شرح الورقات - عبد الكريم الخضير

عبد الكريم الخضير

شرح متن الورقات (1)

شرح متن الورقات في أصول الفقه (1) مبادئ العلوم- تعريف أصول الفقه الشيخ/ عبد الكريم الخضير السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فلا يخفى ما ورد من النصوص الشرعية من كتاب الله وسنة رسوله -عليه الصلاة والسلام- في مدح العلم ورفع أهله الدرجات في الدنيا والآخرة، والمراد بالعلم الممدوح في النصوص الشرعية هو العلم الشرعي المورث لخشية الله -عز وجل-: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء} [(28) سورة فاطر]. هذا هو العلم الممدوح المذكور في نصوص الوحيين، الذي يورث الخشية لله -عز وجل- والذي يبعث على العمل الصالح، فالعلم الذي لا يبعث على العمل في الحقيقة ليس بعلم، فالعلم هو ما أورث العمل الصالح الموصل إلى رضوان الله -عز وجل- هذا هو العلم الممدوح في النصوص، ومن الأمثلة على ذلك: ما جاء في سورة الزمر من قوله -جل وعلا-: {أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاء اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ}، بعد ذلكم قال: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ} [(9) سورة الزمر]، فدل على أن أهل العلم هم الذين يتقون الله -سبحانه وتعالى- ويخشونه ويعملون بعلمهم، أما الذي لا يعمل بما علم هذا في الحقيقة ليس من أهل العلم، وإن حصل على شيءٍ من العلوم والمعارف، لكنه ليس بعالم، ولذا جاء في الحديث -وفيه كلام طويل لأهل العلم-: ((يحمل هذا العلم من كل خلفٍ عدوله))، فالعدول هم الذين يحملون العلم الشرعي، العدول الذين يعملون بالعلم هم العلماء، هم الذين يحملون العلم، وفي هذا دليل على أن ما يحمله بعض الفساق من العلوم والمعارف لا يسمى علماً على الحقيقة.

إذا عرفنا هذا فالعلم الممدوح المذكور مداره على كتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم-، مداره على نصوص الوحيين الكتاب والسنة، فمنهما يؤخذ وعليهما المعول في تحصيله، وقد مضى الجيل الأول من الصحابة على ذلك فاقتصروا على نصوص الوحيين؛ لأنهم ليسو بحاجة إلى غيرهما؛ الكتاب عربي والرسول -عليه الصلاة والسلام- عربي فليسو بحاجة إلى تعلم العربية. عاصروا النبي وعايشوه -عليه الصلاة والسلام- وعرفوا مقاصده وفهموا عنه ما أنزل عليه وما بيّنه في سنته -عليه الصلاة والسلام- فليسوا بحاجة إلى قواعد وضوابط تعينهم على فهم الكتاب والسنة، هي موجودة حاضرة في أذهانهم، لكنهم ليسو بحاجة إلى تدوين لها؛ لأنهم على علم واطلاع بها. ومن أراد أن يعرف قدر السلف وعلم السلف وفضل علمهم على الخلف فليقرأ في رسالة الحافظ ابن رجب -رحمة الله عليه- التي أسماها: (فضل علم السلف على الخلف). وإذا ارتفعت نفس الإنسان وعلت به عن قدره فليقرأ في (مقدمة موضح أوهام الجمع والتفريق) للخطيب؛ ليرى قدره ويعرف أقدار السلف. أقول هذا؛ لئلا يقول قائل: هذه العلوم حادثة، وقد قيل، والتصنيف في هذه الأمور أمر طارئ حادث بعد عصر السلف. أقول السلف ليسو بحاجة إلى مثل هذه القواعد وهذه الضوابط التي تعينهم على فهم الكتاب والسنة، فليسو بحاجة إلى مؤلفات في العربية؛ لأنهم عرب خلص أقحاح لا يحتاجون إلى شيءٍ من ذلك، لكن لما اتسعت رقعة البلاد ودخل الناس في دين الله أفواجاً، وخالط العربَ غيرُهم من الأمم احتاجوا أن يؤلفوا في العربية، وفي علوم الآلة كلها، وإن شئت فقل: علوم الوسائل التي منها ما نحن بصدد شرحه وهو أصول الفقه.

وعلى هذا إذا عرفنا أن هذه العلوم التي يسميها أهل العلم علوم الآلة التي هي مجرد وسائل لفهم المقاصد من نصوص الوحيين فلا ينبغي لطالب العلم أن يصرف كلَّ وقته لهذه العلوم، بل عليه -لا أقول ينبغي- بل عليه أن يأخذ منها بقدر ما يحتاج إليه في فهم الكتاب والسنة، وليس معنى هذا التقليل من شأن هذه العلوم، القدر الذي يتوقف عليه فهم الكتاب والسنة أمر لا بد منه سواء كان في علوم العربية، أو في أصول الفقه أو في علوم الحديث، أو في قواعد التفسير وعلومه، وغير هذه العلوم مما يحتاجه من يعاني نصوص الوحيين. ومع هذا التوجيه وعدم إضاعة جميع الوقت في تحصيل هذه الوسائل .. ؛ لأن من الناس من يستهويه علم النحو مثلاً أو علم أصول الفقه فتجده في جميع مراحل عمره، في شبابه، في كهولته، في شيخوخته، إلى أن يموت وهو يقرأ ويقرئ ويدرس ويؤلف في النحو فقط. إذا عرفنا أن هذا وسيلة لفهم الكتاب والسنة فكيف نقدمه على الغاية والمقصد، ومثله تجد مثلا ًالشخص يتدرج في علم النحو ويقرأ الأجرومية ثم القطر ثم الألفية ثم يطلع إلى ما فوق ذلك من شروح الألفية والمفصل وشروحه وكتاب سيبويه ثم ينتهي عمره على لا شيء، والنحو كما قال أهل العلم: كالملح في الطعام، معناه إذا زاد ضرَّ، لكنه لا بد منه. ومثله أصول الفقه، تجد بعض الناس يقرأ الورقات ويقرأ شروح الورقات وما نظم فيها، وشروح المنظومات، ثم يطلع إلى مختصر التحرير أو التحرير مع شرحه، ثم الروضة مع شروحها ثم المستصفى ثم البحر المحيط وغيره ويفني عمره في ذلك، فلا إفراط ولا تفريط.

على طالب بالعلم أن يكون متوسطاً في أموره، لا يهمل هذه العلوم بالكلية، كما سمعنا بعض الدعاوى التي تدعو إلى ذلك فيقلل من شأن هذه العلوم، وجدت دعاوى تقلل من شأن العربية، ما أدري كيف يفهم الإنسان الكتاب والسنة وهو لا يعرف العربية، وجدت دعاوى تقلل من شأن أصول الفقه، وهو علم حادث ودخله ما دخله من علم الكلام، نعم، هو علم حادث أوجدته الحاجة، لكن أصوله حاضرة في أذهان الصحابة والتابعين، قد يقول قائل: أصول الفقه لو كان الناس بحاجةٍ إليه استغنى عنه الصحابة والتابعون، ولم يؤلف فيه حتى جاء الإمام الشافعي على رأس المائتين فألف -فكتب الرسالة- إذن هو حادث، نقول: لا، كان معلوم عند أهل العلم من الصحابة والتابعين في أذهانهم، لما وجدت الحاجة ودعت الضرورة إلى التأليف ألف فيه، ومثله الدعاوى التي تقال في علوم الحديث مثلاً، وتدعو إلى نبذ القواعد وغير ذلك، وهذا له مجال آخر. ومثله أيضاً التقليل من شأن كتب الفقه، والاجتهاد والمطالبة بالاجتهاد والتفقه من الكتاب والسنة رأساً –مباشرةً- لأنهما الأصل، والأمر كذلك هما الأصل، لكن متى يتأهل الإنسان للاجتهاد؟ وهذا الكلام مبسوط في موضعٍ آخر والدورة مدتها قليلة، والإخوان يشيرون إلى أن إكمال الكتاب أمر مفضل عندهم، وإن كان على حساب نوعية الشرح؛ لأن هناك مسائل تحتاج إلى بسط، وتحتاج إلى توضيح وزيادة في ضرب الأمثلة، لكن كما أشار الإخوان لا بد من تكميل الكتاب؛ لأن من الإخوة ممن حضر من خارج البلاد، ولا يتسنى لهم حضور مجالس أخرى لإكمال الكتاب، وعلى كل حال سوف يكون الشرح متوسطاً -إن شاء الله- بقدر ما يحل إشكالات الكتاب ورموزه. علم الأصول علم في غاية الأهمية، كيف يعرف الطالب الذي ينتسب لطلب العلم الشرعي، وكيف يفهم من كتاب الله وسنة نبيه -عليه الصلاة والسلام- ما يخاطب به من التكاليف -من الأوامر والنواهي- وهو لا يعرف العام والخاص، والمطلق والمقيد، والناسخ والمنسوخ، والمنطوق والمفهوم وغير ذلك من مباحث أهل العلم؟

فهذا العلم لا غنى لطالب العلم عنه البتة، يقول الشوكاني في مقدمة كتابه إرشاد الفحول: "وبعد: فإن علم أصول الفقه لما كان هو العلم الذي يأوي إليه الأعلام، والملجأ الذي يلجأ إليه عند تحرير المسائل وتقرير الدلائل في غالب الأحكام، وكانت مسائله المقررة وقواعده المحررة تؤخذ مسلمةً عند كثيرٍ من الناظرين كما تراه في مباحث الباحثين، وتصانيف المصنفين، فإن أحدهم إذا استشهد لما قاله بكلمةٍ من كلام أهل الأصول أذعن له المنازعون وإن كانوا من الفحول؛ لاعتقادهم أن مسائل هذا الفن وقواعده مؤسسةٌ على الحق الحقيق بالقبول، مربوطةٌ بأدلةٍ علميةٍ من المعقول والمنقول، تقصر عن القدح في شيءٍ منها". الشوكاني يشيد بهذا العلم، ويشير إلى ما دخله مما كدره من مباحث علم الكلام، وأشار إلى أنه نقّح هذا العلم وهذّبه وحرّره، ولذا سمى كتابه: (إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول). وعلم الأصول لا إشكال في أنه دخله كثير من مباحث علم الكلام مما طالِب العلم في غنية عنه، وجد محاولات لتنقية هذا العلم وتصفيته من هذه الشوائب، لكن يبقى أن أكثر كتب الأصول مشتملة على كثيرٍ من المباحث التي طالب العلم ليس بحاجةٍ إليها، بل صارت سبباً في صد كثيرٍ من طلاب العلم عن تحصيل هذا العلم؛ لأنها أمور معقدة والحاجة إليها ليست داعية، وهذا يلحق بما أشرنا إليه سابقاً أن طالب العلم ينبغي أن يكون متوسطاً في الأخذ من هذا العلم، يأخذ ما يحتاج إليه ويعتني به بقدر الحاجة، وما عدا ذلك مما اشتملت عليه مطولات هذا الفن يبقى لأناس .. ، لطائفةٍ مخصوصة تعتني بهذا العلم لبيانه وإيضاحه. إذا عرفنا هذا فالجادة المطروقة عند أهل العلم البداءة في العلوم كلها بالمختصرات؛ لأن عقل الناشئة لا يحتمل المطولات، وجاء عن ابن عباس في بيان معنى الرباني: أنه هو الذي يعلم الناس بصغار العلم قبل كباره؛ ليتمكن الطالب المبتدئ من حفظ هذه المختصرات وفهمها، ثم بعد ذلك يرتقي إلى ما بعدها مما يناسب الطبقة الثانية من طبقات المتعلمين، وهكذا يرتقي بعد ذلك إلى ما يناسب الطبقة الثالثة وهكذا.

فأهل العلم قسموا المتعلمين إلى طبقات: المبتدئين، المتوسطين، المنتهين المحصلين، ولكل طبقةٍ كتب في كل فن، والشوكاني له كتاب في آداب الطلب وطبقات المتعلمين أشار إلى شيءٍ من ذلك. وهذه المتون وهذا التدرج أمر عرفي اصطلاحي يختلف في كل بلدٍ عن البلد الآخر، فكل أهل بلد لهم عناية بكتب خاصة، كما أن لأهل كل مذهب عناية بكتب خاصة دون غيرها. من أجود ما ألف للمبتدئين في هذا الفن: (كتاب الورقات) -الذي نحن بصدد شرحه- لإمام الحرمين أبي المعالي عبد الملك بن عبد الله بن يوسف بن محمد الجويني الشافعي المتوفى سنة ثمان وسبعين وأربعمائة. قد يقول قائل: إن قراءتنا لمثل هذا الكتاب ترويج لكتب المبتدعة، الجويني من رؤوس الأشعرية -كما هو معروف- ومن المنظرين في المذهب والقائمين عليه -من أئمتهم- لكنه رجع عن مذهبه، والكتاب في الجملة خالٍ عن البدعة، وعلى طالب العلم أن يكون منصفاً في أقواله وأحكامه على الناس، فالحق يقبل ممن جاء به، نعم، إذا وجد نظيره لشخصٍ لم يتلبس بشيءٍ من المخالفات هذا هو الأصل، كما أن الأصل في الرواية أن تكون عن سنيٍّ لم يتلبس ببدعة، لكن إذا لم يوجد هذا الحديث وهذا الخبر إلا عند من رمي بنوعٍ من البدعة، فتحصيل مصلحة رواية هذا الخبر وحفظه للأمة مقدمة على هجر هذا المبتدع وترك الرواية عنه، وكتب السنة -بما في ذلك الصحيحين- طافحة بالرواية عن المبتدعة، فالحق يقبل ممن جاء به، وتفصيل رواية المبتدع وقبولها أو ردها مبسوط في كتب علوم الحديث، والذي دعانا إلى ذلك أن مؤلف هذا الكتاب كان متلبساً ببدعة. وبعض الإخوان -وهذا من شدة حرصهم وغيرتهم على السنة ولا يظن بهم إلا خيراً- يرى أن يهجر كل ما جاء عن المبتدعة؛ ولهم في ذلك سلف، الإمام مالك -رحمة الله عليه- لا يجيز الرواية عن مبتدعٍ البتّة؛ إماتة لذكره وإخماداً لبدعته، لكن واقع كتب السنة كصحيح البخاري ومسلم وغيرهما من كتب السنة المعتمدة خُرِّجَ فيها لكثير من المبتدعة؛ وذكرنا أن تحصيل الفائدة المرتبة على الخبر الذي جاءنا من طريق هذا المبتدع -الذي هو ليس من الغلاة في بدعته ولا يدعو إليها- مقدم على مصلحة إماتته وإخماد بدعته.

هذا الكتاب المختصر الذي هو بقدر الكف في خمس ورقات بعد تأليفه اشتهر وانتشر في أقطار الأرض شرقاً وغرباً، وعني به العلماء، وشرحه واعتنى به العدد الكبير من أهل العلم، شرحوه ونظموه وحفظوه، وجعلوه الدرجة الأولى في سلم الصعود إلى هذا العلم. فنذكر ممن شرحه ما تيسر: فشرحه جلال الدين المحلي المتوفى سنة أربع وستين وثمانمائة، شرحاً مختصراً جداً؛ اقتصر فيه على تحليل بعض الألفاظ، وهذا الشرح أيضاً صار له من القبول ما لا يتصور؛ فعني به العلماء فشرحوه، شرح من قِبل جمعٍ كثير من أهل العلم، شرحه ابن القاسم العبادي في شرحين كبير وصغير وكلاهما مطبوع، وشرحه الرعيني المعروف بالحطاب في شرحٍ متوسط، وعليه حاشية، على شرح الرعيني حاشية للشيخ محمد بن حسين الهدة السوسي التونسي، وهذا شرح مطبوع في تونس قديماً، ولعل كثير من طلاب العلم لا يعرفه، وممن شرَح شرْح المحلي علي بن أحمد التجاري، وشرحه أيضاً في حاشيةٍ مبسّطة الشيخ أحمد بن محمد الدمياطي ومحمد بن عبادة العدوي المالكي، وهناك حاشية لأحد المعاصرين أسماها: (النفحات على شرح الورقات) لأحمد بن عبد اللطيف الخطيب، وهناك حاشية أخرى لمعاصرٍ أخر تسمى: (الثمرات على الورقات) تأليف الخضر بن محمد اللجمي، هذه كلها شروح وحواشي على شرح المحلي. ممن شرح الأصل شهاب الدين أبو العباس أحمد بن حمزة الرملي، واسمه (غاية المأمول في شرح ورقات الأصول)، وشرحه أيضاً كمال الدين محمد بن محمد بن عبد الرحمن المعروف بابن إمام الكاملية، وشرحه أيضاً أحمد بن عمر بن زكريا التلمساني واسم كتابه: (غاية المرام في شرح مقدمة الإمام). من شروح المعاصرين شرح جيد في أسلوبٍ مناسب وواضح للمتعلمين، الشرح للشيخ عبد الله بن صالح الفوزان، شرح جيد مناسب ومتوسط ليس بالطويل الممل ولا بالمختصر القصير الاختصار المخل، ينبغي لطالب العلم أن يعتني به. ممن نظم الورقات الشيخ شرف الدين يحيى العمريطي نظماً سهلاً سلساً، جاء في مطلع منظومته قوله: قال الفقير الشرف العمريطي ... ذو العجز والتقصير والتفريط الحمد لله الذي قد أظهرا ... علم الأصول للورى وأشهرا على لسان الشافعي وهونا ... فهو الذي له ابتداءً دوّنا

وتابعته الناس حتى صار ... كتباً صغار الحجم أو كبارا وخير كتبه الصغارِ ما سمي ... بالورقات للإمام الحرمي وقد سئلت مدةً في نظمه ... مسهلاً لحفظه وفهمه فلم أجد مما سئلت بدّا ... وقد شرعت فيه مستمدا من ربنا التوفيق للصواب ... والنفع في الدارين بالكتاب هذا النظم نظم سهل وسلس يحفظ به هذا المتن؛ لأن النظم في الغالب هو الذي يثبت بخلاف النثر، والعمريطي تصدى لنظم كثير من المتون، نظم الأجرومية بنظمٍ أيضاً كذلك نزر سهل سلس، وهذا النظم أيضاً مشروح، شرحه شخص يدعى عبد الحميد قدس من أهل مكة. وقبل البدء بشرح الكتاب نذكر المبادئ العشرة التي جرت العادة بذكرها قبل البدء في كل فن؛ ليتصور هذا الفن ويعرف، وتعرف أهميته وقيمته، وهذه المبادئ يجمعها قول الناظم: إن مبادئ كل علم عشرة ... الحد والموضوع ثم الثمرة ونسبة وفضله والواضع ... والاسم الاستمداد حكم الشارع مسائل والبعض بالبعض اكتفى ... ومن درى الجميع حاز الشرفا فأول هذه المبادئ الحد: والمراد بالحد التعريف وتعريف هذا العلم سيأتي في كلام المصنف. الموضوع –موضوع هذا العلم-: الأدلة الشرعية إجمالاً لا تفصيلاً، وكيفية الإفادة منها وحال المستفيد منها. والثمرة من هذا العلم: القدرة على استنباط الأحكام الشرعية من الأدلة، فالذي يضبط هذا العلم ويتقن علم الأصول لا شك أنه يستطيع أن يتعامل مع النصوص الشرعية ويعرف كيف يستنبط منها الأحكام. ونسبته إلى غيره من العلوم التباين؛ فهو علم مستقل من وجه، وإن تداخلت بعض مباحثه ومسائله في علومٍ أخرى كما سيأتي ذكر ذلك إن شاء الله تعالى. وفضله: كفضل غيره من علوم الشرعية التي جاء الحث على تعلمها وتعليمها في الكتاب والسنة؛ لأن الوسائل لها أحكام المقاصد. وواضعه: الإمام محمد بن إدريس الشافعي -رحمه الله تعالى- في الرسالة –رسالته التي صنّفها في هذا العلم- وهي أيضاً تصلح أن تكون قاعدةً لكثيرٍ من مباحث علم .. ، علوم الحديث، وحكى الأسنوي وغيره الإجماع على ذلك، الإجماع على أن أول من صنف في الأصول الإمام الشافعي.

واسمه: علم أصول الفقه، اسم هذا العلم علم أصول الفقه، وهناك علم أصول الحديث، وعلم أصول الحديث يسمى مصطلح الحديث، ويسمى علوم الحديث، وهنا نقول: أصول الفقه، فهل نستطيع أن نقول: هذا علم مصطلح الفقه أو علم علوم الفقه، كما قلنا: علم مصطلح الحديث أو علم علوم الحديث؟؟ هذا العلم نظير لذلك العلم، سموه أصول الفقه، وهناك قالوا: أصول الحديث وعلوم الحديث ومصطلح الحديث، هل نستطيع أن نقول مصطلح الفقه؟ نسميه بمصطلح الفقه؟ العلماء قاطبةً اصطلحوا واتفقوا على هذه التسمية، بينما في العلم الآخر منهم من سماه مصطلح الحديث، ومنهم من قال: علوم الحديث، ومنهم من قال: علم دراية الحديث، أو علم الحديث درايةً، أو علوم الحديث، وغير ذلك من التسميات، لكن هنا قالوا: علم أصول الفقه، والمسألة اصطلاحية ولا مشاحاة في الاصطلاح، وإلا فهذا العلم نظير ذلك العلم. لا مشاحّة في الاصطلاح: وهذه الكلمة يطلقها كثير من أهل العلم وهي بحاجة إلى قيد؛ فهناك من الاصطلاحات ما يشاحح صاحبه، وهناك من الاصطلاحات ما لا مشاحّة فيه، فإذا تضمّن الاصطلاح مخالفةً لما تقرر عند أهل أيِّ علمٍ من العلوم فإنه يشاحح فيه، إذا ترتب على هذا الاصطلاح مخالفة لنص شرعي، أو لأمرٍ مقرر عند أهل علمٍ من العلوم فإنه حينئذٍ يشاحح فيه. لو قال قائل: أنا أصطلح لنفسي أن أسمي هذه الجهة الشمال .. ، أسمي الجنوب شمالاً، والشمال جنوب، نقول: لا مشاحة في الاصطلاح؟! أو أقول: السماء تحت والأرض فوق، وأبيّن في مقدمة الكتاب، نقول: لا مشاحة في الاصطلاح؟! يشاحح في اصطلاحه، لكن لو قال: الشمال شمال والجنوب جنوب، لكن الناس، أو جمهور الناس على أن الشمال يوضع في رأس الخارطة، وأنا أبى أقلب الخارطة أخلي الجنوب فوق والشمال تحت، نقول: لا مشاحة من الاصطلاح؟ هل يغير من الواقع شيئاً؟ ما يغير من الواقع شيئاً، يعني لو جعل الجنوب في الخارطة فوق، قلب الخارطة، صار الجنوب فوق والشمال تحت، نقول: لا مشاحة في الاصطلاح. لو قال قائل: أنا أؤلف الفرائض وأسمي أخ الأب خالاً، الناس يسمونه عمَّاً وأنا أسميه خالاً؟ وأسمي أخَ الأم عمَّاً وإن سماه الناس خالاً، نقول: لا مشاحة في الاصطلاح؟!

يشاحح في اصطلاحه؛ لأن هذا يخالف النصوص الشرعية، يخالف ما تقرر في علم الفرائض، وغير ذلك من الولايات التي هي للعصبة دون ذوي الأرحام، هذا مخالف لما تقرر في الشرع، لو قال: أهل بلدي يسمون أبا الزوجة خالاً وأنا أسميه عمَّاً أو العكس، نقول: لا مشاحة في الاصطلاح؟ أبو الزوجة سواء سمي خالاً أو عماً فيه فرق؟ لا مشاحة في الاصطلاح. ولذا لما قسم البغوي -رحمه الله تعالى- كتابه المصابيح إلى الصحاح والحسان نوزع في اصطلاحه؛ لأنه يخالف ما تقرر في علوم الحديث؛ لأن في السنن ما هو صحيح، وفي السنن ما هو ضعيف، وقاعدته أن ما كان في الصحيحين فهو من الصحاح، وما كان من السنن فهو من الحسان، فهذه القاعدة مما ينبغي تقييدها، فلا تطلق: والبغوي قسم المصابحَ ... إلى الصحاح والحسان جانحَا أن الحسان ما رووه في السنن ... رد عليه بهما غير الحسن فإذا خالف الاصطلاح ما تقرر شرعاً أو ما اتفق عليه أهل علم من العلوم فإنه يشاحح فيه. استمداد هذا العلم: قالوا لثلاثة أشياء، في كتب الأصول يقولون: يستمد من اللغة العربية، وعلم الكلام، وتصور الأحكام، كيف يستمد من هذه العلوم؟ هم جعلوا علم الكلام من مصادر هذا العلم، من أي وجه؟ ما علاقة علم الكلام بعلم الأصول؟ الذين أقحموا علم الكلام في الأصول وملؤوا كتب الأصول بكثيرٍ من مباحث المنطق، بل بعضهم خصص المقدمة لعلم المنطق ليستعين بها على فهم ما سيأتي، وما سيرد في الكتاب من مباحث علم الكلام، هذا لا شك أنه أساء. إذنً كيف يستمد علم الأصول من علم الكلام ونحن نقول: استمداده من علم التوحيد، ومن أي وجه يستمد علم الأصول من علم التوحيد؟ قالوا: لتوقف تصديق دلالة الأدلة الشرعية على معرفة الله -عز وجل- وعلى تصديق المبلغ عنه، وأيضاً يستمد هذا العلم من اللغة العربية؛ لأنها لغة الكتاب والسنة، فالاستدلال بهما يتوقف على فهم معانيهما، وبعض الناس يقلل من شأن اللغة العربية بالنسبة لطالب العلم الشرعي، وهو لا يعرف أن بعض المسائل التي اختلف فيها أهل العلم سبب الخلاف فيها الخلاف في إعرابها.

((ذكاة الجنين ذكاةُ أمه)): قال بعضهم: ((ذكاةُ الجنين ذكاةَ أمه)): تبعاً لتغير الإعراب تغير الحكم، فالذي يقول: ذكاةُ الجنين -وهم الأكثر- ذكاةُ أمه، يقول: ذكاةُ الجنين هي ذكاةُ أمه فلا يحتاج إلى تذكية، والذي يقول: ذكاةُ الجنين ذكاةَ أمه، يقول هو منصوب على نزع الخافض، فتكون ذكاته كذكاة أمه فلا بد من تذكيته، عند أصحاب القول الأول لا يحتاج إلى تذكية، إذا ذكيت أمه وخرج من بطنها ميتاً خلاص ذكاة أمه تكفي، والذين يقولون: ذكاةُ الجنين ذكاةَ أمه يقولون: لا بد من تذكيته كذكاة أمه، والمسألة معروفة. من أهل العلم من يقول: إن من يلحن في النصوص فإنه يدخل في حديث من كذب، ((من كذب عليّ متعمداً فليتبوأ مقعده من النار))، إذا قلت: إنما الأعمالَ بالنيات، هل قال الرسول -عليه الصلاة والسلام-: إنما الأعمالَ بالنيات أو تكون كذبت عليه حينئذٍ؟ لأنه قال: ((إنما الأعمالُ بالنيات))، وهكذا. فشأن العربية في فهم نصوص الكتاب والسنة أمر لا يخفى على أحد، بل لا بد من العناية بعلم العربية؛ كي نفهم الكتاب والسنة. مما يستمد .. ، أو يستمد أصول الفقه من الأحكام الشرعية، إيش معنى الأحكام الشرعية؟ هذا يريد رفع الصوت، وهذا يقول: صوتي ليس واضحاً .. مدري والله! قالوا: مما يستمد منه علم الأصول الأحكام الشرعية، كيف يستمد الأصول من الفروع؟ كيف يستمد الأصول من الفروع؟ المراد أنه يستمد من تصور هذه الأحكام؛ ليتمكّن من إيضاح المسائل الأصولية بضرب الأمثلة الفرعية. لا شك أن الاستمداد من هذه العلوم إنما ذكرها من ذكرها بعد أن نظر في واقع كتب الأصول، سبر كتب الأصول ونظر في واقعها وجدها مشتملة على هذه الأمور، لوجود الأمثلة من الأحكام الشرعية؛ لتوضيح المسائل الأصولية قالوا: إن الأصول مستمد من تصور هذه الأحكام. لا شك أن الأصولي لا بد أن يكون على معرفة ودراية بكثيرٍ من المسائل الفرعية؛ ليتمكّن من توضيح هذا العلم. وهل هذا العلم مأخوذ بعد النظر في الفروع؟

يعني إذا نظرنا إلى جملة من الفروع وجدناها تنطوي أو تنضوي تحت أصلٍ واحد فاستنبطنا هذا الأصل من مجموع هذه الفروع، وهذا ما يعرف بالقواعد الأصولية، أو أن هذه الفروع مأخوذة من تلك الأصول؟ أو كل واحد مأخوذ من الثاني فيلزم عليه الدور؟ يعني مقتضى تسميتهم هذا العلم علم الأصول أن الفروع مأخوذة من هذه الأصول، وهو مقتضى الوجود، وأن هذا العلم وجد بعد معرفة الأحكام وتصور الأحكام، قلنا، أو قال بعضهم: إن هذا العلم مستمد من الأحكام الشرعية، نعم، لو قلنا: إن كل واحد مستمد من الثاني قلنا: يلزم عليه الدور، قلنا: يلزم عليه الدور. لا شك أن المسائل والأحكام الشرعية مستمدة من كتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- وهذا العلم -أعني علم الأصول- يعين على فهم الكتاب والسنة الذَيْنِ تستمد وتستنبط منهما الأحكام. حكمه: حكم هذا العلم فرض كفاية، حكم تعلم هذا العلم فرض كفاية؛ كغيره من العلوم الشرعية، وقد يتعيّن على بعض الأشخاص إذا لم يوجد غيره ممن يستطيع القيام به ممن ينوء بهذا العلم، قد يتعين على بعض الأشخاص؛ لأن فروض الكفاية إذا لم يقم بها أحد أثم الناس، وإذا قام بها من يكفي سقط الإثم عن الباقين. مسائل هذا العلم: مباحثه وقضاياه التي تذكر في كتبه مما يحتاج إليه. ثم قال في البيت الأخير: والبعض بالبعض اكتفى: يعني أن بعض الناس اكتفى ببعض هذه المبادئ، لكن من درى الجميع حاز الشرفا: كذا قيل، ويحتمل أن يكون المعنى: أن بعض الناس اكتفى ببعض مسائل العلم، بعض الناس اكتفى ببعض مسائل العلم دون بعض، أو ببعض العلوم دون بعض، ومن درى وعرف الجميع حاز من المسائل العلمية أو من العلوم .. ، قد حاز الشرف في الدنيا والآخرة، والأجر والثواب العظيم من الله سبحانه وتعالى. بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فقد قال إمام الحرمين عبد الملك بن عبد الله الجويني -رحمه الله-:

هذه ورقات تشتمل على معرفة فصول من أصول الفقه، وذلك مؤلف من جزئين مفردين أحدهما: الأصول، والثاني: الفقه، فالأصل ما يبنى عليه غيره، والفرع ما يبنى على غيره، والفقه معرفة الأحكام الشرعية التي طريقها الاجتهاد. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: بسم الله الرحمن الرحيم: المؤلف: افتتح الكتاب أو الرسالة المختصرة الموجزة بالبسملة؛ اقتداءً بالقرآن الكريم حيث افتتحت جميع سوره -عدا براءة- بالبسملة، وعملاً بحديث: ((كل أمرٍ ذي بال لا يبدأ فيه ببسم الله الرحمن الرحيم فهو أبتر)): هذا يستدل به كثير من أهل العلم على افتتاح ما يريدون افتتاحه بالبسملة أو الحمدلة، والحديث بجميع طرقه وألفاظه حكم عليه جمع من أهل العلم بالضعف وإن حسّن بعضهم لفظ الحمد، وهو مع ضعفه يستدل به الجمهور الذين يرون العمل بالضعيف في الفضائل وهذا منها، لكن القول المرجح أن الضعيف لا يعمل به لا في الأحكام ولا في الفضائل ولا في المغازي ولا في التفسير ولا في العقائد من باب أولى وهكذا، فالحديث ضعيف، لكن العمدة في ذلك الاقتداء بالقرآن الكريم. جاء الأمر بالتسمية في مواضع: كالأكل والشرب والدخول والخروج وما أشبه ذلك، وليكن هذا منها، بل من أهمها. لم يذكر المؤلف -رحمه الله تعالى- الحمدلة والتشهد والصلاة على النبي -عليه الصلاة والسلام- مبالغةً في الاختصار، ويحتمل أن يكون قد أتى بها لفظاً، يجاب عن صنيع المؤلف بأنه هداه إلى ذلك الاختصار الشديد، والاحتمال قائم في كونه جاء بهذه الأمور لفظاً، كما أجيب عن الإمام أحمد -رحمه الله تعالى- في تركه الصلاة على النبي -عليه الصلاة والسلام- في بعض المواضع عند رواية الحديث، قالوا: لعله يأتي بها لفظاً وإن لم يكتبها.

فهذه: بسم الله الرحمن الرحيم، فهذه: في بعض النسخ: هذه، بدون الفاء، بسم الله الرحمن الرحيم، فهذه ورقات: وفي بعض النسخ: هذه ورقات، والفاء إن وجدت فهي واقعة في جواب (أما بعد) المقدرة التي يؤتى بها للانتقال من موضوعٍ إلى آخر، ومن أسلوبٍ آخر، أما بعد: فهذه ورقات تشتمل على معرفة فصول من أصول الفقه: فالفاء واقعة في جواب (أما بعد): وأما: حرف شرط، وبعد: قائم مقام الشرط، وجواب الشرط الفاء وما دخلت عليه، ما دخلت عليه الفاء. والإتيان بـ (أما بعد): سنة ثبتت عن النبي -عليه الصلاة والسلام- في أكثر من ثلاثين حديثاً، فلا يليق بطالب العلم تركها، طالب العلم المؤتسي بالنبي -عليه الصلاة والسلام- عليه أن يلازمها. أما بعد: ولا تقوم الواو مقام أما، وإن جرى كثير من المؤلفين والمتحدثين على الاقتصار عليها دون أما، وأشار بعض من ألف من المتأخرين أنها تقوم مقامها، كما في شرح المواهب للزرقاني وغيره؛ نظراً لشيوعها وكثرتها، وإلا فالأصل (أما بعد). ولا حاجة ولا داعي للإتيان بـ (ثم) قبلها، فإذا قلت: الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد، ما تقول ثم أما بعد، لا داعي لـ (ثم)؛ لأنها لم ترد بها النصوص، ولا توجد في أساليب أهل العلم من المتقدمين، وإن وجدت في بعض نسخ تفسير الطبري، لكنه لا داعي ولا حاجة إليها؛ النصوص الثابتة عن النبي -عليه الصلاة والسلام- ((أما بعد)) بدون (ثم). إن احتيج إلى (أما بعد) مرة ثانية للانتقال إلى موضعٍ آخر وأسلوب آخر عطفت على ما قبلها (ثم أما بعد)، إذا قلتها في الموضع الأول: (أما بعد) واحتجت إليها للفصل بين الموضوعين أو الأسلوبين تقول: (ثم أما بعد) لا بأس، وأهل العلم مختلفون في أول من قالها على ثمانية أقوال نجملها في قول الشاعر: جرى الخلف أما بعد من كان بادئاً ... بها عدّ أقوال وداود أقرب ويعقوب أيوب الصبور وآدم ... وقس وسحبان وكعب ويعرب أقرب الأقوال أنه داود -عليه السلام- وأنها فصل الخطاب الذي أوتيه.

و (بعد): قائم مقام الشرط، ظرف مبني على الضم؛ لحذف المضاف إليه مع كونه منوياً، ومعروف قبل وبعد والجهات الست لها ثلاث حالات، إن أضيفت أعربت، وإن قطعت عن الإضافة مع عدم نية المضاف إليه أعربت مع التنوين، وإن قطعت عن الإضافة مع نية المضاف إليه بنيت على الضم، {لِلَّهِ الْأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ} [(4) سورة الروم]. والإشارة فهذه: الأصل في المشار إليه أن يكون موجوداً حاضراً، فهذه: الإشارة هي إلى حاضر على كل حال، فإن كانت كتابة المقدمة بعد تأليف الكتاب صارت الإشارة إلى موجود في الأعيان، وإن كانت كتابة هذه المقدمة قبل تأليف الكتاب صارت الإشارة إلى حاضر في الذهن لا في الأعيان، يشير إلى ما في ذهنه من الكلام الذي سوف يفرغه في هذه الورقات. فهذه ورقات تشتمل: ورقات جمع ورقة، جمع مؤنث سالم، وجموع السلامة من جموع القلة عند سيبويه، وعَبّر بذلك (هذه ورقات)؛ لأن هذا هو واقعها، هذه ورقات، عبر بذلك؛ لأن الواقع كذلك، ولكي ينشط القارئ لحفظها وفهمها ودرسها، كما قال تعالى في أيام الصيام: {أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ} [(184) سورة البقرة]، فوصف الشهر بأنه أيام معدودات؛ تنشيطاً للمسلم على صيامها وتقليلاً لها. فهذه ورقات تشتمل على معرفة فصول من أصول الفقه: تشتمل: تحتوي على معرفة، والمعرفة هي والعلم بمعنىً واحد عند جمع من أهل العلم، وفرق بعضهم بين المعرفة والعلم؛ لأن المعرفة تستلزم سبق الجهل، بخلاف العلم فإنه لا يستلزم سبق الجهل، ولذا يوصف الله -سبحانه وتعالى- بأنه عالم وعليم وعلَّام، ولا يوصف بأنه عارف؛ قالوا: لأن المعرفة تستلزم سبق الجهل، وجاء في الحديث: ((تعرف على الله في الرخاء يعرفك في الشدة)): قالوا هذا من باب المقابلة والمشاكلة في التعبير على أن دائرة الإخبار أوسع من دائرة الأسماء، إلى غير ذلك مما قاله أهل العلم. على معرفة فصولٍ من أصول الفقه: فصول: جمع فصل، وهو اسم لطائفةٍ من المسائل العلمية، والفصل أو الفصول تندرج تحت الأبواب، ويندرج تحتها المسائل، والأبواب تندرج تحت الكتب.

هذا التقسيم اصطلاحي عرفي من العرف الخاص عند أهل العلم، يؤلفون الكتب على هذا: كتاب يشتمل على كتب، وهذه الكتب تشتمل على أبواب، وهذه الأبواب تشتمل على فصول، والفصول على مسائل إلى غير ذلك، وهذا أغلبي إذ قد توجد الكتب والأبواب دون الفصول، وقد توجد الأبواب دون الكتب، وقد توجد الفصول دون الأبواب، وهكذا، لكن الغالب هكذا. على فصولٍ من أصول الفقه: على فصول من أصول الفقه .. بالنسبة للأسئلة يا إخوان: المتعلقة بالكتاب ومباحث الكتاب سوف نجيب عليها بإذن الله -عز وجل- وما عدا ذلك مما هو خارج الكتاب فالشيخ موجود، ولا يفتى ومالك في المدينة -كما قال أهل العلم- وليس لنا أن نتقدم بين يدي الشيخ فنجيب بحضرته، فالأمور التي تتعلق بالكتاب لا مندوحة لنا من الجواب عنها، لكن الذي لا علاقة له بالكتاب فالشيخ موجود أمدّ الله في عمره. فعلى كل حال تفرز الأسئلة من قبل الإخوان ويجاب عنها في الدرس اللاحق -إن شاء الله تعالى- وهكذا سوف تكون الطريقة، إجابة اليوم تكون غداً وهكذا يفرزها الإخوان، ما يتعلق بالكتاب ومسائل الكتاب نجيب عنها، وما عدا ذلك يرجأ حتى يحضر الشيخ. الآن الشيخ حضر وإلا .. ؟ طالب:. . . . . . . . . انتهى الوقت وإلا .... ؟ طالب:. . . . . . . . . وين الإخوان؟ طالب:. . . . . . . . . ما لهم حد معين .. ؟ طالب:. . . . . . . . . يعني نواصل على طول لما يجي الشيخ؟ .. يعني ما في فاصل ... من أجل الإخوان .. ؟ طالب:. . . . . . . . . على كل حال .. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: فهذه ورقات تشتمل على معرفة فصول من أصول الفقه، وذلك مؤلف من جزئين مفردين: يعني أن أصول الفقه .. ، هذه أو هذا التركيب مؤلف من جزئين مفردين، يعني أن هذا العلم المسمى بهذا الاسم المركب من هاتين الكلمتين المفردتين: أصول وفقه، فله حينئذٍ أكثر من تعريف، تعريف باعتبار جزئي المركب، وتعريف باعتباره علم على هذا الفن المعروف، تعريف باعتبار جزئي المركب؛ لأنه قال: وذلك مؤلف من جزئين مفردين: أصول وفقه، من جزئين: الجزء الأول أصول، والجزء الثاني الفقه، مفردين: ما المراد بالإفراد هنا؟ ما يقابل ... نعم؟ طالب:. . . . . . . . .

لا، يقابل الجمع أصول مفرد وإلا جمع؟ طالب: جمع. كيف يقول من جزئين مفردين؟ طالب:. . . . . . . . . كيف؟ طالب:. . . . . . . . . يقول: وذلك مؤلف: مركب من جزئين: أصول وفقه، مفردين: كل واحد منهما مفرد، والإفراد هنا يقابل أيش؟ التركيب، التركيب الجملي؛ لأن كلمة أصول جمع، فلا يراد بالإفراد هنا ما يقابل التثنية والجمع؛ لأن كلمة أصول جمع. ثم أخذ يعرف جزئي المركب، فبدأ بالأصل. أصول: النسبة إلى هذا العلم، ماذا تقول في النسبة إلى هذا العلم، شخص معتني بهذا العلم أكثر من غيره من العلوم تسميه أيش؟ طالب: أصولي. أصولي كذا؟ نعم؟ هاه؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . أصولي كذا؟ الياء ياء النسب مشددة ولا بد، ياء كيا الكرسي زيدت للنسب، والبحث ليس فيها، نعم، مشددة، فالنسبة إلى تيماء تيميِّ بالتشديد، وشيخ الإسلام ابن تيميَّة بالتشديد، لا شك أن الياء مشددة، لكن يبقى أن النسبة إلى الجمع حكمها .. ، أهل العلم ينصون على أن النسبة إلى الجمع شاذة، إذا أردت أن تنسب إلى كلمة هي في الأصل جمع تعيد الكلمة إلى مفردها ثم تنسب، إلا إذا كانت شهرة الجمع أقوى من شهرة المفرد، كالنسبة إلى الأنصار وإلى الأعراب، أو إذا كان الجمع لا واحد له من لفظه تنسب إلى الجمع. فالأصل ما يبنى عليه غيره: الأصل الذي هو واحد الأصول ما يبنى عليه غيره، كأصل الجدار وأساسه الذي يبنى عليه، وأصل الشجرة التي تتفرع منه فروعها وأغصانها، {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاء} [(24) سورة إبراهيم]، فالأصل هو الأساس، وهو ما يبنى عليه غيره، ويقابله الفرع -يقابل الأصل الفرع- وهو ما يبنى على غيره: كبقية الجدار التي بنيت على الأصل وعلى الأساس، وكفروع الشجرة وأغصانها هي فروع. ومنهم من يقول: إن الأصل ما منه الشيء، ما منه الشيء، فالأب أصل بالنسبة لولده، والولد فرع، ولذا يقولون في الوارثين أنهم أصول وفروع، وأيضاً حواشي. والفرع ما يبنى على غيره والفقه: ... ، أخشى أن الشيخ يبي يجي وإلا ... ؟ الشيخ قرب، وإلا إيش صار عليه؟ طالب:. . . . . . . . . هو بيجي من هنا؟

طالب:. . . . . . . . . طيب لا بأس .. والفقه معرفة الأحكام الشرعية التي طريقها الاجتهاد: الفقه في اللغة الفهم، {يَفْقَهُوا قَوْلِي} [(28) سورة طه]، يعني: يفهموه. معرفة الأحكام الشرعية: هل الفقه والمعرفة أو هو الأحكام؟ طالب:. . . . . . . . . نعم، كيف؟ طالب:. . . . . . . . . هل الفقه هو المعرفة للأحكام، أو هو الأحكام؟ طالب:. . . . . . . . . هو يقول: معرفة الأحكام الشرعية: يخرج بذلك من الأحكام ما ليس بشرعي، فلا يدخل في الفقه، والأحكام جمع حكم، وسيأتي في بيان الأحكام التكليفية والوضعية تعريف الحكم. معرفة الأحكام الشرعية التي طريقها الاجتهاد: المقصود بها المسائل الفرعية، ويخرج بذلك المسائل العقلية، والمسائل العقدية؛ لأنه ليس طريقها الاجتهاد. التي طريقها الاجتهاد: حقيقةً فعلاً، أو بالقوة القريبة من الفعل، فالفقيه من يعرف جملةً صالحة من الأحكام الشرعية التي طريقها الاجتهاد بالفعل، أو بالقوة القريبة من الفعل، فالذي يعرف من الأحكام الشرعية بأدلتها بالفعل، وهي حاضرة في ذهنه يسمى فقيه، الأولى من يسمى الفقيه. الذي لا يعرف الأحكام ليست حاضرة في ذهنه، لكنه يستطيع الوصول إلى معرفة هذه الأحكام بأدلتها، ويستطيع أن ينظر في أقوال أهل العلم ويوازن بينها وينظر في أدلتهم ويرجح، وإن لم تكن المسائل حاضرة في ذهنه، فإنهم يسمونه فقيه بالقوة القريبة من الفعل. فالشخص الذي إذا سألته عن مسألة في الطهارة يفتح على أوائل الكتب مثلاً -أوائل كتب الفقه مثلاً- وينظر فيها ويتصورها وينظر في أدلتها، ومن خالف ومن وافق وأدلة الجميع ويوازن هذا فقيه، لكن إذا سألته عن مسألة في الطهارة بحث في أواخر الكتب وأوساطها هذا تسميه فقيه؟! لا بالفعل ولا بالقوة القريبة منه، هذا ليس بفقيه أصلاً. فالإمام مالك -رحمه الله تعالى- لما سئل عن أربعين مسألة أو ثمان وأربعين مسألة، فأجاب عن جلّ هذه المسائل -أكثر من ثلاثين مسألة- قال: "لا أدري"، هل استطاع أحد أن يقول: إن الإمام مالك ليس بفقيه؟ هل يستطيع أحد أن يقول: الإمام مالك ليس بفقيه؟ لا يستطيع، كيف نقول: فقيه، وهو لا يعرف إلا الشيء اليسير من هذه المسائل، هو فقيه؛ لديه القدرة التامة والآلة المكتملة في استنباط الأحكام، فهو فقيه بالقوة حينئذٍ. نقف على الأحكام السبعة، والله أعلم وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

شرح متن الورقات (2)

شرح متن الورقات في أصول الفقه (2) أنواع الحكم الشيخ/ عبد الكريم الخضير السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. يقول هذا: بعض طلاب العلم يقولون: إن متن الورقات لا يصلح للحفظ؛ لأنه يوجد فيه أخطاء في التعاريف، ويقول: الحل في ذلك أن نأخذ تعاريف الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله- وتُحفظ، هل هذا الكلام صحيح؟ أقول: كتب العلماء التي هي الجادة في التحصيل عند أهل العلم لا بد من العناية بها، وما فيها من أخطاء لا تعدو أن تكون وجهات نظر، يصوبها البعض ويحكم عليها البعض الآخر بأنها خلاف الصواب، ومن يشرح هذه الكتب عليه أن يبيّن الخطأ من الصواب، ويبقى أيضاً أن هذا من وجهة نظره هو. ولذا نجد في شراح الورقات وفي غيرها من الكتب التي ألفها أهل العلم، وليسو من أهل العصمة، فيها ما فيها، كل يؤخذ من كلامه ويرد إلا الرسول -عليه الصلاة والسلام- فالجادة التي اعتمدها أهل العلم وسلكها الأئمة المتقدمون في تربية أولادهم أو أبنائهم الطلاب وتنشئتهم على التحصيل العلمي لا بد من سلوكها، فيؤخذ مثل هذا المتن؛ لأنه أخصر متن في أصول الفقه، وألفاظه سهلة ميسرة. وأما ما يكتبه المتأخرون وهم يكتبون بلغة العصر لا شك أنها كتب نافعة وجليلة ومفيدة، لكن ليتنبه طالب العلم أنه كلما قوي الأسلوب وصعب على الطالب أنه هو الذي يربي فيه ملكة الأخذ والرد والنقاش، وهو الذي يفتّق ذهنه، أما ما يكتبه المعاصرون فهم يكتبون بلغة العصر، وهذه ليس فيها إشكال في الجملة، كتب واضحة ومبسطة، فهذه في الغالب لا تحتاج إلى شرح، يفهمها الطالب بمفرده.

فعلى طالب العلم أن يتمرّن على كتب المتقدمين؛ لأنه إذا سار على الدرب والطريق والجادة المسلوكة، وحصل من العلم ما يؤهله لتعليم الناس، أو للقضاء وفصل الخصومات بينهم، أو لإفتائهم لا يأمن أن يعيّن في بلدٍ ليس فيه غيره ممن ينتسب إلى العلم، فقد يحتاج إلى مراجعة هذه الكتب، وهو لم يتعود على أساليب المتقدمين فيصعب عليه الإفادة منها، بخلاف كتب المتأخرين، وهذا واضح وظاهر في الدراسة النظامية؛ نجد كثير من الطلاب الذين اعتمدوا على المذكرات التي يكتبها الأساتذة يصعب عليهم كل شيء من العلم، ولا يستطيعون التعامل مع كتب أهل العلم، بينما الذين تربوا على الكتب التي ألفها المتقدمون بأساليب قوية متينة هم الذين في الغالب حصلوا واستفادوا؛ لأنه من اليسير جداً أن تنزل من الصعب إلى السهل، لكن العكس هذا صعب. على كل حال ما كتبه الشيخ -رحمة الله عليه- جدير بالعناية والإفادة منه، لكن ما سلكه أهل العلم في تربية الناشئة على أسلوبٍ معين في التحصيل أمر لا بد منه. يقول: جاء في بعض النسخ المطبوعة حديثاً ومقابلة على نسخٍ خطية ذكر الحمد والصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام. هذا موجود في بعض النسخ، هذا موجود في بعض النسخ الخطية، لكن أكثر النسخ مجردة من الحمد والشهادة والصلاة، حتى مجردة من (أما بعد)، ليس فيها إلا ذكر البسملة. يقول: حديث: ((كل أمرٍ ذي بال لا يبدأ فيه ببسم الله فهو أبتر)): أليس قد حسنه بعض أهل العلم، كابن الصلاح وغيره؟ الذين حسّن من ألفاظه لفظ الحمد، ((كل أمرٍ ذي بال لا يبدأ فيه بحمد الله .. )) أما سائر ألفاظه وطرقه فهي ضعيفة. هذا يريد إعادة المبادئ العشرة التي تطلب عند شرح كل كتاب؟ هذه موجودة في الشريط، وأظن الشريط يوزع اليوم أو .... متى؟ طالب: بعدما تنتهي الدورة؟ بعد الدورة، مو كل يوم بيومه؟ طالب:. . . . . . . . . سوف يوزع بعد الدورة وهو موجود في غالب الشروح المختصرة. يقول: نود لو لم يفصَّل في النحو؟

النحو عرض .. ، عارض لبيان أهمية النحو لطالب العلم، ولن نرجع إليه إلا عند الحاجة والضرورة القصوى، وعدم التفصيل والاستطراد جاء من كثيرٍ من الإخوان، وجاء ضده من بعضهم، وطلب بعضهم الاستطرادات والفوائد التي لا توجد في كثيرٍ من الشروح الموجودة بين أيديهم. على كل حال هذه مسألة نعاني منها في كل الدروس، فمن الطلاب من يرى الاقتصار على تحليل اللفظ، وفهم الكتاب الذي بأيدينا، والاستطرادات لها موضع آخر، وبعض الإخوان يرى أن الفائدة في الاستطراد، وأما تحليل اللفظ فالكتاب مشروح بشروحٍ كثيرة. يقول: أنا طالب علم وقرأت علم الفروع من مذهب الإمام مالك، ولكني رأيت كثيراً من طلبة العلم يقولون في هذا ليس بعلم!! أقول: طالب العلم المبتدئ عليه أن يتفقّه على ما ذكره أهل العلم، وكل يعتني بالكتاب المعروف المشهور في بلده، وليس معنى هذا أنه إذا اعتنى بالكتاب الفقهي -كالزاد عندنا مثلاً أو العمدة أو الدليل، أو مختصر خليل عند المالكية أو المتون الأخرى في المذاهب الأخرى- ليس معنى هذا أنه يأخذ هذه الأحكام قضايا مسلمة وهذه الكتب دساتير لا يحاد عنها، لا، إنما تكون هذه الكتب كعناصر بحث يفهم الطالب المسألة ويتصورها ويستدل لها، وينظر من قال بها من أهل العلم وأدلتهم ومن خالف أدلتهم، ثم يوازن بين هذه الأدلة ويخرج بالقول الصحيح الراجح، فإذا أتم كتاباً على هذه الطريقة فإنه يدرك من الفقه ما لا يدركه غيره ممن ينادي بالتفقه رأساً من الكتاب والسنة. طالب العلم إذا تأهل فرضه أن يتفقه من الكتاب والسنة ولا ينظر إلى أقوال الرجال، إلا من باب الاستئناس، أما إذا لم يتأهل طالب العلم فإن عليه أن يسلك ما سلكه أهل العلم، ولا نقول بالتقليد، لا، إنما نقول بالاتباع، يأخذ هذا الكتاب المختصر، ويتصور مسائل هذا الكتاب، ويستدل لهذه المسائل، ثم بعد ذلك ينظر من وافق ومن خالف وأدلة الجميع ويوازن، وحينئذٍ يكون قد أتقن هذا الفن ومعوله وعمدته في الأدلة. يقول: هل يجوز أن نهجر المبتدعة وأفعالهم السّحَّار وأفعالهم؟

السحار لا شك أنهم كفرة فحدهم القتل فضلاً عن كونهم يذمون، ويخبر عنهم وعن أفعالهم ويحذر منهم، والمبتدعة من كفر ببدعته فحكمه حكمهم، من كانت بدعته مكفرة فحكمه حكم الكفار، ومن كانت بدعته مفسقة ولا تخرجه من الملة فحكمه حكم المسلمين، لكن إذا خشي من ضرره على المسلمين يحذر منه. طالب:. . . . . . . . . يقول: بماذا ينصح طالب العلم المبتدئ أن يقرأ في علم أصول الفقه؟ يقرأ في هذا الكتاب وما كتب حوله والمناقشات التي نوقش فيها المؤلف وما كتب على الكتاب، ثم ينتقل إلى ما هو أعلى منه، إما مختصر التحرير مع شرحه أو مختصر الروضة مع شرحه. يقول: قلتم: إنه لا ينبغي الإفراط في تعلم أصول الفقه، فما المراحل التي ينبغي أن يسلكها في هذا العلم؟ ذكرنا أن المبتدئ يبتدئ بمثل هذا الكتاب ثم ينتقل بعده إلى مختصر الروضة مع شرحه أو مختصر التحرير مع شرحه، ثم إذا فهم هذه الكتب يبقى المسألة مراجعات، عند الحاجة يراجع الكتب المبسوطة. يقول: هل من أخطأ في أي حديث ينطبق عليه حديث: ((من كذب .. ))؟ من أخطأ، من يعرى من الخطأ كما قال الإمام أحمد -رحمه الله- {رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [(286) سورة البقرة]، لكن يذكر المثال الذي ذكرناه بالأمس أن من أخطأ في إعراب كلمة من حديث النبي -عليه الصلاة والسلام- يدخل .. ، هذا من باب التحذير والتحري والتثبت ونقل الحديث كما هو بفصه وبلفظه إن أمكن، وإلا فبمعناه. يقول: ما دام هذا العلم وغيره من علوم الآلة وسيلة وعلى الطالب التوسط فيها فنرجو بيان ما يكفي دراسة المتوسط؟ ذكرنا هذا بالنسبة للأصول. ويقول بالنسبة لعلم النحو؟ علم النحو يقرأ الآجرومية وتتمتها وما كتب عليهما، وإن نشطت نفسه لحفظ الألفية إذا كانت الحافظة تسعفه فهي خير زادٍ لطالب النحو. يقول بعض طلبة العلم: إنه لا يسوغ أن يطلق لفظ الإمامة على من تلبس ببدعة كابن حجر والنووي والعز بن عبد السلام، وإذا قلنا: الإمام يطلق على علماء الحديث يقال: العلامة فلان النووي والحافظ ابن حجر .. ؟

على كل حال هذه أمور نسبية، وقد يكون الإنسان إمام في باب وهو في الباب الآخر أقل منه في ذلك، فلا يمنع أن يقال: فلان إمام في باب كذا، إمام في النحو وإن كان ضعيفاً في باب الرواية، إمام في الحديث وإن كان ضعيفاً في باب العربية، وهكذا، الإمام أحمد قالوا: إنه إمام في السنة، إمام في الفقه، إمام في الزهد، إمام في الفقر رحمة الله عليه. الكتاب الذي معنا سئل عنه كثيراً، في أسئلة ... ! كتاب أصول الفقه للشيخ عبد الوهاب خلاف كتاب جيد ومرتب ومنظم، إلا أنه لا يناسب المبتدئين، يعني من فهم هذا الكتاب وقرأ شروحه يقرأ في مثل كتاب الشيخ خلاف رحمه الله. يقول: ما حكم خروج بعض المشايخ والدعاة لما يترتب على ذلك من الفتن والضلال بقصد الدعوة إلى الله؟ الخروج: إن كان المراد به الخروج عن هذه البلاد إلى بلاد الكفر مثلاً، فالسفر إلى بلاد الكفر معروف عند أهل العلم حكمه والإقامة فيها أيضاً -في بلاد الكفر- حكمها التحريم، والهجرة واجبة وباقية إلى قيام الساعة، حسب الإمكان إذا أمكن ذلك، وإلا فالله -سبحانه وتعالى- استثنى المستضعفين. يقول ما حكم خروج بعض المشايخ والدعاة ... ؟ ما هو موضح، الخروج إلى بلاد الكفر، إلى غيرها من البلدان، الخروج في القنوات ابتلي الناس به أيضاً ووجد من ينتسب إلى العلم يخرج إلى الناس في هذه القنوات مما يكسبها الشرعية، على كل حال هذه أمور تحتاج إلى شيءٍ من البسط، ولعل الشيخ يعرض عليه مثل هذا السؤال. يقول: هل البسملة في كتاب الله من السور أو من سورة الفاتحة أو كغيرها؟ السؤال ركيك، لكن الواضح أنه يسأل عن البسملة في الفاتحة، أهل العلم يختلفون هل البسملة آية في أوائل السور، بعد اتفاقهم على أنها آية من سورة النمل، واتفاقهم على أنها ليست بآية في أول سورة التوبة، والخلاف معروف. والذي يراه شيخ الإسلام وبه يقول كثير من الحنفية أنها آية واحدة نزلت للفصل بين السور، وليست بآية في كل سورة، هي آية واحدة نزلت للفصل بين السور، ومنهم من يرى أنها آية في كل سورة، ومنهم من يرى أنها ليست بآية مطلقاً، والآية مبسوطة في كتب أحكام القرآن، وفي –أيضاً- كتب الفقه.

هذا يسأل يقول: إنك ذكرت أنك ستذكر أحسن الطبعات للكتب؟ يعني في مقارنة شروح الكتب الستة، ولم تفعل؟ ذكرناها في مناسبات كثيرة، ذكرنا أفضل الطبعات في مناسباتٍ كثيرة، ولو الوقت يسعف ذكرنا الآن، لكن الوقت ضيق والله المستعان. بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فقد قال إمام الحرمين رحمه الله: والأحكام سبعة الواجب والمندوب والمباح والمحظور والمكروه والصحيح والفاسد، فالواجب: ما يثاب على فعله ويعاقب على تركه، والمندوب: ما يثاب على فعله ولا يعاقب على تركه، والمباح: ما لا يثاب على فعله ولا يعاقب على تركه، والمحظور: ما يثاب على تركه ويعاقب على فعله، والمكروه: ما يثاب على تركه ولا يعاقب على فعله، والصحيح: ما يتعلق به النفوذ ويعتد به، والباطل: ما لا يتعلق به النفوذ ولا يعتد به. الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، يقول -رحمه الله تعالى-: والأحكام سبعة: ثم ذكرها: الواجب والمندوب والمباح والمحظور والمكروه والصحيح والباطل. الأحكام: جمع حكم والحكم مصدر حكم يحكم إذا قضى، ومعنى الحكم في الأصل المنع، ومنه حكمة الدابة؛ لأنها تمنعها، ومنه قول جرير: أبني حنيفة أحكموا سفهاءكم ... إني أخاف عليكمُ أن أغضبا الحكم في الاصطلاح: يعرفه بعض العلماء بأنه خطاب الله، خطاب الله المتعلق بأفعال المكلفين طلباً أو تخييراً أو وضعاً، خطاب الله المتعلق بأفعال المكلفين طلباً أو تخييراً أو وضعاً، فجعلوا الحكم نفس الخطاب، هذا تعريف أكثر الأصوليين، جعلوا الحكم نفس الخطاب {أَقِيمُواْ الصَّلاَةَ} [(43) سورة البقرة] هذا حكم، {لاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى} [(32) سورة الإسراء] هذا حكم، {إِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُواْ} [(2) سورة المائدة] هذا حكم، {أَقِمِ الصَّلاَةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ} [(78) سورة الإسراء] هذا حكم، فجعلوا الحكم نفس الخطاب.

لكن الفقهاء جعلوا الحكم ما يقتضيه الخطاب، فجعلوا الحكم الوجوب المأخوذ من هذا الأمر في قوله -جل وعلا-: {أَقِيمُواْ الصَّلاَةَ}، وجعلوا الحكم تحريم الزنا المأخوذ من قوله تعالى: {لاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى}، ولعل هذا أقرب. والمراد بخطاب الله ما هو أعم مما جاء في القرآن فقط، بحيث يشمل ما جاء عن الله -عز وجل- على لسان نبيه -عليه الصلاة والسلام- فخطاب الله سواء كان في كتابه، أو على لسان رسوله -عليه الصلاة والسلام- كله خطاب من الله، والذي يجيء عن النبي -عليه الصلاة والسلام- هو من عند الله؛ {وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى* إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} [(3 - 4) سورة النجم]، فالذي يقوله النبي -عليه الصلاة والسلام- ابتداءً، ولا ينبه على أنه خلاف مراد الله -عز وجل- هو خطاب الله -عز وجل- أما اجتهاده -عليه الصلاة والسلام- وله أن يجتهد- فإن وافق ما عند الله -عز وجل- وهذا هو الكثير الغالب- فهو من عند الله حقيقة، وإن أخطأ -عليه الصلاة والسلام- في اجتهاده نبّه على خطئه في ارتكابه خلاف الأولى، كما جاء في قصة الأسرى، أسرى بدر، المقصود أن ما يجيء من عند النبي -عليه الصلاة والسلام- هو من عند الله حقيقةً. والمراد بأفعال المكلفين: ما يشمل الأفعال من جميع الجوارح، من أفعال القلوب وأفعال اللسان، أقوال اللسان والبدن. طلباً: سواءً كان الطلب لفعل الشيء أو الطلب للكف عن شيء، وطلب الفعل يشمل الطلب الجازم وهو ما يعرف بالواجب، ويشمل الطلب من غير جزم فيشمل المندوب، وطلب الكف يشمل ما كان مع جزم فيدخل فيه المحظور، وما كان من غير جزمٍ فيدخل فيه المكروه. أو تخييراً: من غير طلب لا فعل ولا كف، وهو غير مطلوب أصلاً، والمكلف مخير بين فعله وعدم فعله، وهذا هو المباح. أو وضعاً: فيدخل فيه ذلك الحكم الوضعي. ما جاء من قولهم: خطاب الله المتعلق بأفعال المكلفين طلباً أو تخييراً هذا هو ما يعرف بالحكم التكليفي، أو وضعاً يشمل الحكم الوضعي، والوضع يشمل ما ستأتي الإشارة إليه من الصحيح والفاسد وغيرهما.

إذا عرفنا هذا فالأحكام عند أهل العلم تنقسم إلى قسمين: أحكام تكليفية، وأحكام وضعية، أحكام تكليفية وأخرى وضعية، والأحكام التكليفية .. ، والأصل في التكليف أنه إلزام ما فيه كلفة ومشقة، هذا الأصل فيه، ولا شك أن الشرع فيه تكاليف وفيه ما يشق على النفوس؛ لأن الجنة حفّت بالمكاره، هذا هو السبب في تسمية الأحكام بالتكليف؛ لأن الجنة حفت بالمكاره، ولا يمنع أن يكون هذا التكليف .. ، يكون في بداية الأمر، ثم بعد ذلك يكون تلذذ بالطاعة، يعالج الإنسان نفسه على هذه التكاليف حتى تصير ديدناً لها فتتلذذ بها، وهذا معروف عند المسلمين قديماً وحديثاً، كثير من الناس يتلذذ بالطاعة، والرسول -عليه الصلاة والسلام- يقول: ((أرحنا يا بلال بالصلاة))، وحال أو لسان حال كثيرٍ من المسلمين يقول: أرحنا من الصلاة. لا شك أن الصلاة تكليف على خلاف ما ترضاه النفس، لكن إذا اعتادها الإنسان وتعلق قلبه بها حدِّث ولا حرج من اللذة وانشراح الصدر في الصلاة، وجاهد السلف -بل كثير من الناس في القديم والحديث- جاهدوا أنفسهم من أجل قيام الليل، جاهدوا مدة ثم صار من شأنهم وديدنهم فتلذذوا به، وهكذا غير الصلاة من العبادات كالصيام في الهواجر من أشقّ الأمور على النفس، الصيام في الهواجر، لكنه من ألذ الأشياء عند من عوّد نفسه عليها وصار شأناً له وديدناً له والله المستعان، وقل مثل ذلك في سائر العبادات، كتلاوة القرآن، التلذذ بمناجاة الله -عز وجل- والخلوة به، والله المستعان، وهذا محروم منه كثير من الناس، والسبب انشغالهم بهذه الدنيا، والله المستعان.

فالأحكام التكليفية خمسة استوعبها المؤلف فذكرها كلها، الواجب والمندوب والمباح والمحظور والمكروه، وطريق الحصر في الخمسة الاستقراء؛ لأن الطلب إما أن يكون طلباً للفعل أو الكف عنه أو للتخيير، فالأول إن كان جازماً على ما تقدم فهو الواجب، وإن كان من غير جزمٍ فهو المندوب، والثاني طلب الكف، إن كان مع جزمٍ فهو المحظور، وإن كان من غير جزم فهو المندوب، وإن كان الثالث الذي هو التخيير هو الإباحة، فالإباحة حكم شرعي؛ لأنها بخطابٍ من الله -عز وجل- على خلافٍ بين أهل العلم في ذلك، منهم من يقول: إن ذكر الإباحة وإدراجها ضمن الأحكام من باب تتميم القسمة؛ إذ ليست هي حكم، وليست بتكليف، وليس فيها كلفة ولا مشقّة، والذي يقول: إنها من التكليف وأدرجها في الأحكام التكليفية قال: إنها جاءت بخطابٍ من الله، وخطاب الله هو الحكم، والأحكام الوضعية، والمراد بالحكم الوضعي: خطاب الشرع المتعلق بأفعال المكلفين لا بالاقتضاء ولا بالتخيير، والأحكام الوضعية كثيرة: السبب، والعلة، والشرط، والمانع، والرخصة، والعزيمة، والصحة، والفساد، وأما المؤلف فاقتصر منها على اثنين، وساقها مساقاً واحداً مع أحكام التكليف اختصاراً؛ لأن الكتاب ألف للمبتدئين، وهم لا يستوعبون ذكر جميع الأقسام. وأنتم تلاحظون أن الكتب التي تؤلف بالتدريج -ولنأخذ على سبيل المثال مؤلفات الموفق ابن قدامة في الفقه- العمدة، المقنع، الكافي، المغني، فللمبتدئين العمدة، وللطبقة الذين يلونهم من المتوسطين المقنع، وللطبقة الثالثة الكافي، وللمنتهين المغني، وطريقتهم في التأليف أنهم يقتصرون على ما يحتاج إليه المبتدئ، ثم الطبقة الذين يلونهم، يذكرون ما ذكروه للمبتدئين، ويزيدون عليه مما يحتاجه المتوسطون، فهل المقنع مجرد من الأحكام الموجودة في العمدة؟ لا، وهل الكافي مجرد عما اشتمل عليه المقنع؟ لا، موجود فيه كل ما ذكر في هذه الكتب، والتكرار عند أهل العلم مقصود، ولذا يعمد بعض الناس إلى ذكر زوائد الكافي على المقنع مثلاً، أو ذكر زوائد المقنع على العمدة، هذه طريقة ما غابت عن بال أهل العلم حينما ألفوا هذه الكتب، إنما يستفيد الطالب من هذا التكرار. يقول الناظم -رحمه الله تعالى-:

والحكم واجب ومندوب وما ... أبيح والمكروه مع ما حرما مع الصحيح مطلقاً والفاسد ... من قاعدٍ هذان أو من عابد ثم شرع -رحمه الله تعالى- في تعريف هذه الأحكام التي سردها، عرّفها بلوازمها على طريقة اللف والنشر المرتب، لو نظرنا في كلام المؤلف: الواجب المندوب المباح المكروه المحظور الصحيح الفاسد، فالواجب والمندوب والمباح والمحظور والمكروه الصحيح والباطل، على نفس ترتيب اللف، نشرها بعد أن لفها، واللف والنشر أسلوب عند أهل العلم، يذكرون الأقسام على سبيل الإجمال ثم يفصلونها، وهو موجود في نصوص الكتاب والسنة أيضاً. اللف والنشر: تذكر الأمور إجمالاً ثم بعد ذلك تفصّل، فإن كان ترتيب التفصيل على نفس ترتيب الإجمال سمي اللف والنشر المرتب، وإن كان ترتيب التفصيل يختلف عن ترتيب الإجمال سمي اللف والنشر المشوش يعني غير المرتب، وكل من اللف والنشر المرتب والمشوش جاء في أفصح الكلام، جاء في أفصح الكلام، ففي مثل قوله تعالى: {يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ} [(106) سورة آل عمران]، {وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ} [(107) سورة آل عمران]، هذا لف ونشر، لكنه مشوش غير مرتب؛ لأنه بدأ باللفظ، بالذين ابيضت وجوههم، وثنى بالذين اسودت وجوههم، لكنه في النشر بدأ بالذين اسودت وجوههم، ثم ثنى بالذين ابيضت وجوههم. والفائدة البلاغية اعتنى بها المفسرون في تقديم الذين اسودت وجوههم على الذين ابيضت وجوههم تراجع في مظانها. وفي سورة هود: {فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ* فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُواْ} [(105 - 106) سورة هود]، {وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُواْ} [(108) سورة هود]، لف ونشر مرتب.

ثم ذكر .. ، سرد الأحكام التكليفية واستوعبها؛ لشدة حاجة المبتدئ إليها، واقتصر من الأحكام الوضعية على قسمين وسردها وساقها مع الأحكام التكليفية مساقاً واحداً، ولا اعتراض عليه في ذلك؛ فالكل أحكام، لو أردت أن تذكر أسماء أشخاص تسردهم، تفهرس كتاب، تقول: أسماء الرواة مثلاً، أو أسماء الأعلام، فإما أن تفرد الرجال ثم تتبعهم بالنساء وهذه طريقة، أو تخلط الجميع وترتب على الحروف هذه أيضاً طريقة، فكل من الطريقتين معروف ومعمول بهما؛ لأن الجميع يشمله الحكم، هذا حكم وهذا حكم، نعم إن ميّزت التكليفية عن الوضعية بعنوانٍ مستقل هذا أدق، لكن إن سردتها مساقاً واحداً فلا بأس، وهذا وهذا كله معمول به. ثم أخذ يعرف هذه الأحكام فقال: فالواجب: الفاء هذه إيش يسمونها؟ طالب:. . . . . . . . . فالواجب: نعم طالب:. . . . . . . . . تعرفوا معاني الحروف؟ ما في فاء يقال لها: التفريعية؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . لا، فالواجب: أنا أقصد الفاء هذه .. أيش؟ طالب:. . . . . . . . . هل نقول تفريعية أو فصيحة؟ أو ما تعرفون الفرق؟ وجاء سؤال وطلب يقول: لا تفصلون في المسائل النحوية والله المستعان، يا إخوان العلوم مترابطة لا ينفك بعضها عن بعض، ولذا الذين يطالبون بفصل أصول الفقه عن علوم الحديث يطالبون بأمرٍ غير سائغ، ويأتينا علم السنة مبحث مهم من مباحث أصول الفقه، ومباحث علوم السنة لا تستغني عن مباحث أصول الفقه على ما سيأتي إن شاء الله تعالى. يقول: فالواجب ما يثاب على فعله ويعاقب على تركه: الواجب في اللغة هو الساقط كما في قوله تعالى: {فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا} [(36) سورة الحج]: يعني إذا سقطت على الأرض بعد نحرها؛ لأن الأصل أن الإبل تنحر قائمة، فإذا نحرت وهي قائمة ثم سقطت فكلوا منها. اصطلاحاً: عرفه المؤلف -رحمة الله عليه- بأنه ما يثاب على فعله ويعاقب على تركه: يثاب المكلف على فعله إذا فعله على جهة الامتثال، واستحضار التعبد لله -عز وجل- به، من يفعل الواجب وهو غافل عن التعبد به، أو لا يعرف أنه واجب هذا يثاب عليه؟ يفعل الواجب، لكن على سبيل التقليد، رأى الناس يفعلون ففعل، لا على جهة التعبد لله عز وجل؟

((إنما الأعمال بالنيات))، إذا ما نوى التعبد لله -عز وجل- بهذا الفعل فلا ثواب له. ويعاقب على تركه: أي يستحق العقاب تاركه، وإلا فهو عاصٍ، وحكم العصاة معروف، الذين لم تبلغ معصيتهم إلى درجة الشرك، هم تحت المشيئة، {إِنَّ اللهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء} [(48) سورة النساء]، فتارك الواجب معرض نفسه لعقوبة الله عز وجل. وهذا التعريف للواجب باللازم والأثر المترتب عليه، وأما حقيقته وماهيته: فهو ما طلب الشارع فعله على سبيل الجزم. واختار الطوفي في تعريفه أنه ما ذمّ تاركه مطلقاً، يذم تاركه فيخرج بذلك جميع الأحكام، يخرج المندوب؛ لأنه لا يذم تاركه، ويخرج بذلك المحظور والمكروه؛ لأنه يمدح تاركه على ما سيأتي. والواجب مرادف للفرض عند جمهور العلماء، خلافاً للحنفية الذين يفرقون بين الفرض والواجب، فيجعلون الفرض ما ثبت بدليلٍ قطعي، والواجب ما ثبت بدليلٍ ظني. فزكاة الفطر الثابتة بقول ابن عمر: "فرض رسول الله -صلى الله عليه وسلم- زكاة الفطر"، فرض وإلا واجب عند الحنفية؟ واجبة، والصحابي يقول: "فرض"؛ لأنها ثبتت بدليلٍ ظني عندهم. وصلاة العيد عندهم واجبة؛ لأنها ثبتت بدليلٍ ظني، دليل ظني: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} [(2) سورة الكوثر]، هذا دليل ظني وإلا قطعي؟! طالب:. . . . . . . . . هم عندهم صلاة العيد واجبة وليست بفرض؛ لأنها ثبتت بدليل ظني، وهو قوله تعالى: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ}؟ طالب:. . . . . . . . . نعم، ظني الدلالة، وإن كان قطعي الثبوت. والواجب له تقاسيم باعتبارات، منه تقسيم باعتبار الفعل نفسه، فالفعل منه المعيّن: وهو الذي لا يقوم غيره مقامه كالصلاة والزكاة والصوم، ومنه المبهم من غير تعيين كخصال الكفارة. وقسمه أهل العلم باعتبار الوقت سعة وضيقاً، إلى موسع ومضيق، فالموسع الذي يتسع وقته لغيره فيزيد على فعله كأوقات الصلوات، والمضيق ما لا يتسع وقته إلى فعل غيره كشهر رمضان.

وقسم أيضاً باعتبار الفاعل إلى قسمين: عيني وكفائي. فالعيني: ما يلزم كل مكلف بعينه ونفسه بحيث لا ينوب غيره ولا يقوم غيره مقامه، والكفائي: ما يثبت من فعل البعض فينوب بعض الناس عن بعض بفعله، واجب على الأعيان وواجب على الكفاية فالذي يلزم به الناس كلهم –المكلفون- إذا توافرت الشروط ألزموا به هذا يسمى واجب على الأعيان. الصلوات هل يصلي أحد عن أحد؟ هل تسقط بفعل البعض؟ لكن هناك ما يسمى بالواجب على الكفاية، إذا قام به من يكفي سقط الإثم عن الباقين، وأيهما أفضل؟ جماهير أهل العلم على أن الواجب العيني أفضل من واجب الكفاية؟ والمؤلف يرى أن الواجب على الكفاية أفضل من الواجب العيني، والتفصيل في هذه المسألة يطول. من الواجبات ما هو محدد -عيّن له الشارع مقداراً- كالصلوات المفروضة، ومنه ما هو غير محدد، يجب لكنه من غير تحديد، تحدده الحاجة، كإنقاذ الغرقى وإغاثة الملهوفين هذا واجب لكن هل له حد محدد؟ أنقذت اليوم غريقاً، ورأيت غريقاً من الغد تقول: يكفي أنا أنقذت أمس واحد؟ لا ليس له حد محدد؛ هذا مربوط بسببه. يقول الناظم -رحمه الله تعالى-: فالواجب المحكوم بالثواب ... في فعله والترك بالعقاب ثم قال -رحمه الله-: والمندوب ما يثاب على فعله ولا يعاقب على تركه: المندوب في اللغة اسم مفعول من الندب وهو الدعاء إلى الفعل، أو الدعاء إلى الأمر المهم، وقد عرفه المؤلف -رحمه الله تعالى- بلازمه كسابقه، بلازمه والأثر المترتب عليه. قال: ما يثاب على فعله ولا يعاقب على تركه: ويأتي فيه ما ذكر في الواجب من أن الثواب معلق بقصد الامتثال؛ لأن الأعمال بالنيات، قصد الامتثال ونية التعبد لله -عز وجل-.

وعرّف المندوب باعتبار حقيقته بأنه مأمور به، يجوز تركه لا إلى بدل، أو ما طلب فعله لا على سبيل الجزم، وهو مرادف للسنة والمستحب، وهو مأمور به، خلافاً لبعضهم، المندوب مأمور به، خلافاً لبعضهم ممن قال: لو كان مأموراً به لعصى تاركه؛ إذ المعصية مخالفة الأمر كما في قوله تعالى: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ} [(63) سورة النور]، هذا تهديد لمخالفي الأمر، فدل على أن مخالف المندوب حيث لم يدخل في هذا الوعيد أنه ليس بأمر ولا مأمور به، وفي الحديث الصحيح: ((لولا أن أشقّ على أمتي لأمرتهم بالسواك)) مع أنه مندوب إجماعاً، إذن المندوب ليس بمأمور به، هذا ما قاله بعضهم. والصواب أنه مأمور به، وهو قول عامة أهل العلم، والمقصود بالأمر في الآية وفي الحديث: أمر الإيجاب لا أمر الاستحباب، أمر الإيجاب لا أمر الاستحباب، فأمر الاستحباب أمر لكنه لم يتوعّد على تركه، وهذا يدل على أن الأمر في الأصل الوجوب، أن الأمر في الأصل للوجوب، ولا يصرف عنه إلا بصارف، بدليلٍ شرعي. يقول الناظم: والندب ما في فعله الثواب ... ولم يكن في تركه عقاب ثم قال المصنف -رحمه الله تعالى-: والمباح ما لا يثاب على فعله ولا يعاقب على تركه: المباح في اللغة الموسع فيه، ويسمى طلق، يعني مطلق من غير تقييد لا بأمر إيجاب ولا بأمر ترك وكف، فهو مأذون فيه، وتعريفه عند المؤلف كسابقيه بلازمه: ما لا يثاب على فعله ولا يعاقب على تركه: وحقيقته وماهيته: ما خيّر المكلف بين فعله وتركه لذاته، فلم يقصد الشارع أن يفعله المكلف، ولم يقصد أن يكفّ عنه لذاته، لا باعتبارٍ آخر؛ لأنه قد يكون الفعل هذا في الأصل مباح، لكنه لذاته، أما إذا نظرنا إليه باعتبارٍ آخر فقد يكون حراماً وقد يكون واجباً، يكون واجباً متى؟

إذا لم يتم الواجب إلا به، ويكون حراماً إذا شغل عن واجب أو أدى إلى ارتكاب محظور، فالمباح من حيث هو مباح لذاته لم يطلب فعله ولا تركه، فهو مخير فيه -المكلف مخير فيه- لكن إن أدى المباح إلى ترك واجب أو ارتكاب محظور صار محظوراً، لكن لا لذاته وإنما لأمرٍ عارض، إذا توقف فعل الواجب على هذا المباح صار واجباً؛ لأن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب. يقول الناظم -رحمه الله تعالى-: وليس في المباح من ثواب ... فعلا ًوتركاً بل ولا عقاب وعرفنا أن المباح من أهل العلم من قال: إنما ذكر في الأحكام التكليفية من باب تتميم القسمة، فالقسمة خماسية، إما طلب فعل، أو طلب كف، أو تخيير لا طلب فعل ولا طلب كف، مخير المكلف، تتميم للقسمة العقلية، وعلى هذا ليس من الأحكام التكليفية. ومنهم من يقول: إنه من الأحكام التكليفية، يعني ما الذي يدريك أن هذا مباح إلا بخطاب الشرع، وأهل العلم يختلفون في الأعيان المنتفع بها قبل ورود الشرع، الأعيان المنتفع بها قبل ورود الشرع، وفي حكمها ما سكت الشرع عنه، وعلى هذا هل الأصل في الأشياء الحظر أو الإباحة؟ من أهل العلم من يقول: الحلال ما أحله الله، ومنهم من يقول: الحرام ما حرّمه الله، هناك فرق بين الجملتين؟ طالب:. . . . . . . . . فرق وإلا ما فيه؟ نعم، في فرق، فرق كبير، الحلال ما أحله الله، وبعضهم يقول: الحرام ما حرّمه الله. إذا كنت في مكانٍ ما فوجدت شيئاً -نبات أو حيوان- وليس عندك فيه نص يدلك على جواز أكله ولا على المنع منه، تأكل وإلا ما تأكل؟ إذا قلنا: الحرام ما حرمه الله؟ طالب:. . . . . . . . . تأكل، تأكل نعم، على هذا تأكل؛ لأنه ما عندك نص يدل على تحريمه، وإذا قلنا: الحلال ما أحله الله ليس عندك نص يدل على حله، إذن قف لا تأكل، هناك فرق كبير بين العبارتين، والذي يسمعها في بادئ الأمر يقول: صح، الحرام ما حرمه الله والحلال ما أحله الله، شو يصير؟ فعلى سبيل المثال: بعض الناس إذا صار عنده مرض أو نقص في بعض الأمور في جسده قيل له: تأكل من لحم السقنقور، معروف وإلا ما هو بمعروف؟

هو موجود عند العطارين على كل حال، مجفف وموجود عندهم، وبعض الناس يخرج إلى البر وفي الرمال يصطاده فيأكله، هذا جاري على قاعدة أيش؟ الحرام ما حرمه الله، لكن الذي يمنعه جارٍ على قاعدة: الحلال ما أحله الله، نعم، وصف لك مثل هذه الدويبة، وصفت لك علاج تحتاج إلى دليل لتأكل هذه الدويبة؟ الورع بابه معروف، كون الإنسان يتورع ولا يدخل في جوفه إلا ما يطمئن إليه ويجزم بحله هذا شيء، لكن أيضاً منع الناس من غير دليل يحتاج إلى .. ، أقول: منع الناس لما يحتاجون إليه يحتاج إلى دليل: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعاًٌ} [(29) سورة البقرة]، على كل حال هذه المسألة تحتاج إلى بسط وتمثيل وتنظير، وذكر أقوال أهل العلم، والمقام لا يحتمل هذا، لكن هذا يورث بحث أصل المسألة إن شاء الله تعالى. والمحظور: -وهو القسم الرابع- ما يثاب على تركه ويعاقب على فعله: والمحظور اسم مفعول من الحظر، وهو المنع، يقول تعالى: {وَمَا كَانَ عَطَاء رَبِّكَ مَحْظُورًا} [(20) سورة الإسراء]، عرفه المؤلف كسوابقه بلازمه فقال: ما يثاب على تركه ويعاقب على فعله: والمقصود أنه يستحق العقاب، لا أنه يجزم بعقابه كما مضى في تعريف الواجب، ففاعل المحظور معرض نفسه لعقاب الله -عز وجل- المرتب على فعل هذا المحظور، وإن كان في الأصل تحت المشيئة إذا لم يكن تركُه .. ، أو يكون ما تركه مكفراً أو يكون من الأمور المتفق عليها وتركها جاحداً لها. وحقيقته ما طلب الشارع تركه طلباً جازماً، خرج بطلب الترك الواجب والمندوب والمباح، وخرج بالجازم المكروه، والمحظور ضد الواجب، ضد وإلا نقيض؟ ضد وإلا نقيض؟ طالب:. . . . . . . . . لماذا؟ طالب:. . . . . . . . . نعم؟ طالب:. . . . . . . . . صحيح صحيح طالب:. . . . . . . . . يجتمعان؟ لا يجتمعان، هنا يمكن ارتفاع الواجب والمحظور؟ لا يمكن أن يجتمعا مع اتحاد الجهة، لكن هل يمكن أن يرتفعا ويحل محلهما شيء ثالث؟ يمكن، يرتفع الحظر والوجوب، وتحل الإباحة أو الكراهة أو الاستحباب، الندب والاستحباب، فهما ضدان.

قد يجتمع الواجب مع المحظور في عملٍ واحد، باعتبارين، يعني مع انفكاك الجهة كالصلاة في الدار المغصوبة، وهو ما حرم من الواجبات لأمرٍ عارض لا لذاته، فإذا انفكت الجهة يمكن أن يوصف الفعل بأنه واجب، وفي الوقت نفسه محظور، ولذا يختلف أهل العلم في حكم الصلاة في الدار المغصوبة، والمعروف عند أهل العلم أن النهي إذا عاد إلى ذات العبادة أو إلى شرطها فإنها تبطل مع التحريم، أما إذا عاد النهي إلى أمرٍ خارج عن الذات والشرط وما لا تقوم إلا به، فإنها تصح مع التحريم، يعني فرق بين أن يصلي شخص وعليه عمامة حرير، أو خاتم حرير أو ستر عورته بسترة حرير أو ما أشبه ذلك أو سترة مغصوبة محرمة، مع انفكاك الجهة: يبالغ بعض الناس بالانفكاك، كما أن من أهل العلم والمعروف عن الظاهرية أن كل نهي يقتضي الفساد، كل نهي يقتضي الفساد، ولو لم يعد إلى العبادة نفسها ولا إلى شرطها. الصلاة في المسجد المزخرف على هذا إذا قلنا: كل نهي يقتضي الفساد، الصلاة في المسجد المزخرف المشيّد المنهي عنه فاسدة عند الظاهرية؛ لوجود النهي وهو نهي خارج عن العبادة، لكن كل نهي يقارن هذه العبادة ولو كان خارجاً عنها فإنه يقتضي الفساد. وبالمقابل من يبالغ بانفكاك الجهة، ومن أوضح الأمثلة على ذلك ما يقوله بعض الأشعرية من وجوب غض البصر من قبل الزاني عن المزني بها، نعم، يجب عليه أن يغض بصره؛ لأن هذا حرم بخطاب وهذا حرم بخطاب، ارتكب هذا لا يجوز له أن يرتكب هذا، هذه مبالغة في فك الجهات؛ إنما حرم النظر من أجل الوقوع في الفاحشة، لا شك أن الجهات قد تنفك وقد تتحد فإذا اتحدت الجهة لم يصح العمل وإذا انفكت الجهة قد يصح وقد لا يصح كما مثّلنا. يطلق الحرام المرادف للمحظور من حيث الحقيقة ضد الحلال، والحلال هو في الأصل المباح، الحلال المباح، فكيف يكون الحرام ضد الحلال؟ جاء في قوله تعالى: {وَلاَ تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلاَلٌ وَهَذَا حَرَامٌ} [(116) سورة النحل]، كيف جاء الحلال ضد الحرام؟ ونقول: التحليل والتحريم لله عز وجل؟ نحن عرفنا أن الحرام في حده ضد الواجب، كما قلنا في الواجب أنه ضد الحرام.

المقابلة هنا من حيث الحد والحقيقة وإلا .. ؟ طالب:. . . . . . . . . نعم، الحد والحقيقة، نعم، طيب، وكونه ضد الحلال؟ طالب:. . . . . . . . . كيف؟ أيوه؟ طالب:. . . . . . . . . الحلال يعني أعم من أن يكون مخيراً في فعله أو تركه، أعم من ذلك، فيشمل ما يفعله المكلف، سواء كان مقتضىً فعله مع جزم أو من غير جزم أو مأذون فيه. ثم قال -رحمه الله تعالى- في القسم الخامس وهو المكروه: والمكروه ما يثاب على تركه ولا يعاقب على فعله: هو اسم مفعول من الكراهة، وهو المبغض، وتعريفه عند المؤلف بلازمه كسوابقه، وحقيقته هو ما طلب الشارع تركه من غير جزم، وطلب الترك يخرج الواجب والمندوب والمباح؛ لأن الواجب والمندوب مطلوب فعلهما، والمباح غير مطلوب لا فعله ولا تركه، مخير فيه، وقوله: من غير جزم: يخرج المحظو، وهذا ما استقر عليه الاصطلاح عند المتأخرين، هذا ما استقر عليه الاصطلاح عند المتأخرين، ويطلق المكروه ويراد به الحرام، ولذا يقسم أهل العلم الكراهة إلى قسمين: كراهة تنزيه، وكراهة تحريم، وجاء في قوله تعالى: {كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيٍّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا} [(38) سورة الإسراء] بعد أن ذكر جملة من المحرمات، {كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيٍّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا}، وجاء في كلام السلف والأئمة ما يوافق ذلك، يطلق السلف من الصحابة والتابعين والأئمة الكراهة ويريدون بها كراهة التحريم، ولو قيل: إن هذا هو الغالب في إطلاقهم الكراهة لما بعد؛ لأنهم يتورعون من إطلاق اللفظ الشديد، فالإمام أحمد كثيراً ما يقول: "أكره كذا"، "لا يعجبني كذا"، وإن كانت الأمور محرمة: "أكره المتعة"، وهو يحرمها ويجزم بتحريمها، ولذا يخطئ كثير من أتباع الأئمة في فهم نصوصهم لمخالفتها لما جرى عليه الاصطلاح. يقول الناظم -رحمه الله تعالى-: وضابط المكروه عكس ما ندب ... كذلك الحرام عكس ما يجب وبهذا تكون الأحكام التكليفية الخمسة قد انتهى الكلام عنها، وأما الحكم الوضعي وهو داخل في الحد السابق للحكم: خطاب الله المتعلق بأفعال المكلفين طلباً أو تخييراً أو وضعاً، هذا هو الخطاب، أو الحكم الوضعي، وهو ما وضعه الشارع علامة ونصبه دلالة للمكلف.

مثال يوضح الفرق بين الحكم التكليفي والحكم الوضعي: مثال: الزكاة تجب في مال من اكتمل عليه النصاب، من اكتمل عنده النصاب تجب عليه الزكاة، فإن كان مكلفاً فحكمه من باب التكليف، الحكم التكليفي يجب عليه، ووجوبها في مال غير المكلف -في مال الصبي والمجنون- حكم تكليفي وإلا وضعي؟ وضعي، من باب ربط الأسباب بالمسببات، وجد السبب فليوجد المسبب، وجد المال فلتوجد الزكاة، هذا المثال يوضح الفرق بين الحكم التكليفي والحكم الوضعي، ظاهر وإلا مو ظاهر؟ عند وجوب الزكاة في من اكتمل عنده النصاب: زيد من الناس مكلف حر بالغ عاقل عنده مبلغ من المال، تجب عليه الزكاة، نقول: تجب عليه الزكاة، لماذا؟ لأنه مكلف، فالحكم حينئذٍ تكليفي، الوجوب من الأحكام التكليفية، وأما وجوبها في مال الصبي والمجنون فليس من باب الأحكام التكليفية لماذا؟ لأنه غير مكلف؟ إنما وجوبها من باب الحكم الوضعي، من باب ربط الأسباب بالمسببات، وجد السبب، وجد المال فليوجد المسبب وهو الزكاة. والأحكام الوضعية كثيرة من السبب والعلة والشرط والمانع والرخصة والعزيمة والصحة والبطلان، فالسبب ما جعله الشارع علامةً على مسببه، أقول: فالسبب: ما جعله الشارع علامةً على مسببه، وربط وجود السبب بوجوده وعدمه، ويطلق أيضاً بإزاء علة الحكم. والشرط: ما يتوقف وجود الحكم على وجوده، ويلزم من عدمه عدم الحكم، والمانع: ما يلزم من وجوده عدم الحكم، والرخصة: ما شرعه الله من الأحكام تخفيفاً على المكلفين في حالاتٍ خاصة تقتضي ذلك التخفيف، وقيل في تعريفها: ما ثبت على خلاف دليلٍ شرعي لمعارضٍ راجح، لكنها تثبت بأدلة؛ المعارض الراجح هو الدليل الآخر الذي اقتضى ذلك التخفيف لوجود سببه. والعزيمة: ما شرعه الله -عز وجل- أصالةً من الأحكام العامة التي لا تختص بحالٍ دون حال، ولا بمكلفٍ دون مكلف، وقيل: ما ثبت على وفق دليلٍ شرعي لعدم المعارض. عرف المؤلف الصحيح بقوله: الصحيح ما يتعلق به النفوذ، ويعتد به: وهو في اللغة السليم من المرض والعيب، يقال: زيد صحيح إذا كان سليماً من المرض، والدينار والدرهم صحيح إذا سلم من العيب والتكسير والغش.

فالصحيح من العبادات والمعاملات ما تعلق به النفوذ والاعتداد، وذلك بأن يكون قد جمع ما يعتبر فيه شرعاً من الشروط والأركان وانتفت موانعه، والنفوذ من فعل المكلف والاعتداد كما هو معروف من فعل الشارع، وقيل في الصحيح: ما ترتبت آثاره عليه وسقط به الطلب، تترتب آثاره عليه في العبادات، تترتب الآثار من ثواب الله -عز وجل- ويسقط به الطلب بحيث لا يؤمر بالعبادة مرةً أخرى، فالصلاة المكتملة بشروطها وأركانها وواجباتها صحيحة. والباطل عرفه المؤلف بقوله: ما لا يتعلق به النفوذ ولا يعتد به: وذلك بأن لا يستجمع ما يعتبر فيه شرعاً، عبادةً كان أو عقداً، وقيل: ما لا يسقط به الطلب ولا تتربت آثاره عليه. البيع الصحيح المكتمل للشروط: اشترى زيد من عمرو سيارة إذا كانت الشروط مكتملة والموانع منتفية والعقد صحيح فالعقد صحيح، إذن تترتب الآثار على هذا العقد، فينتفع المشتري بالسلعة وينتفع البائع بالثمن وهكذا، وأما إذا كان مختلاً من بعض الشروط، اختل فيه بعض الشروط فإنه لا تترب آثاره عليه، وهو مرادف -أعني الباطل للفاسد- عند جمهور العلماء، خلافاً للحنفية الفاسد والباطل بمعنىً واحد، إلا في مسائل يسيرة فرّق بين الفاسد والباطل في المناسك وفي النكاح. يقول الناظم -رحمه الله تعالى-: وضابط الصحيح ما تعلقا ... به نفوذ واعتداد مطلقا والفاسد الذي لم تعتدد ... ولم يكن بنافذٍ إذا عُقد والله أعلم، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

شرح متن الورقات (3)

شرح متن الورقات في أصول الفقه (3) الجهل البسيط والمركب- تعريف أصول الفقه باعتباره لقباً – أقسام الكلام الشيخ/ عبد الكريم الخضير السلام عليكم ورحمة الله وبركاته هذا يقول: أعتقد والله أعلم أن هذا الدرس صعب، ولا أستطيع أن أفهمه فماذا أفعل؟ أقول: العلم الأصل فيه أنه يحتاج إلى معاناة، فالذي لا يُفهم من أول مرة، في المرة الثانية والثالثة وهكذا، الذي لا يفهم من خلال كتاب، يفهم من خلال كتابٍ آخر، فإذا لم تفهم المتون التي ألفها المتقدمون، فارجع إلى المختصرات التي كتبها المتأخرون؛ لأنها كتبت بلغتك، وهي توطئ وتسهل الطريق لك حتى تفهم كلام المتقدمين، وكتب المتقدمين لا غنى عنها لطالب العلم. وبالنسبة للفهم الناس يتفاوتون فيه، منهم سريع الفهم، ومنهم البطيء في فهمه، فالبطيء في فهمه عليه أن يكرر، والسريع في فهمه عليه أن يتجاوز ما فهمه، والله المستعان، وعليك أن تلجأ بصدق وتنكسر بين يدي ربك أن يعينك على فهم العلم الشرعي، والعمل به. هذا يريد التوضيح بشيءٍ من الأمثلة. الأمثلة -إن شاء الله- يأتي وقتها. يقول: إذا عامد -يعني متعمد- عمل ما هو مكروه في مذهبٍ واحد، حرام في مذهبٍ آخر، فكيف يكون عمل الإنسان على هذين المذهبين؟ يعمل بالراجح عنده، وما يدين الله به، إذا كان من أهل النظر، وإذا لم يكن من أهل النظر بأن كان عامياً أو في حكم العامي من المبتدئين، فإنه تبرأ بذمته إذا قلّد من جمع بين العلم والعمل والتقوى والورع، والله المستعان: وليس في فتتواه مفتٍ متبع ... ما لم يضف للعلم والدين الورع يقول: هل إعفاء اللحية واجب أم فرض؟ هو واجب اتفاقاً، وكونه فرض -على قول الجمهور- الواجب والفرض لا فرق بينهما. يقول: اجتماع الواجب والمحظور في عملٍ واحد كالصلاة في المسجد المزخرف، هل الصلاة في المسجد المزخرف جائزة؟ على كل حال الجهة منفكة، والنهي عاد لأمرٍ خارج عن الصلاة وعن شرطها، فالصلاة صحيحة. يقول: ما معنى يعتد به ويتعلق به النفوذ الذي جاء في تعريف الصحيح؟

الذي يعتد به: بمعنى أنه لا يؤمر بإعادته، إذا كان عبادة فتبرأ ذمته بفعله، وذلك إذا كان مستوفياً للشروط والأركان والواجبات، أما إذا اختل شرط من الشروط أو ركن من الأركان مع القدرة عليه فإنه حينئذٍ لا يعتد به ولا يعد صحيحاً، ولا تترتب آثاره عليه، ومثله في المعاملات، وهذه العبارة مألوفة، إذا قيل: تعتد بهذه الركعة أو لا تعتد بها: يعني أنها صحيحة مجزئة أو غير صحيحة. إذا كانت الكراهة عند السلف تعني التحريم، فهل قول النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه كان يكره الحديث بعد صلاة العشاء يفيد التحريم؟ الكراهة هنا للتنزيه، والصارف عن التحريم .. ، أولاً الكراهة لفظ مشترك، وليست نص في التحريم، ولا في كراهة التنزيه، لفظ مشترك ليست مثل الأمر أو النهي، يعني لو قال: لا تتحدثوا بعد صلاة العشاء، قلنا: الأصل في النهي التحريم، ويصرفه عن التحريم كونه -عليه الصلاة والسلام- سمر في بعض الليالي. وعلى كل حال السهر داء ابتلي به الناس، لكن إن كان على علم أو إصلاحٍ بين الناس أو مدارسة خير أو أمر بمعروف أو نهي عن منكر أو عبادة أو تأليف أو ما أشبه ذلك فهو خير -إن شاء الله تعالى- لكنه خلاف الأصل. يقول: هل يلزم من قولهم: الحرام ما حرمه الله، والحلال ما أحله الله إذا لم يكن هناك نص، أن يكون الدخان حلالاً؛ حيث أنه لم يأتِ نص على تحريمه؟ أولاً: الجملتان ليستا بمتفقتين، بل هذه لها دلالة وتلك لها دلالة أخرى، وقال بهذه أقوام، وقال بتلك أقوام، فالحرام ما حرمه الله يعني: أن ما عداه حلال، ما لم ينص عليه فهو حلال، والذي يقول: إن الحلال ما أحله الله فمعناه أن الذي لم ينص على حله فهو حرام. أما بالنسبة للدخان فجاءت النصوص التي تومئ إلى منعه، {يُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ} [(157) سورة الأعراف]، والمعتمد عند أهل العلم من المحققين أنه حرام، وهو ضار أيضاً. يقول بعض أهل العلم: لا ثواب إلا بنية: ((إنما الأعمال بالنيات)) بلا شك، يقول: فهل الإنفاق على الزوجة بدون استحضار النية يثاب عليه الزوج أم لا؟

حتى ما يضعه في فيِّ امرأته يثاب عليه إذا قصد بذلك أن تستعين هذه المرأة في هذا الأكل على طاعة الله -عز وجل- وأن يسقط عنه ما أوجبه الله عليه، لا شك أن استحضار مثل هذا قدر زائد، قدر من الثواب زائد على مجرد ثواب وجوب النفقة، فيستحضر النية مع ذلك، إذا لم يستحضر النية فالوجوب سقط عنه، بمعنى أنه لا يؤمر أن ينفق عليها ثانية إذا لم يستحضر النية، الإنفاق صحيح، لكن يبقى أنه إذا استحضر النية كما إذا استحضر النية في أكله هو وشربه ونومه وجماعه وما أشبه ذلك فإنه يثاب على ذلك قدراً زائداً على مجرد الفعل. يقول: ما رأيكم في القول الذي يقول: من قلد عالماً لقي الله سالماً؟ أقول: إذا كان لديه أهلية النظر في النصوص وعنده الآلة التي يستطيع بها الاستنباط من الكتاب والسنة فإنه لا يسوغ له التقليد، بل حرمه جمع غفير من أهل العلم، والمقلد عند عامة أهل العلم ليس من أهل العلم، على ما سيأتي في الاجتهاد والتقليد -إن شاء الله تعالى- أما بالنسبة للعامي ومن في حكمه ممن ليست لديه أهلية النظر فإن فرضه التقليد، لكن من يقلد، يقلد من تبرأ ذمته بتقليده. يقول: هل يجوز القول لعلي كرم الله وجهه؟ من حيث الأصل الدعاء لا شيء فيه، لكن تخصيص علي -رضي الله عنه- بهذا الدعاء دون غيره من الصحابة لا شك أنه يشم منه رائحة -رائحة الميل إلى علي -رضي الله عنه- وهو أمير المؤمنين رابع الخلفاء الراشدين، مشهود له بالجنة، وفضائله جمة -رضي الله عنه وأرضاه- لكن الميل إليه وتفضيله على غيره بما في ذلك أبي بكر وعمر وعثمان هذا لا شك أنه تشيّع، وإن لم يتعرض لسب الشيخين، أما إذا تعرض لسبهما فهو رفض نسأل الله العافية.

على كل حال تخصيص علي -رضي الله عنه- بمثل هذه العبارة، أو بمثل قول بعضهم: -عليه السلام- كل هذا لا يليق ولا يسوغ، فالترضي عن الصحابة هو الجادة عند أهل العلم، وهم على حدٍ سواء، كما أن النبي -عليه الصلاة والسلام- خص بالصلاة والسلام فلا يقال له: عز وجل، وإن كان عزيزاً جليلاً، لكن العرف عند أهل العلم جرى على ذلك، فالله -سبحانه وتعالى- يقال: عز وجل، ولا يقال للنبي -عليه الصلاة والسلام- وإن كان عزيزاً جليلاً: عز وجل، وإنما يقال: صلى الله عليه وسلم، وبهذا يحصل الامتثال، امتثال الأمر الوارد في قوله تعالى: {صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [(56) سورة الأحزاب]، فإن زيد على ذلك فليقل: صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم، أما الاقتصار على الآل فهو من عمل بعض المبتدعة، وهذا مشبه لعمل بعض المبتدعة، والاقتصار على الصحب دون الآل فيه مشابهة لمبتدعة آخرين، فإذا زيد على النبي -عليه الصلاة والسلام- فلتكن الزيادة للآل والصحب معاً، ولكلٍ حقه، فالآل أمر النبي -عليه الصلاة والسلام- بالاعتراف بحقهم وفضلهم، والصحابة فضلهم وصيانتهم وحفظهم وتبليغهم للدين معروف، فلا نشبه الروافض ولا نشبه النواصب، فإذا زدنا على ما نخرج به من العهدة فلتكن الزيادة للآل والصحب معاً؛ لنبتعد عن مشابهة المبتدعة الذين هم على طرفي نقيض. وما جاء في التشهد -الصلاة الإبراهيمية- هذا خاص بالصلاة، وأما خارج الصلاة فتبرأ الذمة ويخرج الإنسان من العهدة إذا قال: صلى الله عليه وسلم؛ لأنه مأمور بذلك، وأما الاقتصار على الصلاة دون السلام والعكس فقد نص النووي على كراهة ذلك، نص النووي على كراهة الاقتصار على الصلاة دون السلام أو العكس في مقدمة شرح مسلم، لكن خصّ ابن حجر الكراهة بمن كان ديدنه ذلك، يعني طول عمره يصلي ولا يسلم أو يسلم ولا يصلي، أما من كان يصلي أحياناً، ويسلم أحياناً، ويجمع بينهما أحياناً، فهذا لا كراهة بالنسبة له، والاقتصار على الصلاة دون السلام موجود في كلام كثير من أهل العلم، في مقدمة مسلم وفي كثيرٍ من كتب الشافعي -رحمه الله- حتى النووي نفسه -رحمه الله- في بعض كتبه صلى ولم يسلم.

هناك أسئلة عامة وفي قضايا كبرى تؤجل ويسأل عنها الشيخ. يقول: ما الفرق بين الدليل القطعي والدليل الظني؟ هذا سيأتي -إن شاء الله- في هذا الدرس، إن شاء الله تعالى. يقول: هل ينصح من أراد الحفظ أن يحفظ النثر –الورقات- أو يحفظ النظم؟ النظم أثبت، ولذا يحرص كثير من أهل العلم على تحفيظ طلابه النظم؛ لأنه يثبت، أما النثر فهو ينسى. يقول: هل هناك فرق بين المكروه وخلاف الأولى أو هما سواء؟ لا، هناك فرق؛ المكروه فيه مخالفة للدليل الذي يدل على المنع لولا وجود الصارف من التحريم إلى الكراهة، وخلاف الأولى هو ما هو في أمرين مباحين أحدهما أولى من الآخر، ففعل المفضول خلاف الأولى، وفعل الفاضل هو الأولى. يقول: ما حجة من قال: إن المباح ليس حكماً تكليفياً؟ حجته أن الإباحة ليس فيها كلفة ولا مشقة؛ لأنها مردودة إلى اختيار المكلف إن شاء فعل وإن شاء ترك، فمن هذه الحيثية ليس فيها تكليف، في الأمر المباح إن شئت فعلته وإن شئت تركته لذاته، لا لما يترتب عليه من آثار، هذا المباح إن حصل به إعانة على فعل واجب أو مستحب صار له حكماً، وإن حصل بسببه تفريط وتضييع للواجبات صار حراماً وهكذا، لكن هو في الأصل مباح، وليس فيه تكليف؛ لأن ما يرد فيه إلى اختيار المكلف ليس فيه تكليف، هذه وجهة نظر من يقول: إن المباح ليس حكماً تكليفياً، وإنما ذكر من باب تتميم القسمة، أما من يقول: إنه حكم تكليفي فيرى أن الحكم هو خطاب الله والإباحة حصلت بخطاب الله. هذا سؤال مسجوع يقول: يا شيخ، نبئنا عن كتب المبتدئين؛ لنحفظ ونكون من المتعلمين، وننشر العلم في تلك الأرضين، فنرضي رب العالمين، فنكون من الفائزين؟

على كل حال في كل علمٍ من العلوم كتب للمبتدئين وأخرى للمتوسطين وثالثة ورابعة وهكذا، سلالم وجواد مطروقة عند أهل العلم، تحتاج إلى شيءٍ من البسط، وقلنا بالنسبة لهذا العلم: إن أولى ما يبدأ به مثل هذا الكتاب الذي هو الورقات، ثم بعد ذلكم إذا أتقنه وضبطه وسمع عليه ما سجل من أشرطة، وقرأ الشروح والحواشي على هذا الكتاب، نعم، ينتقل إلى الكتب التي تلي مثل هذا الكتاب، إما مختصر التحرير أو مختصر الروضة، ثم بعد ذلكم ينظر في المطولات عند الحاجة، ويعتني بمسودة آل تيمية والموافقات للشاطبي وإرشاد الفحول للشوكاني وغيرها من الكتب التي تمتاز بشيءٍ من التحقيق. الأسئلة كثيرة جداً، والوقت نخشى أن يضيق على شرح الكتاب. سم بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد: فقد قال إمام الحرمين -رحمه الله-: والفقه أخص من العلم، والعلم معرفة المعلوم على ما هو به في الواقع، والجهل تصور الشيء على خلاف ما هو في الواقع. والعلم الضروري ما لا يقع عن نظر واستدلال، وأما العلم المكتسب فهو الموقوف على النظر والاستدلال، والنظر: هو الفكر في حال المنظور فيه، والاستدلال: طلب الدليل، والدليل: هو المرشد إلى المطلوب، والظن: تجويز أمرين أحدهما أظهر من الآخر، والشك: تجويز أمرين لا مزية لأحدهما على الآخر. الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: والفقه أخص من العلم: الفقه الذي تقدم تعريفه اصطلاحاً أخص من العلم؛ لأن الفقه معرفة الأحكام الشرعية الفرعية، فهو أخص من العلم، والعلم أعم منه مطلقاً، بينهما عموم وخصوص مطلق، فكل فقه علم وليس كل علم فقهاً؛ لأن العلم يطلق على جميع العلوم. الفقيه يقال له: عالم، وعالم يعني بالفقه، المفسر يقال له: عالم، لكن لا يقال له: فقيه، المحدث يقال له: عالم، لكن إذا لم تكن به دراية لا يقال له: فقيه، النحوي عالم، يعني في النحو، لكن لا يقال له: فقيه وهكذا.

فالعلم أعلم مطلقاً من الفقه، وقد يرِد الفقه ويراد به ما يرادف العلم الشرعي، كما في حديث: ((من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين))، ((يفقهه في الدين)): هل معنى هذا أن الذي يعرف المسائل والأحكام الشرعية بأدلتها، ولا يعرف غير هذا النوع من العلوم يدخل في هذه الدعوى؟ لا يعرف إلا الأحكام، يعرف أحكام الطهارة والصلاة والزكاة والبيوع والمعاملات والجنايات وغيره، يعرف الفقه بجميع أبوابه، لكنه ليست له يد فيما يتعلق بالسنة أو بكتاب الله -عز وجل- مما هو قدر زائد على ما يحتاجه الفقيه. هل .. ، نتصور أن النبي -عليه الصلاة والسلام- يقول مثل هذا الكلام: ((من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين))، يفقهه: المراد بالفقه هنا الفهم، والدين بجميع أبوابه، فيشمل جميع أبواب الدين التي منها معرفة العقائد والأحكام والتفسير والمغازي وغيرها، جميع أبواب الدين داخلة في الفقه المدعو به هنا أو المخبر عنه هنا، وقد دعا النبي -عليه الصلاة والسلام- لابن عمه عبد الله بن عباس -رضي الله عنه- أن يفقهه في الدين وأن يعلمه التأويل. سمى بعض العلماء الاعتقاد: الفقه الأكبر، وهو تسمية له مأخوذة من الفقه بالمعنى الأعم لا بمعناه الخاص، وفي قرة العين -شرح الورقات- يقول: وكذا بالمعنى اللغوي ما تقدم بالنظر إلى المعنى الاصطلاحي الفقه أخص من العلم، يقول: وكذا بالمعنى اللغوي؛ فإن الفقه الفهم والعلم المعرفة وهي أعم، لا يمكن أن يفهم إلا وهو عارف، لكن يمكن أن يعرف وهو غير فاهم؟! على كلامه هو، يقول: المعرفة أعمّ من الفقه الذي هو الفهم، فعلى هذا كل فاهمٍ عارف، وليس كل عارف فاهماً، وإن قلنا: إن الفقه هو الفهم الدقيق للمسائل الخفية اتضح الأمر أكثر، صار الفقه بمعناه اللغوي أخص، ويقال: عالم وعلام وعليم لكن لا يقال: عارف؛ لأن المعرفة تستلزم سبق الجهل، وعرفنا الجواب عن مثل قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((تعرف على الله في الرخاء يعرفك في الشدة)). يقول الناظم -رحمه الله تعالى-: والعلم لفظ للعموم لم يخصّ ... للفقه مفهوماً بل الفقه أخص ثم قال -رحمه الله تعالى-:

والعلم معرفة المعلوم على ما هو به في الواقع: العلم معرفة المعلوم على ما هو به في الواقع، العلم المقصود به: ما لا يحتمل النقيض وهو اليقين. عرفه المؤلف -رحمه الله تعالى- بأنه معرفة المعلوم، أي إدراك ما من شأنه أن يعلم على ما هو به في الواقع، كإدراك حقيقة الإنسان بأنه -كما يقول أهل العلم- حيوان ناطق، فعندنا علم وعندنا جهل، وعندنا ظن وشك ووهم، فالعلم ما لا يحتمل النقيض، العلم لا يحتمل النقيض بوجهٍ من الوجوه، وذكر في قرة العين أن هذا الحد لأبي بكر الباقلاني، يعني التعريف الذي اعتمده المصنف: معرفة المعلوم على ما هو به في الواقع: هو الذي قرره أبو بكر الباقلاني وهو معروف، وتبعه المصنف واعتُرض بأن فيه دوراً، اعترض بأن فيه دوراً؛ لأن المعلوم مشتق من العلم، المعلوم مشتق من العلم، فكيف تعرف المعلوم وأنت لا تعرف العلم؟ أنت لا تعرف ما اشتق منه، فكيف يقال: العلم معرفة المعلوم؟ المعلوم اسم مفعول مشتق من المصدر الذي هو العلم، فكيف يعرف المصدر بمعرفة بعض مشتقاته فالذي لا يعرف الأصل لا يعرف الفرع؟ يقول: اعترض بأن فيه دوراً؛ لأن المعلوم مشتق من العلم، فلا يعرف المعلوم إلا بعد معرفة العلم، أيش معنى الدور؟ الدور هو أيش؟! طالب:. . . . . . . . . لا، الدور شيء والتسلسل شيء آخر. طالب:. . . . . . . . . طيب، صحيح، أخونا .. طالب:. . . . . . . . . نعم، ترتيب الشيء على شيءٍ مترتب عليه، الدور ترتيب الشيء على شيءٍ مترتب عليه، يعني في مثل قول الشاعر: لولا مشيبي ما جفا ... لولا جفاه لم أشب أيش السبب؟ نعم، هل السبب أنه جفاه لأنه شاب، أو السبب أنه شاب لأنه جفاه؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . .

نعم هذا دور، ويقول العلماء في الفرائض -في مسائل الغرقى والهدمى-: إن كل واحد يرث من الآخر من تلاد ماله لا من مما ورثه منه؛ لأنه يلزم عليه الدور؛ لأنه ما تنتهي المسألة أبداً، فيرث كل واحد من الثاني من تلاد ماله من ماله القديم قبل الوفاة، لا مما ورثه منه؛ دفعاً للدور، وهذا مر بكم، ولا أريد أن أطيل في مثل هذا التفصيل؛ لأن أكثر الحاضرين قد يشق عليهم فهم مثل هذا الكلام، وجاءت تنبيهات كثيرة على أن مستوى بعض الإخوان أقل من مستوى الكتاب، لكن تكون هذه توطئة لقراءته مرتان ومراجعة شروحه فيفهم بإذن الله، وإن كان في الحضور يعني من يستحق الزيادة في البسط والتفصيل، لكن نقتصر بمثل هذا على قدر الحاجة. كيف يلزم الدور على تعريف المؤلف: العلم معرفة المعلوم؟: تصوير ذلك؟ نعم؟ قالوا المعلوم مشتق من العلم فكيف تعرف الفرع وأنت لا تعرف الأصل؟! طالب:. . . . . . . . . العلم معرفة المعلوم: لو أردنا أن نختار أي مسألة من المسائل العلمية، نقول: وجوب الزكاة في مال الصبي والمجنون، هذا علم وإلا معلوم؟ طالب:. . . . . . . . . معلوم، ومعرفة هذا الحكم علم، معرفة هذا الحكم علم، والحكم معلوم، حكم المسألة معلوم، ومعرفة هذا الحكم علم، كيف نعرف المعلوم ونحن لا نعرف العلم؟

هنا قالوا: لأنه يلزم عليه الدور، لكن بأسلوبٍ مبسّط جداً، نقول: إن المعلوم لا شك أنه مشتق من العلم، لكن العلم بجملته يشتمل على معلومات كثيرة، العلم إجمالاً يشتمل على معلومات كثيرة، هذا الكتاب مثلاً علم، وفي هذا الكتاب -الذي هو بمجموعه علم- فيه معلومات كثيرة، فمعرفة هذه المعلومات تدريجياً إذا اكتملت صارت علماً، والأصل الذي يشتق منه هذه الجزئيات وهذه المسائل، العلم -علم الأصول أو علم الفقه أو علم الفرائض أو علم الحديث أو ما أشبه ذلك- هو عبارة عن مسائل تجتمع وتكتمل شيئا فشيئاً حتى تصير علماً، وهذا شيء ملاحظ في المحسوسات، فالمادة التي تتركب من مجموعة جزئيات لا تسمى مادة إلا إذا اكتملت هذه الجزئيات، فإذا أحضرت الماء وأحضرت معه .. ، غليت هذا الماء ووضعت فيه شيء من السكر والشاي صار شاي، فبمجموع هذه الأمور يصير شيئاً، وبمجموع المسائل يصير علماً، بمجموع هذه المعلومات يصير علماً، وإذا فسر المعلوم بأنه ما من شأنه أن يعلم انتفى الدور. وقولهم انتقد أيضاً بأن قوله: على ما هو به في الواقع: قدر زائد في الحد، على ما هو به في الواقع: لا يحتاج إليه؛ لأن المعلوم لا يستحق أن يكون معلوماً إلا إذا كان على ما هو به في الواقع؛ إذا خالف الواقع هل يستحق أن يسمى معلوماً؟ لا يستحق، إذن على ما هو به في الواقع: قدر زائد في الحد، والحدود ينبغي أن تكون مع كونها جامعةً مانعة أن تكون أيش؟ مختصرة، لكن هم لا يأبون في التعاريف والحدود التصريح بما هو مجرد توضيح، إذا لم يترتب عليه تطويل للحد، فليكن هذا مما هو تصريح بما هو مجرد توضيح ولا مانع منه. قوله: معرفة المعلوم: يفضي عدم المعرفة والجهل بقسميه، وعلى ما هو به يخرج الجهل المركب على ما سيأتي. يقول الناظم -رحمه الله تعالى-: وعلمنا معرفة المعلوم ... إن طابقت بوصفها المحتوم والجهل تصور الشيء على خلاف ما هو به في الواقع: تصور الشيء على خلاف ما هو به في الواقع، العلم كما هو مصدر علم يعلم علماً، والجهل أيضاً مصدر جهل يجهل جهلاً وجهالةً.

يقول: تصور الشيء على خلاف ما هو به في الواقع: تصور الشيء: إدراكه، يقول الدمياطي في حاشيته على شرح المحلي -وما أحسن قوله- في تعريف العلم: "معرفة"، وفي تعريف الجهل: "تصور" فإنه ليس بمعرفةٍ أصلاً وإنما هو حصول الشيء في الذهن، يعني الجهل على ما قرره المؤلف هو مجرد حصول الشيء في الذهن، ولذا لم يكن مطابقاً للواقع، وإلا صار معرفةً وعلماً. على خلاف ما هو به: وبعض النسخ: على خلاف ما هو عليه، كأن يتصور الشخص الإنسان: بأنه حيوان راغٍ أو ناهق أو صاهل أو ما أشبه ذلك، هذا علم؟ هذا مطابق للواقع؟ ليس بمطابقٍ للواقع، ليس بمطابقٍ للواقع فهو جهل، وكأن تسأل شخصاً عن ما وراء هذا الجدار فيخبرك، أيش الذي وراء هذا الجدار -وهو لا يعلم ما الذي وراءه- فيخبرك بخبر يخالف الواقع، تسأله ما الذي وراء هذا الجدار يقول: لك جمل، هذا جهل عند المؤلف. بعضهم يرى أن الجهل الذي عرفه المؤلف هو الجهل المركب، ويقسم الجهل إلى قسمين: جهل بسيط، وهو عدم العلم، وخلو النفس عن الإدراك، وجهل مركب وهو معرفة أو تصور الشيء على خلاف ما هو به، فإذا سألت شخصاً، فقلت له: ما الذي وراء هذا الجدار؟ قال: لا أدري، هذا جهل، بسيط وإلا مركب؟ بسيط، إذا قال لك: جمل، والواقع أنه سيارة، بسيط وإلا مركب؟ مركب. الجهل البسيط كعدم علمه بما تحت الأرضين، أو بما في قاع البحار، لكن الجهل المركب أن نقول: إن تحت الأرضين كذا، وفي قاع البحار كذا، مما هو على خلاف الواقع، فإذا قلت لزيد مثلاً: عرف الفاعل؟ فقال: لا أدري، نقول: إنه جاهل، لكن جهله بسيط، وإن قال: هو من وقع عليه الفعل، قلنا: هذا جاهل جهلاً مركباً. أيش معنى مركب؟ طالب:. . . . . . . . . لأنه مركب من جهلين، هو جاهل بحقيقة هذا الشيء، وهو جاهل أيضاً بحقيقة نفسه، يجهل أنه جاهل، يقول الشاعر: قال حمار الحكيم يوماً ... لو أنصف الدهر كنت أركب لأنني جاهل بسيط ... وصاحبي جاهل مركب يعني صاحبه الذي ركبه أجهل منه؛ لأنه لا يدري أنه لا يدري، فجهله مركب من جهلين. والشعراء يتجاوزون في مثل هذا فينسبون بعض الأفعال إلى الدهر، وهنا يقول: لو أنصف الدهر كنت أركب! ولا يقول قائل: إن القائل حمار وهو غير مكلف.

طالب:. . . . . . . . . كيف؟ طالب:. . . . . . . . . قال حمار الحكيم يوماً ... لو أنصف الدهر كنت أركب نسب عدم الإنصاف إلى الدهر، وهذا يوجد في كلام الشعراء كثيراً، وهو مخالفة ظاهرة، لكن قد يقول قائل: إن القائل حمار وهو غير مكلف، قال حمار .. ؛ لأن فاعل قال من؟ حمار الحكيم، وهو غير مكلف، وما دام غير مكلف فالأمر فيه سعة، يقول ما شاء، نقول لا، مثل ما قال الأخ يصير جاهلاً مركباً. لأنني جاهل بسيط: الحمار لا يدري، لكن هل يدري أنه لا يدري؟ هنا الإشكال. وصاحبي جاهل مركب: الحكيم من الحكيم؟ هؤلاء الفلاسفة الذين يهرفون بما لا يعرفون، يتكلمون بما وراء .. ، بما فوق إدراكهم وإحاطتهم، وهنا: قال حمار الحكيم يوماً: نسبة القول إلى من لا يصلح منه القول، أو من لا يصدر منه القول، يجوز وإلا لا؟ قال الحمار كذا، قال الذئب كذا، يعني لو عقدنا مناظرة بين حمار وحصان، أو بين حمار وجمل محاورة، يجوز مثل هذا؟ نقول: قال الحمار وقال الجمل؟ يجوز وإلا ما يجوز؟ طالب:. . . . . . . . . من الذي أجازه؟ طالب:. . . . . . . . . إسناد مجازي، هذا إذا قلنا بالمجاز، إذا قلنا بالمجاز على ما سيأتي. على كل حال عقد المناظرات الوهمية التي يقصد منها بيان الحق مثلاً، لو عقدنا مناظرة بين سني وقدري مثلاً، سني وجبري، كما فعل ابن القيم في (شفاء العليل)، قال السني كذا، قال الجبري كذا، قال السني كذا قال القدري كذا، يجوز وإلا ما يجوز؟ طالب:. . . . . . . . . قال وإلا ما قال؟ طالب:. . . . . . . . . نسبه إلى أيش؟ طالب:. . . . . . . . . لكن هل قال وإلا ما قال؟ هذه العلوم مبتكرة من هذا الشخص، لا ينقلها عن شخصٍ بعينه، دعونا في مثالٍ أوضح، مناظرة بين العلوم، قال علم التفسير كذا، قال علم الحديث كذا، وتتفاخر هذه العلوم بعضها على بعض، ووجدت هذه .. هاه؟ طالب:. . . . . . . . . هل نقول: إن هذا داخل في حيّز الكذب؟ أو نقول: إن هذا سلكه أهل العلم للفائدة المترتبة عليه، والمفسدة مغمورة في جانب المصلحة؟

هذا موجود عند أهل العلم، والحكم يسري على المقامات مثلاً: حدث الحارث بن همام قال: قال عيسى بن هشام قال فلان، نعم، هل نقول: إن هذا خلاف الواقع فهو كذب، يدخل في نصوص الوعيد الوارد في من كذب؟ أو نقول: نتجاوز عن مثل هذا؛ لوجود المصلحة الكبيرة؛ لأن المقامات فيها ذخيرة لغوية لا توجد في غيرها؟ وإن قيلت على لسان شخصٍ مجهول أو لا حقيقة له؟ طالب:. . . . . . . . . إذا قررنا مبدأ المصلحة والمفسدة قلنا: المصلحة ظاهرة، نعم، الناس بحاجة إلى تأليف مناظرات مبسطة يدركها آحاد الطلاب، أو يدركها عامة الناس؛ ليجادلوا من يجادلهم، والأبواب مفتوحة الآن للمبتدعة في هذه القنوات، يقولون ما شاؤوا، وغزوا الناس في عقر دورهم، يعني لو عقدت مناظرات مبسطة وميسرة بين هذه الفرق تناسب أفراد المتعلمين -بل عامة الناس- صار فيها خير كثير وقرر فيها الحق، فهل نقول: إن مثل هذه المصلحة الراجحة تغمر بجانبها المفسدة، وقد جاء جواز الكذب في مواضع، نظراً للمصلحة؟ المبالغة على خلاف الواقع في بعض صورها، المبالغات: ((أما أبو جهم فكان لا يضع عصاه عن عاتقه))، رجل ضرَّاب للنساء أو كثير الأسفار، لكنه إذا نام عصاه على عاتقه وإلا يضعه؟ نقول: هذا من باب المبالغة، ويتجاوز فيها ما لا يتجاوز في غيره، فمثل هذه الأمور عند كثيرٍ من أهل العلم مغتفرة، ولا شك أن الإنسان الذي يحتاط لنفسه ويتحرى ويتوقف عن مثل هذه الأمور له ذلك، لكن هذه موجودة في كتب أهل العلم -مناظرات بين بَشر- ابن القيم عقد مناظرة طويلة في بدائع الفوائد بين شخصين، أحدهما يقول بطهارة المني، والآخر يقول بنجاسته، وأفاض في ذلك بكلامٍ لا يوجد عند غيره، عقد مناظرات في شفاء العليل بين سني وقدري وما أشبه ذلك، كلاماً نفيساً. فأهل العلم ألفوا .. ، أيضاً المقامات وإن كان الحريري في آخر مقامته تمنى أن لو خرج منها كفافاً لا له ولا عليه، والله المستعان. ما الذي جرّنا إلى هذا الكلام؟ قال حمار الحكيم. يقول ناظم الورقات: والجهل قل تصور الشيء على ... خلاف وضعه الذي به علا وقيل حد الجهل فقد العلم ... بسيطاً أو مركباً قد سمي بسيطه في كل ما تحت الثرى ... تركيبه في كل ما تصورا

وسمي الجهل المركب بذلك لاستلزامه لجهلٍ آخر، لأنه جهل مدرك بما في الواقع مع جهله بأنه جاهل، ففيه جهلان، ولذا قيل: جهلت وما تدري بأنك جاهل ... ومن لي بأن تدري بأنك لا تدري من أقبح الأشياء أن يعرف الإنسان ما كلف به وأمر به شرعاً ويخالف بعد تمام المعرفة لحكم الله -عز وجل- في مسألةٍ ما، ثم يخالفها، ويعصي أمر الله -سبحانه وتعالى- ويرتكب ما حرمه الله عليه، فهو باستحقاق اسم الجهل أولى، مثل هذا باستحقاق اسم الجهل أولى، والله -سبحانه وتعالى- يقول: {إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوَءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ} [(17) سورة النساء] قرر أهل العلم أن كل من عصى الله فهو جاهل، وإن كان عارفاً بالحكم هو جاهل، وكل من تاب في وقت الإمكان فقد تاب من قريب، يقول ابن القيم -رحمه الله تعالى-: فإن كنت لا تدري فتلك مصيبة ... وإن كنت تدري فالمصيبة أعظم فهذا العاصي الذي يعرف حكم الله في هذه المسألة ويخالف، ويرتكب ما حرم الله عليه هو باستحقاق اسم الجهل أولى من الذي لا يدري. ثم قال -رحمه الله تعالى-: والعلم الضروري: ما لا يقع عن نظرٍ واستدلال كالعلم الواقع بإحدى الحواس الخمس وهي السمع والبصر والشم واللمس والذوق، أو بالتواتر، وأما العلم المكتسب: فهو ما يقع عن نظرٍ واستدلال: لما عرف العلم وما يقابله من الجهل، ذكر أقسام العلم، وأنه ينقسم إلى قسمين: ضروري قطعي، والقسم الثاني: علم مكتسب نظري، وعرفنا أن العلم يراد به ما لا يحتمل النقيض بحالٍ من الأحوال، يعني سواء كان ضرورياً قطعياً، أو نظرياً مكتسباً النتيجة مفاد الخبر مائة بالمائة، ما ينزل ولا واحد بالمائة، لا مجال فيه للاحتمال الآخر أو النقيض. فقال عن الأول –الضروري- وأنه لا يحتاج إلى مقدمات ولا إلى نظر ولا استدلال كما يحصل بإحدى الحواس الخمس، يعني إذا نظرت إلى هذه الورقة وجزمت بأنها بيضاء بعد نظرها، هل في احتمال ولا واحد بالمليون أنها غير بيضاء؟

نعم، ما في احتمال، مائة بالمائة النتيجة، وكما لو كانت سوداء أو خضراء فنظرت إليها، سمعت صوت تميزه عن غيره، شممت رائحة، ذقت طعماً، لمست شيئاً، كل هذا مورث للعلم الضروري القطعي الذي لا يحتمل النقيض. ما يدرك بواسطة الحواس الخمس لا يحتاج في تصديقه إلى مقدمات، بل يحصل الجزم به بدون مقدمات، بل بمجرد حصول هذا الإدراك، الذي يدرك بواسطة الحواس الخمس لا يحتاج إلى مقدمات، ومفترضة في شخصٍ يميز بين الألوان والروائح والأصوات، شخص سمع نهيق الحمار وهو يعرف الحمار من قبل، هل يحتمل أن يسأل عن هذا الصوت هل هو نهيق حمار أو صياح ديك؟ لا يحتمل، لكن شخص سمع صوت حيوان لم يألفه ولم يعرفه ما سمع صهيل الفرس في عمره كله يمكن يسأل ما هذا؟ فإذا استقر عنده صار من الضروريات. ومثل العلم الحاصل بالحواس الخمس العلم الحاصل بالتواتر، فسامعه ملزم بتصديقه من أول وهلة دون نظرٍ في رجاله، ومثله -بل أولى منه- ما ثبت بالقرآن، ولهذا لما كانت الحوادث والوقائع المتقدمة والسابقة على زمن النبي -عليه الصلاة والسلام- الثابتة لديه بالتواتر -في قصة الفيل مثلاً وقصص الأمم السابقة المتلقاة المتداولة بين الناس التي يتداولها الناس بعضهم عن بعض، طبقةً عن طبقة، تتواتر- هذه القصص -كقصة أصحاب الفيل- شاهدها النبي عليه الصلاة والسلام؟؟ لم يشاهدها، لكنها بلغته بطريقٍ متواتر، بطريق التواتر، فجاء الاستفهام عنها بالقرآن بأي صيغة؟ {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ} [(1) سورة الفيل]، فعبّر عنها بالرؤية، فنزّل المتواتر منزلة المشاهد في القطعية.

فالعلوم الضرورية كالمسائل المعلومة من الدين بالضرورة مما لا يعذر أحد بجهله كوجوب الصلاة وتحريم الزنا ونحو ذلك، فمثل هذه لا يحتاج السامع، ولا تحوج المتكلم إلى استدلال، يعني لو قال شخص لآخر مسلم عاش بين المسلمين: صلِّ فإن الصلاة واجبة وتأثم إذا تركت الصلاة، هل يستطيع أن يقول له: ما الدليل على ذلك؟ أو يقول له مثلاً: الزنا حرام السرقة حرام الربا حرام، هل يطالبه بالدليل؟ لا يطالبه بالدليل؛ لأن مثل هذه الأمور معلومة من الدين بالضرورة، أمور قطعية ضرورية، لا تحتاج لا إلى نظر ولا إلى استدلال، ومثله ما استفاض لدى الخاص والعام من المسلمين وغيرهم من وجود بعض البلدان كمكة والمدينة وبغداد وما أشبه ذلك من البلدان المشهورة، هذه علوم ضرورية، يعني لو قال لك شخص: جئت من بغداد، أو من دمشق أو القاهرة أو ما أشبه ذلك، تقول: انتظر انتظر؛ حتى أرجع إلى معجم البلدان فأرى هذه البلدة فعلاً موجودة وإلا لا؟! يحتاج إلى ذلك؟! ما يحتاج؛ هذه أمور ضرورية. هناك طائفة -ملاحدة هم دهريون- موجودة في الهند يقال لهم: السمنية، السمنية هؤلاء يقولون: إنه ليس هناك علم إلا ما يدرك من طريق الحواس، الأخبار مهما كثر ناقلوها لا يعتمد عليهم، وهؤلاء لا عبرة بقولهم. إذا عرفنا ذلك فالحواس الخمس سبب للإدراك، البصر سبب للإبصار، والسمع سبب لإدراك الصوت وهكذا. والسبب عند أهل السنة يحصل به المسبب، يحصل به .. ، والله -سبحانه وتعالى- هو المسبب فلا تستقل الأسباب بالتأثير، خلافاً للمعتزلة، ولا تلغى آثارها بالكلية كما تقول الأشعرية. الأسباب الناس فيها طرفان ووسط، فمثلاً في وقت الشتاء، الناس بحاجة إلى دفء، إذا لبست من الثياب ما يحصل به الدفء، فعند الأشعرية الثياب هي التي وقتك من البرد، وهي مستقلة بالتأثير عند المعتزلة، مستقلة بالتأثير، وعند الأشعرية لا قيمة لها، وإنما يحصل الدفء عندها لا بها، وعند أهل السنة: حصل بها الدفء والله -سبحانه وتعالى- هو الذي جعل فيها هذا التأثير، ولو شاء لسلبها هذا التأثير.

فالأسباب التي أمرنا باتخاذها لا نعتمد عليها اعتماداً كلياً فالاعتماد على الله -سبحانه وتعالى- المسبب، وهو الذي جعل فيها مثل هذا التأثير، ولو شاء لسلبه منها، ولذا تجد بعض الناس يفعل بعض الأسباب ومع ذلك لا يستفيد منها، تتخلف آثارها بوجود مانع، أو لأمرٍ يريده الله عز وجل. الدعاء سبب؛ {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [(60) سورة غافر]، قد لا تحصل الإجابة؛ لوجود مانع، قد يجاب بغير ما سأل، ولذا يستشكل كثير من الناس، يقول: فلان صلى الصبح مع الجماعة وحصل له حادث كيف؟ ((من صلى الصبح في جماعة فهو في ذمة الله حتى يمسي))؟ نعم صلاة الجماعة سبب، الأوراد والأذكار أسباب، لكن قد تتخلف، فعلى الإنسان أن يفعل الأسباب ولا يعتمد عليها، يعتمد على مسببها، ولا نقول: إنها تستقل بالتأثير أو لا أثر لها بالكلية. عند الأشعرية يجوز أن يرى أعمى الصين بقة الأندلس -صغار البعوض بالأندلس- ما هو بإلزام هذا موجود بالحرف في كتبهم، هذه ما هي مسألة إلزامية، موجود بالحرف في كتبهم، يجوز أن يرى الأعمى وهو بالصين، البقة -صغار البعوض وهي في الأندلس- وهو أعمى، كيف أعمى ما يشوف؟ وهل السبب يحصل به شيء؟ ما يحصل به شيء، إنما يحصل عنده لا به، يلزمون بـ ... ، كأن .. ، كلامهم مخالف لعقول الناس كلهم، لكن هم خرجوا من هذا بقولهم .. ، قد تقول لهم: ما الفرق بين هذا الأعمى، ليش هذا الأعمى يضرب الجدار، والمبصر. . . . . . . . . من الباب؟ ما في فرق بينهما، في فرق بين الأعمى والمبصر؟ نعم، هذا يصفخ الجدار والعمود وكذا ... الباب، إذن البصر له قيمة وسبب، يقول لك: لا، الإبصار حصل عنده لا به، تقول: طيب أنا أشرب الماء وأروى من شربه، يقولون: حصل الري عند الشرب لا به، طيب وإذا أكلت شبعت، يقول: حصل الشبع عند الأكل لا به.

لكن يدخل هذا الكلام في ما معنا من الجهل المركب؛ لأن هذا الذي يقول: أعمى الصين يجوز أن يرى بقة الأندلس، هذا يعرف أنه لا يعرف؟ لا، عند نفسه أنه من أذكى الناس، وقد يوجد الذكاء لكن إذا لم يكن العون من الله -سبحانه وتعالى- فالذكاء لا شك أنه نعمة وفضل من الله -سبحانه وتعالى- كغيره من النعم التي تفضل بها الله -سبحانه وتعالى- على عباده، لكن إذا ما استغل هذا الذكاء فيما يرضي الله -سبحانه وتعالى- ويوصل إلى جنته صار نقمة ما صار نعمة، فالإنسان قد يؤتى الذكاء لكن لا يؤتى الزكاء، وبعضهم يقول: الزكاء هو الذكاء لا .. نعم، ما في أحد إذا أراد أن يقول: الذكاء قال: الزكاء؟ القسم الثاني من أقسام العلم: هو العلم المكتسب، عرفه المصنف بقوله: هو ما يقع عن نظرٍ واستدلال: وأما العلم المكتسب فهو الموقوف على النظر والاستدلال: وذلك كالعلم بأركان العبادات وشروطها وأركان العقود وغيرها مما لا يدركه كل أحد، مما لا يدركه كل أحد إلا بالنظر والبحث عن مقدماته، كدقائق العلوم الثابتة بالأدلة مما لا خلاف فيه بين العلماء. إذن عرفنا أن العلم هو لا يحتمل النقيض، لا يحتمل النقيض، والذي فيه خلاف يحتمل النقيض وإلا ما يحتمل؟ الذي فيه خلاف يحتمل النقيض، وأما ما يختلف فيه أهل العلم من المسائل فإنها لا تدخل في هذا بل هي ظنية كما سيأتي في تعريف الظن. فالعلم بقسميه الضروري القطعي، والنظري المكتسب لا يحتمل النقيض بحال بخلاف الظن على ما سيأتي، لكن الفرق بينهما أن الضروري لا يحتاج إلى نظر كالعلم بأن الواحد ليس باثنين، إذا قلت لزيد من الناس: كم نصف الاثنين؟ يقول: انتظر معي آلة خليني أشوف، يمكن؟ ما يحتاج إلى أن انظر واستدلال ولا مقدمات ولا شيء بيقول لك: واحد على طول. إذا قلت له: النار باردة وإلا حارة؟ يقول: اصبر خليني أشوف؟ لا ما يمكن، هذا لا يحتاج إلى نظر ولا إلى استدلال فهو علم ضروري، بخلاف النظري إذا قلت للواحد: كم نصف الاثنين؟ قال لك مباشرة واحدة، لكن إذا قلت لزيد من الناس: كم سبع 1955 كم سبعها؟ هذه ضرورية وإلا نظرية تحتاج إلى نظر واستدلال وقسمة و .. ؟

هذه نظرية، لا يمكن أن يقول لك مباشرة إلا عاد إذا كانت الموهبة متميزة جداً يقول لك: سبعها 115، هذا يحتاج إلى نظر واستدلال، يحتاج إلى آلة يحتاج إلى قسمة، فإن مثل هذا يحتاج إلى مقدمات وقسمة ونحو ذلك، والنتيجة لا تحتمل النقيض، يعني إذا استقر الأمر وعرفت أن سبعها 115 صارت في النتيجة مثل واحد نصف الاثنين، مائة بالمائة. ولذا فإن التمثيل من قبل بعضهم بأن المذي نجس، وأن طواف الوداع واجب، وأن عقد الإجارة عقد لازم، وغير ذلك من المسائل المختلف فيها هنا التمثيل بمثل هذا فيه نظر؛ لأن هذه المسائل لا تدخل في العلم بل هي ظنية، وسيأتي ما بين العلم والظن، ووجوب العمل بالجميع، هذا أمر متقرر، ونقرره فيما سيأتي -إن شاء الله تعالى- فيه نظر على مقتضى صنيع في التفريق بين العلم النظري والظن على ما سيأتي. يقول الناظم -رحمه الله تعالى-: والعلم إما باضطرارٍ يحصل ... أو باكتسابٍ حاصل فالأول كالمستفاد بالحواس الخمس ... بالشم أو بالذوق أو باللمس والسمع والإبصار ثم التالي ... ما كان موقوفاً على استدلال ثم قال -رحمه الله تعالى-: والنظر هو الفكر في حال المنظور فيه، والاستدلال طلب الدليل، والدليل هو المرشد إلى المطلوب: النظر، وهو التأمل، وليس المراد به الرؤية بالبصر؛ لأن النظر يطلق ويراد به الرؤية البصرية، نظرت إلى كذا، المراد به: الرؤية بالبصر، {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ* إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} [(22 - 23) سورة القيامة]، فالمراد بالنظر هنا: التأمل والتفكير في الشيء لمعرفة حقيقته، والمنظور فيه أعمّ من أن يكون أحكاماً شرعية أو غيرها، لكن لما كان علم أصول الفقه مما يحتاج إليه من يعاني استنباط الأحكام الشرعية صار الاهتمام بالنسبة للنظر في الأحكام الشرعية، فالنظر والتأمل هو طريق معرفة الأحكام الشرعية واستنباطها من أدلتها من قبل من لديه أهلية النظر، من قبل من لديه أهلية النظر، وهو المجتهد على ما سيأتي.

والفكر حركة النفس في المعقولات لا في المحسوسات، والاستدلال طلب الدليل المؤدي إلى المطلوب، والدليل هو المرشد إلى المطلوب، والمراد به اسم الفاعل الدال، فالذي يدل غيره -الطريق المحسوس- كي لا يضل ولا يتيه نسميه دليل، فهو داله على مراده ومقصوده. واتخذ النبي -عليه الصلاة والسلام- ابن أريقط من أجل أيش؟ نعم، يدله، فالذي يرشد الناس إلى حكم المسألة دليل وهو الدال، وهكذا بمعنى دال، فإذا سمعت بحكمٍ شرعي فطلبت دليله، ثم تأملت في الدليل ثبوتاً ونفياً وبحثت عن وجه الدلالة من هذا الدليل استوفيت ما ذكره المصنف من الاستدلال والنظر والتفكر في الدليل والتأمل فيه وهكذا. يقول الناظم: وحد الاستدلال قل ما يجتلب ... لنا دليلاً مرشداً لما طلب ثم جاء إلى ما يتمم القسمة من ذكر الظن والشك بعد أن ذكر العلم والجهل، قال: الظن تجويز أمرين أحدهما أظهر من الآخر، والشك تجويز أمرين لا مزية لأحدهما على الآخر: فلما ذكر العلم الذي لا يحتمل النقيض ذكر ما يحتمله -يحتمل النقيض- إما مع الرجحان أو مع التساوي، فالراجح من الاحتمالين هو الظن، ويقابله المرجوح وهو الوهم، ومع التساوي يسمى شك، فإذا بلغك الخبر، وليكن مثلاً قدوم زيد، بلغك أن زيداً قدم، فإن كان تصديقك لهذا الخبر نسبته مائة بالمائة، فهو أيش؟ العلم، وإن كان نسبة تصديقك سبعين بالمائة مثلاً فهو الظن، وإن كانت النسبة خمسين بالمائة فهو الشك، وإن كانت النسبة ثلاثين بالمائة مثلاً فهو الوهم، فالعلم موجب للعمل بلا خلاف، والظن موجب له عند جميع من يعتد بقوله من أهل العلم، الظن موجب للعمل عند جميع من يعتد بقوله من أهل العلم، ونؤكد على هذا؛ لأن المبتدعة لهم مسلك، ولأهل السنة مسلك.

المبتدعة لما يقسمون المعلوم إلى مثل هذه الأقسام لهم هدف ومقصد ومغزى أن يقولوا: أكثر الأدلة ظنية، وأخبار الآحاد ظنية، والظن لا يثبت به علم، إذن العقائد لا تثبت بالمظنونات، فينفون الأسماء والصفات من هذه الحيثية -من هذه الجهة- ونحن ننفصل من هذا ونقول: ما تثبت به الأحكام تثبت به العقائد، فالظن موجب للعمل في جميع أبواب الدين عند جميع من يعتد بقوله من أهل العلم، تثبت بغلبة الظن، وأكثر الأحكام من هذا النوع، وغالب الأحكام مربوط بغلبة الظن ومعلق به. وقد يرد الظن ويراد به اليقين كما في قوله تعالى: {الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلاَقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} [(46) سورة البقرة]. ويرد ويراد به المرجوح، ويراد حينئذٍ الوهم، وهو الذي لا يغني من الحق شيئاً. والشك عند أهل العلم لا يزيل اليقين، فمن تيقّن الطهارة وشك في الحدث فهو على طهارة بخلاف ما إذا غلب على ظنه، احتمال ضعيف أنه انتقضت طهارته يلتفت إلى هذا الاحتمال؟ يبني على غلبة الظن، لكن لو كان متردد على حدٍ سواء نقول: الشك لا يرفع اليقين. إذا عرفنا هذا فالذي يفيده القرآن الكريم ومتواتر السنة هو العلم، وأما خبر الآحاد ففي الأصل .. ، قرب الشيخ؟ إذا عرفنا هذا فالذي يفيده القرآن الكريم ومتواتر السنة هو العلم، وأما خبر الآحاد ففي الأصل لا يفيد إلا الظن عند جمهور العلماء، وقد يفيد العلم بالقرائن على ما اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم وابن حجر وغيرهم، وبيان ذلك .. ، قد يقول قائل: كيف خبر صحيح يفيد الظن؟ خبر صحيح نقله العدل الضابط عن مثله بسندٍ متصل وسلم من الشذوذ والعلة، كيف نقول يفيد الظن؟ نقول: نعم، بيان ذلك أن الراوي العدل الضابط المتقن مهما بلغ من الدرجات العليا في هذه الأوصاف -ولنأخذ على ذلك من الأمثلة مالك نجم السنن- مهما بلغ الراوي في هذه الأوصاف فإنه ليس بمعصوم، بل هو كغيره يطرأ عليه الخطأ والنسيان، وقد وهم الإمام مالك في بعض الأحاديث وفي بعض أسماء .. ، وفي أسماء بعض الرواة لذا فإن خبره يحتمل النقيض.

يعني إذا جاءك خبر عن شخص قال لك شخص بمنزلة مالك عندك: قدم زيد ألا يحتمل أن هذا الشخص وهم أو أخطأ؟ الاحتمال قائم، إذن خبره يحتمل النقيض، وما دام الاحتمال قائماً فإن الخبر يفيد الظن، وهذا الاحتمال وإن كان ضعيفاً إلا أنه لا يمكن نفيه، لا يمكن نفي هذا الاحتمال. لما عرفنا أن العصمة خاصة بمن عصمه الله -سبحانه وتعالى- وهو نبيه -عليه الصلاة والسلام- أما من عداه فيحتمل عليه الخطأ والسهو والغفلة والنسيان، وما دام هذا الاحتمال موجوداً فإن الخبر لا يرتفع إلى درجة العلم اليقيني القطعي، وإنما هو مفيد للظن، لو صارت نسبة صدق الخبر 99% فهو ظن ما لم يصل إلى المائة بالمائة. وما دام الاحتمال قائماً فإن خبر الثقة لا يثبت العلم لهذا الاحتمال، فعلى هذا لا يفيد إلا الظن، فإذا احتفت به قرينة، إذا احتفت به قرينة ارتفع احتمال النقيض؛ لأن الاحتمال في الأصل ضعيف، ووجدت هذه القرينة التي تقاوم هذا الاحتمال فإنه حينئذٍ يفيد العلم إذا احتفت به قرينة، وهذا ما اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم وابن حجر وغيرهم، وهذا خلافاً لمن يزعم أن خبر الواحد يفيد العلم مطلقاً كحسين الكرابيسي وداود الظاهري، أو يزعم أن خبر الواحد يفيد الظن مطلقاً. ولا تلازم بين الظن هنا وعدم العمل، بل لا بد أن يعمل به، وعرفنا أن خبر الواحد وإن كان مما يفيد الظن فإن العمل بالظن واجب عند جميع من يعتد بقوله من أهل العلم. يقول الناظم: والظن تجويز امرئ أمرين ... مرجحاً لأحد الأمرين فالراجح المذكور ظناً يسمى ... والطرف المرجوح يسمى وهما والشك تجويز بلا رجحان ... لواحدٍ حيث استوى الأمران يحتاج أن نعيد هذا وإلا ما يحتاج؟

نعم، عرفنا أن العلم هو الذي لا يحتمل النقيض بوجهٍ من الوجوه، فنتيجة صدق الخبر، أو نسبة صدق الخبر فيه مائة بالمائة، إذا نزلت هذه النسبة ولو واحد صارت النسبة تسع وتسعين بالمائة فهو ظن؛ لأنه احتمال راجح، فإذا كانت النسبة خمسين بالمائة فهو الشك، إذا نزلت النسبة عن الخمسين إلى الصفر فهو وهم، والصفر كذب، نعم والصفر هو الكذب، فإذا صارت النسبة أقل من مائة فهو الظن، والراوي الضابط الحافظ المتقن كما مثلنا بمالك -رحمه الله تعالى- مهما بلغ من الحفظ والضبط والإتقان فإنه لا بد أن يتصف بالوصف الملازم الذي لا ينفك عنه الإنسان -وهو السهو والخطأ والغفلة والنسيان- وإن كانت النسبة ضعيفةً والله أعلم، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

شرح متن الورقات (4)

شرح متن الورقات في أصول الفقه (4) تعريف أصول الفقه باعتباره لقباً لهذا الفن – أبواب أصول الفقه – تعريف الكلام وأقسامه- الحقيقة والمجاز -أقسام الحقيقة– تعريف الأمر وصيغه- وهل يقتضي الفور أم التراخي- وهل يقتضي التكرار أم لا – ومن يتناوله خطاب التكليف بالأمر والنهي ومن لا يتناوله الشيخ/ عبد الكريم الخضير السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. هذا سؤال عن القنوات الفضائية وظهور وخروج بعض أهل العلم ومساهمتهم فيها بحجة أنهم ينشرون الخير ويقللون الشر. فمثل هذا السؤال: أنا بالنسبة لي شخصياً لا أرى المشاركة، ولو لم يكن فيها إلا التصوير؛ فالتصوير بجميع أنواعه وأشكاله داخل في نصوص الوعيد التي جاءت في التصوير، ومثل هذا السؤال ينبغي أن يطرح على الشيخ حفظه الله. يقول: ما رأيكم بمراقي أبي السعود؟ أيش أبو السعود هذه؟ مراقي السعود، هذا نظم في أصول الفقه مشهور عند المالكية وانتشر عندنا أخيراً، تبنّاه بعض الإخوان الآخذين عن بعض الشناقطة، وهو نظم جيد وشامل يعتني به الشيخ الأمين الشنقيطي -رحمة الله عليه- في مصنفاته، وهو الذي شهره بيننا، وإلا ما كان معروفاً على صعوبةٍ في أبياته، أبياته ليست سهلة ميسرة، لكنه نظم طيب، الذي تسعفه الحافظ بحفظه لا بأس جيد. الأسئلة كثيرة جداً، والوقت قصير: يقول: هل اختلاف أقوال العلماء والمذاهب رحمة أم عذاب؟ الأصل أن الخلاف شرٌّ؛ {وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ* إِلاَّ مَن رَّحِمَ رَبُّكَ} [(118 - 119) سورة هود]، هذا الأصل، وهذا المقصود به الخلاف والاختلاف فيما لا يسوغ فيه الاختلاف، أما إذا عمل كل شخص بما يدين الله به ويعتقده حقاً على حسب اجتهاده إن كان من أهل الاجتهاد، أو تقليد من تبرأ ذمته بتقليده إن لم يكن من أهل الاجتهاد فلا شك أن الحجر على العقول وإلزامهم بقولٍ واحد فيه تضييق، وفتح باب الاجتهاد والمجال لمجتهدي الأمة هذا فيه خير كثير -إن شاء الله تعالى-؛ لأن المجتهد مأجور سواء أصاب أو لم يصب، إن أصاب له أجران، وإن أخطأ فله أجر واحد، فهو من هذه الحيثية رحمة للأمة، بحيث لم يضيق الله عليها في فهومها ويلزمها بقولٍ واحد.

ما الدليل على أن الظن يفيد العمل ولا يفيد العلم والمعروف أن العمل ثم العلم و. . . . . . . . .؟ مسألة إفادة خبر الواحد الظن وتقريره وبسطه، تقرير هذه المسألة وبسطها وما يرد عليها وتنظيرها، والاحتجاج لها ومن قال بها ومن خالف، مبسوط هذا كله في شرح النخبة، في آخر شرح من شروح النخبة ويصدر قريباً، وسوف تقوم الراية بتوزيعه إن شاء الله تعالى. يقول: هل تنصحون طلاب العلم بالعناية بكتب وأشرطة الشيخ ابن عثيمين -رحمة الله عليه- لكثرتها؟ هذا يحتاج إلى سؤال؟! مثل هذا يحتاج إلى سؤال؟! الشيخ ابن عثيمين -رحمة الله عليه- هو الذي ذلل العلم لطلابه، وهو الذي يسره لمريديه، من يجرؤ من طلاب العلم بمفرده -أعني المبتدئين- على قراءة زاد المستنقع بمفرده لولا شرح الشيخ -رحمة الله عليه- وتسهيله وتيسيره وتبسيطه، فالشيخ -رحمة الله عليه- ذلل العلم وسهله لطلابه ومريديه، فعلى طالب العلم أن يعتني بكتب الشيخ وكتب غيره من المحققين من هذه البلاد وغيرها من المتقدمين والمتأخرين. هذا يسأل سؤال خارج عن الموضوع وبعيد كل البعد يقول: هل هناك فرق بين جماعة الإخوان وأهل السنة والجماعة، نرجو التوضيح؟ على كل حال جماعة الإخوان جماعة برزت في مصر وصار لها فروع في كثيرٍ من بلدان المسلمين وصار لها انتشار، وعليهم ملاحظات؛ لأنهم لا يعتنون بالتفريق بين المحقق وغيره، يهمهم الانطواء تحت لواءٍ واحد، وعلى أن تجمعهم كلمة (الإسلام)، وما عدا ذلك مما يتعلق بالعلم والعمل في الفروع والأصول هذا لا يعنون به كثيراً، فتجد السني ينتسب إليها، تجد الأشعري ينتسب إليها، تجد المعتزلي والشيعي وغيرهم ينتسبون إليها؛ فهم يجمعون أكبر قدر ممكن يمكن أن يعينهم على ما يريدون تحقيقه، والله المستعان، وأما أهل السنة والجماعة فهم ينضوون تحت معتقدٍ واحد، لا يختلفون فيه ومن خالفهم عن معتقدهم فهو مبتدع لا يدخل تحت مسمى أهل السنة والجماعة. يقول: يوجد ظاهرة سيئة لدى الملتزمين والمستقيمين، وهي ظاهرة عدم السلام على بعض أو على مَن .. أيش؟

المقصود أن مسألة ترك السلام على المسلم بحججٍ واهية هذا لا شك أنه من تلبيس الشيطان، وهو حرمان عظيم؛ لبس الشيطان على كثيرٍ من الناس بحيث لا يبدؤون غيرهم بالسلام فيحرمون الأجر، ولا يدخل المسلمون الجنة حتى يتحابوا، ومن أعظم ما ينشر المودة والمحبة بذل السلام، فالمسلم يسلم عليه مهما تلبس به من المخالفات التي لا تخرجه عن دائرة الإسلام، نعم إذا ترتب على هجره وترك السلام عليه مصلحة –الزجر مثلاً- وردعه عما هو متلبس به لا بأس، لكن لنعلم أن الهجر علاج، إن كان ينفع وإلا فالخلطة والنصيحة وبذلها ومحضها لأخيك المسلم هو المتعين، وإذا قلت: السلام عليكم أدركت عشر حسنات. وبعض الإخوان من الشباب عنده في نفسه أنه قد حفظ جميع الثغور -ثغور الإسلام- وأن من عداه لا يفهم شيئاً أو يدرك شيئاً، أو .. ، لا، أنت عندك أخطاء كثيرة، وغيرك عنده أخطاء، وكل الناس خطاء، فبعض الناس بتركه السلام على أخيه يُشم منه أنه يدعي الكمال لنفسه، فعلى المسلم أن يتواضع لأخيه، وأن يبدأه بالسلام؛ ((وخيرهما الذي يبدأ بالسلام)). يقول: هل أدرس مختصراً لجميع الفنون ثم أرتقي؟ أم أقرأ مختصراً ثم أتوسع .. ؟ تقرأ مختصراً في كل فن ثم ترتقي إلى ما بعده من المختصرات اللائفة بالمتوسطين وهكذا على الجادة المعروفة عند أهل العلم. يقول: يقال إن تقسيم الأخبار إلى متواتر وآحاد هو من تقسيم المعتزلة كالرازي المفسّر، هل هذا صحيح؟ أولاً الرازي أشعري وليس بمعتزلي، ومن أشد الناس على المعتزلة -وإن كان يوافقهم في كثير من أمور العقيدة- هو أشعري من جهة، وجبري في باب القضاء والقدر، وعليه ملاحظات وطوام، وتفسيره لا ينبغي لطالب العلم المتوسط -فضلاً عن المبتدئ- أن يقرأ فيه؛ لأنه مشحون بالشبه، مع ضعف الرد على هذه الشبه، وهو من أشد الناس في بدعته، وتكلم في أهل السنة بكلامٍ قبيح، ومع ذلكم لما سئل شيخ الإسلام عنه وعن غيره من رؤوس المبتدعة قال: وأما أبو عبد الله الرازي فكثير من الناس يطعن في قصده، والذي أراه أنه ينثر ما يراه حقاً.

وليس معنى هذا أننا نقلل من الشر الذي تضمنته كتب الرازي، لا، لكن لا بد من الاعتدال والإنصاف، لا بد من الاعتدال والإنصاف، ولذا لا ينصح طالب العلم أن يقرأ في تفسيره، ويقول عن كتاب التوحيد لابن خزيمة: (كتاب الشرك)، ورمى إمام الأئمة ابن خزيمة بعظائم الأمور، تهجّم على غيره من أئمة السنة، لكن يبقى أن الميزان له كفتان، والله المستعان، وكلام شيخ الإسلام مثل ما سمعتم، لكن على طالب العلم أن يجتنب مثل هذه الكتب المشتملة على البدعة التي تقرر البدع وتذب عنها وتورث الشبه التي قد لا يستطيع الإنسان اجتثاثها. أما تقسيم الأخبار إلى متواتر وآحاد فهو كغيره من الاصطلاحات، الصحيح والضعيف والحسن، بالنسبة لعلوم الحديث، والعام والخاص والمطلق والمقيد والمنطوق والمفهوم بالنسبة لأصول الفقه، وكذلكم ما يتعلق بقواعد التفسير وعلوم القرآن، المصطلحات بهذه التسميات كلها حادثة، لا توجد في عصر السلف من الصحابة والتابعين، أما كونه منسوب إلى المعتزلة فشيخ الإسلام يقول به، ويقسم الأخبار إلى متواتر وآحاد، ويقسم المتواتر إلى لفظي ومعنوي، ويمثل للمتواتر اللفظي بحديث: ((من كذب .. )) كما يمثل به غيره من أهل العلم، ويمثل للتواتر المعنوي في كل كتابٍ من كتبه بما يناسب المقام، مثّل للتواتر المعنوي في منهاج السنة بفضائل أبي بكرٍ وعمر، وفي كل كتابٍ من كتبه يمثل بما يليق بالمقام -رحمة الله عليه- لا شك أن هذا اصطلاح لا يوجد عند الصحابة والتابعين وسلف هذه الأمة، لكنه مجرد اصطلاح يوضح ويقرب للطالب المشهور والعزيز و .. ، كلها لست موجودة عند سلف الأمة. المقصود أن هذه الاصطلاحات وإن وجدت أسماؤها فحقائقها موجودة؛ إذ لا يختلف اثنان أن الأخبار متفاوتة في دلالاتها، والرواة متفاوتون في الثقة والضبط والإتقان والحفظ والعدالة، وتبعاً لتفاوتهم في ذلك تتفاوت أخبارهم، فلا نقول: إن خبر زيد يساوي مائة بالمائة لخبر عمرو؛ الأخبار متفاوتة، وهذا التفاوت يتطلب أسماء لهذه الأخبار المتفاوتة، واصطلح أهل العلم على هذه التسمية ولا مشاحة في الاصطلاح.

اللوازم التي يلتزمها المبتدعة لهذا التقسيم لا نلتزم بها، ولذا الشيخ أحمد شاكر لما قسم هذا التقسيم وأقره قال بعد ذلك: لا يغرنك ما يقوله المبتدعة من لوازم لهذا التقسيم، هم يقصدون بخبر الواحد وأنه لا يفيد إلا الظن أنه لا يحتج به في العقائد، ونحن نقول: لا فرق بين العقائد والأحكام، ما تثبت به الأحكام تثبت به العقائد والكل شرع، وهذا مبسوط في شرح النخبة كما ذكرنا آنفاً. يقول: نأمل الإكثار من التنبيهات التربوية وما يتعلق بحسن الخلق؟ نحن نشكو من ضيق الوقت على الكتاب، وإلا في النفس أشياء تتعلق بالطلب وطالب العلم وأدب طالب العلم وما ينبغي أن يتحلى به من أخلاق، لكن الوقت لا يسعف، والله المستعان. يقول: يظهر من السؤال السابق أن السائل كأنه أخرج جماعة الإخوان من أهل السنة والجماعة، أرجو التنبيه حتى لا يختلط الأمر على البعض، وليس معنى ذلك أنهم ليس عندهم أخطاء، لكن أن يخرجوا من أهل السنة والجماعة فهذا أمر صعب؟

عرفنا أن جماعة الإخوان لا يفرقون بين أفراد هذه الجماعة، وليس لهم شرط في المعتقد، يعني لم يعتمدوا على أهل السنة والجماعة اعتماداً كلياً، بل فيهم من ينتسب إلى أهل السنة والجماعة، وفيهم من ينتسب إلى الأشاعرة، وفيهم من ينتسب إلى المعتزلة، وفيهم من طوائف البدع من فيهم، فجماعة الإخوان أعم من أن يكونوا مبتدعة أو أهل سنة، وكل شخص يحكم عليه بمفرده، فهي جماعة تنظيمية، وإن كنا لا نؤيد مثل هذه التنظيمات، لكنه تنظيم وجد وانضوى تحت هذا التنظيم من ينتسب إلى مذهب أهل السنة، ولا يخرج عن كونه من أهل السنة لانتمائه إلى هذه الجماعة؛ لأنه ليس لها اسم معين، أو ضابط يضبطهم، هم لا يلزمون أحد بمعتقد معين، لا يقولون: أنت سني لا بد أن تعتنق مذهب الأشاعرة وتدخل معنا، أو تدخل مذهب المعتزلة وتدخل معنا، هي مجرد جماعة تنظيمية تجمع السني والمبتدع كما ذكرنا، لكن على الإنسان لا سيما في مثل هذه الأوقات التي توالت فيها الفتن والمحن أن يعتصم بالكتاب والسنة، وأن يلتف حول أهل العلم المحققين المعروفين بالعلم والعمل والورع والتقوى، ويترك عنه هذه الجماعات، لا جماعة إخوان، لا جماعة تبليغ، لا جماعة يمين ولا شمال، يعتصم بالكتاب والسنة؛ ففيهما المخرج من هذه الفتن الباطنة والظاهرة، وبعض الناس قد لا يشهد في واقعه فتن؛ قد يكون مفتون في قلبه، المفتون في الرجل، المفتون في أهله وماله، فتنة الرجل في جاره، الفتن كثيرة منها ما ظهر ومنها ما بطن، فنعوذ بالله من الفتن كلها صغيرها وكبيرها خفيها وظاهرها، والله المستعان. يقول: قال حمار الحكيم يوماً ... لو أنصفوني لكنت أركب وهنا الذي ذكرناه وهو في أكثر المصادر: لو أنصف الدهر، ومعروف أن الشعراء ينسبون إلى الدهر الشيء الكثير من هذا، ودواوينهم مشحونة بمثل هذه المخالفة، لكن كأن هذا تعديل للبيت من قبل بعض أهل التحري الذي لا يريد أن ينطق ولو ناقل ولو آثر من غيره بالمخالفة، كأن هذا تعديل وإلا فالأصل: لو أنصف الدهر، وهذه المخالفة نبهنا عليها سابقاً، ولا يقول قائل إن هذه مقالة حمار وهو غير مكلف، كما نبهنا سابقا.

يقول: اسم الرازي ذكر لأكثر من عالم فنود منكم ذكرهم، وهل منهم أحد من أهل السنة والجماعة؟ الرازي نسبة إلى الري، نسبة إلى الري –بلد- كل من انتسب إلى هذا البلد قال الرازي، فالإمام أبو حاتم الرازي، وأبو زرعة الرازي، وابن أبي حاتم الرازي، هؤلاء أئمة من كبار أهل الحديث ومن كبار أهل السنة والجماعة، أبو عبد الله بن الخطيب الرازي هو الأشعري المعروف المتوفى سنة ست وستمائة، أبو بكر الراوي المتطبب المعروف الفيلسوف، نسأل الله العافية، نعوذ بالله من البدع وأهلها. ما حكم الاعتماد على الأسباب؟ الاعتماد على الأسباب قدح في التوحيد، كون الإنسان يعتمد على السبب ولا ينظر إلى المسبِّب لا شك أنه قدح ونقص في التوحيد، كما أن إلغاء الأسباب وإهمال الأسباب نقص في العقل. أنت تقول: اتقيت البرد بهذه الملابس، أليس هذا من إضافة النعمة للسبب، والله -سبحانه وتعالى- يقول: {يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللهِ ثُمَّ يُنكِرُونَهَا} [(83) سورة النحل]؟ ألا تقول: أنبت الربيع، نعم، أنبت الربيع، {تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا} [(61) سورة الأنعام]، فقد ينسب الفعل إلى السبب، لكن مع الاعتراف بالمسبب، مات فلان، هو مات أو الله -سبحانه وتعالى- هو الذي توفاه؟ {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنفُسَ} [(42) سورة الزمر]، ومع ذلكم قال: {تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا}، فقد ينسب الفعل إلى السبب، لكن مع الاعتراف بالمسبب. نريد نصيحة لمن لا يرد السلام إذا ألقي عليه من الغرباء؟ أما بذل السلام تقدم الكلام فيه، فإذا غلب على الظن أن الشخص الذي يسلم عليه مسلم، فلا يحرم الإنسان نفسه، وفي بلاد المسلمين الغالب أن الشخص الذي تمر به -في الغالب- أنه مسلم، لكن لو حصل عندك شك في كونه مسلم أو غير مسلم حينئذٍ توقف؛ لأنه لا يجوز إلقاء السلام على الكافر، أما رد السلام فلا يجوز بحال تركه؛ لأن رده واجب، إذا شككت في إسلامه وعدم إسلامه، إن غلب على ظنك أنه مسلم قلت: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وإن شككت في إسلامه فقل: وعليكم، والله المستعان. ضاع كثير من الوقت عن الكتاب. سم

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فقد قال إمام الحرمين -رحمه الله-: وأصول الفقه: طرقه على سبيل الإجمال وكيفية الاستدلال بها، وأبواب أصول الفقه: أقسام الكلام، والأمر والنهي، والعام والخاص، والمجمل والمبين، والنص والظاهر والمؤول، والأفعال والناسخ والمنسوخ، والإجماع والأخبار، والقياس والحظر والإباحة وترتيب الأدلة، وصفة المفتى والمستفتى وأحكام المجتهدين، فأقل ما يتركب منه الكلام اسمان، أو اسم وفعل، أو فعل وحرف، أو اسم وحرف، والكلام ينقسم إلى أمر ونهي، وخبر واستخبار، وينقسم أيضاً إلى تمنٍّ وعرض وقسم. الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، يقول رحمه الله تعالى: وأصول الفقه: طرقه على سبيل الإجمال وكيفية الاستدلال بها: سبق تعريف أصول الفقه باعتبار جزئي المركب، وأنه مركب من كلمتين: أصول وفقه، وعرفنا معنى كلمة الأصول ومعنى كلمة الفقه، والآن هذا هو التعريف الثاني باعتباره علم على هذا الفن المعروف. عرفه المؤلف بأن المراد بأصول الفقه: طرق الفقه على سبيل الإجمال، وكيفية الاستدلال بها: فالمراد بأصول الفقه -كما ذكر- طرق الفقه إجمالاً، كمطلق الأمر والنهي، وفعل النبي -عليه الصلاة والسلام- والإجماع والقياس، هذه طرق الفقه إجمالاً لا تفصيلاً، من حيث البحث فيها بأن الأول: وهو الأمر للوجوب، والثاني: وهو النهي للتحريم، والفعل: فعل النبي -عليه الصلاة والسلام- والإجماع والقياس وغيرها حجج، يحتج بها على خلافٍ فيها، سيأتي إن شاء الله تعالى. وكيفية الاستدلال بها: أي كيفية الاستدلال بهذه الأصول من حيث تطبيقها على فروع المسائل، وكيفية العمل عند تعارضها بما يسمى بمباحث تعارض الأدلة من تقديم للخاص على العام والمقيد على المطلق والناسخ على المنسوخ وهكذا.

والكلام هذا يجر -كيفية الاستدلال بها، والاستفادة منها- يجر إلى معرفة المستفيد منها والمجتهد، المجتهد له أوصاف وله شروط، وليس لكل أحدٍ أن يجتهد، نعم، إذا تأهل الإنسان بالشروط التي ذكرها أهل العلم المستمدة من الشرع، فإن له -بل عليه- أن يجتهد، أما إذا لم يتأهل صار فرضه تقليد من تبرأ ذمته بتقليده؛ {فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ} [(43) سورة النحل]. ونحن نشاهد كثرة من يدعي الاجتهاد في هذه الأوقات، لا شك أن مثل هذا غرور وتلبيس من الشيطان، وفيه ما هو ردة فعل لقرونٍ مضت من قفل باب الاجتهاد، والآن فتح الاجتهاد على مصراعيه؛ تجد من يحفظ شيئاً ولو يسيراً من العلم تجده يتكلم في عضل المسائل، تجد المبتدئ -بل بعض العامة- يجرؤ على إفتاء الناس وتوجيههم، والمبتدئ في حكم العامي، وكثير من المبتدئين -ومن يظن أنه تعلم وهو ما عرف إلا الشيء اليسير- تجده يتصدى لإفتاء الناس وتوجيههم لما يعرف وما لا يعرف، وهذا الأمر خطير جداً؛ لأنه ينصب نفسه موقعاً عن الله -عز وجل- وحكماً بين عباده بالدعوى، {وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُم مُّسْوَدَّةٌ} [60) سورة الزمر] أيش معنى كذبوا على الله؟ الذي يفتي بلا علم يكذب على الله؛ يدخل دخولاً أولياً في هذه الآية {وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُم مُّسْوَدَّةٌ}، {وَلاَ تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلاَلٌ وَهَذَا حَرَامٌ} [(116) سورة النحل] نص في الموضوع، فإذا ربطنا بين الآيتين عرفنا خطورة الإفتاء بغير علم، وعندنا من تقوم بهم الحاجة -ولله الحمد-من أهل العلم الراسخين المحققين. وبالمقابل تقاعس المتأهل وتأخره عن نفع الناس في هذا المجال لا يجوز؛ وهو كتم للعلم، بل يتعيّن على من تأهل لإفتاء الناس أن يفتيهم، ولا يجوز له أن يتأخر والحاجة قائمة.

وبعض الناس لا يتحرى إذا أراد أن يسأل، لا يبحث عمن تبرأ ذمته بتقليده، والله -سبحانه وتعالى- يقول: {اسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ}، بل يتجه كثير من الناس لسؤال بعض المفتونين؛ بحثاً عن الرخص، والإنسان إذا بحث عن الرخصة في هذه المسألة، والرخصة في تلك المسألة، والرخصة في المسألة الثالثة والرابعة والعاشرة خرج من دينه؛ لأن الدين تكاليف، فإذا كان الدين كله رخص ما صار هناك دين، ما صار هناك تكليف، والله المستعان. هذه الأمور الثلاثة -طرق الفقه على سبيل الإجمال، وكيفية الاستدلال بها، وحال المستفيد منها- هذه هي أصول الفقه، هذا ما قاله كثير من الشراح، وكأن الأوضح مما ذكر أن يراد بأصول الفقه: أدلة الفقه الإجمالية من الكتاب والسنة والإجماع والقياس على سبيل الإجمال لا على سبيل التفصيل في هذه الأدلة؛ نأخذ الكتاب مجملاً وكيف نستفيد منه، حجة بالإجماع، لكن كيف نستفيد من هذا الكتاب، السنة حجة إجماعاً، الإجماع القياس وهكذا -على الخلاف فيه- المقصود أن كيف نستفيد من هذه الأدلة الإجمالية، وبيان حال من يستفيد منها. يقول الناظم رحمه الله تعالى: أما أصول الفقه معنىً بالنظر ... للفن في تعريفه فالمعتبر في ذاك طرق الفقه أعني المجملة ... كالأمر أو كالنهي لا المفصلة وكيف يستدل بالأصول ... والعالم الذي هو الأصولي ثم ذكر أبواب الفقه على سبيل الإجمال، أبواب أصول الفقه ذكرها إجمالاً، ثم تحدث عنها بالتفصيل واحداً تلو الآخر على نفس الترتيب الإجمالي، وهذا أشرنا سابقاً إلى أنه يعرف بأيش؟ باللف والنشر المرتب، فسرد هذه الأبواب سرداً أشبه ما يكون بالفهرس من الأبواب التي يريد أن يتحدث عنها، وعدتها عشرون باباً على سبيل الإجمال ثم تكلم عنها بالتفصيل الملائم لهذا المختصر، وليس المراد به التفصيل المبسوط الذي يوجد في المطولات، لا، هو تفصيل نسبي ملائم لهذا المختصر ومناسب لإدراك المبتدئين، وإن كانت الأوراق فيها كثير ممن يقول: إنهم لا يفهمون بعض هذا الكلام الذي يذكر في الكتاب، هو لا شك أن الأفهام متفاوتة، ولولا ضيق الوقت لزدنا في التوضيح، لكن مع الإجمال في التوضيح يمكن ما نأخذ ولا نصف الكتاب، والله المستعان.

ثم شرع -رحمه الله تعالى- يفصل ما أجمله، وينشر ما لفّه، فقال: فأما أقسام الكلام فأقل ما يتركب منه الكلام اسمان، أو اسم وفعل، أو فعل وحرف، أو اسم وحرف: والكلام مصدر، أو قل: اسم مصدر من تكلم يتكلم تكلماً وكلاماً، ويختلف المراد به من فنٍ إلى آخر -المراد بالكلام- فالمراد به عن اللغويين: كل ما يلفظ به، سواء كان مفيداً أو غير مفيد، يسمى كلاماً، سواء كان مركباً أو غير مركب، فإذا قلت: زيد، كلام،، زيد قائم كلام، ديز عكس زيد -مقلوب زيد- كلام، كل ما يلفظ به كلام، سواء كان مقصوداً أو غير مقصود، فكلام النائم كلام، كلام بعض الطيور كلام، هذا من حيث الأصل في اللغة. وعند النحويين: هو اللفظ المركب المفيد فائدة يحسن السكوت عليها، فالكلام المفرد، الكلمة المفردة ليست بكلام، والكلام غير المفيد (إن قام زيد) هذا ليس بكلام وإن كان مركباً من ثلاث كلمات، والكلام غير المقصود ليس بكلام عند النحويين. وعند الفقهاء: ما اشتمل على حرفين فصاعداً، وهو الذي يبطلون به الصلاة، ولذا يقولون: إن بان حرفان من الكلمة بطلت الصلاة، والمقصود به الكلام الذي لا يحتاج إليه. والكلام جمع كلمة، والكلمة إما اسم أو فعل أو حرف، وفي الألفية -في ألفية ابن مالك-: كلامنا لفظ مفيد كاستقم ... واسم وفعل ثم حرف الكلم واحده كلمة والقول عم ... وكلمة بها كلام قد يؤم أي: قد يقصد. وأقل ما يترتب الكلام منه اسمان: نحو: زيد قائم. أو اسم وفعل: مثل: قام زيد، أو ضُرب زيد، أو فعل وحرف: نحو: ما قام، ومثل هذا أثبته بعضهم كالمصنف، ولم يعدّ الضمير الراجع في (قام) -الراجع إلى المتحدث عنه مثلاً- لعدم ظهوره؛ هو يعد الكلمات الموجودة أمامه، أما المستتر فهو لا يعده، وعليه جرى المصنف، والجمهور على عده كلمة، فالضمير المستتر في حكم الضمير المتصل. أو اسم وحرف: وذلك في النداء نحو: يا زيد، وإن كان المعنى: أدعو زيداً، لكن في الصورة حرف -حرف نداء- وإن كان معنى هذا الحرف، معنى الفعل: أدعو.

يقول العبادي في شرحه: وقضية تعبيره بأقل أن الكلام قد يتركب من أكثر مما ذكر؛ لأنه أقل ما يتركب منه الكلام ما ذكر، وقضية ما ذكر -مفهوم الأقل- أن هناك أكثر، فهل نستطيع أن نسمي الجمل كلاماً؟ جمل نسميها كلاماً؟ يقول: قد يتركب من أكثر ما ذكر، كجملتين وكفعلٍ واسمين أو ثلاثة أو أربعة، وعليه جمع كابن هشام، لكنه خلاف ما دلت عليه عبارة ابن الحاجب، أيش معنى هذا الكلام؟ قالوا: فهموا من كلام المصنف أن أقل ما يتركب منه الكلام ما ذكر، أن الكلام قد يتركب من أكثر مما ذكر، وهذا مفهوم العبارة، وهذا عليه جمع، يعني إذا ركب كلام من جمل متعددة -جملتين فأكثر- يسمى كلاماً، نعم؟ قد يقول قائل: كيف ينازعون في مثل هذا وعليه جمع كابن هشام، لكنه خلاف ما دلت عليه عبارة ابن الحاجب، قد يقول قائل: كيف ينازعون في مثل هذا؟ يعني إذا كان: (زيد قائم) كلام فإذا قلت: زيد قائم وقاعد أو قارئ، زيد قائم .. ، أو زيد قاعد وقارئ، هاتان جملتان عطفت إحداهما على الأخرى، والعطف على نية تكرار العامل -كما يقول أهل العلم- كيف يختلفون؟ يقول: وخلاف ما دلت عليه عبارة ابن الحاجب، أنه لا يسمى كلاماً أصلاً؟ طالب:. . . . . . . . . أيش يقول؟ طالب:. . . . . . . . . أيش؟ طالب:. . . . . . . . . الآن عرفنا أنه إذا اشتمل على جملة اسم وفعل، أو اسم وحرف، أو فعل وحرف هذا كلام، وهذا أقل الكلام، هذا أقل الكلام، مفهومه أنه إذا تركب من جملتين أو من ثلاث كلمات -اسم وفعل وحرف، أو فعل واسمين أو ثلاثة أسماء أو أربعة- لا يسمى كلاماً عند بعضهم، والمفهوم من كلام المصنف أنه يسمى كلاماً. على كل حال ما الفائدة المرتبة على هذا الخلاف؟ طالب:. . . . . . . . . في فائدة تترتب على هذا الخلاف؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . يعني إذا حلف أن لا يتكلم، أو أن لا يصدر منه كلام، فجاء بكلامٍ طويل يصير تكلم وإلا ما تكلم؟ على ما عليه الجمع -كابن هشام وما يفهم من كلام المؤلف- كلاماً، لكن إذا حلف لا يتكلم بكلامٍ طويل، كلام مركب من جمل؟ على مقتضى عبارة ابن الحاجب أنه ما تكلم.

إذا قال لزوجته: إن تكلمت بكلام فأنت طالق، أو قال لعبده: إن تكلمت بكلام فأنت حر، فتكلم بكلامٍ كبير ما جاب جملة واحدة، أو نقول: هي تطلق بالجملة الأولى، وهو يعتق بالجملة الأولى، ويحنث في الجملة الأولى وما عدا ذلك قدر زائد على الكلام؟ نعم؟ يقول الناظم: أقل ما منه الكلام ركبوا ... اسمان أو اسم وفعل كـ_ (اركبوا) كذاك من فعلٍ وحرف وجدا ... وجاء من اسم وحرفٍ في النداء ثم قال -رحمه الله تعالى- في بيان أقسام الكلام: والكلام ينقسم إلى أمرٍ ونهيٍ وخبرٍ واستخبار وينقسم أيضاً إلى تمنّ وعرض وقسم: يريد المصنف أن الكلام من حيث دلالته ينقسم إلى أمر: وهو ما يدل على طلب الفعل نحو: صلِّ، {أَقِمِ الصَّلاَةَ} [(78) سورة الإسراء]، ونهي: وهو ما يدل على طلب الترك، نحو: لا تغتب، وخبر: وهو ما يحتمل الصدق أو الكذب لذاته نحو: جاء زيد، وما جاء عمرو، ويقابل الخبر الإنشاء، ولم يذكره المؤلف بلفظه ذكر أقسامه، الإنشاء: وهو ما لا يحتمل الصدق ولا الكذب، ويدخل فيه الأمر والنهي والتمني والاستفهام والعرض، وذكرها المؤلف، واستخبار: وهو الاستفهام نحو: هل قام زيد؟ فيجاب بـ (نعم) أو (لا). وينقسم أيضاً إلى تمنٍّ: وهو طلب ما لا طمع فيه: ألا ليت الشباب يعود يوماً ... . . . . . . . . . ليت أمس يرجع، أو يعود: ما لا طمع فيه، أو فيه طمع، لكنه مع عسرٍ شديد، كقول منقطع الرجاء الذي لا يثبت على الراحلة ولا يستطيع أن يسافر مثلاً: ليتني أحج. وعرض: وهو الطلب برفق وهدوء، وهو المصدَّر بـ (ألَا): ألا تنزل عندنا، والعرض يناسب بعض الناس الذين يهابون، فإذا كنت تهاب شخصاً ولا تستطيع أن تأمره أو تصر على أمره بشيءٍ -ولو على جهة الإكرام- ومثله -بل من باب الأدب- إذا أراد الطالب تنبيه شيخٍ على خطأٍ وقع فيه، يأتي بصيغة العرض: ألا يكون المعنى كذا؟ أو يقول: ما رأيكم بكذا، أو: ألا يكون مراد فلان بكذا كذا، وهكذا.

ومثله: المحتضر حينما يعرض عليه تعرض عليه كلمة التوحيد؛ لأنه يخشى منه أن ينطق بكلمةٍ يخرج بها من دينه وهو في وضعٍ لا يناسب الشدة في الكلام، فيعرض عليه الكلام عرضاً برفق: يا فلان ألا تقول: لا إله إلا الله -برفق ولين- قل: لا إله إلا الله. وبالمناسبة أبو زرعة الرازي -الذي أشرنا إليه قريباً- لما حضرته الوفاة هابوا أن يلقّنوه وهو في حال النزع -رحمة الله عليه- هابوا أن يلقّنوه، فاجتهد بعضهم فجاء بحديث التلقين وقلب إسناده، قلب الإسناد والشيخ في النزع- رحمة الله عليه- فصحح الإسناد وقال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((من كان آخر كلامه من الدنيا لا إله إلا الله .. )) ففاضت روحه -رحمة الله عليه- فمثل هؤلاء وفي مثل هذا الظرف يهاب الإنسان ولا يتكلم بكلامٍ قوي يخشى منه الضرر. وقَسَم: وهو الحلف نحو: والله لأفعلن كذا. يقول الناظم: وقسم الكلام للإخبار ... والأمر والنهي والاستخبار ثم الكلام ثانياً قد انقسم ... إلى تمنٍّ ولعرض وقسم هنا قال: والكلام ينقسم إلى أمرٍ ونهي وخبر واستخبار وينقسم أيضاً: لماذا لم يسق الكلام مساقاً واحداً فقال: والكلام ينقسم إلى أمرٍ ونهي وخبر واستخبار وتمنٍّ وعرض وقسم؟ ثم قال: وينقسم أيضاً؟ يقول شارح النظم، من شارح النظم؟ عبد الحميد قُدس يقول: إنما أعاد الفعل بقوله: ثم الكلام ثانياً قد انقسم ... إلى تمنٍّ. . . . . . . . . الخ مع أن ما قبله وما بعده تقسيم واحد، فكان ينبغي أن يقتصر على قوله: وإلى تمنّ .. الخ؛ إشارةً إلى أن منهم من اقتصر على تقسيمه إلى ما تقدم، وأنه يزاد عليه انقسامه أيضاً إلى هذه المذكورات، يعني بعضهم حصر القسمة في الأربعة الأولى، فيؤتى بالمحصور، ثم يزاد عليه ما ينبغي زيادته. ثم قال -رحمه الله تعالى-: نعم اقرأ.

ومن وجهٍ آخر ينقسم إلى حقيقة ومجاز، فالحقيقة ما بقي في الاستعمال على موضوعه، وقيل: ما استعمل في ما اصطلح عليه من المخاطبة، والمجاز ما تجوز عن موضوعه، والحقيقة إما لغوية وإما شرعية وإما عرفية، والمجاز إما أن يكون بزيادة أو نقصان أو نقل أو استعارة، فالمجاز بالزيادة مثل قوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [(11) سورة الشورى]، والمجاز بالنقصان مثل قوله تعالى: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} [(82) سورة يوسف]، والمجاز بالنقل كالغائط فيما يخرج من الإنسان، والمجاز بالاستعارة كقوله تعالى: {جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنقَضَّ} [(77) سورة الكهف]. يقول -رحمه الله تعالى-: ومن وجهٍ آخر ينقسم الكلام إلى حقيقةٍ ومجاز: ثم عرف الحقيقة بتعريفين، فالحقيقة ما بقي في الاستعمال على موضوعه، وقيل: ما استعمل في ما اصطلح عليه من المخاطِبة أو المخاطَبة: يجوز هذا وذاك، على ما سيأتي. والمجاز ما تجوّز به عن موضوعه: فلما ذكر أقسام الكلام باعتبار دلالته قسم الكلام باعتبار استعماله، وذكر أن الكلام من هذه الحيثية ينقسم إلى قسمين: حقيقة ومجاز. واختلف العلماء في تقسيم الكلام إلى حقيقة ومجاز، فأثبته بعض العلماء واشتهر وانتشر عند كثير من المتأخرين ولم يفرقوا في ذلك بين النصوص الشرعية وغيرها من الكلام العادي، ونفاه عن القرآن قوم وأثبتوه فيما عدا القرآن كابن خويز منداد من المالكية وابن القاص من الشافعية، وهو قول أهل الظاهر، يقولون بالمجاز في غير القرآن، وأما القرآن فلا مجاز فيه. ونفاه مطلقاً في القرآن والسنة وفي الكلام العادي آخرون كأبي إسحاق الاسفراييني وأبي علي الفارسي، ونصره شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم، وسمى المجاز طاغوت. ورد الأمين الشنقيطي -رحمة الله عليه- على من يقول بالمجاز بكلام طويل في مذكرته الأصولية وفي رسالةٍ خاصة في ذلك. وبيّن شيخ الإسلام -رحمة الله عليه- أن هذا التقسيم مخترع حادث بعد القرون المفضلة؛ لم يتكلم به أحد من الصحابة والتابعين، ولا أحد من الأئمة ولا علماء اللغة، ما تكلم به أحد. هل نقول هذا اصطلاح ولا مشاحة في الاصطلاح؛ كغيره من التقسيمات الموجودة في العلوم الأخرى؟

الظاهر أن القول بالمجاز إنما هو .. ، إنما أحدثه المبتدعة؛ ليتوصلوا به إلى نفي صفات الله -عز وجل- بادعاء أنها مجاز. من أقوى ما يستدل به على إنكار المجاز أنه يجوز نفيه، وليس في النصوص ما يجوز نفيه، أيش معنى هذا الكلام؟ المجاز يجوز نفيه، وليس في النصوص الشرعية ما يجوز نفيه؟ إذا جاء رجل شجاع فقال واحد من الناس: جاء أسد، لقائلٍ أن يقول: كذبت، ما جاء أسد، أليس له ذلك؟ نعم، ما جاء أسد؛ لأن حقيقة الأسد حيوان مفترس، فإذا كان يجوز نفيه فليس في النصوص ما يجوز نفيه، لكنهم أطلقوا الأسد على الشجاع، فهل نقول: إنه مجاز؟ وهذا في غير النصوص ونلتزم بلازمه أنه وإن جاز نفيه نقول به كما يقول بعضهم، أو نقول: إنه استعمال حقيقي، الأسد كما يطلق على الحيوان المفترس يطلق على الرجل الشجاع؟ على كل حال الكلام في المجاز فصله ابن القيم -رحمه الله تعالى- في (الصواعق) وشدد في النكير على من أثبته، ولا شك أنه باب ولج منه المبتدعة فأنكروا صفات الله -عز وجل- بسببه، ولا شك أن الأثر المترتب عليه شديد. بعد ذلك عرف الحقيقة بأنها ما بقي في الاستعمال على موضوعه: ما بقي: أي اللفظ الباقي في الاستعمال على موضوعه، أي الذي وضع له، وضعه له المتخاطبون -أهل اللغة- على موضوعه اللغوي كما هو المتبادر من اللفظ -من ذكر الوضع-. وقيل في تعريف الحقيقة: ما استعمل في ما اصطلح عليه من المخاطبة: وإن لم يبق على موضوعه كالصلاة بالهيئة المخصوصة المعروفة لدى المسلمين، فإنه لم يبقَ على موضوعه اللغوي وهو الدعاء، والدابة لذات الأربع كالجمل والحمار وغيرهما فإنه لم يبق على موضوعه -وهو كل ما يدب على الأرض- عندنا الحقائق كم؟ ثلاث، الحقائق ثلاث: لغوية وشرعية وعرفية، على التعريف الأول الحقيقة ما بقي في الاستعمال على موضوعه: الحقيقة واحدة ولا تتعدد، وما عداها كله من قبيل المجاز، وعلى التعريف الثاني: ما استعمل في ما اصطلح عليه من المخاطبة: تتسع دائرة الحقائق فتكون ثلاثاً، فإذا قيل: جاء أسد، فبدلاً من أن يقال: هذا مجاز، يقال: اصطلح المخاطبة عليه، فيكون حقيقة عرفية.

الصلاة المعروفة لدى المسلمين، المفتتحة بالتكبير المختتمة بالتسليم ذات الركوع والسجود: هذه حقيقة، لكنها حقيقة شرعية، وإن كانت الحقيقة اللغوية للصلاة الدعاء، والفرق بين الحقائق اللغوية مع الشرعية يختلف أهل العلم في ذلك، هل هي من باب النقل التام للكلمة من حقيقتها اللغوية إلى حقيقتها الشرعية، أو نقول: إنها هي الحقيقة اللغوية وزيد عليها؟ هل نقول: إن حقيقة الصلاة لغةً غير حقيقة الصلاة شرعاً، أو نقول: إن الحقيقة الشرعية هي الحقيقة اللغوية وزاد عليها الشرع أشياء؟ وقل مثلها: الزكاة والصيام والحج والإيمان وغير ذلك من الحقائق الشرعية؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . يعني زيد على الحقيقة اللغوية، وكأن هذا ما يفهِمه كلام شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى. على التعريف الأول لا يدخل في الحقيقة سوى اللغوية، وعلى التعريف الثاني تدخل جميع الحقائق الثلاث، اللغوية والشرعية والعرفية. قوله: من المخاطبة: وهو بكسر الطاء، أي الجماعة المتخاطبة بذلك اللفظ، ويجوز فتح الطاء –المخاطَبة- وهو التخاطب؛ لا مانع أن يقول: بين المخاطَبة، أيش؟ ما استعمل عليه .. ، أو ما استعمل في ما اصطلح عليه من المخاطبة: يعني من التخاطب ولا مانع من ذلك. ثم عرف المجاز بأنه: ما تجوّز: أي تعدي به عن موضوعه، وهذا التعريف للمجاز يقابل التعريف الأول للحقيقة، وعلى الثاني يكون معنى المجاز: ما استعمل في غير ما اصطلح عليه من المخاطِبة. ثم ذكر أقسام الحقيقة الثلاث: والحقيقة إما لغوية وإما شرعية وإما عرفية: هذا يمشي على تعريفه للحقيقة؟ يمشي وإلا ما يمشي؟ هذا التعريف الثاني الذي صدره بصيغة التمريض؛ لأنه قال: والحقيقة إما لغوية وإما شرعية وإما عرفية: فهذا جارٍ على التعريف الثاني، ومعلوم أن أهل العلم إذا جزموا بشيء ثم أتبعوه بقولٍ آخر ممرَّض -يعني مصدر بصيغة التمريض- أن اختيارهم ما جزموا به، اختيارهم ما جزموا به، وعلى هذا الذي يختاره إمام الحرمين في تعريف الحقيقة هو الأول؛ لأنه صدر الثاني بصيغة التمريض قيل، فكيف يقول: والحقيقة إما لغوية وإما شرعية وإما عرفية وهو مناسب للثاني المُصدَّر بصيغة التمريض؟

لأنه على التعريف الأول تنحصر الحقيقة باللغوية فقط، وعلى التعريف الثاني يتسع أمر الحقائق وتتنوع إلى ثلاثة أنواع. الحقيقة إما لغوية وإما شرعية وإما عرفية: والحقيقة اللغوية: ما وضعه أهل اللغة كالأسد للحيوان المفترس، والشرعية: التي وضعها الشارع كالصلاة -العبادة المخصوصة- والعرفية: ما وضعها أهل العرف سواء كان العرف عاماً أو خاصاً، والعرف العام: ما تعارف عيه الناس على جميع مستوياتهم وطبقاتهم كالدابة لذات الأربع، وهي في أصل اللغة -حقيقة الدابة اللغوية-: كل ما يدب على وجه الأرض، حقيقتها العرفية في عرف عامة الناس ذوات الأربع، ومثله ما تعارف عليه أهل العرف الخاص -ما اصطلح عليه أهل العرف الخاص- هذه حقائق، كالفاعل عند النحاة، الفاعل عند النحاة حقيقة عرفية، الباب عند أهل العلم -في الكتب - يقولون باب؛ الحقيقة الأصلية للباب اللغوية: ما يدخل ويخرج منه، مثل هذا الباب وذلك الباب وغيرها من الأبواب، هذه حقيقة الباب، ما يدخل وما يخرج منه، لكن الباب في كتب أهل العلم حقيقة عرفية، نعم، لو تقول لشخص عامي: اقرأ الباب، يعرف يقرأ الباب؟ أيش يبى يسوي؟ ماذا يصنع؟ يظنك تقول: اقرع الباب؛ ما يعرف أن هناك باب غير الباب المعروف، لكن هذا عرف عند أهل العلم، وهذا كما تقدم جارٍ على التعريف الثاني للحقيقة، وأما على التعريف الأول فالحقيقة خاصة باللغوية. وثالثاً إلى مجازٍ وإلى ... حقيقة وحدها ما استعملا من ذاك في موضوعه وقيل ما ... يجري خطاباً في اصطلاحٍ قدما أقسامها ثلاثة شرعي ... واللغوي الوضع والعرفي ثم ذكر -رحمه الله تعالى- أنواع المجاز فقال: والمجاز إما أن يكون بزيادةٍ أو نقصان أو نقل أو استعارة: ثم مثّل للزيادة بقوله -جل وعلا-: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [(11) سورة الشورى]، والنقصان مثل قوله تعالى: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} [(82) سورة يوسف]، والمجاز بالنقل: كالغائط فيما يخرج من الإنسان، والمجاز بالاستعارة قوله تعالى: {جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنقَضَّ} [(77) سورة الكهف].

لما عرف الحقيقة والمجاز وذكر أقسام الحقيقة، أردف ذلك بأنواع المجاز، وذكر أربعةً من أنواعه وهي: المجاز بالزيادة، ومثل له بقوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}: وزعموا أن الكاف هنا زائدة، ومنهم من يتأدب مع القرآن المصون عن الزيادة والنقصان فيقول: صلة، أيش معنى صلة؟ هي زائدة، يعني من حيث الإعراب لا محل لها كصلة الموصول، يشبهون هذه الأمور الزائدة بصلة الموصول الذي لا محل له من الإعراب، زعموا أن الكاف زائدة؛ إذ لو لم تكن زائدة لكانت بمعنى مثل، فيكون التقدير ليس مثل مثله شيئاً، يقولون: وهذا باطل؛ لأنه يلزم منه إثبات المثل لله -عز وجل-؛ إذا قيل: ليس مثل مثله: أثبتنا مثل المثل -على كلامهم- والصحيح أنها ليست بزائدة وإنما ذكرت للتأكيد، فإذا انتفى مثل المثل فانتفاء المثل من باب أولى. إذا قلت: زيد ما لمثله مثيل، من باب أولى .. ، مثله الذي يشبهه من بعض الوجوه ليس له مثيل، إذن مثله المطابق له من كل وجه من باب أولى. وشخص رأى مع آخر ثوباً فقال له: اشتر لي مثل هذا الثوب، فاشترى له الثوب نفسه، فرده، قال: أنا قلت لك: اشتر لي مثل هذا الثوب، ما قلت لك اشتر لي هذا الثوب، فتخاصما عند شريح، فألزمه بأخذ الثوب، وقال: ليس شيء أشبه بالشيء من الشيء نفسه. وهنا نقول: الصحيح أنها ليست بزائدة، وإنما ذكرت للتأكيد، فإذا انتفى مثل المثل فانتفاء المثل من باب أولى؛ مبالغة في نفي المثل. ثم مثَّل للزيادة بالنقصان بقوله -جل وعلا-: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ}، قالوا: المراد أهل القرية؛ إذ القرية لا يمكن سؤالها، والصحيح أنه لا حذف؛ فالمراد بالقرية الأبنية بأهلها، القرية: الأبنية -العمران- بأهله، ولا يطلق على العمران مفرداً قرية، فالأهل جزء من القرية، وعلى افتراض أن المراد بالقرية الأبنية سؤالها ممكن، سؤال القرية ذاتها ممكن، كيف؟ فيكون جوابها بلسان الحال؛ يعني ألا يمكن أن تخاطب داراً خربة فتقول: أين أهلك؟ أين أربابك؟ أين من بناك؟ أين من عمرك؟ نعم، ألا يمكن؟ ألم يسأل علي -رضي الله عنه- القبور؟! والله المستعان. على كل حال الجواب في مثل هذا يكون بلسان الحال وإن لم يكن بلسان المقال.

ثم مثّل للمجاز بالنقل بكلمة: الغائط، إذ الأصل في الكلمة أنها وضعت للمكان المطمئن فيقصده من أراد قضاء الحاجة؛ ليستتر فيه، فأطلقت على الخارج نفسه من الإنسان، والصحيح أن الغائط حقيقة عرفية، وحينئذٍ لا مجاز. والمجاز بالاستعارة مثّل له بقوله تعالى: {جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنقَضَّ}، حيث أضاف الإرادة إلى الجدار فشبّه ميله إلى السقوط، شبه ميله إلى السقوط بإرادة السقوط، التي هي من صفات الحي دون الجماد، والمجاز المبني على التشبيه يسمى استعارة، والصحيح أنه ليس من المجاز؛ فإرادة كل شيءٍ بحسبه، إرادة كل شيء بحسبه، إرادة المخلوق تختلف عن إرادة الجماد، كما أن إرادة الخالق تختلف عن إرادة المخلوق، إرادة كل شيءٍ بحسبه. ومعلوم أن بحث مثل هذه الأشياء في الحقيقة والمجاز مجالها ومحلها كتب البلاغة في علم البيان، وتذكر في كتب الأصول؛ لأنها تبحث في دلالات الألفاظ، وهي من أهم المباحث في الأصول. على كل حال المسألة في الحقيقة والمجاز مسألة طويلة الذيول، والخلاف فيها كبير بين أهل العلم، والذي عليه جمع من أهل التحقيق نفي المجاز، وممن ينفي المجاز شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم. من أراد الاطلاع على المسألة بخصها فليرجع إلى (الصواعق) لابن القيم، ورسالة للشيخ الأمين الشنقيطي -رحمه الله- في منع جواز المجاز، وله أيضاً إجابة عن هذه المسائل أو هذه الأمثلة بخصوصها، له إجابة عنها في مذكرته الأصولية، والله أعلم وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

شرح متن الورقات (5)

شرح متن الورقات (5) هل الكفار مخاطبون بفروع الشريعة - تعريف النهي ومقتضاه وصيغه -تعريف العام الشيخ/ عبد الكريم الخضير السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. هذا يسأل: يقول في قوله تعالى: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} [(82) سورة يوسف]، ذكرتم في الإجابة عنها أن القرية قد تسأل، ويكون جوابها بلسان الحال .. ؟ وذكرنا أن القرية تطلق ويراد بها العمران بساكنيه، وحينئذٍ يسأل من يمكن سؤاله ويرجى جوابه، وعلى سبيل التنزل، إذا قلنا: إن المراد بالقرية هي العمران فقط، فقد حصل أن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- سأل القبور، سأل القبور وأهل القبور: "ماذا عندكم؟ أما ما عندنا فهو كذا وكذا"، وقد كان جوابها بلسان الحال، وهنا يقول: ولسان الحال أليس من المجاز؟ نقول: لا، ليس من المجاز؛ بل هو من الحقائق العرفية، حقيقة عرفية. ذكرتُ أن الأسئلة التي لا علاقة لها بالكتاب تحال إلى الشيخ حفظه الله. هذا يسأل .. ، وهذا سؤال له علاقة بالأصول وهو الترادف بين الكلمات، الترادف مثل: قعد وجلس، هل نقول: إن معنى الكلمتين واحد تماماً بحيث لا يزيد أحدهما عن الآخر -بين قعد وجلس-؟ من أهل العلم من يقول ذلك، يوجد في اللغة كلمات مترادفة، لكن المحققين من اللغويين وعلماء الشرع يثبتون أن هناك فروق بين الكلمات -فروق دقيقة جداً- وكتاب الفروق اللغوية لأبي هلال العسكري أكبر مثال على ذلك، يأتي بالكلمتين التين يظن بهما الترادف فيبيّن ما بينهما من فروقٍ دقيقة، فعلى سبيل المثال: الصنف والضرب والنوع والقِسْم، بينها فروق في غاية الدقة، وهناك أيضاً ما بين القعود والجلوس، هناك أيضاً ما بين القيام والوقوف، وهكذا من الفروق. يقول: هذا يريد حكم الإسبال وبيان حرمته؟ الإسبال: جاء الوعيد الشديد على من جرّ ثوبه، وأن ما كان أسفل من الكعبين ففي النار، وهذا له حكم، ومن جر ثوبه خيلاء له حكم، ويقول بعض الناس: إن ((ما كان من أسفل الكعبين .. )) هذا مطلق، و ((من جر ثوبه خيلاء .. )) هذا مقيّد، والمطلق يحمل على المقيد؟ نقول: لا.

نقول: نعم يحمل المطلق على المقيد إذا اتحدا في الحكم، وهنا اختلاف في الحكم؛ لأن مجرد جر الثوب له حكم وهو في النار -نسأل الله العافية- وأما جرّه خيلاء له حكم آخر أشد من الحكم الأول، وحينئذٍ في مثل هذه الصورة لا يحمل المطلق على المقيد. ولو أدركنا في الكتاب شرح الإطلاق والتقييد لبيّنا ذلك بياناً يكفي -إن شاء الله تعالى- لأن للمقيد مع المطلق صوراً أربعاً، إما أن يتحدا في الحكم والسبب، أو يختلفا في الحكم والسبب، أو يختلفا في الحكم دون السبب، أو العكس، أربع صور، ولكل واحدةٍ منها حكمها. يقول: المحظور يثاب على تركه ويعاقب على فعله، سؤالي: نحن في كل وقت تاركون، هل نجد الثواب مثلاً في هذا الوقت، نحن تاركون السرقة مثلاً؟ إذا تركت المحظور فلا تخلو إما أن تكون تركته عجزاً عنه، أو تكون تركته خشية لله -عز وجل- أو تركته غفلةً وذهولاً، ولكل واحد من هذه الصور حكمها، لكن المسلم إذا استصحب أنه ممتثل لأمر الله -عز وجل- وأنه منتهٍ عما حرمه الله عليه، وأنه لو أتيحت له فرصة للسرقة مثلاً ما سرق -نوى ذلك وبيّت ذلك- يثاب عليه -إن شاء الله- ولو عزب عن ذهنه. هذه أسئلة كثيرة عن المجاز، وهل يدخل في الصفات أو لا يدخل؟ لكن ... يقول: ما رأيكم في تحية المسجد وقت النهي، وهل الأمر مقدم أم النهي في النصوص إذا تعارضت؟ هذه مسألة مهمة جداً، ويقع فيها كثير من الناس، ويحتاج إليها في مثل هذا الوقت؛ لأنه وقت نهي، كثير من الناس يصلي في وقت النهي دون تردد كأن المسألة محسومة، وهذه المسألة من عضل المسائل، وليس الخلاف فيها كما يتصوره بعض الناس أنه من باب العموم والخصوص والخاص مقدم على العام، لا؛ فإذا قال الشافعي مثلاً: "إن أحاديث النهي عامة وأحاديث ذوات الأسباب خاصة". لغيره أن يقول من الحنفية والمالكية والحنابلة أن يقولوا العكس: "أحاديث ذوات الأسباب عامة وأحاديث النهي خاصة". إذا قال الشافعي: "أحاديث النهي عامة في جميع الأوقات، وأحاديث ذوات الأسباب خاصة بهذه الصلوات"، للطرف المقابل أن يقول العكس: "أحاديث ذوات الأسباب عامة في جميع الأوقات، وأحاديث النهي خاصة بهذه الأوقات"، وليس قول أحدهما بأولى من القبول من قول الآخر.

والصواب أن التعارض في هذه النصوص من باب العموم والخصوص الوجهي، ولذا فهذه المسألة من عضل المسائل، حتى قال بعض أهل العلم: لا تدخل المسجد في هذه الأوقات؛ لأنه لم يستطع الترجيح. كيف كان العموم والخصوص وجهياً؟ لارتباط هذه المسألة بما نحن فيه من الأصول أحاديث النهي عامة في جميع الصلوات، خاصة بهذه الأوقات، وأحاديث ذوات الأسباب عامة في جميع الأوقات خاصة بهذه الصلوات، ولا يمكن الترجيح بين النصوص الواردة في هذا وذاك لذاتها؛ لأن النصوص متكافئة، فيطلب مرجح خارجي. فالذين يقولون: نرجح أحاديث ذوات الأسباب، قالوا: لأن عمومها محفوظ ما دخله تخصيص، وعرفنا أن أحاديث النهي مخصصة لهذا العموم في هذه الأوقات، وأحاديث النهي عمومها غير محفوظ، دخله من المخصصات الكثير، فتُرجح أحاديث ذوات الأسباب على أحاديث النهي. والذي يلوح لي أن تحية المسجد -وما أشبهها- في الوقتين الموسعين الأمر فيهما سعة، وأما في الأوقات المضيقة الثلاثة التي جاءت في حديث عقبة: "ثلاث ساعات كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ينهانا أن نصلي فيهن وأن نقبر فيهن موتانا": ترجح فيها أحاديث النهي؛ لأن النهي عنها لذاتها -لذات الأوقات- وأما النهي عن الصلاة في الوقتين الموسعين فهو من باب منع الوسائل؛ لئلا يمتد الأمر بهذا المصلي فيصلي في الأوقات المضيقة. فعلى هذا من دخل في مثل هذا الوقت والشمس بيضاء نقية وصلى ركعتين لا ينكر عليه، ولو جلس عملاً بأحاديث النهي لا ينكر عليه. وتوقف كثير من أهل العلم؛ من أهل العلم من قال: إذا دخل في وقت النهي لا يجلس يستمر واقفاً، ومنهم من قال: لا يدخل المسجد في أوقات النهي، لكن ما جاء في الوقتين الموسعين أخف مما جاء في الأوقات الثلاثة المضيقة، علماً بأن الأوقات المضيقة أمرها يسير، لا يزيد على ربع ساعة، إذا كانت الشمس بيضاء نقية لا بأس صلِّ، بعد صلاة الصبح تصلي إذا دخلت المسجد؛ لأن الوقت موسع، أما عند طلوع الشمس وعند غروبها وحين يقوم قائم الظهيرة فلا، والله المستعان. يقول: وهل الأمر مقدم أم النهي في النصوص إذا تعارضت؟

معروف قول الأكثر: تقديم النهي على الأمر؛ ((إذا نهيتكم عن شيءٍ فاجتنبوه))، محسوم، أما ((إذا أمرتكم فأمرٍ فأتوا منه ما استطعتم))، وهذا قول الأكثر. شيخ الإسلام -رحمة الله عليه- يرى العكس -أن الأمر مقدم ومخالفة الأمر أعظم من ارتكاب المحظور- ويستدل بأن معصية آدم ارتكاب محظور، ومعصية إبليس مخالفة أمر، ومعصية إبليس أعظم. لكن ما الذي خفف معصية آدم، وما الذي جعل معصية إبليس عظيمة؟ ما صاحب المعصيتين من غرور واستكبار واستنكاف من إبليس، ومن ندم واستصغار من آدم عليه السلام. وعلى كل حال في مثل هذه المسألة لا يجاب بقولٍ مطلق، بل يرجع فيه إلى مقدار هذا الأمر وعظم هذا الأمر المتروك المقرون بالنهي، كما أنه ينظر فيه إلى عظم ارتكاب المحظور بالنسبة للمأمور. فلو تصورنا شخصاً مطالباً بصلاة الجماعة، وفي طريقه إلى المسجد نساء متبرجات، نقول يلزمك حضور صلاة الجماعة، وغض بصرك، لكن هو مطالب بصلاة الجمعة في المسجد وفي طريقه بغي، ومن وراء هذا البغي ظالم يجبر الناس على مقارفة الفاحشة معها؟ نقول: ترك المأمور أو ارتكاب المحظور؟ طالب:. . . . . . . . . ترك المأمور أسهل من ارتكاب المحظور، وعلى هذا كل مسألة تقدر بقدرها، فلا يقال بحكمٍ عام مطَّرد في مثل هذا، بل ينظر إلى كل مسألتين متقابلتين من هذا النوع على حده. يقول هذا -مع أن الوقت طال بنا، وما كنت أنوي أن أجيب عن مثل هذه الأسئلة بحضور شيوخنا لكن .. - هذا يقول: أعشق المناظرات -في أشياء له ارتباط بما مرّ بنا- أعشق المناظرات والجدال لا للعناد، وإنما لقول كلمة الحق، مع علمي بأن المراء العقيم من يتركه يكون قد ضمن له الرسول -صلى الله عليه وسلم- الجنة، ما هي نصيحتكم؟ أولاً: المجادلة مجادلة الخصوم بالحق بالتي هي أحسن مطلب شرعي، مناظرة الكفار بالتي هي أحسن -بالرفق واللين- طلباً للحق وبحثاً عنه، هذا لا شك أنه أسلوب من أساليب الدعوة، هذا مطلوب، وهذا الأسلوب موجود في النصوص من الكتاب والسنة، لكن الجدال لذاته، والمراء لإظهار العلم -لكي يقول الناس: هذا يحسن كذا- فيه ما في غيره من أبواب العلم.

أيضاً لو تعلم من غير جدالٍ ولا مراء؛ ليقال: عالم، صار من أول من تسعّر بهم النار -نسأل الله العافية- أيضاً الجدال الذي لا جدوى من وراءه هذا مذموم، فمن يؤتى الجدل الذي لا فائدة فيه وتميل إليه نفسه لا شك أنه دليل على حرمان العلم والعمل معاً، والله المستعان. فإذا كانت لديك هذه الملكة فعليك أن تنميها بالأدلة لا بالمعقولات، لا أن تعتمد على الجدل العقلي، نعم هناك آداب للبحث والمناظرة -مراعاة عند أهل العلم- تؤخذ، لكن العمدة الأدلة وفهم السلف لهذه الأدلة، فإذا دخلت في هذا الباب بنيةٍ صالحة وقصدك الحق ملغياً حظوظ النفس، فإنك مأجور إن شاء الله تعالى. بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فقد قال إمام الحرمين -رحمه الله-: والأمر استدعاء الفعل بالقول ممن هو دونه على سبيل الوجوب، والصيغة الدالة عليه (افعل)، وهي عند الإطلاق والتجرد عن القرينة تحمل عليه، إلا ما دل الدليل على أن المراد منه الندب أو الإباحة فيحمل عليه، ولا يقتضي التكرار -على الصحيح- إلا إذا دلَّ الدليل على قصد التكرار، ولا يقتضى الفور، والأمر بإيجاد الفعل أمر به .. يكفي .. الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: والأمر استدعاء الفعل: الأمر الذي هو أحد شقي التكليف؛ التكليف إما بأمرٍ أو بنهي، على خلافٍ في التخيير، الذي مقتضاه الإباحة هل هو تكليف أم لا، الأمر عرفه المؤلف بأنه استدعاء الفعل بالقول ممن هو دونه: فيخرج بقوله استدعاء الفعل النهي لماذا؟ لأنه استدعاء للترك، كما أنه يخرج به المباح؛ لأنه ليس استدعاء أصلاً، لا فعلاً ولا تركاً. وقوله: بالقول: يخرج به ما دلّ على طلب الفعل من غير قول كالإشارة، ونصب العلامة، والكتابة، والقرائن المفهمة. الآن إذا قال الأب لابنه: اذهب، هذا أيش؟ أمر، من الإشارات المفهمة إذا قال الأب لابنه: ... -أيش معناه؟ اذهب، يعني بدون نطق، لو قال لولده باليد هكذا، هل يسمى أمراً أو لا يسمى أمراً على مقتضى كلام المؤلف؟ لا يسمى أمراً.

لو كتب له ورقة -كتابة- لا يسمى أمراً؛ لأنه خصه بالقول، والقول هو ما يتلفظ به –الملفوظ- فلا تدخل الإشارة ولا تدخل الكتابة ولا تدخل القرائن -القرائن المفهمة- ولا يدخل أيضاً في ذلك نصب العلامة، إذا كان للوالد طريقة أنه إذا نزل من مشربته أو غرفته اقتضى ذلك أن يخرج معه الأولاد إلى الصلاة مثلاً أو إلى العمل، هذه قاعدته المطَّردة، هل معنى هذا أنه إذا نزل وتخلف واحد منهم أن يكون قد عصى لمجرد نزوله؟ هذا وإن تضمن الأمر لكنه بالفعل لا بالقول، فهل يأثم من خالف الأمر المفهوم من الإشارة، وهل يأثم من خالف الأمر المكتوب؟ هو لا شك أن دائرة الإخبار أوسع من دائرة القول والتحديث، فإذا قال الرجل لعبيده: من حدثني بكذا فهو حر، من أخبره بكتابة لا يعتق، من أخبره بإشارة لا يعتق، من أخبره بعلامة لا يعتق، بعلامة ولو كانت مفهمة، ولو قال الرجل لعبيده: من أخبرني بكذا فهو حر عتق إذا وجد أي شيءٍ من هذه الأمور، سواء كان بالقول أو بالكتابة أو بالإشارة أو نصب العلامة المفهمة، هذا مقتضى قول المؤلف، لكن هل هو جامع؟ دقيق؟ مخرج لما ذكر؟ يعني لو كتب الأب، أو ولي الأمر أصدر أمر كتابة بدون القول، يلزمه قوله أو لا يلزم كتابة؟ نعم، يلزم، إلا على قوله، لو قال الأب لابنه هكذا وهو يفهم، اذهب، ثم جلس -المسألة مفترضة في شخص يفهم هذه الإشارة، والذي لا يفهم ما يلزم ولا بالقول، الذي لا يفهم، المراد من القول لا .. كما سيأتي. فلا شك أن الأمر يحصل بالقول والكتابة والإشارة المفهمة، فإذا قال الأب لابنه هكذا يعني اذهب فلم يذهب يكون عاصياً. وقوله: ممن هو دونه: يخرج به الطلب من المساوي والأعلى، فلا يسمى أمراً إذا زيد مساوٍ لعمرو، قال له: اذهب فاشتر لي، يسمى أمراً أو التماساً؟ يسمونه التماس، وإن كان بصيغة الأمر. إذا الابن طلب من أبيه أن يشتري له شيئاً، اشتر لي قلماً، اشتر لي كراسةً، اشتر لي كذا، اشتر لي كتاباً، هل هذا يسمى أمراً؟ لا يسمى أمراً، يسمونه سؤال مثل هذا.

إذا قال الله -عز وجل- لعباده: {أَقِيمُواْ الصَّلاَةَ} [(43) سورة البقرة]، هذا أمر، لكن إذا قال العباد لربهم: {ربَّنَا اغْفِرْ لَنَا} [(147) سورة آل عمران]: {اغْفِرْ لَنَا}: صيغة أمر، لكن هل هذا أمر؟! هذا دعاء. على سبيل الوجوب: يخرج به الندب والإباحة، يخرج به الندب والإباحة على ما سيأتي في الأمر بعد الحظر هل يقتضي الإباحة أو لا؟ يأتي تفصيله إن شاء الله تعالى. والصيغة الدالة على الأمر (افعل): مثل: {أَقِمِ الصَّلاَةَ} [(78) سورة الإسراء]، ومثل هذه الصيغة اسم فعل الأمر، مثل: هاك، بمعنى خذ، نعم، هاك بمعنى خذ. هاك حروف الجر وهي من إلى ... حتى خلا. . . . . . . . . يعني خذ هذه الحروف التي تدل على الأمر. والمصدر النائب عن الفعل -عن فعل الأمر-: {وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} [(23) سورة الإسراء]، يعني أحسنوا إحساناً. والمضارع المقرون بلام الأمر: {وَلْيَكْتُب بَّيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ} [(282) سورة البقرة]، فاللام لام الأمر. ومثل الصيغة التصريح بلفظ الأمر لا بصيغته، كما في قوله -جل وعلا-: {إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} [(58) سورة النساء]: هذا تصريح بلفظ الأمر، وهو مقتضٍ للوجوب كالأمر، كما في قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((أمرت أن أسجد على سبعة أعظم))، والآمر هنا هو الله سبحانه وتعالى. لكن إذا قال الصحابي: "أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم .. "، هل يساوي صيغة افعل؟ "أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم"؟ إذا قال الصحابي: "أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم": فهذا مرفوع بلا خلاف؛ لذكر النبي -عليه الصلاة والسلام- ولا يتأتى فيه الخلاف في مثل قول الصحابي: أمرنا أو نهينا على ما سيأتي. هو مرفوع قطعاً، لكن هل قول الصحابي: "أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم"، مثل قوله -عليه الصلاة والسلام-: افعلوا كذا؟ طالب:. . . . . . . . . يعني: "أمرنا أن ننزل الناس منازله"، هل هو مثل قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((أنزلوا الناس منازلهم))، وجاء الحديث بهذا وهذا؟

الجمهور على ذلك -على أنه لا فرق- يعني تعبير الصحابي عن صيغة الأمر والنهي بلفظهما لا يختلف عند جماهير أهل العلم، خلافاً لداود الظاهري وبعض المتكلمين، قالوا: لا يقتضي الأمر ولا يقتضي النهي حتى ينقل لنا اللفظ النبوي؛ لسنا مطالبين بألفاظ الصحابة وفهوم الصحابة -على كلامهم- لأن الصحابي قد يسمع كلاماً يظنه أمراً أو نهياً وهو في الحقيقة ليس بأمر ولا نهيٍ. نقول: لا، هذا القول مرذول؛ لأنه إذا لم يعرف السلف من الصحابة الذين عاصروا النبي -عليه الصلاة والسلام- وفهموا مقاصده، ومقاصد الشرع، إذا لم يفهموا مدلولات الألفاظ النبوية من يفهمه؟ نعم، في قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((رُبَّ مبلّغٍ أوعى من سامع))، لكن (رُبَّ): حرف تقليل، ولا يتصور أن الصحابي يقول: "أمرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ومراده -عليه الصلاة والسلام- النهي، أبداً؛ فالصحابة فهمهم مقدم على فهم غيرهم، فقول داود الظاهري وبعض المتكلمين في هذه المسألة مرذول، لا حظَّ له من النظر، أما إذا قال الصحابي: أمرنا أو نهينا، فالخلاف في رفعه معروف عند أهل العلم. "أُمِرْنَا": هل يتصور أن يقول الصحابي: "أمرنا" في مسألةٍ شرعية والآمر غير النبي عليه الصلاة والسلام؟ ولذا جماهير أهل العلم على أن الآمر هو النبي -عليه الصلاة والسلام- وهو الناهي في المسائل الشرعية، فهو مرفوع، خلافاً لأبي بكر الإسماعيلي والكرخي وغيرهما الذين قالوا: هو موقوف. قول الصحابي من السنة أو ... نحو أمرنا حكمه الرفع ولو بعد النبي قاله بأعصُر ... على الصحيح وهو قول الأكثر على كل حال الذي جرنا إلى هذا كله التصريح بلفظ الأمر. مثل التصريح بلفظ الأمر، التصريح بالفرض: "فرض رسول الله -صلى الله عليه وسلم- زكاة الفطر"، أو بالوجوب أو بالكتب: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ} [(183) سورة البقرة]: معناه فُرض، وهذا دال على الوجوب.

وقوله: والأمر بما يدل عليه من الصيغ: سواء كان بصيغة (افعل) أو اسم فعل الأمر، أو المضارع المقرون بلام الأمر، أو ما جاء بلفظ الأمر وما ألحق به، عند الإطلاق وعدم التقييد والتجرد عن القرينة الصارفة التي تصرفه عن الوجوب تحمل عليه -أي على الوجوب- نحو: {أَقِيمُواْ الصَّلاةَ} [(72) سورة الأنعام]. لهذا يقول عامة أهل العلم: الأصل في الأمر الوجوب، ومن أوضح الأدلة على ذلك قوله تعالى: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ} [(63) سورة النور]، فالوعيد مرتب على مخالفة الأمر، فدل على أن أمره -عليه الصلاة والسلام- للوجوب؛ {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [(63) سورة النور]. ومن الأدلة الدالة على ذلك قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك مع كل وضوء))، أو ((عند كل صلاة)): ولا شك أن أمر الاستحباب ثابت وباق إنما المرتفع لوجود المشقة هو أمر الوجوب، أما أمر الاستحباب فهو ثابت. قد يقول قائل: نجد الأوامر الصريحة وهي محمولة عند جمهور أهل العلم على الاستحباب، ولا نقف على صارف -هذا كثير في كتب أهل العلم- الجمهور حمله على الندب ويقول الظاهرية على الأصل بالوجوب، فما موقف طالب العلم في مثل هذا؟ هل يقول بقول الظاهرية ولو خالفهم الأئمة الأربعة وأتباعهم؟

وقفتَ على مسألة في كتابٍ من الكتب التي تعنى بذكر الخلاف، أو عندك أمر للنبي -عليه الصلاة والسلام- وفي الشروح حمله الجمهور على الندب، وقال بالوجوب الظاهرية، أو وقفت على نهيٍ حمله الجمهور على الكراهة، والتحريم لا يقول به إلا الظاهرية، هذه المسألة تواجه طلاب العلم كثيراً، فمثلاً الأئمة الأربعة وأتابعهم في جهة، والظاهرية في جهة؛ الظاهرية معهم الأصل، وهو أن الأصل في الأمر الوجوب وفي النهي التحريم، والجمهور حمل .. ، تبحث عن صارف ما تجد، فهل تقول بالوجوب بناءً على الأصل ولو لم يقل به إلا الظاهرية، أو تتهم نفسك بالقصور أو بالتقصير عن البحث عن صارف فتقول بما قال به الجمهور ولو خالفت الأصل؟ المسألة كبيرة والأمثلة عليها كثيرة. هاه، ألا يواجهكم مثل هذا؟ كثير هذا، تجد أمراً وإلا نهياً يقول الظاهرية بالتحريم أو بالوجوب والجمهور على الندب، بما في ذلكم الأئمة الأربعة. نقول: لا عبرة بقول أحد مع قوله -عليه الصلاة والسلام- والأمر للوجوب والنهي للتحريم، ولو لم يقل به إلا الظاهرية؟ أو نقول بقول الجمهور ونتهم أنفسنا بالتقصير في البحث عن الصارف؟ والمسألة مفترضة في شخصٍ من أهل النظر، لديه أهلية النظر؟ ها يا إخوان؟ المسألة مبنية على الاعتداد بقول الظاهرية، هل يعتد بقول الظاهرية في مسائل الخلاف والاتفاق أو لا يعتد بهم؟ النووي صرح في مواضع من كتبه أنه لا عبرة بقول الظاهرية، ولا يعتد بقول داود، يقول في شرح مسلم في الجزء الرابع عشر (14) صفحة تسعة وعشرين (29): "ولا يعتد بقول داود لأنه لا يرى القياس الذي هو أحد أركان الاجتهاد".

ومن أهل العلم من يرى أن قول الظاهرية معتبر ومعتد به بل من أولى من يعتد بهم؛ لاهتمامهم بالنصوص، ولا شك أن المسألة إذا كان عمدتها الدليل -الدليل بمنطوقه- لا شك أن الظاهرية من أولى من يعتد بهم، لكن إذا كانت عمدة المسألة أقيسة أو مفاهيم فالظاهرية لا عبرة بقولهم ولا بخلافهم؛ لأنهم لا يرون شيئاً من ذلك. على كل حال نعود إلى المسألة، كانت المسألة مشكلة عندي جداً أن يكون الأئمة الأربعة وأتباعهم كلهم في جهة والظاهرية في جهة، والظاهرية معهم الأصل، نعم أحياناً الإنسان يتهم نفسه في البحث، لكن إذا استقصى ولا وجد شيئاً ماذا يصنع؟ ما وجد صارف؟ طالب:. . . . . . . . . يتبع الظاهرية. طالب:. . . . . . . . . لو لم يقل به أحد يتبع الأصل ولا الظاهرية؟ طالب:. . . . . . . . . لا لا، إذا لم يقل به أحد فهو إجماع. طالب:. . . . . . . . . أنا أقول: إذا لم يقل به أحد فالمسألة محسومة –إجماع- لكن إذا وجد من يقول به ممن يخرج عن المذاهب الأربعة وأتباعهم، دعنا من كلام شيخ الإسلام -إمام معتبر ومن أهل الاستقراء والاطلاع هذه مسألة- لكن أهل الظاهر الذين عندهم مخالفة في الأصول لجماهير الأمة؟ طالب:. . . . . . . . . يأخذ بالأحوط، يعني يعمل بالوجوب في نفسه ولا يلزم به الناس، أو يقول بالتحريم ويفتي بذلك نفسه، ويكف نفسه ويمتنع ولم لم يفتِ به الناس، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . لا شك أن الاحتياط مطلوب، لكن الاحتياط إذا أدى إلى ارتكاب محظور أو ترك مأمور فالاحتياط في هذا: الاحتياط، وقد يوجد في بعض الصور. طالب:. . . . . . . . . نتعبد لله بأيش؟ طالب:. . . . . . . . . نعم بما تدين الله به أنت، لكن المسألة مفترضة في شخص من أهل النظر، هل يقول: كون الأئمة الأربعة وأتباعهم على مدى قرون كلهم تواطؤوا ولم يوجد من يخالفهم إلا أهل الظاهر، هذا قرينة، وأن هناك صارف ولو لم أطلع عليه، ويتهم نفسه في ذلك، أو يقول: أنا ما عليَّ من أحد، لا أئمة أربعة ولا غيرهم؛ أنا عندي نص، أعمل بالنص ولو لم ... نعم؟ طالب:. . . . . . . . . يتوقف. طالب: .... غير العبادات .... وأيش وجه التفريق بين .. الدين واحد؟

طالب: قال بعضهم عند التوافق يكون في غير العبادات. . . . . . . . . [كاتبوهم]، [أشهدوا]، في أبواب الآداب الجماهير يحملونها على الاستحباب. طالب:. . . . . . . . . ترى الناس. . . . . . . . . صوتك. طالب:. . . . . . . . . وهذا هو الأصل إذا كان من أهل النظر لا يسوغ له أن يقلد. طالب: يعني يبقى على الأصل؟ يبقى على الأصل نعم. طالب:. . . . . . . . . نعم، أنا سألت الشيخ عبد العزيز -رحمة الله عليه- عن هذه المسألة فقال: "يعمل بالدليل ولو لم يقل به إلا الظاهرية"، ولا زالت المسألة مشكلة عندي؛ لأن للأئمة أقدار في نفسي. طالب:. . . . . . . . . كيف؟ طالب:. . . . . . . . . إيه، أنا أقول: هذه الوقفة أوجدها أيش؟ القصور أو التقصير عن البحث عن صارف، قد يكون الصارف في كتابٍ ما وقفت عليه، مثل ما قالوا: لو وجد حديث صحيح صريح عمل الأئمة بخلافه -أجمع العلماء على ترك العمل به- يقولون لا يعمل به. لماذا؟ لوجود ناسخ لهذا الخبر ولو لم نقف عليه. وقوله: إلا ما دل الدليل على أن المراد منه الندب: نحو: {وَأَشْهِدُوْاْ إِذَا تَبَايَعْتُمْ} [(282) سورة البقرة]، {فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا} [(33) سورة النور]؛ لأن المقام يقتضي عدم الوجوب في مثل هذه المعاملات، والنبي -عليه الصلاة والسلام- باع ولم يشهد، فعُلم أن الأمر للندب. قوله: أو الإباحة: كالأمر بعد الحظر، في مثل قوله تعالى: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا} [(10) سورة الجمعة]، {وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُواْ} [(2) سورة المائدة]: للمنع من البيع بعد النداء يوم الجمعة في قوله تعالى: {إِذَا نُودِي لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ} [(9) سورة الجمعة]. وفي مثل قوله -جل وعلا-: {وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا} [(96) سورة المائدة]، والذي يختاره بعض المحققين أن الأمر بعد الحظر يرد الحكم إلى ما كان عليه قبل الحظر، الأمر بعد الحظر يرد الحكم إلى ما كان عليه قبل الحظر. طالب:. . . . . . . . .

هو الذي يختاره بعض المحققين، واختاره ممن اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- ونسبه الطوفي في البلبل إلى الأكثرين، ومال إليه -بل رجحه- الشنقيطي رحمة الله عليه. طالب:. . . . . . . . . الحظر إنما وجد لعارض، الحظر وجد لعارض، فإذا زال هذا العارض رجع الحكم إلى ما كان عليه قبل هذا الحظر، {وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا} [(96) سورة المائدة]، انتهى الإحرام، وحل من إحرامه نقول: حل له الصيد، لكن إن كان الصيد بالنسبة له حلالاً -قبل الإحرام مباحاً- نقول: الصيد حينئذٍ مباح، إن كان الاصطياد والصيد واجباً لضرورته إلى هذا الاصطياد صار الصيد في حكمه واجباً؛ إن لم يصد مات، نقول: يجب عليه أن يصطاد. إذا كان الصيد في حقه مكروهاً أو محرماً، يرجع إلى ما كان عليه قبل الحظر، إذا كان يصطاد هذه الطيور لا لمأكله وإنما هواية، لا يجوز له أن يصطاد، إذا كانت مجرد هواية لا لمأكله؛ وقد جاء النهي عن قتل الحيوان إلا لمأكله، هل يقتل حيوان كذا من غير فائدة؟ قوله: ولا يقتضي التكرار -على الصحيح- إلا إذا دل الدليل على قصد التكرار: يعني أن صيغة الأمر (افعل) لا تقتضي تكرار الفعل، صيغة الأمر (افعل) لا تقتضي تكرار الفعل، بل إذا فعله المكلف مرة واحدة خرج من عهدته وبرئت ذمته وتم امتثاله؛ لأن الأصل براءة الذمة مما زاد على المرة، يعني لذات الأمر لا لأمرٍ خارج، وهناك أدلة تدل على التكرار يعمل بالتكرار. {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [(56) سورة الأحزاب]: يعني من صلى على النبي -عليه الصلاة والسلام- في عمره مرة واحدة نقول: برئت ذمته وامتثل الأمر، أو نقول يكرر كلما ذكر عليه الصلاة والسلام؟ للنصوص الواردة في ذلك يكرر، فإذا دل الدليل على التكرار فهو المتعين. {أَقِمِ الصَّلاَةَ} [(78) سورة الإسراء]، {أَقِيمُواْ الصَّلاَةَ} [(43) سورة البقرة]: الأمر بالصلاة، إيتاء الزكاة، دل الدليل على أنها تتكرر متى وجدت الأسباب التي ربطت بها، بخلاف الحج مثلاً دل على الدليل على عدم التكرار، وهكذا.

باب الأمر:

أما الصيغة لذاتها فإنها لا تقتضي التكرار، وقال بعضهم: إنها لا تقتضي التكرار ولا عدم التكرار؛ هي تقتضي وجوب الفعل والتكرار وعدمه هذا من أدلةٍ أخرى. قوله: ولا تقتضي الفور: أي أن صيغة الأمر لا تقتضي الفور -يعني ولا التراخي إلا بدليل- صيغة الأمر لا تقتضي الفور، نعم، إذا ضاق الوقت وخرج الوقت الذي حدد لهذا العمل، فلا بد من الفور، لا بد من المبادرة. لو قال الأب لابنه بعد صلاة العشاء مثلاً: اشتر خبزاً. خبز لإيش؟ للعشاء أو للفطور؟ قال: للفطور. الآن يذهب ليشتري أو الوقت فيه سعة؟ الوقت فيه سعة، فلا يقتضي الفور حينئذٍ؛ لأن المقصود إيجاد الفعل من غير اختصاصٍ بالزمن الأول أو الثاني. المقصود أنه لا ينتهي الوقت المحدد له، مثل: {أَقِمِ الصَّلاَةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ} [(78) سورة الإسراء]: أي لزوالها، أقم صلاة الظهر لدلوك الشمس -لزوالها- هل يعني هذا أنك تقيم الصلاة بمجرد الزوال، أو الوقت موسع كما دل عليه الدليل إلى مصير ظل كل شيءٍ مثله؟ المراد بالدلوك أيش؟ هاه؟ دلوك الشمس: زوالها، وقيل له الدلوك لماذا؟ لماذا قيل له الدلوك؟ لماذا قيل للزوال دلوك؟ قالوا: لأن الناظر إلى الشمس في هذا الوقت تؤلمه عينه فيحتاج إلى دلك لهذا، هكذا قالوا. المقصود أن الصيغة لا تقتضي الفور إلا إذا دل الدليل على ذلك، مثل: ((تعجلوا الحج) على خلافٍ فيه هل هو واجب على الفور أو على التراخي، وأقوال أهل العلم في بابه مبسوطة. وقال بعضهم: إنه يقتضي الفور، وهذا قول المالكية، وهو أيضاً قول معتبر عند الحنابلة؛ للأمر بالمسارعة والمسابقة: {وَسَارِعُواْ} [(133) سورة آل عمران]، {سَابِقُوا} [(21) سورة الحديد]، {فَاسْتَبِقُوا الخَيْرَاتِ} [(48) سورة المائدة]، ولا شك أنه أحوط وأبرأ للذمة، لكن الإلزام يحتاج إلى نصٍ قاطع، قال في قرة العين: "وهو مقتضى قول كل من قال إنه يقتضي التكرار". يقول الناظم: باب الأمر: وحده استدعاء فعل واجب ... بالقول ممن كان دون الطالب بصيغة افعل فالوجوب حققا ... حيث القرينة انتفت وأطلقا لا مع دليل دلنا شرعاً ... على إباحة في الفعل أو ندبٍ فلا بل صرفه عن الوجوب حتما ... بحمله على المراد منهما

ولم يجب فوراً ولا تكرارا ... إن لم يرد ما يقتضي التكرارا نعم سم: والأمر بإيجاد الفعل أمر به وبما لا يتم الفعل إلا به، كالأمر بالصلاة أمر بالطهارة المؤدية إليها، وإذا فُعِل يخرج المأمور عن العهدة. نعم، الأمر بإيجاد الفعل أمر به وبما لا يتم الفعل إلا به، كالأمر بالصلاة أمر بالطهارة: أمر بالسترة أمر بتحصيل الماء، أمر بقصد المسجد؛ لأداء صلاة الجماعة وهكذا. وإذا فُعل خرج المأمور عن العهدة: يعني أن الأمر بالشيء أمر به على سبيل الغاية، وأمر بما لا يتم إلا به على سبيل الوسيلة، فالأمر بالصلاة أمر بالطهارة؛ لأنها لا تصح بدونها، سواء كان المأمور به واجباً كما ذكر أو مستحباً كغسل الجمعة عند جمهور أهل العلم -الأمر به على سبيل الندب عند الجمهور- وهو أمر لا يتم إلا بإحضار الماء وتسخينه أو تبريده، إذا كان استعماله لا يتم إلا بذلك، وإيجاب الجماعة في المسجد إيجاب للذهاب إليها، وإيجاب أداء الشهادة إيجاب للذهاب إلى المحكمة وهكذا، وهذا بخلاف الوجوب، يعني ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، لكن ما لا يتم الوجوب إلا به هل هو واجب أو لا؟ طالب:. . . . . . . . . لماذا؟ طالب:. . . . . . . . . نعم؛ ليس مما كلف به الإنسان؛ يعني الزكاة لا يتم وجوبها إلا بتحصيل النصاب، لا يتم وجوبها إلا بتحصيل النصاب، هل نقول: على كل مسلم أن يسعى لتحصيل النصاب من أجل أن يزكي؟ لا يجب عليه ذلك، لكن حصل عنده النصاب ووجبت عليه الزكاة، لكنه لا يجد فقيراً إلا بالمسير إليه، يذهب إليه؛ لا يتم وجوب إخراج الزكاة الواجبة عليه إلا بذلك، وفرق بين ما لا يتم الواجب إلا به، وبين ما لا يتم الوجوب إلا به. وإذا فُعِل: بالبناء للمجهول أي المأمور به حذف الفاعل للعلم به، إذا فعله المكلف خرج المأمور -هذا المكلف- عن عهدة الأمر وبرئت ذمته فلا يطالب به مرةً أخرى؛ إذا فعل على وجهٍ مجزئ مسقط للطلب صحيح تترتب آثاره عليه فإنه لا يطالب به مرةً أخرى، وهذا معنى كونه صحيحاً مسقطاً للطلب.

ولا تلازم بين الصحة والقبول؛ قد يصح العمل ولا يقبل، لا تلازم بين الصحة والقبول؛ إذ قد يصح العمل باستيفاء شروطه وأركانه ولا يكون مقبولاً، كما في قوله تعالى: {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} [(27) سورة المائدة]، فالفساق أعمالهم صحيحة وإلا باطلة؟ أعمال الفساق صحيحة وإلا باطلة؟ {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ}: أعمالهم صحيحة، بمعنى أنهم لا يطالبون بها مرةً ثانية، نشوف شخصاً حليقاً وإلا مسبلاً وإلا مرتكبَ محرم صلى، نقول له: لا أعد صلاتك؛ لأن الله .. ، إنما يتقبل الله من المتقين؟! نقول: صلاتك صحيحة ومجزئة عن الطلب، ونفي القبول هنا المراد به نفي الثواب المرتب على هذه العبادة، ((لا يقبل الله صلاة من في جوفه خمر))، لا يقبل الله .. أو ((من أتى عرافاً لم تقبل صلاة أربعين يوماً)): قالوا هذا نفي الثواب المرتب على هذه العبادة، وليس معنى هذا أنهم يؤمرون بإعادتها إذا جاءوا بها على الوجه المشروع. لكن قد يرد نفي القبول ويراد به نفي الصحة: ((لا يقبل الله صلاة من أحدث حتى يتوضأ))، نقول: صلاته صحيحة، والثواب المرتب عليها .. ؟! لا لا، هنا المراد به نفي الصحة، لماذا؟ لأن الوضوء شرط للصلاة. ((لا يقبل الله صلاة حائض ٍ إلا بخمار)) كذلك؛ السترة بالنسبة للمرأة اللائقة بها شرط لصحة الصلاة، كما أن سترة الرجل اللائقة به شرط لصحتها. فإذا جيء بالمأمور مستوفياً الشروط والأركان والواجبات أجزأ وسقط الطلب وترتبت عليه آثاره، أما إذا اختل شرط أو ركن مع القدرة عليه لم يصح، بل تجب الإعادة ولم يسقط به الطلب، وإذا اختل واجب ففي الصلاة مثلاً إن كان عمداً لم تصح وإن كان سهواً جبر بسجود السهو، وفي الحج يجبر بدم سواء كان عمداً أو سهواً، كن الفرق بين المتعمد وغيره أن المتعمد آثم مع إلزامه بالجابر وغير المتعمد معذور. والأمر بالفعل المهم المنحتم ... أمر به وبالذي به يتم كالأمر بالصلاة أمر بالوضوء ... وكل شيءٍ للصلاة يفرض وحيث ما إن جيء بالمطلوب ... يخرج به عن عهدة الوجوب

الذي يدخل في الأمر والنهي وما لا يدخل:

يدخل في خطاب الله تعالى المؤمنون، والساهي والصبي والمجنون غير داخلين في الخطاب، والكفار مخاطبون بفروع الشريعة، وبما لا تصح إلا به وهو الإسلام؛ لقوله تعالى: {مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ* قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ} [(42 - 43) سورة المدثر]. الذي يدخل في الأمر والنهي وما لا يدخل: يقول المؤلف: يدخل في خطاب الله تعالى المؤمنون، والساهي والصبي والمجنون: الواو هذه عاطفة، أو استئنافية؟ استئنافية؛ والساهي والصبي والمجنون غير داخلين في الخطاب: هذه الترجمة المراد بها من يتناوله خطاب التكليف بالأمر والنهي ومن لا يتناوله. قال في قرة العين: "قال ما لا يدخل"، ترجمة: الذي يدخل في الأمر والنهي وما لا يدخل، "قال: ما لا يدخل تنبيهاً على أن من لم يدخل في خطاب التكليف ليس في حكم ذوي العقول"، لماذا؟ لأن العقل هو مناط التكليف، فعبّر بـ (ما) التي هي في الأصل لغير العاقل تشبيهاً لهؤلاء بغير العقلاء. لو أخر الناظم هذه الترجمة بعد مبحث النهي لأحسن؛ لأنها متعلقة بالأمر والنهي معاً، فتقديمها على النهي كما فعل المصنف مفضول. يدخل في خطاب الله تعالى التكليفي المؤمنون المكلفون البالغون، من ذكرٍ وأنثى من الأحرار والعبيد في الجملة، فيدخل الإناث في خطاب الذكور بحكم التبع؛ لأن النساء شقائق الرجال، يقول الله -عز وجل- عن مريم -عليها السلام-: {وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ} [(12) سورة التحريم]، فإذا عُبِّر عنها بجمع الذكور على سبيل الاستقلال فدخولها معهم على سبيل التبعية من باب أولى. وأما الساهي -وهو الغافل- وفي حكمه الناسي فلا يكلف؛ لأن من شرط التكليف فهم الخطاب لما كلف به، وهذا لا يتم إلا بالانتباه، وأما الصبي فهو غير مكلف سواء كان مميزاً أو غير مميز ما لم يبلغ سن التكليف، وأمره بالعبادات قبل التكليف من باب التمرين على العبادة؛ لحديث: ((رفع القلم عن ثلاثة)): وفيهم: ((والصبي حتى يبلغ))، ومثله المجنون للحديث المذكور، ولما ذكرنا من أن مناط التكليف هو العقل، والمجنون لا يعقل.

وأما وجوب الزكاة في مال الصبي والمجنون فهو ليس من باب التكليف بل هو من باب ربط الأسباب بالمسببات، وهو حكم وضعي وليس بحكم تكليفي. ويؤمر الساهي ومثله النائم -بعد ذهاب الوصف المقتضي للعذر- بقضاء ما فات من الصلاة وضمان ما أتلف من الأموال؛ لوجود سبب ذلك وهو الإتلاف ودخول الوقت. المغمى عليه: هل هو في حكم المجنون أو في حكم النائم؟ يعني شخص أدخل العناية المركزة لا يعي، هل يؤمر بالقضاء إذا أفاق؛ باعتبار أنه في حكم النائم، أو لا يؤمر بالقضاء باعتبار أنه في حكم المجنون؛ زال عقله؟؟ طالب:. . . . . . . . . أيوه، والحد الفاصل؟ طالب:. . . . . . . . . مطلقاً؟ يعني لو أغمي عليه يوم وليلة نقول: حكم المجنون؟ طالب:. . . . . . . . . يعني يعفى عما كان في مقدار النوم؟ أو نقول: ما كان في مقدار النوم حكمه حكم النوم فيؤمر بالقضاء وما زاد على ذلك حكمه حكم الجنون؟ طالب:. . . . . . . . . ارتفع عقله. طالب:. . . . . . . . . يعني مثل زوال العقل بالسبب، كشرب الخمر ونحوه، يعني زوال العقل بالتسبب، شخص شرب ما يزيل عقله هذا معاقبةً له يؤمر، هذا قصدك؟ طالب:. . . . . . . . . هو فاقد العقل بلا شك، ولو نبه لا ينتبه بخلاف النائم، فهو بالجنون أشبه، لكن يبقى أن هناك قضايا حصلت في عهد الصحابة، وجعلوا الثلاثة الأيام هي الحد الفاصل، إذا كان الإغماء ثلاثة أيام فأقل أمر بالقضاء؛ لأن مثل هذا القضاء لا يشق، وألحقوه بالنائم، أما إذا زاد الإغماء عن ثلاثة أيام فهو في حكم الجنون وحينئذٍ لا يؤمر بالقضاء. ومن زال عقله بسببه -كشرب الخمر مثلاً- فالمسألة خلافية بين أهل العلم، إذا زال عقله بسببه -بسبب منه-فكثير من أهل العلم يقولون: هو مطالب، لمَ يطالب به؟

لأنه هو المتسبب، وليس للإنسان أن يسعى لإسقاط التكاليف، ولذا لو سافر شخص من أجل أن يفطر في رمضان، السفر عذر شرعي، لكن لو سافر من أجل أن يسقط التكليف ما عذر ولا جاز له الفطور، لا يجوز له الإفطار في مثل هذه الصورة، فإذا كان زوال العقل بسببه فإنه حينئذٍ لا يصرف عنه التكليف، ويطالب بكل ما ترك، وتقام عليه الحدود إذا ارتكب ما يقتضي الحد، إذا زنا السكران، قتل السكران، سرق السكران، وهكذا. ومن أهل العلم من يقول: إن عليه إثم الشرب وليس عليه ما يطالب به العقلاء؛ لأنه في هذه الحالة ليس بعاقل والعقل مناط التكليف. لكن لا شك أن مطالبته بجميع آثار فعله يردعه عن الإقدام على هذا الفعل، أما بالنسبة لما يتعلق بحقوق الآدميين فهو محل اتفاق مطالب بذلك، وهذا ليس من باب الحكم التكليفي، ليس من باب الحكم التكليفي، إنما هو من باب ربط الأسباب بالمسببات كالصبي والمجنون. إذا أتلف السكران يلزم بما أتلف، لكن إذا وقع منه ما يوجب الحد فهو محل الخلاف، وفي قصة ماعز: النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: ((أشربت خمراً؟ استنكهوه)). على كل حال المسألة خلافية ومعاقبته قال بها جمع من الصحابة -ترتيب جميع الآثار المترتبة على سكره- قال به جمع من الصحابة؛ ردعاً له، ولئلا يتخذ ذلك وسيلة إلى إسقاط التكاليف. المسألة الأخيرة نعم. والكفار مخاطبون بفروع الشرائع، وبما لا تصح إلا به وهو الإسلام؛ لقوله تعالى: {مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ* قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ} [(42 - 43) سورة المدثر]، والأمر بالشيء نهي عن ضده، والنهي عن الشيء أمر بضده. مسألة مخاطبة الكفار بفروع الشرائع وبما لا تصح إلا به -وهو الإسلام- القول بذلك هو الذي جرى عليه المصنف وهو قول جمهور أهل العلم، الكفار مخاطبون بفروع الشريعة وبما لا يتم به ذلك، ما لا يتم إلا به هو الإسلام والإيمان؛ لأن الإسلام والإيمان شرط لصحة هذه الأعمال، فالجمهور على أنهم مخاطبون بالفروع.

والأدلة على ذلك كثيرة، ومن أوضح الأدلة قوله تعالى: {مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ* قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ} [(42 - 43) سورة المدثر]: أول ما بدؤوا به فرع من فروع الشريعة، إضافةً إلى دخولهم في عموم الأوامر والنواهي، لا سيما فيما يُصدَّر بـ {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ} [(21) سورة البقرة]. هم مطالبون أيضاً بما لا يتم ذلك إلا به -كالإسلام إجماعاً- هذا قول جمهور أهل العلم، والقول الثاني: أنهم غير مطالبين بشيء من ذلك -وهو قول الحنفية- ما لم يوجد شرط القبول، وأي معنىً للمطالبة -بمطالبة الكافر للصلاة- إذا كانت لا تصح منه إذا صلى، ولا يؤمر بقضائها إذا أسلم؟ الآن صلاة الكافر فقدت شرطاً من شروط القبول، وهو نية التقرب، والنية شرط لصحة العبادة، ولذا لا نستطيع أن نأمر بالأصل مع عدم الوسيلة، لا نستطيع أن نأمر بالمشروط مع عدم وجود الشرط، لكن يرد على قولهم هذا أننا لا نستطيع أن نأمر بالصلاة غير المتوضئ، فلا نستطيع أن نأمر شخصاً وهو غير متوضئ أن نقول له: صلِّ، بل لا بد أن نقول له: توضأ قبل ذلك، ثم نأمره بالصلاة، وهذا غير وارد. والقول الثالث: أنهم مطالبون بالنواهي دون الأوامر؛ لأن كفهم عن ارتكاب المحرمات لا يحتاج إلى نية، متوقفة على الإيمان؛ لأنه ترك بخلاف أمرهم بالواجبات فلا؛ لأنها لا تصح بدون نية، والمرجح عند عامة أهل العلم القول الأول -قول الجمهور-؛ لقوة أدلتهم. القول الثاني: دليلهم أنها لا تصح في حال كفره ولا يطالب بها إذا أسلم، إذن ما الفائدة من قولهم بالتكليف؟ نقول: مخاطبتهم بها، لا يعني أنها تصح بدون الإسلام؛ لقوله -جل وعلا-: {وَمَا مَنَعَهُمْ أَن تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلاَّ أَنَّهُمْ كَفَرُواْ بِاللهِ وَبِرَسُولِهِ} [(54) سورة التوبة]، بل زيادة في عقوبتهم في الآخرة، يعاقبون عليها في الآخرة، وكونهم لا يؤمرون بقضائها إذا أسلموا؛ ترغيباً لهم في الإسلام، قال الله -جل وعلا-: {قُل لِلَّذِينَ كَفَرُواْ إِن يَنتَهُواْ يُغَفَرْ لَهُم مَّا قَدْ سَلَفَ} [(38) سورة الأنفال].

في قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((لا تشربوا في آنية الذهب والفضة؛ فإنها لهم في الدنيا ولكم في الآخرة))، فهل في هذا ما يدل على إباحتها لهم؟ نكمله غداً إن شاء الله تعالى، والله أعلم وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. الدرس التالي: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته: الأسئلة كثيرة جداً، وهذا آخر درس -كما تعلمون- والكتاب بقيت فيه بقية كبيرة، ولا يمكن إكمال الكتاب بحال بمثل هذه الطريقة حتى ولا في دورةٍ لاحقة -فيما يغلب على الظن- لكنها جرت العادة أننا إذا بقي علينا شيء من كتاب أننا نكلمه ضمن دروسنا في المسجد، ونخصص له يوماً مستقلاً ويحضر أصحاب التسجيل ويسجلون ويبث على الانترنت. سوف يبث بإذن الله مغرب الثلاثاء من كل أسبوع بدءاً من الأسبوع الثاني في الدراسة، يعني مع بداية الدروس في المسجد، ونخصص له المغرب يوم الثلاثاء -إن شاء الله تعالى- والذي يريد أن يتابع ممن هو بعيد، فعلى موقع لايف إسلام أو .. وأيش اسمه؟ طالب: البث الإسلامي. نعم، البث الإسلامي ويسمونه لايف، المقصود أن دروسنا كلها تبث على هذا، ومنها تكملة هذا الكتاب إن شاء الله تعالى. يقول: هذا أكثر من سؤال فيه طلب الفرق بين الإجماع والاتفاق؟ الأصل أن لا فرق، ويراد بهاتين الكلمتين نفي الخلاف، إذا قيل: لا خلاف، أو اتفق العلماء، أو أجمعوا على كذا هذا الأصل، لكن يبقى أن لبعض أهل العلم اصطلاحات خاصة، فإذا قال: أجمعوا غير قوله: اتفقوا، صاحب الإفصاح هو ممن ينقل الاتفاق ويريد به اتفاق الأئمة الأربعة، وأما إذا أطلق الإجماع فمرادهم به إجماع جميع المجتهدين من علماء الأمة، جميع المجتهدين، هذا قول عامة أهل العلم. أبو جعفر بن جرير الطبري يرى أن الإجماع قول الأكثر، لذا تراه في تفسيره يقول: واختلف العلماء في كذا، إما في قراءة آية، يذكر الخلاف، أو في حكم مستنبط من الآية يذكر الخلاف، يقول: اختلفوا في كذا، ثم يذكر قول الأكثر ويذكر من خالف، ثم يقول: والصواب في ذلك عندنا كذا؛ لإجماع القراءة على ذلك، أو لإجماع العلماء على ذلك، وهو بنفسه ساق الخلاف.

على كل حال مسائل الإجماع والاختلاف فيها مصنفات، أما الاتفاق فهو أقل عند بعض أهل العلم مما في الإجماع، وهو نفي الخلاف؛ الأصل فيه أنه مثل نقل الإجماع، أو مثل نقل الاتفاق، إلا أنه يبقى أنه مقرون بعلم الناقل، نفي الخلاف حسب علمه، فيكون حينئذٍ أقل من التصريح بالإجماع. وقد وقع من كبار الأئمة شيء من هذا، الإمام مالك يقول: "لا أعلم أحداً قال برد اليمين"، مع أن قضاة عصره ابن أبي ليلى وابن شبرمة يقولون به. والإمام الشافعي -رحمه الله- يقول: "لا أعلم أحداً قال بوجوب الزكاة في أقل من ثلاثين من البقر"، مع أن القول معروف عن عثمان وابن عباس في العشر. المقصود أن مثل هذا مرده إلى علم الناقل، أما الإجماع فلا يكاد يصرّح به أحد إلا وهو لا يعرف مخالفاً، اللهم إلا إذا كان ممن يتساهل في نقل الإجماع، يتساهل في نقل الإجماع كالنووي مثلاً، متساهل في نقل الإجماع؛ ادعى الإجماع في مسائل كثيرة الخلاف فيها معروف، بل قد يسوق الخلاف بنفسه، وهذا هو ما جعل الشوكاني يقول: "ونقل هذه الإجماعات تجعل طالب العلم لا يهاب الإجماع". وعلى كل حال الإحاطة بقول جميع المجتهدين فيه عسر، والله المستعان. رسالة طويلة جداً تحتاج في قراءتها إلى وقت؛ يمكن أكثر من عشرين سطر .. على كل حال لو صاحبها يتصل ويجاب بالهاتف أو يحضر للإجابة؛ لأنها تأخذ وقتاً طويلاً. يقول: الكفار مخاطبون .. ، -هذا من سيرلانكا- يقول: الكفار مخاطبون بفروع الشرع، على هذه القاعدة هل يمكن للمسلم فتح المطاعم نهاراً في رمضان في بلاد الكفار؟ إذا قلنا: إنهم مخاطبون وآثمون بأكلهم في نهار رمضان، فتقديم وتيسير الطعام لهم تعاوناً معهم على الإثم والعدوان، فلا يجوز تقديم الطعام لهم. وهل يمكن للمسلم إطعام الخادمات الكافرات نهاراً؟ أولاً: إدخال الكافرات في بيوت المسلمين خطر محض، وهذه المسألة مفترضة في غير هذه البلاد التي أمر النبي -عليه الصلاة والسلام- بإخراج الكفار منها، وأنها لا يجتمع فيها دينان، فإدخال الكفار في بيوت المسلمين ضرر محض، وإطلاعهم على عورات المسلمين أشد ضرراً، وعلى كل حال على المسلم أن يتقيَ الله -عز وجل- في مثل هذه الأمور، والله المستعان.

وهذا أمر ابتلي به الناس، رغم كثرة المشاكل والمصائب من الخدم والسائقين؛ تاهوا بعض الناس، ووقوع الكوارث، والناس يسمعون ويصدقون ما يقع لا ينكرون، لكن إذا خوطب الشخص في مثل هذا التساهل يأبى إلا أن يكون هو العبرة بدلاً من أن يعتبر بغيره، والله المستعان. يقول: صار همّ بعض الشباب الكلام في العلماء والتجريح وتتبع عثراتهم، حتى أنهم يطلقون على البعض أنه كذا أو كذا؟ المقصود أن على المسلم أن يحرص على عمله، وأهم ما على الإنسان نفسه، وما يخلصها وينجيها، ويترك الكلام في الآخرين؛ فأعراض المسلمين حفرة من حفر النار، وهذا ملاحظ، بعض الناس إذا اختلفت معه في وجهة نظر انقلبت جميع الحسنات سيئات، ولا يقبل منك صرفاً ولا عدلاً. يا أخي هذه وجهة نظر، يمكن هو المصيب وأنت المخطئ، ويبقى أن الإسلام -ولله الحمد- فيه شيء من السعة وفيه مجال للاجتهاد، إلا ما وردت فيه النصوص، والإنسان مأجور على اجتهاده ولو أخطأ ولله الحمد، وهذا من سعة رحمة الله عز وجل. فالمسلم عليه أن يحرص على المحافظة على أعماله الصالحة التي سعى في جمعها، ولا يكون مفلساً، فالمفلس من يأتي بأعمال في روايةٍ: ((كالجبال، صلاة وصيام وصدقة وبر وأمر بمعروف ونهي عن المنكر، ثم يوزعها -يعطي فلان وفلان وفلان وعلان- فيأخذ هذا من حسناته وهذا من حسناته، فإذا انتهت الحسنات يضاف إليه من سيئاتهم))، نسأل الله السلامة، والحديث في الصحيح، والله المستعان. على كل حال أعراض المسلمين -كما قرر أهل العلم- حفرة من حفر النار، فليتق الله -سبحانه وتعالى- طالب العلم على وجه الخصوص، ولا يجعل نفسه حكماً على العباد. والجرح والتعديل بالنسبة للرواة على خلاف الأصل؛ لأن الأصل المنع، لكن العلماء أجازوه -بل أوجبوه- للضرورة الداعية إليه، فلولا الجرح والتعديل لم يعرف الصحيح من الضعيف، لكن ما الداعي إلى أن يقال: فلان وفلان وفلان؟ لا مانع أن ينبه الإنسان على الخطأ، وأن يقال: فعله كذا خطأ، منهج شيخ الإسلام -رحمه الله- التشديد على البدع وأهلها، والرد على المبتدعة بقوة، وتفنيد أقوالهم، لكن إذا جاء للأشخاص وهم متلبسون بهذه البدع التمس لكثير منهم الأعذار.

فرق بين أن تتكلم عن الفكرة وأنها مخالفة للشرع بدليل كذا وكذا، إذا كان في أدلة، أما إذا كانت وجهات نظر فتبيّن رأيك ولا تفرضه على أحد، والله المستعان. يقول: هل لكم دروس في الأصول؟ كان لنا درس في شرح مختصر الروضة في يوم الاثنين مع الروض المربع. في أي مسجد؟ يقولون له: مسجد أبا الخيل في حي السلام، المقصود أن الجدول موجود في كثير من الأماكن، ومنشور بالانترنت وغيره، ومعلق في كثيرٍ من المساجد. يقول: هل يصح تنبيه الساهي حال ارتكابه يعني محظوراً، فمثلاً إذا كان صائماً في رمضان وجده شخص يأكل أو يشرب؟ نعم، يلزمه أن ينبهه؛ لأن هذا من التعاون على البر والتقوى، ومثله إذا وجد شخصاً يعبث بلحيته، أو يفعل شيئاً محرماً وهو ساهي ينبهه. يقول: لا شك في فضل طلب العلم وأهله، ولكن ما رأيكم بمن يقوم للدرس بعد الصلاة قبل الأذكار؟ بعض من يتصدر لتعليم الناس يفعل هذا فيقوم بعد الصلاة مباشرةً؛ لكي يضمن بقاء الناس في أماكنهم ويعرفون أنه في درس، وهذا في الغالب يكون في الكلمات القصيرة التي تقال بعد الصلوات؛ لئلا ينصرف الناس، وهذه وجهة نظر، هذا خير وهذا خير، لكن الدروس الثابتة المعروفة التي جاء الناس من أجلها، العبادات المرتبة بوقت والتي يفوت وقتها مقدمة على الأمور المطلقة، فلا بد من الإتيان بجميع الأذكار المتعلقة بالصلاة ثم البدء بالدرس. هذا يسأل عن الدروس التي تدرس في المسجد، أين وصلتم فيها؟ المسألة تحتاج إلى تفصيل؛ بعض الكتب من عشر سنين أين وصلنا، والله المستعان، على كل حال الجدول موجود ومعلق في المساجد وهو أيضاً منشور في الانترنت. هذا يقول: خاص لا يفتحه غيركم: رجل عنده قوة وشجاعة وذكاء، وعنده أيضاً إقبال في طلب العلم وفقه في المسائل فهل الأفضل في حقه الجهاد أو طلب العلم؟

على كل حال، الكل خير، والجهاد إذا تعيّن لا يعدله شيء، أما إذا لم يتعيّن فطلب العلم أمر مهم، إذ به يعرف كيف يؤدي العبادة المسقطة للطلب، الموصلة إلى مرضات الله -عز وجل-. وأجوبة النبي -عليه الصلاة والسلام- عن سؤالٍ واحد -هو أفضل الأعمال- جاءت متفاوتة من شخصٍ إلى آخر، فيسأل -عليه الصلاة والسلام- عن أفضل الأعمال، فيجيب بجواب، ويسأله آخر يجيبه بجوابٍ آخر، يسأله ثالث وهكذا؛ وسبب ذلك اختلاف أحوال السائلين، فإذا كان الشخص لديه قوة وشجاعة وإقدام، وفي النواحي الأخرى فيه ضعف، في إدراكه وفهمه وحفظه أقل نقول: الجهاد، وإذا كان العكس: شخص عنده قوة في الحفظ وفي الفهم ولديه استعداد لتحمل العلم وفي بدنه شيء من الضعف نقول: عليك بطلب العلم؛ هذا أفضل الأعمال، إذا كان لا هذا ولا ذاك نوجهه إلى النفع الآخر الخاص أو العام المتعدي أو اللازم، وعلى كل حال الأمور تقدّر بقدرها، فأما الجهاد إذا تعيّن، بأن دهم العدو البلد، أو استنفره الإمام أو حضر الصف، فإنه حينئذٍ لا يعدل عنه إلى غيره، والله المستعان. يقول: ما الفرق بين كلٍ من العام والخاص والمطلق والمقيد؟ والعموم والخصوص؟ هذه هي المسائل التي نبحثها الآن، لكن قد لا يدرك السائل جواب هذا السؤال؛ لأنه قد يكون في دروسٍ لاحقة، نقول: العام والخاص، والمطلق والمقيد، العام: يأتي ذكره أنه ما يشمل شيئين فصاعداً، وأما الخاص: فهو يشمل شيئاً واحداً أو أشياء محصورة. والمطلق: إذا عرفنا الفرق بين العموم والإطلاق والتقييد والتخصيص انحل لنا كثير من الإشكالات، فالتخصيص: تقليل لأفراد العام والتقييد: تقليل لأوصاف المطلق، وهذا سيأتي كله -إن شاء الله تعالى- بأمثلته وصوره. شخص سرق من أموال الناس قبل بلوغه، فهل يردها بعد بلوغه؟ نعم، يلزمه ردها؛ لأن هذا ليس من باب التكليف نقول هو ما كلف، هو من باب ربط الأسباب بالمسببات، وجنايات الصبي والمجنون مضنونة. ذكرتم أن الشرط ما يلزم من عدمه العدم، ولا يلزم من وجوده وجود ولا عدم ... تعريف الركن؟

الركن مثل ما سمعنا من كلام الشيخ -حفظه الله- أنه جانب الشيء الأقوى، والفرق بين الشرط والركن أن الشرط خارج الماهية، بينما الركن داخل الماهية، ونوضح ذلك بالمثال: تكبيرة الإحرام عند الجمهور ركن وعند الحنفية شرط، الفرق بين القولين تصح بدون تكبيرة الإحرام عند الجمهور؟ لا؛ لأنها ركن، تصح بدون تكبيرة الإحرام عند الحنفية؟ لا؛ لأنها شرط، تسقط مع السهو؟ لا تسقط، لا عند هؤلاء ولا عند هؤلاء، تسقط بالنسيان لا؛ لأن النسيان لا ينزل المعدوم منزلة الموجود كما هو مقرر عند أهل العلم، بينما العكس صحيح، ينزل الموجود منزلة المعدوم، إذن ما الفرق بين قول الحنفية وقول الجمهور؟ طالب:. . . . . . . . . خارج الماهية، أيش يترتب على هذا؟ هل معنى هذا أنك تكبر الإحرام في بيتك وتجي تصلي مع الناس مثل ما تتوضأ في بيتك؟ طالب:. . . . . . . . . نعم، طيب وأيش الفرق؟ طالب: خلاف لفظي؟ خلاف لفظي ما فيه فائدة، نعم؟ أيش رأيك في من كبر وهو حامل نجاسة؟ نفترض أن هذه متنجسة، وقال: الله أكبر، ووضعها مع نهاية التكبير، صلاته صحيحة وإلا باطلة؟ طالب:. . . . . . . . . صحيحة عند الحنفية لماذا؟ لأنه حمل النجاسة خارج الصلاة، بينما عند الجمهور صلاته باطلة؛ لأن حمله النجاسة داخل الصلاة، والمسائل المرتبة على هذا كثيرة، والوقت ما يسمح ببسط أكثر من هذا. اللهم صل على محمد. سم بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فقد قال إمام الحرمين -رحمه الله-: والنهي استدعاء الترك بالقول ممن هو دونه على سبيل الوجوب، ويدل على فساد المنهي عنه، وترد صيغة الأمر والمراد به الإباحة أو التهديد أو التسوية أو التكوين. وأما العام: فهو ما عمّ شيئين فصاعداً من غير حصر، وألفاظه أربعة: الاسم المعرف بالألف واللام، واسم الجمع المعرف باللام، والأسماء المبهمة كـ (من) فيمن يعقل، و (ما) فيما لا يعقل، و (أيّ) في الجميع، و (أين) في المكان، و (متى) في الزمان، و (ما) في الاستفهام والجزاء وغيره، و (لا) في النكرات، والعموم من صفات النطق، ولا يجوز دعوى العموم في غيره من الفعل وما يجري مجراه.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، يقول -رحمه الله تعالى-: والأمر بالشيء نهي عن ضده، والنهي عن الشيء أمر بضده: اختلف العلماء في هذه المسألة -في الأمر بالشيء- هل هو عين النهي عن ضده؟ بعد اتفاقهم أن صيغة النهي شيء، وصيغة الأمر شيء مختلف تماماً عنه، فـ (قم) غير (لا تقعد) تماماً؛ فهذا شيء وهذا شيء، لكن هل هو عين النهي عن ضده، هل إذا قيل لك: (قم) هل هو عين النهي عن القعود أو هو غيره؟ أو هو من مقتضياته ومستلزماته؟ المسألة خلافية، فالأمر بالحركة هل هو عين الكف عن ضده -وهو السكون- أو لا؟ الأمر بالثبات في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُواْ} [(45) سورة الأنفال]، هل هو عين النهي عن الفرار؟ يعني لو لم يرد النهي عن الفرار، وأنه من الموبقات، نستفيد النهي من الفرار في هذا اللفظ أو من لفظ الآية، أو هو مما يستلزمه امتثال الأمر في الآية؟ والصواب أن الأمر بالشيء ليس هو عين النهي عن ضده، ولكنه يستلزمه؛ لأن طلب الشيء طلب له بعينه وطلب لما لا يتم إلا به، فلا يتم الثبات المأمور به إلا بعدم الفرار وهكذا، وهذا الذي قرره شيخ الإسلام وابن القيم ورجحه الشنقيطي -رحمه الله-. والنهي عن الشيء: -عكس هذه المسألة- قرر المصنف بأنه أمر بضده، قال: والنهي عن الشيء أمر بضده: وهذا إذا لم يكن له إلا ضد واحد، وهو نظير ما تقدم في الأمر بالشيء في المسألة السابقة. نقول: إنه من مقتضياته مستلزماته، إذا لم يكن له إلا ضد واحد، وإذا كان له أضداد متعددة فالنهي عنه أمر لجميع أضداده أو بواحدٍ من أضداده؟ طالب:. . . . . . . . . نعم، هو أمر بأحد أضداده؛ النهي عن القيام، إذا قيل: لا تقم، هل معنى هذا أنك لا بد أن تقعد؟ أو يسوغ لك أن تضطجع؟ إذا قيل لك: لا تقم، يحصل الامتثال بأحد الأضداد، كذا وإلا لا؟

المقصود أنك لا تفعل ما نهيتَ عنه، فأنت مأمور بأحد أضداده الذي يتم به الامتثال، ((إذا دخل أحدكم فلا يجلس))، ((إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين)): الجلوس له ضد واحد أو أضداد؟ يعني إن استمر قائماً يدخل في النهي وإلا ما يدخل؟ إذا اضطجع؟ إذا دخل المسجد يضطجع، الرسول يقول: "لا تجلس"، أنا ما جلست؟ نعم، يدخل؟! نعم، إذا دخل المسجد واضطجع عند الظاهرية معروف رأيهم أنه أيش؟ له أن يضطجع؛ لأنه منهي عن الجلوس ما نهي عن الاضطجاع؟ طالب:. . . . . . . . . نعم، نقول: الاضطجاع جلوس وزيادة، بل هو من باب أولى، يقال: مقياس الأولى، أو نقول: مفهوم الموافقة؟ طالب:. . . . . . . . . جلوس وزيادة، فهو من باب قياس الأولى، هذا الذي عليه الأكثر، لكن عرفنا رأي الظاهرية أنه منهي عن الجلوس وما عداه له ذلك. والمسألة -مسألة فعل ذوات الأسباب-ومعارضتها تحتمل درس كامل يا إخوان، لا تحسبون أنه من السهولة بمكان بحيث يجاب عنها بدقيقة أو دقيقتين أو خمس دقائق؟ لا. تحتاج إلى بسط؛ لأنها مشكلة عند كثير من أهل العلم بل هي من عضل المسائل، وكثير ممن ينتسب إلى العلم من طلابه يتساهلون في هذا، خاص وعام، والخاص مقدم على العام، حتى نجد من يدخل قبيل الغروب بدقيقة أو دقيقتين فيصلي، يعني الأمر عنده من السهولة بحيث صار خاصاً وعاماً وانتهى الإشكال، والله المستعان. ففي قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين)): هذا نهي عن الجلوس إلى الغاية المذكورة وهي الصلاة، فهل المراد به استمرار القيام أو يكفي الاضطجاع، كما يقول الظاهرية؟ لكن المراد شغل البقعة بالصلاة؟ ولذا تحصل الصلاة بأي صلاة إذا كانت بالعدد المذكور، يعني لو جاء شخص بعد صلاة العشاء وقال: الرسول -عليه الصلاة والسلام- يقول: ((إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين))، أنا أصلي ركعة واحدة وتراً، أو ثلاث ركعات، يتم الامتثال وإلا ما يتم؟ يتم وإلا ما يتم؟ بركعة واحدة يتم؟ والرسول يقول: حتى يصلي ركعتين؟ طالب:. . . . . . . . . كيف يتم؟ طالب:. . . . . . . . .

حتى يصلي .. ، أما إذا صلى ثلاثاً ما في إشكال، ركعتين وزيادة، حصل المقصود وزيادة. طالب:. . . . . . . . . أي صلاة؟ إذا كان ممن يرى أن سجود التلاوة صلاة، فقرأ آية سجدة وسجد وقال: خلاص أنا أجلس، سجود التلاوة صلاة -كما هو مقرر عند الحنابلة وجمع من أهل العلم- نقول: هذا صلى فيتم به الامتثال؟ نقول: أقل ما يتم به الامتثال هو الركعتان، وهذه المسألة كسابقتها؛ فالنهي عن الشيء مختلف عن الأمر بضده؛ لأن النهي عن الشيء طلب لتركه بالذات ولفعل ما هو من ضرورات الترك باللزوم. ثم عرف المؤلف -رحمه الله تعالى- النهي بأنه "استدعاء الترك بالقول ممن هو دونه على سبيل الوجوب، ويدل على فساد المنهي عنه: النهي يقابل الأمر مقابلة تامة، فإذا كان الأمر استدعاء الفعل بالقول ممن هو دونه على سبيل الوجوب، فالنهي استدعاء الترك بالقول ممن هو دونه على سبيل الوجوب. وعرفنا أن الأمر لا يتم بالكتابة، ولا بالإشارة المفهمة ولا بالقرائن على ما تقدم، وفصلنا القول في ذلك في وقته تفصيلاً مناسباً للوقت واختصار الكتاب، وحينئذٍ لا يحصل النهي بغير القول كما قدمنا في الأمر، فلا يحصل بالكتابة والإشارة والقرائن المفهمة ولا بغير ذلك على ما تقدم بسطه. إذا قال الابن لأبيه: أريد أن ألعب؟ فقال الأب: .... ، إيش معنى هذا؟ يعني لا تلعب. يأثم إذا خالف؟ لا يدخل في النهي؛ لأنه إشارة المقتضى الكلام لكن الكتابة والإشارة المفهمة .. ، المسألة متصورة فيمن يفهم ويعقل، لا شك أنها كالقول. ممن هو دونه: فلا يكون النهي لمن هو فوقه أو مساوٍ له كما تقدم تقريره في الأمر، إذا قال العبد لربه -عز وجل-: اللهم لا تعذبني، {رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا} [(286) سورة البقرة]، هذا نهي وإلا دعاء؟ دعاء؛ لأنه ممن .. ، طلبٌ ممن هو فوقه، ونهي المساوي يسمى التماس. على سبيل الوجوب: أي على سبيل وجوب الترك على وزان ما تقدم في الأمر إذا لم يوجد صارف يصرف النهي عن التحريم إلى الكراهة.

قال في قرة العين: "النهي المطلق مقتضٍ للفور والتكرار"، هناك في الأمر قلنا: لا يقتضي الفورية ولا التكرار، وهنا يقول: "النهي المطلق مقتضٍ للفور والتكرار، فيجب الانتهاء في الحال، واستمرار الكف في جميع الأزمان؛ لأن الترك المطلق إنما يصدق بذلك". إذا قال .. ، في قوله -عز وجل-: {وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى} [32) سورة الإسراء]. نهي، شخص يقول: هو يريد أن يمارس هذه الجريمة مع نهي الله -عز وجل- وقبل أن يموت يتوب؟ يكف؟ نقول: لا؛ النهي للفور؛ ((ما نهيتكم عنه فاجتنبوه))، ما في مثنوية، الأمر أخف، ((إذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم))، أما ((إذا نهيتكم عن شيءٍ فاجتنبوه))؛ مادة محسومة. ولذا يقرر أهل العلم أن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح، والحظر مقدم على الإباحة كما هو معروف. يقول: "النهي المطلق مقتضٍ للفور والتكرار فيجب الانتهاء في الحال، واستمرار الكف في جميع الأزمان؛ لأن الترك المطلق إنما يصدق بذلك": الذي يزاول في وقت السعة ويقول: إذا ضاق الوقت تركت، من له ببلوغ ذلك الوقت؟ إذا قال هو: من تاب تاب الله عليه، والعبرة بالخواتيم، وأنا الآن ما زلت في طور الشباب، من يؤمنك حتى تبلغ الحد الذي حددته والأجل الذي أجّلته لنفسك؟ من يؤمنك؟ وقد تبلغ الأجل، تؤمل أن تعيش مائة فتعيش مائة، لكن من يضمن لك أن توفق للتوبة؟! ولذا كثير من الناس يعتمد على نصوص الوعد، وعلى بعض النصوص مع أنه يعمى عن غيرها، ((من توضأ نحو وضوئي هذا وقال بعد ذلك: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله دخل من أي أبواب الجنة الثمانية، وفتحت له أبواب الجنة))، وفي الحديث: ((ولا تغتروا)): يعني يقول: ما دام الأبواب تفتح سهل لمن يقول هذا الكلام اليسير، ويفعل ما يشاء من المنكرات، من يضمن لك أن توفق في مثل هذا؟؟ ((من ضمن لي ما بين لحييه وما بين رجليه ضمنت له الجنة)): قد يقول الإنسان: أنا لن أتكلم إلا بخير، وأضمن ما بين رجلي وما عدا ذلك من المعاصي الجنة مضمونة.

نقول لا؛ لن توفق لضمان ما بين لحييك وما بين رجليك وأنت لم تأتمر بأوامر الله وتعظم شعائر الله، وتأتي بجميع ما أمرك الله به، وتندم على ما فرط منك من مخالفات. قوله: ويدل على فساد المنهي عنه: المنهي عنه، النهي -كما عرفنا- هو طلب الكف عن الفعل، وطلب الكف يقتضي أمرين، الأمر الأول: تحريم المنهي عنه؛ لأنه الأصل، النهي إذا تجرد عن القرائن الصارفة فهو للتحريم، يقول الله -جل وعلا-: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا} [(7) سورة الحشر]، يقول الإمام الشافعي -رحمة الله عليه-: "أصل النهي من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن كل ما نهى عنه فهو محرم، وهذا الأصل مقرر عند أهل العلم، حتى تأتي عنه دلالة تدل على أنه إنما نهي عنه لمعنى غير التحريم. وهذا معنى قوله: الأمر في النهي أو "الأصل في النهي التحريم إلا إذا وجد ما يصرفه إلى الكراهة"، هذا ما يقتضيه النهي. والثاني من مقتضيات النهي ما دل عليه قول المؤلف: ويدل على فساد المنهي عنه: وهذا أطلقه المؤلف هكذا بهذه الصيغة: "يدل على فساد المنهي عنه". النهي عن الشيء إما أن ينهى عنه لذاته، فيدخل في قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد))، أو ينهى عنه لأمرٍ خارج عنه لا لذاته، وهذا الخارج إما أن يكون من شروطه ومستلزماته ومقتضياته، أو جزء لا ينفك عنه، فهذا أيضاً كالنهي عن الشيء لذاته، داخل في كلام المؤلف، أما إذا عاد النهي إلى أمرٍ خارج، ليس من مقتضيات هذا العمل فإنه لا يدل على فساد المنهي عنه، ولذا يقول بعضهم: إذا عاد النهي إلى ذات المنهي عنه أو إلى شرطه فإنه يبطل إضافةً إلى التحريم، فمن سجد لغير الله سجوده باطل؛ لأن السجود ذاته منهي عنه، من استتر بسترة حرير نقول: عاد النهي إلى الشرط فيبطل، من صلى وعليه عمامة حرير أو خاتم ذهب؟ نقول: صلاته صحيحة وإلا باطلة؟ طالب:. . . . . . . . . صلاته صحيحة وعليه إثم ما ارتكب من المحظور، وإن كان الظاهرية يبطلون مثل هذه الصورة؛ لأنه حينئذٍ يجتمع عندهم المأمور والمحظور في آنٍ واحد.

مفهوم كلام المصنف أن كل نهيٍ يقتضي الفساد سواء رجع إلى ذات العبادة أو العقد أو إلى شرطهما أو ركنهما أو أمرٍ خارج عن ذلك، ويستوي في ذلك من صلى صلاةً غير مشروعة، أو على هيئة غير مشروعة ومن صلى صلاة مشروعة في بقعةٍ مغصوبةٍ أو توضأ بماءٍ مغصوب أو ستر عورته بحرير أو صلى بعمامة حرير أو خاتم ذهب أو غير ذلك، وهذا مقتضى مذهب أهل الظاهر. أما مع اتحاد الجهة بين الأمر والنهي فلا إشكال في فساد النهي؛ لاستحالة الجمع بين النقيضين -أن يكون العمل مأموراً به منهياً عنه لذاته في آنٍ واحد- وأما مع انفكاك الجهة فلا يمتنع ذلك؛ فالإنسان مأمور بالصلاة، منهي عن ارتكاب المحرم كالغصب ولبس العمامة أو خاتم من حرير ونحو ذلك، فإن الخاتم والعمامة غير مأمور بهما بخلاف السترة وغيرها مما يشترط في الصلاة ويؤمر به من أجلها. ظاهر؟ واضح وإلا ما هو بواضح؟ صيغة النهي: المضارع المقترن بـ (لا) الناهية، (لا تفعل)، ومثلها التصريح بالتحريم {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالْدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ} [(3) سورة المائدة]، يقابله نفي الحل أيضاً، {لاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَرِثُواْ النِّسَاء} [(19) سورة النساء]، أو لفظ النهي كقول أبي سعيد: "نهي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن صوم يوم الفطر ويوم النحر"، وقول الصحابي: "نهينا"، إذا قال الصحابي: "نهانا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" أو قال: "نهينا عن كذا؟ " يدخل، لكن يختلف بين: "نهانا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" و"نهينا"، أن "نهانا" مرفوع اتفاقاً وفي "نهينا" خلاف ذكرناه في "أُمرنا". وإذا صرح الصحابي بالنهي دل على التحريم كصيغة (لا تفعل) عند جمهور أهل العلم، وهذا خلافٌ لداود الظاهري وبعض المتكلمين، نظير قولهم في: "أمَرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-"؛ لأن الصحابي قد يسمع كلاماً فيظنه نهياً وهو في الحقيقة ليس بنهي، وعرفنا ما في هذا القول من ضعف.

ترد صيغة الأمر والمراد به الإباحة أو التهديد أو التسوية أو التكوين: صيغة الأمر (افعل)، الأصل فيها الوجوب كما تقدم، إلا إذا دل الدليل على صرفه إلى الاستحباب، وهذا أيضاً تقدم، وقد تأتي صيغة (افعل) والمراد الإباحة، وهذا أيضاً تقدم تفصيله في الأمر بعد الحظر، {كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ} [(51) سورة المؤمنون]، مأمور بالأكل من الطيبات، {كُلُوا}: هذا الأمر أمر وجوب وإلا ندب وإلا إباحة؟ أو تتأتى به جميع الأحكام؟ نعم، مع خشية الهلاك يجب الأكل، مع الحاجة إلى الطعام من دون هلاك يندب الأكل للاستعانة به على طاعة الله، مع عدم الحاجة إليه يكره الأكل، وما عدا ذلك فالأكل الأصل فيه الإباحة، اللهم إلا إذا قلنا: إن متعلق {كُلُوا} هو الجار والمجرور {مِنَ الطَّيِّبَاتِ} مفهومه لا تأكلوا من الخبائث، فالأكل من الطيبات على سبيل الوجوب في مقابلة الأكل من الخبائث، وهذا سبقت الإشارة إليه بإيجاز في مقابلة الحل التحريم، {يُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ} [(157) سورة الأعراف]، تأتي أيضاً للتهديد كما في قوله تعالى: {اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ} [(40) سورة فصلت]، {قُلْ تَمَتَّعُواْ فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ} [(30) سورة إبراهيم]، وتأتي أيضاً للتسوية: {فَاصْبِرُوا أَوْ لَا تَصْبِرُوا سَوَاء عَلَيْكُمْ} [(16) سورة الطور]، وتأتي أيضاً للتكوين: وهو الإيجاد عن العدم بسرعة كما في قوله تعالى: {كُن فَيَكُونُ} [(117) سورة البقرة]. يقول -رحمه الله تعالى-: وأما العام فهو ما عمَّ شيئين فصاعداً: من قولهم: عممت زيداً وعمراً بالعطاء، وعممت جميع الناس. العام: لغةً شمول أمرٍ لمتعدد سواء كان الأمر لفظاً أو غيره، ومنه قولهم: عمّهم الخير، إذا شملهم وأحاط بهم. والمؤلف عرّفه بأنه ما عم شيئين فصاعداً، وينبغي أن يزاد في الحد (من غير حصر)؛ لأن العدد المحصور داخل في حيّز مقابل العام وهو الخاص، وهذا أمر لا بد منه في الحد؛ لإخراج اسم العدد كمائة مثلاً أو ألف؛ لأنها وإن شملت أكثر من اثنين لكنها مع حصر والعام بلا حصر.

عرفه في المحصول بأنه اللفظ المستغرق لجميع ما يصلح له بحسب وضعٍ واحد، ثم بيّن المؤلف مأخذ التعريف، وأنه مأخوذ من قولك: عممت زيداً وعمراً، أي شملتهما بالعطاء. في قرة العين قال: "وفي بعض النسخ مثل: عممت زيداً وعمراً، ولا يصح ذلك"، لماذا؟ لأن عممت زيداً وعمراً ليس من العام الذي يريد بيانه؛ المؤلف يريد أن يبيّن معنى العام في الأصل وأنه الشمول، يعني مأخذ الكلمة من أين؟ لا أنه يريد أن يقرر معناه اصطلاحاً: عممت زيداً، عممت جميع الناس، عممت زيداً يعني شملته، يريد أن يقرر المعنى اللغوي؛ لأن التعميم والعموم هو الشمول، ولا يريد أن يطبق زيداً وعمراً على تعريف العام اصطلاحاً؛ وإلا إذا انحصر في اثنين أو في عشرة أو في مائة ما صار عاماً، صار خاصاً بهؤلاء، ولذا يقول: "في بعض النسخ: مثل عممت زيداً وعمراً ولا يصح ذلك؛ لأن عممت زيداً وعمراً ليس من العام الذي يريد بيانه"؛ لأنه محصور، والصحيح في العام أنه من غير حصر، لكن يريد أن يبين أن معنى كلمة عممت: شملت، والعام: هو شمول الشيء. قال -رحمه الله-: وألفاظه أربعة، الاسم الواحد المعرف باللام، واسم الجمع المعرف باللام: التعريف باللام أو بـ (أل)؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . بالألف واللام؟ بـ (أل)؟ نعم، التعريف بـ (أل) وإلا باللام؟ عندكم ماذا يقول باللام؟ طالب:. . . . . . . . . خلاف: أل حرف تعريف أو اللام فقط ... فنمط عرفته قل فيه النمط فالخلاف بين أهل العلم أن حرف التعريف هو اللام فقط أو (أل) -الهمزة مع اللام- محل خلافٍ بين أهل العلم. الاسم الواحد المعرف باللام: المراد بـ (أل) هنا، الاستغراقية، كما في قولك: {الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [(2) سورة الفاتحة]؛ (أل) هنا للاستغراق؛ جميع أنواع المحامد لله عز وجل، {إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ} [(2) سورة العصر]، {إِنَّ الْإِنسَانَ}: (أل) هذه جنسية لاستغراق الجنس، ولذا صح منها الاستثناء. اسم الجمع المعرف بـ (أل): اسم الجمع المعرف باللام أو بـ (أل) -على الخلاف في ذلك- وهو شامل للجمع الذي له مفرد، كما في قوله -جل وعلا-: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} [(1) سورة المؤمنون].

و (أل) الجنسية ضابطها أن يوضع مكانها أو محلها (كل) أو (جميع) قد أفلح جميع المؤمنين، أو كل المؤمنين، ويشمل أيضاً اسم الجمع الذي ليس له مفرد من لفظه كقوله: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء} [(34) سورة النساء]، {الرِّجَالُ}: جنس الرجال قوامون على جنس النساء. هاه كيف؟ طالب:. . . . . . . . . الضابط أن تجعل مكان (أل) كل أو جميع. ويشمل أيضاً اسم الجنس الجمعي: وهو ما يدل على أكثر من اثنين، ويفرق بينه وبين مفرده بالتاء أو بالياء، {إِنَّ البَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا} [(70) سورة البقرة]، فالبقر اسم جنس جمعي، لماذا؟ لأنه يفرق بينه وبين واحده بالتاء؛ واحده بقرة. إن التمر: اسم جنس جمعي، نعم، لماذا؟ لأنهم فرقوا بينه وبين مفرده بالتاء، الجمع تمر والواحدة تمرة، سدر سدرة، وهكذا، أو يفرق بينه وبين مفرده بالياء، {الم* غُلِبَتِ الرُّومُ} [(1 - 2) سورة الروم]، وواحده رومي. الثالث: الأسماء المبهمة، كـ (من) فيمن يعقل: ((من دخل داره فهو آمن، من دخل دار أبي سفيان .. ))، من دخل كذا، من فعل كذا، هذه من صيغ العموم، و (من) خاصة بالعقلاء، ومن ينزل منزلة العقلاء. و (ما) فيما لا يعقل: نحو: ما جاءني منك أخذته، يعني أي شيء يأتي من قبلك، من هبة أو صلة أو فائدة أو شيء من هذا يقبل، وقد تدخل على ما يعقل إذا نزل منزلة من لا يعقل، {فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم} [(3) سورة النساء]. و (أي): الاستفهامية نحو: أي الناس عندك؟ أي العمل أفضل؟ والشرطية: أي عبيدي جاءك فأحسن إليه، ومثلها الموصولة: أي الأشياء أردت أعطيتكه. و (أين) في المكان: {فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ} [(26) سورة التكوير]، و (متى) في الزمان: {مَتَى نَصْرُ اللهِ} [(214) سورة البقرة]، و (ما) في الاستفهام: نحو: ما عندك؟ وأيضاً في الجزاء: نحو: ما تعمل تجزَ به، وفي نسخةٍ والخبر بدل الجزاء نحو: عملت ما عملت أي: أي عملٍ عملته. فهي دالة على العموم.

الأمر الرابع: (لا) في النكرات: في النكرات نحو: لا رجل في الدار، وهو ما يقوله أهل العلم من أن النكرة في سياق النفي تعمُّ، ومثل بالمثال: لكن لو جاء بالقاعدة لشمل جميع أدوات النفي، ما عندي شيء، أي: أي شيء، لا رجل في الدار، نعم. عموم النكرات في سياق النفي تدل على العموم، {فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ} [(197) سورة البقرة]، هذا أيضاً نكرات في سياق النفي فتعم جميع أنواع الرفث، جميع أنواع الفسوق، جميع أنواع الجدال. فالنكرة في سياق النفي تفيد العموم، وكذلكم في سياق النهي أو الشرط أو الاستفهام الإنكاري، {مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُم بِضِيَاء} [(71) سورة القصص] في سياق الامتنان، النكرة في سياق الامتنان أيضاً تفيد العموم، {فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ} [(68) سورة الرحمن]: هذا سياق امتنان، ومن صيغ العموم أيضاً لفظ: (كل)، {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ} [(35) سورة الأنبياء]. ومن صيغ العموم أيضاً المضاف إلى ما اقترن بـ (أل)، سواء كان مفرداً أو جمعاً، المضاف إلى ما اقترن بـ (أل) {وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللهِ لاَ تُحْصُوهَا} [(18) سورة النحل]، {يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ} [(11) سورة النساء]، يعني أضيف إلى معرفة، ومعروف أن الضمائر من أعرف المعارف، حتى قال جمع من النحاة: إن الضمائر أعرف المعارف على الإطلاق، وإن كان رأي سيبويه أن لفظ الجلالة هو أعرف المعارف، وكلامه هو الصواب. ثم قال -رحمه الله-: والعموم من صفات النطق، ولا تجوز دعوى العموم في غيره من الفعل وما يجري مجراه: العموم من صفات النطق، والمراد بالنطق هو اللفظ والقول الملفوظ به، فالعموم يدخل في اللفظ، في القول، ولا يدخل في الفعل، فحكاية الأفعال لا عموم لها. كثيراً ما تسمعون: هذه حكاية فعل ولا عموم له، ولا ما يجري مجرى الفعل من الإشارة والقرائن المفهمة وغيرها، فالمراد بالنطق، المصدر الذي هو المنطوق به، كما أن اللفظ يراد به الملفوظ به، اسم المفعول. فالفعل كجمعه -عليه الصلاة والسلام- بين الصلاتين في السفر: الآن المراد تقريره هنا، الجمع أو كلمة السفر؟

قالوا: "كجمعه -عليه الصلاة والسلام- بين الصلاتين في السفر": معروف أن الفعل الجمع، كما أن السفر أيضاً فعل، لكن المقصود هنا المثال من أجل الجمع أو أجل السفر؟ هم يمثلون بهذا قالوا: كجمعه -عليه الصلاة والسلام- بين الصلاتين في السفر، هاه السفر أو الجمع؟ طالب:. . . . . . . . . نقول: الجمع فعل، والسفر فعل، فعل وإلا ما هو بفعل؟ السفر: الذي هو المسافرة، البروز، السفر والإسفار والسفور كله معناه بروز وظهور وخروج، فهي أفعال، إذا قيل: سافر فلان، وأسفر الصبح، وامرأة سافرة؛ كل هذا لإبرازها محاسنها، وهذا لبروزه عن البلد وخروجه منه، وأسفر الصبح؛ لبيانه وظهوره وهكذا. المقصود أن المثال: كجمعه -عليه الصلاة والسلام- بين الصلاتين في السفر، قالوا: لا يدل على عموم الجمع في السفر الطويل والقصير؛ فإنه إنما وقع في واحدٍ منهما، فإنه إنما وقع في واحدٍ منهما. أو نقول: السفر من صيغ العموم؛ لأنه اقترن بـ (أل) الجنسية؟ ها يا إخوان تجاوبوا. طالب:. . . . . . . . . السفر مقترن بـ (أل) فهو من صيغ العموم فيعم كل سفر. نعم؟ طالب:. . . . . . . . . كيف؟ طالب:. . . . . . . . . هو حكاية فعل، هذه حكاية فعل "كجمعه"، نعم، ولا يلزم أن تكون هذه صيغة الصحابي، هذه صيغة الذي أورد المثال. الصيغة: "جمع النبي -عليه الصلاة والسلام- بين الصلاتين في السفر"، نعم، فالمراد فعله -عليه الصلاة والسلام- لهذا الجمع، فعله -عليه الصلاة والسلام- لهذا الجمع، فلا يعني عموم كلّ صلاة، بحيث كل صلاة .. ، ما دام ثبت الجمع عن النبي -عليه الصلاة والسلام- بين الصلاتين، هل يشمل هذا كل صلاة يصليها الإنسان يجمعها مع غيرها؟ لا؛ لأن الفعل لا عموم له، هذا فعل يقتصر فيه على مورده، وفي السفر .. ، السفر مفرد معرف بـ (أل) فهو من صيغ العموم، ويبقى أن هل العموم باقٍ على عمومه، هل هو محفوظ، أو نقول: هذا إطلاق؟ نقول هذا تعميم وإلا إطلاق؟ السفر له أفراد أو له أوصاف؟ نعم؟ طالب: أوصاف. يعني ما قدمنا الفرق بين التخصيص والتقييد؟ على شان يخدمنا هنا.

نعم، له أوصاف، فلفظ السفر هنا مطلق، شامل للسفر الموصوف بالطول، والسفر الموصوف بالقصر، ولذا من يقول بعدم التحديد لا في الوقت بأيام محدودة، ولا في المسافة بأكيالٍ معدودة، يقول: السفر جاء في النصوص مطلقاً ويبقى على إطلاقه، وهذا معروف من يقول به. وجماهير أهل العلم على التقييد، على التقييد؛ لأدلةٍ ذكروها في موطنها، والخلاف في هذه المسألة معروف، والذي يجري مجرى الفعل كالقضايا المعينة، قالوا: كالقضايا المعينة، مثل قضائه -عليه الصلاة والسلام- بالشفعة للجار، ولذا كثيراً ما تسمعون: "هذه قضية عين"، وقضايا الأعيان لا عموم لها، قضية عين، تسمعون هذا وإلا ما تسمعون؟ نعم، وقضايا الأعيان لا عموم لها. مثل قضائه -عليه الصلاة والسلام- بالشفعة للجار، أولاً الحديث فيه مقال، مروي عند النسائي عن الحسن مرسلاً، ومراسيل الحسن ضعفها معروف، قالوا: فلا يعم كل جارٍ؛ لاحتمال خصوصيته في ذلك الجار، احتمال خصوصية؛ لأنه يمكن هذا الجار شريك، ويحتاج إلى مثل هذا القول؛ للنصوص الواردة في الشفعة، التي تقرر أنه: ((إذا حدّت الحدود وميّزت الطرق فلا شفعة))، وهذا في الصحيح، مع أنه جاء: ((والجار أحق بصقبه)). طالب:. . . . . . . . . هذه قضية عين. طالب:. . . . . . . . . هذه من المسائل التي يطول فيها الخلاف، وتتباين فيها الوجهات، لقائل أن يقول: هذه قضية حكم بها النبي -عليه الصلاة والسلام- والأصل التشريع وأنه قدوة وأنه أسوة، فنقضي بالشفعة لكل جار وأيش المانع؟ لكن مثل هذه الأمور تسلك وإن كان فيها شيء من الضعف؛ للتوفيق بين النصوص المتعارضة، تعرف أن نصوص الشفعة جاء فيها شيء، جاء ما يدل على الشفعة للجار، وجاء أيضاً أنه إذا حدت الحدود وميّزت خلاص فلا شفعة، وجاء: ((الجار أحق بصقبه))، فلا نقول بعموم شفعة الجيران كلهم، إلا إذا كان له شيء من اشتراكٍ ونحوه. هذا الذي جعلهم يقولون: إن مثل هذا لا يقتضي العموم. قالوا: فلا يعم كل جارٍ لاحتمال الخصوصية في ذلك الجار، كذا في الشرح؛ لأن الجار مفرد معرف بـ (أل) الجنسية.

الأصل فيه أنه عموم، لكن يبقى أنها قضية عين، لا عموم لها، يعني لو قال: النبي -عليه الصلاة والسلام-: (الشفعة للجار) من قوله -عليه الصلاة والسلام- ما اختلفوا بأن هذا عموم، لكن بكونه فعل وقضاء منه -عليه الصلاة والسلام- حصل الخلاف، وقالوا: هذه قضية عين، لكن لو جاء لفظ عام، فالعموم يدخل الألفاظ بخلاف الأفعال -على ما بيّنوا- لكن يقول الشوكاني: "رجحان عمومه، وضعف دعوى احتمال كونه خاصاً في غاية الوضوح"، الشوكاني يقول: "رجحان عمومه وضعف دعوى احتمال كونه خاصاً في غاية الوضوح". ولا شك أن الأصل الاقتداء، وأننا ملزمون بامتثال أقواله وأفعاله -عليه الصلاة والسلام- إذا كانت تشريعاً -كما هو معروف- في قوله وعمله وقضاءه وغير ذلك، فالأصل الاقتداء والائتساء به عليه الصلاة والسلام. هذا سؤال: يقول ما هي نصيحتكم لطلاب العلم بعد هذه الدورة خصوصاً المبتدئين منهم؟ نكرر ما بدأنا به سابقاً أن الأصل -أصل العلوم كلها- كتاب الله -عز وجل- وسنة نبيه -عليه الصلاة والسلام-، فعلى طالب العلم أن يعتني بكتاب الله -عز وجل- قراءةً وحفظاً وفهماً وعملاً وتدبراً؛ فقراءة القرآن -كما يقول شيخ الإسلام- على الوجه المأمور به تورث الإنسان من العلم واليقين والبصيرة ما لا يدركه إلا من عمل مثل هذا العمل. فتدبر القرآن إن رمت الهدى ... فالعلم تحت تدبر القرآن فعلى طالب العلم أن يعتني بكتاب الله -عز وجل- حفظاً وقراءةً وفهماً وعملاً، ويطالع عليه أقوال أهل العلم مما يوضحه من أقوال أهل العلم الموثوقين في عقيدتهم وسلامة قصدهم ومنهجهم، ثم يعتني بسنة نبيه -عليه الصلاة والسلام- ولا ينسى ما يعينه على فهم الكتاب والسنة مما يسمى بعلوم الآلة، لكن جلّ الوقت والهم الأكبر للمقاصد، ولا ينسى الوسائل التي تعينه على فهم الكتاب والسنة.

فيعتني بكتاب الله -عز وجل- وسنة نبيه -عليه الصلاة والسلام- بالتدريج، فيتعلم على طريقة الصحابة -رضوان الله عليهم- يتعلم العشر الآيات، فيقرؤها قراءة صحيحة، ويحفظها، ويفهم ما فيها من علمٍ وعمل، كما فعلوا -رضوان الله عليهم- وبهذا يثبت الحفظ من جهة، ويرسخ العمل، ويثبت العلم، ويرسخ المحفوظ على طريقة السلف الصالح -رضوان الله عليهم-. وأما السنة فيأخذ منها أيضاً بالتدريج، وكل يعرف ما وهبه الله -سبحانه وتعالى- له من قوةٍ في الحفظ والفهم، لا يكلف نفسه أكثر مما يطيق؛ ((اكلفوا من العمل ما تطيقون؛ فإن الله لا يمل حتى تملوا)). نجد الإنسان يأتي متحمس يبي يلتهم العلم كله في يومٍ واحد أو في وقتٍ واحد! ما يمكن، تجد الحافظة ضعيفة، والفهم ضعيف، ثم يأتي إلى القرآن يقول: كل يوم جزء مدة شهر وأنا حافظ، ما يمكن، مثل هذا النوع يحفظ آية آيتين يفهم هاتين الآيتين وما فيهما من العلم والعمل، ثم من الغد كذلك، والذي يليه كذلك وهكذا. المقصود أن العلم يؤخذ بالتدريج، ويؤخذ من أهله الموثوقين، ولا يقول: أنا الحمد الله عندي حافظة وعندي فهم وعندي قدرة على الاطلاع والاستيعاب، ولست بحاجة إلى حضور مجالس العلم؟ لا. نقول: ((من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل الله له به طريقاً إلى الجنة))، وليس المراد .. ، لا يكون المراد من حضور الدروس هو أخذ العلم فقط، بل التأدب بأدب الشيوخ والاقتداء بهم في سمتهم وكيفية تحريهم وضبطهم، ولذا يقول ابن الجوزي في ترجمة أحد شيوخه: إنه استفاد من بكائه ولم يستفد من علمه"، مع أن البكاء الآن -والله المستعان- لا يكاد يذكر، لكن يبقى أن هناك من إذا رؤوا .. ، أناس من إذا رؤوا ذكر الله -عز وجل- والله المستعان. فعلينا أن نعتني بهذا الباب إضافةً إلى أن الأجر مرتب على سلوك الطريق، ما رتب على التحصيل، الأجر مرتب على السلوك، ((من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل الله له به طريقاً إلى الجنة))، ما قال: من صار عالماً سهل الله له .. الخ؟ لا. نعم العلماء لهم أجرهم وثوابهم لا سيما العاملون بعلمهم، من عمل بعلمه، الربانيون الذين يعلمون الناس ويدلونهم على الخير، ومن دل على خير فله مثل أجر فاعله.

فعلى الإنسان أن يحرص في تحصيل العلم ولا يتراخى، ويكون همه العلم والعمل،. . . . . . . . . الشيخ حضر الآن، إن كان هناك أسئلة تعرض بقيتها على الشيخ، والله أعلم وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

شرح متن الورقات (6)

شرح متن الورقات (6) تعريف الخاص وأقسامه الشيخ/ عبد الكريم الخضير بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد: فقد قال إمام الحرمين -رحمه الله-: والخاص يقابل العام، والتخصيص: تمييز بعض الجملة، وهو ينقسم إلى: متصل ومنفصل، فالمتصل: الاستثناء والشرط والتقييد في الصفة. والاستثناء: إخراج ما لولاه لدخل في الكلام، وإنما يصح الاستثناء بشرط أن يبقى من المستثنى منه شيء، ومن شرطه أن يكون متصلاً بالكلام، ويجوز تقديم المستثنى على المستثنى منه، ويجوز الاستثناء من الجنس ومن غيره، والشرط يجوز أن يتقدم على المشروط، والمقيد بالصفة يحمل عليه المطلق كالرقبة قيّدت بالإيمان في بعض المواضع فيحمل المطلق على المقيد. وأطلقت. قيدت بالإيمان في بعض المواضع، وأطلقت في بعض المواضع؟ وأطلقت في بعض المواضع فيحمل المطلق على المقيد. يكفي يكفي. الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: إتماماً لما بدأنا شرحه من كتاب الورقات لإمام الحرمين المعالي الجويني عبد الله بن يوسف الشافعي -المعروف عند أهل العلم -عند أهل الكلام والأصول والنظر- بعد أن أخذنا شيئاً من مباحث الأصول، وشرحنا العام وما يراد به، وأمثلة للعموم، وأنه من صفات النطق، ولا يدخل في الفعل، ذكر المؤلف بعد ذلك ما يقابله وهو الخاص، فالذي يقابل العام هو الخاص، كما أن الذي يقابل المطلق: المقيد، والذي يقابل المجمل: المبيّن وهكذا. يقول في تعريف الخاص: يقابل العام: يكفي أن يقال هذا؟ أن يقال: الخاص يقابل العام؟ هل هذا حد؟ أو لا بد من الرجوع إلى تعريف العام؛ لنعرف الخاص؟ إذا ذكر المقابل لا بد من الرجوع إلى ما يقابله؛ لمعرفته، فإذا قلت: الحرام ضد الحلال، لا بد أن تعرف الحلال، وإذا قلت: الواجب ضد الحرام لا بد أن تعرف الحرام؛ لكي تعرف ما يقابله. وهنا يقول: الخاص يقابل العام، بمَ عرف العام؟

ما عمّ شيئين فصاعداً، يعني بلا حصر، ما عمّ شيئين فصاعداً بلا حصر، وعرفنا أن هذا قيد لا بد منه؛ لأن ما عمّ أكثر من واحد -اثنين فصاعداً مع الحصر- لا يدخل في العام، على ما سبق تقريره. وهنا يقول: الخاص يقابل العام: إذن الخاص: ما لا يتناول دفعةً شيئين فصاعداً: يعني دفعة واحدة لا يتناول شيئين فصاعداً، لكن لو تناول الشيئين فصاعداً مع الحصر .. ، عرفنا أن قولهم: بلا حصر قيد مخرج ما تناول شيئين فصاعداً مع الحصر؛ إذا قيل: مائة هذا عام وإلا خاص؟ نعم؟ خاص؛ لأنه محصور، وإن تناول أكثر من شيئين، فالخاص يدل على الحصر، إما بشخصٍ كالأعلام مثل: محمد وأحمد، أو الإشارة: كهذا وهذه، أو بعدد محدد نحو: عشرة، وعشرون، ومائة، وما أشبه ذلك. ثم قال بعد ذلك: والتخصيص تمييز بعض الجملة: التخصيص تمييز بعض الجملة، أي إخراج بعض الجملة، أيش الجملة؟ أفراد العام. التخصيص تمييز بعض الجملة: تمييز أيش من أيش؟ أيش معنى تمييز هنا؟ الإخراج، يعني فصل شيء عن شيء، تمييز: {وَامْتَازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ} [(59) سورة يس]، أيش معناه؟ يعني تميزوا عن غيركم، انفصلوا عن غيركم، وهنا قال: التخصيص تمييز بعض الجملة: الجملة المراد به ما يتناوله العام من أفراد، والتخصيص تمييز بعض هذه الأفراد: يعني فصلها عن غيرها من الأفراد التي يشملها العام، وعلى هذا نقول: التخصيص: إخراج بعض أفراد العام، هل هناك فرق بين أن نقول: التخصيص تمييز بعض الجملة -كما قال- أو نقول: التخصيص إخراج بعض أفراد العام بالمخصصات التي سيلي ذكرها؟ هناك فرق وإلا ما في فرق؟ .. ، لكن أيهما أوضح؟

الثاني أوضح، وإن كان المراد بالجملة اللفظ العام الذي تناول أفراداً، والتمييز فصل هذه الأفراد التي جاء الشرع بإخراجها من اللفظ العام، أي: إخراج بعض الجملة التي يتناولها اللفظ العام، كإخراج المعاهدين من قوله تعالى: {اقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ} [(5) سورة التوبة]، {اقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ}: هذا عام باقٍ على عمومه؟ يعني هو عام محفوظ؟ {اقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ}؟ يعني مقتضاه أن كل مسلمٍ يجد مشركاً عليه أن .. ، يجب عليه أن يقتله، لكن هل هذا العموم محفوظ؟ بمعنى أنه يجب قتل كل مشرك، أو أنه مخصوص، أو أنه عام أريد به الخصوص؟ هاه، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . عام أريد به الخصوص، أيش معنى العام الذي أريد به الخصوص؟ طالب:. . . . . . . . . ما الذي أخرج غير المحاربين؟ طالب:. . . . . . . . . إذن عام مخصوص وإلا أريد به الخصوص؟ أيش الفرق بين العام المخصوص، والعام الذي أريد به الخصوص؟ ما الفرق بينهما؟ طالب:. . . . . . . . . المتكلم ابتداءً، نعم لا يريد إدخال هذه الأفراد المخصوصة، ابتداءً لا يريد إدخال هذه الأفراد، فهو عام أريد به الخصوص، والعام المخصوص يعني لم يرد على خاطر المتكلم أنه يريد هؤلاء الذين يريد إخراجهم، يعني في قوله -جل وعلا-: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ} [(173) سورة آل عمران]. {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ}: المراد بهم؟ نعم؟ الذين {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ}: نعيم بن مسعود شخص واحد؟ اللفظ عام: الناس، اللفظ عام، لكنه يراد به شخص واحد، عام أريد به الخصوص، يعني هل مراد المتكلم -وهو الله -عز وجل- جميع الناس؟ هل أراد هذا ابتداءً، ثم جاء نص آخر يخرج من عدا نعيم بن مسعود؟ أو أنه في الأصل أريد به الخصوص؟ نعم؟

هذا من الأصل أريد به الخصوص، {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ}: الناس كلهم جمعوا لكم؟ جميع من على وجه الأرض من الناس جمعوا للنبي -عليه الصلاة والسلام- وأصحابه؟ أو أناس مخصوصون أيضاً؟ مخصوصون، لكن هل جاء نص يخصص هذا العموم؟ أو أنه من العام الذي أريد به الخصوص أيضاً؟ عام أريد به الخصوص أيضاً؛ العام المخصوص مثل هذا النص، لو جاء نص آخر يخرج بقية أفراد العام، نقول: عام مخصوص، {اقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ}. المثال الذي معنا هل هو من النوع الأول عام أريد به الخصوص؟ الله -سبحانه وتعالى- أراد من المشركين أناساً معينين، أو أراد جميع أنواع المشركين؟ ثم جاء من يخرج بعض هؤلاء الأفراد؟ جاءت نصوص أخرى تخرج بعض هؤلاء الأفراد؟ عام مخصوص جاءت نصوص تخرج، فأخرج المعاهد في قوله تعالى: {إِلاَّ الَّذِينَ عَاهَدتُّمْ} [(7) سورة التوبة]، أخرج المعاهد، أخرج الكتابي، على خلافٍ بين أهل العلم في الكتابي: هل يقال له: مشرك أو لا؟ الإخوان معنا وإلا ما هم معنا؟ {اقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ}: عرفنا أن المعاهد خرج بالنص الخاص وهو الاستثناء. طالب:. . . . . . . . . والكتابي؟ خرج. طالب:. . . . . . . . . {حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ} [(29) سورة التوبة]، فإذا أعطوا الجزية حرم قتلهم، على خلافٍ بين أهل العلم: هل يدخل أهل الكتاب في هذه الآية أو لا يدخلون؟ يعني هل يقال للكتابي: مشرك أو ليس بمشرك، يعني فرق بين أن نقول: فلان مشرك، أو فيه شرك؟ وبين أن نقول: فلان مبتدع أو فيه بدعة، وبين أن نقول: فلان منافق أو نقول: فيه نفاق؟ أو نقول: زيد جاهلي وأبو ذرٍ فيه جاهلية؟ ظاهر وإلا مو بظاهر؟ أبو ذر قال له النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((إنك امرؤ فيك جاهلية))، هل نستطيع أن نقول: إن أبا ذر جاهلي؟ لا يستطيع أحد، بل من خيار الصحابة من سادات الأمة، لكن فيه خصلة -عيّره بأمه- إذن فيه خصلة من خصال الجاهلية. فلان يكذب والكذب من خصال المنافقين، هل نستطيع أن نقول: فلان منافق؛ لأنه يكذب؟ أو نقول: فيه خصلة من خصال المنافقين؟

فيه خصلة، ومثله: من تلبّس بشيءٍ من البدعة، نقول: فيه بدعة، من وافق المبتدعة في شيءٍ واحد مما يقولون: به .. ، ممن لهم أصول كالمعتزلة مثلاً، شخص من أهل السنة وافق المعتزلة في مسألة من مسائلهم هل يقال: هذا معتزلي أو فيه اعتزال؟ طالب: فيه اعتزال فيه اعتزال. نأتي إلى دخول أهل الكتاب في المشركين، {اقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ}: أهل الكتاب لا شك أن فيهم شرك؛ يعبدون مع الله غيره -عزير والمسيح وغيرهم- ما الذي يخرج أهل الكتاب من لفظ المشركين؟ طالب:. . . . . . . . . هو لا شك أن هناك فروق بين أهل الكتاب وبين غيرهم من طوائف الكفر، لا شك أن أهل الكتاب كفار، والجنة عليهم حرام؛ ((لا يسمع بي يهودي ولا نصراني ثم لا يؤمن بي إلا دخل النار)). على كل حال هم كفار إجماعاً، لكن هل يدخلون في مثل هذا النص: {اقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ}، ثم نحتاج إلى إخراجهم بقوله -جل وعلا-: {حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} [(29) سورة التوبة]، أو نقول: هم أصلاً لا يدخلون في هذا النص؟ طالب: آية في القرآن. . . . . . . . . أيش تقول؟ طالب: {قَاتِلُواْ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ} [(29) سورة التوبة]. يخرجون بهذا؟ طالب: هذه الآية تخرجهم. . . . . . . . . هم يقاتلون حتى يعطوا الجزية، هذا ما فيه إشكال، حتى يعطوا الجزية يقاتلون، لكن هل دخولهم -الأمر بقتالهم- بهذا النص؟ أو بالنص الآخر الذي ذكرتَه؟ طالب: .... الاستثناء. . . . . . . . . ما أصبنا المحز إلى الآن؟ طالب:. . . . . . . . .

ما هو بالعموم في (اقتل)، الكلام في المشركين، هل يقال: أهل الكتاب مشركون؟ هم كفار بلا شك، بلا نزاع كفار، والجنة عليهم حرام ما لم يؤمنوا بمحمدٍ -عليه الصلاة والسلام- ويلتزموا بشريعته، لكن هل هم داخلون في هذه الآية لنحتاج إلى إخراجهم؟ بمعنى أن عموم المشركين في هذه الآية يتناول الكفار الأصليين الذين أشركوا مع الله غيره، ويتناول أهل الكتاب، فأخرجنا المعاهد بالاستثناء، ونخرج من هذه الآية أهل الكتاب بإعطاء الجزية كما نصت على ذلك الأدلة. طالب:. . . . . . . . . الكلام .. ، أصل المسألة هل يدخل أهل الكتاب في المشركين؟ لنحتاج إلى إخراجهم؟ {وَلاَ تَنكِحُواْ الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ} [(221) سورة البقرة]: نحتاج إلى قوله تعالى: نساؤهم حل لكم؟ {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ} [(5) سورة المائدة]؟ المقصود نحتاج إلى مثل هذا النص المخصص لنخرج مثال الكتابيات من هذا، أو نقول: هم لا يدخلون في المشركين أصلاً؟ ولا يقال: أهل الكتاب مشركون، يقال كفار أهل كتاب، لكن ما يقال: مشركون؛ بدليل عطفهم على الكفار: {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ} [(1) سورة البينة]، والعطف عند أهل العلم يقتضي المغايرة؟ طالب:. . . . . . . . . هنا ما فيه خلاف، لكن المقصود اللفظ عموم المشركين؟ طالب:. . . . . . . . . ما يدخلون، فلا نحتاج إلى إخراجهم، هم ما دخلوا أصلاً في العموم لنحتاج إلى إخراجهم. على كل حال المسألة معروفة -خلافية بين أهل العلم- فيرى أهل العلم أنهم لا يدخلون في نصوص المشركين فلا نحتاج إلى تخصيص، {وَلاَ تَنكِحُواْ الْمُشْرِكَاتِ} [(221) سورة البقرة] بحل نساء أهل الكتاب؛ لأنهم لم يدخلوا أصلاً، ولا يدخلون في مثل هذا النص: {اقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ} [(5) سورة التوبة]، وإن جاء فيهم نصوص خاصة. ومنهم من يقول: هم مشركون، والتنصيص عليهم بعد المشركين أو قبل المشركين من باب ذكر الخاص بعد العام أو عكسه وهذا للعناية بشأن الخاص والاهتمام به، والمسألة خلافية على كل حال. طالب: هل يقال: .... في حقيقة الشرك الشرعية وإلا الاصطلاحية؟

تقصد أن الحقيقة العرفية للشرك تختلف عن الحقيقة الشرعية؟ طالب: يعني نحاول أن نجمع بين القولين، بمعنى. . . . . . . . . هم أشركوا، فيهم شرك، لا خلاف في أن فيهم شرك وهم كفار، لكن هل يقال لهم: مشركون؟ لأننا عرفنا أن هناك فرق بين أن يقال: فلان مشرك، وبين فلان فيه شرك؟ وبين أن يقال: فلان مبتدع وفلان فيه بدعة، وفلان جاهلي وفلان فيه جاهلية، فلان منافق .. ، يعني فرق بينهم، ابن أبي منافق، وشخص من المسلمين يزاول الكذب ويمتهنه، فيه نفاق، فيه خصلة من خصال النفاق، نعم، وأبو جهل جاهلي وأبو طالب وعبد المطلب كلهم جاهليون، لكن أبو ذر فيه جاهلية؟ فرق بين هذا وهذا. يعني هل يستطيع أن يقول شخص: منذر بن سعيد البلوطي -من كبار علماء السنة في المغرب في الأندلس- أنه معتزلي؛ لأنه يقول بفناء الجنة والنار؟ جهمي؟ هو جهمي أو فيه تجهّم؛ لأنه وافق الجهمية في هذه المسألة؟ نعم؟ طالب: فيه تجهم. فيه تجهّم، وهكذا. على كل حال المسألة بس من أجل تقرير المثال الذي معنا وتوضيحه، وإلا ما تحتاج إلى كل هذا البسط. يقول الناظم -رحمه الله تعالى-: والخاص لفظ لا يعم أكثرا ... من واحدٍ أو عم مع حصرٍ جرى عرفنا أن لفظ مائة خاص وإلا عام؟ طالب:. . . . . . . . . خاص وإن تناول أكثر من واحد لكنه مع الحصر، فالعام إذا كان يتناول أفراداً عديدة من غير حصر، فالخاص ما لا يتناول إلا واحداً فقط أو أكثر مع الحصر اثنين أو ثلاثة أو أكثر، والتخصيص كما قال المؤلف: تمييز بعض الجملة: وقلنا: إنه إخراج بعض أفراد العام من حكمه، أي جعل الحكم الثابت للعام مقصوراً على بعض أفراده؛ لإخراج البعض الآخر عنه، يقول الغزالي: ... الآن التخصيص فيه خلاف وإلا ما فيه خلاف؟ لا شك أنه توجد ألفاظ عامة في النصوص تتناول أفراداً من غير حصر، هذا الأمر متفق عليه، كما أنه يوجد أفراد تدل على .. ، توجد ألفاظ تدل على أفراد من ذلك العام، ظاهر وإلا ما هو ظاهر؟ يعني ما في النصوص عموم وخصوص؟ في خلاف وإلا ما في خلاف؟ مجرد الوجود فيه خلاف وإلا ما فيه خلاف؟ ما فيه خلاف، لكن التخصيص فيه خلاف وإلا ما فيه خلاف؟ التخصيص؟! في خلاف يسوى من ينقله وإلا ما يسوى؟ وحجته؟

أولاً: العموم الذي لم يدخله شيء من المخصصات يسمى محفوظ، ظاهر وإلا ما هو ظاهر؟ يسمى محفوظ، والنص إذا كان محفوظاً يكون في غاية القوة، والعموم إذا دخله المخصصات، فأيش .. ، ماذا يجري له؟ تضعف دلالته، يضعف، فالذين ينكرون التخصيص هم شذاذ؛ لئلا تضعف دلائل هذه النصوص، أو دلالات هذه النصوص، إذن يوجد شذاذ قالوا: إنه لا تخصيص وإن وجد ألفاظ خاصة، لماذا؛ لأن التخصيص إضعاف لدلالة العموم. أشرنا مراراً وفي مناسبات أن الخصائص لا تقبل التخصيص، ويقول بهذا من الجلة: ابن عبد البر وابن عمر -رحمة الله عليه- ومن المتأخرين ابن حجر. ليش؟ لماذا؟ الخصائص لا تقبل التخصيص؟ هذا أشرنا له في مناسبات يمكن في الورقات أشرنا إليه. طالب:. . . . . . . . . نعم؟ حضرت؟ ما أشرنا له في الورقات؟ ما قلنا: إن ابن عبد البر وابن حجر يقولان -ومعهم جمع-: إن الخصائص لا تقبل التخصيص؟ ذكرنا؟ طالب:. . . . . . . . . أشير في مناسبات كثيرة لكن لا مانع أن نشير إلى ذلك باختصار. الخصائص: هي تشريف وتكريم للنبي -عليه الصلاة والسلام- والتخصيص مقتضاه تقليل لهذا التكريم وذلك التشريف، إذن هذا التشريف وهذا التكريم لا يقبل هذا التقليل، أيش معنى أن النبي -عليه الصلاة والسلام- نعطيه هذه الخصائص ثم نخرج منها بعض الأفراد؟ ظاهر وإلا مو بظاهر؟ ((جعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً))، ثم يأتي حديث أبي مرثد الغنوي: ((لا تصلوا إلى القبور ولا تجلسوا عليها))، فالصلاة في المقابر لا تصح، لماذا؟ لأن هذا نص خاص، وحديث: ((جعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً)) عام، والخاص مقدم على العام، يعني لو أراد شخص أن يصلي في المقبرة مستدلاً بقوله -عليه الصلاة والسلام-: ((جعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً))، يبي يتيمم ويصلي في المقبرة، وهذا اللفظ من الخصائص -كما هو معروف- من الخصائص وإلا لا؟ من الخصائص، يمنع. كيف يمنع؟ نقول: الرسول -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا تصلوا إلى القبور))، ونهى عن تشبيه البيوت بالمقابر التي لا يصلى فيها، فهذه نصوص خاصة، تخرج المقابر من عموم: ((جعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً)).

ابن عبد البر يقول: لا. ليست خاصة، والخصائص جاءت لتشريف النبي -عليه الصلاة والسلام- وتكريمه، فكيف نقلل هذا التكريم وذلك التشريف؟ مثل هذا البحث نحتاج إليه في هذه المناسبة وإلا ما نحتاج؟ نحتاج إليه. طالب:. . . . . . . . . نعم، نقول: إن عدم تخصيص الخصائص محافظة على حق النبي -عليه الصلاة والسلام-، ولا شك أن حق النبي -عليه الصلاة والسلام- أمر تجب مراعاته، لكن إذا لم يعارض بما هو أقوى منه وهو حق الله -عز وجل- فالنهي عن الصلاة في المقبرة محافظةً لحق الله -عز وجل-؛ لأنه وسيلة إلى الشرك. نأتي إلى العموم وتخصيصه، الألفاظ العامة التي تتناول أفراداً من غير حصر، إذا بقيت على عمومها محفوظة تكون في غاية القوة، وتضعف هذه العمومات بقدر ما يدخلها من المخصصات. إذن لا تخصص العمومات بشيءٍ من المخصصات إبقاءً لهذه القوة في هذه العمومات، قيل بهذا، لكن هذا قول شاذ. يقول الغزالي: "لا نعرف خلافاً بين القائلين بالعموم في جواز تخصيصه بالدليل، إما بدليل العقل، أو السمع أو غيرهما، وكيف ينكر ذلك مع الاتفاق على تخصيص قوله تعالى: {خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} [(62) سورة الزمر]، {يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ} [(57) سورة القصص]، {وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ} [(23) سورة النمل]، وقوله تعالى: {اقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ} [(5) سورة التوبة]، {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ} [(38) سورة المائدة]، و {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي} [(2) سورة النور]، {يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ} [(11) سورة النساء]، و ((فيما سقت السماء العشر))، يقول: "فإن جميع عمومات الشرع مخصصة بشروط في الأصل والمحل والسبب، وقلَّ ما يوجد عام لا يخصص، مثل قوله تعالى: {وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [(29) سورة البقرة]، فإنه باقٍ على عمومه". كأن الغزالي ينفي أن يوجد مخالف في التخصيص؛ أولاً لندرة هذا المخالف وشذوذ قوله، وأن هذا القول وجوده مثل عدمه، فلا ينبغي أن يلتفت إليه.

يفهم من عبارة ابن الحاجب أن هناك من خالف في جوازه؛ قال: "التخصيص جائز إلا عند شذوذ -يعني من الناس شواذ- قالوا بعدم جواز التخصيص، والسبب فيه ما ذكرنا"، ويستفاد من كلام ابن الهمام أن هناك من خالف في جواز التخصيص مطلقاً، ومنهم من خالف في جواز التخصيص بالعقل، ولم يشتغل ابن الحاجب بإيراد أدلة لهؤلاء المانعين بخلاف ابن الهمام، لكن لعل من أقوى أدلتهم ما ذكرناه. الآن نفهم من كلام الغزالي في قوله: "جميع عمومات الشرع مخصصة، ولم يستثنِ من ذلك إلا قوله تعالى: {وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [(29) سورة البقرة]، هذا عموم باقٍ على عمومه اتفاقاً". باتفاق من؟ من يعتد بقوله، أما من لا يعتد بقوله، كالفلاسفة الذين يقولون: "إنه يعلم الكليات ولا يعلم الجزئيات" هؤلاء لا عبرة بهم، ولا ينبغي أن يشتغل بذكر أقوالهم وبحثها. يقول: {بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [(12) سورة الشورى]: هذا باقٍ على عمومه. هناك مثَّل للعموم الذي دخله الخصوص -الذي خصص بالعقل-: {خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} [(62) سورة الزمر]، {يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ} [(57) سورة القصص]، {تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ} [(25) سورة الأحقاف]: هذه العمومات باقية على عمومها أو مخصصة؟ مخصصة. شيخ الإسلام لا يوافق على هذا الكلام الذي يردده كثير من الأصوليين وبعض المتكلمين؛ يقول: "يندر أن تجد نصاً باق على عمومه، يندر جداً". مما ذكروه قوله تعالى: {وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [(29) سورة البقرة]، هذا الذي يذكرونه مما بقي على عمومه، وأما الباقي كله داخل في الخصوص". لكن شيخ الإسلام يقول: "لو قرأنا القرآن من أوله إلى آخره على طريقة تلقين الصبيان آية آية .. " كلمة كلمة، وبحثنا في كل كلمة كلمة من القرآن وما دخلها من المخصصات، لوجدنا من النصوص الشيء الكثير مما بقي على عمومه، ماذا يقول شيخ الإسلام في كلامٍ طويل نقلته؛ لأهميته ونفاسته؟

يقول شيخ الإسلام -رحمه الله تعالى- في الجزء السادس من مجموع الفتاوى صفحة [440 إلى 445]: فإن قيل: دلالة العموم ضعيفة، فإنه قد قيل: أكثر العمومات مخصوصة، وقيل: ما ثمََّ لفظ عام إلا قوله: {وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [(29) سورة البقرة]، ومن الناس من أنكر دلالة العموم رأساً، قلنا: أما دلالة العموم المعنوي العقلي فما أنكره أحد من الأمة فيما أعلمه، بل ولا من العقلاء، ولا يمكن إنكارها، اللهم إلا أن يكون في أهل الظاهر الصِّرْف الذين لا يلحظون المعاني كحال من ينكرها، لكن هؤلاء لا ينكرون عموم الألفاظ، بل هو عندهم العمدة ولا ينكرون عموم معاني الألفاظ العامة، وإلا قد ينكرون كون عموم المعاني المجردة مفهومة من خطاب الغير -لو نبي نشرح كلام شيخ الإسلام طال بنا المقام- يقول: "وأما العموم اللفظي فما أنكره أيضاً إمام ولا طائفة لها مذهب مستقر في العلم، ولا كان في القرون الثلاثة من ينكرها" -كل هذا رد على من يقول: إنه ما من عموم إلا ودخله الخصوص، ما من عموم إلا ودخله الخصوص إلا ما استثنوا من الآية- يقول: "وأما العموم اللفظي فما أنكره أيضاً إمام ولا طائفة لها مذهب مستقر في العلم، ولا كان في القرون الثلاثة من ينكره، وإنما حدث إنكاره بعد المائة الثانية وظهر بعد المائة الثالثة". أيش يقول؟ كيف يقول؟: "ولا كان في القرون الثلاثة من ينكره، وإنما حدث إنكاره بعد المائة الثانية": كيف يقول: ولا كان في القرون الثلاثة من ينكره، وإنما حدث إنكاره بعد المائة الثانية؟ طالب:. . . . . . . . . وظهر بعد المائة الثالثة. طالب:. . . . . . . . . ليس المراد بالقرن ((خيركم قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم)) القرن المراد به مائة عام، وإن قيل بذلك، بل بعضهم يقول: سبعين سنة، وبعضهم يقول: غالب القرن ما يقرب من أربعين عاماً. ((خيركم قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم)): القرون الثلاثة المفضلة تنتهي سنة كم؟ ابن حجر له كلام: إن القرون الثلاثة تنتهي سنة 220هـ، الحين حينما ظهرت فتنة القول بخلق القرآن، ورفع المبتدعة رؤوسهم، وامتحن أهل السنة .. نعم؟ طالب:. . . . . . . . .

((خيركم قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم)) وهكذا، لكن أتباع التابعين متى انقرضوا؟ نعم؟ أتباع التابعين، هاه؟ طالب:. . . . . . . . . لا، يعني هل أدركوا سنة 200 أو ما أدركوا -أتباع التابعين- الغالب الغالب ما أدركوا، غالبهم لم يدرك. طالب:. . . . . . . . . السابعة إيه ويعادلها السابعة، نعم، لكن يندر من في السابعة من عاصر التاسعة، يعني عمر فقارب التاسعة. على كل حال هذا كلام شيخ الإسلام -رحمه الله تعالى-: ولا كان في القرون الثلاثة من ينكره: يعني القرون الثلاثة التي جاء النص فيها المفضلة، وإنما حدث إنكاره بعد المائة الثانية، يعني بعد سنة مائتين، وظهر بعد المائة الثالثة، وأكبر سبب لإنكاره، أما من المجوزين للعفو من أهل السنة ومن المرجئة من ضاق عطنه لما ناظره الوعيدية بعموم آيات الوعيد وأحاديثه، فاضطره ذلك إلى أن جحد العموم في اللغة والشرع، فكانوا فيما فروا إليه من هذا البحث كالمستجير من الرمضاء بالنار. وأما قولهم -وهذا الذي يهمنا- وأما قولهم: ما من عمومٍ إلا قد خصّ إلا قوله: {بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}، فإن هذا الكلام -وإن كان قد يطلقه بعض السادات من المتفقهة وقد يوجد في بعض كلام المتكلمين في أصول الفقه- فإنه من أكذب الكلام وأفسده، فإنه من أكذب الكلام وأفسده -هؤلاء المتكلمون من المبتدعة حينما يطلقون من هذا الكلام لهم مقاصد يبنون عليها بدعهم- يقول: فإنه من أكذب الكلام وأفسده، والظن بمن قاله أولاً أنه إنما عنى أن العموم باللفظ {بِكُلِّ شَيْءٍ} مخصوص إلا في مواضع قليلة، يعني فقط ما جاء فيه في النصوص كل شيء، يعني بغض النظر عن العمومات الأخرى، ما يفيد العموم من الألفاظ الأخرى، والظن بمن قاله أولاً أنه إنما عنى أن العموم من لفظ كل شيء مخصوص إلا في مواضع قليلة كما في قوله: {تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ} [(25) سورة الأحقاف] هذا مخصوص؛ هل دمرت السماوات والأرض؟ ما دمرت، {أُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ} [(23) سورة النمل]، أوتيت مما أوتي سليمان؟ لا.

{فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ} [(44) سورة الأنعام] مخصوص؟، يقول: "وإلا فأي عاقلٍ يدعي هذا في جميع صيغ العموم في الكتاب والسنة، وفي سائر كتب الله وكلام أنبيائه، وسائر كلام الأمم عربهم وعجمهم". يقول: "وأنت إذا قرأت القرآن من أوله إلى آخره وجدت غالب عموماته محفوظة لا مخصوصة، سواء عنيت عموم الجمع لأفراده، أو عموم الكل لأجزائه، أو عموم الكل لجزئياته -وشرح كلام الشيخ -رحمة الله عليه- يحتاج إلى وقت- فإذا اعتبرت قوله: {الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [(2) سورة الفاتحة]، هذا باقٍ على عمومه وإلا؟ محفوظ وإلا مخصوص؟ يقول: فهل تجد أحداً من العالمين ليس الله له رب؟ رب العالمين، هل من العالمين لا يدخل في قوله: {رَبِّ الْعَالَمِينَ}؟ هل يوجد أحد يخرج من هذا؟ طيب، {مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ} [(4) سورة الفاتحة]، فهل في يوم الدين شيء لا يملكه الله؟ هل يوجد في يوم الدين شيء لا يملكه الله؟ إذن محفوظ باق على عمومه. {غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ} [(7) سورة الفاتحة] هل في {المَغضُوبِ عَلَيهِمْ} و {الضَّالِّينَ} أحد لا يجتنب حاله التي كان بها مغضوباً عليه أو ضالاً؟ هل يوجد من المغضوب عليهم -والجمهور على أنه المراد بهم: اليهود والضالين: النصارى- هل يوجد في اليهود من ليس بمغضوب عليه؟ أو من اليهود المغضوب عليهم من لا يسأل الرب -عز وجل- أن تجتنب طريقته؟ وكذلك الضالون؟ {هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ* الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ} [(2 - 3) سورة البقرة]: فهل في هؤلاء المتقين أحد لم يهتدِ بهذا الكتاب؟ {هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ* الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ} يقول: فهل في هؤلاء المتقين أحد لم يهتدِ بهذا الكتاب؟ جنس الهدى؛ الناس يتفاوتون في الاهتداء بهذا الكتاب، لكن جنسه موجود في جميع المتقين، جنس الاهتداء بهذا الكتاب موجود في المتقين كلهم، فهو عام محفوظ.

{والَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ} [(4) سورة البقرة]: هل فيما أنزل الله ما لم يؤمن به المؤمنون؟ لا عموماً ولا خصوصاً؟ يعني هل هناك كتاب ثبت عند أهل هذه الملة وهذه الأمة كتاب ثبت أن الله أنزله من السماء من كلامه لا يؤمن به المؤمنون؟ طالب:. . . . . . . . . لماذا؟ لأن الإيمان بالكتب شرط، ركن من أركان الإيمان، فإذا انتفى هذا الركن انتفى الإيمان. {أُوْلَئِكَ عَلَى هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [(5) سورة البقرة]: يقول: هل خرج أحد من هؤلاء المتقين عن الهدى في الدنيا، وعن الفلاح في الآخرة؟ {أُوْلَئِكَ عَلَى هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}، أين العموم هنا؟ طالب:. . . . . . . . . {أُوْلَئِكَ}: ماذا قلنا عن اسم الإشارة قريباً من ألفاظ العموم وإلا الخصوص؟ الخصوص، من ألفاظ الخصوص. {عَلَى هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}: ماذا يقول الشيخ -رحمه الله-: هل خرج أحد من هؤلاء المتقين؟ ما زال الكلام على المتقين عن الهدى في الدنيا، يعني يوجد متقٍ وليس بمهتدٍ؟ ممكن؟ إذن باقٍ على عمومه، وهل يوجد تقٍ مهتدٍ غير مفلح في الآخرة؟ يوجد وإلا ما يوجد؟ لا يوجد. يقول: "هل خرج أحد من هؤلاء المتقين عن الهدى في الدنيا وعن الفلاح في الآخرة"، إذن هو باقٍ على عمومه فهو محفوظ. ثم قوله: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ} [(6) سورة البقرة]: قيل: هو عام مخصوص، {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ}، أيش بعده؟ {سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ} [(6) سورة البقرة]، {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ}: هل هو باقٍ على عمومه؟ أو هو عام مخصوص، أو عام أريد به الخصوص؟ لأن الآيات في أوائل سورة البقرة ذكرت الأصناف، وذكرت من؟ طالب:. . . . . . . . . ذكرت المؤمنين المتقين من هذه الأمة فقط، أو منهم ومن الأمم السابقة؟ طالب:. . . . . . . . . هذا قول، أنهم من هذه الأمة، والقول الآخر: {والَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ} من الأمم السابقة. طالب: .... صنف ...

هذا صنف، المقصود أنه ذكر في صدرها المؤمنين، ثم ثنى بالذين كفروا، ثم ثلث بالمنافقين. {الَّذِينَ كَفَرُواْ}: الذين من صيغ العموم؛ لأنها موصول، فهل هذا العموم باقٍ على عمومه؟ يشمل جميع طوائف الكفر؟ أو أن من الكفار من يخرج من هذا العموم إما بمخصصات أو لم يدخل أصلاً فيكون من العام الذي أريد به الخصوص؟ ثم إن قوله: {الَّذِينَ كَفَرُواْ}: قيل عام مخصوص، {سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ}: هل جميع الذين كفروا هذه صفتهم؟ يعني ما وجد من الذين كفروا أنذرهم النبي -عليه الصلاة والسلام- وآمنوا؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . إذن هو عامٍ مخصوص، عامٍ مخصوص أو أريد به الخصوص، بمعنى أن الله -سبحانه وتعالى- لما قال هذه الآية لم يرد أولئك الذين أنذرهم النبي -عليه الصلاة والسلام- فآمنوا. طالب:. . . . . . . . . تؤذن؟ طالب:. . . . . . . . . هم لا يستطيعون مصادمة النصوص؛ لأن المبتدع من خالف بنوع شبهة لا بمعاندة، نعم، هؤلاء المبتدعة غالبهم مخالف بنوع شبهة، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . هذا اللفظ يقتضي العموم، كلامهم يقتضي العموم. كأن شيخ الإسلام في أول الأمر قال: لعل مرادهم كل شيء، ما جاء في القرآن فيه كل شيء، {أُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ} [(23) سورة النمل]، {تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ} [(25) سورة الأحقاف]، {خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} [(62) سورة الزمر]، {وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [(29) سورة البقرة]. نكمل كلام الشيخ -رحمه الله-: ثم قوله: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ} [(6) سورة البقرة]، قيل: هو عام مخصوص، وقيل: هو لتعريف العهد: يعني هؤلاء الذين كفروا من صناديد قريش وعتاتهم. {سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ} [(6) سورة البقرة]: هذا تسلية للنبي -عليه الصلاة والسلام- وقيل: هو لتعريف العهد فلا تخصيص فيه؛ فإن التخصيص فرع على ثبوت عموم اللفظ. و (أل) العهدية .. ، المفرد أو الجمع إذا اقترن بـ (أل) الجنسية يفيد العموم، صح وإلا لا؟

(أل) الجنسية، لكن (أل) العهدية يفيد العموم وإلا ما يفيد؟ لا يفيد العموم، إذن لا يحتاج إلى أن نبحث {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ} هل هو مخصوص أو عام أريد به الخصوص .. ، خرج من العموم، إذا قلنا: (أل) للعهد. نعم؟ طالب:. . . . . . . . . ولو كان للوصل (الذين)؛ {الَّذِينَ كَفَرُواْ}: يعني الذين هم على عهدك. وقيل: هو لتعريف العهد فلا تخصيص فيه؛ فإن التخصيص فرع على ثبوت عموم اللفظ، ومن هنا، يقول الشيخ -رحمه الله-: يغلط كثير من الغالطين، يعتقدون أن اللفظ عام، ثم يعتقدون أنه قد خصّ منه، ولو أمعنوا النظر لعلموا من أول الأمر أن الذي أخرجوه لم يكن اللفظ شاملاً له، ففرق بين شروط العموم وموانعه وبين شروط دخول المعنى في إرادة المتكلم وموانعه. ثم قوله: {لاَ يُؤْمِنُونَ} [(6) سورة البقرة]: أليس هو عاماً لمن عاد الضمير إليه عموماً محفوظاً؟ ". {لاَ يُؤْمِنُونَ}: الضمير يعود على مَن؟ {الَّذِينَ كَفَرُواْ}، {الَّذِينَ كَفَرُواْ}: {لاَ يُؤْمِنُونَ}. يقول: ثم قوله: {لاَ يُؤْمِنُونَ}: أليس هو عاماً لمن عاد الضمير إليه عموماً محفوظاً؟: من خرج منهم؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . الذين آمنوا؟ طالب:. . . . . . . . . ما خرج منهم أحد، أصلاً الذين آمنوا ما دخلوا، ما دخلوا في اللفظ أصلاً. {خَتَمَ اللهُ عَلَى قُلُوبِهمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ} [(7) سورة البقرة]: شيخ الإسلام -رحمه الله- إذا أراد أن يرد -رحمة الله عليه- عنده طريقة الاستقراء، وهذه طريقته -رحمه الله تعالى- بحيث لا يترك لمستدرك شيئاً يستدركه، يذكر من الأمثلة بحيث يذعن له المخالف، وكثير من الناس يضيق ذرعاً بطول الكلام ويقتصر على مثال مثالين، ثم عاد ما يلبث أن المخالف يطعن في هذا المثال أو ذلك ثم تبقى المسألة بلا حجة. يقول -رحمه الله-: {خَتَمَ اللهُ عَلَى قُلُوبِهمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ}: أليس هو عاماً في القلوب وفي السمع والأبصار وفي المضاف إليه -يعني الهاء في قلوبهم وسمعهم وأبصارهم-؟

هذه الصفة عموماً لم يدخله تخصيص، وكذلك في سائر الآيات، إذا تأملته إلى قوله: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمَْ} [(21) سورة البقرة]: فمن الذين خرجوا من هذا العموم الثاني فلم يخلقهم الله؟ {الَّذِي خَلَقَكُمْ}: من الذين خرجوا من هذا العموم فلم يخلقهم الله؟ وهذا باب واسع، {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمَْ}؟ قد يقول قائل: إن قوله تعالى: {خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} [(62) سورة الزمر] عموم مخصوص، كيف يقول الشيخ -رحمه الله- في هذه الآية من الذي خرج من هذا العموم؟ الشيخ يعترف بأن {خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} عام مخصوص، فكيف يقول هنا: إنه كيف هذا باقٍ على عمومه، من الذي خرج من قوله: {خَلَقَكُمْ}؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . طيب، طيب. طالب:. . . . . . . . . {يَا أَيُّهَا النَّاسُ}: يعني العموم في (الناس) لا في غيرهم، فلا تعارض مع عموم هذه الآية وعموم تلك. يقول: "وإن مشيت على آيات القرآن كما يلقن الصبيان وجدت الأمر كذلك، فإنه سبحانه قال: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ* مَلِكِ النَّاسِ* إِلَهِ النَّاسِ} [(1 - 3) سورة الناس]: فأي ناسٍ ليس الله ربهم؟ أم ليس ملكهم، أم ليس إلههم؟ يوجد أناس ليس الله رباً لهم ولا ملكاً لهم ولا إلهاً؟ لا يوجد. ثم قوله: {مِن شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ} [(4) سورة الناس]: إن كان المسمى واحداً فلا عموم فيه؛ {شَرِّ الْوَسْوَاسِ}: إذا كان الشيطان الأكبر فهو خاص، ما نحتاج إلى أن نقول: دخله مخصص، وإن كان جنساً -جنس الشيطان الذي يوسوس ويخنس عند الذكر- وإن كان جنساً فهو عام، فأي وسواسٍ خناس لا يستعاذ بالله منه؟ وكذلك قوله: {بِرَبِّ الْفَلَقِ} [(1) سورة الفلق]: أي جزء من الفلق، أم أي فلقٍ ليس الله ربه؟ أي جزءٍ من الفلق إذا قلنا: الفلق واحد، وكلمة الفلق شامل لأجزائه أو لجزئياته -على ما تقدم في كلام الشيخ- أو نقول: الفلق: جنس الفلق، وهناك أكثر من فلق باعتبار أن الفلق للصبح يتجدد بتجدد الأيام، فأي فلقٍ ليس الله ربه؟

{مِن شَرِّ مَا خَلَقَ} [(2) سورة الفلق]: أي من شر .. ، أي شرٍ من المخلوق لا يستعاذ بالله منه؟ أي شرٍ من المخلوق لا يستعاد بالله منه؟ {وَمِن شَرِّ النَّفَّاثَاتِ} [(4) سورة الفلق]: أي نفاثةٍ في العقد لا يستعاذ منها؟ وكذلك قوله: {وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ} [(5) سورة الفلق]: مع أن عموم هذا فيه بحث دقيق ليس هذا موضعه. نكمل وإذا بقي وقت نرجع إلى هذا الدقيق. يقول -رحمه الله-: ثم سورة الإخلاص فيها أربع عمومات؛ {لَمْ يَلِدْ} [(3) سورة الإخلاص]: فإنه يعم جميع أنواع الولادة، كذلك {لَمْ يُولَدْ} [(3) سورة الإخلاص]، كذلك {لَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ} [(4) سورة الإخلاص]: فإنها تعم كل أحدٍ، وكل ما يدخل في مسمى الكفؤ فهل في شيءٍ من هذا خصوص؟ يقول: ومن هذا الباب كلمة الإخلاص: كلمة الإخلاص التي هي أيش؟ (لا إله إلا الله) التي هي أشهر عند أهل الإسلام من كل كلام، وهي كلمة (لا إله إلا الله)، فهل دخل هذا العموم خصوص قط؟ هل دخل هذا العموم خصوص قط؟ فالذي يقول بعد هذا: ما من عامٍ إلا وقد خص إلا كذا وكذا، إما في غاية الجهل، وإما في غاية التقصير في العبارة؛ فإن الذي أظنه أنه إنما عنى من الكلمات التي تعم كل شيء كما أشرنا سابقاً: {خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} [(62) سورة الزمر]، {تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ} [(25) سورة الأحقاف]، وما أشبه ذلك، {أُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ} [(23) سورة النمل]، مع أن هذا الكلام ليس بمستقيم، مع أن هذا الكلام ليس بمستقيم، وإن فسّر بهذا، لكنه أساء في التعبير أيضاً؛ فإن الكلمة العامة ليس معناها أنها تعم كل شيء، وإنما المقصود أن تعمّ ما دلّت عليه، أي ما وضع اللفظ له، ظاهر وإلا ما هو بظاهر؟ يقول: "ليس معناها أن تعم كل شيء، {تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ}: ليس معناها أنها تعم كل شيء، {أُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ}: ليس معناها أنها أوتيت من كل ما يشمله اللفظ حتى ما يخص الرجال، وإنما هو في حدود الإمكان مما يناسبها. {يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ} [(57) سورة القصص]، كل شيء على وجه الأرض يجبى إليها؟!!

ولذا يقول: "ليس معناها أنها تعم كل شيء، وإنما المقصود أن تعم ما دلت عليه": أي ما وضع له اللفظ، وما من لفظٍ في الغالب إلا وهو أخص مما فوقه من العموم، ما من لفظٍ في الغالب إلا وهو أخص مما فوقه في العموم، وأعم مما هو دونه في العموم والجميع يكون عاماً، أيش معنى هذا الكلام؟ يعني أن العموم والخصوص أمور نسبية، فإذا قلت مثلاً -على سبيل التقريب-: زيد قوي، زيد طويل، كم طوله؟ مترين، هذا طويل بالنسبة لعامة الناس. وعمرو قصير، كم طوله؟ 160، هذا مائتين وهذا مائة وستين، لكن قد يوجد في الناس من يزيد على المترين، فإذا ضممت إليه زيداً .. ، شخص طوله مائتين وأربعين مثلاً -وجد وإلا ما وجد؟ وجد- إذا ضممت إليه زيداً الذي طوله مائتين، تقول: طويل وإلا قصير؟ قصير نسبياً. وعمرو الذي طوله 160، إذا وجد بكر طوله مائة وأربعين؟ يوجد، تقول: طويل وإلا قصير؟ مثله العموم والخصوص، يوجد في العموم ما هو أعم منه، ويوجد في الخصوص ما هو أخص منه. إذن العموم على ثلاثة أقسام: عموم محفوظ باقٍ على عمومه -وهو كثير كما قرره شيخ الإسلام -رحمه الله- في الكلام الطويل الذي ذكرناه، وعموم مخصوص، وهو كثير جداً -وهو الذي نبحثه هنا- وعموم أريد به الخصوص فلا تدخل جميع أفراده في مراد المتكلم أصلاً، ولا يحتاج حينئذٍ إلى نص يخرج بعض أفراده؛ حيث لم يدخل أصلاً في مراد المتكلم كما في قوله تعالى: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ} -كما مثلنا- {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ} [(173) سورة آل عمران]. كم باقي على الإقامة؟ طالب:. . . . . . . . . كم؟ طالب: ... شيخ الإسلام. . . . . . . . . قوية ... يرد على .... إيه، يرد على المبتدعة، هو يرد على المبتدعة في هذا، يرد على المبتدعة، نعم؟ طالب:. . . . . . . . .

في مسألة الرؤية، نعم، في مسألة الرؤية رؤية الرب -عز وجل- لما ذكر المبتدعةُ الأدلة الدالة على أن المؤمنين يرون الله -عز وجل- في الآخرة أراد بعضهم أن هذه النصوص لا تتناول النساء مثلاً، لا تتناول النساء فهذا من العام المخصوص، أو العام الذي أريد به الخصوص فهو ضعيف، وحينئذٍ تكون الدلالة أو الدليل ضعيف على المراد -في دلالته على المراد- واستطرد الشيخ كعادته في مثل هذا، سال واديه هنالك. طالب: يا شيخ. . . . . . . . . العام المخصوص أو الذي أريد به الخصوص؟ {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ} [(6) سورة البقرة] هل يمكن أن يقال يا شيخ: أريد به الخصوص مع كون الخاص. . . . . . . . . ونفعت معهم الإثارة،. . . . . . . . . إلا أن يكون مؤمناً .... ؟ على كل حال هل نستطيع أن نقول: إن هذا باقٍ على عمومه؟ أو ما بقي على عمومه؟ شيخ الإسلام -رحمه الله- يريد أن يقرر شيئاً، وهو أن اللفظ العام الذي أريد به الخصوص لا يدخل فيما معنا مما ضعفت دلالته؛ لأنه خصص؛ أصل المتكلم لم يرد جميع الأفراد، لم يرد جميع الأفراد؛ لأننا إذا خصصناه قلنا: إنه دخله المخصص فضعف، والشيخ -رحمة الله عليه- يريد أن يقرر أنه من النوع الذي لم يدخله المخصص؛ أصل المتكلم هؤلاء الأفراد الذين أخرجهم من أصل الاعتبار. طالب:. . . . . . . . . إيه في حكم الخاص؛ لأنه أريد به الخصوص. طالب:. . . . . . . . . من؟ طالب: .... الجويني قال: الخاص يقابل العام؟ وما دام عرفت المقابل لا بد أن تعرف ما يقابله، إذا عرفت المقابل .. ، إذا عرَّفت الذكر والأنثى سواء، تحتاج إلى أن تعرف الأنثى، نعم؟ إذا عرَّفت النهار يقابله الليل تحتاج أن تعرف الليل؟ نعم؟ يعني إذا كانت القسمة ثنائية، اثنان متقابلات عرفت أحدهما الباقي .. ، نعم؟ يعني لو أعطيت واحداً عشرة، وقلت له: أعطني خمسة، وأيش مصير الخمسة الثانية؟ طالب: له. لك نعم؟ إذا أعطيته عشرة يعني هذا مقابل هذا، هذا يقابل هذا، فإذا عرفت المقابل تبيّن .. ، إذا قيل: الحلال ضد الحرام، وعرفت الحرام، يحتاج أن تعرف الحلال؟ ما يحتاج.

إذا قيل -من المقابلة التامة في الحد-: الواجب ضد المحظور، ثم أتيت بتعريف الواجب، أو أنت تعرف المحظور من قبل يحتاج أن تعرّف الواجب؟ بضدها تتبيّن الأشياء؛ إذا عرفت الضد عرفت ضده. طالب:. . . . . . . . . هم يتفننون في الأمور التي لا إشكال فيها تكفيهم الإشارة، لا سيما وإن هذا الكتاب إنما وضع لمن؟ للمبتدئين، والأصل أن يكون الشرح أيضاً للمبتدئين، مناسب للمبتدئين، لكن نشوف الذي قدامنا -ما شاء الله- كبار ما هم مبتدئين، وإلا أيش معنى كتاب يؤلف للمبتدئين ويشرح على هذه الطريقة التي فيها شيء من البسط وفيها إشكالات، وفيها .. ، لكن نلاحظ الحال وإلا لو كان نوعية الطلاب غير ما بسطنا مثل هذا البسط، والله المستعان، انتهى الوقت؟ اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

شرح متن الورقات (7)

شرح متن الورقات في أصول الفقه (7) التخصيص وأقسامه – الاستثناء وشروطه– الشرط – التقييد بالصفة الشيخ الدكتور/ عبد الكريم بن عبد الله الخضير بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد: فقد قال المصنف -رحمه الله تعالى-: والخاص يقابل العام والتخصيص تمييز بعض الجملة، وهو ينقسم إلى متصل ومنفصل، فالمتصل: الاستثناء والشرط والتقييد بالصفة، والاستثناء: إخراج ما لولاه لدخل في الكلام وإنما يصح الاستثناء بشرط أن يبقى من المستثنى منه شيء، ومن شرطه أن يكون متصلاً بالكلام، ويجوز تقديم المستثنى على المستثنى منه، ويجوز الاستثناء من الجنس ومن غيره، والشرط يجوز أن يتقدم على المشروط، والمقيد بالصفة يحمل عليه المطلق، كالرقبة قيّدت بالإيمان في بعض المواضع فيحمل المطلق على المقيد. الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين: عرفنا في الدرس الماضي الخاص وأنه يقابل العام، وعرفنا أنه إذا كان العام: ما عمّ شيئين فصاعداً بلا حصر، فالخاص ما كان مقابلاً له بضده، ولذا قال: التخصيص تمييز بعض الجملة: يقصد به أفراد العام، أو إخراج بعض أفراد العام مما يتناوله اللفظ العام. يقول: وهو ينقسم إلى قسمين متصل ومنفصل، فالمتصل الاستثناء والشرط والتقييد بالصفة وهو: الضمير يعود على أيش؟ التخصيص أو الخاص؟ هل نقول: إنه يعود إلى أقرب مذكور وهو التخصيص، أو نقول: يعود إلى ما قبله وهو الخاص؟ نعم؟ أو يعود إلى المخصِّص المفهوم من التخصيص؟ على كل حال الفرق سهل يعني، الخطاب سهل وهو -أي الخاص أو المخصِّص- وإن قلنا: التخصيص يكون بخاصٍ .. ، بلفظٍ خاص متصل أو منفصل. ثم قال: وهو ينقسم إلى متصل ومنفصل، فالمتصل: الاستثناء والشرط والتقييد بالصفة. والتقييد بالصفة: الآن جعل التقييد من ضمن المخصِّصات، جعل من المخصِّصات المتصلة، الاستثناء والشرط وهذا واضح، ثم أردف ذلك بقوله: والتقييد بالصفة: يعني هل التقييد تخصيص؟ أو التقييد شيء والتخصيص شيء آخر؟

لاحظ عبارة المؤلف، يقول: وهو ينقسم إلى متصل ومنفصل، فالمتصل الاستثناء والشرط والتقييد بالصفة. طالب:. . . . . . . . . كيف؟ فالمتصل الاستثناء والشرط والتقييد بالصفة: أيش عندك؟ طالب: التقييد بالشرط والتقييد بالصفة! يجي التقييد بالشرط؟ أو تخصيص بالشرط؟ طالب: ... تقييد بالصفة ... خلي التقييد بالصفة انتهينا، لكن التقييد بالشرط أيش معناه؟ طالب:. . . . . . . . . شو لون تجي تقييد بالشرط؟ تخصيص بالشرط ماشي لكن تقييد بالشرط؟! طالب:. . . . . . . . . هذا تخصيص وإلا تقييد؟ طالب: .... تقييد ... هذا تكرار، هذا تكرار، ونعرف أنه خلط بين التقييد والتخصيص، كثير من أهل العلم يخلطون بينهما بالجامع بين التقييد والتخصيص وهو التقليل والإخراج، الإخراج لبعض أفراد العام بالتخصيص، والإخراج لبعض أوصاف المطلق بالتخصيص، فهما من هذه الحيثية متداخلان، من هذه الحيثية باعتبار أن كلاً منهما تقليل وإخراج، وإن كان التخصيص يختص بتقليل الأفراد، والتخصيص يختص بتقليل الأوصاف، ولذا قال: والتقييد بالصفة: ما قال: التخصيص بالصفة، وإن أدرج التقييد بالصفة ضمن المخصصات ففيهما .. ، بينهما شوب موافقة، والأصل فيهما الاختلاف، الموافقة من أي جهة؟ أن كلاً منهما تقليل وإخراج، والانفصال من جهة كون التخصيص في الأفراد، ومن جهة كون التقييد في الأوصاف. الخلط يحصل في هذا كثيراً؛ تجد الشراح –شراح الحديث- حينما يشرحون حديث الخصائص: ((وجعلت تربتها)): يخلطون مرةً يقولون: يخص العام بالخاص، وهو التربة، ثم يقولون: هل يحمل المطلق على المقيد في هذا أو لا يحمل!! يحصل خلط يعني؛ فأول الكلام ينصب إلى التخصيص وآخره ينتهي بالتقييد -عند من يقول بأنه لا يُتيمم إلا بالتراب- وتفصيل ما بين النصّين في باب التيمم مبسوط في غير هذا الموضع، بسطناه مراراً. نعود إلى كلام المؤلف: "وهو": عرفنا أن الضمير يعود إلى المخصص المفهوم من التخصيص ينقسم إلى قسمين كما ذكر المؤلف: متصل ومنفصل: والمتصل بحيث يرد العام مع الخاص في نصٍ واحد، والمنفصل إذا ورد العام في نصٍ مستقل، والخاص في نصٍ آخر مستقل.

فإذا جاء اللفظ العام في السياق نفسه، ثم جاء في السياق نفسه ما يخصصه هو المتصل وإلا فالمنفصل. ثم ذكر من المخصصات المتصل: الاستثناء والشرط والتقييد بالصفة. يقول الناظم: وما به التخصيص إما متصل ... كما سيأتي آنفاً أو منفصل كما سيأتي آنفاً: يعني قريباً، سواء فيما مضى أو ما يأتي. فالشرط والتقييد بالوصف اتصل ... كذلك الاستثناء وغيره انفصل ثم شرع -رحمه الله- في بيان ما أجمله على طريقة أيش؟ اللف والنشر. مرتب وإلا غير مرتب؟ يقول: فالمتصل الاستثناء والشرط والتقييد: ثم ذكر الاستثناء ثم الشرط ثم المقيد على سبيل اللف والنشر المرتب. قال: والاستثناء إخراج ما لولاه لدخل في الكلام: ثم ذكر شروطه: الاستثناء إخراج ما لولاه لدخل في الكلام، وإنما يصح بشرط أن يبقى من المستثنى منه شيء، ومن شرطه: أن يكون متصلاً بالكلام: الاستثناء في الأصل استفعال من الثني بمعنى العطف؛ لأن المستثنى معطوف عليه بإخراجه من حكم المستثنى منه، أو بمعنى الصرف؛ لأنه مصروف عن حكم المستثنى منه. والسين والتاء؟ طالب:. . . . . . . . . طلب، هاه للطلب؟ نعم؟ تجي، تجي هنا للطلب؟ نعم؟ طلب الثنية هنا؟ إذا قيل: هذا استثناء، قام القوم إلا زيداً، هذا استثناء، أو هذا ثنيا؟ الاستثناء والثنيا بمعنى واحد، ولذا يقولون: السين والتاء هنا زائدتان، "نهى عن الثنيا ما لم تعلم"، نهى عن الثنيا ما لم تعلم": فالثنيا هي الاستثناء، وليس الاستثناء طلب الثنيا، إذن السين والتاء كما قالوا: زائدتان. طالب:. . . . . . . . . كيف؟ طالب:. . . . . . . . . أنت لما تقول: قام القوم إلا زيداً، أعطِ القوم إلا محمداً: أنت تستثنى وإلا تثني؟ هل هذا استثناء أو ثنيا؟ غيرك يطلب منك أن تستثني، نعم؟ لما تقول: أوصي أو أوقف أو غلّة هذا الوقف لبني تميم، إن طلب منك أن تستثني صار الاستثناء السين والتاء على بابها للطلب، لكن إن استثنيت أنت من غير طلب -من نفسك بادرت بالاستثناء- فتكون ثنيا أو استثناء بمعنىً واحد.

عرفه المؤلف -عرف الاستثناء-: إخراج ما لولاه لدخل في الكلام: وفي شرح الأشموني على الألفية -ألفية ابن مالك- الاستثناء: "هو الإخراج بـ (إلا) أو إحدى أخواتها لما كان داخلاً أو منزلاً منزلة الداخل": فالإخراج جنس وبـ (إلا) إلى آخره يخرج التخصيص بغير الاستثناء -يخرج التخصيص بغير الاستثناء- بالشرط والصفة على ما سيأتي- وما كان داخلاً يشمل الداخل حقيقةً والداخل تقديراً، وهو المفرغ. والقيد الأخير -المنزل منزلة الداخل- يذكر لإدخال الاستثناء المنقطع؛ لأنه عندنا استثناء متصل وآخر منقطع: قام القوم إلا زيداً: هذا استثناء متصل، وقام القوم إلا حماراً -مثلاً-: استثناء منقطع، لماذا؟ لأن المستثنى من غير جنس المستثنى منه. والضمير فيما لولاه: عائد إلى الإخراج، يعني لولا الإخراج موجود لدخل ذلك المخرج في حكم الكلام السابق. ومثّل له بأمثلةٍ كثيرة لكن .. ، منها: ((الصلح جائز بين المسلمين إلا صلحاً أحلّ حراماً أو حرّم حلالاً)) و ((المسلمون على شروطهم إلا شرطاً أحلّ حراماً أو حرّم حلالاً)) [هذا مخرج في السنن وهو صحيح لغيره]. ثم ذكر ما يشترط للاستثناء: وإنما يصح بشرط أن يبقى من المستثنى منه شيء: بشرط أن يبقى من المستثنى منه شيء، لو قلت مثلاً: عندي عشرة إلا عشرة، يصح الاستثناء وإلا ما يصح؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . أيش يلزمك إذا قلت: عندي عشرة إلا عشرة؟ كم يلزمك؟ طالب:. . . . . . . . . العشرة كاملة؟ طالب:. . . . . . . . . نعم؟ كيف؟ طالب:. . . . . . . . . إذن صححنا الاستثناء إذا قلنا: لا شيء؛ إذا طرحنا العشرة من العشرة صار صفر، وهذا إذا اعتبرنا الاستثناء، وهم يشترطون في صحة الاستثناء أن يبقى منه شيء -على الخلاف بين أهل العلم هل يشترط أن يبقى الأكثر أو لا يشترط- كما لو قال: عندي عشرة إلا تسعة، يلزمه واحد، أو لا بد أن يكون الاستثناء أقل من النصف، مسألة خلافية.

ولذا قالوا في شرطه: أن يبقى من المستثنى منه شيء، فلا يجوز أن يكون مستغرقاً لجميع أفراد العام، فلا يجوز مثل: له عليّ عشرة إلا عشرة، لكن يجوز نحو له عليّ عشرة إلا خمسة، عليَّ عشرة إلا ثلاثة، وله عليَّ عشرة إلا تسعة، وحينئذٍ يلزمه على الأول: خمسة، وعلى الثاني: سبعة، وعلى الثالث: واحد. فلو استغرق بأن لم يبق منه شيء كما لو قال: له عليّ عشرة إلا عشرة، لم يصح الاستثناء، وحينئذٍ تلزمه العشرة كاملة. أما استثناء أقل من النصف فهو جائز بالإجماع -كما قال الشوكاني وغيره- وأما استثناء النصف ففيه خلاف، والجمهور على جوازه، وأما استثناء الأكثر فأكثر الأصوليين على الجواز، وهذا رجحه الشوكاني، ومنعه الإمام أحمد وأصحابه، وهو قول للشافعي، إذا قلت: له عليّ عشرة إلا سبعة، له عليّ عشرة إلا سبعة، ما السبب في كونه لا يجوز استثناء -الاستثناء إذا استغرق جميع المستثنى منه- نعم؟ طالب:. . . . . . . . . الآن هم يفرقون بين العام المخصوص، والعام الذي أريد به الخصوص، أن يكون الباقي من أفراد العام في العام المخصوص أكثر -أكثر مما أخرج منه- وفي العام الذي أريد به الخصوص يكون الخصوص أكثر من العموم، فالقائل –المتكلم- حينما يتكلم بلفظ عام ويريد به الخصوص، هل يريد بذلك أكثر الناس؟ حينما يريد بلفظ عام يريد به الخصوص، يأتي بلفظ عام يريد به الخصوص، هل يريد به أكثر الناس؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . كيف؟ طالب:. . . . . . . . . هو أراد به الخصوص، لكن هل إذا قال: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ} [(173) سورة آل عمران]، واعتبرنا أنه على وجه الأرض من الناس مليار مثلاً، هل نقول: إنه يريد حينما يقول هذا الكلام أكثر من النصف، أو يريد أفراد أقل من النصف؟ طالب:. . . . . . . . .

بغض النظر عن المثال نفسه؛ {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ} واحد، {إِنَّ النَّاسَ} [(173) سورة آل عمران]: المراد بهم جمع، لكنهم أقل من النصف، قطعاً أقل من نصف من على وجه الأرض؛ لأن (الناس) إذا قلنا: إنه اسم جنس معرف بـ (أل) الاستغراقية قلنا: إنه من ألفاظ العموم، والأصل أنه يشمل جميع الناس، هذا الأصل، لكن هذا عام أريد به الخصوص، وعلى هذا ما يفرقون به العام المخصوص والعام الذي أريد به الخصوص، أن العام المخصوص يكون التخصيص إخراج أقل مما بقي من أفراد العام، والخصوص الذي أريد باللفظ العام يكون .. ، أيش؟ طالب:. . . . . . . . . أقل، أقل بكثير، بكثير مما يتناوله اللفظ العام. إذا قال شخص في بيته: اعطوا الأولاد كل واحد ريال، وقلنا: إن الأولاد جمع، وعرف بـ (أل) فهو من صيغ العموم - (أل) الجنسية- يشمل الأولاد -أولاد هذا المتكلم وأولاد الجيران، وأولاد أصحاب البلد كلهم، وأولاد البلدان كلهم- لكن هو هل يريد ها الخلق كلهم؟ لا، إنما هو يريد الخصوص، هو يريد أولاده هو. قد يقول قائل: إن (أل) هذه ليست الجنسية، وإنما هي (أل) العهدية، صح وإلا لا؟ لكن لقائل أن يقول: إن هذه (أل) الجنسية؛ لأنه لم يتقدم ما يدل على إرادة (أل) العهدية، (أل) العهدية إذا تقدم لهم ذكر، راح الأولاد، جاء الأولاد من المدرسة، فعلوا، تركوا، أعطوا الأولاد، فيكون المراد بهم الأولاد المعهودين، لكن إذا قال ابتداءً: أعطوا الأولاد، نعم، ابتداءً وليس في السياق ما يدل على إرادة العهد نقول: هذا عام، لكنه عام باق على عمومه محفوظ وإلا أريد به الخصوص؟ نقول: هذا عام أريد به الخصوص، وكم نسبة الأولاد المراد إعطائهم لنسبة من ينطبق عليه هذا اللفظ؟ ها ويش تقول؟ طالب:. . . . . . . . . واحد من أيش؟ من مليون يمكن، أو أكثر، أو أقل من واحد من مليون. حينما نقول هذا الكلام ونبين وجه الفرق بين العام الذي أريد به الخصوص، العام المخصوص وسبق أن تحدثنا عنه مراراً، وأن العموم ليس مراداً للمتكلم فيما يريد به الخصوص، بينما هو مراد للمتكلم في العام المخصوص.

هنا نقول: هذه من حجج من يقول: إنه لا يجوز استثناء أكثر من النصف، وهذه أصح الروايتين عن أحمد، وهي قول للشافعي. أما استثناء الأكثر فأكثر الأصوليين على جوازه ورجحه الشوكاني، ومنعه الإمام أحمد وأصحابه، وهذا الخلاف -يعني في الاستثناء، استثناء أكثر من النصف- إنما هو في استثناء العدد: له عشرة إلا كذا، له مائة إلا كذا، أما الاستثناء من الصفة، قالوا: فيصح استثناء الأكثر أو الكل، ومنه قوله تعالى لإبليس: {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلاَّ مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ} [(42) سورة الحجر]، فاستثنى الغاوين، وهم الأكثر كما في قوله تعالى: {وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ} [(103) سورة يوسف]. طالب:. . . . . . . . . أيوه؟ طالب:. . . . . . . . . {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ} [(42) سورة الحجر]. طالب:. . . . . . . . . وأيش المانع من أن يكون متصلاً؟ الأصل أن العباد كلهم ليس له عليهم سلطان، إلا من اتبعه، وحينئذ يكون استثنى الأكثر، استثنى الأكثر. استثنى في مختصر التحرير ما إذا كان استثناء الأكثر من دليل خارج عن اللفظ، إذا كان الدليل خارجاً عن اللفظ كما في الآيتين السابقتين وحينئذ لا يدخل فيما معنا، لماذا لا يدخل؟ لأن الذي معنا الاستثناء المتصل، والاستثناء بالدليل الخارجي هو الاستثناء المنفصل، لكن النص الذي فيه الاستثناء متصل وإلا منفصل؟ متصل، لكن الدلالة على المراد من الاستثناء منفصلة، الدلالة على المراد من الاستثناء منفصلة. من شرطه أيضاً أن يكون الاستثناء منطوقاً بحيث يسمع من بقربه؛ لو استثنى بقلبه، استثنى بقلبه: اعط الأولاد كذا، ثم استثنى بقلبه إلا فلان، يصح وإلا ما يصح؟ قالوا: لا بد أن يكون الاستثناء منطوقاً به. واستثنى في مختصر التحرير يمين المظلوم الخائف بنطقه، أيش مثاله؟ طالب:. . . . . . . . . نعم، يمين الخائف المظلوم بنطقه، يعني إذا نطق بالاستثناء حصل له ظلم، وحينئذ يستثني بقلبه.

من شرطه أن يكون متصلاً بالكلام إما حقيقة أو حكماً: فالأول: أعتق العبيد إلا زيداً، هذا متصل بالكلام حقيقة، الثاني: أن يحصل فاصل اضطراري يضطره إلى أن يفصل بين المستثنى والمستثنى منه بحيث لا يستطيع دفعه، كالسعال والعطاس، وما أشبه ذلك. ولذا حينما يشترطون أن تكون الآيات في الفاتحة متتابعة على الهيئة المشروعة لو حصل فاصل اضطراري مثل هذا فهي متصلة حكماً، وعلى هذا فإن حصل فاصل بينهما من سكوت بطل الاستثناء عند الجمهور، وقيل: يصح مع السكوت أو الفاصل إذا كان الكلامُ واحداً، كحديث ابن عباس حينما قال النبي -عليه الصلاة والسلام- في فتح مكة في بيان حرمة مكة: ((إن الله -سبحانه وتعالى- حرم مكة يوم خلق السماوات والأرض))، وقال في ذلك: ((لا يعضد شوكه ولا يختلى خلاه))، فقال العباس: "يا رسول الله، إلا الإذخر؛ فإنه لقينهم وبيوتهم"، فقال: ((إلا الإذخر)). ومثله الاستثناء في قصة سليمان -عليه السلام- لما قال له الملك: "قل: إن شاء الله". وهنا لما قال العباس: "يا رسول الله، إلا الإذخر"، هل كان في بال النبي -عليه الصلاة والسلام- هذا الاستثناء؟ هل كان في باله الاستثناء؟ وهل له -عليه الصلاة والسلام- أن يستجيب لطلب أحد لحكم شرعي؟ أو نقول كما قال بعضهم: إنه نزل الوحي حالاً بتأييد قول العباس، فقال النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((إلا الإذخر))، أو نقول: إن النبي -عليه الصلاة والسلام- اجتهد وأقر على هذا الاجتهاد في وقته؟ الذي يسمع هذا الكلام يقول: إن النبي -عليه الصلاة والسلام- لُقِّن الاستثناء، وقبل هذا التلقين، ظاهر وإلا ما هو بظاهر؟

أطلق النبي -عليه الصلاة والسلام- عمَّم- ثم جاء الاستثناء بطلب من العباس -طلب معلل- فمن أهل العلم من يقول: إنه نزل الوحي حالاً بموافقة العباس، فقال النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((إلا الإذخر))، ومنهم من يقول: إن النبي -عليه الصلاة والسلام- اجتهد وله أن يجتهد، لكنه لا يقر على خطأ، ولو كان خطأً لما أقر عليه -عليه الصلاة والسلام- وعلى هذا فلا يشترط وجود النية حال النطق باللفظ العام بل يكفي وجودها قبل فراغه، تشترط النية وإلا ما تشترط؟ هل كان النبي -عليه الصلاة والسلام- مستحضراً للنية في الاستثناء حينما قال: ((لا يعضد شوكة، ولا يختلى خلاه))؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . نعم، ظاهر النص يدل على خلاف ذلك، نعم يا. . . . . . . . .؟ طالب:. . . . . . . . . كيف؟ طالب:. . . . . . . . . في حديث سليمان لما قال: إنه يطأ هذا العدد الكبير من النساء، وكل واحدة منهن تأتي بولد يجاهد في سبيل الله، ولم يستثنِ، فقال له الملك: "قل: إن شاء الله"، وجاء الخبر الصحيح بأنه ((لو قال: إن شاء الله لنفعه ذلك))، فدل على أنه لا يلزم استحضار النية، بل إذا ذُكِّر ثم تذكر فاستثنى نفعه ذلك، شريطة أن يكون متصلاً بالكلام، أو في المجلس إذا كان هناك خيار، إذا اشترى شخص من آخر سيارة، نعم، اشترى سيارة، وقال: أنا اشتريت هذه السيارة بمائة ألف إلا إن كان الولد اشترى لنا سيارة غيرها، هذا متصل ومستحضر، ماشي؟ يصح الاستثناء وإلا ما يصح؟ نعم؟ يصح ما فيه إشكال. إذا انتظر وهم في المجلس باقون وهم يكتبون العقد قبل التفرق -بعد ربع ساعة مثلاً من الإيجاب والقبول- قال: إلا إذا كان الولد اشترى سيارة، ينفع وإلا ما ينفع؟ وما في باله الاستثناء، وإنما طرأ عليه فيما بعد، احتمال يكون الولد عاد لقى له سيارة ثم نزل وجابها، وهم ما يبغون إلا واحدة، ما يبغون إلا سيارة واحدة، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . كيف؟ طالب:. . . . . . . . . يعني ينفعه الاستثناء؟ طالب:. . . . . . . . . ما ينفعه الاستثناء؟ كيف؟ طالب:. . . . . . . . .

نقول: هذه صور، تلك صورة، وهذه صورة، ويأتي صورة ثالثة، نعم، بعد التفرق وبعد أن وصل إلى البيت قال: إلا إن كان الولد اشترى لنا سيارة، ينفع وإلا ما ينفع؟ لا بد من اعتبار هذه الصور: صورة مع العقد، وصورة بعد العقد في وقت الإمكان، وصورة بعد العقد بعد وقت الإمكان، الأولى لا إشكال فيها صحيحة عند الجميع، والثانية: صحيحة لذاتها أو لكون العقد معلق بالتفرق؟ نعم؟ طالب: لكون. . . . . . . . . سهل لكون العقد معلق. بعض العلماء -ويذكر عن ابن عباس- أن الاستثناء ينفع ولو بعد شهر. طالب:. . . . . . . . . نعم. إذا قلت: والله إن فعلتِ كذا أو إن فعلت كذا فأنت طالق، ثم بعد مدة قال: إن شاء الله، أو استثناء قال: إلا إن جاء زيد أو إلا إن أحضرت كذا، بعد مدة، هاه؟ استثنى بعد مدة طويلة ينفع وإلا ما ينفع؟ طالب:. . . . . . . . . صحيح، وإن كان مأثوراً عن ابن عباس رضي الله عنهما. طالب:. . . . . . . . . كيف؟ إيه، لكنه استثنى استثنى، حتى الاستثناء مضطرب عنده. طالب:. . . . . . . . . إن فعلتِ كذا، لكن حكم الاستثناء -كما سيأتي- الاستثناء اللي هو النحوي، أو .. ، على ما سيأتي في الشرط، يأتينا هذا في الشرط نشير إليه إن شاء الله تعالى. طالب:. . . . . . . . . مثل شرط الصفة على ما سيأتي؟ طالب:. . . . . . . . . على ما يظهر أن الحكم واحد، لكن في وقت الإمكان، نعم، يعني إذا أوصى بثلث ماله لبني تميم، ثم قال في وقت الإمكان، وقت الإمكان متى؟ إلى الوفاة، هذا كله وقت إمكان، استثنى منهم، أو اشترط، أو وصف وصف يتقيد به النص المطلق في وقت الإمكان ينفعه، لكن لو أوقف وقفاً منجزاً ثم استثنى أو اشترط أو وصف ينفع وإلا ما ينفع؟ لا ينفع. طالب:. . . . . . . . . نعم، بعد وقت الإمكان. ثم قال -رحمه الله تعالى-: ويجوز تقديم الاستثناء على المستثنى منه: لوقوعه في كلام العرب في النصوص: وما لي إلا .. ، إلا أيش؟ شيعة، وما لي إلا مذهب الحق مذهب، هذا كلام الكميت. وما لي إلا. . . . . . . . . شيعة ... وما لي إلا مذهب الحق مذهب وفي قصيدة حسان بن ثابت: فإنهم يرجون منه شفاعة ... إذا لم يكن إلا النبيون شافع طالب:. . . . . . . . .

أعد أعد؟ طالب:. . . . . . . . . هذا متقدم؟ طالب:. . . . . . . . . يعني الاستثناء الأول من نفس الجملة هذه وإلا من الجملة التي قبلها؟ طالب:. . . . . . . . . لا، اختلطت. ثم قال -رحمه الله تعالى-: ويجوز الاستثناء من الجنس ومن غيره: الاستثناء من الجنس واضح، كقولك: قام القوم إلا زيداً وقام النساء إلا هنداً، وأما من غير الجنس فالمراد به الاستثناء المنقطع كـ: قام القوم إلا حماراً. إذا قلت: قام القوم إلا هنداً من الأول وإلا من الثاني؟ طالب: من الأول؟ من الجنس أو من غير الجنس؟ قام القوم إلا هنداً؟ طالب:. . . . . . . . . كيف؟ طالب:. . . . . . . . . للرجال والنساء؟ يمكن؟ تدخل النساء في القوم أو لا تدخل؟: {لَا يَسْخَرْ ... } طالب: {قَومٌ مِّن قَوْم} [(11) سورة الحجرات]. أيش اللي بعده؟ طالب: {وَلَا نِسَاء مِّن نِّسَاء} [(11) سورة الحجرات]. إذن تدخل النساء في القوم وإلا ما تدخل؟ طالب:. . . . . . . . . كيف تدخل؟ طالب:. . . . . . . . . {لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْم} {وَلَا نِسَاء مِّن نِّسَاء} [(11) سورة الحجرات] طالب:. . . . . . . . . تأكيد يا شيخ. تأكيد لأيش؟ طالب:. . . . . . . . . على كل حال من أهل العلم من قال: إن النساء لا تدخل في القوم. الرهط: قام الرهط إلا زيداً، تدخل فيه النساء وإلا ما تدخل؟ قام الرهط إلا هنداً. طالب:. . . . . . . . . كيف؟ طالب:. . . . . . . . . لكن ليس فيهم امرأة، وهنا قالوا: القوم لا تدخل فيهم النساء؛ بدليل هذه الآية، ومنهم مثل ما قلتم: إنها داخلة وعطف النساء على القوم من باب عطف الخاص على العام؛ للاعتناء –للعناية- بشأن الخاص، ولبيان أن السخرية في النساء أكثر منها في الرجال، السخرية في النساء أكثر منها في الرجال، والله المستعان. فعلى هذا لو قال: له عليَّ ألف إلا ثوباً، له عليَّ ألف إلا ثوباً، منقطع وإلا متصل، أو يحتمل؟ طالب: يحتمل. كيف يحتمل؟ طالب: قد يكون له ألف ثوب. ألف ثوب احتمال، لكن لو أطلق، قال هذه الكلمة: له علي ألف إلا ثوباً، قال: أنا أقصد ألف ريال لا أقصد ألف ثوب، والاستثناء منقطع يقبل وإلا ما يقبل؟ طالب:. . . . . . . . .

الشيخ كيف. . . . . . . . . ثوب. طالب:. . . . . . . . . ما قال: عليَّ ألف ثوب. طالب:. . . . . . . . . إلا ثوباً، يقول: الاستثناء المنقطع معروف في لغة العرب، معروف في القرآن، وهذا استثناء منقطع. طالب:. . . . . . . . . مثل أيش؟ طالب:. . . . . . . . . أن يكون المقَر له، نعم، أو المقِر صاحب ثياب مثلاً، يورد ثياباً، لكن إذا قال: له علي ألف دينار أو ألف درهم إلا ثوباً، عرفنا أن هذا الاستثناء منقطع، وحينئذ يصح الاستثناء؛ لأنه قال: ويجوز الاستثناء من الجنس وغيره: وعلى هذا تسقط قيمة الثوب من الألف، بكم الثوب؟ مائة ريال، إذن عندك تسعمائة، وعلى هذا أكثر الأصوليين كما في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ} [(29) سورة النساء]: هل التجارة عن التراضي من أكل الأموال بالباطل؟ لا، إذن الاستثناء منقطع كما في قوله تعالى: {لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا إِلَّا سَلَامًا} [(62) سورة مريم]: فالسلام ليس من اللغو. ومنعه آخرون كما في أصح الروايتين عن أحمد ونسبه الآمدي إلى الأكثرين، يقول الخرقي في مختصره: "من أقر بشيء واستثنى من غير جنسه كان استثناؤه باطلاً"، وعلى هذا فقوله: له علي ألف إلا ثوباً، تلزمه الألف كاملة، والاستثناء له. وحد الاستثناء ما به خرج ... من الكلام بعض ما فيه اندرج وشرطه ألا يرى منفصلا ... ولم يكن مستغرقاً لما خلا والنطق مع اسماع من بقربه ... قصده من قبل نطقه به والأصل فيه أن مستثناه ... من جنسه وجاز من سواه وجاز أن يقدم المستثنى ... والشرط أيضاً لظهور المعنى ثم قال -رحمه الله-: والشرط يجوز أن يتقدم على المشروط: وهذا هو النوع الثاني من المخصصات المتصلة وسبقت الإشارة إلى ذلك، والمراد به الشرط اللغوي: وهو المخصص للعموم كما لو قلت: أكرم العلماء إذا عملوا بعلمهم، أكرم العلماء إذا عملوا بعلمهم، ونحو ذلك.

أما الشرط الشرعي الذي يلزم من عدمه العدم، ومثله الشرط العقلي كالحياة للعلم فلا تخصيص بهما، وحينئذ يجوز تقديمه على المشروط -تقديم الشرط على المشروط- أو الشرط .. ، كما في المثال السابق، أكرم العلماء إذا عملوا بعلمهم. في قوله تعالى: {وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّهُنَّ وَلَدٌ} [(12) سورة النساء] هنا تقديم المشروط على الشرط، ويجوز عكسه تقديم الشرط على المشروط، نحو: إن جاء بنو تميم فأكرمهم، ونحو قوله تعالى: {وَإِن كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [(6) سورة الطلاق]. نأتي عاد إلى الإشكال في كلام المؤلف حينما عطف التقييد على الاستثناء والشرط. ثم قال -رحمه الله تعالى-: والمقيد بالصفة يحمل عليه المطلق كالرقبة قيدت بالإيمان في بعض المواضع وأطلقت في بعض المواضع فيحمل المطلق على المقيد: الآن هو أقحم التقييد مع المخصصات، وعرفنا وجه الشبه بين التقييد والتخصيص ووجه الافتراق، وعرفنا أنهما يشتبهان أن كلاً منهما إخراج، وكل منهما تقليل، ويختلفان في كون التخصيص تقليلاً للأفراد، والتقييد تقليلاً للأوصاف. وهنا يقول: والمقيد بالصفة: فلما ذكر الاستثناء والشرط عقبهما بالتقييد بالصفة، يعني لو قال: أكرم العلماء المحدثين: العلماء عام، والمحدثين وصف يصير تخصيصاً وإلا تقييداً؟ أولاً: لفظ العلماء: هل هو لفظ عام أو لفظ مطلق؟ طالب: عام لفظ عام؛ لأن (أل) الجنسية دخلت على الجمع، نعم، فهو من صيغ العموم، المحدثين تخصيص وإلا تقييد؟ طالب: تقليل للعدد بالوصف. كيف؟ طالب: تقليل للعدد بالوصف.

تقليل للعدد بالوصف، ومن هنا يتبين أن إدخال التقييد في المخصصات له وجه، وعرفنا أنهما يجتمعان في شيء ويختلفان في شيء آخر، فالذين خلطوا في حديث الخصائص حقيقة قد يعذرون نعم، يعني ((جعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً))، مع قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((جعلت تربتها لنا طهوراً)): نعم، من أهل العلم قال: لا يجوز التيمم إلا بالتراب، ومنهم من قال: يجوز التيمم بالتراب وغير التراب، فالذين قالوا يجوز التيمم بالتراب وغيره جعلوا الأرض لفظاً عاماً ذات أفراد، والتراب فردٌ من أفرادها، فهو خاص، فجعلوا هذا من باب العموم والخصوص، فيجوز التيمم بالتراب وغير التراب لماذا؟ لماذا لا يخص العام بخاص؟ طالب: لأن التراب فرد من أفراد. . . . . . . . . هو فرد من أفراده فهو خاص، لماذا لا يخص العام بالخاص؟ طالب:. . . . . . . . . لا لا، من باب .. ، لا لا. أقول: ذكر الخاص بحكم موافق لحكم العام يقتضي التخصيص؟ طالب: لا يقتضي .. لا يقتضي التخصيص، لكن لو جعلناه من باب الإطلاق والتقييد وقلنا: إن الأرض ذات أوصاف، والتراب وصف من أوصافها قلنا حينئذ: يحمل المطلق على المقيد فلا يجوز التيمم إلا بتراب له غبار يعلق باليد، كما يقول الحنابلة والشافعية. كُثُر من الشراح أولاً جعلوا العام في أول الكلام، ثم إما خصص وإلا بقي اللفظ على عمومه، وهنا إذا قلنا: أكرم العلماء المحدثين، العلماء لفظ عام بلا شك، أو مطلق؟ طالب: عام. عام، المحدثين تخصيص بالصفة تقليل للأفراد بالوصف، وهنا نعرِّف المطلق والمقيد؛ كي نعرف الموضوع على وجهه، قالوا: المطلق: ما تناول واحداً غير معين، واحداً غير معين باعتبار حقيقة شاملة لجنسه. المطلق: ما تناول واحداً غير معين، وهناك العام: يتناول أفراداً، أكثر من شيئين بلا حصر، يعم أكثر من شيئين بلا حصر، وهنا يتناول واحد غير معين باعتبار حقيقة شاملة لجنسه. والمقيد: ما تناول معيناً أو موصوفاً زائداً على حقيقة جنسه، قالوا: فالأول: كالرقبة، والثاني: كالمؤمنة في وصف الرقبة، قال في مختصر التحرير: "وقد يجتمعان في لفظ باعتبار الجهتين، أيش معنى هذا الكلام؟

الرقبة: لفظ مطلق في آية الظهار، وهي مقيدة من وجه في آية القتل، ومطلقة من وجوه حتى في آية القتل، وإن قيدت بالإيمان، لكن هناك قيود أطلقت منها كالطول والقصر والذكورة والأنوثة والسواد والبياض، هذه كلها قيود –أوصاف- لكن هذه الأوصاف لما كانت غير معتبرة ولا أثر لها في الحكم لم تذكر، بينما الوصف المؤثر المعتبر بالحكم ذكر وهو الإيمان، ولذا يقول صاحب التحرير: "وقد يجتمعان في لفظ باعتبار الجهتين يكون اللفظ مطلقاً من وجه ومقيداً من وجه آخر": يعني رقبة مؤمنة: هل هي مقيدة من كل وجه؟ وإن قيدت بالوصف المعتبر المؤثر في الحكم وهو الإيمان إلا أنها أطلقت، أطلقت من جهات -من أوصاف-؛ لعدم اعتبار هذه الأوصاف. يقول: كالرقبة قيدت بالإيمان في بعض المواضع وأطلقت في بعض المواضع، فيحمل المطلق على المقيد: عرفنا أن الرقبة أطلقت في آية الظهار وقيدت في آية القتل، يحمل المطلق على المقيد لماذا؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . كيف؟ طالب:. . . . . . . . . يعني في كل لفظ مطلق أو مقيد نحمل المطلق على المقيد؟ الحنفية قالوا: ما يحمل المطلق على المقيد، تقول لهم: إلا يحمل المطلق على المقيد هنا؟ طالب:. . . . . . . . . لا هذا إطلاق وتقييد، هذا إطلاقٌ وتقييد، إطلاقٌ وتقييد؛ لأنه حينما قال: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِّن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا} [(3) سورة المجادلة]، ما جاء بلفظ العموم، يعني تحرير رقبة واحدة، فرد من جنس، لكن هذا الفرد له أوصاف، قيد في نصوص أخرى، فالذين يقولون: بحمل المطلق على المقيد في مثل هذه الصورة قالوا: لاتحاد الحكم وإن اختلف السبب، اتحاد الحكم وإن اختلف السبب، فالحكم في الرقبة المعتقة في كفارة الظهار الوجوب، وجوب الإعتاق، والحكم في إعتاق الرقبة في كفارة القتل هو الوجوب، والسبب مختلف؛ هذا الظهار وهذا القتل، فإذا اتحدا في الحكم وجب حمل المطلق على المقيد وإن اختلف السبب. الحنفية ما يقولون بهذا، وقد يدافع عنهم بعض الناس فيقول: كم ذكر القيد في آية كفارة القتل؟ كم مرة؟ كم كرر هذا القيد؟ طالب:. . . . . . . . . مرة واحدة؟ طالب:. . . . . . . . . شوف أول صفحة ثلاثة وتسعين، نعم، كم؟

طالب:. . . . . . . . . كرر مراراً في نص واحد، فدل على أن هذا الوصف معتبر في هذا الموضع؛ لأنه بقتله هذه النفس المؤمنة لا بد أن يوجد بدلها نفساً مؤمنة، لكن في الظهار ما أعدم نفساً مؤمنة، ظاهر وإلا ما هو بظاهر؟ نعم، ولذا ولاعتبار هذا الوصف في هذا الموضع كرر مراراً، بينما في المواضع الأخرى ما ذكر فضلاً عن كونه يكرر، فلو كان معتبراً لذكر، هذا قول من يدافع عنهم، أنا ما رأيت هذا الكلام لهم، لكن يمكن أن يدافع عنهم بهذا. طالب:. . . . . . . . . كيف؟ طالب:. . . . . . . . . أنا أدافع عنهم بهذا، لكن أنا مع الجمهور على كل حال، أنا مع الجمهور في كون الرقبة لا بد أن تكون مؤمنة في جميع الكفارات، في جميع الكفارات لا بد أن تكون مؤمنة؛ للاتحاد في الحكم وإن اختلف السبب وهذه هي صورة من صور حمل المطلق على المقيد. الصورة الثانية: وهي أولى منها بالحمل، وهي ما إذا اتحد الحكم والسبب معاً، إذا كان الحنفية خالفوا في الصورة الأولى فإنهم يتفقون مع الجمهور في الصورة الثانية، إذا اتحدا في الحكم والسبب حمل المطلق على المقيد، كالدم جاء مطلقاً في قوله -جل وعلا-: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالْدَّمُ} [(3) سورة المائدة] وجاء مقيداً في قوله: {قُل لاَّ أَجِدُ فِي مَا أُوْحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَن يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَّسْفُوحًا} [(145) سورة الأنعام]، فالدم غير المسفوح حلال، فيحمل المطلق على المقيد للاتحاد في أيش؟ في الحكم والسبب. إذا اختلفا في الحكم والسبب يحمل المطلق على المقيد وإلا ما يحمل؟ لا يحمل اتفاقاً؛ اختلفا في الحكم والسبب، اليد في آية الوضوء مقيدة بكونها إلى المرافق، وفي آية السرقة مطلقة {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا} [(38) سورة المائدة] إلى المرافق؟ لا، لماذا لا نحمل المطلق على المقيد؟ للاختلاف في الحكم والسبب وهذا يكاد يكون إجماعاً.

والصورة الثالثة: وهي تتميم القسمة فيما إذا اتفقا في السبب واختلفا في الحكم، اتفقا في السبب واختلفا في الحكم، ومثاله اليد أيضاً اليد في آية الوضوء، واليد في آية التيمم، السبب واحد وهو الحدث والحكم مختلف؛ هذا غسل وهذا مسح وحينئذ لا يحمل المطلق على المقيد خلافاً للشافعية. هناك بعض الأمثلة، وفيها إشكال ودقة في تطبيق مثل هذه القواعد عليها، مثل الإسبال: الإسبال جاء فيه الإطلاق والتقييد: ((ما أسفل من الكعبين فهو في النار)): هو مقيد وإلا مطلق ذا؟ نعم، مطلق، وجاء التقييد ((من جر ثوبه خيلاء)): من أهل العلم من يقول: يحمل المطلق على المقيد وينتهي الإشكال، اللي ما يجر ثوبه خيلاء ما عليه شيء، ولعلكم تلاحظون بعض من ينتسب إلى العلم قد يسبل، انطلاقاً من هذا، لكن له وجه أو ليس له وجه؟ إذا طبقناه على الصور الأربع السابقة الحكم واحد وإلا مختلف؟ الحكم مختلف، الحكم مختلف، يعني يشترك الجميع في التحريم، لكن يبقى أن هذا له حكم؛ هذا في النار وهو أسهل من الحكم في النص الثاني: ((من جر إزاره خيلاء))، ((من جر ثوبه خيلاء))، أيش حكمه؟ طالب: لا ينظر الله إليه. لا ينظر الله إليه، هذا أشد نسأل الله العافية. فعلى هذا لا يحمل المطلق على المقيد في هذه الصورة. طالب:. . . . . . . . . نعم. طالب:. . . . . . . . . إيه. طالب:. . . . . . . . . بالوصف. طالب: إذا قلنا هذا، ما يمكن أن نقول هذا الكلام في المطلق بشكل عام أو في المقيد بشكل عام. . . . . . . . .؟ إيه لكن هل هذا الوصف متعقب للفظ عام أو للفظ مطلق؟ قلنا مثل هذا الكلام لما جاء الوصف متعقباً للفظ عام، الباب، باب الإطلاق مع التقييد والتخصيص بينهما تداخل كبير، وفي التفريق بينهما غموض يحتاج إلى انتباه. طالب:. . . . . . . . . أيش لون؟ طالب:. . . . . . . . . تقليد، ما تقول: تقييد، لا. طالب:. . . . . . . . . نعم، إيه، أو إن شئت فقل هو تخصيص بالصفة مثل ما قال المؤلف، تخصيص بالصفة، نعم؟ طالب:. . . . . . . . .

تخصيص بالصفة؛ لأن اللفظ عام، العلماء عام، جمع مقترن بـ (أل) الجنسية، عام إلا لو جاء ما يدل على إرادة الخصوص، نعم، لو جاء ما يدل على إرادة الخصوص لا بأس. طالب:. . . . . . . . . كيف؟ طالب:. . . . . . . . . إيه. طالب:. . . . . . . . . يقولون: هذا ليس استثناء إنما هو استدراك (لكن) يقولون: هذا ليس من باب الاستثناء وإنما هو استدراك. طالب:. . . . . . . . . كيف؟ طالب:. . . . . . . . . عندك: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} [(3) سورة المجادلة]: الرقبة مطلق وإلا عام؟ رقبة هي واحدة ما فيها عموم، واحدة ليس فيها عموم، لكن لو جاء اللفظ (الرقاب مثلاً فتحرير الرقاب)، ثم جاء ما يدل على إرادة واحد من هذه الرقاب قلنا تخصيص.

شرح متن الورقات (8)

شرح متن الورقات في أصول الفقه (8) الخاص وأنواعه، المجمل - الظاهر - النص - البيان - فعل صاحب الشريعة الشيخ/ عبد الكريم بن عبد الله الخضير بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فقد قال إمام الحرمين -رحمه الله تعالى-: ويجوز تخصيص الكتاب بالكتاب، وتخصيص الكتاب بالسنة، وتخصيص السنة بالكتاب، وتخصيص السنة بالسنة، وتخصيص النطق بالقياس، ونعني بالنطق: قول الله تعالى، وقول الرسول -صلى الله عليه وسلم- والمجمل: ما يفتقر إلى البيان، والبيان: إخراج الشيء من حيز الإشكال إلى حيز التجلي. والنص: ما لا يحتمل إلا معنىً واحداً، وقيل: ما تأويله تنزيله وهو مشتق من منصة العروس وهو الكرسي، والظاهر: ما احتمل أمرين أحدهما أظهر من الآخر، ويؤول الظاهر بالدليل ويسمى ظاهراً بالدليل. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، تقدم الكلام في حقيقة العام والخاص، وأن العام: ما يشمل أفراداً، والخاص: ما يخص ويخرج بعض هذه الأفراد من النص العام. وهنا يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: ويجوز تخصيص الكتاب بالكتاب: يعني يجوز أن يأتي في الكتاب الذي هو القرآن نص عام، ويأتي المخصص له في الكتاب نفسه -في القرآن الكريم- ولا يعني هذا أن النص العام الذي يشمل أفراداً يأتي في الكتاب التنصيص على فرد من أولئك الأفراد، إنما يأتي بلفظ هو في الحقيقة عام، إلا أنه أخص من النص الأول، يعني هل في الكتاب تخصيص شخص بعينه من بين أفراد العام؟ نعم؟

لا يوجد، إنما يأتي بالكتاب ما هو أخص من اللفظ الأعم، فإذا نظرنا إلى قول الله -عز وجل- .. ، ولنعلم أن تخصيص الكتاب بالكتاب أمر مجمع عليه بين أهل العلم، والسبب في ذلكم أن نصوصه كلها قطعية، فإذا تقابل عام وخاص فالواجب الجمع بين الدليلين بإعمال العام فيما عدا الخاص، وإعمال الخاص في محله، فمثلاً قوله -جل وعلا-: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} [(234) سورة البقرة]: هذا عام في الزوجات كلهن، فيشمل الحاملات والحائلات، المدخول بهن وغير المدخول بهن؛ لأن الحامل زوجة، والحائل التي ليست بذات حمل، زوجة، والمدخول بها زوجة، وغير المدخول بها -المعقود عليها- أيضاً زوجة، هذا النص عام: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا}، ما الذي يخرج من هذا النص؟ نعم؟ هذا عام من وجه حيث يشمل جميع الزوجات الحوامل وغير الحوامل، المدخول بهن وغير المدخول بهن، لكنه خاص من وجه فهو خاص بالمتوفى عنهن، يخرج من هذا النص الحوامل؛ في قوله -جل وعلا-: {وَأُوْلَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [(4) سورة الطلاق]: فنخص ذوات الأحمال -وهن الحوامل- من عموم الآية الأولى، فكل متوفى عنها تعتد أربعة أشهر وعشرة أيام -وعشر ليال- ما عدا الحوامل فعدتها تنتهي بوضع الحمل، نخص عموم الأولى بخصوص الثانية، كما أننا نخص عموم الثانية بخصوص الأولى، كيف؟ {أُوْلَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ}: هذا عام من وجه، فيشمل المطلقات والمتوفى عنهن، يشمل المطلقات والمتوفى عنهن، لكن هل يشمل المدخول بهن وغير المدخول بهن؟ هاه، يشمل وإلا ما يشمل؟ طالب:. . . . . . . . . كيف؟ طالب:. . . . . . . . . نعم. طالب:. . . . . . . . . لا يتصور، كيف تكون من ذوات الأحمال وهي غير مدخول بها؟ طالب:. . . . . . . . . هاه؟ طالب:. . . . . . . . . نعم، أيش معنى الدخول؟ هل معناه المسيس؟ هاه؟ طالب:. . . . . . . . .

{إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا} [(49) سورة الأحزاب]: يعني أورد على ذلك المرأة إذا تحملت مع زوجها، هل نقول: عدتها بوضع الحمل؟ أو نقول -والمسألة متصورة-: امرأة غير مدخول بها، عقد عليها ولما يدخل بها، فزنت فحملت من غيره، ثم طلقها ماذا تكون عدتها؟ عليها عدة وإلا ما عليها عدة؟ طالب:. . . . . . . . . بالنسبة لزوجها الذي عقد عليها ليس له عليها عدة؛ لأنه غير داخل بها -لم يدخل بها- وبالنسبة لها لا يجوز لها أن تتزوج حتى تضع الحمل، نسأل الله السلامة والعافية. على كل حال هذا المثال الذي أوردناه في هاتين الآيتين من العموم والخصوص اللي يسمونه أيش؟ وجهي، عموم وخصوص وجهي، فعرفنا أن الآية الأولى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} شامل لكل الزوجات: الحوامل والحوائل، المدخول بهن وغير المدخول بهن، لكنه خاص بالمتوفى عنهن. الآية الثانية: {وَأُوْلَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} هذا عام في الفرقة، سواءً كانت بموت أو طلاق، يشمل المطلقات والمتوفى عنهن، لكنه خاص بأولات الأحمال، وهنا نستطيع أن نحمل عموم الأولى على خصوص الثانية، وعموم الثانية على خصوص الأولى، وعلى هذا يكون المتوفى عنهن كلهن يتربصن أربعة أشهر وعشراً ما عدا ذات الأحمال؛ الحامل فهي تعتد بوضع الحمل. هناك رأي لبعض الصحابة: أنها تعتد بأبعد الأجلين، بأبعد الأجلين، أيش معنى هذا؟

أنها إذا توفى عنها زوجها وهي حامل فوضعت بعد شهرين، تعتد كم؟ أربعة أشهر وعشراً، لا تعتد بوضعا الحمل، إذا توفي عنها زوجها وهي في الشهر الأول، مكثت ثمانية أشهر ما وضعت تعتد بوضع الحمل؛ لأنه أبعد الأجلين؛ وذلكم للتعارض الظاهر بين الآية الأولى والثانية؛ لأن الآية الأولى تشمل جميع من توفي عنهن أزواجهن، سواءً كانت من ذوات الأحمال، أو حوائل -ليست بذات حمل- والثانية، خاصة بذوات الأحمال لكنها عامة في كل مفارقة بطلاق أو موت، وعرفنا أن هذا من العموم والخصوص الوجهي. الآية الأولى: تقتضي بعمومها أن الأجل أربعة أشهر وعشراً، والثانية: تقتضي بخصوصها في أولات الأحمال أن أجلهن وضع الحمل، وانفردت الآية الثانية بحكم عدة المطلقات الحاملات ووضع الحمل كما انفردت الأولى بعدة المتوفى عنهن الحائلات وهي أربعة أشهر وعشراً. هذا بالنسبة بالعموم والخصوص الوجهي، أما بالنسبة للعموم والخصوص المطلق نحو قوله تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوَءٍ} [(228) سورة البقرة]: هذا لفظ عام في جميع المطلقات المدخول بهن وغير المدخول بهن، أما قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا} [(49) سورة الأحزاب]: هذا خاص يغير المدخول بها، فخرجت غير المدخول بها من عموم الآية الأولى، فلا عدة عليها؛ لهذه الآية، هذا عموم وخصوص يسمونه أيش؟ وجهي وإلا مطلق؟ نعم؟ وجهي وإلا مطلق؟ الأول وجهي والثاني؟ متى نتصور العموم والخصوص الوجهي؟ إذا كان في كل من الآيتين، أو في كل من النصين عموم، وفيهما في الوقت نفسه خصوص، إذا تقابلا عمومان وخصوصان في نصين هذا عموم وخصوص وجهي، لكن إذا كانت أحدهما أو إحداهما أعم من الأخرى من كل وجه فهو عموم وخصوص مطلق.

إذن لو نتأمل في النصين عرفنا أيضاً أن النص الثاني فيه عموم وإلا ما فيه عموم بالنسبة للآية الأولى؟ {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوَءٍ}: هذا عام في كل مطلقة مدخول بها وغير مدخول بها، لكنه من وجه آخر خاص بذوات الأقراء، بذوات الأقراء اللوات يحضن. الآية الثانية: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا}: هذا خاص بغير المدخول بها، لكنه يشمل ذات الأقراء والصغيرة والآيسة، لكن هل هذا الخصوص له أثر أو ليس له أثر؟ عموم الآية الثانية له أثر وإلا ما له أثر؟ ليس له أثر؛ لأنه ليس لها عدة، ليس عليها عدة أصلاً، فكيف ننظر فيها هل هي ذات أقراء أو آيسة أو صغيرة، هي ليس عليها عدة أصلاً، فلعدم اعتبار ذلك العموم وعدم ترتب الأثر عليه لم ينظر إليهن، وحكموا بأن الآية بين الآيتين عموم وخصوص مطلق. جمهور الأصوليين على تخصيص العام مطلقاً، على تخصيص العام في الخاص مطلقاً سواءً علم تقدم العام أو الخاص أو جهل التاريخ، سواءً علم تقدم العام أو الخاص أو جهل التاريخ. وقال أبو حنيفة وإمام الحرمين -مؤلف الورقات-: إن عُلم التاريخ وكان الخاص متأخراً خصص به العام، وإن كان العام متأخراً نسخ الخاص، وإن جهل التاريخ تساقطا في موضع المقابلة؛ لاحتمال تأخر العام فيكون ناسخاً للخاص، فيكون مخصصاً للعام، فيتوقف في محل الخاص ويتطلب دليل آخر، أيش معنى هذا الكلام؟ إذا تقدم العام وتأخر الخاص، فيه مشكلة؟

ما فيه إشكال، لكن الإشكال لو تقدم الخاص ثم تأخر العام، لو افترضنا أن الآية {إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا}: الخاص بغير المدخول بهن، هذا متقدم على قوله تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوَءٍ}: على قول أبي حنيفة وإمام الحرمين، تكون الآية هذه نسخت الآية، دل على أن كل مطلقة تعتد سواءً كان المدخول بها أو غير المدخول بها، والجمهور على أنه إذا وجد العام والخاص فإنه يحمل العام على الخاص بغض النظر سواءً تقدم العام أو تأخر، ظاهر؟ طالب:. . . . . . . . . نعم؟ طالب:. . . . . . . . . ولو علم التاريخ؛ هو ما يمكن أن نعرف أن هذا متقدم أو متأخر إلا بالتاريخ. طالب:. . . . . . . . . نعم؟ طالب:. . . . . . . . . عرفنا أن الآية الأولى عامة والثانية خاصة بغير المدخول بها، وحينئذ حملنا العام على الخاص فأخرجنا غير المدخول بها من العدة؛ لأنه ليس له عليها عدة سواءً تقدمت الآية الأولى أو تأخرت ما عندنا فرق، هذا في قول الأكثر، في قول الجمهور. أبو حنيفة وإمام الحرمين يقول: إن كان العام هو المتقدم وتأخر عنه الخاص ما فيه إشكال؛ عرفنا أن الخاص مقصود بالإخراج، لكن إذا تقدم الخاص .. ، جاء النص في غير المدخول بها وأنه لا عدة عليها، ثم جاء بعده النص العام يقرر العدة على كل مطلقة، دل على أن حكم غير المدخول بها ارتفع فينسخ، والجمهور على أنه لا فرق تقدم العام أو تأخر فيحمل العام على الخاص، وحمل العام على الخاص نوع من أنواع الجمع، نوع من أنواع التوفيق بين الأدلة، نعم، ولا يصار إلى النسخ إلا إذا لم يمكن الجمع، والجمع حينئذ ممكن بحمل العام على الخاص، لماذا؟ لأن النسخ حكم بإلغاء المنسوخ بالكلية، حكم بإلغائه بالكلية النسخ، والجمع حكم بالعمل بالخبرين معاً، وإعمال النص أولى من إهماله.

تخصيص الكتاب بالسنة:

تخصيص الكتاب بالسنة: الرسول -عليه الصلاة والسلام- هو المبين لكتاب الله، فإذا تحققنا أن الرسول -عليه الصلاة والسلام- قال قولاً مخصوصاً أو مخصصاً لعموم الكتاب أو مقيداً لمطلقه كان ذلك دليلاًِ على أن مراد الكتاب ما خصه الرسول -عليه الصلاة والسلام- وأن مراده بالمطلق المقيد على لسان رسوله عليه الصلاة والسلام. مثال ذلك: قوله تعالى: {وَأُحِلَّ لَكُم مَّا وَرَاء ذَلِكُمْ} [(24) سورة النساء]، لما عدد المحرمات قال: {وَأُحِلَّ لَكُم مَّا وَرَاء ذَلِكُمْ}: يعني من النساء، وعموم هذه الآية خص بقوله -عليه الصلاة والسلام-: ((لا تنكح المرأة على عمتها ولا على خالتها))، وبقوله -عليه الصلاة والسلام-: ((يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب))، {وَأُحِلَّ لَكُم مَّا وَرَاء ذَلِكُمْ}: يقتضي حل كل ما لم ينص عليه بالقرآن، لكن جاء في السنة تحريم الجمع بين المرأة وعمتها والمرأة وخالتها، وحينئذ يُخصص الكتاب بالسنة؛ لأن السنة وحي والرسول هو المبين -عليه الصلاة والسلام- لمراد الله من كتابه. أيضاً: ((يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب)): الكتاب لم يذكر مما حرم من الرضاع إلا الأم والأخت، العمة من الرضاعة والخالة من الرضاعة وهكذا حرام بقوله -عليه الصلاة والسلام-: ((يحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب)). خصت آيات المواريث بقوله -عليه الصلاة والسلام-: ((لا يرث القاتل))، كما أنها أيضاً خصت آيات المواريث بقوله -عليه الصلاة والسلام-: ((نحن معاشر الأنبياء لا نورث)). الحنفية لهم قول يرددونه كثيراً يقولون: الزيادة على النص نسخ، أيش معنى هذا الكلام؟ طالب:. . . . . . . . . . . . . . . . . . من تلقاء أنفسنا؟ طالب:. . . . . . . . . الزيادة على النص نسخ، أيش معنى هذا الكلام؟ أين الأصول؟ طالب:. . . . . . . . . أيش؟ طالب:. . . . . . . . . إيه. طالب:. . . . . . . . . أحد يستحضر مثالاً؟ طالب:. . . . . . . . . الزيادة على النص نسخ، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . لا، لا، ليست هذه المسألة. طالب:. . . . . . . . .

لا، لا ما هي بهذه المسألة المسألة أخرى، يعني القدر الزائد على الواجب مسألة أخرى، إن كان متميزاً فهو مستحب قولاً واحداً، وإن لم يتميز فمنهم من يقول بوجوبه، يعني من دفع كيساً كاملاً فطرة، والواجب عليه صاع هذه غير متميزة، لكن لو دفع صاعين متميز كل واحد عن الثاني، ولو دفع ديناراً زكاة لعشرين .. ، على كل حال المسألة أخرى. الزيادة على النص: عندنا النص في القرآن الذي بينت فيه المحرمات من النكاح ثم جاءنا قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((لا تنكح المرأة على عمتها ولا على خالتها)): هذه زيادة على النص، فإذا زيد على النص حكموا بأنه نسخ، لكن هل ينسخ المتواتر بالآحاد عندهم؟ لا، إذن ما موقفهم من مثل قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((لا تنكح المرأة على عمتها ولا على خالتها))؟ القاعدة عندهم ليست مطردة، إنما يحتاجونها إذا احتاجوا إلى رد شيء قال به غيرهم، يستعملونها عند الحاجة ولذا لا يمكن أن يقولوا بجواز نكاح المرأة على عمتها ولا على خالتها وهذا وارد عليهم .. ، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . أمثلة ما هو بمثال عندهم. المنار النسفي يقول: ويجوز نسخ الحكم والتلاوة جميعاً، ونسخ وصف الحكم كالزيادة -أي على النص المطلق- بأن يثبت أمر آخر زائد على الحكم المنصوص شرطاً كانت تلك الزيادة أو ركناً فإنها نسخ عند الحنفية، وعند الشافعية تخصيص وبيان. على كل حال هذه تحتاج إلى بسط وتمثيل، لكن الوقت ما يستوعب كل هذا؛ لأننا متأخرين جداً في الكتاب. تخصيص الكتاب بالكتاب أمر مجمع عليه وبالسنة؛ لأن الرسول -عليه الصلاة والسلام- هو المبين للكتاب.

تخصيص الكتاب بالإجماع:

هناك تخصيص الكتاب بالإجماع: وهذا لم يذكره المصنف، وذلكم كقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا} [(9) سورة الجمعة]: والمقرر عند أهل العلم أنه يدخل في مثل هذا النداء: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} الرجال والنساء الأحرار والعبيد، هم داخلون في مثل هذا النص، لكنهم أجمعوا على أنه لا جُمعةَ على عبد ولا امرأة، يقول الآمدي: لا أعرف في التخصيص بالإجماع خلافاً، ويقول الشوكاني: وفي الحقيقة يكون التخصيص بدليل الإجماع لا بنفس الإجماع. الإجماع أولاً لا بد له أن يعتمد على دليل، لا بد أن يستند إلى دليل؛ فالمخصص هو دليل الإجماع، ما هم قالوا في النسخ: الإجماع لا ينسخ ولا ينسخ؟ نعم؛ لأن النسخ من خصائص النصوص، فإذا أجمع أهل العلم على خلاف خبر من الأخبار نقول: هذا الخبر منسوخ، بأي شيء؟ بدليل الإجماع، بالدليل الذي استند إليه الإجماع، لا بالإجماع نفسه؛ لأنه عرفنا أن النسخ من خصائص النصوص، وكذلك التخصيص، إلا أنه عندهم التخصيص أوسع، التخصيص أوسع من دائرة النسخ. تخصيص الكتاب بالقياس: الجمهور يذهبون إلى جوازه، وبه يقول الثلاثة، وهو رواية عن أحمد، يقول الشوكاني: والحق الحقيق بالقبول أنه يخصص بالقياس الجلي؛ لأنه معمول به لقوة أدلته وبلوغها إلى حد يوازي النصوص، ومثلوا له بقوله تعالى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ} [(2) سورة النورٍ]: فإن عموم الزانية خص بالكتاب وهو قوله تعالى في الإماء: {فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} [(25) سورة النساء]. {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ}: الزانية والزاني يشمل الأحرار وأيضاً العبيد، عمومه يتناول الأحرار والعبيد، الزانية خصت بقوله -جل وعلا- في حق الإماء: {فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ}، طيب الزاني يجلد مائة وإلا خمسين؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . .

تخصيص السنة بالكتاب:

نقيس العبد على الأمة في التنصيف ونخصص الزاني بالقياس، فيقاس العبد الزاني على الأمة بتنصيف العذاب والاقتصار على خمسين جلدة، مع أن هذه المسألة لا تسلم من خلاف. تخصيص السنة بالكتاب: مثاله قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله)): (الناس): لفظ عام، ((أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله)): هذا شامل لجميع الناس، لكنه مخصوص بقوله تعالى: {حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} [(29) سورة التوبة]، فخرج بذلك الكتابي إذا أدى الجزية، الكتابي إذا أدى الجزية خرج من عموم قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله أو حتى يقولوا لا إله إلا الله)). تخصيص السنة بالسنة: كقوله -عليه الصلاة والسلام-: ((فيما سقت السماء العشر)): يعني الزكاة، يجب في كل ما سقت السماء العشر؛ لأن (ما) من صيغ العموم، هذا عام لكنه خص بمثل قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة))؛ لأن ((فيما سقت السماء العشر)) عام يشمل القليل والكثير، سواءً بلغ النصاب أو لم يبلغ، وقوله -عليه الصلاة والسلام-: ((ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة)) يخرج ما دون الخمسة أوسق من عموم ((فيما سقت السماء العشر)). ومن أمثلته حديث: ((إن الماء طهور لا ينجسه شيء)): خص بقوله -عليه الصلاة والسلام- في حديث ابن عمر -على الخلاف في ثبوته-: ((إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل الخبث))، فـ ((الماء طهور لا ينجسه شيء)) مخصوص بما لم يبلغ القلتين، فما بلغ القلتين لا ينجسه شيء، إذن عموم حديث: ((إن الماء طهور لا ينجسه شيء)) مخصوص بما دون القلتين بحديث ابن عمر -هذا على القول بثبوته- وإلا فكلام أهل العلم في الحديث طويل منهم من حكم على الحديث بالاضطراب في سنده ومتنه، اضطراب في سنده ومتنه، لكن على القول بثبوته يخص عموم حديث: ((إن الماء طهور لا ينجسه شيء))، فالأول عام في القليل والكثير، والثاني خاص فيما دون القلتين، وهو تخصيص بالمنطوق وإلا بالمفهوم؟ نعم. طالب:. . . . . . . . .

نعم؟ ((إن الماء طهور لا ينجسه شيء)): منطوقه أن الماء طهور لا ينجسه شيء قل أو كثر؛ ((إن الماء)). الثاني: ((إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل الخبث)) قوله: ((لم يحمل الخبث)) في منطوقه مع قوله: ((لا ينجسه شيء)) فيه تعارض؟ نعم؟ متوافقان، إذن كيف نخصص الحديث الأول بالحديث الثاني، هل نخصص الحديث الأول بمنطوق الحديث الثاني؟ طالب:. . . . . . . . . إذن نخصصه بمفهوم الحديث الثاني؛ لأن مفهوم الحديث الثاني أن الماء إذا لم يبلغ قلتين فإنه يحمل الخبث، وحينئذ يكون معارضاً لعموم الحديث الأول، وهذا من باب التخصيص بالمفهوم. نقول: هذا الحديث العام مخصوص أو مخصص بمفهوم الحديث الثاني، الآن منطوق الحديث الأول ومنطوق الحديث الثاني بينهما تعارض؟ لا تعارض بينهما، إنما التعارض بين منطوق الحديث الأول ومفهوم الحديث الثاني، فمن أهل العلم من يرى -كالشافعية والحنابلة- تخصيص المنطوق بالمفهوم، ومنهم من يقول: المنطوق أقوى من المفهوم فيقدم عليه، المنطوق أقوى من المفهوم فيقدم عليه، وعلى كل حال هذا على قول من يثبت الحديث الثاني؛ الحديث الأول صحيح والثاني فيه خلاف طويل لأهل العلم، لكن عند من يثبت هذا الحديث. شيخ الإسلام -رحمة الله عليه- ابن تيمية- يرى ثبوت الحديث، يرى ثبوت حديث القلتين، يرى ثبوت حديث القلتين ويعمل بمنطوقه دون مفهومه، يقول: مفهومه معارض بما هو أقوى منه وهو المنطوق، وحينئذ يلغى المفهوم. وإلغاء المفهوم عند المعارضة موجود في النصوص كثيراً عند المعارضة: {اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِن تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَن يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ} [(80) سورة التوبة]، مفهومه أنه لو استغفرت لهم واحد وسبعين مرة أنه يغفر لهم، لكن منطوقات الشريعة الأخرى كلها تدل على أنه لن يغفر لهم؛ لأنه محكوم عليهم بالتأبيد في النار: {إِنَّ اللهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ} [(48) سورة النساء]، والمنافقون كفار.

تخصيص النطق بالقياس:

{لاَ تَأْكُلُواْ الرِّبَا أَضْعَافًا مُّضَاعَفَةً} [(130) سورة آل عمران]: {أَضْعَافًا مُّضَاعَفَةً}: يعني إذا كان الربا أضعاف، ضعفين أو ثلاثة، أخذت ألف بألفين أو ثلاثة حرام؛ هذا منهي عنه. مفهومه أنه إذا لم يصل إلى هذا الحد نعم، يعني إذا كان الألف بألف وخمسمائة مفهوم الآية أنه يجوز، لكن النصوص المحكمة المنطوقة تدل على تحريم الزيادة في الربويات ولو قلَّت، فمفهوم هذا الخبر أو هذه الآية معارض بمنطوق نصوص الربا كلها وحينئذ يلغى المفهوم. كثيراً ما يأتي المفهوم، أو الكلام لا مفهوم له ملغىً من الأصل: {وَرَبَائِبُكُمُ اللاَّتِي فِي حُجُورِكُم} [(23) سورة النساء]، هل يلزم من هذا أن الربيبة إذا لم تكن في حجر زوج أمها أنها تحل له؟ نعم؟ هذا المفهوم أيش؟ ملغى .. لماذا؟ لأن اللفظ خرج مخرج الغالب، والغالب أن الربيبة تعيش في حجر زوج أمها، يعني في كنفه ورعايته. هذا بالنسبة لمفهوم المخالفة، وأما مفهوم الموافقة فقد حكى الصفي الهندي الإجماع على التخصيص به؛ لأنه أقوى من مفهوم المخالفة، ولهذا يسميه بعضهم: (دلالة النص)، يسميه بعضهم: (قياس الأولى) أو (القياس الجلي)، فيخصص به. تخصيص السنة بالقياس: في حديث عبادة: ((خذوا عني، خذوا عني: الثيب بالثيب جلد مائة والرجم، والبكر بالبكر جلد مائة وتغريب سنة)): هذا الحديث مخصوص بالنص بالنسبة للأمَة {فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} [(25) سورة النساء] ومخصوص بالنسبة للعبد بالقياس على الأمة، فخصت السنة بالقياس، كما تقدم في تخصيص الكتاب بالقياس. تخصيص النطق بالقياس: ويعني بالنطق قول الله تعالى وقول الرسول -عليه الصلاة والسلام- كما تقدم في الأمثلة -في أمثلة تخصيص الكتاب بالقياس، والسنة بالقياس- نعم؟ طالب:. . . . . . . . . تخصيص السنة بالإجماع؟ طالب:. . . . . . . . . يعني إذا خصصنا الكتاب بالإجماع، وعرفنا أن المقصود دليل الإجماع فلن تخصص السنة بدليل الإجماع من باب أولى. نعم؟ طالب:. . . . . . . . . كيف؟ طالب:. . . . . . . . .

يعني نصوص كثيرة جاءت في السنة ذكرها .. ، ذكر منها الترمذي حديثين، لكن هل هذا نقول: من باب التخصيص أو من باب النسخ؟ نعم؟ ذكر حديثين أجمع العلماء على عدم العمل بهما فهذا يكون من باب النسخ، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . فهمت، ظاهر؟ ((إن الماء طهور لا ينجسه شيء)): جاء عند البيهقي وابن ماجه وغيرهما: ((إلا إن تغير لونه أو طعمه أو ريحه بنجاسة تحدث فيه)): لكن هذه الزيادة ضعيفة بالاتفاق، والمعول على تخصيص المتغير على الإجماع. طالب:. . . . . . . . . نعم صالح إيه. الحين عندنا العموم والخصوص الوجهي اللي هو أصعب أنواع التعارض في هذا الباب ومثلنا له سابقاً بالمثال الأول، نعم، المثال الأول، {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} [(234) سورة البقرة]، مع قوله تعالى: {وَأُوْلَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [(4) سورة الطلاق] عموم وخصوص وجهي، وعرفنا كيف نخرج من هذا التعارض، هذا بالنسبة للكتاب. عموم وخصوص وجهي بالنسبة للسنة: النهي عن قتل النساء والذرية .. ، ما يمكن يقصر ذا؟ النهي عن قتل النساء والذرية: هذا عام شامل، عام شامل لكل النساء، يعني هو من وجه عام في النساء سواءً كن مرتدات أو أصليات، هذا وجه العموم فيه، وجه العموم في الحديث شمول جميع النساء سواءً كن أصليات أو مرتدات، مع قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((من بدل دينه فاقتلوه)): هذا يشمل الرجال والنساء، لكنه خاص بالمرتدين، النص الأول: النهي عن قتل النساء، هذا خاص بالنساء، لكنه شامل للمرتدات والأصليات، النص الثاني: ((من بدل دينه فاقتلوه)): شامل للرجال والنساء لكنه خاص بالمرتدين، هذا عموم وخصوص وجهي، ماذا نصنع؟ ارتدت امرأة -مثلاً- هل تترك؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- نهى عن قتل النساء والذرية؟ نعم؟ مخصص عموم النهي عن قتل النساء بحديث: ((من بدل دينه فاقتلوه))، لصاحب القول الآخر أن يقول: الحديث الثاني: ((من بدل دينه فاقتلوه)) مخصص بالنهي عن قتل النساء، وليس قول أحدهما أولى بالقبول من قول الآخر، صح وإلا لا؟ نعم؟

أنت إذا قلت: تقتل المرأة إذا ارتدت؛ لأن ((من بدل دينه فاقتلوه)) خاص بالمرتدين سواءً كانوا رجالاً أو نساء، والنهي عن قتل النساء عام في كل امرأة سواءً كانت أصلية أو مرتدة، يقول لك: نقول العكس -يقلب عليك الدعوى- يقول: نصي أخص، ومعه حق. طالب:. . . . . . . . . نعم؟ طالب:. . . . . . . . . نسخ؟ طالب:. . . . . . . . . إيه، لا لا، لا أثر له سواءً كان أحدهما متقدم .. ، لا لا، لا زلنا على قول الجمهور، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . لا لا، أنت خلينا مسألة مسألة، مسألة مسألة، الآن عندنا في كل واحد فيهما عموم وخصوص، والمسألة مستوية من كل وجه، لا نستطيع أن نحكم لخصوص أحدهما على عموم الآخر؛ لأنه تحكم، إذن ماذا نصنع؟ نبحث عن مرجحات أخرى، فإذا أتينا إلى حديث: ((من بدل دينه فاقتلوه)): هذا مخصوص وإلا محفوظ؟ طالب:. . . . . . . . . بأي شيء؟ طالب:. . . . . . . . . إيه، محفوظ إذا اجتنبنا، إذا قلنا: هذين النصين أبعدنا ما بينهما من تعارض وإلا هو مخصوص، حوى الدعوى، الدعوى معنا أنه مخصوص بهذا الحديث، استبعد محل الخلاف، فنأتي إلى عموم حديث: ((من بدل دينه فاقتلوه)) نجده محفوظاً، لم يرد عليه مخصص، حديث النهي عن قتل النساء، محفوظ وإلا ما هو بمحفوظ؟ طالب:. . . . . . . . . غير محفوظ، لماذا؟ قُتل نساء: القصاص، إذا قتلت، إذا زنت وهي محصنة، إذا سحرت؛ "فقتلنا ثلاث سواحر". المقصود أن هذا العموم غير محفوظ فضعف، فقدم عليه عموم حديث ((من بدل دينه فاقتلوه)) فتقتل المرتدة.

نأتي إلى مسألة .. ، هذه مسألة عملية، لكن مسألة عملية أكثر منها -وإن كنا يعني طرقناها مراراً لكن ما يمنع أن نعيدها للمناسبة- أحاديث النهي عن الصلاة في أوقات النهي: "ثلاث ساعات كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ينهانا أن نصلي فيهن، أو أن نقبر فيهن موتانا: إذا طلعت الشمس حتى ترتفع، إذا بزغت الشمس حتى ترتفع، وحين يقوم قائم الظهيرة، وإذا تضيفت الشمس للغروب حتى تغرب"، ثلاث ساعات، إضافة إلى الوقتين الموسعين: ((لا صلاة بعد الصبح حتى تطلع الشمس، ولا بعد صلاة العصر حتى تغرب الشمس)) فالأوقات خمسة، الأوقات خمسة، عندنا النهي عن الصلاة في هذه الأوقات الخمسة، وعندنا أحاديث ذوات الأسباب، ونأخذ مثالاً -هو من أوضحها-: ((إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين)) الآن تسمعون وترون الناس يتسامحون في الصلاة في أوقات النهي، يتسامحون كثيراً، ورأينا من أهل العلم والفضل من يدخل قبل غروب الشمس بدقيقتين أو ثلاث فيصلي، أو يدخل المسجد مع بزوغ الشمس ويصلي؛ عملاً بحديث التحية -تحية المسجد- يتسامحون لماذا؟ لأنهم اعتادوا أن يقال: أحاديث النهي عامة، وأحاديث ذوات الأسباب خاصة، والخاص مقدم على العام -يعني كما يقول الشافعية- اعتاد الناس أن يقولوا مثل هذا الكلام، ووجد قبولاً، وجد ارتياحاً نفسياً؛ بعد أن أكد بعض من ينتسب إلى العلم، وينبغي أن يؤكد لكن ليس على إطلاقه، نبذ التقليد، ناس رأوا الناس ملتزمين بمذهب معين، فالثورة على التقليد صار لها آثاراً صار لها ردود أفعال، التقليد بالنسبة للمتأهل لا يجوز، لكن هل يؤمر كل شخص بالاجتهاد؟ يعني جاءت هذه الدعوة، وهي دعوة حق، لا نقول: هي باطلة، لكن ليست لكل الناس، للمتأهل على العين والرأس، فجاءت هذه الدعوة وصادفت محل، الناس متمسكون بمذهب، والمذهب يرى منع الصلوات في هذه الأوقات بل يتشددون في مثل هذا الأمر، حتى رأينا من يحرف الذي يريد أن يصلي، يحرفه عن القبلة، فالمسألة صارت من باب ردود الأفعال، وإلا لو بحثت بحثاً مبسوطاً ما صار لها مثل هذه الآثار.

نأتي إلى المسألة: عندنا حديث عقبة وما جاء في معناه من النهي عن الصلاة في أوقات النهي، وعندنا الأمر بصلاة ركعتين قبل أن يجلس: ((إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين)). الحديث الأول -حديث عقبة- فيه عموم، عمومه من جهة الصلوات، فهو عام في جميع الصلوات: "ثلاث ساعات كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ينهانا أن نصلي فيهن .. "، أي صلاة، هذه الصلوات لا تصلى في هذه الأوقات سواءً كانت فرائض مقضية أو مؤادة، نوافل مطلقة أو مقيدة؛ فعموم حديث: "ثلاث ساعات كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ينهانا أن نصلي فيهن" شامل لجميع الصلوات، فعمومه من هذه الحيثية، وخصوصه في هذه الأوقات، فهو عام في الصلوات خاص في الأوقات. النصوص الأخرى التي هي نصوص ذوات الأسباب عمومها في الأوقات، خصوصها في الصلوات، هل نستطيع أن نوفق بين هذه النصوص كما وفقنا في آيتي العدة في أول الأمر؟ يمكن؟ هل نقول: يمكن حمل عموم أحدهما على خصوص الآخر؟ عندنا عموم وخصوص وجهي وليس بمطلق، وأولئك الذين دخلوا في أوقات النهي وصلوا قالوا: الخاص مقدم على العام، فإذا قال الشافعي مثلاً: أحاديث النهي عامة في الصلوات، وأحاديث ذوات الأسباب خاصة، والخاص مقدم على العام، للحنفي والمالكي والحنبلي -على كل حال هو قول الجمهور- للحنفي والمالكي والشافعي أن يقول: العكس، له أن يقول العكس: أحاديث ذوات الأسباب -ومنها تحية المسجد- عامة في الأوقات، وأحاديث النهي خاصة بهذه الأوقات، والخاص مقدم على العام، كلامه صحيح وإلا ما هو بصحيح؟ نعم، كلام الأول صحيح، وكلام الثاني صحيح، لكن كل منهما نظر إلى النصوص من زاوية، وأهمل الزاوية الأخرى. وعلى المنصف أن ينظر إلى النصوص من جميع الزوايا؛ لأنه إذا قال الشافعي: أحاديث النهي عامة وأحاديث ذوات الأسباب خاصة نقول: كلامك صحيح، لكنه بالنسبة لأيش؟ للصلوات، وأنت لم تنظر إلى العموم والخصوص في الأوقات، فيعارضه قول من يقول: أحاديث ذوات الأسباب عامة في الأوقات، وأحاديث النهي خاصة بهذه الأوقات، فالنصوص متكافئة، ولا يمكن تخصيص عموم أحد الطرفين بخصوص الآخر.

الدعوة التي أثيرت قبل ربع قرن حول التقليد ونبذ التقليد، وصادفت محل متهيئ وهي في جملتها دعوة طيبة أعادت الناس إلى الالتزام بالدليل، وصادفت أيضاً مجتمعات تقدم آراء الرجال على النصوص، وصار لها ردود أفعال، وواكب ذلك أيضاً دفعه .. ، كون شيخ الإسلام -رحمه الله- يوافق الشافعية، وشيخ الإسلام، شيخ الإسلام، يعني ما أحد .. ، نعم، فكأن الناس صار .. ، كأن هذه المسألة صارت قضية مسلمة لا يمكن النقاش فيها، وأن مذهب الحنابلة والحنفية والمالكية خطأ لا يحتمل الصواب، هذا الكلام ليس بصحيح، المسألة من حيث النصوص متكافئة، وحينئذ نحتاج إلى مرجح خارجي، بمَ يرجح الشافعية قولهم في تقديم أحاديث ذوات الأسباب على أحاديث النهي؟ طالب:. . . . . . . . . بكثرة المخصصات، نعم، عموم أحاديث النهي غير محفوظة، دخله مخصصات، مخصص بالفرائض، نعم، بالفرائض سواءً كانت مؤداة أو مقضية، وأيضاً. طالب:. . . . . . . . . يخير لصاحب القول الآخر إلا في هذه الأوقات، إيه له أن يقلبها عليه. طالب:. . . . . . . . . نعم، سبب الورود، العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، أو نقول: سبب الورود دخوله في النص قطعياً، أنت معي؟ طالب:. . . . . . . . . تعلمون ماذا يقصد؟ نعم؟ إذا جاء شخص إلى المسجد وقد صلى في بيته، وهم يصلون أو صلى في مكان آخر ووجد الناس يصلون، يصلي معهم، ((إذا صليتما في رحالكما فصلوا)): هذا النص جاء في صلاة الصبح، وما بعد صلاة الصبح وقت نهي، وأيضاً وقت النهي بالنسبة لصلاة الصبح استثنيت من النوافل ركعتا الصبح. على كل حال أحاديث النهي دخلها من المخصصات الشيء الكثير، فعمومها ليس بمحفوظ، أحاديث ذوات الأسباب عمومها محفوظ وإلا غير محفوظ؟ طالب:. . . . . . . . . دعونا من محل النزاع، الذي هو محل البحث، يعني من غير محل النزاع، الشافعية يرجحون قولهم بأن عموم أحاديث ذوات الأسباب محفوظ، وعموم أحاديث النهي غير محفوظ، وللطرف الآخر أن يرجح، بأي شيء؟ بأن الحظر مقدم على الإباحة، ((إذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه، إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم)): فالحظر هنا مقدم، المنع مقدم على الأمر بالصلاة.

حتى المرجحات متكافئة، المرجحات متكافئة، ولهذا قرر جمع من أهل العلم أن هذه المسألة من عُضَل المسائل؛ ليست من المسائل السهلة التي لكل شخص أن يقول: وراه جلست وركعت، ورا ما تصلي، دخل أحد المسجد العصر قال له واحد: وراك ليش تجلس وراك ما صليت؛ ((ذا دخل أحدكم المسجد .. ))، أو جاء شخص صلى يأتيه آخر يقول له: ليش تصلي في وقت النهي؟ فالمسألة ليست بهذه السهولة، بل هي من عضل المسائل حتى قرر بعض أهل العلم أن الإنسان لا يدخل المسجد في وقت النهي؛ لأنه إن صلى خالف أحاديث النهي، إن لم يصلِّ خالف حديث تحية المسجد، ظاهر وإلا ما هو بظاهر؟ فعلى هذا يقول: لا تدخل المسجد في هذا الوقت، أو إذا دخلت فاستمر واقفاً، يعني كيف يصنع شخص جاء إلى المسجد خشي أن تفوته الصلاة والمسجد فيه درس بعد صلاة العصر أو بعد صلاة الصبح وخشي أن تفوته الصلاة صلى في الطريق ثم جاء إلى المسجد، أو إمام مسجد صلى بجماعته وجاء إلى المسجد الذي فيه درس بعد صلاة الصبح أو بعد صلاة العصر ماذا يصنع؟ نقول له: صل وإلا لا تصلِّ؟ أولاً إن جلس لا نأمره بالصلاة، وإن صلى لا ننهاه عن الصلاة، لوجود النصوص التي لا يمكن الترجيح بينها؛ لما ذكرنا. على أنه من باب النظر الدقيق في النصوص إذا جاء الداخل إلى المسجد في الأوقات الموسعة في الوقتين الموسعين، جاء بعد صلاة الصبح فالمتجه أنه يصلي وإلا لا يصلي؟ يصلي، ومثله إذا دخل المسجد العصر والشمس بيضاء نقية، يصلي، بينما إذا جاء في الأوقات المضيقة عند طلوع الشمس وعند غروبها وإذا قام قائم الظهيرة، نقول له: لا تصلِّ، لماذا؟ لأن المنع من الصلاة في الوقتين الموسعين -قرر جمع من أهل العلم- أنه من باب سد الذريعة، النهي عن الصلاة بعد صلاة الصبح وبعد العصر قالوا: من باب سد الذريعة، كيف سد الذريعة؟ لئلا يسترسل في الصلاة فيصلي في وقت طلوع الشمس أو وقت غروبها، فدل على أن المقصود من النهي ألا يصلي الإنسان في وقت طلوع الشمس أو في وقت غروبها، فهذا منع منه قصداً، وذاك منع منه من باب منع الوسائل، فعلى هذا يكون النهي في الوقتين موسعين أسهل وأخف من النهي عن الصلاة في الأوقات المضيقة الثلاثة. طالب:. . . . . . . . . نع؟

طالب:. . . . . . . . . لا، يجلس ما فيه إشكال؛ لأن النصوص واضحة، وإن وقف والمدة يسيرة لا تتجاوز عشر دقائق ربع ساعة، فله ذلك. طالب:. . . . . . . . . هو يبدو ربع ساعة الظاهر ما يزيد -إن شاء الله- يمضي ربع ساعة، إذا دخل والشمس بيضاء نقية يصلي، إذا دخل بعد صلاة الصبح أذن له أن يصلي راتبة قبل الصبح بعد الصبح فدل على أن الأمر فيه سعة، الرسول -عليه الصلاة والسلام- قضى راتبة الظهر بعد صلاة العصر، نعم، كثير من السلف أثر عنهم أنهم يصلون بعد العصر، فدل على أن النهي والمنع من الصلاة في والوقتين الموسعين إنما هو من باب منع الوسائل لا المقاصد؛ لئلا يسترسل ويستمر يصلي حتى يضيق الوقت. تروا المسألة عملية ويحتاجها كل أحد. طالب:. . . . . . . . . يسمى جلوس وإلا ما هو بجلوس؟ طالب:. . . . . . . . . هو إذا كان الوقت ضيقاً ولا يتحمل مثلاً الوقوف لا مانع أن يصنع مثل هذا؛ لأنه له أن يجلس؛ "ثلاث ساعات كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ينهانا أن نصلي فيهن، وأن نقبر فيهن موتانا"؛ لشدة النهي، ولذا يورد بعضهم على الأوقات الخمسة لماذا لا تصير ثلاثة ابتداءً، من طلوع الفجر إلى ارتفاع الشمس يصير واحد، ليش ما يقسموها اثنين؟ ووقت الزوال، ومن صلاة العصر إلى غروب الشمس ليش ما يقسموها اثنين تصير ثلاثة؟ وهي كذلك على سبيل الإجمال، لكن بسطت لماذا؟ لماذا قالوا ثلاثة؟ لأنها تختلف خفة وقوة، وتختلف أيضاً من جهة أخرى وهي أن الوقتين الموسعين النهي عن شيء واحد وهو أيش؟ الصلاة فقط، والنهي في الأوقات الثلاثة المضيقة عن .. ، نعم، عن شيئين الصلاة وعن قبر الميت، "وأن نقبر فيهن موتانا، وإن كان بعضهم يقول: إن المراد بقبر الموتى الصلاة على الجنازة. فيها غموض المسألة وإلا؟ طالب:. . . . . . . . . نعم، نعم يا أحمد؟ طالب: جاء في وقت النهي هل ينكر عليه؟ وصلى؟ طالب:. . . . . . . . .

مشكلتنا أنه القول الآخر يعني ما هو بملغى من كل وجه، لكن لو أشير عليه، يعني لو جاء في الوقت الموسع وصلى ما ينكر عليه، جلس ما ينكر عليه؛ لأن كلاً منهما معه نص، لكن لو أشير عليه، قيل له: لو في الأوقات الضيقة هذه التي النهي فيها شديد لو انتظرت حتى يخرج وقت النهي أفضل لك، يعني من باب المشورة؛ لأن القول الآخر أيضاً له حظ من النظر وله دليل. طالب: أحسن الله إليك، هذا على القول أن تحية المسجد واجبة؟ لا ما هو على القول بوجوبها، على القول أنها .. ، جماهير أهل العلم على أنها سنة. طالب:. . . . . . . . . الآن عندنا النهي هل هو للتحريم أو للكراهة؟ وعندنا الأمر بتحية المسجد هل هو للوجوب أو للاستحباب، كلاهما يتجاذبه ما يتجاذبه من الخلاف بين أهل العلم، اختلفوا في النهي هل هو للتحريم أو للكراهة، كما أنهم اختلفوا في تحية المسجد والأدلة المتكاثرة تدل على عدم الوجوب، وهو قول جماهير أهل العلم. كم باقي على الإقامة؟ يعني نبدأ بشيء وإلا؟ هنا الناظم يقول -رحمة الله عليه-: ثم الكتاب بالكتاب خصصوا ... وسنة بسنة تخصص وخصصوا بالسنة الكتابا ... وعكسه استعمل يكن صواباً والذكر بالإجماع مخصوص كما ... قد خص بالقياس كل منهما باقي وقت؟ ها، باقي شيء؟ طيب، والله أعلم، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فقد قال المصنف -رحمه الله تعالى-: والمجمل: ما يفتقر إلى البيان، والبيان: إخراج الشيء من حيز الإشكال إلى حيز التجلي، والمبين: هو النص، والنص: ما لا يحتمل إلا معنىً واحداً، وقيل: ما تأويله تنزيله، وهو مشتق من منصة العروس وهو الكرسي، والظاهر: ما احتمل أمرين أحدهما أظهر من الآخر، ويؤول الظاهر بالدليل ويسمى ظاهراً بالدليل. أجملت الشيء إذا جمعته: هذه لغة مستعملة إلى الآن، إذا قيل لك: أجمل الحساب، أيش معناه؟

اذكر جملته وهي مجموعه، تقول: أجمل الأمر أي أبهم، وفي الحديث الصحيح في تحريم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام، ثم السؤال عن شحوم الميتة، جاء في الخبر: ((قاتل الله اليهود؛ لما حرم عليهم الشحوم جملوها)): أي: أذابوها، فجمل: أذاب، وأجمل: جمع أو أبهم، أو حصَّل، على المعاني الثلاثة المذكورة. ما علاقة الثلاثي بالرباعي؟ جمل وأجمل، بينهما علاقة؟ جملوه أذابوه، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . جملوه: أذابوه، هل يفهم من الإذابة معنى الجمع أو الإبهام أو التحصيل؟ نعم كأن التحصيل أقربها. عرف المصنف المجمل بأنه: ما يفتقر إلى البيان: وفي مختصر التحرير: ما تردد بين محتملين فأكثر على السواء، ما تردد بين محتملين فأكثر على السواء. إن أمكن ترجيح أحد الاحتمالات هل يكون فيه إجمال؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . نقارن بعض الأمور ببعض من أجل أن تتضح الرؤية: إذا لم يحتمل إلا معنىً واحداً يدخل في المجمل؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . نص، نص لا يحتمل إلا معنىً واحداً. إذا احتمل أكثر من معنى وكانت هذه المعاني متفاوتة، الاحتمال الأقوى يسمى .. ؟ طالب: الظاهر. الظاهر، والأضعف؟ طالب:. . . . . . . . . نعم، وإذا احتملهما على السواء: إجمال، إجمال، فما تردد بين محتملين فأكثر على السواء هذا هو المجمل، فإن أمكن ترجيح أحدهما على الآخر انتفى الإجمال، يعني: كما يقال في الحديث: إذا روي على أوجه مختلفة متساوية، نعم، فهو أيش؟ إذا روي الحديث على أوجه مختلفة متساوية نعم؟ طالب: مضطرب. مضطرب، فإذا أمكن ترجيح بعضها على بعض انتفى الاضطراب، وهنا إذا أمكن ترجيح أحد الاحتمالات على بعض انتفى الإجمال، وحينئذ يكون الراجح هو الظاهر والمرجوح هو أيش؟ المؤول. إذا وجدنا لفظاً أو نصاً بهذه الصفة، نص من كتاب أو سنة بهذه الصفة يحتمل أمرين على السواء، فحينئذ نعمل بأي المعنيين؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . نتوقف؛ لأن عملنا بأحد الاحتمالين المستويين دون مرجح أيش؟ تحكم تحكم، فلا بد من المرجح، وإذا وجد المرجح انتفى الإجمال، حكم المجمل حينئذ التوقف حتى يوجد البيان الخارجي.

أسباب الإجمال:

يقول: المجمل هو ما يفتقر إلى البيان، والبيان إخراج الشيء من حيز الإشكال إلى حيز التجلي، والمبين هو النص. أسباب الإجمال: ذكروا للإجمال أسباباً منها: عدم معرفة المراد؛ للاشتراك في الدلالة كالقرء؛ القرء متردد بين الطهر والحيض، وقد جاء في اللغة ما يدل على هذا وما يدل على ذاك، فنحتاج حينئذ إلى مرجح، ولذا يختلف أهل العلم في المراد بالقرء في قوله تعالى: {بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوَءٍ} [(228 البقرة]: فذهب بعضهم إلى أن الأقراء المراد بها الحِيَض، وذهب آخرون إلى أن المراد الأطهار، هذا سبب من أسباب الإجمال. السبب الثاني: عدم معرفة الصفة، كما في آية الحج وآية الزكاة والصلاة -الآيات المجملة فيها-: {وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ} [(43) سورة البقرة]: يعني لو لم ينزل في الصلاة إلا هذه الآية: {وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ}، كيف نقيم الصلاة؟ نحتاج إلى بيان؛ لأن اللفظ مجمل، وسبب ذلك عدم معرفة الصفة. {وَآتُواْ الزَّكَاةَ} [(43) سورة البقرة]: نفس الشيء. {وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً} [(97) سورة آل عمران]: كيف يحج؟ نعم هناك حج موروث قبل نزول الآية، لكن هل يجزئ حجاً شرعياً؟ نعم؟ النبي -عليه الصلاة والسلام- ثبت أنه حج قبل فرض الحج عليه، نعم، بدليل؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . نعم رؤي في عرفة، من الذي رآه؟ طالب: جبير بن مطعم حينما أضل بعيره، وجده في عرفه وتعجب من كونه -عليه الصلاة والسلام- في عرفة وهو من الحمس، وهذا في الصحيح، وجبير بن مطعم في حجة الوداع مسلم، ما يتعجب من كون النبي -عليه الصلاة والسلام- في عرفة، فدل على أن هذه حجة قبل فرض الحج. على كل حال حصل البيان -بيان الصلاة- بفعله -عليه الصلاة والسلام- وبقوله، حصل بيان الزكاة بقوله، ذكر الشروط وذكر الأنصبة واشتراط الحول، كل هذا حصل، وأنواع ما يزكى. وحصل بيان الحج بفعله -عليه الصلاة والسلام- وقوله، وثبت عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه قال: ((صلوا كما رأيتموني أصلي)) وصلاته بيان للمجمل، حجه وأفعاله التي أداها في المناسك بيان للمجمل، وهكذا.

من أسباب الإجمال: عدم معرفة المقدار، كما في قوله تعالى: {وَآتُواْ الزَّكَاةَ} [(43) سورة البقرة] فمقادير الزكاة مجمل يحتاج إلى بيان، وقد بينه النبي -عليه الصلاة والسلام- بقوله. يقول الناظم: ما كان متحاجاً إلى بيان ... فمجمل وضابط البيان إخراجه من حيز الإشكال ... إلى التجلي واتضاح الحال كالقرء وهو واحد الأقراء ... جفي الحيض والطهر من النساء والبيان الذي يقابل الإجمال: مأخوذ من التبيين الذي هو فعل المبيِّن -بكسر التحتية- وهو الموضِّح، وبفتحها المبَيَّن وهو النص الموضَّح. عرف المصنف البيان بقوله: إخراج الشيء من حيز الإشكال إلى حيز التجلي: يقال: في الإشكال هو الخفاء، والتجلي هو الظهور، فيقال: بان الأمر وتبين، بمعنى اتضح وانكشف. فالبيان إخراج، البيان إخراج، المبين هو النص، ما الذي يرد على تعريف المصنف؟ طالب:. . . . . . . . . يرد عليه النصوص البينة التي لا تحتاج إلى بيان، هل جميع النصوص في أول الأمر مجملة تحتاج إلى بيان، أو فيها ما لا يحتاج إلى بيان؟ نعم، في أمور واضحة لا تحتاج إلى بيان، فعندنا مجمل ومبين .. ، أنتم معي يا إخوان وإلا .. ؟ فقول المصنف: البيان: إخراج الشيء من حيز الإشكال إلى حيز التجلي: أورد عليه بعضهم أنه لا يشمل التبيين ابتداءً قبل تقرير الإشكال؛ لأنه ليس فيه إخراج من حيز الإشكال إلى حيز التجلي، هذا إيراد على المؤلف، لكن هل يمكن أن يرد على المؤلف أو لا يرد؟ تأملوا. طالب: لا يرد. لا يرد، لماذا؟ طالب:. . . . . . . . . الآن هل المؤلف يعرف المبين مطلقاً، أو يعرف البيان للمجمل؟ نعم، يعرف الثاني، إذن لا إيراد؛ لأن بيان المجمل إخراج للمجمل من حيز الإشكال إلى حيز التجلي، فلا إيراد. ثم قال: والنص ما لا يحتمل إلا معنىً واحداً، وقيل: ما تأويله تنزيله، وهو مشتق من منصة العروس وهو الكرسي: النص في اللغة: الظهور، مشتق -كما قال المؤلف- من منصة العروس، وهو الكرسي: الذي تنص عليه العروس: أي ترفع لتظهر للناظرين. والعروس يقال للرجل والمرأة معاً، هذا عروس وذاك عروس، هذه عروس، وهذا عروس، زيد عروس ودعد عروس؛ ماداما في عرسهما، يعني في أيام العرس، كما في القاموس.

قول المؤلف: مشتق من منصة العروس: النص نوعه .. ، النص أيش نوعه؟ فعل وإلا اسم، اسم فاعل، اسم مفعول، صفة مشبهة، صيغة مبالغة، وأيش يصير؟ طالب:. . . . . . . . . نعم، مصدر، يقول: النص مشتق من منصة العروس، وإذا قررنا أنه مصدر، المصدر أصل وإلا مشتق؟ أصل، وليس بمشتق، وهنا يقرر أنه مشتق من منصة العروس، وفي قوله: مشتق من منصة العروس: مسامحة -يعني تجوز-؛ لأن المصدر لا يشتق من غيره على الصحيح بل غيره يشتق منه، فالمنصة مشتقة من النص، المنصة مشتقة من النص –العكس- والنص لغة: الرفع، فإذا ظهرت دلالة اللفظ على معناه كان ذلك في معنى رفعه على غيره. فقوله: مشتق من منصة العروس: لم يرد به الاشتقاق الاصطلاحي؛ عرفنا أن الأصل في المشتقات كلها المصدر، ولذا يقول ابن مالك: وكونه أصلاً لهذين انتخب: يعني الفعل والمشتق، اسم الفاعل اسم المفعول- إيه، وكونه أصلاً لهذين انتخب، نعم، هذا رأي من؟ البصريين، عند الكوفيين العكس الأصل الفعل، لكن الأكثر على رأي البصريين، وعلى هذا يراد به الاشتقاق الاصطلاحي أو لا؟ لا، لم يرد به الاشتقاق الاصطلاحي، وإنما أراد مجرد الاشتراك في المادة. نظيره قول الفقهاء في البيع: إنه مشتق من الباع؛ لأن كل واحد من المتبايعين يمد باعه، هل يريدون بهذا الاشتقاق الاصطلاحي؟ البيع مصدر، نعم، هل يريدون بهذا الاشتقاق الاصطلاحي؟ لا، إنما هذا تجوز ومسامحة، يريدون بذلك مطلق الاشتراك في أصل المادة، وإلا فالأصل أن المصدر هو أصل الجميع. عرف المصنف النص اصطلاحاً بقوله: ما لا يحتمل إلا معنىً واحداً: هذا النص وعرفنا أن ما يحتمل معنيين على حد سواء هو المجمل، إذا ترجح أحدهما فهو أيش؟ الظاهر، والمرجوح يقال له: المؤول، وهذا نظير ما يقال في المعلوم، نعم، إما أن يحتمل النقيض أو لا، والذي لا يحتمل النقيض إما أن يكون مع احتمال مساوٍ أو راجح أو مرجوح، فالذي لا يحتمل النقيض هو العلم، والذي يحتمله مع رجحان الاحتمال يقال له: الظن، ومع المرجوحية يقال له: الوهم، والمساواة يقال لها: الشك، هذا قريب منه جداً.

ما لا يحتمل إلا معنىً واحداً: في قوله تعالى: {ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُواْ} [(3) سورة النساء]: أيش معنى: {تَعُولُواْ} ا؟ نعم؟ من يقرأ الآية كاملة؟ هاه، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . اللي قبله. طالب:. . . . . . . . . {ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُواْ}: أيش معنى: {تَعُولُواْ}؟ طالب:. . . . . . . . . وقيل: يكثر عيالكم. طالب:. . . . . . . . . نعم، كثرة العيال، أيش المعنى الصحيح في الآية، الآية محتملة لمعنيين، المعنى الذي يراه الإمام الشافعي معناه: ألا تفتقروا بكثرة العيال، لا تتزوج إلا واحدة؛ لئلا يكثر أولادك فتفتقر، والمعنى الثاني: ألا تميلوا، المعنى الثاني هو المرجح عند أكثر أهل العلم، والأول هو المرجح عند الشافعي، فعلى كل حال الذي يظهر من نصوص الشريعة ومقاصدها أن كثرة العيال مطلوبة وإلا غير مطلوبة في الشرع؟ مطلوبة، وهذا يرجح قول الأكثر على قول الإمام الشافعي. ما لا يحتمل إلا معنىً واحداً، وقيل: ما تأويله تنزيله: يعني مجرد ما يسمع يُفهم، أي يفهم معناه بمجرد نزوله، ولا يتوقف فهمه على تأويله كقوله تعالى: {فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ} [(196) سورة البقرة]: مثل بعضهم بهذا؛ هذا لا يحتمل من حيث العدد -ثلاثة زائد سبعة يساوي عشرة- في أحد يقول: احتمال يصيروا إحدى عشر أو تسعة؟! ولذا جاء بعد ذلك {تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ} [(196) سورة البقرة]، نعم هذا لا يحتمل غير هذا العدد فهو أيش؟ نص، ليس لأحد أن يجتهد فيزيد أو ينقص -هذا بالنسبة إلى العدد- لكن هناك إشكالات حول أيش؟ حول وقت الثلاثة، صام قبل الوقوف أو بعد الوقوف ومتى؟ بعد الإحرام مباشرة؟ وهل يصوم يوم عرفة منها؟ أو ينتظر إلى أيام التشريق؟

المقصود أن فيه .. ، ليس فيه بيان للوقت إنما فيه إجمال للثلاثة في الحج، والسبعة إذا رجعتم، السبعة أيضاً إذا رجعتم إذا تحقق رجوعكم إلى أهليكم، أو إذا شرعتم في الرجوع؟ لأن الفعل الماضي رجع، يطلق ويراد به الفراغ من الشيء ((إذا كبر فكبروا)): إذا فرغ من التكبير كبروا، يطلق ويراد به الشروع في الشيء: ((إذا ركع فاركعوا)): ما هو معناه إذا فرغ من الركوع فاركعوا، نعم، يطلق ويراد به إرادة الشيء؛ هل معنى قوله: {إِذَا رَجَعْتُمْ}: إذا أردتم الرجوع؟ كما في قوله: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ} [(6) سورة المائدة]، قوله: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ} [(98) سورة النحل]، يعني إذا أردت القراءة، فهل معنى {إِذَا رَجَعْتُمْ} مثل هذا إذا أردتم الرجوع؟ نعم؟ هذا إجمال، فيمكن أن يمثل بالآية الواحدة للمجمل وللمبين، نعم، للنص وللظاهر في آن واحد مع انفكاك الجهة، ما يرد النص والظاهر والمؤول في نص واحد من جهة واحدة، لا يمكن، لماذا؟ لأنها أمور .. ، أيش؟ متعارضة، فلا يمكن أن تطلب في نص واحد، أو توجد في نص واحد. يقول الناظم: والنص عرفاً لفظ وارد ... لم يحتمل إلا لمعنىً واحد كـ (قد رأيت جعفراً) وقيل ما ... تأويله تنزيله فليعلما يقول: تراءى لي جعفر، رأيت جعفراً: لا تشك في شخصه ولا في اسمه، هل يقال مثلاً: إنك رأيت محمداً وإلا زيداً؟ احتمال؟ احتمال أن يكون زيد وإلا محمد؟ لا؛ أنت رأيت جعفراً. ثم قال -رحمه الله-: والظاهر ما احتمل أمرين أحدهما أظهر من الآخر، ويؤول الظاهر بالدليل ويسمى ظاهراً بالدليل: أيش معنى هذا؟ طالب:. . . . . . . . . والظاهر ما احتمل أمرين أحدهما أظهر من الآخر، ويؤول الظاهر بالدليل ويسمى ظاهراً بالدليل: عرفنا أن الاحتمال الراجح من المعاني هو أيش؟ الظاهر، والمرجوح هو المؤول، وعرفنا أن ما يحتمل هو المجمل، وما لا يحتمل هو النص. الظاهر: عرفوه في اللغة بأنه الواضح، وقال بعضهم: البيِّن الذي لا خفاء فيه، وعرفه المؤلف اصطلاحاً بأنه ما احتمل أمرين أحدهما أظهر من الآخر: عندنا الأسد، إذا قلت: رأيت أسداً، كم الاحتمالات الواردة في هذه اللفظة؟ طالب:. . . . . . . . .

أنت إذا قلت أو قيل لك .. ، قال لك زميلك: رأيت أسداً، كم يحتمل؟ طالب:. . . . . . . . . كيف؟ طالب:. . . . . . . . . احتمالين، واحد يقول ثلاثة، ما فيه رابع؟ طالب:. . . . . . . . . قبل النظر في القرائن هذا النص ماذا يحتمل؟ وهناك احتمال راجح واحتمال مرجوح، وإذا وجدت القرينة للمرجوح صار هو الظاهر، والخالي عن القرينة يصير مؤول حينئذ، نعم؟ احتمالات ثلاثة، أظهر هذه الاحتمالات أنه أيش؟ الحيوان المفترس؛ لأن هذه حقيقته، والحقيقة أظهر من غيرها، الاحتمال الثاني أيش؟ الرجل الشجاع؛ لأن الشجاعة تظهر للناس، ويشبهون الشجاع بالأسد، الاحتمال الثالث .. هاه؟ طالب:. . . . . . . . . كيف؟ طالب:. . . . . . . . . لا، لا ما هو الكلام في الرؤية، في لفظ الأسد، الاحتمالات في لفظ الأسد، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . الاحتمال الأول -وهو الظاهر-: الحيوان المفترس، الثاني: الرجل الشجاع. طالب:. . . . . . . . . كيف؟ طالب:. . . . . . . . . لا، لا لا، لا الاحتمال الثالث، مذكور ذكرناه مراراً في بعض الدروس: الأبخر، أيش معنى الأبخر؟ الرجل الذي فيه بخر، أيش هو البخر؟ نعم الرائحة الكريهة التي تنبعث من فمه، يقال له: أسد ليش؟ لأن الأسد أبخر، فيشبه به من تنبعث منه الرائحة الكريهة من هذه الحيثية، وهذا تشبيه فيه خفاء وغموض، فالتشبيه بالأسد في الشجاعة والقوة أظهر من التشبيه به في الرائحة. فعندنا ثلاثة احتمالات، احتمال أقوى، والاحتمال الثاني: مرجوح لكنه أرجح من الاحتمال الثالث، فإن استبعدنا الاحتمال الأول، دخل رجل وقال قائل: هذا أسد، هل يحتمل أن يكون حيواناً مفترساً؟ لا يحتمل، انتهى الاحتمال الأول، يبقى عندنا احتمال راجح ومرجوح، احتمال راجح أن يكون هذا الرجل شجاعاً مثل الأسد واحتمال ثاني وهو مرجوح أيضاً أن يكون أبخراً -تنبعث منه روائح كريهة كالأسد- وهذا ما أشار إليه المؤلف بأن المؤول قد يكون ظاهراً بالدليل "ويؤول الظاهر بالدليل، ويسمى ظاهراً بالدليل": يسمى المؤول ظاهراً بالدليل. إذن عندنا الظاهر كما قال المؤلف: هو الاحتمال الأرجح، والمؤول الاحتمال المرجوح، لكن في النصوص .. ، ما الواجب في تفسير النصوص؟

حملها على الظاهر، ولا يلجأ إلى الاحتمال المرجوح إلا لدليل يقتضيه، يمنع من إرادة الحقيقة -وهو الظاهر- إذا وجد دليل يمنع، فلا بأس من حمله على المعنى المرجوح، وهذا الاحتمال المرجوح هو الذي سلكه المبتدعة في تأويل الصفات، ففي مثل قوله الله -جل وعلا-: {يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ} [(10) سورة الفتح]: الاحتمال الراجح، أنها اليد الحقيقية التي تليق بالله -عز وجل- والاحتمال المرجوح أنها النعمة أو القوة، أو القدرة، هذا احتمال مرجوح، كيف سلك المبتدعة هذا الاحتمال وهو مرجوح وقدموه على الحقيقة؛ بحجة التنزيه لله -عز وجل- أن تكون له يد جارحة، لماذا؟ لأنهم توهموا أنه لا يد إلا كـ (يد) تشبه المخلوق، إلا يد تشبه يد المخلوق، فإذا قلنا: يد حقيقية كما قال -عز وجل- عن نفسه، لكنها لا تشبه المخلوق؛ {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [(11) سورة الشورى]، تليق بجلاله وعظمته، جمعنا بين التفسير بالاحتمال الراجح وهو الظاهر، ولم نسلك الاحتمال المرجوح، ومع ذلكم لم نقع في المحظور. طالب: هل يمكن أن نأخذ احتمالات. . . . . . . . .؟ المقصود أن فيه وجه شبه من الأسد، إذا وجد فيه وجه شبه من الأسد لا بأس، نعم، ولذلك الألقاب .. ، الألقاب عند أهل الحديث وغيرهم من صروف العلم، يوجد في كتب التراجم بحث يقال له: الألقاب، وفي كتب مستقلة للألقاب، نزهة الألباب في الألقاب، وغيرها من الكتب، تجد الشخص يلقب بأدنى مناسبة، نعم، فيحتاج حمله على الاحتمال المرجوح إلى دليل يقتضي ذلك ويمنع من إرادة الحقيقة، فلا يصح التأويل بمجرد الاحتمال، وإذا لم يوجد دليل فالتأويل فاسد مردود؛ لأنه دعوى بلا برهان كتأويل المبتدعة نصوص الصفات. وإذا وجد الدليل المقتضي للتأويل صار ظاهراً بسبب الدليل، ولذا قال المؤلف: "يسمى ظاهراً بالدليل"؛ لأن الظاهر نوعان، ظاهر من جهة اللفظ وظاهر من جهة الدليل، الآن إذا وجد في المسألة أكثر من قول لأهل العلم، ثم بحثت هذه المسألة بأدلتها ووجد أن بعض الأقوال أرجح من بعض بالدليل؛ ألا يعبر العلماء: وهذا هو الظاهر، أو هذا هو الأظهر؛ لقوة دليله؟ نعم، لقوة دليله.

الأفعال:

وقد يكون من حيث اللفظ الثاني أظهر، وقد يكون من جهة اللفظ الثاني أظهر، فالمعية -مثلاً- المعية بالنسبة لله -عز وجل-.: الاحتمال الراجح هو طرد نصوص الصفات على ظاهرها مع نفي توهم التشبيه -هذه القاعدة المطردة عند السلف قاطبة في جميع الصفات- المعية قال أهل العلم: إن منها معية النصر والتأييد وهي المعية الخاصة، والمعية العامة هي معية أيش؟ العلم، {لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنَا} [(40) سورة التوبة]: يعني بنصره وتأييده -معية خاصة- {وَلَا أَدْنَى مِن ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ} [(7) سورة المجادلة]: بعلمه، هذا الاحتمال الراجح وإلا المرجوح؟ طرداً للباب؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . نقرر المسألة على أصولها: هذا الاحتمال الراجح وإلا الاحتمال المرجوح؟ في الأصل، في الأصل يعني؟ يعني إذا أولت المعية بالعلم هذا الاحتمال الراجح؟ الاحتمال المرجوح، لكن ما الذي اضطرنا أن نعدل عن الاحتمال الراجح إلى المرجوح؟ الدليل؛ إجماع السلف على هذا، السلف قاطبة قالوا: المعية هنا العلم، ولا يعرف لهم مخالف، يعني لولا وجود الإجماع من السلف لطردنا الباب، وحينئذ تكون معية حقيقية ذاتية -كما قال بعض أهل العلم- والمسألة عرفت وانتشرت واشتهرت نعم، ولولا انتشارها ووجود من يقول بذلك كان إخفائها بعد عن صغار المتعلمين أولى، نعم، أقول: الاحتمال المرجوح لجأنا إليه بالدليل، يعني هل لنا أن نفسر النصوص بتفسير يخالف ما اتفق عليه سلف هذه الأمة؟ ليس لنا ذلك، ليس لنا ذلك، نعم لنا أن نختار من أقوالهم إذا اختلفوا ما نرجحه بالدليل، أما أن نحدث تفسيراً جديداً غير ما قالوا به، ونقل عنهم وأثر عنهم ليس لنا ذلك فنقول: المراد بالمعية هنا العلم، وهو الظاهر من اللفظ بالدليل؛ لأن الظهور أحياناً يكون من جهة اللفظ، وأحياناً يكون من جهة الدليل. يقول الناظم -رحمه الله تعالى-: والظاهر الذي يفيد ما سمع ... معنىً سوى المعنى الذي له وضع كالأسد اسم واحد السباع ... وقد يرى للرجل الشجاع والظاهر المذكور حيث أشكلا ... مفهومه فبالدليل أولاً وصار بعد ذلك التأويل ... مقيداً في الاسم بالدليل بعد هذا الأفعال. الأفعال:

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: فعل صاحب الشريعة: فالأفعال جمع واحدها فعل، وفعل صاحب الشريعة أحد وجوه السنن، وقسم من أقسام الحديث والسنة؛ لأن الحديث -ويرادفه السنة- ما أضيف إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- من قول أو فعل أو تقرير أو وصف، والمؤلف هنا ذكر الفعل والتقرير. جرت عادة الأصوليين جمع وجوه السنن كلها القول والفعل والتقرير .. ، الوصف يذكرونه في كتب الأصول وإلا ما يذكرونه؟ ما يذكرونه؛ لأنه لا يتعلق به مباحث تتعلق بالمكلفين، إنما الوصف هاه؟ الشمائل، نعم؟ وصفه -عليه الصلاة والسلام- أوصافه الذاتية، للمكلف فائدة من ذكره في أصول الفقه وإلا ما له فائدة؟ هو أحد وجوه السنن وفيه كتب الشمائل، فيه كتب الشمائل يحتاج المكلف منه ما يدخله الاختيار، دون ما هو محض إجبار، أيش معنى هذا الكلام؟ إذا ذكروا في الشمائل طول النبي -عليه الصلاة والسلام- وعرضه بعد منكبيه، كان شثن الكفين، ضليع الفم، حينما يذكر هذا هل للمكلف أن يقتدي به ويقلده في هذه الأمور؟ هذه أمور جبرية خلقية، نعم، ليس للإنسان مناص، كونه طويل، أزهر اللون، ماذا يعني المكلف من هذا؟ نعم، أوصافه تدخله في قلب السامع، بلا شك؛ لأنها أوصاف كمال بشري، نعم، يستفيد منها المكلف من هذه الحيثية، أما من حيث الاقتداء فلا، نعم أوصافه -عليه الصلاة والسلام- التي يدخلها الاختيار كث اللحية، يحتاج المكلف إلى مثل هذا، لماذا؟ لئلا يتعرض للحيته بشيء، فنحتاج من الشمائل الأنواع الجبلي الجبري، وأيضاً الاختياري، وهذا موضوعه الشمائل. عندنا القول وهو الأصل في الباب، وهو الذي له العموم -كما قرر أهل العلم- والفعل كما قالوا: لا عموم فيه؛ لأن العموم من خواص القول، ويذكر أيضاً التقرير، فالأصوليون يبحثون في مباحث السنة القول والفعل والتقرير، وهنا المؤلف قدم الفعل والتقرير، والأصل أن تجمع وجوه السنن من قول أو فعل أو تقرير في مبحث مستقل، كما يصنعه كثير من الأصوليين.

والمؤلف هنا أردف الأفعال ذكر الأفعال وأردفها بالإقرار وكان الأولى بالمصنف جمعها كغيرها، كغيره؛ لأن التفريق تشتيت للدارس، يعني لما الطالب يدرس الأفعال والتقرير ثم تترك السنة إلى مباحث أخرى، نعم، تشتيت للدارس لا سيما المبتدئ الذي من أجله أُلِّفت هذه الورقات. هنا يقول: فعل صاحب الشريعة: يعني النبي -عليه الصلاة والسلام- مفاده أن فيه تفصيل، مفاد كلامه أن فعل النبي فيه تفصيل؛ لأنه لا يخلو إما أن يكون فعل هذا الفعل على وجه القربة والطاعة -والقربة والطاعة بمعنى واحد- أو لا يكون -يعني فعله- على وجه القربة والطاعة؛ إن كان النبي -عليه الصلاة والسلام- فعل عملاً هذا العمل متقرباً به إلى الله -عز وجل- هذا له حكم، إذا كان فعله لا على وجه التقرب والطاعة هذا له أيضاً حكم، فإن كان على وجه القربة والطاعة، فلا يخلو إما أن يدل الدليل على كونه من خصائصه -عليه الصلاة والسلام- أو لا يدل الدليل على الاختصاص، فإن دل الدليل على كونه من الخصائص، لا بد من الدليل للحكم بالخصوصية، إن دل الدليل على كونه من الخصائص كجمعه بين أكثر من أربع نسوة، ووصاله في الصيام، حمل على ذلك، نقول: هذا خاص بالنبي -عليه الصلاة والسلام-، وجاء في قضاء فائتة راتبة الظهر بعد صلاة العصر ما يدل على أنه من خصائصه، فإذا دل الدليل قلنا: هذا خاص بالنبي -عليه الصلاة والسلام- ولا نقتدي به فيه. يعني لو قال شخص: الرسول -عليه الصلاة والسلام- تزوج اثنا عشر، ومات عن تسع وأنا أريد أن أقتدي، نقول: لا؛ هذا من الخصائص؛ دل الدليل على أنه من الخصائص، لكن إذا كان مجرد الحكم بأنه من الخصائص، مجرد استرواح وميل ودفع تعارض بين نصوص، هل يكفي أن يحكم بأنه من الخصائص، أو لا بد أن يدل الدليل على أن هذا من الخصائص؟ فمثلاً: كشف الفخذ في الصحيح من حديث أنس: "حسر النبي -عليه الصلاة والسلام- عن فخذه"، وجاء في حديث جرهد: ((غطِّ فخذك؛ فإن الفخذ عورة)) نعم؟ قالوا: حسر الفخذ من خصائصه -عليه الصلاة والسلام- بدليل أنه أمر غيره بتغطية الفخذ، يكفي لأن يحكم بأن هذا من الخصائص؟ يكفي مثل هذا الرفع للتعارض بين النصين أن نقول: هذا من الخصائص، أو لا يكفي؟ نعم؟

طالب:. . . . . . . . . قال به جمع من أهل العلم، قالوا: هذا من الخصائص؛ لرفع التعارض بين النصوص. نقول: تغطية الفخذ أكمل أو حسره أكمل -بالنسبة للبشر- أيهما أكمل؟ التغطية أكمل، الستر أكمل، كل كمال يطلب من الأمة النبي -عليه الصلاة والسلام- أولى به، لا يمكن أن يتصور أن يطلب من الأمة كمال أكمل من نبيها -عليه الصلاة والسلام- ظاهر وإلا ما هو بظاهر؟ يعني حينما يقال في النهي عن استقبال الكعبة واستدبارها ببول أو غائط: جاء النهي: ((لا تستقبلوا ولا تستدبروا ولكن شرقوا أو غربوا))، فيأتي حديث ابن عمر قبل أن يقبض النبي -عليه الصلاة والسلام- بعام ويرى النبي -عليه الصلاة والسلام- يقضي حاجته مستدبراً الكعبة، يقول بعضهم: هذا من خصائصه -عليه الصلاة والسلام- والنهي للأمة وهو له أن يفعل ذلك، نقول: احترام وتعظيم شعائر الله –كالكعبة- كمال وإلا نقص؟ كمال، إذن النبي -عليه الصلاة والسلام- أولى به، وإن قال بعض أهل العلم: إن هذا من الخصائص، ظاهر وإلا ما هو بظاهر، إذن نبحث عن جمع آخر في النصين وهكذا. وإن لم يدل الدليل على الاختصاص به -عليه الصلاة والسلام- كالتهجد وصيام النوافل وغير ذلك من أفعاله -عليه الصلاة والسلام- فالأصل الاقتداء به -عليه الصلاة والسلام- والائتساء، كما قال -جل وعلا-: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [(21) سورة الأحزاب]: أي قدوة صالحة، والإسوة والأُسوة -بكسر الهمزة وضمها- لغتان قرئ بهما في السبعة. اختلف العلماء في مقتضى الفعل المجرد عن القول: مقتضى الفعل، النبي -عليه الصلاة والسلام- عمل عملاً -فعل فعلاً- على وجه القربة والطاعة، وقلنا: إن هذا يقتدى به -عليه الصلاة والسلام- في هذا الفعل، يقتدى به لكن على سبيل الوجوب أو على سبيل الندب؟

إذا فعل النبي -عليه الصلاة والسلام- فعلاً على سبيل التقرب إلى الله -عز وجل- والطاعة عرفنا أنه يُقتدى به؛ لقول الله -جل وعلا-: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ}: أما إذا فعل الفعل لا على وجه القربة والطاعة فلا يقتدى به فيه -عليه الصلاة والسلام- على ما سيأتي تفصيله في كلام الشوكاني، وإن عمله ابن عمر رضي الله تعالى عنه. ابن عمر -رضي الله عنهما- في هذا الباب لم يتابع عليه، على فعله، فعل أفعالاً اقتدى بها في النبي -عليه الصلاة والسلام- وهي مجرد أفعال عادية، يفعله النبي -عليه الصلاة والسلام- لا على سبيل التقرب، وذكر ابن عبد البر وغيره عنه أنه كان يكفكف دابته من أجل أيش؟ طالب:. . . . . . . . . نعم؛ أن تطأ أقدامها على موطئ أقدام دابة النبي -عليه الصلاة والسلام- هذا من شدة اقتدائه وائتسائه بالنبي -عليه الصلاة والسلام- لكنه لم يوافق على ذلك، لم يوافق على ذلك، أي مكان يبيت فيه أو يجلس فيه النبي -عليه الصلاة والسلام- يذهب إليه ويجلس فيه، وكبار الصحابة -علماؤهم فقهاؤهم سلف الأمة قاطبة- لم يفعلوا مثل هذا الفعل، فدل على أنه ليس بمحلٍ للائتساء ولا للاقتداء. على كل حال إذا كان فعله -عليه الصلاة والسلام- على سبيل القربة والطاعة -وهو الذي يهمنا- هل اقتداؤنا به على سبيل الوجوب واللزوم، أو على سبيل الاستحباب؟ العلماء اختلفوا في مقتضى الفعل المجرد عن القول، فذهب جمع من أهل العلم إلى أنه يحمل على الوجوب في حقه -صلى الله عليه وسلم- وفي حقنا؛ لأنه الأحوط. فعل النبي -عليه الصلاة والسلام- فعلاً متقرباً به إلى الله -عز وجل- لا بد أن تفعل، إن لم تفعل أثمت، قالوا: هذا هو الأحوط في حقنا، وبذلك قال مالك وبعض الشافعية ورواية عن الإمام أحمد -رحمه الله تعالى- دليلهم قوله تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ} [(7) سورة الحشر].

واستبعد إمام الحرمين هذا القول في البرهان وحملوا الآية: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ} على الأمر، يعني ما أمركم به النبي -عليه الصلاة والسلام- فخذوه؛ بدليل: {وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا} [(7) سورة الحشر]، {مَا آتَاكُمُ}: يعني أمركم به، ما أمركم به؛ بدليل المقابل، {وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا}. ذهب بعض العلماء إلى أنه يحمل على الندب، وهو قول أكثر الحنفية والظاهرية وبعض الشافعية ورواية عن أحمد، ورجحه إمام الحرمين في البرهان، والغزالي في المنخول، والشوكاني في إرشاد الفحول. وذهب جمع من أهل العلم إلى التوقف؛ لعدم معرفة المراد ولتعارض الأدلة، لعدم معرفة المراد حينما فعل النبي -عليه الصلاة والسلام- هذا الفعل متقرباً به إلى الله -عز وجل- ولم يأمر به، لم يأمر به، ولم يثبت لنا دليل يدل على أنه من خصائصه -عليه الصلاة والسلام- بل فعله على سبيل القربة والطاعة، وقلنا: إن هذا هو محل اقتداء وائتساء، لكن ليس فيه أمر، ولو كان واجباً لطلبه النبي -عليه الصلاة والسلام- ما اكتفى بفعله، وهذه حجة من يقول بأنه .. ، بأن الفعل المجرد عن القول إنما هو للندب. وذهب بعض أهل العلم إلى التوقف؛ لعدم معرفة المراد، بعض أهل العلم يقول: نتوقف؛ لأننا لا ندري هل هو للوجوب أو للندب، وصرنا لا ندري نفعل وإلا ما نفعل، يقول: نتوقف حتى نجد دليلاً يدل أنه للوجوب، أو يدل على أنه للندب. لكن أقل الاحتمالات أنه على الندب، والندب مطلوب الفعل أو مطلوب الترك؟ مطلوب الفعل، إذن لا وجه للتوقف هنا، ولذا يقول الشوكاني: وعندي أنه لا معنى للوقف في الفعل الذي قد ظهر فيه قصد القربة؛ فإن قصد القربة يخرجه عن الإباحة إلى ما فوقها والمتيقن مما فوقها الندب. يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: "وما فعله النبي -صلى الله عليه وسلم- على وجه التعبد فهو عبادة يشرع التأسي به فيه، فإذا خص زماناً أو مكاناً بعبادة كان تخصيصه تلك العبادة سنة" [هذا كلام شيخ الإسلام]. وإن كان فعله -عليه الصلاة والسلام- على وجه القربة والطاعة .. ، على غير وجه القربة والطاعة .. ، انتهينا مما يقصد به التقرب من قبله -عليه الصلاة والسلام- جاء الاحتمال الثاني.

الاحتمال الثاني: وهو فعل النبي -عليه الصلاة والسلام- لا على وجه القربة والطاعة، كالقيام والقعود والأكل والشرب والنوم، هذا يحمل على الإباحة في حقه وفي حقنا، ويستوي في ذلك الأفعال الجبلية -التي منها القيام والقعود والأكل والشرب وما فعله -عليه الصلاة والسلام- موافقاً للعادات، اللي يسمونها التقاليد كلباسه -عليه الصلاة والسلام- فكلها من نوع المباح؛ الآن الألبسة مما يتعبد بها أو هي راجعة إلى الأعراف والتقاليد؟ طالب:. . . . . . . . . ما ورد فيه النص عبادة، يعني ما ورد النص بتحديده كلونه وطوله هذا عبادة لا يجوز أن نتعداها، وما لم يرد فيه النص يرجع فيه إلى العرف، ولذا لم يغير النبي -عليه الصلاة والسلام- لباسه عن لباس قومه. طالب:. . . . . . . . . لا، هو إذا لم تكن المخالفة موقعة في شهرة –مثلاً- فلا بأس؛ لأن المسألة .. ، الألبسة أعراف وعادات، نعم؟ طالب: إذا تبين لك أن هذا الفعل على وجه القربة. . . . . . . . . ونجعل هذا الأصل في أفعاله أم العكس؟ تعمل بالأحوط حينئذ، حينئذ تعمل بالأحوط، ما لم يوقعك هذا الاحتياط في فعل محظور أو يجر إلى محظور، أو يجرك إلى ترك مأمور، حينئذ تعمل بالأحوط، ما لم يجرك هذا الاحتياط إلى فعل محظور أو ترك مأمور، وحينئذ يكون الاحتياط في ترك هذا الاحتياط. عُلم مما ذكره المصنف انحصار أفعاله -عليه الصلاة والسلام- في الوجوب والندب والإباحة فلا يقع منه -صلى الله عليه وسلم- محرم، لا سيما بعد البعثة؛ لأنه معصوم، ولا مكروه، ولا خلاف الأولى على خلاف في ذلك، فإن خلاف الأولى وقع وإلا ما وقع؟ يفعل خلاف الأولى لبيان الجواز، يفعله تشريعاً لبيان الجواز؛ لئلا يحمل الأمر على الوجوب، أو الفعل على ذلك. الشوكاني قسم أفعال النبي -عليه الصلاة والسلام- إلى سبعة أقسام، في إرشاد الفحول ماذا يقول؟ يقول: "البحث الرابع: في أفعاله -صلى الله عليه وسلم-: اعلم أن أفعاله -صلى الله عليه وسلم- تنقسم إلى سبعة أقسام: القسم الأول: ما كان من هواجس النفس والحركات البشرية، كتصرف الأعضاء وحركات الجسد، فهذا القسم لا يتعلق به أمر باتباع، ولا نهي عن مخالفة، وليس فيه أسوة، ولكنه يفيد أن مثل ذلك مباح .. ".

شرح متن الورقات (9)

شرح متن الورقات في أصول الفقه (9) أقسام أفعال النبي عليه الصلاة والسلام – تعريف النسخ في اللغة والاصطلاح الشيخ/ عبد الكريم بن عبد الله الخضير " .. ما كان من هواجس النفس والحركات البشرية، كتصرف الأعضاء وحركات الجسد، فهذا القسم لا يتعلق به أمر باتباع، ولا نهي عن مخالفة، وليس فيه أسوة، ولكنه يفيد أن مثل ذلك مباح". يعني: مثل ما ذكرنا في أنه -عليه الصلاة والسلام- لا يفعل محرماً ولا مكروهاً -بل ولا خلاف الأولى- إلا لبيان الجواز. القسم الثاني: ما لا يتعلق بالعبادات ووضح فيه أمر الجبلة، كالقيام والقعود ونحوهما، فليس فيه تأس ولا به اقتداء، ولكنه يدل على الإباحة عند الجمهور. ثم قال بعد ذلك: وقد كان عبد الله بن عمر -رضي الله عنه- يتتبع مثل هذا ويقتدي به، كما هو معروف عنه، منقول في كتب السنة. وعرفنا أن ابن عبد البر نقل عن ابن عمر -رضي الله تعالى عنه- أنه كان يكفكف دابته؛ لتقع مواطئ أقدامها على مواطئ أقدام دابة النبي عليه الصلاة والسلام. المقصود أن هذا ليس بمحل للاقتداء، لا سيما إذا جرَّ إلى محظور، فبعض أفعال ابن عمر -رضي الله عنهما- جرت إلى بعض المحظور من غلو بعض الناس في هذه الأماكن التي جلس فيها النبي -عليه الصلاة والسلام- اتفاقاً من غير قصد ولا تعبد. القسم الثالث: ما احتمل أن يخرج عن الجبلة إلى التشريع بمواظبته عليه على وجه معروف وهيئة مخصوصة كالأكل والشرب واللبس والنوم، فهذا القسم دون ما ظهر فيه أمر القربة وفوق ما ظهر فيه أمر الجبلة. عرفنا أن أصل النوم والأكل والشرب، والقيام والقعود، أصلها أنها جبلية، لكن الكيفيات التي واظب عليها النبي -عليه الصلاة والسلام- وأدَّاها على هيئة مخصوصة. النبي -عليه الصلاة والسلام- يأكل على هيئة مخصوصة، يشرب على هيئة مخصوصة، يلبس على هيئة مخصوصة، نعم، يقدم اليمين، ينام على جنبه الأيمن، وهكذا الأصل في العمل أنه جبلي، لكن لزوم هذه الهيئة المخصوصة يقربه من القربة والطاعة.

يقول: فهذا القسم دون ما ظهر فيه أمر القربة، وفوق ما ظهر فيه أمر الجبلة؛ على فرض أنه لم يثبت فيه إلا مجرد الفعل، وأما إذا وقع منه -عليه الصلاة والسلام- الإرشاد إلى بعض هذه الهيئات، كما ورد في الإرشاد إلى هيئات من هيئات الأكل والشرب واللبس والنوم فهذا خارج عن هذا القسم -خارج عن أن يكون جبلياً إلى أن يكون قربة وطاعة- يعني إذا اقترن بالفعل القول. القسم الرابع: ما علم اختصاصه به -عليه الصلاة والسلام- كالوصال، والزيادة على أربع، فهذا خاص به لا يشاركه فيه غيره ... إلى آخره. هذا ما ذكرناه وبسطناه، وعرفنا أن هذه الخصوصيات لا بد لها من مخصص، وعرفنا أن التخصيص والخصائص لا تثبت بمجرد احتمال، وضربنا لذلك أمثلة. القسم الخامس: في كلام طويل للشوكاني، يقول: ما يبهمه -عليه الصلاة والسلام- لانتظار الوحي، كعدم تعيين نوع الحج –مثلاً- فقيل: يقتدي به في ذلك، وقيل: لا: النبي -عليه الصلاة والسلام- في أول الأمر أحرم إحراماً مطلقاً، ثم جاءه الملك وقال له: "صلِّ في هذا الوادي المبارك وقل: .. "، يقتدى به في إطلاقه، أو لا يقتدى به؟ ظاهر صنيع علي -رضي الله عنه- وأبي موسى أنه يقتدى به ولو كان مطلقاً؛ "لبيك بإحرام كإحرام النبي عليه الصلاة والسلام". هنا يقول: فقيل: يُقتدى به في ذلك، وقيل: لا: النبي -عليه الصلاة والسلام- فعل هذا الفعل على سبيل الإبهام، كيف يفعل فعلاً على سبيل الإبهام، والقسم الخامس: ما يبهمه -صلى الله عليه وسلم- لانتظار الوحي؟ يترك .. ، يفعل فعلاً مبهماً، وإن شئت فقل: مجملاً يحتمل أمرين على السواء، هذا الإحرام المبهم يحتمل أن يصرف إلى الإفراد، يحتمل أن يصرف إلى القِران، يحتمل أن يصرف إلى التمتع، فأحرم في أول الأمر إحراماً مبهماً، ثم جاءه الملك وقال له: افعل كذا. النبي -عليه الصلاة والسلام- فعل، فنقتدي به في كيفية هذا الفعل، أما إذا أبهم ولم يفعل -استمر الإبهام- صدر منه -عليه الصلاة والسلام- قول .. ، الآن الإبهام هل يتصور في الفعل؟ الإبهام والإجمال يتصور في الفعل؟ نعم؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . في أول الأمر، ثم يأتي البيان، مثل ما ذكرنا في إحرامه.

هنا يقول: قال إمام الحرمين في النهاية: وهذا عندي هفوة ظاهرة –يعني الاقتداء به في هذا- فإن إبهام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- محمول على انتظار الوحي قطعاً، فلا مساغ للاقتداء به من هذه الجهة. أيش المانع أنه لما أحرم -عليه الصلاة والسلام- بإحرام مطلق؛ ينتظر البيان من الله -عز وجل- أن يُقتدى به، فيحرم إحراماً مطلقاً –مبهماً- يُنتظر فيه البيان، فإذا حصل البيان للنبي -عليه الصلاة والسلام- حصل لمن يقتدي به؟ المقصود أن إدخال هذا القسم في الفعل يقتضي التمثيل له بما ذكرنا، وإن كان مفهوم كلامه أنه لا يقتضيه؛ لأنه قال: قال إمام الحرمين في النهاية: "وهذه عندي هفوة عظيمة ظاهرة؛ فإن إبهام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- محمول على انتظار الوحي قطعاً، فلا مساغ للاقتداء به من هذه الجهة" .. كيف؟ طالب:. . . . . . . . . نعم، يتصور؟ طالب:. . . . . . . . . أو حمله على صورة قبل وقوعه، نعم، وحينئذ لا فعل؛ إذا فعل لماذا لا نقتدي به على الإجمال؟ نجمل مثل ما أجمل، نبهم مثل ما أبهم، نفعل مثل ما فعل، مثل المثال الذي ذكرناه، كيف يقول: وهذه عندي هفوة ظاهرة؛ فإن إبهام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- محمول على انتظار الوحي قطعاً؟ طالب:. . . . . . . . . لا، هذا كله داخل تحت الأفعال، هذا في تقسيم الأفعال. طالب:. . . . . . . . . كيف؟ طالب:. . . . . . . . . ما مثل، لا ما مثل، هو ما مثل، المقصود أننا نحتاج .. ، كيف أحرم الصحابة في أول الأمر؟ طالب:. . . . . . . . . مثل ما صنع -عليه الصلاة والسلام- منتظراً الوحي؟ القسم السادس: ما يفعله مع غيره عقوبة له، كالتصرف في أملاك غيره؛ عقوبة له، فاختلفوا هل يقتدي به فيه أم لا؟ يعني عقوبة مانع الزكاة مثلاً -وهذه من باب التعزير بالمال- نعم؛ ((من منعها فإنا آخذوها وشطر ماله))، يعني هل لغير النبي -عليه الصلاة والسلام- أن يفعل مثل هذا الفعل؟ أو نقول: هذا خاص به عليه الصلاة والسلام؟

ما يفعله مع غيره عقوبة له، كالتصرف في أملاك غيره عقوبة له فاختلفوا، هل يقتدى به فيه أم لا، فقيل: يجوز، وقيل: لا يجوز، وقيل: هو بالإجماع موقوف على معرفة السبب، وهذا هو الحق، فإن وضح لنا السبب الذي فعله لأجله كان لنا أن نفعل مثل فعله عند وجود مثل ذلك السبب، وإن لم يظهر السبب لم يجز، وأما إذا فعله بين شخصين متداعيين فهو جار مجرى القضاء، فيتعين علينا القضاء بما قضى به، نعم، نقتدي به فيما قضى به -عليه الصلاة والسلام- ولا نقول كما يقول بعضهم: هذه قضية عين. الأصل أنه -عليه الصلاة والسلام- مشرِّع، فإذا قضى بين اثنين في قضية، حكمنا على غيرهما في نظائرها بنفس الحكم؛ هذا مقتضى الاقتداء به -عليه الصلاة والسلام-. القسم السابع: الفعل المجرد عما سبق، فإن ورد بياناً كقوله -عليه الصلاة والسلام-: ((صلوا كما رأيتموني أصلي)) و ((خذوا عني مناسككم))، وكالقطع من الكوع – يعني من المفصل - بياناً لآية السرقة، فلا خلاف أنه دليل في حقنا، لماذا؟ لأنه بيان للواجب المأمور به في الكتاب إجمالاً، فحينئذ يكون بيان الواجب أيش؟ واجب، كما قرر أهل العلم، والله أعلم وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. طالب:. . . . . . . . . ما عنده أيش؟ طالب:. . . . . . . . . هو يرى، يدل .. ، كيف؟ طالب:. . . . . . . . . أقل الأحوال الاستحباب. طالب:. . . . . . . . . على من توقف؟ طالب:. . . . . . . . . لا، من توقف، يقول: لا نعمل، لا نفعل حتى نجد مرجحاً، من توقف يقول: لا نفعل؛ هذا مقتضى التوقف، وإلا أيش معنى يتوقف في الحكم وعمله يخالف الحكم؟ طالب:. . . . . . . . . كلام .. ، يعني الترجيح بين الاستحباب؟ لا لا، نتوقف؛ يقول: الفعل لا دلالة له حتى نجد ما يأمرنا بالفعل. طالب:. . . . . . . . . النبي عليه الصلاة والسلام؟ طالب:. . . . . . . . . هذا ما قرره أهل العلم بعد النبوة على خلاف في العصمة ومقتضياتها. طالب:. . . . . . . . . قد يفعل خلاف الأولى؛ لبيان الجواز، يأمر بشيء ثمَّ يتركه لماذا؟ ليدل على .. ، صرفاً لهذا الأمر من الوجوب إلى الاستحباب، وقد ينهى. طالب:. . . . . . . . .

كيف؟ طالب:. . . . . . . . . يعني ما يقابل الاستحباب مكروه؟ طالب:. . . . . . . . . إيه. طالب:. . . . . . . . . لبيان الجواز، بس منه -عليه الصلاة والسلام- ليس بمكروه منه؛ لأنه مأمور بالبيان، فهو من هذه الحيثية مطلوب منه، فكيف يجتمع ويتوارد على شيء واحد كونه مطلوباً ممنوعاً منه عليه الصلاة والسلام؟! اللهم صلِّ على عبدك ورسولك. بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فقد قال المصنف -رحمه الله تعالى-: والمجمل: ما يفتقر إلى البيان، والبيان: إخراج الشيء من حيز الإشكال إلى حيز التجلي، والمبيّن: هو النص، والنص: ما لا يحتمل إلا معنىً واحداً، وقيل: ما تأويله تنزيله، وهو مشتق من مِنصة العروس وهو الكرسي، والظاهر: ما احتمل أمرين أحدهما أظهر من الآخر، ويؤول الظاهر بالدليل ويسمى ظاهراً بالدليل. الأفعال: فعل صاحب الشريعة: لا يخلو إما أن يكون على وجه القربة والطاعة: يعني لا يخلو من أمرين، إما أن يكون كذا وإما أن يكون كذا. أو لا يكون، فإن دل الدليل على الاختصاص به حمل على الاختصاص: فإن كان على وجه القربة والطاعة، فإن كان على وجه القربة والطاعة، فإن دل الدليل على الاختصاص به حمل على الاختصاص، وإن لم يدل دليل لا يخص به؛ لأن الله تعالى قال: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [(21) سورة الأحزاب] فيحمل على الوجوب عند بعض أصحابنا، ومنهم من قال: يحمل على الندب، ومنهم من قال: يتوقف فيه، فإن كان على غير وجه القربة والطاعة فيحمل على الإباحة في حقه وحقنا. وإقرار صاحب الشريعة على القول هو قول صاحب الشريعة، وإقراره على الفعل كفعله، وما فعل في وقته في غير مجلسه وعلم به: عَلم وعَلم به، وعَلم به ولم ينكره فحكمه حكم ما فعل في مجلسه. قف على هذا. الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

وإقرار صاحب الشريعة على القول هو قول صاحب الشريعة: إقرار صاحب الشريعة هو النبي -عليه الصلاة والسلام- على القول الذي يقال بين يديه. هو قول صاحب الشريعة: وهذا التعبير فيه تسامح وتجوُّز؛ فرق بين القول والإقرار، وإن اشترك الجميع في كونهما سنة؛ إذ الإقرار أحد وجوه السنن. السنن على ما تقدم، أشرنا إليه في الأفعال: ما يضاف إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- من قول أو فعل أو تقرير، أو وصف خلقي أو خلقي. فالفعل سنة، والإقرار سنة، ولذا يقول هنا: وإقرار صاحب الشريعة: وهو النبي -عليه الصلاة والسلام-. على القول: يعني الذي يقال بين يديه -عليه الصلاة والسلام- هو قول صاحب الشريعة: وهذا فيه تسامح وتجوز في العبارة؛ لأن الإقرار شيء والقول شيء آخر، ولو قال: هو كقول صاحب الشريعة، لكان أولى وأدقّ. كما أن إقراره -عليه الصلاة والسلام- على الفعل كفعله -عليه الصلاة والسلام- هذا ما اطلع عليه النبي -عليه الصلاة والسلام- وفعل بحضرته، أو قيل بحضرته، فإقراره -عليه الصلاة والسلام- على ما يقال بحضرته هو كقوله -عليه الصلاة والسلام- لماذا؟ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- لا يسكت على باطل، ولا يقر عليه، فيكتسب الشرعية بالإقرار، كما أن الرؤيا لا ينبني عليها حكم شرعي، لكن متى تكتسب الشرعية؟ بالإقرار، بإقرار صاحب الشريعة. في حديث عبد الله بن زيد راوي الأذان قال: "طاف بي طائف وأنا نائم، فقال لي: تقول: الله أكبر، الله أكبر .. إلى آخره، وعلمه الأذان في المنام؛ حينما أهمه شأن الأذان، وجاءت الاقتراحات للنبي -عليه الصلاة والسلام- لما أراد أن ينصب لهم علامة يعرفون بها دخول الوقت، فمن قائل: يضرب ناقوس، ومن قائل: توقد نار، ومن قائل: .. إلى آخره، فرأى عبد الله بن زيد الرؤيا، "طاف بي طائف وأنا نائم ... "، رجل ... إلى آخره، وعلمه الأذان. قد يقول قائل: هذه رؤيا والرؤيا لا يبنى عليها حكم شرعي، نقول: نعم رؤيا، لكنها اكتسبت الشرعية من أيش؟

من إقراره -عليه الصلاة والسلام- اكتسبت الشرعية من إقرار النبي -عليه الصلاة والسلام- وهنا القول الذي يقال بحضرته -عليه الصلاة والسلام- يكتسب الشرعية من الإقرار لا من القول نفسه، لماذا؟ لأنه لا يقِر على باطل. إذا قيل قول بحضرة عالم -مثلاً- هل يمكن أن ننسب هذا القول لهذا العالم؟ سكت، عالم قال بعض طلاب العلم في مجلسه كلاماً، وسكت العالم ما استدرك عليهم، هل ننسب هذا القول لهذا العالم؟ لا ينسب إليه لماذا؟ لأنه قد يسكت لأمر ما، قد يجبن عن الرد؛ لكون هذا الطالب الذي قال بين يديه هذا الكلام ممن يخشى شرُّه، أو لكون المجلس ما يسلم ممن ينقل الكلام نعم، فيسكت العالم؛ إيثاراً للسلامة، وإن لم يوافق على هذا القول، على أن البيان أمر لا بد منه، وأن السكوت في مثل هذه المواطن التي يقال فيها الباطل فهو جبن، جبن نعم؟ طالب:. . . . . . . . . وكذلك الصحابة يعتريهم ما يعتري غيرهم، ليسوا معصومين، قد يقرون، يسكتون؛ لأمر من الأمور؛ لأنهم ليسوا بمعصومين؛ الذي لا يقر على خطأ ولا على باطل هو النبي -عليه الصلاة والسلام- ولذا قرر أهل العلم أن الإقرار أحد وجوه السنن، وأما من عداه -عليه الصلاة والسلام- فقد يسكت؛ إيثاراً للسلامة، أو لتحصيل مصلحة أعظم، أو غير ذلك مما يعتري ذلك من وجوه التأويل، ولذا تعارف أهل العلم على قول وتواطئوا عليه أنه لا ينسب لساكت قول، لا ينسب لساكت قول. ومن باب الاستطراد: البخاري -رحمه الله تعالى- قد يذكر الراوي في تاريخه الكبير، ولا يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً، وهنا يقول أهل العلم في ترجمة هذا الراوي: ذكره البخاري، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً، ومثله ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل، قد يذكر الراوي ويسكت عنه، الحكم في هذا الراوي -يعني إذا سكت أهل العلم عن الراوي- هل نقول: ثقة، أو نقول: ضعيف؟ أو نقول: لا ينسب لساكت قول؟ طالب:. . . . . . . . . نعم. طالب:. . . . . . . . . لا، الكلام، ماذا نقول عن البخاري؟ نقول: ذكره البخاري وسكت عنه وبس، وسكوته لا يعني نفياً ولا إثباتاً، لا توثيقاً ولا تضعيفاً، ومثله ابن أبي حاتم؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . .

لا احنا الآن في البخاري، وابن أبي حاتم في (التاريخ الكبير)، و (الجرح والتعديل) اللي هما محل الكلام عند أهل العلم، هم الذين يتكلمون فيهم أهل العلم، وهم الذين يكثرون مثل هذا النوع، يذكرون الراوي ويسكتون عنه، بعض أهل العلم يرى أن هذا توثيق، ذكره البخاري وابن أبي حاتم ولم يذكرا فيه جرحاً ولا تعديلاً، فهو ثقة -يصرح بعضهم في هذا- من هذا أحمد شاكر كثيراً ما يقول هذا الكلام، وحيناً يقول: "سكت عنه البخاري، وهذه أمارة توثيقه"، لكن الصواب أنه لا ينسب لساكت قول، وأنه لم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً؛ لأنه لم يطلع فيه على قادح ولا مادح، وقد أشار ابن أبي حاتم في مقدمة الجرح والتعديل أنه ترك بعض الرواة دون حكم؛ عله أن يقف لهم أو فيهم على حكم، هذا دليل على أنه لا يعرف أحوالهم. ما ارتباط هذه المسألة بما معنا، أو هذا استطراد؟ طالب:. . . . . . . . . نعم؟ طالب:. . . . . . . . . كيف؟ طالب:. . . . . . . . . استطراد له علاقة، نعم. على كل حال لا أحد يعتد بإقراره غير النبي -عليه الصلاة والسلام- المعصوم من أن يقر على خطأ. مُثَّل لذلك بإقرار النبي -عليه الصلاة والسلام- أبا بكر -رضي الله عنه- على قوله بإعطاء سلب القتيل لقاتله -والحديث في الصحيحين في غزوة حنين مطولاً فيه قصة- وفي الحديث قال أبو بكر الصديق -رضي الله عنه-: "لاها الله، إذن لا يعمد إلى أسد من أسد الله يقاتل عن الله وعن رسوله فيعطيك سلبه"، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((صدق، فأعطه إياه)) الحديث، هذا إقرار على القول؛ أقسم أبو بكر ألا يعطى، وأقره النبي -عليه الصلاة والسلام-.

إقراره على الفعل: إذا فعل بحضرته -عليه الصلاة والسلام- فعل ولم ينكره، فإنه حينئذ يكتسب الشرعية من أيش؟ من إقراره -عليه الصلاة والسلام- كما أقر النبي -عليه الصلاة والسلام- خالد بن الوليد على أكل الضب، إقرار النبي -عليه الصلاة والسلام- خالد على أكل الضب في الصحيحين وغيرهما من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: "دخلت أنا وخالد بن الوليد مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بيت ميمونة، فأتي بضب محنوذ، فأهوى إليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بيده، فقال بعض النسوة اللاتي في بيت ميمونة: "أخبروا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بما يريد أن يأكل"، فأخبروه فرفع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يده، فقلت: أحرام هو يا رسول الله؟ قال: ((لا، ولكنه لم يكن بأرض قومي، فأجدني أعافه))، قال خالد بن الوليد: "فاجتررته فأكلته، والنبي -عليه الصلاة والسلام- ينظر": يعني أقره على أكله، إقرار على الفعل، النبي -عليه الصلاة والسلام- قُدم له الضب فلم يأكله؛ لأنه لم يكن بأرض قومه، وقُدم له -كما في صحيح مسلم- خوان عليه ضب فلم يأكل .. نعم؟ طالب:. . . . . . . . . كيف؟ طالب:. . . . . . . . . لا لا، الكلام في: "فاجتررته فأكلته والنبي -صلى الله عليه وسلم- ينظر"؛ أقره على أكله. طالب:. . . . . . . . . على إباحة الضب، نعم، قال: "أحرام هو يا رسول الله"؟ نعم؟ فقلت: "أحرام هو يا رسول الله؟ " قال: ((لا))، يعني حكمه يتظافر فيه القول مع الإقرار، يعني ما يلزم أن يكون القول فقط. الرسول -عليه الصلاة والسلام- لما قدم له الخوان وعليه الضب لم يأكل، فهل المانع له من الأكل كونه على خوان، أو كونه ضباً؟ طالب:. . . . . . . . . وثبت في الصحيح أن النبي -عليه الصلاة والسلام- ما أكل على خوان، ولا على سكرجة في البخاري، نعم، معروف الخوان أيش هو، الخوان أيش هو؟ طاولة، كالماسات اللي يأكلون عليها الناس الآن، النبي -عليه الصلاة والسلام- ما أكل على خوان .. والسكرجة أيش؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . .

إناء مرتفع عن الأرض، يعني يشبه الصينية التي تكون على شبه أعمدة، نعم، فالنبي -عليه الصلاة والسلام- ما أكل على هذا ولا هذا، وإنما أكل على الأرض؛ تواضعاً منه -عليه الصلاة والسلام- وهذا .. ، هل هذا يقتضي المنع من الأكل على الخوان والسكرجة؟ هل في هذا اقتداء أو ليس فيه اقتداء؟ شوف عكس ما سبق من اعتماد الفعل والاقتداء والائتساء به -عليه الصلاة والسلام- كونه ما فعل النبي -عليه الصلاة والسلام- يقول: ((أنا لا آكل متكئاً))، وهنا لم يأكل على خوان. الصحابة ما فهموا من ذلك الامتناع، ولذا أكلوا على الخوان، لما توسعوا في أمور دنياهم أكلوا على الخوان -أكلوا الماسات- فدل على أنه .. ، لا شك أن من اقتدى به -عليه الصلاة والسلام- وتواضع يؤجر من هذه الحيثية كونه تواضع، نعم، كونه تواضع يؤجر على ذلك. مثال ذلك أيضاً: إقرار الحبشة: كانوا يلعبون في المسجد، فأقرهم النبي -عليه الصلاة والسلام- من أجل التأليف على الإسلام، كما في حديث عائشة -رضي الله تعالى عنها- قالت: "رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوماً على باب حجرتي والحبشة يلعبون بحرابهم في المسجد، كان في يوم أيش؟ عيد، كان في يوم عيد، فأقرهم النبي -عليه الصلاة والسلام- ليعلم الناس، أو ((ليعلم يهود أن في ديننا فسحة))، وليس من هذا الإقرار التوسع الذي يعمله الناس اليوم في الأعياد من مزاولة المحرمات وترك الواجبات؛ ليعلم الناس أن في ديننا فسحة مما هو مباح، كونهم يعلبون بالحراب لا بأس، لكن أن يزيد الأمر على ذلك بارتكاب محظورات أو ترك مأمورات فلا؛ المعبود واحد، في العيد وفي غير العيد، يعني رب العشر من رمضان، هو رب العشر من شوال؛ واحد. نعم الأوقات تتفاوت وتتفاضل وليس معنى هذا أن الوقت المفضول تزاول فيه المنكرات والمحرمات، لا، بل مزاولة المحرمات بعد الأوقات الفاضلة والأعمال الصالحة قرائن على عدم القبول، نسأل الله السلامة والعافية.

كثير من الناس يتجاوز في أيام العيد، ويخرجون إلى النزهات فيتجوزون في استعمال بعض ما يمتنعون منه في غير الأعياد، وليس وجود العيد بمبرر، كون الدين فيه فسحة لا يعني أنه يعصى الله -عز وجل- لا، والله المستعان، يزداد الأمر سوءاً إذا كثرت هذه المنكرات وظهرت ولم تنكر، نسأل الله السلامة والعافية. هذا بالنسبة إلى ما فعل في مجلسه -تحت رؤيته ونظره-. إذا فعل في وقته .. ، هنا يقول المؤلف: وما فعل في وقته في غير مجلسه وعلِم به، ولم ينكره فحكمه حكم ما فعل في مجلسه: عندنا مسألة -مسألة إقرار- إما أن يفعل في مجلسه تحت نظره -عليه الصلاة والسلام- أو لا، الذي لا يفعل في مجلسه، نعم، إما أن يعلم به أو لا، وهذا الفعل أيضاً إما أن يكون في عصره أو لا، لكن الذي ليس في عصره مما لم ينص على عصره لا نقول: نجزم بأنه ليس في عصره، لا، إذا جزمنا بأنه ليس .. ، لا يدخل .. ، لكن إما أن ينص على أنه في عصر النبي -عليه الصلاة والسلام- أو لا ينص على أنه في عصره بس؛ يقول الصحابي: "كنا نفعل"، "كنا نقول" من غير تنصيص على العصر النبوي. ما فعل في وقته -عليه الصلاة والسلام- في غير مجلسه وعَلم به ولم ينكره، فحكمه حكم ما فعل في مجلسه، كعلمه -عليه الصلاة والسلام- بحلف أبي بكر -رضي الله عنه- أنه لا يأكل الطعام في وقت غيظه وغضبه على الضيوف وأهل بيته، ثم أكل بعد ذلك لما رأى أن ذلك خير -كما يؤخذ من رواية مسلم- أقره النبي -عليه الصلاة والسلام- على حلفه في حال الغضب وأكله.

مثاله أيضاً: قصة معاذ -رضي الله عنه- حيث كان يصلي العشاء مع النبي -عليه الصلاة والسلام- ثم ينصرف إلى قومه ويصلي بهم، معاذ يصلي العشاء مع النبي -عليه الصلاة والسلام- ثم ينصرف إلى قومه فيصلي بهم، صلاته مع النبي -عليه الصلاة والسلام- فريضة، وصلاته بقومه نافلة، الأصل عدم الاختلاف على الإمام، هذا الأصل؛ ((إنما جعل الإمام ليؤتم به، فلا تختلفوا عليه))، وكونه يصلي نافلة وهم يصلون فريضة هذا اختلاف، هذا اختلاف، لكن هذا الاختلاف من فعل معاذ اكتسب الشرعية من أيش؟ من إقرار النبي -عليه الصلاة والسلام- بعد اطلاعه، كيف اطلع النبي عليه الصلاة والسلام؟ لما شكي معاذ، كان يطيل بهم فشكي إلى النبي عليه الصلاة والسلام. إذا لم يذكر علم النبي -عليه الصلاة والسلام- إذا لم يذكر: "فعلنا"، "أكلنا"، "كانوا يفعلون"، "كانوا يفضلون"، إلى آخره، مع عدم التصريح بعلم النبي -عليه الصلاة والسلام- دون ما ذكر بلا شك والخلاف فيه أقوى، دون ذلك إذا لم يذكر علمه -عليه الصلاة والسلام- بذلك، لكن الصحابة يستدلون بذلك لمسائل الخلاف، كقول جابر -رضي الله عنه-: "كنا نعزل والقرآن ينزل" [متفق عليه]، يعني هل هذا في عصر النبي -عليه الصلاة والسلام-؟ نعم، في عصر النبي –صلى الله عليه وسلم- بدليل قوله: "والقرآن ينزل"، لكن هل فيه شيء يشير أو يدل على أن النبي -عليه الصلاة والسلام- يعلم بذلك؟ ليس فيه شيء من ذلك. وقوله: "كنا نأكل لحم الخيل على عهد النبي صلى الله عليه وسلم"، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . هذا فيه تصريح، هذا فيه تصريح فلا يكون فيه شاهد، لكن المتفق عليه ما فيه .. ، الرواية التي في الصحيحين ما فيها. قوله: "كنا نأكل لحم الخيل على عهد النبي عليه الصلاة والسلام"، في رواية: "ذبحنا فرساً على عهد النبي عليه الصلاة والسلام" [الحديث رواه النسائي وابن ماجة وغيرهما].

إذا لم يصرح بأن النبي -عليه الصلاة والسلام- اطلع على ذلك، فالحافظ العراقي -رحمه الله تعالى- في شرح ألفيته يقول: الذي قطع به الحاكم وغيره من أهل الحديث وغيرهم، أن ذلك من قبيل المرفوع، من قبيل المرفوع، يعني ولو لم يذكر أن النبي -عليه الصلاة والسلام- اطلع على ذلك؛ لأن قول جابر يشير إلى أن الوحي لا يقر على الخطأ. إذا كان الرسول -عليه الصلاة والسلام- لا يعلم الغيب، نعم، الرسول لا يعلم الغيب؛ "عَمل عُملٌ، أو فعل فعل، بغير حضرته فهو لا يعلم الغيب، الرسول لا يعلم الغيب، لكن هل يتصور أن الوحي يقر على الخطأ، والقرآن ينزل؟! "كنا نعزل والقرآن ينزل"، ولو كان مما ينهى عنه لنهى عنه القرآن، بهذا استدل الصحابي. يقول الحافظ العراقي في هذا النوع: "فالذي قطع به الحاكم وغيره من أهل الحديث وغيرهم أن ذلك من قبيل المرفوع"، وصححه الأصوليون الرازي والآمدي وأتباعهما. قال ابن الصلاح: وهو الذي عليه اعتماد؛ لأن ظاهر ذلك مشعر بأن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- اطلع على ذلك وقررهم عليه، وتقريره أحد وجوه السنن المرفوعة؛ فإنها أقواله وأفعاله وتقريره وسكوته -سكوته عن الإنكار بعد اطلاعه- قال: ابن الصلاح: وبلغني عن البرقاني -ويضبط بتثليث الباء- أيش معنى تثليث الباء؟ طالب:. . . . . . . . . الحركات الثلاث. وبلغني عن البرقاني أنه سأل الإسماعيلي عن ذلك فأنكر كونه من المرفوع، أنكر كونه من المرفوع: يعني مثل قول الصحابي أيش؟ "أمرنا"، خالف أبو بكر الإسماعيلي في كونه من المرفوع؛ لأن الآمر يحتمل أن يكون النبي -عليه الصلاة والسلام- ويحتمل أن يكون غيره، لكن الجمهور على أنه من قبيل ما رفع. قلت: قال الحافظ العراقي: أما إذا كان في القصة اطلاعه فحكمه على الرفع إجماعاً، إذا كان في القصة ما يدل على إطلاعه فحكمه الرفع إجماعاً، كقول ابن عمر -رضي الله عنهما-: "كنا نقول -ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- حي-: "أفضل هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر وعمر وعثمان، ويسمع ذلك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فلا ينكره" [رواه الطبراني في الكبير، والحديث في الصحيح، لكن ليس فيه اطلاع النبي -عليه الصلاة والسلام- على ذلك بالتصريح].

ثم قال الحافظ العراقي -رحمه الله-: وإن لم يكن مقيداً بعصر النبي -صلى الله عليه وسلم- فليس من قبيل المرفوع: لم يكن مقيداً بعصر النبي -عليه الصلاة والسلام- فليس من قبيل المرفوع عند ابن الصلاح، تبعاً للخطيب، فجزما أنه من قبيل الموقوف، لكن الرازي -وقبله الحاكم- جعلاه من قبيل المرفوع، ولو لم يقيده بعهد النبي -عليه الصلاة والسلام-. قد يقول قائل: أيش علاقة الرازي والآمدي وغيرهما من أهل الأصول بهذه المباحث، كونه يحكم بأنه مرفوع أو موقوف؟ طالب:. . . . . . . . . لا، هذه المسألة أخص من مسألة الحجية، أخص. هل الرازي يرجع إليه في مثل هذا الأمر كون الخبر مرفوعاً أو موقوفاً، هل يحكم برفعه إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- أو بوقفه، مثله الآمدي وهو بعيد كل البعد من علوم الأثر؟ الغزالي أيضاً وبضاعته في هذا العلم مزجاة، كيف يتداول أهل العلم أقوال مثل هؤلاء، في هذه المسائل؟ ولذا يعتب كثير من المنتسبين إلى هذا الفن -أعني الأثر- إدخال أقوال مثل هؤلاء في كتب علوم الحديث؛ يقولون: لا علاقة لهم؛ يصرحون بأن بضاعتهم مزجاة. الآمدي في ترجمته اتهم بأنه لا يصلي، والرازي معروف وضعه -موقعه من السنة وأهلها- نعم، فكيف تذكر أقوال مثل هؤلاء؟ يعني هل مرد كونه مرفوعاً أو موقوفاً نص شرعي، أو نظر؟ نحرر المسألة الآن: الآن دعاوى تلقى بين طلاب العلم بقوة، يقول: كيف نعتمد قول الغزالي وهو يقول: "بضاعتي في الحديث مزجاة"، كيف نعتمد قول الرازي وكلامه في السنة وأهلها معروف، كيف نعتمد الآمدي وفي ترجمته ذكر أشياء -ذكر عظائم- وإن كان كثيراً منها لا يثبت. أقول: التفريق في هذه الأمور كونه مرسلاً أو موصولاً، كونه موقوفاً أو مرفوعاً، هل هذا يترتب أو ينبني أو يستنبط من أثر وخبر، الذي نقول: هم بعيدون كل البعد عنه، أو هو محل نظر ودقة؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . كيف؟ طالب:. . . . . . . . . محل نظر؛ لأنه كيف يقول مثلاً: هذا من قبيل المرفوع، وهذا يقول: من قبيل الموقوف. نأتي إلى مسألة أدقّ، مسألة كون باب النبي -عليه الصلاة والسلام- يقرع بالأظافير –هكذا- اختلفوا في كونه مرفوعاً أو موقوفاًَ.

أولاً: المسائل التي يتفق عليها أهل هذا الشأن -الأئمة الكبار- لا كلام لأحد مع كلامهم، نعم، إذا حكموا بأن هذا مرفوع، ليس لأحد كلام معهم، لكن إذا اختلفوا، فتذكر أقوال مثل هؤلاء؛ يستأنس بها، نعم، وكم من قائل قال كلمة فتح الله بها آفاق -فتحت مغاليق- لا سيما إذا كانت الكلمة تدور مع النظر، وليس مردها إلى الأثر. في فهم الأثر مثلاً: ((رب مبلغ أوعى من سامع))، فهمنا مدرك المسألة الآن؟ يعني كون بابه -عليه الصلاة والسلام- يقرع بالأظافير، قال بعضهم: مرفوع، وقال بعضهم: موقوف، يعني هل هذا نحتاج إلى أن عائشة -أو غيرها من أمهات المؤمنين- تقول: هذا مرفوع، أو هذا موقوف، أو تصرح بأن النبي -عليه الصلاة والسلام- كان يسمع، فنقول: مرفوع، أو لا يسمع، فنقول: موقوف؟ نقل هكذا كان بابه يقرع بالأظافير، أيش تسوي، وأيش تقول: هذا موقوف وإلا مرفوع؟ طالب:. . . . . . . . . كيف؟ طالب:. . . . . . . . . هذا يرجع إلى النظر، هذه مسألة نظرية ليست أثرية، يعني فهمها نظري، كيف؟ كيف نقول: نظري؟ نقول: بيوتهم صغيرة، الذي يقول: مرفوع، يقول: بيوتهم عبارة عن غرفة، فيبعد ألا يسمع النبي -عليه الصلاة والسلام- هذا القرع، فيقرهم عليه، نعم. من جهة أخرى: قد يقول قائل: الظفر ماذا يفعل بالباب الذي عرضه شبر، باب من الخشب يقرع بالأظافير ويش يصنع الظفر به؛ لا يسمع الرسول –عليه الصلاة والسلام- ولكلٍ وجهه. طالب:. . . . . . . . . أنا أقول: قد يتركون، يعني كونه مما يقرع حكم به الحاكم والخطيب وغيره، أما الكبار ما لهم كلام في هذا، ما في أحد نص على أنه مرفوع أو موقوف. الأمر الثاني: أنك قد تجد مثلاً كلاماً لعلي بن المديني، وكلاماً للإمام أحمد يختلف، فتحتاج إلى مرجح، فأنت إن رجحت قول علي بن المديني ما أبعدت عن أهل الأثر، وإن رجحت قول الإمام أحمد ما أبعدت، لكن .. ، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . بدل ما نرجح من أنفسنا نحتاج إلى أحد يسندنا، هي المسألة مسألة فهوم؛ الترجيح يعتمد على أيش؟ في مثل هذه القضايا ما يعتمد على نصوص، هو في نصوص مرفوعة إلى أن هذا موقوف، أو هذا إما يحكم بوقفه أو يحكم برفعه؟

إذن المسألة مسألة نظر -دقة نظر- إحنا إذا فهمنا المدرك ما لمنا ولا ثربنا، يعني قولهم اعتبر أنه مثل قولك أنت، يعني مثل ما ترجح أنت شوف ترجيحهم وشوف حججهم، أنت اسمع من الخصم، احنا نعتبرهم خصوماً لنا، اسمع منهم، باعتبار أنهم من أهل الأثر، نعتبر هؤلاء خصوماً، اسمع كلامهم، لا سيما والسنة مبحث كبير في كتب الأصول، هل نقول لأهل الأصول: اتركوا السنة ما هي بشغلكم لا تبحثونها في كتب الأصول؟ نعم؟ مثل ما نناديهم بقوة، حينما نقول: طهروا كتبكم مما يتعلق بعلم الكلام، هذا شيء نتفق عليه، لكن هل نقول لأهل الأصول: طهروا كتبكم مما يتعلق بمباحث السنة، وله وجه يبحثون الكتاب والسنة والإجماع والقياس؟! هذا علم الأصول، ودخلوا بقوة في هذا العلم، وله عندهم دقة نظر وعندهم شفوف، فنسمع، نسمع من كل أحد، ولعل الله يفتح على يد أحد منهم ذهناً مغلقاً، نعم؛ لأن مثل ما قلت مراراً: إن الحكم بأن هذا مرفوع أو موقوف من قبل ما رفع أو ما وقف، كله من باب الفهم، الفهم. هو خبر نعم، كون الغزالي يقول: خبر ثابت أو غير ثابت، نقول: لا؛ بضاعتك مزجاة، نعم، نأتي إلى الأئمة الذين هم العمدة في هذا الباب، لكن إذا ثبت الخبر، نستنير بآراء أهل العلم، نعم، لا بد من التفريق في هذا الباب، المسألة ترى في غاية الدقة. الآن توضيح الأفكار للصنعاني، من أهل العلم من يجعله في الثريا، ليش؟ لأنه جمع بين أقوال أهل الحديث وأهل الأصول، وهذه مزية، ومنهم من قال: لا يسوى شيئاً؛ لأنه خلط علم الأثر بعلم النظر والأصول، هل هذا إنصاف؟ ليس بإنصاف؛ يا أخي اسمع، اسمع أنت أنت، وأنت تتحدث عن هذا الموضوع في مسألة نعم، يقول: احتمال أن يكون الآمر -مثلاً خلي المسألة بين المحدثين- قول الصحابي: "أمرنا" أو "نهينا": جماهير أهل العلم على أنه من قبيل المرفوع، لماذا؟ لأن الصحابي ما يمكن أن يقول: "أمرنا" أو "نهينا" في مسائل شرعية والآمر غير النبي -عليه الصلاة والسلام-.

أبو بكر الإسماعيلي وهو إمام في هذا الباب -في هذا الشأن- نعم، إمام بلا منازع، يقول: موقوف؛ لاحتمال أن يكون الآمر والناهي غير النبي -عليه الصلاة والسلام- فنحن نحتاج في فهم هذا الكلام إلى من ينير للناس الطريق؛ لأن المسائل تحتاج إلى دقة نظر في مثل هذه الأمور، ومثل ما ذكرنا في قرائن الألفاظ، الإمام أبو بكر الإسماعيلي -يقول الحافظ الذهبي في ترجمته من تذكرة الحفاظ-: من عرف حال هذا الرجل جزم يقيناً بأن المتأخرين على يأس تام من لحاق المتقدمين. ما عندنا شك أن المتأخرين كلهم عالة على فتات ما يسقط من موائد المتقدمين؛ أيش عندهم المتأخرين؟ المتقدمون هم الأصل، لكن هناك مسائل تحتاج إلى دقة نظر، أما ثبوت الخبر وعدمه ما للمتأخرين سند ثبوته وعدمه إلا بواسطة المتقدمين، يبقى كيف نفهم هذه المسألة وفيها للرأي مجال، نترك لأهل الرأي مجال يفهمون المعنى، لا سيما وأنهم موجودون يعني، موجودون ويبحثون هذه الأمور بقوة ودقة، فلا ضير ولا تثريب أن توجد مثل هذه الأقوال؛ لنستفيد منها، ونقبل ما يقبل منها، ونرد ما يرد. يقول: لكن الرازي .. ، ثم قال العراقي: وإن لم يكن مقيداً بعصر النبي -عليه الصلاة والسلام- فليس من قبيل المرفوع، وعند ابن الصلاح تبعاً للخطيب، فجزم بأنه من قبيل الموقوف، فليس من قبيل المرفوع عند ابن الصلاح تبعاً للخطيب، فحيث جزم بأنه من قبيل الموقوف .. ، لكن الرازي، وقبله الحاكم جعلاه من قبيل المرفوع، ولو لم يقيده بعهد النبي -صلى الله عليه وسلم-. وقال ابن الصباغ في العدة: إنه الظاهر، ومثَّله بقول عائشة -رضي الله عنها-: "كانت اليد لا تقطع في الشيء التافه"، متى كانت؟ يعني في عهد النبي -عليه الصلاة والسلام- أو في عهد أبي بكر، أو في عهد عمر -رضي الله عنه- أو في عهد عثمان، أو في عهد علي، أو في عهد معاوية؛ لأنها تأخرت وفاتها؟؟ "كانت لا تقطع اليد في الشيء التافه"؛ يعني هذا محل نظر. أقول: للرأي فيه مجال، لكن ما يمكن عائشة تستدل بمثل هذا الكلام في حكم شرعي إلا وعندها أصل مما يحتج به، أصل مما يحتج به. ومقتضى كلام البيضاوي موافق لما قاله ابن الصلاح، ولكن الإمام -هكذا يطلقون: ولكن الإمام- أيش الإمام هذا؟

كتب الأصول عند متأخري الشافعية إذا أطلقوا الإمام أرادوا به ... ؟ طالب:. . . . . . . . . لا لا، الرازي، نعم. ولكن الإمام والآمدي لم يقيدا ذلك بعهده -صلى الله عليه وسلم- وقال به أيضاً كثير من الفقهاء كما قاله النووي في شرح المهذب، وهو قوي من حيث المعنى. يقول الحافظ العراقي في ألفيته: وقوله كنا نرى إن كان مع ... عصر النبي من قبيل ما رفع وقيل لا أو لا فذاك له ... وللخطيب قلت لكن جعله مرفوعاً الحاكم والرازي ... ابن الخطيب قلت وهو القوي المقصود أن هذا كلام ليس مرده إلى ثبوت الخبر ونفيه لنعتمد في ذلك على أهل الفن، إنما مرده هل هو مرفوع أو موقوف، يعني عمل عملاً .. ، شخص عمل عملاً أو نسب إلى جماعة كانوا يعملون أو كانوا يفعلون ولم يذكر عصر النبي -عليه الصلاة والسلام- المسألة محتملة، الاحتمال قائم، لكن نقول: إن الصحابي إذا قال: "كنا نفعل"، ويستدل بذلك في مقابلة خصم؛ ليستدل عليه في هذه المسألة، ويقرر له ثبوت هذه المسألة، لا يمكن أن يقولها إلا وعنده أصل. يقول الشيخ زكريا الأنصاري في شرحه على الألفية يقول: تحصل في المسألة ثلاثة أقوال: الرفع مطلقاً، والوقف مطلقاً، والتفصيل بين ما قيد بالعصر النبوي، وما لم يقيد به". هذه الأقوال التي ذكرها الحافظ العراقي: يقول: تحصل في هذه المسألة ثلاثة أقوال: الرفع مطلقاً: يعني سواءً نص على عصر النبي أو لم ينص، الوقف مطلقاً: يعني موقوف سواءً قلنا: في عصر النبي أو في غيره؛ لأن النبي لم يطلع عليه ... إلى آخره. التفصيل بين ما قيد بالعصر النبوي، وما لم يقيد به. يقول: وفيها أيضاً رابع -هناك قول رابع- وهو: إن كان الفعل مما لا يخفى غالباً فمرفوع وإلا فموقوف: إن كان الفعل مما لا يخفى غالباً بحيث ينشر -يعرفه الناس- مرفوعاً، إذا كان مما يخفى -صحابي يعمل مع امرأته عملاً من الأعمال- يقول: "كنا نفعل .. " هذا مرفوع وإلا موقوف؟ هذا التفصيل له وجه، أو ما له وجه؟

إذا كان مما يخفى .. ، إذا كان مما لا يخفى؛ بحيث إذا عمل عملاً إما أن يطلع عليه النبي -عليه الصلاة والسلام- أو يطلع غيره فينقله للنبي -عليه الصلاة والسلام- لكن أمر خفي بين زوج وزوجته لم يطلع عليه النبي -عليه الصلاة والسلام- ولم يطلع عليه أحد ينقله إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- لكن يبقى أنه في عصر التنزيل، ومن أدلّ الأدلة على ذلك قول: "كنا نعزل والقرآن ينزل": هذا مما يخفى، واستدلوا على أنه مرفوع؛ بكون القرآن قررهم عليه ولم ينكر عليهم. وقول خامس: وهو إن ذكر في معرض الاحتجاج فمرفوع وإلا فموقوف، يعني هذا القول الذي كانوا يفعلونه، أو هذا الفعل الذي كانوا يفعلونه مما لم يذكر فيه عصر النبي -عليه الصلاة والسلام- إن ذكره الصحابي على أساس أنه قاله على سبيل الاحتجاج، يحتج به على خصم يقرر به مسألة شرعية، إن قاله الصحابي في هذا المعرض قلنا: مرفوع؛ لأنه ما يمكن أن يستدل الصحابي ويحتج إلا بشيء تثبت به الحجية، ولا قول لأحد، أو فعل لأحد تثبت به الحجية إلا ما نسب إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-. وسابع: وهو إن قال: "كنا نرى": فموقوف، أو "كنا نفعل" أو نحوه: فمرفوع: إن قال الصحابي: "كنا نرى"، فموقوف، وإن قال: "كنا نفعل" أو نحوه، فهو مرفوع، لماذا؟ يقول: لأن "نرى" من الرأي، فيحتمل أن يكون مستنده استنباطاً لا توقيفاً؛ "كنا نرى": يعني من الرأي، أما إذا "كنا نفعل": واضح الفرق بينهما وإلا ما هو بواضح؟ واضح من حيث اللفظ. ثم محل الخلاف إذا لم يكن في القصة اطلاعه -عليه الصلاة والسلام- على ذلك وإلا فحكمه الرفع قطعاً. وبالجملة ما قيد من ذلك بالعصر النبوي حكمه الرفع، إما قطعاً أو على الأصح. يقول الناظم -ناظم الورقات-: وإن أقر قول غيره جعل ... كقوله كذاك فعل قد فعل وما جرى في عصره ثم اطلع ... عليه إن أقره فليتبع وعلى هذا نكون وقفنا على النسخ نعم، نستأنف -إن شاء الله- إذا استأنفت الدروس بعد. طالب: أؤذن يا شيخ؟ إيه أذن، إن كان هناك سؤال وإلا شيء لا بأس، اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك.

تبعاً لما ذكرناه من ذكر أقوال بعض المبتدعة في هذه العلوم، نقول: حينما يذكرها أهل العلم يذكرونها من جهة للاستئناس، ولتفنيد الخطأ منها، ما صح ومنها يستأنس به، وما له حظ من النظر يستأنس به، وما لا حظَّ له من النظر من أجل أن يفند ويرد عليه، كما يذكر أهل العلم أقوالاً في علوم الحديث، ذكروا أقوال بعض الأطباء نعم -في كتب علوم الحديث- الفقهاء يستندون إلى كلام الأطباء، في علوم الحديث احتجنا إلى كتاب الأغاني لأبي الفرج الأصبهاني، هل هو عمدة أبو الفرج؟ نعم؟ ليش؟ لأن المسألة فهم، ليست مبنية على رواية نقول: ضعيف، مسألة ترجع تعود إلى الفهم أيش معنى هذا الكلام؟ في ألفاظ الجرح والتعديل قول أبي حاتم في (جبارة بن المغلس) بين يدي عدل، هذه في ألفاظ الجرح والتعديل تذكر، لكن هل هي جرح وإلا تعديل؟ الحافظ العراقي إلى أن مات وهي تعديل عنده، كيف؟ جبارة .. ، سألت أبي عن جبارة بن المغلس فقال: بين يدي عدل، هل نقول: يرجع إلى الأغاني يا إخوان؟ كتاب الأغاني لأبي الفرج الأصبهاني كتاب خسيس خبيث، لكن احتجنا له في هذه المسألة. الحافظ العراقي مضى على أنها تعديل، وكان يقرؤها بين يديَّ عدلٌ. في كتاب الأغاني قصة لطاهر، وطاهر اسمه القائد، أيش اسمه؟ قائد من قواد الرشيد؟ طالب:. . . . . . . . . نعم؟ طالب:. . . . . . . . . أيش اسمه؟ ابن طاهر. طالب:. . . . . . . . . فالرشيد له ولد اسمه إبراهيم، نعم، فكان طاهر على المائدة، فجاء إبراهيم أخذ هندباد -إما كوسة وإلا قرعة وإلا شيئاً- فضرب بها طاهر، نعم، فأصابت إحدى عينيه، وطاهر أعور، وأصابت السليمة، نعم، فشكاه إلى أبيه فقال: ضرب السليمة والأخرى بين يدي عدل، وأيش يستفاد منها؟ الأخرى وأيش هي؟ تالفة، فنستفيد من هذا أن معنى قوله: بين يدي عدل: تالف شديد الضعف، الآن احنا اعتمدنا على أبي الفرج، وإلا اعتمدنا -أخذنا من القصة- فهمنا من مجموع القصة؟ طالب:. . . . . . . . . ذهبنا نبحث عما وراء هذه القصة، أيش معنى العدل؟ هل نذهب في العدل أنه مصدر عدل يعدل عدالة فهو عدل إلى آخره؟!

لا ما نبحث عن هذا، وقد قيلت لعين عوراء، نبحث عن معانيها الأخرى، فنجدهم يقولون -كما في أدب الكاتب لابن قتيبة- يقول: العدل، شخص اسمه العدل، وكان هذا الرجل على شرطة تُبَّع، وأين تُبَّع؟ احتجناه في علوم الحديث تبع، واحتجنا الأغاني واحتجنا أدب الكاتب ليش؟ نعم؟ لكي نفهم هذا الإطلاق وهذا الاصطلاح الذي أطلقه أهل العلم، لا اعتماداً أصلاً على هذه الكتب؛ لأننا لا نعتمدها في إثبات ونفي، قد نعتمدها أو نستفيد منها في فهم. الآن العدل كان على شرطة تبع، وكان إذا أراد تبع أن يقتل أحداً سلمه إلى هذا الرجل الذي اسمه العدل -عدل الشرطة، رئيس الشرطة- وأيش يقولون الناس؟ بين يدي عدل، بين يدي عدل وأيش با يسوي به هذا عدل؟ يبى بيقتله، إذن بين يدي عدل يعني محكومٌ عليه بالهلاك. الآن يا إخوان استفدنا من الأغاني، ومن أدب الكاتب، ومن كذا وإلا ما استفدنا؟ استفدنا، فالحافظ العراقي حينما فهم عن قولهم: "بين يدي عدل" أنها تعديل، وكان ينطقها هكذا: "بين يديَّ عدل"، ما له إلا هو؛ الظاهر، من يبي تجي على باله أن هذه تجريح، بل تجريح شديد، وهذا لفظها، لولا هذه القصص التي وجدت في هذه الكتب التالفة، كم من قصة حصلت لشخص من عامة الناس فتحت آفاقاً، فيستفاد منها، والحكمة ضالة المؤمن. فعرفنا أن معنى قوله: "بين يدي عدل" أنه تالف هالك شديد الضعف، طيب، هل يكفي هذا الفهم لأن نحكم على هذا الرجل بأنه تالف؟ يكفي وإلا ما يكفي؟ نحتاج إلى ما يؤيده -يؤيد هذا الكلام- هذه قرينة قوية، ننظر في أقوال أهل العلم في هذا الرجل نجدها كلها تضعيف، كلهم ضعفوه ما وثقه ولا واحد، إذن نقول: المصيبة الحافظ العراقي وإلا غيره؟ غيره قطعاً، قد يقول قائل: انتم اعتمدتم على الأغاني، والأغاني كتاب شخص فيه .. ، كتاب مملوء بالمجون ولا عمدة .. ، نقول: احنا ما اعتمدنا على الأغاني، إذا قال صاحب الأغاني حدثنا قلنا: اضرب به عرض الحائط، لكن استفدنا في فهم هذا الجملة، ومثل ذلك نقول: نستفيد من الكتب التي فيها شيء من الخلط، لكن يبقى أن الاستفادة والإفادة مقصورة على من يميز بين الحق والباطل.

السخاوي له كتاب اسمه (الأصل الأصيل في الإجماع على تحريم النقل من التوراة والإنجيل) قد يقول قائل: شيخ الإسلام نقل من الإنجيل حينما رد على النصارى، هل نقول: إن شيخ الإسلام خالف؟ احتاج ... ، كتب المبتدعة الآن اللي مملوءة الأسواق بها. نقول للطالب المتأهل الذي في نيته تفنيد هذه المخالفات أن يقرأ في هذه الكتب، لكن الطالب غير المتأهل ليس له ذلك، هذا فيما يسيء إلى الدين، هات ما يسيء إلى الخلق مثلاً. الطالب المتأهل نقول: كتاب المحلى لابن حزم من أنفع الكتب له؛ لأنه كتاب اعتمد على الأثر، وفيه براعة الكتاب، لكن طالب مبتدئ نقول له: اقرأ في المحلى، وأيش يتعود، وأيش يتعلم؟ يتعلم سلاطة اللسان، يتعلم سلاطة اللسان، ولذلك الطالب غير المتأهل لا يقرأ في هذه الكتب لا الأغاني، لا .. ، هذه الكتب التي مرت بنا، لا يقرأها، يعني حينما يقول: وبهذا قال مالك، فأين الدين، بهذا قال أبو حنيفة: وهذا لا يساوي رجيع الكلب، يصلح طالب علم يربى على هذه الجمل؟ أبداً، لكن طالب متمكن يدرك الصواب من الباطل الحق من الخطأ، نعم، لا مانع أن يقرأ في هذه الكتب، نعم في شيء؟ كم باقي على الإقامة؟ طالب:. . . . . . . . . لا لا، لا لا، (أدب الكاتب) كتاب نفيس نافع، فيه شيء من الأوهام اليسيرة، لكن نافع، نافع جداً، لا، لا ما يبين النسبة، ما يبين النسبة، الآن صار له ربع من. . . . . . . . . 1: 14: 28أو أكثر؟ طالب:. . . . . . . . . يرجع إلى متنه وإلا إلى سنده؟ طالب:. . . . . . . . .

أقول: هذه مسائل اختلف فيها الأئمة، نعم، وإذا وجد الخلاف بين الأئمة فالترجيح شيء مدرك، شيء مدرك الترجيح يدركه .. ؛ هي مسألة ترجيح، ما هي مسألة اعتماد على كلامهم، فأيضاً كون الفقهاء يفهمون من هذا الخبر فهماً .. ، دعنا من قضايا الإسناد؛ قضايا الإسناد لأهل الحديث، يبقى متن الحديث لا شك أن لهم اعتباراً؛ رجال عقلاء يفهمون؛ أهل نظر، أهل دقة، ولذا يقول ابن حبان -وإن كان الكلام ليس على إطلاقه-: حديث يتداوله الفقهاء أفضل من حديث يتداوله الشيوخ"؛ لأن الفقهاء لهم دقة نظر في المتون، ولذا شاع على ألسنة الناس في العصور الوسطى أن الفقهاء هم الأطباء، الفقهاء هم الأطباء، وأهل الحديث صيادلة، لكن هذا الكلام ليس بصحيح؛ أهل الحديث هم الفقهاء، وهم المعول عليهم في الإثبات والاستنباط، والله أعلم وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أولاً: هنا تنبيه: وهو أنه في الإعلان أعلن في مثل هذا اليوم أن يكون للورقات، الأجرومية، الرحبية، وهذا يوحي أو يفهم منه أن الثلاثة الكتب تشرح في آن واحد -في وقت واحد- وفاتنا أن نذكر في الإعلان حرف العطف (ثم)؛ الأصل أن تكمل الورقات، ثم نبدأ بالأجرومية، ثم بعد ذلك الرحبية، أما قراءة ثلاثة كتب في آن واحد في مغرب .. ، على هذا نستمر ما ننتهي، لكن بدلاً من أن نجدد الإعلان كلما انتهى كتاب، وندفع الكتب الثلاثة دفعة واحدة، ونذكرها في الإعلان بدلاً من أن نجدد الإعلان؛ لأنه متوقع أنه في نهاية هذا الفصل تكون الورقات انتهت -إن شاء الله تعالى- الورقات تكون انتهت؛ لأننا أخذنا النصف فأكثر، ثم بعد ذلكم نشرح -بإذن الله تعالى- الأجرومية ثم الرحبية، إذا انتهت المتون الثلاثة -إن شاء الله تعالى- إن كان في العمر بقية ننتقل منها إلى متون أخرى بطريقة نتلافى فيها كثرة الإعلانات، يعني لو انتهينا في نهاية الفصل هذا من الورقات اضطررنا إلى أن نكتب إعلاناً جديداً للكتاب الجديد، بدلاً من ذلك نزلنا الكتب الثلاثة دفعة واحدة.

ولئلا يكون أيضاً للاضطراب مجال، هذه الكتب اتفق عليها سابقاً أنها تبدأ مرتبة هكذا؛ لئلا يقترح أحد لماذا لا نبدأ بكذا؟ لماذا لا يقدم كذا؟ نقطع الخط على مثل هذه التساؤلات، فدفع الإيهام الذي يحتوي عليه الإعلان قدمنا بهذه المقدمة والكل فهم -إن شاء الله تعالى- لأنه يكثر السؤال يمكن بعض الإخوان جاء بثلاثة كتب، جاء بالكتب الثلاثة، الورقات والأجرومية والرحبية، وليس هذا هو المراد، لكن غاية ما هنالك أن حرف العطف (ثم) ترك، وإن كان مراداً ... ، نتابع ما وقفنا عليه في الورقات أظن وقفنا على النسخ، سم. بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فقد قال المؤلف -رحمه الله تعالى-: وأما النسخ: فمعناه الإزالة، يقال: نسخت الشمس الظل إذا أزالته، وقيل: معناه النقل من قولهم: نسخت ما في هذا الكتاب: إذا نقلتَه: نسخت ما في هذا الكتاب إذا نقلتَه، إذا نقلته بأشكال كتابته. وحده: الخطاب الدال على رفع الحكم الثابت بالخطاب المتقدم على وجه لولاه لكان ثابتاً مع تراخيه عنه، ويجوز نسخ الرسم وبقاء الحكم، ونسخ الحكم وبقاء الرسم، ونسخ الأمرين معاً. وينقسم النسخ إلى بدل وإلى غير بدل، وإلى ما هو أغلظ وإلى ما هو أخف، ويجوز نسخ الكتاب بالكتاب، ونسخ السنة بالكتاب، ويجوز نسخ المتواتر بالمتواتر، ونسخ الآحاد بالآحاد وبالمتواتر، ولا يجوز نسخ المتواتر بالآحاد. الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، النسخ: يطلق في اللغة ويراد به الإزالة والرفع، كما يقال: نسخت الشمس الظل إذا أزالته ورفعته بانبساط ضوئها، ونسخت الريح الأثر إذا أزالته عن الأرض، يقول -جل وعلا-: {فَيَنسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ} [(52) سورة الحج]: يعني: يزيله ويذهبه.

يطلق أيضاً النسخ ويراد به النقل، كذا قالوا، والمثال لا يسعف، المثال الذي مثل به المؤلف لا يسعف على إرادة النقل؛ يقول هنا: وقيل: معناه النقل من قولهم: نسخت ما في هذا الكتاب إذا نقلته، نعم، هو يقول: نسخت، وهذا الكتاب نسخة من كتاب كذا، ومنسوخ من كذا، هذا مستعمل لكن هل معناه النقل؟ نعم يريدون به النسخ، يفسرون مثل هذا النسخ بالنقل، لكن ما مقتضى النقل حقيقة، ما مقتضى حقيقة النقل، نقل الجرم من حيز إلى حيز، يعني إذا افترضنا أن هذه القارورة موجودة هنا ونقلناها إلى جهة اليمين، هذا النقل حقيقته، يعني النقل انتقال الجرم من حيز إلى حيز، لكن هل النسخ بمعنى النقل، يراد به هذا؟ بعضهم يريد أن يخلص من هذا الإشكال، يقول: يطلق على ما يشبه النقل. المقصود أن النقل المراد به الانتقال، الانتقال أو نقل الحيز من .. ، أو نقل الجرم من حيز إلى آخر، فهل إذا نسخنا الكتاب معناه أننا نقلنا الحروف من هذا الكتاب إلى كتاب آخر؟ يعني الكتاب الأول الذي نسخنا منه ونقلنا منه الكلام، مقتضى النقل الحقيقي أن يكون الكتاب الأول دفتر ما فيه كتابة، نقلنا الكتابة منه، أليس هذا مقتضاه؟ لا شك أن إطلاق النسخ على النقل تجوُّز، وإطلاق النقل على نسخ الكتاب تجوُّز أيضاً، وإلا فالنسخ هنا يراد به إيجاد المثل، النسخ في هذا المثال الذي أورده إيجاد المثل، يعني إذا قيل: ما عندك من العلم نسخة مما في مؤلفات فلان، يعني لو افترضنا شخصاً اعتنى بكتب شيخ الإسلام، واستظهر جميع ما فيها، قلنا: فلان نسخة لما في كتب شيخ الإسلام، فهل معنى هذا أن جميع ما في كتب شيخ الإسلام انتقل إلى ذهنه فصار حاضراً فيه؟ لا؛ ولا شك أن مثل هذا التعبير فيه تجوُّز. يقول: وقيل معناه النسخ من قولهم: نسخت ما في هذا الكتاب إذا نقلتَه: من قولهم: يناسب قوله: من قولهم إذا أتى بـ (إذا) أو نقول: من قولك: نسخت ما في هذا الكتاب إذا نقلتَه؟ أولاً نقلتُه أو نقلتَه؟ طالب:. . . . . . . . . ليش؟ طالب:. . . . . . . . . إيه بـ (إذا)، إذا نقلتَه، لكن لو جئنا بـ (أي) نسخت ما في هذا الكتاب أي: نقلتُه، ومعروف الفرق بين (إذا) و (أي).

يقول: يطلق ويراد به النقل -كما قال المصنف- من قولهم: نسخت ما في الكتاب إذا نقلته: وإن خالف النقل من جهة أن النقل يراد به انتقال المنقول عن الحيز، بخلاف نسخ الكتاب فإنه لا يقتضي نقل المنسوخ عن حيزه، بل يبقى الأصل؛ لأن ما في الكتاب لا ينقل حقيقة، وإنما يوجد مثله ونظيره، يقول تعالى: {إِنَّا كُنَّا نَسْتَنسِخُ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} [(29) سورة الجاثية]. في مختصر التحرير يقول: النسخ حقيقة في الإزالة مجاز في النقل، وفي قرة العين .. ، عندكم شرح الورقات نقل عن بعضهم قولاً ثالثاً: أنه حقيقة في النقل مجاز في الإزالة، عكس ما في مختصر التحرير. عند من يقسم الكلام إلى حقيقة ومجاز قد يقول مثل هذا الكلام، لا سيما وأن النقل ليس بنسخ حقيقي، أو النسخ ليس بنقل حقيقي، لكن الذي ينفي وجود المجاز يقول: هذا إطلاق عرفي، حقيقة عرفية عند أهل العلم، حقيقة عرفية يطلقون نسخ ما في الكتاب وإيجاد صورة منه على ما يشبه النقل، فأيهما أولى ما في مختصر التحرير أنه حقيقة في الإزالة مجاز في النقل، أو العكس كما نقله الحطاب في قرة العين عن بعضهم؟ نقل في قرة العين قولاً ثالثاً أنه حقيقة في النقل مجاز في الإزالة، قال: وهو بعيد؟ هاه، يعني أيش الفرق بين القولين؟ أن الاستعمال الأصلي لهذه الكلمة -يعني أن هذه الكلمة- وضعت أصلاً لأيش؟ للنقل -على كلام صاحب التحرير- للإزالة على كلام صاحب التحرير- ثم استعملت على غير الأصل في النقل، والعكس فيما نقله صاحب قرة العين. على كل حال هذا كلام تفصيله يحتاج إلى وقت. النقل في .. ، أو النسخ في الاصطلاح: النقل، في الاصطلاح حدَّه المؤلف -يعني عرفه؛ الحد التعريف- قال: وحده: الخطاب الدال على رفع الحكم الثابت بالخطاب المتقدم على وجه لولاه لكان ثابتاً مع تراخيه عنه: هنا في رفع حكم، رفع حكم ثابت بخطاب، ولا بد أن يكون هذا الرفع بخطاب أيضاً، رفع حكم ثابت بخطاب آخر متراخ عنه. وهنا يقول: حده الخطاب الدال على رفع الحكم الثابت بالخطاب: بالخطاب: جار ومجرور متعلق بأيش؟ بـ (رفع) وإلا (ثابت)؟ متعلق بالمصدر (رفع) وإلا متعلق باسم الفاعل (ثابت)؟ طالب:. . . . . . . . .

لا، تأملوا، إذا قلنا: متعلق بـ (رفع) جعلنا الرفع بالخطاب المتقدم، هل الرفع يكون بالخطاب المتقدم أو الرفع بالخطاب المتأخر؟ طالب:. . . . . . . . . نعم، إذن الرفع بالخطاب المتأخر للحكم الثابت بالخطاب المتقدم، ظاهر وإلا ما هو بظاهر، يعني إذا قلنا: بالخطاب المتقدم متعلق بالمصدر الذي هو (رفع) يترتب عليه أيش؟ أن الرفع بالخطاب المتقدم، وهذا ليس بصحيح؛ الرفع يكون بالخطاب المتأخر؛ لأن المتأخر هو الذي يرفع، والرفع لما ثبت بخطاب متقدم –المنسوخ- المؤلف حينما قال: حدُّه: يعني تعريفه، ويريد بذلك اصطلاحاً؛ لأنه انتهى من اللغة، الخطاب الدال: هذا تعريف للنسخ أو للناسخ؟ للناسخ؛ فالنسخ هو الرفع والناسخ هو الخطاب المتأخر ...

شرح متن الورقات (10)

شرح متن الورقات في أصول الفقه (10) النسخ وأنواعه والحكمة منه – الفرق بين النسخ والبداء – التعارض بين الأدلة وكيفية الجمع بينها الشيخ/ عبد الكريم بن عبد الله الخضير والرفع لما ثبت بخطاب متقدم –المنسوخ-. المؤلف حينما قال: حدُّه: يعني تعريفه، ويريد بذلك اصطلاحاً؛ لأنه انتهى من اللغة"، الخطاب الدال: هذا تعريف للنسخ أو للناسخ؟ للناسخ؛ فالنسخ هو الرفع، والناسخ هو الخطاب المتأخر، والمنسوخ هو ماثبت بالخطاب المتقدم. على كل حال تعريف النسخ يؤخذ من تعريف الناسخ؛ فالنسخ فيه رفع -فيه إزالة- وهل النسخ رفع كلي للحكم أو جزئي؟ النسخ رفع كلي وإلا جزئي؟ كلي؛ إذا كان الرفع جزئياً إما أن يكون تخصيصاً أو تقييداً، إما أن يكون تخصيصاً أو تقييداً، والنسخ يراد به الرفع الكلي للحكم. وقوله: بالخطاب: أي يرفع ما ثبت حكمه بخطاب -بنص من الكتاب أو من السنة- لا ما ثبت بالبراءة الأصلية -أي عدم التكليف بشيء، قبل ورود الخطاب -قبل أن يرد الخطاب في الأعيان المنتفع بها- لها حكم، يعني هل معنى هذا أن الصحابة لما بعث فيهم النبي -عليه الصلاة والسلام- تعطلوا عن كل شيء -عن عمل أي شيء- حتى نزلت الخطابات أو استمرت حياتهم على ما كانوا عليه؟ نعم، ثم نزلت النصوص تقر ما يُقر وترفع ما لم يقر، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . استمروا على ما كانوا عليه من مزاولة الأعيان المنتفع بها، لكن من هذه الأعيان ما نزل الخطاب مؤيداً للاستمرار، ومنها ما لم ينزل فيه شيء البتة، فبقي على البراءة، ومنها ما نزل الخطاب بخلاف ما دلت عليه البراءة الأصلية -بالنقل أو بالانتقال عن البراءة الأصلية- فالخطاب الأول الذي رفع ما دلت عليه البراءة الأصلية يقال: ناسخ؟ لا؛ فلا بد أن يكون الحكم المرفوع المنسوخ ثابت بخطاب متقدم، لا يكون ثبوته بالبراءة الأصلية، هذا مفاد قوله: رفع الحكم الثابت بالخطاب.

أيضاً الرفع لا بد أن يكون بخطاب ثانٍ؛ فالنسخ من خواص النصوص؛ معروف أن الإجماع لا ينسخ ولا يُنسخ، والقياس كذلك؛ لأن النسخ من خواص النصوص، فالمنسوخ لا بد أن يكون ثابتاً بنص، والناسخ لا بد أن يكون ثابتاً أيضاً بنص، أما ما ثبت بالبراءة لا يقال له: نسخ لو نزل الحكم الشرعي بإلغائه، كما أن غير النصوص لا يمكن أن ينسخ به، فالإجماع لا ينسخ ولا يُنسخ، لكن قد يستدل أهل العلم بالإجماع على ترك العمل بخطاب ثابت، قد يستدل أهل العلم بالإجماع على ترك حكم ثابت بدليل شرعي على وجود ناسخ ولو لم نطلع عليه؛ هناك أحاديث صحيحة أجمع أهل العلم على عدم العمل بها، هل يكون الإجماع ناسخاً لهذا الدليل؟ النسخ من خواص النصوص، كيف يجمع أهل العلم على ترك عمل بخبر ثابت؟ قالوا: لابد أن يوجد ناسخ، ولو لم نطلع عليه؛ إذ الأمة لا تجمع على ضلالة، فعلى سبيل المثال: الجمع بالمدينة من غير سبب، يقول النووي: "دل الإجماع على نسخه". قتل المدمن: يقول الترمذي: "أجمع أهل العلم على ترك العمل به"، يعني هل تركه أهل العلم معاندة، قالوا: ما يصلح ولا يناسب العصر ولا .. ؟ لا؛ لا بد أن يكون لهذا الإجماع مستندٌ، فالإجماع يدل على وجود ناسخ ولا ينسخ به. على كل حال الخلاف في المسألتين معروف، وإن قال الترمذي: إنه ليس في كتابه مما أجمع على تركه سوى هذين الحديثين يعني حديث ابن عباس في الجمع بالمدينة، وحديث معاوية في قتل الشارب. بخطاب: الرفع لا بد أن يكون بخطاب، فيخرج ما رفع حكمه تبعاً لرفع التكليف، يقصد بذلك ما رفع فيه الحكم تبعاً لرفع التكليف، إما بموت أو جنون، شخصٌ جُنَّ، هل نقول: نسخت الصلاة؛ لأن الحكم ارتفع؟ جن شخص أو مات، نقول رفع التكليف بالصلاة؛ لأن الحكم ارتفع عنه؟ نعم الحكم ارتفع عنه، لكن بغير نص، وارتفع عنه -ارتفاع مناط التكليف- ارتفع مناط التكليف فارتفع التكليف. كذلك يخرج به الأحكام الموقتة بوقت: المنع من البيع بعد النداء يوم الجمعة، هل نقول: إنه بعد الصلاة ينسخ الحكم؟ أو نقول من الأصل: هذا حكم مؤقت في هذا الوقت يرتفع بارتفاعه، فليس هذا من النسخ؟

أيضاً تحريم الصيد: {صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا} [(96) سورة المائدة]: لا يقال فيه: إنه منسوخ بقوله -جل وعلا-: {وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُواْ} [(2) سورة المائدة]؛ لأن هذا حكم موقوت. من ذلكم الجزية: في الصحيح - صحيح مسلم- من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((والذي نفسي بيده، ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم -صلى الله عليه وسلم- حكماً مقسطاً، فيكسر الصليب ويقتل الخنزير، ويضع الجزية، ويفيض المال حتى لا يقبله أحد)): المقصود أنه يضع الجزية، الجزية حكم شرعي ثابت بنص شرعي، هل نقول: إن عيسى –عليه السلام- ينسخ هذا الحكم؟ أو نقول: إن الحكم الشرعي -وهو أخذ الجزية من أهل الكتاب- موقوت إلى نزول عيسى عليه السلام؟ الآن ظاهر المثال وإلا ما هو بظاهر؟ طالب:. . . . . . . . . نعم؟ طالب:. . . . . . . . . دليل أيش؟ طالب:. . . . . . . . . أيوه. طالب:. . . . . . . . . إيه؟ طالب:. . . . . . . . . طيب، دليل على التوقيت لا على الرفع، دليل على أن هذا الحكم موقوت إلى نزول عيسى؛ لأن الشريعة استقرت بوفاته -عليه الصلاة والسلام- بعد وفاته لا ناسخ ولا منسوخ، استقرت، لكن أخبرنا أن هذا الحكم مؤقت، يعني مثل ما يقال: البيع بعد النداء الثاني من صلاة الجمعة، تحريمه مؤقت إلى الصلاة، أيضاً .. ، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . صيام؟ طالب:. . . . . . . . . أيش فيه؟ طالب:. . . . . . . . . يعني في وقت من الأوقات يجوز صيام يوم العيد؟ طالب:. . . . . . . . . الكلام وأيش فيه؟ الكلام في شيء حرم في وقت دون وقت، هذا المحرم -هذا لو افترضنا أنه لو جاء ما يدل على أن صيام العيد حرام إلى سنة كذا، نقول: هنا موقوت، انتهى توقيته- على كل حال فروع هذه المسألة كثيرة. الإمام النووي -رحمه الله- أيش يقول في حديث وضع الجزية؟

يقول: معناه أن عيسى -عليه السلام- لا يقبل إلا الإسلام، فعلى هذا قد يقال: هذا خلاف حكم الشرع اليوم، فإن الكتابي إذا بذل الجزية وجب قبولها ولم يجز قتله ولا إكراهه على الإسلام، وجوابه أن هذا الحكم ليس بمستمر إلى يوم القيامة؛ وهو مقيد بما قبل عيسى -عليه السلام- وقد اخبرنا النبي -صلى الله عليه وسلم- في هذه الأحاديث الصحيحة بنسخه، وليس عيسى -عليه السلام- هو الناسخ بل نبينا -عليه الصلاة والسلام- هو المبين للنسخ. الحقيقة أنه مبين للوقت الذي ينتهي به هذا الحكم، وإلا حقيقة النسخ: هو رفع الحكم، بل نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- هو المبين للنسخ؛ فإن عيسى يحكم بشرعنا، يحكم بشريعة محمد -عليه الصلاة والسلام- فدل على أن الامتناع من قبول الجزية في ذلك الوقت هو شرع نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- كذا قال. وعرفنا أن مثله هذا مغياً بغاية وهي نزول عيسى -عليه السلام- ومثله المنع من البيع في يوم الجمعة إلى انتهاء الصلاة بعد الأذان، ومثله أيضاً تحريم صيد البر مادام الإنسان محرماً حتى يحل. طالب:. . . . . . . . . دفع الجزية هل .... ؟ هو بمجرد نزوله لا يقبل الجزية؛ خلاص تلتغي الجزية بنزول عيسى -عليه السلام-. قوله: مع تراخيه عنه: أي مع مضي مدة يُتمكن فيها من الفعل أو العزم عليه، مع مضي مدة يتمكن فيها من الفعل أو العزم عليه، وهذا يخرج ما إذا كان الرافع غير متراخ بل كان متصلاً بالنص فلا يكون حينئذ نسخاً، بل يكون بياناً للشرط والصفة والاستثناء. يقول الناظم -رحمه الله تعالى-: النسخ نقل أو إزالة كما ... حكوه عن أهل اللسان فيهما وحده رفع الخطاب اللاحق ... ثبوت حكم بالخطاب السابق رفعاً على وجه أتى لولاه ... لكان ذاك ثابتاً كما هو إذا تراخى عنه في الزمان ... ما بعده من الخطاب الثاني النسخ ثابت في النصوص -ثابت شرعاً- كما أنه جائز عقلاً، النسخ في النصوص جائز عقلاً؛ لأن لله -عز وجل- أن يغير ما شاء متى شاء، ولا يسأل عما يفعل، يعني للإنسان أن يتصرف بمولاه، للسيد أن يتصرف بمولاه كيفما شاء، فيأمره بشيء وينهاه عنه، وللأب أن يأمر ابنه بشيء في يوم وينهاه عنه في يوم آخر إذا رأى المصلحة فيما انتقل إليه.

أنكر اليهود -قاتلهم الله- النسخ وتبعهم طوائف تنتسب إلى الإسلام؛ محتجين بأن النسخ يستلزم البداء، وهو محال على الله عز وجل. البداء: هو الظهور، مقتضى قولهم: إن الله -سبحانه وتعالى- حينما يغير الحكم الثابت معناه أن الله -سبحانه وتعالى- بدا له، يعني ظهر له أمر كان قد خفي عليه ثم لما بدا له غيره، هذا مقتضى قولهم، قالوا: النسخ يستلزم البداء، مقتضاه أن الله -سبحانه وتعالى- أمر بأمر، ثم ظهر له -بدا له- أن هذا الأمر غير مناسب فغيره، وقولهم باطل من وجوه: الأول: ما اتفقت عليه جميع الأمم من وقوع النسخ في الشرائع، كل شريعة تنسخ بعض ما شرع في التي قبلها، ومن أظهر ذلك: اتفاق جميع الأمم على نسخ نكاح الأخوات في زمان آدم -عليه السلام- ثم تحريمه في جميع الملل، هل يستطيع أن يقول أحد: إن هذا الحكم ثابت إلى الآن؟ نعم؟ لا يجرؤ، لا يستطيع أحد أن يقول هذا الكلام، كما أنه لا يستطيع أحد أن يقول: إنه محرم في شريعة آدم، هل يستطيع أحد أن يقول: إن هذا محرم في شريعة آدم؟ نعم؟ لا يمكن، ليش، لماذا؟ النسل، يعني لو كان محرماً انقطع النسل، كما أنه لا يستطيع أحد أن يقول: إنه ثابت إلى الآن، هذا دليل ملزم تواطأت عليه جميع الشرائع، جميع الملل. الثاني: أن اليهود وافقوا على أن شريعتهم نسخت ما قبلها؛ اليهود يزعمون أن شريعة موسى -عليه السلام- نسخت ما قبلها من الشرائع، فإذا جاز ذلك جاز أن ينسخها ما بعدها. الثالث -الفرق بين النسخ والبداء-: أن البداء هو أن يظهر له ما كان خفياً عليه، في البداء أن يظهر له ما كان خفياً عليه، والنسخ ليس كذلك، النسخ ليس كذلك، لا يلزم أن يكون نسَخَه لخفاء حكمته عليه؛ وإنما نسْخُه لأحد أمرين: إما امتحان المكلفين بمعرفة مقدار امتثالهم لهذه الأوامر والنواهي، يعني الشخص الذي ينزل عليه الحكم بالوجوب فيمتثل ويفعل، لا شك أن مثل هذا ممتثل، لكن إذا ألف هذا الحكم ووطن نفسه عليه ثم نسخ هذا الحكم إلى شيء أشدَّ مثلاً، ثم امتثل ثانية هذا يدل على أيش؟

على أن هذا المكلف يسارع ويبادر إلى الامتثال، نعم المسارعة والمبادرة تختلف من شخص إلى آخر؛ شخص من أول ما يسمع يقول: سمعنا وأطعنا، وآخر يتبرم ثم يفعل، وثالث يتبرم ولا يفعل، يعني فرق بين من أمر بذبح ابنه فتله للجبين، أيش معنى تله؟ ما تأخر ولا لحظة، فرد أُمر بذبح ابنه بِكره الفرد الوحيد، فتله للجبين، وأُمَّة بكاملها أمرت بذبح بقرة {فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُواْ يَفْعَلُونَ} [(71) سورة البقرة]، يعني فرق بين امتثال وامتثال، يعني الإنسان ينذر هواه تبعاً لما جاء به النبي -عليه الصلاة والسلام-، كل ما جاء عن النبي امتثله، فإذا نقل من حال إلى حال وامتثل بسرعة لا شك أن هذا جاز الامتحان؛ فمن حكم النسخ امتحان المكلفين والنظر في مبادرتهم وسرعة امتثالهم، وجاء مدح نساء الأنصار حينما امتثلن الحجاب بادرن بامتثال الحجاب. أيضاً هناك رعاية الأصلح للمكلفين، قد يكون هذا الحكم في وقت مناسب، لكنه لا يناسب في وقت ثان، فيراعى الأصلح؛ وهذا من فضل الله -عز وجل- على عباده، ليس واجباً عليه -كما تقوله المعتزلة، - أنه يجب عليه رعاية الأصلح، لا، بل من فضل الله -عز وجل- ورأفته بعباده أنه يراعي مصالحهم، فيوجب عليهم شيئاً في وقت؛ لأنه يناسبهم، في وقت آخر لا يناسبهم هذا الحكم فينسخه. طيب، قد يقول قائل: جاء في صحيح البخاري في كتاب أحاديث الأنبياء باب في حديث الأبرص والأعمى والأقرع في بني إسرائيل من حديث أبي هريرة –رضي الله عنه- أنه سمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((إن ثلاثة في بني إسرائيل، أبرص وأقرع وأعمى، بدا لله -عز وجل- أن يبتليهم فبعث إليهم ملكاً ... )) الحديث: في الحديث -وهذا في الصحيح فلا لأحد كلام-: ((بدا لله عز وجل أن يبتليهم))، كيف نجيب عن هذا، ونحن ننفي البداء الذي معناه ظهور ما كان خفياً على الله عز وجل؟ أيش معنى بدا؟ معنى بدا هنا أراد الله -عز وجل- إظهار ما سبق في علمه، يعني مما لم يخفى عليه، وليس المراد به أنه ظهر له ما كان خافياً؛ لأن ذلك كما قدمنا محال في حق الله تعالى.

أراد الله -سبحانه وتعالى- أن يختبر هؤلاء، أراد الله، يعني بدا لله -عز وجل- أن يختبرهم، يعني أراد الله -جل وعلا- أن يختبرهم؛ يؤيد ذلك ما جاء في البخاري نفسه في كتاب الأيمان والنذور الحديث نفسه خرجه الإمام البخاري في كتاب الأيمان والنذور: "باب لا يقول ما شاء الله وشئت، وهل يقول: أنا بالله ثم بك" من حديث أبي هريرة، الحديث نفسه، أنه سمع النبي -عليه الصلاة والسلام- يقول: ((إن ثلاثة من بني إسرائيل أراد الله أن يبتليهم فبعث ملكاً)) الحديث، فمعنى بدا في الرواية الأولى: أراد، وهو مفسر بالرواية الثانية. ثم بعد ذلك قال المؤلف -رحمه الله تعالى-: يجوز نسخ الرسم وبقاء الحكم: نسخ الرسم وبقاء الحكم، والعكس: نسخ الحكم وبقاء الرسم، والنسخ إلى بدل وإلى غير بدل، وإلى ما هو أغلظ وإلى ما هو أخف. يجوز نسخ الرسم: نسخ اللفظ، والحكم باق، ومثل لذلك بـ ((الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة))، في الصحيحين يقول: قال عمر -رضي الله عنه-: "فإنا قد قرأناها ووعيناها وعقلناها، ورجم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ورجمنا بعده، فدل على أن هذا الحكم ثابت وإن كان الرسم منسوخاً -يعني مرفوعاً من التلاوة- ويظهر في هذا النوع مقدار امتثال المكلف؛ لأنه قد ينازع لا سيما في مثل هذا الحكم، قد ينازع بعض من فتن ويقول: إن الرجم مادام نسخ -رفع لفظه- لماذا لم يكن مما رفع حكمه؛ لا سيما وأن الرجم لا يناسب في مثل هذه العصور؟ قد يقول قائل: وحشية هذه، أو حقوق الإنسان لا تقره أو ما أشبه ذلك، فلماذا لا يرفع حكمه تبعاً لرسمه؟ نقول: الله -سبحانه وتعالى- له أن يفعل ما يشاء، فيرفع ما يشاء ويبقي ما يشاء، والحديث في الصحيح، وليس لأحد كلام. وحكم .. ، لفظه مرفوع وأجمع الصحابة على عدم كتابته في المصحف، فدل على أنه منسوخ من حيث التلاوة، لكن حكمه باق كما قال عمر -رضي الله عنه-: "فإنا قد قرأناها ووعيناها وعقلناها، ورجم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ورجمنا بعده".

رجم النبي -عليه الصلاة والسلام- في قصص معروفة مستفيضة مأثورة في دواوين الإسلام المعروفة، يعني ليس لأحد كلام في هذا، وكون عمر -رضي الله عنه- يقول: "رجمنا بعده": يدل على بقاء الحكم. يجوز نسخ الحكم وبقاء الرسم: عكس ما تقدم، وهذا أكثر أنواع النسخ كآيتي المصابرة {إِن يَكُن مِّنكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ وَإِن يَكُن مِّنكُم مِّئَةٌ يَغْلِبُواْ أَلْفًا مِّنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ} [(65) سورة الأنفال]، هذه الآية في أول الأمر، وفيها شدة على المؤمنين، والمؤمنون فيهم ضعف، فخفف الله عنهم بقوله –جل وعلا-: {الآنَ خَفَّفَ اللهُ عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِن يَكُن مِّنكُم مِّئَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ} [(66) سورة الأنفال]. قد يقول قائل: هذه أخبار، هذه أخبار؟ لكنها أخبار متضمنة لأحكام قد يأتي الأمر بلفظ الخبر، يأتي الأمر بلفظ الخبر، كما أن النهي أيضاً يأتي بلفظ الخبر، وعلى كل حال هذا من هذا النوع؛ المسلم مأمور بأن يصبر لعشرة في أول الأمر، وحينئذ لا يجوز له أن يفر من عشرة؛ الحكم شرعي، لما علم الله الضعف جعل الحكم مربوط بالضعف، فإذا كان العدد أكثر من الضعف جاز له الفرار. كما يجوز أيضاً نسخ الحكم والرسم معاً: كحديث عائشة -رضي الله عنها- قالت: "كان فيما أنزل من القرآن عشر رضعات معلومات يحرمن، ثم نسخن بخمس معلومات". العشر منسوخة، وكانت من القرآن، وكانت مما يتلى من القرآن، فرسمها يعني لفظها منسوخ وحكمها أيضاً منسوخ، ثم نسخن بخمس معلومات، فتوفي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهن فيما يُقرأ من القرآن، وفي رواية: "نزل في القرآن عشر رضعات معلومات، ثم أنزل أيضاً خمس معلومات". قد يقول قائل: توفي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهن فيما يقرأ، لماذا لا نقرؤهن؟ أين .. ، كيف رفعن من المصحف، وقد توفي النبي -عليه الصلاة والسلام- استقر الأمر وهن مما يتلى؟ ومثل هذا يلبس به بعض المبتدعة، وأن أهل السنة كغيرهم؛ يرون أن في القرآن شيئاً من التحريف، وأنهم نقصوا من القرآن، "فتوفي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهن فيما يتلى من القرآن"؟!

أهل العلم يجيبون عن مثل هذا بأن النسخ تأخر جداً، إلى قبيل وفاة النبي -عليه الصلاة والسلام- فخفي على بعض الصحابة هذا النسخ، فصار يقرأ مثل هذا الكلام بعد وفاة النبي -عليه الصلاة والسلام- ثم بلغه الناسخ فترك، توفي النبي -عليه الصلاة والسلام- وهن فيما يقرأ من قبل بعض من خفي عليه النسخ، ولذا أجمع الصحابة على عدم إثبات هذه الآية في المصحف. ينقسم النسخ إلى بدل: كنسخ استقبال بيت المقدس باستقبال الكعبة، وإلى غير بدل: نسخ استقبال بيت المقدس إلى بدل وهو استقبال الكعبة، وإلى غير بدل كنسخ صدقة المناجاة، {إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً} [(12) سورة المجادلة]، هذا نسخ إلى غير بدل. النسخ إلى بدل لا خلاف فيه؛ {مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا} [(106) سورة البقرة]. الثاني: وهو النسخ إلى غير بدل، هو مذهب جمهور أهل العلم؛ جمهور أهل العلم يرون أن هناك نسخ إلى غير بدل، والمثال كما سمعنا، ومنعه الظاهرية؛ استدلالاً بالآية {مَا نَنسَخْ .. }، {نَأْتِ}: معناه أن كل ما ينسخ يؤتى بدله، إما خيراً منه أو مثله. أما النسخ إلى بدل فهو مجمع عليه عند كل من يقول بالنسخ، وهم جميع من يعتد بقولهم من أهل الإسلام، بعض المعاصرين ألف كتاباً كبيراً في التفسير يعني على طريقة الخلف في كثرة الكلام مع قلة البركة، وهذا التفسير ينتقي من عناوين كل جزء أبرزها ويجعلها على الغلاف، فكان من أبرز العناوين التي كتبها: (النسخ ولا نسخ في القرآن). الظاهرية يمنعون أن يوجد نسخ إلى غير بدل، والشيخ محمد الأمين الشنقيطي -رحمه الله تعالى- يميل إلى قول الظاهرية ويؤيده؛ يقول -رحمه الله تعالى-: إن القول بالنسخ إلى غير بدل، قول باطل، وإن قال به جمهور العلماء؛ لأن الله تعالى يقول: {مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا} [(106) سورة البقرة].

وأجاب الشنقيطي -رحمه الله تعالى- عن آية صدقة المناجاة بأن الذي نسخ هو الوجوب، وأما استحباب الصدقة فهو باق لم ينسخ، فالنسخ إلى بدل .. ، فالنسخ حينئذ إلى بدل يعني من الوجوب إلى الاستحباب. لكن من يقول بجواز النسخ إلى غير بدل كيف يجيب عن هذه الآية؟ يقول: إن الآية عامة خصصت بمثل هذا. يجوز النسخ إلى ما هو أغلظ -كما يقول المؤلف-: كنسخ التخيير بين صوم رمضان والفدية في أول الأمر، صوم رمضان لا يتعين؛ {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ} [(184) سورة البقرة]، مخير الإنسان ولو كان يستطيع الصيام أن يصوم وبين أن يطعم، نسخ هذا إلى تعين الصوم، وأن من يستطيع الصوم لا خيار له، {فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} [(185) سورة البقرة]، كما يجوز النسخ إلى هو أخف كنسخ قوله تعالى: {إِن يَكُن مِّنكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ .. } إلى آخر آيتي المصابرة. يقول الناظم -رحمه الله تعالى-: وجاز نسخ الرسم دون الحكم ... كذاك نسخ الحكم دون الرسم ونسخ كل منهما إلى بدل ... ودونه وذاك تخفيف حصل وجاز أيضاً كون ذلك البدل ... أخف أو أشد مما قد بطل ثم قال -رحمه الله تعالى-: ويجوز نسخ الكتاب بالكتاب ونسخ السنة بالكتاب: نسخ الكتاب بالكتاب ونسخ السنة بالكتاب وبالسنة، ويجوز نسخ المتواتر بالمتواتر والآحاد بالآحاد وبالمتواتر، ولا يجوز نسخ المتواتر بالآحاد: يجوز نسخ الكتاب: المراد به القرآن، بالكتاب: يعني يجوز نسخ آية بآية، كآيتي المصابرة. ونسخ السنة بالكتاب: كنسخ استقبال بيت المقدس، استقبال بيت المقدس ثابت بالكتاب أو بالسنة؟ بالسنة، نسخ ما ثبت بالسنة من استقبال بيت المقدس بما ثبت بالكتاب من قوله -جل وعلا-: {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [(144) سورة البقرة]. ويجوز نسخ السنة بالسنة: اتفاقاً، ((كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزورها)). طالب:. . . . . . . . . نسخ الكتاب بالسنة يأتي. الآن القسمة ثلاثية وإلا رباعية؟

يجوز نسخ الكتاب بالكتاب، ونسخ السنة بالكتاب، ونسخ السنة بالسنة، تمام القسمة أن يقال العكس، نسخ الكتاب بالسنة، يعني صار عندنا أمران كل واحد له صورتان، تطلع أربع صور؛ نسخ الكتاب بالكتاب، نسخ السنة بالكتاب، نسخ السنة بالسنة، نسخ الكتاب بالسنة. سكت المؤلف عن تمام القسمة وهو نسخ الكتاب بالسنة، وفيه خلاف فقيل بجوازه؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- لا ينطق عن الهوى، أما كون السنة أضعف من حيث الثبوت، هذا شيء، لكن الأصل أن ما صح من سنة عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه من عند الله؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- لا ينطق عن الهوى؛ {إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} [(4) سورة النجم]، على هذا القول -وهو القول بجواز نسخ الكتاب بالسنة- يمثل له بآية الوصية: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ} [(180) سورة البقرة]، نسخ هذا بحديث: ((لا وصية لوارث))، من أهل العلم من يقول: خروجاً من مثل هذا الخلاف، إن النسخ إنما هو بآيات المواريث لا بهذا الحديث. طالب:. . . . . . . . . إيه. طالب:. . . . . . . . . جاء هذا في بعض النسخ دون بعض؛ لأنه قال في الأخير: ويجوز نسخ المتواتر بالمتواتر ونسخ الآحاد بالآحاد وبالمتواتر، ولا يجوز نسخ المتواتر بالآحاد: يدخل فيه هذا، أقول: قوله: ولا يجوز نسخ المتواتر بالآحاد يغني عما ذكرت. طالب:. . . . . . . . . ولو أثبتت .. ؛ قوله: ولا يجوز نسخ المتواتر بالآحاد يغني عما ذكرت، لكن من باب تتميم القسمة يذكر في محله فقط، ومنع آخرون -بل هو قول الأكثر- أن السنة لا تنسخ الكتاب، السنة لا تنسخ الكتاب؛ من أدلتهم قوله تعالى: {قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِن تِلْقَاء نَفْسِي} [(15) سورة يونس]، والنسخ -نسخ الكتاب بالسنة- تبديل منه -عليه الصلاة والسلام- للكتاب!! لكن يمكن الجواب عن هذا بأن ما يتلقاه عن الله -عز وجل- من بيان للكتاب وتخصيص للكتاب ونسخ للكتاب لا يجوز أن يقال: إنه من تلقاء نفسه -عليه الصلاة والسلام- إنما تلقاه عن ربه، وقد ثبت بالنص أنه لا ينطق عن الهوى.

يجوز نسخ المتواتر بالمتواتر: معلوم أن القرآن كله متواتر، وأما السنة فمنها المتواتر وغير المتواتر، القرآن كله متواتر، والسنة منها المتواتر وغيره، فيجوز نسخ القرآن -على هذا- بالقرآن وبالسنة المتواترة، ويجوز نسخ السنة المتواترة بالقرآن، والسنة المتواترة بالسنة المتواترة، كل هذا يدخل في قوله: يجوز نسخ المتواتر بالمتواتر؛ لأن القرآن متواتر، ومن السنة ما هو متواتر، إذن يجوز نسخ القرآن بالقرآن، ونسخ المتواتر من السنة بالمتواتر من السنة، ويجوز نسخ القرآن بالمتواتر من السنة، ويجوز نسخ المتواتر من السنة بالقرآن. على هذا يجوز نسخ القرآن بالسنة المتواترة عند الجمهور، ومنعه الشافعي وأحمد في المشهور عنه؛ لأن مرتبة القرآن فوق مرتبة السنة ولو تواترت على هذا، لكن إذا قلنا بأن الآحاد إذا صح خبر الواحد عن النبي -عليه الصلاة والسلام- جاز النسخ به؛ لأنه لا ينطق عن الهوى، فلأن يجوز النسخ بالمتواتر من السنة من باب أولى. طالب:. . . . . . . . . من أي وجه؟ طالب:. . . . . . . . . هو عندنا قبل قال: ولا يجوز نسخ الكتاب بالسنة. طالب:. . . . . . . . . لا، هو إذا أطلقت يراد بها الآحاد، على أن مذهبه مذهب الشافعي -المؤلف شافعي المذهب- والشافعي يرى أن السنة لا تنسخ القرآن سواءً كانت آحاداً أو متواترة. نسخ السنة المتواترة بالسنة المتواترة مجمع عليه بين القائلين بالنسخ، ولا يوجد له مثال فيما قرره صاحب شرح مختصر التحرير، لا يوجد له مثال. نسخ متواتر السنة بالكتاب، نسخ المتواتر من السنة بالكتاب مثلوا له بنسخ استقبال بيت المقدس باستقبال الكعبة، وقد تقدم، فاستقبال بيت المقدس ثبت بالسنة المتواترة ونسخ بالكتاب: {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [(144) سورة البقرة]. ويجوز نسخ الآحاد بالآحاد: وهذا كثير جداً يراجع لأمثلته الكثيرة كتاب الحازمي (الاعتبار في معرفة الناسخ والمنسوخ من الآثار) وهذا كتاب نفيس لا يستغني عنه طالب علم، يعني من أمثلته: ((كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزورها))؛ لأنه آحاد نسخ آحاداً.

وبالمتواتر: يجوز نسخ الآحاد بالمتواتر؛ لأنه أقوى منه، وهذا أيضاً دلَّ .. ، أو أيضاً محل اتفاق، لكن قال في شرح مختصر التحرير: إنه لم يقع. ولا يجوز نسخ المتواتر بالآحاد: لأن الجمهور يشترطون المساواة في القوة، فالآحاد لا يساوي المتواتر، والسنة عموماً لا تساوي القرآن، فالسنة لا تنسخ القرآن، والآحاد لا ينسخ المتواتر. ولذا قال: ولا يجوز نسخ المتواتر بالآحاد: وعلى هذا لا يجوز نسخ الأقوى سواءً كان من الكتاب أو متواتر السنة بالآحاد؛ لأنه دونه في القوة؛ لأن المتواتر قطعي الثبوت، والآحاد ظني، والشيء إنما ينسخ بمثله أو بما هو أقوى منه، وهذا مذهب الأكثر، هذا مذهب الجمهور. وذهب جماعة من الظاهرية كابن حزم إلى جوازه وهي رواية عن أحمد ورجحه كثير من المحققين؛ لأن القطعي هو اللفظ، ومحل النسخ هو الحكم، ولا يشترط في ثبوته التواتر، ولا يشترط في ثبوته التواتر. الآن عندنا ثبوت ودلالة، قد يكون النص قطعي الثبوت ظني الدلالة، والعكس، قد يكون ظني الثبوت قطعي الدلالة، والمرد في النسخ المعول على الحكم، المعول على الحكم، والحكم كما يثبت بالقطعي يثبت أيضاً بالظني، قد تكون .. ، قد يكون الثبوت قطعياً سواءً كان من القرآن أو متواتر السنة، لكن قد تكون الدلالة ظنية، في مثل قوله تعالى: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} [(2) سورة الكوثر]: الاستدلال بمثل هذا على صلاة العيد، الآية قطعية الثبوت، لكن دلالتها على صلاة العيد ظنية؛ بدليل أن الجمهور لا يوجبون صلاة العيد على الأعيان، القول بوجوب صلاة العيد على كل أحد على كل من تجب عليه صلاة الجمعة هو قول الحنفية ورجحه شيخ الإسلام، فوجود هذا الخلاف في مثل هذه الآية -فيما تدل عليه هذه الآية- دل على أن دلالتها على هذا الحكم ظنية، وإن كان ثبوتها قطعياً. إذا قلنا بأن المعول في النصوص على الحكم وهو يثبت بالقطعي ويثبت بالظن إذا صح الخبر ولو لم يبلغ حد التواتر، قلنا بجواز نسخ الكتاب بالسنة ونسخ المتواتر بالآحاد.

مثلوا لذلك -وأريدُ الانتباه- مثلوا لذلك بما في الصحيحين من حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: "بينما الناس بقباء في صلاة الصبح إذ جاءهم آتٍ فقال: "إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أمر أن تستقبل الكعبة فاستقبلوها؛ إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أُمر أن تستقبل الكعبة فاستقبلوها"، يعني نزل عليه القرآن يأمره باستقبال الكعبة فاستقبلوها، وكانت وجوههم إلى الشام فاستداروا إلى الكعبة. عندهم الاستقبال إلى بيت المقدس، قطعي وإلا ظني؟ قطعي، قطعي لا مجال فيه للشك، هذا الآتي الذي أتاهم شخص واحد وقال لهم: إن القبلة قد حولت، الله -سبحانه وتعالى- أمر نبيه أن يتحول إلى الكعبة {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [(144) سورة البقرة]: هل تردد هؤلاء حينما سمعوا خبر هذا الواحد، أو استداروا كما هم في صلاتهم، بدل ما هم شمال صاروا جنوب، استداروا كما هم، امتثلوا، هل نقل عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه أنكر عليهم أو عنفهم، أو أمرهم بإعادة الصلاة؟ ما نقل، إذن عملهم صحيح، عملهم صحيح، فوجه الدلالة أن التوجه إلى بيت المقدس ثبت بالدليل القطعي، وتحولوا عنه إلى الكعبة بخبر واحد وهو ظني. الآن يسلم مثل هذا المثال للتمثيل على ما يريدون من رفع القطعي بالظني يسلم؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . لماذا؟ طالب:. . . . . . . . . طيب، الآن عندنا النقل ظني، وهم على قبلة مقطوع بها، تركوا هذه القبلة المقطوع بها لخبر واحد وهو ظني، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . لكن هم ما ثبت عندهم، ثابت عندهم بنص قطعي، لكن هم ما ثبت عندهم إلا بخبر هذا الواحد، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . أقول: هذا وإن كان في أصله خبر واحد، إلا أنه احتف به من القرائن ما يجعله يفيد القطع، خبر الواحد في الأصل لا يفيد إلا الظن عند كثير من أهل العلم، لكن إذا احتف بخبر الواحد قرينة، إذا احتفت به قرينة .. ، الآن لماذا قلنا: إن خبر الواحد يفيد الظن؟ لأن الواحد مهما بلغ من الثقة والحفظ والضبط والإتقان إلا أنه ليس بمعصوم من الخطأ، وما دام وجد فيه نسبة ولو واحد بالمائة من احتمال الخطأ، لا نقول: إنه يفيد القطع، أيش معنى قطع؟

القطع الذي لا يحتمل النقيض، يعني نسبة صدقه مائة .. ، نسبة صحته ومطابقته للواقع مائة بالمائة، فإن افترضنا نجم السنن مالك -نجم السنن- هل نستطيع أن نقول: جميع ما أخبر به مالك مائة بالمائة، أو يتصور منه الخطأ والنسيان؟ هذا الاحتمال ينزل خبر مالك من مائة بالمائة إلى ما يقرب منها، المقصود أنه يحتمل النقيض إلى تسعة وتسعين، إلى ثمانية وتسعين، إلى تسعين وهذا لا ينزله عن درجة الثقة. هذا الاحتمال جعلنا نقول: إن خبر الواحد يفيد الظن ولا يفيد القطع، هذا الاحتمال الذي أبديناه وذكرناه في خبر مالك، يرتفع هذا الاحتمال بوجود قرينة؛ القرينة ترفع احتمال الخطأ .. ؛ هو في الأصل ضعيف احتمال ضعيف القرينة تكون في مقابل هذا الاحتمال فيرتفع، وحينئذ خبر الواحد إذا احتفت به قرينة أفاد العلم وأفاد القطع، وصار قطعياً، انتهينا، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . القطعي بالقطعي، القطعي بالقطعي. طالب:. . . . . . . . . أما من أراد مثال القطعي، نسخ القطعي بالظني: نسخ الحبس -حبس الزانية- بحديث عبادة بن الصامت: ((خذوا عني، خذوا عني، قد جعل الله لهن سبيلاً، البكر بالبكر جلد مائة ونفي سنة، والثيب بالثيب جلد مائة والرجم))، على كل حال المسألة تحتاج إلى بسط طويل، ولو أخذنا نبسط المسائل كلها ما انتهينا. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. طالب:. . . . . . . . . أيش هو؟ طالب:. . . . . . . . . الظاهرية. . . . . . . . . إيه. طالب:. . . . . . . . . النسخ هو للحكم وليس للفظ ... ؟ معروف، معروف هذا ذكرناه. طالب:. . . . . . . . . لو كان الحكم قطعياً هل يرون الجواز ... ؟ إيه خلاص يطردونه ما دام جاز يجوز إيه. طالب:. . . . . . . . . القطعي والظني؟ القطعي والظني، لا فرق في الثبوت والدلالة. اللهم صلِّ على محمد. بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فقد قال المؤلف -رحمه الله تعالى-: فصل:

إذا تعارض نطقان فلا يخلو إما أن يكونا عامين أو خاصين، أو أحدهما عاماً والآخر خاصاً، أو كل واحد منهما عاماً من وجه خاصاً من وجه آخر، فإن كانا عامين فإن أمكن الجمع بينهما يجمع، فإن لم يمكن الجمع بينهما يتوقف فيهما إن لم يعلم التاريخ، فإن علم التاريخ نسخ المتقدم بالمتأخر، وكذلك إن كانا خاصين، وإن كان أحدهما عاماً والآخر خاصا فيخص العام بالخاص، وإن كان كل منهما عاماً من وجه وخاصاً من وجه فيخص عموم كل منهما بخصوص الآخر. الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، في هذا المبحث -في هذا الفصل- تحدث المؤلف -رحمه الله تعالى- عن التعارض بين النصوص، والتعارض المقصود به الاختلاف في الظاهر بحسب ما يظهر للمجتهد، وإلا ففي حقيقة الأمر لا تعارض بين النصوص، لا يمكن أن يتعارض نصان صحيحان في الباطن في الحقيقة، وإنما التعارض إنما هو بحسب ما يظهر للمجتهد حسب فهمه، كما أنه لا يمكن أن يتعارض النص الصحيح مع العقل الصريح، لا يمكن أن يتعارض نص صحيح مع عقل صريح باق على فطرته، باق على خلقته ما اجتالته الشياطين، أما من اجتالتهم الشياطين وتأثروا بالبدع وأهلها هؤلاء يبدون شيئاً من التعارض بين عقولهم والنصوص، ويحتكمون في ذلك إلى عقولهم، ليتهم لما وجدوا مثل هذا التعارض بين عقولهم وبين النصوص حكموا النصوص وألقوا ما دلتهم عليه عقولهم، جعلوا الحكم العقل، لا شك أن هذا ضلال وعليه اعتماد كثير من طوائف المبتدعة؛ أرجعوا النصوص ووزنوها بعقولهم المتأثرة بكلام أهل البدع والضلال ممن يدعون الحكماء والفلاسفة، هؤلاء ضلوا في هذا الباب ضلالاً مبيناً. شيخ الإسلام -رحمه الله تعالى- له كتاب، كتاب من أعظم الكتب يقع في أحد عشر مجلداً اسمه (درء تعارض العقل والنقل) بعض النسخ يوجد عليها موافقة صحيح المنقول لصريح المعقول، فلا تعارض بين العقل الصريح الذي لم تجتاله الشياطين، ولا تأثر بقواعد المخالفين لدين الإسلام، هذا من جهة.

الناحية الثانية هي أن التعارض يكون في الظاهر بين النصوص النطقية، ولذا يقول المؤلف: إذا تعارض نطقان: نعم، يقول: إذا تعارض نطقان: فهذا التعارض الظاهري يكون بين النصوص النطقية يعني القولية، فلا تعارض بين الأفعال، لا تعارض بين الأفعال، كما أفاده كلام المؤلف وجزم به جمع من أهل العلم، أيش معنى التعارض بين الأفعال؟ أن يفعل النبي -عليه الصلاة والسلام- فعلاً ويفعل ضده، يفعل شيئاً ويفعل ضده، كيف يفعل شيئاً ويفعل ضده؟ يتصور؟ كيف؟ طالب:. . . . . . . . . كيف يتصور أن يفعل الشيء ويفعل ضده؟ طالب:. . . . . . . . . نعم؟ طالب:. . . . . . . . . في حال منفصل، لكن أريد مثالاً يفعل فعلاً ويفعل ضده، لا تقول يفعل فعلاً ويتركه، والترك فعل، أنا أريد فعل يفعله، يوجده -عليه الصلاة والسلام- ويوجد فعلاً يضاده؟ طالب:. . . . . . . . . كيف؟ طالب:. . . . . . . . . هذا تعارض؟ طالب:. . . . . . . . . لا، هو يتعارض الشرب قائماً مع قول، ما يتعارض مع فعل، يتعارض مع النهي عن الشرب قائماً، يتعارض مع قول ما يتعارض مع فعل. طالب:. . . . . . . . . كيف؟ قول، النهي عن الوصال. طالب:. . . . . . . . . أنا أقول: أريد تعارضاً بين فعلين متضادين من النبي عليه الصلاة والسلام؟ لا يمكن؛ جمع من أهل العلم قالوا: لا يمكن. طالب:. . . . . . . . . هذا تعارض؟ طالب:. . . . . . . . . كيف؟ طالب:. . . . . . . . . يعني البول قائماً هل مقتضاه النهي عن البول جالساً، والبول جالساً مقتضاه النهي عن البول قاعداً، هم يقولون: جزم جمع من أهل العلم أنه لا يتصور، إلا عند من يقول: إن الترك فعل، فقد يفعل شيئاً ويتركه أحياناً، يفعل النبي -عليه الصلاة والسلام- شيئاً على جهة التعبد ويتركه أحياناً، ويأتي فيه ما يأتي من أنه يكون تركه لبيان الجواز. طالب:. . . . . . . . . هو الظاهر ما يمكن يوجد النبي -عليه الصلاة والسلام- فعلين متناقضين. طالب:. . . . . . . . . مرجح عند كثير من أهل العلم بقول الصحابي: لئن قعدنا والنبي يعمل ... فذاك منا العمل المضلل هم تركوا وسموه فعلاً. طالب:. . . . . . . . . طيب. طالب:. . . . . . . . .

هل فيه تعارض؟ يعني تعدد الحالات، تعدد الحالات تسمى تعارض؟ نعم، الصلاة من قيام، والصلاة من قعود، والصلاة على جنب، هذا تعارض؟ طالب:. . . . . . . . . ما تقرر المسألة إلا بقول، الذين أوردوا الخلاف والإشكال أوردوا النهي عن البول قائماً، ما يلزم كون النبي -صلى الله عليه وسلم- بال جالساً، ما فيه خلاف .. طالب:. . . . . . . . . هاه. طالب:. . . . . . . . . لو لم يرد النهي على ضعفه ما وجد خلاف. طالب:. . . . . . . . . وليس لها عموم، هو تقدم أن الفعل لا عموم له، تقدم أن الفعل لا عموم له. إذا تعارض نطقان فلا يخلو: انتهينا من تعارض الأفعال. إذا تعارض القول مع الفعل: لأنه يقول: عندنا المسألة مفترضة فيما إذا تعارض نطقان، قول مع قول، عرفنا أنه لا يمكن يوجد تعارض فعلين، إذا تعارض قول مع فعل، ومنه الأمثلة التي ذكرت الآن، كان يأمر النبي -عليه الصلاة والسلام- بأمر ويفعل بخلافه، أو ينهى عن شيء ويفعل ذلك الشيء -عليه الصلاة والسلام- هذا متصور قول مع فعل، متصور، كأن يأمر النبي -عليه الصلاة والسلام- بأمر ويفعل خلافه، أو ينهى عن شيء ويفعل ذلك الشيء. وللتوفيق بين مثل هذه النصوص المتعارضة مسالك لأهل العلم منهم من يجعل الفعل صارفاً، فعل المنهي عنه يصرف النهي من التحريم إلى الكراهة، وترك المأمور به، أو فعل خلاف المأمور يصرف الأمر من الوجوب إلى الاستحباب. إذا تعارض القول مع فعله -عليه الصلاة والسلام- منهم من يقول: يصرف الأمر من الوجوب إلى الاستحباب؛ لفعله -عليه الصلاة والسلام- ففعله دال على الجواز، ويصرف النهي من التحريم إلى الكراهة بفعله -عليه الصلاة والسلام- وفعله دال على الجواز، ويبقى النهي لكراهة التنزيه. منهم من يسلك مسلك آخر ويحمل الفعل على الخصوصية، يقول: فعله خاص به -عليه الصلاة والسلام- والأمر والنهي عام للأمة، ولو أخذنا مثالاً: ((غطِّ فخذك؛ فإن الفخذ عورة)) [حديث جرهد].

وحديث أنس في الصحيح: "حسر النبي -عليه الصلاة والسلام- عن فخذه": يقول البخاري -رحمه الله تعالى-: حديث أنس أسند، وحديث جرهد أحوط، هل نقول: إن فعل النبي -عليه الصلاة والسلام- حينما حسر عن فخذه يدل على أن النهي .. ، أو الأمر في قوله: ((غط فخذك)) للاستحباب لا للوجوب، وفعله يدل على الجواز؟ هذا قول، أو نقول: ((غط فخذك)) هذا بالنسبة للأمة، وكونه حسر -عليه الصلاة والسلام- وعارض فعله قوله هذا خاص به عليه الصلاة والسلام؟ الكلام ظاهر وإلا ما هو بظاهر؟ طالب:. . . . . . . . . أيش هو؟ طالب:. . . . . . . . . يسلك مثل هذا لرفع مثل هذا التعارض، يعني كيف توفق بين قوله: ((غط فخذك)) والنبي -عليه الصلاة والسلام- حسر عن فخذه؟ هذا مسلك عند بعض أهل العلم، يقول: هذا خاص بالنبي -عليه الصلاة والسلام-. مثله أيضاً: النهي عن استقبال القبلة واستدبارها ببول أو غائط، مع أنه -عليه الصلاة والسلام- رآه ابن عمر قبل أن يقبض بعام مستدبراً القبلة، واختلفت أنظار أهل العلم في التوفيق بين النصوص، منهم من قال: هذا خاص بالنبي -عليه الصلاة والسلام- لكن التخصيص يدل على .. ، لا بد له من وجود مخصص، حمل هذا الأمر على الخصوص يدل على .. ، لا بد له من مخصص. الأمر الثاني: لو نظرنا إلى ما عندنا من أمثلة، مثل الأمر بتغطية الفخذ، وكون النبي -عليه الصلاة والسلام- حسر عن فخذه، وكونه -عليه الصلاة والسلام- أمر الأمة أن تنزه جهة الكعبة، واستدبرها -عليه الصلاة والسلام- هل تغطية الفخذ أكمل أو كشفه أكمل؟ التغطية أكمل، نقول: كيف يطلب الكمال من الأمة، ويفعل النبي -عليه الصلاة والسلام- خلاف هذه الصفة التي هي الكمال؟ طالب:. . . . . . . . . لا، لا ما نقول: من غير قصد لا، لا معروف هذا؛ حسر ما بيقول: انحسر، يقول: "حسر النبي -عليه الصلاة والسلام- عن فخذه" نعم. طالب:. . . . . . . . .

هناك لما كان على البئر دخل أبو بكر وعمر، ثم لما دخل عثمان غطاه، استحيا منه فغطاه، المقصود أن مثل هذه المسالك يسلكها أهل العلم؛ لرفع التعارض، لكن ينبغي أن ينظر إلى مثل هذه النصوص بدقة، فلا شك أن تغطية الفخذ أكمل من كشفه، فكيف يطلب الكمال من الأمة والنبي -عليه الصلاة والسلام- أولى بكل كمال يطلب من الأمة، كيف ينهى بل يأمر باحترام جهة الكعبة ويخالف ذلك؟ النبي -عليه الصلاة والسلام- أولى من يعظم شعائر الله، كثير من أهل العلم يستروح إلى مثل هذا ويطرد، كل ما تعارض قول مع فعل قال: فعله خاص به. عرفنا المسالك في مثل هذا التعارض؟ إما أن يكون الفعل دال على الجواز، وحينئذ يحمل الأمر على الاستحباب، والنهي على التنزيه، أو يحمل فعله على أنه خاص به في غير هذين المثالين؛ لأنه لا بد أننا ننظر إلى .. ، ما نسلك مسلك نرفع به تعارضاً، ونقع فيما هو أشد منه، أو نقول: إن الفعل خاص به، وأمره ونهيه موجه إلى غيره -عليه الصلاة والسلام-. طالب:. . . . . . . . . في أيش؟ طالب:. . . . . . . . . أي مسألة؟ طالب:. . . . . . . . . الاستقبال وإلا .. ، أو الفخذ؟ طالب:. . . . . . . . . لا كل مسألة بعينها، يعني ما في شك أن هناك نصوص لا مانع من حملها على الخصوصية به -عليه الصلاة والسلام- لكونه إما لكون الفعل أكمل أو لكونه مساو مع الأمة، فلا مانع من أن نسلك التخصيص به -عليه الصلاة والسلام-؛ لأنه فعل، فعل مع نهيه، أو فعل مع أمره فيكون قوله موجه إلى غيره وفعله خاص به، هذا، لا مانع منه إذا لم يترتب عليه شيء مما ذكر. طالب:. . . . . . . . . وين؟ طالب:. . . . . . . . . كيف؟ طالب: يعني عندما جعل الوجوب ما يمنع، أن نقدم هل على الخصوصية أو على البيان؟ نعم، يعني نرجح المسلك الأول وإلا الثاني؟ هل نقول: إن الفعل صارف والأوامر والنواهي تصرف بما هو دون الفعل عند الجمهور، يصرفون الأوامر بالعلل، بعلة الحكم يصرف الأمر من الوجوب إلى الاستحباب، والنهي من التحريم إلى الكراهة. على كل حال كل مسألة لها ما يحتف بها من قرائن، أحياناً قد يرجح التخصيص ويمال إليه ويستروح إليه، وأحياناً يرجح الصرف. طالب:. . . . . . . . .

نعم. لا يمكن حمله على الخصوصية هذا، لا يمكن حمله على الخصوصية، الصرف أقرب؛ لأن التغطية أكمل من الحسر، فلا يطلب من النبي -عليه الصلاة والسلام- دون ما يطلب من الأمة في الكمالات؛ لأنه أكمل الخلق -عليه الصلاة والسلام-. طالب:. . . . . . . . . أيش هو؟ طالب:. . . . . . . . . لا لا، كل ما يطلق عليه فخذ، يعني ما يطلق عليه فخذ يشمله النص الأول والثاني. طالب:. . . . . . . . . عاد مسألة العورة في الصلاة، والعورة خارج الصلاة مسألة لا بد من التفريق بين داخل الصلاة وخارج الصلاة؛ من أهل العلم من قال: ((غط فخذك)): في الصلاة، محمول على الصلاة، ((فإن الفخذ عورة)): يعني في الصلاة، منهم من قال بذلك، كالأمر بتغطية المنكب، كالأمر بتغطية المنكب. على كل حال المسألة تمثيل يعني، هو عندنا أمثلة وإشكالات كبيرة هنا، نعم، وعندنا في رأس المسألة يقول: إذا تعارض نطقان: مقتضى التعارض أن يختلف حكم أحدهما عن حكم الآخر، أن يختلف الحكم في أحدهما عن الآخر، لكن إذا جاء الحكم في أحد النصين موافقاً لحكم النص الآخر، يصير فيه تعارض وإلا ما فيه تعارض؟ نعم، ولو كان أحدهما عاماً والآخر خاصاً؟ طالب:. . . . . . . . . يعني عندنا نص عام له حكم، وجاء نص خاص له ذلك الحكم، يعني مثل ما نقول: التنصيص على بعض أفراد العام بحكم موافق لحكم العام، هل هناك تعارض؟ ما في تعارض، إذن يحمل العام على الخاص وإلا ما يحمل؟ يحمل وإلا ما يحمل؟ الحكم واحد، يحتاج إلى حمل، يبقى العام على عمومه، والخاص يندرج تحت العام في الحكم، والتنصيص عليه للعناية به والاهتمام بشأنه. فالمسألة في مسألة التعارض، والمراد بالتعارض اختلاف الحكم، فتخرج مسألة ما إذا نص على بعض أفراد العام بحكم موافق. يقول: فلا يخلو إما أن يكونا عامين أو خاصين: أو بينهما عموم وخصوص مطلق، أو بينهما عموم وخصوص وجهي، القسمة رباعية. فإما أن يكونا عامين أو خاصين، أو أحدهما عاماً والآخر خاصاً: يعني عموم وخصوص مطلق، أو كل واحد منهما عاماً من وجه وخاصاً من وجه.

إذا كانا عامين أو خاصين، أو أحدهما عام والآخر خاص من وجه، يعني بينهما عموم وخصوص من وجه، أما إذا كان بينهما عموم وخصوص مطلق هذا ما فيه إشكال، نعم، يوفق بينهما بحمل العام على الخاص. الإشكال فيما إذا كانا عامين متساويين في العموم أو خاصين متساويين في الخصوص، أو بينهما عموم وخصوص وجهي، هذا محل البحث، أما إذا كان أحدهما عام والآخر خاص ما فيه مشكلة؛ يحمل العام على الخاص. الحالات الأربع التي أشار إليها المؤلف بقوله: فلا يخلو إما أن يكونا عامين: وهذه هي الحالة الأولى، أن يكونا عامين متساويين في العموم بأن يصدق كل واحد منهما على ما يصدق عليه الآخر، ومثاله: حديث بسرة بنت صفوان: ((من مس ذكره فليتوضأ)) [والحديث صحيح مخرج في السنن ومصحح عند أهل العلم]، مع حديث طلق بن علي -رضي الله عنه- سئل عن الرجل يمس ذكره: أعليه الوضوء؟ قال: ((لا؛ إنما هو بضعة منك)) [مخرج أيضاً في السنن وصححه جمع وحسن آخرون، فهو أقل في الرتبة من حديث بسرة]. فإن كانا عامين: فأمكن الجمع بينهما جمع، وإن لم يمكن الجمع بينهما يتوقف فيهما إن لم يعلم التاريخ، فإن علم التاريخ فينسخ المتقدم بالمتأخر. نأتي إلى مثالنا: ((من مس ذكره فليتوضأ))، سئل عن الرجل يمس ذكره أعليه الوضوء؟ قال: ((لا)): هذا تعارض بين عامين، هل يمكن الجمع بينهما؟ هل يمكن؟ بعضهم جمع، صحيح، جمع بحمل الأمر بالوضوء على أيش؟ على أيش؟ طالب:. . . . . . . . . لا، على الاستحباب، والصارف لهذا الأمر من الوجوب إلى الاستحباب الحديث الثاني، الحديث الثاني حديث طلق، فإن أمكن الجمع بينهما جمع، وإن لم يمكن الجمع بينهما -شيخ الإسلام كأنه يميل إلى الجمع ويقول: إن الأمر بالوضوء على سبيل الاستحباب والصارف له حديث طلق بن علي- إن لم يمكن الجمع بينهما يتوقف فيهما. طيب، هل نلجأ إلى التوقف لعدم إمكان الجمع قبل أن ننظر في وجوه الترجيح، وقبل أن ننظر في التاريخ؟ يتوقف فيهما إن لم يعلم التاريخ، وعلى هذا يقدم القول بالنسخ -إن علم التاريخ- على التوقف، ويقدم عليهما الترجيح إن أمكن بوجه من وجوهه الكثيرة.

الآن لو نظرنا عرفنا مسلك شيخ الإسلام وهو التوفيق بينهما بحمل الأمر على الاستحباب، نأتي إلى الترجيح، أكثر أهل .. ، كثير من أهل العلم -لا أقول أكثر- كثير من أهل العلم رجحوا حديث بسرة، وقالوا: هو أصح، ونص على ذلك الإمام البخاري، وهو أيضاً أحوط، يرجح من جهات: الأولى: لأنه أصح، الثانية: لأنه أحوط، والثالثة: لأنه ناقل عن البراءة الأصلية. والثاني مقرر للبراءة الأصلية، وإذا أردنا أن نعبر بعبارة أخرى نقول: مؤسس، وحديث طلق بن علي مؤكد، أيش معنى مؤسس ومؤكد؟ حديث بسرة مؤسس لحكم جديد، وحديث طلق بن علي مؤكد لحكم البراءة الأصلية، والتأسيس عند أهل العلم أولى من التأكيد. إن نظرنا إلى الترجيح حديث بسرة أرجح، إن نظرنا إلى الجمع فقد أمكن بصنيع شيخ الإسلام -رحمه الله تعالى- بحمل الأمر على الاستحباب. ننظر آخر الأمور وهو النظر في التاريخ؛ لنقول بالنسخ، أيهما أقدم؟ أيهما أقدم؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . لا هو هناك قرائن تدل على التاريخ، يعني طلق بن علي قدم إلى المدينة متى؟ في أول الهجرة في أول الهجرة فهو متقدم على حديث بسرة، فيكون منسوخاً بحديث بسرة. على كل حال كل له مسلكه في التوفيق بين هذه النصوص، وكلام شيخ الإسلام يجمع الأقوال، ولا شك أن حديث بسرة أصح وأحوط. مثل له أيضاً بحديث: ((خيركم قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم)) بعد ذلك؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . نعم، ((ويظهر فيهم السمن)) الشاهد ذم من يشهد قبل أن يُستشهد، وجاء وصفه بأنه شر الشهود، وجاء أيضاً: ((ألا أخبركم بخير الشهود، الذي يأتي بشهادته قبل أن يسألها)) تعارض، هذا تعارض. جمع بينهما الأول يذم من يؤدي الشهادة قبل أن يستشهد إذا كان من له الشهادة عالم بهذه الشهادة، إذا كان صاحب الشأن -صاحب الحق- يعرف أن عندك شهادة، حينئذ لا تؤديها إلا إذا طلبت منك. ويحمل الثاني على ما إذا لم يكن عالماً بها، وحينئذ يخشى من ضياع الحق، يخشى من ضياع الحق، إذا لم يكن صاحب الحق عالماً بالشهادة التي عندك فعليك أن تبادر بأدائها؛ لئلا يضيع الحق.

إن لم يمكن الجمع بوجه من الوجوه، ولم يمكن الترجيح، ولم نعرف المتقدم من المتأخر حينئذ يحكم بالتوقف، والتعبير بالتوقف أولى من التعبير بالتساقط، أولى من التعبير بالتساقط، يعني التساقط بين أيش؟ بين النصوص، ويمكن أن تسقط النصوص؟ لأن هذا التعارض ليس بحقيقي، ليس بحقيقي، وإنما هو فيما يظهر للمجتهد، لذا يقول ابن حجر: "لأن خفاء الترجيح إنما هو بالنسبة للمعتبر في الحال الراهنة، مع احتمال أن يظهر لغيره ما خفي عليه". من الأمثلة: قوله تعالى: {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [(3) سورة النساء]، مع قوله -جل وعلا-: {وَأَن تَجْمَعُواْ بَيْنَ الأُخْتَيْنِ} [(23) سورة النساء]، فالآية الأولى: {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} بعمومها تشمل الأختين، والثانية: {وَأَن تَجْمَعُواْ بَيْنَ الأُخْتَيْنِ} بعمومها تشمل ملك اليمين، الآية الأولى: {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} شاملة للأختين وغيرهما، لكنها خاصة بملك اليمين، والآية الثانية عامة في ملك اليمين والحرائر من الزوجات ..

شرح متن الورقات (11)

شرح متن الورقات في أصول الفقه (11) تعارض الأدلة والجمع بينها - تعريف الإجماع وبيان أقسامه الشيخ/ عبد الكريم بن عبد الله الخضير فالآية الأولى: {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [(3) سورة النساء] بعمومها تشمل الأختين، والثانية: {وَأَن تَجْمَعُواْ بَيْنَ الأُخْتَيْنِ} [(23) سورة النساء] بعمومها تشمل ملك اليمين، الآية الأولى: {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} شاملة للأختين وغيرهما، لكنها خاصة بملك اليمين، والآية الثانية: عامة في ملك اليمين والحرائر من الزوجات، لكنها خاصة بالأختين، ويمكن أن يجعل هذا المثال للصورة الأخيرة، وهو العموم والخصوص الوجهي، ولذا توقف كثير من أهل العلم للتوفيق بين هاتين الآيتين، لماذا؟ حتى قال قائلهم: أحلتهما آية وحرمتهما آية، أحلتهما: {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [(3) سورة النساء]، وحرمتهما: {وَأَن تَجْمَعُواْ بَيْنَ الأُخْتَيْنِ} [(23) سورة النساء]، وعلى كل حال يمكن يرجح التحريم؛ لأنه أحوط؛ والأبضاع الاحتياط لها مطلوب. إن علم التاريخ نسخ المتقدم بالمتأخر -كما تقدم في مبحث الأسبوع الماضي- ومثال ذلك آيتي المصابرة، وقوله -عليه الصلاة والسلام-: ((كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها))، والعلم بالتاريخ ((كنت نهيتكم)) فافعلوا، واضح، ومثله أيضاً ما جاء في آية المصابرة {الآنَ خَفَّفَ اللهُ عَنكُمْ} [(66) سورة الأنفال]. الحالة الثانية: أن يكون التعارض بين نطقين خاصين متساويين في الخصوص، ومثال ذلك: حديث جابر في صفة حج النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه -عليه الصلاة والسلام- صلى الظهر يوم النحر بمكة، قصة جابر، قصة أو حديث جابر في صفة حج النبي -عليه الصلاة والسلام- مخرجة في الصحيح -صحيح مسلم-: "صلى الظهر يوم النحر بمكة"، وحديث ابن عمر -وهو أيضاً صحيح- أن النبي -عليه الصلاة والسلام- صلاها بمنى، تعارَض نطقان وإلا فعلان؟ طالب:. . . . . . . . .

صحيح، نطقان، في حديث جابر أن النبي -عليه الصلاة والسلام- صلى الظهر يوم النحر بمكة، وحديث ابن عمر أن النبي -عليه الصلاة والسلام- صلاها بمنى، وكلاهما في الصحيح، يقول النووي: ووجه الجمع بينهما أنه -عليه الصلاة والسلام- طاف للإفاضة قبل الزوال، ثم صلى الظهر بمكة، يعني على مقتضى ما جاء في حديث جابر في أول وقتها، ثم رجع إلى منى فصلى بها الظهر مرة أخرى بأصحابه حينما سألوه ذلك. إن لم يمكن الجمع وعلم التاريخ فالثاني ناسخ، كما في قوله -جل وعلا-: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ} [(50) سورة الأحزاب]، مع قوله -جل وعلا-: {لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاء مِن بَعْدُ وَلَا أَن تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ} [(52) سورة الأحزاب]، فالثانية لا شك أنها ناسخة للأولى، نعم؟ طالب: .... كلام النووي ... ؟ كيف؟ طالب:. . . . . . . . . يعني مثل ما كان معاذ يصلي مع النبي -صلى الله عليه وسلم- ثم يصلي بقومه، فيه إشكال؟ فيه مشكلة؟ طالب:. . . . . . . . . نافلة إيه، لذا يختلفون في صلاة المفترض خلف المتنفل، يقول الناظم من الاختيارات: وعند أبي العباس ذلك جائز ... لفعل معاذ مع صحابة أحمد يصلي بهم نفلاً وهم ذوو فريضة ... وقد كان قد صلى الفرض خلف محمد المقصود أن المسألة ما فيها إشكال؛ كونك تصلي فريضة، ثم تعيدها نافلة عند قومك أو معهم ما فيه إشكال، ((إذا صليتما في رحالكما))، ثم جئت والجماعة قد صلوا صلي معهم ما فيه إشكال. إن لم يمكن الجمع ولا عرف التاريخ فالترجيح. الترجيح: زواج النبي -عليه الصلاة والسلام- بميمونة -ميمونة بنت الحارث- في الصحيح من حديثها أن النبي -عليه الصلاة والسلام- تزوجها وهو حلال، ومن حديث أبي رافع كذلك، نعم؟ وأيش هو؟ طالب:. . . . . . . . . حديث ميمونة، تزوجها النبي -عليه الصلاة والسلام- وهو حلال، من حديثها ومن حديث أبي رافع، لكن ثبت في الصحيحين من حديث ابن عباس أن النبي -عليه الصلاة والسلام- زوجها وهو محرم، تزوجها وهو محرم".

هنا الترجيح، رجح أهل العلم حديث ميمونة وحديث أبي رافع على حديث ابن عباس؛ لأن ميمونة صاحبة القصة -صاحبة الشأن- الإنسان يضبط ما يتعلق به أكثر من ضبطه لما يتعلق بغيره، فميمونة صاحبة الشأن لا شك أنها تضبط هذه القصة أكثر من ضبط ابن عباس، وأبو رافع كان السفير بينهما -بين النبي -عليه الصلاة والسلام- وميمونة- الرسول، سفير بينهما، ورافع سفير بينهما -يعني رسول أرسله النبي -عليه الصلاة والسلام- يخطبها- فالمقصود أنه له علاقة بالقصة، فحديث ميمونة وما يشهد له من حديث أبي رافع مرجح. أوجه الترجيح كثيرة جداً، يعني يرجح أهل العلم أحياناً بأدنى مرجح؛ قد يحتاج إلى أدنى مرجح لماذا؟ لرفع التعارض بين النصوص، ولذا كثرت المرجحات عند أهل العلم. الحازمي في (مقدمة الاعتبار في معرفة الناسخ والمنسوخ من الآثار)، ذكر خمسين وجهاً من وجوه الترجيح، خمسين وجهاً من وجوه الترجيح. وأوصلها الحافظ العراقي -رحمه الله تعالى- إلى المائة، لكن السيوطي حصرها في ثمانية أقسام، وجعل تحت كل قسم فروع، أقسام رئيسية؛ لتكون القسمة حاصرة يسهل يعني ضبط هذه الأقسام وهذه الأوجه بالأقسام الرئيسية، ثم ما تفرع عنها، وأحياناً نحتاج إلى الترجيح بالقشة؛ لأن الترجيح مهما كان ضعفه أولى من التوقف، على أن من أهل العلم من يستروح ويميل إلى العمل بالنصين معاً، يعمل بهذا أحياناً وبهذا أحياناً إذا خفي الترجيح، وبعضهم يتوقف، هذا إذا أمكن العمل بالنصين، أما إذا لم يمكن العمل بأن كان التعارض كلياً فإنه حينئذ لا يلجأ لمثل هذا. إذا كان التعارض بين نطقين أحدهما عام والآخر خاص هذا ما فيه إشكال، ما في إشكال في هذه الحالة، ونؤكد على مسألة التعارض؛ لأنه قد يذكر العام ويأتي نص خاص موافق له في الحكم، هذا ما نحتاج إلى كبير عمل، ما نحتاج إلى أي عمل بالنسبة لهذا؛ لأن التنصيص على بعض أفراد العام لا يقتضي التخصيص لعدم وجود التعارض.

إذا تعارض نطقان أحدهما عام والآخر خاص، يعني عموم وخصوص كلي، حينئذ يخص العام بالخاص، ولذا يقول: وإن كان أحدهما عاماً والآخر خاصاً فيخصّ العام بالخاص: مثلوا لذلك بحديث ((فيما سقت السماء العشر))، ((فيما سقت السماء العشر)) [الحديث متفق عليه]: وهو عام في القليل والكثير مما تخرجه الأرض، يخصصه حديث: ((ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة)) [وهو أيضاً متفق عليه] من أمثلته: قوله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا} [(38) سورة المائدة]: السارق: جنس يطلق على من أخذ من مال غيره خفية، حتى قال بعضهم: من حرز، لا يعني أن هذا الكلام .. ، أن الحرز ليس بشرط، لا، شرط، لكن قال بعضهم: إن الحرز يؤخذ من لفظ السرقة، السرقة يقولون: من مفهومها الأخذ بخفية من حرز، لكن ليس من مفهومها النصاب، فالمسروق يشمل القليل والكثير، يخصصه حديث: ((لا تقطع يد السارق إلا في ربع دينار فصاعداً)) هذا خاص لما يبلغ النصاب. الحالة الرابعة: وهي التي تحتاج إلى مزيد بحث وعناية وانتباه، وهي فيما إذا كان التعارض بين نصين بينهما عموم وخصوص وجهي. يقول: وإن كان كل واحد منهما عاماً من وجه وخاصاً من وجه، فيخص عموم كل واحد منهما بخصوص الآخر: هذه آخر الصور، وهي أعقدها، فتحتاج إلى مزيد انتباه، نعم عرضنا لها في مناسبات كثيرة، ومثلنا لها ونظَّرنا، لكنها تحتاج إلى مزيد انتباه؛ لأنها من أعقد مسائل الأصول. أيش يقول المؤلف؟ وإن كان كل واحد منهما عاماً من وجه وخاصاً من وجه، فيخص عموم كل واحد منهما بخصوص الآخر: عندنا في قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} [(234) سورة البقرة]، هذا عام في كل متوفىً عنها، سواءً كانت حاملاً أو غير حامل، سواءً كانت حاملاً أو حائلاً، لكنه خاص بالمتوفى عنها. عموم هذه الآية في شمولها كل متوفىً عنها من حامل وحائل، وخصوص هذه الآية يكمن في كون هذه المرأة متوفىً عنها لا غير.

مع قوله -جل وعلا-: {وَأُوْلَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [(4) سورة الطلاق]، هذه الآية عامة في كل مفارقة، سواءً كان الفراق بسبب الطلاق أو الوفاة، لكنه خاص بأولات الأحمال، ظاهر ما بين النصين من التعارض؟ ظاهر ما بينهما من العموم والخصوص؟ يعني إذا جاءك شخص قال: إن أباه توفي نعم، وترك أمه وهي حبلى، يعني لو قلت: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} في أحد بينتقدك؟ لأنك استدللت بنص قطعي بالآية، هذه متوفىً عنها يلزمها أن تتربص أربعة أشهر وعشراً، يعني لو لم يرد في الباب إلا هذه الآية، نعم، لكن للطرف الآخر أن يقول: لا يا أخي يقول الله -جل وعلا-: {وَأُوْلَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ}، والآية الأولى تتناول كل متوفىً عنها، وهذه المذكورة في السؤال فرد من أفراد من توفي عنهن، كما أنها فرد من أفراد الآية الثانية -أولات الأحمال-؛ لأنها حبلى –حامل- ظاهر وإلا ما هو بظاهر؟ يعني ليس استدلال من استدل بالآية الأولى أولى بالقبول ممن استدل بالآية الثانية، وهنا يكمن الصعوبة في مثل هذه الصورة. تفضل أذِّن. أقول: هذه المسألة تحتاج إلى مزيد انتباه؛ الآية الأولى تدل على أن كل متوفىً عنها تتربص أربعة أشهر وعشر ليال، وتشمل بعمومها الحامل وغير الحامل، لكنها خاصة بالمتوفى عنها، والآية الثانية تشمل كل مفارقة سواءً كانت بمفارقة أو طلاق، لكنها خاصة بأولات الأحمال. هنا عموم وخصوص وجهي، ماذا يقول المؤلف؟ فيخص عموم كل واحد منهما بخصوص الآخر: يخص عموم كل واحد منهما بخصوص الآخر: أنا لا أستوعب مثل هذا الكلام، كيف يخص عموم كل واحد منهما بخصوص الآخر؟ الآن التساوي من كل وجه، التساوي من كل وجه، فإذا خصصنا عموم الآية الأولى بخصوص الآية الثانية قال لنا الطرف الآخر: لا يا أخي، لماذا لا نخصص عموم الآية الثانية بخصوص الآية الأولى؟ ظاهر وإلا ما هو بظاهر؟ إذن نحتاج إلى أيش؟

مرجح خارجي من غير النصين، نحتاج إلى مرجح خارجي من غير هذين النصين؛ لأننا كوننا نرجح خصوص عموم الآية الأولى بخصوص الآية الثانية والعكس ما سوينا شيئاً، ما يمكن في مثل هذا المثال الذي بين أيدينا، إذا قال لك شخص: والله هذه زوجة متوفىً عنها وحامل، لا بد أن تمكث أربعة أشهر وعشراً؛ لأن الآية الأولى تدل على ذلك، هي متوفىً عنها لا بد أن تمكث أربعة أشهر وعشراً، يقول لك الثاني: لا، هذه ذات حمل، والله -سبحانه وتعالى- يقول: {وَأُوْلَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ}: هذا خاص بذوات الأحمال، نقول: فيه عموم من وجه آخر، وهو أنه شامل للمتوفى عنها والمطلقات. إذن نحتاج إلى مرجح خارجي، يعني لوجود مثل هذا التعارض قال بعضهم: المتوفى عنها الحامل تعتد بأيش؟ بأقصى الأجلين؛ لتخرج من العدة بيقين، يعني لو بعد شهر ولدت تخرج من العدة؟ على هذا الكلام ما تخرج حتى تمكث أربعة أشهر وعشراً، إذا ولدت بعد سبعة أشهر تخرج من العدة إذا أكملت أربعة أشهر وعشراً؟ لا، حتى تضع الحمل؛ قيل بذلك، ثم ارتفع هذا الخلاف وأجمع أهل العلم على أن الحامل المتوفى عنها تخرج من العدة بأيش؟ بوضع الحمل؛ والمرجح حديث سبيعة، حديث سبيعة الأسلمية -وهو في الصحيحين- حديث سبيعة الأسلمية أنها كانت تحت سعد بن خولة، وهو من بني عامر بن لؤي، وكان ممن شهد بدراً فتوفي عنها في حجة الوداع وهي حامل، فلم تنشب أن وضعت حملها بعد وفاته -يعني بيسير- فلما تعلت من نفاسها تجملت للخُطَّاب، فدخل عليها أبو السنابل ابن بعكك -رجل من بني عبد الدار- فقال لها: ما لي أراك متجملة، لعلك ترجين للنكاح، والله ما أنت بناكح حتى يمر عليك أربعة أشهر وعشراً، قالت سبيعة: "فلما قال لي ذلك، جمعت عليّ ثيابي حين أمسيت، فأتيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فسألته عن ذلك، فأفتاني بأني قد حللت حين وضعت حملي، وأمرني بالتزويج إن بدا لي"، هذا مرجح لأيش؟ لكون الحامل المتوفى عنها كالمطلقة، فتخرج من عموم: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} لهذا الحديث الخاص، فاحتجنا إلى مرجح خارجي.

يقول ابن دقيق العيد -وهذا الكتاب الذي يشرح فيه ابن دقيق العيد العمدة خير ما يتمرن عليه طالب العلم في ربط الفروع بالأصول -يعني هذا الكتاب -صحيح فيه صعوبة، الكتاب فيه صعوبة، لكن فائدته عظمى، يعني الذي ينفق عليه وقتاً طويلاً ويفهمه، يستفيد فائدة لا تقدر؛ فيه كلام لا يوجد في المطولات، حواشي الصنعاني عليه أيضاً نافعة، لكن العبرة بكلام ابن دقيق العيد- اسمعوا ما يقول ابن دقيق العيد: في الحديث دليل على أن الحامل تنقضي عدتها بوضع الحمل أي وقت كان، وهو مذهب فقهاء الأمصار، وقال بعضهم من المتقدمين: إن عدتها أقصى الأجلين، فإن تقدم وضع الحمل على تمام أربعة أشهر وعشراً انتظرت تمامها، وإن تقدمت الأربعة الأشهر والعشر على وضع الحمل انتظرت وضع الحمل، وقيل: إن بعض المتأخرين من المالكية: اختار هذا المذهب، وهو سحنون. وسبب الخلاف: تعارض عموم قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ} الآية، مع قوله تعالى: {وَأُوْلَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ}؛ فإن كل واحدة من الآيتين عام من وجه، وخاص من وجه، فالآية الأولى: عامة في المتوفى عنهن أزواجهن، سواء كن حوامل أم لا، والثانية: عامة في أولات الأحمال، سواء كن متوفى عنهن أم لا. ولعل هذا التعارض هو السبب لاختيار من اختار أقصى الأجلين؛ لعدم ترجيح أحدهما على الآخر: لا يمكن الترجيح، وذلك يوجب أن لا يرفع تحريم العدة السابق إلا بيقين الحل، وذلك بأقصى الأجلين، غير أن فقهاء الأمصار اعتمدوا على هذا الحديث -حديث سبيعة- يعني فجعلوه مرجحاً؛ فإنه تخصيص لقوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ} مع ظهور المعنى في حصول البراءة بوضع الحمل. [هذا كلامه في هذه المسألة وهو ظاهر].

نأتي إلى مسائل أخرى تزيد هذه الصورة وضوحاً، تزيد هذه الصورة وضوحاً، وإن كنا بسطناها في مواضع، لكن ما يمنع أننا نعيدها للمناسبة: عندنا أحاديث النهي عن الصلاة في الأوقات الخمسة -وأنا أعرف أن بعض الإخوان يملّ مثل هذا الكلام لكثرة ما أعدناه في مناسبات كثيرة؛ يرد في الفقه ويرد في الحديث، ويرد في كل كتاب من كتب السنة، ويرد في مثل هذا الموضع، لكن هذه مناسبته- أحاديث النهي عن الصلاة في الأوقات الخمسة، مع ما جاء فيما يخص ذوات الأسباب. أحاديث النهي: منها حديث عقبة بن عامر: "ثلاث ساعات كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ينهانا أن نصلي فيهن، وأن نقبر فيهن موتانا"، فذكر الأوقات الثلاثة المضيقة: "حينما تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع، وحين يقوم قائم الظهيرة حتى تزول الشمس، وحين تتضيف الشمس للغروب حتى تغرب"، هذه ثلاثة أوقات، مع النهي عن الصلاة بعد طلوع الصبح إلى طلوع الشمس، وبعد صلاة العصر إلى أن تتضيف الشمس للغروب، فالأوقات خمسة، مثل هذه الأحاديث التي تنهى عن الصلاة في هذه الأوقات معارض بمثل قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين)) وهناك أحاديث أخرى فيها الصلاة في هذه الأوقات. أحاديث النهي فيها عموم وفيها خصوص، أحاديث ذوات الأسباب، ونمثلها بتحية المسجد فيها عموم وخصوص، عموم وخصوص وجهي، أحاديث النهي عامة في جميع الصلوات، خاصة في هذه الأوقات، أحاديث ذوات الأسباب عمومها في الأوقات، خصوصها في الصلوات.

الأئمة الثلاثة -أبو حنيفة ومالك وأحمد- مذهب المالكية والحنفية والحنابلة عملوا بأحاديث النهي، ومنعوا من التطوع في هذه الأوقات مهما كان سبب الحمل على ذلك –وأقول: التطوع؛ لأن الفرض خارج من الخلاف- الشافعية في مقابل الثلاثة عملوا بخصوص أحاديث ذوات الأسباب في مقابل عموم أحاديث النهي، فإذا قال الحنفي أو المالكي أو الحنبلي: أحاديث النهي خاصة، وأحاديث ذوات الأسباب عامة -وله أن يقول ذلك؛ لأن فيها عموم وخصوص- يقول له الطرف الأخر: أحاديث ذوات الأسباب خاصة، يعني في هذه الصلوات، وهي عامة في الأوقات، فليس قبول قول أحدهما بأولى بالقبول من قول الآخر؛ هما قولان متكافئان من كل وجه من حيث النصوص، العموم والخصوص وجهي، ظاهر التعارض وإلا ما هو بظاهر؟ ظاهر؟ يعني للحنفي أو الحنبلي أو المالكي أن يقول: أحاديث ذوات الأسباب عامة، وأحاديث النهي خاصة، وكلامه صحيح؛ أحاديث ذوات الأسباب عامة في الأوقات، وأحاديث النهي خاصة في هذه الأوقات، للطرف الآخر –الشافعي- يقول: العكس أحاديث النهي عامة في جميع الصلوات، وأحاديث ذوات الأسباب خاصة بهذه الصلوات، وليس قول أحدهما بأولى بالقبول من الآخر، وعرفنا السبب أن العموم والخصوص وجهي، وبهذا نعرف أن من يتعرض لبحث هذه المسألة ويقول: عموم وخصوص، والخاص مقدم على العام، ويأتي يتنفل في أي وقت هذا كلام فيه ما فيه. أقول: في الطرفين عموم وخصوص، ولا يمكن التوفيق بين هذه النصوص إلا بمرجح خارجي، يعني إذا أردنا أن نسلك ما قاله المؤلف، نخصص عموم أحدهما بخصوص الآخر، كيف نخصص عموم أحدهما؟ يمكن؟ ما يمكن، إذن لا بد من مرجح خارجي، هناك في المسألة الأولى طلبنا مرجحاً خارجياً فوجدنا حديث سبيعة. هنا نحتاج إلى مرجح خارجي، الذين يمنعون من إيقاع النوافل في هذه الأوقات ولو كانت ذوات أسباب يقولون: الحظر مقدم على الإباحة، أنت أمرت بالصلاة إذا دخلت المسجد، لكن من الذي نهاك عن الصلاة في هذه الأوقات؟ أليس هو الذي أمرك؟

يقولون: الحظر مقدم على الإباحة، لا شك أن النهي ويلتحق به قواعد: درء المفاسد مقدم على جلب المصالح، فعلى هذا نترك المحظور، وإن ترتب عليه ترك مأمور؛ لأنه في الحديث الصحيح: ((إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم، وإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه))، فلا شك أن القائل: بأن الحظر مقدم على الإباحة يوافق عليه الشافعية، وبهذا يرجح قول الأئمة الثلاثة، وهو أن الداخل إلى المسجد لا يتنفل في الأوقات الخمسة، من هذه الحيثية رجحوا بهذا بالقاعدة، بالمقابل للشافعية أن يقولوا -أن يرجحوا قولهم بقواعد أخرى- يقولون: العموم المحفوظ أولى من العموم الذي دخله الخصوص، فالعموم المحفوظ أقوى؛ لأن العموم يضعف بقدر ما يدخله من المخصصات، وعموم أحاديث ذوات الأسباب محفوظ وإن دخله خصوص أحاديث النهي، يعني نستحضر خصوص أحاديث النهي وأنه دخل عموم أحاديث ذوات الأسباب، لكن ما دخل عموم أحاديث النهي من المخصصات أكثر مما دخل عموم أحاديث ذوات الأسباب من المخصصات، فعلى هذا يبقى عموم أحاديث ذوات الأسباب أقوى من عموم أحاديث النهي، وبهذا يرجح الشافعية مذهبهم. وما زالت المسألة من عضل المسائل، حتى قال جمع من أهل العلم: لا تدخل المسجد في أوقات النهي؛ لئلا تقع في الحرج؛ لأنك إن صليت عارضت حديث النهي، وحديث النهي صحيح، وإن جلست عارضت الأمر .. ، أو النهي عن الجلوس حتى تصلي ركعتين. قال بعضهم: لا تدخل في أوقات النهي؛ دفعاً لهذا الحرج، وبعضهم قال: ادخل لكن لا تجلس، المسألة من عضل المسائل فيما قرره أهل العلم، ليست من السهولة بمكان بحيث يدخل الإنسان قبل غروب الشمس بخمس دقائق ويتنفل، ونفسه تطيب بهذا ومرتاح وما كأنه خالف شيئاً، بعض أهل العلم يقول: لا تدخل في هذا الوقت؛ منعاً للحرج، وبعضهم يقول: إذا دخلت لا تجلس. قول الظاهرية في هذا غير معتبر؛ لأنهم يقولون: إذا دخلت اضطجع، فما تصير جلست ولا صليت في وقت النهي، لكنه لائق بمذهبهم. على كل حال نعود إلى المسألة وهي تحتاج إلى مزيد مرجحات، والمرجح مع من يعمل بأحاديث النهي، وهم الجمهور، ويمنعون من الصلاة في أوقات النهي.

المرجِّح عرفناه، أن الحظر مقدم على الإباحة، أن تأتي بصلاة، صحيح أنك أمرت بها، لكن من الذي نهاك عن الصلاة في هذه الأوقات؟ هو الذي أمرك، والنهي أقوى من الأمر عند أهل العلم، ودليله كما ذكرنا: ((إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم))، أنا لا أستطيع أن أصلي في وقت النهي؛ لأني منهي عن الصلاة في هذا الوقت، ((وإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه)) ما في مثناوية. للقول .. ، لمن يقول بالقول الآخر مرجحه، وهو قول معتبر عند أهل العلم، لكن ليس من السهولة بمكان أن يدخل الإنسان في أي وقت يتنفل ونفسه تطيب بذلك ومرتاح، لا. والذي أرجحه أن أوقات النهي الموسعة الأمر فيه سعة، يعني إذا دخلت بعد صلاة الصبح تنفل، دخلت بعد صلاة العصر تنفل؛ لأنك مأمور بأن تتنفل، صحيح أنك منهي، لكن ليس مثل النهي عن الصلاة في الأوقات المضيقة؛ لأن النهي عن الصلاة في الأوقات الموسعة قرر أهل العلم كابن عبد البر وابن رجب وغيرهم أن النهي عن الصلاة في الوقتين الموسعين، نعم؛ لئلا يسترسل الإنسان فيصلي في الأوقات المضيقة، فالنهي عن الصلاة فيها من باب منع الوسائل، والنهي عن الصلاة في الأوقات المضيقة الثلاثة، وهي أشد، النهي فيها أشد؛ لأن النهي فيها عن الصلاة وعن الدفن -دفن الأموات- بينما الوقتين الموسعين الأمر فيهما أوسع؛ وقد أقر النبي -عليه الصلاة والسلام- من قضى راتبة الصبح بعد صلاة الصبح، مع أنه وقت نهي. وقضى النبي -عليه الصلاة والسلام- راتبة الظهر بعد صلاة العصر، فدل على أن الأمر فيه أوسع، بينما إذا طلعت الشمس بازغة حتى ترتفع هذا وقت ذروة بالنسبة للنهي، حين يقوم قائم الظهيرة حتى تزول أيضاً وقت ذروة، ومثله حين تتضيف الشمس للغروب، وهي أوقات قصيرة، يعني لا تزيد على ربع ساعة في المواطن الثلاثة، يعني الإنسان يتحرى في هذه الأوقات ولا يصلي.

من صور هذه المسألة أو من أمثلة هذه الصورة الرابعة: ((من بدل دينه فاقتلوه)) ((من بدل دينه فاقتلوه)) مع ما جاء في النهي عن قتل النساء والذرية، ((من بدل دينه فاقتلوه)) عام في الرجال والنساء؛ لأن (من) من صيغ العموم، ((من بدل دينه فاقتلوه)) عام في الرجال والنساء، خاص بمن؟ بالمرتد، خاص بالمرتد، فعمومه في الذكور والإناث، وخصوصه بالمرتدين، والنهي عن قتل النساء، عمومه في المرتدات والكوافر الأصليات، فهو عام من هذه الحيثية وخصوصه في النساء دون الرجال. يعني إذا قال قائل: هذه امرأة مرتدة، قال: تقتل؛ ((من بدل دينه فاقتلوه)) يرد عليه بالنهي عن قتل النساء، النهي عن قتل النساء، من قال: تقتل معه دليل؛ معه عموم حديث ((من بدل دينه فاقتلوه)) ومن قال: لا تقتل معه عموم حديث النهي عن قتل النساء. لكن خصوص ((من بدل دينه)) يتناول هذه المرأة التي ارتدت وإلا لا؟ وعموم النص الثاني النهي عن قتل النساء يتناولها أيضاً فلا تقتل، فهناك عموم وخصوص وجهي. إذن نحتاج إلى مرجح خارجي، كيف نأتي بمرجح خارجي؟ نقول: مثل ما قلنا سابقاً: إن العموم المحفوظ أولى وأقوى من العموم المخصوص، النهي عن قتل النساء عمومه محفوظ وإلا مخصوص؟ مخصوص بأشياء كثيرة؛ المرأة إذا قتلت تقتل وإلا ما تقتل؟ تقتل مع إمكان دخولها في النهي عن قتل النساء. المرأة المحصنة إذا زنت ترجم وإلا ما ترجم؟ ترجم مع إمكان دخولها في عموم النهي عن قتل النساء، فعموم النهي عن قتل النساء مخصوص؛ دخله مخصصات، فضعف في مقابل عموم النهي عن قتل النساء، وضعف عن عموم .. ، صار أضعف من عموم حديث: ((من بدل دينه فاقتلوه)) وعلى هذا تقتل المرتدة وهو قول الجمهور، خلافاً للحنفية. كم باقي على الإقامة؟ طالب:. . . . . . . . . والله أعلم، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فقد قال المؤلف -رحمه الله تعالى-: وإما الإجماع فهو اتفاق علماء أهل العصر على الحادثة، ونعني بالعلماء الفقهاء، ونعني بالحادثة الحادثة الشرعية، وإجماع هذه الأمة حجة دون غيرها لقوله: ((لا تجتمع أمتي على ضلالة))، والشرع ورد بعصمة هذه الأمة، والإجماع حجة على العصر الثاني وفي أي عصر كان، ولا يشترط في حجيته انقراض العصر، فإن قلنا: انقراض العصر شرط. الشيخ: على الصحيح، عندك على الصحيح؟ طالب: لا. عندكم؟ طالب:. . . . . . . . . ولا يشترط انقراض العصر على الصحيح. فإن قلنا: انقراض العصر شرط يعتبر قول من ولد في حياتهم وتفقه، وصار من أهل الاجتهاد، ولهم على هذا القول أن يرجعوا عن ذلك الحكم، والإجماع يصح بقولهم وبفعلهم وبقول البعض وبفعل البعض، وانتشار ذلك القول أو الفعل، وسكوت الباقين عليه، وقول الواحد من الصحابة. يكفي، يكفي بركة. الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين: في هذا المبحث يتكلم المؤلف -رحمه الله تعالى- عن الإجماع. والإجماع حجة شرعية عند عامة من يعتد بقوله من أهل العلم، ورتبته ثالث الأدلة بعد الكتاب والسنة، وقدمه بعضهم عليهما -على الكتاب والسنة- بعض أهل العلم -لا سميا من أهل الأصول- يقدمون الإجماع على الكتاب والسنة؛ لأن الإجماع لا يحتمل نسخاً ولا تأويلاً، بخلاف النصوص من الكتاب والسنة؛ يحتمل أن تكون منسوخة كما أنها أيضاً تحتمل التأويل، والإجماع باعتباره لا بد أن يكون له مستند من الكتاب والسنة. والحجة في الحقيقة في الأصلين، في الأصلين الذين هما الكتاب والسنة، واستمد الإجماع حجيته من دلالة الكتاب والسنة؛ فلولاً ما ورد من أدلة الكتاب والسنة على حجية الإجماع لما اعتددنا بالإجماع، فهو استمد قوته منهما، فكيف يقدم عليهما؟ الإجماع عرفه المؤلف -رحمه الله تعالى- بقوله:

هو اتفاق علماء أهل العصر على حكم الحادثة: اتفاق علماء أهل العصر على حكم الحادثة: وخص المؤلف العلماء بالفقهاء، والحادثة خصها بالحادثة الشرعية، فالإجماع -كما هو معروف-: مصدر أجمع يجمع إجماعاً، من الرباعي أجمع يجمع إجماعاً، ويطلق ويراد به أحد معنيين: الأول: العزم كما في قوله تعالى: {فَأَجْمِعُواْ أَمْرَكُمْ} [(71) سورة يونس]: اعزموا على أمركم، وفي الحديث: ((لا صيام لمن لم يجمع الصيام من الليل)) الحديث: ((لا صيام لمن لم يجمع)): يعني يعزم وينوي ويعقد النية من الليل -وهذا معروف أنه في الفرض، وأما النفل فيصح من أثناء النهار على ما هو مقرر في الفقه- فيطلق ويراد به العزم كما ذكرنا، ويطلق ويراد به الاتفاق وهو المراد هنا. تعريف المؤلف: اتفاق علماء أهل العصر على حكم الحادثة: يريد بالاتفاق هنا ما يراد في الإجماع؛ لأنه بصدد تعريفه، وهو اتفاق جميع المجتهدين من علماء هذه الأمة في عصر من العصور على حكم الحادثة الشرعية، هذا هو المراد به هنا، وإن أطلق بعضهم الاتفاق وأراد به اتفاق الأئمة الأربعة؛ لأن هذه مسائل اصطلاحية ولا مشاحة في الاصطلاح، فإذا بين العالم في مقدمة كتابه أنه إذا قال: اتفقوا -يريد بذلك الأئمة الأربعة- له ذلك على أن يبين، ولا مشاحة في الاصطلاح. إذا نفى الخلاف فقال: بلا خلاف: الأصل أن يكون بلا خلاف بين أهل العلم، بلا نزاع: بلا نزاع بين أهل العلم، ولا نعلم في هذا خلافاً: أيضاً بين أهل العلم، لكن قد يطلق أهل العلم هذه الألفاظ: بلا خلاف: يعني في المذهب، بلا نزاع: في روايات المذهب إلى آخره، بين أتباع المذهب .. المقصود أنه الأصل إذا أثبت الاتفاق والإجماع فالمراد به اتفاق علماء الأمة، وإذا نفي الخلاف فالمراد خلافهم، هذا هو الحقيقة في الباب، لكن إذا اصطلح أحد على غير ذلك وبين اصطلاحه فلا مشاحة حينئذ في الاصطلاح، وهو موجود نعم، موجود يقول: بلا نزاع: والمراد به بين أتباع هذا المذهب، بلا خلاف: بين روايات المذهب ولا اختلاف، هذا لا يدخل فيما معنا.

يطلق الإجماع ويراد به قول الأكثر، المبحوث هنا، المراد بالإجماع قول الكل، قول جميع علماء العصر، والمراد بذلك المجتهدين من الفقهاء، لكن قد يطلق الإجماع ويراد به قول الأكثر، وهذا معروف عند الإمام ابن جرير الطبري -رحمه الله- وهذا كثير ملحوظ في تفسيره؛ لأنه يذكر الخلاف، يذكر الخلاف، يذكر قول الأكثر، ثم يذكر قول المخالف، ثم يقول: والصواب في ذلك عندنا كذا؛ لإجماع القرأة على ذلك، كيف يقول لإجماع وقد ذكر الخلاف؟ نعم، كيف يقول لإجماع القرأة لإجماع العلماء، لإجماع الفقهاء، لإجماع المفسرين، وقد ذكر الخلاف هو بنفسه؟ هو يرى أن الإجماع قول الأكثر، وهذا قول انفرد به عن غيره رحمة الله عليه. العلماء الذين يعتنون أو يعنون بنقل الإجماع ونفي الخلاف -كابن المنذر وابن عبد البر والنووي وابن قدامة- يلهجون بذكر الإجماع بكثرة، وابن حزم له مؤلف في الإجماع، ابن المنذر له مؤلف في الإجماع. المقصود أن هذه كلمة يلهج بها كثير من أهل العلم، مع أنها لا تُسلَّم لهم كل دعاواهم؛ قد ينقل ابن المنذر الإجماع ثم يوقف على مخالف، وقد ينقل ابن عبد البر الإجماع على مسألة مع وجود المخالف، ومثلهم .. ، أقول مثل ذلك بالنسبة لابن قدامة والنووي، والنووي -رحمة الله عليه- واسع الخطو في هذا الباب، متساهل في نقل الإجماع أكثر من غيره، فقد يذكر الإجماع وينقله في مسائل الخلاف فيها واضح -في مسائل اشتهر فيها الخلاف- سواءً كان بين العلماء عامة من مذهبه وغيره، أو الخلاف في مذهبه -مذهب الشافعي- وقد ينقل الخلاف هو، وقد ينقل الخلاف، لكن إن كان نقله للخلاف عن الظاهرية مثلاً، أو عن من لا يعتد بقوله، فلا اعتراض؛ كثيراً ما يقول: والإجماع قائم على كذا، وأجمع العلماء على كذا، وينقل قول الظاهرية، هذا لا اعتراض عليه لماذا؟ لأنه نص في شرح مسلم على أنه لا يعتد بقول داود، لماذا؟ لأنه لا يرى القياس الذي هو أحد أركان الاجتهاد، لكن قد ينقل الإجماع والخلاف معتبر.

في مسائل كثيرة منها يقول -رحمه الله-: "عيادة المريض سنة بالإجماع"، مع أن الإمام البخاري ترجم في صحيحه باب وجوب عيادة المريض. وقال: "صلاة الكسوف سنة بالإجماع"، مع أن أبا عوانة في صحيحه قال: باب وجوب صلاة الكسوف، هل نقول إن مثل هذا الخلاف خفي على النووي؟ إن خفي عليه ما في صحيح أبي عوانة، لا يخفى عليه ما في صحيح البخاري -رحمه الله- لكن هم البشر، لا بد من الغفلة، لا بد من الغفلة. الإمام الشافعي -رحمه الله تعالى- نفى الخلاف، وقال: لا يعلم خلافاً في عدم وجوب الزكاة في البقر إذا لم تبلغ الثلاثين، والخلاف معروف بين الصحابة في العشر. والإمام مالك -رحمه الله تعالى- في الموطأ ذكر أنه لا يعلم خلافاً في مسألة رد اليمين على المدعي، والخلاف معروف بين قضاة عصره، كابن أبي ليلى وابن شبرمة. على كل حال هم بشر، هم بشر لا يتصور أن يحيطوا بكل مسائل العلم، وبكل أقوال العلماء. مثل هذه الاستدراكات على هؤلاء الأئمة جعلت مثل الشوكاني -رحمه الله- في نيل الأوطار يقول: هذه الدعاوى التي يدعيها بعض أهل العلم –يعني يكثرون منها، من دعاوى الإجماع- قال: كل هذا يجعل طالب العلم لا يهاب الإجماع، لا يهاب الإجماع. على أنه على طالب العلم أن يهاب الإجماع، فإذا ذكر الإجماع، على طالب العلم أن يقف، ولا يتسرع ولا يتعجل، يبحث إن وُجِد مخالف، يبحث عن دليله، إن كان له حظ من النظر نظر فيه، وإلا فالإجماع له هيبته؛ لأنه حجة عند من يعتد بقوله من أهل العلم.

المؤلف -رحمه الله تعالى- قال: ونعني بالعلماء الفقهاء: نعني بالعلماء الفقهاء: وعلى هذا لا يعتبر اتفاق غيرهم -والغير يشمل جميع التخصصات، وإن كانت شرعية- فلا عبرة بإجماع المفسرين، ولا عبرة بإجماع المحدثين، ولا عبرة بإجماع علماء العقيدة، كل هذا على حدِّ كلامه -رحمه الله تعالى- ونعني بالعلماء الفقهاء: نعم من كانت همته مصروفة لرواية الحديث دون درايته ولا التفقه منه، ومن كانت همته مصروفة لفهم كلام الله -عز وجل- دون التفقه، يعني فهم المعاني وربط .. ، وتحريرها لفظياً من غير استنباط منها واستدلالاً بها، ما يبعد كلامه، لكن الفقهاء الحقيقيون هم العلماء وهم المفسرون، وهم المحدثون، نعم، ما عرف انفكاك هذه الجهات من بعضها بحيث يكون عالماً في علم، عامياً في علم إلا في العصور المتأخرة، وإلا فالأصل أن العلوم الشرعية مترابطة مترابطة؛ الفقيه على أي شيء يبني فقهه؟ على نصوص الكتاب والسنة، الفقيه إنما يبني فقهه على نصوص الكتاب والسنة. كيف يكون فقيهاً وهو لا علاقة له ولا دراية بكلام الله -عز وجل- ولا كيف يعتمد في الأحكام ويؤصل ويؤسس وهو لا بضاعة له من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ وعلى هذا قوله: العلماء: المقصود بهم من يجمع هذه العلوم بحيث يكون فقيهاً معتمداً على نصوص الكتاب والسنة، والمراد بالعلماء المجتهدون لماذا؟ لأن المقلد لا عبرة بوفاقه ولا خلافه، المقلد لا عبرة بقوله وفاقاً ولا خلافاً؛ لأنه تابع لغيره، فضلاً عن العوام، إذا كان من يعرف المسائل الفقهية من أول باب في كتب الفقه إلى آخر باب من الطهارة إلى الإقرار، لكن تفقهه على جهة التقليد وقبول قول الغير من غير حجة، مثل هذا لا عبرة به؛ العبرة بالمقلَّد، أما المقلد لا عبرة به، ولذا نقل ابن عبد البر الإجماع على أن المقلد ليس من أهل العلم؛ المقلد في حكم الناقل لقول غيره.

فالمراد باتفاق العلماء: العلماء المجتهدين، والمراد بعلماء العصر: علماء الزمان، قلَّ أو كثر، إجماع العلماء، إجماع طبقة من أهل العلم وجدوا في عصر واحد متقاربون في السن والتحمل والأخذ من الشيوخ -هذه طبقة- إذا انقرضوا جاء العصر الثاني، وإلا لو لم نقل بهذا قلنا: إن الأمة كلها طبقة واحدة؛ لأنها مترابطة يذهب هذا ويخلفه هذا. يقول: على حكم الحادثة، ونعني بالحادثة الحادثة الشرعية: هذا المبحث وهو الاتفاق والإجماع تبحث فيه من الناحية الشرعية، يستدل به على الأحكام الشرعية، فلا يحتج به في الأحكام على الأمور العادية، الأمور العادية، لو نظرنا في إشارات المرور وجدنا الإجماع قائم في دول العالم كلها على الألوان الثلاثة، صح وإلا لا؟ نعم؟ فيه بلد يختلف عن هذا؟ طالب:. . . . . . . . . أنا ما سافرت، ولا رحت ولا جيت، لكن هذا المستفيض، في بلد يختلف عن الألوان الثلاثة الأحمر والأصفر والأخضر؟ طالب:. . . . . . . . . ما فيه، إذن هذا إجماع، هذا إجماع، لو جاء في بلد من البلدان شخص مسؤول عن المرور أو ملك أو شيئاً من هذا قال: والله العالم كله على هذا الترتيب، أنا اقلب الترتيب، اعكسوه، نقول: يأثم لمخالفته الإجماع؟ طالب:. . . . . . . . . لا، لماذا؟ لأنه ليس من المسائل الشرعية، هذه أمور عادية اصطلاحية، ولا مشاحة في الاصطلاح، ولا يعني هذا الكلام أننا لا نلتزم بما تدل عليه هذه الإشارات؛ لأن الشخص يسمع مثل هذا الكلام ويخلط، يفهم من هذا الكلام أنه يمشي يقطع الإشارة؛ وهذه أمور عادية ولا فيها اجتماع، ولا إجماع ولا شيء، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . قد يسمع هذا الكلام ولا يوفق لفهمه، الكلام منصب على أنه لو رأى ولي أمر في بلد من البلدان أنه يغير الترتيب هذا، اللون الأخضر للوقوف، والأحمر للمشي، أو الأصفر وإلى آخره، نقول: يأثم؛ لأنه خالف الإجماع؟ لا يأثم، ومعنى هذا أنه يغير نظام هذه الأمور من قبل من تلزم طاعته. لكن لو جاء شخص –فرد- وقال: العالم كله مجمع على أن الإشارة إذا صارت حمراء يقف، أنا ما نبغاها إلا إذا صارت خضراء، يأثم وإلا ما يأثم؟ طالب:. . . . . . . . . نعم؟ طالب:. . . . . . . . .

هذه مخالفة صريحة، وضررها ظاهر ومصلحتها ظاهرة، إذن أهل العلم يقولون: يأثم للمخالفة، وهذه مسألة وتلك مسألة أخرى. المقصود أن الإجماع هنا يراد به الإجماع على المسائل الشرعية، والمراد بالعلماء علماء هذه الأمة، فلا يعتبر اتفاق علماء الشرائع السابقة، ولو قيل: إن الإجماع من خصائص هذه الأمة التي فيها حصول الاتفاق واتحاد الكلمة .. ، الأمم السابقة قد يتفقون على المخالفة لشرائعهم وهذا ظاهر، يتفق العلماء -إن استحقوا هذا الوصف- على مخالفة النص، أو على تحريف النص، ويتتابعون عليه، فالأمم السابقة ليست معصومة، ولذا ذكر الحافظ ابن كثير -رحمه الله تعالى- أن عشرة من النصارى اجتمعوا لبحث مسألة، اتفقوا فصدروا عن أحد عشر قولاً، هذا ذكره الحافظ بن كثير -رحمه الله تعالى- عشرة اجتمعوا لبحث مسألة فصدروا عن أحد عشر قولاً. ومما ينبغي إضافته إلى الحد ما قرره أهل العلم من أن الإجماع المعتبر لا بد أن يكون بعد وفاة النبي -صلى الله عليه وسلم- بعد وفاته -عليه الصلاة والسلام-؛ لأنه في حياته الدليل يحصل بسنته -عليه الصلاة والسلام- من قول أو فعل أو تقرير؛ فلسنا بحاجة إلى اتفاق غيره مع قوله -عليه الصلاة والسلام-. الإجماع .. ، قد يقول قائل كيف يتصور الإجماع؟ الإجماع في عصر الصحابة وقت اجتماعهم بالمدينة ممكن، وبعد تفرقهم في الأمصار صعُب تصور الإجماع، وأصعب منه من جاء بعد الصحابة، بعد انتشار العلماء في الأقطار المترامية الأطراف من شرق الأرض وغربها مع صعوبة الاتصال، ولذا أنكر بعضهم وقوع الإجماع، ولا شك أن الإجماع واقع، والدليل على ذلك حصوله في مسائل كثيرة، مسائل نقل فيها الإجماع، والنقل مطابق للواقع، النقل مطابق للواقع، كثير من المسائل التي نقل فيها الإجماع مطابق للواقع، يعني المسائل التي نقل فيها الإجماع وخرم هذا الإجماع قليلة بالنسبة للمسائل التي اختلف فيها العلماء، والناظم -رحمه الله- ذكر مثال بعد أن عرف الإجماع بقوله: هو اتفاق كل أهل العصر ... أي علماء الفقه دون نكر على اعتبار حكم أمر قد حدث ... شرعاً كحرمة الصلاة بالحدث

إجماع: أجمع أهل العلم على تقديم الدين على الإرث، مسائل كثيرة حصل فيها الإجماع، أجمعوا على تحريم الزنا، تحريم شرب المسكر، تحريم الربا، أجمعوا على إباحة شرب الماء، إباحة أكل الخبز وما أشبه ذلك، هذه مسائل حصل فيها الإجماع ولم يخالف فيها أحد، المقصود أنه واقع واقع. بعض أهل العلم جعل الإجماع من قبيل المستحيل؛ لا سيما بعد أن تفرق الناس، ولذا منهم من يرى أن الإجماع المعتبر إجماع الصحابة دون غيرهم. يقول -رحمه الله تعالى-: وإجماع هذه الأمة حجة دون غيرها لقوله –صلى الله عليه وسلم-: ((لا تجتمع أمتي على ضلالة)) والشرع ورد بعصمة هذه الأمة: الإجماع مثل ما تقدم حجة قطعية شرعية، يجب العمل به على كل مسلم، بل هو ثالث الأدلة، وعرفنا أن بعضهم بالغ حتى قدمه على النصوص؛ لأنه لا يحتمل نسخاً ولا تأويلاً بخلاف النصوص؛ لأنها تحتمل، وعرفنا أنه لو لولا النصوص لما حصل الإجماع، إذ لا بد في كل إجماع من مستند من الكتاب أو السنة، علمناه أو خفي علينا. إذا نقل الإجماع في المسألة ولم نعرف لها دليلاً جزمنا بأن لها دليلاً ولو لم نطلع عليه، وإذا أجمع أهل العلم على ترك العمل بخبر ثابت جزمنا بأن هذا الخبر منسوخ بدليل شرعي، ولو لم نطلع عليه؛ دلنا على وجوده هذا الإجماع، فالإجماع دلنا على وجود ناسخ، وإلا كما تقدم النسخ من خصائص النصوص والإجماع لا ينسخ ولا يُنسخ، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . أيش؟ طالب:. . . . . . . . . إيه. طالب:. . . . . . . . . الاحتمال قائم، نعم، الاحتمال قائم ويتداوله الأئمة ولا ينتقدونه، نعم، ويمر على علماء الأمة، ولا في أحد يقول: لا خالف فلان، هذا يثبت إجماعاً، معنى هذا أن الأمة فرطت في دينها، والأمة معصومة من التفريط في شيء من دينها. طالب:. . . . . . . . . لا، وتداوله الناس، صار فيه فرصة لأن يتداوله الناس ولم يطلعوا على مخالف!! طالب:. . . . . . . . . إذا لم يكن له سلف يكن آثم، إذا لم يكن له سلف لا يجوز له إحداث قول جديد، نعم؟ طالب: كيف نعول قول الإمام أحمد .... ؟ يعني بعد انتشار الأمة في الأقطار في ... طالب: هل مستند الإجماع الأول إجماع الصحابة ... ؟

هذه رواية في المذهب، هذه رواية في المذهب أن الإجماع المعتبر إجماع الصحابة؛ لأنهم هم الذين يمكن حصرهم وحصر أقوالهم، وأما الأمة تفرقت شذر مذر، يعني من في الأندلس كيف يتسنى له أن يطلع على أقوال علماء اليمن، أو علماء خراسان، أو ما أشبه ذلك، نعم؟ طالب: يا شيخ أحسن الله إليك: يوجد بعض الإجماعات من الصحابة الأئمة على خلافها مثل يا شيخ تارك الصلاة مثل .... نقل الإجماع عن الصحابة بعض الأئمة المتقدمين المعتبرين، ولكن الأئمة على خلاف .... كيف نعوله يا شيخ؟ يعني كانوا لا يرون شيئاً تركه كفر، شيئاً من الأعمال تركه كفر إلا الصلاة، معروف أنه إذا قيل: كانوا، المراد به الصحابة، وجود الخلاف من إمام معتبر، أو من أئمة معتبرين، نعم، وجود هذا الخلاف يدل على خلل في هذا الإجماع إما في حقيقته أو في نقله، إما في حقيقته أو في نقله، وجود مثل هذا الخلاف. الترمذي -رحمه الله تعالى- في (علل الجامع) قال: إنه لا يوجد حديث في كتابي أجمع العلماء على ترك العمل به سوى حديثين الأول: أيش؟ الجمع، الجمع من غير سفر ولا مط، ر حديث ابن عباس، وهو حديث صحيح مخرج في صحيح مسلم، الثاني: قتل الشارب، قتل المدمن في المرة الرابعة أو الخامسة في حديث معاوية وغيره، أحاديث صحيحة، أجمع العلماء على ترك العمل بها ونقل الإجماع، يعني الترمذي نقله، والنووي نقله لكن المخالف موجود؛ من أهل العلم من يرى قتل الشارب في المرة الرابعة أو الخامسة، منهم من يراه حد، شرب في الأولى يجلد، ثم يجلد، ثم يجلد، ثم .. ، ثم يقتل، نعم، وممن يرى قتله ابن حزم وجمع من أهل العلم، لكن شيخ الإسلام يرى أنه ليس بحد وإنما هو تعزير، وأيده ابن القيم؛ يرى أن قتل الشارب المدمن من باب التعزير، وأنه إذا لم يرتدع بالجلد فإنه يقتل. على كل حال مثل هذه النقول الآن موقف أهل العلم من الأحاديث التي أجمع العلماء على ترك العمل بها، هل نقول: إن الأمة ردت على النبي -عليه الصلاة والسلام- قوله؟ أو نقول إن هذا الإجماع دل على وجود ناسخ ولو لم نطلع عليه؟

دل على وجود ناسخ ولو لم نطلع عليه؛ لأنه لا يتصور أن الأمة ترد كذا معاندة الرسول يقول كذا، يقولون: بدنا نجمع على خلافه، فقول الرسول لا يرد إلا بقوله -عليه الصلاة والسلام-. طالب:. . . . . . . . . إيه. طالب:. . . . . . . . . أيش لون؟ طالب:. . . . . . . . . إيه، لكن مع ذلك نتحرى ونتثبت في الإجماع؛ الكلام على الإجماع الذي له حظ من النظر، واقع بالفعل وليس له مخالف، لا بد أن نقول: إنه .. ، هذا يجعلنا نزيد في البحث عن وجود معارض للدليل. كلام من يقول: إن الإجماع مقدم على النصوص، يعني ما فيه إلا أنه سوء أدب في التعبير؛ يعني سوء أدب في التعبير؛ لأن الإجماع مستند على نصوص فكيف يقدم عليها. أيضاً يهاب الإنسان أن يقول: إن الإجماع وكلام الناس مقدم على قال الله وقال رسوله، لكن إذا نظرت بعين البصيرة والواقع أنه إذا أجمع، والإجماع مستند إلى نص، صار التقديم للنص الذي اعتمد عليه الإجماع، واتفاق علماء الأمة على حكم من الأحكام يدلنا على أن النص الثاني الذي من الكتاب أو من السنة إما منسوخ أو مؤول. طالب: ألا يشترط العلم بالناسخ؟ لا ما يشترط وين، في مثل هذه الحالة إذا أجمع أهل العلم على ترك حديث، نعم، ما يشترط العلم بالناسخ، وأيش تسوي؟ تترك الإجماع وإلا تترك النص؟ تقول: هذا الإجماع وقد اشترط للإجماع أن يعتمد على نص، ما في إجماع بدون نص، إذا لم نطلع على هذا النص الذي اعتمد عليه الإجماع نتهم أنفسنا نقول: هذا الإجماع له مستند ولو لم نطلع عليه، لقصورنا أو تقصيرنا. طالب: يا شيخ من لم يرَ العمل بالإجماع هل يبدع أو يفسق؟ أما الإجماع اتفاق الأمة لا شك أنه حجة، يعني لا يراه مع الأدلة التي نسوقها؟! لأنهم قالوا: من الأدلة على حجية الإجماع قوله تعالى: {وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيرًا} [(115) سورة النساء]، يتبع غير سبيل المؤمنين، وسبيل المؤمنين على قول واحد، ثم يأتي فيحدث قول جديد: {نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ}. طالب:. . . . . . . . .

أنت الآن أثبِت حجيته، ثم ثبوته مرحلة ثانية، فلا تستدل ولا تحتج إلا بما ثبت. الحديث الذي أشار إليه المؤلف: ((لا تجتمع أمتي على ضلالة)): أيضاً يدل على حجية الإجماع، وهو حديث مخرج عند أبي داود والترمذي ولا يسلم من مقال، لكنه له طرق تشد بعضها بعضاً، تدل على أن له أصلاً، والشرع ورد بعصمة هذه الأمة -كما قال المؤلف- للأدلة التي ذكرها ولغيرها. يقول -رحمه الله تعالى-: والإجماع حجة على العصر الثاني وفي أي عصر كان: من لازم كون الإجماع حجة قطعية أن يلزم أهل العصر الثاني، مقتضاه هو العمل به، فإذا أجمع الصحابة -رضوان الله عليهم- على حكم شرعي حينئذ ليس للتابعين أن يخالفوا هذا الإجماع، بل هو حجة عليهم وعلى من بعدهم في أي عصر من العصور، وهكذا. ثم قال: ولا يشترط انقراض العصر على الصحيح: قوله: على الصحيح: يدل على أن هناك من يشترط، وإن كان مرجوحاً إلا أن هناك قول يقول باشتراط انقراض العصر. فإن قلنا: انقراض العصر شرط يعتبر قول من ولد في حياتهم وتفقه -هذا كلام المؤلف- وصار من أهل الاجتهاد، ولهم أن يرجعوا عن ذلك الحكم: خلاص ما دام وجد قبل انقراضهم فإنه لا ينعقد إجماعاً. ذهب جمهور العلماء إلى عدم اشتراط انقراض العصر فينعقد الإجماع بمجرد اتفاق المجتهدين ولو كانوا أحياء، فلا تجوز حينئذ مخالفتهم؛ لأن أدلة حجية الإجماع لا توجب ولا تشير، وليس فيها إشارة إلى انقراض العصر. والإجماع .. ، ولأن الإجماع هو الاتفاق بين العلماء المجتهدين في عصر من العصور، وقد حصل، فإذا حصل هذا الاتفاق من المجتهدين كلهم فقد حصلت حقيقة الإجماع. ذهب بعض الشافعية ورواية عن الإمام أحمد إلى أنه يشترط انقراض العصر، ووجه اشتراطه احتمال رجوع بعض المجتهدين عن رأيه، بعض المجتهدين متفق، هو في الأصل متفق مع العلماء، ثم يتبين له من أدلة المسألة ما يرجح له خلاف ما قاله أولاً، وإذا ترجح لديه خلاف ما ذهب إليه أولاًً فإنه حينئذ يؤول الأمر إلى الخلاف، وإذا وجد الخلاف فلا إجماع، لكن الراجح هو القول الأول، ولذا قال المصنف: هو الصحيح. وفي قوله: فإن قلنا انقراض العصر شرط: بيان لثمرة الخلاف، وتتمثل في أمرين: _

الأول: اعتبار قول من ولد في عصر المجمعين وبلغ رتبة الاجتهاد في حياتهم أو في حياة بعضهم، فله أن يخالف ولا يعد مخالفاً للإجماع؛ لأنه لم ينعقد؛ لأنه ما انقرض العصر، ما مات جميع المجتهدين بقي بعضهم، ولد من تفقه ووصل إلى درجة الاجتهاد ثم خالفهم، ذا في الحقيقة العصر استوعب الإجماع السابق ومن لحق بهم فيما بعد ووجد منه الخلاف، هذه ثمرة الخلاف. فإذا قلنا: إنه يشترط انقراض العصر اعتددنا بقول المخالف، وإن جاء بعدهم، يعني ممن ولد في حياتهم، وإذا قلنا بعدم الاشتراط، إذا قلنا بعدم الاشتراط لم نعتدد، نعم، وإذا قلنا بالاشتراط اعتددنا به. الفائدة والثمرة الثانية: أن للمجمعين أن يرجعوا عن الحكم الذي أجمعوا عليه، ولا يعد ذلك نقضاً للإجماع؛ لأنه لم يستقر، ومعروف أن رجوعهم إنما هو إلى الحق، يعني المسألة مفترضة في أئمة، في علماء مجتهدين ومعول عليهم في بيان الحلال والحرام، لا يكون رجوعهم عن هوى أو تحت ضغط أو تأثير؛ هذا لا عبرة به، لكن المسألة مفترضة في علماء أئمة تجردوا للدين ولنصره وبيان ما أمروا ببيانه من الشرع، للمجمعين أن يرجعوا عن الحكم الذي أجمعوا عليه، ولا يعد ذلك نقضاً للإجماع؛ لأنه لم يستقر، وعلى القول الأول ليس لأحدهم أن يرجع بعد حصول الاتفاق. ثم قال -رحمه الله تعالى-: طالب: القول الثاني يكون. . . . . . . . . قد يوجد مخالف ما دام ما انقضى العصر؟ الاحتمال أنه يوجد بعدهم مخالف، على كل حال القول الصحيح أنه لا يشترط. والإجماع يصح بقولهم: يعني بقول العلماء المجتهدين، وبفعلهم: أيضاً، وبقول البعض وبفعل البعض، وانتشار ذلك: القول وسكوت الباقين عنه -هذا كلام المؤلف- والإجماع يصح بقولهم وبفعلهم، وبقول البعض، وبفعل البعض وانتشار القول أو الفعل وسكوت الباقين: عنه يعني أن الإجماع يصح بقول المجتهدين في حكم من الأحكام أنه حلال أو حرام، أو واجب أو مندوب، أو غير ذلك، وهذا هو الإجماع القولي المعتد به عند أهل العلم. وأما الثاني وهو الذي يسمى بالإجماع السكوتي، ويكون بقول البعض أو فعل البعض، وانتشار ذلك القول أو الفعل وسكوت الباقين عليه، ويسمى الإجماع السكوتي، والعلماء يختلفون في حجيته ولزوم العمل به.

ذهب أكثر الشافعية والمالكية وهذه رواية عن أحمد إلى أنه إجماع، يعني فعل عالم فعلاً أو قال قولاً وانتشر ولم يخالف -وهذا كثير ما يستدل به أهل العلم- قاله فلان ولا يعرف له مخالف، فهو إجماع، يعني عند ابن قدامة كثير وعند غيره، وهذا يسمى الإجماع السكوتي. فالقول الأول إلى أنه إجماع له حكم الإجماع النطقي؛ تنزيلاً للسكوت منزلة الرضى، لكن ألا يسكت العالم لمصلحة راجحة يراها؟ نعم، قد يسكت العالم لمصلحة يراها، لكن قد يقول قائل هذا القول: إنه إن سكت فلان ما سكت الثاني، فلا بد من قائم لله بحجة، ما يمكن أن يسكت الناس كلهم على خطأ. منهم من يقول: هو حجة يلزم العمل به وليس بإجماع؛ لرجحان الموافقة بالسكوت على المخالفة، يعني رجحان الموافقة تجعلنا نقول: إن إصابة هذا السكوت صار غلبة ظن، وغلبة الظن موجبة للعمل، وإن لم توجب القطعية. يقول: وليس إجماعاً؛ لأن حقيقة الإجماع لم تتحقق فيه، وقيل: ليس بحجة ولا إجماع، لماذا؟ لأن الساكت ساكت، ما يدرى أيش عنده، ولا ينسب لساكت قول. إلى غير ذلك من الأقوال التي أوردها الشوكاني في إرشاد الفحول، أورد منها اثني عشر قولاً، إرشاد الفحول للشوكاني هنا أورد اثني عشر قولاً في هذه المسألة: القول الأول: أنه إجماع: هنا يقول: القول الأول: إنه ليس بإجماع ولا حجة قاله داود الظاهري وابنه والمرتضى وعزاه القاضي .. إلى آخره، إنه ليس بإجماع، ولا حجة. الثاني: أنه إجماع وحجة، وبه قال جماعة من الشافعية. والقول الثالث: إنه حجة وليس بإجماع. والرابع: إنه إجماع بشرط انقراض العصر. والخامس: إنه إجماع إن كان فتيا لا حكماً. والسادس: إنه إجماع إن كان صادراً عن فتيا. السابع: إنه إن وقع في شيء يفوت استدراكه من إراقة دم أو استباحة فرج كان إجماعاً، وإلا فهو حجة، إلى آخر الأقوال التي وصلت عنده إلى اثني عشر قولاً. والله أعلم، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد، فقد قال المؤلف -رحمه الله تعالى-: وقول الواحد من الصحابة ليس حجة على غيره، على القول الجديد، وأما الأخبار فالخبر ما يدخله الصدق والكذب، والخبر ينقسم إلى: آحاد ومتواتر.

شرح متن الورقات (12)

شرح متن الورقات في أصول الفقه (12) تعريف الأخبار وأقسامها - تعريف خبر الآحاد وحكم الاحتجاج به – تعريف المسنيد والمرسل - مراسيل الصحابة والتابعين وحكمها – ألفاظ الرواية الشيخ/ عبد الكريم بن عبد الله الخضير الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فقد قال المؤلف -رحمه الله تعالى-: وقول الواحد من الصحابة ليس حجة على غيره، على القول الجديد، وأما الأخبار فالخبر ما يدخله الصدق والكذب، والخبر ينقسم إلى آحاد ومتواتر، فالمتواتر: ما يوجب العلم: وهو أن يرويه جماعة لا يقع التواطؤ على الكذب عن مثلهم، وهكذا إلى أن ينتهي إلى المخبر عنه، فيكون في الأصل عن مشاهدة أو سماع لا عن اجتهاد. والآحاد: هو الذي يوجب العمل ولا يوجب العلم؛ لاحتمال الخطأ فيه، وينقسم إلى قسمين: مرسل ومسند، فالمسند: ما اتصل إسناده، والمرسل: ما لم يتصل إسناده، فإن كان من مراسيل غير الصحابة فليس بحجة، إلا مراسيل سعيد بن المسيّب؛ فإنها فتشت فوجدت مسانيد. والعنعنة: تدخل على الأسانيد، وإذا قرأ الشيخ يجوز للراوي أن يقول: حدثني أو أخبرني، وإن قرأ هو على الشيخ فيقول: أخبرني ولا يقول حدثني، وإن أجازه الشيخ من غير قراءة فيقول الراوي: أجازني أو أخبرني إجازة. الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، لما أنهى الكلام عن الإجماع، وهو من الأصول المتفق عليها، لا سيما الإجماع النطقي القولي المنضبط؛ لأن الأمة لا تجمع على ضلالة، ذكر بعد ذلك قول الصحابي، وهل يحتج به أو لا، فقال -رحمه الله تعالى-: وقول الواحد من الصحابة ليس حجة على غيره على القول الجديد: قول الصحابي لا يخلو إما أن يكون للاجتهاد والرأي فيه مجال أو لا، فإن لم يكن للاجتهاد والرأي والنظر فيه مجال فقد قرر أهل العلم أن له حكم الرفع، قرر أهل العلم أن له حكم الرفع، وحينئذ يكون حجة.

إذا كان للاجتهاد فيه مجال فلا يخلو إما أن يخالف هذا الصحابي من قبل غيره من الصحابة، وحينئذ يكون ليس بحجة لماذا؟؛ لأنه ليس قبول قول أحد الصحابة بأولى من قبول الصحابي الثاني، ليس قبول قول أحدهما بأولى من قول الآخر، هذا إذا عورض بمثله. إذا قال الصحابي قولاً ولا يعرف له مخالف، إن انتشر ولم يخالَف فهو الإجماع السكوتي الذي سبق القول فيه، الشوكاني ذكر فيه أثني عشر قولاً على ما تقدم. إذا قال الصحابي قولاً ولم ينتشر فيما يغلب على الظن لا يوجد في هذه المسألة سوى قول هذا الصحابي، ليس فيها نص مرفوع والمسألة مما للرأي فيه مجال ولم يعرف له مخالف من جنسه، فهذا محل الخلاف مما لم ينتشر، هذا محل الخلاف. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: ليس حجة على غيره على القول الجديد: يعني من قولي الشافعي، والقول الجديد عند الشافعية: هو ما قرره واعتنى به وأفتى به في مصر، بينما القول القديم هي أقوال الإمام الشافعي في العراق، والمعتمد عند الشافعية المقرر عندهم أن الفتوى على الجديد؛ لأن آخر الاجتهادين هو المعمول به عندهم إلا في مسائل يسيرة يفتون فيها على القول القديم وهي مدونة، هذه المسائل مدونة في مقدمة المجموع للنووي وفي الأشباه والنظائر للسيوطي وغيرهما، ومنظومة أيضاً. المقصود أن الشافعي في قوله الجديد يرى أن قول الصحابي ليس بحجة، لماذا؟؛ لأن الحجة الملزمة في النصوص الشرعية -في الكتاب والسنة- والصحابي ليس بمعصوم عن الخطأ؛ الصحابي لم تضمن عصمته ليكون قوله غير قابل للنقيض للخطأ، وما دام الاحتمال قائماً -احتمال النقيض وهو الخطأ- فإنه حينئذ يكون قوله ليس بحجة، وهذا هو القول الجديد عند الشافعية، وهو رواية عن أحمد، واختارها جمع من الحنابلة.

والقول الثاني: وهو القول القديم للإمام الشافعي ورواية عن أحمد أنه حجة، وبهذا قال جمع من أهل العلم؛ لأن الصحابة الذين عاصروا التنزيل وعاشوا مع النبي -عليه الصلاة والسلام- وعرفوا المقاصد من قرب، وأثنى عليهم الله -جل وعلا- في كتابه، وأثنى عليهم النبي -عليه الصلاة والسلام- في سنته هم أولى بالإصابة من غيرهم، هم أولى بالإصابة من غيرهم، والمسألة مفترضة فيما لا نص فيه، أما ما فيه نص فالعمدة النص، فإذا تجردت المسألة عن النص، فعلى القول الثاني قبول قول الصحابي أولى من اجتهاد غيره من التابعين فمن دونهم. من أهل العلم من يرى أن الحجة في قول الخلفاء الراشدين؛ يستدل هؤلاء بحديث: ((عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ)) إلى آخر الحديث. وهناك قول رابع في المسألة: وهو أن الحجة في قول أبي بكر وعمر -رضي الله عنهما- لحديث: ((اقتدوا باللذين من بعدي)). ويستدل أصحاب القول الثاني بما ذكرنا من أن اجتهاد الصحابي الذي عاصر التنزيل، وعرف المقاصد من قرب، وعايش النبي -عليه الصلاة والسلام- قوله أولى بالإصابة من قول غيره؛ ويستدل بعضهم لهذا القول بحديث: ((أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم)) [هذا ضعيف باتفاق الحفاظ، فلا حجة فيه]. عرفنا القول بعدم الاحتجاج بقول الصحابي بعد أن حررنا محل النزاع، عدم الاحتجاج به وهو قول الشافعي في الجديد ورواية عن الإمام أحمد. القول الثاني: وهو الاحتجاج به فيما خلا من النصوص، في المسائل التي خلت من النصوص ولما ذكرنا، وأيضاً رواية عن الإمام أحمد، وهو القول القديم للإمام الشافعي، ونصره ابن القيم في إعلام الموقعين، وهناك من يقول: الحجة في قول الخلفاء الراشدين؛ للأمر بالأخذ بسنتهم. ومن أهل العلم من يقصر الحجية في قول أبي بكر وعمر لقوله -عليه الصلاة والسلام-: ((اقتدوا باللذين من بعدي)). المقصود أن المسألة خلافية، والأصل أن الحجة والعمدة في الدين على الكتاب والسنة، لكن إذا افترضنا مسألة ما فيها شيء من النصوص لا من الكتاب ولا السنة، وجدنا فيها قول صحابي، هل نعمل بقول هذا الصحابي؟

من الأصول التي يعتمد عليها الإمام أحمد اعتماد قول الصحابي، ويستدل به ويفتي بمضمونه كثيراً، وهو أيضاً مقتضى عمل الأئمة غير الإمام أحمد فإن كتب الفقه طافحة بأقوال الصحابة يعتمدون عليها ويستدلون بها. لا شك أن الصحابة خير القرون، وهم أدرى من غيرهم في الجملة، وإن كان من النصوص ما يدل على أنه قد يوجد، قد يوجد -وهذه للتقليل- ممن يأتي بعد الصحابة من هو أوعى من بعض الصحابة، لا نقول من الصحابة كلهم، من بعض الصحابة، و ((رب مبلغ أوعى من سامع)). لا شك أن من يعمل في مسألة فيها قول صحابي، ويقدمه على اجتهاده أنه لا يلام، المسألة مثل ما كررنا مفترضة في مسألة خالية من النصوص من الكتاب والسنة، من اقتدى بصحابي فهو على خير إن شاء الله تعالى، لكن من رد قول الصحابي وقال: الحجة بالكتاب والسنة لا يلام لا يلام؛ لأن الصحابة غير معصومين. بعد هذا يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: الأخبار: يقول: وأما الأخبار فالخبر ما يدخله الصدق والكذب: الأخبار: جمع خبر، وعرفه المؤلف بتعريفه عند أهل البلاغة: ما يدخله الصدق والكذب، هذا في الأصل، ما يدخله الصدق والكذب لذاته، وبغض النظر عن قائله، لذاته بغض النظر عن قائله؛ فقد يكون الخبر وهو في الأصل يحتمل الصدق والكذب، لكونه صادراً عن من لا يكذب لا يحتمل إلا الصدق، كأخبار الله -عز وجل- وأخبار نبيه -عليه الصلاة والسلام- لكنها في الجملة خبر؛ لأنها تحتمل بغض النظر عن القائل. هناك من أخبارهم لا تحتمل الصدق كمسيلمة الكذاب، ومن عرف عنه الكذب، يعني وإن كان الاحتمال قائماً، لكنه إذا رمي بالكذب على النبي -عليه الصلاة والسلام- فإنه يُطرح جميع ما يرويه، وكل خبر يأتي من قبله يكون مردوداً، وعلى هذا حُكماً خبره لا يحتمل الصدق، حُكماً وإن كان الاحتمال قائم لماذا؟؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال عن الشيطان: ((صدقك وهو كذوب))، لكن لو جاءك خبر عن شخص رمي بالكذب في الحديث، وأنت ما تدري هل صدق في هذا الحديث أو كذب، ترد الخبر، وتحكم عليه بأن الخبر موضوع؛ لأن فيه فلان وهو كذاب، أو وضاع فتعريفهم هذا بغض النظر عن القائل لذاته.

والخبر ينقسم إلى آحاد ومتواتر: لأن الخبر لا يخلو إما أن يكون مروياً من طريق عدد –جماعة- لا يقع التواطؤ منهم على الكذب عن مثلهم، وأسندوه إلى شيء محسوس، لا يحتمل تواطؤهم على الكذب، ولا بد أن يكون عن مثلهم في جميع طبقات الإسناد، أو يروى من طريق من لم يبلغ هذا العدد الذي رفع احتمال التواطؤ على الكذب، وإن شئت فقل: الآحاد ما لم تتوافر فيه شروط المتواتر. فالمتواتر من التواتر وهو التتابع، من التواتر وهو التتابع، وعرفه المؤلف -رحمه الله تعالى-: هو أن يرويه جماعة لا يقع التواطؤ على الكذب عن مثلهم، وهكذا إلى أن ينتهي المخبر عنه: هكذا إلى أن ينتهي إلى المخبر عنه: لو اختل هذا الشرط في أي طبقة من طبقات الإسناد، احتمل أن يقع التواطؤ في هذه الطبقة، فلا بد أن يكون هذا الشرط، مستصحباً في جميع طبقات الإسناد؛ لنجزم بأنهم لم يتواطؤا على الكذب، ولا بد من إسناده إلى شيء محسوس، إما سماع، أو رؤيا أو مشاهدة، أو غيرهما، ولا يدخل في هذا العقليات والأمور المستنبطة ومثلها الإشاعات، فالإشاعات ولو كثر ناقلوها فإنها لا تفيد العلم، ولا يقع الجزم بصدقها ما لم تتوافر فيها الشروط. الحافظ ابن حجر -رحمه الله تعالى- يقول: الإشاعات أو ما يشاع من الأخبار ولو كثر ناقلوه فإنه لا يفيد القطع ولو كثر الناقلون. الآن يصدر خبر من جهة ما، ثم تتناقله وسائل الإعلام في الشرق والغرب -ألوف مؤلفة يتناقلون هذا الخبر- لكن هل يفيد التواتر؟ لا؛ لأن أصله ما استند إلى شيء محسوس، لا عن رؤيا ومشاهدة، ولا عن سماع.

عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- لما دخل المدينة ووجد الناس حول المنبر، أهل المدينة كلهم مجتمعون حول المنبر، والنبي -عليه الصلاة والسلام- معتزل نسائه في المشربة، وهو في الحديث الصحيح، أهل المدينة كلهم تناقلوا الخبر أن النبي -عليه الصلاة والسلام- طلق نساءه، النبي -عليه الصلاة والسلام- حصل بينه وبين نسائه ما يحصل من البشر، طلبوا منه مطالب فآلى أن يعتزل النساء شهراً، وجلس في المشربة؛ اعتزلهن، فصدر إشاعة في المدينة أن النبي -عليه الصلاة والسلام- طلق نساءه، فصدَّق الناس كلهم، ليش صدقوا؟ لأنه اعتزل، خلاص جلس وحده بدون نساء، ولمدة شهر، فوافقت هذه الإشاعة بعض التصرفات التي قد يظن منها صدق هذه الإشاعة، فصدق الناس بهذا الخبر، فدخل النبي -عليه الصلاة والسلام- بعد أن استأذن مراراً على .. ، دخل عمر -رضي الله عنه- بعد أن استأذن مراراً فسأله: أطلقت نساءك؟ قال: ((لا))، فثبت أن هذه مجرد إشاعة ولو كثر تناقلها. فالإشاعات لا يعتمد عليها، ولو كثر ناقلوها، ومثلها ما ينقل في مثل هذه الظروف من أخبار، وسهلت الآن، سهل ترويج الإشاعات، والناس في مثل هذه الظروف -في أوقات الفتن- تشرأب أنفسهم إلى تلقي مثل هذه الأخبار، وسرعان ما ينتشر الخبر في أقطار الأرض. المقصود أن الإشاعات، يعني على المسلم أن يتثبت، وأهل العلم وضعوا شروطاً شديدة لمن تقبل روايته ومن ترد، فلا بد من اعتبارها، فعلينا أن نعتني بهذا الباب؛ لأن الإشاعات ضررها عظيم، ضررها عظيم، فالتثبت أمر لا بد منه. يقول: إلى المخبر عنه، فيكون في الأصل عن مشاهدة أو سماع لا عن اجتهاد: يعني المسائل العقلية التي يتوصل فيها إلى النتائج بطريق العقل الفلاسفة كلهم ألوف مؤلفة مجمعون على قدم العالم، وتلقاه عنهم من تلقاه عنهم، لكن هذه مسائل عقلية، لم تنتج لا عن مشاهدة ولا سماع، فعلى هذا لا يفيد التواتر. أمم الأرض كلها في كتبهم -أعني من غير المسلمين- قد يجمعون على مسائل، لكنها نتيجة دراسات غير مبنية على شيء محسوس نتائج عقلية، ولذا سرعان ما تنتقض؛ يأتي جيل آخر ويدرس هذه المسألة بطريقة أخرى، وينكشف له من الأسرار والأمور ما ينسف به النظرية السابقة، فهذه مجرد نظريات.

والآحاد: جمع أحد، الآحاد جمع أحد، وقد سئل ثعلب -وهو إمام من أئمة اللغة معروف-: هل الآحاد جمع أحد؟ فقال: حاشا أن يكون للأحد جمع، أما أن يكون جمع الواحد فنعم، جمع الواحد فنعم. ثعلب -رحمه الله تعالى- نظر إلى أيش؟ أيش الذي انقدح في ذهنه؟ أن الأحد اسم من أسماء الله -عز وجل- فإذا قلنا آحاد، معناه أن فيه أحد، وأحد وأحد، والأحد من أسماء الله -عز وجل- هذا انقدح في ذهنه ولذلك نفى: حاشا أن يكون للأحد جمع، لكن هذا صحيح؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . كيف؟ طالب:. . . . . . . . . الآن الشهر، كم فيه من أحد؟ طالب:. . . . . . . . . هاه؟ طالب:. . . . . . . . . أربعة أيش؟ آحاد، فالأحد من الأسماء المشتركة، ليس من الأسماء الخاصة بالله -عز وجل- فالشهر فيه أربعة آحاد -جمع أحد- فعلى هذا نقول: الآحاد جمع أحد، والأحد والواحد معنىً واحد. ويعرفون الآحاد -خبر الواحد- بأنه: ما اختل فيه شرط من شروط التواتر. بعض طلاب العلم ممن عرف بالغيرة على علوم الكتاب والسنة ينفي تقسيم الأخبار إلى متواتر وآحاد، وقال: إنه دخل على علوم الحديث من الأصوليين، والأصوليين تلقوه من المتكلمين، نعم، وهدف المتكلمين من تقسيم الأخبار إلى متواتر موجب للعلم القطعي الضروري، وإلى آحاد مفيد للظن لا يفيد العلم، وإن أوجب العمل، ولذا يقول: والآحاد هو الذي يوجب العمل ولا يوجب العلم: هم خشوا من الآثار واللوازم على هذا الكلام، لماذا؟؛ لأن المتكلمين رتبوا أموراً، فقالوا: ما دام خبر الواحد لا يفيد العلم وإنما يفيد الظن، فالعقائد لا تثبت إلا بما يوجب العلم، فجميع ما ثبت من أخبار الآحاد في باب العقائد مردود، ونفوا على ذلك كثيراً من الصفات وأموراً مما يثبت لله -عز وجل- مما ثبت بأخبار الآحاد. هؤلاء الغيورون -جزاهم الله خيراً عن الدين وأهله- نظروا إلى هذا اللازم، لكن هل يختلف أحد في أن الأخبار متفاوتة؛ منها ما يلزمك بتصديقه بمجرد سماعه، ومنها ما يغلب على ظنك صدقه، ومنها ما تتوقف فيه، ومنها ما يغلب على ظنك كذبه، ومنها ما تجزم بصدقه، ومنها ما تجزم بكذبه، الأخبار أيش؟

متفاوتة، متفاوتة وإلا لا؟ يعني ما يختلف الخبر من مجيئه من طريق واحد أو اثنين أو عشرة أو مائة؟ متفاوتة، لا يختلف في هذا أحد. تبقى التسميات نعم، تبقى التسميات، متواتر وآحاد لم ينطق بها سلف هذه الأمة لا الصحابة ولا التابعون، لكن لو طردنا هذا الكلام نفينا كثير من الاصطلاحات العلمية في جميع العلوم الشرعية، حتى في التفسير والحديث والفقه والعقائد، نفينا جميع هذه الاصطلاحات، إذا قلنا: لا نثبت إلا ما ثبت عن الصحابة والتابعين، إذا عرفنا مأخذ هذه الكلمة، ومدلول هذه الكلمة، وما يلزم من إطلاق هذه الكلمة، واحترزنا عن هذا اللازم، واستعملت هذه الكلمة من الأئمة الموثوقين المعتبرين، لماذا لا نقول: اصطلاح، ولا مشاحة في الاصطلاح؟ شيخ الإسلام ابن تيمية -ولا يشك أحد في رسوخ قدمه في علوم الكتاب والسنة، وفي نصر السنة، وقمع البدع، والرد على المبتدعة- يقسم الأخبار إلى متواتر وآحاد، ونخشى من اللوازم، نعم، نقسم ونعتني بهذا التقسيم، ونمثل له بالأمثلة التي مثل بها شيخ الإسلام وغيره ممن اعتنى بهذا التقسيم، ولا نلتزم باللازم، ولا نلتزم باللازم الذي لزم عليه المحظور الشرعي. شيخ الإسلام قسم إلى متواتر وآحاد، وقسم المتواتر إلى متواتر لفظاً ومعنىً، ومتواتر معنوي -معنىً فقط- ومثل للمتواتر اللفظي بحديث: ((من كذب)) كما يمثل أهل العلم، ومثل للمتواتر المعنوي بفضائل أبي بكر وعمر، وفي كل مقام يمثل بمثال مناسب، يعني في منهاج السنة -والكتاب موضوع للدفاع عن الصحابة لا سيما أبا بكر وعمر- مثل بفضائل أبي بكر وعمر وقال: متواتر تواتراً معنوياً. حديث المسح على الخفين تبلغ التواتر، حديث الشفاعة والحوض، هل يستطيع أحد أن يدفع تصديقها عن نفسه؟ متواترة، لكنه تواتر معنوي. ابن الصلاح وغيره يشيرون إلى أن مثل هذا التقسيم لا يوجد عند أهل الحديث، لماذا؟

على سبيل الخصوص التواتر لا يوجد عند أهل الحديث، مع أنهم أثبتوا ومثلوا له، لماذا لا يوجد عند أهل الحديث، المتواتر؟؛ لأنهم ليس بحاجة إليه، الحديث يبحث في الخبر من حيث الثبوت وعدمه، علماء الحديث يبحثون عن الأخبار من حيث الثبوت وعدمه -وعدم الثبوت- خبر متواتر هل يحتمل الثبوت وعدمه؟ لا يحتمل إذن لا يبحثون. فالمقصود أن إقرار مثل هذا التقسيم لا يلزم عليه أي محظور، والشيخ أحمد شاكر لما اعتمد هذا التقسيم -رحمه الله- وقال بعد ذلك: ولا تنظر إلى لوازم المبتدعة فإنهم يريدون بالآحاد ويقصدون من ورائه غير ما تقصده أنت؛ لأنهم حينما يقسمون إلى متواتر وآحاد، ويقولون: الآحاد ظني يوجب العلم، لا يوجب العلم، إنما هو موجب للظن، هو موجب للعمل عند جميع من يعتد بقوله من أهل العلم، موجب للعمل في جميع أبواب الدين، إذا وصل إلى درجة القبول موجب للعمل عند جميع من يعتد بقوله من أهل العلم. إذا أوجب العمل في جميع أبواب الدين بما في ذلك العقائد والأحكام والفضائل والتفسير والقراءات وغيرها موجب للعمل. ننظر في مسألة العلم، ماذا يراد بالعلم؟ العلم عندهم الذي لا يحتمل النقيض، يعني خبر صادق مائة بالمائة، ما يحتمل نقيض، خلاص بلغك هذا الخبر الزم، ولا يجوز لك بحال من الأحوال أن تشكك فيه؛ لأنه لا يحتمل النقيض، إذا قلنا: هذا العلم، هذا هو العلم، والظن: الاحتمال الراجح -يعني الذي يغلب على الظن ثبوته- الظن هو الاحتمال الراجح، نأتي براو من الرواة، وليكن إمام من أئمة المسلمين مالك بن أنس نجم السنن، مالك بن أنس نجم السنن، يعني إذا نقل الإمام مالك، وجاءنا حديث من طريق الإمام مالك نحلف عليه ونجزم بأن الإمام مالك ما أخطأ ولا سها ولا غفل، نجزم بهذا؟ نعم؟ حفظ لمالك -رحمه الله تعالى- بعض الأوهام، ومادام حفظ له بعض الأوهام، وهو ما يندرج تحت الأصل المقرر في الشرع أنه غير معصوم، ومن يعرو من الخطأ والنسيان؟ ما في لا مالك ولا غير مالك، حفظ عليه بعض الأوهام، إذن إذا جاءك خبر من طريق مالك كم تعطيه نسبة؟ تعطيه مائة بالمائة؟ ألا يحتمل أنه وهم في هذا الخبر؟

إذن نزلت النسبة ولو واحد بالمائة، وما دام نزل عن مائة بالمائة إلى تسعة وتسعين ثمانية وتسعين، وقل في كثير من الثقات إلى تسعين إلى خمسة وثمانين، إلى ثمانين هذا ظن غالب، إذن مفيد لأيش؟ للظن. إذا عرفنا الاصطلاحات وعرفنا ما يلزم على هذه الاصطلاحات وتنصلنا من هذه اللوازم وصار التقسيم، يحدد لنا الأنواع بدقة، ولا يلزم عليه شيء؛ لأنها اصطلاحات، ولا مشاحة في الاصطلاحات، أو في كل علم من علوم الشرع اصطلاحات يعتني به أهل ذلك العلم. إذا قلنا: إن رأي الإمام مالك -رحمه الله تعالى- يحتمل الخطأ إذن الإمام مالك -كما هو مقرر- ليس بمعصوم، وقل مثل هذا في من دون الإمام مالك -رحمه الله- فعلى هذا خبر الإمام مالك يفيد الظن، يفيد الظن الغالب. يعني جاءك شخص من أوثق الناس عندك، فقال: جاء زيد، جاء زيد، تستطيع أن تحلف أن زيداً جاء، كأنك رأيته أنت؟ نعم؟ هل تستطيع أن تقول: إن فلاناً أخبرك -أوثق الناس عندك- بأن فلاناً من الناس زنى بفلانة، وهو أوثق الناس عندك هل تستطيع أن تشهد عليه، أو تحلف على أنه زنى؟! إذن يحتمل خبره النقيض، فما أفادنا العلم اللي هو نتيجته مائة بالمائة، إذن نزل عن هذه النسبة، وهو أوثق الناس عندك، ومثلنا بنجم السنن مالك، إمام مجمع على إمامته وتحريه وتثبته. أقول: خبر الواحد بهذا التقرير، وهو بمعرفة .. ، بعد معرفة العلم والظن، ويقابل الظن الوهم، الذي هو الاحتمال المرجوح، والاحتمال المساوي يسمونه الشك.

أقول: إذا استوعبنا هذا التقرير، قلنا: إن خبر الواحد لا يوجب العلم، وإنما يفيد الظن -هذا في الأصل- مع أنه موجب للعمل اتفاقاً بإجماع من يعتد بقوله من أهل العلم، دع عنك من يقول: إن خبر الواحد لا يقبل في العقائد من أشاعرة وغيرهم، ودع عنك من لا يحتج بخبر الواحد أصلاً كالمعتزلة، هؤلاء ما لنا بهم لازم، ما لنا بهم لازم، هؤلاء ما لنا بهم دعوة؛ لأننا لا نعتد بخلافهم، فإذا قلنا: إنه موجب للعمل في جميع أبواب الدين، وعرفنا وفرقنا بين العلم والظن، وقلنا: إنه يفيد الظن، يبقى أنه قد يفيد العلم بالقرائن، يفيد العلم بالقرائن ليش؟؛ لأن الاحتمال -احتمال الخطأ- في خبر الثقة ضعيف، ولولا هذا الاحتمال لقلنا: إنه موجب للعلم، هذا الاحتمال الضعيف إذا وجد قرينة تقابل هذا الاحتمال ارتفع هذا الاحتمال، فصار خبره موجباً للعلم، موجباً للعلم، وهذا ما قرره شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم -رحمه الله- في الصواعق، وابن حجر، وجمع غفير من أهل العلم، يقولون: الخبر الواحد .. ، وأيضاً ابن رجب في شرح البخاري في مواضع يقرر أن خبر الواحد إذا احتفت به قرينة يوجب العلم، أيش مفهومه؟ أنه إذا لم تحتف به قرينة فاحتمال الخطأ قائم. من القرائن التي قررها أهل العلم -التي تحتف بخبر الواحد حتى يصل إلى درجة إفادة العلم –وعرفنا كيف ترقى خبر الواحد بالقرينة إلى أن يفيد العلم-؛ لأن الاحتمال الذي أنزله أصلاً من إفادة العلم ضعيف، فجاءت هذه القرينة فقاومت هذا الاحتمال فكأن هذا الاحتمال غير موجود، قالوا: كون الحديث في الصحيحين أو في أحدهما هذه قرينة؛ لشدة تحري الشيخين وانتقائهما للمتون والأسانيد. كون الحديث مروياً بطرق متباينة سالمة من القوادح والعلل، كون الحديث متداولاً بين الأئمة يرويه إمام عن إمام عن إمام عن إمام مالك، أحمد عن الشافعي عن مالك؛ يعني لو وهم مالك يحتمل أن يوافقه الشافعي على الوهم ويرويه عنه؟ لا يحتمل، إذا وهم مالك والشافعي يوافقهم الإمام أحمد والحديث فيه خطأ؟ لا يمكن. إذن هذه القرائن قابلت ذلك الاحتمال فارتقى خبر الواحد إلى إفادة العلم. يقول: ولا يوجب العلم لاحتمال الخطأ فيه، وينقسم إلى قسمين:

طالب:. . . . . . . . . معنا سفر الآن، فنقف على هذا، ونكمل -إن شاء الله- الأسبوع القادم. كم باقي على الأذان؟ جزاكم الله خيراً. سبحانك اللهم وبحمدك .. ، والله أعلم، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد: فقد قال المؤلف -رحمه الله تعالى-: وينقسم الآحاد إلى قسمين: مرسل ومسند، فالمسند: ما اتصل إسناده، والمرسل: ما لم يتصل إسناده، فإن كان من مراسيل غير الصحابة فليس بحجة، إلا مراسيل سعيد بن المسيب؛ فإنها فتشت فوجدت مسانيد. والعنعنة تدخل على الأسانيد، وإذا قرأ الشيخ يجوز للراوي أن يقول: حدثني أو أخبرني، وإن قرأ هو على الشيخ فيقول: أخبرني، ولا يقول: حدثني، وإن أجازه الشيخ من غير قراءة فيقول الراوي: أجازني، أو أخبرني إجازة. طالب:. . . . . . . . . طالب: من غير قراءة. كل النسخ قراءة؟ هاه؟ طالب:. . . . . . . . . ما في غيره، نسخ ثانية ما فيه؟ طالب:. . . . . . . . . الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، تقدم الكلام في الحديث عن الأخبار، والمراد بها أعم من الأخبار المسندة المضافة إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- وغيره؛ فالخبر يشمل المرفوع إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- وما أضيف إلى غيره -هذا الأصل في الخبر- فهو أعم من الحديث، لكن الذي يهمنا هنا ما يضاف إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-، تقدم الكلام في تقسيمه إلى متواتر وآحاد، وذكرنا حكم المتواتر، وأنه موجب للعلم القطعي الضروري؛ لأن السامع ملزم بتصديقه من غير نظر ولا استدلال وإن نازع بعض أهل العلم في وجوده، لكن حقيقته موجودة، والنزاع في تسميته لا يضرُّ، لا سيما وقد اعتمده من يعتد بقوله من أهل العلم، وسموه بهذا الاسم وعرفوه بالتعريف المعروف، وقسموه إلى الأقسام المعروفة، ومثله قسيمه -الآحاد- وهو ما دون المتواتر.

قال المؤلف: هو الذي يوجب العمل ولا يوجب العلم: ومضى الحديث في ذلك بالتفصيل، والسبب في كونه يوجب العمل أن النبي -عليه الصلاة والسلام- يرسل الرسل إلى القبائل وإلى البلدان وإلى الأقطار، فلولا أن أخبارهم مقبولة موجبة للعمل لما أرسل الواحد منهم حتى يرسل الجماعة المجموعة الذين يثبت القطع بخبرهم، لكن خبر الواحد موجب للعمل بهذا، ولا يوجب العلم لذاته؛ لأن العلم ما لا يحتمل النقيض، وخبر الواحد يحتمل النقيض؛ لأنه ليس بمعصوم، وسبق تقرير هذه المسألة، نعم، إن احتف بخبر الواحد قرينة أوجب العلم؛ لأن هذه القرينة تقوم في مقابل الاحتمال -احتمال النقيض وهو ضعيف، احتمال النقيض- يعني إذا .. ، ومثلنا بمالك نجم السنن، وقلنا: إنه ليس بمعصوم من الخطأ، ليس بمعصوم من الوهم، إذن يعتري حديثه ما يجعله يخالف الواقع، وقد وقعت له بعض الأوهام، فلا يحلف على خبره، نعم إذا احتفت به قرينة وقاومت هذا الاحتمال أوجب العلم عند أهل العلم. ومنهم من يرى أن خبر الواحد يوجب العلم مطلقاً، وهو قول الحسين الكرابيسي وداود الظاهري، وبعض من أهل الحديث، لكن حقيقة القول المعتمد الذي يميل إليه شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم وابن حجر وابن رجب وغيرهم من أهل العلم أن خبر الواحد إذا احتفت به قرينة -بهذا القيد- أوجب العلم وأفاده، وهذا مضى الكلام فيه. ثم قال المؤلف: وينقسم إلى قسمين: يعني خبر الواحد ينقسم إلى قسمين: مرسل ومسند. أولاً: متى يوجب العمل خبر الواحد؟ إذا ثبت، إذا وصل إلى درجة القبول بأن كان صحيحاً إما لذاته أو لغيره، أو كان حسناً لذاته أو لغيره، يعني في دائرة القبول. والصحيح عند أهل العلم: ما نقله العدل الضابط عن مثله مع اتصال السند من غير اتصاف بعلة ولا شذوذ، يقول: الحافظ العراقي: وأهل هذا الشأن قسموا السنن ... إلى صحيح وضعيف وحسن فالأول المتصل الإسناد ... بنقل عدل ضابط الفؤاد عن مثله من غير ما شذوذ ... وعلة قادحة فتوذي

فإذا صح الخبر أوجب العمل، سواءً كان صح بذاته أو لغيره بأن كان حسناً لذاته وتعددت طرقه أوجب العمل أيضاً، ومثله إذا نزل قليلاً عن حد الصحيح إلى درجة القبول، مما يسمى بأدنى الصحيح وهو الحسن، ما لم يصل إلى الضعف، فإذا كان حسناً لذاته أو حسناً لغيره بأن كانت مفرداته ضعيفة ضعفاً قريباً محتملاً وتعاضدت، قابلة للانجبار وتعاضد بعضها مع بعض فإنها ترتقي إلى درجة الحسن لغيره، ويحتج به حينئذ وهو حجة -خبر الواحد- عمدة وحجة عند أهل العلم، موجب للعمل في جميع أبواب الدين، في جميع أبواب الدين، فتثبت به العقائد، تثبت به الأحكام، تثبت به الآداب والفضائل، يثبت به التفسير والقراءة وغير ذلك، المقصود إذا وصل إلى درجة القبول بمعنى أنه غلب الظن على ثبوته، فإن العمل به واجب. ينقسم إلى قسمين: مرسل ومسند، فالمسند: ما اتصل إسناده: عرفنا أن من شروط القبول: اتصال السند، من شروط القبول: اتصال السند، فالأول المتصل الإسناد، هذا أول شرط -اتصال السند- فالذي يتصل سنده؛ بنقل العدل الضابط يعني الثقة عن مثله إلى أن ينتهي السند من غير اتصاف بشذوذ ولا علة قادحة هذا صحيح، إذا اختل شرط -وهو شرط الاتصال- بأن حصل الانقطاع في السند -في أي طبقة من طبقات الإسناد- حكم على الخبر بأنه ضعيف، بأنه ضعيف؛ لاختلال شرط من شروط القبول، وهو اتصال السند. المؤلف جرى على عادة الأصوليين بمقابلة المسند بالمرسل، وهو أيضاً معروف عند أهل الحديث؛ حينما يقولون: أسنده فلان وأرسله فلان، فإذا قالوا: أسنده فلان، مرادهم بذلك أنه وصل إسناده، يعني رواه بسند متصل، وإذا قالوا: أرسله فلان، معناه أنه حصل أو رواه بسند فيه شيء من الانقطاع في أي طبقة من طبقاته، لكن أهل العلم يجعلون الانقطاع قسمين: قسم ظاهر وقسم خفي، انقطاع ظاهر وانقطاع خفي. الآن المؤلف أطلق المسند بإزاء المتصل فقال: المسند: ما اتصل إسناده: مع أن أهل الحديث يختلفون في تعريف المسند، فمنهم من يقول: المسند المتصل -كما هنا- ومنهم من يقول: المسند المرفوع، ومنهم من يقول: المسند المرفوع المتصل، وهنا اعتمد قول الخطيب، وهو أن المسند المتصل.

ابن عبد البر يرى أن المسند المرفوع، والحاكم جمع الأمرين معاً فقال: هو المرفوع المتصل، فإذا اتصل إسناد .. ، الإسناد إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- وأضيف الخبر إليه صار مسنداً، بينما لو اتصل السند إلى صحابي فإنه حينئذ لا يكون مسنداً، عند من؟ عند ابن عبد البر، ولا عند الحاكم، وهو مسند عند الخطيب. على كل حال أهل الأصول لهم عناية بالخطيب، وهو قريب منهم في كثير من القواعد، ولا يقدح فيه ... ، لا يقدح في الخطيب كونه محسوباً على أهل الأصول، لا أبداً؛ ما من فن من فنون علوم الحديث إلا وقد ألف فيه كتاباً، حتى قال أبو بكر بن نقطة: " من أنصف علم أن أهل الحديث عيال على الخطيب في كتبه"؛ ما من باب من أبواب علوم الحديث إلا وألف فيه، يعني كونه يلتقي مع الأصوليين في كثير من القواعد والأصول التي يرجعون إليها هذا لا يضيره إن شاء الله تعالى. إذا قابلنا المسند، وحكمنا على المسند بأنه المتصل -وهو ما يراه الخطيب ويتبعه المؤلف- فالذي يقابل المتصل المنقطع، وهو ما عبر عنه ببعض أنواعه وهو المرسل، وهذا اصطلاح معروف عند أهل العلم، حتى من المحدثين حينما يقولون: أسنده فلان، وأرسله فلان. ومن يقابله بذي الإرسال ... فقد عنا بذاك ذا اتصال من يقابل المسند بالمرسل فيريد به المتصل. المرسل: هنا أطلقه على طريقة الأصوليين -على جميع أنواع الانقطاع- وعند أهل الحديث .. ؛ لأن هناك انقطاع ظاهر وهناك انقطاع خفي، والانقطاع الظاهر عند أهل الحديث إما أن يكون من مبادئ السند فيسمونه حينئذ المعلق، من مبادئ السند من جهة المصنف وإن يكن أول الإسناد حذف ... مع صيغة الجزم فتعليقاً عرف هذا إذا حذف أول الإسناد، إذا حذف آخر الإسناد، طرفه الذي فيه الصحابي، ورفعه التابعي إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- هذا هو المرسل بالمعنى الأخص عند أهل الحديث. مرفوع تابع على المشهور ... مرسل أو قيده بالكبير إذا كان الانقطاع في أثناء السند، فإن كان بواحد، أو بواحد من أكثر من موضع يعني لا على التوالي، يسمونه المنقطع، فإن كان باثنين على التوالي فهو المعضل: المعضل الساقط منه اثنان فصاعداً ومنه قسم ثاني ما سقط منه اثنان فصاعداً .. إلى آخره

المقصود أن السقط الظاهر الذي لا يخفى على آحاد المتعلمين، يقسم عند أهل العلم إلى أربعة أقسام؛ لأنه لا يخلو إما أن يكون السقط من مبادئ السند من جهة المصنف وهو التعليق، أو من آخره -طرفه الأعلى- وحينئذ هو المرسل بالمعنى الأخص، أو في أثنائه فإن كان بواحد فهو المنقطع، ومثله لو كان بأكثر من واحد لا على التوالي هو المنقطع، وإن كان باثنين فأكثر على التوالي فهو المعضل. هذا الانقطاع الظاهر، هناك انقطاع خفي، وهو الذي لا يدركه آحاد المتعلمين، وإنما يدرك بالخبرة والدربة ومعاناة هذا الفن، حتى تتكون لطالب العلم ملكة يدرك به مثل هذا السقط، فإذا روى الشخص عن من سمع منه أحاديث حديثاً لم يسمعه منه، روى نافع عن ابن عمر، سمع منه أحاديث كثيرة جداً، لكن روى عنه حديثاً لم يسمعه منه .. ، أنت تبحث في كتب الرجال تجد كلها تنص على أن نافع سمع من ابن عمر، يعني من باب أولى أن يكون لقيه وعاصره إلى آخره، هذا يسمى أيش؟ سمع منه، سمع منه؛ لأن للراوي مع من يروي عنه أربع صور، أربع حالات: إما أن يسمع منه حديثاً فيروي عنه ما لم يسمعه منه، أو يلقاه ولم يسمع منه، يعني لم يثبت أنه سمع منه، فيروي عنه، أو يعاصره معاصرة فقط، ولم يثبت لقاؤه له، فيروي عنه، أو لا تثبت المعاصرة؛ لأنها أربع صور، كل راوٍ مع من يروي عنه، نعم، لا يخرج عن هذه الصور الأربع: إما أن يكون سمع منه، أو يكون لقيه، أو عاصره، أو لم يعاصره، القسمة لا تخلو من هذا الأربع الصور. فإذا روى عن شخص سمع منه ما لم يسمعه منه، ومثلنا بنافع عن ابن عمر، فهذا أيش؟ تدليس إجماعاً هذا، إجماعاً تدليس، إذا روى عن من لقيه، إذا روى عن من لقيه ما لم يسمعه منه -والشرط في جميع الصور أن تكون الصيغة موهمة- ما يقول: سمعت وإلا أخبرني؛ لأنه إذا قال: سمعت وإلا أخبرني -والمسألة مفترضة في ثقة- انتهى الإشكال يصير سمع هذا الخبر منه، لكن إذا أتى بصيغة موهمة، ودلت القرائن أو دلت الطرق الأخرى على أنه لم يسمعه منه، وأتى بصيغة موهمة، وقد سمع منه أحاديث نقول: دلس هذا الحديث، إذا روى عن من لقيه ما لم يسمعه منه بصيغة موهمة أيضاً هذا تدليس، هذا تدليس.

الصورة الثالثة: إذا روى عن شخص عاصره ولم يثبت أنه لقيه، روى عن شخص عاصره ولم يثبت أنه لقيه، بمعنى أنهما وجدا في زمن واحد، روى شخص ولد سنة مائة عن شخص مات سنة مائة وعشرين، عاصر وإلا ما عاصر؟ عاصر لكن لم يثبت لنا أنه لقيه بمجرد المعاصرة، هذا أيش؟ إرسال خفي، إرسال خفي وإن أدخله بعضهم في بعض صور التدليس، لكنه إرسال خفي. إذا روى عن من لم يعاصره شخص ولد سنة مائة روى عن شخص مات سنة ثمانين، هذا تدليس؟ لا، إرسال خفي؟ لا، انقطاع ظاهر؟ نقول له: نعم، انقطاع ظاهر يعرفه آحاد الطلبة؛ يعني ما في أحد يخفى عليه أن من ولد سنة مائة لا يمكن أن يروي عن من مات سنة ثمانين، هذا يخفى على طالب علم؟ ما يخفى على صغار المتعلمين، إذن هذا انقطاع ظاهر. بعضهم يقول: لإيهام الصيغة إذا روى عنه بـ (عن) يسمى تدليساً؛ لإيهام الصيغة، وهذا ذكره ابن عبد البر في مقدمة التمهيد، وهو قول شاذ لا يعول عليه. المقصود أنه إذا روى ما لم يسمعه عموماً فهو انقطاع، روى عن شخص خبراً روى عن شخص لم يسمعه، إذن فيه انقطاع؛ فيه واسطة بينهم، وهذا الانقطاع إن كان الشيخ –الراوي- قد سمع من هذا الشيخ، أو لقيه، أو عاصره هذا انقطاع خفي؛ لأنك تجد في كتب الرجال أن هذا ولد سنة مائة، وهذا مات سنة مائة وعشرين، يعني مدرك؛ عشرين مدرك إدراكاً بيناً. المقصود أن مثل هذا الانقطاع الخفي والظاهر ينبغي أن يلاحظ في التقسيم، وهنا أجمل فقال: مرسل ومسند: والمسند المتصل، والمرسل ما عداه، يعني المنقطع، فالمسند: ما اتصل إسناده، والمرسل: ما لم يتصل إسناده: فجعل المرسل بإزاء الأقسام كلها، المرسل الذي لم يتصل إسناده حجة وإلا ليس بحجة؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . نعم؟ نعم؟ المرسل الذي هو المرسل الاصطلاحي، الذي هو مرفوع التابعي إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- أو المرسل بالمعنى الأعم؟ أهل العلم يقررون أن الانقطاع علة، الانقطاع علة لماذا؟؛ لاحتمال أن يكون الواسطة ضعيف، لاحتمال أن يكون الواسطة ضعيف، إذن لا بد أن نعرف عين من روى عنه، ثم بعد ذلك هل هو ثقة نقبل، إذا كان غير ثقة نرد، إذا لم يذكر اسمه أصلاً هل نثق بخبره؟ طالب: لا

إذن هو في دائرة الضعف، ولذا يقول الحافظ العراقي لما تحدث عن المرسل: ورده جماهر النقاد ... للجهل بالساقط في الإسناد وصاحب التمهيد عنهم نقله ... ومسلم صدر الكتاب أصله الجمهور على رد المراسيل من غير تفصيل؛ ورده جماهر النقاد ... للجهل بالساقط في الإسناد وصاحب التمهيد عنهم نقله ... ومسلم صدر الكتاب أصله لكن الخلاف موجود في المتقدمين حتى قال بعضهم: إن التابعين بأسرهم يقبلون المراسيل، التابعين بأسرهم يقبلون المراسيل، وعلى هذا جرى الإمام أبو حنيفة والإمام مالك .. واحتج مالك كذا النعمان ... به وتابعوهما ودانوا مالك وأبو حنيفة يقبلون المراسيل. الطبري نقل الإجماع على قبول المراسيل -إجماع التابعين على قبول المراسيل- مع أن الخلاف معروف عن سعيد -سعيد بن المسيب وهو سيد من سادات التابعين- لا يمكن إغفال قوله، كيف ينقل الطبري؟ هل خفي عليه قول سعيد؟ ما خفي عليه، لكن مثلما أشرنا سابقاً أن الإجماع عند الطبري قول الأكثر، الإجماع عند الطبري قول الأكثر، فلا يتلفت إلى قول سعيد مع قول الأكثر. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: فإن كان من مراسيل غير الصحابة فليس بحجة: مراسيل الصحابة، إذا روى الصحابي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- حديثاً لم يسمعه منه، إذا روى الصحابي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- حديثاً لم يسمعه منه؛ إما لصغر سنه أو غيبته أو تأخر إسلامه، صحابي روى عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أبو هريرة روى عن النبي -عليه الصلاة والسلام- خبراً قبل الهجرة وأسلم عام خيبر سنة سبع، ابن عباس من صغار الصحابة، عائشة -رضي الله عن الجميع- رووا عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أخبار قبل الهجرة أيش نقول؟ مراسيل صحابة لا بد فيها من واسطة؟! يقول: فإن كان من مراسيل غير الصحابة فليس بحجة: إذن مراسيل الصحابة حجة أو ليس بحجة؟ حجة .. أما الذي أرسله الصحابي ... فحكمه الوصل على الصواب حتى نقل أكثر من واحد من أهل العلم الإجماع على قبول مراسيل الصحابة، نقل الإجماع على قبول مراسيل الصحابة. أبو إسحاق الاسفرائيني يقول: مراسيلهم كمراسيل غيرهم، مراسيل الصحابة كمراسيل غيرهم، الذين يقبلون مراسيل الصحابة أيش يقولون؟

يقولون: الصحابي إن لم يكن سمع الخبر من النبي -عليه الصلاة والسلام- بمعنى أنه أعاده إليه، فالاحتمال أنه سمعه من صحابي آخر، هذا الذي يغلب على الظن، الاحتمال الأقوى أنه سمعه من صحابي آخر وأسقط هذا الصحابي، والصحابي سواءً ذكر أو حذف ما يضر؛ لأن الصحابة كلهم عدول. يعني هل يتصور أن يروي صحابي عن تابعي؟ نعم يتصور عقلاً، لكن الذي يغلب على الظن، والأحكام مبنية على غلبة الظن أن الصحابي إنما يروي عن صحابي آخر، فلهذا نقل الاتفاق على قبول مراسيل الصحابة، وخالف أبو إسحاق الاسفرائيني، وقال: هي مثل مراسيل غيرهم؛ لأن الصحابي احتمال يروي عن تابعي فيسقط هذا التابعي، والتابعي الاحتمال قائم أنه ثقة أو غير ثقة. هذا بالنسبة لمراسيل الصحابة، مراسيل الصحابة كثيرة جداً؛ باعتبار تأخر إسلام كثير منهم، وصغر السن، الغيبة أيضاً، عمر -رضي الله عنه- كان يغاب؛ يتناوب المجيء إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- فما بالك بغيره. أحداث الصحابة مثل عائشة، ابن عباس، ابن الزبير، هؤلاء يروون أحاديث وقصص ووقائع لم يشهدوها، حديث بدء الوحي ترويه عائشة، بدء الوحي قبل أن تولد بأزمان ترويه عائشة، لكن بعض أهل العلم يميل ويستروح إلى أن النبي -عليه الصلاة والسلام- قص عليها القصة، قص عليها القصة. المقصود أن مثل عائشة لصغر سنها، أو مثل أبو هريرة لتأخر إسلامه، أو مثل ابن عباس لصغر سنة وابن الزبير، هؤلاء قد يروون بعض الوقائع بواسطة فيسقطون الواسطة، ولذا يقولون: إن ابن عباس لم يروِ عن النبي -عليه الصلاة والسلام- مباشرة إلا أربعة أحاديث؛ وجميع مروياته فيها واسطة، ويحذف الواسطة، هذا أشار إليه الغزالي في المستصفى وغيره، لكن الحافظ ابن حجر قال: إنه وجد مما ثبت سماعه من النبي -عليه الصلاة والسلام- من قبل ابن عباس من الصحيح والحسن ما يزيد على الأربعين. المقصود أنها بالنسبة لمروياته حتى الأربعين قليلة، فدل على أن هناك وسائط بالنسبة لصغار الصحابة، ولذا يقرر أهل العلم أن مراسيل الصحابة في حكم الموصول؛ هذا الواسطة كأنه مذكور. أما الذي أرسله الصحابي ... فحكمه الوصل على الصواب

مراسيل غير الصحابة من التابعين: عرفنا فيها الخلاف، عرفنا فيها الخلاف والجمهور على ردها مطلقاً. الشافعي -رحمه الله- يشترط شروطاً لقبول المراسيل: أن يكون المرسل من كبار التابعين، أن يكون المرسل إذا سمَّى سمى ثقة، بمعنى أن يكون ممن لا يروي إلا عن الثقات. أن يكون هذا التابعي الكبير إذا شرك أحداً من الحفاظ لم يخالفه، يعني ما له مخالفات. أن يكون للخبر المرسل شاهد يزكيه من مسند أو مرسل يرويه غير رواة المرسل الأول، أو يفتي به مقتضاه عوام أهل العلم، أو يرد قول صحابي يدعمه، المقصود أن يكون له شاهد، إذا توفرت هذه الشروط الأربعة قبل الشافعي المراسيل. الشافعي -رحمه الله تعالى- قال: إرسال ابن المسيب عندنا حسن، إرسال ابن المسيب عندنا حسن، ولذا يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: فإن كان من مراسيل غير الصحابة فليس بحجة إلا مراسيل سعيد بن المسيِّب؛ فإنها فتشت فوجدت في المسانيد: وجلها من طريق صهره أبي هريرة. الشافعية يحتجون بمراسيل سعيد؛ لأنها فتشت فوجدت في المراسيل، وأما من عداهم فمراسيل سعيد مثل غيرها، لكنها أقوى من غيرها؛ لأن التابعين يتفاوتون في وقوة المراسيل وضعفها، فمن كان من أهل التحري، بمعنى أنه لا يروي إلا عن الثقات -مثل سعيد- لا شك أنها أقوى ممن يروي عن كل أحد كالحسن؛ مراسيل الحسن ضعيفة. طالب:. . . . . . . . . مراسيل الزهري أيضاً فيها قوة، فيها قوة نعم، لكن ليست مثل مراسيل سعيد. يقول: والعنعنة تدخل على الإسناد: العنعنة هي رواية الحديث بصيغة (عن)، هي رواية الحديث بصيغة (عن)، العنعنة رواية الحديث بصيغة (عن)، حدثنا فلان، عن فلان، عن فلان، عن فلان، يصير عنعنة. تدخل على الإسناد. حكم السند المعنعن: السند المعنعن عند أهل العلم مختلف فيه، فمنهم من قال: إنه منقطع ما لم يقل: حدثنا وسمعت وأخبرنا فهو خل وبقل؛ ما له قيمة، محكوم عليه بالانقطاع. ومنهم من يقول: يحكم له بالاتصال بشرطين معروفين عند أهل العلم:

أن يكون الراوي سالماً من وصمة التدليس -ألا يكون مدلساً- والثاني: أن يكون قد لقي من روى عنه -في القول المشهور المعروف المنسوب للبخاري- أو عاصره -ثبتت معاصرته له على القول المعروف عن الإمام مسلم-. على كل حال العنعنة محكوم لها بالاتصال بالشرطين المعروفين، وحكم (عن) حكم (أنَّ)، السند المئنن مثل السند المعنعن، وحكم (عن) أيضاً حكم (قال)، يحكم لها بالاتصال بالشرطين المذكورين. العنعنة تدخل على الإسناد وبعدين؟ إن كان قصده الإسناد، معناه الاتصال فيحكم له بالاتصال مع وجود العنعنة؛ لأنه فسر المسند بالمتصل، فهو مقبول، وإذا قرأ الشيخ ... طالب: الأنأنة السند المؤنَّن مثل السند المعنعن: . . . . . . . . . ... وحكم (أن) حكم (عن) والجل سووا وللقطع نحا البرديجي ... حتى يبين الوصل في التخريج بسط هذه المسائل يعني يحتاج إلى دروس المصطلح ما هو هنا، لكن نحن نشير إشارات؛ لعلها تفي بالغرض. وإذا قرأ الشيخ يجوز للراوي أن يقول: حدثني وأخبرني، وإذا قرأ هو على الشيخ فيقول أخبرني، ويقول: حدثني، وإن أجازه الشيخ من غير رواية فيقول: أجازني، أو أخبرني إجازة: أشار المؤلف هنا إلى بعض طرق التحمل، وأشرنا في درس الأمس أن طرق التحمل ثمان، السماع من لفظ الشيخ، القراءة على الشيخ، الإجازة، المناولة، المكاتبة، الوصية، الإعلام، الوجادة، ثمان. السماع من لفظ الشيخ، إذا سمع الطالب من لفظ الشيخ، الطالب يسمع من لفظ الشيخ، الشيخ يحدث والطالب يتلقى، هذه أعلى طرق التحمل؛ لأنها هي الأصل في الرواية، الأصل أن الشيخ يحدث والطالب يتلقى، وهذه حال النبي -عليه الصلاة والسلام- مع الصحابة؛ يسمعون منه، وهي أعلى طرق التحمل.

الثاني: القراءة على الشيخ: الطالب يقرأ والشيخ يستمع، السماع من لفظ الشيخ هو المرجح عند جمهور أهل العلم، العرض الذي هو القراءة على الشيخ مرتبة ثانية بعد مرتبة السماع، وبعضهم فضل العرض على السماع من لفظ الشيخ، لماذا؟؛ يقول: في حال السماع من لفظ الشيخ، قد يخطئ الشيخ، قد يخطئ الشيخ وإذا أخطأ الشيخ والطالب يتلقى عنه من يصحح للشيخ؟ يعني الطالب يصحح للشيخ؟ والمفترض أنه يروي .. ، جاء يروي منه أحاديث، ما يصحح، لكن في حال العرض والقراءة على الشيخ، إذا أخطأ الطالب فإن الشيخ لن يتردد في التصويب، ولذا يرى الإمام مالك وجمع من أهل العلم أنهما سواء، سواءً قرأت على الشيخ أو قرأ عليك سواء، المهم أنك تسمع الخبر، أو الشيخ يسمع الخبر ويقره. وإذا قرأ هو على الشيخ فيقول: أخبرني، ولا يقول: حدثني: إذا قرأ الشيخ يجوز للراوي أن يقول: حدثني، وأخبرني، وإن قرأ هو على الشيخ فيقول: أخبرني ولا يقول: حدثني: صيغ الأداء التي هي: سمعت، وحدثني، وأخبرني، وأنبأني، وعن فلان، وقال فلان، وأن فلاناً قال، صيغ، من روى بطريق السماع من لفظ الشيخ له أن يقول: سمعت؛ لأنه سمع من لفظ الشيخ هذه حقيقة الحال، وله أن يقول: حدثني؛ لأن الشيخ حدثه، وله أن يقول: أخبرني؛ لأن الشيخ أخبره، فله أن يقول كل هذه الصيغ، ولا يعدو حينئذ الواقع إذا قال ذلك. إذا قرأ هو على الشيخ، هل يستطيع أن يقول سمعت؟ هو سمع من الشيخ شيئاً؟ ما سمع، هل يستطيع أن يقول: حدثني؟ نعم؟ هل يستطيع أن يقول: أخبرني؟ طالب:. . . . . . . . . كيف؟ أيش الفرق بين التحديث والإخبار؟ {يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا} [(4) سورة الزلزلة]، هل الشيخ أخبره أو قرأ على الشيخ، ما في شك أن الورع أن يقول: قرأت على الشيخ، قرأت على فلان هو الذي يبين، لكن أجاز أهل العلم في السماع وفي العرض أن يقول: سمعت وحدثني وأخبرني، جميع الصيغ؛ لأنها طرق مجمع على صحة التلقي بها، فأي صيغة تفيد -تدل على المقصود- فهي مقبولة. طالب: أخبار ... قراءة قراءة أخبار ... ؟ لكن أنا إذا أخبرتك وإلا أنت أخبرتني، يعني وأنت تقرأ علي، أنا أخبرتك بشيء؟ طالب: أنت أقريت يا شيخ. لكن هذا إخبار؟

طالب: لا، لكن قد يكون إقراراً منك يا شيخ. الإقرار فيه إقرار، وهل يشترط أن يقول: نعم أو لا يشترط؟ المسألة معروفة، لكن الإقرار هل فيه إخبار؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . الآن لما تقول لي: قدم زيد، أقول لك: صحيح، أصير أخبرتك بقدوم زيد وإلا أنت اللي أخبرتني؟ طالب:. . . . . . . . . لكن أنت بتقول أخبرتني؛ أخبرني فلان، واضح وإلا ما هو بواضح. أنا أقول: في الأصل أهل العلم أجازوا كل الصيغ في السماع من لفظ الشيخ، وفي العرض على الشيخ؛ لأنهما طريقان مجمع على صحة التلقي بهما، فبأي عبارة أو أي أسلوب أديت مما يفهم أنك تروي هذا الخبر وتنقله عن الشيخ تبلغه إلى غيره يجوز لك ذلك، لكن أهل الاصطلاح جعلوا كل طريق من طرق التحمل يختص بصيغ معينة، فجعلوا للسماع من لفظ الشيخ: سمعت وحدثني، ولا يقول: أخبرني، وإن كان مخبراً له، ومن قرأ على الشيخ وعرض على الشيخ يقول: أخبرني ولا يقول حدثني. أيش الفرق بين التحديث والإخبار؟ نعم؟ هناك فرق؛ يقولون: دائرة الإخبار أوسع من دائرة التحديث، دائرة الإخبار أوسع من دائرة التحديث؛ فالتحديث لا يحصل إلا بالمشافهة -مشافهة المحدَّث بما حدِّث .. ، لمن يتحدث معه- بينما الإخبار يحصل بالمشافهة، يحصل بالقرينة، يحصل بالعلامة، يحصل بالمكاتبة كل هذا إخبار. ولذا لو قال زيد من الناس: من حدثني بقدوم فلان فهو عتيق -فهو حر- من حدثني، فجاء واحد وكتب له ورقة وقال: قدم فلان، يعتق وإلا ما يعتق؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . ما يعتق؛ ما حدثه يا أخي، كتب له كتابة. طالب: ... إخبار.

ما ينفع إحنا بالتحديث الآن، هو يقول: من حدثني، ما قال من أخبرني، يقول: من حدثني بقدوم فلان فهو حر، جاء واحد وكتب له خطاباً أنه قدم فلان، ما يعتق، لكن لو قال: من أخبرني بقدوم فلان، فأخبره بكتابة، أو بنصب علامة، أو بشيء، خلاص يعتق؛ لأن دائرة الإخبار أوسع من دائرة التحديث، فهم يقولون: يختص التحديث والسماع بطريق السماع من لفظ الشيخ، وأما الإخبار فباعتبار دائرته أوسع فيخصص للعرض على الشيخ والقراءة عليه، وكثير من أهل العلم يعتني بالتفريق بين صيغ الأداء الصادرة عن الشيوخ عناية فائقة، فيجعل هذا لهذا وهذا لذاك، ومنهم من لا يفرق. فتجد مسلماً وله عناية فائقة في التفريق بين هذه الصيغ، يقول: حدثنا فلان، وفلان وفلان، قال فلان: حدثنا، وقال الآخرون: أخبرنا، أو العكس، فهو يهتم بذلك، لكن مثل إسحاق -رحمه الله- ابن راهوية- ما يقول: حدثنا أبداً، سواءً سمع أو قرأ ما يقولها؛ يلزم صيغة أخبرنا. البخاري -رحمه الله تعالى- مع جمع من أهل العلم لا يرون التفريق فيؤدي بأي صيغة تفيد المراد، لكن أهل الاصطلاح خصوا التحديث بالسماع من لفظ الشيخ، والإخبار بالقراءة على الشيخ، والمسألة اصطلاحية. وإذا قرأ الشيخ يجوز للراوي أن يقول: حدثني وأخبرني، وإن قرأ هو على الشيخ فيقول: أخبرني، ولا يقول: حدثني: لأنه لم يشافهه. وإن أجازه الشيخُ من غير قراءة أو من غير رواية -كما في نسختي- فيقول: أجازني أو أخبرني إجازة: إذا أجازه، جاء الشيخَ -الطالبُ للشيخ- وقال: أريد منك أن تجيزني برواية صحيح البخاري، أو بالحديث الفلاني، فقال: أجزتك أن تروي عني صحيح البخاري، أو الحديث الفلاني. والإجازة: هي الإذن بالرواية، الإذن بالرواية، فلا الطالب سمع من لفظ الشيخ، ولا الطالب أيضاً قرأ على الشيخ؛ ما فيه تحديث أصلاً، بس قال له: اروِ عني صحيح البخاري، الإذن بالرواية، هذه الإجازة؛ إذن، وجمهور أهل العلم على صحة الرواية بالإجازة؛ والداعي إليها كثرة الطلاب وتباين الأقطار وتباعدها، ويحصل المشقة الشديدة لو حصرت الرواية بالسماع أو العرض.

يعني تصور شيخاً يروي صحيح البخاري بأسانيده، ثم كل طلاب العلم يبون منه رواية لهذا الكتاب، إما أن يقرؤوا عليه أو يقرأ عليهم بيتعبوه؛ يروح أفواج ويجي أفواج، واللي فاته شيء واللي سافر قبل ما يكمل الكتاب، لكن من السهل جداً أن يكون كتب سنده في ورقة أو ثبت، ويقول له: تفضل، خلاص أجزتك أن تروي عني صحيح البخاري، وأجيز مثل هذا للحاجة الماسة إلى ذلك، وأبطلها قوم -أبطلوا الإجازة- حتى قال بعض الظاهرية: إن من قال لغيره: أجزت لك أن ترويَ عني ما لم تسمعه مني، فكأنه قال له: أجزت لك أن تكذب عليَّ، أجزت لك أن تكذب عليَّ، وقال بعضهم: لو جازت الإجازة لبطلت الرحلة. المقصود أن كثيراً من أهل العلم الجماهير على جوازها، وقال بعضهم بأنها باطلة. طالب:. . . . . . . . . تبغون التفصيل في الطرق الثمانية ومتى تصح ومتى لا تصح هذا مظنة المصطلح. طالب:. . . . . . . . . نعم؟ طالب:. . . . . . . . . يا أخي المصطلح ملوه الإخوان؛ شرحناه سنين، في بعض الكتب عرض ثلاث مرات، وشرح ثلاث مرات بعض الكتب، والأشرطة الإخوان عندهم، المصطلح آخرها الباعث الحثيث كامل يا أخي، النخبة كاملة، ألفية العراقي قدر كبير منها مسجل، المصطلح يعني مطروق ما فيه إشكال، لكن إحنا نشرح على قدر ما يحتاج إليه في توضيح مثل هذا الكتاب المعتصر لا أقول المختصر، ولذلك تجدونه .. ، تسمعون ما فيه إطالة، وما فيه مزيد تفصيل يناسب صغر الكتاب. طالب:. . . . . . . . . والله إن بين وقال .. ؛ لأنه أحياناً الشريط إذا قلت: حدثني، تسمع شريط للشيخ ابن باز أو ابن عثيمين تقول: حدثني ابن باز أو ابن عثيمين، يحتمل التدليس؛ لأن مثل هذا قد يسلكه بعض التدليس؛ ليوهم غيره أن الشيخ تفرد به وخصه بهذا الخبر، لا شك أن هذا تشبع، تشبع بما لم يعط. طالب: لو قال سمعته من الشريط؟ لو قال: سمعته من الشريط خلاص ما أحد يتهمه. طالب:. . . . . . . . . سمعته من لفظ الشيخ، إن بين يا أخي أولى وأورع أن يقول: سمعت من لفظ الشيخ بشريط، أيش المانع يا أخي، نعم. طالب:. . . . . . . . .

ما في ما يمنع، أيضاً لو تقول: سمعت، أنت سمعت صحيح، أنت سمعت، لكن لا تسلم من شوب الانقطاع مثل الوجادة، لا يسلم من شوب الانقطاع لماذا؟؛ لأنه قد يأتي ممن ولد الآن بعد عشر سنين أو عشرين سنة يقول: سمعت الشيخ ابن باز، انقطاع ظاهر ما أدرك ولا عصر الشيخ، نعم، وهو سمع بالفعل، سمع بالشريط، في الأصل أنه منقطع مثل الوجادة إلا أن فيه شوب اتصال باعتبارك سمعت لفظه، فالبيان هو الأولى؛ لا سيما وأن التشبع والتكثر عن طلاب العلم وإيهام السماع المباشر من لفظ الشيخ، أو إيهام الرحلة للقاء الشيخ، أحياناً أنت ما رأيت الشيخ ابن عثيمين مطلقاً فتقول: سمعت الشيخ ابن عثيمين، توحي أنك رحلت إلى بلده وتلقيت عنه وهكذا، هذا إيهام، هذا تشبع بما لم يعط، وطالب العلم ينبغي أن يكون صريحاً فإذا خشي من هذه الأمور يوضح. ولا أجمل من قول من يقول: "أما إني لم أكن في صلاة ولكني لدغت"، نعم، هو رأى الكوكب الذي انقض، هو ما رآه، لو سكت على هذا الحد، قال: نعم رأيته بيتهم، لكن بينفي؛ بيى يبين حقيقة الحال –الأمر- كما هو، "أما إني لم أكن في صلاة ولكني لدغت"، يا أخي أنت قل: والله ما رحلت إلى الشيخ ابن عثيمين ولا رأيت الشيخ ابن عثيمين، لكن سمعته بشريط، يبي ينقص من قدرك شيئاً، هذا رفعة بلا شك، والحديث الصحيح: ((المتشبع بما لم يعط كلابس ثوبي زور)) [الحديث في الصحيح هذا]. وكم من طالب يزعم ويدعي أنه فعل وترك؛ لأنه سمع شريط وإلا سمع بواسطة وإلا سمع .. ، والله المستعان. طالب:. . . . . . . . . هذا توسع في العبارة، توسع في العبارة، هذه عبارات صحفية أو إذاعات أو قل: ما شئت من .. ، نعم، هذا توسع غير مرضٍ يتفننون في العبارات، لكن ما حد بيظن بهم أن الطبري جاء وحدثهم وإلا .. ، نعم، مثل ما يتجوزون: هذا خبر السماء، هذا عدالة السماء، أيش الكلام هذا؟! هذا كلام صحفيين هذا، لكن طالب العلم ينبغي أن يكون دقيقاً متحرياً متثبتاً فيما يقول، وفيما يترك، وفيما يفعل، وفيما يذر، لا سيما إذا خشي، لا سيما إذا خشي من السامع أن يكون قد فهم منزلة أعظم أو أعلى مما هو فيه، حينئذ يخبر عن الواقع، "أما إني لم أكن في صلاة ولكني لدغت" تفضل؟

طالب:. . . . . . . . . جزاك الله خيراً. المؤلف -رحمه الله تعالى- .. ، وإن أجازه الشيخ من غير رواية ومن غير قراءة ومن غير سماع من لفظه حينئذ لا يقول: سمعت، وإن سمع منه لفظاً مجملاً إجمالاً يقول: اروِ عني، هذا لا يكفي أن يقول: حدثني أو سمعت فلان، ثم يذكر أحاديث تفصيلية؛ لأنه إذن إجمالي بالرواية، فلا يقول: سمعت، ولا حدثني، ولا أخبرني، لكن لو تجاوز وقال: أخبرني إجازة -يعني بين فيقول: أجازني- هذا هو اللفظ المطابق للحال، والأولى والأورع: أجازني فلان، أو أذن لي فلان، لكن إن قال: حدثني إجازة، أو أخبرني إجازة، أو قال عن فلان لا سيما المتأخرين يستعملون العنعنة في الإجازة وكثر استعمال عن في ذا الزمن ... إجازة وهي بوصل ما قمن قمَن يا سليمان؟ طالب:. . . . . . . . . لكن قَمَن وإلا قَمِن؟ طالب:. . . . . . . . . غيره، غيره واحد من الإخوان؟ طالب:. . . . . . . . . قمِن بالكسر؟ طالب:. . . . . . . . . وهي كذلك بالفتح، وكثر استعمال عن في ذا الزمن ... إجازة وهي بوصل ما قمَن بالفتح، يعني تفتح وتكسر، لكن البيت المناسب له، الزمن، مناسب له قمَن.

شرح متن الورقات (13)

شرح متن الورقات في أصول الفقه (13) تعريف القياس وأقسامه الشيخ/ عبد الكريم بن عبد الله الخضير بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فقد قال إمام الحرمين -رحمه الله تعالى-: وأما القياس: فهو رد الفرع إلى الأصل بعلة تجمعها في الحكم، وهو ينقسم إلى ثلاثة أقسام: الشيخ: تجمعهما. الطالب: أحسن الله إليك .. بعلة تجمعهما في الحكم، وهو ينقسم إلى ثلاثة أقسام: إلى قياس علة، وقياس دلالة، وقياس شبه، فقياس العلة: ما كانت العلة فيه موجبة للحكم، وقياس الدلالة: هو الاستدلال بأحد النظرين على الآخر، وهو أن تكون العلة دالة على الحكم، ولا تكون موجبة للحكم، وقياس الشبه: هو الفرع المردد بين أصلين فيلحق ... الشيخ: المتردد. هو الفرع المتردد بين أصلين فيلحق بأكثرهما شبهاً. الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، لما أنهى المؤلف -رحمه الله تعالى- الكلام على الأصول الثلاثة المتفق عليها -الكتاب والسنة والإجماع- تكلم -رحمه الله تعالى- على الأصل الرابع من أصول الاستدلال عند أهل العلم، وهو القياس، الأصل الرابع من أصول الاستدلال بعد الكتاب والسنة والإجماع: القياس. فالقياس حجة عند جمهور أهل العلم، جمهور أهل العلم يرون الاحتجاج بالقياس، خلافاً لأهل الظاهر الذين لا يرون القياس، أهل الظاهر لا يرون الأقيسة، ولابن حزم كتاب اسمه (إبطال القياس)، وكثيراً ما يشنع في كتبه على أهل الرأي الذين يقيسون الدين ويثبون الأحكام بآرائهم على حد زعمه. ولذا توقف كثير من أهل العلم بالاعتداد بأهل الظاهر خلافاً ووفاقاً، وقال: إنه لا يعتد بهم، ولقد نص كثير من أهل العلم على عدم الاعتداد بأهل الظاهر. يقول النووي في شرح مسلم: "ولا يعتد بقول داود؛ لأنه لا يرى القياس الذي هو أحد أركان الاجتهاد".

مثل أهل الظاهر الذين لا يرون القياس كيف يتصرفون في كثير من المسائل والنوازل غير المنصوصة؟ لأنهم يطلبون الدليل -يطلبون النص- في كل مسألة، لذا جاء من يشنع عليهم، هم شنعوا على أهل الرأي، حتى قال ابن حزم في بعض المسائل في إمام من أئمة المسلمين: وبهذا قال فلان، وهو لا يساوي رجيع الكلب، يشنع على الأئمة؛ لأنهم يقيسون، وكما تدين تدان، كما تدين تدان، وبهذا قال مالك، فأين الدين، يقول ابن حزم: وهذا قول من لا يؤمن بيوم الحساب، وإلى آخره من الكلام اللي في حق الأئمة شنيع نعم، وجد من أهل الفقه من يسترسل في الأقيسة، يسترسل في الأقيسة ويغرق في الاستنباط بواسطتها حتى طغى ذلك على الاستدلال بالنصوص، وشغلهم ذلك عن حفظ النصوص وفهمها، وجد، هذا غلو في القياس، لكن في المقابل وجد غلو -لا أقول: في اتباع النص؛ لأنه الأصل إنما إحمال الأقيسة التي أومأ الشارع إلى اعتبارها على ما سيأتي. يعني سمعنا ما قاله ابن حزم في بعض الأئمة، وانظر ما قاله بعضهم في ابن حزم مثلاً، أو في أهل الظاهر. هنا في عارضة الأحوذي لابن العربي يقول: "والحكمة في أن ذكر النبي -عليه الصلاة والسلام- الفضة والتضبيب وتقدير الواجب وترك ذكر الذهب؛ لأن تجارتهم إنما كانت في الفضة خاصة معظمها، فوقع التنصيص على المعظم؛ ليدل على الباقي": لأنه إذا منع استعمال أواني الفضة فلأن تمنع استعمال أواني الذهب يعني من باب أولى، وأهل الظاهر عندهم المنصوص. يقول: "فوقع التنصيص على المعظم ليدل على الباقي": العارضة ممسوخة محرفة، طباعتها في غاية السوء، ومع ذلكم مفاد كلامه، وكانوا أفهم أمة وأعلمها -يعني الصحابة- فلما جاء الحمير"، شوف أيش يقول: فلما جاء الحمير الذين يطلبون النص في كل صغير وكبير طمس الله عليهم باب الهدى، وخرجوا عن زمرة من استن بالسلف واهتدى!! يا إخوان: الشطط لا بد له من ردة فعل، لا بد من التطرف لوجود طرف آخر، فإذا وجد إغراق في باب لا بد أن يوجد في المقابل من يقاوم من يقول بهذا القول.

لما قال ابن حزم: فأين الدين، وقوله: "من لا يؤمن بيوم الحساب"، "وهذا لا يساوي رجيع الكلب"، قيل فيهم: فلما جاء الحمير الذين يطلبون النص في كل صغير وكبير طمس الله عليهم باب الهدى، وخرجوا عن زمرة من استن بالسلف واهتدى. نعم طلبوا الدليل هذا الأصل، هذا الأصل، لكن إذا لم نجد النص في المسألة، تترك المسألة بدون حكم؟ نقول: طلبكم يا أهل الظاهر على العين والرأس، طلبتم النص، ما وجدنا نص في هذه المسألة ينص عليها بعينها، ماذا نصنع؟ نقف؟ تترك المسألة بدون حكم؟ أو نلحقها بما يشبهها من الأحكام، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . تلحق قول جماهير أهل العلم. "فلما جاء الحمير الذين يطلبون النص في كل صغير وكبير، طمس الله عليهم باب الهدى وخرجوا عن زمرة من استن بالسلف واهتدى": يعني أحياناً يكون القدح مدح، هو يريد أن يذم أهل الظاهر، لكن العبارة ما أسعفته، جاء الحمير الذين يطلبون النص في كل صغير وكبير، يقال: على العين والرأس لأنه يطلب النص، نعم، مثل خطيب أراد أن يقع في طائفة من الناس ويذمهم، ثم ذكر من سيماهم وعلامتهم تقصير الثياب وحمل كتب الحديث، هو يريد أن يذمهم، هذه علامتهم لكن ما هي سبب ذمهم من أجل أن تذكر. من أراد أن ينفر من طائفة لما يراه من خلل في علمها أو عملها أو خطر من بعض تصرفاتهم على غيرهم يأتي بما يقدحون فيه، لا بما يمدحون فيه، يذم طائفة نعم هي جنحت إلى فكر معين، لكن ما أذكر شيئاً يتفق عليه أنه من المحاسن، علامتهم تقصير الثياب وحمل كتب الحديث، على العين والرأس يا أخي. وهنا يقول ابن العربي: الذين يطلبون النص في كل صغير وكبير، إذا سمعت هذه الدعوة نقول: وأين هم ذولاء؟ هؤلاء أكثر الله من أمثالهم أن يطلبون النص؛ "قد أحسن من انتهى إلى ما سمع"، لكن بعد النص، ما وجدنا نص، إذا وجدنا النص لا محيد عنه، لكن إذا لم نجد نصاً، هنا يأتي الخلاف مع أهل الظاهر.

فلما وقع الظاهرية في أئمة الإسلام وُقِع فيهم -جاء مثل هذا الكلام فيهم- ولهذا على طالب العلم أن يكتسب أدباً قبل أن يتعلم؛ ولا يؤثر في الخصم مثل الأدب والاحترام، ((أنزلوا الناس منازلهم))، أنزله منازله ووافقه على ما يقوله من حق، واشكره على ذلك، وامدحه بذلك، ثم بعد ذلك انتقد ووجه، أما تصادر كل ما عنده من حق وتركز على هذه المخالفة وتجعلها كل شيء ما يقبل منك، والله المتسعان. مسألة الاعتداد بقول أهل الظاهر، مسألة كبيرة ومعروفة عند أهل العلم، فكثير من أهل العلم لا يعتد بقولهم، وسمعنا كلام النووي في شرح مسلم يقول: "ولا يعتد بقول داود؛ لأنه لا يرى القياس الذي هو أحد أركان الاجتهاد". ومسألة الاعتداد بهم أو عدم الاعتداد تحتاج إلى بسط، وتصور وتصوير دقيق كي تفهم؛ لأن من يرى الاعتداد بهم يقول: هم قوم من المسلمين، وهم أئمة مجتهدون عرفوا بالعلم والعمل، حرصهم على النصوص لا يقل عن حرص غيرهم من الأئمة إن لم يكن أشد، والذي يقول: لا يعتد بهم حجته ما سمعنا. ولا شك أن المسألة المختلف فيها، وفيها لأهل الظاهر قول يخالفون فيه غيرهم من الأئمة إن كان عمدتها النص من الكتاب والسنة، فأهل الظاهر من أولى من يعتد بقولهم، وإن كان عمدتها أقيسة واجتهادات فأهل الظاهر لا مدخل لهم في هذا الباب. ابن حزم وهو إمام من أئمة مذهبهم ألغى الأقيسة والآراء في الفروع، واستعمل هذه الأقيسة في الأصول، ولذا بعد عن مذهب أهل السنة والجماعة بعداً فاحشاً في مسائل الاعتقاد في كثير منها. استعمل العقل في الاعتقاد، وألغى وأهمل العقل في الأحكام، مع أن المفترض أيش؟ العكس، المفترض العكس؛ لأن العقائد نحن ملزمون بالنصوص، ولا نتجاوز ولا نتعدى ما جاء في النصوص، وعلينا أن نفهم هذه النصوص بفهم سلف الأمة وأئمتها، وعلى هذا فنحن مكفيون في هذا الباب. الفروع التي هي مجال للاجتهاد تدخل فيها الآراء فهم عكسوا، لا سيما ابن حزم منهم، نظر في مقدمة المحلى فيما يتعلق بأصول الدين فجاء ببدع بعضهم يكفره بسببها، يقول: ما عندنا قرآن ولا قرآنان ولا ثلاثة، عندنا أربعة قرآنات!!

عظائم، لكن البدعة تعتمد على نوع شبهة، لا معاندة؛ لو كانت معاندة ما تردد في تكفير كثير من المبتدعة. المقصود أن مسألة الاعتداد بأهل الظاهر مسألة كبرى وأقوالهم تدور في الكتب كثيراً جداً تذكر أقوالهم، فإن كان عمدة في المسألة نص من الكتاب والسنة فهو من أولى من يعتد به، وإن كان عمدتها آراء وأقيسة فلا مدخل لهم في ذلك. طالب: قول ابن عبد الهادي في ابن حزم أنه جهمي جلد؟ أشد، أشد من الجهمية، وبالمقابل ذكر شيخ الإسلام أن كل قول يعضده الدليل فلأبي محمد منه أوفر الحظ والنصيب، يعني كلامه في الفروع يعني المحلى لولا ما فيه من التهجم على الأئمة لقلنا: إنه فقه السنة، لكن يحجب طالب العلم المبتدئ بل المتوسط من القراءة في مثل هذا الكتاب؛ لأنه يربي فيه الشدة والقسوة وسوء الأدب مع الأئمة والله المستعان. طالب:. . . . . . . . . لا، لا موجود، لكل قوم وارث، لكل قوم وارث، يوجد الآن منهم على مذهب أهل الظاهر، وكتب عن نفسه وقال: إنه لا من باب خالف تذكر، ولا من باب الشذوذ والإغراب بل هو قناعة، وينتسب إليه كذلك الظاهري، فلان ابن فلان الظاهري؛ لكل قوم وارث، لا شك أن عندهم تعظيم للنصوص ما يختلف في أن عندهم تعظيم للنصوص، لكن ماذا وراء النصوص؟ ماذا وراء النصوص؟ إهمال أهل الظاهر للقياس أوقعهم في أشياء لا يقبلها عقل، منها ما نقل عنهم صراحة من قولهم، ومنها ما هو مجرد إلزام يلزمون به. يعني تحريم البول في الماء الراكد جاء فيه النص: ((لا يبولن أحدكم في الماء الدائم)) حرام البول في الماء الدائم، لكن لو بال في إناء وصبه في الماء الدائم، عندهم حرام وإلا لا؟ طالب: ليس حراماً. ليس بحرام. لو تغوط في الماء الدائم حرام وإلا ليس بحرام؟ طالب: عندهم ليس بحرام. ليس بحرام، يلغون القياس، النص في البول، وهم يقفون مع النص، قول (أف) للوالدين حرام؛ لأنه جاء به النص: {فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا} [(23) سورة الإسراء]، لكن لا يقاس عليه ما هو بمنزلته في الأذى بل ولا ما هو أشد منه كالضرب مثلاً.

أقول: إهمالهم للقياس أوقعهم في مثل هذه المضحكات، ومع ذلكم هم فيهم من الأذكياء .. ، ابن حزم ليس بغبي، ابن حزم من أذكياء العالم، من العباقرة الكبار، لكن المسألة أصل، أصول، إذا مشى الإنسان على أصل خلاص ما يحيد عنه، يعني في المقابل أناس استرسلوا مع الرأي، استرسلوا مع الأقيسة، وأخذوا يشققون المسائل ويفرعون في مسائل قد تقع ومسائل جلها لا يقع يصار على حساب النصوص، شغلهم هذا عن حفظ النصوص وفهمها. لو قال قائل: إن ترك الظاهرية للقياس سببه تعظيم ظواهر النصوص، تعظيم ظواهر النصوص، هو الذي أوقعهم في ترك القياس وإبطاله، ولا يبعد أن يكون هذا المذهب ردة فعل لتصرفات أهل الرأي، الذين يردون النصوص الصحيحة بالأقيسة والآراء. فمع ذلك كله، أو بعد ذلك كله فالراجح قول الجمهور، الراجح قول الجمهور، يعني لو وجدنا لأهل الظاهر قول يخالفون فيه الأئمة قال مالك وأبو حنيفة والشافعي وأحمد وأتباعهم، وسفيان والطبري والأوزاعي وأئمة الإسلام على قول، وأهل الظاهر في جهة في قول، هل نقول: نرجح ما يرجحه الدليل بغض النظر عن قائله، أو نقول: اتفاق هؤلاء الأئمة كلهم تدل على أن عندهم شيئاً مما يعتمد عليه وإن لم نقف عليه؟ يعني كثيراً ما نقف فيكتب الحديث على مسألة قال فيها جماهير الأئمة –جماهير أئمة الإسلام- بالاستحباب، وفيها أمر صريح، وهم يتفقون على أن الأصل في الأمر الوجوب، فقال أئمة الإسلام بالاستحباب، وقال أهل الظاهر بالوجوب. ومثله لو وقفنا على حكم اتفق الأئمة الأربعة وأتباعهم على القول بكراهته وفيه النهي الصريح، وقال أهل الظاهر بالتحريم، من نتبع؟ ما الذي يرجح في مثل هذا؟ هل نقول: أقوال الأئمة الأربعة مع أتباعهم والحق مع الأكثر؟ أو نقول: لا يلزم أن يكون الحق مع الأكثر، ما يمنع أن يكون الحق مع أهل الظاهر في هذه المسائل؛ لأن معهم الدليل صريح وواضح، الأمر أصله الوجوب؟

يمر عليكم في شروح الحديث، في سبل السلام كثير هذا، في فتح الباري كثير، الجمهور على أنه مستحب وأنت ترى الأمر الصريح ولم تقف على صارف، لا يذكر الجمهور صارفاً لهذا النص، ويجزمون بأنه سنة، وأهل الظاهر يقولون بالوجوب؛ لأن النص صحيح وصريح في الأمر، فهل نقول: الراجح قول الظاهرية؛ لأن معهم الدليل، أو نقول -كما يقوله بعض الناس-: علينا أن نتهم أنفسنا بالتقصير عن البحث عن الصارف الذي يصرف هذا النص من الوجوب إلى الاستحباب، ولذا قال أئمة الإسلام بأنه مستحب، هل نتهم النفس ونقول: قصرنا أو قصرنا عن إدراكه -عن إدراك الصارف- أو نقول: الراجح ما عندنا علم، لا نتعبد بأقوال الرجال، نتعبد بالنص، والنص يدل على الوجوب إذن الأمر واجب، ها يا إخوان؟ طالب:. . . . . . . . . يعني نتبع أئمة الإسلام، يعني من لاحظ على الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله تعالى- أنه قد يوجب أشياء لا يوجبها الأئمة الأربعة؛ لأن النص صحيح وصريح في الأمر، والأصل في الأمر الوجوب، انطلاقاً من هذه المسألة. يعني ما مر عليكم عن الشيخ كثير هذا، الشيخ يقول بالوجوب، وجماهير علماء الإسلام على الاستحباب؛ لأن النص صحيح صريح؛ أمر والأصل في الأمر الوجوب، يعني هل يخفى على الأئمة أن الأصل في الأمر الوجوب، الذين قالوا بأن الأصل في الأمر الوجوب، وقالوا: إن هذا مستحب وفيه أمر صريح، ما الصارف عندهم؟ هو لا بد من وجود صارف، وإلا يصير اضطراب بين التقعيد والتفريع والتطبيق، لا شك أن أئمة الإسلام لاتفاقهم هيبة، هيبة تجعل الإنسان يعيد النظر في تقصيره وقصوره، ولا يعني هذا أننا نجعل هؤلاء الأئمة بمنزلة المشرع نحكم بهم على النصوص، لا، فمن هاب هؤلاء الأئمة مع اتفاق هؤلاء الأئمة له حظ من النظر؛ لأن الذين حكموا هذا الحكم هم الذين قعدوا بأن الأمر الأصل فيه الوجوب، والأصل في النهي التحريم، فلا بد له من صارف. أنا شخصياً سألت الشيخ ابن باز -رحمه الله تعالى- عن هذه المسألة فقال: إذا لم تقف على صارف فالراجح قول الظاهرية بغض النظر عن من وافقهم، يرجح قول الظاهرية ولو لم يوافقهم أحد؛ لأن معهم الدليل، ونحن متعبدون بالدليل.

نتعدى الظاهرية إلى أئمة معتبرين من أئمة الإسلام، جماهير الأئمة على أن عيادة المريض سنة، عيادة المريض سنة، بل نقل النووي الإجماع على أن عيادة المريض سنة، والإمام البخاري -رحمه الله تعالى- في صحيحه يقول: "باب وجوب عيادة المريض"، فهل يجرؤ أحد أن يقول: إن عيادة المريض واجبة وجماهير الأمة، بل نقل الإجماع على أنها سنة، والأمر صريح صحيح صريح ثابت لكن أين الصارف؟ نعم، طالب:. . . . . . . . . نعم؟ الأدب؟ طالب:. . . . . . . . . طالب:. . . . . . . . . هذا ما هو بأدب، هذا حكم شرعي، يعني حتى لو دققنا في هذه المسألة، لو قلنا: الآداب إما أن يرتب عليها ثواب وإلا فلا، هل يرتب عليها ثواب وإلا لا؟ نعم؟ يرتب عليها ثواب، صح وإلا لا؟ إذن هي حكم شرعي، هي حكم شرعي؛ لأن ما فيه الثواب حكم شرعي، ما يخلو إما أن يكون واجباً وإلا مستحباً، فهي حكم فتعود إلى أصل المسألة، وإلا كثير منهم من يقول: إن باب الأدب محمول على الاستحباب. لو جئنا إلى الأمر الصحيح الصريح في صلاة الكسوف: ((فإذا رأيتموهما فصلوا))، صلاة الكسوف واجبة وإلا مستحبة؟ نقل الإجماع على أنها مستحبة وليست بواجبة، أبو عوانة في صحيحه يقول: "باب وجوب صلاة الكسوف"، فهل لك أن ترجح كلام البخاري وكلام ابي عوانة لصراحة الأمر وصحته، وتضرب بقول الجماهير عرض الحائط؛ لمخالفتها النص الصحيح الصريح؟؟ مثل ما سبق، أنت مطالب بما يرجحه الدليل. أقول: هذه المسألة في غاية الأهمية، مسألة عملية يحتاجها جميع طلاب العلم؛ لأن الكل يقررون أن الأصل في الأمر الوجوب، ولا يعدل عنه إلى الاستحباب إلا لصارف، والأصل في النهي التحريم، ولا يعدل عنه إلا لصارف. الراجح في العمل بالقياس هو قول الجمهور؛ لأن المسألة مفترضة في عدم الدليل، أما إذا وجدنا دليلاً في المسألة فإن مثل هذا الدليل إن كان القياس يوافقه ويعضده فلا بأس، والمدار والمعول على الدليل، وإن كان القياس يعارضه فلا عبرة بقياس يخالف الدليل. فالمسألة على كلا الاحتمالين مفترضة في خلو المسألة عن الدليل، إذا لم نجد الدليل، يعني نترك المسألة دون حكم أو نقيس؟

نقيس، فقول الجمهور العمل بالقياس؛ لأنه يثير ظناً غالباً؛ لأنه إذا خلت المسألة عن الدليل فالتردد موجود، والتردد ظن وإلا شك؟ التردد ظن وإلا شك؟ لأن عندنا العلم والظن والشك والوهم، الشك هو الاحتمال المساوي إذا لم تجد دليل في المسألة، يعني إذن تشك فيها؛ ما عندك ما يرجح العمل ولا ما يرجح الترك، فأنت شاك فيها، كون هذه المسألة تشارك مسألة أخرى نص عليها تشاركها في الحكم هذا مرجح لأحد الاحتمالين، صح وإلا لا؟ هذه المسألة غير منصوصة، ماذا يكون بالنسبة للمجتهد؟ يكون عنده الاحتمال على حد سواء، شك، فإذا كان أحد الطرفين، أحد الطرفين، أحد احتمالَي المشكوك فيه على حد سواء أحدهما يوافق حكماً منصوصاً عليه يجمعهما علة واحدة، حينئذ يترجح أحد الاحتمالين، وإذا ترجح أحد الاحتمالين صار ظناً غالباً، ولذلك يقولون: لأن القياس يثير ظناً غالباً يعمل به في الأحكام الشرعية، ولا شك أن الشريعة لا تفرق بين المتماثلات، كما أنها لا تجمع بين المختلفات. ولذا قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى-: "القياس الصحيح من العدل؛ فإنه تسوية بين متماثلين وتفريق بين المختلفين". وقال الإمام أحمد: "لا يستغني عن القياس أحد": هذا كلام صحيح؛ لأنه ليس في كل المسائل دليل، لا نستطيع أن نستحضر في كل مسألة دليلاً، ولذا لا يستغني عن القياس أحد. نقل عن الإمام أحمد -رحمه الله تعالى-: "يجتنب المتكلم في الفقه هذين الأصلين: المجمل والقياس": هو قال في النقل الأول: لا يستغني عن القياس أحد، وعرفنا وجهه، إذن كيف يقول: يجتنب المتكلم في الفقه هذين الأصلين: المجمل والقياس؟ تأوله القاضي قاضي أيش؟ طالب: عياض. ما يجي عياض هنا يا إخوان. طالب: أبو يعلى. أبو يعلى نعم، تأوله القاضي على قياس يخالف نصاً، القياس الذي يخالف النص لا عبرة به، فعلى الفقيه أن يجتنبه.

وأقول: لعل مراده، لعل مراد الإمام أحمد الحد من الاسترسال في الأقيسة، لعل المراد، مراد الإمام أحمد -رحمة الله عليه- الحد من الاسترسال في الأقيسة التي تحول معاناتها دون حفظ النصوص وفهمها؛ لا شك أن الإنسان إذا استرسل في الأقيسة واستعمل هذه الأقيسة في كل مسألة، واستفرغ وبذل وسعه وأمضى جهده في هذا لا شك أن أنه على حساب النصوص؛ وكل شيء له ضريبة، يعني كوننا نعنى بالفقه وهو الأحكام العملية المستقاة من الكتاب والسنة، كون الإنسان -طالب العلم- ينفق وقته وجهده كله على فقه الأحكام العملية والعبادات والمعاملات إلى آخر أبواب الفقه، أليس هذا على حساب شيء؟ ما هو بعلى حساب حفظ الكتاب والسنة؟ فهم الكتاب والسنة؟ نعم إدامة النظر في الكتاب والسنة؟ ما هو هذا بعلى حساب هذا؟ وأعني الفقه المدون في كتب الفقه، وإلا الفقه المستنبط من الكتاب والسنة لا يعوق عن مدارسة الكتاب والسنة، بل هو من أعظم الثمرات التي تجنى من العلم بالكتاب والسنة. فإذا كان الإنسان مثلاً ديدنه النظر في الإنصاف مثلاً، ونضرب المثل بالإنصاف لخلوه عن الدليل، اثنا عشر مجلد، كتاب مذهبي، يذكر المسائل يفرع المسائل يعلل للمسائل، يذكر ما في المذهب من روايات، يذكر من قال بها من الأصحاب، يذكر ما دونت فيه من الكتب، يستطرد في هذا كله، يعني تبي تنفق على الإنصاف كم سنة، اثنا عشر مجلد حتى تهضم الإنصاف؟ تبي لك عدد مجلدات من السنين، وهذا على حساب الكتاب والسنة، ولهذا قال الإمام أحمد: "يجتنب المتكلم في الفقه هذين الأصلين المجمل والقياس". ولا شك أن الفقه لا يستغني عنه طالب علم لا يستغني عن الفقه وكتب الفقه طالب علم، لكن يأخذ منه بقدر ما يعينه على فهم الكتاب والسنة؛ لأن الأصل هو الكتاب والسنة، فعليه أن يعتني بالأصل الذي هو الكتاب والسنة وما يعينه على فهم هذين الاصلين.

يقول ابن قدامة: "وقد استدل على إثبات القياس بقوله تعالى: {فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ} [(2) سورة الحشر]، وحقيقة الاعتبار مقايسة الشيء بغيره، كما يقال: اعتبر الدينار بالصنجة، يعني العيار أو الدينار يوزن، نعم، الدينار يوزن، يوضع في كفه والصنجة الذي هي أيش؟ العيار الذي يوزن به، أو يوازن به ويقاس به ما يراد وزنه، يقولون له أيش؟ صنجة، يعني بمثابة الكيلو، يعني قطعة من الحديد تزن كذا، تصير في أحد كفتي الميزان، كِفتي الميزان وإلا كُفتي؟ أيش الفرق بين الكِفة والكُفة، في فرق؟ في فرق بين الكِفة والكُفة؟ طالب:. . . . . . . . . وأيش هو الفرق؟ طالب:. . . . . . . . . لا،. . . . . . . . . طالب: كُفة الثوب يا شيخ؟ كُفة الثوب ولذا يقولون: كل مستدير كِفة، وكل مستطيل كُفة. من السنة ما رواه الشيخان من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رجلاً أتى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله، ولد لي غلام أسود، جاء مذعوراً، هو أبيض فولد له غلام أسود، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((هل لك من إبل؟ )) قال: نعم، قال: ((ما ألوانها؟ )) قال: حمر، قال: ((هل فيها من أورق؟ )) قال: نعم، قال: ((فأنى ذلك؟ ))، يقول النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((فأنى ذلك؟ )): من أين أتاها هذا اللون المخالف؟ قال: لعله نزعه عرق، قال: ((فلعل ابنك هذا نزعه عرق)). ظاهر في القياس وإلا ما هو بظاهر؟ طالب: ظاهر يا شيخ. ظاهر في القياس، يعني قاس الولد على هذا البعير الذي خالف لونه ألوان الإبل، والسبب لعله نزعه عرق، وهذا الولد أيضاً لعله نزعه عرق. يقول ابن دقيق العيد في شرح العمدة: "استدل به الأصوليون –يعني الحديث- على العمل بالقياس، فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- حصل منه التشبيه لولد هذا الرجل المخالف للونه بولد الإبل المخالف لألوانها، وذكر العلة الجامعة وهي نزع العرق، وهي نزع العرق. يقول ابن دقيق العيد بعد ذلك: "إلا أنه تشبيه في أمر وجودي، والذي حصلت المنازعة فيه هو التشبيه في الأحكام الشرعية". طالب:. . . . . . . . . كيف؟

أيش معنى كلام ابن دقيق العيد، يقول: "إلا أنه تشبيه في أمر وجودي، يعني موجود في الواقع في الظاهر، حسي، يعني بإمكانك أن تحضر الولد مع أبيه، وتحضر الإبل الأورق مع الحمر، وتقول: هذا خالف هؤلاء، لماذا؟ لعله نزعه عرق، وهذا الولد خالف أباه لماذا؟ لأنه نزعه عرق، أمور وجودية. يقول: والذي حصلت المنازعة فيه وهو القياس في الأحكام هو التشبية في الأحكام الشرعية، يعني ليست على أرض الواقع، يعني ليست محسوسة، أمور معنوية، أمور معنوية، لكن كلام ابن دقيق العيد .. ، أولاً الاستدلال من الحديث ظاهر أو ليس بظاهر؟ طالب: ظاهر ظاهر، وتطبيقه على الأحكام الشرعية ظاهر وإلا ما هو بظاهر؟ طالب: ظاهر. يعني كون الشيء في المحسوسات التي لا يتعبد بها، نعم، في المحسوسات التي لا يتعبد بها شيء، وكونه في الشرعيات التي يرتب عليها الثواب والعقاب، وأنت إذا حكمت بقياس قلت: إن هذا حكم الله في هذه المسألة، ولذا استدرك ابن دقيق العيد، قال: إلا أنه تشبيه في أمر وجودي، والذي حصلت المنازعة فيه هو التشبيه في الأحكام الشرعية. نقول أيضاً: ما يتعلق بالولد حكم شرعي، ما يتعلق بالولد المخالف لونه للون أبيه أيضاً هو حكم شرعي، من أي وجه؟ من وجه النفي والإثبات، إثبات النسب ونفيه هذا حكم شرعي، فكما أنكم لا تنفون وقوع هذا الولد المخالف لونه للون .. ، هذا الولد من الإبل، المخالف لألوان الإبل الأخرى، أيضاً لا يمكن أن ينفى الولد لمخالفة لونه للون أبيه. يقول الصنعاني في حواشيه على شرح العمدة -هو نقل كلام الخطابي- نقل الصنعاني في حواشيه على شرح العمدة قول الخطابي: "هو أصل في قياس الشبة"، هو أصل يعني حديث أبي هريرة أصل في قياس الشبه، هل هو أصل في قياس الشبه؟ هل هذا الحديث أصل في قياس الشبه؟ المسألة في الشبه لكن هل قياس الشبه الآتي ذكره وتردد الفرع بين أصلين، هل هناك فرع متردد بين أصلين في الحديث؟

ما في فرع متردد بين أصلين، فرع واحد وهو الولد المخالف لونه للون أبيه، يلحق بذلك البعير الذي خالف لونه لون ألوان الإبل الأخرى للعلة الجامعة، فمراده كون هذه المخالفة مشابهة لتلك المخالفة لا يعني أن هذا هو قياس الشبه المتعارف عليه، لا يعني أن هذا هو قياس الشبه المتعارف عليه الذي سيأتي ذكره في أنواع القياس. وقال ابن العربي: "فيه دليل على صحة القياس والاعتبار بالنظير": فيه يعني حديث أبي هريرة صحة القياس والاعتبار بالنظير. وفي كتاب عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- إلى أبي موسى، كتاب عمر إلى أبي موسى في القضاء الذي شرح له أمور القضاء: "ثم قايس الأمور عندك واعرف الأمثال، ثم اعمد فيما ترى إلى أحبها إلى الله -عز وجل- وأشبهها بالحق": قايس الأمور، يعني قس الأشباه بأشباهها، والأمثال بأمثالها، والنظائر بنظائرها، واعرف الأمثال، ثم اعمد فيما ترى إلى أحبها إلى الله -عز وجل- وأشبهها بالحق، وهو كتاب عظيم شرحه ابن القيم -رحمه الله تعالى- بأكثر من نصف إعلام الموقعين، هذا الكتاب العظيم أكثر من نصف شرح في كتاب عمر -رضي الله عنه- إلى أبي موسى في القضاء. نقل ابن القيم -رحمه الله تعالى- عن المزني أنه قال: "الفقهاء من عصر الرسول -صلى الله عليه وسلم- إلى يومنا هذا وهلم جرا استعملوا المقاييس في الفقه في جميع الأحكام في أمر دينهم، وقال: "وأجمعوا على أن نظير الحق حق، ونظير الباطل باطل، أجمعوا على أن نظير الحق حق، ونظير الباطل باطل، والله أعلم وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، انتهينا من الكلام على الظاهرية وموقفهم من القياس، وما نيل منهم بسبب تركه، الآن هذا كله انتهى، نعم، استغرق الدرس الماضي كله الظاهرية. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: وأما القياس: فهو رد الفرع إلى الأصل بعلة تجمعهما في الحكم: هذا تعريفه عند المؤلف، وفي اللغة: التقدير، القياس في اللغة التقدير، ومنه قياس الثوب، تقول: قست الثوب بالذراع؛ إذا قدرته به، قست الثوب بالذراع إذا قدرته به، ومنه قول الشاعر: يصف شجة:

إذا قاسها الآسي النطاسي أدبرت ... . . . . . . . . . نشتغل بالتعريف، نشتغل بالتعريف إلى أن يحضر، نشتغل بالتعريف إلى أن يحضر إذا قاسها الآسي النطاسي أدبرت ... غثيثتها أو زاد وهياً هزومها إذا قاسها: يعني قدرها بالمسبر، الجرح، الشجة تقدر، وفي الفقه في أبواب الجنايات: تقدير الشجاج، نعم، بأن يدخل المسبر، يرى مقدارها طولاً وعرضاً؛ من أجل تقدير ما يستحقه المجني عليه، فالقياس أصله التقدير. وأما في الاصطلاح فعرفه المؤلف -رحمه الله تعالى- بما سمعنا، بأنه رد الفرع إلى الأصل بعلة تجمعهما في الحكم. ابن قدامة يعرفه بقول قريب جداً من هذا يقول: "حمل فرع على أصل في الحكم بجامع بينهما" -هناك تعريفات كثيرة لكن هذا محصلها- حمل فرع على أصل في حكم بجامع بينهما: فلا بد أن يكون هناك فرع وأصل وحكم وجامع، هذه يمكن أن نسميها أيش؟ أركان القياس، فرع يقاس، أصل يقاس عليه، حكم الذي هو نتيجة القياس، والذي من أجله حصل القياس، والعلة التي تجمع بينهما، العلة التي يلحق بها النظير بنظيره في الحكم والشبيه بشبيهه. والباء في قول المؤلف: بعلة: سببية، أي بسبب علة تجمعهما. ومعنى رد الفرع إلى الأصل: إرجاعه إليه، إرجاعه إليه، إرجاعه إليه في الحكم؛ لأن الفرع المفترض فيه أنه لم يرد فيه بخصوصه نص يبين حكمه، هذا الأصل. الفرع، لماذا قلنا: فرع؟ لأنه خال من الحكم المنصوص عليه، وقلنا: أصل؛ لأنه منصوص عليه -على حكمه- فنحتاج إن نلحق هذا الفرع غير المنصوص عليه، بالأصل بالمنصوص عليه. هناك ما يقول فيه بعض أهل العلم: إنه جاء على خلاف الأصل، جاء على خلاف الأصل، مع أنه منصوص عليه، فالمنصوص عليه بدليل شرعي من الكتاب أو من السنة أصل. كيف يقول بعض أهل العلم: إن جواز هذا الأمر -وهو منصوص عليه- على خلاف الأصل، والأصل، عرفنا الأصل بأنه ما نص عليه -على حكمه- والفرع ما لم ينص على حكمه فيلحق بهذا الأصل للعلة التي تجمع بينهما. ما فيه مسائل قال فيها أهل العلم: إنها على خلاف الأصل؟ نعم؟ على خلاف الأصل وهي منصوص عليها بالأدلة، حتى قالوا في المزارعة: إنه على خلاف .. ، جوازه على خلاف الأصل.

قالوا في وجوب الوفاء بالنذر على خلاف الأصل، مع أنه منصوص عليه: ((أوف بنذرك))، ليش على خلاف الأصل؟ لماذا جاء على خلاف الأصل، الأصل أن النذر مرغوب وإلا غير مرغوب في الشرع؟ نعم؟ مكروه، بل جاء النهي عنه، فكيف تكون وسيلته مكروهة، ونتيجته واجبة؟ والأصل أن الوسائل لها أحكام المقاصد، قالوا: هذا جاء على خلاف الأصل، هم عندهم قواعد مطردة مأخوذة من نصوص الشريعة يؤيدها فروع كثيرة جاءت بنصوص شرعية، فما خرج عن هذه القاعدة ولو جاء فيه نص يكون على خلاف الأصل عندهم، هل نستطيع أن نقول: إن مثل هذا أصل برأسه؛ لأنه جاء فيه نص؟ ونحتاج إذا وجدنا له نظير نقيسه عليه؛ ليكون فرعاً منه، أو نقول مثل ما يقولون: على خلاف الأصل؟ ابن القيم -رحمه الله تعالى- في إعلام الموقعين ذكر كثيراً من المسائل التي قيل فيها: إنها على خلاف الأصل وفندها، ما في شيء على خلاف الأصل؛ ما دام ورد فيه نص فهو أصل، وأجراها على القواعد -رحمه الله- نعم، هناك ما يخرج عن القواعد الأغلبية، القواعد الكلية لا يخرج عنها شيء، لكن القواعد الأغلبية يخرج عنها فروع، جاءت بأدلة أو ألحقت بأصول هي أقرب بها شبهاً مما قعد عليه. فلتوضيح التعريف نقول: رد الفرع يعني إرجاعه إلى أصله المنصوص عليه؛ لأن الفرع غير منصوص عليه، ولاجتماعهما واشتراكهما في علة واحدة حكمنا على الفرع بحكم الأصل لماذا؟ لأن الشرع لا يفرق بين المتماثلات، كما أنه لا يجمع بين المختلفات. فإذا تحقق وجود العلة في الفرع مثل وجودها في الأصل ألحقناه به حكماً، ولذا قال ابن العربي مقالته، نعم، لما تجد مسألة تبحث عن حكمها الشرعي ما تجدها، ما نص عليها، وكم من المسائل مما لم ينص عليه، فتبحث في المسائل المنصوص عليها فتجد هذه المسألة علتها هي علة المسألة المنصوص عليها، فتلحقها بها، فإذا قلت: هذا واجب لماذا؟ لأن الله -سبحانه وتعالى- أوجب كذا والعلة واحدة، أو هذا حرام؛ لأن الله -سبحانه وتعالى- حرم كذا والعلة متحققة، هل يستطيع أحد أن يطالبك بالدليل، العلة متحققة في الفرع مثل تحققها في الأصل.

ولنعلم أن العلل تنقسم إلى علل منصوصة وعلل مستنبطة، علل منصوصة وعلل مستنبطة، فالعلل المنصوصة من الشرع يدور معها الحكم وجوداً وعدماً، العلل المستنبطة للمخالف أن ينفيها؛ لأن المستنبطة بإمكانه أن يستنبط غيرها، وباعتبار أن الكتاب ألف ابتداءً للمبتدئين لا نستطيع أن نسترسل في العلة والعلل، وما تتحقق، وتحقيق المناط، وتنقيح المناط، وأمور يعني تطول؛ لأن الكتاب أساساً ألف للمبتدئين. من أمثلة ذلك: أهل العلم قاسوا النبيذ على الخمر؛ بجامع الإسكار، العلة الجامعة بينهما الإسكار، فالنبيذ تبحث في النصوص الشرعية شيئاً -دليلاً- ينص على النبيذ ما تجد، لكن الدليل نص على الخمر، والعلة الإسكار، يخالف في هذا الحنفية ولهم ردود على مثل هذه العلل. المخدرات والمفترات مقيسة على الخمر بجامع تغطية العقل من وجه، والضرر من وجه آخر، بل هي شر من الخمر، فهذا قياس، يعني يلزم من لا يقول بالقياس أن المخدرات عنده حلال؛ ما فيها نص يدل عليها، يلزمه يعني لوازم باطلة، لكن له أن يقول -إن كان ممن يقول بالمفهوم- يقول: تحريم المخدرات من باب مفهوم الموافقة، مفهوم الموافقة، وهو الذي يسميه بعضهم قياس الأولى، يعني تحريم المخدرات أولى من تحريم الخمر؛ لأنها أشد ضرراً وأشد تغطية، على أنه جاء في النص ما يدل على أن أي شيء يجتمع مع الخمر في العلة أنه حرام، ((كل مسكر خمر، وكل خمر حرام))، ولا يعني أن يكون الخمر هو ما نزل الحكم مع وجوده، يعني من التمر والعنب والأمور التي .. ، والشعير والعسل الأمور التي نزل الوحي وهي موجودة ومستعملة، لكن الحنفية ينازعون في تسمية الخمر إذا اعتصر من غير العنب، لا يسمونه خمراً، لكنهم يقيسونه على الخمر، الخمر المعتصر من التمر مقيس على الخمر المعتصر من العنب، لكنه خمر، ونزلت النصوص وأهل الحجاز خمرهم من التمر.

المقصود أن مثل هذا يطول، لكن هناك أمور لا بد من العمل فيها بالقياس؛ لو اقتصرنا على الأحكام المنصوصة لأذهبنا أحكام النوازل كلها؛ لأنها غير منصوصة، من أمثلته قياس الأرز على البر في جريان الربا بعلة الطعم والادخار، كل ما يشارك البر في العلة مقيس عليه بجريان الربا، كل ما يشارك التمر ما يشارك الأصناف الستة المنصوص عليها التي هي الذهب والفضة، البر، الشعير، التمر، الملح، ستة. الظاهرية يقولون: ما في شيء اسمه ربا في غير هذه الأنواع الستة، يعني مقتضى كلامهم أنه لا يوجد ربا البتة الآن، ما في ربا يعني ألف بألف وخمسمائة ما فيه شيء، لماذا؟ لأنها ليست ذهب ولا فضة، يعني مقتضى كلامهم -مع تعظيمهم للنصوص، ولا دفعهم إلى هذا القول إلا تعظيم النصوص وعدم الجرأة على الله -عز وجل- إلا بشيء بين ثابت عنه وعن رسوله مع ذلكم- وقعوا فيما وقعوا فيما وقعوا فيه. يعني معناه ألف بألف وخمسمائة ما فيه شيء؛ لأنه لا ذهب ولا فضة، ليس من الأنواع الستة، القرطاس هذا، فله لوازم، له لوازم كثيرة عدم القول بالقياس. يقول الناظم -رحمه الله تعالى-: أما القياس فهو رد الفرع ... للأصل في حكم صحيح شرعي لعلة جامعة في الحكم ... وليعتبر ثلاثة في الرسم يعني أقسامه ثلاثة، لعلة أضفه أو دلالة ... أو شبه ثم اعتبر أحواله وأيش أخذنا قبل؟ التعريف فقط؟ إيه، اقرأ بعده، اقرأ الأقسام، نعم. طالب:. . . . . . . . . إيه. طالب:. . . . . . . . . الإلزام أو تحميل الشرع أو المتمسكين بالشرع بفعل بعضهم بحيث يقال: إن هذا هو الإسلام من صنيع بعض المسلمين، هذه جناية على الإسلام، جناية على الإسلام من وجه، فلا يجوز أن يلصق بالإسلام إلا ما جاء في نصوصه، أما تصرفات بعض المسلمين لا تلصق بالإسلام، والإسلام يعني مع سعته وكون مرتكب هذه الأمور لا يخرج عن دائرة الإسلام، لكن لا يعني أن الإسلام يرتضي هذه التصرفات، ولذا حرمها وعاقب عليها، هذا من وجه.

الوجه الثاني: أنه أيضاً على وجود بعض المسلمين الذين يرتكبون هذه المخالفات لا شك أنهم في تصرفاتهم هذه مع إساءتهم إلى أنسهم، وتعريضها لعقوبة الله -عز وجل- أنهم يصدون عن دين الله، يصدون عن دين الله، المسلمون الجدد يسمعون عن الإسلام، يسمعون عن الإسلام أنه دين العدل والرحمة والرأفة والمساواة والإخاء والإيثار وكذا، فلما نظروا إلى واقع المسلمين قالوا: وأين الإسلام؟ فهم بهذه يصدون عن دين الله، لكن هم تسببوا، بعضهم يتسبب في الصد عن دين الله، لكن مع ذلك لا يعفى الذي يُصد بسبب هؤلاء، فمن تسبب في صد أحد عن دين الله بقوله أو بفعله يأثم، ويبقى أن الذي انصرف عن دين الله بسبب هؤلاء معاقب، لا يعني أننا وجدنا من يتصرف تصرفات لا تليق بالسلم أننا نبرئ الطرف الآخر الذي ينصرف عن دين الله بسبب هذه التصرفات، هو المسؤول الأول، يعني هل معنى أن النساء إذا تبرجت، وفتنت الشباب، نعم، ووقع الشباب في بعض المحظورات أننا نعفي هؤلاء الشباب ونقول: اللوم على النساء التي تبرجت؟ لا لا، لا نعني هذا، هي عليها إثمها، وأنت عليك إثمك، هي مأمورة بغض البصر، مأمورة بالستر، مأمورة بالقرار في البيت، أنت أيضاً مأمور بأوامر، الشرع وضع لك احتياطات؛ لئلا تقع في مثل هذه الأمور. وأما من يقول: ألقاه في اليم مكتوفاً ثم قال له ... إياك إياك أن تبتل بالماء هذا ما هو بصحيح، الشرع ما يفعل هذا، هذا مذهب الجبرية، نعم على المرأة كفل في هذا الباب، ولذا قدمت على الرجل: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي} [(2) سورة النور]، قدمت على الرجل، لكن لا يعني أننا نبرئ الرجل، لا يعني أن الرجل يبرأ، وكذلك إذا وجد من يصد عن دين الله بقوله أو بفعله، ووجد من صد .. ، من انصرف عن دين الله بسبب هذا الصد مؤاخذ؛ هو مكلف. طالب:. . . . . . . . .

على كل حال دعوة الشيخ مثبتة ومسطرة في كتبه، وكتب أولاده، وأحفاده، ومن حمل هذه الراية بعدهم، ومعهم من أئمة الهدى في العصور المتأخرة، لا يضيره أن يتكلم أحد عنهم، النبي -عليه الصلاة والسلام- الحملة على محمد -عليه الصلاة والسلام- في هذه الأيام أشد من حملة. . . . . . . . . مؤسسات منظمات قامت لتشويه الإسلام في شتى عصره، يضر؟ ما يضر. الخالق -جل وعلا عما يقول الظالمون علواً كبيراً- ما سلم من السب، وهو المنعم المتفضل، الموجد من العدم، المدر للنعم بجميع أنواعها وأصنافها ومع ذلك ما سلم، ((يؤذيني ابن آدم)). المقصود أن مثل هذه الأمور -وإن وجدت- نعم ينبغي الرد عليها والتصدي لها، لكن نعرف أنها سنن إلهية لا بد من أن تبقى، الصراع بين الحق والباطل لا بد أن يبقى؛ لتعظم الأجور، تعظم الأجور لمن يساهم في رد هذه الأمور لنصر الدين. انتهينا من .. ، أنت قرأت أقسام القياس؟ المؤلف -رحمه الله تعالى- قسم القياس كغيره إلى ثلاثة أقسام. قال: وينقسم إلى ثلاثة أقسام: إلى قياس علة وقياس دلالة وقياس شبه، فقياس العلة: ما كانت العلة فيه موجبة للحكم: هذا قياس العلة، الأقيسة، قياس علة، وقياس دلالة، وقياس شبه –ثلاثة- قياس العلة عرفه المؤلف: ما كانت العلة فيه موجبة للحكم: أيش معنى موجبة؟ إيجاب عقلي وإلا شرعي؟ يعني هل العلة موجبة؟ العلة هل العلة يصدر عنها إيجاب، الإيجاب من من؟ من الله -عز وجل- هذا الإيجاب الأصل، موجبة للحكم يعني مقتضية له، يمعنى أنه لا يحسن عقلاً تخلف الحكم عنها، ولو تخلف عنها لم يلزم منه محال، كما هو شأن العلل الشرعية، يعني العلل المستنبطة، العلل المستنبطة، يعني قد يتخلف الحكم في المنصوص فضلاً عن المقيس الذي توجد فيه العلة، ولا يلزم منه محال عقلاً، ولا يلزم منه مؤاخذة شرعاً؛ لنص آخر. الميتة حرمت؛ لنجاستها وللضرر، المضطر يأكل من الميتة، بل يجب عليه أن يأكل ما يحفظ حياته، بنص آخر، تخلفت، تخلف إيجاب العلة واقتضاء الحكم لوجود معارض، فكيف بالعلل المستنبطة، ولذا تجد من يثبت حكماً بقياس لعالم آخر أن ينفي، كما سيأتي في مثال قياس الدلالة.

وليس المراد الإيجاب العقلي الذي يقابل الاستحالة، ليس معنى هذا الإيجاب العقلي الذي هو مقابل للاستحالة؛ لأن عندهم واجب وجائز ومستحيل، واجب يقابل المستحيل، والجائز بينهما، لكن لما كان مثل هذا لا يمكن التعبير عنه بأنه جائز؛ لأنه يستوفيه طرفاه وهذا راجح لوجود العلة، العلة مرجحة لإلحاق الفرع بالأصل، ما استطاعوا أن يقولوا: جائز، وإنما قالوا: واجب؛ لأنه أقرب للوجوب. وليس المراد الإيجاب العقلي بمعنى أنه يستحيل عقلاً تخلف الحكم عنها وذلك كقياس تحريم ضرب الوالدين على التافيف، بجامع الإيذاء؛ فإنه لا يحسن في العقل إباحة الضرب مع تحريم التأفيف، يعني هل يحسن من شخص أن يطالبك بمبلغ زهيد، ويصر ويسجنك من أجله مع أنه له مبلغ ثان أكبر منه يعفو عنه، نعم؟ يقول: صحيح عندك لي قيمة البيت مليون، وعندك قيمة كتاب مائة ريال، قيمة البيت حل، لكن المائة لا بد تحضرها الآن، لا بد من إحضارها الآن، وإلا سوف تترتب الآثار المترتبة على عدم الإحضار من شكوى وسجن وغيرهما، هذا عقلاً مقبول؟ طالب: لا. ما يحسن، هذا لا يحسن عقلاً، أيضاً لو وجد ممن يتولى الحسبة –مثلاً- فيشدد على من يرسل نظره ويتسامح مع مسألة إركاب وغيره، أيهما أشد؟ أنت لا تلتفت، لا تلتفت لا يمين ولا يسار للنساء، لكن كونك تفتح الباب وتركب المرأة هذا أمره سهل، هذا يحسن عقلاً وإلا شرعاً ما يحسن، فإذا منع الأقل فالأعلى أولى منه بالمنع، وإذا تسومح في الأعلى فالأقل أولى منه بالتسامح. ولذا لما حرم الشارع التأفيف كلمة (أف) {فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ} [(23) سورة الإسراء]، ولا في أقل من هذه الكلمة، إذن الشتم والسب من باب أولى. ((لعن الله من لعن والديه)) تعجبوا كيف يلعن الرجل والديه؟ كيف يلعن الرجل؟ قال: ((يسب أبا الرجل فيسب أباه، ويسب أمه فيسب أمه)) يكون سبب ملعون إذا تسبب، فكيف إذا فعل؟ نسأل الله العافية، فكيف به إذا ضرب، وهذا حاصل وموجود في مجتمعات المسلمين، يضرب أمه، يقول: ليربيها، أيش يربيها؟ كيف يربي أمه؟ لخلاف بينه وبين زوجته، ليربيها!

هل له أن يضرب أمَّه لو وجد عندها أجنبياً في البيت؟ لو وجد معها في الفراش رجلاً أجنبياً له أن يضرب أمه؟ ليس له ذلك، يريد أن يربيها لخلاف بينها وبين زوجته، هل يستطيع أن يقول شخص: لمصلحة التربية يجوز مثل هذا؟ والله -سبحانه وتعالى- يقول: {لاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ} يتصور هذا؟! ما يتصور، وليس معنى هذا أنه دعوى للتساهل مع الوالدين في عدم توجيههم، وإرشادهم، ونصحهم، وبيان الحق لهم وقطع جميع السبل المفضية على فسادهم؛ لأن الفساد كما يوجد في الصغار، قد يوجد في الكبار، يعني المقصود ظاهر يا إخوان، اختلف في هذا النوع فمنهم من جعله من .. ، منهم من جعل الدلالة فيه على الحكم قياسية، ومنهم من ذهب إلى أنها غير قياسية وأنها من دلالة اللفظ على الحكم، يعني هل تحريم الضرب قياس وإلحاق، فيكون الضرب فرع والأُفّ أصل؛ لأنه منصوص عليه؟ أو نقول: إن اللفظ يدل على تحريم الضرب فيكون من باب أيش؟ طالب:. . . . . . . . . مفهوم الموافقة، مفهوم الموافقة والذي يسميه بعضهم قياس الأولى، يعني إذا حرم، إذا نص الشارع على أمر خفيف فما فوقه من باب أولى، محرم من باب أولى يتناوله النص. نقل إمام الحرمين في البرهان عن أكثر الأصوليين أنه يثبت حكم الضرب بطريق مفهوم الموافقة، نقل إمام الحرمين عن أكثر الأصوليين أنه يثبت حكم الضرب بطريق مفهوم الموافقة، وهو أن يوافق المسكوت عنه المنطوق في الحكم، وقد يكون أولى وقد يكون مساوياً، والضرب أولى بالتحريم من التأفيف. يقول الناظم -رحمه الله تعالى-: أولها ما كان فيه العلة ... موجبة للحكم مستقلة فضربه للوالدين ممتنع ... كقول أف وهو للإيذا منع يعني هل مثل هذا القياس يحتاج إلى عالم ينظر هناك فرع، هناك أصل، هناك علة، وإلا أدنى عوام المسلمين يعرف أن مثل هذا حرام من هذا النص؟ نعم. طالب:. . . . . . . . . هل يحتاج الحكم في مثل هذا، شخص يضرب أباه، ويقول: انتظر خلينا نسأل الشيخ فلان؟ نعم، لا يحتاج، عوام المسلمين يفهمون أنه إذا منع الأدنى فمن باب أولى أن يمنع ما هو أعلى منه.

إذا منع الشرع الضرب في التأديب الزيادة على عشرة أسواط، نعم، هل نقول: إن مائة سوط ما تخالف؛ لأنه غير منصوص عليها؟ من باب أولى. الثاني: قياس الدلالة: وهو الاستدلال بأحد النظيرين على الآخر، وقد تكون العلة دالة على الحكم، ولا تكون موجبة للحكم، قد تكون العلة دالة على الحكم ولا تكون موجبة، ولذا هذا النوع من القياس أضعف وإلا أعلى من سابقه؟ أضعف؛ لأنه في القسم الأول العلة موجبة، بينما هنا لا تكون العلة موجبة، وفي القسم الثاني من أقسام القياس، وهو قياس الدلالة كما سمعنا، وعرفه المؤلف بأنه: الاستدلال بأحد النظيرين على الآخر، لكن لا بد من أن يكون النظير .. ، أن يكون النظيران متقاربين إن لم يكونا متطابقين في وجه الشبه، ولا تكون موجبة للحكم يعني مقتضية له كما في القسم الأول، وهذا النوع غالب أنواع الأقيسة، هذا النوع هو غالب أنواع الأقيسة. من العلل المنصوصة في هذا النوع بحيث يلحق بها ما شارك في العلة قوله -عليه الصلاة والسلام- في الهرة: ((إنها ليست بنجس)) العلة الطوافة، ((لأنها من الطوافين عليكم والطوافات))، فالعلة منصوصة – الطوافة- فإذا توافرت هذه العلة نقيس، إذا وجد شيء يطوف على الناس، ويدخل عليهم من غير استئذان، ولا يستطيعون رده، فإنه يحكم بطهارته، ولذا يقول أهل العلم: "وسؤر الهرة وما دونها في الخلقة -هم نظروا إلى الحجم- وما دونها في الخلقة طاهر، لماذا؟ لأن ما دونها في الخلقة تتحقق فيه العلة التي هي الطوافة، مع عدم إمكان التحرز منه، بينما من فوقها في الخلقة يمكن التحرز منه، الناس لا يأبهون بما يجول في أفنية البيوت؛ لأنه لا يمكن ضبطها، لكن دواخل البيوت يتحكمون فيها، دواخل البيوت يتحكمون فيها، نفرض أن شخصاً له مواشي، وعنده. . . . . . . . . كبيرة ورابط هنا غنم، وهنا حمار، وهناك ثور، وهناك .. ، من المأكول وغير المأكول، كونها تجوب وتتمشى في الأفنية هذا الأصل، لكن دخولها داخل البيوت، يعني هل يأذن مثل هؤلاء للحمار أن يدخل الصالة نعم؟ ما يمكن، هل يمكن التحرز من الحمار؟ يمكن؟ لأنه كبير، لكن يا الله هات فأرة يمكنك التحرز منها؟ فأر. طالب:. . . . . . . . . نعم، سؤرها ليس بنجس.

طالب:. . . . . . . . . أيش هو؟ طالب:. . . . . . . . . لكن سؤرها طاهر وإلا نجس؟ أيش معنى سؤرها؟ فضلة أكلها أو شربها، إذا أكلت من طعام أو شربت من ماء، ينجس وإلا ما ينجس؟ ما ينجس، ولذا يقول أهل العلم: سؤر الهرة .. ، أنت بإمكانك أن تقول: نجس؛ لأن عينها نجسة وتعمى عن العلة المنصوصة أنها من الطوافين، أنتم لا تتصورون أن البيوت على حد سواء، هناك بيوت لبعض الناس ما فيها شيء من هذه الحشرات، وبعضها مسرح -بعض البيوت- وفي بعض الأحيان تسلط أمور تطلع من المجاري أيش تسوي بها هذه؟ الفئران والجرذان، رايحة جاية، مثل هذه لا يمكن التحرز منها، وهي دون الهرة في الخلقة إذن على كلامهم طاهرة، لكن لقائل أن يقول: هذه العلة -إنها من الطوافين- نعم هو طواف، لكن كل طواف تتحقق فيه الطوافة طاهر؟ أو لمعنىً يخص الهرة، لا يتحقق في غيرها؟ لقائل أن يقول ذلك، فالمقصود أن مثل هذا دلالته ظنية، ولذا يكثر التنازع فيه، وهو أوسع أنواع الأقيسة، وغالب أنواع الأقيسة من هذا النوع، وهو ما يكون فيه العلة الغالب أنها مستنبطة، يستنبطها أهل العلل، وقد يأتي عالم يستنبط علة أخرى، ولذا وجد قياس -الذي يلي هذا- قياس الشبه، فمن أهل العلم من يقيس بجامع كذا، ومن يطلع واحد ثاني يقيس على حكم مخالف تماماً لوجود مشابهة من وجه آخر، وهو ما يسمى فيما بعد على ما سيأتي بقياس الشبه: وهو ما يكون الحكم فيه لعلة مستنبطة يجوز أن يترتب عليها الحكم في الفرع، ويجوز أن يتخلف، وهذا النوع أضعف من الأول كما ذكرنا؛ فإن العلة دالة على الحكم وليست ظاهرة فيه ظهوراً لا يحسن معه تخلف الحكم، ومثاله: مثلوا له بقياس مال الصبي والمجنون، قياس مال الصبي والمجنون على مال البالغ في وجوب الزكاة. مال الصبي والمجنون: نفترض أن صبياً أو مجنوناً ورث من أبيه أو من قريبه مبالغ طائلة وأودعت في البنك، فيها زكاة وإلا ما فيها زكاة؟ نعم، فيها زكاة، لماذا؟ لأن النصوص تتناوله، مال نامٍ وهو أيضاً كنز، وقد جاء ما يدل على ذلك في الوصية بالعمل في مال الأيتام، لئلا تأكلها الصدقة.

شرح متن الورقات (14)

شرح متن الورقات في أصول الفقه (14) شروط القياس الشيخ/ عبد الكريم بن عبد الله الخضير فالزكاة في مال الصبي والمجنون واجبة قياساً على مال الكبير العاقل، بجامع أن كلا منهما مال نام، يعني قابل للنمو، ليس معنى نام أنه يزيد، يمكن أنه رصيد جامد أو يخسر بعد، لكنه قابل للنمو كمال الكبير العاقل، وهذا قول الأكثر. أبو حنيفة يقول: أبداً، لا زكاة في مال الصبي والمجنون، لماذا؟ لعدم التكليف، هل على الصبي صلاة؟ هل يجب على المجنون زكاة؟ هل يجب على المجنون صلاة أو صيام؟ لا يجب عليهما لماذا؟ لأنهما غير مكلفين، إذن الزكاة مثل الصلاة، هما غير مكلفين. فأبو حنيفة نظر إلى أن المسألة من باب حكم التكليف، ولا تكليف هنا، والجمهور نظروا إلى أن المسألة داخلة في حكم الوضع، يعني هل الحكم هنا تكليفي وإلا وضعي؟ إذا قلنا: تكليفي ما فيه شيء؛ لأنهما غير مكلفين، وإذا قلنا: إن إيجاب الزكاة عليهما من باب الحكم الوضعي، من باب ترتيب المسبب على السبب، السبب الموجب للزكاة وجد، إذن يوجد المسبب، وجد ملك نصاب إذن يوجد إيجاب الزكاة، فيكون من باب ترتب الآثار على الأسباب، فيكون الحكم وضعياً. لو أتلف الصبي أو المجنون لغيرهما، نقول: هذا غير مكلف لا يلزمه شيء؟ نعم، هل نستطيع أن نقول غير مكلف؟ هو غير مكلف يا أخي، طرداً لقول أبي حنيفة ما يلزمه شيء هو غير مكلف كالبهيمة، إذن هو من باب ربط الأسباب بالمسببات، وجد التلف فوجد الأثر المترتب عليه، وجد المال وجد الأثر المترتب عليه، فيكون من باب ربط الأسباب بالمسببات، فيكون حكماً وضعياً، وليس بحكم تكليفي. يقول الناظم -رحمه الله تعالى-: والثاني ما لم يوجب التعليل ... حكما به لكنه دليل فيستدل بالنظير المعتبر ... شرعاً على نظيره فيعتبر كقولنا مال الصبي تلزم ... زكاته كبالغ أي للنمو في إشكال قياس العلة والدلالة؟ هو ما جاء المؤذن .... ؟ هذا يقول: هل ابن حزم يقول بنفي القياس جملة وتفصيلاً، أو ينفي بعض أنواع القياس ويأخذ ببعضه ولو كان قليلاً؟

له كتاب أشرنا إليه، اسمه إبطال القياس، ومقتضى كلامه النظري في الكتاب وفي المحلى وفي غيره من كتبه أنه لا يقول بالقياس مطلقاً، لكن مع الأسف الشديد أنه ألغى القياس في باب الأحكام والفروع، واستعمله على أوسع نطاق في الأصول، وليته عكس، ليته عكس كما اشرنا، لكن مثل هؤلاء الذين يقولون بهذه القواعد النظرية المطلقة التي لها آثارها أحياناً يحتاجون إليه، أحياناً لا يكون هناك مفر من القياس، فتجده من شعور أو من لا شعور يقتحم هذه الغمرات فيقيس ولو لم يشعر، يعني نظيره كتقرير أهل العلم أنه لا يقاس في العبادات، لا قياس في العبادات، العبادات فيها قياس عند أهل العلم؟ نعم، لا يدخلها القياس؛ لأنها تعبدية، ومع ذلكم إذا نظرنا في كتب الفقه في المذاهب كلها قد نجد قياساً، يحتاج إليه في مناقشة خصم فلا مفر له عنه، فكثير من الذين يقعدون ويميلون ويستروحون إلى أمور تجدهم يخالفونها، وإن كان عاد ليس هو الغالب قليل، إنما المخالفة توجد. الثالث: قياس الشبه وهو الفرع المتردد بين أصلين، هنا يقول: قياس الشبه: هو الفرع المتردد بين أصلين فيلحق بأكثرهما شبهاً: يعني يوجد فرع لا حكم له في الشرع -لم ينص عليه- وهناك أصل يشبه، يشبهه هذا الفرع من وجه له حكم شرعي، وهناك أيضا أصل آخر يشبهه هذا الفرع له حكم شرعي، فيتردد الفرع بين هذين الأصلين، وحينئذ قد تحصل الحيرة وقد لا تحصل حيرة، إذا ترجح أحدهما أمر سهل، يعني أشبه هذا الأصل من وجه، وأشبه الأصل الثاني من وجهين، فنلحقه بأكثرهما شبهاً. أشبه هذا الأصل بثلاثة أوجه من أوجه الشبه ووجه الشبه الثاني -الأصل الثاني- من خمسة أوجه فنلحقه بأكثرهما شبهاً.

ابن قدامة في الروضة يقول: اختلف في تفسيره ثم في أنه حجة، فأما تفسيره فقال القاضي يعقوب: هو أن يتردد الفرع بين أصلين حاضر ومبيح، ويكون شبهه بأحدهما أكثر، نحو أن يشبه المبيح في ثلاثة أوصاف، ويشبه الحاضر في أربعة فنلحقه بأشبههما به -يعني بأكثرهما شبهاً به- ومثاله: تردد العبد بين الحر وبين البهيمة، العبد يقرر أهل العلم أنه لا يملك بالتمليك، وقال بعضهم بأنه يملك، فمن قال: لا يملك، قال: هو يشبه البهيمة من وجوه كثيرة، ومن قال: يملك، قال: هو يشبه الحر ولو من وجه، التكليف على أقل الأحوال، وتحمل المسؤولية، ينكح ويطلق، فهو مشبه للحر. أذِّن ونكمل، أذِّن. ما زلنا يا إخوان في قياس الشبه الذي مُثِّل له بالرقيق، وهو مشبه للحر من وجوه، ومشبه للبهيمة من وجوه، فإذا جنى هذا الرقيق جناية، هل تكون جنايته ملحقة بجناية البهيمة، أو تكون جناية ملحقة بجناية الحر؛ لأن له إرادة كالحر؟ أو نقول: لأنه لا يملك كالبهيمة، وأيضاً في ملكه خلاف، تبعاً لتردده بين هذين الأصلين؟ فمن وجوه شبهه يقول: مثلوا له بالعبد المتردد بين الحر وبين البهيمة في أنه يملك، وفي ضمان متلفه، فمن لم يملكه قال: حيوان؛ يجوز بيعه، ورهنه، وهبته، وإجارته، وإرثه أيش وإرثه يعني يورث كالمال سواء بسواء، أشبه الدابة، يشبه .. ، حيوان يجوز بيعه، ورهنه، وهبته، وإجارته، وإرثه، فهو مشبه للدواب. ومن يملكه يقول: يملك بالتمليك، قال: يثاب، ويعاقب، وينكح، ويطلق، ويكلف أشبه الحر، فيلحق بما هو أكثر بهما شبهاً. المذي مشبه فرع متردد بين أصلين، بين البول فيحكم بنجاسته، وبين المني فيحكم بطهارته. أمثلة هذا النوع من قياس الشبه كثيرة، ولذا اختلف للآن عندنا قياس العلة، العلة موجبة فهو قوي، قياس الدلالة العلة غير موجبة، ولذا يحصل التنازع في بعض المسائل التي يستدل عليها بقياس الدلالة. قياس الشبه أضعف وإلا أقوى؟ نعم؟

أنت إذا نظرت إلى قياس الدلالة، لا يوجد له إلا أصل واحد ما في تردد، الآن هذا التردد بين أصلين ألا يضعف الإلحاق؟ نعم؟ يعني لو أشبه أصلاً واحداً نعم، مالت النفس إلى إلحاقه بهذا الأصل صار من باب قياس الدلالة، لكن إذا ألحقناه بهذا الأصل جاءنا من يقول: لماذا لا نلحقه بكذا؟ فهو أضعف من النوعين السابقين، ولذا اختلفت الرواية عن الإمام أحمد في قياس الشبه، وروي أنه صحيح، وروي أنه غير صحيح، وللإمام الشافعي قولان كالروايتين، ووجه كونه حجة أنه يثير ظناً غالباً، يثير ظناً غالباً، أيش معنى يثير ظناً غالباً؟ يعني كون هذه المسألة، كون هذا الفرع أقرب شبه بهذا الأصل فيكون أرجح، يعني لو وجد فرع متردد بين أصلين على حد سواء في وجوه الشبه، الآن يثير ظناً غالباً وإلا شكاً؟ شك، مع الاحتمال المساوي شك، لكن وجدناه فيما يشبه من أحد الأصلين أقوى، إذن الأقوى هو الغالب، لو ألحقناه بالأضعف لقلنا: يثير وهماً، لو ألحقناه بالمساوي لقلنا: يثير شكاً، إذا ألحقناه بأشبههما وأقربهما وأقواهما شبهاً، نعم، قلنا: يثير ظناً غالباً، والعمل بالظن الغالب أولى من ترك العمل بالحكم أصلاً؛ لأنك مخير بين أمرين: إما أن تعمل بهذا الظن الغالب على ضعفه، أو تترك العمل بالكلية في هذا الحكم حتى .. ، تتوقف فيها حتى تجد فيها حكماً مناسباً، لا شك أن مثل هذا يثير ظناً غالباً، والله المستعان. سم. بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد: فقد قال المؤلف -رحمه الله تعالى-: ومن شرط الفرع: أن يكون مناسباً للأصل فيما يجمع به بينهما للحكم، ومن شرط الأصل: أن يكون ثابتاً بدليل متفق عليه بين الخصمين، ومن شرط العلة: أن تطرد في معلولاتها، فلا تنتقض لفظاً ولا معنىً، ومن شرط الحكم: أن يكون مثل العلة في النفي والإثبات، والعلة هي الجالبة للحكم، والحكم هو المجلوب للعلة. الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فلما ذكر القياس وعرفه وذكر أقسامه، وأنه ينقسم إلى ثلاثة أقسام: قياس الدلالة، وقياس العلة، وقياس الشبه، تقدمت هذه الأنواع -تقدم شرحها-. أردف ذلك بالشروط التي تشترط لصحة القياس، فذكر منها ما يتعلق بالفرع، ومنها ما يتعلق بالأصل، ومنها ما يتعلق بالعلة والحكم، واقتصر في كل واحد منها على شرط واحد؛ لأن الكتاب في غاية الاختصار، وقد ألف للمبتدئين، وإلا فالشروط كثيرة جداً. شروط الأصل أوصلها الشوكاني إلى اثني عشر شرطاً، وشروط الفرع ذكر منها أربعة، وشروط العلة وصلت إلى أربعة وعشرين شرطاً، أربعة وعشرين شرطاً، فيكون المجموع أربعين، نعم، في كثير منها أو في بعضها نزاع بين أهل العلم، هل يشترط، أو هل يمكن إدراجه بغيره من الشروط، يمكن تداخل بعض هذه الشروط مع بعض؟ وبعضها فيه .. ، في إثباته نزاع، لكن ما يمنع أننا نطلع على هذه الشروط إجمالاً، التي ذكرها الشوكاني. من شروط الأصل ما ذكره المؤلف، والمؤلف في ترتيبه قدم الفرع على الأصل، قال: ومن شرط الفرع، ثم قال: ومن شرط الأصل، يعني الأصل أن يقدم الفرع وإلا الأصل؟ طالب: الأصل. نعم، الأصل هو الأصل على اسمه، ولا يقدم الفرع على أصله، كما أنه لا يقدم الولد على أبيه، لا يقدم الفرع على أصله، يعني ترتيب فني، وإلا ما يضر أن تقدم فرع وإلا أصل هنا، ولا تقول: خالفت السنة، ولا الأصل أكبر من الفرع ولا أصغر، نعم، كون الأصل ثابت بنص شرعي يقتضي تقديمه على الفرع الذي هو ثابت بقياس من هذه الحيثية، لكن لعل المؤلف نظر إلى هذه الأمور من وجهة، وهي أن الفرع هو المقصود بحثه بالذات في هذا الباب، يعني الأصل -المقيس عليه- هل يحتاج إليه في هذا الباب باعتباره محل بحث في هذا الباب، أو أن القياس إنما أوجد للفرع المقيس؟ يعني هل نحتاج إلى إثبات حكم الأصل في هذا الباب، أو نحتاج إلى إثبات حكم الفرع في هذا الباب؟ طالب:. . . . . . . . .

نعم، نحن نحتاج إلى إثبات حكم الفرع وإلا فالأصل ثابت بنص، ولهذا قُدِّم، يعني من قدم الأصل -والمسألة مسألة تنظيمية، يعني سواء قدم أو أخر الأمر سهل يعني الخطب سهل- لكن مسألة ترتيبية فنية، لو قدم الأصل باعتبار أنه ثابت بنص، والفرع مقيس عليه ثابت بالقياس لاتحادهما –لاشتراكهما- في العلة، فيبقى الترتيب مناسب للأصل، يقدم الأصل. ومن نظر إلى أن الفرع هو المقصود بالذات، المطلوب إثبات حكمه في هذا الباب قدم الفرع، كما فعل المؤلف، على كل حال يعني مثل ما قلنا: مسألة سهلة. الشروط التي ذكرها الشوكاني للأصل اثنا عشر: الأول منها: أن يكون الحكم الذي أريد تعديته إلى الفرع ثابتاً في الأصل؛ فإنه لو لم يكن ثابتاً فيه بأن لم يشرع فيه حكم ابتداء أو شرع ونسخ، لم يمكن بناء الفرع عليه. الشرط الذي ذكره المؤلف: ومن شرط الأصل أن يكون ثابتاً بدليل متفق عليه بين الخصمين، بدليل متفق عليه بين الخصمين: يعني مثاله: إذا قال الحنبلي أو الشافعي: الماء المستعمل لا يجوز التطهر به ثانية، فانتقل حينئذ من كونه مطهر إلى كونه طاهر، هذا يقوله من؟ شافعي أو حنبلي. طالب: حنبلي. كلاهما، كلاهما. طالب:. . . . . . . . . كيف؟ طالب:. . . . . . . . . كلاهما والحنفية أيضاً، لكن بينهم فروق في القليل والكثير وتحديده، لكن إذا قال الحنبلي والشافعي؛ لأن الحنفي رأيه أشد من رأي الشافعية والحنابلة في هذا، عندهم رواية في مذهبهم أن الماء الذي رفع به الحدث ينجس، ما يكفي أن يكون طاهراً، عندهم هم، لكن دعونا في مذهب الشافعية والحنابلة. إذا قال الحنبلي: الماء المستعمل لرفع الحدث طاهر وليس بطهور، بمعنى أنه لا يجزئ التطهر به مرة ثانية، وجعل هذا أصلاً، وقال: يقاس عليه الحجر الذي رمي به أولاً لا يرمى به ثانياً؛ لأنه استعمل في عبادة، إذن لا ينفع استعماله مرة ثانية، كاستعمال الماء في الوضوء، يريد أن يلزم مالكياً بأن لا يرمي بالحجر مرة ثانية لماذا؟ لأنه استعمل في عبادة، ومادام استعمل في عبادة لا يصلح أن يستعمل مرة ثانية قياساً على الماء الذي استعمل في الطهارة مرة أولى فلا يستعمل مرة ثانية.

عندنا خصم وهو الحنابلة والشافعية في جهة والمالكية في جهة أخرى، يسلم المالكي بهذا؟ يسلم وإلا ما يسلم؟ لا يسلم، لماذا؟ لأنه لا يوافق على حكم الأصل، عنده الماء المستعمل -عند المالكية- الماء المستعمل يجوز التطهر به ثانية وثالثة ورابعة، ويبقى طهوراً، ويبقى أنه أولى باسم الطهور من الماء الذي لم يستعمل، لماذا؟ لماذا صار أولى من الماء الذي لم يستعمل أصلاً، يا إخوان تأملوا، ومر عليكم في أوائل كتب الفقه، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . نعم؟ طالب:. . . . . . . . . إيه هو استعمل في عبادة، لكن أولئك يقولون: استعمل في عبادة خلاص انتهى، وهؤلاء يقولون: هو أولى من الماء غير المستعمل. لو نظرنا إلى الصيغة، صيغة طهور، طهور أيش؟ صيغة أيش؟ مبالغة، صيغة مبالغة، لماذا استحق هذه المبالغة؟ لأنه تكرر فيه أو منه التطهير، فتطهر به مراراً فصار طهوراً، فاستحق هذا الوصف، استحق هذه المبالغة فهو أولى من غيره. نعود إلى أصل المسألة التي معنا: أن يكون الحكم، حكم الأصل متفق عليه بين الخصمين، شوف أيش يقول: من شرط الأصل أن يكون ثابتاً بدليل متفق عليه بين الخصمين: الآن هل يتفق الحنابلة والشافعية مع خصومهم من المالكية على أصل المسألة التي هي عدم الوضوء بالماء المستعمل؟ يتفقون وإلا يختلفون؟ ما يختلفون، إذن يختلفون في الفرع المقيس عليه من باب أولى، فإذا قاس الحنبلي أو الشافعي الحجارة المستعملة التي رمي بها واستعملت في الرمي مرة أولى فلا تعاد مرة ثانية قياساً على الماء المستعمل، قال لك المالكي: لا، أنا لا أوافق على الأصل، فكيف تريدونني أن أوافق على الفرع؟ هذا معنى قوله: أن يكون الأصل ثابتاً بدليل متفق عليه بين الخصمين. واقتصر على هذا الشرط؛ لأهميته ووضوحه، وإلا فالشروط كما ذكرنا اثنا عشر. الشرط الأول من الشروط التي ذكرها الشوكاني: أن يكون الحكم الذي أريد تعديته إلى الفرع في الأصل، فإنه لو لم يكن ثابتاً فيه بأن لم يشرع فيه حكم ابتداء، أو شرع ونسخ لم يكن بناء الفرع عليه.

الذي لم يشرع فيه حكم ابتداء يستحق أن يسمى أصلاً، نعم؟ هل يستحق أن يسمى أصلاً؟ هو بحاجة إلى أن يبحث فيه عن أصل، فهو كالفرع، إذن هل نحتاج إلى هذا الشرط؟ لا نحتاج إلى هذا الشرط إلا في شقه الثاني، يعني لو كان الأصل ثابتاً بدليل منسوخ، ثابتاً بدليل منسوخ، أن يكون الحكم الذي أريد تعديته ثابتاً في الأصل فإنه لو لم يكن ثابتاً بأن لم يشرع فيه حكم ابتداء، هذا ما نحتاج إليه، أو شرع ثم نسخ، يعني إذا كان الأصل المقيس عليه، الأصل المقيس عليه ثابتاً بحكم أو بدليل منسوخ، أما مع الاتفاق على النسخ فلا يمكن أن يقول بهذا أحد من أهل العلم، نعم، لكن يتصور أن يقيس العالم على حكم ثابت بدليل منسوخ إذا لم يبلغه الناسخ، أو ينازع في كونه منسوخاً، ينازع في كونه منسوخاً، ينازع في كونه منسوخاً، فعلى سبيل المثال لو قال القائل: إن الذي لا يجد النعلين يلبس الخفين ويقطعهما أسفل من الكعبين، ويقول: النص محكم محكم، والثاني الذي لم يذكر فيه القطع مطلق والأول مقيد، والمقيد .. ، يعني القطع قيد، وحينئذ يحمل المطلق على المقيد فنحتاج إلى قطع، كونه ما ذكر القطع اكتفاء بذكره أولاً، فنحتاج إلى أن نقطع، فإذا قال مثل هذا، نقيس عليه أيش؟ السراويل -مثلاً- ماذا نصنع بالسراويل؟ يقول: إذا لم نجد إزاراً نلبس السراويل ونقطع السروال بدل ما يكون سابغ إلى فوق الكعب نقطعه بالقدر المجزئ،؛ لأن لبس السراويل للحاجة كما أن لبس الخف للحاجة، واحتجنا إلى قطعها بالنص، ولبس السراويل للحاجة إذن نكتفي بالقدر المجزئ منها، إلى ما يستر العورة، وما زاد على ذلك قدر زائد على الحاجة، فجعلوا هذا فرع والخف أصل، وهذه مسألة تقريبية ترى، ما قال أحد بالسروال وأنه يقطع أو ما يقطع، لكن هذا مثال للتقريب. على قول من يقول بأن قطع الخف محكم وليس بمنسوخ، يمكن أن يقيس عليه مثل هذا، بجامع أن كلاً منهما لباس حاجة لعدم وجود المنصوص عليه من النعل والإزار.

يقول الخصم: أنا لا أوافق على قطع الخف، لماذا؟ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- خطب بعرفة وحضره الجموع الغفيرة ممن لم يحضره بالمدينة ولم يشر إلى القطع، فدل على أنه منسوخ القطع، إذن الأصل دليله منسوخ، فإذن لا نحتاج .. ، لا نستطيع أن نقيس عليه؛ لأن دليله منسوخ، ظاهر وإلا ما هو بظاهر، واضح وإلا ما هو بواضح؟ ما تعرفون حكم لبس الخف للمحرم، وأن فيه خلافاً بين أهل العلم، هل يقطع أو لا يقطع؟ وأن من قال بقطعه قال: ((وليقطعهما)) قيد، نص مقيد وذاك مطلق، وحينئذ يحمل المطلق على المقيد وينتهي الإشكال، والذين قالوا يلبس بدون قطع يقولون: نسخ. النبي -عليه الصلاة والسلام- خطب بالمدينة وبين الأحكام وقال: ((من لم يجد النعلين فليلبس الخفين، وليقطعهما أسفل من الكعبين))، وهذا متقدم، وفي عرفة بعد ذلك خطب وحضره جموع غفيرة، يعني ما يقال اكتفاء بما بيِّن في المدينة، حضره جموع غفيرة ممن لم يحضر هناك، ولا أشار إلى القطع، مع أدلة أخرى تعضد المسألة، والنهي عن إضاعة المال وما أشبه ذلك. فإذا قسنا السراويل على الخف، وقلنا: يقطع السروال ويقتصر منه على قدر الحاجة، كما يقطع الخف، نحتاج إلى مقيس عليه ثابت بنص محكم لم يثبت بنص منسوخ. يقول الخصم: أنا لا أوفاقك على الأصل فضلاً عن الفرع، ويمكن أيضاً إدخال هذا الشرط فيما ذكره المؤلف من أن يكون الأصل ثابتاً بنص متفق عليه بين الخصمين. من الشروط التي ذكرها الشوكاني: أن يكون الحكم الثابت في الأصل شرعياً، فلو كان عقلياً أو لغوياً لم يصح القياس عليه؛ لأن بحثنا إنما هو بالقياس الشرعي، كيف؟ البحث في القياس الشرعي، هناك شيء يسمى القياس في اللغة، القياس في اللغة وفيه كتب مؤلفة، وأيضاً العقليات يدخلها القياس، ويدخلها التنظير، هل معنى هذا أنه لا يثبت القياس في اللغويات ولا في العقليات؟ لكن المقصود بالقياس الذي يبحث هنا، وهو القياس الشرعي، لابد أن يكون الأصل شرعياً، ثبوت الحكم في الأصل شرعياً لا لغوياً ولا عقلياً، وإلا فالقياس في اللغة معروف، والقياس في العقليات والتنظير لها معروف.

أن يكون الحكم الثابت في الأصل شرعياً، فلو كان عقلياً أو لغوياً لم يصح القياس عليه؛ لأن بحثنا إنما هو بالقياس الشرعي. مسألة اختلفوا فيها: هل يثبت القياس على النفي الأصلي: الحكم الثابت بالاستصحاب -استصحاب النفي الأصلي- وكل على أصله في الأعيان المنتفع بها قبل ورود الشرع، هل هي على المنع أو على الإباحة؟ وسبق بحثها. إذا كان الحكم الأصلي ثابتاً بالنفي الأصلي، حكم الأصل يثبته من يقول به بالنفي الأصلي، وهذا يتصور في العبادات، مثل هذا يتصور في العبادات؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . نعم، لا يتصور؛ لأن العبادات لا بد فيها من نص؛ لأنها لا يدخلها الأقيسة، فهناك شيء -عين ينتفع بها- يمكن الانتفاع بها، دليل إباحتها: عدم وجود النص على تحريمها، فنحتاج إلى .. ، فاحتجنا إلى شيء مماثل لهذا الشيء الذي استدل أهل العلم على جوازه بعدم نص يدل على تحريمه فنقيس عليه. على سبيل المثال: الأطعمة، الأطعمة: وجدت حيوان لا تعرف له حكماً في الشرع، ولم يرد فيه نص لا بنفي ولا بإثبات، والعلماء يختلفون في هذا، منهم من يقول: الحلال ما أحله الله، والحرام ما حرمه الله، ومنهم من يقول: الحرام ما حرمه الله، هناك خلاف بين من يقول: الحلال ما أحله الله، وبين من يقول: الحرام ما حرمه الله؟ هناك خلاف؟ هذا قال به جمع، وهذا قال به جمع؟ طالب:. . . . . . . . . هذا جعل الأصل الحل، ولا حرام إلا ما حرمه الله، والثاني جعل الأصل التحريم ولا حلال إلا ما أحله الله، دعونا نجعل الأصل الحل في الأطعمة: وجدنا نوع من النبات بحثنا له عن أصل يدل على منعه ما وجدنا قلنا: يؤكل بناء على أن الحرام ما حرمه الله، وهذا باق على الأصل ولم نجد فيه نصاً، ثم وجدنا نباتا يشبهه، هل نقيس هذا النبات الثاني على الأول؟ أو نستدل للثاني بما استدللنا به على الأول. طالب:. . . . . . . . . نعم؟ طالب: أن يكون لوحده. . . . . . . . . مسألة أخرى ما يقاس عليه .. ؟ يعني نستدل له بالقاعدة العامة على ما سيأتي، على ما سيأتي: إذا كان الفرع يتناوله النص الذي يستدل به للأصل، يتناوله بعمومه، إذا كان يتناوله بعمومه لا نحتاج إلى قياس على ما سيأتي.

طالب:. . . . . . . . . ثابت بالدليل .... ؟ وين؟ طالب: الذي قسنا عليه؟ المسألة اختلفوا هل يثبت القياس على النفي الأصلي وما كان قبل الشرع، فمن قال: إن نفي الحكم الشرعي حكم شرعي جوز القياس عليه، ومن قال: إنه ليس بحكم شرعي لم يجوز القياس عليه. يا إخوان ذكرنا هذه المسألة مراراً في مناسبات، وذكرنا السقنقور على سبيل المثال، نعرف السقنقور أيش هو؟ معروف؟ طالب:. . . . . . . . . أيش يشبه، تعرفه؟ طالب:. . . . . . . . . يعرفونه الإخوان، وين عايش وين؟ طالب:. . . . . . . . . لكنه صغير يعيش في الرمل، ويذكره العطارون (علاج لبعض الأمراض)، معروف، ما تعرف السقنقور؟ هاه؟ طالب:. . . . . . . . . يشبه الوزق إلا أنه يعيش في التراب في الرمال، وهو أملس ما هو بمثله. طالب:. . . . . . . . . لا أصغر من السحلية نوع ثاني. طالب:. . . . . . . . . إيه يصير منقط ويصير سادة ويصير ... وفيه أنواع، عرفناه وإلا ما عرفناه؟ العطارون يذكرونه يصفونه وعندهم كميات منه، تنك مجفف، عرفته؟ طالب:. . . . . . . . . لا، لا غيره، نوع ثاني، هو أنواع، {وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ} [(31) سورة المدثر]، هذا النوع أنا جئت به مثالاً، ولو غريب، صاحب حياة الحيوان قال: طوله ثلاثة أذرع في عرض شبر. طالب: طويل ... ؟ ولا يوجد إلا في طنطا أو الهند، يا أخي بكثرة يوجد، ويوصف، وما زال الناس يأكلونه بعضهم، بعض العامة يأكله حي، ما يبي بعد، أملس يروح بسرعة، نعم، أقصد أنه معروف، والمسألة بحاجة إلى بحثها، فالعطارون الآن يصفونه لبعض الناس. طالب: ما يقال للضرورة؟ لا، لا، ما هي بمسألة ضرورة، لا، أمورهم أهون –كمال- تأتي إلى تبحث عن دليل يدل على إباحته أو على تحريمه ما تجد شيئاً، فإذا قلت: الأصل في الأعيان المنتفع بها الإباحة، والأطعمة لا حرام إلا ما حرمه الله، تأكل، ثم تأتي إلى شيء يشبهه تقيسه عليه. طالب: ما يقاس ما ثبت الدليل بهذا. لكن هل الاستصحاب دليل أو ليس بدليل؟ طالب: دليل ثابت. هل الاستصحاب دليل أو عدم دليل. طالب: إذا قلنا: إنه ليس دليلاً؟ إذا قلنا: دليل لازم نقيس عليه يصير ثابت بدليل. طالب:. . . . . . . . .

ما يحتاج تقول: ليس بدليل هذا الثاني بعد ما في دليل إذن كل على أصله. بعض الإخوان كأنهم ما هم مستعدين لسماع مثل هذا الكلام، في استعداد؟، نعم، إذا في استعداد نسترسل وإلا ما في فائدة. طالب: يستدعى؟ إي لأنه ما شفت يجاوب، ألمسألة مو بصعبة على شان نقول .. الشوكاني يقول: أن يكون الطريق إلى معرفته سمعية؛ لأن ما لم تكن طريقه سمعية لا يكون حكماً شرعياً، وهذا عند من ينفي التحسين والتقبيح العقليين لا عند من يثبتهما. الرابع: أن يكون الحكم ثابتاً بالنص، وهو الكتاب أو السنة، أن يكون الحكم ثابتاً بالنص يعني حكم الأصل ثابت بنص من الكتاب أو السنة، وهل يجوز قياسه على الحكم الثابت بمفهوم الموافقة أو المخالفة؟ قال الزركشي: لم يتعرض له، ويتجه أن يقال: إن قلنا: إن حكمهما حكم النطق فواضح، وإن قلنا: كالقياس فيلحق به. عندنا دليل من الكتاب أو من السنة يدل على التحريم، ووجدنا فرعاً يناسب المنصوص عليه في العلة نقيس، لكن عندنا دليل يدل على حكم بنطقه، دلالته في محل النطق هذا منطوق، والفرع المقيس عندنا لا يشبه المنطوق، يشبه المفهوم، يعني مأخوذ من دلالة اللفظ لا في محل النطق، سواءً في ذلك مفهوم الموافقة أو المخالفة. نعم، مفهوم الموافقة يعني قياس أو أخذ تحريم السب للوالدين من التأفيف، وهذا يسمى قياس الأولى، وهو مفهوم موافقة؛ لأنه يتفق مع المنطوق في الحكم، هل نحتاج إلى أن نقيس فرع على الحكم المستنبط من مفهوم النص سواءً كان موافقة أو مخالفة؟ هذا مختلف فيه، هذا مختلف فيه. أن يكون الحكم ثابتاً من نص وهو الكتاب والسنة، وهل يجوز القياس على الحكم الثابت بمفهوم الموافقة أو المخالفة؟ قال الزركشي: لم يتعرضوا له، ويتجه أن يقال، إن قلنا: إن حكمهما حكم النطق يعني نستدل بالمفهوم مثل ما نستدل بالمنطوق، يعني النص يتناول دلالة النص في محل النطق وفي غير محل النطق تتناول المنطوق والمفهوم، فإذا قلنا: إنه يستدل على الحكم المستنبط من مفهوم النص ويكون دليلاً ثابتاً استنبطناه من النص وإن لم يكن من منطوقه بل من مفهومه نستطيع أن نقيس عليه. من يأتي لنا بمثال فيه مفهوم؟ مثال له مفهوم ومنطوق، نص له منطوق ومفهوم؟

طالب:. . . . . . . . . كيف؟ طالب:. . . . . . . . . ((إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل الخبث))، منطوقه: أن ما بلغ القلتين بالتحديد لم يحمل الخبث. مفهوم الموافقة أيش؟ طالب:. . . . . . . . . كيف؟ طالب:. . . . . . . . . لا. طالب:. . . . . . . . . أكثر من القلتين، مفهوم الموافقة: أن ما زاد على القلتين لا يحمل الخبث، مفهوم المخالفة: ما كان أقل من القلتين فإنه يحمل الخبث، واضح وإلا ما هو بواضح؟ نعم. طالب:. . . . . . . . . ((إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل الخبث))، منطوقه: أن ما بلغ هذا المقدار من غير زيادة ولا نقص فإنه لا يحمل الخبث -لا ينجس- مفهوم الموافقة: أن ما زاد على القلتين فإنه لا يحمل الخبث، يعني لا ينجس، ولماذا قلنا: مفهوم موافقة؛ لأنه يوافق المنطوق في الحكم، ظاهر وإلا ما هو بظاهر. مفهوم المخالفة من هذا النص أن ما نقص عن القلتين فإنه يحمل الخبث، هذا أصل -الحديث أصل- وما يستنبط منه ويستدل به عليه أصل. منطوق الحديث -ما يستنبط من منطوق الحديث أصل- ما يستنبط من مفهومه -مفهوم الموافقة- أصل، ما يستنبط من مفهومه -مفهوم المخالفة- أصل، دليله مفهوم النص، وذاك دليله منطوق النص. كوننا نقيس على المنطوق هذا ظاهر، هذا الأصل في باب القياس، لكن إذا أتينا بغير الماء، بغير الماء مثلاً، وأردنا أن نقيس الزيت مثلاً الزيت، وقلنا: هذا الزيت أقل من قلتين إذن ينجس إذا وقعت فيه النجاسة، ينجس لماذا؟ لأنه أقل من قلتين، قياساً على ما دل عليه مفهوم المخالفة في الحديث عن أبي سعيد وغيره، إذن ينجس. قسنا الآن الزيت الذي لم يبلغ القلتين على الماء الذي لم يبلغ قلتين، وقلنا بنجاسته؛ أخذاً من مفهوم المخالفة من النص. إذا كان الزيت قلتين نقيس منطوق على منطوق، وإذا كان أكثر من قلتين نقيس مفهوم الموافقة على مفهوم الموافقة. يقول: والظاهر -يقول الشوكاني-: والظاهر أنه يجوز القياس عليهما عند من أثبتهما؛ لأنه يثبت بهما الأحكام الشرعية كما يثبت بالمنطوق، وأما ما ثبت بالإجماع ... انتهينا مما ثبت بالمفهوم، لكن ما ثبت بالإجماع ما ثبت بالإجماع، وخلونا في نفس الحديث، نفس الحديث. طالب:. . . . . . . . .

لا الحديث الثاني، الحديث الثاني: ((إن الماء طهور لا ينجسه شيء)). بالمناسبة حديث القلتين من أهل العلم من عمل به -بمنطوقه ومفهومه- وهذا عند من يصححه، وهو المعتمد عند الحنابلة والشافعية، ومنهم من لا يعمل بمنطوقه ولا بمفهومه، وهم مذهب المالكية؛ بناءً على ضعفه، ومنهم من يعمل بمنطوقه دون مفهومه، وهذا قول من؟ شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-. شيخ الإسلام يعمل بمنطوق الحديث ولا يعمل بمفهومه؛ لأن مفهومه مخالف بمنطوق حديث: ((إن الماء طهور لا ينجسه شيء))، مفهومه مخالف، وإذا خولف المفهوم بمنطوق قدم المنطوق. إذا كان الأصل ثابتاً بإجماع، ولم نعرف الأصل الذي استند عليه هذا الإجماع، هل نقيس عليه؟ وفي الحديث: ((إن الماء طهور لا ينجسه شيء إلا ما غلب على لونه وطعمه وريحه))، الزيادة ضعيفة باتفاق الحفاظ ((إلا ما غلب))، لكن الإجماع قائم على أن ما غلب على لونه أو ريحه أو طعمه -لون النجاسة أو ريحها أو طعمها- أنه نجس بالإجماع. فعندنا برميل فيه زيت أكثر من قلتين، وقعت فيه نجاسة ونطل في البرميل ونشم النجاسة، زيت نشم فيه النجاسة، وتغير لون الزيت بلون النجاسة، أو طعم الزيت تغير بطعم النجاسة، هل نقول: إن هذا .. ، حكم هذا الزيت نجس قياساً على الماء الذي تغير بالنجاسة، والأصل ثبت بإجماع أهل العلم، إذن الفرع يثبت بالإجماع، أو بالقياس على ما أجمع عليه، واضح وإلا ما هو بواضح؟ طالب: واضح. الإخوان اللي ساكتين ما ندري أيش وراءهم، واضح وإلا ما هو بواضح، طيب العهدة عليهم. وأما ما ثبت بالإجماع ففيه وجهان، قال الشيخ أبو إسحاق الشيرازي وابن السمعاني: "أصحهما الجواز"، وحكاه ابن برهان عن جمهور أصحاب الشافعي، والثاني عدم الجواز ما لم يعرف النص الذي أجمعوا لأجله؛ لأنه معروف أنه ما في إجماع إلا لابد أن يستند على نص سواءً عرفنا ذلك النص أو لم نعرفه. قال ابن السمعاني: وهذا غير صحيح؛ لأن الإجماع أصل في إثبات الأحكام كالنص، فإذا جاز القياس على الثابت بالنص جاز على الثابت بالإجماع.

ولا شك أن من يقدم الإجماع على النصوص، يقدم القياس على الإجماع على القياس على ما ثبت بالنص، وفي وقته في الإجماع بينا أن من أهل العلم من الأصوليين من قال: إن الإجماع مقدم على النصوص؛ لأنه لا يحتمل نسخاً ولا تأويلاً بخلاف النص. الخامس: ألا يكون الأصل المقيس عليه فرعاً لأصل آخر، وإليه ذهب الجمهور، وخالف في ذلك بعض الحنابلة والمعتزلة وأجازوها. في مثالنا الزيت الذي قسناه على الماء نعم، الزيت قسناه على الماء صح وإلا لا؟ لو جاءنا مائع ثالث، ولم يبلغ القلتين وقعت فيه نجاسة قلنا: ينجس قياساً على الزيت المقيس على الماء، فرع الفرع، يصح وإلا ما يصح؟ طالب:. . . . . . . . . تقول يصح؟ طالب: أقول لا يصح؟ كيف؟ طالب: أقول لا يصح. الآن عندنا أصل ثابت بنص، الفرع المقيس عليه ثابت بالقياس؛ لاشتراكهما في العلة، وجدنا شيئاً ثالثاً نبي نقيسه على هذا الفرع، والفرع الذي قسناه على الأصل، وألا يكون الأصل المقيس عليه فرعاً لأصل آخر، وإليه ذهب الجمهور، وخالف في ذلك بعض الحنابلة والمعتزلة وأجازوه. واحتج الجمهور على المنع بأن العلة الجامعة بين القياسين إن اتحدت كان ذكر الأصل الثاني تطويلاً، ما نحتاج أن نذكر الزيت، لسنا بحاجة أن نذكر الزيت، نأتي إلى هذا الفرع غير الزيت ونقيسه على الماء مباشرة، يعني إذا كانت العلة موجودة في الفرع مثل وجودها في الأصل فنقيسها على الأصل دون الواسطة؛ لأن ذكر الواسطة تطويلاً بلا فائدة، فيستغنى عن ذلك بقياس الفرع الثاني على الأصل الأول. وإن اختلفت -إن اختلفت العلة- يعني المفترض أن العلة في الأصل -الأصل الأصلي- والمقيس عليه واحدة، ثم جاءنا ثالث إن اتحدت علته مع الثاني، والثاني قد اتحدت علته مع الأول، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . نقيس الثالث على الأول. الآن لو سئلت مثلاً كيل كم تقديرك؟

قلت: تقديري مثل زيد الذي تقديره مثل تقدير عمرو، الذي تخاطبه لا يعرف زيداً، هو يعرف عمراً، فأنت تقول له: تقديري مثل تقدير زيد الذي تقديره مثل تقدير عمرو، الآن عرف، ليش عرف؟ لأنه يعرف تقدير عمرو، وهو ما يعرف زيد ولا تقديره، فعرف تقديرك لكن أنت طولت بغير طائل، لماذا لا تقول تقديري مثل تقدير عمرو؟ ما هو بتطويل؟ طالب: بلى. هو صحيح أن تقديرك مثل تقدير زيد سبعين ثمانين تسعين في المائة مثل تقدير زيد، وتقدير زيد مثل عمرو، فأنت لا تحتاج إلى ذكر الواسطة؛ لأن العلة موجودة في الأطراف الثلاثة على حد سواء، فلسنا بحاجة إلى ذكر الواسطة، فنقيس الفرع الثاني على الأصل الأول، وإن اختلفت لم ينعقد القياس الثاني؛ لعدم اشتراك الأصل والفرع في علة الحكم، يعني لو قدر أن الثاني -المقيس الثاني- على الأصل الأول تختلف العلة، نعم، تختلف العلة، إيه، إذن كيف نقيس أصل على فرع مقيس على أصل تختلف فيه العلة؟ طالب: يبطل. خلاص يبطل القياس؛ لأنا اشترطنا أن وجود العلة في الفرع مثل وجودها في الأصل، لكن لو قال قائل ممن أجاز مثل هذا النوع نعم، وقال: إن الفرع الأول يتفق مع الأصل في العلة بنسبة ثمانين في المائة، والفرع الثاني يتفق مع الفرع الأول في العلة بنسبة ثمانين بالمائة، إذن الفرع الثاني يتفق مع الأصل بنسبة كم؟ يعني هل المفترض أن تكون العلة موجودة في الفرع مطابقة مثل وجودها في الأصل مائة بالمائة؟ نعم، ما يجد، فإذا كانت نسبة المطابقة بين الأصل والفرع بنسبة ثمانين بالمائة، وغلب على الظن تحقق هذه العلة نعم، استطعنا أن نقيس، جيد وإلا لا؟ إذا كان الفرع الثاني بنسبة ثمانين بالمائة مع الفرع الأول، إذن نسبة الفرع الثاني مع الأصل بنسبة ستين بالمائة، ستين بالمائة، وحينئذ لو دققنا في مثل هذه واعتبرناها وجدنا القول الثاني، ترى ما هو بلاغي تماماً. طالب: العلة ما انتهت أصلاً نهائياً؟ العلة موجودة. طالب: ما اختلفت نهائياً. لا، لكن اختلفت. طالب:. . . . . . . . .

ما في شك، نعم، لكن لو قيل لك -مثلاً-: نحتاج .. ، لو قيل لشخص من الأشخاص من أهل الخبرة والرأي والدراية: نحتاج إلى شخص يشغل هذا المنصب ومواصفاته كذا وكذا وكذا، أو شخص كان يشغل منصب وتوفي، هذا الشخص فقيد نريد مثله تماماً لشغل هذا المنصب، نعم، جيد، فوجدنا شخصاً تتوافر فيه من الصفات في الشخص السابق بنسبة ثمانين بالمائة جيد مقبول، لكن لو ابتداءً وجدنا ستين بالمائة ما قبلناه، نقول: قبلنا هذا ثمانين بالمائة يمشي، فتوفي الثاني فوجدنا شخص بنسبة ثمانين بالمائة، لكن لو نسبنا الثاني إلى الأصل الذي توفي الأول، يعني ما يصح، ما يصح يجي بعده، نعم، الأمور يسهل بعضها بعض، وهذا يا إخوان مثال تقريبي. تفضل، يا .. ، جزاك الله خيراً. . . . . . . . . الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، سبق الكلام على شروط الأصل، ذكر منها الشوكاني اثني عشر شرطاً، شرحنا منها بعض ما يناسب شرحه، بقيت منها بقية، والمؤلف كما ترون يقول: من شرط الأصل أن يكون ثابتاً بدليل متفق عليه بين الخصمين، ثابتاً بدليل متفق عليه بين الخصمين: فلو ثبت الأصل بدليل يثبته أحد دون أحد -يعني من أهل العلم- فعلى سيبل المثال لو قلنا: إن الأصل، أو المسألة المنصوص عليها الكفارة في وطء الحائض، دينار أو نصفه كفارة، فجاء شخص فقاس على وطء الحائض مثلاً وطء النفساء -مثلاً على سبيل المثال- وقال: يجيب في الوطء وطء النفساء كفارة دينار أو نصفه، وأراد أن يقرر المسألة على غيره، حنبلي يقول بهذا، فيقول لشافعي –مثلاً- أو غيره من المذاهب الأخرى: وطء النفساء فيه الكفارة دينار أو نصفه، قياساً على وطء الحائض، يقول له صاحب المذهب الثاني: أنا لا أوافقك على صحة الدليل الذي اعتمدت عليه، الذي أثبت به الأصل –الدليل- لا أوافقك على صحته وعلى ثبوته، فلا بد أن يكون دليل الأصل ثابتاً متفقاً عليه بين الخصمين.

أهل العلم يسمون المتناظرين خصوم خصوم، قال صاحب المذهب كذا، وقال الخصوم كذا، وأنتم ترون في .. ، على سبيل المثال في نصب الراية -وهو كتاب حديث- تخريج أحاديث الهادية، من أدلة الخصوم، من أحاديث الخصوم، خصوم صارت قضايا المسائل العلمية، ما ظهر مثل هذا إلا لما تعصب الناس لآرائهم، لما تعصب الناس بآرائهم ومذاهبهم صارت المناظرات بين الخصوم، وإلا قبل ذلك الإمام الشافعي ماذا يهمه؟ يهمه ظهور الحق، يقول: ولو كان على لسان الخصم، يهمنا ظهور الحق، فتسمية المناظر أو تسمية صاحب المذهب الآخر المراد إقناعه وإيصال الحجة إليه خصم، هذا فيه تجوز، ولهذا يقول: "ومن شرط الأصل أن يكون ثابتاً بدليل متفق عليه بين الخصمين": وعرفنا مثاله، فإذا قلت: في وطء النفساء كفارة دينار أو نصفه، قياساً على الحائض الذي فيه النصف، يقول لك: أصل النص الذي اعتمدت عليه في تقرير الأصل لا أوافقك عليه، ظاهر وإلا ما هو بظاهر؟ هذا ظاهر. طيب بقية الشروط التي أشار إليها الشوكاني، شرحنا خمسة وإلا ستة؟ لا أكثر سبعة، هذا سبعة، طيب. طالب:. . . . . . . . . خمسة؟ طالب:. . . . . . . . . ألا يكون الأصل المقيس عليه فرعاً لأصل آخر، هذا انتهى، طيب، فرعاً لأصل آخر، ألا يكون الأصل المقيس عليه فرعاً لأصل آخر. في مسألتنا التي قررناها -وإن كان عاد الكلام عليها ذهب- يعني وطء النفساء قياساً على أصل وهو وطء الحائض فيه كفارة دينار أو نصفه عند من يثبته، يأتي بمسألة هي فرع عن وطء النفساء مثل أيش؟ لو قال قائل: إنه في وطء المستحاضة كفارة دينار أو نصفه، قياساً على النفساء، والنفساء قياساً على الحائض. ألا يكون الأصل المقيس عليه فرع لأصل آخر، نعم، لماذا؟ لأن كانت العلة في الفرع الأول مثل العلة في الفرع الثاني، وهي علة الأصل يشترك الثلاثة في العلة، فلا داعي ذكر الفرع الأول؛ تطويل، الفرع الثاني الحكم بالأصل، صحيح وإلا لا، لا داعي لذكر الفرع الأول؛ لأنه تطويل، وهذا أشرنا إليه سابقاً.

السادس من الشروط التي ذكرها الشوكاني: ألا يكون دليل حكم الأصل شاملاً لحكم الفرع، أما لو كان شاملاً له خرج عن كونه فرعاً، وكان القياس ضائعاً لخلوه عن الفائدة بالاستغناء عنه بدليل الأصل، ولأنه لا يكون جعل أحدهما أصلاً والآخر فرعاً أولى من العكس، يعني إذا تناولت العلة بعمومها أكثر من صورة، نعم، تناولت العلة بعمومها أكثر من صورة مثل علة الإسكار، هذه علة تتناول أكثر من صورة، الخمر مسكر، نعم، نقول أيضاً: الكالونية مسكر، المخدرات مسكر، الحشيش مسكر، جيد وإلا لا؟ ما نقول: الحشيش مقيس على الخمر، الكالونية يقاس على .. ، لون من الأطياب فيه كحول وفيه أشياء تسكر، نعم، ما نقول هي مقيسة على الخمر لماذا؟ لأن عموم العلة يشمل كل هذه الذي هو الإسكار، فلا داعي للقياس في هذه الصورة، إنما شمول العلة. إذن كيف نقول بتحقق العلة في الفرع كتحققها في الأصل، يكون الأصل منصوص عليه، إذا كان الأصل منصوص عليه، نعم، إذا كان الأصل مسمى في النص، وما عداه غير منصوص عليه، وبحثنا عن العلة فوجدناها منطبقة، تروا هذه من الشروط الغير المتفق عليها، نعم، يعني وأيش الفرق بين قياس الحشيش على الخمر بجامع علة الإسكار، الذي قلنا: إن العلة تتناول الأصل مباشرة، وبين قياس ماذا نقيس في باب الربا مثلاً؟ طالب:. . . . . . . . . نعم، الأرز على البر، بالجامع، لماذا لا نقول: إن العلة تناولته، العلة تناولته، لماذا؟ لماذا لا نقول: القوت والادخار تناولت الرز مثل ما تناولت البر، مثل ما قلنا في علة الإسكار؟ نعم. طالب:. . . . . . . . . كيف؟ طالب:. . . . . . . . . هو منصوص على البر، والخمر منصوص عليه، لكنه منصوص عليه مع علته فالعلة منصوصة، وبعمومها وشمولها للفروع كلها تدخل -تدخل الفروع- هذا وجه الفرق، وإن كان بعضهم لا يلتفت إلى مثل هذا. أن يكون الحكم في الأصل متفقاً عليه؛ لأنه لو كان مختلفاً عليه لاتجه إلى ثبوته أولاً: وهذا شرح، نعم.

جوز جماعة القياس على الأصل المختلف فيه؛ لأن القياس في نفسه لا يشترط الاتفاق عليه في جواز التمسك به، فسقوط ذلك في ركن من أركانه أولى، يعني مثل ما نظَّرنا بالأسبوع الماضي بقياس الحجر الذي رمي به في الجمرة على الأيش؟ الماء المستعمل، بجامع الاستعمال في كل .. ، هذا لا يتفق عليه الخصمان، فينفي حكم الأصل الخصم، فضلاً عن الفرع. قلنا: إذا استدل حنبلي أو شافعي وقال: إنه الحجر الذي سبق الرمي به، نعم، لا يجوز أن يرمى به ثانية؛ لأنه مستعمل في عبادة، كالماء الذي استعمل في الطهارة لا يستعمل ثانية؛ لأنه استعمل في عبادة، يقول المالكي: أنا لا أوافقك على حكم الأصل، أنا لا أوافقك على حكم الأصل، الشرط الذي قبل الماضي، هذا في دليل الأصل، لا بد أن يكون متفقاً عليه، وهنا الأصل نفسه، حكم الأصل لابد أن يكون متفقاً عليه بين الخصمين. هنا يقول الثامن: ألا يكون حكم الأصل ذا قياس مركب، وذلك إذا اتفق على إثبات الحكم في الأصل لكنه معلل لأحدهما بعلة، إلى آخر كلامه، كلام .. ، وطول فيه الأصوليون والجدليون، كلام على هذا الشرط بما لا طائل تحته. التاسع: ألا نكون متعبدين في ذلك الحكم بالقطع، فإن تعبدنا فيه بالقطع لم يجز فيه القياس؛ لأنه لا يفيد إلا الظن، وقد ضعف ابن الأنباري القول بالمنع، بل ما تعبدنا فيه بالعلم جاز أن يثبت بالقياس الذي يفيده، أيش معنى هذا الكلام؟ ألا نكون متعبدين في ذلك الحكم بالقطع، فإن تعبدنا فيه بالقطع لم يجز فيه القياس؛ لأنه لا يفيد إلا الظن؟ هل يشترط أن يكون ثبوت الحكم في الأصل أو في الفرع بدرجة مساوية لثبوت الحكم في .. ، يعني لا بد أن يستوي في الحكم، يعني في دلالة النص أو في .. ، أقول: هل يشترط أن يتساوى الفرع مع الأصل في قوة الحكم؟ نعم؟ لا يشترط، بل معروف أن في الفرع حكمه أضعف من حكم الأصل كما هو معروف؛ لأن الأصل ثبت بالدليل –النص- وسواءً كان هذا النص قطعياً أو ظنياً. ما ثبت بالدليل القطعي عندهم كأنه يشم منه أنه لا يقاس عليه؛ لأن القياس لا يفيد إلا الظن، ولا بد أن يتساوى الفرع مع الأصل في الحكم، وليس كذلك، ولذا ضعف ابن الأنباري القول بالمنع.

العاشر: ألا يكون معدولاً به عن قاعدة القياس، يعني لا يأتي على خلاف الأصل، الأصل لا يأتي على خلاف الأصل، وإن كان كل حكم دل عليه نص فهو أصل. لكن شهادة خزيمة مثلاً، شهادة خزيمة الذي شهد للنبي -عليه الصلاة والسلام- بثبوت البيع وهو لم يحضر، وقال: إنه يصدقه في المغيبات -بخبر السماء- أفلا يصدقه ببيع بعير وإلا شبهه، فجعل النبي -عليه الصلاة والسلام- شهادته بشهادة اثنين، نعم. هذا الحكم جاء على خلاف الأصل، الأصل: {اسْتَشْهِدُواْ شَهِيدَيْنِ من رِّجَالِكُمْ} [(282) سورة البقرة]، قد يقول قائل: هذا الشخص، هذا العلم الأشم هذا عن عشرة ما هو بعن اثنين، إمام حافظ ضابط ورع تقي، ما هو بأقل منزلة من خزيمة. نقول: يا أخي أبو بكر -رضي الله عنه- هل يقاس على خزيمة وهو أفضل منه وأجل، هل يجوز أن نستعمل في هذا قياس الأولى، إذا ثبت في خزيمة وهو من سائر الصحابة، نقول: لا بد أن يثبت هذا الحكم في أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وكبار الصحابة؟ أو نقول: هذا خاص به فلا يقاس عليه غير؟ ظاهر وإلا ما هو بظاهر؟ طيب. الشرط الذي يليه: ألا يكون حكم الأصل مغلظاً: وهذه المسألة بعد فيها خلاف لا يكون حكم الأصل جاء على سبيل التغليظ على فاعل هذا، يعني شخص فعل منكراً، واحتف بهذا المنكر ما يقتضي تغليظ العقوبة عليه، ما يقتضي تغليظ العقوبة عليه، فجاء الحكم فيه شديد؛ لأنه قارن ارتكابه لهذا المنكر ما يقتضي تغليظ الحكم عليه، فهل نقول: إن كل من اقترف هذا المنكر مهما كان وضعه يحكم عليه بذلك الحكم؟ من يذكر مثالاً؟ نعم؟ العرنيين، غلظ عليهم الحكم، قتلوا الراعي، وارتدوا عن الإسلام، وسملوا عين الراعي، ومثلوا به، ففعل بهم مثل ما فعلوا به مماثلة، هل يكفي أن نقول: إن فلاناً من الناس قتل فيفعل به مثل ما فعل بالعرنيين؛ لأنهم قتلوا الراعي ففعل بهم هذا الفعل؟ نقول: غلظت عليهم العقوبة؛ لما احتف بفعلهم من أفعال أخرى، لكن لو جد من فعل هذا الفعل قتل وسمل وارتد وفعل وترك، نعم، يفعل به مثل ما فعل بهم.

يقول: الثاني عشر ألا يكون الحكم في الفرع ثابتاً قبل الأصل؛ لأن الحكم المستفاد متأخر عن المستفاد منه بالضرورة، فلو تقدم لزم اجتماع النقيضين أو الضدين وهو محال. ألا يكون الحكم في الفرع ثابتاً قبل الأصل، ثابت بأيش؟ كيف يثبت حكم الفرع -الحكم في الفرع- قبل الأصل، يمكن يثبت؟ ثبوته بأي شيء؟ يتصور؟ نعم، يتصور وإلا ما يتصور؟ نعم؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . يكون حكم الأصل بالاستصحاب الفرع بالاستصحاب، ثم يأتي أصل منصوص عليه يشارك ذلك في العلة، فنقيس ما ثبت بالاستصحاب على ما ثبت بالنص، واضح وإلا ما هو بواضح؟ عندنا مسألة: نفترض شيء من الأعيان المنتفع بها قبل ورود الشرع، شيء ينتفع به وليس عندنا فيه دليل، ووجد قبل أن ينص على نظيره في الحكم، نأتي إلى الضب .. ، السقنقور الذي مثلنا به سابقاً، مثلنا به سابقاً، شخص بحث عن السقنقور ما وجد في النصوص ما يدل على منعه ولا على إباحته، قال: الأصل أن الحرام ما حرمه الله، ومشى على هذا الأصل، وقال: نستصحب هذا الأصل فالسقنقور حلال، ثم نص على إباحة أكل الضب بعد ذلك والسقنقور مشبه للضب والعلة الجامعة واحدة، فهل نقول: إن ثبوت أكل السقنقور بالاستصحاب -بالبراءة الأصلية- أو نقول: بالقياس على الضب؟ نقول: إن هذا الفرع ثبت حكمه قبل ثبوت حكم الأصل كيف ثبت؟ ثبت بالاستصحاب -بالبراءة الأصلية- ثم وجدنا ما يناسبه مما نص عليه بعد ذلك، هل نقول: إن ثبوت أكل السقنقور بالبراءة الأصلية –بالاستصحاب- أو نقول بالقياس على الضب؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . لماذا؟ طالب: لأنها اتصفت. . . . . . . . . نعم؟ طالب:. . . . . . . . . على الأصل. الشرط الثاني عشر: ألا يكون الحكم في الفرع ثابتاً قبل الأصل؛ لأن الحكم المستفاد متأخر عن المستفاد منه بالضرورة، فلو تقدم لزم اجتماع النقيضين أو الضدين وهو محال. كيف يلزم اجتماع النقيضين؟ نعكس المسألة السابقة، جاء واحد وشاف سقنقور وقال: الحرام ما حرمه الله، ثم نص على الوزق وأنه فويسق، وقال: هذا يشبه الفويسق، قال: أنا عندي البراءة الأصلية، نستعمل البراءة الأصلية، أو يستعمل القياس على الوزق. طالب: البراءة الأصلية.

هو مشبه للوزق، يشبه وإلا ما يشبه؟ يشبه الوزق، هذا كله من أجل تقرير هذا الشرط، مع أن أثره الحقيقي ليس له أثر فعلي؛ لأنه مازال الإشكال قائم يمكن أن يستعمل فيه قياس الشبه. البراءة الأصلية قبل ورود الشرع، أما بعد ورود الشرع، يعني بعد وجود النص الذي يدل على ذلك تصريحاً أو تلميحاً ارتفع حكم البراءة الأصلية. طالب:. . . . . . . . . هذا زيادة، هذا داعم للبراءة الأصلية. طالب:. . . . . . . . . إيه، لكن الآن إذا أردنا أن نقيس السقنقور نقيسه على الوزق وإلا على الضب؟ نقول: قياسه على الوزق ناقل له عن البراءة الأصلية، وقياسه على الضب مبق له على البراءة الأصلية، والناقل عن الأصل أولى من المبقي له. على كل حال المسألة تطول، يعني إذا بدنا نسترسل في مثل هذه الأمور ما انتهينا. طالب:. . . . . . . . . أيش لون؟ طالب:. . . . . . . . . على كل حال هذه اثنا عشر شرط، اشترطوا في الفرع أربعة شروط: أحدها: مساواة علته لعلة الأصل، وهنا يقول: من شرط الفرع: أن يكون مناسباً للأصل لا منافراً له، يعني تجد بينهما من التماثل والتقارب ما يجعل الإلحاق له وجه، أما لو كان هناك تنافر بين الحكمين أو بين الأمرين، الفرع والأصل، فإنه .. ، فإن الشرع لا يجمع بين المختلفات، كما أنه لا يفرق بين المتماثلات، مساواة علته لعلة الأصل، يعني وجود العلة في الفرع كوجودها في الأصل. الثاني: مساواة حكمه لحكم الأصل، أيش معنى هذا؟ لو وجدنا شيئاً نص على تحريمه، وفيه علة وجدنا شيئاً قد .. ، فيه شيء من هذه العلة، أقل من هذه العلة فيه، يعني شيء ضار، نعم، سم مثلاً قاتل، وحكم أكله التحريم؛ لأنه يقتل، جئنا مثلاً لمشروب من المشروبات فيه ضرر -ضرر يسير- فقلنا: نقيسه على السم وإن لم يشاركه في العلة، العلة في الأصل أقوى منها في الفرع، ونعطيه في الحكم أقل من حكم الأصل نقول: مكروه، يصلح وإلا ما يصلح؟ لماذا؟

للاختلاف في العلة وفي الحكم، فلا يكون هذا من باب القياس، ما نقول: نقيس شفنا أي شيء فيه ضرر، ضرر يسير نعم، المشروبات الغازية مثلاً فيها ضرر، لكنه ليس بكبير، نعم، فيها ضرر لكنه نفترض أنه ليس بكبير، لا نذهب إلى أعلاها التي فيها الأمور الأخرى، التي أثبتت التجربة أن فيها مواد ضارة، أو مثلاً نقول: سفن مثلاً وهو أخفها ضرراً، أو تيم، أو شيء من المشروبات التي فيها حموضة، ولا فيها ألوان، القهوة، أخف منه القهوة، تدري صاحب الغاية أيش يقول، صاحب غاية المنتهى يقول: ويتجه نحو دخان وقهوة" جاء هنا بالدخان، نعم، القهوة لا شك أن فيها ضرر لا سيما على بعض الناس، هل نقول: تمنع القهوة؛ لأننا منعنا السم؛ لأنه قاتل، والقتل ضرر، والقهوة فيها ضرر يسير، والسم حرام، نعطيه أيضاً حكم أخف؛ لأن العلة أخف؟ هنا شرطين، نفقد شرطين الشرط الأول: أحدها مساواة علته لعلة الأصل، والثاني: مساواة حكمه لحكم الأصل. الثالث: ألا يكون منصوصاً عليه، لا يكون الفرع منصوصاً عليه بدليل، لماذا؟ لأنه حينئذ لا نحتاج إلى قياس، نعم، هل نحتاج إلى قياس؟ لا نحتاج إلى قياس، وبعض أهل العلم تجدون في بعض الكتب، نعم، كذا حرام، لقوله -عليه الصلاة والسلام- كذا، وقياساً على كذا، لست بحاجة إلى قياس، لكن قد يستعمل مثل هذا إذا كان النص عليه فيه ما فيه، نعم، في دليله الذي يعتمد عليه الذي نص عليه فيه، فيه ما فيه من الضعف.

شرح متن الورقات (15)

شرح متن الورقات في أصول الفقه (15) شروط العلة – الأصل في الأعيان المنتفع بها قبل ورود الشرع- استصحاب الحال- شرط المفتي والمستفتي الشيخ/ عبد الكريم بن عبد الله الخضير لقوله -عليه الصلاة والسلام- كذا، وقياساً على كذا، لست بحاجة إلى قياس، لكن قد يستعمل مثل هذا إذا كان النص عليه فيه ما فيه، نعم، في دليله الذي يعتمد عليه الذي نص عليه فيه، فيه ما فيه من الضعف، فيدعم بالقياس، وإلا لو كان دليله صحيحاً وصريحاً ما احتجنا إلى قياس؛ صار أصلاً. الرابع: ألا يكون متقدماً على حكم الأصل، ألا يكون متقدماً على حكم الأصل، وهو الشرط الثاني عشر من شروط الأصل. نأتي إلى العلة: والعلة علة، وذكروا لها أربعة وعشرين شرطاً، الشوكاني ذكر للعلة أربعة وعشرين شرطاً، والمؤلف قال: ومن شرط العلة أن تطرد في معلولاتها، فلا تنتقض لفظاً ولا معنىً: تكون مطردة بحيث أن كل ما وجدت وجد الحكم لتسلم من النقض، تكون مطردة، أيش معنى هذا؟ أن تكون العلة مطردة؟ أن تطرد العلة في معلولاتها، فلا تنتقض لفظاً ولا معنىً؟ يعني إذا افترضنا علة لحكم يشركه فيها فروع كثيرة، لكن قد يأتي عليها النقض، يأتي عليها النقض، يأتي من ينقض هذه العلة، كيف؟ أيش معنى يأتي عليها النقض؟ ما معنى ورود النقض على العلة؟ طالب:. . . . . . . . . يقول: كأن يقال بالقتل بالمثقل أنه قتل عمد عدوان، فيجب به القصاص كالقتل بالمحدد. القتل بالمثقل قتل عمد عدوان، فيجب به القصاص كالقتل بالمحدد، فينتقض ذلك بقتل الوالد ولده؛ فإنه لا يجب به قصاص، أيش معنى هذا؟ يريد أن يطرد العلة، كل قتل بالمثقل يوجب القصاص؛ لأنه عمد عدوان والمثقل قاتل، فلو افترضنا أن زيداً من الناس قتل عمرو بالمثقل عدوان متعمد يُقتل، أو قتله بمحدد -بسيف أو بسكين- يقتل، فهل نقول: إن كل قتل بالمحدد أو بالمثقل يوجب القصاص؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . إيه، ينتقض إذا قتل الوالدُ الولدَ، أو مع عدم التكافؤ، قتل حرٌّ عبداً، أو قتل مسلمٌ كافراً بمثقل أو بمحدد، حينئذ تنتقض العلة. الظاهر أن الدرس ما هو مسوي شيء مع شروط العلة، أربعة وعشرين شرط، نحيلكم على الشوكاني وإلا .. ، نعم؟ طالب:. . . . . . . . .

من الشروط التي ذكرها الشوكاني: الأول: أن تكون –يعني العلة- مؤثرة في الحكم، فإن لم تؤثر فيه لم يجز أن تكون علة، إن لم تكن مؤثرة، الأصل في العلة أنها وصف مناسب، وصف يتصف به من جاء الحكم بصدده. لو افترضنا –مثلاً- الذي جامع في نهار رمضان ووجبت عليه كفارة ظهار، نعم، هناك أوصاف كثيرة لهذا الرجل، نعم، هناك أوصاف كثيرة لهذا الرجل، نفترض أن هذا الرجل طويل القامة، لونه أسود، نعم، عريض، نعم، أمِّي -لا يقرأ ولا يكتب- زيدوا، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . نفترض أن هذه الأوصاف مجتمعة في هذا الرجل، فهل مثل هذه الأوصاف مؤثرة في الحكم؟ نعم؟ غير مؤثرة؛ لأنه عرفنا من قاعدة الشرع أنه لا يلتفت إلى هذه الأمور، لا يفرق بين الأسود والأبيض، لا يفرق بين الطويل والقصير، لا يفرق بين العريض والنحيف، الشرع لا يفرق بين هذه الأمور، مش كلما شفنا شخصاً أسود جامع في نهار رمضان قلنا: تعال، عليك كفارة ظهار، أو حتى في غير نهار رمضان، في ليل رمضان مثلاً جامع؛ لأنه أسود مثل الذي جامع في النهار وألزمه النبي -عليه الصلاة والسلام- الكفارة؟! نقول: هذه علة غير مؤثرة، فلا تكون مناسبة، واضح وإلا ما هو بواضح؟ أن يكون وصفاً ضابطاً، بأن يكون تأثيرها لحكمة مقصودة للشارع، لا حكمة مجردة لخفائها، فلا يظهر إلحاق غيرها بها، أن تكون ظاهرة جلية، وإلا لم يمكن إثبات الحكم بها بالفرع، على تقدير أن تكون أخفى منه أو مساوية له في الخفاء. أن تكون سالمة بحيث لا يردها نص ولا إجماع، تكون العلة سالمة لا يردها نص ولا إجماع. ألا يعارضها من العلل ما هو أقوى منها، ألا يعارضها من العلل ما هو أقوى منها، ولذا في تنقيح المناط نجمع أكبر قدر من العلل المناسبة لهذا الحكم، نعم، ثم بعد ذلك ننقح، العلل المفضولة؛ لأن هناك قوية وعلل ضعيفة، وعلل مناسبة، وعلل غير مناسبة، فإذا تحقق وتقرر لنا أن هذه هي العلة المناسبة لهذا الحكم، لم نلتفت إلى غيرها مما هو أضعف منها، أو مما هو غير مناسب للحكم. أن تكون مطردة، الذي شرحناها. السابع: ألا تكون عدماً في الحكم الثبوتي: أي لا يعلل الحكم الوجودي بالوصف العدمي، قاله جماعة، وذهب الأكثرون إلى جوازه.

الثامن: ألا تكون العلة المتعدية هي المحل أو جزء منه؛ لأن ذلك يمنع من تعديها. التاسع: أن ينتفي الحكم بانتفاء العلة، والمراد انتفاء العلم أو الظن به؛ إذ لا يلزم من عدم الدليل عدم المدلول، أن ينتفي الحكم بانتفاء العلة، وهذا إذا كانت العلة منصوصة. العاشر: أن تكون أوصافها مسلمة أو مدلولاً عليها. الحادي عشر: أن يكون الأصل المقيس عليه معللاً بالعلة التي يعلق عليها الحكم بالفرع بنص أو إجماع. الثاني عشر: ألا تكون موجبة للفرع حكماً، وللأصل حكماً غيره. الثالث عشر: ألا توجب ضدين؛ لأنها حينئذ تكون شاهدة لحكمين متضادين. الرابع عشر: ألا يتأخر ثبوتها عن ثبوت حكم الأصل، خلافاً لقوم، يعني ما تستنبط العلة بعد استقرار الحكم الأصلي، ألا يتأخر ثبوتها أيش معنى ثبوتها؟ يعني تحققها في المحكوم عليه، أما كونها تخفى في أول الأمر، ثم تستنبط فيما بعد هذا فيه ما يمنع وإلا ما فيه؟ استنباط العلل توقيفي وإلا اجتهادي؟ اجتهادي، إذن للمتأخر أن يستنبط، نعم، للمتأخر أن يستنبط. الخامس عشر: أن يكون الوصف معيناً؛ لأن رد الفرع إليه لا يصح إلا بهذه الواسطة. السادس عشر: أن يكون طريق إثباتها شرعياً كالحكم. السابع عشر: ألا يكون وصفاً مقدراً. الثامن عشر: أن تكون مستنبطة، فالشرط ألا ترجع على الأصل بإبطاله أو إبطال بعضه؛ لئلا يفضي ألا ترجع على الأصل بالإبطال، أو إبطال بعضه؛ لئلا يفضي إلى ترك الراجح إلى المرجوح؛ إذ الظن المستفاد من النص أقوى من الظن المستفاد من الاستنباط؛ لأنه فرع له، والفرع لا يرجع على إبطال أصله، وإلا لزم أن يرجع إلى نفسه بالإبطال. الهرة علة الطهارة فيه، نعم، اأنها من الطوافين، فسؤرها طاهر، لو قال شخص: الهرة سؤرها طاهر لماذا؟ لأنها تشبه الجدي، وإلا الجفرة، واضح وإلا ما هو بواضح؟ هذه العلة كونها مشبهة في الحجم إلى شيء مباح، هذه الشبه يصلح أن يكون علة وإلا ما يصلح أن يكون علة؟ أهل العلم ما قالوا: وسؤر الهرة وما دونها في الخلقة طاهر، نظراً إلى الحجم، نعم؟ لو قال: الهرة طاهرة؛ لأنها تشبه الجدي الصغير في الحجم، نعم؟ طالب: هي أصل بنفسها أصلاً.

دعنا من كونها أصلاً، وكون علتها منصوصة، لو قال شخص: أنا عندي أن الهرة طاهرة، أو النص دل على طهارة سؤر الهرة، والعلة أستنبطها؛ لأنها تشبه .. ؛ لأنه ما وقف على قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((إنها من الطوافين))، وإلا من يقف ما هو معلل بعلة أخرى، لكن هذا ما وقف، عرف أن النبي -عليه الصلاة والسلام- توضأ بسؤرها وأبو قتادة توضأ، وأن .. ، فقال: طاهرة، لماذا؟ فاستنبط علة، علة؛ لأنها تشبه الجدي في حجمه، أو تشبه الجفرة في حجمها، هذا يعود إلى الأصل بالإبطال؛ لأنه يأتينا من يقول: إنها تشبه .. ، هاتوا لنا شيئاً محرماً أو نجساً، ما بس في حجمه، صغير، يجي بكبر .. ، إيه لا، تشبه جرو الكلب؛ لأنها تشبه جرو الكلب، فعادت على الأصل بالإبطال، إذن هذه العلة لا تصلح لأن تكون علة؛ لأنها عادت على الأصل بالإبطال، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . إيه، لكن أبطلت الأصل؛ لأنه لما الرسول توضأ بسؤرها، أبو قتادة توضأ بسؤرها، هذا دليل على أيش؟ الطهارة، احنا نستنبط لماذا صارت طاهرة؟ كأننا ما وقفنا على العلة المنصوصة، أنها من الطوافين، ما هي بعلة الطوافة، نستنبط علة، شخص ما وقف على العلة الحقيقية المنصوصة، فقال: لأنها تشبه الجدي، والجدي طاهر، تشبه الجفرة، والجفرة طاهرة، يأتي من يقول: لا يا أخي هي تشبه جرو الكلب، إذن هي نجسة، فعاد على الأصل بالإبطال، فعاد على الأصل بالإبطال. طالب:. . . . . . . . . إيه، بس ما تعود عليه بالإبطال مثل هذه، ما تعود عليه بالإبطال، وإلا هم قالوا –بعض أهل العلم قالوا-: إن الهرة وما دونها في الخلقة طاهرة، فنظروا إلى مسألة الحجم، والحجم لا مانع منه إذا لم يعد على الأصل بالإبطال. التاسع عشر: إن كانت مستنبطة في الشرط، وألا تعارض بمعارض مناف لموجود بالأصل. العشرون: إن كانت مستنبطة ألا تتضمن زيادة على النص، أي حكماً غير ما أثبته النص. الحادي والعشرون: ألا تكون معارضة لعلة أخرى تقتضي نقيض حكمها. الثاني والعشرون: إذا كان الأصل فيه شرطاً فلا يجوز أن تكون العلة موجبة لإزالة ذلك الشرط؛ لأنها عادت على بعض المعلول بالإبطال.

الثالث والعشرون: ألا يكون الدليل الدال عليها متناولاً لحكم الفرع لا بعمومه ولا بخصوصه؛ للاستغناء حينئذ عن القياس. مثل ما قلنا: ألا يكون الفرع منصوصاً عليه، أو لا تتناوله العلة بعمومها، ألا تتناوله العلة بمعومها. الرابع والعشرون: ألا تكون مؤيدة لقياس أصل منصوص عليه بالإثبات، على أصل منصوص عليه بالنفي، ومن شرط الحكم هنا، ومن شرط الحكم أن يكون مثل العلة في النفي والإثبات، شرط الحكم أن يكون مثل العلة في النفي والإثبات، أي في الوجود والعدم، فإن وجدت العلة وجد الحكم، وإن انتفت انتفى، وهذا إذا كان الحكم معللاً بعلة واحدة، كتحريم الخمر، فإنه معلل بالإسكار، فمتى وجد الإسكار وجد الحكم، ومتى انتفى انتفى. وأما إذا كان الحكم معللاً بعلل فإنه لا يلزم منه انتفاء علة معينة، منها انتفاء الحكم، كالقتل فإنه يجب بالردة والزنا بعد الإحصان، وقتل النفس المعصومة المماثلة، وترك الصلاة غير وذلك، أيش معنى هذا؟ وأما إذا كان الحكم معللاً بعلل فإنه لا يلزم من انتفاء علة معينة منها انتفاء الحكم، معلل بعلل، شخص زنى بعد الإحصان، وقتل نفس معصومة، نعم، فاستحق القتل، واضح وإلا لا، زنى وقتل، استحق القتل. شخص زنى بعد الإحصان فقط ولا قتل، نفترض شخصين اشتركا في اغتصاب امرأة، وهما محصنان، أحدهما قتلها، فحكم القاضي بقتلهما، طيب واحد منهما زنى وقتل، كيف الثاني يقتل مثله وهو مجرد زِنا؟ نقول: هذه العلة .. ، المسألة واحد فيه أكثر من علة، وواحد فيه علة موجبة، تكفي هذه العلة، ولذا يقول: وأما إذا كان الحكم معللاً بعلل فإنه لا يلزم منه انتفاء علة معينة منها انتفاء الحكم، يعني ما يقول لك زيد من الناس: ليش قتلت ولدي وهو ما قتل، أنتم قتلتوا ولد فلان صحيح؛ لأنه قتل، نقول: قتلنا ولدك ليش؟ لأنه زنى وهو محصن. كالقتل فإنه يجب بالردة والزنا بعد الإحصان وقتل النفس المعصومة المماثلة وترك الصلاة وغير ذلك. هناك القياس له مفسدات، له مفسدات، إذا كان القياس في مقابلة النص، قالوا عنه: فاسد الاعتبار، لماذا؟ لأنه في مقابل النص، إذا كان القياس مخالفاً للإجماع أيضاً فاسد الاعتبار.

عدم ثبوت الوصف الجامع الذي يجمع بينهما فيقتضي الإلحاق، قصور العلة، النقض، وهو وجود الوصف بدون الحكم، والنقض في سائر الأدلة، يعني حتى في النصوص، العكس وهو وجود الحكم بدون الوصف. السابع: القلب وهو إثبات نقيض الحكم بالعلة بعينها. الثامن: الفرق وهو إبداء معنىً مناسب للحكم يوجد في الأصل، ويعدم في الفرع، أو يوجد في الفرع ويعدم في الأصل. التاسع: القول بالموجب، وهو يقدح بجميع الأدلة بالقياس وغيره، ومعناه: أن يسلم الخصم الدليل الذي استدل به المستدل، إلا أن يقول: هذا الدليل ليس في محل النزاع، نعم، ليس في محل النزاع، نعم، دليلك صحيح لكنه ليس في محل النزاع، دليلك مورده شيء آخر، وإنما هو في غيره، فيبقى الخلاف بينهما. العاشر: نقص شرط من شروط القياس التي تقدم ذكرها. تفضل. بعد أن أنهى المؤلف -رحمه الله تعالى- الكلام في الشروط قال: والعلة هي الجالبة: والحكم هو المجلوب للعلة، العلة هي الجالبة، والحكم هو المجلوب للعلة. الوصف المناسب لترتيب الحكم عليه كدفع حاجة الفقير، فإنه وصف مناسب دفع حاجة الفقير، علة، وصف مناسب لإيجاب الزكاة، والحكم هو المجلوب للعلة، أي هو الأمر الذي نشأ عن وجود ذلك الوصف المناسب، العلة وهي الادخار مع الاقتيات، جلبت الحكم، وهو جريان الربا في الأرز، فالحكم مجلوب، جلب إلى الرز، والعلة التي تجمع بين الرز والبر هي الجالبة لذلك الحكم، وفي هذا يقول الناظم -رحمه الله-: والشرط في القياس كون الفرع ... مناسباً لأصله في الجمع بأن يكون جامع الأمرين ... مناسباً للحكم دون مين وكون ذاك الأصل ثابتاً بما ... يوافق الخصمين في رأييهما وشرط كل علة أن تطرد ... في كل معلولاتها التي ترد لم ينتقض لفظاً ولا معنىً فلا ... قياس في ذات انتقاض مسجلا والحكم من شروطه أن يتبعا ... علته نفياً وإثباتاً معا فهي التي له حقيقاً تجلب ... وهو الذي لها كذاك يجلب والله أعلم، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فقد قال المؤلف -رحمه الله تعالى-: وأما الحظر والإباحة فمن الناس من يقول: إن الأشياء على الحظر، إلا ما أباحته الشريعة، فإن لم يوجد في الشريعة ما يدل على الإباحة فيستمسك بالأصل وهو الحظر، ومن الناس من يقولُ بضده، وهو أن الأصل في الأشياء الإباحة إلا ما حظره الشرع، ومعنى استصحاب الحال: أن يستصحب الأصل عند عدم الدليل الشرعي. وأما الأدلة فيقدم الجلي منها على الخفي، والموجب للعلم على الموجب للظن، والنطق على القياس، والقياس الجلي على الخفي، فإن وجد في النطق ما يغير الأصل وإلا فيستصحب الحال. الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: درس اليوم في مسألتين: أولاهما: الأصل في الأعيان المنتفع بها قبل ورود الشرع، الأعيان المنتفع بها قبل ورود الشرع. المسألة الثانية: في تعارض الأدلة، فيما إذا وجد الإنسان عيناً يمكن أن ينتفع بها، ولم يجد فيها نصاً يدل على إباحتها، ولا نصاً يدل على منعها، فهل ينتفع بها؛ بناءً على أن الأصل هو الإباحة، حتى يجد دليلاً على المنع، أو يكف عنها بناءً على أن الأصل المنع، والحظر حتى يجد دليل الإباحة. هذه مسألة خلافية بين أهل العلم، والخلاف فيها طويل، من العلماء من يقول: لا حلال إلا ما أحله الله، ومنهم من يقول: لا حرام إلا ما حرمه الله. المؤلف -رحمه الله تعالى- لما ذكر هذه المسألة، فقال: وأما الحظر والإباحة فمن الناس من يقول أن الأشياء على الحظر إلا ما أباحته الشريعة: يعني ممنوع أن تتصرف في ملك الغير إلا بإذنه، وما خلقه الله -عز وجل- ملكٌ له، فلا يجوز أن تتصرف فيه إلا بإذنه، فأنت ممنوع من استعماله حتى تجد الدليل الذي يدل على إباحة استعماله، فإن لم يوجد في الشريعة ما يدل على الإباحة يتمسك بالأصل وهو الحظر، هذا قول.

ومن الناس - وهذا القول الثاني- من يقول بضده، وهو أن الأصل في الأشياء على الإباحة إلا ما حظره الشرع: فمن العلماء من يقول: إن الأشياء بعد البعثة موصوفة بالحظر كما كانت قبل البعثة محرمة، وذكرنا دليل هذا القول، وهو أن الفعل والانتفاع بهذه الأعيان تصرّف في ملك الله -عز وجل- بغير إذنه؛ إذ جميع ما على وجه الأرض مما يمكن أن ينتفع به هو ملك لله -عز وجل-، والتصرف في ملك الغير بغير إذنه لا يجوز، فممنوع أن تنتفع بشي من ملك غيرك إلا بإذنه. القول الثاني: وهو أن الأصل في الأشياء على الإباحة، يعني أنه مأذون فيها إذناً عاماً مع عدم الحرج، ودليل ذلك أن الله تعالى خلق العبد، وخلق له ما ينتفع به، خلق العبد، يعني لو قلنا: لا ينتفع بشيء حتى يجد دليلاً يدل على إباحته، ماذا عن حكم الأشياء بعد البعثة مباشرة، وقبل صدور الأدلة التي تدل على إباحة هذه الأعيان، يعني هل ينتظر الناس الذين تدينوا بهذا الدين، وتبعوا النبي -عليه الصلاة والسلام- حتى يوجد ما يبيح لهم الانتفاع بهذه الأعيان؟ الله -سبحانه وتعالى- لما خلقهم وخلق لهم ما ينتفعون به، دل ذلك على إباحته لهم، إذ لو لم يَُح لهم، لكان خلقه -جل وعلا- إياها عبثاً، أي خالياً عن الحكمة، يعني لماذا خلقت هذه الأشياء التي يمكن أن ينتفع بها؟ لينتفع بها. ومن أهل العلم من قال بالتوقف، يعني الأدلة متكافئة، أيش الفرق بين القول بالوقف والتوقف، وهل المتوقف قائل؟ يعني من توقف في بيان حكم مسألة ما، هل يمكن أن يدرج قوله في أقوال أهل العلم الذين لهم قول في هذه المسألة؟ نعم، هم يذكرون: القول الثالث التوقف في كثير من المسائل، يذكرون الأقوال المتقابلة، ويذكرون أدلتها، وقيل بالوقف، سبق لنا مسألة اللغات ومبدأ اللغات ما كانت توقيفية أو كانت توقيفية أو توفيقية، أو تلفيقية، ورابعها التوقف، رابع الأقوال، وهنا ثالثها التوقف. من الأئمة من يقول: إن الأصل في الأعيان الحضر، الملك لله -عز وجل- لا يجوز أن ترتفع إلا بإذنه، ولا ورد الإذن، وهذا دليله ظاهر.

القول الثاني: دليله أيضاً -وهو القول أن الأصل في الأشياء المنتفع بها الإباحة- دليله أيضاً ظاهر، خلق هذه الأمور، وذكرها على سبيل الامتنان من الله -عز وجل- وأن الله امتن بها، {خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً} [(29) سورة البقرة]، دل على أنه ينتفع بها، حتى يرد دليل المنع. والثالث: التوقف؛ لأن دليل الفريقين متكافئ، أدلة الفريقين متكافئة. الآن المسألة متصورة؟ دعنا من مسألة الضرورة، الضرورة لها حكمها، اضطر إلى أكل حشيش يأكل، مضطر، نعم، وجد شيئاً ضاراً لا يجوز له أكله، وجد شيئاً متساوي الطرفين لا يضر ولا ينفع، وأراد يجرب، لو قال قائل: يا أخي وأيش الفرق بين البرسيم -علف الأغنام- نعم، وبين الخس، أيش الفرق بينهن، أنت تأكل خس ولا تأكل برسيم، ليش ما نأكل برسيم؟ تقول له حرام وإلا حلال؟ وأيش تقول؟ نعم، ما يضر، مثل الخس، ويش تقول له، حلال وإلا حرام؟ ليش ما تشتهيه، والله الناس يشتهونه، وأيش المانع؟ يعني مسألة تعارفنا على أننا ما نأكله وصرنا ما نشتهيه، وعرفنا أنه طعام للدواب وتركناه من أجل هذا، نعم، يقول: والله أنا جائز لي البسه ما هو جائر لي أطعمه وأيش المانع، باكل، أبش تقول له: حرام وإلا حلال؟ أنت ما عندك دليل لا يبيح ولا يحرم، كل على أصله في المسألة. من يقول: إن الأصل المنع يمتنع حتى يجد دليلاً يبيح، من يقول الأصل: الإباحة يأكل حتى يجد دليلاً يدل على الإباحة. طالب:. . . . . . . . . أنت وأيش يدريك أن ما عندهم دليل. . . . . . . . . طالب:. . . . . . . . . أنت إذا اعتقدت هذا القول لا تأكله إلا بدليل، إذا اعتقدت هذا القول واعتمدته لا تأكل غلاً بدليل أو تقليد، تقلد من تبرأ الذمة بتقليده. أظن أن المسألة ظاهرة، وذكرت لكم سابقاً أن واحداً علق على كتاب في هذه المسألة قال: كالحشيش، المؤلف مثل بالحشيش، والمعلق تكلم في أربع صفحات ينقل ما جاء في كتب أهل العلم عن الحشيش وأنها مسكرة، وأنها حرام إجماعاً، وأنها .. ، نعم، وهو قصده حشيش البَر، طالع رحلة وجاز له .. ، نوع من أنواع الحشائش يأكل وإلا ما يأكل؟ افترض أن نفعها مضمون لكن ما تضر قطعاً يأكل وإلا ما يأكل؟

كل على أصله في هذه المسألة، نعم الورع، الورع كونك ما تدخل في جوفك إلا شيئاً تجزم بحله، هذا شيء، نعم، هذا أمر ثاني، يعني الورع حمل كثير من السلف أن يتركوا المباح خشية أن يقعوا في المحظور، فضلاً عن المختلف فيه. أقول: ومثاله ما يوجد على ظهر الأرض من نباتات مما لا ضرر فيه، هل يباح أكله قبل الوقوف على دليل يبيحه؟ أو يمتنع من أكله حتى يوجد دليل على الإباحة؟ وكل على أصله، والمختار يعني من باب التوسعة، ويسر الدين وسماحته، صار عند جمع من أهل العلم -وهم الأكثر- أن الأصل فيما ينتفع به والأشياء النافعة الجواز؛ لقوله تعالى: {خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً} [(29) سورة البقرة]، وهذا ذكره الله -جل وعلا- في معرض الامتنان، ولا يمتن إلا بجائز. وأما بالنسبة لما يضر، فالأصل فيها التحريم لعموم حديث: ((لا ضرر ولا ضرار))، لعموم: ((لا ضرر ولا ضرار))، وأظن كررنا مراراً التمثيل بالسقنقور، نعم، مثلنا به مراراً، فلا داعي لتكراره. المقصود أن المسألة واضحة ومتصورة، فلا أحد يمنعك من أن تأكل ما لا يضر، ولو لم تجد دليلاً يدل على إباحته، ما لم يكن ضاراً، أو يكون داخلاً في عموم ما ينهى عنه، نعم. طالب:. . . . . . . . . حتى بعد البعثة، لكن بعد البعثة، بعد البعثة قبل ورود الدليل الذي يدل عليه. طالب: لكن بعد ثبوت الأدلة المفيدة أن الأصل الإباحة، هل هناك من قال. . . . . . . . .؟ إيه إيه، الأصل في الأعيان المنتفع بها بعد ورود الشرع، كل على أصله، تدري أن بعض الناس يقعد قواعد في الأطعمة، الأصل الإباحة، بعضهم يقول: الأصل المنع، نعم، عندهم يختلفون فيها، ولذا يقول بعضهم: لا حرام ما حرمه الله، ومنهم من يقول: لا حلال إلا ما أباحه الله. هنا يقول الناظم -رحمه الله تعالى-: لا حكم قبل بعثة الرسول ... بل بعدها بمقتضى الدليل والأصل في الأشياء قبل الشرع ... تحريمها لا بعد حكم شرعي بل ما أحل الشرع حللناه ... وما نهانا عنه حرمناه وحيث لم نجد دليل حلّ ... شرعاً تمسكنا بحكم الأصل مستصحبين الأصل لا سواه ... وقال قوم ضد ما قلناه أي أصله التحليل إلا ما ورد ... تحريمها في شرعنا فلا يرد

وقيل إن الأصل فيما ينفع ... جوازه، وما يضر يمنع قيل القول الثالث هذا الأخير: أن الأصل فيما ينفع والأصل فيما يضر، معروف أن الأصل، الخلاف في المسألة في الأعيان المنتفع بها، الأعيان المنتفع بها، ولا يمكن أن ينتفع فيما يضر. طالب:. . . . . . . . . كل على .. ، أما بالنسبة للعبادات فهي توقيفية، العبادات توقيفية، لا يجوز لأحد أن يعمل شيئاً إلا بمقتضى الدليل مما يتعبد به لله -عز وجل-، وألا يعبد الله إلا بما شرع، وألا يعبد الله إلا بما شرع، العبادات مفروغ منها، ولذا لا تدخلها الأقيسة، فالعبادات توقيفية. بالنسبة للمعاملات والمناكحات وغيرها من أبواب الدين والأطعمة هذه محل الخلاف. الاستصحاب الذي أشار إليه المؤلف، معنى الاستصحاب أن يستصحب الأصل عند عدم الدليل الشرعي: فالاستصحاب: السين والتاء للطلب، المقصود به طلب الصحبة، كالاستشفاء، طلب الشفاء، والاسترقاء، طلب الرقية، والاستسقاء، طلب السقيا، معناه أن يستصحب الأصل عند عدم الدليل الشرعي: هذا تعريف المؤلف. وفي إرشاد الفحول معناه: أن ما ثبت في الزمن الماضي فالأصل بقاؤه في الزمن المستقبل، مأخوذ من المصاحبة، وهو بقاء ذلك الأمر ما لم يوجد ما يغيِّرُه، أن ما ثبت في الزمن الماضي فالأصل بقاؤه في الزمن المستقبل، قوله: مأخوذ من المصاحبة، وهو بقاء ذلك الأمر ما لم يوجد ما يغيِّرُه. إذا لم يجد المجتهد بعد البحث والتحري دليلاً على وجوب شيء أو عدم وجوبه، ذكر له أو سمع شيئاً من فضائل رجب، أو ليلة النصف من شعبان، نعم، فأراد أن يصوم رجب، فبحث في الأدلة فلم يجد ما يدل على وجوب صوم رجب مثلاً، فيستصحب هذا الأصل؛ لأن الأصل عدم وجوب صومه. أراد أن يصلي صلاة سادسة، فبحث عن دليل ما وجد؛ لأن الواجبات -الصلاة الواجبة- الصلوات الخمس، هل عليَّ غيرها؟ قال: ((لا، إلا أن تتطوع)) ما وجد ما يدل على وجوب صلاة سادسة، فلا يجب سوى الصلوات الخمس، كما في حديث ضمام: "هل عليَّ غيرها؟ "، قال: ((لا، إلا أن تتطوع)).

طيب، صلاة العيد، صلاة الوتر -عند من يقول بوجوبهما- وجدوا أدلة توجبها، فأنت إذا لم تجد دليلاً تستصحب هذا الأصل، وهو أنه لا شرع إلا ما شرعه الله -عز وجل- يعني في العبادات، لا يتعبد الله إلا بما شرع، فتستصحب هذا الأصل، فإذا قال لك قائل: نصوم رجب على سبيل الوجوب والإلزام، نقوم ليلة النصف من شعبان، نقول: هات الدليل؛ نستصحب بالعدم، نستصحب العدم -عدم الدليل- الأصل العدم فنستصحبه حتى نقف على دليل. والاستصحاب من الأدلة التي اختُلِف فيها، العلماء اختلفوا في الاستصحاب هل هو حجة عند عدم الدليل؟ فمنهم من قال: حجة، وهذا قول الحنابلة والمالكية وأكثر الشافعية، سواء كان في النفي أو في الإثبات، وحكاه ابن الحاجب عن الأكثر. إذا نفى أمراً ثابتاً لك أن تطالبه بالدليل، وإذا أثبت أمراً -ولو لم يرد نفيه- فلك أن تطالبه بالدليل. القول الثاني: أنه ليس بحجة، وإليه ذهب أكثر الحنفية والمتكلمين؛ لأن الثبوت في الزمان الأول يفتقر إلى الدليل، فكذلك في الزمان الثاني؛ لأنه يجوز أن يكون وأن لا يكون، وهذا خاص بالشرعيات، أيش معنى هذا الكلام؟

أكثر الحنفية يقولون: الثبوت في الزمان الأول، على أن الاستصحاب ليس بحجة، يحتاج إلى دليل، صلاة الخوف مثلاً، في عهده -عليه الصلاة والسلام- صلاها النبي -عليه الصلاة والسلام- في .. ، على ستة أوجه أو سبعة، كلها ثابتة، ونحن نستصحب هذا الأصل ونصليها بعد وفاته -عليه الصلاة والسلام- إلى قيام الساعة؛ لأنها ثبتت بدليل لم يثبت نفيه، وصلاها الصحابة بعده، دليل على أن الحكم ليس خاصاً به، نعم، ليس خاصاً به، فإذا قال محمد بن الحسن، أو أبو يوسف: صلاة الخوف خاصة بالنبي -عليه الصلاة والسلام- نقول: نحن نستصحب الأصل، وهو فعل صلاة الخوف في عصره -عليه الصلاة والسلام- وفعل الصحابة بعده، قالوا: لا، صلاة الخوف ثبتت في حقه -عليه الصلاة والسلام- {وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاَةَ فَلْتَقُمْ} [(102) سورة النساء]، ونحن نحتاج إلى دليل كما ثبت الدليل في حقه، نحتاج إلى دليل، نقول: أيضاً نحتاج إلى دليل في مثل قوله -عليه الصلاة والسلام-، في قوله -جل وعلا-: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً} [(103) سورة التوبة]؛ هذا خطاب للنبي -عليه الصلاة والسلام- وهو خطاب لأمته من بعده عند الجماهير، بل لا أعرف من خالف في هذا بخلاف صلاة الخوف، إذن لا بد من ثبوت دليل يتناول الأمة، الخطاب للنبي -عليه الصلاة والسلام- خطاب لأمته ما لم يرد دليل يدل على التخصيص، عرفنا كلامهم في القول الثاني أنه ليس بحجة؟ ثبت في الزمن الأول، ثبوته في الزمن الأول افتقر إلى دليل، صلاة الخوف في عهده -عليه الصلاة والسلام- ثبتت بدليل {وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاَةَ}، بدليل أنه قبل ذلك قبل أن يرد هذا الدليل، الصلوات الخمس في يوم الخندق جمعت بعد غروب الشمس؛ لأنه لم يرد دليل، فورد الدليل للنبي -عليه الصلاة والسلام- {وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاَةَ}، صلاها على أوجه، فالزمان الأول احتاج إلى دليل، إذن الزمان الثاني يحتاج إلى دليل، ظاهر وإلا ما هو بظاهر؟ نعم، أما أصحاب القول الأول يقولون: خلاص ثبت الدليل، هذا فيما يراد نفيه.

أما ما يراد إثباته، فإن ثبت الدليل المثبت في حق النبي -عليه الصلاة والسلام- فالأصل الاقتداء والائتساء، إن لم يرد دليل من فعله، وقد ورد دليل من قوله عملنا بالدليل القولي؛ لأنه أعم، والفعل لا عموم له. لو قال قائل: إن العمرة في رمضان ليست بمشروعة؛ بدليل أن النبي -عليه الصلاة والسلام- لم يعتمر في رمضان، نعم، ماذا نقول؟ نقول: النبي -عليه الصلاة والسلام- حث على العمرة في رمضان، وقال: ((إنها تعدل حجة))، كونه ما اعتمر لعارض رحمة بأمته، شفقة عليها، عدم تمكنه -عليه الصلاة والسلام- من ذلك، شيء آخر، لكن الدليل القولي يتناول النبي -عليه الصلاة والسلام- ويتناول الأمة، لكن كونه ما فعل لا يعني أنه ليس بمشروع. صوم عشر ذي الحجة: بعض من كتب يقول: هذا من الأخطاء، من أخطاء الناس في عشر ذي الحجة الصيام؛ لأنه ثبت من حديث عائشة -رضي الله تعالى عنها- أن النبي -عليه الصلاة والسلام- ما كان يصوم العشر، نقول: أيضاً ثبت من حديث بعض أزواجه -عليه الصلاة والسلام- أنه كان يصوم تسع ذي الحجة، فإذا اعتضد هذا بالحث على العمل الصالح في هذه الأيام، ((ما من أيام العمل الصالح فيهن خير وأحب إلى الله من هذه الأيام العشر))، وثبت أيضاً: أن الصيام من أفضل الأعمال؛ ((من صام يوماً في سبيل الله باعد الله وجهه عن النار سبعين خريفاً))، إذا انظم هذا إلى هذا قلنا: إن صيام تسع ذي الحجة مشروع، بل من أفضل الأعمال؛ لأنه عمل فاضل، عمل صالح، ((ما من أيام العمل الصالح))، وهذا عمل صالح، كونه -عليه الصلاة والسلام- ما صام كما في حديث عائشة، أو صام في حديث بعض أزواجه -عليه الصلاة والسلام-، كونه ما صام لا يعني أنه أن الصيام غير مشروع، مثل كونه لم يعتمر في رمضان، إذن هذه أمور واضحة. منهم من يقول: إن الاستصحاب يصلح أن يكون مرجحاً يرجح به إذا تكافأت الأدلة في مسألة ما، فيستصحب الأصل، يعني وجدنا أدلة تدل على المنع، وأدلة تدل على الإباحة، نرجح بالاستصحاب؛ لأن الأصل أنه دليل وإن كان مختلفاً فيه، فهو من ضمن ما يدعم القول بالإباحة، قال به قوم. ومنهم من عكس، من قال: يرجح الناقل عن الأصل، يرجح الناقل عن الأصل، ليش يرجح الناقل عن الأصل؟

وجدنا دليلاً يدل على الإباحة، والأصل الإباحة، اعتضد هذا الدليل بالأصل، وجدنا دليلاً ينقل عن هذه الإباحة -عن هذا الأصل- فهل نقول: نؤيد الدليل المبقي على الأصل بالاستصحاب؟ أو نقول: لا نعمل بالدليل الناقل عن الأصل، وهذا الدليل الموافق للأصل كان في أول الأمر، وإلا لزم على ذلك النسخ مرتين، نصير نقلنا عن الأصل، ثم نسخنا هذا الناقل، لكن كوننا نقول: إن هذا المبقي للأصل في أول الأمر، بناءً على أن الأصل الإباحة، ثم جاء ما ينقل عن هذا الأصل. وعلى كل حال المسألة خلافية، هل الأصل .. ، هل يؤيد ما يؤيد الاستصحاب، والأصل أن يبقى الحكم على أصله، أو نقول: يرجح الناقل عن الأصل على المبقي له، المسألة معروفة. المسألة أيضاً فيها أقوال أخر أضربنا عن ذكرها؛ اختصاراً. يقول الناظم -رحمه الله تعالى-: وحد الاستصحاب أخذ المجتهد ... بالأصل عند دليل حكم قد فقد عندنا مسألة ترتيب الأدلة، ترتيب الأدلة، كيف ترتِّب الأدلة؟ أنت باحث أردت أن تستوعب، أو كلفت ببحث مسألة، وأردت أن تستوعب جميع ما قيل فيها من أدلة، وبذلت جهدك، واجتمع عندك من الأدلة الشيء الكثير. معلوم أنك تبدأ بالأدلة من الكتاب، نعم، ثم من صريح صحيح السنة، ثم بالإجماع، ثم بالقياس، إلى آخر الأدلة، هذا الترتيب الطبيعي حسب القوة، ترتب من ظاهر، هل يستدل شخص على حكم المسألة يقدم القياس على الكتاب والسنة، أو يقدم السنة على القرآن؟! نعم من أهل العلم من يكتفي بالإجماع، فيقول: المسألة هذه جائزة بالإجماع، أو دليلها الإجماع، وفيها دليل من الكتاب والسنة، فيستدرك عليه فيقال: هذا الحكم جائز بالكتاب والسنة والإجماع. فأنت عند ترتيبك للأدلة في المسألة الواحدة -ولو لم يحصل تعارض- الترتيب الطبيعي أن تبدأ بالقرآن ما يدل على هذه المسألة من كتاب الله -عز وجل-، ما يؤيد هذه المسألة من صحيح السنة، ثم بعد ذلك الأدلة الأخرى المتفق عليها والمختلف فيها على الترتيب.

لكن إذا تعارضت هذه الأدلة، إذا تعارضت هذه الأدلة، جمعت في المسألة عشرين دليلاً، عشرة منها تؤيد الإباحة، وعشرة يستدل بها على تحريم هذا الفعل، نقول: تعارضت الأدلة، في هذه المسألة تعارضت الأدلة، إن أمكن الجمع بين هذه الأدلة بوجه من الوجوه المعتبرة عند أهل العلم، ولو بحمل خاص .. ، عام على خاص، مطلق على مقيد، إذا أمكن الجمع تعين، إذا لم يمكن الجمع وعرفنا المتقدم من المتأخر قلنا: هذا ناسخ، إذا لم يمكن الجمع ولم نعرف المتقدم من المتأخر لا بد من الترجيح، إذا لم يمكن الترجيح فأيش؟ فالتوقف. الترجيح: كيف ترجح بين هذه النصوص، النصوص هذه المتعارضة في الظاهر من القرآن، أو من السنة، أو منهما معاً، فالمؤلف -رحمه الله تعالى- يقول: وأما الأدلة فيقدم الجلي منها على الخفي، والموجب للعلم على الموجب للظن، والنطق على القياس، والقياس الجلي على الخفي، فإن وجد في النطق ما يغير الأصل وإلا فيستصحب الحال: المراد بالأدلة هنا: ما يثبت به الأحكام الشرعية من الكتاب والسنة والإجماع والقياس، التي مضى الحديث عنها إجمالاً، فإذا كان في المسائل التفصيلية، الآن إجمالي، نتحدث إجمالاً عن الأدلة إجمالاً على ضوء ما تقدم الذي هو موضوع أصول الفقه. يعني موضوع أصول الفقه الأدلة الإجمالية، فالأدلة الإجمالية يكون النظر فيها إجمالي مثل ما هنا، لكن لو كان عندنا دليل تفصيلي، دليل تفصيلي يدل على حكم مسألة ما فإن الكلام في هذا التعارض ودفعه يكون على سبيل التفصيل. يعني إذا تعارض دليل من القرآن مع دليل من السنة، {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} [(2) سورة الكوثر]، {فَصَلِّ}، دليل من القرآن، هل المراد بالصلاة الصلوات الخمس؟ {فَصَلِّ لِرَبِّكَ}؟ هل المراد به الصلوات الخمس، نعم؟ ليس المراد به الصلوات الخمس، لكن: {حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ} [(238) سورة البقرة]: المراد به الصلوات الخمس {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ}، هذا دليل من القرآن استدل به بعضهم على وجوب صلاة العيد. في حديث ضمام وهو من السنة: هل عليَّ غيرها؟ قال: ((لا، إلا أن تتطوع)). فالنظر في تعارض .. ، في التعارض بين هذين الدليلين من وجوه:

أحد هذه الوجوه: أن أحدهما قطعي الثبوت وهو الآية، والثاني ظني وهو الحديث، فمن هذه الحيثية نقدم القطعي على أيش؟ الظني. إذا نظرنا إلى هذين النصين من جهة أخرى، وجدنا أن الحديث يدل على المدعى بمفهومه بمفهومه، والآية تدل على المدعى بمنطوقها. طيب، إذا نظرنا من جهة ثالثة، وهو أن دلالة الحديث على المدعى أصرح وأجلى من دلالة الآية على المدعى ولو كانت مفهومة، صح وإلا لا؟ يعني حينما يقول: هل علي غير الخمس؟ يقول: ما عليك شيء، هذا ما هو بصريح في نفي الزائد؟ نعم، لكن {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ}، أين الدلالة على صلاة العيد؟ ما في إلا اقترانه بالنحر، نعم، فالحديث أصرح في الدلالة، وإن كان ظنياً وإن كان مفهوماً، إلا أنه أصرح وأجلى من دلالة الآية على المدعى. إذا تعارض عند المجتهد أكثر من فرد من أفراد ما ذكر -من أدلة الكتاب والسنة والإجماع والقياس والاستصحاب، وقول الصحابي -عند من يقول به- الأدلة الإجمالية- فلا بد من ترجيح بعضها على بعض إذا لم يمكن الجمع كما هو معروف، فيقدم الجلي وهو ما اتضح المراد منه، يقدم الجلي على ما اتضح المراد منه على الخفي وهو ما لم يتضح المراد منه، والموجب للعلم على الموجب للظن، والنطق على القياس، والقياس الجلي على الخفي، نعم، لا بد أن يقدم الجلي وهو ما اتضح المراد منه، بأن كان نصاً في الدلالة على المدعى، على الخفي وهو ما كانت دلالته ظاهرة أو مؤولة، الموجب للعلم وهو القرآن ومتواتر السنة -على ما تقدم- على الموجب للظن، وما ثبت من أخبار الآحاد، وهذا تقدم بسطه، والنطق: وهو قول الله -جل وعلا- وقول رسوله -عليه الصلاة والسلام- على القياس -الذي تقدم شرحه- إلا إذا كان النص عاماً، فإنه يخص بالقياس. إذا خصصنا النص العام بالقياس، عندنا دليل قياس، وعندنا دليل من الكتاب أو من السنة لكنه عام، يتناول هذا الفرد بعمومه، وعندنا ما يخرج هذا الفرد بقياسه على ما خرج بالنص، نعم. حبس من يأتي الفاحشة حتى الوفاة -آية النساء- نعم؟ طالب:. . . . . . . . . من نسائكم، نعم؟ طالب:. . . . . . . . .

حتى .. ، نعم، {أَوْ يَجْعَلَ اللهُ لَهُنَّ سَبِيلاً} [(15) سورة النساء]، {حَتَّىَ يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ} [(15) سورة النساء]، هذا يتناول بعمومه أيش؟ من يتناول؟ طالب: الحبس، يتناول المحصن. . . . . . . . . نعم المحصن والثيب. طالب: البكر. كيف؟ طالب: المحصن والبكر. نعم، الإحصان ضد البكارة، لكن هل نقول: إن هذا الحكم منسوخ بحديث عبادة: ((خذوا عني، خذوا عني، قد جعل الله لهن سبيلاً، الثيب بالثيب جلد مائة والرجم، والبكر بالبكر جلد مائة وتغريب سنة)) نقول: منسوخ؟ هذا يمكن أن يقول به من يرى نسخ القطعي بالظني -القرآن بالسنة- وحينئذ لا إشكال، لكن الذي لا يقول بالنسخ يقول: هو بيان بيان، فالحكم ساري إلى أمد، وقد انتهى الأمد، فقد جعل الله لهن سبيلاً، وليس من باب النسخ. هاه، النص في الإماء، النص في الإماء، دعونا من هذه الآية، {فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} [(25) سورة النساء]، {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ} [(2) سورة النور]، هذا المثال يكون أوضح، {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ}: هذا يتناول الأحرار والعبيد، بعمومه يتناول الأحرار والعبيد، خرج الإماء بقوله: {فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ}، وخرج العبيد بالقياس على الإماء، فالعموم -عموم الزانية والزاني- مخصوص بالقياس بالنسبة لذكور العبيد، مخصوص بقياسه على الإماء، فهنا القياس يخص العموم، فنحن قدمنا القياس على عموم النطق؛ لأن عندهم الترجيح، بل بعضهم يجعله من وجوه الجمع وهو في الحقيقة ترجيح، نرجح الخاص على العام، في الجزء الذي ورد فيه النص الخاص، فالتخصيص والتقييد نوع من أنواع النسخ، يطلق عليه بعض المتقدمين: النسخ، بمعناه الأعم، لا شك أن فيه رفع حكم بالنسبة لما ورد فيه الدليل الخاص، لكنه رفع جزئي وليس برفع كلي. والله مملة الأصول أشوف الإخوان. . . . . . . . .

يقدم الجلي، وهو ما اتضح المراد منه على الخفي: وهو ما خفي المراد منه، والموجب للعلم: وهو القرآن ومتواتر السنة على الموجب للظن: وهو ما ثبت من أخبار الآحاد على النطق: وهو قول الله وقول رسوله على القياس: الذي تقدم شرحه، إلا إذا كان النص عاماً فإنه يخص بالقياس. يعني قدمنا القياس -قياس العبيد على الإماء- قدمنا هذا القياس على عموم قوله -جل وعلا-: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ}. القياس الجلي: وهو ما نص على علته، أو أجمع عليها، يقدم على القياس الخفي، وهو ما ثبت علته بالاستنباط، فإن وجد في النطق من الكتاب والسنة ما ينقل عن الأصل، إن وجد في النطق -الدليل من الكتاب والسنة- إن وجد فيهما ما ينقل عن الأصل الذي تحدثنا عنه قريباً وهو البراءة الأصلية، عمل بالنص، عمل بالنص الناقل عن الأصل، تركنا الأصل وعملنا بالنص، نعم؛ لأننا وجدنا ما ينقل عن هذا الأصل، وإن لم نجد نصاً ينقل عن الأصل فإننا نعمل بالاستصحاب، وهو العدم الأصلي الذي سبقت الإشارة إليه. وقدموا من الأدلة الجلي ... على الخفي باعتبار العمل وقدموا منها مفيدَ العلم ... على مفيد الظن أي للحكم إلا مع الخصوص والعموم ... فليؤتى بالتخصيص لا التقديم والنطق قدم عن قياسهم تفي ... وقدموا جليه على الخفي وإن يكن في النطق من كتاب ... أو سنة تغيير الاستصحاب فالنطق حجة إذا وإلا ... فكن بالاستصحاب مستدلاً تفضل، تفضل أذن .... بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد: فقد قال المؤلف -رحمه الله تعالى-: ومن شرط المفتي: أن يكون عالماً بالفقه أصلاً وفرعاً، خلافاً ومذهباً، وأن يكون كامل الآلة في الاجتهاد، عارفاً بما يحتاج إليه في استنباط الأحكام من النحو واللغة ومعرفة الرجال الراوين، وتفسير الآيات الواردة في الأحكام والأخبار الواردة فيها، ومن شرط المستفتي: أن يكون أهلاً للتقليد، فيقلد المفتي في الفتيا: أن يكون من أهل التقليد، أن يكون من أهل التقليد فيقلد المفتي في الفتيا، وليس للعالم أن يقلد. وليس للعالم أن يقلد، والتقليد قبول ...

يكفي، يكفي يكفي. الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، لما فرغ المؤلف -رحمه الله تعالى- من بيان ما يحتاج إليه الطالب المبتدئ مما يتعلق بالأصول الإجمالية من الكتاب، والسنة، والإجماع، والقياس، والاستصحاب، وقول الصحابي، وذكر كيفية الاستفادة منها، عقب ذلك كله بحال المستفيد والمجتهد. المجتهد: وهو المفتي له شروط عند أهل العلم، من شرطه: أن يكون عالماً بالفقه أصلاً وفرعاً: يعني بأصوله وفروعه، كيف يكون عالماً بالفقه؟ كيف يكون المفتي عالماً بالفقه؟ يعني هل المقصود بذلك أن يكون مستحضراً لجميع المسائل الفقهية بأدلتها، أو يكفي في ذلك تحصيل جملة من المسائل يستطيع بواسطتها من تطبيق هذه الأصول على تلك الفروع بأدلتها، ويكون بالنسبة للباقي معرفته بها بالقوة القريبة من الفعل؟ فالفقيه منه ما يكون بالفعل، ففلان فقيه بالفعل يعني مستحضر لجميع المسائل المتداولة بين الفقهاء بأدلتها، ومنهم من يكون فقيهاً بالقوة القريبة من الفعل بمعنى أنه يستطيع الوصول إلى المسائل بأدلتها، ويتوصل إلى القول الصحيح بدليله في أقرب وقت، هذا فقيه لكنه بالقوة وليس بالفعل، وهذا تقدم ذكره في شرح تعريف الفقه. أن يكون عالماً بالفقه أصلاً وفرعاً: يعني لا بد أن يكون متصوراً للمسائل الفقهية، وقواعد الفقه وأصوله، وبما فيها من الخلاف، سواءً كان في مذهب بعينه، إذا كان المراد به المجتهد المقيد، ويكون مجتهد مذهب يسمونه، مجتهد مذهب، أو على العموم في مذاهب العلماء كلهم إذا كان المراد الاجتهاد المطلق. والمراد بمذاهب العلماء: مذاهب فقهاء الأمصار ممن يعتد بقوله منهم، ولا يقدح فيه أن يخفى عليه بعض الأقوال الشاذة التي لا حظ لها من النظر، ولا يقدح فيه أن يخفى عليه أقوال المبتدعة الذين لا يعتد بهم في الخلاف والوفاق. اشتراط هذا الشرط الذي هو الاطلاع على المذاهب، ومعرفة مواطن الخلاف والإجماع؛ لئلا يخالف كلاماً مجمعاً عليه، فيحدث قول يخالف الإجماع.

من الشروط، الشرط الأول: أن يكون عالماً بالفقه أصلاً وفرعاً خلافاً ومذهباً، والثاني: أن يكون كامل الآلة في الاجتهاد، كامل الآلة، وهذا الشرط إما أن يراد به الأوصاف الغريزية الخلقية في الإنسان، أو يراد به الأوصاف المكتسبة، لكن حمله على الأوصاف الغريزية من كونه صحيح الذهن، جيد الفهم، بمعنى أنه عنده من الحفظ ما يؤهله لحفظ النصوص التي يعتمد عليها، وعنده من الفهم ما يؤهله لفهم هذه النصوص؛ من أجل أن يستنبط منها، حمله على هذا أولى؛ لأن الاحتمال الثاني يغني عنه الشرط الثالث، وهو أن يكون عارفاً بما يحتاج إليه في استنباط الأحكام. هذه هي العلوم المكتسبة، لا بد أن يكون عارفاً بما يحتاج إليه في استنباط الأحكام، فلا بد أن يكون جيد التحصيل فيما ذكره المؤلف من علوم، جيد التحصيل، لا يشترط أن يكون حافظاً لجميع هذه العلوم، بحيث يكون في كل علم كخواص أهله، بل يكفي من هذه العلوم ما يحتاج إليه في فهم النصوص، في فهم الكتاب والسنة، فلا بد من مشاركته في النحو واللغة، وهذا أشار إليه المؤلف، أن يكون عارفاً بما يحتاج إليه في استنباط الأحكام من النحو واللغة، لا بد أن يكون عالماً بالقدر اللازم الكافي لفهم الكلام من اللغة بفروعها. فروع اللغة كم؟ عشرة؟ النحو، الصرف، اللغة، أيش معنى اللغة؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . مفرداتها التي يسمونها متن اللغة وفقه اللغة، نعم، والعروض، والقوافي، والبيان، والمعاني، والبديع، والاشتقاق، هذه فروع علم اللغة، لكن لا يلزم معرفة العروض والقوافي لماذا؟ لأن الكلام نثر، كلام الله -جل وعلا- ليس بشعر، وكلام نبيه -عليه الصلاة والسلام- نُفِيَ عنه أن يكون شعراً. على كل حال هذا من الكمال أن يكون عارفاً بذلك، وهذا معروف عند أهل العلم، فروع هذه العلوم كلها معروفة عند أهل العلم إلى طبقة شيوخنا.

نذكر أننا لما كنا نقرأ على الشيخ عبد العزيز -رحمة الله عليه- سنة خمسة وتسعين في الفرائض جاء بيت كان فيه انكسار، فقطعه الشيخ عروضياً وأثبت أن ما فيه شيء، فمثل هذا يحتاج إليه لا شك أنه كمال، نعم، هذا أمر كمالي لكن يحتاج إليه طالب العلم، طالب العلم محتاج إلى النحو، هذه حاجة ضرورية ليست كمالية، الصرف –أيضاً- كذلك، مفردات اللغة الذي هو متن اللغة، فقه اللغة، الآن منا من يفرق بين متن اللغة وفقه اللغة؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . أنت عندك كلمة نعم، عندك كلمة (الفَصِيل) ما معنى الفصيل؟ هاه، أيش هو؟ طالب:. . . . . . . . . لا أيش معناه؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . ولد أيش؟ طالب:. . . . . . . . . لا، ولد أيش خلينا معنىً واحداً. طالب:. . . . . . . . . ولد الناقة، هذا مفردات اللغة -متن اللغة- لكن إذا كنت تعرف ولد الناقة، هذا ولد ناقة، لكن أيش يسمى بلغة العرب؟ ترجع إلى كتب فقه اللغة، يعني عكس متن اللغة. أما بالنسبة لمتن اللغة ومفرداتها فيها المعاجم التي لا تعد ولا تحصى، ومن أهمها كتب المتقدمين مثل (الصحاح، والتهذيب) يليها (اللسان والقاموس)، ومن أجمع ما كتب في اللغة (تاج العروس). هناك أيضاً (المجمل، ومعجم المقاييس لابن فارس) وغيرها، كتب كثيرة لا يحاط بها، لكن كتب فقه اللغة قليلة، من أنفسها: (فقه اللغة للثعالبي) وهو مختصر، وأيضاً (المخصص لابن سيدة) كتاب نفيس، ولا يستغني عنه طالب علم. هناك كتاب اسمه (الإفصاح في فقه اللغة لعبد المتعال الصعيدي) أظن كتب النحو والصرف لو بدأنا نعدد كتب النحو والتدرج فيها، والصرف كذلك .. ، وما لعل هذا نرجئه إلى شرح الأجرومية وهي التي بعد هذا الكتاب، بعد الورقات الأجرومية -إن شاء الله تعالى-. والصرف واللغة فقهاً ومتناً، والعروض والقافية، وهذه أيضاً كتب فيها كثير، والبيان، والمعاني، والبديع، الفنون الثلاثة التي يجمعها (البلاغة)، وفيها الكتب الكثيرة للمتقدمين والمتأخرين، وفيها لعبد القاهر الجرجاني أسرار البلاغة، ودلائل الإعجاز، وفيها المفتاح للسكاكي، وفيها (تلخيص المفتاح) الذي دار الناس بفلكه، ومشوا ورائه وكثرت شروحه وحواشيه، وعنوا به.

لماذا نحتاج إلى النحو واللغة والصرف وهذه العلوم؟ لأن النصوص الشرعية من الكتاب والسنة وردت بلسان العرب، فلا بد لفهمهما من معرفة بهذه العلوم؛ تؤهل لفهمها، والمراد بذلك -مثل ما ذكرنا- القدر المجزئ الذي يقبح جهله، ولا يراد بذلك أن يتقن كل فرع من هذه الفروع كخواص أهله، على ما سبقت الإشارة إليه. من الأدب أيضاً -من أدب المفتي- أن يطلع على كتب الآداب، وهذه تعطيه الأساليب والعبارات الجيدة التي يستطيع بواسطتها أن يوصل ما لديه من علوم، ويقصد بذلك الأدب العفيف لا الأدب الماجن، وإن كان أهل العلم يطلعون على الكتب وإن كان فيها ما فيها، وفيها فوائد وإن كان فيها شيء من المخالفة التي بعضها لا يليق بسمت طالب العلم، لكن تجد كثيراً من أهل العلم حينما يفتي أو يسأل يصعب عليه أن يوصل المعلومة التي يريدها إلى المستفتي،. نعم هناك كتب قد تغني عن هذه الكتب وهي عفيفة، مثل الأساليب الرائعة التي بثها ابن القيم في كتبه، لو يحفظ منها طالب العلم كمية وجملة استفاد منها في مستقبل حياته. ولذا العالم حينما يسأل ينبغي أن ينظر حال السائل من أي طبقة يكون، فيخاطبه على قدر فهمه، قد يكون السائل طالب علم وليس عنده من العبارات ما يستطيع أن يوصله إلى طالب العلم، مع أن طالب العلم أسهل من العامي، فيوصل المعلومة والفتوى والجواب إلى هذا السائل بالأسلوب المناسب، هذا إذا كان السائل واحداً أو مجموعة يشملهم وصف واحد، لكن إذا كان السؤال مطروح على خلائق لا يحصون، منهم العالم، منهم المتعلم، منهم العامي، منهم الذي لا يفهم اللهجات، فمثل هذا يتعين عليه أن يكون جوابه مفهوماً لدى السامعين، فلا يفتي بلهجة لا يفهمها جميع من يستمع. هو لا يطالب أن يفتي بجميع اللغات، أو يتعلم جميع اللغات ليفتي بها، لكن أقل الأحوال أن يتقن العربية؛ بحيث يفتي الناس بالعربية؛ لأن الأقاليم تختلف في فهم العامية، وبعض الألفاظ العامية يختلف مدلولها من قطر إلى آخر، يختلف مدلولها من قطر إلى آخر، وقد تفيد الضد والنقيض، تفيد الضد والنقيض من المقصود. فالعالم عليه أن يعتني بالعربية ويفتي بالعربية لا سيما إذا كان من يسمعه من شرائح متنوعة، ومن أقطار متباعدة؛ لأن الآن ما هو مثل قبل لا يبلغ صوتك إلا أمتاراً، الآن ألوف مؤلفة من الكيلوات يصل الصوت، والله المستعان.

شرح متن الورقات (16)

شرح متن الورقات في أصول الفقه (16) التقليد والاجتهاد الشيخ/ عبد الكريم بن عبد الله الخضير ويفتي بالعربية لا سيما إذا كان من يسمعه من شرائح متنوعة، ومن أقطار متباعدة؛ لأن الآن ما هو مثل قبل، لا يبلغ صوتك إلا أمتاراً، الآن ألوف مؤلفة من الكيلوات يصل صوتك، والله المستعان. طالب:. . . . . . . . . يعطيه بقدر ما يفهم؛ لأن المقصود نفع السائل، حل الإشكال لدى السائل فيهمه بلهجته، لكن لما يقول كلمة –مثلاً- تختلف فيها الأقطار اختلافاً متباينا، واحد سأل شيخاً من المشايخ قال: ما حكم الزعابة؟ قال: الزعابة ما فيها شيء، أيش معنى الزعابة؟ الشيخ فهم أن الزعابة إخراج الماء من البئر، هذه الزعابة عندهم، قال: يا شيخ أنا سمعت أنها حرام وشرك، قال: أيش لون شرك؟ قال: الزعابة تذبح عند باب الدار إذا أردت أن تسكن، قال: اللهم سلم، هذا الشرك الأكبر نعم، فعلى هذا لا بد من الاستفصال، ولا بد من الإجابة باللغة التي يتفق عليها الجميع، والله المستعان.

يقول: ومعرفة الرجال، عارفاً بما يحتاج إليه في استنباط الأحكام من النحو واللغة ومعرفة الرجال، معرفة رجال الحديث من ناحية الجرح والتعديل، ومعرفة قواعد الجرح والتعديل، وكيف يعمل عند تعارض الجرح والتعديل، لا بد من معرفة ذلك لماذا؟ ليتأهل للنظر في الأسانيد، ليتمكن من التصحيح والتضعيف، ليبني فتواه على خبر ثابت، ولا يستدل بحديث لم يثبت، كما هو شأن كثير من الفقهاء، لكن المجتهد شأنه أعظم وأشد، وليس المراد حفظ كتب الرجال –مثلاً- والله يشترط لك أن تحفظ الجرح والتعديل، والثقات والضعفاء، والكمال، وتهذيب الكمال، هذه ينتهي العمر وما حفظت كتاباً واحداً، نعم، لكن المقصود أن تكون لديك الأهلية، تحسن التعامل مع هذه الكتب، وترجع إليها بأخصر طريق، وتنظر ما قيل في الراوي من جرح وتعديل، تستطيع أن توازن بواسطة معرفة القواعد التي قعدها أهل العلم للتعارض والترجيح، ثم بعد ذلك تخرج بنتيجة، مع أن هذا أمر في غاية الصعوبة، نعم، هو سهل إذا نظرنا إليه بمفردات هؤلاء الرواة، لكن المسألة مفترضة في من؟ في شخص مجتهد، يجتهد في جميع ما يسأل عنه من أحكام، كل مسألة عليه أن ينظر في أقوال أهل العلم، في الخلاف والإجماع، ثم ينظر في أدلة كل قول، ثم ينظر في ثبوت كل دليل، وكل دليل ينظر في إسناده وطرقه ومتابعاته وشواهده، والعمر وين؟ ولذلك تجد كثير من الناس .. ، أما الاجتهاد المطلق -بمعنى الإطلاق بهذا اللفظ بمعنى الإطلاق- فهو نادر، أيش معنى، معنى الإطلاق؟ معناه أنك تجتهد في كل مسألة من مسائل الدين، في كل نازلة من النوازل، تنظر فيها من جميع وجوهها، أقوال العلماء فيها، أدلة هذه الأقوال، النظر في كل دليل، وكل دليل النظر في جميع رواته، وكل راو النظر في جميع .. ، كل ما قيل فيه جرحاً وتعديلاً، ثم بعد ذلك تستخلص النتيجة بالنسبة لهذا الراوي، ثم الراوي الذي يليه، ثم الذي يليه، ثم الذي يليه، وتنظر في الطبقات، لتنظر هل يتمكن هذا من سماع هذا أم لم يتمكن، ثم بعد ذلك تخرج بنتيجة حديث واحد يوم مثلاً، الحديث الثاني وين العمر الذي بيستوعب هذه الأمور.

ولذلكم تجدون كثير من العلماء -والمشقة تجلب التيسير- يختصر الطريق، إن أراد أن يجتهد في الرواية جعل همه الحديث وما يتعلق به، والأسانيد، والعلل، على أن هذا تنقطع دونه الأعمار، علم الحديث علم، وبعضهم اختصر الطريق واقتصر على الدراية، قلد في التصحيح، أو نظر فيها نظراً عابراً، ورجح ترجيحاً من غير دراسة كافية، وحكم من خلال هذا النظر –الاسترواح- يعني مجرد ميل، لكن العالم إذا تحرى الصواب، وصدق اللجأ إلى الله وقرن علمه بالعمل الغالب أنه يسدد ويوفق، ولو لم يتمكن من الاجتهاد المطلق بشرط الإطلاق، لكن هذا ظاهر، وأنتم أدركتم من أهل العلم من سدد ووفق، هل يتصور أنهم مع أعمالهم، والأعباء التي تحملوها وحملوها على أكمل وجه أنهم اجتهدوا في كل مسألة مسألة، وبحثوها من كل وجه، وبحثوا جميع ما يتعلق بها؟ هذا دونه خرط القتاد، ومع ذلكم وفقوا وسددوا وهدوا إلى الصواب، هذا سببه أيش؟ الإخلاص، سببه الإخلاص وصدق اللجأ إلى الله -جل وتعالى- والعمل بالعلم، أما شخص ديدنه المكتبة، ما يخرج من المكتبة؛ بحثاً وراء بحث، لكن إذا جاءت الصلاة هو آخر من يحضر المسجد، إذا جاء القيل والقال أول من يبادر، مثل هذا قد لا يوفق، فعلى العالم أن يتصف بالورع، والالتزام الحقيقي بالدين، وأن يكون عمله مطابقاً لعلمه، ثم يسدد. ثم قال بعد ذلك: ومعرفة الرجال، وتفسير الآيات الواردة في الأحكام: يعرف آيات الأحكام، يعرف آيات الأحكام، وعناية الفقهاء بآيات الأحكام، ولا يشترطون للمجتهد المطلق حفظ القرآن، سوى آيات الأحكام، ما يشترط حفظ القرآن، يعني رغم صعوبة الشروط التي وضعوها لم يشترطوا حفظ القرآن؛ لأن همهم الأحكام العملية. بعضهم يقدر آيات الأحكام خمسمائة آية، وهذه ألفت فيها الكتب -كتب تفسير آيات الأحكام- من أهمهما (أحكام القرآن لابن العربي)، وميله إلى مذهب مالك، (أحكام القرآن للجصاص)، وميله لمذهب أبي حنيفة، (أحكام القرآن لإلكيا الطبري الراسي)، وهو شافعي المذهب.

من أجمع وأنفس ما كتب في أحكام القرآن (الجامع في أحكام القرآن للقرطبي)، فآيات الأحكام لا بد من العناية بها، ولا يعني هذا أننا نهمل ما جاء في القرآن في القصص –مثلاً-؛ العبر والمواعظ والدروس التي تستنبط من القصص لا تقل أهميتها عن أهمية آيات الأحكام. الأمثال: وقد قال الله -جل وعلا-: {وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ} [(43) سورة العنكبوت]، لا بد من معرفتها، آيات الترغيب، آيات الترهيب، وآيات القرآن تنوعت أنواعاً بحسب ما يحتاجه العالم والمتعلم، لكن الفقهاء يهمهم الفقه الذي هو الأحكام، فلا بد للمجتهد أن يكون عارفاً بكتاب الله -عز وجل- لا سيما ما يتعلق منه بالأحكام الذي هو بصدد إفتاء الناس فيها؛ فكيف يفتي الناس ويتصدى لحل إشكالاتهم من لا يعرف كتاب الله -عز وجل- ولا بد أن يعرف تفسير هذه الآيات من خلال كلام العلماء الموثوقين من سلف هذه الأمة وأئمتها. وأن يكون عارفاً بناسخها ومنسوخها، لا بد أن يعرف الناسخ من المنسوخ، وقد وقف علي بن أبي طالب على قاص، فقال له: أتعرف الناسخ من المنسوخ؟ قال: لا، قال: "هلكت وأهلكت"؛ قد يفتي الناس بحكم منسوخ. والنسخ في القرآن والآيات المنسوخة والآيات الناسخة فيها المؤلفات، من أجمعها كتاب ابن النحاس، وكذلك على المتعلم الذي يتمنى أن يكون مجتهداً مفتياً، أن يعنى بتفسير أحاديث الأحكام؛ فالسنة كما هو معروف شقيقة القرآن في الاستدلال، وإن كانت هي المصدر الثاني في الترتيب؛ باعتبار القائل وباعتبار الثبوت، فلا بد لمن يتصدى للإفتاء أن يكون حافظاً لقدر كاف، عارفاً بما فيها من أحكام، مطلعاً على أقوال العلماء في شرحها؛ لئلا يضل في فهم هذه الأحاديث، ويأتي بما لم يسبق إليه في ذلك. كتب أحاديث الأحكام كثيرة: عمدة الأحكام، بلوغ المرام، المحرر، المنتقى، الإلمام، كتب ألفت في هذا الشأن ولها شروح كثيرة، ويذكر بعض أهل العلم أن سنن أبي داود يكفي المجتهد، يكفي المجتهد سنن أبي داود في أحاديث الأحكام، وبعضهم يضيف إليه السنن الكبرى للبيهقي-البحر- لا شك أن من أحاط علماً بسنن البيهقي -وهذا أشرنا إليه مراراً- لا شك أنه يصدر عن علم، لكن من يوفق للعناية بهذه الكتب؟

معاناة العلم شاقة وصعبة، لكن الثمرة من هذه المعاناة كبيرة؛ {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ} [(11) سورة المجادلة]. جاء في فضل العلم ومدح أهله من نصوص الكتاب والسنة الشيء الكثير، لولا المشقة لكان كل الناس علماء، كل الناس علماء، ولولا التعب واللهث وراء أمور الدنيا لصار الناس كلهم تجاراً تجاراً، لكن الراحة والإخلاد إليها والدعة والترف يعوق عن تحصيل خير الدنيا والآخرة. ولا بد أن يكون أيضاً عالماً بناسخ الحديث ومنسوخه، وألفت فيه الكتب، ومن أنفس ما ألف في هذا الباب (الاعتبار في معرفة الناسخ والمنسوخ من الآثار للحازمي)، وهذا كتاب نفيس ينبغي لطالب العلم أن يعنى به، ومع تمام معرفته بذلك -بجميع ما ذكر وإتقانه- لا بد أن يتصف بالورع، ورعاً ديِّناً، لا يتجرأ على الله فيفتي بغير علم؛ لأنه إن لم يكن ورع جرؤ على الله -عز وجل- وأفتى الناس بغير علم، أو أفتاهم -وإن كان له عنده شيء من العلم- يمكن يفتي بخلاف ما يعلم طمعاً في حطام فاني -حطام الدنيا- إرضاءً لفلان أوعلان، يشتري بآيات الله ثمناً قليلاً، فعلى المفتي ألا يتجرأ على الله، فيفتي بغير علم، أو بشيء لم يتأكد منه؛ لأن المفتي كما هو معلوم موقِّع عن الله -عز وجل-، فليحذر أشد الحذر من يتصدى لهذا الأمر الخطير، من الجرأة على الله -عز وجل-؛ فالقول على الله بلا علم من عظائم الأمور، كما قال -جل وعلا-: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُواْ بِاللهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ} [(33) سورة الأعراف].

قال -جل وعلا-: {وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُم مُّسْوَدَّةٌ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِّلْمُتَكَبِّرِينَ} [(60) سورة الزمر]: يعني يدخل في المتكبرين من يتكبر عن قول: لا أدري، أو لا أعلم، إذا قرنَّا هذا بقوله -جل وعلا-: {وَلاَ تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلاَلٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُواْ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ} [(116) سورة النحل]، فتوى بغير علم كذب الله -عز وجل-، فلا بد حينئذ من توافر العلم والدين والورع، كما قال الناظم: وليس في فتواه مفت متبع ... ما لم يضف للعلم والدين الورع مع الأسف الشديد أن نرى ونسمع كثيراً ممن يتصدى للفتوى بغير علم، أو مع علم، لكن يفتي بغير الحق؛ اتباعاً للهوى وطمعاً في الحطام الفاني، وقد صح عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه قال: ((إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من العباد، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يبق عالماً اتخذ الناس رؤوساً جهالاً، فسئلوا، فأفتوا بغير علم، فضلوا وأضلوا)) [الحديث مخرج في البخاري]. وثبت في الصحيح من حديث أنس -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إن من أشراط الساعة: أن يرفع العلم، ويثبت الجهل، ويشرب الخمر، ويظهر الزنا)). يقول ابن القيم-رحمه الله تعالى- في إعلام الموقعين: "فصل: وكان السلف من الصحابة والتابعين يكرهون التسرع في الفتوى، ويود كل واحد منهم أن يكفيه إياها غيره، فإذا رأى أنها تعينت عليه بذل اجتهاده في معرفة حكمها من الكتاب والسنة وأقوال الخلفاء الراشدين ثم أفتى". وقال عبد الله بن المبارك: حدثنا سفيان عن عطاء بن السائب عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: "أدركت عشرين ومائة من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أراه قال: في المسجد- فما كان منهم محدث إلا ودَّ أن أخاه كفاه الحديث، ولا مفت إلا ودَّ أن أخاه كفاه الفتيا".

ثم قال ابن القيم -رحمه الله-: "قلت: الجرأة على الفتيا تكون من قلة العلم، أو من غزارته وسعته –يعني ليست مذمومة مطلقاً- الجرأة على الفتيا تكون عن قلة العلم، مش مثل هذا -قليل العلم- إذا تصدر للناس، وسئل عن مسائل إذا قال: لا أدري، لا أدري، قلة علم وما عنده شيء؟ لا تطاوعه نفسه، وهواه وشيطانه؟ أيش معنى أنك ما تدري، ليش تتصدر للناس وأنت لا تدري؟ هكذا يسول له، هذا من قلة علم، فلا يجرأ على الفتيا خشية أن يقال: هذا ما هو شيء، إذا قال: لا أدري كم مرة. . . . . . . . . استفاضة بعلم وعمل وفضل وخير وصلاح، سقط من أعين الناس، فيخشى أن يسقط من أعين الناس فلا يقول: لا أدري، ومن غزارته وسعته، بحيث يكون الدليل والبرهان عنده مثل الشمس، مثل هذا ما يتردد إلا من جهة واحدة، إذا وجد من يكفيه الفتيا -وإن كان غزير العلم واسع العلم ودفع الفتيا إلى من تبرأ الذمة بالإحالة إليه- مثل هذا يحمد؛ لأنه وإن كان غزير العلم واسع الاطلاع، فيجيب عن كل مسألة لا بد أن يصاب بشيء؛ لأن النفس البشرية ضعيفة، إذا تتابع الناس على مدحه والثناء عليه والإشادة به، يخشى عليه، يخشى عليه ويخشى على غيره أن يفتن به. يقول: فإذا قلَّ علمه أفتى عن كل ما يسأل عنه بغير علم، وإذا اتسع علمه اتسعت فتياه، ولهذا كان ابن عباس -رضي الله عنهما- من أوسع الصحابة فتيا، وقد تقدم -يقول ابن القيم- أن فتاواه جمعت في عشرين سفراً، وكان سعيد بن المسيب -أيضاً- واسع الفتيا. المقصود أنه إذا كان هناك علم، فلا يخلو إما أن يتعين عليه الجواب فلا يجوز له حينئذ أن يتأخر عن الجواب، إذا لم يتعين عليه، وصار بالنسبة له واجباً على الكفاية، وأحال على غيره؛ تورعاً أو خشية من أن يَفتن أو يُفتن، مثل هذا يمدح، لكن إن أجاب فهو الأصل. أقول: من ابتلي بالفتيا وتعينت عليه فعليه بالورع، وعليه بصدق اللجأ إلى الله -سبحانه وتعالى- أن يعينه ويسدده ويوفقه للصواب، وعليه –أيضاً- بقراءة ما يعينه إلى معرفة آداب المفتي وشروطه. ومن أهم ما كتب في ذلك الكتاب الجامع النافع الماتع (إعلام الموقعين عن رب العالمين) لابن القيم-رحمه الله تعالى-. يقول الناظم-رحمه الله تعالى-:

والشرط في المفتي اجتهاد وهو أن ... يعرف من آي الكتاب والسنن والفقه في فروعه الشوراد ... وكل ما له من القواعد مع ما به من المذاهب التي ... تقررت ومن خلاف المثبت والنحو والأصول مع علم الأدب ... واللغة التي أتت من العرب قدراً به يستنبط المسائلا ... بنفسه لمن يكون سائلاً مع علمه التفسير في الآيات ... وفي الحديث حالة الرواة وموضع الإجماع والخلاف ... فعلم هذا القدر فيه كاف يعني قدراً كافياً. ثم قال-رحمه الله تعالى-: ومن شرط المستفتي أن يكون من أهل التقليد: فيقلد المفتي في الفتيا، وليس للعالم أن يقلد، العامة -عامة المسلمين- الذين ليست لديهم الأهلية للنظر في النصوص، والخلاف والإجماع، والموازنة بين كل ما ذكر، هذا عامي فرضه التقليد، وفي حكمه المتعلم الذي لم يبلغ درجة الأهلية، أهلية الاستنباط من الكتاب والسنة، هؤلاء فرضهم التقليد، كما في قوله -جل وعلا-: {فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ} [(43) سورة النحل]، لكن على المقلد أن يسأل من تبرأ ذمته بسؤاله. قد يقول: العامي ليست لديه أهلية، من يسأل؟ إذا رأى شخص مظهره مظهر عالم يكفي؟ يكفي أن يكون الشكل الخارجي يؤهل لأن يسمى شيخاً؟ إذن كيف يطالب هذا العامي بسؤال من تبرأ ذمته بسؤاله، وهو ليست لديه أهلية -أهلية الموازنة- بين من تبرأ ذمته بتقليده، ومن لا تبرأ ذمته بتقليده. قد يقول: يستشير أهل العلم، نقول: أين أهل العلم، هو الآن ما بعد عرف أهل العلم الذين يمنكن أن يقتدى بفعالهم وأقوالهم؟

نقول: الاستفاضة في هذا كافية، يعني إذا عرف الناس .. ، اتجهوا إلى فلان يسألونه، واشتهر بين الناس أن هذا عالم يكفي العامي، شهادة .. ، عمله بهذه الاستفاضة، ولا يكلف ما وراء ذلك، هل يجب على العامي أن ينظر في هذا العالم، هل انطبقت فيه الشروط السابقة أم لم تنطبق؟ كيف؟ ما يستطيع، ما يستطيع تطبيق هذه الشروط، وتكليفه بذلك تكليف بالمحال؛ هو ما يعرف، لو عرف أن يطبق هذه الشروط في العالم لطبقها على نفسه، نعم، فكان يصير عالماً، وإذا اشترطنا فيه أن يعرف العالم بالطرق المتبعة عند أهل العلم، لزم عليه الدور، المسألة مفترضة في عامي، لكن نقول: يكفي في ذلك الاستفاضة، إذا اشتهر وشاع بين الناس أن فلاناً يتجه إليه المسلمون بسؤالهم، ويصدرهم بالعلم الذي لم يستفض نقده؛ لأنه إذا لم يكن عالماً حقيقياً، ولا يتصدر للناس استفاض نقده عند الناس، وكشفه الله -سبحانه وتعالى-، فمثل هذا يكفي فيه أن يستفيض أمره ويشتهر عند الناس أن هذا العالم، هذا الشخص من أهل العلم الذين تبرأ الذمة بتقليدهم. بعضهم يقول: يأتي العالم -يأتي العامي- ويسأل أنت عالم؟ أنت مجتهد؟ فإن كان كذلك سأله. . . . . . . . . ليس بلائق، وإن رجحه بعضهم، أسلوب ممجوج، نعم، ما يلزم يا أخي؛ لأنه لو كان متصدراً للناس وقال له .. ، حتى أعلم الناس إذا قيل له: أنت عالم؟ قال: لا، أيش يسوي العامي، يرجع؟ وأجهل الناس إذا قيل له: عالم، قال وأيش أنا جاهل؟ نعم، فهذه ليست طريقة. أقول الطريقة لسؤال من تبرأ الذمة بسؤاله الاستفاضة الاستفاضة، فإذا سأل المقلد من تبرأ ذمته بتقليده وجب عليه العمل بفتواه وإن لم يعرف الدليل؛ لقصوره عن إدراك الأحكام بأدلتها. تفضل؟ طالب:. . . . . . . . . نعم، لكن الذم في العكس؛ لأن هذه دليل على أنه يتبع هواه، الذم يأتي لو قيل: عليك كذا، ثم ذهب؛ ليبحث عن الأخف، نعم، يتتبع الرخص، وبعض طلاب العلم يرى أنه إذا أفتاه أكثر من واحد، تكون إحدى أو أحد الجوابين فيه تسهيل وتيسير والآخر فيه تشديد يقول: خذ الذي فيه تيسير؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- ما خير بين أمرين إلا اختار أيسرهما.

نقول: ما هو بصحيح هذا، نعم، أنت متهم، أنت متهم هنا؛ لأن حكم الله في المسألة واحد لا على جهة التخيير، فأحدهما صواب والآخر خطأ، في وقت النبي -عليه الصلاة والسلام- إذا اختار أحدهما فهو شرع، لكن هل للعامي أن إذا قيل له: عليك دماً، وقال: الثاني ما عليك دماً، قال: النبي ما خير بين أمرين؟ نعم، ما نقول هذا الكلام؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- لما يختار الأيسر نعم، لما يختار الأيسر .. ، نعم إذا خيرت في ما له أكثر من خصلة، كذا، وكذا اختار الأيسر، خيرت بين عتق رقبة، وإطعام وكسوة، تقول: لا والله الطعام أخف عليَّ، أنا يا الله أطعم، اختار الأيسر لا بأس، لكن يقال لك: مذهب أبي حنيفة الوجوب، ومذهب مالك الاستحباب، نعم، تقول: لا، مذهب مالك الاستحباب، ولو بعد وجدت قولاً يقول بالإباحة مستوى الطرفين، هذا أرغب إليك، هذا اختار الأيسر؟ لا أنت تتبعت رخص في هذه الحالة، وإذا تتبعت الرخص في جميع حياتك، خلاص انسلخت من الدين، فننتبه لهذا. وليس للعالم المتأهل أن يقلد، بل عليه أن يستنبط؛ لأنه متعبد بشرع ووحي من كتاب وسنة، إلا إذا اجتهد ولم يتبين له الحكم، تردد، أو نزلت به حادثة يحتاج إلى جواب عاجل، تحتاج إلى جواب عاجل، فلا بأس حينئذ أن يقلد؛ لأن الله -سبحانه وتعالى- لا يكلف نفساً إلا وسعها. يقول الناظم-رحمه الله تعالى-: ومن شرط السائل المستفتي ... ألا يكون عالماً كالمفتي فحيث كان مثله مجتهدا ... فلا يجوز كونه مقلدا وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد. سم. طالب:. . . . . . . . . كيف؟ طالب:. . . . . . . . . هو يهمه الأحكام، يهمه الأحكام، فالذي تستنبط منه الأحكام وتستمد منه الأحكام يهتم به، وما عدا ذلك من العلوم، في هذا الباب، في هذا الباب على وجه الخصوص نعم؛ لأن العقيدة فن، والأحكام فن، هم عندهم في الأحكام العملية، يفتي يعني فقيه، فقيه يفتي في الفقه، لكن إذا أراد أن يفتي في كل علم، يفتي في الفقه، يفتي في الحديث، يفتي في التفسير، يفتي في جميع العلوم، نعم، لا بد أن يعرف كل هذه العلوم. سم.

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فقد قال المؤلف-رحمه الله تعالى-: وليس للعالم أن يقلد، والتقليد: قبول قول القائل بلا حجة، فعلى هذا قبول قول النبي -صلى الله عليه وسلم- لا يسمى تقليداً، ومنهم من قال: التقليد: قبول قول القائل، وأنت لا تدري من أين قاله، فإن قلنا: إن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يقول بالقياس، فيجوز أن يسمى قبول قوله تقليداً. وأما الاجتهاد: فهو بذل الوسع في بلوغ الغرض، فالمجتهد إن كان كامل الآلة في الاجتهاد، فإن اجتهد في الفروع فأصاب فله أجران، وإن اجتهد فيها وأخطأ فله أجر، ومنهم من قال: كل مجتهد في الفروع مصيب، ولا يجوز أن يقال: كل مجتهد في الأصول الكلامية مصيب؛ لأن ذلك يؤدي إلى تصويب أهل الضلالة من النصارى والمجوس والكفار والملحدين، ودليل من قال: ليس كل مجتهد في الفروع مصيباً قوله -صلى الله عليه وسلم-: ((من اجتهد فأصاب فله أجران، ومن اجتهد وأخطأ فله أجر واحد))، وجه الدليل أن النبي -صلى الله عليه وسلم- خطأ المجتهد تارة، وصوبه أخرى. الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، لما ذكر المؤلف-رحمه الله تعالى- شروط المفتي وهو المجتهد، وشروط المستفتي وهو السائل، ثم ذكر أن العالم يعني المجتهد ليس له أن يقلد، مراده بذلك أن من تحققت لديه الأهلية -أهلية الاستنباط من الكتاب والسنة- ليس له أن يقلد في دينه الرجال؛ لأن المرد عند التنازع إلى الله ورسوله، وليس إلى قول فلان ولا علان، مهما كانت سابقته وقدمه في .. ، ورسوخ قدمه، فالمتأهل فرضه الاجتهاد، كما أن العامي ومن في حكمه فرضه سؤال أهل العلم، وقبول قولهم، وهذا تقدم. ثم بين-رحمه الله تعالى- حقيقة التقليد، وحقيقة الاجتهاد، فالتقليد يقول: قبول قول القائل بلا حجة: وهو في الأصل مصدر قلد يقلد تقليداً. التقليد: وضع الشيء في العنق كالقلادة، لإحاطتها بالعنق، ومنه تقليد الهدي، شيئاً يعلم به أنه هدي، ومنه تقليد الولايات من قبل الإمام الأعظم لولاة الأقاليم، والذين كانوا يعرفون في السابق بالعمال.

المقصود أن كل هذا تقليد؛ لأنه تفويض للأمر كما في القاموس: أعطيته قلد أمري، أي فوضته إليه، فالمقلد يفوض أمر سؤاله إلى من يقلده من أهل العلم، ويقبل قوله من غير نقاش، ومن غير معرفة دليل، ولذا قال المؤلف: التقليد: قبول قول القائل بلا حجة: أي يذكرها لمن أراد تقليده، فلا يذكر الدليل لمن سأله، المجتهد إذا سئل عن مسألة ما، يفتي بما يدين الله به، بما توصل إليه باجتهاده، ولا يلزمه بيان مستنده، ينصون على هذا، لكن هذا يختلف باختلاف أحوال السائلين، فإن كان السائل عامياً لا يعرف درك المسألة فمثل هذا يعطى الحكم، وإن كان متعلماً طالباً للدليل؛ ليبني عليه فيما يستقبل من حياته العلمية، فمثل هذا يعلم الدليل، ويخبر بالدليل، ويعلم ويخبر بمأخذ المسألة من هذا الدليل. في مختصر التحرير يقول: التقليد عرفاً أخذ مذهب الغير بلا معرفة دليله، وفي الأحكام لابن حزم: التقليد على الحقيقة إنما هو قبول ما قاله قائل دون النبي -صلى الله عليه وسلم- بغير برهان، دون النبي -صلى الله عليه وسلم- بغير برهان، ثم قال: فهذا هو الذي أجمعت الأمة على تسميته تقليداً وقام البرهان على بطلانه، هذا كلام ابن حزم، وسيأتي أن ابن حزم والشوكاني شددا في أمر التقليد، ويأتي ما في كلامهما –إن شاء الله-والشوكاني في إرشاد الفحول عرف التقليد بأنه قبول رأي من لا تقوم به الحجة بلا حجة. من لا تقوم به الحجة: يعني من يستدل لكلامه ولا يستدل بكلامه، فكلامهم المجرد ليس بحجة، إنما يلتمس له الحجة من كلام الله، وكلام رسوله -عليه الصلاة والسلام-. بلا حجة: بلا بيان لما اعتمد عليه هذا الغير المسؤول. يقول: فعلى هذا قبول قول النبي -صلى الله عليه وسلم- يسمى تقليداً: لماذا؟ لأن التعريف الذي ذكره ينطبق عليه؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- يذكر القول -يذكر حكم المسألة- ولا يذكر دليله، من هذه الحيثية سماه تقليداً، لكن هل هذا الكلام صحيح؟ التقليد: قبول قول من ليس بحجة -من يحتج لكلامه- أما تقليد من يحتج بكلامه فليس بتقليد، من يحتج بكلامه .. ، فرق بين من يحتج بكلامه وبين من يبحث الدليل للاحتجاج به لكلامه.

فنصوص الكتاب والسنة ما جاء عن الله -عز وجل- وعن رسوله -عليه الصلاة والسلام- هذه أصول يحتج بها، ولا يحتج لها، أما ما جاء عن غيرهما فإنه مما يحتج له ولا يحتج به. فالصواب أن قول النبي -عليه الصلاة والسلام- حجة يحتج به ولا يحتج له، ولذا قال المصنف الجويني في البرهان: وذهب بعضهم إلى أن التقليد قبول قول القائل بلا حجة، ومن سلك هذا المسلك منع أن يكون قبول قول النبي -عليه الصلاة والسلام- تقليداً؛ فإنه حجة بنفسه، حجة بنفسه. ومنهم من قال: كلام المؤلف، ومنهم من قال: التقليد قبول قول القائل وأنت لا تدري من أين قاله: أي لا تعرف معتمده ومأخذه والأصل الذي اعتمد عليه، فإن قلنا يقول: المؤلف: فإن قلنا: إن النبي -عليه الصلاة والسلام- كان يقول بالقياس: يعني يجتهد إن كان النبي -عليه الصلاة والسلام- له أن يجتهد، إن كان الرسول -عليه الصلاة والسلام- له أن يأخذ بالقياس ويجتهد، فإن قبول قوله يسمى تقليداً، وإن كان لا يجوز له أن يجتهد، وإنما جميع ما يصدر عنه إنما هو توقيف من الله -عز وجل- بدليل آية النجم، {وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى* إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} [(3 - 4) سورة النجم]، يعني ما ينطق، جميع ما ينطق لا يكون عن هوى، {إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى}، فهذه الآية تمنع اجتهاد النبي -عليه الصلاة والسلام- وبها يستدل من يقول بأنه ليس له أن يجتهد. لكن الواقع يدل على أن النبي -عليه الصلاة والسلام- اجتهد في مسائل، وأقر على كثير منها، ولم يقر على بعضها، اجتهد -عليه الصلاة والسلام- في أسرى بدر، ولم يقر على اجتهاده، فدل على أنه -عليه الصلاة والسلام- له أن يجتهد. يعني مسألة اجتهاد النبي -عليه الصلاة والسلام- إثباتاً ونفياً، مسألة خلافية بين أهل العلم، الآية تدل على أن جميع ما ينطق به وحي، والواقع يشهد بأنه اجتهد، أقر في جميع اجتهاداته إلا القليل النادر التي لم يقر عليها، كقضية أسرى بدر، وهذه مسألة مشهورة، هذه مسألة .. ، {عَفَا اللهُ عَنكَ لِمَ أَذِنتَ لَهُمْ} [(43) سورة التوبة]، نعم، ما كان .. هاه؟ طالب:. . . . . . . . . في الأسرى. طالب:. . . . . . . . .

أي نعم، نعم {حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ} [(67) سورة الأنفال]، لم يقر على هذا الاجتهاد، لم يقر على هذا الاجتهاد، فدل على أنه يجتهد، إذن كيف نوفق بين هذا وبين الآية؟ له أن يجتهد ولا ينطق عن الهوى، إن وافق الاجتهاد الصواب أقر، ويكون الإقرار حينئذ عمله واجتهاده مؤيد بالوحي –بالإقرار- إن لم يقر -عليه الصلاة والسلام- فلا يعتبر من نطقه، إن لم يقر، إن لم يقر، يعني لا يخلو إما أن يكون اجتهاده موافقاً وأقر عليه، هذا ما شي، هذا داخل في الوحي، إن لم يقر عليه، فعدم الإقرار –أيضاً- وحي، فالثابت في النهاية هو الوحي. على كل حال مثل ما ذكرنا سابقاً إن مسألة الاجتهاد والتقليد مسألة حصل فيها الإفراط والتفريط، والقول الوسط في المسألة أن العامي ومن في حكمه فرضه التقليد، ومن تأهل للاجتهاد، واكتملت لديه الآلة للاستنباط من الكتاب والسنة فإنه حينئذ لا يسوغ له أن يقلد إلا إذا لم يتمكن من التقليد في وقت مثلاً، وهذا سبقت الإشارة إليه.

شدد ابن حزم والشوكاني في مسألة التقليد، يقول الشوكاني في تفسيره -فتح القدير في تفسير سورة الزخرف كلاماً طويلاً جداً-: {أَمْ آتَيْنَاهُمْ كِتَابًا مِّن قَبْلِهِ فَهُم بِهِ مُسْتَمْسِكُونَ* بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّهْتَدُونَ* وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّقْتَدُونَ* قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكُم بِأَهْدَى مِمَّا وَجَدتُّمْ عَلَيْهِ آبَاءكُمْ قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُم بِهِ كَافِرُونَ} [(21 - 24) سورة الزخرف]، سئلوا فأجابوا بأنهم وجدوا آبائهم على هذا، ولن يغيروا ما وجدوا عليه آبائهم، ويشبه إلى حد كبير ما يتفوه به بعض متعصبة المذاهب، سواءً كانت المذاهب الأصلية أو الفرعية، تأتي له بالدليل -دليل المسألة- من الكتاب أو من الصحيحين أو من غيرهما، مما صح عن النبي -عليه الصلاة والسلام- فيقول: هذا المذهب، هذا المذهب وعليه العمل، هذا المذهب وعليه العمل، وكل عمر الناس يفعلون كذا، طيب هل هذه حجج، هل هذه حجج تعارض بها النصوص؟ هذه يقولها بعض متعصبة المذاهب. ماذا يقول الشوكاني، قال بعد أن فسر الآيات يقول: وهذا من أعظم الأدلة الدالة على بطلان التقليد وقبحه، فإن هؤلاء المقلدة في الإسلام إنما يعملون بقول أسلافهم، ويتبعون آثارهم، ويقتدون بهم، فإذا رام الداعي إلى الحق أن يخرجهم من ضلالة، أو يدفعهم عن بدعة قد تمسكوا بها، وورثوها عن أسلافهم بغير دليل نير، ولا حجة واضحة، بل بمجرّد قال وقيل لشبهة داحضة، وحجة زائفة، ومقالة باطلة، قالوا بما قاله المترفون من هذه الملل: {إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّقْتَدُونَ}. الأمة -كما قال قتادة وأبو عبيد وغيرهم والجوهري- يقولون: الأمة الطريقة والدين، إنا وجدنا آباءنا على طريقة -على منهج- سائرين عليه، ولن نخالفهم، {وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّقْتَدُونَ}.

يقول: يجيب هؤلاء بما قاله المترفون من هذه الملل: {إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّقْتَدُونَ}، أو بما يلاقي معناه معنى ذلك، يعني ما يلزم أن يقولوا إنا وجدنا آباءنا على أمة، لا، يقول: كل عمر الناس يسوونه، أو هذا المذهب وعليه العمل.

يقول: فإن قال لهم الداعي إلى الحقّ: قد جمعتنا الملة الإسلامية، وشملنا هذا الدين المحمدي، ولم يتعبدنا الله، ولا تعبدكم، وتعبد آباءكم من قبلكم إلاّ بكتابه الذي أنزله على رسوله -صلى الله عليه وسلم-، وبما صحّ عن رسوله -عليه الصلاة والسلام-، فإنه المبين لكتاب الله، الموضح لمعانيه، الفارق بين محكمه ومتشابهه، فتعالوا نردّ ما تنازعنا فيه إلى كتاب الله، وسنّة رسوله -عليه الصلاة والسلام-، كما أمرنا الله بذلك في كتابه بقوله: {فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِى شَىْء فَرُدُّوهُ إِلَى الله والرسول} [(59) سورة النساء]، فإن الردّ إليهما أهدى لنا ولكم من الردّ إلى ما قاله الأسلاف، ودرج عليه الآباء، إذا قيل لهم ذلك، نفروا نفور الوحش، ورموا الداعي لهم إلى ذلك بكل حجر ومدر، كأنهم لم يسمعوا قول الله سبحانه وتعالى: {إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ المؤمنين إِذَا دُعُواْ إِلَى الله وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا} [(51) سورة النور]، ولا قوله: {فَلاَ وَرَبّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حتى يُحَكّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلّمُواْ تَسْلِيماً} [(65) سورة النساء]، يقول: فإن قال لهم القائل: هذا العالم الذي تقتدون به، وتتبعون أقواله هو مثلكم، هذا العالم مثلكم من أي وجه، يعني في كونه متعبداً بالكتاب والسنة، مطلوباً منه ما هو مطلوب منكم، وإذا عمل برأيه عند عدم وجدانه الدليل، فذلك رخصة له لا يحلّ أن يتبعه غيره عليها، ولا يجوز له العمل بها، وقد وجد الدليل الذي لم يجده، يعني المتأخر وجد دليلاً لم يقف عليه المتقدم، وها أنا أوجدكموه في كتاب الله، أو فيما صحّ من سنّة رسوله -عليه الصلاة والسلام-، وذلكم أهدى لكم مما وجدتم عليه آباءكم، قالوا: لا نعمل بهذا، ولا سمع لك ولا طاعة، ووجدوا في صدورهم أعظم الحرج هناك، {ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مّمَّا قَضَيْتَ}، وهؤلاء يجدون في صدورهم أعظم الحرج، من حكم الكتاب والسنّة، ولم يسلموا ذلك، ولا أذعنوا له، وقد وهب لهم الشيطان عصاً يتوكئون عليها عند أن يسمعوا من يدعوهم إلى الكتاب

والسنّة، وهي أنهم يقولون: إن إمامنا الذي قلدناه، واقتدينا به أعلم منك بكتاب الله، وسنّة رسوله –صلى الله عليه وسلم-، نعم، هذه قيلت بالحرف، تقول للواحد منهم، من أهل الفضل والخير والعلم والعمل والصلاح، تقول له: الدليل في البخاري أو في مسلم، يقول: هل عندنا علم أكثر من علم الإمام أحمد بالسنة؟ ما عدل الإمام أحمد عن هذا الدليل إلا لأنه وجد ما يعارضه مما هو أقوى منه، ما احنا بأعلم من الإمام أحمد، وقل مثل هذا في مالك والشافعي وغيرهم، يعني هل مثل هذا الكلام يخفى على أحمد، هذا كلامهم، وهذه حجتهم، هذه عصاً أعطاهم إياها الشيطان، وهيأها لهم يتوكئون عليها في دفع النصوص، وهي حجة في ظاهرها، يعني لها حظ من النظر؛ أئمة كبار، الأئمة المقلدون كبار يحفظون مئات الألوف من السنن، فيأتي شخص حديث عهد بعلم ويرد على كبار الأئمة، لكن هذا الشخص الذي بيده الدليل الحق معه، حتى يوجد دليل يعارض هذا الدليل ويكون أقوى منه. وقد وهب لهم الشيطان عصاً يتوكئون عليها عند أن يسمعوا من يدعوهم إلى الكتاب والسنّة، وهي أنهم يقولون: إن إمامنا الذي قلدناه واقتدينا به أعلم منكم بكتاب الله، وسنّة رسوله -صلى الله عليه وسلم-؛ وذلك لأن أذهانهم قد تصوّرت من يقتدون به تصوراً عظيماً بسبب تقدّم العصر وكثرة الأتباع؛ لأنه قد يقول قائل: كم أتباع أبي حنيفة منذ أن قام مذهبه إلى يومنا هذا؟ من يحصيهم والمشرق كله حنفية، وبقية الأقطار الإسلامية فيها أيضاً حنفية، خلال قرون وأئمة كبار فحول قلدوا هذا الإمام، يمكن أن يخفى عليهم مثل هذا الكلام؟ هذه من الحجج الذي يلبس بها المتعصبة حينما يدعون إلى الأخذ بالكتاب والسنة، وما علموا أن هذا منقوض عليهم، مدفوع به في وجوههم، فإنه لو قيل: إن التابعين، أو إن في التابعين من هو أعظم قدراً، وأقدم عصراً من صاحبكم، فإن كان لتقدم العصر وجلالة القدر مزية حتى توجب الاقتداء، فتعالوا حتى أريكم من هو أقدم عصراً، وأجلّ قدراً، يعني في الفقهاء السبعة -فقهاء المدينة السبعة من التابعين- من هو أهل لأن يقلد، فإذا كان القدم يؤهل للتقليد، ويبرر ويبرهن للتقليد، ففي من تقدم عصر الأئمة –أيضاً- من هو أهل للتقليد.

ثم قال: فإن أبيتم ذلك، ففي الصحابة -رضي الله عنهم- من هو أعظم قدراً من صاحبكم علماً وعملاً وفضلاً، وجلالة قدر، تقولون: أبو حنيفة أهل لأن يقلد؛ لأنه إمام، نقول: أي إمامة أبي حنيفة أو إمامة أبي بكر؟ أبو بكر أهل لأن يقلد، تقولون: مالك، أي مالك وعمر –مثلاً- تقولون: أحمد يحفظ من السنة، ومالك نجم السنن، أي هؤلاء وأبو هريرة في الحفظ، لماذا لا نطلع فوق ونقلد الصحابة؟ هذا كلام الشوكاني. فإن أبيتم ذلك، فها أنا أدلكم على من هو أعظم قدراً، وأجلّ خطراً، وأكثر أتباعاً، وأقدم عصراً، وهو: محمد بن عبد الله نبينا ونبيكم -عليه الصلاة والسلام- ورسول الله إلينا وإليكم، فتعالوا، فهذه سنّته موجودة في دفاتر الإسلام، ودواوينه التي تلقتها جميع الأمة قرناً بعد قرن، وعصراً بعد عصر، وهذا كتاب ربنا خالق الكل، ورازق الكل، وموجد الكل بين أظهرنا موجود في كل بيت، وبيد كل مسلم لم يلحقه تغيير ولا تبديل، ولا زيادة، ولا نقص، ولا تحريف، ولا تصحيف، ونحن وأنتم ممن يفهم ألفاظه، ويتعقل معانيه، فتعالوا لنأخذ الحقّ من معدنه، ونشرب صفو الماء من منبعه، فهو أهدى مما وجدتم عليه آباءكم. قالوا –يعني بلسان الحال-: لا سمع ولا طاعة، يقول: إما بلسان المقال، وإما بلسان الحال، يقول: فتدبر هذا، وتأمله إن بقي فيك بقية من إنصاف، وشعبة من خير، ومزعة من حياء، وحصة من دين، ولا حول ولا قوّة إلاّ بالله العليّ العظيم. يقول: وقد أوضحت هذا غاية الإيضاح في كتابي الذي سميته «أدب الطلب ومنتهى الأرب»، فارجع إليه إن رمت أن تنجلي عنك ظلمات التعصب، وتتقشع لك سحائب التقليد" انتهى كلامه بحروفه. ابن حزم –أيضاً- له كلام طويل جداً في إبطال التقليد في الباب السادس والثلاثين من الأحكام. هذا الكلام وإن كان فيه شدة على جماهير المسلمين الذين يتبعون المذاهب الأربعة، هذا فيه شدة عليهم، لكنه أقرب إلى الحق والصواب، نعم، مما يتذرع به كثير من متعصبة المذاهب؛ لأن كلام مثل هؤلاء يدعون إلى الكتاب والسنة الذي هو الأصل، وأولئك يدعون إلى تقليد الرجال ثقة بهم وبإمامتهم وعلمهم وعملهم.

انظروا إلى كلام في الطرف الآخر، إذا قارنا كلام الشوكاني السابق بكلام الصاوي في حاشيته على الجلالين في الجزء الثالث (صفحة 10) عند قوله تعالى: {وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا إِلَّا أَن يَشَاء اللَّهُ} [(23 - 24) سورة الكهف]، اسمعوا ما يقول، يعني الكلام الذي سمعناه من كلام الشوكاني في غاية القوة في طرف، واسمعوا كلام الصاوي أيش يقول. يقول: ولا يجوز تقليد ما عدا المذاهب الأربعة، ولا يجوز تقليد ما عدا المذاهب الأربعة، ولو وافق أيش يعني؟ يعني ما عدا المذاهب الأربعة، ولو وافق قول الصحابة والحديث الصحيح والآية، ولا يجوز تقليد ما عدا المذاهب الأربعة، ولو وافق قول الصحابة والحديث الصحيح والآية، فالخارج عن المذاهب الأربعة ضال مضل، وربما أداه ذلك للكفر، يقول: لأن الأخذ بظواهر الكتاب والسنة من أصول الكفر! يعني هل هذا كلام يقبله عاقل، هل هذا الكلام يقبله عاقل منصف؟ معارك في مسألة الاجتهاد والتقليد، لا نختلف في أن الأصل الكتاب والسنة، لا يختلف على هذا أحد، لكن هل التقليد مذموم وهل الاجتهاد واجب، وهل المطالب بذلك جميع الناس؟ أو المطالب به فئة من الناس. يعني قبل ربع قرن ثارت ثورة على التقليد وعلى كتب الفقهاء، وعلى أئمة الإسلام ونبذ أقوالهم، والتفقه من الكتاب والسنة مباشرة، هذه دعوى أو دعوة إلى الأخذ بالأصول، والمظنون بمن أطلقها الظن الحسن، وقد ساءه وأهمه وأغمه ما يرد في ثنايا كلام متعصبة المذاهب في المسائل الأصلية والفرعية، ومن ذلكم ما سمعنا من كلام الصاوي. ظهرت دعوى لنبذ التقليد وعدم النظر في كتب الفقهاء، والتفقه مباشرة من الكتاب ولسنة، دعوة إلى أخذ العلم من معدنة، لكن ينبغي أن يفرق بين الناس، ولا شك أن من تأهل للاستنباط من الكتاب والسنة أنه ليس له أن يقلد أحداً، وإنما عليه أن يجتهد، ولا يجوز له أن يقلد في دينه الرجال؛ لأن المرد عند التنازع إلى الكتاب والسنة، والذي لم يتأهل سواءً كان عامياً أو مبتدئاً في الطلب، ليست لديه الأهلية، وليست لديه الآلة كاملة، مثل هذا فرضه سؤال أهل العلم، وفي حكم سؤال أهل العلم الأخذ من كتبهم، وهذا هو التقليد.

لما ينادي هؤلاء -الذين نجزم بأنهم على خير ويدعون إلى خير بنبذ الكتاب والسنة، ويلقون مثل هذه المسائل ويشددون فيها في مختلف طبقات المتعلمين- يريدون أن يأتي المبتدئ ويتفقه من الكتاب والسنة. المبتدئ بيمسك المصحف ويشوف أول آية وثاني آية فيها حكم بيطبق، مبتدئ ما يعرف شيئاً، يأتي إلى صحيح البخاري أو مسلم أو بلوغ المرام وغيره من كتب السنة سواءً كانت المطولة أو المختصرة فيعمل بهذه الأحاديث، وقد يكون لهذه الأحاديث نواسخ في كتب أخرى، متى يعرف أن هذا الحكم منسوخ، يعني إذا قرأ في كتب السنة باب الأمر بقتل الكلاب، ثم أخذ المسدس وكلما شاف كلباً أفرغ في رأسه رصاصة، مأمور بقتل الكلاب، ثم بعد ذلك يأتيه باب نسخ الأمر بقتل الكلاب، مثل هذا يقال له: اجتهد من الكتاب والسنة، أو نقول: تأهل على الطريقة وعلى الجادة المتبعة عند أهل العلم؟ اقرأ في كتب الفقه، اقرأ لأهل العلم -لفقهاء الأمصار- ووازن بين أقوالهم بالأدلة ورجح ما يرجحه الدليل.

حينما يوجه طالب العلم المبتدئ إلى كتاب فقه من المتون المعتمدة في المذاهب -وكل بحسبه، وما هو بمعتمد في بلده- حينما يقال لطالب العلم المبتدئ: احفظ الزاد، وادرس الزاد، واحضر دروس الزاد، هل معنى هذا أننا نجعل الزاد بمثابة الكتاب والسنة، لا يحيد عنه طالب العلم؟ لا، إنما نجعل مثل هذا الكتاب عناصر بحث، تأتي إلى المسألة الأولى وتتصور هذه المسألة، تفهم هذه المسألة، ثم تستدل لهذه المسألة، تبحث عن دليل لهذه المسألة، من قال بهذا القول؟ من خالف هذا القول؟ ما دليلهم؟ تنظر في الأدلة وترجح وتوازن وتأخذ بالقول الصائب من خلال الدليل، هذا هو الاتباع، هذه طريقة جادة متبعة عند أهل العلم، نعم منهم من يقتصر ويدعو إلى الاقتصار على مرحلة واحدة من المراحل، هذا الزاد، هذا زاد المستقنع احفظه وتصير إماماً، بنقول: ما هو بصحيح، ليس بصحيح، نقول: احفظ الزاد، صح، افهم الزاد، صح، استدل لمسائل الزاد صحيح، اعرف من خالف ومن وافق بالأدلة صحيح، وازن بين الأدلة صحيح، رجح ما يرجحه الدليل صحيح، هو هذا الاتباع، خطة، خطة تسير عليها، ليس معنى هذا أنك كل ما في الزاد صحيح، الزاد على صغر حجمه قد هذا الكتاب، خالف المذهب في اثنتين وثلاثين مسألة، إذن كم خالف القول الصحيح الراجح بدليله؟ أكثر قطعاً، لا نريد من طلاب العلم أن يتعصبوا لشخص، نريد منهم أن يعملوا بالدليل، ونريد منهم أن يسيروا على الطرق والجواد المتعبة عند أهل العلم، الموصلة إلى العلم من أبوابه.

فالمبتدئ لا شك أنه يبي يتعلم، والعلم لا يأتي فجأة، لا يأتي دفعة واحدة، يأتي بالتدريج، وإذا كان هذا الطالب يترجح له في يوم من الأيام في بادئ الأمر قول من خلال النظر في المسألة، وتصور المسألة، والأدلة والموازنة؛ لأنه بهذه الطريقة بيعرف المسألة بأدلتها، وبيشوف دليل المخالف اعتمد على ناسخ، اعتمد على منسوخ، اعتمد على عام، اعتمد على خاص، اعتمد على مطلق، اعتمد على مقيد، وماشي، لكن لما ينظر إلى حديث بمفرده ويعمل به، لا يدري هل هو منسوخ، لا يدري هل هو مقيد، لا يدري هل هو مخصص، لا يدري عن شيء، حتى يأتي الدليل المقيد، أو الدليل المخصص، أو الدليل الناسخ بعد يمكن شهور وأعوام من بداية الطلب. فأظن الكلام واضح ما فيه لبس، يعني الدعوة التي أثيرت قبل ربع قرن، دعوة محترمة، ولها حظ كبير من النظر، والقائلون بها أهل خير وفضل وصلاح، لكن نختلف معهم في من تلقى إليه هذه الدعوى، فرق بين عامي وشبه عامي من مبتدئ يريد أن يتعلم ويسلك الجادة والطريقة المتبعة، وبين متأهل، المتأهل ليس له أن ينظر في كلام فلان وعلان، إنما يأخذ من الكتاب والسنة، ومع ذلكم عليه –أيضاً- أن ينظر في أقوال الصحابة والتابعين ومن دونهم، ينظر في أقوال فقهاء الأمصار يستدل بها يستنير بها، يستنير بها؛ لئلا يحدث قول يؤديه إليه فهمه لهذا النص وفهم الصحابة على خلافه، ونحن ملزمون بفهم السلف، لا نبتدع فهم يختلف عن فهم السلف. أظن الكلام واضح، والمقصود منه بيِّن، فنحن ندعو إلى الأخذ بالكتاب والسنة؛ لأنهما هما الأصل، ونقدر ما قاله ابن حزم، وما قاله الشوكاني، وما يرمى به من دعاوى للاعتصام بالكتاب والسنة وهذا الأصل؛ لأن الكتاب والسنة أصل الأصول، لكن يبقى أن هذا يخاطب به المتأهل، وأما بالنسبة للمبتدئ فعلى الطريقة والجادة التي شرحنا وهي جادة مسلوكة عند أهل العلم، نعم يوجد في المذاهب من يعتمد هذا الكتاب دستوراً لا يحيد عنه، هذا خطأ لا يقر، يعني في كل مذهب كتاب معتمد، أيش معنى هذا؟

إن بعض الطلبة يقف إلى هذا الحد، خلاص، يقول: أنا حدي هذا الكتاب ويكفيني هذا الكتاب، ويستمر مقلد، والمقلد يا إخوان ليس من أهل العلم اتفاقاً، كما نقل ذلك ابن عبد البر وغيره، ليس من أهل العلم اتفاقاً المقلد، يعني ما في فرق بين عالم يسمونه عالم –الناس- ويتصدى للقضاء بين الناس وإفتائهم وهو جامد على مذهب، ولو خالفه الدليل لا يتعداه؛ لأنه أخذ العلم من هذا الكتاب الذي لا يتجاوز مائة صفحة، وبين عامي يسأل عالماً فيجيبه بالحكم، وأيش الفرق؟ ما في فرق، إذن كلهم عوام. العالم هو الذي يعرف الحكم بدليله، وهذا الطالب المبتدئ بالطريقة التي شرحناها -بإذن الله- إذا كانت لديه الأهلية للتحصيل من الفهم والحفظ فإنه لا يستغرق وقتاً طويلاً حتى يسمى عالماً، بس المسألة تحتاج إلى وجود آلة لفهم هذه النصوص، وما يعين على فهم هذه النصوص، ويكون عالماً؛ لأنه ليس بالمستحيل، لكن نحتاج إلى جادة متبعة مسلوكة توصل إلى العلم، ما نحتاج نتخبط، يوم الكتاب هذا، ويوم الكتاب الفلاني، يوم الكتاب العلاني، يوم يروح لزيد من الناس وينصحه بكتاب كذا، اقرأ كتاب كذا، ويمر على ثاني يقول: لا، اترك هذا واقرأ كذا، لا، أنت عندك كتاب في بلدك معتمد، اقرأ في هذا الكتاب، أيش المانع، لكن على الطريقة التي ذكرناها، اجعل مسائل الكتاب عناصر بحث، وحينئذ توفق وتسدد واصدق اللجأ إلى ربك، أن يهديك لما اختلف فيه من الحق بإذنه، وأكثر من الاستغفار وأكثر من الأذكار، واقرأ القرآن بالتدبر على الوجه المأمور به وسوف يوفقك الله -جل وعلا-. نعم، مسائل الجرح والتعديل باعتبار أن الرواة انتهوا، الرواة يعني عاصرهم من عاش في القرن الثالث والقرن الثاني، والقرن الأول، الأئمة الذين عاصروا الرواة اجتهدوا وكل واحد قيَّم هذا الراوي من وجهة نظره، وعلى ما يدين الله به من أن هذا الراوي يستحق هذه المرتبة، نعم، هذا اجتهاد.

يبقى أن من جاء من بعد عصر الرواة يعني بعد الثلاثمائة ليس له أن يحكم على الرواة إلا من خلال أقوال أهل العلم، فإن كان ممن يقلد الشافعي اكتفى بقول الشافعي انتهى، كان ممن يقلد مالك واكتفى بقول مالك، استمر صار مقلداً، يقلد أحمد اكتفى بقول أحمد، لكن من أراد الاجتهاد -وباب الاجتهاد مفتوح إلى قيام الساعة- ينظر في أقوال الأئمة كلهم، لا سيما في الرواة المختلف فيهم. الرواة المتفق على توثيقهم والمتفق على تضعيفهم ما فيهم إشكال، لكن يأتي رواة -ابن لهيعة مثلاً- مختلف فيه جرح وتعديل فيه أكثر من عشرين قول للأئمة، طيب، نأتي إلى هذه الأقوال وننظر في هذه الأقوال ونوازن أنها من خلال قواعد الجرح والتعديل، فإذا ترجح عندك من خلال القواعد، وهذا مثل ما أشرنا إليه سابقاً أن الاجتهاد المطلق بمعنى الإطلاق نعم، مشكل أو نادر، نادر في غاية الندرة؛ لأنه حتى الاجتهاد في معرفة قواعد الجرح والتعديل، أنت تنظر فيها من خلال قواعد الجرح والتعديل، تجتهد في ثبوت ما يمكن إثباته من هذه القواعد ونفي ما يمكن نفيه من هذه القواعد، فهذه آلة الاجتهاد، وورائها اجتهاد ثالث وهكذا، فأنت تنظر في الأقوال التي قيلت في هذا الراوي، قالوا: ثقة، قالوا: ضعيف، قالوا: كذا –تجمع- ثلاثة عشر من الأئمة على تضعيفه، ثلاثة أو أربعة قالوا بأنه ثقة مطلقاً، مجموعة قالوا: بأنه ثقة مع التقييد، فأنت توازن بين هذه الأقوال، فتخرج بما تدين الله به مع التجرد، ولذا ابن حجر حكم عليه بأنه صدوق، حكم عليه مرة صدوق يخطئ، حكم عليه مرة –مراراً- بأنه ضعيف؛ لأن المسألة تحتاج .. ، تحتاج إلى توازن ونظر في كل راو من الرواة، وهذا فيه طول، ولذا من العلماء -لا سيما كبار العلماء عندنا- عندنا في هذا الباب بالنسبة للسنة، يعني لو قلنا: إن هؤلاء الاثنين ما لهم نظير، الشيخ عبد العزيز -رحمه الله- والشيخ الألباني، الشيخ عبد العزيز انصب اجتهاده إلى علم الحديث دراية واستنباط، اعتمد على الحديث وصحح وضعف، لكن اعتماده في الرجال ما اعتمد على أن يبحث كل راوي بعينه، ثم بعد ذلك .. ، لا، يثبت عنده الخبر، يكفيه أن يثبت عنده الخبر ويستنبط منه.

الشيخ الألباني على العكس يعني كان اجتهاد منصب إلى الراوية وإثبات الخبر، ثم بعد ذلك الاجتهاد في الاستنباط مستواه ما هو مثل مستوى الشيخ ابن باز، كما أن اهتمام الشيخ بتخريج الأحاديث بالتصحيح والتضعيف والكلام على الرواة أقل من اجتهاد الشيخ الألباني، وكل على خير عظيم فيما نحسب والله حسيبهم، والله يغفر للجميع. تفضل. طالب:. . . . . . . . . من أهل العصر؟ لماذا نحتاج إلى جرحهم وتعديلهم؟ طالب:. . . . . . . . . لا لا، هذا ليس له داعي، أصل الجرح والتعديل إنما أبيح للضرورة؛ لأنه على خلاف الأصل، والكلام في الناس -لا سيما أهل العلم- أمره خطير جداً، أعراض المسلمين حفرة من حفر النار، أعراض المسلمين حفرة من حفر النار خطر، يعني يحذر الإنسان كل الحذر أن يتكلم في الناس، لا جرحاً ولا تعديلاً، إنما أبيح الجحر والتعديل للرواة للضرورة، للضرورة -ضرورة حفظ السنة- لا يمكن أن نعرف الصحيح من الضعيف المقبول من المردود إلا من خلال الجرح والتعديل، وأيضاً الجرح والتعديل بقدر الحاجة، يعني إذا كانت الحاجة تقوم بالأقل ما نظرنا إلى الأعلى. على كل حال مسألة الجرح والتعديل والكلام في الرجال إنما يباح للضرورة، نعم، ويبقى بقدرها. طالب:. . . . . . . . . ينتهي، الباقي ما لهم حاجة، لست بحاجة إلى أن تعرف مراتبهم، اللهم إلا إذا كان هناك من يخشى ضرره المتعدي، من المعاصرين من يخشى ضرره المتعدي فيحذر منه بالتلميح لا بالتصريح، وبقدر الحاجة، فإن أجدى ذلك وإلا فالتصريح للحاجة - لحفظ الدين- يبقى أن المسألة المنظور إليه أولاً وأخراً حفظ الدين، ليس معنى هذا أن يقدح بفلان لشخصه، أو يدافع عن فلان لشخصه لا، المسألة دين. طالب:. . . . . . . . .

على كل حال هذا الذي يغلب على الظن أنه من التحريش، من التحريش الذي اقتنع به الشيطان في جزيرة العرب، وفي غيرها من بلدان المسلمين هو موجود على كل حال، لكن هذا ابتلاء، وألزم ما على الإنسان نفسه، يحافظ على نفسه، يحافظ على عمله من أن يوزعه بين الناس؛ من الناس من يأتي بأعمال أمثال الجبال، لكن هذا مفلس، ليش؟ يأتي بأعمال أمثال الجبال ويقال: مفلس في عرف الشرع، ليش؟ لأنه يأتي وقد شتم هذا، سب هذا، قدح في هذا، أخذ مال هذا .. ، يعطى هذا من حسناته، وهذا من حسناته، وبعدين؟ تنتهي إذا انتهت ولما تنتهي حقوق الناس يؤخذ من سيئاتهم وتلقى عليه. المقصود أن على الإنسان أن يحفظ نفسه ويكون كلامه بقدر الحاجة، بقدر الحاجة. يقول -رحمه الله-: وأما الاجتهاد فهو بذل الوسع في بلوغ الغرض: الاجتهاد لا شك أنه بذل الوسع واستفراغ الجهد في تحمل أمر فيه كلفة ومشقة. يعني يقال: اجتهد في حمل الرحى؛ لأن فيه مشقة، لكن هل يقال اجتهد في حمل نواة؟ نعم؟ لو شفت شخصاً معه عصا شايله بيده تقول: اجتهد في حمل العصا؟ نعم؟ لا، لكن قول: اجتهد في حمل كيس كبير؛ لأن فيه مشقة. وعرف الاجتهاد بقوله: بذل الوسع في بلوغ الغرض: أي بذل المجتهد وسعه في البلوغ والوصول إلى الحكم الشرعي المطلوب. وعرفه في مختصر التحرير بـ"استفراغ الفقيه وسعه لدرك حكم شرعي، لإدراك حكم شرعي. فالمجتهد -يقول المؤلف-: إن كان كامل الآلة في الاجتهاد: إن كان كامل الآلة في الاجتهاد، هل هذا الكلام له حاجة؟ نقول: هذا تصريح بما هو مجرد توضيح، وإلا فإنه لا يسمى مجتهداً حتى تكتمل فيه الآلة، من معرفة ما تقدم ذكره في شروط المجتهد. إن اجتهد في الفروع فأصاب فله أجران، يعني له أجر الاجتهاد، وله أجر الإصابة، وإن اجتهد فأخطأ فله أجر الاجتهاد فقط. ثبت في الصحيحين وغيرهما من حديث عمرو بن العاص، أنه قال، أو أنه سمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران، وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر)).

ومنهم من قال: كل مجتهد في الفروع مصيب، يعني فهما قولان في المسألة، منهم من يقول: المجتهد واحد، والحق واحد لا يتعدد، واحد مجتهد والثاني مخطئ، وكلاهما مأجور، المصيب له أجران، والمخطئ له أجر واحد، والمسألة مفترضة في أيش؟ في مجتهد. بيهجم غير المجتهد -الطالب المبتدئ- يهجم إلى المسائل العلمية ويقول: أنا لو أخطأت .. ، افرض أني أخطأت لي أجر واحد، نقول: أنت مأزور؛ لأن المسألة مفترضة فيمن تحققت فيه الأهلية؛ لأن هذا ظاهر أنه كله في المجتهد. القول الثاني: أن كلهم على خير، وكلهم مجتهدون وكلهم مصيبون، يقول ابن العربي: تعلق بهذا الحديث من قال: إن الحق في جهة واحدة، للتصريح بتخطئة واحد لا بعينه قال: وهي نازلة في الخلاف عظيمة. نازلة، أيش معنى نازلة؟ يعني هل المسألة التي هي الخلاف في كل مجتهد مصيب، أو أن هذه المسألة النازلة العظيمة التي يحتمل فيها أن يجتهد .. ، أن يصيب بعض المجتهدين ويخطئ بعض المجتهدين؟ احتمال. المازري يقول: تمسك به –يعني الحديث- كل من الطائفتين، من قال أن الحق في طرفين، ومن قال: إن كل مجتهد .. ، من قال: إن الحق في أحد الطرفين، يعني واحد مجتهد مصيب، والثاني مخطئ، ومن قال: كل مجتهد مصيب. فأما الأولى الطائفة الأولى، أصحاب القول الأول وجه الاستدل، يقول: لو كان كل مصيباً لم يطلق على أحدهما الخطأ؛ لاستحالة النقيضين في حالة واحدة. الرسول -عليه الصلاة والسلام- أطلق عليه الخطأ، فكيف نقول: هو مصيب؟ كيف يوصف بأنه مصيب ومخطئ في آن واحد؟ هذا اجتماع للنقيضين. وأما المصوِّبة -الذين يصوبون جميع المجتهدين- فاحتجوا بأنه -صلى الله عليه وسلم- جعل له أجراً، فلو كان لم يصب لم يؤجر. وأجابوا عن إطلاق الخطأ في الخبر على من ذهل عن النص، أو اجتهد فيما لا يسوغ الاجتهاد فيه من القطعيات فيما خالف الإجماع، فإن مثل هذا إن اتفق له الخطأ فيه نسخ حكمه وفتواه، ولو اجتهد بالإجماع، وهو الذي يصح عليه إطلاق الخطأ، وأما من اجتهد في قضية ليس فيها نص ولا إجماع فلا يطلق عليها الخطأ.

وأطال المازري في تقرير ذلك والانتصار له، وختم كلامه بأن قال: "إن من قال أن الحق في طرفين هو قول أكثر أهل التحقيق من الفقهاء والمتكلمين، وهو مروي عن الأئمة الأربعة، وإن حكي عن كل منهم اختلافه فيه" [ذكر ذلك ابن حجر]، ولا شك أن الراجح هو القول الأول، وهو أن المصيب واحد، والثاني مخطئ؛ لأن الحق لا يتعدد، والحديث صريح في ذلك، فالمصيب واحد، ومن عداه مخطئ، وهو قول مالك وأبي حنيفة والشافعية والحنابلة، وقال بالثاني أبو حنيفة في قول، وبعض الشافعية، وبعض المالكية. ولا يقال .. ، ولا يجوز -هذا كلام المؤلف- أن يقال كل مجتهد في الأصول الكلامية: يعني العقائد مصيب: ونقل بعضهم الإجماع على ذلك، يعني أن المسائل الكلامية الذي .. ، أهل الكلام يعبرون عن مسائل الاعتقاد بالكلامية، ولا شك أنه اصطلاح حادث مبتدع، فإثباتهم مسائل الاعتقاد على طرقهم المحدثة محدث، فيبقى أن مسائل الاعتقاد وهي معروفة مميزة عن مسائل الأحكام. مسائل الاعتقاد هل تقبل الاجتهاد؟ هل للمجتهد أن ينظر في مسائل الاعتقاد؟ أو عليه أن يقلد ما ثبت عن سلف الأمة فيما أثبتوه مما ثبت، مما أثبتوه لله -عز وجل- مما ثبت في الكتاب والسنة؟ هذا الأصل، نعم، لكن شيخ الإسلام-رحمه الله تعالى- لا يفرق بين الأصول والفروع، يقول: عندك نصوص من الكتاب والسنة، تجتهد، وما يؤديه وما يؤديك إليه اجتهادك، إن أصبت الحق فأنت على خير عظيم، ولك الأجران، إن لم تصب فلن تحرم الأجر الواحد، حتى في مسائل الاعتقاد، ولذا -رحمه الله- لما سئل عن بعض المنظرين في المذاهب البدعية الكلامية، أجاب بأن عذرهم، وقال: "إن هذا ينصر ما يراه الحق"، يعني هذا ما آداه الاجتهاد، لكن ينبغي أن نؤطر ونقيد فهمنا لنصوص الكتاب والسنة بفهم السلف، فما اتفق عليه السلف من إثبات ما أثبته الله -سبحانه وتعالى- ورسوله لله -عز وجل- لا يجوز لنا أن نوجد قولاً جديداً بعد السلف، المسائل العقيدة التي اختلف فيها السلف محل اجتهاد، نقيد محل الاجتهاد فيما اختلف فيه السلف، اختلفوا في الساق –مثلاً- إثبات الساق مع الخلاف، إذن للاجتهاد فيه مجال.

الهرولة، ما يثبت على طريق المشاكلة، ((لا يمل حتى تملوا))، {نَسُواْ اللهَ فَنَسِيَهُمْ} [(67) سورة التوبة]، المقصود أن مثل هذه التي هي محل اجتهاد، لا يثرَّب على من خالف فيها؛ لأن الخلاف قديم فيها، لكن المسائل التي اتفق عليها السلف -أجمعوا عليها- من إثبات الأسماء والصفات المتفق على إثباتها بين سلف هذه الأمة وأئمتها لا يجوز لأحد أن ينظر فيها من غير منظارهم، ويوجد قولاً جديداً غير ما اعتمدوه. يقول: لأن ذلك يؤدي: نعم؟ طالب:. . . . . . . . . لا، الحق واحد، الحق واحد لا يتعدد، فاجتهد زيد واجتهد عمرو، الحق مع أحدهما دون الثاني، والمصيب الذي أصاب الحق، المصيب له الأجران، والمخطئ له أجر واحد، فالحق لا يتعدد. طالب:. . . . . . . . . أيش لون .. ، المسائل الاجتهادية التي لا يظهر فيها رجحان قطعي هذه التي لا ينكر فيها، لكن هل كل خلاف معتبر؟ الخلاف الذي لا يسنده الدليل، ولو وجد، ولو نقل عن بعض أهل العلم، هذا ينكر، فليس كل خلاف معتبراً، بل المعتبر ما له أصل من الكتاب والسنة. يقول –يعلل- أن الاجتهاد لا يدخل مسائل الكلام، ولا يدخل في المسائل الاعتقادية، يقول: لأن ذلك يؤدي إلى تصويب أهل الضلالة من النصارى: لأنهم اجتهدوا وقالوا بالتثليث، إذن نعذرهم؟ نعم؟ نقول: هذا يخالف أموراً قطعية، عندنا في الكتاب والسنة، فهو خلاف غير معتبر؛ اجتهاد في غير محلة، أيضاً المجوس في قولهم بالأصلين كذلك؛ لأن قولهم مخالف للقطعيات، مخالف لما علم من الدين بالضرورة. طالب:. . . . . . . . . نعم، والكفار أيضاً في نفيهم التوحيد وبعثة الرسل، والبعث أيضاً باليوم الآخر. المقصود أنه ليس لمن أثبت الاجتهاد في مسائل الاعتقاد -لا سيما المسائل التي اتفق عليها سلف هذه الأمة- ليس عندهم ما يستمسك به، فنحن مأمورون ومقيدون بفهم السلف، في هذه المسائل. نعم ((رب مبلغ أوعى من سامع))، لكن في المسائل التي يدخلها الاجتهاد، أما ما لا يدخله الاجتهاد فإنه الحق فيما اتفق عليه السلف في هذه المسائل. ثم استدل على أنه ليس كل مجتهد في الفروع مصيباً بقوله: ((من اجتهد وأصاب))، وجاء النص هكذا عنده، نعم، ماذا يقول؟

نعم، يقول: ((من اجتهد وأصاب فله أجران، ومن اجتهد وأخطأ فله أجر واحد)): ولفظ الحديث كما سقناه من الصحيح ((إذا اجتهد الحاكم فحكم فأصاب فله أجران، وإذا حكم فأخطأ فله أجر))، ووجه الدليل أن النبي -عليه الصلاة والسلام- خطأ المجتهد تارة وصوبه أخرى، فدل على أن من المجتهدين من هو مخطئ، والله المستعان، والله أعلم، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

§1/1