما خلقنا للركوب، فعلى هذا الذي لم يخلق للركوب لا يجوز ركوبه، لو عندك خروف قوي يتحمل تركب وإلا ما تركب؟ ما تركب، ما خلق لهذا، فالظهر يركب إذا كان مما جرت العادة بركوبه، بنفقته في مقابل النفقة، والغرم مع الغنم، إذا كان مرهوناً.

((ولبن الدر يشرب بنفقته)) الدر هو اللبن، فيكون من إضافة الشيء إلى نفسه، أو يكون الدر وصف للبن فيكون من إضافة الشيء إلى صفته ((يشرب بنفقته إذا كان مرهوناً، وعلى الذي يركب ويشرب النفقة)) أولاً نفقة الدابة على صاحبها، هذا الأصل، فِإن أنفق عليها غيره فلا بد من نية الرجوع، ليرجع إليه، ولا بد من تخويل من قبل الحاكم، إلا إذا خشي عليها التلف قبل إبلاغ الحاكم فهو ينفق ويرجع، فإذا أنفق المرتهن له أن يركب، إذا أنفق المرتهن له أن يحلب ويشرب، لكن إذا كانت النفقة من قبل الراهن، صاحب العين الذي رهنها عند الدائن فليس للدائن أن يركب، وليس له أن يشرب ((وعلى الذي يركب ويشرب النفقة)) الغرم مع الغنم، والعمل بهذا الحديث وهو الإنفاق على الدابة من قبل المرتهن، والإفادة منها بقدر ما أنفق هو مذهب الإمام أحمد وإسحاق، وخصوه بالركوب وباللبن، يعني بما جاء في هذا الحديث، والحديث في البخاري، قالوا: يركب ويشرب فقط، طيب رهنه خروف هل يجز من صوفه بقدر نفقته؟ نعم؟ على هذا القول؟ لا، خصوه بما جاء في الحديث، بالركوب وشرب اللبن فقط، والسبب أن الحديث جاء على خلاف القياس فلا يُتعدى موضع النص، وجمهور الفقهاء ردوا مفاد الحديث وقالوا: المرتهن لا يركب ولا يشرب، الحديث صحيح وصريح، قالوا: لا الذي يركب ويشرب وينفق هو صاحب الدابة لا المرتهن، وأما إنفاق غير صاحب الدابة عليها أو استعماله لها هذا على خلاف الأصل، وترده على ما قالوا: أصول مجمع عليها ((ولا تحلب ماشية امرئ بغير إذنه)) لكن لو حصل الإذن وقت الرهن، قال المرتهن: عليّ النفقة ولي شرب اللبن، أو الركوب إذا كانت الدابة مما يركب، يعارض هذا الحديث (إلا بإذنه) أذن، فلا خلاف في مثل هذا، لكن المسألة وضع عنده الدابة ومشى، أنا باقترض منك واستدين منك وأضع عندك هذا تأمين، يسمونه تأمين الآن، فمثل هذا يقولون: ترده أصول مجمع عليها ومنها: ((لا تحلب ماشية امرئ بغير إذنه)) وقالوا: إن الحديث حديث الباب منسوخ، نسخه حديث ابن عمر ((لا تحلب ماشية امرئ بغير إذنه)) والنسخ لا يثبت بمجرد الاحتمال، بل لا بد من معرفة التاريخ، والأمر الثاني: أن النسخ إنما يصار إليه إذا تعذر الجمع، والجمع ممكن

هنا بحمل العام على الخاص، فلا تحلب ماشية امرئ بغير إذنه بحال من الأحوال إلا في حال الرهن، هناك قول لبعض العلماء، وهو أن المراد من الحديث إذا امتنع صاحب الدابة من الإنفاق عليها ينفق عليها المرتهن، ويستفيد منها بقدر نفقته، وما الذي يقدر مساواة النفقة لما استفادة، أنفق عليها علف بخمسة أريل يومياً، وفيها من اللبن لتر مثلاً، واللتر يباع في الأسواق بخمسة، افترضنا أن فيها لترين، ماذا يصنع؟ يترك الزائد في ضرعها؟ أم ماذا يفعل؟ لو افترضنا العكس تأكل بعشرة ولا فيها إلا لتر، واللتر في البقالة بخمسة مثلاً، أقول: لا بد من تقدير النفقة، وأنها بقدر ما يأخذ منها، فلا يأخذ منها أكثر ولا أقل، فعلى هذا القول، القول الأخير أن المرتهن لا ينفق، وإذا أنفق لا يرجع إلا إذا امتنع الراهن، فإذا امتنع الراهن وخُشي على الدابة من الموت، اتجه القول بأن المرتهن ينفق، ويستفيد منها بقدرها، وعلى كل حال مفاد الحديث ظاهر، والقول الأول هو الراجح المطابق للحديث، لكن أنت افترضنا بأنه يمكن الإفادة من الرهن وهو لا يحتاج إلى نفقة، اقترض منك مبلغ من المال وارتهن عندك كتاباً، رهن عندك كتاباً، تقول: استفيد منه كما يستفيد من مالي أستفيد منه، لكن أنت تنفق على الكتاب وإلا ما تنفق؟ ما تنفق عليه، لكن قد يخرج بحجة أخرى، يقول: أنا باستعمل الكتاب وإن احتاج إلى تجليد جلدته، يكفي مثل هذا وإلا ما يكفي؟ يقول: الكتاب جالس ولن يتضرر بالقراءة، لكن إن تضرر وانفك الجلد وإلا شيء جلدته، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . إذا أذن ما في إشكال، الأمر لا يعدوه، لكن هذا سلمه الكتاب ومشى، رهن، كيف؟ طالب:. . . . . . . . .

يعني يجوز؟، ترى بعض الناس ما يريد أن يفتح كتابه، وبعض الناس ما يعرف كيف يفتح الكتاب؟ وبعض الكتب حساسة، يعني كتب مطبوعة من مائة سنة أو أكثر أو أقل، يعني حساسة، مثل هذا هو الذي يستحق أن يرهن ويجعل صاحبه يفي، أما الكتب المطبوعة الجديدة يرهنه ويمشي ويخليك، الآن المكتبات تعاني من الرهن، اللي يسمونه تأمين، تضع تأمين لهذا الكتاب يأتي الطالب ويستعير كتاب، وتضع تأمين لهذا الكتاب، والآن في بعض المكتبات من خمسين سنة التأمين موجود في الأدراج ألغيت العملات والكتب ضاعت، وقد يضع عندك الطالب خمسين ريال تأمين لهذا الكتاب، وأمين المكتبة لا يقدر الكتاب قدره، ثم يقول: ضاع الكتاب، وأحياناً يأخذون العهود والمواثيق والأرقام والدنيا ذي كلها؛ لأنه طالب مسجل في الجامعة مثلاً، ما يحتاج إلى رهن، متى ما بغوه جابوه، وبأيديهم شهادة، وبأيديهم نتيجته ولا يعطونه إخلاء طرف حتى يرجع ما أخذه، فيتحايل عليهم الطالب ويأتي إلى كتاب عنده منه نقص منه مجلد، وهو كتاب نفيس يستعير هذا المجلد، ثم يأتي المكتبة يقول: ضاع، أو يأتي إلى كتاب طبعة نادرة، طبعة أوربية أو هندية قديمة، من المطبوعات النفيسة، أو من مطبوعات مكة القديمة، المجلد بألفين ثلاثة، وطريقة المكتبات تأخذ خمسة أضعاف القيمة، فمثلاً يأتي يستعير لب اللباب للسيوطي طبعة أوروبا قيمته ثلاثة آلاف مثلاً، ثم يأتي إلى المكتبة يقول: ضاع، أمين المكتبة يتصل رأساً على المكتبات عندكم لب اللباب، نعم، كم؟ بخمسة عشر ريال، طبعة دار الكتب العلمية مجلدين، خمسة عشر في خمسة، كم؟ خمسة وسبعين، هات خمسة وسبعين وتوكل على الله، فمثل هذه الأمور تدخل في مثل هذا الباب، فلا بد من العناية بها، والاحتياط لها، وهذه الأملاك العامة التي للناس كلهم أمرها شديد، ليست بالسهل أن يفرط فيها الإنسان أو لا يحتاط، وبعض الناس يحتاط لنفسه، ولا يحتاط لأموال بيت المال، أو ما يعم المسلمين نفعه، فالمكتبات تحتاج إلى خبراء يقدرون الكتب قدرها.

في الحديث الذي يليه يقول: "وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا يغلق الرهن من صاحبه الذي رهنه، له غنمه، وعليه غرمه)) " أولاً: الحديث ضعيف؛ لأن الراجح أنه مرسل، الراجح إرساله كما قرر ذلك أبو داود في المراسيل، فالمحفوظ إرساله، وحينئذٍ وصله شاذ والشاذ ضعيف عند أهل العلم، والمرسل ليس بحجة، كما يقول الإمام مسلم: "والمرسل في أصل قولنا وقول أهل العلم بالآثار ليس بحجة" ورده جماهر النقادِ ... للجهل بالساقط في الإسنادِ وصاحب التمهيد عنهم نقله ... ومسلم صدر الصحيح أصله فهو ضعيف، ولا (يغلق) بفتح حرف المضارعة الياء، يعني لا يخرج عن ملكه بغير رضاه، مع أن الحديث ضعيف، لا يخرج عن ملكه بغير رضاه، رهنه داراً، استدان منه ديناً خمسمائة ألف ورهنه داراً بستمائة ألف، فبحلول الأجل يبيع الدار مباشرة ويستوفي؟ لا، هذا إغلاق: إخراج للملك من صاحبه بغير رضاه، لكن إذا أذن، ويقول: والله أنا رهنتك البيت ولا عندي سداد تصرف بع البيت واستوف منه، يجوز وإلا ما يجوز؟ يجوز ذلك؛ يعني وكله ببيعه والوكالة صحيحة سائغة. ((لا يغلق الرهن من صاحبه الذي رهنه، له غنمه، وعليه غرمه)) هذه قاعدة: الخراج بالضمان، فالذي يستفيد هو الذي يغرم، والذي لا يستفيد من الشيء لا يلزمه شيء حياله "رواه الدارقطني والحاكم، ورجاله ثقات، إلا أن المحفوظ عند أبي داود وغيره إرساله". وقوله: ((له غنمه، وعليه غرمه)) اختلف فيه هل هو من المرفوع أم هو من قول سعيد بن المسيب مدرجاً؟ والخلاف معروف، كثير من الرواة يروون الحديث بغير هذه الجملة، مما جعل بعضهم يرى أن هذه الجملة مدرجة من قول سعيد. وعن أبي رافع -رضي الله تعالى عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم-: "استسلف من رجل بكراً، فقدمت عليه إبل من الصدقة فأمر أبا رافع أن يقضي الرجل بكره، فقال: لا أجد إلا خياراً رباعياً، قال: أعطه إياه فإن خيار الناس أحسنهم قضاء" رواه مسلم.

وعن علي -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((كل قرض جر منفعة فهو ربا)) رواه الحارث بن أبي أسامة، وإسناده ساقط، وله شاهد ضعيف عن فضالة بن عبيد -رضي الله تعالى عنه- عند البيهقي، وآخر موقوف عند عبد الله بن سلام -رضي الله عنه- عند البخاري. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: فيما يخص القرض من الترجمة الشاملة للسلم والرهن والقرض: "عن أبي رافع -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- استسلف من رجل بكراً" والحديث مضت الإشارة إليه في بيع الحيوان بالحيوان نسيئة، وجاء فيه المنع من حديث سمرة، وجاء فيه الترخيص والتجويز من حديث عبد الله بن عمرو، وقلنا: إن حديث الباب: "استسلف" لا يدخل في البيع، بيع الحيوان، لا في جوازه، ولا في منعه، إنما هو في القرض، استسلف يعني اقترض، وقرض الحيوان مثل قرض الدراهم والدنانير.

"استسلف من رجل بكراً" البكر: الصغير من أولاد الإبل، فوق الفصيل وليس بالكبير، "فقدمت عليه إبل من إبل الصدقة فأمر أبا رافع أن يقضي الرجل بكره" يعني أعطوه مقابل البكر الذي استسلفناه بسنه، "فقال: لا أجد إلا خياراً رباعياً" خيار جيد نفيس رباعي كبير، "لا أجد إلا خياراً رباعياً، فقال: أعطه إياه، فإن خيار الناس أحسنهم قضاء" الحديث في مسلم، فدل هذا على جواز الاقتراض والقرض، بل جاء الحث عليه في نصوص كثيرة، ودل على جواز الزيادة في الأداء من غير اشتراط، مثل ما ذكرنا سابقاً تقترض ألف فتضيف إليه شيء من غير اشتراط يجوز، لكن بالاشتراط لا يجوز، وهل يحرص الإنسان على أن يرد ما اقترض؟ فأمر أبا رافع أن يقضي الرجل بكره، يعني نظير بكره، وإنما لجأ إلى الخيار الرباعي لما لم يجد، أو نقول: ابتداء يعمد إلى الأفضل، فيؤدي ويكون هذا من حسن القضاء، نعم يعمد إلى الأفضل فيقضي الأفضل، والعلة قائمة "فقال: أعطه إياه، فإن خيار الناس أحسنهم قضاء" وينبغي أن يكون المسلم سمحاً إذا قضى وإذا اقتضى، لا يضيق على الناس ويحرجهم ويحوجهم، وإذا استدان لا يحرجهم، ولا يحوجهم إلى الترديد أو الشكاوى، أو ما أشبه ذلك، على ما سيأتي في حديث: ((لي الواجد ظلم)) هل يدخل في هذا القرض الذي يجر نفعاً؟ الذي يأتي في حديث علي -رضي الله تعالى عنه- حيث قال المؤلف -رحمه الله تعالى-: "وعن علي -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((كل قرض جر منفعة فهو ربا)) " هذا جر نفع، فهل يتعارض الحديث الأول مع الثاني؟ انتفع المقرض فهل نقول: إنه ربا، أو نقول: إذا جر نفعاً بالاتفاق أما من غير اتفاق وجود نفس من المقترض فهذا من حسن القضاء؟ أما إذا كان من غير طيب نفس منه، بل بما يشترط عليه فإنه هذا الذي يجر النفع، على كل حال الحديث ضعيف.

يقول: " ((كل قرض جر منفعة فهو ربا)) رواه الحارث ابن أبي أسامة، وإسناده ساقط" يعني شديد الضعف، إسناده ساقط، وهو أقرب إلى أساليب الفقهاء، الحديث أقرب إلى أساليب الفقهاء من الأحاديث النبوية، إسناده ساقط يقولون: فيه سوار بن مصعب متروك، يعني شديد الضعف متهم بالكذب، متروك، ولهذا قال الحافظ: "وإسناده ساقط" وله شاهد ضعيف عن فضالة بن عبيد عند البيهقي، لكنه موقوف، عند البيهقي عن فضالة بن عبيد موقوف عليه، ومع ذلكم هو ضعيف، وله أيضاً شاهد عند البخاري عن عبد الله بن سلام، لكنه موقوف عليه، عندنا الأصل حديث علي المرفوع ساقط، وجوده مثل عدمه، لا يُعتد به، له شاهد عن فضالة بن عبيد موقوفاً عليه عند البيهقي، لكنه ضعيف، له شاهد موقوف عند البخاري عن عبد الله بن سلام، شاهد صحيح، لكنه موقوف عليه، فهل نقول: إن الحديث الضعيف يتقوى بالموقوف، أو لا بد من مرفوع يقويه؟ يعني إذا كان موقوف على عبد الله بن سلام فهو من قوله، ومن فتواه، فهل يتقوى المرفوع بمثل هذا الموقوف؟ قلنا: إن المرفوع ساقط وجوده مثل عدمه، وضعفه شديد لا يقبل الانجبار، فلا يتقوى بالموقوف، ويبقى أن المعول في هذا الباب على قول عبد الله بن سلام الموقوف عليه، والشارح الصنعاني يقول: إنه لم يجده عند البخاري، لم يجد خبر عبد الله بن سلام عند البخاري، في باب الاستقراض، ولا نسبه المصنف إليه في التلخيص، بل عزاه إلى البيهقي في السنن الكبرى، فيبعد أن يكون في البخاري ولا يجده الصنعاني، ولا يقف عليه، ويعزوه ابن حجر إلى البيهقي في السنن الكبرى، والحديث أو الخبر في البخاري في موضعين، السبب في ذلك أن الإمام البخاري أحياناً يغرب في الاستنباط، فيضع الخبر تحت ترجمة لا تخطر على البال، كم من شخص حكم على حديث ضباعة بنت الزبير أن الإمام البخاري لم يخرجه، ما خرجه البخاري، لماذا؟ في الاشتراط ((حجي واشترطي، فإن لك على ربك ما استثنيت)) في كتاب الحج، في الإحصار، في الفوات، ما في، لا يوجد في كتاب المناسك عند البخاري، ولا في الفوات والإحصار، وين يبحث هذا؟ ولذا قالوا: وهم من عزاه إلى الصحيحين، والحق أنه في البخاري، لكن البخاري لحظ ملحظ، لا يدركه كثير من الناس، وضعه

الإمام البخاري في كتاب النكاح في باب الأكفاء في الدين، وذلكم أن ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب ابنة عم النبي -عليه الصلاة والسلام- القرشية الهاشمية تحت المقداد، والمقداد مولى، وترجم: باب الأكفاء في الدين، فاستنبط البخاري هذا الحكم، وأعرض عن الدلالة الأصلية التي لا تخفى على أحد، قد يترك الحكم الظاهر من الخبر ويعمد إلى الخفي نوعاً ما، لكن ماذا على البخاري -رحمه الله- لو كرره في موضعين مرة بالحج ومرة بالنكاح؟ وقد كرر بعض أحاديث في عشرين موضع، لكن يكفيه أنه جمع واحتاط وهذب ونقح، وحرص، ودقق ومحص واستنبط، يكفيه هذا -رحمة الله عليه-، وعلى كل حال الحديث ضعيف، ومفاده كالمتفق عليه، فإذا اقترض شخص من آخر شيئاً واشترط عليه المقرض أن يزيده في الوفاء عين الربا، أن يهدي له، أن يخدمه، هذا باب من أبواب الربا. ندخل في الباب الذي يليه أو في أسئلة؟ وإلا ماذا نصنع؟ نعم؟ نأخذ الحديث الذي يليه، وإلا دب الملل؟ طالب:. . . . . . . . . الأصل إلا بإذن صاحبه؛ لأنه لا ينفق عليه، مثل ما قلنا في الخروف، كبش من الضأن نفس الشيء. طالب:. . . . . . . . . ينفق عليه صاحبه، إذا امتنع ينفق عليه المرتهن ليحفظ بذلك ماليته، وهذه النفس المحترمة شرعاً بنية الرجوع، ويلزم به الراهن، كيف؟ طالب:. . . . . . . . . حديث علي؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . هو عند البخاري برقم (3814) وأظن هناك وضع له رقم ثاني، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . نسخ إيش؟ طالب:. . . . . . . . . لا لا تخصيص، نسخ جزئي، ما هو بنسخ كلي، نسخ تخصيص، فلا تحلب ماشية أحد إلا بإذنه إلا في الرهن، الرهن ما يحتاج إلى إذن إذا أنفق عليه. طالب:. . . . . . . . . إيه إذا ما أنفق بأي حق؟ طالب:. . . . . . . . . بالاتفاق، إلا إذا تضرر المرهون، أحياناً يتضرر المرهون، إذا كان الراهن متبرع ويومياً يحضر العلف، يعني هل للمرتهن وجه أن يستفيد؟ أن يركب؟ لا، ليس له وجه. يقول: ما رأيكم في كتاب التسهيل في الفقه للبعلي؟ وماذا لو حفظه طالب العلم بدل العمدة أو زاد المستقنع مع قراءة عمدة الفقه وضبط مسائله؟

مسألة ينبغي انتباه طلاب العلم لها، وهو كل ما كانت إمامة المؤلف في الدين أرسخ فكتابه أولى، فتقرأ للموفق إمام من أئمة المسلمين أفضل من أن تقرأ لغيره، فهذا العلم دين، ينظر عمن يؤخذ هذا الدين، ولا يمنع من الإفادة من الكتب الأخرى، لكن يبقى أن يكون المعول والعمدة والمدار ومحط النظر هو كتاب إمام من أئمة المسلمين، وينطلق منه، والعمدة متن متين، اعتمد المؤلف -رحمه الله تعالى- في مسائل الكتاب على الأحاديث الصحيحة، كيف؟ طالب:. . . . . . . . . إيه هو الأصل، ما دام له الغنم وعليه الغرم بالمقدار، فإن ركب أكثر مما أنفق، يعني أنفق عليه بعشرة، وراح عليه مشاوير بعشرين أو بثلاثين، نقول: لا يا أخي أنت زدت ... نعم؟ طالب:. . . . . . . . . يغرم، يلزم بالغرامة، ومثله لو أخذ من اللبن أكثر، ولو أخذ من اللبن أو ركب أقل يرجع على صاحبه، المسألة عدل، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . هذا الرهن، المرهون، يبيع عليه المرهون، انتهينا من البيع ومما فيه، خمسين ألف وثبت في ذمته خمسين، فقال: أشتري منك البيت بمائة ألف، الخمسين التي بذمتك والزود هذا هو، وش يصير؟ ما في ما يمنع، لا أبد، لكن لا يلزم بذلك. يقول: إذا صام الرجل صيام نافلة، ونوى من الليل أن يصوم يوم الاثنين، وأثناء النهار أحس بجوع أو عطش شديد، فهل عليه إثم؟ لا، ما دام الصيام نفل فالمتطوع أمير نفسه، إن شاء صام، وإن شاء أفطر، على أنه لو تابع الصيام كان أفضل من باب قوله -جل وعلا-: {وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} [(33) سورة محمد]. يقول: ماذا تنصح عند أخذ علم الفرائض؟ كيف أستطيع كسب هذا العلم؟ وما هي الكتب التي ينصح بها؟ ينصح بحفظ الرحبية مع شروحها، تحفظ الرحبية، وتدرس شروحها، وكتاب الفوائد الجلية للشيخ ابن باز من أنفع الكتب في هذا الباب. هل الرهن خاص بالسفر؟ لا عامة أهل العلم أنه في الحضر والسفر، والتنصيص على السفر لمسيس الحاجة إليه، لأنه في الغالب لا يوجد فيه كاتب. هل لا بد من قبض الرهن حتى يستوفى منه؟ الرهن الأصل أن يكون مقبوضاً، لكن إذا كان مما لا يمكن قبضه كالأراضي مثلاً إلا بالتخلية كفى. هل يلجأ للرهن إن وجدت الكتابة؟

نعم قد يلجأ إليه مع وجود الكتابة، زيادة التوثقة. يقول: الزواج من الصغيرة غير البالغة هل أجمع الفقهاء على الزواج من الصغيرة غير البالغة؟ الرسول -عليه الصلاة والسلام- تزوج عائشة وعمرها ست سنوات، وبان بها وعمرها تسع. هل يجوز تسليم الصغيرة لزوجها؟ هذا الأصل، ما دام عقد عليها فهو أولى بها، وقد سلمت عائشة للنبي -عليه الصلاة والسلام- وبينهما من العمر خمسة وخمسين سنة. هل يجوز التمتع بالصغيرة دون الجماع؟ يجوز ذلك. هل يجوز المنع من الزواج من الصغيرة، والقول بأنه من خصوصيات الرسول، وأن آية سورة الطلاق تعني البالغة التي لا تحيض ... ؟ على كل حال قصة عائشة دليل صريح صحيح على الجواز. هذا يقول: تفسير ابن كثير أين نجد طبعة أولاد الشيخ؟ هي توجد، لكنها على قلة، في بعض المكتبات غير المطروقة، وقد توجد في المعارض. إن لم توجد هذه الطبعة ففي أي طبعة تنصح؟ تقرن بين طبعة البناء التي كان أصلها طبعة الشعب مع طبعة السلامة. إن كنت أريد شراء نسختين واحدة على العرضة القديمة، وأخرى ... إن كنت تريد طبعتين على العرضة القديمة طبعة الشعب الأولى، وتضيف إليها أخرى. حكم صلاة تحية المسجد؟ جماهير أهل العلم على أنها سنة. طالب: أفضل الطبعات -رعاك الله- طبعة الشعب لتفسير ابن كثير؟ تفسير ابن كثير أفضل الطبعات الآن طبعة أولاد الشيخ، خمسة عشر جزء، الذي لا يجدها يحرص على طبعة البناء مع طبعة السلامة. والجديدة التي في طيبة، السلامة. . . . . . . . . طبعته الثانية أفضل من الأولى ولا تسلم، لكن إذا ضمت إلى طبعة البناء طيب. يقول: ما حكم قراءة الإمام في الجهرية بعد سورة الفاتحة سورة الفاتحة مرة أخرى باعتبار أنها مما تيسر من القرآن؟ أهل العلم ينصون على كراهية تكرار الفاتحة. يقول: بالنسبة لدورتكم المباركة في الرياض هل سينتهي من المتون المعلن عنها؟ ألفية العراقي لن تنتهي، والموطأ نحرص على إنهاء كتاب البيوع، وأما المتون الثلاثة الصغيرة فالذي يغلب على الظن الانتهاء منها. معلم في مدرسة يدرس حلقة صباحية لبعض الطلاب المتفوقين، ويدرسهم مادة وبعضهم لا يدرسهم، فأعطوه جائزة على جهوده قبل نهاية العام هل يجوز أن يقبلها؟ نعم، إذا كانت الجائزة ليست من الطلاب، ولو كانت من الطلاب من باب أخذ الأجرة على تعليم القرآن ((إن أحق ما أخذتم عليه أجراً كتاب الله)) والله أعلم. وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

كتاب البيوع (11)

بلوغ المرام - كتاب البيوع (11) باب: التفليس والحجر الشيخ: عبد الكريم الخضير هذا سائل يقول -مو بسائل طلب-: هلا تكرمتم بحث طلاب العلم على العناية بكتاب الله، وحضور دروس التفسير. على كل حال كتاب الله لا يختلف اثنان من المسلمين في فضله وشرفه، والثواب المرتب على قراءته وتدبره وحفظه والعمل به، وما يعين على حفظه وفهمه وتدبره، كل هذا يكون مطلوباً تبعاً لطلب الأصل؛ لأن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، ولا نستطيع أن نعرف معاني كتاب الله إلا من خلال ما جاءنا عن سلف هذه الأمة المدون في كتب التفسير، ففهم المعاني يعين على الحفظ، ويعين على التدبر، فلا غنى لطالب العلم عن كتب التفسير، لا سيما المؤلفة من قبل الأئمة الموثوقين، المعروفين بسلامة المعتقد، وتكلمنا في مناسبات كثيرة فيما يبدأ به طالب العلم من كتب التفسير، ويتدرج في تعلم هذا العلم. يقول: إذا اشترى رجل من أخر سلعة ليست عنده، ولكن البائع ذهب إلى السوق واشتراها له، هل هذه الصورة تعتبر من السلم أو من بيع ما لا يملك؟ هذه من بيع ما لا يملك ((لا تبع ما ليس عندك)) إلا إذا اشتراها لصاحبها بالوكالة، وحينئذٍ لا يجوز أن يزيد عليه شيئاً في قيمتها، وله أن يأخذ أجرة المثل. هذا مثله يقول: كثير من أصحاب المحلات التجارية خاصة ما يتعلق بالأجهزة ونحوها قد لا يكون عندهم السلع المطلوبة، فإذا جاءهم المشتري باعوا له بعض تلك السلع، ومن ثم يقومون باستجلابها، وتوريدها من موزعيها؟ هذا بيع ما لا يملك، ((لا تبع ما ليس عندك)). وهل تدخل فيما يسمى بالسلم الحال؟ وما الراجح؟ علماً بأن المجيزين له يقولون: إنه إذا جاز السلم مع الأجل فجوازه بدونه من باب أولى؟ حديث حكيم بن حزام نص صحيح صريح في منع هذه الصورة. يقول: جاءني رجل فأعطاني سبعة آلاف ريال، يقول: هي من كسب ربوي، مال ربا، وقد تاب إلى الله تعالى فهل يجوز أن أطعمها لأسرة فقيرة بلغت بها الفاقة والعوز ما يفوق الوصف؟ أم أن هذا المال سحت فلا يجوز لهم أكله؟

على كل حال إن الله طيب لا يقبل إلا طيب، فلا يتصدق بها على هذه الأسرة بنية الصدقة، وإنما بنية التخلص، وإن وجدت المصارف المناسبة لهذا المال الخبيث من مصرف خبيث فهو أولى. يقول: ما رأيكم في كتاب (منهاج السالكين) للشيخ عبد الرحمن بن سعدي؟ ومتى نقرأه بين كتب ابن قدامة؟ يقرأ قبل كتب ابن قدامة؛ لأنه ألف بأسلوب سهل ميسر يفهمه كل طالب، ليس فيه ما يشكل. يقول: إذا باع قبل بدو الصلاح ثم صلحت هل البيع صحيح؟ البيع ليس بصحيح، يجدد العقد. هل يجوز تقديم نصف مبلغ تجهيز مطبخ مثلاً، ثم يعطى باقي المبلغ بعد صناعة الأرض وتركبيها؟ القيمة الأصل أن تكون بعد أو مع استلام السلعة، وإذا قدم بعضها وأخر بعضها حسب الاتفاق بينهم، فالأمر لا يعدوهم. يقول: من كان عنده خادمة غير مسلمة، ويريد العمرة هل يجوز له أن يدخلها مكة؟ لا يجوز له ذلك. يقول: ورد في بعض الشروح للبلوغ أن الرجل الذي طلب منه الرسول -عليه الصلاة والسلام- ثوبين قرض أنه يهودي؟ هو اللائق بأخلاق اليهود، وإن لم يكن فالذي يغلب على الظن أنه من المنافقين. ما حكم الجمعيات التي تكون بين الموظفين؟ هل تدخل في حديث: ((كل قرض جر نفعاً فهو ربا))؟ لا يظهر لي وجه المنع فيها. هذا يسأل: ما أفضل الشروح لبلوغ المرام؟ سبل السلام هو من أفضل الشروح الموجودة، وتوضيح الأحكام للشيخ البسام أيضاً شرح طيب ومرتب وسهل. المسائل مكررة. يقول: ما الدليل على طلوع النجم؟ ولماذا يصرف عن لفظ الشارع: ((حتى يبدو صلاحها)) إلى طلوع النجم؟ ورد به بعض الأحاديث، التحديد بطلوع النجم، وقد جرت العادة بأنه إذا طلع النجم أمن العاهة. يقول: يطلب توضيح حديث: ((لا يغلق الرهن من صاحبه))؟ المعروف أن الرهن إنما يجعل توثقة للدين، لهذه العين المرهونة، فإذا لم يوفِ المدين يمكن الاستيفاء من هذه العين برضا المدين، أما بغير رضاه هذا غلق الرهن، والحديث فيه كلام تقدم. يقول: ما حكم السلام حال شربه الدخان؟

يعني حال التلبس بالمعصية، حال تلبسه بالمعصية، يعني شخص واقف في الشارع أو جالس والناس يصلون، أو يزاول معصية في حال مزاولته للمعصية هل يسلم عليه أو لا يسلم عليه؟ إن كان ما زال في دائرة الإسلام، فالمسألة مسألة مصلحة بين الهجر والتأليف، فإن كان الهجر أنفع لا يسلم عليه، وإن كان التأليف والسلام عليه ثم دعوته بالرفق واللين يستجيب لذلك، فالمسألة مسألة علاج. يقول: كيف يوفق طالب العلم المجتهد الحريص بين الطلب لا سيما في علم الفقه؟ كيف يوفق بينه وبين مرققات القلب؛ لأنه قد يحصل بسبب كثرة التأمل ومطالعة كتب الفقه خاصة والنظر في الخلافات بين العلماء شيء من عدم الرقة في القلب فكيف يجمع بين ذلك طالب العلم؟ يجمع طالب العلم بين هذه الأمور بين الفقه والرقائق والزهد والفتن والاعتصام والتفسير والحديث والعقيدة، يجمع بين هذه الأمور؛ لأنها هي أبواب الدين، والنبي -عليه الصلاة والسلام- يقول: ((من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين)) وكلها من أبواب الدين، ويكون عنده من الخلل بقدر ما يهمل من هذه الأبواب، فلا بد من العناية بهذه كلها. يقول: رجل استخدم جوالاً حتى بلغ الذي عليه من المال خمسمائة ريال، ثم فصل عليه فلم يسدد، ثم أخذ جوالاً أخر بغير اسمه، فماذا يفعل؟ وما حكم عمله هذا؟ عليه أن يسدد أجرة المكالمات. وهل يعتبر ما يجري بين المشتري وأصحاب شركة الاتصال عقوداً يجب الوفاء بها؟ نعم، هم الآن يبيعون عليك المنفعة، فلا بد من إيفائهم الثمن. يقول: ما رأيك في طريقة وضع المسائل على أبواب الفقه، فمثلاً كتاب الطهارة، توضع له مسائل تلم بجميع الكتاب ليكون أسهل في الاستيعاب والفهم؟ وما هي الطريقة المثلى لاستيعاب مسائل الفقه؟

أولاً: كتب الفقه مرتبة على المسائل، الأبواب مرتبة على حسب أهميتها عند أهل العلم، وطريقتهم في الترتيب متقاربة حسب حاجة المسلم إلى هذه الأبواب، والمسائل ضمن هذه الأبواب مرتبة أيضاً، فالفقهاء يعنون بالترتيب، ويحاسبون أنفسهم على الكلمة، بل على الحرف، فهم من أدق الناس في هذا الباب، فكتبهم مرتبة، لكن الطريقة المثلى لاستيعاب مسائل الفقه تعتمد على كتاب واحد في مذهب معين، وتجعل هذا الكتاب محور بحث تسير عليه، تفهم هذه المسائل، مسائل الكتاب، وتستدل لهذه المسائل المجردة عن الدليل، وتعلل من الشروح، تذكر التعليل، وتنظر من وافق من أهل العلم على الحكم الذي افترضه صاحب الكتاب، ومن خالف، ودليل المخالف، توازن بين الأدلة، ثم ترجح، إذا انتهيت من كتاب على هذه الطريقة تكون ضبطت الفقه. يقول: قلتم في الأمس فيما يتعلق بالمنهجية في طلب العلم يبدأ بكتاب العمدة في الفقه ثم المقنع ثم الكافي ثم المغنى، فهل الأفضل حفظ متون هذه الكتب، أم يكتفي بقراءتها وتكراراها؟ وإذا قلتم: بالحفظ فلماذا لا يبدأ أولاً بحفظ الأحاديث المتعلقة بالأحكام كعمدة الأحكام وبلوغ المرام لأنها من كلام النبي -عليه الصلاة والسلام- الذي هو مقدم على غيره؟ بعض الناس يسمع الكلام في فن من الفنون ويفهم منه إلغاء غير هذا الفن، يعني لما نتكلم عن الفقه هل يعني هذا أننا نلغي التفسير أو العقيدة أو الحديث؟ ليس هذا معناه، نحن بصدد الكلام عن الفقه، فتطلب الفقه على هذه الطريقة، وتطلب العلوم الأخرى على طرق مماثلة. يقول: لماذا لا نعتمد أولاً بحفظ أحاديث ... ؟ أحفظ أحاديث الأحكام، تحفظ الأربعين ثم عمدة الأحكام ثم البلوغ، ثم المحرر، ثم بعد ذلك تقرأ ما شئت، مثل العلوم الأخرى. ما هو أفضل شروح عمدة الأحكام؟ وأفضل طبعة؟ وبأيها يُبدأ؟ أفضل شروح عمدة الأحكام ابن دقيق العيد، أحكام الأحكام لابن دقيق العيد، لكنه كتاب متين، يحتاج إلى معاناة، ويحتاج إلى شرح، وعليه حاشية للصنعاني نافعة، هذا من حيث الأفضل، هناك كتب سهلة خدمت عمدة الأحكام تعين على فهم ابن دقيق العيد، مثل شرح الشيخ فيصل بن مبارك مختصر وميسر، ومثل تيسير العلام للشيخ البسام، وغيرها من الشروح.

طالب:. . . . . . . . . مطول هذا، مطول وإلا فيه فوائد كثيرة. هل تنصحون بالتعمق في علم أصول الفقه؛ لأنه علم متين لا يدرك دقائقه إلا فحول الرجال على قول أحد السلف، وخاصة المطولات منه؟ أما علم الأصول، وعلوم العربية، وعلوم القرآن، ومصطلح الحديث هذه وسائل لفهم غايات، فيؤخذ منها ما يعين على فهم الغاية، فمثلاً النحو، إذا قرأت الآجرومية، وقرأت شروحها، وسمعت عليها الشروح المسجلة، ثم بعد ذلك القطر، وإن استفدت من الألفية في المواطن التي لم تمر عليك في الكتابين يكفيك، ما يلزم أن تقرأ مطولات النحو، لا كتاب سيبويه ولا شروحه، ولا المفصل، ولا شروحه، تقتصر منه على هذا القدر، وقل مثل هذا في أصول الفقه، إذا قرأت الورقات مع شروحها، وسمعت ما سجل عليها، وحضرت درس فيها، ثم مختصر التحرير، أو البلبل مع شرحه، ثم بعد ذلك تراجع المطولات عند الحاجة. يقول: هل لكم شرح لبلوغ المرام مكتوب سينزل قريباً في الأسواق كما سمعنا من أحد الإخوة؟ يحتاج إلى وقت -إن شاء الله تعالى-. هذه ورقة فيها عشرة أسئلة تحتاج إلى وقت طويل. يقول: ما الفرق بين بيع ما لا تملك الوارد في حديث حكيم بن حزام، والسلم الذي هو عقد على موصوف بالذمة بثمن مؤجل، مقبوض في مجلس العقد؟ الفرق أن هذا جاء النهي عنه، وهذا جاء إباحته، هذا الفرق الأصلي الذي عليه المعول، أن بيع ما لا يملك ممنوع، بحديث حكيم بن حزام، والسلم جائز، والسلم وإن كان خلاف الأصل لأنه بيع ما لا يبدو صلاحه، بل بيع المعدوم لكنه دعت إليه الحاجة، فجاء النص الصحيح الصريح بجوازه. هل يجوز تحول النية في الصلاة مثل أن يصلي العصر ثم يحول النية لصلاة الظهر؟ أثناء الصلاة الفريضة لا تحول، الفريضة لا تحول إلى فريضة، لكن لو أن إنساناً دخل ووجد الناس قد صلوا الظهر أو صلوا العصر، ثم شرع في الصلاة منفرداً والوقت متسع، يجوز له أهل العلم أن يقلبها نفلاً، وإن نوى منفرد فرضه نفلاً في وقته المتسع جاز، ليحصل أجر الجماعة. هل تركب السيارة بنفقتها إذا كانت مرهونة؟ لا تركب؛ لأن هذه النفقة مرتبة على الركوب فلا داعي لركوبها؛ لأنه إذا لم تركب لا داعي لنفقتها.

يقول: هل بالإمكان إعادة حديثكم في حكم القرض من قبل الدولة فلم يكن الصوت واضحاً؟ الجمهور على أن القرض لا يقبل التأجيل، فإذا أخذت قرضاً طويل الأمد مدته عشرون أو ثلاثون سنة، يقسط كل سنة كذا، من الدولة أو من غيرها، ثم احتاجه صاحبه على هذا القول له أن يأخذه في أي وقت شاء، وعلى القول الثاني، والمسلمون على شروطهم، ورأي الإمام مالك ورجحه شيخ الإسلام ابن تيمية ليس له ذلك؛ لأن المسلمين على شروطهم. ما حكم قبول الهدية من مريض لطبيب في المستشفى، أو طالب لمدرس في المدرسة، وإن كانت مادية أو شفاعة في بعض الأحيان فبعض المرضى إذا وجد مثلاً من الطبيب الخير وكان له مكانة عند مدير المستشفى مثلاً يشفع في ترقيته مثلاً، وأما المادية في بعض الأحيان يأتينا كبار السن بهدية ... ؟ العامل في مرفق من المرافق لا يجوز له أن يقبل شيء في مقابل عمله الأصلي؛ لأن هذا له أثر ووجد الآن، وظهرت بوادره، وكان هذا في غير هذه البلاد، لكنه ظهرت بوادره الآن من إهمال كثير من الموظفين لعملهم، وترديد الناس وإتعاب الناس حتى يبذلوا؛ لأنه وجد من يبذل، والرشوة حرام، ملعون صاحبها نسأل الله السلامة والعافية. يقول: لو قال قائل: إن الربا يجري في الحيوان إلا الإبل فهل هذا صحيح؟ هذا ليس بصحيح؛ لأن الحكم واحد. يقول: إذا سعى أحد لي بأمر لم أطلبه منه، ثم بعد أن أتاني هذا الأمر أهديته هدية هل يجوز هذا الأمر؟ المكافأة لا بأس بها، لكن يبقى أنه إن كان شفاعة، وأراد أن يأخذ على شفاعته وجاهه مالاً معاوضة فلا يجوز، لكن المكافأة ولو بالدعاء أمر مطلوب. يقول: ما رأيكم في طبعة دار السلام للكتب الستة، سواء كانت الكتب الستة في مجلد واحد، أو في ستة مجلدات؟ هذه يريدونها من أجل خفة الحمل، كل كتاب في مجلد واحد، ييسرون على طالب العلم، لكن هي بحاجة إلى مزيد عناية الضبط والإتقان. ما أفضل الطبعات الأم للإمام الشافعي؟ أفضلها طبعة بولاق، الطبعة الأولى. ما أفضل طبعات المجموع للنووي؟ أفضله الطبعة الأولى التي معها فتح العزيز والتلخيص الحبير. ما أفضل طبعة لروضة الناظر مع نزهة الخاطر؟ أفضلها الطبعة السلفية التي طبعت على نفقة الملك عبد العزيز.

يقول: أرجو منكم توضيح رأيكم في بنك البلاد؟ وهل يجوز المساهمة فيه والتعامل معه؟ هذا مر بنا مراراً، وكتب وسجل وأعلن, المساهمة الأصلية لا بأس بها -إن شاء الله تعالى-، وأما بيع الأسهم قبل أن يقوم البنك فهذا بيع دراهم بدراهم. يقول: قلتم: إن الأصل أن المرأة لا تملك المال، ولكن المرأة ترث، وفي بعض الأحيان لها راتب فكيف نجمع، فلم أفهم هذه النقطة؟ من قال: إن المرأة لا تملك؟! المرأة تملك ملكاً تاماً مستقلاً، وسيأتي في حديث هل لها أن تتصدق بغير إذن زوجها أو لا تتصدق؟ يأتي بسطه -إن شاء الله تعالى-. يقول: الاشتراك المقدم في أول السنة للمجلات وغيرها هل هي من باب السلم؟ أولاً: ينتبه لهذه المجلات وهذه الجرائد التي اشتمل كثير منها على الغث فضلاً عن المحرم، فيربى طالب العلم من الاشتراك فيها أو قراءتها إلا عن قصد التنبيه على ما فيها من مخالفات، وأما الجرائد والمجلات السالمة النظيفة النزيهة فينبغي دعمها ويشترك فيها، وأقرب ما تكون إلى صور السلم المقدم هذا. بعض الشباب يضعون في جوالاتهم القرآن الكريم بدل النغمات -نغمات المكالمات- فما رأيك؟ القرآن ما أنزل لهذا، وهذا أقرب ما يكون إلى الامتهان. هذه مسألة شراء السلعة وبقاء شيء من الدراهم عند صاحب السلعة؛ لأنه لم يجد الرد. يعني اشترى بخمسة وأعطاه عشرة، وليس عنده الخمسة، قال: تأتيني في وقت أخر، ما يظهر فيها شيء. يقول: في بعض الأحيان يبدر بعض المزاح منا فيستدين أحدهم من أحد ألف، فيقول له: أرجعه لي ألفين فقط، من باب المزاح فقط، فهل يجوز ذلك؟ العبرة بحقيقة الحال، فإن أرجعه ألفين فهو عين الربا. يقول: ما حكم الشراء عن طريق الانترنت؟ الشراء بالوسائل الحديثة بالهاتف والانترنت والفاكس وغيرها أجازها أهل العلم. يقول: ما أنسب وقت للحفظ والذي يعاني من ضعف الحفظ فماذا عليه؟

أنسب وقت للحفظ وقت الهدوء، والفراغ من المشاغل، وبعد الراحة التامة؛ لأن الذهن يحتاج إلى راحة كالجسم، وليكن في أخر الليل، أو أول الصباح الباكر، وإذا أراد أن يحفظ يجهر؛ يرفع صوته، بخلاف ما إذا أراد أن يفهم يخفض صوته، والمكان المناسب للحفظ المكان المحصور الضيق، بخلاف المكان المطلوب للفهم يحتاج إلى شيء واسع، والتجربة تدل على هذا، والذي يعاني من ضعف الحفظ عليه بكثرة الترديد. هل يكفي في طلب العلم قراءة الكتب والسؤال عما يشكل إذا رفض الوالدان حضور الدروس؟ وهل يجب طاعتهما في ذلك؟ الحمد لله، الأمور متيسرة، إذا رفض الوالدان حضور الدروس فعليك بالوسائل المعينة على ذلك، فاحضر الدروس وأنت في البيت بواسطة الأشرطة. يقول: انتشرت قصة الفتاة التي استهانت بكتاب الله ثم مسخ الله صورتها صورة حيوان هل هذه القصة حقيقية؟ أنا لا أعرف حقيقة هذه القصة، لكن الاستهزاء بكتاب الله وسنة نبيه -عليه الصلاة والسلام- وقع من الحوادث ما يبلغ بمجموعه حد القطع أنه يعاقب في الدنيا قبل الآخرة، نسأل الله السلامة والعافية0 ما حكم الاحتفاظ بالصور التي توضع في الجواز بعد انتهاء مدته؟ الصورة في الجواز والبطاقة وغيرها إنما أفتى العلماء بجوازها للحاجة، والحاجة لا تتعدى موضعها. ما حكم التصوير بكاميرا الفيديو للأطفال؟ وما الحكم إذا صور شخص بكاميرا فورية ثم أخذت منه الصورة واحتفظنا بها فهل علينا أثم؟ على كل حال التصوير بجميع آلاته وأشكاله إذا كان لذوات الأرواح فهو داخل في التحريم. ما حكم استعمال السبحة المكتوب على جميع حباتها أسماء الله الحسنى؟ هذا أمر مبتدع مخترع، والسبحة في أصلها في استعمالها يحتاج إلى أصل يدل عليه، وكون أم المؤمنين سبحت بالحصى أو بالنوى وأرشدها النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى الأصابع، لا شك أن الأصابع أفضل، وإذا اقترن بهذه السبحة على ضعف أصلها، وأفتى بعضهم بأنها ومبتدعة مخترعة، إذا اخترع بها مثل هذا الأمر يكتب عليها أسماء الله الحسنى تزداد سوء. طالب:. . . . . . . . . هذا أسوأ، إذا استعمل المنكر في بيت من بيوت الله هذا أشد، الأمر أشد، فإذا حصل التصوير في المساجد فالأمر أسوأ. سم. بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. قال الحافظ ابن حجر العسقلاني -رحمه الله تعالى-: باب: التفليس والحجر عن أبي بكر بن عبد الرحمن عن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((من أدرك ماله بعينه عند رجل قد أفلس فهو أحق به من غيره)) متفق عليه، ورواه أبو داود ومالك من رواية أبي بكر بن عبد الرحمن مرسلاً بلفظ: ((أيما رجل باع متاعاً فأفلس الذي ابتاعه ولم يقبض الذي باعه من ثمنه شيئاً فوجد متاعه بعينه فهو أحق به، وإن مات المشتري فصاحب المتاع أسوة الغرماء)) ووصله البيهقي وضعفه تبعاً لأبي داود. وروى أبو داود وابن ماجه من رواية عمر بن خلدة قال: أتينا أبا هريرة -رضي الله تعالى عنه- في صاحب لنا قد أفلس، فقال: لأقضين فيكم بقضاء رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((من أفلس أو مات فوجد رجل متاعه بعينه فهو أحق به)) وصححه الحاكم، وضعف أبو داود هذه الزيادة في ذكر الموت. الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: باب: التفليس والحجر التفليس: مصدر فلس يفلس تفليساً، وفلس يعني نسب غيره إلى الإفلاس، الذي هو مصدر أفلس، فلس يفلس تفليساً، وأفلس يفلس إفلاساً، أي صار إلى حال لا يملك فيها فلساً واحداً، فهو مفلس، فالمفلس على هذا من لا يملك، من لا يملك الفلس، فضلاً عن الدراهم والدنانير، فضلاً عن الأمتعة، فالذي لا يملك الفلس يقال له: مفلس، والنبي -عليه الصلاة والسلام- سأل الصحابة: ((أتدرون من المفلس؟ )) قالوا: نعم المفلس من لا درهم له ولا متاع، جواب صحيح وإلا غير صحيح؟ كيف؟

الآن يقول الرسول -عليه الصلاة والسلام-: ((أتدرون من المفلس؟ )) قلنا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع، قال: ((لا، المفلس من يأتي بأعمال)) في بعض الروايات: ((أمثال الجبال من صلاة وصيام وصدقة)) وغيرها من أنواع الأعمال البر، ((ثم يأتي وقد ضرب هذا، وظلم هذا، وأكل مال هذا، وانتهك عرض هذا، فيأخذ هذا من حسناته، وهذا من حسناته، وهذا من حسناته ... )) إلى آخر الحديث، هذه حقيقة المفلس، وهذا الفلس الحقيقي، فالحقيقة الشرعية للمفلس ما جاء في الحديث الصحيح: ((المفلس من يأتي بأعمال ... )) إلى آخره، هذه حقيقة شرعية، هل يستطيع الإنسان أن يقول: ليست بحقيقة شرعية؟ هل هي حقيقة لغوية؟ لا ليست حقيقة لغوية، هل هي حقيقة عرفية؟ لا ليست بحقيقة عرفية، لو كانت حقيقة عرفية لعرفها الصحابة، لكنها حقيقة شرعية.

المفلس في الباب الذي ندرسه الآن، وهو مطابق لجوابهم: "من لا درهم له ولا متاع" حقيقة شرعية وإلا عرفية وإلا عرفية؟ لغوية عرفية، لكن شرعية وإلا ليست شرعية؟ شرعية أيضاً بدليل: ((من أدرك ماله بعينه عند رجل قد أفلس)) هذه حقيقة شرعية، هل نقول: إن من أدرك ماله بعينه عند رجل قد أفلس؟ من جاء بأعمال أمثال الجبال، وجاء وقد ضرب هذا، وشتم هذا، وأخذ مال هذا، هذا هو المفلس في هذا الباب؟ في قوله: ((عند رجل قد أفلس)) الآن هذا الفلس والإفلاس المذكور في هذا الحديث هل هو مطابق لجواب الصحابة أو لاستدراك النبي -عليه الصلاة والسلام- لهم؟ مطابق لجواب الصحابة، وجاء به نص شرعي، إذاً حقيقة شرعية، فالإفلاس له حقيقتان شرعيتان، منها ما ذُكر في هذا الباب، ومنها ما جاء في الحديث الصحيح، الذي يأتي بالأعمال الصالحة، إلا أنه يفرقها على من يكرهه، لا على أحبابه غالباً، فالإفلاس له حقيقتان شرعيتان، كون الرسول -عليه الصلاة والسلام- يقول لهم: لا، هل يعني هذا أنه ليس المفلس حقيقته الشرعية مثل ما ذكروه، أو أن المراد المفلس الحقيقي الذي ينبغي أن يسمى مفلساً؟ {قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [(15) سورة الزمر] هذا الخسران الحقيقي، شخص معه سيارة تستحق مائة ألف، أو اشتراها بمائة ألف وباعها بخمسين ألف، هذا خسران أو لا؟ خسران، لكن هل هذا خسران حقيقي بالنسبة لخسران الآخرة؟ قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [(15) سورة الزمر] هذا الخسران الحقيقي، والفلس الذي ذهبت أمواله بحيث لا يجد فلساً واحداً هذا مفلس، لكن الإفلاس الحقيقي الإفلاس يوم القيامة، ولذا جاء في الحديث الصحيح: ((من نفس عن مسلم كربة نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة)) ما قال: من كرب الدنيا والآخرة؛ لأن الدنيا لو كانت كلها كرب ما عدلت كربة واحدة من كرب يوم القيامة، فالإفلاس هنا حقيقي، وإذا أفلس الإنسان أو زادت ديونه على ممتلكاته صار بحاجة إلى حجر، إذا أفلس ثم اشترى واشترى واشترى من يسدد عنه؟ مثل هذا يحجر عليه، ويمنع من التصرف في ما بيده من مال،

سواء كان ذهب ماله بالكلية، أو ذهب إلى حد لا تفي موجوداته بديونه، مثل هذا يحجر عليه، ولذا يقال: التفليس والحجر، وأكثر الكتب تقول: باب: الحجر والتفليس، يقدمون الحجر، والأصل أن الحجر مرتب على التفليس والإفلاس، مرتب عليه يكون الحجر بعد الإفلاس، أو يقال: إن الأصل الحجر، ثم الفك، ثم الحجر إن احتيج إليه؟ الأصل الفك أو الحجر إلى أن يبين الرشد ثم يفك عنه؟ الأصل أن الإنسان ليس بكفء إما لصغير أو لغيره، والأصل الصغر {وَلاَ تُؤْتُواْ السُّفَهَاء أَمْوَالَكُمُ} [(5) سورة النساء] إلى أن قال: {فَإِنْ آنَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُواْ إِلَيْهِمْ} [(6) سورة النساء] الأصل أنه محجور عليه، ثم بعد ذلك يفك، تدفع إليه الأموال، ثم إذا بان منه ما يقتضي للحجر حجر عليه، والمسألة صحيحة، سواء قلنا: باب الحجر والتفليس، أو التفليس والحجر، والمراد بالحجر منع المالك من التصرف في ماله لحظ نفسه أو لحظ غيره، إما لحظ نفسه لئلا يبذر أمواله، ويفرق أمواله فيما لا ينفعه في دينه ولا في دنياه، أو لحظ غيره من أرباب الديون. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "عن أبي بكر بن عبد الرحمن" بن الحارث بن هشام التابعي الجليل، أحد الفقهاء السبعة. فخذهم عبيد الله عروة قاسم ... سعيد أبو بكر سليمان خارجة هذا أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام الفقيه التابعي الجليل "عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((من أدرك ماله بعينه عند رجل قد أفلس)) " بعينه يعني ما زاد ولا نقص، أدرك ماله، بعت على رجل سيارة ثم أفلس الرجل، السيارة باقية كما هي، ما تغيرت لا بزيادة ولا نقص، هذا مقتضى قوله: ((بعينه)) إنه لم يتغير لا بزيادة ولا بنقص.

((عند رجل قد أفلس فهو أحق به)) افترض أنك بعت سيارة على زيد من الناس بمائة ألف وهو مدين بمليون لعشرة أشخاص، ولا يوجد عنده غير هذه السيارة، أنت أولى الناس بها، ما دام ما تغيرت، ((من أدرك ماله بعينه)) يعني غير متغيرة لا بزيادة ولا بنقص ((عند رجل قد أفلس فهو أحق به)) إذا اختلفت بزيادة، بعت عليه كتاب بخمسين ريال، ثم ذهب وجلده بثلاثين، ثم أفلس، وجدت هذا الكتاب أنت أحق به وإلا ما أنت بأحق به؟ تغير بزيادة، أعكس المسألة بعت عليه كتاب بخمسين ريال ثم وجدت الكتاب، قيل لك: فلان أفلس، ذهبت لتأخذ الكتاب فإذا هو منزوع التجليد، تغير بنقص، أنت أحق به وإلا غيرك أحق به؟ إذا تغير بزيادة يكون الرجل المفلس له جزء من هذه العين، التجليد له ليس لك، فلست أحق به من غيرك، لكن إذا تغير بنقص، وقال صاحب الكتاب: أنا أرضى ولو كان بدون تجليد، رضي بالنقص من غير أرش يختلف أهل العلم في هذا، منهم من يقول: مقتضى قوله: ((بعينه)) أنه ما وجده بعينه وجده متغيراً، والتغير بالنقص مثل التغير بالزيادة، وهذا وقوف عند حرفية قوله: ((بعينه)) ومنهم من يقول: إذا قبله بدون أرش فهو أولى به من غيره، يعني هل تختلف هذه العين أنها عين ما بعت عليه؟ نعم؟ لا تختلف، هذه عين ما بعت عليه، لكن كونها نقصت وأنت راضي بالنقص لا يغير من الحكم شيء، إذا قبلها من دون أرش، أنا بعت عليك الكتاب بخمسين مجلد، أنا بآخذه الآن بأربعين، يا الله يجيب أربعين، وتدفع لي عشرة يقال: لا؛ لأنك أخذته بدون أرش كما لو كان بعينه، فلا بأس، أنت أحق به من غيرك، وإن افترضت إلا مع الارش نقول: لا، أنت أسوة الغرماء، ولا شك أن التغير حاصل. لكن يبقى أنه عين ماله، كيف؟ طالب:. . . . . . . . .

مؤجل أو عاجل المقصود أنه ما قبض الثمن، ما قبض الثمن، لكن لو باعه هذا الكتاب، أو هذه السيارة أقساط شهرية لمدة ثلاث سنوات، ثم أفلس، هل لصاحب العين أن يأخذ هذه العين ويقول: أنا أحق بها من غيري؟ يعني هو ما استحقها أصلاً، ولا استحق قيمتها فهل له أن يأخذها؟ أو يقول: أنا أخذها بقيمتها ولا أحتاج أقساط؟ يعني إن كان وفى من القيمة شيء له حكم، إذا كان ما وفى من القيمة شيء وأراد أن يبطل العقد شيء آخر، فأهل العلم يقولون: إن كان قد وفى من القيمة شيئاً فليس بأحق بها، وإذا كانت القيمة لم يوف منها شيء وخاف على ماله فهو أحق به، وعلى كل حال ما دام مؤجل ومقسط ومنجم لا يستحق شيئاً إلا إذا حل الأجل. يقول: ((فهو أحق به من غيره)) يعني من الغرماء، والحديث متفق عليه. "ورواه أبو داود ومالك من رواية أبي بكر بن عبد الرحمن -المذكور- مرسلاً بلفظ: ((أيما رجل باع متاعاً فأفلس الذي ابتاعه)) " يعني المشتري ((ولم يقبض الذي باعه من ثمنه شيئاً فوجد متاعه بعينه فهو أحق به)) الآن إذا قبض من الثمن شيء هل هذا متاعه وإلا هو شريك لصاحبه المشتري؟ لأن جزء من الثمن مدفوع، وجزء من الثمن لم يدفع، المشتري ملك بعض السلعة بما دفعه من القيمة، إذاً ليس هذا متاعه، هذا متاعه ومتاع غيره، فليس أحق به من غيره، ولذا يقول: ((أيما رجل باع متاعاً فأفلس الذي ابتاعه ولم يقبض الذي باعه من ثمنه شيئاً فهو أحق به)) مفهومه أنه إذا قبض أنه لا يكون أحق به، ((فإن مات المشتري فصاحب المتاع أسوة الغرماء)) الحديث مرسل وضعيف، لكن إذا مات هل يختلف الحكم فيما إذا أفلس أو مات؟ الآن هل يُلزم الوارث بسداد دين مورثه؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . لا أنت افترض أنه مات وهو مفلس ما يملك شيء ومدين، هل يُلزم أولاده أن يدفعوا عنه؟ هو لم يترك شيئاً، ما يُلزمون، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . أي غنم؟ طالب:. . . . . . . . . هم ما ورثوا، ما عنده شيء، يعني حكمه حكم النفقة؟ هذا أولاً: إذا ترك وفاء أو ترك تركة فسداد الديون قبل الإرث، تسدد الديون قبل أن تقسم التركة، هذا أمر مفروغ منه، لكن المسألة مفترضة في شخص لم يترك وفاء هل يُلزم أولاده أن يسددوا عنه؟ نعم؟

طالب:. . . . . . . . . نعم من باب البر ما في إشكال، لكن إلزام ما في إلزام؛ لأن المدين انتهت ذمته، ولذا يقول: ((فإن مات المشتري فصاحب المتاع أسوة الغرماء)) خلاص انتقل المال بالموت من الميت إلى ورثته، فما وجد المال عند الرجل الذي قد أفلس، وجد المال عند ورثة الميت، فهو حينئذٍ أسوة الغرماء. وعلى كل حال الحديث ضعيف؛ لأنه مرسل.

قال المؤلف -رحمه الله تعالى-: "ووصله البيهقي، وضعفه تبعاً لأبي داود" وعلى كل حال الحديث صححه ابن حجر في فتح الباري، وصححه الألباني في الإرواء، وهو مصحح من قبل بعض العلماء، وضعفه أبو داود والبيهقي، الآن وجوه الاتفاق والاختلاف بين الرواية الموصولة المتفق عليها، وبين الرواية المرسلة، الرواية الموصولة خاصة بمن وجد ماله عند رجل قد أفلس وهو على قيد الحياة، ولم يدفع من الثمن شيئاً، الرواية التي تليها: ((أيما رجل باع متاعاً فأفلس الذي ابتاعه ولم يقبض الذي باعه من ثمنه شيئاً فوجد متاعه بعينه فهو أحق به)) لكن لو كان قبض بعض الثمن، باعه السيارة بمائة ألف وأفلس وسدد عشرة أقساط، صاحبه سدد عشرة أقساط، يقول: أنا أعيد له هذه الأقساط التي دفعها ليكون في حكم من لم يدفع، ولم أقبض شيء، فهل له ذلك أو ليس له ذلك؟ الحديث يقول: ((ولم يقبض الذي باعه من ثمنه شيئاً فوجد متاعه بعينه فهو أحق به)) مفهومه أنه إذا كان قد قبض شيئاً ولو التزم برد ما قبضه أنه كغيره، فإن مات المشتري -هذا في الموت وذاك في الإفلاس- فإن مات المشتري فصاحب المتاع أسوة الغرماء؛ لأن المتاع انتقل من ملك المورث إلى ملك الوارث، "وصله البيهقي، وضعفه تبعاً لأبي داود، ورواه أبو داود وابن ماجه من رواية عمر بن خلدة قال: أتينا أبي هريرة في صاحب لنا قد أفلس فقال: لأقضين فيكم بقضاء رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((من أفلس أو مات)) " وهذه تقوي الرواية السابقة المرسلة التي فيها .. ، تقوي أو خلاف؟ أو تخالف؟ الأولى: ((فإن مات المشتري فصاحب المتاع أسوة الغرماء)) والثانية: ((فإن أفلس أو مات)) ((من أفلس)) موافقة للرواية الأولى، لكن ((أو مات فوجد رجل متاعه بعينه فهو أحق به)) تخالف الرواية الأخيرة، لكن ما الفرق بين الفلس والموت؟ يعني مال الدائن في خطر في الحالين، في حال الفلس وفي حال الموت، فمقتضى الرواية الأخيرة: ((أن من أفلس أو مات فوجد رجل متاعه بعينه فهو أحق به)) والحكم لا يختلف، والأثر على المال وعلى صاحب المال واحد، فالخطر محدق به وبماله.

" ((من أفلس أو مات فوجد رجل متاعه بعينه فهو أحق به)) وصححه الحاكم، وضعفه أبو داود، وضعف هذه الزيادة في ذكر الموت" أما ((من أفلس)) فهي محفوظة، زيادة في ذكر الموت عند أبي داود وابن ماجه والحاكم، لكن في إسنادها راوٍ مجهول. هذا المال الذي وجد عند المفلس سواء كان ببيع أو قرض، وجاء الراوية بلفظ: ((من ابتاع سلعة ثم أفلس وهي عنده بعينه فهو أحق بها من الغرماء)) ((إذا ابتاع الرجل سلعة وأفلس وهي عنده بعينها فصاحبها أحق بها من الغرماء)) ابتاع هذا تنصيص على البيع، لكن من وجد متاعه، من أدرك ماله أعم من كونه بيع فيشمل القرض، وإذا كان أحق بها في حال البيع ففي حال القرض من باب أولى، لكن في حال العارية أحق بها أو ليس بأحق بها؟ طالب:. . . . . . . . . نعم هذا لا يختلف فيه في العارية لأنها ماله، يعني ما انتقلت إلى ملك الطرف الثاني، ما زالت باقية في ملك الطرف الأول في العارية فهي أولى وأحق، يعني عارية استعار كتاب وجلده، هو كتابه، والثاني متصرف به من غير إذنه لا يستحق شيئاً، نعم. وعن عمرو بن الشريد عن أبيه -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لي الواجد يحل عرضه وعقوبته)) رواه أبو داود والنسائي، وعلقه البخاري، وصححه ابن حبان. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

"وعن عمرو بن الشريد" تابعي يروي "عن أبيه -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لي الواجد)) " لي يعني: مطل، وجاء بهذا اللفظ: ((مطل الغني ظلم)) وهنا يقول: ((لي الواجد)) ليه: مطله، والواجد من الوجد، وهو القدرة على الوفاء والسداد، من الوجد والجدة فهو واجد يعني قادر على الوفاء، فمطله معصية، والخلاف في كونها صغيرة أو كبيرة معروف، فعلى كل حال هو معصية ارتكب أمراً محرماً، وهذا الأمر المحرم ترتب عليه حل العرض والعقوبة، فإذا جئت لصاحب المحل الذي بعت عليه بضاعة فقلت له: أعطني ثمن البضاعة، قال: غداً، جئت غداً قال: تجيني يوم الجمعة، جئت يوم الجمعة، قال: .... الاثنين، جئت .. وهكذا، وهذا موجود في أسواق المسلمين، والدراهم موجودة، متوفرة، وموجود بكثرة مع الأسف المطل واللي، هذه معصية يترتب عليها حل العرض والعقوبة، لكن ما معنى حل العرض؟ علق البخاري عن سفيان أن ما يحل من عرضه أن يقول: مطلني فلان، ما تقول: فرصة الآن مكنا الشرع من عرضه، وأنا في حل، وفي كل مجلس المجرم الأثيم المعتدي الفاعل التارك، ويتعرض لأمور دينه ودنياه، وأسرته ومن حوله وقبيلته، هذه فرصة، أباح له الشارع أن يتفكه في عرضه! لا، يباح من عرضه ما علقه البخاري عن سفيان بأن يقول: مطلني فلان، بقدر الحاجة {لاَّ يُحِبُّ اللهُ الْجَهْرَ بِالسُّوَءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلاَّ مَن ظُلِمَ} [(148) سورة النساء] يعني إلا بقدر المظلمة، فإذا زاد فتعدى وتجاوز وظلم أثم بلا شك، فيحل عرضه وعقوبته يعاقبه الإمام، ويعزره إما بكلام شديد، أو بحبس أو بضرب إن لم يمتثل حتى يسدد، أو يؤخذ المال قهراً منه ويدفع إلى صاحبه، المقصود أنه مستحق للعقوبة. "رواه أبو داود والنسائي، وعلقه البخاري، وصححه ابن حبان" علقه البخاري المعلق: هو ما حذف من مبادئ إسناده راوٍ أو أكثر. وإن يكن أول الإسناد حذف ... مع صيغة الجزم فتعليقاً عرف ولو إلى آخره. . . . . . . . . ... . . . . . . . . . ولو حذف الإسناد إلى آخره يسمى معلق.

وعن أبي سعيد الخدري -رضي الله تعالى عنه- قال: أصيب رجل في عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في ثمار ابتاعها فكثر دينه، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((تصدقوا عليه)) فتصدق الناس عليه ولم يبلغ ذلك وفاء دينه، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لغرمائه: ((خذوا ما وجدتم، وليس لكم إلا ذلك)) رواه مسلم. وعن ابن كعب بن مالك عن أبيه -رضي الله تعالى عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حجر على معاذ ماله وباعه في دين كان عليه، رواه الدارقطني، وصححه الحاكم، وأخرجه أبو داود مرسلاً، ورجح إرساله. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

"وعن أبي سعيد الخدري -رضي الله تعالى عنه- قال: أصيب رجل في عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في ثمار ابتاعها فكثر دينه، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((تصدقوا عليه)) " هناك في الحديث السابق، في حديث جابر الذي تقدم: عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لو بعت من أخيك تمراً فأصابته جائحة فلا يحل لك أن تأخذ منه شيئاً بم تأخذ مال أخيك بغير حق؟ )) وهنا يقول: "أصيب رجل في عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في ثمار ابتاعها فكثر دينه" ثمار اشتراها "فكثر دينه بسبب ذلك، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((تصدقوا عليه)) فتصدق الناس عليه ولم يبلغ ذلك وفاء، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لغرمائه: ((خذوا ما وجدتم وليس لكم إلا ذلك)) " الآن المخالفة ظاهرة بين الحديثين وإلا غير ظاهرة؟ ظاهرة المخالفة، في الحديث الأول في حديث جابر أبرئ المشتري من التبعة ((لو بعت من أخيك تمراً فأصابته جائحة فلا يحل لك أن تأخذ منه شيئاً بم تأخذ مال أخيك بغير حق؟ )) فالمشتري أبرئ من التبعة، وهذا محمول عند بعض العلماء على ما إذا باع أو اشترى قبل بدو الصلاح، فالبيع ليس بصحيح، والمال مال البائع، وكيف يأخذ مال أخيه بغير حق؟ وهنا في حديث أبي سعيد باع بعد بدو الصلاح بيعاً صحيحاً ولزم البيع، فهل يؤمر بوضع الجائحة حينئذٍ؟ يؤمر البائع بوضع الجائحة في هذه الصورة؟ هنا قال: "أصيب رجل في عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في ثمار ابتاعها فكثر دينه، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((تصدقوا عليه)) فتصدقوا عليه فلم يبلغ ذلك وفاء دينه، فقال الرسول -صلى الله عليه وسلم- لغرمائه: ((خذوا ما وجدتم، فليس لكم إلا ذلك)) الآن في هذين النصين شيء من التعارض، فلا بد من توجيه النص الأول مع الثاني، والجمع بينهما بطريقة تدفع هذا التعارض، فإذا حمل الأمر بوضع الجوائح على حال الشراء قبل بدو الصلاح يستقيم وإلا ما يستقيم؟ طيب لو قال قائل: إنه ما ثبت بيع من أجل أن توضع جائحة، ما بعد ثبت بيع من أجل أن توضع الجائحة، ما ثبت في ذمته شيء، فكيف نقول: ضع عنه؟ يضع شيء عنه لم يلزمه؟! أو

نقول: إن الأمر في البابين، وفي الحديثين كله على جهة الإرشاد لا على جهة اللزوم، الآن لما قال: ((تصدقوا عليه)) فتصدق الناس عليه ولم يبلغ ذلك وفاء دينه، فقال لغرمائه: ((خذوا ما وجدتم، وليس لكم إلا ذلك)) يعني الأصل أنه إذا أصابه ما أصابه وكثرت ديونه وأعسر أن يقال: {فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} [(280) سورة البقرة] انتظروا عل الله أن يرزقه، أما يقول: ((خذوا ما وجدتم، وليس لكم إلا ذلك)) نعم؟ طالب:. . . . . . . . . خذوا ما وجدتم من هذا الذي اجتمع من الصدقة، ما هو أصيب، كثر دينه، فأمر الناس أن يتصدقوا عليه، في الحديث الأول في حديث جابر خاطب البائع، وهنا أمر المشتري بأن يعرض نفسه للصدقة، وأمر الناس أن يتصدقوا عليه، فأتجه الخطاب في حديث جابر إلى البائع، وأتجه الخطاب في حديث أبي سعيد إلى المشتري مع غرمائه، يعني ما برّأ المشتري، يعني في حديث جابر ترك المشتري، برأه براءة تامة، واتجه الكلام إلى البائع، وقال: ((بم يأخذ أحدكم مال أخيه؟ )) وفي الحديث الثاني قال: ((تصدقوا عليه)) جعله مديناً بالفعل، ملتزم بهذا الدين، ولذلك أمرهم بالصدقة عليه.

" ((تصدقوا عليه)) فتصدق الناس عليه ولم يبلغ ذلك وفاء دينه" أو نقول: إن هذا يختلف اختلاف الأشخاص؟ يختلف باختلاف الأشخاص؟ يمكن أن يكون بائع الثمرة غني عنده بساتين أخرى، والمشتري فقير وأصابته جائحة يتجه إلى الغني ويقال: كيف تأخذ مال هذا الفقير وقد تلف؟ لكن لو افترضنا أن البائع فقير وليس عنده إلا هذا البستان، وإذا أعفينا المشتري من القيمة ومن التبعة تضرر صاحب البستان، نقول للمشتري: يا أخي تسبب، صاحبك فقير، خذ ولو من الصدقة أنت أصابتك جائحة، تعرض للصدقة، واقبل الصدقة من الناس، وسدد لصاحبك، ثم بعد ذلك إن وفى بها ونعمت، ما وفي خذ المتيسر ويكفي، يعني لعل هذا مما يختلف باختلاف الأشخاص، يعني إذا لم نحمل حديث جابر على البيع قبل بدو الصلاح، وحديث أبي سعيد على البيع بعد بدو الصلاح ولزوم البيع، إذا لم نحمله على هذا فلا بد أن نقول: إن هذا يختلف اختلاف الأشخاص، شخص عنده عشر مزارع، وباع على واحد مزرعة مثلاً، ثمرة مزرعة، ثم هذه المزرعة أصيب ثمرها بجائحة ألا يقال لصاحب المزارع الباقية: يا أخي بما تأخذ مال ها المسكين الذي ما استفاد وإن كان مشترياً؟ يعني من باب المشورة لا من باب الإلزام، وفي الحال الأخرى هذا شخص ما عنده إلا مزرعة، وتعب عليها سنة كاملة، وكد واستدان بسببها، ثم باع الثمرة على هذا فأصابته جائحة، فيقال للمشتري مراعاة لحال البائع المحتاج المتضرر: يا أخي أنت تسبب، تعرض للصدقة، أنت أصابتك جائحة اطلب الزكاة والصدقة من الناس، والذي يجتمع عندك أدفعه لصاحبك، ثم بعد ذلك يشار على صاحبه أنه يكفيك اللي جاك، أحسن من لا شيء، كأن الموضوع في الحديثين من باب المشورة، ومثل هذا يختلف باختلاف الأشخاص، ألا يشم مثل هذا؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . .

يعني المشتري الأول في حديث جابر ما زال في رؤوس النخل، لكن افترض أنه في رؤوس النخل، واشتراه بعد بدو صلاحه، وقبضه بالتخلية، بيع شرعي كامل، وأصابته جائحة، هو من ضمان المشتري أو من ضمان البائع؟ ما دام قلنا: البيع صحيح، وانتقلت العين من ملك فلان إلى ملك فلان، فهي من ضمان المشتري، كيف يؤمر البائع بوضع الجائحة؟ في الصورة الثانية ابتاع، في الصورة الثانية في حديث أبي سعيد أصيب رجل في عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في ثمار ابتاعها فكثر دينه، أفي ما يدل على أن ذاك قطع وحاز وهذا ما قطع؟ لكن قد يرتكب مثل هذا للتوفيق ودفع الاختلاف والتعارض، قد يرتكب مثل هذا، لكن هل نقول: إنه لا يلزم البيع إلا بالقطع؟ نقول هذا؟ وإلا نقول: إذا باع على ضوء التوجيه الشرعي بعد بدو الصلاح انتهى الإشكال؟ يلزمه الضمان، فالذي يظهر من فحوى الحديثين أن هذه مشورة، بدليل أنه قال: ((خذوا ما وجدتم، وليس لكم إلا ذلك)) رجل متضرر، تعرض للزكاة، وأهان نفسه بتكفف الناس، وما حصل له إلا هذا، فانتم إيش تدورون؟ وليس هذا من باب الإلزام، وإلا فالأصل {وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} [(280) سورة البقرة] أما كونه يقال: "وليس لكم إلا ذلك" هذا من باب المشورة. يقول: "وعن ابن كعب بن مالك" واسمه ... نعم؟ يقول: الأخ ألا يمكن حمل حديث جابر على أنها جائحة من السماء لا يد له فيها، ولا يستطيع ردها، ولا دفعها، فأتت عليه، وعلى حديث أبي سعيد أنه فرط إما في حفظها حتى اجتاحها ما يجتاحها، أو بعدم معرفة الأسعار وتتابع وشراء بقيم عالية، وكثرت ديونه بسببها؟ هذا يمكن ارتكابه للجمع، لكن ليس في طرق الحديث ما يدل على ذلك، ويبقى الإشكال في قوله: ((خذوا ما وجدتم، وليس لكم إلا ذلك)) وإلا فالأصل أن المعسر ينظر، يعني لو اشترى شخص مال وفرط في حفظه وتلف، هذا مصاب وغارم ويأخذ من الزكاة، لكن إذا ما وفت الزكاة هل نقول لصاحب الحق: ما لك غير هذا؟ إلا إذا كان من باب المشورة، وهذا الذي يظهر من الحديث.

"وعن ابن كعب بن مالك عن أبيه" ابن كعب اسمه عبد الرحمن، كما في رواية عبد الرزاق، وكعب بن مالك أحد الثلاثة الذين خلفوا، وتاب الله عليهم "رضي الله عنهما أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حجر على معاذ ماله وباعه في دين كان عليه" رواه الدارقطني، وصححه الحاكم، وأخرجه أبو داود مرسلاً، ورجح إرساله".

وعلى كل حال الحديث ضعيف؛ لأنه مرسل، "حجر على معاذ" معاذ بن جبل الصحابي الجليل "ماله وباعه في دين كان عليه" الحجر عند أهل العلم إذا لم تفِ الموجودات بالديون بأن كانت أقل من الديون يحجر عليه لئلا تزداد هذه الديون، والعادة والسنة جرت أن مثل هذا المديون في الغالب أن التفريط يصاحبه في كثير من أموره، يعني شخص باع واشترى بالعقار ما نجح، كثرت ديونه، وزادت وصارت بالملايين، لكن مع ذلك هل تغيرت حاله ووضعه في إنفاقه على نفسه وعلى من تحت يده من الإسراف؟ ما تغير، يركب أفخم السيارات، يلبس أفضل، يسكن أعظم القصور، واستعماله للأمور الكمالية على أتم وجه، فمثل هذا يترك تزداد ديونه أو يحجر عليه؟ مثل هذا يحجر عليه، ولذا إن صح الخبر فالنبي -صلى الله عليه وسلم- حجر على معاذ، والحجر معروف في قصة حصلت في عهد عثمان -رضي الله تعالى عنه-، أراد أن يحجر على عبد الله بن جعفر حتى شاركه الزبير، أراد علي وعثمان أن يحجرا على عبد الله بن جعفر؛ لأنه اشترى أرضاً بستمائة ألف درهم، فالحجر معروف عندهم، فلما علم الزبير شاركه في هذه الأرض، فقال عثمان -رضي الله عنه-: كيف يحجر على شخص شريكه الزبير؟ فالحجر معروف عندهم، ولا شك أنه من مصلحة الجميع، وبالمناسبة شخص من النوع الذي ذكرنا اشتغل، زاول مهنة البيع والشراء بالعقار ولحقته عشرات الملايين، بل المئات، وشخص غني ما حصل له شيء من الضرر، وهما يصليان في مسجد واحد، وأنتم تعرفون في رمضان يؤتى بالطيب، فمدخنة فيها نوع رديء، ومدخنة فيها أفخر أنواع الطيب وأجودها، هذا كيلو بخمسمائة ريال، وهذا بخمسين ألف، فقال واحد لصاحبه: لمن هذا؟ ولمن هذا؟ فقال: هذا أكيد أنه لفلان -من غير ما يدرون- هذا أكيد لفلان الخمسمائة هذا اللي ما جاب شيء، وهذا الفاخر جداً لهذا المنكسر، وبالفعل طلع على ما توقعوا، بعض الناس ما يأخذ درس مما أصابه، يستمر على طريقته، وعلى نفقته، وعلى بذخه وإسرافه؛ لأنه عود نفسه على ذلك، يفترض أن الإنسان يتكيف إذا وسع الله عليك وسع على نفسك، لكن إذا ضيق عليك تتلاعب بأموال الناس؟! إذا توفر عندك شيء سدد، قد يقول قائل: إن التسديد ما ينفع، يعني افترض أنه يصرف في السنة مليون على

نفسه وعلى أسرته وهو مدين بمائة مليون، هذا المليون لو وفره إيش يسوي؟ ماذا يصنع به؟ الغرماء لن يقبلوا، تعطي كل واحد ألف ألفين ثلاثة، كيف يصير؟ فهم من هذه الحيثية يتتابعون على مثل هذا الإسراف، وهذا أيضاً ليس بمبرر، نعم بعض الديون قد يحصل معها شيء من التنفيس، ولذا أهل العلم يمنعون المدين من الصدقة، المدين لا يتصدق، وإن كان شيخ الإسلام يقول: الشيء اليسير الذي تعارف الناس على بذله، يعني يأخذ زكوات مثلاً ألوف لينفق على نفسه، يجد فقير يعطيه عشرة عشرين، أشياء ما تضره، شيخ الإسلام يتسامح في مثل هذا، وغيره لا، يقول: ما دام يأخذ من الزكاة لا يتصدق، اللي يتصدق به يتركه عند أهله، شخص مدين خمسة عشر مليون، وسجن بسبب هذا، فلما دخل السجن وجد شيخ كبير مسجون قال: يا عمي ما الذي أتى بك إلى هذا؟ قال: أنا مديون، قال: كم دينك؟ قال: عشرة آلاف، قال: هذا شيك بعشرة آلاف واطلع، مثل هذا ما يضر يعني عشرة آلاف وش هي بالنسبة لخمسة عشر مليون؟ ويفرج الله عنه بسبب هذا، لكن الإسراف في أمور الدنيا، مع أن الناس ينتظرون الوفاء، مثل هذا لا بد أن يحجر عليه، ولمصلحته أن يحجر عليه، ومصلحة غرمائه أن يحجر عليه، نعم. وعن ابن عمر -رضي الله تعالى عنهما- قال: "عرضت على النبي -صلى الله عليه وسلم- يوم أحد وأنا ابن أربعة عشر سنة فلم يجزني، وعرضت عليه يوم الخندق وأنا ابن خمس عشرة سنة فأجازني" متفق عليه، وفي رواية للبيهقي: "فلم يجزني، ولم يرني بلغت" وصححها ابن خزيمة. وعن عطية القرظي -رضي الله تعالى عنه- قال: "عُرضنا على النبي -صلى الله عليه وسلم- يوم قريظة فكان من أنبت قتل، ومن لم ينبت خُلي سبيله، فكنت في من لم ينبت فخُلي سبيلي" رواه الأربعة، وصححه ابن حبان والحاكم. الأربعة وإلا الخمسة؟ طالب: عندي رواه الأربعة. ما هو موجود في المسند؟ طالب: كيف؟ ليس في المسند؟ التخريج؟ شوف تخريجه. طالب:. . . . . . . . . على كل حال في بعض النسخ الأربعة، وفي بعضها الخمسة, وهو موجود في المسند، والأولى أن يقال: الخمسة, وبعض النسخ الصحيحة عن الحافظ رواه الأربعة، والشارح شرحه على هذا على أنه الأربعة، على كل حال هو في المسند.

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "وعن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: "عرضت على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوم أحد وأنا ابن أربعة عشرة سنة فلم يجزني، وعرضت عليه يوم الخندق وأنا ابن خمسة عشرة سنة فأجازني" ويوم أحد، غزوة أحد في السنة الثالثة اتفاقاً، وعلى هذا تكون الخندق في السنة الرابعة، يعني عرض وهو ابن أربعة عشرة سنة يوم أحد، وعرض يوم الخندق وهو ابن خمسة عشرة سنة، إذاً أحد في الثالثة، والخندق في الرابعة، يعني هل يلزم من هذا الحديث أن تكون الخندق في الرابعة؟ للاتفاق على أن أحد في الثالثة، يلزم أو ما يلزم؟ طالب:. . . . . . . . . لماذا؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . في أول الخامسة، يعني سنة وشهرين، سنة وثلاثة أشهر يجاز بمثلها، على كل حال المرجح عند الإمام البخاري وابن القيم أن الخندق في السنة الرابعة، وأنها قبل غزوة ذات الرقاع، من أجل إيش يرجحون هذا؟ ما هي الفائدة من الخلاف في كونها في الرابعة أو الخامسة؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . صلاة الخوف هل تفعل في الحضر أو لا تفعل في الحضر؟ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- في الخندق ما صلى صلاة الخوف، أخر الصلوات عن وقتها، فالذي يقول: إن غزوة الخندق بعد ذات الرقاع يقول: صلاة الخوف لا تصلى في الحضر، تؤخر الصلوات، والذي يقول: إن غزوة الخندق قبل ذات الرقاع يقول: ما حدث في غزوة الخندق منسوخ، بل تصلى الصلاة في وقتها على الصورة الواردة على الوجوه الستة أو السبعة الواردة عن النبي -عليه الصلاة والسلام-.

"عرضت على النبي -صلى الله عليه وسلم- يوم أحد وأنا ابن أربعة عشرة سنة فلم يجزني" في رواية: "ولم يرني بلغت"، "وعرضت عليه يوم الخندق وأنا ابن خمسة عشرة سنة فأجازني" وجعلني صالحاً للحرب، صالحاً للجهاد؛ لأنه قد رآني بلغت، فالمسألة مردها إلى التكليف، والتكليف يكون بتمام خمسة عشرة سنة على ما في هذا الحديث، وهو عمدة أهل العلم الذين حددوا البلوغ في سن الخامسة عشرة، عندنا بالنسبة للرجال بتمام الخامسة عشرة كما في هذا الحديث، ويحصل بالإنبات كما في حديث عطية الآتي، ويحصل بالإنزال، هذا ما يبلغ به الذكر، وأما بالنسبة للأنثى فتزيد على ذلك: الحيض، إذا حاضت كلفت، وأورده المؤلف هنا لبيان أنه يبلغ سن التكليف بهذا العمر، بتمام الخامسة عشرة، وعلى هذا ينظر في حاله، فإن أونس منه الرشد دفع إليه ماله وإلا استمر حجره إذا لم يؤنس منه الرشد، وقبل التكليف لا يدفع إليه المال ولو آنسنا منه الرشد، فالذي دخل هذا الحديث في الحجر والتفليس أن الأصل في مال الصبي الحجر حتى يبلغ هذه السن، ويؤنس منه الرشد، فكونه يؤنس منه الرشد قدر زائد على التكليف {فَإِنْ آنَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُواْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ} [(6) سورة النساء] يعني بعد بلوغ التكليف في الخامسة عشرة على هذا الحديث، والحديث الذي يليه في العلامة الثانية من علامات بلوغ التكليف.

"عن عطية القرظي -رضي الله عنه- قال: عرضنا –يعني من بني قريظة- عرضنا على النبي -صلى الله عليه وسلم- يوم قريظة فكان من أنبت قتل، ومن لم ينبت خُلي سبيله" لأنه ثبت النهي عن قتل النساء والذرية، والذي لم ينبت ولم يبلغ التكليف هذا من الذرية، والذي بلغ التكليف مثل هذا يعامل معاملة الرجال، والأصل أن الأسرى موكول أمرهم إلى الإمام، لكن إذا رأى في مثل هذه الصورة أن تقتل المقاتلة، ورأى الإمام أن يثخن في العدو فالأمر إليه، وإن رأى المن أو الفدى فالأمر موكول إليه، وفي قريظة رأى القتل -عليه الصلاة والسلام-، وما الحد الفاصل فيمن يقتل ومن لا يقتل؟ التكليف، وليس هناك بطاقات أحوال متى ولدت؟ وأين ولدت؟ ومكان الولادة، والساعة، في المستشفيات، إلى عهد قريب مثل هذا الأمر يخفى، وقد يزاد في عمر الإنسان عشر سنين وقد ينقص تبعاً للمصلحة، فإن كانت مصلحته في الزيادة زاد، إن قيل: ما يوظف إلا لعشرين جاء أبو خمسة عشر سنة وقال: عمري عشرين، والعكس، لكن الآن الأمور مضبوطة، لكن الشرع إذا لم يمكن ضبط السنين كما في حديث ابن عمر، ضبط بالعلامات التي يشترك فيها الناس كلهم، كالإنبات مثلاً، وقد يعلق على أمر يمكن الإطلاع عليه، وقد يعلق على أمر لا يمكن الإطلاع عليه، كالإنزال مثلاً، فكون العلامات تتعدد؛ لأنه بالإمكان أن يحضر شهادة الميلاد ويقول: أنا ولدت في يوم كذا، يدرأ بذلك ما لا يمكن الإطلاع عليه كالإنزال، وما يمكن أن يطلع عليه لكنه يستحيا منه، فإن أمكن هذا وإلا عدل إلى ما يمكن الإطلاع عليه وما لا يمكن الإطلاع عليه، فوضعت العلامات متفاوتة من أجل أن التكليف يحصل بأحدها فمنها ما يطلع عليه، ومنها ما لا يمكن الإطلاع عليه.

"عُرضنا على النبي -صلى الله عليه وسلم- يوم قريظة فكان من أنبت قتل" لأنه مكلف "ومن لم ينبت خُلي سبيله" يعني في حكم الذراري "فخُلي سبيلي" ومن الله عليه بالإسلام، وأسلم وحسن إسلامه، المقصود أن هذا مما كتب الله له من السعادة، وهذا الحديث مخرج عند الخمسة: أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه, وصححه ابن حبان والحاكم، وقال: على شرط الشيخين، لكن الشيخين لم يخرجا لعطية، فهل يكون على شرطهما؟ لا ليس على شرطهما؛ لأن شرطهما رجالهما، وهما لم يخرجا لعطية إذاً الحديث وإن كان صحيحاً إلا أنه ليس على شرط الشيخين، قد يقول قائل: إن الصحابي لا يحتاج أن يخرج له في الصحيحين وفي غيره بل هو ثقة مطلقاً، فإذا خرج لمن دونه في الصحيحين فالصحابة كلهم عدول وثقات، فالشرط ثابت، ولعل هذا هو ملحظ الحاكم حينما قال: على شرط الشيخين، يعني سواء قلنا: خرج البخاري ومسلم لعطية أو لم يخرجا فهو صحابي، يعني شرطهما إخراج حديث الصحابي من دون تردد، وهذا من الصحابة، ولو لم يخرجا له حقيقة فقد خرجا له حكماً، خرجا لنظرائه من الصحابة، وأما من دونهم فيشترط أن يخرجا لهم في الصحيح، وهذا شرط الشيخين على ما يفهم من تصرف الحاكم، وكأن كلام الحاكم في الغريب، ونصه على تفرد من دون الصحابي؛ لأن الصحابي سواء تعدد أو لم يتعدد الحكم واحد، وكل واحد من الصحابة بمثابة الجمع. بلوغ التكليف بالإنبات هذا محل اتفاق بين أهل العلم، يقرب من الإجماع ومثله الإنزال، أما بالنسبة للسن فالخلاف معروف، فالأكثر على الخمسة عشرة، ومنهم من خالف ووصل به إلى الثامنة عشرة، نعم. وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده -رضي الله تعالى عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا يجوز لامرأة عطية إلا بإذن زوجها)) وفي لفظ: ((لا يجوز للمرأة أمر في مالها إذا ملك زوجها عصمتها)) رواه أحمد وأصحاب السنن إلا الترمذي، وصححه الحاكم. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

"وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده" الكلام في هذه السلسلة تقدم مراراً، والقول الوسط فيها بعد أن عرفنا الخلاف، ومنشأ الخلاف، أنه إذا صح السند إلى عمرو فلا يقل عن درجة الحسن، وله يعني هذا الحديث شواهد يرتقي بها إلى الصحيح لغيره.

"أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا يجوز لامرأة عطية إلا بإذن زوجها)) " يعني لا تتصدق المرأة إلا بإذن زوجها، ولا تهدي إلا بإذن زوجها، ولا تشتري متاعاً إلا بإذن زوجها "وفي لفظ: ((لا يجوز للمرأة أمر في مالها إذا ملك زوجها عصمتها)) " يعني إذا ملك عصمتها فلئن يملك مالها من باب أولى، وهذا الحديث يصحح عند أهل العلم، لكن هل هذا على سبيل الإلزام؟ أو هو من باب حسن العشرة؟ قوله: ((لا يجوز)) هل معنى هذا أنه يحرم؟ أولاً: جاء في الصحيح أن النبي -عليه الصلاة والسلام- في يوم العيد وعظ النساء، وذكّر النساء، وحثهن على الصدقة فجعلن يتصدقن، تلقي المرأة بسخابها، تلقي بقرطها، تلقي بشيء من حليها، بدون استئذان للأزواج، يستدل به أهل العلم على أن المرأة تملك، وتتصرف التصرف التام من غير إذن أحد، لا أب ولا أخ ولا زوج ولا أي شخص، إذا كانت مكلفة رشيدة حرة، تتصرف كالرجال، وعلى هذا الجمهور، وتظاهرت عليه مفهومات النصوص، وأما هذا الحديث فهو محمول على حسن العشرة، وقالوا: ولم يذهب على معنى الحديث إلا طاوس، فقال: إن المرأة محجورة عن مالها إذا كانت متزوجة إلا بإذن زوجها، وذهب مالك إلى أنها تتصرف في الثلث فما دون، وأما ما زاد على ذلك فلا بد من الإذن، مثل ما أشرنا سابقاً أن المرأة تملك كالرجل، وتبيع وتشتري، وتتعامل مع غيرها، لكن من غير تعريض نفسها للاختلاط بالرجال، أو تعريض نفسها لافتتان الرجال بها، أو افتتانها بهم، فلا بد من هذه الاحتياطات، وسد جميع الذرائع الموصلة إلى المحرمات، وإلا فهي حرة مكلفة رشيدة، تتصرف، ويوجد في هذه الأزمان التي زاول النساء ما يزاوله الرجال، واستحق النساء من الأجور ما يستحقه الرجال، بل كثير من النساء أفضل بكثير من كثير من الرجال، وإن كان مثل هذا يحتاج إلى إعادة نظر، ففيه قلب للفطر، وفيه أيضاً خلط فيما جعل الله -جل وعلا- من القوامة للرجال، فالمرأة مهما بلغت لها خصوصياتها، ولها ظروفها والرجل كذلك، والذين ينادون بأن المرأة تدخل في جميع ما يدخله الرجال من المصانع وغيرها، هذه جريمة في حق المرأة، وفي حق زوجها، يعني المرأة بصدد أن تتهيأ لزوجها، وتربي أولادها، وتقوم على مصلحة

بيتها، وتتجمل لزوجها، فإذا زاولت الصناعة هل هذه امرأة، إذا جاء زوجها، إذا كان الرجال يؤثر فيهم العمل، وينهكهم العمل، ويتعبهم العمل، ويؤثر على بشرتهم العمل، فيكف بالمرأة التي لا تتحمل مثل هذه الأمور، نحن نعيش اضطرابات وتناقضات، نقول للمرأة: عليها أن تتجمل وأن تتبعل لزوجها، ونقول: تدخل المصنع! أثر هذه الأعمال عليها في أخص أحوالها وهي أن تنشأ في الحلية والنعومة والتبعل للزوج والتزين له، ثم تدخل فيما يزاوله الرجال كيف يكون مصيرها؟! على كل حال للنساء ما يخصهن، ولا يوجد ما يمنع المرأة من العمل المناسب لها مع الاحتياطات اللازمة في عدم اختلاطها بالرجال، وعدم تعرضها للفتن، وفي كثير من البيوت مع الأسف صار الرجل لا شيء بمثابة السائق في الأسرة؛ لأن القوامة للمرأة، والراتب بيد المرأة، والضغط من جهة المرأة. في قصة طريفة واحد من المشايخ الكبار تأتيه الصدقات فجاءه شخص ممن يقرأ عليه القرآن في المسجد، وقال له: يا شيخ أنت يأتيك صدقات وإحنا ناس فقراء ومساكين ونحتاج، قال له: أنتم لستم بحاجة أم فلان تعمل، تعمل الخوص، تشتغل بيدها في بيتها وتبيع ما تيسر، فلما جاء هذا إلى الدرس شايب كبير، وزوجته عجوز هذه التي ... ، لما جاء يقرأ قرأ: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: "النساء قوامات على الرجال" قال: يا خبيث تحرف في كلام الله، قال: أنت الذي تقوله، ما دام أم فلان تعمل هي التي تقوم علي، وفهم الشيخ ولم يحوجه إلى مثل هذا، المقصود أن مثل هذا قلب للسنن الإلهية، نعم. وعن قبيصة بن مخارق -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إن المسألة لا تحل إلا لأحد ثلاثة: رجل تحمل حمالة فحلت له المسألة حتى يصيبها ثم يمسك، ورجل أصابته جائحة اجتاحت ماله فحلت له المسألة حتى يصيب قواماً من عيش، ورجل أصابته فاقة حتى يقول ثلاثة من ذوي الحجى من قومه: لقد أصابت فلاناً فاقة فحلت له المسألة)) رواه مسلم. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

"وعن قبيصة بن مخارق –الهلالي- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إن المسألة لا تحل)) " يعني لأحد كائناً من كان إلا ما استثني، فالاستثناء من عموم الأحوال، وهذا الحديث مخرج في صحيح مسلم، وسبق تخريجه في باب: قسم الصدقات، وهناك محله وموضعه، لكن هنا في الرجل الذي تحمل الحمالة، والذي أصابته الفاقة والجائحة، هؤلاء ممن يستحقون الحجر لمصلحتهم، ولمصلحة غيرهم، ولذا كرره المؤلف في هذا الباب للمناسبة. ((إن المسألة لا تحل)) يعني لأحد كائناً من كان ((إلا لأحد ثلاثة)) أولهم ((رجل تحمل حمالة فحلت له المسألة حتى يصيبها ثم يمسك)) الحمالة هي المال الذي يتحمله الإنسان عن غيره، فإذا غرم الإنسان لمصلحة غيره حلت له الزكاة، وقد جاء التنصيص عليه في آية مصارف الزكاة ((تحمل حمالة فحلت له المسألة حتى يصيبها)) فقط بقدر ما تحمل، ((ثم يمسك، ورجل أصابته جائحة اجتاحت ماله)) استأصلت جميع ما عنده ((فحلت له المسألة حتى يصيب قواماً من عيش)) أو سداداً عيش، يعني يصيب ما يكفيه من النفقة والقوت والسكنى من الأمور الأصلية الضرورية ((ورجل أصابته فاقة حتى يقول ثلاثة من ذوي الحجى من قومه)) ثلاثة من ذوي الحجى، ثلاثة من الثقات العدول الأثبات، أصحاب العقول، الذين يقبل قولهم في مثل هذا ((لقد أصابت فلاناً فاقة)) شدة وعوز وفقر شديد ((فحلت له المسألة)) ثلاثة! نعرف أن الشهادة في الزنا أربعة، وفي القتل كم؟ اثنين، وفي البيوع اثنين، وفي الأموال كلها اثنين، أو رجل وامرأتان، فشهادة اثنين كافية، هنا قال: "ثلاثة" وحمله أهل العلم على من كان ظاهره الغنى، يعني لو جاء فقير ظاهره الفقر هذا يحتاج إلى شهادة؟ ما يحتاج إلى شهادة، لكن لو جاءنا شخص ظاهره الغنى وتصرفاته تصرفات الأغنياء هذا ما يعطى؛ لأن الظاهر يدل على أنه لا يستحق الزكاة، لكن إذا شهد له ثلاثة على خلاف ظاهره أنه محتاج، وأنه أهل للزكاة حينئذٍ يعطى من الزكاة، وتحل له المسألة.

المسألة وأحكامها، أولاً: جاء النهي عن السؤال، وجاء النهي عن كثرة السؤال، وجاء ذم منع وهات، هذا مذموم، والسائل يأتي يوم القيامة وليس في وجهه مزعة لحم، ويأتي وهي كدوح أو خدوش في وجهه -نسأل الله السلامة والعافية-، فجاء ذمه الذم الشديد، بل تحرم المسألة من غير حاجة، إلا ما يأتي من السلطان أو من بيت المال من غير طلب ولا استشراف ما لم يكن ثمناً للدين، أما إذا كان ثمناً للدين فلا، كما جاء في الصحيح. مثل هذا الذي يسأل من غير حاجة عرفنا أنه يحرم، وإذا كان يسأل لحاجة وترتب على سؤاله محظور مثلاً، كالذي يؤذي الناس في أماكن العبادة، مجرد ما يسلم الإمام يقوم يخطب خطبة كاملة، ويشغل الناس عن أذكارهم، وإذا منع الإنسان عن طلب ونشدان ضالته التي هي في الأصل له فلئن يمنع أن ينشد ويطلب شيئاً ليس له من باب أولى، لكن يبقى أنه ما دام هذا سائل وعلامات الحاجة ظاهرة عليه لا يجوز نهره {وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ} [(10) سورة الضحى] فيوفق بين هذا وهذا، لا يترك له فرصة بحيث يؤذي الناس ويتخطى رقاب الناس، ويعوق بين إتمام الصلاة، أو إتمام الأذكار، وتحصيل الأجور المرتبة على هذه الأذكار، مثل هذا يشار إليه إشارة من غير نهر بأن يترك مثل هذا، أو يوصى بأن يجلس في مكان يعرف الناس بأنه محتاج فيتصدق عليه كالأبواب مثلاً، يقف عند باب المسجد، ومن مر به يتصدق عليه، من غير أن يعرض لنهر منهي عنه، والله أعلم. وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

كتاب البيوع (12)

شرح بلوغ المرام - كتاب البيوع (12) باب: الصلح - باب: الحوالة والضمان الشيخ: عبد الكريم الخضير هذا يقول: له أخ في الصف الأول المتوسط ولا يحافظ على الصلاة فما تنصحني تجاهه؟ هذا الأخ تبذل له النصيحة بالرفق واللين، وإن كان والده موجود إن رأى أن الضرب أنفع له؛ لأنه تجاوز العاشرة، وجاء الأمر به فليضربه؛ لأن الأمر أمر إرشاد؛ لأنه غير مكلف، ومع ذلك يؤطر على الصلاة، ويؤمر بها، ويؤكد عليها، إن كان ولي أمره غير موجود، وله أخ يخشى عليه إن ضغط عليه أن ينفر فليعامله بالحسنى، ويحسن إليه، ويرفق به، ويتابع نصحه وتوجيهه وإرشاده، وهذه الطريقة مجربة تجدي في تربية الشباب، لا سيما المراهقين، وعلى كل حال لا ييأس، عليه أن يتابع، أما إذا بلغه التكليف ولا يصلي مثل هذا لا يُجالس ولا يُساكن. يقول: يوجد اختلاف بين أهل اللغة وكتب الفقه في معنى الدائن والمدين فكتب اللغة تقول: الدائن من عليه دين، والمدين ما له دين ... على كل حال الدائن هو صاحب الدين، والمدين اسم مفعول، يعني مديون أصلها، أصل مدين مديون اسم مفعول، فهو الذي عليه الدين هذا هو الأصل, ومن ناحية أخرى لو نظرنا إلى الأصل اللغوي فيجوز هذا وهذا؛ لأن الدائن اسم الفاعل يصلح أن يكون من له الدين باعتبار أنه هو الذي قام به، هو الذي دين المدين، ويصلح أن يكون الدائن هو المدين باعتبار أنه هو الذي أخذ الدين، فعلى كل حال إذا وضح الاصطلاح من غير اشتباه فالأمر سهل -إن شاء الله تعالى-. يقول: هل يجوز مكالمة الخطيبة بالهاتف بعد الخطبة وقبل كتابة الكتاب لمعرفتها جيداً قبل الزواج؟ أقول: مثل هذا التساهل الذي جر إليه سهولة الاتصال بالنساء جر إلى كوارث وويلات، وحصلت اتصال محرم، ثم بعد ذلك فشل الزواج، فإذا تمت الخطبة والنظر واقتنع بها واقتنعت به، يترك الأمر إلى العقد. هل يجوز التقديم إلى العسكرية لطلب الوظيفة مع أنهم يشترطون الفحص الطبي كشف العورة؟ كشف العورة محرم إلا لحاجة ((احفظ عورتك إلا عن زوجتك وما ملكت يمينك)) لكن إذا كانت هناك مصلحة راجحة تدعو إليها فالمصالح تقدر بقدرها.

يقول: رجل أخذ مني مبلغ ليشتري به حديد ليورده إلى شركة على أن يرد إلي المبلغ بزيادة مع ضمان المبلغ الذي أعطيته له، علماً بأنه هناك عقد بينه وبين الشركة على الشراء مع ضمان الربح لأن السعر محدد. إذا كان أخذه منك على سبيل الاقتراض فلا يجوز أن تأخذ منه أكثر مما بذلت؛ لأنه عين الربا، مال بمال مع التفاضل، وإن كان أخذه ليشتري به وكيلاً عنك أو شريكاً لك، منك المال ومنه العمل والربح بينكما فلا بأس, وأما الربح المضمون فأهل العلم على أنه لا يجوز. يقول: لو تتكرم بإعادة الكلام حول قول الله تعالى: {فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ} [(279) سورة البقرة] ما المقصود برؤوس الأموال، مع بيان ما يترجح؟ الراجح أنه رأس المال وقت التوبة، وهذه الفتوى مفصلة وموجودة في المواقع، وموجودة أيضاً في مجلة الدعوة بالتفصيل. أيضاً يقول: ما رأيك في كتاب إعراب القرآن وبيانه لمحيي الدين درويش؟ وهل هناك كتاب معاصر أفضل منه؟ في نظري لا يوجد كتاب أفضل منه بالنسبة للمعاصرين، أما كتب المتقدمين ففي كتب إعراب قرآن لكنها تطوي الأمور التي لا تخفى على آحاد المتعلمين، أما هذا فيعرب كل شيء. يقول: من صلى الفريضة الرباعية ودخل مسجد تصلى نفس الصلاة، وأدرك مع الإمام ركعة، هل يجب عليه قضاء ثلاث ركعات أم تكفي واحدة؟ يقضي ثلاث ركعات، فليصنع كما يصنع الإمام. هل يجب على من ينوي الذهاب إلى الحج أن يسدد جميع الديون التي كانت عليه؟ وهل يجب عليه قبل الذهاب تسديد فواتير الكهرباء والماء والهاتف مثلاً؟ هذه من ضمن الديون، والمدين لا يجوز له أن يسافر سفراً يضر بدائنه إلا بإذنه. يقول: حديث في مسند الإمام أحمد أريد أن أبحث في درجة الحديث، وحكم العلماء عليه، وأريد أن أقرأ شروح العلماء عليه، ما هي الكتب التي استطيع الرجوع إليها؟

أولاً: الحديث إذا كان مما يتفق فيه الإمام أحمد مع غيره، فبالنسبة لشرحه ترجع إلى شروح الكتب الأخرى المشروحة التي اتفقت مع الإمام أحمد في تخريج الحديث، وكتب غريب الحديث أيضاً تشرح ما جاء في المسند وما جاء في غيره، كتب اللغة أيضاً يستفاد منها، كتب الأحكام الذين يستدلون بالأحاديث على إثبات هذه الأحكام يستفاد منها، المغني والمجموع والمحلى، يستفاد منها في شروح الأحاديث التي لا يوجد لها شرح مستقل، وبيان الدليل، ووجه الاستدلال ينفع في فهم الحديث، وأما بالنسبة لرجاله فما يتفق فيه مع الكتب الستة، رجال الكتب الستة خدموا بكتب مطولة ومختصرة، وأيضاً رجال المسند، وزوائد رجال الأئمة الأربعة، كلهم لهم ما يخصهم إلا أن الخدمة في غير الكتب الستة أقل. يقول: ذكرتم في عدة دروس استمعت إليها عن طريق الشبكة إلى طريقة ترون أنها مفيدة جداً لقراءة الكتب الستة هلا تفضلتم بإعادتها ولو باختصار؛ ليستفيد منها الإخوة؟ هذه كررت مراراً، وملت من كثرة التكرار، ولعله يتيسر كتابة فيها، مع ذكر بعض الأمثلة. هل يجوز اتخاذ صوت الآذان بدلاً من النغمات؟ أما الآذان الكامل في غير وقته فلا، إذا كان آذاناً كاملاً على الصفة الشرعية الواردة للتنبيه على دخول وقت الصلاة فلا في غير وقته، وأما بعض جمل الآذان إذا اتخذت فهي لا بأس بها -إن شاء الله تعالى-. ما نصيحتكم لمن يتحمس في حفظ القرآن ثم يتكاسل بعد ذلك؟ غالباً الذي يتكاسل بعد ذلك الذي يأخذ قدراً أكبر من طاقته، أما إذا حدد قدراً يطيقه ويحفظه ويراجع عليه التفاسير وكتب الغريب مثل هذا -بإذن الله- يستمر؛ لأنه لا يكلفه مثل هذا، وعلى كل حال الذي يتكاسل بعد ذلك ينظر مرة أخرى في الأثر عليه من حفظ القرآن، وما فائدته من حفظ القرآن، والنصوص الواردة في الحث على ذلك. ما معنى: "أحرورية؟ " في حديث المرأة التي جاءت تسأل عائشة؟ أحرورية يعني هل أنت من أهل حروراء، من الخوارج الذين يرون قضاء الصلاة بالنسبة على الحائض. ما هي أفضل طبعات دار السلام؟ كيف أفضل طبعات دار السلام؟ يعني أفضل الكتب التي طبعوها؟ أو هل هي أفضل من غيرها؟ طالب:. . . . . . . . .

يقول: دار السلام، ولعله يقصد سبل السلام، أما بالنسبة لسبل السلام طبع طبعات متعددة، من أول الطبعات المعتنى بها طبعة الجامعة -جامعة الإمام- وفيها بعض الأخطاء، وبحاجة إلى شيء من التعليق الذي يحتاج إليه طالب العلم، والتعليق في طبعات ابن الجوزي الحلاق أكثر من غيره من الطبعات، فيه خدمة وتعليق وتخريج، ولا تسلم من بعض الأخطاء، وطبعة طارق عوض الله لا بأس بها، فهذه الطبعات أفضل الطبعات عندي. يقول: شخص دخل وهم في التشهد الأخير في صلاة، فصلى سنة الظهر القبيلة قبل سلامهم، فما الحكم؟ إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة. يقول: أنا طالب في الجامعة في الإحساء وأنا من أهل الدمام هل يجوز لي أن أجمع الظهر والعصر وأنا أحضر إلى الدمام في الساعة الثالثة عصراً في نفس اليوم؟ إذا كنت تدرك الجماعة في بلدك فلا، وإذا خشيت أن تفوتك الجماعة في بلدك فلا مانع من الجمع. يقول: ما معنى قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((فكوا العاني))؟ وهل الأمر للوجوب؟ وما صحته؟ نعم الحديث صحيح، ومعنى العاني: هو الأسير، الأسير لا بد من فكه، يقول ابن العربي في أحكام القرآن: "وفك العاني واجب في بيت المال ولو لم يبقَ فيه درهم". ما حكم شراء بيت بالتقسيط المنتهي بالتمليك؟ هذا مثل شراء السيارة الذي أجبنا عنه سابقاً، يشتمل على عقدين متضادين، مقتضى أحدهما أن يكون المبيع من ضمان البائع، والثاني: أن يكون من ضمان المستأجر، وهذا تضاد يفضي إلى النزاع والشقاق. هذا يسأل عن الدين على الميت؟ سيأتي -إن شاء الله- في هذا الدرس. يقول: هل من الممكن أن تشرح لنا الفرق بين القرض والدين؟

القرض ما يرجى فيه الثواب من الله -جل وعلا-، فيدفع المال للمحتاج على أن يدفعه من غير زيادة ولا نقصان، هذا أصله، يقرض ألف ريال على أن يرده ألف، يقضي به حاجته ويعيده، هذا الأصل في القرض، وإن رد أكثر منه من باب حسن القضاء من غير اشتراط فلا بأس، وأما الدين فهو ما يقع فيه التفاضل مع التأجيل، دين بفائدة مع الأجل {إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ} [(282) سورة البقرة] والغالب أنه لا يكون مؤجل إلا إذا كان بفائدة، في مقابل الأجل، كيف يمكن أن يقع الربا في كل منهما، القرض ظاهر يعني تعطيه ألف ويعطيك ألف ومائة هذا ربا، وفي الدين إن كان المقصود به ربا الجاهلية إذا حل الدين ألف مثلاً سلعة قيمتها ألف تباع بألف ومائة، ثم إذا حل الدين قال: إما أن تقضي ألف ومائة أو تكون ألف ومائتين في السنة القادمة، هذا ربا الجاهلية. هل يجوز الدفع مقدماً لمحل من المحلات دون شراء بضاعة، ثم يشتري بضاعة من المحل، ويسدده من الحساب المدفوع مسبقاً؟ بعض الناس يخشى إذا كان المال بحوزته أن يذهب من غير فائدة، بعض الناس لا يحسن التصرف في الأموال، ولا يستطيع المحافظة عليها، فيعطي صاحب البقالة مقدماً ألف ريال، ألفين ريال، ويقول له: هذه على الحساب، مقدماً كلما جيت احسم، فلا بأس به -إن شاء الله تعالى-، يكون المال أمانة عنده. هل لإمام المسجد أن يمنع السائل من السؤال في المسجد لوجود تعميم من ولي الأمر؟ على كل حال إذا ترتب على سؤال هذا السائل ما يؤثر على عبادات الناس فلا بد من منعه دون نهر له، يمنع بأسلوب مناسب؛ لئلا يقع في المخالفة {وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ} [(10) سورة الضحى]. يقول: ما رأيكم في طبعة دار الفضيلة للاستقامة ومنهاج السنة بتحقيق محمد رشاد سالم؟ أما طبعة الجامعة للكتابين فهي طبعة جيدة، وعلى الأصول المحققة، وإذا كان هذا صف جديد، فدار الفضيلة أيضاً هم أهل عناية، وهذا دار السلام معروف، أجبنا عنه مراراً الكتب الستة. يقول: هل تعدد الروايات يلزم أن الرسول -عليه الصلاة والسلام- قالها كلها؟

لا يلزم، تعدد الروايات واختلافها واختلاف ألفاظها مرده إلى اختلاف الرواة، وعامة أهل العلم على جواز الرواية بالمعنى. بعض العوام يقول: لا بد أن هناك رواية محددة فقط والبقية كذب. قد يقال الخبر في مناسبتين فأكثر، لكن الغالب أن هذه الاختلافات في الروايات إنما هي من اختلاف الرواة، وفيها الراجح وفيها المرجوح. يقول: هل طريقة طلب العلم على الأشرطة طريقة معتبرة عند أهل العلم؟ ثم هل تنصح من أكمل المرحلة الثانوية في دارسته مثلاً أن يبحث عن عمل، ويدرس على المشايخ، ولا يلزم الالتحاق بالجامعة إذا كان ذلك أفضل وأنسب له في الطريقة، وأدعى إلى الإخلاص فضلاً عن احتمال عدم قبوله أصلاً، ثم أرجو ... بالنسبة لخريج المرحلة الثانوية لا شك أنه تأهل للقراءة والكتابة، يعني يقرأ ويكتب، وبإمكانه أن يحضر الدروس المناسبة له، ولا مانع أن يجمع بين الدراسة النظامية إذا كانت في كلية شرعية، وبين دروس المساجد، على أن الدراسة النظامية يمكن خمسين بالمائة من الوقت يضيع هدراً، ولا شك أن الدراسة في المساجد والمتابعة في البيوت أحفظ للوقت، لكن ما الذي يحدو الطالب على مراجعة الكتب وتكرار النظر فيها إلا هذه الاختبارات الموجودة في الدارسة النظامية، وعلى كل حال الجمع بينها طيب، أفضل. ثم بعد ذلك يقول: ثم أرجو منك يا شيخ ذكر كتاب يكفي للطالب دراسته في العلوم العربية الاثني عشر كتاب لكل فن -كما ذكرت مسبقاً- أنه يكفي كتاب لكل فن، ثم بالأمس ذكرت أن كتاب منهج السالكين يقرأ قراءة وليس فيه ما يشكل إذاً لماذا يشرحه بعض العلماء في دروسهم؟ وتتبناه بعض الدورات كمتن يشرح لطلبة العلم المبتدئين؟

أولاً: أنا لي كلام كررته مراراً وهو أن الكتب السهلة لا سيما كتب المعاصرين لا تقرر لا في دروس ولا في دورات، ما يمكن فهمه من قبل القارئ من غير شيخ فهذا لا يشرح لا في دروس ولا في دورات، إنما يعتمد في الدروس والدورات الكتب التي ألفها العلماء على طريقتهم، وعلى أساليبهم ليتخرج الطالب قد عرف أساليب أهل العلم وطرائقهم، بحيث لو بحث في كتاب أخر لم يشرح ما أشكل عليه شيء، ولو تفرد في بلدة أو في قرية استطاع أن يتعامل مع كتب أهل العلم من خلال ما شرح له، أما شروح كتب المعاصرين التي كتبت بلهجة العصر بحيث يقرأها ويفهمها الطالب بنفسه مثل هذه أتصور أن تربية طالب العلم عليها خطأ، ولكلٍ اجتهاده. يقول: البعض يتعامل بالإيجار المنتهي التمليك فإذا انتهت المدة لم يأخذ السيارة ويستفيد من هذا أن قيمة الأجرة أقل مما لو كان سيستأجر فقط. على كل حال إذا كانوا يخيرونه فيما بعد فهذه مجرد أجرة، والأجرة لا بأس بها. ما هي أفضل طبعات الكتب الآتية: تحفة الأشراف؟ ذكرنا أن الطبعة الهندية الأولى عبد الصمد شرف الدين طبعة طيبة ومتقنة ومخدومة، وكذلك طبعة بشار. إحكام الأحكام لابن دقيق العيد؟ أفضل طبعاته طبعة الشيخ أحمد شاكر مع الشيخ حامد الفقيه، في مجلدين، والطبعة أيضاً التي عليها حواشي الصنعاني المطبوعة في المطبعة السلفية طيبة، أما الطبعة المنيرية ففيها أخطاء. فتح الباري؟ ذكرنا مراراً في مناسبات كثيرة أن طبعة بولاق هي أتقن الطبعات فإن لم تتيسر فالطبعة السلفية الأولى. شرح مسلم للنووي؟ قلنا: إن ما طبع على هامش الطبعة السادسة من إرشاد الساري، طبعة بولاق لمن يتقن ويحسن التعامل مع الكتب المطبوعة في الهوامش، هذه طبعة متقنة، الطبعة الخامسة أو السادسة من إرشاد الساري، والذي لا يستطيع ذلك فعليه بالطبعة الأولى البهية في ثمانية عشر جزء. تقريب التهذيب؟ طبع مراراً في الهند وفي مصر وفي غيرها من البلدان، لكن طبعة أبي الأشبال جيدة إلى حد ما، يمكن تكون من أفضل الطبعات، ومعها أيضاً طبعة الشيخ عوامة، طبعة عوامة فيها إتقان، وإن وجد عليها بعض الملاحظات لكن أفضل من طبعة عبد الوهاب عبد اللطيف.

يقول: رجل وجد عين ماله عند شخص مفلس لكنه نقص منه مائة ريال هل يحق له أن يطالب بالمائة ريال ليكمل النقص أو يصلح الضرر الذي في ماله؟ يعني باع عليه سلعة بألف ريال، ثم أفلس المشتري وله غرماء آخرون، ثم وجد هذه السلعة بعينها موجودة، لكن ما تسوى إلا تسعمائة إذا قبلها دون أرش له ذلك. هذا نفس السؤال، يقول: دخلت والناس يصلون وهم في آخر ركعة فهل لي أن أبدأ بصلاة السنة القبلية وهم لم ينتهوا من الصلاة بعد حتى أدرك الجماعة؟ ليس لك ذلك، إذا أتيت والإمام على حال فاصنع كما يصنع الإمام، فادخل معه. ما قولكم في الجمعيات؟ المقصود جمعيات الموظفين التي تدور عليهم ويستحقها كل واحد منهم في شهر، القصد منها توفير للأموال وعدم التفريط فيها، فلا يظهر لي وجه المنع. يلاحظ من بعض عبارات الصنعاني في سبل السلام القسوة على بعض الصحابة، وقلة الأدب مع بعضهم -رضي الله عنهم أجمعين-، وعندما يذكر علي بن أبي طالب أحياناً يقول: كرم الله وجهه. أنا وجدت في بعض المواضع يقول: صلوات الله عليه، ولعلها من النساخ. وأحياناً يقول: عليه السلام، فلماذا يصنع ... ؟ الصنعاني عاش في بيئة أكثرهم هادوية، والإنسان ابن بيئته لا بد أن يتأثر شاء أم أبى، لا بد من التأثر شاء الشخص أم أبى بالبيئة، ومع ذلك قد يقال: إن صنيعه هذا من باب ترويج الكتاب؛ لأنه لو لم يفعل هذا وعاش في بيئة هذه صفتها أكثرهم من الشيعة لا يروج الكتاب ولا يُقرأ، وإذا صنع مثل هذا قرئ الكتاب واستفيد منه، وهذه مفسدة مغمورة، لكن الوقوع في الصحابة لا يقبل، مهما كان مبرره "والبدعة بدعة ولو كانت من عمر؟ هذه ما يقولها منصف، وعلى كل حال تأثره بالمذهب -مذهب البلد- واضح، وإن لم يكن شيعياً، لكنه متأثر. طالب: المقصود أن هذه العبارة: "البدعة بدعة ولو كانت من عمر" هذه مقولة صاحب السبل يعني؟ هذا صاحب السبل يقول هذا الكلام، وقال غير هذا، قال في حق معاوية كلام ما هو بطيب، لكن لا شك أن البيئة مؤثرة. ظهر في الآونة الأخيرة نساء يقفن عند إشارات المرور يسألون الناس، وقد تكون الواحدة منهن حاملة معها أطفالها فما توجيهكم لهن؟ وهل يدخلن في حديث قبيصة؟

هؤلاء منعهن متعين؛ لأن عليهن خطر، وعلى أطفالهن خطر، خطر من جهتين، خطر من جهة السيارات، وكم من طفل راح ضحية عند الإشارات، وكان الأطفال يبيعون جرائد عند الإشارات، يبيعون مناديل، يبيعون ماء، وكم واحد ذهب ضحية من هذا العمل، مثل هؤلاء يمنعون خوفاً عليهم، النوع الثاني خطر على بعض النساء من بعض الأشرار أن يستدرجهن فيقعن في حبائله. يقول: ما حكم المأموم الذي ترك ركناً سهواً كقراءة الفاتحة أثناء متابعة الإمام أرجو التفصيل ماذا عليه؟ المأموم إذا كان يرى أن الفاتحة ركن فإذا تركها في ركعة بطلت الركعة التي تركها منها ويأتي بغيرها. يقول: ما حكم لبس الخطيب يوم الجمعة للبشت، وإذا خطب بدون بشت فما حكمه؟ البشت في عرف الناس من الزينة الذي ينبغي أن تتخذ عند كل مسجد، يعني عند كل صلاة، لكن بعض الناس إذا لبس البشت خيلت له نفسه أنه صار شيئاً بعد أن لم يكن شيئاً، فمثل هذا لا يلبس البشت، إذا كان يؤثر في نفسيته لا يلبسه، وإذا كان مجرد زينة من غير أثر عليه فلا بأس، وأما كونه حكم الخطبة بوجوده أو عدمه واحد، يعني لبس بشت أو ما لبس بشت الخطبة خطبة صحيحة إذا اشتملت على أركانها وشروطها. رجل يقول: إنه في فترة سابقة لم يطمئن في صلاته هل يعيد صلواته تلك؟ لا يعيد، النبي -عليه الصلاة والسلام- أمر المسيء أن يعيد الصلاة الحاضرة، ولم يأمره بإعادة الصلوات الماضية. يقول: ما الراجع في تفسير قوله تعالى: {فَقَالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَن ذِكْرِ رَبِّي حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ * رُدُّوهَا عَلَيَّ فَطَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ وَالْأَعْنَاقِ} [(32 - 33) سورة ص]. السياق يدل وإن كان بعضهم يستنكر هذا أنه قتلها؛ لأنها شغلته عن طاعة الله -عز وجل-، الظاهر من السياق وهو قول أكثر المفسرين أنه قتلها؛ لأنها شغلته حتى غابت الشمس، وأما مجرد المسح السياق لا يدل عليه، أنه مجرد المسح هل هذا لائق بمن فاتته الصلاة إلى أن خرج وقتها، لا يليق به هذا. ما القول الحق في شخصية جمال الدين الأفغاني وتلميذه محمد عبده حيث هناك غموض وخلاف في حقيقة دعوتهم؟

أما بالنسبة للأفغاني فهذا أمره أشد، منهم من يقول: إنه رافضي، ومنهم من يقول: ماسوني، ومنهم من يقول .. ، على كل حال الأمر فيه شيء من الخفاء، والذي يغلب على الظن عدم سلامته، وأما محمد عبده فالعقيدة معروفة أنها أشعرية من خلال رسالة التوحيد، وله أيضاً تصرفات مع النصوص كثير منها عقلانية، ومع ذلك فهو من أهل العلم على ما عنده من أخطاء. فهل في كتاب التوحيد أحاديث ضعيفة كما قيل؟ نعم، لكن الإمام المجدد -رحمه الله تعالى- لا يعتمد على هذه الأحاديث، وإنما يسوقها أحياناً من باب حشد الأدلة، فتجده أحياناً يصدر الباب بآية، ثم بحديث صحيح، ثم يورد ما يدعم هذا من الأحاديث التي في بعضها مقال، وهذا لا يمنع من الاستدلال بها إذا كانت داخلة في الأصول السابقة. يقول: ما رأيك في هذين الكتابين: منهاج طلب العلم للشيخ صالح الأسمري؟ ما عرفته، ولا قرأته. خلاصة الكلام في تخريج أحاديث بلوغ المرام لخالد الشلاحي؟ تخريج طيب وموسع يستفيد منه طالب العلم إلا أنه لم يكمل. ما هي أفضل طبعة لكشاف القناع؟ طبعات كشاف القناع هو طبع أولاً في المطبعة الشرفية على نفقة مجبل الذكير، وأفاد منه العلماء في وقته، وعلى هامشه شرح المنتهى، وهي طبعة في الجملة لا بأس بها، فيها بعض الأخطاء التي قد يكون مردها إلى النسخ، ثم طبع في مطبعة السنة المحمدية، تصحيح محمد حامد الفقيه على نفقة السويلم، طبعة جميلة وجيدة، ومع ذلك كرر طبعه مراراً، طبع بمطبعة الحكومة على نفقة الملك فيصل، وطبع أيضاً .. ، طبعته مطابع النصر في الرياض بتحقيق شخص يدعى فلان .. هلال مصيلحي أو ما أدري ... ، لكن هذه الطبعة وسط، ثم طبع أخيراً أجزاء منه خمسة أو ستة بعناية وزارة العدل، شكلت له لجنة منذ عشرين عاماً، خرج منه مقدار الربع، أو ما بين الربع والثلث خمسة أجزاء، طبعة مخدومة، ومخرجة الأحاديث، وعليها خدمة. هذا يقول: ما هي أفضل طبعات كشاف القناع، عمدة الأحكام؟ عمدة الأحكام طبعة الشيخ أحمد شاكر، طبعة طيبة ومتقنة إلا أنها ما عليها تخريج وعزو للأحاديث، يستفاد من طبعة نظر الفريابي في العزو، مع ضم طبعة الشيخ أحمد شاكر إليها. الإتقان؟

باب: الصلح

الإتقان طبعة محمد أبو الفضل إبراهيم لا بأس بها. تذكرة السامع والمتكلم؟ هذه الطبعة الهندية التي عليها الحواشي متقنة ومحررة، وعليها حواشي نافعة جداً، وأما طبعة أم القرى فهي طبعة صحيحة لكنها مجردة من الحواشي. طالب: رعاك الله المؤلف اسمه ابن جَماعة؟ ابن جماعة إيه. طالب: ومن ضبطه بضم الجيم جُماعة غلط؟ جَماعة، جَماعة. يقول: هل أحفظ عمدة الفقه أو زاد المستقنع أو دليل الطالب؟ أيها توصيني؟ عمدة الفقه عرفنا أنها لبنة أولى في الباب، ألفه الإمام الموفق ليكون عمدة للمبتدئين، وبناه على الأدلة الصحيحة، يصدر الباب بحديث صحيح ويبني عليه الأحكام، هذه طريقة تعود طالب العلم على الاستدلال والاستنباط، وهو نافع من هذه الحيثية، لكن مسائل الزاد أضعاف ما في العمدة، فالعناية به من هذه الحيثية مهمة؛ لأن فيه أضعاف ما في العمدة، فلو حفظت العمدة، أو الدليل لأنه مرتب ترتيب منطقي، الدليل ترتيبه أفضل من ترتيب الزاد وأوضح، لكنه أقل مسائل، والعمدة ميزته ما ذكرنا، والزاد ميزته كثرة المسائل على صغر حجمه، فلو حفظ العمدة الطالب وقرأ شروحها وما سجل عليها هذا حفظ، وأما بالنسبة للزاد فيدرسه دراسة، يدرس مسائله على الطريقة التي شرحت مراراً بأن يجعل الكتاب محور بحث، يقرأ المسألة من الزاد ويتصور هذه المسألة من خلال الشروح، ومن حضور الدروس، يستدل لهذه المسائل، ينظر من وافق، ومن خالف ودليله، ويوازن بين الأدلة، وبهذا يتفقه. اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد. سم. بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. قال الحافظ ابن حجر العسقلاني -رحمه الله تعالى-: باب: الصلح عن عمرو بن عوف المزني -رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله -صلى عليه وسلم- قال: ((الصلح جائز بين المسلمين إلا صلحاً حرم حلالاً، أو أحل حراماً، والمسلمون على شروطهم إلا شرطاً حرم حلالاً أو أحل حراماً)) رواه الترمذي وصححه، وأنكروا عليه لأنه من رواية كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف ضعيف، وكأنه اعتبره بكثرة طرقه، وقد صححه ابن حبان من حديث أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه-.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: باب: الصلح الصلح حسنة من الحسنات، وعمل فاضل رتبت عليه الأجور، الصلح بين الناس، تصلح بين اثنين صدقة، والصلح بين الزوجين من أفضل الأعمال، والصلح بين المتخاصمين والمتنازعين كذلك، وجاءت النصوص الصحيحة الصريحة في مدحه {وَالصُّلْحُ خَيْرٌ} [(128) سورة النساء] كما قال الله -جل وعلا-، وجاء بذلك أيضاً الأحاديث وهو أنواع، منه ما يكون بين المتنازعين، ومنه ما يكون بين الوالد وولده، وبين الأم وبنتها، وبين الزوج وزوجته، وبين الموظف ومديره، المقصود أن أنواع الشقاق والنزاع كثيرة، ولا يسلم مجتمع منها، بل لا يسلم بيت منه، لا بد من النزاع والشقاق، لكن يعالج بالطرق الشرعية، ويتدخل الأخيار بحله وفصله، لينالوا بذلك الأجر، والثواب من الله -جل وعلا-، الله -جل وعلا- يقول: {وَالصُّلْحُ خَيْرٌ} [(128) سورة النساء] خير هذه صيغة تفضيل، الأصل فيها أخير، كما أن شر يراد به أشر، فهو أفضل من غيره، وهل في غيره فضل؟ الصلح خير، هو أفضل بلا شك، لكن إذا لم يتم الصلح فالقضاء أيضاً فصل للنزاع بالحق خير، لكن إذا تم الصلح بينهما مع رضاء كل واحد من الطرفين هذا أفضل، وذهب كل واحد سليم الصدر على صاحبه هذا خير. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

"عن عمرو بن عوف المزني -رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((الصلح جائز بين المسلمين إلا صلحاً حرم حلالاً أو أحل حراماً، والمسلمون على شروطهم إلا شرطاً حرم حلالاً أو أحل حراماً)) " رواه الترمذي وصححه" وأنكروا عليه، بل الحديث بإسناد الترمذي ضعيف جداً؛ لأنه من رواية كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف المزني، وهو ضعيف جداً، كذبه الشافعي، وتركه أحمد، وقال ابن حبان: إن له عن أبيه عن جده نسخة موضوعة، حتى قال أبو داود: إنه ركن من أركان الكذب، على كل حال تصحيح الترمذي تساهل شديد، سعة في الخطو، وانتقد بسبب ذلك، ولذا قال الذهبي: لا يعتد العلماء بتصحيح الترمذي؛ لأنه صحح مثل هذا، وله نظائر، يعني وإن كانت دونه في المرتبة، وأحاديث ضعيفة صححها، لكن مثل هذا نادر أن يصحح بمثل هذا، تساهل من الترمذي، ولذا لا يعتد العلماء بتصحيحه، كما قال الذهبي وغيره، ومثل هذا لا يقدح في إمامة الترمذي، الترمذي إمام، وأما الوقوع في مثل هذه الزلات لا بد منها، فليس بمعصوم، نعم مقل منها ومستكثر، والإمام ليس بمعصوم، ويكفي في إمامته ما سطره في هذا الكتاب العظيم، جامعه الذي هو من أنفع الكتب لطالب العلم في الرواية والدراية، لطالب العلم الذي يريد أن يتخرج على كتاب من كتب السنة بجميع فنونها، فليعمد إلى جامع الترمذي ويدرسه دراسة واعية دراية ورواية بالأسانيد والمتون، بالشواهد والإشارات والاستنباط، هذا ما فيه مثل جامع الترمذي، ويكفي في إثبات فضله مثل هذا العمل، لكنه ليس بمعصوم، وتساهله ظاهر في التصحيح، ويبقى أنه إمام من أئمة المسلمين، وكتابه لا يمكن أن يستغنى عنه، ومثل هذا الكلام إنما يوجه لمن أراد أن يقلد الترمذي، أما من توفرت لديه الأهلية والنظر في الأسانيد والمتون، وبحث عن كل حديث حديث في كتاب الترمذي، وحكم على كل حديث بما يليق به، مثل هذا لا يوجه إليه الكلام، سواء كان الترمذي متساهل أو متشدد سيان؛ لأنه لن يعتمد على تصحيح الترمذي، فإذا كانت الأهلية موجودة لا يعتمد على هذا، وإن كانت الأهلية غير موجودة للباحث فليقال: إن قول الترمذي في أقوال غيره من الأئمة، ويبقى أن الترمذي مهما قيل إمام من أئمة

المسلمين، وكتابه كتاب معتبر معول عليه، أصل من أصول السنة بالاتفاق، ما اختلف أحد في أن جامع الترمذي من دواوين الإسلام المعتبرة، بل من الأصول الخمسة التي لا خلاف فيها، منهم من ينازع الذهبي في هذه الدعوى، الواقع يشهد بكلام الذهبي، الشيخ أحمد شاكر يقول: الصواب أن تصحيح الترمذي معتبر، وتصحيحه توثيق لرجاله، هذه سعة وتساهل شديد من الشيخ أحمد شاكر، وقد عرف بذلك، وقد وثق في جامع الترمذي أكثر من عشرين راوي، يعني أحمد شاكر وهي مسطرة ومدونة ومعروفة، أكثر من عشرين راوي عامة الأئمة على تضعيفهم، فهو متساهل الشيخ أحمد وتساهله أيضاً زاد على تساهل الترمذي، الترمذي قد يصحح الخبر لما يحتف به من شواهد، ويعتذر عنه بهذا، لكن إذا قال أحمد شاكر: إن تصحيحه للحديث توثيق لرواته كيف يمكن أن يوثق الترمذي كثير بن عبد الله؟ يمكن؟ ما يمكن، وقد كذبه أكثر من واحد من الأئمة، واتهموه، وضعفوه، ورموه بالضعف الشديد، لكن الترمذي قد يصححه، وقد يثبته لما له من شواهد، ولذا قال: "رواه الترمذي وصححه، وأنكروا عليه؛ لأنه من رواية كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف، وهو ضعيف" ولو قال: ضعيف جداً كان أولى "وكأنه اعتبره بكثرة طرقه" هذا اعتذار من الحافظ ابن حجر للترمذي، الترمذي حينما يقول: هذا الحديث حسن صحيح؛ لأنه يخرج الحديث من الطريق الموصولة بسنده، ثم يقول: حسن صحيح، وفي الباب من حديث فلان وفلان وفلان، هذه شواهد لهذا الحديث، فتصحيحه بمجموع الشواهد، وقد لا يثبت بذاته، وعلى كل حال الحديث له طرق تدل على أن له أصلاً. ((الصلح جائز بين المسلمين)) جائز إيش معنى جائز؟ يعني مباح أو صحيح؟ صحيح، ((بين المسلمين)) يخرج غير المسلمين؟ يعني ما في صلح بين كفار إذا تحاكموا إلينا أو بين مسلم وكافر؟ في صلح، صلح بين مسلم وكافر، وبين كفار تخاصموا إلينا، واحتكموا إلينا، ورأينا الحكم بينهم، فإذا أمكن الصلح بينهم فهو الأولى، وأما التنصيص على المسلمين فهم الذين يتدينون بالنصوص، وهم الذين يعملون بمفادها.

((إلا صلحاً حرم حلالاً أو أحل حراماً)) هذا الصلح وإن رضي به الطرفان لا يجوز البتة، فلو تشاجر اثنان، حصل صدام بين زيد وعمرو في سيارتيهما، وحصل نزاع وشقاق وجاء وأصلح بينهم، وقال واحد: يصطلحان على مقدار من المحرمات، إما من خمر أو من غيره، تدفع له كذا مقابل، نقول: لا؛ لأن هذا فيه جعل الصلح عوضه محرم، أو مثلاً يصطلحان على أن يقرضه مبلغ كذا ويرد عليه مبلغ كذا أكثر منه، الصلح يتضمن صفقة ربا فلا يجوز، هذا أحل حراماً، وإذا حرم حلالاً، يصلح بينهما على أن يمنعه من الاستفادة من سيارته أو يبيعه يحصل بينهما بيع، صفقة بيع سيارة، ثم يحصل شقاق ونزاع في شرط من الشروط، أو في مسألة متعلقة بها، ثم يقول: على أن لا تستفيد من سيارتك مدة سنة، فمثل هذا يمعنه من الحلال، الذي هو مقتضى العقد، فهذا الشرط منافي لمقتضى العقد وإن كان صلحاً، ولو رضي به الطرفان، فهو شرط ليس بصحيح. ((والمسلمون على شروطهم)) هذا الأصل، وفي رواية: ((المؤمنون على شروطهم)) ولا يخرج المسلمين وإن كانوا دونهم في المنزلة، على كل حال هذا اللفظ ثبت من طرق ((المسلمون على شروطهم)) يعني شروطهم لازمة بينهم ومن أوفى ومن أوجب ما يجب الوفاء به من الشروط ما استحلت به الفروج بين الرجل وامرأته، فإذا اشترطت الزوجة على زوجها، واشترط على زوجته لا بد من الوفاء، ((المسلمون على شروطهم)) اشترطت الزوجة على الزوج أن تكمل الدراسة وأن تتوظف بعدها، أو اشترط عليها العكس أن تترك الدراسة أو تترك العمل، يجب الوفاء أو لا يجب؟ المسلمون على شروطهم، يجب الوفاء بذلك، لكن إذا خيرها بين ترك الشرط أو بين أمر يملكه، اشترطت عليه أن تدرس، ثم لما دخل بها ورزقوا بمولود ورأى أنها انشغلت عنه وعن بيته، قال: إما أن تتركي التدريس أو ورقة الطلاق، له ذلك وإلا لا بد أن يفي بشرطه؟ إذا خير بين أمر يملكه، من أهل العلم من يقول: إن له ذلك؛ لأنه يملك طلاقها، فإذا رضيت يكون من باب التنازل عن هذا الشرط بمقابل البقاء، فتكون هي التي تنازلت، ولا شك أن هذا التخيير شبيه بالإكراه والإلجاء؛ لأنها بعد أن أتت بمولود ومعروف أنها لن تتزوج إلا بمثله أو أقل منه، فترضى بهذا الشرط وتترك.

المقصود أن مثل هذا ينظر فيه إلى أن الرجل يملك الطلاق، فإذا هددها به وتنازلت هي عن شرطها فالأمر لا يعدوهم، بالمقابل لو أن شخصاً تزوج امرأة واشترط عليها ألا تدرس ثم افتقر، هذا الرجل افتقر، وقالت: أريد أن أدرس وإلا الفسخ لأنك فقير، يعني لا يظن أن الضغط من قبل الرجال باستمرار، يعني النساء عندهن وسائل للضغط على الرجال، والمسألة مسألة عرض وطلب كسائر أمور الدنيا وشؤونها، إذا ارتفعت أسهم الرجل لا شك أنه يستطيع أن يضغط على المرأة والعكس، يعني لو أن رجلاً من أغنى الناس ثم افتقر لا شك أنه ينزل في عين المرأة، تزوجته على هذا الأساس واشترط عليها شروط من علو، وفرض عليها فروض، ثم بعد ذلك فقد ما يستطيع أن يضغط به، ثم بعد ذلك قالت: إما أن أدرس وإما أن تفسخ لأنك عاجز، هل نقول بهذا أنها أخلت بالشرط؟ هي تملك الفسخ؛ لأن الذي لا يستطيع النفقة تفسخ منه زوجته، ولذا جاء في الحديث الصحيح: ((يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج)) فالمسألة كما يوجد من الرجال وسائل الضغط هذه التي ذكرناها يوجد أيضاً من النساء، وإذا ضغط الإنسان بأمر مخير بينه وبين ما يملكه فالذي يظهر أن له ذلك. طالب:. . . . . . . . . تضرر، بيته تضرر، إذا جاء من العمل وإذا ما فيه، المرأة ما بعد جاءت من العمل، والبزر بحاجة شديدة إلى أمه وإلى تربيتها، لكن عنده خيار آخر، لكن هل تقبل به الزوجة؟ يقول: إما أن تتركي العمل أو أتزوج، يمكن أن يخيرها بين أن تترك العمل وأن يتزوج تترك العمل؛ لأن الزواج بالنسبة لها أشد، فالمقصود بأن هذه الدنيا وأمورها وشؤونها كلها ماشية على هذا، وإذا خير الإنسان بين ما يملك مع نظيره فله ذلك. ((إلا شرطاً حرم حلالاً، أو أحل حراماً)) باعه جارية على أن لا يطأها، هذا حرم حلالاً، أو باعه جارية على أن لا يطأها هو ويطأها ولده مثلاً، هذا أحل حراماً، نسأل الله السلامة والعافية.

"رواه الترمذي وصححه، وأنكروا عليه؛ لأنه من رواية كثير بن عبد الله عمرو بن عوف، وهو ضعيف، وكأنه اعتبره بكثرة طرقه" وهذا اعتذار من الحافظ للإمام الترمذي، وقد صححه ابن حبان من حديث أبي هريرة، فله شاهد من حديث أبي هريرة، ولذا يثبته أهل العلم بهذا الشاهد. الصلح على الإنكار، منهم من يجيزه وهو مذهب مالك وأحمد وأبي حنيفة، ويمنعه الشافعي، لا يصح الصلح على الإنكار، معنى هذا أنه لو أدعى زيد على عمرو قال: عنده لي مبلغ من المال ألف ريال مثلاً، وقال عمرو: أبداً ليس بصحيح، ثم قال الشيخ .. ، توسط بينهما القاضي وقال: لعلك تدفع خمسمائة ويترك خمسمائة وتصلحون، هذا صلح، فقبل الطرفان، يجوز وإلا ما يجوز؟ أجازه الأئمة الثلاثة، ونفاه وأنكره الإمام الشافعي، يقول: لا يجوز؛ لأنه لا يخلو إما أن يكون له ألف بالفعل فلا يجوز نقصه، أو لا يكون له شيء فلا يجوز له أن يأخذ شيئاً، والمسألة تحتاج إلى شيء من التفصيل، إن كان المدعي يجزم بأن له حقاً عند خصمه هذا مبلغه يجوز له أن يأخذه ويصالح، ويترك بعض حقه لتحصيل الباقي، هذا بالنسبة للمدعي إذا كان يجزم بأن له حق يأخذ ما تيسر له، وما صُولح عليه، لكن الطرف الثاني إن كان يجزم بأنه مدين لزيد بألف ريال لا يجوز له أن يترك ريالاً واحداً، وإذا كان لا يجزم أو يجزم بأنه سدده، سدد هذا المبلغ، فله أن يدفع ما يفدي به نفسه شر النزاع والخصام والتعب، فلكل من الخصمين ما يخصه، أما شخص يعلم أنه ليس له دين على فلان، ويدعي ديناً ثم يطلب المصالحة لا يجوز له أن يأخذ ولا ريال واحد، وكذلك الطرف الثاني إذا كان يجزم أنه مدين له بألف ريال لزيد، لا يجوز له أن يترك ولا ريال واحد، ويكون هذا قبل بيان الحكم، أما إذا تبين الحكم وحكم القاضي بأن له أو ليس له فحينئذٍ جمع من أهل العلم يرون أنه بعد بيان الحكم لا صلح، ومنهم من قال: إنه يمكن الصلح، يعني إذا حكم لزيد على عمرو بالألف ببينة ليست كالشمس مثلاً، يعتريها ما يعتريها، أو حكم بعدم ثبوت الدين مع احتمال أنه ثابت لعدم البينة عند المدعي، بعد صدور الحكم، واقتنعوا في الصلح لا يوجد ما يمنع من ذلك، نعم.

وعن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا يمنع جار جاره أن يغرز خشبة في جداره)) ثم يقول أبو هريرة: "ما لي أراكم عنها معرضين، والله لأرمين بها بين أكتافكم" متفق عليه. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا يمنع جار جاره أن يغرز خشبة)) " وفي رواية: ((خشبه)) أو خُُشُبه ((في جداره)) بالإفراد والجمع "ثم يقول أبو هريرة" مؤكداً ما رواه وهو يومئذ أمير على المدينة من قبل مروان أمير عليها، ويملك الضغط على السامعين "يقول أبو هريرة: ما لي أراكم عنها معرضين" يعني عن هذه السنة الثابتة "والله لأرمين بها بين أكتافكم" يعني الخشبة يضربهم بها، أو بالسنة فيحملهم تبعة روايتها، ويكون بذلك قد أدى ما عليه، ويأثمون هم.

فلا يجوز منع الجار أن يضع خشبة على جداره؛ لأن هذا مما لا يضره، لكن إذا كان الحائط أو الجدار لا يتحمل، ما يتحمل خشب البيت مع خشب الجار، مثل هذا لا ضرر ولا ضرار، فيلزم الجار ببناء جدار آخر، أو يسند هذا الجدار الذي لا يتحمل، وأقول: مثل هذا في ما يشترك فيه الجيران من تصريف للماء أو نحوه، وأيضاً ما يشتركون فيه من عدادات، مثل هذه الأمور ينبغي أن تسود فيها روح التفاهم والرحمة والشفقة، والتحمل من الجيران؛ لأن الجار له شأن، الجار قد يحتاج إلى جدار جاره من غير أن يضع عليه خشب، بنى الجار الأول فوضع السور كامل من الأربع الجهات، ثم جاء الجار الثاني هل يلزم ببناء جدار ثاني؟ لا يلزم، والثالث هل يلزم ببناء جدار ثاني؟ لا يلزم، فعلى كل حال مثل هذه الأمور ينبغي أن يسود فيها ما ذكر من التفاهم، والمودة والمحبة، والتنازل أيضاً على أن يقر لكل شخص ما يخصه، يعني لو افترضنا أن زيداً من الناس مع مجموعة من الشركاء اشتروا أرض كبيرة، وأرادوا عمارتها فزيد بادر بالعمارة وسور البيت من الأربع الجهات، ثم جاء الذي يليه فسور البيت من ثلاث جهات، لا يلزمه أن يسور من أربع جهات؛ لأن السور قائم بالنسبة للجار، والثالث والرابع والخامس وهكذا لا يلزم أن تسور، قد يحتاج بعض الناس إلى جهة واحدة فقط؛ بأن يكون جيرانه من الجهات الثلاث كلهم عمروا وسوروا، وبقيت هذه البقعة محفوفة بثلاثة جيران ما يلزمه إلا جدار واحد، ما يقال له: أن تضع أربعة جدران، وعلى كل حال لا بد من معرفة أصحاب الجدران، يعني هذا زيد عمر أول الناس يكتب له أن هذه الجدران له وقعت في أرضه وما أشبه ذلك؛ لأن عرض الجدار عشرين أو خمسة وعشرين سانتي، مثل هذه لها وقع في الأرض عندهم، لها وقع بطول الأرض وعرضها، تأخذ مساحة فيقال: إن هذا الجدار وهذا الحائط لفلان، وليس لنا فيه نصيب؛ لئلا يقع نزاع فيما بعد بين الجيران أو بين ورثتهم، أو بين من يشتري منهم، فإذا عرفت هذه الأمور ولم تضفِ إلى نزاع أو شقاق فلا بأس، من أهل العلم من يرى أن مثل هذا لا يلزم، وليس على سبيل اللزوم لا يمنع؛ لأنه ماله، ولا يجوز استعماله إلا بطيبة نفس منه، لكن أهل العلم يقررون أن ما لا يضر لا يجوز

منعه، والناس شركاء في الأمور الثلاثة التي لا يتضرر الآخرون بها، ولو جاء شخص يريد أن يستظل بجداره، أو يستضيء بناره يمنعه وإلا ما يمنعه؟ هو لا يتضرر بحال، لا يمنعه، إذا كان الظل تحت جدار زيد من الناس، لكن إن تضرر بذلك يمنع، إن تضرر الاقتباس بناره يمنع، أما ما عدا الضرر لا يجوز له أن يمنعه، نعم. وعن أبي حميد الساعدي -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا يحل لامرئ أن يأخذ عصا أخيه بغير طيب نفس منه)) رواه ابن حبان والحاكم في صحيحيهما. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

"وعن أبي حميد الساعدي -رضي الله تعلى عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا يحل)) " يعني لا يجوز، بل يحرم " ((لامرئ أن يأخذ عصا أخيه بغير طيب نفس منه)) رواه ابن حبان والحاكم في صحيحيهما" والحديث صحيح، وله ما يشهد له ((لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه)) ((لا يحلب أحدكم ماشية أخيه إلا بإذنه)) فلا يجوز استعمال متاع الغير إلا بعد الإذن، لكن إذا جرت العادة أن الناس يستفيدون من بعضهم من غير إذن في بعض الأشياء التي لا يتضرر أصحابها بها، مثلاً أنت وجدت كتاب في المسجد، وتعرف أنه لزميلك، فتقول: بدل ما يضيع عليّ الوقت أنا جالس انتظر فلان، أو استغل فترة ما بين الصلاتين واستفيد من هذا الكتاب بما لا يتضرر به صاحبه، وصاحبه تعرف أنه لا يكره ذلك، لك ذلك إذا دلت القرائن على ذلك، أما إذا كان يمنع، أو فيه أسرار وأمور كتبها لنفسه، بعض الناس يكتب في الكتب في أجوافها أشياء لا يريد من الناس أن يطلعوا عليها، وكم على كتب العلم من الأمور التي لا تمت إلى العلم بصلة من أصحابها، تجده مثلاً بعض الأسرار يخشى أن ينساها فيكتبها، وقد يكتب مثلاً: ولد له في يوم كذا مولود أسماه كذا، ولدت له كذا، طلق امرأته في يوم كذا طلقة رجعية وراجعها، يكتبها لئلا ينساها، فيطلق بعدها ثلاثاً، .... موجود في كتب العلم بعض هذه التصرفات، فمثل هذا الذي يكتب هذه الكتابات في كتابه لا يريد من أحد أن يطلع عليها، مثل هذا لا بد من إذنه، فمجرد ما يوجد في الكتاب تعليقات أو أشياء يترك، فالأصل أن مال المسلم يحترم، ماله حرام، لا يجوز انتهاكه إلا بإذنه ((إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا، في بلدكم هذا، في شهركم هذا)) فالأموال لها حرمتها، ولا يجوز الاعتداء عليها بحال، لا سيما إذا كانت تتضرر بالاستعمال، أما إذا كانت لا تتضرر بالاستعمال بحال من الأحوال فإن هذا يرجع إلى طيب النفس، طيب نفس الشخص، فإذا كانت تطيب نفسه باستعماله من غير إذنه، وجرت العادة على ذلك، وعرف ذلك من خلال القرائن فلا بأس وإلا فلا، وهذا أمر مجمع عليه، وجعله بعد حديث أبي هريرة: ((لا يمنع جار جاره)) ((لا يحل لامرئ أخذ عصا أخيه بغير طيب نفس

منه)) ليبين أن هذا لا يعارض هذا، وأن حديث غرز الخشبة هذا مخصوص من العمومات التي تدل على عدم استعمال متاع الغير إلا بإذنه، هذا مستثنى. ((إلا بطيب نفسٍ منه)) طيب النفس قدر زائد على مجرد الإذن؛ لأنه قد يأذن مجاملة، اعطني مفتاح السيارة والله أبغى لي مشوار، تعرف من حالة الشخص أنه لا يثق على سيارته أحد، ثم قال: والله ... مجاملة، تعرف من الأمارات أنه مجامل، فهل نقول: إن هذا طابت نفسه؟ هذا ما طابت نفسه، فلا يستعمل ماله، إذا عرفت وظهر لك ولاح لك من الأمارات والعلامات أنك أخذته وهو كاره ولو جامل، ومنهم من يقول: أبداً ما دام صرح لك بالاستعمال فلك ما سمعت، وما عدا ذلك وما في نفسه هذا لا يعلمه إلا الله، وعلى كل حال الورع أن مثل هذا لا يستعمل، نعم. باب: الحوالة والضمان عن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((مطل الغني ظلم، وإذا اُتبع أحدكم على ملئ فليتبع)) متفق عليه، وفي رواية لأحمد: ((فليحتل)). يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: باب: الحوالة والضمان

الحوالة وقد تكسر فيقال: حِِوالة: تحويل الدين ونقله من ذمة إلى ذمة، هذه هي الحوالة، وهل هي عقد من العقود التي تراعى فيها شروط البيع أو أنها عقد إرفاق لحل بعض المشاكل التي تكون بين الدائنين والمدينين؟ وذكرنا مثال أن زيد من الناس له دين على ملئ وهو مدين، فأحال الدائن على مدينه، هذه صورة الحوالة، لكن لو أحال دين بدين هل هذه الصورة تدخل في بيع الدين بالدين؟ يعني هل إحالة زيد دائنه عمراً على بكر بدين له مثل إحالة دين زيد على ثاني بدين عمرو على رابع؟ هذاك دين بدين، وهذاك عرفنا أن العلماء كافة على تحريمه، لكن هذا هل الحوالة دين بدين؟ زيد مدين لعمرو فأحاله على بكر لأنه مدين له، هل هذه من صور الدين بالدين؟ بعض العلماء يقول: هي من صور بيع الدين بالدين، وهي مستثناة بالنص، لكن ما يظهر فيها أنها دين، عقد دين بعقد دين؛ لأن الأطراف فيها ثلاثة، لو كانوا أربعة قلنا: دين بدين كما تصورناه فيما سبق، والمتجه أنها عقد إرفاق، يراد منها التخفيف على المدينين، فإذا كان زيد من الناس مدين لعمرو، وعمرو هذا الدائن مدين لبكر، لكن عمرو لا يستطيع استخراج حقه من الطرف الثاني من مدينه، فأحال عليه من يستطيع، مثل هذا لا شك أن فيها فك لنزاع وخصام وشجار، فهي نافعة من هذه الحيثية، ولذا جاء في الحديث: "عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((مطل الغني ظلم)) " وتقدم لنا حديث: ((لي الواجد ظلم)) و ((مطل الغني ظلم)) وهما بمعنى ((يبيح عرضه وعقوبته)) وقد تقدم الكلام في هذا، وهذا من إضافة المصدر إلى فاعله أو إلى مفعوله؟ ((مطل الغني ظلم)) إلى الفاعل أو المفعول؟ إلى الفاعل، يعني المماطل غني، المدين غني، يأتيه الدائن فيقول: غداً، بعد غدٍ، في الأسبوع القادم، في نهاية الشهر، في الشهر القادم، هذا مطل من شخص غني، هذا إذا قلنا: إنه من باب إضافة المصدر إلى فاعله, وإذا قلنا: إنه من باب إضافة المصدر إلى مفعوله قلنا: إن مطل الدائن الغني ظلم فكيف بمطل الدائن الفقير؟ يعني من باب أولى، إذا كان الدائن المُماطل غني ظلم حرام، ويبيح العرض والعقوبة، فكيف إذا كان الدائن فقير؟ نعم؟ هذا من باب أولى، إذا قلنا:

من باب إضافة المصدر إلى مفعوله قلنا: من باب أولى، إذا كان المُماطل الدائن غني ويحرم مماطلته وليه، فلئن يحرم مماطلة الفقير المحتاج من باب أولى، يعني شخص مدين لزيد بألف ريال، وزيد يملك المليارات أو الملايين، ومدين لبكر بألف ريال ولا يجد غيره، أيهم أشد مماطلة، يعني كونه يماطل صاحب الملايين، أو يماطل من لا يملك شيء؟ نعم الذي لا يملك شيء أشق، وأصعب عليه. ((مطل الغني ظلم، وإذا أتبع)) وفي لفظ: ((إذا أحيل)) والإتباع والحوالة بمعنى واحد ((اتبع أحدكم على مليء)) من الملاءة وهي الغنى والجدة، ((على مليء)) إذا أحيل على المليء بحيث إذا طولب دفع بخلاف المعسر الذي إذا طولب لم يدفع، فإذا أتبع على مليء فليتبع، يعني ما له عذر، مجرد أن تطلب مالك يحصل لك، لكن إذا كان مليء، يكفي في الملاءة الغنى أو لا بد من الغنى مع البذل؟ لا بد من البذل؛ لأن بعض الأغنياء أشد من كثير من الفقراء، الفقير إذا كان في يده شيء بيدفعه، لكن بعض الأغنياء كيف يستخرج منه المال؟ فالملاءة هي الاستعداد للدفع بمجرد الطلب.

((وإذا اُتبع أحدكم على مليء فليتبع)) و ((إذا حيل على مليء فليحتل)) يعني يقبل الحوالة، وعلى هذا يشترط في الحوالة كما يقول أهل العلم لفظها، أحلتك على فلان، أو أتبعتك فلاناً، يشترط فيها لفظها، ورضا المحيل، يعني أنت تطلب زيد من الناس ما تستطيع أن تفرض عليه أن يحليك على كذا، لا تستطيع أن تفرض عليه، فلا بد من رضا المحيل، وهذا بلا خلاف، ورضا المحال عند الأكثر، وإن خالف بعضهم في رضاه؛ لقوله -عليه الصلاة والسلام-: ((فليتبع)) وفي رواية: ((فليحتل)) إذا أُمر شرعاً هل يشترط رضاه؟ لا يشترط رضاه، وبعضهم يقول: لا بد من رضاه؛ لأن مثل هذا قد يحصل له به ضرر، قد يكون مليء وباذل لكن يحصل له ضرر، يحال على شخص يجامله، ويخجل منه أن يطالبه مثل هذا يتضرر، ولو كان مليئاً، على كل حال مثل هذه الأمور لا بد من مراعاتها، يحيله على أبيه أو على عمه، أو علي أخيه، أو على قريبه أو على صهره، يخجل أن يطالبه بالمال، ولو كان مليئاً، ولذا يشترط أكثر العلماء رضا المحال، وأما المحال عليه فلا يشترط رضاه عند الجمهور، واشترطه بعضهم، على كل حال هذه الأمور لا بد من مراعاتها، والأمر كما عرفنا ((إذا أتبع أحدكم على مليء فليتبع)) أن الأصل فيه الوجوب، وعلى هذا أهل الظاهر، والجمهور على أنه للاستحباب. الشق الثاني من الترجمة يقول المؤلف: باب: الحوالة والضمان الضمان تحمل الدين عن صاحبه مع بقاء ذمة الصاحب الأول مشغولة، يعني يأتي زيد ليستدين من عمرو فيطلب منه إما كفيل أو ضامن غارم، كفيل هذا الذي يحضر المدين متى ما أراد الدائن، يعني مجرد إحضار، مجرد كفالة شخص لا ضمان مال، والضمان التعهد بالوفاء إن لم يسدد المدين الأصلي. سم. وعن جابر -رضي الله تعالى عنه- قال: توفي رجل منا فغسلنا وحنطناه وكفناه، ثم أتينا به رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقلنا: تصلي عليه، فخطا خطىً ثم قال: ((أعليه دين؟ )) فقلنا: ديناران، فانصرف، فتحملهما أبو قتادة، فأتيناه فقال أبو قتادة: الديناران علي، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((حق الغريم، وبرئ منهما الميت؟ )) قال: نعم، فصلى عليه. رواه أحمد وأبو داود والنسائي، وصححه ابن حبان والحاكم.

وعن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يؤتى بالرجل المتوفى عليه الدين فيسأل: ((هل ترك لدينه من قضاء؟ )) فإن حدث أنه ترك وفاء صلى عليه، وإلا قال: ((صلوا على صاحبكم)) فلما فتح الله عليه الفتوح قال: ((أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم، فمن توفي وعليه دين فعلي قضاؤه)) متفق عليه، وفي رواية للبخاري: ((فمن مات ولم يترك وفاء)). يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: فيما يخص الشق الثاني من الترجمة وهو الضمان، يقول: "وعن جابر -رضي الله عنه- قال: توفي رجل منا" جابر أنصاري، يعني توفي رجل من الأنصار، أنصاري سلمي، ولعله من بني سلمة "توفي رجل منا فغسلنا وحنطناه وكفناه" يعني جهزناه للصلاة عليه "ثم أتينا به رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" من أجل أن يصلي عليه "ثم أتينا به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقلنا: تصلي عليه" يعني عرض بدلاً من الأمر: صل عليه، أو استفهام، يعني هل تصلي عليه؟ الأصل أن مثل هذا لا يستفهم عنه، فإذا قدم الميت صلى عليه الناس من غير استفهام، لكن هذا من باب الأدب في الخطاب، تعرض المسألة عرض من غير أمر أو استفهام، وإلا من يتأخر عن الصلاة على الجنازة، وفيها من الأجر ما ثبت؟! "تصلي عليه، فخطا خطى" من أجل أن يصلي عليه، وكأن هذا الاستفهام توطئة لما حصل من التشريع في هذا الحديث، وإلا يقدم الميت ويصلى عليه من غير سؤال عن دينه ولا عن شيء، هذا الأصل، إذا عرف أن عليه دين يتصرف معه، أما إذا جهل حاله فيصلى عليه من غير سؤال. طالب:. . . . . . . . . نعم؟ طالب:. . . . . . . . . هذا تشريع، لا، لا تسأل، الحكم هذا يأتي ما فيه "فقلنا: تصلي عليه" هاه؟ طالب:. . . . . . . . . أيوه؟ طالب:. . . . . . . . . سؤال؟ لجميع الناس وإلا الإمام فقط؟ طالب:. . . . . . . . . الإمام عاد بيجينا ما فيه.

قال: "توفي رجل منا فغسلناه وحنطناه وكفناه، ثم أتينا به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقلنا: تصلي عليه، فخطا خطى" يعني على العادة يصلي من غير سؤال "ثم قال: ((أعليه دين؟ )) قلنا: ديناران، فأنصرف" ما صلى عليه، هذا يدل على أن الإمام لا يصلي على المدين من عليه دين، وهذا مما يعظم شأن الدين في نظر المسلم، لا يجعله يتساهل في أمر الدين "قلنا: ديناران، فانصرف، فتحملهما أبو قتادة" الأنصاري، الحارث بن ربعي، تحملهما، قال: علي الديناران، ضمنهما لصاحبهما "فتحملهما أبو قتادة، فأتيناه فقال أبو قتادة: الديناران علي، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((حق الغريم)) " يعني حق عليك الحق كما يحق على الغريم فكنت غريماً ((حق الغريم، وبرئ منهما الميت؟ )) يستفهم؛ لأن بعض الناس إذا استثبت منه قال: حسب التيسير، إن تيسرت، لكنه قال: نعم، فأحسن على صاحبه، صلى عليه النبي -عليه الصلاة والسلام-. "رواه أحمد وأبو داود والنسائي، وصححه ابن حبان والحاكم" وعلى كل حال الحديث صحيح، وأخرجه الإمام البخاري من حديث سلمة بن الأكوع، إلا أن في حديثه ثلاثة دنانير بدل دينارين، هذا الحديث فيه ديناران، وهو صحيح من حديث جابر، والآخر من حديث سلمة بن الأكوع وهو في البخاري وفيه: ثلاثة دنانير، فلعلها ديناران وشيء، فمن قال: ثلاثة جبر الكسر، ومن قال: ديناران حذف الكسر، أو كان الأصل الدين ثلاثة دنانير فوفى المدين ديناراً قبل موته فصارت ديناران، الحديث يدل على أنه لا بد من التثبت وأخذ الإجابة الصريحة؛ لأن بعض الناس قد يتصرف، وقد يتفوه بشيء لا يدرك حقيقته، ثم بعد ذلك يعتذر، ولذلك قال له النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((حق الغريم، وبرئ منهما الميت؟ )) قال: نعم، يعني مو مجرد أن تقول: والله أنا با أتسبب إن تيسرت وإلا أنا برئ، لا، تحملتهما تحملاً تاماً، وانتقلت من ذمته إلى ذمتك، نعم نصلي عليه، فلا بد من التثبت في مثل هذه الإقرارات.

"وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يؤتى بالرجل المتوفى عليه الدين فيسأل: ((هل ترك لدينه من قضاء؟ )) فإن حدث أنه ترك وفاءً صلى عليه" لأنه في حكم من لا دين عليه، إذا ترك وفاء يؤخذ من هذا الوفاء ويسدد عنه، وإذا صلي على من ضمن عليه أو تحول عنه الدين فلئن يصلى على من في تركته ما يسدد عنه من باب أولى. "صلى عليه وإلا قال: ((صلوا على صاحبكم)) " عرفنا أن الدين شأنه عظيم والناس يتساهلون فيه، كل هذا بسبب تيسير النسب، وتسهيل الدين، كثير من الناس لا يجد من يدينه في أول الأمر، بل قد لا يوجد من يدين الناس، يوجد واحد في البلد ويتنقل يشوف الأملياء الذين يدفعون أكثر ويترك الباقي، لكن الآن كل شيء متيسر، كل يجد بغيته، ولا شك أن هذا التيسير صار سبباً في أسر كثير من الناس، وقعوا في حبائل لا يستطيعون الخروج منها، وتساهلوا في أمر الدين حتى تراكمت على الناس.

"وإلا قال: ((صلوا على صاحبكم)) فلما فتح الله عليه الفتوح قال: ((أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم)) " فدل على أن عدم الصلاة عليه بعد الفتوح منسوخة، وعلى هذا يصلي الإمام على المدين وغير المدين، ((أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم، فمن توفي وعليه دين فعلي قضاؤه)) يسدده من مال المسلمين، من مال المصالح العامة، من بيت المال " ((فعلي قضاؤه)) متفق عليه، وفي رواية للبخاري: ((فمن مات ولم يترك وفاء)) " فعلي قضاؤه، وهل هذا خاص بالنبي -عليه الصلاة والسلام- أو على الولاة من بعده أيضاً؟ جاء ما يدل على أنه عليه وعلى الولاة من بعده، لكنه لا يسلم من ضعف، إذا كان في بيت المال سعة فلا شك أن تسديد الديون على المسلمين من مصارف بيت المال، على أن لا يكون سبباً التساهل بالديون؛ لأن بعض الناس إذا عرف أن الدين يسدد عنه تساهل في أمر الدين, يتدين وإن توسع الله المستعان بيسدد عنك، لكن من يضمن أن بيت المال يستمر فيه ما يسدد عنك؟ وبعض الناس وهذه من حبائل البنوك التي جعلت الناس يتتابعون في الديون تقول من الشروط المذكورة عندهم: أنه إذا توفي الغريم يعفى عنه، هذه يذكره بعض البنوك، وعلى هذا يتتابع الناس في الاستدانة من هذا البنك، ويقعون في حبائله، ويقعون في الضائقات، ثم بعد ذلك يلزمون بالسداد، وما يدريك أنك إذا مت يعفى عنك أو لا يعفى؟

وعلى كل حال من أخذ أموال الناس تكثراً جاء الوعد الشديد عليه، فعلى الإنسان أن لا يستدين إلا إذا اضطر إلى ذلك حاجة لا مندوحة له عنها، ويأخذ بقدر الحاجة، ويسارع بالسداد، والديون لبيت المال حكمها حكم ديون الناس، وبعض الناس يتساهل في التسديد لبيت المال، يقول: لنا نصيب في بيت المال ما وصل إلينا، هذا نصيبنا، هذا ليس نصيبك، أنت اتفقت واشترطت وتعاقدت مع من يمثل بيت المال على السداد في مدة كذا، في يوم كذا، في شهر كذا، مبلغ كذا، والمسلمون على شروطهم، وهذا إحسان، فالإحسان ينبغي أن يجازى بالإحسان، ويقابل بالإحسان، يقابل بمثله، وقل مثل هذا في الفواتير بعض الناس يتحايل على إسقاطها، مسائل العقوبات بالمال مثلاً أسرعت سرعة زائدة فأعطيت قسيمة بمائة ريال، قطعت إشارة أعطيت قسيمة بمبلغ كذا، بعض الناس يتحايل على إسقاطها، ويدبر من يتصل له قبل أن تدخل الحاسب وتمسح عنه، لكن مثل هذه التصرفات لا تجوز، وقد وجد بعض القضايا التي حملت بعض الناس، يعني دخلت الحاسب ما استطاعوا يمسحونها حولت على شخص آخر، هذا ظلم وتعدي، أنت احرص على أن تلتزم بالأنظمة المبنية على المصالح المرعية على كل حال إذا حصل ما يحصل من بعض الظروف التي تستدعي بعض الخروج عن هذه الأنظمة لحاجة ماسة أو شي من هذا هذا له حكمه ويقدر بقدره، لكن على الإنسان أن يلتزم بما حد له؛ لأن هذه مصالح محضة ومدروسة والباعث عليها النظر في المصلحة العامة، نعم. وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده -رضي الله تعالى عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا كفالة في حد)) رواه البيهقي بإسناد ضعيف. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده -رضي الله تعالى عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا كفالة في حد)) رواه البيهقي بإسناد ضعيف.

تقدم مراراً الكلام على في هذه السلسلة عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، وأنه إذا صح السند إلى عمرو أن أقل الأحوال أن تكون من قبيل الحسن، لكن السند لم يصح إلى عمرو؛ لأنه تفرد به بقية بن الوليد عن شيخه أبو محمد عمر بن أبي عمر الكلاعي، وهو من شيوخ بقية المجاهيل، لا يعرف، رواياته منكرة، كما قال أهل العلم، فالسند لم يصح إلى عمرو، ولذا قال الحافظ: بإسناد ضعيف، وقال البيهقي: منكر، الخبر منكر، ضعفه شديد، وهو في هذا الحديث، لو صح ينفي الكفالة في الحد، أما الضمان في الحد فلا يمكن أن يرد، لماذا؟ لأن الحد لا يمكن أن ينتقل من شخص إلى آخر {وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [(164) سورة الأنعام] يقول: يضمن الحد على زيد الذي وقع في السرقة أو في الشرب أو في الزنا أو ما أشبه ذلك، بحيث إذا لم يمكن وجوده والاستيفاء منه يستوفي من الضامن، يمكن هذا؟ لا يمكن، مثل هذا لا يقبل النيابة، الكفالة التي هي مجرد إحضاره بدلاً من أن يسجن هذا الشارب أو هذا الزاني أو هذا .. ، في وقت صدور الحكم، في وقت محاكمته، يقول شخص: أنا أحضره متى شئتم، إذا حكم عليه عند التنفيذ أنا أحضره متى شئتم، هنا يقول الحديث: ((لا كفالة في حد)) لكنه حديث ضعيف لا يثبت، فإذا وجد من يلتزم بهذا، والسجن موجود في عصر الصحابة، والنبي -صلى الله عليه وسلم- ربط ثمامة بن أثال، وهو في حكم السجن، أصل من أصول السجن، والصحابة اتخذوا سجون للمخالفين، لكن لو افترضنا أن مثل هذا الشخص لو سجن ضاع أولاده، تفرقت من وراءه تضرر، ومصالحهم تضيع، مثل هذا لو كفل، وجاء شخص يستطيع إحضاره عند الحاجة إلى الحكم عليه، أو عند الحاجة إلى إقامة الحد عليه، لا سيما مع ضعف الحديث يتجه القول به، والإخراج من السجن بالكفالة أمر معروف، موجود، لكن لا بد أن يتيقن أن هذا الشخص يحضر متى احتيج إليه، أما إذا كفله ولم يحضره لا شك أن مثل هذا لا يمكن الاستيفاء منه، ليس مثل المال، لكن لو سجن مكانه، الآن يسجن هذا الكفيل إذا لم يحضره في الوقت المناسب، وقد يسجن والد هذا الشخص المطلوب بحد أو بغيره، وقد يسجن ولده من أجل الضغط عليه ليحضر، المقصود أن مثل هذه الأمور {وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ

وِزْرَ أُخْرَى} [(164) سورة الأنعام] الولد لا يتحمل ذنب أبيه، والوالد لا يتحمل ذنب ابنه، فيقتصر في الجناية على الجاني، ولا يتعدى ذلك إلى غيره، نعم من التزم بإحضاره يلزم بذلك، ومع عداه فلا، والله أعلم. وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. طالب: بكره في درس يا شيخ؟ لا ما في، هذا آخر شيء. شوف بعض الأسئلة التي جاءتك. يقول: هل لو وجد أكثر من نسخة من الكتب في مكتبة مسجدنا، ولا أحد يقرأ في الكتب فهل يجوز أخذ نسخة زائدة وأنا طالب علم وبحاجة إلى نسخة فما الحكم؟ هذه النسخة وقفت على هذه الجهة، فلا يجوز أخذ النسخة منها. وكيف الحكم إذا كان بعض الكتب يكتب عليها وقف على طلبة العلم؟ كذلك طلبة العلم ما لم تحدد الجهة، فإذا حددت الجهة فلا يجوز إخراجها منها. ما الضابط في فهم الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة؟ فهل أكتفي بفهمهم فقط -رضوان الله عليهم- أم يجوز لي فهم ما قد لم يكن ذُكر، مثلاً أفهم من قوله تعالى في سورة الأعراف: {وَإِذَا صُرِفَتْ أَبْصَارُهُمْ تِلْقَاء أَصْحَابِ النَّارِ قَالُواْ رَبَّنَا لاَ تَجْعَلْنَا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} [(47) سورة الأعراف] أفهم منه أهمية الدعاء، وأن العبادات انقطعت يوم القيامة فلا صلاة ولا حج ولا زكاة، ولكن يبقى الدعاء، مما يدل على أهميته، وقد يكون ذكر هذا بعض العلماء، ولكن لم أطلع عليه. النصوص نصوص الكتاب والسنة لا بد من أن تفهم على فهم سلف هذه الأمة، فالفهوم التي يستقل بها المتأخرون دون اعتماد على ما أثر عن سلف هذه الأمة يوقع في إشكالات كبيرة لا سيما مع بعد الشقة بين اهتمامات المتأخرين، وفهم سلف هذه الأمة، وما تلوثت به الأفكار والمفاهيم من الثقافات الدخلية أثر على فهوم الناس تجاه نصوص الكتاب والسنة.

وعلى كل حال لا بد من التقيد بفهم سلف هذه الأمة، لكن الشخص الذي اطلع على فهوم السلف، وقرأ في تفاسير الأئمة، وفي شروحهم للأحاديث، ثم تولدت لديه ملكة يفهم بها السنة كفهمهم، أو يفهم بها القرآن نظير فهمهم، لا أرى ما يمنع من ذلك، ولذلك تجد في التفاسير المتأخرة من أصحاب العناية والاهتمام بمراجعة كتب أهل العلم كلام جديد ما تجده للمتقدمين، وهو مقبول في الجملة؛ لأن مثل هؤلاء عاشوا مع كتب السلف، وقل مثل هذا في جميع الفنون، يعني شخص هضم كتب المتقدمين، وصارت لديه ملكة وأهلية لأن يشرح هذا الحديث الذي لا يوجد له شرح، حديث في الطبراني ما سبق أن شُرح، وأنت على خبرة ودربة في معالجة شروح السنة تستطيع أن تشرح هذا الحديث، أما شخص لا علاقة له بكتب العلم، ثم يأتي يقول: يفهم، هذا لا يفهم، ولن يفهم. رجل أراد أن يصلي صلاة المغرب، ودخل مع جماعة يصلون العشاء في الركعة الثانية فصلى معهم ثلاث ركعات إلا أنه لم يأتِ بالتشهد الأول في الركعة الثانية له الثالثة لإمامه، فما حكمه؟ مثل هذا لا يتابعهم في الركعة الرابعة؛ لأنها زائدة في حقه، باطلة في حقه، فيجلس بعد الثالثة، ثم يسلم، ثم يأتي إذا سلم بركعة ثالثة. ما هي الطريقة المثلى لجرد المطولات؟ وهل تنصحون بقراءة الكتاب أكثر من مرة حيث أعاني من نسيان ما قرأت خصوصاً إذا كان مجلد أكثر من أربعمائة صفحة، ونسيان بعض المباحث فيه، وكذلك في شروح المتون العلمية؟ جرد المطولات أمر لا بد منه، وهذه طريقة معروفة ومأثورة عن أهل العلم، وتكون قراءة سريعة، ما يكون مثل قراءة المتون، وتكتب العنوانين تدون العناوين، أما في المذكرات، أو على طرة الكتاب، تدون العناوين ويذكر المسائل المهمة، والطرائف والغرائب تجرد، ويرجع إليها عند الحاجة. ما الفرق بين كتاب توضيح الأحكام وكتاب الصنعاني سبل السلام؟ الفرق واضح، كتاب توضيح الأحكام كتاب سهل ميسر مرتب كتب بلهجة العصر ولغتهم، يفهمه كل أحد، أما سبل السلام فقد كتب وصيغ بصياغة العلماء المتقدمين على طريقتهم في التأليف، ولا شك أن هذا مفيد، وذاك مفيد، ولا بد من الجمع بينهما.

رجل دخل إلى المسجد والإمام في الركعة الثانية من صلاة الفجر في التشهد الأخير -يعني انتهت الركعة الثانية- ولم يكن جازماً بوجود جماعة أخرى فدخل معهم في الصلاة، وبعد انصرافه من الصلاة وجد أن هناك جماعة أخرى فهل يدخل معهم ليدرك الجماعة وكي لا يخرج من ذمة الله؟ هو صلى مع الإمام، وامتثل ما أمر به، فليصنع كما يصنع الإمام، وصنع كما صنع الإمام، ولا يتأخر حتى ينتظر جماعة أخرى، إلا إذا غلب على ظنه ذلك، لكن إن دخل معهم بنية النافلة لأنها فاتته راتبة الصبح فلا بأس، وإلا ففريضته الأولى. هل تغني دراسة أحاديث الأحكام: عمدة الأحكام، وبلوغ المرام عن دراسة كتب الفقه؟ لا تغني؛ لأن في كتب الفقه من الفروع ما لا يذكر في هذه الكتب، وما لا يوجد له دليل في هذه الكتب، وبأيها يبدأ؟ يبدأ بها جميعاً، يطالع الباب من كتاب الحديث فقه الأحكام، ثم يطالعه من كتب الفقهاء. يقول: أرجو إعادة أفضل طبعة لأحكام الأحكام؟ وما رأيكم بحاشية الصنعاني؟ أفضل طبعة هي طبعة الشيخ أحمد شاكر، والطبعة أيضاً التي طبعت بإشراف الشيخ علي الهندي مع حاشة الصنعاني جيدة. من كانت عليه مخالفة مرورية ومسحها من الحاسب عن طريق شخص يعرفه، فماذا عليه أن يفعل الآن بعد أن عرف أن ذلك لا يجوز؟ عليه أن يستغفر ولا يعود مرة ثانية. يقول: رجل كان في ورشة لإصلاح السيارة، وحان وقت انصراف العامل من الورشة، وبذلك سوف يتأخر إصلاح السيارة، فأعطاه صاحب السيارة ما يسمى بالبغشيش لكي ينجز عمله، علماً أنه خارج الأجر التي تعطى للكفيل، وليس على حساب شخص آخر، بل على حساب وقت العامل؟ يعني إذا كان في وقت لا يملكه المستأجر، يعني في وقت إجازته، ووقت راحته، وأعطي أجراً مقابل هذا الوقت مع أنه لا يؤثر على العمل الأصلي؛ لأنه قد يكون له أثر على العمل الأصلي فيؤخر الأعمال الأصلية إلى مثل هذا الوقت، فإن خشي من ذلك فلا، وإلا فلا بأس -إن شاء الله تعالى-. يقول: قلنا: إن الحديث الضعيف شديد الضعف لا ينجبر فيكف أنجبر هذا الحديث بحديث أبي هريرة الذي هو شاهد له؟ نعم على ضوء القواعد ما يمكن جبره، لكن حديث أبي هريرة بمفرده صحيح.

يقول: شخص ذهب إلى جدة في مهمة عمل من الشرقية في يوم الأربعاء، وأراد أن يعتمر في نفس الوقت يجب عليه أن ينتهي عمله يوم الأربعاء، فهل يجوز أن يتجاوز الميقات دون أن ينوي؛ لأنه إذا نوى وجب أن يعتمر أولاً، وسينتهي دوامه الأربعاء إذا اعتمر ويضيع عمله؟ هذا بين أمرين: إما أن ينوي العمرة إذا حاذ الميقات أو وصل إلى الميقات، ويلبس لباس الإحرام، ويذهب إلى عمله، ويزاول عمله وهو محرم، لا مانع من ذلك، أو يقدم العمل إذا خشي فواته غير محرم، ثم يعود إلى الميقات فيحرم منه، والله أعلم. وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

كتاب البيوع (13)

شرح بلوغ المرام - كتاب البيوع (13) باب: الشركة والوكالة - باب: الإقرار الشيخ: عبد الكريم الخضير السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. قال الحافظ ابن حجر العسقلاني -رحمه الله تعالى- في كتابه: (بلوغ المرام من أدلة الأحكام): باب: الشركة والوكالة عن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((قال الله: أنا ثالث الشريكين ما لم يخن أحدهما صاحبه، فإذا خان خرجتُ من بينهما)) رواه أبو داود وصححه الحاكم. وعن السائب المخزومي -رضي الله تعالى عنه- أنه كان شريك النبي -صلى الله عليه وسلم- قبل البعثة، فجاء يوم الفتح فقال: ((مرحباً بأخي وشريكي)) رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه. وعن عبد الله بن مسعود -رضي الله تعالى عنه- قال: "اشتركت أنا وعمار وسعد في ما نصيب يوم بدر" الحديث رواه النسائي وغيره. الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى- الحافظ ابن حجر في كتابه: بلوغ المرام من أدلة الأحكام: باب: الشركة والوكالة

الشركة: بفتح الشين المعجمة، وكسر الراء على زنة سرقة، وقد تقال بإسكان الراء مع كسر الأول شِركة على وزن نعمة، وقد تقال بفتح أوله وثانيه، شَرَكة على وزن ثمرة، وهي في الأصل: الخلطة والاختلاط، اشتراك بين شيئين الخلط بينهما {وَإِنَّ كَثِيراً مِنْ الْخُلَطَاءِ} [ص: 24] المراد بهم: الشركاء {وَإِنَّ كَثِيراً مِنْ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ} [ص: 24] كثير من هؤلاء الذين تحصل بينهم الشركة والخلطة بسبب ما جبلت عليه النفوس من البغي والظلم والعدوان وحب الدنيا، وإيثار النفس يحصل البغي بينهم، وقوله: "كثير" يدل على أن هناك من يوفق للعدل والإنصاف من النفس؛ لأن الكثرة أو ذكر الكثير يدل على أن هناك ما يقابل الكثير وهو القليل، من ينصف من نفسه، ويبرأ من العهدة بيقين، وحقيق وخليق بالمسلم أن يكون كذلك، يكون منصفاً من نفسه، فيبرأ من عهدة ما أوجب الله عليه من حقوقه، وحقوق عباده بيقين، ليلقى الله -جل وعلا- وليست لديه مظلمة، والمظالم شأنها عظيم، البغي والعدوان على حقوق العباد، حقوق الله -جل وعلا- مبنية على المسامحة، لكن حقوق العباد مبنية على المشاحة، فعلى الإنسان أن يحرص على براءة ذمته، ولذا قال الله –جل-: {وَإِنَّ كَثِيراً مِنْ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ} [ص: 24] فاحرص أيها المسلم وأنت طالب علم تقضي وقتك بهذا المندوب، تقضي جل وقتك بصدد تحصيل هذا المندوب، فلئن تبرأ من عهدة ما أوجب الله عليك، وأن تتنصل عن ما حرم الله عليك من باب أولى، ويوجد من طلاب العلم، بل ممن ينتسب إلى العلم من هو صاحب تحري وتثبت، لكنه بالنسبة للنوافل مقل، ومنهم العكس تجده في باب الواجبات يلاحظ عليه ما يُلاحظ، وإن لم يكن شيئاً مخل خللاً بيناً، لكن تجد عنده شيء من التقصير، ويجبره بكثير من النوافل، فأيهما أولى وأحرى وأجدر؟ ((وما تقرب إلي عبدي بأحب مما افترضته عليه)) يبرأ من عهدة الفريضة والواجب بيقين، ثم بعد ذلك يلتفت إلى النوافل، والله المستعان.

الشركة تكون أحياناً عن اختيار، وأحياناً تكون لا عن اختيار، فالشركة عن الاختيار التي تُبدأ من قبل الطرفين بعد أن لم تكن، اختياراً منهما، يشترك زيد وعمرو بأن يدفع كل واحد من ماله جزءً فيخلطانه ويزاولان به التجارة، على أن تكون الأرباح بينهما، وأحياناً تكون لا عن اختيار بأن يرث زيد وعمرو بكراً، من تركته ما قدر له شرعاً فهذا شريك له في التركة، لكن هل هو باختياره أو لا عن اختياره؟ ليس عن اختيار. باب: الشركة، الشركة لها أقسام عند أهل العلم وأنواع مما يتعلق بالأموال، ومنها ما يتعلق بالأبدان، والوكالة بفتح الواو وقد تكسر، مصدر وكّل يوكل توكيلاً ووكالة، والأصل فيها التفويض، تفويض الأمر، ومنها التوكل على الله -جل وعلا-، تفويض جميع الأمور إليه، كثيراً ما يقول الناس: الأصل أن يقال: توكلت على الله، {وَعَلَى اللهِ فَتَوَكَّلُواْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ} [(23) سورة المائدة] والتوكل من أنواع العبادة التي لا يجوز صرفها إلا لله -جل وعلا-، التوكل الذي يتعبد به، لا يجوز صرفه، تفويض الأمور كلها لله -جل وعلا-، هذا نوع من أنواع العبادة، لكن التوكيل والاعتماد على المخلوق فيما يقدر عليه، فيما يقبل النيابة مثل هذا جاءت النصوص فيه، وعليه عمل المسلمين، وينوب بعضهم عن بعض حتى في بعض العبادات التي تقبل النيابة؛ لأن من العبادات ما يقبل النيابة، ومنها ما لا يقبل النيابة، وعرفوها في الاصطلاح: أنها إقامة شخص غيره مقام نفسه، إما مطلقاً وإما مقيداً، فهناك الوكالات العامة المطلقة، وهناك الوكالات الخاصة المقيدة، فإذا وكل على أمر من الأمور الخاصة وكله يبيع له هذه الأرض بعينها لا يتعدى ما وكل فيه، أما إذا وكله مطلقاً، تصرف عنه تصرفاً عاماً مطلقاً فمثل هذا إذا لم تدل القرائن على منعه من بعض الأمور، فالأصل العمل باللفظ، فيتزوج له، ويطلق عنه، لكن هناك أشياء لا تقبل النيابة، ما يقول: احلف عني، فضلاً عن كونه يصلي عنه، أو يصوم عنه في غير النذر، إذا مات وعليه صوم. يقول في الحديث الأول:

"عن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((قال الله تعالى: أنا ثالث الشريكين)) " هذا الحديث يسمونه إيش؟ قدسي؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- أضافه إلى الله -جل وعلا-، وهذه حقيقة الحديث القدسي، وهي ما تكون إضافته إلى الله -جل وعلا-، وأما لفظه ومعناه فحكمه حكم الحديث النبوي، تجوز روايته بالمعنى، واللفظ لا يجزم بأنه اللفظ الإلهي، وإن كان المعنى من الله -جل وعلا-، هذا الحديث يقول الحافظ: "رواه أبو داود، وصححه الحاكم" لكنه ضعيف، معل بعلتين، أولاهما: الجهالة بحال راويه سعيد بن حيان، وأعله الدارقطني بالإرسال، فهو ضعيف لهاتين العلتين.

ننظر في معناه، يقول الله تعالى فيما يروى عنه: ((أنا ثالث الشريكين ما لم يخن أحدهما صاحبه)) يعني هو معهما، الله -جل وعلا- مع الشريكين بالحفظ والرعاية والعناية، وتيسير الأمور؛ لأن هذه معية خاصة ((ما لم يخن أحدهما صاحبه)) فالخيانة شأنها عظيم تمحق البركة، وترفع هذه المعية الخاصة وتنافيها، والخيانة من صفة المنافقين، ومن علامات النفاق، إذا اؤتمن خان، والشريك لا شك أنه مؤتمن على أموال صاحبه، ويتمكن منها بحيث يستطيع أن يخون صاحبه، ولا يستطيع صاحبه إقامة البينة عليه، ولذا جاء التشديد في شأنه، ((أنا ثالث الشريكين ما لم يخن أحدهما صاحبه، فإذا خان خرجت من بينهما)) يعني وكلهما إلى نفسيهما وإلى جهدهم، ومحقت البركة من بينهم، هذا معنى الحديث يعني لو ثبت، وأهل العلم يتكلمون على الأحاديث ويشرحونها ويبينون معانيها ولو لم تثبت، إذا كانت هذه المعاني صحيحة، أولاً: يبينون ضعفها ولا يبنى عليها حكم من الأحكام، لكن الخيانة -مدلول الحديث- دلت عليها الأدلة الكثيرة، يعني الحديث لم يتفرد بذم الخيانة لنقول: إننا نبني عليها حكم من الأحكام، فالخيانة من خصال المنافقين -نسأل الله السلامة والعافية-، وتحرم مطلقاً، وإذا كانت بين شريكين لا يستطيع أحدهما إقامة البينة على صاحبه فإن أمرها يكون أشد؛ لأنه ما تستطاع إقامة البينة عليه أمره أسهل يقيم عليه البينة، ويؤخذ نصيبه، ويردع الخائن، لكن الذي لا يستطاع إقامة البينة عليه، ولذا صارت الخيانات بين من تكثر معاملته له من قريب من زوج أو زوجة أو والد أو ولد أو ما أشبه ذلك، أمرها شديد، والرجل مؤتمن على زوجته، ومؤتمن على ولده، وقد استرعاه الله -جل وعلا- على هذه الرعية، فإذا خانها استحق الوعيد الشديد الذي ورد في ذلك، المدرس مؤتمن فإذا خان هذه الأمانة استحق الوعيد وهكذا، فالخيانة ولو لم يرد هذا الحديث جاءت النصوص المتكاثرة المتظافرة بتحريمها، وجاء أيضاً النهي عنها ولو بدأ الطرف الآخر بالخيانة، فجاء في الحديث: ((ولا تخن من خانك)).

ثم بعد هذا في الحديث الذي يليه حديث السائب بن أبي السائب المخزومي -رضي الله عنه- أنه كان شريك النبي -صلى الله عليه وسلم- قبل البعثة في الجاهلية، فجاء يوم الفتح كي يسلم النبي -عليه الصلاة والسلام- مع مسلمة الفتح، فقال له النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((مرحباً بأخي وشريكي)) فالترحيب بالضيف أمر مطلوب، وهو من إكرامه، ولا سيما إذا كانت بينك وبينه صلة ودالة، فالنبي -عليه الصلاة والسلام- رحب بجمع من صحابته، فقال: ((مرحباً بأم هانئ)) و ((مرحباً بابنتي)) لكن هل هذا اللفظ مما اكتفى به من رد السلام أو لا؟ في حديث أم هانئ جاءت والنبي -عليه الصلاة والسلام- يغتسل فقالت: السلام عليك يا رسول الله، يوم الفتح فقال: ((مرحباً بأم هانئ)) ولم ينقل عنه أنه قال: وعليك السلام، حتى أن بعضهم قال: إن الترحيب يكفي عن رد السلام، وهو رد للتحية؛ لأنه لم ينقل عن النبي -صلى الله عليه وسلم- رد السلام على أم هانئ، وقال: ((مرحباً بابنتي)) يعني فاطمة، وما نقل عنه أنه رد السلام، ومنهم من يقول: إنه لا بد من رد السلام بلفظه، والزيادة عليه مطلوبة {فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا} [(86) سورة النساء] فأقل الأحوال أن ترد، وكون رد السلام لم ينقل لا يعني أنه لم يحصل؛ لأن هذا مما علم، فلا يحتاج إلى نقله، ونقل في نصوص أخرى يكتفى بها، يعني لا يلزم أن ينقل ما يتضمن الحكم الشرعي في كل مناسبة، إذا عرف الحكم وأن رد السلام لا بد منه يرد السلام، ويكتفى بما ثبت فيه، ولا يلزم أن يثبت في كل قضية.

((مرحباً بأخي وشريكي)) السائب بن أبي السائب المخزومي هذا من المؤلفة قلوبهم، وحسن إسلامه بعد ذلك، وعمّر طويلاً، كان شريكاً للنبي -عليه الصلاة والسلام- قبل البعثة، وعاش بعد النبي -عليه الصلاة والسلام- دهراً إلى زمن معاوية -رضي الله عنه-، جاز المائة قطعاً، النبي -عليه الصلاة والسلام- شاركه قبل البعثة، وعاش النبي -عليه الصلاة والسلام- بعد البعثة ثلاث وعشرون سنة، وعاش هو بعد وفاته -عليه الصلاة والسلام- دهراً طويلاً، وهم ممن ذكر ممن عاش فوق المائة، ممن عمّر، جاء في مدحه: ((مرحباً بأخي وشريكي، كان لا يماري ولا يداري)) المماراة هي المجادلة والمخاصمة، فتكون أموره مبنية على المسامحة، الذي لا يماري ولا يخاصم ولا يجادل هذا من كانت أموره مبنية على المسامحة, ولا يداري هل هو من المداراة أو من المدارأة؟ هل هذا اللفظ من المداراة أو من المدارأة؟ لأنه إذا كان من المداراة يكون من المراعاة، مراعاة الأحوال وهذه مطلوبة، وإذا كان من المدارأة وهي المدافعة، إذا أراد شريكه شيئاً دفعه عنه فالمدارأة مذمومة، وأما المداراة وهي استعمال الأساليب المناسبة في الأوقات المناسبة من أجل تمشية الأمور فهذه لا بأس بها، النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: ((بئس أخو العشيرة)) ولما دخل عنده، استأذن عليه ودخل انبسط معه، هذه يقال لها: مداراة، وهي مطلوبة في بعض الأحوال، بخلاف المداهنة، المداهنة التنازل عن شيء مما أوجب الله -جل وعلا- بحيث لا يفعل، أو ارتكاب محظور من أجل فلان أو علان، هذه مداهنة، {وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ} [(9) سورة القلم] ودوا لو تتنازل عن شيء من دينك، فالمداهنة لا تجوز بحال، والحديث فيه دليل على أن الشركة كانت موجودة قبل الإسلام، وأن الإسلام أبقاها؛ لأن هناك أعمال يعملها العرب في جاهليتهم، منها الحسن، وأبقاه الإسلام وأقره، ومنها السيئ والقبيح الذي نهى عنه وحذر منه، وعلى كل حال الحديث صحيح لغيره، يعني يحتج به، وجزم بعضهم بأنه حسن، وعلى كل حال هو في دائرة القبول والاحتجاج. الحديث الذي يليه حديث عبد الله بن مسعود:

حديث "عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: "اشتركت أنا وعمار وسعد فيما نصيب يوم بدر" الحديث رواه النسائي وغيره، النسائي وأبو داود وابن ماجه، لكنه ضعيف، لماذا؟ لأنه من رواية أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود، وصرح أنه لم يسمع من أبيه شيئاً، فهو منقطع، مضعف بالانقطاع بين ابن مسعود وبين ولده أبي عبيدة، هذه علته، والحديث دليل على ما يسمى بشركة الأبدان، يتفق اثنان على أن يعملا بأبدانهما ثم بعد ذلك يجتمعان في اليوم في نهايته، أو في آخر الشهر، أو في آخر السنة، ثم يقتسمان ما تحصل لهما، شركة أبدان، والحديث دليل عليها لو صح، لكنه ضعيف.

يقول: زيد لعمرو نخرج في الوقت المحدد في السابعة صباحاً إلى السوق، أنت تشتغل كهربائي، وأنا سباك مثلاً، فما اجتمع لي يضاف إلى ما اجتمع لديك، ثم يقسم على اثنين، نصير شركاء، هذا النوع من الشركة صححه الحنفية، وحكم جمع من أهل العلم ببطلانه، أما الاعتماد على الحديث فلا يصح، ابن حزم إضافة إلى ضعف إسناده أبطل متنه، كيف يبطل متنه؟ المتن يقول: "اشتركت أنا وعمار وسعد في ما نصيب يوم بدر" يعني من الغنيمة، هل متن هذا الخبر مستقيم؟ فجاء سعد بغلامين، ولم أجيء أنا وعمار بشيء، ما جاءوا بشيء، وهذا جاء بأسيرين، هل متنه مما يثبت؟ وهل لكل واحد من الغزاة أن يتملك ما غنم؟ أو أن هذا غلول إذا أخذ من الغنيمة قبل أن تقسم شيئاً؟ مما حرمه الله -جل وعلا- لأنه غلول، والأصل أن مثل هذه الغنيمة قسمتها بيد ولي الأمر، يجمعها ثم يقسمها القسمة الشرعية {وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ} [(41) سورة الأنفال] .. الخ، فأبطل متنه، إضافة إلى ضعف إسناده بالانقطاع، هل نقول: إن هذا اشتراط بينهم والمسلمون شروطهم، واتفاق والأمر لا يعدوهم، وتنازل من أحدهما للأخر؟ هل نستطيع أن نقول مثل هذا؟ هذا سباك وهذا كهربائي في نهاية الوقت جاء السباك بألف، وجاء الكهربائي بمائة، أضيفت المائة إلى الألف صارت ألف ومائة، وقسمت على اثنين، صار لكل واحد خمسمائة وخمسين، فكأن هذا تنازل عن أربعمائة وخمسين لصاحبه، يمكن أن يكون مثل هذا العقد جاري على القواعد؟ يشهد له شيء من أصول الشرع؟ يعني هذا مجرد تنازل، أو نقول: هذا مجرد غرر؟ لأن كل واحد يرجو أن يكون مكسب صاحبه أكثر، وأن هذا شرط لكنه ليس في كتاب الله، وليس في كتاب الله ما يشهد له، لو لم يحصل اتفاق في أول الأمر، خرج السباك وخرج الكهربائي ثم في المساء قال لصاحبه: كم حصلت؟ قال: حصلت ألف، وقال الثاني: أنا حصلت مائة، قال: وش رأيك نقتسم يمنع أو ما يمنع؟ ما يمنع هذا؛ لأن ما فيه غرر، هذا تنازل، هذه هبة من شخص لأخيه يمدح بها، لكن ما في غرر، لكن في أول الأمر كل واحد يرجو أن يكون صاحبه كسب أكثر، وأيضاً مثل هذا الاشتراك وهذا الاتفاق قد يدعو إلى الكسل

والخمول، يقول: ما دام صاحبي يأخذ نصف كسبي لماذا أتعب؟ وعلى كل حال المعول على هذا الحديث وهو ضعيف جداً، والأصل في الشركات الخلطة، وليس في مثل هذا الصنيع ما يمكن خلطه؛ لأنها شركة أبدان، نعم. وعن جابر بن عبد الله -رضي الله تعالى عنهما- قال: "أردت الخروج إلى خيبر فأتيت النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: ((إذا أتيت وكيلي بخيبر فخذ منه خمسة عشر وسقاً)) رواه أبو داود وصححه. وعن عروة البارقي -رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعث معه بدينار يشتري له أضحية، الحديث، رواه البخاري في أثناء حديث، وقد تقدم. وعن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- قال: بعث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عمر على الصدقة، الحديث، متفق عليه. وعن جابر -رضي الله تعالى عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نحر ثلاثاً وستين، وأمر علياً -رضي الله تعالى عنه- أن ينحر الباقي، الحديث رواه مسلم. وعن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- في قصة العسيف، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((وأغدو يا أنيس على امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها)) الحديث، متفق عليه. في الأحاديث الثلاثة السابقة شواهد لشق الترجمة الأول: الشركة، وبقية أحاديث الباب للشق الثاني: التي هي الوكالة، يقول في الحديث الرابع: "وعن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- قال: أردت الخروج إلى خيبر، فأتيت النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: ((إذا أتيت وكيلي في خيبر فخذ منه خمسة عشر وسقاً)) رواه أبو داود وصححه" وحسنه ابن حجر في التلخيص، وفيه عنعنة محمد بن إسحاق، وهو مدلس لا يقبل إلا ما صرح به، وقد عنعن، ولذا ضعفه جمع من أهل العلم.

يقول جابر -رضي الله تعالى عنه-: "أردت الخروج إلى خيبر، فأتيت النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: ((إذا أتيت وكيلي في خيبر فخذ منه خمسة عشر وسقاً)) " وفيه: ((إذا ابتغى منك آية فضع يدك على ترقوته)) علامة، يعني مثل: الشفرة، أو الكلمة التي يتفق عليها، كلمة سر ونحوها، هذا عمل متفق عليه بينهما، وعلى كل حال مثل ما ذكرنا الحديث مضعف بعنعنة ابن إسحاق، محمد بن إسحاق بن يسار المطلبي، اختلف أهل العلم فيه اختلافاً كبيراً حتى قيل: أوثق الناس، وقيل: ركن للكذب، قيل: دجال من الدجالين، لكن التوسط في أمره هو المطلوب، وأنه إذا صح السند إليه، وصرح بالتحديث حديثه حسن، هذا هو المرجح عند أهل العلم، وهو إمام في المغازي، هذا الحديث يرويه جابر بن عبد الله، والقصة حصلت له، قال: "أردت الخروج إلى خيبر، فأتيت النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: ((إذا أتيت وكليلي في خيبر فخذ منه)) " هذا المقدار، الوكيل يحتاج إلى تعميد، ما هو هذا الوصل يحتاج إلى تعميد، أو إقامة بينة، يعني مثل هذا ما تصدق فيه الدعوة، ما تصدق فيه مجرد الدعوة، يعني لو أن إنساناً ذهب إلى المالية وقال: إن ولي الأمر أمر لي بكذا، يعطى بمجرد دعواه؟ لا يعطى بمجرد دعواه، بل لا بد من البينة، لا بد من كتابة لا يتطرق إليها الاحتمال، أو لا بد من الشهادة التي تدل على أنه صادق، أمارة وعلامة قد يضعها المسئول، وهذا كثير بين المسئولين هذه العلامات، وهذه الشفرات، وهذه التصرفات التي يتفق عليها بينهم ما زالت مستعلمة إلى الآن، فتجد شخصين كل واحد معه خطاب لجهة من الجهات، أو معهما خطاب، كل واحد معه خطاب إلى جهة واحدة، هذا طلب وظيفة فشرح له ولي الأمر لا مانع بأسلوب متفق عليه، وشرح للثاني كذلك، الثاني المسئول الذي ترد عليه المسئول الأصغر الذي وجه إليه يعرف الأسلوب الذي يلزمه بتوظيفه، والأسلوب الذي فيه شيء من السعة، وبعضهم يستعمل الألوان، ألوان الحبر إذا أراد الأمر الجازم النافذ وضع لون من ألوان الحبر أو وقع توقيع معين، وإذا أراد أن يكله إلى اجتهاد من أحيل إليه وضع اللون الثاني أو التوقيع الثاني، هذه علامات متفق عليها، لكن إذا اخترقت مثلاً، وعرف من خلال عمل هذا المطرد

أن هذه العبارة تمشي وهذه العبارة ما تمشي، وتصرف في العبارة، ودخلها التزوير أو دخلها شيء من هذا اختل الأمر، التواقيع لا بد أن تكون منضبطة من أجل أن لا تزور، ولذا ينبغي أن يحتاط ويعتنى بها، والأختام كذلك ينبغي أن تحفظ ولا يتلاعب بها. هذه القرينة التي -إن صح الخبر- بين النبي -عليه الصلاة والسلام وبين وكيله ((ضع يدك على ترقوته)) هذه قرينة أو شفرة يمكن كشفها، راح الأول وقال له: ((ضع يدك على ترقوته)) ثم أخبر غيره ((ضع يدك على ترقوته)) انكشفت، انتهت، بخلاف الأمور والدقائق الخفية التي لا تظهر لأحد، بإمكانه أن يأتي بعلامة لا يمكن اختراقها، هذه سهلة يعني كل يطلع عليها، ومكشوفة، وإذا أخبر بها الثاني واستعملها انتهى مفعولها، اللهم إلا إذا كانت لم تستعمل إلا هذا الرجل فقط، هذا يقول: ((ضع يدك على ترقوته)) وهذا اذهب بكذا ليراه، على كل حال مثل هذا التصرف مستعمل قديماً وحديثاً، لكن لا يلزم منه أن يكون الخبر صحيحاً، العبرة بإسناده.

((فإذا أتيت وكيلي في خيبر)) وهذا هو الشاهد من الحديث للترجمة، ففيه إثبات الوكالة، ودليل على شرعيتها، وقد دلت الأدلة من الكتاب والسنة والإجماع، قام الإجماع على صحتها، ولكن هل تكفي القرينة لتصديق المدعي أو لا تكفي؟ وهل القرائن مما يحكم به أو لا؟ هذه مسألة خلافية بين أهل العلم، فمنهم من لا يرى إلا البينة بالشهادة أو اليمين عند عدمها، ومنهم من يقول: إن القرائن قد تقوى فتقوم مقام البينة؛ لأن البينة هي ما أبان الحق، والقرينة أحياناً قد تكون أقوى من مجرد الشهادة، بعض القرائن أقوى، ابن القيم -رحمه الله- ذكر في الطرق الحكمية الحكم بالقرائن، وذكر قصص، القرائن في بعضها أقوى من مجرد الشهادة، ذكر أن جزاراً وكل إليه ذبح شاة، فذبحها في خربة، فلما ذبحها خرج من الخربة والمدية تقطر دماً، السكين متلطخة بالدم، وثيابه كذلك، وفي طريقه إلى الخروج من هذه الخربة في داخل الخربة وجد رجل يتشحط بدمائه، فمسك هذا الجزار، فقيل له: أنت القاتل، هل يستطيع أن يقول: لا أنا لست القاتل؟ السكين في يده مشهورة تقطر دم، والرجل يتشحط بدمه، أخذ به، فلما لم يبقَ سوى القصاص خرج رجل من الحضور وقال: أنا الذي قتلته، فخلي سبيله. شخص يجري وبيده عمامة وعلى رأسه عمامة، وخلفه رجل يجري وراءه حاسر الرأس، ويقول: إنه أخذ عمامتي، يصدق أو ما يصدق؟ لأنه ما جرت عادة الناس بأن يمشي الرجل حاسر الرأس، يعني أنت لو تشوف اثنين من زملائك في المسجد يوم الجمعة وهم زملاءك تعرفهم، ما رأيتهم أبداً، ولا رأيت واحداً منهم يمشي حاسر الرأس، أحدهما على رأسه شماغ وطاقية، وبيده شماغ وطاقية، والثاني أصلع ما عليه شيء، ماذا تقول؟ ما تقول: الشماغ والطاقية، هذه قرينة، لكن لو كان في بلد مختلط فيه الحاسر، وفيه الذي عليه الطربوش، والذي عليه الشماغ، والذي عليه العمامة، مثل هذا يمكن يصير يمشي أصلع، ما في إشكال، فالقرائن منها ما يقوى على إثبات الحق، ومنها ما لا يقوى.

ابن القيم أطال في تقرير الحكم بالقرائن، وهنا فيه الحكم بهذه القرينة، ومنهم من يقول: يحكم بهذه القرائن إذا غلب على الظن الصدق، فيدفع له ما أدعاه وإلا فلا، مثل هذه القرائن أحياناً توقع في حرج عظيم، الاسترسال في القرائن، أو استعمال القرائن مع عدم غلبة الظن -ظن الصدق- شخص مع مجموعة خرجوا في رحلة خارج البلد، ثم قال لزميله: لو تكرمت أبي مفتاح السيارة با اصل مشوار، أخذ السيارة وذهب إلى بيته، فطرق الباب على أهله وقال: افتحوا الباب معي سيارة، يقول: لبقها في البيت، ما عندهم شك هذه سيارتهم، والقرينة دلت على صدقه، فتحوا البيت فصار فرصة أن ولج البيت وسكر الباب، وحصل منه ما حصل من سرقة وغيرها، فهم استدلوا بهذه القرينة على صدقه، فمثل هذه الأمور يحتاط فيها أشد الاحتياط، بعضهم يأخذ سبحة زميله، أو قلم زميله أو شيء مما يتعلق به ويعرف به، ويذهب إلى فلان ويقول: هذه سبحة فلان أو كذا، يقول: لو تكرمت أعطينا كذا، فمثل هذه القرائن لا شك أنه إذا غلب على الظن الصدق، ولم يكن الأثر المترتب على العمل بالقرينة فيما لو كذبت؛ يعني صارت في أمور يسيرة، الأمر يسير، لكن في الأمور الكبيرة وما يتعلق بالأموال العظيمة، أو يتعلق بالأعراض مثل هذه لا يصدق فيها، والله هذه سيارته أنت أجنبي ما تدخل البيت، ولو كانت سيارته، إيش يصير؟ لبقها عند الباب، والمفتاح من السور، ارمي علينا المفتاح من السور، فالتساهل في مثل هذه الأمور، واستغفال الناس، وغفلة بعض الناس قد يوقع في الحرج. الحديث الذي يليه من أحاديث الوكالة يقول -رحمه الله تعالى-:

"وعن عروة البارقي -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعث معه بدينار يشتري له أضحية، الحديث رواه البخاري في أثناء حديث وقد تقدم" تقدم نصه فيما تقدم، يقول: عن عروة البارقي -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أعطاه ديناراً يشتري به أضحية أو شاة فاشترى شاتين، (أو) هذه للشك، هل هي أضحية أو شاة؟ والأضحية شاة، وقد تكون كبش، المقصود يقول: فاشترى شاتين بدلاً من الشاة، اشترى بالدينار الواحد بدلاً من شاة واحدة اشترى شاتين، فباع إحداهما بدينار، بالمبلغ كامل، فأتاه بشاة ودينار، فدعا له النبي -صلى الله عليه وسلم- بالبركة في بيعه، فكان لو اشترى تراباً لربح فيه، يقول: رواه الخمسة إلا النسائي، وقد أخرجه البخاري ضمن حديث ولم يسق لفظه، والواقع أن البخاري -رحمه الله تعالى- ساق لفظه بهذا اللفظ، أعطاه النبي -عليه الصلاة والسلام- دينار واحد يشتري به شاة، فاشترى بالدينار شاتين، فباع إحداهما بدينار وجاءه بشاة ودينار، الربح ظاهر، يعني من تُصرف له مثل هذا التصرف هل يتصور أن يغضب على هذا التصرف أو لا يرضى مثل هذا التصرف؟ هو كسبان على كل حال، أقل الأحوال ديناره رجع، ولو لم تكن الشاة التي يريدها، الأوصاف التي في نفسه، فمثل هذا التصرف هو فضولي بلا شك، تصرف تصرف على خلاف ما أمر به، لكنه يحقق ما أمر به وزيادة، الأصل أن يشتري شاة واحدة ما يشتري شاتين، فباع واحدة بدينار، ورجع بالدينار وشاة هذا التصرف وإن كان فضولياً إلا أنه الذي يغلب على ظن المتصرف الإجازة، لكن لو اشترى بالدينار شاتين، وجاء بهما إلى موكلة، وقال: أنا لا أريد هاتين الشاتين، أنا أريد شاة واحدة بدينار أطيب من الشاتين، لكن لما جاء بالدينار ومكسب شاة، ليس للموكل أن يقول: والله أنت تصرفت تصرف لا أرتضيه، أقل الأحوال أن يقول له: أرجع واشتر بهذا الدينار الشاة التي أريد، فهو كسبان على كل حال، أما لو اقتصر على شراء الشاتين قد لا يرتضى هذا التصرف من قبل الموكل، فمثل هذا يوقف على إجازة الموكل، أما في مثل هذه الصورة هل يوقف على إجازة الموكل؟ لا يوقف على إجازة الموكل لماذا؟ لأنه جاء بما وكل عليه وزيادة، أقل الأحوال أن الدينار

رجع إليه ما خسر شيء، وهو كسبان من كل وجه، بخلاف ما لو جاء بشاتين أو ثلاث شياة بدينار بدلاً من واحدة، لو قال لك: خذ ريال وهات لنا خبزة واحدة، فأخذ الريال وأتى بثلاث خبز، الخبزة الواحدة المعروفة ذات الريال تعادل ست خبز من اللي هو جاب، يعني مثل هذا ما يطرد؛ لأنه إذا قال له: جيب خبز تميز بريال، فراح جاب له ثلاث خبز صامولة، يرضى وإلا ما يرضى؟ يقول: الرسول -صلى الله عليه وسلم- أرسل -عليه الصلاة والسلام- من يشتري له شاة فأتى بشاتين، وأنا جبت لك ثلاث، نقول: لا هذا يوقف إجازته؛ لأن الواحدة أكثر من الثلاث، بينما لو اشترى شاتين والموكل يحتاج إلى شاة ذات أوصاف معينة، فله أن يرد الشاتين، وأما الصورة التي في حديثنا فليس للموكل أن يرد؛ لأنه جاءه ماله وزيادة، فاشترى له شاتين فباع إحداهما بدينار فأتاه بشاة ودينار، فدعا له بالبركة، هل يمكن أن يستدل بهذا الحديث على عدم تحديد الربح، ولو كان الضعف، تقول: أنا حر تشتر السلعة بمائة وتبيع بمائتين، المأخذ من الحديث واضح وإلا ما هو واضح؟ تقول: هذا أعطي دينار واشترى شاتين باع واحدة بدينار وجاب الشاة الثانية، دليل على أنه كسب الضعف، لماذا لا أكسب الضعف؟ هل له ذلك أو ليس له ذلك؟ الغبن عند من يقول بخيار الغبن يحده بالثلث، وهذا النصف، الضعف، فهل يمكن أن يستدل بهذا الحديث على جواز ربح الضعف؟ النبي -عليه الصلاة والسلام- أنكر عليه وإلا أقره؟ أقره، ما أنكر عليه، فإما أن يكون صاحب الشاتين مغبون، باعهما بنصف القيمة، أو يكون الذي اشترى الشاة بدينار مغبون، اشتراها بضعف القيمة بدينار، ها يا الإخوان؟ طالب:. . . . . . . . .

في الثلثين، وبقيت التي في الثلث، فيكون كأنه كسب ثلث دينار، أو ثلاثة أرباع وربع إيش المانع؟ اشترى شاتين إحداهما رديئة والثانية طيبة، باع الطيبة بالدينار ورجع بالرديئة فلا يلزم أن يكون المكسب الضعف، وعلى كل حال على المسلم أن يكون سمحاً، فمثل هذا الحديث المحتمل لا يقضي على أحاديث واضحة وبينة ومحكمة ومفسرة جاءت تأمر بالرفق بالناس والمسامحة والتيسير عليهم، فمثل هذا لا يفتح باب على أهل الجشع أن يقولوا: والله إيش المانع؟ هذا مالي وأنا حر أبيع كيفما شئت، يعني نظير ما هو موجود في أسواق المسلمين من بيع بعض السلع بأضعاف مضعفة مما تستحقه، أحياناً يأتي بعض الفرص مثلاً، فيصير بالسلعة من حيث الشراء نزول أصل مشتراها فيها نزول، نزول ما فيه ضرر، ولا فيه غبن، ثم بيعها يصير فيه زيادة ليس فيها غبن ولا ضرر، فيحصل من الفارق بين هذا وهذا يحصل ربح كبير، يعني مثل لو اشترى سلعة بمائة ريال، وكسدت عنده هذه السلعة ثم ارتفع سعرها، فهو من الأصل اشتراها بقيمة نازلة، ثم احتاجها الناس وارتفع سعرها وصارت تباع بقيمة عالية، مثل هذا ما يقال: إنه استغل أو احتكر أو سوى، يعني مثل البيوت من أول قبل ثلاثين وأربعين سنة بقيم زهيدة، ثم ارتفعت أقيامها وهي بيد أربابها، مائة ضعف ارتفعت، فمثل هذا ما يقال: إنه استغلال، فلا شك أن الظروف والأحوال لها ما يحتف بها، وعلى كل حال المطلوب من المسلم أن ييسر على إخوانه المسلمين.

"فدعا له بالبركة في بيعه، فكان لو اشترى تراباً لربح فيه" وهذا ملاحظ، بعض الناس ما يدخل في شيء إلا ويربح فيه، ما يدخل في تجارة إلا والربح حليفه، بعض التجار أقام مشروع سكني احتاج إلى حفر الأرض فاجتمع لديه تراب كثير، تأذى منه أهل الحي من نتيجة حفر الأرض، فذهب إلى شركة لنقله، لنقل هذا التراب ليرمى خارج البلد، فطلبت منه الشركة مبلغ كبير جداً، فقال: لا نبحث عن شركة تكون أرخص، وفي أثناء بحثه جاءته شركة تشتري منه التراب بمبالغ طائلة، بدلاً من أن يدفع للشركة التي تريد حمل هذا التراب، جاءت شركة تشتري منه هذا التراب، فبعض الناس لا شك أنه تحل فيه أو في تصرفاته البركة بحيث يكون كما وصف عروة البارقي، أنه لو اشترى تراباً لربح فيه، هذه البركة، دعونا من هذا الصحابي والدعوة النبوية، أنس دعا له النبي -صلى الله عليه وسلم- بالبركة في ماله وولده، ورأى ذلك، لكن مثل هذا التاجر الذي لا يدخل في تجارة إلا ويربح، هل هذه علامة خير أو علامة شر؟ أو لا هذا ولا هذا؟ بل ينظر في تصرفه في هذه الأموال التي يكسبها سواء كانت أرباح أو خسائر؟ قد يربح أرباح طائلة من باب الاستدراج، يستدرج ويختبر ويمتحن في هذا المال، كيف يتصرف؟ لأنه ليس على كل حال كثرة الأموال دلالة على أن الله يحب هذا الشخص الذي أعطاه هذه الأموال ويسر له أمر حصولها، فالعبرة في تصرفه في هذه الأموال، إن كانت تصرفها على ضوء ما يرضي الله -جل وعلا- فهي لا شك أنها خير له في دينه ودنياه، أما إذا كانت العكس فهي وبال عليه. بعد هذا يقول:

"وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: بعث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عمر على الصدقة" فالإمام يبعث السعاة والجباة لجباية الزكاة، فيأخذها ممن وجبت عليه "فقيل: منع ابن جميل وخالد بن الوليد والعباس" منعوا ورفضوا أن يدفعوا الصدقة إلى عمر -رضي الله تعالى عنه- "فلما بلغ ذلك النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: ((ما ينقم ابن جميل إلا إن كان فقيراً فأغناه الله)) " يعني ليس له عذر إلا هذا، وهذا تأكيد للذم بما يشبه المدح، ليس له عذر إلا أن كان فقيراً فأغناه لله! هذا شكر النعمة؟! لما أغناه الله -جل وعلا- يمنع ما أوجب الله عليه! هذا ذم له، ((وأما خالد فقد احتبس أدراعه في سبيل الله)) منهم من يقول: إنه جعل هذه الأدراع بمثابة الزكاة، أخرجها عن الزكاة في سبيل الله وفي سبيل الله مصرف من مصارف الزكاة، وأخرج الزكاة عرض، ليست مال، والذي يظهر أن مثل خالد الذي حبس أدراعه في سبيل الله وأدراعه تعادل أكثر مما أوجب الله عليه لا يظن به أن يبخل بما أوجب الله عليه، يعني لو أن شخصاً عنده عمارة يؤجرها أو عرضها للبيع، فزكاتها كم تسوى؟ قالوا: قيمتها مليون، كم زكاتها؟ خمسة وعشرين ألفاً، وقبل أن تجب عليه الزكاة قال: هذه العمارة وقف لجمعية تحفيظ القرآن، هل نقول: مثل هذا يمنع الزكاة؟ هذا هروب من الزكاة؟ مثل هذا الذي تصدق بهذه الصدقة الكبيرة أكثر مما أوجب الله عليه لا يظن به أنه يمنع ما أوجب الله عليه، والأسلوب والسياق يدل على هذا. ((وأما العباس فهي عليّ ومثلها معها)) فتحملها النبي -عليه الصلاة والسلام- عنه، ومثلها معها، ومنهم من يقول: إن العباس قد قدم زكاة سنتين، دفعها مقدمة للنبي -عليه الصلاة والسلام-، فقوله: ((هي علي)) يعني عندي، عندي زكاة هذه السنة من زكاة العباس والتي تليها، فقد قدم زكاة سنتين، والشاهد من الحديث للوكالة أن الزكاة تقبل التوكيل، وتقبل النيابة، ولذا تحملها النبي -عليه الصلاة والسلام- عن عمه، وفيه أيضاً توكيل النبي -عليه الصلاة والسلام- لعمر بن الخطاب في قبض الزكاة، النبي -عليه الصلاة والسلام- وكّل عمر في قبض الزكاة من أصحابها.

ثم بعد ذلك في حديث جابر -رضي الله عنه- وهو قطعة من حديثه في صفة حج النبي -صلى الله عليه وسلم-، المخرج في صحيح مسلم، يقول: عن جابر -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نحر ثلاثاً وستين من البدن التي أهداها النبي -عليه الصلاة والسلام- في حجته، وقد بلغت مائة، فنحر -عليه الصلاة والسلام- بيده عدد سني عمره ثلاث وستين، وأمر علياً أن يذبح الباقي، وكله في ذبح الباقي، فدل على أن نحر الهدي وهو عبادة يصح التوكيل فيه، دل على أن من العبادات ما يقبل النيابة، فالذي يحسن الذبح ينبغي أن يتولى هذه العبادة بيده، والذي لا يحسن الذبح يوكل غيره، وقد فعل النبي -عليه الصلاة والسلام- الأمرين، ذبح بيده -عليه الصلاة والسلام- ثلاثاً وستين, وأمر علياً، ووكله بذبح الباقي، الوكيل هل يشترط أن يكون مسلماً؟ طالب:. . . . . . . . . لماذا؟ الكتابي تصح ذبيحته، لكن الهدي الذي محله ومكانه مكة مثلاً والمشاعر، وقد منع الكافر من قربانها {فَلاَ يَقْرَبُواْ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا} [(28) سورة التوبة] مثل هذا لا يوكل، لكن لو افترضنا هنا أنها أضحية مثلاً في بلد من بلدان المسلمين، وجاء الكتابي وقد أبيح لنا طعامهم وذبحهم، فذبيحته صحيحة، لكن النية لا ينوب فيها الكافر، لا بد أن ينوي المسلم أن هذه أضحية، القربة كونه يتولاها الكافر، لا شك أن النفس فيها شيء من هذا، لكن إذا لم يوجد غيره فلا إشكال، أما إذا وجد غيره فالأولى أن الذي يتولى القرب المسلمون، وقل مثل هذا في عمارة مسجد مثلاً مما يتقرب به إلى الله -جل وعلا-، ينبغي أن يتولاه المسلمون بدء من تخطيطه إلى تنفيذه، لكن إذا لم يوجد غيره فالأمر فيه سعة -إن شاء الله تعالى-.

باب: الإقرار، فيه الذي قبله وهذا شبهه.

"وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- في قصة العسيف، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((أغدو يا أنيس على امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها)) الحديث متفق عليه" في قصة العسيف الذي زنى بامرأة مؤجرة والقصة معروفة في الصحيحين بطولها، لكن فيها: ((وأغدو يا أنيس على امرأة هذا فإن اعترفت فأرجمها)) فدل على أن الحدود تقبل النيابة والوكالة، ويمكن أن يوكل الإمام في إقامة الحدود وفي مقدماتها، وما تثبت به؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- أمر أنيساً أن ينوب عنه في هذا، فيما يثبت به الحد، وفي إقامة الحد، والحدود هي للإمام أو لمن ينيبه وليست لغيره، لا يُفتات على الإمام في إقامة الحدود، بل هي له، فلا يتولى الحدود إلا الإمام أو من ينوبه، ولذا قال: ((واغدوا يا أنيس)) وأيضاً الحدود من أعمال الرجال لا النساء، وإلا ما قال: أذهبي يا فلانة إلى امرأة هذا، والمرأة بالنسبة للمرأة، يعني لو كان الأمر يقبل نيابة المرأة في مثل هذا لقال: اذهبي يا فلانة، يعني للتحقيق مع هذه المرأة، فدل على أن هذا من عمل الرجال لا النساء، البخاري -رحمه الله تعالى- بوب على الحديث: باب الوكالة في الحدود. اقرأ الحديث. أحسن الله إليك. باب: الإقرار، فيه الذي قبله وهذا شبهه. عن أبي ذر -رضي الله تعالى عنه- قال: قال لي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((قل الحق ولو كان مراً)) صححه ابن حبان في حديث طويل. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: باب: الإقرار والإقرار والاعتراف والإثبات بمعنى واحد، فالإقرار هو الاعتراف على النفس، أن يقر ويعترف على نفسه وفيه ما قبله من اعتراف المرأة في الحديث السابق ((فإن اعترفت فارجمها)) يعني إن قرت بما نسب إليها واعترفت به فارجمها، فهذا دليل على أن الإقرار يؤاخذ به إذا كان مكلفاً رشيداً فإنه يؤاخذ به، فإخبار الإنسان بما عليه يسمى إقرار، ويقابله الإنكار والجحود. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

"وعن أبي ذر -رضي الله عنه- قال: قال لي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((قل الحق ولو كان مراً)) صححه ابن حبان" يعني رواه ابن حبان في صحيحه، وأخرجه أحمد والبيهقي، وهو حديث صحيح، وفيه جمل اقتصر المؤلف منه على موضع الشاهد، ((قل الحق ولو كان مراً)) يعني قل الحق على نفسك وعلى غيرك ولو ترتب عليه ما ترتب، فالحق لا بد من بيانه، ولذا يعترف الإنسان على نفسه، ويشهد على غيره، لا يجوز له أن يكتم الشهادة، فعليه أن يقول الحق ولو ناله ما ناله، اللهم إلا إذا كان يتضرر بقوله ضرراً بالغاً فمثل هذا فيه مندوحة، في الحديث: "أوصاني خليلي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن أنظر إلى من هو أسفل مني، ولا أنظر إلى من هو فوقي" يعني في أمور الدنيا، وجاء الأمر بذلك في الصحيح -في صحيح البخاري-: ((انظروا إلى من هو دونكم فإنه أحرى أن لا تزدروا نعمة الله عليكم)) إذا نظر الإنسان إلى من دونه شكر الله -جل وعلا- على نعمه، أما إذا نظر في أمور الدنيا إلى من هو فوقه مثل هذا لا يشكر نعمة الله عليه، يقال: والله أحمد ربك أنت عندك بيت، قال: وش بيت خمسمائة متر، شوف زميلي عنده ألف متر، لكن هو ما ينظر إلى من يسكن تحت جدار هو وأسرته، موجود الآن، أسرة مكونة من عشرين شخص تسكن تحت جدار، ما عندهم ولا معشاش، ما ينظر إلى مثل هؤلاء ليشكر نعمة الله عليه، تقول له: انظر يا أخي عافاك الله ما فيك مرض ولا فيك كذا ولا فيك كذا، يقول: بس شوف زميلي يسحب السيارة، مثل هذا يشكر نعمة الله عليه! هذا يزدري نعمة الله عليه, تقول: شوف يا أخي أنت يسر الله لك وظيفة ومعاش طيب، وعندك أسرة وكذا، يقول لك: شوف زميلي الآن يملك الأرصدة في الملوك، هذا لا يشكر نعمة الله عليه، بل يزدري نعمة الله عليه، لكن بالعكس لو قيل له مثلاً: وراك ما تطلع من هذا البيت، بيت حسرة أربعمائة متر، الناس طلعوا للقصور والاستراحات، قال: يا أخي شوف الناس الذين يعيشون بالعشش، مثل هذا يشكر نعمة الله عليه، وهذا مطرد في أمور الدنيا، لكن أمور الآخرة العكس، العكس ينظر إلى من فوقه لا من دونه، إذا قيل له: يا أخي ما شاء الله عليك أنت تجي قبل الإقامة، لكن يقول: شوف زملائي يجون قبل الآذان،

قبل الآذان يحضرون، وإذا قيل: ما شاء الله أنت تحفظ كذا، قال: ما شاء الله شوف زملائي وش يسوون ويفعلون؟ ويقومون الليل، ويصومون النهار وأنا مسكين، مثل هذا إذا نظر إلى من فوقه بعثه ذلك على العمل بخلاف ما لو نظر إلى من دونه، إذا قيل له: وراك ما تجي إلا مع الإقامة؟ قال: أنت ما التفت يوم سلمنا صفين كلهم يقضون، مثل هذا يعاقب، المرة الثانية بيقضي، هذا ما يتشجع ويزداد من العمل الصالح، فهذا أمر مطرد في أمور الدنيا انظر إلى من دونك لتشكر نعمة الله عليك، ولا تزدري وبأمور الآخرة العكس، من أجل إيش؟ أن تتشجع، وحقيقة ما وصلنا إلى ما وصلنا إليه من الانحطاط الذي نعيشه إلا بسبب نظرتنا العكسية لما طلب منا، فإذا قيل: يا أخي البلد قبل عشرين سنة وضعه غير هذا، البلد ما زال ينحدر، قال لك: شوف اللي جنبا، النار تبي تمتلئ من غيرنا، في ناس ما يصلون ولا يعرفون الله، وإحنا بنعمة نصلي ونصوم والحمد لله، وندحدر إلى أن نصل إلى حد لا نهاية له ونحن نقول .. ، ما يقول: انظر إلى البلد قبل عشرين قبل ثلاثين سنة، انظر إلى الصحابة، انظر إلى السلف، انظر إلى كذا، فمثل هذا لا شك أنه يوقع على كافة المستويات الأفراد والجماعات في هوة سحيقة، إذا نظر الإنسان تقول مثلاً لواحد: والله يا أخي أنت ما عندك إلا درسين بالأسبوع، قال: احمد ربك الزملاء كلهم ما عندهم دروس، هذا في النهاية يترك، لكن لما تضرب له مثال، شوف اللي عندهم أدركنا ناس عندهم خمسة دروس في اليوم من المشايخ، حينئذٍ يتشجع ويعمل، والله المستعان. "أوصاني خليلي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن أنظر إلى من هو أسفل مني، ولا أنظر إلى من فوقي، وأن أحب المساكين" حبك للمساكين يدل على أنه لله -جل وعلا-؛ لأنك لا ترجو من هذا المسكين شيء، تحب المساكين لهذا الوصف، لكن لو كان هذا المسكين عنده بنت وأنت طامع فيها، أنت تحب هذا المسكين لأنه مسكين؟ لا لأن وجود الوصف المناسب وهو المسكنة يحال عليه الحكم، يعني ما جاء الحث على حبهم إلا لأنهم مساكين، لا لأمر آخر.

"وأن أحب المساكين، وأن أدنو منهم" لأنهم بهم تعرف نعمة الله عليك، ولا تفتن بدنياهم، بينما إذا قربت من العلية تزدري نعمة الله عليك من جهة، وتفتن بدنياهم، وتنشغل بها. "وأن أصل رحمي وإن قطعوني وجفوني" ليس الواصل بالمكافئ، وإنما الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها، وجاء من يشكو قراباته وقال: إن له قرابة يصلهم ويقطعونه، ويحسن إليهم ويسيئون إليه، فذكر له النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((إن كان الأمر كما تقول فكأنما تسفهم الماء)) وصلة الرحم شأنها عظيم، وفي ذروتها بر الوالدين، ثم صلة الأقارب الأقرب فالأقرب. "وأن أقول الحق ولو كان مراً" وهنا في الحديث قال: ((قل الحق ولو كان مراً)) أوصاني أن أقول، يعني قل المعنى واحد "وأن أقول الحق ولو كان مراً" يعني ولو ترتب عليه المرارة، والمراد بالمرارة هنا المرارة المعنوية، وهي ما تكرهه النفس وتأباه. "وأن لا أخاف في الله لومة لائم" إذا كان أمره لله، مخلصاً لله في ذلك لا يهمه كلام الناس، لا يعبأ بكلام الناس، ولو لاموه على ما يقربه إلى الله -جل وعلا-. "وأن لا أسال أحداً شيئاً" (شيئاً) نكرة في سياق النفي فتعم كل شيء صغير وكبير، والمراد بذلك من أمور الدنيا، أما أمور الآخرة فقد جاء الأمر بالسؤال {فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ} [(43) سورة النحل] العلم وما يتعلق به يُسأل. "وأن استكثر من لا حول ولا قوة إلا بالله، فإنها كنز من كنوز الجنة" الكنز في الأصل ما يطمر ويدفن تحت الأرض لأهميته ونفاسته، يخشى عليه، فلأهميته ونفاسته يكنز ويدخر ويطمر ويدفن تحت الأرض، فإذا كانت الجنة ترابها الظاهر الذي يداس المسك الأذفر، فيكف بكنزها؟! فليحرص الإنسان وطالب العلم على وجه الخصوص بها، يحرص على هذه الوصايا، والله أعلم. وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

كتاب البيوع (14)

شرح: بلوغ المرام - كتاب البيوع (14) باب: العارية الشيخ: عبد الكريم الخضير السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. هذا يقول: ذكرتم بالأمس أن حديث عروة البارقي لم يسق البخاري لفظه، فما معنى هذا؟ قلنا: إن ابن حجر -رحمه الله- قال: إن البخاري لم يسق لفظه، والحقيقة والواقع أنه ساق لفظه -رحمه الله تعالى-. يقول: ما معنى هذا؟ معنى هذا أن البخاري ذكر القصة ولم يسق اللفظ الذي يراد منه استنباط الحكم المناسب للباب. وهل لكم أن تعطونا نبذة عن كتاب البخاري؟ كتاب البخاري تكلمنا فيه كثيراً، وتكلم فيه غيرنا، وصنفت المصنفات في بيان منهجه ومنزلته في الدين، وأنه أصح كتاب بعد كتاب الله -جل وعلا-، والكلام فيه يطول. يقول: ذكرتم أن حديث جابر ضعيف بسبب عنعنة ابن إسحاق، فهل هناك فرق في قوة الحديث وضعفه إذا قال الراوي: عن فلان عن فلان، وقوله: حدثنا فلان أو أخبرنا؟ هذا إذا كان الراوي لم يوصف بالتدليس فلا فرق بين أن يقول: حدثنا وأخبرنا، أما إذا وصف بالتدليس وصار من المدلسين في الطبقة الثالثة فما دون، فمثل هذا لا بد أن يصرح بالتدليس، لا يكفي أن يقول: عن فلان، وإنما لا بد أن يقول: حدثنا فلان أو أخبرنا فلان. هذا يقول: نرجو بيان أوثق الكتب في التاريخ الإسلامي؟ أولاً: نعلم جميعاً أن التواريخ عمدة مؤلفيها على ما ينقلونه عن الرواة، وباعتبار أن التواريخ لا يترتب عليها أحكام شرعية، وإن كان تمحيصها وتحقيقها مهم بالنسبة لطالب العلم، الاعتماد على الإشاعات، وما لا يثبت من الأخبار تترتب عليه عواقب ليست طيبة وخيمة من اتهام بعض الناس، أو القدح فيهم، أو رفع إنسان فوق منزلته، أو إعطائه فوق ما يستحقه، لا بد من التنقيح، ولا بد من التأكد فيما ينقله الرواة، ولذا يقول القحطاني -رحمه الله-: لا تقبلن من التوارخ كلما ... جمع الرواة وخط كل بنانِ

تواريخ تكتب في حياة مؤلفيها، ومؤلفوها يعيشون في ظل دول، الدول هذه إن كانت مكرمة لهذا المؤرخ أشاد بها، وإن تضرر أو لم يكرم نال منها، والناس معروف تصرفاتهم في هذا الباب، لكن في الجملة التواريخ لا يقال: إنها مثل كتب الحديث ممحصة ومنقحة، لا، فيها الأخبار الضعيفة بكثرة، وفيها الأخبار المقبولة، وفيها ما يثبت وفيها ما لا يثبت، لكن باعتبار أنها لا يبنى عليها أحكام يتساهلون في رواتها، فينقلون الأخبار والأحداث عن كل أحد، وطالب العلم لو اعتنى بتاريخ الحافظ ابن كثير -رحمه الله- باعتباره إمام مفسر محدث يمحص، لو اعتنى به طالب العلم كفاه، يكفيه؛ لأنه منذ بدء الخلق إلى منتصف القرن الثامن، فيه كفاية، تكلم على الأنبياء وعن قصصهم، وأفاض في هذا معتمداً في ذلك على الكتاب والسنة، ومن تقدمه ومن سبقه من المؤرخين، ثم بعد ذلك بدأت السيرة، وأطال فيها النفس جداً إلى نهاية السادس، ثم بدأ بتاريخ الخلفاء الراشدين، ثم الدولة الأموية والعباسية، وترجم لأهل العلم وأهل الفضل، وذكر من عنده مخالفة في معتقد ونحوه، وانتقد بعض المؤرخين الذين أشادوا ببعض المبتدعة، كتاب نافع جداً، ولذا لما ترجم لابن الراوندي، وهو ملحد زنديق -نسأل الله السلامة والعافية- ذكر أن ابن خلكان في وفيات الأعيان ترجم له، ابن كثير لما ترجم له ذكر ما نُقل عنه من طوام قدح في الشرع، وقدح في النبي -عليه الصلاة والسلام-، ورد على الرسول -عليه الصلاة والسلام-، ولذا رمي بالزندقة، قال الحافظ ابن كثير: إن ابن خلكان ترجم له على عادته في إفاضته في تراجم الأدباء، والشعراء، واختصاره الشديد في تراجم أهل العلم، ولم يذكر مما حصل منه مما هو قدح في الشريعة وصاحب الشريعة، قال: "وكأن الكلب لم يأكل له عجيناً" يعني ما كأن الأمر يعنيه من قريب ولا من بعيد، فهذا يدل على أن الحافظ ابن كثير -رحمه الله- له عناية بهذا الشأن، فتاريخه من أفضل التواريخ، قبله تاريخ الإمام محمد بن جرير الطبري، تاريخ نافع يستفاد منه إلى نهاية القرن الثالث، يعني بداية القرن الرابع، وفيه قصص وأخبار تحتاج إلى تنقيح، وابن جرير -رحمه الله- يكتفي بذكر الإسناد، وعند المتقدمين أن العهدة تبرأ بذكر

الإسناد، يعني في عصور الرواية في القرون الأولى يبرؤون بذكر الإسناد، ولا ينتقدون في مثل هذه الأمور، وعلى كل حال كتابه نافع، وهو عمدة ابن كثير ومن جاء بعد ابن كثير في التاريخ. هناك تواريخ تهتم بتحليل الأحداث والأخبار، مثل تاريخ ابن خلدون، تاريخ نافع نفيس، وأما بالنسبة لسياق الحواجز فأجود التواريخ تاريخ ابن الأثير، يعني استيفاء الحوادث، وسياقها سياقاً متقناً مضبوطاً فابن الأثير كامل، وابن كثير عرفنا منزلته، وابن جرير إمامهم، وابن خلدون يمحص ويحقق ويعمل رأيه في الأحداث، وإن كان لا يوافق في بعض ما توصل إليه من نتائج، وعلى كل حال هذه التواريخ الأربعة نافعة لطالب العلم يعتني بها، بعض المؤرخين والأدباء يعنون بمروج الذهب للمسعودي، والرجل ليس بثقة، ولا مأمون، ومع ذلك في مقدمته وفي خاتمته ذكر ما يجعل طالب العلم لا ينظر في كتابه، في بداية الكتاب قال: هذا الكتاب من تأليفنا فمن نسبه إليه، أو حذف منه شيئاً، أو اقتبس منه شيئاً، أو فعل أو ترك أو كذا أو كذا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، هذا يجعل الكتاب ما يستفيد منه أحد، تعرض نفسك لهذا، ما له داعي يا أخي، على أن الكتاب ما فيه جديد، فيه بعض غرائب الأخبار التي لا يوثق هو في نقلها. هناك تواريخ بلدان مهمة جداً لطالب العلم، كتاريخ بغداد، وتاريخ دمشق لابن عساكر، وتاريخ نيسابور، تاريخ قزوين، تاريخ أصفهان، تورايخ البلدان هذه مهمة لطالب العلم، يجد فيها من تراجم الرواة لا سيما حملة الأخبار والآثار ما لا يجده في كتب تراجم الرجال، يستفاد منه فائدة كبيرة هذه ويعنى بها طالب العلم، والكلام في كتب التاريخ يطول، يحتاج إلى درس كامل، ولعلنا نكتفي بهذا. هذا يقول: لو قال لي: رجل اشتر لي كذا وأعطيك إذا أتيت به هل هذه وكالة أم ماذا؟ نعم هذه وكالة. ما حكم اقتناء جوالات الكاميرا لمن لا يريد استعمالها في التصوير، وإنما يريد الاستفادة من ميزاته الأخرى التي لا توجد في الجوالات التي تخلو من الكاميرا؟ فهل فيها خدش للمروءة؟

على كل حال استعمال الآلات المحرمة حرام؛ لأن التصوير وإن لم يستعمله الإنسان إلا أنه يهون من شأنه، وجدنا بعض الأخيار الذين لا يرون جواز التصوير لا بكاميرا ولا بغيرها تجد نفسه تنازعه منازعة شديدة، يرى طفله في أبهى حلة، وفي تصرفات تحتاج .. ، يعني تنازعه نفسه لحفظ مثل هذه التصرفات ليراها بعد مدة، وتجده في حبوته الأولى أو في خطواته الأولى، يعني في صراع نفسي، ثم بعد ذلك يتصور الخلاف، وأن من أهل العلم من سمح وسهل بهذا، يقول: هذه صورة نتوب منها ونستغفر، ثم بعد ذلك صورة ثانية وثالثة، ثم بعد ذلك يقع في المحظور. يقول: توجد فيه ميزات أخرى؟ هذه الميزات إذا كان مضطراً إليها وأبطل الآلة التي تصور ذوات الأرواح لا مانع من استعماله، على أن في الأصل في شراء مثل هذه الآلة التي تستعمل فيما حرم الله -جل وعلا- تعاون وإعانة على ترويجها وإشاعتها، وإن تركت عند أهلها ما وردت مرة ثانية، والله المستعان. يقول: ما حكم الإتصال على من أعلم أنه قد وضع نغمة موسيقية على هاتفه بحيث لو اتصلت عليه صدر صوت هذه الموسيقى؟ أنا الآن من الذي استعمل الموسيقى؟ هل هو المتصل أو صاحب الجوال؟ كلاهما، هذا متسبب وهذا مباشر، وعلى كل حال إذا كنت تعرف وتجزم بأن جواله على موسيقى، لا يجوز أن تتصل عليه ليصدر هذه النغمة المحرمة. هل يصلي المصلي النافلة بعد الفريضة في مكانه أم يغير مكانه؟ ورد بالنسبة للإمام أنه لا يتطوع في مكانه لكنه لم يصح، وبعض أهل العلم يستحب أن ينتقل من مكانه من أجل أن تكثر البقع التي تشهد له {وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ} [(12) سورة يس] وهذا من آثارهم. يقول: ما نصيحتكم للمبتدئ في علم التفسير خصوصاً؟ وهل يقدم تفسير الجلالين على تفسير السعدي -رحمه الله-؟

التفاسير لها مناحي متعددة، فهناك ما يستفاد منه في الفهم عموماً، في فهم إجمالي القرآن، وهذا ينفع تفسير الشيخ ابن سعدي -رحمه الله-، وهناك ما ينفع في تحليل الألفاظ القرآنية وهذا ينفع فيه تفسير الجلالين على ما فيه من مخالفات، ويحتاج مع ذلك إلى حاشية، يحتاج مع ذلك إلى الرجوع إلى حواشي تحل بعض الإشكالات، وتوضح بعض الغوامض، لكنه أيضاً بحاجة إلى بيان المخالفات، والمسألة مفترضة في مبتدئ، طالب علم مبتدئ يحتاج إلى أن يُعلَق له على هذه المخالفات، وحينئذٍ يكون من أنفع الكتب تفسير الجلالين، تفسير متين يستفيد منه طالب العلم، وذكرنا مراراً في مناسبات أن تفسير الشيخ فيصل بن المبارك من أنفع ما ينفع المبتدئين. يقول: عندنا في الآونة الأخيرة قضية تجصيص القبور بالحصى في مقبرة الدمام، وتغطية القبر بمادة شبيهة بالجص في مدينة الخبر، ثم سكب الماء فوقه فيجف وييبس كالشيد، وهو أمر تقوم به وتتبناه المقبرة؟ على كل حال البناء على القبور لا يجوز بحال، وتجصيصها والنقش عليها أو الكتابة عليها هذا كله من البدع ومن المحرم، والأصل أن يحفر للميت حفرة، إن أمكن اللحد فهو الأفضل، وإن لم يمكن فالشق، ثم يوارى التراب، يدفن في ترابه، ويرفع القبر قدر شبر, وإذا كانت الأرض لا تتماسك عند الحفر، أو تتهدم على الميت أو ما أشبه ذلك ووضع مادة تمنع ذلك بما لا يعتبر بناء، ولا يعد تشييداً للقبر لمجرد إمساك التراب؛ لئلا ينهال على القبر مثل هذا قد يتسامح فيه للحاجة، لكن بقدر الحاجة. ما أفضل طبعة لكتاب الإصابة في تمييز الصحابة للحافظ ابن حجر؟ الإصابة طبعت مراراً مفردة، وطبع معها الاستيعاب لابن عبد البر، ومن أفضل الطبعات التي تناسب طلاب العلم اليوم إذا كان يريد معها الاستيعاب فطبعة الاستقامة، وإن كان يريدها مفردة فطبعة البجاوي مخدومة بالفهارس، وهي طبعة في الجملة طيبة، لكن يحتاج إلى اقتناء الاستيعاب معها. هذا أيضاً يسأل عن كتب. هذا يقول: عندي طبعة -كأنه يريد أن يسوق- عندي طبعة لكتاب البخاري عمرها ثمانون سنة، مع حاشية السندي عليه، فهل هناك جهات تعنى بذلك؟ وهل يباع بمبلغ كبير؟

باب: العارية

لا، لا يباع بمبلغ كبير، هذه الطبعة على كل حال لا تباع بمبلغ كبير، فليهنأ صاحبها باقتنائها وقراءتها. رجل وجد شاة في فلاة، ولم يرَ لها صاحباً فهل له أن يأخذها ويأكلها؟ ثم إن وجد صاحبها بعد ذلك وطالبه بقيمة الشاة في هذه المسألة؟ على كل إذا وجد شاة ضالة عن صاحبها وغلب على ظنه أنها تتعرض للذئب فيأكلها فلا يستفيد منها أحد، حينئذٍ هي له أو لأخيه أو للذئب، هذا إذا غلب على ظنه أنها تفوت على صاحبها أو على غيره ممن يستفيدون منها، جاء في الحديث الصحيح: ((هي لك أو لأخيك أو للذئب)) لكن إذا غلب على ظنه أن صاحبها قريب منها، أو أنها لا تتعرض لسباع ونحوها ويجدها صاحبها فمثل هذا لا يتعرض لها. سم. بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين. قال الحافظ ابن حجر العسقلاني -رحمه الله تعالى-: باب: العارية عن سمرة بن جندب -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((على اليد ما أخذت حتى تؤديه)) رواه أحمد والأربعة، وصححه الحاكم. وعن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أدِ الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك)) رواه أبو داود والترمذي وحسنه، وصححه الحاكم، واستنكره أبو حاتم الرازي. وعن يعلى بن أمية -رضي الله تعالى عنه- قال: قال لي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إذا أتتك رسلي فأعطهم ثلاثين درعاً)) قلت: يا رسول الله أعارية مضمونة أو عارية مؤداة؟ قال: ((بل عارية مؤداة)) رواه أحمد وأبو داود والنسائي، وصححه ابن حبان. وعن صفوان بن أمية -رضي الله تعالى عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- استعار منه دروعاً يوم حنين فقال: أغصب يا محمد؟ قال: ((بل عارية مضمونة)) رواه أبو داود والنسائي، وصححه الحاكم، وأخرج له شاهداً ضعيفاً عن ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما-. الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: باب: العارية

العارية بتشديد الياء، وقد تخفف فيقال: عارية، وقد تحذف الياء، وهي مأخوذة من عار الفرس إذا ذهب؛ لأن المادة التي تعار تذهب من صاحبها، ومنهم من يقول: إن أصلها مأخوذة من عرو هذه السلعة من القيمة والثمن، يعني من عروها وخلوها عن المقابل، المقابل يعني من متاع الدنيا وحطامها وإلا فأجرها عظيم، وأوجب بعضهم بذل ما لا يضر بذله لمن يطلبه، فقد جاء ذم من يمنع الماعون {الَّذِينَ هُمْ يُرَاؤُونَ * وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ} [(6 - 7) سورة الماعون] فإذا جاء المسلم يطلب من أخيه شيئاً يحتاجه بحيث لا يضره دفعه إليه لا يجوز له أن يمنع؛ لأنه جاء ذمه، ومنهم من يقول: إن هذا يدل على الاستحباب لا على اللزوم والتأثيم، ولا شك أن هذه الأمور ينبغي أن تسود بين المسلمين، وتنتشر بين المسلمين، فيتعاونون على ما ينفعهم في أمور دينهم ودنياهم، امتثالاً لقوله -جل وعلا-: {وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى} [(2) سورة المائدة] فمثل هذا التعاون مطلوب، كما جاء في الأمور التي ينتفع بها المسلم ولا يتضرر بها من يبذلها له كالحجامة مثلاً، جاء في الحديث الصحيح: ((كسب الحجام خبيث)) مع أن النبي -عليه الصلاة والسلام- أحتجم، وأعطى الحجام، أعطاه كسباً، فالخبث هنا من أجل أن تسود هذه المنافع بين الناس من غير مقابل، فينتفع الناس بعضهم ببعض من غير أن يتشاحوا في مثل هذه الأمور، ويتحاسبوا على هذه الدقائق، فتبنى أمورهم على المسامحة، فتسود بينهم المودة والمحبة، التي هي من الأسباب التي يدخل بها الناس الجنة ((لا تدخلوا الجنة حتى تحابوا)) ومن أسبابها بذل المعروف من عارية وشبهها، عرفوها في الاصطلاح بأنها إباحة المنفعة دون ملك العين، جاء ليستعير منك كتاباً، يستعير منك إناء ماعون، يستعير منك كأس، يستعير منك كذا، تبذل له، تبيح له الانتفاع بهذه المادة دون ملك عينها.

قال -رحمه الله-: "عن سمرة بن جندب -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((على اليد ما أخذت حتى تؤديها)) رواه الإمام أحمد والأربعة، وصححه الحاكم" هذا الحديث المخرج في المسند والسنن، وصححه الحاكم في مستدركه، وتصحيحه من تساهله -رحمه الله-، وقد عُرف بذلك وإلا فهو من رواية الحسن عن سمرة، وقد اختلف أهل العلم فيما يرويه الحسن عن سمرة، هل له حكم الاتصال أو أن الحسن لم يسمع من سمرة مطلقاً؟ يعني هل سمع منه مطلقاً أو لم يسمع منه مطلقاً؟ أو سمع منه حديث العقيقة دون غيره؟ على كل حال سماعه لحديث العقيقة مؤكد، في صحيح البخاري عن حبيب بن الشهيد قال لي محمد بن سيرين: سل الحسن ممن سمع حديث العقيقة؟ فقال: من سمرة، هذا في البخاري، فسماعه لحديث العقيقة لا إشكال فيه، ومن أهل العلم من ينفي السماع مطلقاً سماع الحسن، ويقول: إن هذا السماع مثل قول الحسن: حدثنا أبو هريرة، وهو لم يسمع منه، وإنما حدث أهل المدينة وهو فيها، ومنهم من يقول: الحسن إمام من أئمة المسلمين، وثقة من ثقاتهم، وثبت أنه سمع حديث العقيقة، فما المانع من سماعه غيره من الأحاديث؟ فيثبت سماع الحسن من سمرة مطلقاً، وإثبات سماع الحسن من سمرة، وهو قول علي بن المديني والبخاري والترمذي، والنفي مطلقاً هو قول يحيى بن سعيد القطان ويحيى بن معين وابن حبان، واختار النسائي وابن عساكر وجمع من أهل العلم أنه لا يثبت سماعه من سمرة إلا في حديث العقيقة الذي أورده البخاري -رحمه الله تعالى-، أورد قصته، في مثل هذه الحالة إذا ثبت السماع ثبت من باب أولى اللقاء، ثبت اللقاء، فالحسن لقي سمرة فإذا روى عمن لقيه، إذا روى الراوي عمن لقيه بصيغة صرح فيها بالتحديث هذا ما فيه إشكال؛ لأنه إن كان قد سمع منه فهو الأصل، وإن لم يسمع منه فهو كاذب، والمسألة مفترضة في ثقة كالحسن، يعني إذا صرح بالتحديث فلا إشكال، لكن إذا روى عمن سمعه، يعني سمع منه أحاديث أو حديث ثم روى عنه بالعنعنة كما هنا، يعني الحسن عن سمرة، فهل يحمل على الإتصال أو لا يحمل على الاتصال؟ ينظر في الراوي إن كان موصوفاً بالتدليس فلا حتى يصرح، وإن برئ من وصمة التدليس قبلت عنعنته، والحسن

مدلس، بل شديد التدليس، فلا يقبل مثل هذا إلا إذا صرح، فقد عنعن هنا، فالمرجح عند أهل الصناعة تضعيف هذا الخبر؛ لأنه من رواية الحسن عن سمرة ولم يصرح بالتحديث، والجمهور على أنه لم يسمع منه إلا حديث العقيقة. ((على اليد ما أخذت)) التنصيص على اليد بناء على أن الأخذ والإعطاء بها، إنما يكون باليد، لو قُدر أن أقطع اليدين أخذ شيئاً إما عارية أو غير عارية مما يجب رده، غصب أو سرقة وما أشبه ذلك، هو أقطع ليست له يد، بل ليس له يدان، عليه أن يرد أو ليس عليه أن يرد؟ والتنصيص على اليد لأنها هي الأصل في الأخذ والإعطاء، على اليد ما أخذت على أي وجه كان، سواء كانت عارية أو سرقة أو غصب أو ما أشبه ذلك، عليه أن يرد.

((حتى تؤديه)) الحديث وإن كان من حيث الصناعة ضعيف إلا أن معناه صحيح أو ليس بصحيح؟ معناه صحيح، كل من أخذ شيئاً لغيره عليه أن يعيده، سواء كان لشخص أو لجهة، أخذ من متاع المسجد، عليه أن يعيده، يجب عليه أن يرده، أخذ من متاع المدرسة عليه أن يرد، أخذ من متاع شخص، أو أياً كان عليه أن يؤدي، عليه أن يرد وإلا صار سارقاً خائناً ضالاً، ((من استأمناه على شيء فليأتنا بقليله وكثيره)) بعض الناس يتسامح فيما يتعلق ببيت المال، تجده في العمل يتساهل في أخذ قلم، جايب للمدرسة كراتين أقلام، أو كراتين دفاتر، أو ما أشبه ذلك، يقول: ما يضرهم، أنا با استعمله للعمل، نقول: لا يا أخي، لا تأخذ شيء، أنا أحتاج هذه الورقة أكتب بعض ما أحتاجه فيها من أموري الخاصة، نقول: لا ولا ورقة، أحتاج مكالمة! ولا مكالمة؛ لأن المكالمة بفلوس يقول: يا أخي فلوس من جهة لجهة ما راحت بعيد، أنا ما علي إلا كلام وش نسوي؟ كلمت فلوس أخذت من وزارة التعليم إلى المواصلات، ويش صار؟ ما راحت بعيد، أنا ما أخذت لجيبي شيء، نقول: لا يا أخي، لا سيما المكالمات التي أجورها لها وقع، أما شيء يضطر إليه الإنسان، نسي شيئاً فأراد أن يكلم أهله، أو أراد أن يتأكد من شيء في المكالمات التي لا يؤبه لها، يسيرة الثمن فهذه بقدر الحاجة إليها، وتعارف الناس على التسامح فيها، على أن يكون عن علم من قبل المسئول والجهة، فالتسامح في القليل يجر إلى التسامح في الكثير، التسامح في الشيء اليسير، يجر، بعض الموظفين في المستشفيات يومياً ما يطلع إلا وهو محمل جيبه ببعض الأدوية، وبعض الأمور التي يحتاج إليها في الجراحات ونحوها من شاش وشبه، في أمور أنت عودت نفسك على هذا الأمر، هذه لن تدفع عنك شيء، يعني افترض أن قيمته عشرة أو عشرون ريال وبعدين؟ قد تبتلى باستعمالها، يكون أخذك لها سبباً لاستعمالها تعاقب بسببها، فتضطر إلى استعمالها، ولو تركتها يمكن يعافيك الله بدونها، على كل حال الورع هو الأصل، والذي يتسامح في الشيء اليسير يجره هذا إلى الشيء الذي فوقه، فعلى الإنسان أن يحتاط لنفسه، الحديث أدخله المؤلف -رحمه الله تعالى- في باب العارية باعتبار أن دخول العارية في هذا الحديث دخول ظاهر،

وعلى أساس أنها مضمونة، حتى تؤديها، والخلاف في ضمان العارية في الأحاديث الذي يليه والذي بعده. يقول في الحديث الذي يليه: "وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أدِ الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك)) " هذا الحديث يدخل فيه العارية السابقة؛ لأنها أمانة في يد المستعير، وهو مؤتمن عليها، ولولا أنه أمين ومحل للثقة لما أعير، ويدخل في ذلك أيضاً الوديعة ونحوهما، وأداء الأمانات واجب، {إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} [(58) سورة النساء] وفي الحديث: ((أدِ الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك)) يعني ولو كان هذا الشخص سبق أن خانك، أعرته فجحد، أودعته فجحد، ثم أودعك مقتضى الحديث أن تؤدي أمانته إليه، والخيانة من خصال المنافين.

((أدِ الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك)) رواه أبو داود والترمذي وحسنه، وصححه الحاكم، واستنكره أبو حاتم الرازي" وفي العلل لأبنه قال: هو حديث منكر، وهذا الحديث يستدل به من يرى منع أخذ الحق خفية، وهي ما يعرف بمسألة الظفر، أخذ الحق خفية، يكون لك مبلغ من المال عند شخص وليس لديك بينة تثبت هذا الحق، أقرضته ألف ريال، وما عندكم أحد، وثقت بالرجل، وقال: إلى أن يأتي الراتب تقرضني ألف ريال أنا محتاج، ثم بعد ذلك جاء الراتب قال: والله ما عندي له شيء، إن كان عندك بينة وإن كنت تبيني أحلف حلفت، ومستعد يحلف، ثم ظفر له بما يعادل الألف أو أكثر أو أقل، هل يأخذ أو لا يأخذ؟ زاره فوجد في المجلس شيء إذا أخذه لا يشعر به، وهو يعادل الألف أو أقل أو أكثر، إذا كان يعادل الألف وأخذه ولا يشعر به، قال جمع من أهل العلم: يجوز له ذلك، ومنعه آخرون استدلالاً بالحديث؛ لأن هذه خيانة، وقال بعضهم: إن كان الحق مما يمكن إقامة الدعوى عليه فلا، وإذا كان لا يمكن إقامة الدعوى عليه كالواجبات من النفقات ونحوها فلا بأس، استدلالاً بقصة هند امرأة أبي سفيان لما جاءت النبي -عليه الصلاة والسلام- وهي في الصحيح، قالت: إن أبا سفيان رجل شحيح لا يعطيني من النفقة ما يكفيني ويكفي ولدي، فقال: ((خذي من ماله ما يكفيك وولدك بالمعروف)) فأذن لها أن تأخذ، استدل بهذه القصة من يقول: بجواز الأخذ مطلقاً، واستدل بها من يفرق بين ما يمكن إقامة الدعوى والبينة عليه وبين ما لا يمكن، وأما الذي يمنع مطلقاً فعمدته هذا الحديث ((أدِ الأمانة إلى ائتمنك، ولا تخن من خانك)) تؤدي الذي عليك وتسأل الله -جل وعلا- الذي لك، لو افترضنا أن شخصاً له في عمله مبالغ مستحقة، له خارج دوامه، عند العمل وما جاءت، ضاعت عليه، ثم تهيأ له فرصة أن يثبت اسمه إما خطأ أو عن تساهل بعض المسئولين يُثبت اسمه في انتداب مثلاً، وهو ما راح، فقال: فرصة، أنا لي خارج دوام ثلاثة آلاف، وهذا الانتداب يعادل خارج الدوام، ويش اللي يمنع أني آخذه؟ يأخذ أو لا يأخذ؟ الآن هذا المبلغ المستحق الذي في المسير مشروط بذهابك إلى الجهة التي انتدبت إليها، شرط، يعني فيه انتداب من دون سفر، يتصور انتداب إلى

جهة من الجهات وأنت ما تسافر؟ الانتداب من مقتضياته ومن متطلباته السفر، فهل له أن يأخذ مقابل ما يستحقه لدى هذه الجهة من خارج الدوام؟ على الخلاف، من يقول: بجواز مثل هذه الصورة في مسألة الظفر يقول: يأخذ، العبرة في المقابل أنا مستحق لهذا المبلغ بغض النظر عن سببه، ومنهم من يمنع مسألة الظفر مطلقاً يمنع مثل هذه الصورة، يقول: أنا أدرج اسمي بشرط أنا أسافر ولا سافرت، لا شك أن الورع ألا يأخذ، لكن كونه يأخذ بناء على القول الثاني، وحديث هند كالصريح في الجواز، لا سيما في مثل هذه الصورة الأمر فيها أوسع، فيأخذ، لكن إذا علم المسئول وقال: أنا والله يمكن ما أسافر أو ما سافرت؛ لأنه افترض أن المسألة انتهت، جاء الانتداب بعد ما انتهى الانتداب، قال: أنا والله ما رحت، لكن أنا لي عندكم فلوس مقابل خارج الدوام العام الماضي ولا جاءت، كونه يتفق مع المسئول ومع المدير هذا ما فيه إشكال، لكن كونه يأخذ ويسكت هذا محل الخلاف، يعني ظفر بماله الذي يستحقه، لكن مثل هذه الصورة عند من يفرق بين ما يمكن إقامة الدعوى عليه وما لا يمكن، لا يجيز مثل هذه الصورة، لأنه يستطيع إقامة الدعوى.

فالمسألة فيها أقوال: الجواز مطلقاً، المنع مطلقاً، التفريق بين ما يمكن إقامة الدعوى عليه وما لا يمكن، وابن حزم يوجب الأخذ، يعني عند زيد من الناس لك ألف ريال يجب عليك أن تأخذ من ماله بأي وسيلة، وبأي طريقة هذا الألف، يجب وجوب يعني تأثم إذا ما أخذت، ولا يبرئك من الإثم إلا أن تحلله، تعفيه من هذا المبلغ؛ لأن الرجل الذي في ذمته هذا المبلغ آثم، وأنت تقره على الإثم، وتتعاون معه على الإثم والعدوان إذا ما أخذت، إلا أن تبرئه من الإثم، تحلله هذا شيء ثاني، هذا الأمر إليك، يعني فقه غريب وإلا ما هو بغريب؟ يقول ابن حزم: إذا كان لك مبلغ عند شخص أو جهة أو أي كان، يعني افترض أن لك مبلغ عند بيت المال مثلاً، ثم تيسر لك أن تأخذ من بيت المال بقدر هذا المبلغ يجب عليك تأخذ، عند زيد من الناس وتيسر لك أن تأخذ مقابله بأي وسيلة كانت، استعير منه، وإلا تحايل عليه، وإلا ادخل مكتبته وخذ، ما عليك، المهم أنه يبرأ من عهدة هذا المبلغ، لكن إذا أخذ من غير علمه هل يبرأ وإلا ما يبرأ؟ أقرضته ألف ريال وقلت له: هات الألف قال: ما عندي لك شيء، جحد المبلغ، ثم تحايلت وأخذت من ماله من غير علمه يأثم وإلا ما يأثم؟ هو آثم بالجحود ولو أخذت، فالمسألة ما أنحلت، ما أنحلت الآن، أصل تصور المسألة عند ابن حزم -رحمه الله- وإن كان له حظ من النظر لكن يبقى أنه في مسألة الجحود لا يبرأ، إذا نزل اسم شخص في مسير خارج دوامه، أو .. ، خلونا في خارج الدوام، لمدة شهر الاثنين يعملان في جهة بين صلاتي المغرب والعشاء، فقال واحد منهم: أنا بأجيء أسبوعين بين المغرب والعشاء وساعة بعد العشاء، وأنت كذلك بعدي، نتناوب، لماذا نتردد شهر كامل؟ وقل مثل هذا في الانتداب وشبهه بحيث لا يتضرر العمل، في مثل هذه الصورة لا بد من رضا المرجع، أن يرضى المرجع؛ لأنه قد يتأثر العمل وهو لا يشعر؛ لأن عمل زيد لا يطابق عمل عبيد من كل وجه، لا بد من وجود الاختلاف. من معه طبعة الحلاق في سبل السلام؟ طالب:. . . . . . . . . نعم؟ معك؟

يقول في كلام ابن حزم: فإن استحلف حلف، يحلف أنه ما أخذ شيء، في كلام ابن حزم يقول: يأخذ خفية وإن استحلف حلف، وهو مأجور في ذلك، قال .. ، من أبو سليمان هذا؟ طالب:. . . . . . . . . الحاشية إيه. طالب:. . . . . . . . . يشير إليها الخطابي، ارجع إلى معالم السنن له، هذا الكلام ليس بصحيح، فالخطابي ليس له أصحاب، وأصحابه هم أصحاب الإمام الشافعي، وهو واحد من الشافعية، والمراد بأبي سليمان داود بن علي الأصفهاني إمام الظاهرية، أطال ابن حزم في تقرير هذه المسألة لكن -عفا الله عنا وعنه- والصنعاني كأنه مال إلى قوله، ونقل كلامه الطويل، ثم قال: ويؤيد ما ذهب إليه حديث: ((انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً)) فإن الأمر ظاهر بالإيجاب، ونصر الظالم بإخراجه عن الظلم وذلك بأخذ ما في يده لغير ظلماً، على كل حال المسألة كما سمعتم الخلاف فيها لأهل العلم، وأما إيجاب الأخ والمال له إن شاء أخذه وإن شاء لم يأخذ فكيف يؤثم إذا لم يؤخذ؟ وكيف يحلف إذا استحلف؟ المسألة فيها نظر، يعني كونه يستحلف أنه ما أخذ شيء من مال هذا، ثم يحلف! وماذا لو وقف على الحقيقة فيما بعد بمحضر من الزملاء؟ عنده له ألف ريال مثلاً، قال: إلى الراتب وأعطيك إياه، ثم بعد ذلك زاره وجلس في مكتبته وأخذ كتاب قيمته ألف وهو لا يشعر، والزملاء كلهم يعرفون أن هذه نسخة فلان، وهذا خط فلان، وهذا تعليق فلان، ثم استحلف أنه أخذ فقال: والله ما أخذت، ويطلع عليه الجمع، لا شك أن مثل هذا يعرض الآخذ للتهمة، ولو قال بعد ذلك: إني أطلبه ألف ريال، أو عنده لي ألف ريال، ما يصدق، فكلام ابن حزم لا يسلم منه نظر، لا سيما مجازفته بأنه يحلف لو استحلف، وإيجابه وتأثيمه فيما لو لم يأخذ.

بعد هذا يقول: "عن يعلى بن أمية -رضي الله عنه- قال: قال لي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إذا أتتك رسلي فأعطهم ثلاثين درعاً)) قلت: يا رسول الله أعارية مضمونة أو عارية مؤداة؟ قال: ((بل عارية مؤداة)) " هذا الحديث له طرق صحح بمجموعها، يقول: "رواه أحمد وأبو داود والنسائي، وصححه ابن حبان" ((إذا أتتك رسلي فأعطهم ثلاثين درعاً)) من الدروع التي تقي السهام، قلت: يا رسول الله أعارية مضمونة أو عارية مؤداة؟ يعني هي في الحالين عارية، فهل يختلف حكم العارية أحياناً تكون مضمونة وأحياناً تكون مؤداة؟ لأنه قال في هذا الحديث: ((بل عارية مؤداة)) هو سماها عارية سواء كانت مضمونة أو مؤداة، وهو عربي، وكان الجواب في هذا الحديث: ((بل عارية مؤداة)) وفي الحديث الذي يليه: ((بل عارية مضمونة)) الفرق بينهما، الفرق بين العارية المضمونة والعارية المؤداة؟ ما الفرق بينهما؟ إذا تلفت تضمن بمثلها أو بقيمتها؟ الضمان بالمثل أو بالقيمة؟ أو يفرق بين المثلي والقيمي؟ فالمكيل والموزون مثلي، وبعضهم يلحق به المعدود والمذروع الذي يمكن ضبطه، يضمن بمثله، وما لا يضمن بقيمته، هذا في حالة الضمان، أعارية مضمونة؟ وقال في الحديث الثاني: ((بل عارية مضمونة)) بمعنى أنها لو تلفت تضمن، وهي قّيمية وليست مثلية، تضمن بقيمتها، الجملة الثانية: عارية مؤداة، كيف اختلف جوابه -عليه الصلاة والسلام-؟ قال في الأول: ((بل عارية مؤداة)) وقال في الثاني: ((بل عارية مضمونة))؟ في الحديث الثاني: "عن صفوان بن أمية -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- استعار منه دروعاً يوم حنين، فقال: أغصب يا محمد؟ قال: ((بل عارية مضمونة)) رواه أبو داود وأحمد والنسائي، وصححه الحاكم" وأخرج له شاهداً ضعيفاً عن ابن عباس فهو كسابقه.

مفرداته لا تخلو من مقال، لكن بمجموع طرقه يثبت، أجاب الأول بقوله: ((بل عارية مؤداة)) والثاني: ((بل عارية مضمونة)) هل نقول: إن الأحوال تختلف بمعنى أنه إذا استعار وغلب على الظن التلف تكون مضمونة، وإذا استعار وغلب على الظن السلامة تكون مؤداة؟ يمكن أن يقال بهذا؟ وإلا اختلاف الجوابين لا شك أنه لا بد له من جواب، عارية مضمونة أو عارية مؤداة؟ قال: ((بل عارية مؤداة)) يعني الآن لو جاء شخص يستعير منك كتاب، وقال لك: هذا الكتاب أنا أحتاجه، وقلت له: ترجعه؟ قال: أرجعه، والثاني قلت له: ترجع الكتاب؟ قال: والله أرجع قيمته احتمال يضيع احتمال يتلف، أنا أضمنه لك، وليس مؤدى؛ لأن هذاك الأول يغلب على ظنه أنه يحفظه في دار غالبها السلامة، والثاني احتمال يتلف، واحتمال يتأثر برطوبة أو مطر أو شيء أو يسرق، قال: عارية مضمونة، فهل نقول: إن اختلاف الأحوال والظروف يختلف معها الجواب؟ فإذا كان يغلب على ظن المستعير أن الكتاب محفوظ، وليس عنده ما يعرضه للتلف يقول: عارية مؤداة؟ والثاني إذا كان بحيث احتمال أن يسلم فيؤدى واحتمال أن يتلف فيضمن، نقول: اختلاف الأجوبة، الآن الجواب مختلف أو متفق؟ مختلف، الأول قال: ((عارية مؤداة)) والثاني قال: ((عارية مضمونة)) فلعله في الغزوة الأولى التي احتيج فيها إلى الدروع يغلب على الظن سلامة هذه الدروع، وفي الغزوة الثانية وهي حنين، حنين معروف أنها يوم شدة، وحصل فيها ما حصل، ويواجهون عدو كثير العدد، كثير العُدد، فيغلب على الظن أنها لا تسلم، أو بعضها لا يسلم، فتكون حينئذٍ مضمونة، الآن بالتصوير بالكتاب، تصوير المسألة بالكتاب واضح وإلا مو واضح؟ يعني شخص عنده مكتبة محكمة، وكتبه في مكتبته، ويحرص على الكتب، ومعلوم الناس يتفاوتون، بعض الناس ينبغي أن لا يعار، تعيره الكتب فتأتي تالفة ولو في يوم واحد، بعض الناس استعماله للكتب سيء، وبعضهم يعرضها للرطوبة، وبعضهم يعرضها للشمس، وبعضهم إذا أعرته الكتب وهو طالب علم لا تستطيع تخليص هذه الكتب قد لصق بعضها في بعض، تركها في مكان ما هو مناسب، وهذا حاصل، وبعض الناس يجيب لك الكتاب كما هو إن لم تتغير صفته إلى أحسن؛ لأن بعض الناس يستعير الكتاب ثم يلاحظ

عليه ضعف في تجليده أو كذا، ثم يذهب إلى مُجلِد ويقول: رمم الكتاب، هذا أفضل ذا، فالناس يتفاوتون، فإن كان من النوع الذي يجزم بأنه يعيد الكتاب كما هو يقول: عارية مؤداة، وهذا الأصل في العارية؛ لأنها ما. . . . . . . . . يجب أداؤه، والجواب الثاني ينزل على حالة يغلب على الظن أنها لا تبقى بل تتعرض للتلف، وحينئذٍ تكون مضمونة.

مسألة ضمان العارية هل العارية في حكم القرض أو في حكم الأمانة والوديعة؟ إيش معنى هذا؟ معناه أنه إذا أعارك الكتاب ثم تلف بغير تعدٍ ولا تفريط تضمن وإلا ما تضمن؟ يعني الأمانة حينما قيل: لا تضمن من المستفيد منها؟ المستفيد صاحبها، الأمانة أنا أريد سفر مثلاً، وعندي أموال أخشى عليها، أضعها عندك أنت مستفيد؟ لست بمستفيد المستفيد صاحبها، ولذلك لو تلفت من غير تعدٍ ولا تفريط قواعد الشرع تقتضي أنك ما تضمن يا أخي أنت ما أنت مستفيد، لكن لما تأتي تقترض مني مال ويتلف هذا المال من غير تعدٍ ولا تفريط تضمن وإلا ما تضمن؟ تضمن، وقل مثل هذا في العارية أنت مستفيد، ما هو بأنا المستفيد، لو جيتك وقلت: والله با أسافر وهذا الكتاب أخاف عليه خله عندك ما تضمن، بخلاف لو جيت أنت تطلب الكتاب لتستفيد منه، ويختلفون في ضمانة العارية، وهل تلحق بالقرض فيضمن أو تلحق بالأمانات والودائع فلا تضمن؟ لكن الأقيس أن إلحاقها بالقرض، الآن لو الودائع في البنوك مثلاً، أنت تجعل راتبك في البنك أنت مستفيد أنها ما تتعرض للتلف، فهي في الأصل وديعة عندهم، لكن لو كانت وديعة بالفعل بالمعنى الشرعي للوديعة التي لا تضمن لكانت هي بعينها باقية، أعطيتهم الراتب ربطوه بحبل وكتبوا عليه اسمك ووضعوه في البنك، في هذه الحالة ما يضمنون إذا لم يفرطوا في حفظه، لكن أعطيتهم المبلغ وتصرفوا فيه وباعوا وشروا، ووصل أقصى الدنيا شرقاً وغرباً، هذا لا، استفادوا منه، فالخراج بالضمان، شوف لما كان القرض، القرض المستفيد المقترض ضمن، والأمانات والودائع المستفيد صاحب الأمانة الأصلي لا الأمين، ولا المودع، وحينئذٍ لا يضمن، ما يجتمع عليه أنك تضيق عليه بكتابك، وتخليه يحفظه ويحرسه لك ثم بعد ذلك يضمنه، قواعد الشريعة لا تأتي بمثل هذا، فالذي يظهر من حيث الجملة أن العارية مضمونة، وإلا كان الناس يعيشون على أمتعة غيرهم، كل يوم يأخذ له حاجة من واحد وتتلف وتضيع، إذا كان تلفها أو تلف جزء منها أو شيء منها من مقتضيات الإعارة، شريت إناء جديد، وقال: والله إحنا نحتاج هذا الإناء نطبخ فيه طعامنا اليوم، فقلت: تفضل، وطبخ الغداء طبخ عادي، يعني ما رفع عليه الغاز حتى تخرق وتلف وتأثر، لا

طبخ عادي مثل ما يطبخ الناس، ثم جاء به إليك مغسول ونظيف هل لك أن تقول: والله تعطيني أرش؛ لأني أنا اشتريته بخمسين والآن ما يجيب ولا أربعين، تدفع لي العشرة، أنت الآن لماذا أعرته؟ يعني التلف الذي حصل له والنقص الذي حصل له من مقتضيات الإعارة، لكن لو استعار منك كتاب اشتريته بمائة ريال، ثم جابوه لك ما يسوى عشرة، متنثر، متقطع، مثل هذا يضمن، لكن لو كان استعماله بقدر ما استعير له؛ لأنه أباح له الانتفاع به، ومن مقتضيات هذه الإباحة أن تنقص قيمته، لكن ما تنقص قيمته نقص ظاهر. في الحديث حديث صفوان من خلال السياق، حديث يعلى بن أمية -رضي الله عنه- قال: قال لي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إذا أتتك رسلي فأعطهم ثلاثين درعاً)) قلت: يا رسول الله أعارية مضمونة ... ؟ إلى آخر الحديث، السياق يدل على أن يعلى مسلم أو غير مسلم؟ مسلم، قال لي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إذا أتتك رسلي فأعطهم)) قلت: يا رسول الله ... إلى آخره، السياق يدل على أنه مسلم. عن صفوان بن أمية -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- استعار منه دروعاً يوم حنين فقال: أغصب يا محمد؟ قال: ((لا بل عارية مضمونة)) مسلم أو غير مسلم؟ ليس بمسلم، قبل أن يسلم، أسلم فيما بعد، وهل الوصف بالإسلام وعدمه له أثر في الحكم من حيث الضمان وغيره؟ هل نقول: ضمن لصفوان لأنه كافر ولم يضمن ليعلى لأنه مسلم؟ فيه فرق؟ طالب:. . . . . . . . . يعني عارية مؤداة أنت مسلم إن سلمت أديناها لك وإن ما سلمت راحت علينا وعليك، أنت مسلم، يعني هل لوصفه بكونه مسلم والثاني كافر مضمونه ما يستفيد من جهات، بل تضمن له كما هي، هل الاحتمال الأول الذي أبديناه غلبت السلامة وغلبت الهلاك، فقلنا: إذا غلبت السلامة تضمن التأدية، وإذا غلب الهلاك تضمن القيمة، تضمن بقيمتها، الاحتمال الثاني أن نقول: يعلى مسلم وصفوان كافر، والمسلم يستفيد من الجهاد التي تستعمل له هذه الدروع، فيكون له نصيبه، هذه مساهمته في هذا الجهاد، جاهد بماله، فإذا تلف منها شيء لن يعدم الأجر من الله -جل وعلا-، وأما الثاني باعتباره كافر تضمن له لأنه لا يستفيد منها في استعمالها في الجهاد، احتمال هذا.

طالب:. . . . . . . . . نحن أمام نصين فيهما اختلاف ظاهر، لا بد من التوجيه، فإما أن نوجه بالاحتمال الأول، أو نوجه بالاحتمال الثاني، والاحتمال الأول ظاهر، والاحتمال الثاني ظاهر، وعلى كل حال اجتماع الأمرين قوة. الأمر الثاني: الاستعانة بالكافر في الجهاد، النبي -عليه الصلاة والسلام- ثبت عنه أنه قال: ((أنا لا أستعين بمشرك)) وهنا استعانة به، بالدروع، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . يعني لا يستعان ببدنه الذي يخشى منه الخيانة في وقت الحاجة، وأما الدروع كونها لمسلم أو مشرك في فرق؟ طالب:. . . . . . . . . لا لأن الذي يستعملها مسلم، فمثل هذا لا يرد عليه ما جاء في الحديث الآخر. هذا يقول: من الانترنت أنا لقيت فلوس طايحة قريبة من بيتنا بمبلغ وقدره ستون ريالاً، ما أدري إيش أسوي فيها؟ والآن صار لها عندي يمكن شهر وشوي؟ ستين ريال هذه ودها إلى قسم الأمانات في المحكمة، ويتصرفون فيها، إن أمكن تعريفها في موضعها ومن ضاع له فلوس في مكانها، حتى يغلب على الظن أن صاحبها لن يطلبها فهو أفضل. يقول: أنا لي أقارب لا يصلون ونصحتهم مرات ومرات، وأرى منهم استجواب في الكلام، وإذا سألت عنهم وجدتهم لا يصلون، وأنا متأكد من كلامي هذا، أنهم لا يصلون، فماذا أفعل بهم؟ هل أهجرهم ... إلى آخره؟ على كل حال الهجر علاج إذا كان أنفع من الصلة، ويغلب على الظن أنك إذا هجرتهم امتثلوا فيتعين الهجر حينئذٍ، وإذا كان هجرهم يعني بدلاً من أن تسمع الكلام اللين والاستجابة والقبول فيحتاجون إلى مزيد من الصلة؛ لأن هؤلاء قريبين ما داموا يجيبونك بكلام طيب، ويعدونك أنهم يصلون، واصل معهم. يقول: هل يجوز المتاجرة بالسلع المباحة التي تحمل على أغلفتها صور مختلفة لأجل الدعاية والإشهار؟ على كل حال صور ذوات الأرواح محرمة والمتاجرة بها لا يجوز. هذا يقول: بنك قدم إنذاراً لمشتركيه أنه في حالة عدم وجود ألف ريال في الحساب فإنه سيأخذ مبلغ ريالين ونصف فهل من حقهم؟ ما أدري إيش المقابل؟ ومتى يأخذ هذا المبلغ؟ يعني إذا انكشف الحساب يأخذ؟ علشان إيش؟ طالب:. . . . . . . . . اشلون أقل من ألف؟ طالب:. . . . . . . . . طيب انكشف الحساب ما عنده شيء.

طالب: حتى لو ما انكشف الحساب يكون أقل من ألف يعني. أقول: الاثنين والنصف مقابل إيش؟ طالب:. . . . . . . . . لا لا بد من التأكد من سببها، لا بد أن ينظر في مقابلها. طالب: فإن كان بلا سبب رعاك الله؟ يعني أجور موظفيه وإلا شيء؟ يدعي هذا؟ يقول: ألا يفرق في مسألة الظفر بين الظفر بعين الحق أو الظفر بجنس الحق؟ أما إذا ظفر بعين حقه استعار منه كتاباً ثم جحده ثم ظفر به يأخذ كتابه، هذا ما فيه إشكال؛ لأنه ما أخذ من ماله شيئاً. العارية المضمونة هل هي دائماً بمعنى القرض أم يجوز إضافة الضمان إليها من غير أن تكون قرضاً حتى يخرج بذلك الفائدة التي تزيد عن العارية فلا تدخل في كل قرض جر نفعاً فهو ربا؟ كون العارية تشبه القرض من وجه، لا يعني أنها تشبهه من جميع الوجوه، يعني كونه أعاره إناء ثم بعد ذلك احتاج منه شيئاً، يعني مبادلة منافع، هل نقول: إن هذا قرض جر نفع؟ لا يلزم؛ لأن الإناء ليس من الربويات أصلاً. طالب:. . . . . . . . . ويضمنه. طالب:. . . . . . . . . وش هو؟ طالب:. . . . . . . . . لا ما يمكن، الأمانات ما يمكن تضمن إلا إذا فرط، لكن لا يأخذها على جهة الأمانة. هذا يقول: ما المقصود بقوله: حسن صحيح؟ كلام أهل العلم طويل، وأكثر من يقول مثل هذا الكلام الترمذي، واختلف العلماء في مراده بذلك على أقوال بلغت بضعة عشر قولاً، وإذا كان الحديث أكثر من طريق فيتجه القول بأنه حسن من طريق، صحيح من طريق آخر، وإن لم يكن له إلا طريق واحد فلتردد في حكمه، هل بلغ الصحة أو قصر دونها؟ يقول: دخلت جمعية بأربعين ألف تكون لي، أي أدفع ألفين شهرياً، ونحن عشرون شخصاً، فلما جاء دوري لم يعطني المسئول المبلغ، بل قال: أنا مدين وعلي أموال كثيرة فماذا أفعل؟ والمسئول شخص مستقيم؟ المسلمون على شروطهم، إذا اشترطت عليه أن تؤدى لك في هذا الوقت، أو رتبتم ترتيب اتفقتم عليه، أو بالقرعة فلا يجوز له أن يأخذ دورك إلا برضاك. يقول: ما هي صفة الآذان الرجعية؟ لعله يقصد الترجيع في الآذان، الترجيع في الآذان يذكر الشهادتين بلفظ منخفض ثم يرفع الصوت بهما. هل الكلام اليسير في الآذان يبطله؟ إذا دعت الحاجة إليه لا يبطله.

يقول: ما حكم التورق في البنوك؟ وما رأيك في بنك الراجحي لمن أراد الزواج والسيارة وهو يملك راتب، ولكن لا يملك قيمة الزواج ويريد أن يستعجل لكي يعف نفسه، ويكون لديه مركب جيد؟ على كل حال الذي لا يريد السلعة التي يشتريها إنما يريد قيمتها ليتزوج بها، أو يشتري بها سيارة فالتورق عند جمهور أهل العلم جائز، ما فيه إشكال، إذا اكتملت شروطه، وصار على الوضع الشرعي، بأن يكون صاحب السلعة مالكاً لها ملكاً تاماً مستقراً، ثم يأتيه مريد المال فيبيع عليه هذه السلعة، زيد يملك سيارة قيمتها خمسون ألفاً، ثم يأتي عمرو محتاج لخمسين ألف، فيقول: بعني هذه السيارة بستين ألف لمدة سنة كل شهر خمسة آلاف مثلاً، ويتفقان على ذلك، وزيد يملك السيارة، ثم بعد ذلك يتفقان على المبلغ، ويقبض عمرو السيارة، ويبيعها على طرف ثالث، مسألة التورق لا شيء فيها عند الجمهور، وهي تحل الكثير من الإشكالات، فالمرجح جوازها، لكن يتأكد من أن البائع الأول مالك للسلعة، ثم بعد ذلك يبرم العقد، ولا يلزم الطرف الثاني بأي شيء قبل الإيجاب والقبول، وقبل قبض السلعة، ثم بعد ذلك يقبضها قبضاً شرعياً معتبراً، ثم يبيعها على طرف ثالث، وحينئذٍ تكون الصورة صحيحة، وتكون السلعة مما يقبض، ليست من الحيل التي يتحايل بها على تحليل ما حرم الله -جل وعلا-، أحياناً يقول لك: السلعة حديد في اليابان، أو أخشاب في البرازيل، أو كذا أو كذا، كل هذه حيل، الذي يظهر أنها ليس لها حقائق، فمثل هذه المسألة مسألة التورق والخلاف فيها معلوم، وفيها ضعف من حيث النظر، إلا أن الحاجة داعية إليها تزداد ضعفاً بهذا التوسع الموجود في الأسواق، فلا أخشاب في اليابان، ولا أسهم ولا شيء، تأخذ سلعة تقبضها أنت، تحوزها إلى رحلك، ثم تبيعها على نظرك، ما تقول للبنك وكلنا ولا نوكلك، لا بد أن تتولاها بنفسك وتبيعها على طرف ثالث؛ لتكون على بينة من أمرك؛ لأنه قد توكل بنك، توكل شخص ليس بثقة، ثم لا سلعة ولا بيع ولا مبيع، يفتح لك الصندوق ويعطيك دراهم، في النهاية يقول: بعنا لك أسهمك, هذا. . . . . . . . . إيش الكلام هذا؟ مسألة التورق أصلها فيه ضعف، وتزداد ضعف بهذا التوسل. لعلنا نكتفي بهذا.

وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. طالب: السلام عليكم وعليكم السلام ورحمة الله. طالب: صلاة النافلة على الراحلة. . . . . . . . . لا بما يستطيع، بما يقرب من الحقيقة. طالب:. . . . . . . . . قد لا يستطيع أكثر من هذا، لكن إذا كان يستطيع الركوع وكذا، وسجوده أخفض منه، ولا يتأثر بحيث لا يقع في حفرة أو يصدم له شيء هذا الأصل. طالب: .... الانتعال واقفاً هل فيه حديث صحيح؟ إيه خبر صحيح. طالب: يعم كل شيء ... هو محمول عند الجمهور على الكراهة، والأمر الثاني فيمن يتضرر به، يعني يخشى أنه يسقط وإلا شيء، يعني الكراهة تزول بالحاجة. طالب: أحسن الله إليك. طالب:. . . . . . . . . والله ما أرى فيها شيئاً. طالب:. . . . . . . . . لا، لا، كيف يرشيه؟ اللي عليه الدور؟ طالب:. . . . . . . . . اللي عليه الدور بيدفع زيادة ماله؟ طالب:. . . . . . . . . لا هذا الربا، يصير ربا. طالب:. . . . . . . . . ما يخالف لكن ما يصير في مقابل، الآن المستحق له خصم كالتأمين، هذا الرجل أمن وخصم كالتأمين. طالب:. . . . . . . . . هذه حوالة ما لها علاقة ...

كتاب البيوع (15)

بلوغ المرام - كتاب البيوع (15) باب: الغصب الشيخ: عبد الكريم الخضير السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. هذا يذكر أنه مدرس في مدرسة أهلية وينتهي دوامه في الساعة الواحدة ظهراً، فهل لصاحب المدارس أن يمنعه من الاستفادة بذلك الوقت الطويل بعد الدوام بعمل فيه فائدة لي ولغيري كحلقة تحفيظ القرآن، وإذا كان قد اشترط هذا في العقد وقبلته لحاجتي في العمل أو لقصوري في الرؤيا، ولكن اتضح لي بعد ذلك أنه لا بد من العمل في وقت الفراغ نظراً لحاجتي المادية، خاصة وأني مسئول عن أسرة بما لا يضر عملي الأصلي، فهل لي أن أخالف ذلك العقد أو ذلك الشرط؟ أما بالنسبة لوقت الدوام من السابعة إلى الواحدة فهذا ليس له أن تعمل به أي عمل إلا ما استثني شرعاً من صلاة الظهر براتبتها القبلية والبعدية، وما عدا ذلك فالوقت ليس لك، هناك أمور يمكن أن تعملها في هذا الوقت وتؤجر عليها ولا تضر بحال بصاحب العمل ومنعه لك منها لا يملكه كالذكر مثلاً، أو تلاوة القرآن حفظ مثلاً، بما لا يضر بالعمل بين الحصص، هذا لا يملكه، أما ما بعد الدوام فإن كان ما تعمله بعد الدوام يتعدى ضرره إلى ما تعاقدت عليه معه، كأن تدرس نفس المواد التي تدرس في مدرسته في بيتك مثلاً، ما يسمى بدروس خصوصية، ويتأثر بهذا التدريس أداء المدرسة وعطاء المدرسة فمثل هذا يملك المنع منه، أما ما لا يتأثر به عملك الأصلي وتدريسك في مدرسته لا يترتب عليه ما يؤثر عليه كسهر مثلاً، فهذا لا يملكه، ولي الأمر حينما منع من العمل للموظف خارج الدوام، منع من مزاولة العمل التجاري خارج الدوام رأى في ذلك مصلحة متعدية لغيرك، لا للإضرار بالعمل، وإنما أراد أن يستفيد الناس كلهم من فرص العمل، هذه وجهة نظرهم، وأما بالنسبة لمدير المدرسة فما يملك مثل هذا الأمر العام، هو يملك ما هو بصدده من مصلحة مدرسته فقط، فإذا كان مصلحته تتأثر وإلا فلا يملك المنع خارج الدوام.

هذا سائل من المغرب يقول: قلت لعمي قبل وفاته: اشتر لي قرأناً بمالك الخاص، وأعطني إياه كي أقرأه ويكون لك صدقة جارية في حياتك وبعد مماتك فرفض، والآن بعد موته أهدى إلي أولاده قرآنه -يعني مصحفه الذي يقرأ فيه- فهل قراءتي في هذا القرآن تكون له صدقة جارية أم لا؟ نعم باعتباره هو الذي اشتراه بماله وورثه من بعده فمن ورث مصحفاً جاء الخبر في أنه يستمر عمله بعد وفاته، ويرجى ذلك -إن شاء الله تعالى-. يقول: قد أفتيتني في الشهادة المحصل عليها من الغش، وكذا الأموال المتحصل عليها من قاعة الألعاب علماً أنني الشخص نفسه .. الأسئلة: هل بإمكاني أن أطلب من الشخص المسئول أن لا يتخذ هذه الشهادة بعين الاعتبار، أو يغير لي المهمة أو نوع العمل الذي ليس له علاقة مع الشهادة ولا يترتب عليه الراتب، والخبرة المكتسبة من هذا العمل هل بإمكاني أن استعملها في الأعمال أو في وظيفة جديدة إن أمكن من حصولي على عمل آخر حيث تصبح هذه الخبرة المكتسبة منه لا علاقة لها مع الشهادة والأموال الحلال، هل أستطيع أن أعمل في المحل الذي جهزته بأموال قاعة الألعاب من طلاء أو جبس وأجهزة تجارة مباحة دون نزع تلك الأمور أم لا بد من نزعها والتخلص منها؟ هل المتاجرة بالسلع المباحة ... إلى آخره؟

هذا الذي عمل بشهادة مزورة مبنية على غش، هذه الشهادة يجب أن يتوب مما ارتكبه من هذا الغش؛ لأنه اقترف معصية فعليه التوبة والاستغفار والندم، ثم إذا تاب التوبة النصوح والتوبة تهدم ما كان قبلها، فما ترتب على هذه الشهادة الباطلة كله باطل هذا الأصل، والورع أن يتخلص من جميع ما اكتسبه بسببها، لكن إذا صعب عليه ذلك وشق عليه مشقة تجعله يعدل عن توبته فالله -جل وعلا- يفرح بتوبة عبده، ولا يمكن أن يقال: إن الله -جل وعلا- يضع من الحواجز ما يجعل التائب ينصرف عن توبته، وهو يفرح بها، فعلى هذا لو تخلص من شيء بقدر ما يظن أنه ترتب على هذه الشهادة ويكتفي، أو يمسك ما كان بسبب جهده البدني فلا مانع، ولو تخلص من النصف فقال بعض أهل العلم: إن الأموال المختلطة إذا تخلص من نصفها كفت، يكفي أن يتخلص من النصف كما قرر ذلك جمع من أهل العلم، ويفهم من تصرف عمر في بعض المواقف -رضي الله تعالى عنه وأرضاه-، وعلى كل حال إذا كان تخلصه من المال كله يكون سبباً لصده عن توبته فالتوبة تهدم ما كان قبلها. يقول: هل المتاجرة بالسلع المباحة التي تحمل على أغلفتها صور النساء أو الأطفال لغرض الدعاية جائز؟ هذا أجبنا عليه بالأمس، وقلنا: إن تصوير ذوات الأرواح محرم، واستعمال المحرم حرام. يقول: ما الضابط في إطالة القراءة في الصلاة وخاصة الفجر، وهل قراءة نصف وجه أو وجه ونصف أو وجهين تعتبر من الإطالة؟ هذه ليست من الإطالة؛ لأن صلاة الفجر، قرآن الفجر مشهود، وجاء النص على أن صلاة الفجر تطول فيها القراءة، القراءة بالخمسين والستين آية مناسبة جداً لصلاة الفجر، لكن الناس ما يتحملون، فينبغي تخولهم بهذا، لا يملون، ولا يكون الإمام سبباً لفتنة الناس عن صلاتهم وكراهيتهم لها، فعليه أن يسدد ويقارب، ويقرأ ما جاء عن النبي -عليه الصلاة والسلام- في مواضعه، لو قرأ يوم الجمعة بألف لام ميم السجدة، وسورة الإنسان طبق السنة، وإذا قرأ بغيرها، قرأ بقاف واقتربت والطور، وقرأ بالصافات، كل هذه سور جاءت النصوص بها، وعليه أن ينظر إلى حال الجماعة، والظرف الذي يعيشه، فإن كان في الصيف والليل قصير والحر شديد مثل هذا ينبغي أن يلاحظه.

يقول: إذا كان الأطباء المتخصصون قد قرروا أن المشروبات الغازية مثل البيبسي تضر بالجسم سواء كان عاجلاً أو مستقبلاً على جسم الإنسان فهل يجوز لها شربها؛ لأننا لا نشعر بضررها علينا، أم نتبع كلام أهل العلم والاختصاص من الأطباء الذين يقولون بضررها فهل المشروبات حلال أم حرام أم شبهة ينبغي تجنبها؟ أقل أحوالها الشبهة. يقول: الحديث الذي يأتي قول الرسول -عليه الصلاة والسلام-: ((أتاني جبريل الساعة)) هل يعد حديثاً قدسياً؟ لا هذا حديث نبوي نسبته إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-. شخص أتى له بخادمة من غير محرم أتى بها له أحد أقاربه فما الحكم؟ هل يجوز استخدامها أم لا؟ إذا وصلت البلد لأن المطلوب المحرم للسفر، وأما داخل البلد التي تمنع الخلوة، والمحرم ليس بمطلوب إلا إذا خشي عليها الفتنة، والمحرم الخلوة داخل البلد فيجوز له استخدامها إذا أمنت الفتنة. يقول: يوجد حذاء تلبسه النساء فيها شبه كبير لحذاء الرجال فما الحكم في لبسها؟ إذا كانت من حذاء الرجال فهذا هو التشبه، وإذا كانت تختلف ولو كان الاختلاف يسيراً ويعرف أنها من لبس النساء فلا بأس. يقول: هل لي أن أجمع في صلاة النفل تحية المسجد مع سنة الوضوء مع السنة الراتبة؟ نعم هذه السنن تتداخل. هذا يقول لدي خادمة نصرانية وهي ثقة -الفاسق من المسلمين ليس بثقة عند أهل العلم- يقول: هي ثقة ما أدري ما معنى الثقة؟ فمنذ سنين أعرفها اتفقت معها على أن أتاجر في بلدها بفتح محل للمأكولات السريعة، وليس فيها محرم من المأكولات، وأن أعطيها مبلغ تفتح به المحل، وتشتري البضاعة، وأن يعمل رجل قريب لها في المحل أعطيه أجرته، لكنني قد لا أسافر من بلدي ولن أرى هذا المحل فهل في عملي هذا شيء يخالف الشرع؟

نعم، أنت إذا أردت أن تتاجر فعليك بما أحل الله لك، وما أباحه لك، مما تجزم بحله، إما أن تباشره بنفسك أو توكل من يباشره ممن تثق به، كونها ثقة بمعنى أنها لا تسرق غير كونها ثقة في بيع المحرمات التي تتدين بها كالخمر والخنزير وما أشبه ذلك، فأنت تختلف معها في أمور كثيرة، الأمر الثاني: المسألة فيها سعة -ولله الحمد- من المسلمين من يقوم بهذا العمل من الرجال الثقات، يمكن أن تشترك أنت وإياه، منك المال ومنه العمل، والربح بينكما. يقول: الاختلاف في جواب الرسول -صلى الله عليه وسلم- لصفوان بن أمية وليعلى بن أمية ألا يمكن أن يكون سبب ذلك بسبب غلبة الظن على أن الثاني لن يعيد إلا بالضمان؟ إيش لن يعيد إلا بالضمان؟ كأنه لن يعير إلا بالضمان، وعلى كل حال هما احتمالان، وأبديناهما بالأمس، وصفوان معروف أنه لم يسلم بعد، فلن يعير إلا بالضمان، ويعلى مسلم، إذا قيل له: عارية مؤداة يعني إن سلمت وهو يتدين بالجهاد، ويأمل أن يضرب له بسهم وافر من الأجر بسبب هذه الدروع، هذا الفرق ظاهر بينهما، وهذا يمكن إحالة فرق الجوابين عليه. يقول: استعرت سيارة من زميلي وبعد قيادتها وسيري فيها عشرة كيلو مترات وإذا بها قد خبطت وتحتاج إلى إصلاح بقيمة خمسة آلاف ريال فما حكم ذلك؟ يسأل صاحب السيارة إن كانت أمارات التلف والخراب فيها قد ظهرت قبل ذلك فليس من ضمانك، أما إذا كانت سليمة وليس فيها أمارات ولا علامات، واستعمالك لها هو الذي أدى إلى خرابها فهي من ضمانك. أسئلة كثيرة جداً، بعض الأسئلة تكون غير واضحة، إما في خطها، أو في أسلوبها، وكثير من الأسئلة مكرر. يقول: ما حكم تسوية الصفوف والتراص فيها وإلصاق المنكب بالمنكب، وإلصاق القدم بالقدم فإننا نرى كثيراً من الناس خاصة طلاب العلم لا يفعلون ذلك، ويتسامحون فيه؟

جاء الأمر بتسوية الصفوف، ورتب على الاختلاف وعدم التسوية اختلاف القلوب، وهذا وعيد يدل على أن العدم محرم، عدم تسوية الصفوف، تسويتها واجب، للوعيد المرتب على ذلك، وجاء عن الصحابة أنهم يبالغون في ذلك، والنبي -عليه الصلاة والسلام- يؤكد على هذا، يسوي الصفوف كما يسوي القداح، كما تسوى القداح، وجاء أيضاً تسويتها بالمحاذاة القدم والمنكب، لكن لا بد أن نفهم معنى المحاذاة؛ لأن بعض الناس إما أن يرص جاره رصاً يذهب عنه لب صلاته، ولا يجعله يفقه صلاته، هذا ليس مطلوب أبداً، أو يرى أن الإلصاق هو الأصل وهو المطلوب ويكفي، فيجعل بينه وبين جاره ذراع فيسد هذا الذراع بتوسيع ما بين القدمين، وهذا أيضاً ليس بشرعي، وليس هذا هو الحل، إنما المطلوب المحاذاة بالقدم والمنكب؛ لأنه إذا حاذى بالقدم بتوسيع ما بين القدمين ما حاذى بالمنكب، وجد الخلل وجدت الفرج فليس الحل أن يوسع ما بين القدمين، إنما الأصل والمطلوب ألا يأخذ الإنسان من الصف أكثر من حجمه، بمعنى أنه لو ألصق قدميه وأبعد قدمه عن قدم جاره، وحاذى بمنكبه ولم يوجد فرجة بينهم كفى، ومثل هذا لو ألصق قدمه بقدم جاره ومنكبه بمنكبه هذا هو الأصل، والتطبيق الحرفي لفعلهم -رضي الله عنهم-، وامتثالاً لما أمروا به ((حاذوا بين المناكب والأقدام)) فالمحاذاة المراد منها أن لا يوجد فرج في البدن كله، وبعض الناس تجد بدنه غير مستوي، عريض ما بين المنكبين ومن أسفل أقل أو العكس مثلاً، فمثل هذا يلاحظ، لا يضيق على الناس، وبعض الناس يجهل هذه الأمور ويضيق على من بجواره، وإذا جلس أو تورك جاره يتمنى النفس فلا يدركه، وبعض الناس تحتاج إلى سحب رجلك من تحت رجله، صحيح بعض الناس عنده حرص على تطبيق السنة، لكن ما يفقه السنة أولاً ولا يفقه كيف يطبق السنة؟ بعض الناس رجله مثل المبرد، بعض الناس رجله حساسة، مثل هذا يتعرض لبطلان صلاة جاره، فالمسألة مسألة تسديد ومقاربة وألا توجد الفرج، المقصود سد هذه الفرج، وليس المقصود سدها بإبعاد ما بين القدمين، ولا بالتراص الذي يذهب الخشوع، بعضهم الأصبع بالأصبع، وتكون أظافره كالحديد حتى وجد من يربي ظفر الأصبع الصغير الخنصر للدفاع عن نفسه، فصارت المسألة .. ، ما

باب: الغصب

صارت عبادة وخشوع وتأله ومثول بين يدي الله -جل وعلا-؛ لأن بعض الناس صحيح والله يصعب عليك أن تسحب رجلك من تحت رجله، فهذا إساءة، هذا تعريض لصلاة جارك للبطلان وأنت لا تشعر، المقصود أن تكون المحاذاة بقدر جسمك، تأخذ مكان من الصف بقدر جسمك، بعض الناس يجعل مكانه أكثر من متر ونصف، يمد رجليه بحيث إذا سجد أو جلس صار فيه فرج، ما انحلت المسألة، وهو واقف فيه فرج؛ لأن المطلوب المحاذاة بالبدن كله، بالقدم، بالركبة، بالمنكب. يقول: هل كفالة الأيتام عن طريق المؤسسات الخيرية يثبت فيه أجر الكفالة الثابت في الحديث؟ الكفالة تشمل كفالته من جميع النواحي، ككفالة الولد، بالمال والتربية والرعاية والعطف، هذه الكفالة التامة وما نقص من ذلك بحسبه، إذا كانت الكفالة في المال فقط لها نصيبها من الأجر، وإذا كانت الكفالة بالتربية والمال من غيره له نصيبه من الأجر -إن شاء الله تعالى-، ولن يحرم الأجر على كل حال. يقول: ما هي الإشارة بالأصبع في التشهد؟ الأصل أن الأصبع تبقى مرفوعة منحنية لا ممدودة وتحرك عند الشهادة، عند لفظ الشهادة؛ لأنها علامة على التوحيد، وتحرك أيضاً عند الدعاء. وهنا يقول: ما الصفات الواردة لذكر ما بعد الرفع من الركوع وكلها ثابتة؟ يعني الصيغ الواردة حينما يرفع من الركوع فيقول: اللهم ربنا ولك الحمد، هذه ثابتة في الصحيح، وإن قال ابن القيم: إنها لا تثبت، الجمع بين الواو واللهم، وربنا ولك الحمد، بالواو دون اللهم، والعكس، اللهم ربنا لك الحمد، وربنا لك الحمد، أربع صيغ. سم. ب سم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. قال الحافظ ابن حجر العسقلاني -رحمه الله تعالى-: باب: الغصب عن سعيد بن زيد -رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من اقتطع شبراً من الأرض ظلماً طوقه الله إياه يوم القيامة من سبع أراضين)) متفق عليه.

وعن أنس -رضي الله تعالى عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان عند بعض نسائه فأرسلت إحدى أمهات المؤمنين مع خادم لها بقصعة فيها طعام، فكسرت القصعة فضمها وجعل فيها الطعام، وقال: ((كلوا)) ودفع القصعة الصحيحة للرسول، وحبس المكسورة. رواه البخاري والترمذي، وسمى الضاربة عائشة -رضي الله تعالى عنها وأرضاها-. وزاد: فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((طعام بطعام، وإناء بإناء)) وصححه. وعن رافع بن خديج -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((من زرع في أرض قوم بغير إذنهم فليس له من الزرع شيء وله نفقته)) رواه أحمد والأربعة إلا النسائي، وحسنه الترمذي، ويقال: إن البخاري ضعفه. وعن عروة بن الزبير -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رجل من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إن رجلين اختصما إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في أرض غرس أحدهما فيها نخلاً، والأرض للآخر، فقضى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالأرض لصاحبها، وأمر صاحب النخل يخرج نخله، وقال: ((ليس لعرق ظالم حق)) رواه أبو داود، وإسناده حسن، وآخره عند أصحاب السنن من رواية عروة عن سعيد بن زيد، واختلف في وصله وإرساله، وفي تعيين صحابيه. وعن أبي بكرة -رضي الله تعالى عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال في خطبته يوم النحر بمنى: ((إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا)) متفق عليه. الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: باب: الغصب الغصب: مصدر غصب يغصب غصباً، ويطلق المصدر ويراد به اسم المفعول، يطلق على الغصب الذي هو فعل الغاصب، كما يطلق على المفعول الذي هو المغصوب، والغصب أخذ الشيء من صاحبه قهراً بغير حق وإلا فقد يؤخذ الشيء من صاحبه قهراً لكن بحق، والوعيد الثابت إذا كان بغير حق، وأما إذا كان بحق فلا يثبت فيه الوعيد.

يقول: "عن سعيد بن زيد بن عمرو بن نُفيل" أحد العشرة المبشرين بالجنة "-رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من اقتطع شبراً من الأرض ظلماً)) " بهذا القيد ((طوقه الله إياه يوم القيامة من سبع أراضين)) متفق عليه.

اقتطع يعني قطع وأخذ من ملك غيره شيئاً ولو يسيراً كالشبر فما فوقه، ومفهوم الموافقة الشيء الكثير يطوقه يوم القيامة، ومفهوم الموافقة ما قل على الشبر، الخبر له مفهوم أو لا مفهوم له؟ يعني من اقتطع أقل من شبر، يعني الشبر ما بين طرف أصبع الإبهام والخنصر، في الغالب يقارب ربع متر، لو قال: أنا ما اقتطعت شبر اقتطعت أقل من ذلك، ويتصور هذا في الدخول على الجار، وبعض الناس لا يحتاط لهذا الأمر، إذا أراد أن يعمر الأرض، ويبدأ بها، ويضرب الحاجز بينه وبين جاره يزيد ولو يسيراً، ويدخل في هذا الحديث نسأل الله السلامة والعافية، فيحتاط لهذا الأمر، ولذا جاء لعن من غير منار الأرض، ولو بشيء يسير، ما يلزم أن يغير منار الأرض بكيلو أو أكثر أو أقل، ولو شبر يدخل في هذا الوعيد الشديد، من اقتطع شبراً من الأرض ظلماً؛ لأنه قد يقتطع أكثر من شبر لكن بحق، يعني لو أن شخصاً له دين على زيد من الناس ورفض أن يسدد الدين، وحلف بأن المدعي لا بينة عنده، ثم بعد ذلك هو جار له في أرض دخل عليه يسيراً فيما يقابل ما عنده من مال، هذا مبني على الخلاف في المسألة السابقة، مسألة الظفر، وعلى القول بعدم الجواز يدخل في هذا الوعيد أو لا يدخل؟ أما على القول بالجواز وأن له أن يأخذ من ماله ولو خفية بقدر ما عنده على هذا القول لا إشكال، وعلى قول ابن حزم إذا لم يأخذ يأثم، لكن على القول بعدم الجواز يدخل في الحديث أو لا يدخل؟ يعني هذا الوعيد الشديد من اقتطع شبراً من الأرض ظلماً، يعني هو بادل الظالم بظلم، يعني هل يتساوى مثل هذا مع الذي يقتطعه ظلماً بدون تأويل ولا وجه له البتة؟ ما يتساوى حتى على القول بعدم الجواز؛ لأن المسائل المختلف فيها والتي هي الترجيح فيها اجتهاد تختلف عن المسائل المتفق عليها، مثل هذا لا يجوز له أن يأخذ، يحرم عليه أن يدخل عليه على القول بعدم الجواز, لكن لا يعني أنه مثل من لا وجه له البتة، ولذا جاء القيد هنا ظلماً.

((من اقتطع شبراً من الأرض ظلماً طُوقه أو طَوقه الله)) أكثر الروايات: طُوقه، ويحذف الفاعل للعلم به، وهنا الفاعل مذكور؛ طوقه الله: أي جعله طوقاً في عنقه، وقد اختلف في المراد بهذا التطويق؟ منهم من يجعله كالطوق يحيط بعنقه يوم القيامة من سبع أراضين، ليست أرض واحدة, وإنما من سبع أراضين، ومنهم من يقول: إنه يكلف أن ينقل هذه الأرض بجميع محتوياتها بترابها بصخورها من سبع أراضين يوم القيامة، ((طوقه الله إياه يوم القيامة من سبع أراضين)) وهذا فيه الوعيد الشديد والتنفير من مثل هذا الصنيع، من الذين يهجمون على أملاك الناس، ويستولون عليها، ولهم وجود، شيء منه بتأويل، وشيء بغير تأويل صريح، نسأل الله السلامة والعافية، والمحق ظاهر في الدنيا قبل الآخرة، وقصة شخص حصلت قبل ثلاثين سنة، له أرض أو بيت احتيج لهذا البيت للمصلحة العامة، فقدرت قيمته بملايين، فأراد أن يجعل هذه الملايين في بضاعة تحفظها فقيل له: ما في أفضل من العملة الفلانية، اجعل هذه الملايين في العملة الفلانية؛ لأنها ثابتة، ما يوجد أثبت منها على وجه الأرض، فجعلها، ثم بعد ذلك حصل في هذه البلاد التي هذه عملتها ما حصل من حرب فنزلت ولا تسوى واحد من ألف من قيمتها، والخمسة عشر مليون صارت ما تساوي خمسة عشر ألف، فلما بحث عن السبب إذا به قد اعتدى على جارة له عجوز، ودخل على بيتها، فالظلم لا يدوم، الظلم عاقبته وخيمة في الدنيا قبل الآخرة نسأل الله السلام والعافية، والله -جل وعلا- حرم الظلم على نفسه، وجعله بين العباد محرماً فهذا المسكين الذي يعتدي على أملاك الآخرين، ويعتدي عليها، ويأخذ منها، ويغير المراسيم والمنار والعلامات والحدود مثل هذا المسكين مثل هذا التصرف يمحق بركة ماله في الدنيا قبل الآخرة، وفي الآخرة الوعيد المذكور ((طوقه الله إياه يوم القيامة من سبع أراضين)) في الحديث دليل على أن الأراضين سبع كالسماوات، وهذا من أصرح الأدلة على ذلك، وفيها في المسألة حديث: ((والأراضين السبع وعامرهن)) وفيه مما ليس بصريح: {وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ} [(12) سورة الطلاق] فالأراضين السبع كالسماوات، وكونه يطوق من سبع أراضين يدل على أن الأراضين ملتصقة بعضها

ببعض، هكذا قال بعض أهل العلم، ملتصق بعضها ببعض، إذ لو كانت مثل السماوات بينها فضاء اكتفي بتطويقه ما غصب، وهي الأرض الدنيا، لكن إذا كانت رتقاً ألا يمكن أن تكون واحدة كثيفة أو يقال: سبع؟ إذا كان ما بينها فراغ؟ يعني العلم بما تحت الأرض وبما لا تبلغه العقول ولم ترد به النصوص هذا ما يؤخذ إلا ما يفهم من النصوص فقط، يعني لو قالوا بهذا القول مثلاً أنها رتقاً، يعني ما بينها فضاء، ما بين الأراضين السبع فضاء، السموات معروف أن بينها فضاء، ولكل سماء عمارها، لو كانت ما بينها فضاء يقال: سبع وإلا واحدة؟ واحدة، والاستدلال بهذا الحديث أنها متلاصقة ما بينها فضاء لا يتم، وش المانع أن تكون سبع طبقات بعضها فوق بعض؟ يطوقها، ويعظم عنقه ليتسع لها، والقدرة الإلهية صالحة لمثل هذا، ضرس الكافر مثل أحد نسأل الله السلامة والعافية، وجلده ما بين منكبه وعاتقه، شيء جاءت به النصوص الصحيحة، فالقدرة الإلهية صالحة لمثل هذا، يقول أهل العلم: في الحديث أيضاً أن من ملك الأرض ملك ما تحتها، فليس لأحد أن يتصرف فيها، لا يحفر خندق ولا سرب ولا شيء، ويملك جميع ما تحتويه هذه الأرض إلى الأسفل، ما لم يضر بغيره، فله أن يحفر فيها ما شاء، ولا يمنع من ذلك، وله ما تشتمل عليه من جواهر وكنوز يملكها، وله أيضاً الهواء هواء هذه الأرض، فلا يأتي شخص يقول: أنت لك الأرض، صحيح لك الأرض، لكن أبى أحط جسر، جسر بين بيتي الذي هو بجوارك من يمين وبيتي الثاني الذي هو بجوارك من يسار .. ، ولا تملك السماء تملك الأرض، نقول: لا، يملك الهواء، وأهل العلم يقولون: إن الهواء له حكم القرار، لكن هل لمثل هذا إذا ملك أرض أن يقول: أنا أملك الهواء، نعم تملك الهواء، يقول: أنا لا أريد ولا الطائرات تمر من فوق أرضي، ما دام أملك الهواء، يجاب بمثل هذا أو ما يجاب؟ يملك أو لا يملك؟ أهل العلم يقررون أن الهواء له حكم القرار، وما دام ملك الأرض يملك الهواء ويملك إلى التخوم من الأسفل؛ لأنه إلى الأرض السابعة هنا ما دام اغتصب له شبر يطوق المغتصب والظالم إلى سبع أراضين، فهل له أن يمنع من يمر فوق هذه الأرض؟ ما يمنع، لو افترضنا مثلاً أنه في بيته وفي سطحه هو وأولاده، وشخص عنده

طائرة خاصة من الطائرات الصغيرة رايح جاي يتفرج عليهم، يملك وإلا ما يملك؟ شو الضابط أجل فيمن يملك ومن لا يملك؟ الضرر إذا كان يتضرر بمثل هذا يملك، إذا كان لا يتضرر فلا، يعني لو مثلاً سلك جاء من فوق بيته، والسلك فيه ذبذبات وفيه أشياء يتضرر بها، يملك المنع، أو يأخذ بدل، كما هو المعمول به، المقصود أن الضابط الضرر كمن يستظل بجداره، الجدار له ظل يقي من حر الشمس، فجاء شخص وجلس يستظل به من حر الشمس، نقول: إذا كان لا يتضرر به لا يجوز له منعه، لكن إذا كان يتضرر هذا الجالس تحين الفرص بس متى يفتح الباب يلتفت، فقال له: قم، يملك، الضابط في مثل هذا الضرر، جاء في بعض الألفاظ بدل شبراً شيئاً، وهذه الرواية هي التي تجعل الرواية التي معنا لا مفهوم لها، بحيث لا يقول شخص: أنا والله ما اغتصبت شبر، والحديث نص على الشبر، إذاً فما دونه لا يدخل في الوعيد، نقول: يدخل في الوعيد في الرواية الأخرى، وعرفنا أن التطويق إما أن يكون طوقاً في عنقه، تكون هذه الأراضين السبع طوق في عنقه أو أنه يكلف نقل ترابها يوم القيامة، أو أنه يخسف به في هذه الأراضين السبع.

الحديث فيه دليل على أن غير المنقول يمكن غصبه، يتصور غصبه، والاستيلاء بالنسبة لكل شيء بحسبه، كما أن القبض الشرعي قبض كل شيء بحسبه، فيتصور غصب الأراضين والحديث صريح في الدلالة على ذلك، منهم من يقول: لا يتصور غصب إلا المنقول، كما أنه لا يتصور سرقة إلا المنقول، نعم السرقة لا تتصور، لكن الغصب يتصور، الغصب محرم، وبعضهم يجعل هناك قيد أن يكون المغصوب له قيمة، وش معنى له قيمة؟ يعني لو غصب شيئاً أو أخذ شيئاً من مال غيره لا يسمى غصب؛ لأنه لا قيمة له، شيئاً يسيراً، فالذي يدخل محل المكسرات مثلاً، كثير من الناس ما يتورع من هذا، وما عنده نية يشتري لكن يتذوق، هذه حبة من هذا، وهذه حبة من هذا، الحبة بمفردها ليست ذات قيمة وليست ذات بال، لكن لو تصور أن إنسان يتعيش عيشته كلها من هذا، يمر هذا المحل ثم الذي يليه ثم الثالث ثم الرابع إلى أن يشبع، يأخذ حبه من هذا، وحبه من الصنف الفلاني، وثالثة ورابعة وعاشرة، ثم ينتقل إلى المحل الثاني ومثله والثالث، مثل هذا لا شك أنه آثم، المحلات لا تمنع من ذوق المعروض للبيع، لكن بالنسبة لمن يريد الشراء. يقول في الحديث الثاني: "وعن أنس -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان عند بعض نسائه، فأرسلت أحدى أمهات المؤمنين مع خادم لها بقصعة فيها طعام فضربت بيدها فكسرت القصعة فضمها وجعل فيها الطعام، وقال: ((كلوا)) ودفع القصعة الصحيحة للرسول، وحبس المكسورة" رواه البخاري والترمذي، وسمى الضاربة: عائشة، وزاد: فقال النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((طعام بطعام، وإناء بإناء)) ".

النبي -عليه الصلاة والسلام- كان عند بعض نسائه وهي عائشة -رضي الله عنها-، جاءت تسميتها في كثير من الطرق، فأرسلت إحدى أمهات المؤمنين، جاء ما يدل على أنها زينب بنت جحش، وجاء ما يدل على أنها حفصة بنت عمر، وجاء ما يدل على أنها صفية بنت حيي، والهدايا كانت للنبي -عليه الصلاة والسلام- تتخول أن تكون في بيت عائشة، فعائشة لما أهدي للنبي -عليه الصلاة والسلام- في بيت عائشة جاءت عائشة بفهر يعني حجر محدد أو نحوه مثل الفأس فضربت القصعة، وهنا يقول: "فضربت بيدها" وفي بعض الروايات ما يدل على أنها بآلة فهر أو نحوه، "فضربت بيدها فكسرت القصعة فضمها -عليه الصلاة والسلام-" احتراماً لما فيها من طعام، ضم هذه القصعة، القصعة إناء من خشب معلوم المقدار، يكفي الخمسة أو ما بين الخمسة والعشرة، هذه القصعة ملك للمرسلة، اعتدت عليها عائشة -رضي الله عنها- وهذا من باب الغيرة، ويحصل بين الضرات مثل هذا، ويغتفر مثل هذا في باب الغضب، ولذا ما عزرها النبي -عليه الصلاة والسلام- وإنما ضمنها. "فكسرت القصعة فضمها" ضم القصعة لتحفظ ما فيها ما من طعام احتراماً للطعام؛ ولكونه مال لئلا يهدر، "فضهما وجعل فيها الطعام، وقال: ((كلوا)) " من هذا الطعام، عائشة عندها قصعة مثل هذه، دفع القصعة الصحيحة للرسول، الخادم أعطاه القصعة الصحيحة، وحبس المكسورة، يعني أعطاه القصعة الصحيحة عوضاً عن القصعة التي كسرتها، فضمنها بمثلها، هل القصعة مثلية أو متقومة؟ مثلية أو قيمية؟ من أهل العلم أن المثلي خاص بالمكيل والموزون هو الذي ينضبط، أما القصعة ما تنضبط من كل وجه، قد تزيد وقد تنقص، وقد تكون أسمك، وقد تكون أنحف، ما تنضبط من كل وجه، فلا تتحقق المماثلة، وهنا دفع القصعة الصحيحة، وحسب المكسورة، في هذا تضمين المتلف بمثله، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . يعني هل المتاع له أو لهن؟ طالب:. . . . . . . . . وما يدريك؟ بيته، لكن وش يدريك أنت؟ طالب:. . . . . . . . .

لا ما يلزم، هو قد يقال بهذا، قد يقول بهذا: إن الكل له، الجميع له، ودفع السليمة للمرسلة من باب تعزير التي اعتدت على قصعة جارتها، لكن الأصل أن مثل هذه الأمور التي لا تنضبط تضمن بالقيمة عند جمهور أهل العلم، ويجيبون عن مثل هذا بأن الجميع له -عليه الصلاة والسلام-، هذا عند من يقول: إنه لا مثلي إلا المكيل والموزون، وما عداه يضمن بالقيمة؛ لأنه لا ينضبط، يقولون: إن الكل له -عليه الصلاة والسلام-، والذين يقولون: إن كل شيء يضمن بمثله، ويمكن أن تتحقق المساواة في مثل هذا، أما تحقق المساواة فيما تنتجه المصانع هذا ظاهر، ما تنتجه المصانع مساواته ظاهرة أو ليست ظاهرة؟ ظاهر، يعني لو جمعت ألف من مثل هذا تجد فروق؟ لا تجد فروق، لكن لو كانت يدوية؟ كل واحدة تختلف عن الثانية، على كل حال ما تنتجه المصانع المماثلة واضحة فيها، لكن ما تنتجه اليد لا بد من وجود الاختلاف، تجد الإنسان يعمل الشيئين، يصنع كرسيين بيده وتجد أن هذا غير هذا، لا سيما وأن الآلات كانت ما هي بدقيقة، وعلى كل حال أدخل الحديث من أجل ضمان المغصوب، والمعتدى عليه في حكم المغصوب، يعني المتلف في حكم المغصوب إذا تلف.

"فضمها وجعل فيها الطعام، وقال: ((كلوا)) ودفع القصعة الصحيحة للرسول وحبس المكسورة" هذا الحديث في البخاري "ورواه الترمذي، وسمى الضاربة عائشة" التي كسرت القصعة عائشة، والأمر كذلك في جميع الطرق، وأما بالنسبة للمرسلة فجاء ما يدل على أنها زينب بنت جحش، وجاء ما يدل على أنها حفصة، وجاء ما يدل على أنها صفية "وزاد: فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((طعام بطعام، وإناء بإناء)) " يعني تمت المعاقبة {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُواْ بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ} [(126) سورة النحل] فالطعام بالطعام، والإناء بالإناء، كأن القصعة التي كانت عند عائشة قبل أن يهدى إليها ما يهدي كان فيها طعام، عائشة أعدت طعام للنبي -صلى الله عليه وسلم- في قصعتها، ثم جاءت إحدى نسائه -عليه الصلاة والسلام-، إحدى الثلاث المذكورات فأرسلت طعاماً من عندها تنفح به النبي -عليه الصلاة والسلام- فمن باب الغيرة -وهذا واضح- لأن احتمال أنه يكون الطعام أجود، يعني عموم النساء هذا طبعهن، يعني لما تقدم طعام تعبت عليه وقدمته لزوجها ثم يأتي طعام من أحد، تخشى أن يقال: والله هذا أفضل، أو هذا أقل، مع أنه -صلى الله عليه وسلم- ما عاب طعاماً قط، وتظن أن هذا فيه تدخل في شؤونها وفي نوبتها، فحملتها الغيرة على ما حصل، مع أنه جاء الأمر بالإهداء، بإهداء الطعام، وتكثير المرق، ((ولا تحقرن جارة لجارتها ولو فرسن شاة)) يعني ولو كان شيئاً يسيراً تهدي إليها، المقصود أن هذا الحاصل، وهذا مما جبل عليه النساء، بغيرتهن على الأزواج، ومن الضرات، ولم يكلفها النبي -عليه الصلاة والسلام- غير ذلك، لكن لو لم يكن عندها قصعة فما الذي يحصل؟ تضمن بالقيمة، القصعة التي ضربتها عائشة فانكسرت، أمسكها النبي -عليه الصلاة والسلام- في يبت عائشة، يعني التصرف في مال الغير بما ينقص قيمته هل هو مبرر لإمساكه وإعطائه بدله؟ يعني من هذا الحديث نعم، إذا تصرف الإنسان بمال غيره بما ينقصه يضمنه كاملاً، ويمسك ما طرأ عليه النقص، ابن حزم يقول مثل هذا يجعل أو يفتح باب للظلمة، من أراد شيئاً من مال أخيه اعتدى عليه بما ينقصه، فقيل له: تضمنه، أنت محتاج إلى كتاب مثلاً بحثت عنه في المكتبات ما

وجدته، فمسكت كتاب زميلك وشلت الجلد ورميته، اعتديت عليه، ونقصت قيمته، يعني كوننا نحكم بأن الكتاب لك وتضمن قيمته، أو تأتي ببدله قد يكون لك نظر أنت في هذا الكتاب، فهمنا وجهة نظر ابن حزم؟ يقول ابن حزم فيما نقل عنه يقول: إنه ليس في تعليم الظلمة أكل أموال الناس أكثر من هذا، فيقال لكل فاسق: إذا أردت أخذ قمح يتيم أو غيره أو أكل غنمه، أو استحلال ثيابه، فقطعها ثياباً على رغمه، وأذبح غنمه واطبخها، وخذ الحنطة واطحنها، وكل ذلك حلالاً طيباً وليس عليك إلا قيمة ما أخذت، وهذا خلاف القرآن في نهيه على أن تؤكل أموال اليتامى بالباطل، وخلاف المتواتر عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إن أموالكم عليكم حرام)) شوف ابن حزم من قوة حجته يعمد إلى أبشع الصور، فيرد بها ما يريد رده، ما قال ابن حزم: إن الإنسان إذا أراد كتاب أو شيء وما معه فلوس راح المكتبة ومزق أوراق وإلا نزع جلده وقالوا: خلاص عليك الكتاب بقيمته، قال: أنا والله ما عندي فلوس. . . . . . . . . صار حيلة لئن يخرج بالكتاب، هذا سهل، هذا المثال متصور وسهل، يعني صاحب المكتبة لن يتضرر ضرر كبير، لكن جاء إلى مال يتيم، وفيه من الوعيد ما فيه، فيقول: ليس في تعليم الظلمة أكل أموال الناس أكثر من هذا، فيقال لكل فاسق: إذا أردت أخذ قمح يتيم أو غيره أو أكل غنمه أو استحلال ثيابه بس غير معالمه، القمح اجعله دقيقاً، ثم قال: يا الله أكله أعطنا قيمته، هو هذا الذي يبي، هو ما تصرف هذا التصرف إلا ليأكل مال اليتيم والقيمة سهل، أو يريد هذا النوع من الثياب عند هذا اليتيم فيتصرف فيها فيقطعها، ثم يقال له: خذ هذه الثياب واضمنها، وقل مثل هذا في الغنم، التصوير بهذه الصور التي ذكرها ابن حزم تجعل الإنسان يقتنع بما يقوله ابن حزم بغض النظر عن كونه راجح أو مرجوح، وهذه طريقته -رحمه الله-، يعني يلزم الخصم، ويجعل طالب العلم متوسط التحصيل يقتنع بكل ما يقول، يقول: يقول: في الأصل استدل الحنفية بالحديث الذين قالوا: بأن العين المغصوبة إذا زال بفعل الغاصب اسمها، ومعظم نفعها تصير ملكاً للغاصب ثم يضمنها، تصير ملكاً له، الآن القصعة التي تكسرت ما أمسكها في يبت عائشة؟ استدلوا بهذا الحديث

على أن التي تغيرت معالمها تصير ملكاً للغاصب، غصب كتاب ونزع جلده قال: خلاص. . . . . . . . . تضمن قيمته، ويأتي بعض الطلاب -وهذه موجودة بعض الحيل عند بعض الطلاب وهي موجودة في غير بلادنا أكثر-، يصير عنده كتاب ناقص مجلد، الكتاب ما دام كامل يستحق ألف، وإذا نقص مجلد خمسمائة ريال، ثم يذهب إلى مكتبة عامة فيستعير منها هذا المجلد، ويكمل نسخته ويبيعها، ثم يذهب إلى المكتبة ويقول: ضاع، تلف، كم يستحق هذا المجلد؟ تجتمع اللجنة وتقرره بمائة ريال مثلاً، هو استفاد أربعمائة ريال مكسب، فمثل هذه الحيل لا تجوز بحال، وليس بمبرر أنهم يأخذون تأمين عليك، أو يسألون كم يستحق هذا الكتاب؟ وأحياناً يكون هذا الكتاب طبعة نادرة مثلاً، يأتي إلى المكتبة العامة ويستعير كتاب طبعة نفيسة أوروبية أو شبهها من الطبعات المنقرضة مجلد واحد، ثم نظام المكتبة يتصلون بالمكتبات ويقولون: كم يستحق هذا الكتاب بغض النظر عن طبعته؟ عندكم كتاب كذا؟ نعم عندنا، كم قيمته؟ عشرة، يضربونها في خمسة تطلع خمسين، وهذه الطبعة التي أخذها هذا الطالب تستحق ألف ولو كان مجلد واحد، ويظن أن عهدته وذمته برأت، لم تبرأ ذمته، بل عليه أن يبرأ مما أخذ، وعلى اليد ما أخذت حتى تؤديه، الحنفية قالوا: العين المغصوبة إذا تغيرت معالمها للغاصب، ويضمن قيمتها، يقول ابن حزم ويرد عليهم ويقول: ليس في تعليم الظلمة أكثر من هذا، نعلم الظلمة أن يأكلوا أموال الأيتام، طيب وأموال غيرهم؟ مثلهم، لكن هو يصور بصورة تجعل القارئ يقتنع، ليس في تعليم الظلمة أكل أموال الناس أكثر من هذا، فيقال لكل فاسق: إذا أردت أخذ قمح يتيم أو أكل غنمه أو استحلال ثيابه تصرف بس، غير معالمها، اطحن القمح، اذبح الغنم، قطع الثياب وتصير لك، ثم بعد ذلك تضمن له القيمة، وفي هذا تعليم للظلمة. . . . . . . . .، وعلى كل حال تقوم بما تستحق، يضمن قيمتها إذا أتلفها، وإذا كان تصرفه مما يزيدها؛ لأنه أحياناً التصرف يزيدها، هذا القمح إذا طحنه هو مآله إلى الطحن يزيده، ومع ذلك يؤخذ منه ويدفع الأرش، يدفع أرش جنايته، ما بين السليم والصحيح، وينظر في مقصده ويعامل بنقيض قصده.

الحديث الذي يليه: يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "وعن رافع بن خديج -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((من زرع في أرض قوم بغير إذنهم فليس له من الزرع شيء وله نفقته)) ". الطالب. . . . . . . . . وش هذا؟ وش يصير؟ الطالب. . . . . . . . . طيب ولي الأمر ليس له أن يصنع هذا؟ لمن قام مقامه في الولاية ليس له أن يصنع مثل هذا أن يغرم الجاني ويدفع للمجني عليه؟ ليس له ذلك؟ يعني أليس لولي الأمر ما هو أعظم من ذلك؟ أقل الأحوال أن يكون تعزير، هاه؟ الطالب. . . . . . . . . لا لو قال المدعي: ما أريده، وأخذت هذه القصعة وأودعت بيت المال؛ لأن بعض الناس بغض النظر عن كون القصة لعائشة أو لغير عائشة، بعض الناس إذا تسومح معه يزيد، يتكرر منه هذا الأمر، يعزر، ولعل عائشة في القصة الثالثة هذه، ما يدرى عن قصتها مع حفصة ومع صفية. يقول: "وعن رافع بن خديج -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((من زرع في أرض قوم بغير إذنهم فليس له من الزرع شيء وله نفقته)) رواه أحمد والأربعة، وحسنه الترمذي". ويقال: إن البخاري ضعفه، البخاري نقل عنه الخطابي في معالم السنن أنه ضعف الحديث، ونقل عنه الترمذي في سننه أنه قال: حديث حسن، حسنه، وعلى كل حال أبو زرعة يرى أن فيه انقطاعاً، لم يسمعه عطاء من رافع بن خديج، ففيه انقطاع، وتضعيفه بسبب هذا، لكن له شواهد تقويه، فأقل أحواله أن يكون حسناً.

((من زرع في أرض قوم بغير إذنهم فليس له من الزرع شيء، وله نفقته)) هل يستوي الزارع قصداً والزارع جهلاً؟ هذا زرع بأرض قوم ويعرف بأن الأرض ليست له، وأنها لهؤلاء القوم، والآخر زرع في الأرض حرثها وزرعها يظنها أرضه، يظن هذه الأرض أرضه، وقل في مثل هذا في عمارة الأرض، جاء ليطبق الأرض فأخطاء فطبق الصك على أرض جاره، وعمرها وجاره ما يدري، يظنها لجاره، فلما انتهت العمارة وجاء التطبيق الحقيقي وجدت أرض الجار وأرضه بياض، ماذا نقول؟ يهدم الأرض أو يأخذ جاره أرضه بما بينهما من فرق؟ وإذا رفض الجار قال: لا أريد إلا أرضي ماذا يصنع؟ تقوم عليه العمارة أو تكون هدر أو تهدم؟ وهذا حاصل، حصلت، فما الصنيع؟ هنا يقول: ((من زرع في أرض قوم من غير إذنهم فليس له من الزرع شيء)) يعني من عمر ليس له من العمارة شيء ((وله نفقته)) أنفق على هذا الزرع والحب والماء والعمل يقوم هذا، افترضنا أن هذا الزرع مغله مائة ألف، ونفقته على هذا الزرع خمسين ألف، يستحق النفقة خمسين، وهذا ماشي في الزرع؛ لأن الربح يكون فيه ظاهر، في الغالب أن قيمة الزرع أكثر مما يتعب عليه في الغالب، لكن إذا عمر في هذه الأرض كلفته العمارة خمسمائة ألف، ثم صاحب الأرض الحقيقي لما دخل التخطيط ما يناسبه، هل نقول: ادفع الخمسمائة والعمارة لك، يقول: التخطيط ما يناسبني البتة، فهل يقال: مثل الزرع له نفقته ما أنفق على هذه العمارة وليس له غير ذلك؟ والعمارة لصاحب الأرض أو يختلف الأمر؟ وقد يكون المبلغ أقل لو تولاها صاحب الأرض، يقول: أنا لو عمرتها ما كانت ولا ثلاثمائة ألف، كيف أدفع خمسمائة والتخطيط لا يناسبني؟ فهل يقال: له ما أنفق ولك العمارة مثل ما لصاحب الزرع أم ماذا نقول؟ الطالب. . . . . . . . .

يبيع عليه الأرض، طيب وهذا الجار من هنا أخي، وهذا خالي وهذا عمي، ما أنا مدور غيرهم، أنا أبي أرضي، القضاء له نظر في مثل هذه المسائل، يعني إذا كان موجود ويراه يومياً، وهو يزاول العمارة ولا ينكر عليه هذا له حكم، وإن كان غائب عن البلد ولا عرف ولا علم إلا بعد أن حضر هذا له حكم، فمثل هذه الأمور اجتهادية؛ لأن الضرر فيها كبير، وإذا ظهرت علامات الصدق على هذا الذي تصرف في أرض غيره له حكم، وإذا لم تظهر عليه علامات الصدق صار غاصب غصباً واضحاً له حكم، فمثل هذه الأمور تقدر بقدرها. ((من زرع في أرض قوم بغير إذنهم فليس له من الزرع شيء، وله نفقته)) يعني إذا قدرنا أن الغلة تباع بمائة ألف، وأنفق عليها خمسين ألف، فلا يستحق إلا الخمسين والبقية لصاحب الأرض، لكن إذا زرع الأرض وغرسها، هو يحتاج إلى أن ينتظر الأرض لمدة سنة كي تنتج، وصاحب الأرض قد أدخل هذه الأرض إلى مكتب هندسي. طالب:. . . . . . . . . عندك. أقول: زرعها هذا قلنا له: انتظر يصير لك الزرع، وللعامل عمله، قال: أنا الآن أوراق الأرض هذه في مكتب هندسي، تخطط الأرض بنبيع، نسوي مخطط ونبيع، ماني منتظرها سنة، ماذا يقال للغاصب، الزارع بغير إذنه؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . لا هذا دخل الأرض مكتب هندسي وتخطط علشان تباع مخططات، أراضي سكنية، من يعوض؟ طالب:. . . . . . . . . الغاصب؟ كيف يعوضه؟ هاه؟ طالب:. . . . . . . . . يعني تترك؟ يترك حتى يتم الزرع؟ البلدية يشترطون عليه يخطط ويزفلت ويشتغل، كيف يبي يشتغل بالأرض وذا زارعها هذا؟ ليس لعرق ظالم حق، مثل هذه الصورة يقال مثل هذا، يعني كونه أخطأ يتحمل خطأه، كونه غصب يزاد عليه، يمكن يعزر إضافة إلى كونه يهدر صنيعه. ولذا في الحديث الذي يليه: "عن عروة بن الزبير -رضي الله عنه- قال: قال رجل من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إن رجلين اختصما إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في أرض غرس أحدهما فيها نخلاً والأرض للآخر، فقضى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالأرض لصاحبها، وأمر صاحب النخل أن يخرج نخله".

. . . يعني الحديث الأول ينزل على صورة، والحديث الثاني ينزل على صورة "وأمر صاحب النخل أن يخرج نخله، وقال: ((ليس لعرق ظالم حق)) " يقول: أنا تعبت، خسرت على الزرع، يقال: ما لك شيء، أنت الآن زرعت في أرض غيرك، يقول: والله ما دريت أن أحسبها لي، لا تحمل خطأك، تأكد تثبت، لكن إن كان يعرف أنه غاصب ومعتدي على غيره إضافة إلى ذلك يعزر. "رواه أبو داود، وإسناده حسن، وآخره عند أصحاب السنن من رواية عروة عن سعيد بن زيد، واختلف في وصله وإرساله، وفي تعيين صحابيه" وعلى كل حال أقل أحواله الحسن؛ لأن له طرق. عرفنا الفرق بين الحديثين، وأن الحديث الأول ينزل على صورة، والثاني ينزل على صورة، يعني الصورة الأولى: إذا كان صاحب الأرض لا يتضرر بالزرع، فحينئذٍ ينتظر ثمرة الزرع ويأخذ قيمة الثمرة، ويعطى ذاك ما تعب عليه، وفي الصورة الثانية: إذا كان صاحب الأرض يتضرر بالبقاء، فيقال لصاحب الزرع: شل زرعك، وأخرج زرعك. في الحديث الأخير في الباب: "وعن أبي بكرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال في خطبته يوم النحر في منى: ((إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا)) " الحديث في الصحيحين، ولو صدر به الباب لكان أولى لعمومه وشموله جميع أنواع الاعتداء على الأموال والأعراض والدماء.

عن أبي بكرة وهو نفيع بن الحارث -رضي الله تعالى عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال في خطبته يوم النحر، يوم العيد في منى في خطبته الشهيرة: ((إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم)) فلا تحل الدماء بحال إلا بحقها، ((وأعراضكم)) وكذلك الأعراض فلا يجوز انتهاكها بحال ((إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام)) وعطف هذه الأمور الثلاثة على بعض لأنها تشترك في التحريم، بل التحريم الشديد كل هذه من كبائر الذنوب ((إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام)) ثم شبهه هذا التحريم ((كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا)) اجتمع التحريم من ثلاثة وجوه، فهل يقال: إن المحرمات الثلاثة اليوم والشهر والبلد في مقابل المحرمات الثلاثة الدماء والأموال والأعراض؟ أو يقال: إن كل واحد من الثلاثة محرم كحرمة هذه الثلاثة؛ ليكون الأمر أشد؟ الذي يظهر أن كل واحد من هذه الأمور الثلاثة محرم كحرمة الأمور الثلاثة مجتمعة؛ لأن شأن الدماء عظيم ((ولا يزال المسلم في فسحة من دينه حتى يصيب دماً حراماً)) وجاء في آية النساء ما جاء من تعظيم شأن القتل، والأموال ((من قتل دون ماله فهو شهيد)) وكذلك العرض، فهذه من الضرورات التي جاءت الشرائع بحفظها، وتواطأت عليها، فلا يجوز لإنسان كائناً من كان أن يعتدي على أحد لا في دمه، ولا في ماله، ولا في عرضه، نسأل الله السلامة والعافية. طالب:. . . . . . . . . الزراعة في المسجد؟ يعنى يزرع شيئاً خاصاً به؟ بمعنى أنه يغرس نخل في المسجد فإذا أنتج هذا النخل أخذه له خاصاً به؟ نشوف بعض المساجد في رحابتها شيء من الزراعة، وفيها شيء من النخل، لكن الذي يظهر أن هذا مشاع لا يزرعه أحد لنفسه. الطالب. . . . . . . . . لا لا لنفسه لا يجوز؛ لأن المسجد لا يملكه. هذا السؤال من فرنسا يقول: أختي سوف تحتفل بعيد ميلادها في منزل أمي، وأنا أسكن عندها وطلبت أختي مني أن أساعدها في تحضير الطعام معها هل لي أن أساعدها أفيدوني -بارك الله فيكم- مع العلم إن لم أحضر ستحدث مشاكل. عيد الميلاد هذا متلقى من النصارى وغيرهم، فهو تشبه بهم، فلا يجوز بحال، وحينئذٍ لا يجوز التعاون عليه، ولا المشاركة فيه، بل ولا حضوره.

كتاب البيوع (16)

بلوغ المرام - كتاب البيوع (16) باب: الشفعة - باب: القراض الشيخ: عبد الكريم الخضير السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نقرأ ما كتبه بعض الإخوة بحروفه ثم نحكم. يقول: ألا ترى أنك تحبسنا بتقديم الفتوى والإجابات على الدرس ألا تعلم أننا منذ الفجر ونحن في شغل، والذي يحصل على راحة ساعة بين الظهرين قد فاز فوزاً عظيماً، فإن رأيت أن تعتقنا وتتصدق علينا بتقديم الدرس فإن الله يجزي المتصدقين؟ أقول: إذا كان مثل هذا الأسلوب هو نتيجة تربية ونتيجة جثو بين يدي مشايخ ونهل وعلم من كبار، إذا كان هذا الأسلوب هو نتيجة هذه التربية فالحقيقة مرة يعني، ألا ترى أنك تحبسنا؟! من الذي أوصد الأبواب؟ إذا كنت تعبان أو ما تستطيع لا تحضر يا أخي، والبدائل كثيرة، كثير من الإخوان يرجح الأسئلة على الدرس، وأنا أقصد أن أؤخر الدرس حتى يحضر من يحضر من الإخوان، والعدد يزيد الضعف إذا أخرنا الدرس، فإذا كان أحد عنده ظرف لا يستطيع المواصلة الحمد لله طلب العلم في مثل هذه الظروف نفل، بإمكانك أن تعوض في درس أخر، فهذا الأسلوب يعني لو قبلته أنا يمكن ما يقبله غيري، لكن من باب أدب طالب العلم، أين أدب الطلب؟ ألا ترى أنك تحبسنا؟! ألا تعتقنا؟! وش الكلام هذا؟ يعني هل أوصدت الأبواب دونك أن تخرج؟ أخرج يا أخي إذا كنت لا تتحمل الجلوس، ورغبة كثير من الإخوان تقديم الأسئلة حتى يتم العدد. يقول: من يحصل على راحة ساعة بين الظهرين فقد فاز فوزاً عظيماً، فإن رأيت أن تعتقنا وتتصدق علينا بتقديم الدرس فإن الله يجزي المتصدقين. لا شك أن مثل هذا الأسلوب يعني أسلوب وإن كان الباعث عليه الحرص على الدرس في الأصل الذي جاء من أجله لكن بغير هذا الأسلوب، بإمكانه أن يلتمس، ألا ترى من الأفضل أم كذا، المسألة مسألة عرض ما هي بمسألة .. ، بهذا الأسلوب ما يمشي بهذه الطريقة، ولن يجاب له طلب بهذه الطريقة.

هذا يقول: سألتكم عن البنك الذي أنذر مشتركيه بأخذ مبلغ اثنين ونصف إذا لم يجد في الحساب مبلغ ألف ريال، وهذا وصل بهذا الكلام، وجاء من البنك يقول: عزيزي العميل ابتداء من أغسطس (2005م) قد يخصم مبلغ ريالين ونصف سعودي أو ما يقابلها بالعملات الأجنبية لو قل معدل رصيدك الشهري عن مبلغ ألف ريال، أو ما يقابله بالعملات الأجنبية. لا بد من سؤالهم عن السبب، لا بد من الاستفصال والسؤال عن السبب. يقول: شخص أفطر في رمضان الماضي متعمداً، وقد من الله عليه بالتوبة الآن فماذا يجب عليه الآن؟ أفطر متعمداً أثم أثماً عظيماً؛ لأنه جاء في الحديث: ((من أفطر يوماً من رمضان من غير عذر لم يقضه صيام الدهر وإن صامه)) فالمسألة ليست بالسهل، تهاون بركن من أركان الإسلام ليس بالشيء الهين، وعلى كل حال عليه التوبة والاستغفار والقضاء. يقول: هل تجوز الفلاتر والإيقاعات البشرية بصوت شخص ثم تعدل بالجهاز أو تكرر وتوضع مع الأناشيد؟ فما حكمها؟ المحسنات الصوتية هذه إذا أدت ما تؤديه الآلات أخذت نفس الحكم. يقول: يستدل من يرى بعدم كفر تارك الصلاة من الشافعية والمالكية والحنفية بقول الله تعالى: {إِنَّ اللهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء} [(48) سورة النساء] والصلاة من دون الشرك، وقد يستدلون بحديث الشفاعة حيث يخرج النبي -صلى الله عليه وسلم- كل من قال: لا إله إلا الله، وحديث البطاقة ... إلى آخره. على كل حال هذه نصوص عامة، وجاء في الصلاة ما يخصها ((العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر)). يقول: ما رأيكم في تقديم الترحيب على السلام؟ وهل هناك فرق بين القادم على مجلس والجالس فيه؟ يعني هل يقول: مرحباً وعليكم السلام، أو يقول: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته مرحباً؟

على كل حال رد السلام لا بد منه، وهو واجب، رده واجب {وَإِذَا حُيِّيْتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا} [(86) سورة النساء] يعني أقل الأحوال ردها، وردها يحصل بما جاءت به النصوص، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، فإن اقتصر على مرحباً فجاء ما يدل على ذلك، على أن من أهل العلم من يقول: لا يجزئ الترحيب عن رد السلام؛ لأن عدم نقل رد السلام لا يعني عدم رده. يقول: حصل أن طلبت زوجتي مني الطلاق، فقلت لها: أطلقك على ألا تطالبيني بشيء، أي أن تسامحيني، فقالت: أسامحك، وكتبت ورقة بذلك وطلقتها، ثم عدت وراجعتها في وقت العدة، فهل هذا يعتبر طلاق أم خلع؟ مع العلم بأنني وهي في وقتها لم نكن نعلم بموضوع الخلع، واعتبرنا أن هذا طلاق. على كل حال إذا كانت تطلبه بمال في ذمته لها مال فهو خلع، إذا كان في ذمته لها مال يصح أن يكون صداقاً فهو خلع، وإن لم يكن مال فلا. هذا كأنه في مقابل ما ذُكر في أول الأمر يقول: إني أنا وكثير ممن أعرف من زملائي وطلابي نفرح كثيراً بمجلسكم ونرى أن أيامه عندنا أيام فرح ومجالس ذكر، والله يعلم أننا نتفرغ من كثير من المشاغل المهمة حرصاً على حضور الدرس إلى أن قال: ونستفيد من الأسئلة ومن الدرس، وعدد من الموجودين لو جلست لهم خمس ساعات في اليوم أو أكثر لفرحوا وما تبرموا ... إلى آخر كلام طيب ومناسب، يكون في مقابل ما ذُكر، هذا الكلام بمفرده لا يذكر، لكن في مقابل الأول ليعلم أن في الطلاب أدب، وفيهم -ولله الحمد- تقدير. يقول: ذهب بعض أهل العلم إلى تصحيح سماع أبي عبيدة من عبد الله بن مسعود لأنه أدرك كثيراً من أصحاب أبيه، فهذه قرائن تدل على سماعه فما صحة ذلك؟ وهل للقرائن أثر في إثبات سماع الراوي إن لم يكن هناك نص؟ نعم القرائن لها أثر، ويعمل بها أهل العلم لكن إذا لم تعارض النص، ونص على أنه لم يسمع من أبيه شيئاً. هذه يبي لهن درس كامل. طالب: هذه تؤكد خلاف رغبة الأخ، كثرة الأسئلة تؤكد. . . . . . . . . إيه ما في شك، معروف، لكن قراءة مثل هذه الأمور على الطلاب فيها فائدة. بعض الإخوان يكتب السؤال ثم يسأل شفوياً ويجاب وتكون المسألة خاصة فلا داعي لعرضها.

يقول: يرجو توجيه بعض النساء الحاضرات حيث يلاحظ عليهن تقصير في الحجاب. لا شك أن الحجاب مما افترضه الله -جل وعلا- على النساء {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ} [(59) سورة الأحزاب] ثم الآية التي تليها {لَئِن لَّمْ يَنتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ} [(60) سورة الأحزاب] فالحجاب أمر مفروض على المرأة المسلمة، والذي يطالب بنزعه يخشى أن يدخل في الآية التي تليها {لَئِن لَّمْ يَنتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ} [(60) سورة الأحزاب] ولا مصلحة لأحد في نزع الحجاب، اللهم إلا إرضاء الشهوة التي يريد -نسأل الله السلامة والعافية- التلذذ بمحارم المسلمين بواسطة ما يدعو إليه، فهؤلاء الذين يدعون إلى نزع الحجاب، أو يناقشون في الحجاب وليسوا من أهل العلم، والمسألة شرعية لا يتكلم فيها إلا أهل العلم، والذي يتكلم في مسائل لهوى في نفسه -نسأل الله العافية- هذا يخشى عليه أن يكون من أهل النفاق، فعلى المرأة المسلمة أن تلتزم بهذا الواجب الشرعي، وإذا كانت تحضر لعبادة، لطلب علم أو لصلاة مع أنه قد لوحظ على بعض من يحضر لصلاة التهجد، تحضر ولديها تقصير في هذا الواجب، ومع سائق أجنبي بدون محرم، هذا خلل في التصور، ويدل وإن كانت النوايا وما في القلوب لا يعلمه إلا علام الغيوب، لكن مع ذلك لا بد من مراجعة النفس، وأن هناك واجبات وهناك مندوبات، تقديم الواجب أهم، إذا لم تجد من يوصلها إلى المسجد أو إلى الدرس إلا شخص لا يجوز أن تركب معه منفردة حينئذٍ تقدم الواجب وهو القرار في البيت {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى} [(33) سورة الأحزاب] من تأتي لأمر مستحب وترتكب في سبيل هذا الأمر المستحب محظوراً هذا خلل في التصور، وضعف في التحصيل، فعلى المرأة أن تتقي الله -جل وعلا- لتكتب لها الأجور، وتكتب ممن تلتمس الطريق لتحصيل العلم ليسهل لها به الطريق إلى الجنة، والله المستعان. سم. بسم الله الرحمن الرحيم

باب: الشفعة

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. قال الحافظ ابن حجر العسقلاني -رحمه الله تعالى-: باب: الشفعة عن جابر بن عبد الله -رضي الله تعالى عنهما- قال: "قضى النبي -صلى الله عليه وسلم- بالشفعة في كل ما لم يقسم، فإذا وقعت الحدود، وصرفت الطرق فلا شفعة" متفق عليه، واللفظ للبخاري. وفي رواية مسلم: ((الشفعة في كل شرك أرض أو ربع أو حائط لا يصلح أن يبيع حتى يعرض على شريكه)) وفي رواية الطحاوي: "قضى النبي -صلى الله عليه وسلم- بالشفعة في كل شيء" ورجاله ثقات. وعن أنس بن مالك -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((جار الدار أحق بالدار)) رواه النسائي، وصححه ابن حبان، وله علة. وعن أبي رافع -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((الجار أحق بصقبه)) أخرجه البخاري، وفيه قصة. وعن جابر -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((الجار أحق بشفعة جاره، ينتظر بها وإن كان غائباً، إذا كان طريقهما واحداً)) رواه أحمد والأربعة، ورجاله ثقات. وعن ابن عمر -رضي الله تعالى عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((الشفعة كحل العقال)) رواه ابن ماجه والبزار، وزاد: ((ولا شفعة لغائب)) وإسناده ضعيف. الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: باب: الشفعة

والشفعة مأخوذة من الشفع ضد الفرد؛ لأن صاحب الشفعة يضم نصيب شريكه إلى نصيبه ليكون بذلك شفعاً، بعد أن كان نصيباً واحداً يكون له نصيبان، فنصيبه فرد، فإذا انضم إليه نصيب شريكه بالشفعة صار له شفع من الأنصبة، ويعرفونها في الاصطلاح: أنها انتقال حصة الشريك إلى شريكه بعد أن انتقلت إلى غيره، يشترك زيد وعمرو في أرض، أو في دار، ثم يبيع زيد على بكر نظراً لأن عمراً مظنه لئن يتضرر بشراكة بكر، أو هو بحاجة إلى هذا النصيب ليتوسع به فهو أولى به من غيره، أولى من الأجنبي، ولذا جاء تشريع هذا الحكم وهو أن لعمرو أن ينتزع حصة شريكه من بكر بقيمتها، بعضهم يقول: إن الشفعة جاءت على خلاف القياس؛ لأن القياس أن الإنسان حر يبيع نصيبه ممن شاء، فكونه يمنع من بيع نصيبه فهذا فيه تدخل في ماله الذي من مقتضى تمام ملكه أن يتصرف به التصرف التام، فجاءت الشفعة على خلاف القياس، لكن إذا نظر إليها من جهة أخرى، وهي أن صاحب النصيب الذي يريد البيع لا يتضرر بحال، لا يقال لزيد: أنت بعت نصيبك على بكر بمائة ألف، وصاحبك عمرو لا يملك مائة ألف، إنما يملك خمسين، وهو يستحق هذا النصيب بالخمسين نقول: نعم يتضرر، لكن إذا كان بنفس المبلغ يتضرر وإلا ما يتضرر؟ لا يتضرر، فالمائة إذا أخذها من عمرو أو من بكر لا تفرق، وفيها دفع لضرر الشريك، فهي جارية على القياس، إلا أن الضرر يزال من غير ضرر، لو كانت إزالة ضرر عمرو يترتب عليها ضرر على زيد قلنا: الضرر لا يزال بالضرر، وإنما تجب إزالته بغير ضرر. "عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- قال: "قضى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" قضى بمعنى حكم -عليه الصلاة والسلام- "بالشفعة في كل ما لم يقسم" في كل شيء لم يقسم، يعني من الأراضي والدور والرباع، فإذا وقعت الحدود، وصرفت الطرق فلا شفعة.

قضى: حكم وألزم -عليه الصلاة والسلام-، وحكمه من حكم الله -جل وعلا-؛ لأنه مبلغ عنه -عز وجل-، "قضى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالشفعة في كل ما لم يقسم" يعني في كل شيء لم يقسم، ويؤيد هذا العموم رواية الطحاوي: "قضى النبي -صلى الله عليه وسلم- بالشفعة في كل شيء" هذا اللفظ العام يدخل فيه العقار وغير العقار، اشترك اثنان في سيارة وأراد أحدهما أن يبيع نصيبه على ثالث فهل تثبت الشفعة للشريك أو لا تثبت؟ المسألة خلافية بين أهل العلم، منهم من يرى إجراء هذا اللفظ على عمومه، (كل) من صيغ العموم، و (ما) أيضاً كذلك، ورواية للطحاوي صريحة: "قضى بالشفعة في كل شيء" يعني من العقار والمنقول، لو اشترك اثنان في ثوب، وأراد أحد الشريكين أن يبيع على ثالث فالشريك الأولى أولى به من هذا الثالث، تبعاً أو أخذاً من عموم "في كل شيء" فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة، فإذا وقعت الحدود هل يمكن أن تقع الحدود في المنقول؟ حدود في ثوب؟ حدود في سيارة؟ حدود في دابة؟ لا، إذاً العموم الموجود يراد به الخصوص، بدليل قوله: ((إذا وقعت الحدود)) يعني مما يمكن أن تقع فيه الحدود، وصرفت الطرق فلا شفعة، اللفظ الأول يدخل فيه كل شيء، سواء كان مما يحد ومما لا يحد، لكن ما يليه مما رتب عليه بالفاء، وفرع عليه؛ لأن الفاء تربط الجملة الثانية بالأولى، فإذا وقعت الحدود، وصرفت الطرق فلا شفعة، إذاً قضى بالشفعة في كل ما لم يقسم مما يصح أن تقع فيه الحدود، وتصرف فيه الطرق.

"متفق عليه واللفظ للبخاري، وفي رواية مسلم: ((الشفعة في كل شرك)) " وهذا أيضاً عام، يعني لو قال: في كل شرك وسكت لقلنا: إنها تشمل المنقول ولا تختص بالعقار، ((الشفعة في كل شرك)) ثم بين المراد بالشرك ((في أرض أو ربع أو حائط)) الأرض معروفة، وهي الأرض البيضاء التي لم تعمر ولم تزرع، ((أو ربع)) المراد بهذا الدار، وقد تطلق على الأرض، ((أو حائط)) وهو البستان الذي سور عليه بحائط ((لا يصلح)) وفي لفظ: "لا يحل" يعني إحداهما اللفظ النبوي، والثانية رواية بالمعنى ((لا يصلح)) وفي رواية: "لا يحل" وهذه مسألة ننتبه لها، إحداهما اللفظ النبوي، والثانية رواية بالمعنى، ويمكن أن يقال: إن النبي -عليه الصلاة والسلام- حدث بالحديث مرتين، مرة قال: ((لا يصلح)) ومرة قال: ((لا يحل)) وعلى الاحتمالين: معنى لا يصلح إيش؟ لا يحل، وهذا لفظ مستعمل كثيراً، من أهل العلم من يتورع لأن معنى "لا يحل" يحرم، يعني قولنا: لا يحل هذا الأمر، أو ليس بحلال، أو غير حلال يعني حرام؛ لأن الذي يقابل الحلال هو الحرام، هو المقابل للحلال، فهل قولنا: لا يصلح كقولنا: لا يحل يعني حرام، بعض أهل العلم يتورع من إطلاق الحرام، فيخفف، بدلاً من أن يقول: حرام يقول: لا يجوز، وقد لا يبين له الحكم بياناً قاطعاً، فيقول: لا يصلح، هذا ما يصلح يا أخي، يُسأل عن مسألة ليس مرتاحاً للفتوى بها، أو يرى أن فيها نوع شبهة، ويريد أن يصرف السائل عنها من غير أن يتحمل مسئولية التحريم، فيقول: لا يصلح، ظاهر وإلا ما هو بظاهر؟ فهل نقول: إن من هذا الحديث أن مثل هذا الورع غير وارد، وأنه إذا عدل عن لا يحل أو يحرم إلى لا يصلح هل نقول: إنه ما تورع، وقع في نفس ما فر منه؟ أو على حسب فهمه هو وفهم السامع؟ يعني ما تلاحظون بعض من يفتي إذا لم يجزم بالتحريم يقول: هذا ما يصلح، أو هذا ما هو بزين؟ أو اترك هذا الأمر؟ أو ابحث عن أفضل منه؟ يتورعون عن إطلاق التحريم إذا لم يجزموا به، وكثيراً ما يقولون: هذا الأمر لا يصلح من باب الورع عن الجزم بالتحريم، وهنا في الحديث: لا يصلح، وفي لفظ: لا يحل، النبي -عليه الصلاة والسلام- قال إحداهما إن لم يكن قال الكلمتين، مرة هذه ومرة هذه، أو يكون قال

إحداهما والثانية تصرف فيها بعض الرواة فرووها بالمعنى، وهم أهل لغة يعرفون أن هذه معناها هذا، فإذا قال المفتي: "لا يصلح" يعني الإمام أحمد أثر عنه كلمات تدل على ورعه، يطلق بإزاء التحريم: لا يعجبني، لا يعجبني كذا، أو أكره كذا، كل هذا من باب التحري. هذا يقول: نرجو التنبيه على درس الخميس. نعم من باب ضع وتعجل، وغداً الشيخ انتهى ما عنده درس، والمغرب ما عندكم شيء، فيعجل درس الخميس إلى مغرب الغد، ونجمع جمع تقديم فيكون غداً -إن شاء الله تعالى- درس بالمغرب ودرس بعد العشاء، أما ضع وتعجل وتضعون لنا من الوقت نصف ساعة لننتهي في التاسعة -إن شاء الله تعالى-.

استعمال مثل هذه النصوص في مواطنها هذه ألفاظ شرعية ينبغي أن يكون الاصطلاح مطابق للألفاظ الشرعية، فكون المفتي يقول: هذا ما يصلح، وجاءت بإزاء ما يحل في لفظ شرعي في حديث نبوي، عليه أن يحتاط، وإن كان في قرارة نفسه أن كلمة: لا يصلح أقل وأخف من "لا يحل"، فضلاً عن "يحرم"، والسائل قد يفهم هذا، لكن ينبغي أن تقيد الاصطلاحات بالألفاظ الشرعية، "لا يصلح" وفي لفظ: "لا يحل" وإذا كان الأمر لا يحل فهو حرام؛ لأن الذي يقابل الحلال هو الحرام {وَلاَ تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلاَلٌ وَهَذَا حَرَامٌ} [(116) سورة النحل] {وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ} [(157) سورة الأعراف] فالذي يقابل الحلال هو الحرام، لا يحل أن يبيع حتى يعرض على شريكه، يقول لشريكه: أنا أريد البيع، فهل لك رغبة أو لا؟ فإن كانت له رغبة باع عليه وهو أولى الناس بهذه الحصة، لكن إذا قال: ما لي رغبة، عرض عليه أولاً فقال: لا رغبة لي بهذه الحصة، ثم وضع عند مكتب عقاري .. ، قال: لا رغبة لي لأنه توقع أن تباع أو يطلب فيها مبلغ كبير، أو بالفعل يطلب، تريد أن تشتري نصيبي قال: نعم، بكم؟ قال: بمائة ألف، فلما وضعه بالمكتب العقاري ما جاب إلا خمسين، وقال للمكتب: بع على طرف ثالث، حينئذٍ يعرض عليه بالخمسين؛ لأن له رغبة، له رغبة يعرض عليه بالخمسين إن أعجبه وإلا باعها لغيره، يكون حينئذٍ في حل، لكن إذا قال: والله ما دام ما له رغبة في الأول أنا ما لي رغبة في الثاني، ما دام ما هو بشارٍ بحدي أبيع على غيره، يسقط حق الشريك في قوله: لا رغبة لي، يعني لا رغبة لي مشروطة بهذه القيمة المطلوبة، ما هو بهذا مراده؟ لا رغبة لي يعني بهذه القيمة المطلوبة، فيعرض عليه بالقيمة الأخرى، فإن كانت له رغبة فهو أولى الناس، لا يحل أن يبيعها حتى يعرض على شريكه.

"وفي رواية الطحاوي في شرح معاني الآثار: "قضى النبي -صلى الله عليه وسلم- بالشفعة في كل شيء" وعرفنا أن هذا العموم يراد به الخصوص، بدليل ما جاء من قوله: ((فإذا وقعت الحدود، وصرفت الطرق)) ((في كل شرك أو أرض أو ربع أو حائط)) لكن هل ما أشير إليه من الأمثلة أرض أو ربع أو حائط أمثلة حاصرة بمعنى أن الشرك لا يتعدى إلى غيرها أو أن هذا مجرد تمثيل؟ هذا مجرد تمثيل أو نقول: هذه قسمة حاصرة وما في شيء في الشرك غير الثلاثة؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . هو في هذا قد يفهم من التمثيل، لكن ((فإذا وقعت الحدود، صرفت الطرق فلا شفعة)) يدل على أن في كل ما لم يقسم يراد به ما يمكن أن يحد، وتصرف طرقه، واللفظ الذي رواه الطحاوي: ((في كل شيء)) يحمله بعض أهل العلم على عمومه، فيجعل الشفعة في كل شيء، حتى في المكيل والموزون، الذي لا ضرر في قسمته، بينك وبين شخص أخر مائة صاع من البر أو من التمر كل واحد له خمسين، فإذا أراد أن يبيع قلت له: أنا أحق به، أنت والأجنبي واحد ما تتضرر إذا قسمت، الشفعة لا شك أنها من باب الرفق بالشريك، فهل تختص بالمسلم؟ إذا كان له شريك ذمي وأراد أن يبيع على مسلم وقال: المسلم أحق بنصيبي من هذا الذمي، ولا يمكن أن يعطى الذمي مثلما للمسلم، وأن يساويه في كل شيء؛ لأن الإسلام يعلو ولا يعلى عليه، فإذا كان الطرف الآخر مسلم قدم عليه، من أهل العلم من يرى أن مثل هذه الحقوق خاصة بالمسلمين، ومنهم من يرى أنه إذا جاز أن يملك الذمي جاز أن يشفع، يعني في البلاد التي يملك فيها الذمي تجوز له الشفعة، إذا أراد الشريك أن يبيع على أخيه الأكبر، يبيع نصيبه على أخيه الأكبر، وله عليه حق، يعني لو كان مريد الشراء الأب، الأب له أن يتملك من مال ولده، ومال ولده ماله، فإذا أراد أن يبيع على أخيه، يقول: والله أنا نصيبي يبيه أخي، هل هو أحق من الشريك أو ليس بأحق؟ يعني هل النص يشمل جميع من يريد الشراء حتى الأخ والعم والخال؟ لأن لو قلنا: الأب الأب له أن يتملك نصيب ولده من دون مقابل، هذا حق شرعي للشريك، فيقدم على كل أحد. يقول في الحديث الذي يليه:

"وعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((جار الدار أحق بالدار)) رواه النسائي، وصححه ابن حبان، وله علة" عن أنس قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((جار الدر أحق بالدار)) رواه النسائي، وصححه ابن حبان، وله علة، رواه النسائي في السنن الكبرى، وخرجه ابن حبان مصححاً له، وله علة، وهي أنه اختلف فيه هل هو من حديث أنس أو من حديث سمرة؟ هل هو عن قتادة عن أنس أو عن الحسن عن سمرة؟ ولا شك أن مثل هذا اختلاف مؤثر، وقالوا: المحفوظ أنه من حديث الحسن عن سمرة، ومعروف الكلام في حديث الحسن عن سمرة، وإن كان من الحفاظ من قال: إنه صحيح من الطريقين، يعني هو مروي عن قتادة عن أنس، ومروي أيضاً عن الحسن عن سمرة، وعلى كل حال الحديث لا بأس به، وله ما يشهد له.

حديث أبي رافع -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((الجار أحق بصقبه)) ومخرج في البخاري ((الجار أحق بصقبه)) جار الدار أحق بالدار، والجار أحق بصقبه، والصقب سئل عنه الأصمعي، فقيل له: ما الصقب؟ فقال: أنا لا أفسر حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وإنما العرب تزعم أن الصقب هو اللصيق، يعني الجار الملاصق، لماذا يقول الأصمعي: أنا لا أفسر حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وإنما العرب تزعم كذا؟ والرسول -عليه الصلاة والسلام- عربي يتكلم العربية، لماذا؟ لأن هناك حقائق شرعية، وحقائق لغوية، فإذا أدرك الأصمعي الحقيقة اللغوية قد لا يدرك الحقيقة الشرعية، ولذا يؤكد أهل العلم على أنه يجب على طالب العلم أن يتحرى في تفسير الكتاب والسنة؛ لأنه في تفسير الكتاب والسنة إذا جزم بذلك يكون جزماً بأن هذا مراد الله -جل وعلا-، وهذا مراد رسوله، وإذا لم يكن لديه علم يكون قد قال على الله بغير علم، وقال على رسوله -عليه الصلاة والسلام- بغير علم، لكن إذا أورد ذلك على سبيل الترجي، وقال: لعل المراد كذا بغير جزم فالأمر فيه سعة، لكن يبقى أن تفسير النصوص من الكتاب والسنة هو لأهل العلم الذين يجمعون بين العناية بالكتاب والسنة مع العلم باللغة، فيقولون: غريب الحديث لا يتكلم فيه كل أحد، ولو كان محدث ما يتكلم فيه، ولو كان لغوياً ما يتكلم في غريب الحديث إلا إذا كان جامعاً بين الأمرين، لا بد أن يجمع بين الحديث واللغة، لماذا؟ أنت تأتي إلى الصقب مثلاً وتذهب إلى لسان العرب فتجد أن العرب أطلقت الصقب بإزاء كذا وكذا وكذا، عشرة معاني، فإذا كان ما لك عناية بالحديث لتعرف تنزيل هذه الكلمة في هذا السياق على هذا المعنى من هذه المعاني، يمكن تضل تختار معنى ليس هو المراد من المعاني التي ذكرت في كتب اللغة، فلا بد أن يكون الذي يتكلم في غريب الحديث أن يكون جامعاً بين علم السنة وعلم اللغة، وأهل العلم يؤكدون على هذا، ولذا الأصمعي من ورعه قال: أنا لا أتكلم أو أنا لا أفسر حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ولكن العرب تزعم أن الصقب اللصيق، يعني الملاصق.

((الجار أحق بصقبه)) والحديث لا كلام فيه، وفيه قصة، القصة قال أبو رافع للمسور بن مخرمة: ألا تأمر هذا -يشير إلى سعد- أن يشتري مني بيتي اللذين في داره، فقال له سعد: والله لا أزيدك على أربعمائة دينار مقطعة أو منجمة، فقال أبو رافع: سبحان الله، والله لقد منعتهما من خمسمائة نقداً، فلولا أني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((الجار أحق بصقبه)) ما بعتك، الآن نازل بمائة، مائة دينار ذهب، ومنجمة ليست نقداً، خمسمائة نقد أو أربعمائة مقسطة، يعني العكس مقبول، لكن كل هذا من باب إتباع الصحابة -رضوان الله عليهم- لما جاء عن الأسوة والقدوة -عليه الصلاة والسلام-، ليس لأحد خيرة من أمره، ونحن نقدم على الشيء الذي لا ضرر فيه علينا، ولا نقول: فيه شبهة، أحياناً يكون فيه محرم واضح، ويقدم عليه المسلم ويقول: الله غفور رحيم، ويتذرع ويعتذر بأعذار وأن فلان قال، وفلان سهل بكذا، فلان يسر بكذا، لا يا أخي، أمر الدنيا أهون من أمر الآخرة، فأبو رافع قال للمسور بن مخرمة ليتوسط له عند سعد أن يشتري منه بيتين اللذين في داره، البيت ما هو؟ والدار ما هي؟ هل نقول: إن البيتين يعني غرفتين في دار واسعة فيها غرف كثيرة؟ أو نقول: البيتين منزلين في حي؟ يعني جاء في الحديث الصحيح: ((خير دور الأنصار)) يعني أحياء الأنصار، وأمر بالمساجد في الدور أن تبنى وتطيب، يعني في الأحياء، فهل هما بيتان؟ يعني مسكنان في حي لسعد؟ أو هما جزاءن من بيته وإن كان له نوع استقلال إلا أنه يشملهما الاسم الأعم وهي دار سعد؟ ماذا نستفيد من هذا الكلام؟ لأنه إذا قلنا: الدار الحي قلنا: إنها بيوت منفصلة منها هاتان الداران في حي لسعد، يعني مشروع سكني فيه لأبي رافع داران، إذاً فهم الحديث، أولاً قصة الحديث وسبب الحديث؛ لأن عندنا سبب ورود وسبب إيراد، الذي عندنا في قصة أبي رافع مع سعد سبب لإيراد الحديث، سبب لإيراد الحديث يعني سبق أن أشرنا إليه، وأما سبب ورود الحديث وهو السبب الباعث للنبي -عليه الصلاة والسلام- أن يقول الحديث، هذا سبب الورود، وهذا سبب إيراد، فهل نقول: إن أبا رافع له بيتان مستقلان في حي سعد؟ أو نقول: له داران يعني غرفتان بمنافعها في دار سعد

الكبيرة المشتملة على أجنحة مثلاً، في حكم الأجنحة، ومثل هذا يحدد لنا الأحقية هنا، يعني لو مشروع سكني بعض الناس يعمر مشروع سكني فيه عشرين مسكن، ويجعل سور وبوابة ثم يرى أن العشرين ليس بحاجة إليها كلها، فيبيع منها على فلان وعلى فلان خمس عشر ويترك ما يحتاجه لأولاده بعد ذلك يكبر الأولاد الصغار ويحتاجون إلى هذه الدور، ثم يريد البيع واحد من هؤلاء، فيأتي صاحب المشروع لمن يريد البيع فيقول: أنا أحق به من غيري، وهي أمور منفصلة، الطرق منفصلة، ومصرفة، ولا فيها أدنى اشتراك بينها، هل نقول: إنك أحق من غيرك؟ صاحب المشروع المسور الذي فيه بوابة وباع على فلان وعلان ناس ليسوا من أقاربه ولا من معارفه، واحتاج هذا البيت لواحد من أولاده، كبر وتزوج وأراد أن يخرج عن بيت والده هل نقول: له أن يشفع أو ليس له ذلك؟ كل هذا مبني على فهم معنى البيت والدار، ولا شك أن الدار تطلق على الغرفة، كما أنها تطلق على ما هو أعم من ذلك، أو نحتاج إلى النصوص الأخرى؟ مثل ما تقدم، ((فإذا وقعت الحدود، وصرفت الطرق فلا شفعة)) الآن الجار الذي لا يشترك مع جاره في شيء إلا مجرد الجوار، وعندك جار يشترك مع جاره الممر واحد، يعني الشارع، الممر كان أحياناً يقل عن متر بين البيتين، فمثل هذا يتأذى صاحب الدار بوجود جار أجنبي له، ألا يتأذى؟ إذا خرجت المرأة لا بد أن يرجع الرجال حتى تنتهي من هذا الممر، أو تدخل في بيتها حتى يدخل في بيته، هذا فيه اشتراك في ممر، هنا أنواع من الاشتراك حدثت الآن، اشتراك في عداد كهرباء، اشتراك في بيارة مثلاً، أنواع الاشتراك كثرت، فمثل هذا يوجد الضرر بين الجيران، فهذا مبرر لإثبات الشفعة، أما إذا لا يوجد مبرر لإثبات الشفعة، يعني وجود هذا الجار أو زيد أو عبيد أو أخر صرفت الطرق، وعرفت الحدود، ولا ارتباط لأحدهما بالآخر فيطبق الحديث الأول ((فإذا وقعت الحدود، وصرفت الطرق فلا شفعة)) وإذا وجد الاشتراك في الممر أو أي شيء يمكن أن يحصل فيه إشكال يتضرر به الجار مع جاره فمثل هذا ينزل الحديث ((الجار أحق بصقبه)) ولذا جاء في الحديث الذي يليه يقول: وعن جابر -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الجار أحق بشفعة

جاره ينتظر بها وإن كان غائباً إذا كان طريقهما واحداً)) رواه أحمد والأربعة، ورجاله ثقات، صحيح الحديث، والقيد مفيد إذا كان طريقهما واحداً؛ لأن ((الجار أحق بصقبه)) عمومه يقتضي كل جار أولى من غيره، والحديث الأول ((فإذا وقعت الحدود، وصرفت الطرق فلا شفعة)) يقتضي أن لا شفعة للجار، والثاني: يقتضي الشفعة لعموم الجيران، والثالث: إذا كان طريقهما واحد، يعني إذا وجد الاشتراك يتضرر به أحد الجارين، فإذا وجد هذا الاشتراك لا سيما الممر والذي أدرك المنازل قبل هذا التوسع العمراني، وقبل التخطيط يعرف مثل هذه الأمور، الأزقة قد لا تزيد على متر واحد، فمثل هذا إذا كان هذا الممر فيه دار وجار واحد يمين وواحد يسار لا شك أن كل واحد يتضرر، يعني إذا فتح الباب أمام هذا الباب وليس بينهما إلا متر واحد بإمكان الجار ينظر إلى أقصى الدار فيتضرر، وهو مار يريد الدخول إلى بيته إذا التفت يمين أو شمال كشف البيوت؛ لأنه ما في مسافة، والبيوت ما فيها فرصة لئن تصرف تصريف يحجب البصر، يعني أدركنا البيوت إلى الآن موجودة قائمة بيوت مساحة البيت خمسين متر، وكان فيه أسرة عائلة، وموجود هذا، ما أدري الأحياء القديمة هنا فيها من هذا النوع أو لا؟ وإلا في نجد موجود بكثرة، وفي الحجاز أيضاً بيوت من خمسين متر، وبعض القرى التي تهدمت من السيول البيوت القديمة يعني تجزم بأنها ما .. ، يعني بعض الناس الآن البيت هذا كله ما يكفيه غرفة نوم؛ لأن بعض القرى شوف ما في شيء قائم من السيول سوتها بالأرض ما يقوم إلا مكان كنز التمر، الذي يسمونه الجصة، نعم هذه بمقدار متر ارتفاع بنصف متر عرض من الجهات تجد بين هذه الجصة والتي تليها خمسة أمتار، هذه في بيت وهذه في بيت، الدنيا ما كانت تستولي على قلوب الناس، المسألة مسألة ممر ((كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل)) كان إلى وقت قريب وهذا معمول به وبالإمكان أن يقف عند باب المسجد ويقول: أعان الله من يعين ويجتمعون ويبنون البيت بثلاثة أيام، أربعة، أو في أسبوع ويسكن، ولا يكلفه شيء، ابن عمر في أسبوع بنى بيته بنفسه، فمثل هذه البيوت التي تتضرر بالجيران بالفعل، يعني السطح يحتاجونه في الصيف، وما بين السطح والسطح إلا

شيء يسير، فيتضرر هذا الجار فيستحق شفعة، وهو أولى من غيره إذا أراد شراءه، فهو أولى به من غيره، ولذا قال في الحديث: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((الجار أحق بشفعة جاره ينتظر بها وإن كان غائباً إذا كان طريقهما واحداً)) طيب هذا غائب ولا اتصالات ولا يمكن ما يدرى متى يجي، وهذا محتاج إلى قيمة البيت، يريد أن يبيع ينتظر جاره كم شهر؟ إلى متى ينتظر جاره؟ الضرر لا يزال بضرر، إذا كان مضطراً إلى قيمته فالضرر لا يزال بالضرر، وإن كان الحديث فيه النص على الانتظار لكن لا بد أن يكون إلى أمد لا يتضرر به صاحب البيت، وإن انتظره إلى أن يحضر امتثالاً لتطبيق هذا الحديث فلا شك أنه أولى، يعني كما يضرب مدة للخصم، يضرب مدة للزوج للغائب، يضرب مدة لكذا، الحاكم يضرب مدة لهذا الجار الغائب؛ لئلا يتضرر جاره، وعلى كل حال الإشكالات في الأحاديث المتداخلة بعضها يحل بعض. الحديث الذي يليه وهو "عن ابن عمر -رضي الله عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((الشفعة كحل العقال)) رواه ابن ماجه والبزار وزاد: ((ولا شفعة لغائب)) " وإسناده ضعيف، بل ضعيف جداً ((الشفعة كحل العقال)) يعني أنها يبادر بها، العقال الذي يربط به يد البعير لئلا يشرد، والغالب أنه يجعل أنشوطة، إيش معنى أنشوطة؟ يعني بمعنى أنه يربط بطريقة -وكلكم تعرفونها- بحيث إذا نشطت إذا جرت انحلت، فمجرد حل هذا العقال الشفعة تشبه به، بمعنى أنه مجرد ما يسمع أن فلان باع لا بد أن يشفع هذا، وإلا يضيع حقه، لكن هذا الحديث ضعيف جداً، والشفعة حق من الحقوق لا تسقط إلا بما يدل على عدول الشافع عنها، من أهل العلم أنها على الفور أخذاً بهذا الحديث، ولهم تقادير في المدة التي يسقط بها، لكن إذا ضعف الحديث فلا داعي للارتباط به.

باب: القراض

هناك ألفاظ منكرة يذكرها بعض الفقهاء، ذكرها البيهقي وعقد لها باباً في السنن الكبرى، فقال .. عد منها: ((الشفعة كحل العقال)) يعني لفظ منكر، ((ولا شفعة لصبي ولا لغائب)) والحديث السابق يرد، و ((الشفعة لا ترث ولا تورث)) و ((الصبي على شفعته حتى يدرك)) يعني حتى يبلغ، ينتظر بها حتى يبلغ، و ((لا شفعة لنصراني)) و ((ليس لليهودي ولا للنصراني شفعة)) المقصود أن هذه ألفاظ ذكرها البيهقي في سننه، وهي ألفاظ منكرة، نعم. وقال الحافظ أيضاً: باب: القراض عن صهيب -رضي الله تعالى عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم-: قال: ((ثلاث فيهن البركة: البيع إلى أجل، والمقراضة، وخلط البر بالشعير للبيت لا للبيع)) رواه ابن ماجه بإسناد ضعيف. وعن حكيم بن حزام -رضي الله تعالى عنه- أنه كان يشترط على الرجل إذا أعطاه مالاً مقارضة: أن لا تجعل مالي في كبد رطبة، ولا تحمله في بحر، ولا تنزل به في بطن مسيل، فإن فعلت شيئاً من ذلك فقد ضمنت مالي. رواه الدارقطني، ورجاله ثقات. وقال مالك في الموطأ: عن العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب عن أبيه عن جده أنه عمل في مال لعثمان على أن الربح بينهما، وهو موقوف صحيح. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: باب: القراض

القراض أن يتفق اثنان يكون المال من أحدهما والعمل من الآخر، وتسمى مضاربة، يعني في لغة أهل الحجاز قراض، وفي لغة غيرهم مضاربة، مأخوذة من الضرب في الأرض وهو السفر؛ لأن هذه المعاملة في الغالب تحتاج إلى سفر، من الضرب في الأرض، فالمضاربة والقراض بمعنى واحد، يتفق اثنان على أن يكون من أحدهما المال، والثاني عليه العمل، هذه مضاربة وقراض، هذا النوع من المعاملة موجود قديماً وحديثاً، وتشريع مثل هذا النوع وهو نوع من الشركة لا شك أن فيه مصلحة لجميع الأطراف، فقد يكون صاحب المال لا يحسن التجارة، وقد يكون مشغولاً بغيرها، منشغلاً عنها بتعلم أو بتعليم أو ما أشبه ذلك، وقد يكون مؤثراً للراحة، فماله يخدمه، والآخر قد يحسن التجارة، وعنده وقت، ولديه جلد، ومحب للعمل لكنه لا مال له، فإذا اشترك هذا مع هذا على أن يكون الربح بينهما هذا عين المصلحة، لكن لا بد أن يكون من أحدهما شيء، والثاني منه شيء أخر، أما أن يشترك على لا شيء، ويتفق على لا شيء، هذا لا يجوز، يعني لو جاء شخص واشترك مع شخص قال: أنا أكفلك وتشتغل باسمي، مني الاسم ومنك العمل، هذه شركة وإلا لا؟ هذه ليست بشركة، هذا أكل أموال الناس بالباطل وليست بشركة، والعلماء يفتون بتحريمها من وجوه، والأنظمة تمنعها، وعلى كل حال لا بد أن يوجد في مقابل المال الذي يأخذه جهد إما بدني أو مالي، هذا النوع من الشركة فيه قضاء على البطالة التي يتذمر منها ويشكو كثير من المجتمعات، فإذا تعاون الناس بمثل هذه الطريقة استفاد الكل، استفاد صاحب المال نمو المال، واستفاد صاحب العمل عمل وربح يتقوت منه، فلا يكون عالة يتكفف الناس. يقول -رحمه الله تعالى-:

"عن صهيب -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((ثلاث فيهن البركة: البيع إلى أجل، والمقارضة، وخلط البر بالشعير للبيت لا للبيع)) رواه ابن ماجه بإسناد ضعيف جداً" وذكره ابن الجوزي في الموضوعات، لكنه ضعيف، لا يصل إلى حد الوضع لكنه ضعيف لا يبنى عليه حكم، لكن الأمور المذكورة البيع إلى أجل من حيث الحكم الشرعي حلال أو ليس بحلال؟ {إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ} [(282) سورة البقرة] حلال بالإجماع، البيع إلى أجل، المقارضة أيضاً أجمع العلماء على جوازها التي هي المضاربة، وخلط البر بالشعير يجوز وإلا ما يجوز؟ يجوز، اتفاقاً يجوز، للبيت لا للبيع، نأتي إلى بركة البيع إلى أجل، انتهينا من كون الحديث يعول عليه في إثبات هذا الحكم، لكن هل فيه بركة البيع إلى أجل؟ البيع إلى أجل فيه تيسير على المشتري، وفيه أيضاً إن زيد في قيمة السلعة ربح للبائع، فالبركة من هذه الحيثية صحيحة، ولو لم يثبت الخبر، المقارضة يعني كون الناس يتشاركون على هذا النوع من الشركة، يجتمعون على هذا النوع هذا عنده مال وهذا عنده جهد وعنده فراغ، وعنده خبرة يتعاونان فيسخر هذا المال ويعمل بهذا المال ما يدر على الطرفين، فلا شك أن فيها شيء من البركة؛ لأن صاحب المال يستفيد الربح إن وجد، والعاطل الذي لا مال له يستفيد من كده ويربح بسببه.

((وخلط البر بالشعير للبيت لا للبيع)) من أجل إيش؟ يعني البر غالي الثمن والشعير رخيص، فإذا خلط هذا بهذا فبدلاً من أن يشتري طعام من البر لمدة سنة بألف يشتري بخمسمائة بر أو بمائة شعير، ويكفيه ستمائة بدل من الألف، وأيضاً البركة من جهة أخرى، الطعام الجيد في الغالب ينفذ بسرعة، صح وإلا لا؟ لماذا؟ يؤكل، لكن إذا خلط بغيره ونزلت جودته عن مائة بالمائة إلى ثمانين بالمائة، بدل من أن يؤكل الطعام بشهر يؤكل بشهرين، والنبي -عليه الصلاة والسلام- أكل الشعير، وخبز الشعير، والله المستعان، يعني هذا ما يضير الإنسان أن يأخذ نوع من غير الجيد، لكن ما يقال له: تأكل شيء لا تسيغه، لا، لا يلزم بأكل شيء لا يسيغه، لكن لو تواضع وأكل من الأقل مما يسيغه كان طيب، وتحصل البركة حينئذٍ من جهات، وكان في البادية يفضلون بعض الأنواع من التمر الأقل على النوع الأجود، بحيث كانوا يغشون بالجيد، يغشون بالسكري الجيد، ليش؟ لأن السكري ينتهي بسرعة، فيأخذون من النوع الأقل ليمتد مدة طويلة، ومنه هذا النوع، للبيت لا للبيع، نعم تأكل أنت الأقل، تستعمله لنفسك لا بأس، ما لم يكن بخل أو شح أو تقتير على النفس، هذا شيء أخر، لكن من باب التواضع، ومن باب الصدقة بالقدر الزائد مثلاً، أو التوسع به في أمور أخرى لمقاصد حسنة مطلوب هذا، نظير هذا خلط اللبن بالماء، يعني للشرب يكثر وبحيث يشرب الجميع من أهل البيت لكن للبيع؟ لا، خلط البر بالشعير للبيع غش، خلط اللبن بالماء للبيع أيضاً غش فلا يجوز، وعلى كل حال هذه الأمور بالتجربة ثبتت بركتها، لكن لا يعني أن الخبر والحديث صحيح ولا ثابت. والحديث الذي يليه:

عن حكيم بن حزام -رضي الله عنه- أنه كان يشترط على الرجل إذا أعطاه مالاً مقارضة أن لا تجعل مالي في كبد رطبة، ولا تحمله في بحر، ولا تنزل به في بطن مسيل، فإن فعلت شيئاً من ذلك فقد ضمنت مالي. هذا المضارب الذي دفع المال، ومن باب الاحتياط له أن يشترط على صاحبه أن لا يعرض المال للتلف، فيشترط عليه، كونه يشترط عليه أن لا يبيع سلع محرمة هذا أمر مفروغ منه، لا بد إذا غلب على ظنه، أو خطر على باله أن هذا الشخص يمكن أن يتساهل ويبيع أشياء محرمة لا بد أن يشترط عليه، وقل مثل هذا في المستأجر، إذا جاء شخص يستأجر محل، أو يستأجر بيت وخشيت يعني دلت القرائن على أنه يمكن أن يستعمل البيت هذا في أمور لا تجوز عليك أن تشترط، لا بد أن تشترط لئلا تكون متعاوناً مع هذا الشخص على الإثم والعدوان، حكيم بن حزام وهو على اسمه في باب التجارة حكيم، كان يشترط على الرجل إذا أعطاه مالاً مقارضة يعني يدفع مالاً لمن يضارب به، ويكون الربح بينهما مقارضة، يعني مضاربة أن لا تجعل مالي في كبد رطبة، عرضة لأن تموت، تقول: أشتري بهذا المليون الذي أعطيتني أبل، قد تموت، اشتري غنم تموت، بقر تموت، وإلا الشواهد كثيرة، يعني إذا جاءت الباخرة فيها نسبة كبيرة ميتة، فمن هذا الباب يشترط عليه، فضلاً عن أن تكون هذه السلعة من السلع الغالية، يعني يعطيه مثلاً مليون يشتري له اثنين من الإبل على خمسمائة ألف، واحد قرصته حية ومات، وواحد كثر الأكل ومات وانتهى المليون، لكن لو اشترى بهذا المليون عشرة آلاف نسخة من فتح الباري مثلاً، ما تموت، تبقى يعني، يعني لو جاءها رطوبة جاءها شيء لكن يبقى شيء كثير، لكن هذا البعير الذي اشتري بنصف مليون قرصته حية ومات وانتهى الإشكال، من أجل هذا كانوا يتخوفون مما يتعرض للموت. "ولا تحمله في بحر" جاءت الباخرة وهي محملة بالبضائع لفلان غرقت وانتهى خلاص، غرقت الباخرة، لكن في تريلات في سيارات انقلبت التريلة وانقلب القطار تبقى المواد موجودة، ما هو مثل الغرق، يعني شيء دون شيء، يعني تلف دون تلف.

"ولا تنزل به بطن مسيل" يعني مجرى السيل في الوادي، وهذا خطر، فلا تجعل فيه لا الأرواح، لا ينام الإنسان في بطن مسيل، ولا مجرى وادي، ولا يعمر مسكن في بطن مسيل ولا وادي، ولا يجعل بضاعته في هذا المكان؛ لأن السيل يأتيه بغتة، ثم بعد ذلك يقضي عليه، وبعض الناس ما عندهم خبرة، يريد أن يؤمن مسكن، وعمر كثير من الناس في أودية فلما جاءت السيول غرقوا، وطمرت السيول بيوتهم، لكن المسئولية على من؟ على أهل الخبرة من البلدية وغيرهم، ما تعطي تراخيص في مثل هذه الأماكن، وإلا الناس كثير منهم ما يحسب حساب، ومُثل خصمان أمام قاضٍ فقال المدعي: إن هذا اعتدى على شيء من أرضي، وأخذ من الوادي أيضاً، قال: أنت طالب بأرضك والوادي يأخذ حقه، أنت ما لك إلا تطالب أرضك، وبالفعل لما جاء الوادي ضف وشال كل ما أمامه، فمثل هذا لا شك أنه خطر، وجعل الأموال في هذا المكان مخاطرة وتعريض للمال للتهلكة. "فإن فعلت شيئاً من ذلك فقد ضمنت مالي" يعني عليك أن تضمن، أنا الآن أشترط عليك أن لا تضع المال في هذه الأشياء التي تتلفها جملة، أما التلف الجزئي يوجد، وفي جميع البضائع، وفي جميع الظروف والأحوال يوجد التلف الجزئي، لكن شيء دون شيء، التلف الجزئي أسهل من أن تتلف البضاعة بكاملها. "رواه الدارقطني، ورجاله ثقات" بل سنده في غاية الصحة. "وقال مالك في الموطأ عن العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب عن أبيه عن جده أنه عمل في مال لعثمان على أن الربح بينهما، وهو موقوف صحيح" وهذا دليل على أنه المضاربة موجودة في عصر الصحابة من غير نكير، وفعلها الخليفة الراشد، فهي جائزة لا إشكال فيها، وهي مجمع عليها، ونقل الإجماع عليها. الطالب:. . . . . . . . . لا لا، هذه ما هي مضاربة، هذا نصب واحتيال. الطالب:. . . . . . . . . هذا احتيال أن يأخذ اسم غيره ويقدمه على صندوق التنمية، أو على بنك يساهم به، سواء كان بأجرة أو قيمة أو بدون أجرة كل هذا لا يجوز، وهذا يوقع في كثير من الحرج والإشكالات، فإذا ساهم باسم فلان ثم ارتفعت الأسهم أضعاف ثم جحده فلان، والله الأسهم باسمي أنا أروح أبيعها، والمحاكم فيها كثير من هذه المشاكل، يعني العقود التي لها ظاهر وباطن مثل هذه توقع في إشكالات، وفي خصومات ونزاع، والشرع لا يأتي بمثل هذا. اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك ...

كتاب البيوع (17)

بلوغ المرام - كتاب البيوع (17) باب: المساقاة والإجارة الشيخ: عبد الكريم الخضير السلام عليكم ورحمة الله وبركاته هذا يقول: إنه يعمل ممرض في مستشفى، ويومياً يسجل العلامات من الضغط والحرارة والنبض في ملفات المرضى دون أن نقيسها، علماً بأن المريض بصحة جيدة ولا يضر عليه هذا، وللعلم بأن رئيس القسم يدري بذلك، ويأمرني بذلك، ما حكم هذا العمل؟ هذا كذب، وقد يضر المريض وأنت لا تدري، وقد يكون القياس له أثر في مقدار العلاج الذي يعطاه. يقول: هناك رجل عقار يريد أن أشاركه في عمله وهو موظف وأنا موظف، حيث أنه فتح مكتبه باسم زوجته أو أبيه فهل أدخل معه شريكاً للعمل في هذا المجال؟ عمل الموظف ممنوع من قبل ولاة الأمر، والتحايل عليه بمثل هذا لا يجعله سائغاً، على كل حال إذا وجدت الضرورة لمثل هذا العمل بأن كان الموظف عنده أسرة كبيرة وراتبه لا يكفيه، ووجدت مثل هذه الحيلة قد تقبل؛ لأنها أفضل من أن يتكفف الناس ويسأل الناس، لكن إذا كان راتبه يكفيه، وولاة الأمر يمنعون مثل هذا هذا لا يجوز، هذا مجرد حيلة. يقول: ما حكم فتح صالون الحلاقة، وتأجير الكراسي التي في داخل الصالون على عمال على غير كفالتي؟ هذا التأجير ما فيه إشكال -إن شاء الله-. طالب:. . . . . . . . . نعم إذا كانوا يزاولون المحرم في المحل الذي أجرت عليهم فلا يجوز بحال، مثل من يؤجر بيته ليجعل حانة خمر أو ما أشبه ذلك، أو تزاول فيه المحرمات. يقول: كتب أحد الإعلاميين رداً على تعدد الزوجات قال فيه: بالنسبة لتعدد الزوجات للرجل فهذا أمر أجازه الشرع لأسباب وجيه، وليس لإشباع الرغبات. يعني من الأسباب الوجيه إشباع الرغبات؛ لأن بعض الناس لا تكفيه واحدة ولا تكفيه ثنتين ولا ثلاث، ويتطلع إلى ما عدا ذلك فهذه من الأسباب. فأعتقد أن الرجل إذا وصل إلى درجة أن زوجتين أو ثلاث أو واحدة لا تكفي شبقه الجنسي فيعني أن هذا الرجل يتصف بصفة الشهواني، ويندرج في خانة الحيوان.

هذا الكلام ليس بصحيح، هذه قوة، والعرب تتمدح بالقوة الجنسية، لكن لا يعني أن هذه القوة الجنسية تصرف فيما حرمه الله -جل وعلا-، يعني في حدود ما أباح الله -جل وعلا- {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ} [(29 - 30) سورة المعارج] وجد من الصحابة ومن خيار الأئمة من الأئمة من يتزوج الأربع، ويتخذ السراري، ومع ذلك هم على إمامتهم. يقول: دخلت فوجدت الإمام في التشهد الأخير، ولغلبة الظن علي قدوم من تقوم بهم جماعة ثانية لم أدخل مع الإمام، وانتظرت حتى تأتي وأطلب من القادمين الانتظار معي حتى يسلم الإمام ونقيم جماعة ثانية، فهل هذا الفعل صحيح أم أن الدخول مع الجماعة الأولى أفضل وأولى ولو في آخر الصلاة مثل التشهد الأخير؟ على كل حال التشهد الأخير عند جمع من أهل العلم تدرك به الجماعة، عند الحنابلة إذا كبر تكبيرة الإحرام قبل سلام إمامه التسليمة الأولى أدرك الجماعة، ولو لم يجلس، وهذا قول جمع غفير من أهل العلم، ومنهم من يرى أن الجماعة لا تدرك إلا بإدراك الركعة، ومع هذا الخلاف نعود إلى حديث: ((إذا جاء أحدكم والإمام على حال فليصنع كما يصنع الإمام، فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا)). يقول: ما التفريق بين الدين والقرض؟ القرض هو بذل المال لمن يحتاجه من غير فائدة، والأصل فيه أنه بدون أجل، والدين لا بد أن يكون بأجل، والغالب أنه تبعاً لهذا الأجل يكون فيه فائدة للبائع زائد على قدر الثمن، فالقرض يختلف عن الدين؛ لأن الدين لا بد أن يكون مؤجلاً، كما قال الله -جل وعلا-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ} [(282) سورة البقرة] والقرض لا أجل له، وعند الجمهور لا يقبل التأجيل، يعني لو قال: أقرضك هذا الألف إلى مدة سنة، لا يقبل التأجيل عند الأكثر، المالكية يرون قبوله التأجيل، ويرجحه شيخ الإسلام، والمسلمون على شروطهم، وعلى كل حال الفرق ظاهر بينهما، في الدين ينتفع صاحب الدين، وفي القرض لا ينتفع نفعاً في الدنيا وإن كان له الأجر والثواب من الله -جل وعلا-.

يقول: أنا يضع الناس عندي مالاً أصرفه في الصدقات حسب ما أرى، سؤالي هل يجوز لي الأخذ من هذا المال قدر حاجتي ثم أرده عند استلامي لراتبي مباشرة؟ الأصل أنك مؤتمن، ولا تتصرف فيه إلا إذا كان مضموناً ضماناً في حكم الموجود متى ما وجد مصرفه يكون موجوداً، ومع ذلك مع الحاجة الشديدة، والأصل والورع والأحوط أن لا تتصرف فيه. يقول: في بلادنا بعض الألفاظ مثل قولهم للآخر: أخذتك جنية يا فلان. هذا لا يخلو إما أن يكون خبر أو دعاء، فإن كان خبراً فهو كذب، وإن كان دعاء فلا يجوز الدعاء على المسلم. ومن ضمن ذلك قولهم: استعنت عليك بعبلة. الاستعانة لا تجوز إلا بالله -جل وعلا-، الاستعانة بالمخلوق لا تجوز إلا بما يقدر عليه. يقول: انتشرت رسالة عبر البريد الالكتروني توصي بالتواد بين الزوجين، وفيها هذا الحديث، فما صحة هذا الحديث: عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إن الرجل إذا نظر إلى امرأته ونظرت إليه نظر الله تعالى إليهما نظرة رحمة، فإذا أخذ بكفها تساقطت ذنوبهما من خلال أصابعهما)) يقول: هذا الحديث موجود في صحيح الجامع صفحة ألف وتسعمائة وسبعة وسبعين. هو صحيح أو حسن عند الشيخ، وأنا ما بحثت الحديث بنفسي. هذا أيضاً يقول: قال النووي -رحمه الله- في شرحه لمسلم: الصواب الذي عليه الفقهاء والأصوليون ومحققو المحدثين أنه إذا روي الحديث مرفوعاً وموقوفاً أو موصولاً ومرسلاً حكم بالرفع والوصل لأنها زيادة ثقة، وسواء كان الرافع والواصل أكثر أو أقل في الحفظ والعدد، والله أعلم. انتهى. فهل الحال كما ذكره -رحمه الله-؟ وهل خالف في ذلك أحد من الحفاظ؟ وما الصواب في مسألة زيادة الثقة على من هو أوثق منه في المتن؟

باب: المساقاة والإجارة

معروف الكلام في زيادة الثقة والوصل، ومنها الوصل والإرسال، وتعارض الوقف والرفع، كلام كثير لأهل العلم، وفيها أربعة أقوال بل خمسة، القول الذي حكاه النووي، وأن الحكم لمن وصل ولمن رفع ولمن زاد؛ لأن كلاً من الرافع والواصل والزائد معه زيادة خفيت على غيره، ومن حفظ حجة على من لم يحفظ، والقول الثاني: العكس، وهو أن الحكم لمن وقف، والحكم لمن أرسل، الحكم لمن نقص؛ لأن القدر الزائد على ذلك مشكوك فيه، فيقتصر على المتيقن، والقول الثالث: الحكم للأكثر، فإن كان الزائد أكثر حكم له، والقول الرابع: الحكم للأحفظ، والخامس: وهو الذي عليه صنيع الأئمة أنه لا يحكم بحكم عام مطرد، بل ينظر في كل حديث بعينه، فإذا دلت القرائن على أن الرفع هو المحفوظ حكم به أو العكس، الوصل هو المحفوظ حكم به أو بالعكس، قد يحكم للأكثر، وقد يحكم للأقل، قد يحكم للأحفظ، وقد يحكم لمن دونه إذا دلت القرائن على أنه ضبط وأتقن، هذا هو الذي عليه صنيع الأئمة. يقول: إذا صرح بالتحديث من عرف بالتدليس عن شيخ ما في رواية معينة فهل يعمم سماعه هذا على باقي رواياته عن هذا الشيخ التي من خلالها .... ؟ لا لا يعمم، إنما يطلب تصريحه في كل حديث. سم. بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين. قال الحافظ ابن حجر العسقلاني -رحمه الله تعالى-: باب: المساقاة والإجارة عن ابن عمر -رضي الله تعالى عنهما-: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عامل أهل خيبر بشطر ما يخرج منها من تمر أو زرع. متفق عليه. وفي رواية لهما: فسألوه أن يقرهم بها على أن يكفوا عملها ولهم نصف التمر، فقال لهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((نقركم بها على ذلك ما شئنا)) فقروا بها حتى أجلاهم عمر -رضي الله تعالى عنه-. ولمسلم أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- دفع إلى يهود خيبر نخل خيبر وأرضها على أن يعتملوها من أموالهم، ولهم شطر تمرها.

وعن حنظلة بن قيس -رضي الله تعالى عنه- قال: سألت رافع بن خديج -رضي الله تعالى عنه- عن كراء الأرض بالذهب والفضة، فقال: لا بأس به، إنما كان الناس يؤاجرون على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على الماذيانات وأقبال الجداول وأشياء من الزرع، فيهلك هذا ويسلم هذا، ويسلم هذا ويهلك هذا، ولم يكن للناس كراء إلا هذا، فلذلك زجر عنه، فأما شيء معلوم مضمون فلا بأس به، رواه مسلم. وفيه بيان لما أجمل في المتفق عليه من إطلاق النهي عن كراء الأرض. وعن ثابت بن الضحاك -رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نهى عن المزارعة وأمر بالمؤاجرة، رواه مسلم أيضاً. الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: باب: المساقاة والإجارة المساقاة مفاعلة من السقي، وهي دفع الشجر لمن يقوم بسقيه، وعمل سائر ما يحتاج إليه، والمزارعة دفع الأرض لمن يزرعها، وجاء في المزارعة والمساقاة ما جاء من المنع، حدث رافع بن خديج بالمنع عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، وكان ابن عمر يفعلها، ثم امتنع لما سمع رافعاً ينقل عن النبي -عليه الصلاة والسلام- المنع منها. وهنا في حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عامل أهل خيبر، أهل خيبر لما فتحها النبي -صلى الله عليه وسلم- عنوة، وصارت ملكاً له، واليهود هم أهلها، هم سكانها، هم الذين يعملون فيها، عاملهم النبي -عليه الصلاة والسلام- لأنها انتقلت إلى ملكه -صلى الله عليه وسلم-، بشطر ما يخرج منها، الشطر النصف، نصف ما يخرج منها من غلة من تمر أو زرع، متفق عليه.

فهذا دليل على جواز المزارعة والمساقاة، فعاملهم على شطر ما يخرج منها، العلماء يختلفون في حكمها، يختلفون في حكم المزارعة نظراً لما جاء فيها من الأحاديث المتعارضة، فمنعها جمع من أهل العلم، وأباحها آخرون، ولكل دليله، فأحاديث المنع تمسك بها من قال بعدم الجواز، وأجابوا عن مثل هذا الحديث الذي هو من أدلة القائلين بالجواز، أجابوا عن هذا بقولهم: إن أهل خيبر لما فتحها النبي -عليه الصلاة والسلام- عنوة صاروا ملكاً له كأرضهم، فيعطيهم من ثمرتها ما شاء، ويأخذ ما شاء، وليس هذا عقد لازم بين طرفين، لا، وإنما هؤلاء ملك للنبي -عليه الصلاة والسلام- فيعطيهم منها ما شاء، ويأخذ ما شاء، لكن الأصل أن مثل هذا عامل أهل خيبر، يعني عاقدهم على العمل بها بشطر ما يخرج منها، أجرة لهم، بشطر ما يخرج منها من ثمرة أو زرع، متفق عليه. فكون الأرض تدفع لمن يزرعها على أن يتفق الطرفان على جزء معلوم مشاع مما يخرج هذه الصورة لا إشكال فيها، وهي من أقرب الصور إن لم تكن أقرب من المضاربة، بحيث يأخذ العامل المال، ويعمل فيه الثاني ببدنه ويكون الربح بينهما، وقد تقدم الكلام فيها، هذا يدفع الأرض والثاني يعمل في هذه الأرض، وتكون الثمرة بينهما، أو على ما يتفقان عليه، على أن يكون الشطر المتفق عليه، أو الأجرة المتفق عليها جزء مشاع من الثمرة، جزء معلوم مشاع، إيش معنى معلوم؟ يعني يقال للعامل: لك النصف، لك الربع، لك الثلث، ويرضى بذلك، ويكون مشاعاً من جميع ما تنتجه المزرعة لا من جهة بعينها، ما يقال للعامل: لك النصف، النصف الذي ينتجه النصف الشمالي، ولصاحب الأرض ما ينتجه النصف الجنوبي، مثل هذا قد يكون فيه ضرر على الطرفين، قد يسلم هذا ويهلك هذا، فيتضرر هذا ويربح هذا، وقد يسلم هذا ويهلك هذا ويكون العكس، هذا هو الذي نزل عليه أهل العلم ما جاء من النصوص التي تمنع من المزارعة والمساقاة، أما إذا قيل للعامل خذ هذه الأرض وازرعها على أن يكون لك النصف أو الثلث أو الربع مما تخرجه من الثمرة، فيكون معلوم بالنصف بالربع بالثلث، ويكون أيضاً مشاع، ليس بنتاج جزء معين من الأرض، فعلى هذا تحمل النصوص.

"وفي رواية لهما سألوه أن يقرهم بها على أن يكفوا عملها" يريحوه من عملها، يقوموا بعملها، "ولهم نصف الثمر" والنصف هو الشطر الذي تقدم ذكره "فقال لهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((نقركم بها على ذلك ما شئنا)) " فهل تجوز المزارعة إلى أجل مجهول؟ لأن ما شئنا مجهول ((نقركم بها على ذلك ما شئنا)) لأنه -عليه الصلاة والسلام- يريد إجلائهم عن جزيرة العرب، قد أمر بذلك وفعله عمر -رضي الله تعالى عنه-، فالمشيئة هذه مردها إلى تقرير الحكم الذي أراده -عليه الصلاة والسلام- وهو إجلائهم، وليس في هذا دليل على أن المزارعة تصح مع الجهالة، قد تصح مع العلم من وجه، والجهل من وجه، إيش معنى هذا الكلام؟ تصح على أن تكون إلى نتاج الزرع، يعني لمدة سنة، حتى ينتج هذا الزرع الذي اتفق عليه، وأما بالنسبة لأعداد السنوات القادمة، قد يجدد العقد وقد لا يجدد، ولذا يقول: ((نقركم بها على ذلك ما شئنا)) يعني إلى أن تنتج الثمرة، وتستحقوا ما اتفقنا عليه، وبعد ذلك ننظر إلى ما شئنا. "فقروا بها" قروا يعني استقروا وثبتوا ومكثوا بها في عهده -عليه الصلاة والسلام-، وفي عهد أبي بكر إلى أن جاء عمر فأجلاهم إلى تيما وأريحا، "فقروا بها حتى أجلاهم عمر"، "ولمسلم أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- دفع إلى يهود خيبر نخل خيبر، وأرضها على أن يعتملوها" يعني على أن يعملوا فيها من أموالهم، ويكون البذر والسقي، وكل ما يتطلبه الحرث والزرع عليهم "على أن يعتملوها من أموالهم ولهم شطر ثمرها" في بعض النسخ: "وله -عليه الصلاة والسلام- شطر ثمرها" والخلاف غير مؤثر؛ لأنه إذا كان لهم الشطر فالباقي لمن؟ له -عليه الصلاة والسلام-، وإذا كان له -عليه الصلاة والسلام- الشطر فالباقي لهم. في الحديث الذي يليه، يقول:

"وعن حنظلة بن قيس -رضي الله تعالى عنها- قال: سألت رافع بن خديج" رافع هو الذي يحفظ أحاديث المزارعة، وهو المرجع في هذا، يقول حنظلة بن قيس: "سألت رافع بن خديج -رضي الله عنه- عن كراء الأرض بالذهب والفضة، فقال: لا بأس به" لا بأس بكراء الأرض؛ لأنه لما كثرت رواية الحديث في هذا الباب عند رافع بن خديج بالمنع ظن بعض الناس أنها لا تجوز ولا إجارة في الأرض، فسئل عن كراء الأرض بالذهب والفضة، يعني شخص عنده أرض، فقال له شخص: أنا أريد أن استأجر منك هذه الأرض لأزرعها بعشرة آلاف سنوي، بمائة ألف سنوي، بالذهب والفضة لا بأس. "فقال: لا بأس، إنما كان الناس" شوف على هذا تنزل أحاديث المنع "إنما كان الناس يؤاجرون على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على الماذيانات" مسايل المياه، يؤاجرون على الماذيانات فيكون الذي على مسيل الماء، القريب من الماء الذي تكثر ثمرته، وتضمن ثمرته يكون لصاحب الأرض "وأقبال الجداول" أوائل الجداول والسواقي والأنهار الصغيرة، يعني أوائلها يكون أكثر ثمراً، فصاحب الأرض يشترط هذه المواقع الإستراتيجية له، ويترك للعامل بقية الأرض. "إنما كان الناس يؤاجرون على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على الماذيانات، وأقبال الجداول، وأشياء من الزرع" المعينة، محددة المكان "فيهلك هذا" يهلك ما اشترط، ويسلم غيره، وقد يسلم غيره أو يهلك المشترَط ويسلم غيره، المقصود أنه قد يهلك المشترط، ويسلم غيره أو العكس، فيكون الضرر على واحد، فيكون عمل العامل هدراً، والشرع إنما جاء بالعدل والإنصاف والمساواة والرحمة لجميع الأطراف، فإذا اشتركوا في الغنم والغرم لا بأس، أما إذا كان الغنم لأحدهم والغرم على واحد فقط فمثل هذا لا يأتي به الشرع.

"فيسلم هذا ويهلك هذا –والعكس- ولم يكن للناس كراء إلا هذا" ما كان الناس يعملون في الأراضي إلا على هذه الطريقة، بهذا الشرط "فلذلك زجر عنه" نهى عنه لهذه العلة "فأما شيء معلوم مضمون فلا بأس به" شيء معلوم مضمون من أجر بالذهب والفضة، أو من جزء معلوم مشاع من جميع الأرض، يكون لطرف والباقي للطرف الثاني، بأن يكون مشاعاً، جزء معلوم مشاع، يعني جزء معلوم قدره ربع ثلث نصف، ومشاع لا يتعلق بجهة معينة من الأرض، فهذا لا باس به "رواه مسلم" يقول المؤلف: "وفيه بيان لما أجمل في المتفق عليه من إطلاق النهي عن كراء الأرض" هذا الحديث مبين ومفسر للأحاديث التي فيها النهي عن كراء الأرض، والنهي عن المزارعة، والنهي على هذا يتنزل، إذا اشترط صاحب الأرض جهة معينة يغلب على ظنه أن غلتها تكون أكثر تمنع، وإذا قال: على النصف على الربع وأطلق وقبل العامل انتهى الإشكال، ليشتركا في الغنم والغرم، من أهل العلم من حمل النهي على أول الأمر، لما هاجر الصحابة من مكة إلى المدينة صاروا بحاجة إلى عمل، وليس لديهم ما يعملون به، تركوا أهلهم وأموالهم لله -جل وعلا-، تركوا وطنهم وأموالهم لله -جل وعلا-، فجاءوا إلى المدينة وهم بحاجة إلى عمل يعملونه يتقوتون منه، فنهى عن كراء الأرض، وأمر بأن يزرع صاحب الأرض أرضه بنفسه أو يدفعها لمن يزرعها بدون مقابل، يعني يحسن بها الأنصاري على أخيه المهاجر ليستفيد منها، فنظراً لحاجتهم نهى عن كراء المزارع سواء كان بالنسبة أو بالذهب والفضة، نهى عنها مطلقاً ليستفيد المهاجر الذي ترك ماله لله -جل وعلا-، فمراده بالنهي الإحسان على المهاجرين من قبل الأنصار. ولمثل هذه الظروف تصدر بعض الأحكام، وقد نهى النبي -عليه الصلاة والسلام- عن ادخار لحوم الأضاحي، ثم أباح ذلك، وبين أنه إنما نهى من أجل الدافة، قوم قدموا إلى المدينة لحاجة شديدة، فلو ادخر الناس لحوم الأضاحي ما صار لهؤلاء شيء يأكلونه، فأراد النبي -عليه الصلاة والسلام- ألا يدخر الناس بل يعطوا هؤلاء المحتاجين.

هذا ما يتعلق بالشق الأول من الترجمة، باب المساقاة، والشق الثاني الإجارة، وعطفها من باب عطف العام على الخاص؛ لأن حقيقة المساقاة والمزارعة إجارة؛ لأن حقيقتها إجارة. سم. وعن ثابت بن الضحاك -رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نهى عن المزارعة وأمر بالمؤاجرة. رواه مسلم أيضاً. الحديث تابع وقد قرئ، تابع للشق الأول من الترجمة، حديث ثابت بن الضحاك -رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نهى عن المزارعة، والنهي عن المزارعة إنما كان سببه ما ذُكر، إما الإحسان إلى المهاجرين، أو المزارعة التي كانت موجودة في أول عهده -عليه الصلاة والسلام- أنهم كانوا يؤاجرون على الماذيانات، وأقبال الجداول، وأشياء من زرع، فنهوا عن ذلك، يحمل النهي على ما ذكرنا سابقاً على هذه الصورة، وأمر بالمؤاجرة بالدراهم والدنانير أو بالجزء المشاع، وهذه كلها مؤاجرة. وعن ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما- قال: احتجم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأعطى الذي حجمه أجره، ولو كان حراماً لم يعطه. رواه البخاري. وعن رافع بن خديج -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((كسب الحجام خبيث)) رواه مسلم. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

"وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: احتجم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأعطى الذي حجمه أجره، ولو كان حراماً لم يعطه" وهذا دليل على أن مزاولة هذه المهنة حلال وليست حراماً، بدليل أن النبي -عليه الصلاة والسلام- احتجم، والناس بحاجة إلى الحجام، ولو حرمت الحجامة لما وجد من يحجم الناس، فهذه المهنة مباحة للحاجة إليها؛ ولأن النبي -عليه الصلاة والسلام- احتجم وأعطى الحجام أجره، ويقول الراوي: ولو كان حراماً لم يعطه، وكأن ابن عباس ساق الحديث مستدلاً به على من يحرم الحجامة، أو يحرم كسب الحجام، مستدلاً بالحديث الذي يليه حديث رافع بن خديج -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((كسب الحجام خبيث)) رواه مسلم، وإذا جاء النص بهذا اللفظ فقد جاء قوله -جل وعلا-: {وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ} [(157) سورة الأعراف] فإذا كان كسبه خبيث فالحجامة محرمة، وما يترتب عليها من كسب محرم؛ لأنه خبيث، لكن لا يلزم من وصف الشيء بكونه خبيثاً أن يكون حراماً؛ لأن الخبيث كما يطلق على الحرام يطلق أيضاً على المهن الوضيعة، وعلى الأعيان الدنيئة {وَلاَ تَيَمَّمُواْ الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ وَلَسْتُم بِآخِذِيهِ إِلاَّ أَن تُغْمِضُواْ فِيهِ} [(267) سورة البقرة] يعني لو كان عندك نوع جيد من الطعام، ونوع أقل رديء، قلنا: إن هذا الرديء خبيث، لكن هل نقول: إن أكله حرام؟ اشتريت كيس من الرز مثلاً، فلما جربه الأهل وطبخوه وجدوه ما يناسبهم، فقالوا: تصدق به، واشترِ لنا أفضل منه، يعني وجد رز يباع معروض بسبعين بثمانين قال: فرصة هذا رخيص نجربه، فلما اشتراه وطبخوا منه قالوا: هذا ما يناسبنا، هذا تصدق به، واشترِ لنا من أبو مائة وخمسين، مائة وأربعين الذي تعودنا عليه {وَلاَ تَيَمَّمُواْ الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ وَلَسْتُم بِآخِذِيهِ} [(267) سورة البقرة] لو لك رز سلم عند شخص فيأتي لك بمثل هذا الرز وأنت اشترطت عليه من النوع الطيب تقبل وإلا ما تقبل؟ {وَلَسْتُم بِآخِذِيهِ إِلاَّ أَن تُغْمِضُواْ فِيهِ} [(267) سورة البقرة] تتسامح وتتنازل إما طلباً لما عند الله -جل وعلا-، أو بعد خشية

على مالك، تقول: إن ما أخذت هذا ما هو بجايب غيره، {وَلَسْتُم بِآخِذِيهِ إِلاَّ أَن تُغْمِضُواْ فِيهِ} [(267) سورة البقرة] فهذا خبيث لأنه رديء لا لأنه محرم، فالخبيث مشترك بين المحرم {وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ} [(157) سورة الأعراف] وبين الأدنى، فلا شك أن مهنة الحجامة دناءة، والكسب المترتب على الدنيء دنيء فكسبه خبيث، وجاء ما يدل على حله أنه جاء قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((أطعمه ناضحك)) أو ((أطعمه غلامك)) يعني لا تأكله أنت، من هذا الطعام الدنيء، أبحث عن طعام جيد تقيم به نفسك ومن تحت يدك، لكن هذا المال الدنيء ابحث له عما يناسبه من الأدنياء، وعلى هذا الأموال التي فيها الشبهات، أو ما يراد التخلص منه من الأموال الخبيثة يُبحث لها عن المصارف المناسبة، شخص تاب من ربا وعنده ملايين، هل نقول: إن مثل هذا المال يصرف في مصارف البر وأعمال البر؟ نقول: ((إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً)) ومثل هذا لا تجوز الصدقة به، وإنما يتخلص منه، ويبحث له عن المصارف المناسبة، فلو وضع في دورات المياه أو في المجاري وما أشبه ذلك مناسب، وقال له النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((أطعمه ناضحك)) ولو كان حراماً لأمره بإتلافه، ولم يأمر بإعلافه النواضح، فالحجامة جائزة لا إشكال فيها، وما ترتب عليها من أجرة جائز إلا أنه ليس بطعام مناسب للأحرار، لعلية القوم، يناسب لسفلة الناس وأرذالهم وأدنيائهم، ويطعم النواضح ويطعم الرقيق لا بأس، وليس بحرام، وعلى هذا على الإنسان أن يترفع عن مثل هذه الأعمال، وإن وجدت بين الناس فالأدلة تدل على أن هذا مما ينبغي أن يتعاون فيه الناس بعضهم مع بعض من دون أخذ أجرة، ولذا وصف الكسب المرتب عليها بالخبث؛ لكي تسود بين الناس روح التعاون، وأن مثل هذا يتداوله الناس فيما يبنهم من غير مشاحنة ولا مشاحة، ولا أخذ أجرة. وعن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((قال الله -عز وجل-: ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة: رجل أعطى بي ثم غدر، ورجل باع حراً فأكل ثمنه، ورجل استأجر أجيراً فأستوفى منه ولم يعطه أجره)) رواه مسلم.

الكتاب مخرج اللي معك؟ مخرج؟ طالب:. . . . . . . . . ويش يقول؟ قال: ليس عنده، وإنما أخرجه البخاري، وانظر التعليق من حاشية المخطوط. يعني هذا وهم من الحافظ -رحمه الله- في عزوه الحديث لمسلم، بل هو في البخاري، وكأن الحافظ -رحمه الله- يملي الكتاب من حفظه، أو يكتبه من حفظه. يقول: "وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((قال الله -عز وجل-)) " هذا حديث قدسي، يضيفه النبي -عليه الصلاة والسلام- إلى ربه -عز وجل-، ((ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة)) يقولون: العدد لا مفهوم له، بل الذين يخاصمهم فيخصمهم -عز وجل- أكثر من ثلاثة، لكن ينص على هؤلاء الثلاثة لعظم جرمهم، وللتنفير من صنيعهم، فمثل هذا العدد لا مفهوم له، أو يقال: إن النبي -عليه الصلاة والسلام- أخبر بهذا ثم زيد عليه فيما بعد.

((قال الله -عز وجل-: ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة)) من هم؟ ((رجل أعطى بي ثم غدر)) أعطى العهد والأمان بالله -جل وعلا-، أعطى ذمة الله وعهده وميثاقه ثم غدر به، لما استأمن وأعطاه ذمة الله وأمنه خصمه غدر به، وهذا جاء الأمر بالوفاء بالعهود {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ} [(1) سورة المائدة] الغدر ينافي هذا، ومن صفات المنافقين وخصال النفاق ((وإذا عاهد غدر)) والغدر: هو نقض العهد، ((أعطى بي ثم غدر، ورجل باع حراً فأكل ثمنه)) اغتصبه من أهله أو من بلده وذهب به إلى بلد أخر فباعه، وهذا حصل كثير على مر العصور، وبعضهم يبيعه بشرط العتق، فإذا اشترط العتق فالذي يغلب على الظن أنه حر، يتفقان على أن أحدهما السيد والثاني المملوك فيبعه على من يشتريه على أنه رقيق، فيشترط عليه العتق، بشرط العتق لا للخدمة، فإذا وجد مثل هذا الشرط عرفنا أن المسألة لا تسلم من تلاعب واحتيال، لكن هل مثل هذا الشرط لازم أو لا يلزم؟ هذا الشرط منافٍ لمقتضى العقد فلا يلزم؛ لأنه ماذا يتضرر مثلاً لو اتفقا .. ، اتفق اثنان من المحتالين والنصابين وجدوا وفي كتب الأدب وجد مثل هذا، وجد من المحتالين والنصابين من قال أحدهما للآخر: نتفق على أني أنا السيد وأنت العبد أو العكس وأبيعك ويعتقك وترجع لحالك، إيش يصير؟ وبعضهم من عظمه حيلته يبيع ولده ويشترط هذا، فمثل هذا الشرط ليس بلازم، لكن المسألة فيما إذا أغتصب حراً فباعه وأكل ثمنه، إذا كان الاتفاق بين الطرفين بين البائع والمبيع مثل الصورة التي ذكرناها فالوعيد على من؟ على الاثنين، كلهم بائع لأنهم اشتركوا في القيمة، يقول: أبيعك واشترط العتق ولي النصف ولك النصف، مثل هذا الإثم على الاثنين، ورجل باع حراً فأكل ثمنه، أما إذا باع حراً على أنه عبد، واشتراه المشتري على أنه عبد واستعمله في الخدمة، هذا نسأل الله جرم عظيم وقهر.

فبقدر هذا الجرم تكون العقوبة، ولذا قال الله -عز وجل-: ((أنا خصمهم يوم القيامة)) فماذا عن هذا الذي بيع وامتهن؟ وماذا عن والديه؟ ماذا عن ما في قلب أمه وأبيه من الحسرة والحرقة؟ يسرق الولد ويباع في بلد آخر! جرم قد لا يتصوره العقل، يعني لو أن إنسان تصور مثل هذا في ولده، فزع وقلق قلقاً شديداً وهو مجرد تخيل، فضلاً عن كونه واقع، وقد وقع، ولا يكون هذا كما يقال في بعض المجتمعات أن هذا مبرر لإلغاء الرق، هذا ليس بمبرر لإلغاء الرق، يعني وجد مثل هذا النوع، ووجدت سرقة الأحرار وبيعهم في بلدان أخرى، لكن مثل هذا لا يقضي على حكم شرعي، يقضي على هذه الظاهرة نعم، أما على الحكم الشرعي فلا. ((ورجل باع حراً فأكل ثمنه، ورجل استأجر أجيراً فاستوفى منه ولم يعطه أجره)) هذا الأجير المستضعف لماذا عمل؟ لماذا امتهن نفسه بخدمة غيره وتعب في هذا العمل؟ وقد يكون العمل شاقاً، وما عمل فيه إلا لحاجته، استأجر الأجير فاستوفي منه العمل، استوفي منه العمل ولم يعطه أجره، وهذا في سائر الأعمال، في البناء، في غيرها من الأعمال الكتابية وغيرها، إذا استأجرت أجيراً على أي عمل كان مجرد ما يستحق الأجرة باستيفاء العمل تدفع له أجرته؛ لأن تأخير الأجرة مطل، والمطل ظلم يبيح العرض والعقوبة، ((ولم يعطه أجره)) رواه مسلم، كذا يقول الحافظ، وهو في البخاري، نعم. وعن ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إن أحق ما أخذتم عليه أجراً كتاب الله)) أخرجه البخاري. وعن ابن عمر -رضي الله تعالى عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه)) رواه ابن ماجه. وفي الباب عن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- عند أبي يعلى والبيهقي وجابر -رضي الله تعالى عنه- عند الطبراني، وكلها ضعاف. وعن أبي سعيد -رضي الله تعالى عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من استأجر أجيراً فليسمِ له أجرته)) رواه عبد الرزاق، وفيه انقطاع، ووصله البيهقي من طريق أبي حنيفة. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

"وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إن أحق ما أخذتم عليه أجراً كتاب الله)) " تعليم القرآن، أخذ الأجر على تعليم القرآن، جاء فيه هذا الحديث الصحيح، وجاء فيه أيضاً ما في قصة أبي سعيد من رقيته على اللديغ، وأنه قرأ عليه الفاتحة في مقابل قطيع من الغنم، ثلاثين رأس من الغنم، وأقره النبي -عليه الصلاة والسلام-، وقال: ((اضربوا لي بسهم)) فدل على جواز مثل ذلك.

((إن أحق ما أخذتم عليه أجراً كتاب الله)) فأخذ الأجرة على مثل هذه القربة التي هي من أعظم القرب جائز، عملاً بهذا الحديث، وبهذا قال مالك والشافعي، ويرى الإمام أبو حنيفة أنه لا يجوز الأخذ على القرب، لا على تعليم القرآن ولا علي غيره، وهو رواية عن أحمد، ويستدلون بحديث عبادة بن الصامت عند أبي داود أنه علم أناساً من أهل الصفة الكتاب فأهدى له رجل منهم قوساً، فقال عبادة: القوس ليست بمال، وإنما أرمي بها في سبيل الله -عز وجل-، فذكر ذلك للنبي -صلى الله عليه وسلم- فقال له: ((إن كنت تحب أن تطوق طوقاً من نار فاقبلها)) هذا حديث عبادة يدل على تحريم أخذ الأجرة على تعليم القرآن، عبادة -رضي الله عنه- من البداية أراد أن يعلم هؤلاء الفقراء من أهل الصفة القرآن مجاناً بدون ذكر أجرة، ثم بعد ذلك قبل الهدية، والهدية بمثابة الأجرة، فحذره النبي -عليه الصلاة والسلام- منها، فاستدل به أبو حنيفة على المنع من أخذ الأجرة على تعليم القرآن، ولا شك أن الورع عدم الأخذ، الورع عدم الأخذ على تعليم القرآن، ولا على تعليم العلم الشرعي، ولا على الإمامة، ولا على المئذنة، هذه الأجرة التي تتبع المشارطة، لا أعلمك القرآن إلا كل آية بكذا، والحديث بكذا، والفصل من كتاب كذا بكذا، الورع معروف، العبادات البدنية الخاصة التي لا تعوق الإنسان عن مصالحه، مثل هذه إذا شارط عليها حُرم اتفاقاً، إذا قال: لا أصلي بكم إلا بكذا؛ لأن مثل هذا لا يعوقه عن تحصيل دينه ولا دنياه، بخلاف التعليم التعليم يحتاج إلى وقت، وجلوس للطلاب فمثل هذا يبيحه جمع من أهل العلم أخذاً بحديث الباب ((إن أحق ما أخذتم عليه أجراً كتاب الله)) أخذ الأجرة على التحديث مسألة يختلف فيها أهل العلم، فيمنعها أهل التحري والورع، يمنعونها، وينبغي أن يعلم ابن آدم كما جاء في الخبر: ((يا ابن آدم علم مجاناً كما علمت مجاناً)) ويستدل جمع من أهل العلم بمثل هذا الحديث فيجيز أخذ الأجرة على التحديث؛ لأنه إذا جاء أخذ الأجرة على تعليم القرآن فالحديث من باب أولى، وبعضهم يفرق بين العلوم الشرعية فيمنع، وما عداها فيجيز، حتى أنه وجد من يعلم ألفية بن مالك كل بيت بدرهم، هذا التعليم، الكتابة مثلاً

هل يدخل في التعليم إذا قال: أنا أكتب لك المصحف بكذا، أكتب لك البخاري بكذا، يدخل وإلا ما يدخل؟ قال: والله أنا أحتاج مصحف، قال: أنا مستعد أكتب لك مصحف، لكن أكتب لك المصحف بكذا، بمبلغ كذا، يعني وجد من ينسخ يسمون الوراقين في العصور المتعاقبة قبل الطباعة، فيأتي طالب العلم إلى هذا الوراق فيقول له: أنا أريد نسخة من بلوغ المرام، فيقول: هات عشرة دراهم وأنسخ لك نسخة، فهل نقول: بأن هذا الكتابة مثل التعليم لا يجوز أخذ الأجرة عليها أو نجري عليها الخلاف المذكور؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . وهذا فيه جهد، التعليم فيه جهد، فيه عمل، يعني من يمنع التعليم، تعليم القرآن بأجرة هل يمنع كتابة القرآن بأجرة، أو هذه لها حكم بيع المصحف؟ على خلاف بين العلماء فيه، وليس من خلاف من هذه الحيثية إنما قالوا: بيعه امتهان ورغبة عنه، يعني هل في فرق بين شخص تقول له: أنا أريد أن أقرأ عليك صحيح البخاري وأرويه عنك، وتشرح لي الألفاظ المشكلة، ثم يقول لك: بألف، ما أنا بجالس لك ليل نهار حتى تنتهي من صحيح البخاري ومنقطع عن أشغالي وأولادي وأسرتي إلا بأجرة، أنا أنحبس من أجلك، واترك الارتزاق من أجلك، لا بد من أن تدفع لي مبلغ كذا، ووجد من يشارط على هذا، وجد من يأخذ الأجرة على التحديث من كبار المحدثين؛ لأنه يلزم على التحديث الانقطاع عن الارتزاق، فرق بين الأجرة ومشارطة المتعلم وبين ما يعطى المعلم من بيت المال. هذا رجل يريد الاعتمار، يعني يريد العمرة، ولكنه وعد أهله القادمين من اليمن أن يلقاهم في جدة ثم ينطلقون إلى مكة، فمن أين يحرم؟ وأهله الآن موجودون في جدة ولا يدري عنهم، هل أحرموا أم ماذا فعلوا؟ فكيف يكون حالهم إن أحرموا أو أخروا الإحرام.

بالنسبة له هو يلزمه أن يحرم من الميقات الذي يمر به، فإن ذهب إلى مكة عن طريق الرياض الطائف فعليه أن يحرم من قرن، من السيل، وإن ذهب عن طريق الرياض القصيم المدينة فعليه أن يحرم من ذي الحليفة، ولا يجوز له أن يؤخر الإحرام إلى جدة، فإن أخر الإحرام إلى جدة عليه أن يعود إلى الميقات الذي مر به ثم يحرم منه، وإن أحرم دونه ألزمه الجمهور بدم، والإمام مالك يقول: إن عاد إلى أقرب المواقيت له لا سيما إذا كان هذا الأقرب هو ميقاته الأصلي الذي حدد في الحديث فيكفيه، والجمهور يلزمونه بأن يعود إلى الميقات الذي مر به، هذا بالنسبة له هو، وأما بالنسبة لأهله فعليهم أن يحرموا من يلملم، ميقات أهل اليمن، فإن تجاوزوه إلى جدة فحكمهم حكمه، عليهم أن يعودوا إلى يلملم ويحرموا منه، فإن عادوا إلى ميقات هو أقرب منه فالأمر فيه شيء من السعة عند الإمام مالك -رحمه الله تعالى-، وإن أحرموا من جدة لزمهم دم. يقول: هل تحسب صلاة من لا يصلي الجمعة في المسجد، أي أنه محافظ على الصلوات جميعها -والحمد لله- ولكنه لا يصلي صلاة الجمعة في المسجد وإنما في البيت؟ هذا عكس ما يصنعه كثير من المسلمين، كثير من المسلمين يعتني بصلاة الجمعة، ويفرط في غيرها، وشأن الجمعة أعظم، كل الفرائض والصلوات الخمس شأنها عظيم، لكن الجمعة شأنها أعظم لا تصح في البيوت، إن صلاها جمعة في بيته باطلة، وإن صلاها ظهر وترك الجمعة مع المسلمين ((من ترك ثلاث جمع متوالية طبع الله على قلبه)) أهل العلم يقولون: لا شك أن ترك الجمعة -وهذا مر بنا- من باب تيسير العسرى -نسأل الله السلامة والعافية-، فالجمعة لا تصح في البيت، وإذا صلاها ظهراً وترك الجمعة ارتكب أمراً عظيماً وعلى خطر عظيم -نسأل الله السلامة والعافية-. يقول: هل من توجيه لطلبة العلم خاصة وللناس عامة حول مسألة رد السلام فإننا نرى تقصيراً واضحاً فيها، وكذا لو بين بعض أحكام السلام، كالسلام على المصلي وقارئ القرآن ومن يدعو؟

السلام في الأصل سنة، ومن حق المسلم على أخيه أن يسلم عليه، ثم إذا سلم المسَلم وهو خيرهما الذي يبدأ بالسلام، فيجب على الثاني أن يرد السلام، يرد التحية بخير منها، بأحسن منها، وإن ردها بمثلها كفى، هذا على سبيل الوجوب ويأثم إن لم يرد السلام، هناك أشياء حقيقة منها ما أشير إليه، ومنها ما لم يشر إليه، السلام على من يزاول عبادة، والسلام على من يزاول معصية بالمقابل، يعني إذا دخلت وشخص يصلي النبي -عليه الصلاة والسلام- كان يسلمون عليه ويرد بالإشارة وهو يصلي، وإذا كان هذا بالنسبة للمصلي فقارئ القرآن أمره أيسر من المصلي يسلم عليه، ومن يدعو كذلك يسلم عليه ويرد السلام، هذا بالنسبة لمن يشتغل في عبادة، لكن من يزاول معصية، مررت على شخص يدخن مثلاً تسلم عليه أو لا تسلم عليه؟ هل نعتبر السلام عليه باعتباره مسلم له من الحقوق ما للمسلمين؟ أو نقول: إن ترك السلام أولى لكي يرتدع ويزدجر عما هو فيه ويكون هذا من باب الهجر؟ المسألة هذه تقدر بقدرها؛ لأن السلام بذله سنة، فإذا عارضه ما هو أقوى منه من مصلحة راجحة لا مانع من النظر إلى هذه المصلحة، وإذا كان عدم السلام عليه يجعله يصر ويعاند ويرتكب من المعاصي ما هو أكبر مما هو عليه مثل هذا يسلم عليه، وبعض الناس تجده في وقت الصلاة جالس، تمر عليه هل تقول: السلام عليك الآن الصلاة حان وقتها أو أقيمت الصلاة؟ وأنت تعرف أو يغلب على ظنك أنه لن يستجيب وإن قال: إن شاء الله، مثل هذه الأمور لا بد أن تدرس بعناية، وينظر إلى حال كل شخص بعينه؛ لأنه بعض الناس مشكلة أنت بتروح تصلي وترجع وهو في مكانه وتلقي عليه السلام، مثل هذا لا يستحق السلام، ولا يدعى له بالسلامة مثل هذا، لكن إذا كان من باب مصلحة الدعوة، وأنه يستجيب إذا سلمت عليه ويستحي ويقوم يصلي، وحصل منه شيء من هذا لا بأس، أو غلب على الظن أنه يحصل منه هذا، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . هو يرد بالإشارة وإذا سلم يصرح، إذا سلم من صلاته يصرح. يقول: ما رأيك في ألفية العراقي التي حققها الشيخ عبد الله الحكمي وملحق بشريطين لها؟

هذا الشيخ معروف أنه من أهل الاختصاص والعناية، ومعروف بالتحري والدقة، لكن الذي في نفسي أنهم عدلوا بعض الأبيات في المتن، وأنا اختلف معهم في هذا، الأصل أن يذكر المتن كما صنعه مؤلفه، يحرص من خلال مقابلة النسخ الأصلية الموثقة أن يثبت المتن كما هو، حتى لو فيه خطأ، ويعدل في الحاشية، وأحسنوا حينما ألحقوا بها شريطين، بصوت جيد ومتقن، تضبط منه الألفية؛ لأن طالب العلم يحتاج إلى أن يتلقى الشعر تلقي، يعني بعض طلاب العلم قد لا يحسن قراءة الشعر. يقول: وما رأيك في شرح الروض المربع للشيخ عبد الكريم النملة؟ ما رأيته، يعني ما أطلعت عليه؛ لأن عنايتي بالطبعات القديمة. يقول، وهل شرحكم على الروض وعلى سبل السلام مسجل؟ منه ما هو مسجل، ومنه ما هو مضيع. يقول: هناك امرأة ترقد في المستشفى من أثر جلطة، وهي لا تستطيع الكلام، ويريد أهلها التصدق عنها من مالها، حيث أنها تملك عقارات وأموال من التجارة وأختها الكبرى هي المسئولة عن أموالها فهل يجوز لهم أن يتصدقوا لها من أموالها، وهي على هذه الحال؟ إذا كانت تعقل فلا بد من إذنها، فإن كانت تنطق فبالنطق، وإلا فبالإشارة، إذا أذنت وهي عاقلة لا بأس، أما إذا لم تأذن أو كانت لا تعقل فمثل هذه لا يتصرف بشيء من مالها البتة إلا في الواجب، تخرج منه الزكاة والديون والنفقات الواجبة، من أراد أن يتصدق عنها من ماله هو لا بأس، جزاه الله خير. يقول: هل الحكم فيمن أراد أن يظفر بماله عند شخص جحد ماله وأنكره وذلك في الصورتين واحد: الصورة الأولى: وجد مبلغ من المال في منزل هذا الشخص وأراد أن يأخذ بالقدر الذي له فقط، الصورة الثانية: وجد قطعة ثمينة بقدر المبلغ الذي له على التقريب؟ على كل حال من يجيز مسألة الظفر، ويستدل بحديث هند امرأة أبي سفيان، يقول: أبداً إذا وجد في ماله ما يقابل ما عنده له وجده في بيته أو في أي مكان له يأخذ، سواء كان مال من النقد أو من العروض التي تقابل، لكن عليه أن يتحرى براءة ذمته.

يقول: هل الموظف المقيم الذي يعمل في شركة إذا انتهت إقامته على كفالة الشركة هل يقوم بتجديدها ودفع رسوم الإقامة من جيبه الخاص أم تدفع له الشركة ذلك؟ وما الحكم إذا أجبرته الشركة أن يدفع قيمة التجديد؟ على ما اتفقا، إذا كان الاتفاق بينهما على أنه هو الذي يجدد فالأمر على ما اتفقا عليه، وإن كان الاتفاق على أن الشركة تجدد له فالأمر كذلك. يقول: هل العلة في ثبوت الشفعة دفع الضرر عن الشريك أو دفع ضرر المقاسمة أو دفع أذى الجوار؟ على ما ذكرنا سابقاً الضرر اللاحق بالشريك أو المصلحة الراجحة المترتبة على ملكه لهذا القسم، قد تكون الأرض عشرة آلاف متر، وهذا يكفيه خمسة آلاف، ثم أراد الشريك أن يبيع نصيبه هل نقول: إن عليه ضرر إذا باع خمسة آلاف على غيره؟ هو منتفع إذا كانت له رغبة في شراء النصف الثاني، وتثبت له الشفعة. دفع ضرر المقاسمة إذا كان المنزل لا يقبل القسمة. لا شك أن مثل هذا ضرر ظاهر. دفع أذى الجوار. يعني إذا كان الجار بما يشترك مع جاره في منفعة من المنافع يحصل بسببها خصومة أو شجار أو نزاع أو يتضرر أحدهما بها تثبت الشفعة على ما تقدم. يقول: ما رأيك في كتاب منحة الغفار على حاشية ضوء النهار؟ هذه الحاشية للصنعاني، وفيها بحوث ونقول طيبة، يستفاد منها. يقول: هل ورد عن شيخ الإسلام -رحمه الله- أنه قال بأن المرابي إذا أراد التوبة فله ما عنده من المال تأليفاً له على التوبة وإعانة له؟ وهل قال به بعض أهل العلم؟ هذه المسألة من عشر سنوات سئلت عنها وأجبت بهذا، أن الآية محتملة {فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ} [(279) سورة البقرة] هل المراد به عند التوبة أو عند الدخول في التجارة، وإذا كان المراد بها عند الدخول في التجارة فقد يصد هذا عن التوبة، وما دامت الآية محتملة على حد سواء {وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ} [(279) سورة البقرة] ورأس ماله عند التوبة بحيث لا يأخذ ربا بعد أن تاب {فَمَن جَاءهُ مَوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَانتَهَىَ فَلَهُ مَا سَلَفَ} [(275) سورة البقرة] يعني الذي سلف بعد هذه الموعظة وهذه التوبة له بنص الآية، ثم وقفت على كلام لشيخ الإسلام -رحمه الله- يفهم منه هذا.

يقول: لا يجوز استعمال وقت العمل في أداء بعض العبادات التي تعيق عن أداء العمل فإذا كان رئيسي في العمل يسمح لنا بنصف ساعة لتناول الفطور فهل نصلي فيها الضحى أم لا؟ هو أذن لكم في هذا، فيما أذن فيه وهو الفطور، فإذا طلبت منه أن تترك الفطور وتصلي في وقتها لا بأس. يقول هذا: نرجو تبيين علة الحديث إن وجدت أو الاضطراب حتى نستطيع تطبيق ما تعلمناه في المصطلح على هذه الأحاديث. هذا طلب جيد ووجيه، لكنه يتطلب وقت، يعني دراسة العلة كذا مجرد سرد ما تنفع، بل لا بد من بسطها، وإذا قصدنا بيان العلة من أصلها، ووجوه الاختلاف على الرواة هذا يحتاج إلى وقت طويل، والإخوان من بداية الدورات قالوا: إنهم يريدون إنهاء الكتاب في مدة لا تتجاوز أربع سنوات، نحن مشينا على هذا، ترون بسطنا بعض البسط في أول الكتاب ثم في النهاية أخذنا نستعجل، إنما يبين خلاصة الحكم، وأما العلل فتترك للمكتوب -إن شاء الله تعالى-. حينما يطلق: رواه البيهقي ماذا يقصد السنن الكبرى أم الشعب؟ السنن الكبرى. ما صحة ما ورد عن ابن مسعود -رضي الله عنه- أنه لم يكن يعد المعوذات من القرآن؟ ليس الأمر كذلك، وإنما الذين قالوا عن ابن مسعود ما قالوا، أنها لا توجد في مصحفه، المعوذتان ما توجد في مصحفه؛ لأنها معروفة عند كل أحد، ولا تحتاج إلى كتابة. وإن ثبت ذلك فكيف نرد على الرافضة حين ننكر عليهم قولهم بنقص القرآن فيردون علينا أن من الصحابة من كان يرى بذلك؟

ليس بصحيح، القرآن الذي أجمع عليه الصحابة هو ما بين الدفتين مصون محفوظ من الزيادة والنقصان، وأما ما في مصاحف الصحابة قبل الاتفاق، وقبل الإجماع على ما بين الدفتين لا شك أن منهم من يحفظ بعض القرآن دون بعض، وقليل منهم من يجمع القرآن كاملاً، منهم من كتب بعض السور، وترك البعض؛ لأنه لم يحفظها، المقصود أن القرآن بوفاته -عليه الصلاة والسلام- قد كمل، قد كمل في العرضة الأخيرة فيها القرآن كامل، إلا ما نزل بعدها ثم ألحق به، بعد العرضة الأخيرة، قبل وفاته -عليه الصلاة والسلام-، ثم جمعت هذه الصحف التي بأيدي الصحابة، وأجمع على ما بين الدفتين، والقرآن تكفل الله بحفظه، فلا يجوز لأحد أن يخطر بباله شيء من هذا الخلل أو هذا النقص، أو هذه الزيادة أو النقصان. شخص صوته جميل تقوم إحدى التسجيلات بتسجيل قراءته ثم تبيع هذه الأشرطة ويأخذ منها نسبة من الربح، السؤال: هل يجوز هذا العمل؟ وهل يأثم هؤلاء؟ يأتي الخلاف الذي ذكرناه ((إن أحق ما أخذتم عليه أجراً كتاب الله)) والمسألة التي أريد أن توضح في مثل هذا المجال أن هناك غاية، وهي القرآن قراءة القرآن، العمل بالقرآن، تعليم القرآن، تعلم القرآن، هذه غايات، هناك وسائل لهذه الغايات، مسألة كتابة القرآن التي أشرنا إليها وسيلة لتعلمه وتعليمه وحفظه وقراءته وإقرائه، هذه مسألة أخف من الأولى بكثير، هناك الورق وصناعة الورق الذي يكتب به القرآن، يعني يلحق بكتابة القرآن طباعة القرآن، هذه وسيلة لقراءته، وحكمها أخف من مسألة قراءة القرآن، وتعليم القرآن، مسألة صناعة الورق الذي يطبع به القرآن، تجليد القرآن، المجلد الذي يجلد القرآن، يقال له: أنت تجلد كتاب الله لا يجوز لك أن تأخذ أجر؟ أو أنت تصنع ورق يكتب به أو يطبع عليه القرآن لا تأخذ عليه قيمة؟ لا، هذه وسائل، نعم إن احتسب الأجر، وجلد مصاحف مجاناً ليكون أحفظ لها له أجره، لكن هذا التجليد ليس غاية وإنما هو وسيلة، والوسيلة بمثل هذا أمرها أوسع، فلا مانع أن يسجل ويباع التسجيل، ويستفاد منه، والقارئ أيضاً يكون له نصيبه تبعاً للخلاف الذي ذكرناه.

ما حكم التورق؟ وهل هناك فرق بين من يشتري سيارة أو أسهم بالأقساط من شركة الراجحي ثم يبيعها علماً أن الأسهم ستكون من الشركات النقية؟ أولاً: مسألة التورق شرحناها مراراً، والخلاف فيها بين أهل العلم معروف، وفي أصلها ضعف، وأجازها جمهور أهل العلم للحاجة الداعية إليها، تزداد ضعفاً بالتوسع الذي يزاوله الناس في الأسواق، السيارة لا شك أنها أسلم من الأسهم بكثير، لماذا؟ لأن السيارة بضاعة مستقلة يملكها صاحبها ملك تام مستقل ثم يبيعها على من أراد التورق، ثم يقوم بدوره بقبضها القبض الشرعي المعتبر، يحوزها إلى رحله، وقد نهى النبي -عليه الصلاة والسلام- أن تبتاع السلع حتى يحوزها التجار إلى رحالهم، فالسيارة تمتاز عن الأسهم بهذا، فإذا حازها وباعها على طرف ثالث هذه لا إشكال فيها، أما الأسهم لا يستطيع أن يحوزها، ولا يستطيع أن يبيعها بنفسه، الإشكالات كثيرة، والتساهل والتهاون فيها كثير، حتى اكتفى بعضهم بتوكيل البنك، يقول: اقبض لي، وبع لي، واشترِ لي، إذاً ما لك دور أبداً، مسألة التورق مثلما سمعنا فيها ضعف، والخلاف فيها قوي تزداد ضعفاً بالتوسع، حتى قال بعضهم بل صرح أن القبض أمر اعتباري، يمكن في يوم من الأيام أن يستغنى عنه، كيف يستغنى عنه والرسول -عليه الصلاة والسلام- نهى أن تبتاع السلع حتى يحوزها التجار إلى رحالهم؟ يعني بمجرد العد، مجرد النظر، مجرد القبض الاعتباري الذي يسمونه بالتخلية هذا كله الذي دعت إليه الحاجة، حاجة عدم القدرة على الحيازة، وإلا فالأصل الحيازة، اشتريت أسهم من شركة لا بد أن تنقل نصيبك هذا الأصل، اشتريت جزء مشاع، أو جزء من حديد أو من أسمنت لازم تحوزه إلى رحلك؛ لأن هذه سلعة، هذا الأصل، لكن قالوا: إن هذا مستحيل، يصعب مع الأموال الطائلة الكثيرة التي نقلها فيه مشقة، فأفتوا بجوازه، فهو على خلاف الأصل، فإذا وجد سلعة مثل السيارة على الأصل تحوزها إلى رحلك، فلا شك أنها أسلم. يقول: نلاحظ أن الكثير من الفضلاء خريجي الكليات الشرعية يزهدون في إمامة الصلاة في المساجد، وفي تعليم الناس، فما توجيهكم؟

هذا حرمان؛ لأن الإمامة فيها فضل، وفيها أجر، وكذلك التعليم فيه ما فيه من الأجور، وجاء فيه النصوص الكثيرة، فالتخلي عن مثل هذا حرمان. علماً بأن بعضهم يقول: إنه لا يستطيع تعليم الناس حتى يرسخ في العلم. وأقول له: لن يرسخ في العلم حتى يعلم الناس، وعلى هذا يلزم الدور، فعليه أن يعلم قبل أن يرسخ، يعلم ما تعلم، لا يلزم أن يقحم نفسه في كل مسألة يحسنها أو لا يحسنها، إنما يعلم ويبين للناس ما تعلمه. رأى رجل قطعة أرض وهي ليست لأحد من الناس فذهب إلى شيخ قبيلته واشتراها منه وشيخ قبيلته لا يملكها أصلاً، وقاموا بزراعتها وكسب المال منها فهل يدخل تحت الوعيد؟ لا شك أن شيخ القبيلة آثم؛ لأنه باع ما لا يملك، والمشتري إن كان لديه علم بأن شيخ القبيلة لا يملكها فهو شريك له في الإثم، ومتعاون معه على الإثم والعدوان، وبيعه باطل، وزراعته باطلة. علماً بأن شيخ القبيلة لا يملك الإقطاع، إنما الذي يملك الإقطاع هو ولي الأمر، ومن ينيبه في هذا الباب، علماً بأن المسألة خلافية، هل يملك بالإقطاع وهبة ولي الأمر؟ أو هو مجرد اختصاص لا بد من الإحياء؟ وعلى كل حال هذا التصرف باطل. يقول: رجل أصابته جائحة وأخر أصلح بين رجلين وتحمل مبلغاً وكلا الرجلين ذهب ماله ولم يبقَ معهما إلا ما يقتاتان به فهل يجوز لهما أخذ ما خسراه من أموال الزكاة؟ إيش معنى جائحة؟ الجائحة التي تأتي على جميع المال فلا تبقي له ما يقوم به، فالذي تعرض للجائحة أو تحمل حمالة إذا أتى بالبينة يعطى من الزكاة؛ لحديث قبيصة بن المخارق. يقول: إذا كفلت يد عاملة ... كيف يد عاملة؟ عامل يعني؟ اليد هذه مقحمة، نعم العمل باليد في الأصل كما هو معروف. اشترطت أن يشتغل خارج ملكي، وإذا أردت أن يشتغل عندي أن يأتي ويترك شغله خارجاً من دون مال. يعني إذا جاء بعامل، كفل عامل، وأحضره إلى البلد، وتركه يشتغل لنفسه، جاء بسباك وإلا كهربائي قال: اشتغل، لكن بشرط إن احتجتك تجي، انكسر عنده ماسورة، أو تعطل عنده جهاز، اترك عملك فوراً وتعال، وأصلح لي ما فسد عندي من دون مقابل، هذا من أكل أموال الناس بالباطل.

يقول: هل الصحيح في التشهد إثبات لفظة: أيها في قوله: السلام عليك أيها النبي، أم حذف اللفظة باعتبار قول من قال بأنها خاصة في حياته -صلى الله عليه وسلم-؟ على كل حال اللفظ توقيفي لا يتغير في حياته ولا بعد وفاته -عليه الصلاة والسلام-. يقول: أبي يريد أن يتفق مع أحد العمالة الذين قد طلب من أبي أن يعمل في مزرعته في جزء منها وهو المرش على أن يكون الربح بينهما، وطلب من أبي أن يشتري له الكيماوي على أن يعطيه قيمته لاحقاً، هل هذا جائز؟ أفيدونا جزاكم الله خيراً. منهم من يشترط أن يكون البذر من صاحب الأرض، ومنهم من يجيز أن يكون من العامل، وعلى كل حال بالنسبة للقدر الزائد على الأرض والعمل، الأرض من جهة، والعمل من جهة أخرى القدر الزائد من ذلك على ما يتفقان عليه، فالمسلمون على شروطهم. يقول: فهمنا الفرق بين القرض والدين ولكن ما الفرق بين الدين وبيع الأجل؟ لا فرق بينهما، الدين هو البيع إلى أجل. يقول: إذا وصلت إلى مكة ثم أردت العمرة فهل أخرج إلى الحل ثم أحرم؟ نعم إذا أردت العمرة من داخل مكة، إذا أنشأت العمرة من داخل مكة فتخرج إلى الحل فتحرم من أدنى الحل، كما أمر النبي -عليه الصلاة والسلام- عبد الرحمن بن أبي بكر أن يعمر أخته عائشة من التنعيم. يقول: إذا اشتريت أرضاً أو أكثر ولم أعرضها للبيع حتى يرتفع سعرها وكان الغرض من شرائها هو حفظ مالي فهل عليها زكاة؟ إذا لم يكن أصل الشراء للتجارة فلا زكاة فيها حتى تباع. الطالب: أخذ أكثر من عمرة في السفرة الواحدة؟

عمومات الأحاديث ((العمرة إلى العمرة)) و ((تابعوا بين الحج والعمرة)) يدل على أنه لا بأس به على ألا يشغل عما هو أهم منه، وعائشة -رضي الله عنها- اعتمرت بعد عمرتها التي مع حجها، فلا يظهر في هذا وجه للمنع، كونه لم يفعله -عليه الصلاة والسلام-، وجاءت النصوص التي تدل على جوازه، عرفنا أنه قد يترك الفعل -عليه الصلاة والسلام- خشية المشقة على أمته، قد يترك العمل الفاضل خشية أن يشق على أمته، وجاء التصريح بذلك، وجاء ما يدل على أن العمرة إلى العمرة كفارة، وتابعوا بين الحج والعمرة يدل على التكرار، فلا مانع من التكرار على أن لا يكون عائقاً عن عمل الأفضل، ما يترك الأعمال الفاضلة ويكرر العمرة. طالب:. . . . . . . . . كيف المقابل؟ طالب:. . . . . . . . . يعني جئت بعامل كفتله وقلت: اشتغل لك، يعني من باب التعاون معه، ثم احتجته في أن يعمل لك وأعطيته المقابل كما يعمل للناس ما في إشكال، الإشكال فيمن يأتي بالعمال ويبثهم في الأسواق، ويتشرط عليهم، ويكلفهم من أموالهم التي لا يستحقها مع مخالفته لما ورد في الأنظمة التي سنت لمصالح الناس، وليس فيها ضرر، وليس فيها مخالفة، وما دام ولي الأمر يمنع من هذا فهو ممنوع؛ لأنه ليس بمعصية، ((لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق)).

بعد هذا حديث: "ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه)) رواه ابن ماجه" وسند ابن ماجه ضعيف جداً، وفي الباب عن أبي هريرة يعني يشهد لحديث ابن عمر عند أبي يعلى والبيهقي، وفيه أيضاً عن جابر عند الطبراني، والأحاديث كلها ضعاف، لكن مجموعها، وكون الحديث يأتي من طرق، وعن جمع من الصحابة يدل على أن للأمر أصلاً، يدل على أن له أصلاً، ولذا حسنه بعضهم بشواهده، وهو جارٍ على الأصل في أن الأجير يبادر بإعطائه أجرته، وكونه قبل أن يجف عرقه هذه مبالغة في المبادرة؛ لأن التأخير مطل، والمطل حرام، المطل حرام لا سيما إذا طلب، فإذا كان المستأجر اتفق مع الأجير على مبلغ معين فبمجرد ما ينتهي يكون قد استحق، استحق هذا الأجر، فلا يجوز أن يماطل مع القدرة على الدفع، وإذا كان لا يستطيع الدفع بعد الفراغ من العمل لأنه لا يجد الأجرة فعليه أن يبين أن الأجرة قد تتأخر، أنا لا أملك الأجرة الآن انتظر علي أسبوع، شهر، فإذا رضي بذلك فالأمر لا يعدوه. ((أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه)) قلنا: إن هذه مبالغة في عدم التأخير، وعدم المطل للأجير، والأجير الذي تعب في إنجاز هذا العمل، وعرق بسببه، والعرق لا يأتي إلا بسبب التعب، أو بسبب الحر الشديد، وقد يكون مضطراً إلى هذا العمل، فمثل هذا يجب أن يراعى، وأن لا يماطل، وأن لا يشق عليه، وأن لا يردد، وأن لا يضاع وقته، وعلى كل حال الحديث بجميع طرقه فيها ضعف، وبمجموعها يدل على أن للأمر أصلاً، وهو جارٍ على القواعد، وأن من استحق شيئاً لا يجوز تأخيره إلا بإذنه.

يليه حديث أبي سعيد وهو ضعيف "عن أبي سعيد الخدري -رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من استأجر أجيراً فليسم له أجرته)) " حديث ضعيف، لكن الاتفاق على الأجرة، أن تكون الأجرة معلومة هذا شرط من شروط صحة الإجارة، أن تكون الأجرة معلومة، إذا لم تكن الأجرة معلومة، وقال: تعال أصلح لي كذا، وقال له: بكم؟ قال: ما نختلف، هذه يفعلونها، يفعلها كثير من الناس، ثم إذا انتهى حصل الجدال والنزاع والخصام، أصلح السيارة بكم؟ إن شاء الله ما يحصل بيننا خلاف، خلص -إن شاء الله-، ما نختلف، أنا بأرضيك، ثم إذا انتهت السيارة قال: أخذ عشرة، قال: لا أريد مائة، يحصل الشقاق والنزاع، ولا شك أن تسمية الأجرة يحسم مثل هذه الخصومة، لكن إذا حصل مثل ذلك فالقول قول من؟ من الذي يقبل قوله؟ يقبل قول العامل باعتبار أنه .. ؟ أو يقبل قول الذي لم يفرط؟ لأنه عندنا طرف مفرط وطرف غير مفرط؛ لأنه أحياناً يأتي بسيارته ويقول له العامل: بكم؟ فيقول صاحب السيارة: ما نختلف، حينئذٍ يكون القول قول العامل، لكن لو قال صاحب السيارة: بكم؟ وقال العامل: ما نختلف، فالمفرط العامل، يأخذ ما يعطى، ولو رجع إلى أهل الصنف وأعطي أجرة المثل هذا أبرأ للذمة بلا شك، وإلا على كل حال الذي يفرط يتحمل تبعة تفريطه. طالب:. . . . . . . . .

إيه لكن ما يبدأ بإصلاحها حتى يعرف، يقول: دعني أكشف وأحدد، دعني أتأكد ماذا تطلب؛ لأن بعض أصحاب الورش يحتال على صاحب السيارة، يقول صاحب السيارة: أنا مستعجل، يقول: لا يا أخي سيارتك تحتاج إلى ثلاثة أيام، علشان يزيد في الأجرة، اذهب وبعد ثلاثة أيام تجي، وهي ما تحتاج إلا إلى سلك يربط بسلك آخر وتنتهي، ولا دقيقة، من أجل إيش؟ أن تكثر الأجرة؛ لأنه لو رآه يعقد سلك بسلك ما سمحت نفسه يعطيه ولا خمسة ريال، وهو يريد مبلغ جامد من الرجل، فمثل هذه الحيل موجودة سواء كانت من أصحاب المحلات، أو من أصحاب الحاجات ممن يحتاج إلى هؤلاء، فالحيل لا تجوز على أكل أموال الناس بالباطل، لا يجوز له، وإنما يأخذ بقدر عمله، وإذا أخذ بقدر عمله يبارك له فيه، فإذا قرر ما تحتاجه السيارة من العمل، والجهد الذي يبذل في تركيب هذه القطع، وحسب عليه قيمة القطع، وأجرة تركيبها هذا ما يستحقه، فإذا اتفقوا عليه من الأصل قال: أنا أشتري القطع وأعطيك الفواتير، وأحسب أجرة يدي كالمعتاد، مثل هذا -ووثق به- يدفع له ما يطلب إذا وثق به، وعلى كل حال التلاعب في أسواق المسلمين موجود بكثرة، فعلى مثل هؤلاء أن يتقوا الله -جل وعلا-، وأن يرفقوا بالناس ليبارك لهم، ومن صفة المسلم في بيعه وشرائه، في أجرته في تأجيره كله أن يكون سمح، سمح إذا باع، سمح إذا اشترى، سمح إذا قضى، سمح إذا اقتضى، يعطي بطيب نفس، يأخذ بطيب نفس، لا تكون المشاحة هي عادته وهي ديدنه، حينئذٍ تنزع البركات.

"رواه عبد الرزاق، وفيه انقطاع" يعني في إسناده انقطاع، وهذا الانقطاع وصله البيهقي لكن من طريق الإمام أبي حنيفة -رحمه الله-، وهو إمام عند جمهور المسلمين، الإمام الأعظم، وإمام مقتدى به، وإمام متبوع، لا إشكال في كونه إماماً معظماً عند جمع غفير من المسلمين، لكنه في هذا الباب، في باب الرواية، يعني في باب الفقه إمام، جبل، إمام عظيم، بل يقولون: الأعظم، لكن في باب الرواية تكلم فيه أهل العلم من جهة حفظه، لا من جهة ديانته إنما من جهة حفظه، ورموه بسوء الحفظ، وهذا لا ينافي هذا، يوجد من الفقهاء الكبار من ضعف حفظه؛ لأن الحديث يصعب ضبطه وحفظه وإتقانه، وجمع أطرافه، لا سيما بالنسبة لمن يلتفت إليه مؤخراً، الذي يعتني بالحديث من أول الأمر بالتدريج يدرك، لكن الذي لا يلتفت إليه إلا بعد أن يكبر في السن، ويطعن في السن، مثل هذا يصعب عليه أن يجمع الحديث، ولذا وجد في كبار الأئمة في سائر العلوم من يوصف بسوء الحفظ، يوجد، القرآن يمكن ضبطه، وقد يكون أتقن القراء، أو من أتقن القراء، ومع ذلك إذا جاءت روايته للحديث ضُعف؛ لأن ضبط القرآن ممكن، وقد تكون عناية هذا الشخص بالقرآن من الصغر، فيضبطه ويتقنه، وإذا التفت إلى الحديث ضعف، قد تكون عنايته بالفقه من أبوابه ومن أصوله وعلى قواعده وضوابطه، ويتقن الفقه والنظر، يكون لديه النظر التام في المسائل العلمية، لكنه الحفظ عنده أقل، وهذا مشاهد، تجد بعض طلاب العلم، بل بعض أهل العلم إذا بحث مسألة أمامه هذه المسألة ذكر كل ما يتعلق بها مما يدور في فلكها، لكن إذا أراد أن يستدل لها بدليل نقلي صعب عليه؛ لأنه ما اعتنى بالحفظ من أول الأمر، وهذه عادة أهل الرأي، تجدهم في مسائلهم الفقيه فيها شيء من البسط، وفيها شيء من الاستطراد والتوضيح، وذكر الأشباه والنظائر، مسائل كثيرة يفرعونها على قواعد، لكن عند الاستدلال قد يضعف الواحد منهم، ولا يقال: إن أهل الرأي، ويقصد بذلك من مدرسة الكوفة كأبي حنيفة وغيره من أهل العلم أنهم لا يعتمدون على النصوص، عمدتهم النصوص، ولا فقه إلا بنص، لكن قد يكون الغالب على هذا الفقيه الرأي فينسب إليه، وقد يكون الغالب على هذا الفقيه الأثر فينسب إليه، وعلى كل حال

العناية بالحديث ينبغي أن تكون هم طالب العلم بعد العناية بالقرآن، ولا مانع أن يضبط علم من العلوم ويكون فيه خلل في علوم أخرى، هذا موجود، ولا يوصم بأنه ضعيف في كل العلوم لأنه ضعف في علم من العلوم، فأبو حنيفة إمام في الفقه لكنه في الرواية أقل، عاصم بن أبي النجود إمام من أئمة القراء، قراءته من أجود القراءات، قراءته متواترة ومع ذلك هو في حفظه بالنسبة للسنة أقل، مغموز في حفظه، ومثل هذا لا يطعن في هذا، لماذا؟ لأن الاهتمام بباب أو بفن من الفنون يجعل الإنسان يتقنه، ولا يلزم منه أن يتقن جميع العلوم، لا يلزم في إنسان ولا يفترض في شخص أنه يتقن العلم كله بجميع فروعه وأبوابه، قد يكون الإنسان معروف مرجع في العربية، لكن إذا سألته عن العلوم الشرعية أقل، قد يكون في باب الفرائض مثلاً إمام، لكن تسأله في أبواب أخرى من أبواب الفقه أقل، وهذا لا يقدح فيه، ولا يعني أنه لا يستفاد منه في هذا الباب، أو يقال: إن في تحصيله لهذا الفن أو لهذا العلم خلل، فعاصم بن أبي النجود إمام من أئمة القراء، وضعفه في الحديث الذي ذكر عنه لا يؤثر على إمامته وقراءته أبداً في وجه من الوجوه، وكون الإمام أبي حنيفة ضعيف من ناحية الحفظ، لا يعني أنه ضعيف في مسألة النظر الصائب في المسائل الفقهية، لكن باعتبار ارتباط الفقه بالأثر الذي يجمع بينهما لا شك أنه أولى بالإتباع، والله أعلم. وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

كتاب البيوع (18)

شرح: بلوغ المرام - كتاب البيوع (18) باب: إحياء الموات الشيخ: عبد الكريم بن عبد الله الخضير الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. قال الحافظ ابن حجر العسقلاني -رحمه الله تعالى- في كتابه بلوغ المرام: باب: إحياء الموات عن عروة عن عائشة -رضي الله تعالى عنها- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من عمّر أرضاً ليست لأحدٍ فهو أحق بها)) قال عروة: وقضى به عمر في خلافته. رواه البخاري. وعن سعيد بن زيد -رضي الله تعالى عنه- عن البني -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من أحيا أرضاً ميتاً فهي له)) رواه الثلاثة، وحسنه الترمذي، وقال: روي مرسلاً. وهو كما قال، واختلف فيه صحابيه، فقيل: جابر، وقيل: عائشة، وقيل: عبد الله بن عمر، وقيل: عبد الله بن عمرو -رضي الله تعالى عن الجميع- والراجح الأول. الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: باب: إحياء الموات

الموات: بالتخفيف من الموت ضد الحياة، وموت كل شيءٍ وحياته بحسبه، والموت حقيقته فيما له روح تفارقه، هذا حقيقة الموت، وهذا موت الحيوان، وأما موت الجماد فهو ضد حياته التي هي عمارته بحيث يستفاد منه كالاستفادة من الحيوان الحي، وأما الأرض الميّتة أو الميتة والموات التي لا حياة فيها، وحياتها تتمثل بالإفادة منها، كما أن النبات له حياة وله موت، فحياته بنمائه، وموته بتوقف نمائه، ولذا يقولون: إن الشعر والظفر تحله الحياة التي هي بمنزلة حياة النبات، ولا تحله الحياة التي هي بمنزلة حياة الحيوان، ولذا يعامل معاملة من جهة، ومعاملة من جهةٍ أخرى، فباعتبار الحياة التي تشبه حياة النبات يجوز قصه حال حياة الحيوان، ويكون حينئذٍ طاهراً؛ لأنه لو كانت حياته مثل حياة الحيوان لقلنا: إنه لا يجوز قصه، وحينئذٍ يكون نجساً؛ لأنه ميتة؛ لأن ما أبين من حيٍ فهو كميتته، لكن تحله الحياة، وأيضاً حياته كالنبات لا كالحيوان، وفائدة هذا الكلام أنه يجوز قصه وجزّه حال حياة الحيوان الذي هو في الأصل ملتصق به، فباعتبار حياته لا يقال: إنه إذا قصّ وجزّ وتوقف نماؤه مات بعد أن كان حياً كحياة الحيوان فيكون نجساً، ولا يقال: إنه كجزء الحيوان وإن كان حياً، وتحله الحياة المناسبة له؛ لأنه لو قيل كذلك لقلنا: إنه لا يجوز قصّه كجزء الحيوان ويحكم بنجاسته؛ لأن حكمه حكم ميتته، فحياته كحياة النبات، هذا هو المقرر، وليس بميتٍ في الأصل؛ لأنه مشاهد، نموه مشاهد؛ لأن نموّه مشاهد، فيزيد مع الوقت. الأرض الموات هي التي لا عمارة فيها، والتي لا ملك لأحدٍ عليها ولا اختصاص، هذه هي الأرض الموات، التي لا عمارة فيها ولا حياة تناسبها ولا ملكة فيها لأحد ولا اختصاص. يقول -رحمه الله تعالى-:

"عن عروة عن عائشة -رضي الله عنها- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من عمّر)) " عمّر ويمكن ضبطه بالتخفيف، وجاء في بعض الروايات: ((من أعمر أرضاً ليست لأحدٍ فهو أحقّ بها)) من عمّر وبالتخفيف أيضاً يضبط من عَمَر، وعمّر من التعمير، وعَمَر من العمارة {وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا} [(61) سورة هود] يعني طلب عمارتكم لها؛ لأن السين والتاء للطلب، فطلب العمارة يناسب التخفيف؛ لأن التشديد عمّر مصدره تعمير، وأما رواية: ((أعمر)) فحكم بعضهم بضعفها من حيث الرواية، ومن حيث المعنى؛ لأن أعمر –الهمزة همزة التعدية هنا- تجعل الذي عمر هذه الأرض غير من أعمر، تجعل الذي يعمر الأرض ويتولى عمارة الأرض غير (من) التي هي في الأصل .. ، لا يعود على (من) التي هي الشرطية، إيش معنى هذا الكلام؟ يعني من (عمرّ) يعني بنفسه، من (أعمر) من طلب من أحدٍ أن يعمر هذه الأرض ((فهي له)) الضمير لمن؟ لو افترضنا أن هذه أرض ميتة بيضاء لا ملك فيها لأحد ولا عمارة ولا اختصاص، جاء زيد من الناس وسبق إليها، وقال لعمرٍ: أعمر هذه الأرض، لو أن زيداً هذا السابق لها والمتقدم إليها دون أن يسبق لأحدٍ له يد عليها لو أنه عمرها قلنا: عمّرها أو عَمَرها ماشي، لكن إذا كلّف أحداً يعمرها قيل: أعمر، وهذه يسمونها همزة التعدية، والفعل من الأصل متعدي، وبدلاً من أن يتعدى لواحد يتعدى لاثنين، إذا قلت: ذهب زيد، هل هو مثل قولك: أذهبت زيداً؟ لا، يختلف، فقولنا أو في الرواية: ((من أعمر)) يعني من كلّف أحد أن يعمرها ((فهي له)) على رواية: عمّر أو عَمَر ظاهر، الضمير يعود إلى هذا الذي سبق إلى هذا المباح الموات، وتكون له، واللام هذه لام ملك أو اختصاص؟ شبه ملك؟ "اللام للملك وشبهه" هل هذه اللام لام ملك أو لام شبه الملك الذي هو الاختصاص؟ إذا قلنا: الدار لزيد، والفرس لزيد، هذه اللام ملك ما فيها إشكال، لكن إذا قلنا: الجل للفرس، والقفل للباب، هذه لام شبه ملك، يعني أن هذا القفل مخصص لهذا الباب وهو اختصاص؛ لأن عندنا في هذا الباب في باب إحياء الموات ما يسمى بالملك وما يسمى بالاختصاص، ولكلٍ منهما أحكامه المترتبة عليه، فهي له إذا قلنا: عمّر أو عَمَر سبق إليها وهي مباحة لا

عمارة فيها لأحد ولا ملك ولا اختصاص تكون له إذا عمّرها وأحياها بالحد المذكور عند أهل العلم بأن يكون أحاطها بسور لا يقل عن ثلاثة أذرع بحيث يمنع من الوصول إليها، ويمنع من الخروج منها، إذا أحاطها بجدار طوله ثلاثة أذرع هذا المحدد عند أهل العلم؛ لأن ما دونه يمكن التسلق عليه، ويمكن القفز منه من الداخل، فلا يمنع الجدار الأقل من ثلاثة أذرع لا يمنع، فإذا وجد هذا السور فإنه عمارة، ثم بعد ذلك يتصرف فيها إما بزراعة أو بما يشاء، هذا نوع من العمارة، لكن لو كانت أقل، لو أحاطها بكثيبٍ من الرمل الذي يسمونه إيش؟ عقم، نعم، هذا لا يكفي، هذا لا يسمى عمارة، فمثل هذا يسمى اختصاص، تضرب له مدة فإن أحياها بالعمارة المعتبرة بأن زرعها أو أحاطها بجدارٍ لتكون مأوىً لدوابّه أو لماشيته أو تكون مستودعاً لبضائعه، إن أحاطها بالجدار المذكور وإلا فلا، فلا يكفي مثل الجدار القصير أو ما يسمى بالعطن بكثيبٍ من الرمل والبلدان تختلف؛ لأن هذه العمارة جاءت مطلقة بنصوص الشرع فيرد تفسيرها إلى العرف.

((من عمّر أرضاً ليست لأحدٍ)) لأن الأرض المملوكة لأحد لا يجوز التعدي عليها، والتعدي على الأرض المملوكة لأحد هذا يسمى غصب ((ومن اقتطع شبراً من أرض طوقه يوم القيامة من سبع أراضين)) فالاعتداء على الأراضي المملوكة المعروف أصحابها، التي لها أصحاب مثل هذه غصب وتعدي وظلم، طيب هناك أراضي لا يعرف أربابها، وهي أوقاف مندرسة قديمة أو لها أرباب ضيّعوا الإثباتات التي تدل على أنها لهم، هذه أيضاً لا يجوز التعدي عليها حتى تثبت لأصحابها أو يحكم حاكم بأنها ليست لهم فتعود مواتاً، فهذا الموضوع أمره وشأنه عظيم؛ لأن من اقتطع شبراً من أرض إيش أقل من شبر؟ الذي لا يسع قدم ((شبراً من أرض طوقه من سبع أراضين)) فهذا الأمر في غاية الأهمية لا بد أن ينتبه له المسلم، صحيح الشرع أطلق في مثل هذا ((من عمّر أرضاً)) بهذا القيد ((ليست لأحد فهي له)) أو فهو أحق بها، أو فهو أحق دون بها، النص والذي يليه ليس فيه ذكر للإمام، فهل لكل أحدٍ أن يذهب إلى شيء لا يملك ويقيم عليه سور ويقول: أحييت هذه الأرض فهي لي؟ نعم الجمهور على أنه لا يشترط في هذا إذن الإمام، لكن شريطة أن لا يحتاج إليها، هذه الأرض لا يحتاج إليها في المصالح العامة، فلا تكون في وادٍ، أو في مسيل يجري معه الماء فمثل هذا لا يمكن أن يملك، اللهم إلا إذا استغني عنه، يعني كان هذا المسيل يصب في مزارع، ثم هذه المزارع خططت وجعلت دور ومساكن، الدور والمساكن ليست بحاجة إلى مجرى للسيل؛ لأن هذا المسيل يصب في هذه الدور، فالذي يمنع من ورود هذا الماء إلى هذه الدور محسن بخلاف ما لو كانت هذه الأراضي كلها مزارع فإن هذا المجرى وهذا المسيل هذا يحتاجه أهل المزارع؛ لأنهم بحاجة إلى الماء، بحاجة إلى هذا المجرى لو حيل بينهم وبينه لتعطلت مزارعهم، ولماتت زروعهم، فمثل هذا لا يملك، اللهم إلا إذا عدمت منفعته، بل صارت المصلحة فيه الحيلولة دونه ودون هذه البيوت، علماً بأن البناء في مجاري السيول ولو وضعت جميع الاحتياطات لا شك أنه ضار، والسيل له مجاري يأتي من حيث لا يحتسب الإنسان، يضع الاحتياطات التي تدور في باله وقت العمارة ثم بعد ذلك يؤتى من حيث لا يحتسب، ولذا ينهى عن البناء في هذه المواطن،

على كل حال إذا احتيج إلى هذه الأرض مصلحة عامة، مرفق عام يحتاجه الناس فإنه لا يجوز حينئذٍ إحياؤه ولا يملك بالإحياء، أما إذا خلا من الملك والاختصاص والعمارة لأحد ولا يحتاجه الناس فإنه حينئذٍ ينطبق عليه الحديث: ((من عمّر أرضاً ليست لأحدٍ فهو أحق بها)) أحقّ بها، أحقّ: أفعل تفضيل، وأفعل التفضيل تقتضي أن هناك شيئين فأكثر يشتركان في وصف هو الحقّ، لكن يفوق أحدهما الآخر في هذا الوصف، فمعنى هذا أن الناس كلهم لهم حق في هذه الأرض؛ لأنها ليست لأحد، فالناس يتساوون فيها والحق لهم مشاع فيها، لكن من سبق إليها وتقدّم إلى ما لم يسبق إليه في هذه الأرض وحقّق الشرط في الحديث: ((عمّر)) فهو أحق بها من غيره، وحينئذٍ يبقى فيها حق لأحد أو لا يبقى؟ إذا عمّرها فهي له كما في الحديث، كما سيأتي في الحديث الذي يليه، ينقطع حق الغير عنها، وتصير ملكاً له إذا أحياها الإحياء المعتبر، ويبقى أنها إذا عادت مواتاً، أحياها مدة، زرعها مدة، ثم بعد ذلك رأى أنه ليس من المصلحة أن يتابع في زراعة هذه البقعة فأهملها وعادت مواتاً كما هي، نعم تعود موات وإلا تستمر حق له يبيعها؟ يعني فهي له ملك دائم مستمر أو ملك معلّق بوصف متى وجد هذا الوصف وتحقق هذا الوصف فهي له أو فهو أحقّ بها؟ يعني علقت بوصف، يعني كانت الأراضي ليست على هذه الصفة، أو مثل هذا الوقت الذي نعيشه، يعني بالإمكان أن يزرع اليوم في هذا المكان ويصير له وبعدين يرحل يشوف مكان ثاني، يعني ما تعلق الناس بالدنيا مثل تعلقهم الآن، لم يتعلقوا بالدنيا كتعلقهم الآن، الآن البيت جزء من الحياة عند الناس، لكن قبل؟ بإمكانه يزرع في هذا المكان إذا ما ناسب يشوف مكان ثاني ولا أحد يقول له: وين أنت رايح؟ ولا يستأذن إمام ولا شيء، هذا قول الجمهور أنه لا إذن للإمام في مثل هذا، لكن عند الحنفية لا بد من إذن الإمام، متى يتجه القول بقول الحنفية؟ أولاً: النصوص خالية عن إذن الإمام، لكن قد يتجه القول بقول الحنفية متى؟ إذا وجد مثل الظرف الذي نعيشه من المنافسة على هذه الأمور والشحناء، ولو قيل في مثل هذا الوقت: إنه لا إذن لإمام في مثل هذا لا شك أن الناس يقتتلون على هذه الأراضي، فلا بد من تنظيم في

مثل هذا الوقت؛ لأن صار لها شأن، والأمور حينما كان الناس يتسامحون فيها، ويتعافون فيها أمرها سهل، لكن إذا وجد مثل هذه المشاحّة الشديدة في الأراضي لا بد من تنظيم، والأصل في الأشياء والأعيان الإباحة، لكن إذا دخل هذه الأمور المباحات ما يقتضي التنظيم لا شك أنه لا بد منه، يعني مسألة تقبيل الحجر مثلاً، وش الأصل فيه؟ أنه مشروع ومستحب، وبدون إذن إمام ولا شيء، لكن إذا رأى الإمام الناس يقتتلون عليه ما يضع حارس عليه من الشرط أو غيرهم ينظم الناس، حفاظاً على مصالح الناس؟ فاشتراطهم للإمام في مثل هذه الأمور من هذه الحيثية، لا لأنه تغيير حكم شرعي، يعني حينما يقول العلماء في صلاة الجمعة: ولها شروط ليس منها إذن الإمام، إذا كانت الأمور ماشية عادية في كل حيّ أو في كل بلد مسجد جامع، ولا يزيدون على الحاجة هذا الأصل، ولا يستأذن الإمام في هذا لأنها عبادة، والعبادات الخاصة لا تحتاج إلى إذن، لكن إذا تنافس الناس، وتباهى الناس، وصار في كل حيّ خمسة جوامع، ستة جوامع، وصار .. ، بل جعلوا كل مسجد جعلوه جامع؟ ألا يتدخل الإمام في مثل هذا؟ لا، له أن يتدخل، وحينئذٍ يشترط إذنه كما هو الواقع الآن، ليس كل أحد أراد أن يعمر مسجد يجعله جامع، ولو كان بجواره جامع آخر؛ لأن الأصل في مشروعية صلاة الجمعة وخطبة الجمعة الاجتماع، وما سميت جمعة إلا لأن الناس يجتمعون فيها، أكبر قدر ممكن يجتمع، ولذا العلماء يحرمون إقامة جمعة ثانية، يمنعون، وإذا أقيمت جمعة ثانية فالأولى صحيحة والثانية باطلة، فإذا وجد مثل هذا الأمر الذي يختل فيه الهدف الشرعي، ولا يتحقق الهدف الذي من أجله شرع هذا الأمر فلا بد أن يتدخل الإمام، ما نسمع مثل هذا الكلام، وكونه ما يحتاج إذن إمام في مثل هذا، في إحياء الموات، ونتسابق ونتصارع والإمام يتفرج ما هو صحيح! وقل مثل هذا فيما ذكرنا في تقبيل الحجر الأسود مثلاً، الإمام يرى الدماء تسيل حول الحجر الأسود والمضاربة والزحام الشديد ويتركهم؟ إيش معنى إمام إلا ليدبر أمورهم وشؤونهم؟ فلا نفهم مثل هذه الأمور على غير وجهها؛ لأن بعض الناس قد يقول: إن اشتراط إذن الإمام زيادة على ما شرعه الله، والأصل أن الأمور مباحة، وكل واحدٍ

يسبق، وتجد هذه السيارات تجوب هذه الصحاري والقفار وتخطط وبعدين .. ؟ فلا بد من إذن الإمام حينئذٍ، أما إذا مشت الأمور بدون الشحناء والبغضاء والمنافسة التي قد تستدعي القتال أحياناً، الأراضي حصل من جرائها قتال، يعني ألا يسمع في بعض القضايا أنه اقتتل اثنان من أجل أرض؟ يمكن، فلا بد من تدخل الإمام في مثل هذه الحالة. ((من عمّر)) هذه (مَن) مِن صيغ العموم تشمل الذكر والأنثى، والصغير والكبير، والمسلم والكافر، هذا الأصل في هذه الصيغة، لكن جاء في بعض الأحاديث ما يدل على التقييد بالمسلم، وأن هذه الأمور المباحة المتاحة للجميع إنما هي للمسلمين، فمن ذلك قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((عادي الأرض لله ولرسوله، ثم هي لكم)) يعني المسلمين، وسيأتي في حديث: ((المسلمون شركاء في ثلاثة)) وهذا سيأتي، مما يدل على أن غير المسلم لا يشارك المسلمين، هذا إذا أتيح وأبيح له البقاء بشرطه الشرعي. في الحديث الذي يليه، أما بالنسبة للموات التي تقدم ذكره، وذكرنا أنه ليس فيها عمارة، ليست معمورة، وليس فيها ملك لأحد، ويدخل في هذا الأحد الذي اشترط نفي ملكه المسلم والكافر المأذون ببقائه، فإنه حينئذٍ يملك، إذا أذن ببقائه ملك، فلا يجوز التعدي على حقه ولو كان كافراً، ما دام ذمياً، أو مستأمناً، أو دخل بإذن المسلمين. الحديث الذي يليه يقول: "عن سعيد بن زيد" هناك في الحديث الأول: "رواه البخاري، قال عروة: وقضى به عمر في خلافته" أحياناً يأتون بالموقوفات بعد الأحاديث المرفوعة، يعني ما الداعي لقول عروة: قضى به عمر في خلافته بعد قوله -عليه الصلاة والسلام- والحجة في قوله -عليه الصلاة والسلام-؟ ليبيّنوا أن الحكم محكم غير منسوخ، وأن النبي -عليه الصلاة والسلام- توفي والأمر على ذلك وقضى به من بعده. "وعن سعيد بن زيد" سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل، أحد العشرة المبشرة بالجنة. سعيد وسعد وابن عوفٍ وطلحة ... وعامر فهرٍ والزبير الممدح هذا سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل معروف وأبوه أيضاً مشهور "-رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من أحيا أرضاً ميتةً فهي له)) " يعني (من) شرطية، وأحيا فعل الشرط، وجوابها فهي له.

رواه الثلاثة، وقال ابن حجر: رواه الثلاثة فمراده أبو داود والترمذي والنسائي، يعني الأربعة سوى ابن ماجه، وحسّنه الترمذي، وقال: روي مرسلاً، وهو كما قال، يعني الإرسال فيه ظاهر، كيف يحسّنه وهو مرسل؟ كيف يحسنه الترمذي وهو مرسل؟ نعم قد يحسّن ما فيه انقطاع الترمذي -رحمه الله-، والحديث محكوم عليه بأنه حسن من غير الترمذي -رحمه الله-.

يقول الحافظ في فتح الباري بعد أن ساق شواهد الحديث، وذكر أن في أسانيدها مقالاً لأهل العلم كناية عن تضعيفها إلا أنها يتقوى بعضها ببعض فتصل إلى درجة الحسن لغيره، ومن أقوى الشواهد الحديث الذي قبله، هذا الحديث: ((من أحيا أرضاً ميتة فهي له)) والثاني: ((من عمر أرضاً ليست لأحدٍ فهو أحق بها)) إلا أن الصيغة في الحديثين فيها نوع اختلاف، يعني هل نقول: إن حديث عائشة شاهد لحديث سعيد بن زيد؟ أولاً: حديث عائشة لا يحتاج إلى شاهد في البخاري، لا يحتاج إلى شاهد أصل برأسه، لكن إذا أردنا أن ندرس حديث سعيد بن زيد وذكرنا شواهده نذكر حديث عائشة شاهداً له؟ وهنا تأتي مسألة في غاية الأهمية في مصطلح الحديث ننتبه لها، حديث سعيد بن زيد فيه كلام لأهل العلم، ومضعّف، وشواهده أفرادها ضعيفة، وجدنا له شاهد في الصحيح من حديث عائشة، هل نصحح حديث سعيد بن زيد باعتبار أن له شاهد في الصحيح أو نكتفي بقولنا: حسن؟ بمعنى أن الحديث الضعيف الذي له شواهد بعضها ضعيف، وبعضها حسن، وبعضها صحيح، هل يترقى درجة واحدة أو يترقى درجتين؟ يعني عندنا حديث ضعيف له شاهد أو شواهد ضعيفة، ثم وجدنا ما يشهد له من الأحاديث الصحيحة؟ بالأحاديث الضعيفة التي ضعفها قريب، مثل ضعفه يترقّى إلى الحسن لغيره، هذا ما فيه إشكال وجدنا له شاهد صحيح، هل نقول: إن هذا الضعيف يرتقي إلى الصحيح؟ بمعنى أننا نرقيه درجتين؟ أو نقول: يرتقي إلى الحسن لغيره فلا نرقيه إلا درجة واحدة؟ وهذه مسألة معروفة عند أهل العلم وفيها كلام الأكثر على أنه لا يرتقي أكثر من درجة، فغاية ما يقال في حديث سعيد بن زيد أنه حسن لغيره، ومنهم -وأشار إليه الحافظ ابن كثير في اختصار علوم الحديث- أنه لا مانع من أن يرقى إلى درجتين؛ لأن المقصود إيش؟ المتن، المقصود المتن والمتن صح، بل صح في البخاري، فلا مانع من أن نقول: حديث سعيد بن زيد صحيح؛ لأن له شاهداً في الصحيح على كلام من يرقي درجتين، وهذه المسألة يحتاجها كل من يخرج الأحاديث، والإشارة إليها خفية في كتب أهل العلم، إنما قد توجد في كتب التخريج، فينتبه لها، إذا درسنا حديث عائشة قلنا: صحيح ما تردنا فيه، لماذا؟ لأنه في البخاري إذا كانت الدراسة لحديث

عائشة، لكن افترض أنك تدرس الحديث من جامع الترمذي، ووجدت حديث سعيد بن زيد؟ إذا جمعت طرقه وألفاظه جزمت بأنه بمجموع هذه الطرق يرتقي إلى الحسن لغيره، فإذا أضفت إليه ما في الصحيح هل ترقيه إلى الصحيح أو يستمر حسب الشواهد التي ذكرت له حسن لغيره؟ ففرق بين أن ندرس حديث عائشة أو أن ندرس حديث سعيد بن زيد، مثل هذا لا بد من الانتباه له؛ لأن بعض الناس يغفل عن الحديث المشروح، الحديث المدروس هو الأصل ولو كان ضعيفاً، ثم بعد ذلك تحشد له بما يرقيه، تأتي له بما يرقيه، أما بعض الناس وهو يدرس حديث في ابن ماجه وفيه كلام وكذا، وفي ذهنه حديث صحيح يحكم بمجرده .. ، على طول يحكم للحديث بالصحة، فهذا يختلف مع ما سار عليه أهل العلم في هذا الباب، نعم قد يكون مثل شيخ الإسلام -رحمه الله- قد يورد حديث: ((من أحيا أرضاً ميتة فهي له)) وهو حديث صحيح وفيه وفيه ليش؟ لأن شيخ الإسلام عنده تصور تام للنصوص، فهو يحكم عليها بموجب هذا التصور، ولذلك ينتقد في بعض الأحاديث؛ لأنه يحكم عليها بهذا التصور العام -رحمه الله-، ومثل ذلك حينما يحكم على مسألة في مسألة شرعية، أنت يعوزك الدليل، لكن هو من خلال نظرته الشاملة للشريعة والقواعد العامة والكلية يعطيك الحكم وهو ماشي -رحمه الله-، بينما أنت قد لا تجد له مستند، وهو من هذه الحيثية جاري على القواعد الشرعية. نعود إلى الحديثين، هل يصلح حديث عائشة لئن يكون شاهد لحديث سعيد بن زيد؟ أولاً: ليس بمتابع لأنه صحابي يختلف، فهل يصلح أن يكون شاهداً؟ هل المعنى واحد في حديث عائشة وفي حديث سعيد بن زيد؟ ((من عمّر أرضاً ليست لأحد فهو أحقّ بها)) و ((من أحيا أرضاً ميتة فهي له))؟.

ما هم من هذه الحيثية، التعمير والإحياء كلاهما يثبت الملك هنا، يثبت بلا شك، لكن في الحديث الأول يثبت الأحقية، وفي الثاني يثبت الملك، فإذا قلنا: "فهي له" لام ملك، وهناك أحقّ، كونه أحق بها لا يعني أن حقوق الغير المتعلقة بها انقطعت، لكن هو أحق بها، هذا في الأصل، في استعمال اللغوي لهذا اللفظ، كونه أحق بها لا يقطع حقوق الآخرين منه، بمعنى أنها لو عادت بواراً مرة ثانية ما صار أحق بها فتعود، وإذا قلنا: له لا تخلو هذه اللام إما أن تكون لام ملك أو لام اختصاص، فإن قلنا: هي لام اختصاص صار المعنى واحد، يختص بها ما دام محيياً لها، أما إذا عادت فليس بأحق بها، وليست له، وإذا قلنا: إن اللام للملك لا تعود أبداً، خلاص صارت ملكه، ولو عادت بوار له أن يبيعها، مسألة الأحقية المذكورة في الحديث الأول إذا قلنا: هذا الكتاب عندنا وضعنا كتاب هنا، ووضعنا عليه مسابقة وقلنا: من يفوز بهذه المسابقة له هذا الكتاب، أو هذا الكتاب من يجيب على هذه الأسئلة فهو له، أو فهو أحق به، فأجاب عشرة طلاب، واحد من الطلاب أخذ مائة بالمائة في الجواب، والثاني أخذ تسعين، والثالث تسعة وثمانين، إلى سبعين، ودرجة النجاح من ستين كلهم نجحوا، لكن من الأحق به؟ الأول الذي أخذ مائة بالمائة فهو أحق به، وهذا الحق وإن اشتركوا فيه بالجملة إلا أنه لا يتعدد، لا يحتمل إلا شخص واحد لا يمكن قسمته، فيملكه الأحق، انتبهوا يا الإخوان، إحنا عندنا كتاب وضعنا عليه مسابقة، وقلنا: من أجاب على هذه المسابقة فهو أحق به، أجاب عشرة على هذه المسابقة، وكلهم تجاوزوا درجة النجاح، فصار لكل واحد منهم حق متعلق بهذا الكتاب، إلا أن أحقّهم به الذي أخذ الدرجة كاملة، هذا الكتاب يملكه لأنه أخذ الدرجة الكاملة، هل معنى هذا أنهم لهم نظر فيها أو لهم حق فيه من خلال الصيغة؟. . . . . . . . . من أجاب على المسابقة فهو أحق به؟ أو نقول: إن استعمال هذه الصيغة على خلاف الأصل، ويأتي أفعل التفضيل مستعملاً في غير أصله {أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُّسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلًا} [(24) سورة الفرقان] فهل أهل النار عندهم خير من خلال الصيغة؟ الأصل في استعمال هذه الصيغة نعم،

يشتركون في الخير، لكن استعمل هذا اللفظ في غير موضعه، وفي غير معناه الأصلي ولا اشتراك بينهم، ونقول مثل هذا في الحديث، فإذا قلنا: إن أفعل ليست على بابها فيكون حينئذٍ ملكها وانتهت، فلا تعود بواراً ولا تعود مواتاً مرةً ثانية، ويؤيده رواية: ((فهي له)) قد يتحايل بعض الناس ويسبق إلى أرض ثم يسورها ويضع فيها مواد تجارية أخشاب وحديد واسمنت ويسميه مستودع، ثم بعد ذلك يسحب هذه المواد ويبيعها، نقول: في ظروفنا التي نعيشها يوجد مثل هذه التصرفات، أما قبل ما توجد مثل هذه الأمور، فلا بد من أن يضرب له الإمام مدة، يعني في باب الاختصاص مثلاً، وضع على الأرض عقوم، يعني ما هي جدران، وضع عليها كثبان من الرمل هذا يسمى اختصاص وليس إحياء ولا تمليك، في مثل هذه الصورة يضرب له الإمام مدة، إما أن تعمر هذه الأرض، وتحيي هذه الأرض وإلا تسحب منك، وقل مثل هذا في الإقطاع، وأعطيات الإمام من الأراضي، من أهل العلم من يقول: إن الإمام يملك أن يعطي من الأراضي ما يعطي، ومنهم من يقول: إن أعطيات الإمام إنما هي مجرد اختصاص، والملك لا يتم إلا بالشراء أو بالهبة أو بالإذن أو بالإحياء، فالإمام لا يملك يعطي عند جمع من أهل العلم، وإنما يفيد اختصاص، يكون أحق بها، وعلى هذا تضرب له مدة، فإن حقق الشرط الشرعي عمّر وأحيا وإلا تنزع منه. والمسائل المتعلقة بالإحياء كثيرة لا تنتهي من خلال المشاكل التي وجدت في المحاكم لا سيما مع وجود هذا التشاحن والتنافس على أمور الدنيا، وإلا فالأصل أن المسلم ينظر إلى هذه الدنيا أنها معبر وليست مقر، كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل، هذا الأصل، لكن هم يتحايلون بطرق ووسائل، والله المستعان، فالمسائل في هذا الباب كثيرة جداً، ومردّها إلى القضاء، والمحاكم فيها من المشاكل الشيء الكثير المتعلقة بهذا، صدر لوائح تنظيمية للإحياء والإقطاع هي معمول بها في المحاكم، والله يعينهم ويسددهم. وعن ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما- أن الصعب بن جثامة -رضي الله تعالى عنه- أخبره أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا حمى إلا لله ولرسوله)) رواه البخاري.

وعن ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا ضرر ولا ضرار)) رواه أحمد وابن ماجه. وله من حديث أبي سعيد -رضي الله عنه- مثله، وهو في الموطأ مرسل. نعم، يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "وعن ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما- أن الصعب بن جثامة -رضي الله تعالى عنه- أخبره أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا حمى إلا لله ولرسوله)) رواه البخاري". لا حمى الحمى في الأصل تحديد موقع مناسب، وقد يكون أفضل المواقع للرعي بحيث يحتجره ويحميه الإمام لترعى فيه إبل الصدقة أو مواشي بيت المال، أو الخيل التي تعدّ للغزو في سبيل الله، وأما الأملاك الخاصة فإنه لا يحمى لها، ولا يمنع الناس من أجلها، من الرعي في هذه الأرض التي يقع نظر الإمام عليها ((لا حمى إلا لله ولرسوله)) ولا هذه نافية، والنفي هنا يراد به النهي، وهو أبلغ من النهي الصريح، أبلغ مما لو قال -عليه الصلاة والسلام-: "لا يحمي أحد إلا ما كان لله ورسوله" يعني من إبل الصدقة، المواشي الزكوية التي تجبى من بهيمة الأنعام، والخيل التي تعد في سبيل الله، فالنفي هنا أبلغ من النهي، ومفاده النهي فلا يجوز لأحدٍ أن يحمي، ولا يجوز له أن يمنع الناس من الرعي في أي بقعةٍ كانت من الموات، ما لم تكن ملكاً له إلا إذا كان يحميها لله ولرسوله، في الحديث: في حديث النعمان بن بشير: ((ألا وإن لكل ملكٍ حمى)) وهذا أمر معتاد قبل الإسلام، كل ملك تقع عينه أو يقع نظره على بقعةٍ هي أنفع من غيرها لماشيته لكثرة النبات فيها يتخذونه، وبعد ذلك يمنع الناس من قربانها، ولذا جاء في الحديث: ((ألا وإن لكل ملكٍ حمى، ألا وإن حمى الله محارمه)) ثم قال: ((كالراعي يرعى حول الحمى)) وبعض الناس يحمي أرض ليست له، ثم بعد ذلك يمنع من دخولها، وإذا دخل فيها من غير قصد لأن المواشي من يملكها؟ طرد هذه المواشي، بل تعدى على صاحبها، وهذا ظلم نسأل الله السلامة والعافية، فلا يجوز له أن يحمي إلا إذا كان الحمى لله ولرسوله، أما لأمواله الخاصة فلا يجوز له أن يحمي.

"عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن الصعب بن جثامة أخبره أن النبي -عليه الصلاة والسلام-" الحديث هذا من مسند ابن عباس أو من مسند الصعب؟ نعم؟ نعم لأن الإخبار والتحديث إنما هو من الصعب، لكن أحياناً عن ابن عباس أن الصعب بن جثامة فعل كذا مثلاً أو قال له النبي -عليه الصلاة والسلام- كذا، فيكون من مسند ابن عباس؛ لأنه هو صاحب الخبر والقصة.

((لا حمى إلا لله ولرسوله)) النبي -عليه الصلاة والسلام- ثبت أنه حمى النقيع، وهو في الجهة الغربية التي تميل إلى الجنوب من المدينة على بعد سبعين أو ثمانين كيلاً على مسافة قصر، ومساحته تقرب من مئة كيلو مربع، اثنا عشر في ثمانية في ستة من جهة، المقصود أنها تنقص عن المائة، هذه محمية لإبل الصدقة، النبي -عليه الصلاة والسلام- حمى النقيع، وثبت عن عمر أنه حمى، لكن لا يحمون لأموالهم الخاصة، يعني مثلما تقتطع أرض وتجعل مستودع مثلاً لسيارات الحكومة مثلاً، لا يجوز لأحدٍ أن يقربها هذا حق، ولا أحد يمنعه؛ لأن هذه السيارات أو هذا المتاع العائد إلى بيت المال يحتاج إلى حماية، فمثل هذا لا إشكال فيه يحمى له ويقتطع له من الأرض، ويمنع الناس من دخولها بلا إشكال؛ لأن الحمى في هذه الحالة إنما هو لبيت المال، مع أن بعضهم يأخذ بمنطوق الحديث، ويعمل مفهومه، فيقول: لا حمى إلا لله ولرسوله فقط، يعني ليست لأبي بكرٍ أن يحمي، وليس لعمر أن يحمي وليس لولي الأمر كائناً من كان في أي وقتٍ، كان أن يحمي ولو كان للمصالح العامة، ولو كان لإبل الصدقة، نعم لإبل الصدقة يجعلها ترعى مع إبل الناس، فلا يضيق على الناس من أجل إبل الصدقة، أسلوب الحديث أسلوب حصر ((لا حمى إلا لله ولرسوله)) فهل هذا الحصر حصر حقيقي أو إضافي؟ إذا قلنا: حصر حقيقي فمعناه أنه ليس لأحدٍ أن يحمي كائناً من كان، ولا أبو بكر ولا عمر، بل هذا الحكم خاص بالله ورسوله، لكن أبا بكرٍ حمى، وعمر -رضي الله تعالى عن الجميع- حمى، عمر حمى الربدة، لكن حماها لمن؟ لإبل الصدقة، فدل على أن القول أو أن الحصر في الحديث حصر إضافي، وهل هو قصر موصوفٍ على صفته أو صفة على موصوف؟ يعني إذا قلنا: لله ولرسوله، يعني ما كان ملكاً لله ورسوله كإبل الصدقة مثلاً أو الخمس من الغنيمة قصرنا على هذا الوصف، فعلى هذا كل من كان عنده ما يتصف بهذا الوصف له أن يحمي، وليس المقصود به الموصوف هو الذي يحمي، إنما ما يحمى من أجله، ولذا حمى أبو بكر وحمى عمر، حمى الربذة لإبل الصدقة، لكن هل ضيّق على الناس؟ ومنع الناس من الرعي فيها؟ عمر -رضي الله تعالى عنه- كما جاء في الخبر الصحيح يقول .. ، عمر بن الخطاب -رضي

الله تعالى عنه- استعمل مولىً له يقال له هني على الحمى فقال له: يا هني، اضمم جناحك عن المسلمين، يعني مفهوم حديث النعمان بن بشير أن الملك ((ألا وإن لكل ملكٍ حمى)) معناه أنه لا تقرب من هذا الحمى لأن الملك سوف يؤذيك، لكن عمر -رضي الله تعالى عنه- يقول: يا هني اضمم جناحك عن المسلمين، واتق دعوة المظلوم، فإن دعوة المظلوم مجابة، وأدخل –يعني في هذا الحمى- رب الصريمة، ورب الغنيمة، يعني الفقراء والمساكين الذي عندهم أشياء يسيرة خلهم يرعون، أدخلهم، وغض الطرف عنهم، وأدخل رب الصريمة، ورب الغنيمة، وإياك ونَعَم ابن عوف وابن عفان، هذولا من الأغنياء، يعني رب الصريمة، ورب الغنيمة الأشياء اليسيرة الفقير الذي ما عنده إلا رؤوس من الماشية يسيرة هؤلاء أدخلهم، لكن نعم ابن عوف وابن عفان لا تدخلهم، والسبب؟ السبب أنه إن تهلك هذه الصريمة وهذه الغنيمة وين بيروح؟ بيجي لعمر يطلبه من بيت المال، والعشب الذي في هذه الأراضي المحمية أسهل على عمر وعلى غير عمر من الذهب والفضة، لكن إذا هلك نعم ابن عوف أو ابن عفان يأوون إلى أموال، وإلى زروع، وإلى ضياع، يأوون إلى شيءٍ ما يجعلهم يأتون إلى عمر يطلبون منه ما يقتاتون به، وما يعيشون منه، ولذلك قال: وإياك ونعم ابن عوفٍ ونعم ابن عفان فإنه إن تهلك ماشيتهما يرجعان إلى نخلٍ وزرع، وإن رب الصريمة ورب الغنيمة إن تهلك ماشيتهما يأتيني ببينة يقول: يا أمير المؤمنين أفتاركهم أنا لا أبا لك، فالماء والكلأ أيسر عليّ من الذهب والورق، وأيم الله أنهم يرون أني ظلمتهم، وإنها لبلادهم قاتلوا عليها في الجاهلية، وأسلموا عليها في الإسلام، والذي نفسي بيده لولا المال الذي أحمي عليه في سبيل الله ما حميت على الناس في بلادهم، فدل هذا على أن الإمام له أن يحمي لإبل بيت المال، الإبل التي تعود على المسلمين بالعامة، لا الإبل التي تعود عليه في خاصته. "وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا ضرر ولا ضرار)) رواه أحمد وابن ماجه".

وله من حديث أبي سعيد مثله، وهو في الموطأ مرسل، المراسيل في الموطأ كثيرة جداً؛ لأن الإمام مالك يعمل بالمراسيل، وكثيراً ما تجد الحديث مروي في الصحيح من طريق مالك موصول، وتجده في الموطأ مرسل، فالإمام مالك لا يكترث لمثل هذا؛ لأن المراسيل عنده حجة، وعلى كل حال فالحديث بطرقه العديدة يصل إلى درجة الصحيح، ومع هذا فمفاده قاعدة من قواعد الشريعة (لا ضرر ولا ضرار) فالضرر الابتداء بما يضر الغير، والضرار المجازاة على هذا الضرر بأكثر منه، بما يترتب عليه ضرر أكثر من الضرر الأول، فالضرر لا يجوز ابتداؤه؛ لقوله -عليه الصلاة والسلام-: ((لا ضرر)) وهذا نفي يراد به النهي كما تقدم في الحديث الذي قبله، وهو أبلغ، فلا يجوز أن يصدر الضرر من أحدٍ لأحد، لا يجوز {لاَ تُضَآرَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلاَ مَوْلُودٌ لَّهُ بِوَلَدِهِ} [(233) سورة البقرة] فيمنع الضرر من أي جهةٍ كانت، ومن أي شخصٍ كان؛ ولأي شخصٍ كان، لا يجوز الضرر، فلا تضارر المرأة والدة بولدها، لا تضارر الأب، ولا المولود له، يعني الأب لا يضارر الأم، كما أنه لا يضارَر؛ لأن اللفظ مشترك بين الفاعل والمفعول، فإذا قلنا: لا يضارِر ويحتمل بعد الفك أن يكون لا يضارَر أيضاً، لا تضارِر ولا تضارَر، فهو من الطرفين، فلا ضرر ولا ضرار. قد يقول قائل: إن هذا الذي بدأ بالضرر لغيره لا يختلف أحد في أنه آثم؛ لأنه مخالف ومتعدي وظالم لغيره، لكن الذي يعاقب هذا المضارر وهذا المتعدي، هل هو منهي عن هذا الفعل؟ {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُواْ بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ} [(126) سورة النحل] {وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا} [(40) سورة الشورى] فمعاقبة الجاني ليست بمضارة، ولا تدخل في الحديث ولا في المنع، معاقبة الجاني لا تدخل في هذا الخبر بقدر جنايته، فإن زادت المعاقبة على قدر الجناية صار ضرار، فالضرر الصادر من المبتدئ حرام، الضرر الصادر من المعاقب بقدر الجريمة التي صدرت منه هذه معاقبة بالمثل {وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا} [(40) سورة الشورى] لا يأثم فيها، لكن إذا زاد دخل في الضرار، فيحرم عليه المعاقبة بأكثر مما أوذي به، فلا ضرر ولا ضرار.

طيب عندنا مسجد يقال له: مسجد الضرار، هل هو من هذا الباب أو من غيره؟ هل له علاقة بهذا الباب؟ كيف سميّ مسجد ضرار؟ والضرار في الخبر الذي معنا هو معاقبة الجاني بأكثر من جنايته، وقد يقول قائل: ونحن نقول: الضرر إيصال الأذى إلى الغير، والضرار معاقبته بأكثر من هذا الضرر، قد يقول قائل: إن القاعدة هذه منتقضة، بأي شيء؟ شخص يسرق ثلاثة دراهم فتقطع يده؟ هل كانت العقوبة بقدر الجريمة؟ نعم يا إخوان؟ يعني إذا قلنا: الضرر الابتداء بما يضر، والضرار العقوبة بأكثر مما يستحقه الجاني فإذا سرق ربع دينار أو ثلاثة دراهم قطعت يده، هل نقول: هذا ضرار؛ لأنه أعظم من الجناية؟ لا، أبداً، لماذا؟ لأن هذه الدراهم ليست مقصودة لذاتها؛ لأن الذي يسرق ثلاثة دراهم يسرق ما وراءها، يسرق ما هو أعظم منها، لكن لو سرق ثلاثة دراهم أو ربع دينار وقطعنا يديه كلتيهما قلنا: ضرار بلا شك، لو قلنا: هذا هو الضرار، طيب مسجد الضرار وش علاقته بالحديث؟ يعني منصوص عليه في سورة التوبة؟ هل له ارتباط له بالحديث أو لا ارتباط له به؟ الفعل ضارّ يضارّ مضارةً وضراراً، فهي مفاعلة بين شيئين، فالذين عمروا المسجد ماذا كان هدفهم؟ تفريق المسلمين، فهل هذه المضارة حصلت من طرفٍ واحد أو من طرفين؟ من طرف واحد، إذاً المفاعلة ليست على بابها، وإلا فالأصل أن المفاعلة تكون بين طرفين، وهؤلاء حصل الإضرار والضرار منهم فقط، فوقعوا في الإضرار بالأمة حيث أرادوا وقصدوا تفريق الصحابة عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، طيب لو شخص مثل عامر هذا المسجد عمر هذا المسجد ويريد بذلك أن يجتمع فيه المسلمين لأداء الصلوات والدروس العلمية، ثم جاء آخر فعمر مسجداً قريباً منه ليسحب هؤلاء الحضور عنه، وإمام المسجد هذا وإمام المسجد الثاني ما في تميّز لأحدهما عن الآخر، كما كان في عهده -عليه الصلاة والسلام-، هل نقول: المسجد الثاني مسجد ضرار؟ أراد أن يسحب المصلين عن هذا المسجد، والطلاب والحلق عن هذا المسجد؟ أراد الضرار بعامر المسجد؟ عامر المسجد عمر المسجد، وأنفق عليه، وأجره على الله، لكن يبقى أنه إذا صار مأوىً للمتعبدين، ومأوى لطلاب العلم، لا شك أن أجره يعظم، لا سيما إذا كان لعامر المسجد

يد في كثرة هؤلاء الناس، فإذا أراد أحد أن يضار في هذا الأمر لا شك أنه ضرار، إذا أراد أن يفرق هؤلاء الجمع، ويفتت هذا التلاحم لا شك أن هذا ضرار، والله المستعان، لكن ما يحكم عليه بمثل ما حكم على المسجد الذي في عهده -عليه الصلاة والسلام- من الهدم والحكم بالنفاق وما أشبه ذلك، الأمور المقاصد خفية عن الناس، على كل حال إذا وجد مثل هذا، على من عرف حقيقة الأمر قبل وقوعه عليه أن يبذل النصيحة لمن أراد أن يضارّ، وولي الأمر يحكم في هذا، له أن يتصرف، له أن يمنع، له أن يهدم، الأمر له ...

كتاب البيوع (19)

شرح: بلوغ المرام - كتاب البيوع (19) تابع: باب: إحياء الموات الشيخ: عبد الكريم بن عبد الله الخضير وعن سمرة بن جندب -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((من أحاط حائطاً على أرضٍ فهي له)) رواه أبو داود، وصححه ابن الجارود. وعن عبد الله بن مغفل -رضي الله تعالى عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من حفر بئراً فله أربعون ذراعاً عطناً لماشيته)) رواه بن ماجه بإسنادٍ ضعيف. وعن علقمة بن وائلٍ عن أبيه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أقطعه أرضاً بحضرموت، رواه أبو داود والترمذي، وصححه ابن حبّان. الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى أله وصحبه أجمعين، أما بعد: فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "وعن سمرة بن جندب -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((من أحاط حائطاً على أرضٍ فهي له)) " وهو بمعنى ما تقدم من أحيا أرضاً ميتة عمّر أرضاً فهي له ((من أحيا أرضاً ميتة فهي له)) و ((من عمّر أرضاً فهو أحقّ بها)) من العمارة، ومن الإحياء ضرب السور على هذه الأرض، وعرفنا أنه ليس كل سورٍ يكفي، بل لا بد أن يكون سوراً يمنع من أراد الدخول فيها، كما أنه يمنع من أراد الخروج منها، وقدر ذلك بثلاثة أذرع، يعني متر ونصف.

((من أحاط حائطاً على أرضٍ فهي له)) يقول: "رواه أبو داود، وصحّحه ابن الجارود" لكن سنده عند ابن الجارود فيه ضعف، سنده فيه ضعف، وهو من رواية الحسن عن سمرة وهي مختلف في وصلها؛ لأن العلماء يختلفون في رواية الحسن عن سمرة، فمنهم من يحمله على الاتصال؛ لأنه ثبت أنه روى عنه حديث العقيقة، ومنهم من يحمله على الانقطاع، ومنهم من يفصل فيثبت الاتصال بحديث العقيقة دون غيره، على كل حال الحديث إسناده ضعيف، لكن له شواهد، وهو داخل في القاعدة العامة ((من أحيا أرضاً ميتةً فهي له)) وهذا نوع من الإحياء عند أهل العلم، فيكون حينئذٍ مندرجاً، هذا مندرج في الحديث السابق العام، قد يقول قائل: إن الناس في هذا الوقت، أن الناس كلهم لديهم استعداد أن يضعوا أحواش واستراحات ويستبقوا إليها، فهل هذا التمليك الشرعي على أطلاقه، أو أنه لا بد من أن يحال دون الناس وبين الجشع الذي يعيشونه؟

أولاً: الحق الشرعي الذي يثبت بالأدلة الصحيحة ليس لأحدٍ أن يلغيه كائناً من كان، يعني ليس لولي الأمر أن يمنع الإحياء، لكن له أن ينظم وينظر في ما يحقق العدالة بين الناس، أما أن يلغي لا، ليس من حقه أن يلغي حكماً شرعياً، لكن له أن يسنّ أنظمة من أجل تحقيق العدالة بين الناس؛ لأن هذا موضوع يلتبس على كثير من الناس في الأمور المباحة في الأصل ((من سبق إلى مباح فهو أحق به)) يقولون: نحن نمنع مما أعطانا الشرع، فكيف نمنع؟ هل ولي الأمر يملك منع الناس مما أباحه لهم الشرع؟ لا يملك، هل له أن يلغي حكماً شرعياً؟ ليس له ذلك، لكن لولي الأمر أن ينظم ما يحقق العدالة، وتجدون في فروع كتب الفقه ما يظن أنه اعتراض على هذا الحق الذي أعطاه إياه الشرع، لكن الأمور بواسطتها تتحقق العدالة وإلا لو لم توجد مثل هذه الأمور لوجدنا النزاع والشقاق والقتال، بل القتل من أجل التراب، وعلى كل حال فهذا الأمر من أحاط حائطاً على أرضٍ فهي له مندرج تحت ما تقدم، وهذا نوع من الإحياء والحياة قد تكون جزئية، وقد تكون كلية، قد يكون الإحياء بزراعتها وزراعتها بما يثمر، ويستفيد منه الزارع وغير الزارع هذه حياة بلا شك وهي الأكمل، قد تكون ببناء مسكن يسكنه هو وأولاده، ويواريهم، ويقيهم الحر والبرد، وقد تكون بمثل هذا وهذا أقلها، أقلها أن تحاط بجدران تحدها من الجهات. يقول: "وعن عبد الله بن مغفل" قلنا: إن الحديث بسنده المذكور عند بن الجارود الذي يقول: صححه ابن الجارود فيه ضعف، لا يسلم من ضعف، لكنه بشواهده يصل إلى درجة الحسن لغيره، وهو مندرج في القاعدة العامة المؤيدة بالحديث. "وعن عبد الله بن مغفل -رضي الله تعالى عنه- أن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: ((من حفر بئراً فله أربعون ذراعاً عطناً لماشيته)) رواه ابن ماجه بإسنادٍ ضعيف".

جاء سؤال من الأسئلة يقول: لماذا ابن حجر ضمن البلوغ بعض الأحاديث الضعيفة التي لا يحتج بها، يعني في الأحكام على قول الجمهور، أو مطلقاً على قول بعضهم؟ لماذا؟ ابن حجر نفسه يقول: بإسنادٍ ضعيف ليش تدخله في البلوغ؟ البلوغ أحاديث أحكام، وعامة أهل العلم لا يحتجون بالضعيف في الأحكام، لماذا يدخل مثل هذا في الأحكام؟ نعم، نقول: إذا كان إسناده ضعيف الذي يشير إليه الحافظ، وخلا مما يقويه، وخلا ممن عمل به من أهل العلم فلا يدخل؛ لأن وجوده مثل عدمه، لكن بعض الأحاديث هي من جهة نظر ابن حجر ضعيفة، لكن عمل بها بعض أهل العلم فهو يدخلها في كتابه من هذه الحيثية ليجد المستدل من جميع المذاهب ما يفيده في هذا الكتاب، وعلى كل حال الحديث له شاهد عند الإمام أحمد من حديث أبي هريرة، وبه يرتقي إلى الحسن.

قال: ((من حفر بئراً فله أربعون ذراعاً عطناً لماشيته)) حفر بئر في أرضه أو في أرضٍ موات ويكون هذا نوع من الإحياء؟ وحينئذٍ يقدر ما يحتاجه هذا الذي حفر هذه البئر، يعني إذا حفر البئر في أرض موات هل نقول له: إن حدودك في هذه الأرض هي شفير البئر فقط؟ كيف يصل إلى هذه الأرض ليسقي ماشيته؟ كيف تبرك هذه الماشية حول هذه البئر التي يراد الاستقاء منها؟ إذا قلنا: أنت تصور أرض مخططة ليس فيها شوارع ولا منافذ ولا مرافق هل يمكن العيش فيها؟ ما يمكن، هذه البئر التي حفرها صاحب الإبل أو صاحب الزرع هل نقول له: إن مالك إلا ما أحييت هذه البقعة فقط، أو نقول: هذه مثل الجبيرة لك مقدار الجرح وما يحتاج إليه أيضاً؟ لو قلنا: إن لك مثل مقدار الجرح وقدرنا الجرح بسانتيمتر واحد مربع، وأتينا بلصق فيه علاج أو شيء بقدره سنتيمتر مربع يمسك وإلا ما يمسك؟ ما يمسك، ما يمسك إذا كان بمقدار الجرح إلا إذا وضعنا له حريم، يعني شيء يحتاج إليه من يمينه وعن شماله .. الخ، البئر هكذا، لو قلنا: لك تحفر بئر قطرها خمسة أمتار، وليس لك إلا هذه المساحة، مترين ونصف في مترين ونصف في النسبة التقريبية، يعني مالك إلا هذه المساحة يستفيد منها وإلا ما يستفيد؟ كيف ينزل عليها من الجو؟ أو نقول: لا بد لهذه البئر من حريم؟ يسمونها حريم، تكون عطناً لماشيته، موطن مبارك لهذه الماشية لكي ترد على هذه البئر؟ لا شك أن حفر البئر حتى يصل إلى الماء ويستفاد منه هذا إحياء، هذا لا يختلف فيه أنه إحياء، بل هو أولى من الحائط، لكن إذا حفر هذه البئر وعجز عن أن يصل إلى الماء، انقطعت به النفقة، الماء يحتاج إلى مائة متر، وصل إلى ثمانين متر وانقطعت به النفقة، هل لكل أحد أن يأتي ليحيي هذه البئر ويحفرها؟ أو نقول: تفيده اختصاص لا ملك؟ إن وصل إلى الماء أفادت الملك، إن لم يصل إلى الماء أفادته اختصاص وهو أحق بها إن استطاع ولو بعد حين أن يصل إلى الماء وإلا فتعود موات، هذا من جهة، من جهةٍ أخرى هذه البئر عرفنا أنه ليس له لا يمكّن من مساحتها فقط، بل له ما يستفيد منه مما حواليها، وقدّر ذلك بأربعين ذراعاً عطناً لماشيته، يعني مبارك لأبله، والمكان التي تبرك فيه أو تستوطنه لترد من

هذا الماء. ((فله أربعون ذراعاً عطناً لماشيته)) وجاء التحديد أيضاً بالتفريق بين البئر البديء يعني الجديدة، وبين البئر العادية يعني القديمة فتعطى الجديدة خمسة وعشرون ذراعاً، وتعطى البئر القديمة خمسون ذراعاً عند أحمد، هذا حديث أبي هريرة عند الإمام أحمد، وهذا ينهض أيضاً للعمل به، ولماذا فرق بين البئر العادية القديمة وبين البئر البديئة التي الآن استحدثت؟ هل من فرق؟ هل يلتمس من فرق بين القديمة والجديدة؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . صحيح، وأيضاً القديمة في الغالب تكون أعمق من البديئة التي هي الجديدة، فتحتاج من الأرشية ما هو أطول مما يحتاجه البئر الجديدة، أيضاً إذا كانت محياة من قبل أشخاص انقرضوا وتوارثها أناس من بعدهم يكون أربابها أكثر تشعب، ومن ثم تكون مواشيهم أكثر من البئر العادية البديئة التي استحدثت فإنه يملكها من أحدثها وأسرته ممن يحتاجون إليها، فالتفريق بين البديئة والعادية لا شك أنه له وجه، ظاهر وإلا مو ظاهر؟ الآن لو أن شخصاً أراد أن يستثمر أرض موات سواء كانت لزراعة أو غيرها هل نقول له: ليس لك من هذه الأرض إلا ما يمكن أن يكون أخضر مزروع فقط؟ أو مثل هذه الأرض تحتاج إلى مرافق؟ فيحتوي أو يستحوذ على هذه الأرض بمرافقها التي يحتاج إليها في الزرع؟ مثل حريم البئر؟ الآن البئر أعطيناه مساحة كبيرة من أجل أن يستفيد منها حق الاستفادة، لو ضيقنا عليه ما استفاد، لو قلنا: هذه بئر وابتعدنا عنها متر، وعمرنا مسجد، ومتر من الجهة الثانية وعمرنا مدرسة، ومن الجهة الثالثة وضعنا حديقة، مرافق، هذه يحتاجها الناس، لكن هل يستفاد من هذه البئر بين هذه الأشياء؟ هل يستفيد منها الإنسان لماشيته؟ ما يستفيد، فلا بد من أن تتاح له مساحة بحيث يستفيد منها، وإلا صار عمله عبثاً، إذا زرع مزرعة فيحتاج إلى مرافق تعينه على هذه المزرعة، يحتاج إلى مكان للإبل، والمزارع تحتاج إلى إبل، وتحتاج إلى بقر، وتحتاج إلى معدات، مواقف للسيارات، وتحتاج إلى .. ، المقصود أن ما يحتاجه ويقدر ذلك أهل الخبرة يتاح له، مثل حريم البئر.

يقول: "وعن علقمة بن وائل عن أبيه -وائل بن حجر -رضي الله تعالى عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أقطعه أرضاً بحضرموت" رواه أبو داود والترمذي، وصححه ابن حبان" على كل حال الحديث صحيح ثابت، أقطعه أرضاً بحضرموت، لماذا أقطعه أرضاً بحضرموت؟ لأنها جهته التي يتمكن من الإفادة منها؛ لأن الأصل في الإقطاع العمارة، ليس الأصل في الإقطاع أن يقطع فلان من الناس يقطع أرض ليبيعها ويستفيد من قيمتها وتستمر موات؟ ليس هذا هو الأصل في الإقطاع، بل الأصل في الإقطاع أن يستفيد منها؛ ليعمرها؛ ليحييها، بزراعة، بأي عمل من الأعمال التي ينتفع به، وينتفع منه الناس، أما أن يقطع أرض ليبيعها ويستفيد من قيمتها هذا ما عرف، فالنبي -عليه الصلاة والسلام- أقطع وائل بن حجر أرضاً بحضرموت لأنها بلده، فعلى هذا لا ينبغي لا يحجر على الإمام، وأهل العلم منهم من يرى أن له أن يقطع، وأن إقطاعه تمليك بدون إحياء، ومنهم من يوقف التمليك على الإحياء، وأنه مجرد إقطاع الإمام هو مجرد اختصاص، عند جمع من أهل العلم أنه مجرد اختصاص لا يملكها إلا بالإحياء، ومنهم من يقول: إن الإمام يملك العطاء كما يملكه من بيت المال، يملكه من الأراضي البور، فأقطعه أرضاً بحضرموت من أجل أن يتمكن من عمارتها لأنها بلده.

الهبة من ولي الأمر إذا جاءت لشخص من غير استشراف فليقبلها، من غير استشراف، وجاء في ذلك الحديث الصحيح، أن يقبلها ما لم يكن من وراء هذه الهبة وهذه العطية شيء يراد من هذا الشخص، ولذا في الصحيح -في صحيح مسلم-: "أما إذا كانت ثمناً لدينك فلا" فسواءً أقطعه الإمام أرض أو أعطاه هبة من غير استشراف هذا لا بأس يقبل، وجاءت النصوص الصحيحة الصريحة بهذا، لكن شريطة أن لا تكون ثمناً للدين، أما إذا كانت ثمناً لدينك فلا، قد تكون ثمناً للدين والإنسان ما يشعر، وولي الأمر ما يطلب منه المقابل، لكن بعض الناس مجرد ما يحسن إليه يتنازل، فإذا عرف من نفسه هذا الأمر فلا يقبل، ولو لم يطلب منه، ولي الأمر رأى أن هذا الشخص نافع للناس، وباذل جاهه للناس، وفاتح بابه للناس، يستحق أن يعطى من بيت المال ما يعينه على الاستمرار، لكن هذا الشخص يقبل لأنه من غير استشراف، يبقى أنه إن كان يعرف من نفسه ولو لم يطلب منه أنه يتنازل عن شيء ولو لم يطلب منه ولي الأمر يتنازل بدون طلب فمثل هذا لا يقبل "أما إذا كانت ثمناً لدينك فلا" سواء كانت معاوضة أو أنت تعرف من نفسك أنك لا تحتمل مثل هذه الأمور فتتنازل عن بعض الأشياء، أو تعرف من نفسك أنك إذا وسّع عليك مجرد التوسعة عليك، بعض الناس إذا توسعت عليه أمور دنياه ضاع دينه، ولو لم يطلب منه شيء، هو بنفسه يبادر، وجاء في الخبر: ((من الناس أو من عبادي من لا يصلحه إلا الفقر، ولو أغنيته لأفسده ذلك، ومن الناس من لا يصلحه إلا الغنى، ولو أفقرته لأفسده ذلك)) فمثل هذا يحتاط له. وعن ابن عمر -رضي الله تعالى عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أقطع الزبير حضر فرسه، فأجرى الفرس حتى قام، ثم رمى سوطه فقال: أعطوه حيث بلغ السوط. رواه أبو داود، وفيه ضعف.

تبعاً للحديث السابق الذي هو الإقطاع، وأيضاً هذا الحديث اللاحق السلطان يعني هبات السلطان مثلما ذكرنا أنها إذا جاءت من غير استشراف يقبل الإنسان، ولا فيها إشكال، وهي من بيت المال، لا منة فيها لأحد، وبعض الناس يتوسع في هذا الباب، وتجده يستشرف، ويزاحم الولاة ويؤذيهم، ويستكثر بذلك، هذا طرف، والطرف الثاني -وهو حاصل يا إخوان- تأتيه الهبة وهو بأمس الحاجة إليها، وهو مضطر إليها، ولا يخشى من شيء، وقد يسلك لقضاء حوائجه بعض المسالك التي فيها منة عليه، وقد يكون فيها ضرر في دينه أو على ولده ما فيه، فمثل هذا لا شك أنه الدافع إليه الورع، لكن ينبغي المسألة تكون فيها شيء من التوازن، أشد من ذلك شاب من طلاب العلم طلب أبوه هبات من بيت المال، فأقطع أرض تحتمله وتحتمل أولاده ويمكن يوزعها على أولاده تأتي لهم مساكن بالراحة، فواحد من أولاده طالب علم قال: أنا لا آخذ هذه الهبات ولا أستشرف! قلت: يا أخي ما استشرفت، كون أبوك استشرف وطلب وجاء بها لك من غير استشرافٍ منك لا يمنعك من قبولها، والأمر الثاني في هذا كسر خاطر للأب، فعلى الإنسان أن يسدد ويقارب ما يقول: لا أبداً يرفض من أبيه ما يأتيه، بعض الناس الأب يكون من حرصه وشفقته على أولاده يطلب لهم شيء من بيت المال، وهذا شيء مشاهد، نعم الاستشراف والمزاحمة وكذا خلاف الأولى ومكروهة، لكن لا يعني أن الإنسان يقع من أجلها في محذور، يعني أب يأتي يشكو ولده بأنه طلب لهم أراضٍ تعينهم على أمور دنياهم وهذا بحاجة إلى زواج ما وجد مهر، فقال: أنا لا أقبلها، لا شك أن الورع مطلوب، والعزوف عن الدنيا مطلوب، والاكتفاء والقناعة مطلوبة، لكن يبقى أن هناك موازنة، أبوك، هذا أبوك، برّه واجب عليك، وجبر خاطره مطلوب منك، تكلّف وتعنّى وأنت جاءتك هذه الأرض من غير استشراف، ما هو أنت الذي استشرفت، وبعض الناس يسعى له من غير طلبه ولا استشرافه ثم بعد ذلك يرفض! نعم نقول: إن الأصل الورع، وطالب العلم ينبغي أن يعيش على كفاف، فلا إفراط ولا تفريط، طلاب العلم رأينا من بعضهم لما انفتحت الدنيا وانشغل الناس بها في الأيام الأخيرة في الأسهم وما الأسهم انصرفوا انصرافاً كلياً، وجاءني سؤال في درسٍ من الدروس

يقول: كنت حافظاً للقرآن، وأحضر يومياً دروس، ولي الآن من سبعة أشهر ما فتحت المصحف، لا شك أن الدنيا ضرة؟ يعني إذا حلت في القلب القلب ما يحتمل، فعلى كل حال على الإنسان أن ينظر بعين البصيرة، ويسدد ويقارب ويوازن بين المصالح والمفاسد، وماذا فعل؟ وماذا ترك؟ يحاسب نفسه في هذا المجال أما أن ينكر على الأب بفضاضة وغلطة لأنه طلب، يا أخي طلب كغيره ممن يطلب، والأب يعني ما هو من أهل التحري، أو من أهل المعروفين بورع أو علم زائد، شخص عادي، ومثل عادي الناس وش المانع أن يطلب؟ كونه ينتظر من غير استشراف هذا إرشاد، أمر إرشاد، وهو الأكمل، لكن إذا طلب من بيت المال مما له فيه نوع استحقاق كغيره ممن ينتسب إلى هذا الولي -ولي الأمر- ما في ما يمنع، لا سيما إذا كان يدرأ بذلك مفسدة أعظم، عليه ديون مثلاً، أو يريد أن يتزوج ولم يجد، مثل هذا هبة السلطان وقبوله بل الطلب منه أولى من أن يجلس أعزب، يعني بعض الشباب يأتينا باستمرار يقول: أنا والله لا استطعت لا مهر ولا انكففت لا بصيام ولا غير صيام، يعني مثل هذا وش يقال له؟ يقال له: لا تستشرف ولا تطلب من السلطان؟ يقال له: يا أخي اطلب من السلطان وعفّ نفسك؛ لأن الأمور تحتاج إلى توازن، يعني مثل الذي ينهى عن الكي، أو ينهى عن الرقية يعني ينتهي بنفسه ليدخل في حديث السبعين ألف، لا يكتوي ولا يسترقي، لكنه في أبوابٍ أخرى من أبواب الدين مفرط، بل في أبواب التوكل فيه خلل عظيم، فالمسألة مسألة توازن، لا يدعي شيء منزلة لنفسه لا يستطيعها، وليس معنى هذا أن طالب العلم يذل نفسه، لكن وصلت هذه إليك من غير طلب ولا استشراف ولو كانت بواسطة أبيك هذه يتعيّن عليك قبولها، لو لم يكن فيها إلا إلزام الأب لك، والله المستعان. لأن هذه القضية حاصلة من بعض الشباب يحصل منهم مثل هذا، يحصل منهم، وهذا عدم فقه من هذا الشباب يسمع نص ويهدر نصوص، فلا بد من الانتباه لهذا، ومراعاة لحقوق الوالدين تكون بالدرجة الأولى بعد حقوق الله -جل وعلا-، تجد طالب علم ملازم للدروس، وإذا أمر أو نهي من قبل أحد الوالدين ضرب بالأمر والنهي عرض الحائط! لا شك أن هذا خلل يحتاج إلى إعادة نظر.

يقول: "وعن بن عمر -رضي الله عنهما- أن النبي -عليه الصلاة والسلام- أقطع الزبير" بن العوام، وهو من العشرة أقطعه "حضر فرسه فأجرى الفرس حتى قام" يعني حتى قام إيش معنى قام؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . كيف؟ طالب:. . . . . . . . . وقف، وقف الفرس "حتى قام ثم رمى بسوطه فقال: أعطوه حيث بلغ السوط" يعني مع الحضر مع المسافة مع العدو عدو الفرس هذا، وعلى كل حال الحديث رواه أبو داود يقول: "وفيه ضعف" بل ضعيف، الحديث ضعيف؛ لأن في إسناده عبد الله بن عمر العمري المكبّر، وهو معروف بسوء الحفظ عند أهل العلم، فالخبر ضعيف، وعلى كل حال يغني عنه الحديث السابق في أن لولي الأمر أن يقطع ما شاء. وعن رجلٍ من الصحابة -رضي الله تعالى عنه- قال: غزوت مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فسمعته يقول: ((الناس شركاء في ثلاث: في الكلأ والماء والنار)) رواه أحمد وأبو داود، ورجاله ثقاة. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "عن رجلٍ من الصحابة -رضي الله تعالى عنه- قال: غزوت مع النبي -صلى الله عليه وسلم-" إثبات الغزو له مع النبي -عليه الصلاة والسلام- يثبت له الصحبة، وإذا ثبتت له الصحبة فإنه حينئذٍ يكون مقبولاً ولو أبهم كما هنا، عن رجلٍ من الصحابة، قد يقول قائل: هذا مبهم، ومثل هذا يسميه البيهقي مرسل، لكن هو متصل، ولا يضر إبهام الصحابي، جهالة الصحابة لا تضر؛ لأن الصحابة كلهم عدول، فمجرد ما يثبت أن هذا صحابي تكون روايته مقبولة، ولو لم يسم. "قال: غزوت مع النبي -صلى الله عليه وسلم- فسمعته يقول" لو لم يقول: غزوت مع النبي -عليه الصلاة والسلام-؟ عن رجلٍ من الصحابة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((الناس شركاء في ثلاثة)) يتغير الحكم وإلا ما يتغير؟ لا يتغير، ما دام ثبت أنه صحابي، لكن قوله: "غزوت مع النبي -عليه الصلاة والسلام-" تكون الدعوة مقرونة بدليلها، لماذا وصف بكونه من الصحابة؟ لأنه غزا مع النبي -عليه الصلاة والسلام-، فهو صحابي لا إشكال في ذلك، ولا تردد في صحبته.

"غزوت مع النبي -صلى الله عليه وسلم- فسمعته يقول: ((الناس -والصواب المسلمون- شركاء في ثلاثة)) " الناس وقد تصحح هذه اللفظة بناءً على أنه من العام الذي أريد به الخصوص، كما في قول الله -جل وعلا-: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ} [(173) سورة آل عمران] الذين قال لهم الناس واحد، نعيم بن مسعود، إن الناس قد جمعوا لكم أبو سفيان ومن معه، في الأحزاب، فيكون إذا قبلنا هذا اللفظ من العام الذي أريد به الخصوص، وإذا قلنا: المسلمون كما هو اللفظ الصحيح شركاء في ثلاثة، المسلمون يخرج الكفار، فلو أن كافراً في بلد من بلدان المسلمين إقامته شرعية، مأذون بإقامته شرعاً، إقامته شرعية هل يشترك معهم في هذه الأمور الثلاثة؟ يعني احتاج إلى كلأ وهو العشب، احتاجت دابته إلى عشب يمنع وإلا ما يمنع؟ إقامته شرعية؟! احتاج إلى ماء ليشرب مثلاً، أو احتاج إلى نار، إذا احتاج إلى هذه الأمور الثلاثة وإقامته في بلاد المسلمين شرعية، أما إذا كانت إقامته بين ظهراني المسلمين غير شرعية وهو حربي فإنه حينئذٍ لا يمكّن لأنه مباح الدم والمال ليس بمعصوم، المسألة في كافرٍ معصوم الدم والمال احتاج إلى هذه الأمور على رواية: ((المسلمون شركاء في ثلاثة)) هل نقول: لا؟ لا يمكن من الكلأ ولو ماتت دابته إلا بالشراء؟ لا يمكن من الماء ولو مات عطشاً إلا بالشراء؟ لا يمكّن من النار ولو مات من البرد؟ أو احتاج إلى طعامه ما يوقد به! ولو مات من الجوع إلا بالشراء؟ يمكّن وإلا ما يمكّن؟ في كل كبدٍ رطبةٍ أجر، فالتي سقت، البغي التي سقت الكلب دخلت الجنة، وهذه كبد رطبة فيها أجر، والإحسان إليه لا سيما إذا كان صاحب هذا الإحسان حسن نية، وتأليف من أجل أن يقبل الدعوة إلى الإسلام لا شك أن من يمكّنه مأجور، لكن المسألة مسألة استحقاق، يعني هل يستحق وإلا ما يستحق؟ على لفظ: ((المسلمون)) يستحق وإلا ما يستحق؟ لا يستحق، وإلا فعلى اللفظ الأول: ((الناس شركاء)) هو من أهل الاستحقاق؛ لأنه من الناس.

((شركاء في ثلاثة: في الكلأ والماء والنار)) يعني هذه الأمور أما بالنسبة للكلأ في موضعه في البراري والقفار فلا يجوز لأحد أن يمنع الناس منه، وفيه الحمى الذي تقدّم الكلام فيه، لكن إذا هذا الكلأ احتشّه شخص وحازه إلى بيته، أو في مستودعه هل نقول: إن الناس شركاء في هذا الحشيش؟ لا، هذا تعب عليه، وكذلك الماء إذا كان في الأماكن العامة الناس شركاء فيه، أما إذا حازه الإنسان، ودخل في بيته، ووضع العداد، وحسب عليه باللتر مثل هذا لا يشترك معه أحد، وقل مثل هذا في النار إذا اشترى الحطب بدراهم، وأوقد النار فإنه يختص بها، لا يشترك معه أحد، ومن أهل العلم من يجري الحديث على عمومه، أنت عندك مستودع مملوء بالحشيش، وجارك دابته تكاد تموت من الجوع وليس عنده ما يشتري به هل يلزمك أن تعطي جارك من هذا الحشيش الذي عندك أو لا يلزمك؟ من أهل العلم من يرى أنه يلزمك؛ لأنه من الكلأ المشاع بين الناس، كونك تعبت عليه نعم تعبت عليه أنت أخصّ الناس به، لكن لا يعني أنك ملكته؛ لأنه في الأصل مشاع، من أهل العلم من يرى هذا، لكن لا شك أن التعب على الشيء يجعل الإنسان يملكه، في الماء مثلاً جاء في الماء ما هو أكثر من هذا، يعني المنع من فضل الماء لا يجوز، أنت اشتريت قارورة ماء بقدر هذه وأنت عطشان، وأنت يكفيك نصف هذه القارورة، وبجوارك شخص عطشان، وما وجد ما يشرب، وليس معه ما يشتري به، هل يلزمك أن تدفع له أو لا تدفع له؟ لأن هذا حزته وملكته بمالك، على القول الأول الذي صدرنا به الكلام لا يلزمك، لكن على القول الثاني والمسألة مسألة عموم، والشرع في الجملة يطلب من المسلمين أن يكونوا في مثل هذه الأمور على التعاون، ولذلك جاء ((كسب الحجّام خبيث)) إيش معنى خبيث والنبي -عليه الصلاة والسلام- احتجم وأعطى الحجّام أجرة؟ هل الرسول يمكّن من أكل الخبيث، أو يريد أن يتعافى الناس مثل هذه الأمور ويتسامحون فيها، ويخدم الإنسان أخاه المسلم دون مقابل؟ هذا هو المقصود، فعل هذا تعطيه ما بقي عندك من الماء، ولو حبسته عنه أثمت، لكن يوجد بعض الناس فيه شحّ، واعتاد الدناءة، فتجده في كل مجال من المجالات الموسع فيها يضيق على الناس، ومثلهم وأحاديهم على ما قال: شيء

ببلاش ربحه هين، واحد محتاج إلى الماء في حاجة شديدة في حرٍ شديد، وما سمحت نفسه يشتري ماء بريال، جاء شخص آخر اشترى قارورتين من الحجم الكبير الذي يكفيه عشرة بالمائة مما يحويهما من الماء فشرب من واحدة وصب بقية الماء على رجليه، وعلى رأسه، وكب الباقي، وذاك ينظر {إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى} [(4) سورة الليل] فلا هذا ولا هذا، المسألة مسألة توسّط واعتدال ((خير الأمور أوساطها)) {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا} [(143) سورة البقرة] وأهل السنة وسط بين .. ، وقل مثل هذا في جميع التصرفات، ينبغي أن يكون الأمر على الوسط، فلا إسراف ولا تقتير، ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط، فعلى المسلم أن يكون متوسطاً في جميع أموره، وبعض الناس يريد أن يعاقب مثل هذا، يعني معه الدراهم والدنانير وجيوبه مملوءة، وقد يكون يعرفه من الأغنياء الأثرياء ثم بعد ذلك يأتي يشحت، إن كان معك شيء من الماء؟ هل هذا يحرم منع الماء عنه؟ مثل هذا يحرم منع الماء منه؟ لا شك أن النصوص عامة، يعني منع فضل الماء مذموم على كل حال، لكن يبقى أن مثل هذا، يعني إذا وجد من يستحقه بالفعل لا يجوز منعه، وبعض الناس يسأل الناس ما يحتاجون إليه، اشترى ماء وشرب منه الآن، ويحتاجه بعد قليل، يحتاج البقية، والآخر عنده الدراهم والدنانير، ويكون موصوف بالغنى ومع ذلك يسأل؟! إذا أمرنا صاحب الماء ببذله لغيره نمنع أيضاً من يسأل الناس؛ لأن كل شخص ممن ينتسب إلى هذا الدين له من خطابات الشرع ما يخصه، يعني ما نأمر هذا بمنع فضل الماء، ونقول للإنسان: اسأل الناس وتكفف الناس؟ نهى عن قيل وقال، وكثرة السؤال، يعني سؤال الناس، سؤالهم الأموال تكثراً هذا جاء الشرع بمنعه، فإذا أمرنا الإنسان أن يبذل فضل الماء، أو يبذل فضل النار، أو يبذل الكلأ الذي عنده، فإننا أيضاً نمنع الطرف الآخر إذا كان قادراً أن يتكفف الناس ويسأل الناس؛ لأن السؤال مذموم، ولكل فرد من أفراد المسلمين ما يخصه من النصوص.

طيب الأمور التي لا مضرة فيها على أحدٍ البتة، شخص ينتظر آخر، وفي القائلة، يعني بعد صلاة الظهر مثلاً، واستظل بجدارك فيه ظل، ووقف عند الجدار يستظل به، أو على السور لمبات ومعه ورقة يريد قراءتها فقال بها هكذا يريد أن يقرأ، هل لك أن تمنع أو ليس لك؟ ليس لك أن تمنعه إلا إذا لحقك ضرر، يعني لو وجد مجموعة من طلاب العلم معهم مثلاً كتاب يريدون القراءة فيه، وما وجدوا نور قريب منهم إلا هذا النور الذي فوق الباب فجلسوا عند الباب، أنت متضرر من جلوسهم عند بابك، يعني مجرد ما يفتح يطلعون على عوراتك، مثل هذا لك أن تمنعهم، لكن في جهة ليس عندها باب ولا يزعجونك بأصواتهم ليس لك أن تمنعهم، فمثل هذه الأمور تنزل على هذا الحديث، فالناس شركاء فيما أصله الإباحة والإشاعة هذا مطلقاً، أما إذا حيز وتعب عليه وصرفت فيه الأموال فإن هذا عند جمع من أهل العلم لا يدخل في الحديث، ومنهم من يدخله، وينبغي أن يكون النظر شامل، في مثل هذه الأمور الأشياء التي لا تتضرر بها، ولا يلحقك بها أدنى ضرر، ويحتاجها الناس عليك أن تبذلها بطوعك واختيارك، ولك الأجر من الله -جل وعلا-. النار التي يشترك فيها جميع الناس الأصل فيها النار المعروفة ذات اللهب، فإذا جاء أحد يريد أن يقدح منها فإنه لا يمنع، قد يقول قائل: ألا يدخل الحطب في النار لأنه يؤول إلى النار؟ هذا ما عنده نار، وأنت عندك حطب زائد، هل نقول: إن هذا من النار باعتباره يؤول إلى النار؟ أو نقول: هذا لك أن تمنعه؟ منهم من يقول: إن المراد به الحطب، ومنهم من يقول: المراد به الحجارة التي تورى منها النار، وعلى هذا لو جاء شخص يسألك عود كبريت ليوقد ناره، هل لك أن تمنع أو ليس لك ذلك؟ باعتبار أن المراد بالنار في الحديث الحجارة التي توقد منها النار؟ فإذا جاء شخص يسألك عود كبريت يضرك؟ لكن أنت افترض أن هذه الأعواد ثلاثة الذي بقي في العلبة ثلاثة، الآن توقد بواحد، وبعد قليل أو بعد منتصف الليل تحتاج إلى واحد، وبعد صلاة الصبح تحتاج إلى ثالث توقد به من أجل أن تستنفع بهذه النار، يلزم وإلا ما يلزم؟ نعم المسألة مردها إلى بذل النفع من غير لحوق ضرر، فإن كان يتضرر بذلك فله أن يمنع.

الأسئلة كثيرة نأخذ منها ما تيسر. يقول: إن عندي أسهم في بنك البلاد واتحاد الاتصالات، وأريد أن أبيعها للورع، وذلك بعد أن استمعت، ولكن أبي يرفض رفض ذلك وقال: لا تبع هذه الأسهم، فماذا أعمل؟ أولاً: إذا كانت الأسهم مما أفتيت بجواز المساهمة فيها، وأفتاك من تثق بعلمه ودينه وورعه، وجزمت أن الذمة تبرأ بتقليده، فالورع لا يعارض رفض الوالد، مثل ما ذكرنا قريباً، الورع لا يعارض رفض الوالد فعليك أن تلزم رفض الوالد، والورع مرتبة فوق ذلك، لكن لا يعارض بها الواجب، أما إذا كانت هذه الأسهم التي أقدمت عليها قيل بتحريمها، أو اجتهدت أنت ثم تبيّن لك أنها محرمة فلا التفات لقول والدٍ ولا غيره. يقول: بعض طلاب المدارس عندما تنتهي الدراسة والنتائج يقوم بعض الطلاب بجمع بعض المال وشراء الهدايا، وإعطاء المدرس، فما حكم هذا أفيدونا؟ المدرس الذي يأخذ أجراً من بيت المال لا يجوز له أن يأخذ قدراً زائداً عليه، ولو أمن المحظور، وقد قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((هلّا جلس في بيت أمه –أو جلس في داره- لينظر أيهدى إليه؟ )) هل هذه الهدايا تتجه إليه بنفس المستوى الذي تتجه إلى أخيه غير المدرس؟ لا، الذي يتقاضى أجراً لا يجوز له أن يأخذ أي هدية من طالب، أما إذا كان لا يتقاضى أجر فأخذ الأجرة على التعليم معروف عند أهل العلم حكمه. يقول: هل حديث سمرة بن جندب ضعيف ارتقى إلى الحسن لغيره، أم كما قال الصنعاني في سبل السلام: هو صحيح بشواهده؟ على كل حال هو يصل إلى درجة القبول والعمل لكونه حسن لغيره. هذه أسئلة كثيرة عن الأسهم، والله المستعان. هذا يسأل عن حديث: ((نية المؤمن خير من عمله))؟ المقرر ضعفه، حديث ضعيف، ولو افترضت صحته فتوجيهه كما قال أهل العلم: إن النية المجردة عن العمل أفضل من العمل المجرد عن النية؛ لأن النية يؤجر عليها، أما العمل المجرد عن النية لا يؤجر عليه. هذا يسأل عن كتب ثمانية يشوف أفضل الطبعات، وهذه لها مجال آخر، وتحدث عن الطبعات في مناسبات كثيرة. يقول: أنا متوقف لحفظ القرآن، ومنقطع عن العلم، فهل تنفع هذه الطريقة أم لا؟

إذا كنت لا تستوعب، يعني ذهنك لا يستوعب الحفظ مع المشاركة في العلوم الأخرى فنقطع لحفظ القرآن حتى يتم، ثم بعد ذلك تتجه إلى العلوم الأخرى، أما إذا كنت ممن يستوعب فيخصص للقرآن وقت، ويجعل للعلوم الأخرى وقتاً آخر، فهذا أكمل إن لم تخش فوات الأوان؛ لأن الحفظ له مدة. يقول: أنا أحفظ القرآن، وعند مراجعته لا تكون مراجعته واستذكاره أو استذكار الحفظ جيداً، فتضيق نفسي وتصاب باليأس أحياناً، فما تنصحوني؟ عليك بالمتابعة، أن تستمر في المراجعة، وتركز أثناء المراجعة، ولا يكون بحضرتك من يشوش عليك، ومع ذلك جاهد في الحفظ وتثبيته. يقول: ما هي الطريقة المثلى لتثبيت العلم عند قراءة المطولات؟ فيه شريط، محاضرة في شريط سميت: المنهجية في قراءة الكتب، وهي موجودة. هل يصح المرفوع بالموقوف؟ أي يستشهد له به؟ ليس هناك قاعدة مطردة، يعني قواعد المتأخرين يقولون: الحكم للمرفوع، ومنهم أحياناً يحكمون بأن هذا الموقوف يعل المرفوع، يعل به المرفوع، ويكون قدح فيه، ولذلك أحياناً يقولون: الموقوف أصح، فعلى هذا المرفوع يكون معلاً، وأحياناً يجعلون الموقوف مقوي للمرفوع، ويقولون: ذكره الصحابي رواية عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، ثم أفتى بموجبه من تلقاء نفسه. يقول: إذا اختلف في رفع حديث أو وقفه فهل نجعله مرفوعاً أو موقوفاً؟ عرفنا أنه ليست هناك قاعدة مطردة عند أهل العلم بل الحكم متروك للقرائن. يقول: ذكرت أن أهل العلم قد أجمعوا على تحريم إقامة صلاة الجمعة مرتين، فما حكم إقامتها؟ يعني من غير حاجة؛ لأنهم قالوا: إذا أقيمت جمعة ثانية لغير حاجة فهي باطلة، والصحيحة الأولى. يقول: فما حكم إقامتها مرتين في بلاد الكفر مع العلم أنه لا يوجد إلا مسجد واحد، ويضيق المكان على المصلين؟ هذه حاجة. يقول: اقترض شخص مالاً من رجل ليعمل به في تجارة، ثم طلب المقرض من المقترض أن يعطيه إذا ربح في تجارته، ورضي المقترض، فما الحكم؟

هذا القرض الذي يجر نفعاً، وهو ربا عند أهل العلم، لكن إن كان العقد على هذا قال: أعطيك هذا المبلغ على أن يكون لي من الربح نسبة كذا هذه هي شركة المضاربة التي هي القراض عند أهل العلم، أما إذا أقرضه بنية القرض ثم طلب منه هذا هو القرض الذي يجر نفعاً. يقول: بعض أهل البدع يثير شبهة في عدالة الصحابة، ويقول: لعلّ بعض المنافقين رووا أحاديث، فكيف يرد على افتراءاتهم؟ أبداً، لا يوجد منافق روى حديثاً؛ لأنهم لا يفقهون، وإذا خرج الواحد منهم يسأل، ماذا قال آنفاً؟ فلا يوجد منافق يروي الحديث. يقول: هناك من يقول: كيف نقول: كل الصحابة عدول، ونعلم أن منهم من سرق وزنى وشرب الخمر، وهناك من المنافقين من ظاهره الصحبة فيبطن النفاق، ولا نعلمه، ومنهم من الأعراب الذين قد لا يتقن نقل نص الرواية وغيره من الشبه فيقول: لا بد أن نميّز بينهم ولا نقبل منهم على الإطلاق؟ يبقى أن كل من يعتد به أو بقوله من أهل العلم كلهم أجمعوا على أن الصحابة عدول، وقد جاءت في نصوص الكتاب والسنة تقضي بذلك، فلا كلام لأحد مع هذا. هذا يسأل عن امرأة مفقود. وبحثها في الفرائض -إن شاء الله تعالى-. يقول: هل أقطع النبي -صلى الله عليه وسلم- لعلقمة بن وائل أو لأبيه؟ الإقطاع للأب. يقول: اليوم نشهد افتتاح عدة مساجد وجوامع بجوار بعضها البعض، وللدعاية لهذه المساجد توضع بعض المحاضرات والدروس وهذا مثالها؟ الملاحظ على هذه الجوامع زخرفتها وتزيينها، وهذا مصداق لحديث الرسول -عليه الصلاة والسلام-، والسؤال: هل يكون هذا الفعل بسبب الغلو في تزيين المسجد، وبذلك يقع في المحظور؟ على كل حال زخرفة المساجد من علامات الساعة، ووقع ما أخبر به النبي -عليه الصلاة والسلام-، وليس الإشكال في مساجد التي يبنيها العامة متفردين في تخططيها وبنايتها وتنفيذها، الإشكال في المساجد التي يشرف عليها بعض طلاب العلم، وتخرج بهذه المظاهر المزخرفة. يقول: ما رأيكم في طبعة فتح الباري تحقيق: نظر الفريابي؟

هذه الطبعة في الجملة جيدة، ووقع على أخطاء في الطبعات السابقة وصححها، وانتقي منها مسائل، وعرضت على الشيخ عبد الرحمن البراك وعلق عليها، فهذه من هذه الحيثية طيبة وجيدة، لكن يبقى أن الكتاب عظيم، وكبير، ومطالبه متعددة، لا ينوء به من كل الجوانب شخص واحد، لا سيما في مثل هذه المدة سنتين أو قريب منها، المسألة تحتاج إلى جهود متضافرة، نكتفي بهذا. اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك، محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

كتاب البيوع (20)

شرح: بلوغ المرام - كتاب البيوع (20) باب: الوقف - باب: الهبة الشيخ: عبد الكريم بن عبد الله الخضير السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. هذا سؤال: يقول: ما مدى أهمية وفائدة الأجزاء الذي قام بإكمالها السبكي والمطيعي من كتاب المجموع للنووي؟ المجموع للنووي شرح لكتاب المهذب للشيرازي، المهذب متن متين، وأصل عند الشافعية يعولون عليه في تربية طلاب العلم، كثير منهم في التراجم يقول: حفظ المهذب، فهو متن معتمد عندهم، وله شروح، من أهمها وأنفسها المجموع للنووي -رحمه الله تعالى-، لكن الكتاب لم يكمل، شرح النووي يقع في تسعة مجلدات إلى باب الخيار من كتاب البيوع، وهو كتاب نفيس، يعني لو كمل الكتاب لصح أن يتصدر القائمة في كتب الفقه؛ لكنه ناقص لكن العبادات يعني من خير ما يقرأ في الفقه المقارن في كتاب المجموع للنووي -رحمه الله-، وهو كتاب في الأصل فقهي، لكنه في الوقت نفسه حديثي، فيه الأحاديث والاستدلال، ووجوه الاستنباط والتعليل، وكلام على الرواة، وهو كتاب نفيس، لكن أكمل منه تسعة أجزاء فقط، ثم كمّل من قبل جمعٍ من الشافعية، طبع منها تكملة السبكي في ثلاثة مجلدات العاشر والحادي عشر والثاني عشر، والسبكي من فقهاء الشافعية كلامه في الجملة جيد وقوي، يستفاد منه، لكنه دون كلام النووي بكثير، يعني النسبة بين كلام النووي وكلام السبكي فرق بينهما كبير، وأما التكملات الأخيرة للمطيعي وللعقبي فهي تكملات ضعيفة لا تنمّ عن فقه نفس، وإنما هي نُقول، وعلى كل حال فهي أنها كملت الكتاب بدلاً من أن يكون الكتاب ناقصاً صار كاملاً، فهي من هذه الحيثية مقبولة في الجملة هذه تكملة المطيعي، أما تكملة العقبي فضعيفة جداً، ضعيفة يعني تعليقات يسيرة على المتن، أما تكملة المطيعي ففيها شيء من البسط، لكنها مجرد نُقول، واعتماده في الغالب على المغني، فالكتاب كمل بهذه الطريقة، لكن يجد الإنسان البون الشاسع بين كلام النووي والسبكي، ثم بعد ذلك يجد الهوة السحيقة بين كلام النووي وكلام المطيعي، والله المستعان. هذا يقول: ما هي أفضل نسخة لمتن عمدة الأحكام؟

أنا معولي على النسخة التي بتحقيق أحمد شاكر وأخيه علي شاكر، وظهر مجموعة مجاميع ثلاثة وأربعة مجاميع تحمل اسم الشيخ أحمد شاكر وعلي محمد شاكر أخوه، والعمل فيها كله على علي، ولا تجد لمسات للشيخ أحمد -رحمه الله- من تعليق أو تصويب أو تصحيح إلا في جودة الطباعة وعلامات الترقيم، على أن طبعة مختصر المقنع الذي هو الزاد في ضمن هذه المجاميع طبعة ليست جيدة، فيها أغلاط كثيرة، أما العمدة فهي نفيسة طبعة جيدة، تخلو من التخريج والعزو، لكنها صحيحة في الجملة. يقول: النسخة التي بتحقيق شعيب الأرناؤوط؟ أنا ما رأيتها، نسخة من عمدة الأحكام بتحقيق شعيب الأرناؤوط ما رأيتها. يقصد محمود الأرناؤوط لعله الشيخ عبد القادر. أما محمود بن الشيخ عبد القادر ممكن. سائل يسأل عن شخصٍ ترقّى في وظيفته ويباشر هذه الوظيفة بعد الترقية خارج مدينته، والنظام المعمول به هو أن الشخص المرقّى له راتبان بشرط أن يقيم، ويزاول عمل الوظيفة عليها في نفس البلد، وهو سيذهب -بإذن الله- لتلك المدينة، وسيباشر عمله فيها لمدة قليلة فقط، قد لا تتجاوز اليومين، ثم سيعود لمدينته الأولى، ومقر عمله الأول، السؤال ما حكم أخذ هذين الراتبين الإضافيين بدل ترحيل؟ هو إذا كانت هذه المكافئة مربوطة بمجرد الترقية فهو يستحقها، وإن كانت من أجل إعانته على حمل أثاثه ومتاعه إلى البلد المنقول إليه، وهذه نيته فلا يستحقها. يقول: لماذا أورد المؤلف حديث: ((لا ضرر ولا ضرار)) في باب: إحياء الموات؟ وما تعلقه بهذا الباب؟ هذا يتعلق بجميع أبواب الدين ((لا ضرر ولا ضرار)) متعلق بجميع أبواب الدين، وتعلقه بإحياء الموات ظاهر؛ لأن من يحيي بصدد أن يضر غيره في دخوله على أملاكهم أو استيلائه على أملاكهم التي قد لا يستطيعون إثباتها، فهذا ضرر، وقد يضر هو بعقوبةٍ أكثر مما ضر بها غيره، وهو الضرار. سم. بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. قال الحافظ ابن حجر العسقلاني -رحمه الله تعالى- في كتابه بلوغ المرام: باب: الوقف

باب: الوقف

عن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له)) رواه مسلم. الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: باب: الوقف

الوقف: هو الحبس؛ لأن العين الموقوفة تكون محبوسة عن التصرف يحبس عنها صاحبها، ويمنع من التصرف بها، وهو في الاصطلاح: تحبيس الأصل، وتسبيل المنفعة، بمعنى أن الأصل لا يتصرف فيه بعد إجراء هذا العقد وهو إيقافه، فعدم التصرف فيه من لوازمه، وسيأتي في حديث عمر -رضي الله تعالى عنه- أن هذا مقتضى الوقف أنه لا يباع ولا يوهب، ولا يتصرف في أصله إلا بما يصلحه، وأما المنفعة والغلة فمصرفها محدد أيضاً في حديث وقف عمر الذي سيأتي الحديث فيه بعد الحديث الأول، والوقف إسلامي يعني مما جاء في الإسلام مما لا يعرف قبل الإسلام، وأول وقف عرف بالإسلام هو وقف عمر، وهو أصل أصيل في هذا الباب، والوقف له هدف شرعي ومصرف لا بد أن يتحقق فيه، وإلا انتفى عنه الاسم، وعلى هذا الوقف إذا لم يحقق الهدف الشرعي فإنه ليس بوقف حقيقةً، وإن حبس ومنع صاحبه من التصرف فيه، فتحقيق الهدف الشرعي من الوقف أمر لا بد منه؛ ليكون الوقف شرعياً، وشيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- يرى أنه لا يستحق أن يسمى وقف إذا كان لا يحقق الهدف، أو كان فيه مخالفة للشرع بوجهٍ من الوجوه، فسواء كان في بدايته أو في نهايته، في أصله أو في غلته، فالأموال التي تجتمع من غير الوجوه الشرعية لا يصح الإيقاف منها؛ لأن الله -جل وعلا- طيب لا يقبل إلا طيباً، وإذا جمعت الأموال من وجوهها الشرعية ثم اشتري به وقف بعقدٍ فيه خلل أيضاً لا يتحقق الهدف الشرعي من الوقف؛ لأنه قربة فكيف يتقرب بمثل هذا؟ إذا عقد عليه عقد صحيح بمالٍ طيب، ثم بعد ذلك استغل الوقف فيما فيه مخالفة شرعية مثلاً، بيت أوقف أو دكان محل تجاري أوقف، ثم صار يزاول في هذا المحال ما لا يرضي الله -جل وعلا-، هذا لا يحقق الهدف الشرعي منه، وإذا كان بيت مثلاً وأجر على من يستعمله في المعاصي مثل هذا لا يحقق الهدف الشرعي، فلا بد أن يكون الوقف طيباً في جميع ما يتعلق به، تكون قيمته طيبة، ويكون استعماله في الوجوه الشرعية ومصاريفه شرعية، وإلا فماذا يستفيد الواقف من بيتٍ يستعمل في المعصية؟ أو في محلٍ تباع فيه مواد محرمة شرعاً، أو يزاول فيه عقود محرمة، أو بيت يؤجر على من يزاول فيه محرمات كالبدع ويعرف صاحبه أنه يؤجره على مبتدع

يفعل فيه ما لا يرضي الله -جل وعلا-، ويتقرب فيه بما يغضب الرب -سبحانه وتعالى-، مثل هذا وإن كان ممنوعاً بالإطلاق لكنه يتأكد إذا قصد به وجه الله؛ لأن هذه مضادة لأمر الله -جل وعلا-، وبعض الناس لا يهتم من هذا الأمر، توجد أوقاف كبيرة، وغلاتها كثيرة في محلات تجارية، وفي مواقع إستراتيجية على ما يقولون ومع ذلك تباع فيها المحرمات وغلتها وقف، هذا واقع كثير لا سيما إذا كانت الأوقاف كبيرة وكثيرة، يعني تصعب على حد قولهم: السيطرة عليها، مجمع تجاري فيه عشرات المحلات لا بد من التحري في مثل هذه الأمور، أن كونك تتقرب إلى الله -جل وعلا- بما لا يرضيه هذه محادّة، ومع الأسف أنه يوجد في أوقاف بعض الأثرياء من هذا النوع، ووقف مؤجر على بنك ممن يزاول الأعمال المحرمة، والأدوار العليا منه تؤجر على طوائف مبتدعة في أوقات المواسم، هل هذا يحقق الهدف الشرعي من الوقف؟ إذا كان الهدف جمع الأموال ثم صرفها هذا ما حققنا شيء؛ لأن المال النافع هو الطيب؛ لأن الله -جل وعلا- طيب لا يقبل إلا طيباً، فكوني أجمع الأموال من حلها ومن غير حلها ثم بعد ذلك أتقرب إلى الله -جل وعلا- لا يمكن أن يكون هذا، ولذا يفتي أهل العلم إذا ورد على الإنسان مال فيه دخل إما شبهة، أو محرم من غير قصد فإنه حينئذٍ يتخلص منه في المصارف المناسبة له، ولا يكون في المصارف الطيبة، والرسول -عليه الصلاة والسلام- قال: ((كسب الحجام خبيث، أطعمه ناضحك)) يعني لا تأكل منه أنت، ولا تتصدق به، فمثل هذه المكاسب الرديئة الخبيثة تصرف في المصارف غير الطيبة، لا مانع أن تجعل في مصارف صحية، في دورات مياه، وما أشبه ذلك مصارف تكون لائقة بها على سبيل التخلص، هذا في التصرفات العادية بالنسبة للناس، أما ما يتقرب به إلى الله -جل وعلا- فشرطه أن يكون طيباً؛ ليتم قبوله. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

"عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إذا مات ابن آدم)) " بعض الروايات: ((إذا مات الإنسان)) كما سمعتم من القارئ ((إذا مات ابن آدم)) وهو الإنسان، فالرواية بالمعنى بالنسبة لمثل هذا سائغة؛ لأن الإنسان مساوي تماماً لابن آدم ((انقطع عمله إلا من ثلاث)) ابن آدم والإنسان يشمل جميع ما يطلق عليه اللفظ، فيدخل فيه الذكر والأنثى، وإن كان الإناث بنات آدم ((فهذا شيء كتبه الله على بنات آدم)) لكن إذا وجه الخطاب للذكور دخل فيه النساء، ما لم يمنع من ذلك مانع ((إذا مات ابن آدم)) الذكر والأنثى، والمقصود به من ينتفع، الجهة القابلة للانتفاع، وهو المسلم أما غير المسلم فإنه لا ينتفع بما عمله قبل موته؛ لأن شرط القبول منتفي ((إذا مات ابن آدم انقطع عنه عمله)) عمله الصالح، وكذلك غير الصالح، ما لم يكن قد سنّ فيه سنة إما حسنة وإما سيئة ((فمن سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة)) لا ينقطع أجرها، وبالمقابل ((من سن في الإسلام سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة)) فلنتصور أن هناك أناس ماتوا من مئات السنين وأعمالهم الصالحة تكتب لهم قرون؛ لأنهم سنوا هذه السنة، وبالمقابل أناس ماتوا من قرون تكتب عليهم الأوزار كرؤوس المبتدعة الذين ابتدعوا في الدين، وسنوا فيه ما لم يسبق له شرعية من كتابٍ أو سنة، وما زال الناس يعملون بها، هؤلاء عليهم أوزار وأوزار من عمل بها إلى يوم القيامة، وقد تموت هذه السنن في وقت سواء كانت صالحة أو طالحة فاسدة ثم يحييها من يحييها، وحينئذٍ يكون عليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة، فإذا مات ابن آدم انقطع علمه، انتهى التكليف، وجف القلم إلا ما استثني من الخصال الثلاث المذكورة في الحديث وبقية العشر التي ذكرت في أحاديث أخرى.

((إذا مات ابن آدم انقطع عنه عمله)) إذا جنّ ابن آدم أو خرف واختلط قبل موته بعشر سنين، توقف عن العمل، فماذا عن هذه المدة من خرفه إلى وفاته؟ هل ينقطع عمله أو يستمر؟ لأن الانقطاع معلّق بالموت، فهذا شخص خرف لا يعي ما يقول، ولا يدري من حوله، وتسمع من بعضهم التسبيح والذكر وهو لا يعي ما حوله، وتسمع من بعضهم السب والشتم واللعن، وسمع هذا وسمع هذا، في المستشفيات في العناية المركزة التي لا يعي فيها الإنسان شيء ويعيش على الأجهزة تسمع هذا يكثر من التسبيح والتحميد والتهليل، وذاك يكثر من السب والشتم، وسمع من يقرأ القرآن وهو لا يسمع، ولا يرى، ولا يبصر، ولا يتحرك، وهذا سمعنا وسمع غيرنا، سب وشتم ولعن صريح وقذف وهو لا يعي، في هذه المدة التي بين انقطاع التكليف؛ لأن مناط التكليف العقل وقد فقد إلى الوفاة؛ لأنه في الحديث عندنا: ((إذا مات انقطع)) فالانقطاع معلق بالموت، فهل يؤاخذ بما يفعله في هذه المدة؟ يقرأ القرآن ليل نهار، وهو في غيبوبة، ومنهم من كان مؤذناً مدةً طويلة في صحته فحصل له ما حصل من المرض والإغماء ثم إذا جاء وقت الأذان أذن هذا موجود، شخص معلق قلبه بالصلاة إذا حان وقت الصلاة كبّر، يعجب الحاضر المشاهد ويعجب الأطباء كيف يتحرك في هذا الوقت وهو محكوم عليه أحياناً بالموت الدماغي؟ هذه الوقائع موجودة، ولا يماري فيها أحد ترى استفاضت يعني عرفت سمعناها وسمعها غيرنا، لكن المسألة في انقطاع العمل، فالحديث معلق على الموت، وهذه المدة التي ارتفع فيها التكليف لأن مناط التكليف العقل، هذه المدة التي قد تكون عشر سنوات أو أكثر أو أقل يؤاخذ عليها بما يصنعه ويؤجر على ما يفعله أو لا؟ طالب:. . . . . . . . . يؤجر ولا يؤاخذ! كيف؟ طالب:. . . . . . . . .

لكن أهل العلم يتفقون على أن غير العاقل مرفوع عنه القلم، وهذا عقله قد زال، هذه المدة مدة ما بين ارتفاع التكليف بزوال العقل إلى الموت مقتضى الحديث أنه العمل جاري، العمل يجري له، لا سيما وأنه امتداد لعمله وقت التكليف، فمن لزم القرآن صار ديدنه ليل نهار، أو الذكر ثم بعد ذلك زال عنه التكليف فصار يسمع منه القرآن والذكر على ما كان يعمله في حال الصحة، مثل هذا واضح في كونه يثاب على هذا؛ لأنه امتداد لعمله، كمن سنّ سنة حسنة أو سيئة يؤجر على الحسنة ويوزر على السيئة وإن مات، وإن انقطع عمله فهذا من آثار عمله، لكن المؤاخذة -مؤاخذة الإنسان- وقد زال عقله، يعني أقرب ما يقال في مثل هذا مثل الصغير غير المكلف الذي رفع عنه قلم التكليف منهم من يرى أنه مرفوع رفع تام، بمعنى أنه لا له ولا عليه قبل التكليف، ومنهم من يرى أنه يكتب له الحسنات، ولا تكتب عليه السيئات، على كل حال هذه محل نظر وتحتاج إلى تحرير في هذه المدة. ((انقطع عنه عمله)) والمراد بعمله الصالح الذي يكتب له ((إلا من ثلاث)) لأن الاستثناء هنا إن قلنا: إنه متصل قلنا: انقطع عمله الصالح، وإذا قلنا: إنه أعم من أن يكون متصلاً أو منقطعاً قلنا: يشمل العمل الصالح وغير الصالح، كله ينقطع ((إلا من ثلاث: صدقة جارية)) وهذا هو الشاهد من الحديث للباب؛ لأن أهل العلم حملوه على الوقف الذي يستمر؛ لأن الصدقة التي يدفعها الإنسان إلى فقير فيأكلها هذا الفقير وتنتهي هي ليست جارية هي صدقة، لكن ليست جارية، أما الجارية هي التي تستمر ويدوم نفعها كالوقف.

((صدقة جارية، أو علمٍ ينتفع به)) بأن يكون معلماً لغيره، معلماً لطلاب ينشرون عنه العلم، ويؤخذ عنهم العلم، ويتسلسل هذا العلم لطلابهم وطلاب طلابهم .. الخ، هذا لا شك أنه علم ينتفع به، ويستمر نفعه، مثل هذا التأليف وهو أضمن في الاستمرار بإذن الله، وإن كان الطلاب فيهم خير، وفيهم نفع ينتفع بهم شيخهم الذي اقتدوا به، وأخذوا عنه، وينتفعون بمن يعلمونهم، ومن دل على خير كان له مثل أجر فاعله، التأليف لا شك أنه يستمر إذا كتب الله له الاستمرار، وإلا هناك مؤلفات كثيرة جداً تذكر بالتراجم، لكن لا أثر لها ولا وجود لها، هذه ما استمرت، والتأليف شأنه ونفعه عظيم، ولذلك تجدون في تراجم أهل العلم من يشاد به، ويوصف بأعظم الأوصاف لكنه لم يؤلف، ينتهي خبره، ولا يذكر، ومن لازم الذكر الترحّم عليه، فبعض الكتب تكون مباركة، تقرأ في كل درس، وفي كل مسجد، وفي كل مناسبة، وفي كل يوم يقال ألوف المرات: قال فلان -رحمه الله تعالى-، هذا لا شك أنه علم ينتفع به، وهو باقٍ والبركة كما تكون في الأشخاص تكون في آثارهم من مؤلفاتهم، فتجد هذا الشخص في علمه بركة بحيث يؤخذ عنه العلم من قبل عددٍ كبير، وينتشر هذا العلم في الأقطار والأمصار هذه بركة، وكذلك يكون له مؤلف يرزق القبول من الله -جل وعلا-، بينما يوجد من هو أعلم منه فيما يبدو للناس، لكن لا تجد هذا الأثر الذي لغيره ممن هو دونه في الظاهر، فالله -جل وعلا- إذا رضي بارك، يعني ما بركة كتب شيخ الإسلام وابن القيم وأئمة الدعوة وكتب أهل العلم المعروفين بالتحقيق الذي سار في مؤلفاتهم الركبان، وانتشر طلابهم والآخذون عنهم في الأمصار، وما زال التسلسل إلى الآن، فلان عن فلان، وفلان قرأ عن فلان، وأخذ عن فلان .. الخ، هذا لا شك أنها أبواب من أبواب الخير، المقصود أن العلم أشمل من أن يكون بالتعليم أو بالتأليف، المقصود أن الإنسان يبذل هذا العلم لينتفع به

فيجرى عليه أجره بعد وفاته، كذلك طبع الكتب لا يجب أن يكون الشخص عالماً لو كان ليس من أهل العلم وإنما ساهم في طبع الكتاب أو أشار على من يطبع كتاب لو كانت ليست لديه القدرة في التعليم والتأليف ولا الطبع من ماله فإذا أشار على شخص يستطيع طبع الكتاب النافع لا شك أن الله -جل وعلا- يدخله في السهم الواحد ثلاثة، فمنهم هذا، فلا يحقر الإنسان نفسه في مثل هذه الأمور له من الأجر قريب مما للمؤلف أو للطابع أو للناشر أو ما أشبه ذلك؛ لأنه على يديه انتشر الكتاب. ((أو علمٍ ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له)) فعلى هذا يحرص الإنسان على تربية أولاده على الصلاح بأن يكون صالحاً في نفسه مصلحاً لأولاده ولغيره؛ لأن الولد الصالح حريّ بإجابة الدعوة، وهذا الصلاح يدعوه إلى الدعاء لوالديه بحيث يستشعر النصوص الشرعية الواردة في حقوق الوالدين، فيدعو لهما، والدعاء ينفع بلا شك، ونفعه للمتسبب ظاهر في التربية على الخير والصلاح، ولذا يقول الرب -جل وعلا-: {رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا} [(24) سورة الإسراء] فالتربية لها شأنها، فإذا فرّط الوالد في تربية الولد يحرم من هذا الدعاء؛ لأنه مربوط بالتربية – كما ربياني- يعني من أجل تربيتهما لي، فإذا رباه على الصلاح، ودعا له صار حرياً بالإجابة، استفاد من دعائه، والله المستعان. هناك أمور جاءت بها النصوص، خصال أوصلها السيوطي إلى عشر خصال، ونضمها في قوله: إذا مات ابن آدم ليس يجري ... عليه من فعالٍ غير عشرِ علوم بثّها ودعاء نجلٍ ... . . . . . . . . . هذا الوارد في الحديث. . . . . . . . . . ... وغرس النخل والصدقات تجري وراثة مصحفٍ. . . . . . . . . ... . . . . . . . . . الإنسان إذا ورث مصحف وصار يقرأ فيه لا شك أن له من الأجر مثل أجر من يقرأ فيه، وقل مثل هذا لو اشترى مصاحف ووزع، لا سيما في البلدان التي لا يتيسر فيها الحصول على المصاحف، أجر وخير عظيم أن يسر القراءة لمثل هؤلاء. وراثة مصحف ورباط ثغرٍ ... وحفر البئر أو إجراء نهرِ وبيت للغريب بناه يأوي ... إليه أو بناء محل ذكر

وبيت للغريب، بيوت للغرباء، فنادق يسكّن فيها الغرباء من غير مقابل، هذه أجرها عظيم، ويستمر نفعها، وهي داخلة في الوقف، إذا بنى بيتاً أوقفه على الغرباء الذين لا سكن لهم، فهذا لا شك أنه داخل في الوقف، بعد هذا حديث ابن عمر. وعن ابن عمر -رضي الله تعالى عنهما- قال: أصاب عمر -رضي الله تعالى عنه- أرضاً بخيبر، فأتى النبي -صلى الله عليه وسلم- يستأمره فيها، فقال: يا رسول الله إني أصبت أرضاً بخيبر لم أصب مالاً قط هو أنفس عندي منه، قال: ((إن شئت حبست أصلها وتصدقت بها)) قال: فتصدق بها عمر أنه لا يباع أصلها، ولا يورث، ولا يوهب، فتصدق بها في الفقراء، وفي القربى، وفي الرقاب، وفي سبيل الله، وابن السبيل، والضيف، لا جناح على من وليها أن يأكل منها بالمعروف، ويطعم صديقاً غير متوّل مالاً. متفق عليه، واللفظ لمسلم. وفي رواية للبخاري: تصدق بأصله لا يباع ولا يوهب، ولكن ينفق ثمره.

حديث ابن عمر في وقف عمر وهو أصل في هذا الباب، ونقل الإجماع على مشروعية الوقف، ولم يخالف في ذلك إلا ما يذكر عن شريح القاضي أنه منع الحبس الذي هو الوقف، منعه؛ لأنه يحرم صاحبه من التصرف فيه، وأجاز أبو حنيفة -رحمه الله- البيع –بيع الوقف- ومنعه مطلقاً مالك والشافعي، انتهى، لزم، خرج من يده لا يتصرف فيه البتة، والمذهب عند الحنابلة أنه لا يجوز بيعه إلا إذا تعطلت منافعه، مزرعة اندثرت ولا تصلح لئن تكون سكن، أو كانت مصارفها من غلتها بالتعيين بأن قال: هذه المزرعة وقف مائة صاع منها من غلتها للإمام، وخمسون صاعاً للمؤذن، ومائة صاع للمدرس في المسجد، وزعها من غلتها؛ لأنهم الآن إذا تعطلت منافعها باعتبارها مزرعة أحياناً غلتها لا تفي بإصلاحها، يعني يصرف عليها من الأموال أكثر من غلتها، فيتفق الناظر مع الورثة فبدلاً من أن تكون مزرعة تكون مخطط سكني، أو محلات تجارية، أو ورش صناعية، أو ما أشبه ذلك، وتؤجر بمبالغ طائلة، فالحنابلة يقولون: إذا تعطلت المنافع تنقل، تباع وينقل، والمالكية والشافعية يقولون: لا لزمت، في حكم التعطّل ضعف الدخل الشديد، يعني بهذه الصورة مزرعة غلتها بعشرة آلاف وخمسة آلاف ريال، وإذا أجرت مستودع أو محل تجاري أو شيء من هذا بمائة ألف، هل نقول: خلاص هي كما تركها صاحبها؟ أو نقول: إنها تعطلت المنافع، وهجرت هجر الحي فلا مانع من بيعها، والانتقال إلى حيٍ يستفاد منها، معروف إن الأحياء تتفاوت في الدخل، فبدلاً من أن تكون غلتها خمسة آلاف وعشرة آلاف تنقل إلى حيٍ تكون غلتها مائة ألف، هي ما تعطلت منافعها، لكنها في حكم المتعطل؛ لأن الغلة بالنسبة لما هو أعظم منها كلا شيء، الضعف شديد، فالذي يقول بالتصرف فيها في مثل هذه الحالة هو مخرج على قول الحنابلة في التعطل؛ لأن هذا شبه تعطل، وأما بالنسبة للمالكية والشافعية لا يرون أنها تنقل لزمت ولو تعطلت منافعها، والحنفية يجيزون بيع الوقف.

يقول: "وعن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: أصاب عمر أرضاً بخيبر" يعني المنقول عن شريح أنه لا يرى الحبس، هل يتصور أن شريحاً يرى يريد في كلامه هنا بالحبس هنا السجن ولا يرى سجن الجاني؟ لأنه قاضي؟ لأن أحياناً بعض الألفاظ على حسب ما يفهمه القارئ، فإذا قيل: إن عمر -رضي الله عنه- منع المتعة مثلاً، هل يريد بها متعة الحج أو متعة النساء؟ متعة الحج، لكن لو قيل: بالنسبة لشخصٍ يرى متعة الحج ومنع المتعة لا شك أنه يوجه على أن المراد متعة النساء؛ ليتحد قوله، فشريح قاضي، وكان لا يرى الحبس، هل المراد به أنه لا يرى الوقف أو لا يرى سجن الجاني؟ إنما يحكم عليه مباشرة وينفذ ولا يحبس؛ لأنه نقل عنه هذا أنه لا يرى الحبس، وفي هذا الموضع يعني في كتاب الوقف، من نقل عنه فهم من أنه يريد الوقف، وأنه لا يرى مشروعية الوقف، واللفظ محتمل، يحتمل وإلا ما يحتمل؟ فالذي يحدد هو السياق الذي جاء فيه هذا الكلام، وأيضاً مقارنة أقواله بعضها ببعض، وإلا ما عرف عن أحدٍ من علماء المسلمين أنه لا يرى مشروعية الوقف.

"عن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: أصاب عمر -رضي الله تعالى عنه- أرضاً بخيبر" نعم، كان عنده مائة رأس فاشترى بها مائة سهم من خيبر، هذه خيبر لما فتحت هل وزعت على الغانمين؟ أو بقيت وعامل النبي -صلى الله عليه وسلم- أهل خيبر عليها بالشطر؟ وكان عبد الله بن رواحة يخلص عليهم، وأعطوه من الرشوة ما أعطوه؛ ليخفف عنهم، في قصص وأحاديث معروفة مشهورة، النبي -عليه الصلاة والسلام- ما قسم خيبر بين الغانمين، وإنما عامل عليها أهلها بشطر ما يخرج منها، فعمر حينما أصاب هذه الأرض بخيبر يعني اشتراها بمائة رأس، اشترى مائة سهم بمائة رأس "فأتى النبي -صلى الله عليه وسلم- يستأمره فيها" يطلب أمره فيها، ويستشيره فيها "فقال: يا رسول الله إني أصبت أرضاً بخيبر لم أصب مالاً قط هو أنفس عندي منه" الأرض مؤنثة "أصبت أرضاً بخيبر، لم أصب مالاً قط هو أنفس عندي منه" يعني منها من الأرض، أنفس من هذه الأرض، والأصل أن يعود الضمير عليها بالتأنيث، لكن لما نزلت منزلة المال عاد الضمير عليها بالتذكير "فقال: رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" من باب المشورة ((إن شئت -ترك الأمر إليه- حبست أصلها وتصدقت بها)) حبست أصلها يعني أوقفتها، وتصدقت بها يعني بغلتها، والمعنى العام للصدقة يشمل الوقف "قال: فتصدق بها عمر، وأنه لا يباع أصلها" يعني مقتضى اللفظ أنه تصدق بها أنه أخرجها من يده، ووزعها على الفقراء والمساكين وابن السبيل وفي سبيل الله على ما سيأتي، لكنها صدقة مقيّدة بكونها لا يباع أصلها، وهذه حقيقة الوقف "ولا يورث" يعني خرجت عن ملكة بالتوقيف، فلا يستطيع بيعها ولا تورث منه إذا مات، ولا يستطيع أن يهبها إلى أحد، لا هو ولا أحد من ورثته "لا يباع أصلها، ولا يورث، ولا يوهب فتصدق بها في الفقراء" تكون غلتها مصروفة في هذا المصرف، لا أنها توزع الأرض على الفقراء، وإلا كان المراد بذلك فتصدق بها على أو للفقراء التي تقتضي التمليك، إنما تصدق بها بمعنى أنه أوقفها، وجعل غلتها مصروفةً في الفقراء وفي القربى، الفقراء ويشمل المساكين، وإن كان الفقر أشد عند الجمهور، والمسكنة أشد عند الحنفية، وهذا معروف في باب الزكاة.

"في الفقراء، وفي القربى" من باب الصلة يقدم ذوو القربى، لا سيما من انطبق عليه الوصف وهو الفقر، فهو أحق من غيره ممن بعد عنه في النسب "وفي القربى" جمع قريب "وفي الرقاب" بأن يعتق منها الأرقاء، ويؤدى منها عن المكاتبين، ويفك منها الأسرى "وفي سبيل الله" والمراد به في قول الجمهور الجهاد في سبيل الله لإعلاء كلمة الله، المراد في سبيل الله الجهاد عند الجمهور، ومنهم من يتوسع في مفهوم سبيل الله، سواء كان في هذا الحديث، أو في آية مصارف الزكاة، فيجعلها في كل ما ينفع، يعني في الجهاد، وفي الحج، وجاء ما يدل على كونه من سبيل الله، وفي الدعوة، وفي التعليم، فيتوسع في مفهوم في سبيل الله بحيث يشمل أبواب الخير من جهادٍ وحجٍ ودعوة وتعليم، وأيضاً يدخل في التعليم دخولاً أولياً تعليم القرآن، فيتوسعون في هذا ويجعلون من مصارف الزكاة هذا بهذا المفهوم، والأكثر على أن المراد في سبيل الله الجهاد في سبيل الله لإعلاء كلمة الله، وهو المتجه؛ لأنه قول عامة أهل العلم. "وفي سبيل الله وابن السبيل" من انقطعت به الأسباب، انتقل من بلده إلى بلدٍ آخر مسافراً، فنفذت نفقته أو ضاعت يعطى من الزكاة، ويعطى من الأوقاف حتى يرجع إلى بلده، ولو كان غنياً في بلده، وهذا الحاجة ماسّة إليه في أوقاتٍ مضت، أما الآن فتكاد تكون معدومة، أعني مسألة الانقطاع ابن السبيل، ففي كل بلد مصرف وصراف، وإن كان غنياً في بلده فبطاقته معه، يسحب من أي بلد يحل فيه كأنه في بلده، فخفت هذه المسألة، يبقى أنه شخص ما له حساب في البنوك وفي المصارف ولا بطاقته عنده، أو بطاقة الصرف منتهية، هذا منقطع يعطى حتى يعود إلى بلده وإن اقترض بنية الوفاء لا شك أنه أفضل من السؤال والتكفف، وإن كان يجوز له أن يسأل حتى يعود إلى بلده، وليس معنى هذا أن الإنسان يقصد هذا الأمر يقصد الانقطاع فلا يأخذ من النفقة ما يكفيه ليكون ابن سبيل!

"وابن السبيل والضيف" الضيف ولو كان غنياً، ولو كان واجداً، إذا حل بالمسلم ضيف فعليه إكرامه، أقل الأحوال يومه وليلته، وما عدا ذلك ففضل إلى الثلاث ((من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه)) فمن مصارف الوقف الضيف، لو أن شخصاً أوقف بيتاً وجعل غلته فيما جاء في حديث عمر، وصار كل من جاءه من ضيف أكرمه وبالغ في إكرامه، حتى ضاق الصرف عن المصارف، أو ضاق المصروف عن المصارف، صار يا الله يكفيه ها الوقت الضيوف الذي يحلون عليه، هل نقول: إن هذا يقي ماله بهذا الوقف؟ أو نقول: إن الضيف داخل في المصارف المنصوص عليها ولا تثريب عليه؟ ماذا نقول؟ يعني أوقف داراً تؤجر بعشرين ألف مثلاً، هذه الدار أجرتها عشرون ألفاً، وهو رجل مضياف في كل أسبوع يحل به ضيف، ويكلّفه خمسمائة ستمائة إلى ألف أحياناً، فما تنتهي السنة إلا والعشرون ألف منتهية للضيوف، يكون هذا وقف وإلا لا؟ طالب:. . . . . . . . . لا هو الضيف منصوص عليه، يعني شرط الواقف كنص الشارع. طالب:. . . . . . . . .

إيه هذا يطلقه الفقهاء، لكن عندنا الضيف منصوص عليه أنه من المصارف، لكن لا يعني هذا أنه يأتي على جميع المصرف، وإن كانت مصارف الزكاة يجوز صرفها في وجهٍ واحد، يعني لو شخص عنده مليون زكاة وصرفها كلها في الفقراء، وترك السبعة من المصارف يلام وإلا ما يلام؟ ما يلام، لكن هذا عنده المصارف الفقراء، وذوي القربى، والرقاب، وفي سبيل الله، وابن السبيل، والضيف، ستة، فخصص الغلة للضيوف، ولا شك أنه إذا كان إكرامه للضيوف من باب امتثال قول الرسول -صلى الله عليه وسلم-: ((من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه)) هذا لا شك أنه مأجور على هذا، لكن يبقى أنه إن كان ليقال: كريم أو يدفع بذلك عن ماله، لا يود أن يخرج من ماله شيء للضيوف، ولا يخسر عليهم شيء، وقال: فرصة الضيف مصرف من مصارف الأوقاف، وعندنا هذا الوقف، لماذا لا نكرم الضيوف؟ وهل يلزم إخبار الضيف أن هذه الوليمة من الوقف أو لا يلزم؟ الضيف حينما حل به الأصل أن يكرمه من ماله، فهل يلزم أن يقول للضيف: هذا الإكرام من الوقف؟ ترى لها نظائر يا إخوان، بعض الناس لا يعق عن ولده إلا إن حل به ضيف، يستغل هذا الضيف ويذبح هذه الشاة، أو هذا الكبش وينويه عقيقة لولده، والثانية إذا جاء ثاني، والبنت إذا جاء ثالث وهكذا، هل تجزئ عقيقة وقد قدمت على أنها إكرام لضيف أو لا بد أن يقول لضيفه: هذه عقيقة فلان؟ يعني إذا قال: هذه عقيقة فلان انتهى الإشكال صحت ما في إشكال عقيقة، لكن إذا قدمها على أنها إكرام لهذا الضيف؟ وقل مثل هذا في الوقف إذا قدمه على أنه إكرام لهذا الضيف، وتناقل الناس أنه يكرم الضيوف، وهو في الحقيقة من الأوقاف ومن العقائق، لا بد من البيان، لا بد أن يقول: هذه عقيقة فلان، حياكم الله على عقيقة فلان وهكذا، وإن كان في الأصل يجوز له أن يأكل ويهدي ويتصدق، ويعزم عليها الأقارب، يعزم عليها الجيران، لكن لا يظهر نفسه بخلاف الواقع، لا يظهر بخلاف الواقع، فإذا توقّع منه خلاف الواقع لا بد من البيان، وإذا جاء ذم من يهاجر لدنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها، هاجر شخص من الدمام إلى مكة، والذي يظهر للناس إنما ترك هذه المنطقة إلى مكة من أجل المضاعفات، ومن أجل البلد الحرام، من أجل

البيت، للطواف، للتعبد هناك، مجاورة، وهو في الحقيقة إنما بحث عن زوجةٍ مناسبة في بلده فما وجد، فانتقل إلى بلد آخر ليجد زوجة أو غلب على ظنه وجود زوجة، أو وعد، أو حدث عنها، فانتقل وهاجر، وظهر للناس أو أظهر للناس أنه إنما هاجر لله ورسوله، فمثل هذا يذم، وقل مثل هذا إذا هاجر لدنيا يصيبها، يسأل لماذا سكنت في مكة؟ والله سكنت في مكة ما يخفى فضل مكة، والصلاة بمائة ألف صلاة، الكلام صحيح، لكن هل هذه نيته؟ فإذا ظهر للناس على خلاف الواقع لا بد من البيان، فإذا كان يظهر للناس أنه كريم من جاء إلى البلد من غريب أقام له وليمة، ودعا إليها أعيان الناس، واستفاض بين الناس أنه كريم، لا بد أنه يقول: هذه عقيقة أو هذا وقف لبيان الواقع، وإلا فالأصل أن الهجرة للدنيا أو الهجرة لامرأة يتزوجها لا إشكال فيها، ما فيه شيء إلا إذا ظهر على خلاف واقعه، أو أظهر للناس بقوله أو بفعله إنه إنما هاجر من أجل كذا، وسواء كان ذلك بلسان المقال أو بلسان الحال.

"لا جناح على من وليها" لا إثم ولا تثريب على من وليها من ناظرٍ ذكراً كان أو أنثى "أن يأكل منها بالمعروف" النص هنا على الأكل يحتاج نفقة، يأخذ نفقة "أو يطعم صديقاً غير متمولٍ مالاً" يأكل بالمعروف، لكن لو قال الناظر: أنا ما عند استعداد أقبل النضارة، وهي تأخذ علي وقت إلا بأجرة المثل، ما يكفيني آكل نعم الأوقات تتفاوت، قد يكون في عهده -صلى الله عليه وسلم- أن الأكل في مقابل العمل الدائم مناسب، وإلى وقتٍ قريب والأجير يستأجر بطعامه، يعمل في الأعمال الشاقة من طلوع الشمس إلى غروبها، بوجبتي الغداء والعشاء فقط، وهذا مناسب لوقت من الأوقات؟ لكن الآن؟! لو تبي تقول لواحد من طلاب العلم: عندي عمل ليس بشاق تكون في المكتبة، وتحضر لي بعض المسائل، وترتب الكتب، عمل مريح، وفي مكان بارد، وفي محل تهواه، لكن ما عندي لك إلا الغداء والعشاء في أحد بيقبل؟ فكيف إذا كان مثل هذا الوقف أرض وبعيدة عن المدينة، وتحتاج إلى رعاية، وتحتاج إلى متابعة، وتحتاج إلى نظر، وفي عمال، وفي غلة، وفي بيع وشراء، ويكفي أن يأكل؟ إذا لم يوجد من يتبرع بحث عمن يأكل، إذا لم يوجد من يكفيه الأكل بحث عن من يعمل فيه بأجرة المثل، وامرأة تسأل قالت: إنها أوقفت محلات تجارية، وعيّنت عليها ناظر، وكان الناظر منصوص عليه في ورقة الوقف أن له خمسة بالمائة، قالت: إنها لم تجد أحد يمسك الخمسة، فتريد أن ترفع النسبة إلى عشرة في المائة، لها ذلك أو ليس لها ذلك؟ نعم، إذا لم تجد يترتب على عدم وجوده ضياع الوقف ترفع النسبة؛ لأنه من مصلحة الوقف، ومثل هذا يقال في الأكل بالمعروف، يعني قد لا نجد من يعمل في مثل هذه الأعمال بمجرد أن يأكل منه، أو يطعم صديقاً، ولو كان غنياً يطعمه غير متمولٍ مالاً، يعني يطعمه الشيء الذي لا يضر بالمصرف.

"غير متمول مالاً" متفق عليه واللفظ لمسلم، وفي رواية للبخاري: تصدق بأصلها لا يباع ولا يوهب" الضبط إن شئت حبست أصلها وتصدقت بها، قال: فتصدق بها عمر، وهنا في رواية البخاري: تصدق يعني بدل قوله: فتصدق بها عمر، يعني تصدق عمر بأصلها لا يباع ولا يوهب، ولكن ينفق ثمره الغلة المنفعة تنفق في المصارف المذكورة في الفقراء، وفي القربى، وفي الرقاب، وفي سبيل الله، وابن السبيل، والضيف. وكان الناظر عمر -رضي الله تعالى عنه- في وقته، ثم بعد ذلك بعده آلت النظارة إلى حفصة أم المؤمنين، فدل على أن المرأة تلي مثل هذه الأعمال، بما لا يقتضي مخالطةً منها للرجال. وعن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- قال: بعث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عمر على الصدقة الحديث، وفيه: ((فأما خالد فقد احتبس أدراعه وأعتاده في سبيل الله)) متفق عليه. حديث أبي هريرة تقدم ذكره، وهو أن النبي -عليه الصلاة والسلام- بعث عمر -رضي الله تعالى عنه- على الصدقة يجبي الصدقة، بعثه جابياً للصدقة، عاملاً عليها، والحديث فيه أنه منع ابن جميل وخالد والعباس، امتنعوا من دفع الصدقة، فقال: ((أما العباس فهي عليّ ومثلها، وأما خالد فقد احتبس أدراعه وأعتاده في سبيل الله)) وهذا هو الشاهد ((وأما ابن جميل فما ينقم ابن جميل إلا أن كان فقيراً فأغناه الله)) يعني بدلاً من أن يشكر النعمة يمنع حق الله في المال، فدل على أن الناس ينزلون منازلهم، هذا شخص فقير أغناه الله وليست له ما لغيره من هؤلاء من عطاء، ومن إفادة للإسلام والمسلمين، فمثل هذا يقال في حقه مثل هذا الكلام، يعني أقل الأحوال أن يدفع إليه يؤدي الواجب، كان فقير فأغناه الله فعليه أن يؤدي هذه الصدقة، وأما العباس فهي علي ومثلها، ومنهم من يقول: إنه دفع زكاة سنتين، وعلي عندي معناها عندي أنها مدفوعة، ويستدلون بذلك على جواز تعجيل الزكاة، ومنهم من يقول: إن النبي -عليه الصلاة والسلام- ضمن عنه أو أدى عنه ما وجب عليه.

باب: الهبة

((وأما خالد -وهو الشاهد هنا- فقد احتبس)) يعني أوقف أدراعه جمع درع، وهو الذي يقي البدن من السهام، يلبس على البدن ليقيه من السهام، وهو في الغالب من الحديد، ((وأعتاده)) جمع عتد، وهو أيضاً مما يعتد به ويستعان به في القتال من سلاحٍ وخيلٍ ومركوب أياً كان، فهو يعتد به، ويستعان به في القتال، منهم من فسره بالخيل، ويستدل بالحديث على جواز وقف المنقول، وأنه لا يختص بالعقار والأراضي، المنقول يوقف، أما المنقول الذي يدوم أصله كالدرع مثلاً والسيف الأمور التي يستمر نفعها، فهذا لا إشكال في إيقافها، لكن ما تتلف عينه هل ينطبق عليه أنه وقف؟ ما تتلف عينه؟ يعني يستهلك، المستهلك يصح إيقافه وإلا ما يصح؟ يعني إيقاف النخل الأصل إيقاف الأصل والمنفعة توزع على المصارف هذا ما فيه إشكال، لكن لو أقف الثمرة التي على رؤوس النخل دون النخل يسمى وقف وإلا لا؟ ما يسمى وقف؛ لأنه مستهلك، والوقف من شأنه أن يثبت ويدوم؛ لأن هذا معنى الوقف، وهذا معنى التحبيس، فكونه أوقف الأدراع هذا ما فيه إشكال لأنها تدوم من حديد وتنتقل من شخص إلى شخص في سبيل الله، يعني كما توقف مصحف، المصحف في الغالب يدوم، ومن يد فلان إلى فلان، وإذا استغنى عنه فلان دفعه إلى فلان، وقل مثل هذا في كتب العلم وإن كانت منقولة، خلافاً لمن يقول: إنه لا يصح وقف المنقول، فالصحيح صحة وقف المنقول كالكتب والمصاحف والأدراع وما أشبه ذلك، أما بالنسبة للفرس الذي يموت مثلاً فتوقيفه محل خلاف بين أهل العلم، والحديث حجة على صحة وقف الحيوان لمن يستفيد منه، شخص ربط خيل في بيته أو عند بابه من احتاجه يركبه ويعيده إلى مكانه، شخص وقف سيارة وجعل المفتاح عليها قال للمحتاج من المسلمين له مشوار يركب ويمشي، فإيقاف مثل هذا صحيح بناءً على تفسير العتاد بالخيل، نعم. باب: الهبة

عن النعمان بن بشير -رضي الله تعالى عنهما- أن أباه أتى به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: إني نحلت ابني هذا غلاماً كان لي، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أكل ولدك نحلته مثل هذا؟ )) فقال لا: فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((فأرجعه)) وفي لفظٍ: فانطلق أبي إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- ليشهده على صدقتي، فقال: ((أفعلت هذا بولدك كلهم؟ )) قال: لا، قال: ((اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم)) فرجع أبي فرد تلك الصدقة. متفق عليه. وفي رواية مسلم: قال: ((فأشهد على هذا غيري)) ثم قال: ((أيسرك أن يكونوا لك في البر سواء؟ )) قال: بلى، قال: ((فلا إذاً)). يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: باب: الهبة

الهبة والعطية والنحلة بمعنى واحد إلا أن الهبة تطلق على ما كان في حال الصحة وكذلك الهدية، وأما العطية فهي مختصة في العرف عند أهل العلم أنها ما كانت في حال المرض، والهبة عبارة عن تمليك عين دون مقابل، يقول -رحمه الله تعالى-: "عن النعمان بن بشير -رضي الله تعالى عنهما- قال: إن أباه أتى به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: إني نحلت ابني هذا غلاماً" يعني وهبه له، بشير بن سعد وهب ابنه النعمان ونحله غلام كان له "فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أكل ولدك نحلتهم مثل هذا؟ )) " يعني جميع الأولاد أعطيتهم مثل هذا الغلام؟ "فقال: لا، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((فأرجعه)) " وعلى هذا إذا استوت المطالب -مطالب الأولاد- لا بد من التعديل بينهم، فعنده خمسة من الأولاد كلهم يحتاج إلى سيارة، فأعطى واحد سيارة، أعطاه إياه، وهبها له، وترك الباقي وقال له: لا تنس إخوانك إن كان لهم مشاوير وإلا شيء توصلهم، ما يكفي، لا بد أن يهب لكل واحد سيارة، وإلا تكون السيارة باسمه هو، ثم يخوّل واحداً منهم لقيادتها لكونه أجدر بهذه القيادة من غيره، ومع ذلك لا يختص بها في مشاويره الخاصة، ومن احتاجها من إخوانه ينتفع بها؛ لأنها ليست له، وإنما هي لأبيه، وتعلقهم بها كتعلقه هو، أما إذا اختلفت المطالب، هذا يحتاج سيارة، والبنت تحتاج إلى ذهب، والصغير يحتاج إلى مصروف مدرسة ودروس وطعام يناسبه، ورابع أو خامس يحتاج إلى زواج، اختلفت هذه المطالب، هل نقول: إذا زوجت زيد الذي يبلغ من العمر خمسة وعشرين سنة لا بد أن تدفع لعمر الذي يبلغ من العمر خمس سنين مقدار المهر؟ يلزم وإلا ما يلزم؟ ما يلزم؛ لأن هذه حاجات أصلية تقدر بقدرها، وكل يعطى ما يحتاج، فإذا أعطى الولد سيارة ينتفع بها وينفع بها والده وأهله، وتعطى البنت من الذهب ما تحتاجه من الحلي، وما يناسب المرأة، ويعطى الصغير ما يناسبه هذا لا يلزمه فيه التعديل، الحوائج الأصلية لا يلزم فيها التعديل، لكن إذا وصل إلى ما وصل إليه أخوه الذي به أعطي ما أعطي لزم الأب التعديل، تزوج الولد الأول لما بلغ العشرين، يلزمه إذا كانت ظروفه تمسح له أن يزوج الثاني إلى وصل إلى العشرين ولا يجوز

له تأخيره إذا طلب ذلك وهذا تعديل، نعم قد ينظر في مصلحة الأول ومصلحة الثاني، الأول من مصلحته أن يزوج مبكر، والثاني ليس من مصلحته أن يتزوج مبكراً، فهذه النظر إليه، لكن يبقى أن التعديل لا بد منه والتسوية، وإذا زوج الولد الأول هل يلزمه أن يوصي بتزويج الثاني والثالث من رأس ماله أو لا؟ ((لا وصية لوارث)) هل من التسوية والتعديل بين الأولاد أن يزوج الثاني والثالث كما زوج الأول ولو بعد وفاة الأب؟ بالوفاة انتقل المال منه إلى ورثته فصار لا يملك إلا الوصية بالثلث فأقل، والنص المتلقى بالقبول ((لا وصية لوارث)) فعلى هذا يزوج من إرثه لا من رأس المال "فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((فأرجعه)) وفي لفظ: فانطلق أبي إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- ليشهده على صدقتي، فقال: ((أفعلت هذا بولدك كلهم؟ )) قال: لا، قال: ((اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم)) " فعدم التسوية وإيثار بعض الأولاد دون بعض محرم، والتصرف باطل، فلا بد من إرجاع هذه العطية سواء قبضت أو لم تقبض في حياة المعطي وبعد وفاته، منهم من يقول: إنه إذا أعطى بعض أولاده وزاد بعضهم على بعض ثم مات عليه الإثم والعطية ثابتة، ولا ترد، وهذا قول كثير من أهل العلم، لكن المرجح أنه ما دام أمر بإرجاعها أنها لم تثبت ملكاً للولد، فعلى هذا ترد ولو بعد وفاة الأب، ((اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم)) الأولاد يشمل الذكور والإناث {يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ} [(11) سورة النساء] فالتعديل واجب بين الأولاد ذكوراً كانوا أو إناثاً، وأهل العلم يختلفون في مثل هذا هل مقتضى الحديث التسوية والتعديل بأن يكون ما يعطى للذكر والأنثى على حدٍ سواء؟ أو تكون القسمة على قسمة الله -جل وعلا- في المواريث للذكر مثل حظ الأنثيين؟ فلنتفرض أن شخصاً ثرياً عنده عشرة أولاد وخمس بنات، عشرة ذكور وخمس إناث، فأعطى العشرة من الذكور كل واحد مائة ألف، مليون، فماذا يعطي البنات؟ هل يعطي كل واحدة من البنات مائة ألف أو يعطيها خمسين ألف؟ هل نقول: مقتضى قوله: ((اتقوا الله واعدلوا)) مقتضى هذا أن يكون العدل بالتسوية، سووا بين أولادهم، فالتسوية تقتضي أن يعطى

البنات مثلما يعطى الذكور، لا على قسمة الميراث، ومن أهل العلم من يرى أن القسمة في العطية لا في النفقة والحوائج الأصلية تكون على قسمة الله بالميراث، فأعطى الذكور على مائة ألف يعطي الإناث على خمسين ألف، وهذا لا شك أنه قول له حظ من النظر، أما بالنسبة للحوائج الأصلية؛ لأن هذه مسائل عملية يحتاجها الناس باستمرار، يعني شخص عنده عشرين بين ذكر وأنثى، وفي نهاية كل شهر يعطيهم المصاريف التي يحتاجونها، ويحدد لهم، يجب عليه أن يعدل بين زوجاته، فإذا حدد لهن مبلغاً من المال لا يجوز أن يزيد واحدة على الأخرى، الزوجات نفترض أنه يعطي كل زوجة خمسمائة وكل واحد من الأولاد الذكور مائتين، فهل معنى هذا أنه يعطي الإناث مائة مصروف؟ أو نقول: إن المائة لا تكفي، أحياناً تكون البنات أشد مصروف من الأولاد؟ لأن الحاجة الأصلية لا بد من تأمينها، فهذه ليست العطية هذه من باب النفقة، إلا أنه من أجل تنضبط أموره يعطيهم دراهم، فإذا قلنا: إنه على الميراث لا بد أن يعطي البنت النصف، وحينئذٍ تتضرر، البنات يحتجن من المصاريف أكثر مما يحتاجه الأولاد؛ لأننا لو نظرنا إلى الثياب مثلاً، الولد يخاط ثوبه بمائة ريال، والبنت ما يخاط إلا بمائتين ثلاثمائة، وقل مثل ذلك في أمور أخرى مما يحتاجه الناس فكونه يقنن لهم مصاريف لا يعني أنهم يقسم بينهم هذه المصاريف على الميراث، مثاله: الأكل والشرب، يعني لو قدم طعام فهل يستطيع أن يقول للبنت: للذكر مثل حظ الأنثيين لا تأكلين إلا نصف ما يأكل الولد؟ يمكن أن يقال هذا؟ لا، فالحوائج الأصلية تؤمن من دون نظر إلى الميراث، وهذه مسألة عملية ويحتاجها الناس، هذا إذا أراد أن يعطيهم دراهم في مقابل المصروف ينفقون على أنفسهم، لكن لو تولى الشراء لهم، يكون هذا العمل فيه على حسب الحاجة، الكبير يحتاج إلى ثوب أربعة أمتار قيمته مائة وعشرين، الذي دونه إلى ثلاثة أمتار قيمته مائة، الذي دونه يحتاج إلى مترين بستين مثلاً، أو سبعين، البنت تحتاج إلى ثوب مائتين، الزوجة الكبرى تحتاج إلى ثوب مناسب بخمسمائة، الثانية تحتاج إلى ثوب مناسب بألف، فالناس لا شك أنهم منازل، فإذا كان الصرف بالحوائج نفسها فهي تتفاوت من شخص إلى آخر، فكل

إنسان يعطى ما يناسبه وما يعطاه مما يناسبه تعديل، لو اشترى للزوجتين وبينهما من العمر عشرين سنة مثلاً، الأولى عمرها أربعين والثانية عشرين، اشترى لهم من قماش واحد، وتفصيل واحد، يصلح وإلا ما يصلح؟ الكبيرة تقول: هذا لا يناسبني، هذا ثوب شهرة يصلح للصغار، والصغيرة تقول: لا يناسبني هذا دون مما أحتاجه، ولذلك في مثل هذه الأمور أفضل ما يكون أن يعطوا دراهم يتصرفون فيها كل على حسب حاجته، وبهذا يتم التعديل وينضبط، أما تأتي للكبرى وبينهما .. التي قد تكون بنت من بنات هذه الكبرى أكبر من هذه الزوجة، وتأتي لها بثوب مثل ثوب الصغرى ما هو مناسب، والعكس كذلك ليس بمناسب، فمثل هذه الأمور لا يحلها إلا الدراهم، هي التي يمكن فيها التعديل، فإذا أعطيت هذه خمسمائة وهذه خمسمائة انتهى الإشكال ولا كلام لأحد، وكل واحد منهما تشتري ما يناسبها يعني في حدود ما أباح الله -جل وعلا-، أما لو أرادات إحداهما أن تشتري شيئاً محرماً لذاته أو وصفه فإنها لا تمكّن من ذلك، قد يقول قائل: إن مثل هذا يسهّل لها الخروج لقضاء حوائجها، ولو تولى الأب أو الزوج تأمين هذه الأمور بنفسه وامتثل جعل النسوة يمتثلن القرار في البيوت، لا شك أن هذا أولى وأكمل لكن لا ينضبط، لا يمكن ضبطه، فالتعديل في مثل هذا يكون بالفلوس تبرأ الذمة بمثل هذا، يعني يحدد للزوجات مثلاً مصروف، وهذا تبعاً ليسار الزوج وعسره فيزيد إذا كانت أموره متيسرة، ويقل إذا كانت أموره أقل وهكذا، فالمتوسط لو أعطى الزوجات كل واحدة خمسمائة وأعطى كل واحد من الأولاد والبنات مائتين أو ثلاثمائة ماشي ما يكون ظلم أحد منهم. " ((اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم)) فرجع فرد تلك الصدقة" امتثالاً لقوله -عليه الصلاة والسلام-: ((فأرجعه)) فرد تلك الصدقة فدل على أن الجور والميل وعدم التسوية وعدم التعديل أمر ليس عليه أمر النبي -عليه الصلاة والسلام-، فهو رد، أي مردود، فلا بد من رده في حياة الواهب، وبعد مماته، خلافاً لمن يقول: إنه إذا مات ثبت الإثم في حقه، وثبتت العطية والهبة لمن وهبت له.

"وفي رواية لمسلم: قال: ((فأشهد على هذا غيري)) " هل معنى هذا أنه يأذن له في أن يستمر في هبته لكن يشهد على هذا غير النبي -عليه الصلاة والسلام- لأن منزلته أعظم على مثل هذا؟ فيكون فيه إذن وإباحة؟ أو أن السياق سياق تهديد: {اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ} [(40) سورة فصلت]؟ لأن منهم من يرى أن التسوية غير واجبة، التعديل بين الأولاد غير واجب، بل التفاضل مكروه، بدليل أنه قال: ((أشهد عليه غيري)) ولو كان محرماً لما أمر بإشهاد غيره، لأنه لا يجوز لغيره أن يشهد على محرم، نقول: ليس الأمر هنا للإذن بل هو للتهديد، كقوله -جل وعلا-: {اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ} [(40) سورة فصلت] "ثم قال: ((أيسرك أن يكونوا لك في البر سواء؟ )) قال: بلى قال: ((فلا إذاً)) " يعني فلا تفضل بعضهم على بعض ليتم البر منهم على حدٍ سواء، وما وجد العقوق والتمرد على الآباء إلا بعد أن وجد التفضيل لبعض الأولاد على بعض، فالتفضيل سبب للعقوق، كثير من الأولاد خله ينفعه فلان، هو الغالي عنده وهو اللي .. ، موجود هذا، إذا وجد التفضيل من بعضهم على بعض لا شك أن البشر كثير منهم لا يحتمل مثل هذا، وإلا فالأصل أن على الابن أن يؤدي ما عليه، وأن يسأل الله -جل وعلا- الذي له، ويطالب أباه بما له، ويخوفه بالله ويأمره بالعدل، ويضرب له مثل هذا النص، نعم. وعن ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما- قال: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((العائد في هبته كالكلب يقيء ثم يعود في قيئه)) متفق عليه. وفي رواية للبخاري: ((ليس لنا مثل السوء الذي يعود في هبته كالكلب يرجع في قيئه)).

يقول: "ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((العائد في هبته كالكلب يقيء ثم يعود في قيئه)) متفق عليه" هذا دليل على تحريم الرجوع في الهبة؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- شبهه في أمر شنيع، قبيح، وفي الرواية الأخرى: ((ليس لنا مثل السوء الذي يعود في هبته كالكلب يقيء ثم يرجع في قيئه)) وأسلوب السياق دليل ظاهر على التحريم؛ لأن المكلف لا يجوز له أن يفعل هذا الفعل، لا يجوز له أن يعود في قيئه فلا يجوز له أن يعود في هبته كما مثلت الغيبة بأكل لحم أخيه ميتاً، كما أنه لا يجوز له أن يأكل لحم أخيه ميتاً كذلك لا يجوز له أن يأكل لحم أخيه حياً بالغيبة، وكذلك إذا كان لا يجوز له أن يعود في قيئه لا يجوز له أن يعود في هبته، هذا قول الجمهور، ومنهم من يقول: يجوز له أن يعود في هبته، طيب والمثل الذي ذكره النبي -عليه الصلاة والسلام- وهو مثل السوء؟ قال: إن الكلب غير مكلف ولا إثم عليه إذا عاد في قيئه وحينئذٍ يكون المشبه مثل المشبه به، فلا إثم على من عاد في هبته! ظاهر وإلا مو ظاهر؟ الجمهور أخذوا منه تحريم العود في الهبة وهو ظاهر، السياق يدل دلالة صريحة على التنفير من هذا العمل، ومنهم من يقول: يكره العود في الهبة ولا يحرم لماذا؟ لأن المشبه ينزل منزلة المشبهة به، فالعائد في هبته لا يأثم كما أن الكلب إذا عاد في قيئه لا إثم عليه؛ لأنه غير مكلف، ومثله المشبه به، لكن نهينا عن مشابهة الحيوانات، أقعاء الكلب، افتراش السبع، بروك البعير، هذا ليس للمسلم، وكذلك من أشنع التشبيه في السنة النبوية ما جاء معنا هنا، يقيء .. أولاً كلب، وهو من أخبث الحيوانات وأنجسها، ومع ذلك فعله شنيع، يقيء ثم يعود في قيئه، نعم منها ما يأكل الجيف، ومنها ما هو أخبث من ذلك، لكن هنا التمثيل والتنظير مطابق منه -عليه الصلاة والسلام-، وهذا في غاية البلاغة، وظاهر من الذي يعطي ثم يأخذ هذا لا شك أنه عمل سيء مشابه لعود الكلب في قيئه، وفي رواية للبخاري: ((ليس لنا مثل السوء الذي يعود في هبته كالكلب يقيء ثم يرجع في قيئه)) يستثنى من ذلك ... نعم؟ طالب:. . . . . . . . .

نعم ... لا، المهدي بالكلب، المهدي الذي يعود في هديته كالكلب، العائد في هبته كالكلب، نعم والهدية كالقيء، يعني لو كان المنظور إليه مثلما يقول من يبيح الرجوع ويفسر الحديث على هذا الفهم قلنا: إن الهدية هذه لا يجوز قبولها؛ لأنها كالقيء! صحيح، ما دام يشبه العائد في هبته كالكلب في عدم التكليف وعدم المؤاخذة؛ لأن الكلب غير مكلف، المقصود التشبيه إجمالاً لا تفصيلاً، وإلا لو قلنا: بالتفصيل لاتجه قولهم، لكن الصورة الإجمالية لا شك أنها تدل على منع الرجوع في الهبة، يستثنى من ذلك هبة الوالد لولده، وأيضاً الهبة مع عدم التعديل على ما سيأتي وما تقدم، والحديث الذي يليه حديث ابن عمر في المغرب -إن شاء الله تعالى- ...

كتاب البيوع (21)

شرح: بلوغ المرام - كتاب البيوع (21) شرح: باب الهبة الشيخ: عبد الكريم بن عبد الله الخضير السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. سم. بسم الله الرحمن الرحيم. وعن ابن عمر وابن عباس -رضي الله تعالى عنهم- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا يحل لرجلٍ مسلم أن يعطي العطية ثم يرجع فيها إلا الوالد فيما يعطي ولده)) رواه أحمد والأربعة، وصححه الترمذي وابن حبان والحاكم. الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فتقدم في الحديث الذي قبله تحريم العود في الهبة، وأن العائد في هبته كالكلب يقيء ثم يعود على قيئه، وعرفنا أن الجمهور على تحريم هذا الفعل الشنيع وهو العود في الهبة، والسياق يقتضي ذلك، وأن من أهل العلم من فهم منه أنه يجوز العود في الهبة، وأنه لا إثم فيه بدليل أن الكلب غير مكلف فعوده في قيئه غير محرم عليه، وكذلك العود في الهبة غير محرم؛ لأن التشبيه يقتضي المشاركة بين المشبه والمشبه به، لكن السياق صريح في ذمّ العود في الهبة، والتمثيل إنما هو للتنفير والتحذير، وقد نهينا من مشابهة الحيوانات فيما هو أقل من ذلك، نهينا من افتراش السبع، وانبساط الكلب، وتدبيح الحمار، وبروك البعير، والتفات الثعلب، والشموس كشموس الخيل، المقصود أننا نهينا عن مشابهة الحيوانات فيما هو دون ذلك، فكيف نشابههم فيما هو أشنع أعمالهم، وهو العود في القيء، فدل ذلك على تحريم العود في الهبة، يستثنى من ذلك ما يهبه الرجل لولده، يعود عليه بلا إشكال، وهذا مستثنى في الحديث الذي معنا، حديث ابن عمر وابن عباس -رضي الله عنهم- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال، عندك قالا؟ طالب: نعم.

غلط، القائل هو النبي -عليه الصلاة والسلام-، "قال: ((لا يحل لرجل مسلم أن يعطي العطية ثم يرجع فيها)) " يعني يعود في هبته، وإن كانت العطية في العرف عند أهل العلم هي ما يعطى دون مقابل في مرض الموت، في مرض الموت يسمى عطية، وفي حال الصحة يسمى هبة ويسمى هدية ((لا يحل لرجل مسلم أن يعطي العطية ثم يرجع فيها إلا الوالد فيما يعطي ولده)) وذلكم أن المال مال الوالد ومال الولد كالشيء الواحد، فيجوز للوالد أن يأخذ من مال ولده الذي تعب عليه ((أنت ومالك لأبيك)) فكيف فيما لم يتعب عليه ومصدره هو؟ يعني من باب أولى، كما أن الولد له شبهة في مال أبيه كما هو معلوم عند أهل العلم ومقرر، فاستثني الوالد فيما يعطي ولده، الحديث صحيح، مروي عند أحمد والأربعة وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه ومصحح عند الترمذي وابن حبان والحاكم، فالوالد له أن يعود فيما يهبه لولده، ويكون حينئذٍ مستثنى، مخصص للحديث السابق. وعن عائشة -رضي الله تعالى عنها- قالت: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقبل الهدية، ويثيب عليها. رواه البخاري. وعن ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما- قال: وهب رجل لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- ناقة فأثابه عليها، فقال: ((رضيت؟ )) قال: لا فزاده، قال: ((رضيت؟ )) قال: لا، فزاده، فقال: ((رضيت؟ )) قال: نعم. رواه أحمد وصححه ابن حبان. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

"وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقبل الهدية" قبول الهدية لا شك أنه من مكارم الأخلاق، فالنبي -عليه الصلاة والسلام- كان يقبل الهدية، لكن ليس معنى هذا أن يستشرف الإنسان لكل يدٍ تمد ليرى ما فيها هل فيها شيء يهدى إليه، فالاستشراف ليس من شأن المسلم، ولا من شأن الكرام، فالنبي -عليه الصلاة والسلام- إذا أهدي إليه يقبل من غير استشراف بهذه الهدية، ومن غير أن تؤثر في نفسه الضعة، والنظر إلى أيدي الناس، ولذلكم كان -عليه الصلاة والسلام- يثيب عليها، فيثيب عليها أكثر منها، والهدية بنية الثواب هذه عند أهل العلم حكمها حكم البيع، وليست معنى الهدية التي تسل السخيمة، وتورث المحبة والمودة بين المتهادين، فالنبي -عليه الصلاة والسلام- هذه من عادته، ومن شمائله -عليه الصلاة والسلام- أنه لا يرد الهدية؛ لأن مرد الهدية يورث في قلب المهدي شيئاً من الضيق؛ لأنه تذهب به الأوهام كل مذهب إذا ردت هديته بيده، ولذلكم لما جاء أبو جهيم بكسائه الذي أهداه للنبي -عليه الصلاة والسلام- قبله ما رده، ومع ذلكم هذا الكساء كان مخططاً ومعلماً فصلى فيه النبي -عليه الصلاة والسلام- فشغله عن صلاته، نظر إليه النبي -عليه الصلاة والسلام- في الصلاة فلما سلم قال: ((أعطوا أبا جهيم هذا الكساء، وأتوني بأمبجانيته)) من أجل إيش؟ ألا ينكس قلبه، فيعرف أن الرد لسبب معين لا يرجع إلى ذاته، وإنما يرجع إلى المهدى، وكونه لا يليق به، فلو أهدي إلى الإنسان لا يليق به ولو كان ثميناً، أهدي إليه قلم ذهب مثلاً أو ساعة ذهب، فردها وقال: أعطني غيرها مما لا يحرم لبسه على الرجال، هذا لا شك أن فيه جبراً لخاطر المهدي، فرد الأعلى لا يقتضي رد الأدنى، فكان النبي -عليه الصلاة والسلام- يثيب عليها أكثر منها، يثيب عليها ما هو خير منها كما جاء عند ابن أبي شيبة، وفي الحديث الذي يليه، وهذه معروفة عند أهل العلم بالهبة التي يرجى من ورائها الثواب في الدنيا لا في الآخرة، ولها أصل شرعي، الإنسان يقدم لمن هو أكبر منه قدراً، فيرجو ما عنده من ثواب، وهذه لا أجر فيها؛ لأن الأعمال بالنيات، فإذا قدم لأمير أو لكبير أو لوزير، أو لغني هدية، ويقصد

من ذلك أن يثيبه عليها أعظم منها، وهذا معروف على مر التاريخ يهدى إلى الخلفاء والمهدي يتوقع أنهم يعطونه أكثر مما أعطاهم، والشعراء يهدون القصائد وأصحاب الأموال يهدون من أموالهم، كل هذا يرجون ثوابه، وعلى هذا الأجر على قدر النية. "عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: وهب رجل لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- ناقة فأثابه عليها فقال: ((رضيت؟ )) قال: لا" لأنه توقع أنها أعظم، يعني إذا أهدى إلى الخليفة قصيدة، ثم رد عليه بقصيدة ما استفاد، لكن إذا أهدى له القصيدة وأعطاه مبلغاً مجزياً من المال كالمعتاد هذا ما توقعه، وهو المرجو من مثل هذه الهدية "فأثابه عليها فقال: ((رضيت؟ )) قال: لا، فزاده فقال: ((رضيت؟ )) قال: لا، فزاده فقال: ((رضيت؟ )) قال: نعم. رواه أحمد وصححه ابن حبان" وفي الترمذي بيّن في روايته أن العوض كان ست بكرات في مقابل ناقة، فأعطاه النبي -عليه الصلاة والسلام- أكثر مما أهداه، وهذا من كرمه -عليه الصلاة والسلام-، كان يعطي عطاء من لا يخشى الفقر، فمثل هذا له أصل شرعي، لكن الأجر على قدر النية، ما يقر في قلب المهدي. في هذا الحديث في بعض الروايات: قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((قد هممت أن لا أقبل هدية إلا من قرشيٍ أو ثقفي)) لأن هؤلاء الأعراب لا يرضون بالشيء اليسير إذا أعطوا، ولذلك النبي -عليه الصلاة والسلام- يقول له: ((رضيت؟ )) يقول: لا، لا شك أن في هذا شيء من الجفاء، وهذا من شأن الأعراب لا من شأن أهل البلدان والمدن، ولذلك يذكر عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه قال: ((لقد هممت –بعد هذه القصة- أن لا أقبل إلا من قرشيٍ أو ثقفي)) يعني ممن يقدره حق قدره -عليه الصلاة والسلام-، أما بعض الناس الذين يأتون من أجل الدنيا، وإن كانوا في الأصل مسلمين، لكن المسلمين يتفاوتون، منهم من جبل على الطمع، ومنهم من جبل على الكرم والسخاء سخاء النفس، المقصود أن مثل هذا هديته لا يثاب عليها. وعن جابر -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((العمرى لمن وهبت له)) متفق عليه.

ولمسلم: ((أمسكوا عليكم أموالكم ولا تفسدوها، فإنه من أعمر عمرى فهي للذي أعمرها حياً وميتاً ولعقبه)) وفي لفظ: إنما العمرى التي أجازه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يقول: هي ولك ولعقبك، فأما إذا قال: هي لك ما عشت فإنها ترجع إلى صاحبها. ولأبي داود والنسائي: ((لا ترقبوا ولا تعمروا، فمن أرقب شيئاً أو أعمر شيئاً فهو لورثته)). يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "وعن جابر -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((العمرى لمن وهبت له)) ". العُمرى بضم العين المهملة هي العطية مدة العمر بأن يقول المعطي: هي لك مدة عمرك، يعني شبه عارية عند المعمر من أعمرها مدة عمره، ومراد المعمر المعطي أن تعود إليه بعد وفاته، والرقبى كذلك، لكن الرقبى معلقة بموت أحدهما، إن مات المعمر رجعت إلى ورثته، وإن مات المعمر عادت إلى المعمر، فسميت رقبى لأن كل واحد منهم يترقب موت صاحبه، والعمرى الهدية مدة العمر فقط، يقول: ((العمرى لمن وهبت له)) هذا إذا قال: هي عمرى أو لك مدة عمرك، ولم يصرح برجوعها إليه بعد وفاته، فإذا قال: العمرى هي لك مدة عمرك فالعمرى لمن وهبت له، وإن كان اللفظ يفهم منه أنه علق هذه العطية بمدة عمره، لكنه لم يصرح برجوعها إليه، فهي لمن وهبت له، ولمسلمٍ: ((أمسكوا عليكم أموالكم ولا تفسدوها فإنه من أعمر عمرى فهي للذي أعمرها حياً وميتاً ولعقبه من بعده)). هذا إذا لم يصرح بعودها إليه، وإن كان اللفظ يفهم منه إرادة الرجوع، لكنه لم يصرح بالرجوع، "وفي لفظ: إنما العمرى التي أجازها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يقول: هي لك ولعقبك" يعني إذا قال: هي لك ولعقبك من غير تحديد فمعناها أنها غير مؤقتة، وأنه لا ينوي الرجوع فيها، لكن إذا قال: هي لك مدة عمرك يفهم من اللفظ أنها تعود بعد وفاته، وهي لمن أعمرها كالمطلقة، أما إذا قال: هي لك ما عشت فقط فإنها ترجع إلى صاحبها.

"ولأبي داود والنسائي: ((لا ترقبوا ولا تعمروا فمن أرقب شيئاً أو أعمر شيئاً فهو لورثته)) " وذلكم لأن العطية المؤقتة المحددة بوقت لا شك أن هذا التحديد فيه نوع من الرجوع في الهبة، وهو إن كان لم يهب هبةً مطلقة إلا أنه إذا قال: هي لك مدة عمرك فهي لمن أعمرها، وإذا قال: هي رقبى لك بمعنى أنها متعلقة برقبتي أو رقبتك مدة وجودي أو وجودك، وكل منهما يترقب موت الآخر فهذه أيضاً لمن أرقبها، لكن إذا قال له وصرح له بأنك إذا مت تعود إليّ فهو على ما اشترط، والمسلمون على شروطهم، كما قال: فأما إذا قال: هي لك ما عشت فإنها ترجع إلى صاحبها، نعم. وعن عمر -رضي الله تعالى عنه- قال: حملت على فرسٍ في سبيل الله فأضاعه صاحبه فظننت أنه بائعه برخص، فسألت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن ذلك فقال: ((لا تبتعه وإن أعطاكه بدرهم)) الحديث متفق عليه. في هذا الحديث يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "وعن عمر -رضي الله تعالى عنه- قال: حملت على فرسٍ في سبيل الله" يعني في الجهاد، شخص يريد الجهاد وليس عنده ما يحمل عليه، ليس عنده ما يركب، ليس عنده فرس فأعطاه عمر فرس فحمله على فرس بمعنى أنه أعطاه إياه ليجاهد عليه فأضاعه صاحبه بعد أن رجع من الجهاد، أو قبل أن يذهب إلى الجهاد أضاعه صاحبه، وأهمله الذي حمل عليه، فرأى عمر -رضي الله عنه- زهده في هذا الفرس فظن أنه بائعه برخص، والقرينة تدل على ذلك، لو كان في نظره أثيراً غالياً لاهتم به واعتنى به، لكنه أضاعه وأهمله فظن عمر فالقرينة التي تدل على ذلك أنه بائعه برخص، فبدلاً من أن يكون بخمسمائة درهم ظن عمر أنه يبيعه ولو بمائة درهم، لكن عمر -رضي الله تعالى عنه- قبل أن يتصرف وقبل أن يشتري وقبل أن يكلم هذا الشخص سأل النبي -عليه الصلاة والسلام-، وهكذا ينبغي أن يكون المسلم لا يقدم على تصرف يشك فيه إلا بعد أن يسأل أهل العلم "فسأل النبي -عليه الصلاة والسلام- عن ذلك فقال: ((لا تبتعه -يعني لا تشتره- ولو أعطاكه بدرهم)) الحديثَ" منصوب على إرادة أكمل الحديث "متفق عليه" بين الشيخين، فرواه البخاري ومسلم.

هذا الحديث يدل على أن من أخرج شيئاً لله لا يجوز له الرجوع فيه، فشخص أعطى زميله كتاب يستفيد منه ثم بعد ذلك هذا المهدى لم يستعمل الكتاب حق الاستعمال وأضاعه، وجعله في مكانٍ يدل على عدم اكتراثه به معرض للشمس، معرض للأمطار والسيول، وكل ما دخل زميله رأى هذا الكتاب في هذا المكان الذي هو مظنة لتلفه، فقال: بعنيه، فبدلاً من أن تكون قيمته مائة ريال يمكن يبيعه بعشرة، احتمال يبيعه برخص؛ لأنه لو كان أثيراً عنده معظماً لديه لجعله في مكانه اللائق به، واستفاد منه حق الإفادة، لكن لما كان ما يستفيد منه وضعه في هذا المكان الذي يدل على أنه زاهد فيه، لا شك أنه يبيعه برخص، مثل هذه الصورة التي معنا فمن ترك شيئاً لله، وبذله لله لا يجوز الرجوع فيه ولا بالشراء، فهذا الفرس لو أعطاه إياه بدرهم لا يجوز له أن يشتريه، لكن لو كان عمر -رضي الله تعالى عنه- أراد أن يشتري هذا الفرس ليعطيه آخر يجاهد عليه في سبيل الله، أو أراد المهدي للكتاب أن يخلص هذا الكتاب من الشخص الذي لا يستفيد منه، ويدفعه إلى آخر يستفيد منه يلام وإلا ما يلام؟ هل مثل هذا رجوع في الهبة فيما أخرجه لله؟ لا، هذه هبة ثانية، وإخراج لله مرة ثانية، فمثل هذا لا يدخل في المنع، وإن كان من أهل التحري من يرى أنه لا يبيعه ولو .. ، لا يبتاعه ولو تلف، ولو أدى ذلك إلى تلفه لقوله -عليه الصلاة والسلام-: ((لا تبتعه وإن أعطاكه بدرهم)) لكن من عرف المقاصد الشرعية وعمومات الشريعة يدل على أن المراد أنه لا تبتعه لتفيد منه بنفسك، أما إذا تدفعه إلى شخص يستفيد منه أكثر مما يستفيد منه المعطى الأول، وتشتريه بقيمته فإنك مثاب مرة أخرى على ثوابك الأول، وكذلك لو اشتراه بأكثر من قيمته، وجده يحرج عليه في السوق من يشتري الفرس؟ الفرس يستحق خمسمائة فسامه بعضهم بمائة، مائتين، ثلاثمائة، فقال: أنا أشتريه بستمائة، هل هذا من الرجوع والعود فيما وهبه لله -جل وعلا-؟ لأن العلة المنصوصة الرخص، وهذا الرخص الذي هو القدر بين قيمته الحقيقية، وبين ما يباع به من رخص هذا رجوع، يعني إذا كان يستحق خمسمائة فاشتراه بثلاثمائة نقول: إنه رجع من الفرس بمقدار مائتين، لكن إذا اشتراه بستمائة رجع في

شيء؟ يعني مفهوم المخالفة في هذا الحديث أنه لو اشتراه بأكثر مما يستحق فإنه ليس برجوع. "فأضاعه صاحبه، فظننت أنه بائعه برخص" فمفهومه أنه إذا باعه بزيادة على ما يستحقه أنه لا يدخل في النص "فسألت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن ذلك فقال: ((لا تبتعه -يعني لا تشتريه- وإن أعطاكه بدرهم)) الحديث، متفق عليه" وهذا يحصل كثير بين الإخوان، يهدي أحدهما للآخر هدية كتاب أو شيء يستفيد منه، ويستعين به على طلب العلم، ثم بعد ذلك يرى أنه ليس بحاجة له، ويستدل بذلك بقرائن، إما لإهماله أو لكونه عنده تبين أن عنده نسخة أخرى، قيل له: وراك ما تحضر درس البلوغ قال: والله ما عندي كتاب، ثم بعد ذلك أهداه كتاب فصار يحضر، ثم بعد ذلك وقف أو أهدي نسخة أخرى، أو أعطي من جهةٍ خيرية نسخة أخرى هي أفضل من هذه النسخة فاستغنى عن هذه النسخة، هذه النسخة لا بد أن يستفاد منها، ولا تعطل ولا تهمل، فتدفع إلى من يستفيد منها، وإذا لم يرض ببذلها فما الحكم؟ إن الكتاب أعطيه على سبيل الهدية أو على سبيل الوقف، إن كان على جهة الوقف فحينئذٍ تعطلت منافعه فينقل إلى جهة أخرى، وإن كان على سبيل الهدية يشار إليه أن يدفعه إلى جهةٍ أخرى، أو يبيعه إلى من يستفيد منه. عن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((تهادوا تحابوا)) رواه البخاري في الأدب المفرد، وأبو يعلى بإسنادٍ حسن. وعن أنس -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((تهادوا فإن الهدية تسل السخيمة)) رواه البزار بإسنادٍ ضعيف. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

"وعن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((تهادوا تحابوا)) " هذه مفاعلة في الفعلين مقتضاها أن تكون بين طرفين، فمقتضى اللفظ في الأصل أن تكون الهدية من الطرفين، كل واحد منهما يهدي للآخر لتحصل النتيجة، يحصل، يترتب على ذلك جواب الطلب، الطلب: تهادوا، فإذا حصلت الهدية من واحد إلى آخر حصلت المحبة من المهدى إليه للمهدي، وإذا حصل العكس ترتب عليه ذلك أيضاً، فمقتضى الصيغة أن كل واحدٍ منهما يهدي للآخر، يهدي زيد لعمرو وعمرو لزيد، فيحصل النتيجة أن عمراً يحب زيداً، وزيد يحب عمراً، هذا الأصل في الصيغة، لكن لو لم يحصل من الطرفين، حصل من طرف واحد، يتم الامتثال وإلا ما يتم؟ قلنا: إن الأصل مهاداة، محابة في الله، يعني مفاعلة تكون بين طرفين، فإذا لم توجد إلا من طرفٍ واحد زيد أهدى لعمرو وعمرو لم يهدِ لزيد! يعني زيد بذل السبب في إيجاد الجواب، جواب الطلب الذي هو المحبة، وقصر عمر في المهاداة فلم يحصل منه ذلك وكل إنسانٍ مطالب بمثل هذا، الأمر يتجه إلى كل مسلم، وكل على حسب قدرته واستطاعته، فإذا فعله شخص امتثل الأمر، وأجر عليه وإذا تركه آخر فإنه لا علاقة له به يثبت الأجر لمن فعل، والأمر عند أهل العلم للاستحباب، الأمر للاستحباب.

هذه الهدية التي تقدم للمهدى لا شك أنها سبب في تقوية الصلة، وفي حصول المودة، ولن تدخلوا الجنة حتى تحابوا ((ألا أخبركم بشيءٍ إذا فعلتموه تحاببتم أفشوا السلام بينكم)) فهذه أقل الأحوال أن تبذل السلام على من لقيت سواءً عرفته أو لم تعرفه، فتكون محبوباً بين العباد، إذا زاد الأمر وبذلت مع السلام هدية لزيد من الناس فإن مودتك تقر في قلبه، والحديث الذي سيأتي أن هذه الهدية ولو كانت يسيرة فإنها تنفع، ولا يجوز ازدراؤها ولا احتقارها، فلو أهدى شخص لآخر مسواك فتقبل هذه الهدية، كما كان هديه -عليه الصلاة والسلام- أنه يقبل الهدية ويشكره عليها، ولا منّة له عليه سواء كان قريباً أو بعيداً، وواحد من الكبار من أهل العلم الكبار قابله شخص فأهدى إليه مسواك، لكنه مائل، وقد قدّم لهذه الهدية بمقدمات عدة مرات كل ما لقيه عندي لك هدية، لقيه من الغد عندي لك هدية، عندي لك هدية، كم مرة يقول له عندي لك هدية! فلما لقيه في يوم من الأيام أعطاه المسواك، فإذا به مائل، فجعل في نفسه وش هذه الهدية التي وعدني بها مراراً؟ وذكرني بها مراراً، عندي لك هدية، يا فلان عندي لك هدية، فلما قال في نفسه، زور في نفسه هذا الكلام عاد إلى نفسه مرةً أخرى فقال: على كل حال هو محسن، وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان؟ دعا له، ثم عاد إلى نفسه مرةً ثانية يقرعها ويلومها، الله -جل وعلا- أحسن علينا، وأنعم علينا بنعم عظيمة، ووهبنا المنح الجزيلة، ونعم لا تعد ولا تحصى، ومع ذلك نعبده على وجهٍ قد يرضيه أحياناً، وقد لا يرضيه أحياناً، فعباداتنا مثل هذا المسواك فيها عوج، بعض المواقف تؤثر في الإنسان وهي يسيرة، لكن مع التفكر مع التأمل مع التدبر، وإلا إيش المانع أنه لما أعطاه المسواك الأعوج الذي وعده به مراراً أنه يرميه عليه! ويقول له: ما تستحي تقدم هذا المسواك المائل الأعوج بعد وعود، وبالفعل المهدى إليه شخص كبير ما هو بإنسان عادي يعني من أهل العلم الكبار، لكنه عادت عليه هذه الهدية بالنفع العظيم، يعني حاسب نفسه بالفعل، يقول: هذا محسن، وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان؟ جزاك الله خيراً انتهى الإشكال، ثم عاد إلى نفسه يلومها وأي إحسانٍ وأي منةٍ أعظم من مال الله في

عنق المسلم من منة أن خلقه، وأوجده، ورزقه، وهداه للإسلام التي هي أعظم النعم، ثم بعد ذلك يعبد على طريقةٍ أحياناً لا ترضيه، فيها ميل، فيها عوج، فلو أن كل إنسانٍ حاسب نفسه بهذه الطريقة ما وقع منا كثير من التصرفات التي نتصرفها، نكبر تكبيرة الإحرام فلا نشعر إلا والإمام يسلم، ونقرأ القرآن ونبدأ بسورة ولا نشعر إلا ونحن في السورة التي بعد التي تليها، وشخص وهو من الأخيار قال: أجلس اليوم بعد صلاة الصبح، في المسجد بعد الصلاة إلى أن تنتشر الشمس وعزم على هذا، يقول: لما صليت الصبح يعني بعد ربع ساعة ما شعرت إلا وأنا في بيتي جالس مسوي القهوة ويتقهوى، شاب على الدلة ويتقهوى، هذا الذي عزم على الجلوس بعد صلاة الصبح، سببه إيش؟ القلوب شاردة، فلو أن الإنسان وقف مع نفسه وقفة محاسبة ما صارت الأعمال بهذه الطريقة تؤدى على وجه لا يرضي الله -جل وعلا-، القلوب لا شك أنها تحتاج إلى تعاهد، والنيات شرود، لا بد أن تتعاهد؛ ليكون العمل نافعاً عند الله -جل وعلا-، فبقدر ما تستحضر من صلاتك يكون ثوابك، فمن الناس من يخرج من صلاته بنصفها، يعني بنصف أجرها، ومنهم من يخرج منها بربع الأجر، ومنهم بالثلث، ومنهم بالعشر، ومنهم من يخرج بلا أجر؛ لأنه ما عقل من صلاته شيء وليس له من صلاته إلا ما عقل، وهذا حال كثير من الناس، يعني إذا وجد من هو ساجد يقول: آمين، يرفع صوته بها هذا قرأ الفاتحة وانتهى، ما بقي إلا آمين، وهو ساجد، هل هذا يعقل من صلاته شيء لا سيما في حال السجود الذي هو أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد؟ والله المستعان. لا شك أن الهدية تورث المحبة؛ لأن النفوس مجبولة على حب من أحسن إليها.

" ((تهادوا تحابوا)) رواه البخاري في الأدب المفرد" كتاب للإمام البخاري معروف ومشهور ومطبوع ومتداول، والوصف بكونه مفرد لئلا يتلبس بالأدب الموجود في الصحيح؛ لأن صحيح البخاري فيه كتاب الأدب، فقولهم: الأدب المفرد؛ ليخرج الأدب الموجود في صحيحه، وبينهما تشابه كبير بين الأدب المفرد والأدب الذي في صحيحه إلا أن شرطه في الأدب المفرد أخف بكثير من شرطه في الصحيح، فيدخل فيه بعض الأحاديث الحسنة التي تقصر عن شرطه، وبعض الأحاديث الضعيفة، وهذا الحديث قال الحافظ عنه: "وأبو يعلى بإسنادٍ حسن" إسناده حسن، وقد ينزل عن الحسن قليلاً إلا أنه له شواهد ترقيه إلى مرتبة الحسن، ومن شواهده: حديث أنس -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((تهادوا)) يعني كل واحد يهدي للثاني ((تهادوا فإن الهدية تسل السخيمة)) السخيمة: هي الحقد والبغضاء التي في القلوب، وهذه داء من أدواء القلوب تعالج بمثل هذا، تعالج بالإحسان إلى من في قلبه مثل هذا الحقد، فقد يكون بين الإنسان وبين أخيه وبين قريبه وبين جاره وبين زميله في العمل، بين صديقه يكون بينهم شيء سوء التفاهم يورث شيء من الحقد والبغضاء والتنافر، مثل هذا يزال بالهدية، ((تهادوا فإن الهدية تسل)) يعني تسحب السخيمة التي هي الحقد في القلوب "رواه البزار بإسنادٍ ضعيف" لكنه يشهد له الحديث الذي قبله فيرتقيان معاً إلى درجة الحسن لغيره، نعم. وعن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((يا نساء المسلمات لا تحقرن جارة لجارتها ولو فرسن شاة)) متفق عليه. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

"وعن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((يا نساء المسلمات)) " ما نوع الإضافة هنا؟ نساء المسلمات؟ من إضافة؟ الموصوف إلى صفته، يا نساء المسلمات، وما دام المنادى مضاف فهو إيش؟ منصوب، ونساء مضاف والمسلمات مضاف إليه ((لا تحقرن)) يعني لا تزدري الجارة لجارتها الهدية اليسيرة ((لا تحقرن جارة لجارتها -الهدية اليسيرة ولو بلغت إلى- فرسن شاة)) الفرسن بالنسبة للبعير بمنزلة الحافر للفرس، وقد يستعار الفرسن للشاة كما هنا، وإلا فالأصل في إطلاقه أنه للبعير، لكنه ربما استعير للشاة كما قال أهل اللغة.

لو أن امرأة أهدت لجارتها هذا الفرسن ثم قبلته هذه الجارة، وأفادت منه إن كانت بحاجته أو دفعته إلى غيرها، وانتفع به من يدفع إليه، وهذا لا شك أنه يسير، لكن مع ذلك هو بدون مقابل، وفي هذا الحديث الحث على الهدية، ولو كانت يسيرة، بعض الناس يأنف ويستنكف أن يهدي الشيء اليسير، وجاء ذمّ من يقصد الشيء الرديء ويبقي الطيب له {وَلاَ تَيَمَّمُواْ الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ وَلَسْتُم بِآخِذِيهِ إِلاَّ أَن تُغْمِضُواْ فِيهِ} [(267) سورة البقرة] لكن في الحديث الحث على الهدية، وليس معنى هذا أن الإنسان يذبح البعير الذي هو زنته خمسمائة كيلو، ويدخره بكامله، ويهدي إلى جاره، هذا يهدي له خف، وهذا يهدي له خف، وهذا رئة وهذا مدري إيش!؟ لا، ليس معنى هذا إنما هو في حال القلة، يعني في حال كون المهدي قليل ذات اليد، فيهدي ما يناسبه، لا يتكلف أمر لا يطيقه، ويقبل من مثل الفقير يقبل منه الشيء اليسير، لكن لو أن شخصاً عرف بالغنى والثراء، وصار يوزع على الفقراء والمساكين مثل هذا، لا شك أن هذا داخل في قوله: {وَلاَ تَيَمَّمُواْ الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ وَلَسْتُم بِآخِذِيهِ إِلاَّ أَن تُغْمِضُواْ فِيهِ} [(267) سورة البقرة] يعني تأخذونه على شيءٍ من الإغماض والمجاملة، لكن إذا كان المهدي قليل ذات اليد فقير يقبل منه مثل هذا، وهذا فيه مبالغة وإلا فكثير من الناس لا يستعمل هذا الفرسن، في حديث التخلف عن صلاة الجماعة قال: ((والذي نفسي بيده لو أن أحدهم -يعني المتخلفين عن صلاة العشاء- لو أن أحدهم يجد عرقاً سميناً، أو مرماتين حسنتين لشهد العشاء)) يعني لو أنه إذا جاء لصلاة العشاء وجد شيئاً يأكله ما تأخر، لو وجد عرقاً سميناً، عظم عليه لحم، أو مرماتين حسنتين يقول العلماء -وهذا موجود في أكثر الشروح-: هو ما بين ظلفي الشاة، يعني وصفه بكونه حسن، وهو ما بين الظلفين مناسب وإلا غير مناسب؟ على كلامهم؟ هو لا شك أن هذا غير مناسب، لا سيما أن كثير من الناس ما يأكل الكوارع، وإن كان عاد إذا طبخ بطريقة معينة يوجد من يأكلها، فالظاهر أن هذا تصحيف، وأن المراد بالمرماتين الحسنتين ما بين ضلعي الشاة، هذا لا شك أنه حسن، يعني ما بين الأضلاع من

اللحم جيد، ويمكن أن يوصف بالحسن، أما بين الظلفين وش يوصف بالحسن؟ فلا شك أن مثل هذا شيء يسير وقليل، ويقبل من بعض الناس دون بعض، وعلى هذا المهدى إليه لا يستنكف من مثل هذا الأمر، في قصة شخص أصيب بجائحة وخسر خسائر مرهقة، ملايين، فكلم واحد من التجار فقال له: صل العصر معي وأرضيك -إن شاء الله-، صلى معه العصر بعد أن شرح له القصة، ودعاه إلى تناول القهوة عنده، وبعد ذلك أحضر له كيساً مملوءاً ومربوطاً، يعني كيس كبير جداً، ومربوط مملوء بالدراهم، فقال له: استعن به على قضاء دينك، هذا توقع أنه يكفي للدين، فلما ذهب إلى بيته وجده من فئة الريال، وعدها فإذا هي ثلاثة آلاف، هو توقع المسألة يعني بيكفيه -إن شاء الله-، يعني مثل هذا التصرف ثلاثة آلاف ريال لو مباشرة أطلع ثلاثة آلاف وأعطاه إياه مقبولة، لكن صل معي العصر وأرضيك ويجيب هالكيس الكبير المربوط من فوق، يعني تصرف فيه ما فيه، حقيقة منتقد، وإن كان المبلغ لا بأس يعني، لكن لو هو من الأصل أخبره بالخبر وقال: يا ولدي هذه ثلاثة آلاف وانتهى الإشكال، فعلام يدل هذا التصرف؟ هذا الشخص المدين ذهب يتحدث به في كل مكان، هل هو مخالف للحديث: ((لا تحقرن جارة لجارتها))؟ هذا الحديث ما هو مرده إلى أن المبلغ ثلاثة آلاف يسيرة، أو ما تصلح أن تدفع من مثل هذا الرجل، لكن التصرف، ولا شك أن مثل هذا التصرف والنتيجة هذه ينبئ وينم عن شيء في النفس، وقد يتأول لهذا الشخص أنه وضع في هذا الكيس مبلغ كبير جداً ورآه أحد في البيت وغير الفئات من خمسمائة أو من مائة إلى ريالات ممكن هذا، هذا محتمل، لكن يبقى أن مثل هذا التصرف من فئة ريال وتربط بكيس، ومبلغ طيب، والله المستعان.

فهل مثل الحديث عن هذا الشخص يدخل في الحديث الذي معنا ((لا تحقرن جارة لجارتها ولو فرسن شاة))؟ نقول: ليس مرد الكلام في هذا الرجل أن المبلغ ثلاثة آلاف، إنما الطريقة التي قدّم بها هذا المبلغ تقتضي الكلام فيه، ولا شك أن المسألة يعتريها ما يعتريها من الشكوك والظنون والأوهام والنفس تسرح في مثل هذا كل مسرح، لكن الكلام فيه وتعيينه باسمه لا شك أنها غيبة محرمة، لكن يطرح مثل هذا التصرف في مثل هذا الموضع، فهل هذا من احتقار الهدية أو العطية؟ إنما التصرف الذي احتف بهذه الهدية يجر إلى مثل هذا الكلام، لو أن طالب علم طلب من آخر قال: أنا أريد أحضر الدروس، وليس عندي كتب فذهب إلى المستعمل واشترى له كتب، كتب ممزقة، كتب تحتاج إلى ترميم، تحتاج إلى تجليد فهل يعاب بهذا؟ هنا لا يعاب، لا سيما إذا كان ليس عنده من المال ما يشتري به شيء جديد أو يشق عليه شراء الجديد ولا شك أن هذا من التعاون، لكن أحياناً يكون الترميم والتجليد أكثر من قيمة الكتاب، فلو أعطاه القيمة، وقال: اشتر به الكتب، استعن بها على شراء بعض الكتب، أما أن يشتري له كتاب بعشرة ويهديه إليه ويحتاج إلى تجليد بثلاثين، وهو يباع جديد نظيف بمثل هذه القيمة، لا شك أن مثل هذا يعدل عنه، نعم. وعن ابن عمر -رضي الله تعالى عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من وهب هبةً فهو أحقّ بها ما لم يثب عليها)) رواه الحاكم وصححه والمحفوظ من رواية ابن عمر عن عمر قوله. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

"وعن ابن عمر -رضي الله تعالى عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من وهب هبةً فهو أحقّ بها)) " يعني له أن يعود فيها ما لم يثب عليها، يعني ما لم يدفع له مقابل، وهذا الحديث لا يصح رفعه إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-؛ لأنه مخالف لما تقدم العائد في هبته كالكلب، يقول: من وهب هبة فهو أحق بها، يعني أنه له أن يعود فيها، ما لم يثب عليها، يعني ما لم يعط عوضاً عنها، وهذا إذا حمل على نيّة الهبة التي يقصد منها الثواب فقد يتجه، لكنه لا يصح رفعه إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-، وهو محفوظ من قول ابن عمر من قوله موقوفاً عليه، وعلى هذا فرفعه يقابل المحفوظ، ما الذي يقابل المحفوظ؟ الشاذ، فيكون رفعه شاذ، وعلى هذا فلا يصح رفعه، وإن ثبت عن ابن عمر قوله اجتهاداً منه -رضي الله عنه وأرضاه-، ويحمل على الهبة بنية الثواب، جاء شخص إلى أمير وأهداه هدية، وأخذها وقبلها ووضعها في المجلس، ثم انصرف، ما أعطاه شيء؟ على كلام ابن عمر هذا المهدي له أن يأخذها ويخرج بها؛ لأنه جاء بنية الثواب، وما أعطي شيء، لكن لا شك أن حديث العود في الهبة يشمل مثل هذه الصورة، فلا يجوز الرجوع فيها، وما دام أخرجها على سبيل الهبة والعائد في هبته كما قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((كالكلب يعود في قيئه)). هذا يقول: هل جلسة الاستراحة واردة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في الصلاة الانفرادية ومع الإمام؟

جلسة الاستراحة هذه يسميها الفقهاء جلسة استراحة، وهي جلسة خفيفة بين الركعة الأولى والثانية وبين الثالثة والرابعة، وقد ثبتت من فعله -عليه الصلاة والسلام- في حديث مالك ابن الحويرث من فعله -عليه الصلاة والسلام- في البخاري، ووردت أيضاً في بعض طرق حديث المسيء، وهي أيضاً في البخاري، في البخاري في كتاب الاستئذان، ووردت أيضاً في بعض طرق حديث أبي حميد، كما ذكر ذلك ابن القيم وابن حجر، المقصود أنها ثابتة من فعله -عليه الصلاة والسلام- ومن قوله، فتفعل مطلقاً، أما ما يقوله بعض أهل العلم أنها لا تفعل إلا عند الحاجة إليها، وأن النبي -عليه الصلاة والسلام- ما فعلها حتى كبر، وبدّن يعني ثقل بدنه فالذي عندي أنها لا يحتاج إليها مع كبر السن، إنما يحتاج إلى تركها، الحاجة تدعو إلى تركها لا إلى فعلها، كبير السن إذا كان ساجداً هل الأسهل عليه أن يقوم مباشرة أو يجلس يثني ركبته ثم يقوم؟ أيهما أسهل عليه؟ من حيث المشاهدة، لا شك أنه يقوم مباشرة إلى الركعة التي تليها أسهل عليه من أن يثني رجليه ويجلس ثم يقوم، فقولهم: إن الحاجة تدعو إليها، لا أنا أقول: الحاجة قد تدعو إلى تركها لا إلى فعلها، وعلى هذا هي مشروعة مطلقاً للإمام والمأموم والمنفرد وللمأموم سواء فعلها الإمام أو لم يفعلها، وليست هذه من المخالفة والاختلاف على الإمام كما لو ترك الإمام رفع يديه مع الركوع أو مع القيام أو مع تكبيرة الإحرام كما لو تركها لا يوافق على ذلك. يقول: أوقف والدي عمارة للمحتاج حاجة ضرورية من ذريته، فإن لم يوجد فللمساكين، فما مقدار الحاجة الضرورية؟ وهل يدخل فيها دفع إيجار البيت أو فواتير الجوال وغيرها؟

على كل حال البيت والمسكن والأكل والشرب والزواج أيضاً هذه حاجات ضرورية أصلية، يؤخذ من مثل هذا الوقف، وما عدا ذلك من الكماليات فلا، والكماليات في وقت قد تكون ضرورية في وقتٍ آخر، بمعنى أنها إذا صارت من عادة الناس واستمروها، ولم يستطيعوا العيش بدونها فإنها حينئذٍ تكون أصلية فمثلاً قبل ثلاثين سنة هل يمكن أن يعطى الإنسان زكاة من أجل أن يشتري مكيف أو ثلاجة؟ ما يعطى، لكن الآن؟ هل يستطيع أن ينام بدون مكيف؟ أو يشرب ماء بدون ثلاجة؟ صارت حاجة أصلية ضرورية، بعض الفقراء الذين يعيشون على الزكاة تجد معه جوال ومع زوجته جوال، ومع ولده جوال، ومع بنته جوال، مثل هذا عليه أن يتقي الله -جل وعلا-، فلا يأخذ أموال المسلمين لمثل هذه الأمور؛ لأنه يمكن أن يعيش بدون جوال، نعم يلحقه مشقة، لكن ليس من الحاجات الأصلية التي قد تدفع من أجلها الزكاة. يقول: قال الصنعاني -رحمه الله-: ذهبت الهادوية وأبو حنيفة إلى حل الرجوع في الهبة دون الصدقة، سؤالي: من هم الهادوية؟ الهادوية فرقة طائفة من الزيدية هم في وقت الصنعاني غالب سكان اليمن، فيعتني الصنعاني -رحمه الله- بذكر أقوالهم ليروج الكتاب وإلا هم طائفة مبتدعة، فرقة من الزيدية لا يعتد بقولهم. اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد. يقول في قوله: ((كالكلب يقيء ثم يرجع في قيئه)) هل نستطيع القول بأنه شبه العائد في هديته بالكلب وأنه شبه هنا الهدية المعاد فيها والمرجوع فيها فقط بالقيء دون تشبيه ذلك بالهدية التي يعاد فيها؟ نقول: التشبيه لا يلزم فيه المطابقة من كل وجه، فإذا وجدت المطابقة من وجهٍ صح التشبيه، ولذا جاء تشبيه الوحي وهو محمود بصلصلة الجرس وهو مذموم، فصلصلة الجرس لها أكثر من وصف، ولها أكثر من جهة، جهة فيها تدارك الصوت وتتابعه، وفيها أيضاً جهة الإطراب التي من أجلها ذمّ التشبيه في التدارك لا في الإطراب، وحينئذٍ يتم التشبيه، تشبيه رؤية الباري -جل وعلا- برؤية القمر ليلة البدر ليس من كل وجه، وإنما تشبيه رؤية برؤية لا مرئي بمرئي وهكذا، فإذا شبهنا العائد في هبته بالكلب انطبق، ووجه الشبه بينهما أن هذا يعود في هبته وهذا يعود في قيئه، فصح التشبيه من هذه الحيثية.

يقول: ما رأيك في طالب علم طلبته يبجلونه، ولا يكاد يأمرهم بشيءٍ إلا فعلوا، ولا ينهاهم عن شيءٍ إلا انتهوا، فهم كالأموات بين يدي مغسل، يقلبهم كيف يشاء، هل هذا ثمرة؟ هل هذا له ثمرة؟ وما قول أهل العلم في هذا؟ هذا المعروف عند غلاة المتصوفة أنهم يجعلون المريدين بهذه الكيفية، كالميت بين يدي الغاسل، وأما أهل العلم أهل الكتاب والسنة، أهل العلم والعمل أهل الاقتداء فإنهم ينهون عن الغلو، ويأمرون بالأدب، ويربون عليه، لكنهم يحذرون من الغلو، فالنبي -عليه الصلاة والسلام- يقول: ((إياكم والغلو فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو)) ومثل هذا لا شك أنه غلو. يقول: إذا أهديت لأحدٍ هدية وأرجعها إليّ رافضاً لها فهل لي أن آخذها؟ نعم؛ لأنها ما ثبتت إلى الآن حتى يقبلها ويقبضها، لك أن تأخذها، وإن دفعتها إلى غيره فهو أولى. يقول: صليت الفرض منفرداً، فلما انتهيت جاء جماعة وصلوا جماعة لنفس الفرض، وصليت معهم هل يجوز ذلك؟ إذا كان الوقت غير وقت نهي فلا مانع من ذلك، وقد أمر النبي -عليه الصلاة والسلام- الذين صليا في رحالهما أنهما إذا أتيا المسجد يصلون مع الناس فهي لهم نافلة، وفريضتك الأولى التي صليتها بمفردك، وأما الثانية فهي نافلة إذا كان في وقت التطوع. يقول: عندي مكتبة علمية في بلدي لا أحتاج إليها الآن، فهل لي أن أوقفها داخل مسجد إلى أن أنتهي من سفري؟ يعني يوقفها ويعود إليها؟ لا، إذا أوقفها خرجت من يده، لا يجوز له الرجوع إليها، ولا يجوز له الرجوع فيها، يستفيد منها كغيره، لكن لا يمنع أن يجعلها أو يضعها في مسجد ويستفاد منها وهي باقية في ملكه، فإذا رجع إلى بلده يعيدها إلى بيته، أما أن يوقفها فلا يعود فيها. هل لمعلم قبول هدية الطلاب أثناء العام الدراسي أو في نهايته؟ ليس له القبول؛ لأن هذه من هدايا العمال وهي غلول، ما دام يأخذ أجراً على التعليم. يقول: {إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا} [(31) سورة النبأ] ما إعراب كلمة مفازاً؟ اسم إنّ مؤخر. يقول: أنا زُوجت من رأس المال لا من ميراثي، فهل يجب عليّ رد المال لأخواني وأخواتي؟

إذا زوجت من رأس المال في حياة أبيك ولا يوجد من إخوانك من يحتاج الزواج ويرفض الوالد أن يزوجه فلا ترد عليهم شيئاً؛ لأن الزواج حاجة أصلية يدفعه الأب لولده، لكن إن كان زواجك من رأس المال بعد وفاة أبيك فهو من إرثك تحاسب عليه إلا إذا رضي بقية الورثة أن يكون من بينهم، ومن رأس المال فالأمر لا يعدوهم. يقول: هل يتم الوقف بمجرد نيته أو تلفظه أو كتابته؟ النية هذه لا يحاسب عليها حديث النفس ما لم يتكلم أو يعمل. بأن يقول: أوقفت هذه الأرض مسجد، أو هذه الأرض مقبرة، أو يسور الأرض بالفعل يسورها، ويأذن للناس بالدفن فيها، ولو لم يصرح بأنها مقبرة، أو يبني الأرض على هيئة مسجد، ويأذن للناس بالصلاة فيه تثبت الوقفية بمثل هذا، بالقول والفعل، أما بمجرد النية فلا. يقول: ما يقدم في المساجد من مشروبات ماء مثلاً ومأكولات وأشرطة وكتيبات وغيرها، لا نعرف كنهها هل هي هدية أم صدقة؟ فما حكم أخذها علماً بأني لست من أهل الصدقة، وأخاف أن تكون صدقة؟ أولاً: بالنسبة للزكاة لا يجوز أن تصرف في مثل هذه الأمور، ولا تصرف إلا في مصارفها الثمانية التي بيّنت في كتاب الله -جل وعلا-، أما بالنسبة للصدقة في مثل هذه الأمور يعني شخص يتبرع بها سواء كانت ماء عند الحاجة إليه، أو طعام خفيف أو كتب وأشرطة ومطويات وكذا لا مانع من الإفادة منها، ولو كان غير أهلٍ للصدقة. يقول: كيف يجمع بين اختلاف المقدار في حرم البئر، ففي حديث ابن مغفل أربعون، وفي المسند خمسة وعشرون للجديد وخمسون للقديم؟ على كل حال هذه أمور متفاوتة، فمن الآبار ما يحتاج إلى أربعين ذراعاً، ومنهما ما يحتاج إلى خمسين، ومنها ما يحتاج إلى خمسةٍ وعشرين بحسب ما يتوقع من كثرة الواردين عليها وقلتهم. يقول: الذي في غيبوبة أو فقد عقله لكبر سنه ألا يعتبر مريضاً ويدخل في قوله -صلى الله عليه وسلم-: ((إذا مرض العبد أو سافر كتب له ما كان يعمل صحيحاً مقيماً))؟

المريض والمسافر ما زال في دائرة التكليف، ما زال مكلفاً؛ لأن العقل موجود وثابت، أما من أصيب بخرفٍ أو جنون أو غيبوبة فإنه ارتفع عنه قلم التكليف، فإذا وجد منهم بعض التصرفات التي هي من آثار عمله السابق مثلما قلنا في درس العصر، مثلما قلنا سابقاً: إنه إن كانت هذه التصرفات من آثارٍ عملٍ له سابق فهو يثاب عليها، كمن يقرأ في حال الغيبوبة، ومن يذكر الله ومن يؤذن لا شك أنه يؤجر عليه، لا سيما على القول بأن الصبي يثاب على الحسنات، ولا يعاقب على السيئات. يقول: أنا رجل مقيم في الشرقية وسافرت إلى جدة للعمل، ثم أتيت هنا للزيارة وسأعود إلى جدة، فهل صلاتي هنا صلاة مقيم أم مسافر؟ علماً بأن بقائي هنا لمدة يومٍ واحد فقط، وإذا صليت صلاة المسافر كأن جمعت الظهر والعصر اليوم .. فما حكم صلاتي؟ أنت إذا كانت هذه بلدك وموطنك ولك فيها بيت ولك فيها أهل فهي بلدك لا يجوز أن تترخص فيها؛ لأنك مقيم ولست بمسافر، ولو كانت إقامتك يوم أو أقل من يوم أو أكثر دون مدة القصر، فأنت مقيم، وإذا سافرت إلى جدة فأنت مسافر، فإذا أقمت الإقامة المعتبرة عند الجمهور أربعة أيام فحكمك حكم المقيم وإلا فلك أن تجمع وتقصر هناك لأنك مسافر. يقول: قامت زوجتي بإرضاع أختها الصغيرة أكثر من عشر رضعات مشبعات فهل أصير أباً لها من الرضاعة، وتحرم عليّ؟ وهل تصير زوجي أماً لها من الرضاعة إذا كان ذلك في الحولين؟ نعم أنت أبوها وزوجتك أمها من الرضاعة، وتحرم عليك حينئذٍ، وتحرم على أولادك. يقول: هل تجوز غيبة من عرف بظلمه أو عرف بفسقه؟ المظلوم له أن يدعو على ظالمه بقدر مظلمته، ومن عرف بفسقه لا شك أنه يحذر من العمل الذي يرتكبه، ولا داعي لكتمه، اللهم إلا إذا خيف من الاغترار به كالمبتدع الذي في السؤال الذي يليه، فإذا خيف من تأثيره على الناس فإنه حينئذٍ يحذر منه باسمه، أما إذا لم يخف منه ضرر متعدي على غيره فلا داعي لذكر اسمه؛ لأنه ما زال في دائرة الإسلام. وهل تجوز غيبة صغار السن؟ لا تجوز غيبة صغار السن؛ لأنهم مسلمون. يقول: ما أفضل شروح بلوغ المرام غير سبل السلام؟

أصله (البدر التمام) للقاضي حسين بن محمد المغربي جيد، وفيه فضول حذفت في المختصر الذي هو سبل السلام، وهناك أيضاً شرح للشيخ عبد الله البسام طيب اسمه (توضيح الأحكام). يقول: ما ذكرته عن العقيقة وإكرام الضيف قد حصل مع والدي فقد أتاه ضيف وأكرمه بالعقيقة ولم يذكرها له، وقد أوهمها أن هذه الذبيحة إكراماً له؟ الطفلة المولودة الآن لم تكمل ستة أشهر، فهل أجزأتها تلك العقيقة أم هو مطالب بعقيقة أخرى؟ على كل حال الأصل أن يبيّن، ولا يوهم أنه إنما ذبحها إكراماً لضيفه، وهي في الحقيقة عقيقة، كما أنه لا يوهم أنها إكرام للضيف وهي في الحقيقة من الوقف، ونظّرنا ذلك بالحديث: ((ومن كانت هجرته لدينا يصيبها أو امرأة يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه)) وقلنا: إن هذا سيق مساق الذم؛ لأن هذا المهاجر من أجل الدنيا أو من أجل الزوجة، وإن كان في الأصل أن الهجرة لمثل هذا مباحة ما فيها إشكال، لكن لما أوهم الناس بفعله سواء كان ذلك بلسان الحال أو بلسان المقال أنه إنما هاجر لله ورسوله جاء الذم من هذه الحيثية، أما كونها تجزئ فيرجى أن تجزئ -إن شاء الله تعالى-. رجل مات وترك ولداً يعني ذكر وخمس بنات متزوجات، وكان الولد يعمل مع أبيه في تجارته، وقد كتب في حال حياته بيت منزل باسم ابنه دون بناته، فهل هذا جائز أم لا؟ لا يجوز له ذلك، اللهم إلا إذا قرر له أجرة المثل بسبب عمله، ورئي أنها أجرة المثل التي يستحقها خلال عمله تساوي قيمة البيت. يقول: ما رأيكم بمن يقول: إن سبل السلام ليس بشرح للصنعاني، إنما سرقه من غيره بهذا اللفظ؟ لا يجوز أن يظن بأهل العلم مثل هذا الكلام، الصنعاني اختصر البدر التمام، وبيّنه، وكثيراً ما يقول: قال الشارح، وفي الشرح الذي هو أصل الكتاب، الاختصار لا يسمى سرقة، وإنما هو طريقة من طرق التأليف والتصنيف عند أهل العلم، ونوصي بها أكثر طلاب العلم الذين يقرؤون في الكتب المطولة ولا يستوعبون، نوصيهم باختصارها، والله أعلم. وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

كتاب البيوع (22)

شرح: بلوغ المرام - كتاب البيوع (22) باب: اللقطة - باب: الفرائض الشيخ: عبد الكريم بن عبد الله الخضير هذا يقول: ما رأيكم في تحليل بعض العلماء الأغاني؟ وتحليل زواج المسلمة من كتابي، وزواج الخلط بين الرجال والنساء في الصلاة بشرط عدم الاحتكاك، وإمامة المرأة للرجل إذا كانت أكثر منه علماً؟ أما بالنسبة للأغاني فيتشبثون ويتمسكون بقضايا محتملة، وأنه يوجد في صدر هذه الأمة من كان يسمع الغناء، ومنهم من يشتري جارية مغنية، ولا يعلمون أن الغناء المراد به الشعر مع تحسين الصوت، وحاشا سلف هذه الأمة أن يقترن غناؤهم بالآلات التي جاء التنصيص عليها، والتشديد في أمرها، ((ليكونن من أمتي أقوامٌ يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف)) حاشا سلف هذه الأمة أن يستحلوا ما حرم الله، فالمعازف محرمة، ولو لم تكن محرمة لما قال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: يستحلونها؛ لأن الذي يستحل المحرم، فإذا خلا الكلام من الآلة التي هي المعازف بجميع أنواعها، وخلا من قبح الكلام بأن كان الكلام مباحاً، وأُدي على لحون العرب فهذا وإن سموه غناء إلا أنه نشيد، وأنشد بين يدي النبي -صلى الله عليه وسلم- بلحون العرب مع الخلو من الآلة المحرمة، وأيضاً يكون الكلام في أصله مباحاً. واعتمدوا في تحليلهم أو استباحتهم الغناء على ما جاء من بعض القضايا من بعض السلف أنهم كانوا .. ، أن بعضهم يشتري الجارية المغنية، لكن ليست قينة، وليست ذات آلات، وأيضاً لا تغني للرجال الأجانب، إنما تغني لسيدها بلحون العرب مع الخلو من الآلة، مع كون الكلام مباحاً، فإذا توفرت هذه الأمور فهو مباح سواء سميناه غناء أو نشيد أو سميناه ما شئنا، والإنشاد حصل بين يدي النبي -صلى الله عليه وسلم- في المسجد.

أما جواز الخلط بين الرجال والنساء فهذا محرم لا سيما إذا أدى ذلك إلى الفتنة، أما وجوده في مواطن العبادة كالمطاف وغيره فالمسألة مسألة عبادة، وعلى كل مسلم أن ينشغل في عبادته؛ لأنه لو انشغل الرجل بالمرأة والمرأة انشغلت بالرجل في هذه الأماكن لبطلت العبادة من وجه لا سيما إذا صاحب ذلك ما يبطلها من خروج شيء من أحدهما فهم يستدلون على كون الاختلاط موجود في أماكن العبادة كالمطاف مثلاً، فأماكن العبادة لا شك أنها بطبيعة الحال من المسلم أنه لا يمكن أن يوجد فيها ما يخالف، يعني الرجل في جهة والمرأة في جهة وقد كان السلف يعزلون الرجال عن النساء في المطاف، فيجعلون الرجال بقرب الكعبة، والنساء من ورائهم، نعم قد يحصل مع الزحام الشديد شيء من التقارب، لكن كل هذا يشفع له أنه في هذه العبادة وفي هذا الموطن كل منشغل بنفسه وبعبادته، والقلوب اختلفت ليست كالسابق، يعني كان الإيمان قوياً، بمعنى أنه ينظر إلى هذه المرأة التي تطوف معه على أنها امرأة محرمة عليه، وهو في صدد عبادة، فلا يجمع بين معصية وطاعة في آن واحد، فيسعى إلى إبطال عبادته، هذه شبه يتشبثون بها، ويستحلون بها ما حرم الله، ولا يريدون هذا فقط، وإنما يريدون ما ورائه من استحلال الفواحش نسأل الله السلامة والعافية. وأما إمامة المرأة للرجل قد نقل الإجماع على أنها لا تؤم الرجل، والإمامة ولاية والمرأة ليست من أهلها، ولن يفلح قوم ولو أمرهم امرأة. يقول: أنا في معهد سياحة وفنادق في قسم إرشاد، هل إذا عملت في هذا الأمر أي الإرشاد السياحي المصري بعد الانتهاء من الدراسة حرام؟

الإرشاد السياحي أولاً: لا بد من شرط السلامة من المحرمات، فإن كانت هذه السياحة مشتملة على أمر محرم كاختلاط الرجال بالنساء، أو ما هو أعظم من ذلك من تبرج وسفور، بل ما هو أعظم من ذلك من اقتراف للفواحش مع شرب الخمور وغير ذلك، هذا لا إشكال في تحريمه، وأما الدلالة على المواضع التي يتنزه فيها لا المواضع التي يتعبد فيها، التي كانت مواضع عبادة ثم تحصل الفتنة بها مما يؤدي إلى الشرك هذا غلو هذا حرام على أي حال، ولو لم يقترن به منكر آخر، لكن إذا كان المراد من السياحة الدلالة على المواضع الذي يتنزه فيها الخالية من المنكرات فهذا لا بأس به، لكن اقترن بذلك أمور محرمة مما يتعلق بالنساء، أو شرب الخمور، أو غير ذلك، أو ما يؤدي إلى الشرك من زيارة للمشاهد والبقاع المقدسة على حد زعمهم فإن هذا لا يجوز بحال. يقول: حصلت مناقشة بيني وبين أخواتي عن حكم كشف الكفين أو سترهما في الصلاة، وأحد الأخوات أصرت بأدلة لم أقتنع بها بوجوب كشف الكفين في الصلاة، وبطلان الصلاة بحالة الستر، والنقطة الأخرى التي كانت تصر عليها عدم تغطية منطقة الذقن في الصلاة؛ لأنها من حدود الوجه التي حددها الرسول -صلى الله عليه وسلم- لأسماء بنت أبي بكر -رضي الله عنها-، كذلك تغطية الوجه أو الإسدال في حالة صلاة المرأة ومرور الرجال ... إلى آخر كلامها، هذا كلام طويل. لكن المرأة الحرة كلها عورة إلا الوجه فقط، فعلى هذا يلزمها أن تغطي الكفين والقدمين، وفي رواية عند الحنابلة أن الكفين مثل الوجه يكشفان حال الصلاة، إذا لم تكن المرأة بحضرة رجال أجانب في مكان عام في مسجد يغشاه الرجال والنساء كالمسجد الحرام مثلاً فإنها يلزمها أن تغطي وجهها وكفيها، أما إذا كانت خالية في مكان لا يرتاده الرجال، ولا يمكن أن يطلع عليها غير محارمها فكشف الوجه هو الأصل، وكشف الكفين رواية عند الحنابلة وقول الحنفية، والحنفية عندهم كشف القدمين أيضاً، وكان شيخ الإسلام -رحمه الله- يميل إلى قول الحنفية. يقول: النقطة الأخرى التي كانت تصر عليها عدم تغطية منطقة الذقن في الصلاة؛ لأنها من حدود الوجه التي حددها الرسول -صلى الله عليه وسلم- لأسماء بنت أبي بكر -رضي الله عنهما-.

أولاً: حديث أسماء الذي فيه أنه ((إذا بلغت المرأة المحيض لم يحل منها إلا هذا وهذا)) هذا حديث ضعيف معروف عند أهل العلم ضعفه، فلا يحتكم إليه، وأما تحديد الوجه هو الذي يجب غسله في الوضوء، من منابت شعر الرأس إلى الذقن، ومن الأذن إلى الأذن عرضاً. هذا السؤال أجيب عنه سابقاً: هل التيمم ضربة واحده أم ضربتين؟ ضربة واحدة. هذا يسأل يقول: ما هو زواج المسيار؟ وهل هو حرام أو حلال؟ زواج المسيار هو الزواج الذي تتنازل فيه المرأة عن بعض حقوقها، يتفقان على عدم القسم بينها وبين زوجته الأولى مثلاً، أو أنه رجل مشغول، لا يتيسر له المبيت عندها فلا قسم لها، إنما يتفقان على وقت محدد في الأسبوع مرة مرتين، أو ما أشبه ذلك، أو مرة في الشهر، المقصود أنهم يتفقون على وقت محدد بينهما ويتفقان عليه، ومع ذلك مع التنازل على القسم قد تتنازل على السكن أن تسكن عند أهلها عند أمها، قد تتنازل عن النفقة والمسألة عرض وطلب، مثل هذا الزواج إذا توافرت شروطه وأركانه أفضل من بقاء المرأة بدون زوج، فالمتجه جوازه إذا توافرت شروطه، ولم يحصل فيه خداع ولا ضرر على أحد الطرفين. يقول: هل يجوز بيع فضل الماء للزراعة؟ لأن صاحبها قد أنفق عليها، والآخر يستطيع أن يبذل المال؟ على كل حال الماء إذا حازاه الإنسان إلى رحله، وتعب عليه، وأنفق عليه لا مانع من بيعه، اللهم إلا إذا احتاجه مضطراً للشرب ونحوه فمثل هذا يسقى بدون مقابل، ولا يجوز منع فضل الماء عنه.

يقول: أبي وأمي وافقوا على إقامة مؤقتة لابن خالي في منزلنا على أن ينهي علمه ثم يذهب، وإقامته ليست في غرفة منفصلة، وإنما في نفس البيت المبني، نحن ولله الحمد نحتجب منه؛ لأننا لا ننكر أننا يصادف أننا نتواجه إما في الممر أو يدخل وهو لا يعلم إلى مكان نحن فيه أو العكس، نحن ثلاث بنات في المنزل، وأهلنا لا يرون الضرر، وربما لا يشعرون بذلك، ونتضايق كثيراً؛ لأننا نتحجب منه، ونريد أن نشعر بفرق بين البيت والشارع، أو مكان العمل، أو غير ذلك، حديثنا معهم يرون أن ذلك من قلة الأدب وقلة الإكرام، وكثيراً ما نذكره في حديثنا، ونذكر الضيق الذي نشعر فيه، لا نعلم إذا كانت تلك غيبة، لكن طالت إقامته إلى سنة تقريباً، فأفتنا هل من قلة الأدب وعدم إكرام الضيف أن نفعل ذلك؟ لا من حقكن أن تبدين ذلك لوالديكن من أجل القضاء على هذه المضايقات، ولا بد أن يحصل ما يحصل من المضايقة لكن، إن كنتن على درجة من الالتزام بحيث تحرصن الحرص الشديد على عدم رؤيته إياكن، لا شك أنه يوجد حرج في مثل هذا، لكن المفاهمة مع الوالدين، وليست معه؛ ليُبحث له عن مكان آخر، ولا شك أن وجود رجل أجنبي على الأسرة ليس المراد أجنبي أنه بعيد عن العائلة، أو ليس من البلد، لا، الأجنبي من يلزم منه الحجاب، بمعنى أنه لا يجوز الكشف له، هذا أجنبي، ولا شك أن وجود مثل هذا في الأسرة مضايق، ومتعب تعباً شديداً، فمن حقكن أن تتكلمن في الموضوع لا سيما مع الوالدين، عله يبحث له عن مكان آخر. يقول: ما هي الصيغة الصحيحة بالإشارة بالأصبع في الصلاة؟ هل هي التحريك أم السكون؟ الأصل السكون هذا هو الأصل، لكن حال التشهد يرفع الأصبع، وأيضاً تحرك عند الدعاء يحركها يدعو بها. هذا من الجزائر يقول: ألاحظ أن نسخة البلوغ التي عندكم تختلف بعض الشيء عن النسخة التي عندي للشيخ حامد الفقي، فما رأيكم؟ طبعة الشيخ حامد الفقي بالجملة طيبة، يعني قد تختلف مع التي معنا وهي طبعة الجامعة جامعة للإمام مع شرح سبل السلام، قد يوجد اختلاف يسير في كلمة أو شيء من ذلك، وهذا لا يؤثر. يقول: للحاكم تصرف مطلق في بيت المال بحيث يعطي من يشاء ويمنع من يشاء؟

باب: اللقطة

على كل حال له شيء من التصرف، لكن التصرف محدود، وإلا فالأصل وجوب العدل بين الرعية، لكن قد يعلم بحاجة فلان ولا يعلم بحاجة فلان، فيعطي فلان ويحرم فلان؛ لأنه لا يعرف حاجته، وقد يعطي فلان لأنه طلب ولم يعط فلان لأنه متعفف، فالمقصود أن الأصل في هذه المسألة العدل بين الرعية، فإذا تقدم إليه اثنان متساويان في الظروف والحاجة لا بد أن يعدل بينهما. هل يجوز للرجل أن يختلي بامرأة ابنه في حياة الولد وكذلك بعد موته؟ وهل يجوز له الزواج بها بعد وفاته؟ أما كونه يخلو بها نعم؛ لأنها من محارمه في حياته وبعد موته، ولا يجوز له الزواج بها {وَحَلاَئِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلاَبِكُمْ} [(23) سورة النساء] لا يجوز له أن يتزوج بها البتة، فهي محرمة تحريماً مؤبداً. بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين, وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. قال الحافظ ابن حجر العسقلاني -رحمه الله تعالى- في كتابه بلوغ المرام: باب: اللقطة عن إنس -رضي الله عنه- قال: مرَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- بتمرة في الطريق فقال: ((لولا أني أخاف أن تكون من الصدقة لأكلتها)) متفق عليه. الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: باب: اللُّقَطة

بضم اللام وفتح القاف، كهمزة ولمزة، والمراد بها ما يلتقط، وهي بهذا الضابط قيل: لا يجوز غيره، والأصل في ذلك إسكان القاف لقْطة، وأما لقَطة كهمزة ولمزة فالأصل في هذه الصيغة أنها للاقط كهمزة ولمزة للهامز واللامز اللقطة اللاقط هذا الأصل، والذي يكثر من الالتقاط كهمزة ولمزة الذي يكثر من الهمز واللمز، وأيضاً الرُحَلَة إذا قيل: فلان رُحَلَة أن يكثر الرِحْلَة، وإذا قيل: رُحْلَة يُرحل إليه ممن يستحق أن يرحل إليه، وعلى كل حال الفقهاء في الاستعمال الاصطلاحي لم يستعملوها إلا بفتح القاف لُقَطَة، قالوا: لا يجوز غيره، والمراد بها ما يلتقط ويوجد، ولا يعرف صاحبه، واللقطة تختلف عما يذكر في كتب الفقه أيضاً والحديث اللقيط، وهو المنبوذ، الولد الذي ينتج من الفاحشة من الزنا نسأل الله السلامة والعافية، فتتخلص منه أمه بنبذه، فيكون لقيطاً. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-. "عن أنس -رضي الله عنه- قال: مرَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- بتمرة في الطريق فقال: ((لولا أني أخاف أن تكون من الصدقة لأكلتها)) متفق عليه"

تمرة وجدت في الطريق فتركها النبي -صلى الله عليه وسلم- لماذا؟ لأن الصدقة لا تحل له، ولا لآله -عليه الصلاة والسلام- فتركها ورعاً من هذه الحيثية خشية أن تكون من الصدقة، أما لو كانت من الصدقة على وجه التحقيق لا يجوز له أكلها؛ لأن الصدقة حرام عليه وعلى آله، لكنه خشي وخاف أن تكون من الصدقة فتركها فدل على أنه لو جزم أنها ليست من الصدقة يأكل وإلا ما يأكل؟ يأكل ليش لا؟ لأنه تركها خاف أن تكون من الصدقة، مفهومه أنه لو جزم أنها ليست من الصدقة لأكلها، ولهذا أدخل المؤلف هذا الحديث في هذا الباب، يستدل به على أن الشيء اليسير التافه الذي لا تلتفت إليه همة أوساط الناس لا بأس بالتقاطه، ولا بأس بأكله، ولا بأس بتملكه، هذا إذا كان مما لا تلتفت إليه همة أوساط الناس، منطوق الحديث أنه تركها خشية أن تكون من الصدقة فمفهومه أنه لو جزم بأنها ليست من الصدقة فإنه حينئذٍ يلتقطها ويأكلها، لا سيما أنه في تركها في الطريق امتهان لها، ولا يمنع أن يكون الرسول -صلى الله عليه وسلم- أخذها وجعلها في مكان بحيث لا تتعرض للإهانة بالدوس ونحوه، لا يمنع، إلا أنه الصريح في الحديث أنه لم يأكلها؛ لأنه قال: ((لولا)) ولولا حرف امتناع لوجود، امتنع من أكلها لوجود الخشية أن تكون من الصدقة، وهذا لا يمنع أن يكون التقطها وأعطاها مسكيناً ممن تحل له الصدقة، أو أزاحها عن طريق الناس بحيث لا تمتهن ولا تداس، نعم. وعن زيد ابن خالد الجهني -رضي الله عنه- قال: جاء رجل إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فسأله عن اللقطة فقال: ((اعرف عفاصها ووكاءها ثم عرفها سنة، فإن جاء صاحبها وإلا فشأنك بها)) قال: فضالة الغنم؟ قال: ((هي لك أو لأخيك أو للذئب)) قال: فضالة الإبل؟ ((مالك ولها معها سقاؤها وحذاؤها، ترد الماء، وتأكل الشجر حتى يلقاها ربها)) متفق عليه.

"وعن زيد ابن خالد الجهني -رضي الله عنه- قال: جاء رجل إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فسأله عن اللقطة" يعني مما يمكن التقاطه مما يوجد في مكان لا يعرف صاحبه فيه، لكن لو وجدت كتاباً عليه اسم صاحبه، نسخة فلان ابن فلان ابن فلان، هذه لقطة وإلا ليست لقطة؟ ما دام صاحبه معروف هذه ليست لقطة، بل يجب أن يؤدى إلى صاحبه، أن يسلم إلى صاحبه، فلا يدخل هذا في أحكام اللقطة.

"فقال: ((اعرف عفاصها)) " قبل أن تتصرف فيها أدنى تصرف ((اعرف عفاصها)) وهو الوعاء الذي وضعت فيه، الكيس الذي وضعت فيه، الظرف الذي يشتمل عليها ((ووكاءها)) الرباط الذي يربط به هذا العفاص الوكاء الحبل الذي يشد به فم هذا العفاص هذا الوعاء لا بد أن يعرف هذا؛ لكي يسدل بهذا على صدق مدعيها؛ لأنه لو لم يعرف هذا العفاص ولا الوكاء فإنه لا يمكن ردها إلى أحد يدعيها، كيف ترد؟ وإذا كان الوعاء لا يمكن الاستدلال به عليها بأن توحد الأوعية في بلد ما مثلاً، توزع البلدية أكياس تحفظ فيها الأمتعة الآن البلدية توزع أكياس للقمامة مثلاً موحد لكن لو قدر أنها وعاء موحد للأمتعة قالت: من اشترى شيئاً أو حمل شيئاً يحطه في هذا الوعاء فصار الناس يتداولونه بكثرة بحث .. ، نعم وهذا الوعاء فيه رباطه منه، العفاص والوكاء يغلب على الظن أنه في مثل هذا الموزع على جميع الناس، هذا ما يستدل به على هذه اللقطة، الإنسان بيقول في ما يغلب على الظن أنه في الوعاء الموحد، ويصف هذا الوعاء؛ لأنه يعرفه، فمثل هذا يطلب منه قدر زائد على ذلك، بوصف ما في جوفه بدقة، لو كان المستورد من الأبواك التي تحفظ فيها النقود من ماركة واحدة، شكل واحد، كله لونه واحد، وما عرف أنه دخل البلد إلا كذا، وأتى واحد عند باب المسجد وقال: من ضاع له كذا، أو من فقد شيئاً؟ قال: نعم أنا فقدت فلوس في البوك الذي لونه كذا، وحجمه كذا، وهو يعرف أنه ما ورد البلد إلا مثل هذا، هذا لا كفي في الاستدلال بها على صاحبها، بل لا بد أن يطلب منه ما هو أدق من ذلك، وإلا لو كانت الأوعية متفاوتة، وكل واحد يحمل متاعه في وعاء خاص به، فإذا عرفنا العفاص الذي هو الوعاء، إذا عرفه المدعي قال: لونه كذا، وحجمه كذا، ووكاؤه حبل من بلاستيك لونه كذا، أو من صوف وما أشبه ذلك، فإنه يستدل بذلك على صدقه، وتدفع إليه، مع أنه يسأل عما في جوفه، هل هو مال؟ أو متاع أو ما أشبه ذلك؟ فإذا أجاب تدفع إليه، وهل يحتاج مع ذلك إلى إقامة بينة بأن يحظر بينة أن هذا له هذا قد ضاع منه؟ الحديث يدل على أنه لا يحتاج إلى بينة، يعني إذا عرف العفاص والوكاء وعرف ما في داخل هذا الوعاء من نقود أو متاع لا يحتاج أن يقيم على ذلك

بينة، وهذا هو القول الراجح الذي يدل عليه هذا الحديث، فليس فيه قدر زائد على ذلك، من أهل العلم من يرى أنه لا بد أن يقيم البينة على دعواه؛ لأنه مدعي، وحديث: ((البينة على المدعي)) يشمل اللقطة وغير اللقطة، لكن البينة أعم من أن تكون بالشاهد، بل البينة ما أبان الحق، والوصف الدقيق لا شك أنه يبين الحق، فمثل هذا لا يحتاج إلى بينة في القول الراجح، وهو الذي يدل عليه هذا الحديث. ((فإن جاء صاحبها)) بعد تعريفها سنة، يقول: ((ثم عرفها سنة)) سنة قمرية اثنا عشر شهراً، بالأشهر القمرية، يعرفها في مكان وجودها، وفي مجامع الناس ومحافلهم عند باب المسجد، وعند باب الجامع، وفي المناسبات، والأسبوع الأول من التقاطها يعرفها كل يوم، في الأسبوع الثاني يخل ببعض الأيام، في الأسبوع الثالث ثم بعد ذلك يعرفها كل جمعة بأن ينادي على باب الجامع: من فقد شيئاً فليأتني، وهكذا، فإن جاء صاحبها خلال العام الاثنا عشر شهراً ((وإلا فشأنك بها)) أي تصرف بها، ويقول: شأنك منصوب على الإغراء، وبعضهم يرفعه ويجعله مبتدأ، أو اسم كان المحذوفة وإلا فيكون شأنك بها، المقصود أن التقدير سهل، إذا جاز الأمران وإلا فالنصب على الإغراء. "قال: فضالة الغنم؟ " شأنك بها يعني كناية عن جواز تصرفه فيها ببيعها، بأكلها، باستعمالها "قال: فضالة الغنم؟ " الضالة: هي اللقطة إلا أنها خاصة ببهيمة الأنعام، ضالة الغنم، الشاة، أو العنز، أو الكبش، أو التيس وما أشبه ذلك يضل عن صاحبه، يخرج من بيته، أو في القفار أو البراري يكون بعيداً عن صاحبه، وعن غنم صاحبه "قال: ((هي لك أو لأخيك أو للذئب)) " يعني التقطها وكلها، هل يلزم أن يعرفها سنة؟ هي تحتاج إلى مؤنة ومؤنتها لمدة سنة أكثر من قيمتها، وأيضاً هي معرضة للتلف، فعلى هذا يلتقطها، فهي إما له أو لأخيه لصاحبها إن وجدها، أو لشخص ثالث يقف عليها فيلتقطها بدلاً منك، أو للذئب، و (أو) هنا للتقسيم (أو) هنا للتنويع، فدل على أن ضالة الغنم تلتقط، "قال: فضالة الإبل؟ قال: ((مالك ولها معها سقاؤها وحذاؤها)) " ما ذكر ضالة البقر، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . كيف؟ طالب:. . . . . . . . . لكن ما يمكن أن تضل البقرة؟

طالب:. . . . . . . . . لا هو في الغالب ما يضل من بهيمة الأنعام ما يكون في البراري، والعادة ما جرت برعي البقر في البراري، إنما الذي يرعى في البراري هو الغنم والإبل فقط، وهي التي تضل عن صاحبها، أما بالنسبة للبقرة فهي توصد عليها الأبواب، إما في البيوت، أو في المزارع، أو ما أشبه ذلك، فيندر أن تضل البقرة، ولذا الحكم للغالب، وإلا فلو ضلت مثلاً فلها حكمها الشرعي "قال: فضالة الإبل؟ " ما حكمها؟ "قال: ((مالك ولها، معها سقاؤها)) " أي جوفها الكبير الذي هو بمنزلة السقاء بحيث إذا امتلأ من الماء لا خوف عليها من العطش، يعني لا يخشى عليها أن تموت من العطش ((وحذاؤها)) يعني خفها الذي يحتمل المشي الطويل في الحر والبرد، في السهول في الوعر، المقصود أن معها حذاء يقيها من الانقطاع، ويعينها على متابعة المشي حتى يجدها صاحبها ((ترد الماء، وتأكل الشجر حتى يلقاها ربها)) فلا خوف عليها، ولا خطر عليها كما هو شأن الغنم، وحينئذٍ لا يجوز التقاط الإبل، وأما الغنم فكما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((هي لك أو لأخيك أو للذئب)) هل الأفضل للإنسان أن إذا وجد لقطة أن يلتقط أو يترك؟ إنسان وهو في طريقه إلى المسجد وجد بوك مملوء بالدراهم هل الأفضل أن يترك أو يلتقط ويعرف؟ المسألة تحتاج إلى شيء من التفصيل، فإن كان هذا الإنسان لديه القدرة على التعريف لمدة سنة، وأيضاً يأمن من نفسه أن تطمع فيها؛ لأن الإنسان مع طول الوقت يعني قد يرفضها في أول يوم ثاني يوم ثالث يوم تنازعه نفسه، ويعينها شيطانه، ثم بعد ذلك يقول: خلاص لو كان لها كان حاء ما جاي أحد، ثم يستعملها قبل أن يتم الحول، فمثل هذا الذي تنازعه نفسه ولا يأمن من نفسه مثل هذا اتركها في مكانها، أو ليست لديه قدرة على التعريف لمدة سنة، أما إذا كانت لديه القدرة على التعريف، ويأمن من نفسه أنها لا تنازعه في تملكها قبل الحول فإن هذا الأفضل له أن يلتقطها. وعنه -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((من آوى ضالة فهو ضال ما لم يعرفها)) رواه مسلم. يقول المؤلف -رحمه الله-:

"وعنه" أي عن زيد بن خالد "-رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((من آوى ضالة فهو ضال ما لم يعرفها)) " هذا فيه أن عدم الالتقاط أولى؛ لأنه وصف بالضلال نسأل الله السلامة والعافية؛ لكنه محمول على من لا يستطيع التعريف، والصبر عليها لمدة سنة، أو من تنازعه نفسه في تملكها قبل تمام الحول، أما من التقطها بنية التعريف لمدة حول مع كونه يأمن من نفسه أن تطمع فيها فمثل هذا التقاطه لها أفضل؛ لأنه يحفظها، واحتمال أن يأتي من يلتقطها ممن لا يؤمن عليها. ((من آوى ضالة فهو ضال ما لم يعرفها)) دل على أنه إذا عرفها وقام بما كلف به من هذا التعريف فإنه ليس بضال، بل هو محسن، معرفة اللقطة معرفة تامة اعرف عفاصها ووكاءها عرفنا أنه ليتم امتحان من يدعيها بذلك، وأيضاً ليعرفها من بين ماله، قد يكون عنده أموال في أكياس فإذا عرف هذا الكيس، وهذا الوعاء، وعرف هذا الوكاء تميزت عن أمواله، فعلى هذا إذا عرفها بعد أن عرَفَها حولاً كاملاً ساغ له أن يستعملها، إذا عرفها سنة ثم بعد ذلك لم تعرف فإنه حينئذٍ يستنفقها ويستعملها، وحينئذٍ تكون عنده في حكم المضمون بأنه لو أنفقها بعد سنة ثم جاءه بعد سنتين صاحبها فإنه يضمنها له ((فإذا جاء طالبها يوم من الدهر فأدها إليه)) كما جاء في بعض الروايات. وعن عياض بن حمار -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((من وجد لقطة فليشهد ذوي عدل؛ وليحفظ عفاصها ووكاءها ثم لا يكتم ولا يغيب، فإن جاء ربها فهو أحق بها وإلا فهو مال الله يؤتيه من يشاء)) رواه أحمد والأربعة إلا الترمذي، وصححه ابن خزيمة وابن الجارود وابن حبان. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

"عن عياض بن حمار" بلفظ الحيوان المعروف "-رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((من وجد لقطة فليشهد ذوي عدل)) " لماذا؟ لئلا ينسى أنها لقطة؛ لأن المسألة تحتاج إلى حول إلى سنة كاملة فقد ينساها، فهذا الشاهد أو هذان الشاهدان يذكرانه إذا نسي، ويشهدان عليه إذا جاء من يدعيها؛ لأن الإنسان قد يلتقط شيئاً يجد ساعة من الماركات الغالية، أو قلم من الأقلام الغالية، ثم يضعها مع متاعه يعرف أنها لقطة لمدة معينة، ثم بعد ذلك ينساها، فكونه يشهد عليها هذا لا شك أنه من باب الاحتياط لبراءة الذمة، يشهد عليها، ويسجل عنده في مذكرته أنه في يوم كذا في مكان كذا وجد كذا في وعاء كذا ووكائه كذا، يكتب بالتفصيل ما يتعلق بها، وهكذا ينبغي أن يكون المسلم كيساً غير مفرط حازم، لا يفرط في أموره التي هي عرضة للنسيان؛ لأن الضبط ممكن، وغداً الحساب، وبعض الناس يتزوج، وبعد مضي مدة قصيرة يحصل منه طلقة، وبناءً على أنه لن ينسى هذه الطلقة لا يقيدها، ما يكتب أنه طلق زوجته في يوم كذا ثم راجعها، لا يكتب يراجعها ويستمر معها وبعد عشر سنين تحصل منه طلقة ثانية مثلاً، وقد نسي الأولى لأنه لم يقيدها، ثم بعد عشرين سنة تحصل طلقة ثالثة، وقد نسي إحدى هذه الطلقات، ثم بعد ذلك يعاشرها على غير الوجه الشرعي، فمثل هذه الأمور يحتاط لها الإنسان، فإذا حصل لديه شيء من ذلك لا سيما من يسهل عليه الطلاق، بعض الناس سهل عليه أنه يتلفظ به لأدنى سبب، فمثل هذا لا بد أن يقيد، وبعض الناس لا بد أن يتحرى ويتشدد في مثل هذه الأمور فتنحفر في قلبه، فمثل هذا يذكرها طول عمره، لو حصلت منه مرة يذكرها لن ينساها، أما بعض الناس عادي عنده أنه في بكل مناسبة، وفي كل تصرف يرمي هذا الطلاق مرسلاً أو مقيداً، المقصود أن في مثل هذا الذي له أثر في حياته سواء كان في ما يتعلق بزوجته كالطلاق لا بد من تقييده، وكذلك هذه اللقطة لا بد من تقييدها لئلا ينساها وحينئذٍ يتصرف بها قبل الإذن بالتصرف.

((فليشهد ذوي عدل)) لأنهما يعينانه عليها إذا نسي ويذكرانه ((وليحفظ عفاصها)) الذي هو الوعاء، والظرف الذي توضع فيه ((ووكاءها)) والوكاء وهو الرباط الذي يربط به الوعاء ((ثم لا يكتم ولا يغيب)) لا يكتم هذه اللقطة، بل عليه أن يعرفها ويشهر أمرها؛ لكنه مع ذلك لا يبين من حالها ما يبين لبعض من يدعيها وهي ليست له؛ لأن بعض الناس قد يستجر ويستدرج، فإذا قال عند باب المسجد: من فقد مالاً فليأتني، ثم جاءه شخص من أهل الحيل وأهل الاستدراج، وأخذ المعلومات من حيث لا يشعر الإنسان، بعض الناس يستدرج حتى يأخذ جميع ما عندك من معلومات، وأنت ما تشعر، يصير لديه معرفة وخبرة بهذا الأمر، ثم أنت تقر له بأمور يستدل بها على بعض أوصاف هذه اللقطة، ثم يصفها لك وقد استنبط هذه الأوصاف من تصرفاتك، مثل هذا لا يجوز أن تبوح له بما يستدل بها عليها، وأنت أيضاً لا يجوز لك أن تكتم، يقول لك: الوكاء كذا الوعاء كذا، وأنت تقول: لا هذا ما هو صحيح لتفوت الفرصة عليه حتى تتم السنة ثم تضيع عليك الاستفادة منها ((ولا يغيب)) يعني يترك التعريف بها حتى يغلب على ظنه أن صاحبها أيس منها فلا يبحث عنها ((فإن جاء ربها)) يعني صاحبها، والرب يطلق مع الإضافة على غير الله -جل وعلا-، أما من غير إضافة فلا يطلق إلا على الله -جل وعلا-، الرب هو الله -جل وعلا-، وأما رب الدابة، ورب الدار، ورب ما أضيف إليه فإنه يجوز ذلك، ورب الأسرة، لكن ما يقال له: الرب، ((فإن جاء ربها فهو أحق بها)) من غيره يعني خلال السنة، وإن لم يأت إلا بعد مضي السنة أو لم يأت أصلاً ((فهو مال الله يؤتيه من يشاء)) يعني لك أن تستعمله، يعني لك أن تستعمل هذه اللقطة، وتستفيد منها بنية ضمانها، إذا جاء صاحبها يوم من الدهر. "يقول: رواه أحمد والأربعة إلا الترمذي، وصححه ابن خزيمة وابن الجارود وابن حبان" هذا الحديث لا سيما في قوله -صلى الله عليه وسلم-: ((مال الله يؤتيه من يشاء)) يستدل به من يقول: إن اللقطة تملك ولا تضمن بعد الحول، وهذا القول معروف عند الظاهرية، وأما الجمهور فعلى الضمان، نعم.

وعن عبد الرحمن بن عثمان التيمي -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عن لقطة الحاج. رواه مسلم. يقول المؤلف -رحمه الله-: "وعن عبد الرحمن بن عثمان التيمي -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عن لقطة الحاج. رواه مسلم". سبق في خصائص مكة أن لقطتها لا تحل إلا لمنشد، إلا لمن يعرفها فقط، لا على نية أنه بعد تعريفها مدة سنة يستنفقها، ويستفيد منها؛ لأن لقطة الحرم -وهذا من خصائص مكة- لا تحل لآخذيها مطلقاً، وهنا في هذا الحديث أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عن لقطة الحاج الحاج إذا ضاع منه شيء في مكة، أو في حدود الحرم دخل في الحديث الأول، يعني بين هذا الحديث والحديث السابق عموم وخصوص من وجه، فهذا أعم، لقطة الحاج أعم من لقطة مكة؛ لأن لقطة الحاج قد تكون بمكة وقد تكون خارج مكة، قبل أن يصل إلى مكة، أو بعد أن يرجع من مكة، فلا تلتقط، ما يلتقط ما سقط وضاع وضل من الحاج، لا في ذهابه ولا في إيابه، ما دام يطلق عليه حاج، في هذه الرحلة المباركة، هو حاج فلا تحل لقطته، فقد نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- عن لقطة الحاج ولو كانت خارج الحرم، فالحاج خاص لمن تلبس بالحج، أو أراده، لكنه عام في المكان، خرج من بغداد يريد الحج، وفي طريقه فقد شيئاً هذا يسمى لقطة هذه اللقطة لا تحل لملتقطها البتة، بل نهي عن التقاطها، وإذا وصل إلى مكة حاجاً صارت اللقطة أشد النهي عن التقاطها إلا لمنشد أشد، لا بنية التمليك بعد سنة؛ لأنه اجتمع فيها الأمران، كونها لقطة مكة، وكونها لقطة حاج، اللقطة في مكة تشمل لقطة الحاج وغير الحاج، لكن خاصة في هذا المكان، فبين الحديثين عموم وخصوص وجهي، فهذا أعم من وجه، وأخص من وجه، وذاك كذلك أعم من وجه، وأخص من وجه، فالحاج الذي يريد أن يؤدي هذه الفريضة التي هي ركن من أركان الإسلام، وتكلف وتجشم، وقد يكون قد اقترض للحج، ونفقة الحج، فمثل هذا لا يفوت عليه ماله كغيره ممن هو في السعة، ومنهم من حمل هذا الحديث على الحديث السابق، فالمراد بلقطة الحاج إذا كانت بمكة، فيكون مفاد الحديثين واحداً، نعم.

وعن المقدام بن معدي كرب -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((ألا لا يحل ذو ناب من السباع, ولا الحمار الأهلي, ولا اللقطة من مال معاهد إلا أن يستغني عنها)) رواه أبو داود. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

"وعن المقدام بن معدي كرب -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((ألا لا يحل)) " فإذا نفي الحل (ألا) حرف تنبيه و (لا) نافية، ويحل يباح، فإذا نفي الحل والإباحة ثبت الضد وهو الحرمة، يعني يحرم ذو ناب من السباع والحمار الأهلي، سيأتي في الأطعمة تحريم ما له ناب من السباع، أو مخلب من الطير، وتحريم الحمار الأهلي سيأتي هذا كله في كتاب الأطعمة ((فلا يحل)) أي يحرم كل ذي ناب من السباع، والحمار الأهلي، وقد كان مباحاً ثم حرم في خيبر ((ولا اللقطة من مال معاهد)) المعاهد الذي أعطي العهد والميثاق، وأقر في بلاد المسلمين، فإن هذا لا يحل ماله؛ لأنه معصوم الدم والمال، وقد ضمن له العيش والقرار في بلاد المسلمين على ما يشترط عليه من مال أو غيره ((ولا اللقطة من مال معاهد)) فمال المعاهد مثل مال المسلم له حرمته، ولا يجوز الاعتداء عليه ((إلا أن يستغني عنها)) ما الذي يدري الملتقط أنها لقطة معاهد؟ القرائن التي تدل على ذلك، ومن ذلك كون الحي الذي وجد فيها هذه اللقطة لا يدخلها إلا هذا النوع من الناس، يعني خاص بهذه الفئة من غير المسلمين، مثل هذا يستدل به على أنها لقطة معاهد، أو وجد من العلامات التي تدل على أنها ليست لمسلم ((إلا أن يستغني عنها)) فدلت القرائن على أنه ليس بحاجة عنها؛ لكونها شيئاً لا يلتفت إليه فإنه حينئذٍ يلتقطها واجدها، أحياناً يستغنى عن بعض المتاع فيترك، أنت تريد أن تنتقل من بيت إلى بيت، أو من بلد إلى بلد، أو كنت مسافر، ثم بعد ذلك السيارة ما تحتمل جميع العفش، ثم بعد ذلك فاضلت وتركت بعض العفش؛ لأن السيارة ما تحتمل، وليس في نيتك أن تعود إليه، هذا استغنيت عنه، لكن كيف يستدل الواجد له أنك استغنيت عنه، يعني تركت على الرصيف عندك متاع كثير، وتركت ربع هذا المتاع على الرصيف؛ لأن السيارة لا تستطيع حمله، ولو استأجرت سيارة أخرى تحمل معك لاحتاج من الأجرة أكثر من قيمته، ومثل هذا تلتفت إليه همة أوساط الناس، يعني يستحق قيمة معتبرة، لكن المسألة موازنة بين أرباح وخسائر، الآن لو عندك اشتريت ثلاجة جديدة، وعندك ثلاجة قديمة، استغنيت عن هذه الثلاجة، وهي شغالة تشتغل، لكن أنت اشتريت ثلاجة أنظف

وأجد وأوسع، ثم هذه الثلاجة لما جئت بالسيارة لتحملها إلى أماكن البيع وجدت الأجرة أكثر مما تستحقه من قيمة، أحياناً تأتي بسيارة لتحمل هذه الثلاجة يقول لك: أوديها الحراج بمائة، ثم تطلع بها إلى الحراج ما تجيب لك مائة، فتقول: بدل أن نتْعَب ونُتعِب خلها عند الباب، والذي يمر بالباب ما يدري هل أنت استغنيت أو ما استغنيت؟ هذا إذا كان الإنسان ما وفق لتصرفاته وإلا لو دفعها إلى من يستفيد منها من الجيران، أو من الأقارب، أو من الجمعيات الخيرية لما ضاعت عليه، لكن هو يقول: أنا إن ذهبت بها إلى الحراج لاحتاجت السيارة التي تحملها أكثر من قيمتها، وهذا حاصل، أحياناً يحمل المتاع بأكثر من قيمته، فبعض الناس من أول الأمر ينتبه لهذا، ويجعلها على الرصيف ما يحتاج يوديها ولا يجيبها، يقول: بدل ما نخسر خلها مكانها، هذه استغنى عنها صاحبها، لكن ما الدليل على أنه تركها؟ يحصل مثل هذا كثير، يوجد عند الأبواب من الأثاث والمتاع أحياناً إنسان يجدد أثاثه ثم يرمي الباقي في الشارع، فأنت ما تدري هل رماه مستغنياً عنه، أو رماه ريثما يأتي بسيارة تحمله إلى مكان آخر؟ وإذا نظرت وجدت فيه أشياء يغلب على الظن أنها تأتي بقيمة، فهل مثل هذا يلتقط وإلا ما يلتقط؟ يعني ما يوجد إنسان يغير المتاع وهو نضيف؟ بعض البيوت بيوت الأثرياء سنوياً يغير الأثاث في كل سنة، فيرمى الأول ولو كان جديداً، فأنت إذا مررت وأنت في طريقك على الرصيف دالوب يصلح للكتب من أحسن ما يكون، هل أنت تلبق السيارة وتشيله من غير إذن صاحبه التي ظهر أنه يغلب على الظن أنه استغنى عنه أو تنتظر وتقرع الباب وتقول: هل لكم نظر في هذا الدالوب أو لا؟ هاه؟ طالب:. . . . . . . . . كيف؟ طالب:. . . . . . . . . أفترض أنك قرعت الباب ما وجدت أحد، مسافرين ما هم موجودين، وهذا الدالوب إذا ما أخذته أنت أخذه غيرك. طالب:. . . . . . . . . ما تدري أنت، أنت مار في الشارع وجدت هـ الدالوب النظيف، اللي لو تبي تشتريه من السوق أخذ عليك مبلغ. طالب:. . . . . . . . . طيب يجي واحد يأخذه ثاني. طالب:. . . . . . . . . هو لك أو لأخيك أو للبلدية. طالب:. . . . . . . . .

باب: الفرائض

الذي دعانا في مثل هذا الكلام في قوله في الحديث: ((ولا اللقطة من مال معاهد إلا أن يستغني عنها)) يعني هل يقال: يستغني عنها بصريح قوله، هذا ما نحتاج إلى هذه الجملة في الحديث، هل نسدل على استغنائه عنها بالقرائن، وما جرت عادته أن في مثل هذه الأمور يرميها دون تردد، ولا شك أن القرائن القوية تفيد في مثل هذا الباب، فإذا عرف من حال هذا الشخص أنه يغير باستمرار، ويرمي بعض الأمتعة وإن كانت نظيفة فمثل هذا إذا دلت القرائن على مثل هذا التصرف عمل به، وهنا دليل على أن الشرع يحترم أموال المعاهدين، كما يحترم أموال المسلمين، فإنه لا يجوز الاعتداء عليها ما دام أعطوا العهد والميثاق، ودفعوا الجزية، فمثل هذا لا يجوز الاعتداء على أنفسهم، ولا على أموالهم؛ لأن إقامتهم شرعية، نعم. باب: الفرائض عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فهو لأولى رجل ذكر)) متفق عليه. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: باب: الفرائض

والفرائض: جمع فريضة كقبائل جمع قبيلة، والمراد بها اسم المفعول المفروضة، مأخوذ من الفرض، وهو التقدير والقطع، فالفرائض مقدرة في كتاب الله وسنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وهي أيضاً مقتطعة لكل وارث جزء من المال، من مال المورِث، والفرائض إذا كان المراد به ما افترضه الله -جل وعلا- في أموال الأموات لورثتهم فهو شامل للفرض والتعصيب؛ لأن العلم كله أو الباب كله في الفرائض، والفرائض الوارثون ينقسمون إلى أصحاب الفروض وإلى عصبات، وإلى ذوي أرحام، عند من يقول بتوريثهم، على ما سيأتي، فهل الفرائض المراد به هنا ما يقابل العصبة؟ الفرائض من الفرض، وهو ما يقابل التعصيب أو الفرائض أعم من الفرض الاصطلاحي بحيث تشمل التعصيب؟ لا سيما وأن أول حديث في الباب في حق العصبة، ((فما بقي فهو لأولى رجل ذكر)) نعم ((ألحقوا الفرائض بأهلها)) هؤلاء أصحاب الفروض المقدرة والفروض ستة: النصف ونصفه ونصف نصفه، والثلثان ونصفهما ونصف نصفهما، النصف، الربع، الثمن، الثلثان، الثلث، السدس، هذه الفرائض المقدرة ((ألحقوا الفرائض المقدرة بأهلها)) أي أعطوها أهلها ((فما بقي فهو لأولى رجل ذكر)) وهذا هو التعصيب، الإرث بالتعصيب بعد ما تبقيه الفرائض، فالحديث شامل للأمرين فدل على أن الترجمة شاملة للأمرين؛ لدخول الشقين تحتها. "عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((ألحقوا الفرائض بأهلها)) " والمراد بالفرائض الست المنصوص عليها، والمراد من أهلها من يستحقها بنص كتاب الله تعالى، فالفرائض تلحق بأهلها، فالنص يلحق بأهله الزوج والبنت وبنت الابن والأخت الشقيقة والأخت لأب، هؤلاء هم أصحاب .. والنصف فرض، هاه؟ طالب:. . . . . . . . . كيف؟ طالب:. . . . . . . . . الرحبية، نسيتوها؟ نعم الفرائض سهل النسيان. والنصف فرض خمسة أفرادِ ... الزوج والأنثى من الأولادِ والأنثى من الأولاد هي البنت، فالمقصود أنه فرض خمسة من الورثة: الزوج إذا لم يكن للزوجة ولد، فإنه يستحق النصف، والبنت بشروطها، وبنت الابن بشروطها، والأخت .. إلى آخره، والتفصيل معروف في كتب الفرائض.

والربع: هو فرض الزوج إذا كان للزوجة ولد، أو للزوجات إن لم يكن للزوج ولد، وكذلك بقية أصحاب النصف، والربع لمن ذكرنا، والثمن للزوجة أو الزوجات إذا كان للزوج ولد، هذه الفرائض المقدرة، بعد ذلك الثلثان والثلث، الثلثان معروف أنه للبنتين، بنتي الابن، والأختين الشقيقتين، والأختين لأب، والثلث لمن؟ للأم فقط؟ وللجمع من الأخوة لأم، والسدس فرض سبعة من الوارثين، والمقصود أن مثل هذا التفصيل يرجع فيه إلى كتب الفرائض، إذا بقي شيء من المال بعد استيفاء أصحاب الفروض فإنه للعصبة، لأولى رجل ذكر، لكنه يشمل الذكر المفرد، والجمع من الذكور، ويشمل أيضاً من يعصبه هذا الذكر، لو افترضنا أنه مات أو هلك هالك عن زوجة وأخ وأخت، فالزوجة لها الربع، والباقي للأخ والأخت للذكر مثل حظ الأنثيين، فهو عصبها، ما فائدة قوله: ذكر بعد قوله: رجل؟ هل يمكن أن يولد رجل أنثى لنحتاج أن يقال: ذكر؟ ((فهو لأولى رجل ذكر)) ما الذي يدل اللفظ الأول؟ وما الذي يدل عليه اللفظ الثاني؟ هل هما متطابقان؟ في الفرائض قال: {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ} [(11) سورة النساء] وفي القوامة قال: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء} [(34) سورة النساء] يعني في الإرث لا يلحظ أي ملحظ عن الذكورة {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ} [(11) سورة النساء] يعني سواء كان شريفاً أو وضيعاً، ذكياً أو غبياً، حازماً أو هازلاً، المقصود أنه ذكر محكوم أنه من جنس الذكور، وأما رجل ففيه أوصاف زائدة على مجرد الذكورة، ومنهم من يقول: إنه من باب الوصف الكاشف الذي لا مفهوم له، وعلى كل حال هذا الحكم الشرعي، فالذي يبقى بعد الفرائض يعطى إلى العصبة، والأصل في التعصيب الرجال، والنساء ليس فيهن عصبة إلا بالغير أو مع الغير، نعم. وعن أسامة بن زيد -رضي الله تعالى عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا يرث المسلم الكافر، ولا يرث الكافر المسلم)) متفق عليه. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

"وعن أسامة بن زيد" حب النبي -صلى الله عليه وسلم- وابن حبه "-رضي الله تعالى عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا يرث المسلم الكافر، ولا يرث الكافر المسلم)) " لأن من موانع الإرث اختلاف الدين فمع اختلاف الدين لا توارث. ويمنع الشخص من الميراثِ ... واحدة من علل ثلاثِ رق وقتل واختلاف دينِ ... فافهم فليس الشك كاليقينِ فالمسلم لا يرث الكافر، والكافر لا يرث المسلم، ذهب إلى ما أفاد هذا الحديث جماهير العلماء، وأنه لا توارث مع اختلاف الدين، ومنهم من يرى أن المسلم يرث الكافر من غير عكس، يعني لو وجد شخص كافر، وعنده عشرة من الأولاد الذكور مثلاً تسعة منهم كفار، والعاشر مسلم، وهو صاحب ثروة وأموال طائلة هذا الميت، فاقتسم المال، بل قسم على التسعة، وبقي المسلم المسكين ما عنده شيء، ولا يرث شيء، بعضهم يقول في مثل هذه الصورة: المسلم يرث الكافر ولا عكس، كل هذا نظراً إلى الشفقة على هذا المسلم الذي حُرم من هذا المال بسبب إسلامه، لكن إذا صح الخبر فلا كلام لأحد، وأنه إذا فاتته الدنيا بقي معه رأس المال الذي هو الدين. وكل كسر فإن الدين جابره ... وما لكسر قناة الدين جبرانِ فإذا ضمن هذا الأصل الذي هو رأس المال فالباقي سهل، أمره يسير، لا شك أن من الناس من يتأثر بمثل هذا الموقف، ولذا من أهل العلم من يرى أن المسلم يرث الكافر، وهذا معروف عن معاذ ومعاوية ومسروق وسعيد بن المسيب وإبراهيم النخعي وإسحاق بن راهويه، كلهم نظروا من هذه الزاوية، قالوا: شخص ثري كافر مات عن أولاد واحد منهم مسلم والبقية كفار يتوارثون، يرثه أولاده الكفار، وأما المسلم فيحرم والمعول في هذا على هذا الخبر، وبالمقابل أنه لو مات رجل مسلم وأولاده مسلمون سوى واحد كافر فإنه يرثه أولاده المسلمون دون الكافر؛ لأنه لا يرث الكافر المسلم ولا المسلم الكافر، نعم. وعن ابن مسعود -رضي الله تعالى عنه- في بنت وبنت ابن وأخت: قضى النبي-صلى الله عليه وسلم- للابنة النصف ولابنة الابن السدس تكملة الثلثين، وما بقي فللأخت. رواه البخاري.

نعم في حديث ابن مسعود -رضي الله عنه- عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، ابن مسعود سئل عن هذه المسألة في شخص توفي عن بنت وبنت ابن وأخت، فقال: قضى النبي -صلى الله عليه وسلم- للابنة النصف؛ لأن الشرط متحقق، وهو عدم المشارك، وعدم المعصب فتستحق النصف حينئذٍ ابنة الابن باعتبارها تدلي بالابن الذي هو أخو هذه البنت الوارثة للنصف فوقع تكملة الثلثين؛ لأن المسألة لو كان فيها بنتان لأعطيتا الثلث، فما دام البنت أعطيت النصف تعطى بنت الابن السدس تكملة الثلثين، وما بقي فللأخت؛ لأن الأخوات مع البنات عصبات فتأخذ ما بقي، نعم. وعن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا يتوارث أهل ملتين)) رواه أحمد والأربعة إلا الترمذي، وأخرجه الحاكم بلفظ أسامة -رضي الله تعالى عنه-، وروى النسائي حديث أسامة بهذا اللفظ. نعم يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "وعن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا يتوارث أهل ملتين)) " وذلكم إذا تحاكموا إلينا، بأن كان الأب يهودي والابن نصراني أو العكس فإنهما لا يتوارثان للاختلاف في الدين، وهذه المسألة لا شك أنها خلافية، والحديث يصل إلى درجة القبول، لكنه معارض بما عرف أن الكفر ملة واحدة، وأن حكم الكفار واحد، وحينئذٍ يتوارثون؛ لكنهم لا يتوارثون مع مسلمين، وهذا محمول على أن المراد بالملتين، لا يتوارث أهل الملتين يعني الإسلام وغير الإسلام، فيكون بمعنى حديث أسامة: ((لا يرث المسلم الكافر، ولا يرث الكافر المسلم)) أما الكفار على خلاف مللهم فهم ملة واحدة، وهذا قول الأكثر، يعني لو قال: إن أهل الكتاب ملة؛ لأن أحكامهم فيها نوع اختلاف عن أحكام غيرهم صار له وجه، لكن المعروف إما أن يقال: بأن كل ملة من ملل الكفر يهودية والنصرانية والمجوسية والبوذية وغيرهم من الكفار ملة واحدة، والمسلون ملة واحدة، فيرجع الخبر إلى حديث أسامة، أو يقال: إن هذه الملل ملل كفر على اختلافها كل ديانة ملة مستقلة، فعلى هذا لا يتوارثون، لو تحاكموا إلينا لا يتوارثون، لو وجد أب مجوسي وابنه يهودي أو العكس فإنهم لا يتوارثون.

الآن باقي ساعة إلا ربع إن كان الإخوان يرغبون في ترك هذه المدة لتحري ساعة الإجابة في هذا اليوم، هم يرغبون وإلا .. ؟ يتأهبون للورد والدعاء والصلاة، وإلا فبقي على الوقت المقرر عشر دقائق، ونستأنف نكمل أحاديث الفرائض بعد الصلاة -إن شاء الله تعالى- ...

كتاب البيوع (23)

شرح: بلوغ المرام - كتاب البيوع (23) تابع: شرح باب الفرائض الشيخ: عبد الكريم بن عبد الله الخضير السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. يقول: نحن طلبة علم من ليبيا ويدرس في بلدنا الفقه المالكي، ولكن يأخذونه من غير أدلة، ويخالفون السنة إن خالفت المذهب، فهل تنصحوننا بطريقة معينة لدراسة الفقه؟ هذا موجود في سائر الأقطار التي تعتني بالمذاهب، فالحنفية يدرسون متون الحنفية من غير استدلال، والشافعية كذلك والحنابلة، لكن ينبغي أن يدرس الفقه على هذه الطريقة كمرحلة أولى، يكتفى فيها بتصوير المسائل، وتوضيحها على الطلاب، ثم بعد ذلك مرحلة ثانية ودراسة ثانية، أو عرضة ثانية للكتاب يستدل لهذه المسائل، يبحث عن أدلة لهذه المسائل، وبعد ذلك عرضة ثالثة ينظر من خالف ومن وافق المؤلف، ويوازن بين أدلة الجميع، ويرجح، هذه الطريقة المنهجية لدراسة الفقه. وهذا يسأل عن المنهجية في دراسة النحو؟ يقول: حفظت الأجرومية وأدرس الآن شرحها لمحيي الدين عبد الحميد، ماذا أدرس بعدها؟ نقول: ما دام حفظت الأجرومية فتدرس شرعها للكفراوي والعشماوي، ولكل واحدٍ منهما طريقة وميزة على الآخر، فيمتاز الكفراوي بإعراب كل شيء يرد في الكتاب، إعراب كل حرفٍ يرد في الكتاب، وما يتمه طالب العلم إلا وقد تولدت لديه ملكة إعراب تفيده، أما بالنسبة لشرح العشماوي ففيه قواعد وضوابط نافعة جداً في هذا الفن، قد لا توجد عند غيره، أما ما يدرس بعدها فالجادة عند أهل العلم أن الذي يلي الأجرومية القطر، قطر الندى في بلداننا، في بلادنا وما جاورها القطر، وهناك من يعنى بالملحة كبلاد اليمن، أو الكافية لابن الحاجب كما هي العناية في البلدان الأخرى، على كل حال الجادة أن يقرأ بعد الأجرومية قطر الندى مع شرحه لمؤلفه، ثم بعد ذلك الألفية لابن مالك. يقول: في الأذكار وقراءة القرآن سواء في الصلاة أو في غيرها؟ يقول: هل يجب تحريك اللسان والنطق معاً، أو تحريك اللسان بدون نطق، أو بدون نطق أو لسان يعني في القلب؟

لا بد من تحريك اللسان؛ لأنه إذا لم يتحرك اللسان لا يسمى كلام، ولا نطق، ولا قراءة، إنما هو تفكر، فعلى القارئ أن يحرك لسانه وشفتيه بما يقرأ، وإن أسمع نفسه، ولم يشوش على غيره فهو أكمل، على كل حال لا تسمى قراءة حتى يتحرك الفم واللسان. يقول: أنا رجل منّ الله عليّ بحضور حلق العلم منذ صغري، وقد نشأت على خير، وفتح الله عليّ من فضله بمجالسة أهل العلم والفضل، ولكن أجد أني لا أعمل بما أتعلم، وأعصي الله كل ما سنحت المعصية، وأخشى أن أكون من أول من تسعر بهم النار -نسأل الله السلامة والعافية- فهل خير لي أن أترك طلب العلم حتى لا أهلك نفسي؟ مع أني -والله يشهد- أحب العلم والعلماء والصالحين، وآتاني الله القدرة العقلية، لكن لم أرزق قلباً يخش الله تعالى، مع أني كثير البكاء على ذنوبي، رغم ذلك أعود إليها دائماً في كل خلوة؟ ترك العلم في مثل هذه الحالة ليس هو الحل الصحيح، وإنما الحل أن تجاهد نفسك بترك هذه المعاصي، تحرص أتم الحرص على أن لا تقارف معصية، وتعرف قدر من عصيت، وقدر العقوبة المرتبة على معصيتك، وحينئذٍ بالمجاهدة تتركها -إن شاء الله تعالى-. يقول: رجل عنده من الذكور أربع ومن الإناث خمس، بنى أربع شقق للذكور مساعدة في زواجهم، ويريد أن يبني شقتين على أساس أن تقسم بين بناته الأربع، والخامسة تعطى أموال من أخواتها أو إخوانها بعد الممات -يعني ممات الرجل- وذلك لحديث: ((اعدلوا بين أولادكم)) أراد أن يكون لكل ولدٍ وبنت نصيب ميراثي في هذا البيت، فهل لو اكتفى بالذكور دون الإناث مساعدة لزواجهم عليه إثم؟

مثل البنات إذا كنّ في رعايته فإسكانهن لازم له، لا بد أن يسكنهن، سواء كان عنده وهذا هو الأصل، أو في بيتٍ مستقل مع أمهن إذا لم تكن تحت عصمته مع مراقبته لهن وحياطتهن، والحرص عليهن، وأما من تزوج من الأولاد واحتاج إلى بيت يؤمن له سكن مع القدرة، على كل حال مثل هذا الولد إذا تزوج يحتاج إلى بيت وإلى سكن وحاجة أصلية، والبنت إذا لم تتزوج وسكنت مع والديها كفى ذلك، وإن تزوجت وسكنت مع زوجها فالأمر كذلك، وإن طالب البنات بأنك أسكنت الأولاد ولم تسكن فمؤونة البنات بعد الزواج انتقلت إلى أزواجهن، فسكناهن على الزوج {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم مِّن وُجْدِكُمْ} [(6) سورة الطلاق] فالسكن على الزوج وليس على الأب بعد الزواج. يقول: أليس زواج المسيار كزواج المتعة من حيث توقيت الزواج وعدم الاستقرار الأسري كما أنه يعطي انطباعاً في البلدان التي يحدث فيها مثل البلاد الأوروبية طباعاً سيئاً نحو المسلمين، حيث أن هذا الزواج لا يرضاه أحد لابنته في الواقع، حتى لو رضيت الفتاة، فهل رضاها لأنها مضطرة للمال يبيح ذلك؟ فالحرام حرام حتى إن رضيه الناس؟

أولاً: زواج المسيار لا علاقة له بزواج المتعة، الأقرب إلى زواج المتعة الزواج بنية الطلاق، لعلّ السائل اختلط عليه الأمر بين زواج المسيار الذي ينوى به الاستمرار، ولا يحدد واحد من الزوجين في نفسه مدةً تنتهي عنده، الذي يشبه نكاح المتعة هو الزواج بنية الطلاق، مع العلم بأنه إذا لم تكن المدة محددة معلومة بين الطرفين متفقاً عليها معقوداً عليها فإنه جائز عند جماهير أهل العلم، إذا كان في نفس الزوج فقط والزوجة ووليها لا يعلمان بذلك، لا يعلمان به لا قولاً ولا فعلاً، أما إذا علمت الزوجة بأنه يتزوجها لمدة شهر أو شهرين أو ثلاثة، أو مدة دراسته علمت بلسان مقاله، أو بلسان حاله بأن كانت هذه عادته أو عادة أمثاله ممن يأتي إلى هذا العمل، أو استفاض في هذا البلد أن أهل هذه الجهة إنما يتزوجون مدةً معينة ويطلقون، إذا عرفت ذلك فهو متعة، وأما إذا خفي عليها الأمر فهو جائز عند جماهير أهل العلم، أما بالنسبة لمثل هذا الزواج أعني زواج المسيار، وتنازل المرأة عن بعض حقوقها هذا أمر جبلي طبيعي، والمسألة مسألة عرض وطلب، وكوني لا أرضاه لابنتي لا يعني أن امرأة فاتها القطار -على ما يقولون- وتقدمت بها السن، وأرادت أن تغتنم الفرصة في بقية عمرها لإنجاب الأولاد أنه لا يرضى لها، يرضى لها، خير من جلوسها بدون زوج، مثل هذا خير لها من جلوسها بدون زوج، وإذا كان الرجل في حال ضغطه على المرأة لأنها تقدمت بها السن فالمرأة مثله، لو وجدت منه أدنى نقص ضغطت عليه، يعني لا يظن بأن هذا خاص بالرجل، المرأة لو تجد أدنى نقص عند الزوج ضغطت عليه، والمسألة مثلما قلنا: عرض وطلب، فالزوجان يتفقان على شروط معينة، ثم بعد ذلك يرى الزوج، تشترط الزوجة أنها تكمل الدراسة وتدرس بعد ذلك، فإذا دخل بها وأنجبت ولد قال لها: اتركي الدراسة والتدريس، قالت: هذا شرط، قال: تريدين الدراسة اذهبي لأهلك، والحل بيدك، ثم تنازلت عن الدراسة؛ لأنه متضرر بدراستها وتدريسها، المسألة مثلما قلنا: عرض وطلب، قبل أن تأتي بالولد يعني يمكن تضغط عليه، لكن إذا جاءت بالولد وانشغلت به عن الدراسة والتدريس فإذا تنازلت عن حقها لا أحد يلزمها ولا يجبرها عليه.

بعضهم يقول: إن هذا تنازل قبل العقد، وهي لا تملك التنازل قبل العقد، نقول: التنازلات إنما تكون قبل اللزوم، قبل العقد، يعني أنت لو ذهبت بسيارة في تقديرك أن قيمتها خمسون ألفاً، فلما ذهبت إلى سوق السيارات ما سيمت إلا أربعين، وتنازلت عن العشرة أحد يلومك؟ لأنك ما وجدت من يشتري، ولو كانت الحقيقة أنها تستحق خمسين ألف، وأنت محتاج إلى الأربعين، هل يقال: إنك في ظرف لا يصلح أن يضغط عليك وتتنازل؟ لا، المسألة مسألة عرض وطلب، وزيادة السلع ونقصها كله يتبع ذلك، وأمور الدنيا كلها مبنية على هذا التقدير، فكون من تجاوز بها السن تتنازل عن كثير من حقوقها هي لا تلام من جهة لتستدرك بقية عمرها، وهو أيضاً لا يلام إذا قال لها: أنا لا أريد إلا على هذا الأساس؛ لأنه بالشروط التامة، والحقوق الكاملة يجد خيراً منها. يقول: في إحدى القرى مسجد قديم وصغير، مبني من حجر، ثم بني في القرية مسجد جديد كبير بحيث يستوعب القرية كلها، فهل يجوز هدم المسجد القديم؟ المسجد كسائر الأوقاف إذا تعطلت منافعه ينقل إلى مكان بحيث يستفاد منه. يقول: وماذا عن أحجاره؟ أحجاره تنقل إلى مسجدٍ آخر يستفاد منه. التي بني بها هل يمكن إعطاؤها لاستعمالها في غير الوقف؟ إنما تستعمل في أقرب مصرف مشبه له. يقول: هل يكفي تعريف اللقطة بكتابة ورقة مطبوعة في المكان الذي وجدت فيه، أو على أبواب البقالات ويكتب عليها رقم الجوال؟ هذا نوع من أنواع التعريف، ولو أعلن أيضاً في وسائل الإعلام أن عنده لقطة وجدها، فمن فقدها فليأته، أو ليتصل عليه، فلا شك أن هذا من أنواع التعريف. سم. بسم الله الرحمن الرحيم. وعن عمران بن حصين -رضي الله تعالى عنه- قال: جاء رجل إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: إن ابني مات، فما لي من ميراثه؟ فقال: ((لك السدس)) فلما ولى دعاه فقال: ((لك سدس آخر)) فلما ولى دعاه فقال: ((إن السدس الآخر طعمة)) رواه أحمد والأربعة، وصححه الترمذي، وهو من رواية الحسن البصري عن عمران، وقيل: إنه لم يسمع منه. الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

"وعن عمران بن حصين -رضي الله تعالى عنهما-" عندك -رضي الله عنهما-؟ طالب: لا. عنه؟ طالب: نعم. إيه حصين ما أدري هل هو مسلم وإلا لا؟ على كل حال عمران بن حصين أبو نجيد صحابي معروف مشهور، مرض في آخر عمره، وفي أثناء مرضه كانت الملائكة تسلم عليه عياناً، فاكتوى فانقطع التسليم، ثم ندم وعاد التسليم، سأل النبي -عليه الصلاة والسلام- عن الصلاة فقال: ((صل قائماً، فإن لم تستطع فقاعداً، فإن لم تستطع فعلى جنب)) المقصود أنه صحابي مشهور معروف. "قال: جاء رجل إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: إن ابني مات" أولاً: هذا الحديث من رواية الحسن عن عمران، والمرجح عند أبي حاتم أن الحسن لم يسمع من عمران، فهل هذا الخبر منقطع؟ وهو مضعف عند جمع من أهل العلم، لكن لو قدر ثبوته، هذا الرجل جاء إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- إن صح الخبر "فقال: إن ابني مات، فما لي من ميراثه؟ فقال: ((لك السدس)) فلما ولى دعاه قال: ((لك سدس آخر)) فلما ولى دعاه فقال: ((إن السدس الآخر طعمة)) " يعني السدس الأول فرض، والثاني طعمه تعصيب، والمسألة مفترضة في رجل توفي عن بنتين، وهذا الأب، فالبنتان لهما الثلثان، والأب له السدس بالفرض، والسدس الثاني تعصيب، ولم يجمعهما، يجمع السدين ليكون ثلثاً؛ لئلا يظن أن نصيب الأب مع البنات الثلث، وفرق بينهما، فإذا صح الخبر وإلا فالخبر فيه كلام لأهل العلم، ومضعف بالانقطاع. "رواه أحمد والأربعة، وصححه الترمذي" ومعلوم أن الترمذي يصحح مع مثل هذا الانقطاع؛ لتساهله في مثل هذا الأمر، وعلى كل حال إن صح الخبر هذا مفاده، ومعناه صحيح، يعني ما يخالف حديثاً آخر، ولو وجد قضية بهذه الصورة أنه توفي أو هلك هالك عن بنتين وأب هذه قسمته، الوالد -الأب والأم- مع الفرع الوارث له السدس، وإذا بقي من البقية بعد، أو بقي من التركة بعد استيفاء الفروض يأخذ الباقي تعصيباً، فله الثلث بالفرض والتعصيب. وعن ابن بريدة عن أبيه -رضي الله تعالى عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- جعل للجدة السدس إذا لم يكن دونها أم. رواه أبو داود والنسائي، وصححه ابن خزيمة وابن الجارود، وقواه ابن عدي. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

"وعن ابن بريدة عن أبيه -رضي الله تعالى عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- جعل للجدة السدس إذا لم يكن دونها أم" لأن الجدة إنما تدلي بالأم، وإرثها مشروط بعدم وجود الأم، سواء كانت من قبلها، أو من قبل الأب، فالجدة لا ترث مع وجود الأم، فإذا عدمت الأم كان للجدة السدس. يقول: "رواه أبو داود والنسائي، وصححه ابن خزيمة وابن الجارود، وقواه ابن عدي" لكن في إسناده عبيد الله العتكي، مختلف فيه، ووثقه أبو حاتم، وقال ابن عدي: لا بأس به، قواه ابن عدي أي قال في راويه: لا بأس به، والراوي الذي يقال فيه: لا بأس به لا يصل إلى درجة الصحيح؛ لأن هذه وإن كانت من ألفاظ التعديل إلا أنها متوسطة، فالحديث على هذا حسن، وأبو حاتم إذا وثق الراوي وقد وثق هذا لا شك أنه يعظ على توثيقه بالنواجذ؛ لأنه متشدد فأئمة الحديث كثير منهم قال: صدوق، ما قال: ثقة؛ لأنه متشدد -رحمه الله-، ومع ذلك وثق هذا الراوي، والمرجح في أمره أنه متوسط الحال؛ لأنه مقدوح فيه من قبل أهل العلم، وقيل فيه: ثقة، وقيل فيه: لا بأس به، فالتوثيق في مقابل القدح، إن توسطنا في أمره أعطيناه المرتبة الوسطى، قلنا: أن الحديث حسن، فإذا توسطنا في الراوي توسطنا في المروي، وإذا كان ما يستحقه الراوي المرتبة الوسطى من مراتب التعديل فإنه يستحق المرتبة الوسطى من درجات الحديث، وحينئذٍ فالمتجه أنه حسن، فعلى هذا الجدة لها السدس، فإذا توفي عن بنت وجدة وأخ للبنت النصف، هاه؟ طالب:. . . . . . . . . بنت وجدة وأخ. طالب:. . . . . . . . . أيوه؟ من هو؟ طالب:. . . . . . . . . ما في ابن، بنت وجدة وأخ. طالب:. . . . . . . . . من هم؟ طالب:. . . . . . . . . أخ أخ، إيش معنى أخ؟ إذا قالوا: أخ فهو للميت، ما هو للوارثة، ما هو أخ للبنت أخو لأبيها، البنت النصف والجدة السدس، والباقي للأخ، نعم. وعن المقدام بن يعد يكرب -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((الخال وارث من لا وارث له)) أخرجه أحمد والأربعة سوى الترمذي، وحسنه أبو زرعة الرازي، وصححه الحاكم وابن حبان.

وعن أبي أمامة بن سهل -رضي الله تعالى عنه- قال: كتب معي عمر إلى أبي عبيدة -رضي الله تعالى عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((الله ورسوله مولى من لا مولى له، والخال وارث من لا وارث له)) رواه أحمد والأربعة سوى أبي داود، وحسنه الترمذي، وصححه ابن حبان. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "وعن المقدام بن يعد يكرب -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((الخال وارث من لا وارث له)) " فإذا هلك هالك وليس له من يرثه من أصحاب الفروض المقدرة ولا التعصيب إذا انتفى أصحاب الفروض والعصبة، ووجد ذوو الأرحام الذين منهم الخال، حينئذٍ يرث الخال، وقد قال بهذا جمع من أهل العلم {وَأُوْلُواْ الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللهِ} [(75) سورة الأنفال] وهذا الحديث جيد، وفيه توريث الخال عند عدم من يرث الميت من أصحاب الفروض المقدرة والعصبة، وعند الشافعية أن الإرث في مثل هذه الحالة لبيت المال، ولا يرث ذوو الأرحام، وإنما الإرث لبيت المال، ويشترطون في إرث بيت المال أن يكون منتظماً، إيش معنى منتظماً؟ يعني منتظم على مقتضى الشرع، تكون موارده شرعية ومصارفه شرعية، مع أن كثيراً منهم من أزمانٍ متباعدة يقول: وقد أيسنا من انتظامه، بمعنى أنه لا يرد إليه إلا مالاً حلال، ولا يصرف المال الذي فيه إلا في وجهته الشرعية، فمثل هذا إذا توفي شخص وليس له وارث من أصحاب الفروض ولا العصبة على القول بتوريث ذوو الأرحام إذا وجد منهم ورث، يورّث، وكيفية توريثهم أنهم يرثون بقدر ما يرث من يدلون به، وأما على القول الثاني: وأن ذوو الأرحام لا يرثون، وأن الإرث لا يكون إلا بنصٍ ملزم، فإن المال يودع حينئذٍ في بيت المال.

والإرث إنما يكون بعد تصفية المال وتخليصه من الواجبات الأخرى، من مؤونة تجهيز الميت، وهذا أول ما يبدأ به، مؤونة التجهيز، وبعد ذلك الديون المتعلقة بعين التركة، كالدين الذي برهن، والديون المرسلة المطلقة التي لا رهن فيها بعد ذلك، ثم بعد ذلك الوصايا، وأخيراً الإرث، إذا أخرجنا من هذا المال مؤونة التجهيز، وغسل وكفن من ماله، وأخرجنا دينه المتعلق بعين التركة؛ لأن به رهن، وسددنا ديونه المرسلة المطلقة التي لا رهن فيها، ونفذنا الوصية فما بقي فعند من يقول: بتوريث ذوي الأرحام لا شك أنه يصرف المال له، والذي لا يرى ذلك وأنه لا يوجد دليل ملزم، والإرث حكم شرعي يحتاج إلى نص ملزم الذين يقولون بعدم توريثهم يودع لبيت المال، ويصرف في المصارف العامة تحت نظر ولي الأمر، لكن من الأولى بمال الميت؟ هل أقاربه كخاله وعمته وولد بنته أولى به أو بيت المال؟ أقاربه لا شك أنهم أولى به من بيت المال، ولا سيما أن حديث الباب صحيح ((الخال وارث من لا وارث له)) أخرجه أحمد والأربعة سوى الترمذي، وحسنه أبو زرعة الرازي، أبو زرعة حسنه، فجعله في المرتبة المتوسطة بين الصحيح والضعيف، وصححه ابن حبان والحاكم، وأقل أحواله أن يكون حسناً، مع أن تصحيحه متجه.

بعد هذا حديث "أبي إمامة بن سهل -رضي الله تعالى عنه- قال: كتب معي عمر إلى أبي عبيدة -رضي الله تعالى عنهم أو عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((الله ورسوله مولى من لا مولى له، والخال وارث من لا وارث له)) رواه أحمد والأربعة سوى أبي داود، وحسنه الترمذي، وصححه ابن حبان". وهذا الحديث شاهد للذي قبله في توريث الخال، وتوريث ذوي الأرحام، فكونه -عليه الصلاة والسلام- مولى من لا مولى له هل يقتضي ذلك أن يرث الرسول -عليه الصلاة والسلام- من لا وارث له، ويقوم مقامه ولي الأمر ممن يقوم بأمور المسلمين، ويصرف شؤونهم؟ وهذا يعبر فيه عن بيت المال، وقد أخرج أبو داود وصحح ابن حبان حديث: ((أنا وارث من لا وارث له، أعقل عنه وأرثه)) وكان النبي -عليه الصلاة والسلام- لا يصلي على من في ذمته دين، لما فتح الله عليه صار يسدد الديون ((فمن ترك من مالٍ فلورثته، وما كان من دينٍ فعليّ)) والغنم مع الغرم، وما دام ولي الأمر ملزم بتسديد ديون من يموت وعليه دين فكذلك هذا الغرم فالغنم أن يكون الإرث له، يعني لبيت المال، ما دام التسديد من بيت المال فالإرث لبيت المال، هذا ما يدل عليه الحديث، لكن ((والخال وارث من لا وارث له)) فتحمل الجملة الأولى على أن بيت المال ((الله ورسوله مولى من لا مولى له))، ((أنا وارث من لا وارث له))، تحمل على حالة ما إذا عدم أصحاب الفروض والعصبة وذوو الأرحام، أما إذا وجد منهم أحد فإنه يرث من مات من أقربائه، ولذلك قال بعد ذلك: ((والخال وارث من لا وارث له)) لأنه قد يقول قائل: كيف يكون هذا التعارض؟ يفهم منه أن هذا التعارض ما دام أن المال يودع في بيت المال والخال وارث من لا وارث له يكون جمعنا بين القولين المتنافيين، القول بأن ذوو الأرحام يرثون، والقول بأنهم لا يرثون، نقول: بيت المال يرث في حال ما إذا عدم الورثة من أصحاب الفروض والعصبات وذوي الأرحام، أما مع وجود أي نوع من هؤلاء فإنه لا يرث ولا يودع فيه أموال هذا الميت؛ لأنه وجد من يستحقه شرعاً من أصحاب الفروض أو العصبات أو ذوي الأرحام، ولذلك جمع بين الأمرين معاً في هذا الحديث ((الله ورسوله مولى من لا مولى له)) مقتضى هذه أنه يرثه، ويعقل

عنه، ويؤدي عنه ديونه، ومع ذلك تكون أمواله إذا مات ولا يوجد من ورثته أحد تكون له، والحديث شاهد للحديث الذي قبله في إرث الخال، نعم. وعن جابر -رضي الله تعالى عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إذا استهل المولود ورث)) رواه أبو داود، وصححه ابن حبان. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

"وعن جابر -رضي الله تعالى عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إذا استهل المولود ورث)) " أو ورّث، إذا استهل الاستهلال معروف أنه رفع الصوت عند رؤية الهلال، ولذلك سمي الهلال هلالاً لأن الناس يرفعون أصواتهم عند رؤيته من الاستهلال، والاستهلال هنا المراد به البكاء، سواء كان برفع صوتٍ أو دونه، والغالب أنه مع رفع الصوت، البكاء بعد الولادة مباشرة، أو ما يقوم مقامه مما يدل على حياة المولود حياةً مستقرة، لا بد من أن يكون حياً مولوداً حياةً مستقرة، أما إذا تحرك بحركةٍ كحركة الميت أو حركة المذبوح، أو ما أشبه ذلك فإن هذا لا يكفي، فلو صرخ استهل أو بكى أو عطس أو كح أو فعل فعلاً يفعله الأحياء فإنه حينئذٍ يرث؛ لأنه ولد حياً له الحقوق كاملة تترتب عليه جميع الأحكام المترتبة على حياة المسلم، فإذا استهل ومباشرة اعتدي عليه تلزمه الدية وإلا ما تلزم؟ استهل صارخاً، واستقرت حياته ثم بعد ذلك اعتدي عليه؟ استهل صارخاً، ووضع في العناية تحت الأجهزة، ثم تصرف متصرف وشال الأجهزة ومات، ما الحكم؟ يعني اجتهد وقال: هذا طفل ما يسوى من يرعاه ساعة أو ساعتين، وصحته رديئة بعد، وفيه عاهات، وهذه الأجهزة تحتاج إلى طفل سوي، يحتاج إليها طفل سوي، فرفع الأجهزة بهذه الصورة، الصورة الثانية أن يذهب في طريقه وهذا الطفل على الأجهزة ثم ينفصل الكهرباء بسببه، يضرب السلك برجله وإلا بيده وإلا بشيء وينفصل، يضمن وإلا ما يضمن؟ الأول عمد؟ يقاد به؟ أما الثاني كونه خطأ خطأ ما فيه إشكال، والثاني عمد وإلا شبه عمد؟ شبه عمد؛ لأن مثل هذا يقتل أو لا يقتل؟ إذا كان الاحتمال قائم في كونه يقتل أو لا يقتل ما يدخل في العمد، إنما في شبه العمد، على كل حال مثل هذا تترتب عليه الآثار والأحكام، والشرع حينما أوجب القصاص والدية والكفارة والقتل إنما هو تشريع عام للكبار والصغار، العلماء والعامة الحكام والمحكومين الحكم واحد، فإن الشرع متساوي الأقدام بالنسبة للمسلمين، ولذلك ما تجد شخص عليه من الصلوات خمس ركعات وعلى غيره أربع أو العكس، ولا تجد شخص فطرته صاع ونصف أو صاعين وغيره صاع، لا، نعم يوجد من الناس من هو كالألف.

والناس ألف منهم كواحدِ ... وواحد كالألف إن أمر عنا

يوجد هذا، لكن هل معنى هذا أن الأحكام تغير من أجله؟ يقال: هذا ما دام عالم والناس بحاجته يدفع عنه أكثر من دية، أو تكون ديته بدل ما الدية مائة وعشرين تصير مائة وخمسين مثلاً؟ لا أبداً، الأحكام الشرعية عامة للناس كلهم ومطردة، ويستوي في ذلك الصغير والكبير، العالم وغيره، هذا المولود قبل أن يولد له أطوار، وله أحكام ولأمه أحكام، أمه تثبت أحكامها بتبين خلق الإنسان، إذا تبين فيه خلق الإنسان وسقط فإن أحكام الأم تثبت فتكون نفساء، وأما أحكامه لا تثبت حتى ينفخ فيه الروح، إذا نفخت فيه الروح وسقط فإنه يغسل ويكفن، ويصلى عليه، لكن لو اعتدي عليه قبل الولادة وهو حمل فإنه لا تثبت له أحكام من هو خارج الرحم، سواء كان كبيراً أو صغيراً، وإنما ديته غرة عبد أو أمة، وتقدر بعشر دية أمه، هذا قبل أن ينفصل عنها حياً مستقراً، حياته مستقرة، فإن انفصل عنها حياً حياة مستقرة ثبتت أحكام غيره له من كبارٍ وصغار، والناس يتساهلون في الصغار لا سيما إذا تقدم ذلك مخالفة شرعية، يتساهلون بالإجهاض، وقتل وهو وأد لنفسٍ كتبها الله -جل وعلا-، امرأة تسأل ماذا عليها تقول: إن جيرانهم عندهم بنت وهي تزورهم فقدت هذه البنت سألت أمها عنها قالت: إنها مريضة، جاءت مرة ثانية قالت: كذلك، مريضة، مرة ثالثة قالت: زائرة، خرجت من البيت، أخيراً ما عاد تستطيع أن تعتذر أكثر من هذا، فقالت لها: المسألة كذا وكذا وكذا، وقعت منها هفوة وحملت، والآن ولدت طفل، ولا نستطيع .. ، عار علينا ولا نستطيع أن نتصرف، قالت هذه المرأة الزائرة: الأمر سهل، ودخلت على البنت وبجانبها الولد فوضعت يدها على فمه فمات، انتهى الإشكال، هذا عندها، لكن أينها من نصوص قتل النفس؟ هذا قتل نفس، هذا مؤمن {وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ} [(93) سورة النساء] نسأل الله السلامة والعافية، فيتساهلون في مثل هؤلاء الأطفال وأحكامهم كأحكام الكبار، فالمسألة في غاية الشناعة، وباعت دينها من أجل غيرها، يعني لو أن الأمر يهمها مثلاً، هي أم البنت مثلاً مع أن الحكم واحد، التحريم ثابت، والأمر شديد، لكن قد يلتمس لها عذر؛ لأن بعض الأعمال وهي محرمة يصير للفاعل وجه، وإن لم

يعذر به شرعاً، لكن بعض الناس ما له وجه أن يتدخل في مثل هذه الأمور، يعني كبيرة من كبائر الذنوب، وموبقة من الموبقات، ومع ذلك لا علاقة لها بالموضوع، ويبقى أنها لو فعلته الأم الأمر كذلك، لكن عند الناس وإن كان الحكم الشرعي واحد، يعني العار يلحقها، فإذا استهل المولود ثبتت أحكامه، ومن قتله متعمداً يقتل به، فصارت الأحكام تامة، فطرته مثل فطرة الخمسين والستين لا فرق، فطرته كفطرة أعلم الناس وهكذا. فالأحكام الشرعية إذا جاءت جاءت عامة تعم الناس كلهم، ولو كان لكل واحد ولكل فرد ما يناسبه من هذه الأحكام وهي متفاوتة لما أمكن ضبطها؛ لأننا تتشعب وتتفرع إلى صور لا يمكن حصرها، إذا قلنا: إن كل إنسان يقدر بقدره، يعني الأموال يمكن تقديرها، أتلف مال يقدر سهل، أتلف مال ثاني يقدر بقدره ما يقال: إن قيمة هذا مثل قيمة هذا، لكن بالنسبة للأحكام المتعلقة، الأحكام العامة المتعلقة ببني آدم لا شك أنها تحتاج إلى ضابطٍ يضبطها، والتفاصيل بالنسبة لما حدد شرعاً لا مجال للاجتهاد فيه، قد يقول قائل: إنه يسمع أحياناً أنه يطلب دية خمس ديات عشر ديات من أجل قتل واحد، الدية معروفة أن الأصل فيها القتل الخطأ وشبه العمد، وأما بالنسبة لقتل العمد فإن ولي الدم مخير بين القود وهو أن يقتل القاتل، أو الدية، لكن إذا أصر إلا على القود ما أرد الدية، وحاولوا أن يغروه بالمال من أجل أن يتنازل إلى الدية فهذا لا يدخل في التشريع العام لأنواع القتل، هذا لا يدخل في هذا، بل هذه مساومة من أجل التنازل عن الأعظم إلى الأخف. وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((ليس للقاتل من الميراث شيء)) رواه النسائي والدارقطني، وقواه ابن عبد البر، وأعله النسائي، والصواب وقفه على عمرو. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده -رضي الله تعالى عنهم- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((ليس للقاتل من الميراث شيء)) " والقتل من موانع الإرث. ويمنع الشخص من الميراثِ ... واحدة من علل ثلاثِ رق وقتل واختلاف دينِ ... . . . . . . . . .

وضابط القتل: ما أوجب قوداً أو ديةً أو كفارة يسمى قتل، سواء كان عن عمد أو شبه عمد أو خطأ، كل هذا يدخل في القتل المانع من التوارث، من الميراث، العمد واضح يعني إذا قتل أباه يعاقب بأن يحرم من ميراثه، لكن إذا أحسن إلى على أبيه وحمله بسيارته وذهب به إلى حجٍ أو عمرة أو ما أشبه ذلك ثم حصل حادث أو شيء فمات الأب، هذا قتل خطأ، ومثلما قلنا في ميراث المخالف في الدين، ميراث المسلم من الكافر، قلنا: إن شخص كافر توفي عن عشرة من الذكور تسعة كفار وواحد مسلم، نورث الكفار، ولا نورث المسلم للاختلاف في الدين، ولا شك أن هذا قد يقع في نفس المسلم ما يقع بسببه، لكن يقال للمسلم: أنت بيدك رأس المال، رأس المال كله وهو الدين، الدين رأس المال، فلا يضيرك ما ذهب عليك من أمور الدنيا، وعليك أن ترضى وتسلم؛ لقوله -عليه الصلاة والسلام-: ((لا يرث المسلم الكافر، ولا الكافر المسلم)) وهنا إذا تصور أنه لهذا الرجل عشرة أولاد، وأراد عمرة فعرض على الأول قال له: والله عندي مشغول، وعندي وظيفتي، ولا عندي إجازة، ولا عندي شيء، عرض للثاني قال: والله أنا أولادي يحتاجون إلى مستشفى، يحتاجون إلى رعاية، وعرض على الثالث قال: لا والله ما أنا رايح، أنا ما أنا فاضي، والرابع والخامس والتاسع ثم العاشر قال: أبشر؛ لأنه متدين، والباقي مسلمون، لكنهم أقل في التدين، متدين وبار هذا العاشر، مشوا إلى مكة وحصل حادث في الطريق فمات الأب، قرر أهل العلم أن هذا قتل خطأ وحينئذٍ لا يرث كل التسعة الذين رفضوا أن يذهبوا به إلى العمرة هؤلاء يرثون، والعاشر هذا البار لا يرث، والأئمة كلهم على هذا إلا مالك، مالك يقول: لا يرث من ديته ويرث من تلاد ماله، في مثل هذه الصورة، في قتل الخطأ، وقول مالك لا شك أنه من الناحية النظرية له وجه، لا سيما في الصورة التي صورناها، يعني من ناحية النظر له وجه، لكن هنا: ((ليس للقاتل من الميراث شيء)) والقتل الخطأ قتل {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلاَّ خَطَئًا} [(92) سورة النساء] فهو قتل على كل حال، فهو داخل في القاتل هنا، وليس له من الإرث شيء، ولا شك أنه يرد على المحاكم من هذه القضايا نظائر لهذه المسألة، ويتحرج

القضاة إذا رأوا هذا الشاب الصالح الذي أراد البر بوالده، ثم بعد ذلك يرث جميع إخوته، وقد تكون الأموال طائلة وكثيرة، ويحرم منه هذا الرجل الصالح كما حرم المسلم من بين إخوته الكفار، لكن على المسلم أن يرضى ويسلم، وليس له خيرة {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ} [(36) سورة الأحزاب] ما دام هذا حكم الشرع ليس لأحدٍ أن يعترض، نعم القاضي إذا كان أهل للاجتهاد، ونظر في أقوال أهل العلم، وترجح له قول منها يعمل باجتهاده. يقول: " ((ليس للقاتل من الميراث شيء)) رواه النسائي والدارقطني" وقواه ابن عبد البر، وصححه الألباني -رحم الله الجميع- "وقواه ابن عبد البر، وأعله النسائي، والصواب وقفه على عمرو" كذا؟ طالب: نعم رعاك الله. يجي وقفه على عمرو؟! حتى عمر وش عمر؟ وين عمر؟ يمكن أن يوقف الخبر على عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده؟ نقول: موقوف على عمرو؟ أو على ابن عمرو؟ والصواب وقفه على ابن عمرو؟ لأنه من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص هو الجد، عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، عمرو بن شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص عن أبيه عن جده، وجاء التصريح بأن الجد هو عبد الله بن عمرو، فيكون الوقف على عبد الله بن عمرو، وهذا محمول على اجتهاده، عند من نقول: الصواب وقفه، وعلى كل حال عامة أهل العلم على حرمان القاتل من الإرث سواء كان القتل عمداً أو خطأً، وعرفنا أن مالك -رحمه الله- لا يورثه من الدية، ويورثه من بقية المال، في قتل الخطأ، نعم. وعن عمر بن الخطاب -رضي الله تعالى عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((ما أحرز الوالد أو الولد فهو لعصبته من كان)) رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه، وصححه ابن المديني وابن عبد البر. يقول المؤلف -رحمه الله-:

"وعن عمر بن الخطاب -رضي الله تعالى عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((ما أحرز الوالد أو الولد فهو لعصبته من كان)) " يعني استحقه ما استحقه الوالد أو الولد فهو كسائر أمواله، ما يستحقه فهو كسائر أمواله لعصبته، بل لورثته كسائر أمواله، فإذا استحق مالاً ولم يستوفَ هذا المال حتى مات فإنه يضم إلى التركة، وهناك مستحقات استحقها هذا الولد أو الوالد ثم مات وقسمتها هل تقسم على أنها ميراث فتقسم على الطريقة الشرعية لقسمة المواريث للذكر مثل حظ الأنثيين، وأصحاب الفروض يعني كماله الأصلي؟ وهذا مثل التقاعد مثلاً، أو العادة التي تصرف لبعض الناس من بيت المال في حياته وبعد مماته، في حديث عمر -رضي الله تعالى عنه- قال: سمعت رسول الله صلى الله وسلم يقول: ((ما أحرز الوالد أو الولد فهو لعصبته من كان)) وهذا الحديث مختلف في تصحيحه، وهل يبلغ درجة الصحة؟ لكن صححه علي بن المديني وابن عبد البر فيما نقله ابن القيم في تهذيب السنن، وعلى كل حال هو لا ينزل عن درجة القبول، والمراد بالإحراز إحراز الولد أو الوالد الاستحقاق، وكونه لعصبته هل ينفي أن يكون لورثته أصحاب الفروض؟ لا ينفي ذلك؛ لأن كونه للعصبة يدل من باب الأولى على إرث أصحاب الفروض؛ لأنهم يقدمون على العصبة، ولا نصب للعصبة في الميراث إلا بعد أن تستغرق الفروض، فنصيب العصبة إنما هو فيما تبقيه الفروض، فعلى هذا لو كان استحقاق هذا الميت ابناً كان أو أباً تسبب فيه في حياته، شخص صُرف له من بيت المال مبلغ يستمر في حياته وبعد وفاته، استحق هذا المبلغ بسببه، بسببٍ منه، وليكن هذا المبلغ مقتطعاً من رواتبه كالتقاعد مثلاً، فهل يقتسم مثل هذا على قسمة الميراث؟ أو أنه يقسم على نظر ولي الأمر الذي لا يجعله كالميراث، ويخص به بعض الورثة دون بعض؟ فإن كان هذا المال الذي يصرف هو بقدر ما يؤخذ من رواتبه أثناء عمله فلا شك أنه ميراث، إذا كان بقدره، وإن كان أكثر والزائد من بيت المال من ولي الأمر فما أخذ من رواتبه لا شك أنه حكمه حكم الميراث، والقدر الزائد على ذلك لولي الأمر أن يتصرف فيه فيعطيه من شاء، لكن هناك أنظمة تجعل هذا التقاعد لبعض الورثة دون بعض، فمن كان

موظفاً أو بنت متزوجة أو تزوجت الزوجة كل هؤلاء يحرمون من هذا، على كل حال هذا ليس محل البحث، هذه المسألة التي هي لا شك أنها مسألة تحتاج إلى إعادة نظر من أهل العلم، بحاجة إلى تحرير، وأن يحكمون فيها باجتهادهم لا بالأنظمة، ومنهم من يرى أن هذا النظام شرعي، وأنه لو كان مقاصة بين ولي الأمر وبين الموظف لصار ربا؛ لأن ولي الأمر يأخذ ويعطي، قد يكون أقل أو أكثر، وهذا أيضاً ربا، لكنه إرفاق بين ولي الأمر وبين الموظف، يقتطع بنسبة 9% وفي النهاية يعاد إلى الموظف بنسبةٍ قد تكون أكثر مما أخذ منه، قد تكون الغالب أنها أكثر، المقصود أنه هذه تحتاج إلى عناية، وبعض الناس حينما يتقاعد يصرف له مبلغ كبير جداً يسمى معاش التقاعد، قد يكون عشرين ألف، ثلاثين ألف، ثم بعد ذلك يكبر الأولاد كلما كبر واحد سقط نصيبه، كلما تزوجت بنت سقط نصيبها، إلى أن يصل الأمر إلى ألف وخمسمائة ريال، فلا بد من دراسة هذا الأمر دراسة جادة على وقف النصوص والقواعد الشرعية، وعلى كل حال يشمله مثل هذا الحديث: ((ما أحرز الوالد أو الولد فهو لعصبته من كان)). وعن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((الولاء لحمة كلحمة النسب لا يباع ولا يوهب)). الولاء: لحمة كلحمة يعني لا يمكن الانفكاك منه، ملتحم وملتصق بالشخص نفسه، بحيث لا يستطيع أن يتصرف فيه ((لا يباع ولا يوهب)) رواه الحاكم من طريق الشافعي عن محمد بن حسن عن أبي يوسف، وصححه ابن حبان، وأعله البيهقي. وعلى كل حال هذا الخبر ضعيف، وللعلماء كلام طويل في طرقه وصحته وعدمها، فلا يباع ولا يوهب، ولا يورث. سم. وعن أبي قلابة عن أنس -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أفرضكم زيد بن ثابت)) أخرجه أحمد والأربعة سوى أبي داود، وصحه الترمذي وابن حبان والحاكم، وأعله بالإرسال. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

"وعن أبي قلابة" عبد الله بن زيد الجرمي "عن أنس" وقد ثبت سماعه من أنس -رضي الله تعالى عنه- أحاديث مع أن من أهل العلم من يقول: إنه لم يسمع منه هذا الحديث بخصوصه، ولذا أعل بالإرسال، وضعفه جمع من أهل العلم، ومقتضاه في قول الرسول الله -عليه الصلاة والسلام-: ((أفرضكم زيد)) وهذه الجملة قطعة من حديث تضمّن سبع جمل، كل جملة مزيّة لواحدٍ من الصحابة، فأقرؤكم أبي، وأفرضكم زيد، وأعلمكم بالحلال والحرام وكذا وكذا .. إلى آخر السبعة، والحديث مضعف عند أهل العلم، وفي مقدمة الرحبية يقول الناظم: أفرضكم زيد وناهيك بها ... . . . . . . . . . اعتماداً على هذا الخبر، والمؤلف أدخل هذا الخبر في هذا الباب وإن كان ليس فيه بيان لمسألة أو حكم شرعي يتعلق بالفرائض، وإنما فيه منقبة لزيد بن ثابت -رضي الله تعالى عنه-، يستفاد من مثل هذا الترجيح عند التعارض، فلو أن ابن مسعود حكم في مسألة فرضية، وحكم فيها زيد بن ثابت في حكم مخالف لما قاله ابن مسعود قلنا: المقدم زيد؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- شهد له بأنه أعلم الصحابة بالفرائض، هذا لو صح الخبر، وعلى كل حال إدخاله في هذا الباب من هذه الحيثية، وقد اعتمد الشافعي على أقواله تبعاً لهذا الخبر، والله أعلم. وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

كتاب البيوع (24)

شرح: بلوغ المرام - كتاب البيوع (24) باب: الوصايا الشيخ: عبد الكريم بن عبد الله الخضير السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فقد أشار الشيخ -حفظه الله- إلى أننا متأخرون في شرح الكتاب، وأن المدة المقررة لإكماله قد قربت، وعلى هذا سوف يجمل الشرح إجمالاً لا يخل بمقاصد الفوائد -إن شاء الله تعالى-، ومع ذلك سوف تكون سمة الدروس الحزم -إن شاء الله تعالى-، يعني مسألة المداخلات ومسألة استشارة الطلاب في بعض المسائل يعني سوف تقل -إن شاء الله تعالى- من أجل أن ننهي الكتاب، والكتاب الآن يقرب من إكمال السنة الرابعة، الطول هذا ممل لجميع الأطراف، وهو أيضاً يعوق عن تحصيل بعض الكتب الأخرى الثانية التي تلي هذا الكتاب -إن شاء الله تعالى- إن كان في العمر بقية، والله المستعان، وعلى هذا سوف يكون الشرح فيه شيء من الاختصار مع الحزم -إن شاء الله تعالى-، وإن كان بعض الإخوان من المشايخ يقولون: إنك لن تستطيع أن تحزم لأنك عودت الطلاب على هذا، وأنت عودت نفسك على هذا، لكن المقصود أن التسديد والمقاربة سيحصل -إن شاء الله تعالى-. سم. بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. قال الحافظ ابن حجر العسقلاني -رحمه الله تعالى- في كتابه بلوغ المرام: باب: الوصايا عن ابن عمر -رضي الله تعالى عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((ما حق امرئ مسلم له شيء يريد أن يوصي فيه يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده)) متفق عليه. وعن سعد بن أبي وقاص -رضي الله تعالى عنه- قال: قلت: يا رسول الله أنا ذو مال، ولا يرثني إلا ابنة لي واحدة، أفأتصدق بثلثي مالي؟ قال: ((لا)) قلت: أفأتصدق بشطره؟ قال: ((لا)) قلت: أفأتصدق بثلثه؟ قال: ((الثلث والثلث كثير، إنك إن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس)) متفق عليه.

وعن عائشة -رضي الله تعالى عنها- أن رجلاً أتى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله إن أمي افتلتت نفسها ولم توصِ، وأظنها لو تكلمت تصدقت أفلها أجر إن تصدقت عنها؟ قال: ((نعم)) متفق عليه، واللفظ لمسلم. وعن أبي أمامة الباهلي -رضي الله تعالى عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((إن الله قد أعطى كل ذي حقٍ حقه فلا وصية لوارث)) رواه أحمد والأربعة إلا النسائي، وحسنه أحمد والترمذي، وقواه ابن خزيمة وابن الجارود، ورواه الدارقطني من حديث ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما-، وزاد في آخره: ((إلا أن يشاء الورثة)) وإسناده حسن. وعن معاذ بن جبل -رضي الله تعالى عنه- قال: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((إن الله تصدق عليكم بثلث أموالكم عند وفاتكم زيادة في حسناتكم)) رواه الدارقطني، وأخرجه أحمد والبزار من حديث أبي الدرداء -رضي الله تعالى عنه-، وابن ماجه من حديث أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه-، وكلها ضعيفة، لكن قد يقوي بعضها بعضاً، والله أعلم. الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: باب: الوصايا

الوصايا: جمع وصية كهدايا وعطايا وضحايا وبرايا جمع عطية وهدية وضحية وبرية، وهي ما يعهد به الإنسان من ماله بعد موته، وإن كانت الوصية في الأصل تشمل جميع ما يوصى به، سواء كان مالاً أو يؤول إلى مال، أو غير ذلك بأن يعهد ويوصي بأولاده من بعده مثلاً في تربيتهم، وقد كان العلماء في السابق يعهدون بأولادهم ويوصون بهم إلى من يثقون بعلمه ودينه وأمانته لتربيتهم من بعده، فتجدون في كثير من التراجم لكثير من أهل العلم أنه ربّاه فلان، وهو غير قريب له، وإنما هو من أهل العلم أوصاه أبوه به، ولا شك أن مثل هذا يسمى وصية، لكن ليست لها الأحكام التي ذكرها أهل العلم في هذا الباب، فالوصية أعم إلا أن ما يدرس في كتب أهل العلم إنما هو الوصية بالمال، أو ما يؤول إليه، وتختلف الوصايا عن الأوقاف بأن الأوقاف يسري حكمها من التلفظ بها، بإبرام عقدها في حياة الموقف، وأما الوصايا فلا يسري حكمها إلا بعد وفاة الموصي، ولذا يفترقان في كون الموقف لا يتصرف، ليس له حق التصرف في الوقف، بينما الوصية له أن يزيد فيها وينقص ما لم تلزم بوفاته. في الحديث الأول يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

"عن ابن عمر -رضي الله تعالى عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((ما حق امرئٍ مسلم)) " و (ما) هذه نافية، يعني ليس من حقه أن يبيت دون وصية إذا كان له شيء يمكن أن يوصي به، والوصية منها ما هو واجب، ومنها ما هو مندوب، فالوصية الواجبة إذا كان عليه ديون، في ذمته التزامات للناس لا بد أن ينبه عليها، لا بد أن يكتبها، سواء كانت الديون للخالق أو المخلوق، في ذمته دين لله -جل وعلا- كفارة لا بد أن يكتب لئلا ينسى، فإن فرط ولم يكتب ونسي ومات فلا يسلم من التبعة، وإذا كان في ذمته حق لآدمي مبلغ من المال لآدمي أو مظلمة يكتبها لئلا ينساها، يكتب إذا كان قد أمضى شيئاً يؤثر في حياته الزوجية، إذا كان طلق مرة مثلاً، يكتب أنه طلق مرة، لماذا؟ لئلا يطول به العهد بعد عشرين سنة يطلق ثانية، ويكون قد نسي الأولى، ثم بعد ذلك يطلق ثالثة، فإذا قيّد هذه الطلقات وتقييدها لا سيما ممن يخشى على نفسه النسيان، وأن يقع فيما حرم الله عليه من وطء المرأة بعد بينونتها هذا يجب عليه أن يكتب. ((ما حق امرئ مسلم له شيء يريد أن يوصي فيه)) سواء كان له أو عليه من باب أولى، إذا كان عليه يلزمه أن يكتب، وإذا كان له ديون على الناس إن كتبها فالأمر إليه، وإن تركها فالأمر إليه؛ لأنها إذا نسيها هو أو وارثه لا يلحقه شيء، بينما تلزم كتابتها من المدين الذي شغلت ذمته بهذا الدين ولا تبرأ إلا بسداده، فإذا لم يكتب كان عرضةً للنسيان، مثل هذا لا بد أن يوصي، له شيء يريد أن يوصي فيه، يعني له مال يريد أن يخرج منه شيئاً لله -جل وعلا- فإنه عليه أن يبادر ولا يتأخر.

((يبيت ليلتين)) دون أن يكتب هذه الوصية ((إلا ووصيته مكتوبة عنده)) والليلتين على سبيل التقريب والمبادرة وإلا جاء ثلاث، وجاء ليلة، فليس المراد تحديد الوقت؛ لأنه قد يقول قائل: إذا كنا لا نضمن شهراً أو سنةً لماذا لم يقل: شهر أو سنة؟ فكيف نضمن ليلة أو ليلتين؟ المقصود بذلك المبادرة إلى كتابة الوصية وليس التحديد بالعدد على ظاهره، وإلا فالإنسان يمكن أن يموت وهو في مكانه، لكن المقصود بذلك المبادرة، وتعجيل كتابة الوصية، ومثلما ذكرنا الوصية عند عامة أهل العلم مستحبة إذا لم تكن في واجب، في سداد دين أو شبهه، وأوجبها أهل الظاهر، وأصل الصدقة بالقدر الزائد على ما أوجب الله تعالى من زكاة وكفارات وغير ذلك من أنواع الواجبات له ندب، فكيف توجب عليه بعد وفاته، فالمرجح قول الجمهور، ما لم تكن في أمرٍ واجب كالدين مثلاً، سواء كان لله -جل وعلا- من كفارات وشبهها، أو كان للآدمي فمثل هذا لا بد أن يكتب، فإذا كتبت هذه الوصية سواء كانت واجبة أو مندوبة، فعند جمع من أهل العلم أنه لا بد من الإشهاد عليها؛ لأن الحقوق لا تثبت إلا بالشهادات، وجمع من أهل التحقيق يرون أنه لا تلزمه الشهادة، بل إذا كتبها بيده، إذا كتبها بقلمه، وعرف قلمه كفى، يعني عرف الوارث قلم المورّث، وأنه كتب هذه الوصية بثلث ماله فأقل لجهةٍ غير وارثة لزم العمل بها، وكتابة الوصية، ومعرفة الخط نوع من المجادة، فإذا وجد الوارث بخط مورثه كتابة ملزمة للوارث بشيء عليه أن يعمل به، وإذا وجد بقلمه ديناً له على فلان يدعيه فيقوم مقامه حينئذٍ، إذا عرف خطه الذي لا يتردد فيه حتى قال بعض أهل العلم: إن له أن يحلف عليه؛ لأن هذه قرينة تغلب على الظن ثبوت الدعوى بغض النظر عن ثبوت المدعى به، الوجادة في علوم الحديث هي أن يجد الطالب أو يجد الراوي بخط شيخه الذي لا يشك فيه حديثاً فيرويه عنه على سبيل الوجادة، فيقول: وجدت بخط فلان، ولها شوب اتصال كما يقول أهل العلم، لها شوب اتصال، يعني لا يحكم باتصالها؛ لأن الواجد قد يكون ممن تأخر وجوده لهذه الوجادة بعد وفاة الكاتب، بل قد يكون وجوده في هذه الحياة -أعني الواجد- بعد موت الكاتب بمفاوز بحيث لا تمكن معاصرته له، ولذا قالوا:

إن فيها شوب اتصال، ولا نحكم عليها بالاتصال المطلق، فقد نجد في كلام بخط شيخ الإسلام ابن تيمية فهل نقول: إن هذا الإسناد متصل بيننا وبينه؟ هي وجادة على كل حال، إذا كنا لا نشك أن هذا خط شيخ الإسلام، ومن عانى الخطوط، واهتم بها يعرف هذه الخطوط ولو لم يلق صاحب الخط، نحن نعرف جزماً خط شيخ الإسلام، وخط كثير من الأئمة بالمعاناة، فإذا وجدنا بخط شيخ الإسلام نقول: وجدنا بخط شيخ الإسلام، وننقل عنه بهذه الصيغة، وقل مثل هذا ما يوجد في حواشي الكتب، إذا وجدت بخط ابن حجر على نسخته من البخاري أو من الترمذي وأنت تعرف خط ابن حجر تنسب إليه القول إذا كنت لا تشك في معرفة خطه، ولا يلتبس عليك أمره، فمثل هذه الأمور يعمل بها عند أهل العلم، ولها شروط عندهم مستوفاة في كتب المصطلح، لكنها لا تفيد الاتصال كالسماع من لفظه، أو العرض عليه، أو الإجازة منه، إنما فيها شوب اتصال كما يقول أهل العلم. لهم صيغ في الوصايا، لهم في الوصايا صيغ، ثبت عن أنس -رضي الله عنه- بسند صحيح مما أخرجه عبد الرزاق موقوفاً قال: كانوا -يعني الصحابة -رضوان الله عليهم- يكتبون في صدور وصاياهم: بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما أوصى به فلان أنه يشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، أو أن محمداً عبده ورسوله، وأن عيسى عبد الله ورسوله، وكلمته ألقاها إلى مريم، وأن الساعة آتية لا ريب فيها، وأن الله يبعث من في القبور، وأوصى من ترك وراءه من أهله أن يتقوا الله، ويصلحوا ذات بينهم، ويطيعوا الله ورسوله إن كانوا مؤمنين، وأوصاهم بما أوصاهم به إبراهيم بنيه ويعقوب أن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون، ثم يذكر ما يحتاج إلى ذكره في هذه الوصية.

النبي -عليه الصلاة والسلام- اختلفوا هل أوصى أو لم يوصِ؟ هو في مرض موته -عليه الصلاة والسلام- دعا بالكاتب، وأراد أن يكتب لكنه تلاحى عنده فلان وفلان ثم كثر اللغط عنده فامتنع -عليه الصلاة والسلام- من الكتابة، ولعمر -رضي الله تعالى عنه- دور في ذلك، أما بالنسبة لوصيته في بعض الأمور بالصلاة، وما ملكت أيمانكم استوصوا بالنساء خيراً فهذا مستفيض في السنة، لكن ليست هي الوصية التي يكتبها الإنسان قرب وفاته، إنما الذي في الصحيح أنه لم يكتب -عليه الصلاة والسلام-، الأموال التي يمكن أن يوصى بها مما يدخل في هذا الباب، فالأنبياء لا يورثون، وإنما يتركون ما يتركون صدقة، وليس مما يورث، فيفرز بعضه يتصدق به، ويوصى به، وبعضه للورثة، هذا ليس بوارث في حق الأنبياء، ومنهم النبي -عليه الصلاة والسلام-. في الحديث الأول راوي الحديث ابن عمر -رضي الله تعالى عنه-، وهو الصحابي المقتدي المؤتسي لما سمع هذا الحديث كتب وصيته فوراً، وثبت عنه أنه سئل بم أوصى؟ وقد ذكر أنه ليس له مالاً يوصي به؟ ولا يمنع من أن ينفذ هذا التوجيه النبوي، ثم في النهاية لا يكون له شيء يوصي به ولا تعارض؛ لأنه عرف بالبذل، وعرف بعدم التمسك وإمساك شيء من أمور الدنيا، وعرف بسرعة المبادرة والامتثال، وامتثل قول النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل)) فكان لا يدخر شيئاً -رضي الله عنه وأرضاه-، فيتفق له امتثال هذا الأمر في كتابة الوصية، ويتفق له أنه بادر بإخراج ما يمكن إخراجه في حياته، فلم يحصل له شيء يمكن أن يوصي به. الحديث الثاني: يقول -رحمه الله تعالى-:

"وعن سعد بن أبي وقاص -رضي الله تعالى عنه- قال: قلت: يا رسول الله أنا ذو مال" يعني أنا صاحب مال، و (ذو) من الأسماء الستة التي ترفع بالواو، وهنا مرفوعة لأنها خبر (أنا) "قلت: يا رسول الله أنا ذو مال، ولا يرثني إلا ابنة لي واحدة" سعد بن أبي وقاص -رضي الله تعالى عنه- مرض بمكة كما في الصحيح، مرض في مكة وأشرف على الموت، فأراد أن يوصي والخلاف بين أهل العلم مما جاءت به الروايات أنه كان في حجة الوداع، أو في غزوة الفتح، لكن في حجة الوداع أكثر وأصح وأشهر، في حجة الوداع مرض سعد -رضي الله تعالى عنه- وهو أحد العشرة المبشرين بالجنة، فزاره النبي -صلى الله عليه وسلم- وطمأنه أنه سوف يعيش، ويولد له ولد، ورثى سعد بن خولة حينما مات في مهاجره الذي تركه لله ورسوله، يعني مات بمكة يرثي له النبي -عليه الصلاة والسلام-، وأما سعد فأخبره النبي -عليه الصلاة والسلام- بما ليس بصريح، وإنما فهم منه أن النبي -عليه الصلاة والسلام- يطمئنه، وأنه يعيش حتى يولد له الولد حتى قالوا: إنه ولد له بعد ذلك عشرة من الأولاد واثنتا عشرة من البنات، وهو يقول في خبره: "قلت: يا رسول الله أنا ذوو مال" يعني ذو مالٍ كثير، ولا يرثني إلا ابنة واحدة، وهذا المال كثير على هذه البنت مع أنها لها جميع المال أو نصفه؟ يعني أليس له أصل من بني زهرة يرثون الباقي؟ الأصل لها النصف وهم الباقي "ولا يرثني إلا ابنة واحدة أفأتصدق بثلثي مالي؟ قال: ((لا)) " لأن الثلثين أكثر من الكثير "قلت: أفأتصدق بشطره؟ قال: ((لا)) " والصدقة هنا المراد بها المنجزة في حياته بأن يخرج ثلثي ماله، أو نصف ماله في وقته، أو الثلث أو المراد بذلك الوصية بعد وفاته كما فسر ذلك الرواية الأخرى؛ لأنه لو كان قوله: "أفأتصدق؟ " على ظاهره بالصدقة في حياته لما كان الحديث داخلاً في هذه الترجمة، كان داخلاً في كتاب الزكاة، لكنه جاء في بعض الروايات: أفأوصي بثلثي مالي؟ قال: ((لا)) فالمراد بالصدقة هنا هي الوصية، الصدقة بالمال بعد الموت "أفأتصدق بثلثي مالي؟ قال: ((لا)) قال: أفأتصدق بشطره؟ " يعني بنصفه؟ "قال: ((لا)) قلت: أفأتصدق بثلثه؟ قال: ((الثلث والثلث كثير)) " يعني تصدق بالثلث، والثلث مع

ذلك كثير، وهل الأفضل من هذا السياق أن يوصي الإنسان بثلث ماله أو بأقل؟ ليس له أن يوصي بأكثر من الثلث إلا إذا أجازه الورثة على ما سيأتي، لكن صدقته بالثلث أفضل أم بالربع أو الخمس؟ أبو بكر -رضي الله تعالى عنه- تصدق أو أوصى بالخمس، فقوله: ((كثير)) سياق الخبر يدل على أن الثلث فاضل وإلا مفضول؟ يعني كثير بالنسبة لهذه الصدقة، فيكون أعلى ما يتصدق به وما دونه أفضل منه بدليل العلة ((إنك إن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس)) بعضهم فهم أنه كثير، وأن ما دونه أفضل منه، وفي ذلك حيازة حظ الورثة، ومنهم من فهم أن الثلث كثير يعني أجره كثير أكثر مما دونه، وفيه حيازة الحظ للموصى له، وأبو بكر -رضي الله تعالى عنه- أوصى بالخمس فدل على أنه فهم أن الثلث كثير فما دونه أفضل منه، والسياق في مثل هذه الصورة في حال المقاولة والمحاولة، يعني شخص مندفع يبي يتصدق بجميع ماله يقال له: خفف يكفيك العشر، لكن مالي كثير، يقاول على الخمس، على الربع، على الثلث، فيكون الأقل أفضل أو أكثر؟ يعني مثل ما جاء في حديث عبد الله بن عمرو، وأن النبي -عليه الصلاة والسلام- بلغه أنه يريد أن يقوم الليل، ويصوم النهار، ويقرأ القرآن في كل يوم، فقال النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((اقرأ القرآن في شهر)) هل نقول: إن أول ما بدأ به النبي -عليه الصلاة والسلام- أفضل من غيره؟ قال: إنه يطيق أكثر من ذلك، فقال: ((اقرأ القرآن في الشهر مرتين)) في الشهر ثلاث إلى أن قال له: ((اقرأ القرآن في سبع ولا تزد)) يعني في سبيل المقاولة، يعني الناس يتفاوتون، يعني بعض الناس يلقى عليه الأقل، وبعضهم يلقى عليه الأكثر، إذا جاء شخص مندفع مثل عبد الله بن عمرو في مثل هذه الصورة يبدأ بالأقل، ثم يترقى معه، ومن الناس من أهل التراخي والتفريط والتساهل يبدأ بالأعلى، ثم يتدلى منه إلى ما دونه حيث يطيق، فمثل هذا السياق: ((الثلث والثلث كثير)) الرجل يريد أن يتصدق بثلثي ماله، ثم قال: الشطر، قال: ((لا)) قال: ((الثلث والثلث كثير)) مفهوم السياق أن ما دونه أفضل منه، ولا شك أن الناس في هذا الباب يتفاوتون، منهم من تجود نفسه بجميع ماله ولا يتأثر ولا يتضرر ولا يتأفف،

ولا يمن بصدقته، وقد فعل ذلك أبو بكر -رضي الله تعالى عنه-، تصدق بجميع ماله ولا نهي ولا ثرّب عليه، ومنهم من إذا تصدق بشيءٍ من ماله وأتبعه المن فإن مثل هذا يقال له: لا تتصدق إلا بالشيء اليسير يا أخي، وهذا عام في جميع الأبواب، تجد الإنسان يتورع عن الكي وعن الرقية، ولا يذهب إلى المستشفيات، لكن إذا جالسته وجدته يكرر هذا الأمر أنا لا أتعالج، أنا لا أكتوي، أنا متوكل على الله، أنا أفعل، أنا أكثر .. ، نقول: العلاج أفضل لك أنت، عالج يا أخي أحسن من هذا الكلام، وبعض الناس يصبر ويحتسب ولا يتكلم، مثل هذا يتجه في حقه أن يترك مثل هذه الأمور؛ ليكون من السبعين الألف، فعلى كل حال الثلث كثير يختلف أهل العلم في فهم هذه الكثرة، هل هو كثير والأفضل ما هو أقل منه؟ أو أجره كثير لعظم نفعه للمتصدق عليهم؟ ((الثلث والثلث كثير)) ثم ذكر العلة ((أنك)) يعني جاء به مضبوطاً بالهمزة المفتوحة، وجاء بكسرها: ((إنك)) فأنك على أنها جملة تعليلية، وإنك على أنها جملة شرطية ((أنك إن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس)) يسألون الناس بأكفهم، يعني بعض أهل العلم تكون مكتبته جميع ما يملك في هذه الدنيا، جميع ما يملك هذه المكتبة، ثم يكتب عليها وقف لله تعالى، ثم بعد ذلك يضطر الورثة إلى أن يسألون الناس، لكنه لو باع هذه الكتب، أو أوقف ثلثها وباع الثلثين، وصار الورثة عندهم شيء يقتاتون منه، وإن كان الورثة في الجملة لا يقدرون هذه الكتب قدرها، فكثير من أهل العلم تذهب كتبهم لا وقف، ولا يستفيد منها الورثة؛ لأنهم لا يقدرون قدرها، ووجد من ذلك قصص ومآسي بالنسبة للكتب، وهي لو وقعت بيد خبير لاستفاد منها الورثة فائدة عظيمة، فعلى هذا لا يشرع في حق هذا العالم أن يوقف هذه المكتبة، ويترك الورثة عالة يتكففون الناس؛ لأنها هي ما يملك، هي ماله، وتدخل في هذا الحديث؛ لأنها مال مما يباع ويشترى ويقتنى ويفاد منه، لكن إذا كانت له أموال وهذه المكتبة أقل من الثلث أو الثلث فأقل فأوقفها، وترك الناس يستفيدون منها هذا طيّب، هذا أفضل من أن يوقف الأموال، وإن كانت الظروف والأحوال تختلف باختلاف أحوال الناس، منهم قد تكون الحاجة إلى المال أشد من

الحاجة إلى الكتب، وقد تكون الحاجة إلى الكتب واستمرار نفعها أفضل، فهذا العالم الذي ترك أولاده وورثته عالةً يتكففون الناس لا شك أنه داخل في النهي في هذا الحديث، وحينئذٍ يوقف الثلث، ويباع الثلثان، وينفق منه على الورثة.

وتجد بعض الورثة يأتون بهذه الكتب كتاباً كتاباً، كل ما احتاجوا إلى شيء باعوا كتاب، فيباع بأبخس الأثمان، فلا بد أن يجعل عندهم خبر أن هذه الكتب قيمتها مرتفعة، ومن يتردد على المكتبات يجد شيء من هذا، ومع الأسف وجد من ورثة العلماء من ورثتهم من رمى الكتب في الشارع بعد موت أبيه، رماها في الشارع؛ لأنه لا يقدرها قدرها، فذهبنا إلى ورثة قاضٍ من القضاة القدامى، وعنده مكتبة نفيسة لنشتريها منهم، فلما وصلنا قالوا: والله انتقلنا من البيت القديم إلى البيت الجديد فأصر النساء على ألا تنتقل الكتب معنا؛ لأنها كتب قديمة تجتمع عليها الفئران والصراصير، فلا نريد أن تدخل بيتنا الجديد، ورموها في الشارع، ونقلوا أمتعتهم إلى البيت الجديد، فعلى كل حال هو مطالب بشيء ألا يوصي بها، أو أن لا يوقفها كاملة؛ لأنها تستغرق جميع المال، وكثير من أهل العلم ترى هذه حالهم، أموالهم كتبهم فقط، يعني ما عرف الثراء عند أهل العلم إلا في العصور المتأخرة عند بعض أهل العلم، فيدخل في هذا مثلما ذكرنا، العلة ((إنك إن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس)) الوصية بأكثر من الثلث لا تجوز ولا تنفذ إلا بإجازة الورثة، بحيث لو أوصى بجميع ماله والورثة أجازوا ذلك فالعلة المنصوصة تدل على الجواز ((إنك إن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم)) وقد يكون الورثة أغنياء، بل أغنى من المورّث، رجل عنده من الأولاد خمسة، وكل واحدٍ منهم يملك أكثر مما يملكه المورّث، وقالوا: تركة أبينا له كلها نتصدق بها عنه، أو أذنوا لها أن يوصي بها كلها، العلة المنصوصة ((إنك إن تذر ورثتك أغنياء)) تدل على جواز مثل ذلك، لكن لو جادت أنفسهم وليس عندهم شيء؟ جادت أنفسهم بالتبرع بجميع مال أبيهم، وليس عندهم غيره يجوز وإلا ما يجوز؟ لماذا؟ هم جادت أنفسهم، قالوا: جميع ما تركه أبونا صدقة لله، أو في آخر حياته قالوا: تصدق بجميع مالك مسجد مثلاً ونحن اللي أغناك يغنينا؟ يعني كون العلة مربوطة بالورثة: إنك إن تذرهم أغنياء خير، وأفعل التفضيل هنا (خير) على بابها أو ليست على بابها؟ نعم؟ يعني هذه العلة ((إنك إن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس)) هل هذه العلة

راجعة إلى جميع الجمل؟ أتصدق بثلثي مالي؟ قال: ((إنك إن تذر ورثتك)) أتصدق بشطر مالي؟ ((إنك إن تذر ورثتك)) أتصدق بثلث مالي؟ قال: ((نعم))، ((الثلث والثلث كثير)) ((إنك إن تذر ورثتك)) هذه العلة هل هي للجمل الثلاث أو للجملة الأخيرة فقط؟ للجملة الأخيرة فقط؛ لأن الجمل الثلاث، الجملة الأولى والثانية جوابهما: لا، الجملة الأخيرة قال: ((الثلث والثلث كثير، إنك إن تذر ورثتك أغنياء خير)) هنا أفعل تفضيل، خير، فخير هذه أفعل تفضيل هل هي على بابها؟ بمعنى أن الخير موجود في الورثة سواء كانوا أغنياء أو فقراء؟ لكن كونهم أغنياء أفضل من كونهم فقراء؟ أو أن نقول: الفقر لا خير فيه فتكون أفعل التفضيل هنا ليست على بابها؟ يعني الخير يقابل الشر، إذاً كلاهما خير، يعني سواء كانوا فقراء أو أغنياء والفقر؟ لا، لا بد إما أن نقول: خير هذه على بابها ففي كل خير سواء كانوا فقراء أو أغنياء إلا أن كونهم أغنياء أفضل؟ أو نقول: خير هذه ليست على بابها، فالذي يقابل الخير هو الشر، فأغنياء خير وفقراء شر؟ يعني في قول الله -جل وعلا-: {أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُّسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلًا} [(24) سورة الفرقان] هذه على بابها أو ليست على بابها؟ ليست على بابها؛ لأن أهل النار ليسو على خير بحال من الأحوال، ولا يشتركون بجزء ولو قليل ولو يسير من الخير، وهنا الورثة على خير ما داموا مسلمين فهم على خير، سواء كانوا أغنياء أو فقراء، لكن كونهم أغنياء أفضل من كونهم فقراء، وإذا قلنا: إنهم وإن كانوا فقراء فهم على خير فإنه حينئذٍ يجوز لهم التصدق بمال أبيهم، ويجوز لأبيهم أن يتصدق بجميع ماله إذا أجازوا ذلك؛ لأنهم على خير سواء كانوا فقراء أو أغنياء إلا أن كونهم أغنياء أفضل، وإذا قلنا: أفعل التفضيل يقابل الخير الشر قلنا: لا يجوز لهم أن يتصدقوا ببقية المال، مما زاد على الثلث ليس له ذلك ولو أجازوا، والمسألة خلافية بين أهل العلم، لكن العلة المنصوص عليها في الخبر، وربط هذا الأمر بالورثة يدل على أن الأمر يعود إليه، فلو تصدق بما زاد على الثلث، وأجازوا ذلك فإن الأمر لا يعدوهم. طالب:. . . . . . . . . الوارث أو المورث؟

طالب:. . . . . . . . . المورث أوصى ولم يستأذنهم، لكنه في حال التنفيذ أجازوا، تنازلوا، على حسب ما يظهر من حاله، إن كان جاهلاً فهو معذور، وإن كان قصده حرمان الورثة فهو آثم بلا شك، ولا ينفذ هذا، ما ينفذ إلا الثلث. يقول في الحديث الثالث -رحمه الله تعالى-:

"وعن عائشة -رضي الله تعالى عنها- أن رجلاً أتى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله إن أمي افتلتت نفسها" يعني ذهبت نفسها فلتة، يعني بغتة "ولم توصِ" يعني ما أمهلت حتى توصي، لم تمهل حتى توصي "وأظنها لو تكلمت" يعني لو صار لها فرصة أن تتكلم قبل وفاتها "أظنها لو تكلمت تصدقت" يعني يعرف من حالها أنها كريمة تجود بالمال، وليست بخيلة تظن به وتشح به، أظنها يعني يغلب على ظنه ذلك "لو تكلمت تصدقت، أفلها أجر إن تصدقت عنها؟ قال: ((نعم)) متفق عليه، واللفظ لمسلم" هل هذا الحديث يدلنا على أنه يريد أن يتصدق عن أمه من مالها أو من ماله هو؟ هل يتصدق من مالها؟ يعني افترض أن هذا الشخص لو أخوة وأخوات، والأم افتلتت نفسها، فوجئت، بغتت بالموت، ويعرف من حالها أنها لو أمهلت تصدقت، هل يتصدق من أصل المال أو يتصدق من نصيبه؟ يعني لو كان الأمر من نصيبه يعني السياق، السياق يريد أن يتصدق عنها؛ لأن كلمة "لم توصِ وأظنها لو تكلمت تصدقت" يعني إذا كان من نصيبه هو فلا داعي لهذا الكلام، يقول: أمه ماتت ولم تتصدق أفأتصدق عنها؟ أينفع أن أتصدق عنها؟ قال: ((نعم)) لكن أظنها لو تكلمت تصدقت! يعني هل هذا الكلام مؤثر في الحكم أو غير مؤثر؟ بمعنى أنه ينفذ ما يغلب على الظن أن الميت يريده؟ يعني بعض العوام يعرف أن أباه أو أمه يحب نوع من الطعام، فتجده في بعض المناسبات يشتري هذا النوع ويتصدق به على الناس، ويجعل ثوابه لوالده أو والدته ممن يحب هذا الطعام، هذا لا شك تصور تصرف من هؤلاء العوام يعني كونه هو يحب هذا الطعام هل يعني أن غيره يحب هذا الطعام؟ هل المنظور إليه المتصدق عنه أو المتصدق عليه؟ المتصدق عليه ينظر الأنفع له؛ لأن هذا يعظم الأجر، افترض أن المتصدق عنه يحب طعام لا يحبه الناس هل يتصدق به عنه؟ لا، هنا يغلب على الظن أنها لو تكلمت تصدقت فهل يتصدق عنها من مالها من أصل المال بناءً على غلبة الظن؟ أو أن نقول: المال انتقل لا علاقة لها به؟! وحينئذٍ من أراد أن يتصدق يتصدق من نصيبه، والصدقة هنا واصلة، يصل ثوابها، من العبادات التي يصل ثوابها إلى الميت، وتقدم في الوقف: ((إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث)) وذكر العلماء

الخصال التي يجري عملها بعد وفاة صاحبها، وأوصلوها إلى عشر.

يكثر بين الناس أنه إذا مرض الوالد أو الوالدة أو القريب أو العزيز، ووصل إلى حدٍ لا يصح تصرفه فيه، إغماء، في العناية، والصدقة تدفع ميتة السوء و ((داووا مرضاكم بالصدقة)) فيأتي الأولاد أو بعض الأولاد يجتهد ويتصدق عن هذا المريض من ماله أعني المريض، يعني شخص له أولاد ومرض وارتفع عنه قلم التكليف بالغيبوبة، وأدخل العناية، والولد يعرف أن الصدقة لها أثر في الشفاء بإذن الله -جل وعلا- والدواء، فيقول: نريد أن نشتري مائة كيس من الرز مثلاً ونتصدق بها عن الوالد، هل يجوز أن يتصدق به من مال الوالد؟ من أصل المال أو من ماله هو؟ يعني لا يجوز أن يتصرف بشيءٍ من مال الوالد، إن أراد أن يتصدق بشيءٍ من ماله هو فلا أحد يمنعه وجزاه الله خيراً، ويتصدق عن والده ويصل الأجر -إن شاء الله تعالى-، وتترتب الآثار على ذلك إن لم يكن ثم مانع، المقصود أن هذا في قوله: إن أمي افتلتت نفسها ولم توصِ وأظنها لو تكلمت تصدقت أفلها أجر إن تصدقت عنها؟ يعني من مالي أو من مالها؟ احتمالان، وإن كان السياق يشم منه أنه يريد أن يتصدق عنها من مالها، يعني السياق يشمّ منه أنه يريد الصدقة عنها من مالها؛ لأن قوله: "أظنها لو تكلمت" فبناءً على غلبة الظن أنه ينفذ ما تريد، لكن القواعد الشرعية والنصوص تدل على أنه لا يتصرف أحد بمال غيره، وهذا الذي يرجح الاحتمال الثاني أنه يتصدق عنها من ماله هو، وهنا يتعارض الأصل مع الظاهر، وفي مثل هذه المسألة إذا تعارض الأصل مع الظاهر، الظاهر أنه يريد أن يتصدق عنها من مالها، بناءً على غلبة ظنه أنها تريد الصدقة، هذا الظاهر، هذا ظاهر اللفظ، والأصل أنه ليس لأحدٍ أن يتصرف في مال غيره، وهنا تعارض الأصل والظاهر، فيقدم هنا الأصل لضعف هذا الظاهر، يعني ليس من الظهور بحيث يقدم على الأصل؛ لأن من الظواهر ما يكون ظهوره أقوى من الأصل، ومن الظواهر ما يكون ظهوره أضعف من الأصل، وذكرنا مثال سابق قلنا: لو أن واحد من الإخوان من طلاب العلم دخل مكتبة زميله من طلاب العلم فوجد أعجبه كتاب فسحبه من الدرج فإذا به مكتوب عليه ملك فلان بن فلان بن فلان، والتاريخ والتوقيع نفسه أو غيره مثلاً، شخص ثالث من زملائه، فالأصل أن هذا الكتاب لمن

كتب عليه الاسم، والظاهر أنه لصاحب المكتبة، فهل يقدم صاحب الاسم؟ نقول: خذ كتابك وانتهى الإشكال؟ أو نقول: ما دام موجود بحوزة فلان وفي مكتبته والذي يظهر أنه له؟ أحياناً نقدم الأصل وأحياناً نقدم الظاهر، تحتاج المسألة إلى مرجّح، كيف المرجح؟ المرجح إن كان الأصل الذي عليه الاسم اسم هذا الشخص إن كان هذا الشخص الذي اسمه مكتوب على الكتاب جرت عادته أنه يبيع، يشتري كتاب ويكتب عليه اسم ويتصفحه ويقرأه يوم يومين شهر ثم يبيعه، إذا جرت عادته بذلك قدمنا الظاهر على الأصل، وإن كان عرف من عادته أنه لا يبيع أبداً، وعرف من عادته أنه يعير، قدمنا الأصل على الظاهر، وهنا الظاهر عندنا فيه ضعف بالنسبة للأصل، وحينئذٍ يقدم الأصل فلا يتصدق أحد عن أحد إلا من ماله هو الذي يملكه، وذكرنا أن مما يقع للناس أن الأب يكون غنياً ويدخل العناية في غيبوبة والصدقة لها أثرها في مثل هذه الحالة فيتصرف بعض الورثة، ويشتري سيارة تريلا أو ثنيتن أو ثلاث من الأطعمة ويتصدق بها، نقول: لا تصدق من مالك، لا من ماله هو، أنت لا تملك شيء من ماله. يقول -رحمه الله-: "وعن أبي أمامة الباهلي" واسمه صدي بن عجلان، نعم، هنا، نقول: بيّن أن الإنسان لا يجوز له أن يتصرف بمال غيره إلا بطيبة نفسٍ منه، يعني ظاهر السياق، لكن الأصول العامة تدل على غير هذا الظاهر، وقدمنا الأصل على الظاهر لضعف الظاهر بالنسبة لهذا الأصل، هذه المسائل الخفيفة تحتاج إلى معرفة ما يعين على فهم هذه النصوص، كثير من طلاب العلم تجد ليست له عناية بالعربية ولا بعلوم الآلة لا بأصول الفقه، ولا بقواعد التفسير، ولا بعلوم الحديث، ولا يستطيع أن يتعامل مع النصوص إلا بواسطتها، فإما أن يقتصر على النصوص فيكون ظاهرياً؛ لأنه ليس عنده ما يعين على فهم هذه النصوص، أو يعرف ما وراء هذه النصوص بالقواعد والضوابط التي يذكرها أهل العلم، فتنحل عنده الإشكالات؛ لأن عندنا ظاهر صحيح ظاهر لكنه ضعيف بالنسبة للأصل، وإذا تعارض الأصل مع الظاهر عند أهل العلم لهم طرق في تقديم أحدهما على الآخر. في الحديث الذي يليه يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

"وعن أبي أمامة الباهلي" واسمه صدي بن عجلان -رضي الله تعالى عنه- "قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((إن الله قد أعطى كل ذي حقٍ حقه فلا وصية لوارث)) رواه الإمام أحمد والأربعة إلا النسائي، وحسنه أحمد والترمذي، وقواه ابن خزيمة وابن الجارود، ورواه الدارقطني من حديث ابن عباس" سنده بمفرده، وإن كان له شواهد يرتقي بها إلى الصحيح، فالحديث صحيح على كل حال، لكن أقوى من إسناده تلقيه بالقبول، وأهل العلم يقررون أن تلقي العلماء بالقبول للخبر أقوى من مجرد كثرة الطرق، فصححوا هذا الحديث، وعملوا به، والإجماع -إجماع من يعتد به- على أنه لا وصية لوارث، ويكون هذا الحديث في مقابل قول الله -جل وعلا-: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمْ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ} [البقرة: 180] لمن؟ {لِلْوَالِدَيْنِ} وهما من الورثة، هذا الحديث مع الآية، الآية تثبت الوصية للوارث، والحديث يقول: ((لا وصية لوارث)) فالحديث تلقاه العلماء بالقبول، وإن كان لم يخرج في الصحيحين، ولا في واحدٍ منهما، وله شواهد عن عمرو بن خارجة وعن أنس -رضي الله تعالى عنه-، وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، وعن جابر وغيرهم، له شواهد، فماذا نقول في تعارض الخبر مع الآية؟ هل نقول: إن الحديث ناسخ للآية؟ وهل يسوغ نسخ الآية بمثل هذا الحديث؟ أما من لا يرى نسخ الكتاب بالسنة فيقول: إن الحديث لا يقوى، وإن تلقّاه العلماء بالقبول النسخ القطعي، الذي هو الآية، بنسخ الآية؛ لأن السنة لا تنسخ القرآن، ومن يقول: بأن السنة تنسخ القرآن لا إشكال عنده، لكن الذي يقول: بأن السنة لا تنسخ القرآن قالوا: إن الذي نسخ الآية آيات المواريث، ويشير إلى ذلك قوله في الحديث: ((إن الله قد أعطى كل ذي حقٍ حقه)) فالوالدان في آية الوصية قد أعطي حقهما من الميراث، فلا وصية لهما كغيرهما من الورثة ((إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث)) يعني هل نقول: إن هذا بيان أو نسخ؟ بيان للناسخ وهو الآيات آيات المواريث، أو نقول: إنه نسخ؟ يعني نظير ما قيل في حديث عبادة: ((خذوا عني قد جعل الله لهن سبيلاً، البكر بالبكر جلد مائة ونفي سنة، والثيب بالثيب جلد مائة

والرجم)) هل نقول: إن هذا بيان لقول الله -جل وعلا-: {حَتَّىَ يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللهُ لَهُنَّ سَبِيلاً} [(15) سورة النساء] قد جعل الله لهن سبيلاً، أو نقول: إن الحديث ناسخ للآية؟ الذي يرى نسخ الآية بالحديث هذا ما عنده إشكال في هذا وفي هذا، يقول: الآية نسخت بالحديث وكلها شرع، والحديث وحي؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- لا ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى، والذي لا يقول بنسخ الكتاب بالسنة يقول: بيان، وهنا بيان للناسخ والناسخ آيات المواريث، والناسخ في حديث عبادة {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ} [(2) سورة النور] بدلاً من الحبس، فالناسخ القرآن، والحديث مبين للناسخ، وعلى كل حال المسألة معروفة عند أهل العلم، والآية متروكة العمل سواء قلنا: بالبيان أو بالنسخ، يعني سواء قلنا: بالبيان في هذا الحديث أو بالنسخ، فلا وصية لوارث، عرفنا المأخذ والمدرك يا إخوان؟ لأن بعض الناس قد يشوش يقول: هذا حديث وآية الوصية آية، والحديث لا ينسخ عند الجمهور .. ، الحديث لا ينسخ القرآن، فنقول: الحديث ليس بناسخ، وإنما الحديث مبين، مبين للنسخ بحيث أنه أحال على الناسخ ((أن الله قد أعطى كل ذي حق حقه)) في آيات المواريث ((فلا وصية لوارث)) وحينئذٍ يكون من باب البيان.

"رواه أحمد والأربعة إلا النسائي، وحسنه أحمد والترمذي، وقواه ابن خزيمة وابن الجارود، ورواه الد ارقطني من حديث ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما-، وزاد في آخره: ((إلا أن يشاء الورثة)) وإسناده حسن" إلا أن يشاء الورثة: هذا الاستثناء قد تعقّب قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((لا وصية لوارث)) إلا أن يشاء الورثة فهل لنا أن نقول: لا وصية بأكثر من الثلث إلا أن يشاء الورثة؟ فنجعل هذا الاستثناء متعقب لما تقدم لأن الأمر لا يعدوهم؟ كونه يتعقّب لا وصية لوارث، يعني عنده من الأولاد خمسة فأوصى لواحدٍ منهم بشيء يخصه به من ماله زيادة على إرثه وأجاز إخوته ذلك، يملكون وإلا ما يملكون؟ إلا أن يشاء الورثة هذا الاستثناء يتعقب هذه الجملة بلا إشكال، لكن هل يصلح أن نركب هذه الجملة بالحديث السابق؟ الثلث والثلث كثير إلا أن يشاء الورثة، لماذا؟ هي جاءت هنا في هذا السياق، في هذا الحديث إلا أن يشاء الورثة، فكونها -كون الاستثناء- هنا يرجع إلى ((لا وصية لوارث)) هذا ما فيه إشكال، فإذا شاء الورثة أن يوصى لوارث أوصي له، أما كونه يرجع إلى الزيادة على الثلث فليس مأخذه من هذا الاستثناء، وإنما مأخذه من العلة ((إنك إن تذر ورثتك أغنياء)) فالأمر إلى الورثة، والمسألة لا تسلم من خلاف على ما سبقت الإشارة إليه، الوصية للوارث بالتنصيص يعني يذكر في وصيته أن لولده فلان لابنه فلان أو لبنته فلانة المحل الفلاني أو الدكان الفلاني، أو المزرعة الفلانية، أو المبلغ المذكور من المال أو غلة كذا ليس له ذلك، بالتنصيص عليه باسمه، لكن لو نص عليه بوصفه، قال: هذه المزرعة وصية وتلزم بموته، وغلتها في السنة مائة ألف، وقال: يصرف من غلتها على طلاب حلقات التحفيظ، وعلى طلاب العلم، وواحد من أولاده من طلاب العلم، وآخر في حلقات التحفيظ، وعشرة لا يتصفون بهذا الوصف، يستحقان وإلا ما يستحقان؟ نقول: هما ورثة ما يستحقون وإلا بالوصف يستحقون؟ يعني لا شك أن المنع في هذا الحديث لئلا يؤثر بعض الأولاد دون بعض، كما منع من العطية لبعضهم دون بعض حال حياته، فيتهم بأنه يقدم بعضهم على بعض، لكن بالوصف؟ وإذا كان القصد من كلامه في وصيته الحث على حفظ القرآن، وطلب العلم فأولى

من يحث على ذلك الورثة، فدخولهم بالوصف لا إشكال فيه -إن شاء الله تعالى-؛ لأنه لا يتهم، إلا إذا فهم من قصده التخصيص بالوصف، التنفيل والزيادة لبعض الورثة دون بعض، بأن يكون الوصف لا أثر له في تحقيق الهدف الشرعي من الوصية والوقف، لا أثر له في تحقيق الهدف الشرعي من الوصية، يعني كونه يصرف على طلاب العلم، يصرف على .. ، هذا لا شك أنه يحقق الهدف الشرعي من الوصية والوقف، لكن إذا وصف بوصفٍ لا يحقق الهدف الشرعي، إذا وصفه بوصفٍ قهري جبلي، قال: للطويل منهم، أو للأعرج، وهو يعرف أن في ولده من هو أعرج، ولا يقصد بذلك أن هذه العلة تعوقه عن تحصيل ما يستفيد منه، المقصود أنه إذا عُرف من تنصيصه على وصفٍ لا يحقق الهدف الشرعي إنما يحقق شيئاً في نفسه يريد به زيادة بعض الورثة على بعض فإن هذا لا ينفذ، أما إذا نص على وصف يحقق الهدف الشرعي من الوقف والوصية فإنه حينئذٍ لا مانع من دخوله فيه -إن شاء الله تعالى-، ولا يدخل في المحظور.

هذا الحديث جزم الإمام الشافعي في الأم بأنه متواتر، ولا يلفظه بهذا اللفظ، لا يقول: متواتر، وإنما يقول: إنه نقله الكافة عن الكافة، وهذا هو المتواتر، وإن نفى ونازع الرازي في كونه متواتراً، الرازي ينازع في تواتره، في تواتر هذا الحديث، والشافعي يثبت، ومعروف أن الرازي شافعي المذهب، لكن هل لمثل الرازي أن يثبت التواتر وعدم المتواتر لا سيما في الحديث، وهو ليست له أدنى عناية في الحديث؟ أو نقول: إن التواتر مبحث أصولي، وليس بمبحثٍ حديثي فيكون له مدخل في الباب؟ يعني التواتر ليس من مباحث علوم الحديث كما يقرر أهل العلم إنما من مباحث الأصوليين، ولذا ظهر في الآونة الأخيرة من ينازع في وجود المتواتر والآحاد، وينفي ذلك، ويغلظ القول على من يقول بذلك، ويقول: إنه ليس من مباحث أهل الحديث؛ هو ليس من مباحث أهل الحديث؛ لأنه لا يحتاج إلى دراسة، إذا ثبت أنه متواتر ما يحتاج أن تعرض رواة هذا الحديث بجميع طرقه على كتب الرجال، خلاص، متواتر يعني أنت ملزم بتصديقه، مفيد للعلم بلا تردد، فليس من مباحث هذا العلم -علم الحديث- من هذه الحيثية، بمعنى أنه لا يبحث عن رجاله، هو من مباحث الأصوليين، معروف مباحث الأصوليين، لكن هل للرازي أن يدخل في مثل هذا التواتر فينفيه وليس له علاقة بالحديث؟ نقول: هذه المسألة تثار في هذه الأيام، وأنه كيف تذكر أقوال الرازي في علوم الحديث؟ تذكر أقوال الغزالي في علوم الحديث؟ تذكر أقوال الآمدي في علوم الحديث؟ وهؤلاء من المتكلمين لا علاقة لهم بالسنة، يعني الغزالي بضاعته كما يقول عن نفسه في الحديث مزجاة، ضعيفة جداً؛ ولذا في كتبه الموضوعات، الأحاديث الموضوعة، فهل لمثل هذا أن يدخل نفسه في هذه الموضوعات أو ليس له ذلك؟ الرازي ذكر في تفسير سورة العصر حديثاً أن امرأةً في سوق المدينة تبحث أين رسول الله؟ فدل عليه فقالت له: إنها شربت الخمر، وزنت، وولدت من الزنا، فقتلت الولد، وفعلت وفعلت؟ قال: أما القتل فجزاؤه جهنم كما في آية النساء، وأما الشرب فحده ثمانون جلدة، وأما الزنا فلعلك لم تصلِ صلاة العصر؟ هذا الكلام نقله الرازي في تفسيره مرفوعاً إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-، ثم نقله عنه الألوسي، وهذا

الذي يهمّنا، نقله عنه الألوسي قال: تفرد بذكره الإمام، كانوا يلقبون الرازي بالإمام، تفرد بذكره الإمام، ولعمري أنه إمام في نقل ما لا يعرفه أهل الحديث هذا مدح وإلا ذم؟ ذم بلا شك، فمثل هذا هل يعارض قول الشافعي بقوله؟ الشافعي يقول: نقله الكافة عن الكافة، يعني متواتر، وينازع الرازي في تواتره؟ أما نقل أقوالهم في كتب علوم الحديث أنا ليس فيها عندي أدنى إشكال؛ لأن علوم الحديث منها ما يستند إلى الرواية، ومنها ما يعتمد على الدراية والفهم والاستنباط، هم لهم مدخل في مسألة الفهم، وبعض طلاب العلم ينازع ويشارك في علوم الحديث، أقول: إذا نازعت في دخول مثل هؤلاء أنت هل أنت تدخل في الرواية أو في الدراية؟ يعني مثل هذا المنازع يعني مثلنا لو نازعنا إحنا لا عندنا حفظ يوازي ما عند أئمة الحديث الذين هم أهل الشأن، عندنا شيء من الفهم نستطيع أن نفهم به كلام أهل العلم مثلما يفهم الرازي والغزالي وفلان وفلان، فمدخلهم في هذا الباب من باب الدراية والفهم، ولا شك أن من مباحث علوم الحديث مما يدرك بالرأي، مباحث علوم الحديث، ومنها ما يعتمد على النقل والرواية، وهذا لا ندخل فيه لا نحن ولا رازي ولا غزالي ولا طلاب العلم المتعلمين الآن الذين يشنون الحملات ما لهم مدخل؛ لأنهم ليسوا بحفاظ، وليسوا من أهل النقل، فالأمور -ولله الحمد- ماشية ما فيها إشكال، ويظنون أن على علوم الحديث خطر من ذكر أسماء هؤلاء، أبداً ليس فيها خطر، الرواية معولها على أهلها، والفهم والاستنباط أيضاً كل له أن يدلي برأيه، ويعرض على النقل، وعلى كل حال منازعة الرازي في هذا وإن كان خبير ودقيق في تطبيق شروط التواتر عنده خبرة ودقة، لكن هل يعني أن قوله ينفى به قول الإمام الشافعي؟ أبداً، ولا شك أن الحديث قد تلقي بالقبول فهو صحيح لا إشكال في ثبوته، وأما الاستثناء ((إلا أن يشاء الورثة)) في حديث ابن عباس فسنده أقل من السند الأول، ولم يتلق بالقبول كتلقيه فهو حسن.

من التحايل على الوصية للوارث، من التحايل عليه، الوصية للوارث ممنوعة، لكن من التحايل على ذلك أن يقر لوارثه، أولاده عشرة ولما قرب موته قال: ولدي فلان عندي له مبلغ كذا، فإن كان عرف من تصرفاته في حال حياته أنه يحبه أكثر من غيره، ويؤثره أكثر من غيره فلا تنفذ هذه الوصية؛ لأنه متهم، وأما إذا عرف أنه هو وإخوانه على حدٍ سواء فإقراره على نفسه معتبر، ما لم تدل القرائن على خلاف ذلك، والله أعلم. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

كتاب البيوع (25)

شرح: بلوغ المرام - كتاب البيوع (25) باب: الوديعة الشيخ: عبد الكريم بن عبد الله الخضير الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: وعن معاذ بن جبل -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله تصدق عليكم بثلث أموالكم عند وفاتكم زيادةً في حسناتكم)) يقول: رواه الدارقطني، وأخرجه أحمد والبزار من حديث أبي الدرداء، رواه الدارقطني يعني من حديث معاذ بن جبل، وأخرجه أحمد والبزار من حديث أبي الدرداء، فهو شاهد لحديث معاذ وابن ماجه، يعني ورواه ابن ماجه من حديث أبي هريرة شاهد ثاني لحديث معاذ، يقول الحافظ: وكلها ضعيفة، لكن قد يقوي بعضها بعضاً، والله أعلم. هذه الأحاديث الثلاثة أو حديث معاذ وشاهديه لا شك أنها بالنظر إلى مفرداتها، لا تخلو من ضعف، لكنها باعتبار المجموع، فمن يحسن بالطرق، وهو المعروف عند أهل العلم إلا من ندر، يحكمون على هذا النوع من الحديث الذي مفرداته ضعيفة وبمجموعها تتقوى، يقولون: هو الحديث الحسن لغيره. يقول الحافظ: "وكلها ضعيفة، ولكن قد يقوي بعضها بعضاً" لأن قد هذه للتقليل وليست للتحقيق؛ لأنها دخلت على المضارع، فالأصل فيها إذا دخلت على المضارع صارت للتقليل، فهل هذه قاعدة مطردة؟ يعني الأحاديث الضعيفة إذا كانت الأحاديث كلها بمفرداتها ضعيفة قد يتقوى بعضها ببعض؟ أو يتقوى بعضها ببعض؟ أما إذا كان الضعف ليس بشديد، وتعددت الطرق يتقوى بعضها ببعض، لكن إذا كان الضعف شديداً فإنها لا تتقوى وقد تتقوى، كما قرر ذلك بعض العلماء كالسيوطي ونحوه؛ لأنه لما ذكر شديد الضعف ومجيئه من طرق متعددة قال: . . . . . . . . . ... وربما يكون كالذي بُدِيْ يعني أنه يكون كالحسن لغيره، المجتمع من أحاديث ضعيفة ضعفها ليس بشديد.

وهنا الضعف قابل للتقوية، فالحديث هنا حسن لغيره؛ لأنه له شواهد وله طرق يقوي بعضها بعضاً، أما قول الحافظ يفيد أنه يشك في وصوله إلى مرتبة الحسن لغيره؛ لأنه قال: قد يقوي بعضها بعضاً، والعادة أنه يحكم بمثل هذا، ويجزم به، لكن إذا كان الضعف غير شديد، أما إذا كان الضعف شديداً فإن الأكثر من أهل العلم أن وجود الطرق لمثله في الضعف في شدة الضعف فإنه لا يستفيد منها، وتبقى ضعيفة. على كل حال الحديث هذا المتجه كونه حسناً لغيره ((إن الله تصدق عليكم بثلث أموالكم)) إن الله تصدق عليكم، الأصل في المال أنه لله {وَآتُوهُم مِّن مَّالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ} [(33) سورة النور] وإنما المتصدق إنما هو سبب ووسيلة لوصول مال الله إلى هذا السائل أو هذا المعطى. فأنت مجرد سبب ووسيط في هذا المال، والرسول -عليه الصلاة والسلام- يقول: ((إنما أنا قاسمٌ والله المعطي)) فهذا الغني الذي بيده الأموال هي مال الله، وليست من ماله، وتصدق الله على هذا الذي بيده المال بثلث ماله عند وفاته يوصي به، يوصي به زيادة في حسناته، مما ينفق من هذا المال من وجوه البر، أما الوصية والوقف الذي لا يتحقق منه الهدف الشرعي فإنه لا يكون فيه زيادة في الحسنات، بل قد يكون وبالاً على صاحبه، فبعض الناس يوقف، وتكون غلة الوقف على جهةٍ لا يتحقق فيها الهدف الشرعي، إما جهة مباحة، أو تزاول بعض المنكرات، كثيرٌ من الأثرياء يوقفون الأموال الطائلة، ومع ذلك لا يجنون من ورائها حسنات كما في هذا الحديث، بل يجنون من ورائها الآثام، نسأل الله السلامة والعافية.

فمن وقف سوقاً تجارياً، وجعل غلته في مصارف الخير، وهذا السوق يباع فيه ما حرم الله -جل وعلا-، ومع الأسف أنا وجدنا من هذا النوع شيء كثير؛ لأنه لما يكون المال كثيراً تكون الإحاطة به ومراقبته عسيرة، وإذا أراد الإنسان كما يقولون ويبررون ويعللون أن تكون التجارات صافية خالية مائة بالمائة فمعناه ينزوي في بيته ولا يعمل شيء، وهذا تيئيس من الأعمال المباحة، نعم وقف غلته ثلاثون مليون ريال في السنة وقف، هذه الثلاثون المليون تصرف في وجوه البر، لكن هي مجموعة من أسواق تجارية يباع فيها ما يباح وما يحرم، مثل هذا لا يحقق الهدف الشرعي، أو يكون وقف يبنى –يشيد- والعمال يشتغلون وقت الصلاة، الناس يصلون والعمال يشتغلون، هذا تناقض هذا، يعني هذا وقف يراد منه الثواب من الله -جل وعلا-، زيادة في الحسنات كما في الحديث، ومع ذلك تترك الصلاة، وتؤخر الصلاة من أجله.

فشيخ الإسلام -رحمة الله عليه- يقول: إذا كان الوقف لا يحقق الهدف الشرعي فإنه لا يصح أن يسمى وقف، فضلاً عن كونه يضاد ويناقض ويعارض الهدف الشرعي من الوقف، هناك أوقاف ووصايا تكون سبباً لقطيعة الرحم فهل من المصلحة أن تستمر مع استمرار هذا الوصف؟ أو من المصلحة أن تباع ويقطع دابرها، ويلتئم الناس حولها، وتقسم وتوزع وينتهي إشكالاتها، بعض القضاة يستروح لمثل هذا، لا سيما إذا عجز عن الإصلاح بين هؤلاء الورثة، فلا شك أن نية الواقف الخير -إن شاء الله تعالى-، لكن ما يدري ما وراء هذا الخير؟ فمن وقف وقفاً داراً أو عمارة تؤجر عليه أن يتحرى في المستأجرين، وأن لا يمكنهم من أن يزاولوا ما حرم الله -جل وعلا- في هذه الدار التي يرجو ثوابها، وثواب غلتها، أو الأسواق أو الدكاكين أو غير ذلك مما ينتفع به، لا بد أن تكون المنفعة مباحة؛ لأنه في الحديث يقول: ((زيادةً في حسناتكم)) فالهدف الشرعي من الوقف والوصية التقرب إلى الله -جل وعلا-، وبهذا يستدل من يبطل الوقف الذري على الذرية، يوقف بيته على أولاده، ما الذي يحققه الوقف من الهدف؟ يحققه ألا يبيع الأولاد البيت، يضمن لهم بقاء البيت، أما كونه يأثم أو يؤجر هذا ليس قصداً له، لا يريد بذلك الثواب من الله -جل وعلا-، وإنما يريد أن يبقى أولاده في هذا البيت، لا يخرجون ولا يُخرجون، فمنهم من يصحح مثل هذا الوقف، ومنهم من يقول: هذا ليس بوقف، ولا يثبت الوقف بمثل هذا القصد.

في الوقف هناك وفي الفرائض ذكرنا أن الحقوق المتعلقة بالتركة خمسة: أولها: مؤونة التجهيز، تغسيل الميت وتكفينه، وحمله ودفنه إذا كانت هذه تحتاج إلى أموال فإنها تكون من أصل التركة قبل كل شيء، يلي ذلك الديون المتعلقة بالتركة، الديون على الميت المتعلقة بالتركة، كالدين الذي فيه رهن، يلي ذلك الديون التي لا تتعلق بعين التركة، وإنما تتعلق بذمة الميت، سواءً كانت الديون للخلق أو للخالق، الرابع من الحقوق: الوصايا، الخامس: الإرث، فالحقوق ترتيبها هكذا: مؤونة التركة، مؤونة التجهيز، الحقوق المتعلقة بعين التركة، الديون التي لا تتعلق بعين التركة، ثم الوصايا رقم أربعة، فتقدم الديون على الوصايا، وهذا لا شك أنه هو الجاري على قواعد الشريعة؛ لأن الديون بالنسبة للوصايا نفل، فهي دون الديون في المرتبة والاهتمام، وفي قول الله -جل وعلا-: {مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ} [(11) سورة النساء] هنا في الآية تقدمت الوصية على الدين فهل لهذا التقديم حظ في الأولوية؟ إذا قلنا: نبدأ بما بدأ الله به فنقدم الوصية على الدين، أو نقرر ما قرره أهل العلم من تقديم الدين على الوصية؛ لأنه أهم وأحق في التنفيذ، وأبرئ للذمة، يعني لا بد أن تكون الذمة قد برئت من عهدة الواجب لتلتفت إلى المستحب، هل نقول في مثل هذا كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم- لما رقي على الصفا قال: ((أبدأ بما بدأ الله به)) وفي رواية: ((ابدؤوا بما بدأ الله به)) وذكره أهل العلم في الوضوء، ذكروه دليلاً على الترتيب، فهل نقول: نرتب هنا كما رتبنا هناك؟ أو نقول: نقدم الدين على الوصية ولو تقدمت الوصية على الدين في هذا الباب؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . يقدم الدين على الوصية، وأما البداءة هنا؟ طالب:. . . . . . . . . يعني تقديم الصفا على المروة ما هو بسبب أن الله -جل وعلا- قدمه في قوله: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ} [(158) سورة البقرة] وتقديم غسل الوجه على اليدين؛ لأن الله قدم غسل الوجه على اليدين؟ لماذا لا نقدم الوصية على الدين هنا؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . نقدم على هذا الوصية نبدأ بما بدء الله تعالى به، وإلا نقدم الدين على الوصية؟

باب: الوديعة

طالب:. . . . . . . . . لا، لا، المسألة مفترضة في دين واجب في ذمة زيد من الناس فيريد أن يوصي، أما إذا كانت واجبة فهي دين، ما صارت وصية، المعتبر فيها الدين، نعم نصوص الشريعة تدل على أهمية الدين والبراءة من عهدته، وأن أمره شديد وعظيم، ونفس الميت مرتهنة بدينه، والنبي -صلى الله عليه وسلم- رفض أن يصلي على المدين حتى ضمن ذلك عليه، والشهادة تكفر كل شيء إلا الدين، فإبراء الذمة شيء في غاية الأهمية في الشرع، والوصية نفل، ولا شك أنه ما تقرب أحد إلى الله بمثل ما افترض عليه، فإعفاء الدين فرض واجب فيقدم، إذاً كيف قدمت الوصية في الآية مع أن الدين أهم؟ ليس هذا في موضع فقط في مواضع {مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ} [(11) سورة النساء] {مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَآ أَوْ دَيْنٍ} [(12) سورة النساء] كلها على هذه الوتيرة. طالب:. . . . . . . . . أو دين؟ لكن تقديمها في اللفظ حتى إن الصفا والمروة بمطلق الجمع في الواو ما هي للترتيب، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . لا قد تكون للتخير وقد تكون للتقسيم والتنويع، يعني لها معاني. طالب:. . . . . . . . . نعم الدين له من يطالب به، والوصية ليس لها من يطالب بها؛ لأن الوصية قبل ثبوتها ليس لها من يطالب بها، يعني شخص عنده الأموال ومدين ببعضها ويريد أن يوصي هل في أحد يلزمه بأن يوصي؟ لكن في من يلزمه بسداد الدين؛ فلكون الوصية بصدد أن تنسى لعدم المطالب بها قدمت على الدين؛ لأن له من يطالب به، نعم. بسم الله الرحمن الرحيم وقال الحافظ ابن حجر -رحمه الله تعالى-: باب: الوديعة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده -رضي الله تعالى عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من أودع وديعة فليس عليه ضمان)) أخرجه ابن ماجه، وإسناده ضعيف، وباب قسم الصدقات تقدم في آخر قسم الزكاة، وباب قسم الفيء والغنيمة يأتي عقب الجهاد -إن شاء الله تعالى-. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: باب: الوديعة

الوديعة: فعيلة بمعنى مفعولة، أي مودعة، وهي العين التي توضع عند من تظن فيه الأمانة لحفظها، وجاء الأمر برد الأمانات إلى أهلها {إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} [(58) سورة النساء] سواء كانت هذه الوديعة مال أو عين ينتفع بها، أو ينتفع بها مادياً أو معنوياً، فلا بد من ردها، وقد تلا النبي -صلى الله عليه وسلم- الآية: {إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} [(58) سورة النساء] حينما رد مفتاح الكعبة على بني شيبة، فالأمانة لا بد من ردها وعدم ردها خيانة، وجاء في خصال النفاق خيانة الأمانة ((وإذا اؤتمن خان)) وقبول الأمانة وحفظها والمحافظة عليها من التعاون على البر والتقوى، ومما ينبغي أن يسود بين المسلمين دون مقابل، فالله -جل وعلا- في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه، إذا أراد أن ينتقل من مكان إلى مكان، وخشي على شيء من ماله، ووضعه عند من يتوسم فيه الأمانة، لكن هل يلزم قبوله أو لا يلزم؟ لا يلزم إلا إذا تعين عليه بحيث لا يوجد غيره، وإن أخذه صاحبه وسافر به معه تعرض للخطر هو وإياه، فإنه حينئذٍ يلزمه. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

"عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده -رضي الله تعالى عنهم-" تقدم الكلام في هذه السلسلة مراراً، وأن العلماء اختلفوا في حكم المروي بها، فمنهم المصحح، ومنهم المضعف، ومنهم من توسط، وقال: إذا صح السند إلى عمرو فلا أقل من أن يقال: بحسن الخبر، وسبب الخلاف ومنشأه الخلاف فيما يعود إليه الضمير في قوله: "عن جده" هل يعود إلى عمرو فيكون جد عمرو محمد وعلى هذا يكون الخبر مرسلاً؟ أو يعود إلى شعيب فيكون الجد عبد الله بن عمرو بن العاص؟ والخلاف في رواية شعيب بن عبد الله بن عمرو في سماعه منه معروف، وإن صرح بالسماع في بعض المواضع، وعين مرجع الضمير في روايات عند أحمد والنسائي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عبد الله بن عمرو، وعلى كل حال التوسط في مثل هذه السلسلة هو الأقوى والأظهر أنه يكون حسن؛ لكن يشترطون أن يصح الخبر، يصح السند إلى عمرو، وهنا فيه ضعف قبل عمرو بن شعيب، فيه المثنى بن الصباح وهو متروك، ولهذا قال الحافظ ابن حجر: إسناده ضعيف، وله طرق وآثار تدل عليه، وقد عمل به الصحابة، فهو مروي عن أبي بكر وعلي وابن مسعود وجابر، فكلهم روي عنهم أن الوديعة أمانة، والمودع مؤتمن، والمؤتمن ليس عليه ضمان إلا إذا فرط، المؤتمن ليس عليه ضمان إلا إذا فرط، فإذا فرط فإنه يضمن، إذا تعدى أو فرط فإنه يضمن، والإجماع واقع على أن الوديع ليس عليه ضمان، يعني المؤتمن ليس عليه ضمان إلا عند التفريط، إذا فرط فلا إشكال في كونه يضمن، وعلى هذا ما يودع من الأموال عند من يحفظها من أفراد أو مؤسسات أو بنوك تأتي بمبلغ من المال تودعه عند هذه الجهة، إذا أودعت عند البنك مبلغ من المال يضمن وإلا يضمن؟ نعم؟ يضمن؟ طالب:. . . . . . . . .

إيش لون فرط؟ إيش لون يفرط، وهو عنده حصون وأغلاق وحرس؟ هل الأموال التي توضع في البنوك ويسمونها ودائع أو أمانات هل هي بالفعل أمانات أو قروض؟ إذا كنت قد جئت بالمال ووضعته في كيس فأخذه منك الوديع أو المؤتمن من بنك أو غيره فوضعه في كيسه، وكتب عليه اسمك، ولا يعرف كم عدده، ما فتح الكيس وعده وقال كذا ورماه مع أمواله، فإذا وضعه كما هو ولم يتصرف فيه فهو أمانة، لو تلف ما يضمن، لكن إذا كان أخذه منك وعده وقال: المبلغ كذا، وسجله ووضعه ورماه في صندوقه، يشتغل به، ويتاجر به، يرابح به، ويستعمله لخاصته مثل هذا يضمن؛ لأن هذه ليست سبيل الأمانة ولا طريقها، الأمانة لا يتصرف فيها، فإذا تصرف فيها واستفاد منها فإنه حينئذٍ يضمن؛ لأن الغنم مع الغرم، أما إذا وضعها كما هي في مكان آمن لا يخشى عليها من أحد فإنه حينئذٍ أمين، ولا يضمن إلا إذا تعدى أو فرط، فهل البنوك تأخذ الأموال على أساس أنها أمانات؟ هم يسمونها ودائع، لكن هل هي بالفعل وديعة وأمانة بحيث لا تضمن؟ أو هم يتصرفون فيها؟ يتصرفون إذاً يضمنون، يتصرفون فيها بنية الضمان، لكن لو جاء شخص بمال وقال: هذه عشرة آلاف أنا لست بحاجة لها، وإن تركتها عندي صرفتها في غير لازم، فلعلك تحفظها، ويقول: أنا أحفظها أمانة عندي، لكن أريد أن استعملها، قد أحتاج منها للنفقة فينفق منها، ويرد ما أنفقه، ينفق منها خلال الشهر فإذا استلم الراتب رد ما أنفقه، وكملت الأمانة ثم بعد ذلك جاء لص فسرقها، هل نقول: إن هذا تصرف؟ هذا متصرف أو غير متصرف؟ يعني قبل رد ما أخذه يضمن بلا شك، اقترض منها خمسة آلاف لينفق منها خلال الشهر فلما استلم راتبه رجع الخمسة آلاف، فلما رجعها ووضعها بالمكان الأمين سرقت، هل نقول: إن هذا متصرف أو غير متصرف؟ نقول: هل هذا التصرف مؤثر في الأمانة أو غير مؤثر؟ أما قبل إعادة المبلغ لا شك أنه يضمن، لو أخذ المبلغ هذا واشترى به سلعة، ثم بعد ذلك خسرت السلعة يضمن بلا شك، أو أنفق منه ما أنفق يضمن، لكنه أنفق منه وقد استأذن صاحبه أن ينفق منه، ويعيد إليه ما أنفقه في نهاية الشهر، بعد إعادته وربطه وكتابة اسمه عليه، وضعه في مكان آمن فسرق، فهل يضمن باعتباره تصرف أو لا يضمن

باعتباره أنه أعاده كما كان وقد استأذن صاحبه؟ فالتصرف مأذون فيه، وهذا يحصل ممن يتولى الصدقات والنفقات في سبيل الله، بعض الناس يجمع إما للفقراء وإما لتفطير صائم مثلاً، أو لتحفيظ أو ما أشبه ذلك، أو لمشاريع لبناء مسجد، المسجد يحتاج إلى سنة عمارة، وعنده المبلغ ينفق منه ويصرف ويبيع ويشتري، ثم في النهاية يعيد، هل يجوز له أن يتصرف أو لا؟ وإذا استلم المبلغ ووضعه في مكان آمن لم يتعدَ فيه ولم يفرط لا يضمن لو تلف، لكن إذا كان ينفق منه ويتصرف ويبيع ويشتري ويتاجر ويضمن، لا بد أن يضمن مع هذا التصرف؛ لأن الخراج بالضمان، لكن هل يجوز له أن يستعمل هذه الأموال في مصالحه الخاصة مع غلبة الظن في إعادتها عند الحاجة إليها؟ يقول: المسجد يحتاج خمسمائة ألف مثلاً أو مليون، والمسجد يحتاج إلى سنة عمارة، ويقول: المليون جالس في البنك ليش يجلس؟ أنا أستفيد منه، ويغلب على ظنه أنه كلما طلب شيء للمسجد وفره، لا شك أن الأحوط والأبرء للذمة ألا يتصرف بشيء لا قليل ولا كثير، ولذا لا يجوز أن يخاطر بهذه الأموال؛ لأن بعض الناس في وقت الأسهم عنده أموال لتفطير صائم في رمضان مثلاً، ورمضان باقي عليه ستة أشهر عشرة أشهر مثلاً، يقول: لماذا لا ندخل هذه الأموال في المساهمات إذا جاء رمضان إلى أضعاف، ثم بعد ذلك حصل ما حصل، لا شك أن الضمان عليه، وأنه يغرم ما فات بسبب تصرفه، وعلى هذا الورع والأحوط بألا يتصرف بهذه الأموال بشيء، وإن تصرف فيها أو تلف شيء منها، أو فقد شيء منها لا بد من ضمانه، ولا بد من إحضاره في وقته، لا يتسبب في تأخيره، في النهاية قال المؤلف -رحمه الله-:

"وباب قسم الصدقات في آخر الزكاة" يعني تقدم باب قسم الصدقات بين الأصناف الثمانية التي جاءت التنصيص عليها في كتاب الله -عز وجل- في آخر باب الزكاة؛ لأنه به أليق، وباب قسم الفيء والغنيمة يأتي عقب الجهاد -إن شاء الله تعالى-؛ لأن قسم الغنيمة من توابع الجهاد، ويقول الشارح: "وإنما ذكر المصنف هذا لأن العادة جرت في كتب الفروع عند الشافعية جعل هذين البابين باب قسم الصدقات، وباب قسم الفيء والغنيمة قبل كتاب النكاح، يعني من جهة أنها مناسبة لقسم الوصايا، ومناسبة لقسم التركات؛ لأن الاجتماع هو القسم، لكن لا شك أن قسم الصدقات الأليق به في كتاب الزكاة، وقسم الفيء والغنيمة اللائق به كتاب الجهاد. يقول: ((يأتي أناس من أمتي يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف)) كثيراً ممن يضعفونه يجيزون الأغاني، وهذا الحديث عمدة في التحريم؟ أولاً: الحديث مخرج في صحيح البخاري، قال -رحمه الله-: "وقال هشام بن عمار: حدثنا صدقة" هاه؟ صدقة بن خالد؟ طالب:. . . . . . . . . لا. المقصود أنه يرويه عن أبي عامر أو أبي مالك الأشعري، قال: ((ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف)) الحديث متصل وليس بمعلق؛ لأن البخاري -رحمه الله تعالى- قد لقي هشام بن عمار وأخذ عنه بدون واسطة، وفي الصحيح خمسة أحاديث يقول فيها البخاري: حدثنا هشام بن عمار، غاية ما يقال في (قال) عند أهل العلم أنها مثل (عن)، فإذا كان الراوي بهذه الصيغة قد لقي من روى عنه وبرئ ومن وصمة التدليس فإنها محمولة على الاتصال، والبخاري قد برئ من وصمة التدليس، وأخذ عن هشام بن عمار ولقيه وسمع منه مباشرة، فالخبر متصل في القول المحرر المحقق، وعلى هذا ابن صلاح والحافظ العراقي وجمع غفير من أهل العلم. . . . . . . . . . أما الذي ... لشيخه عزا بقال فكذي عنعنة كخبر المعازفِ ... لا تصغ لابن حزم المخالفِ

المزي والحافظ ابن حجر كأنهم يميلون إلا أن هذا معلق، وليس بمتصل، وهو معلق بصيغة الجزم، فهو صحيح حتى على القول بأنه معلق، وعلى هذا فهو صحيح على القولين كليهما، قد يقول قائل: إذا كان الحديث سمعه البخاري من هشام بن عمار دون واسطة فلماذا قال: قال هشام بن عمار ولم يقل: حدثنا هشام بن عمار كالمعتاد؟ نقول: إن البخاري يعدل عن صريح التحديث لأدنى سبب، والسبب في هذا التردد في الصحابي، عن أبي مالك أو أبي عامر الأشعري، التردد في الصحابي جعله لم يجزم بالتحديث، وعلى كل حال فالحديث صحيح عند كل من يعتد بقوله من أهل العلم، وأما بالنسبة لابن حزم فإنه ضعفه، بل حكم على جميع ما ورد في الباب بأنه موضوع، وقد ورد في باب تحريم الغناء والمعازف أحاديث كثيرة، استوفاها ابن القيم في كتاب له أسماه: السماع، وذكر جملة منها في إغاثة اللهفان، وغيره أيضاً استوعب الأحاديث، وعلى كل حال فالمعازف محرمة؛ لأن مفهوم قوله: ((يستحلون)) يعني يجعلون الحرام حلالاً، وسياقه مع هذه الأمور العظيمة الخمر، يستحلون الحر والحرير الزنا، ولبس الحرير، والخمر، يجعله محرماً بلا إشكال مع قوله: ((يستحلون)) أي يجعلونها حلالاً، والوعيد بالخسف والمسخ الذي ذكر في الخبر يدل على أنها من عظائم الأمور، نسأل الله السلامة والعافية. إذا كان لدى شخص تبرعات فقام بالمتاجرة بها على أن ريعها سيكون معها تبرعاً فخسر فهل يضمن؟ نعم يضمن، ولو غلب على ظنه أنه يربح. يقول: لماذا جعلنا حديث: ((لا وصية لوارث)) مع الآية من باب الناسخ والمنسوخ ولم نجعله من باب الخاص والعام؟ يريد أن نجعل الآية خاصة، والحديث عام، الحديث عام في جميع الورثة، والآية خاصة بالوالدين، نقول: لا يا أخي، حديث: ((لا وصية لوارث)) اتفق العلماء على قبوله، والعمل به، ولا يوجد من أهل العلم من يجعل الوصية للوالدين، وعلى هذا فالحديث مبين للناسخ، إن لم نقل أنه ناسخ، فالناسخ ((إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه)) في المواريث. يقول: ما القاعدة في تقديم الأصل على الظاهر والظاهر على الأصل؟

قوة الظهور وعدمه، فإن كان ظهور الظاهر بحيث يغلب على الأصل فإنه يقدم، وإن كان الأصل يقابله ظاهر أضعف منه فإن الأصل هو الذي يقدم، وإن احتيج إلى مرجح خارجي بحث عنه. ما تقول: في كتاب إحياء علوم الدين؟ إحياء علوم الدين لمؤلفه الغزالي، يسمونه حجة الإسلام، ولا شك أن الرجل معروف ببدعته في التصوف والأشعرية وغيرها، وتصوفه ممزوج بنوع من الفلسفة، فعنده أمور عظائم، وبدع، والكتاب مشتمل على الأحاديث الضعيفة والموضوعة، وفيه فوائد، فطالب العلم المتأهل الذي يستطيع أن يستفيد من هذا الكتاب ولا يتأثر بما فيه من بدع فمثل هذا لو قرأه، والذي لا يستطيع أن يأخذ منه ما يفيده إلا بشيء من التأثر، أو يخشى يعلق في ذهنه شبه لا يستطيع ردها، فإن مثل هذا ينصح بأن لا يقرأ في الكتاب. يقول: ما رأيكم في من يسميه بـ (إماتة علوم الدين)؟ سموه إماتة علوم الدين باعتبار ما فيه من بدعة، وما فيه من أحاديث ضعيفة وموضوعة، لا شك السلامة لا يعدلها شيء، وما فيه من معالجة لبعض أمراض القلوب ورقائق فإنه يستفاد من كتب ابن القيم من غير هذه المفسدة. يقول: هل يشترط في صيام الثلاثة الأيام من كل شهر أن تكون في أيام البيض؟ لا يشترط، بل تتأدى السنة ولو لم يصم الأيام البيض، والأيام البيض جاء فيها حديث في السنن لا بأس به -إن شاء الله تعالى-. يقول: ما رأيكم في كتاب شرح: كتاب بلوغ المرام للشيخ سلمان العودة؟ أنا والله ما قرأت في الكتاب، ولذا لا أستطيع أن أحكم عليه. يقول: الهدية هل يجوز للأب أن يهدي أحد أبنائه عقاراً ولو مات الأب ما الحكم في العقار؟ تقدم حديث النعمان بن بشير وأن أباه نحله غلاماً، وفي بعض الروايات: أرضاً، فأراد أن يشهد النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((كل ولدك أعطيته، أو فعلت به هكذا?)) قال: لا، قال: ((اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم)) لا يجوز للأب أن يعطي بعض الأولاد دون بعض، فإذا أعطاه فإن هذه العطية ترد. يقول: ما حكم الذهاب إلى السحرة إذا كان للعلاج لا للإضرار بالناس؟

على كل حال فك السحر بسحر مثله جريمة، وتمكين الساحر من مزاولة السحر، مواطئة له، واتفاق معه على الشرك، وتمكين له من الشرك الأكبر؛ لأن السحر لا يتم إلا به، فلا يجوز بحال أن يذهب إلى السحرة، وفي تشريع مثل هذا إقرار للسحر والسحرة، فبدلاً من أن يكونوا مجرمين يكونوا محسنين، وإذا أقر مثل هذا فلا بد أن نقرهم على سحرهم؛ لأنهم محسنون، على ضوء ما يفتى به من مثل هذا الكلام، وبدلاً من أن يكون حده ضربةً بالسيف، يكون الإقرار؛ لأنه محسن، يفك السحر، ويحل المعضلات والمشكلات والضرورات، هذا لا يجوز بحال، والسحر إن رفعه الله -جل وعلا- بالعلاج المشروع من الرقى والأدوية والعلاجات الشرعية وإلا فيبقى مصيبة كغيره من المصائب، عليه أن يصبر ويحتسب وأجره على الله. يقول: لو أن إنساناً أوصى بتسعة أعشار ماله، والباقي بعد الوصية يكون ورثته به أغنياء؟ نقول: لا يجوز لماذا؟ لأن سعد بن أبي وقاص قال للنبي -صلى الله عليه وسلم-: أوصي بثلثي مالي؟ قال: ((لا)) أوصي بالشطر؟ قال: ((لا)) والعلة التي ذكرت بعد ذكر الثلث، وما زاد على الثلث لا يجوز بحال، والله أعلم. وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

كتاب الأطعمة

بسم الله الرحمن الرحيم شرح: بلوغ المرام - كتاب الأطعمة (1) الشيخ: عبد الكريم بن عبد الله الخضير السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. سم. بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. قال الحافظ ابن حجر العسقلاني -رحمه الله تعالى- في كتابه بلوغ المرام: كتاب: الأطعمة عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((كل ذي ناب من السباع، فأكله حرام)) رواه مسلم. وأخرجه من حديث ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما- بلفظ: نهى، وزاد: ((وكل ذي مخلب من الطير)). وعن جابر -رضي الله تعالى عنه- قال: "نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوم خيبر عن لحوم الحمر الأهلية، وأذن في لحوم الخيل" متفق عليه، وفي لفظ البخاري: "ورخص". وعن ابن أبي أوفى -رضي الله تعالى عنه- قال: "غزونا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سبع غزوات نأكل الجراد" متفق عليه. وعن أنس -رضي الله تعالى عنه- في قصة الأرنب- قال: "فذبحها، فبعث بوركها إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقبله" متفق عليه. وعن ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما- قال: "نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن قتل أربع من الدواب: النملة، والنحلة، والهدهد، والصرد" رواه أحمد وأبو داود، وصححه ابن حبان. وعن ابن أبي عمار قال: قلت لجابر -رضي الله تعالى عنه-: الضبع صيد هي؟ قال: نعم، قلت: قاله رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: نعم" رواه أحمد والأربعة، وصححه البخاري وابن حبان. وعن ابن عمر -رضي الله تعالى عنهما- أنه سئل عن القنفذ، فقال: {قُل لاَّ أَجِدُ فِي مَا أُوْحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا} [(145) سورة الأنعام] ... الآية" فقال شيخ عنده: سمعت أبا هريرة -رضي الله تعالى عنه- يقول: "ذكر عند النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: ((خبثة من الخبائث)) أخرجه أحمد وأبو داود، وإسناده ضعيف. فقال: ((خبيثة)) أحسن الله إليك. عندي خبثة قد يكون من خبثت وفعلت وإلا خبيثة. أحسن الله إليك.

سمعت أبا هريرة -رضي الله تعالى عنه- يقول: "ذكر عند النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: ((خبيثة من الخبائث)) أخرجه أحمد وأبو داود، وإسناده ضعيف. وعن ابن عمر -رضي الله تعالى عنهما- قال: "نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن الجلالة وألبانها" أخرجه الأربعة إلا النسائي، وحسنه الترمذي. وعن أبي قتادة -رضي الله تعالى عنه- في قصة الحمار الوحشي، فأكل منه النبي -صلى الله عليه وسلم-، متفق عليه. وعن أسماء بنت أبي بكر -رضي الله تعالى عنهما- قالت: "نحرنا على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فرساً فأكلناه" متفق عليه. وعن ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما- قال: "أُكل الضب على مائدة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- –، متفق عليه. وعن عبد الرحمن بن عثمان القرشي -رضي الله تعالى عنه- أن طبيباً سأل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن الضفدع يجعلها في دواء، فنهى عن قتلها. أخرجه أحمد، وصححه الحاكم. وأخرجه أبو داود والنسائي ما في؟ ما هي بعندنا هذه، لا. الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد: فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: كتاب: الأطعمة الكتاب مر شرحه مراراً، .... حيث يتكرر في كتب العلم، وهو كتاب في ضمن كتاب، بل كتب في ضمن كتاب. والأطعمة: جمع طعام، جمع قلة، أفعلة، إلا أن اقترانه بـ (أل) التي هي للجنس أكسبته العموم، فيبحث في هذا الباب جميع ما يؤكل، وقد يطلق على ما يشرب باعتبار أنه يطعم، فيذاق ليتبين طعمه أمستساغ هو أم لا؟ وهذا يدخل فيه ما يؤكل وما يشرب، لكن أهل العلم يذكرون في الأطعمة ما يؤكل فقط، ويخصصون كتاباً للأشربة. يقول -رحمه الله تعالى- في الحديث الأول: "عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((كل ذي ناب)) " (كل) لفظ عموم، و (ذي) بمعنى صاحب، و (ناب) هو السن الذي خلف الرباعية ((كل ذي ناب من السباع)) من السباع: فلا بد من اجتماع الوصفين ليترتب عليه حكم، أن يكون سبعاً له ناب، فلو كان سبعاً لا ناب له لا يدخل في الحديث، وإذا كان له ناب وليس بسبع فإنه لا يدخل في الحديث.

((كل ذي ناب من السباع فأكله حرام)) ((فأكله حرام)) هذا الحكم الذي يشمل ذوات الأنياب أصحاب الأنياب من السباع، ومن سباع البهائم التي تعدو وتصول على الفريسة إذا كانت من ذوات الأنياب فإن أكلها حرام. وهذا الحكم مما زيد في السنة على القرآن، مما جاءت به السنة مما ليس في كتاب الله، والسنة أصل، وهي وحي كالقرآن سواءً بسواء، ففي قوله -جل وعلا-: {قُل لاَّ أَجِدُ فِي مَا أُوْحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَن يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَّسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ} [(145) سورة الأنعام] حصرت الآية في هذه المحرمات، ولا يوجد فيها ما يدل على تحريم ما له ناب من السباع، وما له مخلب من الطير، والأنواع التي جاءت السنة بتحريمها كلها لا تدل عليها الآية، والآية لا شك أنها متقدمة، فالذي يرى نسخ الكتاب بالسنة يقول: الآية منسوخة بما جاء في السنة، والذي لا يرى نسخ الكتاب بالسنة يقول: إن هذا الحكم مزيد على ما جاء في الكتاب؛ لأن مفهوم الحصر {قُل لاَّ أَجِدُ فِي مَا أُوْحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَن يَكُونَ مَيْتَةً} [(145) سورة الأنعام] هذا حصر، مفهومه أن ما عدا ذلك أنه حلال، هذا المفهوم عمومه مخصوص بما جاء في السنة، فيكون من باب التخصيص، والتخصيص يجوز تخصيص الكتاب بالسنة، ويجوز بما هو أقل مرتبة من السنة، فالتخصيص وإن كان رفع لبعض الحكم إلا أنه يختلف عن النسخ الذي هو رفع كلي للحكم، فالجمهور يرون أنه لا بد من الاتحاد في المرتبة في النسخ الذي هو الرفع الكلي، وإن ذهب جمع من أهل التحقيق إلى أن السنة كالقرآن تنسخ وتنسخ به، وعلى كل حال سواءً قلنا: إنه نسخ أو قلنا: إنه تخصيص هو رفع، فإن كان نسخ فهو رفع كلي، ولا يتصور هنا؛ لأن الحكم المستفاد من الآية لم يرفع رفعاً كلياً، فهو تخصيص، رفع جزئي للحكم.

((كل ذي ناب من السباع)) لا بد من تحقق الوصفين، فعلة التحريم مركبة من أمرين: أن يكون سبعاً، وأن يكون له ناب، فإذا كان سبعاً ولم يكن له ناب فإنه لا يدخل في الحديث، وإن كان له ناب، ولم يكن سبعاً لم يدخل في الحديث، ويأتي هذا في الكلام على الضبع؛ لأنها من ذوات الأنياب، وسيأتي ما يدل على حلها، وأنها صيد، وأنها تفدى بكبش إذا صيدت في الحرم، أو صادها المحرم. ((كل ذي ناب من السباع فأكله حرام)) يذكر عن ابن عباس وعائشة وابن عمر إن صح عنهم؛ لأنها تروى عنهم بأسانيد فيها مقال، أن ما عدا ما نص عليه في الآية أنه حلال، ومذهب ابن عباس في هذا الباب فيه شيء من السعة، لكن الحق أحق أن يتبع، فما جاءنا عن نبي الله -عليه الصلاة والسلام- وهو المبلغ عنه وجب علينا قبوله، سواءً كان مما يدل عليه الكتاب، أو مما زيد في السنة على ما في الكتاب؛ لأن السنة وحي {وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} [(3 - 4) سورة النجم] فهنا: ((كل ذي ناب من السباع أكله حرام)) وجاء في حديث ابن عباس، الأول عن أبي هريرة ثم قال: "وأخرجه من حديث ابن عباس" يعني مسلم "بلفظ: نهى" الأول حديث أبي هريرة، والثاني حديث ابن عباس، فحديث ابن عباس غير حديث أبي هريرة؛ لأن طريقة العد عند أهل العلم تتبع الصحابي اتحاداً واختلافاً.

مقتضى قوله: "وأخرجه" يعني الحديث السابق، والحديث السابق حديث أبي هريرة، وكونه من حديث ابن عباس لا يمشي على قاعدة أهل الحديث في اعتبار الصحابي اتحاداً واختلافاً، فالضمير في قوله: "أخرجه" يعود على ما تضمنه الحديث السابق من معنى؛ لأن حديث أبي هريرة يختلف عن حديث ابن عباس، ولو اتحد اللفظ عند أهل العلم، هذا حديث وهذا حديث، بينما لو اتحد الصحابي صار حديثاً واحداً ولو اختلف اللفظ مع اتحاد المعنى، فقوله: "وأخرجه" يعني المعنى الذي دل عليه حديث أبي هريرة، لكنه من حديث ابن عباس وهو حديث آخر بلفظ: "نهى" هناك ((فأكله حرام)) وهنا بلفظ: "نهى" وهذا يذكرنا بما ذكرناه مراراً من أن الصحابي إذا قال: نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه يدل على التحريم كما لو قال -عليه الصلاة والسلام-، أو قال الصحابي: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: لا تفعلوا كذا أو لا تأكلوا كذا، ومثله التنصيص على الحكم بلفظ التحريم ((فأكله حرام)) فقول الصحابي: "نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" بمنزلة: "لا تفعلوا" سواءً بسواء، وهذا فيه رد باعتبار أنه جاء بهذا اللفظ وبهذا اللفظ، رد على من يقول: إن قوله: "نهى" قول الصحابي: "نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" لا يدل على المنع حتى ينقل الصحابي اللفظ النبوي، هذا اللفظ متداول بين الصحابة، ومن تلقاه عنهم من التابعين ينقلونه أحياناً بلفظ: "لا تفعلوا" المضارع المصدر بلا الناهية، أو يعبر عنه بصريح لفظ التحريم ((فأكله حرام)) أو بلفظ: "نهى" من غير فرق، وهذا يدل على ضعف قول من يقول: إننا لا نقبل من الصحابي قوله: أمرنا، أو أمرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حتى ينقل لنا اللفظ النبوي، وحجتهم في ذلك أن الصحابي قد يسمع كلام من النبي -عليه الصلاة والسلام- يفهم منه الأمر، ويعبر عنه بأمرنا رسول الله، أو يفهم منه النهي فيعبر عنه بقوله: نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وفي الحقيقة أن هذا اللفظ لا يحمل معنى النهي ولا الأمر، لكن هذا الكلام مرفوض، يعني إذا كان الصحابة لا يعرفون مدلولات الألفاظ الشرعية فمن يعرفها بعدهم؟! فأبو هريرة قال نقلاً عنه -عليه الصلاة والسلام-: ((فأكله حرام))

وابن عباس قال: "نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن أكل كل ذي ناب من السباع، وزاد: "وكل ذي مخلب من الطير" الجملة الأولى كل ذي ناب يدخل فيه ما لا يحصى، مما نص عليه أهل العلم وذكروه في كتبهم، ومما لم يذكروه، إذا تحقق فيه الوصفان، وكذلك الجملة الثانية "وكل ذي مخلب من الطير" يدخل فيها كل ما انطبق عليه الوصف، ووجد له المخلب من الطيور. هناك قلنا: إنه لا بد من تحقق الوصفين: وجود الناب، ووجود السبعية من السباع، وهل نقول: هنا أنه لا بد من تحقق الوصفين أن يوجد المخلب، وأن يكون طيراً؟ بمعنى أننا لو وجدنا حيوان له ناب، وليس سبعاً لا يعدو، ولا يصول كما قيل في الضبع، جاء الدليل على حلها، ما يدل على حلها، وهل نقول هنا مثل ذلك؟ وجدنا حيوان ليس بطائر، لكن له مخلب يحرم وإلا ما يحرم؟ نعم؟ إذاً لا بد من تحقق العلة بجزأيها، بركنيها؛ لأن العلة إذا كانت مركبة من شيئين فأكثر لا بد من تحقق ما تركبت منه، ولا يكفي للحكم وجود جزء العلة. "وكل ذي مخلب" يقول في القاموس: المخلب ظفر كل سبع من الماشي والطائر، على هذا إذا وجدنا من الماشي له مخلب العلة لم تكتمل؛ لأنه منصوص على قوله: "من الطير" و (من) هذه بيانية، فلا بد أن يكون طائراً له مخلب.

ينازع بعض أهل العلم في مدلول الحديث، وهو المنع من كل ذي مخلب، بل ينازعون في مقتضى النهي، فمنهم من يقول: إن النهي للتحريم، ومنهم من يقول: إن النهي للكراهة، وهنا ينقل النووي -رحمه الله تعالى- أن تحريم كل ذي مخلب من الطير هو قول الجمهور، وخالف في هذا من خالف، لكن قول جماهير أهل العلم على المنع، وعليه يدل الحديث، بينما ابن رشد في بداية المجتهد يعكس، يرى أن القول بالحل هو قول الجمهور، وقال: وحرمها قوم، هل نقول: إن للمذهب تأثيراً في سياق الأقوال، وفي الانتصار لهذه الأقوال؟ معروف أن النووي شافعي المذهب، والشافعية يقولون بمقتضى الحديث، يحرمون ما كان له مخلب، وابن رشد مالكي المذهب، والمالكية في باب الأطعمة يتوسعون أكثر من غيرهم، فهل نقول: إن للمذهب تأثير في سياق الأقوال والانتصار لها؟ لأن سياق الأقوال لا شك أن الإنسان يتأثر بما يترجح عنده فقد يعبر عن القول بما يدل على قوته، وإن لم يصرح بذلك، لكن قد يفهم منه من مضمون أو من مقتضى السياق أنه يرجح هذا القول، فإذا قال مثلاً: قال المحققون، قال جماهير أهل العلم كذا وقال المحققون كذا، طيب أليس في .. ، من ضمن هؤلاء الجماهير الذين قالوا بالقول الأول جمع من أهل التحقيق؟ ما معنى التحقيق في مثل هذا السياق؟ إن كان مقتضاه -مقتضى الوصف بالتحقيق- أنهم رجحوا ما دل عليه الدليل هذا هو التحقيق صحيح، هذا هو التحقيق، لكن هل يُسلّم أن المخالف ليس عنده دليل؟ إذا بحثنا في المسألة ووجدنا أن الجمهور قالوا بقول، والدليل الصحيح الصريح يدل على خلاف ما ذهبوا إليه، وقال بمقتضى الدليل الصحيح الصريح قوم من أهل العلم قلنا: إنهم أهل تحقيق، لكن أحياناً تستغل مثل هذه العبارة للهجوم على قلب القارئ أو السامع، فكون النووي يقول: قال الجمهور بتحريم أكل كل ذي مخلب من الطير، وقال بعضهم: كذا، وعكس صاحب بداية المجتهد، ولا شك أن المذاهب لها تأثير، لكن النووي في هذا الباب أمكن، وبالسنة أعرف من ابن رشد، أعرف من ابن رشد، نعم ابن رشد له اطلاع على المذاهب، لكن لا يمنع أن يكون المذهب أثر عليه، هو مالكي المذهب -رحمه الله الجميع-، وعلى كل حال إذا جاء نهر الله بطل نهر معقل، إذا قال

النبي -عليه الصلاة والسلام-، أو نهى النبي -عليه الصلاة والسلام- عن أكل كل ذي مخلب من الطير سمعنا وأطعنا، ولو قال من قال بخلاف ذلك، لماذا؟ لأن هذا حديث صحيح وصريح وخاص، قد تدل العمومات على خلاف مقتضاه، لكن الخاص عند أهل العلم بما في ذلك المالكية مقدم على العام، فالنفي في قوله: {قُل لاَّ أَجِدُ فِي مَا أُوْحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ} [(145) سورة الأنعام] مخصوص بمثل هذا الحديث. قال -رحمه الله-: "وعن جابر -رضي الله عنه- قال: "نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوم خيبر عن لحوم الحمر الأهلية، وأذن في لحوم الخيل" متفق عليه، وفي لفظ البخاري: "ورخص". "عن جابر -رضي الله عنه- قال: "نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوم خيبر" سنة سبع من الهجرة، وجاء من جاء إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- وهو يقول: أكلت الحمر، فنيت الحمر، فنهى عن أكلها، فمنهم من يرى أن هذه هي العلة؛ لأنها مركوب الناس، فلو فنيت بقوا بدون مركوب، لكن يرد عليه هذا أن الإبل أيضاً مركوب الناس، فإذا أكلت فنيت، ولكن العلة الحقيقية ما جاء التنصيص عليها من كونها رجس. "نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوم خيبر عن لحوم الحمر الأهلية" مفهوم الحديث منطوقه يدل على تحريم أكل لحوم الحمر الأهلية، وبهذا قال جماهير أهل العلم، وخالف من خالف، ومفهومه يدل على جواز أكل لحوم الحمر الوحشية؛ لأن الوصف الأهلية مخرج للوحشية. "وأذن في لحوم الخيل" وسيأتي حديث "نحرنا فرساً على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأكلناه" حديث أسماء، وهو في الصحيحين، ولو ضم إلى الحديث الثالث لكان أولى بالترتيب. "وأذن في لحوم الخيل" وحديث أسماء بنت أبي بكر -رضي الله عنهما- قالت: "نحرنا على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فرساً فأكلناه" متفق عليه. حل الخيل قال به جمع من أهل العلم، ويعضده هذه الأحاديث المخرجة في الصحيحين وغيرهما.

من أهل العلم من يرى أن الخيل كالحمر وكالبغال لا يجوز أكلها؛ لأن الله -جل وعلا- امتن بركوبها، ولم يمتن بأكلها {وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا} [(8) سورة النحل] ولو كانت مأكولة لامتن بأكلها كما امتن بأكل بهيمة الأنعام، وأيضاً هي عطف عليها البغال والحمير، وهذه غير مأكولة بالاتفاق على ما تقرر بعد النهي عن أكل لحوم الحمر، والامتنان يكون بأعلى وجوه الانتفاع فلو كان الأكل جائزا ًلكان الامتنان به أعظم من الامتنان بالركوب، وعطف المفردات التي منها المحرم ومنها المباح قالوا: هذا لا يكون في كلام البلغاء، يعني يعطف أشياء بعضها مباح وبعضها محرم هذا لا يكون في كلام البلغاء، لكن كما هو معلوم عند أهل العلم أن دلالة الاقتران ضعيفة، وعطف بعضها على بعض لاشتراكها فيما دل عليه السياق من الامتنان وهو الركوب، الركوب وهي كلها مركوبة، فهي تشترك في كونها مركوبة، ولا تشترك في كونها مأكولة أو غير مأكولة، فالامتنان إنما هو بالركوب، وهذا شيء ملاحظ من يشتري الخيل من أجل الأكل، يعني اقتناء الخيل هل المقصود منه عند عموم الناس في القديم والحديث هو الأكل أو الركوب؟ الركوب، ولا يعني أن كون أظهر وجوه الانتفاع بالخيل أنها لا تؤكل، بينما بهيمة الأنعام أظهر وجوه الانتفاع بها هو الأكل وإن كانت مركوبة. بعض ما يباع الآن من بهيمة الأنعام لا يشترى من أجل الأكل، وإنما يشترى لوجوه أخرى من وجوه الانتفاع إما للنسل أو لغيره، فهل يعمد عاقل أن يشتري جملاً بمائة ضعف، أو بألف ضعف كما هو موجود الآن، أو تيس أو ما أشبه ذلك يشتريه بهذه الأضعاف المضاعفة من أجل أن يأكل؟ لا، ولذلك لا يعمد إنسان أن يشتري فرساً وبإمكانه أن يشتري جملاً أوفر منه لحماً بأضعاف قيمة الجمل من أجل أن يأكل، وإنما يشترى من أجل أن يركب مما يدل على أن أظهر وجوه الانتفاع بالنسبة للخيل هي الركوب وإن جاز أكلها، وكذلك الأنواع من بهيمة الأنعام يستفاد منها فوائد كثيرة، وينتفع بها من وجوه متعددة، للدر والنسل والصوف، وما أشبه ذلك، ومع ذلك أعظم وجوه الانتفاع بها الأكل، فالإجابة عن الآية بالنسبة لمن قال بحل أكل الخيل من وجهين:

الأول: أن دلالة الاقتران واقترانها مع البغال والحمير استدلال بهذه الدلالة التي هي مضعفة عند أهل العلم. الأمر الثاني: أن الامتنان بركوبها واتخاذها زينة لا ينفي أن تكون مأكولة؛ لأن الامتنان إنما يكون بأعظم وجوه الانتفاع، وأعظم وجوه الانتفاع بالنسبة للخيل هو الركوب وإن جاز أكلها. أخرج أبو داود عن غالب بن أبجر قال: "أصابتنا سنة فلم يكن في مالي ما أطعم إلا سمان حمر" وفي رواية: "إلا سمان حمري"، "فأتيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقلت: إنك حرمت لحوم الحمر الأهلية، وقد أصابتنا سنة" يعني مجاعة جدب وقحط، فقال: ((أطعم أهلك من سمين حمرك، فإنما حرمتها من أجل جوال القرية)) يعني الجلالة التي تأكل النجاسات من عذرة وغيرها ((أطعم أهلك من سمين حمرك)) الحديث مضعف عند أهل العلم، وأيضاً لفظه فيه نكارة، سنة وجدب وقحط ولا يجد غيرها، وتكون سمينة؟! يتصور هذا؟! لا يوجد إلا سمان حمري، ما عنده إلا سمان حمر، يعني حمر سمينة، الحمر سمينة والإبل والغنم والبقر هزيلة؟! كيف يكون هذا؟! هذه نكارة في اللفظ، إضافة إلى ضعف الإسناد. بعد هذا يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "وعن ابن أبي أوفى -رضي الله عنهما- قال: "غزونا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" في الحديث السابق "في لفظ البخاري: "رخص" نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن لحوم الحمر يوم خيبر الأهلية، وأذن في الخيل، وفي وراية للبخاري: "رخص" قال بعضهم: إنه يؤخذ من هذا اللفظ أن الترخيص على خلاف الأصل، الأصل في الخيل التحريم، لكنه رخص.

الرخصة في اصطلاح أهل العلم وهو اصطلاح حادث: ما جاء على خلاف الدليل الشرعي، ما دامت الرخصة جاءت على خلاف الدليل الشرعي، والرسول -عليه الصلاة والسلام- رخص في لحوم الخيل دليل على أن الترخيص هذا جاء على خلاف الدليل الشرعي، فالدليل الشرعي يدل على التحريم، والرخصة جاءت على خلاف الدليل الشرعي، كما رخص في أكل الميتة عند الاضطرار، هذا يقوله من يرى تحريم لحوم الخيل، يستدل بقوله: "رخص في لحوم الخيل" ويطبق اللفظ لفظ الحديث على الاصطلاح الحادث، ويستدل به على المنع من أكل لحوم الخيل؛ لأن الرخصة على خلاف الدليل الشرعي، يعني مع قيام الأصل لا عدولاً عنه، ولا نسخاً له، فكونه يرخص للمضطر الأكل من الميتة لا يعني أن الميتة نسخ حكمها وصارت حلالاً، وإنما تؤكل عند الاضطرار، وفي يوم خيبر لما حرم لحوم الحمر الأهلية وكانت تؤكل جعل في مقابل ذلك أن رخص في لحوم الخيل وإن كانت محرمة، يعني ننتبه لهذا الاستدلال وهو دقيق، ويحتاج إلى شيء من الانتباه. يقول: مما يدل على تحريم لحوم الخيل قوله: "رخص" لماذا؟ لأن الرخصة ما جاءت على خلاف الدليل الشرعي، مع قيام مقتضى الدليل الشرعي، الحكم الشرعي الأصلي قائم، فالميتة يحرم أكلها، تجوز للمضطر، ويبقى أن الميتة حرام، فالأكل من الميتة على خلاف الدليل الشرعي، ويقابلها العزيمة التي هي ما جاء على مقتضى ووفق الدليل الشرعي. قال: ما دام يقول: رخص، فأكل لحوم الخيل رخصة، يقابله العزيمة وهو التحريم، والداعي لهذه الرخصة شدة الاحتياج إليها لمنع أكل لحوم الحمر، فإذا توفر غيرها لا يجوز أكلها، وهذا تنزيل للنص الشرعي على الاصطلاحات الحادثة، والذي يغفل عن مخالفة كثير من المصطلحات لما تدل عليه النصوص لا شك أنه يقع في مثل هذا، يعني ننزل لفظ القرآن أو السنة أو استعمالات المتقدمين على الاصطلاحات الحادثة نقع في مخالفات كبيرة.

في سورة الإسراء ذكر الله -جل وعلا- عدداً من المحرمات، بل من الكبائر والموبقات، ثم قال: {كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيٍّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا} [(38) سورة الإسراء] يعني لو طبقنا الكراهة على مقتضى الاصطلاح الحادث، قلنا: إن جميع ما ذكر مكروه، يعني لا إثم فيه، إنما اجتنابه يترتب عليه الأجر، هل هذا الكلام مقبول؟ نعم؟ لا ليس بصحيح. ذكرنا مراراً أن عدم معرفة الاصطلاحات وعدم ملائمتها للنصوص هذا يوقع في حرج كبير، يعني حتى الاصطلاحات العرفية وتطبيق النصوص عليها يوقع في حرج كبير، وذكرنا من الأمثلة على ذلك: أن العامة يقولون للغني البخيل يسمونه محروم، المحروم يعطى من الزكاة وإلا ما يعطى؟ بالنص يعطى بالقرآن، بصريح القرآن يعطى {وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ * لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ} [(24 - 25) سورة المعارج] ثم يأتي من يستعمل الحقيقة العرفية والاصطلاح العرفي فيعطي زكاته لغني أرصدته في البنوك أضعاف أضعاف أموال هذا المزكي، يقول: هذا محروم مسكين، ومنصوص عليه في القرآن، فطالب العلم عليه أن يتنبه لهذه الاصطلاحات مع موافقتها ومخالفتها للنصوص. وذكرنا مراراً أن لو أن إنساناً عاش في البادية وهو صاحب إبل وأقسم الأيمان المغلظة أنه ما رأى جمل أصفر، هل نستطيع أن نقول: إنه مكذب للقرآن؟ الحقيقة العرفية لهذا اللون عنده تختلف عن الحقيقة التي جاء ذكرها في كتاب الله -جل وعلا-، فكونهم يأخذون من هذا الحديث: "رخص" أنه في مقابل العزيمة، العزيمة التحريم والرخصة جاءت على خلاف الدليل، فيبقى أن لحوم الخيل حرام؛ لأنه رخصة والرخصة بقدرها تستعمل يعني عند الاحتياج إليها.

يعني لو عكس الدليل على هذا القائل، وقال: إن الله يحب أن تؤتى رخصه، ما دام رخص في لحوم الخيل يحب أن تؤكل الخيل، وهذا بخلاف الرخصة التي في أكل الميتة للمضطر، هل يقول قائل: إن الله يحب أن تؤتى رخصه ينزلها على الميتة بالنسبة للمضطر؟ إذا كان مضطر قلنا: نعم لا بد من تحقق وصف الاضطرار، وعلى هذا لو أن مضطراً شارف على الهلاك، ووجد ميتة فلم يأكل منها فمات يأثم وإلا ما يأثم؟ يأثم؛ لأن هذه التهلكة التي نهي عنها، لكن إذا قال: أنا أجد نفسي أعافه، الموت أسهل عليه من الأكل من الميتة، هل يكره على الأكل من الميتة أو لا؟ لأن بعض الناس لو يكره على أكل طعام مباح ونفسه تعافه لا يطيق ذلك فضلاً عن كونه محرم، وفيه أمراض، وفيه أشياء، وفيه رائحة منتنة، ميتة. على كل حال هذا بحث آخر، يختلف عما نحن فيه، لكنه من باب الاستطراد. الحمر الأهلية قبل خيبر كانت مباحة، وكانت داخلة في {وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ} [(157) سورة الأعراف] ثم في يوم خيبر لما حرمت صارت ممنوعة، أكلها حرام، وصارت من الخبائث {وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ} [(157) سورة الأعراف] وقل مثل هذا في الخمر لما كانت مباحة ثم حرمت، فهل الطيب والخبث وصف حسي أو معنوي؟ إذا قلنا معنوي قلنا: يتبع النص، وتكون لحوم الحمر قبل التحريم وبعد التحريم على حد سواء فائدتها ما تغيرت، ضررها موجود قبل وبعد، إذا كان فيها نفع قبل التحريم فهو موجود بعد التحريم، وإذا كان فيها ضرر بعد التحريم ففيها ضرر قبل التحريم، هذا إذا قلنا: إن الخبث والطيب معنوي، ويتبع النص، وإذا قلنا: حسي، والله -جل وعلا- قادر على أن يجعلها طيبة نافعة قبل التحريم، ويجعلها ضارة خبيثة بعد التحريم، قلنا: إنه حسي، ما المانع؟ وقد جاء في الأثر: "إن الله لما حرم الخمر سلبها المنافع" هذا يذكر عن بعض السلف "سلبها المنافع" وإذا قلنا: إن المنافع منافع دنيوية في الترويج والتجارة وكذا هذا عاد موجود، لكن يبقى أن الإثم أعظم والضرر أكبر. يقول -رحمه الله تعالى- في الحديث الرابع: "وعن ابن أبي أوفى -رضي الله عنهما- قال: غزونا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سبع غزوات نأكل الجراد" متفق عليه".

تقدم في أول الكتاب حديث: ((أحلت لنا ميتتان ودمان، الحوت والجراد)) ميتتان، وهو يؤكل، ولو مات حتف أنفه، وهذا هو الأصل فيه، إذ لا يتصور تذكيته، لا تتصور تذكيته فهو حلال، وإن كان ميتاً، وهنا حديث ابن أبي أوفى -رضي الله عنه- قال: "غزونا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سبع غزوات نأكل الجراد، متفق عليه". هذا فيه إشارة إلى ما كان عليه -عليه الصلاة والسلام- مع أصحابه أشرف الخلق، وأكمل الخلق، وأفضل جيل سبع سنوات يأكلون الجراد، يعني هل الجراد شيء فاضل أو مفضول؟ مفضول، إنما يؤكل لعدم غيره. فضيق العيش على النبي -عليه الصلاة والسلام- بحيث يمر الهلال والهلالان والثلاثة -ثلاثة أهلة- في شهرين ما أوقد في بيته نار، ما كان طعامهم إلا الأسودان التمر والماء، وكان يربط الحجر على بطنه -عليه الصلاة والسلام-. كل هذا يدل على أن انفتاح الدنيا وتوسيعها على بعض الناس وبعض العصور لا يعني أن هذا لمزيد فضل لهؤلاء عند الله -جل وعلا-، أو ما يقابله بالنسبة لمن زويت عنهم الدنيا كصدر هذه الأمة، النبي -عليه الصلاة والسلام- إنما خشي على أمته أن تفتح عليهم الدنيا، وإذا نظرنا إلى ما سبق قبل نصف قرن مثلاً وجدنا أن الأمة عاشت عيشة ضيق وظنك في بعض البلدان، ومع ذلكم ما تنازلوا عن شيء من دين ولا عرض ثم لما فتحت الدنيا وتوسع الناس فيها صارت على حساب الدين، فالذي خشيه النبي -عليه الصلاة والسلام- على أمته وقع، لما فتحت الدنيا وتوسعوا وقليل من عبادي الشكور، نعم من شكر {لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ} [(7) سورة إبراهيم] لكن هذا قليل، وأكثر الناس إذا وسع عليهم يكفرون النعم كما هو حاصل بالنسبة لكثير من المسلمين. سبع سنوات أو سبع غزوات يأكلون الجراد، هذا فيه أولاً ما يدل على ضيق عيشه -عليه الصلاة والسلام- وليس ذلك لهوانه على ربه، وإنما ليدخر أجره كامل، يجده موفوراً يوم القيامة، وكذلك صحابته -رضوان الله عليهم-، ولما طعم ما طعم من اللحم وغيره، قال: ((لتسئلن عن هذا النعيم)).

النعيم المباح لا يستطيع أن يقول أحد بأنه محرم، سئل النبي -عليه الصلاة والسلام- في أكثر من مناسبة فقال: ((أنا لا أحرم ما أحل الله)) {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ} [(32) سورة الأعراف] لا يستطيع أحد أن يحرم، لكن له تبعات، يحتاج إلى شكر {وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ} [(13) سورة سبأ] فتبعاته قد لا يتخلص منها الإنسان، والغالب أن الإنسان يصبر على الشدة؛ لأن الإنسان معرض للابتلاء والامتحان، إما بسراء أو بضراء، وكثير من الناس يمكن أن يصبر على الضراء، لكنه لا يستطيع أن يتجاوز محنة السراء هذا بالنسبة لكثير من الناس، ويدل عليه قوله -جل وعلا-: {وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ} [(13) سورة سبأ] قليل من يصبر على محنة السراء، ويؤدي حقها. سبع غزوات يأكلون الجراد هذا فيه دليل على أن الجراد حلال الأكل، وإن كان ميتاً، كما دل عليه الحديث الأول إلا إذا كان مشتملاً على ضرر كما قيل في جراد الأندلس، يقولون: إنه ضار، وأفتى أهل العلم بتحريم أكله، لماذا؟ لأنه جراد؟ لا، لأنه ضار، فالضار محرم، لا يجوز لإنسان أن يتناول ما يضره؛ لأن بدنه ليس ملكاً له، فيحرم من هذه الحيثية، وإلا فالجراد حلال. "غزونا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سبع غزوات نأكل الجراد" المعية مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تقتضي الاشتراك في الغزو، يعني مع رسول الله هذه المعية في الغزو، لكن هل تقتضي أنهم أكلوا معه الجراد؟ يعني "غزونا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سبع غزوات نأكل معه الجراد" أيضاً، فتكون المعية للغزو وللأكل؟ أو أنهم غزوا معه وهم يأكلون الجراد بغض النظر عنه -عليه الصلاة والسلام- هل أكل أو ما أكل؟ طالب:. . . . . . . . . نعم؟ طالب:. . . . . . . . . يعني لا تقتضي الصيغة أن يكون الرسول -عليه الصلاة والسلام- أكل الجراد، وإنما غزوا معه ويأكلون الجراد، فيكون إباحة أكل الجراد بدليل تقريره -عليه الصلاة والسلام- لهم وهم يأكلونه وهم معه، والتقرير وجه من وجوه السنة. جاء في بعض الروايات "نأكل الجراد معه" المعية هنا للغزو أو للأكل؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . .

هذه واضحة أنها للأكل، وأحياناً يكون المتعلق معقب أو متعقب لفعلين، ويختلف الحكم باختلاف المتعلق مثل إرادة الإلحاد في الحرم {وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ} [(25) سورة الحج] (فيه) هل الجار والمجرور متعلق بالإرادة أو بالإلحاد؟ طالب:. . . . . . . . . لا، أنا أريد أن أقرب ما معنا الآن (فيه) الجار والمجرور متعلق بالإرادة أو بالإلحاد؟ وهل يختلف الحكم باختلاف المتعلق أو لا يختلف؟ إذا قلنا: متعلق بالإرادة قلنا: {وَمَن يُرِدْ فِيهِ} [(25) سورة الحج] تكون الإرادة في الحرم ولو كان الإلحاد خارج الحرم، وإذا قلنا: (فيه) الجار والمجرور متعلق (بإلحاد) قلنا: إن الإلحاد في الحرم حرام، إرادة الإلحاد في الحرم حرام ولو كانت هذه الإرادة خارج الحرم، وعندنا معه هنا رواية الباب صريحة في أنهم غزوا معه، وهم لا يغزون إلا معه -عليه الصلاة والسلام-، سبع غزوات مع النبي -عليه الصلاة والسلام- "نأكل الجراد" هذه إذا قلنا: إن المعية متعلقة بالغزو والأكل صارت الدلالة بفعله -عليه الصلاة والسلام- بأكله من الجراد، وإذا قلنا: إنهم يغزون معه ويأكلون الجراد ما فيها دليل على أنه أكل، لكن جاء في بعض الروايات ما يدل على أنه أكل -عليه الصلاة والسلام- "نأكل معه" في رواية للبخاري: "نأكل الجراد معه" هذه الجملة وهذه الرواية تدل على أن المعية في الأكل، فالنبي -عليه الصلاة والسلام- يأكل الجراد، وهم يأكلون معه، ولا شك أنه إذا أكل كان أبلغ من مجرد التقرير، على ما سيأتي بالنسبة لأكل الضب. أخرج أبو داود أن النبي -عليه الصلاة والسلام- سئل عن الجراد، فقال: ((لا آكله ولا أحرمه)) قالوا: هذا الحديث معل بالإرسال، ولا يقاوم حديث الباب، فجماهير أهل العلم على حل الجراد. وسبق في كتاب المناسك بالنسبة للجراد هل فيه فداء أو لا فداء فيه تبعاً لكونه برياً أو بحرياً؟ جاء عن بعض الصحابة أنه نثرة حوت، يعني بحري، وحينئذٍ فيه فداء وإلا ما فيه فداء؟ طالب:. . . . . . . . .

لا فداء فيه؛ لأنه بحري، وجاء هذا عن بعض الصحابة، لكن هل ثبت من حيث الواقع أنه يخرج من البحر، أو يأتي من البر؟ نعم؟ نعم بالمشاهدة، المشاهدة تدل على أنه بري؛ لأنه يتكاثر في البر لا في البحر، وعلى هذا فيه الفداء، طيب ما ثبت عن بعض الصحابة، قد يثبت عن الصحابي من قوله ما لا أصل له، بمعنى أنه قد يكون تلقاه عن أهل الكتاب، أو يكون اجتهاد منه؛ لأن مثل هذا لا ينتظر فيه نص، نعم إذا وجد النص كان هو الحاسم، لكن مثل هذا إذا يعني هو من مما يتناسل ويتكاثر على وجه الأرض فهو بري. كونه يذكر أو يثبت عن بعض الصحابة أنه قال: نثرة حوت أو بحري، وأنه لا فداء فيه، هذا اجتهاد من هذا الصحابي، وقد يخطئ في اجتهاده؛ لأنه ليس بمعصوم، يخطئ في اجتهاده، لكن الصحابي في نقله عن النبي -عليه الصلاة والسلام- الصحابة كلهم عدول، ثقات، يعني إذا صرح بإضافته إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- قلنا: سمعنا وأطعنا، لكن ما صرح بنقله عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، إما أن يكون تلقاه عن أحد من أهل الكتاب، وهذا موجود من بعض الصحابة، عرف بالأخذ عن أهل الكتاب، وجاء الأمر بالتحديث عن أهل الكتاب ((حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج)) وفي رواية: ((فإن فيهم الأعاجيب)). على كل حال هذه المسألة تقدمت في كتاب المناسك، والمتجه أنه بري، أنه بري يفدى. قال -رحمه الله-: "وعن أنس -رضي الله تعالى عنه- في قصة الأرنب- قال: "فذبحها" في حديث أنس وهو في الصحيحين: "أنفجنا" يعني أثرنا أرنباً بمر الظهران، فأخذتها فجئت بها إلى أبي طلحة، فذبحها، وبعث بوركها إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- فقبله" وفي بعض الروايات أنه أكل منه، مما يدل على حل أكل الأرنب، وهو محل إجماع ممن يعتد بقوله من أهل العلم، إجماع، هناك قول شاذ أنها لا تؤكل، وأنها تحيض وما أشبه ذلك من الأقوال التي لا مستند لها. على كل حال عامة أهل العلم على أنها مباحة، ويذكر عن بعض طوائف المبتدعة مما يشابهون فيه اليهود أنهم يقولون بتحريم أكل الأرنب، واليهود يقولون بتحريمه، وهذه من الأوجه الكثيرة التي يشابهون فيها اليهود.

وفي رحلة ابن بطوطة لما قدم إلى بعض بلدان المشرق لاحظوا عليه أنه لا يقبض يديه في الصلاة، فاتهموه بالتشيع؛ لأن الشيعة لا يقبضون، فامتحنوه بالأرنب، قدموا له أرنب فأكل، فاستغربوا يأكل الأرنب فسألوه، فذكر أن الإرسال معروف عند المالكية، يعني لا يلزم من كونه يرسل أن يكون من الشيعة، فامتحنوه بالأرنب لأنهم لا يأكلونها، وعامة أهل العلم بل إجماع واقع على حل أكله، منهم من كره، أطلق القول بكراهتها، ولعلهم استندوا في ذلك إلى ما ذكر عن ابن عمر أنها تحيض، ولكن هذا ولو ثبت أنها تحيض لا يقتضي المنع من أكلها؛ لأن الدليل الصحيح الصريح جاء به، بالحل. قال: "وعن ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما- قال: "نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم– عن قتل أربع من الدواب: النملة والنحلة والهدهد والصرد" رواه أحمد وأبو داود، وصححه ابن حبان". على كل حال الحديث صحيح، والمؤلف ساق هذا الحديث ليبين كغيره من أهل العلم من يرى أن النهي عن قتل الحيوان دليل على تحريمه، إذ لو كان مباحاً لما نهي عن قتله، وبالمقابل الأمر بقتله دليل على تحريمه أيضاً، النهي عن قتله قالوا: دليل على تحريم أكله، والأمر بقتله دليل على تحريم أكله، طيب ما الذي يباح؟ الذي يقتل عند الحاجة؛ لأنه جاء النهي عن قتل الحيوان إلا لمأكلة، يعني للأكل، فلا يقتل الحيوان عبث، فإذا نهي عن قتله مطلقاً دل على أنه لا يجوز أكله، وإذا أمر بقتله مطلقاً دل على أنه لا يجوز أكله. "وعن ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما- قال: "نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن قتل أربع من الدواب: النملة" النملة لا تقتل، لكن إذا آذت فإنها تقتل، ونبي من الأنبياء آذته نملة فلسعته فأمر ما حوله من النمل أن يتلف، وعوتب على ذلك، مما يدل على أن الأصل أنه لا يقتل، لكن ما يؤذي كما يقرر أهل العلم أن ما آذى طبعاً قتل شرعاً. النملة التي تؤذيك تقتلها، وجاء النهي عنها في هذا الحديث.

"والنحلة" النحلة لا شك أنها مؤذية؛ ولسعها مختلف فيه هل هو أشد من لسع العقرب كما في المسألة الزمبورية أو أقل؟ على كل حال لسعها شديد، وهي مؤذية، فإذا لم يحصل منها الأذى فإنها لا تقتل، لماذا؟ لأن الله -جل وعلا- امتن على عباده بما يخرج من بطونها من العسل {شَرَابٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاء لِلنَّاسِ} [(69) سورة النحل] يخرج من بطونها هذا العسل الطيب الذي هو شفاء بمنطوق القرآن، وإن كان بعض المتزلفة والمرتزقة في مجلس المنصور قال: {يَخْرُجُ مِن بُطُونِهَا} [(69) سورة النحل] قال: من بطون آل البيت، لأن المنصور عباسي من ولد العباس بن عبد المطلب، فكان بحضرتهم شخص قال: جعل الله رزقك مما يخرج من بطونهم، إذا كان فيه شفاء استشفي يا الله. فالنهي عن قتل النحلة لهذا؛ لأن الله -جل وعلا- امتن على عباده بما يخرج من بطونها، وهي سبب في وجود هذا العسل الذي هو شفاء للناس. "الهدهد" وهو طائر معروف "والصرد" قالوا: إنه طائر فوق العصفور كبير الرأس، يأكل الحشرات، نهي عن قتله. استدل أهل العلم على تحريم أكلها بالنهي عن قتلها، وتحريم أكلها قول جماهير أهل العلم، هناك خلافات وأقوال شاذة في حل بعضها إلا أن النمل مجمع على تحريمه. قال -رحمه الله-: "وعن ابن أبي عمار" قال: هو عبد الرحمن بن أبي عمار المكي، تابعي "قال: قلت لجابر" بن عبد الله الصحابي الجليل الشهير: "الضبع صيد هو؟ قال: نعم، قلت: قاله رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ " يعني هذا تنقله عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أو تقوله باجتهادك؟ "قاله رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ قال: نعم" رواه أحمد والأربعة، وصححه البخاري وابن حبان". في حديث تحريم كل ذي ناب أشرنا إلى هذا الحديث، مما يدل على حله، وتخصيص الحديث السابق بهذا الحديث، ولما فيه من فداء، حديث جابر: "الضبع صيد فإذا أصابه المحرم ففيه كبش مسن" يقول الشافعي: "وما زال الناس يأكلونها ويبيعونها بين الصفا والمروة من غير نكير". فيها فداء وتباع بين الصفا والمروة؟ يبيعونها لحم وإلا حية؟ لأن الشافعي يقول: "وما زال الناس يأكلونها ويبيعونها بين الصفا والمروة من غير نكير" طالب:. . . . . . . . .

نعم؟ الحديث ويش يستفيد منها؟ ولا يجوز قتلها في الحرم؟ طالب:. . . . . . . . . طيب إذا صاد المحرم أو صاد في الحل، ثم أدخله الحرم الصيد يجوز إمساكه وإلا يجب إرساله؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . كيف؟ طالب:. . . . . . . . . الآن باعوها بين الصفا والمروة، وهي صيد تفدى بكبش مسن، الشافعي يريد أن يستدل لذلك على أنها يجوز أكلها، وأنها تباع، والناس لا ينكرون بيعها بين الصفا والمروة، يعني في الحرم، فإذا صاد إنسان حلال في الحل صيداً ثم أدخله الحرام هل يلزمه إرساله أو يجوز له إمساكه؟ طيب إذا اشتراه داخل الحرم يمسكه وإلا يرسله؟ طالب:. . . . . . . . . هاه؟ طالب:. . . . . . . . . النهي عن الصيد، طيب إذا اشتراه يأكله وإلا ما يأكله؟ طالب:. . . . . . . . . يذبحه في الحرم وهو صيد؟ يمكن تذكرون ما تكلمنا فيه من موضوع هل المراد بالصيد المصيد أو الاصطياد؟ يصح أن نقول: هذا الطائر صيد، صيد والاصطياد يقال له: صيد، فالنهي عن الصيد في الحرم أو في الإحرام هل ينصب إلى المصيد، وهذا قول أكثر أهل العلم، أو ينصب إلى الاصطياد؟ بمعنى أنك إذا ما اصطدته اشتريته شراء، أو كان الاصطياد في وقت يجوز فيه الاصطياد حلال، وفي الحل، ثم أدخلته في الحرم، أكثر أهل العلم على أنه لا يجوز لك أن تذبحه، بعضهم يقول: تخرج به عن الحرم، وبعضهم يقول: يلزمك أن ترسله، تطلقه، فإذا دخل الحرم كان آمناً. ومنهم من يقول: إن المراد بتحريم الصيد تحريم الاصطياد، فإذا ملك بغير اصطياد كان الحرم وغيره سواء.

الشافعي -رحمه الله تعالى- يقول عن الضبع: "وما زال الناس يأكلونها ويبيعونها بين الصفا والمروة من غير نكير" هو يريد أن يقرر أنها مأكولة اللحم، والمعول في ذلك على حديث الباب، المعول في ذلك على حديث الباب "قلت لجابر: الضبع صيد هو؟ قال: نعم، قلت: قاله رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ قال: نعم" وأيضاً كونها تفدى، غير المأكول لا يفدى، وإنما يفدى مأكول اللحم، وبهذا قال الشافعية والحنابلة، قالوا: بأنها مأكولة اللحم، والحنفية يرون أنها لا تؤكل استدلالاً بالحديث السابق، وأن لها ناب، وقد نهى النبي -عليه الصلاة والسلام- عن أكل كل ذي ناب من السباع، ولا شك أن هذا الحديث مخصص، مخصص لحديث "نهى عن أكل كل ذي ناب من السباع" فإما أن نقول: مخصص؛ لأنه له ناب، فيخرج بحديث الباب، أو نقول: بأن العلة ما اكتملت؟ نعم؟ لأنه ليس بسبع، له ناب لكنه ليس بسبع، ووجود جزء العلة لا يستقل بالتحريم حتى تكتمل أجزاؤها. "وعن ابن عمر -رضي الله تعالى عنهما- أنه سئل عن القنفذ" سئل ابن عمر -رضي الله عنهما- عن القنفذ "فقال" مستدلاً بالآية: " {قُل لاَّ أَجِدُ فِي مَا أُوْحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ} [(145) سورة الأنعام] " والآية ليس فيها تنصيص على القنفذ، فليست بمحرمة، استدل بالآية، وأن القنفذ لم يستثن من ضمن ما استثني في الآية "فقال شيخ عنده: سمعت أبا هريرة يقول: "ذُكر عند النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: ((خبيثة من الخبائث)) " فقال ابن عمر: "إن كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال هذا فهو كما قال". قال: "أخرجه أحمد وأبو داود، وإسناده ضعيف" ضعيف لماذا؟ "فقال شيخ عنده" مجهول، لو افترضنا أن الإسناد: مالك عن نافع عن ابن عمر أنه سئل عن القنفذ، فقال: {قُل لاَّ أَجِدُ فِي مَا أُوْحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ} [(145) سورة الأنعام] فقال شيخ عنده: سمعت أبا هريرة يقول ... إلى آخره، يكون الحديث صحيح وإلا ليس بصحيح؟ مالك نافع عن ابن عمر؟ هاه؟ طالب:. . . . . . . . . كيف؟ طالب:. . . . . . . . .

مالك عن نافع، أنت افترض أنه هكذا: مالك عن نافع عن ابن عمر -رضي الله عنهما- أنه سئل عن القنفذ فقال: {قُل لاَّ أَجِدُ فِي مَا أُوْحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ} [(145) سورة الأنعام] ... إلى آخره، فقال شيخ عنده: سمعت أبا هريرة ... إلى آخره، نعم صحيح إلى ابن عمر، يعني الموقوف صحيح، والمرفوع ضعيف، نظيره حديث أبي برزة في الحوض عند أبي داود الحديث إلى أبي برزة والقصة صحيحة، وثلاثية في سنن أبي داود، لكن المرفوع حديث الحوض المرفوع إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- فيه ضعف، فخرج رجل فقال: إن أبا برزة -رضي الله عنه- يقول: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، يعني وجد واسطة مجهولة بين أبي برزة وبين من دونه، وهذه من الغرائب في حديث أبي برزة في الحوض من أهل العلم من يقول: إنه ثلاثي، ومنهم من يقول: إنه رباعي، ويثبت أن في سنن أبي داود حديثاً ثلاثياً وهو هذا الحديث، منهم من يقول: ثلاثي، ومنهم من .. ، هل مثل هذا مما ينبغي أن يختلف فيه أو لا يختلف فيه؟ يعني كون الحديث رباعي الإسناد أو ثلاثي هذا يتصور الاختلاف فيه؟ لكن من قال: ثلاثي نظر إلى أصل القصة عن أبي برزة يرويها أبو داود بواسطة اثنين عن أبي برزة ثلاثي، القصة مع أبي برزة ثلاثية، لكنها بالنسبة للحديث المرفوع الذي هو المقصود من إيراد الخبر فيه واسطة شخص مجهول. وهنا لو قلنا: إن أصل الخبر مالك عن نافع عن ابن عمر أنه سئل عن القنفذ، فقال: {قُل لاَّ أَجِدُ} [(145) سورة الأنعام] ... إلى آخره، فقال شيخ عنده، نظير حديث أبي برزة الموقوف ثلاثي وصحيح، لكن المرفوع رباعي وضعيف؛ لما فيه من الجهالة. "سمعت أبا هريرة يقول: "ذُكر عند النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: ((خبيثة من الخبائث)) " القنفذ معروف دويبة جلدها مكسو بالشوك، إذا خشيت على نفسها تلفلفت بهذا الجلد المكسو بالشوك، فلا يستطيع أحد أن يقربها، وإذا أرادت المشي أو الأكل أخرجت ما تريد من هذا الجلد ومشت وأكلت.

على كل حال الحديث ضعيف، فلا يستدل به على الحل ولا التحريم، وفي مثل هذه الحالة إذا أردنا الحكم، لو سئل إنسان عن حكم القنفذ جاء شخص وقال: وجدت قنفذ آكل وإلا ما آكل؟ يعني ابن عمر حينما استدل بالآية رأى أن الأصل الإباحة، وأنه لا يمنع إلا ما دل الدليل على إيش؟ على منعه، لكن لو قيل -وهو قول آخر في المسألة-: إن الأصل المنع، وأنه لا يؤكل إلا ما دل الدليل على حله، وفي هذا يقول الشافعية: "الحرام ما حرمه الله" ويقول الحنفية: "الحلال ما أحله الله" يعني بين القولين اختلاف وإلا ما بينهم اختلاف؟ الآن جاء واحد يسأل عن القنفذ آكل وإلا ما آكل؟ كل على أصله من يقول الأصل الحل يقول: كل حتى تجد دليل يمنع، والذي يقول الأصل المنع يقول: لا تأكل حتى تجد دليل يبيحه لك. "الحرام ما حرمه الله" هذا ما يقوله الشافعية، وجمع من أهل العلم، الحنفية عكس كلامهم: "الحلال ما أحله الله" وقول الحنفية في الأطعمة أشد من غيرهم بخلاف الأشربة عكس المالكية. مقتضى قول الحنفية "الحلال ما أحله الله" أن الكل ممنوع، الأصل المنع، ويبقى أن الحلال ما أحله الله فقط، يعني ما نص على حله هو الحلال، وما عدا ذلك يبقى محرماً، ومقتضى قول الشافعية "الحرام ما حرمه الله" أن الأصل الحل والإباحة، وأنه لا يحرم من المأكولات إلا ما نص على تحريمه، فبين القولين بون شاسع. ذهبت إلى نزهة فوجدت في البر نبات أعجبك شكله ولونه ورائحته وطعمه هل تأكل وإلا ما تأكل؟ نعم الشافعية تأكل ما في تردد، ويبقى أن مسألة النبات ما تخرجه الأرض أوسع من اللحوم، دائرته أوسع، يعني الأمر فيه أسهل، يعني إذا سلم من الضرر فالأمر فيه أخف، واللحم أضيق مما تنبته الأرض.

الآن عندنا هذا الشخص المجهول سمعت أبا هريرة يقول: إنها خبيثة، يعني تقرير الخبث من عدمه هل يشترط فيه ثقة المقرر؟ يعني لو جاءك شخص وقال: هذا خبيث، وقال آخر: لا، طيب؛ لأن من أهل العلم وهو قول معتبر عند جمع من أهل العلم أن ما تستخبثه العرب لا يجوز أكله؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- يحرم الخبائث، كما في قول الله -جل وعلا-: {وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ} [(157) سورة الأعراف] وقالوا: الاستخباث مرده إلى استخباث العرب وقت التنزيل، إلى استخباث العرب وقت التنزيل، ولو ترك المجال لأفراد الناس بعد وقت التنزيل ما انضبطت المسألة، كل على مزاجه يقول: هذا حلال، وهذا حرام، يختلفون في العين الواحدة هل هي خبيثة وإلا طيبة؟ لكن وقت التنزيل وقت استواء الفطرة، وعدم تغير الفطر، بعد ذلك توسع الناس، وتساهلوا، فكثير منهم رأى الخبيث طيب، والطيب خبيث تبعاً للمزاج وللفطرة المتغيرة. الآن عندنا شيخ مجهول ينقل عن أبي هريرة، أنت افترض أن قول: "خبيث" من هذا الشخص من قوله، وهو مجهول لا يعرف، هل نعتمد قوله بأنها خبيثة فتندرج في {وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ} [(157) سورة الأعراف] لأن تقرير الخبث للشيء هل يلزم أن يكون مرفوع إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-؟ يعني عندنا قاعدة عامة نص عليها القرآن: {وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ} [(157) سورة الأعراف] هل ننتظر في الحل والحرمة الطيب والخبث نص مرفوع إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-؟ الحديث الذي معنا قال: ((خبيثة من الخبائث)) فقال ابن عمر: إن كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قاله فهو كما قال. عرفنا أن الحديث ضعيف لا يثبت به حكم، لكن هل يثبت به أو بمثله تقرير الخبث والطيب؛ لأن المرد في مثل هذا عند أهل العلم قالوا: ما تستخبثه العرب؟ نعم؟ وهذا عربي؟ المطلوب واضح وإلا غير واضح؟ طالب: واضح.

حكم شرعي، لا نأخذ من هذا الحديث حكم شرعي، حل وحرمة ما نأخذ، أكل وعدم أكل ما نأخذ؛ لأن الحديث ضعيف، لكن تقرير الطيب والخبث يؤخذ بقول مثل هذا الرجل أو لا يؤخذ وإن كان مجهولاً؟ يعني هل هذا الرجل في الوقت الذي قرر أهل العلم أن مرد الطيب والخبث إلى معرفتهم وخبرتهم واستخباثهم واستطابتهم؟ الظاهر أن المسألة ما هي بواضحة. طالب:. . . . . . . . . نعم؟ طالب:. . . . . . . . . يعني هذا العربي قرر أنها خبيثة، كونه يرفعه إلى أبي هريرة، أو يرفعه إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- هذا أمر ثاني، نقول: هذا مجهول ولا نأخذ بقوله، افترض أنه من تلقاء نفسه قال: خبيثة. يعني بالمناسبة وسيأتي يعني كون نقدمه وإلا في الأصل أنه يذكر عند حديث الجلالة قصة، أو تصرف رؤبة بن العجاج الراجز المعروف، صاحب الرجز، يذكر عنه، ذكر في ترجمته أنه يأكل الفأر، ولا يأكل الدجاج، سئل عن ذلك فقال: الفأر طعامه البر والسمن، والدجاج طعامه ما تعلمون، فهو استطاب الفأر وهو محرم بالاتفاق، واستقذر الدجاج الذي هو حلال بالاتفاق، فهل مثل هذا يرجع إليه في بيان الطيب من الخبيث؟ هذا لا يرجع إليه، لكن هذا العربي المتقدم يعني أقل أحواله أن يكون تابعي، ذكر أنها خبيثة من الخبائث، ويعزوه إلى أبي هريرة، ويرفعه إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-. يعني هل من المناسب أن يمر الحديث ويقال: ضعيف، فلا يستفاد منه ألبتة لا في الحكم ولا في العلة؟ أو يمكن أن نستدل به في العلة دون الحكم؟ لأن العلة لا يشترط فيها ثقة القائل، لا ثقة الناقل، فرق بين أن يكون القول من الشخص أو فيما ينقله عن غيره، إذا كان مما ينقله عن غيره لا بد أن يكون ثقة، وإن كان مما يقوله من تلقاء نفسه لا يلزم أن يكون ثقة، لكن النقل عنه لا بد أن يكون عن طريق ثقة.

يعني بعض علماء العربية الكبار لهم مصنفات معتمدة عند أهل العلم من قديم الزمان إلى يومنا هذا، يعني عرف عنه أنه يشرب الخمر، نقول: لا يعول على كتابه؛ لأنه يشرب الخمر؟ إمام من أئمة اللغة، ودون لنا مصنف من مطولات كتب اللغة، يعني هل نشترط في ذلك ثقة هذا الرجل؟ نعم فيما ينقله عن غيره لا بد أن يكون ثقة، لكن فيما يقرره من تلقاء نفسه، يعني ابن دريد مثلاً ذُكر في ترجمته أنه يشرب، هل نقول: كتب ابن دريد هذه تحرق وتلغى لأنه ليس بثقة؟ سؤال. طالب:. . . . . . . . . هاه؟ طالب:. . . . . . . . . إيش لون؟ طالب:. . . . . . . . . فرق بينما يقوله الشخص من تلقاء نفسه وبين ما ينقله الشخص عن غيره، أنت وجدت كتاب لمؤلف عرف بالفسق، وهذا الكتاب فيه فوائد استنبطها هذا الشخص، تقول: لا نقبل هذا الكلام لأنه غير ثقة؟ لكن إن نقل عن غيره نقول: يرد كلامه لأنه ليس بثقة، فالنقل شيء، والاستنباط شيء آخر، وهذا الذي أريد أن أقرره أن الاستخباث يمكن أن يقوله هذا المجهول ويقبل كلامه، وكونه ينقله عن غيره لا، نقول: مردود، فكونه ينقل عن أبي هريرة وأبو هريرة يرفعه إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- نقول: مردود؛ لأنه مجهول، ولا بد من تحقق العدالة، والثقة في النقل، لكن فيما يقوله الإنسان من تلقاء نفسه نشترط الثبوت عن هذا الشخص.

بالمقابل إذا نقل لنا ابن عباس عن النبي -عليه الصلاة والسلام- بسند صحيح في البخاري مثلاً نقول: هذا الخبر ثابت عن ابن عباس، ولا يمنع أن يهم ابن عباس في نسبة هذا القول للنبي -عليه الصلاة والسلام-، فالخبر صحيح على شرط الصحيح باعتبار الإسناد، يعني كما قال ابن عباس: "تزوج النبي -عليه الصلاة والسلام- ميمونة وهو محرم" الخبر صحيح إلى ابن عباس، لكن ما يمنع أن يكون ابن عباس وهم في هذا الخبر، وهل يقال لوجود مثل هذا الخبر في الصحيح أن الصحيح فيه أحاديث ضعيفة؟ لا، نقول: الحديث صحيح، وفي أعلى درجات الصحيح، وسنده صحيح، لكن وهم، والوهم ما يعصم منه أحد إلا المعصوم -عليه الصلاة والسلام-، فالخبر من حيث الإسناد لا إشكال فيه، وهو ثابت إلى ابن عباس، لكن ابن عباس وهم، بدليل أن صاحبة الشأن قالت خلاف ما قاله ابن عباس، فننتبه لمثل هذا، هذه الأمور لا بد من الانتباه لها إثباتاً ونفياً. على كل حال الحنفية والحنابلة يرون أن القنفذ محرم، وأنه خبيث من الخبائث، وذهب غيرهم إلى أنه حلال لعدم وجود ما يدل على المنع منه، وبعضهم قال: من باب اتقاء الشبهة، وأن الإنسان لا يبني جسده إلا على ما تبين حله أطلق الكراهة. قال -رحمه الله-: "وعن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: "نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن الجلالة وألبانها" أخرجه الأربعة إلا النسائي" الجلالة: هي مأكولة اللحم من بهيمة الأنعام، أو من الطيور أو غيرها كالدجاج مثلاً التي تأكل النجاسات، هذه تسمى جلالة؛ لأنها تأكل الجلة، والجلة العذرة. "نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن الجلالة" يعني عن أكلها، عن أكل لحمها، وعن شرب لبنها، وجاء ما يدل على النهي عن ركوبها، لماذا؟ لأن النجاسة أثرت في هذه الجلالة، أثرت في لحمها، أثرت في لبنها، أثرت في عرقها الذي يلابسه الراكب؛ لأنه قد يقول قائل: كيف ينهى عن ركوبها؟ الأكل واضح والشرب شرب اللبن واضح؛ لأن اللحم صار نتيجة لهذا المأكول، اللبن نتيجة لهذا المأكول، لكن الركوب؟ نعم العرق لأنه يلابسها، ولا بد أن تعرق، والعرق نجس؛ لأنها جلالة، وأثر فيها أكل الجلة.

تحبس هذه الجلالة على اختلاف بينهم، أو في الروايات في التوقيت، فجاء في بعض الروايات ما يدل على أنها تحبس أربعين يوماً، وتعلف الطيب من الطعام، وتمنع من الخبيث، وجاء أيضاً ما يدل على أنها تحبس ثلاثة أيام وسبعة أيام. على كل حال إذا غلب على الظن طيب لحمها، وأنها تغير لحمها الذي تأثر بالنجاسة إلى الطيب فإنها حينئذٍ تطيب؛ لأن الأصل أنها مأكولة اللحم. قال -رحمه الله-: "وعن أبي قتادة -رضي الله عنه- في قصة الحمار الوحشي" ... قبل ذلك: المشاريع الكبيرة للدواجن قد تطعم هذه الدواجن شيء من النجاسات، يعني الأطعمة المستوردة لهذه الدواجن بعضها نجس مركب من دم ولحوم وغيرها هذه نجسة، فهل أكلها من هذه الأطعمة المستوردة المركبة من هذه المواد التي منها النجس ومنها غير النجس تأخذ حكم الجلالة فتحبس حتى تطيب؟ أو نقول: أنه بالتركيب من النجس وغيره استحالت هذه النجاسات، وصارت طاهرة فلا تأخذ الحكم؟ لأن بعض الأطعمة والأغذية التي تستورد للدواجن فيها ما فيها، فهل نقول: إن حكمها حكم الجلالة تحبس فلا تطعم إلا الطيب حتى تطيب؟ أو نقول: إن هذه المركبات من الأغذية فيها الطيب وفيها النجس واستحالت هذه النجاسات فصارت لا أثر لها في الطعام؟ إذا وجدت عين النجاسة وهي باقية لا شك أن حكمها حكم الجلالة، لكن إذا زال أثرها النجاسة، أثر هذه النجاسة وزال واستحال وصارت طيبة، يعني مثلما يعالج بعض المواد الآن، ومنها الماء، الماء النجس يعالج حتى يطيب، لكن إذا كانت المعالجة هي مجرد تغطية، يعني كان لها رائحة فخلط معها شيء أزال هذه الرائحة، هل نقول: إن النجاسة زالت أو أن الرائحة زالت أو غطيت هذه الرائحة؟ أحياناً تكون هناك رائحة، افترض المكان فيه ميتة أزيلت هذه الميتة، وبقي المكان فيه رائحة الميتة جئت بالطيب والبخور وبخرت هذا المكان صارت الرائحة طيبة، هل نقول: إن الرائحة الأولى القبيحة زالت بالكلية أو غطيت بما غطاها من رائحة طيبة؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . .

إنما موجودة، ووجود الرائحة دليل على وجود العين، يعني إذا كان هذا الطعام خلط معه أشياء، يعني لما كانت النجاسة العينية موجودة لها رائحة تدل عليها قبيحة خُلط معها أشياء له روائح طيبة فزالت الرائحة، هل معنى هذا أن العين النجسة زالت؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . غطيت وإلا فالنجاسة باقية، فالتغطية لا تكفي. طيب شخص أكل ثوم أو بصل، ونهي عن دخول المسجد، والصلاة مع الجماعة فقال: أتطيب بطيب يضيع هذه الرائحة، طيب قوي نفاذ يضيع هذه الرائحة، هل نقول: إن رائحة الثوم والبصل زالت أو غطيت؟ غطيت، وعلى هذا يجوز له أن يصلي مع الناس وإلا ما يجوز؟ يعني فرق، فرق بين الأولى، المسألة الأولى وهي نجاسة والثانية وقد أكل طعاماً مباحاً، وقال النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((أنا لا أحرم ما أحل الله)) لكن منع لرائحته، والرائحة زالت، يعني ما منع لذاته، إنما منع لرائحته، والرائحة زالت، وحينئذٍ لا إشكال في هذا، والمسألة الثانية تختلف عن المسألة الأولى. "وعن أبي قتادة -رضي الله عنه- في قصة الحمار الوحشي فأكل منه النبي -صلى الله عليه وسلم-" متفق عليه" وهذا تقدم في الحج، قتادة بن الحارث بن ربعي أحرم النبي -عليه الصلاة والسلام- والصحابة في الحديبية، فمر بهم حمار وحش، وكان مشغولاً منشغل بشيء، فالصحابة تناظروا وضحكوا، لكنهم ما أشعروه بمرور هذا الحمار الوحشي، انتبه التفت فإذا به، فحمل عليه فقتله، بل سقط صوته، فطلب أن يناوله أحد ما ناولوه؛ لأنه لو أعانه أحد على قتله ما جاز له أن يأكل منه وهو محرم، وأبو قتادة غير محرم، المقصود أنه صاد الحمار الوحشي، فبعث للنبي -عليه الصلاة والسلام- بشيء منه فأكله النبي -عليه الصلاة والسلام-، وحصل أيضاً نظير هذه القصة لأبي ثعلبة ورده عليه، وقال: ((إنا لم نرده عليك إلا أنا حرم)).

والفرق بين القصتين أن المردود صيد من أجله -عليه الصلاة والسلام-، وهذا الذي صاده هذا الحمار الوحشي الذي أكل منه النبي -عليه الصلاة والسلام- لم يصد من أجله، فالذي يحرم ما صاده المحرم أو في الحرم أو صيد من أجله، بينما إذا صاده حلال فإنه يباح لغيره أن يأكل منه ولو كان محرماً إذا لم يصد من أجله، وفيه دليل على أن الحمار الوحشي مأكول، ونقل فيه في إباحته الإجماع، ومنطوق حديث الباب يدل على حله، كما أن مفهوم النهي عن أكل لحوم الحمر الأهلية يدل على حله أيضاً على ما تقدم. قال: "وعن أسماء بنت أبي بكر -رضي الله عنهما- قالت: "نحرنا على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فرساً فأكلناه" تقدم الكلام في أكل لحم الخيل، وأن السنة الصحيحة الصريحة دلت على حل أكله، وهنا تقول: "نحرنا" والمعلوم أن النحر إنما يكون للإبل، وهو الطعن في اللبة بخلاف الذبح الذي هو فري الأوداج، وأهل العلم يقررون أن الإبل تنحر، وما عداها يذبح، ويقررون أيضاً جواز نحر ما يذبح، وذبح ما ينحر، وقد يتجوز في التعبير والإطلاق، فيطلق على الذبح نحر، وعلى النحر ذبح، وهنا قالت: "نحرنا على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" لا يلزم أن يكون نحر هذا الفرس مثلما تنحر الإبل كما هو معلوم، وإلا فالخيل السنة فيها كما هو في غيرها من بهيمة الأنعام أنها تذبح، وأن النحر خاص بالإبل، ولو قيل بأن الخيل أيضاً تنحر لهذا الحديث كالإبل لما بعد، وجمهور أهل العلم على أن النحر خاص بالإبل. وهذا من أدلة الجمهور في جواز أكل لحم الخيل، وقد تقدم الكلام فيه، والإجابة عن أدلة المخالفين. "وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: "أُكل الضب على مائدة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" متفق عليه" قدم للنبي -عليه الصلاة والسلام- فمد يده ليأكل فأخبر أنه لحم ضب، فامتنع -عليه الصلاة والسلام-، وقال: إنه يجد نفسه تعافه؛ لأنه لم يكن بأرض قومه، وأكل على مائدته، يقول خالد بن الوليد: فاجتررته فأكلته، فحل أكله بالسنة التقريرية، أقر النبي -عليه الصلاة والسلام- من أكله على مائدته، فهذا دليل للجمهور على أنه مأكول.

قال بعض أهل العلم: إنه لا يجوز أكله؛ لأنه مما مسخ، فيكون أصله آدمي، والآدمي لا يجوز أكله، فكونه ممسوخ يجعله محرم الأكل، لكن مثل هذا الكلام يعارض به مثل هذا الحديث الذي في الصحيحين، وعلى افتراض أنه ممسوخ مع أنه ثبت أن الممسوخ لا عقب له، ولا نسل له، وهذا يتناسل، وعلى افتراض أنه ممسوخ، وثبت فيه مثل هذا الحديث لا شك أن هذه العلة، وكون أصله آدمي محرم الأكل، ثم استحال إلى جنس آخر هذا لا يعني أنه يحرم. الحيوانات وما يدب على ظهر الأرض كثيرة جداً، لا يمكن الإحاطة بها، وأحكامها مختلفة، وقد يبحث طالب العلم عن بعضها فلا يجد كلاماً لأهل العلم في حكمها. ومن مزايا كتاب حياة الحيوان للدميري أنه إذا ذكر أي حيوان يذكره أنه يذكر حكمه، وهو نافع جداً في هذا الباب، الحيوانات كثيرة جداً لا يمكن أن يحاط بها، وتبحث عند الفقهاء في كتاب الأطعمة، ما تجد أن هذا الحيوان على وجه الخصوص له حكم عند كثير من أهل العلم، فإما أن يعمل فيه القواعد العامة هذا إذا لم يرد فيه نص بعينه، وكل على مذهبه في الأصل، أو ينظر فيه مثل هذا الكتاب وهو نافع من هذه الحيثية، لكن فيه خلل كبير، الكتاب فيه خلل كبير، فيه طلاسم، وفي ذكر خواص هذه الحيوانات، ما يصل بعضه فيه إلى الشرك، نسأل الله السلامة والعافية، فيجعل القارئ يتعلق بهذا الحيوان، أو بشيء من أجزائه. فمن خواصه مثلاً: أن رأسه إذا جعل في وسادة حصل كذا وكذا، وإذا جعل في .. ، علق في جانب البيت حصل كذا، هذا شرك نسأل الله السلامة والعافية، لكن إذا هذب الكتاب ونقح فيه أيضاً طلاسم، وفيه جداول، وفيه رموز، كل هذه من المحرمات شديدة التحريم، لكن ميزة الكتاب أنه فيه إطلاع للقارئ على عجائب هذه المخلوقات، وفيه أيضاً بيان الأحكام من حل الأكل والحرمة، فلو سلم من هذا الخلل وهو كبير لا أقول يمكن تجاوزه، لا، خلل كبير جداً، قد يصل إلى حد الشرك، فالكتاب لا نظير له في بابه على حد علمي.

ظهر له أكثر من تهذيب، وهذب وجرد عن هذه الطلاسم، وهذه الخواص أيضاً فيبقى أن الكتاب فيه فائدة كبيرة من حيث حكم هذه الحيوانات، فيه أيضاً مثلما ذكرنا اطلاع على عجائب هذه المخلوقات، وفيه طرائف وأشياء يستفيدها طالب العلم، وهو صاحب استطراد، إذا جاء لأدنى مناسبة لقصة طويلة أو لأخبار واسعة ذكرها، وذكر أنه ذكر الخلفاء كلهم بسيرهم لمناسبة، وهو في كتاب حياة الحيوان، كيف يدخل الخلفاء في حياة الحيوان؟ لكنها جرت مناسبة فسردهم، وأمور كثيرة، يعني في هذا الكتاب، وهو فيه نفع، وفيه ضرر كبير، فطالب العلم المميز الذي يعرف الحق من الباطل لا مانع بل يستفيد من هذا الكتاب. طالب: كتاب الجاحظ رعاك الله؟ ما هو مثله الجاحظ، الجاحظ مسألة أدبية، ما هي بعلمية، مسحته أدبية. قال: "وعن عبد الرحمن بن عثمان القرشي" ... يعني مما ذكره الجاحظ في الحيوان قال: شخص له جار رافضي يلعن طلحة صباحاً ومساءاً، فقلت له: أنت تعرف طلحة هذا الذي تلعنه، قال: أليس هو زوجة الزبير؟ ظلمات بعضها فوق بعض، نسأل الله السلامة والعافية، فالجاحظ يعني نزعته أدبية، ولا يعول عليه في حكم شرعي، لكن الدميري فقيه من فقهاء الشافعية، وله يد في الحديث، شارح لبعض كتب السنة. قال -رحمه الله-: "وعن عبد الرحمن بن عثمان القرشي -رضي الله عنه- أن طبيباً سأل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن الضفدع يجعلها في دواء، فنهى عن قتلها" أخرجه أحمد، وصححه الحاكم" وأخرجه أبو داود والنسائي. الضفدع جاء النهي عن قتلها في حديث ابن عمر أيضاً، وأن نقيقها تسبيح، النهي عن قتلها دليل على جواز أكلها؟ تحريم أكلها، كما نهي عن قتل الأربعة السابقة.

الأمر بقتل الفواسق ((خمس من الفواسق يقتلن في الحل والحرم)) الأمر بالقتل يعني بالمقابل دليل على تحريم أكلها، وبعضهم ينازع في أخذ الحل والحرمة من القتل والنهي عنه طرداً وعكساً، فيقول: الأمر بالقتل لا يدل تحريم الأكل، ويستدل بمن يقول بوجوب قتل البهيمة التي يقع عليها الآدمي ((من وجدتموه وقع على بهيمة فاقتلوه، واقتلوا البهيمة)) ويقول بجواز أكلها مع أنها تقتل، والطرد أيضاً بقول من يقول: إنه لا يجوز أكلها هذه البهيمة التي وقع عليها الآدمي، ولا يصحح الأمر بقتلها، ولا شك أن مثل هذا الكلام لا يقاوم ما استدل به أهل العلم من هذه الأحاديث، ولا شك أن النهي عن القتل يعارض جواز الأكل؛ لأن من مقتضيات الأكل القتل، والأمر بالقتل أيضاً يعارض الجواز نعم لو قيل بوجوب الأكل، بوجوب أكل هذه البهيمة التي أمر بقتلها لاتحد، لكن جواز أكل مع وجوب القتل ما يستقيم، كما أن جواز الأكل مع تحريم القتل لا يستقيم، وقد جاء النهي عن قتل البهيمة إلا لمأكلة، فلا يعمد إنسان إلى بعير أو إلى بقرة أو إلى شاة أو ما أشبه ذلك مما أجمع على أكله فيقتلها دون أن تكون للأكل، لماذا؟ لأن في هذا إضاعة للمال، والله أعلم. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

كتاب الأطعمة (2)

بسم الله الرحمن الرحيم شرح: بلوغ المرام – كتاب الأطعمة (2) باب: الصيد والذبائح الشيخ: عبد الكريم بن عبد الله الخضير سم. بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. قال الحافظ ابن حجر العسقلاني -رحمه الله تعالى- في كتابه (بلوغ المرام): باب: الصيد والذبائح عن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((من اتخذ كلباً إلا كلب ماشية أو صيد أو زرع انتُقص من أجره كل يوم قيراط)) متفق عليه. وعن عدي بن حاتم -رضي الله تعالى عنه- قال: قال لي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إذا أرسلت كلبك فاذكر اسم الله، فإن أمسك عليك فأدركته حياً فاذبحه، وإن أدركته قد قتل ولم يؤكل منه فكله، وإن وجدت مع كلبك كلباً غيره وقد قتل فلا تأكل، فإنك لا تدري أيهما قتله؟ وإن رميت سهمك فاذكر اسم الله، فإن غاب عنك يوماً فلم تجد فيه إلا أثر سهمك فكل إن شئت، وإن وجدته غريقاً في الماء فلا تأكل)) متفق عليه، وهذا لفظ مسلم. وعن عدي -رضي الله تعالى عنه- قال: سألت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن صيد المعراض فقال: ((إذا أصبت بحده فكل، وإذا أصبت بعرضه فقتل فإنه وقيذ فلا تأكل)) رواه البخاري. وعن أبي ثعلبة -رضي الله تعالى عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إذا رميت بسهمك فغاب عنك فأدركته فكله ما لم ينتن)) أخرجه مسلم. وعن عائشة -رضي الله تعالى عنها- أن قوماً قالوا للنبي -صلى الله عليه وسلم-: إن قوماً يأتوننا باللحم لا ندري أذكر اسم الله عليه أم لا؟ فقال: ((سموا الله عليه أنتم وكلوه)) رواه البخاري. وعن عبد الله بن مغفل -رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نهى عن الحذف، وقال: ((إنها لا تصيد صيداً)) الخذف. عندي بالحاء. بالمعجمة رعاك الله؟ نعم. وعن عبد الله بن مغفل -رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نهى عن الخذف، وقال: ((إنها لا تصيد صيداً، ولا تنكأ عدواً، ولكنها تكسر السن، وتفقأ العين)) متفق عليه، واللفظ لمسلم.

وعن ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا تتخذوا شيئاً فيه الروح غرضاً)) رواه مسلم. وعن كعب بن مالك -رضي الله تعالى عنه- أن امرأة ذبحت شاة بحجر، فسئل النبي -صلى الله عليه وسلم- عن ذلك، فأمر بأكلها" رواه البخاري. وعن رافع بن خديج -رضي الله تعالى عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((ما أنهر الدم، وذكر اسم الله عليه فكل، ليس السن والظفر، أما السن فعظم، وأما الظفر فمدى الحبشة)) متفق عليه. وعن جابر بن عبد الله -رضي الله تعالى عنهما- قال: "نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يقتل شيء من الدواب صبراً" رواه مسلم. وعن شداد بن أوس -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إن الله كتب الإحسان على كل شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبح، وليحد أحدكم شفرته)) الذِبحة، الذِبحة، مثل الأولى، بالكسر. ((وإذا ذبحتم فأحسنوا الذِبح، وليحد)) ... الذبحة مثل القتلة. وعن شداد بن أوس -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إن الله كتب الإحسان على كل شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة، وليحد أحدكم شفرته، وليرح ذبيحته)) رواه مسلم. وعن أبي سعيد الخدري -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((ذكاة الجنين ذكاة أمه)) رواه أحمد، وصححه ابن حبان. وعن ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((المسلم يكفيه اسمه، فإن نسي أن يسمي حين يذبح فليسم، ثم ليأكل)) أخرجه الدارقطني، وفيه راوٍ في حفظه ضعف، وفي إسناده محمد بن يزيد بن سنان، وهو صدوق، ضعيف الحفظ. وأخرجه عبد الرزاق ... فيه راوٍ، عندك فيه راوٍ؟ أخرجه الدارقطني ... أحسن الله إليك. أخرجه الدارقطني، وفيه راوٍ في حفظه ضعف، وفي إسناده محمد بن يزيد ... تكرار، تكرار، أخرجه الدارقطني، وفي إسناده محمد بن يزيد بن سنان، وهو صدوق، ضعيف الحفظ، كلام زائد. وأخرجه عبد الرزاق بإسناد صحيح إلى ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما- موقوفاً عليه.

وله شاهد عند أبي داود في مراسيله بلفظ: ((ذبيحة المسلم حلال، ذكر اسم الله عليها أم لم يذكر)) ورجاله موثقون. الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد: فيقول المؤلف --رحمه الله- تعالى-: باب: الصيد والذبائح الصيد والذبائح جزء من الترجمة السابقة التي هي الأطعمة؛ لأن ما يصاد وما يذبح من المطعوم، فلذلك جعلها باب من الكتاب السابق الشامل لما يصاد وما يذبح، وما يؤكل من اللحوم، فالأطعمة أعم من ذلك، حتى أن اللفظ ليشمل الماء. "الصيد" ذكرنا في الدرس الماضي أنه يطلق ويراد به المصدر الذي هو الاصطياد، ويطلق أيضاً ويراد به المصيد، وهو ما يصاد، وهو من المشترك بينهما {لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللهُ بِشَيْءٍ مِّنَ الصَّيْدِ} [(94) سورة المائدة] المراد به المصيد. الصيد من أنواع الكسب، وهو من أوضحها في الحل؛ لأن الأصل فيه أنه حلال، إنما يصاد من مأكول غير مملوك لأحد، وقد جاء الأمر به بعد الحل {وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُواْ} [(2) سورة المائدة] لكن أهل العلم قالوا: إن هذا الأمر للإباحة؛ لأنه تعقب حظراً ومنعاً، والأمر إذا جاء بعد الحظر يراد به الإباحة، هذا قول كثير من أهل العلم، وإن كان منهم من يرى أن الحكم يعود إلى ما كان عليه قبل الحظر {فَاصْطَادُواْ} [(2) سورة المائدة] هذا أمر، إذا قلنا: إنه للإباحة بعد الانطلاق من المحظور {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا} [(10) سورة الجمعة] بعد المنع من البيع والتجارة، إذا انتهت صلاة الجمعة انتشروا، وابتغوا من فضل الله، هذا الأمر قالوا: للإباحة؛ لأنه بعد حظر. لكن قول من يقول: إن الحكم يعود إلى ما كان عليه قبل الحظر لا شك أنه أوضح؛ لأن الصيد لا سيما إذا لم يوجد سبيل إلى الطعام الذي لا تقوم الحياة إلا به سواه فإنه قد يتعين، شخص إما أن يموت أو يصطاد؟ يلزمه أن يصطاد، إذا كان قادراً على ذلك، ويخف هذا الأمر إذا كان عنده خيار آخر مفضول مثلاً عنده وجوه كسب مفضولة، يكون الصيد في حقه أفضل من سلوك الطرق المفضولة.

فأحكام الصيد تختلف، قد يضطر إليه الإنسان فيجب عليه، قد لا يضطر إليه، لكن يحتاجه فيكون الحكم فيه دون الحكم في الصورة الأولى، وقد يكون لمجرد المتعة مثلاً كما يفعله كثير من الناس، ليسوا بحاجة إلى الصيد، عندهم ما يقتاتونه القدر الزائد على كفايتهم، وكفاية من يمونون، ثم يخرجون إلى الصيد، والإكثار منه مذموم؛ لأنه يبعث على الغفلة، ومن تتبع الصيد غفل عما هو أهم منه. وقد يحرُم إذا ألهى وشغل عن واجب، وكثير من الناس إذا خرج في رحلة صيد ينسى بعض ما أوجب الله عليه، فضلاً عن السنن والمندوبات والمستحبات، حتى الذكر ينسى، والصلاة تؤخر عن أوقاتها؛ لأن هذا الصيد المتبوع يستدرج الإنسان، يستدرجه، يطير من شجرة إلى شجرة، ثم يتبعه ولا يشعر حتى يخرج وقت الصلاة، وحينئذٍ يكون في هذه الصورة محرم. الآلة التي يصاد بها: إما أن تكون حيواناً جارحاً، من كلب أو طائر ونحوهما، أو تكون آلة محددة تنفذ في جسم الصيد بحيث يخرج بسببها الدم المحتقن فيه. من النوع الأول: الحيوان الجارح حديث أبي هريرة، الحديث الأول في الباب، وما يليه. يقول المؤلف --رحمه الله- تعالى-: "عن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((من اتخذ كلباً)) " من اتخذ (كلباً) نكرة في سياق الشرط، تعم جميع أنواع الكلاب؛ لأن بعض الناس يقول: هناك فرق بين كلب مؤدب معلم -يعني لغير الصيد- لأن هناك أماكن تبيع الحيوانات المؤدبة المعلمة التي إذا احتاجت لقضاء الحاجة ذهبت إلى مكان قضاء الحاجة، موجود حتى في أسواق المسلمين موجودة، ويبيعونها، يبيعون الكلاب، ويبيعون القطط وغيرها، مع أنه جاء النهي عن ثمن الكلب، وعن ثمن السنور، وعن ثمن .. ، ويستوي في ذلك هذا الكلب المؤدب، يعني لغير الصيد وغيره من الكلاب؛ لأنه نكرة في سياق الشرط فتعم إلا ما استثني. ((من اتخذ كلباً إلا كلب ماشية)) يعني يحرس الماشية من الذئاب والسباع، ومن السراق ((أو صيد)) يصطاد به ما يحتاج إلى أكله، (صيد) هذا هو الشاهد من الحديث للباب ((أو زرع)) يحفظ الزرع ممن يعتدي عليه، ويفسده، ويسرق منه ((انتقص من أجره كل يوم قيراط)).

في حديث ابن عمر لما ذكر هذا الحديث قال: "قال أبو هريرة: "أو زرع" وكان صاحب زرع" يقصد أبا هريرة، بعضهم فهم أن ابن عمر يتهم أبا هريرة في هذه الزيادة؛ لأنه محتاج إليها، والأمر بضد ذلك، وعكس ذلك، ابن عمر ما حفظ هذه الكلمة، وأبو هريرة حفظها؛ لأنها تهمه، كان صاحب زرع، فيضبط ما يهمه، وذكرت هذا في مناسبات سابقة، وقلت: على سبيل المثال أنه لو كان هناك محاضرة لطبيب مثلاً، وحضرها جموع من الناس، وتكلم عن مرض معين، وذكر العلاج النافع له، علاج مركب من عشرة أشياء مثلاً تجد المصاب بهذا المرض يضبط هذا العلاج، ويضبط مفردات هذا العلاج، بحيث لا يفوته شيء، بينما البقية يضبطون هذه الأجزاء العشرة؟ ما يضبطونها؛ لأنه ما تهمهم، فالذي يحتاج إلى الشيء يضبطه ويتقنه، ويقع في قلبه موقعاً بحيث لا ينساه، وكل إنسان مر عليه مثل هذا، إذا مر بك شيء ضبطه وأتقنته، يعني تجد الناس يستمعون مثلاً الأخبار في يوم الاثنين، وماذا يصدر عن مجلس الوزراء؟ نعم؟ صدر من مجلس الوزراء أمر يهم فئة من الناس، بقية الناس ما يهمهم، هل يضبطون مثل هذا الخبر مثلما يضبطه أصحاب الشأن الذين يهمهم؟ ما يضبطونه، تسأل من الغد ويش جاء في الأخبار؟ يقال لك: ما أدري والله، ويش جاء؟ سمعنا لكن الذي يهمه الخبر تجده يصغي ويحفظ ويضبط ما يحتاج إليه بخلاف غيره، ومثل هذا أبو هريرة -رضي الله عنه- صاحب زرع، فضبط هذه الكلمة وأتقنها كغيرها؛ لأن أبا هريرة حافظ الأمة. فقول ابن عمر: "وكان صاحب زرع" لا يفهم منه أنه يقدح في أبي هريرة حاشا وكلا، إنما ليبين أن هذا الأمر يهمه فضبطه ونسيناه، ابن عمر ما عنده زرع. ((إلا كلب ماشية أو صيد أو زرع)) ما استثني إلا هذه الثلاثة، هناك أمور ألحقها بعض العلماء بما ذكر لمطلق الحراسة مثلاً، حراسة البيوت مثلاً، بعضهم يقول: البيت الذي فيه أموال، وفيه ذراري ونساء أولى بالحراسة من الماشية، وأولى بالحراسة من الزرع، لكن هذه الحاجة موجودة في وقت النبي -عليه الصلاة والسلام- فلم يذكرها، فالأولى عدم الإلحاق.

هناك ما هو أهم مما ذُكر، فيكون عند أهل العلم من باب قياس الأولى، وهي ما يسمى مثلاً بالكلاب البوليسية، التي تكتشف الجرائم والمنكرات وأربابها، هذه قالوا: إنها من باب قياس الأولى، وإن كان من أراد أن يقف عند النص يقول: لا يستثنى إلا هذه الثلاثة فقط، وما عداها يبقى داخل في العموم، ولا شك أنها إذا جربت ووجدت نافعة لاكتشاف بعض الجرائم التي لا يكتشفها الإنسان بمفرده، فقياس الأولى الذي هو القياس الجلي عند أهل العلم معمول به. ((انتقص من أجره كل يوم قيراط)) قيراط، الإنسان يحرص على فعل الأعمال الصالحة التي تقربه إلى الله -جل وعلا-، ويثقل بها ميزانه، ثم بعد ذلك تجد بعض الناس يفرط في مكتسباته، أمواله دونها الغلق والأبواب، فلا يستطيع أحد أن يصل إليها، ولكن أعماله التي هي أهم من هذه الأموال تجده يفرط ويتساهل ويتراخى، والمفلس كما في الحديث الصحيح: ((من يأتي بأعمال أمثال الجبال، ثم يأتي وقد ضرب هذا، وشتم هذا، وسفك دم هذا، وأخذ مال هذا ثم يعطي هذا من حسناته وهذا من حسناته)) إلى أن يفلس لا يكون عنده حسنة، وقد يزيد في الأمر حتى تؤخذ من سيئاتهم وتلقى عليه، فيلقى في النار، هذا مفلس؛ لأنه تكلم في فلان، اغتاب فلان، ضرب فلان، أخذ مال فلان وهكذا، لكن هنا نظير ذلك، وقد يكون أشد تبعاً لتفسير القيراط. ((انتقص من أجره كل يوم قيراط)) يحرص على الأعمال الصالحة، يصلي الفجر مع الجماعة ويجلس، ويصلي الأوقات، وله نصيب من الأذكار والأوراد والتلاوة، وأعمال البر الأخرى، ثم بعد ذلك يقتني كلب، ينقص من أجره كل يوم قيراط، ثم ما الفائدة؟

اتخذه الكفار ولا يضر بعد الكفر ذنب، الكفار اتخذوه، وبالغوا في عنايتهم به، وجعلوه بمنزلة تفوق أولادهم، حرصوا عليه، وأنفقوا عليه، وأطعموه أفضل مما يطعمون، حتى أن بعضهم أوصى بجميع أمواله لهذا الكلب، كفار يعني لا يتوجه اللوم إليهم؛ لأنهم كفار، لكن الإشكال في بعض من يقلدهم من المسلمين ((لتتبعن سنن من كان قبلكم)) الكلب مؤذي ونجس وقذر ومخيف، ومع ذلك يتخذه بعض المسلمين في بيته، وبعضهم يفرش له في السيارة، فراش وثير، أفضل مما يجلس عليه هو، هذا هو التقليد الذي أخبر عنه النبي -عليه الصلاة والسلام-، ومع ذلك ينقص من أجره كل يوم قيراط، والقيراط جزء من أربعة وعشرين جزءاً هذا تفسيره في الأموال، لكن ماذا عن تفسيره في الأعمال؟ هنا مسكوت عنه، لكن قيراط الصلاة على الميت اتباع الجنازة جاء تفسيره بأنه مثل الجبل العظيم، القيراطان مثل الجبلين العظيمين، وجاء تحديد في بعض الروايات مثل جبل أحد، فبعضهم يقول: إن القيراط هذا مفسر بالقيراط الذي، قيراط الأجر المرتب على صلاة الجنازة واتباع الميت وتشييعه؛ لأن النصوص يفسر بعضها بعضاً. لكن إذا كان هذا هو التفسير ماذا يبقى لهذا المسكين؟ يمكن تذهب أعماله بيوم واحد -نسأل الله السلامة والعافية- عند مسلم في بعض الروايات: ((قيراطان)) ((انتقص من أجره كل يوم قيراطان)) هذا أشد، -نسأل الله السلامة والعافية-، ثم ماذا النتيجة؟ لا شيء، اللهم إلا التقليد، الإشكال أن بعض الناس يرى أن هذا هو التقدم، هذه هي الحضارة، هذه يعني نأخذ من الكفار ما لا ينفع بل يضر، ونترك ما ينفع، نعجز أو نكسل أو نتخاذل عما ينفع، يعني المسلمون ما قلدوا الكفار في الأمور النافعة فيما يجوز تقليدهم فيه من أمور الدنيا، قلدوهم فيما يضر. ((انتقص من أجره كل يوم قيراط)) وفي رواية عند مسلم: ((قيراطان)) وهذا يدل على تحريم اقتناء الكلب إلا ما استثني؛ لأن بعضهم يطلق الكراهة، لكن الحديث صريح في التحريم؛ لأن نقص الأجر إنما هو في الحقيقة عقوبة ولا عقوبة إلا على ارتكاب محرم.

قد يفرق بين قيراط الجنازة وقيراط الاقتناء بأن هذا فضل وهذا عقوبة، وفضل الله واسع يحتمل ما ذكر في الحديث، وعقوبته لا تصل إلى هذا الحد، وإن كان على خطر مقتني الكلب، يبقى أن تفسيره احتمال يعني ما هو بجزم، احتمال قد يقول قائل: لماذا لا نفسر القيراط بقيراط الدنيا جزء من أربعة وعشرين وجزءاً؟ فينقص من أجره في هذا اليوم جزء من أربعة وعشرين جزء مما اكتسبه من حسنات هذا اليوم؟ لكن إذا قيل: قيراط في هذا السياق على هذا التفسير يكون تخفيف من شأنه، والسياق سياق تعظيم وتهديد، ووعيد، فيبقى الأمر مجمل، والاحتمال قائم، لكن المجال أو السياق لا يؤيد أن يفسر بالجزء من أربعة وعشرين جزءاً؛ لأن المقصود التنفير؛ لأن مقتني الكلب يقول: إذا عملت حسنات قرأت مثلاً جزء من القرآن، وفيه مائة ألف حسنة، يعني يمكن أن يتساهل بجزء من أربعة وعشرين جزء من هذه الحسنات الكثيرة، فالسياق لا يؤيد أن يفسر بجزء من أربعة وعشرين جزءاً؛ لأن المقصود منه التخويف والتحذير، وأما كونه مثل قيراط الصلاة على الميت أو اتباع الجنازة فيبقى أنه احتمال، لكنه خطير، مثل جبل أحد ينقص من أجره كل يوم، ماذا يبقى للمسكين؟ وهذا أبلغ في الزجر، والحساب عند الله -جل وعلا-، العواقب والنهايات عنده، لكن هذا أبلغ في الزجر. جاء في بعض الروايات كما ذكرنا: ((قيراطان)) بعض من يحقق ويجرؤ على تحقيق الكتب ذكر هذا الحديث وهو يحقق كتاب من كتب الحديث قال: وفي رواية: ((له قيراطان)) وفي رواية ووضع نقطتين وفتح قوس (له قيراطان) والأصل أن النقطتين تكون بعد (له) في رواية له -يعني لمسلم-: ((قيراطان)) يعني ينقص أو انتقص من أجره قيراطان، فبدلاً من أن تكون عليه صارت له، بسبب جهل هذا المحقق الذي يدعي التحقيق، الآن مسألة علامات ترقيم قلبت المعنى.

من أهل العلم من يرى أن القيراط يحمل على مقتني الكلب من البادية، والقيراطان محمول على من يقتنيه من الحاضرة؛ لأن البادية مألوف عندهم الكلب، ولا يتروع أطفالهم ولا نساءهم من صوته، فالأثر المرتب على اقتنائه أسهل من الأثر المرتب على اقتناء الحاضرة للكلب، إذا نبح الكلب في حي من أحياء الحاضرة يتروع الناس ما اعتادوه، فالأثر المترتب عليه أشد من الأثر المترتب على اقتناء البادية؛ لأنهم الكلاب قريبة منهم، ويسمعون أصواتها ويرونها، فالأمر عندهم أخف. ومنهم من يقول: إن القيراطين محمولة على عمل الليل والنهار، بالنظر إلى عمل الليل وعمل النهار، قيراط من عمل الليل، وقيراط من عمل النهار، ورواية قيراط كما عندنا محمولة على أحد الوقتين، فذكر الراوي القيراط الذي ينقص من عمل النهار مثلاً أو عمل الليل، ولم يذكر الآخر، لكن الحديث صريح ((كل يوم)) واليوم يشمل الليل والنهار. ذكروا في حكمة التحريم تحريم اقتناء الكلب قالوا: مسألة الترويع ترويع الآمنين وهذه ظاهرة، الأمر الثاني: أنه يمنع من دخول الملائكة، فالملائكة لا تدخل بيتاً فيه كلب، والأمر الثالث: أنه نجس، وينجس ما يباشره، ولذا جاء الأمر بغسل ما يلغ فيه الكلب سبعاً، وإحداهن بالتراب على ما تقدم. قال -رحمه الله-: "وعن عدي بن حاتم -رضي الله عنه- قال: قال لي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إذا أرسلت كلبك فاذكر اسم الله عليه)) " والكلب لا بد أن يكون معلماً بحيث يسترسل إذا أرسل، وينزجر إذا منع، وألا يأكل من الصيد هذا التعليل، إذا زجر امتنع، وإذا أرسل وأغري استرسل. ((إذا أرسلت كلبك)) يعني المعلم ((فاذكر اسم الله عليه)) لا بد من التسمية على المصيد، سواءً كان بكلب، أو طائر، أو آلة، أو مذبوح على ما سيأتي في قسم الذبائح؛ لأن الترجمة "الصيد والذبائح" هذا في الصيد، وسيأتي ما في الذبائح. والتسمية شرط لحل المأكول سواءً كان مذبوحاً أو مصيداً بحيوان أو بآلة، من هم من يراها شرط مطلقاً {وَلاَ تَأْكُلُواْ مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ} [(121) سورة الأنعام] مطلقاً يعني سواءً تركت عمداً أو سهواً، وهذا قال به بعض العلماء، وهو المعروف عند أهل الظاهر.

وذهب جمهور الأئمة أبو حنيفة ومالك وأحمد إلى أنها شرط عند الذكر، وتسقط بالنسبة للناسي، وأما الشافعية فعندهم أن التسمية سنة وليست بشرط، المقصود أنه جاء النهي عن أكل ما لم يذكر اسم الله عليه، فلا بد من التسمية، وكونها تسقط مع النسيان أو لا تسقط هذا محل نظر عند أهل العلم، ومطلق الآية وعمومها يتناول الذاكر والناسي إلا أنهم استثنوا الناسي بقوله -جل وعلا-: {رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [(286) سورة البقرة] بالآية، استثنوا الناسي، لكن النسيان القاعدة فيه عند أهل العلم أنه ينزل الموجود منزلة المعدوم، ولا ينزل المعدوم منزلة الموجود، النسيان لا شك يرفع الإثم، فالذي يذبح ذبيحة، وينسى لا إثم عليه {رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [(286) سورة البقرة] لكن هذه التسمية المعدومة على القاعدة النسيان لا ينزلها منزلة الموجودة، هذه قاعدة معروفة عند أهل العلم، ومثله الجهل يعني لو أن إنساناً صلى بغير طهارة ناسياً هل يستطيع أن يقول: {رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [(286) سورة البقرة]؟ لا يستطيع أن يقولها، لا يمكن أن يفتيه أحد بصحة صلاته، وإن كان ناسياً، لو صلى الظهر ثلاثاً، وقال: نسيت ركعة، هل نقول: إن نسيانه نزل المعدوم منزلة الموجود؟ ما يمكن يفتيه أحد بهذا، لكن لو نسي وصلى الظهر خمس {رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [(286) سورة البقرة] صلاته صحيحة، يجبر الزيادة بالسهو وصلاته صحيحة؛ لأن النسيان ينزل الموجود منزلة المعدوم ولا عكس. قد يقول قائل: إنه مع هذا لو حكمنا بعدم حل أكلها أن هذا فيه تضييع للمال، والناس يحتاجون لهذا الطعام، نقول: إذا نسي مرة وعوقب بمثل هذا العقاب فإنه لن ينسى بعد ذلك، فالقول بأنها شرط مطلقاً قول متجه، وإن كان جمهور أهل العلم على أن الناسي تسقط عنه التسمية.

((إذا أرسلت كلبك فاذكر اسم الله عليه)) يعني مع إرساله تقول: بسم الله، كما أنك مع تحريك يدك بالذبح تقول: بسم الله، ومع إرسال السهم تقول: بسم الله، قالوا: ولا يناسب أن يقال: "الرحمن الرحيم" تقول: بسم الله، بينما في الأكل تقول: بسم الله الرحمن الرحيم، في الأعمال المهمة تقول: بسم الله الرحمن الرحيم. ((فاذكر اسم الله عليه)) قالوا: لأن الرحمة لا تناسب القتل. ((فإن أمسك عليك)) يعني لك ومن أجلك ((فأدركته حياً فاذبحه)) أمسك الكلب هذا الطائر، وجاء به إلى صاحبه حياً ((فأدركته حياً فاذبحه)) يجب ذبحه، لماذا؟ لأنه مقدور على ذبحه، الأصل التذكية، لكن إذا لم يقدر عليها يقوم مقامها الصيد بالجوارح وبالسهام وبغيرها بالآلات، أما المقدور عليه فلا بد من تذكيته على ما سيأتي، أدركته حياً يعني قدرت على تذكيته فاذبحه. ((وإن أدركته قد قتل ولم يؤكل منه فكله)) لأنه أمسكه عليك، لكن إن أكل منه فلا تأكل، لماذا؟ لأنه أمسكه لنفسه بدليل أنه أكل منه. ((وإن أدركته قد قتل ولم يؤكل منه فكله، وإن وجدت مع كلبك كلباً غيره وقد قتل فلا تأكل، فإنك لا تدري أيهما قتله؟ )) الصيد أرسل إليه الكلب مع التسمية فغاب عن صاحبه، فتبعه صاحبه وإذا بالفريسة موجودة، وفيه كلبه وكلب آخر، لا يدري أيهما قتله؟ وحينئذٍ اجتمع حاظر ومبيح، كلبه مبيح، والآخر حاظر، أنت سميت على كلبك، ما سميت على الثاني.

((وإن وجدت مع كلبك كلباً غيره وقد قتل فلا تأكل، فإنك لا تدري أيهما قتله؟ )) وسبب الترك احتمال أن يكون الكلب الثاني هو الذي قتل، طيب الذي قتل الثاني لا سيما إذا قلنا: إن التسمية تسقط في بعض الأحوال هو قتل بآلة قاتلة معتبرة شرعاً، سواءً كلبك وإلا كلب غيرك، ما الفرق بين كلبك وكلب غيرك؟ أنك سميت على كلبك، والثاني ما سميت عليه، فوجود هذا الاحتمال يحرم هذه الذبيحة، ويجعلها ميتة، فكيف إذا لم توجد التسمية أصلاً ولو كانت سهواً؟ يعني الآن التسمية احتمال أنها متروكة، واحتمال أنها مذكورة تبعاً لإيش؟ للكلبين، فإن كان كلبك أنت سميت على كلبك، لكن الكلب الثاني ما سميت عليه، وجود هذا الاحتمال، وتحريم الصيد بسبب هذا الاحتمال يقوي القول بوجوب التسمية مطلقاً، كيف؟ الآن عندنا خمسين بالمائة أن هذه الذبيحة أو هذا الصيد سمي عليه، فكيف إذا لم يوجد أدنى احتمال للتسمية؟ نسي. قال: ((وإن وجدت مع كلبك كلباً غيره وقد قتل فلا تأكل، فإنك لا تدري أيهما قتله؟ )) طيب قد يقول قائل: أنت أرسلت كلبك وسميت عليه، وشخص آخر أرسل هذا الكلب وسمى عليه، لا سيما إذا اجتمعا معاً عند هذه الفريسة صاحب الكلب أنت وصاحب الكلب الثاني تؤكل وإلا ما تؤكل؟ كل واحد منهما سمى على كلبه، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . ليش؟ طالب:. . . . . . . . . كلهم سموا على الكلاب، كلهم سموا، وكلهم أرسلوها، اجتمعوا على هذه الفريسة قال: أنا أرسلت هذا الكلب وقلت: بسم الله، وقال هذا: أنا أرسلت هذا الكلب وقلت: بسم الله، لكن ما ندري أيهما الذي قتله؟ ويش المحظور من وجود المنع بسبب الكلب الثاني؟ نعم؟ أولاً: الكلب الثاني إذا جهل هل هو معلم أو غير معلم؟ أو له صاحب سمى عليه أو ما سمى؟ يتجه الكلام هنا، هذا ما فيه أدنى إشكال، ((فإنك لا تدري أيهما قتله؟ )) كلبك تعرفه معلم وصيده مباح، وسميت عليه، لكن الثاني ما تدري، لكن جاءك صاحب الثاني وقال: معلم وسميت عليه، وأنت كلبك معلم وسميت عليه، ويش المحظور أن يؤكل؟ يقول: نقتسم هذا أنصاف، كل واحد له نصف، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . ويش هو؟ طالب:. . . . . . . . .

ما يظهر شيء يمنع، أما الحديث مع الجهالة ((فإنك لا تدري)). ((وإن وجدت مع كلبك كلباً غيره)) افترض أنت لك كلبين، عندك اثنين، ورأيت فريستين، أرسلت هذا لواحد وهذا لواحد، طارت واحدة فاجتمعا على واحدة وأنت سميت عليهم، يختلف عن الصورة السابقة؟ ما يظهر فرق. قال: ((وإن وجدت مع كلبك كلباً غيره وقد قتل فلا تأكله)) لأن إرسالك كلبك هذا مبيح، ووجود الكلب الثاني حاظر لوجود الشك في توافر شروط القتل أو الصيد بالكلب .. ؛ لعدم علمنا بتوافر الشروط، ما ندري هل هو معلم؟ وما ندري هل سمي عليه أو ما سمي عليه؟ ((فإنك لا تدري أيهما قتله؟ وإن رميت سهمك فاذكر اسم الله)) التسمية لا بد منها ((فإن غاب عنك يوماً فلم تجد فيه إلا أثر سهمك فكل)) أرسلت السهم على طائر في شجرة، ثم بعد ذلك ما تدري هل أصابه أو لم يصبه بحثت عنه في الأرض ما سقط ما تدري عنه، ثم من الغد وجدته متعلق بالشجرة، أو بعيد عنك، وبعدت عنه، وظل ما تدري وين راح؟ ((غاب عنك يوماً فلم تجد فيه إلا أثر سهمك فكل إن شئت)) رده إلى مشيئته، هو حلال، لكن بعد غيابه يوم قد يكون فيه شيء من التغير، لم يبلغ إلى حد النتن الذي سيأتي الكلام فيه، لكن فيه شيء من التغير، قد تعافه النفس، فهذا متروك إليك ((إن شئت)). الكسعي الذي يضرب به المثل: "ندمت ندامة الكسعي" ما قصته؟ رجل عنده سهام ويحسن الصيد فتمر به الحيوانات مما يؤكل فيرميها، وهو في ليل، ولا يعلم هل صادت أو ما صادت؟ فتركها، ثم ذهب إليها بعد مدة فوجدها بسهامه ماتت وقد تغيرت. ((وإن وجدته غريقاً)) طائر في شجرة وتحته بئر، ضربته بسهمك فوقع في البئر، فلا تدري هل مات بأثر سهمك أو بالغرق؟ قال: ((وإن وجدته غريقاً في الماء فلا تأكل)) لماذا؟ لأنه كالصورة السابقة اجتمع فيه مبيح وحاظر، اجتمع فيه مبيح وحاظر وغلب جانب الحظر. أنت في مسجد، لكن المسجد هذا ما فيه مراوح، في مسجد ودخل طائر وجزمت أن أحد هذه المراوح تبي تضربه وتقتله، وقلت: بسم الله، ضربته المروحة وقسمته نصفين وسقط، تأكل وإلا ما تأكل؟ قلت: بسم الله، هاه؟ طالب:. . . . . . . . . ويش ما في ... ؟ طالب:. . . . . . . . . أنت قصدت الآن. طالب:. . . . . . . . . ويش هو؟

طالب:. . . . . . . . . كيف؟ طالب:. . . . . . . . . لكنها محددة تقتل. طالب:. . . . . . . . . ليس منه فعل، ليس منه فعل ألبتة، فلو مرت من عند سيارة فضربته فمات، لكن السيارة بالمثقل لا بالمحدد، أما المروحة واضحة أنها بالمحدد، ويبقى أنها ليست آلته، ولم يكن منه فعل، نعم منه التسمية، لكن إن أدركه حياً، إن أدركه حياً وذكاه حل له وإلا فلا. ((وإن وجدته غريقاً في الماء فلا تأكل)) متفق عليه، وهذا لفظ مسلم. ومفهوم قوله: ((وإن أدركته قد قتل ولم يؤكل منه فكله)) أنه إن أكل منه ولو جزءاً يسيراً أنه لا يأكل بعد؛ لأنه إنما أمسكه لنفسه لا لصاحبه. عند المالكية وهو مروي عن علي -رضي الله عنه وأرضاه- أنه يأكل منه ولو أكل، وجاء في ذلك حديث عند أبي داود حديث أبي ثعلبة قال: يا رسول الله إن لي كلاب مكلبة، فأفتني في صيدها؟ قال: ((كل مما أمسكن عليك)) قال: وإن أكل؟ قال: ((وإن أكل)) في رواية أو حديث آخر: ((كله وإن لم تدرك منه إلا نصفه)) ولكن هذا الحديث مخرج في سنن أبي داود لا يعارض به ما جاء في الصحيح. قال -رحمه الله-: "وعن عدي -رضي الله عنه- قال: "سألت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن صيد المعراض، فقال: ((إذا أصبت بحده فكل، وإذا أصبت بعرضه فقتل فإنه وقيذ فلا تأكل)) رواه البخاري". المعراض: عصا غليظة في طرف، طرفها محدد، وقد يوضع فيه شيء من الحديد النافذ، فيشبه السهم، هذا المعراض إذا رماه صاحبه على المصيد على الصيد لا يخلو من حالين: الحالة الأولى: أن ينفذ هذا المحدد في هذا المصيد فيحل، أو يضرب بعرضه فيموت بسبب ثقله فإنه حينئذٍ، يكون وقيذ، يعني موقوذ، فعيل بمعنى مفعول، والموقوذة حرام بنص القرآن. قال: ((إذا أصبت بحده فكل، وإذا أصبت بعرضه فقتل فإنه وقيذ فلا تأكل)) لأنه مات بثقل هذا العصا لا بحده، والجرح لا بد منه وخروج الدم من الصيد لا بد منه، إن لم يخرج منه دم فإنه وقيذ؛ لأنه مات بالثقل بثقل الآلة لا بحدها.

يقولون: القتل بالمثقل هذا لا يبيح الصيد، لو جاء شخص بحجر كبير فألقاه على صيد فمات، وخرج منه دم؛ لأنه بسبب الثقل لا بد أن يخرج منه شيء، هو يتشقق جلده فيخرج منه دم، يكفي هذا وإلا ما يكفي؟ ما يكفي؛ لأنه مات بثقل الآلة لا بحدها، ومثل هذا لو دهسته سيارة ما يكفي؛ لأنه مات بالثقل لا بالحد، ولذا قال: ((إذا أصبت بحده فكل، وإذا أصبت بعرضه فلا تأكل فإنه وقيذ)). "وعن أبي ثعلبة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إذا رميت بسهمك فغاب عنك، فأدركته فكله)) " إذا أدركت بسهمك بحيث لا تشك أن هذا الصيد إنما مات بسهمك، بسببه، بنفوذه فيه. ((إذا رميت بسهمك فغاب عنك، فأدركته فكله)) غاب عنك ما تدري وين راح؟ ثم بعد ذلك وجدته من الغد أو بعد غد، فكله؛ لأن المسألة مسألة غلبة ظن ما في شك مثل الصور السابقة، هذه غلبة ظن. ((فكله ما لم ينتن)) يعني تتغير رائحته، وإذا أنتن صار عرضة للجراثيم، فيضر بآكله، فيمنع من هذه الحيثية للضرر. النبي -عليه الصلاة والسلام- أضافه اليهودي على خبز شعير وإهالة سنخة، يعني متغيرة الرائحة، أكل النبي -عليه الصلاة والسلام-، وهنا يقول: ((كله ما لم ينتن)) فما حكم أكل المنتن؟ يعني قد يترك الإنسان شيء من طعامه في الليل فيأتي إليه من الغد وقد تغير يأكل وإلا ما يأكل؟ لا شك أن هذا التغير على درجات، فإن كان في بدايته تغير يسير يغلب على الظن عدم الضرر منه فهو مثل الإهالة المتغيرة، وإن كان تغيره كثير، ويغلب على الظن أنه يضر بآكله فإنه حينئذٍ لا يجوز أكله. قال -رحمه الله-: "وعن عائشة -رضي الله عنها- أن قوماً قالوا للنبي -صلى الله عليه وسلم-: إن قوماً يأتوننا باللحم، لا ندري أذكر اسم الله عليه أم لا؟ " جاء في بعض الروايات في وصف هؤلاء القوم أنهم حديثو عهد بإسلام، بعض الروايات أنهم من الأعراب.

"لا ندري أذكر اسم الله عليه أم لا" هم مسلمون، وذبيحة المسلم حلال بالإجماع، وكون الإنسان يدري أو لا يدري لو فتح هذا الباب ما صلحت حال، وأمور المسلمين مبنية على السلامة، عقودهم صحيحة، ذبائحهم حلال إلا إذا علم أو وجد ما يضاد ذلك، يعني إذا عرف عن فلان من الناس وهو مسلم لا يذكر اسم الله عليه، على الذبيحة لا تؤكل ذبيحته ولو كان مسلماً، إذا علم من المسلمين من يتساهل في العقود بحيث لا يهتم لصحتها نحتاط في أمرنا معه، وإلا فالأصل السلامة. هؤلاء القوم حديثو العهد بالإسلام أحياناً يقال: حديث عهد بإسلام، وأحياناً يكون حديث عهد بجاهلية، هل في فرق وإلا ما في فرق؟ نعم؟ في فرق وإلا ما في فرق؟ ما في فرق، حديث عهد بجاهلية تركاً، وحديث عهد في الإسلام دخولاً، ما في فرق، هو ترك الجاهلية ودخل في الإسلام. "لا ندري أذكر اسم الله عليه؟ فقال -عليه الصلاة والسلام-: ((سموا الله عليه أنتم وكلوه)) " وهذا فيه من السعة ما فيه، التوسعة على المسلمين لو الإنسان يشكك في كل ما رأى، كل ما أراد، ضاقت عليه حياته ولا يستقيم له حال، وهو في بلاد المسلمين وبين المسلمين وما يريده مستورد من مسلمين الأصل فيه أنه على طريقة المسلمين، فإذا ذهبت لتشتري شيء من الطعام لا سيما اللحوم فإذا كان مستورد من بلاد إسلامية هذا لا يتردد فيه، وإن كان حال كثير من المسلمين الآن التساهل، لكن هذا لا يغير الحكم، والورع شيء، لكن إطلاق الحكم بالحل والحرمة شيء آخر، كما أنك إذا وجدت لحماً مستورداً من بلاد أهل كتاب، فالأصل حل طعام أهل الكتاب، وصحة ذبح أهل الكتاب، فتأكل، لكن إن تورعت باعتبار أن أهل الكتاب انتسابهم إلى كتابهم وإلى ديانتهم في الغالب هي مجرد دعوى، إن تورعت هذا محمود، لكن يبقى أنك لا تقول: هذا حلال أو هذا حرام بمجرد ذلك، فكيف إذا كان من بلاد مسلمين؟ بعض المسلمين، من ينتسب إلى الإسلام من المبتدعة الذين عندهم بدع مغلظة تخرجهم من الدين وإن انتسبوا إلى الإسلام فهؤلاء لا تؤكل ذبائحهم؛ لما تلبسوا به من بدع مخرجة عن الملة.

قد يقول قائل: إن هذا اللحم المستورد من هذه البلاد، هذه البلاد سكانها خليط، من مسلمين، وممن ينتسب إلى الإسلام من المبتدعة الذين بدعهم مغلظة، ومن أهل كتاب، ومن غيرهم من ملل الكفر، هو مستورد من البلد الفلاني وفيه هؤلاء الأخلاط، هنا تقوى الشبهة، وحينئذٍ لا يؤكل إلا بعد التثبت، لا سيما إذا كان بعض المهن يزاولها، أو يغلب على الظن مزاولتها من فئة معينة لا تحل ذبائحهم، فإنه حينئذٍ عليه أن يمتنع، حتى يعرف أنه ذبحه مسلم. وعلى كل حال في الجملة الحكم للغالب، إذا كان الغالب هم المسلمين، فالحكم لهم، وإن كان الغالب غيرهم فالحكم لهم. قال -رحمه الله-: "وعن عبد الله بن مغفل -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نهى عن الخذف" نهى عن الخذف، يؤتى بحصاة صغيرة فتجعل بين أصبعين، إما السبابتين أو السبابة والإبهام، لماذا نهي عن الخذف؟ "قال: ((إنها لا تصيد صيداً)) " يعني لو وجد صيد على شجرة ولو كان قريباً فأتيت بالحصاة وقذفتها إليه ما تصيد " ((لا تصيد صيداً)) " لكن لو كانت هذه الحصاة بما هو أقوى من الخذف بالأصبع بآلة التي إيش؟ طالب:. . . . . . . . . نبيطة وإلا نبيلة وإلا سمها ما شئت. طالب:. . . . . . . . . هاه؟ طالب:. . . . . . . . . طيب، لو كانت بهذه، هذه الحصاة بهذه الآلة، وكان الناس يصطادون بها، هذه الحصاة إن كان لها طرف محدد، ونفذت في المصيد وجرحته صح الصيد بها، مثل الصيد بالرصاص، يعني يختلط على بعض الطلاب ما يذكر في كتب أهل العلم من الصيد بالبندق، يقول النووي: "إذا كان الرمي بالبنادق وبالخذف إنما هو لتحصيل الصيد" يعني بحيث يمنع الصيد من الطيران، ويسهل القبض عليه، إذا كان لمجرد ذلك ثم ذكي هذا انتهى ما في إشكال.

يقول: "إنما هو لتحصيل الصيد، وكان الغالب فيه عدم قتله، فإنه يجوز ذلك إذا أدركه الصائد وذكاه كرمي الطيور الكبار بالبنادق" هو لا يقصد البنادق الموجودة الآن التي تستعمل بالرصاص، هذه ما يختلف أحد في أنها آلة صيد، وأنه يحل ما صيد بها، لكن الكلام على ما يستعمل في وقتهم بالرمي بما يشبه البندق، نوع من المكسرات معروف، نعم هذا ما يقتل مثل الخذف، فيلتبس على بعض الطلاب الرمي بالبنادق الموجودة المستعملة للصيد وغيره، وفيها الرصاص النافذ، وفيها الملح والبارود أحياناً، فهذه تقتل، والصيد فيها صحيح وحلال، أما الصيد بالبندق الذي مستعمل قبل اختراع هذه البنادق الموجود في كتب أهل العلم الذي يمنعون من الأكل فيما صيد بواسطته، اللهم إلا إذا كانت كما قال النووي، إما تكسر الجناح وإلا تعيقه عن الطيران ثم تدرك حية، فتذكى هذا ما فيها إشكال، كما لو ضربها بعصا، فانكسر جناحها وسقطت، أو ضربتها المروحة وطاحت، أدركها حية ذكاها هذا ما أحد يمنع منه، هذا ما لم تكن مملوكة، لكن إذا كانت مملوكة، حمامة في مسجد من حمام الجيران مثلاً ضربتها المروحة وسقطت. سيأتي في حديث كعب أن امرأة ذبحت شاة بحجر، وهي مملوكة لكعب، ليست لها، أنه يجوز التصرف في مال الغير بغير إذنه إذا خيف عليه من التلف، لكن أنت ... دخلت المسجد وضربتها المروحة وطاحت قلت: أبا أذكيها، فجاء صاحبها فبدلاً من أن يقول: جزاك الله خيراً أدركتها حية وذكيتها ليحل أكلها، لكنها من النوع غالي الثمن، يقول لك: أنا اشتريتها بعشرة آلاف، ولو تركتها عالجناها وطابت، تضمن وإلا ما تضمن؟ في ضمان وإلا ما في ضمان؟ طالب:. . . . . . . . . هاه؟ طالب:. . . . . . . . . ما تموت، نعالجها وتشفى -إن شاء الله- تطيب. طالب:. . . . . . . . . هاه؟ طالب:. . . . . . . . . هي ضربتها المروحة، كسرت الجناح وطاحت مثلاً. طالب:. . . . . . . . . هاه؟ طالب:. . . . . . . . .

قيمتها عشرة آلاف ويش ... ؟ ليست من الحمام الذي يقتنى للأكل، والجمل الذي يباع بمئات الألوف، بل بالملايين هذا ما يقتنى للحمل والركوب، وبعض أنواع الغنم التي يؤتى بها من بعض الجهات بعشرات الألوف هذه ما تقتنى للأكل، ومثلها أنواع من الحمام ... ، هذا يقول: {إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاَحَ} [(88) سورة هود] خشيت أن تموت فذبحتها. الصيد كله في المباح الذي لا يملكه أحد، الأحكام المذكورة كلها فيما لا يملك، أما المملوك فلا يجوز الاعتداء عليه بحال، لكن إذا كان القصد الإصلاح، وغلب على الظن أنها تموت، فسيأتي في حديث كعب الذي بعد هذا الحديث شيء من أحكامه. قال -رحمه الله-: "وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا تتخذوا شيئاً فيه الروح)) " ((لا تتخذوا شيئاً)) نكرة في سياق النهي ((فيه الروح)) أخرج من هذا العموم ما لا روح فيه ((غرضاً)) بأن يمسك يحبس يربط فيكون غرضاً للسهام، يتراماه الناس، وفيه روح، وقوله: ((شيئاً)) مثلما قلنا: نكرة في سياق النهي تعم جميع الأشياء التي فيها روح، سواءً كانت مأكولة أو غير مأكولة، سواءً كانت نافعة أو ضارة؛ لأن بعض الحيوانات يجب قتلها؛ لأنها تضر، وبدلاً من أن تقتل بطريقة مريحة لا تعذيب فيها يقول: هو مقتول مقتول نترامى عليه، نربطه ونترامى عليه، هذا لا يجوز، ولو كان مآله إلى القتل. ((لا تتخذوا شيئاً فيه الروح)) يعني فيه الحياة والنهي الأصل فيه التحريم ((غرضاً)) لسهامكم؛ لأن فيه تعذيب لهذا المقتول ولو كان مستحقاً للقتل، وإن كان مما يؤكل فلا شك أن فيه إهدار لماليته وتضييع لهذا المال؛ لأنه لا يصح القتل بالسهم ونحوه بالنسبة للمقدور على ذبحه، وهذا ما دام ممسك فهو مقدور على ذبحه، فلا يجوز رميه بالسهام.

صحف بعضهم هذا الحديث، وقال: ((لا تتخذوا شيئاً فيه الرَوْح عَرْضاً)) عرضاً، يعني النوافذ التي تدخل معها الريح لا تتخذ عرض، فتجعل النوافذ بالطول هكذا، مثل النوافذ اللي فوق، هذه بالطول، فعلى هذا لا تتخذ بالعرض، إنما تتخذ بالطول، هذا تصحيف وقبيح وشنيع، وسببه الأخذ من الصحف، والتلقي تلقي العلم عن غير أهله، يعني وجد من صام رمضان وأتبعه شيئاً من شوال، ستاً، لكن صحفها الصولي فقال: شيئاً، والشيء ينطبق ولو على يوم واحد. هذا التصحيف يعني فيه المؤلفات عند بالنسبة للحديث مؤلفات كثيرة، ومنهم من صحف القرآن، صحف بعض الألفاظ في القرآن، وسببه مثل ما قلنا: عدم الأخذ أخذ العلم عن أهله، ويسمع من بعض من ينتسب إلى العلم إذا تعاطى علماً آخر يسمع منه العجائب من التصحيف والتحريف، وأحياناً سوء الفهم. وسمعت شيخاً كبيراً يقرأ: "سلمة بن كهبل" وسببه أنه ليس من أهل هذا الشأن، وفي كتب التصحيف الكثير من النوادر التي بعضها مضحك سواءً كان في النصوص، أو في كلام أهل العلم، وقد يتسبب التصحيف إلى خفاء المعنى، وعدم الوصول إليه بحال، التصحيف الكلمة إذا صحفت لم تصل إلى معناها ألبتة، حتى تصل إلى لفظها الحقيقي، تريد أن ترجع إلى كتب الغريب مثلاً في كلمة مصحفة، أو كتب الرجال في اسم مصحف، تصل إليه وإلا ما تصل؟ لن تصل إليه، جرب ابحث في الآلات عن اسم مصحف، هل تقف عليه وإلا ما تقف؟ لن تصل إليه. مر ذكر نعيم بن سالم، قال المحقق: لم أجده في شيء من كتب الرجال، لكن لو عرف الاسم وجده في كل كتب الرجال، لا سيما الضعفاء، يغنم بن سالم، اسمه: يغنم، فرق كبير وين تبحث؟ نعيم ما في نعيم، فالتصحيف لا شك أنه يحول دون معرفة اللفظ الذي يترتب عليه المعنى والحكم، ومن ثم يخفى ما ترتب عليه من معنىً أو حكم. قال بعد ذلك: "وعن كعب بن مالك -رضي الله عنه- أن امرأة ذبحت شاة بحجر، فسئل النبي -صلى الله عليه وسلم- عن ذلك، فأمر بأكلها" رواه البخاري" هذه المرأة هي جارية لكعب بن مالك ترعى غنمه، فعدا الذئب على واحدة منها، فأرادت أن تدرك فيها، أو أدركت حياتها، وبدلاً من أن تموت هدراً، وتضيع على صاحبها، كسرت حجراً، وصار لها حد، فذكتها بهذا الحجر.

"أن امرأة ذبحت شاة بحجر" والحجر إذا كان محدد ينهر الدم فإنه تجوز التذكية به، ولم يستثن من الأشياء المحددة التي تنهر الدم ((ليس السن والظفر)) على ما سيأتي، فإذا كان الشيء محدداً سواءً كان من الحجارة أو من الخشب، أو من الزجاج أو من الحديد إذا كان بهذا القيد ينهر الدم فلا إشكال في التذكية به. امرأة عند كثير من عامة الناس أن المرأة لا تصح ذبيحتها، ولا يجوز تذكيتها، ولا يحل مذبوحها، وبعضهم يقصر ذلك على الحائض، وكل هذا لا أصل له، فالمرأة كالرجل. "أن امرأة ذبحت شاة بحجر، فسئل النبي -صلى الله عليه وسلم- عن ذلك، فأمر بأكلها" هذه الشاة ليست ملكاً لها، وإنما هي ملك لسيدها، فيصح التصرف لإنقاذ المال لإرادة الإصلاح، ممن يحسن الإصلاح؛ لأن بعض الناس قد يجتهد، ويريد الإنقاذ فيكون سبباً في الهلاك، لو أن شخصاً وجد آخر مغمى عليه مثلاً اجتهد فأعطاه علاج وزاد عليه المرض؛ لأنك ما تدري ويش سبب هذا المرض؟ فلا تقدم إلا على شيء تحسنه وتتقنه، لا تكون سبباً في زيادة المرض على صاحبه. طالب:. . . . . . . . . هذا التصرف من هذه المرأة لا شك أنه في محله، إذ لو تركتها لماتت وذهبت هدراً على صاحبها، وفي مثل هذه الصورة يجوز التصرف في مال الغير بغير إذنه، وهذا فيما إذا خشي عليه التلف.

هناك أحاديث مثل ما أخرجه أبو داود من حديث رجل من الأنصار، قال: خرجنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في سفر، فأصاب الناس مجاعة شديدة، وجهد فأصابوا غنماً فانتهبوها، فإن قدورنا لتغلي، إذ جاء رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على فرسه، فأكفأ قدورنا، ثم جعل يرمل اللحم بالتراب، وقال: ((إن النهبة ليست بأحل من الميتة)) هل هذا فيه إصلاح؟ إصلاح لمال الغير أو إصلاح للنفس؟ ما تصلح نفسك على حساب غيرك، فرق بين ما جاء في هذا الحديث وبين ما جاء في حديث الباب، كونك تسعى لإصلاح غيرك هذا مطلوب، بما لا يترتب عليه ضرر أعظم منه، فمثلاً إذا وجدت منزل صاحبك أو جارك يحترق، ثم اجتهدت وجئت بالماء الكثير الغزير فأغرقت هذا البيت، نفترض أن الذي احترق مكتبة، ثم أغرق هذه المكتبة وتلفت الكتب، والنار قد تبقي شيء، الماء أضر على الكتب من النار؛ لأن ما يبقى من الكتب النار لا تمنع من الاستفادة منه، لكن إذا كان ماء خلاص انتهى الكتاب، انتهى، لا يمكن أن يستفاد منه، فينظر الإنسان ويوازن بين المصالح والمفاسد المترتبة على عمله، وبين ما يتعدى ضرره، وما يكون ضرره قاصر، المقصود أن مثل هذه الأمور لا بد من إدراكها إدراكاً تاماً، وإلا لو أخذنا هذا الحديث أصل، وطردناه في كل ما يظن فيه الإصلاح لدخلنا في أمور قد يكون ضررها أعظم من نفعها، ولذا النبي -عليه الصلاة والسلام- أكفأ القدور مع أنهم بحاجة ماسة إلى هذا اللحم، أصابتهم مجاعة، كل هذا من أجل حسم المادة؛ لئلا يتصرف أحد في مال غيره، كثيراً ما يفعل بعض الشباب إذا خرجوا لنزهة فبحثوا عن شيء عن ذبيحة يأكلونها ما وجدوا أحد، وجدوا غنم، قالوا: نذبحها ونأكلها بنية الضمان، إذا جاء صاحبها نعطيه القيمة، يجوز وإلا ما يجوز؟ ما يجوز، لا يجوز بحال. من خشي على نفسه الهلاك فوجد مال غيره، إذا وصل إلى حد لا يستطيع معه البقاء، فإنه حينئذٍ يأكل، اختلف العلماء في الضمان هل يضمن أو لا يضمن إذا أكل؟ يعني إذا وصل إلى حد الهلاك، أما مجرد حاجة، أو مجرد تفكه، يحتاجون إلى شيء من اللحم، ومعهم ما يأكلون غيره، فهذا لا يجوز بحال.

قال -رحمه الله-: "وعن رافع بن خديج -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((ما أنهر الدم، وذكر اسم الله عليه فكل)) " ((ما أنهر الدم)) يعني أجراه بنفوذه في جسم ما يراد قتله ((ما أنهر الدم)) يعني أجراه، رافع بن خديج قال: يا رسول الله إنا لاقوا العدو غداً، وليس معنا مدى، يعني ما معنا سكاكين، فقال -صلى الله عليه وسلم-: ((ما أنهر الدم)) قاعدة يدخل فيها كل ما ينطبق عليه إنهار الدم إلا ما استثني، ولا بد من ذكر اسم الله عليه ((ما أنهر الدم، وذكر اسم الله عليه فكل ليس السن والظفر)) ليس: فعل ناقص من أخوات (كان) ترفع المبتدأ، وتنصب الخبر، والسن خبرها، ومنهم من يقول: إنها هنا بمعنى (إلا) أداة استثناء، والاستثناء هنا تام موجب يجب نصبه، وعلى كل حال لن يتغير وضعه، فهو منصوب على كل حال، سواءً قلنا: إنه خبر ليس أو مستثنى. ((ليس السن والظفر)) طيب السن ينهر الدم، الظفر ينهر الدم، ثم ذكر العلة -عليه الصلاة والسلام-، فقال: ((أما السن فعظم)) السن عظم، تقدم في الطهارة أنه لا يستنجى بعظم ولا روث ((أما العظم فلأنه زاد إخوانكم من الجن)) والذبح فيه يعرضه للتنجيس، ولذا قال: ((أما السن فعظم)) والعظم لا يجوز تنجيسه، لا باستنجاء ولا بذبح، لكن قد يقول قائل: بالنسبة لعظم البهائم يعود أوفر ما كان، لكن السن عظم إنسان، ولو سقط هذا العظم هل يستفيد منه الجن؟ هاه؟ طالب:. . . . . . . . . يستفيد منه الجن؟ سن إنسان سقط، أنت وجدت رجل حيوان عظم رجل مثلاً هذا يعود اللحم عليها أوفر ما كان ويستفيد منه إخواننا الجن، لكن سن إنسان سقط، ورماه في الأرض أو دفنه يستفيد منه الجن وإلا ما يستفيدون؟ لأننا نريد أن نربط بين البابين، وفيه إشكال من حيث التعليل، والجملة الثانية فيها أيضاً إشكال. ((أما السن فعظم)) يعني الآن عرفنا العلة أنه عظم، ثم ماذا؟ وبعدين إذا كان عظم؟ ويش السبب؟ هل لأن العظم زاد إخواننا الجن كما تقدم في الطهارة، أو لكونه عظم؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . .

وعلى هذا يمنع الذبح بأي عظم كان سواءً كان عظم آدمي، عظم حيوان، عظم أياً كان؛ لأن العلة كونه عظم، طيب لماذا نهي عن الذبح بالعظم؟ الله أعلم، ولا نستطيع أن نقول: إنه مثل ما جاء في كتاب الطهارة أنه زاد إخواننا الجن، طيب افترض أن .. ، هذا العظم ويش يبي يعود أوفر ما كان؟ فنقف على هذا الحد. طيب ((وأما الظفر فمدى الحبشة)) الحبشة هؤلاء في الأصل خليط من النصارى والوثنيين، ولا يجوز التشبه بهم في هذا، ولا في غيره، طيب مدى الحبشة يعني سكاكين الحبشة يذبحون بالظفر، طيب لو احتجنا إلى الظفر فيما يستعمل أو تستعمل فيه السكين؟ نقول: الظفر مدى الحبشة؟ اشتريت سواكاً طرياً عند باب المسجد، وتبي تدخل تصلي تنتظر حتى تذهب إلى البيت فتصلحه بالسكين، أو يمكن أن تصلحه بظفرك؟ يعني لو أردت أن تصلحه بظفرك وقال لك: هذا مدى الحبشة ما يجوز، انتظر حتى تذهب إلى البيت وتصلحه بمدى المسلمين، هاه؟ طالب:. . . . . . . . . يعني خاص بالذبح؛ لأن التعليل بقوله: ((فمدى الحبشة)) أنهم يستعملون الظفر بمثابة المدية، وإذا استعملناه بمنزلة المدية شابهناهم، وكما تستعمل الظفر في الذبح تستعمل في إصلاح كثير من الأمور، مما يقوم مقام المدية، وأيضاً الحبشة يذبحون بالسكين، هل يتصور أن الحبشي يذبح وينحر بعير بظفره أو بالسكين؟ لماذا لم نمنع عن مشابهتهم في ذبحهم بالسكين؟ نعم السكين هي الأصل، وهي مدية الناس كلهم، فما يشترك فيه الناس كلهم ما يقال فيه مشابهة، لكن ما يختصون به هذا اللي يمنع من أجل المشابهة وهو الظفر.

((ما أنهر الدم)) ويكون ذلك بنحر الإبل في طعنها بالحربة في الوهدة التي بين الصدر والعنق، وذبح ما عدا الإبل بقطع الحلقوم والمري والودجين، عندك أربعة أشياء: الحلقوم الذي هو مجرى النفس، والمري الذي هو مجرى الطعام، والودجان الذين هم مجرى الدم، فهل يشترط قطع الأربعة أو يكتفى ببعضها؟ محل خلاف بين أهل العلم، منهم من يقول: يكفي الحلقوم والمري، فلو لم يقطع الودجين حلت الذبيحة، لكن الفائدة الأولى من الذبح والتنصيص في الحديث: ((ما أنهر الدم)) يجعل الودجين أهم من الحلقوم والمري، فمن أهل العلم من يرى الاقتصار على الحلقوم والمري، لكنه مع قطع الحلقوم والمري تنتهي الحياة يموت، وإن كان استخراج الدم كاملاً إنما يكون بقطع الودجين، فمنهم من اشترط الأربعة، لا بد من قطع الحلقوم والمري والودجين، ومنهم من يقول: الحلقوم والمري وأحد الودجين، ومنهم من يقول: يكفي الحلقوم والمري ولا داعي لقطع الودجين، ولا شك أن الأكمل قطع الأربعة، والكثير من أهل العلم يرون الحلقوم والمري مع أحد الودجين؛ لأن أحد الودجين لا بد منه من أجل إخراج جميع الدم من البدن، فيحرص الذابح على أن يقطع الأربعة يحرص أن يقطع الأربعة، وإن اكتفى بأحد الودجين مع الحلقوم والمري كفى عند كثير من أهل العلم. قال -رحمه الله-: "وعن جابر بن عبد الله -رضي الله تعالى عنهما- قال: "نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يقتل شيء من الدواب صبراً" يمسك وهو حي، ثم يرمى حتى يموت، وهذا قريب من اتخاذ ما فيه روح غرضاً بحيث يمسك ويتدرب عليه، وهنا يقتل صبراً، كثيراً ما يفعل مثل هذا بين يدي الظلمة يوثق ثم يرمى. "نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يقتل شيء من الدواب صبراً" إنما إن كان صيداً فبالآلة أو بالحيوان المعلم، وإن كان مقدوراً عليه غير متوحش فيكون بالذبح الشرعي على ما تقدم، فلا يحبس، ثم يرمى؛ لأنه إذا حبس صار مقدوراً عليه، هذا إذا كان من الدواب المأكولة، وإذا كان من غير المأكولة فإن قتله بهذه الطريقة تعذيب له.

قال -رحمه الله-: "وعن شداد بن أوس -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ((إن الله كتب الإحسان على كل شيء)) " أولاً: الإحسان مرتبة في الدين عالية أخص من مرتبة الإيمان والإسلام كما جاء في حديث جبريل. الإحسان يكون في تعامل الإنسان مع ربه، ويكون مع نفسه، ويكون مع غيره، فالتعامل بالإحسان يورث المعاملة بالإحسان {هَلْ جَزَاء الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ} [(60) سورة الرحمن] فالذي يعامل الناس بالحسنى لا شك أن جزاءه حسن، والذي يعامل من أساء إليه بالحسنى لا شك أن ثوابه وأجره أعظم {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [(96) سورة المؤمنون] لكن من أراد أن يعامل الناس بمثل ما عاملوه به، فإنه لا يعد ظالماً {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} [(194) سورة البقرة] يعني لا تجوز الزيادة على ذلك، وإن كان أقل فهذا فضل وإحسان. نأتي إلى موضوع الباب وهو ما يستحق القتل، كيف نحسن على من يستحق القتل من آدمي أو غيره؟ هذا مستحق للقتل، إما قصاص بأن كان قاتلاً، أو حد إذا كان زانياً محصناً، أو غير ذلك ممن يستحق القتل، كيف نحسن إليه؟ كيف نحسن إلى حيوان يظن كثير من الناس أنه لا يحس ولا يشعر؟ لا بد من الإحسان إليه، ((فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة)) القتلة فعلة، وهو اسم هيئة، هيئة القتل ((وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة)) يعني هيئة الذبح. ومن الإحسان إليه أن تحد الشفرة، بأن يجهز على المذبوح بسرعة، ولا يعذب بسكين كالة، أو يقتل بسيف كال، بحيث يضرب به مراراً، يضرب به مرة تزهق روحه، وأيضاً لا تحد الشفرة وهو ينظر، ولا تذبح الذبيحة وأختها تنظر إليها؛ لأن لها قوى مدركة تدرك بعض ما يضرها، نعم ليس لها عقول، ولذا لم تكلف بالتكاليف، لكن فيها قوى مدركة تدرك بها بعض ما ينفعها وبعض ما يضرها. ((وليحد أحدكم شفرته)) يعني سكينه ((وليرح ذبيحته)) بحيث يقطع ما يجب قطعه بمرة واحدة.

قال -رحمه الله-: "وعن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ((ذكاة الجنين ذكاة أمه)) رواه أحمد، وصححه ابن حبان" وله شواهد كما ذكر الترمذي عن جابر وأبي الدرداء وأبي أمامة وأبي هريرة، فهو صحيح بشواهده ((ذكاة الجنين)) يعني ما في بطن مأكول اللحم من ناقة أو بقرة أو شاة وغيرها مما يذكى ((ذكاة الجنين)) سمي جنين لاجتنانه واختفائه واستتاره ببطن أمه، ((ذكاة الجنين ذكاة أمه)) ذكاة: الأولى مبتدأ، وذكاة: الثانية خبر. جاء في بعض الروايات: ((ذكاة الجنين بذكاة أمه)) يعني أن ذكاة الأم تكفي لها ولجنينها، فإذا خرج الجنين من بطن أمه ميتاً بعد ذبحها فإنه يؤكل؛ لأن ذكاة أمه هي ذكاته، وذكاته بذكاة أمه، وفي بعض الروايات: ((في ذكاة أمه)) يعني في ضمنها، فلا يحتاج إلى تذكية مستقلة، وبهذا قال أكثر أهل العلم أنه لا يحتاج إلى تذكية إذا خرج ميتاً، أما إذا خرج حياً فإنه لا بد من تذكيته، ويكتفى بذكاة أمه إذا خرج ميتاً؛ لأنه جزء من أجزائها، جزء من محتوياتها كغيره مما يحتويه بطن هذه المذكاة، والحنفية يرون أنه لا بد من تذكيته، فإن خرج ميتاً فهو ميت، حكمه حكم الميتة لا يجوز أكله، وإن خرج حياً فلا بد من تذكيته. ويختلف الحكم باختلاف الإعراب؛ لأن بعضهم يرويه ((ذكاةُ الجنين ذكاةَ أمه)) يعني كذكاة أمه يكون منصوب على نزع الخافض، فيجب أن يذكى مثل ما تذكى أمه، وعلى هذا يكون الحديث فيه فائدة وإلا ما فيه فائدة؟ إذا قلنا: ((ذكاةُ الجنين ذكاةَ أمه)) وأنه يذكى كما تذكى أمه، فما فيه فائدة الحديث، مؤكد لأحاديث التذكية كلها، وإذا قلنا: إن ذكاة الجنين هي ذكاة أمه، أو في ضمن ذكاة أمه، قلنا: إن الحديث جاء بحكم جديد وهو مؤسس لا مؤكد.

منهم من يفرق بين الجنين إذا أشعر، وبين الجنين قبل أن يشعر، يعني إذا كان له شعر فحكمه حكم أمه، وإذا لم يشعر فلا، ويذكرون فيه عن ابن عمر خبراً عن ابن عمر مرفوعاًَ: ((إذا أشعر الجنين فذكاته ذكاة أمه)) لكنه حديث ضعيف، وأيضاً هناك حديث ضعيف في الباب: ((ذكاة الجنين ذكاة أمه أشعر أو لم يشعر)) فالشعر وجوداً وعدماً لا يثبت، إنما ((ذكاة الجنين ذكاة أمه)) وهذا يشمل ما كان قبل الإشعار وما بعده، فتكفي تذكية أمه عن تذكيته، وهذا قول الجمهور. "وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((المسلم يكفيه اسمه)) " كيف يكفيه اسمه؟ لأنه عبد لله، هو عبد الله، سواءً كان اسمه عبد الله أو عبد الرحمن أو محمد أو أحمد، هو عبد لله، فاسمه مشتمل على ذكر الله ((يكفيه اسمه، فإن نسي أن يسمي حين يذبح، فليسم، ثم ليأكل)) لكن الحديث ضعيف. يقول الحافظ: "أخرجه الدارقطني، وفي إسناده محمد بن يزيد بن سنان، وهو صدوق ضعيف الحفظ" يعني مضعف من جهة حفظه، فالخبر ضعيف، ولا يثبت مرفوعاً "وأخرجه عبد الرزاق بإسناد صحيح إلى ابن عباس، موقوفاً عليه" نعم يصح موقوفاً على ابن عباس، لكنه لا يثبت مرفوعاً إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- "وله شاهد عند أبي داود في مراسيله، بلفظ: ((ذبيحة المسلم حلال، ذكر اسم الله عليها أو لم يذكر)) وقال: رجاله موثقون" فالموقوف صحيح على ابن عباس، والمرفوع ضعيف، إما لضعف راويه، أو لإرساله وجهل الساقط من إسناده، وعلى هذا يبقى اشتراط التسمية هو الأصل. طالب:. . . . . . . . . الحديث ضعيف ما يحتاج إلى .. ، نعم ضعيف ما يعمل به. هذا يسأل عن لعاب كلب الصيد المعلم؟ تقدم أنه نجس، وأنه يغسل ما يصيبه سبعاً ويترب، لكن الصيد مستثنى من هذا باعتبار أنه سوف يطبخ، وإذا كان فيه شيء مما يضر فإنه يزول بالطبخ. لو أكل الصقر من الفريسة فهل نأكلها؟ لا نأكلها. يقول: هل يجوز اتخاذ الحمام ليتدرب عليه الصقر؟ ليتدرب عليه الصقر، يعني ترسل الحمامة ثم يرسل وراءها ليعلم، إذا كان لا يوجد وسيلة لتعليمه إلا بهذا فلا شك أن هذا مما يتجاوز؛ لأن المكاسب من وراءه أكبر، وإذا وجد وسيلة بأن يرسل شيء لا روح فيه تعين.

يقول: كيف نرد على من يقول: قتل الإنسان بالمسدس أو بالكهرباء أو غيره هو أرحم من القتل بالسيف؟ جاء في الخبر: ((لا قود إلا بالسيف)) فلو صح لكان قاطعاً لكل كلام، وفيه كلام لأهل العلم الحديث هذا فيه كلام، والقتل بالسيف من الماهر بالقتل هو أيسر وأريح أنواع القتل. يقول: هل يجوز قتل الحيوان بالصعق الكهربائي أو العقاقير الكيميائية إذا لم يكن للأكل؟ على كل حال لا بد من الإحسان في القتل والذبح، فإذا كانت هذه الأشياء تؤمله وتؤذيه فلا تجوز بحال. يقول: ما حكم تناول الدجاج واللحوم المستوردة من بلاد الغرب مع وجود شبهة الذبح غير الشرعي؟ وهل يكتفى بتسميتنا عليه لحديث عائشة؟ عرفنا أنه إذا كان البلد بلاد مسلمين فلا إشكال فيما استورد منه، وكذلك إذا كانوا أهل كتاب؛ لأن طعامهم حل لنا، إذا عرفنا أنهم يذبحون بغير طريقتنا بطريقة محرمة فالمصعوقة وقيذة لا يجوز أكلها. ابن العربي يقول: تحل ذبائحهم إذا ذبحوها بطريقة معتبرة عندهم، ولو لم تحل عندنا، ولا بد أن يكون هذا الاعتبار من أصل دينهم، بخلاف ما استحدثوه بعد أن تنصلوا عن دينهم. يقول: إذا مات الجنين في بطن أمه فخشي على الأم الهلاك فذكيت فهل يصح أكل الجنين الذي مات قبل أمه؟ لا، لا يصح، ما دام مات قبل أمه، إذا لم يمت بسبب تذكية أمه فلا يصح، فلا يؤكل؛ لأنه حينئذٍ ميتة. هذا يقول: شخص كان يعمل لدي في محل وتركني وعمل لحسابه، وقد باع على زبائني الذين كان يتعامل معهم، وعندهم أموال لي، فماذا عليه؟ عليه أن يضبط ما له وما عليه، عليه أن يضبط، ويميز أمواله عن أموالك، فيدفع مالك، ويأخذ ماله. ما حكم الأكل من المطاعم الموجودة في دول الكفر كأوروبا وأمريكا مع ما نسمع من أنهم يقتلون ولا يذبحون، وهذا غير متيقن؟ على كل حال مثل ما مضى، غلبة الظن تورث شبهة يمتنع من أجلها المسلم؛ لئلا يبني جسده على حرام، ولا على سحت، ويحتاط لنفسه، أما إذا كان في بلاد مسلمين، ويغلب على الظن أن الذابح مسلم مثل هذا الورع فيه ضعيف، وإذا قويت الشبهة تأكد الورع، أما إذا لم توجد شبهة فلا مجال لهذا الورع حتى أن بعضهم يعده وسواساً.

إذا كان في بلاد كفار وغلب على الظن من أن الذبح بطريقة محرمة عند المسلمين فلا يقدم عليه، لا يجوز له أن يقدم عليه إذا بلغه ذلك بطريق صحيح، أو وصل إليه بطريق رؤية أو نحوها. ما حكم الصيد للتحنيط؟ ذكرنا مراراً حديث النهي عن قتل الحيوان إلا لمأكلة، فلا يقتل إلا ليؤكل. يقول: ما حكم تقشير البرتقال بالظفر؟ مثل المسواك، مثل السواك. يقول: يوجد كلاب ضالة في أحد الأحياء بكثرة، وتزعج في بعض الأحيان بالنباح، وإخافة الأطفال، فهل يجوز قتلها؟ جاء الأمر بقتل الكلاب في صحيح مسلم، ثم بعد ذلك نهي عنه، فتطرد عن هذا الحي بطريقة مناسبة. وهل تمنع دخول الملائكة للحي؟ هي تمنع من دخول البيوت، البيت الذي فيه كلب أو صورة لا تدخله الملائكة، أما بالنسبة للأحياء، وبالنسبة للبراري والقفار فمثل هذه لم يرد فيها النص. اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك ...

كتاب الأطعمة (3)

بسم الله الرحمن الرحيم شرح: بلوغ المرام - كتاب الأطعمة (3) باب الأضاحي الشيخ: عبد الكريم بن عبد الله الخضير سم. بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. قال الحافظ ابن حجر العسقلاني -رحمه الله تعالى- في كتابه (بلوغ المرام): باب: الأضاحي عن أنس بن مالك -رضي الله تعالى عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يضحي بكبشين أملحين، أقرنين، ويسمي، ويكبر، ويضع رجله على صفاحهما" وفي لفظ: "ذبحهما بيده" متفق عليه، وفي لفظ: "سمينين" ولأبي عوانة في صحيحه: "ثمينين" بالمثلثة بدل السين، وفي لفظ لمسلم: ويقول: ((بسم الله، والله أكبر)). وله: من حديث عائشة -رضي الله تعالى عنها- أمر بكبش أقرن، يطأ في سواد، ويبرك في سواد، وينظر في سواد ليضحي به، فقال: ((اشحذ المدية)) ثم أخذها، فأضجعه، ثم ذبحه، وقال: ((بسم الله، اللهم تقبل من محمد وآل محمد، ومن أمة محمد)). وعن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((من كان له سعة ولم يضح فلا يقربن مصلانا)) رواه أحمد وابن ماجه، وصححه الحاكم، لكن رجح الأئمة غيره وقفه. وعن جندب بن سفيان -رضي الله تعالى عنه- قال: شهدت الأضحى مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فلما قضى صلاته بالناس نظر إلى غنم قد ذبحت، فقال: ((من ذبح قبل الصلاة فليذبح شاة مكانها، ومن لم يكن ذبح فليذبح على اسم الله)) متفق عليه. وعن البراء بن عازب -رضي الله تعالى عنهما- قال: قام فينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: ((أربع لا تجوز في الضحايا: العوراء البين عورها، والمريضة البين مرضها، والعرجاء البين ضلعها، والكسيرة التي لا تنقي)) رواه أحمد. الكبيرة، الكبيرة. طالب: سم، رعاك الله. الكبيرة. طالب: ما هي عندي .... الكبيرة التي لا تنقي. طالب: بدل الكسيرة؟ نعم. أحسن الله إليك. ((والكبيرة التي لا تنقي)) رواه أحمد والأربعة، وصححه الترمذي وابن حبان.

وعن جابر -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا تذبحوا إلا مسنة إلا أن يعسر عليكم فتذبحوا جذعة من الضأن)) رواه مسلم. وعن علي -رضي الله تعالى عنه- قال: أمرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن نستشرف العين والأذن، ولا نضحي بعوراء، ولا مقابلة، ولا مدابرة، ولا خرماء، ولا ثرماء" ... خرقاء. أحسن الله إليك، أنا عندي خرماء. "ولا نضحي بعوراء، ولا مقابلة، ولا مدابرة، ولا خرقاء، ولا ثرماء" أخرجه أحمد والأربعة، وصححه الترمذي وابن حبان والحاكم. وعن علي بن أبي طالب -رضي الله تعالى عنه- قال: أمرني النبي -صلى الله عليه وسلم- أن أقوم على بدنه، وأن أقسم لحومها وجلودها وجلالها على المساكين، ولا أعطي في جزارتها شيئاً منها" متفق عليه. وعن جابر بن عبد الله -رضي الله تعالى عنهما- قال: نحرنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عام الحديبية البدنة عن سبعة، والبقرة عن سبعة" رواه مسلم. الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: باب: الأضاحي. والأضاحي فرع من فروع الكتاب الذي هو كتاب الأطعمة؛ لأنها مما يطعم. الأضاحي: جمع أضحية، ويقال لها: إضحية، بكسر الهمزة، ويقال: ضحية أيضاً كهدية، وتجمع على ضحايا كهدايا وأضاحي، وكأن التسمية أخذت من وقت ذبحها، وهو ضحى يوم العيد، على أن الوقت يمتد على ما سيأتي من صلاة العيد إلى غروب يوم الثاني عشر أو الثالث عشر على الخلاف الذي يأتي ذكره -إن شاء الله تعالى-. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى- في الحديث الأول: "عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يضحي" هذا يدل على الاستمرار "يضحي بكبشين أملحين أقرنين" يضحي بكبشين مثنى الكبش، وهو ذكر الضأن، كما أن ذكر الماعز يقال له: تيس، وذكر الإبل يقال له: جمل، وذكر البقر يقال له: ثور، فالكبش هو ذكر الضأن، يضحي بكبشين، واحد عنه -عليه الصلاة والسلام- وعن أهل بيته، والثاني عن من لم يضح من أمته كما جاء في بعض الأحاديث.

"كبشين أملحين" الأملح: لونه نسب إلى لون الملح، والملح أبيض يشوبه شيء من الغبرة، ليس بأبيض خالص، كان الملح يؤخذ من الأرض مشوب بشيء من الغبرة، ليس بأبيض خالص كما هو الملح الموجود الآن، المصفى المنقى الذي يخرج من مصانع، لا، كان يؤتى به على هيئة قطع وكتل كبيرة من الأرض السبخة مشوب بشيء من .. ، يغير لونه، فهو أغبر، وليس بأبيض خالص مثل بياض اللبن مثلاً، كما هو حاصل الآن في الملح الموجود الآن، لا. "يضحي بكبشين أملحين" منهم من يفضل الأبيض مطلقاً باعتبار أن الملح أبيض، والكبشين لونهما لون الملح، ومنهم من يقول: إنه ليس بأبيض خالص، وإنما بياضه أكثر من سواده. "أملحين أقرنين" بحيث يكون البياض مع السواد مختلط، والبياض أكثر من السواد. "أقرنين" الأقرن الذي له قرنان، ولا شك أنه أكمل وأفضل عند أهله. "ويسمي" يعني عند الذبح، "ويسمي" كما تقدم في حكم التسمية، وأنها شرط لصحة أكل المذبوح، وأنه بدون التسمية حكمه حكم الميتة على خلاف بين أهل العلم ذكرناه سابقاً، فمنهم من يرى أن التسمية شرط في صحة التذكية مطلقاً، ولا تسقط لا عمداً ولا سهواً، وأكثر أهل العلم يرون أنها إذا تركت سهواً فإن الذبيحة تؤكل، ويعفى عن السهو والنسيان، بخلاف ما إذا تكرها عمداً فإنها حينئذٍ تكون ميتة، وذكر عن الإمام الشافعي أنه كان يرى أن التسمية سنة وليست بفرض. "يسمي" قائلاً: بسم الله على ما تقدم وعلى ما سيأتي، "ويكبر" بسم الله والله أكبر، التسمية لا إشكال في وجوبها، وأما التكبير فإنه سنة عند عامة أهل العلم.

"يسمي ويكبر" ويسمع من الخطباء في يوم العيد من يقول قائلاً: باسم الله وجوباً، والله أكبر استحباباً، يذكرون الحكم في خطبة العيد، قائلاً: باسم الله وجوباً، والله أكبر استحباباً، وتجد بعض العامة من الناس يقلدهم في اللفظ، فإذا أراد أن يذبح قال: باسم الله وجوباً، والله أكبر استحباباً، وهو يذبح؛ لأنه سمع الخطيب يقول هذا، العامي ما يميز الفرق بين بيان الحكم، وبين ما يجب فعله، ثم لما كثر التنبيه على مثل هذا، كلام الخطيب ما فيه إشكال، كلام الخطيب لا إشكال فيه؛ لأنه يبين حكم التسمية وحكم التكبير، لكن العامي الذي قلده في لفظه هنا يقع الإشكال، فصار الخطباء ما يذكرونها في هذه الصيغة، لا يذكرونها بهذه الصيغة؛ لأن العامة قلدوهم فيها، وظنوها من الذكر المطلوب، ولكنها هي في الحقيقة بيان الحكم. "يسمي ويكبر" قائلاً: بسم الله والله أكبر "ويضع رجله على صفاحهما" وجاء في بعض الأحاديث: ((اللهم هذا منك ولك)) وفي بعض الأحاديث: {قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي} [(162) سورة الأنعام] فلو قالها أحسن، هذا منك ولك، اللهم تقبل من فلان وآل فلان، من محمد وآل محمد، الثاني عمن لم يضح من آل محمد.

"يسمي ويكبر، ويضع رجله على صفاحهما" تضجع الذبيحة سواءً كانت أضحية أو عقيقة أو هدي أو أي ذبيحة كانت مما يشرع، أو يباح ذبحه تضجع على جنبها الأيسر، ويضع رجله على صفحة العنق؛ لئلا تضطرب وتتحرك، ويمسك برأسها بيده اليسرى، والمدية بيده اليمنى، ثم يقول: بسم الله والله أكبر، فيذبحها، قاطعاً بذلك الحلقوم والمري والأوداج، وهذا أكمل على ما تقدم، وإن اختلف العلماء في بعضها "ويضع رجله على صفاحهما، وفي لفظ: "ذبحهما بيده" وهذا يدل على أن الأفضل والأولى للإنسان أن يتولى ذبح أضحيته بنفسه، ولا يوكل مع القدرة، أما إذا كان لا يحسن الذبح فإنه يوكل، والأفضل إذا وكل أن يشهد ويحضر وجاء في بعض الأحاديث أنه يغفر له عند أول قطرة من دمها، فليحضرها، إذا كان يحسن الذبح فالأولى به أن يتولى الذبح بنفسه، كما فعل النبي -عليه الصلاة والسلام-، ذبح أضحيته بنفسه، وذبح ثلاثاً وستين من بدنه التي أهداها في حجة الوداع بيده، ووكل الباقي أو في الباقي علياً -رضي الله عنه-؛ لأنه أهدى مائة من البدن، مائة بدنة أهدى -عليه الصلاة والسلام- في حجة الوداع، ذبح منها بقدر سني عمره ثلاثاً وستين، ثم وكل علياً فذبح الباقي، فالتوكيل جائز لا إشكال فيه، لكن الذبح أفضل، وعلى هذا إذا وكل الأفضل أن يحضر، والأولى أن يذبحها بنفسه، أو يحضر ذبحها في بيته؛ لأن هذه شعيرة، ينبغي أن تعظم في قلب المضحي، وفي قلب من في بيته ممن يضحى عنهم، وأن يعرفها النساء والأطفال، يعرفون أن هذه من شعائر الدين، ويتوارثونها كما توارثها آباؤهم، وبعض الناس يأتي عليه يوم العيد وأهله لا يدرون هل ضحى أو لا؟ إما أن يبعث بقيمتها إلى بلد آخر، أو يشتريها من قرب المسلخ ويذبحها ولا يدرون بها، يأتي لهم بقطة من اللحم كأنه جاء بها من الدكان، من المجزرة، هذا لا تتحقق به الحكمة، ولا المصلحة من شرعية هذه النسيكة، كما شرعت صلوات النوافل في البيوت ليعرف النساء والأطفال، ويتعلمون كيف يصلون؟ وهنا يعرفون ويتعلمون كيف يذبحون؟ كثير من شباب المسلمين ما يعرف الذبح؛ لأنه ما رآه، ولا شك أن هذا تقصير، شعيرة ينبغي أن تشهر، وينبغي أن تعظم، ويعرفها الصغير والكبير وأنها من شعائر الدين؛ لئلا

يأتي يوم من الأيام قد تستنكر، فالله المستعان. "وفي لفظ: "ذبحهما بيده" ولا يستنكف الإنسان يقول: هذه جزارة لا تليق بي؛ لأن بعض الناس يرى أن هذه مهنة وضيعة لا تليق بكملة الرجال، النبي -عليه الصلاة والسلام- ذبحهما بيده، تجد بعض الناس إذا تقدم إليه جزار يخطب ابنته قال: هذه مهنة وضيعة، نعم كثير من الجزارين عندهم شيء من التساهل في أمور النجاسات والدماء المسفوحة وغيرها، وتجد عندهم شيء من يعني شاع في مجتمعهم شيء من الغش مثلاً، لا يعني هذا أن المهنة وضيعة، وقد باشرها النبي -عليه الصلاة والسلام-، ذبحهما بيده، وهو أشرف الخلق، وأكمل الخلق -عليه الصلاة والسلام-. "متفق عليه، وفي لفظ: "سمينين" يعني يحرص الإنسان على الأكمل والأنفع، وأن تجود نفسه وتطيب بما يبذله لله -جل وعلا-، يتقرب إلى الله -جل وعلا- بالطيب، ولا يتيمم الخبيث، بعض الناس يعمد إلى أدنى شيء فيضحي به ليقال: ضحى، هذه عبادة ينبغي أن تطيب بها النفس وتجود بها.

وبعض الناس تجود نفسه بهذه الأضحية ويقصد إلى أغلى ما في السوق، وهذا إما أن يكون مخلصاً في ذلك، مبتغياً في ذلك وجه الله -جل وعلا-، ممتثلاً ما جاء عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، أو يرائي بذلك ليقال: اشترى كذا وكذا، هذا موجود وهذا موجود، والناس كما قال الله -جل وعلا-: {إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى} [(4) سورة الليل] شخص اشترى كبش بألفين وهو يقوده في السوق قابله واحد من أهل العلم، فقال له: اشترينا هذا نضحي به للوالد بألفين ريال، قال: جزاك الله خير، أحسنت اللي جادت نفسك بألفين تضحي لوالدك، لكن والدك مدين لي بسبعمائة ريال، قال: الحق به، يعني ما جادت نفسه بالدين الواجب الوفاء، وجادت بهذه الأضحية، فبعض التصرفات تدل على أن هناك خلل في مقاصد بعض الناس، يعني جادت نفسه بالألفين ما في إشكال أن هذا طيب، لكن ينبغي أن يراجع نفسه، لماذا بذل ألفين، وهو يقوده في السوق أمام الناس اشتريت بألفين، اشتريت بكذا، ثم بعد ذلك لما طلب منه الواجب الذي ذمة أبيه مرهونة به، يقول: اتبعه، الحقه، فعلى الإنسان أن يراجع نيته ومقصده، والنية كما هو معلوم شرود، لا بد من ملاحظتها في كل لحظة؛ لأن الإنسان قد يغفل ثم بعد ذلك يقع في الرياء الذي يحبط العمل. "وفي لفظ: "سمينين" من السمن، وهو توفر اللحم والشحم في النسيكة "ولأبي عوانة في صحيحه: "ثمينين" بالمثلثة" يعني ثمنهما مرتفع، قيمتهما غالية، كبيرة "ثمينين" بالمثلثة، بدل السين" هل نقول: إن اللفظين صحيحان ثابتان ثمينين وسمينين؟ أو نقول: إن الثابت أحدهما والثاني تصحيف؟ لأن الحديث واحد؛ لأن صحيح أبي عوانة مستخرج على صحيح مسلم، فالحديث هو الحديث؟ أو نقول: ثبت باللفظين سمينين ثمينين، فذكر بعض الرواة أحد اللفظين، وذكر الآخر اللفظ الثاني؟ أو نقول: إن الثابت واحد، والثاني تصحيف؟ طالب:. . . . . . . . . هاه؟ طالب:. . . . . . . . . يعني يرويه بالمعنى، من لازم كونه سميناً أن يكون ثميناً أو العكس؟ أو العكس يعني على حسب ما يثبت من اللفظين أصل والثاني بالمعنى، أحدهما باللفظ والثاني بالمعنى.

"ولأبي عوانة في صحيحه: "ثمينين" بالمثلثة بدل السين" هل يقول قائل: إن الرواي الذي قال: ثمينين يحتمل أن يكون أثرم؟ يعني في الضحايا سيأتي "ولا ثرماء" أثرم سقط سنه بدل السين يقول: ثاء، احتمال؟ يعني ما يسمع هذا؟ من ينطق السين ثاء؟ كما أنه يوجد من ينطق الثاء سين، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . كيف؟ طالب:. . . . . . . . . كيف؟ طالب:. . . . . . . . . ثمينين، ما أقول لك: اللي في صحيح مسلم، أقول لك: اللي في أبي عوانة، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . هاه؟ طالب:. . . . . . . . . لا، قد يأتي بالمعنى، قد يروون بالمعنى "ربما خالفت لفظاً ومعنى" نعم؟ طالب:. . . . . . . . . لا قد يسمعه الواحد اللي ما يعرفه ينقل عنه، نقول: هذا مجرد احتمال، واحتمال قائم، يعني ما هو مستحيل، وعلى كل حال هذا الحاصل رواية: "سمينين" وفي صحيح أبي عوانة: "ثمينين" ولا نكارة في اللفظ، يعني ما في نكارة، ما في مخالفة، ما في معارضة؛ لأن من لازم السمن أن يكون ثميناً، يعني اللفظ ليس بمنكر، فمن لازم كونه سميناً يكون ثميناً.

"ولأبي عوانة في صحيحه: "ثمينين" بالمثلثة بدل السين" لكن لو وجدنا سمين وأقل قيمة من غير السمين؟ لأن غير السمين اجتمعت فيه الصفات الأخرى أملح أقرن، يعني وجدنا كبش أملح أقرن، والثاني أسود بدون قرن، لكنه سمين، أيهما أولى؟ والثاني السمين هذا أقل قيمة من الأملح الأقرن، سمين وفي الوقت نفسه أقل ثمن، ما يتصور؟ ما يقع؟ يقع، هل نقول: إن الهيئة (اللون) لا أثر متعدي، يعني المساكين الذين يتصدق عليهم منها، ومن يهدى إليه منها لا شك أنه يؤثر الوافر الكثير اللحم، يؤثر ما فيه شيء من الدسومة، فيه شحم، لا تنظروا يا إخواني الآن إلى الوقت الراهن، وأن الشحوم تلقى في المزابل لا قيمة لها، كانت ذات بال، وذات قيمة، وتباع مثل ما يباع اللحم، فعندنا الخيار بين الأملح الأقرن وبين السمين الأسود بدون قرن، والأملح الأقرن أكثر ثمن، وهذا أسمن، على شان نعرف وجه الاتفاق بين اللفظين ووجه الاختلاف، قلنا: إنه في الغالب إذا كان أسمن كان أثمن، لكن قد يكون هناك صفات أخرى تجعله أقل ثمناً وإن كان سميناً؛ لنبين أن اللفظين غير مترابطين باستمرار، فهل نؤثر الأوصاف الظاهرة أو نؤثر النفع المتعدي بوفرة اللحم والشحم؟ هاه؟ طالب:. . . . . . . . . وكونه -عليه الصلاة والسلام- ضحى بكبشين أملحين أقرنين، هل نقول: إن هذا مقصود له -عليه الصلاة والسلام-، أو أنه وجد هذين الكبشين فضحى بهما من غير اعتبار لون؟ الصنعاني يقول: "إذا كانت الأفضلية في اللون مستندة إلى ما ضحى به -صلى الله عليه وسلم- فالظاهر أنه لم يتطلب لوناً معيناً، حتى يحكم بأنه الأفضل، بل ضحى بما اتفق له، وتيسر حصوله، فلا يدل على أفضلية لون من الألوان" لأن اللون مآله إلى أن يسلخ مع الجلد ويرمى، ثم بعد ذلك يصفى الجلد من هذا الشعر وينتهي، والقرن لا قيمة له بالنسبة للأضحية، نعم له شأن عند أهل المواشي، لكن ليس له قيمة حقيقية مؤثرة في الأضحية. كلام الصنعاني يتجه لو كانت أضحيته مرة واحدة، لكن كونه -عليه الصلاة والسلام- كان يضحي يعني ليست مرة واحدة يدل على أنه يبحث عن هذا اللون، كان يضحي بكبشين أملحين أقرنين، فدل على أن لهذا اللون مزية.

الأمر الثاني: اختيار الله -جل وعلا- لنبيه -عليه الصلاة والسلام- لهذا اللون، ولم يكن الله ليختار لنبيه إلا الأفضل. طالب: عندنا حاشية رعاك الله. ويش هو؟ طالب: بعد أن عزاه لأبي عوانة قال: لكن عنده بالسين المهملة سمينين. إيه لكن سمينين بالحرف ما هو بالضبط، تعرف أن الطبعات يعتريها ما يعتريها، لكن الحافظ ما هو بإنسان مثل المحقق، إنسان عادي، وجد هذه المطبوعة واعتمد عليها، لكن أيضاً في فتح الباري في بعض المواضع يدل على أنه بالسين، لكن هنا تصريح "ولأبي عوانة في صحيحه: "ثمينين" بالمثلثة بدل السين" يعني ما يعارض بما يوجد في الكتاب الأصلي أنه بالسين مكتوب مجرد .. ، الكتابة تخون، والضبط بالحروف هو الأصل عند أهل العلم، ولا شك أن البحث عن الأكمل من تعظيم الشعيرة، وتعظيم الشعائر دليل التقوى، من تقوى القلوب، تعظيم هذه الشعائر، فإذا بذل الإنسان وطابت نفسه بما لا يصل إلى حد السرف؛ لأنه أحياناً تبذل الأموال في شيء لا قيمة له، في شيء شكلي لا قيمة له، هذا لا شك أنه إسراف، يعني بعض الناس مستعد يدفع في كبش خمسة آلاف، ولا شيء عنده الآن، لكن هذا إسراف، وإن كان يجد مئات الملايين؛ لأن قيمة كل شيء بحسبه لا بحسب الشخص نفسه. "ولأبي عوانة في صحيحه: "ثمينين" بالمثلثة بدل السين، وفي لفظ لمسلم: ويقول: ((بسم الله، والله أكبر)) " هناك قال: "يسمي ويكبر" صيغة التسمية وصيغة التكبير جاءت في لفظ مسلم: "يقول: ((بسم الله، والله أكبر)) " بهذا اللفظ. في الحديث الثاني بالنسبة للون، هنا في الحديث الأول: "بكبشين أملحين أقرنين" وهنا قال: "وله" يعني لمسلم "من حديث عائشة -رضي الله عنها- أمر بكبش أقرن" هذا متفق مع الأول "أمر بكبش أقرن" إلا أنه في الأول بكبشين، والثاني في الحديث الثاني: بكبش أقرن، وكونه يأمر بكبش لا ينفي أن يكون هناك كبش آخر؛ لأن الحديث الأول صريح في كونهما اثنين على أن الكبش الواحد أو الأضحية الواحدة تكفي عن الرجل وعن أهل بيته، ولكن النبي -عليه الصلاة والسلام- ضحى بالثاني عمن لم يضح من أمته -عليه الصلاة والسلام-.

"أمر بكبش أقرن يطأ في سواد" يطأ في سواد يعني شعر رجليه أسود "ويبرك في سواد" شعر بطنه أسود، "وينظر في سواد" الشعر الذي حول عينيه أسود، فأتي به "ليضحي به" هذا لون آخر غير الأول، وإن كان الغالب البياض، ما ينفي أن يكون الغالب البياض، ولو وطئ في سواد، وبرك في سواد، ونظر في سواد، لا ينفي ولا يمنع أن يكون الغالب هو البياض، فأتي به "ليضحي به" -عليه الصلاة والسلام- "فقال لها: ((يا عائشة هلمي المدية)) " هلمي يعني هاتي، أو ائتيني بالمدية، وهلم في لغة قريش تلزم حالاً واحدة، هلم للمذكر والمؤنث والمفرد والمثنى والجمع، وعند بني تميم المطابقة، هلما يا زيد، هلمي يا عائشة، هلما يا زيدان، هلموا يا رجال، وهكذا، وهنا قال: ((هلمي يا عائشة المدية)) يا عائشة هلمي، على لغة؟ على لغة تميم؛ لأنها عند قريش تلزم صيغة واحدة ((هلمي المدية)) يعني هاتي وائتيني بالمدية التي هي السكين، ثم قال: ((اشحذيها بحجر)) يعني سنيها بحجر، فينبغي أن تشحذ، وتحد كما جاء الأمر بذلك: ((وليحد أحدكم شفرته)) من أجل إراحة الذبيحة، والإحسان إلى المذبوح، بخلاف ما لو كانت المدية الشفرة السكين لو كانت كليلة، لو كانت كليلة تعذب المذبوح هذا ليس من الإحسان، والله -جل وعلا- كتب الإحسان في كل شيء، فقال: ((اشحذيها بحجر)) ففعلت "ثم أخذها" -عليه الصلاة والسلام- "وأخذه" أخذ الكبش "فأضجعه" على ما تقدم على جنبه الأيسر، ووضع رجله على صفحة عنقه، وأمسك الرأس بيده اليسرى، والمدية باليد اليمن، فأمرها على حلقه وقطع ما يجب قطعه، قائلاً: بسم الله والله أكبر. "ثم أخذها وأخذه" يعني الكبش "فأضجعه ثم قال: ((بسم الله، اللهم تقبل من محمد وآل محمد، ومن أمة محمد)) " ثم ضحى به، جاء تخصيص: ((من لم يضح من أمة محمد)) هنا يشمل من ضحى ومن لم يضح، واللفظ الثاني خاص بمن لم يضح، وهذا يستدل به على عدم وجوب الأضحية كما هو قول الجمهور ((من لم يضح من أمة محمد)) تحمل أضحيته النبي -عليه الصلاة والسلام- وضحى عنه.

قد يقول قائل أو يتذرع بخيل مثلاً يقول: أنا لن أضحي؛ لأن الرسول -عليه الصلاة والسلام- ضحى عني، ولو بذلت ما بذلت، وحرصت ما حرصت في الأضحية لن تكون مثل أضحية النبي -عليه الصلاة والسلام- عني، لا بطيب المال، ولا بطيب النفس، ولا بطيب الكسب، ولا بالإخلاص. الأضحية التي ضحى بها النبي -عليه الصلاة والسلام- عن أمة محمد توفر فيها كل ما يطلب شرعاً، فلماذا أبحث عن أضحية قد يعتريها ما يعتريها من الخلل والنقص؟ الكلام سائغ وإلا غير سائغ؟ طالب:. . . . . . . . . ((من لم يضح من أمة محمد)) الله أعلم عاد ... طالب: فمن لم يستطع؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . يعني في وقته -عليه الصلاة والسلام-، حتى يمكن أن يقال هذا الكلام في وقته -عليه الصلاة والسلام-، لو قال في وقت النبي -عليه الصلاة والسلام-: أنا ما أضحي، بيضحي عني الرسول -عليه الصلاة والسلام-، وأضحية الرسول أكمل من أضحيتي مهما بذلت، ويتذرع بمثل هذا، هل لتذرعه واعتذاره وجه وإلا لا؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . له وجه؟ طالب:. . . . . . . . . لكن مع النصوص التي جاء فيها الحث على الأضحية، وجاء الأمر بها، و ((من لم يضح فلا يقربن مصلانا)) يكون له وجه؟ لا وجه له. ((بسم الله، اللهم تقبل من محمد وآل محمد)) جاء في بعض الروايات: ((اللهم إن هذا منك ولك)) "منك" أصله من مال الله الذي آتاك، فهو من الله -جل وعلا- "ولك" يعني من أجلك، ذبحت هذه النسيكة من أجلك {قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ} [(162) سورة الأنعام] فهذه النسيكة لله -جل علا-. ((اللهم تقبل من محمد وآل محمد)) تقبل من فلان المضحي وآله، وأهل بيته؛ لأن الأضحية تجزئ عن المضحي وعن أهل بيته.

((ومن أمة محمد)) لو قال شخص: النبي -عليه الصلاة والسلام- ضحى عن أمته، ومن باب مقابلة الإحسان بالإحسان أريد أن أضحي عن الرسول -عليه الصلاة والسلام- كما ضحى عنا نضحي عنه، ووجد في بعض الوصايا من أوصى بأضاحي لآدم ولحواء ولمحمد -عليه الصلاة والسلام-، ولفلان من الناس من له عليه حق، وجد من يضحي عن الإمام أحمد، وعن شيخ الإسلام ابن تيمية، والشيخ محمد بن عبد الوهاب، يوجد من يضحي، وكل يضحي عن من أعجبه أو وصل إليه نفعه. المقصود أن هذا قال: النبي -عليه الصلاة والسلام- ضحى عن أمة محمد، ومن باب الجزاء والإحسان إلى الإحسان أحسن إلينا فنحسن إليه، هل يسوغ أن يضحى عن النبي -عليه الصلاة والسلام-؟ لا، لماذا؟ لأن هذا شيء لم يفعله سلف هذه الأمة، ما ضحى أبو بكر ولا عمر عن محمد -عليه الصلاة والسلام-. والأمر الثاني: أن هذه الأضحية التي تذبحها عنك وعن أهل بيتك لمحمد -عليه الصلاة والسلام- مثل أجرك؛ لأنه هو الذي دلك على هذا الخير، ومن دل على هدى كان له مثل أجر فاعله، فالتضحية عنه -عليه الصلاة والسلام- بدعة وإن فعله بعض الناس. قال -رحمه الله-: "وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((من كان له سعة ولم يضح، فلا يقربن مصلانا)) رواه أحمد وابن ماجه، وصححه الحاكم، لكن رجح الأئمة غيره وقفه" صححه الحاكم مرفوعاً إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- وغيره من الأئمة رجحوا الوقف، ابن حجر ينقل عن الأئمة هنا، وقال في الفتح: الموقوف أشبه بالصواب. ((من كان له سعة ولم يضح فلا يقربن مصلانا)) هذا من أدلة من يقول بوجوب الأضحية، وهو قول أبي حنيفة استدلالاً بمثل هذا، وبقوله -جل وعلا-: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} [(2) سورة الكوثر] الصلاة هنا صلاة العيد، والنحر نحر الأضحية، وهذا قول أبي حنيفة، وجمهور أهل العلم على أن الأضحية سنة مؤكدة، لا تصل إلى حد الوجوب، ولا يأثم من تركها، لكنه حرم خيراً عظيماً.

مما يستدل به أهل العلم على عدم وجوب الأضحية قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((إذا دخل العشر وأراد أحدكم أن يضحي)) فرد الأمر إلى إرادته واختياره ومشيئته، أراد أن يضحي هذا مما يستدل به على عدم الوجوب، لكن هل الدلالة على عدم الوجوب واضحة؟ نعم؟ ليست واضحة؛ لأنه يقال لمن أراد أن يحج حج الفريضة: إذا أردت أن تحج فافعل كذا وكذا وكذا، والحج فريضة الإسلام، يعني إذا عزمت فافعل كذا. يقول ابن حزم: "لا يصح عن أحد ن الصحابة والتابعين والفقهاء عن أحد من الصحابة أنها واجبة" استدل الإمام الشافعي على عدم وجوبها بحديث أم سلمة: ((إذا دخلت العشر ... )) إلى آخره، وعرفنا أن هذا الحديث لا يتم الاستدلال به؛ لأنه يمكن أن يوجه هذا الكلام مجرد الإرادة لما يجب فعله كما يقال: إذا أردت أن تصلي فتوضأ، هل يمكن أن يقال إن هذا الأسلوب يدل على عدم وجوب الصلاة مثل: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ} [(6) سورة المائدة] يعني إذا أردتم القيام، الصلاة واجبة، لكن يجب أن يكون هذا متقدماً عليها. {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} [(2) سورة الكوثر] استدل أبو حنيفة بهذه الآية على وجوب صلاة العيد، وعلى وجوب الأضحية، وإن كانت الدلالة ليست بصريحة، ولذا لا يقولون بأن صلاة العيد فرض ولا الأضحية فرض، إنما يكتفون بالوجوب؛ لأنها ثبتت بدليل قطعي وإلا ظني؟ طالب:. . . . . . . . . الآية قطعية، قطعية الثبوت، لكن الدلالة ظنية ليست بواضحة.

وفي الحديث الذي يليه: "عن جندب بن سفيان -رضي الله عنه- قال: شهدت الأضحى مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" يعني يوم الأضحى أو عيد الأضحى أو صلاة الأضحى "فلما قضى صلاته بالناس نظر إلى غنم قد ذبحت، فقال -عليه الصلاة والسلام-" هذه الغنم الاحتمال قائم أنها ذبحت قبل الصلاة، والاحتمال الثاني أنها بعد الصلاة مباشرة، ولما لم يتعين ذبحها قبل الصلاة قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((من ذبح)) ما قال: اذبحوا؛ لأن بعض الناس يبادر بالإنكار، ثم يتبين له أن الفعل صحيح، النبي -عليه الصلاة والسلام- لما دخل الرجل وجلس سأله، فقال: ((هل صليت ركعتين؟ )) قال: لا، قال: ((قم فصل ركعتين)) ما قال من أول الأمر: قم فصل ركعتين، لو دخل شخص أو جاء شخص إلى الصف الأول وجد فيه فرجة وجلس، فيه صفوف، هل يسوغ لمن بجانبه أن يقول: قم فصل ركعتين؟ احتمال أن يكون صلى في صف متأخر، ثم وجد هذه الفرجة، فالذي ينبغي أن يقال مثل ما قال الرسول -عليه الصلاة والسلام-: ((هل صليت ركعتين؟ )) لئلا ينكر غير منكَر، فيكون الرجل قد صلى، صل ركعتين، صليت، يقع في حرج هذا المنكر بعد ذلك، ولذا قال -عليه الصلاة والسلام-: ((من ذبح قبل الصلاة)) ما قال: اذبحوا مكان ما ذبحتم؛ لأنكم ذبحتم قبل الصلاة، وما دام الاحتمال قائماً فإنه يأتي بصيغة عموم تتناول الناس كلهم. لما دخل الداخل والنبي -عليه الصلاة والسلام- يخطب، وجلس قال: ((قم فاركع ركعتين)) لماذا؟ لأنه يراه، دخل مع الباب وجلس، مثل هذا يقال له: قم فصل ركعتين، لكن الذي الاحتمال قائم في كونه صلى أو لم يصل، يؤتى به على سبيل التردد والاستفهام، هل صليت ركعتين؟ وهنا احتمال أن تكون هذه ذبحت قبل الصلاة، واحتمال أن تكون ذبحت بعدها، فقال: ((من ذبح قبل الصلاة فليذبح شاة مكانها)) لأنها لا تجزئ أضحية، لحم، كأنه جاء بها في يوم عرفة، أو في أول الشهر، أو في القعدة أو في شوال، لحم عادي، لا يتقرب بها على أنها أضحية، وعليه حينئذٍ أن يذبح مكانها.

قال: ((من ذبح قبل الصلاة فليذبح شاة مكانها)) دل على أن بداية وقت الأضحية الفراغ من الصلاة ولو لم ينته الخطيب من خطبته، وهل المراد بالصلاة صلاة الإمام أو صلاة المضحي؟ من أهل العلم من يربطها بالإمام، فيقول: إذا صلى الإمام تضحي ولو لم تصل أنت، ومنهم من يقول: صلاة المضحي؛ لأنه قد يعسر معرفة الفراغ فراغ الإمام من صلاته إذا كان في بلد ناءٍ قبل وسائل الاتصال الموجودة الآن، ما يدرون هل الإمام صلى وإلا تأخر وإلا حصل له ظرف وتأخر؟ ومنهم من يقيدها بوقت الصلاة كالشافعي، يقول: إذا ارتفعت الشمس ومر مقدار الصلاة يعني ارتفعت الشمس وعشر دقائق بعد ذلك، عشر من طلوعها، وعشر لأداء الصلاة، يعني بعد بزوغ الشمس بثلث ساعة اذبح؛ لأن هذا مقدار كافي للصلاة، لأنه احتمال أن يكون في بادية لا يصلون العيد، فيكفي المقدار. ((من ذبح قبل الصلاة فليذبح شاة مكانها، ومن لم يكن ذبح فليذبح على اسم الله)) هذا تقرير لما جاء في النصوص الكثيرة المتضافرة المتوافرة على وجوب التسمية. طالب:. . . . . . . . . هاه؟ طالب:. . . . . . . . . هو من أدلة الوجوب، وأصح منه ما في القرآن. هذا بالنسبة لبداية وقت الأضحية، وأما انتهاء وقت الأضحية فمختلف فيه، وكثير من أهل العلم يرى أنه ثلاثة أيام، يوم العيد ويومان بعده، وهذا قول المالكية والحنابلة، وعند الشافعية أربعة أيام، يوم العيد وثلاثة أيام بعده، ومنهم من يرى أنه يوم العيد فقط، وأن الأضحية تختلف عن الهدي، الهدي في يوم العيد وأيام التشريق، لكن عامة أهل العلم بل القول المعتمد عند أهل العلم أنه في يوم العيد ويومان أو ثلاثة بعده، والمرجح أنها ثلاثة كالهدي، ((أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر لله)) فالنهاية مقيسة على الهدي، فتكون ثلاثة أيام بعد يوم العيد، والبداية معلومة بالنص بعد الصلاة، الهدي نهايته معلومة بنهاية أيام التشريق، وبدايته معلومة وإلا غير معلومة؟ طالب: معلومة. متى؟ طالب:. . . . . . . . . الهدي الهدي؟ طالب:. . . . . . . . . الهدي؟ طالب:. . . . . . . . . مغيب إيش؟ طالب:. . . . . . . . . بدايته؟ طالب:. . . . . . . . .

النحر نحر الهدي من أعمال يوم النحر، يمتد إلى مغيب الشمس آخر أيام التشريق هذا ما فيه إشكال، لكن بدايته؟ طالب:. . . . . . . . . هو من أعمال يوم النحر "رميت قبل أن أنحر" ((افعل ولا حرج)) "نحرت قبل أن أطوف" ((افعل ولا حرج)) وكذا فعلت فعلت ... إلى آخره، وأعمال يوم النحر متى تبتدئ؟ طالب:. . . . . . . . . يعني من ساغ له الانصراف من منتصف الليل من أهل الأعذار، أو من مغيب القمر، أو انصرف بعد مضي جل الليل وغالب الليل، أو انصرف بعد صلاة الفجر، ووصل إلى منى، هل هو مخير بين أن يفعل ما شاء من أعمال يوم النحر التي هي الرمي والطواف والسعي والحلق والنحر، هذه أعمال يوم النحر، فمن قدم شيئاً حتى من قال: سعيت قبل أن أطوف، قال: ((افعل ولا حرج)) نحرت قبل أن أرمي ((أفعل ولا حرج)) ساغ له أن يصرف، بل جلس إلى أن أسفر كما فعل النبي -عليه الصلاة والسلام- ووصل إلى منى مع طلوع الشمس، يسوغ له أن ينحر وإلا ما يسوغ مقدماً النحر على الرمي؟ يجوز أن يقدم النحر على الرمي؛ لأنه قال: ((افعل ولا حرج)) فإذا قدمه قبل الصلاة مثلاً؟ طالب: إذا كان من أهل الأعذار. ما هو من أهل الأعذار جلس صلى الصبح وجلس في مصلاه وصار آخر مزدلفة، فدخل منى بخمس دقائق قبل الصلاة، قبل أن يدخل الإمام، قبل أن ترتفع الشمس، وقال: فرصة الناس ذاهبين كلهم إلى الجمرة يرمون أنا با أذبح، ما دام الناس في غفلة، ويجوز تقديم الذبح على الرمي ((افعل ولا حرج)) يجوز وإلا ما يجوز؟ يعني مقتضى قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((افعل ولا حرج)) أنه يجوز، لكن مقتضى الحديث، وأن الأضحية والهدي متقاربان في الأحكام، وقيست الأضحية على الهدي في نهاية الوقت، يقتضي أن لا يذبح الإنسان هديه إلا بعد الصلاة.

القاعدة عند أهل العلم أنه إذا كان هناك سبب وجوب ووقت وجوب يعني للعبادة سبب وجوب ووقت وجوب، عندنا سبب وعندنا وقت، سبب وجوب الهدي هدي المتعة والقران الإحرام بهما، ما دام دخل في النسك وجد سبب الوجوب، ووقت الوجوب يوم النحر، مقتضى هذه القاعدة عند أهل العلم أنه لا يجوز فعل الشيء قبل سببه بالاتفاق، يعني ما تقول: والله الآن أنا جيت قبل أن أحرم أبا أذبح الهدي، ولا تقول: قبل أن أحلف أكفر خشية أن تجب علي الكفارة وأنا ما عندي شيء، وأنا الآن متيسرة أموري، يقول: أبذل كفارة يمين لئلا يجب علي كفارة يمين فيما بعد، وأنا ليس عندي ما أكفر به، يعني قبل انعقاد سبب الوجوب لا يجوز، ولا يجزئ، لكن إذا انعقد السبب وقبل وقت الوجوب يجوز أن تكفر عن يمينك قبل الحنث؟ يجوز وإلا ما يجوز؟ يجوز، يجوز أن تكفر عن يمينك قبل أن تحنث، ويجوز اتفاقاً أن تكفر بعد أن تحنث، وإذا جئنا لهدي التمتع والقران قلنا: سبب الوجوب الدخول في النسك، وهذا قبل يوم العيد، ووقت الوجوب يوم النحر؛ لأن الإضافة يوم النحر من إضافة الشيء إلى سببه الذي هو النحر. طيب على مقتضى القاعدة يجوز أن نذبح قبل يوم النحر وإلا ما يجوز؟ أحرم قارن في الأول من ذي الحجة وجلس عشرة أيام قبل يوم النحر على مقتضى القاعدة يجوز أن يذبح وإلا ما يجوز؟ يجوز، وقال به جمع من أهل العلم، لكن القول الثاني وهو قول أكثر أهل العلم أنه لا يجوز نحر الهدي قبل يوم النحر، وما سمي يوم النحر إلا لأنه تنحر فيه الأضاحي والهدايا. هناك كتاب صدر عن بعض أهل العلم قبل ثلاثين أو أربعين سنة "القول اليسر في جواز نحر الهدي قبل يوم النحر" مؤلف معروف ومتداول، لكنه رد عليه بكتاب آخر من شيخ أكبر منه وأعلم: "إيضاح ما توهمه صاحب اليسر في يسره من تجويزه نحر الهدي قبل وقت نحره" أو بقية العنوان سهل، المقصود أن هذه مسألة مختلف فيها، والراجح من أقوال أهل العلم أنه لا ينحر الهدي قبل يوم النحر، وأن وقته مثل الأضحية بعد الصلاة؛ ليكون مجزئاً بالاتفاق.

بعضهم ذهب إلى أن النحر خاص بالنهار دون الليل، وأن الأضحية لا تذبح في الليل، وهذا مشهور عن مالك -رحمه الله-، وغيره يذهبون إلى جواز الذبح بالليل والنهار في المدة المحددة شرعاً. اليوم يطلق بإزاء النهار في مقابلة الليل، ويطلق أيضاً على ما يشمل الليل والنهار {تَمَتَّعُواْ فِي دَارِكُمْ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ} [(65) سورة هود] يعني دون ليالي أو بلياليها؟ بلياليها، لكن في قوله -جل وعلا-: {سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ} [(7) سورة الحاقة] يدل على أن الأيام تطلق ويراد بها ما يقابل الليالي. بعد هذا يقول المؤلف -رحمة الله عليه-: "وعن البراء بن عازب -رضي الله تعالى عنه- قال: قام فينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: ((أربع لا تجوز في الضحايا: العوراء البين عورها، والمريضة البين مرضها، والعرجاء البين ضلعها، والكبيرة التي لا تنقي)) " أربع: هذا حصر، ومن قال: إن العدد له مفهوم قال: إنه لا عيب إلا هذه الأربعة المنصوصة، من قال: إن العدد له مفهوم يدل على الحصر، وأنه لا عيب سوى هذه الأربعة، وبهذا يقول أهل الظاهر، ولو كان العيب أشد مما نص عليه. ((العوراء البين عورها)) إذا كانت عمياء تجزئ وإلا ما تجزئ؟ عند عامة أهل العلم لا تجزئ، لكن عند الظاهرية؟ تجزئ، وإذا نظرنا إلى العلة في منع التضحية بالعوراء هذا عيب، ونقص ويعوقها عن بعض مصالحها، قالوا: إنها إذا كانت مع غيرها ترعى يفوتها ما في الجهة التي من جهة العين العوراء، يعني العشب والكلأ الذي في الجهة اليمنى أو اليسرى في جهة العين العوراء يفوتها، فكيف إذا كانت عمياء؟ يقول من يحتج للظاهرية: العمياء يحضر لها طعام وما يحتاج ترعى، العيب غير مؤثر، ولا يؤثر في لحم ولا غيره.

على كل حال هذا القول لا حظ له من النظر، فإذا منعت العوراء فلتمنع العمياء من باب أولى، لكن في قوله: ((البين عورها)) يعني بين واضح لمن رآها قال: عوراء، هناك من هو أعور، وهناك من هو أعمى لا يبين لا عوره ولا عماه، تكون عينه قائمة، وإن فقد البصر، هذه ليس ببين عورها، وحينئذٍ تكون مجزئة؛ لأن القيد البين عورها معتبر، ليس بلاغي، فإذا كانت العين قائمة من رآها رأى العينين سواء، عين قائمة لا عيب فيها، ولا يظنها عوراء، هذه مجزئة، فماذا عن العمياء إذا كانت العين قائمة ليس بيِّن عماها؟ إذا كان ليس بين عورها تجزئ، لكن هذه ليس بيِّنٌ عماها من رآها قال: تبصر، تشوف بعض العميان مسلوب البصر، ومع ذلك ما تظنه إلا يبصر. طالب:. . . . . . . . . هاه؟ طالب:. . . . . . . . . تمشي، وراها ما تمشي، تمشي، لكن تصطدم بجدار، بعمود، لكن تمشي. طالب:. . . . . . . . . هاه؟ طالب:. . . . . . . . . هذه يكون بين عماها إذا مشت، إذا مشت صار عماها بين، وحينئذٍ لا تجزئ، يعني من رأى العوراء وقال: عيناها سواء، هل هذا يدل على أن العور غير بين أو لا؟ طالب:. . . . . . . . . يعرفه. يقول الشاعر: خاط لي عمرو قباء ... ليت عينيه سواء عمرو هذا الخياط أعور. خاط لي عمرو قباء ... ليت عينيه سواء فسلوا الناس أشعري ... مديح هذا أم هجاء؟ هو يمدحه وإلا يذمه؟ طالب:. . . . . . . . . هاه؟ طالب:. . . . . . . . . ما يدرى يقول: ليت عينيه سواء. طالب:. . . . . . . . . ويش هو؟ طالب:. . . . . . . . . ما يدرى هو أزعله وإلا أرضاه؟ ما تدري أنت، هو يقول: فسلوا الناس أشعري ... مديح هذا أم هجاء؟ هاه؟ طالب:. . . . . . . . . يعني القرينة ينظر في هذا القباء هل خياطته جيدة، ويتمنى أن يبصر بعينه فتكون سواء مع المبصرة، أو العكس إذا كان أفسد عليه قباءه يتمنى له العمى. ((أربع لا تجوز في الضحايا: العوراء البين عورها)) يعني واضح من رآها قال: هذه عوراء، انخسفت عينها، أو تغيرت عن طبيعتها الأصلية وعن أختها.

((والمريضة البين مرضها)) واضح أنها مريضة، من رآها قال: مريضة، وعلى هذا لو اشترى شخصاً أضحية نظر إليها وينظر إليها الناس ما يذكرون فيها شيء بدليل أن قيمتها كقيمة غيرها، ثم لما ذبحها وجد فيها داء مضر باللحم وبآكله داء عضال تجزئ وإلا ما تجزئ؟ نعم؟ طالب: ليس مرضها بيناً. كيف؟ طالب: أقول: ليس مرضها بيناً ظاهراً. يعني اشتراها على أنها سليمة، وبيعت على أنها سليمة، وبيعت في من يزيد، والناس يزيدون في قيمتها على أنها كأخواتها، ثم لما ذبحت تبين أن فيها علة، علة مؤثرة، يعني لو عرفت قبل ذلك ما جاءت ولا بعشر القيمة؛ لأن هذا المرض مؤثر في اللحم ومن ثم في آكله. طالب:. . . . . . . . . نعم؟ طالب:. . . . . . . . . هذا بين؟ ((والمريضة البين مرضها))؟ طالب:. . . . . . . . . ((المريضة البين مرضها)) افترض أنها سليمة مائة بالمائة، ثم بعد أن عينت مرضت، نعم؟ طالب: تجزئ. أو وقعت وانكسرت، صارت بين ضلعها. طالب:. . . . . . . . . هاه؟ طالب: قبل الذبح؟ قبل وقت الذبح. طالب:. . . . . . . . . تجزئ وإلا ما تجزئ؟ طالب:. . . . . . . . . لو ماتت قبل الذبح، عينت هذه وصية واجبة اشتراها وبنفس القيمة المعهودة للأضاحي، وسليمة من كل وجه، ثم بعد ذلك شردت أو ماتت أو مرضت قبل الذبح؟ طالب:. . . . . . . . . يعني يخرج غيرها. طالب: كما لو سرقت. هاه؟ طالب:. . . . . . . . . هذا بفعله قبل الصلاة ذبحها بفعله، هذا من غير فعله. طالب:. . . . . . . . . هذا خارج عن إرادته، أما من ذبح قبل الصلاة هذا بفعله، تجزئ وإلا ما تجزئ؟ طالب: تجزئ. لما نجي نقرر أن ما تبين عيبه بعد ذبحه ولا سيما والحديث في البين مرضها، وهذه ليس ببين مرضها، فالمتجه إذا كان مرضها لا يتبين إلا بعد الذبح فإنها حينئذٍ لا تجزئ، أما إذا تبين قبل الذبح ولو كان خفياً ثم تبين بعد ذلك أنها تعاد بعيبها إلى بائعها.

((والمريضة البين مرضها، والعرجاء البين ضلعها)) والعرجاء البين ضلعها، ونأتي إلى ما حدث إذا حدث العيب بعد التعيين وقبل الذبح هذا من كانت عنده سعة، وأراد أن يذبح غيرها فهو الأكمل والأفضل، وإذا نفقت بغير فعله فنيته ثبتت، وأجره ثبت، ولا يلزم بذبح غيرها. ((والعرجاء البين ضلعها)) بعض العرج يوجد لكنه خفيف، ولا يعوق عن اللحاق بالصحيحات، فتلحق بالصحيحات السليمات، وترعى معهن، وتذهب وتأتي من غير نقص، لكن إذا كان بيناً يعوقها عن اللحاق بالسليمات فإنها حينئذٍ لا تجزئ. ((والكبيرة التي لا تنقي)) كبيرة السن، لا تنقي يعني لا نقي فيها، الذي هو المخ، نشف مخها، هذه في الغالب أن لحمها غث، وليس بطيب، بل هي من أراذل المال، والله -جل وعلا- يقول: {وَلاَ تَيَمَّمُواْ الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ} [(267) سورة البقرة] فهذه لا تجزئ، فعلى الإنسان أن تطيب نفسه بهذه الأضحية. ((الكبيرة التي لا تنقي)) يأتي في الحديث الذي بعده: ((لا تذبحوا إلا مسنة)) حديث جابر -رضي الله عنه- قال: ((لا تذبحوا إلا مسنة)). عن جابر -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا تذبحوا إلا مسنة إلا أن يعسر عليكم فتذبحوا جذعة من الضأن)) رواه مسلم. مسنة: المسن في عرف الناس الكبير، كبير السن، نهينا عن التضحية بالكبيرة، هناك دور للمسنين، وهناك عناية بالمسنين والكبار، نهينا عن التضحية بالكبيرة التي لا تنقي، وهنا قال: ((لا تذبحوا إلا مسنة)) المسنة هي التي بلغت السن الشرعي المعتبر، لا أنها مسنة يعني كبيرة، كبيرة السن التي نهي عن التضحية بها؛ لأن لفظ (مسن) في عرف الناس إنما يطلق على كبير السن، نهينا عن التضحية بالكبيرة، هذا تناقض وإلا لا؟ لا، يعني مسنة يعني بلغت السن الشرعية التي تجزئ فيها، وهو أن تكون ثنية، المسنة هي الثنية التي بلغت سن الثني، والثني من كل شيء بحسبه، من الإبل ما له خمس سنين، ومن البقر ما تم له سنتان، ومن الماعز ما له سنة، وكذلك الضأن، ما له سنة.

((إلا أن يعسر عليكم فتذبحوا جذعة من الضأن)) ففي الحديث دليل على أنه لا يذبح إلا الثني من جميع الأنواع حتى الضأن، فإذا تعثر ولم يوجد الثني نذبح الجذع من الضأن فقط، ولا نذبح الجذع من الماعز، ولا من الإبل والبقر، الماعز والإبل والبقر لا بد أن يكون ثنياً فما فوق، وأما بالنسبة للضأن فيجزئ الجذع، وحديث الباب يدل على أنه لا يجزئ إلا مع عدم المسن الذي هو الثني. ((إلا أن يعسر عليكم فتذبحوا جذعة من الضأن)) وهو ما له ستة أشهر، وجاء في أدلة أخرى ما يدل على إجزائه مع وجود غيره ((ضحوا بالجذع من الضأن)) و ((نعمت الأضحية الجذع من الضأن)) مما يدل على أن الجذع من الضأن مجزئ، وإن كان الثني أفضل منه، فيبحث عن الثني فإذا أعسر ولم يوجد الثني يذبح الجذع من الضأن، ولا يعني هذا أنه لا يجزئ مع وجود غيره. والحديث رواه مسلم، وضعفه بعضهم بعنعنة أبي الزبير راويه عن جابر، هو في صحيح مسلم، رواه أبو الزبير محمد بن مسلم بن تدرس المكي، وهو معروف بتدليسه عن جابر بصيغة (عن) فأعله بعضهم بهذه العنعنة، وهذا التضعيف له حظ من النظر أو لا؟ هذا التضعيف لا قيمة له، لماذا؟ لأن الحديث مخرج في صحيح مسلم، وقد تلقته الأمة بالقبول، وعنعنات الصحيحين محمولة عند أهل العلم على الاتصال، فلا يلتفت إلى قول غيرهم في مثل هذا. ثم بعد هذا قال: "وعن علي -رضي الله عنه- قال: أمرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن نستشرف العين والأذن" يعني نتطلع ونتحسس ونتأكد من العين والأذن أنه لا عيب فيها. "نستشرف العين والأذن" الأمر باستشراف العين موافق لقوله: ((العوراء البين عورها)) وإلا مخالف؟ نعم؟ مخالف، كيف مخالف؟ الحديث: ((أربع لا تجوز في الضحايا: العوراء البين عورها)) هذه العوراء التي ليس عورها ببين وهي مجزئة من مفهوم الحديث إذا استشرفنا هذه العين وجدنا فيها عيب، فهل يلزمنا أن نستشرف، أو نقول: عورها ليس ببين ومجزئة؟ في حديث علي: "أمرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن نستشرف العين والأذن" يعني نتأكد من سلامة العين والأذن، هذا الخبر مختلف فيه، ضعفه جمع من أهل العلم.

"أن نستشرف العين والأذن، ولا نضحي بعوراء" يعني مقتضاه أننا نتأكد فلا نضحي بعوراء، ولو كان عورها ليس بيناً، بخلاف الحديث السابق ((البين عورها)) لأننا أمرنا أن نستشرف ندقق نلاحظ نتأكد من سلامة العينين، والحديث الأول يدل على أن العبرة بالظاهر، ولو كان الباطن مخالف لهذا الظاهر. "ولا نضحي بعوراء ولا مقابلة ولا مدابرة" مقابلة: قطع مقدم أذنها، وترك يتدلى "ولا مدابرة" العكس قطع المؤخر فجعلت الأذن تتدلى "ولا خرقاء" يوجد في أذنها خرق، كثيراً ما تجدون في الأسواق من أثر الوسم تجدون فيها الخرق "ولا خرقاء ولا ثرماء" ثرماء التي طاح وقع أو سقط بعض أسنانها، هذه ثرماء. "أخرجه أحمد والأربعة، وصححه الترمذي وابن حبان والحاكم" وضعفه جمع من أهل العلم، وعلى هذا إذا قيل بصحته وهو مختلف فيه يكون العيب في الأذن مؤثر، وعلى الحديث السابق لا أثر له، ومثل هذا يعني لو حمل على الكمال وأننا نستشرف هذه لنطلب الأكمل، وأنه إذا وجد لا يؤثر، لكنه خلاف الأولى كما قال به جمع من أهل العلم. يأتي من استراليا أغنام مقطوعة الألية، وقطعها إنما هو لمصلحتها؛ ليختلط الشحم باللحم فيطيب اللحم، بينما إذا وجدت الألية اجتمع هذا الشحم بها فيها فلم يختلط فهم يقطعونها من أجل مصلحة الغنم، كما أن خصاء الذكور من الغنم لمصلحتها؛ ليطيب لحمها، فهل تجزئ مقطوعة الألية؟ الفتوى كما هو معلوم على أنها غير مجزئة؛ لأنها ناقصة نقص مؤثر؛ لأن الألية وإن كانت في وقتنا الحاضر لا قيمة لها عند الناس، إلا أنها في أوقات بل في بلدان أخرى في وقتنا الحاضر لها أثر، فالفتوى على أن مقطوع الألية لا يجزئ.

يقول الشارح الصنعاني: "وأما مقطوع الألية والذنب فإنه يجزئ لما أخرجه أحمد وابن ماجه والبيهقي من حديث أبي سعيد قال: "اشتريت كبشاً لأضحي به فعدا الذئب فأخذ منه الألية فسألت النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: ((ضح به)) لكنه حديث ضعيف في إسناده جابر الجعفي، ضعفه معروف، شديد الضعف عند أهل العلم، وفيه أيضاً محمد بن قرظة وهو مجهول، قال: إلا أنه له شاهداً عند البيهقي، قال: واستدل به ابن تيمية في المنتقى، المجد ابن تيمية في منتقى الأخبار استدل به على أن العيب الحادث بعد تعيين الأضحية لا يضر، يعني وقعت وانكسرت، فأصيبت بعيب بعد التعيين قال: فإنه لا يضر. التضحية خاصة ببهيمة الأنعام، من الأصناف الثمانية المذكورة في سورة الأنعام، ولا يجزئ غيرها، وأما ما يذكر عن أبي هريرة أنه ضحى بديك، وعن فلان أنه اشترى لحماً بدرهمين فقال: هذه أضحية فلان، أو ضحى بحمار وحش، أو ضحى بكذا، كل هذا لا يصح، ولو صح لا يعارض به النصوص الصحيحة الصريحة، بل نقل كثير من أهل العلم الإجماع على أنها لا تجزئ إلا من بهيمة الأنعام، من الإبل والبقر والغنم، والخلاف في الأفضل منها، فمالك يرى أن الأفضل الغنم، أفضل من الإبل والبقر، يعني لو فرضنا أن شخصاً عنده جمل وعنده كبش، يضحي بهذا أو يضحي بهذا؟ يضحي بالكبش عند مالك، والجمهور يقولون: الجمل أفضل، هذا لمن أراد أن يضحي بالبدنة كاملة، لكن من أراد أن يضحي بالبدنة عن سبعة، سبع بدنة أو كبش؟ الكبش أفضل.

قال -رحمه الله-: "وعن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- قال: أمرني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن أقوم على بدنه" البدن جمع بدنة "أن أقوم على بدنه" يعني بعد أن ذبح النبي -عليه الصلاة والسلام- منها ثلاثاً وستين، ووكل البقية إلى علي -رضي الله عنه- ليقوم بذبحها، وكل إليه أن يقوم بتدبير لحمها "أن أقوم على بدنه، وأن أقسم لحومها وجلودها" لأنها تبع لها "وجلالها" يعني ما تغطى به مما يقيها من حر الشمس ومن شدة البرد يسمى جلال "وجلالها على المساكين" لأنها تبعاً لها "ولا أعطي في جزارتها شيئاً منها" يعني جئت بالجزار تقول: كم تذبح هذه الأضحية؟ قال: بخمسين، تقول: أعطيك الجلد، أو أعطيك منها يد أو رجل بدل الذبح هذا لا يجوز، لكن إذا قال: بخمسين، ودفعت له الخمسين، اتفقت معه ثم أعطيته منها باعتبارها هدية إن كان غنياً، أو صدقة إن كان فقيراً، هذا لا شيء فيه، لكن لا يجوز لك أن تقي مالك من أجرته بشيء منها؛ لأن هذا رجوع، بشيء مما أخرجته لله -جل وعلا-. قال: "أمرني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن أقوم على بدنه، وأن أقسم لحومها وجلودها وجلالها على المساكين" لحومها وجلودها وجلالها، جاء الأمر بالأكل {فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا} [(36) سورة الحج] الأكل والإطعام، والإطعام يكون على وجه التصدق على المساكين، ويكون أيضاً على جهة الإهداء، ولذا يستحب أهل العلم أن تقسم أثلاثاً، فيأكل ثلث، ويتصدق بثلث، ويهدي ثلثاً. "ولا أعطي في جزارتها شيئاً منها" متفق عليه" لأن إعطاء الجزار أجرته شيئاً منها رجوع في هذا الشيء مما أخرجه لله -جل وعلا-، فلا يجوز بيع شيء منها، والأجرة في حكم البيع؛ لأنها مستحقة في ذمته. عند أبي حنيفة يقول: يجوز أن تبدل هذا الجلد أو هذا الجلال أو الشعر شعر الأضحية يجوز أن تبدله بغير الدراهم والدنانير؛ لأنه يجوز لك أن تنتفع بالجلد فتنتفع ببدله، لا يجوز أن تبيعه بالإجماع، لكن يجوز أن تنتفع به، ومن وجوه الانتفاع أن تبدله بشيء تنتفع به. طالب:. . . . . . . . . هاه؟ طالب:. . . . . . . . .

يعني إبدال منفعة بمنفعة، يعني تنتفع بهذا كما تنتفع بالجلد تنتفع ببدله، يعني أنت محتاج لكتاب بلوغ المرام ما عندك دراهم تشتري بلوغ المرام عندك أضحية، تقول: أعطني ... أعطك الجلد هذا، يجوز عند أبي حنيفة والجمهور على أنه لا يجوز؛ لأن هذا مبادلة حكمها حكم البيع. "وعن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- قال: نحرنا مع النبي -صلى الله عليه وسلم- عام الحديبية البدنة عن سبعة، والبقرة عن سبعة" رواه مسلم" يعني عن سبع من الغنم، الغنم الكبش يجزئ عن واحد أصالة، ويدخل معه أهل بيته تبعاً، لكن لا يجزئ الكبش عن زيد وعمرو أضحية عن اثنين كل منهما على سبيل الأصالة، لكن يثبت تبعاً ما لا يثبت استقلالاً، يجزئ الكبش عنه وعن أهل بيته، لكن لا يجزئ عنه وعن أخيه مثلاً، أو عن جاره، فقد يدخل فيه عشرة ولا يجوز أن يدخل فيه اثنان، يعني تبعاً يجوز، لكن استقلالاً ما يجوز، لا يجوز أن تقول: هذه أضحية عن أبي وعن أمي فتقول: ضحيت عن أبي وضحيت عن أمي على جهة الاستقلال، لكن يجوز أن تقول: هذه الأضحية عني وعن والدي مثلاً تبعاً، لا إشكال في ذلك. البدنة التي هي من الإبل ذكراً كان أو أنثى، والبقرة ذكراً كان أو أنثى يجزئ عن سبعة، فهي بمثابة سبع من الغنم، يشترك فيها سبعة على سبيل الأصالة، أو على جهة الأصالة، يشترك سبعة لا صلة لبعضهم ببعض فتجزئ عنهم، كل واحد يأخذ سبع، ويجوز أن يشترك فيها مع من لم يرد الأضحية، يريد لحم، ستة يشتركون في جمل فيأتي شخص يريد أن يضحي فيشترك معهم في هذا السبع قبل الذبح ثم بعد الذبح ذبحت البدنة وقسمت أسباع في ستة من الأشخاص اشتركوا فيها، قالوا: والله ما عندنا إلا قيمة ستة أسباع يبقى سبع، فميزت الأسباع، فجاء شخص قال: أنا أريد أن أضحي، أريد هذا السبع، يصح وإلا ما يصح؟ طالب:. . . . . . . . . بعد الذبح، ما يصح هذا لحم هذا، لكن قبل الذبح يشترك فيها سبعة سواءً كلهم مريدون للأضحية أو للتضحية أو يريدون اللحم، وبعضهم يريد التضحية.

هذا السبع يجوز أن يدخل فيه تبعاً لهذا الأصيل الذي اشترك فيه أو لا يجوز؟ البدنة عن سبعة، والبقرة عن سبعة نص، لكن إذا كان كل واحد من السبعة هو وأهل بيته، يجوز وإلا ما يجوز؟ بعضهم يمنع، يقول: محدد شرعاً البقرة عن سبعة، والبدنة عن سبعة، فلا يجوز أن تدخل فيها لا أهلك ولا والديك، وهذا سببه عدم التفريق بين الاشتراك بالأصالة وبين الإهداء، إهداء الثواب، يعني أنت ضحيت عن نفسك هذا الأصل، وأهديت بعض الثواب لأهلك تبعاً لك، ففرق بين هذا وهذا. وعلى كل حال إذا كانت البدنة عن سبعة فهي تقوم مقام الغنم من كل وجه، فما يثبت في الواحد من الغنم يثبت في سبع البدنة، لكن لا يشترك في السبع أكثر من مضحي على سبيل الأصالة، كما أنه لا يشترك في الكبش أكثر من واحد على سبيل الأصالة. جاء في صحيح مسلم من حديث أم المؤمنين أم سلمة أن الرسول -عليه الصلاة والسلام- قال: ((إذا دخلت العشر وأراد أحدكم أن يضحي فلا يمس من شعره وبشره شيئاً)) والحديث صريح في النهي، والنهي الأصل فيه التحريم، وإن حمله الأكثر على الكراهة، لكنه واضح وصريح في التحريم، وأنه لا يجوز لمن أراد أن يضحي، لكن في أول العشر ما عنده نية يضحي، في أثنائها أراد أن يضحي قبل هذه الإرادة يجوز له، فمن إرادته لا يجوز له أن يمس من شعره ولا بشره شيئاً. إذا أراد أن يضحي واعتمر، وأراد أن يحلق أو يقصر، هذا نسك واجب لا يعارض به مثل هذا النهي، فيأخذ من شعره باعتبار أنه مأمور به، ولا يقال: اجتمع حاظر ومبيح، أو آمر والحظر مقدم على كذا، هذا مخصوص بالنسك. من يُضحى عنه هل يمسك أو لا يمسك؟ يعني يريد أن يضحي عنه وعن أهل بيته، هل الجميع يمسكون عن مس الشعر والبشر أو يمسك هو والبقية ما لهم علاقة؟ طالب:. . . . . . . . . الفقهاء يقولون: من أراد أن يضحي أو يضحى عنه، لكن لو ... طالب:. . . . . . . . . هاه؟ طالب:. . . . . . . . .

لا، لا لا، حتى أهل البيت؛ لأنهم يضحى عنهم، ووجه هذا أن من يضحى عنه مضح في الحقيقة، من يضحى عنه مضح، يعني الولد ما يقول: ضحينا؟ المرأة ما تقول: ضحينا؟ إذا حج به أبوه ما يقول: حججت؟ فإذا ضحى عنه أبوه فقد ضحى، فيدخل في الحديث، وهذا كلام أهل العلم، ومنهم من يقول: إن الخطاب متجه لمن بذل قيمة الأضحية، وأراد أن يضحي عن نفسه أصالة، وغيره يدخل تبعاً فلا يدخل في الحكم، والنظر جاري في هذه المسألة، وكلام الفقهاء له وجه؛ لأن من ضُحي عنه فقد ضحى، كما أن من حج به فقد حج، والله أعلم. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.

كتاب الأطعمة (4)

بسم الله الرحمن الرحيم شرح: بلوغ المرام - كتاب الأطعمة (4) باب العقيقة والأيمان والنذور الشيخ: عبد الكريم بن عبد الله الخضير سم. أحسن الله إليك. بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. قال الحافظ ابن حجر العسقلاني -رحمه الله تعالى- في كتابه: (بلوغ المرام): باب: العقيقة عن ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- عق عن الحسن والحسين كبشا كبشاً. رواه أبو داود، وصححه ابن خزيمة وابن الجارود وعبد الحق، لكن رجح أبو حاتم إرساله. وأخرج ابن حبان من حديث أنس -رضي الله تعالى عنه- نحوه. وعن عائشة -رضي الله تعالى عنها- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أمرهم أن يعق عن الغلام شاتان مكافئتان، وعن الجارية شاة". رواه الترمذي وصححه. وأخرج أحمد والأربعة عن أم كرز الكعبية -رضي الله تعالى عنها- نحوه. وعن سمرة -رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((كل غلام مرتهن بعقيقته، تذبح عنه يوم سابعه، ويحلق، ويسمى)) رواه الخمسة، وصححه الترمذي. الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد: فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: باب: العقيقة والعقيقة كالأضحية فرع من فروع كتاب الأطعمة؛ لأنها مما يطعم، والعقيقة هي الذبيحة التي تذبح شكراً لله -جل وعلا- على ما منحه من مولود، ذكراً كان أو أنثى. مأخوذة من العق، وهو الشق والقطع؛ لأنها يقطع رأسها بالذبح، ومنه قيل: العقوق، ضد الصلة، الذي فيه قطع ما أمر الله به أن يوصل.

ومنهم من يقول: إن أصل التسمية للشعر الذي يوجد على رأس الطفل حينما يولد، فيقطع هذا الشعر، يعني يحلق ويعق، ولكن كون العقيقة تسمى لكونها تقطع؛ لأن التسمية لها، وليست للطفل، أو لما ينبت على شعره، الأصل أن العقيقة هي الذبيحة، وسميت بذلك لأنها تعق، يعني يقطع رأسها، العق هو القطع، وهذا أوضح، وإن رجح بعض العلماء أنها اسم للشعر الذي ينبت على رأس المولود، وإذا نظرنا إلى أصل التسمية لا مانع أن يسمى الشعر عقيقة، ويسمى الذبيحة عقيقة، لكن كون الذبيحة تسمى باسم الشعر، يعني ينتقل الاسم من الشعر إلى الذبيحة لا داعي له، يعني سميت بالنقل؛ لأنه يعق يعني يحلق رأسه، ويذبح عنه، فالتسمية للشعر لا للذبيحة، لكن مقتضى التسمية أن العقيقة هي الذبيحة، والتعريف الاصطلاحي عند أهل العلم للعقيقة أنها هي الذبيحة، وينطبق عليها التعريف اللغوي، فلا داعي للنقل لنقل التسمية من شيء إلى آخر، والتسمية كما تنطبق على الأصل المنقول منه تنطبق على الفرع المنقول إليه على حد سواءً، يعني ليس الشعر بأولى، أولى بالتسمية من الذبيحة؛ لوجود العق فيهما وهو القطع، فالشعر يقطع، والذبيحة يقطع رأسها، فهذا النقل لا داعي له، وإن جعل الزمخشري الشعر هو الأصل نقلت التسمية إلى الذبيحة، وأنا أقول: لا داعي لهذا النقل، فكل قطع عق، قطع الصلة التي .. ، صلة الرحم التي أمر الله بها أن توصل هذا عقوق، والعقوق أصل التسمية مكروهة، لما سئل عن العقيقة قال: ((أكره العقوق)) يعني كراهية للتسمية لأنها قطع، تشابه العقوق من هذه الحيثية.

يشيع على ألسنة العامة، أو شاع على ألسنة العامة تسمية العقيقة تميمة، يسمونها تميمة، ويتداولون هذا التسمية من غير نكير، ويسأل أهل العلم عن حكم التميمة، ومتى تذبح التميمة؟ والذي لا يعرف هذه التسمية يلتبس عليه ما يذبح عن المولود بما يعلق على من يتعلق ما يدفع عنه أو يرفع عنه على حسب ما يدعي، ((من تعلق تميمة فلا أتم الله له)) فلا بد من الاستفصال، ولا بد من التفصيل عند الجواب؛ لأن بعض الناس يسمع إذا قيل: ما حكم التميمة؟ قال: سنة مؤكدة، ثم ينصرف ذهن بعض السامعين إلى ما يعلقه بعض الناس رفعاً للمرض، أو دفعاً له، هذا يوقع في لبس، وكم من جواب أوقع كذلك، يسأل شخص يقول: ما حكم الزعابة؟ إيش الزعابة هذه؟ معروف في بلادنا أن الزعابة استخراج الماء من البئر، يزعب، يعني يخرج الماء، قال الشيخ: ما فيها إشكال، استخراج الماء ما في .. ، من دون تفصيل، والزعابة في عرف السائل ذبيحة تذبح للجن عند نزول البيت الجديد، أو الانتقال من مكان إلى آخر، أو ما أشبه ذلك، فهذه الألفاظ توقع في لبس، وليس بلبس من مكروه إلى مكروه، أو مكروه إلى مستحب، أو من .. ؟ لا، يعني هذه الحقائق العرفية التي يتداولها الناس لا بد من معرفتها، قد تكون مستعملة في مكان، أو في زمان لمعنىً من المعاني، يختلف اختلافاً جذرياً عنه في مكان آخر، أو في زمان آخر.

وهذه الألفاظ الاصطلاحية عرفاً بين الناس، يحتاج إليها العالم حينما يستفتى، ويحتاج إليها القاضي حينما ينظر في الوصايا وغيرها؛ لأنها قد تكتب الوصايا بأساليب عامية دارجة، ثم تنقضي هذه الألفاظ، ويأتي جيل آخر ما يعرفونها، فالعناية بها أمر مهم، وألف من قبل بعض العلماء كلمات انقضت، هذه فائدتها، والذي ينظر في الكتاب، وهو كتاب كبير في مجلدين يقول: هذا عبث، هذا مجرد سواليف، الذي أدركها يتذكر بها ما مضى، لكن الفائدة العظمى منها أن تعرف هذه الألفاظ كمرجع، كمعجم لهذه الألفاظ التي انقضت، يفسر بها بعض الألفاظ المستغلقة في الوصايا، تجي وصية من مائة سنة مثلاً، فيها ألفاظ كأنها طلاسم عند الجيل الذي نعيشه، فهذه فائدتها، وإن كان الاسترسال فيها وذكروا أشياء ما لها فائدة ولا لها قيمة، يمكن اختصار الكتاب في جزء صغير، يقتصر على ما يحتاج إليه. طالب: ويش اسم الكتاب رعاك الله؟ (كلمات انقضت). يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "عن ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- عق عن الحسن والحسين كبشاً كبشاً" يعني كون هذه الكلمات الدارجة العامية تأتي على لسان سائل ليس من أهل العلم، يعني مقبولة ومغتفرة؛ لأن هذا مبلغه من العلم، لكن الإشكال حينما تأتي هذه الألفاظ الدارجة في جواب عالم، هنا يقع الإشكال، إلا إذا كان هذا العالم يخاطب شخص بعينه لا يفهم الاصطلاحات الشرعية، يفهم الاصطلاحات الدارجة، أما أن يؤتى بالجواب في وسيلة يسمعها العالم كله من مشرقه إلى مغربه، ثم أحياناً تأتي ألفاظ مشكلة، وألفاظ تعكس المعنى تماماً من بلد إلى آخر، فطالب العلم إذا استفتي عليه أن يلتزم اللفظ العربي والمعنى العربي إذا لم يفهم السائل، وكان بمفرده بينه، ولا مانع أن يقول: إن هذا الكلام الذي .. ، هذا اللفظ الذي نتحدث عنه قد يسمى في بعض الأوقات أو في بعض الأماكن كذا، لكن اسمه الشرعي كذا.

يقول: "عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- عق عن الحسن والحسين كبشاً كبشاً" هذا الحديث مخرج في السنن عند أبي داود والنسائي، وهو في صحيح ابن خزيمة، وعند غيرهم، لكن المرجح أنه مرسل، ومعارض بما هو أقوى منه، وهو أن النبي -عليه الصلاة والسلام- عق عن الحسن والحسين كبشين كبشين، وسيأتي أنه يعق عن الغلام شاتان مكافئتان، فالذكر يعق عنه بشاتين، والأنثى بواحدة، وهذا موضع من المواضع الخمسة التي فيها الأنثى على النصف من الذكر، من المواضع الخمسة التي فيها الأنثى على النصف من الذكر {وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنثَى} [(36) سورة آل عمران] مهما قالوا، ومهما طنطنوا، ومهما أجلبوا على ما يريدونه {وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنثَى} [(36) سورة آل عمران] شاءوا أم أبوا، هذا كلام الله -جل وعلا-، الأنثى على النصف من الرجل في خمسة مواضع، منها: العقيقة، ومنها الدية، ومنها الإرث، ومنها الشهادة، ومنها العتق، كم صارت؟ طالب: خمسة. خمسة، قد يقول قائل: إيش معنى العتق؟ يعني جاء في الحديث أن ((من أعتق غلاماً كان فكاكه من النار، ومن أعتق جاريتين كانتا فكاكه من النار)) فدل على أن عتق الجارية يعادل نصف عتق الغلام، وأما الإرث فواضح، والدية على النصف واضح، والعقيقة هنا عن الغلام شاتان، وعن الجارية شاة، فالمرجح في حديث ابن عباس في هذا السياق الإرسال، مع أنه جاء عنه أن النبي -عليه الصلاة والسلام- عق عن الحسن والحسين كبشين كبشين، وجاء أيضاً من حديث جابر بن عبد الله أن النبي -عليه الصلاة والسلام- عق عن الحسن والحسين كبشين كبشين، وختنهما. قال: "وأخرج ابن حبان من حديث أنس نحوه" نحو حديث ابن عباس.

والعقيقة كما سيأتي في الحديث الذي يلي هذا حديث "عائشة أن النبي -عليه الصلاة والسلام- أمرهم أن يعق عن الغلام شاتان مكافئتان" أمرهم، الأمر الأصل فيه الوجوب، لكن لم يقل بوجوب العقيقة إلا الظاهرية، وجماهير أهل العلم على أنها سنة، على أن العقيقة سنة، وخرج الإمام مالك حديثاً مرفوعاً بلفظ: ((من ولد له ولد فأحب أن ينسك عن ولده فليفعل)) فعامة أهل العلم على أن العقيقة سنة، لكنها سنة مؤكدة، سيأتي في حديث سمرة: ((كل غلام مرتهن بعقيقته)). قال: "وعن عائشة -رضي الله تعالى عنها- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أمرهم أن يعق عن الغلام شاتان مكافئتان، وعن الجارية شاة" رواه الترمذي وصححه" شاتان، يعني من هذا الجنس من الغنم، ولم يقصد بذلك تفضيل الأنثى؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- عق عن الحسن والحسين من الذكور كبشين كبشين، وكونه هنا أمر أن يعق عن الغلام شاتان، المقصود العدد لا الجنس "مكافئتان" يعني متشابهتان متقاربتان في السن والسمن واللون، لا يكون بينهما تباين في شيء ظاهر، نعم لا يوجد مطابقة تامة، لكن تكون متقاربتان، ولعل هذا من باب التفاؤل، أن تكون أخلاقه متقاربة متوازنة، هذا مما ذكره أهل العلم في هذا.

"وعن الجارية شاة" يعني عن الذكر شاتان، وعن الأنثى شاة واحدة، والسبب في ذلك أن النعمة في الموهوب إذا كان ذكراً أعظم منها إذا كان الموهوب أنثى، أعظم منها، ولذلك يكون الشكر على قدر النعمة، فهبة الله -جل وعلا- لعبده ذكراً أكبر وأعظم من هبته أنثى، ((من ابتلي بشيء من هذه البنات)) الرسول -عليه الصلاة والسلام- سماه ابتلاء، وإن كانت البنت لا كما يقوله الجاهلي: "والله ما هي بنعم الولد" يقول إيش؟ نصرها بكاء، وبرها سرقة، تسرق من زوجها، لكن الواقع خلاف ذلك، والشرع أيضاً يقرر خلاف ذلك، وكم من بنت تعدل العدد الكبير من الأبناء، والشواهد على هذا ما يحتاج إلى أن تذكر، وكم من أب، وكم من أم، لا سيما في عصرنا وقبله يتمنى أنه لم يرزق ولد، وإنما رزق بنت، وهي أقرب قلب الوالدين، وهي أقرب إلى الحنو عليهما، والولد إذا تزوج ورزق الأولاد واستقل بنفسه قد ينسى والديه، لكن البنت ما تنسى، مهما انشغلت بزوجها وبيتها، يعني ليس الكلام على إطلاقه حينما يقال: إن الذكر يعني ... ؛ لأنه يظن أن ما دام من ابتلي بشيء من هذه البنات نعم هي حمل وعبئ على أبويها؛ لأنها لا تساعدهم في جلب نفقة، ولا تساعدهم على كسب أموال، لكنها مع ذلك صلتها بأبويها قد تكون أعظم من صلة الولد بأبويه؛ لأن الولد له ما يشغله من أمور الحياة، والبنت وإن اشتغلت بزوجها وولدها وبيتها فإنها في الغالب لا تنسى والديها، لما جبلت عليه من رقة وعطف، وكون الذكر أفضل من الأنثى المقصود به الجنس على الجنس، تفضيل جنس على جنس، وأما بالنسبة للأفراد فكم من امرأة تعدل الفئام من الرجال. أبو حيان الأندلسي صاحب التفسير المعروف له بنت اسمها: نضار، وله ولد اسمه حيان، والبنت هذه أفضل بكثير من الولد، ماتت هذه البنت فألف كتاباً يتسلى به عنها، ولم يستطع؛ لأنها أديبة أريبة عاقلة فاهمة ذكية عندها شيء من التحصيل بخلاف أخيها، والآن إذا استعرضنا النتائج والتحصيل بين الجنسين وجدنا أنه في جنس النساء أظهر كثير جداً؛ لأنهن أفرغ بال من الأولاد، هذا بالنسبة لعموم الطلاب، أما بالنسبة لخصوص طلاب العلم، فطلاب العلم يتيسر لهم من وسائل التحصيل أكثر مما يتيسر للجنس الثاني.

المقصود أن في كل خير، أنهم كلهم فيهم خير، والعبرة بالتقوى {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [(13) سورة الحجرات] وتفضيل الجنس لا يعني تفضيل الأفراد، فبإمكان المرأة الصالحة أن تفوق كثير من الرجال بعلمها وعملها وتقواها ونفعها، تكون أفضل من الأولاد، والإنسان بسعيه {وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى} [(39) سورة النجم]. يقول الخطابي: المراد بالتكافؤ في السن، فلا تكون إحداهما مسنة، والأخرى غير مسنة، بل يكونان مما يجزئ في الأضحية، ومنهم من يقول: متكافئتان، يعني متقابلتان، معناه أن يذبح إحداهما مقابلة للأخرى، لكن هذا الكلم ليس بصحيح؛ لأننا نهينا عن ذلك أن تذبح وأختها تنظر إليها. "وأخرج أحمد والأربعة عن أم كرز الكعبية نحوه" نحو حديث عائشة، سألت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن العقيقة، فقال: ((عن الغلام شاتان، وعن الأنثى واحدة)) عند الترمذي، ((ولا يضركم أذكراناً كن أم إناثاً)) لكن المقرر في العقيقة أن الذكر أفضل من الأنثى؛ لفعله -عليه الصلاة والسلام-، وكذلك حينما عق عن الحسن والحسين بكبشين كبشين. بعد هذا حديث "سمرة -رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((كل غلام مرتهن بعقيقته تذبح عنه يوم سابعه، ويحلق، ويسمى)) رواه أحمد والأربعة، وصححه الترمذي". ((كل غلام)) ومثله الجارية، يعني كل مولود مرتهن، اختلف أهل العلم في معنى الحديث، والإمام أحمد يرى أنه موقوف في شفاعته لأبويه على العقيقة، فإن عق عنه أبوه شفع إن مات صغيراً، وإن لم يعق عنه لم يشفع، وبعضهم يقول: إنه مرتهن في تسليط الشيطان عليه، فإن عق عنه لم يسلط عليه، وإن لم يعق عنه سلط عليه، إلى غير ذلك من الأقوال، ولعل الأظهر ما قاله الإمام أحمد -رحمه الله-، مع أنه مروي عمن قبل الإمام أحمد، عطاء الخراساني، ومحمد بن مطرف، متقدمان عن الإمام أحمد، فيما نقله الحليمي في المنهاج في شعب الإيمان، لكن الذي شهر هذا القول هو الإمام أحمد، فنسب إليه.

((كل غلام مرتهن بعقيقته تذبح عنه يوم سابعه)) وقت الذبح في اليوم السابع من الولادة، بعضهم يرى أنه وقت محدد لا يجوز قبله ولا يجوز بعده كوقت الصلاة وغيرها، إذا انتهى اليوم السابع ما تصح العقيقة، ولكن هذا هو الأولى، فإن فات السابع ففي الرابع عشر، فإن فات الرابع عشر ففي الحادي والعشرين، وقد جاء ما يدل على ذلك. ((ويحلق)) يحلق شعره، ويتصدق بوزنه، وهل يحلق شعر الأنثى كالذكر أو لا؟ منهم من يقول: المراد بالغلام هنا المولود، ويدخل فيه الأنثى، بدليل أن الارتهان للنوعين وللجنسين، فمثله الحلق، ومنهم من يقول: إن الحلق من خواص الذكور، فلا يحلق رأس الجارية. ((ويسمى)) ينتقى له الاسم المناسب الذي لا يزدرى به، ولا يستقذر، ولا يعير به، إذا تصفحنا كتب التراجم وجدنا بعض الأسماء في القديم والحديث أسماء قبيحة، أسماء ببعض الحيوانات، وأسماء ببعض الحشرات، لكن إذا كان الاسم محرماً يجب تغييره، وقد غير النبي -عليه الصلاة والسلام- أسماء في وقته، أما إذا كان قبيحاً لكنه ليس بمحرم ينبغي تغييره، ومن الأصل على الأب أن ينتقي لولده ذكراً كان أو أنثى اسماً إذا نودي به لا يستبشع ولا يستقذر، والعرب في القديم والحديث -لا سيما البادية- لا يهتمون بهذه الأسماء، وكأنهم يرون أن التسمية بهذه الأسماء القبيحة تخيف العدو، إذا دعي يا فلان، سموا كلب، وسموا حمار، وسموا جعل، وجعيل، سموا هذه الأسماء، لكن أحب الأسماء إلى الله عبد الله وعبد الرحمن. يجوز التسمية بأسماء الأنبياء، وأسماء الملائكة، يعني ما لم يدل ذلك على شيء من التزكية. هذا الحديث جاء في بعض ألفاظه بدل "يسمى" "يدمى" يعني يؤخذ شيء من دم العقيقة ويوضع على رأس المولود، وهذا تصحيف، هذا تصحيف صوابه "يسمى" قد أمر بإماطة الأذى عنه ((أميطوا عنه الأذى)) فكيف يلوث بهذا الدم النجس؟ والحديث على كل حال من رواية الحسن عن سمرة، وقد اختلف العلماء في سماع الحسن من سمرة، منهم من يرى أنه لم يسمع منه مطلقاً، ومنهم من يرى أنه سمع منه مطلقاً، ومنهم من يقول: إنه سمع منه حديث العقيقة هذا.

وفي البخاري عن حبيب بن الشهيد قال لي محمد بن سيرين: سل الحسن ممن سمعت حديث العقيقة؟ فقال: من سمرة، فدل على أنه سمعه منه، وإن لم يسمع منه غيره، وبعضهم يثبت السماع مطلقاً لسماعه هذا الحديث، والحسن البصري إمام، رأس من رؤوس التابعين، إمام علم وعمل، لكنه موصوف بالتدليس، فهذا الحديث الذي صرح بسماعه من سمرة هذا لا يشك في سماعه منه، لكن بقية الأحاديث لا بد أن يصرح -رحمه الله-، التدليس وجد في الكبار، وجد عند بعض الأئمة لأمور ومقاصد ارتكبوا من أجله هذا التدليس، وليس بشيء إذا قيس بإمامتهم وعلمهم وعملهم، وإلا فالأصل أن التدليس قادح، لكن يغتفر في جانب إمامتهم؛ لأن من المدلسين من اغتفر الأئمة تدليسه، إما لقلة تدليسه، أو لإمامته، فلا يذم الحسن أو سفيان أو غيرهما بهذه الصفة لما يتحلون به من إمامة في العلم والعمل، ومقاصدهم -مقاصد المدلسين- مختلفة، منهم من يكون هدفه التغطية والتلبيس على السامع حينما يسقط الراوي الضعيف الذي حدثه ويرتقي لمن فوقه بصيغة موهمة، والأمور بمقاصدها، أحياناً يسقط الضعيف لثبوت الخبر عند المدلس، فلو ذكر هذا الضعيف صار سبباً في صد الناس عنه، فيسقط هذا الضعيف؛ لأن الخبر ثابت عنده، فلو ذكرت الواسطة هذا الضعيف تركه الناس، وأحياناً يكون بالعكس الخبر ضعيف، ويريد أن يمشيه على السامع بإسقاط هذا الضعيف، وهو يختلف باختلاف المقاصد، يعني العالم أو طالب العلم حينما يسأل مثلاً عن كتاب، إذا بين كل ما فيه زهد فيه طلاب العلم، فهل يلزمه أن يبين كل ما في الكتاب من عيوب وأخطاء؟ ما يلزمه، لا سيما إذا كان السامع لا يستوعب، ولذا لا يحسن إفراد أخطاء الكتب التي نفعها عظيم في الأمة، يعني ليس من المستحسن، ولا من المستساغ أن تفرد أخطاء ابن حجر في فتح الباري في مجلد مثلاً يزهد الناس فيه، وإذا أشكل عليهم شيء في الصحيح وقيل: اذهب إلى فتح الباري، قال: إيش فتح الباري كله أخطاء؟ هذا نفعه عظيم، وما فيه من مخالفات أشياء مغتفرة في جانب هذا النفع العظيم، ولا يمنع أن يعلق على هذه الأخطاء في ثنايا الكتاب، ويبين الحق فيها، لكن تبرز هذه الأخطاء من أجل أن يزهد فيه طلاب العلم هذا ليس بمنهج، هذا إذا كان النفع

في الكتاب أعظم بكثير من الضرر، والضرر مغتفر، بينما إذا كان العكس، إذا كان الضرر هو الظاهر فلا مانع أن تبرز الأخطاء، ويحذر منه طلاب العلم؛ لأن الأمة لا تفقد شيء ولا تخسر شيء إذا زهد فيه طلاب العلم، يعني لا مانع أن تفرد أخطاء الرازي في تفسيره؛ لأن ضرره كبير على طلاب العلم، أو الزمخشري في تفسيره، فالأمة في غنية عن هذين التفسيرين، وإن كان فيهما فوائد، لكن لا يليق بطالب العلم المتوسط أن يقرأ في هذين الكتابين، وقل مثل هذا في كثير من الكتب، بعض الكتب الأمة لا تخسر شيء إذا فُقد، وبعضها خسارة فادحة إذا انصرف عنه طلاب العلم، ومن هذا النوع بعض العلماء تجده لحسن مقصد يحذف الراوي الضعيف من أجل أن يعمل الناس بهذا الحديث الذي ثبت عنده، لكن لو مشّى حديث غير ثابت بهذه الطريقة صار غش وتلبيس على الناس، وإيهام لما لا يصح بالصحة. على كل حال هذا الحديث من رواية الحسن عن سمرة، وقد ثبت سماعه له، وصرح فيه بسماعه منه. مما يذكر في هذا المجال، وأشار إليه الشارح، ويسأل عنه كثيراً ثقب أذن الصبية من أجل التحلي، جزم بعضهم بتحريمه؛ لأنه اعتداء عليها، وإضرار بها، وأذى وألم، ولا يجوز مثل هذا إلا فيما يضطر إليه، الحجامة وإلا فصد وإلا عملية جراحية لضرورة هذا الطفل إليها، أما مجرد التحلي فهو كمال وتحسين، لا يسلك فيه مثل هذا الأذى، وهذا الضرر، وصرح بهذا الغزالي في الإحياء، لكن عامة أهل العلم على جوازه، وأنه موجود ومتوارث قبل النبوة من عهد الجاهلية، واستمر الأمر على ذلك في صدر الإسلام، وما يلي ذلك إلى وقتنا هذا من غير نكير، وضررٌ مغتفر، ضرر يسير فهو مغتفر في جانب التحلية التي هي مطلوبة بالنسبة للأنثى {أَوَمَن يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ} [(18) سورة الزخرف] هذه من خواص النساء، فيغتفر مثل هذا الضرر، وأمره سهل.

يذكرون أيضاً الألقاب التي شاعت بعد القرون المفضلة بين أهل العلم التي تدل على التزكية، تقي الدين، ولي الدين، نصير الدين، غيرها من الأسماء من الألقاب، وهي تدل على التزكية، وكون الإنسان يسمي نفسه، أو يلقب نفسه بشيء من هذه الألقاب لا شك أنه يزكي، وقد نهينا عن تزكية النفس {فَلَا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ} [(32) سورة النجم] لكن كونه يشتهر بين الناس بالعلم والفضل، ويلقب بلقب مناسب لما اشتهر به من قبل غيره ويتداوله الناس، هذا وجد في خيار الأمة، لكن صدر الأمة، صدر هذه الأمة، وعهد السلف ما يوجد شيء من هذه الألقاب، قال أبو بكر، قال عمر، قال أحمد، قال الشافعي، قال أبو حنيفة، قال مالك، ثم بعد ذلك توسع الناس، فتجد في كتب التراجم بعضهم يستوعب أكثر من سطر في ذكر الألقاب والثناء على بعض أهل العلم لمن يستحق، ثم استدرج الناس فذكروا ألقاباً نقيض ما يتصف به الإنسان، قالوا: نصير الدين الطوسي، كما يقول ابن القيم: نصير الشرك والضلال، كيف يقول نصير الدين؟! وغيره كثير، تدعى لهم هذه الألقاب التي لا يستحقونها، وهي زور وبهتان، ثم جاءت الألقاب التي اعتمد بعض الناس عليها، واكتفوا بها، اغتراراً بهذه الشهادات التي سعوا إلى الحصول عليها، ولقبوا بها، وصار بعضهم لا يرضى أن يسمى باسمه المجرد الذي رضيه له أبوه، وصار الناس يسمعون المدح والثناء في الوجه لمن يستحق ومن لا يستحق، ولا تجد من ينكر، كل هذا خلاف ما جاءت به السنة، وما درج عليه سلف هذه الأمة ...

كتاب الأيمان والنذور

بسم الله الرحمن الرحيم شرح: بلوغ المرام - كتاب الأيمان والنذور (1) الشيخ: عبد الكريم الخضير سم. وقال الحافظ -رحمه الله تعالى- أيضاً: كتاب: الأيمان والنذور عن ابن عمر -رضي الله تعالى عنهما- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه أدرك عمر بن الخطاب في ركب، وعمر يحلف بأبيه، فناداهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((ألا إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم، فمن كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت)) متفق عليه. وفي رواية لأبي داود والنسائي عن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه-: ((لا تحلفوا بآبائكم ولا بأمهاتكم، ولا تحلفوا بالأنداد، ولا تحلفوا إلا بالله، ولا تحلفوا بالله إلا وأنتم صادقون)). وعن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((يمينك على ما يصدقك به صاحبك)) وفي رواية: ((اليمين على نية المستحلف)) أخرجهما مسلم. وعن عبد الرحمن بن سمرة -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((وإذا حلفت على يمين فرأيت غيرها خيراً منها فكفر عن يمينك، وائت الذي هو خير)) متفق عليه، وفي لفظ للبخاري: ((فائت الذي هو خير، وكفر عن يمينك)). وفي رواية لأبي داود: ((وكفر عن يمينك، ثم ائت الذي هو خير)) وإسنادهما صحيح. وعن ابن عمر -رضي الله تعالى عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من حلف على يمين فقال: إن شاء الله فلا حنث عليه)) رواه الخمسة، وصححه ابن حبان. وعن ابن عمر -رضي الله تعالى عنهما- قال: كانت يمين النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((لا، ومقلب القلوب)) رواه البخاري. وعن عبد الله بن عمرو -رضي الله تعالى عنهما- قال: جاء أعرابي إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله ما الكبائر؟ فذكر الحديث، وفيه: قلت: وما اليمين الغموس؟ قال: ((الذي يقتطع مال امرئ مسلم)) ... فذكر الحديث؟ سم رعاك الله. فذكر الحديث فذكر الحديث، وفيه: قلت: وما اليمين الغموس؟ لا، وفيه اليمين الغموس. أحسن الله إليك. قلت: وما اليمين الغموس؟ فذكر الحديث وفيه. اليمين الغموس. فذكر الحديث وفيه اليمين الغموس، قال: ((الذي يقتطع مال امرئ مسلم)) ...

قلت: وما اليمين الغموس؟ بعدها، قلت: وما اليمين الغموس؟ نعم. أحسن الله إليك. فذكر الحديث وفيه اليمين الغموس، قلت: وما اليمين الغموس؟ قال: ((الذي يقتطع مال امرئ مسلم هو فيها كاذب)) أخرجه البخاري. وعن عائشة -رضي الله تعالى عنها- في قوله تعالى: {لاَ يُؤَاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ} [(89) سورة المائدة] قالت: هو قول الرجل: لا والله، وبلى والله" أخرجه البخاري، وأورده أبو داود مرفوعاً. وعن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إن لله تسعاً وتسعين اسماً، من أحصاها دخل الجنة)) متفق عليه، وساق الترمذي وابن حبان الأسماء، والتحقيق أن سردها إدراج من بعض الرواة. وعن أسامة بن زيد -رضي الله تعالى عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((من صنع إليه معروف، فقال لفاعله: جزاك الله خيراً، فقد أبلغ في الثناء)) أخرجه الترمذي، وصححه ابن حبان. يكفي، يكفي. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: كتاب: الأيمان والنذور الأيمان: جمع يمين، بفتح الهمزة بخلاف الإيمان بكسرها، الأيمان جمع يمين، والإيمان مصدر آمن يؤمن إيماناً، واليمين هي الحلف، والقسم، أصلها أنهم إذا تحالفوا قبض كل واحد على يمين صاحبه. والنذور: جمع نذر، وأصله إيجاب المكلف على نفسه ما لم يجب في أصل الشرع، إيجاب المكلف على نفسه ما لم يجب عليه بأصل الشرع.

يقول -رحمه الله تعالى-: "عن ابن عمر -رضي الله عنهما- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه أدرك عمر بن الخطاب" عن ابن عمر عن رسول الله -عليه الصلاة والسلام- "أنه أدرك عمر بن الخطاب" يعني ابن عمر ينقل عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه أدرك، فهو ينقل عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، ولا يلزم من ذلك حضوره القصة؛ لأنه لو قال: عن ابن عمر أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أدرك عمر بن الخطاب، قلنا: إنه حضر القصة، لو قال: عن ابن عمر أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أدرك عمر، قلنا: إن ابن عمر أدرك القصة وحضرها، لكن هو هنا ينقل عن النبي -صلى الله عليه وسلم- "عن ابن عمر عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه أدرك عمر بن الخطاب" فكأن النبي -صلى الله عليه وسلم- حدثه بذلك؛ لأن اختلاف الصيغة بين (عن) و (أن) يختلف فيها كيفية التحمل، وذكرنا مراراً ما قاله ابن الصلاح نقلاً عن الإمام أحمد ويعقوب بن شيبة عن محمد بن الحنفية أن النبي -صلى الله عليه وسلم- مر بعمار، والرواية الأخرى: عن محمد بن الحنفية عن عمار أن النبي -عليه الصلاة والسلام- مر به، قالوا: (عن) متصل، و (أن) منقطع، ونسبوا ذلك لاختلاف الصيغة، وأن (عن) محمول على الاتصال، و (أن) محمولة على الانقطاع. سبب الاتصال والانقطاع هو السياق، وليس مرده الاختلاف في (عن) و (أن) ولذلك لما قرر ذلك ابن الصلاح قال الحافظ العراقي: . . . . . . . . . ... كذا له ولم يصوب صوبه يعني ما أدرك السبب في الحكم بالانقطاع والاتصال، لما قال: عن محمد بن الحنفية أن النبي -عليه الصلاة والسلام- مر بعمار، محمد بن الحنفية أدرك القصة وإلا ما أدرك؟ ما أدرك، تابعي محمد بن الحنفية، وحينما قال: عن محمد بن الحنفية عن عمار أن النبي -عليه الصلاة والسلام- مر به القصة متصلة؛ لأن محمد بن الحنفية وهو تابعي ينقل القصة عن صاحبها. وهنا: "عن ابن عمر عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه أدرك عمر بن الخطاب" ابن عمر ينقل عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه حصل كذا لعمر، فقال النبي -عليه الصلاة والسلام- كذا، بسبب حلف عمر -رضي الله عنه-.

"عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه أدرك عمر بن الخطاب في ركب" جمع راكب، مثل صحب جمع صاحب "في ركب، وعمر يحلف بأبيه" يعني على عادتهم في الجاهلية، وهذا قبل النهي "يحلف بأبيه، فناداهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((ألا إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم)) " ما قال: يا عمر لا تحلف بأبيك، هذه طريقته -عليه الصلاة والسلام- حينما يبلغه منكر، وكثيراً ما يقول: ((ما بال أقوام؟ )) وهو يعرف القائل، لكن ما يلزم في الخطبة أن يقول: أنت يا فلان قلت كذا، وهذا حرام، لكن أحياناً قد يحتاج إلى التصريح، شخص مرتكب لمنكر، وضرره متعد، يجب التحذير منه، قال الخطيب: ما بال أقوام؟ ما بال أقوام؟ في خطبة، خطبتين، ولا انتهى، مثل هذا يكشف ويفضح من أجل أن يرتدع، يعني في أول الأمر يقال: ما بال أقوام؟ مرة، مرتين، لكن إذا استمر واسترسل فلم يستح من الله -جل وعلا-، ولا من خلقه هذا لا يستحيا منه، يُكشف، وجاء ما يدل على ذلك. الرسول -عليه الصلاة والسلام- ناداهم قائلاً: ((ألا إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم)) لأن الحلف بغير الله شرك، كما جاء في الحديث: ((من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك)) لأن هذا التعظيم باليمين لا يكون إلا لله -جل وعلا-، ولا يجوز أن يشرك معه غيره، هذا اليمين المقرون بحروف القسم، لو قال: لعمري مثلاً، قالوا: هذا مشعر بقسم وليس بقسم، ونص أهل العلم على جوازه، وهو لا يقسم بعمره، لكن إذا قال: وفلان، وأبيه، وأمه، والأمانة، والكعبة، ومحمد، وما أشبه ذلك يقسم بذلك هذا لا يجوز بحال، محرم. قال: ((ألا إن الله ينهاكم)) ألا: أداة تنبيه، ((إن الله)) توكيد ((ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم)) ولا غير الآباء، لا يجوز الحلف إلا بالله -جل وعلا-، باسم من أسمائه، أو صفة من صفاته.

((فمن كان حالفاً)) من احتاج إلى يمين ليؤكد كلامه ((فليحلف بالله)) وثبت عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه حلف في مواطن عديدة، ذكر ابن القيم في الهدي أنه حلف في نحو ثمانين موضعاً، حلف في نحو ثمانين موضعاً، الحلف على الأمور المهمة جرى منه -عليه الصلاة والسلام- من غير استحلاف، مع أننا نهينا أن نجعل الله -جل وعلا- عرضة لأيماننا، وأن يكون الحلف بالله من أيسر الأمور عندنا، لا، يكون على الأمور المهمة، فإذا احتيج إليه فلا مانع منه، وقد يندب إليه إذا أريد تأكيد حكم من الأحكام الشرعية، أو أمر من الأمور التي لا تتحقق إلا به. ((فمن كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت)) وعامة أهل العلم على تحريم الحلف بغير الله، وإن شذ بعضهم وقال: إن الله -جل وعلا- حلف وأقسم ببعض مخلوقاته، استدل بذلك على جواز ذلك، وأن النهي للكراهة، الله -جل وعلا- له أن يحلف بما شاء من خلقه، بخلاف المخلوق المكلف بفعل الأوامر، واجتناب النواهي. ((فليحلف بالله أو ليصمت)) لا يتكلم، لا يحلف. قال: "وفي رواية لأبي داود والنسائي عن أبي هريرة مرفوعاً: ((لا تحلفوا بآبائكم، ولا بأمهاتكم)) " فضلاً عن غيرهما، يعني أعظم الناس عند المرء أبوه وأمه، فإذا منع من الحلف بهما فلئن يمنع من الحلف بغيرهما من باب أولى، مع أنه مأمور أن يعظم والديه، ويحترم والديه، لكن لا يصل هذا الاحترام، وهذا التعظيم إلى أن يحلف بهما، أو يصرف لهما شيء من حقوق الرب {وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا} [(15) سورة لقمان] لا يجوز طاعتهما في مثل هذا. ((ولا بالأنداد)) التي تجعل لله -جل وعلا- مشابهة ومساوية، ونظيرة لله -جل وعلا-، فلا يجوز الحلف باللات ولا بالعزى، ومن حلف بشيء من ذلك عليه أن يتشهد، ويحقق توحيده بلا إله إلا الله من جديد؛ لأنه أشرك.

((ولا بالأنداد، ولا تحلفوا إلا بالله)) بهذا الاسم، وفي حكمه غيره من الأسماء، والصفات الثابتة لله -جل وعلا-، ((ولا تحلفوا بالله إلا وأنتم صادقون)) لأن الكذب حرام، الكذب محرم، فكيف إذا أكد باليمين؟ يزيد التحريم، لكن الحلف بالله -كما قال ابن مسعود- كاذباً أيسر وأسهل من الحلف بغيره وإن كان صادقاً، كلاهما محرم، لكن سيئة الشرك أعظم من سيئة الكذب، وحسنة التوحيد أعظم من حسنة الصدق، ((ولا تحلفوا بالله إلا وأنتم صادقون)) ((من حلف منكم فقال في حلفه: واللات والعزى فليقل: لا إله إلا الله)) وهذا يؤيد ما جاء في الحديث أن ((من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك)). قد يقول قائل: جاء في صحيح مسلم قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((أفلح وأبيه إن صدق)) وهذا محمول عند أهل العلم أنه قبل النهي، أو كما قال السهيلي وغيره: إن الأصل: "وأبيه والله" فقصرت اللامان، فتصحفت الكلمة، وأبيه والله في الصورة قريبة، ويقرر بعض أهل العلم أنه رأى في نسخة عتيقة من صحيح مسلم أنها "أفلح والله إن صدق" مع أن القسم لا يوجد في البخاري، مع أن القصة موجودة في البخاري، والقسم لا يوجد في البخاري. يقول -رحمه الله تعالى- بعد هذا: "وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((يمينك على ما يصدقك به صاحبك)) وفي رواية: ((اليمين على نية المستحلف)) أخرجهما مسلم"

إذا كان لشخص على آخر حق، دين، فطلب منه اليمين، صاحب الدين ليست عنده بينة، وإذا لم توجد البينة عند المدعي اتجه اليمين إلى المدعى عليه، المنكر، تلزمه اليمين، وإذا نكل المدعى عليه عن اليمين ردت اليمين إلى المدعي في قول جمع من أهل العلم، فالمدعى عليه إذا حلف قيل له: احلف، زيد يدعي عليك بأن في ذمتك له مبلغ من المال، قدره ألف، أو مائة ألف، أو أكثر أو أقل، قال: ما عندي له شيء، طيب يا زيد هات البينة؟ والله ما عندي بينة، أنا أقرضته ما عندنا أحد إلا الله -جل وعلا-، تحلف يا عمرو أنه ما أقرضك شيء؟ قال: يحلف، والله ما أقرضني شيء، ويقصد في المكان الفلاني، أو في الشهر الفلاني، ينفعه هذا التأويل وإلا ما ينفع؟ هذا لا ينفع؛ لأنه على نية المستحلف لا على نية الحالف، هذا إذا كان ظالماً، أما إذا كان مظلوماً، إذا كان مظلوماً له أن يتخلص باليمين مع التورية، وحينئذٍ ينتفع إذا كان مظلوماً، أما إذا كان ظالماً فإن اليمين على نية المستحلف. قال -رحمه الله-: "وعن عبد الرحمن بن سمرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((وإذا حلفت على يمين فرأيت غيرها خيراً منها فكفر عن يمينك، وائت الذي هو خير)) " كفر عن يمينك، يعني إذا حلفت على فعل محرم، أو ترك واجب يجب عليك أن تحنث في يمينك، وتكفر عنه، أو تكفر ثم تحنث، أو تحنث ثم تكفر؛ لأنه قال في الرواية الأولى: ((كفر عن يمينك، وائت الذي هو خير)) وفي لفظ: ((فائت الذي هو خير، وكفر عن يمينك)) ((فكفر عن يمينك، ثم ائت الذي هو خير)) هذا إذا حلف على ترك واجب، أو فعل محرم، أقسم ألا يزور أباه أو أخاه أو أمه يجب عليه أن يكفر عن يمينه، ويأتي الذي هو خير؛ لأن الصلة خير، واجبة، وقطيعتها محرمة، وكذلك إذا حلف ألا يصلي أو لا يصوم، يجب عليه أن يكفر عن يمينه، ثم يأتي الذي هو خير.

إذا حلف على فعل مكروه أو ترك مستحب، حلف ألا يوتر مثلاً، أو لا يصلي الضحى، أو حلف أن يرتكب شيئاً مكروهاً الذي لا يصل إلى حد التحريم فإنه حينئذٍ ينبغي له أن يكفر عن يمينه، ويأتي الذي هو خير، بخلاف ما إذا حلف على فعل واجب، أو حلف على ترك محرم، فإنه يجب عليه أن يستمر على حلفه، ولا يجوز له أن يحنث؛ لأن الفعل محرم من الأصل، ترك الواجب محرم، وفعل المحرم لا يجوز، ثم يزداد بعد ذلك شدة بهذه اليمين التي عقدها على نفسه، أما إذا حلف على شيء مباح فعلاً أو تركاً، فالأمر بيده، هو مخير، إن أراد أن يستمر يستمر على يمينه، وإن أراد أن يحنث في يمينه ويكفر فالأمر إليه، لا سيما إذا رأى أن عدم الاستمرار هو الخير بالنسبة له. ((وإذا حلفت على يمين، فرأيت غيرها خيراً منها، فكفر عن يمينك، وائت الذي هو خير)) الرواية الأخرى ((فائت الذي هو خير، وكفر عن يمينك)) قلنا في درس مضى: إنه إذا كان للعبادة سبب وجوب ووقت وجوب، في أي مناسبة قيل هذا؟ هاه؟ طالب:. . . . . . . . . نحر الهدي، إذا كان للعبادة سبب وجوب ووقت وجوب، سبب وجوب الكفارة انعقاد اليمين، ووقت وجوبها الحنث، قالوا: لا يجوز فعلها قبل السبب اتفاقاً، لا يجوز أن تبذل كفارة يمين قبل أن تحلف، قبل سبب الوجوب، ولا تذبح الهدي قبل الدخول في الإحرام الذي هو سبب الوجوب، ويجوز بعد الوقت، يعني بعد دخول الوقت بالاتفاق وقت الوجوب الذي هنا، وهنا الحنث، يعني يحنث يخالف ما حلف عليه فعلاً أو تركاً، ثم يكفر هذا لا إشكال فيه بالاتفاق يجزئه. لكن إن كفر قبل الحنث بعد سبب الوجوب وقبل وقت الوجوب؟ مقتضى الروايات التي بين أيدينا جواز ذلك، وقال به جمهور أهل العلم، جمهور أهل العلم، ومنهم من يرى أن فعل الشيء قبل وقته لا يصح ولا يجزئ، كما لو صليت قبل دخول وقت الصلاة، إلى الآن ما تعين عليك كفارة فكيف تكفر؟ قبل وقت الوجوب لا تجزئ، لكن جمهور أهل العلم على الجواز، والقاعدة هذه في قواعد ابن رجب، ينبغي لطالب العلم أن يراجعها، ولها فروع كثيرة جداً، تنفع طالب العلم، فيها فروع يحتاج إليها.

((فكفر عن يمينك، وائت الذي هو خير)) هذا في الصحيحين "وفي لفظ للبخاري: ((فائت الذي هو خير، وكفر عن يمينك)) " قد يقول قائل: إن الواو لا تقتضي ترتيب، فتحمل الرواية الثانية على الأولى أو العكس، لا سيما وأنه في رواية أبي داود قال: ((فكفر عن يمينك، ثم ائت الذي هو خير)) فتحمل الرواية الثانية على الأولى؛ لأن الواو لا تقتضي الترتيب، بدليل الرواية الأخيرة رواية أبي داود، لكن ورود الخبر بهذه الصفة وهذه الصيغة يدل على جواز الأمرين. قال: "وإسنادها صحيح" وإسنادها وليس إسنادهما، يعني نسخة الشارح إسنادهما بالتثنية، لكن الصواب "وإسنادها" وعلى هذا أكثر نسخ البلوغ، وهذا هو الصحيح المتجه؛ لأننا لا نحتاج أن نقول: رواية البخاري إسنادها صحيح، لا نحتاج أن نقول: رواية البخاري إسنادها صحيح، هذا من العبث أن نقول: إسنادها صحيح؛ لأنه يفهم منه أننا إذا ذكرنا رواية للبخاري ولم نقل: إسنادها صحيح أن فيها ما فيها، ويخطئ من يقول: أخرجه البخاري وهو صحيح، أو بإسناد صحيح، لا نحتاج إذا كان الحديث مخرج في الصحيحين، أو في أحدهما أن نصحح، الأمة تلقت الكتابين بالقبول، وهما أصح الكتب بعد كتاب الله -جل وعلا-، والتطاول إلى هذا الحد أن نصحح ما في الصحيح لا شك أنه ليس بمحله، ولذا صواب العبارة: "وإسنادها" يعني رواية أبي داود "صحيح" لأن سنن أبي داود لم تلتزم فيه الصحة، فيه الصحيح والحسن والضعيف، فيحتاج إلى بيان الصحيح من غيره، أما ما في الصحيحين أو في أحدهما فهذا لا يحتاج أن نقول: صحيح. من أهل العلم من يفرق بين الكفارة إذا كانت بالعتق أو الإطعام فيجوز تقديمها قبل الحنث، وبين ما إذا كانت بالصيام فلا يجوز تقديمها على الحنث؛ لأن الصيام عبادة لا يجوز ولا يصح قبل وقته، كما لو صام بعض رمضان في شعبان، أو صلى صلاة قبل دخول وقتها، لكن أكثر أهل العلم على جواز الكفارة بجميع خصالها سواءً كان العتق أو الإطعام أو الكسوة أو الصيام.

قال -رحمه الله-: "وعن ابن عمر -رضي الله تعالى عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من حلف على يمين فقال: إن شاء الله فلا حنث عليه)) رواه أحمد والأربعة، وصححه ابن حبان" ((قال: إن شاء الله)) هذا الاستثناء ينفع ((من حلف على يمين فقال: إن شاء الله)) كما حلف سليمان -عليه السلام- أن يطأ نساءه تلد كل واحدة منهن فارساً يقاتل في سبيل الله، فقال له الملك: قل: إن شاء الله، فلم يقل، فما الذي حصل؟ ما ولدت واحدة منهن إلا واحدة جاءت بشق ولد؛ لأنه لم يستثن، وهنا الاستثناء ينفع، لماذا؟ لأن الأمر إذا علق بالمشيئة يتبين عند حصوله أو عدمه، فإن حصل فإن الله -جل وعلا- قد شاءه، وإن لم يحصل فإن الله -جل وعلا- حينئذٍ لم يشأ، والمراد بذلك المشيئة الكونية التي علمها عند الله -جل وعلا-، ما تتبين إلا بعد ظهور ما رتب عليها، منهم من يقول: إذا حلفت على أمر مطلوب شرعاً لا ينفعك أن تقول: إن شاء الله، لماذا؟ لأن الله قد شاءه وأراده، فلا ينفعك الاستثناء حينئذٍ، نظراً إلى المشيئة الشرعية، لكن مقتضى الحديث أن الملحوظ والمنظور إليه الإرادة والمشيئة الكونية. نظير هذا إذا قيل لك: أقرئ فلاناً مني السلام، فقلت: إن شاء الله، ما أقرأته السلام، يعني يلزمك أن تقرأه السلام؛ لأنك التزمت للشخص؟ لكن علقته ... ، ما شاء الله أني أقرئه منك السلام، فتكون حينئذٍ بالخيار، ما تلزم نفسك بغير لازم، إذا قال لك: أقرئ فلاناً مني السلام، وقلت: أبشر، من دون مشيئة، أنت الآن التزمت للرجل، لكن إذا قلت: إن شاء الله خرجت من العهدة، فإن أقرأته فقد شاء الله منك أن تقرئه السلام، وإن لم تقرئه فقد شاء الله منك ألا تقرئه. ومثل هذا اليمين، إذا قلت: إن شاء الله بنية التعليق لا بنية التبرك، فإنك تنتفع بهذا التعليق، ولا بد أن تقول، ما يكفي أن تضمر في نفسك إن شاء الله؛ لأن قال: ((فقال: إن شاء الله)) يعني قالها لفظاً.

الأمر الثاني: أن يكون هذا التعليق متصل بالكلام، ما تقول: والله لأفعلن كذا، ثم من الغد تقول: إن شاء الله، وإن جاء عن ابن عباس أن التعليق ينفع ولو بعد سنة، لكن قال أهل العلم لو قيل بهذا ما حنث أحد، قبل أن يرتكب ما حلف عليه يقول: إن شاء الله، على رأي ابن عباس، هذا لا ينتفع به، لا بد أن يكون التعليق بالمشيئة متصل بالكلام، لا يمنع الانقطاع الاضطراري، انقطع ليتنفس، انقطع ليسعل، أو يتثاءب مثلاً، أو يعطس، هذه أمور خارجة عن الإرادة فهي في حكم المتصل. الاستثناء في الإيمان، إذا قال: مؤمن إن شاء الله، هذه مسألة كبيرة من مباحث الإيمان، وفيها خلاف بين أهل العلم، منهم من يراها من عظائم الأمور، ومنهم من يرى الجواز، إن كان قوله: إن شاء الله مراده بذلك التبرك فلا إشكال، ولا يترتب عليه شيء، لكن إن كان مراده التعليق إن شاء الله، التعليق بالمشيئة، ويش يترتب عليه؟ تعليق الإيمان بالمشيئة، وبعض الناس في كثير من أحواله، أو في أكثر أحواله التعليق، هل جاء فلان؟ يقول: إن شاء الله، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . إيه نعم الذين يرون منعها يرون أنه متراخ في إيمانه، والذي يقول: إن شاء الله تجد من لفظه أنه غير جازم بما يخبر به، هذا سبب المنع ممن منع، ومنهم من يقول: إن المشيئة مشيئة الله -جل وعلا-، وللمؤمن الإيمان حاصلة، واجتمعت في إيمان المؤمن المشيئة الكونية والمشيئة الشرعية، فما المانع من تعليقه بهذه المشيئة؟ ولا يكون فيها شيء من التردد أو التراخي والتساهل في أمر الإيمان الذي هو عقد قلب ينبغي أن يكون جازماً فيه لا يرتابه أي ريب ولا تردد.

منهم من يسمي من يعلق إيمانه بالمشيئة يسميهم شكاكة، حتى أنه سئل بعضهم عن الزواج بمن يعلق بالمشيئة فأبدى في المسألة احتمالين، الأول: لا، لأنه من الشكاكة، والثاني: نعم، قياساً على الذمية؛ لأن المسألة يعني حسب تصور أهل العلم لها، وكل ينظر إليها من زاوية لا شك أنها من كبار المسائل، وهنا إذا قال: إن شاء الله لا حنث عليه، لماذا؟ لأنه إن فعل فقد شاء الله أن يفعل، وإن ترك فقد شاء الله أن يترك، هذا إذا نظرنا إلى المشيئة الكونية، أما المشيئة الشرعية فلا يدخل فيها المأمور؛ لأن الله قد شاءه. طالب:. . . . . . . . . كيف؟ طالب:. . . . . . . . . ويش يقصد؟ تبرك وإلا تعليق؟ طالب:. . . . . . . . . على ما يصدقه به صاحبه، ما تنفعه التورية إذا كان ظالماً، وإذا كان مظلوماً نفعته على ما تقدم. يقول ابن العربي: أجمع المسلمون بأن قوله: "إن شاء الله" يمنع انعقاد اليمين بشرط كونه متصلاً. وقوله: ((فقال)) يدل على أنه لا بد من النطق في هذا الاستثناء، لا بد منه؛ لأنه رتب على القول، ولذا قال أهل العلم في قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله)) وأنه لا يكفي أن يعتقد في قلبه ولا يتلفظ، لا بد أن يقول، لا بد أن ينطق، وهنا يقال: لا بد أن ينطق. قال بعض المالكية: يجوز الاستثناء بالنية من غير لفظ، يعني يستثني بقلبه، ولكن الحديث صريح في القول ((فقال)) ولا يترتب الأثر إلا على القول، ومثله الأذكار من قال كذا فله كذا، لا يكفي أن يذكر بقلبه لا بد أن يتلفظ به. قال: وحكي عن بعض المالكية صحة الاستثناء من غير لفظ، قال الشارح: "وإلى هذا أشار البخاري وبوب عليه: باب النية في الأيمان، لكن صريح القول لا ينطبق إلا على من تلفظ به".

قال -رحمه الله-: "وعنه -رضي الله عنه- قال: كانت يمين النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((لا، ومقلب القلوب)) " تقدم النقل عن ابن القيم -رحمه الله-، وأنه استقرأ الأيمان والأقسام النبوية، فبلغت عنده نحو ثمانين موضعاً، وكثيراً ما يقول: ((لا ومقلب القلوب)) ((والذي نفسي بيده)) ((والذي نفس محمد بيده)) ((لا ومصرف القلوب)) هذه كثيراً ما يقولها، كثيراً ما يقول: ((والذي نفسي بيده)) ((والذي نفس محمد بيده)). كان النبي -عليه الصلاة والسلام- يواظب على هذا اليمين ((لا، ومقلب القلوب)) والفائدة من ملازمة أو الإكثار من هذه اليمين التذكير بمضمون اليمين، وهو أنه ينبغي أن يستحضر الإنسان أن قلبه بين أصبعين من أصابع الرحمن، فلا يتكل على عمله، أو على ما هو فيه من استقامة والتزام؛ لأنه كم من مهتد قد ضل، وكم من مسلم قد ارتد، وكم من ضال قد اهتدى، وكم من مستقيم خرج عن حد الاستقامة إلى الفسق والعكس، فالقلوب بين أصبعين من أصابع الرحمن. يعني الإكثار من هذه اليمين تذكر السامع، وتذكر المتكلم بمعنى مقلب القلوب، مصرف القلوب، تجعل الإنسان على خوف وعلى وجل من سوء العاقبة، وأن يستحضر دائماً الدعاء بالثبات على الاستقامة إلى الممات؛ لأن القلوب بيد الله، يقلبها كيفما شاء. القلوب المرادة هنا ليس المراد بها ذواتها، يعني ليس القلب بدل ما هو منكوس يعتدل، أو يذهب يمين، أو شمال، لا، إنما المراد أحوالها، المراد تقلب أحوالها من استقامة إلى ضدها، من كفر إلى إسلام، من إسلام إلى ضده، لا سيما في أوقات الفتن التي تضل الناس كقطع الليل المظلم ((يصبح الرجل مؤمناً ويمسي كافراً، ويمسي مؤمناً، ويصبح كافراً يبيع دينه بعرض من الدنيا)) ولذا على الإنسان أن يلهج في جميع أحواله، ويدعو الله -جل وعلا- بالثبات، ومثل ما تقدم أن اليمين تجوز بجميع أسماء الله الحسنى وبصفاته الثابتة له في كتابه وسنة نبيه -عليه الصلاة والسلام-. يقول: ثبت عن شيخ الإسلام ابن تيمية في حربه للتتار أنه قال: "والله لنغلبنهم هذه المرة، فقيل له: قل إن شاء الله، فقال: أقولها تحقيقاً لا تعليقاً، فعلى أي وجه يحمل قوله؟

هذا من باب ((إن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبره)) لكن لا يحسن من كل إنسان أن يبتلي نفسه ويختبر نفسه، لا بد أن تظهر للإنسان علامات وقرائن تدل على أنه صادق مع الله -جل وعلا-، وإلا على الإنسان ألا يبتلي نفسه ويمتحنها بمثل هذه المواقف، وبمثل هذه المضايق؛ لأن فيه نوع تزكية، ومثل هذا الكلام لا شك أنه مما تضيق فيه الأنظار؛ لأنه قد يقول قائل: إن شيخ الإسلام يزكي نفسه، حيث ادعى أنه ممن لو أقسم على الله لأبره، فمثل هذا لا ينبغي أن يقدم عليه الشخص إلا إذا ظهر له بقرائن أنه صادق مع الله -جل وعلا-، وجرب ذلك سراً قبل أن يجربه علناً؛ لأن بعض الناس يقول: بين الآخرين في مجلس من المجالس: اللهم إن كنت مخلصاً لك فاقبضني إليك الآن، طيب ما قبض، هل معناه أنه غير مخلص؟ يعرض نفسه للابتلاء، يعرض نفسه لشيء لا يطيقه، ولا داعي لمثل هذا الكلام، نعم إذا احتيج إلى ذلك؛ لأنه في بعض المواطن قد يحتاج الإنسان لمثل هذا، يعني بعض الدعاة دعا قبيلة كاملة إلى الإسلام، فقيل له: إن دعوت الله أن يغيثنا فاستجاب الله دعاك أسلمنا، فعلى الإنسان أن يحتقر نفسه، طيب افترض أنه دعا ولا سقوا، ويش النتيجة؟ النتيجة أنه لو كان في احتمال أنهم يسلمون ينتفي هذا الاحتمال، لكن رجح أنه ينكسر بين يدي الله -جل وعلا-، وعلم الله -جل وعلا- منه صدق النية فأغاثهم ... ، لكن هذه مواطن محاك، هذه محاك لا ينبغي للإنسان في وقت السعة أن يتعرض لها، وكلام شيخ الإسلام لا شك أنه داخل في قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((إن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبره)). وعن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- قال: جاء أعرابي إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله ما الكبائر؟ فذكر الحديث، وفيه اليمين الغموس. عد الكبائر لا على سبيل الحصر، وليست محصورة بسبع، كما قال ابن عباس: إلى السبعين أقرب، ومن ألف في الكبائر أوصلها إلى المئات حسب الضابط الذي قرره أهل العلم على خلاف بينهم، وهذا يثبت أن هناك من الذنوب ما هو كبير، ومنها ما هو صغير.

"ما الكبائر؟ " ما قال: ما المعاصي؟ ما الذنوب؟ الكبائر، فالذنوب منها ما هو كبيرة، ومنها ما هو صغيرة، الكبائر هذه لا تكفر إلا بالتوبة أو رحمة أرحم الراحمين {وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء} [(116) سورة النساء] لكن الأصل أنها تحتاج إلى توبة، وأما بالنسبة للصغائر فاجتناب الكبائر يكفر الصغائر {إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَآئِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ} [(31) سورة النساء] ((الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان، والعمرة إلى العمرة مكفرات لما بينهن ما لم تغش كبيرة)). من هذه الكبائر، والتمييز بين الكبائر والصغائر يختلف فيه أهل العلم، ما جاءت تسميته بأنه كبير، هذا لا إشكال فيه، في النص، وأما القواعد والضوابط التي جعلت للفرق بين الكبائر والصغائر، فمنها ما رتب عليه حد في الدنيا، أو عذاب في الآخرة، أو نفي عنه الإيمان، أو توعد بلعن، وطرد من رحمة الله، أو غضب، أو ما أشبه ذلك، كل هذه من الكبائر، كما قرر ذلك شيخ الإسلام -رحمه الله- وغيره. "ما الكبائر؟ فذكر الحديث"، عد مجموعة من الكبائر، وذكر من ضمن ما ذكر اليمين الغموس، فعول، صيغة مبالغة بمعنى فاعل؛ لأنها تغمس يمين غامس تغمس مرتكبها في النار، أو في العذاب. "اليمين الغموس" استفصل وسأل "وما اليمين الغموس؟ قال -عليه الصلاة والسلام-: ((التي يقتطع بها مال امرئ مسلم هو فيها كاذب)) " الظاهر أن السائل هو الأعرابي، والمسئول عن التفسير هو النبي -عليه الصلاة والسلام-، هذا ظاهر السياق كما تدل عليه الروايات، وإن أبدى بعضهم احتمال أن السائل الراوي عن ابن عمر، والمجيب ابن عمر، لكن لا يوجد ما يدل عليه.

اليمين الغموس هي ((التي يقتطع بها مال امرئ مسلم هو فيها كاذب)) اليمين تنقسم إلى أقسام: منها لغو اليمين، لا والله، وبلى والله، كما سيأتي في كلام عائشة -رضي الله عنها-، هذا ما فيه شيء، لا فيه كفارة ولا، الذي يجري على اللسان بغير قصد، وليست فيه مؤاخذة، ومنه ما يحلف فيه الإنسان على أمر ماض يغلب على ظنه وقوعه، يقول: والله ما جاء، قال شخص: جاء زيد أمس، قال: والله ما جاء؛ لأنه يغلب على ظنه أنه لم يحضر، لا سيما إذا استدل بقرينة تدل على عدم حضوره، فتبين له أنه حضر، يعني المقرر أن يحضر مثلاً، اتصل على هذا الشخص وقال: فاتت الرحلة، لن أحضر اليوم، ثم تيسر له في الرحلة التي بعدها مباشرة وحضر، قيل لفلان الذي أخبر: حضر زيد أمس جاء البارحة، قال: والله ما جاء، هو متصل بي، وقال: خلاص فاتت الرحلة، هذا على غلبة ظن، هذا ما عليه كفارة. لو حلف أنه ما جاء، وهو يعرف أنه جاء، رآه بالأمس، قال: والله ما جاء، هذا ليس فيه كفارة، لكنه يأثم بهذا اليمين التي حلف فيها، وهل تسمى غموس أو لا تسمى؟ ((يقتطع بها مال امرئ مسلم)) منهم من يقول -نظر إلى قوله-: ((هو فيها كاذب)): يكفي أن تسمى غموس، وليس فيها كفارة، أعظم من أن تكفر، لكن من رأى في الحد الذي يقتطع بها مال امرئ مسلم، قال: هذه ليست غموس، لكنه آثم بكذبه، وتأكيد هذا الكذب باليمين، ولا كفارة فيها. إذا حلف على أمر مستقبل، والله لا يفعل كذا في المستقبل، ثم فعله، هذه اليمين المكفرة المنعقدة، إذا حلف على يمين يقتطع بها مال امرئ مسلم، اقترض من زيد ألف ريال، ثم أقسم أنه ليس عنده شيء، زيد ما عنده بينة، فتوجهت اليمين إلى المقترض فحلف أنه لم يقترض منه شيء هذه هي غموس؛ لأنه اقتطع بها مال امرئ مسلم، وهو كاذب في ذلك. وهذه اليمين عند الجمهور لا تكفر، ومثلها قتل العمد، أعظم من أن يكفر، واليمين الغموس أعظم من أن تكفر، هذا قول أكثر أهل العلم، ويرى الشافعية أنها تكفر لعموم الأدلة الدالة على لزوم الكفارة لمن حنث في يمينه.

قال -رحمه الله-: "وعن عائشة -رضي الله عنها- في قوله تعالى" يعني في تفسير قوله تعالى: {لاَ يُؤَاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ} [(89) سورة المائدة] "قالت: هو قول الرجل: لا والله، وبلى والله" يجري على اللسان من غير قصد، وهو موجود عند كثير من الناس، لا يقتطع به مال امرئ مسلم، ولا يترتب عليه شيء، إنما يجري على اللسان من غير قصد، علماً أنه مع عدم المؤاخذة إلا أنه لا ينبغي للمسلم أن يجعل الله -جل وعلا- عرضة ليمينه، فيحلف على أدنى شيء، ويعود لسانه على هذا، لكن إذا حصل وتعود ما عليه شيء، {لاَ يُؤَاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ} [(89) سورة المائدة] قالت: هو قول الرجل: لا والله، وبلى والله" أخرجه البخاري" عن عائشة موقوفاً عليها، وهو عند أبي داود مرفوع إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-، فإذا نظرنا إلى ما في الصحيح وهو أرجح، قلنا: إن ما في سنن أبي داود معل برواية الصحيح، ولو كانت ثابتة لأثبتها البخاري، وعدوله عنها يدل على عدم ثبوتها، وإذا قلنا: إنه لا مانع أن يثبت مرفوع ويثبت موقوف، فمرة تنشط عائشة -رضي الله عنها- فتنسبه إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-، ومرة تقوله من تلقاء نفسها. وتفسير الصحابي ذكر الحاكم أبو عبد الله أنه في حكم المرفوع؛ لأنه لا يمكن أن يقول الصحابي في كلام الله شيئاً من تلقاء نفسه، أو من قبل رأيه، لما ورد من التحذير الشديد أن يقال في القرآن بالرأي، لكن جمهور أهل العلم حملوا ذلك على أسباب النزول؛ لأن أسباب النزول لا بد أن يكون النبي -عليه الصلاة والسلام- طرفاً فيها. وعُدّ ما فسره الصحابي ... رفعاً فمحمول على الأسبابِ وهذا منها، هذا تفسير لقوله -جل وعلا-: {لاَ يُؤَاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ} [(89) سورة المائدة] من يرى أن تفسير الصحابي له حكم الرفع قال: هو مرفوع، وإن لم تصرح عائشة بذكر النبي -عليه الصلاة والسلام-، والذي يقول: لا، التفسير يحتمل أن تقوله من تلقاء نفسها استنباطاً، ولا مانع من ذلك، وكثير من تفاسير الصحابة واضح أنه استنباط.

على كل حال الحديث روي مرفوعاً وموقوفاً، وخير ما يفسر به كلام الله -جل وعلا- بكلام نبيه -عليه الصلاة والسلام-، إذا وجد، أو بكلام صحابته -رضوان الله عليهم-. قال -رحمه الله تعالى-: "وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إن لله تسعاً وتسعين اسماً، من أحصاها دخل الجنة)) متفق عليه، وساق الترمذي وابن حبان الأسماء". يعني الترمذي لما ساق هذا الحديث سرد هذه الأسماء التسعة والتسعين، وهي موجودة عند ابن حبان، الثابت في الصحيحين العدد المجمل تسعة وتسعين مائة إلا واحد، عند الترمذي وابن حبان سرد لهذه الأسماء. يقول ابن حجر: "والتحقيق أن سردها إدراج من بعض الرواة" اجتهاد، نظر في النصوص في الكتاب والسنة فجمع منها تسعة وتسعين اسماً، فسردها وليس من قوله -عليه الصلاة والسلام-؛ لأنه قال: "والتحقيق أن سردها إدراج من بعض الرواة" لذلك الاعتماد على ما جاء في الترمذي وابن حبان من تحديد هذه الأسماء وترديدها على الألسنة، ونظمها في شعر يقال في كل وقت، تحصيلاً لهذا الوعد ليس في محله؛ لأن هذا اجتهاد من بعض الرواة؛ لأنه قد تكون تركت من الأسماء ما هو أولى، وإلا فلا حصر في التسعة والتسعين، لا حصر، لكن الحصر مع الوصف التسعة والتسعين محصورة في كونها من أحصاها، وإلا فالأسماء الحسنى لا يمكن أن تحصى ((أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحداً من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك)) هذا يمكن الاطلاع عليه؟ لا يمكن، وقد يعلّم بعض الخلق من الأسماء ما لم يعلمه غيره، ولذا تجدون من أهل العلم من أهل الاطلاع الواسع من يجمع الأسماء الحسنى من نصوص الكتاب والسنة، فيتصدى لها آخر فتجد تفاوت بين جمع هذا، وجمع هذا، فيعلم هذا ما لا يعلمه هذا، وهكذا. التسعة والتسعين المائة إلا واحد هذه وجه الحصر فيها في كونها من أحصاها، ما عداها لا يمكن حصره، لكن لا يترتب عليه هذا الوصف.

أولاً: مناسبة الحديث لباب الأيمان أن الله -جل وعلا- له الأسماء الحسنى فيدعى بها، وتبعاً لذلك يقسم بها؛ لأن القسم لا يكون إلا باسم من أسماء الله التي منها هذه التسعة والتسعين، فيدعى بها {وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} [(180) سورة الأعراف] وأيضاً يقسم بها؛ لأن القسم إنما يكون بأسماء الله لا بغيره. ((إن لله تسعة وتسعين اسماً مائة إلا واحد)) يعني صريح في التحديد، في تحديد العدد، من أهل العلم من يقول: الأسماء الحسنى مائة، طيب في الصحيحين: ((تسعة وتسعين مائة إلا واحد)) في أوضح من هذا الحصر؟ ((تسعة وتسعين اسماً مائة إلا واحد)) يقول: مائة الأسماء الحسنى، كيف صارت مائة؟ يعني هل هذه معاندة من القائل أو محادة؟ أو نقول: له وجه؟ له وجه وإلا ما له وجه؟ طالب:. . . . . . . . . كيف؟ طالب:. . . . . . . . . يعني هذا الاسم من الأسماء الحسنى الله -جل وعلا- له تسعة وتسعين، فإذا أضيفت إليه صارت مائة، ظاهر وإلا ما هو بظاهر؟ يعني الكلام له وجه، وإلا فالحديث ما في أوضح من هذا الحصر ((تسعة وتسعين مائة إلا واحد)) يعني عدد لا يحتمل الزيادة والنقصان، لكن مع ذلك قال بعض أهل العلم: إنها مائة، إذا أضيف إليها لفظ الجلالة المتحدث عنه، المتحدث عنه له تسعة وتسعون، فإذا أضيف إليها صارت مائة. ((إن لله تسعة وتسعين اسماً من أحصاها)) إيش معنى أحصاها؟ جاء في بعض الروايات: حفظها، وهل يكفي الحفظ من غير معرفة للمعنى وإفادة من هذا المعنى؟ ((من طاف أسبوعاً يحصيه كان له بكل خطوة حسنة)) إيش معنى يحصيه؟ يعني يضبط أنه سبعة أشواط بحيث لا يزيد ولا ينقص؟ أو أنه يحضر قلبه فيه، وأنه في عبادة فلا يغفل ولا يتشاغل عنه بغيره؟ هكذا قرر أهل العلم، ولذا القول أن من أحصاها مجرد الحفظ ومجرد التكرار ومجرد الترديد عند أكثر أهل العلم لا يكفي، حتى يعقل معناها، ويفيد من هذه المعاني، ومعرفة الأسماء الحسنى من أنفع ما ينفع المسلم في حياة قلبه.

ومن أفضل ما يقرأ في هذا ما سطره ابن القيم في نونيته، يعني ذكر الأسماء الحسنى لا يقال: إنه أحاط بالأسماء الحسنى، لا، لكن ذكر ما ذكر منها، وبين معانيها، وكيفية الإفادة من هذه المعاني، يعني إذا عرفت من أسماء الله -جل وعلا- الله إيش تستفيد من هذا الاسم؟ أنه -جل وعلا- هو المألوه المعبود بحق، وعلى هذا لا يجوز أن تصرف لغيره شيء من أنواع العبادة، الرحمن، إذا عرفت أنه الرحمن، وعرفت معنى الرحمن، ومعنى الرحمة طمعت في هذه الرحمة، بطمع نافع، رغبة نافعة، لا رغبة مفاليس، أو طمع مفاليس، رغبة مقرونة بالعمل، إذا عرفت أنه جبار، إيش معنى الجبار؟ تعرف معناه، ويورث ذلك في قلبك هيبة منه وخشية ورهبة تحدوك إلى العمل بما أمرك به، واجتناب ما نهاك عنه، فإذا عرفت الأسماء الحسنى على هذه الطريقة استفدت منها، وإلا مجرد قصيدة تقال وتقرأ، ماذا تستفيد؟ ومن أهل العلم من يقول: إن حفظها وقراءتها يرتب عليه هذا الجزاء، ومعرفة معانيها والإفادة من معانيها قدر زائد على ذلك، يعني نظير ما يقال في القرآن، الأجر المرتب على قراءة كل حرف بعشر حسنات هذا يحصل بمجرد القراءة، ما وراء ذلك من القراءة على الوجه المأمور به بالتدبر والترتيل أجره زائد على ذلك، فتكون من هذا النوع، الأذكار من قال كذا فله كذا، من قال: سبحان الله وبحمده مائة مرة في يوم حطت عنه خطاياه، وإن كانت مثل زبد البحر، هذا الأجر رتب على مجرد القول، يعني كونك تعقل ما تقول هذا قدر زائد على ذلك، وإن كان من أهل العلم من يرى أن الذكر بدون عقل لا قيمة له، التلاوة بدون تدبر لا قيمة لها، لكن إذا تأملنا ما جاء من النصوص في ترتيب هذه الأجور، وهذه الموعودات على مجرد القول وفضل الله واسع، من قال كذا فله كذا، انتهى، قال، تحقق الشرط فليتحقق الجزاء.

" ((إن لله تسعة وتسعين اسماً من أحصاها دخل الجنة)) متفق عليه، وساق الترمذي وابن حبان الأسماء، قال ابن حجر: والتحقيق أن سردها إدراج من بعض الرواة" إيش معنى إدراج؟ نعم إدخال ما ليس من كلامه -عليه الصلاة والسلام- في كلامه، وإلحاقه به، بحيث لا يتميز، والإدراج يكون في أول المتن، وفي وسطه، وفي أثنائه، وفي آخره، وهذا هو الكثير الغالب كما هنا. قد يقول قائل: ما الفائدة من تعيين رقم من دون تفصيل؟ رقم إجمالي تسعة وتسعين من غير تفصيل، نعم؟ نعم الاجتهاد في البحث عن هذه التسعة والتسعين؛ ليعظم الأجر، كما أبهمت ساعة الجمعة، وليلة القدر، يعني لو بينت التسعة والتسعين انتهى الإشكال، لو حفظت تسعة وتسعين في صفحة واحدة، أو في نصف صفحة، لكن لما يقال: تسعة وتسعين، ورتب عليها هذا الأجر العظيم، تجعل المسلم يحرص ويتعب في تحصيلها، فيعظم أجره عند الله -جل وعلا-، وكذلك ساعة الجمعة حينما جاء الخلاف القوي هل هي من دخول الإمام أو آخر ساعة من العصر؟ وكذلك ليلة القدر حينما جاء فيها الأحاديث الكثيرة التي مجموعها يدل على الإبهام، التي لا يمكن الوصول إلى ليلة بعينها من خلال ما جاء في النصوص، تحروها في العشر الأواخر، في السبع الأواخر، في سابعة تبقى، في كذا، في أوتار، في .. ، كل هذا من أجل أن يكثر الاجتهاد، ولا يتكل الناس على ليلة بعينها فتزداد أجورهم.

بعد هذا حديث: "أسامة بن زيد -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((من صُنع إليه معروف، فقال لفاعله: جزاك الله خيراً فقد أبلغ في الثناء)) " ((من صنع إليه معروف)) يعني فليكافئه، يعطيه في مقابل هذا المعروف، النبي -عليه الصلاة والسلام- يقبل الهدية، ويثيب عليها، أما أن تأخذ من غيرك بدون مقابل فلا شك أنه .. ؛ لأن الهدية لا شك أنها تزيل ما في القلوب، وتقرب المسلم إلى أخيه ((تهادوا تحابوا)) لكن ماذا عن المقابل؟ يعرف زيد من الناس أنه يأخذ ولا يعطي، ماذا تكون النتيجة؟ ممقوت، لكن " ((من صنع إليه معروف فقال لفاعله: جزاك الله خيراً فقد أبلغ في الثناء)) أخرجه الترمذي، وصححه ابن حبان" وهذا الحديث لا تظهر مناسبته في الباب، إيش دخل حديث: ((من صُنع إليه معروف فقال لفاعله: جزاك الله خيراً فقد أبلغ في الثناء)) للأيمان والنذور؟ يعني هو بكتاب الجامع الذي محله الآداب والأخلاق على ما سيأتي أليق، تظهر مناسبة يا إخوان؟ ما يظهر مناسبة. قال الشارح: ولا يخفى أن ذكر الحديث هنا غير موافق لباب الأيمان والنذور، وإنما محله باب الأدب، الذي سيأتي في كتاب الجامع، آخر كتب بلوغ المرام. الإنسان إذا صُنع إليه معروف قد يجد ما يكافئه به، أهدي إليه هو يهدي، أعطي يعطي، لكن بعض الناس ما عنده شيء، يكافئ بالدعاء، ومن أجمع الأدعية "جزاك الله خيراً" لأن خير يشمل خير الدنيا والآخرة، والدعاء لا شك أنه ينفع، دعاء المسلم لأخيه لا سيما إذا كان في ظهر الغيب، والله أعلم. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

كتاب الأيمان والنذور (2)

بسم الله الرحمن الرحيم شرح: بلوغ المرام - كتاب الأيمان والنذور (2) الشيخ: عبد الكريم بن عبد الله الخضير سم. بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. قال الحافظ ابن حجر العسقلاني -رحمه الله تعالى- في كتابه: بلوغ المرام في تتمة كتاب الأيمان والنذور: وعن ابن عمر -رضي الله تعالى عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه نهى عن النذر، وقال: ((إنه لا يأتي بخير، وإنما يستخرج به من البخيل)) متفق عليه. وعن عقبة بن عامر -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((كفارة النذر كفارة يمين)) رواه مسلم، وزاد الترمذي فيه: ((إذا لم يسم)) وصححه. ولأبي داود: من حديث ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما- مرفوعاً: ((من نذر نذراً لم يسمه فكفارته كفارة يمين، ومن نذر نذراً في معصية فكفارته كفارة يمين، ومن نذر نذراً لا يطيقه فكفارته كفارة يمين)) وإسناده صحيح إلا أن الحفاظ رجحوا وقفه. وللبخاري: من حديث عائشة -رضي الله تعالى عنها-: ((ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه)). ولمسلم: من حديث عمران -رضي الله تعالى عنه-: ((لا وفاء لنذر في معصية)). وعن عقبة بن عامر -رضي الله تعالى عنه- قال: "نذرت أختي أن تمشي إلى بيت الله تعالى حافية، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((لتمش ولتركب)) متفق عليه، واللفظ لمسلم. وللخمسة فقال: ((إن الله لا يصنع بشقاء أختك شيئاً، مرها فلتختمر، ولتركب، ولتصم ثلاثة أيام)). وعن ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما- قال: استفتى سعد بن عبادة -رضي الله تعالى عنه- رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في نذر كان على أمه توفيت قبل أن تقضيه، فقال: ((اقضه عنها)) متفق عليه.

وعن ثابت بن الضحاك -رضي الله تعالى عنه- قال: نذر رجل على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن ينحر إبلاً ببوانة، فأتى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فسأله، فقال: ((هل كان فيها وثن يعبد؟ )) قال: لا، قال: ((فهل كان فيها عيد من أعيادهم؟ )) فقال: لا، فقال: ((أوف بنذرك، فإنه لا وفاء لنذر في معصية الله، ولا في قطيعة رحم، ولا فيما لا يملك ابن آدم)) رواه أبو داود والطبراني، واللفظ له، وهو صحيح الإسناد، وله شاهد من حديث كردم عند أحمد. وعن جابر -رضي الله تعالى عنه- أن رجلاً قال يوم الفتح: يا رسول الله إني نذرت إن فتح الله عليك مكة أن أصلي في بيت المقدس، فقال: ((صل ها هنا)) فسأله، فقال: ((صل ها هنا)) فسأله، فقال: ((فشأنك إذاً)) رواه أحمد وأبو داود، وصححه الحاكم. وعن أبي سعيد الخدري -رضي الله تعالى عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: مسجد الحرام، ومسجد الأقصى، ومسجدي)) متفق عليه، واللفظ للبخاري. ((ومسجدي هذا)). سم رعاك الله. ((ومسجدي هذا)) أحسن الله إليك. ((لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: مسجد الحرام، ومسجد الأقصى، ومسجدي هذا)) متفق عليه، واللفظ للبخاري. وعن عمر -رضي الله تعالى عنه- قال: قلت: يا رسول الله إني نذرت في الجاهلية أن أعتكف ليلة في المسجد الحرام، قال: ((فأوف بنذرك)) متفق عليه، وزاد البخاري في رواية: فاعتكف ليلة. الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد: فأحاديث الدرس كلها في النذر، وأما ما يتعلق بالأيمان فقد انتهى. أول أحاديث النذر ما ذكره الحافظ من حديث "ابن عمر -رضي الله عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه نهى عن النذر" النذر أن يلزم الإنسان نفسه بشيء لم يوجب عليه في أصل الشرع. الرسول -عليه الصلاة والسلام- نهى عن النذر، والله -جل وعلا- مدح الذين يوفون بالنذر، الوسيلة منهي عنها، والغاية مطلوبة.

"نهى عن النذر" فقال جمع من أهل العلم: إن هذا باب من العلم غريب، إذا أن الوسائل في الأصل لها أحكام الغايات، فإذا كانت الغاية مطلوبة صارت الوسيلة مطلوبة، والمقرر عند أهل العلم أن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، وإذا كان النذر الوفاء به واجباً كانت وسيلته واجبة؛ لأنه لا يتم إلا به، لكن هذا الباب على خلاف غيره من الأبواب، الوسيلة ممنوعة. "نهى عن النذر" على خلاف بين أهل العلم في مقتضى النهي هل هو التحريم أو الكراهة؟ الأصل في النهي التحريم، لكن صرف عند جمهور أهل العلم عن التحريم إلى الكراهة بلزوم الوفاء به، إذ لو كان النهي فيه للتحريم لصار لاغياً، لصار مقتضاه لاغياً، وفي الحقيقة مقتضاه ليس بلاغي، بل يجب الوفاء به في بعض الصور، وبعض الصور لا يجوز الوفاء به، وبينهما صور مترددة بين الوفاء وبين الكفارة على ما سيأتي. من أهل العلم كالنووي رأى اطراد هذا الباب مع غيره من الأبواب، فقال: إن النذر مستحب، لماذا؟ لأن غايته واجبة، فأقل الأحوال أن يكون مستحب، وهذا الكلام ليس له حظ من النظر، مع ثبوت النهي عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، والنهي كما يقرر أهل العلم أقل أحواله الكراهة. "نهى عن النذر، وقال: ((إنه لا يأتي بخير)) " لا يأتي بخير، لا يغير من القضاء شيئاً، إذا نذر إن شفى الله مريضه أن يفعل كذا لن يغير من قدر الله شيئاً، لن يشفى مريضه بسبب النذر، إن رد الله غائبه أن يفعل كذا لن يغير مما قضى الله شيئاً، ولن يرد الله غائبه بسبب نذره.

((إنه لا يأتي بخير، وإنما يستخرج به من البخيل)) بعض الناس لا تجود نفسه أن يتصدق حتى ينذر، ويلزم نفسه بذلك، إن حصل كذا، أو لله عليه كذا دون تعليق، لله علي أن أتصدق بكذا، وكثير من الناس في أثناء الشهر تجده يقول: لله علي إذا استلمت الراتب أتصدق بمائة بمائتين بألف، هذا يستخرج به من البخيل؛ لأنه في الأصل ما يتصدق إلا بمثل هذه الطريقة، ثم بعد ذلك ما النتيجة؟ لو ترك الأمر من دون نذر، ومن دون عهد مع الله -جل وعلا- ولم يتصدق الأمر سهل إلا إذا كان واجب، وجبت عليه الصدقة، لكن ماذا عما لو قال: لله عليه أن أخرج كذا من راتبي ثم بعد ذلك ما فعل؟ {وَمِنْهُم مَّنْ عَاهَدَ اللهَ لَئِنْ آتَانَا مِن فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ} [(75) سورة التوبة] النتيجة؟ {فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ} [(77) سورة التوبة] ... أنت في سعة يا أخي لست بملزوم، أنت لست بملزم أن تقول مثل هذا الكلام، لكن بعض الناس ما يملك، ما يستطيع أن يتصدق ابتداءً، يخرج أحب الأشياء إليه إلى قلبه، ويبذله طائعاً مختاراً هذا صعب عليه، فهو إذاً بخيل ((وإنما يستخرج به من البخيل)) بعض الناس يصعب عليه فعل الواجب، أو ترك المحظور، فيقول: لله علي إن فاتتني الصلاة أن أتصدق بكذا، ولله علي إن اغتبت أحداً أن أتصدق بكذا، وهذا فعله بعض السلف، قال: لله عليه إن اغتبت أن أتصدق بكذا، قال: فهانت علي الغيبة، سهل، المقابل موجود؛ لأنه واجد غني، يقول: ثم عدل عن هذا إلى قوله: لله علي إن اغتبت أحداً أن أصوم يوماً، يقول: فتركت الغيبة، الصيام صعب، ما هو مثل بذل المال، وإن كان بعض الناس إذا كان ليس ذا جدة، وقد مرن نفسه على الصيام، الصيام أسهل عليه، وبعض الناس ممن اتصف بالشح الصيام أسهل عليه على كل حال، صيام الدهر أسهل من إنفاق درهم عند بعض الناس، والعكس عند بعضهم، لكن ماذا عما لو أكد الأمر الشرعي بالتزامه بنذر أو عهد أو نحوهما مما يلزم به نفسه، ما يلزمه الوفاء به، إن فاتتني ركعة أن أتصدق بعشرة، فاتتني ركعتان أتصدق بعشرين وهكذا، ثم بعد ذلك الحساب في آخر اليوم بعد صلاة العشاء، صلاة الفجر ماذا فاته؟ صلاة الظهر؟ ثم يجمع خمس ركعات في اليوم، يعني يتصدق

بخمسين ريال، يعني هذا بخيل لا يتصدق إلا إذا التزم، فوجب عليه ما التزم به، لكن ما الباعث؟ هل نقول في مثل هذا مثل ما قيل فيمن قال: إن شفى الله مريضي تصدقت بكذا؟ هذا ما الذي بعثه على أن يقول أو يلتزم بهذا الالتزام؟ إنما هو الحرص على العبادة، والحرص على ترك المحرم، إن اغتبت أحداً تصدقت بكذا، فأمره يختلف عن من قال: إن شفى الله مريضي لا سيما إذا كان يظن أن مثل هذا النذر له أثر في النتائج في القضاء والقدر، وحينئذٍ يقال له: ((إنه لا يأتي بخير)). وعلى كل حال الإنسان ما دام في سعة من أمره لا يليق به أن يضيق على نفسه، ولو كان هذا في أمور الطاعة، لكن لو عند المحاسبة في آخر النهار أراد أن يكفر عما فاته من غير التزام، قال: فاتني من صلاة الصبح ركعة، ومن صلاة الظهر ركعة، ومن صلاة العصر ما فاتني شيء، من المغرب ركعة، ومن العشاء ركعتين، صار عنده أربع ركعات، قال: هذه أربعين ريال صدقة لعلها تكفر، مع أنه ما ارتكب ذنب، لكنه خلاف الأولى بلا شك، والناس مقامات، بعضهم يفعل هذا إذا فاتته تكبيرة الإحرام، وبعضهم تفوته الصلاة كاملة، وبعضهم يفوته الوقت ولا يحرك عنده ساكناً، نعم إذا كان من هذا الباب فلا مانع من غير أن يلزم نفسه، أما إذا أوجب على نفسه ما لم يجب عليه في أصل الشرع، ثم ضيق على نفسه بسببه؛ لأن بعض الناس ينذر نذور لا يستطيع الوفاء بها، امرأة نذرت إن شفى الله زوجها، أن تصوم شهرين، وتذبح بدنة، وزوجها مريض بالكلى، تبرعت له بكلية فشفاه الله، وشرعت في الصيام وذبحت البدنة كانت النهاية بعد أن عافاه الله أن تزوج ثانية، تكمل الصيام وإلا ما تكمل؟ ما تستطيع أن تكمل الصيام؛ لأنها صامت من أجله، ثم هذه الخاتمة، هذه النتيجة، فالإنسان ما دام في سعة من أمره لا يلزم نفسه بشيء، ثم في النهاية يعجز عنه، وسيأتي أنه لا نذر فيما لا يطيقه ابن آدم، وهل نقول لمثل هذه المرأة: إن مثل هذا لا يطاق؟ صامت شهر وبقي شهر، يعني إذا نظرنا إلى قدرتها تستطيع الصيام، لكن الحال التي تعيشها ومن أجله تصوم، وهذه هي الخاتمة! قد لا تطيق مثل هذا، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . كيف؟ طالب:. . . . . . . . .

هذا يقال قبل، لكن هي نذرت وانتهى، على كل حال الإنسان ما دام في سعة فليس له أن يضيق على نفسه، قال: ((إنه لا يأتي)) ... هاه؟ طالب:. . . . . . . . . يجب عليها هي التي ألزمت نفسها، طيب ماذا عما لو طلقها؟ أشد من كونه يتزوج عليها، هو أمسكها ما دام مريض، ويوم إن الله شفاه قال: ما لي بها لازم، وقد تبرعت له بكلية وذبحت البدنة وصامت شهر، وبقي شهر، يلزمها أن تفي بالنذر؟ ومن الذي ألزمها؟ وقد التزمت به، وهو نذر طاعة، لكنه إنما يستخرج به من البخل. قال -رحمه الله-: "وعن عقبة بن عامر -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((كفارة النذر كفارة يمين)) " ومقتضى الإطلاق في هذا الحديث أن من نذر أي نذر سواءً كان طاعة وإلا معصية، وإلا مقدور عليه، وإلا يطاق أو لا يطاق أنه مخير، يكفر كفارة يمين، ويخرج من نذره، هذا مقتضى الإطلاق، إطلاق رواية مسلم، لكن "زاد الترمذي فيه: ((إذا لم يسم)) " نذر نَذْر مطلق، قال: لله علي، من غير تقييد، فإذا لم يسمه يكفر كفارة يمين، وإذا سمى شيئاً معيناً فلا يخلو: إما أن يكون طاعة مقدور عليها، فهذا يجب الوفاء به، أو طاعة لا تطاق ولا يقدر عليها، هذا يكفر كفارة يمين، أو نذر معصية هل يكفر أو لا يكفر؟ على خلاف بين أهل العلم هل ينعقد نذر المعصية أو لا ينعقد؟ على ما سيأتي. "وزاد الترمذي فيه: ((إذا لم يسم)) وصححه" أما إذا سمي وكان طاعة مقدوراً عليها فلا بد من أن يفي بنذره. "ولأبي داود من حديث ابن عباس" ... نعم؟ طالب:. . . . . . . . . لله علي طاعة مثلاً أن أتقرب إليه بأي طاعة، ما سمى لا صيام ولا صلاة، ولا ... ، أو أتصدق بشيء من المال، أما أنه لو تصدق بأقل ما يطلق عليه الشيء كفاه، لكن إذا لم يحدد ما نذره فإنه يكفيه أن يخرج منه بكفارة اليمين، أما إذا سماه فلا يخلو: إما أن يكون طاعة، وهذه الطاعة إما أن تكون مقدوراً عليها أو لا، على ما سيأتي -إن شاء الله تعالى-.

قال -رحمه الله-: "ولأبي داود من حديث ابن عباس مرفوعاً" مرفوعاً يعني إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- " ((من نذر نذراً لم يسمه فكفارته كفارة يمين)) " وهذا يشهد لرواية الترمذي السابقة ((من نذر نذراً لم يسمه فكفارته كفارة يمين)) وفي خبر ابن عباس وحديث عقبة ما يقيد إطلاق رواية مسلم، وأن الذي يكفر كفارة يمين إذا لم يسم. ((ومن نذر نذراً في معصية فكفارته كفارة يمين)) نذر معصية، إن عاد مريضي فلله عليه أن ينام يوماً كاملاً مثلاً بما في ذلك أوقات الصلاة، إن شفى الله مريضه أو عاد غائبه أن يشرب خمر مثلاً، أو غير ذلك من المعاصي، إن شفى الله مريضي أو عاد غائبي أو تزوج بفلانة، أو تزوجت بفلان أن تقطع رحمها، أو يقطع رحمه، هذه كلها معاصي لا يجوز الوفاء بها، لا يجوز الوفاء لكن هل يكفر أو لا يكفر؟ في خبر ابن عباس: ((ومن نذر نذراً في معصية فكفارته كفارة يمين)) إسناده صحيح إلى ابن عباس، لكن هل هو من قوله أو مما يرفعه إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-؟ مسألة اختلف فيها أهل العلم، لكن الحفاظ رجحوا وقفه، وأنه من قول ابن عباس، من اجتهاده. ((ومن نذر نذراً في معصية فكفارته كفارة يمين)) نذر المعصية هل ينعقد أو لا ينعقد؟ محل خلاف بين أهل العلم، فإذا قلنا: إنه لا ينعقد لا شيء عليه، وإذا قيل: إنه منعقد، وهو الذي ألزم نفسه بغير لازم عليه أن يكفر كفارة يمين، لا سيما وأن مفاد هذا النذر مفاد اليمين، مفاده الحث أو المنع كما قيل فيمن قال لزوجته: إن خرجت فأنت طالق، ومراده بذلك المنع من الخروج يكفر كفارة يمين على ما اختاره شيخ الإسلام، وهو المفتى به؛ لأن القصد منه الحث أو المنع، فإذا كان القصد من هذا النذر الحث أو المنع فكفارته كفارة يمين، ومن قال: إن نذر المعصية لا ينعقد فإنه لا كفارة فيه. ((ومن نذر نذراً لا يطيقه فكفارته كفارة يمين)) نذر لا يطيقه، لو نذر أن يصعد إلى السطح بغير سلم، هذا لا يطيقه ولا يستطيعه، نذر أن يحج هذا العام حجتين، يستطيع وإلا ما يستطيع؟ ما يستطيع، فهذا كفارته كفارة يمين على قول ابن عباس -رضي الله عنه-.

قال الحافظ: "وإسناده صحيح إلا أن الحفاظ رجحوا وقفه" والقول في هذه المسألة "تعارض الوقف مع الرفع" فيها أربعة أقوال لأهل العلم، منهم من يقول: الحكم لمن رفع؛ لأن معه زيادة علم، غاية من وقف أنه قصر في رفعه، والذي رفعه معه زيادة علم على من وقف، ومنهم من يقول: الحكم لمن وقف؛ لأنه هو المتيقن، والرفع مشكوك فيه، منهم من رجح بالكثرة، قال: إذا كان أكثر الرواة على الرفع فهو مرفوع، وإن كان الأكثر على الوقف فهو موقوف، ومنهم من رجح بالأحفظ، إذا كان الذي رفعه أحفظ ممن وقفه فله الحكم، أو العكس، ومثله تعارض الوصل والإرسال، وهذه مسألة كررناها مراراً على أن الأئمة الكبار الحفاظ من المتقدمين لا يحكمون بحكم عام مطرد في مثل هذه المسائل، بل الحكم فيها للقرائن، التي ترجحه القرائن فهو الراجح، سواءً كان الرفع أو الوقف، أو الوصل أو الإرسال. يقول: ما القول الراجح في انعقاد نذر المعصية من عدمه؟ إذا خلت المسألة من الدليل ولم يبق فيها إلا رأي ابن عباس فرأيه أرجح من رأي غيره، فيكفر كفارة يمين. قال: "وللبخاري من حديث عائشة: ((ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه)) " إذا نذر أن ينام يوماً كاملاً، أو نذر أن يشرب الخمر لا يجوز له أن يفي بهذا النذر، لا يجوز له بحال أن يفي بهذا النذر؛ لأن المعصية محرمة في أصل الشرع، فلا يبيح نذره ما حرم بأصل الشرع، لكن يبقى أن هذا النذر هل هو منعقد أو غير منعقد؟ مسألة خلافية بين أهل العلم، ولو خرج من نذره بكفارة يمين لكان أحوط، لا سيما وأن مفاد هذا النذر والمراد منه والمقصود منه الحث أو المنع، فيكون حكمه حكم اليمين، كما قيل بمثله في الطلاق. "ولمسلم: من حديث عمران -رضي الله تعالى عنه-: ((لا وفاء لنذر في معصية)) " ((من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه)) لا يجوز له أن يعصي؛ لأنه قد يتحيل على ارتكاب المعصية بالنذر، يقول: هذا أمر ألتزمته على نفسي، والله مدح الموفين بالنذر، يقال له: لا، ما وجب بأصل الشرع أقوى وأولى مما أوجبه الإنسان على نفسه، إذا نذر أن يعصي الله فلا يجوز له أن يعصي.

قال: "وعن عقبة بن عامر -رضي الله عنه- قال: نذرت أختي أن تمشي إلى بيت الله حافية" تمشي حافية، تمشي يعني لا تركب إلى بيت الله إلى مكة إلى الكعبة حافية، مشي على الأقدام، وحافية، وحاسرة الرأس، الله -جل وعلا- غني عن تعذيب الإنسان نفسه، الذي نذر أن يضحى في الحج ولا يستظل، وبقي في الشمس حتى أغمي عليه، إن الله -جل وعلا- عن تعذيب الإنسان نفسه غني، فلا وفاء لمثل هذا النذر. نذر أن يقوم الليل كله، نذر أن يقرأ القرآن كل يوم مرة أو مرتين، هذا تعذيب للإنسان، والله -جل وعلا- غني عن مثل هذا، لا سيما فيما لا يطاق؛ لأن بعض الناس يطيق أن يقرأ القرآن في كل يوم، وذكر عن الشافعي وغيره أنه يقرأه مرتين، لكن إذا كان .. ، إذا قسمنا الوقت أربعة وعشرين ساعة على ست ساعات اللي هي مقدار قراءة القرآن، إذا نذر أن يقرأ القرآن أربع مرات في اليوم مثلاً، أو حتى ثلاث مرات، مثل هذا لا يطيقه الإنسان، إلا بالطرق التي تذكر عن بعض المبتدعة أنه باللحظة يقرأ القرآن، بقلبه يقرأ القرآن، يمكن أن يقرأ القرآن في أقل من ساعة، هذه ليست بطريقة شرعية، هذا نذر معصية، إذا كان مراده أن يقرأ القرآن على هذه الكيفية، لكن إذا أراد أن يقرأه بالطريقة المعتبرة المعروفة باللفظ، فإنه لا يستطيع أن يقرأ القرآن في أقل من ست ساعات.

"نذرت أختي أن تمشي إلى بيت الله" المشي ليس بعبادة مقصودة، نعم رتب عليه ثواب؛ لأنه وسيلة إلى عبادة، فالإنسان من يخرج من بيته إلى أن يرجع إذا قصد العبادة، ولا ينهزه للخروج من بيته إلا العبادة مأجور على هذا المشي، له بكل خطوة إذا مشى إلى الصلاة حسنة، ويحط عنه بكل خطوة خطيئة، لكنه ليس بمقصود لذاته، المشي ليس مقصوداً لذاته، وإنما هو وسيلة إلى المقصود، وهي الصلاة أو الحج أو الجهاد، أو صلة الرحم، أو ما أشبه ذلك، ولذا لو أن إنساناً مشى، قال: أنا أريد أن أصل الميقات وأرجع، يؤجر على هذا المشي؟ لا يؤجر عليه، أو يصل إلى باب المسجد ويرجع، ما له أجر، إنما الأجر من أجل أن يصلي، ولو قال: أذهب إلى الطريق الأبعد لتكثر الخطى، فاستدار على الحي ثم دخل المسجد، نقول: ليس لك من الأجر إلا بقدر ما يوصلك إلى المسجد؛ لأن المشي ليس بمقصود لذاته، فالقدر الزائد عليه ليس بشرعي، كونه يمشي من أجل المحافظة على صحته، أو المحافظة على زونه كما يقولون، هذا أمر آخر، لكن المقصود المشي الذي يرتب عليه الثواب، إذا كان تابع لعبادة له أجر، إذا كانت العبادة ليست بحاجة إلى هذا المشي فإنه لا أجر فيه، هذه نذرت أن تمشي إلى بيت الله حافية، يختلف أهل العلم في الحج ماشياً أو راكباً، أيهما أفضل؟ من نظر إلى حجه -عليه الصلاة والسلام- قال: الركوب أفضل؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- حج راكباً، ومن نظر إلى تقديم المشي {فَرِجَالاً أَوْ رُكْبَانًا} [(239) سورة البقرة] فقدم المشي على الركوب، رجح المشي على الركوب، لكن ما في هذا الحديث "نذرت أختي أن تمشي إلى بيت الله حافية" حافية غير منتعلة، ولا لبست الخف، هذا تعذيب من تعذيب الإنسان لنفسه، والله -جل وعلا- عن هذا غني، والله -جل وعلا- لا يصنع بشقاء أختك شيئاً.

أيضاً نذرت أن تمشي حافية حاسرة عن رأسها، هذه معصية لا يجوز الوفاء به، ولذا قال: "فأمرتني أن أستفتي لها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فاستفتيته، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((لتمش ولتركب)) " يعني تمشي أحياناً، وتركب أحياناً، وماذا عما لو ركبت الطريق كله، وقد نذرت أن تمشي مع قدرتها على المشي؟ المراوحة بين الركوب والمشي، يعني كونها تمشي بعض الطريق، قد يقال: إنها وفت بنذرها، نذرت أن تمشي ومشت، لكن الغاية إلى بيت الله، فالمشي إلى بيت الله، فاللفظ لا يتحقق إلا أن يكون المشي من بيتها إلى بيت الله، هنا قال: ((فلتمش ولتركب)) ومن غير نذر الراكب قد يحتاج إلى المشي؛ لأن طول الركوب ممل حتى على السيارات المريحة، والمراكب الفخمة، تجد الإنسان أحياناً يقف ويمشي خطوات يرتاح من كثرة الجلوس. قال: " ((لتمش ولتركب)) متفق عليه، واللفظ لمسلم، ولأحمد والأربعة فقال: ((إن الله لا يصنع بشقاء أختك شيئاً)) " الله -جل وعلا- غني عن أن يعذب الإنسان نفسه.

كلف الجن والإنس بعبادته، ومعلوم أن التكليف إلزام ما فيه كلفة ومشقة أحياناً، وإن كان الدين يسر، لكن فيه تكاليف، فيه ما لا تهواه النفوس، حفت الجنة بالمكاره، لكن هل هذا لأن الله بحاجة إلى صلاة المرء أو إلى صيامه، أو إلى قيامه، أو إلى جهاده، ليس بحاجة، وإنما هو من أجل مصلحة الإنسان نفسه، العبادات والتكاليف إنما شرعت من أجل الإنسان نفسه ((يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئاً)) والعكس ((ما نقص من ملكي شيئاً)) لكن هذه التكاليف .. ؛ لأنه قد يقول قائل: هذا الرسول -عليه الصلاة والسلام- قام حتى تفطرت قدماه، ألا يمكن أن يقول قائل: إن الله عن تعذيب الرسول نفسه لغني؟ يمكن أن يقال، لكن هذه تكاليف، هذه لها أصول شرعية، مأمور بها، ما تدخل في مثل هذا الذي ابتدعه الإنسان من تلقاء نفسه، ونجد بعض المبتدعة يخرجون عما حده الله، وعما شرعه، يتعدون ما أوجب الله عليهم، الله -جل وعلا- عن تعذيبهم أنفسهم غني، لكن الذي له أصل في الشرع ما يقال فيه مثل هذا، وإن كان فيه مشقة على النفس، وهذه المشقة في الظاهر، وعند من لم يعتد هذا الأمر، وإلا فالرسول -عليه الصلاة والسلام- يرتاح بهذه الصلاة التي تفطرت قدماه فيها، وهي في الحقيقة ليست بمشقة ولا كلفة، والدين يسر، وهو يتلذذ بمثل هذا الفعل. صيام الهواجر الأيام الشديدة الحر، يعني من الناحية النظرية الإنسان الذي لم يعتد مثل هذا الأمر يقول: كيف؟ هذا تعذيب، انتظر يا أخي حتى يعتدل الجو، لكنه يتلذذ بهذا، وكم من شخص من سلف هذه الأمة بكى عند موته، ما الذي أبكاه؟ لأنه أفقد المال والأهل؟ لا، يبكي على صيام الهواجر، وقيام الليالي الشاتية، هل نقول: هذا تعذيب؟ أبداً؛ لأن هذا مشروع جاء الشرع به، لكن ما لم يأت به شرع، ويكلف الإنسان هذا الله -جل وعلا- عن تعذيب الإنسان نفسه لغني.

"ولأحمد والأربعة فقال: ((إن الله لا يصنع بشقاء أختك شيئاً، مرها فلتختمر)) " يعني تغطي رأسها ووجهها؛ لأن هذا نذر معصية " ((مرها فلتختمر، ولتركب، ولتصم ثلاثة أيام)) " لأنها نذرت نذراً فيه معصية، وكفارته حينئذٍ كفارة يمين على ما تقدم في كلام ابن عباس، فلم تستطع الوفاء، أو لم تستطع حكماً، هي تستطيع فعلاً أن تمشي، وتمشي حافية وغير مختمرة، بالنسبة للفعل تستطيع، لكنها حكماً ممنوعة من مثل هذا، فالاستطاعة ليست بالنظر إليها وإلى قدرتها، وإنما هي بالنسبة إلى الحكم الشرعي، فالممنوع شرعاً حكمه حكم الممنوع حساً، ولذا في قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((صل فإنك لم تصل)) قد يقول: إنه صلى ركع وسجد وقام وقعد ((فإنك لم تصل)) يعني ما فعلت شيء، قد يقول قائل: إن صورة الصلاة موجودة، لكن المقصود الصلاة المعتبرة شرعاً، ومثل هذه الصلاة يصح نفيها؛ لأن وجودها كعدمها، وقدرتها واستطاعتها هنا وجودها مثل عدمها؛ لأنها ممنوعة شرعاً. ((لتصم ثلاثة أيام)) إذا قلنا كفارة يمين، فكفارة اليمين فيها تخيير وترتيب، تخيير في الخصال الثلاث، ثم ترتيب مع الصيام، إذا لم تستطع تصوم، ولعله عرف من حالها أنها لا تستطيع العتق ولا الإطعام ولا الكسوة فأمرها بالصيام ((لتصم ثلاثة أيام)) على أن هذه الرواية حسنها الترمذي، وهي عند الإمام أحمد والأربعة أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه، لكن حسنها الترمذي، وفي تحسين الترمذي كلام لأهل العلم، قد ينازع فيه. جاء في بعض الروايات، قال: ((فلتركب ولتهدي بدنة)) والرواية سندها جيد عند أبي داود، لكن الإمام البخاري قال: "لا يصح في حديث عقبة بن عامر الأمر بالإهداء" "لا يصح في حديث عقبة بن عامر الأمر بالإهداء". "وعن ابن عباس -رضي الله عنهما-" ... ولذا رواية الصحيح ما فيها شيء لا صيام ولا إهداء.

"وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: استفتى سعد بن عبادة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في نذر كان على أمه توفيت قبل أن تقضيه، فقال: ((اقضه عنها)) " سعد بن عبادة أمه ماتت وقد نذرت أن تتصدق، بعض الروايات: أن تعتق، فأمره أن يقضي هذا النذر، ومثله لو كان المنذور صوماً ((من مات وعليه صوم صام عنه وليه)) ومثله الصدقة كما هنا، سواءً كانت بالمال أو بالعتق. ((اقضه عنها)) هذا أمر، والأصل في الأمر الوجوب، فهل يجب على ولي الميت أن يصوم عن ميته الذي عليه نذر صيام؟ أولاً: المرجح أن هذا في صوم النذر، لا فيما أوجب الله عليه، هو الذي رجحه شيخ الإسلام وابن القيم كما جاء في بعض رواياته: ((من مات وعليه صوم صام عنه وليه)) ولا يصام عن الميت الصيام الذي وجب في أصل الشرع، وإنما يصام عنه إذا ألزم نفسه به بنذر على ما تقدم، في كتاب الصيام. ((اقضه عنها)) هذا أمر والأصل في الأمر الوجوب، وبعض أهل العلم يحمله على الاستحباب؛ لأن هذا السائل محسن فكيف يلزم بغير لازم؟ ومنهم من يفرق بينما إذا كان للميت الذي نذر أن يتصدق أو يصوم إن كانت له تركة يمكن أن يتصدق منها، فإنه يلزم الوفاء، وإلا يبقى على الاستحباب، إن صام عنه وليه أجر، وسقط عنه عن ميته ما التزمه على نفسه، وإلا لا تزر وازرة وزر أخرى. قال: "وعن ثابت بن الضحاك -رضي الله عنه- قال: نذر رجل على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن ينحر إبلاً ببوانة، فأتى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فسأله" هل ينحر في هذا المكان المعين أم لا؟ فسأله النبي -عليه الصلاة والسلام-، في هذا ما يدل على أن المفتي عليه أن يستفصل من السائل، عليه أن يستفصل، ويتثبت من السائل قبل الجواب "فسأله: فقال: ((هل كان فيها وثن يعبد؟ )) " هل كان في السابق ما يلزم أن يكون الآن ((هل كان فيها وثن يعبد؟ )) والوثن أعم من الصنم، يعني سواءً كان مصوراً أو غير مصور، الشجر أوثان، القبور أوثان ((اللهم لا تجعل قبري وثناً يعبد)).

" ((هل كان فيها وثن يعبد؟ )) قال: لا، قال: ((فهل كان فيها عيد من أعيادهم؟ )) " أماكن عباداتهم واجتماعاتهم التي يجتمعون فيها اجتماعات دورية مرتبة، هذه يجب أن تزال، ولا يجوز إحياؤها بحال. قال: ((فهل كان فيها عيد من أعيادهم؟ )) أنت إذا ذبحت في المكان الذي كان فيه وثن أحييت ذكرى هذا المكان، إذا كان فيها محل يجتمع فيه الكفار من أي طائفة تكون، وذبحت فيه أحييت ذكرى ما كانوا يفعلونه، ((فهل كان فيها عيد من أعيادهم؟ )) يترددون على هذا المكان في وقت معين على نمط معين، هذا هو العيد، لا يجوز أن تحيا مثل هذه الأماكن، وأحياؤها مساهمة في إعادة الوثنية من جديد. " ((هل كان فيها عيد من أعيادهم؟ )) فقال: لا، فقال: ((أوف بنذرك)) " يعني بعد أن تأكد أنه ليس هناك ما يمت إلى الجاهلية وإلى أهلها بأدنى صلة ((أوف بنذرك)) الآن تأكدنا أنه ما في إشكال. ((أوف بنذرك فإنه لا وفاء لنذر في معصية الله، ولا في قطيعة رحم)) وقطيعة الرحم من المعصية، لكن التنصيص عليها إذا حلف ألا يدخل بيت أمه أو بيت والده، أو بيت أخيه، أو نذر ألا يفعل، فإنه لا يجوز له الوفاء بهذا النذر، والتنصيص على قطعية الرحم لأهميتها، من باب عطف الخاص على العام؛ للاهتمام بشأن الخاص، والعناية به، وإلا يدخل في المعصية، من أعظم المعاصي قطيعة الرحم. ((ولا فيما لا يملك ابن آدم)) نذر أن يعتق عبد فلان، هذا لا يملكه، فلا يجوز لا يستطيع الوفاء به، وحينئذٍ نذره إما أن يلغى باعتبار أنه لم ينعقد على قول، أو أنه يكفر عن هذا النذر كفارة يمين على ما تقدم. " ((ولا فيما لا يملك ابن آدم)) رواه أبو داود والطبراني، واللفظ له، وهو صحيح الإسناد، وله شاهد من حديث كردم عند الإمام أحمد".

قالوا كما في رواية أبي داود: إن هذا له سبب، أن هذا الذي نذر، نذر إن ولد له ولد ذكر أن ينحر إبلاً في ذلك المكان، لكن لو ذبح في غير هذا المكان، مع قدرته أن يصل إلى ذلك المكان، هذا المكان لا يخلو إما أن يتطلب شد رحل وسفر أو لا، والذبح عبادة، تقرب إلى الله -جل وعلا-، كالصلاة، فإن كان يحتاج إلى شد رحل فلا يجوز حينئذٍ أن يشد الرحل إلا لو نذر أن يذبح بمكة مثلاً، أو بالمدينة، أو التي تشد إليها الرحال، أو نذر أن يصلي في كذا أو كذا على ما سيأتي في الحديث الذي يليه. قال: "وعن جابر -رضي الله عنه- أن رجلاً قال يوم الفتح: يا رسول الله إني نذرت إن فتح الله عليك مكة أن أصلي في بيت المقدس، فقال: ((صل ها هنا)) فسأله، فقال: ((صل ها هنا)) فسأله، فقال: ((فشأنك إذاً)) " لأن بيت المقدس مما يجوز شد الرحل إليه، لكن إذا نذر أن يصلي في مكان غير المساجد الثلاثة فإنه يصلي في أي مكان، في مكانه ((جعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً)) إذا نذر أن يصلي في المسجد الحرام لا بديل له، لا بد أن يصلي في المسجد الحرام، نذر أن يصلي في المسجد النبوي عليه أن يصلي في المسجد النبوي، أو في المسجد الحرام؛ لأنه أفضل منه، وإذا نذر أن يصلي في بيت المقدس كما هنا يصلي في المسجد الحرام أو في المسجد النبوي؛ لأنهما أفضل منه. "فسأله" هذا مصر إلا أن يذهب إلى بيت المقدس ((شأنك إذاً)) لأن بيت المقدس مما يجوز شد الرحل إليه، ((فشأنك إذاً)) (إذاً) هذه تنوين وإلا نون؟ هاه؟ طالب:. . . . . . . . . ويش يقولون؟ طالب:. . . . . . . . . النطق واحد، لكن كيف تكتب بنون؟ حينئذٍ تكتبها بنون وإلا بكسرتين؟ هاه؟ طالب:. . . . . . . . . تنوين، ((فشأنك إذاً)) نون وإلا تنوين؟ ويش عندكم مكتوب تنوين وإلا نون؟ طالب:. . . . . . . . . نسختك ويش فيها؟ طالب:. . . . . . . . . وأنت؟ طالب:. . . . . . . . . نون ساكنة عندنا كذا. المبرد يقول: وددت أن أكوي يد من يكتب (إذاً) بالنون، أو (حينئذٍ) أو (وقتئذٍ) وهنا كتبت بالنون؟ والخلاف موجود، كما قال الإخوان موجود عند أئمة اللغة، هل تكتب بالنون الساكنة أو بالتنوين؟ "رواه أحمد وأبو داود، وصححه الحاكم".

يعني مثل هذه العبارة: "وددت أن أكوي" لا شك أنه تحمس وتشدد فيما يراه، يعني مثلما قالوا: من منع أبان فهو أتان، يعني منعه من الصرف، مع أن ابن مالك الإمام المشهود له بالمعرفة والخبرة يمنعه من الصرف، هاه؟ طالب:. . . . . . . . . ويش هو؟ طالب:. . . . . . . . . أبان، مثل عثمان، هاه؟ طالب:. . . . . . . . . أصلية وإلا زائدة؟ هل هو من الإباء أو من الإبانة؟ إيه؟ طالب:. . . . . . . . . أبان يعني قطع، هاه؟ إذا كانت أصلية فهو مصروف، وإذا كانت زائدة فهو ممنوع من الصرف. قال بعد ذلك: "وعن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: مسجد الحرام، ومسجد الأقصى، ومسجدي هذا)) " عندكم ((هذا)) وإلا ما فيه؟ هاه؟ طالب:. . . . . . . . . يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "وعن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: مسجد الحرام، ومسجد الأقصى، ومسجدي هذا)) " الإشارة هذه إلى مسجده -عليه الصلاة والسلام- في وقته، ومن يمنع إلحاق المزيد في المسجد في فضل المسجد، ومضاعفة المسجد يستند إلى الإشارة، حينما أشار: ((مسجدي هذا)) فعلى هذا التوسعة القديمة والجديدة بعد عصره -عليه الصلاة والسلام- ليس حكمها حكم المسجد؛ لوجود هذه الإشارة، لذلك وجودها مؤثر، هذا الذي جعلني أقول: هل هي موجودة عندكم وإلا غير موجودة؟ هي في الأصل موجودة، واستدل بها أهل العلم على هذا، لكن الأكثر على أن المزيد في حكم الأصل، وأن المضاعفة كما هي في الأصل في مسجده -عليه الصلاة والسلام- فيما أضيف إليه؛ لأن الحكم واحد. هذا الحديث تقدم، سبق شرحه في باب الاعتكاف، وإيراده هنا من قبل المؤلف -رحمه الله تعالى- فيما لو نذر أن يصلي في أي مسجد أي بقعة هل يلزمه الوفاء؟ بل هل يجوز له أن يشد الرحل ليتمم، ويأتي بما نذر به، أو أنه لا يجوز له أن يشد الرحل إلى أي مكان كان إلا إلى المساجد الثلاثة المذكورة.

((إلا إلى ثلاثة مساجد: مسجد الحرام)) بعض الناس يرغب في المضاعفات الموجودة في المسجد الحرام، ويرى رأي جمهور أهل العلم في أن المضاعفة في مكة كلها، الحرم كله حرم، بحدوده المعروفة، ولا تختص المضاعفة بالمسجد، ثم يقول: أنا أريد أن أذهب إلى مكة لأصلي في مسجد بطرف مكة، لكنه في الحرم، ويشد الرحل لا إلى المسجد نفسه، وإنما يقول: مكة كلها مسجد، والمضاعفة موجودة على قول الجمهور، يجوز له أن يشد الرحل إلى أي مسجد غير المسجد الحرام في مكة؟ التنصيص مسجد الحرام، يعني على الخلاف، من يرى أن الحرم كله مسجد {وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ} [(217) سورة البقرة] يعني إخراج المسلمين من قبل الكفار هل حصل من المسجد أو من مكة؟ من مكة، فالجمهور على أن مكة كلها مسجد، والمضاعفة موجودة، وعلى هذا يشد الرحل إلى أي مسجد في مكة، ومن خص ذلك بالمسجد، مسجد الكعبة قال: لا يجوز له أن يشد الرحل إلا إلى المسجد نفسه. مسجد الأقصى ((مسجد الأقصى، ومسجدي هذا)) هذا ترتيب بالواو، العطف بالواو لا يقتضي الترتيب، وإلا فمسجد النبي -عليه الصلاة والسلام- أفضل من المسجد الأقصى، وصلاة في المسجد الحرام بمائة ألف صلاة، وصلاة في مسجد النبي -عليه الصلاة والسلام- بألف صلاة، وصلاة في المسجد الأقصى بخمسمائة صلاة، وعلى هذا لو نذر أن يصلي في المسجد الأقصى على ما تقدم له أن يصلي في المسجد النبوي، وله من باب أولى أن يصلي في المسجد الحرام، ولا عكس.

شد الرحال إلى المشاهد والقبور وغيرها مما يحصل معها من تعظيم للمقبورين والأولياء على حد زعمهم، وصرف أنواع العبادة لهم، هذا لا يحتاج إلى كلام، وأنه هو الشرك الأكبر الذي وقعت فيه هذه الأمور، ومع الأسف أن كثير من الرحلات سواءً كانت للحج أو لغيره، جل قصدهم الذهاب إلى هذه المشاهد، يعني من خلال الاستقراء، رحلات الحج بدون .. ، إلا القليل النادر، القليل النادر اللي يهتم فيها بالأمور الشرعية، وإلا أكثرهم إلى المزارات والمشاهد والجبال، وأماكن يدعى أن فلاناً الولي مر بها، أو أن فلاناً وطئها، أو هذا الجبل فيه قدم آدم، أو فيه قدم كذا، ولا شك أن هذا من أعظم ما أوقع الناس في الشرك، -نسأل الله السلامة والعافية- وهذا تقدم الكلام فيه في باب الاعتكاف، والشاهد منه أنه إذا نذر أن يصلي في أحد هذه المساجد يجوز له أن يفي بنذره، بل يلزمه إذا كان في المسجد الحرام لا بد أن يصلي في المسجد الحرام؛ لأنه لا بديل له، وأما إذا نذر أن يصلي في المسجد النبوي فله أن يصلي في المسجد الحرام لأنه أفضل. قال بعد ذلك: "وعن عمر -رضي الله عنه- قال: قلت: يا رسول الله نذرت في الجاهلية أن أعتكف ليلة في المسجد الحرام" في الجاهلية، نذر عمر -رضي الله عنه- قبل أن يسلم أن يعتكف ليلة في المسجد الحرام "قال الرسول -عليه الصلاة والسلام-: ((فأوف بنذرك)) " النذر من الكافر هل ينعقد وإلا لا ينعقد؟ ينعقد وإلا ما ينعقد؟ طالب:. . . . . . . . . إيه ينعقد مطلق وإلا ينعقد إن أسلم؟ يعني لو أن عمر سأل النبي -عليه الصلاة والسلام- قبل أن يسلم، قال: نذرت أن أعتكف، هل يقول له: أوف بنذرك حال كفره؟ لا، لكن هذه مسألة فرع من مسألة كبرى عند أهل العلم، وهي أن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة، لكن لا تصح منهم حال كفرهم، وهنا انعقد النذر، ولذلك قال له: ((أوف بنذرك)) لأنك مخاطب بالنذر؛ لأنه من فروع الشريعة، والآن أنت أهل لأن تفي بنذرك، فعليك أن تفي به، فقال: ((فأوف بنذرك)).

المسألة الثانية: اعتكف ليلة، الليلة ليست محلاً للصيام، يستدل بهذا الحديث من يقول: إنه لا يلزم أن يكون الاعتكاف مقروناً بالصيام، وبهذا قال الحنابلة والشافعية، وقال غيرهم: لا يصح إلا مع الصيام، باعتبار أن النبي -عليه الصلاة والسلام- لم يعرف عنه أنه اعتكف إلا صائماً. طالب: أقل الاعتكاف رعاك الله. ما يسمى اعتكاف شرعاً، يعني المكث الطويل هذا اعتكاف، لكن قول الفقهاء: "من دخل المسجد فلينو الاعتكاف ولو لحظة" هذا لا أصل له، ولا قيمة له، مجرد الجلوس العادي ينتظر صلاة هذا ليس باعتكاف، لا يطلق عليه اعتكاف لغة، فأقل ما يطلق عليه من المكث اعتكاف لزوم للمكان، لغة هذا أقل ما .. ؛ لأن هذا أمر تحديده متروك إلا من قرنه بالصيام، فقال: لا بد أن يكون يوماً من أوله إلى آخره، والله أعلم. وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين. يقول: أيهما أفضل سد فرجة في الصف الأول أم الانضمام لشخص صلى منفرداً في الصف الثاني؟ يعني يدخل اثنان فأحدهما يجد فرجة في الصف الأول، والثاني يبقى فذ، فهل يصف مع صاحبه ويحسن إليه، ويترك الفرجة في الصف الأول ليسدها من يأتي؟ ((من وصل صفاً وصله الله)) لكن الإحسان إلى أخيك المسلم، وجعله يدرك الصلاة لا شك أن فيه فضل، وفيه إيثار، والإيثار عند أهل العلم بالقرب مكروه على حسب حكم هذه القربة، لكن قد يعرض للمفوق ما يجعله فائقاً، وهنا إذا آثرت أخاك، وصففت معه، وتركت الصف الأول لا شك أنك فرطت فيما رتب على سد الفرجة، وعلى الصف الأول، لكنك جبرت خاطر أخيك وصححت صلاته، فمن هذه الحيثية لو حصل مثل هذا الإيثار كان محموداً. يقول: رأيت أن طلبة العلم يعني بعض طلبة العلم يسمح لطلابه بتقبيل يديه بدون أن يمنعهم على أن منهم من قد لا يفعل ذلك مع والديه، فأثر ذلك في نفسي، فهل فعله صحيح؟ لأني لم أرَ كبار العلماء يسمحون لطلابهم ... إلى آخره؟

المسألة في تقبيل اليدين صح فيها ثلاثة أحاديث، وأما تقبيل الرجل فهو ضعيف، أما تقبيل اليد فقد صح فيه ثلاثة أحاديث، وكون الإنسان لا يرضى بذلك لنفسه لا يعني أنه لا يجيزه، فكونه جائز شرعاً لا يعني أنه لا بد من فعله، وكونه واقع تحقيقاً لهذا الجواز لا يعني أن من رفض ذلك أنه لا يجيزه، وعلى كل حال لو تورع الإنسان عن ذلك هذا أولى، كما أن من شيوخنا الكبار لا يرضى بتقبيل رأسه فضلاً عن يده، هذا الأمر إليه. ما حكم دعاء ختم القرآن في الصلاة؟ وهل ينكر على من فعله؟ وهل للرجل أن يمنع أهله من حضورها؟ أنا لا أعرف أصلاً للدعاء عند ختم القرآن في صلاة ثنائية، يعني في التراويح، وإن رآه الإمام أحمد، وقال: كان أهل مكة يفعلونه، وقيل له: لو كان في الوتر؟ فقال: لا، في التراويح؛ ليكون لنا دعاءان، على كل حال هذا العبرة بما ثبت عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، ولا أعرف ما يؤيد ذلك من السنة، لكن الحل في مثل هذا أن يجعل في الوتر، ينتهى من قراءة القرآن في الوتر، ويدعى بعد الركوع بدلاً من دعاء القنوت؛ ليوافق ختم القرآن، هذا له أصل حينئذٍ. يقول: ادع لي أن يردني إلى دينه رداً جميلاً، وأن يزيدني علماً، وحفظاً لكتابه، واتباعاً لسنة نبيه -عليه الصلاة والسلام-، فإن الفتن تتكالب علينا -نسأل الله السلامة والعافية-؟ هذا مطلوب لكل إنسان أن يدعو بهذا الدعاء له ولغيره. هل يمكن الجمع في النوايا في الصلاة بالنسبة للسنن مثلاً والنوافل، وهل تجمع نية قضاء راتبة الصبح إذا أراد قضاءها في وقت الضحى، هل تجمع مع نية ركعتي الضحى؟ وهل تجمع الضحى مع نية قضاء الوتر مثلاً إذا نام عنه ليلاً وأراد قضاءه صباحاً؟ وهل تجمع نية صيام الست مثلاً مع صيام البيض؟ وجزيت خيراً. القاعدة في مثل هذا أنه إذا اجتمع عبادتان من جنس واحد ليست إحداهما مقضية والأخرى مؤداة، ينصون على هذا، ليست إحداهما مقضية والأخرى مؤداة، فإنها تدخل الصغرى في الكبرى. يقول: هل يجوز الدخول بالصغيرة ولو لم تبلغ إذا كانت أهلاً لأن توطأ أم أن البلوغ مشترط في جواز الوطء؟ ولماذا أخر النبي -عليه الصلاة والسلام- الدخول بعائشة حتى بلغت تسع سنين؟

النبي -عليه الصلاة والسلام- عقد عليها وهي بنت ست سنين، ودخل بها وهي بنت تسع، ومع ذلك كانت نضوة الخلقة بعد التسع، يعني قد لا تحتمل الوطء في ذلك الوقت؛ لأنها كانت خفيفة الوزن، وهي بنت تسع سنين، وكانت صغيرة، وكانت تلعب بالأرجوحة مع البنات، وهي بنت تسع سنين، ولا يلزم من العقد، أو من الدخول الوطء، بل الأمر مرده إلى تحمل ذلك وعدمه، والعقد على الصغيرة جائز، ولو كانت دون تسع، أو دون ست، يعني مجرد العقد، وأما الوطء فمع الإطاقة إذا أطاقت ذلك وإلا فلا. يقول: هل يشترط في اليمين الغموس أن يقتطع بها مال امرئ مسلم، أم أن الحديث فسر اليمين الغموس ببعض ... ؟ لا شك أنه إذا كان يقتطع بها مال امرئ مسلم فالأمر أعظم وأشد، وإذا كان لا يقتطع بها مال امرئ مسلم، وهو فيها كاذب فكذبه مع اليمين أشد من كذبه دون يمين، لكن لا يصل إلى حد أن يقتطع به مال امرئ مسلم. يقول: ما أفضل الشروح لكتاب بلوغ المرام؟ البلوغ له شروح كثيرة متقدمة ومطبوعة، وشروح حديثة بعضها مطبوع، وبعضها مسموع، وسبل السلام شرح مناسب ومتوسط ومختصر، وشرح متين على طريقة أهل العلم، على طريقة أهل العلم في التصنيف وانتقاء العبارات، ويبقى أن عليه ملاحظات ما يسلم، لكن مع ذلك هو من أفضل الشروح، وأما شروح المعاصرين فهي كثيرة جداً، كل المشايخ شرحوا البلوغ، وهي موجودة بعضها مطبوع، وبعضها مسموع. هذه تقول: كيف التدرج في علم النحو في دراسة علم النحو؟ بماذا يبدأ بعد الأجرومية؟ وبماذا ينتهي؟ يعني الطريقة المألوفة عند أهل العلم أنه يبدأ بالأجرومية ثم القطر، قطر الندى، وبعضهم يقرأ في ملحة الإعراب بدل القطر، وبعضهم في كافية ابن الحاجب، وبعضهم في المفصل للزمخشري، وهذه الكتب الثلاثة لها شأن عند أهل العلم، لكنها في بلادنا غير معروفة لا الملحة ولا الكافية، ولا المفصل للزمخشري.

على كل حال الغاية في هذا الباب ألفية ابن مالك، فإذا قرأ الأجرومية، وحضر شرحها، وسمع وقرأ الشروح لا سيما شرح الكفراوي الذي يولد في طالب العلم ملكة إعرابية لا يترك شيئاً لا يعربه، شرح العشماوي فيه قواعد وضوابط في هذا العلم قد لا توجد عند غيره، وهو شرح مختصر، وهذان الشرحان معتمدان عند أهل العلم. هناك شروح ميسرة ومبسطة لبعض المعاصرين، لكن هذان الشرحان لا يعدلهما شيء، ثم بعد ذلك إذا قرأ في القطر وشرحه، تأهل للنظر في الألفية، وإن ترك القطر وقرأ في كافية ابن الحاجب، لكن الخشية أن يشكل عليه شيء، فلا يجد من يحله له؛ لأن الكتاب إذا كان غير مطروق في البلد قد يعوز في فهمه بعض الجمل، أو بعض العبارات، ثم النتيجة لا يجد من يشرحه له، نعم الشروح موجودة ومتيسرة وكثيرة، والكافية صار لها حضوة عند أهل العلم، والكافيجي نسب إليها، محيي الدين الكافيجي نسب إليها؛ لأنه لزمها قراءة واقراءاً وتدريساً، فنسب إلى كافية ابن الحاجب، فلها حضور، ولها أيضاً شروح كبيرة ومطبوعة وقديمة جداً، طبع بعضها قبل مائتي سنة، من أوائل المطبوعات شروح الكافية، وكذلك الملحة للحريري، نظم سلس وسهل، ويجري على اللسان بسهولة جداً، ويقبله السمع، وهي أيضاً مشروحة من قبل الناظم نفسه الحريري، وأيضاً بحرق اليمني شرحها بشرح طيب. هل مواقف الحرم المدني من المسجد علماً أنها. . . . . . . . .؟ ليست من المسجد، المواقف ليست من المسجد، والساحات التي فيها دورات المياه ليست من المسجد، فلا يصلى فيها إلا عند أن يضيق المسجد، وتتصل الصفوف، والله أعلم. وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.

كتاب القضاء

شرح: بلوغ المرام - كتاب القضاء (1) عبد الكريم الخضير السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. سم. بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. قال الحافظ ابن حجر العسقلاني -رحمه الله تعالى- في كتابه بلوغ المرام: كتاب: القضاء عن بريدة -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((القضاة ثلاثة: اثنان في النار وواحد في الجنة، رجل عرف الحق فقضى به فهو في الجنة، ورجل عرف الحق فلم يقضِ به وجار في الحكم فهو في النار، ورجل لم يعرف الحق فقضى للناس على جهل فهو في النار)) رواه الأربعة, وصححه الحاكم. وعن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((من ولي القضاء فقد ذبح بغير سكين)) رواه أحمد والأربعة، وصححه ابن خزيمة وابن حبان. وعنه -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إنكم ستحرصون على الإمارة, وستكون ندامة يوم القيامة, فنعمت المرضعة, وبئست الفاطمة)) رواه البخاري. وعن عمرو بن العاص -رضي الله تعالى عنه- أنه سمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران، وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر)) متفق عليه. وعن أبي بكرة -رضي الله تعالى عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((لا يحكم أحد بين اثنين وهو غضبان)) متفق عليه. وعن علي -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إذا تقاضى إليك رجلان فلا تقض للأول حتى تسمع كلام الآخر فسوف تدري كيف تقضي؟ )) قال علي: فما زلت قاضياً بعد. رواه أحمد وأبو داود والترمذي وحسنه, وقواه ابن المديني, وصححه ابن حبان. وله شاهد عند الحاكم من حديث ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما-. وعن أم سلمة -رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إنكم تختصمون إلي، ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض فأقضي له على نحو مما أسمع منه، فمن قطعت له من حق أخيه شيئاً فإنما أقطع له قطعة من النار)) متفق عليه.

وعن جابر -رضي الله تعالى عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((كيف تقدس أمة لا يؤخذ من شديدهم لضعيفهم؟! )) رواه ابن حبان. وله شاهد من حديث بريدة عند البزار، وآخر من حديث أبي سعيد عند ابن ماجه. وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((يدعى بالقاضي العادل يوم القيامة فيلقى من شدة الحساب ما يتمنى أنه لم يقضِ بين اثنين في عمره)) رواه ابن حبان وأخرجه البيهقي ولفظه: ((في تمرة)). حسبك. الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد: فيقول المصنف -رحمه الله تعالى-: كتاب: القضاء القضاء بالمد يطلق ويراد به ما يشارك أو ما هو بإزاء القدر، القضاء والقدر، ويطلق أيضاً ويراد به الحكم، يطلق ويراد به الفراغ من الشيء، ويطلق بإطلاقات بلغها بعضهم وأبلغها إلى عشرة، مع إمكان التداخل في بعضها.

والقضاء هو بيان الحكم للمتخاصمين المتنازعين المختلفين مع الإلزام به، وبهذا يفترق ويختلف عن الفتوى التي هي بيان الحكم من غير إلزام، فإذا احتيج إلى الخصومة بين طرفين مع الحاجة الداعية إلى إلزام أحدهما بالحكم فهو قضاء، وإن احتيج إلى بيان الحكم لتبرأ الذمة ويخرج من العهدة مع غير إلزام له بذلك، وتتبع إلزام بشري، أما إلزام إلهي فنتيجة الفتوى أيضاً ملزمة، إذا سأل من تبرأ الذمة بتقليده من أهل العلم، وأمره بشيء لزمه اعتماد قوله، وإذا حصل له أمر من أمور دينه أو دنياه ثم سأل من أهل العلم من تبرأ الذمة بتقليده إنه لا يجوز له أن يسأل عن حكم شرعي ويقال له: يجب عليك كذا، أو يحرم عليك كذا، أو يلزمك كذا، ثم يقول: إن هذه فتوى والفتوى من غير إلزام، نقول: لا فيها إلزام من الله -جل وعلا-، لكن ما في أحد يتتبعك ويلزمك بما أفتيت به، بينما القضاء فيه إلزام؛ لأن فيه أكثر من طرف، والحق فيه لآدمي فتلزم بنتيجة القضية، أو يلزم خصمك إن كان الحق لك، بينما الفتوى في أمور الديانة في أبواب الدين، لكن ليس هناك من يتتبعك؛ لأنها في الغالب بينك وبين ربك، لكن لا يسعك أن إذا سمعت الفتوى ممن تبرأ الذمة به، وأفتاك بما يلزمك فعله، أو يلزمك تركه، أن تقول: أنا بالخيار هذه فتوى، لا، لكن المراد بالإلزام وعدم الإلزام هنا أنه في القضاء والخصومات أطراف متنازعة، فإما أن يكون الحق لك، وحينئذٍ يلزم خصمك، أو يكون الحق عليك فتلزم حينئذٍ بأداء هذا الحق، لكن لو أفتي شخص فقيل له: عليك كفارة، ما في من يتابعك ويلزمك بإخراج هذه الكفارة، لكنك إن لم تخرجها فأنت آثم، فأنت ملزم من قبل الرب -جل وعلا-، وهذا فرق بين الأمرين، هناك أمور يعتريها أو يتجاذبها وينتابها الأمران، طلق امرأته فذهب يسأل هذا الطلاق واقع أو غير واقع؟ لفظ بالطلاق، يسأل من أهل العلم، يستفتي هل يقع أو لا يقع؟ فيشرح ما وقع بالتفصيل، فيقول له: الطلاق وقع، أو يقول: الطلاق لم يقع، إن تدخلت المرأة أو ولي أمرها في ذلك فهي خصومة فيها إلزام، وإن جاء يستفتي فالمسألة بينه وبين ربه، يلزمه شرعاً أن يعمل بما أفتي به كسائر الفتاوى، لكن إذا لفظ بالطلاق قال لزوجته: أنت طالق، وفي نيته

أن يقول لها: أنت طاهر، فسبق لسانه لم يقصد بذلك الطلاق، وإنما سبق لسانه إلى اللفظ الصريح الذي لا يحتاج إلى نية أو كناية، هذا إن وقعت فيه الخصومة بينه وبين زوجته يلزم، ويقع طلاقه؛ لأن هذا لفظ صريح لا يحتاج إلى نية، وإن لم تقع الخصومة فيدين، إذا لم ينو الطلاق سبق لسانه، أو قال أو عهدها مربوطة فقال: أنت طالق يعني من وثاق، والقرينة تدل على ذلك، فهذه الأمور قد ينتابها الأمران الفتوى والقضاء، وهناك أمور خاصة في الخصومات والأقضية، وهناك أمور في العبادات محلها الفتوى، سبق في كتاب الصلاة: ((ما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فاقضوا)) ورواية الأكثر: ((فأتموا)) فهل ما يدركه المصلي مع الإمام أول صلاته، وما يفوته هو آخر صلاته أو العكس بناء على الروايتين؟ وهنا نحتاج إلى معرفة معنى القضاء، من يقول: إن المراد بالقضاء في رواية: ((فاقضوا)) هو ما يقابل الأداء يقول: إن ما يدركه المصلي مع الإمام هو آخر صلاته، ثم يقضي ما فاته، في مقابل الأداء، وهذه رواية صحيحة، لكنها محمولة على رواية الأكثر كما تقدم، في قوله: ((وما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا)) وعلى هذا كما تقدم المرجح إن ما يدركه المصلي المسبوق مع إمامه هو أول صلاته، وما يصليه بعد سلامه، بعد سلام الإمام هو آخر صلاته، ويكون حينئذٍ القضاء والأداء بمعنى واحد هنا، المراد به إتمام ما فاته. قال -رحمه الله تعالى-: "عن بريدة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((القضاة ثلاثة)) " قسمة ثلاثية، والفائدة من ذكر العدد الإجمالي قبل التفصيل أنه يعين على الحفظ والاستذكار، يعني لو لم يقل: القضاة ثلاثة فقال: القضاة منهم من هو في النار، ومنهم من هو في الجنة، ما انحصرت القسمة، وقد ينسى بعض الأقسام، لكن إذا قيل: ثلاثة فعددت واحد، اثنين، فلا بد أن تراجع لتعرف الثالث كما جاء في نصوص كثيرة ((اجتنبوا السبع الموبقات)) وغير ذلك من النصوص.

((القضاة ثلاثة)) كأنه قيل: من هم يا رسول الله؟ فقال: ((اثنان في النار، وواحد في الجنة)) هل نستطيع أن نقول: إن ثلث القضاة في الجنة، وثلثيهم في النار من خلال هذا النص؟ هذا تقسيم إجمالي، قد يكون الناجون أكثر، وقد يكونون أقل، حسب الوصف الذي علق عليه الهلاك والنجاة، ويكون في زمان أو في مكان الغالب عليهم الصلاح والاستقامة والعلم فتكون النجاة أغلب، وقد يكون العكس فيكون الهلاك أكثر.

((اثنان في النار وواحد في الجنة)) يعني كما جاء في الحديث: ((يقول الله -جل وعلا- لآدم: أخرج بعث النار، فيقول: يا رب كم؟ قال: من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعون)) مثل هذا لا شك أنه من نصوص الترهيب؛ لأن الإنسان لا يضمن لنفسه السلامة، وإن قلنا: إن هذه القسمة لا تدل على أن النجاة أغلب أو الهلاك أغلب، إنما على الإنسان أن ينظر في هذه الأوصاف التي علق عليها النجاة وعلق عليها الهلاك؛ لأنه في الحديث أيضاً قال .. ، في الحديث ما يدل على أن أكثر أهل النار من يأجوج ومأجوج، وهذا أيضاً لا يجعل الإنسان يأمن من مكر الله، ويقول: يأجوج ومأجوج عددهم كبير جداً، والكفار أيضاً ملئوا المشارق والمغارب ونسبتنا بالنسبة إليهم يسيرة، فيأمن من مكر الله، على المسلم أن يكون خائفاً راجياً، وعلى كل حال النص الذي بين أيدينا ينظر فيه إلى الأوصاف، وكل قاض بحسبه، ما يقال: الآن عدد القضاة يعني عندنا على سبيل المثال ألف، منهم ستمائة وكسور هاذولا في النار هذا الكلام ليس صحيح، وإن جاء في الحديث الحصر: ((اثنان في النار وواحد في الجنة)) فالحصر حصر أوصاف لا حصر أشخاص ((اثنان في النار وواحد في الجنة)) على كل حال هذا فيه شيء من التخويف والترهيب لمن وَلي القضاء، أو وُلي القضاء ((اثنان في النار وواحد في الجنة)) كأنه قيل: من هم؟ فصّل، من هم يا رسول الله؟ عرفنا العدد الإجمالي، وعرفنا شيئاً من التفصيل، لكن لا يكفي هذا التفصيل، رجل عرف الحق فقضى به فهو في الجنة، لا بد أن يعرف الحق، وتتوافر فيه شروط الصلاحية للقضاء، وأن يقضي به، لا بد أن يتوافر فيه أمران، العلم الذي يؤهله ويمكنه من النظر في القضايا على المقتضى الشرعي، ولا بد أن يقضي على ما يؤديه إليه علمه واجتهاده المعتمد على النصوص، فإذا تخلف أحد الشرطين، أحد شرطي النجاة فهو في النار، لا بد أن يكون عالماً، وأن يحكم بالحق، إن لم يكن عالماً فهو في النار ولو أصاب الحق، فإن كان جاهلاً لا تتوافر فيه الشروط، شروط الصلاحية للقضاء، الأمر الثاني: إن لم يحكم بالحق فهو في النار، ولو كان عالماً.

قال: ((رجل عرف الحق فقضى به فهو في الجنة)) عرف الحق فقضى به ((ورجل عرف الحق فلم يقض به وجار في الحكم فهو في النار)) عرف الحق عنده علم تتوافر فيه الأهلية للقضاء لكنه لا يقضي بالحق، هذا في النار -نسأل الله السلامة والعافية- ((ورجل لم يعرف الحق)) جاهل ((فقضى للناس على جهل فهو في النار)) الحد الذي يعرف به أن هذا الشخص يصلح وتتوفر فيه الأهلية للقضاء، أو لا يصلح وهو في هذا الباب كغيره من الأبواب، هل يصلح للإمامة أو لا يصلح؟ هل يصلح للفتوى أو لا يصلح؟ هل يصلح لأي عمل؟ لا بد فيه من أن يستفيض أمره بين أقرانه ومعارفه أنه من أهل العلم، وهل يكفي أن يؤنس من نفسه الصلاحية واكتمال الشروط؟ أولاً: بالنسبة للظروف والأحوال والبلدان تختلف، والأزمان أيضاً تختلف فما يشترط في بلد يكثر فيه العلماء قد يتساهل في بعض الشروط بالنسبة لبلد آخر دون البلد الأول في كثرة أهل العلم وتيسر أسبابه، الآن خريجو الكليات الشرعية الذين منهم ينتقى القضاة، هل مجرد حصوله على شهادة كلية شرعية يكفي في أن يكون مؤهلاً للقضاء، هذه أمارة وعلامة أنه درس هذه المقررات وهذه الكتب التي بعض من درسها يصلح لأن يكون أهلاً للفتوى وأهلاً للقضاء، وبعضهم أقل مستوى، وبعضهم مستواه رديء لا يصلح لا لهذا ولا لهذا، فلا بد أن تكون له عناية بالعلم الشرعي، الذي يؤهله للقضاء وللفتيا، كان العلماء يعرفون طلابهم من قرب ويرشحونهم إلى أن جاءت الدراسات النظامية والعلماء هم الذين يرشحون من يصلح للقضاء وللفتيا في الجهات والنواحي، وكان العلماء في السابق هم القضاة وهم المفتون، لكن لا بد من تعدد القضاة، وتعدد المفتين نظراً لكثرة الأقطار والأقاليم فتجد هذا العالم يرشح من طلابه من يصلح للقضاء ومن يصلح للفتيا ومن يصلح للتعليم، ومن يصلح لإدارة أمور الناس العامة وهكذا، الآن يحضر للكليات أعداد هائلة ويتخرجون، وكثير ممن درسهم لا يعرف من أحوالهم إلا القليل، لكن هذه الشهادات صارت قرائن يستدل بها على تحصيل شيء من العلم من خلال ما قرئ في هذه الكليات من علوم، ولا يعني أن هذا الطالب تخرج في كلية شرعية أنه يصلح للقضاء أو يصلح للإفتاء، لكنه في الجملة عنده شيء من

العلم، فإن كانت له عناية بالعلم الشرعي، بالوحيين، وما يعين على فهم نصوص الوحيين، وعرف بذلك، واستفاض أمره بين شيوخه وأقرانه وزملائه، هذا تكونت لديه الأهلية، وإلا فكثير من الخريجين مستواهم دون المطلوب، والقضاء مزلة قدم، وكذلك الفتوى لأنها توقيع عن الله -جل وعلا-، بعضهم يقول: إن القضاء أمره أشد من الفتوى؛ لأن القضاء فيه إلزام وجاءت فيه النصوص، نعم جاءت فيه النصوص التي تحذر وتخوف من الدخول في مزلة القدم هذه، نعم الفتوى أيضاً جاء فيها ما هو نظيره أو أشد، فمن عظائم الأمور القول على الله بلا علم {وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُم مُّسْوَدَّةٌ} [(60) سورة الزمر] يعني لا يقول: أنا أهرب من القضاء، وأتولى الفتوى، كلاهما مزلة قدم، يعني التعليم الذي هو خيار ثالث بالنسبة لطلاب العلم باعتبار أن المعلم لديه فرصة أن يقرأ ما يريد شرحه قبل الحضور، ويراجع في المسائل التي يريد تقريرها، أمره أخف، لكنه بمثابة القاضي بالنسبة للعدل بين الطلاب والتعامل معهم بالسوية وإعطائهم حقوقهم، هو بمثابة القاضي من هذه الحيثية، تجد بعض الناس يتساهل في بعض الولايات ويقول: الحمد لله إحنا ما علينا تبعات، لا إحنا قضاة ولا مفتين، عليك تبعات، وليت هذا الأمر للمسلمين وائتمنت عليه، فلا بد أن تبرأ من عهدته بيقين، وكم من واحد ممن دخل في هذه الولايات التي يظن أن أمرها يسير والنتيجة أنه يأكل حرام، لا يؤدي ما أؤتمن عليه كما يجب، لا يوفي حق من ولي عليهم كما ينبغي، هذه النصوص التي جاءت في القضاء، والتي جاءت في القول على الله بلا علم شديدة جداً، لكن أيضاً المرافق الأخرى هي ولايات وتدخل في ((نعم المرضعة، وبئست الفاطمة)) على ما سيأتي.

((رجل عرف الحق فقضى به فهو في الجنة، ورجل عرف الحق ولم يقض به وجار في حكمه فهو في النار، ورجل لم يعرف الحق فقضى للناس على جهل فهو في النار)) القسمة كما في الحديث ثلاثية، ألا يمكن أن تزاد هذه القسمة برابع، رجل عرف الحق قضى به أو لم يقض به، هذان اثنان، ورجل جهل الحق قضى بالحق أو قضى بالجهل، يعني وافق الحق أو خالف، يمكن أن يوافق على قسمة رباعية؟ أو نقول: إن الجاهل قسم واحد سواء وافق أو خالف؟ فموافقته لا تعفيه من الإثم؛ لأن بعض الناس يُسأل عن مسألة فلا يتورع فيفتي بغير علم، ثم بعد ذلك يذهب إلى المراجع فيبحث في هذه المسألة، فإذا وجد أنه أصاب الحق فرح فرحاً شديداً، وظن أنه برئ من العهدة، نقول: لا يبرأ من العهدة، هذا حاصل، يُسأل عن مسألة فتجده يجيب فوراً من غير علم مجاملة لمن سأله، أو يخشى أن يقال: ليس عنده علم فلا يتورع، وهذا حال كثير من طلاب العلم، ثم إذا انتهى من الجواب ندم، ولات ساعة مندم، نعم الندم توبة، لكن لا يعفيه هذا من أن يرتكب مثل هذا الأمر، يذهب للمراجع فإذا وجد قوله وافق القول الراجح ظن أنه برئ من العهدة، لم يبرأ ... ، هو مؤاخذ على فتواه بغير علم، سواء وافق الحق وطابق القول الراجح أو لم يطابق، وهنا نقول: ورجل لم يعرف الحق فقضى للناس على جهل فهو في النار نسأل الله العافية، يعني سواء طابق أو لم يطابق، طابق الحق أو لم يطابق، في حديث في الصحيحين وغيرهما: ((إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً من صدور الرجال، وإنما يقبضه بقبض العلماء، فإذا لم يبق عالماً أتخذ الناس رؤوساً جهالاً فسئلوا فأفتوا بغير علم، فضلوا وأضلوا)) حينما ينزع، أو يقبض العلماء يحتاج الناس إلى بعض من عنده شيء من العلم، ولو لم تتوافر فيه جميع الشروط، يعني لو لم نجد في البلد بحثنا نحتاج إلى قاضي، نحتاج إلى مفتي، فوجدنا أمثل من في البلد لا تتوافر فيه جميع الشروط، يُترك الناس بدون فتوى وبدون قضاء؟ أو نقول: يأثم الناس كلهم حيث لم يتأهل فيهم من يقوم بهذا الواجب؟ لأن القضاء والفتوى من فروض الكفايات لا بد أن يقوم به من يكفي، وعلى ولي الأمر أن يبذل جهده في تهيئة الأكفاء للفتوى والقضاء، وجميع أمور الناس، وما يهمهم،

ويحتاجون إليه، هذه من أوجب الواجبات عليه، لكن افتُتح بلد من بلدان الكفر فاحتيج إلى قاضٍ يؤتى به من بلد آخر ليقضي بينهم، كما أرسل النبي -عليه الصلاة والسلام- علياً، وأرسل أبا موسى، وأرسل معاذ، وأرسل ... إلى الجهاد، يفتون الناس، ويقضون بينهم، في بلد من بلدان المسلمين ناءٍ، والعلم فيه عزيز، والغربة فيه مستحكمة، وإن كانوا في الأصل مسلمين، يعني جاءنا من الأقطار ومن الآفاق من هو مفتٍ، أو نائب مفتٍ، تجد أولويات العلوم يفتقدونها، لكن هم أمثل القوم بالنسبة لقومهم، فينظر في هذا الأمثل فالأمثل، إذا كانت الذمة تبرأ بمن دونه بمن دون الأمثل تجوز ولاية المفضول مع وجود الفاضل، هذا ما في إشكال، لكن إذا كان هذا الدون لا يكفي تعيّن على الأمثل أن يقضي بين الناس، وأن يفتي الناس، هذا الأمثل الذي يؤنس من نفسه الأهلية للفتوى والقضاء يتعين عليه ويأثم إذا رفض، لكن إذا لم يطلب منه، ويرى أن هذا الشخص الذي اتجهت إليه الأنظار لا تبرأ الذمة به، هل عليه أن يطلب؟ وليس له أن يرفض إذا طلب، لا يجوز له أن يتخلف، لكن إذا لم يُطلب ويعرف هذا الشخص الذي اتجهت إليه الأنظار لا تبرأ الذمة به، ويحصل بسبب توليه الفتوى أو القضاء الضلال والإضلال، بعضهم يقول: يتعين عليه أن يخبر عن نفسه، ولا تبرأ ذمته بمجرد السكوت، ولا يمكن أن تطلب السلامة بمثل هذا، هذا قاله جمع من أهل العلم، بل عليه أن يعرض نفسه أو يُعرض، ومن هذا قول يوسف {اجْعَلْنِي عَلَى خَزَآئِنِ الأَرْضِ} [(55) سورة يوسف] وإلا فالأصل أن الإنسان لا يعرض نفسه لهذه الأمور، لكن إن طُلب منه ولا يوجد بل تعين عليه لا يوجد غيره ممن يقوم بهذا الأمر وتعين عليه لا يجوز له أن يتخلف، الآن النصوص التي جاءت في هذا الباب من التحذير من الدخول في الولايات ((يا عبد الرحمن بن سمرة لا تسأل الإمارة)) ((القضاة ثلاثة)) و ((من تولى القضاء فقد ذبح بغير سكين)) وغير ذلك من النصوص، هذه النصوص لا شك أن فيها التحذير من القضاء، فإذا تعين على الإنسان فلا يجوز أن يتخلف، ومن باب ((لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه)) قد يتورع الإنسان عن القضاء، وقد فعله كثير من السلف، طُلب مالك للقضاء رفض،

طلب أبو حنيفة للقضاء فرفض وضرب وحبس، وجمع من السلف اختفوا هربوا لما طلبوا للقضاء، هذا ما يفعله الإنسان بالنسبة لنفسه، لكن لو استشاره شخص، وقال: عُرض علي القضاء، أو اخترت للقضاء كما يفعلون الآن ماذا يقول؟ هل يقول: ((لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه)) وأنا لا أريد الدخول ولا أحبه لنفسي فلا أنصحك، يقول لكل من استشاره: لا أنصحك بالقضاء؟ يعني من باب: ((لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه)) أو يقول: توكل على الله وأقبل وإذا لم تقبل من أين يؤتى لنا بالقضاة؟ كيف يعطل هذا الأمر، وهذا المرفق العظيم؟ وهل هذا يخالف الحديث؟ المشورة تنبني على صلاحية المستشير وعدم صلاحيته، فإن كان صالحاً للقضاء فالمصلحة العامة مقدمة على المصلحة الخاصة فيشار عليه بأن يقبل، وإن كان غير صالح فيشار عليه أن لا يقبل؛ لأن مثل هذا يعتريه ما يعتريه، لو جاءك شخص يستشيرك قال: إنه اختير للقضاء فهل تشير عليه بما تحب لنفسك من السلامة والعافية التي لا يعدلها شيء؟ أو تقول: أقبل القضاء، وإذا لم تقبل أنت والثاني والثالث من زملائك ونظرائك فمن أين يؤتى للمسلمين بمن يحل مشاكلهم وخصوماتهم؟ نقول: المصلحة العامة مقدمة على الخاصة، وأنت حينئذٍ لم تخالف الحديث ((حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه)) لأنك قدمت، نعم ارتكبت ما ارتكبت من شيء من المخالفة، لكنه في سبيل تحصيل مصلحة عليا، وارتكبت ضرراً لكنه في مقابل ضرر أعظم منه، ارتكاب أخف الضررين أمر مقرر في الشرع، وطلب أعلى المصلحتين أمر مقرر أيضاً، فالمصالح العامة مقدمة على الخاصة.

متى يتأهل الشخص في القضاء؟ يتأهل إذا عرف من نصوص الكتاب والسنة ما يحتاجه في هذا الباب، وعرف كيف يتعامل مع نصوص الكتاب والسنة عند التعارض؟ فلا بد من معرفة نصوص الوحيين اللازمة في هذا الباب، ومنهم من يشترط الاجتهاد المطلق في جميع أبواب الدين، لكن لو قيل بهذا لتعذر الحصول على العدد الكافي من القضاة، لكن اجتهاد في بابه وواقع الأمة يشهد بذلك، فالقضاة على مر العصور فيهم المجتهد المطلق، فيهم من علمه شمولي لجميع أبواب الدين، وفيهم من يحسن التعامل مع الخصوم في هذا الباب، ويقضي بينهم، بحكم الله -جل وعلا- على حسب اجتهاد سواء أصاب أو أخطأ بالمقدمات الشرعية المعروفة التي تترتب عليها نتائجها الشرعية، وإن كان في كثير من أبواب الدين مستواه أقل، إذا عرف علم الكتاب وعلم السنة، أو عَلَم من كتاب الله ما يحتاج إليه، وعلم من سنته ما يحتاج إليه، وعرف كيف يتعامل؟ وعرف من اللغة وعلوم الآلة ما يعينه على فهم الكتاب والسنة، وعرف كيف يقايس الأمور كما في كتاب عمر -رضي الله عنه- لأبي موسى الأشعري، وهو كتاب عظيم في هذا الباب، على كل طالب علم أن ينظر فيه، وأن ينظر في شرحه، الإمام ابن القيم -رحمه الله- في إعلام الموقعين أطال وأفاض في شرح هذا الكتاب، يستفيد، يفيد منه القضاة فوائد عظمى، هذا الكتاب المشروح في إعلام الموقعين فيما يقارب مجلدين من الكتاب، نصف الكتاب في شرح كتاب أبي موسى، كتاب عمر لأبي موسى في القضاء، وصار عنده شيء من النباهة، ومعرفة بعض الحيل التي يرتكبها بعض الناس لكسب القضايا؛ لأن الناس أحدثوا ما أحدثوا من الحيل فلا بد من أن يكون القاضي على دراية منها، لا يؤتى بشخص ولو كان من أحفظ الناس للنصوص، ومن أعلمهم، يؤتى بشخص عنده شيء من الغفلة، ولا يدري ما يدور حوله، فينصب لفض الخصومات بين الناس، بل لا بد من أن يكون نبيهاً حذراً مما يحدثه الخصوم، وكل زمان له وسائله وطرقه، ولذا احتيج في الأزمان المتأخرة إلى وجود المحامين، ويدل على ذلك الحديث اللاحق: ((إنما أنا بشر أقضي على نحو ما أسمع، وقد يكون بعضكم ألحن بحجته من بعض، فأقضي له بشيء من حق أخيه)) ... إلى آخر الحديث على ما سيأتي، بعضهم يحسن عرض القضية

أكثر من غيره، وحينئذٍ يحكم له، ولو كان غير محق، فالقاضي لا بد أن يكون نبيهاً يعرف ما يحدثه الناس من الحيل، ويعرف ما يدور حوله مما يرتكبه الناس، يعرف أيضاً شيء من اللغة، ويعرف أيضاً أقاويل الصحابة والتابعين وسلف هذه الأمة؛ لئلا يقضي بما يخالفهم، وينظر في الكتب التي تعينه على ذلك. ثم قال -رحمه الله-: "وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((ومن ولي القضاء، أو ولّي القضاء فقد ذبح بغير سكين)) " ولي وولّي كلاهما مؤداه واحد، من ولّي فقد تولى " ((القضاء فقد ذبح بغير سكين)) رواه أحمد والأربعة، وصححه ابن خزيمة وابن حبان" هذا أيضاً فيه تحذير؛ لأنه بمثابة القتل له، بمثابة الذبح له، وفري الأوداج، فالأمر جد خطير إذا كان بمثابة القتل، كما جاء في الحديث الآخر: ((لعن المؤمن كقتله)) وهذا الذي تولي أو ولّي القضاء حصل له هذا الأمر وهو الذبح؛ لأنه إن كان أهلاً لذلك فالتبعات عليه عظيمة في تحري الحق، وهو أمر شاق يترتب عليه في الدنيا أن يخسر نصف الناس. إن نصف الناس أعداء لمن ... ولي القضاء هذا إن عدل وهذا ليس بالأمر السهل على النفس، وإن كان جاهلاً ليس بأهل ولا كفؤ فخسارته أعظم؛ لأن الأول إن كان ثم خسارة فهي في الدنيا، وخسارة الثاني في الآخرة، نسأل الله السلامة والعافية.

((ذبح بغير سكين)) يعني ما يحتاج إلى أن يذبح بما يفري الأوداج، وينهر الدم، هو مذبوح على كل حال، لكن لا يلزم منه أنه يموت موتاً حسياً، وإنما هو قضاء عليه بالهلاك المعنوي، وقد يكون في بعض صوره أشد من الهلاك الحسي، الهلاك المعنوي في بعض الأحوال أشد من الهلاك الحسي، ويقرر أهل العلم يعني من باب التنظير أن مسخ القلب أعظم من مسخ البدن؛ لأن مسخ البدن قد تكون عقوبة جوزي عليها في الدنيا، وكفرت به سيئاته التي أرتكبها، لكن مسخ القلب -نسأل الله السلامة والعافية-! فالذي جزاءه في الآخرة أعظم وأشد، نقول: هنا حكم عليه بالهلاك، فمن هلك في الدنيا هلك هلاكاً حسياً كما جاء في "هلك ماعز" ومع ذلك ... ، وذاك الرجل الذي جامع في رمضان قال: هلكت يا رسول الله، وماعز رجم فهلك هلاكاً حسياً، وانتهى من تبعة الذنب، لكن الذي حكم عليه بالنار، واستمر على ذلك لم يحصل منه توبة، ولم يحدث أوبة إلى أن لقي الله -جل وعلا- وهو من أهل النار، نسأل الله السلامة والعافية، هنا يقول: ((من ولي القضاء فقد ذبح بغير سكين)) منهم من يقول: إن هذا الذبح أشد من الذبح بالسكين لأن السكين تريح وهذا الذبح لا يريح، ومنهم من يقول: وهذا نسبوه إلى بعض من تولى القضاء فهو يهون من شأن هذا التحذير، وهذا الترهيب في هذا الحديث، يقول: ذبح ذبحاً لا يصل إلى حد الذبح بالسكين، فأمره أسهل؛ لأن غاية الذبح أن يكون بفري الأوداج وهذا بالسكين وهذا دونه، وعلى كل حال اللفظ غير مراد، وإنما المراد به الهلاك، أنه في الغالب أنه هالك، كما تقدم من أن القضاة ثلاثة، الناجي منهم واحد، والهالك اثنان. قال -رحمه الله-:

"وعنه -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" عنه يعني عن أبي هريرة صحابي الحديث السابق "قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إنكم ستحرصون على الإمارة)) " في عهد السلف صدر هذه الأمة كان الأمير يسمى عامل، وكان عاملاً لأبي بكر، عاملاً لعمر، لماذا؟ لأنها كلفة، هي مجرد تكليف، وليست بتشريف، لكن بعد ذلك بعد عهد السلف صار الأمر مع ما فيه من تكليف صار فيه شيء من التشريف، صار فيه شيء من الكسب، يعني لما ولي أبو بكر -رضي الله عنه- وبويع كان تاجراً يتعاطى التجارة، ويأكل من كسب يده، لما تولى الخلافة انقطع عن التجارة، ففرض له الصحابة أهل الحل والعقد منهم نصف شاة في اليوم، هذه أجرته له ولأهله بدل ما يتكسب، لكن هل تكفي أو أضعاف أضعاف هذا المقدار بعد ذلك حينما حرص الناس على الإمارة لأنهم يرون فيها الشرف والمال، وهذان مهلكان، وجاء في ذلك حديث: ((ما ذئبان جائعان أرسلا في زريبة غنم بأضر لها من حب الشرف والمال بالمسلم)) .... الشرف يحبون المال ((ستحرصون على الإمارة)) لماذا؟ لأن فيها الشرف، وفيها الرئاسة، وفيها الأمر والنهي، وفيها التسلط إذا وجد معها شيء من الظلم، وفيها المال ((إنكم ستحرصون على الإمارة، وستكون ندامة يوم القيامة)) لأن الذي يؤدي ما أوجب الله عليه في هذا الباب قليل، والتبعة عظيمة، ومسئولية كبيرة أمام الله -جل وعلا-، وهو مسئول عن رعيته، ويجب عليه أن يتحسس أحوالهم، ويتتبع أخبارهم، فيرفع الظلم عن المظلومين، ويرفع الحاجة عن المحتاجين، وستكون ندامة يوم القيامة، والسلامة لا يعدلها شيء، ((فنعم المرضعة)) نعم ما دام حياً، ويرتضع من أموال بيت المال نعم المرضعة، مال ليس فيه تعب ولا كلفة ((وبئست الفاطمة)) يعني الفطام عند الموت إذا انقطعت إفادته من هذا المال الذي يأخذه بغير حقه بئست الفاطمة.

نعم المرضعة، الدنيا وما يتعلق بها من زخرفها، وبئست الفاطمة، وذُكر فعل المدح، وأنث فعل الذم، وما يعود عليه الضمير واحد؛ لأنه مؤنث غير حقيقي، يجوز تأنيث الفعل له، ويجوز تذكيره، حينما يقولون: إذا كان المؤنث غير حقيقي تقول: طلع الشمس وطلعت الشمس، لكن إذا قلت: الشمس طلعت إذا كان الفاعل ضمير يعود إلى مؤنث سواء كان حقيقي أو مجازي على ما يقولون: يجب تأنيث الفعل له، وهنا الفاعل في الموضعين غير مذكور، فهل نقول: إنه في حكم ما تقدم ذكره فيجب التأنيث، أو نقول: هو في حكم المذكور فيجوز التأنيث والتذكير؟ ننتبه لأنهم يقولون: يجب تأنيث الفعل إذا كان الفاعل ضمير يعود إلى مؤنث مطلقاً سواء كان حقيقاً أو مجازياً، يجب تأنيث الفعل، فاطمة قامت، والشمس طلعت يجب؛ لأن الفعل ضمير يعود إلى مؤنث، بينما إذا قلت: طلعت الشمس أو طلع الشمس يجوز إذا كان المؤنث حقيقي، وفصل بينه وبين الفعل يجوز، ومن باب الندرة والشذوذ حكى سيبويه: قال فلانة، لكن الذي معنا من أي النوعين؟ هل نقول: إنه ضمير يعود إلى مؤنث فيجب التأنيث، أو نقول: إنه في حكم المذكور لأنه لم يتقدم له ذكر؟ يعني {حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ} [(32) سورة ص] الشمس تقدم لها ذكر أو ما تقدم؟ ما تقدم لها، فهي في حكم المذكور للعلم بها، بحيث لا يمكن أن يسأل أحد، يقول: ما هي التي توارت بالحجاب؟ وهنا ((فنعم المرضعة، وبئست الفاطمة)) بناء على أنه في حكم المذكور فذكر مرة وأنث أخرى؛ لأنه لو كان مذكوراً حقيقة لكان هذا حكمه، يجوز التأنيث ويجوز التذكير. قال -رحمه الله-:

"وعن عمرو بن العاص -رضي الله عنه- أنه سمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران، وإذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر)) " الاجتهاد لا بد له، أو لا بد منه، في الحالين لا بد أن يجتهد، فيبذل جهده ويستفرغ وسعه؛ ليكون له في النهاية أجران مع الإصابة، أو أجر واحد مع الخطأ ((إذا حكم الحاكم)) القاضي، والأصل أن الحاكم الإمام الأعظم هو القاضي هو الذي يقضي بين الناس، لكن لما كثرت الأقاليم والنواحي، وازداد حاجة الناس إلى القضاة تعدد القضاة، فصار الحاكم والسلطان ينيب عنه من يقضي بين الناس، فإذا أجتهد هذا الحاكم سواء كان الأصل أو النائب فاجتهد، فالاجتهاد مطلوب في الحالين لا بد من أن يجتهد، ولا بد أن ينظر في القضايا بروية وتؤده، وتفكر في الأمر لا يستعجل، وتكون لديه أهلية على ما تقدم للنظر في القضايا، فإذا حصل هذا وأجتهد، ونظر ما عند المدعي، وما عند المدعى عليه، نظر ما عند المدعي من بينة، ثم نظر في البينة هل هي مما يقوم به الحكم أو لا؟ ثم تقرر عنده قبول البينة، ونظر في كلام المدعى عليه، فيبدأ بالمدعي فيسأله، يقول: أيكما المدعي؟ فإذا قال أحدهما: أنا، قال: ما عندك؟ فيدلي بدعواه ثم ينظر ما عند المدعى عليه، ثم يطلب البينة أو اليمين إن لم تك بينة، بالطريقة والوسيلة الشرعية المعروفة، إذا نظر بالطريقة الشرعية اجتهد بذل وسعه وهو أهل لذلك، أهل لهذا الاجتهاد وأجتهد النتيجة بيد الله -جل وعلا-، وهو يبذل ما عنده، ولا يكلف ما وراء ذلك من إصابة الحق في باطن الأمر، عليه أن يسعى، عليه أن يبذل، عليه أن يجتهد، عليه أن ينظر في القضايا بالطرق الشرعية، وما عدا ذلك النتائج بيد الله -جل وعلا-، وهكذا في جميع الأعمال، على الإنسان أن يبذل وسعه، ويستفرغ جهده في القضاء، في الفتوى، في التعليم، في الدعوة في غيرها، والنتائج بيد الله؛ لأنه يأتي النبي يوم القيامة وليس معه أحد هل نقول: إن هذا ما أجتهد؟ نقول: أجتهد لكن النتيجة بيد الله، يأتي النبي ومعه رجل أو رجلان وهكذا، يعني نقول: هذا فشل في دعوته؟ لا، نجح في دعوته، بذل ما بيده، وليس عليه ما وراء ذلك، الآن الحاكم أجتهد ووفق

لإصابة الحق فله أجران، أجر الاجتهاد وأجر الإصابة، وإذا حكم فأجتهد مثل الأول، ثم أخطأ فله أجر، قد يقول قائل: هذا له أجر وهذا له أجران، وقد يكون هذا الذي لم يصب قد بذل من الجهد أكثر ممن أصاب، والنتيجة ليست بيده، فكيف يحرم من هذا الأجر؟ والأمر ليس بيده، كلاهما نظر، وكلاهما أهل، وكلاهم أجتهد، لكن في النهاية هذا أصاب وهذا أخطأ، هذا له أجران وهذا له أجر، نقول: ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، هل ظلم الذي أخطأ بخس من حقه شيء، ما بخس من حقه شيء، وترتيب الأجرين على الإصابة يجعل القضاة والحكام يجتهدون لإصابة الحق أكثر مما لو تساوى الأجر مع من لم يصب الحق، إذا رتب الأجر وسوي بين من أصاب ومن لم يصب تجد بعض القضاة مثل ما يقولون: الأجر واحد، فلا يبذل جميع ما يستطيعه من جهد ووسع؛ لأنه لا فرق بين من يصيب ومن لا يصيب، لكن جاء هنا التفريق بينهما، فالمصيب له أجران، والمخطئ له أجر واحد، من أجل أن يزيد القاضي، ويزيد الحاكم فيما يتوصل به إلى الإصابة، وفي النهاية ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، هذا وفق للإصابة، وهذا مع بذله جهده لم يوفق للإصابة فلم يحرم من الأجر، ولا بخس من حقه شيء، يعني يستدل في الحديث، وهذا ظاهر في من يشترط الاجتهاد في الحاكم والقاضي وأرباب الولايات، والاجتهاد في كل باب بحسبه، على ما تقدم، بعضهم يقول وهذا تابع لمسألة كبرى، وهي مسألة الاجتهاد والتقدير، هل يكفي في القاضي أن يكون مقلداً مجتهداً في مذهبه أو لا بد أن يكون مجتهداً في النصوص في الجملة والنظر فيها والموازنة فيها بغض النظر عن مذهب معين؟ منهم من يقول: يكفي أن يكون مجتهد مذهب، وينظر في نصوص إمامه، ويوازن ويتعامل معها مثل ما يتعامل مع النصوص، وهذا مقرر بين أرباب المذاهب، يتعاملون مع نصوص أئمتهم كالتعامل مع النصوص، نصوص الكتاب والسنة، فإذا وجدوا للإمام قولين، أو روايتين قالوا: إن أمكن الجمع بين هاتين الروايتين ولو بحمل مطلق على مقيد، أو عام على خاص تعين المصير إليه، وإلا فإن عرف المتقدم من المتأخر فقوله الآخر، وإلا فالتوقف، يقول هذا بالنسبة لنصوص الأئمة، ويشددون في أمر الاجتهاد في النصوص، ويضيقون على من أراده بشروط وقيود تجعله

شبه مستحيل، مع أننا لو نظرنا في حقيقة الأمر لقلنا: إن هذا المجتهد في مذهبه في نصوص إمامه لو أستعمل هذا الاجتهاد في نصوص الكتاب والسنة لكان أيسر عليه، نعم إذا كان مقلد حفظ متن وصار يفتي على ضوء هذا المتن هذا أمره سهل، لكن إذا قلنا: إنه يجب عليه أن ينظر في نصوص إمامه إذا تعارضا على مقتضى النظر في النصوص الشرعية كلفناه بأشد وأكثر مما يكلف فيه من ينظر في النصوص التي هي الحكم عند الاختلاف، ولذا أهل التقليد يتعبون تعباً شديداً في فهم نصوص أئمتهم، مع أن نصوص الكتاب والسنة يعني أمرها أيسر، وهي مخدومة ولله الحمد، هناك التفاسير، هناك الشروح، هناك الكتب التي ألفت لتسهيل التعامل مع النصوص، وكلام الله واضح لمن لديه أدنى سبب للفهم وقدرة على المراجعة، كلام الله وكلام رسوله أوضح من كلام الأئمة بكثير، وما وجدت هذه التعقيدات إلا في كلام البشر، فيجعلون هذا المجتهد المقيد، نعم العامي ومن في حكمه هذا فرضه التقليد، لكن من لديه أهلية النظر في نصوص الأئمة لا شك أن لديه النظر في نصوص الكتاب والسنة، لديه أهلية النظر، ولو اتجهت همته إلى نصوص الكتاب والسنة لسهل عليه الأمر، كثير ممن يؤلف في القضاء يقول: عليه أن يكون مجتهد مذهب، يكفيه هذا أن يكون مجتهد مذهب، لكن اجتهد في مذهب إمامه هل يضمن الإصابة؟ لا يضمن الإصابة، ولا شك أن المردود إليه عند التنازع هو الكتاب والسنة، بل وجد من يحرم الاجتهاد، ويمنع الاجتهاد، ويوجب التقليد، حتى قال: ولا يجوز الخروج عن مذاهب الأئمة الأربعة ولو خالفت الكتاب والسنة وقول الصحابي، قالوا هذا الكلام نسأل الله العافية، والحديث: ((إذا حكم الحاكم فاجتهد)) يعني اجتهد في الوسائل الشرعية، أجتهد في الوصول إلى الغاية الشرعية، وما عدا ذلك ليس الأمر بيده؛ لأنه إما أن يصيب وإما أن يخطئ وهو مأجور على الحالين.

الشارح الصنعاني ذكر خطاب عمر إلى أبي موسى الأشعري، ذكره في الشرح في مقدار صفحة، ثم قال: ولأمير المؤمنين علي -رضي الله عنه- في عهد عهده إلى الأشتر لما ولي مصر فيه عدة مصالح وآداب ومواعظ وحكم، وهو معروف في النهج لم أنقله لشهرته، يعني نقل كتاب عمر لأبي موسى، ولم ينقل خطاب علي للأشتر، قال: وهو معروف في النهج، يعني نهج البلاغة، يعني شهرته في تلك النواحي؛ لأن غالب السكان في عهده سكان اليمن من الهادوية زيدية، لهم عناية بما يذكر في النهج، لهم عناية في هذا الكتاب، فلا يخفى عليهم خطاب أو العهد الذي عهده علي -رضي الله عنه- للأشتر، وقد يخفي عليهم ما كتبه عمر -رضي الله عنه- إلى أبي موسى، ولا شك أن البيئات مؤثرة، ولذا قال هنا: ولأمير المؤمنين علي يقول: عليه السلام، والأولى أن يقال كغيره: رضي الله عنه وأرضاه، في عهد عهده إلى الأشتر لما ولي مصر فيه عدة مصالح وآداب ومواعظ وحكم، وهو معروف في النهج، يعني نهج البلاغة، لم أنقله لشهرته، يعني عناية تلك النواحي بعلي أكثر من عنايتهم بعمر؛ لأن غالب السكان هناك في ذلك الوقت هم من الهادوية، وهم من الزيدية، لكن الآن صاروا أقل من غيرهم، صاروا أقل من الشافعية، ومن يعتني بالكتاب والسنة من غير نظر إلى مذهب، يعني أثرت الدعوة السلفية هناك. ثم قال -رحمه الله-:

"وعن أبي بكرة -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((لا يحكم أحدكم)) " سواء كانت لا نافية، فنقول: لا يحكمُ، أو ناهية نقول: لا يحكمْ أحد، أحد نكرة في سباق النفي أو النهي فهي عامة، تفيد العموم ((بين اثنين وهو غضبان)) لماذا؟ لأن الغضب يحجبه عن النظر الكافي في القضية التي يترتب عليه الحكم الصحيح، النظر لا بد منه في القضية على المقتضى الشرعي، فإذا كان القاضي غضبان فإنه حينئذٍ لا يتمكن من النظر الواجب، وسواء قلنا: إن لا ناهية أو نافية فظاهر الخبر التحريم، وهو الأصل في النهي ما لم يوجد صارف، وجمهور أهل العلم حملوه على الكراهة، ونظيره الصلاة وهو يدافع الأخبثين، وهو حاقن، الجمهور على الكراهة، وحمله الظاهرية على ظاهره بالتحريم، وقالوا: إن الصلاة لا تصح، وهنا قالوا: النهي للتحريم والحكم لا يصح إذا نظر وهو غضبان، الجمهور صرفوا النهي من التحريم إلى الكراهة بالعلة، قالوا: إن النهي عاد إلى أمر خارج عن ذات المنهي عنه فلم يعد النهي إلى ذات المنهي عنه ولا إلى شرطه، ولا جزئه المؤثر كالركن، عاد إلى أمر خارج، فينظر في القضية إن أصاب وإن أخطأ، إن كان حكمه على مقتضى القواعد الشرعية فهو نافذ وإلا ينقض إذا لم يكن على مقتضى النظر الشرعي.

ترجم الإمام البخاري لباب: هل يقضي القاضي أو يفتي المفتي وهو غضبان؟ ونقل النووي عن جماهير أهل العلم أنه للكراهة، وعلى هذا يقضي ويفتي، يقضي وهو غضبان، ويفتي وهو غضبان، وكذلك إذا وجد ما يشوش الذهن من شدة حر أو شدة برد أو جوع، وما أشبه ذلك، فإنه يكره في حقه أن يقضي، منهم من يفرق بينما إذا كان الغضب لله -جل وعلا- وبينما إذا كان الغضب لأمر من أمور الدنيا، فإذا كان غضبه لأمر من أمور الدنيا فإنه يتجه إليه النهي، وإذا كان لله -جل وعلا- فإنه لا يتجه إليه النهي؛ لأن غضبه لله -جل وعلا-، لا يحمله على عدم النظر التام في القضية، والغضب إذا وجد لا شك أنه يغطي العقل بالكلية عند بعض الناس، وعند بعضهم دون ذلك، والغضب متفاوت كما قرر في طلاق الغضبان، لا شك أن الغضب له درجات، والحامل عليه يختلف، والداعي إليه يختلف، كل ما يشوش الفكر ويشغل عن النظر التام في القضايا يدخل في هذا الحديث ((لا يحكم أحد بين اثنين وهو غضبان)) والغضب نبه به على ما عداه مما يشوش الذهن، ولا يمكنه من النظر التام في القضايا، يعني مع الأسف وجد أمور يعني هي من بلاوي العصر أنه يوجد قاضٍ في بعض النواحي لا أقول في هذه البلاد في غيرها من البلدان يدخن مثلاً، ويقول: إنه لا يتمكن من النظر في القضايا إلا إذا دخن، هل نقول كما قالوا أفتوا في بلدانهم يعني أنه لا بد أن يدخن، ولا يجوز له أن ينظر في القضايا حتى يدخن، أصلاً مثل هذا ليس بأهل للقضاء، يعني وإن أفتاه من أفتاه بحل الدخان، أو مجرد الكراهية، لكن هذا يمنعه من النظر الصحيح، وهو في الأصل ليس بأهل للقضاء، إن أرادوا به القضاء الشرعي، وإن أرادوا به القضاء المدني على ما يقولون فالأمر يعني أعظم من ذلك، فهل لهذا القول أو لمثل هذا القول حظ من النظر؟ القاضي اعتاد التدخين وإذا أحتاجه لا يتمكن من النظر، ويفعل في أصحابه الأفاعيل، حتى إنه وجد من يبذل عرضه عند عدمه، فالمسألة مشكلاتنا من المقدمات التي هي في الأصل غير شرعية، ونريد أن نبني عليها نتائج شرعية، قاضٍ يدخن تصور، ولا يتمكن من النظر حتى يدخن عدد كافي من السجائر، أصل المقدمة غير شرعية، فكيف نرجو نتيجة شرعية؟! يعني نظيره من يسافر بامرأة

أو بنساء من غير محارم، ثم يقول: أنا لا أستطيع أن أقف في منتصف الطريق خشية على هؤلاء النسوة لأداء صلاة الصبح فلا بد أن تؤخر صلاة الصبح خوفاً عليهم، أصل المقدمة غير شرعية فكيف تطلب نتيجة شرعية؟! مثل هذه الأمور لا بد أن تعالج المقدمات قبل النتائج، والله أعلم. وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.

كتاب القضاء (2)

بسم الله الرحمن الرحيم شرح: بلوغ المرام – كتاب القضاء (2) الشيخ: عبد الكريم بن عبد الله الخضير السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. هذا يقول: لماذا لم يورد الحافظ ابن حجر كتاب عمر في القضاء لأبي موسى الأشعري؟ أولاً: الحافظ لم يلتزم إيراد كل ما يتعلق في أحاديث الأحكام، ولذا تجدون ما في البلوغ يعادل ربع ما في المنتقى، والإلزام بغير ما يلتزم به المؤلف ليس بوارد، والإلزامات التي ذكرها الدارقطني من إلزام البخاري ومسلم أحاديث لم يخرجاها في كتابيهما، مع أن شروطهما تتفق، ومتوافرة في هذه الأحاديث، نقول كما قلنا هنا: إن الحافظ لم يلتزم في إيراد جميع أحاديث الأحكام وما يتعلق بها، وكذلك البخاري ومسلم لم يلتزما إيراد كل ما صح، فالاختيار متروك للمؤلف. ذكر الفقهاء ضمن الشروط بالنسبة للقاضي: أن يكون القاضي بصيراً، وعللوا ذلك لكي يرى المدعي والمدعى عليه، فهل معنى ذلك أن الأعمى لا يصلح للقضاء؟ لا شك أنه شرط كمال، هو شرط كمال، وليس بشرط صحة، فكما هو الشأن في الإمارة، هم اشترطوه في الإمامة العظمى والولايات العامة، لكن مع ذلك النبي -عليه الصلاة والسلام- استخلف ابن أم مكتوم مراراً على المدينة، مما يدل على أن ولايته صحيحة، وإمامة الأعمى سبق الكلام فيها حتى من أهل العلم من يقول: إن الأعمى أولى بالإمامة من المبصر، ومنهم من يرى أن المبصر ألوى بالإمامة من الأعمى، وكل له حجته، وكلها علل، وليس فيها نص، فالنبي -عليه الصلاة والسلام- استخلف ابن أم مكتوم على المدينة مراراً، وعلى هذا فالأعمى لا خدش في إمامته، ولا في إمارته، ولا في قضائه، وعلى مر التاريخ تولى القضاء كثير من العميان، إلى عصرنا الحاضر، وكثير منهم متميز في قضائه، بل أكثر المتميزين من العميان، لكنه شرط كمال؛ لأن النظر في ملامح الوجوه، يعني إذا استوى من كل وجه الأعمى والمبصر المبصر أولى، إذا استوى من كل وجه، لكن قد يكون في الأعمى من الصفات ما يميزه على كثير من المبصرين، وحينئذٍ يرجح عليهم. هذا يقول: أنا طالب في كلية الشريعة، وأخشى إن تخرجت أن أختار للقضاء، فما هي نصيحتكم لي؟

على كل حال إذا كنت تعلم من نفسك، وتؤمن من نفسك الكفاءة والأهلية فلا تتأخر، أما إذا كنت تعرف من نفسك ما لا يعرفه غيرك من عدم الكفاءة؛ لأن اللجان التي تختار للقضاء يعملون على الظاهر، يعاملون الناس على الظاهر، ويتحرون في الاختيار، لكن مع ذلك قد يختارون مفضول، ويتركون من هو أفضل منه؛ لأنهم ليسوا بمعصومين، وبعض الناس يجيد حسن التعامل في الظاهر، وإن كان عنده في الباطن ما قد يكون خادشاً في هذا الاختيار. وهنا يقول: من المعلوم أن القضاء عندنا إلزامي؟ نعم لولي الأمر ومن ينوب عنه أن يلزم من يرى فيه الأهلية، له أن يلزم من يرى فيه الأهلية. يقول: القضاء عندنا إلزامي، ويتم تعليق اسمه في وزارة الخدمة المدنية، فلا يستطيع التقديم في أي وظيفة؟ يعني هذا من باب الإلزام، من تمام الإلزام؛ لأنه لو ترك له الاختيار والتقديم إلى جهة أخرى، ويتم قبوله في تلك الجهة ما صار للإلزام معنى. فما الحكم فيمن لا يرى في نفسه الصلاحية للقضاء؟ إذا كان لا يرى بالفعل؛ لأن بعض الناس قد يخيل له أنه لا يصلح، وقد يتواضع ويهضم نفسه فيرى أنه لا يصلح، وهو في الحقيقة صالح، فإذا شهد له أهل الخبرة واستفاض بين زملائه أنه صالح تكفي هذه الاستفاضة. يقول: علماً بأن هناك في بعض الحالات ممن رفضوا القضاء جلسوا عاطلين عن العمل لمدة سنوات. وهذا أيضاً من تمام الإلزام، ولو لم يجلسوا عاطلين لما تم الإلزام. هذا يقول: في نسختي: ((فنعمت المرضعة، وبئست الفاطمة)) تحقيق الشيخ طارق عوض الله، فهل لفظة (فنعمت) صحيحة؟ الشراح نصوا على التغاير، ووجهوا هذا التغاير بين (نعم وبئس) مما يدل على أن الأصول كذلك، والشيخ طارق من أهل العناية وأهل التجويد، وأهل التحري في التحقيق، لكنه لا سيما في سبل السلام في طبعته أخطاء كثيرة، يعني مرت بنا أخطاء ما يمكن أن تمشي على مثله، فلعله مع كثرة أعماله العلمية، وكل متابعة العمل في هذا الكتاب إلى غيره، وإلا فالمعروف عنه أنه من أهل التحري والتثبت. الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.

يعني في الحديث السابق: ((لا يحكم أحد بين اثنين وهو غضبان)) ماذا عن تولية من عرف بشدة الغضب، أو سرعة الغضب في هذا المرفق العظيم؟ عرفنا أنه في الحديث السابق إذا حكم الحاكم فاجتهد أن الاجتهاد مطلوب للقاضي، وهو قيد وجودي، ونأخذ من هذا الحديث: ((لا يحكم أحد بين اثنين وهو غضبان)) أن الغضب مطلوب عدمه، فلا يصل للقضاء من هو سريع الغضب، أو شديد الغضب، وكل شيء يثيره؛ لأن هذا يؤثر في نظره في القضايا، ومن ثم على أحكام هذه القضايا، والغضب خصلة مذمومة، ووصية النبي -عليه الصلاة والسلام- لمن استوصاه قال له: ((لا تغضب)) وكررها مراراً، لكن قد يقول بعض الناس: أنا مجبول على هذا، فما الحيلة؟ نقول: كما أن العلم بالتعلم كذلك الحلم بالتحلم، إذا وطنت نفسك على التحلم صرت حليماً؛ لأن هذه الملكات وهذه الغرائز منها ما هو غريزي، جبلي، جبل عليه الإنسان، ومنها ما هو مكتسب، فإذا فات الغريزي الجبلي من أصل الخلقة إذا فات هذا لا يفوت الثاني المكتسب، وهو الذي فيه المدح والذم؛ لأن مناط المدح والذم في الأفعال الاختيارية التي للإنسان أن يفعل، وله أن يترك، أما الأفعال الإجبارية فإنها ليست بمناط للذم ولا للمدح. قال -رحمه الله-: "وعن علي -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إذا تقاضى إليك رجلان فلا تقض للأول حتى تسمع كلام الآخر)) " الآخَر الذي هو الثاني، والآخِر الذي هو الأخير مقابل للأول، فلو قلت: حتى تسمع كلام الآخَر أو الآخِر المعنى واضح، ولا فرق بينهما هنا. يفرقون في التقويم فيقولون مثلاً: جمادى الآخرة، وربيع الثاني أليس كذلك؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . لماذا؟ والعادة أن الثاني إذا كان هناك ثالث، وإذا لم يكن هناك ثالث قالوا: الآخر، يعني أول وآخر، كما في المقابلة في الأسماء الحسنى {هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ} [(3) سورة الحديد]. ربيع الأول ربيع الثاني، جمادى الأولى جمادى الآخرة، لماذا فرقوا بينهما؟ هل في ربيع ثالث؟ أو نقول: هو مجرد تفنن؟ الجواب؟ في جواب؟ طالب:. . . . . . . . . نعم؟ طالب:. . . . . . . . . . . . . . . . . . أصل؟ طالب:. . . . . . . . . أيوه؟ طالب:. . . . . . . . .

يعني لوقوعه في آخر فصل الشتاء؟ هذا ليس بمطرد، يعني جمادى الآخرة الماضي في فصل الشتاء أو في عز الصيف؟ في شدة الصيف اللي يظهر أنه مجرد تفنن، يعني لئلا يكثر الثاني الثاني، الآخر الآخر، مجرد تفنن في العبارة، والمعنى واضح. ((إذا تقاضى إليك رجلان فلا تقض للأول حتى تسمع كلام الآخر)) لا يجوز للقاضي أن يحكم لأحد الخصمين بمجرد سماع كلامه؛ لأنه قد يكون عند الثاني ما يدفع الدعوى، فإذا سمع كلام المدعي، وسمع كلام المدعى عليه، إن اعترف فلا يحتاج إلى بينة، إن أنكر طلبت البينة من المدعي، إذا كانت البينة مقنعة مرضية يثبت بها الحق حكم بها، وإن كانت البينة غير مقنعة ووجودها مثل عدمها فإنه يتجه إلى المدعى عليه، ويطلب منه اليمين؛ لأن البينة على المدعي، واليمين على من أنكر. ثم بعد ذلك إن نكل المدعى عليه عن اليمين إذا قال المدعي: ليست لي بينة، عاد القاضي إلى المدعى عليه وطلب منه اليمين، إن نكل هل يقضى عليه بالنكول، ويحكم عليه بلزوم الحق وثبوته؟ أو يقال له: تقبل يمين المدعي؟ وهذا ما يعرف برد اليمين. ومالك -رحمه الله- قال: إنه لا يعلم أحد قال برد اليمين على المدعي، مع أن ممن قال به قضاة عصره ابن أبي ليلى وابن شبرمة، فالمسألة خلافية هل يحكم عليه بمجرد النكول، أو تطلب اليمين من المدعي فترد عليه؟ مسألة خلافية بين أهل العلم. إن سكت المدعى عليه قال له: ماذا تقول؟ سكت، هل يحكم عليه بمجرد هذا السكوت، أو ذكر شيئاً مثل السكوت، قال: لا أعترف ولا أنكر، منهم من يقول: يحكم عليه كما يحكم على الغائب، ومنهم من يقول: يحبس حتى يعترف أو ينكر. الحكم على الغائب مسألة خلافية بين أهل العلم فأبو حنيفة يقول: لا يحكم عليه مطلقاً حتى يحضر، طيب، لكن بعض المدعى عليهم قد يتخذ الغياب ذريعة لضياع الحق، فيختفي، أو يسافر إلى بلد لا يمكن إحضاره منه، ولا يمكن استخلاف من قاضٍ إلى قاضٍ، فمن أجل أن يضيع الحق يسافر أو يختفي حتى يظن أن الدعوى تركت، فمن أهل العلم وهم الجمهور يقولون: يقضى عليه، تضرب له مدة إن حضر وإلا يقضى عليه، فإذا حضر بعد ذلك فأثبت ما ينفي هذه الدعوى عمل بها، وإلا نفذ الحكم، وهذا قول الأكثر.

هذا الحديث فيه كلام لأهل العلم، حديث علي: ((إذا تقاضى إليك رجلان فلا تقض للأول حتى تسمع كلام الآخر)) معناه صحيح، لكن فيه كلام، في ثبوته كلام، وله شاهد، ولذا احتاج الحافظ أن يورد له شاهداً من حديث ابن عباس عند الحاكم. ((حتى تسمع كلام الآخر، فسوف تدري كيف تقضي)) يعني إذا مشى القاضي على هذه المقدمات المرسومة الشرعية يعرف كيف يقضي، لكن إذا كان يتخبط مرة يسأل المدعي، ومرة يسأل المدعى عليه، مرة يرد على المدعي، ومرة لا يلتفت إلى المدعى عليه، مثل هذا ما يمكن أن يقضي بين الناس، لكن إذا اتخذ هذه الطريقة والوسيلة الشرعية لإثبات الحقوق فإنه سوف يدري كيف يقضي. قال علي: "فما زلت قاضياً بعد" استمر في القضاء على هذه الطريقة، "فما زلت قاضياً بعد" رواه أحمد وأبو داود والترمذي وحسنه، وقواه ابن المديني، وصححه ابن حبان، وله شاهد عند الحاكم من حديث ابن عباس يصل به إلى درجة الحسن، ومعناه على كل حال صحيح. قال -رحمه الله-: "وعن أم سلمة -رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إنكم تختصمون إلي)) " تتنازعون، فيدعي بعضكم على بعض ((ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته)) يعني أبلغ بالحجة وبيان ما يريد ((ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض)) ولا شك أن التعبير له دور، حسن التعبير له دور في جلاء الحق، كما أن ضعف العبارة قد تغطي شيء من الحق، ولذا جاء في الحديث: ((إن من البيان لسحراً)) فالبيان مؤثر، لا شك أنه مؤثر، فالحق قد يعتريه سوء تعبير، أحياناً إذا أردت أن تمدح شيئاً لا سيما إذا كنت من أهل البلاغة والفصاحة جعلته بمكانة أعلى من مكانته الحقيقية، بخلاف ما إذا كنت في الفصاحة والبلاغة أقل فإنك قد لا توفيه حقه، كما قالوا في العسل: تقول: هذا جنى النحل تمدحه ... وإن شئت قلت: هذا قيء الزنابير

ما في فرق، بالنسبة للواقع هذا هو، جنى النحل يجنيه من الزهور والورود هذا جناه، وإن شئت قلت: هذا قيء الزنابير، مجرد اللفظ قيء هذا ذم، وإن كانت هذه حقيقته، لكن إذا عبرت بالأسلوب المقبول مدحت، وإذا عبرت بالأسلوب الذي تنفر منه الطباع، وإن كان هو الواقع، فكما قالوا: "الحق يعتريه سوء تعبير" فيكون أحد الخصمين أبلغ وألحن وأفصح، وأسرع في الحجة وبيانها، يبادر بها، ويجليها ويوضحها، والثاني بطيء في الرد، وإذا استحضر الرد قصر في التعبير عنه، وهذا في كثير من الأمور تجد الإنسان يسأل سؤال أو يطرح عليه إشكال فلا يبادر بالجواب، ثم إذا ذهب إلى منزله، واستلقى في فراشه حضر الجواب، هذا ما ينفع، وبعض الناس ما شاء الله مباشرة هات السؤال، وخذ الجواب، فإذا كان الخصم من هذا النوع حجته حاضرة، وعنده فصاحة وبلاغة، ولحن في القول، فإنه يستطيع أن يجلي القضية، ويستطيع أن يصرف نظر القاضي إلى كلامه، بينما خصمه أقل من مستواه. وبعض الناس يضيّع حقه بكلامه الذي .. ، الحجج القوية التي تؤيده تغيب عنه، فيستمسك بحجج ضعيفة، يستدل القاضي من خلالها أنه لا حجة له قوية، يعني الآن في المناظرات تجدون بعض الناس في المناظرة يكون حاضر الجواب، ويعبر عنه بأسلوب يجعل الناس يقبلونه، ويجعل الخصم يذعن له، وبعض الناس عنده ضعف في هذا الباب، ومثل هذا لا سيما إذا كان من أهل الحق لا يجوز له أن يناظر؛ لأنه إذا ضعف أمام خصمه، وغلب في الحجة والبيان، فإنه سيقضى على أهل مذهبه بالعجز، وينسب عجزه إلى مذهبه، ما يقال: والله عجز فلان، إنما يقال: عجز أهل المذهب الفلاني عن الجواب عن الشبه التي وجهت إليهم.

وفي تفسير الرازي الكبير يورد الشبه قوية جداً، ويجيب عنها بضعف، فهل نقول: إن من مقصده تقرير هذه الشبه؟ لأنك إذا أردت أن تقرر شبهة، أو أردت أن تقرر ما في نفسك مما تميل إليه، وتتوجه إليه، وترجحه تجليه بأقوى ما تستطيع من أدلة وبيان، وتجلب عليه بكل ما أوتيت من حجة، ثم قد تورد ما يمكن إيراده عليه، فلا تأتي بأقوى الإرادات ليقتنع القارئ أنه لا يوجد أقوى من هذه، وحينئذٍ يحكم بما قررت، وينساق وراءه، والإنصاف والعدل أن الإنسان إذا ساق الأقوال بأدلتها أن يورد أقوى ما يجد في الطرفين؛ لأن هذا أسلوب يسلكه بعض المقلدة، تجده يورد المذهب الذي يذهب إليه، ويميل إليه، مذهب إمامه، ويورد أقوى الأدلة لهذا الإمام النقلية والعقلية، ثم يقول، يذكر القول الثاني، ويذكر أضعف ما عنده من حجج. إذا اقتنع القارئ بمثل هذا الكلام، وتوقف عليه، ما تعداه إلى الكتب الأخرى التي يجلى فيها القول الثاني من أصحابه وأربابه فإنه سوف يقتنع، ومثل هذا لو أورد مذاهب، وأحياناً ترجح الأقوال بالنظر إلى قائليها، قد لا تكون الحجة واضحة في الطرفين، لكن قد ترجح الأقوال بالنظر للقائلين، فلو قال: ذهب مالك والشافعي إلى كذا، ودليلهم كذا، وذهب فلان يعني ممن لم يشتهر بعلم، لو كان منصفاً قال: ذهب مالك والشافعي، وذهب أحمد وأبو حنيفة، هذا لو كان منصف، لكن ما يذكر أحمد وأبو حنيفة في الطرف الثاني، تجده يذكر شخص غير معروف بعلم، وغير مشهور، أنت إذا وجدت هذا الشخص غير المشهور بالعلم في مقابل مالك والشافعي ماذا تقول؟ لا شك أن ترجيح القول باعتبار القائلين ملحظ عند أهل العلم، يعني لو كان القول قوياً لقال به غير هذا الشخص، لكن لضعفه لم يقل به إلا هذا الشخص، مع أنه معروف في المذاهب الأخرى، لكنه من باب الهجوم على العقول حتى تذعن لما يلقيه الإنسان.

ولذلك على الإنسان أن يتأنى ويتريث في دراسة المسائل العلمية، كثير من الناس إذا قيل له: المذهب عند الحنابلة كذا، لكن شيخ الإسلام -رحمه الله- اختار كذا، خلاص أذعن واستسلم، شيخ الإسلام، إذا قالت حذام فصدقوها، أو ابن القيم درس هذه المسألة دراسة مستفيضة، نعم هجم قول ابن القيم، وما أجلب عليه ابن القيم من بيان، وترك النظر الدقيق في المسألة، نعم شيخ الإسلام إمام من أئمة المسلمين، وابن القيم إمام، لكن إذا رجحنا بالنسبة للقائلين، يعني من غير نظر في أدلة ولا غيرها أين منزلة شيخ الإسلام وابن القيم من منزلة الإمام أحمد أو مالك أو الشافعي؟! فكثير من الناس يقتنع بمجرد العرض، نقول: لا، لا تقتنع، ابن قدامه أو غير ابن قدامه من كبار الفقهاء حينما يعرض قول الحنابلة، ويؤيده بما عنده من أدلة، ثم يعرض قول الآخرين، اذهب إلى كتب الآخرين، وشف ما عندهم من أدلة؛ لأن عدم الاستيعاب إما أن يكون بسبب تقصير أو قصور، كم في كتب المالكية من أدلة تؤيد أقوالهم لم نطلع عليها، وقل مثل هذا في الشافعية والحنفية، فالإنسان عليه أن يبحث الأقوال من كتب أصحابها، ولا يقتنع بلحن بعض العلماء وبلاغة بعض العلماء، كم من قول راجع على الناس؛ لأن ابن القيم -رحمة الله عليه- عنده بيان، وعنده قوة حجة، كمن قول راج لأن ابن حزم بقوة حجته وبيانه، ثم إذا دققت ونظرت في أقوال الآخرين وأدلتهم وجدت أن المسألة تحتاج إلى إعادة نظر.

ومن هذا الحديث نأخذ أن على الإنسان أن يتأنى في أموره كلها، يعني في بحث المسائل العلمية، وفي بحث القضايا التي عند الخصوم، يعني أحياناً تكون القضية عند قاض من الشباب، يعني ليس له قدم راسخة في القضاء، جديد على القضاء، ويتقاضى فيها جهتان، وينوب عن كل جهة شخص ضليع، وقد حصل، حتى أن القاضي في بعض الجلسات ما يستطيع أن يتصرف، أمام هذا أو ذاك، في مثل هذه الحالة عليه أن يعتذر عن هذه القضية، ألا يمكن أن يوجد في الخصوم من هو أفقه من القاضي، وأبلغ من القاضي؟ القاضي عليه أن يحكم بالمقدمات الشرعية، لكن أحياناً تكون بعض القضايا لها ذيول، ولها تاريخ، بعض القضايا تستمر مدة طويلة، ويترتب عليها قضايا أخرى، وتتشعب، تحتاج إلى شيء من اللم، يدركها من له قدم راسخة في القضاء، فمثل هذه الأمور إذا وردت على قاض يعني جديد على القضاء ما مر عليه مثل هذه القضايا المتشعبة لا ضير أن يقول: والله أنا تقصر مرتبتي عن مثل هذه القضية، وتحال إلى غيره، أو يشترك معه غيره، ما في أدنى غضاضة ولا إشكال.

((ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض، فأقضي له على نحو ما أسمع منه)) الرسول -عليه الصلاة والسلام- بشر ((إنما أنا بشر)) بشر لا يعلم من الغيب إلا ما أعلمه الله إياه، فيقضي على نحو ما يسمع، الرسول -عليه الصلاة والسلام- بالإمكان أن يصل إلى الحكم المطابق للواقع؛ لأنه مؤيد بالوحي، لكنه في هذه الحالة قدوة للقضاة، يعني من يأتي بعده من القضاة الذين لم يؤيدوا بوحي، فكيف يصنعون لو لم يقل النبي -عليه الصلاة والسلام- هذا الكلام؟ كما أنه -عليه الصلاة والسلام- سها في صلاته مع إمكان أن ينبه بالوحي، ومع ذلك سها ونبه من قبل بعض من خلفه، ينسى -عليه الصلاة والسلام- ليسن، والنبي -عليه الصلاة والسلام- تنام عيناه ولا ينام قلبه، ومع ذلك نام عن صلاة الصبح حتى أيقظهم حر الشمس، لماذا؟ ليشرع، لو لم ترد مثل هذه القضايا ما عرفنا كيف نتصرف إذا وقعت لنا؟ يعني أهل الحرص وأهل التحري لو لم يحصل من النبي -عليه الصلاة والسلام- النوم في هذه الحادثة ثم نام، نام قلبه عن الصلاة حتى طلعت عليه الشمس، ماذا يحصل له من الأسى والحزن؟ ما يكدر عليه حياته، لكن إذا عرف أن النبي -عليه الصلاة والسلام- نام صار هذا فيه تسلية له، وعرف كيف يتصرف كما تصرف النبي -عليه الصلاة والسلام-. ومثل هذا يقضي النبي -عليه الصلاة والسلام- على نحو ما يسمع من هذا الخصم البليغ، ثم بعد ذلك قد تكون النتيجة، الوسيلة شرعية، سمع من المدعي، سمع جواب المدعى عليه، طلب البينة من المدعي، أحضرت البينة، ثم بعد ذلك حكم له، النتيجة شرعية وصحيحة ما فيها أدنى إشكال، والقاضي مأجور على أي حال، سواءً كان أصاب أو أخطأ، فإن أصاب فله أجران على ما تقدم، وإن أخطأ له أجر، لكن ماذا عن المدعي والمدعى عليه إذا لم يطابق الحكم الواقع؟ ((فمن قطعت له من حق أخيه شيئاً فإنما أقطع له قطعة من نار)) المدعي الذي أخذ هذا الحق بشهادة زور مثلاً، شهد أناس ظاهرهم العدالة، وحكم بهم القاضي، اجتهد ورأى أن الذمة تبرأ بشهادتهم، ثم صار الحكم غير مطابق للواقع.

يحكم للمدعي بقطعة من نار ((فإنما أقطع له قطعة من نار)) وفي رواية: ((فإن شاء أخذها، وإن شاء فليدعها)) وهذا أسلوب تهديد، وليس أسلوب تخيير، لا، وعامة أهل العلم على أن هذا الحكم لا يحل ولا يبيح للمدعي أخذ ما حكم له به، وإن حكم به القاضي، وأيده التمييز، فإنه حرام عليه أن يأخذ منه شيئاً، ومعروف عند الحنفية أنه إذا حكم به القاضي نفذ حكمه ظاهراً وباطناً، ويحل له أن يأكل ما حكم له به القاضي، لكن هذا القول مصادم لهذا النص الصحيح الصريح، ومنهم من يفرق بين الفروج وبين الأموال، فيقول: ينفذ الحكم ظاهراً وباطناً في النكاح والطلاق، ولا ينفذ باطناً -وإن نفذ ظاهراً- في الأموال، مع أنك تعجب من مثل هذا القول، وإلا المفترض أن يكون العكس؛ لأن الفروج يحتاط لها أكثر مما يحتاط للأموال، وعلى كل حال الحديث نص قاطع في أنه لا يحل له أن يأخذ ما حكم له به إذا كان مبطلاً في حقيقة الأمر. يقتطع له قطعة من نار، والذين يأكلون أموال اليتامى جاء في القرآن عنهم أنهم {إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا} [(10) سورة النساء] و ((الذي يشرب في آنية الذهب إنما يجرجر في بطنه نار جهنم)) لأن هذا هو المآل، معصية توعد عليها بالعذاب بالنار، فهذا مآله، وهذا في حقوق العباد، وأمره أشد من حقوق الله تعالى، هذا من الديوان الذي لا يغفر، وإن كان ما دون الشرك داخل تحت المشيئة، لكن أمره أشد من حقوق الله -جل وعلا-. ثم بعد هذا قال -رحمه الله تعالى-: "وعن جابر -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((كيف تقدس أمة؟ )) " التقديس: هو التطهير ((كيف تقدس أمة لا يؤخذ من شديدهم لضعيفهم؟! )) كيف تطهر هذه الأمة وهذا واقعها؟ الشديد القوي يأكل الضعيف، وهذا استبعاد لهذا التطهير وهذا التقديس ((كيف تقدس أمة لا يؤخذ من شديدهم لضعيفهم؟! )) والحديث له شواهد من حديث بريدة وأبي سعيد، كما أشار المؤلف -رحمه الله تعالى-، وبها يصل إلى درجة الحسن لغيره، وإلا فمفرداتها ضعيفة.

الحق لا بد من أخذه من الظالم للمظلوم، بغض النظر عن موقع هذا الظالم وهذا المظلوم ((ولو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها)) والنبي -عليه الصلاة والسلام- لما وضع الدماء في حجة الوداع والربا، أول ما بدأ بدم ابن ربيعة ابن عمه، وأول ما وضع ربا العباس بن عبد المطلب عم النبي -عليه الصلاة والسلام-، وهذا هو الواجب وهو المتعين أن يبدأ السلطان بنفسه، وأقرب الناس إليه في تطبيق الحقوق والحدود؛ ليمكن امتثال ما يأمر به، وينهى عنه. بني إسرائيل كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف قطعوه، فهلكوا بسبب ذلك، ولا فرق بين شريف ووضيع أمام التشريع، وأبو بكر في أول خطبة خطبها يقول: "القوي فيكم ضعيف حتى آخذ الحق منه، والضعيف فيكم قوي حتى آخذ له الحق" والنصرة واجبة للظالم والمظلوم، النصرة للمظلوم واضحة، لكن نصرة الظالم بأن يكف عن الظلم، مهما كان موقعه ومنزلته، سواءً كان من ذوي القربى، أو من ذوي الهيئات وعلية القوم، لا بد أن يؤخذ منهم الحق. سم. أحسن الله إليك. وعن عائشة -رضي الله تعالى عنها- قالت: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((يُدعى بالقاضي العادل يوم القيامة، فيلقى من شدة الحساب ما يتمنى أنه لم يقض بين اثنين في عمره)) رواه ابن حبان، وأخرجه البيهقي ولفظه: ((في تمرة)). وعن أبي بكرة -رضي الله تعالى عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة)) رواه البخاري. وعن أبي مريم الأزدي -رضي الله تعالى عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من ولاه الله شيئاً من أمر المسلمين، فاحتجب عن حاجتهم وفقيرهم، احتجب الله دون حاجته)) أخرجه أبو داود والترمذي. وعن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- قال: "لعن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الراشي والمرتشي في الحكم" رواه أحمد والأربعة، وحسنه الترمذي، وصححه ابن حبان. وله شاهد: من حديث عبد الله بن عمرو -رضي الله تعالى عنهما- عند الأربعة إلا النسائي. وعن عبد الله بن الزبير -رضي الله تعالى عنهما- قال: "قضى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن الخصمين يقعدان بين يدي الحاكم" رواه أبو داود، وصححه الحاكم.

هذا يقول: هلا بينت كيف يميز القاضي بين المدعي والمدعى عليه؟ إذا جلس الخصمان بين يديه سأل: أيكما المدعي؟ ثم صاحب الدعوى يقول: أنا المدعي، وقد يقول المدعى عليه: أنا المدعي، فتكون الدعوى مقلوبة، وحينئذٍ لا ينظر فيها، لا تنظر الدعوى مقلوبة، لا تنظر الدعوى المقلوبة، لكن في النهاية يصل القاضي إلى معرفة المدعي من المدعى عليه بأن المدعي إذا تَرك تُرك، إذا تَرك تُرك، والمدعى عليه إذا ترك لم يترك، فإذا ادعى كل منهما أنه هو المدعي قال لهما القاضي: انصرفا، هذا المدعى عليه بينصرف فوراً، لكنه لن يترك في حقيقة الأمر، المدعي الحقيقي لن يتركه، ولن ينصرف فيتبين بذلك المدعي من المدعى عليه، يعني إذا قال القاضي للخصمين: ما عندي لكم سماع انصرفا، أحدهما سوف ينصرف، والثاني لن ينصرف، وبهذا نعرف أن هذا المنصرف هو المدعى عليه؛ لأنه لن يترك، وأما المدعي لن ينصرف وإن انصرف فيكون قد أبطل دعواه إذا انصرف. يقول -رحمه الله تعالى-: "وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((يدعى بالقاضي العادل)) " يعني يؤمر به ((يوم القيامة)) فيحضر ((فيلقى من شدة الحساب)) من التدقيق في الحساب ((ما يتمنى أنه لم يقض بين اثنين في عمره)).

شدة الحساب تدل على المناقشة، ومن نوقش الحساب عذب ((يدعى بالقاضي العادل يوم القيامة فيلقى من شدة الحساب ما يتمنى أنه لم يقض بين اثنين في عمره)) وهذا الحديث فيه كلام لأهل العلم، والراجح عدم ثبوته، ويذكر في كتب أهل العلم من باب التحذير من الظلم، والترغيب في العدل، إذا كان هذا القاضي العادل فكيف بغيره؟! مع أنه جاءت النصوص التي تدل على مدح أهل العدل والإنصاف من القضاة وغيرهم ((المقسطون على منابر من نور يوم القيامة)) المقسطون: يعني العادلين الذين يعدلون بين أهليهم وغيرهم ممن ولوا أمرهم على منابر من نور، فيكف يقال: ((يلقى من شدة الحساب ما يتمنى أنه لم يقض بين اثنين))؟ إذا ثبت له الوصف وهو العدل، والقاسطون بخلاف ذلك، المقسطون على منابر من نور، والقاسطون؟ {فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا} [(15) سورة الجن] نسأل الله العافية، فالمقسط هو العادل، والقاسط هو الذي يعدل عن الحق، ويميل إلى الباطل. ((يدعى بالقاضي العادل يوم القيامة فيلقى من شدة الحساب ما يتمنى أنه لم يقض بين اثنين في عمره)) هذا العادل إذا لقي من شدة الحساب من التدقيق والمناقشة لا محيد ولا مفر أنه هالك ((من نوقش الحساب عذب)) مما يدل على أن هذا الحديث في معناه وفي ثبوته نظر. ((بين اثنين في عمره)) رواه ابن حبان، وأخرجه البيهقي، ولفظه: ((في تمرة)) من قضى بين اثنين في تمرة، فقضى بها لأحدهما دون الآخر، ولو كان عادلاً قضى بها لصاحبها، يتمنى أنه ما قضى، مما يدل على ضعف هذا الخبر؛ لأنه إذا كان العادل بهذه المثابة فمن يتولى القضاء بعد ذلك؟! من يفصل بين الناس؟ من يحل مشاكل الناس؟ إذا كان هذا في حق العادل؟ نعم الظالم الجائر جاءت النصوص بوعيده، لكن العادل جاءت النصوص الصحيحة القطعية بمدحه، وهذا الحديث يتضمن ذمه بخلاف ما جاء في النصوص القطعية. على كل حال هذا الحديث فيه كلام لأهل العلم في سنده وفي متنه.

قال -رحمه الله-: "وعن أبي بكرة" نفيع بن الحارث الصحابي المعروف "-رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة)) " هذا الحديث في البخاري، ويكثر الكلام فيه من قبل بعض الكتاب الذين يطنطنون بالمساواة بين الرجل والمرأة، ويدعون إلى أن تتولى المرأة جميع الإعمال بما فيها الولاية العظمى، وبما فيها ما يعرضها للوحوش من البشر، ولا فرق عندهم بين العمل الذي يناسبها، والعمل الذي لا يناسبها، لا يناسب طبيعتها، فتجدهم يكتبون عن هذا الحديث، ومع الأسف أنه قدح في الحديث من قبل من ينتسب إلى العلم والدعوة، وألف في السنة، ونقد السنة، ومما أورده هذا الحديث، وقال: مما يدل على عدم صحته أن الواقع يخالفه، كيف الواقع يخالفه؟ يعني تركيب المرأة تصلح معه أن تتولى الأمور العامة للناس؟ لها وظائف لا يستطيع الرجال أن يقوموا بها، لكن للرجال وظائف لا تستطيعها ولا تطيقها النساء. هذا الكاتب الذي كتب عن السنة، ونقد بعض متون السنة، وأورد أمثلة، ومنها هذا الحديث، وقال: إن الواقع يخالفه، كيف الواقع يخالفه؟ قال: غاندي حكمت الهند سبعمائة مليون في وقتها، ومشت أمورهم بحكمها؟ كيف مشت؟! بغير ما أنزل الله تمشي الأمور؟! يقول: جولد مائير هزمت العرب بسبعة وستين، وثلاثة وسبعين أو ما أدري كم؟ رئيسة وزراء إسرائيل، وتاتشر المرأة الحديدية التي صارت رئيسة وزراء بريطانيا مدة، هؤلاء نسوة نجحن في قيادة الأمم والشعوب كيف يقال: ((لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة))؟ بمثل هذا الكلام ترد النصوص الصحيحة؟! يعني إذا تطاولنا على البخاري ماذا يبقى لنا؟ لكنه الهوى والضلال، وليس للضلال حد ولا نهاية إذا بدأ الإنسان وانساق وراء عقله فإنه لن يقف عند حد، سوف يضيع في المتاهات، يعني يمكن أن يقول هذا الشخص مثل هذا الكلام في بداية طلبه للعلم، وفي أثناء طلبه للعلم، لكن نسأل الله الثبات. ((لن يفلح قوم ولوا أمرهم)) لما تولت بنت كسرى، ولوها بعد أبيها، قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة)) وهكذا حصل، وهكذا وقع الخبر مطابقاً لما أخبر به النبي -عليه الصلاة والسلام-.

حتى هؤلاء النسوة اللواتي تولين هذه المهمات مما ذكر في الأمثلة، هل المرأة هي التي تدير شئون الملك والحكم والدول في حقيقة الأمر؟ هي مجالس التي تدير هذه الدول مجالس، ودساتير يعملون بها، هي في أصلها مخالفة لما شرعه الله -جل وعلا-، ويطبقها أناس، مجالس ليس التطبيق يوكل إلى فرد بعينه، فليست هي في الحقيقة هي الحاكمة، وإن نصبوها تمثالاً يتوصلون به إلى مآربهم ومقاصدهم، فينظر إلى الأمور بعين الاعتدال والإنصاف والحكمة، نعم المرأة نصف المجتمع، ولها مهام أنيطت بها من قبل الشرع لا يستطيعها الرجال، فلا يستطيع الرجل تربية الأولاد، ولا حضانة الأولاد، لا يستطيعها إلا النساء، وهذه من أعظم المهمات؛ لأنك تتعامل مع شخص لا يعقل، وله مشاعره، وله عواطفه، يعني لست تتعامل مع حضيرة غنم لا تعقل، ولا تتعامل مع عقلاء ينصاعون للأوامر والنواهي، ويحذرون بالترهيب، ويرغبون بالترغيب، لا، تتعامل مع شخص ليس ببهيمة، له مشاعره، وله عواطفه، وله نفسيته التي تتأثر بأدنى شيء، وتنخدش بأدنى شيء، لكنه ليس عنده من العقل ما يميز به ما ينفعه ويضره، والإنسان في هذه المرحلة من أصعب ما يمكن التعامل معه، وكلت هذه المهمة العظيمة للمرأة، ولا يطيقها الرجال، لا يستطيع الأب أن يتعامل مع الولد في هذه السن، لكن وكل له أمور أخرى تليق بتركيبه، وتليق بطبيعته البشرية، والرجال قوامون على النساء، ومع ذلك لهن مثل الذي عليهن بالمعروف، يعني لهن حقوق مثل ما للرجل عليهن، ولكن الرجال فضلوا على النساء بدرجة.

قال بعضهم: إن بعض النساء أذكى من زوجها بمراحل، ومع ذلك تحشر المرأة الذكية في البيت، والرجل الأقل ذكاءً يخرج للناس، فكان من بعض الأجوبة اللطيفة، مما قاله بعضهم ممن يرد على هذه الشبه، قال: ليس الظهور بأكمل من الاختفاء مطلقاً، فأنت ترى الحارس أكثر مما ترى المدير، والحارس أقل من المدير، يعني ليس الظهور أمام الناس باستمرار هو من أجل أنه أفضل، أو من أجل أن من أتيح له الظهور أفضل من غيره، وعلى كل حال كانت المرأة مظلومة في الجاهلية، فرفع الإسلام من شأنها، بما لا مزيد عليه؛ لأن الزيادة على ما قرره الإسلام ضرر على الجنسين، وماذا جنت الأمة من الدعوات التي خلال قرن من الزمان، يعني أخرجت المرأة من وظيفتها، ومع ذلك ما استفادت مما وكل إليها، ولا استفيد منها على المستوى الذي خطط له، لكن يظهر من خلال بعض التصرفات شيء ينم عن بعض النوايا السيئة. فليس الحرص على المرأة وخروج المرأة وعمل المرأة النظر فيه إلى المصلحة بقدر ما فيه من تقليد من جهة، وإرضاء لرغبات ونزوات من بعض المغرضين، والله المستعان.

قال -رحمه الله-: "وعن أبي مريم الأزدي -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من ولاه الله شيئاً من أمر المسلمين فاحتجب دون حاجتهم وفقيرهم احتجب الله دون حاجته)) " الجزاء من جنس العمل، لماذا يولى هذا الشخص على أمر من أمور المسلمين؟ إنما ولي ليخدم مصالح المسلمين، فإذا احتجب عنهم لم يستطع القيام بما وكل إليه، وما أسند إليه، فإذا احتجب عنهم ضيعهم، وضيع حوائجهم، فيجازى بجنس عمله، تضيع حاجته، ويحتجب الله -جل وعلا- دون حاجته، وإذا احتجب الله -جل وعلا- دون حاجته من يقضيها؟ البشر كلهم لا يستطيعون قضاء حاجة من احتجب الله دون حاجته؛ لأن قلوب هؤلاء البشر كلهم بيد الله -جل وعلا-، هو الذي يسيرهم لقضاء حاجة فلان، وتفريج هم فلان، وتنفيس كربة فلان، حتى الذي يدفع المال من جيبه للفقير هذا لا يدفع من ماله {وَآتُوهُم مِّن مَّالِ اللَّهِ} [(33) سورة النور] وقد يأتي شخصان من ذوي الحاجات إلى غني، وقد يكون أحدهما أشد حاجة من الآخر، فينشرح صدره ليعطي فلان ويمنع فلان، الله -جل وعلا- هو الذي أمره بإعطاء فلان، وحجب عطاءه عن فلان. "وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: "لعن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" طيب ولعلنا نكتفي بهذا نرجئ ما بقي للدرس القادم، والله أعلم. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.

كتاب القضاء (3)

بسم الله الرحمن الرحيم شرح: بلوغ المرام – كتاب القضاء (3) باب: الشهادات الشيخ: عبد الكريم بن عبد الله الخضير الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد: فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: "لعن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الراشي والمرتشي في الحكم" الراشي: هو الدافع للمال من أجل أن يحكم له، والمرتشي هو الآخذ من أجل أن يحكم، ولا يختص هذا بالحاكم ولا بالقاضي، بل كل من له نفوذ أو يستطيع النفع ممن يأخذ أجراً على عمله، أما من لا يأخذ أجراً فله أن يأخذ بقدر أجرته، أجرة المثل من صاحب القضية له أجرة المثل، أما العامل الذي يتقاضى أجراً من عمله فأخذه لهذا المال رشوة، وسواءً قُدم على أنه رشوة صريحة مكشوفة، أو على أنه هدية، والمقصود منها كسب القضية، أو منفعة، يقدم له خدمة في مقابل أن ييسر له أمر نجاح قضيته، والمرتشي هو الآخذ على أي وجه كان، سواءً أخذ مالاً، أو أخذ منفعة، قُدم له خدمة هذه رشوة، والعامل على الصدقة لما أهدي له يقال له: ابن اللتبية أهدي له، فلما قدم إلى المدينة قال: هذا هو الصدقة، وهذا أهدي إلي، قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((هلا جلس في بيت أبيه فينظر هل يهدى له؟ )). الرشوة إن كانت لأخذ ما لا يستحقه فهذه مجمعة على تحريمها، وأنها من كبائر الذنوب، وأنها من أعظم معاول الهدم، واستقامة الأمور والأحوال في المجتمعات، الآن كثير من المجتمعات لا تستخرج فيها الحقوق إلا بالرشوة، والذي يتورع عن الرشوة يضيع حقه في كثير من المجتمعات، وهذا هو الذي جعل الراشي والمرتشي مستحقان للعنة الله؛ لأن آثارها سيئة، وعواقبها وخيمة، سواءً كان المبلغ المدفوع رشوة كبيراً أو صغيراً، كلها رشوة.

بعضهم يقول: إن لي حق في هذه الجهة، ولا يدفع لي إلا إذا دفعت، فأنا أدفع هذه الرشوة، وهذا المبلغ من أجل استخراج حقي، وبعض أهل العلم قد يتسمح في مثل هذا، لكنها داخلة في عموم اللفظ ((لعن الله الراشي والمرتشي)) فإذا دفع هذا المال ولو كان لاستخراج حقه فإنه داخل، وإن تسمح بعضهم في ذلك وقال: إنه لا يصل إلى حقه إلا بهذه الطريقة؛ لأن الراشي في مثل هذه الصورة وإن كان الأمر بالنسبة إليه أخف مما لو لم يكن له حق، فإن المرتشي الذي يأخذ المال ليخرج هذا الحق الذي يستحقه الراشي لن يفرق مستقبلاً بين محق ومبطل، فهي إعانة له، والقاعدة أن ما حرم أخذه حرم دفعه، فيحرم على الموظف أن يأخذ مبلغاً من المال ليستخرج حقك الذي لا تستطيع استخراجه، وقد تقول: أنا أتوصل بهذه الرشوة إلى استخراج حقي، وقد وجدت من يفتيني، نقول: إنه يحرم على هذا الموظف الأخذ، ومن ثم يحرم عليك الدفع؛ لأن ما حرم أخذه حرم دفعه، ثم بعد ذلك هذا المرتشي سوف يأخذ من المبطل إذا أخذ من المحق. على كل حال هذه الخصلة الذميمة التي عاثت في كثير من بلدان المسلمين -فضلاً عن غيرهم- فساداً، وصارت أمور الناس لا تمشي إلا بدفع شيء من المال، وتتابع عليها الصغير والكبير، وضيع الحقوق والحدود بسببها، بعضهم يأخذ شيء يسير ويمشي المعاملة داخل في اللعن، ولو كان يسيراً، وبعضهم يدفع أموالاً طائلة ليستخرج في مقابلها ما هو أعظم منها، داخل في اللعن أيضاً ((لعن الله الراشي)) الذي يدفع المال ((والمرتشي)) الذي يأخذ، وفي بعض الطرق: ((والرائش)) الواسطة، السفير بينهما.

((في الحكم)) وهذه اللفظة لا توجد في كثير من الروايات، فإذا عرفنا أن الرشوة هي ما يأخذه من يُعين على استخراج ما ليس له، وقد يندرج فيه كما أشرنا من له حق، يدخل فيه دخولاً أولياً، إذا دفعت الرشوة للحاكم أو للقاضي ليحكم بغير حكم الله، ثم من دونه من أعوانه ليسهل لهذا الراشي كسب القضية، وتيسير الحكم، أو تخفيفه، من ذلكم الشفاعة -الجاه- في الحدود، كما في حديث المخزومية التي كانت تستعير المتاع فتجحده، فأرادوا من يشفع لها عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ليعفو عن الحد، فتشفعوا بأسامة بن زيد حب رسول الله وابن حبه، فغضب النبي -عليه الصلاة والسلام- وقال: ((أتشفع في حد من حدود الله؟ )) وكذلك الشفاعات التي يترتب عليها تقديم غير المستحق وتأخير المستحق، جاء الخبر: ((اشفعوا تؤجروا)) لكن على ألا يترتب على هذه الشفاعة ضرر على أحد، إذا ترتب عليها ضرر على أحد فإنه حينئذٍ لا تجوز، وبذل المال وبذل الجاه من أجل كسب هذه الأمور من القضايا والتقديم والتأخير كل هذا ممنوع، إذا ترتب على الشفاعة والجاه الضرر. ومن شفع فليس له أن يأخذ على هذه الشفاعة أجراً، على خلاف بين أهل العلم، لكن المرجح أنه لا يجوز أن يأخذ عليها أجراً، إنما يشفع لله، إذا رأى أن المشفوع له أهل لما شفع له به. قال: "رواه أحمد والأربعة، وحسنه الترمذي، وصححه ابن حبان، وله شاهد من حديث عبد الله بن عمرو عند الأربعة إلا النسائي".

هنا مسألة وهي: أن الإنسان قد يكون مديراً أو رئيساً في دائرة أو وزيراً أو مسئولاً، تأتي الهدايا أحياناً تكون باسمه الشخصي، وأحياناً يكون باسم وظيفته، يعني المؤسسات العلمية تجد مثلاً مدير الجامعة، أو عميد الكلية أو رئيس القسم يهدى إليهم كتب، يهدى كتب، هدية مقدمة لرئيس قسم كذا، هدية مقدمة لعميد كلية كذا، فهل هذه الهدية له أو لمن يقوم مقامه بعده؟ أو هي للعمل وليست للشخص؟ أحياناً تكون باسمه الشخصي، هدية لفلان هذه ما فيها إشكال، تكون له، لكن أحياناً يؤلف كتاب لا سيما من منسوب هذه الجهة، وهي جهة علمية، يقولون: هدية لفضيلة عميد الكلية، ليس باسمه، وإنما بوصفه، هذا الذي يظهر أنها ليست له؛ لأن المراعى فيها الوصف، وإذا كان التنصيص على اسمه هدية لفلان فالمراعى فيه الشخص، ويأتي فيها ما يأتي في الهدايا، إذا كان يهدي إليه قبل العمل، وإذا كان يتهم، أو يظن به أنه يكسب من وراء هذه الهدية تسهيل أو مراعاة في شيء من الأمور فإنها حينئذٍ داخلة في الرشوة. "وله شاهد من حديث عبد الله بن عمرو عند الأربعة إلا النسائي إلا أنه لم يذكر فيه لفظ الحكم الذي جاء في حديث أي هريرة". والرشوة محرمة بالإجماع، ومن كبائر الذنوب؛ لأنها توعد عليها باللعن، ومن ضابط الكبيرة أنها إن توعد عليها بلعن أو غضب أو بنار أو بعدم دخول الجنة، أو ترتب عليها حد في الدنيا، فإن هذا ضابط الكبيرة عند شيخ الإسلام وغيره. يتصور من يتصدى لفصل الخصومات بين الناس وليس له أجر ولا رزق من بيت المال، إن كان له أجر أو رزق من بيت المال هذا لا يجوز له أن يأخذ من الخصوم شيئاً، وإن أخذ فهو الرشوة، لكن إذا لم يكن له رزق من بيت المال، وذلك حينما تكون أمور الناس غير منتظمة، يوجد من يتصدى للفصل بين الناس، وليس له أجر مرتب من بيت المال، هل له أن يأخذ من الخصوم؟ لا يجوز أن يأخذ من أحد الخصمين؛ لأن لأخذه من أحدهما أثر على نفسه، فيخشى أن يميل ويحيف على الثاني، لكن إذا قال: قضيتكم هذه أفصل بينكما فيها بمبلغ كذا، بينكما بالسوية، في هذه الصورة لا يخشى أن يميل مع أحدهما دون الآخر.

في عمل المحامين يأخذون الأجر في مقابل المحاماة، منهم من يأخذه مقطوعاً من أول الأمر، سواءً كسب القضية أو خسرها، هذا لا يظن به أن يبذل الأسباب من أجل أن يكسب القضية، ولا يحمله ذلك على الفجور في القضية من باب ((وإذا خاصم فجر)) أما إذا كان الأجر على النجحان على ما يقولون، على كسب القضية فهذا يخشى منه أن يحمله هذا الأجر على أن يفجر في قضيته، في خصومته، وأن يسعى جاهداً لكسب القضية من حق أو باطل، ويجلب عليها بما يستطيع، وقد يدخل فيها من يستطيع التأثير، وقد يبذل فيها شيء من المال على جهة الرشوة، وهكذا، فمثل هذا في إساغته نظر، إنما يوكله ليقاضي ويخاصم عنه بمبلغ كذا سواء كان الحق له أو عليه، وحينئذٍ يضمن نزاهة الخصومة، والمحامون هم في مزلة من الأقدام، في مزلة قدم، يخشى عليهم بسبب تأثير المادة، وهي من وسائل الكسب المربحة في وقتنا، وفي عصرنا، فيخشى على المحامي أنه لا يحرص على إحقاق الحق، وإنما يحرص على كسب القضية، فإن أعطي المال من أجل إنجاح القضية هذا ظاهر، لكن قد يسعى لإنجاح القضية ولو لم يعط على النجحان على ما يقولون؛ ليشتهر بين الناس أنه يكسب القضايا، فعليه أن يتقي الله -جل وعلا-؛ لأن من خصال المنافق ((وإذا خاصم فجر)) ويكون بليغاً في حجته، حاضراً في بديهته، ثم بعد ذلك يكسب القضايا، وهو يعرف أنه مبطل، هذا يدخل في هذا الباب -نسأل الله السلامة والعافية-. قال -رحمه الله-: "وعن عبد الله بن الزبير -رضي الله عنهما- قال: "قضى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن الخصمين يقعدان بين يدي الحاكم" رواه أبو داود، وصححه الحاكم" لكنه ضعيف؛ لأنه من رواية مصعب بن ثابت بن عبد الله بن الزبير، وهو ضعيف عند أهل العلم.

ومن العدل بين الخصوم المطلوب من القاضي الواجب عليه أن يعدل بين الخصمين في كل شيء، ولا يظهر منه لا بتصريح ولا بتلميح ولا بقرينة أن أحدهما أقرب إليه من الثاني، ومن هذا أن يقعد بين يديه على حد سواء، وهذا الحديث كما عرفنا ضعيف، لكن من العدل الواجب على القاضي أن يكون مجلس الخصمين متساوٍ، فلا يكون أحدهما في كرسي أثير مريح، والثاني دونه، ولا يكون أحدهما أقرب إلى القاضي والثاني أبعد، بل لا بد أن يكون قربهما منه على حد سواء، ولا يكون أحدهما أرفع في مجلسه من الثاني والثاني دونه، بل لا بد أن يستويا في المجلس. من الذي يجلس في الكرسي الذي عن يمين القاضي والكرسي الذي عن يساره؟ المفترض أن هذا مجلس قاضي وأمامه كرسيان، يحرص كل واحد أن يجلس على الأيمن؛ لأنه إن قدم شيء بدء به، والكلام سوف يبدأ معه، الأولى أن يكون في الكرسي الأيمن المدعي؛ لأنه هو الذي يُبدأ به بالكلام، والمدعى عليه في الكرسي الأيسر، وأهل العلم يقررون أن الأولية لها دخل في الأولوية، فأول من يبدأ به هو الأولى بأن يجلس عن يمين القاضي، فالأولية لها دخل في الأولوية.

أخرج أبو نعيم في الحلية -حلية الأولياء- قصة لعلي بن أبي طالب مع يهودي بين يدي القاضي شريح، علي بن أبي طالب سقط منه درع من دابته، فالتقطه اليهودي، فادعاه علي -رضي الله عنه- قال اليهودي: هذا درعي، فقال: لا، هذا درعي في يدي، وأنت مدعٍ، فتحاكما إلى شريح، علي -رضي الله عنه- في وقتها أمير المؤمنين، والقصة فيها ضعف، لكن لا يبعد وقوعها، فتحاكما عند شريح، أمير المؤمنين مع يهودي، تحاكما عند القاضي شريح، وهو من مشاهير القضاة في تاريخ الإسلام الطويل، أجلسهما بين يديه فقال: ما تقول يا علي؟ قال: هذه درعي، سقطت من دابتي، قال: عندك بينة؟ قال: نعم، فأحضر مولاه قنبر، وابنه الحسن، فقبل شهادة المولى، ورد شهادة الحسن؛ لأنه لا تقبل شهادة الابن لأبيه ولا العكس، وقال لليهودي: ما عندك؟ قال: هي درعي وفي يدي، وعنده استعداد يحلف، بل حلف، فحكم بالدرع لليهودي، قضى بالدرع لليهودي، ويعرف شريح أن الدرع لأمير المؤمنين؛ لأن علياً -رضي الله عنه- قال: أترد شهادة من شهد له النبي -صلى الله عليه وسلم- بأنه سيد مع أخيه الحسين، سيدا شباب أهل الجنة؟ قال: أنا أشهد أنهما سيدا شباب أهل الجنة، لكن في هذا المجلس يستوي المسلمون، وإذا ردت شهادة الابن من غيرك فترد منك، والتهمة والظنة حاصلة في شهادة الابن لأبيه والعكس، قال: صدقت، والله يا أمير المؤمنين إنها لدرعك، صدقه، ثم بعد ذلك ما الذي حصل؟ حكم به لليهودي، والنتيجة؟ أن اليهودي أسلم لما رأى من عدالة الإسلام والمسلمين، وقال: إنها لأمير المؤمنين، كما يقول: هي درعه سقطت من دابته، وأعطاه إياه.

باب: الشهادات

قول شريح فيما يقول الشارح قول شريح: والله إنها لدرعك، كأنه عرفها سابقاً أنها لأمير المؤمنين، ويعلم أنها درعه، لكنه لا يرى الحكم بعلمه، يعني لو أن قاضياً يعرف أن هذا الكتاب لفلان من طلاب العلم رآه بيده مراراً، ثم وقع بيد شخص آخر فادعى عليه صاحبه وليست لديه بينة، فاتجه النظر إلى المدعى عليه فحلف أنه كتابه، والقاضي يعرف أن هذا الكتاب كتاب فلان يعرفه، يحكم به لمن؟ هو ما عنده بينة إلا علم القاضي، قال الشارح: "ويعلم أنها درعه، لكنه لا يرى الحكم بعلمه" والجمهور يرون أن القاضي لا يحكم بعلمه، وإنما يحكم بالمقدمات الشرعية "البينة على المدعي، واليمين على من أنكر" ولو كنتُ أعرف أن الكتاب أو هذه الدرع أو غيرها لهذا الشخص. لكن الذي ذكر عن شريح على وجه الخصوص القاضي في هذه الخصومة فيما ذكره ابن حجر وغيره في فتح الباري أن القاضي شريح يرى الحكم بعلم القاضي، ويذكرون أنه في قضية من القضايا يعرف أن هذه الآلة المدعى فيها لفلان؛ لأنه اعترف على نفسه في غير مجلس القضاء، الاعتراف إنما هو في مجلس القضاء، أما إذا كان الاعتراف قبل القضية فإنه يدخل في علم القاضي لا يدخل في المقاضاة، فحكم عليه شريح، وقال له .. ، قال المحكوم عليه: أريد بينة، فقال شريح فيما يذكرون عنه: شهد عليك ابن أخت خالتك، يعني لو اعترف في المجلس هذا ما في إشكال، لكن هذا الاعتراف سابق قبل الدعوى، مما تولد عنه علم القاضي بأن هذه المدعى فيها ليست له، وحكم بها لخصمه قائلاً: شهد عليك ابن أخت خالتك، من هو ابن أخت خالته؟ هو نفسه، هذا ما ذكر عن القاضي شريح، وهنا يقول، قول شريح: وإنها لدرعك كأنه عرفها، ويعلم أنها درعه؛ لكنه لا يرى الحكم بعلمه. وعلى كل حال هذه القصة التي حصلت بين أمير المؤمنين علي بن أبي طالب -رضي الله عنه وأرضاه- مع اليهودي هذه فيها ضعف. سم. بسم الله الرحمن الرحيم وقال الحافظ -رحمه الله تعالى-: باب: الشهادات عن زيد بن خالد الجهني -رضي الله تعالى عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((ألا أخبركم بخير الشهداء؟ الذي يأتي بشهادته قبل أن يسألها)) رواه مسلم.

وعن عمران بن حصين -رضي الله تعالى عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إن خيركم قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، ثم يكون قوم يشهدون ولا يستشهدون، ويخونون ولا يؤتمنون، وينذرون ولا يوفون، ويظهر فيهم السمن)) متفق عليه. وعن عبد الله بن عمرو -رضي الله تعالى عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا تجوز شهادة خائن ولا خائنة، ولا ذي غمر على أخيه، ولا تجوز شهادة القانع لأهل البيت)) رواه أحمد وأبو داود. وعن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- أنه سمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا تجوز شهادة بدوي على صاحب قرية)) رواه أبو داود وابن ماجه. وعن عمر بن الخطاب -رضي الله تعالى عنه- أنه خطب فقال: "إن أناساً كانوا يؤخذون بالوحي في عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وإن الوحي قد انقطع، وإنما نأخذكم الآن بما ظهر لنا من أعمالكم" رواه البخاري. وعن أبي بكرة -رضي الله تعالى عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه عد شهادة الزور في أكبر الكبائر. متفق عليه في حديث طويل. وعن ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال لرجل: ((ترى الشمس؟ )) قال: نعم. قال: ((على مثلها فاشهد أو دع)) أخرجه ابن عدي بإسناد ضعيف، وصححه الحاكم فأخطأ. وعن ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قضى بيمين وشاهد. أخرجه مسلم وأبو داود والنسائي، وقال: إسناد جيد. وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- مثله. أخرجه أبو داود والترمذي، وصححه ابن حبان. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: باب: الشهادات الشهادات: جمع شهادة، وهي مصدر شهد شهادة، والمصدر يجمع لتعدد أنواعه.

الشهادة: هي الإخبار عن الحق لمن هو له، وبعضهم يطلقها بإزاء علم، ويستدل بقوله -جل وعلا-: {شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ} [(18) سورة آل عمران] يعني علم، لكن في صدر سورة المنافقون {قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ} [(1) سورة المنافقون] فغاير بين الشهادة والعلم، {وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ} [(1) سورة المنافقون] فهناك مغايرة بين الشهادة والعلم؛ لأن الشهادة أعم؛ لأنها إخبار بما مفاده العلم إذا كان عن مشاهدة رؤية، أو ثبت مفادها بطريق يحصل به العلم القطعي، وقد يخبر يشهد بما مفاده، أو ما يفيده الظن الغالب كما في الاستفاضة مثلاً، الاستفاضة يثبت بها الحكم، ويشهد به، فلا يلزم أن تكون الشهادة صادرة عن علم مجزوم به، فالأصل أن تكون عن علم، إما رؤية أو سماع، أو بغير ذلك مما يفيد العلم، بطريق الحواس، أو الخبر المقطوع به، المجزوم به، وقد تكون الشهادة بسبب ظني كالاستفاضة.

قال -رحمه الله-: "عن زيد بن خالد الجهني -رضي الله تعالى عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((ألا أخبركم بخير الشهداء؟ الذي يأتي بشهادته قبل أن يسألها)) " وفي الحديث الذي يليه الآن الإتيان بالشهادة قبل السؤال في الحديث الأول سيق مساق المدح، وفي الحديث الثاني حديث عمران: ((إن خيركم قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، ثم يكون قوم يشهدون ولا يستشهدون، ويخونون)) ... إلى آخره، سيق الإدلاء بالشهادة قبل الاستشهاد مساق الذم، وهنا يكون بين الحديثين تعارض، في الحديث الأول يمدح من يدلي بالشهادة قبل طلبها، وفي الحديث الثاني يذم من أدلى بالشهادة قبل طلبها، وللجمع بين الحديثين عند أهل العلم أكثر من نظر ومسلك، فمنهم من يقول: إن حديث زيد بن خالد الذي فيه مدح من يدلي بشهادته قبل طلبها في حالة ما إذا خشي ضياع الحق بأن يكون صاحب الحق لا يدري ولا يعرف هذه الشهادة، فيتقدم الشاهد إلى صاحب الحق، ويقول: عندي لك شهادة، وحينئذٍ يمدح لئلا يضيع الحق، أما إذا كان صاحب الحق يعرف أن هذا عنده شهادة في هذه القضية، فإن مبادرة الشاهد قبل طلبها لا شك أنه يورث تهمة، أنه يريد نفع المشهود له، وحينئذٍ يتهم في حقه، فيذم إذا أدلى بها قبل طلبها. منهم من يفرق بين حقوق الآدميين، وما يتعلق بحقوق الله -جل وعلا- من أمر الاحتساب، فيجعل الحديث الأول، حديث زيد بن خالد منصب على ما إذا كانت الشهادة في حق لله -جل وعلا-، يدلي بها، ويبادر بإبدائها، فيتقدم بها قبل أن تطلب منه، والحديث الثاني حديث عمران فيما إذا كانت في حقوق الآدميين؛ لأنه بالنسبة لحق الله -جل وعلا- لا يتهم إذا بادر بالإدلاء بها قبل أن تطلب، لا يتهم؛ لأنه لا يحوز حظاً لنفسه، ولا لمن يتوقع ويرجو نفعه، بخلاف ما إذا كان في حق آدمي، فإنه قد يتهم.

منهم من حمل حديث زيد بن خالد الحديث الأول في مدح الإدلاء بالشهادة قبل طلبها أنه من باب المبالغة، وأنه لا يراد حقيقة اللفظ، وأن الشخص يشهد قبل أن يستشهد، لا يشهد حتى يستشهد لكنه لا يتأخر، وإنما يبادر بالإدلاء بالشهادة، فنزّلت هذه المبادرة التي ليس فيها تأخر منزلة من شهد قبل أن يستشهد؛ لأنه كأنه مجرد ما طلب منه شهد، فكأنه سبق الطلب بمبادرته، والجواب الأول هو جواب الأكثر، أكثر أهل العلم، وهو المرضي. "عن عمران بن حصين -رضي الله تعالى عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إن خيركم قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم)) " والشك هل قال ذلك مرتين أو ثلاثاً؟ فتكون مع قرنه ثلاثة أو أربعة؟ والمرجح الثلاثة، كما جاء في رواية الباب: ((إن خيركم قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم)) خيركم، يعني الأمة، هو لا يخاطب الصحابة -رضوان الله عليهم- إنما يخاطب الأمة بمجموعها؛ لأن قرنه هم صحابته، فما عطف عليه ممن يلونهم من ليس من الصحابة من التابعين، ثم الذين يلونهم من أتباعهم، على خلاف بين أهل العلم في المراد بالقرن، وهم أهل زمان متقاربون في السن والوجود، كما قالوا في الطبقة.

واختلفوا في تحديد القرن بالزمان من أربعين إلى مائة وعشرين، لكن الاصطلاح بين أهل العلم استقر على أن المراد بالقرن مائة سنة، وعليه عامة المؤرخين الذين يؤرخون للقرون، جعلوه مائة سنة، مع أننا لو نظرنا إلى أعمار الناس فالقوم المتشابهون يجمعهم في الغالب سبعون سنة، وهذا قول جمع من أهل العلم أن المراد بالقرن سبعون سنة، وحدد ابن حجر في فتح الباري نهاية القرون المفضلة بسنة مائتين وعشرين، كيف يكون التحديد بمائتين وعشرين؟ على اعتبار أن القرن سبعين، طيب مائتين وعشرين، لماذا يصير مائتين وعشرة؟ بناء على أن ((ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم)) ثلاث، فقرنه انتهى بسنة عشرة، فإذا أضفنا إليها الذين يلونهم سبعين، والذين يلونهم سبعين، والذين يلونهم سبعين، يكون الحد مائتين وعشرين، وابن حجر ذكر في فتح الباري أنه في هذا الزمن كثرت البدع، وانتشرت، وصار لها من يدعهما ويروجها، ويمتحن عليها، أصول البدع وجدت في وقت مبكر، في آخر عهد الصحابة، وجد بعض البدع، لكنها ضعيفة، وإنما نشطت وقويت ودعمت وامتحن من أجلها الأخيار في هذا الزمان الذي ذكره ابن حجر -رحمه الله-. ((ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، ثم يكون قوم)) يعني يوجد قوم ((يشهدون ولا يستشهدون)) هؤلاء الذين يدلون بشهاداتهم قبل أن تطلب يشك فيهم أنهم يوجد ما يدفعهم إلى الإدلاء بهذه الشهادة، فتقوى التهمة بالنسبة لهم، ولذا وجه إليهم الذم، وإلا ما الذي يجعل هذا الشاهد يدلي بما عنده قبل أن يطلب؟ إنما هو لرغبة أو رهبة، فسيق الخبر عنهم مساق الذم، وهذا فيما إذا لم يخش ضياع الحق، أما إذا خشي ضياع الحق فحديث زيد بن خالد صريح في أنه يدلي بشهادته قبل أن يستشهد. ((ويخونون ولا يؤتمنون)) يوجد بعد القرون المفضلة يخونون ولا يؤتمنون، وكثرت الخيانة في الناس، وأول ما يرفع من الدين الأمانة، قد يقول قائل: إنه وجد في عصر الصحابة، وفي عصر التابعين، وفي عصر تابعيهم من ذلك شيء، لكن الحكم عند أهل العلم إنما هو بالنسبة للغالب.

التفضيل في قوله: ((خيركم قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم)) تفضيل أفراد في القرن الأول الذين هم صحابة النبي -عليه الصلاة والسلام-، التفضيل أفراد عند عامة أهل العلم، وأن أدنى الصحابة منزلة أفضل من أفضل التابعين، ومنهم من يقول: التفضيل بين الصحابة والتابعين تفضيل إجمالي جملي، كالتفضيل بين التابعين وتابعيهم، وإلى هذا يميل ابن عبد البر، وعلى هذا قد يوجد في من بعد الصحابة من هو أفضل من بعض الصحابة، ولكن جماهير أهل العلم أن فضل الصحبة شرف لا يناله من جاء بعدهم، مهما عمل من الأعمال، ومهما بلغ من الفضل والعلم. يستدل ابن عبد البر، ومن يقول بقوله بحديث: ((أمتي كالغيث لا يدرى أوله خير أم آخره)) وأيضاً ما ثبت للمتمسك بالدين والسنة في آخر الزمان من أن للواحد منهم أجر خمسين، قيل: منهم يا رسول الله؟ قال: ((لا، منكم)) يدل على أنه يوجد في آخر الأمة من هو أفضل من بعض الصحابة، هذا ما يقرره ابن عبد البر، ولكن عامة أهل العلم على أن أدنى الصحابة منزلة أفضل من أفضل التابعين، والتفضيل إفرادي كل فرد فرد، وليس إجمالي كما هو شأن التفضيل بين التابعين وتابعيهم؛ لأن هذا الشرف بصحبته -عليه الصلاة والسلام- لا يمكن أن يناله أحد، وحديث المتمسك بالدين والعامل به في آخر الزمان له أجر خمسين بالنسبة لأجر العمل الذي يرتب عليه لقلة الأعوان، يكون له هذا الأجر، ويبقى أجر صحبة وشرف الصحبة لا يمكن أن يناله أحد، وهو بمفرده يرجح بجميع أعمال من جاء بعد الصحابة. بالنسبة للتابعين وتابعيهم إجمالي؛ لأنه قد يوجد في تابعي التابعين من هو أفضل من بعض التابعين؛ لأن شرف الصحبة خاص بالصحابة.

((ينذرون ولا يوفون)) النذر معروف مقرر عند أهل العلم أنه مكروه، ويستخرج به من البخيل، إلزام المسلم نفسه شيئاً ليس بلازم، وإيجابه على نفسه أمر لا يجب عليه في أصل الشرع إنما يفعل ذلك البخيل الذي لا يعمل إلا إذا ألزم نفسه، لا يلتزم إلا إذا ألزم نفسه، لكن الوفاء به إذا كان نذر طاعة يجب الوفاء به، يجب الوفاء به، ويقرر أهل العلم أن النذر باب من العلم غريب، وسيلته مكروهة وغايته واجبة؛ لأن الوسائل لها أحكام الغايات، أحكام المقاصد، هذه من قواعد الدين، لكن في هذا الباب الوسيلة مكروهة والغاية واجبة، فإذا لم يف بنذره، وقد أمر بالوفاء بالعقود والعهود والنذور ((أوف بنذرك)) ((من نذر أن يطيع الله فليطعه)) يكثر من ينذر ولا يفي، بعض الناس يلزم نفسه يقول: إذا جاء آخر الشهر واستلمنا الراتب سوف أتصدق بمائة ريال، هذا لا يخلو إما أن يقترن بيمين أو لا يقترن، فإن اقترن باليمين دخل في حكم {وَمِنْهُم مَّنْ عَاهَدَ اللهَ} [(75) سورة التوبة] وإن لم يقترن بيمين فهو مجرد وعد، لا يثبت إلا بالقبض، لكن الوفاء بالوعد مطلوب، وأمره أخف مما لو اقترن بيمين، أو جاء على صيغة النذر الذي يلزم الوفاء به. ((ويظهر فيهم السمن)) البدانة تظهر في المتأخرين بكثرة، التنعم والترف، لا يوجد في سلف هذه الأمة، إنما فتحت الدنيا على من بعدهم، وكان السمن نادر في صدر هذه الأمة وفي خيارها، والسمن نتيجة للشره في الأكل والشرب والراحة، وهذا لا شك أنه يعوق عن تحصيل كثير من مصالح الدين، لكن بعض الناس خلقة يركبه اللحم والشحم من غير قصد، ومن غير أكل، تجد الأكل قليل جداً، ومع ذلك الوزن يزيد، وبعض الناس يأكل كثيراً ووزنه ينقص، مثل هذا ليس بيد الإنسان، إنما المراد به ذم الترف، وذم الشره في الأكل والشرب والراحة.

الشافعي -رحمه الله- يقول: "ما رأيت عاقلاً سميناً إلا أن يكون محمد بن الحسن" يعني فائق العقل جداً محمد بن الحسن، ومع ذلك يوجد كثير من العقلاء من هذا النوع، لكن المذموم ما يستطيعه الإنسان، هناك أشياء يستطيعها الإنسان وأشياء لا يستطيعها، وبعض الناس كما هو مشاهد وزنه يزيد وأكله قليل، بعض الناس يكون عنده غدد وجسمه قابل للزيادة هذا يزيد ولو قل أكله، هذا ما يلام، لكن الذي يلام من يسعى لذلك، وهي مجرد علامة في المتأخرين، والعلامات قد تكون مذمومة، وقد تكون هي لمجرد الإخبار، يعني علامة الخوارج حلق الشعر ((سيماهم التحليق)) أو قال: ((التسبيد)) كما في البخاري، سيما الخوارج، لكن هل الحلق مذموم؟ هم لا يتركون فرصة للشعر أن ينبت يتعاهدونه كما يفعل -مع الأسف- كثير من الناس اليوم في لحيته يمر الموسى إذا أراد الخروج إلى الدوام يومياً، فالخوارج يمرون الموسى على شعورهم لأنها سيماهم، لكن من احتاج إلى حلقه أو لا يستطيع إكرامه فضلاً عن كونه في نسك حج أو عمرة هذا لا يذم، فهذه مجرد علامة من علاماتهم، وإن لم يترتب عليها مدح أو ذم، ونقول مثل هذا في ((يظهر فيهم السمن)) إذا لم يقصد ذلك. قال -رحمه الله-: "وعن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا تجوز شهادة خائن ولا خائنة ولا ذي)) " الشارح يقول: غَمر بفتح الغين المعجمة، يراها بفتح الغين والميم غَمَر، وتكسر الميم، لكن الأكثر على أن الغين مكسورة ((ولا ذي غِمر على أخيه)) يعني حقد على أخيه ((ولا تجوز شهادة القانع لأهل البيت)).

((لا تجوز شهادة خائن ولا خائنة)) لأنه ليس بعدل، فالخائن هو الذي ضيع الأمانة، سواءً كانت فيما يتعلق بحقوق الله أو بحقوق العباد {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَخُونُواْ اللهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُواْ أَمَانَاتِكُمْ} [(27) سورة الأنفال] فالذي يضيع حقوق الله خائن، والذي يضيع حقوق العباد خائن، فليس بثقة مرضي، ولا عدل تقبل شهادته {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِّنكُمْ} [(2) سورة الطلاق] {مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاء} [(282) سورة البقرة] والخائن ليس بمرضي، وليس بعدل، فلا تقبل شهادته و ((لا تجوز شهادة خائن ولا خائنة)) سواءً كان ذكراً أو أنثى. ((ولا ذي غمر)) يعني حقد ((على أخيه)) لأن حقده عليه قد يحمله على أن يشهد عليه زوراً. ((ولا تجوز شهادة القانع لأهل البيت)) الخادم، الخادم لا تجوز شهادته لمن يخدمه؛ لأن مصلحته مرتبطة بمخدومه؛ لأنه يرجو نفعه، ويخشى ضره، وما يعود على المخدوم أثره يعود على الخادم، فله مصلحة من شهادته لسيده أو لمخدومه. فلا بد من تحقق العدالة في الشاهد، كما أنه لا بد من تحققها في الراوي، والشهادة يطلب فيها العدول الثقات فلا تقبل شهادة من ذكر لتخلف العدالة، والعدالة وصف أو ملكة تحمل على ملازمة التقوى والمروءة، فلا بد من ملازمة التقوى التي هي فعل المأمورات، وترك المحظورات، ولا يعني هذا أنه لا تقبل شهادة ولا رواية إلا شخص لا يعصي، فيترك بعض المأمورات، ويرتكب بعض المحظورات، إنما المراد به من يخطئ، ثم يعود ويتوب إلى الله -جل وعلا-، ويكون غالب حاله الاستقامة، وإلا فالعصمة غير متصورة في غير الأنبياء. قال -رحمه الله-: "وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنه سمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا تجوز شهادة بدوي على صاحب قرية)) رواه أبو داود وابن ماجه".

((لا تجوز شهادة بدوي)) ساكن البادية من الأعراب الجفاة الجهلة؛ لأن هذا وصف كثير في البادية ((من بدا جفا)) ولبعدهم عن موارد العلم والنور يكثر فيهم الجهل، ويكثر فيهم الجفاء {الأَعْرَابُ -كما قال الله -جل وعلا- أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا وَأَجْدَرُ أَلاَّ يَعْلَمُواْ حُدُودَ مَا أَنزَلَ اللهُ} [(97) سورة التوبة] يعني لبعدهم عن أهل العلم يتصفون بالجهل، ويتصفون بالغلظة والشدة، ولاتصافهم الغالب بالجهل منعت شهادتهم على صاحب القرية الحضري، أما إذا ارتفع الوصف، وعرف عن هذا البدوي ساكن البادية العلم والإنصاف، قد يوجد فيهم، فإنه حينئذٍ تجوز شهادته، كما أجاز النبي -عليه الصلاة والسلام- شهادة الأعرابي في دخول شهر رمضان، فالمسألة مسألة وصف، فإذا تحقق الوصف وهو غالب بالنسبة للبادية قليل بالنسبة للحاضرة، فإذا تحقق هذا الوصف ردت الشهادة، سواءً كان الشاهد بدوياً أو حضرياً، لكن لما كان الوصف غالباً في البادية نص عليه، وتجد هناك منافسة بين سكان البادية وبين سكان الحاضرة، فتجد بعض الإشكالات والمشاكل بينهم، فتجد الحضري يتكلم في البدوي، والبدوي كذلك، فيحصل بذلك شيء مما يحمل على تجاوز الحق، فيحمل البدوي على أن يشهد على الحضري بغير حق والعكس، لكن المرد أولاً وآخراً للثقة والعدالة والأمانة، لكن لما كان الغالب في البادية الجهل والغلظة نص عليها، وإلا إذا وجد هذا الوصف في حضري أو غيره ردت شهادته. قال -رحمه الله-: "وعن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أنه خطب فقال: "إن أناساً كانوا يؤخذون بالوحي في عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" النبي -عليه الصلاة والسلام- مؤيد بالوحي، يحكم على الناس بما أعلمه الله -جل وعلا-، ويخبر عنهم، وقد يخبر بعض صحابته عن بعضهم، كما أخبر حذيفة عن بعض المنافقين، وسماهم له، لكن غير النبي -عليه الصلاة والسلام- المؤيد بالوحي هذا عليه أن يحكم بما يظهر له، والباطن الخفي الذي لا يعلمه إلا الله -جل وعلا- انقطع بانقطاع الوحي.

"إن أناساً كانوا يؤخذون بالوحي في عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" النبي -عليه الصلاة والسلام- يخبر عن بعض الناس، عن باطن أمورهم، وعن خفاياهم، وعما يخفونه في نفوسهم، لا يعلم من الغيب إلا ما أعلمه الله -جل وعلا-، لكن الله قد يعلمه عن بعض الناس فيؤخذون بالوحي، وأما بعد انقطاع الوحي بموته -عليه الصلاة والسلام- "وإن الوحي قد انقطع، وإنما نأخذكم الآن بما ظهر لنا من أعمالكم" وأما السرائر فتوكل إلى الله -جل وعلا-، فالمؤاخذة كلها على الظاهر. إذا زكي الشاهد أو الراوي من قبل عدلين فهو مقبول الشهادة، والتزكية كما يقرر أهل العلم إنما يسأل فيها عما يخفى على الحاكم، وإن كان ظاهراً للمزكي، وبعضهم يقول: إن التزكية إنما هي على الأمور الباطنة، ولذلك عمر -رضي الله عنه- لما شهد عنده رجل فقال له عمر: لست أعرفك، فأت بمن يعرفك، فقال رجل من القوم: أنا أعرفه، قال: بأي شيء تعرفه؟ قال: بالعدالة والفضل، فقال: هو جارك الأدنى الذي تعرف ليله ونهاره، ومدخله ومخرجه؟ قال: لا، قال: فعاملك بالدينار والدرهم اللذين يستدل بهما على الورع؟ قال: لا، قال: فرفيقك في السفر الذي يستدل به على مكارم الأخلاق؟ قال: لا، قال: لست تعرفه، ثم قال للرجل: آت بمن يعرفك؟ هذه أسئلة عن أمور باطنة، ولعل عمر -رضي الله تعالى عنه- قامت عنده قرائن تدل على عدم مطابقة التزكية للمزكى، وإلا إذا كان ظاهره الصلاح وزكي من قبل من يعرفه يكفي؛ لأن الحكم إنما هو على الظاهر، والناس بين إفراط وتفريط، يعني بدءاً من أهل العلم الذي يعدلون ويجرحون الرواة فيهم المتشدد، وفيهم المتساهل، وفيهم المتوسط، وبين من يتكلم في الناس إلى يومنا هذا مع أن الأعراض مزلة قدم كما يقول ابن دقيق العيد: "حفرة من حفر النار" "أعراض المسلمين حفرة من حفر النار وقف على شفيرها العلماء والحكام" كثير من الناس يتكلم بمجرد استرواح وميل أو توقع يخوله هذا التوقع إلى الاستطالة بعرض أخيه، -نسأل الله السلامة والعافية-، وبعض الناس ينزج فيعدل ويوثق ويزكي بالجملة.

الآن يحتاج في كثير من الأمور إلى أقوال المزكين، فيأتي هذا الذي طلب منه التزكية إلى أحد من أهل العلم فيطلب منه تزكية، فإما أن يتشدد ويرده بالكلية، يقول: أنا لا أعرف منك إلا ما يظهر لي ولا أعرف حقيقتك ولا سافرت معك ولا عاملتك بناءً على ما جاء عن عمر، فيتضيق الأمر على الناس، أو يزكي بالجملة، ويكيل من ألفاظ المدح ما لا يستحقه هذا المزكى، والمطلوب التوسط في الأمور كلها، اكتب عنه ما تعرف فقط، ولذا يأتي كثير ممن تطلب منه التزكية إلى أحد من أهل العلم فيحرجه يطلب منه التزكية، ويصعب على كثير من الناس مواجهة بعض طلاب العلم لا سيما إذا كان يحضر عنده الدروس، ويراه بكثرة أن يستفصل عن بعض الأمور، أو يقول: والله أنا لا أعرفك معرفة دقيقة، نعم أنت تحضر عندي، يكفيك أن أقول: تحضر عندي؟ وبعض أهل العلم يتشدد تشدداً يضيق على طلاب العلم في هذه الناحية التي يحتاجون إليها كثيراً، وخير الأمور أوساطها، على الإنسان أن يتوسط، لا يبخل بما يعرف، ولا يكتب ما لا يعرف. قال -رحمه الله-: "وعن أبي بكرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه عد شهادة الزور من أكبر الكبائر" متفق عليه في حديث طويل". بالمناسبة يعني من مناسبة ذكر أبي بكرة وذكر الشهادات يحسن أن نذكر ما يتعلق بشهادة القاذف إذا تاب؛ لأن الله -جل وعلا- قال: {وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ * إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا} [(4 - 5) سورة النور] القاذف إذا تاب الحد يلزمه بالاتفاق، يجلد {فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً} [(4) سورة النور] يبقى: {وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [(4) سورة النور] هل يتناول الاستثناء الأمرين معاً أو يعود إلى الأخير فقط؟ كونه لا يعود إلى الأول الذي هو الحد هذا محل اتفاق، وكونه يعود إلى الأخير محل اتفاق يرتفع عنه وصف الفسق، لكن تقبل شهادته أو لا تقبل؟ خلاف بين أهل العلم.

السبب في رد الشهادة هو الفسق {إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا} [(6) سورة الحجرات] والفسق ارتفع بالتوبة بالإجماع ارتفع، فإذا ارتفع الوصف المؤثر في رد الشهادة تقبل الشهادة، وهذا قول أكثر أهل العلم، ومنهم من يقول: لما قيل: {وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا} [(4) سورة النور] يقتضي ذلك التأبيد، مع أن التأبيد قد نص عليه في بعض المسائل، ودل الدليل على ارتفاعه. الله -جل وعلا- ذكر عن أهل النار عن الكفار أنهم لا يتمنونه أبداً، لا يتمنون الموت أبداً، ثم بعد ذلك إذا دخلوا النار {وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ} [(77) سورة الزخرف] تمنوا الموت حينئذٍ، طلبوا الموت مع اقتران عدم التمني بالتأبيد، مما يدل على أنه لو اقترن النفي بالتأبيد أنه يمكن ارتفاعه إذا ارتفع الوصف المؤثر فيه، فالوصف المؤثر في رد الشهادة هو الفسق، وإذا ارتفع الفسق ارتفع الوصف المؤثر فتقبل الشهادة حينئذٍ. قال -رحمه الله-: "وعن أبي بكرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه عد شهادة الزور من أكبر الكبائر" متفق عليه في حديث طويل". يقول النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ )) ثلاثاً، قالوا: بلى يا رسول الله، قال: ((الإشراك بالله، وعقوق الوالدين)) وكان -عليه الصلاة والسلام- متكئاً فجلس، ثم قال: ((ألا وشهادة الزور، ألا وقول الزور)) فما زال يكرر -عليه الصلاة والسلام- حتى قلنا: ليته سكت، شفقة عليه ورحمة به -عليه الصلاة والسلام-، وكرر، وغيّر جلسته؛ للاهتمام بشأن شهادة الزور؛ لما يترتب عليها من مفاسد عظيمة، قد يترتب عليها إزهاق نفس، قتل نفس معصومة، قد يترتب عليها قطع طرف، قد يترتب عليها أخذ مال، قد يترتب عليها ظلم لا يطاق، وكم من شخص ظلم مظلمة عظيمة بسبب شهادة زور، وكم من شخص أزهقت روحه بسبب شهادة زور، ولذا أكد النبي -عليه الصلاة والسلام- عليها، وكان متكئاً فجلس ((ألا وشهادة الزور، ألا وقول الزور)).

قد يهتم بالشيء أكثر ممن هو أشد منه، قال: ((الإشراك بالله، وعقوق الوالدين)) ما جلس من أجلهما، ولا كرر مع أن الإشراك أعظم ذنب يعصى الله فيه -جل وعلا-، عقوق الوالدين أعظم الحقوق بعد حق الله -جل وعلا- بر الوالدين؛ لأن الناس قد ينتهكون بعض المعاصي، ويستمرونها، فيحتاجون إلى التشديد الذي يجعلهم يقلعون عنه، وبعض الأمور -وإن كانت أعظم- لا يشدد فيها؛ لأن النفوس نفس المسلم في الجملة تنفر منها، تنفر من الشرك، وحق الوالدين الملموس ينفر منه صاحب الطبع السليم أن يعق والديه، فشهادة الزور قد يحمل عليها رغبة أو رهبة، أو طمع، أو ما أشبه ذلك، ثم يتساهل الناس فيه، ويشدد في بعض الأمور؛ لأن الناس يتساهلون فيه ((إنهما ليعذبان، وما يعذبان في كبير)) بلى إنه كبير، يعني في نظر الناس ما هو بكبير، لكنه في حقيقة الأمر كبير. "وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال لرجل: ((ترى الشمس؟ )) قال: نعم. قال: ((على مثلها فاشهد أو دع)) أخرجه ابن عدي بإسناد ضعيف، وصححه الحاكم فأخطأ" نعم الحديث ضعيف؛ لأن في إسناده محمد بن سليمان ضعفه النسائي وغيره، وقال البيهقي: لم يرو من وجه يعتمد عليه، فالحديث ضعيف.

طيب ((ترى الشمس؟ )) قال: نعم، قال: ((على مثلها فاشهد أو دع)) قد يقول بعضهم: معناه صحيح؛ لأن التثبت في الشهادة مطلوب، كما يتثبت في رؤية الشمس ورؤية القمر، لكن التثبت إلى هذا الحد يخرج بعض أنواع الشهادة، وهو ما يكتفى فيه بالاستفاضة، يعني لو جاء شخص بلغ السن النظامية، ويريد استخراج ما يثبت هويته بطاقة، فجاء لجاره قال: تشهد لي أني فلان ابن فلان عند الأحوال؟ إن قلنا: على مثله فاشهد يستطيع وإلا ما يستطيع؟ يستطيع، هل حضر العملية التي بسببها وجد، وتابع العمل إلى أن وجد هذا الشخص وعرفه بعينه؟ يكفيه استفاضة أن هذا ولد فلان، يكفيه، يعني وفد إلى البلد أناس، شخص له أولاد، استمر هذا الشخص عشر سنين، وأنت تعرف أن هذا سكن هذا البيت، ومعه هؤلاء الأولاد، وهذه الزوجة، يعني ما تشهد أن هذه زوجته وهؤلاء أولاده؟ وما يدريك أنهم هم بحق أو باطل؟ لكن الاستفاضة في مثل هذا تكفي، ولو طلب في مثل هذا ((على مثلها فاشهد)) لتعذرت الشهادة، تتعذر الشهادة؛ لأن مقتضى على مثلها مثل الشمس أنك لا بد أن تحضر من أول العمل إلى آخره، وهذا دونه، ما يمكن حضوره أصلاً، هذا لا يمكن حضوره أصلاً، فالقابلة تقبل شهادتها، وإن كانت امرأة واحدة في مثل هذا العمل؛ لأنه لا يمكن للرجال أن يحضروا مثل هذه الأمور. قال -رحمه الله-: "وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قضى بيمين وشاهد" الأصل أن الشهادة من اثنين في الأموال، رجلان أو رجل وامرأتان، وفي الحدود الرجال، وفي الأموال برجل وامرأتين، قد يتعذر وجود رجلين، أو رجل وامرأتين، المدعي الذي أحضر شاهداً واحداً أصل الدعوى لا تقبل إلا ببينة، جاء ببينة لكنها ناقصة، مجرد الدعوى ضعيفة بدون بينة، تقوت بالشاهد، في مقابل يمين المنكر بشاهد أقوى، لكن تحتاج، ما زال فيها ضعف، لم تبلغ النصاب الشرعي، لم يكتمل النصاب {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِّنكُمْ} [(2) سورة الطلاق] تتقوى هذه البينة الضعيفة بالشاهد الواحد باليمين، ولذا حديث: ابن عباس -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قضى بيمين وشاهد. أخرجه مسلم وأبو داود والنسائي، وقال: إسناد جيد.

وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- مثله. أخرجه أبو داود والترمذي، وصححه ابن حبان. على كل حال الحديث صحيح، كونه -عليه الصلاة والسلام- قضى باليمين مع الشاهد هذا صحيح، وقال به جمهور أهل العلم، وإن خالف في ذلك أبو حنيفة أنه لا يحكم بيمين مع الشاهد، وإنما لا بد من تمام النصاب في الشهادة، لكن ما دام الحديث مخرج في مسلم، وقال به جمهور أهل العلم، وقويت الدعوى بوجود البينة الضعيفة بشاهد واحد، لكنها تترقى وتتقوى بيمين المدعي. نقف على هذا، والله أعلم. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

كتاب القضاء (4)

بسم الله الرحمن الرحيم شرح: بلوغ المرام – كتاب القضاء (4) باب: الدعاوى والبينات الشيخ: عبد الكريم بن عبد الله الخضير هذا يقول: حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قضى بيمين وشاهد، أخرجه مسلم وأبو داود والنسائي، وقال: إسناده جيد، يقول: لماذا قال الحافظ: إسناده جيد مع أنه أخرجه مسلم؟ الذي قال إسناده جيد النسائي، وليس الحافظ، الحافظ لا يقول هذا في أحاديث الصحيحين إطلاقاً، لكن النسائي لما أخرج الحديث قال: إسناده جيد، والنسائي يتحدث عن روايته لا عن رواية مسلم. سم. بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. قال الحافظ ابن حجر العسقلاني -رحمه الله تعالى-: باب: الدعاوى والبينات عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لو يعطى الناس بدعواهم، لادعى ناس دماء رجال وأموالهم، ولكن اليمين على المدعى عليه)) متفق عليه، وللبيهقي بإسنادٍ صحيح: ((البينة على المدعي، واليمين على من أنكر)). وعن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- عرض على قوم اليمين فأسرعوا، فأمر أن يسهم بينهم في اليمين أيهم يحلف؟ رواه البخاري. وعن أبي أمامة الحارثي -رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من اقتطع حق امرئ مسلم بيمينه فقد أوجب الله له النار، وحرم عليه الجنة)) فقال له رجل: وإن كان شيئاً يسيراً يا رسول الله؟ قال: ((وإن قضيب من أراك)) رواه مسلم. وعن الأشعث بن قيس -رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من حلف على يمين يقتطع بها مال امرئ مسلم هو فيها فاجر، لقي الله وهو عليه غضبان)) متفق عليه. وعن أبى موسى -رضي الله تعالى عنه- أن رجلين اختصما في دابة، وليس لواحد منهما بينة، فقضى بها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بينهما نصفين" رواه أحمد وأبو داود والنسائي، وهذا لفظه، وقال: إسناده جيد.

وعن جابر -رضي الله تعالى عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من حلف على منبري هذا بيمين آثمة تبوأ مقعده من النار)) رواه أحمد وأبو داود والنسائي، وصححه ابن حبان. وعن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة، ولا ينظر إليهم، ولا يزكيهم، ولهم عذاب أليم: رجل على فضل ماء بالفلاة يمنعه من ابن السبيل، ورجل بايع رجلاً بسلعة بعد العصر فحلف له بالله لأخذها بكذا وكذا فصدقه وهو على غير ذلك، ورجل بايع إماماً لا يبايعه إلا للدنيا، فإن أعطاه منها وفى، وإن لم يعطه منها لم يف)) متفق عليه. وعن جابر -رضي الله تعالى عنه- أن رجلين اختصما في ناقة، فقال كل واحد منهما: نتجت عندي، وأقاما بينة، فقضى بها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لمن هي في يده. وعن ابن عمر -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- رد اليمين على طالب الحق. رواهما الدارقطني، وفي إسنادهما ضعف. وعن عائشة -رضي الله تعالى عنها- قالت: دخل علي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذات يوم مسروراً، تبرق أسارير وجهه، فقال: ((ألم تري إلى مجزز المدلجي؟ نظر آنفاً إلى زيد بن حارثة وأسامة بن زيد فقال: هذه أقدام بعضها من بعض)) متفق عليه. الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد: فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: باب: الدعاوى والبينات الدعاوى جمع دعوى، وقد تجمع على دعاوى ودعاوي، مثل فتاوى وفتاوي، وصحارى وصحاري، والدعوى اسم مصدر من ادعى الفعل ادعى دعوى، والمصدر ادعاء، والأصل فيها أن يدعي شيئاً أنه له، ويستوي في ذلك يسمى مدعي، سواءً كان محقاً أو غير محق، وعليه حينئذٍ المدعي البينة كما سيأتي. والبينات جمع بينة، والأصل فيها كل ما يبين الحق من الحجج، سواءً كانت من الشهود أو من القرائن التي تدل على صدق المدعي، أعم من أن تكون شهوداً، وإن كان الجمهور يخصون البينة المطلوبة من المدعي بالشهود.

ابن القيم يقرر أن البينات أعم، وأن كل ما أبان عن الحق ووضحه من الحجج سواء كانت شهوداً، أو قرائن فالحكم بالقرائن القوية، يرى ابن القيم أنه من الحق، القرائن القوية التي تدل على أن الحق لفلان؛ كأن يدعي شيئاً تدل عليه القرائن أنه له. لو جاء شخص يدعي لباساً جرت العادة بأن مثله يلبسه، وهو في يد شخص جرت العادة أنه لا يلبسه، لو وجد شماغ مثلاً بيد شخص ليس من أهله، ما جرى في العادة أنه يلبس الشماغ، وليس من ملبوسهم، من أهل الألبسة التي جرت عادتهم وعرفهم أن الشماغ ليس منها، هذه قرينة، ولو جاء شخص حاسر الرأس يدعي عمامة بيد شخص عليه عمامة، القرينة تدل على أن هذه العمامة لحاسر الرأس ممن جرت عادته بلبس العمامة، يعني ما عرف أن هذا الشخص يخرج إلى الناس بدون عمامة، هذه قرائن، يعني يستروح بها، ويمال بها إلى أن الحق لهذا المدعي، لكن الجمهور على أن مثل هذه الأمور لا تكفي. يعني في قصة علي مع اليهودي علي -رضي الله عنه وأرضاه- مع اليهودي القرائن كلها تدل على أن الدرع له، ومع ذلك شريح أوجد من يشهد له، قويت دعواه بالشاهد، ومع ذلك لم يحكم له شريح لضعف بينته، ولم يكتف بالقرائن إضافة إلى الشاهد الذي لم يقدح فيه، لكن لو حلف أمير المؤمنين علي -رضي الله عنه- مع الشاهد مع قنبر استحقها؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- قضى باليمين مع الشاهد، وشريح يعلم أن علياً -رضي الله تعالى عنه وأرضاه- صادق في دعواه، لكنه لم يحكم بعلمه كما قال أهل العلم، وإن نقل عنه أنه ممن يرى الحكم بالعلم. وعلى كل حال القرائن التي تظهر للقاضي لا شك أنها تفيده علماً بأن صاحب الدعوى راجح الجانب، لكن هل يكتفى بها كما يقول ابن القيم في الطرق الحكمية وبنى عليها كتابه؟ أو لا بد من البينة الكافية وهي الشهود العدول المقبولون شرعاً المزكون عند الاحتياج إلى التزكية؟ فالجمهور يقولون: لا بد منهم.

هذه القرائن التي تتفاوت قوة وضعفاً، التي يقرر ابن القيم -رحمه الله- أنها كافية، لا شك أنها قد توقع في شيء من الحرج؛ لأنها قد تقوى فيغلب على الظن صدق المدعي، وقد تكون هذه القرينة متوسطة، فإن تردد في الأمر فتكون ضعيفة، وحينئذٍ يلجأ القاضي للحكم بعلمه، والقاضي لا يحكم بعلمه عند الجمهور على ما تقدم. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لو يعطى الناس بدعواهم)) " بدعواهم، بالإفراد في جميع النسخ؟ بدعواهم كذا في جميع النسخ؟ طالب:. . . . . . . . . نعم؟ طالب:. . . . . . . . . على كل حال لا يلتبس الأمر، وإلا فالأصل أن تجمع الدعوى، كما جاء في الناس، فيكون من باب مقابلة الجمع بالجمع، فيكون لكل واحد من هؤلاء الناس دعوى، وإذا قلنا: ((لو يعطى الناس بدعواهم)) صار الناس كلهم لهم دعوى واحدة يدعونها على مدعى عليه، وعلى كل حال المقصود واضح. ((لو يعطى الناس بدعواهم لادعى ناس دماء رجال وأموالهم)) كلام صحيح، لو أن كل إنسان يدعي شيئاً يحكم له به لما بقي الحق في يد صاحبه؛ لأنه لا بد أن يوجد من يدعيه إذا كان بيعطى، ويدفع إليه بمجرد الدعوى من غير بينة. ((لو يعطى الناس بدعواهم لادعى ناس دماء رجال وأموالهم، ولكن اليمين على المدعى عليه)) اليمين على المدعى عليه، متى تلزمه اليمين؟ إذا أنكر. متفق عليه، وللبيهقي بإسناد صحيح: ((البينة على المدعي، واليمين على من أنكر)). البينة أقوى من اليمين، فطلبت ممن جانبه أضعف، المدعي يدعي شيئاً بيد غيره، والمدعى عليه يدعى عليه شيء بيده، فالمدعي دعواه ضعيفة، والمدعى عليه وبيده المدعى به جانبه قوي، فاحتيج للبينة القوية لتقوي جانب المدعي الضعيف الذي يدعي حقاً في يد غيره، واكتفي بالبينة الضعيفة التي هي اليمين، وإن كانت عظيمة عند الله -جل وعلا-، لكنها عند الناس أسهل من إحضار الشهود؛ لأن جانب المدعى عليه قوي. لو افترضنا أن المدعي أحضر بينة على أن ما يدعيه له، والمدعى عليه أحضر بينة، المدعي الذي يدعي أن ما بيد زيد له أحضر بينة مرضية، والمدعى عليه أحضر بينة مرضية أن ما بيده له، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . نعم؟

طالب:. . . . . . . . . يقول: ((البينة على المدعي، واليمين على من أنكر)) هل نحكم للمدعي بما ادعاه بمجرد إحضاره البينة؟ لأن هذا هو المطلوب شرعاً ((البينة على المدعي)) هذا هو المطلوب شرعاً ((البينة على المدعي)) أحضر البينة المرضية المقبولة في الشهادة، نحكم له بمجرد هذا، أو ننظر ما عند المدعى عليه؟ هاه؟ طالب:. . . . . . . . . عنده بينة، شهود عدول أن ما بيده له، المدعى عليه جانبه أقوى؛ لأن الأصل براءة ذمته، نعم إذا أمكن الجمع بين الشهادتين بأن يدعي زيد على عمرو مبلغ من المال، وأحضر الشهود بأنه أقرضه هذا المبلغ بحضرتهم، فادعى عمرو أنه دفع إليه هذا المبلغ بشهادة فلان وفلان، هنا في تعارض بينات وإلا ما فيه؟ ما في تعارض بينات، هو ما أنكر أصلاً، يقول: أنا عندي له مبلغ من المال، لكن سددت بشهادة فلان وفلان، هذه ما في تعارض بينات، نعم، لكن لو أحضر، قال زيد: إني أقرضت فلاناً في العصر من يوم كذا، مبلغاً من المال قدره كذا، بحضرة فلان وفلان، فجيء بفلان وفلان قالوا: نعم أقرضه بحضرتنا المبلغ المدعى، فجاء المدعى عليه بشهود وقالوا: إن فلاناً من صلاة العصر في اليوم المدعى فيه إلى أذان المغرب هو معنا، ما أقرض ولا فارقناه، هنا تتعارض البينات، فمن الجانب الأقوى من الطرفين؟ المدعى عليه؛ لأن الأصل براءة ذمته.

نظير هذا عند أهل العلم عند أهل الحديث تعارض الجرح والتعديل، يقولون: الجرح مقدم على التعديل؛ لأن الجارح معه زيادة علم خفيت على المعدل، لكن إن أمكن نفي ما ادعاه الجارح بطريق صحيح قدم قول المعدل، لو قال: فلان ضعيف لأنه فاسق، شرب الخمر في يوم كذا في مكان كذا، ثم قال المعدل: لكنه تاب، أو قال: هو في اليوم المدعى فيه والمكان المدعى فيه أنا كنت ملازماً له ما شرب، فهل نقول: المثبت مقدم على النافي، أو نقول: تعارضت البينات؟ لكن لو قال: هو فاسق؛ لأنه قتل فلاناً يوم الخميس، فجاء المعدل وقال: أنا رأيت فلاناً الذي ادعي قتله يوم الجمعة، أمكن النفي بطريق صحيح، وحينئذٍ لا يلتفت إلى قول الجارح، ونظير هذا في الدعاوى، الأصل براءة الذمة، فإذا تكافأت البينات هل يقال مثلاً: أن هذا مطلوب منه البينة وأحضرها ويكفي، فلا نلتفت إلى المدعى عليه مع بينته، أو نقول: إنه في الأصل جانبه أقوى، فيزداد قوة ببينته على دعوى المدعي، وهنا ما يسمى بالخارج والداخل، المدعى عليه بيده العين المدعاة، والمدعي ليست بيده العين المدعاة، وتعارضت بينة الداخل الذي بيده العين المدعاة، والخارج الذي هو المدعي، الحنابلة يقدمون بينة الخارج، والجمهور يقدمون بينة الداخل، الحنابلة يقولون: المدعى عليه أصلاً ما يكلف ببينة، إنما الذي يكلف بالبينة .. ، وما دام ما كُلف بها لا يُنظر إليها، والمدعي هو المكلف بالبينة، فهي محل النظر والاعتبار، لكن المدعى عليه يكلف إذا أنكر باليمين، ومن المعلوم أن البينة أقوى من اليمين، بدليل أن البينة جعلت في حق الأضعف، واليمين جعلت في حق الأقوى، فإذا جاء بالبينة وهي أقوى من اليمين كان أدعى لقبول قوله، وبهذا قال الأكثر أنها تنظر بينته، ويحكم له بها، ويكون جانبه أقوى. "وللبيهقي بإسناد صحيح: ((البينة على المدعي، واليمين على من أنكر)) " الذي في الصحيحين: ((ولكن اليمين على المدعى عليه)) ومعلوم أنه إنما تطلب يمينه إذا أنكر، أما إذا أقر فلا حاجة إلى يمينه.

طيب ليس في الصحيح: ((البينة على المدعي)) قال: "وللبيهقي بإسناد صحيح: ((البينة على المدعي، واليمين على من أنكر)) " ماذا نقول عن البينة على المدعي الذي خرجها البيهقي بإسناد صحيح، وأعرض عنها الشيخان؟ هل نقول: إن إعراض الشيخين عن تخريجها تعليل لها؟ أو نقول: هذه زيادة ثقة لا تعارض ما في الصحيحين فهي مقبولة ولها ما يشهد لها؟ كثيراً ما يعل أهل الحديث زيادة جملة مخرجة في مسلم بإعراض البخاري عنها، في سنن أبي داود أو غيره من السنن بإعراض الشيخين عنها، كثيراً ما يعلون بذلك، فهل نقول: إن البينة على المدعي هذه الجملة معلة بعدم تخريج الشيخين لها؟ أو نقول: هي زيادة ثقة غير مخالفة لما في الصحيحين فتكون مقبولة لا سيما وأن لها ما يشهد لها في أحاديث وقضايا أخرى؟ على كل حال هذا الحديث أصل في الدعاوى والبينات، واعتمده أهل العلم، وجرى عليه العمل عندهم، فهي مقبولة على كل حال. طالب: ومثلها: ((إنك لا تخلف الميعاد)) رعاك الله، الذي رواها البيهقي، وأعرض عنها البخاري؟ هذه شأنها أعظم؛ لأنها اعتمدت من أهل العلم، يعني مثل هذه الجمل الزائدة التي يحكم عليها الأئمة الكبار بأنها غير محفوظة، ويحكم عليها غيرهم بأنها زيادة ثقة، هذه النظر فيها للأئمة؛ لأنهم برسوخهم في هذا الشأن، ومعرفتهم التامة، وسعة اطلاعهم فإنهم ليعلون الأحاديث من غير بيان علة، بل قد لا يستطيعون بيان وجه العلة، وإنما يكتفون بشم الحديث؛ لأنهم من معاناتهم للحديث، واهتمامهم بالحديث، وعيشهم مع الحديث صاروا يعرفون ما يمكن إثباته، وما يمكن نفيه، بخلاف سائر المتعلمين من المتأخرين وغيرهم، ممن لم يصل إلى منزلتهم، ولذا تجدهم يعلون ((إن الله يحب التوابين، ويحب المتطهرين)) ويعلون: ((إنك لا تخلف الميعاد)) وإن كانت طريقة المتأخرين قبول مثل هذه الزيادات؛ لأنها غير منافية لما جاء في الصحيح، لما جاء فيما هو أصح. هذه الجملة ((البينة على المدعي)) تلقاها أهل العلم بالقبول، وجعلوها أصل في هذا الباب، ومما يقوى به الحديث عمل أهل العلم به، إذا كان عليه العمل تقوى به، وكثيراً ما يقول الإمام الترمذي: "وعليه العمل عند أهل العلم" يقوي بذلك الرواية التي يسوقها.

قال -رحمه الله-: "وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- عرض على قوم اليمين فأسرعوا، فأمر أن يسهم بينهم في اليمين أيهم يحلف؟ ". هذا متاع بيد طرف ثالث، افترض أنه لقطة، بيد شخص، بيد بكر من الناس، فجاء عمرو ووصف هذه اللقطة، وجاء زيد ووصف هذه اللقطة بوصف مطابق، طيب البينة من كل منهم، قالوا: ما عندنا بينة، اتجه اليمين على كل واحد منهما، فاستعد كل واحد منهما للحلف، يعني الكفة متساوية بين الاثنين، هذه اللقطة التي بيد عمرو عرفها زيد بوصف مطابق، وعرفها عمرو بوصف مطابق، طلب من زيد بينة، قال: ما عندي، طلب من عمرو بينة قال: ما عندي، قيل لزيد تحلف؟ قال: أحلف، قيل لعمرو: تحلف، قال: أحلف، كيف نصنع؟ ما الذي يحل مثل هذا الإشكال؟ قال: "عرض على قوم اليمين فأسرعوا" كلهم بيحلفوا "فأمر أن يسهم بينهم في اليمين أيهم يحلف؟ " قرعة "رواه البخاري". وهذا فيما إذا استوت الأمور، القرعة حل شرعي، يعني في الأعمال والولايات التي يقدم فيها بالأوصاف المرعية شرعاً إذا استووا في هذه الأوصاف لا يكون الترجيح بين الناس بالتشهي، أو بالقربى، أو ما أشبه ذلك، لا، لو جاء أكثر من إمام لمسجد من المساجد قيل: الحكم حديث أبي مسعود ((يؤم القوم أقرأهم لكتاب الله)) فجيء بلجنة اختبرت هذا وهذا وحصلوا على درجة واحدة، كل واحد أخذ تسعين بالمائة في الاختبار، فإن كانوا في القراءة سواء، صاروا سواء، فأعلمهم بالسنة، اختبروا بالسنة نفس النتيجة، نظر إلى المرجحات الأخرى وجدت متساوية، المرجحات المعتبرة شرعاً، ما الذي يحل الإشكال؟ القرعة. وفي مسألتنا لما تساوى الاثنان ما في حل إلا القرعة "فأمر أن يسهم بينهم في اليمين أيهم يحلف؟ ". يقول الشارح: يفسره ما رواه أبو داود والنسائي من طريق أبي رافع عن أبي هريرة أن رجلين اختصما في متاع ليس لواحد منهما بينة، فقال النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((استهما على اليمين)) والمراد بالاستهام هنا هو الاقتراع.

قال: وروي مثله عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- وهو أنه أتي بنعل وجد في السوق يباع، فقال رجل: هذا نعلي لم أبع ولم أهب، وقرع على خمسة يشهدون، وجاء آخر يدعيه يزعم أنه نعله، وجاء بشاهدين، قال الراوي: فقال علي -رضي الله عنه-: إن فيه قضاءً وصلحاً، وسوف أبين لكم ذلك، أما صلحه فأن يباع النعل، فيقسم على سبعة أسهم، لهذا خمسة، ولهذا اثنان؛ لأن هذا معه خمسة شهود، وهذا معه شاهدان. لكن القدر الزائد على البينة المعتبرة شرعاً هل له أثر في القضية أو ليس له أثر؟ القدر المطلوب شرعاً رجلان أو رجل وامرأتان، جيء بثالث ورابع وخامس وعاشر، ينظر إلى شهادتهم أو لا ينظر؟ لا شك أنه كلما كثرت أو كثر الشهود، وزادت البينة وصارت أقوى من بينة الخصم أن النفس تطمئن إلى صدقه أكثر، لكن بينة الطرف الثاني بينة شرعية كاملة يستحق بها المدعى به، لو لم يحضر الثاني بينة ما الذي حصل في القضية؟ قال: أما صلحه فأن يباع النعل فيقسم على سبعة أسهم لهذا خمسة ولهذا اثنان، على عدد الشهود، وإن لم يصطلحا فالقضاء أن يحلف أحد الخصمين أنه ما باعه ولا وهبه وأنه نعله، فإن تشاححتما أيكما يحلف فإنه يقرع بينكما على الحلف فأيكما قرع حلف، يعني على ضوء ما جاء في الحديث "فأمر أن يسهم بينهم في اليمين أيهم يحلف؟ " والحديث في الصحيح. قال -رحمه الله-: "وعن أبي أمامة الحارثي -رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من اقتطع حق امرئ مسلم بيمينه فقد أوجب الله له النار، وحرم عليه الجنة)) ". الحقوق، حقوق العباد من الديوان الذي لا يغفر، حقوق الله -جل وعلا- أمرها أسهل، مبنية على العفو والمسامحة، وحقوق العباد مبنية على المشاححة. قال: ((من اقتطع حق امرئ مسلم بيمينه فقد أوجب الله له النار، وحرم عليه الجنة)) وفي هذا التحذير من الحلف الكاذبة التي يقتطع بها حق المرء المسلم، وتسمى اليمين الغموس التي تغمس صاحبها في النار، ويقرر أهل العلم أنها أعظم من أن تكفر، التي يقتطع بها حق امرئ مسلم.

((وحرم عليه الجنة)) فقال له رجل: وإن كان شيئاً يسيراً يا رسول الله؟ قال: ((وإن كان قضيباً من أراك)) مسواك، ولو كان مسواك؛ لأن المسألة مسألة مبدأ، فالذي يحلف على القليل يحلف على الكثير، والذي يسرق القليل يسرق الكثير، ولذا جاء في الحديث الصحيح: ((لعن الله السارق يسرق البيضة فتقطع يده، ويسرق الحبل فتقطع يده)) لأن هذا يستمري في السرقة فيسرق ما فوقها. ((من اقتطع حق امرئ مسلم بيمينه)) مسلم، مفهومه أن من اقتطع حق كافر لا يثبت في حقه هذا الوعيد، ولا شك أن من الكفار من هو ذمي، معاهد، مستأمن، حقوقه محفوظة، ودمه معصوم، وماله معصوم، والتعدي عليه حرام، على نفسه أو ماله أو ولده كل هذا حرام، فهل قوله في الحديث: ((مسلم)) له مفهوم أو لا مفهوم له لأنه جرى على الغالب؟ الغالب أن الذي في بلاد المسلمين هم المسلمون، فجاء الخبر على الغالب، أو نقول: إن هذا الوعيد الشديد في الحديث خاص بالمسلم، وغير المسلم وإن كان التعدي على ماله حرام، إلا أنه لا يصل إلى هذا الحد، فيكون لفظ المسلم مفهوم، من أهل العلم من قال بهذا، ومنهم من قال بهذا، منهم من قال: إن اللفظ جرى على الغالب، وأن من يعيش في بلاد المسلمين هم المسلمون، فجاء الحديث في التشديد في أموالهم، ولا يعني أن غير المسلمين يجوز التعدي على أموالهم، بل يستحق هذا الوعيد ولو اعتدى على مال ذمي أو مستأمن أو معاهد. ومنهم من يقول: حرمة مال المسلم أشد من حرمة مال غيره، نعم مال غيره حرام غير الحربي، لكن لا تصل إلى حد الحرمة، والتشديد الذي جاء في التعدي على أموال المسلمين كما هو الشأن في دمه. فقال له رجل: وإن كان شيئاً يسيراً يا رسول الله؟ قال: ((وإن كان قضيباً من أراك)) مثلما قلنا: لأن المسألة مسألة مبدأ، والذي يظلم في القليل يظلم في الكثير. ثم قال -رحمه الله-: "وعن الأشعث بن قيس أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من حلف على يمين يقتطع بها مال امرئ مسلم هو فيها فاجر لقي الله وهو عليه غضبان)) متفق عليه" وهو شاهد للحديث الذي قبله في تشديد حرمة مال المسلم، وأما حرمة مال غيره فبنصوص أخرى.

القيد ((هو فيها فاجر)) يحتاج إليه؟ يقيد به الإطلاق في الحديث السابق أو ما نحتاج إليه؟ يعني هل هو قيد نحتاج إليه في إطلاق الحديث السابق أو لا نحتاج إليه؟ أو هو تصريح بما هو مجرد توضيح؟ يعني وصف مؤثر وإلا غير مؤثر؟ الشارح في الحديث الأول قال: ثم المراد باليمين اليمين الفاجرة، وإن كانت مطلقة في الحديث فقد قيدها الحديث الآتي، هل نقول: إن الحديث الأول مطلق يشمل جميع الأيمان برة كانت أو فاجرة؟ أو نقول: إن التنصيص على الفاجرة في الحديث الثاني هو تصريح بما هو مجرد توضيح، وإلا مفهومة أنه ما يقتطع به حق امرئ مسلم إلا إذا كانت فاجرة؛ لأنها إذا كانت برة ليست من حق المسلم أصلاً، تكون حقاً له، الكلام واضح وإلا ما هو بواضح؟ الشارح يقول: "ثم المراد باليمين -في الحديث الأول- اليمين الفاجرة، وإن كانت مطلقة في الحديث فقد قيدها الحديث الآتي، وهو قوله: ((من حلف على يمين، يقتطع بها مال امرئ مسلم هو فيها فاجر لقي الله وهو عليه غضبان)) مقتضى ذلك أنه لا بد من أن تلحق بالحديث السابق، وأن تعتبر، لكن إذا قلنا: إنه إذا اقتطع حق امرئ مسلم بيمينه يمينه فاجرة؛ لأن حق المسلم محرم عليه، وهو في يمينه كاذب، فهي فاجرة، وإذا اقتطع حق المسلم بيمين برة ما استحق هذا الوعيد، ولا صار الحق المقتطع حق مسلم، صار حقه هو، فلا نحتاج إلى هذا القيد، وحينئذٍ نقول: إن التصريح بقوله: ((هو فيها فاجر)) هو فاجر على كلا الحالين ذُكر الفجور أو لم يذكر، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . يعني حلف بناءً على غلبة ظنه، هل يجوز الحلف على غلبة الظن أو لا يجوز؟ وتبين خلاف الواقع.

الأعرابي الذي جامع في نهار رمضان، وقال: "والله ما بين لابتيها أهل بيت أفقر منا أو مني أو من أهل بيتي" قالوا: إنه حلف بناءً على غلبة ظنه، لا عن استقراء تام لبيوت المدينة، وجوزوا أخذاً من هذا الحديث الحلف على غلبة الظن، هذا حلف على غلبة الظن أن هذه العين له، ويحصل هذا كثير، تضع كتابك في مكانك تحجز به المكان وتذهب إلى أماكن الوضوء تجدد الوضوء وترجع، فإذا بشخص آخر وضع كتابه بنفس المكان نفس الطبعة ونفس التجليد واللون ومن كل وجه، وتحلف أن هذا كتابك بناءً على غلبة الظن، وحلفت، وقال: خلاص خذ الكتاب، لما ذهبت إلى البيت وجدت فيه تعليقات ليس بقلمك، وفي كتابك تعليقات ما وجدتها في هذا الكتاب، أنت لما حلفت بناءً على غلبة الظن هل أنت آثم تدخل في حديث: ((أوجب الله له النار، وحرم عليه الجنة)) ((ولقي الله وهو عليه غضبان)) أنت حلفت على غلبة الظن. يبقى أن الحكم معلق فإن رددته إلى صاحبه خرجت من العهدة، وإن قلت: والله أنا حلفت وحكم لي به، وانتهى الإشكال .... عند قاضي حلفت، وقال: خذ الكتاب، يأتي في هذا ما تقدم ذكره من الخلاف بين الجمهور والحنفية. الجمهور يقولون: إنه لا يحل له، إن حل له ظاهراً فلن يحل له باطناً، بل يلزمه أن يعيده إلى صاحبه، والحنفية يقولون على خلاف بينهم في المسألة يحل له ظاهراً وباطناً، وبعضهم يطلق، وبعضهم يستثني الأموال، فيقول: الأموال لا تحل له باطناً، وإن حلت له الفروج، مع أن هذا من الغرائب، يعني إذا حكم القاضي ببينة كاذبة أن هذا المال له على التفريق عندهم أنه لا يحل له المال، لكن إن حكم له بأن هذه المرأة زوجته تحل له؛ لأن المقرر أن الاحتياط للفروج أولى من الاحتياط للأموال، الفروج والأعراض يحتاط لها أكثر من الأموال، فيستغرب من الحنفية أن يشددوا في أمر الأولاد أكثر من أمر الفروج.

هذا الذي حلف على الكتاب بناءً على غلبة ظنه، ثم تبين أن الكتاب ليس له، هل هو فيها فاجر وإلا ليس بفاجر؟ هو في الحقيقة أثناء الحلف ليس بفاجر فيها، لكن إن استمر بعد أن تبين له حقيقة الأمر، دخل في الوعيد -نسأل الله السلامة والعافية-، وإن أخذه بحكم حاكم فيدخل في قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((فإنما أقتطع له قطعة من نار)). هذا يقول: أشكل علي قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((فقد أوجب الله له النار، وحرم عليه الجنة)) مع أن اقتطاع حق امرئ مسلم بيمينه لا يصل إلى حد الكفر، ومعلوم أن جميع الذنوب دون الشرك تحت المشيئة، فكيف التوفيق؟ مثل هذا يقال: إنه محمول على من استحل ذلك، أو محمول على الزجر والتهديد والوعيد، ولا يراد به حقيقة التحريم المذكور، وهذا من نصوص الوعيد التي يقرر أهل العلم أنها تمر كما جاءت؛ لتكون أبلغ في الزجر، فلا تصل إلى حد الخروج من الملة بحيث يخلد في النار. قال -رحمه الله-: "وعن أبى موسى الأشعري -رضي الله تعالى عنه- أن رجلين اختصما إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في دابة ليس لواحد منهما بينة فقضى بها بينهما نصفين"، "فقضى بها بينهما نصفين" وهذا مثل الحديث السابق "عرض على قوم اليمين فأسرعوا، فأمر أن يسهم بينهم في اليمن أيهم يحلف؟ " هذه قرعة، وهنا قال في هذا الحديث -ذاك في البخاري- وهنا قال في الحديث: "أن رجلين اختصما إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في دابة ليس لواحد منهما بينة فقضى بها بينهما نصفين".

جاء رجل بناقة إلى السوق يقتادها، وقال: هذه الناقة وجدتها ولا أعرف صاحبها، فاجتمع عنده اثنان كل يقول: ناقتي، نتجت عندي، طيب البينة؟ ما عندي بينة، الثاني، كذلك ولا بينة عنده، قال: " فقضى بها بينهما نصفين" لأنهما مستويان في الموجب، استويا في الموجب، استويا في الوسيلة في الدعوى، فقسمت بينهما نصفين، وهناك أقرع بينهما، وهنا لم يقرع بينهما، ليس لديهما بينة، ليس لواحد منهما بينة، المفترض إيش؟ أن يعرض عليهما اليمين، إذا أسرعا في اليمين، وأراد كل واحد منهما أن يحلف فالحديث السابق يقول: "عرض على قوم اليمين فأسرعوا، فأمر أن يسهم بينهم في اليمن أيهم يحلف؟ " وهذا في البخاري، وفي الحديث اللاحق حديث أبي موسى: "فقضى بها بينهما نصفين" ولعل هذا إن صح لأن الحافظ يقول: وقال: إسناده جيد، نقلاً عن النسائي، إن صح يقال: صلح، نعم قضى بينهما صلح، قضى بينهما؛ لأنه معارض بما في البخاري، القضاء الذي في البخاري هناك أقوى "أمر أن يسهم بينهم" هذا القضاء وتقسم بينهما نصفين هذا الصلح، لكن لو وقف قال: أنا ما يكفيني النصف؟ لأن صاحبها الحقيقي إن قنع بالنصف صار صلح، وإن قال: لا، أنا لا أريد إلا نصيبي كامل، أنا أريد القضاء ما يكفيني النصف، أمر أن يسهم بينهم في اليمين، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . كيف؟ طالب:. . . . . . . . . يباع فتقسم قيمته، هناك قسمة إجبار، وهناك قسمة اختيار، معروف في باب الشركة، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . هنا يقول: "أن رجلين اختصما إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في دابة ليس لواحد منهما بينة، فقضى بها بينهما نصفين" على كل حال الذي في البخاري يختلف عن هذا "أسرعوا في اليمين فأقرع بينهم" هنا الكفة متساوية، وهناك الكفة متساوية فهل يقسم بينهما نصفين على ضوء هذا الحديث تبعاً لتساوي الأمرين بينهما؟ أو يقال: قرعة؟ والقرعة حل شرعي. الذي دل عليه الحديث الأصح المخرج في البخاري القرعة، وفيها إلزام، والقسمة نصفين في هذا الحديث محمول على أنه صلح، لكن لو تشاحا قال: صاحبها الحقيقي أنا لا يكفيني النصف، لا أريد نصف، أنا ما يكفيني النصف، وصاحب الحق مثل هذا لا يكفيه، نعم؟ طالب:. . . . . . . . .

نفس الشيء، نفس القضية. طالب:. . . . . . . . . ويش هو؟ طالب:. . . . . . . . . كل واحد منهما مدعي ومدعى عليه؛ لأن العين ليست بيد واحد منهما، نقول: واحد مدعي وواحد مدعى عليه، لا، العين بيد ثالث، فكل واحد منهما مدعي تلزمه البينة، وكل واحد منهما مدعىً عليه فيلزمه اليمين؛ لأنه يدعيها لنفسه، وينكر دعوى صاحبه عليه، وحينئذٍ لو طُلب منهما البينة، وقال كل واحد: ليس لدي بينة، ثم طلبت اليمين من واحد منهما فحلف، والثاني نكل حكم بها للذي يحلف، ما فيها إشكال هذا، لكن كل واحد منهما حلف، فإما أن تقسم بينهما نصفين، أو يلجأ إلى القرعة، إذا لم يرضيا بالقسمة. قال -رحمه الله-: "وعن جابر -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من حلف على منبري هذا بيمين آثمة تبوأ مقعده من النار)) رواه أحمد وأبو داود والنسائي، وصححه ابن حبان". هذا فيه تغليظ اليمين، والتغليظ قد يكون بالنسبة للمكان كما هنا، وبجوار الكعبة بين الركن والمقام، أو في المتلزم بين الركن والباب، وقد يكون في الزمان بعد العصر مثلاً، لا سيما عصر الجمعة، أو في رمضان المقصود أن هذا يسمى تغليظ الحلف. قال: ((من حلف على منبري هذا بيمين آثمة تبوأ مقعده من النار)) ((بيمين آثمة)) إذا لم يحصل التغليظ ((لقي الله وهو عليه غضبان)) إذا اقتطع بها حق مسلم ((حرم الله عليه الجنة)) كما في الحديثين السابقين، هنا زيادة تغليظ ((من حلف على منبري)) منبر النبي -عليه الصلاة والسلام- ((بيمين آثمة)) تغليظ اليمين بعض الناس عرف أنه يتساهل في اليمين، ويسرع إليها، وكلما طلبت منه حلف، هل يشرع تغليظ اليمين عليه أو لا يشرع؟ من أهل العلم من يرى أنه إذا كان يردع هذا الشخص الذي يسرع إلى اليمين، ولا يتردد فيها التغليظ فإنه يغلظ عليه، ويلزم بالمكان الفاضل أو الزمان الفاضل، أو يلزم بالدعاء على نفسه، أو يفتح المصحف كما يقول بعضهم، فيكون الأمر بالنسبة إليه أشد، وبعض الناس ينزجر إذا غلظ عليه اليمين، وكل على مذهبه وطريقته فيما يعظمه، فإذا غلظ عليه بما هو عظيم عنده ارتدع.

قد يقول قائل: كيف يؤمر بالحلف بمعظم غير الله -جل وعلا-؟ نقول: لا يجوز للقاضي أن يحلّف بغير الله -جل وعلا-؛ لأن الحلف بغير الله شرك، لكن قد يدرج في يمينه بالله -جل وعلا- جملاً يهابها الحالف، شخص من الذين يعظمون البقر ادعي عليه، فأنكر، فطلب منه اليمين يحلف، ما يتردد؛ لأنه كما قال في حديث القسامة يهود يعني يحلفون ما عندهم إشكال، فقال له القاضي بعد أن وضع السكين في يده، فقال: قل: ورب البررة، ربهم الله -جل وعلا-، ما في إشكال، مهلك الفجرة، هو الله -جل وعلا-، فاليمين بالله، ورب البررة مهلك الفجرة لئن كان صادقاً لآخذن هذه السكين وأذبح البقرة، قال: يمين يحلف، بقرة ما يذبح، هذا نوع من التغليظ، فهل يسوغ مثل هذا أو لا يسوغ؟ هو ما ارتكب محظور، القاضي ما ارتكب محظور، الحلف بالله -جل وعلا-، إما أن يحلفه بمعظم عنده فلا يجوز بحال؛ لأن بعضهم قد يلجأ إلى التحليف بالطلاق، إن كنت كاذباً فامرأته طالق، لا يجوز، ولا شيء أعظم من الله -جل وعلا-، تعليق الطلاق بمثل هذه الصور يسميه أهل العلم الحلف بالطلاق، لكنه ليس من الحلف الذي فيه الشرك؛ لأنه ليس فيه حرف من حروف القسم، لكن يسمونه يمين أو حلف باعتبار أنه يلزمه فيه كفارة اليمين؛ لأن القصد منه الحث والمنع مثل اليمين. التغليظ بالنسبة للزمان بعد العصر، وقالوا: ليلة الجمعة، وأولى من ذلك عصر الجمعة الذي فيه ساعة الاستجابة، وأيضاً في المواسم، في عشر ذي الحجة، في الأشهر الحرم، كل هذه فيها نوع تغليظ، فإذا كان الحالف، أو من أراد الحلف يسهل عليه أن يحلف بالله كاذباً، ويصعب عليه أن يحلف بين الركن والمقام مثلاً يخشى من العقوبة، أو يحلف على المنبر كما في هذا الحديث: ((من حلف على منبري هذا بيمين آثمة تبوأ مقعده من النار)) منهم من يقول: إن التغليظ هذا لا أثر له، العبرة بالحلف بالله -جل وعلا-، وهذا هو المطلوب ((اليمين على من أنكر)).

ومنهم من يقول: إن التغليظ إذا كان يجدي في كف المدعى عليه عن اليمين الكاذبة؛ لأنه إذا كان صادقاً مهما غلظ عليه اليمين لا ضير عليه ولا إثم، إذا كان محق في إنكاره ما يمنعه أن يحلف على المنبر، أو بين الركن والمقام، أو عصر الجمعة، لكن إن كان كاذباً ويزدجر ويمتنع يرى بعض أهل العلم أنه تغلظ عليه اليمين. قال -رحمه الله-: "وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة، ولا ينظر إليهم، ولا يزكيهم، ولهم عذاب أليم)) " الحصر في ثلاثة، الأسلوب ليس فيه حصر، ولا يدل على أن هذا الحكم خاص بهؤلاء الثلاثة؛ لأنه جاء .. ما أوصلهم بعض أهل العلم إلى عشرة، قيل فيهم: ((لا يكلمهم الله يوم القيامة، ولا ينظر إليهم، ولا يزكيهم)) بخلاف الحصر في حديث: ((لم يتكلم في المهد إلا ثلاثة)) هذا حصر، ومع ذلك جاء في نصوص صحيحة صريحة أنه تكلم غير الثلاثة، وصلوا إلى سبعة. الأسلوب الذي معنا ليس فيه حصر ((ثلاثة لا يكلمهم)) وأيضاً رابع وخامس إلى عاشر، ما في إشكال، لكن الإشكال في أسلوب الحصر، وهو في الصحيح ((لم يتكلم في المهد إلا ثلاثة)) يقول أهل العلم: إن النبي -عليه الصلاة والسلام- أخبر أول الأمر بالثلاثة، ثم زيد عليهم فيما بعد، خلافاً لمن أساء الأدب من الشراح فقال: في هذا الحصر نظر، المسكين هذا ينظر في كلام من؟ في كلام الرسول -عليه الصلاة والسلام-، هذا إن كان يعي ما يقول فهي هفوة عظيمة، موبقة، -نسأل الله السلامة والعافية-، وإن كان جرى على لسانه من غير روية فهذه غفلة. على كل حال: ((ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة، ولا ينظر إليهم، ولا يزكيهم، ولهم عذاب أليم)) من هم؟ ((رجل على فضل ماء بالفلاة يمنعه من ابن السبيل)) لا يجوز له أن يمنع ابن السبيل من الماء المشاع الذي الناس شركاء فيه، الناس شركاء في مثل هذا الماء المشاع، لكن لو نقله، وتعب عليه، وأحرزه، وعباه في أواني، وحازه إلى رحله صار ملكاً له، وما دام بالفلاة لا يجوز له أن يمنعه من ابن السبيل.

((ورجل بايع رجلاً بسلعة بعد العصر فحلف بالله لأخذها بكذا وكذا، فصدقه، وهو على غير ذلك)) تبيع هذه السلعة؟ قال: نعم، كم؟ والله أنا دافع فيها ألف، بعد العصر، والله إني دافع فيها ألف، كم يكفيك مكسب؟ يكفيني مائة، وهو شاريها بخمسمائة، يدخل ((ورجل بايع رجلاً بسلعة بعد العصر فحلف بالله لأخذها بكذا وكذا، فصدقه، وهو على غير ذلك)) بعض الناس يتساهل في اليمين في البيع والشراء، وهذا هو المنفق سلعته باليمين، وجاء الوعيد فيه، وإن كان صادقاً، فكيف إذا كان كاذباً؟! ((ورجل بايع إماماً لا يبايعه إلا للدنيا)) ما بايعه لأن البيعة عليه واجبة، وأن الإمامة من فرائض الدين، لا يبايع هذا الإمام إلا طعماً فيما عنده، ((فإن أعطاه منها وفّى)) له، ومدحه، وأطاعه فيما يأمر، وانتهى عما ينهاه عنه ((وإن لم يعطه منها لم يف)) وهذا كثير في الناس، كثير في الناس أمور الدنيا تسيرهم، وتسير عواطفهم ومشاعرهم، تجد إذا جاء مكرمة أو زيادة أو شيء من أمور الدنيا تلهج الألسنة بالثناء، ويقر في القلوب التعظيم، وامتثال الأوامر، وقال ولي الأمر، وفعل ولي الأمر، لكن إذا حصل خلاف ذلك ويش واقع الناس؟ ويش يتحدثون به الناس في المجالس؟ وهذا يدخل في الحديث.

((ورجل بايع إماماً لا يبايعه إلا للدنيا، فإن أعطاه منها وفّى، وإن لم يعطه منها لم يف)) وهذا واقع كثير من الناس، همه الدنيا، لا يهمه انتظام أمور الناس، وحقن دمائهم، وحفظ أموالهم، لا يهمهم هذا، يهمه مصلحته الخاصة، إن أعطي من هذا المال، خذ من الثناء والمدح والتعظيم والائتمار بالأمر، والانتهاء عند النهي، والمجالس تعج بمثل هذا، وتجدهم في المناسبات التي يحصل فيها الزيادة والنقص شوف ماذا يقول الناس إذا زيدت رسوم أي منفعة من المنافع، رسوم الماء، أو رسوم الكهرباء، أو رسوم البنزين، أو رسوم .. ، أي منفعة من المنافع، ماذا يقول الناس؟ تجد ولاءه لهذا الإمام لهذا الأمير الذي بايعه ثابت قبل وبعد وإلا أقل؟ أقل، وإذا علم عن زيادة عشرة بالمائة أو شيء من هذا؟ يزيد؟ يزيد الولاء للإمام وإلا ما يزيد؟ يعني اختبر نفسك، أنت تبايع هذا الإمام؛ لأن الإمامة من فرائض الدين، ولا بد من نصب الخليفة الذي يحكم بين الناس، نعم عليه واجبات، عليه حقوق، أنت تؤدي الذي عليك بغض النظر عما عليه، تسأل الله -جل وعلا- الذي لك، لكن الذي عليك لا بد أن تؤديه، واختبر نفسك، هذا حال كثير من الناس، الامتحان صعب؛ لأن المال حلوة خضرة، يعني عمر بن عبد العزيز -رحمة الله عليه- من سياسته أنه إذا أراد أن يلزم الناس بأمر من أمور الدين أدخل معه شيء مما يحتاجه الناس من أمور الدنيا، هذا الصدر الأول، يعني ما هو .. ، كيف بالأزمان المتأخرة حينما صارت مؤاخاة الناس وموالاتهم ومعاداتهم على أمر الدنيا؟! فعمر بن عبد العزيز إذا أراد أن يأطر الناس على حق من أمور الدين أضاف إليه شيء من أمور الدنيا، ليتلقاه الناس بالقبول، والله المستعان.

قال -رحمه الله-: "وعن جابر -رضي الله عنه- أن رجلين اختصما في ناقة، فقال كل واحد منهما: نتجت عندي، وأقاما بينة، فقضى بها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لمن هي في يده" كل منهما أقام بينة هذا أحضر بينة، وهذا أحضر بينة، في الأحاديث السابقة ما في بينة، فيه أيمان، في هذا الحديث كل منهما جاء ببينة، هذا الحديث رواه الدارقطني وإسناده ضعيف، نفترض مسألة على ضوء هذا الحديث حصلت عند قاض من القضاة، ناقة ومثلما قلنا: جاء بها شخص إلى السوق فقال: وجدتها خارج البلد، وجئت بها إلى السوق لعل صاحبها أن يجدها، فجاء زيد من الناس قال: هذه ناقتي نتجت عندي، جاء عمرو: هذه ناقتي نتجت عندي، طيب يا زيد عندك بينة؟ قال: نعم، جاء ببينة، عمر عندك بينة، جاء ببينة، ماذا نصنع؟ هنا تأتي بينة الداخل وبينة الخارج، ويأتي الخلاف بين الحنابلة والجمهور، فالحنابلة يقدمون بينة الخارج، والجمهور يقدمون بينة الداخل. في هذه الصورة في الحديث هي بيد شخص؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- كما في الحديث -المعروف ضعفه- قضى بها لمن هي في يده، فهذا الحديث يؤيد قول الجمهور، وأن بينة الداخل مقدمة على بينة الخارج خلافاً لقول الحنابلة. "وعن ابن عمر -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- رد اليمين على طالب الحق" وهذا أيضاً رواه الدارقطني، وفي إسناده ضعف كسابقه، إلا أن الحافظ لما ذكر الحديثين قال: رواهما الدارقطني، وفي إسنادهما ضعف. ومسألة رد اليمين على المدعي مسألة خلافية بين أهل العلم، وأشرنا إليها سابقاً من قول الإمام مالك -رحمه الله-: "لا أعلم أحداً قال برد اليمين على المدعي". المدعي ما عنده بينة، طُلب اليمين من المدعى عليه فنكل، هل يحكم عليه بمجرد النكول أو يرد اليمين على المدعي؟ يقول الإمام مالك: لا أعلم أحداً قال برد اليمين، وذكرنا سابقاً أن قضاة العصر، عصر الإمام مالك ابن أبي ليلى وابن شبرمة وغيرهما يقولون برد اليمين، وعلى كل حال الحديث فيه ضعف.

قال -رحمه الله-: "وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: دخل علي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذات يوم مسروراً، تبرق أسارير وجهه، فقال: ((ألم تري إلى مجزز المدلجي؟ )) " الأسارير هي الخطوط في الجبهة، أحياناً إذا تكدر الإنسان أو غضب أو حصل له شيء من يجرحه يقطب جبينه، وبضده إذا حصل له شيء يسيره، فإنه تبرق أسارير وجهه، وعلامات السرور تبدو واضحة على وجهه. النبي -عليه الصلاة والسلام- دخل على عائشة يوماً من الأيام مسروراً تبرق أسارير وجهه، لماذا؟ فقال: ((ألم تري يا عائشة إلى مجزز المدلجي؟ )) وهو من القافة، قائف، ((نظر آنفاً إلى زيد بن حارثة وأسامة بن زيد)) زيد بن حارثة مولى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وابنه أسامة بن زيد ((فقال: هذه أقدام بعضها من بعض)) لماذا؟ أولاً: الرسول -عليه الصلاة والسلام- يحب زيد بن حارثة ويحب أسامة، فأسامة حبه وابن حبه، والناس يتكلمون في انتساب أسامة إلى زيد، يتكلمون، لماذا؟ لأن زيد أبيض اللون، وأسامة شديد السواد، ويطعنون في نسبه، ولا شك أن الطعن في نسب من تحب إساءة إليك، ويغيظك مثل هذا، فإذا وجد من ينفي من أهل المعرفة والخبرة لا شك أن مثل هذا يسرك. ((ألم تري يا عائشة إلى مجزز المدلجي؟ نظر آنفاً إلى زيد بن حارثة وأسامة بن زيد، فقال: هذه أقدام بعضها من بعض)) هو لم ير الوجوه، ولا رأى الأبدان؛ لأنه لو رأى الوجوه، وعرف الشخصين، قد يقول قائل: إن هذا يريد إدخال السرور على الرسول -عليه الصلاة والسلام-، هما قد غطيا نفسيهما بقطيفة، ما يرى منهما إلا الأقدام، القائف يعرف أن هذه القدم لها صلة بهذه القدم، إذا كان خبير مثل مجزز المدلجي، ومثل وحشي بن حرب، قدم عليه عبيد الله بن عدي بن الخيار بعد جاز المائة من عمره، وعبيد الله كهل كبير في السبعين من عمره، عبيد الله متلثم، ومعه شخص فذهبا إلى حمص لينظرا إلى وحشي بن حرب قاتل حمزة وقاتل مسيلمة، لما وقفا عليه قال: أنت ابن عدي بن الخيار؟ ففك اللثام عن وجهه قال: نعم، وما يدريك؟ قال: رفعتك إلى أمك وهي على جمل وأنت في المهد، عرف القدم، كم؟ هذا قبل سبعين سنة الكلام، هل الرجل تبقى سبعين سنة على هيئة واحدة؟ هناك أهل خبرة.

مجزز هذا من أدق الناس في القيافة، وعرف هذه الرجل السوداء أنها خرجت من هذه الرجل البيضاء "هذه الأقدام بعضها من بعض" ويستدل أهل العلم بشرعية الإلحاق في النسب بالقيافة، إذا ادعى أكثر من واحد ولداً، كل منهم يدعيه، إن وجد الفراش فالولد للفراش، هذا حكم شرعي، إذا عدم، ما يدرى ولد على فراش من؟ فيحضره القافة. قد يؤتى ببعض القافة من أجل إلحاق ولد لأحد اثنين يدعيانه، وجاء ذكر يعني في بعض القصص، وألحقه بهما، قال: الولد لهما، كيف يكون ولد لاثنين؟! فجيء بالأم فأخبرت أن الثاني وقع عليها بعد الأول، مع أن الأطباء ينفون أن يكون التلقيح بين الحيوان وبين البويضة، بأكثر من حيوان، بل بحيوان واحد منوي لبويضة واحدة، وانتهى الإشكال، ومقتضى ما قاله هذا القائف أنه لهما أن الولد وإن تلقح بماء الأول قد يستفيد من ماء الثاني، وقد يدل لهذا حديث: ((لعن الله من سقى ماءه زرع غيره)) ما يدل على أن الولد قد يستفيد من ماء الثاني مثل الزرع، والأطباء ينفون هذا. طيب اختلف قول القائف مع الأطباء من المقدم؟ القافة والقيافة حل شرعي، أقره النبي -عليه الصلاة والسلام-، وفرح بذلك فرحاً شديداً، واعتمدها أهل العلم، لكن إذا اختلف قول القائف مع الأطباء؛ لأن الأطباء يقررون أمور بآلاتهم وأدواتهم خلاف ما كان معروفاً في السابق، ويتوصلون إلى دقائق ما عرفها المتقدمون، المقصود أنها من مسالك الشرع في الإثبات، هل نقول: إنها مجرد قرينة وإلا دليل؟ هاه؟ طالب:. . . . . . . . . المقصود أنه ثبتت البنوة بإقرار النبي -عليه الصلاة والسلام- لهذا القائف، قد يقول قائل: إن النبي -عليه الصلاة والسلام- ما عنده أدنى تردد في نسبة أسامة لأبيه زيد، لكن أراد النبي -عليه الصلاة والسلام- أن ينتفي بذلك هذا الشك الذي وجد عند الناس. وجاء رجل يشتكي إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- أن ولده جاء على غير لونه، وقال له -هذا في الصحيحين- قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((هل لك من إبل؟ )) قال: نعم، قال: ((ما ألوانها؟ )) قال: كذا، قال: ((هل فيها من أورق؟ )) قال: نعم، قال: ((من أين جاءه هذا اللون؟ )) قال: لعله نزعه عرق، قال: ((ولدك لعله نزعه عرق)).

بعض الناس يتصرف تصرفاً محرماً خشية العار، وهذه قصة واقعة شخص شديد البياض، وتزوج بامرأة شديدة البياض أيضاً، ودخل بها وهو صاحب تجارة لما قربت الولادة سافر لتجارته، فلما ولدت ولدت ولداً أسود، فاجتمعت عليه وتشاورت مع أمها وإخوانها فتخلصوا منه، يعني قتلوه؛ لأن ما أحد يبي يقبل هذا الولد بين هذين الأبوين، جاء الأب من السفر قالت: ولدك .. ، جاءك ولد ومات، تكررت القصة مرة ثانية وسافر، نفس اللون، ما الذي حصل؟ بنفس الطريقة، لما جاءت الولادة الثالثة قال: لا بد أن أحضر، فجاءت بولد أسود، قال: لا إله إلا الله كأنه جدي، مثل هذه الأخطاء يمكن تصحيحها؟! يمكن أن تصحح مثل هذه الأخطاء؟! ما يمكن خلاص، قتلوا نفس معصومة -نسأل الله العافية-، فقال: لعله نزعه عرق، قال: ((وابنك هذا لعله نزعه عرق)) فالشك في الأنساب بمجرد الألوان هذه لا شك أنها من وساوس الشيطان، وإذا تكلم بها أو فعل هذا ارتكب محرماً بلا شك، والأمر المقرر أن الولد للفراش، وللعاهر الحجر. إذا لم يوجد فراش كما في هذه القصة أو جهل الفراش فالقيافة. هناك أيضاً وسائل نتائجها قريبة جداً من القطعية يحكم بها على أنها قرائن، لا على أنها أدلة قطعية يحكم بها، هاه؟ طالب:. . . . . . . . . كل هذه القرائن، كلها قرائن عند الأطباء قرائن، والله أعلم. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. كتاب التعق الذي يلي هذا فيه تسعة عشر حديثاً، ولن نستطيع إكماله في درس الغد، فلعل درس الغد يكون بين العشائين، ويكون إجابة على الأسئلة؛ لأن الأسئلة كثيرة جداً؛ لأننا لا نستطيع أن نشرح من كتاب العتق سبعة أحاديث وثمانية، ويبقى عشرة أو اثنا عشر صعبة هذه؛ لأن الدورة اللاحقة بعيدة ليست قريبة، فتشتيت أحاديث الباب الواحد وبعضها مرتبط ببعض هذا لا يصلح.

فيكون درس الغد -إن رأيتم- أن يكون بين العشاءين؛ لأنه محصور الطرفين، إذا لم يكن فيه مشقة على الإخوان، وإلا فالأصل كما في الجدول المعلن بعد العشاء، فماذا ترون؟ هو يكون إجابة عن الأسئلة -إن شاء الله تعالى-، الأسئلة المتوفرة، والأسئلة التي ترد، فسوف يكون إجابة، فإن رأيتم أن يكون بين العشاءين إن كان أرفق بكم، وإلا فبعد صلاة العشاء، فماذا ترون؟ طالب:. . . . . . . . . شوف الإخوان؛ لأن بعضهم يأتي من مائة كيلو أو أكثر، هذا واحد، غيره؟ طالب:. . . . . . . . . بعد العشاء؟ وبقيت يا الإخوان؟ بعد العشاء، بعد العشاء بقاء ما كان على ما كان.

كتاب القضاء (5)

بسم الله الرحمن الرحيم شرح: بلوغ المرام - كتاب القضاء (5) الأسئلة الشيخ: عبد الكريم بن عبد الله الخضير السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. هذا يقول: لماذا لم يحكم القاضي شريح بين أمير المؤمنين علي واليهودي بيمين وشاهد؟ أولاً: ذكرنا في الوقت نفسه أن القصة فيها ضعف، خرجها أبو نعيم في الحلية بإسنادٍ فيه ضعف. الأمر الثاني: أن اليمين والشاهد جاء فيه الحديث الصحيح وهو مختلف فيه بين أهل العلم، قد يكون قد بلغ علياً -رضي الله عنه- أو لم يبلغه، وقد يكون القاضي شريح ممن يقول به أو لا يقول به، وإلا له شاهد، وهو مولاه قنبر على ما أفادت القصة. يقول: جمادى هو الشهر الوحيد المؤنث بين الشهور العربية، فلا يصح أن يقال: جمادى الأول أو الآخر؟ هذا ذكرناه، بل الأولى والآخرة، جماد الآخرة تعني المتأخرة، فلا يصح استبدالها بجماد الثانية أو الأخرى. طيب إلى الآن ما حل الإشكال؛ لأنه أوردنا الكلام بالنسبة لربيع الثاني وجماد الآخرة، هم يقولون: الثاني إذا كان هناك ثالث، والآخر أو الآخرة إذا لم يكن بعده شيء، وكما يقال في جمادى يقال في ربيع، فما كتبه الأخ لا يحل الإشكال. يقول: قلت: إن الوسائل لها أحكام المقاصد إلا في النذر فوسيلته مكروهة، والغاية والمقصد واجب. عقد النذر مكروه، إنما يستخرج به من البخيل، وجاء النهي عنه، لكن الوفاء به واجب ((من نذر أن يطيع الله فليطعه)). قال: فأشكل علي ... الكتابة ما هي بواضحة، هل هو القصد أو القصر؟ هي راء، في أصله مباح، إنما هو أوجب على نفسه المقصد المباح فكرهت الوسيلة، فهل يكون هذا لا يعارض ... ما هو بواضح. يقول: ((ويظهر فيهم السمن)) هل هذا الوصف راجع ... كذا الكتابة رديئة جداً. هل القوم الذين يأتون بعد القرون المفضلة أم راجع إلى الذين يشهدون ولا يستشهدون، ويخونون ولا يؤتمنون، وينذرون ولا يوفون. هذه أوصاف كلها ترجع إلى من بعد القرون المفضلة، وهذا يكثر فيهم ويغلب، لكنه في القرون المفضلة نادر جداً. يقول: ما فائدة ذكر الأحاديث الضعيفة هنا مع أن المقام مقام ذكر أدلة الأحكام، والحكم لا يؤخذ من الأحاديث الضعيفة؟

الحديث الضعيف لا يستدل به في الأحكام في قول عامة أهل العلم، وإن وجدت الأحاديث الضعيفة في كتب الفقه، عند الفقهاء توجد، مع أنهم يرون أنه لا يستدل بها في الأحكام، وهي موجودة، وذكرها مع أنهم يعتمدون عليها، ولا شك أن هذا تقصير في البحث عن هذه الأحاديث، قد يعذرون أنهم ليسوا من أهل الشأن، ويذكرون الحديث ويتداولونه ويتناقلونه من غير نظر في إسناده ولا متنه، فهم ليسوا من أهل الاختصاص، وينقل بعضهم من بعض، هذا بالنسبة لكتب الفقه، يعني إذا أوجدنا هذا العذر للفقهاء الذين ليست لديهم أهلية النظر في الأسانيد والمتون، فإن كتب أحاديث الأحكام، وألفها في الغالب من لديه أهلية النظر كالحافظ مثلاً ابن حجر يورد أحاديث في البلوغ ويضعفها، ينص على ضعفها، ومع ذلك الشراح يستنبطون منها الأحكام. حينما يوردها المؤلف ليعرف بها، وأنها ضعيفة، ولو تركها ولم يذكرها لاستدرك عليه من استدرك ممن يجهل حقيقة الأمر، وإذا ذكرت فعلّ الواقف الذي وقف عليها مع بيان ضعفها أن يقف على طرق تقويها، والإشكال حينما يذكر في مثل هذه الكتب، وهي مخصصة لأحاديث الأحكام أن تذكر مجردة عن الأسانيد، ومجردة عن الأحكام، وفي هذا غرر، غرر بالغ على المتعلمين. أما إذا ذكرت مع ذكر أحكامها فلن يكون في ذلك غرر، والشراح حينما يستنبطون ويبنون على هذه الأحاديث أحكام، إنما يذكرونها من باب تمرين الطالب على الاستنباط، لا من باب تقرير الحكم من هذا الحديث الضعيف، أو لأن من أهل العلم من استنبط منها إما لعدم معرفته بحكمها، أو لأنها ثبتت عنده. على كل حال طالب العلم عليه أن يسعى للتأهل، للنظر في الأحاديث في متونها وأسانيدها، وأن يعمل بما يؤديه إليه اجتهاده في الإثبات، إثبات الأدلة التي يعتمد عليها، وفي الاستنباط أيضاً. يقول: إنني بهذا السؤال لا اقصد تصيد أخطاء طلبة العلم والقضاة، ولكن أقول الحقيقة، وأريد توجيهكم في بعض ما يقع فيه بعضهم من الغلظة، وسوء التعامل، وتقطيب الجبين، وكذلك بعض طلاب العلم يقومون بإغلاق جوالاتهم، وعدم النزول إلى عامة الناس، وهذا يجعل الناس يتجهون إلى الجهال، ويأخذون الفتوى منهم.

لا شك أن التقصير حاصل، وأيضاً الوفاء بجميع ما يتطلبه الناس فيه عسر، يعني لو قلنا لطالب العلم أو للقاضي: عليك أن تبذل، نعم عليه أن يبذل، لكن يبذل بحدود إيش؟ لنفسه عليه حق، ولأهله عليه حق، وهو مطالب بدوام، مطالب بعمل، لو بذل من يومه ما لا يشق عليه مع أعماله الأخرى، أما أن يكلف بما يشق عليه؛ لأن مطالب الناس لا تنتهي، يعني هناك أناس يتصلون في وقت متأخر من الليل، ويطالبون أهل العلم يقولون: إن أهل العلم لا يجيبون على الأسئلة، ويغلقون الجوالات، ولا يحلون إشكالات الناس. يعني واحد يتصل قبل صلاة الفجر بساعة، وعنده سؤال ضروري هذا مقبول، لكن بقية الناس؟ سؤال ضروري، طيب ما هذا السؤال الضروري؟ يقول: إنه طلق زوجته وهي في الطلق، تطلق، فيها الطلق ولادة، يعني مجرد ما تلد تخرج من العدة، فلا يكون له عليها سلطان، ولا يتمكن من مراجعتها، لو قيل له: انتظر إلى صلاة الفجر، يمكن تلد قبل صلاة الفجر، نعم هذه حاجة، ومعذور في اتصاله، لكن شخص يتصل قبل أذان المغرب بربع ساعة، ويقال له: إن الوقت وقت ذكر، انتظر إلى صلاة المغرب، يقول: لا أستطيع أن أنتظر، ضرورة، طيب ويش الضرورة؟ يقول: إن زوجته ذهبت إلى محل التجميل، وعندهم مناسبة فتجملت فتريد أن تجمع العشاء إلى المغرب؛ لأنها إذا توضأت لصلاة العشاء ذهب ما وضعته في وجهها هدراً، هذا مسوغ للجمع؟ وهل هذه ضرورة يمكن .. ؟ سبحان الله! ومع ذلك التقصير حاصل، يعني يوجد كثير من طلاب العلم يعني يغلقون الجوالات، أو لا يردون على من يتصل، هذا تقصير، وعلى طالب العلم أن يبذل؛ لأن الله أخذ عليهم الميثاق، أن يبينوا للناس، والله المستعان.

أما ما ذُكر من سوء التعامل، وتقطيب الجبين فقد يحصل من بعضهم نظراً لكثرة إلحاح الناس عليهم، ولذا يوصي أهل العلم طالب العلم، ويذكرونه من أدب الطالب ألا يحرج الشيخ، ولا يكثر على الشيخ، لأن الشيخ بشر يتحمل بقدر معين، وبعض الطلاب لا يمل، وراء الشيخ وراءه يا شيخ يا شيخ، وبعدين؟ الحين ما خلق إلا أنت! صحيح والله، أحياناً يوقفون شيخهم عند الباب ربع ساعة، نصف ساعة يسألون، أحياناً يكون في شمس في حر شديد، وأحياناً الشيخ من ساعتين أو ثلاث في المسجد يحتاج إلى الدورة، فمثل هذا يجعل الشيخ أحياناً يتعامل معهم بتعامل لا يليق به ولا بهم. وذكروا في كتب التراجم تراجم المحدثين أن فلاناً من الناس ولا داعي لذكر اسمه أنه من أحسن الناس خلقاً، فما زال به الطلاب حتى صار من أسوأ الناس خلقاً، المسألة مسألة الرفق من الجانبين، يقال للعالم: أبذل، عليك أن تبذل، يجب عليك أن تبذل، أيضاً يقال للمتعلم: أرفق، لا يحوج الشيخ إلى أن يقول له كلام لا يناسبه، وسهل من طلاب العلم أن يقولون: والله الشيخ ما استقبلنا ولا ناظرنا، ومقطب الجبين، أنتم الذين أحرجتموه، أنتم الذين أحوجتموه إلى مثل هذا الصنيع. وأنا تأملت في زهد أهل العالم وجيرانه به، وهذا أثر متوارث "أزهد الناس في العالم أهله وجيرانه" ورأيت في هذا حكمة إلهية، لماذا؟ الجيران ما يكلفهم أنهم يجتمعون على باب الشيخ، لو كان عندهم من الرغبة مثل ما عند البعيد الذي يصده من الحضور لدى الشيخ بعد المسافة، لكن كل ما طلع إلى عند الباب كل الجيران بيسألون، وإذا دخل الجيران كلهم عند الباب، وإذا دخل في البيت هذه الزوجة هذه البنت كلهم يسألون، هذا من لطف الله -جل وعلا- بهؤلاء المشايخ، والبعيد عنده شوق، وعنده حرص، وعنده كذا، لكن المسافة قد تحد من إحراجه للشيخ، لكن لو كانت رغبة الجيران والأهل مثل رغبة الناس الأبعد منهم لحصل من ذلك حرج عظيم. ما معنى أمرهم في الحديث: ((لن يفلح قوم ولو أمرهم امرأة))؟

المقصود شأنهم، والمراد به شأن القوم، لا شأن أسرة فيما يخص المرأة، شأن أولاد في تربيتهم هذا صحيح أنه أمر، لكنه ليس بأمر القوم، أمر الأطفال لا بأس، أمر العناية بهم، أمر تربيتهم هذا هو شأنهم. هذا أيضاً يتكلم عن القضاة، وأنهم يحتجبون، وبعضهم يقفل الأبواب، وبعضهم ... طبعاً مثلما ذكرنا الأمور التي ترد على أهل العلم، وترد على القضاة، وترد على هؤلاء، لا شك أنها في بعض الأحيان فوق طاقتهم، ولا ينفي أن يوجد مقصر، لا ينفي، وحينما يخاطب عامة الناس بهذا الكلام، يخاطب القضاة بغيره؛ لأن كل جهة لها ما يناسبها من خطاب الشرع، فالقضاة يخاطبون بأن لا يحتجبون، ومن احتجب عن حاجة الناس احتجب الله عن حاجته، يخاطبون بمثل هذا الكلام، لكن غيرهم أيضاً يخاطب بما يليق به، وأن القاضي ليس كالشمس يمكن أن ينتشر فضله ونفعه على سائر الناس أو على جميع الناس. يقول: هل يحكم القاضي بمذهبه فقط أو مع اجتهاده في المذاهب؟ قلنا في حديث: ((إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران، وإذا اجتهد فأخطأ فله أجر)) أن الحديث يؤخذ منه أن من شروط القاضي أن يكون مجتهداً، والاجتهاد ليس من الصعوبة بحيث لا يناله أحد كما قرر كثير من المتأخرين، وأوجبوا التقليد، وحرموا الخروج عن المذاهب، هم أوجبوا على المتعلمين من المتمذهبة من المقلدة ما هو أكثر مشقة من التأهل للاجتهاد في النظر في النصوص، وأشرنا إلى هذا في شرح الحديث؛ لأنهم يريدون بل يلزمون المقلد أن يعامل نصوص الإمام بما تعامل به نصوص الوحيين، ومما نص عليه أنه إذا أثر عن الإمام أكثر من قول فبأيها يعمل؟ الشافعية عندهم القديم والجديد، والفتوى عندهم على الجديد إلا في مسائل الفتوى فيها على القديم، ذكرت في مقدمة المجموع في الأشباه والنظائر.

الإمام أحمد يُروى عنه روايات في المسألة الواحدة، تصل إلى أربع وخمس روايات، يعني لا يمكن الأخذ بها بجميعها، فكيف يتعامل من يتمذهب بمذهب الإمام أحمد مع هذه الروايات؟ قالوا: عليه أن يتعامل معها كما يتعامل مع النصوص، فإن أمكن الجمع بينها ولو بحمل المطلق على المقيد، والعام على الخاص، تعين المصير إليه، وإن لم يمكن وعرف المتقدم من المتأخر فالمتأخر هو المذهب، يعني كما يقال في النصوص بالنسخ، وإن جهل التاريخ فالتوقف، يعني أنت تتعامل مع نصوص بشر بهذه الطريقة، لماذا لا تتعامل بهذه الطريقة مع نصوص الوحيين؟ وبدلاً من أن تكون مقلداً أو مجتهداً في مذهب تكون مجتهداً في الكتاب والسنة. على كل حال الكلام في التقليد والاجتهاد كلام طويل بين أهل العلم فمن موجب للاجتهاد، ومن محرم له، لكن على الإنسان أن يسعى إلى تحقيق أو تحقق الأهلية في نفسه للنظر في النصوص، ويجعل الحكم في جميع أموره ما قاله الله وقاله رسوله -عليه الصلاة والسلام-، وعليه أن يسعى لمعرفة القواعد التي تعينه على فهم هذه النصوص، وكيفية التعامل معها. إذا كان لا يستطيع، واحتيج إليه إن كان لا يستطيع أن يتعامل مع النصوص، واحتيج إليه، ولا يوجد غيره ممن يحكم بالدليل فهو في حكم العامي ينظر في أقوال إمامه، ويجتهد ويسأل ويتحرى ويتثبت، والله المستعان، وهذا لا يلجأ إليه إلا في حال عدم وجود من يتعامل مع النصوص، وإلا فالحكم لله ولرسوله -عليه الصلاة والسلام-. يقول: إذا كان السائق مع المرأة في السيارة داخل البلدة، هل هذه تعتبر خلوة غير شرعية؟ نعم، إذا لم يوجد ثالث فالثالث الشيطان؛ لأن إغلاق الأبواب، وتضليل الزجاج، والتمكن من الحديث بينهما لا شك أن مثل هذا فيه فرصة كبيرة لدخول الشيطان بينهما، وكم من مصيبة حصلت بسبب هذا. يقول: ما حكم التلبية في الحج والعمرة؟ عامة أهل العلم على أنها سنة، وأوجبها الحنفية. هل يجوز عرض البنات على الأكفاء؟

عثمان بن عفان -رضي الله عنه- الخليفة الراشد، وهذا سبق أن ذكرناه في كتاب النكاح، في حديث ابن مسعود ((يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء)) قلنا: إن سبب إيراد الحديث لا ورود الحديث؛ لأنه هناك فرق بين سبب الإيراد، وسبب الورود، سبب الورود هو الذي بعث النبي -عليه الصلاة والسلام- لقول أو للكلام في هذا الحديث، كسبب نزول الآية، أما سبب الإيراد، ما الذي جعل ابن مسعود يورد هذا الحديث؟ أن عثمان -رضي الله عنه- وهو الخليفة الراشد عرض عليه بنته، عرض على ابن مسعود، وابن مسعود في وقتها عمره أكثر من سبعين سنة، فقال: يا أبا عبد الرحمن: ألا نزوجك فتاة تعيد لك ما مضى من شبابك؟ تصور أكثر من سبعين سنة والخليفة الذي يعرض عليه؛ لأن المقاييس شرعية. ابن مسعود أيضاً بدوره ما قال: فرصة العمر، لو أطرق أبواب الناس ما زوجت، قال: لا، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((يا معشر الشباب)) يعني ما قال: يا معشر الشيوخ، ففي القصة منقبة للطرفين، وفيها عرض المولية البنت على هذا الرجل الخير، ولا يمنع أن تعرض ابنتك على من تبرأ ذمتك بتزويجه، لكن في الأحوال والظروف التي نعيشها وتغير القلوب؛ لأنك قد تعرض على خير، ثم النتيجة ماذا يقول؟ يقول: لولا أن فيها عيب ما عرضها، أكيد أن فيها عيب، هذه قلوب الناس اليوم إلا من رحم الله، فيعرض بطريقة غير مباشرة، فيتم العرض، لكن بطريقة غير مباشرة؛ لأن الناس يرون في هذا ابتذال، وهو وإن كان شرعي وما في شك أنه منقبة لولي هذه البنت، ومن باب النصح لها، لكن يبقى أن النفوس اليوم قد لا يتحمل كثير من الناس مثل هذا العرض، ولا يحمله على ظاهره، فيكون العرض بطريقة غير مباشرة. يقول: إشكال أريد أن أفهمه، وهو قيام الرسول -عليه الصلاة والسلام- بأخذ عير وتجارة قريش في غزوة بدر، مع كون الرسول -عليه الصلاة والسلام- كان مثلاً أعلى في الرفق، وتحمل أذى الناس من قريش وغيرهم، وفي أخذه هذه التجارة يعتبر من قطع الطريق، فكيف نفهم ذلك؟ أولاً: المال مال حربي، لا ذمي، ولا معاهد، ولا مسلم، مال حربي، فلا يقال مثل هذا الكلام.

يقول: ما صحة حديث أن من جلس بعد الفجر يذكر الله حتى تطلع الشمس كان بأجر حجة وعمرة تامة تامة، وفي حديث آخر أن من فعل ذلك غفر له ما تقدم من ذنبه؟ أما اللفظ الأول بأجر حجة وعمرة هذا فيه ضعف عند أهل العلم، لكنه قابل للتحسين، وحسنه جمع من أهل العلم، وصححه بعضهم، ومع ذلك هو ثبت من فعله -عليه الصلاة والسلام- أنه كان يجلس في المصلى حتى تنتشر الشمس. هل يؤجر العبد إذا قصد المشقة في العبادة؟ لا، المشقة لذاتها ليست من مقاصد الشرع، ليست من مقاصد الشريعة، فإذا كان له طريقان إلى المسجد أحدهما بعيد والآخر قريب يقول: أسلك البعيد من أجل أن يكثر الأجر نقول: لا؛ لأن المشقة ليست مقصودة لذاتها، ولذا يختلف أهل العلم في الحج حج الماشي والراكب أيهما أفضل؟ في الآية ما الذي قدم؟ {وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ} [(27) سورة الحج] قدم الرجال المشاة، ولذا قال جمع من أهل العلم: أن المشي أفضل، لكن الجمهور قالوا: لا، المشي كثير، وما كل الناس يجد دابة، والمشي كل يستطيعه، والذي لا يستطيعه لا يلزمه الحج، فقدم لأنه الأكثر والأغلب، وإلا فالنبي -عليه الصلاة والسلام- حج راكباً، وما كان الله ليختار لنبيه إلا الأفضل. يقول: هل الأحكام الشرعية فيها ما لا يطاق؟

ليس فيها ما لا يطاق، لكن فيها ما فيه مشقة على بعض الناس؛ لأن الجنة حفت بالمكاره، والناس يتفاوتون، هذه التكاليف من الناس من يتلذذ بها، ومن الناس من يراها أشق من حمل الصخور، كل على حسب ما وقر في قلبه من إيمان، وكل على ما وطن نفسه، وعودها عليه، لا بد من مجاهدة النفس على العبادة، السلف يقولون: "كابدنا قيام الليل عشرين سنة، وتلذذنا به بقية العمر" والنبي -عليه الصلاة والسلام- كان يقول: ((أرحنا يا بلال بالصلاة)) وكثير من المسلمين اليوم لسان حالهم: أرحنا من الصلاة، فيها مشقة؛ لأن الجنة حفت بالمكاره، والتكليف إلزام ما فيه كلفة ومشقة، ومع ذلكم الدين يسر، يعني هذه التكاليف وهذه الإلزامات بفعل الواجبات، وترك المحرمات، خلاف ما تهواه النفوس، ومع ذلك هي في مقدور الإنسان، ولا يوجد تكليف يخرج عن طوقه ومقدوره إلا إذا كان فيه عاهة فيعفى منه، ويسقط عنه ما لا يستطيعه. يقول: هل صوت المرأة عورة؟ إذا خلا من الخضوع في القول الذي جاء النهي عنه، ولم يترتب على ذلك فتنة، أمنت الفتنة منه، ودعت إليه الحاجة، فإنه حينئذٍ ليس بعورة. يقول السائل: يقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [(56) سورة الأحزاب] أمر بالتسليم، يعني لا يتم الامتثال امتثال الأمر في هذه الآية حتى يجمع بين الصلاة والسلام؟ {صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [(56) سورة الأحزاب] وأطلق النووي كراهة إفراد الصلاة عن السلام، أو العكس، والحافظ ابن حجر -رحمه الله- خص الكراهة بمن كان ديدنه ذلك، بمعنى أنه يصلي دائماً ولا يسلم، أو يسلم ولا يصلي، لكن من كان يسلم أحياناً أو يصلي أحياناً، ويجمع بينهما تارة، فإن هذا لا تشمله الكراهة. يقول: أيضاً ورد عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- كيفية الصلاة عليه، اللهم صل على محمد وعلى آله محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم ... الحديث، كيف نجمع بين ما ذكر بإلحاق التسليم عليه -عليه الصلاة والسلام- وصفة الصلاة في الحديث؟

أولاً: الأمر العام الشامل هو ما جاء في آية الأحزاب، وما جاء في الصلاة الإبراهيمية في الصلاة فرد من أفراد هذا العام، وذكر الفرد من أفراد العام بحكم موافق لحكم العام لا يقتضي التخصيص، بل يقال: هذا في موضعه، وما بقي في سائر المواضع امتثال الآية؛ لأنها جاءت غير مقيدة في وقت ولا في زمان ولا في مكان، فهي الأصل، من أفرادها الصلاة الإبراهيمية في موضعها. يقول: قول الشخص فو الله وبالله وتالله هل هذا من الحلف أو من الإيمان؟ كاتب الهمزة تحت .... قول الشخص فو الله وبالله وتالله، هذه حروف القسم الواو والباء والتاء، فإذا اقترنت باسم من أسماء الله -جل وعلا- أو بصفة من صفاته انعقد اليمين، إذا كان غير مقصود يكثر من قول والله وتالله وبالله، وهكذا في مناسبة وغير مناسبة هذا هو لغو اليمين، كما جاء عن عائشة -رضي الله عنها-، ومع ذلك على الإنسان أن يحفظ اليمين {وَلاَ تَجْعَلُواْ اللهَ عُرْضَةً لِّأَيْمَانِكُمْ} [(224) سورة البقرة] فعليه أن يحفظ اليمين، وأن يعظم الرب -جل وعلا- عن الابتذال. يقول: هل هذا من الحلف؟ إذا كان مقصود هو من الحلف، وإذا كان مجرد لغو من غير قصد هو مثل ما جاء عن عائشة تمثيل للغو اليمين المنصوص عليه. أو من الإيمان؟ أنا ما فهمت السؤال، أو الأيمان؟ الحلف واليمين واحد. يقول: إذا وجد المسلم في نفسه صفات تؤهله لأن يطلب الإمارة، ويحرص عليها، وإذا لم يفعل فسيتضرر من تحت إمارة غيره، فهل ذلك داخل في الحرص على الإمارة التي وردت في الحديث؟ أما إذا تعينت عليه الإمارة بحيث لا يوجد من يقوم به غيره، فإنه يلزمه قبولها إذا عرضت، ولا مانع من أن يذكر ذلك عن نفسه، وأنه لا مانع لديه من قبولها، يعرض بذلك، وإن اقتضى الأمر إلى التصريح فيصرح، كما قال يوسف -عليه السلام-: {اجْعَلْنِي عَلَى خَزَآئِنِ الأَرْضِ} [(55) سورة يوسف] وما عدا ذلك كما جاء في حديث عبد الرحمن بن سمرة: ((لا تسأل الإمارة)) لأنها إذا جاءت عن مسألة وكل الإنسان إلى نفسه، وإذا جاءت من غير طلب ولا مسألة فإنه يُعان عليها. يقول: أريد القول الراجح في هذه المسائل: هل تشترط الطهارة في الطواف؟

نعم جمهور أهل العلم على أن الطهارة في الطواف من الحديثين الأصغر والأكبر شرط لصحته، النبي -عليه الصلاة والسلام- توضأ لما أراد دخول المسجد، لما دخل مكة توضأ، بل اغتسل، ومعه الوضوء، فطاف طاهراً، وقال: ((خذوا عني مناسككم)) وقال عن عائشة لما حاضت: ((افعلي ما يفعل الحاج غير ألا تطوفي بالبيت)) ولم يحفظ في عصره -عليه الصلاة والسلام- ولا قضية واحدة من شخص طاف بغير طهارة. من انتقض وضوؤه أثناء الطواف؟ عليه أن يخرج ويتوضأ، لكن هل يبني على ما سبق أو لا يبني؟ إن لم يطل الفصل فلا مانع من البناء، وإلا فليستأنف. هل يشترط المشي في الطواف؟ وحكم من ركب وهو غير محتاج؟ النبي -عليه الصلاة والسلام- لما حطمه الناس ركب وهو يستطيع المشي، هذه رواية الصحيح، رواية البخاري، وفي بعض روايات أبي داود قال: "وكان شاكياً" وعلى كل حال إذا احتاج إلى الركوب ولو لم يضطر إليه، ولو استطاع المشي، لكن هناك حاجة؛ لأن فرق بين الحاجة والضرورة، إذا احتاج إلى الركوب لكونه ممن يقتدى به فينظر كيف يفعل هذا لا مانع من ركوبه وإلا فالأصل المشي. هل يشترط تعيين النية في الطواف؟ نعم الطواف عبادة لا يصح إلا بنية ((إنما الأعمال بالنيات)). هل الموالاة في الطواف شرط؟ الموالاة إذا كان يقصد بها ألا يفصل بين شوطين بشيء ألبتة فلا؛ لأن له أن يطوف شوطاً ثم يشرب ماءً أو يتحدث بشيء يسير مع أحد، أما أن يطوف اليوم شوط، ثم يذهب لينام ثم يأتي للشوط الثاني، لا؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- طاف متتابعاً، وقال: ((خذوا عني مناسككم)). حكم الركعتين بعد الطواف؟ جمهور أهل العلم على أنهما سنة، لا يلزم بتركهما شيء، ومنهم من أوجبهما، ومن أهل العلم من يقول: إن حكمهما حكم الطواف، فإن كان الطواف واجباً كانتا واجبتين وإلا فسنة، وعلى كل القول المعتمد عند أهل العلم أن ركعتي الطواف سنة.

يقول: في بعض المناطق في بلادنا في كثير من المنازعات والدماء والحقوق يفصل فيها أشخاص، وهم ليسوا من أهل العلم، بل يغلب على بعضهم الجهل، ويبنون أحكامهم على عوائد وسلوم وقضايا سابقة، يرويها لهم الآباء، وأحياناً تكون مقننة، وفي أحيان أخرى حسب اجتهادات وآراء شخصية، وقد يكون فيها إلزام، وقد لا يكون، وقد يرضى الخصوم، وقد لا يرضون. تقدم في شرح حديث: ((القضاة ثلاثة: قاض في الجنة، وقاضيان في النار)) فإن كانوا من أهل العلم وحكموا بالحق فهم من الصنف الناجي، وإن كانوا من أهل الجهل ولو وافق حكمهم الحق فإنهم من الصنف الهالك، وكذلك إذا كانوا من أهل العلم وقضوا بغير الحق، فينظر في أحوال هؤلاء إن كانوا ممن ينطبق عليهم توفر العلم والقضاء بالحق، معرفة الحق والقضاء به هذا هو الذي يضمن النجاة، وما عدا ذلك فالهلاك. يقول: إذا أراد الطالب أن يدرس متناً ولم يجد في مدينته من يشرحه فهل يكتفي بالأشرطة المسجلة على ذلك المتن؟ نعم إذا كان لا يستطيع الحضور والمثول بين يدي أهل العلم، فإنه يكتفي بإحضار المتون، والأشرطة التي سجلت من شروح هذه المتون، ويفرغ هذه الشروح على هذه المتون، ويسأل عما يشكل عليه، ويتابع، يتحين الفرص في لقاء أهل العلم، ويسأل عما يشكل عليه، وحينئذٍ يدرك -إن شاء الله تعالى-. يقول: دلونا على شرح كامل لبلوغ المرام تنصحون به للمبتدئين؟

ويش معنى مبتدئ؟ المبتدئ يبدأ بالأربعين، ثم العمدة، ثم البلوغ، فإذا تجاوز المرحلة الأولى، وحفظ الأربعين، وقرأ من شروحها ما يعينه على فهمها، ثم بعد ذلك العمدة، فإنه حينئذٍ يتأهل لا يكون مبتدئ، يكون متوسط في الطلب، فيقرأ البلوغ، وفي الشروح على البلوغ كثرة، منها ما للمتقدمين: "البدر التمام" ومختصره "سبل السلام" وأيضاً للمتأخرين نصيب فشرحه جمع من أهل العلم، وهناك الشروح المطبوعة، والشروح المسموعة، وأما شروح المتأخرين فهي نافعة لجميع الطبقات؛ لأن أساليبهم واضحة يتحدثون بأسلوب العصر الذي يفهمه كافة المتعلمين، ويستفيد منه جميع الطبقات، لكن طالب علم مبتدئ يقرأ في سبل السلام مثلاً قد يعسر عليه فهم كثير من المسائل، لكن إذا قرأ أو سمع من شروح المشايخ شرح الشيخ ابن عثيمين، وشرح الشيخ الفوزان، أو غيرها من الشروح فإنه يستفيد. هل يجوز التضييق على البائع حتى تعلم بكم اشترى السلعة؟ هذا من سوء الأدب، إذا فهمت منه أنه لا يريد إخبارك فإنك لا تلح عليه؛ لأن هذا ليس من السماحة في البيع والشراء، وجاء مدح السمح في البيع ((سمحاً إذا باع، سمحاً إذا اشترى)) ثم ماذا إذا قال لك: اشتريتها بخمسمائة، ولا أريد بيعها إلا بألف، ماذا تستفيد؟ تقول: أنت اشتريتها بخمسمائة أريدها بستمائة، يقول: لا، ما يمكن، فما تستفيد إلا أنك تتعب أنت بنفسك، وتتعب صاحب السلعة. هل قوله: ((بعد العصر)) مقصود به معنىً معين؟ نعم الوقت، من صلاة العصر أو من دخول وقت صلاة العصر إلى غروب الشمس، وهذا وقت معظم في جميع الشرائع، وله شأنه لا سيما إذا كان في الوقت الذي ترجى فيه الإجابة كعصر الجمعة. يقول: يفترض أن كل من يحضر مثل هذه المجالس الطيبة أن يكون قدوة، ولكننا نلاحظ على بعض إخواننا التالي: أولاً: عدم إغلاق جوالاتهم، وهذا يتكرر كثيراً. ولا شك أن الجوال يشوش على صاحبه، وعلى من يسمعه، لا سيما إذا كانت النغمة ممنوعة، هو في الجملة يشوش على أي حال؛ لأن الأذهان تنصرف إلى سماع الصوت المفاجئ، فالذي ينبغي في مثل هذه الدروس إغلاق الجوالات، ومن باب أولى الصلاة. يقول: عدم إيقاف سياراتهم بطريقة صحيحة.

نعم يأتي شخص فيعرض السيارة بدل ما يكون المكان يسع سيارتين يكون يسع سيارة واحدة. والوقوف أمام مداخل المنازل، وإقفال بعضهم على بعض. هذا أيضاً فيه إساءة، وفيه جناية على صاحب المنزل، وقد تكون سيارته في داخل المنزل، وعنده موعد ضروري، وقد احتاج إلى أمر مهم، ثم إذا طلب السيارة لم يجد المنفذ الذي تنفذ منه هذه السيارة، فينحبس في بيته، وقد يضطر إلى أخذ سيارة أجرة وسيارته موجودة في بيته، لا شك أن هذه إساءة، تعدي على صاحب المنزل. يقول: البعض يشرب قارورة الماء ثم يتركها في المسجد، وكان الأولى به أن يخرجها معه حتى وإن كان لم يشربها. نعم إذا كان القذى وهو ما يوجد من الأوساخ في العين، وهو لا يكاد يرى إساءة بقاؤه في المسجد، وإخراجه من الحسنات التي عرضت على النبي -عليه الصلاة والسلام-، فمن باب أولى إخراج ما هو أكبر منه، بعض الناس يقول: المسجد فيه عامل، ولا داعي أن أنظف بنفسي، العامل يتولى، لكن لماذا تحرم نفسك عن الأجر، تنظيف المساجد، أمر النبي -عليه الصلاة والسلام- ببناء المساجد في الدور، وتنظيفها، وتطييبها، وإزالة هذه المخلفات من التنظيف. يقول: البعض يستخدم الكراسي الأرضية التي أعدت لراحة طلاب العلم، ثم تجده يتركها في مكانها، ولا يعيدها إلى حيث أخذها، أو أنه لا يطبقها بطريقة صحيحة؟ يستخدم الكراسي الأرضية مثل إيش؟ طالب:. . . . . . . . . وهذه من المسجد؟ نعم التي يستند إليها، وهي متنقلة يعني تنقل من مكان إلى آخر. يستخدم الكراسي الأرضية التي أعدت لراحة طلاب العلم، ثم تجده يتركها في مكانها، ولا يعيدها إلى حيث أخذها، أو أنه لا يطبقها بطريقة صحيحة؟ على كل حال على اليد ما أخذ حتى تؤديه، فإذا كان لها مكان مخصص يعيدها إلى نفس المكان؛ لئلا يبحث عنها من يريدها فلا يجدها، وإذا كان لها طريقة تعاد إليها بإغلاق على هيئة أو صفة معينة فعليه أن يفعل بها كما وجدها.

مسألة أشرنا إليها في مناسبات، وهي أن الكراسي المعدة للمصاحف يوضع عليها المصحف، بعض الناس يجعلها تُكأة، يسند ظهره عليها، فيستعملها في غير ما أوقفت له، هي أوقفت ليوضع عليها المصحف، فتجده يطبق بعضها على بعض، ويجعلها خلف ظهره، لا شك أنها تعينه على الجلوس، لكن يبقى أنها إنما أوقفت للقراءة، فإذا وجد من يحتاجها للقراءة فهو أولى بها، وإذا لم يحتج إليها للقراءة فينتفع بها على أي وجه. يقول: جاء في تعريف الصحابي أنه من لقي النبي -صلى الله عليه وسلم- مؤمناً به ومات على الإسلام، السؤال: هل يدخل في التعريف من ارتد بعد وفاة النبي -عليه الصلاة والسلام- ثم عاد إلى الإسلام؟ نعم؛ لأن أهل العلم في التعريف يقولون: ولو تخلله ردة، من لقي النبي -عليه الصلاة والسلام- مؤمناً به يعني حال كونه مؤمناً، ومات على الإسلام، ولو تخلل ذلك ردة، سواء كان في عهده -عليه الصلاة والسلام- أو بعده. يقول: ما حكم تقنين القضاء الإسلامي مثل تقنين الأحكام؟

منذ أمد بعيد قننت الأحكام في مجلة الأحكام العدلية، وصار عليها قضاة الدولة التركية، واعتنى بها الناس من مسلمين وغيرهم، وشرحت هذه المجلة من قبل جمع من المسلمين، ومن النصارى، شرحوا هذه المجلة؛ لأنهم يحتاجون إلى مثل هذه الأحكام، يحتاجون إلى توضيحها؛ لأن جلهم من المحامين، والأصل أن القضاء يناط بأكفاء يجتهدون في القضايا، والقضايا لا يمكن حصرها، فهي متجددة، فيوكل النظر فيها إلى اجتهاد القضاة؛ لأن فيها ما يمكن وجوده في كتب المتقدمين، ومنها ما لا يوجد بحرفه ونصه في كتب العلماء، فيتصرف القاضي الكفء بإيجاد الحكم المناسب الشرعي لهذه القضايا المستجدة، وإذا تم التقنين فإنه لا يتسنى له أن يجتهد، وأيضاً المسائل أو القضايا المتشابهة من وجه يكون فيها اختلاف من وجوه، فكيف يحكم فيها بحكم واحد مع وجود هذا الاختلاف، ولو تشابهت من وجه آخر، أو من وجوه أخرى؟! فالتقنين لا شك أنه يقضي على الاجتهاد بالنسبة للقضاة، ويلزمهم بأحكام قد تنطبق على ما جاء في هذا التقنين، ومع ذلك هم بحاجة إلى شيء من المساحة، يتحركون فيها، وإذا وجد هذا التقنين ضيق عليهم، فمن المسائل المتشابهة قضايا اعتداء على أموال أو على أعراض، وجدت قضيتان متشابهتان في بادئ الأمر، هاتان القضيتان حكمهما واحد إذا قنن القضاء، لكن القاضي يرى من الأحوال والظروف المحتفة بقضية هذا ما لا يراه مما يحتف بقضية الثاني، وحينئذٍ يحكم بحكم واحد وإلا لا؟ من خلال التقنين لا بد أن يحكم بحكم واحد، ومن خلال الشرع لا، فالتقنين لا يسوغ.

قد يوجد مبررات، قد يوجد من يبرر لهذا التقنين، وأن القضاة كثير منهم ينقصهم شيء من الكفاءة، وأن في أحكام بعضهم مع بعض اختلاف، وبون شاسع، نقول: هذه لها حلول، ويبقى الأمر على ما كان من صدر الأمة التي فيها الخيرية إلى يومنا هذا، يجتهد في اختيار القضاة، ويجتهد في تأهيلهم، وأيضاً من وجد منه ما يخالف النظر الشرعي ينبه، وليسوا بمعصومين، والقضاة من الصدر الأول إلى آخر الزمان وهم يجتهدون، والأمر -ولله الحمد- فيه سعة، وليس فيه تضييق، وإذا كان أهلاً للنظر، وبذل وسعه، واجتهد في النظر في القضية، وحكم بما يراه الحق لا بالهوى، فإنه مأجور على كل حال، فإن أصاب له أجران، وإن أخطأ له أجر واحد. يقول: ما رأيكم في بعض شروح البلوغ مثل شرح القنوجي "فتح العلام"؟ هو بحروفه مأخوذ من سبل السلام إلا أنه حذف مذاهب الزيدية، وأبقى المذاهب المعتبرة، ومع ذلك له تنبيهات لكنها يسيرة جداً، فهو نافع من هذه الحيثية. شرح لقمان السلفي، شرح، تعليق ما فيه يعني شيء من العمق التي في شروح المتقدمين، ينتفع به طالب العلم؛ لأنه يحل بعض الكلمات الغامضة التي تحتاج إلى شرح، وأيضاً ينبه على بعض الفوائد. شرح المباركفوري هو مجرد حاشية وتعليقات على البلوغ فيها فائدة لطالب العلم. يقول: ما المراد بحديث: ((إذا بلغت الحدود السلطان)) هل السلطان هنا الشرط أو هيئة التحقيق والادعاء العام أو القضاء أو غيره؟ السلطان المراد به الإمام الأعظم، ومن ينوب منابه، ويقوم مقامه ممن وكل إليه الأمر من القضاة، وأما البقية فهم أعوان، ومع ذلك لا يجوز لهم أن يتساهلوا في أمور المسلمين، لا سيما إذا كثر الخبث. يقول: ما حكم الأكل في البوفيات المفتوحة التي تكون في الفنادق وغيرها؟ وهل يأثم من أكل فيها؟ وهو ضيف أي مدعو لعزيمة، وما رأيكم في قول الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله- في أن فيها غرر بسيط، ولا يضر حيث أن زملاءنا يحاجوننا بذلك؟ على كل حال مثل هذه الأمور المدفوع معلوم، وأنه يدفع عن كل شخص مثلاً عشرين ريال، لكن المقابل مجهول، فبعض الناس يأكل بعشرة، وبعضهم يأكل بمائة، بعض الناس منهوم يأكل بمائة، والغرر في هذا ليس بيسير ولا بسيط، يتحرج فيه، ويتحرى فيه.

يقول: حتى نصلي ونسلم على الرسول -عليه الصلاة والسلام- في أذكارنا، ما هي أفضل صيغة لنحصل على الأجر: ((من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشراً)) هل نقول: اللهم صل وسلم على نبينا محمد، أو نقول: صلى الله عليه وسلم؟ كل هذا يتم به امتثال الأمر الوارد في آية الأحزاب. يقول: أو نقول: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم؟ هذه في موطنها؛ لأن لها وقت محدد، وإذا قلت: اللهم صل على محمد في غير هذا الموضع، وأردت أن تضيف الآل لما لهم من حق فهم وصية النبي -عليه الصلاة والسلام-، فهذا زيادة في الخير، لكن أيضاً الصحابة -رضوان الله عليهم- الذين بواسطتهم وصل لنا هذا الدين أيضاً من حقهم علينا أن نضيفهم، ولا نقتصر على الآل. يقول: أبي أخذ مالاً من بعض الناس لأداء خدمة مقابل هذا المال، ولم يكن يعرف أن المشتركين معه في العمل غير صادقين وغير أمناء فأعطاهم المال ولم يستطع أن يسترده ثم مات، فهل يلزمني شرعاً رد هذا المال لهؤلاء الناس مع أن أبي تم خداعه، ولم يأخذ من المال شيئاً؟ هو لما أخذ المال نيابة عن أهله وعن أصحابه وهو وكيل عنهم في هذا إذا لم يفرط فليس عليه شيء، وإن فرط فإنه يلزمه أن يعوضهم عنه. يقول: هل يصح لي أن أخرج مهندساً من مكتب هندسي للإشراف في غير وقت الدوام بغير حساب المكتب؟ إذا كان لا تأثير له على الدوام فإنه من حقه أن يعمل إذا لم يؤثر هذا العمل على العمل المتفق عليه المبرم بينه وبين المكتب. يقول: قرأت في كتاب لأحد المشايخ يقول فيه: إن القضاء في المحاكم هذه الموجودة الآن لا يعرف في تاريخ السلف، بل لا بد أن يكون القضاء في المسجد، فما رأيكم في هذا القول؟

مثل هذا من الأمور المباحة، فإن دعت إليه الحاجة فإنها حينئذٍ تكون مطلوبة شرعاً، وقد لا يتسنى المكان المناسب في المسجد للقضاء، وقد تتطلب القضية ما لا يليق بالمسجد، وأيضاً التعليم كان في المسجد، لو قلنا بهذا لقلنا: التعليم لا يكون إلا بالمسجد، فبناء المدارس والأربطة وغيرها كلها مبتدعة محدثة، ومثل بها للبدع المستحبة عند من يقسم البدع إلى الأحكام الخمسة، يقول: بدع واجبة كالرد على المخالفين، وبدع مستحبة كبناء المدارس والأربطة، وبدع مباحة، وبدع مكروهة، وبدع محرمة، وهذا التقسيم مبتدع مخترع لا يدل عليه دليل شرعي، بل البدع كلها مذمومة ((وكل بدعة ضلالة)) فكيف الرسول -عليه الصلاة والسلام- يقول: ((كل بدعة ضلالة)) وأنا أقول: بدعة واجبة؟ الرسول يقول -عليه الصلاة والسلام-: ((كل بدعة ضلالة)) وأنا أقول: بدعة مستحبة، هذا التقسيم مخترع مبتدع لا دليل عليه من الكتاب ولا من السنة. هذه الأمور لا شك أن جلب المصالح ودرء المفاسد مقرر شرعاً، وإيجاد هذه الأشياء لخدمة هذه الأمور المطلوبة شرعاً مما يعين عليه فهي مطلوبة شرعاً، وإذا لم يتم القضاء إلا بهذه الطريقة كان وجودها واجباً؛ لأن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب. يقول: ((إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه)) هل يصح رد الرجل بحجة أنه من طبقة أقل من المرأة والتفريق بين القبيلي وغير القبيلي بحجة الحفاظ على النسب؟

هذا لا يجوز، والكفاءة إنما هي في الدين، لكن من رده نظراً لمصلحة ودرء مفسدة؛ لأن الناس لا يحتملون مثل هذا، ويمكن يحصل مشاكل، فدرء المفاسد مطلوب شرعاً، لكن إن كان على سبيل الترفع والتعالي واحتقار الطرف الآخر فإن هذا لا يجوز، وإذا وجد العقد فالعقد صحيح، لا يجوز نقضه إلا برضا الزوج، بتنازل منه، بخلع، بأن يرضى بنقضه، وإلا فلا يجوز حينئذٍ نقضه وهو نكاح صحيح، وقد ترجم الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- في كتاب النكاح: باب الأكفاء في الدين، وذكر فيه حديث ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب ابنة عم النبي -عليه الصلاة والسلام- في الاشتراط في الحج، وقال: "وكانت تحت المقداد" المقداد مولى، وهذه بنت عم الرسول -عليه الصلاة والسلام-، المقصود أنه مولى، وأما الكفاءة فهي في الدين فقط، وهناك قضايا كثيرة بلال تزوج، وعبد الرحمن بن عوف زوج أخته مولى يباع ويشترى. طالب:. . . . . . . . . لا القضايا كثيرة جداً. هذا يقول: طلاب العلم في جميع مناطق المملكة في أمس الحاجة إلى مرجعية علمية موثوقة ينتهى إليها في الفتاوى، أو تنتهي إليها الفتوى، ويحتوى طلاب العلم، ويفتح لهم الدروس والأبواب على أن يكون -الكلمة غير واضحة- حتى تتلافى الفجوة الموجودة بين كبار العلماء، وبين الطلاب الذين قد يقعون فريسة لأصحاب الأفكار المنحرفة والضالة. هذا أمر مطلوب، وعلى أهل العلم الراسخين في العلم والعمل عليهم أن يحتووا وأن يسدوا هذه الفجوة، وهذه الثغرة وفيهم كثرة ولله الحمد، يعني جميع مناطق المملكة فيها من يقوم بهذه المهمة، ولكن المطلوب المزيد. يقول: هل يشترط للمجتهد أن يجتهد في كل مسألة من مسائل الفقه، ويحرر الأقوال فيها، ويعرف أقوال المخالفين، ثم يوازن بين الأدلة أم لا يلزمه ذلك؟ هذا الأصل، لكن أهل العلم يقررون تجزؤ الاجتهاد، وقد يسعفه الوقت للنظر التام في المسألة، وقد لا يسعفه، لكن عليه أن يتحرى ويبذل ويجتهد، وإذا أدرك جل المسائل ساغ أن يقال له: مجتهد، وإذا لم يستطع النظر في قضايا لتقصير أو قصور فلا مانع من أن يجتهد فيما يسعفه وقته فيه، ويقلد في الباقي. يقول: ما هي الطريقة المثلى لحفظ السنة؟ وهل تنصح بدورة الجمع بين الصحيحين؟

طالب العلم عليه أن يترسم خطى العلماء المرسومة لطبقات المتعلمين، فيبدأ بالكتب المناسبة للمبتدئين، ثم يثني بكتب المتوسطين، ثم ينظر في كتب المتقدمين، ويحرص على الحفظ، ففي مثل هذا يحفظ الأربعين، ثم العمدة، ثم البلوغ، ثم بعد ذلك يقرأ في الأصول المسندة، فإن كانت الحافظة تسعفه في حفظ المتن مع السند فلا يعدل عنها؛ لأن طالب العلم كما هو بحاجة إلى المتن هو أيضاً بحاجة إلى السند، فإن كانت لا تسعفه فيحفظ في المختصرات، ويحضر الدورات ويستفيد، ومع ذلك يكرر النظر في الأصول، وينظر في شروحها، ويتفقه فيها على طريقة شرحناها في مناسبات كثيرة، يرجع إليها من أرادها، وهي مسجلة وموجودة ومتداولة. يقول: هل الانتساب لكليات الشريعة معين لمن فاته التعليم الشرعي النظامي أم تنصح بالاكتفاء بالاجتهاد الفردي، أم الأفضل أن يسلك الشخص الدراسة النظامية؟ عليه أن يجمع الدراسة النظامية لها مزايا ومحاسن، لا توجد في غيرها، ودروس المساجد وحضور الحلق العلمية هذا لا يعدله شيء، ولا يغني عنه شيء، ومع ذلك الرافد المهم جداً النظر في المراجع في البيت، فيجمع بين الدراسة النظامية إن كان يستطيع الانتظام فهو الأصل، وإن كان لا يستطيع ينتسب، ويحضر دروس أهل العلم في المساء، ويراجع الكتب فيما بين ذلك وقبله وبعده. يقول: شخص دخل المسجد والإمام في الركوع، فقال: سبحان ربي العظيم مرة واحدة هل تعد له ركعة؟ نعم إذا تحقق أن الإمام لم يرفع قبل أن يستوي راكعاً. شخص دخل المسجد وقد انتهت الجماعة أيهما أفضل أن يرجع ويصلي في منزله أم هل يرى إن كان أناساً يصلون جماعة معه أو يصلي وحده؟ على كل حال إذا قصد الجماعة هو معذور، يعني ما فرط، إذا قصد الجماعة فوجدهم قد صلوا فله مثل أجرهم، هذا إذا لم يفرط، أما إذا فرط فهذا ملوم مذموم؛ لأنه فرط في واجب. هذا الذي جاء إلى المسجد المكتوبة الأفضل فيها أن تكون في المسجد سواءً كان بمفرده أو مع الجماعة، حيث ينادى بها، صلاة المرء في بيته أفضل إلا المكتوبة، لكن إذا كانت في المسجد وليس معه أحد ألبتة، وأراد أن يرجع إلى بيته ليصلي بمن بقي من أولاده من يوجد منهم أو بزوجته لا شك أن تحصيل مثل هذه المصلحة أقوى.

يقول: كثيراً ما يصادف الإنسان في هذه الحياة من مصائبها وأزماتها، وكثير من الخلق لا يستطيعون .. ، من لا يستطيع الصمود أمامها، فأتمنى أن تذكرنا بأن الحياة هي دار ابتلاء وصبر، وأنها ممر إلى الآخرة؟ جاء في الحديث أن ((الدنيا سجن المؤمن، وجنة الكافر)) ((من يرد الله به خيراً يصب منه)) فقالوا: إن عمر بن عبد العزيز إذا أمسى تأمل في يومه إن حصل هل شيء من هذه الإصابة وإلا بكى، يقول: إن الله لم يرد به خيراً. يقول: ما هي أفضل طبعة لسبل السلام طبعة الحلاق أم طبعة طارق عوض الله؟ لا طبعة الحلاق أفضل، لا سيما الطبعات التي تلوفي فيها كثير من الأخطاء. ما رأيكم في حفظ بلوغ المرام دون التخاريج المصاحبة للأحاديث؟ ابن حجر لا يطيل في التخاريج، ومعرفة المصدر الذي يرجع إليه من الكتب الأصلية عند الإشكال في غاية الأهمية بالنسبة لطالب العلم. إذا وجد الإمام لم يسلم بعد فهل يدخل معه أم يصلي مع جماعة أخرى؟ ((إذا جاء أحدكم والإمام على حال فليصنع كما يصنع الإمام)). يقول: المعروف من كلام المؤرخين أن أم أيمن -رضي الله عنها- هي حاضنة النبي -صلى الله عليه وسلم-، وأن زيد بن حارثة -رضي الله عنه- هو دعيه، يعني يدعى زيد بن محمد في الجاهلية، فكيف زوجهما النبي -صلى الله عليه وسلم- وبينهما من العمر ما لا يقل عن ثلاثين سنة، وأنجبت أسامة؟ ويش الإشكال في هذا؟ يعني كونها لا تحل له، أو كونها أكبر منه؟ كل هذا لا يؤثر؛ لأنها تحل له. هل يؤاخذ الإنسان بما يحدث به نفسه مثلاً فيقول مع نفسه: لا أريد هذه الزيادة التي في الراتب سوف أجعلها لله تعالى شهرياً، هل يلزمه .. ، وأخرجها كل شهر، وإن كانت تلزمه إذا طلع تقاعد، هل يخرجها يخرج نفس المبلغ أو على نسبة التقاعد؟ مثل هذا الوعد لا يلزمه أن يفي به، وإنما هو من باب الاستحباب، لكن إن اقترن بذلك عهد ويمين وميثاق مع الله -جل وعلا- إن أخل به {فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ} [(77) سورة التوبة] لكن إذا كان مجرد حديث نفس أو كلام من دون تأكيد بعهد ولا ميثاق ولا يمين فإنه يكون مجرد وعد لا يأثم بتركه.

يقول: محل يقوم ببيع منتجات هل يجوز له أن يقدم عرض أسعار لشركة ما على منتج غير موجود عنده في الحاضر، ولكن بعد قبول عرض السعر يستطيع إحضاره، وتقديمه للزبون؟ إذا كان مجرد عرض من غير إبرام عقد فلا مانع، وإن وجد إبرام العقد فقد باع ما ليس عنده، وحينئذٍ لا يجوز. لعلنا نكتفي بهذا القدر، والأسئلة كثيرة، ولا يكفيها لقاء أو لقاءين ...

كتاب العتق

شرح: بلوغ المرام - كتاب العتق (1) الشيخ: عبد الكريم الخضير السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. هذا يقول: الله -سبحانه وتعالى- من سننه أن يهلك من عصى وحاد عن الطريق المستقيم، فذكر سبحانه أنه أهلك ثمود، والمؤتفكات وغيرهن، ولكن إهلاك عاد مغاير، حيث قال سبحانه: {وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَادًا الْأُولَى} [(50) سورة النجم] والعرب إذا ذكرت الأولى معناه أن هناك شيء آخر، يعني أخرى، وإلا لم يصبح ميزة لذكر الأولى، وكذلك قال سبحانه: {أَلاَ بُعْدًا لِّعَادٍ قَوْمِ هُودٍ} [(60) سورة هود] فهل معنى ذلك أن هناك عاد غير قوم هود لم يهلكهم الله؟ يعني الوصف أحياناً يكون له مفهوم، وأحياناً يكون الوصف كاشف، ولا مفهوم له، ويكون تصريح بما هو مجرد توضيح، فلا يكون له مفهوم، ولا يقال: إن هناك عاداً أخرى، ولا عاد قوم لغير هود، وإنما هو من باب التصريح بما هو مجرد توضيح، وكونه أولى يعني أنها متقدم زمنها، وزعم بعض المؤرخين في قول ضعيف ذكره الحافظ ابن كثير في البداية والنهاية أن عاد وثمود بعد إبراهيم، وهذا قول ضعيف، مع قوله -جل وعلا-: {الْأُولَى} [(50) سورة النجم] فلعل المستند لمن قال بهذا القول: إنها عاد ثانية أخرى بعد عاد الأولى، ولكن هذا القول ليس بصحيح. الطالب: ما يطلق -رعاك الله- على الأولى بمعنى المتقدمة؟ هذا المعنى إيه. يقول: في حالة ورث الولد من الوالد أمة هل ينتظر حيضة من الأمة، وأيضاً في حالة إذا أشترى أحد أمة وانتظر محيضها، ولكن اكتشف أنها حامل، هل يرجع إلى مالكها الأول، أم ماذا يفعل؟

إذا ورث الولد من والده أمة وقد كان الوالد قد وطئها فإنه لا يجوز للولد أن يطئها، ولو لم تحمل من والده وتكون أم ولد، بمجرد وطء الوالد حرمت على الولد، أما إذا أشترى أمة وانتظر الاستبراء بحيضة فتبين أنها حامل هل يرجعها إلى مالكها الأول أم ماذا يفعل؟ أولاً: أن الولد نماء، لكن إذا كانت حاجته إلى الوطء عاجلة، بحيث لا يستطيع أن ينتظر تسعة أشهر، هو في الحقيقة نماء، والولد تبع لها، نماء متصل فهو تبع لها، لكن إذا كانت حاجته إلى الوطء العاجل أكثر من حاجته إلى الولد فإن هذا يكون عيباً ترد به، وإلا هو في الأصل ليس عيب، وإنما هو نماء يغتبط به. يقول: إذا ورث الولد امرأة من والده -يعني أمة- هل تتعق من وفاته -وفاة الوالد- أم تنتقل إلى ... ؟ تنتقل لأنها مال بحكم سائر الأموال، ما لم تكن حاملاً أو أم ولد وضعت فإنها تتعق بموته، أما إذا كانت ليست أم ولد فإنها تورث كما يورث سائر الأموال. يقول: نقل ابن رشد وابن قدامة وغيرهما الإجماع على استحباب السترة، وقال بعض أهل العلم بوجوب السترة فهل الإجماع منعقد على استحبابها؟ نعم يذكرون الإجماع باعتبار أن المخالف من أهل الظاهر لا اعتداد بقوله، وأن الإجماع ينعقد بدونهم، وكثير ما ينقل النووي الإجماع مع ذكره قول داود؛ لأنه يصرح بأنه لا يعتد بقول داود؛ لأنه لا يرى القياس الذي هو أحد أركان الاجتهاد، فلا يعكر عليه ذكر خلاف داود؛ لأنه لا يعتد به، فعامة أهل العلم على أن السترة مستحبة، وإن جاء الأمر بها، إن صلى أحدكم فليستتر، والأصل في الأمر الوجوب، لكنه مصروف إلى الاستحباب عند عامة أهل العلم؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- ثبت عنه أنه صلى إلى غير جدار، قال ابن عباس: يعني إلى غير سترة. يقول: هل للإمام أن يمكث بعد التفاته جالساً يسبح أم أن عليه أن يقوم من مكانه، وينتقل إلى مكان آخر بعد استغفاره؟ يمكث في مكانه، والملائكة تصلي عليه ما دام في مكانه، فما دام في مكانه فسائر المصلين الملائكة تصلي عليهم وتدعو لهم، ما لم يؤذ، ما لم يحدث.

يقول: هؤلاء الأسرى من الكبار بعدما صاروا عبيداً لدى أعدائهم السابقين ألم يهربوا من هذا الرق أو يقوموا بتدبير أذى ومكيدة لأسيادهم، وخاصة وحقد الكفار لا يزال في قلوبهم تجاه كل مسلم؟ أولاً: أن الأسير يوثق، يشد وثاقه حتى يؤمن جانبه، فإذا أمن جانبه ورأى الوضع عند المسلمين، واستقرت نفسيته، وألفهم تمنى أن يعيش بقية عمره أسير، ولا يرجع إلى قومه. يقول: هل نقول: من أعتق نصيبه هل ينال أجر نصيبه ولو لم يسع بالباقي؟ على كل حال من أعتق كل شيء بقدره، لكن إن كان له مال فيلزمه تحرير باقيه، وإن لم يكن له مال فيستسعى العبد غير مشقوق عليه، فإذا كان السعي يشق عليه فإنه يبقى مبعض. يقول: ما رأيكم في الكتب التالية: روضة الطالبين وعمدة المفتين للنووي؟ هذا من كتب الشافعية المحضة التي لا يشار فيها إلى خلاف، بل هي متخصصة في المذهب، مثل الإنصاف عند الحنابلة، يعني كتاب في اثني عشر مجلداً كالإنصاف تماماً، ولا يشير إلى المذاهب الأخرى، فهو كتاب متخصص في مذهب الشافعية، ومؤلفه النووي، وهو مأخوذ بجملته من الشرح الكبير، فتح العزيز للرافعي، مختصر منه، وفيه إضافات من النووي، وتنبيهات نفيسة، النووي إمام من أئمة الشافعية، وله يد وباع في الحديث، وله نفس لا شك أنه إلى العمل أكثر منه إلى العلم، يعني الرجل عالم ما يشك فيه في الفقه والحديث، ومع ذلك جانب العبادة عنده قوي، فيستفاد من كتبه -رحمه الله-. عيون الأخبار لابن قتيبة؟

عيون الأخبار من كتب الأدب الأصلية التي ينبغي قراءتها لطالب العلم، لا سيما وهو أنظف بكثير من كثير من كتب الأدب، ابن قتيبة رجل عفيف، ما هو مثل الأصفهاني صاحب الأغاني ولا غيره، ولا مثل الراغب أيضاً، الراغب الذي له يد في القرآن وغريب القرآن، وله كتب نافعة، لكن كتابه محاضرة الأوائل، هذا فيه إسفاف شديد، قد يفوق الأغاني في هذا الباب، مع أنهم لهم وجهة نظر لكنها غير مقبولة، ابن الوردي قاضي ومفتي، ومع ذلك يقول حينما ألف كتاباً في الفرق بين الجواري والغلمان، قال: إنه قد استكثر هذا الكتاب من مثل قاضي ومفتي لكن هذا المستكثر وهذا العاتب لا يدري أن العلم شيء والأدب شيء آخر، هذا الكلام مردود، هذا هو الذي يردده من يريد فصل الدين عن نواحي الحياة، قريب منه جداً، إيش معنى الأدب؟ أنت ما تتدين بحلال وحرام في سائر أحوالك؟ لماذا تنقل مثل هذا الكلام؟ ومن أنظف كتب الأدب: زهر الآداب للحصري، زهر الآداب من أفضل كتب الأدب وأعفها، لكن ما سلم صاحبه من محقق الكتاب زكي مبارك، يقول: إن الكتاب أغفل جانباً مهماً من جوانب الأدب وهو المجون، وقال كلاماً يليق به، وقال: إن الحياة تفقد حيويتها حينما تكون هدى خالص، هذا كلام المجان الذين يروجون لمثل هذا الكلام، وهذه الأفعال. العقد الفريد؟

كتاب أيضاً جامع في الأدب، ولا يخلو، ما هو مثل عيون الأخبار أو زهر الآداب، ما يخلو من بعض الأخبار التي يلاحظ عليها ما يلاحظ، يبقى أنه أعف من كتاب الأغاني لأبي الفرج، الأغاني على سوئه قد يستفيد منه العالم، أما طالب العلم فهو يعوقه عن تحصيل ما هو أهم منه، ويخشى من تضرره بقراءته، في كلام لأبي حاتم الرازي في الجرح في جبارة بن المغلس قال: بين يدي عدل، قال الحافظ العراقي: إنها لفظ تعديل، وينطقها بين يدي عدل، ثم جاء الحافظ ابن حجر فرأى أن التعديل ومن أبي حاتم بعيد كل البعد أن يكون لمثل جبارة والأئمة كلهم على تضعيفه، فبحث عن هذه الكلمة، أو هذه الجملة: "بين يدي عدل" قال: فوجدت في كتاب الأغاني أن القائد طاهر في عصر الدولة العباسية، الطاهر مشهور من قواد الدولة العباسية، وكان أعور، جالس على مائدة، وفيها من أولاد الرشيد –أظن- أسمه إبراهيم صغير، وهم على المائدة أخذ هندبة إما دباء أو شيء نحوه فرمى به طاهر، فضرب بها عينه السليمة، فشكاه على أبيه، فقال: إنه ضرب عيني السليمة، والأخرى بين يدي عدل، يعني تالفة هالكة، عوراء، فابن حجر لما قرأ هذا الكلام تبين له المراد، ثم قال: إنه تابع القراءة في كتب الأدب، فوجد في أدب الكاتب لابن قتيبة أن العدل بن سعد العشيرة كان على شرطة تبع، فإذا أراد تبع أن يقتل أحداً سلمه للعدل، فقال الناس: بين يدي عدل، يعني هالك، يعني استفدنا من هذه الكتب معرفة هذه الجملة التي هي بدلاً من أن تكون تعديل كما هو ظاهرها صارت من أسوأ مراتب التجريح. فأقول: إن الكتب تفيد وتنفع، لكن متى تقف في كتاب من خمسة وعشرين مجلداً، وبعض الطبعات ثلاثين مجلد على مثل هذه الفائدة؟! أقول: هذه مصلحة وفائدة مغمورة في بحار ما فيه من السوء، لكن لا يخلو كتاب من فائدة، وأقول: طالب العلم لا ينبغي أن يضيع وقته في قراءة مثل هذا الكتاب، يعني طالب العلم لا بد أن يستجم، ولا بد أن يرتاح من معاناة العلم المتين إلى شيء من كتب الأدب أو التواريخ، لكن لا يستغرق في هذا الأمر، ويضيع جل وقته، وسنام وقته في مثل هذه الأمور، فلا هذا ولا هذا. الطالب: والبيان والتبيين رعاك الله؟

البيان والتبيين من أصول كتب الأدب والجرح، والحيوان كذلك، هذه كتب مهمة جداً في الأدب، الأمالي لأبي علي القالي، وله شرح سمط اللآلئ، نفائس، وكتاب ... ، كتب الأدب كثيرة، لكن منها المهم الكامل للمبرد مع شرحه النفيس: رغبة الآمل من كتاب الكامل للمرصفي، هذه الكتب يستفاد منها، لكن لا ينبغي أن تكون على حساب ما طالب العلم بصدده من علم الوحيين، وما يعين على فهم الوحيين. شرح السنة للبغوي. هذا يسأل على كتب متنوعة، شرح السنة للبغوي شرخ مختصر ومفيد ومتين، يعني شرح من إمام لجمع كبير من أحاديث الأحكام، فهو كتاب نفيس ونافع، وشرحه باختصار يفيد ولا يأخذ وقت، مثل معالم السنن للخطابي، ما هو مثل الشروح المطولة مثل فتح الباري وغيره، يعني تقرأ هذا الكتاب، أو تقرأ مجلد من فتح الباري؟ يعني المدة واحدة. المصنف لعبد الرزاق، والمصنف لابن أبي شيبة. هذه كتب قيمتها في نقل فقه السلف؛ لأن جلها آثار، يعني فقه السلف مجموع فيها. يقول: البخاري بشرح الكرماني. إذا كان السؤال عن البخاري فالبخاري معروف، وأما شرحه شرح الكرماني فهو شرح متوسط، أطول من شرح الخطابي، وأخصر من فتح الباري وعمدة القاري، وفيه لطائف ونفائس تشجع وتحفز طالب العلم على متابعة القراءة. عون الباري لصديق حسن. هذا شرح للمختصر، شرح للتجريد الصريح، وأكثر من تسعين بالمائة من الكتاب مأخوذ من إرشاد الساري بحروفه. كتاب العلل ومعرفة الرجال للإمام أحمد. هذه من كتب العلل التي لا يستغني عنها طالب علم. التاريخ الإسلامي لمحمود شاكر. محمود شاكر ما هو بمحمود أبو فهر أخو الشيخ محمد، لا، محمود متأخر وموجود له: مواطن الشعوب الإسلامية، وله التاريخ الإسلامي في سلسلة طويلة، وتاريخ طيب، والرجل معتدل، يعني فيه شيء من الاعتدال. نيل الأوطار للشوكاني. عاد ما يحتاج إلى أن نتحدث عنه، الشوكاني إمام، ونفسه إلى الحديث أقرب، فيفاد منه، مع أنه فيه ما فيه، يعني ليس .. ، مثلما تأثره ببيئته الزيدية لا بد أن يتأثر الإنسان ببيئته، لكنه محسوب على أهل السنة في الجملة. البصائر والذخائر لأبي حيان التوحيدي يقول: أطلعت عليه وفيه ....

هو من كتب الأدب، ويزيد على ذلك أن أبا حيان معدود من الزنادقة، يقول ابن الجوزي: زنادقة الإسلام ثلاثة -يعني في عصر الإسلام- المعري، والتوحيدي، وأيضاً؟ طالب:. . . . . . . . . هاه؟ طالب:. . . . . . . . . ابن الرواندي. قال: إذا أعتق من العبد نصفه أو بعضه وفضل الجلوس على رق بعضه فماذا عن الأحكام الشرعية عليه والواجبات؟ يكون مبعضاً يرث ويورث، ويودى بقدر ما فيه من الحرية. أقصد الحج وصلاة الجمعة وغيرها؟ هو باقٍ على رقه؛ لأن لسيده أن يمنعه، إلا إذا كان الوقت مناوبة بينه وبين سيده، يعني قسم الوقت بحيث يتمكن من صلاة الجمعة، فصار يوم الجمعة من نصيبه، فباعتباره حر تلزمه الجمعة، وإذا قال السيد: لا، الجمعة لي أنا أحتاجها، ورفض أن يمكنه فيكون في هذه الحالة حكمه حكم الرق ومثله الحج. يقول: كيف تكون كفارة اليمين على التخيير مع أن عتق الرقبة أو إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم كل ذلك لا تتساوى قيمته المالية؟ ما يقرأ القرآن؟ هي على التخيير بين الثلاثة، وهي على الترتيب بين الثلاثة والصيام. الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد: فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا يجزي ولد والده إلا أن يجده مملوكاً فيشتريه فيعتقه)) رواه مسلم".

الوالد هو السبب في وجود الإنسان، جعله الله -جل وعلا- سبباً لوجوده، ولولا أن الله -جل وعلا- قيض هذا الرجل وتزوج بهذه المرأة ما وجدت، يعني ما استثني من ذلك إلا آدم وحواء وعيسى من اجتماع الصورة وإلا فبقية بني آدم على هذا، بالتزواج بين الوالدين، فهما السبب في إيجادك، فحقهما أعظم حق عليك بعد حق الله -جل وعلا-، وورد حقهما مقروناً بحق الله -جل وعلا- في كثير من النصوص، فحقهما عظيم، قد يحمل الإنسان أمه أو أباه على ظهره لحاجتهما إليه، ومع ذلك قد لا يوفي بحقهما، مع أن هذا من أفضل أنواع البر، قد يقوم بحاجتهما الخاصة عند احتياجهما إليه، ومع ذلك حقهما عظيم، فالعمل الوحيد الذي يمكن أن يكافئ به الوالد بدليل الحصر في الحديث في قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((لا يجزي ولد والده إلا أن يجده مملوكاً فيعتقه)) هو سبب وجودك، وأنت الآن في هذه الصورة تسببت في وجوده الحقيقي؛ لأنه وجوده مع الرق كلا وجود، منافعه مملوكة لغيره، لا يستطيع أن يتصرف بنفسه، فوجوده كالعدم، وأنت إذا اشتريته وجدته مملوكاً فاشتريته وأعتقته تسببت في وجوده حكماً، وإن كان الوجود الحقيقي الذي لا أثر له مما يلحقه كان موجوداً، لكن وجود، هل يلحقه ببني آدم، أو يلحقه بالبهائم التي تباع وتشترى؛ لأن أحكام الرقيق ينظر فيها باعتباره سلعة يباع ويشترى، أو باعتباره إنسان له عقله، وله تمييزه، وله اعتباره، وله مشاعره، فيتردد بين هذين الأصلين، فإلحاقه بأحدهما من باب قياس الشبه، فإذا وجد أباه والحال أنه متردد بين الإنسان والبهيمة هل يلحق بهذا أو بهذا؟ فما معنى هذا الوجود؟ كلا وجود، لكن إذا اشتراه واعتقه تسبب في وجوده الاعتباري الحقيقي الذي ينتفع به وإلا فوجوده قبل ذلك لمصلحة غيره.

((لا يجزي ولد والده إلا أن يجده مملوكاً فيشتريه فيعتقه)) رواه مسلم، قد يقول قائل: الفرق بين الوجودين بين وجود الابن وبين وجود الأب يعني قبل الولادة وقبل العتق، أما بعد الولادة وبعد العتق هذا ظاهر، لكن الكلام فيما قبل الولادة وقبل العتق، بل قبل الوطء الذي تسبب عنه الحمل وقبل العتق، وفي فرق، هذا موجود حقيقة ويأكل ويشرب ويتعبد، ما يتمكن من عبادة، ويتلذذ بأكل وشرب ونوم ويأنس، ومع ذلك هو مسخر لغيره يخدمه، فوجوده فيه نقص، لكن قبل تسبب الوالد بوجود الولد، قبل وطء الأم هذا عدم محض، ففرق بين وجود هذا وهذا، لكن في الحديث الحث على عتق الرقبة لا سيما الوالد، وإن لم تكن الصورة متطابقة من كل وجه.

((لا يجزي ولد والده إلا أن يجده مملوكاً فيشتريه فيعتقه)) في هذا الحديث مما يدل على أنه لا يعتق بمجرد الشراء، بل إذا تم ملكه له ثم أعتقه، فيفهم منه أنه يمكن أن يشتريه ولا يعتقه، ألا يفهم من الحديث هذا؟ قال: ((إلا أن يجده مملوكاً فيشتريه)) ما سكت، قال: فيعتقه مباشرة، ليس فيه ثم يعتقه؛ لئلا يكون هناك تراخي، وليس فيه فيشتريه فقط لنقول: إنه يعتق بمجرد الشراء، بل يشتريه ثم يعتقه، وهذا قول من يقول: إن من ملك ذا رحم محرم لا يعتق إلا بالعتق، لا يعتق بمجرد الشراء، لكن الذي عليه عامة أهل العلم أنه يعتق بمجرد الشراء، لو اشترى أباه وفي حكمه الأم لو أشترى الأب أو أشترى الأم أو اشترى الابن أو اشترى البنت أو اشترى الأخ أو اشترى العلم أو اشترى الخال أو الخالة أو العمة بمجرد الشراء يعتق، وإن كان حديث الباب يدل على أن العتق بعد الشراء، لكن ما جاء في حديث الباب لا مفهوم له، إنما يعتق بمجرد الشراء، فالتنصيص على العتق هو مجرد توضيح، الظاهرية قالوا: إنه لا بد من الإعتاق وإلا ما يعتق، هل يستمر رقيق عند الظاهرية؟ هل يستمر رقيق إذا اشتراه؟ قالوا: نعم يستمر رقيق، ولكن يجبر على إعتاقه؛ لمفهوم الحديث، لكن حديث سمرة الذي يليه عرفنا أن مذهب عامة أهل العلم أنه يعتق بمجرد الشراء، ويكون تأويل فيعتقه قالوا: إن الشراء هو سبب العتق؛ لأنه يؤول إليه حصل أو لم يحصل، فالشراء عتق، فالشراء نفسه عتق، فالتصريح بالعتق باعتبار المآل، وأن الشراء يؤول إليه، فأطلق عليه، أو أطلق عليه على ما يقولون فنسب إليه العتق، أو صرح بذكر العتق من باب ذكر إنه يؤول إلى العتق، حديث سمرة صريح في أنه لا يحتاج إلى عتق، وأنه بمجرد الشراء وتمام الملك أنه يعتق، الذي يليه:

"وعن سمرة بن جندب -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من ملك ذا رحم محرم فهو حر)) " يعني بمجرد الملك حر ((من ملك ذا رحم محرم فهو حر)) والضابط فيه بأنه لو كان أحدهما ذكر والآخر أنثى لا يصح النكاح بينهما، كما بين الوالد والولد، والولد والوالدة، والأخ مع أخيه أو أخته أو مع عمته أو خالته، لا أبناء العم ولا أبناء الخال، ولا العمة ولا الخالة؛ لأنه يصح أن يتزوج بنت عمه، وبنت خاله، وبنت عمته، وبنت خالته، فلا يعتق عليه بمجرد الشراء حتى يصرح بعتقه، بخلاف من لا يجوز له نكاحه فإنه يعتق عليه بمجرد الشراء. قال: ((من ملك ذا رحم محرم فهو حر)) رواه أحمد والأربعة، ورجح جمع من الحفاظ أنه موقوف" إذا تعارض الوقف مع الرفع ذكرنا مراراً أن الحكم للرفع عند جمع من الحفاظ؛ لأنه زيادة من ثقة، وهذا الذي جرى عليه المتأخرون، أو الحكم لمن وقف؛ لأنه متيقن، والرفع مشكوك فيه، يعني ذكر الصحابي متيقن، لكن المشكوك فيه ذكر النبي -عليه الصلاة والسلام- فيكون الحكم لمن وقف؛ لأنه متيقن، وهذا أيضاً يميل إليه جمع من الحفاظ، فيرجحون الوقف في مثل هذه الصورة، ويرجحون الإرسال في مسألة تعارض الوصل والإرسال، وهناك قول ثالث وهو أن الحكم للأحفظ، إذا كان من رفعه أحفظ فالحكم له، وإذا كان من وقفه أحفظ فالحكم له، ومنهم من يقول: الحكم للأكثر، والعدد الكثير أولى بالحفظ من الواحد، هذه أقوال أهل العلم ممن يحكم بحكم عام مطرد، ولو نظرنا إلى طريقة الأئمة الكبار في مثل هذه الصورة نجدهم لا يحكمون بحكم عام مطرد، بل يرجحون بين الأقوال بالقرائن، فما دلت القرائن على أنه أرجح فالحكم له، فقد يحكم الإمام الواحد على حديث بالرفع، ويحكم على حديث آخر بالوقف، ما يقول: الحكم لمن رفع مطلقاً، ولا يقول: الحكم لمن وقف مطلقاً، وهكذا في مسألة الوقف والإرسال، بل إذا رجحت القرائن الرفع حكم به، وإذا رجحت القرائن الوقف حكم به، وهذه هي طريقة الأئمة المتقدمين، وهم أهل هذا الشأن.

طيب ما موقف طالب العلم إذا جاءه مثل هذا الحديث؟ موقفه أن يجمع الطرق، وينظر في من رفع، وفي من وقف، وسوف يتبين له إذا جمع طرق الخبر من القرائن ما يرجح به إذا كان أهلاً لذلك، ثم بعد ذلك لأن هذه المسائل مسائل دقيقة، يعني لا يقوم بها أي طالب علم، مهما طالت معاناته في علم الحديث، إذا فرغ من جمع الطرق، ومال إلى الرفع أو الوقف فإنه ينظر في أقوال الأئمة، ماذا قال الإمام أحمد؟ ماذا قال ابن معين؟ ماذا قال أبو حاتم؟ ماذا قال الدارقطني؟ وهكذا، فإذا وجد حكمه مطابقاً لأحكامهم فليحمد الله، وإذا وجد حكمه مخالف فليعد النظر في صنيعه، ويتسصحب أقوال الأئمة في مثل هذه الأمور؛ لأنه ليس فيها حكم عام مطرد تأخذ النظرية وتطبقها على جميع الأحاديث، لا، بهذا يترقى طالب العلم مع معاناة ومزوالة التخريج والدراسة للأسانيد، ومعرفة الطرق وجمع الطرق والحكم على الأحاديث إذا قارنها بأقوال الأئمة يتأهل؛ لأن يسير على طريقة معينة، وهذه تحتاج إلى عمر ومعاناة وقوة في الحفظ، ونفاذه في الفهم، يعني لا يخاطب بمثل هذا الكلام آحاد الطلاب. ((من ملك ذا ملك محرم فهو حر)) أي أنه يعتق بمجرد الملك، بمجرد تمام الملك، ومنطوقه يخالف مفهوم الحديث السابق، والحديث السابق في صحيح مسلم، ومتفق على رفعه، وهذا الحديث عند أحمد والأربعة، واختلف في رفعه ووقفه، فمن قال: إنه لا بد من إعتاقه لا سيما أهل الظاهر يقولون: حديث مسلم أرجح، ولا بد من أن يصرح بعتقه، والذي يقول: إن مفهوم حديث مسلم مخالف لمنطوق حديث أحمد والأربعة، والمنطوق مقدم على المفهوم يقول: إنه يعتق بمجرد الملك. قال -رحمه الله- بعد ذلك: "وعن عمران بن حصين -رضي الله عنهما- أن رجلاً أعتق ستة مملوكين" ستة عبيد تحت ملكه أعتقهم دفعة واحدة "أن رجلاً أعتق ستة مملوكين له عند موته لم يكن له مال غيرهم" يعني في مرض موته الذي لا يرجى برئه منه، لا ينفذ تصرفه إلا بالثلث، وما زاد على الثلث لا ينفذ تصرفه؛ لأنه متهم بحرمان الورثة، لماذا لم يتصرف هذا التصرف في وقت صحته؟

"أعتق ستة مملوكين له عند موته لم يكن له مال غيرهم" وفي هذه الحالة ليس له أن يتصرف إلا في الثلث والثلث كثير "فدعا بهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فجزأهم أثلاثاً" لينفذ الثلث، ويرد الثلثين إلى الورثة، إلى صاحبهم فإذا مات أوثوا عنه.

"فدعا بهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فجزأهم أثلاثاً، ثم أقرع بينهم، فأعتق اثنين" والاثنان هم الثلث بالنسبة للستة "وأرق أربعة، وقال له قولاً شديداً" رواه مسلم" وفي رواية النسائي وأبي داود: أن هذا القول الشديد قال: ((لو شهدته قبل أن يدفن لم يدفن في مقابر المسلمين)) هذا قول شديد ((لو شهدته قبل أن يدفن لم يدفن في مقابر المسلمين)) لماذا؟ لأنه حرم ورثته من الإرث ((إنك إن تدع ورثتك أغنياء خير من أن تدعهم عالة يتكففون الناس)) فلا يصح، بل لا يجوز، ولا ينفذ تصرفه في أكثر من الثلث في هذه الحالة، النبي -عليه الصلاة والسلام- دعا بالستة فوزعهم ثلاث فرق اثنين اثنين اثنين، فجاء بقرعة فخرجت القرعة لاثنين أعتقهما، وأرق الأربعة، رجعهم، وعلى هذا لو شخص مريض يملك ثلاثة آلاف، ثم في مرض موته وهو في المستشفى قال: تصرف بالثلاثة آلاف، وزوعوهم على الفقراء، أو اشتروا بهم شيئاً ينتفع به المسلمون، يقال: لا ما يمكن تصرفك إلا في ألف والألفين ترد، قد يقول: الألفين وش تسوي؟ لكن هذا الحكم الشرعي، هذا قد يكون ألفين، وقد تكون ثلاثة ملايين، وقد تكون أكثر أقل، المقصود أن هذا هو الحكم، النبي -صلى الله عليه وسلم- دعا بالستة، وفرقهم ثلاث فرق، فكل فرقة مكونة من اثنين، فأجرى القرعة فظهرت لاثنين فأعتقهما، وأرق الأربعة الباقين، فهنا النظر إلى العدد، قد يقول قائل: كل واحد من هؤلاء الستة حصل له العتق، ويجب رد الثلثين لماذا لا يعتق من كل واحد الثلث؟ ويبقى ثلثاه رقيق، وقد قيل بهذا، أنه لا يعتق اثنين ينتفع اثنان ويتضرر أربعة، فقالوا: كل واحد من هؤلاء الستة يعتق ثلثه، فيكون العتق مشاع بين هؤلاء الستة، والرق مشاع، فينتفع الجميع، ويتضرر الجميع، ما ينتفع اثنين ويتضرر أربعة، لكن الحديث في إيش؟ في صحيح مسلم، يعني هل لأحد أن يجتهد مع وجود هذا الحديث، طيب قد يقول قائل: إن هذين الاثنين الذين حالفهم الحظ، وظهرت لهم القرعة قد تكون قيمتهم تعادل قيمة الأربعة، فالاثنين يسوون لهم على مائة ألف وها الأربعة يا الله يجيبون مائتين ألف على خمسين، فكأنه تصرف بالنصف، لماذا لا ينظر إلى أقيامهم؟ وقد تكون قيمة الاثنين بقيمة واحد من هؤلاء

الأربعة، لماذا لا ينظر إلى القيمة؟ قيل بهذا وقيل بهذا، لكن النص أثبت أن النظر في الثلث والثلثين إلى عدد الرؤوس، نعم عند القسمة الثلاثية، وقبل إجراء القرعة ينظر إلى مصلحة الورثة، وينظر إلى مصلحة هؤلاء الأرقاء، وينظر بعين العدل والمساواة بين الجميع، لكن يبقى أن هذا حكم شرعي، والقرعة معتبرة في الشرع في أمور كثيرة، القرعة معتبرة في الشرع، عند المشاحاة لا بد من قرعة ولا مرجح لا بد من قرعة ترجح، فالحديث يدل على هذا، وأن النظر إلى عدد الرؤوس بغض النظر عن الأقيام، وبغض النظر عن كون المنتفع البعض دون البعض، ومنهم من قال: لا، لا بد أن يعم النفع الجميع؛ لأنهم في عبارة المعتق على حد سواء، أعتقهم جميعاً، فأراد أن يستفيدوا جميعاً فلماذا نفيد اثنين ونحرم البقية؟ هذا قال فيه بعض أهل العلم، فقال: يعتق من كل واحد ثلثه، فإما أن يبقى الثلثان من كل واحد، أو يستسعى الجميع ويسددون للورثة؛ لئلا نحرم الورثة بقيمة الثلثين، لا شك أن هذا من حيث النظر والقياس يعني له وجه، لكن ما قيمة النظر والقياس في مقابل النص؟ لا قيمة، وكذا قول من يقول: ننظر إلى الأقيام؛ لأن العبرة بالثلثين بالحساب، يعني لو أن شخصاً عنده ثلاث بيوت، وفي مرض موته، قال: هذه البيوت أوقاف، الثلاثة ولا يملك غيرهم، بيت بمليون، والثاني بخمسمائة ألف، والثالث بمائة ألف، هل نقول: نأخذ واحد أين كان ونترك الاثنين، أو ننظر إلى الأقيام؟ هل نقول: ينفذ تصرفه في البيت الكبير الذي يستحق مليون، أو الصغير الذي يستحق مائة ألف، أو ننظر إلى الوسط بخمسمائة ألف، أو ننظر إلى الأقيام ونقسهما على ثلاثة؟ لا شك أننا إذا نظرنا إلى مصلحة الوارث، ومصلحة من يستفيد من هذا الوقف فلا بد أن نحسب القيمة؛ ليكون انتفاع هؤلاء وهؤلاء على حد سواء، ما نقول: والله هاذولا ثلاثة، ثلاثة بيوت أو ستة بيوت نأخذ اثنين ونخلي أربعة مثل هؤلاء الأعبد، ننظر إلى القيمة، لكن ما ورد به النص ينفذ النص، قد يقول قائل: لماذا لا نقول: يوقف ثلث هذا البيت وثلث هذا البيت وثلث هذا البيت ويبقى الثلثان؟ يعني حينما يكون الوقف مستقل، والموروث مستقل ينتفع به أصحابه لا شك أن هذا أرفق بالجميع، وإلا ما فيه

ما يمنع، أنه ينفذ وقفية ثلث هذا البيت وثلث هذا البيت ويرد الثلثان، لكن ما يقال: إنه يوقف هذا البيت، أو هذان البيتان من الستة، وإن كانت قيمتها تعادل الأربعة، بغض النظر عما جاء في الحديث، ولعل النبي -عليه الصلاة والسلام- جمع بين الأمور كلها في نظره الدقيق -عليه الصلاة والسلام-، فرأى أن كل واحد يشكل ثلث القيمة مع ثلث العدد ويش المانع؟ وإذا أمكن أن يطبق ما في الحديث مع ما يدل عليه النظر هذا هو الأصل. قال بعد ذلك: "وعن سفينة -رضي الله عنه- قال: كنت مملوكاً لأم سلمة، فقالت: أعتقك وأشترط أن تخدم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما عشت" رواه أحمد وأبو داود والنسائي". هذا الشرط في العتق سائغ، لو قال: السيد لعبده أعتقك بشرط أن تأتي إلي في كل صلاة توصلني إلى المسجد لا أريد غير هذا، أو أعتقك بشرط أن توصل الأولاد المدارس وترجعهم، وبعد ذلك أنت حر، يعمل بالشرط وإلا ما يعمل؟ يعمل بالشرط، لكن لو قال: أبيعك، أو أبيعه عليك بشرط أن يخدمني ما عشت، نقول: لا، نهى عن الثنية إلا أن تعلم، وهذا الشرط ينافي مقتضى العقد، لكن العتق من باب الإرفاق، ليس من باب المعاوضة، فيصح فيه الشرط المجهول، ويصح فيها الشرط وإن كان ينافي مقتضى عقد البيع؛ لأنه ليس بعقد معاوضة، هنا قالت: أعتقك وأشترط عليك أن تخدم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما عشت، يعني طلية حياتك تخدم الرسول -عليه الصلاة والسلام-، قد يقول قائل: إنه ما استفاد ما دام مشروطاً عليه أن يخدم يستمر رقيق، نقول: لا الشعور بالحرية غير، الأمر الثاني: أن الخدمة وقتها معلوم، وبقية الوقت يكون له، بصفته حر، بخلاف ما لو كان رقيقاً، ففي غير وقت الخدمة لا بد أن يؤذن له أن يتصرف، أما إذا كان حراً فلا يحتاج إلى إذن، فهو مستفيد، وإن شرط عليه أن يخدم، قد يقول قائل: إن هذا التصرف من أم سلمة، فيكون موقوفاً عليها، ولا يتم به الاستدلال، نقول: حصل بعلمه -صلى الله عليه وسلم-، واستمر سفينة يخدم النبي -عليه الصلاة والسلام- بعد هذا الكلام.

لو قال السيد لعبده: أعتقك شريطة أن تخدمني عشر سنين، متى يتم العتق؟ بعد تمام العشر، كأنه أعتقه عتقاً معلقاً بمضي عشر سنين، ولا يتم عتقه إلا إذا تمت العشر، هل نقول: إن سفينة لا يتم عتقه إلا بعد أن توفي الرسول -عليه الصلاة والسلام-، يعني لو قال: على أن تخدمني عشر سنين، أو شريطة أن تخدمني عشر سنين، قالوا: لا يتم عتقه إلا بخدمته عشر سنين، وهنا أعتقك وأشترط عليك أن تخدم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما عشت، هل نقول: إنه ما يعتق إلى أن يموت؟ يعني ما قالت: إن تخدم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما عاش، قالت: ما عشت، معلوم أنه لا حاجة إلى العتق بعد الموت، فدل على أنه يعتق من وقته لكن مع الشرط. وعن عائشة -رضي الله عنها- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إنما الولاء لمن أعتق)) متفق عليه في حديث طويل. هو حديث بريرة في قصتها مع مواليها، أنها باعوها أو كاتبوها على تسع أواقي منجمة في كل سنة أوقية، فذهبت إلى عائشة تطلب منها العون على السداد، فقالت عائشة: إن أراد أهلك، أو إن أحب أهلك أن أعدها لهم نقداً، ويكون ولائك لي عددتها لهم، فذهبت إليهم قالوا: لا، تعدها لنا وولائك لنا، أخبرت عائشة النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: ((اشتريها واشترطي الولاء لهم)) الحديث تقدم، تقدم الحديث في كتاب البيع حديث بريرة في تمامه تقدم، اشتريها واشترطي الولاء لهم، اعتقيها واشترطي الولاء لهم، فلما فعلت خطب النبي -صلى الله عليه- قال: ((ما بال أقوام يشترطون شروطاً ليست في كتاب الله، كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل ولو كان مائة شرط، إنما الولاء لمن أعتق)) البائع والمكاتب ليست له منة، معاوضة وأخذ القيمة، لكن من أعتق دون مقابل هذا الذي له الولاء الذي يحصل به الإرث، فإنما حرف حصر تثبت الحكم للمذكور وتنفيه عما عداه.

((إنما الولاء لمن اعتق)) ليس لغيره ممن باع أو كاتب، إنما هو لمن أعتق، وأيضاً لا يوجد ولاء يحصل به التوارث في غير العتق، فإذا أسلم على يديه لا يرث، إذا أنقذه من غرق أو حرق لا يرثه، إنما الولاء خاص؛ لأن (إنما) للحصر خاص بمن أعتق، والحديث تقدم، الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن بردزبه الجعفي مولاهم، إيش معنى مولاهم؟ لأن جده أسلم على يده يمان الجعفي، أسلم على يده، فقيل: مولاهم، لكن هل يثبت توارث بالإسلام على يديه؟ نعم يقول به بعض الحنفية والهادوية، يقولون: يثبت التوارث، فهو ولاء، فيكون قوله: مولاهم بالنسبة للبخاري على وجهه، ويمان الجعفي هو جد شيخ البخاري عبد الله بن محمد المسندي جده، وكثير ما يقال: مولاهم، وليس بولاء عتاقة، وإنما ولاء حلف، أو سكنى بينهم، أو إسلام، أو ما أشبه ذلك، أو يد له عليه يكون مولى له من حيث التقدير والاحترام لا ثبوت بقية الأحكام؛ لأن الولاء خاص بمن أعتق بمنطوق هذا الحديث. ثم قال -رحمه الله تعالى-: وعن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((الولاء لحمة كلحمة النسب، لا يباع ولا يوهب))

كلحمة النسب هل يستطيع أحد أن يبيع علاقته بعمه أو بأخيه أو بأبيه؟ هل يستطيع؟ لا يستطيع، فالولاء مثله، أعتقت رقيق فثبت ولاؤه لك، جاء شخص أعجبه هذا الرقيق، وقال: هذا ما شاء الله يجمع أموال الدنيا، هذا محترف، ويحتمل أن يكون إرثه كثير، وأنت ترثه بالولاء، أشتري منك الولاء، نقول: الولاء لا يباع؛ لأنه أمر معنوي، ولحمة كلحمة النسب، كما أن العلاقة لا تباع بين الولد ووالده وبين الأخ وأخيه، وبين العم وابن أخيه وهكذا، مثل هذا لا يباع، قال: مثل هذا إرث يؤول إلى المال، أنا أشتري .. ، الولاء .... إلا إرثه، يعني هذه اللحمة وهذا الانتماء المعنوي سوف يتحول إلى مادي، وأنا سأشتري منك هذا المال الذي سوف ترثه منه، نقول: هذا المال مجهول، ما يدرى يمكن في آخر لحظة من اللحظات ينسحق هذا المال كله، يخسر في تجارته، فهل البيع حصل على الولاء أو على المال؟ سواء كان على الولاء الذي هو أمر معنوي يستحق به المعتق كل تقدير واحترام ومعروف في رقبة هذا المعتق، هذا أمر معنوي لا يجوز بيعه، وهكذا الأمور المعنوية كأخذ المال على الجاه، توسط لك في دائرة من الدوائر، وقبل موضوعك، قال: هات، ما تعاقدت معه على أنه أجير يأخذ أجرة المثل إذا عمل هذا العمل، لا، شفاعة، قال: ما دام مشت أمورك فلي نصيب، فأخذ المال على الجاه مختلف فيه عند أهل العلم، لكن المرجح أنه لا يجوز؛ لأنه بسبب أمر معنوي.

((لحمة كلحمة النسب، لا يباع ولا يوهب)) كثيراً ما نسمع في المجالس عند من توجد لديهم القطيعة، إذا حُدث عن فلان عن عمه فلان، أو عن خاله فلان، أو عن ابن عمه فلان قال: نصيبي منه لك، إن كان هو معجبك فنصيبي لك، يملك؟ هل له نصيب حسي معروف؟ لكن لو ورثه وقبل أن يصفى المال، وهذا الإرث سوف يؤول إلى المال ويقدر بمال، ويتوقع أن يبلغ كذا، وأراد واحد من الورثة، أو السيد المعتق، المولى المعتق أراد أن يستعجل هذا الإرث، فأراد أن يشتريه أحد بما يباع به نسيئة، يقول: تبيع عليه نصيبك من فلان، إذا كان مجهول ولا يؤول إلى علم فهذا لا يجوز بحال؛ لأن من شرط المبيع أن يكون معلوماً، إن كان يؤول إلى علم أو نصيبه معروف محصور ويقدر بكذا، يقدر إرثه بعشرة ملايين، وهذه زوجة لها الثمن، مليون ومائتين وخمسين، لكن تقول: ما أنا بصابرة، حصر ورثة، والمحكمة، أقسم الميراث، تحتاج إلى أشهر، اللي يعطيني مليون خلاص يكفي، نقول: لا هذا مال بمال، هذا الربا، لكن لو قالت: أنا أريد عشر سيارات قيمتها مليون، فبذلها واحد لأنها تباع بها نسيئة ما في إشكال، لا إشكال في مثل هذا، لكن دراهم بدراهم مع عدم التماثل لا يجوز. ((الولاء لحمة كلحمة النسب، لا يباع ولا يوهب)) رواه الشافعي، وصححه ابن حبان والحاكم، وأصله في الصحيحين بغير هذا اللفظ". أصله في الصحيحين هل يصحح لأن أصله في الصحيحين؟ الذي في الصحيحين حديث عبد الله بن عمر: نهى عن بيع الولاء وهبته، هل يصحح: ((الولاء لحمة كلحمة النسب، لا يباع ولا يوهب)) باعتبار أن أصله في الصحيح "نهى عن بيع الولاء وعن هبته"؟ أحياناً يقال: أصله في الصحيح ولا يصحح، لما يوجد من الفرق في المعنى مما في الأصل مع ما في الفرع، وأحياناً يكون هناك اشتراك في المعنى، وإن اختلف اللفظ في الصحيح وفي غيره، في الأصل وفي الفرع، وأحياناً يكون ما في الفرع لا يوجد في الصحيح، قطعة لا توجد في الصحيح، بينما بقية القصة موجودة في الصحيح، هذه تعامل على أنها حديث مستقل، يحكم عليها بمفردها، يعني ذكر الشارح عن بعض السلف أنه يجوز بيع الولاء، ومنهم من جوز هبته، لكن الحديث حجة على الجميع، ومنهم من حمل النهي "نهى عن بيع الولاء وعن هبته" على التنزيه؛ لكن الأصل في النهي التحريم، المدبر والمكاتب وأم الولد، درس الغد -إن شاء الله تعالى- ....

كتاب العتق (2)

بسم الله الرحمن الرحيم شرح: بلوغ المرام - كتاب: العتق (2) الشيخ: عبد الكريم الخضير السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. سم. بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. قال الحافظ ابن حجر العسقلاني -رحمه الله تعالى- في كتابه بلوغ المرام: كتاب: العتق عن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أيما امرئ مسلم أعتق امرأً مسلماً استنقذ الله بكل عضو منه عضواً منه من النار)) متفق عليه. وللترمذي وصححه عن أبي أمامة -رضي الله تعالى عنه-: ((وأيما امرئ مسلم أعتق امرأتين مسلمتين كانتا فكاكه من النار)). ولأبي داود من حديث كعب بن مرة -رضي الله تعالى عنه-: ((وأيما امرأة أعتقت امرأة مسلمة كانت فكاكها من النار)). وعن أبي ذر -رضي الله تعالى عنه- قال: سألت النبي -صلى الله عليه وسلم- أي العمل أفضل? قال: ((إيمان بالله, وجهاد في سبيله)) قلت: فأي الرقاب أفضل? قال: ((أعلاها ثمناً, وأنفسها عند أهلها)) متفق عليه. وعن ابن عمر -رضي الله تعالى عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((من أعتق شركاً له في عبد فكان له مال يبلغ ثمن العبد قُوم عليه قيمة عدل, فأعطى شركاءه حصصهم, وعتق عليه العبد, وإلا فقد عتق منه ما عتق)) متفق عليه. ولهما عن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه-: ((وإلا قُوم عليه, واستسعي غير مشقوق عليه)) وقيل: إن السعاية مدرجة في الخبر. وعن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا يجزي ولد والده إلا أن يجده مملوكاً فيشتريه فيعتقه)) رواه مسلم. وعن سمرة -رضي الله تعالى عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من ملك ذا رحم محرم فهو حر)) رواه أحمد والأربعة، ورجح جمع من الحفاظ أنه موقوف. وعن عمران بن حصين -رضي الله عنهما- أن رجلاً أعتق ستة مماليك له عند موته لم يكن له مال غيرهم, فدعا بهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فجزأهم أثلاثاً, ثم أقرع بينهم, فأعتق اثنين وأرق أربعة, وقال له قولاً شديداً. رواه مسلم.

وعن سفينة -رضي الله تعالى عنه- قال: كنت مملوكاً لأم سلمة فقالت: أعتقك وأشترط عليك أن تخدم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما عشت، رواه أحمد وأبو داود والنسائي والحاكم. وعن عائشة -رضي الله تعالى عنها- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إنما الولاء لمن أعتق)) متفق عليه في حديث. في حديث طويل. سم رعاك الله. ما عندك طويل؟ ما عندي. في قصة بريرة. أحسن الله إليك. وعن عائشة -رضي الله تعالى عنها- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إنما الولاء لمن أعتق)) متفق عليه في حديث طويل. وعن ابن عمر -رضي الله تعالى عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((الولاء لحمة كلحمة النسب, لا يباع ولا يوهب)) رواه الشافعي، وصححه ابن حبان والحاكم، وأصله في الصحيحين بغير هذا اللفظ. الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:

فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى- في آخر كتاب من كتب الأحكام في هذا الكتاب النفيس بلوغ المرام في كتاب العتق، وأهل العلم يختلفون في وضع هذا الكتاب، فمنهم من يجعله في آخر باب من أبواب الكتب، سواء كانت من كتب الأحاديث، أو من كتب الفقه، تفاؤلاً بأن يعتق الله رقابهم من النار بعد أن فرغوا من هذا العمل الجليل، وبعد أن أتموا مدتهم في هذه الحياة، فالخاتمة مع الخاتمة، وبعضهم يقدمه فيجعله في آخر المعاملات المالية، قبل كتاب النكاح؛ لأن فيه شوب مال، فالعبد الرقيق مال يباع ويشترى، فعتقه تفويت لهذا المال، وإن كان فيه أجر عظيم، ففيه شوب من المالية، فيجعلونه في آخر مباحث ما يتعلق بالأموال، يعني في آخر الربع الثاني من أرباع الفقه الذي يبنى عليها الفقه العبادات ثم المعاملات ثم الأنكحة ثم الجنايات في النهاية، فإما أن يوضع عند بعض أهل العلم في آخر الربع الثاني، أو في آخر الربع الرابع، ولكل وجهة، وهذا له وجه وهذا له وجه، وعلى كل حال العتق مصدر عتق يعتق عتقاً، والإعتاق مصدر أعتق، فهو معتق وعتيق، فعيل بمعنى مفعول، وكل من تحرر من شيء فهو عتيق، فالعبد إذا أعتقه سيده وتحرر من خدمته وصار حراً يتصرف تصرف الأحرار فهو عتيق ومعتق، والبنت إذا بلغت وتهيأت للخطاب عتقت عن امتهان والديها، ولهذا جاء في الحديث: "أمرنا أن نخرج العواتق والحيض وذوات الخدور" فإذا عتقت من امتهان والديها وإخوتها في خدمتهم في بيت الأسرة الأول يقال لها: عاتق، فكل من تحرر من شيء فهو معتق وعتيق، فمن أعتقه فهو معتِق، وهو معتق وعتيق، والرقبة التي يعبر بها عن العبد باعتبار أنه كالمأثور الذي وضع في رقبته حبل، وأوثق بهذا الحبل؛ لئلا ينفلت فيحتاج إلى فك، وجاء الترغيب في العتق، وفي فك الرقاب، وهذا يشمل الأرقاء في تحريرهم من الرق والعبودية، ويشمل أيضاً الأسير، فمن فك الأسير، فك العاني فإنه له الثواب العظيم، والأجر عند الله -جل وعلا-، بحيث مكن هذا الرجل أو هذه المرأة من عبادة الله -جل وعلا- من غير تسلط على أحد، قد يقول قائل -وهذا الذي يثار من الشبه التي تثار على الإسلام وعلى التشريع الإسلامي-: إنه كيف يكون إنسان يتسلط على إنسان، وحقوق الإنسان

معروفة أنها تحارب مثل هذا، لكن الإسلام شرع الرق وسببه الكفر، فإذا أسر الكافر فمن الخيارات أن يكون رقيقاً، والأمر لولي أمر المسلمين، إما أن يفكه، وإما أن يفديه أو يفدى له، أو يكون رقيقاً، فسببه الكفر، وقالوا: الرق عجز حكمي سببه الكفر، عجز قد يكون الرقيق من أقوى الناس في بدنه، وهم يقولون: عجز، لكنه عجز حكمي لا عجز حقيقي، يعني من حيث الأحكام عاجز، لا يساوي الحر من حيث الأحكام؛ لأن الحر يجب عليه من الواجبات ما لا يجب على الرقيق، فالرقيق لا تجب عليه جمعة، ولا يجب عليه حج؛ لأنه مشغول بخدمة سيده، فهو عاجز عن أداء هذه الواجبات فهو عجز حكمي، وقد يكون سيده الذي يتصرف فيه من أضعف الناس في بدنه، لكن المسألة متعلقة بالأحكام الشرعية، لا بالعجز البدني، عجز حكمي سببه الكفر، المسلم لا يمكن أن يسترق بحال من الأحوال، فهذا العجز الحكمي في أضيق الدوائر، التمكن منه في الجهاد فقط، لكن تخليصه من أوسع الأبواب، لهذا يُعرف حكمة التشريع من الرق ابتداء، فكونه رقيقاً أسهل من قتله، ولعله إذا رأى المسلمين، ويعيش بين مسلمين أسروه فاسترقوه، لعله أن يقر الإيمان في قلبه، فيسعد في الدنيا والآخرة؛ لأن هذا الأسر ومن بعده الرق يمكن هذا الرقيق من النظر بروية وبصيرة في حقيقة هذا الدين، ولذلك لما ربط ثمامة بن أثال في المسجد ثلاثة أيام، ورأى حال المسلمين وتعامل المسلمين، وكيف يتعامل المسلمون ويعبدون الله -جل وعلا- أسلم، والرقيق إذا عاش في بيت مسلمين يُسلم، هذا هو الغالب، ثم بعد ذلك إذا أسلم جاءت النصوص الكثيرة المتضافرة على فضل عتقه، فجعل الشرع منافذ كثيرة لتحرير الرقيق، لكن الرقيق لا يحرر قهراً على صاحبه وعلى سيده الذي ملكه ملكاً شرعياً إلا إذا لزمه رقبة، كفارة، فهو يجب في حال الكفارات الذي جاء فيها عتق رقبة، كالقتل والظهار والوطء في رمضان، أما بالنسبة لكفارة اليمين فهي على التخيير.

فالعتق هو رفع الملك وإسقاط الملك عن هذا الرقيق تعبداً لله وتقرباً إليه، وهو في الأصل مندوب، وقد يجب في الكفارات، من الأحاديث التي جاءت في فضل العتق الحديث الأول حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ((أيما امرئ مسلم)) لأنه سيأتي في حديث كعب بن مرة ((وأيما امرأة مسلمة)). ((أيما امرئ مسلم أعتق امرأ مسلماً استنقذ الله بكل عضو منه عضواً منه من النار)) إذا قلنا: المرأة تدخل في ((أيما امرئ)) قلنا: إن المرأة إذا أعتقت امرأة، والرجل إذا أعتق رجلاً، يعتق بكل ويستنقذ بكل عضو منه عضو من النار، والحديث: ((وإنما لكل امرئ ما نوى)) المرأة داخلة في امرئ هنا، لكن هل تدخل في الحديث أو نقول: إن هذا خاص بالرجال وللنساء ما يخصهن من حديث كعب بن مرة؟ الأمر سهل يعني إذا أعتق الرجل رجلاً استنقذ الله بكل عضو منه عضواً من النار ((حتى فرجه بفرجه)) كما في رواية الصحيح، حتى فرجه بفرجه، فإذا أعتق الرجل رجلاً أعتقه الله بسببه من النار، وإذا أعتق الرجل امرأة أعتق الله نصفه من النار، لا بد أن يعتق امرأتين على ما سيأتي.

((أيما امرئ مسلم أعتق امرأً مسلماً استنقذ الله بكل عضو منه عضواً من النار)) جزاء وفاقاً، فهذا أعتق من الرق وهذا أعتق من النار، والإنسان يلهج دائماً بأن يعتق الله رقبته من النار، فابذل السبب، وهذا من المواضع الخمسة التي فيها المرأة على النصف من الرجل، في الشرع المرأة على النصف من الرجل، وهذا شرعنا، ولا يمكن أن نستخفي بمثل هذا الكلام أمام الكلام الذي يثار حول المساواة وحقوق الإنسان، وأن المرأة قد تفوق الرجل، فلماذا يفضل عليها؟ كل هذا فيما لم يرد فيه نص ((النساء شقائق الرجال)) لكن إذا جاءنا نص يدل على أن الرجل أفضل من المرأة فإذا جاء نهر الله بطل نهر معقل، ما لأحد كلام، هل يمكن أن يقول: إن البنت مثل الولد في الميراث؟ يمكن يقول أحد؟ لو قاله أحد كفر، والله -جل وعلا- يقول: {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ} [(11) سورة النساء] نعم في أولاد الأم للذكر مثل حظ إيش؟ الأنثى، ذكرهم وأنثاهم سواء في أولاد الأم، قد يقول قائل: لماذا فرقنا بين هذا وهذا؟ الشارع الحكيم هو الذي فرق، الشارع هو الذي فرق بينهم، نحن أمة إتباع لا أمة ابتداع، وأمة اقتفاء للنصوص لا أمة مصادمة ومعاندة للنصوص، إذا قال الله شيء وقال الرسول سمعنا وأطعنا، المرأة على النصف من الرجل في هذا الموضع، إذا أعتق رجل رجلاً كان فكاكه من النار، أعتق رجل امرأة كانت فكاك نصفه من النار، لكن إذا أعتق امرأتين كانتا فكاكه من النار، والمرأة إذا أعتقت امرأة كانت فكاكها من النار، وإذا أعتقت رجل كان أفضل، وبهذا يفضل عتق الرجل على عتق الأنثى عند جمهور أهل العلم، والدلالة من هذه الأحاديث صريحة أن عتق الرجل أفضل من عتق الأنثى، وقال بعضهم: إن عتق الأنثى أفضل؛ لأنها إذا عتقت عتق أولادها تبعاً لها؛ لأن الولد يتبع أمه حرية ورقاً، وأيضاً إذا أعتقت الجارية قد تعرض لفتنة ليست مثل الرجل إذا أعتق، فيكون عتقها .. ، لا هذا من أسباب تفضيل عتق الرجل، حتى إن بعضهم قال: إن عتق الأنثى أجره أقل بكثير من عتق الرجل باعتبار أنها قد تعرض لفتنة، وجاء في الحديث: ((إذا زنت أمة أحدكم فليجلدها الحد ولا يثرب عليها)) ثم إذا زنت، ثم إذا زنت، يدل على أن المرأة

الضعيفة قد تعرض لهذه الفتن، لا سيما إذا لم يكن لها ولي يحوطها ويحرسها، وهي في كفالة السيد، كما أن بعض الرجال إذا أعتق يضيع، وبعضهم بالفعل حصل له العتق وبقي عند سيده يخدمه إلى أن مات، فالناس يتفاوتون، وعتق الرجل كما جاء الحث عليه ليس على مستوى واحد من الفضل، وعتق النساء ليس على مستوى واحد من الفضل، وقد يكون عتق واحد يعدل عتق فئام من الناس، إذا وجد شخص لديه الاستعداد العلمي بأن يكون حافظاً فاهماً، ويتوقع أن يكون ممن يحمل عبئ الهم للأمة، وينير لها الطريق فمثل هذا عتقه لا يعدل عتق أي رقيق، سيأتي في حديث: ((أفضلها أنفسها وأغلاها وأعلاها عند أهلها)) لكن لا شك أنه على حسب الأثر المترتب على العتق، مع أن عموم حديث الباب: ((أيما امرئ أعتق امرأً مسلماً استنقذ الله بكل عضو منه عضواً من النار)) أيما امرئ مسلم طيب إذا الكافر أعتق المسلم في فضل وإلا ما في فضل؟ الكافر لن يستنقذ من النار؛ لأنه خالد في النار مخلد، طيب مسلم أعتق امرأً كافراً له أجره، لا سيما إذا غلب على ظنه أنه يسلم، إذا أعتقه فيكون من باب التعامل الحسن الذي يؤثر في المدعو، فيكون من وسائل الدعوة أن تعتقه وتحسن إليه.

((أيما امرئ مسلم أعتق امرأً مسلماً)) الإسلام والإيمان شرط في الرقبة المعتقة في الكفارات، والتنصيص عليها في آية النساء {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ} [(92) سورة النساء] كرر مراراً مع أنه لم يذكر في كفارة اليمين، ولا في كفارة الظهار، لكنه عند جمهور أهل العلم ما دام اتحد الحكم وهو وجوب الإعتاق لا بد أن تكون مؤمنة حملاً للمطلق على المقيد؛ لأنه أتحد الحكم وإن أختلف السبب، قد يختلف السبب قد يكون سبب الكفارة قتل، وقد يكون سببها ظهار، وقد يكون سببها يمين، وقد يكون سببها جماع في نهار رمضان، السبب يختلف، لكن الحكم هو الوجوب، يعني في كفارة القتل، وفي كفارة الظهار، وفي كفارة الجماع في نهار رمضان، الحكم واحد والسبب مختلف، وعند جمهور أهل العلم يحمل المطلق على المقيد فلا يجزئ في الظهار إلا رقبة مؤمنة، ولا يجزئ في الوطء في نهار رمضان إلا رقبة مؤمنة، يعني ما نص عليه، تحرير رقبة من قبل أن يتماسا، ما في مؤمنة كما نص عليه في القتل، يقولون: يحمل المطلق على المقيد، لكن لو كانت المسألة عكس يتفق السبب ويختلف الحكم يحمل المطلق على المقيد وإلا ما يحمل؟ إذا اتحد السبب واختلف الحكم، يعني اليد في آية الوضوء مقيدة بالمرفق، وفي آية التيمم مطلقة، السبب واحد وهو الحدث، لكن الحكم مختلف، هذا غسل وهذا مسح بالتراب، فلا يحمل المطلق على المقيد عند الجمهور، يعني في مقابل الصورة السابقة، يعني تمام القسمة أن يتفقا في الحكم والسبب، وأن يختلفا في الحكم والسبب، فإذا اتفقا في الحكم والسبب فيحمل المطلق على المقيد بدون خلاف، وإذا اختلفا لا يحمل المطلق على المقيد بلا خلاف.

((أيما امرئ مسلم أعتق امرأً مسلماً)) التنصيص على أن يكون المعتق مسلم، والمُعتق مسلم، لماذا؟ لأن عتق غير المسلم لا يفك من النار مهما بذل من الأعمال، وشرط القبول متخلف وهو الإسلام والإيمان فإنه لا ينفعه عمله الصالح، قد يجازى به في الدنيا لكن في الآخرة خالد مخلد في النار، قد يقول قائل: إن أبا طالب نفعته أعماله الصالحة، وقد مات على الكفر، نعم شفع له النبي -عليه الصلاة والسلام- فبدلاً من أن يكون في الدرك الأسفل من النار صار في ضحضاح من نار، لكنه في النار لن يخرج منها، {وَمَا هُم مِّنْهَا بِمُخْرَجِينَ} [(48) سورة الحجر] وكذلك أبو لهب لما أعتق ثويبة لما بشرته بالنبي -عليه الصلاة والسلام- صار يسقى بنقرة الكف، النقرة قد تكون في بعض الناس وبعضهم ما فيه بعد، شيء يسير جداً، المقصود أن الأعمال الصالحة إنما تنفع مع توافر شروطها، لا تنفع إلا من مؤمن، سئل النبي -عليه الصلاة والسلام- عن ابن جذعان وأعماله الصالحة الجليلة في الجاهلية، قال: ((هو في النار، لم يقل في يوم من الأيام: اللهم أغفر لي خطيئتي يوم الدين)) يعني ليس بمسلم.

((أيما امرئ مسلم أعتق امرأً مسلماً)) فالمعتق أيضاً لا بد أن يكون مسلماً، ليترتب عليه الوعد ((استنقذ الله بكل عضو منه عضواً منه من النار حتى فرجه بفرجه)) يعني استشكل ابن العربي مثل هذا، وقال: كيف يستنقذ الفرج وقد تكون جريمته من الكبائر بعتق وهو مستحب والكبائر لا يكفرها إلا التوبة؟ نقول: هذا من عظم شأن العتق، وإلا فقد يكون جرم اليد أعظم من جرم الفرج، قد يكون قتل، جرم الرجل الفرار من الزحف، وهذه من الموبقات، على كل حال الوعد وعد الصادق صريح وصحيح متفق عليه، فلا يعارض بمثل هذا، ويبقى أن هذا سبب، أن العتق وما رتب عليه هذا سبب، والسبب إنما ينفذ مع عدم وجود المانع، فلا بد أن يتوفر السبب مع عدم وجود مانع، وجاءت الأجور، بل المغفرة رتبت على أعمال، لكن هل تنفع الوعود هذه التي هي مجرد أسباب مع وجود ما يعارضها من موانع؛ لأن الشرع إنما يؤخذ بجملته، ما ينظر إلى نص ويترك الباقي، وإلا سلك من يفعل ذلك طريق المبتدعة؛ لأنهم هم الذين ينظرون من جانب، ويتركون جوانب، فالذين ينظرون إلى نصوص الوعد دون نصوص الوعيد هؤلاء هم المرجئة، والعكس الذين ينظرون إلى نصوص الوعيد، ويعرضون عن نصوص الوعد هؤلاء هم الخوارج، أهل السنة ينظرون إلى النصوص متكاملة، فيرتبون الأحكام على الأسباب مع انتفاء الموانع. قال: "وللترمذي وصححه عن أبي أمامة: ((وأيما امرئ مسلم أعتق امرأتين مسلمتين كانتا فكاكه من النار)) " كما تقدم، كانتا فكاكه من النار، وهذا مثل ما ذكرنا أن المرأة في هذا على النصف من الرجل.

قال: "ولأبي داود من حديث كعب بن مرة: ((وأيما امرأة مسلمة أعتقت امرأة مسلمة كانت فكاكها من النار)) " يعني لو أن امرأً مسلماً أعتق رجلين، أو امرأة أعتقت رجل، أو أعتقت امرأتين، فهذا زيادة في الأجر، يعني قدر زائد على مجرد الفكاك من النار، قد زائد عن الاستنقاذ من النار، بعضهم ذكر مما لم يسنده أن النبي -عليه الصلاة والسلام-: أعتق ثلاثة وستين بعدد سني عمره، وعائشة أعتقت سبعة وستين بقدر سنين عمرها، وأعتق أبو بكر كثيراً، وأعتق العباس كثيراً، لكن ليس في هذا ما يثبت بسند صحيح، ما أسنده، هو مجرد كلام، ولعله ذهب وأهله لما فعله في حجة الوداع من كونه ذبح بيده الشريفة ثلاثة وستين بدنة عدد سني عمره، يحصل الخلط في مثل هذا، وإلا هذا لم يذكر في الدواوين المعتبرة إنما ذكره بعض الفقهاء ولا يدرى ما مستنده؟ قال -رحمه الله-: "وعن أبي ذر -رضي الله عنه- قال: سألت النبي -صلى الله عليه وسلم-: أي العمل أفضل؟ " جمع من الصحابة سألوا النبي -عليه الصلاة والسلام- هذا السؤال، أي العمل أفضل؟ فأجاب -عليه الصلاة والسلام- بأجوبة مختلفة، وتقدم في كتاب الصلاة أن أفضل الأعمال لما سئل -عليه الصلاة والسلام- الصلاة على وقتها، وهنا قال: ((إيمان بالله، وجهاد في سبيله)) يعني كأنه قال ... ، والسؤال معاد في الجواب حكماً، السؤال معاد في الجواب، فكأنه قال: أفضل العمل إيمان بالله، وجهاد في سبيله، اختلفت الأجوبة منه -عليه الصلاة والسلام- على سؤال واحد، هو يجيب -عليه الصلاة والسلام- كل سائل بما يناسبه ويليق به، فإذا كان السائل اللائق به العبادة الخاصة، جاء جوابه -عليه الصلاة والسلام- مناسباً له، إذا كان ضعيف البدن، هل يقول له: أفضل الأعمال الجهاد في سبيل الله؟ إذا كان قوي البنية وفقير هل يمكن أن يقال له: أفضل الأعمال الإنفاق في سبيل الله؟ كل يجاب بما يناسبه ويليق به، وبعضهم يقدر: من أفضل الأعمال إيمان بالله، وجهاد في سبيله، وهنا لا يكون فيه إشكال.

((إيمان بالله)) هذا هو أصل الأعمال، قد يقول قائل: لماذا قدم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على الإيمان؟ لماذا قدم؟ {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللهِ} [(110) سورة آل عمران] إظهاراً لأهمية هذه الشعيرة التي اختصت بها هذه الأمة، ولعن بنو إسرائيل بتركهم الأمر، {كَانُواْ لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ} [(79) سورة المائدة] فهذه من خصائص هذه الأمة، وهي سبب خيريتها على جميع الأمم، {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} [(110) سورة آل عمران] لماذا؟ {تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللهِ} [(110) سورة آل عمران] لو قُدم الإيمان الأمم كلها تتصف بالإيمان، لكن خصيصة هذه الأمة التي بسببها نالت هذه الخيرية هي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. ((إيمان بالله، وجهاد في سبيله)) يدل على عظم الجهاد لإعلاء كلمة الله تعالى، ولإدخال الناس في الإسلام، تحقيقاً لكون هذا الدين ونبي هذه الأمة رحمة للعالمين، لا للتسلط عليهم، ولا للاستيلاء على أموالهم وأوطانهم وقتلهم، وقتل مقاتليهم، لا الهدف من الجهاد جر الناس إلى الجنة بالسلاسل، بعض الناس لا يدرك مصلحته إلا بأن يرغم على معرفتها والدخول فيها كالجهاد، الجهاد ليس المقصود منه في الإسلام التسلط على الناس ولا قتل الناس، ولا الاستيلاء على أموالهم ولا على أوطانهم، كما هو شأن الأمم الأخرى في قتالهم والتسلط عليهم؛ لأنه قد يقول قائل: الإسلام دين رحمة فلماذا يشرع الجهاد الذي فيه القتل؟ وهذا مما دعا بعض الناس أن يقول: ما في جهاد طلب إنما فيه جهاد دفع، ننتظر إلى أن يأتينا عدو فنجاهده ونقاتله، لا، الكلام ليس بصحيح، حتى جهاد الطلب مشروع في الإسلام، لكن يبقى أنه من أجل نشر هذه الرحمة التي بعث بها محمد -عليه الصلاة والسلام- على العالمين.

((إيمان بالله، وجهاد في سبيله)) وفي الوصايا النبوية، ووصايا الخلفاء من بعده -عليه الصلاة والسلام- لمن يبعثهم للجهاد من الرفق حتى بالأعداء، فلا تقتل المرأة، ولا الذراري، ولا الشيخ الكبير، ولا العابد في صومعته، ولا كذا ولا كذا، فهذا من تمام الرحمة التي بعث بها محمد -عليه الصلاة والسلام-، لكن يقتل من يقاتل إرغاماً له في الدخول إلى الإسلام أو الجزية، ليتمكن من النظر بعين البصيرة، إذا دفع الجزية وعاش بين المسلمين تمكن من النظر في الإسلام ويسلم غالباً؛ لأن الإسلام دين رحمة.

((وجهاد في سبيله)) قلت: فأي الرقاب أفضل؟ قال: ((أغلاها)) في بعض الروايات: ((أعلاها)) في الصحيحين: ((أعلاها)) بالعين المهملة والغين المعجمة ((أغلاها ثمناً)) ((أعلاها ثمناً)) وأغلاها ثمناً والمعنى واحد، الأعلى هو الأغلى ((أغلاها ثمناً، وأنفسها عند أهلها)) في كتاب أو في باب الأضاحي هناك ضحى بكبشين ثمينين، وفي رواية: "سمينين" فالثمن له شأنه هنا وهناك، والسمن له شأنه هناك، ما نقول: نبحث عن رقيق سمين، لا هذا لا أثر له، بل العكس قد يعوقه سمنه عن خدمة نفسه وخدمة من يعول فيما بعد إذا عتق، ولذا إذا وجد كبش سمين ثمين كان أفضل عند كثير من أهل العلم من أن يعتق، أو من أن يضحى بكبشين، والاثنين أفضل من الثلاثة، المقصود أنه ينظر فيه إلى مصلحة من يأكل من هذه الأضحية، لا سيما فيما يتصدق به، ينظر فيه إلى الحظ، ومثله الهدي والعقيقة كل ما جادت النفس بالأغلى والأثمن كان الأجر أعظم، هنا في هذا الباب لو تصور أن عبداً بألف درهم، وثلاثة أو أربعة بألف أيهم أفضل؟ العدد، لكن إذا أعتق واحد، إذا قال: أنا ما عندي إلا واحد، أيهما أفضل؟ قلنا: الأعلى ثمناً والأنفس عند أهلها؛ لأن كل واحد من هؤلاء، وإن قلت قيمته رقبة، وإعتاقه من مقاصد الشرع، ويبقى أنه إذا كان أنفع للأمة فإنه يكون عتقه أفضل، وإن كان في مقابل عدد مثل ما ذكرنا في أول الباب، أنه قد يتوقع من هذا إذا عتق من خدمة سيده الذي يشغله في ليله ونهاره عن طلب العلم يطلب العلم ويُحصل؛ لأن المقومات موجودة، وينفع الله به الأمة يكون هذا أفضل من غيره بهذا القصد، ويبقى أن فضل العتق ليس على إطلاقه، كما إذا توقع من هذا الرقيق أنه إذا أنفلت من قيد الرق صار ضرراً وشراً على الناس، ووجوده في العتق وشغل سيده، وانشغاله بأعمال سيده يشغله عن إيذاء الناس، نقول: هذا يشغل بالرق أفضل من أن يعتق، فالأمور تقدر بقدرها، والنصوص تأتي في الجملة، أما دقائق المسائل فتنظر في النصوص الأخرى، يعني ما يمكن أن يأتي نص تفصيلي في حق كل رقيق، كما أنه لا يأتي نص تفصيلي في كل مسألة صغيرة وكبيرة، نعم الله -جل وعلا- يقول: {مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ} [(38) سورة الأنعام] لكن تأتي

الأحكام على العموم، والتفصيلات ينظر في كل حالة بقدرها، يعني لما قيل في الحديث: ((مروا أولادكم بالصلاة لسبع)) لأن السبع هي سن التمييز بالنسبة لغالب الناس، تسعين بالمائة أو أكثر إذا أكمل سبع سنين يكون ميز، لكن عشرة بالمائة قد لا يميز لا لسبع ولا لعشر ولا لعشرين، هل نقول: إنه لا بد أن يأتي نص يدل عليه؟ وبعضهم يميز لخمس وست، يأتي نص؟ الكلام على الغالب، وما يأتي لعموم الناس لا بد أن يأتي بقاعدة كلية تشمل الناس كلهم إلا فيما ندر؛ لأنه لو ترك التقدير للناس، وقيل: التمييز، فمثلاً لو قيل: يأمر الطفل إذا ميز، لوجدنا ابن إحدى عشر سنة عند باب المسجد ولا يدخل للصلاة، وإذا قيل لوالده قال: إلى الله المشتكى ما بعد ميز، يعني ترك التقدير لهم، أو يؤتى بمن يعبث في المسجد، ويؤذي المصلين سنتين ثلاث، يقول: والله يميز ولدي، في مثل هذه الأمور في مثل هذه الحوز تأتي الأمور عامة، ثم بعد ذلك إذا خرج عن هذا الأمر العام يقدر بقدره، أما في الأمور الخاصة فيرجع فيها إلى تقدير ولي الأمر، ولي أمر الصبي، متى يطلب العلم؟ هل يطلب العلم لخمس أو لست أو لسبع؟ إذا تأهل لذلك صار يفهم، يفهم الخطاب ويرد الجواب، فمثل هذا يوكل إلى ولي أمره؛ لأنه من الظلم أن يدخل المدرسة وهو ما يفهم، تضييع لوقته وإيذاء له، فينتظر والده حتى يكون متأهلاً لمثل هذا الأمر، ولذا يقول الشارح: "والأولى أن هذا لا يؤخذ قاعدة كلية، بل يختلف باختلاف الأشخاص، فإنه إذا كان شخص بمحل عظيم من العلم والعمل وانتفاع المسلمين به فعتقه أفضل من عتق جماعة ليس فيهم هذه السمات" فيكون الضابط اعتبار الأكثر نفعاً، أبو عوانة الوضاح بن عبد الله اليشكري من ثقات الرواة، ومن رجال الكتب الستة، محدث كبير، وكان مولى رقيق، فجاء سائل فسأل فأعطاه السيد درهم، فلما أنصرف لحقه أبو عوانة وأعطاه دينار، أكثر مما أعطاه السيد، فقال هذا السائل: لأردّن له جميله، ماذا صنع؟ يذهب إلى محافل الناس ومجامعهم يقول: اذهبوا لفلان فاشكروه فإنه أعتق أبا عوانة وهو ما أعتق، ولما يجونه الناس يأتونه جماعات جزآك الله خيراً، الله يوفقك، ويبيض وجهك، ويكثر خيرك، أعتقت هذا العبد الصالح لكي يتفرغ للحديث،

ثم يأتي إلى جماعة ثانية كذلك، استحى السيد وأعتقه بسبب دينار، فمثل عتق أبي عوانة يعدل كم من الأرقاء الذين لا ... ، نفعهم إما في أمر دنيوي بحت، أو لا نفع له ألبتة، إذا أعتق صار عيال على غيره، فلا شك أن مثل هذا يتفاوت بتفاوت الناس.

قال -رحمه الله-: "وعن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((من أعتق شركاً له في عبد فكان له مال يبلغ به ثمن العبد قُوم عليه قيمة عدل، فأعطي شركاءه حصصهم، وعتق عليه العبد وإلا فقد عتق منه ما عتق)) " شركاء في عبد واحد منهم أعتق نصيبه، والشرع يتشوف إلى العتق، هذه فرصة، ما دام أعتق نصيبه ينظر هل له مال يوفي بقيمة العبد كامل؟ يدفع لشركائه فيعتق العبد كاملاً ((من أعتق شركاً له في عبد)) يعني نصيبه ((فكان له مال)) يعني للمعتق مال ((يبلغ ثمن العبد، قوم عليه قيمة عدل)) لا وكس ولا شطط، لا زيادة ولا نقص، بقيمته، قد يقول بعض الشركاء: نعم قيمته لو أخرجناه في المزاد ما زاد على ألف، لكن النصيب الربع ما أبيعه ولا بخمسمائة، نقول: لا، لا وكس ولا شطط، بقيمته، كما ألزم المعتق بشراء بقيته، وتكميل عتقه تلزم أنت أيضاً أن لا تزيد في قيمته، ولا وكس ولا شطط، يعني لا ينقص من قيمته ولا يزاد ((فكان له مال)) بهذا الشرط، طيب ما يملك هذا المعتق إلا هذا النصيب من العبد، قد يقول قائل: له مال لكن تقويمه عليه وإعتاقه من ماله قد يضر به، الشرع جاء بالعدل والمساواة، يعني نظر في مصلحة الرقيق، وقدم مصلحة الرقيق، لكنه مع ذلك لا يظلم السيد، ولذا جاء كما سيأتي في حديث: من أعتق ستة وليس له مال غيرهم، أمضى النبي -عليه الصلاة والسلام- عتق اثنين بالقرعة على ما سيأتي؛ لئلا يتضرر الورثة، المقصود أن مثل هذا ينظر فيه بالعدل والمساواة، وينظر فيه مصلحة الرقيق بالدرجة الأولى، وينظر فيه أيضاً عدم الضرر بالنسبة للمعتق، طيب ما عنده مال، قال: أنا والله ما عندي مال، ما عندي غير نصيبي من هذا الرقيق ((فكان له مال يبلغ ثمن العبد قوم عليه قيمة عدل فأعطي شركاءه حصصهم وعتق العبد عليه وإلا فقد عتق منه ما عتق)) هذا الحديث يدل على أنه إذا لم يستطع وليس لديه ما يعتق به باقيه، أنه يبقى هذا العبد مبعض نصفه حر ونصفه رقيق، أو ثلثه حر وثلثاه رقيق، في حديث ابن عمر -رضي الله عنهما-: ((من أعتق شركاً له في عبد)) يعني أعتق نصيبه، سواء كان نصف أو ثلث أو ربع، أو أكثر أو أقل ((فكان له مال يبلغ ثمن العبد قوم عليه قيمة

عدل)) مثل ما ذكرنا لا زيادة ولا نقصان، بقيمته ((فأعطي شركاءه حصصهم وعتق عليه العبد، وإلا فقد عتق منه ما عتق)) واضح أنه إذا كان عنده قيمة فإنه يسري عتقه إلى الباقي، ويعطي الشركاء من مال هذا المعتق، إذا لم يكن له مال يقال له: استدن، أو اقترض أو بع ما تملك من أجل أن تعتق باقيه؟ نقول: لا، يبقى العبد مبعض، يعتق منه ما عتق، وما لم يعتق يبقى رقيق، والمبعض له أحكامه في الشرع، بعضهم يقول: إن قوله: ((عتق منه ما عتق)) هذه ليست محفوظة من الحديث المرفوع؛ لأن نافع أو أيوب حينما رواه عن نافع قال: قال نافع: وإلا فقد عتق منه ما عتق، فتكون مدرجة، ليست من أصل الخبر، أيوب بن إيش؟ أبي تميم السختياني، قال: قال نافع: وإلا فقد عتق منه ما عتق، لكنه في الصحيحين هكذا، وهو من رواية مالك وعبيد الله بن عمر العمري، وهما إمامان بالنسبة للحفظ والضبط والإتقان، في مقابل أيوب، العدد الكثير أولى بالحفظ من الواحد، فجزما برفعه، برفع هذه الجملة، والعدد الكثير أولى بالحفظ من الواحد، مع أن أيوب تردد، قال أيوب مرة: لا أدري هو من الحديث أو هو شيء من نافع؟ فإذا افترضنا أن أيوب لم يتردد هل يقابل أيوب السختياني بمالك؟ وعبيد الله المصغر ثقة من ثقات ... ، من حفاظ الحديث؟ لا يقابل، إضافة إلى كونه تردد، فقال: ما أدري هل هو مرفوع أو من الحديث أو شيء من نافع؟ فالمرجح، بل المتعين الحكم بأنه جزء من الحديث مرفوع، وأخرج في الصحيحين كذلك، ولا يخفى على الإمامين أن يكون موقوفاً، ثم يصلانه بالخبر في جميع المواضع -مواضع الرواية- ولا ينبهان على شيء من ذلك، فقوله: ((وإلا فقد عتق منه ما عتق)) من قوله -عليه الصلاة والسلام- المجزوم به وإن تردد فيه أيوب، يبقى مبعض. الحديث الذي يليه:

"ولهما عن أبي هريرة: "وإلا قوم" يعني كأنه قال: من أعتق شركاً له في عبد، وكان له مال يبلغ ثمن العبد قوم عليه قيمة عدل، فأعطي شركاءه حصصهم، يعني إن لم يكن له مال وإلا أستسعي العبد غير مشقوق عليه، قال: الآن عتق نصفك، النصف الثاني تتفق مع السيد الثاني الذي له النصف، تتفقان على مبلغ كتابة، يعني كما يكاتب الكل يكاتب على البعض، فإذا افترضنا أن قيمة هذا العبد ألف فأحد الشريكين أعتق نصيبه، يقال: الخمسمائة نصيب الثاني تستسعى فيها، يعني أنك تسعى بجهدك وكدك ولو بالسؤال، المقصود أنك تجمع هذه الخمسمائة وتدفعها إلى الشريك الثاني.

قال: "ولهما عن أبي هريرة: "وإلا قوم عليه، واستسعي غير مشقوق عليه" قيل: إن السعاية مدرجة في الخبر، يقول ابن العربي: "اتفقوا على أن ذكر الاستسعاء ليس من قول النبي -صلى الله عليه وسلم-، وإنه من قول قتادة" لكن الشيخين خرجا الحديث بهذا اللفظ، وحكم جمع من الحفاظ بأن الاستسعاء من أصل الخبر، وليست مدرجة كالجملة السابقة، ولا كلام لأحد مع الحفاظ، ولا كلام لأحد مع الشيخين مع من حكم بأنها من أصل الحديث من أئمة الحديث، فإذا أعتق من له نصيب في عبد ويشركه فيه غيره، فلا يخلو من أن يكون له مال أو لا، فإن كان له مال قوم العبد قيمة عدل، وألزم بإعتاق باقيه، إن لم يكن له مال فإن كان العبد لديه القدرة على العمل، ويرغب في إعتاق باقيه فإنه يستسعى وإلا فقد عتق منه ما عتق، لا تناقض بين الروايتين، عتق منه ما عتق أو يستسعى، نقول: إن كان يستطيع السعي وجمع المال الذي يعتق به باقيه فإنه يستسعى، إن اختار ذلك، وإن رغب في البقاء على الرق رق بعضه فإنه لا يشق عليه؛ لأن مصلحة الرقيق ملاحظة في الشرع، نعم عتقه مطلوب شرعاً، لكن قد يقول قائل: والله أنا خمسمائة متى أجمع خمسمائة؟ كيف أجمع خمسمائة؟ أنا أخدم هذا الرجل نصف الوقت، وينفق علي أفضل لي من أن أسعى وأكد من أجل أن أدفع له وأعتق، يكفيني نصف حرية، أنام نصف الوقت يكفي، بعض الناس يفضل مثل هذا، ينام نصف الوقت ويخدم نصف الوقت، المقصود أنه ليس بين هذه الأحاديث تعارض، والجملتان في الحديثين من أصل الحديث، الجملتان، الجملة في الحديث الأول: ((وإلا فقد عتق منه ما عتق)) الصواب رواية مالك وعبيد الله بن عمر العمري أنها من أصل الحديث، خلافاً لما تردد فيه أيوب، وكذلك جملة الاستسعاء، طيب ((وإلا قوم عليه واستسعي)) السين والتاء للطلب، والطلب معناه أنه يطلب من العبد أن يسعى، لكن هل يطلب على سبيل الإلزام أو على سبيل التخيير فهو أعرف بمصلحته؟ منهم من يقول: يلزم كما يلزم من أعتق البعض ولديه مال أن يدفع يلزم الرقيق أن يسعى، ومنهم من يقول: الأمر موكول إليه، إن كان سعيه والسعي في عتق باقيه خير له وأفضل فعل، وإلا فالأمر إليه، مما يبحث في هذا أنه لو كان الرقيق يملكه سيد واحد فأعتق

بعضه، أو يأتي أجنبي فيشتري نصفه ويعتقه، الآن الحديثان اللذان معنا، الشريك يُعتق، ويبقى إن كان له مال قوم عليه، وإلا استسعي العبد، وإن عجز العبد، أو أعجز نفسه عتق منه ما عتق وبهذا تلتئم النصوص، يبقى أنه إذا أعتق نصف عبده، العبد له كامل، فأعتق نصفه، يسري العتق إلى باقيه أو يبقى مبعض؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . .

يبقى مبعض، الآن إذا ألزم أن يدفع للشركاء ما يعتق به باقيه ألا يلزمه أن يعتق باقيه وهو كله ملكه؟ يلزم به إذا لم يتضرر بذلك، إذا كان له مال غيره، يعني كما يتبرع بجميع ماله، أو يوصي بأكثر من الثلث مثلاً، إذا لم يكن له مال غيره وأعتق نصفه هل نقول: يلزمه عتق باقيه؟ نعم؟ يتضرر الورثة كما سيأتي في حديث عتق الستة، إذا كان يتضرر به، أو يتضرر به ورثته فلا، وإذا كان لا يتضرر به فكونه يلزم، يقوم عليه العبد ويدفع إلى شركائه من ماله ليعتق باقيه من باب أولى أن يعتق عليه باقيه إذا لم يكن له شريك، جاء شخص أجنبي لعبد مملوك من واحد أو أكثر، فقال: بكم هذا العبد؟ قال له: بألف, قال: والله ما عندي إلا ثلاثمائة، أبى اشتري ثلث وأعتقه، تأتي مسألة إذا لم يكن له مال قال: ما عندي إلا هذه الثلاثمائة هي مسألة الاستسعاء، وإن كان له مال غيره مثل الصورة الأولى يقوم عليه قيمة عدل، كأنه اشترى هذا الشقص وصار شريكاً، فإذا أعتق هذا الشقص دخل في الحديث الأول، وإن كان لا يجد ما يعتق به باقيه دخل في الحديث الثاني، وإلا في النهاية إذا عجز عن هذا والعبد أعجز نفسه عن الاستسعاء عتق منه ما عتق ويبقى مبعضاً، الآن الاستسعاء جارٍ على طريق المكاتبة، يعني إذا رأى العبد، طلب العبد من سيده أن يكاتبه، بعض العلماء يلزم السيد بالمكاتبة {فَكَاتِبُوهُمْ} [(33) سورة النور] بالشرط المذكور {إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا} {فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا} [(33) سورة النور] فالاستسعاء مكاتبة جزئية، استسعى بباقي الرق الذي بقي عليه لبعض الشركاء، هذا الاستسعاء منهم من يقول: لا، يستسعى، معنى الاستسعاء في الحديث أن يسعى في خدمة من بقي له رق عليه، إذا أعتقه واحد وبقي واحد أو اثنين يسعى في خدمة هذا الواحد أو الاثنين، يسعى في خدمتهما، لكن هذا الفهم بعيد، محتمل نعم لكنه بعيد، إنما يسعى لإعتاق باقيه، يستسعى يعني يطلب منه السعي لعتق باقيه.

يقول هذا: أشكل علي القول: إنما في النجم الوهاج ليس عليه إسناد؟ يعني من كون النبي -عليه الصلاة والسلام- أعتق ثلاث وستين، وعائشة أعتقت سبع وستين، والعباس أعتق، وأبو بكر أعتق، يقول: وقد قال الشارح بعده: رواه الحاكم. معكم النسخة المحققة؟ شوف العزو إلى الحاكم، ولو نظر فيه السائل كان أولى، هاه؟ طالب:. . . . . . . . . لا المحققة .... قال في النجم الوهاج: أعتق النبي -عليه الصلاة والسلام- ثلاث وستين، وأعتق كذا. طالب:. . . . . . . . . لا ليست في المتن، وقفتم عليه في ... ؟ شرح الحديث الأول، قال في النجم الوهاج، هاه؟ أو الأول؟ المقصود أنه نقل عن النجم الوهاج، نعم، الحديث الثالث: ولأبي داود من حديث كعب بن مرة، فائدة: في النجم الوهاج أن النبي -عليه الصلاة والسلام- أعتق ... إلى آخره، وش يقول؟ التحقيق أقول: أحاله على الحاكم وإلا بدون إحالة؟ عارف، عندي رواه الحاكم، لكن أحاله المحققون على المستدرك وإلا لا؟ طالب:. . . . . . . . . وش قال؟ طالب:. . . . . . . . . معروف هذا فيما فعله العباس، لكن فيما فعله النبي -عليه الصلاة والسلام-، كون النبي -عليه الصلاة والسلام- أعتق ثلاث وستين هل له أصل؟ له إسناد؟ يوجد في كتاب؟ يعني كونه في النهاية رواه الحاكم لكل ما ذكر ما هو بصحيح. اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

كتاب العتق (3)

بسم الله الرحمن الرحيم شرح: بلوغ المرام - كتاب العتق (3) باب: المدبر والمكاتب وأم الولد الشيخ: عبد الكريم الخضير السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. هذا يقول: ما القول الراجح في رواية عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده؟ مع بيان وجه الترجيح؟ وهل يصل بأي حال من الأحوال إلى درجة الصحيح لذاته؟ كأنه يأتينا حديث في بابنا هذا من رواية عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، ومر بنا مراراً، وذكرنا أن القول الوسط فيه إذا كان الراوي عنه ثقة فإنه يصل إلى درجة الحسن لذاته، أما درجة الصحيح فلا، إذا وجد له شاهد يصل إلى الصحيح لغيره، أما الصحيح لذاته فلا. يقول: ما هي الجراميق؟ الجراميق جمع جرموق، وقد يقال له: موق، نوع من الخفاف. ما هي أفضل طبعة لشرح الكرماني؟ شرح الكرماني طبع لأول مرة في مصر، في المطبعة الباهية طبعة فاخرة جداً، وصورت مراراً، هذه أفضل الطبعات. يقول: أشكل علي موضوع استبراء رحم الأمة عند شرائها يعني أو عند سبيها. قبل الوطء تستبرأ بحيضة، ينتظر حتى تحيض ثم تطهر. يقول: هل المال مائة ريال وألف ريال سواء في مدة التعريف؟ يعني إذا كان لقطة، إذا وجد مائة ريال، أو ألف ريال، هذا يختلف باختلاف البلدان، ففي بعض البلدان مائة ريال تلتفت إليه همة أوساط الناس، وفي بعض البلدان لا تلتفت إليه همة أوساط الناس، فإذا كان البلد من الفقر بحيث يلتفت أهله إلى المائة فمثل هذا يعرف سنة، وإذا كان أهله من الثراء والغناء بحيث لا يلتفت شبابه وصغاره ومتوسطو الناس إلى مثل هذا المبلغ فإنه لا يعرف. يقول: ما حكم البطاقات الائتمانية فيزا ((visa))؟ فيزا هذه البطاقة التي تسحب فيها وتشترى فيها البضائع، ولو كان الرصيد خالياً، ثم بعد ذلك يستوفون من أول مبلغ يدخل من الراتب، هذا قرض، لكنه يجر نفعاً فلا تجوز. يقول: كثر الحديث عن المرأة فما هو موقف طلاب العلم؟

موقف طلاب العلم أن يبينوا ما جاء في ديننا الحنيف من رفع لشأن المرأة، وتكريم للمرأة، وتحرير للمرأة من تسلط الشعوب والبلدان الأخرى، والديانات الأخرى، يعني كانت المرأة تورى في الجاهلية، ثم جاء الإسلام وجعلها إنسانة كاملة الحقوق، اللهم إلا في المسائل الخمسة التي ذكرها أهل العلم على النصف من الرجل، أو الولايات العامة؛ لأن تركيبها لا يؤهل أن تلي الولايات ... ، و ((لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة)) وبعض الرجال كذلك، إذا عرف منه إنه لا يقوم بهذا الحمل، ولا يقوم بهذا العبء فلا يجوز أن يتولى ولا أن يولى، جاء في أبي ذر وهو من زهاد الصحابة ومن عبادهم ((إنك امرؤ ضعيف، فلا تقضين بين اثنين، ولا تولين مال يتيم)) يعني ما هو بأمر خاص، لكن في الجملة الحكم هذا هو، الرجال هم أهل الولايات، ثم ينظر فيمن يصلح منهم ومن لا يصلح، فليس كل واحد من الرجال يصلح للولاية. إذا استأجرت أجيراً على إصلاح شيء على مبلغ وفي أثناء العمل طلب زيادة هل له ذلك؟ ليس له ذلك إذا أتفق على العمل وعُرف، وكان العمل معلوم والأجرة معلومة لا يجوز له أن يزيد، لكن إذا اتفقا على شيء، وهو اتفاق مبدئي ما هو بحاسم ولا بنهائي، قال: يحتمل أن السيارة فيها كذا، أو الآلة هذه فيها كذا، وتحتاج إلى قطعة كذا، وأجرتي كذا، ثم تبين له خلل آخر، يتفق معه من جديد على الخلل الآخر، قد يقول: والله ما اتفقنا عليه هذا ما صار هو المطلوب فلا أستحق الأجرة، فيها خلل تبين أن فيها خلل كذا وأجرته كذا. إذا رآني شخصاً وأنا ألتقط لقطة ثم أدعى أنها له فهل أعطيها له؟ إذا عرفها فأعطها له، التعريف المعتبر شرعاً، وإذا كان قد رآها وهي بيدك، ووصفها من خلال رؤيته إياها فبناء على ما يغلب عليه ظنك، فإن كان يغلب على ظنك صدقه تعطيه إياها وإلا فلا. يقول: هل ورد حديث صحيح في قراءة سور غير سورة الكهف في يوم الجمعة يعني في صلاة الصبح يوم الجمعة؟ مثل: آلم السجدة وسورة الإنسان، وفي صلاة الجمعة سبح والغاشية، أو الجمعة والمنافقون، مع قراءة سورة الكهف يوم الجمعة، وحديثها يبلغ درجة الثبوت، ولو لم يصل إلى حد الصحيح، لكنه حسن -إن شاء الله-، وما عدا ذلك فليس فيه شيء بخصوصه.

إذا باع رجل أمة على رجل ومات البائع، وأكتشف أن الأمة حامل هل يعتقان؟ أم ما هو حكمهما أم .... الورثة؟ هذه الأمة اعتقها ولدها فلا يجوز بيعها، ترد على بائعها، وتكون معتقة له، والولد ولده، إذا كانت قد حبلت منه. إذا اشترى رجل أمة وهي أخت زوجته أو عمتها مما تحرم عليه مؤقتاً هل يحل له الوطء أم يعتبر من ذات رحم؟ هو يصح له ملكها، لكنه مع ذلك لا يجوز له أن يطأها. يقول: هل الخادمات في البيوت الآن تعتبر ملك يمين؟ لا، هن أحرار، ولسن إماء، وحكمهن أحكام الحرائر، ويجب عليهن ما يلزم الحرائر. يقول: وهن يظهرن على الرجال ويعشن بينهم كاشفات بدون حجاب. هذا لا يجوز، لا يجوز أن تكشف؛ لأنها امرأة أجنبية عنه، وكونها تخدم في بيته لا يعني أنها تتبذل له ويتساهل في أمرها وشأنها، وقد وقع بسبب ذلك حوادث كثيرة، سواء كان من صاحب البيت أو من أولاده، أو من السائقين عنده، بسبب هذا التساهل. الطالب: يستخدمونهن من غير محرم. لا يجوز، استخدامها من غير محرم لا يجوز. سم. بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. وقال الحافظ ابن حجر العسقلاني -رحمه الله تعالى- أيضاً في كتابه بلوغ المرام: باب: المدبر والمكاتب وأم الولد عن جابر -رضي الله عنه- أن رجلاً من الأنصار أعتق غلاماً له عن دبر, لم يكن له مال غيره, فبلغ ذلك النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: ((من يشتريه مني?)) فاشتراه نعيم بن عبد الله بثمانمائة درهم. متفق عليه. وفي لفظ للبخاري: فاحتاج، وفي رواية للنسائي: وكان عليه دين فباعه بثمانمائة درهم فأعطاه، وقال: ((اقضِ دينك)). وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده -رضي الله تعالى عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((المكاتب عبد ما بقي عليه من مكاتبته درهم)) أخرجه أبو داود بإسناد حسن، وأصله عند أحمد والثلاثة, وصححه الحاكم. وعن أم سلمة -رضي الله تعالى عنها- قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إذا كان لإحداكن مكاتب، وكان عنده ما يؤدي فلتحتجب منه)) رواه أحمد والأربعة، وصححه الترمذي.

باب: المدبر والمكاتب وأم الولد

وعن ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((يودى المكاتب بقدر ما عتق منه دية الحر, وبقدر ما رق منه دية العبد)) رواه أحمد وأبو داود والنسائي. وعن عمرو بن الحارث أخي جويرية أم المؤمنين -رضي الله عنهما- قال: ما ترك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عند موته درهماً ولا ديناراً ولا عبداً ولا أمة ولا شيئاً إلا بغلته البيضاء وسلاحه وأرضاً جعلها صدقة. رواه البخاري. وعن ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أيما أمة ولدت من سيدها فهي حرة بعد موته)) أخرجه ابن ماجه والحاكم بإسناد ضعيف، ورجح جماعة وقفه على عمر -رضي الله عنه-. وعن سهل بن حنيف -رضي الله- عنه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من أعان مجاهداً في سبيل الله, أو غارماً في عسرته, أو مكاتباً في رقبته أظله الله يوم لا ظل إلا ظله)) رواه أحمد, وصححه الحاكم. الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد: فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: باب: المدبر والمكاتب وأم الولد

المدبر: هو الذي يعتقه سيده معلقاً عتقه على وفاته، على دبر من حياته، يعني إذا أدبر من هذه الدنيا، أو إذا دبر حياته، فاستفاد من هذا العبد في حياته، واستفاد من أجره بعد وفاته، لكن الأوضح والأظهر في سبب التسمية أنه إذا أدبر من هذه الدنيا، أو في دبر حياته، فهو يعتقه ويعلق عتقه بموته، المكاتب هو العبد الذي يشتري نفسه من سيده، بمبلغ يقسط عليه كل شهر كذا، أو في كل سنة كذا، كما حصل في قصة بريرة، لما كاتبها أهلها، بتسع أواق في كل سنة أوقية، ثم عدتها لهم عائشة، المقصود أن الكتابة ثابتة في الكتاب والسنة وبالإجماع {فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا} [(33) سورة النور] هذا أمر، ومن أهل العلم من يوجب الكتابة إذا طلبها العبد، وونس منه خير، يعني ما يؤنس منه شر، بحيث يتحرر يؤذي الناس، أو يسرق من أجل أن يسدد، أو يحصل على الناس منه ضرر، المقصود أنه إذا أؤنس منه خيراً، وأنه ينتفع بنفسه وينفع غيره فإنه يجاب إلى ما طلب، ومن أهل العلم من يرى الوجوب، وعامة أهل العلم على أن الأمر في {فَكَاتِبُوهُمْ} [(33) سورة النور] للاستحباب. "وأم الولد" أم الولد هي التي تحبل من سيدها، فإذا ولدت أعتقها ولدها، وتبقى في حياته حكمها حكم الإماء، فلا يقسم لها مع الحرائر، ولا يعدل بينها وبين الحرائر، لكنه إذا مات صارت حرة. يقول -رحمه الله تعالى-:

"عن جابر -رضي الله عنه- أن رجلاً من الأنصار" اسمه: أبو مذكار أو مذكور "أعتق غلاماً له عن دبر" واسمه: يعقوب أو أبو يعقوب "لم يكن له مال غيره" يعني هو كل ما يملك، ولم يعتقه منجزاً، إنما قال: إذا مت فأنت حر "لم يكن له مال غيره، فبلغ ذلك النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: ((من يشتريه مني)) " لماذا؟ لأن حكمه حكم الوصية؛ لأنه لا ينفذ عتقه إلا بالموت، والوصية لا تلزم إلا بالموت، وقبل ذلك يجوز التصرف، يجوز الرجوع في الوصية، كتب وصيته بأن ينفذ من ماله كذا وكذا وكذا، أو بيته الفلاني ومحله الفلاني ومزرعته كذا بعد موته وقف لله تعالى، أو سبيل، وعيّن المصارف، هذا لا ينفذ إلا بالموت، وعلى هذا فله أن يتصرف قبل موته بزيادة ونقص، وله أن يرجع في هذه الوصية، كما أن له أن يرجع في المدبر؛ لأنه لم يثبت عتقه كالوصية.

"فبلغ ذلك النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: ((من يشتريه مني؟ )) " أولاً: لأنه لم يثبت عتقه، الأمر الثاني: أنه محتاج، وورثته بحاجة، قال: ((من يشتريه مني؟ )) إذا علق الطلاق أو العتق على أمر محقق، الآن الموت أمر محقق، لكن مع ذلك لا يُدرى من يموت الأول، لكن إذا قال: إذا جاء رمضان -وقد بقي عليه ستة أشهر أو خمسة أشهر- فامرأته طالق، أمر محقق الوقوع، هل يجوز أن يرجع فيه أو لا يرجع؟ قبل وقوعه؟ رمضان لا بد أن يأتي، ولا بد أن يقع الشرط الذي علق به الطلاق، الآن الموت لا بد أن يقع في المدبر، لكنه مع ذلك وقوعه في الأول منهما مشكوك فيه، أما مجيء رمضان، وتعليق العتق عليه، إذا جاء رمضان فهو حر، أو امرأته طالق هل يجوز الرجوع في مثل هذا؟ الجمهور على أنه لا يجوز، خلاص إذا وقع ما علق عليه يقع الطلاق ويقع العتق، لكن كأن شيخ الإسلام يميل إلى أنه ما دام لم يأتِ الوعد أو الوقت الذي علق عليه الطلاق أو العتاق كالتدبير يجوز الرجوع فيه، يختلف التدبير عن التعلق بشرط محقق مؤقت كشهر كذا، يعني مو مثل الوصية ما يدرى متى يفجأه الأجل، وقد يموت الرقيق في حال التدبير قبل سيده، يعني هذا الشرط ما هو ثابت مشكوك فيه، لكن المحقق الوقوع، المؤقت بوقت لا يتقدم ولا يتأخر، هل يقال: إنه مثل الطلاق، وجمهور أهل العلم على أنه لا يرجع فيه؟ أو يقال: هو مثل التدبير علق على فرض مستقبل ولم يقع؟ هذا محل نظر، وأما بالنسبة للطلاق فجمهور أهل العلم إذا علقه على أمر محقق الوقوع، ومؤقت بوقت لا يتقدم ولا يتأخر، فجمهور أهل العلم على أنه يقع الطلاق إذا وقع ما علق عليه، لو قال لزوجته: إذا مت فأنت طالق يقع وإلا ما يقع؟ هذا لا يقع؛ لأنه إذا مات لا يملك طلاق، طيب شخص قال لزوجته -وهذا من غرائب المسائل- قال لزوجته: إن كنت زوجتي فأنت طالق، وهي زوجته، أو لو أنت زوجة لي لطلقتك، يعني كأنه ينشئ طلاقاً والصيغة هي مجرد عبث لأنها زوجته، فالذي يظهر وقوع الطلاق بمثل هذا، ولو قال: لو أنت عبد لي لأعتقتك وهو عبده، ويعرف أنه عبده، رقيقه، مولاه، لو أنت رقيق لي لأعتقتك، وهو رقيق، فالذي يظهر أنه ينشئ العتق، والصيغة التي علق عليها أو أمتنع الحكم لامتناعها مع

أنها غير ممتنعة؛ لأن لو حرف امتناع لامتناع، لكن الامتناع غير موجود، إذاً ما عُلق عليه من امتناع يكون أيضاً غير موجود، فيقع العتق في مثل هذه الصورة، ويقع الطلاق في مثل هذه الصورة. " ((من يشتريه مني؟ )) فاشتراه نعيم بن عبد الله بثمانمائة درهم. متفق عليه، وفي لفظ للبخاري: فاحتاج" فالرواية مطلقة، الأولى، ورواية مقيدة بالحاجة، هل نقول: إنه لا يباع إلا إذا أحتاج، أو نقول: هذه صورة من صور التدبير التي يجوز فيها الرجوع في التدبير والعتق المعلق على الموت؟ هذه في صورة ما إذا احتاج وغيرها إذا لم يحتج فمن باب أولى يكون عتقه نافذ، وعلى هذا نقول: إن الحاجة أو المحتاج ممن دبر فرد من أفراد المدبرين فيكون المحتاج خصوص، وغيره عموم أو نقول: إن الحاجة وصف فيكون من باب الإطلاق والتقييد، يعني إذا قلنا: إن هذا الذي أحتاج فرد من أفراد المدبرين، نقول: التنصيص عليه من باب العناية به، ويكون بقية من يدبر حكمهم واحد؛ لأن التنصيص على بعض الأفراد لا يعني التخصيص بالحكم الموافق، فلا يتصرف في المدبر إلا إذا أحتاج صاحبه؛ لأنه قال: فأحتاج، نظير هذا في البخاري أن النبي –عليه الصلاة والسلام- طاف راكباً، وفي سنن أبي داود: كان شاكياً، فهل نقول: إن الطواف -طواف الراكب- لا يصح إلا إذا كان مريضاً بناء على رواية أبي داود؟ أو نقول: إنه يصح الطواف من الركوب ولو لم يكن شاكياً، وإذا كان شاكياً فمن باب أولى، نظير مسألتنا، يعني فرق بين الإطلاق والتقييد، وبين العموم والخصوص، العموم والخصوص إذا كان الحكم واحد لا يقتضي تخصيص، فيكون الخاص فرد من أفراد العام بحكم موافق ما في تخصيص، فيباع إذا احتاج، ويباع إذا لم يحتج، لا سيما وأننا قلنا، وقال جمع من أهل العلم: إن التدبير حكمه حكم الوصية، والوصية لا تثبت إلا بالموت، فيكون التدبير مثلها؛ لأنه علق بالموت، والذي يقول: إن الحاجة وصف يقيد به، فلا يباع المدبر إلا إذا احتاج صاحبه.

"وفي رواية للنسائي: وكان عليه دين فباعه بثمانمائة درهم، فأعطاه، وقال: ((اقضِ دينك)) " أولاً: الرجل لم يكن له مال غيره، الأصل لو كان عتقه منجزاً أن يعتق ثلث، كما فعل النبي -صلى الله عليه وسلم- في أبي الستة، لكن هذا معلق بالموت، وحكمه حينئذٍ عند أكثر أهل العلم حكم الوصية، له أن يبيعه، وله أن يمضي عتقه إذا مات، وقلنا: إن الحاجة هذه هي مجرد تنصيص على بعض الأفراد، فيكون إذا احتاج أولى ببيعه مما إذا لم يحتج. "فباعه بثمانمائة درهم، فأعطاه" يعني الثمانمائة "وقال: ((اقضِ دينك)) " فقضاء الدين والدين شأنه عظيم، قد يقال: إنه من أجل قضاء الدين، وقضاء الدين واجب، والعتق مسنون، فيقدم الواجب عليه، كما أن شيخ الإسلام ينص على أن الدين يقضى من المال الذي فيه شبهة اهتماماً بشأن الدين، وتخليص وإبراء الذمة منه، فإذا كان الرجل مديناً فالمسألة واضحة، لكن يبقى أن الرواية العامة في الصحيح جاءت هكذا من غير حاجة ومن غير دين. قال -رحمه الله-: "وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده" رضي الله عنهم، عمرو بن شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص، عمرو بن شعيب عن أبيه شعيب، عن جده عبد الله بن عمرو، أو محمد بن عبد الله بن عمرو، على الخلاف في مراجع الضمائر الذي هو سبب الخلاف في الاحتجاج بهذه السلسلة، وقلنا: إن القول الوسط لأهل العلم أن ما ورد بهذه السلسلة إذا صح السند إلى عمرو فإنه يكون حسناً. "عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((المكاتب عبد ما بقي من مكاتبة درهم)) " وش معنى هذا الكلام؟ يعني أنه لو أعجز نفسه عن تسديد بعض لزوم المكاتبة يرجع عبد، لكن هل لسيده أن يرجعه عبداً بعد أن سدد بعض الأقساط؟ لا سيما وأنه عبد ما بقي عليه من مكاتبته درهم، قالوا: المكاتبة عقد لازم جائز، إيش معنى لازم؟ لازم من جهة السيد، يعني إذا كاتب ليس له أن يرجع، جائز بالنسبة للرقيق له أن يعجز نفسه، له أن يقول: عجزت، جرب الحياة والاستقلال، فوجد أنها ليست من مصلحته، كونه يجلس عند سيده، ويعرف ما يعرف له، وكيف يخدمه؟ ومرتاح عنده، ومرتاح أيضاً من الكسب لنفسه، يُنفق عليه، إذا عجز نفسه عاد رقيقاً.

"أخرجه أبو داود بإسناد حسن" سكت عنه أبو داود "وأصله عند أحمد والثلاثة، وصححه الحاكم" على كل حال الحديث له طرق كلها لا تخلو من مقال، لكن مجموعها يدل على أن له أصلاً، فهو حسن. في الحديث الذي يليه يقول -رحمه الله-: "وعن أم سلمة -رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إذا كان لإحداكن مكاتب)) " يخاطب أمهات المؤمنين، وفي حكمها غيرها من نساء المسلمين ((إذا كان لإحداكن مكاتب، وكان عنده ما يؤدي فلتحتجب منه)) يعني ما يتصور أنه يعجز نفسه فيعود رقيقاً، المبلغ كامل عنده متوافر، فهذا في حكم الحر؛ لأنه لا يمنعه من الحرية إلا أن يؤدي هذا المبلغ الذي يملكه، أما إذا كان لا يملك المبلغ فمتصور أن يعجز عن تأدية لزوم الكتابة فيعود رقيقاً، فما صار في حكم الرق لأنه الأصل، وأما إذا كان لديه ما يؤدي به فحكمه حكم الحر حينئذ؛ لأن المقابل موجود، فما عليه إلا أن يدفع المبلغ فيكون حراً، وحينئذٍ تحتجب منه سيدته؛ لأن الرقيق لا تحتجب عنه سيدته {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ} [(31) سورة النور] وبعضهم يحمله على الأمة دون العبد؛ لأن العبد إذا عتق يجوز له أن يتزوج السيدة، سيدته، فتحتجب عنه، لكن الآية صريحة في الدلالة على دخول الذكر، والأنثى لا يحتاج التخصيص فيها، نعم نص على نسائهن ليخرج نساء الكفار؛ لأن لا يطلعن على عورات المسلمات، المقصود أن الأمة السيدة لا تحتجب عن عبدها ورقيقها، فإن كان لديه ما يؤدي فهو في حكم الحر، يعني السداد سهل، ومتصور، فحكمه حكم الحر، وإذا كان ليس لديه ما يؤديه فهو ما زال عبداً. " ((إذا كان لإحداكن مكاتباً، وكان لديه ما يؤدي فلتحتجب منه)) رواه أحمد والأربعة، وصححه الترمذي".

وقال بعضهم: إن هذا خاص بأمهات المؤمنين؛ لأن الاحتياط لأمهات المؤمنين أكثر من الاحتياط لغيرهن {قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ} [(59) سورة الأحزاب] {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ} [(53) سورة الأحزاب] فهذا خاص بأمهات المؤمنين، والجمهور على أن الطهارة {ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ} [(53) سورة الأحزاب] الطهارة المطلوبة من أمهات المؤمنين مطلوبة من سائر نساء المسلمين، والتنصيص على أمهات المؤمنين من باب الاعتناء بشأنهن، وصيانة حقه -عليه الصلاة والسلام- أكثر من غيره، لكن يبقى أن نساء المؤمنات مطلوب منهن ما يطلب من أمهات المؤمنين. الترمذي قال: حديث حسن صحيح، وهو في الحقيقة لا يصل إلى درجة الصحيح، بل هو حسن. قال -رحمه الله-: "وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((يودى المكاتب بقدر ما عتق منه دية الحر، وبقدر ما رق منه دية العبد)) " هو رق ما بقي عليه درهم، في الحديث السابق، هذا في حال حياته، لماذا؟ لأنه يتصور أن يعجز نفسه في آخر نجم من نجوم الكتابة، ويعود رقيقاً، لكن هذا ماشي في التسديد، فقتل، هذا ما يتصور أن يعجز نفسه، ليس في حكم الأول، وعلى هذا إذا كان أدى نصف نجوم الكتابة يكون نصفه حر ونصفه رقيق، وعلى هذا إذا أعتدي عليه وجني عليه فإنه يودى، تدفع ديته على أساس أنه مبعض، فدية بقدر ما فيه من الحرية وقيمة بقدر ما فيه من الرق، فإذا قتل وقد أدى نصف نجوم الكتابة يقال: نصف دية حر خمسين ألف، ونصف قيمة عبد إذا كانت قيمة خمسين خمسة وعشرين ألف، فيكون المجموع خمسة وسبعين ألف، ودية الحر مائة، وقيمة الرقيق خمسين، وهذا من تمام العدل، أما ما تقدم في الحديث: ((فهو رق ما بقي عليه درهم)) لأنه يتصور أن يعجز نفسه فيكون رقيقاً إلى سيده. قال -رحمه الله تعالى-:

"وعن عمرو بن الحارث أخي جويرية أم المؤمنين -رضي الله عنهما- قال: ما ترك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عند موته درهماً ولا ديناراً ولا عبداً ولا أمة ولا شيئاً إلا بغلته البيضاء وسلاحه وأرضاً جعلها صدقاً" النبي -عليه الصلاة والسلام- رأس الزهاد في هذه الدنيا الفانية، ما يجمع الأموال، ولا يكنز الأموال، ويرى الهلال ثم الهلال ثم الهلال ثلاثة أهلة في شهرين ما يوقد في بيته نار، وقال في الحديث الصحيح: ((ما يسرني أن لي مثل أحد ذهباً تأتي علي ثالثة وعندي منه دينار، إلا دينار أرصده لدين، أقول فيه هكذا وهكذا وهكذا)) من أمامه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله، ينفق من كل جهة، وفي كل وجه من وجوه الخير، وكان يعطي عطاء من لا يخشى الفقر، ولا يدخر -عليه الصلاة والسلام-، يوزع الأموال في مجلسه، إذا جاءته أموال ما قام من مجلسه ومنه شيء -عليه الصلاة والسلام-. "ما ترك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عند موته درهماً ولا ديناراً" ومات ودرعه مرهون بصاع شعير اشتراه من يهودي -عليه الصلاة والسلام-، ولذا الدنيا التشبث بها وإعطائها جل الوقت وجل الجهد هذا لا شك أنه خلل وتفريط فيما خلق الإنسان من أجله؛ لأن الإنسان خلق لتحقيق العبودية، ومع ذلك لئلا ينهمك في تحقيق ما خلق له، وينسى ما يعينه على تحقيق ما خلق له قيل: {وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا} [(77) سورة القصص] وعموم المسلمين في أيامنا هذه هم بأمس الحاجة إلى أن يقال: لا تنس نصيبك من الآخرة، وأما الدنيا ما يحتاج إلى من يوصيهم. "ولا عبداً" ما عنده عبيد -عليه الصلاة والسلام-، وتقدم ما قال الدميري في النجم الوهاج: إنه أعتق، فإن صح يعني أنه لم يترك شيئاً، سفينة مولى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وزيد بن حارثة مولى رسول الله -عليه الصلاة والسلام-، زيد ليس بمعنى المولى الذي هو رقيق يباع ويشترى، وإنما كان بالتبني، وكان يدعى زيد بن محمد وهكذا، ثم صار يخدم النبي -عليه الصلاة والسلام-، وسفينة كذلك أعتقته أم المؤمنين، واشترطت عليه أن يخدم النبي -عليه الصلاة والسلام- على ما تقدم.

"ولا أمة ولا شيئاً" لأنه قد يقول قائل: الرسول ما عنده درهم ولا دينار ولا عبد ولا أمة عنده بستان كبير يصدر المنتجات، قال: "ولا شيئاً" وهذا يتناول كل شيء يخطر على بالك مما هو مال، أو يؤول إلى المال، ولا شيئاً إلا بغلته البيضاء التي يستعملها في الركوب، وسلاحه الذي يستعمله في الجهاد، وأرضاً جعلها صدقة، كانت نخل بني النظير للرسول -عليه الصلاة والسلام- خالصة، ثم أعطى أكثرها المهاجرين وبقي منها ما ينفق به على أزواجه وبيوته، وأرضاً جعلها صدقة، الأنبياء لا يورثون كما جاء في الحديث الصحيح: ((نحن معاشر الأنبياء لا نورث، ما تركناه صدقة)) فالمطالبة من قبل من يزعم أنه من أهل البيت، أو ينتصر لأهل البيت، ويطالب بما تركه النبي -عليه الصلاة والسلام-، ويتهم أبا بكر وعمر بأنهم ظلموا الذرية الطاهرة باستيلائهم على أموالهم، هذا كله بهتان، النبي -عليه الصلاة والسلام- كغيره من الأنبياء ما يورث، ((نحن معاشر الأنبياء لا نورث)) فالمطالبة بفدك أو بغيرها هذا كله مطالبة بغير حق. طالب:. . . . . . . . . هاه؟ طالب:. . . . . . . . . إيش فيه؟ طالب:. . . . . . . . . ما ترك عبداً ولا أمة، في أمة أسمها ماريا القبطية، أهداها له المقوقس، هذه أمة لكنها ولدت إبراهيم فصارت أم ولد فعتقت، مناسبة ظاهرة وإلا ما هي بظاهرة؟ "وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أيما امرأة ولدت من سيدها فهي حرة بعد موته)) " الحديث ضعيف والراجح وقفه على عمر -رضي الله عنه-، يقول: "عن ابن عباس -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أيما امرأة ولدت من سيدها فهي حرة بعد موته)) " هذه أم الولد أعتقها ولدها، وفي الباب نصوص كثيرة تدل على أنها لا تورث، بل هي تعتق بعد موته، وعلى كل حال إسناده ضعيف.

قال: "وعن سهل بن حنيف -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من أعان مجاهداً في سبيل الله، أو غارماً في عسرته، أو مكاتباً في رقبته أظله الله لا يوم إلا ظله)) رواه أحمد، وصححه الحاكم" وعلى كل حال الحديث كسابقه، فيه كلام لأهل العلم، وبعضهم ضعفه، لكن لا شك أن الأعمال المذكورة من أعان مجاهداً في سبيل الله ((من جهز غازياً فقد غزا)) يعني له ما يشهد له، أو غارماً في عسرته ((من نفس عن مسلم كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة)) أو مكاتباً في رقبته، فك الرقبة، هذا فك الرقبة الذي جاء الحث عليه، فلجمل الحديث ما يشهد لها، وإن لم تصح ابتداءً، "رواه أحمد، وصححه الحاكم" وفي ذلك دليل على عظم الإعانة في هذه الأمور، وإعانة المسلم عموماً في كل ما يحتاج إليه، تعين صانعاً وتصنع لآخر، يعني إذا لم تستطع أن تتصدق، ولم تستطع أن تنفع بمالك أو بجاهك تعين صانع، تنفعه ببدنك، والله أعلم. وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين. هذا يقول: ألا يقال: إن النبي -صلى الله عليه وسلم- لما جزأهم إلى ثلاثة أثلاث -يعني ستة من الرقيق الذين أعتقهم سيدهم- نظر إلى أقيامهم ثم أقرع بينهم، وإلا لو كان العدد المراد لأعتق بلا تجزئة. يعني كأنهم صنفهم ثلاثة أصناف ملاحظاً تقاربهم في القيمة والنفع وفي ... ، على كل -عليه الصلاة والسلام- الحكم جاءنا من قبله -عليه الصلاة والسلام-، وأن له أن يتبرع ويتصدق بثلث ماله، فالثلث معتبر، والاثنان ثلث الستة، لكن قد تكون قيمة الاثنين أكثر من قيمة الأربعة، فلا يتم تحقيق الصدقة بالثلث، فلا يظن بالنبي -عليه الصلاة والسلام- إلا أنه نظر إلى أقيامهم. إذا باع أحد أمة فكان الذي اشتراها هو ابنه أو العكس ما الحكم في هذه الحالة من ناحية الجماع؟ إذا كان صاحبها الأول سواء كان أباً أو أبناً قد جامعها فلا تحل للثاني بحال، تحرم عليه. وإذا أثر المسلمون أثرة فهل لهم من خيار في قتلهم أو استعبادهم؟ الإمام مخير بين أن يقتل وبين أن يفدي، وبين أن يمن بلا فداء، وبين أن يسترق.

إذا كان هناك والد عبد ولديه ثلاثة أولاد فأرادوا شراءه وعتقه هل يجزي عنهم كلهم أم. . . . . . . . .؟ ((لا يجزي ولد والده إلا أن يجده مملوكاً فيشتريه فيعتقه)) لكن لو صار أكثر من واحد؟ كل شيء بحسبه، إذا أشتراه مستقلاً بشرائه جزاه في مقابل تسببه في وجوده، وإذا كان أشترك في عتقه أكثر من واحد فلا شك أن فضل الله لا يحد، لكن كل شيء بقدره. يقول: جهر المرأة بالسلام أمام الرجال؟ المرأة ممنوعة من أن ترفع صوتها أمام الرجال إلا للحاجة، ومع ذلك أبيح لها التصفيق في الصلاة دون التسبيح؛ لئلا يسمع الرجال صوتها، والتصفيق معروف أنه من أعمال الكفار، {وَمَا كَانَ صَلاَتُهُمْ عِندَ الْبَيْتِ إِلاَّ مُكَاء وَتَصْدِيَةً} [(35) سورة الأنفال] التصدية التصفيق، والمكاء الصفير، فهو من أعمال الكفار، وأبيح للمرأة لأنه أخف من إظهار صوتها أمام الرجال. يقول: نظر المرأة في الرجل بدون شهوة. يجب عليها أن تغض بصرها؛ لأنها مأمورة بذلك، سواء كان الرجل على طبيعته أو كانت صورته، أو كان شخصه بوسيلة من الوسائل، يجب عليها أن تغض بصرها عنه. المصافحة لمن يكون عن اليمين والشمال بعد الصلاة يقال: إنه بدعة، ونرجو أن تبينوا الحكم على كثير من الأمور البدعية خاصة عند بعض طلبة العلم، ولا سيما الأمور التي أطلق الشارع في العمل مثل قوله: سلم على من تعرف ومن لا تعرف؟ اتخاذ مثل هذا عادة، كل ما سلم من صلاته سلم على من يمنيه وعلى من شماله، وقد يكون سلم عليه قبل ذلك؛ لأن ما جرت هذه عادته هذه بدعة، لكن إذا حصل أنه دخل المسجد ووجد الناس يصلون الراتبة أو الفريضة ولم يتمكن من السلام عليهم، مع الأصل أنه يسلم عليهم وهم يصلون، ويردون بالإشارة، لكن إذا أراد أن يسلم ولم يتخذ ذلك عادة، ولا صار ديدناً له يتعبد به فإنه حينئذٍ لا يضر -إن شاء الله تعالى-. هل المرأة الحرة إذا تزوجت عبداً تعتق والعكس؟

وش لون تعتق؟ هي حرة، لكن لو صارت حرة بعد أن كانت رقيقة، وكانت تحت عبد فحديث بريرة تخير، دال على أنها تخير، إن اختارت نفسها نسخ النكاح، وإن أرادت البقاء معه وإن كان عبداً فالأمر إليها، وشفع النبي -عليه الصلاة والسلام- لمغيث زوج بريرة لديها أن تبقى في عصمته ولم تقبل. يقول: نحن في مدرسة ابتدائية، ونصحنا بعض المعلمين بابتداء اليوم الدراسي بقراءة الفاتحة والمعوذات من قبل جميع الطلاب تبركاً وحفظاً لهم من العين والحسد فهل يشرع ذلك؟ لا يشرع ذلك. يقول: معلم الطابور الصباحي للطلاب استرح، فيقولون: الله أكبر، ثم يقول: استعد، فيقولون: الله أكبر هل يشرع ذلك؟ لا، أيضاً هذا غير مشروع. الذكر المطلق جاء به نص في وقت إذا صعدنا كبرنا، وإذا نزلنا سبحنا، وإذا هبطنا سبحنا يعني مقرون جاء الشرع بها لا بأس، أما طابور استعد استرح الله أكبر هذه لم يرد بها نص، والله أعلم. وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

§1/1