شرح المنهج المنتخب إلى قواعد المذهب

أحمد المَنْجُور

بسم الله الرحمن الرحيم وصلي الله علي سيدنا ومولانا محمد، وآله وصحبه وسلم [يقول عبد الله الراجي رحمه مولاه السائل منه توفيقه لما يحبه ويرضاه، أحمد ابن علي بن عبد الرحمن المنجور، لطف الله به وكفاه ما أهمه وما لم يهمه من أمر دينه ودنياه]. الحمد الله علي كل حال والشكر له سبحانه علي ما أولانا من الأفضال، والصلاة والسلام علي سيدنا محمد، وعلي آله خير صحب وآل. وبعد فالغرض أن أضع علي المنهج المنتخب إلي قواعد المذهب شرحا يبين العسير، ويكمل به إن شاء الله التقرير] وقد احتوي هذا النظم من الفقه علي الغزير [وهو لصغر حجمه وكثرة علمه، وسهولة حفظه، وفهمه لا يوجد له في بابه - فيما علمت - نظير فعلي اللبيب أن يأخذ في تحصيله بالجد والتشمير ولا يلتفت لغض مقصر من قدره، واحتقار حقير، والله سبحانه ولي التوفيق، والتسديد والتيسير، وهو حسبي ونعم الوكيل، نعم المولي ونعم النصير. [ص] 1 - يقول نجل قاسم علي ... عبيد ربه هو العلي [ش] النجل هو الولد، وقاسم اسم والد الناظم، وعلي اسمه هو، فهو أبو الحسن علي بن قاسم بن محمد التجيبي الشهير بالزقاق من أهل فاس.

وتجيبة بضم التاء، وفتحها اسم قبيلة من قبائل اليمن، كان رحمه الله عارفا بالفقه متقنفًا لمختصر الشيخ الإمام أبي المودة خليل بن إسحاق كثير الاعتناء به والتقييد عليه، والبحث عن كشف مشكلاته، مشاركا في الفنون من النحو والأصول، والحديث والتفسير والتصريف خير دينًا فاضلا، ذا سمت حسن وحال مستحسن، مقبلا علي ما يعنيه، زوارا للصالحين، كثير التقييد للعلم. أخذ عن الفقيه الحافظ العلامة، أوحد زمانه أبي عبد الله القوري وغيره من شيوخ فاس، وارتحل إلي الأندلس، فأخذ بغرناطة عن الفقيه العالم العامل الصوفي أبي عبد الله المواق وغيره. وتولي آخر عمره الخطبة بجامع الأندلس، وتوفي عن سن عالية في شوال سنة ثنتي عشرة وتسعمائه وجدت بخطه في سبب الشهرة بالزقاق ما نصه: (حدثني بعض شيوخ

قرابتي، وهو موثوق به، أن الزقاق ليست بنسب لصناعة نعم كان جد والد والدي ذا مال، ولا يعيش له ذكر، فدل علي أن يكسب زقا من زيت علي ما يتزيد من ذكر له يسحمه به، ثم يتصدق به، ففعل فعاش ذو الزق، فاشتهر بذلك فبقي في ولده شهرة). وعبيد تصغير عبد، وهو المملوك، والرب المالك والخالق، والمصلح والسيد، وهو عائد علي الرب، والعلي، والعلي في وصفه سبحانه وهو الذي لا رتبة فوق رتبته ولما كان في التسمية بعلي شم شئ من العلو، نفاه بقوله: (عبيد ربه) وبقوله: (هو العلي) بصيغة الحصر وفي تصغير عبيد مبالغة في ذلك النفي وجملة هو العلي، معترضة بين القول ومحكيه، وهو قوله: (حمد الإله) إلي آخر الرجز. [ص] 2 - حمد الإله ربنا يقدم ... والقول مهما لم يقدم أجذم [ش] الحمد: هو الثناء بالجميل، والإله: المعبود بحق، ويقدم: يبدأ به والقول: أراد به المقول، والمعني: حمد الله يبدأ به، والمقول أجذم مهما لم يقدم الحمد والأجذم لغة: المقطوع اليد يقال: جذمت يده جذما، وجذمت الشئ جذما قطعته، وكني بالأجذم عن الناقص الشرف. وأشار إلي ما خرجه أبو داود، وابن ماجه وأبو عوانة من طريق أبي

هريرة عن النبي صلي الله عليه وسلم أنه قال: كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه بالحمد - وفي رواية - بسم الله - وفي رواية - بذكر الله فهو أجذم - ويروي (أجدد، وأقطع، وأبتر) أي غير مكمل المقاصد المعتبرة/3 ب شرعا. [ص] 3 - أحمده حمدا كثير العدد ... مصليا علي (الهدي) محمد 4 - وآله وصحبه والتابعين ... وأهل طاعة الإله أجمعين [ش] مصليا: حال مقدرة أي طالبا من الله الرحمة له. وقيل: الصلاة أبلغ من الرحمة لتضمنها معني العطف، ولذلك عديت بعلي. (الهدي) اسم من أسمائه صلي الله عليه وسلم وهو في الأصل مصدر وصف به علي سبيل المبالغة. ومحمد: اسم نبينا محمد صلي الله عليه وسلم، منقول من الصفة، وهو وصف مبالغة تقول: هذا محمود وإن حمد مرة واحدة، ولا تقول: محمد إلا لمن حمدا كثيرا، وهذا لكثرة خصال الحمد فيه صلي الله عليه وسلم. وصحب: اسم جمع لصاحب، وهو من اجتمع مع النبي صلي الله عليه وسلم، مؤمنا به، والتابعي: من تبع الصحابي للاقتداء والأخذ بالصواب. والطاعة: امتثال الأمر والنهي، وفي الصلاة علي غير نبينا صلي الله عليه وسلم الجواز، وعدمه، والجواز في الأنبياء لا غيره، والجواز في غير الأنبياء بحسب التبع لا بحسب الاستقلال، وهو المختار.

[ص] 5 - وبعد فالقصد بهذا الرجز ... نظم وقواعد بلفظ موجز 6 - مما انتمي إلي الإمام ابن أنس ... وصحبه وما لديهم من أسس 7 - مع نبذ مما عليها قررا ... أومي لها فقط كي أختصرا [ش] أي وبعد الحمد والتصلية وهو علي تقدير أما العاملة في الظرف لتضمنها معني الشرط، والرجز: أحد الأبحر، وهو مبني من مستفعلن ست مرات، وله خمسة أضرب، وهذا من الضرب الرابع، وهو المشطور، وبيته: ما هاج أحزانا ... وشجوا قد شجا فهو من المشطور المزدوج. والنظم لغة: الجمع. واصطلاحا: الكلام الموزون الذي قصد وزنه فارتبط لمعني وقافية. والقواعد: جمع قاعدة: وهي في اللغة: الأساس من القعود بمعني الثبات، أو بمعني مقابل القيام علي سبيل المجاز. وفي/ 4 - أالعرف هي: الأصل والضابط، والقانون: أمر كلي منطبق علي جزئياته لتعرف أحكامها منه. وهذه القواعد التي قصد المؤلف نوعان كما سنبينه بالقرب عند قوله: فصل. والإيجاز: الاختصار، وهو أداء المعني بأقل عن عبارة المتعارف، أو تأدية المعني بلفظ ناقص واف.

وانتمى: انتسب، والإمام: هو مالك بن أنس، وفضله وعلمه شهيران, وليس يصح في الأذهان شئ ... إذا احتاج النهار إلي دليل ولد رحمه الله سنة ثلاث، أو أربع، أو خمس وتسعين من الهجرة وتوفي سنة تسع وسبعين ومائة. وصحبه: علماء مذهبه، وما لديهم من أسس: أي ما عندهم من قواعد، والأسس بضم الهمزة والسين الأولي، جمع الأساس، أو فتحهما مقصور الأساس قاله الجوهري: وهذا مستغني عنه بما قبله. والنبذ: جمع نبذة وهي الطرف من الشئ، وعني به الفروع. وعليها: أن علي القواعد، وهو يتعلق بقررا. وأومي: أشير، ولها: للنبذ، وقط: اسم فعل بمعني اكتفي، أي اكتف بالإيماء عن التصريح، وهو بضم الطاء مخففة، ولا تسكن هنا وان كان السكون فيه أفصح لئلا ينكسر الوزن. [ص] 8 - أفصله كما يليق بالفصول ... إذا هو أقرب لطالب الوصول [ش] أي أفصل الرجز أو النظم، ويليق: يحسن. الجوهري: لاق به الثوب يليق. ومن الحسن كون كل نوع علي حدة الطهارة في فصل، والصلاة في آخر ونحو ذلك إذ هو أقرب لمن يطلب الوصول إلي شئ من هذا النظم، لكن قد تجر القاعدة مسائل من أنواع ولا يسلم أنه أقرب إلي الوصول إلا إذا عين الفصل بالإضافة كفصل الطهارة، وفصل الصلاة، وفصل الصوم ونحو ذلك.

وفي نسخة بدل الشطر الأخير (في غالب ما لم يكن جمع الأصول) أي: أفضله بالفصول كما يليق في الغالب كفصل الطهارة، والصلاة، والزكاة ما لم تجمع الأصول فروعا من أنواع فلا يفصل حتي يكملها. فجمع مصدر مضاف إلي الفاعل. وقوله: (في غالب) يحتمل أن يريد بغير الغالب ما أشار إليه بقوله/ 4 - ب: (ما لم يكن جمع الأصول) أي في غالب الأمر يفرد النوع في الفصول، وذلك حيث لا يجر الأصل إلي فروع من أنواع، وغير الغالب حيث يجر إلي ذلك. ويحتمل أن يخرج به بعض الفصول مما أدخل فيه أبوابا لقلتها، وهذا هو ظاهر لفظه، ويؤيده، أيضا، أنه قد يقع في بعض النسخ عوض الشطر الأخير: (إن عدم التضمين أو جمع الأصول) أي تضمين الأصل فروعا من أنواع فلا يفصل حتي يكملها، أو كان اللائق جمع أبواب في فصل واحد لقلة قواعدها. [ص] 9 - وبعد أن يكمل إن شاء الإله ... أتبعه شرحا مبينا حلاه [ش] ... الحلي جمع حلية، وهي الصفة، واستعارها للمعاني، وهذا وعد منه بالشرح وقد توفي رحمه الله قبل اكماله، قاله ولده الفقيه العلامة شيخ شيوخنا أبو العباس أحمد وقد رأيت منه أوراقا بخط المؤلف أجاد فيها ماشاء، دلت علي تحصيله، وتحقيقه، وليته أكمله. 10 - فمن أراد كتبه منفردا ... فغير ممنوع له ما قصدا 11 - ومن أراد أكمل الغابات ... لم يفصل الشرح عن الأبيات تضمن هذان البيتان تخيير الكاتب والإذن له فيما أراد من الوجهين] وبيان الأولي منهما والمعني [فمن أراد كتب هذا المنهج وحده فغير ممنوع له قصده، ومن أراد الأكمل لم يفصل الشرح عن المشروح.

12 - سميته بالمنهج المنتخب ... إلي أصول عزيت للمذهب المنهج والمنهاج: الطريق الواضح المنتخب: المختار وعزيت: نسبت للمذهب أي مذهب مالك، والمذهب: اسم مكان للذهاب ثم استعير للعلم لأنه أفضل ما يذهب فيه وإليه. 13 - والله ينفع به من حصله ... بحفظ أو فهم، وشيئا عن له [ش] يئا: معطوف علي مفعول حصل: أي كأن يحتاج لمسائل فيحصلها منه والتقدير: أو حصل منه شيئًا عن له، أي عرض فالواو: بمعني أو/ 5 - أوالجملة خبرية لفظا طلبية معني عدل إلي لفظ الخبر تفاؤلا، أو حرصا علي حصول مضمونها. 14 - فمن أجاد مقولا سد الخلل ... والتمس المخرج لا أخطا بطل 15 - إذ جاء شر الشر عن خير البشر ... من لا يقيل عثرة لمن عثر أجاد: أحسن. والمقول: اللسان والتمس: طلب. والمخرج: الخروج أو مكانه والخطأ ضد الصواب. والمعني فمن أحسن من جهة لسانه سد الوهم. الكائن في هذا الكتاب بالتلطف وحسن التأويل والتعبير، لا بقوله: أخطأ المؤلف أو بطل كذا، أو ما اشبه ذلك، لأنه جاء عن خير البشر ما معناه، ما ذكره المؤلف بزعمه، وجاء في الحديث الذي أشار إليه من طريق عبد الله بن عباس رض الله عنههما قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: (ألا أخبركم بشراركم؟ من نزل وحده - وفي رواية - أكل (وحده) ومنع رفده، وجلد عبده - وفي رواية- وضرب. ألا أخبركم بشر من ذلكم؟ من يبغض الناس ويبغضونه، ألا أخبركم بشر من

ذلكم؟ من لا يقيل عثرة، ولا يقبل معذرة. ألا أخبركم بشر من ذلكم؟ من لا يرجي خيره ولا يؤمن شره). وفي أخذ المؤلف منه ما ذكر نظر من وجهين: الأول: أنه ليس فيه ما يدل علي أن من لا يقيل عثرة هو شر الشرار، وإنما جعله شرا مما قبله فقط، بل دل الحديث علي أن غيره شر منه، وهو من لا يرجي خيره ولا يؤمن شره، فلا يكون هو شر الشرار، وهذا ظاهر. الثاني: أن الموصوف في الحديث بكونه شرا مما قبله من الشرار هو الجامع بين هذين الوصفين، لا يقيل عثرة، ولا يقبل معذرة. ولا يلزم من كون الجامع بينهما شرا مما قبله أن يكون الموصوف بأحدهما كذلك وهذا ظاهر أيضا، ولهذا ونحوه منع جماعة نقل الحديث بالمعني. وإنما نسبت للمؤلف أنه ما في النظم من الحديث المذكور، لأني رأيته كذلك بخطه. وشر الشر علي حذف المضاف: أي شر ذوي البشر، فشر الأول: أفعل تفضيل بحذف/ 5 - ب الهمزة وهو الأفصح فيه. والثاني: مصدر. ويحتمل أن يكون الثاني أيضا للتفضيل، أي: أشر الجنس الأشر وقوله: (لا أخطا بطل) معمول لمحذوف وبحذف العاطف، أي فمن أجاد مقولا سد الخلل

والتمس المخرج لا قال أخطأ المؤلف، أو بطل كلامه أو هذا باطل ونحو ذلك. 16 - فقلما ينجو الذي قد صنفا ... من هفوة أو عثرة من ألفا هذا اعتذار عما قد يقع في الكتاب من الخلل. والهفوة: الزلة والعثرة: السقطة. والمصنف من جعل العلم أصنافا كرزمة الطهارة، والصلاة، والبيوع. والمؤلف: من زاد عليه بمراعاة الألفة بين الكتب والمسائل، وبه تظهر رتبة المصنفين ويتميزون، ويفضل بعضهم بعضا، والأقرب من جهة المعني أن تجعل (أو) عاطفة لمن ألف علي من صنف عطف خاص علي عام. وعثرة مجرور بمن محذوفة متعلقة بألف، وإن كان غير مقيس، والتقدير فقل نجاة مصنف من هفوة، وقل نجاة مؤلف من عثرة، ويصح أن يكون عثرة معطوفا علي هفوة، كما هو الظاهر من اللفظ، ومن ألف بدل (بعض) من قوله: (من صنفا) إن استعمل التصنيف فيما هو أعم، كما هو حقيقته أو بدل أضراب، ان استعمله فيما هو مباين للتأليف، وكأنه يقول: بل قلما ينجو من ألف الذي له شفوف ومزية علي من صنف، وكثيرا ما هاب الناس التأليف حتي قيل: من ألف فقد استقذف أي جعل نفسه هدفا، أي غرضا وإشارة لمن يرميه بعيب، وطلب أن يقذف أي يرمي بقول: 17 - والله ربنا يقي من الخطل ... بجاه من عصمه من الزلل 18 - المجتبي من خير أصناف الأمم ... بحبوحة العلم وينبوع الحكم

يقي: يحفظ. والخطل: الخطأ، يقال خطل في كلامه خطلا وأخطل: أخطأ. والجاه: المنزلة عند السلطان. والعصمة لغة: المنع واصطلاحا/ 6 - أ: صفة توجب الحكم بامتناع عصيان موصوفها. والزلل: الخطأ. ] والمجتبي: المختار. والأصناف: الأنواع. والأمم: جمع أمة وهي هنا جماعة الناس [ والبحبوحة: وسط المحلة وهي معظمها والعلم: الاعتقاد الجازم المطابق لموجب. والينبوع: العين. والحكم: جمع حكمة. واختلف في تفسير الحكمة في قوله تعالي:} يؤتي الحكمة من يشاء {. فقيل: هي الإصابة في القول والفعل، وقيل: هي معرفة الأشياء كما هي بقدر الطاقة البشرية، وقيل: المراد علم الشرائع والاحكام وقيل: كل كلام وافق الحق، وقيل غير ذلك. والمعني: والله سبحانه يقي المؤلف والقارئ من الخطأ بجاه سيدنا محمد المعصوم من الزلل المختار من خير أصناف الأمم، وسط المحلة للعلم وعين الحكم، روي عن

رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (توسلوا بجاهي فإن جاهي عند الله عظيم). وروي عنه صلي الله عليه وسلم أنه قال: (إن الله اصطفي من ولد إبراهيم إسماعيل، وإصطفي من ولد إسماعيل بني كنانة، واصطفي من بني كنانة قريشا، واصطفي من قريش بني هاشم، واصطفاتي من بني هاشم). وروي عنه صلي الله عليه وسلم أنه قال:] أنا مدينة العلم وعلي بابها [. وروي عنه صلي الله عليه وسلم أنه قال: (أوتيت جوامع الكلم) فرد كل حديث إلي ما يليق به علي التوالي. والجملة خبرية لفظا دعائية معني، عدل إلي لفظ الخبر تفاؤلا، أو حرصا علي القبول. 19 - وها أنا أشرع في المقصود ... بعون ذي الطول عظيم الجود

فصل الطهارة

ها: حرف تنبيه، والعون: خلق القدرة علي الفعل، والطول والإحسان، والجود الكرم. فصل أي فصل الطهارة وذلك لأن أكثر مسائل هذا الفصل في الطهارة وقد ذكر فيه ما هو من غيرها لدخوله تحت القاعدة، فلابد من ذكره مع قاعدته وإلا طال الكلام وكثر التكرار، وكذا في سائر الفصول وقد مر التنبيه علي هذا في قوله: (أفصله كما يليق بالفصول) - البيت -. تنبيهان: الأول القواعد علي/ 6 - ب قسمين: الأول: ما هي أصول لأمهات مسائل الخلاف. والثاني من القسمين ما هو أصول المسائل، فيقصد بقواعده ذكر النظائر فقط لا مع الإشارة إلي خلاف. وبدأ المؤلف بالأول إلي الفصل الذي صدره (إعطاء ما وجد حكم ما عدم) البيت - وثني بالثاني، وهذا في غالبهما، والقسم الأول هو مراد الإمام العلامة وحيد عصره

أبي عبد الله المقري في قواعده الجليلة القدر العظيمة الخطر بقوله: (قصدت غلي تمهيد ألف قاعدة ومائتي قاعدة هي الأصول القريبة لأمهات مسائل الخلاف المبتذلة والقريبة. قال: ونعني بالقاعدة كل كلي هو أخص من الأصول وسائر المعاني العقلية العامة، وأعم من العقود، وجملة الضوابط الفقهية الخاصة اهـ. يعني لا يقصد القواعد الأصولية العامة، ككون الكتاب، أو السنة، أو الإجماع، أو القياس حجة، وكحجية المفهوم، والعموم وخبر الواحد، وكون الأمر للوجوب والنهي للتحريم ونحو ذلك. ولا القواعد الفقهية الخاصة كقولنا: كل ماء ما لم يتغير أحد أوصافه طهور وكل طير مباح الأكل وكل عبادة بنية ونحو ذلك وإنما المراد ما توسط بين هذين مما هو أصل لأمهات مسائل الخلاف فهو اخص من الأول، وأعم من الثاني. قلت: هذا هو الغالب من فعله، وإلا فقد ذكر أيضا قواعد أصولية، وقواعد فقهية تكميلا للفائدة، ولذا قال في آخر قواعده: (قد أتيت علي ما قصدت زائدا علي ما شرطت تكميلا لما أردت). التنبيه الثاني: (هل) حرف وضع لطلب التصديق لا التصور، وإنما يدخل علي الكلام الموجب ويجاب بنعم أو لا، وقد يحذف جوابه، وكثيرا ما حذف في هذا الرجز اختصارا لصلاحية كل منها.

[ص] 20 - هل غالب أو ما بشرع قد عدم ... أو ضده كما بتحقيق علم 21 - كالسؤر، والصيد، وكالوطء رعاف ... تيمم وكامام واصطراف [ش] ... اشتمل كلامه علي ثلاث قواعد: الأولي: هل الغالب كالمحقق ام لا/ 7 - أ. الثانية: هل المعدوم شرعا كالمعدوم حسا أم لا؟. الثالثة: هل الموجود شرعا كالموجود حقيقة وحسا أم لا. أشار إلي الأولي بقوله: (هل غالب). وإلي الثانية بقوله: (أو ما بشرع قد علم). وإلي الثالثة بقوله: (وضده) وقوله: (كما بتحقيق علم) راجع إلي الثلاث. أي: هل الغالب كالمحقق أم لا؟ وهل المعدوم شرعا كالمعدوم تحقيقا وحسا أم لا؟. وهل الموجود شرعا كالموجود حسا وتحقيقا أم لا؟ وهذا لأن المعني: كالذي علم بتحقيق الوجود، أو العدم فغالب: مبتدأ، وخبره كما. قوله: (كالسؤر والصيد) مثالان للقاعدة الأولي، أي سؤر ما عادته استعمال النجاسة إذا لم تر التجاسة في أفواهها، ولم يعسر الاحتراز منها كالطير والسباع، والدجاج، والأوز المخلاة هل ينجس ماء كان أو طعاما، فيراقان حملا علي الغالب أم لا تغليبا للأصل. ثالثهما المشهور يراق الماء دون الطعام لاستجارة طرح الماء.

وسؤر الكافر وما أدخل يده فيه وسؤر شارب الخمر وشبهه مثله. وأما الصيد فإشارة إلي مسألة من أدرك الصيد منفوذ المقاتل وظن أنه المقصود ومسألة من أرسل الجارح وليس في يده ومسألة ما إذا اشترك فيه معلم مع غير معلم. أو كلب مسلم مع كلب مجوسي وظن أن المعلم كلب المسلم القاتل وفي كل منهما؟ قولان: ولو شك ولم يغلب الظن لم يؤكل اتفاقا. ومما ينبني أيضا علي هذه القاعدة، لباس الكافر وغير المصلي هل يحمل علي الطهارة أو النجاسة ومن علق الطلاق بالحيض والحمل في التنجيز والتأخير قال القاضي: أبو

عبد الله المقري: قاعدة: المشهور من مذهب مالك أن الغالب كالمحقق في الحكم، ابن شاس وابن الحاجب في التنبيه علي ذلك بأن وضعا الخلاف الذي في سؤر ما عادته استعمال النجاسة في القسم الثالث من المياه. ومنه من أرسل الجارح وليس في يده، ومن أدرك الصيد/ 7 - ب منفوذ المقاتل وظن أنه المقصود، ومن علق الطلاق بالحيض والحمل في التنجيز والتأخير. قوله: (وكالوطء رعاف تيمم) هذه أمثلة للقاعدة الثانية، والكاف تشعر بذلك كما تقتضي عدم الحصر فيما ذكره، وحذف العاطف من (رعاف وتيمم) للضرورة وهو كثير في هذا الرجز. الأول: إذا حلف ليطأنها فوطئها حائضا أو صائمة هل يبر بذلك أم لا؟ قولان وذلك أن الوطء في الحيض أو الصوم حرام فهو معدوم شرعا، فإن نزل منزلة المعدوم حسا لم يبر، وإلا بر، ولا يحلل وطء الحائض ولا يحصن ولا يوجب رجعة ولا يكون فيئة خلافا لعبد الملك وهذا كله داخل تحت الوطء في كلام المؤلف.

الثاني: إذا جاوز الرعاف الأنامل العليا هل يعتبر في الزائد قدر الدرهم أو أكثر أو لا؟. وذلك أن من رعف في الصلاة وعلم دوام الرعاف إلي آخر الوقت المعلوم بل المختار فإنه يتم الصلاة كذلك، فإن شك في دوامه فتله ومضي علي صلاته كذلك إن كان قليلا بحيث لا يزيد علي الأنامل العليا ما لا يعفي عنه من الدم فغنه لا يتمادي علي صلاته كذلك، ولكن يقطع، إن تلطخ به، وإن لم يتطلخ جاز أن يقطع أو يخرج لغسل الدم، ثم يبني، وإن زاد علي الأنامل العليا اليسير من الدم وهو ما يعفي عنه وذلك قدر الدرهم علي قول، أو دونه علي قول آخر، فهل يعتبر في عدم التمادي كالكثير أو لا يعتبر، لكونه معدوما شرعا، فيمضي علي صلاته كذلك، كما لو لم يزد قولان بناء علي القاعدة المذكورة. الثالث: إذا فقد الحاضر الماء وقلنا ليس هو من أهل التيمم قال التونسي: يجري علي حكم من لم يجد ماء ولا ترابا وهذا علي أن المعدوم شرعا كالمعدوم حسا. وعلي الآخر لا يصلي حتي يتطهر بالماء.

ومما يبنى أيضا علي هذه القاعدة لو حلف ليتزوجنّ فتزوج تزويجا فاسدًا أو ليبيعن العبد أو الأمة فباعهما بيعا فاسدا، أو ألفيت حاملا. أو حلف ليأكلن هذا الطعام ففسد ثم أكله. أو حلف علي فعل معصية من قتل أو شرب ثم تجرأ وفعله/ 8 - أ. وإذا جار في القسم فلا يحاسب ويبتدئ واستقرأ اللخمي خلافه. وعليه عدم انتقال ضمان المشتري فاسدا إلي المشتري ولو فات المبيع بيده كوديعة عنده. وإذا قتل محرم صيدا فهو ميتة خلافا للشافعي .. قال القاضي أبو عبد الله المقري: قاعدة: المشهور من مذهب مالك أن المعدوم شرعا

كالمعدوم حقيقة، قال ابن رشد: إذا تجاوز الرعاف الأنامل العليا اعتبر في الزائد قدر الدرهم أو أكثر علي القولين، ونحوه لابن يونس قال التونسي: إذا فقد الحاضر الماء وقلنا ليس من أهل التيمم جري علي حكم من لم يجد (ماء) ولا ترابا. وإذا قتل المحرم الصيد فهو ميتة خلافا للشافعي. وإذا جار في القسم فلا يحاسب ويتسامح وااستقرأ اللخمي خلافه ولا يحلل وطء الحائض ولا يحصن، خلافا لابن الماجشون. تنبيه: لم يجعلوا من فروع هذه القاعدة حل يمين المكره بالإكراه الذي لا حنث به كمن حلف لا يفعل كذا فأكره عليه ففعله بعده مختارا حنث لعدم حنثه أو لا والجاري علي القاعدة الخلاف. قوله: (وكإمام واصطراف) هما مثالان للقاعدة الثالثة، وتشعر به الكاف كما مر الأول: إذا صلي الإمام الراتب وحده هل لا يعيد ولا يجمع في مسجده لتلك الصلاة، لوجود الجماعة في تقدير الشرع أم لا؟ لعدمها حسا.

وقد ذكر أن أبا الفضل راشدا قال في الإمام الراتب بجمع ليلة المطر وحده: وقيده بعضهم بوجود المشقة في عوده، وعدم إتيان أحد وقت العشاء. الثاني: صرف ما في الذمة هل يصح، لأنه موجود حكما أم لا؟ لعدم حضور النقدين أو أحدهما حسا. وثالثهما: المشهور/8 - ب أن حل أو كان حالا جاز. قال القاضي أبو عبد الله المقري: قاعدة: الموجود شرعا كالموجود حقيقة، فمن ثم قال المالكية إذا صلي الإمام الراتب وحده لا يعيد ولا يجمع في مسجده لتلك الصلاة. وقال أيضا: قاعدة: اختلف المالكية في الموجود حكما هل هو كالموجود حقيقة أو لا؟ كصرف ما في الذمة. ثالثهما المشهور إن حل أو كان حالا جاز. [ص] 22 - وهل يؤثر انقلاب كعرق ... ولبن بول وتفصيل أحق [ش] ... أي انقلاب أعراض النجاسة هل له تأثير في الأحكام أم لا؟ وعليه لبن الجلالة

وعرقها، وبولها ولحمها وبيضها، وعرق السكران، ولبن المرأة الشاربة. والزرع والبقول يسقي بماء نجس وعسل النحلة الآكلة للعسل المتنجس وقطرة الحمام والخمر إذا تخلل أو تحجر ورماد الميتة والمزيلة وهي كثيرة جدا. قوله: (وتفصيل أحق) أي التفصيل بين ما استحال إلي صلاح فهو طاهر كاللبن والبيض والعسل، وما استحال إلي فساد نجس، كالروث والبول وهو أحق أي أولي. وهو قول يحيي بن عمر. وذكر صاحب التوضيح في لبن الجلالة وبيضها، والمرأة الشاربة وعرق السكران وشبهه كالنصراني: ان الذي اختاره المحقوقون، كعبد الحق والمازري وابن يونس وغيرهم الطهارة. ابن رشد: وهو قول ابن القاسم في اللبن.

خليل: والخلاف في عرق السكران في حال سكره أو صحوه قريبا، وأما لو طال العهد بالسكر فلا خلاف في طهارة عرقه. وحكي المازري: أن رماد الميتة، والعذرة وما في معني لا يطهر عند الجمهور من الأئمة بخلاف الخمر، لأن النجاسة معللة بمعني وهي الشدة المطربة فإذا ذهبت ذهب التحريم. قال: وقد تنازع الناس في دخان النجاسة إذا احترقت، هل هو نجس كرمادها أو طاهر بخار بخلاف الرماد. صح من التوضيح. وفي بعض نسخ هذا النظم (ولبن بول وزرع وذوق) يريد الزرع والخضرة التي تسقي بالماء النجس، والذرق بالذال المعجمة وهو هنا خزؤ الطائر الذي يأكل النجاسة من ذرق إذا رمي ما في بطنه، ودخل تحت الكاف قطرة الحمام، ورماد الميتة وغير ذلك. ابن رشد: والخلاف جار في كل نجاسة تغيرت أعراضها. قال القاضي أبو عبد الله المقري: /9 - أقاعدة: استحالة الفاسد إلي فاسد لا تنقل حكمه وإلي صلاح تنقل، بخلاف يقوي ويضعف، بحسب كثرة الاستحالة، وقلتها، وبعد الحال عن الأصل، وقربه، وإلي ما ليس بصلاح ولا فساد قولان. وهذا كله للمالكية انتهي. تنبيهان: الأول: يعبر بعض الشيوخ عن هذه القاعدة بقوله: انقلاب الأعيان

هل له تأثير في الأحكام أم لا؟ قيل: وليس ببين، لأن الأعيان لا تنقلب وإنما تنقلب الأعراض، كما عبر (عنها) ابن بشير وابن شاسي، وابن الحاجب، علي ما في بعض النسخ، والقرافي. وكلام الناظم برئ من هذا الاعتراض. الثاني: يستثني من هذه القاعدة المسك، فقد أجمعوا علي طهارته حكاه الباجي. المقري: أصل النجاسة الاستقذار فما خرج إلي ضد ذلك منها فقد خرج بالكلية عنها كالمسك فإنه خارج، والعنبر، عند من يري نجاسته والأرواث مطلقا كالشافعية. [ص] 23 - هل بنفي علة يزول ... حكم كسقم ناكح يحول 24 - ونجس وأسسوا أيضا لما ... ظاهرة حق وعكس علما 25 - عليه مصرف ضمان واضطرار ... ومن لغير حجره والاختيار

26 - بذا زواله وموصي أو فقد ... وشفعة عيب ركوب أو شهد 27 - كبيع قاض شئ غائب بحق ... ثم أتي وقد نفي من يستحق [ش] اشتمل كلامه في هذه الأبيات علي قاعدتين: الأولي: العلة إذا زالت هل يزول الحكم بزوالها أم لا؟. الثانية: الحكم بما ظاهره الصواب والحق، وباطنه خطأ وباطل، هل يغلب حكم الظاهر علي حكم الباطن فتنفذ الأحكام، أو يغلب حكم الباطن علي حكم الظاهر فترد الأحكام؟ وعلي الأولي الخلاف في ماء نجس زال تغييره بغير زيادة ماء مطلق وفي مضي النكاح في المرض إذا صح المريض قبل الفسخ. أبو عمرو بن الحاجب: ولو زال تغير النجاسة فقولان، بخلاف البئر يزول بالنزح. وقال في النكاح: فلو/ 9 - ب صح المريض منهما قبل الفسخ مضي ورجع إليه، وقال صح الفسخ بناء علي أن فساده لحق الورثة أو لعقده. قلت: وكلام ابن الحاجب في المريض مخالف لكلام المؤلف في مبني الخلاف، فتأمله وعليها أيضا: الخلاف في سقوط الغرم عن ضامن الوجه إذا أحضر مضمونه بعد الحكم وقبل الغرم.

وإباحة الشبع أو الاقتصار علي سد الرمق في المضطر للميتة. والمحجوز عليه لأجل غيره، وهم العبد، والمفلس، والزوجة والمريض، يتصرفون في حال الحجر فلا يطلع عليهم إلا بعد زوال الحجر، هل يمضي تصرفهم أم لا؟ كالمريض بتل في مرضه تبرعا ثم صح. والزوجة تبرعت بأكثر من الثلث ولم يعلم الزوج حتي تأيمت. والعبد نكح بغير إذن سيده ولم يعلم السيد حتي عتق العبد والمختار في هذا النوع الإمضاء، كما أشار إليه المؤلف. ومما ينبني علي هذه القاعدة، من وجبت له شفعة فباع حصته التي يستشفع بها هل له شفعة أم لا. وزوال العيب قبل الرد، كموت الزوجة أو طلاقها في العبد لا يعلم مشتريه بنكاحها هل يمنع من الرد أم لا. وركوب الهدي للعاجز عن المشي ثم يستريح هل ينزل عنه أم لا؟.

وإلى هذه الفروع الثلاثة أشار المؤلف بقوله: (وشفعة عيب ركوب). ومما ينبني عليها أيضا: الخلاف في اختيار الأمة، تعتق تحت العبد، إذا عتق العبد قبل أن تختار. وإذا طلق علي الزوج بجنون أو جذام أو برص ثم برئ في العدة. وإذا شرط لزوجته إن غاب عنها أزيد من ستة أشهر فأمرها بيدها، فغاب ثمانية أشهر فلم تقض حتي قدم. قال في إيضاح المسالك: تنبيه: لم يختلفوا، إذا زال العيب قبل الرد أن لا رد، كما لم يختلفوا إذا بطلت رائحة الطيب أنه لا يباح بعد الإحرام، لأن حكم المنع قد ثبت فيه، والأصل استصحابه، وليس من هذا الأصل نكاح المحرم، والموافق لنداء الجمعة لأن المنع فيهما لنفس الإحرام والوقت لا لأمر بان عدمه وانظر إذا تحمل الأب الصداق عن ابنه/ 10 - أفي مرضه وفرعنا علي أحد قولي مالك بفساد النكاح ثم صح الأب هل يجري فيه من الخلاف ما في نكاح المريض إذا صح أم لا؟ في ذلك نظر واضطراب انتهي. قلت: ما ذكر من الاتفاق علي عدم الرد في زوال العيب قبل الرد، هو في غير محتمل العود وماله علقة كذهاب بياض عين، وموت ولد ونو ذلك، لا محتمل العود، كانقطاع البول في الفراش ولم معض عليه كثير السنين، فله الرد اتفاقا وفي زواله بموت

الزوجة وطلاقها ثالثها بالموت فقط. وكذا اختلف في العبد عليه دين أراد المبتاع رده، فقال البائع أنا أوديه، أو وهبه رب الدين له، وقول ابن القاسم لا رد له. فيتحصل من هذا أن من زوال العيب ما اتفق عليه علي عدم الرد ومنه ما اتفق عليه علي الرد ومنه ما اختلف فيه. وأما القاعدة الثانية: فيجري عليها ما ذكره في استحقاق المدونة فيمن أوصي بحج أو غيره، فأنفذت وصيته ثم استحق برق. ومن فقد فشهد بموته فبيع ماله وتزوجت زوجته ثم قدم حيا هل يمضي ذلك في المسألتين أم لا؟ أو حكم بشهادة من اعتمد أنه عدل ثم ثبت بعد الحكم أنه كان مستجرحًا، هل ينقض الحكم أم لا؟ وإذا باع القاضي سلع رجل غائب في دين قضاه لمن أثبت الدين علي الغائب ثم أتي الغائب فأثبت أنه قد قضي الدين، هل يأخذ سلعه بغير ثمن (أو بثمن) وهو الصحيح أو

لا يأخذها البتة؟ والخلاف في إجزاء الزكاة إذا أخطأ في مصرفها بعد الاجتهاد وتعذر استرجاعها، كدفعها لغني أو عبد أو كافر وإليه أشار المؤلف بقوله: (كمصرف). ابن الحاجب: ولو ظهر أن في أخذها غير مستحق بعد الاجتهاد، وتعذر استرجاعها فقولان، كالكفارة. وقيد الشيوخ الخلاف في مسألة الزكاة بما إذا كان دفعها لهم ربها، وأما إذا كان المتولي دفعها لكل واحد من هؤلاء الإمام فإنها تجزي، ولا غرم عليه، ولا علي بها لأنها محل اجتهاد، واجتهاده ماٍض نافذ ثم هذه القاعدة راجعة إلي قولنا هل الواجب الاجتهاد أو الإصابة، وستأتي. قوله: (وهل ينفي/ 10 - ب علة - إلي قوله - وأسسوا) أي هل يزول حكم بزوال علته أو لا؟ كناكح في المرض يذهب مرضه، وماء نجس زال تغيره بغير زيادة ماء مطلق. ومعني يحول، يزول سقمه قبل الفسخ، وفي نسخة (يؤل) بالهمزة بدل الحاء أي يرجع المريض لصحته قبل الفسخ أو يؤل سقمه إلي البرء قبل الفسخ. قوله: (وأسسوا أيضًا بما ظاهره حق) - البيت -، أي أسس المالكية تأسيسا آخر بهذه القاعدة، وهي ما ظاهره حق فعلم عكسه، وهو بطلان الباطن، هل يغلب الظاهر أو الباطن أي: جعلوها أساسا ومبني لمسائل، والمراد بالعكس هنا المقابل، ومقابل قولنا ظاهره حق باطنه باطل.

قوله: (عليه مصرف) - إلخ - أي يبني علي المذكور، وهما الأصلان السابقان بمعني أن بعض هذه الأمثلة تنبني علي أحد الأصلين، وبعضها علي الآخر. ومن البين أن مسائل الصرف والموصي، والمفقود، والشاهد، وبيع القاضي مال الغائب، هي من فروع القاعدة الثانية. وما سوي ذلك هو من فروع الأولي، وتأمل لم خلط الناظم مسائل القاعدتين، وقد يقال: لما كانت مسائل القاعدة - الثانية - يمكن أن يقال فيها، إنها فعلت لعلل، ثم تبين ذهاب تلك العلل، فتدخل في قاعدة العلة إذا زالت هل يزول الحكم بزوالها، نظمها في سلك واحد، ليتأملها المتأمل. والباء من قوله: (بذا) ظرفية، والإشارة إلي قوله: (ومن لغير حجره) أي والاختيار بهذا القريب زوال الحكم بالرد لزوال علته، وهو الحجر، وهو الراجح المشهور في الزوجة تتبرع، ثم تتأيم أو تموت، وفي العبد ينكح ثم يبيعه أو يعتقه. قلت: وظاهره عموم الخلاف في أفراد المحجوز لحق غيره، وليس كذلك فقد ذكر في المقدمات: أنه لا يعلم نص خلاف في مضي تبرع العبد إذا عتق، قاله في كتاب المأذون منها، في العبد يهب أو يعتق ولم يعلم السيد ذلك، أو علم ولم يقض فيه برد ولا إجازة حتي عتق العبد، والمال بيده] فان ذلك لازم له [. ولم أر أيضًا خلافا في مضي تبرع المديان، والمريض إذا زالت علة الرد. فمحل الخلاف إذن إنما هو الزوجة تتبرع بما زاد علي الثلث/ 11 - أولا

يعلم الزوج حتي تتأيم أو تموت، والعبد يتزوج بغير إذن سيده ولم يعلم السيد حتي باعه أو أعتقه فهل يكون للبائع الفسخ وهو في يد المشتري، وللعبد في العتق قولان، ولم يتفق علي المضي في التأيم كما زعم ابن الحاجب. وعلي هذين الفرعين اقتصر صاحب ايضاح المسالك. وقد اختلف في فعل الزوجة هل هو علي الجواز حتي رده الزوج أو علي الرد حتي يجيزه الزوج، والأول هو المعلوم من قول مالك وأصحابه. قوله: (وقد نفي من يستحق) ضمير نفي عائد علي القادم، أي وقد منع ذلك القادم من يستحق الذي هو] المشتري أي منع المشتري من مشتراه، أو نفي استحقاق المشتري [لمشتراه، أو يعني. بمن يستحق مثبت الدين علي الغائب ونفيه بإثبات أنه كان قضاه الدين، وهذا الاحتمال أقرب والله تعالي أعلم. 28 - وهل لعين ذو اختلاط ينقل ... مغلوبة .... .... أي هل ينقل المخالط المغلوب لعين الذي خالطه أم لا؟ بمعني أن المخالط المغلوب (هل) تنقلب عينه ما خالطة أو لا تنقلب وإنما خفي عن الحس فقط. عليه الخلاف في مخالطة النجاسة لقليل الماء أو لكثير الطعام المائع.

وبالأول قال أبو حنيفة. وبالثاني قال الشافعي. وعليه الخلاف أيضا في اللبن المخلوط بغيره، إذا كان اللبن مغلوبا. ومذهب ابن القاسم وأبي حنيفة لغوه، وعدم انتشار الحرمة به. ومذهب أشهب والشافعي اعتباره، ونشر الحرمة به. وعليه أيضا: مسألة الحنث بالسمن المستهلك لا الخل. قال القاضي أبو عبد الله المقري: قاعدة: استهلاك العين يسقط اعتبار الأجزاء عند مالك والنعمان فلا يحرم اللبن المستهلك في الماء، وقال محمد وعبد الملك لا يسقط فيحرم.

وقال أيضا: قاعدة: المخلوط المغلوب، قال مالك، والنعمان: تنقلب عينه إلي عين الذي خالطة، وقال محمد: يخفي عن الحس ولا ينقلب. وعليه الخلاف في مخالطة النجاسة لقليل الماء أو كثير الطعام المائع والحق أنه يخفيه ولا ينقله وأنه لا يحرم لعدم التغذية واختلاف مذهب/ 11 - ب مالك في الفرعين لاعتبار طهورية الماء والحرج في الطعام مع قوة الخلاف انتهي. قوله: (وهل لعين ذو اختلاط) لعين يتعلق بينقل مبنيا للمعلوم (وذوا اختلاط) مبتدأ خبره ينقل مغلوبة لعين، أي: ذو الاختلاط هل ينقل مغلوبة، أي مغلوب الاختلاط لعين أي لعين ما خالطه وغلب عليه أم لا؟ ويصح أن يكون بإضافة عين إلي ذي وبناء ينقل للمجهول وضبطه أيضا المؤلف كذلك، أي هل ينقل مغلوب ذي الاختلاط إلي عين ذي الاختلاط وهو المخالط الغالب إذ لا ينقل الشئ إلي نفسه، أو يعود ضمير مغلوبة إلي المخالط المدلول عليه باختلاط من إضافة الصفة إلي الموصوف، أي هل ينقل المخالط المغلوب لعين الذي خالطة أم لا؟. [ص] ... .... ... هل ذو فساد ينقل 29 - شبهة ملك إن عليه أجمعا ... وبعضهم إطلاقه قد سمعا [ش] أي هل ينقل بيع ذو فساد شبهة ملك، أن أجمع عليه أم لا؟ وبعض العلماء كالإمام ابن عرفة أطلق في البيع الفاسد ولم يقيده بالمجمع علي فساده وعلى هذا

الخلاف، الفوت بالتغيير وذهاب العين وعدمه. ابن القاسم: يفوت سحنون: لا يفوت. ابن مسلمة: الفسخ بعد الفوت استحسان وعلي عدم الفوت فالقيمة مع ذهاب العين من باب الغرامات، ويكون البائع مخيرا إذا تغير تغيرا خرج به عن المقصود، بين أن يأخذه كذلك أو يغرمه فيكون من باب الغرامات أيضًا وكلام الناظم يشعر بالاتفاق علي عدم نقل الفاسد حقيقة الملك. [قال ابن عرفة: البيع الفاسد لا ينقل حقيقة الملك] بعقده لقوله في الهبة عتق العبد من بائعه يعد بيعا فاسدا قبل فوته لازم، ومقتضي قول المازري عن أشهب لغو عتقه، نقله حقيقته، وحصل في نقله شبهة الملك أربعة أقوال ثالثها في المختلف فيه دون المجمع عليه. ورابعها: ينقل حقيقة الملك. قال القاضي أبو عبدالله المقري: قاعدة: البيع المجمع علي فساده هل ينقل شبهة الملك لقصد المتابعين أم لا؟ لكونه علي خلاف الشرع؟ اختلفوا/ 12 - أفيه وعليه الخلاف هل يفوت بالتغير وفوات العين أم لا؟ ومنهم، من يحكي هذا الخلاف في البيع الفاسد مطلقا،

ولا يصح في بعض المختلف فيه، وقد عرفت أن القصد المخالف للشرع هل يصح اعتباره بوجه ما، أو يجب إلغاؤه مطلقا قولان؟ وهي قاعدة أخري انتهي. وهذه القاعدة أجنبية من هذا الفصل ولعله ذكرها هنا لاشتراكها مع ما قبلها في مطلق النقل. وضمير عليه يعود علي فساد، وضمير إطلاقه يعود علي الخلاف المفهوم من الكلام وسمع بمعني قبل. [ص] 30 - هل حكم ما حاذي أم المبدا لما ... بغيره اتصل كالملح بما 31 - والسن والظفر ومسح ما بطن ... من أذن وميتة الذي قطن 32 - بالبر من ذي الحجر لحية شعر ... وعقد علت وأغصان الشجر [ش] ... أي الشئ إذا اتصل بغيره هل يعطي له حكم مباديه أو حكم محاذيه؟ وتقدير كلام الناظم هل حكم ما حاذي ثابت لما اتصل بغيره، أو حكم المبدأ ثابت له. عليه الخلاف في طهورية الماء يذوب فيه الملح فمن راعي المبدأ جعله كالتراب لأنه أصله. ومن راعي ما حاذاه جعله كالطعام فينقله إذا غيره لاستعماله في الطعام، وإلحاقه بالربوياب. ونجاسة أعلي القرن والسن والظلف والظفر، وناب الفيل وفي باطن الأذن ما هو

على القول بوجوب مسح الظاهر لأنها في أصلها كالوردة. ونجاسة ما تطول حياته في البر من البحري والصحيح الطهارة، نظرا إلي أصله وثالثها: ما مات في الماء طاهر وإلا فلا. ووجوب غسل ما طال من اللحية والأظفار، ومسح ما طال من شعر الرأس وشجرة الحرم يصاد ما علي غصنها الذي في الحل وفي عكسه يجب الجزاء باتقان وأما (مسألة) العقدة وهي: الغدة. فقال القاضي أبو عبد الله المقري: قاعدة: المتصل بثابت الحكم منه. ثالثهما إن لم يكن عن سبب غريب لحق به، فيجب غسل ما طال من اللحية والرأس، ونجس أعلي القرن والسن، ولا تؤكل العقدة علي اللحم انتهي. ومنه حال من ضمير المتصل، أي: حال كونه بعضا من ثابت الحكم المتصل هو به / 12 - ب.

ابن عرفة: ابن حبيب روي استثقال أكل عشرة دون تحريم: الطحال والعروق والغدة والمرارة والعسيب والأنثيان والكليتان والحشا والمثانة وأذناه القلب وصوب الشيخ جواب عبد الله بن إبراهيم بن الأبياني بأكل خصي الخصي. قلت: هو ظاهر قول ثالث سلمهما حكم القلب، والرية، والطحال والكلا، والخصي كاللحم. وتعليل الشيخ ذلك بقوله: (هو كالغدة) الغذاء يصل إليها، ولم تبن علي البدن، ظاهر في أكل المشيمة وفي حل أكلها. ثالثها: إن حل أكل الولد بذكاة أمة وتم خلقه ونبت شعره، لقوول ابن رشد في سماع موسي من كتاب الصلاة: السلا وعاء الولد هو كلحم الناقة المذكاة وجواب الصائغ وبعض شيوخ شيوخنا.

البرزلي: هو ابن جماعة وإليه مال ابن عرفة، والصواب الجواز، لأنه جزء من أجزائها وهو ظاهر المدونة. والمثانة بثاء معجمة الجوهري: موضع البول. والغدة: خلاصة المحكم: كل عقدة في جسد الإنسان أطاف بها شحم. المشارق: هي شحمة تنبت بين الجلد واللحم للبعير وغيره. وقال القرافي أيضا (قاعدة) إذا اختلف الحكم بالمنبت والحاذات، فقد اختلف المالكية بماذا يعتبر كغسل ما طال من اللحية ومسح ما طال من شعر الرأس، وكالشجرة في الحرم يصاد ما علي غصنها الذي في الحل ما لم يثبت حرمة المحل كالعكس فيتفقون. وقال أيضا: قاعدة: إذا اختلف حكم الشئ بالنظر إلي أصله وحاله فقد اختلف المالكية بماذا يعتبر منهما، كميته ما تطول حياته في البر من البحري، والملح يذوب في الماء. ومنه القولان في أطراف القرون، والأظفار وفي باطن الأذنين لأنهما في أصلهما كالوردة، وأما العينان فإنهما حفظ أصلهما لعدم ارتفاعه، فلم يعارض بحال لازمة مع توقع الضرر بغسل باطنهما، ومنه القولان فيما انقلبت أعراضه من النجاسة إلي صورة ما هو طاهر، وقيل إن ترجحت الحال بفائدة كأن ينتقل إلي صلاح كالبيض واللبن أو بموافقة صورة الأصل كتغير النجاسة يزول من الماء قدمت/ 13 - أالحالة وإلا فلا.

وقال أيضا: قاعدة: إذا تقابل حكم المبدأ والمنتهي فقد اختلف المالكية في المقدم منهما، كمن رمي، أو أرسل من الحرم فأصاب في الحل ما لم يتعد كالعكس أو يقدر وقد تقدم مثلها انتهي. والتقدير اشارة إلي مسألة العينين في القاعدة قبل. وقال: قاعدة: إذا اختلف حكم الشئ بالنظر إلي أصله ومثاله، فقد اختلف المالكية بم يعتبر منهما في باب العبادات كالبيض، قيل فيه حكومة، وقيل عشر الجزاء، وقيل فيه ما في الفرخ فقامت من هاهنا قاعدة وهي: إذا كان للشئ مآلان مختلفا الحكم فهل يعتبر بأولهما، أو بآخرهما؟. ومن الأولي مسألة كتاب الصرف من المدونة، وهي: الخلاف في اقتضاء السمراء من المحمولة قبل الأجل لأن المحمولة تغلو عند الأجل لرغبة الناس في زراعتها. قوله: (حاذي) هو بمعجم الذال، حاذاه ازاه.

الجوهري: صار بحذائه صح من الصحاح ومحاذيه بضم الميم اسم فاعل حاذي، ومباديه بفتح الميم، جمع مبدأ خففت هزته بإبدالها ياء. قوله: (كالملح بالماء) أي كالملح كائنا أو ذائبا في ماء هل يسلبه الطهورية أم لا؟ فحرف الجر مع مجروره حال يتعلق بكون عام أو خاص. قوله: (والسن والظفر) هو علي تقدير مضاف أي: وأعلي السن والظفر، أو يقدر ظرف. قوله: (قطن) أي أقام، والقطون الإقامة. قوله: (لحية شعر) أي غسل ما طال من اللحية، ومسح ما طال من شعر الرأس، وفي معني ذلك غسل ما طال من الأظفار، وقد يندرج تحت قول المؤلف (والظفر) لا طلاقة فيه أي والظفر باعتبار نجاسة طرفه، ووجوب غسل ما طال منه. قوله: (وأغصان الشجر) أي الشجرة التي بالحرم وأغصانها منبسطة في الحل. [ص] 33 - هل الطاري، هل هو كالأصلي ... ... ... [ش] ... النسيان الطاري، هل هو كالأصلي أم لا؟. وعليه لو رأي نجاسة في الصلاة ثم نسيها وإذا ذكر الموالاة ثم نسيها. ومن أمر أن يعيد في الوقت فنسي بعد أن ذكر.

.. هل باطن في الحكم كالجلي أي حكم الحاكم هل يتناول الظاهر/ 13 - ب والباطن أم لا يتناول إلا الظاهر فقط؟ وهو الصحيح لأنه لا يحل حراما. وعليه إذا قضي للمطلقة بالنفقة لظن الحمل ثم تبين أن لا حمل ففي نقض القضاء ثم يرجع عليها بالنفقة قولان. وكذا اختلف فيما دفع لها بغير حكم هل يرجع عليها به أم لا؟ وفيها أقوال والمشهور الرجوع بناء علي عدم تناول الحكم للباطن، وبغير حكم إنما انفق للحمل لا علي وجه الصدقة والصلة. وعليه من أوصي له بنفقة عمره، فدفعت له نفقة سبعين سنة بالتعمير ثم زاد عليها عمره، في نقض القضاء ورجوعه علي الورثة أو أهل الوصايا قولان لأشهب وابن القاسم. وعليه لو كان مال السيد مأمونا أضعاف قيمة المدبر، والموصي وقلنا بحريتهما بنفس الموت، من غير نظر في الثلث، ثم اجتيح المال بعد ذلك ففي إمضاء العتق ونقضه قولان، لابن القاسم وأشهب. وعليه إذا أسلم عبد النصراني وسيده بعيد الغيبة، فباعه السلطان ثم قدم فأثبت أنه أسلم قبله، فقال في الكتاب بنقض البيع، وإن عتق نقض عتقه وعليه إذا ابتاع عبدا ثم باعه بمثل الثمن فأكثر ثم رجع إليه بشراء، أو ميراث، أو هبة وهو بحاله لم يتغير، فأراد رده

بالعيب على بائعه فإن كان حكم عليه قبل أن يرجع إليه فلا قيام له لخروجه من يده بالبيع بمثل الثمن فأكثر. فلا قيام له وإن لم يكن حكم عليه فله القيام، قاله ابن حبيب. أبو محمد: هذا بعيد من أصولهم، ابن يونس: يريد أبو محمد أن له الرد مطلقا لارتفاع الحكم بارتفاع علته. وعليه إذا ابتاع عبدا ثم باع نصفه من أجنبي ثم علم بالعيب فاختار البائع أن يغرم نصف قيمة العيب ثم بعد غرمه لنصف القيمة رجع العبد إلي يد المشتري، هل للبائع أن يقول: أنا غرمت لك نصف قيمة العيب لتبعيض العبد والآن قد صار في يدك جمعيه، فإن شئت فرد إلي جمعيه وخذ ثمنك، أو احبس ورد علي نصف قيمة العيب الذي أخذت مني، وللمشتري أيضًا أن يفعل ذلك، وإن أباه البائع أو حكم مضي ليس لأحدهما نقضه، في ذلك قولان/ 14 - أحكاهما ابن يونس وهما جاريان علي قولي ابن حبيب وأبي محمد في المسألة السابقة. وعليه من ابتاع عبدا بالبراءة من الآباق، وأبق في الثلاث ففي المدونة روي ابن نافع هو من البائع حتي يعلم خروجه منها سالما [واستوني برد الثمن فإن علم خروجه منها سالما]

كان من المبتاع وإلا فمن البائع وإن وجد بعد الثلاث فلا حجة علي البائع في إباقه لتبريه منه ابن المواز: رواه أشهب وأخذ به. وقال محمد: إن لم يترادا ثمنه حتي وجد رأيت العبد لازما مبتاعه، وإن تراداه ثم وجد لزم بائعة لنقض البيع برد الثمن. اللخمي: لا ينتفض البيع والعيب انكشف يلزم مشتريه. وعبر في إيضاح المسالك عن هذا الفرع بقوله: وعليه من ابتاع عبدا بالبراءة من الآباق فآبق في الثلاث وقلنا ضمانه من البائع حتي يخرج من الثلاث سالما فتاردا الثمن بعد الاستيفاء ثم وجد العبد هل يرجع إلي ما كشف العيب ويلزم المشتري ولا ينقض البيع، أو يلزم البائع قولان، للخمي ومحمد وهما علي القاعدة وقاعدة أخري - تأتي قريبا - وهي: إذا جري الحكم علي موجب التوقع هل يرتفع بالوقوع لأن تحقيق والتوقيع كالإيقاف أو لا؟ لأنه قد نفذ. قولان للمالكية وعليه أيضا من ابتاع عبدا لم يعلم بعيبه حتي كاتبه، أو مرض فبلغ حد السياق، فأخذ قيمته ثم عجز المكاتب وصح المريض. قال ابن يونس: ذكر عن بعض القروبين أنه قال: حكم مضي لا ينقض. وعليه أيضا من فلس في غيبته لجهل ملائه على المشهور.

أشهب: ولو عرف وحكم بحلول مؤجله ثم قدم مليا قبل أخذه فظاهر قول أصبغ يأخذ رب المؤجل دينه وهو حكم مضي. ابن عبد السلام: وهو الأقرب، لأن الحاكم حين قضي كان حوزا لما ظهر الآن، ولأنه حكم واحد وقد اتفق في الأموال وفروج ذوات المحارم علي أنه لا يحل حراما كإقامة رجل بينة بمال له قبل غيره فحكم له به وفي نفس الأمر شهدت بزور لأخذه. وكامرأة من ذوات المحارم شهدت بينة لرجل أنها أمته فحكم له بها فلا تحل له ذات المحارم إجماعا في القسمين وإنما الخلاف في سوي هذين مما يتعلق بإحكام/ 14 ب الفروج تحريما وتحليلا وما هو من باب العقود والفسوخ كمن أقام شهود زور علي نكاح امرأة فحكم له بها. وكمن شهدت عليه ببينة بطلان زوجته ثلاثا فحكم عليه، فلا تحل الأولى

للمحكوم عليه، ولا الثانية لشهودها خلافا لأبي حنيفة وحجج القولين مذكورة في المطولات في كتب علم الخلاف. قال الإمام أبو عبد الله المقري: قاعدة: اختلف المالكية في الحكم هل يتناول الظاهر والباطن أو الظاهر فقط وهو الصحيح، فإذا قضي للمطلقة بالنفقة بظن الحمل ثم تبين أن لا حمل ففي نقض القضاء قولان، ويلزم المجيز مذهب الحنفية الشنيع. وقال أيضا: القضاء عند مالك ومحمد إمضاء فينفذا ظاهرا لا باطنا، وعند النعمان إنشاء حكم فينفذ فيهما. قال ابن العربي: قال النعمان: حكم الحاكم يقوم مقام العقد والفسخ فيحل بالعقد ويحرم بالفسخ علي حسب ما يناسب ذلك الحكم. وقال الأئمة: [لا يحرم حلالا، ولا يحل حراما] علي من علمه في باطن الأمر، فقال: من ادعي نكاح امرأة وأقام شاهدي زور فحكم له، صارت زوجته وإن كان يعلم

أنه كاذب ومن استأجر شاهدي زور فشهدا بطلاقها حلت لأحدهما، وإن علم بكذبهما واتفق الناس في الديون وما ليس فيه عقد ولا فسخ وما لا يحله القصد إلي الصواب كالقضاء له بذات المحرم، قال النعمان في الدين: لأن الحاكم لم يحكم بالملك لكن بالتسليم وهو لا يوجب الملك انتهي. والنعمان أبو حنيفة ومحمد هو ابن الحسن صاحبه. [ص] 34 - وإن جري الحكم علي ما يوجب ... توقعا هل بالوقوع يذهب 35 - كالزرع والسن وعين وكرا ... ورفعه بما الرحي اللخمي يري [ش] ... المعني إن جري الحكم علي موجب التوقع هل يذهب بالوقوع، لأنه تحقيق والتوقع كالإيقاف أو لا؟ لأنه قد نفذ. وعليه الزرع تحله الماشية بالليل فيغرم قيمته ثم يعود والسن تقطع خطأ فيغرم عقلها ثم تنبت والعين/ 15 - أتصاب كذلك فيغرم عقلها ثم تبرأ والدابة يتعدي بها المكتري أو المستعير فتضل فيغرم قيمتها، ثم توجد. أصبغ: إن عاد الزرع لهيئته بعد الحكم مضت القيمة لربه. ابن رشد: كقول أشهب فيمن عقله، وقيل يرد كما في مسألة البصر فإن

عاد لهيئته قبله. وقال مطرف لا قيمة ويؤدب. ونقل ابن يونس عن أصبغ لزومها. وفي الوثائق المجموعة عن ابن الهندي: إن خلف الزرع كان لغارم قيمته كمكتري دابة تعدي المسافة ثم ضلت فأغرم قيمتها ثم توجد. الجزولي: وذلك حكم مضي. مالك: في غاصب دابة فتضل، أو عبد فيأبق فأغرم القيمة ثم يوجد ذلك أنه له وهو حكم مضي إذ لو شاء ذلك ما تعجل القيمة. ابن لبابة: وكذا القصار يتلف الثوب عنده فيغرم ثم يوجد أنه له. أبو إسحاق: وكذا من ادعي عليه بشئ فأنكر فصولح عليه، ثم وجد بيده فهو له

والصلح نافذ ولها نظائر. وذكر بعض ما في الأصل، وقيل الزرع لربه ولا يرد القيمة وهو الآتي علي قول أشهب فيمن ضرب فذهب عقله فأخذ ديته بعد الاستيناء ثم عاد. ابن القاسم: في السن لا رد. أشهب: إن لم يبق شين رد وابن القاسم: في العين يرد وأشهب: لا رد محمد: إن كان بحكم بعد الاستيناء لم يرد. ابن رشد: وحكم السمع يذهب ثم يعود حكم البصر. وفي كتاب الغصب من المدونة: وقد قال مالك في المكتري يتعدي المسافة فتضل الدابة فيغرم قيمتها ثم توجد فهي للمعتدي ولا شئ لربها ولو شاء لم يعجل انتهي. وفي شفعتها مثله. وعليه لو اكتري رحي ماء ثم انقطع ففاسخ ربها وهو يري أنه لا يعود عن قرب ثم عاد فقيل يمضي الفسخ [كحكم مضي وقيل يرتفع الحكم للخطأ في التقدير ويعود الكراء اللخمي]: وهو أحسن، كمن خرص عليه أربعة أوسق فرفع خمسة.

وإليه الإشارة بعجز البيت الثاني أي واللخمي يري رفع الحكم في مسألة الرحي. اللخمي: إلا أن يكون المكتري بعد رفعه اكتري غيرها، أو نحوه من العذر فيمضي الفسخ، وإن لم يتفاسخا حتي عاد عن قرب بقي الكراء علي حاله، وإن عاد عن بعد جرت علي قولين/ 15 - ب هل ذلك فسخ أو حتي يفسخ انتهي. وقد مرت نظائر هذه الفروع عند قوله: (وهل بنفي علة يزول حكم). وهذه القاعدة أجنبية من الفصل كالتي قبلها لكن يناسبان ما تقدم مما ظاهره حق وباطنه عكسه. قال الإمام أبو عبد الله المقري: قاعدة: إذا جري الحكم علي موجب التوقع فهل يرتفع بالوقوع، لأنه تحقيق والتوقع كالإيجاب أو لا؟ لأنه نفذ. قولان للمالكية فإذا غرت من فيها عقد حرية فالمشهور وجوب قيمة الولد علي رجاء عتق أمه، والخوف والشاذ علي أنه رقيق [نظرا إلي الحال والمال كما مر. وعلي المشهور لو قتل الولد قبل ذلك ففي بقاء الترقب أو قيمته علي أنه رقيق] قولان علي القاعدة بخلاف ما لو جرح، وقد تردد فيه ابن محرز ثم قطع بالترقب. قوله: (علي ما يوجب توقعا) التوقع: الانتظار. والظاهر من جهة المعني أن جيم يوجب في كلام المؤلف تضبط بالفتح، ونصب (توقعا) علي حذف الخافض، أي علي ما هو موجب التوقع بمعني أن التوقع يوجبه، وكذا موجب في كلام المقري وهو مفتوح الجيم إذ المعني علي مقتضي الخوف والرجا وهو الانتظار والتوقع فتأمله.

قوله: (وكراء) يشمل كراء الدابة يتعدي بها المكتري فتضل الدابة فيغرم قيمتها ثم توجد، وكراء الرحي. 36 - هل ينقض الظن به كمن رجع ... عن اجتهاد لتغير وقع 37 - في كأوان قبلة حكم وفي ... نقلي أبي عمرو بذا نقض قفي أي هل ينقض الظن أم لا؟ كمن رجع عن اجتهاد لآخر، لأجل تغير وقع له في الاجتهاد كاجتهاده في أحد الأواني النجس بعضها ثم يتغير اجتهاده إلي غيره هل ينتقل إليه أم لا؟. وكذا الثياب النجس بعضها وتدخل هذه تحت الكاف من (كأوان). وكذا القبلة يجتهد في جهتها ثم يتغير اجتهاده. [ففي إعادته قولان وكذا إذا حكم القاضي بعد أن اجتهد ثُم تغير اجتهاده] إلي غير ذلك الحكم. ابن محرز قال ابن القاسم وغيره: يرجع إلي ما ظهر له صوابه/ 16 - أويفسخ الأول وقال ابن الماجشون وسحنون وغيرهما: لا يجوز له فسخه قالا: وهذا أقوي ولو كان يجوز له فسخه لرأيه الثاني لكان له فسخ الثاني والثالث ولا يقف إلي حد وذلك ضرر شديد. وفي نقلي أبي عمرو بن الحاجب في الفرعي والأصلي تناقض في هذا الأصل، ففي

الفرعي: فلو حكم قصدا فظهر أن غيره أصوب فقال ابن القاسم: يفسخ الأول. وقال ابن الماجشون وسحنون: لا يجوز فسخه، وصوبه الأئمة. وفي أصلية: لا ينقض الحكم في الاجتهاديات منه، ولا من غيره باتفاق، للتسلسل فتفوت مصلحة نصب الحاكم انتهي. وأنت تري كيف حكي في الفرعي الخلاف، وفي الأصلي الاتفاق، وكتب علي هذا الإمام الحافظ أبو عبد الله القوري: لا يصح هذا الاتفاق والنقض ضد الإبرام، فكل من النقلين ينقض الآخر ويحل ما إبرماه. وقد أشار صاحب إيضاح المسالك أيضا إلي هذه المناقضة، قال بعد ان ذكر نص الكتابيين: فتأمل ما يكون جوابا عن معارضة [نقلية. ومثل هذا قول المؤلف: قف. أي علي المناقضة، وتأمل ما يكون جوابا عن معارضة] نقلية فهو من وقف، ويحتمل أن يضبط بضم القاف ماضيا مبنيا لما لم يسم فاعله، من القفو أي نقض أحد الأمرين بالآخر في هذا تبع في نقلي أبي عمرو. أو يتعلق بذا بنقلي، وهو أولي لسلامته من تقدم معمول المصدر عليه، ويكون إشارة إلي اتباع شراحه له، وعدم اعتراضهم عليه، والضبط الأول أبين. (وذا) إشارة إلي القريب وهو الحكم. قال العلامة أبو عبد الله المقري: قاعدة: العلم ينقض الظن لأنه الأصل، وإنما جاز الظن عند تعذره، فإذا وجد علي خلافه بطل، وللمالكية في نقض الظن بالظن قولان كالاجتهاد بالاجتهاد فمن ظن القبلة في جهة فصلي إليها أو ظن طهارة أحد الثوبين، أو الإنائين ثم تغير اجتهاده ففي إعادته قولان، وهي بمعني التي قبلها يعني قاعدة هل

الواجب الاجتهاد أو الإصابة. وقال أيضا: قاعدة: لا ينقض قضاء القاضي إلا في أربعة مواضع: إذا خالف الإجماع أو القواعد، أو القياس الجلي /16 - ب أو النص الصريح ومن ثم حد مالك الحنفي في النبيذ، ورد شهادته لتضافر النص والقياس على تحريمه، وما ينقض فيه القضاء لا يصح فيه التقليد بالأحرى، ولهذا قال الباجي: لعل هذا في غير المجتهد أما العالم فلا يحد إلا أن يسكر وحده الشافعي لدرء المفسدة التي لا تلزم التحريم وقبله لعدم المعصية. قلت: درء المفسدة يوجب التأدب لا الحد، وقد شرب النبيذ وكيع ومن هو أكبر منه وأصغر ولم يردهم أحد أهل الأخبار انتهي. وقد نظم بعض النبلاء المواضع الأربعة التي ينقض فيها حكم الحاكم فقال: إذا قضى حاكم يوما بأربعة ... فالحكم منتقض من بعد إبرام خلاف نص وإجماع وقاعدة ... ثم قياس جَلَي ترك إبهام وفى [الكليات للمقري: كل حكم خالف النص أو الإجماع أو كان عن غير دليل أو أخطأ المذهب المقصود، وقيل أو القواعد، أو القياس الجلي، فإنه يفسخ، وإلا فلا إلا أنه ينقض ما ظهر خطأه من أحكام نفسه انتهى] مثال مخالف الإجماع: ما لو حكم بالميراث كله للأخ دون الجد فهذا خلاف

الإجماع لأن الأمة على قولين إما المال كله للجد، أو يقاسم الأخ، أما حرمان الجد (بالکلية) فلم يقال به أحد فمتى حکم به حاکم نقضنا حکمه وإن کان مفتيا لم نقلده. ومثال مخالفة القواعد: المسألة السريجية، فمتى حكم حاكم بتقرير النكاح في حق من قال إن وقع عليك طلاقي فأنت طالق قبله ثلاثاً أو أقل فالصحيح لزوم الطلاق الثلاث له، فإذا ماتت أو مات وحكم حاكم بالتوارث بينهما نقضنا حكمه لأنه على خلاف القواعد، لأن من قواعد الشرع صحة اجتماع الشرط مع المشروط لأن حكمته إنما تظهر به. ومثال مخالفة النص إذا حكم بشفعة الجار، فإن الحديث الصحيح وارد في اختصاصها بالشريك ولم يثبت له معارض صحيح فينقض الحكم بخلافه. ومثال مخالفة القياس: قبول شهادة النصراني فإن الحكم بشهادته ينقض لأن الفاسق لا تقبل شهادته والكافر /17 - أأشد منه فسوقاً، وأبعد عن المناصب الشرعية في مقتضى القياس فينتقض الحكم بذلك.

وقيد القرافي النقض في هذه الثلاثة الأخيرة بما إذا لم يكن لها معارض راجح عليها. أما إذا كان لها معارض فلا ينقض الحكم إذا كان وفق معارضها الراجح إجماعاً كالقضاء بصحة عقد القراض والمساقاة، والسلم والحوالة ونحوها فإنها على خلاف القواعد والنصوص والأقيسة، ولكن الأدلة الخاصة مقدمة على القواعد والنصوص والأقيسة. [ص] 38 - هل يقتضي تکراراً ... الأمر وهل يصير بنهي مضمحل 39 - للأول الولوغ والدخول ... حکاية وسجدة تئول 40 - للثان حالف وصيد محرم ... وفئة ونحوها فلتعلم [ش] اشتمل کلامه علي أصلين: الأصل الأول: الأمر هل يقتضى التكرار أم لا؟. الثاني: النهي هل [يصير النهي عنه مضمحلاً کالعدم أو لا؟ وهو معني قولهم النهي هل] يدل على فساد المنهي أم لا؟ وهذا الأصل راجع إلى قولنا المعدوم شرعا هل هو كالمعدوم حسا أم لا؟. على الأول: إذا تعدد الولوغ من كلب أو كلاب هل تكرر السبع بتكرره أم لا؟ وشهر ابن عرفة عن المازري، لا نص في تکرره بتعدد الکلاب، والأظهر عدمه.

قال: فنقل ابن بشير وابن شاس، وقول ابن الحاجب: لا يتعدد على المشهور بخلافه. وعليه أيضا دخول المسجد هل تكرر التحية بتكرره أم لا؟ وهو المعروف وحكاية الأذان هل تكرر بتكرر المؤذنين أم لا؟ وهو المشهور. ابن هارون: لأن الأسباب إذا تساوت موجباتها اكتفى بأحدها كتعدد النواقض، والسهو، وموجبات الحدود وسجدة التلاوة هل تتعدد بقراءة سجدة واحدة مرات متعددة، أي هل يسجد قاريها کل مرة؟. المازري: أصل المذهب عندي عين تكررها إلا أن يكون القارئ ممن يتكرر عليه ذلك غالباً كالمعلم والمتعلم فيسجد أول مرة عند مالك وابن القاسم ولا سجود عند أصبغ وابن عبد الحکم. وعلي الأصل الثاني: لو حلف ليتزوجن علي امرأته/17 - ب فنکح نکاحًا فاسدًا في بره قولان. اللخمي عن ابن القاسم: لا يبر بيمينه ولو بنى إذا كان يفسخ بعد البناء وإلا بر والقياس بره مطلقاً إن بنى لحصول قصده إساءتها بمباشرة غيرها.

ابن عبدوس عنه: لا يبر بكتابية ولا ذمية ولا بفاسد ملك، ولا من ليست من مناكحة. محمد: سهل فيه ابن القاسم. وإذا قتل محرم صيدا فهو ميتة خلافا للشافعي. وعليه أيضا وطء المولى في الحيض، والصوم والإحرام هل ينحل به الإيلاء وهو قول عبد الملك أم لا؟ وهو المشهور وشبه ذلك كمن حلف ليطأن الليلة امرأته فوطئها حايضاً، هل يبر أم لا. وقد تقدمت فروعه في المعدوم شرعا. قال الإمام أبو عبد الله المقري: قاعدة: اختلفوا في النهى هل يجعل المنهي عنه كالعدم أم لا؟ فإن حلف ليتزوجن فنکح نکاحاً فاسداً في بروره قولان فلو تزوج أمة فعلي کون الحرة طولا فلو تزوج غير كفء، فعلى تعارض اللفظ والقصد، فلو لم يدخل فعلى الأقل والأكثر، وعلى قاعدة أخرى وهى أن النكاح هل هو حقيقة في العقد أم لا والحق فيهما أنه بالنظر إلى اللغة حقيقة في الوطء مجاز راجح في العقد، وكذلك في الشرع، لأن الأصل عدم التغير، ويحتمل أن يكون فيه حقيقة في العقد مجازاً في الوطء. وقيل: ثلاثة، ثالثها حقيقة فيهما، ولم يفصل، وكذلك التزويج هل هو أظهر في العقد ولذلك كان المنصوص إذا قال إن تزوجت عليك وعنده امرأة أنه يدوم بخلاف أن لايتسرى.

وخرج الخلاف فيه على القاعدة. قوله: ((مضمحل)) هو منصوب لكونه خبر يصير، وقف عليه بالسكون على لغة ربيعة والمضمحل الذاهب. والدخول: دخول المسجد هل تتكرر التحية بتكرره أم لا؟ والحكاية: حكاية الأذان، وسجدة: أي قراءة سجدة، تئول: أي ترجع وتعود فهو نعت لسجدة، ويعنى بالسجدة محلها، والمعنى: هل يتكرر السجود يتكرر محله أم لا؟ وصيد المحرم: ما صاده المحرِم أو صيد له، إذ الإضافة بأدنى سبب. 41 - وهل قريب الشيء کهو کالذي ... نوي أو استجمر أو زکي احتذي/18 أ 42 - كحج اضحاة نكاح وسلم ... صرف وثنيا عهدة صلح عدم 43 - معين مراهق وصانع ... ومرأه تقضي لشرط مانع 44 - أو بتبرع خيار مستحق ... وشفعة وصية وما يسحق 45 - من کثمار مکنز مع وکيل ... وناظر وشبهها من القليل أي هل قريب الشيء کالشيء؟ بمعني آن ما قارب الشيء هل له حکمه أم لا کالذي قدم النية قبل محلها في الوضوء والصلاة بيسير هل مجازي أم لا؟ المقري: المحتار نفى الإجزاء وعليه لا فرق بين التقدم والتأخر. والذي جاوزت نجاسة محله المحل بيسير هل يجزي فيها الاستجمار أم لا؟.

[وتقديم الزكاة قبل الحول بيسير] وكما لو تطيب في حال إحرامه بحج أو عمرة وأزاله بالقرب، أو ألقت الريح الطيب عليه وهو نائم، فأزاله بقرب ما استيقظ وهذان الفرعان شاملهما قوله: ((کحج)) ودخلت العمرة تحت الکاف، وفي بعضي النسخ (في صيد) بدل (كحج) وأراد به الصيد قرب الحرم يرسل عليه فيقتل ويغتفر قطع اليسير من أذن الأضحية وذنبها وقيل يكره ابتداء في الذَّنَبِ. وعليه أيضا الخلاف في تقديم عقد النكاح على إذن المرأة بالزمن اليسير، وكذا الزوج، أو الولي في النكاح الموقوف يكون في الثلاثة. وتأخير رأس مال السلم اليومين والثلاثة وتسلف أحد المصطرفين بالقرب من عقد الصرف بخلاف الطول، أو تسلفهما معا لطول الأمر فيه غالبا والمفارقة اليسيرة بعد عقد الصرف وقوت المبيع بالثنيا، والعهدة بعد زمنها بيسير، بمعنى أن المشترى في الثنيا إذا قال للبائع إن جئت بالثمن إلى شهر مثلا فالمبيع رد عليك فجاءه بعد الشهر بالقرب فهل يكون له أم لا؟ قولان على القاعدة.

وكذا عهدة الثلاث، أو عهدة السنة يحدث العيب بعد انقضائهما بالقرب وتمنع الثنيا إذا كانت في العقد لنهيه عليه السلام (عن بيع الثنيا) لصيرورته تارة ثمناً وتارة سلفاً، وإن تطوع بها بعد العقد فإما مطلقة كمتى أتيت بالثمن فهو لك. أو مقيدة /18 - ب أتيت بالثمن في خلال کذا. أو تفويت المشتري في المطلقة مما يري أنه قصد قطع ما أوجبه على نفسه فلا فوت. قال ابن رشد ونسبه أبو الحسن الصغير للجزيري وفيه تصور. ولابن فتوح: في المطلقة إن فوته المبتاع فلا حق للبائع فيه، وله إن أحضر الثمن منعه تفويته، وإن فوته بعد تفويته إلا بقضاء قاض فلا فوت، وفى المؤجلة ليس له تفويته قبل الأجل أو بعده بقرب، فإن فعل فلا فوت والحكم بين على القول الآخر في القرب.

وفي بعض النسخ (قسمة) بدل (عهدة) والمراد به التراجع في قسمة القرعة أجازه اللخمي في اليسير كدارين قيمة إحداهما مائة، والأخرى تسعون فيعطى آخذ ذات المائة خمسة. وظاهر المدونة والرسالة المنع مطلقا. وعليه أيضا ما إذا عدم ما صولح عليه وهو بيد المدعي عليه وهو منكر، بأن استحق فإن کان عن طول وبعد من الصلح فلا رجوع للمدعي عليه المستحق من يده علي المدعي فيما أخذه منه، وإن كان عن قرب فقولان على القاعدة. المدونة: رجع بما دفع إن لم يتغير بسوقه أو بدنه وإلا بقيمته. اللخمي: عن سحنون في کتاب ابنه: لا يرجع علي المدعي بشيء لأنه دفع الخصام بما أعطاه لا شيء ثبت عليه. وقول ابن القاسم أحسن، لأنه يقول للمدعي إن كنت محقا في دعواك فهو شراء فعليك الرد وإن كنت مبطلا فلا يحل أخذه بباطل، وإن استحق ما بيد المدعي فهل يرجع بقيمة ما قبض أو مثله، أو لخصومة. ثالثها الخصومة إن استحق بحدثان الصلح، وصوب ابن يونس الأول، لأن رجوعه إلى الخصام غرر، فلا يرجع من معلوم لمجهول، وكذا بيعه يتأخر قبضه بيسير قيل:

فيمتنع إلى أجل بعيد كخمسة أيام، ويجوز إلى قريب كثلاثة وفيما بينهما تنازع لنهي النبي صلى الله عليه وسلم (عن بيع الغرر) ومنه معين يتأخر قبضه لأجل بعيد فكأن المشتري زاد البائع في ثمنه ليضمنه، لأن النظر إليه قبض فدخل في ضمان المشتري ثم نقله للبائع فلضمان حصة من الثمن، على أنه اختلف/19 - أفي الأجل القريب أيضا هل يجوز وإن لم تكن فيه منفعة للمشترط وهو ظاهر سلمها الأول أو بقيدها كخدمة أمة أو ركوب دابة وإلا کره، قاله ابن القاسم في الرواحل. وقيد بعضهم به ما في السلم ويمكن أن يكون هذا الخلاف مراد المؤلف أو يقال: لا يلزم أن تكون فروع الأصل المختلف فيه كلها مختلفا فيها، فقد يتفق المذهب في بعضها وهو كثير. وأيضا إن لم يكن في ملك البائع فغرره ظاهر، وإلا فبقاؤه على صفته غير معلوم وأما الرابع فيجوز بيع الدار واستثناء سكناها مدة لا تتغير فيها غالباً، وفى حدها بسنة وهو مذهب المدونة أو لا ستة أقوال.

ابن رشد: واستثناؤها أعواماً أخف، قال ابن القاسم: يجوز فيها عشرة أعوام وقد اختلف في لزوم طلاق المراهق، وحده، وقتله، وإسلامه، وإنکاحه، والإسلام له لقربه من البلوغ. والصانع يدعي بقرب دفع المصنوع إلى ربه كاليومين ونحوهما أنه لم يقبض الأجرة والمرأة تعطي لزوجها مالا على أن لا يتزوج عليها، أو على أن لا يطلقها، لم يتزوج، أو يطلقها بالقرب وذات الزوج لتبرع بثلث مالها لم [بعده تتبرع بثلث آخر فمعروف المذهب قول محمد إن قرب ما بينهما] منع وإلا جاز. وقال عبد الوهاب: ليس لها ذلك وإن بعد إلا في مال آخر أو تبرعت بما زاد قليلا على الثلث. قال ابن القاسم في المدونة: إذا زادت الدينار ونحوها نفذ الجميع. وقال ابن نافع لا ينفذ.

والخيار هل ينقضي بغروب الشمس، أو له الرد في كالغد واستحقاق اليسير من المقوم وهو ما دون الجل لا يوجب الفسخ بخلاف الكثير ويحط عن الشفيع ما حط للمبتاع من القليل الذي يحط عادة. وعليه أيضاً وصية الموصي ببيع عبده من فلان فأبى فإنه يحط من ثمنه ثلثه، فإن أبى قيل للورثة بيعوه له بما قال، وإلا فاقطعوا له ثلث العبد بتلا. وكذا ما لحق أصله بشراء من ثمار لم يد صلاحه، ومال عبد وخلفة قصيل أجازه ابن القاسم بحدثان عقده فقط. يحيى: وحد العبد عشرون يوماً وقيل بالجواز مطلقا [وقيل بالمنع/19 - ب مطلقا] وقيل بجواز الثمن دون غيره، رواه أشهب. قال بعضهم: لو جذ الأصل ثم أراد شراء (الثمرة) الخلفية، أو أعتق العبد أو باعه ثم أراد أن يشترى ماله، أو باع الأرض أو النخل، ثم أراد شراء الثمرة أو الزرع لم يجز اتفاقا.

وكذا المكتري يدعي دفع الكراء بعد انقضاء الوجيبة بالقرب، وتفصيل ذلك أن المکتري إذا ادعي دفع کراء دار مثلا بعد تمام أمره فإن کان عن بعد منه صدق بيمين خرج أو بقي، وإن كان بقربه صدق ربها بيمين. ابن حبيب: إن کان مشاهره أو مسانهه صدق المکتري فيما مضي لا في الشهر الأخير أو السنة الأخيرة فيصدق رب الدار قام بقرب بيمين وإلا صدق المكتري مع يمينه. [ص] احب البيان: العارف عندنا أن القول قول المکتري في دفع کراء ما مضي من الأشهر، والقول قول رب الدار في الشهر الأخر ما لم يطل بعد انقضائه انتهى. قلت: والعمل بفاس - حرسها الله - أن القول قول المکتري في سالف المدة ما عدي شهرين من آخرها فالقول قول رب الدار. والجمال يطلب الكراء بعد الغاية بقرب كيومين أعطى وصدق بيمين كانت الأحمال بيده أو أسلمها، وإن قام عن بعد صدق المكتري مع يمينه. ابن يونس، العرف في الكراء وغيره كالشرط لأن شأن الأكرياء انتقاد أكريتهم ببلوغ الغاية أو بعد يومين، وما قرب قال في المدونة: إلا أن يقيم بينة. وظاهره أن الجمال يقيم بينة أن المكتري لم يقضه وليس كذلك. ابن يونس: يريد علي قرار المکتري أنها لم يدفع ومثله تعدي مکتري دابة أو مستعيرها المسافة بالشيء اليسير كتنحيه بعد الغاية إلى مثل منازل الناس وهلكت في رجوعه فلا ضمان عليه، لأن منازل الناس كالمسافة المشترطة.

محمد: وقيل يضمن ولو زاد خطوة. وعليه أيضا إذا زاد الوكيل في الثمن زيادة يسيرة كثلاثة دنانير في مائة، ودينارين في أربعين، فإنه لازم للأمر بخلاف إذا نقص اليسير من الثمن في البيع، والفرق أن الشراء لا يتأتى غالباً بما يحده الأمر حتى لا يزيد عليه /20 - أشيئاً وغرضه تحصيل المشترى ولا يحصل إلا بتمكين الوكيل من زيادة يسيرة بخلاف البيع فإنه لا يلزم الموكل لكونه يتأتى بما حد له أو يرد علي الوکل ما وکله علي بيعه. وقيل النقصان اليسير من الثمن كالزيادة فيه لم هو مصدق في دفع ذلك إن لم يسلم المشتري لربه كأن سلمه وقرب طلبه منه وإلا فلا إلا أن يشتغل عنه بحاجة أكيدة، أو يكون في سفر فيقدم، رواه عيسي عن ابن القاسم وتردد فيه التونسي وخرجه المازري علي الخلاف فيمن أخرج من ذمة إلى أمانة فإن كثرت الزيادة خير الموكل في المشترى فإن لم يرض به لزم الوكيل كشرائه معيبا عالما به إلا أن يكون شراؤه فرصة، والعيب خفيف فيلزم الموكل. ومثل ذلك الوكيل يدعى الدفع لموكله بقرب الوكالة. ففي المقدمات: إذا ادعى الوكيل المفوض أو غير المفوض أنه دفع إليك ما قبض من غرمائك صدقه مالك في المدونة مع يمينه (لأنه أمنه) وعنه لا يصدق بحضرة قبض المال أو بقربه بالأيام اليسيرة، لأن الأصل بقاؤه عنده وتحلف أنت وتصدق، وهو مع يمينه في نحو الشهر، لأن الظاهر قبضك ذلك حينئذ وإن طال جداً لم يحلف وفرق أصبغ بين المفوض إليه في القرب يبرأ مع يمينه وفي البعد جداً يبرأ بغير يمين وأما الوکيل علي شيء بعينه قال:

فهو غارم حتى يقيم البينة، وإن مات الوكيل بالقرب قال عبد الملك: ذلك كله في ماله إذا عرف القبض وجهل الدفع ولم يذكره وعليه أيضاً ناظر الأيتام وهو الوصي عليهم يدعي الدفع بعد الترشيد بالزمن اليسير فإنه لا يصدق لأنه ادعى الدفع لغير من ائتمنه خلافاً لابن الماجشون وهى أيضا على القاعدة. وأما إن طال زمن ذلك كالثلاثين سنة والعشرين يقيمون معه ولا يطلبونه ولا يسألونه عن شيء لم يطلبونه فإنما عليه اليمين قاله مالك في الموازية. وقال ابن زرب إذا قام بعد عشر سنين أو ثمان لم يكن له قبله إلا اليمين. خليل: ينبغي أن ينظر إلى (قرائن) الأحوال وذلك يختلف والله أعلم. وکذا شبه هذه الفروع مما هو قليل بالنسبة لما ذکر/20 - ب وإن کان کثيراً في نفسه کزيادة المستعير في المسافة يسيراً فإنه كالمكتري وكنفوذ شراء سفيه ما قل وإيصاء الأم على ولدها في يسير ورثه منها ولا أب له ولا وصي وقد يدخل هذا تحت قول المؤلف

((وصية)) وكشرط ما قل من عمل في قراض ومساقاة، ومغارسة، وأخذ شيء من طريق المسلمين لا يضر، ويسير الغرر في البيع. ومن سرق ما يقطع فيه مراراً كل مرة دون النصاب والمجموع نصاب هل يقطع أو لا؟ ونحوها مما قل. قال القاضي أبو عبد الله المقري: قاعدة: اختلف المالكية في إعطاء ما قرب من الشيء حكمه أو إبقائه على أصله، كالعفو عما قرب من محل الاستجمار بخلاف اللازم، وكتقديم عقد النكاح على إذن المرأة بالزمن اليسير، وقيل لا يضره مطلقا، وكلزوم طلاق المراهق لقربه من البلوغ، وكتسلف أحد المصطرفين بخلاف تسلفهما معا لطول الأمر فيه غالبا. وقال أيضا: قاعدة اختلف المالكية في تسمية التأخير اليسير كاليومين والثلاثة دينا. وعليه جواز تأخير رأس مال السلم، والمعين إليها، وبنيا أيضا على أن ما قارب الشيء هل يکون حکمه کحکمه انتهي. تنبيه: قال ابن رشد بعد أن ذکر أن القولين في مسألة الاستجمار السابقة مبنيان علي الخلاف فيما قارب الشيء هل يعطى حكمه أم لا؟: وهذه القاعدة كثيراً ما يذكرها الفقهاء ولم أجد دليلا يشهد لعينها، فأما إعطاؤه حكم نفسه فهو الأصل، وأما إعطاؤه حكم ما قاربه، فإن كان مما لا يتم إلا به كإمساك جزء من الليل فهذا يتجه، وإن كان على خلاف ذلك فقد يحتج له بحديث (مولى القوم منهم) وبقوله عليه الصلاة والسلام:

((المرأ مع من أحب)) انتهي. قوله: ((خذ)) أي خذ هذه القاعدة وأجرها في الصيد، وما عطف عليه، وفى بعض النسخ (احتذى) فيحتمل الأمر، الماضي مبنيا للمفعول، والاحتذا في الاتباع، وفي بعضها حذي بالحاء المهملة من حذا يحذو بمعنى ما قبله، فيتعين مبنيا للمفعول. قوله: ((نكاح)) يعنى النكاح الموقوف سواء تقدم/21 - أالعقد على إذن الزوجة أو الزوج، أو الولي. قوله ((صلح)) أراد بصلح المصالح عليه أو به في الإنكار وعدمه مجاز عنا استحقاقه من يد المدعي عليه، أو المدعي. وفي بعض النسخ علم بدل (عدم) ومعناه والله أعلم أن فرع الصلح معلوم لأهل الفقه منصوص في كتبهم، فصلح على هذا باق على مصدريته، غير مؤول بالمفعول والجملة صفة أو مستأنفة وتتعين الصفة على النسخة الأولى، وهي أبين. قوله: ((وصية)) هو صادق علي الموصي ببيع عبده من فلان، والوصي يزيد علي الثلث، الشيء اليسير هل يمضي أو للورثة رده. قوله: ((وما يحق من کثمار مکتر مع وکيل)) هـکذا رأيت بخط المؤلف، ويدخل تحت الكاف الزرع، وخلفه القصيل. والمکتري: يشمل مکتري الدار يدعي دفع الكراء، ومسألة الجمال ومسألة مکتري الدابة يتعدى المسافة. والوكيل: شامل للمسائل الأربع زيادته في الثمن يسير، وتسليمه السلعة للموكل ثم زعم بالقرب من التسليم أنه زاد فيها زيادة تلزم الأمر، فإنه يقبل منه، وإن ادعاء بطول لم

يقبل، وابتياعه سلعة معيبة عيباً خفيفاً يغتفر مثله مع كون الشراء نظراً وفرصة، ودعواه دفع الدين الذي وكل على اقتضائه [أو لمن السلعة التي] وكل على بيعها. أو السلعة التي وكل على شرائها أو شبه ذلك لموكله يحدثان الوكالة، وفى بعض النسخ بدل هذا (کذا يحق للمکتري مع شريك ووکيل) أي کذا يحق هذا الأصل للمکتري ومن ذکر معه بمعني أنها تبني عليه وأراد بشريك الشريك في الزرع يدعي الدفع لشريکهـ بعد دفع الإصابة بيسير وكذا تطوع شريك بتافه في مال أو عمل، وإلغاء مرض أحد شريكي العمل أو غيبته يومين واغتفار ما قل كثوب لأحد الشريكين أو عامل القراض عند الانفصال. قوله: ((وشبهها)) هو بالخفض عطفاً على ما قبله، ومن القليل يتعلق به، أي وما يشبه هذه الفروع مما هو قليل بالنسبة إلى الفروع المذكورة، وإن كان كثيراً في نفسه. وفى الارتهان لما ذكره من كون غير المذكور من فروع هذا الأصل قليلاً بالنسبة إلى المذكور منها والدخول تحت هذه العهد ما لا يخفى. والله أعلم وقد حذف المؤلف العاطف في کثير من هذه المسائل، وهو کثير في هذا الرجز. [ص] 46 - هل حکم مالك لمن له سبب ... جار بتمليك قد اقتضي الطلب 47 - کقادر مقارض ومن سرق ... وشفاعة تيمم ومستحق [ش] أي هل حكم مالك ثابت لمن له سبب جار قد اقتضى الطلب، بتمليك؟ وهذه قاعدة من جرى له سبب يقتضي المطالبة بالتمليك هل يعطى حكم من ملك أم لا؟ وهو المعبر عنه بمن ملك أن يملك هل يعد مالك أم لا؟. کمن به سلس البول وهو قادر علي رفعه بنکاح أو تسر، أو تداو، وهل ينتقض

وضوؤه أم لا؟. والفقير القادر على التكسب هل يعطى من الزكاة أم لا؟. ابن عرفة: وفى إعطائها لشاب صحيح قولان: مالك ويحيي بن عمر اللخمي: إن کان ذا صنعة تکفيه وعياله فغني، وان لم تکفه أعطى تمام كفايته، وإن كسدت أو لم يكن ذا صنعة ولم يجد ما يحترف أعطي، وإن وجده ففيه قولان انتهي کلام ابن عرفة. وأجرى بعضهم نفقة الأبوين عليها قيل والنص شرط عدم القدرة في وجوبها وفرق بأن الزكاة أوسع لأن النفقة يأخذها معين من معين وهذه قاعدة أخرى. أن الحكم في المطلق أوسع منه في المعين ويتسع فيما بينهما بقدر قربه من المطلق ويضيق بقدر قربه من المعين وهذان الفرعان داخلان تحت قول المؤلف ((قادر)) وعلى هذا الأصل، أيضا عامل القراض هل يعد مالكا بظهور الربح. القرافي: وهو المشهور. أو بالقسمة فإنه وجد في حقه سبب يقتضي المطالبة بالقسمة وإعطاء نصيبه من الربح، فهل يعد مالكاً أم لا يملك إلا بالقسمة قولان في المذهب.

فإن كان أحد المتقارضين مسلماً حراً لا دين عليه والأخر كافراً، أو عبداً أو مديانا فلمالك في رواية أشهب مراعاة حال رب المال، فإن وجبت عليه وجهت في نصيب العامل وإن لم يكن من أهلها. [وله في الموازية: اعتبار حال العامل، فان كان من أهلها وفى نصيبه /22 - أمن الربح نصاب وجبت، وأن لم يکن ربه من أهلها] وهما مبنيان علي المترقبات متى يعد حصولها؟ هل يوم ترقبت فيملك حصته من الربح بظهوره أو يوم تقررت فلا يملك إلا يوم القسمة، وقبلها لرب المال الجميع فيزکيه علي ملکهـ. وذهب ابن القاسم إلى مراعاة حاليهما معا، فإن كانا من أهلها وحصة رب المال بربحه نصاب، وأقام المال بيد العامل حولا زكى، أي العامل ربحه، وإن قل جعلهما كمالك واحد، وإن سقطت عن أحدهما سقطت عن الأخر. وفي معناه العامل في المساقاة، إن وجد في حقه من العمل ما يقتضي المطالبة بالقسمة، وتمليك نصيبه من الثمن فهل لا يملك إلا بالقسمة أو يملك بالظهور؟. القرافي: وهو المشهور علي حکم القراض قولان في المذهب. وعليه أيضاً: من سرق من الغانمين من الغنيمة بعد حوزها وقبل قسمتها هل يقطع أم لا؟ وذلك أنه انعقد للمجاهدين سبب المطالبة بالقسمة والتمليك فهل يعدون مالكين أم لا؟ قولان:

فقيل: يملكون بالحوز والأخذ وهو مذهب الشافعي. وقيل: لا يملكون إلا بالقسمة وهو مذهب مالك، قاله القرافى. والشفعة إذا باع أحد الشريكين حصته تحقق لشريكه سبب يقتضى لمطالبة بأن يملكها بالشفعة فهل يعد مالكا للشقص المبيع بنفس البيع أم لا؟ فإذا باع الشفيع بعده ما يستشفع به فلا شفعة له، قاله مالك واختاره أشهب وغيره وهو ظاهرها. وعنه لا تسقط. ابن رشد: رواه يحيى عن ابن القاسم. ابن عبد السلام: ظاهر قول ابن القاسم الفرق بين بيعه عالما به فلا شفعة أو لا فيشفع وهو ظاهرها. ومن تيمم ثم وهب له الماء فهل يبطل تيممه على القول بوجوب قبول هبته. وإذا استحق الجل من العروض هل يحرم التمسك بالباقي أم لا؟ كمن ابتاع عشرة ثياب فاستحق منها ثمانية، فأراد أن يتمسك المشترى بالاثنين الباقيين منها، فإنه منع من ذلك في المدونة وأجازه في/ 22 - ب واضحة ابن حبيب والخلاف فيها على من ملك أن

يملك هل يعد كالملك أولا يعد إلا إذا اختار أحد الوجهين اللذين خير بينهما، فإن تمسك بالثوبين الباقيين بعد علمه بمقدار ما ينوبهما جاز باتفاق القولين. وبيان كون الخلاف في مسألة ابن حبيب على القاعدة، أنه ملك أن يملك رد الثوبين فإن عدد مالكا امتنع تمسكه لأنه شراء مستأنف بثمن مجهول في الحال، وإلا جاز. ومن مسائل من ملك أن يملك، فقير لم يطلب ولده الغنى، بنفقة، هل يعطى من الزكاة انظر تفليس التقييد. والفقير وغيره من المسلمين له سبب يقتضى المطالبة لما يملك من بيت المال ما يستحقه بصفة فقره أو غيره من الصفات الموجبة للاستحقاق، كالجهاد والقضاء والفتيا والقسمة بين الناس في أملاكهم، وغير ذلك مما شأن الإنسان أن يعطى لأجله، فإذا سرق هل يعد مالكا فلا يجب عليه الحد لوجود سبب المطالبة بالتمليك أو يجب عليه القطع لأنه لا يعد مالكا وهو المشهور، قولان هذا لفظ القرافى في هذا الفرع. تنبيه: لم يجعلوا من فروع هذه القاعدة جبر الغرماء المفلس على تكسب وتسلف وعفو للدية واستشفاع، ونزع مال رقيق وما وهب لولده، لأنهم لم يعاملوه على التزام ذلك. كما لا يلزمونه قبول معروف كتسلف ووصية، وهبة، وصدقة. وكذا اتفق على أن للعبد اختيار العبودية إن قال له ربه أنت حر إن شئت ونحوها من فروع هذه القاعدة. قال القاضى العلامة أبو عبد الله المقرى: قاعدة: اختلف المالكية فيمن جرى له سبب يقتضى المطالبة بالتمليك هل يعطى حكم من ملك أو لا؟ وهو المعبر عنه بمن ملك أن يملك

هل يعد مالكا أم لا؟ قال القرافى: وليس الخلاف في كل فروع هذه القاعدة ولكن في بعضها، كمن يقبل التداوى أو يقدر على التسرى في السلس، ومن وهب له ماء وقد تيمم. وأخذ من لا مال له ويقدر على التكسب للزكاة، وأجرى عليه نفقة الأبوين، والمنصوص اشتراط/ 23 - أعدم القدرة فى وجوبها، وفرق بأن الزكاة أوسع لأن النفقة مأخوذة من معين لمعين، وهذه قاعدة أخرى أن الحكم في المطلق أوسع منه فى المعين ويتسع فيما بينهما بقدر قربه من المطلق، ويضيق بقدر قربه من المعين. ومن القاعدة جواز الربا بين العبد وسيده انتهى كلام المقرى. قلت: وفى قوله المنصوص اشتراط عدم القدرة فى وجوبها، أى النفقة نظرًا، لأن الشيخ ابن عرفة حكى قولين فى وجوب النفقة على الأب إذا كانت له صنعة تكفيه، ونصه حاكيا عن اللخمى: وإن كان للأب صنعة تكفيه وزوجته جبر عليها وإن كفت بعض نفقته أكملها ولده. قلت: ونقل الباجى: إن نفقة الوالدين المصرين تلزم الولد، ولو قويا على العمل. قلت: قولا اللخمى، والباجى كالقولين فى الفقير القادر على العمل هل يعطى الزكاة أم لا؟ انتهى. قلت: ووقعت هذه المسألة فى إيضاح المالك على غير وجهها، ونصه أثناء الفروع المبنية: وأخذ الزكاة لمن لا مال له أو أجرى عليه نفقة، والمشهور عدم اشتراط القدرة فى جواز أخذها.

هكذا في نسخة مصححة بتصحيح شيخنا أبى محمد عبد الواحد ولد المؤلف ولا وجه لهذا، والصواب وأجرى بالواو، ونفقة الأبوين، لا نفقة فقط، وفى وجوبها بدل فى جواز أخذها. وأما ذكر المشهور، بدل منصوص فى كلام المقرى فصواب لما فى المسألة من الخلاف كما ذكرنا، لكن إذا كان الخلاف منصوصا لم يحتج إلى التخريج والله تعالى أعلم. قوله: "كقادر مقارض" هكذا فى بعض النسخ، وفى بعضها بدله (كسلس وقادر) والأول أولى لدخول السلس تحت القادر لشموله للقادر على رفع السلس والقادر على التكسب فتسلم من التداخل، وتزيد فائدة، المقارض بفتح الراء، وهو عامل القراض. وقد يقال القادر شامل لجميع فروع القاعدة فلا انفكاك عن التداخل. قوله: "من سرق" أى أحد الغانمين إذا سرق من الغنيمة قبل قسمها/ 23 - ب. [ص] 48 - وعاب من ملك أن يملك هل ... يعد مالكا قراف فبطل [ش] يعنى أن القرافى عاب قول الأقدمين من ملك أن يملك هل يعد مالكا أم لا؟. فمن قدر على شرب الخمر أو السرقة فلا يحد إجماعا، مع أن اللفظ يشمل ذلك. ومن قدر على ملك النصاب ولم يملك فلا يزكى إجماعا مع أن اللفظ يشمله، وبنحو هذا مما يذكر بعد فبطل جعله قاعدة. وقول المقرى السابق وهو: المعبر عنه بمن ملك أن يملك يدل على أن قصد الأقدمين

عنده بهذه العبارة هو ما قاله القرافى، وظنه ابن الشاط مرادهم. وهو مما يقطع به عليهم أعنى هذا التأويل، وأنهم لم يقصدوا ظاهر هذه العبارة. ابن رشد: وكان شيخنا القرافى ينكر هذه القاعدة ويقول: أرأيت من كان عنده خمر وهو قادر على شربها، وكذلك السرقة. ويقول: الذى ينبغى أن يقال من جرى له سبب يقتضى المطالبة بأن يملك هل يعد مالكا لجريان السبب أو لا؟ لفقدان الشرط، مثاله من سرق من الغنية، أما من لم يجز له سبب فكيف يعد مالكا. القرافى: فى الفرق الحادى والعشرين والمائة بين قاعدة من ملك أن يملك هل يعد مالكا أم لا؟ وبين قاعدة من انعقد عليه سبب مطالبته للملك هل يعد مالكا أم لا؟: اعلم أن جماعة من مشايخ المذهب -رضى الله عنهم -أطلقوا عبارتهم بقولهم: من ملك أن يملك هل يعد مالكا أم لا؟ قولان، ويخرجون على ذلك فروعا كثيرة فى المذهب، إذا وهب له الماء فى التيمم، هل يبطل تيممه بناء على أنه يعد مالكا أم لا يبطل بناء على أنه لا يعد مالكا؟ ومن عنده ثمن رقبة هل يجوز له الانتقال للصوم فى كفارة الظهار أم لا؟ قولان، مبينان على أن من ملك أن يملك هل يعد مالكا أم لا؟. ومن قدر على المداوة فى السلس (بالتسرى) أو التزويج هل يجب عليه (الوضوء) أم لا؟ بناء على أن من ملك أن يملك هل يعد مالكا أم لا؟ وكثير من هذه الفروع زعموا أنها مخرجة على هذه القاعدة، وليس الأمر كذلك، بل هذه القاعدة باطلة وتلك الفروع لها مدارك غير ما ذكروه، وبيان بطلانها أن الإنسان ملك أن يملك أربعين شاة فهل يتخيل أحد أن يعد مالكا قبل/ 24 - أشرائها حتى تجب عليه الزكاة على أحد القولين وإذا

كان الآن قادرا على أن يتزوج فهل يجرى فى وجوب الصداق، والنفقة عليه قولان قبل أن يخطب المرأة، ولأنه ملك أن يملك خادما ودابة فهل يقول أحد إنه عد مالكا لهما فتجب عليه نفقتهما على قول من الأقوال الشاذة أو الجادة، بل هذا لا يتخيله من عنده أدنى مسكة من العقل والفقه. وكذلك الإنسان ملك أن يشترى أقاربه فهل يعده أحد من الفقهاء مالكا لقريبه فيعتق عليه قبل شرائه، على أحد القولين، فى هذه القاعدة على زعم من اعتقدها بل هذا كله باطل بالضرورة، ونظائر هذه الفروع كثيرة ولا تعد ولا تحصى كثرة، ولا يمكن أن تجعل هذه من قواعد الشريعة ألبتة بل القاعدة التى يمكن أن تجعل قاعدة شرعية، ويجرى الخلاف فى بعض فروعها لا فى كلها، أن من جرى له سبب يقتضى المطالبة بالتمليك هل يعطى حكم من ملك أم لا؟ صح من الفروق. الإمام أبو القاسم بن الشاط: ما نسبه إلى مشايخ من أهل المذهب واعتقده منهم من أنهم أرادوا مقتضى عبارتهم المطلقة ليس بصحيح، وما اختاره من عدم إرادة مقتضى الإطلاق هو الصحيح، والظن بهم أنهم إنما أرادوا ذلك والله أعلم انتهى .. القرافى إثر الكلام السابق: ومالك قد يختلف فى هذا الأصل بحسب بعض الفروع ولذلك مسائل، فذكر مسائل الغنيمة قبل القسمة، وعاملى القراض، والمساقاة ومستحق الأخذ من بيت المال إذا سرق منه، وجعلها محل اختلاف، ومسألة الشريك فى الشفعة إذا باع شريكه تحقق له سبب يقتضى المطالبة بأن يملك الشقص المبيع قال: ولم أر خلافا فى أنه غير مالك وقد مر أنها من مسائل الخلاف، وأنه مبنى على هذا الأصل. ثم قال: فهذه القاعدة على ما فيها من القوة (من جهة) قولنا جرى له سبب التمليك فى تمشيتها عسر لأجل كثرة النقوض عليها، أما هذا المفهوم وهو قولنا: من ملك أن يملك

مطلقا من غير جريان سبب يقتضى مطالبة بالتمليك ولا غير/ 24 - ب ذلك من القيود فهذا جعله قاعدة شرعية ظاهر البطلان، لضعف الناسبة جدا أو لعدمها ألبته أما إذا قلنا إنعقد له سبب يقتضى المطالبة بالتمليك فهو مناسب لأن يعود مالكا من حيث الجملة تنزيلا لسبب السبب منزلة السبب وإقامة السبب البعيد مقام السبب القريب فهذا يمكن أني يتخيل وقوعه قاعدة فى الشريعة أما مجرد ما ذكروه فليس فيه إلا مجرد الإمكان والقبول وذلك فى غاية البعد عن المناسبة فلا يمكن جعله قاعدة شرعية وتخرج تلك الفروع بغير هذه القاعدة. ففى الثوب للستر تلاحظ فيه قوة المنة فلا يلزمه، أو أنه إعانة على دين الله ليس من باب تحصيل الأموال فيلزمه، ويكافئ عليه إن شاء، وكذلك القول فى الماء يوهب هل ينظر إلى يسارته فلا منة، أو تلاحظ المنة وهى ضرر، والضرر ينفى عن المكلف لقوله عليه السلام: "لا ضرر ولا ضرار" وقوله تعالى: {وما جعل عليكم فى الدين من حرج} وواجد الثمن يتخرج على تنزيل وسيلته منزلته أم لا؟ وكذلك القادر على التداوى إلى غير ذلك من النصوص، والأقيسة، والمناسبات التى اشتهرت فى الشريعة اعتبارها، وهى مشتملة على موجب الاعتبار [وأما ما لا يشتمل على موجب الاعتبار] فلا يمكن جعله قاعدة شرعية بل ينبغى أن يضاف إليه من القيود الموجبة للمناسبة كما تقدم ما يوجب اشتماله على موجب الاعتبار، ونقل النقوض عليه، وتظهر مناسبته، أما عدم المناسبة وكثرة النقوض فاعتبار مثل هذا من غير ضرورة خلاف المعلوم من نمط الشريعة فتأمل ذلك فإنه قد كثر بين المتأخرين خصوصا الشيخ أبا طاهر بن بشير فإنه اعتمد عليه فى كتابه المعروف بالتنبيه كثيرا انتهى.

قال بعض الشيوخ: قول المؤلف يتخرج على تنزيل وسيلة الشئ منزلته، هو معنى قول القائل من ملك ثمن الماء هل يعد أنه ملك الماء أم لا؟ فغيرت العبارة وما أتيت بشئ، وكذلك القول فيما ذكر من القدرة على التداوى، بل ما ذكره/ 25 - أأبعد من أن يكون قاعدة شرعية، لأن الشرع قد أسقط ما ذكره من اعتبار الوسيلة لقول النبى صلى الله عليه وسلم لما سئل عن قبلة الصائم "أرأيت لو تمضمضت بماء فمججته أكان يفطرك" أو كما قال عليه السلام فنبه على أن وسيلة الشئ ليست كالشئ فتأمل. قوله: "قراف" هو فاعل عاب. وقوله: "فبطل" أى هذا الكلام من حيث ظاهرهـ وإلا فهو صحيح من حيث التأويل حسبما للمقرى وابن الشاط. [ص] 49 - وهل بغسل العضو عنه يرتفع ... حدثه أم بالفراغ وسمع 50 - إنكار بعض كأبى بكر وقد ... أجيب عنه، وكذا بحث ورد [ش] أى هل بغسل العضو يرتفع حدثه عنه أم لا يرتفع إلا بالكمال والفراغ؟. وعلى هذا الأصل تفريق النية على الأعضاء هل يجزى معه الوضوء أم لا؟ ولابس أد الخفين قبل غسل الأخرى عند قوم. واستشكل ابن راشد تفريق النية، وحكى عن بعض أشياخه إنكار القاعدة التي بني عليها

خلاف المسألة. وقال: لا أصل لهذا. وكذا أبو بكر بن العربى فى العارضة قال: هذا أصل ما علم فى المذهب ولا خطر على بال شيخ منا، ولا قال ذلك منا قط شيخ. فابن عربى برى ممن يترك بناء فروع المذهب على أصوله ويطلب لها أصول الشافعية ليغرب بها. وقال أيضا: طهارة كل عضو بانفراده لا يوجد إلا لشافعية وهو أصل فاسد، لأنه يلزم عليه جواز مس المصحف لمن غسل وجهه ويديه، وهو خلاف الإجماع القرافى: الحدث هنا هو المنع الشرعى من الصلاة ونحوها، والمنع بتعلق بالمكلف لا بالعضو، ولو غسل جميع الأعضاء إلا لمعة واحدة لما ارتفع المنع [فهذا القول غير معقول] وقبله ابن راشد، وابن النشاط. ابن عبد السلام: أنكر بعض المتأخرين وجود الخلاف فى المذهب هل يظهر كل عضو بانفراده، ولا وجه لإنكاره (بعد) نقل جماعة له، والمسائل الدالة عليه كمسألة تفريق النية على الأعضاء، ولابس أحد الخفين قبل غسل الأخرى، ولا يضر أن لها أصلا آخر تجرى عليه، إذ كثير من المسائل لها أصول تحاول منها فتارة يقع/ 25 - ب التعارض بين تلك الأصول، وتارة تتضافر كما يكون للحكم الواحد فى المسألة الواحدة أدلة كثيرة، إلا أن هذا الخلاف ونقله على هذا الصورة يقتضى أن حكم الحدث أو رفعه مقصور على أعضاء الوضوء خاضة، فإذا غسل الوجه مثلا ففى قول يرتفع الحدث عنه وفى قول لا يرتفع إلا بغسل

الرجلين، وهذا يوجب أن بقية الأعضاء لا حدث عليها، حتى أنه يجوز لمحدث أن يمس المصحف بغير أعضاء الوضوء إذ الحدث وارتفاعه إنما يكون فيها وعنها وهو بعيد انتهى. فالزم على كون الحدث لا يرتفع إلا بالإكمال أن يجوز للمحدث أن يمس المصحف بغير أعضاء الوضوء، وكذلك الزم عليه أيضا عدم تأثير الحدث فى الطهارة إلا بعد كمالها، لأنه إن لم تحصل الطهارة فلا معنى لنقضها فإذن من توضأ ثم بال بعد غسل الرجل اليمنى مثلا لم يلزمه غير غسل الرجل اليسرى وهذا هو البحث الذى أشار إليه المؤلف. ابن عرفة: نفى ابن العربى وجود القول بأن كل عضو غسل ارتفع عنه حكم الحدث بدليل إجماع الأمة على منع من غسل وجهه ويديه من مس المصحف قبل تمام وضوئه. ويرد بأن الإجماع الذى حكاه ابن العربى إنما هو لاحتمال عدم تمام وضوئه وتمام وضوئه كاشف رفعه عما فعل حين فعل ككشف إمضاء بيع الخيار، أنه كان منعقدا يوم نزل. الأبى: وفيه تكلف، ثم هو غير سديد لمخالفته لقولهم إنه يظهر بالفراغ منه دون انتظار شئ ولذا بنوا عليه مسألة تفريق النية على الأعضاء، ولمخالفته لظاهر الحديث المتقدم. وأبين من جوابه أن شرط مس المصحف طهارة الشخص لا العضو لقوله تعالى: {لا يمسه إلا المطهرون} فالعضو قد طهر بالفراغ منه ولا يمس المصحف حتى

يطهر الشخص. المقرى: قاعدة: اختلف المالكية فى الحدث هل يرتفع عن كل عضو بالفراغ منه كما تخرج منه الخطايا، أو بالإكمال، فمن لم يغسل رجله حتى قطعت ولم يبطل الفور هل يعيد الوضوء وهو مقتضى الأكمال، لأن تعذره لا يوجب رفع الحدث بعد/ 26 - أوضعه إلا بدليل، والأصل عدمه أو لا؟ وهو مقتضى الاستقلال؟ ابن العربى: ينكر كون هذا مذكورا فى المذهب لا أصلا ولا فرعا، ويشنع على من يضيفه إليه والمثبت مقدم. وقال أيضا: قاعدة: اشتمال الشئ على الشئ قال ابن أبى زيد: يزول بتجدد سبب المطالبة بالداخل، فمن أحدث فى الغسل بعد الوضوء نواه لانقطاع تعلق الجنابة بأعضاء الوضوء فلا تتعلق نيتها بها. وقال ابن القابسى: لا يزول ما دام القصد متعلقا بالعام فلا ينويه. وبنى أيضا على رفع الحدث عن كل عضو أهو بالفراغ منه أم بالإكمال أو على أن الدوام كالابتداء أو لا؟ وقد عقدت فيه فى بعض ما كتبته فصلا حسنا لمن أراده انتهى. وسيأتى لهذه القاعدة محل أليق بها من هذا.

قوله: "وسمع إنكار بعض كأبى بكر" البيت -: أى قبل إنكار بعض الفقهاء كالقاضى أبى بكر بن العربى، وجود القول بأن كل عضو يطهر بانفراده بمعنى أن بعضهم قبل إنكاره وصحح اعتراضه، ودخل ابن راشد تحت البعض فيكون قوله: "كأبى بكر" تمثيلا والمراد بالبعض هو ابن راشد فيكون ما بعده تنظيرا. وأشار بقوله: "وقد أجيب عنه" إلى أجوبة ابن عبد السلام، وابن عرفة، وتلميذه أبى عبد الله الأبى على إنكار ابن العربى، وإياه عنى صاحب إيضاح المسالك ببعض حذاق تلامذة ابن عرفة. والبحث الذى أشار إليه بقوله: "وكذا بحث ورد" هو كما مر بحث ابن عبد السلام فى أن الحدث لا يرتفع إلا بالإكمال، وإلزامه عليه جواز مس المصحف بغير أعضاء الوضوء وعدم تأثير الحدث فى الطهارة إلا بعد الفراغ حتى لا يلزم من بال (بعد) غسل الرجل غير غسل الرجل اليسرى. [ص] 51 - وهل تعدى رخصة محلها ... عليه كالنجس هل أبطلها 52 - معصية كسفر لبس وهل ... كذا كراهة تردد نقل [ش] هذان الأصل يتعلقان بالرخصة وهى: المشروع لعذر مع قيام المحرم لولا العذر. الأصل الأول: الرخصة هل تتعدى محلها إلى مثل معناه/ 26 - ب أم لا؟ المقرى: بخلاف الأدنى والأحرى فيتفق فى الأدنى على انتفاء التعدى، وفى الأحرى على ثبوته. وعلى هذا الأصل ثوب الظئر النجس هل يقاس على ثوب الأم أم لا؟.

وظاهر كلام ابن الحاجب، وخليل الترخيص لها وفرق ابن ناجى بين المضطرة وغيرها. أبو الحسن الصغير: ومن هذا المعنى الجزار، والكناف، وانظر الظئر. الوانوغى: ألحق بعضهم الجزار والكناف فإذا صح إلحاقهما فالطئر أحرى، ويشملها لفظ الأم، والعلة موجودة فلا معنى للتوقف فهو أقوى. الأصل (الثاني): هل تبطل المعصية الترخيص [أم لا؟. وعليه الخلاف فى قصر العاصى بالسفر كالآبق والعاق بسفره ويمسح المحرم والعاصى بسفره وفطره، والأصح عدم الترخيص له ما لم يتب إلا فى تناول الميتة فإن الأصح الترخيص] حفظا للنفس، بل ترك الأكل معصية. ابن عبد السلام: والحق أنه لا ينتفى من الرخص بسبب العصيان بالسفر إلا رخصة

يظهر أثرها فى السفر [دون الحضر كالقصر، والفطر، وأما رخصة يظهر أثرها فى السفر] والإقامة كالتيمم، ومسح الخفين فلا يمنع العصيان منها انتهى. وإذا قلنا لا يترخص بسبب المعصية فهل كذلك المكروه، كصيد اللهو لطلب الكف عنه أم يترخص لأنه من قبيل الجائز، فيه خلاف والأول أصح. وأما على قول ابن عبد الحكم بإباحة الصيد للهو فلا إشكال فى أنه يقصر، ومن المكروه السفر إلى أرض العدو أو بلد السودان. قال الإمام أبو عبد الله المقرى: قاعدة: اختلف المالكية فى الرخص أهى معونة فلا تتناول العاصى أم تخفيف فتتناوله؟ وأقول على المعونة إنه يستعين بها على العبادة فيتيمم استعانة على الصلاة لا على السفر، ولا يفطر ولا يقصر إذا قلنا إن القصر مباح وهو الصحيح، لا يقال عقوبة على الإصرار، لتمكنه من التوبة، لأنا نقول: العقوبة على المعصية بالمعصية تكثر لها {وطبع الله عليها بكفرهم} لا يقاس عليه فإن الله يحكم ما يشاء، ولهذا قال ابن العربى: لا يستوفى القصاص بالمعصية كالخمر، والفاحشة/ 27 أوهى قاعدة أخرى. وأصلها أن كل ما هو مطلوب الانتفاء لا يصير مطلوب الوجود إلا بنص أو معارض أقوى، وعلى أنه لا يترخص، يعنى المكروه كصيد اللهو خلاف على قاعدة منافاة الكراهة للمعونة لطلب الكف، أو عدم منافاتها لجواز الفصل أى على أى الشائبتين تغلب

فصل الصلاة

والظاهر تساويهما فيكره. قوله: "وهل تعدى رخصة محلها" أى تعدى أم لا؟ وتعدى بضم التاء مبنيا للمفعول أو بفتحها بحذف إحدى التائين. قوله: "كالنجس"أى نجس ثوب الظئر، أو ثوب الظئر النجس فالتقدير الأول على فتح الجيم. والثانى على كسرها، وفى بعض النسخ "كالسالس" أى ذى السلس يؤم غيره، أو يصلى غيره بثوبه، ونحو ذلك. وفى معناه ذو القروح، وهو داخل تحت الكاف. قوله: "تردد نقل" يحتمل أن يكون جوابا عما يليه، وهو المكروه، ويقدر مثله لكل من الأولين، أو يقدر لهما فيه خلاف والأول أحسن، أى هل تعدى رخصة محلها أم لا؟ نقل فى ذلك تردد، وهل إبطال الرخصة معصية أم لا؟ نقل فى ذلك تردد. وعلى إبطال المعصية للرخصة فهل الكراهة كذلك، أو هى كالإباحة نقل أيضًا فيه تردد، ويحتمل كونه جوابا عن الجميع، أى تردد نقل فى كل من الثلاثة. ابن شاس: فى المكروه تردد. ابن عبد السلام: والظاهر أن الكراهة لا تمنع الترخيص لأن الأصل فى هذا كله إنما هو اشتراط نفى البغى والعدوان فى أكل الميتة، وفاعل المكروه ليس بباغ ولا عاد. فصل أي فصل الصلاة 53 - هل كل جزء من صلاة مستقل ... أم أول وقف لآخر قبل 54 - عليه طارئ العتق فيها والنجس ... وأمكن الستر ونزع ما لبس أى هل كل جزء من الصلاة مستقل أم أولها موقوف على آخرها المقبول شرعا؟ اختلفوا فيه.

والأول قول الشافعي وعليه طرو العتق فى الصلاة لمكتشفة الرأس والنجاسة على المصلى وأمكن الستر والنزع بسرعة، هل تقطع أم لا؟. وكذلك العريان يجد ثوبا. وأما لو بلغها فقولان أيضا على حكم النسخ هل يلزم بالوقوع، أو/ 27 - ب بالبلاغ وعليه تصرف الوكيل والقاضى وإمام الجمعة. قال القاضى أبو عرد الله المقرى: قاعدة: اختلف المالكية هل كان جزء من الصلاة قائم بنفسه كالشافعى، أو صحة أولها متوقف على صحة آخرها؟ وعليه لو طرأ العتق فى الصلاة لمنكشفة الرأس والنجاسة على المصلى وأمكن الستر أو النزع بسرعة، فهل تقطع أم لا؟ وأما لو بلغها فقولان أيضا، على حكم النسخ هل يلزم بالوقوع أو بالبلاغ وهي أصولية

وعليها بنى اختلافهم فى تصرف الوكيل بينهما أيضا. وقال أيضا: قاعدة: اختلف المالكية هل كل جزئ من الصوم قائم بنفسه أم آخره مبنى على أوله؟ وعلى الأول تبطل نيته بالقصد إلى الفطر. وعلى الثانى لا تبطل. قوله: "أم أول وقف لآخر قبل" أى أم أولها وقف أى ذو وقف أو موقوف على آخر قبل شرعا، فوقف على حذف المضاف. أو أريد به المفعول. ومراده بالقبول الصحة وكثيرا ما يطلق على ما هو أخص من الصحة، وهو ترتيب الثواب على العادة. قوله: "عليه طارئ العتق فيها" -البيت -أى على هذا الأصل مسألة العتق الطارئ على الأمة المنكشفة الرأس فى الصلاة، وهى متمكنة من ستره، هل تستره وتتمادى أو تقطع، وكذا لو طرأ النجس على المصلى ومكن نزعه هل ينزعه أو يتمادى أو تبطل. فقوله: "وأمكن الستر ونزع ما لبس" [مرتب على ما قبله فإمكان الستر راجع إلى طارئ العتق وإمكان نزع ما لبس] راجع إلى المصلى بالنجس. والستر: بفتح السين إذ المراد به الفعل كالنزع وإضافة الطارئ إلى العتق من إضافة الصفة إلى الموصوف. والنجس بتقدير مضاف، وجار ومجرور، أى وطارئ النجس فيها. ولبعض شيوخ شيوخنا بحث ظاهر فى تنزيل هذه القاعدة على مسألة الأمة. قال ما نصه: يظهر لى أن مسألة الأمة الآخر فيها متوقف على صحة أولها، إذ يصدق عليها أنها صلت صلاة بعضها بقناع، وهو الآخر، وبعضها بغير قناع وهو الأول. ومسألة النجاسة هى على العكس من مسألة الأمة، إذ يصدق عليها أن بعضها صلى بنجاسة/ 28 - أوهو حين وقع النجاسة وهو الآخر، وبعضها صلى بغير نجاسة وهو الأول، فالأول فى هذه موقوف على الآخر، فعلى هذا ينبغى أن يقال فى القاعدة هل كل جزء من الصلاة

قائم بنفسه أم بعضها متوقف على بعض. انتهى قلت: قد عبر الإمام أبو القاسم البرزلى عن هذه القاعدة بمثل ما اختاره هذا الشيخ، وذلك أنه قال: أثر ذكر مسألة الأمة وتتخرج عندى على جزء من الصلاة هل هو مستقل بذاته أو كلها كشئ واحد، وهى مسألة ناسى سجود الأولى وركوع الثانية هل يضيف سجود الثانية لركوع الأولى أم لا؟ ونحو ذلك. من ذكر نجسا فى الصلاة وأمكنه نزعه. قلت: ولو قال الناظم: "وبعضها وقف على بعض قبل" لكان موافقا لكلام البرزلى ولم يرد البحث، وهذه القاعدة شبيهة بالقاعدة المتقدمة فى الطهارة، وهى كل عضو غسل ارتفع عنه حكم الحدث -إلى آخرها -فالصدر يشبه الصدر والعجز يشبه العجز، فافهم. 55 - وهل تقدر التى تشترك ... بأولى أو أخرى لوقت يدرك أى هل تقدر الصلاة التى تشترك لأجل إدراك الوقت بالأولى، أم بالأخرى؟ وهى معنى قولهم هل التقدير بأولى المشتركين، أم بالآخرة؟. وعليه قدوم مسافر وطهر حائض وشبه ذلك لأربع قبل الفجر، فالقول الأول مبنى على أن الاشتراك بينهما من أول الوقت إلى آخره وسبقية الأولى مبطلة حصة الثانية من الوقت.

والثاني: مبني على أن الأولى تختص بمقدراها من أول الوقت حضرية أو سفرية والثانية تختص بمقدارها من آخر الوقت، حضرية أو سفرية. ابن الحاجب: والمشتركتان الظهر والعصر، والمغرب والعشاء لا تدركان معا إلا بزيادة ركعة على مقدار الأولى، عند ابن القاسم وأصبغ. وعلى مقدار الثانية عند ابن عبد الحكم، وابن الماجشون، وابن مسلمة وسحنون وعليهما اختلفوا إذا طهرت الحائض لأربع قبل الفجر، قال أصبغ: سألت ابن القاسم آخر مسألة فقال: أصبت وأخطأ ابن عبد الحكم. وسيل/ 28 - ب سحنون فعكس. ولو طهرت المسافرة لثلاث فقولان، على العكس، فلو حاضتا فكل قائل بسقوط ما أدرك انتهى. ولابن عبد السلام هنا بحث حسن قال ما نصه: والظاهر -والله أعلم -إن كان الاشتراك يعم الوقت فينبغى أن تدرك الصلاتان

بركعتين فأكثر وسبقية الأولى ليست بمبطلة حصة الثانية من الوقت، والبحث فيه قريب من البحث فى شرطية الطهارة [فى الإدراك، وعدم الشرطية هنا أظهر إذ لا نزاع فى شرطية الطهارة]. للصلاة فقد تكون شرطا فى إدراك وقتها، وتقديم الأولى على الثانية [لا تتبين شرطيته فى الثانية كل التبين كما فى الطهارة. وأما إن بنينا على الاختصاص فينبغى أن يكون التقدير بالثانية لا بالأولى إذ ما زاد من الوقت على الثانية] هو الذى يكون للأولى، فيترجح مذهب ابن عبد الحكم بناء على الاختصاص، ولا يحصل إدراك شئ من الصلاتين بركعة واحدة على القول بتعميم الاشتراك انتهى. قال الإمام أبو عبد الله المقرى: قاعدة: قالت المالكية: الجميع دليل الاشتراك لأن الأصل وقوع كل صلاة فى وقتها ومهما تعين الجمع أمكن لدفع التعارض. ثم اختلفوا: هل تشترك الصلاتان من أول وقت الأولى إلى آخر وقت الثانية أو تختص الأولى من أول وقتها والثانية من آخر وقتها بمقدارها حضرية أو سفرية، فإذا طهرت الحائض لأربع ركعات، فان قلنا بالأول صلت المغرب والعشاء، وإن قلنا بالثانى صلت العشاء فقط. قاعدة: مذهب ابن القاسم أن آخر الوقت لأول الصلاتين، وقال سحنون: الآخر للآخرة، قال أصبغ: آخر مسألة سألت عنها ابن القاسم إذا ظهرت المسافرة قبل الفجر لثلاث، فقال تصلى العشاء فقط، فذكر ذلك لسحنون فقال: هى مدركة للصلاتين فابن القاسم يرى أن الصلاتين لا تدركان إلا بزيادة ركعة على مقدار الأولى، فهى عنده فى مقابلة الثانية، وسحنون على مقدار الثانية، فهى فى مقابلة الأولى. ولو صلت العصر أولا ثم حاضت لأربع ففى سقوط/ 29 - أالظهر قولان على القاعدة وهى فرع القاعدة قبلها انتهى. قلت: انظر ما نسبه لابن القاسم من أن آخر الوقت لأول الصلاتين، ولعل نسبته

لا تصح بل ولا يصح أيضا فى نفسه. خليل: والمعلوم أن آخر الوقت إما أن تختص به الأخيرة أو تشاركها الأولى أما أن يكون للأولى وليس للآخرة فيه حظ فلا، ويلزم عليه فى السقوط والإدراك أشياء لا قائل بها صح من التوضيح. نعم كثيرا ما يقال إذا أريد إدخال الرواية التى فى الجلاب فيمن سافر لثلاث إلى ركعة قبل الفجر أن العشاء حضرية خلاف الرواية المعروفة أنها سفرية هل آخر الوقت لأخرى الصلاتين أو أولاهما وإنما المعلوم ما تقدم ولا يؤخذ ما نسبه المقرى لابن القاسم، من تقديره بالأولى، إذ قد وجه بخلاف ذلك، وهو أن أولى الصلاتين لما وجب تقديمه على الأخرى فعلا وجب التقدير بها. ووجه الثانى بن الوقت إذا ضاق ولم يسع إلا إحدى الصلاتين فالذى يجب عليه إنما هى الأخيرة اتفاقا، بدليل أن من أدرك أربع ركعات قبل المغرب إنما تجب عليه العصر فقط اتفاقا، فإذا تزاحمت الصلاتان على آخر الوقت، تثبت الأخيرة وتسقط الأولى فدل على أن آخر الوقت مستحق لآخر الصلاتين. قوله: "وهل تقدر التى تشترك" أى الصلاة التى تشترك فى الوقت الضرورى -وهى الظهر والعصر، والمغرب والعشاء -ولا يريد الاختيارى لعدم دخول المغرب والعشاء حينئذ لضيق وقت المغرب على المشهور فالوقت الذى وقع التزاحم عليه هو الضرورى. وفي بعض النسخ "اللوا" بدل "التى" وهى من جموع التى. قوله: "لوقت يدرك" اللام للتعليل فيتعلق بتقدر، أو هى لام المآل فيتعلق بمحذوف دل

عليه الكلام، أى اختلف لإدراك الوقت بمعنى أن يؤول الخلاف إلى ذلك، والله تعالى أعلم. [ص] 56 - هل يخرج السلام عنها سهوا ... نعم ولا لكن ذاك أقوى 57 - عليه هل يرجع بالإحرام ... ثلاثة كالثرب والطعام [ش] قال صاحب التوضيح: اختلف فى السلام سهوا هل يخرج المصلى عن حكم/ 29 - ب صلاته أو لا؟ على قولين حكاهما صاحب البيان وغيره. ونسب فى المقدمات القول بأنه لا يخرجه لأشهب وابن الماجشون واختيار ابن المواز وعليه يرجع إلى الصلاة بغير إحرام. والقول بالخروج لابن القاسم فى المجموعة، ورواه عن مالك، وهو قول أحمد بن خالد. وعليه فيرجع إليها بإحرام، وهذا الخلاف إنما إذا سلم قاصدا للتحليل وهو يرى أنه قد أتمها ثم شك فى شئ منها، وأما إن سلم ساهيا قبل تمام صلاته فقال فى المقدمات: لا يرجع بذلك بإجماع انتهى. وقال أيضا بعد، على قول ابن الحاجب: وبنى بغير إحرام إن قرب جدا اتفاقا وإلا فقولان: فى هذه المسألة ثلاثة قوال: قول: بأنه يحرم مطلقا نقله الباجى عن مالك من رواية ابن القاسم. ونقل القول بعدم الإحرام عن بعض القروبين، واستبعده ونقله بعضهم عن مالك فى العتيبية. والثالث بالتفصيل، إن قرب لم يحرم وإن بعد أحرم. وعلى هذا فينتقض الذى ذكره المصنف وإن كان قد تبع فيه ابن بشير.

وقد قيل إن بعض أًحاب المصنف راجعه فى ذلك فتوقف وأشار أن يجعل مكان الاتفاق على الأكثر وكذلك يوجد فى بعض النسخ على أن الافاق يمكن أن يكون عائدا على البناء أى يبنى فى القرب جدا اتفاقا. وقوله: "وإلا فقولان" قال المازرى: المشهور إذا قرب ولم يطل جدا أنه يرجع بإحرام، وهذا كله مقيد بما إذا لم يطل جدا، أما إذا طال لم يصح له البناء على المشهور خلافا لما فى المبسوط. قوله: "نعم" هو إشارة إلى القول الأول بالإخراج وهو قول ابن القاسم روايته وابن الماجشون، واختيار محمد أى قيل نعم وقيل لا. قوله: "لكن ذاك أقوى" الإشارة إلى القول الأول أى أصح من جهة النظر وهو أيضا المشهور. قوله: "ثلاثة" أى ثلاثة أقوال، وقد تقدمت والأولان على القاعدة والثالث على أن ما قرب من الشئ له حكمه. والأول فى الرسالة وهو اختيار الباجى موجب الإحرام عنده القصد إلى الخروج منضما إلى السلام. قوله: "كالشرب والطعام" يعنى ما إذا أكل أو شرب بعد أن سلم من اثنتين مثلا سهوا/ 30 - أفعلى أن السلام سهوا يخرج عن حكم الصلاة تبطل، وعلى عدم

إخراجه ينجبر السجود، وليس الخلاف فى الأكل والشرب كالخلاف فى مجرد السلام سهوا، لأن مجرد السلام لا يبطل اتفاقا، وإنما اختلف هل يوجب الإحرام أم لا؟ بخلاف الأكل والشرب فالخلاف فى البطلان، والانجبار بالسجود فإن التشبيه إنما هو فى جنس الإخراج، وان أختلف النوع، إذ نوعه الأول الرجوع بالإحرام وعدمه. وفى الثانى البطلان وعدمه. وقد قسم فى المقدمات الفعل اليسير فى الصلاة من غير جنسها على ثلاثة أقسام: منها: ما يجوز كقتل عقرب تريده ولا شئ فيه. ومنها: ما يكره كقتلها وهى لا تريده فهذا يتخرج السجود فيه على قولين. ومنها: ما يمنع كالأكل والشرب، فهذا قيل يسجد له، وقيل تبطل الصلاة. أبو عمرو بن الحاجب: وفيها: إذا سلم من اثنتين فأكل وشرب -وجاء أو شرب -بطلت. وفيها: إذا أكل أو شرب فى الصلاة أجزأه سجود السهو. فقيل: اختلاف، وقيل: لا. وفرق بالكثرة إما لأن الأولى مع السلام، وإما لأن فيها أكل وشرب، وهذا أو شرب. [ص] 58 - هل اجتهاد أم إصابة تجب ... عليه قبلة كمسكين كذب [ش] 59 - إن لم يل الوالى وإلا جوزا ... وراعف وخارص ذبح جزا أى اختلف هل الواجب الاجتهاد أم الإصابة وقد مر أن هذا الأصل في معنى

ما تقدم من قولنا الحكم فيما ظاهره الصواب والحق وباطنه خطأ وباطل هل يغلب حكم الظاهر فتنفذ الأحكام، أم يغلب حكم الباطن على حكم الظاهر فترد الأحكام. وعلى هذا الأصل الخطأ فى القبلة ومسكين الزكاة، والكافر وجزاء الصيد وفدية الأذى وشبه ذلك وتعذر رده. وخطأ الخارص أى خارص التمر والعنب يتبين غلطه بأن زاد ذلك على تخريصه هل يزكى الزائد أم لا؟. قوله: "كمسكين" أى كمسكين قال أنا فقير، فاجتهد فيه، فظنه كما قال فأعطاه هل تجزئه؟ ومن ظن فراغ الإمام بعد غسل الرعاف فأتم مكانه ثم أخطأ ظنه وبالعكس.

ومن تحرى صلاة الإمام وذبحه ثم تبين الخطأ هل/ 30 - ب يجزئ ذبحه أم لا؟ وكذا جزاء الصيد إذا تبين خطأ الحكمين فيه هل يجزى، أم لا؟ وشبه ذلك مما يدخل تحت الكاف، كما لو تطهرت حائض بنجس ثم علمت بحيث لو أعادت خرج الوقت، ففى القضاء قولان بناء على الإصابة أو الاجتهاد. قال القاضى أبو عبد الله المقرى: قاعدة: اختلف المالكية فى المطلوب بالاجتهاد أهو الحكم والإصابة، أم استفراغ الوسع المستلزم لهما غالبا، فإذا اجتهد فى قبلة فأخطأ فقيل: تلزمه الإعادة كالشافعى. وقيل: لا، كالنعمان إلا أنها تستحب فى الوقت للخلاف. وأقول: المطلوب الإصابة، ثم أفرق فى الإعادة بين الرجوع إلى العلم أو الظن. ولو تطهرت الحائض بماء نجس ثم علمت بحيث لو أعادت خرج الوقت ففى القضاء قولان، ولو ظن الغنى فقيرا ففى الأجزاء قولان [ولو أخطأ الخارص ففى السقوط قولان]. قوله: "كمسكين كذب" أى كمسكين فى دعواه ثم كشف الحال أنه كاذب فيها.

قوله: "إن لم يل الوالى وإلا جوزا" أى هذا الخلاف إن لم يل الوالى تفرقتها وإلا أجزأت اتفاقا، وقد مر التنبيه على هذا عند قول المؤلف فى القاعدة السابقة "كمصرف". وفى بعض النسخ يجتزا، بدل جوزا. قوله: "وراعف وخارص ذبح جزا" يحتمل أن تقرأ بالرفع عطفا على قبلة، وبالخفض عطفا على مسكين وأراد بالجزا: إجزاء الصيد إذا حكم به عدلان، ثم تبين أنه يساوى أكثر مما حكما به. [ص] 60 - هل كل من له اجتهاد واجد ... فيها لظن نسبت أو واحد [ش] أى هل كل مجتهد فى الفروع الظنية مصيب، أو المصيب واحد لا بعينه؟ اختلفوا فيه، ومن ثم، أجمعوا على إجزاء صلاة المالكى خلف الشافعى وبالعكس وإن اختلفا فى مسح الرأس وغيره من الفروع حكى هذا الإجماع المازرى. واعتذر عن قول أشهب: من صلى وراء من لا يرى الوضوء من القبلة أعاد أبدا بأنه رأى الوضوء من القبلة كالأمر القطعى، وقوى باعتذاره بقول أشهب: بخلاف مس الذكر، لأنه رآه ليس كالقطعى/ 31 أ. وخرج اللخمى الخلاف فى جواز ائتمام أهل المذاهب الفروعية الظنية من قول أشهب. ابن راشد: وفيما قاله المازرى نظر ومن أين لأشهب دليل قطعى على وجوب الوضوء من القبلة، وقد قال ابن الخطيب فى محصوله: الدلائل السمعية لا تفيد اليقين إلا بنفى تسع احتمالات وما أظن ذلك بموجود، نعم إن مراتب الظنون تقوى وتضعف وبالجملة فاستقراء اللخمي صحيح.

ابن عبد السلام: ليس هناك إجماع وقد نص الشافعية على الخلاف عندهم فى ذلك بل ظاهر كلام المازرى فى كتاب الأقضية وجود الخلاف فى ذلك، لأن فى العتبية عن ابن القاسم ولو أعلم أن أحدا لا يقرأ فى الركعتين الأخيرتين ما صليت خلفه. ابن عرفة: فما اعتذار المازرى عن قول سحنون يعيد من ائتم بمن لا يرى الوضوء من القبلة أو مس الذكر ما لم يطل. ابن عرفة: فالإجماع المذكور فى الخلاف هو من حيث اعتقاده، لا من حيث تركه ما يوجبه المأموم فهل هو المخرج فيه. وكذا لابن عبد السلام. وعليه إذا أختلف اجتهاد رجلين فى القبلة، أو الأوانى، أو الأثواب التى بعضها نجس هل يؤم أحدهما الآخر أم لا؟. ابن الحاجب: فى القبلة وإذا اختلفا لم يأتما. ابن عبد السلام: هذا بين وهو فيه أبين منه فى مسألة الأوانى إذا كثرت. ابن راشد: ورأيت فى بعض كتب المالكية جواز الائتمام مع كراهة فيصلى كل واحد إلى الجهة التى أداه إليها اجتهاده. قال القاضى أبو عبد الله المقرى: قاعدة: القرافى: لا يجرى القول بأن كل مجتهد مصيب فى القبلة لتعارض أدلة الأحكام دون أدلة القبلة، فلا يقع الخلاف فيها بين عالمين، لكن بين عالم وجاهل. قلت: ومن ثم قال المالكية: لا يأتما بخلف من يوجب الفاتحة مثلا بمن لا يقرأها.

وأصل القاعدة أن تعين الحكم يمنع تعدد المصيب وبالعكس كاحد الإناءين والثوبين، وكالعقليات ونحو ذلك، ومن قال المصيب واحد فإنما قاله لأنه اعتقد أن الله عز وجل فى الاجتهاديات أحكاما معينة أمر المجتهدين/ 31 - ب بالبحث عنها، وعذرهم بعد استفراغهم الوسع بعدم إصابتها بل آجرهم على بذل جهدهم فى طلبها وهو الأقرب. ومن قال كل مجتهد مصيب فما قاله إلا على اعتقاد أن لا حكم إلا ما ظن المجتهد فيها فالاحكام تابعة للظنون وليس فى نفس الأمر (حكم) معين وهذا يقول حكم الله عز وجل فى هذه الواقعة التحليل والتحريم لشخصين أو لشخص فى ورقتين انتهى. قال فى إيضاح المسالك تنبيه:: قد تقرر مذهبا أنه لا يجوز تقليد أحد المجتهدين للآخر فى مسألة القبلة والأوانى وجاز ذلك فى أكثر المسائل الفروعية قيل: إن الشافعى -رحمه الله تعالى -سئل عن هذه المسألة فقيل له: لم جاز أن يصلى المالكى خلف الشافعى وبالعكس وان اختلفا فى كثير من المسائل والفروع ولم يجز لكل واحد من المجتهدين فى الكعبة والأوانى أن يصلى خلف المجتهد الآخر؟ فسكت ولم يجب عن ذلك. وأجاب الشيخ عز الدين بن عبد السلام -رحمه الله تعالى -عن ذلك بأن قال: الجماعة للصلاة مطلوبة للشارع فلو قلنا بالامتناع من الائتمام خلف من يخالف فى المذهب، لأدى إلى تعطيل الجماعات إلا فى حالة القلة، أو قلة لجماعات وإذا منعنا من ذلك فى القبلة ونحوها لم يخل ذلك بالجماعة كبير خلل لندوة وقوع مثل هذه المسائل، وكثرة

وقوع [مثل هذه المسائل وكثرة وقوع] الخلاف فى مسائل الفروع وهو جواب حسن. قال القاضى أبو الدعائم سند بن عنان المصرى: إنما صحت صلاة أرباب المذاهب بعضهم خلف بعض لاعتقادهم أنهم يفعلون ما اختلفوا فيه، فالشافعى مثلا وإن لم يوجب إلا شعرة واحدة من الرأس فإنه يمسح المجموع، وكذلك الحنفى وإن لم يوجب الفاتحة إلا فى ركعة قال: ولهذا قال ابن القاسم: لو علمت أن أحدا يترك القراءة فى الأخيرتين ما صليت وراءه. فائدة: قال الشيخ العلامة الضابط الرحال أبو عبد الله محمد بن رشيد بضم الراء وفتح الشين المعجمة، فى رحلته وهو كتاب حسن غزير النفع جليل الفرائد لقيت/ 32 - أالشيخ تقى الدين بن دقيق العيد أول يوم رأيته بالمدرسة الصالحية دخلها لحاجة عرضت له، فسلمت عليه وهو قائم، وقد حف به جمع من طلاب العلم، وعرضت عليه ورقة وقد سئل فيها عن البسملة فى قراءة فاتحة الكتاب فى الصلاة، وكان السائل فيها ظننته مالكيا. فمال الشيخ فى جوابه إلى قراءتها للمالكى خروجا من الخلاف، فى إبطال الصلاة بتركها

وصحتها مع قراءتها فقلت: يا سيدى اذكر فى المسألة ما يشهد لاختياركم. فقال: وما هو؟ فقلت: ذكر أبو حفص -وأردت أن أقول الميانشى فغلطت وقلت: ابن شاهين -أنه قال: صليت خلف الإمام أبى عبد الله المازرى فسمعته يقرأ {بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين} ولما خلوت به قلت له: يا سيدى سمعتك تقرأ فى صلاة الفريضة كذا. فقال: أو قد تفطنت لذلك؟ فقلت له: يا سيدى أنت اليوم إمام فى مذهب مالك، ولابد أن تخبرنى. فقال لى: اسمع يا عمر قول واحد فى مذهب مالك أن من قرأ {بسم الله الرحمن الرحيم} فى الفريضة لا تبطل صلاته، وقول واحد فى مذهب الشافعى إن من لم يقرأ {بسم الله الرحمن الرحيم} بطلت صلاته، فأنا أفعل ما لا تبطل به صلاتى فى مذهب إمامى وتبطل بتركه فى مذهب غيره لكى أخرج من الخلاف. فتركنى شيخنا -رضى الله عنه -حتى استوفيت الحكاية وهو مصغ لذلك، فلما قطعت كلامى قال: هذا حسن، إلا أن التاريخ يأبى ما ذكرت، فإن ابن شاهين لم يلق المازرى. فقلت: أنا أردت الميانشىى فقال: الآن صح ما ذكرته انتهى. تنبيه: ظاهر هذه الحكاية يدل على أن التقليد لا يرفع الخلاف، وهو (خلاف) ما صرح به شهاب الدين فى قواعده وابن عبد السلام في شرحه.

وذكر حافظ المغرب القاضى أبو الفضل راشد فى بعض ما قيد فى المسألة قولين أحدهما: أن أحد الخصمين إذا التزم قول مالك فى نفى حكم أو إثباته أو فى نفى ضمان عن أحد الخصمين وثبوته على الآخر، وفى الحادثة قولان أن تراضيهما بذلك كقول مجمع عليه/ 32 - ب قد التزماه، وليس لأحدهما نزوع عن ذلك. والثانى: أن الخلاف لا يرفعه من ذلك إلا الحاكم إذا نزع أحدهما. وعزاه إلى محمد بن عمر بن لبابة، وما للمتيطى فى النكاح، والسلم وغير ذلك من هذا النمط معلوم. والقول بمراعاة الخلاف قد عابه جماعة من الفقهاء، ومنهم اللخمى وعياض وغيرهما من المحققين حتى قال عياض القول بمراعاة الخلاف لا يعضده القياس. وللشيخ المحقق أبى عبد الله بن عرفة -رحمه الله تعالى -فى القول بمراعاة الخلاف جواب كبير يطول بنا جلبه. فأجاب شهاب الدين -رحمه الله تعالى -عن مسألة الشافعى بجواب ينبنى على قاعدة وهى: أن قضاء القاضى متى خالف إجماعا أو قياسا جليا أو نصا صريحا، أو القواعد فإنا تنقضه كما سلف تقريره، فإذا كنا لا نقر حكما تأكد بقضاء القاضى فأولى أن لا نقره إذا

لم يتأكد، فعلى هذا لا يجوز التقليد فى حكم هو بهذه المثابة لأنا لا نقره شرعا، وما ليس بشرع لا يجوز التقليد فيه، فعلى هذه القاعدة كل من اعتقدنا أنه خالف الإجماع لا يجوز تقليده، فإذا كانت القاعدة هذه، حصل الفرق باعتبارها، وببيانه بذكر أربع مسائل، تأمل تمامه فى الفرق السادس والسبعين. تنبيه: قد نظم بعض النبلاء المواضع الأربعة التى ينقض فيها حكم الحاكم فقال: إذا قضى حاكم يوما بأربعة ... فالحكم منتقض من بعد إبرام خلاف نص وإجماع وقاعدة ... ثم قياس جلى فذك إفهام قوله: "هل كل من له اجتهاد واجد" -البيت -واجد الأول بالجيم بمعنى مصيب و (ما) واقعة على الأحكام أو الفروع، أو إلى ما يعود ضمير نسبت وأنثه مراعاة لمعناها أى هل كل من له اجتهاد مصيب فى الأحكام التى نسبت للظن، أى فى الأحكام الظنية، أم المصيب فيها واحد لا بعينه؟. واحترز من الأحكام القطعية فالمصيب فيها واحد قطعا /33 - أ. 61 - هل عدد الركعات ينوى ... .... ... ... أى اختلف هل تعتبر نية عدد الركعات أم لا؟. وعليه لو نوى القصر فأتم وعكسه.

ومن ظن الظهر جمعة وعكسه. ومن أتم بعد نية القصر وعكسه. ومن رعف فى الجمعة قبل أن يتم ركعة منها فابتدأ ظهرا، هل يبنى بإحرام أم لا؟ ومن ترك نية القصر والإتمام ساهيا أو متعمدا (أو مضربا) فأتم أو قصر ففى الصحة قولان كما إذا جهل المسافر أمر إمامه، أو اعتقد حالة وظهر خلافها. ابن رشد: فى النفس من هذا شئ وأى دليل من السنة أو من القياس يدلنا على تعيين عدد الركعات، ولا خلاف أن الحاضر إذا نوى ظهر يومه ونحوه [أن صلاته صحيحة ونحوه] لابن عبد السلام.

ابن عرفة: قول المازرى وابن بشير فى لزوم نية عدد الركعات قولان، خلاف قول ابن رشد لو نوى منوى إمامه جاهلا قصره وإتمامه أجزأه اتفاقا. ... ... ... وهل مشبه كشبه يقوى أى اختلف هل المشبه يقوى المشبه به أم لا؟ والمشهور الثانى ومن ثم كان مشهور مذهب مالك أن لا جزاء فى صيد المدينة. قوله: "كشبه" يتعلق بيقوى. قال القاضى: أبو عبد الله المقرى: قاعدة: من الأقوال المشهورة أن المشبه لا يقوى قوة المشبه به، فمن ثم كان مشهور مذهب مالك أن لا جزاء فى صيد المدينة. [ص] 62 - وهل لكل ما لبعض من خيار ... وهل فى الانتشار معنى الاختيار 63 - للأول النفل وتكفير وما ... لثان الصوم وحد علما [ش] اشتمل كلامه على أصلين: الأول: التخيير فى الجملة هل يقتضى التخيبر فى الأبعاض أم لا؟ يعنى هل ما ثبت لكل من خيار ثابت لبعضه. الثانى: الانتشار هل هو (دليل) الاختيار أم لا؟. وعلى الأول تبعيض الكفارة، وهى الكفارة الملفقة من جنسين أو أكثر كإطعام خمسة وكسوة خمسة.

وإذا افتتح النفل قائما ثم شاء الجلوس، وفيها قولان لابن القاسم وأشهب بخلاف العكس /33 - ب وذلك أنه خير أولا بين أن يطعم عشرة، أو يكسوهم، فهل يسوغ له أن يكسو خمسة مثلا؟ وبين أن يصلى قائما أو جالسا، فهل يسوغ له أن يقف فى ركعة ويجلس فى أخرى مثلا. وعلى الثانى: الخلاف فى وجوب الكفارة على المكره بفتح الراء أى المكره على الجماع فى رمضان هل تلزم الكفارة المكره أو المكره. وفى مختصر خليل: وفى تكفير مكره رجل للجماع قولان. ومثله لابن الحاجب: وفى حد المكره على الزنى ثالثها إن انتشر حد بخلاف المكرهة فإنها لا تحد.

قوله: "وما لثان الصوم وحد علما" ما موصولة مبتدأ صلته، المجرور، وخبره الصوم أى والذى ثبت للأصل الثانى الصوم والحد، وأظهر من هذا أن صلة ما هو علم أى وما علم لثان الصوم وحد. [ص] 64 - وهل إلى موجود أو مقصود ... نظره كناكح والعيد 65 - ومقتد وزائد ومن رعف ... أو شك أو أرسل والذى حلف [ش] أى اختلف هل النظر إلى الموجود، أو المقصود؟ وسيأتى نحو هذا الأصل وهو اختلاف المالكية فى فساد الصحيح بالنية وعليه لو تزوج امرأة زوجها غائب وهذا الزوج لم يعلم بموت الزوج الغائب فلم يفسخ نكاحه حتى ثبت أن الزوج الغائب مات وانقضت عدة الزوجة قببل عقد هذا الثانى نكاحها هل يمضى النكاح لما صادف محله أم لا؟ أو تزوجها من يظنها معتدة فإذا هى برية أو تزوجها بخمر فإذا هى خل نظرا إلى ما دخل عليه أو انكشف الأمر به. ومن أفطر يوم ثلاثين من رمضان متعمدا منتهكا ثم تبين أنه العيد، هل عليه كفارة أم لا؟ والقولان حكاهما ابن القصار. وكمن دخل خلف من يظنه يصلى الظهر فإذا به يصلى العصر، هل تبطل

[ص] لاته أم لا؟ أو صلى بالناس ظانا أنه لم يصل ثم تبين أنه صلى وحده هل تلزمهم الإعادة أم لا؟ وكمن قام إلى خامسة فى الرباعية عمدا فاذا به قد فسدت عليه ركعة يجب قضاؤها هل تجزيه أم لا؟ وإلى هذه الصورة أسار المؤلف بقوله: "وزائد"/ 34 أوكمن ظن عدم فراغ الإمام بعد غسل دم الرعاف، فصل مكانه، ثم أخطأ ظنه هل تصح أم لا؟. وكذا لو خالف ظنه فأصاب فهل تصح أم لا؟. وكمن صام يوم الشك فإذا هو من رمضان. أو افتتح الصلاة متيقنا الطهارة ثم شك فى الصلاة وتمادى عليها ثم تبين أنه أصاب أو شك فى دخول الوقت ثم تبين أنه الوقت.

وكما إذا أرسل المحرم كلبه على أسد فقتل صيدا ففى الجزاء قولان فمن نظر إلى المقصود أسقط ومن نظر إلى الموجود و (هو) الإرسال أوجب. وكمن حلف على ما لا يتيقنه ثم تبين الصدق قال فى المدونة: برء واختلف هل معناه لا إثم عليه، أو وافق البر. (وروى) والإثم عليه، لإقدامه أولا على الشك. قال القاضى أبو عبد الله المقرى: قاعدة: اختلف المالكية فى فساد الصحيح بالنية كمن تزوج من يظنها معتدة فإذا هى برية، أو بخمر فإذا هو خل، نظرا إلى ما دخلا عليه وانكشف الأمر به، وهى قاعدة النظر إلى المقصود أو الموجود، وفيها قولان كمن دخل خلف من يظنه يصلى فإذا هو يصلى العصر. أو صام يوم الشك فإذا هو من رمضان، ونحو ذلك انتهى. وقال أيضًا: قاعدة: قال المازرى: إذا شك فى الإحرام، أو الطهارة، أو زاد ركعة عامدا أو ساهيا، أو أتم بنية النافلة، أو فريضة أخرى، ثم تبين الصواب فى ذلك قولان. والبطلان فى الثالث، والخامس أرجح لفساد النية وهما على الالتفات إلى حصول الصواب أو إلى عدم تصميم المصلى انتهى. قال فى إيضاح المسالك: وانظر من استهلك لرجل زرعا لم بيد صلاحه فغرم قيمته على الغرر، ثم بعد ذلك نزل ما أذهب زرع جميع البلد، أن الغرم لازم، ومن صلى للقبلة بغير اجتهاد ثم صادف. قوله: "نظره" إلى الشرع أو المذهب.

فصل الزكاة وما يتعلق به

فصل فصل الزكاة وما يتعلق به [ص] 66 - شرط وجوب أو أداء إمكانه ... فتالف هل ينتفى ضمانه [ش] أى إمكان الأداء هل هو شرط فى الأداء أو فى الوجوب؟ اختلفوا فيه وعليه تعلق الزكاة بالذمة إذا تلفت بعد الحلول وقبل الإمكان، والمشهور/ 34 - ب لا تتعلق وثالثها تعلقها بالباقى فقط وإن كان دون النصاب. قال القاضى أبو عبد الله المقرى: قاعدة: اختلف المالكية فى إمكان الأداء هل هو شرط فى الوجوب أم لا؟ وعليهما تعلق الزكاة بالذمة إذا تلفت بعد الحول وقبل الإمكان والمشهور لا تتعلق وثالثها تعلقها بالباقى فقط، وإن كان دون النصاب، فإن أمكن تعلقت اتفاقا وعليهما من لم يجد ماء ولا ترابا أيضا انتهى. فائدة ابن عبد السلام: اصطلاحهم فى الغالب أن ما كان من فعل الله كدخول الوقت أو ما لا يطلب من المكلف كالإقامة، وعلق عليه أمر يسمى بشرط وجوب وما كان من فعل المكلف ومطلوبا منه، سمى شرط أداء كستر العورة والخطبة فى الجمعة، والشرط ما يلزم من عدمه العدم ولا يلزم من وجوده وجود ولا عدم لذاته. قوله: "إمكانه" أى إمكان الأداء، قوله: "فتالف هل ينتفى ضمانه" أى بجزء من النصاب تالف هل ينتفى عن صاحبه ضمانه فتسقط الزكاة أم لا؟. والمعنى أن هذا الفرع مبنى على الخلاف فى هذا الأصل فعلى أنه شرط وجوب تسقط وهو المشهور وعلى أنه شرط أداء تجب، وفى بعض النسخ "فتالف لا ونعم ضمانه" أي

فتالف على شرط [الوجوب لا يلزم ضمانه، وعلى شرط] الأداء نعم أى يلزم ضمانه. [ص] 67 - وهل فقير كشريك فى التلف ... أو فلس البائع منه قد عرف [ش] أى هل الفقراء كالشركاء أم لا؟ وعليه إذا ضاع جزء النصاب قبل التمكن من الأداء كما مر فوق هذا فعلى أنهم كالشركاء تجب الزكاة [فى الباقى وعلى أنهم ليسوا كذلك وإنما الزكاة] من باب المواساة تسقط وكذا من باع زرعا بعد إفراكه أو تمرا بعد طيبه فوجبت الزكاة فأفلس فان قلنا إن الفقراء كالشركاء أخذت الزكاة من عين المبيع إذا وجدت فى يد المشترى ويرجع هو على البائع وإن قلنا إنهم ليسوا بشركاء لم يؤخذ من المشترى شئ وان/ 35 - أوجد المبيع بعينه. قوله: "من قد عرف" ضمير عرف عائد على أحد الفرعين أى قد عرف منه أى من الأصل المذكور، ومن لابتداء الغاية أو للتبعيض. قال القاضى أبو عبد الله المقرى [أثر القاعدة المذكورة قبل قريبا]: قاعدة:

اختلف المالكية فى كون المساكين كالشركاء أم لا؟ وقد ينبنى عليه ما فوقه، وإذا باع الثمار بعد الوجوب فأفلس فهل يؤخذ من المشترى مقدار الزكاة، كمن وجد ماله أو يتبع البائع بذلك فقط؟ [ص] 68 - هل سبق حكم شرطه مغتفر ... عليه من زكى ومن يكفر 69 - كترك شفعة وشبهها ... ... ... ... ... [ش] أى إذا سبق الحكم شرطه هل يغتفر أم لا؟ وعليه إخراج الزكاة قبل الحول بيسير هل تجزئ أم لا؟ والكفارة بين اليمين والحنث كذلك وإسقاط الشفعة قبل البيع والقصاص قبل الموت ونفقة المستقبل ورد الإيصاء فى حياة الموصى وإسقاط المفوضة الصداق قبل التسمية والدخول. قال فى إيضاح المسالك: تنبيه: لم يختلف فى عدم إجزاء الصلاة قبل الوقت، لأن وقتها سبب انتهى. قال القاضى أبو عبد الله المقرى: قاعدة: لا يجوز تقديم الحكم على سببه اتفاقا

كتقدم العفو على الجراحة، وإسقاط الشفعة قبل البيع، وفى تقدمه على شرطه قولان كالزكاة قبل الحول بخلاف الصلاة لأن وقتها سبب، والكفارة بين اليمين والحنث، ولم يختلفوا فى العفو بعد الجراحة لفوات مصلحته بالموت، ولا فى الشفعة بين البيع والأخذ، على أن فى كونه شرطا نظر. قاعدة: يجوز تخصيص القواعد بالمصلحة كما تقدم فى العفو بعد الجراحة انتهى. قلت: تأمل ما ذكره المقرى من الاتفاق على عدم الجواز فى تقدم العفو على الجراحة مع قول ابن الحاجب: ولو قال لقاتل إن قتلتنى فقد وهبت لك دمى، فقولان وأحسنهما أن يقتل بخلاف عفوه بعد علمه أنه قتله، فلو أذن فى قطع يده عوقب ولا قصاص، والخلاف فى المسألة شهير/ 35 ب. وأما ما ذكره من الاتفاق فى مسألة إسقاط الشفعة قبل البيع فهو مخالف لما ذكره المؤلف وصاحب إيضاح المسالك من الخلاف بناء على القاعدة. وقد قال ابن عبد السلام: إنه لا يعلم خلافا فى المذهب فى عدم اللزوم إلا ما اختاره بعض الشيوخ من اللزوم أخذا من حديث رفع فى صحيح مسلم.

وأنه خرجه أيضا من الطلاق قبل النكاح والعتق قبل الملك ثم أشار ابن عبد السلام إلى ضعف الأخذ من الحديث، وذكر عن ابن رشد أنه ضعف التخريج وأشار هو إلى صحته. فلعل المقرى لم يعتبر اختيار هذا الشيخ، ولا تخريجه فحكى الاتفاق، على أنه أشار إلى القول الآخر بقوله آخرا على أن فى كونه شرطا نظر أو ذكره تخريجا من قاعدة أخرى ذكرها بعد، ونصها: قاعدة: اختلف المالكية فى ترك الشئ قبل وجوبه هل يلزم أو لا؟ كمن أذنت لمن حلف أن لا يتزوج عليها إلا بإذنها ثم أرادت الرجوع قبل أن يتزوج فقيل لها ذلك وقيل لا. ويتخرج على هذا الأصل الخلاف فى إسقاط الشفعة قبل البيع وسقوطها بوقوعه انتهى. وغير المقرى اعتبر كلام ذلك الشيخ، أو رأى أن السبب هو الشركة والبيع إنما هو شرط كما أشار إليه المقرى، فدخل تحت القاعدة، أو خرجه من القاعدة الأخرى وظاهر كلام ابن بزيزة أن ذلك القول منصوص لأنه قال فى لزوم الترك قولان وهما على لزوم الوفاء بالعهد.

[ص] احب التوضيح: قد يقال هما على الخلاف فيما جرى سببه دون شرطه فالشركة سبب والبيع شرط انتهى. فجعل السبب هو الشركة وهو المفهوم من قوة النظم ومن إيضاح المسالك ونحوه لابن بشير، وهو خلاف ما للمقرى والقرافى من أن السبب هو البيع، ونحوه فى إيضاح المسالك فى قاعدة من جرى له سبب، فانظره. ثم بعد ن كتبت هذا رأيت للمقرى فى قاعدة أخرى ما هذا نصه: الخلاف فى الشفعة منصوص لهم أيضا وتعلق به سبب وجود الملك/ 36 - أوالله تعالى أعلم. [ص] ... ... وهل ... كفارة بالحنث أو عقد نقل 70 - فى الذ يظاهر وقد حلف به ... إن لم يكن حنث قبل فانتبه [ش] أى الكفارة هل تجب بالحنث أو باليمين وهى مراده بالعقد، أى عقد اليمين وعليه من حلف بظهار، ثم ظاهر ظهارا مطلقا، فإن كان قد حنث فى اليمين بالظهار قبل الظهار فكفارة واحدة، لأنه قد وصفها بما هى موصوفة به وإن لم يحنث فقولان على الأصل والقاعدة هذا نص إيضاح المسالك. وقال أيضا أبو عبد الله المقرى: قاعدة: اختلف المالكية فى الكفارة هل تتعلق باليمين أو بالحنث، فمن حلف بظهار ثم ظاهر ظهارا مطلقا فإن كان قد حنث فى اليمين بالظهار

قبل الظهار فكفارة واحدة، لأنه إنما وصفها بما هى موصوفة به وإن لم يحنث فقولان على القاعدة. قوله: "نقل" أى هذا الأصل وهذا الخلاف فى الذى يظاهر وقد حلف بظهار قبله ولم يحنث فعلى أن الكفارة تجب بالحنث عليه كفارة واحدة، وعلى أنها تجب باليمين عليه كفارتان، وفيه قولان وفهم من هذا أن الحنث قد قيل فيه إنه سبب لوجوب الكفارة وفهم من القاعدة قبلها أنه شرط وفى ذلك قولان. وخرج أيضا عليهما تقديم الكفارة قبل الحنث وعليهما من حلف بالمشى إلى مكة فحنث، هل يمشى من حيث لف أو من حيث حنث. من حلف قببل بلوغه وحنث بعده هل يلزمه شئ أم لا؟ [ص] 71 - وهل إلى نيتها تفتقر ... عليه عتق الغير عنه يذكر [ش] أى الكفارة هل تفتقر إلى نية أم لا؟ وعليه إجزاء عتق الغير عنه، ومن فرق بين أن يكون بإذنه أو لا فعلى توهم استقرار الملك أو لا؟ ثم العتق بعده، أو عدم استقراره، لأنه لم يملكه إلا إلى حرية كالقولين فيمن اشترى بشرط العتق جاهلا، وفيمن قال: إن اشتريته

فهو حر عن ظهارى هذا نص إيضاح المسالك. وهو من كلام الإمام أبى عبد الله المقرى: قاعدة: اختلف المالكية فى إفتقار/ 36 ب الكفارة إلى النية، وعليه إجزاء عتق الغير عنه، وأما من فرق منهم بين أن يكون بإذنه أو لا، فعلى توهم استقرار الملك أولا ثم العتق بعده أو عدم استقراره لأنه لم يملكه إلا إلى حرية كالقولين فيمن اشتراه بشرط العتق جاهلا، وفيمن قال: إن اشتريته فهو حر عن ظهارى بخلاف العالم أو المطلق يقصدهما إلى الحرية لا عن ظهار انتهى. ابن الحاجب: والإجماع على وجوب النية فى محض العبادات وعلى نفى الوجوب فيما تمحض لغيرها كالديون والوادئع والغصوب، واختلف فيما فيه شائبتان كالطهارة والزكاة، والمذهب افتقارها، من قوله فيمن كفر عن إحدى كفارتين بعينها ثم كفر عنها غلطا أنها لا تجزيه، وأخذ نفيه من أنها تؤخذ من الممتنع كرها، وتجزيه، ومن الشاذ أنهم شركاء، وأجاب ابن القصار بأنه يعلم فتحصل النية والزم إذا لم يعلم. وفى المدونة: ومن أعتق عبده عن رجل عن ظهاره أو شئ من الكفارات، فبلغه ورضى بها أجزأه، كمن أعتق عن ميت أو ودى عنه كفارة لزمته، وقال غيره لا يجزيه. ابن القاسم: إن أمره أجزأه وإلا فلا.

عبد الحق: شرط الإجزاء فى الظهار وطء الرجل أو عوده، وإليه ذهب أكثر الشيوخ وسبق وجه تفريق ابن القاسم بين إذنه وغيره كالخلاف فيمن اشترى رقبة بشرط عتقها. المدونة: لا تجزى عن ظهار أو غيره. ابن كنانة إن جهل لم يؤمر بالإعادة. ابن القاسم: إن علم أنه لا ينبغى لم تجز، وإن كان لا وضعية فى ثمنها، وإن جهل ولا وضعية أجزأت، وفى إن اشتريته فهو حر، المدونة لم تزه عن ظهاره. الموازية عن ابن القاسم: يجزى إن قال فهو حر عن ظهارى وهل وفاق وإليه مال الباجى أم لا، تأويلان. محمد: إن ظاهر قبل قوله إن اشتريته فهو حر عن ظاهرى لم يجزه إذ لم يستقر ملكه عليه وعتق بنفس الشراء، وإن لم يكن ظاهر أجزأه وكأنه قال إن ظاهرت فهو حر عن ظهارى، إن وقع منى ونويت العود. المقرى: القضاء والكفارات قيل عقوبة وقيل كرامة/ 37 - أوالحق التفصيل.

قوله: "عليه عتق الغير عنه يذكر" أى يذكر بناؤه على الأصل المذكور. وعتق اسم مصدر بمعنى إعتاق، كنبات بمعنى إنبات، وغير ذلك لا يقاس. [ص] 72 - وهل دوام كابتداء كمن حلف ... أو صح أو حدث والذلم يقف 73 - وذى تيمم وإجرام حدث ... غصب نكاح وطلاق وخبث 74 - ومشتر وشبهها ... ... ... ... ... ... ... [ش] أى الدوام على الشئ هل هو كابتدائه أم لا؟. وعليه إذا حلف لا أدخل الدار وهو فيها، أو لا أركب الدابة وهو عليها، أو لا ألبس الثوب وهو لابسه فداوم على ذلك، هل يحنث فى جميعها أم لا؟. أو اقتدى مريض جالس بمثله فصح المقتدى هل يتم قائما على مأموميته أو ينفرد وكذا من أحداث بعد تمام وضوئه وقبل تمام غسله ثم غسله ما مر من أعضاء وضوئه ولم يجدد غسل نية للوضوء هل يجزيه أم لا؟ فقولان للشيخين بناء على القاعدة، وبيانه أن نية الطهارة الكبرى منسحبة حكما إلى آخر الغسل فان قدر ذلك الانسحاب كالابتداء لم يحتج معه إلى إنشاء النية وهو قول ابن القابسى وإن لم يقدر ذلك الانسحاب كالابتداء احتيج

إلى نية الوضوء وهو قول ابن أبى زيد. المقرى: لا يصح -اختيار ابن الحاجب بناء مسألة القابسى وابن أبى زيد على هذا الأصل -لأنها عبادة أخرى لا تعلق لها بالأولى لارتفاع الجنابة قبله، وإنما الخلاف فى استدامة حكم الشئ لا فى إيصال شئ بشئ ولا إدخاله فيه انتهى. وقال أيضا: قاعدة: اشتمال الشئ على الشئ قال ابن أبى زيد: يزول بتجدد سبب المطالبة بالداخل، فمن أحدث فى الغسل بعد الوضوء نواه لانقطاع تعلق الجنابة بأعضاء الوضوء فلا تتعلق نيتها بها وقال ابن القابسى: لا يزول ما دام القصد متعلقا بالعام فلا ينوبه. وبنى أيضا على رفع حدث كل عضو أهو بالفراغ منه أم بالإكمال، وعلى أن الدوام كالابتداء أو لا؟ وقد عقدت فيه فى بعض ما كتبته فصلا حسنا لمن أراده. ومن فاته الوقوف بعرفة بخطأ فى العدد أو مرض/ 37 - ب أو عدم دليل أو رفيق، أو ركوب. فأراد التحلل بأفعال العمرة فتراخى إلى أشهر الحج من قابل فإنه لا يتحلل فإن تحلل

فقال ابن القاسم: يمضى وقال أيضا: لا يمضى تحلله. [وهما على القاعدة فعلى أن الدوام كالابتداء لا يمضى تحلله وعلى أن لا فيمضى تحلله] وثالثها: يمضى وهو متمتع. ووجود الماء بعد التيمم هل يبطل التيمم أم لا؟ وهذا ما لم يضق الوقت فإن ضاق فإنه يصلى بالتيمم على الصحيح. والطول بعد نكاح الأمة فاقدا له هل يفارق الأمة لا. والإحرام بعد صيد هل يزول ملكه عنه ويجب عليه إرساله، وهو مذهب المدونة، أو لا يزول وإنما يرسله فقط وهو

قول الأبهري وابن القصار، وتظهر ثمرة الخلاف لو أفلته أحد منه هل تلزمه قيمته أم لا؟ أما لو أحرم وهو في بيته صيد فملكه باق، وكالحدث فلا يبنى عند الجمهور ويبنى عند أبى حنيفة والخبث فى قول المالكية [المشهور، ويستثنى منه الرعاف فلا يقطع صاحبه للعمل] فعلى الأول يحنث، وتأول بعضهم المدونة عليه وعلى الثانى لا يحنث وعليه حمل الأكثرون المدونة. ابن الحاجب: لا يحنث فتحمل هى عليه. وضمان المغصوب هل يضمن بأرفع كما يقوله ابن وهب وأشهب وابن الماجشون، بناء على أنه فى كل حين كالمبتدى للغصب فهو ضامن في كل وقت ضمانا جديدا أو إنما يضمن يوم الغصب كما يقوله: "الجمهور" بناء على أن الدوام ليس كالابتداء.

ومن أسلم وتحته مجوسية أو أمة كتابية هل يقر عليها أم لا؟ وهى داخلة تحت قوله نكاح كمسألة الطول. أو قال: إذا حملت فأنت طالق وهى حامل أو أشترى زوج أمه أو زوجة أبيه فعلى الأول: لا يقر النكاح، إذ لا تتزوج امرأة عبد ولدها، ولا الرجل أمة ولده، وعلى الثانى: يقر. ويشبه هذه الفروع، كلزوم النزول عن الهدى بعد الراحة ومنه لابس إحدى الخفين، قبل غسل الأخرى عند قوم وبيانه أنا إذا قدرنا استدامة لبسه الخف الأول حتى أدخل الخف الثانى كابتدائه الآن مسح، وإلا فلا. ومنه من أحرم وبقية طيب عليه وقد يندرج هذا تحت قول الناظم "فإحرام" قال فى إيضاح المسالك/38 - أ: تنبيه: لم يجعلوا الدوام كالإنشاء فى البناء فى الرعاف لأنه رخصة، ولا فى طرو اليسر بعد صوم أيام من كفارة الظهار، وجعلوه كالإنشاء فيمن ألقت الريح الطيب عليه وتراخى فى إزالته وهو محرم وفيمن رأى مصحفًا فى نجاسة فلم يرفعه مختارا فإنه ردة.

وانظر إذا أخذ العبد الزكاة ولم تزل بيده إلى أن عتق، وبقيت عنده بعد العتق هل تجزئه بناء على أن الدوام كالابتداء أو لا؟ وإذا عجل الزكاة قبل الحول بكثير وبقيت إلى حلول الحول وقالوا فى الفقير يأخذها ثم يستغنى أنه لا يردها نظرًا إلى أن الدوام ليس كالابتداء وقالوا: فى الغارم يأخذها لقضاء دينه ثم يستغنى قبل أدائه إشكال قال اللخمى: ولو قيل تنزع منه لكان له وجه. قال القاضى أبو عبد الله المقرى: قاعدة: أختلف المالكية في التمادى على الشئ هل يكون كابتدائه في الحكم أم لا؟ إلا أن يتعلق الحكم بلفظ وضع للقدر المشترك بينهما فيتفقون إذا تحقق، فإذا أدخل إحدى رجليه فى الخف قبل غسل الأخرى، وقلنا بالأول مسح، وهو قول النعمان وإن قلنا بالثانى لم يمسح وهو قول محمد واختيار ابن الحاجب بناء خلاف، ابن أبى زيد وابن القابسي فيمن أحدث قبل تمام غسله ثم توضأ ولم يجدد النية عليه ولا يصح لأنه عبادة أخرى، لا تعلق لها بالأولى، لارتفاع الجنابة قبله، وإنما الخلاف فى استدامة حكم الشيء، لا فى إيصال شيء بشئ ولا إدخاله فيه. وأعلم أن هذا التشبيه وهو قولنا: الدوام كالابتداء أو لا؟ لا يفيد العكس وهو قولنا: الابتداء هل هو كالدوام أو لا؟ فلذا قال ابن الحاجب: ولو رعف وعلم دوامه

أتم الصلاة. لم يفد هذا حكم الدخول فيها، وإن كان الخلاف فيهما معا على وتيرة واحدة، لجواز مراعاة حق الحرمة، واستقلال البطلان في الأول دون الثانى، وكذلك حديث "السلا" لا يدل على تمادى من ذكر نجاسة لولا حديث الخلع. وحديث السلا أنه صلى الله عليه وسلم "رمى عليه سلا جزور بالفرث والدم فلم يقطع الصلاة". وحديث الخلع ما روى أنه كان صلى الله عليه وسلم فى صلاة من الصلوات يصلى فى نعليه فطرح نعليه، فطرح الناس نعالهم لطرحه، فأنكر ذلك عليهم عليه السلام وقال:"إنما خلعتها لأن جبريل أخبرنى أن بها قذرا". والفرق الذي أشار إليه المقرى هو أن الصلاة فى الأول ابتدأت بطهارة بخلاف الثانى. والله تعالى أعلم. تنبيه: ذكر ابن الحاجب هذه القاعدة فى الطهارة مطلقة وقيدها فى الإيمان بالعرف.

ابن عبد السلام: لما كانت الحقائق العرفية فى أبواب الإيمان وسائر الالتزامات معتبرة بل أكثر مسائل الإيمان منزلة عليها ولاسيما عند عدم النية حسن من المؤلف وغيره تقييد هذه القاعدة هنا بحسب العرف. قوله: "كمن حلف" أى لا دخل الدار وهو فيها ودام على ذلك. قوله: "أو صح" أى مريض مؤتم بمثله. قوله: "أو أحدث" أى في أثناء غسله وهى مسألة الشيخين. قوله: "والذى لم يقف" أى بعرفة لخطأ فى العدد ونحوه. قوله: "وذى تيمم" أى وجد الماء بعده هل يبطل تيممه أو لا؟ قوله: "وإحرام" أى بعد صيد فى يده هل يزول ملكه عنه أو لا؟. قوله: "حدث" أى كائن فى أثناء الصلاة هل يبنى كالرعاف أو لا؟ وهو المذهب. قوله: "غصب" أى لثوب وفات هل يضمن قيمته يوم الغصب أو أعلى القيم. قوله: "نكاح" هو إشارة إلى مسألتى الطول، والمجوسية والأمة. قوله: "وطلاق" هى مسألة أنت طالق إذا حملت وهى حامل. قوله: "أو خبث" هى مسألة نجاسة يذكرها فى الصلاة، أو تطرأ عليه فيها غير الرعاف هل يبنى أو لا؟ قوله: "مشتر" أى لزوج أمه أو زوجة أبيه هل يقر النكاح أو لا؟. [ص] ... ... هل أصغر ... مندرج فى أكبر قدر قرروا 75 - عليه غسلاً وقرانا وزكاة ... شفع إقامة حدود أو ذكاة

76 - ونحوها تنبيه الذى أغتسل ... أو صام او سجد مستثنى قبل/39 - أ [ش] أى الأصغر هل يندرج فى الأكبر أم لا؟ وعليه إجزاء غسل الرأس عن مسحه (يجزى) على الأول وهو المشهور دون الثانى، والغسل [عن الوضوء يجزئ عن الوضوء]- على الأول وهو المشهور أيضا، دون الثانى، وإليهما أشار بقوله: "غسلا" واندراج العمرة في الحج (للقارن) على الأول، دون الثانى. ومنها إخراج بعير عن خمسة أبعرة وإخراج زكاة الفطر بالمد الأكبر ويشملهما قول المؤلف: "زكاة" وعهدة الثلاث في السنة ومن شفع الإقامة غلطا، قال المازرى: عن بعض أصحابنا وعزاه ابن يونس لأصبغ بالإجزاء والمشهور لا أى فلابد من الإقامة الوترية.

ومنها اندراج الحدود فى القتل على الأول دون الثانى، ومنها إبانة الرأس فى الذبح فيجزئ فى الأول دون الثانى وإليه أشار بقوله: "ذكاة" ونحو هذه الفروع كاندراج دية الأعضاء فى النفس وعهدة الثلاث فى السنة، قوله: "قد قرروا عليه" أى قرر الفقهاء على هذا الأصل المسائل التى ذكر. قال فى إيضاح المسالك: تنبيه: وليس من هذه المسائل من فرضه التيمم فتجشم المشقة واغتسل بالماء، ولا من فرضه الفطر فصام ولا من فرضه الإيماء فسجد على الجبهة خلافًا لبعض الأئمة، واعتل بأنه كان منهيا عن ذلك والمنهى عنه لا يجزئ عن المأمور انتهى. وإلى هذا أشار المؤلف بقوله: "تنبيه الذي اغتسل"- إلى آخره- والذي اغتسل مبتدأ وخبره مستثنى، وقيل نعت مصدر محذوف، أى مستثنى من اندراج الأصغر تحت الأكبر استثناء مقبول، ويحتمل أن يكون الخبر قبل، ومستثنى حال، أى قبل حال كونه مخرجا من القاعدة، وبحث بعض الشيوخ فى استثناء مسألة من فرضه الفطر في رمضان، فصام إذ ليست مما يصح أن يبنى على هذا الأصل حتى يستثنى إذ لا مناسبة بين الفطر والصوم، وبحثه ظاهر، والله تعالى أعلم. قال القاضى أبو عبد الله المقرى: قاعدة: الأصل عدم التداخل لأن الأصل أن يترتب على كل سبب مسببه لكن اجتمعت الأمة على التداخل فى الجملة رفقًا/39 - ب بالعباد،

ووقع ذلك للمالكية فى الأحداث فى الجملة وتحية المسجد وصيام الاعتكاف وكفارة اليوم الواحد بخلاف، والعمرة فى الحج للقارن، والحدود المتماثلة والمتحدة الموجب، ودية الأعضاء فى النفس، والصدقات فى الوطئات بشبهة واحدة والعدد فى الجملة. [ص] 77 - وهل كمن فعل تارك كمن ... له بنفع قدرة لكن كمن 78 - من شرب أو خيط ذكاة فضل ما ... وعمد رسم شهادة ما 79 - عطل ناظر وذو الرهن كذا ... مفرط فى العلف فادر المأخذا 80 - وكالتى ردت بعيب وعدم ... وليها وشبهها مما علم [ش] أى هل تارك كمن فعل أم لا؟ ويعبر عنه بقولنا الترك هل هو كالفعل أم لا؟ وعليه فروع، كمن قدر على تخليص نفس أو مال ولو بشهادة، أو وثيقة أو مواساة واجبة كالشربة والخيط للجائفة، وإرسال فضل الماء وإعطاء ما يقيم به حائطًا من خشب وآجر ومن مر بصيد وقد رماه آخر فأمكنته الذكاة وتركه حتى مات هل يضمن المار

أم لا وما إذا عطل الوصى ربع اليتيم عن الكراء مع إمكانه، أو ترك جنان محجوره وكرمه وأرضه حتى تبورت ويبست وما إذا ترك المرتهن كراء الدار ولم يكرها حتى حل الأجل ولكرائها خطب وبال وأما إذا دفعت إليه دابة وعلفها وقيل له أعلفها وأسقها حتى أرجع من سفرى فتركها بلا علف حتى ماتت فهل يضمن أم لا؟ قال ابن سهل: نعم. وفي نوادر الشيخ: لا، وقد تجرى على الغرور القولى، والولى القريب إذا رجع عليه بصداق المرأة لعيبها فألفى فقيرًا ففى إغرامها إياه قولان. قال فى إيضاح المسالك: وانظر مسألة السجان والقيد والقفص والسارق، والدواب فى اللقطة. تنبيه: ولم يختلف فى وجوب الضمان إذا قطع له وثيقة بحق قد ثبت

أما إذا لم تثبت الوثيقة فلا يغرم سوى قيمة الرق، قال الشيوخ ودون تلك/40 - أالمسائل أن يقتل شاهدى حق ولذلك أحتمل دخول الخلاف فيكون متعديًا على السبب فيضعف الضمان، وهذا جار على قاعدة التعدى على السبب، هل هو كالتعدى على المسبب أم لا؟ وعليها فى المذهب مسائل انتهى. وقال أيضا أبو عبد الله المقرى: قاعدة: أختلف المالكية فى الترك هل هو فعل أو ليس بفعل، والصحيح أن الكف فعل، وبه كلفنا في النهى عند المحققين وغيره ضد، فيقال هل الكف كالإتيان أو لا؟ وهل الكف كالفعل أو لا؟ وعليه أن يمر رجل بصيد وقد رماه آخر فتمكنه ذكاته فلا يفعل حتى يجد صاحبه قد مات، فهل يضمنه المار أم لا؟ ومن قدر على تخليص نفس أو مال، ولو بشهادة، أو وثيقة أو مواساة واجبة، كالشربة والخيط للجائفة، وإرسال فضل الماء، وإعطاء ما يقيم به حائطه من عمد وآجر، والولى القريب إذا رجع إليه بصداق المرأة لعيبها فألفى فقيرًا، ففى إغرامها إياه قولان، ونحو ذلك وهى منزلة بين منزلتين، لأن فوقها أن يقطع له وثيقة بحق فيضيع فلا يختلفون في الضمان، ودونها أن يقتل شاهديه فيكون متعديا على السبب، فيضعف الضمان وهى قاعدة التعدى على السبب هل هو كالتعدى على المسبب أو لا؟ قوله: "ينفع قدرة لكن كمن "أى قدرة على نفع لكم كمن ذلك النفع أى أستتر فلم يفعل، قوله: "من شرب أو خيط" - إلى آخره - بيان للنفع الكامن أى المستتر بالعدم، فشرب إشارة إلى من عنده فضل شراب أو طعام فلم يعطه مضطرًا حتى مات يضمن ديته على الأول دون الثانى، وخيط إشارة إلى من به جائفة فطلب ما يخيط به من شخص فمنعه حتى مات هل عليه ديته أم لا؟ وذكاة إشارة إلى من مر بصيد لم تنفذ مقتله، وأمكنه تذكيته فلم يفعل حتى مات هل يضمنه أم لا؟ وكذلك الآيسة يخاف موتها، وفضل ماء، أى ماء إشارة إلى من عنده فضل ماء وبجاره زرع يخاف عليه فلم يمكنه منه حتى هلك الزرع هل يضمنه أم لا؟ وعمد، إشارة إلى من عنده عمد فطلبها منه/40 - ب صاحب جدار خاف سقوطه،

فلم يفعل حتى سقط الجدار، هل يضمنه أم لا؟ ورسم شهادة، بالإضافة إشارة إلى من أمسك وثيقة حق لشخص حتى تلف الحق، هل يضمنه أم لا؟ وما عطل ناظر إشارة إلى ما عطل ناظر اليتيم من ربعه فلم يكره (مع) إمكانه، أو ترك جنانه وكرمه وأرضه حتى تبورت ويبست أو كسبه حتى ضاع هل عليه غرمه أم لا؟ وذو الرهن، إشارة إلى ما عطل المرتهن من كراء الرهن ولكرائه خطب وبال هل يضمنه أم لا؟ ومفرط في العلف، إشارة إلى من دفعت إليه دابة وعلفها وقيل له اعلفها واسقها حتى أرجع من سفرى، فتركها بلا علف حتى ماتت، هل يضمن أم لا؟ قولان لأبى الأصبغ بن سهل والشيخ أبى محمد، والعلف هنا بسكون اللام لضرورة الوزن. والمأخذ، أى مأخذ هذه الفروع وهو الأصل الذي بنيت عليه، والتى ردت بعيب إشارة إلى ذات العيب فيتزوجها وليها القريب فيفلس هل يرجع عليها الزوج بالصداق أم لا؟ وشبه هذه المسائل مما هو معلوم من هذا الأصل، كقتل شاهدى حق. وقتل المرأة نفسها قبل الدخول كراهة منها فى زوجها هل لها صداقها أم لا؟ وقتل الرجل أمته المتزوجة قبل البناء هل على الزوج الصداق أم لا؟ ويدخل تحت قوله: "وشبهها" مسألة السجان والقفص والسارق، والدواب. تنبيهان: الأول: قال ابن الحاجب وغيره فى الأقضية: وفى مثل تقرير النكاح بلا ولى رفع إليه فأقره قال ابن القاسم: حكم، وقال ابن الماجشون: ليس بحكم. ابن عبد السلام يقرب الكلام فيه من الكلام فى الترك هل هو فعل أو لا؟

ابن عرفة: إجراء قوليهما على قول بقاء الأعراض، وقول جمهور أهل السنة بعدمه تكلف. الثاني: ابن عبد السلام: قول ابن الحاجب بناء على أن الترك كالفعل أو لا إشارة إلى ما يذكره هنا أهل الأصول من اختلافهم فى الترك هل يصح أن يكون متعلق النهى أو لا؟ انتهى. ابن الحاجب فى أصلية: لا تكليف إلا بفعل فالمكلف به في النهى كف/41 أالنفس عن الفعل. وعن أبى هشام وكثير نفى الفعل. ابن السبكى: لا تكليف إلا بفعل، فالمكلف به في النهى الكف، وفاقا للشيخ الإمام وقيل فعل الضد. وقال قوم: الانتفاء الجلى فإذا قيل لا تتحرك فالمطلوب منه على الأول الانتهاء عن التحرك الحاصل بفعل ضده من السكون.

فصل الصوم وما بعده إلى النكاح

وعلى الثاني: فعل ضده، وعلى الثالث: انتفاؤه بأن يستمر عدمه من السكون ولأبن عرفة مع ابن عبد السلام في كتاب الصيد في هذه المسألة كلام فلينظره في مختصره. فصل يعنى فصل الصوم وما بعده إلى النكاح. [ص] 81 - هل رمضان بعبادة عرف ... واحدة أو بعبادات ألف 82 - هل الاكتفاء والتجديد ... بنية وهل (كذا) المسرود 83 - واليوم إن عين أو تجدد ... كمتتابع بعذر يفقد [ش] أى رمضان هل هو عبادة واحدة أو عبادات؟ اختلفوا فيه، وعليه تجديد النية أو الاكتفاء بها فى أول ليلة. قال فى إيضاح المسالك: ولا منافاة بين الاتحاد، والتكرير عند بعض كبراء الشيوخ انتهى. ويعنى بهذا البعض الإمام المقرى، ونصه: قاعدة: اختلف المالكية فى كون رمضان عبادة واحدة أو عبادات كثيرة، وينبنى عليه تكرير النية، ولا منافاة بين الاتحاد والتكرير عندى وهما المختار انتهى. وكذا مال خليل إلى التكرار فقال: والشاذ إن ثبت ظاهر فى النظر، لأن أيام الشهر عبادات متعددة، بدليل أن فساد يوم لا يوجب إفساد ما مضى، وبه قال أبو حنيفة والشافعي.

قال الإمام المقري: قاعدة: المشهور من مذهب مالك أن الليل مستثنى من صوم الشهر تيسيرًا على الخلق وأن أصله الصوم فتجزئ نية واحدة لجميع الشهر ويجب الإمساك بالشك فى الفجر، لأنه الأصل بخلاف صوم يوم الشك، والشاذ أن أصله الفطر وأنه غير مستثنى، فيجب تكرير النية لكل يوم ولا يجب الإمساك إلا بطلوع الفجر للآية والحديث، والاعتبار بيوم الشك. قوله:" وهل/41 - ب كذا المسرود واليوم إن عين أو تجدد" أى هل الصوم المسرود ونذر يوم معين أبدًا، كرمضان فى الاكتفاء بالنية فى أول ليلة أم لابد من تجديد النية؟ ثالثها يلحق المسرود والحاصل أنه يتفق على تجديد النية فيهما على القول بالتجديد فى رمضان ويختلف فى وجوب التجديد فيهما على القول بالاكتفاء بالنية فى أول ليلة كمتتابع بعذر يفقد، أى كما أختلف فى وجوب التجديد إذا انقطع التتابع [بعذر كمرض أو حيض، أو سفر أو نسيان. قال ابن الحاجب: فإن انقطع التتابع] بأمر المشهور تجديدها. وثالثها يجدد غير الحائض، لقوله فى الشاكة تقضي، لأنها لا تدرى أطهرت قبل الفجر أم لا؟ فلم يذكر النية.

قال صاحب التوضيح: وانظر إذا أفطر متعمدًا لغير عذر هل يلزم التجديد اتفاقًا أو يجرى فيه الخلاف، وعبارة ابن بشير: ولو طرأ في رمضان ما أباح الفطر فهل يفتقر إلى إعادة التبييت قولان انتهى. قلت: وعبارة المؤلف كعبارة ابن بشير، وهذا كله إن طرأ الحيض مثلا بعد أن بيت أول الشهر، وأما إن دخل عليها رمضان وهى حائض فلا يجزيها الصوم فى أول طهرها دون تبييت إلا على رأى عبد الملك أن المتعين (لا) يفتقر إلى نية وقول المؤلف: "أم تجدد كمتتابع" يؤخذ منه ذلك إذ لا يقال التجديد إلا بعد تقديمها وهذه القاعدة لها شبه ما بقاعدة هل تعتبر نية عدد الركعات أم لا فتأمله. وتقرير كلام المؤلف هل رمضان عرف بعبادة واحدة، أو ألف، أى عهد وعرف فى الشرع بعبادات متعددة، عليه أى على هذا الأصل الاكتفاء بنية واحدة عند أوله لجميعه والتجديد لها كل ليلة، وهو الصوم المسرود واليوم المعين المنذور أبدًا كصوم يوم كل خميس كذا أن يكتفى بنية واحدة أم تجدد النية "وبعذر" من كلام المؤلف يتعلق بفقد أى يفقد تتابعه بسبب عذر، ويفقد العذر بعد كونه. [ص] 84 - هل نية القضاء والأداء ... تنوب ذي عن ذي بالاستواء/42 - أ 85 - كالصوم والصلاة والوقت التبس ... وكالقضاء في رمضان فاقتبس [ش] أى نية الأداء هل تنوب عن نية القضاء، وعكسه أم لا؟.

وعلى الأول مسألة الأسير إذا التبست عليه الشهور، فصام شعبان يعتقد أنه رمضان هل يجزئ شعبان السنة الثانية عن رمضان السنة الأولى، والثالثة عن الثانية أو لا؟. وفي البيان: الصحيح عدم الإجزاء ابن أبى زمنين: الإجزاء وهو الصواب عند أهل النظر، وأما العام الأول فلا يجزئ اتفاقا. ابن الحاجب: فإن تحرى فأخطأ فيما بعده أجزأه، وإن أخطأ فيما قبله لم يجزه الأول اتفاقا، وفى وقوع الثانى، والثالث قضاء عن الأول، والثانى قولان. ومن استيقظ بعد طلوع الشمس ولم يعلم بطلوعها فصلى الصبح أداء، ثم تبين له الطلوع هل تجزيه أم لا وظاهر كلام المؤلف أن القول بعدم الإجزاء فى الصلاة منصوص والذي فهم سند، وابن عطاء الله عن الباجى أنه قصد تخريجه من الصوم واعتراضا عليه بأن

قال: لا نعرف فى إجزاء نية الأداء عن نية القضاء فى الصلاة خلافًا، فمن استيقظ ولم يعلم طلوع الشمس فصلى معتقدًا أن الوقت باق صحت صلاته وإن كانت بعد طلوع الشمس وفاقا. [ص] احب التوضيح: وفيه نظر إذ لا يلزم من الاتفاق في الصلاة نفي التخريج فيها وعلى الثانى: من صام رمضان عن رمضان، أي صام الداخل عن الخارج. الباجى: وأما إجزاء نية القضاء عن نية الأداء فيتخرج فى ذلك وجهان على خلاف أصحابنا فيمن صام رمضان قضاء عن رمضان والأظهر تخريج القول بالإجزاء، وأما القول بعدم الإجزاء فلا لاحتمال أن يكون السبب في عدم إجزاء رمضان عن رمضان كون رمضان لا يقبل غيره والله أعلم. ابن الحاجب: فلو نوى القضاء برمضان عن رمضان فثالثها لا يجزئ عن واحد منهما وإلا ولأن تحتملهما، لأن فيها وعليه قضاء الآخر، فجاء بكسر الخاء وفتحها والثلاثة كلها لابن القاسم فوجه الأول - وهو أنه لا يجزئ عن الأداء-قوله عليه السلام: "إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى" /42 - ب.

ووجه العكس: كون رمضان لا يقبل غيره ووجه الثالث: أما عدم الإجزاء عن القضاء فلما وجه به الثانى، وأما عن الأداء فلأنه لم ينوه. ابن الجلاب وهو الصحيح ابن رشد: وهو الصواب عند أهل النظر. واحتمال المدونة للأولين إنما هو على رواية [الفتح فقط، وأما رواية الكسر] فلا تتحمل الإجزاء عن الخارج، ورجح ابن رشد رواية الكسر لأن المسألة وقعت صريحة فى اختصار المبسوط عليها كذا فى التوضيح وفى الظهار من المدونة، إن صامه عن ظهار أو نذر لم يجزه عن واحد، وخرجها اللخمى على الأولى، وناقض حمديس بين صيامها وظهارها، وفرق بين المذاكرين بأن نية مماثل الشئ أقرب فى الإجزاء عن نية الشئ، من نية مخالف الشئ. ورده ابن محرز بأنه كلما قرب المشارك فى النية كان أشد تأثيرًا. ورده ابن عرفة: بأن نية المماثلة ملزومة لنية وصف أخص وصف الشيء ونية الخلاف غير ملزومة لذلك. انتهى. بعض الشيوخ: ويظهر أن هذا قريب مما قال المذاكر. تنبيه: العبادة قد توصف بالأداء والقضاء كالصوم، وقد لا توصف بهما كالنافلة وقد توصف بالأداء فقط كالجمعة.

قال في إيضاح المسالك: تنبيه: حكى بعض الشيوخ أن نية الأداء والقضاء فى الصلاة لا تشترط اتفاقا، فإذا نوى القضاء فى الأداء، أو العكس ففى البطلان قولان. قوله: "كالصوم والصلاة وقت التبس" وهو إشارة إلى الفرعين الأولين وجملة والوقت التبس، حال من الصوم والصلاة، قوله: "وكالقضاء" في رمضان" إشارة إلى الفرع الثالث. قوله: "فاقتبس" أى من الأصل المذكور ما يناسبه من الفروع قوله: "بالاستواء" حال من أسمى إشارة، أى حال كونهما موصوفين مستويين فى النيابة كما نابت إحداهما عن الأخرى نابت الأخرى عنها. [ص] 86 - هل وطء النزع نعم أم لا ... وفرعه الفطر به كما علم 87 - في طالق بالوطء هل يمكن ... منه/43 - أ ............. [ش] أى النزع هل هو وطء أم لا؟ وعليه الفطر به ومن قال: إن وطأتك فأنت طالق ثلاثًَا، هل يمكن من الوطء أم لا؟ لأنها تحرم بالإيلاج أو به وبالإنزال معًا على الأخذ بأول الاسم أو بآخره هذا نص إيضاح المسالك، ونحوه فى قواعد المقري قال: قاعدة: اختلفوا فى كون النزع وطئا وعليه الفطر به ومن قال إن وطأتك فأنت على كظهر أمي، هل يمكن من الوطء أم لا؟ لأنها تحرم بالإيلاج أو به وبالإنزال على الأخذ بأول الاسم أو بآخره انتهى. فالمؤلف وصاحب إيضاح المسالك، بنيا على القاعدة التمكين من الوطء في الطلاق

الثلاث والمقري بنى عليها التمكين فى الظهار، وكلاهما صحيح إذا الخلاف فى كل منهما، ولا يصح ما حكاه ابن الحاجب من الاتفاق على التمكين فى الظهار فى قوله: ويمكن فى الظهار اتفاقا. ولعل ذكر المقرى للظهار للتنبيه على ذلك. وقد اختلف هل يمكن من إيلاجه فحسب ولا يعد النزع وطئا أو يمكن من الإيلاج والإنزال، وهما على الأخذ بأوائل الأسماء أو أواخرها أو لا يمكن من الوطء أصلاً وهو على أن النزع وطء وفى المدونة فى هذه المسألة نزاع. قوله: "وفرعه الفطر به" أى وفرع هذا الأصل الفطر بالنزع، ووجوب القضاء لو طلع عليه الفجر وهو يجامع فنزع حينئذ، أو وهو آكل أو شارب فألقى حينئذ. قوله: "نعم" هو القول الأول وقوله: ... "أولا، نعم" هو القول الثانى والتقدير، أو لا يقال: نعم بل يقال: لا، أو يقدر استفهام آخر بهل، فنعم جواب المذكور، ولا نعم جواب المقدر ويبعده الإتيان بأو، وزيادة نعم بعده، أو نعم لا، إشارة إلى القولين ونعم الثانية تصديق للقول الثانى، وأيما لتشهيره أى صدق القول الثانى وهو إن النزع لا يعد وطئا. قوله: "فى طالق بالوطء هل يمكن منه" هو على حذف حرف العطف، أى وهل يمكن من الوطء فى امرأة تطلق بالوطء، أى علق طلاقها على الوطء أو فى قوله أنت طالق بالوطء [بمعنى أنت طالق إن وطأتك، وطالق على التقدير الأول مخفوض، أى فى امرأة طالق بالوطء] وعلى الثانى هو مرفوع خبر مبتدأ/43 - ب محذوف كما مر تقديره، ويحتمل

أن لا يقدر عاطف، ويتعلق المجرور بعلم، أو كما علم في مسألة أنت طالق إن وطأتك أنها من فروعه وعلى الأول فالتقدير كما علم فى الفطر بالنزع أنه من فروعه. قلت: ولمسألة النزع بعد طلوع الفجر، تعلق بإمساك جزء من الليل هل يجب أم لا إذ النزع حينئذ لم يعقل. الإمام المقرى: قاعدة: قال ابن بشير: اختلف المذهب فى وجوب إمساك جزء من الليل، لأنه لا يتوصل إلى إمساك جميع النهار إلا به، فإن لم يجب لم يجب القضاء على من وفاه الفجر آكلا فألقى وهو المشهور، وإلا أمكن أن يقال: إنه واجب لغيره، فإذا لم يتعلق الإثم فلا قضاء وأن يقال: إنه انسحب حكم الوجوب عليه فالقضاء. قلت: وأصلها ما لا يتم الواجب المطلق إلا به هل يجب أم لا؟ [ص] ... ... ... ... وللأخذ فى الاسم يركن 88 - بأول أو آخر ... ... ... ... [ش] أى اختلف هل يؤخذ بأول الاسم أو بآخره؟ وعليه الخلاف فى الفرع السابق ولذا ذكره أثره، والخلاف فى وجوب تمكين الجبهة والأنف من الأرض. وإلصاق العقب بآخر درج الصفا والمروة ومما بنى عليه ابن بشير الخلاف في

مغسول المذي أهو الذكر أو محل الذي، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر بغسل الفرج والفرج له أول وآخر. قال ابن راشد: وهم، فإن الخلاف إنما هو فى الاسم الذى له مراتب يطلق على كل منها بطريق الحقيقة كلقطة الدراهم فى حق من أقر لشخص بدراهم مثلاً، وأما ما له حقيقة واحدة، ويطلق على البعض من طريق المجاز، فلا خلاف فيه، لأن الأصل الحقيقة، وإنما مستند العراقيين القياس انتهى. قال القاضى أبو عبد الله المقرى: قاعدة: الحكم المرسل على اسم او المعلق بأمر هل يتعلق بأقل ما يصدق عليه حقيقة، أو بأكثره؟ اختلف المالكية فيه، ويسمونه الأخذ بأوائل الأسماء أو بأواخرها، ومما بنى عليه المازرى وابن البشير الخلاف فى مغسول المذى أهو الذكر، أم محل الأذى؟ وهذا لا يصح لأنه مجاز/44 - أفي البعض ومن ثم قيدنا بالحقيقة، وإنما هذا على أن الغسل للنجاسة فقط، أو يطلب مع ذلك قطع مادته. وإنما يبنى على هذه القاعدة، وجوب تمكين الجبهة والأنف من الأرض، على ظاهر الرسالة ونص ابن الحاجب وإن كان ابن عبد السلام صاحبنا قد حمله على الاستحباب، وإلصاق العقب بأخر درج الصفا والمروة، وما أشبههما مما يصدق على

الوجهين حقيقة انتهى. وتقرير كلام المؤلف ويركن فى الاسم بالأخذ بأول، أو آخر، أى هل يركن إلى الأخذ بأول مراتبه أم بآخرها؟. [ص] ... هل ما غنم ... يملك بالفتح أو إن كان قسم 89 - عليه من لحق وألذ أعتقا ... كمسلم وبالغ ... [ش] أى الغنيمة هل تملك بالفتح أو بالقسمة على الغانمين؟ وعليه من لحق بالجيش بعد استقرار الهزيمة وقبل القسم لم يشاركوهم على الأول وهو مذهب مالك والشافعى دون الثانى وهو مذهب النعمان وإليه أشار المؤلف بقوله: "عليه من لحق" ونحوه في قواعد المقرى. وعليه أيضًا من أعتق قبل القسمة أو أسلم، أو بلغ وما أشبه ذلك لا يسهم لهم على الأول دون الثانى. وأما من مات بعد الفتح وقبل قسمة الغنيمة فإنه يسهم له ابن عبد السلام: ولا نعلم فيه خلافا، قال: فإن قيل: يرد هنا ما نقلوه من أنه اختلف على قولين هل تملك الغنيمة بنفس أخذها أو بالقسمة على الغانمين؟ فجوابه أن هذا الخلاف ليس بعام وإنما مرادهم من لحق بالجيش أو أسلم أو أعتق أو بلغ. [ص] ... ... ... ... ... ... هل علقا

90 - حكم بإسهام على القتال قط ... أو كون محكوم له لما فرط 91 - معدا العبد عليه ذكروا ... مع مرأة إن قاتلا ... [ش] ... أى الحكم هل علق على القتال أو على كون المحكوم له معدا لذلك؟ وعليه هل يسهم للعبد وللمرأة إذا قاتلا؟ قال القاضى أبو عبد الله المقرى: /44 - ب قاعدة: اختلف المالكية فى الحكم بالسهم هل علق على القتال فقط، أو على كون المحكوم له به معدا لذلك [وهو الحر البالغ] وعليهما هل يسهم للعبد والمرأة إذا قاتلا أم لا؟. ابن الحاجب: والذمى كالعبد، ثالثهما يسهم له إن احتيج له وفى المرأة إن قاتلت قولان. خليل: وظاهره أن الأقوال الثلاثة منصوصة فى العبد والذمى، والمنصوص فى العبد إنما هو عدم الإسهام، والقولان الآخران مخرجان على قول ابن حبيب وسحنون فى الذمى، وهكذا حكى المازرى وغيره، والمشهور فى المرأة عدم الإسهام ومقابله إن قاتلت قتال الرجال أسهم لها، نقله اللخمى والباجى والمازرى، وابن راشد القفصى، وابن حبيب، وانظر هل يتخرج الثالث الذي تقدم فى العبد هنا قوله: "قط" هو اسم فعل، بمعنى اكتف بالقتال، ولا تضف إليه كون المقاتل معدا للقتال، قوله: "لما فرط" هو متعلق بمعد [بعده وهو اسم مفعول أعددت الشئ أعده إعدادا هيأته أى على كون المحكوم له معدا] لما سبق

في الكلام وهو القتال. قوله: "العبد" - إلى آخره - أى ذكروا العبد والمرأة إن قاتلا مبنيين على هذا الأصل. [ص] ... ... ... ... ... هل يعذر 92 - ذو الجهل أم لا والذي قد حققا ... قاض نعم إن لم يكن تعلقًا 93 - حق به للغير إن كان وسع ... ترك تعلم وإلا يمتنع 94 - وبعضهم بعلم جنس قيده ... والغير بالحصر بعد قصده 95 - وهو العبادات ومصرف غير ... منفقة وذات شرط أو ضرر 96 - معتكف قاطع مسكون لعان ... [منكحتان وغريم معتقان] 97 - [وكل بيع فاسد مظهران] ... مال يتيم حائز فرعا رهان 98 - كما يتخير وعتق أمتين ... دال بتمليك وفي شهادتين 99 - ثلاث بيعات طبيب رجعه ... مفتى وقذف سارق وشفعة 100 - تحليف كالأب وحده كذا ... زان وشارب بعذر نبذا/45 أ [ش] قال فى إيضاح المسالك: الجهل هل ينتهض عذرًا ام لا؟ وعليه الخلاف في إلحاقه بالناسى فى العبادات، ومن ابتدأ صيام الظهار جاهلاً بمر أيام الأضحى في أثنائه فعلى العذر أفطرها وقضاها متتابعة، وعلى أن لا فلا، والحق إن وجب العلم ولم يشق مشقة فادحة، لم يعذر وإلا فيعذر، لأن الله أمر من يعلم بأن لا يكتم، ومن لا يعلم بأن يسأل انتهى. وقال الإمام أبو عبد الله المقرى: قاعدة: قال القرافى: ضابط ما يعفى عنه من الجهالات ما يتعذر الاحتراز عادة منه أو يشق أما ما لا يتعذر ولا يشق فلا يعفى عنه.

قلت: أمر الله عز وجل العلماء بأن يبينوا، ومن لا يعلم بأن يسأل فلا عذر في الجهل بالحكم ما أمكن التعلم، أما المحكوم فيه كمن وطئ أجنبية يظنها زوجته فعلى ما قال، والله أعلم. وهذا بأعتبار الإثم، وقد اختلف المالكية في تنزيله منزلة الساهى أو العامد في الحكم انتهى. وقال أيضا: قاعدة: الجهل بالسبب عذر كتمكين المعتقة جاهلة بالعتق وبالحكم قولان للمالكية كتمكينها جاهلة أن لها خيار والصحيح الفرق بين ما لا يخفى غالبًا كالزنا والسرقة والشرب وما قد يخفى مثل هذا، ولذلك علل ابن القصار المشهور باشتهار حديث (بريرة) بالمدينة بحيث لا يخفى على أمة انتهى وقال أيضا: قاعدة: اختلفوا في الجهل هل ينتهض عذرا أم لا؟ وعليه إلحاقه بالناسي في العبادات، وفيما ابتدأ صيام الظهار جاهلاً بمرور أيام الأضحى في أثنائه فإن عذر أفطرها وقضاها متتابعة، وألحق إن وجب العلم ولم يشق مشقة فادحة لم يعذر، وإلا عذر، لأن الله عز وجل أمر من يعلم بأن لا يكتم، ومن لا يعلم بأن يسأل انتهى. وهذه القاعدة هى التى نقل صاحب إيضاح المسالك. ومثل القرافى ما يعفى عنه من الجهالات لكونه يتعذر الاحتراز عنه ويشق بخمس صور قال: إحداها: من وطئ أجنبية بالليل يظنها امرأته، أو جاريته عفى عنه لأن

الفحص عن ذلك مما يشق على الناس. وثانيها: من أكل طعاما /45 - ب نجسًا يظنه طاهرا فهذا جهل يعفى عنه، لما في تكرر الفحص عن ذلك من المشقة والكلفة، وكذلك المياه النجسة والأشربة النجسة لا إثم على الجاهل بها. وثالثها: من شرب خمر يظنه جلابا فإنه لا إثم عليه في جهله بذلك. ورابعها: من قتل مسلما في صف الكفار يظنه حربيا فإنه لا إثم عليه في جهله به لتعذر الاحتراز عن ذلك في تلك الحال ولو قتله في حالة السعة من غير كشف عن حاله إثم. وخامسها: الحاكم يقضى بشهود الزور مع جهله بحالهم لا إثم عليه في ذلك لتعذر الاحتراز من ذلك عليه، وقس على ذلك ما ورد عليك من هذا النحو وطالع تمام كلامه في الفرق الرابع والتسعين. الإمام أبو القاسم ابن الشاط: ما قاله صحيح غير إطلاقه فيه لفظ الظن في وطء الأجنبية وما معه، فإنه إن أراد حقيقة الظن الذي يخطر لصاحبه احتمال نقيضه فلا أرى ذلك صوابًا، وإن أراد بالظن الاعتقاد الجازم الذي لا يخطر فيه احتمال النقيض فذلك صواب وغير قوله تكليف المرأة البلهاء المفسودة المخراج - إلى آخره-. القرافي بعد أن ذكر في هذا الفرق الإجماع على أن المكلف لا يجوز أن يقوم على أمر حتى يعلم حكم الله فيه. قال: وإذا كان العلم بما يقدم الإنسان عليه واجبا كان الجهل في الصلاة عاصيا

بترك العلم فهو كالمتعمد الترك بعد العلم هل وجب عليه، فهذا وجه قول مالك رحمه الله: إن الجهل في الصلاة كالعمد، والجاهل كالمتعمد لا كالناسى، واما الناسى فمعفو عنه لقوله عليه السلام: "رفع عن أمتى الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه". وأجمعت الأمة على أن النسيان، لا إثم فيه من حيث الجملة، فهذا فرق، وفرق ثان، وهو أن النسيان يهجم على العبد قهرا لا حيلة له في دفعه [والجهل له حيلة في دفعه] بالتعليم وبهذين الفرقين ظهر الفرق بين قاعدة النسيان وقاعدة الجهل. البقورى فى اختصار الفروق وترتيبها على أبواب الفقه: وإنما كان آثما بالجهل دون /46 - أالنسيان لما بينهما من الفرق، من حيث إن النسيان لا يتصور الاحتراز منه [والجهل يتصور الاحتراز منه فالنسيان كالجهل الذي لا يصور الاحتراز منه].

قلت: وهذا هو الفارق الحقيقى. انتهي. المقصود منه، وسيأتى فى فصل لا يسقط الوجوب بالنسيان الفرق أيضا بين الخطأ والنسيان. قوله: "والذي قد حققا قاض" - البيتين - المراد بالقاضى هو القاضى ابن رشد وتنكيره للتعظيم أى قاض، أى قاض، أو قاضى عظيم. قال رحمه الله فى رسم إن خرجت من التخيير: الأصل فى هذا أن كل ما يتعلق به حق لغيره فلا يعذر الجاهل فيه بجهله، وما لا يتعلق به حق لغيره فإن كان مما يسعه ترك تعلمه عذر فيه بجهله، وإن كان مما لا يسعه ترك تعلمه لم يعذر فيه بجهله، فهذه جملة كافية يرد إليها ما شذ عنها انتهى. ويدخل فى قول المؤلف "وإلا يمتنع" أمران ما يتعلق به حق للغير وما لا يسعه ترك تعلمه وإن لم يتعلق به حق للغير، وإن أنتفى الأمران معا، أو أحدهما فلا يعذر، والذي يعذر به ما لم يتعلق به حق للغير وكان يسع ترك تعلمه وإن تعلق به حق للغير وإن كان لا يسع ترك تعلمه لم يعذر. قوله: "وبعضهم يعلم جنس قيده" أى قيد ما لا يعذر فيه الجاهل بما يعلمه أبناء جنسه غالبًا، فأما من أدعى الجهل فيما يجهله أبناء جنسه غالبًا فالقول قوله فى جهله ولهذا لما سئل أبو الحسن الصغير عن مسألة ابنة تصدقت بجميع ميراثها من أبيها على إخوتها، وهى بكر مهملة ثم تزوجت وأقتسم الأخوة جميع التركة المذكورة على عين الأخت المذكورة، وكانوا يبيعون ويتصرفون بأنواع التصرف مدة من عشرين سنة فقامت الآن الأخت المذكورة على أخواتها، وعلى من أشترى منهم طالبة ميراثها من أبيها فقيل

لها: ما منعك من القيام طول المدة المذكورة، وقد عاينت تصرف إخوتك بالبيع وغير ذلك؟ فقالت: ما منعنى من القيام إلا ظنى أن الصدقة التي عقدت تلزمنى، والآن قيل لى لا تلزمك، فهل تعذر فيما أدعت بالجهل وتصدق في دعواها أم لا؟ /46 - ب أجاب بأن قال: القول قول القائمة المذكورة أن سكوتها المدة المذكورة عن طلب حقها إنما كان، لأنها لم تعلم أن هبة البكر المهملة غير لازمة لها إلى يوم القيامة، أو إلى ما تعد فيه من الزمان من وقت علمها بالحكم إلى وقت قيامها مجيزة لهبتها، مع يمينها، في مقطع الحق، لأن ما أدعت الجهل فيه مما يجهله العوام غالبًا ولا يعرفه إلا أهل الفقه، وعادتهم أن من أدعى الجهل فيه مما يجهله أبناء جنسه فالقول قوله فى جهله، والنصوص على هذا المعنى كثيرة. ففى كتاب محمد عن أشهب عن مالك في امرأة أوصت بوصية لبعض ورثتها فقال زوجها "كنت" كاتب الصحيفة وما علمت أنه لا وصية لوارث فقال مالك: إذا حلفت أنك ما علمت لم يلزمك ذلك، على أن الحكم في الوصية للوارث أشهر إذ لا خلاف أنها موقوفة على إجازة الورثة، وصنيع البكر البالغ المهملة إنما يرد على المشهور، وإلا فغير ابن القاسم يمضيه، والضابط لهذا المعنى هو ما تقدم انتهى. ولما ذكر صاحب إيضاح المسالك، فى نوازله هذا الضابط الذى ذكره أبو الحسن (فى العذر) بالجهل وذكر أثره ضابط ابن رشد السابق، قال: فتأمله مع ضابط الشيخ المجيب. قلت: ومن هذا القبيل لو قال الوارث بعد أن أجاز الوصية للوارث، أو بزائد الثلث فى حال تلزمه إجازتها، لم اعلم أن لى رد الوصية، فإن كان مثله يجهل حلف ولم يلزمه.

ابن الحاجب: ولو قال ما علمت أن لى ردها ومثله يجهل حلف. ويشبه أن يكون منه أيضا المعتقة تحت العبد لا تختار حتى يعتق لجهلها بالحكم على تأويل ابن القصار. قوله: "والغير بالحصر بعد قصده وهو العبادات" - إلى أخره - أى وغير من تقدم قصد ما لا بعذر فيه الجاهل بالحصر بالعد لا بالضابط، والقاعدة وممن سلك هذا المسلك صاحب التوضيح فمن ذلك من مسائل الوضوء، والصلاة والحج وهذا الذى عنى المؤلف بالعبادات. ومنه من دفع زكاة لكافر أو غنى يظن الكافر مسلما، والغني فقيرا لا تجزيه/47 - أوهو معنى قوله: "ومصرف غبر" أى مضى، والمرأة يغيب عنها زوجها فتنفق من ماله ثم يأتى نعيه فترد ما أنفقت من يوم الوفاة وإليه أشار بقوله: "منفقة" والتى يقول لها زوجها إن غبت عنك أكثر من ستة أشهر فأمرك بيدك، فيغيب عنها ويقيم بعد الستة المدة الطويلة من غير أن تشهد أنها على حقها، ثم تريد أن تقضى وتقول جهلت وظننت أن الأمر بيدى متى شئت وإليه أشار بقوله: "ذات شرط" ومن أثبتت أن زوجها يضربها فتلوم له الحاكم ثم أحضره ليطلق عليه فأدعى أنه وطئها يسقط حقها ولو أدعت الجهل ومن وطئ فى اعتكافه وأدعى الجهل بطل اعتكافه، ولا يعذر.

ومن يقطع الدنانير والدراهم المسكوكة فلا تجوز شهادته ولو كان جاهلاً. ومن رأى حمل امرأته ولم ينكره ثم أراد بعد ذلك أن ينفيه بلعان. والبكر تستأذن فتصمت، ثم تقول: ما علمت أن الصمت إذن والمرأة تزوج وهى حاضرة فتسكت ولا تنكر حتى يدخل بها الزوج، ثم تنكر النكاح وتقول: لم أرض وتدعى الجهل وهاتان هما المراد بقوله: "منكحتان" بفتح الكاف أى وامرأتان منكحتان. والغريم يعتق بحضرة غرمائه فيسكتون، ولا ينكرون، ثم يريدون القيام ويدعون الجهل [أو الغريم رب الدين الحاضر للعتق]. ومن أبتاع أحدًا ممن يعتق عليه جهلا فيعتق عليه، ولا يعذر بجهل. ومن شرب أو قذف أو زنى جاهلا عتق نفسه يحد حد الحر وإلى هذين أشار بقوله: "معتقان" بفتح التاء، والبيوع الفاسدة كلها حكم الجاهل فيها كالعالم. ومنها: مظاهران إحداهما وطئ قبل الكفارة، والآخر وطئ فى إثنائها فيعاقب الأول قال أصبغ، ويستأنف الثانى، ولا يعذران بجهل. وآكل مال اليتيم يدعى الجهل ومن ذلك من حاز مال رجل مدة الحيازة التى تكون عاملة، وأدعى أنه ابتاعه فإنه يصدق مع يمينه، ولا يعذر صاحب المال إن ادعى الجهل.

والمرتهن يطأ الأمة المرهونة فإنه يحد ولا يعذر بالجهل والمرتهن يرد الرهن فتبطل الحيازة ولا يعذر بالجهل وإليها أشار بقوله: "فرعا رهان" وفى بعض النسخ "باء الرهان" /47 - ب وأراد الباء من حساب الجمل، وهى تنقط اثنين والمخيرة تقضى بالواحدة، ثم تريد أن تختار بعد ذلك ثلاثًا، وتقول: جهلت وظننت أن لى اختيار واحدة، فيبطل خيارها، ولا تعذر بالجهل. والتى يخيرها زوجها فلا تقضى بالمجلس، على أول قولى مالك ثم تريد أن تقضى وإليه أشار بقوله: "كما تخيير" أى كما فى التخيير من الفرعين. والأمة ... المعتقة تحت عبد إذا وطئها زوجها بعد عتقها، وادعت الجهل بالحكم فإنه يسقط خيارها. ومن اشترى نصرانية فأعتقها فى الكفارة، قال أصبغ: إنها لا تجزيه، ولا يعذر بجهل وإليهما أشار بقوله: "وعتق أمتين". ومن ملك زوجته فقضت بالبتة وادعى الجهل بحكم التمليك، فقيل له: يلزمك ما أوقعت، فقال: ما أردت إلا واحدة. والذى يملك امرأته أمرها فتقول: قد بلت ثم [تصالحه بعد ذلك، بعد أن تسئل ما قبلت] ثم تقول: كنت أردت ثلاثا، لترجع فيما صالحت به أنها لا ترجع على الزوج بشئ، لأنها حين صالحت علمنا أنها لم تطلق ثلاثا.

والرجل يجعل أمر امرأته بيد غيرها، فلا يقضى المملك حتى يطأها، ثم يريد أن يقضى ويقول: جهلت وظننت أن ذلك لا يقطع ما كان لى. والتي يملكها زوجها فلا تقضى في المجلس على أول قولى مالك ثم تريد أن تقضى وإلى هذه الصور الأربع أشار بقوله: "دال تمليك" وهذه الأربع هي التى فى التوضيح وفى بعض النسخ خمس [بتمليك أى خمس] مسائل فى التمليك ولعله يعنى بالخامسة المملكة تمكن من نفسها عالمة بالتمليك، وتدعى الجهل فإن التمكين يسقط خيارها. أو أراد التى ملك أمرها لأجنبى، وسافر ولم يشهد على أنه يرجع من سفره ويقضي فلما رجع أراد القضاء. ورأيت فى طرة بخط المؤلف على نسخة من الأم بخطه أيضا، تفسير الخمس بما عدا المملكة تمكن (من) نفسها، إلى آخر الصورة. والشاهد: يخطئ فى شهادته فى الأموال والحدود وفسرها بعض تلامذة المؤلف فى طرة بخطه على الأم، بأن قال: رجل شهد على مال غير فقضى /48 - أللمشهود له به ورجع الشاهد، وقال: غلطت بل هو للآخر فحكم عليه بالغرم، فقال: إنى جاهل فيما علمت.

والشاهدان يريان الفرج يستحل، والحر يستخدم، فيسكتان ولا يقومان بشهادتهما ثم يقومان يدعيان الجهل فلا تقبل شهادتهما وإلى هذين الفرعين أشار بقوله: "وفى شهادتين". ومن باع جارية وقال: كان لها زوج فطلقها، أو مات عنها، وقالت ذلك الجارية لم يجز للمشترى أن يطأ ولا يزوج حتى تشهد البينة، على الوفاة أو الطلاق، وإن أراد ردها وادعى على أنه ظن أن قول البائع والجارية فى ذلك مقبول لم يكن له ذلك، وإن كان ممن يجهل معرفة ذلك. والرجل يبيع العبد على الخيار ويتركه بيد المبتاع حتى يطول الأمر بعد انقضاء أيام الخيار. والرجل يباع ملكه ويقبضه المشتري وهو حاضر لا يغير ولا ينكر ثم يدعى أنه لم يرض ويدعى الجهل وإلى هذه الفروع الثلاثة أشار بقوله: "ثلاث بيعات". والطبيب، يقتل بمعاناته وهو جاهل بالطب وكذا المتصدى للفتوى بغير علم والمطلقة يراجعها زوجها، فتسكت ثم يطأها ثم تدعى أن عدتها كانت انقضت وتدعى الجهل فى سكوتها. ومن قذف رجلاً يظنه عبدًا فإذا هو حر فإنه يحد له.

ومن سرق ثوبًا لا يساوى النصاب فوجد النصاب فيه مصرورا فادعى جهل ما فيه. والشفيع يقوم بعد العام وهو عالم بالبيع حاضر ومن وجبت له على أبيه يمين، أو حد فأخذه بذلك، فلا تجوز شهادته، ولا يعذر بالجهل، وقيل لا تسقط بذلك شهادته. والبدوى يقر بالزنا، والشرب، ويقول: فعلت ذلك جهلا. قوله: "فعذرنبذا" أى فعذر فى المسائل التى ذكر مطروح، أو فعذر من هؤلاء مطروح. [ص] 101 - وهل يراعى الاختلاف لا، نعم ... وعاب ذلك اللخمى عياض وعدم 102 - قيس وقد أجاب نجل عرفة ... بأنه أعمال ما قد عرفه 103 - خصص من الدليل فى الذي لزم ... مدلول وفى نقيضه حتم 104 - غير لرجحانه ... ... ... ... ... ... ... [ش] قد مر بعض الكلام على مراعاة /48 - ب الخلاف فى قاعدة هل كل مجتهد فى الفروع الظنية مصيب، أو المصيب واحد. قال فى إيضاح المسالك فى أثناء كلامه على صلاة المالكي خلف الشافعى، وبالعكس: والقول بمراعاة الخلاف فدعا به جماعة من الفقهاء، ومنهم اللخمى، وعياض، وغيرهما من المحققين، حتى قال عياض: القول بمراعاة الخلاف لا يعضده القياس وللشيخ المحقق أبى عبد الله بن عرفة - رحمه الله - فى القول بمراعاة الخلاف جواب كبير يطول بنا جلبه انتهى.

قال القاضي أبو عبد الله المقرى: قاعدة: من أصول المالكية مراعاة الخلاف وقد اختلفوا فيه ثم المراعى منه أهو المشهور عنه وحده، أم كل خلاف؟ ثم فى المشهور، أهو ما أكثر قائله، أم ما قوى دليله؟ قال صاحبنا القاضى أبو عبد الله بن عبد السلام: المراعاة في الحقيقة أعطاء كل من دليلى القولين حكمه وهذا يشير إلى المذهب الأخير، وأقول فإنه يراعى المشهور والصحيح قبل الوقوع خلافًا لصاحب المقدمات، توقيا واحترازا، كما فى الماء المستعمل، وفى القليل بنجاسة، على رواية المدنيين، وبعده تبريا وإنفاذا كأنه وقع عن قضاء أو فتيا، إلا فيما يفسخ من الأقضية، ولا يتقلد من الخلاف وقد تستحب الإعادة فى الوقت ونحوها انتهى. ورواية المدنيين فى القليل بنجاسة هى كراهته مع وجود غيره ورواية المصريين نجاسته. وقال أيضا: قاعدة: إذا قيل بمراعاة الشاذ فقد اختلف هل يراعى شذوذ القائلين أو شذوذ الدليل؟ قال ابن بشير: وقد خاطبت بهذا بعض من ينسب إليه الفقه فأنكره حتى اختبرته بالقولين إذا وقع الصلح أو العفو عن القاتل غيلة هل يمضى لخلاف الناس، أو لا يمضى لأنه خلاف شاذ؟ وأجزته بقول أصبغ وغيره: إن نكاح الشغار لا تقع فيه المواريث، ولا الطلاق ولأن دليله ضعيف، وإن قال به النعمان بل روى عن مالك أنه يمضى بالعقد انتهى.

وفي التوضيح: فائدة: كثيرا ما يذكر أهل المذهب الحكم كذا مراعاة للخلاف ويقولون هل يراعى، كل خلاف أو المشهور؟ وهل المشهور ما قوي دليله/49 - أأو كثر قائله خلاف؟ وكذلك اختلف فى المشهور فى مذهبنا، والذى ذهب إليه المغاربة أنه مذهب المدونة. ابن عبد السلام: والذى ينبغى أن يعتقد أن الإمام - رحمه الله تعالى - إنما يراعى ما قوى دليله وإذا قوى فليس بمراعاة خلاف وإنما هو إعطاء لك من الدليلين ما يقتضيه من الحكم مع وجود المعارض فقد أجاز الصلاة على جلود السباع، وأكل الصيد وإن أكل الكلب منه، وباح بيع ما فيه حق توفية من غير الطعام قبل قبضه مع مخالفة الجمهور فيها فدل على أن المراعى عنده إنما هو قوة الدليل انتهى. وفي التوضيح أيضا في ترجمة تمييز ما يفسخ بطلاق من غيره: واعلم أن ابن بشير وغيره ذكروا عن بعض القرويين أن ابن القاسم وإن قال بمراعاة الخلاف فى هذا الباب فإنه لا يطرد ذلك حتى يفسخ نكاحا صحيحا على مذهبه لمراعاة مذهب غيره، مثاله: أن يتزوج تزويجا مختلفا فيه ومذهبه أنه فاسد ثم طلق فيه ثلاثا، فابن القاسم يلزمه الطلاق ولا يتزوجها إلا بعد زوج، فلو تزوجها قبل زوج لم يفسخ نكاحه لأن التفريق حينئذ إنما هو لاعتقاد فساد نكاحها عنده صحيح وعند المخالف فاسد، ولا يمكن الإنسان ترك مذهبه لمراعاة

مذهب غيره، يريد أن منعه من تزويجها أولا، إنما كان مراعاة للخلاف، وفسخ النكاح ثانيا لو قيل به لكان مراعاة للخلاف أيضا، فلو روعى الخلاف فى الحالين لكان تركا للمذهب بالكلية، وشرط مراعاة الخلاف عند القائل به أن لا يترك المذهب بالكلية. (ع): وهو كلام لا بأس به إن كان موجب الطلاق عند ابن القاسم مراعاة الخلاف ليس إلا، وأما إذا كان حصول شبهة النكاح المقتضية للحوق الولد ودرء الحد وغير ذلك من الأحكام الذي يساوى فيها هذا النكاح النكاح الصحيح، فالطلاق حينئذ واقع كوقوعه في النكاح الصحيح، فيفسخ النكاح إن تزوجها قبل زوج، ولا يقال لا تصح أن تكون الشبهة هى المقتضية لوقوع الطلاق، لحصولها فى النكاح المجمع على فساده لأن الشبهة فى المجمع على فساده، لا تساويها/49 - ب فى المختلف فيه فيجوز لاختلاف الشبهة اختلاف آثارها انتهى. والإشارة بصور ة العين إلى ابن عبد السلام. قال: ورأى ابن بشير أنه يختلف فى مراعاة القول الشاذ من سلم مراعاة الخلاف المشهور، واحتج على ذلك بأمور، انظر تمام كلامه. الإمام المقرى: قاعدة: اختلفوا فى فسخ الصحيح مراعاة لقول الغير كمن نكح نكاحا مختلفا فيه، ثم طلق ثلاثا، قال ابن القاسم: يلزمه الطلاق، لكنه إن بادر فتزوجها قبل زوج لا يفسخ، لأنا نصير نفسخ ما صح عندنا، مراعاة لقول غيرنا، وهذا لا يمكن أن يقال. قلت: هو كما قال فى ابتداء الأمر، وأما فى مثل هذه المسألة ففيه نظر انتهى. الرصاع فى شرح الحدود: وهل يراعى الخلاف ابتداء أو إنما يراعى بعد الوقوع

ويدل للأول قول ابن الحاجب: ويكره للخلاف وقبلوه، ونقل عن شيخنا أبى القاسم القبانى رحمه الله: أنه كان رد به على من زعم على أنه لا يكون إلا بعد الوقوع. ويدل للثانى: كلام الشيخ المغربى لما تكلم مع ابن رشد بعد ذكره الخلاف فى المسبوق هل هو قاض أو بان؟ قال ابن رشد: والذى قاله مالك: إنه إذا [أدرك ركعة من الظهر وسلم الإمام يقرأ بأم القرآن وسورة ويجلس] فإذا قام قرأ بأم القرآن وسورة إنما أجاب بأن ما أدرك مع الإمام أولها، ورأى أن يحتاط بزيادة السورة في الثالثة رعيا للخلاف المغربى: وفيه إشكال، لكونه راعى الخلاف قبل الوقوع، وإنما يراعى بعده، فتأمله. قوله: "وقد أجاب نجل عرفة - إلى آخره - أي أجاب عن إشكال، ورد على مراعاة الخلاف. والسؤال والجواب فى نوازل البرزلى. قال الشيخ ابن عرفة أثر السؤال: حاصل هذا السؤال، استناد مالك وغيره من أهل المذهب إلى رعى الخلاف وجعله قاعدة مع أنهم لا يعتبرونه فى كل موضع مشكل من ثلاثة أوجه: الأول: إن كان حجة عمت وإلا بطلت، او لزم ضبط موجب تخصيصها بموضع دون آخر. الثاني: على فرض صحته ما دليله شرعا، وعلى أي شئ من قواعد أصول الفقه

يبنى، مع أنهم لم يعدوه منها. الثالث: أن الواجب على/50 - أالمجتهد أتباع دليله إن أتحد أو راجحه إن تعدد فقوله بقول غيره أعمال لدليل غيره وترك لدليله. وجوابه أن يقال: تصور رعى الخلاف سابق على مطلق الحكم عليه فرعى الخلاف عبارة عن إعمال دليل فى لازم مدلوله الذي أعمل فى نقيضه دليل آخر. مثاله: إعمال مالك دليل خصمه القائل بعدم فسخ نكاح الشغار فى لازم مدلوله ومدلوله عدم فسخه، ولازمه ثبوت الإرث بين الزوجين فيه ولكن هذا المدلول وهو عدم الفسخ، أعمل فى نقيضه - وهو الفسخ - دليل آخر، وهو دليل فسخه، إذا تقرر هذا فالجواب عن الأول: أن تقول: هو حجة فى موضع دون آخر. قوله: ما ضابطه؟ قلنا: ضابطه رجحان دليل المخالف [عند المجتهد على دليله فى لازم قول المخالف، كرجحان دليل المخالف] فى ثبوت الإرث عند مالك، على دليل مالك فى لازم مدلول دليله، وهو نفى الإرث وثبوت الرجحان ونفيه وهو بحسب نظر المجتهد، وإدراكه فى النوازل، فمن هذا كان رعى الخلاف فى نازلة معمولا به وفى أخرى غير معمول به. والجواب عن الثانى: وهو قوله ما دليله شرعا؟ من وجهين: الأول: الدليل الدال على وجوب العمل بالأرجح، وهو مقرر فى أصول الفقه فلا نطول به. الثانى: حديث قوله - صلى الله عليه وسلم -: "الولد للفراش وللعاهر الحجر واحتجبى عنه يا سودة".

وحجة الحديث ووجه دلالته على ما قلناه عنه واضحة بعد تأمل ما ذكرنا وفهم ما قررناه والله المطلع على السرائر. والجواب عن الثالث: وهو قوله: إنما إعمال لدليل غيره وترك لدليله. أنا بينا أنه إعمال لدليله من وجه هو فيه أرجح، وإعمال لدليل غيره فيما هو فيه عنده أرجح، حسبما بيناه وحسبما تضمنه حديث "الولد للفراش" من العمل بالدليلين [فيما كل منهما فيما هو فيه أرجح ليس هو إعمالا لأحدهما وتركا للآخر، بل هو إعمال الدليلين] معا حسبما قررنا، والله أعلم وبه التوفيق انتهى باختصار وتمام البحث وتحقيق المسألة فى شرح حدود الشيخ /50 - ب ابن عرفة للإمام الرصاع. قوله: "لا نعم" أى فقيل لا، وقيل نعم، أو قوله: لا، جواب الاستفهام المذكور ويقدر آخر يكون نعم جوابا عنه قوله: "عياض وعدم قيس" أى وقال أى عياض: عدم فى مراعاة الخلاف القياس لما فيها من عدم الجريان على مقتضى الدليل، أو يقدر القول حالا، أي وعاب الخلاف اللخمى، وعياض حال كون عياض قائلا: وعدم قيس، أو يكون التقدير قال عياض: هو معيب وعدم فيه القياس قوله: "وقد أجاب نجل عرفة" - إلى آخره - ضمير أنه، عائد على رعى الخلاف وضمير مدلوله عائد على الدليل. وضمير نقيضه عائد على المدلول، وغيره أى غير الدليل المعمل وهو دليل أخر ولرجحانه أى الدليل المعمل، وهو الذى متعلق بإعمال.

الإمام الرصاعي: فقوله: "إعمال دليل" جنس لمراعاة الخلاف يصدق عليه وغيره كذا مدلوله عرفا، وأما في اللغة: فالرعى الاعتبار، تقول: رعى فلان فلانا أي اعتبره وقام له بما يناسب والإعمال مسبب عنه، والجارى على غالب طريقه أن يقال هو لقب على إعمال - إلى آخره - لأن المحدود مضاف وربما يقال قوله عبارة عن كذا يقوم مقام لقب قوله دليل خرج عليه فى لازم مدلوله، مخرج لإعماله فى مدلوله. والدليل: هو ما يمكن التوصل به إلى مطلوب خبرى، والمدلول هو المطلوب فالنهى الوارد مثلا، فى نكاح الشغار إذا وقع يجب فسخه، عند مالك بطلاق فى رواية، وبغيره فى أخرى ومن خالف مالكا يقول: لا يجب فسخه إذا وقع. والجارى على فسخه بلا طلاق ألا يلزم فيه طلاق إن وقع ولا ميراث، وقد وقع لمالك أنه يقع فسخه بطلاق ويلزم فيه الطلاق ويقع فيه الميراث بينهما إذا مات أحدهما، فالجارى على أصل دليله ولازم قوله، أنه لا ميراث فى ذلك، فلما قال بثبوته فقد أعمل دليل خصمه القائل بعدم فسخه إذا وقع بدليل دل على ذلك وهو عدم الفسخ وعدم فسخ النكاح لازمة ثبوت الميراث، والملزوم الذى هو المدلول نفسه أعنى عدم الفسخ أعمل مالك دليله فى نقيضه وهو فسخه فأعمل دليل خصمه فى لازم نقيض فسخ النكاح، وهو معنى قولهم مراعاة الخلاف، إعمال، دليل كل من الخصمين فصح من هذه أنه يكون حجة فى موضع دون آخر وأنه بحسب ما يقع فى نفس المجتهد من رجحان دليل المخالف انتهى. وقد علمت مما سبق أن هذا الذى ذكر المؤلف إنما هو تعريف لرعى الخلاف وليس بجواب عن واحد من الإشكالات السابقة، نعم فيه إيماء إلى جواب الإشكال الثالث ولعل

المؤلف أطلق عليه الجواب لذلك أو لأنه مطلع الجواب والأول أبين، والله أعلم. [ص] ... هل ذو سبب ... فى الاعتداء عليه كالمسبب [ش] أى التعدي على السبب هل هو كالتعدى على المسبب أم لا؟ وقد مر هذا الأصل مع بعض ما بنى عليه عند الكلام على قاعدة الترك هل هو كالفعل أم لا؟. ومن فروعه أيضا من قتل عجلا فامتنعت البقرة من الحلاب. [ص] 105 - هل خوطب الكفار بالفروع ... عليه كالوطء لذى الرجوع 106 - والغسل والكرا واحداد طلاق ... وغرم كالخمر وتحليل عتاق [ش] أى الكفار هل هم مخاطبون بفروع الشريعة أم لا؟ وعليه إباحة وطئها لزوجها المسلم يقدم فى نهار رمضان وهو معنى قول المؤلف "لذى الرجوع" أى من سفره وإجبار الذمية تحت المسلم على الغسل من الحيض. قال فى البيان: والخلاف جار على اختلافهم فى الكفار هل هم مخاطبون

بفروع الشريعة أم لا؟ لأن المسلم أمر أن لا يطأ من يجب عليها الغسل من الحيضة حتى تغتسل انتهى. والخلاف أيضا فى الجنابة وكراء الدابة منهم ليركبوها لأعيادهم. وكبيع شاة منه لعيدهم، فعلى الخطاب فهم عاصون بإقامة عيد لأنفسهم فيكون المسلم عاصيا فى إعانته لهم على معصيتهم، وعلى أن لا فلا؟ وعليها لزوم الإحداد وعدة الوفاة على الكتابية من المسلم، على معنى أنها هل تعتد بأربعة/51 - ب أشهر وعشرا كالمسلمة أو إنما تستبرأ بثلاثة اقراء. وهل تلزم بالإحداد كالمسلمة أو لا؟ بناء على القاعدة، ويحتمل أن يكون عدم الإحداد [لكونها لم تدخل] تحت قوله - صلى الله عليه وسلم -:"لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث إلا على زوج أربعة أشهر وعشرا". وطلاقه وعتقه، والعتق بالمثلة بمعنى أن الطلاق الكافر فى حال الكفر هل يلزمه أو

لا؟ وكذا إعتاقه لعبده هل يلزمه العتق [فلا يكون له الرجوع] أو لا؟ وكذا لو مثل بعبده هل يعتق عليه أو لا؟ وهذان الفرعان داخلان تحت قول المؤلف: "عتاق". وغرم من أتلف له خمرا أو خنزيرا وقد قال خليل في مسألة الخمر، والأظهر أن المسلم يضمن لهم، وإن قلنا أنهم مخاطبون لأنهم أقروا على تمليكها انتهى. وعليه أيضا تمكين المستأمن من بيع خمر لذمى، وصحة أنكحتهم وفسادها، فعلى الأول تحل الكتابية المبتوتة بوطء الكافر، وعلى الثانى لا تحل. وإلى هذا أشار بقوله: "تحليل" وحمل المسلم أمه الذمية إلى الكنيسة، وإباحة وطئها لزوجها المسلم يقدم فى نهار رمضان. وإذا عقد على أم وابنتها ثم أسلم ولم يصبهما هل يفسخ أو يختار. وإذا تزوجها بخمر ثم أسلما ولم يدخل فالمشهور أن لها شيئا بناء على الخطاب فقيل

[ص] داق المثل، وقيل قيمة الخمر، وقيل ربع دينار، والشاذ لا شئ لها. قال القاضى أبو عبد الله المقرى: قاعدة: الإجماع على خطاب الكفار بالإيمان وظاهر مذهب مالك أنهم مخاطبون بالفروع، كالشافعى وفيه قولان، فقيل فائدته تضعيف العقاب "ما سلككم" لأنهم لا تصح منهم الطاعة، ومن هنا جاء القول بالفرق بين الكف والفعل لأن الكف لا يفتقر إلى القصد فى براءة الذمة به، لكن فى ترتيب الثواب عليه والصحيح أن فروعه كثيرة ومنها اعتبار مقدار التطهير، وقد راعى من لم يعتبره للصبى أمره به، وفيه قولان عند ابن بشير خلافا لابن الحاجب ومنها الحكم بفساد أنكحتهم أو صحتها، وعليها لزوم الطلاق والظهار وغيرهما انتهى. وقال أيضا: قاعدة: اختلفوا /52 - أفي صحة أنكحة الكفار وفسادها، وعليه تحليل الكتابية بوطء الكافر، وإذا عقد على أم وابنتها ثم أسلم ولم يصبهما هل يفسخ أو يختار؟ والمشهور أنه فاسد بأصله مصحح بالإسلام فلا يصح طلاقه ولا ظهاره ويصح اختياره أربعا أو أحدى الأختين بالنص والقاعدة، وقال النعمان: صحيح ويبطل نكاح الأواخر والأخيرة. وقال محمد: إلا أنه يختار للآثار، وأصل هذه القاعدة الخلاف فى أنهم مخاطبون بالفروع، وفيها ثلاثة أقوال. ثالثهما: أنهم خوطبوا بمقتضى الكف أو الترك دون الإتيان، أو الفعل، فإذا تزوج بخمر فقبضتها ثم أسلم ولم يدخل فالمشهور أن لها شيئا بناء على الخطاب، فقيل صداق المثل، وقيل قيمة الخمر، وقيل ربع دينار، والشاذ لا شئ لها. وأما النواهى والعقوبات فقال ابن القاسم: لا يعتق عليه بالمثلة إلا المسلم، وقال أشهب يعتق الذمى لا الحربي انتهى.

قال في إيضاح المسالك: تنبيه قال ابن العربي: لا خلاف في مذهب مالك أن الكفار مخاطبون، وقد بين الله في قوله تعالى: {وأخذهم الربا وقد نهوا عنه}. فإن كان ذلك خبرا عما نزل على محمد - صلى الله عليه وسلم - فى القرآن وأنهم دخلوا في الخطاب فبها ونعمت، وإن كان خبرا عما نزل على موسى فى التوراة وأنهم بدلوا وحرفوا وعصوا وخالفوا فهل تجوز لنا معاملتهم، والقوم قد أفسدوا أموالهم فى دينهم أولا؟ فظنت طائفة أن معاملتهم لا تجوز وكذلك لما فى أموالهم من هذا الفساد، والصحيح جواز معاملتهم مع رباهم واقتحام ما حرم الله سبحانه عليهم، فقد قام الدليل على ذلك قرآنا وسنة قال الله تعالى: {وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم} وهذا نص. وقد عامل النبى - صلى الله عليه وسلم - اليهود: "ومات ودرعه مرهونة عند يهودى فى شعير أخذه لعياله". والحاسم لذلك الشك والخلاف اتفاق الأمة على جواز/52 - ب التجارة مع أهل الحرب، وقد سافر النبى - صلى الله عليه وسلم - تاجرا، وذلك من سفره أمر قاطع على جواز السفر إليهم والتجارة معهم، فإن قيل كان ذلك قبل النبوة. قلنا: إنه لم يتدين قبل النبوة بحرام، ثبت ذلك تواترا، ولا أعتذر عنه إذ بعث،

فصل النكاح، وما يتعلق به من الطلاق وغيره

ولا منع منه، ولا قطعه أحد من الصحابة فى حياته ولا أحد من المسلمين بعد وفاته، فقد كانوا يسافرون فى فك الأسرى وذلك واجب وفى الصلح كما أرسل عثمان وغيره، وقد يجب، وقد يكون ندبًا، فأما السفر إليهم لمجرد التجارة فمباح انتهى. فصل أى فصل النكاح، وما يتعلق به من الطلاق وغيره. [ص] 107 - هل النكاح قوت أو تفكه ... إعفاف والد عليه ينقه 108 - تأمل الأم ... ... ... ... ... ... [ش] أى هل النكاح من باب الأقوات أو من باب التفكهات؟ وعليه وجوب تزويج الوالد على ولده إن احتاج والمملوك على المالك وعليه أيضا دخول الزوجة فى قوله كلما أعيش فيه حرام. قال القاضى أبو عبد الله المقرى: قاعدة: اختلف المالكية فى كون الزوجة من باب الأقوات أو من باب التفكهات، أى أهى من الأمور الحاجية، أو من التكملات وخرج عليه الصائغ وجوب تزويج الوالد على الولد إن احتاج. وقيل: الصحيح أنه خلاف فى حال وانظر الأم، لأن فرق ما بينها وبين الأب العار الذى يلحق الابن بها دونه، ولذلك تردد الكتاب فيمن تزوجت أمه هل يعزى أو يهنأ؟ وقد رأى الحذاق أن التعزية جفاء، والتهنئة استهزاء، فكتبوا أما بعد: فإن أحكام الله عز وجل

تجري على غير مراد المخلوقين، والله يختار لعبده فخار الله لك فيما أراد من ذلك والسلام انتهى. قلت: وإلى قول المقرى: وانظر الأم، أشار المؤلف بقوله: "تأمل الأم ... " أى تأمل تزويج الأم، هل يجب على الولد أو لا؟. وأشار بقوله أى أهى من باب الحاجة أو من باب التكملات إلى أنهم ما أرادوا بكون النكاح قوتا حقيقة اللفظ، حتى يكون من الضروريات كالطعام والشراب وإنما أرادوا أنه يقرب من القوت فيكون من الحاجيات. المقرى فى فصل القضا قاعدة: يتقرر فى الأصول: إن /53 - أالمصالح الشرعية ثلاثة: ضرورية، كنفقة المرء على نفسه وسائر أسباب حفظ الكليات الخمسة وحاجية كنفقته على زوجه. وتتميمية كنفقته على والديه وولده. والأولى مقدمة على الثانية، والثانية على الثالثة عند التعارض، وكذلك درء المفسدة يتنزل على المقدمات الثلاثة. فالعدالة هى فى الشاهد ضرورية، فإن لم يكن فى البلد عدول، فقال ابن أبى زيد: تقبل شهادة أمثلهم، وكذلك القضاة وغيرهم، من الحكام على الأصح، وفى الوصى حاجية على الخلاف فى اشتراطها، وفى الولى تتميمية لنيابة وازع القرابة عنها، ومن ثم لم تشترط فى الإقرار إجماعا لكونه على خلاف الوازع الطبيعى انتهي. وفيه من الفائدة والتحقيق ما لا غنى لطالب العلم عنه، وكذلك هو كلام هذا الرجل كله، ولذلك ألتزمته على كل أصل إن وجدته وينقه معناه يفهم أنه مبنى على هذا الأصل. [ص] ... ... وهل تبعض ... دعوى وبتة بعتق يفرض

109 - مع طلاق وكثنيا حكمين ... فرتب المفروض وأقسم دون مين [ش] أشتمل كلامه على أصلين: الأول: الدعوى هل تبعض أم لا؟ الثانى: البتة هل تبعض أم لا؟ وعلى الأول: من قال: أعتقك على مال، وقال العبد: بغير شئ. فقال فى الكتاب: القول قول العبد. وقال أشهب: قول السيد، كما لو قال: أنت حر وعليك كذا بخلاف الزوجة. ومن أقر بالطلاق، وأدعى أنه على شئ، وأنكرته، فقيل: يلزم الطلاق، بعد أن تحلف على ما قاله، وقيل: القول قوله يحلف ويستحق. ومن قال: طلقت وأنا مجنون، أو صغير، فقال ابن القاسم: لا يلزم إذا علم أنه مجنون، وألزمه اللخمى وسحنون. وأصله تبعيض الدعوى. وهذان الفرعان يشملهما قول الناظم: "طلاق".

ومن وجدا فى بيت، فقالا: نحن زوجان وهما غير طارئين وفى المنهج الفائق عن بعض الشيوخ أن فى هذا الأصل مسائل، وله نظائر منها دعوى زيادة (...) فى كتاب الغرور، ومنه مسألة /53 - ب دعوى السلف والوديعة عند تلفها. وكذلك القراض، والوديعة، وكذلك الإقرار بوطء جارية يدعى أنها له، وينكر صاحبها. ومنها: مسألة هذه الجبة لك وبطانتها لى، أو هذا الخاتم لك وفصه لى. ومنها: مسألة طلقتك، وأنا صبى أو مجنون أو غير ذلك من النظائر. وعلى الثانى: صحة الاستثناء، والمراد بالثنيا، وذلك إذا قال لزوجه أنت طالق البتة إلا واحدة، فعلى التبعيض تلزمه اثنتان وعلى عدمه الثلاث. واختلاف الحكمين، إذا قضى أحدهما بواحدة، والآخر بالبتة هل تلزمه واحدة أم لا؟

وعليه أيضا: إذا شهد واحد بواحدة، والآخر بالبتة هل تلزمه واحدة ويحلف على البتات، أو يحلف على تكذيب كل منهما، ولا يلزمه شئ؟. قولان على الأصل والقاعدة. قال القاضى أبو عبد الله المقرى: قاعدة: اختلفوا فى تبعيض الدعوى، كمن أقر بالطلاق، وأدعى أنه على كل شئ، وأنكرته فقيل: يلزمه الطلاق بعد أن تحلف على ما قاله، وقيل: القول قوله فيحلف ويستحق. فالأول: رآه مقرا كمدع. والثانى رآه مقرا على صفة فلا يؤخذ إلا بها وهما أصلان أيضا. قوله: "فرتب المفرضون، وأقسم دون مين" أى أقسم الفروع الأربعة على الأصلين على سبيل الترتيب، أى أجعل الأولين وهما العتق، والطلاق للأصل الأول والأخيرين وهما الثنيا، والحكمين للثانى. [ص] 110 - الطول مال أو وجود حره ... وفرعه لينكحن ضره [ش] أى الطول هو المال أو وجود الحرة فى العصمة؟. وعليه لو حلف لينكحن ضرة على زوجته فتزوج أمة، فى بره قولان مبنيان على

كون الحرة طولا أو لا، فيبر على الثانى دون الأول، بناء على أنه لا يبر بالفاسد فلو تزوج غير كفء فعلى تعارض اللفظ والقصد، فإن لم يدخل، فعلى الأقل والأكثر، وعلى أن النكاح هل هو حقيقة فى العقد أم لا؟. قوله: "وفرعه" أى فرع هذا الأصل. [ص] 111 - وهل على أقل أم ضد حمل ... ان عدم المقصد لفظ محتمل /45 - أ 112 - كالنذر والحرام .. ... ... ... ... ... [ش] أى اللفظ المحتمل إذا لم يقترن بالقصد، هل على الأقل أو على الأكثر؟ فيه خلاف. وعليه من نذر صوم شهر ولم يعين شهرا من تسعة وعشرين، ولا من ثلاثين، وفى المدونة: إن صام شهرا بالهلال أجزأه ناقصا، وأما بغيره فيكمل. وكالحرام ولم ينو الثلاث، ولا ألبتة هل يحمل على بائنة أو على الثلاث. ومن احتمل لفظ التمليك، أو التوكيل، وفائدته أن له العزل فى التوكيل، وليس له ذلك فى التمليك، لأن لها فيه حقا. وكمن حلف ليتزوجن هل يبر بالعقد أو لا يبرأ إلا بالدخول؟ وهو المشهور وقد سبق قريبا.

قال القاضي أبو عبد الله المقرى: قاعدة: اختلف المالكية فيما يلزم باللفظ المحتمل إذا لم يقترن بالمقصد فقيل: الأكثر حتى يترجح غيره، لأن الذمة لا تبرأ يقينا إلا به وقيل: الأقل لأن الأصل انتفاء الزائد حتى يثبت، وهى كقاعدة الأخذ بأوائل الأسماء أو بأواخرها. قال ابن بشير في باب نذر الصيام: هذا هو القانون فى هذا الباب، وإليه ترجع أكثر مسائله. وقال أيضا: قاعدة: اختلف المالكية فى المحتمل هل يحمل على الأقل، أو على الأكثر. كما إذا أحتمل لفظ التمليك، والتوكيل، وفائدته أن له العزل فى التوكيل، وليس له ذلك فى التمليك، لأن لها فيه حقا، كما لو كان للوكيل، وكالحرام هل يحمل على بائنة أو على الثلاث، وقال عبد العزيز: رجعية لأنها تفيد التحريم انتهى. وتقدير كلام المؤلف، وهل حمل لفظ محتمل إن عدم المقصد، وهو القصد، على أقل أم ضد الأقل، وهو الأكثر، فيه خلاف. [ص] ... ... هل تقررا ... بالعقد للعرس الذى قد أمهرا 113 - أم نصفه أم لا عليه ما استحق ... حد نكاح غلة كان سرق 114 - وشبهها تنبيه اعلم أنه ... يلزم عرسًا فى الذى تضمنه 115 - زكاته كفطرة وبعلها ... يبنى بها من غير أن يبذلها 116 - كالفسخ قبل ولها التصرف ... بكتبرع بقيد يعرف /54 ب 117 - ضمان غلاته قد فصلا ... فى أمهات ببيان مجتملا

[ش] أي المهر هل يتقرر جميعه بالعقد أو لا؟ ثالثها يتقرر الصنف ثم يتكمل بالدخول أو الموت. وعليه إذا استحق نصف ماشية بعينها بالطلاق فى كونه كالخليط أو كالفائدة والخلاف فى نكاحه أمة الصداق، وحده إذا وطئها قبل الدخول، وقطعه إذا سرق شورته قبله. والخلاف فى غلته والخلاف فى ضمانه إذا قامت البينة بعد الطلاق على تلفه عليها غرم النصف أم لا؟. قال القاضى أبو عبد الله المقرى: قاعدة: اختلف المالكية فى تقرر المهر بالعقد ثالثها يتقرر النصف ثم يتكمل بالدخول أو الموت. وعليه الخلاف فى غلته، وإذا قامت البينة بعد الطلاق على تلفه، فهل عليها غرم النصف أولا؟ والمشهور لا يقرر شئ، والمقصود الجميع ثم يتشطر بالطلاق انتهى.

قال في إيضاح المسالك: تنبيه: لا خلاف أن على المرأة قبل البناء زكاة الفطر على رقيق الصداق، وزكاة الشجر، والمعين من الماشية وان لم تقبضه وزكاة العين إن قبضته لأن ضمان هذه الأشياء إن هلكت قبل البناء منها، وله الدخول بها من غير شئ، كان الصداق بيدها أو بيده، ولها البيع والهبة والصدقة، والإعتاق ما لم يزد على ثلث مالها، والمنصوص أن لا شئ لها بالفسخ قبل البناء، بملك أحدهما صاحبه، أو ردته. ولا خلاف أن الضمان منهما بعد الطلاق، فيما لا يغاب عليه إن كان بيد الزوج وفى كونه ضمانه منها أو منهما إن كان بيدها قولان. وفى ضمان ما يغاب عليه إن قامت البينة قولان لأشهب، وابن القاسم، بناء على أن الضمان للتهمة، أو للأصالة. واختلف ابن القاسم، وعبد الملك فى الرجوع عليها بالغلة، بعد الطلاق خاصة فإن ابن القاسم يوجبه بناء على أنه [بالطلاق تبين بقاء ملكه على نصفه. وعبد الملك لا يوجبه] بناء على أنه رجع بعد /55 - أأن ملكته انتهى. قوله: "للعرس" أى الزوجة، قوله: "أم لا؟ " أى أم لم يتقرر لها شئ من الصداق بالعقد. قوله: "الذى قد أمهرا" أى المال الذى أمهر للزوجة أى جعل مهرها وهو كل الصداق، ونصفه معطوف على الذى. قوله: "عليه" أى على هذا الأصل أو الخلاف. قوله: "استحق" مبنى للفاعل أو المفعول، أى ما استحقه الزوج أو ما استحق للزوج من نصف ماشية بعينها بالطلاق هل يزكيه معها على حكم الخليط أو هو فائدة

يستقبل بها. قوله: "حد" أى حد الزوج إن وطئ أمة الصداق قبل البناء قوله: "نكاح" أى نكاح الزوج لأمة الصداق، قبله. قوله: "غلة" أى غلة الصداق هل هى لها كلها، أو هى مشتركة أو هى للزوج كلها بمعنى هل يرجع عليها بالغلة، كلها بعد الطلاق، أو نصفها، أو لا يرجع بشئ. قوله: "كان سرق" أى الزوج إذا سرق شيئاً من الصداق قبل البناء هل عليه القطع أم لا؟ قوله: "تنبيه اعلم أنه يلزم عرسا فى الذى تضمنه زكاته كفطرة" المراد بالزكاة زكاة المال، بدليل ما بعده، وهكذا قوله، فى إيضاح المسالك لا خلاف أن على المرأة زكاة الفطر على رقيق الصداق، وزكاة الشجر، والمعين من الماشية، وإن لم تقبضه وزكاة العين إن قبضته لأن (ضمان) هذه الأشياء إن هلكت قبل البناء منها. قوله: "وبعلها يبنى بها من غير أن يبذلها" أى إذا هلك الصداق الضمان منها فله الدخول بها من غير أن يعطيها شيئا آخر، وهذا كقوله، وله الدخول بها من غير شئ كان الصداق بيدها أو بيده، قوله: "كالفسخ قبل" أى كما لا يبذلها شيئا فى الفسخ قبل البناء وكل نكاح فسخ قبل الدخول فلا شئ فيه إلا نكاح الدرهمين على أصح القولين. وتعميم المؤلف أحسن من تخصيص ذلك بالفسخ للملك، والردة إلا أن يكون للإشارة إلى ما قابل المنصوص. قوله: "ولها التصرف بكتبرع بقيد يعرف" أى يتبرع وشبهه، فالتبرع كالهبة والصدقة

والعتق، والسلف، وشبهه أى فى التصرف كالبيع/55 - ب والإجارة. والقيد المعروف هو عدم الزيادة على الثلث، وهذا كقوله: ولها البيع، والهبة والصدقة وإلا (عتاق) ما لم يزد على ثلث مالها، لكن إنما يتقيد بذلك التبرع لا المعاوضة، وذلك معلوم عند من له أدنى مشاركة فى الفقه. قوله: "ضمان غلاته" [- البيت - يعنى أن حكم ضمان الصداق مفصل فى الأمهات وكذا حكم غلته] وهذه إشارة إلى قوله: ولا خلاف أن الضمان منهما بعد الطلاق، إلى آخره والتفصيل بمعنى التبيين، أو التقسيم. [ص] 118 - هل يملك العبد ... ... ... ... ... [ش] أى اختلف هل يملك العبد أولا؟. وعليه هل يزكى السيد ما عبده أم لا؟ ومن قال (مماليكى) إحرار هل يعتق عليه عبيد عبيده وهل يعتبر الربا بين السيد وعبده؟. قال القاضى أبو عبد الله المقرى: قاعدة: اختلف المالكية في العبد هل هو مالك أو لا؟.

قال ابن بشير: والمذهب أنه مالك، ولكنه ليس بملك حقيقى، لأن للسيد أن ينزع ما في يده، وعندنا قولان، فيمن ملك أن يملك هل يعد مالكا حقيقة أم لا؟. قلت: فعلى هذا يكون فى كون العبد مالكا حقيقة قولان، لأن للسيد إذا لم يكن مالكا حقيقة، فالعبد مالك حقيقة، وهكذا يحكى غير واحد، يعنى أن المذهب اختلف فى كون العبد مالكا، والحق أن المذهب أنه مالك حقيقة، إلا أنه ناقص بتسليط الغير عليه، وذلك لا ينافى الحقيقة كالمديان. [ص] ... ... وهل يقدر ... كاثنين واحد ... ... [ش] أى هل يقدر واحد كاثنين؟ بمعنى أنه تعتبر جهتا الواحد فيقد اثنين أم لا؟. وعليه هل يلزم ابن عم إن كانت الصبية تحت ولايته أن يستنيب ولى النكاح. ووصى على يتيم باع عليه شقصه هل له أن يشفع ليتيمه الآخر؟. ومن أخذت منه الزكاة هل تعطى له؟. قال فى إيضاح المسالك: المخاطب هل يدخل تحت عموم الخطاب أو لا؟ وعليه

عزل الوكيل عن نفسه، ومن فى ولايته، أو يتهم عليه، والوصى يشترى من مال يتيمه وهى قاعدة اليد الواحدة هل تكون قابضة دافعة أم لا؟ وقاعدة اعتبار جهتى الواحد /56 - أفيقدر اثنين، فلذلك تولى طرفى العقد فى النكاح والبيع، ويرث مع البنت بالفرض، والتعصيب، ويشفع من نفسه وعلى هذا فيؤخذ من الشخص الواحد باعتبار غناه، ويرد عليه باعتبار فقره أو يترك له، ويقدر الأخذ، والترك كالمقاصة على الخلاف في العمل فى هذه القاعدة. وقال أيضا أبو عبد الله المقرى: [قاعدة: أصل مالك اعتبار جهتى الواحد فيقدر اثنين، فلذلك يتولى طرفى العقد فى النكاح، والبيع، ويرث الأب مع البنت بالفرض والتعصيب، ويشفع نفسه كما مر وعلى هذا القياس يؤخذ من الشخص الواحد باعتبار غناه، ويرد باعتبار فقره، أو يترك له، ويقدر الأخذ والرد كالمقاصة، على الخلاف في العمل فى هذه القاعدة، وأصل الشافعى خلاف أصل مالك في ذلك. وقال أيضا]: قاعدة: عند مالك، والنعمان أن تولى طرفى العقد جائز مطلقا وعند محمد مخصوص بالأب، والجد لكمال الشفقة وعليهما كون الزوج وليا بخلاف تزويج حفيده من حفيدته، وهي قاعدة اختلاف الجهة هل يوجب تعدد المتحد أو لا؟

قاعدة: المأذون له فى العقد لا يملك عقدا لنفسه كالوكيل من نفسه بثمن المثل، والوصى لا يشترى من مال يتيمه كذلك، قالت المالكية: الوكيل معزول عن نفسه وهذه عمدة الشافعى فى منع تولى الطرفين. قال الحنفية: ولاية شرعية فيتملك بها تولى الطرفين. قال محمد: فلم جعلتم ذلك للوكيل على النكاح؟. وقال أيضا: قاعدة: لا يمتنع فى الشخص الواحد اعتبار جهتى استحقاق، كالزوج يكون ابن عم فيرث المال، أو جهتى قيام كالزوج يكون وليا فينكحها من نفسه على ما مر، وهو المعبر عنه بتولى طرفى العقد، فإن سقط اعتبار إحداهما فالأصل ثبوت اعتبار الأخرى إذا لم يكن ملزوما للساقط، وعلى ذلك اختلف المالكية فى الأم الوصى تتزوج هل يسقط حقها فى الحضانة أو لا؟ لأن حق الوصية لا تسقطه الزوجية، بخلاف الأمومة هذا معنى كلام ابن بشير وفيه نظر. وقال أيضا /56 - ب قاعدة: إذا تبدلت النية واليد على حالها فهل يتبدل الحكم أو لا؟ قولان للمالكية. وعليهما القولان في صرف الوديعة، فإن قلنا بالتبدل جاز، لأن قبض الآن لنفسه، وإن قلنا بنفيه امتنع الآن للتأخر حتى يقبض لنفسه، فإن كانت حاضرة جازت على القولين. أو نقول: إن قلنا بالأول قدرنا كأنه تسلفها الآن ثم صارف، وهذه طريقة

الباجي إلا أن هذا يوجب المنع فى المصوغ إلا أن يحضر، وإن قلنا بالثاني امتنع. وقال أيضا: قاعدة: اختلف المالكية فى اليد الواحدة هل تكون دافعة قابضة أو لا؟ قال ابن بشير: وهو الذي يعبر عنه أصحابنا باختلاف النية هل يؤثر مع اتحاد اليد أو لا؟ وعليه الخلاف في بيع المقبوض على التصديق على ذلك وعليه جواز اقتضاء طعام السلم على تصديق المسلم إليه بخلاف بيع النقد فإنه فيه جائز، والقرض فإنه ممنوع. [ص] ... ... ... ... ... ... وهل يعتبر 119 - إفساد ما صح بنية قفى ... طالق أن يطأ فلم يعلم قفى 120 - وحفصة مع عمرة كناصح ... مع مريزق وشبه واضح [ش] أى هل يفسد الصحيح بالنية أو لا؟. وعليه مسألة لو مرت برجل امرأة فى ظلام ليل فوضع يده عليها ظانا أنها زوجته فقال: أنت طالق إن وطئتك الليلة فوطئها، فإذا هى غير امرأته ففى لزوم الطلاق قولان. ومسألة ناصح، ومرزوق وحفصة، وعمرة وشبه ذلك، كما لو اشترى عنباً

على أن يعصره خمرا، او أكرى دارا ممن يبيع فيها الخمر فصرفه إلى غير الخمر من زبيب أو خل، أو لم يبع حتى انقضت المدة. قال القاضى أبو عبد الله المقرى: قاعدة: اختلف المالكية فى فساد الصحيح بالنية كمن تزوج من يظنها معتدة فإذا هى برية، أو بخمر فإذا هو خل، نظرا إلى ما دخلا عليه أو أنكشف الأمر به، وهى قاعدة النظر إلى المقصود أو إلى الموجود، وفيها قولان. كمن دخل خلف من يظنه يصلى الظهر فإذا هوى صلى العصر، أم صار يوم /57 أالشك، فإذا هو من رمضان، ونحو ذلك. قوله: "فلم يعلم" أى حين الوطء أنها ليست زوجته، وإنما ظن، أو اعتقد أنها زوجته ثم بعد ذلك علم. قوله: "ففى" أى تبع هذا الأصل في طالق، أى قوله أنت طالق وما بعده. [ص] 121 - وهل يراعى مترقب وقع ... يومئذ أو قهقرا إذن رجع 122 - لسبب الحكم كمعتق ومن ... ربح أو أمضى كبيع أعلمن 123 - وهى التى تدعى بالانعطاف ... عكس التى تدعى بالانكشاف 124 - كالطالق يوم قدوم من قصد ... ورد منفق كمال من فقد 125 - وآخر الزوجات طالق ... ... ... ... [ش] أى المترقبات إذا وقعت هل يقدر حصولها يوم وجودها، وكأنها فيها قبل كالعدم، أو يقدر أنها لم تزل حاصلة من حين أسبابها التى أثمرت أحكامها، وأسند الحكم إليها؟ وهي قاعدة، التقدير والانعطاف. وعليها من أعتق عبده في سفر ثم قدم فأنكره، وقدم من شهد عليه، فحكم عليه هل

يقدر الحكم يوم أعتق أو الآن وقع. وتقدير الربح مع أصله فى أول الحول، أو يوم الشراء فى باب الزكاة. وبيع الخيار إذا أمضى كأنه لم يزل الإمضاء من حين العقد في أحد القولين والرد بالعيب كأن العقد لم يزل منقوضا وإجازة الورثة الوصية كأنها لم تزل جائزة على الخلاف في هاتين وصيام التطوع بنية قبل الزوال من اليوم المصوم فإنه ينعقد الصوم بها عند الشافعى وأبى حنيفة وتنعطف النية على ما قبل وقتها من اليوم. وعليها لو خاصم مستحق الأرض في الإبان وحكم له بعد ذهابه فى كون الكراء للأول أو المستحق. قال القاضى أبو عبد الله المقرى: قاعدة: اختلفوا فى المترقبات إذا وقعت متى تعد حاصلة أيوم الفراغ أو يوم ابتداء الترقب؟

وعليه إذا كان في عقد النكاح خيار فوقع الوطء قبل الاختيار، ثم اختار من له الاختيار إمضاءه، فهل يكون ذلك الوطء إحصانا أو لا؟. وقال أيضا: قاعدة: اختلفوا في المترقبات هل تعد حاصلة أو لا؟ فإذا اشترى /57 - ب الوكيل من يعتق على موكله عالما، فهل يعتق على المأمور، أو يكون الوكيل كالعامل، فثالثها فيه إن كان فى المال ربح أعتق، وإلا فلا؟. فمن رآها حاصلة رآه كالشريك فهو كالقاصد إلى أن يعتق عليه، ومن لم يعدها نفى العتق، لأنه لا شرك له، ومن التفت إلى الوجود عول على وجود الربح، ونفيه، لكن الوكيل لا شرك له ولا شبهة في التصرف، فمن نظر إلى هذه جعل الوكيل كالعامل، ومن نظر إلى الأولى لم يجعله، فإن لم يعلم أعتق على الآمر، لأنه الوكيل إذا أتلف خطأ لا يغرم وهى قاعدة مختلف فيها بينهم أيضا أن من أذن له إذنا خاصا فأخطأ فيه هل يضمن أو لا؟. وقال أيضا: قاعدة: انعطاف النية على الزمان محال عقلا، معدوم شرعا، خلافا للنعمان، فمن ثم جوز رمضان بنية النهار وزعم أن الخالى عن النية فى أول نهار الفرض يقع موقوفا على وجود النية قبل الزوال. قال ابن العربى: وما أحسن ارتباط الشريعة بالحقيقة، فإنها أصلها ومدعى خلافها مطالب بالبرهان وهى قاعدة أخرى انتهى. قال في إيضاح المسالك: تنبيه: قال المازرى: فى مسألة الاستحقاق قد يقال إن مدافعة

المستحق إذا كانت بتأويل وجه شبهة فإنه يحسن القضاء بإسقاط حقه فى الكراء، وإن كانت المخاصمة له بباطل واضح فإن الكراء يكون له، وقد حضرت مجلس الشيخ أبى الحسن اللخمى رحمه الله وقد استفتاه القاضى فى امرأة دعت زوجها للدخول فأنكر النكاح، فأثبتته عليه، فأفتاه بأنه يعتبر مدافعته لها فى النكاح هل كان من الزوج بتأويل وشبهة، فلا يطالب بالنفقة أيام الخصام، أو دافعها بباطل واضح، فيكون كالغاصب لها حقها فى النفقة فيقضى (لها) بذلك. وهذا نحو مما أشرنا إليه نحن في هذه المسألة. قوله: "تدعى بالانكشاف" - إلى آخره - أى عكس قاعدة التقدير، والانعطاف قاعدة الظهور، والانكشاف /58 - أ. وعليها لو قال لزوجته أنت طالق يوم يقدم فلان، فقدم نصف النهار، فإذا قدم تبين أن الطلاق حينئذ كان قد وقع في أول اليوم [وانكشف ما كان مستورا وعلم ما كان مجهولا، فتجرى أحكام الطلاق من أول اليوم] على حقائقها. واسترجاع النفقة المدفوعة إلى المرأة بناء على ثبوت الحمل إذا ظهر بعد ذلك أنه كان ريحا على المشهور، ووجوب رد قسمة مال المفقود، فى أرض الإسلام فى الأجل أو قبله، بعد ما أنفق أولاده على أنفسهم من ماله، قال مالك: فيها بوجوب رد النفقة وخولف. ومن قال: آخر امرأة أتزوجها طالق فإنه يكف عن كل امرأة يتزوجها حتى يتزوج

أخرى لانكشاف صحة العصمة بأنها ليست بآخر امرأة، فإذا مات عن امرأة لم يتزوج بعدها غيرها صار الترك، والموت كاشفين آخر امرأة، فأسندنا الآن هذا الوصف إلى حال عقد نكاحها، وعليها أيضا من ضمن عن رجل دينا فأدى الغريم إلى غريمه عنه عرضا، وسقط ضمان الضامن، ثم استحق العرض من يد الغريم، ولم يوجد المضمون، أو وجد عديما، قال فضل: نزلت بقرطبة وأفتيت فيها بأن لا رجوع للغريم على الضامن لأن الدين إنما لحق بعد انحلال الضامن عن الضمان، كالعبد إذا باع سلعة ثم أعتقه سيده، واستحقت السلعة، ووقع الحكم، بخلاف ذلك فأغرم الضامن. ومنها: أيضا إذا أحضر ضامن الوجه مضمونه بعد الحكم بغرمه، وقبل أن يغرم. ومنها: إذا آلى العبد فوقف شهرين، وأبى أن يفئ فطلق عليه، ثم أثبت أنه حر، قال فيها أبو عمران: إن الذى يظهر لى أن الطلاق ينتقض، لأنه ممن أجله أربعة أشهر. ومنها: لو غرم الصانع قيمة المصنوع لدعواه الضياع، ثم يوجد، صرح ابن هشام

عن الكافي، وغيره عن ابن وضاح أنه حكم مضى. ومنها: العبد يهلك فلا يدرى أفى العهدة أو بعدها، فترادا الثمن، ثم يأتى العبد، قال ابن رشد: إن حكم عليه بذلك حاكم، ويجب أن يرد العبد للمبتاع لانكشاف خطأ الحاكم وهو مما لا خلاف فيه. ومنها: /58 - ب إذا تعدى المكترى، والمستعير المسافة، بالدابة فضلت، ثم وجدت بعد أخذ القيمة. قوله: "يومئذ" يتعلق بيراعى أى هل يعتبر فى الأحكام، يوم وقوعه لا قبل الوقوع لكونه كان معدوما حسا قبل الوقوع، فكذلك يكون حكما أو يرجع وقوعه القهقرا إلى حين وقوع سبب الحكم فيقدر ابتداء وقوعه من حينئذ، مراعاة للسبب، وهو معنى قوله: "أم قهقرا" إذا رجع لسبب الحكم قوله: "كمعتق" هو بكسر التاء يناسب ما بعده، ويصح الفتح وبه ضبط المؤلف. قوله: "كالطالق يوم قدوم من قصد" بتعليق الطلاق على قدومه كزيد مثلا، وذلك أن الزوج إذا قال لامرأته: أنت طالق يوم قدوم زيد فقدم زيد آخر النهار، هل كانت مطلقة أول النهار، وعليه هل تنتقل للاستبراء. قوله: "ورد منفق" إذا ظهر بها حمل فأعطيت نفقة الحمل، ثم انفش هل تردها؟ وقد تقدمت. قوله: "كمال من فقد" أى المفقود إذا فوته الشرع فقسم ماله، ثم جاءه بعد ذلك هل يلزم الوارث الغرم وهو قول مالك أو لا؟.

[ص] ... ... ... وهل ... كمن أقر ساكت، وقد نقل 126 - سليل رشد نفى كونه رضى ... واختلفوا أهل هو إذن وارتضى 127 - نعم بكر لا بغير للأثر ... فمن فروع الأصل ما قد انكسر 128 - من يد من قلب كالمكيال ... كالغرس والبناء وشبه تال 129 - وقد حكى الشيخ عن الأصحاب ... الصمت كالإقرار فى الإياب 130 - والحوز واليمين، واللعان ... والعتق، والنكاح والضمان 131 - دعوى كدين تجر عبد وكرا ... ونجل عبد للسلام قررا 132 - أن الذى دل عليه المذهب ... إن الذى دل على ما يكسب 133 - بالنفس دون النطق كالنطق وما ... فيه تردد به قد علما [ش] أى هل الساكت على الشئ مقر به أم لا؟ وهل هو إذن فيه أم لا؟ اختلفوا فيه ومن فروعه سقوط الفخار من يد مقبله إذا أخذه بغير ربه /59 - أوتركه وهو ينظر إليه ويراه هل يضمن أو لا؟ أو يضمن إن نعف وأخذها من غير مأخذها. ومنها: سقوط المكيال بعد امتلائه من يد المبتاع، وقد كان بغير إذن البائع وقلنا الكيل عليه، وهو حاضر ساكت. ومنها: إذا غرس في أرض شخص، أو بنى فيها، أو غرس على مائه، وهو ساكت ثم أراد المنع، فإن قلنا سكوته كالإذن جرى الأمر فى ذلك على العارية المبهمة فى الجدار والعرصة، وإن قلنا ليس باذن فله ذلك بعد أن يحلف وفروعه فى هذا الباب كثيرة، قال

الشيخ ابن أبي زيد: وقد جعل أصحابنا السكوت كالإقرار فى أمور: منها: أن يقول: قد راجعت فتسكت، ثم تدعى من الغد أن عدتها كانت قد انقضت فلا قول لها. ومنها: من حاز شيئا يعرف لغيره فباعه، وهو يدعيه لنفسه، والآخر عالم ساكت لا ينكر بيعه، فذلك يقطع دعواه. ومنها: أن يأتى ببينة إلى رجل فيقول اشهدوا لى أن عنده كذا، وكذا وهو ساكت فذللك يلزمه. ومنها: مسألة الأيمان، والنذور، فيمن حلف لزوجته أن لا يأذن لها إلا في عيادة مريض، فخرجت بغير إذنه لم يحث، قالوا: إلا أن يسكت بعد ما رآها فإنه يحنث. ومنها: مسألة كتاب اللعان فى الذى يرى حمل زوجته فلم ينكره، ثم ينفيه بعد ذلك، حد، ولا يلاعن. ومنها: مسألة كراء الدور والأرضين، فى الذى زرع أرض رجل بغير إذنه وهو عالم ولم ينكر ذلك عليه. ومنها: إذا علم الأب، والوصى، والسيد بنكاح من إلى نظرهم وسكتوا. ومنها: إذا سكت الغرماء عن عتق الغريم، وطال ذلك، أو سكتوا حتى قسم الورثة تركة الغريم، ولا مانع. ومنها مسألة الابن: وهذه الفروع هى التى ذكر فى إيضاح المسالك وزاد

المؤلف فرع الضمان، ويعنى به ما إذا أخر الطالب الغريم، وعلم الضامن فسكت حتى حل الأجل، ولم ينكر فالحمالة لازمة، قاله فى المدونة. قال ابن رشد: ويدخل الخلاف فى السكوت هل هو الإقرار بخلاف ما إذا أنكر ولم يعلم حتى حل /59 - ب الأجل، فإن الطالب يحلف أنه ما أخر الغريم إلا على أن يبقى الكفيل فان نكل لزمه، والكفالة ثابتة على كل حال، وأما فى عدم العلم، فيحلف أيضا، فإن نكل سقطت. قال ابن رشد: وهذا كله فى التأخير الكثير وأما فى التأخير اليسير فلا حجة فيه للكفيل. قال القاضى أبو عبد الله المقرى: قاعدة: اختلف قول ابن القاسم فى السكوت على الشئ هل إقرار به، وإذن فيه أو لا؟ قال ابن رشد: والنفى أظهر، لقوله عليه السلام - فى البكر- "إذنها صمتها" لأن مقتضاه أن غير البكر بخلافها وقد أجمعوا عليه فى النكاح، فيقاس عليه غيره، إلا أن يعلم فى مستقر العادة أن أحدا لا يسكت إلا راضيا فلا يختلف فيه. وعلى هذا ما فى كتاب الاستحقاق من البيان فيمن بيع متاعه بحضرته، إن أنكره قبل انقضاء المجلس حلف ولم يلزمه البيع، فإن انقضى لزمه، وكان له الثمن، وإن لم ينكره حتى طال العام فما زاد، فادعى البائع أن ملكه خلص له بوجه، يذكره حلف، ولم يلزمه وإن قام بعد العام ونحوه لزم البيع، وإن قام بعد مدة تكون فيها الحيازة عاملة، فادعى البائع أنه له خلص له بوجه يذكره حلف، وكان له الثمن.

وقال أيضاً: قاعدة: قال محمد: كل تصرف يفتقر إلى إذن، فإنه يفتقر إلى صريحه، فإن رأى عبده يتجر لم يكن سكوته إذنا وكذلك المرتهن إذا رأى الراهن يتصرف وعلى هذا أمر النكاح، والبيع، وحق الرد بالعيب، والشفعة لا تبطل بالسكوت إنما تبطل بتأخر الطلب، وكذلك سكوت المعتقة عن الفسخ وأما سكوته عن ردع الدابة فإنما جعل التزاما للضمان، لأن عليه الردع، وهو بيده، ويؤيده أن المأذون له لو ترك التجارة وسكت السيد لم يكن حجرا مع أن الحجر أصل، وسببه أن السكوت تردد، لا دلالة له، وسكوت البكر بالنص لا بالقياس. وقال النعمان: السكوت إذن. واختلف قول ابن القاسم فى السكوت على الشئ هل هو إقرار به أو لا؟ وهل هو إذن فيه أو لا؟ قال /60 - أابن رشد: وهذا أظهر القولين لأن قوله عليه السلام فى البكر "إذنها صماتها" يدل على أن غير البكر بخلافها، وقد أجمعوا عليه فى النكاح فيقاس عليه غيره، إلا أن يعلم بمستقر العادة فى أمر أن أحدًا لا يسكت عليه إلا راضيا به، فلا يختلف فيه. قال ابن أبى زيد: وقد جعل بعض أصحابنا السكوت كالإقرار فى أمور منها: أن يقول: قد راجعتك فتسكت، ثم تدعى من الغد أن عدتها كانت انقضت فلا قول لها. ومنها: من حاز شيئا يعرف لغيره فباعه، وهو يدعيه لنفسه، والآخر عالم ساكت لا ينكر بيعه فلك يقطع دعواه. ومنها: أن يأتى ببينة إلى رجل فيقول اشهدوا إن لى عنده كذا وكذا، وهو ساكت فذلك يلزمه انتهى.

قال في إيضاح المسالك: تنبيه: قال ابن رشد فى كتاب "الدعوى"، والصلح من البيان: لا خلاف فى أن السكوت ليس برضى لأن الإنسان قد يسكت مع كونه غير راض وإنما اختلف فى السكوت هل هو إذن أم لا؟ ورجح كونه ليس بإذن لقوله عليه السلام: "إذنها صماتها" فدل ذلك على أن ذلك خاص بها. ابن عبد السلام: والذى تدل عليه مسائل المذهب أن كل ما يدل على ما فى نفس الإنسان من غير النطق، فإنه يقوم مقام النطق، نعم يقع الخلاف فى المذهب فى فروع هل حصل فيها دلالة أم لا؟ قوله: "وقد نقل سليل رشد نفى كونه رضى - إلى قوله - للأثر" هو إشارة إلى ما فى إيضاح المسالك عن ابن رشد. قوله: "كالمكيال" أى إذا تبايعا مكيلا أو موزونا والكيل يلزم البائع على المشهور كما علم، فإخذ المشترى يكيل فسكت البائع، فإهراق مكيلا أو موزونا، هل ضمانه من البائع، أو من المشترى؟. قوله: "كالغرس" أى غرس أرض رجل وهو ناظر فهل سكوته إذن أم لا؟ قوله: "وقد حكى الشيخ عن الأصحاب" - البيت - المراد بالشيخ أبو محمد بن أبى زيد. والإياب، الرجوع وأراد رجوع المطلق زوجته، أى ارتجاعه لها، بمعنى أنه راجع الآن زوجته فسكتت، ثم إنها ادعت أن عدتها كانت انقضت. قوله: "واليمين" إشارة إلى مذهب المدونة، من حلف /60 - ب أن لا يأذن لامرأته إلا فى عيادة مريض، ثم خرجت بغير إذنه وهو عالم ساكت، فإنه يحنث، وقيل لا. قوله: "والعتق" إشارة إلى الغريم المعسر يعتق عبده، وأهل الديون حاضرون فبعد ذلك أرادوا رد العتق، فليس لهم ذلك، وفى معناه ما إذا سكتوا حتى اقتسم الورثة التركة

ولا مانع. قوله: "والنكاح" هى من عقد له وليه على نكاح امرأة، وسكت مدة، ثم قال: إنى لا أرضى. وكذلك المرأة، والأجنبية مسألة مختصر خليل. قوله: "والضمان" من ضمن عن رجل ثم حل الأجل، وصبر صاحب الدين على غريمه لشهر مثلا، وسكت الضامن، فلما استهل الشهر، قال الضامن ليس على شئ قوله: "دعوى كدين" هى مسألة أن يأتى ببينة إلى رجل، فيقول: اشهدوا أن لى عنده كذا وكذا، وهو ساكت، فذللك يلزمه، واستعمل المؤلف كاف كدين اسما، فلذلك أضاف دعوى إليه. قوله: "تجر عبد" هى مسألة ما إذا اتجر العبد بمعرفة مولاه، وعلمه، ولا بغير ذلك ولا ينكره. قوله: "وكراء" هى مسألة كراء الدور، والأرضين فى الذى زرع أرض رجل بغير إذنه وهو عالم ولم ينكر. قوله: "كالنطق" خبر إن الثانية، وهى وما فى حيزها خبر الأولى. قوله: "وما فيه تردد به قد علما" أى وما تردد فيه من الفروع هل حصل فيه دلالة قد علم به، أى فيه بمعنى أنه معلوم فى المذهب، أو علم بالتردد، وهو أظهر، وهذا إشارة إلى قول ابن عبد السلام: نعم يقع الخلاف فى المذهب إلى آخره. [ص] 134 - هل رفع أو حل بثنيا ... ... ... ... [ش] أى هل يحصل بالثنيا [رفع للكفارة، أو حل لليمين؟ بمعنى أن الاستثناء هل هو رفع للكفارة أو حل لليمين من أصله] اختلفوا فيه. ابن القاسم: رفع، وعبد الملك: حل. وعليه من حلف لا وطئ امرأته واستثنى، فقال ابن القاسم فى المدونة: هو مول وله

أن يطأ، ولا كفارة عليه. وقال غيره: ليس بمول. قال الشارمساحى فى شرح التهذيب: قول ابن القاسم: هو بناء على أن الاستثناء رافع للكفارة، وقول الغير بناء على أنه حل لليمين، والآخر أحسن /61 - أأما فى قول ابن القاسم فلأن كونه موليا فرع عن انعقاد اليمين، والاستثناء رفع للكفارة، وأما فى قول الغري فلأن كونه موليا فرع عن انحلال اليمين بالاستثناء. قال بعض الشيوخ: وكان الشيوخ يعدون هذا الإجراء من محاسن الشارمساحى، وقال بعضهم: تظهر فائدته أيضا فيما إذا حلف، واستثنى، ثم حلف أنه ما حلف، فعلى أنه حل لا يحنث، وعلى أنه رفع للكفارة يحنث، وقبل هذا البناء حذاق الشيوخ. قال فى إيضاح المسالك: تنبيه: قول ابن الفاكهانى لم يظهر لى الآن أين تظهر ثمرة الخلاف، وابن عبد السلام: لا يكاد يظهر لهذا الخلاف فى اليمين بالله فائدة إلا بتكليف ليس لظهور فائدته دون تكلف.

[ص] ... هل شمل ... مخاطبا خطابه أم منعزل 135 - عليه كالوكيل والوصى ... والأمر بالتفريق والولى [ش] أى المخاطب بفتح الطاء هل يدخل تحت عموم الخطاب أم لا؟ وعليه عزل الوكيل عن نفسه، ومن فى ولايته، أو يتهم عليه. والوصى يشترى من مال يتيمه والمأمور بتفريق مال على جنس كالمساكين، أو طلبة العلم، وهو من ذلك الجنس، هل يأخذ منه أم لا؟ والولى تأذن له وليته أن ينكحها، ولم تعين فينكحها من نفسه، هل يقف على إجازتها أم لا؟ وهي قاعدة اليد الواحدة، هل تكون قابضة دافعة أم لا؟ وقاعدة: اعتبار جهتى الواحد فيقدر اثنين، وقد تقدمت. قوله: "أم منعزل" أى أم هو منعزل عن نفسه غير داخل فى خطابه؟ [ص] 136 - وهل يراعى طارئ أصحها ... قريبة عليه من ينكحها 137 - عبد أب كمبدل ... ... ... ... ... أى الطوارى هل ترعى أم لا؟ ثالثها تراعى القريبة فقط

وعليه تزويج العبد ابنة سيده كرهه مالك خشية أن ترثه، فيؤول الأمر إلى فسخ النكاح بخلاف تتزويج الابن أمة أبيه، لبقاء الوطء له، ورد بأن النكاح يفسخ والشركة تمنع. قال ابن محرز: إنما تعليل الكراهة /61 - ب فى الابنة، لأنه ليس من مكارم الأخلاق وقد يشق عليها، كما كره الفارهة للوغد وكره من جهة الدناءة، أن يزوج أم ولده. وإبدال الناقص الردى، بالكامل الجيد لنفاقه فى بعض البلاد، ورخائه فى بعض الأزمان. وعليه أيضا، توقع عدم المناجزة فى اجتماع البيع والصرف محاذرة الاستحقاق الناقض للصرف واقتضاء المحمولة من السمراء لارتفاعهما فى وقت الزراعة. قال القاضى أبو عبد الله المقرى: قاعدة: اختلفوا فى مراعاة الطوارى ثالثها القريبة فقط. ومن فروعه القولان فى تزوج العبد ابنة سيده، وكراهته خشية أن ترثه، فيؤول إلى فسخ بخلاف الابن أمه أبيه لبقاء الوطء له، ورد بأن النكاح يفسخ والشركة تمنع. قال ابن محرز:: وإنما تعليل الكراهة فى الابنة أنه ليس من مكارم الأخلاق، وقد يشق عليها، كما كره أن يزوج الفارهة للوغد، وكره من جهة الدناءة، أن يزوج أم ولده وهاتان قاعدتان أخريان.

قاعدة: مراعاة مكارم الأخلاق التي بعث سيدنا محمد صلى اله عليه وسلم لتنميمها مع تأكد ذلك على أهل الفضل، فالمروءة طراز العدالة، ومن ثم نهى عن بيع الكلب والعسيب وإجرة الدم وردت الشهادة ببعض المباح كاللعب بالحمام والأكل فى السوق. وقاعدة: توخى القيم الرفق بمن تحت أمره، وتجنب ما يشق عليه مما له مندوحة عن فعله، فمن ثم كره للولى أن يزوج وليته من الذميم، والشيخ الكبير وطلب منه تحصيل الكفاءة، ومن المالك الرفق بالمملوك، إلى غير ذلك، والأصل فيه قوله عليه السلام: "كلكم راع، وكلكم مسئول عن رعيته" الحديث. وقال أيضا: قاعدة: اختلفوا فى كون توقع عدم المناجزة كتحققه أم لا؟ كالبيع والصرف محاذرة الاستحقاق الناقض للصرف لا للبيع، وهو على مراعاة الطوارئ البعيدة أيضا.

وقال أيضا: قاعدة: من أصول المالكية فى المراطلة والمبادرة، والاقتضاء ونحوها أنه كلما دار الفضل فى الحال من الطرفين امتنعت، وفى اعتبار /62 - أالمثال قولان كاقتضاء المحمولة من السمراء لارتفاعها فى وقت الزراعة. وإبدال الناقص الردى بالكامل الجيد لنفاقه فى بعض البلاد، أو رخائه فى بعض الأزمان. قوله: "أصحها قريبه" أى أصح الأقوال يراعى قريب الطارى دون بعيده. قوله: "عليه من ينكحها عبد أب" أى على هذا الأصل المرأة التى ينكحها عبد أبيها هل يصح هذا النكاح أو لا؟ وهذا مثال لمحل الطارى لا بقيد قربه. قوله: "كمبدل" فى بعض النسخ "كالاقتضاء" وقد مرت صورتها. [ص] ... ... هل يعتبر ... خال من المعنى نعم قد اشتهر 138 - فى العبد والسيد فى الربا ولا ... فى ذهب مستهلك قد قبلا [ش] أى الصورة الخالية من المعنى هل تعتبر أم لا؟ وعليه الذهب المستهلك فى الثياب بحيث لو حرقت لم يخرج منها شئ هل يمنع من بيعها بالذهب أم لا؟ وكالربا بين السيد، وعبده، لأنه فى المعنى انتزع منه شيئا ووهبه شيئا.

قال في إيضاح المسالك: والمشهور المنع فيهما. قال القاضى أبو عبد الله المقرى: قاعدة: اختلف المالكية في اعتبار الصور الخالية من المعنى كالمذهب المستهلك فى الثياب بحيث لو أحرقت لم يخرج منها شئ هل يمنع من بيعها بالذهب أو لا؟ وكالربا بين المالك، والمملوك لأنه فى المعنى انتزع منه شيئا ووهبه شيئا والمشهور المنع فيهما. قوله: "نعم قد اشتهر، فى العبد والسيد فى الربا" - البيت - نعم كناية عن ثبوت الاعتبار، ولا كناية عن نفى الاعتبار، وضمير اشتهر، يعود على نعم، باعتبار تضمنها معنى الاعتبار، وإلا فهى حرف، والضمير خاص بالاسم، وفى العبد، يتعلق باشتهر، والربا بدل منه، بإعادة العامل، أي ثبوت الاعتبار، وقد اشتهر فى ربا العبد والسيد، ونفى الاعتبار، قد اشتهر فى الذهب المستهلك، فى الثياب، وجملة قبلا مستأنفة تمم بها البيت، أى قد قبل الحكمان، وهما الاعتبار فى الفرع الأول، وعدم الاعتبار فى الثاني. [قلت: وتشهير المؤلف لعدم /62 - ب الاعتبار فى الثاني] مخالف لما قدمنا عن القواعد وإيضاح المسالك، لكنه موافق لما فى مختصر الشيخ خليل والله تعالى أعلم. ابن عرفة: وما لا يخرج بحرقه ذهب فى لغوه لاستهلاكه، واعتباره لوجود عينه احتمال، وعلى اعتباره معرفة قدره بما مر. قلت: ولم يحك المازرى، وابن بشير فيه غير تردد اللخمى ولما حكاه ابن شاس وقال: وذكر غيره عن المتأخرين قولين.

فصل البيع وما في معناه كالصلح وبعض مسائل الكراء وما يتعلق بذلك كالرهن والحميل

ولما ذكر ابن بشير تردد اللخمى، قال: مع أنه حكى الاتفاق فى الجلود التى يعزل منها هذا النوع، قبل أن يعزل على منع بيعها بذهب إن كانت منه، وبفضة إن كانت منها. وحكى ابن محرز الخلاف فيه عن الأشياخ نظرا لعين ما فيه واستهلاكه. قلت: ولا يلزم من المنع فى هذا المنع فيما تردد فيه اللخمى، وحكى فيه ابن الحاجب قولين وعبر ابن محرز، واللخمى عن هذا الجلد بالسمنطر. قال المازرى: وهو الجلد الذي كب عليه الذهب. انتهى. فصل أى فصل البيع وما في معناه كالصلح وبعض مسائل الكراء وما يتعلق بذلك كالرهن والحميل. [ص] 139 - العقد قط أو مع قبض بيع ... بعوض وقبل قبض ريع 140 - أنكره الإمام ... ... ... ... ... [ش] أى البيع هل هو العقد فقط أم العقد والتقابض عن تعاوض؟ وعليه ضمان ما فى المعيار بعد التقدير قبل مضى مقدار التمكين، أهو من البائع أو من المشترى وإذا هلك بعد العقد وقبل القبض فعلى أن البيع التعاقد فالضمان من المبتاع، وعلى أنه التقابض عن تعاوض فالضمان من البائع. وعليه ما إذا غصب شيئا ثم باعه وقبض ثمنه ثم افتقر وقد أجاز المستحق البيع، فعلى أن

البيع التعاقد والتقابض معا لا يكون له على المبتاع ثمن، وعلى أن البيع التعاقد فقط وقد أجاز البيع دون القبض فله أن يأخذ من المبتاع الثمن ثانية. قال القاضى أبو عبد الله المقرى: قاعدة: اختلف المالكية فى البيع أهو /63 - أالعقد فقط أم العقد والتقابض،؟ وعليها ضمان ما فى المكيال والميزان بعد التقدير، وقبل مضى مقدار التمكين أهو من البائع أو من المشترى؟ قال ابن بشير وفيه نظر انتهى. وفى إيضاح المسالك: تنبيه: قال المازرى - رحمه الله تعالى-: ويبعد أن يعتقد أحد من أهل المذهب أن حقيقة البيع هو التقابض عن تعاوض. ابن عبد السلام: وهذا القول أنكر وجوده فى المذهب بعض كبار الشيوخ وحفاظهم وبنى على هذا الإنكار تخطئة ما يثبته الموثقون، وغيرهم من الحكم على البائع بإنزال المشترى فى الرّبْعِ المبيع وتطريق الشهود عليه قال: ولو كان هذا لازما للبائع لكان ذلك حق توفية فيكون ضمان الدار المبيعة من بائعها حتى يقبضها المشترى، وأثبت بعضهم هذا القول فى المذهب، ورأى أن القول بإنزال المشترى مبنى عليه. وبالجملة فهو قول مختلف فى ثبوته بين الشيوخ وأصول المذهب تأباه. ابن رشد فى نوازل سحنون من كتاب جامع البيوع: شراء الرجل من الرجل الدار أو الأرض لا يخلو من أربعة أوجه: أحدها: أن يكون المبتاع مقراً للبائع باليد والملك والثانى: أن يقر له بالملك ولا يقر له باليد والثالث: أن يقر له باليد ولا يقر له بالملك والرابع: أن لا يقر له بيد ولا ملك

فأما إذا كان مقرا له باليد والملك فلا يلزمه أن يحوز ما باع منه ويسلمه إليه وينزله فيه وإن دفعه دافع عن النزول فى ذلك، واستحقه منه مستحق بعد النزول فيه فهى مصيبة نزلت به فى قول سحنون، والصواب أنه يلزمه فيما باعه منه، ويسلمه إليه بمنزلة إذا كان مقرا له بالملك غير مقر له باليد، مخافة أن ينهض لينزل فيه فيمنعه وكيله فيه، أو أمينه عليه من النزول فيه، ويقول له: لا أدرى صدق ما تدعيه من شرائه، فإن نزل فيه وصار بيده على الوجهين فاستحقه من مستحق كانت مصيبة نزلت به على قول سحنون، وعلى ما فى سماع عيسى عن ابن القاسم فى كتاب الاستحقاق خلاف قول أشهب فى المجموعة وقد قيل إنه خلاف /63 - ب ما يقوم من سماع عبد الملك فى كتاب الكفالة والحوالة من قول ابن وهب وأشهب، وليس ذلك عندى بصحيح. وأما إذا كان مقرا له باليد وغير مقر له بالملك، فعلى مذهب سحنون لا يلزم البائع أن يحوزه ما باع منه، والصواب أن ذلك يلزمه على ما ذكرناه للعلة التى وصفناها، فإن استحق من يده شئ من ذلك وجب الرجوع بذلك، على البائع وأما إذا كان غير مقر له باليد، ولا بالملك، فلا خلاف أنه يلزمه أن يحوزه ما باع منه، وينزله فيه، مخافة أن ينهض لقبض ذلك، والنزول فيه، فيمنعه منه مانع، فإن استحق من يده شئ من ذلك، وجب له به الرجوع على البائع أيضا، وضمان ما يطرأ على ذلك بعد العقد- وإن كان قبل القبض فى الوجوه كلها، من غصب، أو غرق، أو هدم، أو حرق، وما أشبه ذلك- من المبتاع، إلا على القول بأن السلعة المبيعة فى ضمان البائع، وإن كان قبض الثمن وطال الأمر، ما لم يقبضها المبتاع، أو يدعه البائع إلى قبضها فيأبى، وهو قول أشهب فللخروج من هذا الخلاف يقول الموثقون فى وثائقهم، ونزل المبتاع فيما ابتاع وأبرأ البائع من درك الإنزال لأنه بنزوله فيما ابتاع، يسقط الضمان عن البائع باتفاق، ولكل واحد من المتبايعين حق فى الإنزال على صاحبه إذا دعا إليه وجب أن يحكم له به عليه البائع ليسقط عنه الضمان المختلف فى لزومه إياه، والمبتاع ليجد السبيل إلى الرجوع عليه بما يستحق من يده انتهى وتأمل الكلام على الإنزال وصفته فى أحكام ابن سهل وكتب الموثقين كالمجموعة، والمتيطية وغيرهما.

قوله: "العقد قط أو مع القبض بيع" أى هل البيع العقد فقط أو العقد مع القبض بعوض، والباء بمعنى عن، أو للسببية. قوله: "وقبل قبض ريع" هو تتميم للبيت إذ يفهم مما قبله وهو القول الأول. ريع: أى زيادة على حقيقة البيع. فقبل مضموم مقطوع عن الإضافة، وقبض ريع مبتدأ أو خبر، وصح الابتداء بالنكرة، لأن التقدير وذكر قبض فى الأول ريع ولذا يوجد فى بعض النسخ /64 - أأو ذكر قبض ريع، وفى بعضها وقيل قبض ريع بكسر القاف مبنيا للمجهول وكلتا هاتين النسختين زيادة مستغنى عنها بل توهم قولا ثالثا وإنما هو الأول. قول: "أنكره الإمام" المراد بالإمام المازرى، أى أنكر القول الثانى. وقد تقدم لفظه. [ص] ... ... هل يعدد ... عقد بمعقود له تعدد 141 - كالحل مع حرم بصفقة جمع ... والبيع مع شقص مجنس سمع [ش] أى العقد هل يتعدد بتعدد المعقود عليه أم لا؟ فيه خلاف وعليه الصفقة إذا جمعت حلالا وحراما ومقارنة البيع للصرف أو النكاح أو الجعل أو القراض، أو المساقاة، أو الشركة. وأما القرض فإجماع، فمن نظر إلى الاتحاد منع لاختلاف أحكام المعقود عليه، ومن التفت إلى التعدد أجاز والمختار إن كان مناب الحلال معلوما بأول وهلة صح القول بالجواز وإلا امتنع، لأنه انعقد على غرر. وأما لو أعراه عرايا من حوائط فى شراء أكثر من عرية ثالثها: إن كانت بلفظ واحد لم.

يجز وإلا ولأن على الأصل والقاعدة. هذا لفظ إيضاح المسالك. وقال أيضا أبو عبد الله المقرى: قاعدة: اختلف المالكية فى كون تعدد المعقود كتعدد العقد فكأنهما عقدان مفترقان أو لا؟ وعليه الصفقة إذا جمعت حلالا وحراما قال الغزالى: هذا كما لو قال قائل: رأيت زيدا وعمرا فإن التكذيب فى إحدهما لا يسرى إلى التكذيب فى الآخر. قلت: إلا أنه يسرى إلى الخبر وهو أحد قوليهم فى مثل محمد ومسيلمة صادقان إنهما خبران وهم. قال ابن بشير: وقد يصح قول الغزالى إذا كان المعقود عليهما مختلفين. وقال: وعليه تجزى مسائل من الاستحقاقات، والشفعة، وعليه الخلاف فى مقارنة البيع للصرف أو النكاح، أو الجعل، أو القراض، أو المساقاة، أو الشركة أما السلف فإجماع، فمن نظر إلى الاتحاد منع لاختلاف أحكام المعقود عليه، ومن التفت إلى التعدد أجاز، والتحقيق إن كان مناب الحلال معلوما صح القول بالجواز، وإلا منع، لأنه انعقد /64 - ب على غرركما مر فى جمع الرجلين سلعتيهما. وقال أيضا: قاعدة: اختلفوا فى جواز الجمع بين عقدين مختلفى الحكم والمنصوص جواز الجمع بين البيع، والخلع، واختلفوا فى البيع والنكاح، والصرف أو الشركة أو المساقاة، أو القراض، أو الجعالة، والإجماع على المنع من بيع وسلف.

وقال أيضا: قاعدة: العقود أعواض لاشتمالها على تحصيل حكمها فى مسبباتها بطريق المناسبة، والشئ الواحد بالاعتبار الواحد لا يناسب المتباينين فمن ثم لا يجتمع النكاح والبيع على المشهور من مذهب مالك لتضادهما مكايسة ومسامحة ولا البيع والسلف إجماعا، ولا البيع والصرف، أو الشركة، أو القراض أو المساقاة، أو الجعالة على المشهور أيضا. وفى بعض ذلك تفضيل استحسانى انتهى. القرافى: الفرق السادس والخمسون والمائة بين قاعدة ما يجوز اجتماعه مع البيع وما لا يجوز اجتماعه: اعلم أن الفقهاء جمعوا أسماء العقود التى لا يجوز اجتماعها مع البيع فى قولك: "جص مشنق" فالجيم للجعالة، والصاد: للصرف والميم: للمساقاة، والشين: للشركة، والنون للنكاح، والقاف للقراض، والسر فى الفرق، أن العقود أسباب لاشتمالها على تحصيل حكمها فى مسبباتها بطريق المناسبة، والشئ الواحد بالاعتبار الواحد لا يناسب المتضادين فكل عقدين بينهما تضاد لا يجمعهما عقد واحد، فلذلك امتنعت العقود التى لا يجوز اجتماعها مع البيع [بالتضاد وما لا تضاد يجوز اجتماعه مع البيع] كالإجازة بخلاف الجعالة للزوم الجهالة فى عمل الجعالة، وذلك ينافى البيع، والإجازة مبنية على نفى الغرر والجهالة وذك يوافق البيع، ولا يجتمع النكاح والبيع لتضادهما فى المكايسة فى العوض والمعوض والمسامحة فيهما، وذلك فى النكاح والضد فى البيع محصل التضاد. والصرف مبنى على التشديد وامتناع الخيار والتأخير، وأمور كثيرة لا تشترط فى /65 - أالبيع فضاد البيع صرف، والمساقاة، والقراض فيهما الغرر والجهالة كالجعالة وذلك مضاد للبيع. والشركة فيها صرف أحد النقدين بالآخر من غير قبض فهو صرف غير ناجز، وفى الشركة مخالفة الأصول، والبيع على وفق الأصول، فهما متضادتان، وما لا تضاد فيه يجوز جمعه مع البيع، فهذا وجه الفرق انتهى.

البقري في اختصاره: والسر فى عدم اجتماع هذه التضاد الواقع بينها، ولما كانت العقود أسبابا كانت ولابد مناسبة لمسبباتها، والشئ الواحد لا يناسب متضادين وما لا تضاد فيه يجوز اجتماعها. قال فى إيضاح المسالك: تنبيه: حصل بعض مشايخ المذهب فى الصفقة إذا جمعت حلالا وحراما تسعة أقوال: الأول: فسخ الجميع والثانى: فسخ ما قابل الحرام وصحة ما قابل الحلال الرابع: الفرق بين أن يعلما معا بالفساد فيبطل جميعا، أو لا، فيبطل ما قابل الحرام ويصح ما قابل الحلال الخامس: الفرق بين ما يصح تملكه فلا يبطل إلا ما قابل الحرام أو لا فيبطل جميعه. السادس: الفرق بين أن يسمى لكل سلعة ثمنها فيبطل ما قابل الحرام أو لا فيبطل جميعها. السابع: الفرق بين أن تكون السلعة لمالك واحد فيبطل جميعها، أو لمالكين فيبطل ما قابل الحرام، ويمضى ما قابل الحلال، وبه قال اللخمى- رحمه الله.

الثامن: إن كان مناب الحلال معلوما لأول وهلة صح ما قابل الحلال، وإلا فلا. التاسع: إن علما معا بحرمة الحرام فسخ الجميع، والأصح الحلال، وأقيم من كتاب التدليس من المدونة. قوله: "بمعقود" أى بمعقود عليه، فحذف النائب على قول من يجيز ذلك أو حذف حرف الجر أولا فاستتر الضمير، أو هو من عقد المتعدى بنفسه. وقوله: "له تعدد" صفة لمعقود. قوله: "بصفقة جمع" أى جمع هو أى ما ذكر فى صفقة. قوله: "والبيع مع شقص مجنس سمع" البيع بالخفض عطفا على المحل، وجملة سمع مستأنفة، أى سمع بناء فرع البيع، أو بناء الفرعين معا على هذا الأصل، والشين للشركة، والقاف للقراض، والصاد للصرف والميم: للمساقاة والجيم: للجعالة، والنون: /65 - ب للنكاح، والسين: للسلف. وفى بعض النسخ بدل ما كتبنا (جص مشقص) وهما سواء، وكان الأولى أن لا يذكر السلف، لأنه لا يجتمع مع بيع ولا غيره من عقود المعاوضة، ولأن مقتضى ذكره هنا أنه يختلف فى اجتماعه مع البيع بناء على الأصل المذكور، وليس كذلك لإجماع الأمة على المنع من بيع وسلف. ولو قال المؤلف بدل ما ذكر (جص مشنق) كما قال القرافى، وغيره لكان أولى. وقد نظمها بعضهم فقال: عقود معناها مع البيع ستة ... ويجمعها فى اللفظ جص مشنق فجعل وصرف والمساقاة شركة ... نكاح قراض منع هذا محقق [ص] 142 - هل تبطل الصفقة بالفاسد ... من جهة قط كصرف باد 143 - وبيع ذمى وعتق ... ... ... ... ... ... [ش] اختلف المذهب على قوين فى فساد البيع إذا انفرد أحد المتبايعين بالفساد وهو معنى قول المؤلف: "من جهة قط" وشهر عياض وابن محرز: أنه يوجب الفساد، وقط، اسم فعل بمعنى انته واكتف، وهو فى النظم بضم الطاء مخففة، وفى بعض النسخ (فقط) بزيادة.

الفاء، وسكون الطاء. وعليه الخلاف فى تسلف أحد المتصارفين بخلاف تسليفهما معا. وبيع الذمى طعاما قبل كيله من مسلم، ومن قال لعبده إن شريتك أو ملكتك فأنت حر، عتق عليه جميعه إن اشتراه، أو بعضه وقوم عليه نصيب شريكه. اللخمى: لو علم البائع يمينه لم يجز لجهل قيمة النصف، يعنى لأنه باع نصيبه بعين أو عرض على أن يأخذ من المبتاع قيمة مجهولة، وراجع أقوال الصفقة تجمع حلالا وحراما، فإن بعضها مبنى على هذا الأصل. قال القاضى أبو عبد الله المقرى: قاعدة: علم أحد المتبايعين بالفساد دون الآخر اختلفوا فى تأثيره كما إذا قصد النقص فى الصورة قبلها، أو تسلف أحد المتصارفين بخلاف علمهما معا كتسلفهما فإنه يقتضى المنع، وليس التدليس من ذلك لحديث المصراًة خلافا لقوم انتهى. ويعنى بقوله كما إذا قصد النقص فى الصورة قبلها، نقص المقدار فى الصرف. ابن بشير: وإن /66 - أحصلت صورة التناجز ثم وجد نقصانا فلا يخلو من أن يكون فى المقدار أو فى الصفقة فإن كان فى المقدار فإن قام به انتقض الصرف على القول بأن الغلبة لا تؤثر فى الصحة، أو على القول بتأثيرها هل يعد ذلك غلبة أما إن كان بغير قصد من أحدهما فيعد غلبة. وأما إن قصده أحدهما فيجرى على الخلاف فى علم أحد المتباعين بالفساد فى البيع، وإن لم يقم به فهل ينتقض الصرف؟ أما إن كان النقص كثيرا فالمنصوص أنه ينتقض ويجرى على الخلاف فى الغلبة كما قدمناه، وأما إن كان النقص يسيرا فقولان منصوصان:

أحدهما: أنه ينتقض كالكثير والثانى: أنه لا ينتقض، لأنه فى حكم التبع، فكأنه معدوم. وكم مقدار اليسير؟ قولان: أحدهما: أنه الدرهم فى الألف. والثانى: الدانق فى الدينار وهذا خلاف فيما يعد يسيرا، وقد تتسامح النفوس بتركه انتهى. وما ذكر من أن الخلاف فى تسلف أحد المصطرفين يجرى على هذه القاعدة هو أحد الطرق. ابن بشير: وأما الصرف على الذمة فنحو ما ذكر فى الكتاب إذا اصطرف اثنان وليس معهما ما اصطرفا عليه فتسلف كل واحد منهما من آخر إلى جانبه فقد منعه فى الكتاب وإن كان أحد النقدين مع واحد وتسلف الآخر ففيه قولان أجازه ابن القاسم، ومنعه أشهب ورآه كالأول. وقد اختلف المتأخرون فى علة الفرق على مذهب ابن القاسم على أربع طرق: إحداهما: أن تسلفهما يقتضى علمهما جميعا بالفساد، وتسلف أحدهما يقتضى انفراد أحدهما بعلم ذلك، وينبنى على الآخر ظن ما صارفه عليه عنده. وفى المذهب قولان فى علم أحد المتباعين بالفساد هل يقتضى المنع أم لا؟ والثانية: أن تسلف أحدهما يمكن أن يقصد به إفساد الصرف مع عقده أولا على شئ فى يديه، ثم تسلف ندما ليفسد الصرف فلا يصدق الآخر عليه، ويقابله بنقيض قصده، وهذا.

يمكن أن يظهر من قرينة الحال أنه لم يقصده فيتفق على الفساد على هذه الطريقة. والثالثة: أن تسلفهما يقتضى وقوع الصرف /66 - ب على غير معين من العين، وإذا وقع ذلك لم يجب انتقاض الصرف بوجود الزيوف، بل يجب البدل فلهذا لا يجوز الصرف إلا أن يعينا ما يصطرفان عليه، وعاب هذا أبو القاسم بن محرز، بأنه يلزم إذا تسلف أحدهما وهو لازم فلابد. والطريقة الرابعة: طريقة ابن محرز وهى: أن تسلفهما جميعا يكثر به التأخير وتسلف أحدهما يقل به التأخير، ومتى قل خف أمره، ومتى كثر بطل الصرف. وهذه الطريقة هى أسد الطرق، وهى مقتضى الأصول، وألفاظ الكتاب انتهى. وأجرى المازرى على هذا الأصل جمع الرجلين سلعهما فى البيع إذا لم يعلم المشترى. [ص] ... ... وهل ورد الحكم بين بين كونه اعتقد 144 - كالبيع مع شرط يصح وبطل ... وحكم زنديق وشبهه نقل [ش] اختلف هل ورد الحكم بين بين أى حكم بين حكمين فأثبته المالكية، وهو من أصولهم، ونفاه الشافعية ويعمل به عند من أثبته فى بعض صور تعارض الأدلة ولا ترجيح كما إذا أشبه الفرع أصلين ولم يترجح أحد الشبهين. ومن ورود حكم بين حكمين اجتماع البيع والشرط حيث يصح البيع ويبطل الشرط وذلك فى مسائل، لأنه حكم بين بطلانهما وصحتهما معا، إذ العقد واحد ولمالك فى البيع المقارن للشرط تفصيل وذلك أنه قد يبطلان معا، كالبيع بشرط السلف، وأن لا يبيع ولا يهب وقد يصحان كالبيع بشرط الرهن، والكفيل أو الأجل، وقد يصح البيع ويبطل الشرط كالبيع بشرط عدم القيام بالجائحة، أو بشرط أن تتبقى ثياب المهنة للبائع،

أو بشرط أن لا مواضعة ولا عهدة. قال القاضى ابن رشد: الشروط المشترطة فى البيع على مذهب مالك تنقسم على أربعة أقسام: قسم يبطل فيه البيع والشرط، وهو ما آل البيع به إلى الاختلال بشرط من الشروط فى صحة البيع. ومنها: ما يفسخ به البيع مادام مشترط الشرط متمسكا بشرطه. وقسم: يجوز فيه البيع والشرط /67 - أوهو ما كان الشرط فيه جائزا لا يؤول إلى فساد ولا يؤول إلى حرام. وقسم: يجوز في البيع ويفسخ الشرط وهو ما كان الشرط فيه حراما إلا أنه خفيف فلم يقع عليه حصة من الثمن انتهى. وفصل مالك رحمه الله هذا التفصيل جمعا بين الأحاديث الواردة فى ذلك. قال القاضى ابن رشد: إن عبد الواحد بن سعيد قال: قدمت مكة المشرفة فوجدت فيها أبا حنيفة، وابن أبى ليلى وابن شبرمة. فقلت: لأبى حنيفة ما تقول فى رجل باع شيئا واشترط شيئا؟ فقال: البيع باطل، والشرط باطل.

ثم أتيت ابن أبى ليلى فسألته، فقال: البيع جائز والشرط باطل. ثم أتيت ابن شبرمة فسألته، فقال: البيع جائز والشرط جائز، فقلت: سبحان الله ثلاثة من فقهاء العراق، اختلفوا فى مسألة واحدة. فأتيت أبا حنيفة فأخبرته فقال: لا أدرى ما قالا؟ إن رسول الله صلى الله عليه وسلم: " نهى عن بيع وشرط". ثم أتيت ابن أبى ليلى فأخبرته فقال: لا أدرى ما قالا؟ قالت عائشة رضى الله عنها أمرنى رسول الله صلى الله عليه وسلم "أن أشترى بريرة، وأعتقها وأن أشترط لأهلها الولاء، فإنما الولاء لمن أعتق" البيع جائز والشرط باطل. ثم أتيت ابن شبرمة، فأخبرته، فقال: لا أدرى ما قالا؟ قال جابر: "بعت من النبى صلى الله عليه وسلم ناقة"، وشرط لى حلابها، وظهرها إلى المدينة" البيع جائز، والشرط جائز، فعرف مالك رحمه الله الأحاديث كلها فاستعملها فى مواضعها، وتأولها على وجوهها، ولم يمعن غيره النظر، ولا أحسن تأويل الأثر انتهى.

ومن حكم بين حكمين حكم الزنديق، وبيانه على أن قتله مبنى على ما أبطن من الكفر فله فى ذلك حكم المرتد، غير أنه إذا ظهر عليه فقتله، ولا نقبل توبته، لأنها لا تعرف، وكون ميراثه لورثته لا لبيت المال مبنى على ما أظهر من الإيمان، فلم يتخلص له حكم الكفر ولا حكم الإيمان، وهو معنى حكم بين حكمين. وهذا على قول ابن القاسم: أن ماله لورثت وهو المشهور. وأما على قوله غيره /67 - ب فقد تحمض له حكم الكفر، ويدل على أن قتله قتل كفر لا قتل حد أنه لا يقتل إذا جاء تائبا وظهر من قوله، والحدود لا تسقط بالتوبة ومن حكم بين حكمين قول صلى الله عليه وسلم فى ولد أمة زمعة الى تخاصم فيه سعد بن أبى وقاص، وعبد بن زمعة رضى الله عنهما "الولد للفراش وللعاهر الحجر، واحتجبى منه يا سودة". قال القاضى أبو الفضل عياض: وفى حكمه صلى الله عليه وسلم بالولد للفراش وحكمه بالاحتجاب لأجل الشبهة، القضاء بحكمين فى مسألة، والاحتجاب إنما هو ندب واحتياط لأزواجه، كما تقدم. قال تقى الدين بن دقيق العيد: جعل بعض المالكية الحديث دليلا لقاعدة من قواعد مذهبهم هى: أن الفرع إذا أشبه أصلين ودار بينهما يعطى حكما بين حكمين، لأنه لو أعطى حكم أحدهما فقط لزم إلغاء شبهه بالآخر والفرض أنه أشبه وبيانه من الحديث أنه أعطى حكم الفراش فألحق النسب، ولم يمحضه فأمرها بالاحتجاب، وأعطى حكم الشبه فأمر بالاحتجاب، ولم يمحضه فألحق الولد بالفراش.

قال: ويعترض على أخذهم هذا من هذا الحديث بأن صورة النزاع فى تلك القاعدة إنما هى إذا دار الفرع بين أصلين شرعيين يقتضى الشرع إلحاقه بكل واحد منهما والشبه هاهنا لا يقتضى إلحاقه بعتبة، وإنما أمرها بالاحتجاب احتياطا وإرشادا إلى مصلحة وجودية لا على وجوب حكم شرعى، ويؤكده أنا لو وجدنا شبها فى ولد لغير صاحب الفراش لم نثبت لذلك حكما، وليس فى الاحتجاب ها هنا إلا ترك أمر مباح على تقدير ثبوت المحرمية وهو قريب انتهى. [ش] هاب الدين بن حجر: واستدل به بعض المالكية على مشروعية الحكم بين حكمين وهو أن يأخذ الفرع شبها من أكثر من أصل فيعطى أحكاما بعدد ذلك وذلك أن الفراش يقتضى إلحاقه [بزمعة فى النسب، والشبه يقتضى إلحاقه] بعتبة فأعطى الفرع حكما بين حكمين، فروعى الفراش فى النسب، والشبه البين فى /68 - أالاحتجاب. قال وإلحاقه بهما ولو من وجه أولى من إلغاء أحدهما من كل وجه. قال ابن دقيق العيد: ويعترض على هذا بأن صورة المسألة ما إذا دار الفرع بين أصلين شرعيين وهنا الإلحاق شرعى للتصريح بقوله: "الولد للفراش" فيبقى الأمر بالاحتجاب مشكلا، لأنه يناقض الإلحاق فتعين أنه للاحتياط لوجوب حكم شرعى، وليس فيه إلا ترك مباح مع ثبوت المحرمية انتهى.

قال القاضي أبو عبد الله المقرى: قاعدة: قال ابن العربى: القضاء بالترجيح لا يقطع حكم المرجوح بالكلية بل يجب العطف عليه بحسب مرتبته لقوله عليه السلام: "الولد للفراش وللعاهر الحجر، واحتجبى منه يا سودة" هذا مستند مالك فيما كره أكله فإنه حكم بالتحليل لظهور الدليل وأعطى المعارض أثره، فتبين مسائله تجدها على ما رسمت لك انتهى. قوله: "كونه اعتقد" أى اعتقد وجود حكم بين حكمين، فكون مصدر كان التامة، ويجوز أن يكون التقدير اعتقد كونه واردا، فتكون ناقصة، ويجوز أن يكون اعتقد ماضيا مبنيا للمجهول، وكونه مرفوعا بالابتداء، وضبطه المؤلف فى مختصر المنهج بالوجهين. ومن حكم بين حكمين أيضا مراعاة الخلاف، وقد مر فيها [ص] 145 - هل نظر إلى الجزاف قبض ... ... ... ... ... [ش] أى النظر إلى الجزاف هل هو قبض أم لا؟ وعليه فى بيعه قبل قبضه قولان. [ص] ... ... ... ... هل رد ما بيع بعيب نقض 146 - أو ابتياع فزكاة ويمين ... بيع شراء الذمى خلع يستبين 147 - وأمة جعل ضمان وفلس ... وشبهها قد بنيت على الأسس 148 - تنبيه القول ببيع انعقد ... بعهدة وشفعة رضى فقد 149 - وفرق الإمام بين البيع ... والرد بالعيب بجبر الشرع 150 - والقول بالنقض بعتق نقضا ... غلة فانظر إذا ما اعترضا

[ش] أي الرد بالعيب هل هو نقض للبيع من أصله أو كابتداء بيع؟ وعليه الماشية ترد بعيب فى بناء ربها على ما تقدم، أو استقباله قولان. وعليه إن /68 - ب حلف بعتق عبده إن كلم فلانا ثم باعه ثم كلمه ثم رد بعيب هل يحنث بالكلام الواقع منه قبل أن يرد عليه أو لا؟ على القاعدة. ومن باع سلعة من أهل الذمة فى غير قطره ثم ردت عليه بعيب فى إعطائه العشر قولان بناء عليها. ومن اشترى عبدا كافرا من كافر ثم أسلم العبد، فاطلع على عيب هل له الرد على بائعه الكافر أم لا؟ قولان على القاعدة. ابن القاسم: نعم. أشهب وعبد الملك: لا، واختاره ابن حبيب. وعليه لو خالعها فتبين أن به عيب خيار، ففى رجوعها عليه قولان على القاعدة.

ومن اشترى أمة على المواضعة ثم ردها بعيب بعد خروجها من المواضعة هل يجب على المشترى أيضا مواضعتها كما وجب له ذلك على البائع أم لا. وما فى تفليس العتبية: إذا أوصى بخيار أمة فى عتقها أو بيعها، فاختارت البيع فبيعت، ثم ردها بعيب فأرادت الرجوع للعتق هل لها ذلك أم لا؟ ابن وهب: نعم، وغيره: لا، على القاعدة وهذان الفرعان يشملهما قول المؤلف: "وأمة". وعليه أيضا رد السمسار الجعل ومن رد بعيب ثم تلف قبل القبض ففى ضمانه قولان، فعلى أنه حل للبيع من أصله يكون الضمان من البائع، وعلى أنه كابتداء بيع يعود الأمر إلى اعتبار تعلق الضمان بمجرد العقد للبيع، أو بمجرد العقد مع اعتبار مضى إمكان التسليم بعده إلى غير هذا مما قيل فيه. وإذا حاصَّ البائع الغرماء فى الفلس لفوات السلعة ثم ردت بعيب. وإلى هذه الفروع أشار المؤلف، وهى مرتبة على حسب ترتيبه، ويدخل تحت قوله: "شبهها" فرع تزوج العبد بغير إذن سيده المذكورة فى كلام المقرى بعد. قال فى إيضاح المسالك: تنبيه: ضعّف كون الرد بالعيب كابتداء بيع، بأنه لو كان كذلك لتوقف على رضى البائع، ولو جبت الشفعة للشريك إذا رد المشترى بالعيب، والعهدة فيه إذا رد به، ولا يجب الجميع باتفاق، وإن قيل: إن الرد بالعيب كابتداء بيع على طريق.

ابن دحون لا على طريق ابن رشد /69 - أفى حكاية الخلاف على القاعدة، فى العهدتين معا أعنى عهدة الثلاث، وعهدة السنة، ولكن قال المازرى: هذا وإن قيل فهو بيع أوجبه الشرع بغير اختيار من رجع إليه البيع، فخرج عن العقود الاختيارية المقصود فيها المكايسة واستشكل القول بأنه نقض للبيع من أصله باتفاقهم على أنه كابتداء بيع فيمن ابتاع أمة بعبد فأعتق الأمة، ثم رد العبد بعيب أنه لا يكون له نقض البيع وإنما له قيمة الأمة، وبتطابق فقهاء الأمصار كأبى حنيفة ومالك، والشافعى وغيرهم على أنه لا يرد الغلة، حتى إن كثيرا من العلماء لينكر وجود الخلاف فقد قال الأبهرى لا خلاف بين أهل العلم أن الاغتلال للمشترى، ولا يرده إذا رد بعيب. قال ابن الجهم: إذا أجرى العبد بإجارة كثيرة، أو زوج الأمة بصداق كثير أو قليل ثم رد بالعيب، فإنه لا يرد ما أخذ من إجارة أو صداق، قال: ولا خلاف بين الناس فى هذا، وهكذا ذكر ابن داود أنه لا خلاف بين العلماء فى هذا أيضا ولم يخالف فى ذلك إلا.

[ش] ريح وعبد الله بن الحسن العنبرى فى حكاية الجوزى ونقل المازرى انتهى. قال القاضى أبو عبد الله المقرى: قاعدة: اختلفوا فى الرد بالعيب أهو نقض للبيع من أصله أو من حينه؟ فإذا تزوج العبد بغير إذن سيده فباعه قبل العلم ورضى المشترى بذلك فلا فسخ له، وهي قاعدة من التزم مشترط ولم يعلم، ولا قبل، فإن أطلع المشترى على عيب فيه رده به، رد ولا خيار للسيد وقيل بسقوط الخيار بالبيع قولان، كمن باع ما يستشفع به، ورد بأن الشفعة مختلف في وجوبها أهو للضرر، أو للبيع، ولو خالعها فتبين أن به عيبا ففى رجوعها قولان، على القاعدة بخلاف النكاح المجمع على فساده وأما المختلف فيه فعلى مراعاة الخلاف، ومذهب الشافعى أنه قطع له من حينه وقال مالك: يرد الولد، واستحسن أن لا يرد غيره، وقال محمد: لا يرد /69 - ب شيئا. وعلى الأول قال ابن القاسم: لا بدل في الصرف. وعلى الثاني أجازه ابن وهب انتهى. وسنذكر أيضا في فصل التقديرات الشرعية ببعض ما (ينبنى) على كون الرد بالعيب نقضا للبيع من أصله أو من حينه، وما يرد على الثانى من الإشكال وجوابه.

قوله: "هل رد ما بيع بعيب اسم بنقض أم ابتياع" بعيب يتعلق برد، والباء سببية. قوله: "فزكاة" مبتدأ وخبره قد بنيت على الأسس، والأسس بفتح الهمزة والسين مقصور من الأساس. قوله: "بيع شراء الذمى" أى وبيع الذمى، وشراء الذمى، أى وشراء من الذمى وها إشارة إلى الفرعين السابقين، والذمى بائع فى كل منهما وقد يكون الشراء بمعنى البيع فلا تقدر "من"، وبيع بحذف التنوين للمضاف المقدر. [ص] 151 - وهل يد الوكيل كالموكل ... وهل كما قد حل ما للأجل 152 - فالأول الصرف له والثانى ... فيه وفى زكاة الدينان [ش] اشتمل كلامه على أصلين: يد الوكيل هل هى كيد الموكل أم لا؟ الثانى: ما فى الذمة هل هو كالحال أم لا؟ وتقدير كلام المؤلف وهل ما للأجل كما قد حل، أى هل الدين الذى للأجل كالذى قد حل. وعلى الأول: الوكالة على قبض الصرف، ويذهب بخلاف الحوالة، فإنه يقتضى لنفسه، والحمالة فانها لا تجوز، والمشهور إذا تولى الوكيل قبض الصرف دون عقده بحضرة الموكل صح. وعلى الثانى: صرف الدين المؤجل، والمشهور المنع وإليه أشار بقوله: "فيه" أى فى الصرف، أى والأصل الثانى ثابت فى الصرف موجود فيه وزكاة دين المدين المؤجل هل بالقيمة وهو المشهور أو بالعدد وهو الشاذ وإليه أشار بقوله: "وفى ذكاة" وعليه ما إذا كان له دين، وعليه دين هل يجعل ما عليه فى عدد ماله فيزكى ما بيده من العين أو يجعله في

قيمته وعليه إذا أخذ شقصا عن دين هل الشفعة فيه بالقيمة أو بعدد وإلى هذين الفرعين أشار المؤلف بقوله: "الدينان" وهو مبتدأ والخبر محذوف، أى الدينان /70 - أكذلك، أو مخفوض بالعطف على ما قبله على لغة التزام الألف وسلكها محافظة على الردف، والتقدير، والثانىله الدينان فيه وفى الزكاة أى فى الصرف وفى الزكاة، أى دين فى الصرف ودين فى الزكاة وعلى هذا فلا يشمل مسألة الشفعة، أو الدينان مبتدأ، وفى زكاة خبر، أى وفى الزكاة دينان وقد بنيا على هذا الأصل، وعلى هذا فخبر الثانى هو فيه، أى فى الصرف قال القاضى أبو عبدالله المقرى: قاعدة: اختلفوا فى يد الوكيل هل هى كيد الموكل أم لا؟ وعليه الوكالة فى قبض الصرف، ويذهب بخلاف الحوالة فإنه يقتضى لنفسه، والحنالة. [اللخمى: الحمالة على ثلاثة أقسام، فإن كانت بما يحضره من العوض امتنع الصرف لعدم التناجز، وإن تحمل برد العوض أو مثله إن وقع الاستحقاق جاز. ابن بشير: وظاهر المذهب المنع لأنه يشعر بوجود التأخير وأن التقايض لم تحصل الثقة به] قال اللخمى: إلا بإبدال الزائف فعلى البدل، ورد بأن هذا دخل على التعرض لوجود الزائف والمشهور إذا تولى الوكيل قبض الصرف دون عقده بحضرة الوكيل صح. وقال أيضا: قاعدة: ما فى الذمة هل يعد كالحالَّ أو لا؟ اختلف المالكية فيه وعليه زكاة دين المدين المؤجل بالقيمة، وهو المشهور، أو بالعدد. [ص] 153 - وهل كما عدم حساما عدم ... معنى كدرهم الرصاص لا نعم [ش] أى المعدوم معنى هل هو كالمعدوم حقبقة وحسا أو لا؟.

وعليه من وجد فى الصرف رصاصا أو نحاسا هل له الرضى به، فيكون كالزائف أو يكون كالمعدوم فيفسخ الصرف لتأخير القبض قولان. ومن وجد رأس مال السلم بعد شهر نحاسا أو رصاصا أبدله ولا ينتقض قال سحنون: معناه أنه مغشوش لا محض نحاس، وقيل: على ظاهره وهى مسألة السلم الأول منها. قال القاضى أبو عبد الله المقرى: قاعدة: اختلفوا فى المعدوم معنى هل هو كالمعدوم حقيقة أو لا؟ فإذا وجد فى الصرف رصاصا أو نحاسا فهل له الرضى به ويكون كالزائف /70 - ب فيما تقدم أو يكون كالعدم فيفسخ الصرف لتأخر القبض قولان وكذلك مسألة كتاب السلم الأول إن وجد رأس المال بعد شهر نحاسا أو رصاصا أبدله ولا ينتقض. قال سحنون: إنه مغشوش لا محض نحاس، وقيل على ظاهره. قوله: "لا نعم" أى قيل: لا. وقيل: نعم. ويحتمل أن يكون نعم جوابا عن سؤال مقدر لا لمذكور. [ص] 154 - وهل ندر حكم ما غلب ... أم حكم نفس كالفلوس والرطب 155 - وكسلحفات وقوت ندرا ... كذا مخالط، ونحو ذكرا [ش] أى نوادر الصور هل تعطى حكم نفسها أو حكم غالبها؟. وعليه إجراء ابن بشير الربا فى الفلوس، ثالثها يكره، ورد إجراء اللخمى إياه على أنه في

العين غير معلل والعلة الثمينة والقيمة، فقول أشهب: إن القائمين مجمعون على التعليل وإن اختلفوا فى عين العلة. اللخمى: من رأى أن علة الربا فى النقدين كونهما أثمان المبيعات وقيم المتلفات ألحق بهما الفلوس، ومن رأى أنه شرع غير معلل منع لحوق الفلوس بهما. ابن بشير: وهذا غير صحيح للإجماع أنه معلل، وإنما اختلفوا فى عين العلة وإنما سبب الخلاف فى الفلوس الصور النادرة هلى تراعى أم لا؟ فمن راعاها ألحق الفلوس بالعين ومن لا فلا، ويمكن أن يتخرج الخلاف فيها على اختلاف العوائد فيحمل الجواز حيث لا يتعامل بها، والمنع على عكسه. وعليه أيضا الخلاف فى وجوب الزكاة فى العنب الذى لا يتزبب، والرطب الذى لا يتتمر. وإلى صورتى العنب والرطب أشار المؤلف بقوله ["والرطب" وعليه أيضا وجوب الزكاة ودخول الربا فى نادر الاقتيات وإليه أشار بقوله] "وقوت ندرا" والسلحفات والسرطان والضفدع ونحوهما مما يطول حياته فى البر هل يعطى حكم البري، أو

البحري. وفى نفقة الزمن بعد بلوغه فعلى المراعاة لا تنقطع وعلى أن لا تنقطع. قال فى إيضاح المسالك: تنبيه: قالوا: إذا عم الجراد المسالك فلا جزاء انتهى. قال القاضى أبو عبد الله المقرى: (قاعدة) اختلفوا فى مراعاة نوادر /71 - أالصور وعليه حمل ابن بشير الربا فى الفلوس، ثالثها يكره. ورد إجرء اللخمى إياه على أنه فى العين غير معلل، أو العلة الثمنية والقيمة بقول أشهب أن القائسين مجمعون على التعليل، وإن اختلفوا فى عين العلة. قلت: وهو عندى على أن العلة فى العين كونها ثمنا وقيمة أو كونها أصلا قى ذلك كالشافعى. وقال النعمان: الوزن وأجرى الربا فى كل موزون، وقال ابن العربى: ليست العلة القاصرة فى الأصول إلا فى هذه المسألة، وقد تجرى فى الفروق والجموع أثناء المسائل. وقال المقرى أيضا: قاعدة: اختلف المالكية فى مراعاة النوادر فى نفسه أو إجراء حكم الغالب عليه، فعلى المراعاة لا تنقطع النفقة عن الزمن ببلوغه وعلى الإعطاء تنقطع أما إن عادة الزمانة لم تعد على الأصح، وهما على قاعدة الخلاف هل يفتقر إلى الاتصال

ليعتضد بأن الأصل بقاء ما كان على ما كان لضعفه فى نفسه، أو يستقل لوجود المخلوف فيه كالعجز فى صورةالنزاع، وللمالكية فيه قولان. وقال أيضا: قاعدة: اختلف المالكية فى مراعاة حكم النادر فى نفسه أو إلحاقه بالغالب كعدم الانفكاك عما يختص ببعض المياه من المخالطات، قيل: يؤثر فيما يختص به لأنه لا يعم، وقيل: لا يؤثر لعدم انفكاكه عنه، وكذى العذر يذكر الصلاة المنسية لمقدارها، وقيل: تسقط بها عنه الحاضرة، وقيل: لا وكالمصلى إلى غير القبلة، وهو من المعرفة بحيث يتصور رجوعه إلى يقين، لأن أحكام الشرع لم تبن على مثله، وكوجوب الزكاة فى نادر الاقتيات. والربا، والأخذ عما لا يبلغ الكمال مما يبلغه، أو ثمنه. وذكاة الترس ونحوه مما يعيش فى البر من دواب البحر، وتسمى بقاعدة الالتفات إلى نوادر الصور أنتهى. قلت: وإلى فرع الماء المخالط أشار المؤلف بقوله: "كذا مخالط". [ص] 156 - هل المراعى ما بذمة علم ... أم موجب الحكم كدينار قسم 157 - ليقتضى منجما أو قدما ... جميعه على الذى قد نجما /71 - ب [ش] أى اختلف هل المراعى ما ترتب فى الذمة، وهو ما سماه المتصارفان أو المراعى ما يوجبه الحكم؟. قال القاضى أبو عبد الله المقرى: قاعدة: اختلفوا فى جزء الدينار هل هو درهم فى الحال اعتبارا بالمال، أو ذهبا إلى يوم القضاء فيصير درهما لانتفاء الجزء وامتناع الكسر، وكذلك جزء الدرهم هل هو فضة أو فلوس، فإذا استسلف منه نصف دينار فدفع إليه دينارًا

على أن يرد له نصفه، ولم يأمره بصرفه بل سكت فإن قلنا بالأول فصرف يوم السلف، وإن قلنا بالثانى فصرف يوم القضاء وإذا ثبت فى ذمة أخر دينار هل يأخذ لبعضه ورقا أو لا؟ إن قلنا إن الباقى يكون ذهبا جاز، وهو المشهور، وإن قلنا فضة امتنع، وصار كانه صرف الجميع وانتقد البعض. وقال أيضا: قاعدة: ما يوجبه الحكم قال ابن القاسم: ليس كالشرط فمن ابتاع بدانق وقع البيع بالفضة وأعطاه ما تراضيا عليه، فإن تشاحا أعطاه فلوسا قى الموضع الذى توجد فيه بصرف يوم القضاء. وفى الدمياطية كشرط، فلا يجوز هذا، لأن صرف يوم القضاء مجهول. انتهى. قلت: وإلى صورة قول المقرى: فإذا استسلف منه نصف دينار، أشار المؤلف بقوله: "كدينار قسم ليقتضى منجما" ومعنى قوله: "قسم" بين الاقتضاء والرد، وهو الذى أراد بقوله: "منجما" أى موزعا بين الاقتضاء المعجل والرد المؤجل فهو تأكيد لما قبله، والعبارة لا تخلو من تعقيد. وتنجيم المال فى اللغة: تأديته نجوما ولو قال المؤلف موزعا عوض منجما لكان أحسن، وإلى صورة قول المقرى: وإذا ثبت فى ذمة آخر دينار. أشار المؤلف بقوله: "وقد ما جميعه على الذى قد نجما" أى على الذى قد سقط وبعض من صرفه. قال الشيخ ابن عرفة: وأما إذا دفع لمن عليه نصف دينار دينارا ليصرفه فيأخذ نصفه ويأتيه

بنصفه فاختلف قول مالك فيه بناء على اعتبار ما ترتب فى الذمة فيكون دفعة قضاء وتوكيلا على صرف باقية، واعتبار ما يوجبه الحكم فيكون صرفا لبعضه /72 - أوتوكيلا على صرف باقية فيؤول لصرف بعض الدينار فإن أعطاه دينارًا أخذ منه صرف نصفه جاز اتفاقا وإن ترك نصفه أمانة جاز على الأول، لأنه قضاء وإيداع، لا على الثانى، لأنه صرف بعض وكذا إن ترك نصفه قرضا لأنه على الأول قضاء وسلف وعلى الثانى صرف وسلف. قلت: فيها إن دفع مبتاع سلعة بثلثى دينار دينارا لبائعها، قال: استوف منه ثلثيك ودع ثلثه عندك أنتفع به فلا بأس به إن لم يكن بينهما عند التبايع إضمار ولا عادة انتهى. وفى صرف الجزء تفصيل، وذلك أنه إن حصلت المناجزة حسا ومعنى جاز اتفاقا كصرف جزء دينار ونقرة لشريكه بحيث يخلص للشريك جميع الدينار أو النقرة. وكمن صرف دراهم بدنانير من رجلين وإن لم تحصل المناجزة حسا حالة العقد وحصلت معنى فقولان، كان يصرف نصف دينار من رجل، والباقى له وقبض المصرف جميعه، ومذهب الكتاب المنع لبقاء الشركة وجولان اليد. وحكى غير واحد عن أشهب الجواز لأن المصرف تمييز بملك البعض.

وإن صرف من غير شريكه بحيث لا يبقى له شركة فى الدينار فقولان أيضا، وطالع قول ابن عرفة، وفى منع صرف جزء دينار معين باقية لبائعة المشهور مع قول أشهب فيها، إلى آخر كلامه فى ذلك ففيه الشفاء. قوله: "ما بذمة علم" أى ما علم فى الذمة. [ص] 158 - مبقى أو مبيع المستثنى ... كبيع كالدار وثنيا السكنى 159 - وبيع مركوب وثنيا الانتفاع ... أيضمن البائع أم ذو الابتياع 160 - لمالك وأصبغ واستشكلا ... هذا ابن محرز وذاك قبلا 161 - وشجر وثمر موت حصل ... فيما تعين به ... [ش] أى هل المستثنى مبقى أم مبيع؟ وعليه إذا باع دارا واستثنى سكناها سنة فانهدمت أو باع دابة واستثنى ركوبها يومين فهلكت. قال مالك: لا ضمان للسكنى والركوب. وقال أصبغ: بالضمان، بناء على القاعدة وإذا /72 - ب باع شجرا واستثنى ثمرها هل يمنع من بيع المستثنى قبل قبضه أو لا؟ قولان لمالك ونصر بن عبدالحكم والأبهرى الجواز ولا ضمان هاهنا، على المشترى باتفاق وإلى هذا الفرع الإشارة بقول المؤلف: "شجرة". ومن استثنى من الثمرة كيلا فأجيج بما يعتبر هل يوضع من المستثنى بقدره أو لا؟ قولان، وروى ابن القاسم، وأشهب وابن عبد الحكم: أنه يحط وبه أخذ ابن القاسم، وأصبغ بناء على أنه مشترى، وروى ابن وهب: أنه لا يحط، بناء على أنه مبقى، وكأنه إنما باع من حائطه ما بقى بعد ما استثنى، لأن الذى استثناه أبقاه على ملكه وإلى هذا أشار المؤلف بقوله: "ثمرة".

وإذا مات ما استثنى منه معين هل يضمن المشترى أم لا؟ قولان على القاعدة فعلى أنه مبقى لا ضمان، وعلى أنه مبيع فالضمان. ولابن القاسم القولان وإلى هذا أشار المؤلف بقوله: "موت حصل فيما تعين به" أى وموت حل فيما تعين بالاستثناء بمعنى أن الاستثناء وقع معينا لا على جزء شائع، وعليه أيضا إذا اكترى داره أو أرضه وفيها شجرة فاستثنى رب الأرض أو الدار منها شجرا بأعيانها لنفسه، وأدخل ما عداه فى الكراء، منعه ابن العطار وأجازه ابن أبى زمنين، بناء على أن المستثنى مبيع أو مبقى. قال القاضى أبو عبد الله المقرى: قاعدة: اختلفوا فى المستثنى أهو مشترى أو باق على الملك، فإذا باع شجرا واستثنى ثمرا فهل يمنع بيع المستثنى قبل قبضه أو لا؟ قولان ولا ضمان هاهنا على المشترى. قوله: "كبيع الدار وثنيا السكنى" أى كما إذا اشترى دارا واشترط عليه سكنى عام وسكن ستة أشهر مثلا وانهدمت الدار، هل ضمان ما بقى من المشترى بناء على أنه مشترى أم من البائع بناء على أنه مبقى، وكذلك فى الدابة وغيرها. قوله: "لمالك وأصبغ" هو ترتب على ما قبله فمالك يقول: بضمان البائع وأصبغ يقول: بضمان المشتري.

قوله: "واستشكلا هذا ابن محرز، وذلك قبلا" ذا إشارة إلى قول أصبغ وذاك إلى قول مالك. وهو قول ابن القاسم أيضا، أى قبل قول مالك /73 - أوابن القاسم، واستشكل قول أصبغ. قال فى إيضاح المسالك: تنبيه: قال الشيخ ابن القاسم، هو الصواب، ولا معنى لقول أصبغ، ومذهب أصبغ يدل على أن المستثنى عنده على ملك المشترى وهو مما يعلم بطلانه ضرورة، وذلك أن المشترى ما ملك قط المستثنى، ولا بيع منه إنما بيع منه ما سواه فكيف يقال: إنه ملكه وإنه باعه حتى يكون عليه فيه عهدة؟ هذا لا ينبغى لمن له تحصيل أن يذهب إلبه، وهذا عندنا وهم من أصبغ -رحمه الله- ولو كان المستثنى يستوفى على ملك المشترى للزم فى الصبرة إذا استثنى البائع منها كيلا، مثله أن يكون ضمان ذلك المكيل من المشترى حتى يوفيه البائع، هذا مما لا يقوله أحد، وأما مسألة مالك فى الذى استثنى من ثمرته التى باع كيلا، وكراهيته غى أحد قوليه أن يبيع ما استثنى حتى يكال له ويستوفيه، فإنما كرهه خوف الالتباس لئلا يراه من يعقد فيه بيعا لم يكتله فيتوهم أنه يشتريه من المشترى ولا يعلم أصل المعاملة كيف كانت ولعله ممن يقتدى يه فكرهه لذلك. تنبية ثان: قال ابن رشد -رحمه الله-: لم يختلف قول مالك -رحمه الله- ولا قول أحد من الصحابة -فيما علمت- أنه لا يجوز بيع الأمة، ولا بيع شئ من الحيوان واستثناء ما فى بطنه، لأنهم رأوا البائع مبتاعا للجنين بما وضع من قيمة الأم لمكان

استثناء الجنين، فكأنه على مذهبه، ومذهبهم باع بالثمن الذى سمى وبالجنين الذى استثنى وان كان قد اختلف قوله وأقوالهم فى المستثنى هل هو مبقى على ملك البائع [أو هو بمنزلة المشترى فى غير مسألة فيأتى على القول فى المستثنى أنه مبقى على ملك البائع] إجازة بيع الحامل واستثناء ما فى بطنها وعلى هذا أجازه من أجازه من أهل العلم منهم الأوزاعى والحسن بن يحيى وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهوية وداود، وروى ذلك عن عبد الله بن عكر رضى الله عنهما فإذا باع الرجل الحامل واستثنى ما في

بطنها فهو على مذهب مالك وأصحابه بائع للأمة ومبتاع لما فى بطنها فى صفقة واحدة فوجب أن تكون البيعتان فاسدتين. انتهى. فتأمله مع ما لا بن محرز، ولعل اتفاق المالكية على المنع /73 - ب فى هذه حجة على ابن محرز فيما تعقبه على أصبغ. انتهى. [ص] ... ... ... ... وهل ما فعل 162 - كفعل حاكم كحكم قررا ... ... ... [ش] أى من فعل فعلا لو رفع إلى الحاكم لم يفعل سواه هل يكون فعله بمنزلة الحكم أو لا؟ فيه قولان. قال القاضى أبو عبد الله المقرى: من فعل فعلا لو رفع إلى الحاكم لم يزد عليه فهل يكون فعله بمنزلة الحكم أو لا قولان للمالكية، كمن أسلم فى طعام سلما فاسدا مختلفا فى فساده، فأراد أن يأخذ عنه من صنفه فإن ذلك لا يجوز ما لم يحكم حاكم بالفساد، فإن قررا ذلك بينهما وأشهدوا به فقولان على القاعدة. وكذلك إن أراد أن يؤخر برأس المال فإن كان المسلم مجمعا على فساده وحكم الحاكم بفسخه جاز، فإن قررا ذلك بينهما، وأشهدا به فعلى القاعدة. قوله "كفعل حاكم" هو حال من ضمير فعل، أو يتعلق بفعل. وقوله: "كحكم قررا" هو خبر ما. [ص] ... ... ... وهل يعد راجعا من خيرا 163 - كمشتر وغاصب ومن سرق ... ومسلم وعيب حلي استحق

[ش] أي من خير بين شيئين فاختار أحدهما هل يعد كالمتنقل أو لا؟ وكأنه ما اختار قط غير ذلك الشئ. وعليه من اشترى على اللزوم ثمر نخلة يختارها من نخلات ومن غضب جارية ثم اشتراها وهى غائبة، فإن قلنا بالأول فلا تشترى إلا بما تشترى به قيمتها، وهو قول أشهب. وإن قلنا بالثانى لم تراع القيمة، وهو ظاهر الكتاب. ومن سرق شاه فذبحها فوجبت على السارق قيمتها لربها فإنه لا يجوز لربها أخذ شاة حية عن هذه القيمة، لأن لما قدر على أخذ اللحم فعدل عنه إلى أخذ الشاة صار كبيع لحم بحيوان من جنسه، بناء على الانتقال، وأن حق المغضوب منه متعلق بعين ما أتلفه الغاصب، ولو بنينا على عدم الانتقال وفرضنا أن حقه ساقط فى العين، وإنما وجبت له القيمة لم يمنع. ومن أسلم على أختين ولم يطأهما فاختار إحداهما، فإن كان كالمنتقل لزمه نصف صداق الأخرى، لأنه كالمطلق، وإلا لم يلزمه شئ. ومن أسلم على عشر /74 - ألم يكن بنى بكل واحدة منهن فاختار أربعا هل للبواقي

نصف الصداق أم لا؟ وهذان فرعان يشملهما قول المؤلف: "مسلم" ومن غضب حليًا فتعيب عنده واختار المغضوب منه القيمة فى جواز المصارفة عليها قولان، فعلى الانتقال، لا يجوز صرف واحد منهما، وعلى أن لا فيجوز وهو المشهور. وعليه أيضا من وكله رجل على أن يسلم له فى طعام أو غيره فوكل غيره على ذلك فإنه لا يلزم الموكل ما فعله الوكيل الثانى لكونه لم يلتزم ما عقد عليه إلا إذا فعله من أذن له فيه، وهو لم يأذن لوكيل الوكيل، فإذا قلنا للموكل الخيار فى نقض ما فعله الوكيل الثانى فله النقض، والإجازة إن شعر به من قبل دفع رأس المال أو بعد دفعه، ولم يغب عليه من هو فى يديه ممن أسلم إليه، ولو لم يشعر به إلا بعد أن غاب عليه المسلم إليه فهل للموكل الإجازة أم لا؟ منع ذلك فى الكتاب ورآه كفسخ دين فى دين، وقيل: يجوز. والقولان على الأصل والقاعدة. قال القاضى أبو عبد الله المقرى: قاعدة: اختلفوا فيمن خير بين شيئين فاختار أحدهما هل يعد كأنه ينتقل أو كأنه ما اختار قط غير ذلك الشئ؟ فإذا أسلم على أختين ولم يطأهما فاختار إحداهما فإن كان كالمنتقل لزمه نصف صداق الأخرى، لأنه كالمطلق، وإلا لم يلزمه شئ، وإذا غصب جارية ثم اشتراها وهى غائبة، فإن قلنا بالأول

فلا تشتري [إلا بما تشترى] به قيمتها وهو أشهب، وإن قلنا بالثانى لم تراع القيمة وهو ظاهر الكتاب. قال ابن عطية: {أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى} قيل الشراء هنا استعارة وتشبيه لما تركوا الهدى وهو معرض لهم، وقعوا بذلك فى الضلالة واختاروها شبهوا بمن اشترى، فكأنهم دفعوا فى الضلالة هديهم إذ كان لهم أخذه، وبهذا المعنى تعلق مالك فى منع أن يشترى الرجل على أن يتخير فى كل ما تختلف آحاد جنسه، ولا يجوز فيه التفاضل انتهى. قوله: "أستحق" هو وصف لحلى، أى استحقه ربه وهو المغضوب منه. [ص] 164 - وفى انعقاد البيع بالخيار ... قولان فالصرف عليه جار /74 - ب 165 - وشبهه كمشتر أبا ... ... ... ... [ش] أى بيع الخيار هل هو منحل أو منبرم؟ فعلى الأول يصح الخيار فى المكاح والصرف إذ لا عقد يخاف من جريان الأحكام فيه. وعلى الثانى فلا، إذ لا تجرى فيه أحكام المكاح من الموارثة ونحوها، ويكون متراخيا فى الصرف. وعليه إذا اشترى أباه بالخيار له هل يعتق عليه، وهو قول أصبغ، وابن حبيب عمن رضى أو لا؟ وهو مذهب المدونة. قولان.

وعليه أيضاً لو باع المسلم عبده الكافر من كافر على أن الخيار للبائع ثم أسلم العبد فى مدة الخيار هل للمسلم إمضاء البيع أو لا؟ قولان، بناء على أنه منبرم فيجوز أو منحل فلا يجوز، لأنه كابتداء بيع. وبخط المؤلف فى طرة على الأم: وعليه مسلم باع عبده الكافر من كافر بخيار فأسلم العبد فى أيامه، والخيار للبائع هل إمضاؤه، واتفق على أن له غلته، ومنه ضمانه، وعليه نفقته وفطرته ولا شفعة إلا بعد مضيه. انتهى. وفى تنبيه إيضاح المسالك الذى سيذكر بالقرب الإشارة إلى هذا. قال القاضى أبو عبد الله المقرى: قاعدة: اختلف المالكية فى عقةد الخيار أهى منحلة حتى تنعقد وإنما ملك من ملكه الخيار ربط العقد فيصبح فى النكاح والصرف إذ لا عقد يخاف من جريان الأحكام فيه أو تراخى القبض، أو منعقدة حتى تنحل وإنما ملك من هو له نقضه فلا يصح فيهما إذ لا يجرى فيه أحكام النكاح من الموارثه ويكون متراخيا. وقال أيضا قاعدة: إذ مضى الخيار فهل يكون كأنه لم يزل ماضيا أو يعد كابتداء الإمضاء؟ اختلف المالكية فى ذلك، وعليهما إذا باع خلخالين بعين وتفرقا ثم استحقا فهل للمستحق الإمضاء أو لا؟ إن قلنا بالأول كان له الإمضاء، وإن قلنا بالثانى لم يكن له وهكذا يجرى الأمر فى اشتراط حضور الخلخالين.

قال ابن محرز: إن كانت الإجازة كابتداء بيع اشترط رضى المشترى، وإن كانت تتميما لما تقدم لم يشترط حضور الخلخالين [فالمسألة معترضة. قال ابن بشير: العذر عن حضور الخلخالين] عند الإمضاء كالابتداء، وعن عدم اشتراط رضى /75 - أالمشترى عد المصرف كالوكيل على الصرف، ولا مضرة على المشترى فى الإمضاء لدخوله على ذلك. قلت: هذه قاعدة عامة أعنى الإجازة والإمضاء هل هما تنفيذ، أو ابتداء؟ كإجازة الورثة وصية الوارث، أو الزائد على الثلث، أو الزائد على الثلث، قيل: تنفيذ فلا يفتقر إلى قبض. وقيل: ابتداء عطية فيفتقر إلى القبض قبل الحجر انتهى. قال فى إيضاح المسالك: تنبيه: اتفقوا على أن ما أحدث فى أيام الخيار من غلة كلبن وبيض وثمر ونحو ذلك للبائع، كما اتفقوا على أن الضمان منه، والنفقة وصدقة الفطر وكذلك اتفقوا على أن لا شفعة فى الخيار إلا بعد الإمضاء ابن عبد السلام: ولا فرق على المذهب فى الخيار بين أن يكون للبائع أو للمشترى أو أجنبى، وخالف جماعة إذا كان الخيار لغير البائع. [ص] ... ... ... وهل حكميه كهو خلاف قد نقل 166 - فى العبد والمحجوز كالخلخال ... لكن لهم فيه كلام عال [ش] أى الخيار الحكمى هل هو كالشرطى أم لا؟. وعليه العبد والمحجور يتزوجان بغير إذن الحاجر ثم يجيز. ومسألأة الصرف فى الخلخالين يباعان بعين ثم يستحقان، للمستحق إمضاء البيع ما لم يفترق المتبايعان وقال أشهب: القياس الفسخ، وإن تفرقا فللمستحق الإمضاء إن قلنا بانبرام عقد الخيار، وإن قلنا بانحلاله لم

يكن له الإمضاء، وهكذا يجب الأمر فى اشتراط حضور الخلخالين. قال ابن محرز: إن كانت الإجازة كابتداء بيع اشتراط رضى المشترى، وإن كان ذلك تتميما لما تقدم لم يشترط حضور الخلخالين، فالمسألة معترضة. قال ابن بشير: العذر عن حضور الخلخالين عند الإمضاء كالابتداء، وعن عدم رضى المشترى عد المصرف كالوكيل على الصرف، إذ لا مضرة على المشترى فى الإمضاء لدخوله على ذلك. قال فى إيضاح المسالك أثر هذا الكلام: تنبيه: ناقض اللخمى، والمازرى، وأبو الطاهر قول أشهب فى مسألة الخلخالين بقوله: فى العبد يتزوج حرة بغير إذن سيده والمحجور بغير إذن وليه، ويدخل بها ثم توجد تزنى أن رجمها موقوف على إجازة السيد أو الولى للنكاح، فإن أجازة كانت محصنة ورجمت، وإن لم يجزه لم ترجم وحدت حد البكر، وأجاب الشيخ أبو الطاهر عن أشهب بما معناه: أن المناجزة المطلوبة فى باب الصرف أضيق منها فى باب النكاح فلذا جعل الخيار الحكمى فى الصرف كالشرطى لضيقه بخلاف النكاح. وأجاب الشيخ الفقيه القاضى العلامة المحصل الأدرى أبو عبد الله محمد بن محمد

ابن عقاب الجذامي التونسي -رحمه الله ورضى عنه وأرضاه- ومن خطه نقلت: لما سأله الجواب عن المناقضة المذكورة، وعن عدة مسائل شيخ شيوخنا الفقيه المحصل الحافظ أبو الربيع، سليمان بن الحسن البوزيدى تغمده الله برضوانه بإن إجازة السيد نكاح العبد من باب رفع المانع لحصول المقتضى، وهو أركان النكاح بجملتها، وإنما بقى إذن السيد وعدم إذنه مانع، وأما إجازة المستحق فهو من باب عدم المقتضى، لأن أحد العاقدين -وهو المالك للخلخالين- مفقود من العقد الأول، والعاقد غير المالك فلم تكمل أركان البيع، فهو من باب عدم المقتضى، وقد علمت أن وجود المانع مع قيام المقتضى أخف من فقدان المقتضى فلذلك ضعف الخيار فى الأول، فلم يتنزل منزلة الشرطى والله أعلم. قال مؤلف إيضاح المسالك: وهو الفقيه المحصل أبو العباس أحمد بن يحيى الونشريسى -رحمه الله-: وجرى بينى وبين من نحى منحى ابن بشير فى الجواب من أعيان الفقهاء نزاع كبير، وبحث أثير يضيق هذا الملخلص عن حمل سطوره وضم منشوره، ولعله يأتى فى غير هذا التقييد إن شاء الله تعالى انتهى. قال القاضى أبى عبد الله المقرى: قاعدة: اختلفوا فى كون الخيار الحكمي

كالشرطي أو لا؟ فإذا كان فى النكاح خيار بسبب سابق على العقد فالمشهور أنه يفسخ بطلاق بناء على النفى، أو على أن الخيار منعقد، والشاذ بغير طلاق بناء على أنه منحل والمشهور أن للسيد إمضاء نكاح العبد عليهما أيضا، وقيل: لا،، لأنه منحل /76 - أبخلاف الأمة على المشهور، لحق الله عز وجل، ومن ثم قيل: إن ولت غيرها فله الإجازة. ومن هذا الأصل مسألة الصرف فى الخلخالين يباعان بعين ثم يستحقان أن للمستحق إمضاء البيع ما لم يفترق المتبايعان. وقال أشهب: القياس الفسخ. [ص] 167 - هل نقض بيع فاسد من رده ... أم أصله عليه فطر عبده [ش] أى رد البيع الفاسد هل هو نقض هل هو نقض له من أصله أو من حين رده؟ وعليه فطر العبد يمضى عليه يوم الفطر عند المشترى أهى منه أم من البائع، وفروعه كثيرة وتقدير المؤلف هل نفض بيع حاصل من حين رده أم من أصله. قال القاضى أبو عبد الله المقرى: قاعدة: اختلف المالكية فى رد البيع الفاسد هل هو نقض له من أصله أو من حين الرد؟ وعليه فطرة العبد يمضى عليه يوم الفطر عند المشترى أهى منه أم من البائع، وفروعه كثيرة. [ص] 168 - هل قبض أول الذى تتصل ... أجزاؤه حكما ككل ينقل 169 - فى دفع كالسكنى وما تأخرا ... جذاذه فى الدين كالذى اكترى 170 - ومؤجر نفسا سنين وقبض ... ستين أجره ولم يف الغرض 171 - وشهروا المنع ... ... ... ... ... ...

[ش] قبض الأوائل هل هو كقبض الأواخر أم لا؟ وقد يعبر عنها بقيض أول متصل الأجزاء هل هو قبض لجميعه أو لا؟. وعليه لو مات المكترى قبل حلول أجل الكراء هل يحل الكراء بموته قبل استيفاء السكنى أو لا؟ إلا أنه يلزم على طرده أن المكترى إذا شرع فى السكنى أو الركوب أن يجب عليه نقد الكراء على قول أشهب، إن لم يكن عرف ولا شرط، ولا نعلم من يقوله ومن أخذ من دينه ما تأخر جذاذه من الثمار والبقول، أو دابة يركبها إلى موضع ما، أو عبدا يخدمه إلى أجل ما، أو دارا يسكنها إلى أجل، قال ابن القاسم: وهو المشهور بالمنع. وقال أشهب: وهو المنصور، واختيار ابن المواز بالجواز. وقال به ابن القاسم، مرة، واختلف فيه قول مالك. وعليه من اكترى دابة مضمونة وشرع فى ركوبها جاز تأخير النقد على القول بأن قبض الأوائل قبض للأواخر، وعلى /76 - ب أن لا فلا، لأنه ابتداء دين وكذلك إن هلكت المعينة فى بعض الطريق، واتفقا على دابة أخرى، وقد انتقد الكراء لم يجز عند ابن القاسم، لأنه دين فى دين، إذ بقية الكراء صار دينا على رب الدابة فلا يصح أن يدفع فيه كراء دابة أخرى، وجاز عند أشهب وإن لم ينتقد جاز باتفاق إذا علما ما يخص ما بقى من المسافة.

وعليه من أجر نفسه لثلاث سنين بستين دينارا فقبضها، ومر لها حول هل يزكى الستين كلها بمضى حول واحد، لأن بقية الثلاث كالمقبوض أو لا؟. قال فى إيضاح المسالك تنبيهان: الأول: قول ابن القاسم: بالمنع فى هذه -يعنى مسألة هلاك الدابة المعينة- فى بعض الطريق واتفقا على دابة أخرى، وقد انتقد الكراء، مقيد بما إذا لم يكن فى مفازة، وأما إن كان فيها أو فى محل لا يجد الكراء فيه فإنه يجوز للضرورة. قال ابن حبيب: كما يجوز للمضطر أكل الميتة، انظر رسم السلم من سماع عيسى من كتاب جامع البيوع. الثانى: كان الشيخ أبو محمد عبد الحميد الصائغ -رحمه الله- يشير إلى التردد فى إجراء من اكترى دارًا مدة معلومة من مشتريها فأتى مستحق فاستحقها بعد أن قضى بعض مدة الكراء على هذا الأصل، فى كراء ما بقى من المدة، هل يكون للمشترى المكترى المستحق من يده أو للمستحق لأجل أنه إذا أكرى المشترى الدار وإنتقد الكراء وهى مأمونة صارت بقية السنة كالمقبوض كما قالوا فى أرض النيل إذا رويت أن المنافع كالمقبوضة وإذا كانت بقية السنة فى الدار المأمونة كالمقبوض منافعها صار ذلك كما لو أتى المستحق وقد انقضت جميع السنة.

قال الإمام أبو عبد الله المازري -رحمه الله-: وهذا الذى تردد فيه بعيد كما تقتضيه جميع روايات المذهب فى أحكام الاستحقاق، لأن ذلك إنما يتصور فيه قبض ما لم يوجد فى أحكام أخر، مثل لو أكرى داره لخمس سنين بخمسين دينارا هل يزكى الخمسين إذا مضى حول واحد، لأن بقية الخمس سنين كالمقبوض، ولا خلاف أن السنين كلها لو انقضت لوجب زكاة الخمسين /77 - أدينارا، أو يقال لا يلزمه زكاة الخمسين دينارا، لجواز أن تنهدم الدار فيجب رد بعض ما انتقد من الكراء، ففى مثل هذا يحسن الخلاف فيما بين المكترى والمكرى، وأما المستحق فلم يختلف فيه أنه من يوم الاستحقاق ملك المنافع التى توجد فيها بعد، وإذا لم يختلف فى ملكه لها لم يختلف فى استحقاقه لما قابلها من النقد والكراء. قال القاضى أبو عبد الله المقرى -أثناء كلامه على قاعدة فى الهبة-: ومن يعتبر القبض فى لزوم الهبة قد يعتبر قاعدة، وهى: قبض أول متصل الأجزاء وهل هو قبض لجميعه أولا؟ وعليها إختلاف المالكية فى فسخ الدين فى الكراء ونحوه. قوله: "ككل" هو خبر قبض، قوله: "فى دفع" متعلق بينقل، وكالسكنى على تقدير مضاف، أى ينقل هذا الأصل فى دفع كراء مثل السكنى معجلا بموت المكترى، ولو قال: نقد بدل دفع لكان أحسن. قوله: "أجره" هو بدل من ستين، أى ومؤجر نفسه لثلاث سنين بستين دينارا أو بعضها ومر عليه الحول ولم يوف الغرض، وهو العمل ثلاث سنين. قوله: "وشهروا المنع" أى فى الفروع السابقة. وقول ابن القاسم: بناء على أن قبض الأوائل ليس كقبض الأواخر، ويدخل فى المنع وجوب الزكاة فى الفرع السابق، وفى طرة بخط المؤلف على قوله: "وشهروا المنع" هو قول

ابن القاسم [ونصروا الجواز وهو قول أشهب واختيار ابن المواز، وقال به ابن القاسم أيضا] واختلف فيه قول مالك، انتهى وهذا إيضاح المسالك السابق. [ص] ... ... وهل ... يقضى لذى الموزون إن صنع حصل 172 - فيه بقية بيع وتلف ... فى غزل أو حلى أبيح وعرف [ش] أى الموزون إذا دخلته صنعة هل يقضى فيه بالمثل أو بالقيمة؟. اختلفوا فيه. وهى من تعارض حكم المادة والصور المباحة. فمالك، والشافعى يقدمان الصورة، فيجعلانه كالعروض، والحنفية وبعض المالكية يقدمان المادة فيجعلانه كالتبر. وعليه إذا بيع الحلى أو الغزل بيعا فاسدا فقد اختلف المالكية هل تفوته الحوالة أم لا؟ كالمثلى وكذلك إذا استهلك هل يقتضى فيه بالمثل أو بالقيمة على هذه القاعدة وكذلك إذا استحق وكان ثمنا هل يفسخ البيع أم لا؟ وهذا كله فى الصورة المباحة، وأما الممنوعة فقد مر أن المعدوم شرعا كالمعدوم حسا. قال القاضى أبو عبد الله المقرى: قاعدة: اختلف المالكية فيما دخلته الصنعة من بعض الموزون هل يقضى فيه بالمثل أو القيمة وهى من تعارض حكم المادة والصورة. وقال أيضا: قاعدة: إذا تقابل حكم المادة والصورة المباحة كالحلى فمالك، ومحمد يقدمان الصورة، فيجعلانه كالعروض، والنعمان: المادة فيجعله كالتبر. وإذا بيع بيعا فاسدا فقد

اختلفت المالكية هل تفيته الحوالة أم لا؟ كالمثلى، وإذا استهلك فقد اختلفوا أيضا هل يقضى فيه بالمثل أو القيمة على هذه القاعدة. أما الممنوعة فقد مر أن المعدوم شرعا كالمعدوم حسا. قوله: "ببيع وتلف فى غزل أو حلى أبيح" أى هل يقضى بالقيمة فى بيع الغزل أو الحلى المباح وفى تلفها أى فى بيعها بيعا فاسدا أو فى إتلافها. قوله" "وعرف" أى عرف الشرع ولم ينكر، وهو تأكيده. قوله: "أبيح" وغير المباح كأوانى الذهب والفضة. [ص] 173 - هل نقض أو بيع إقالة بلا ... زيد ونقض وعليه نقلا 174 - إقالة فى بيع ما زهى وقد ... يبس كالعهدة والفرق أسد 175 - نقض بطعم شفعة مرابحه ... فى غيرها بيع ... [ش] أى الإقالة هل هى حل للبيع أو ابتداء بيع ثان؟. وعليه لو باع تمرا بعد زهوه ثم أقال منه يبسه فإن كانت حلا جاز، لأنه على عين الشئ، وليس من بيع الطعام واقتضاء غيره، وإن كانت ابتداء امتنع، لأنه كاقتضاء طعام ثان من ثمن طعام، فلو فلس المشترى لجاز أخذ اليابس اتفاقا لبعد التهمة. وعليه أيضا ثبوت العهدة وعدمها، فعلى أنه كابتداء بيع فالعهدة، وعلى أن لا فلا ولم يرتض الإمام أبو عبد الله المازرى -رحمه الله- القول بوجوب العهدة فى /78 - أالإقالة على القول بأنها كابتداء بيع معتلا بان هذا بيع قصد فيه إلى المعروف فلم يلحق بالعقود المقصود فيها المعاوضة على جهة المكايسة.

وإلى هذا أشار المؤلف بقوله: "والفرق أسد" أى الفرق بين الإقالة وبين البيع على القول بأنها بيع فى العهدة أسد وأقوم. وعليه أيضا جوازها فى ذى الطبل والوضيف وبالمنع قال ابن العطار، وابن زرب، وبالجواز قال ابن سعيد الهندى. قال صاحب التوضيح: فائدة: الإقالة عندنا بيع من البيوع إلا فى ثلاث مسائل الإقالة من المرابحة، والإقالة فى الطعام، والإقالة فى الشفعة. وإلى هذا أشار المؤلف بقوله: "نقض بطعم شفعة مرابحة فى غيرها بيع" أى هى نقض فى الطعام، والشفعة، والمرابحة، وهى فى غيرها بيع. والإقالة فى الطعام أن يتقابل المتبايعان فيه قبل أن يقبضه المشترى، على مثل الثمن الأول، فإن ذلك جائز ولا تعد الإقالة بيعا، لامتناع بيع الطعام قبل قبضه، وأما بزيادة أو نقض فلا تجوز الإقالة، إلا بعد أن يقبضه المبتاع. والإقالة فى المرابحة هى أن يكون بائع الشئ على المرابحة كأن باعه أولا بعشرة مثلا ثم أقاله المشترى من البائع على مثل الثمن الأول فلا يجوز له أن يبيعه مرابحة على أن رأس ماله فيه عشرة حتى يبين، لأن ذلك مما تكرهه النفوس، زلز عدت الإقالة بيعا لجاز. خليل: والظاهر أن وجوب التبيين على قول من رأى أن الإقالة حل بيع أو ابتداء بيع لما ذكرنا من كراهة النفوس انتهى. فإن كانت الإقالة بزيادة أو نقص فهى بيع حقيقة فله البيع مرابحة على ما تقايلا عليه من غير بيان. والإقالة فى الشفعة هى: بالنسبة إلى العهدة، وذلك أن عهدة الشفيع على المشتري فلو

تقابل المتبايعان قبل أخذ الشفيع فذلك لا يسقط الشفعة. وعهدة الشفيع على خصوص المشترى على مذهب المدونة كما لو أخذ من يده قبل التقايل. وأما على القول بأن المشترى يخير فى أن يجعل عهدته على البائع، أو على المشترى لكون البائع صار مشتريا بالإقالة /78 - ب فالإقالة عليه بيع كما لو تقايلا بزيادة أو نقصان، وقد ظهرت فائدة قول المؤلف: "بلا زيد ونقص" إذ الخلاف إنما هو فى ذلك، وأما بزيادة أو نقص فلا خلاف أنها بيع. قوله: "وعليه نقلا إقالة فى بيع ما زها" -البيت- أى وعلى هذا الأصل نقل خلاف إقالة، أى الخلاف فى ذلك. ابن القوطية: زها التمر وأزهى إذا بدت عليه حمرة أو صفرة. قوله: "نقص بطعم" -إلى آخره- أى هى نقض فى طعم، وشفعة، ومرابحة وبيع فى غيرها. وهذا قول ثالث، بالتفصيل، وهو المعتمد المشهور، ولفظ المؤلف فى مختصر المنهج: وهل إقالة كبيع أو لا؟ وقيل بالتفصيل وهو الأولى. سوى طعام شفعة مرابحة ... وغيرها بيع ... ... قال القاضى أبو عبد الله المقرى: قاعدة: اختلفوا فى كون الإقالة حلا للبيع الأول، أو ابتداء لبيع ثان؟ ومما بنى عليه أن يبيع تمرا بعد زهوه ثم يقيل منه بعد يبسه، فإن كانت حلا جاز، لأنه على غير الشئ وليس من بيع الطعام واقتضاء غيره، وإن كانت ابتداء امتنع، لأنه كاقتضاء طعام ثان من ثمن طعام، فلو فلس المشترى لجاز أخذ اليابس

اتفاقا لبعد التهمة. [ص] ... ... ... ... ... ... وهل مسامحه 176 - فى مخطئ فى ماله كمن دفع ... فى ثمن ثوبا ومن حق وضع 177 - ومشتر لغيره وغلطا ... وكمثيب فوتها قد شرطا 178 - وبالرجوع أحكم مع القيام ... ومطلقا فى بيع ربح نام 179 - كذاك ما أشبهها ... ... ... ... ... [ش] قال أبو عمران الصنهاجى فى النظائر: مسائل الغلط فإنه يرجع بما غلط فى قيامه دون فواته، من ذلك، من أثاب من صدقة ظنا منه أنها تلزمه وكذلك من اقترض من طعام الحرب فظنه يلزمه قضاؤه، فقضاه جهلا منه. ومن اشترى لرجل جارية بمائة وخمسين دينارا، وقال: قامت على بمائة، ثم ظهر غلطه، فإنه يرجع فى ذلك (كله) فى قيامه دون فواته. ومن باع جارية مرابحة للعشرة أحد عشر فقال: قامت علىَّ بمائة ثم ظهر أنها قامت عليه بأكثر من ذلك، فذكرها /79 - أهنا أنه يرجع فى قيامها وفى فواتها ومن اشترى ثوبا بعشرة فأخطأ، فدفع ثوبا يساوى اكثر من ذلك، فإنه يرجع فى القيام دوم الفوات، فيصير فيمن غلط على ماله قولان، فى فوات ذلك هل يرجع أو لا يرجع وقول واحد إذا كان قائما انتهى.

قال القرافي في الذخيرة: نظائر قال العبد: يرجع الإنسان فى ماله حالة قيامه دون فواته إذا غلط فى أربع مسائل: من أثاب من صدقة ظن منه أنه يلزمه، والآخذ من طعام الحرب، ثم يرده، والمشترى لرجل جارية فيقول قامت علىَّ بدون ما قامت، ثم يظهر له الغلط. والبائع ثوبا بعشرة فيعطى أعلى منه فى القيمة غلطا. واختلف فى بائع الجارية مرابحة للعشرة أحد عشر، وقال: قامت علىَّ بكذا ثم يظهر أنه أكثر، فقيل: يرجع فى الحالين هاهنا انتهى. وفى المتيطية: وروى عن مالك فى الرجل يشهد لابنه بحق فيدفع المشهود عليه الحق بشهادته بغير حكم، وفى الرجل يقوم له شاهد واحد فيدفع المشهود عليه الحق بشهادته خاصة، وفى الرجل يطلق امرأته، -يريد طلاقا بائنا- فتدعى عليه حملا، وهو غير ظاهر فينفق عليها ثم ينفش الحمل، أن ذلك كله أصل واحد لا رجوع لواحد منهم ولو شاءوا لتبينوا انتهى. ابن الماجشون: فى اليهودى يشهد المسلمون أنه رضى بشهادة اليهود فيحكم عليه حكامهم، ثم يرحع عن الرضا بهم فذلك له. ابن القاسم: ولو رضى المسلم بشهادة المسخوطين فيما بينهم لزم، وليس لمن رضى بذلك رجوع عنه كما لو رضى بغير شهادة ولو رفعا ذلك إلى الحاكم لم يحكم بينهما بشهادتهما. قوله:"وهل مسامحة فى مخطئ فى ماله" أى هل المسامحة ثايتة في المخطيء

في ماله بأن يرد عليه ماله، ولا يؤخذ بالخطأ أم لا مسامحة فيلزم بما دفع خطأ؟ ولا يرد عليه ويقال أيضا: من سلط على ماله خطأ هل له الرجوع أم لا؟ ومن دفع شيئا يظن أنه يلزمه، ولا يلزمه هل الرجوع أم لا؟ وفى طرة بخط المؤلف: المخطئ فى مال /79 - ب نفسه هل يعذر بخطئه أم لا؟ قوله: كمن دفع فى ثمن ثوبا ومن حق وضع" إشارة إلى قول أبى عمران: ومن اشترى ثوبا بعشرة فأخطأ فدفع ثوبا يساوى أكثر من ذلك. قوله: "كمشتر لغيره وغلط" إشارة إلى قول أبى عمران: ومن اشترى لرجل جارية المسألأة. قوله: "وكمثبت" (إشارة) إلى قول أبى عمران: من ذلك من أثاب من صدقة ظنا منه أنها تلزمه، وفى معناها مسألة القرض التى بعدها. قوله: "فوتها قد شرطا" أى الفوت فى الصور الثلاث قد شرط فى عدم الرجوع أو فى ثبوت الخلاف. قوله: "وبالرجوع أحكم مع القيام" أى فى الصور الثلاث، وقد مر هذا من كلام أبى عمران. قوله: "ومطلقا فى بيع ربح قام" أى واحكم بالرجوع مع الفوات، والقيام فى بيعه المرابحة، وهذا مراده بالطلاق، وأشار أبى عمران: ومن باع جارية مرابحة للعشرة أحد عشر المسألة. قوله: "كذاك ما أشبهها" يدخل فيه مسألة الاقتراض ونحوها. [ص] ... ... ... هل عوض ... على ذوى علم وجهل يفرض 180 - كالصلح، والخلع وكمن معترضا ... ما لابن شاس وقراف معرضا [ش] قال القاضى أبو عبد الله المقرى: قاعدة: إذا قابل العوض الواحد محصور المقدار وغير محصوره فهل يفض عليهما أو يكون للمعلوم، وما فضل للمجهول وإلا وقع مجانا؟

كمن صالح عن نوضحتى عمد وخطأ. وقال ابن القاسم: بينهما. وقال ابن نافع: للخطأ. وكمن خالع عن آبق وزيد ألفا فعلى الأول ترد الألف ويرد نصف العبد، وعلى الثانى، ترد الألف ويرد ما فى مقابلتها من العبد، والزائد إن كان له بالخلع، وإلا كان كمن خلع مجانا، ونص ابن شاس فى هذه المسألة. وأما على مقتضى قول ابن القاسم، فى قسمة المأخوذ بين الموضحتين فيكون نصف العبد هنا فى مقابلة نصف الألف -إلى آخر ما قال- والصواب حذف نصف من الموضعين كما جود اختصاره ابن الحاجب، والعجب أن القرافى مر على ما فى الجواهر ولم ينتبه إليه، بابن الحاجب ولا بمن قبلها كاللخمى، وابن /80 - أبشير، وهو دليل على أنه ربما نقل ما لا تأمل، وعلى هذا الأصل قول ابن الماجشون: فى النكاح والبيع يجعل الثمن للسلعة، فإن بقى ربع دينار صح النكاح عند قوم انتهى. قال فى إيضاح المسالك: ورأيت له -يعنى للمقرى رحمه الله- على هذا الموضع من قول ابن الحاجب: ردت الزيادة ما نصه: يعنى جملة الألف وفى الجواهر: نصف الألف ولا معنى له على القولين جميعا، وما أرى لفظة النصف إلا زلة وقعت له، فثبتت، إذ حكاية اللخمى، وابن بشير موافقة لحكاية المؤلف. ولله دره حيث [لم تز النقول بعقله، أين هو من القرافى حيث] قلد الجواهر فنقلها على حسب ما وجدها، ولم يتفطن لها. قوله "كالصلح" أى من موضحتى عمد، وخطأ بشقص فإن الشريك يشفع بنصف عشر الدية، وقيمة نصف الشقص عوض قابل معلوما، وهو موضحة الخطأ ومجهولا، وهو

موضحة العمد، إذا الواجب القصاص إلا أن يصطلحا على ما شاء فيفض الشقص عليهما بالسواء على قول ابن نافع بدية موضحة الخطأ، وما فضل عنها من قيمة الشقص إن فضل شئ. قوله: "والخلع" هى مسألة ما لو خالعها على عبد آبق، ويزيدها ألفا، فالآبق عوض قابل معلوما وهو الألف، ومجهولا وهو العصمة وقد مر بيان القولين. ومسألة النكاح والبيع، وهى ما لو تزوجها بعبد وتزيده ألفا. قوله: "معرضا" أى عن قولهما فى هذا المحل غير ملتفت إليه. [ص] 181 - وهل إلى صحة أو فساد ... يرد ذو الإبهام والترداد 182 - كالراعى والكراء وتمر تجر ... حمل طعام كثياب أجر [ش] أى المبهمات المترددة بين الصحة والفساد هل تحمل على الصحة أو الفساد؟ وتقدير كلام المؤلف وهل يرد العقد ذو الإبهام، والتردد بين الصحة والفساد إلى صحة، أو فساد؟ قولان، أو خلاف. وعليها من باع سلعة بثمن على أن يتجر له بثمنها سنة، أو آجره على أن يتجر له بهذه المائة سنة، أو /80 - ب يرعى له غنما بعينها سنة، ولم يشترط الخلف ولا عدمه، فابن القاسم يمنع من أصله فى المبهم، وابن الماجشون، وأشهب، وابن حبيب، وأصبغ، وسحنون: يجيزون، والحكم يوجب الخلف عندهم ومن اكترى كراء مضمونا، وليس العرف التقديم أو لا شرطاه، فابن القاسم يفسده وعبد الملك، والمدنيون، يصححونه.

ومن اشترى الثمار قبل بدو الصلاح، ولم يشترط القطع، ولا التبقية، فظاهر المدونة الصحة، وقال العراقيون بالفساد. ومن استئجر على حمل طعام إلى بلد كذا بنصف ولم يشترط نقده فى الحال ولا تأخيره. ومن ابتاع ثيابا وسمى لكل واحد ثمنا، ولم يشترط الرجوع عند العيب والاستحقاق بالقيمة، ولا بالتسمية، قال ابن القاسم ورواه عن مالك وقاله سحنون، وأصبغ: التسمية لغو والبيع صحيح. وروى ابن القاسم أيضا: أن التسمية مراعاة والبيع فاسد. قوله: "أجر" إشارة إلى قولنا أو آجره على أن يتجر المسألة. 183 - وهل ملك ظهر الأرض للبطن شمل ... ... ... أى من ملك ظاهر الأرض هل يملك باطنها أم لا؟ وهو المشهور. وتقرير كلام المؤلف هل ملك ظهر الأرض شمل البطن منها أم لا؟ خلاف أو يقدر بطنها على قول الكوفيين أن أل تكون بدلا من الضمير، ولام الجر فى "للبطن" زائدة لتقوية عامل ضعف بالتأخير، كقوله تعالى: {للرؤيا تعبرون}. وعليه الركاز والحجارة المدفونة، والزرع الكامن بخلاف المخلوقة فإنها تندرج في لفظ

الأرض، والزرع الظاهر فإنه لا يندرج. قال القاضى أبو عبد الله المقرى: قاعدة: اختلف المالكية فيمن ملك ظاهر الأرض هل يملك باطنها أم لا؟ وهو المشهور، وعليه الحجارة المدفونة -إلى آخر ما ذكرنا قبل-. قال فى إيضاح المسالك: تنبيه: من ملك أرضا ملك أعلاها ما أمكن ولم يخرج عنه إلا إخراج الرواشن والأجنحة على الحيطان إلى طريق المسلمين إذا لم تكن مفسدة الأسفل، لأن الأفنية هى الموات الذى كان قابلا للإحياء، وإنما منع الأحياء فيه لضرورة السلوك /81 - أوربط الدواب، وغير ذلك، ولا ضرورة فى الهوى فيبقى على حاله مباحا فى السكة النافذة انتهى. [ص] ... ... ... معرى بمنح ملكه أم أن كمل [ش] المعرى هل يملك العربة بنفس العطية أو عند كمالها؟. قال القاضى أبو عبد الله: قاعدة: اختلفوا متى يملك المعرى العطية أبنفس العطية أو عند كمالها؟ وعليه الخلاف فيمن عليه السقى والزكاة، والأصل كونها على ملك المعطى، إلا أن تثبت عادة فتكون على المعطى، ولهذا التفت من فرق بين أن يكون فى يد المعطى أو في يد غيره.

وتقرير كلام المؤلف: هل معرى ملكه لما أعربه تمنح أى بنفس منحه، أى إعطائه أم إن كمل هو؟ أى ما أعربه فالمعرى على هذا الشخص المعطى العربة وهو الموافق للفظ المقرى. وضمير كل عائد إلى ما أعرى المقدر وهو العربة، حذف حرف الاستفهام لدلالة أم عليه. ومعرى مبتدأ، وخبره الاسمية، وهى ملكه بمنح. ويحتمل أن يريد بالمعرى العربة. فاضافة ملك للمفعول، وعلى الأول للفاعل. وفى طرة على هذا من الأم بخط المؤلف: وهو استئناف قاعدة، أى هو معرى إلى آخره. [ص] 184 - هل حكم متبوع لتابع منح ... أم حكم نفسه عليه ما يصح 185 - من حلية إبار استحقاق ... مسائل الزكاة غرس ساق 186 - مؤذن أم بأجر من بذل ... مهرا كفطرة وحوز وعسل 187 - ولبن كمال عبد اشترط ... وثمرة زرع ونحو ما فرط [ش] أى هل حكم متبوع منح لتابع أم للتابع حكم نفسه؟ ويقال: الأتباع هل يعطى لها حكم متبوعاتها، أو حكم نفسها؟. وعليه بيع المصحف، والخاتم والثوب الذى لو سبك، خرج منه عين، والسيف المحلى إذا كانت حلية الجميع تبعا فإنه جائز بصنف التبع نقدا على المشهور، خلافا لابن عبد الحكم، وممتنع به نسيئة خلافا لسحنون. وقيل: يستحب فيه النقد، ويمضى التأجيل بالعقد.

وبيع الحلي المتبوع بصنف التابع، وفيه عن مالك روايتان. واستعمال الذهب /81 - ب فى خاتم الرجال. وهذا كله يشمله، قول المؤلف: "حلية" وما أبر بعضه من الثمار وإذا استحق الأكثر أو وجد به عيب رد الجميع وإن كان بالأقل فليس له رد ما لم يستحق، وما ليس فيه عيب. وإذا اجتمع الضأن والمعز فإن الزكاة من أكثرهما عند سحنون، ولابن القاسم تفصيل والشاة فى (الشنق) من جل غنم البلد والحلى المنظوم بالجوهر. وما يسقى من الزرع، والثمار بالوجهين وتفاوتا. والمالان أحدهما مدار والآخر غير مدار، وهما غير متساويين وهذه الفروع الخمسة يشملها قول المؤلف: "مسائل الزكاة".

وإذا ثبت أكثر الغرس، أو أقله فللأقل حكم الأكثر، وإن ثبت أكثره فللغارس فيما ثبت وفيما لم يثبت، وإن ثبت أقله فلا شئ للغارس فى الجميع. وقيل: له سهمه فى الثابت وإن قل. وإذا أطعم بعض الغرس فإن كان أكثره سقط عنه العمل، وإلا فلا، وله ما أطعم دون رب الأرض، وقيل: بينهما وهذان الفرعان يشملهما "غرس" وبياض المساقاة مع السواد وإذا جذ المساقى بعض الحائط فإن كان أكثره فلا سقى عليه وإلا فعليه وإن كان فى الحائط أنواع مختلفة حل بيع بعضها، وهو الأقل جازت مساقاته جميعها، وإن كثر لم تجز فيه وهذه الثلاثة يشملها قول المؤلف "ساقى" اسم فاعل من السقى، والمراد به المساقى بفتح القاف، والأجرة مع الإمامة تمنع مفردة وتجوز مع الأذان، فى مشهور مذهب مالك. ومن بذل صداقا ظانا أن للمرأة مالًا فانكشف الغيب بخلافه، فإن قلنا بالأول فله الفسخ لفوات مقصود عين الانتفاع، وإن قلنا بالثانى أمكن أن يقال: لا قسط لها من الثمن فيسقط مقابله، أو لها قسط، فيحط عنه بنحو ما فاته من المقصود، قياسا على الاستحقاق فى البياعات. وإن كان المستحق تبعا فلا يفسخ العقد فى الجميع، وفيه خلاف. والفطرة والكفارة من جل عيش البلد وإذا حبس أو تصدق على الأصاغر (من

أولاده فإن حاز الأكثر صح الجميع، وإن حاز الأقل بطل الجميع، وإن حاز النصف صح ما حيز وبطل ما لم يحز، ويجوز العسل بالنحل إذ لا /82 - أعسل فى النحل وبيع شاة فيها لبن بلبن إلى أجل، والمختار إن تأخر اللبن فهو مزابنة، بخلاف إذا تقدم. ومنها: اشترط خلفة الفصيل والثمرة، والزرع، ومال العبد والخنثى إذا بال من المحلين هل ينظر إلى الأكثر فيحكم له به أو لا؟ أجراه ابن يونس على هذا الأصل. وإذا كان بعض العاقلة بالبادية، وبعضها بالحاضرة، فإنه يضاف الأقل منها إلى الأكثر عند عبد الملك وأشهب فبعض هذه المسائل تجوز تابعة تغليبها لحكم المتبوع، ولا تجوز مستقلة، وهى أيضا من قاعدة الأقل يتبع الأكثر، وسنذكر كلام المقرى فى القاعدة التى تلى هذه. [ص] 188 - وهل له قسط من الحق ففى ... رهن إمامة وحلية قفى 189 - ومال عبد خلفه زرع ثمر ... دالية وشبهها من الصور

190 - بما استحق أو أجيح والغرر ... والعيب، والعطلة معناه ظهر [ش] أى التابع هل له قسط من الثمن أم لا؟. وعليه الرهن والحميل وحلية المصحف، والخاتم والسيف، واشتراط الثمرة والزرع ومال العبد، والدالية والسدرة وخلفة القصيل، والإمامة مع الأذان. وتظهر الثمرة فى الغرر، والاستحقاق، والعيب والجائحة، والعطلة. قوله: "وهل" أى للتابع. قوله: "من الحق" أى من الثمن. قوله: "ففى رهن" متعلق بقفى، أى تبع هذا الأصل فى رهن وما بعده. قوله "بما استحق" الباء ظرفية، وهو متعلق بظهر، أى معنى هذا الأصل ظهر فيما استحق، وما عطف عليه، أى ظهرت فائدته فيما ذكر، أو سببه، والمراد تبعية مال العبد لحكم العبد، أن يشترى العبد مع ماله بما لا يجوز أن يشترى به دون المال، أن لو بيع على حدة، أو سلعة أخرى، كأن يكون ماله فضة فيشترى العبد مشترطا ماله بدراهم، أو ذهبا، فيشترى بدنانير، أو الفضة، فيشترى بدنانير إلى أجل وبالعكس، أو طعاما ربويا فيشترى بجنس ذلك الطعام، أو مطلق طعام فيشترى بطعام إلى أجل، أو ذهب أو فضة فيشترى بأحدهما فإن ذلك كله جائز بحكم التبعية. وخلفة القصيل جزافا لم ير بل ليس بموجود /82 - ب الآن أصلا فهو مجهول الذات والصفة، وجاز للتبعية.

والزرع قبل بدو صلاحه يشترى مع الأرض، بمعنى أن المشترى للأرض اشترطه فى آباره، ودخل بلا شرط فى عدمه فيجوز للتبعية وكذلك ثمر الشجرة فى شراء أصلها. والدالية فى الدار تكترى ويشترط المكترى عينها، فإن ذلك يجوز إذا كان تابعا للكراء بأن تكون قيمته من الجميع الثلث فأقل، وإن كان ذلك قبل بدو الصلاح بل وقبل طلوع الثمرة فى أصولها، وشبه الدالية السدرة يشترط المكترى نبقها وكذا سائر الأشجار ويحتمل أن يعود ضمير شبهها على الصور السابقة لا على خصوص الدالية. واستحقاق القليل لا يفسخ به البيع، ويجعل تابعا لما لم يستحق، وكأنه لم يستحق شئ أصلا باعتبار الفسخ، بخلاف الكثير وهو الجل فإنه يفسخ كثوب من ثلاثة متساوية القيمة مثلا، أو ثوبين منها، وكذلك العيب فى واحد منها، أو اثنين. وكذا إذا أجيح من الثمار ما دون الثلث فلا رجوع للمشترى بخلاف الثلث فأكثر فيرجع بما قابله من الثمن والغرر فى البيع بعضه معفو. قال الباجى: اليسير وزاد المازرى: غير مقصود للحاجة إليه. قال القاضى أبو عبد الله المقرى: قاعدة: الغرر ثلاثة أقسام: مجمع على جوازه كقطن الجبة وأساس الدار، ومجمع على منعه كالطير فى الهواء، والحوت فى الماء ومختلف فيه كبيع الغائب، والمقائى، والقصيل، ونحوها، مع الخلفة، والأصل أن ما لا تخلو البياعات -فى الغالب- عنه، ولا يتوصل إليه إلا بفساد أو مشقة، مغتفر وما سوى ذلك فممنوع انتهى. وعطلة إمام الصلاة أياما قليلة لا تحسب عليه، ويأخذ أجره موفرا وإلا حوسب. المتيطى: ويحسب على الإمام الكثير من مرضه أو مغيبه دون القليل، وأما إن غاب

الجمعة ونحوها فلا بأس بذلك ولا يسقط أجره شئ، قاله غير واحد من القرويين. ابن يونس: واختلف شيوخنا إذا أوجر على الأذان والصلاة لأمر عرض له هل تسقط حصته من الأجرة أم لا؟ بناء على الاتباع هل لها حصة من الثمن /83 - أأم لا؟ قال القاضى أبو عبد الله المقرى: قاعدة: اختلف المالكية فى الاتباع هل تعطى حكم نفسها أو حكم متبوعاتها؟ كمالين أحداهما مدار والآخر غير مدار، وهما غير متساويين وكبيع السيف المحلى إذا كانت حليته تبعا بالنسيئة، منعه فى المشهور، واشترط النقد واجازه سحنون وقيل يستحب فيه النقد ويمضى التأجيل بالعقد. وكمن بذل صداقا ظانا أن للمرأة مالا، فانكشف الغيب بخلافه، فإن قلنا، بالأول فله الفسخ لفوات مقصوده من الاتباع، وإن قلنا بالثانى أمكن أن نقول: لا قسط لها من الثمن، فيسقط مقابله أو لها قسط فيسقط عنه بقدر ما فاته من المقصود قياسا على الاستحقاق فى البياعات، أن المستحق إن كان تبعا فلا يفسخ العقد فى الجميع. وفيه خلاف على القاعدة ففى هذه الفروع الثلاثة أقوال، وتقوم من هنا قاعدة الاتباع هل لهما قسط من الثمن أو لا؟ فى الاستحقاق وغيره، ومن القاعدة الأولى بيع الحلى الممزوج بصنف التابع، وفيه روايتان عن مالك، ومن الثانية: بيع السيف الذى حليته تبع بنوعها فالمشهور اشتراط النقد فيه. وقال سحنون يجوز مؤجلا. وقيل يستحب فيه النقد ويمضى التأجيل بالعقد. وقال أيضا: قاعدة: اختلفوا فى كون الاتباع مقصودة أو لا؟. وعليها جواز الشاة فيها لبن بلبن الى أجل، والظاهر إن تأخر اللبن فهو مزابنة بخلاف ما إذا تقدم. ويجوز العسل بالنحل إذ لا عسل فى النحل. وقال أيضا: قاعدة: المشهور من مذهب مالك أن الأقل يتبع الأكثر فإذا انظم الحلى بالجواهر، وكان فى نزعه فساد، فقيل يتبع الأقل الأكثر.

وقيل: لكل حكم نفسه ولهذا نظائر، وهو من باب التقديرات، لأنه يقدر الأقل كالعدم. وقال أيضا: قاعدة اختلف المالكية فى الأقل هل [يعتبر فى نفسه أم] يتبع الأكثر وحمل ابن يونس اختلافهم فى الخنثى إذا بال من المحلين هل ينظر إلى الأكثر فيحكم له به أو لا؟ وقال أيضا: قاعدة: شرط ما هو من مصلحة العقد كالرهن، والحميل هل له /83 - ب قسط من الثمن أو لا؟ اختلف المالكية فيه، وعليه فساد العقد بالخطار فيهما انتهى. وفى التوضيح: المازرى: وأما إن اشترط يعنى رهن الآبق أو الشارد فى عقد البيع فقولان فى الجواز وعدمه. ابن رشد: والمشهور الجواز بناء على أنه لا حصة له من الثمن، أو له حصة وظاهر المذهب أن الرهن لا حصة له من الثمن. قال فى البيان: والقولان فى ذلك قائمان من المدونة انتهى. أما القول بأنه لا حصة له فمن قوله فى باب الرهن فيمن وكلا رحلا على بيع سلعة فباعها وأخذ بالثمن رهنا أن الخيار للموكل فى قبول الرهن فلم يجعل له خيارا فى بيعه بأقل من ثمن المثل. ابن عبد السلام: وأما بأن له حصة فمن قوله: وإن بعت منه سلعة بثمن إلى أجل على أن تأخذ منه رهنا ثقة من حقك فلم تجد عنده رهنا فلك نقض البيع وأخذ

سلعتك أو تركه بلا رهن، ويقال إنما جعل لك فى المدونة نقض البيع لمخالفة الشرط لا لنقض الثمن، فانظره انتهى. وفى المنهج الفائق أثر ذكره إنكار صاحب المناهج أخذ الشاهد الأجرة إن كان يكتب الوثيقة، ويشهد فيها بخلاف الكتب فقط، قال: الأجرة إنما هى على الكتب والشهادة تبع، والاتباع لاحظ لها فى الأعواض، كما فى غير مسألة من نظائرها كخلفة القصيل، والثمرة، ومال العبد، وحلية السيف، وذباب النحل بالعسل إلى أجل يحدث فيه عسلا، والنخل بالثمرة إلى أجل يكون للنخل فيه ثمر، والشاة اللبون باللبن إلى أجل والدجاجة البيوض بالبيض إلى أجل والإمامة مع الأذان، وغيرها من النظائر. [ص] 191 - هل اليسارة بنفس تعتبر ... أم نسبة عليه دينار ذكر 192 - فى البيع مع صرف وأول قبل ... ثلث ودرهم على الثإنى نقل 193 - وكثرة الثلث فى المعاقلة ... جائحة خف وحمل العاقلة 194 - وذنب الأضحاة والذى استحق ... من فندق أو شبهه قاض يحق /84 أ 195 - إن ينقسم كدار سكنى وردف ... لا ضر لا نقص وفى العيب اختلف 196 - فى الدار كالمثلى مطلقا كما ... فى ذنب ونزر نصف علما 197 - فى الشئ من أشياء مطلقا كذا ... جزء عروض مستحق فخذا 198 - إن أمكن القسم وخير إن عدم ... ونزر ما عين حبسه حرم 199 - أما مسائل الوصايا والغلث ... تبرع العرس فمن نزر الثلث 200 - فى قصدها الأذى خلاف وثمر ... كصبرة دالية ومن ذكر

201 - غبنا فمنه وبياض قد ألف ... فى أذن أضحاة تردد عرف 202 - كحلية والحوز والأبار ... مسائل الزكاة غرس جار 203 - تبرع المريض أو حابى وما ... ضمن كالعرس كشين علما [ش] أى السيارة معتبرة فى نفسها أم تعتبر بالنسبة؟ قال القاضى أبو عبد الله المقرى: قاعدة: الكثرة، والقلة فى الماء إضافيتان عن مالك قال فى لعاب الكلب: ولا بأس به فى الكثير كالحوض وفى الجنب يغتسل فى مثل حياض الدواب، ولم يغسل ما به أفسده وعليه مضى صاحب المقدمات وإن كان المذهب قد اختلف فى اليسارة هل هى معتبرة فى نفسها أو بالنسبة كالبيع، والصرف فى دينار واحد هل يشترط أم لا؟ ثم فى كون التابع الثلث أو الدرهم فما دونه، ويحكون عن المدونة نفى اشتراط التبعية وهو مما تلقوه بالقبول من استقراءات التونسى، ولا أدرى من أين أخذ فانظره انتهى. قلت: وإلى قول المقرى: وهو مما تلقوه، إشارة المؤلف بقوله: "وأول قبل" والأول هو أن اليسارة تعتبر فى نفسها فيجوز اجتماع البيع والصرف فى دينار سواء كان أحدهما تابعا للآخر، أو لا؟ لكون الدينار يسيرا فى نفسه. قوله: "ثلث ودرهم على الثانى نقل" الثانى هو كون اليسارة بالنسبة أى نقل على الثانى أن البيوع والصرف إنما يجوز اجتماعهما فى الدينار الواحد مع كون أحدهما

ثلثا فأدنى، ونقل /83 - ب أيضا أن اليسير الدرهم فما دونه وهو معنى قول ابن الحاجب: وقيل مع كونه كالدرهم يعجز. قال الإمام أبو عبد الله المقرى: قاعدة "الأكمل شرطا أقوى من حكم التبعية من الأقل، فالصرف أقوى من البيع، فإذا اجتمعا فى أكثر من دينار فإنه كان الصرف أقل، وكان فى دينار فأقل جاز، وإن كان فى أكثر امتنع، فإن كان البيع أقل فهل يشترط فيه أن يكون فى دينار فأقل، أو يكون الثلث فأقل؟ قولان، وهما أيضا على اعتبار اليسارة فى نفسها أو بالنسبة، وهذا كله مذهب مالك انتهى. و (ثلث) من كالم المؤلف، مبتدأ، وخبره محذوف لدلالة ما بعده، أى وثلث نقل ودرهم نقل، أو يكون نقل، المذكور خبر عن الأول، وحذف خبر الثانى قوله: "وكثرة الثلث -إلى قوله- وفى العيب اختلف" أى الثلث كثير فى هذه المسائل: الأولى: معاقلة المرأة للرجل فإنها تعاقله إلى ثلث ديته، فإذا بلغته رجعت إلى ثلث ديتها ففى ثلاث أصابع من المرأة ثلاثون، وفى أربع عشرون. الثانية: الجائحة فى الثمار، فإنه يوضع فيها عن البائع الثلث فأكثر فيرجع لما يقابله من الثمن، وما دون الثلث مصيبة منه. الثالثة: الخف إذا انخرق فإن كان الشق ثلث القدم فأكثر لم يمسح عليه، وإن كان دون الثلث مسح إن كان متصلا لا يظهر منه الأصل، أو يكون كالثقب الضيق لا يمكن فيه غسل ما ظهر. والرايعة: حمل العاقلة، فإنها تحمل من جناية الخطأ الثلث فأكثر، وما دون الثلث

على الجاني وإلى هذه مع الأوليين أشار شيخ شيوخنا الإمام، أبو عبد الله بن غازى -رحمه الله- بقوله: الثلث نزر فى سوى المعاقلة ... وفى الجوائح وحمل العاقلة الخامسة: قطع أذن الأضحية فإنه يغتفر اليسير وهو ما دون الثلث، وفى الثلث قولان، المشهور أنه كثير. السادسة: الدار الجامعة كالفناديق تسكنها الجماعة يستحق منها جزء شائع فإن استحق منها سهم دون الثلث لزم البيع فى الباقى وإن استحق الثلث فأكثر /85 - أرد الباقى وإلى هذا أشار المؤلف بقوله: "والذى استحق من فندق أو شبهه" وفسره المؤلف فى طرة على الأم بدار الخراج. السابعة: على ما قال القاضى ابن رشد: وهو مراد المؤلف: "بقاض" والتنكير للتعظيم: دار السكنى إن كانت تنقسم دون نقص فى الثمن ويصير كل حظ حظ من الساحة وباب على حدته، فإن استحق الثلث فأكثر رد الباقى (بحصته)، [وإن كان المستحق أقل لزم الباقى بحصته] بخلاف ما إذا كانت الدار لا تقسم، أو إن فى القسمة نقص فى الثمن أو ضرر فله رد الجميع باستحقاق ما دون الثلث وإلى هذا أشار المؤلف بقوله: "قاضى يحق أن ينقسم كدار وردف، لا ضرر لا نقص". أى القاضى ابن رشد: يحق كون الثلث كثيرا، أى يثبته، من حققت الشئ بمعنى أثبته، أن ينقسم المستحق منه كدار السكنى وتبع القسم نفى الضرر والنقض وقال القاضي

ابن رشد: يجب كون الثلث كثيرا أن ينقسم إلى آخره، من حق الشئ إذا ثبت ووجب، وبهذا فسر المؤلف فى طرة وهو أبين، والله أعلم. ففاعل ردف هو معنى النفى فى قوله: "لا ضرر لا نقص" أى ردف مضمن هذا الكلام. ويحتمل أن يكون فاعل ينقسم، وهو كاف كدار، بناء على أن الكاف اسم، هذا ما ظهر لى فى حل هذا الكلام والله تعالى أعلم. وفى مختصر الشيخ ابن عرفة -وبعضه بالمعنى-: سمع ابن القاسم من مالك فى الدار يستحق منها سهم أنه إن كان المستحق منها يسيرًا لزم البيع فى الباقى قال: قلت: العشر. قال: ربما كان العشر يضر فيها، وربما كان لا يضر وإنما ينظر الولى بالاجتهاد، إن رأى ضررا رده، وإلأا أمضى البيع، ورد عليه قدر ذلك من الثمن. ابن رشد: إن لا تنقسم أعشارا فذلك ضرر، وإن كانت تنقسم ببيت يحصل للمستحق منها والمدخل على باب الدار والساحة مشتركة، فإن كانت دارا جامعة كالفنادق تسكنها الجماعة فليس بضرر [فيرجع بقدره من الثمن ولا يرد ما بقى وإن كانت للسكنى فهو ضرر، وإن كانت تنقسم دون نقص فى الثمن ولا يرد ما بقى وإن كانت للسكنى فهو ضرر، وإن كانت تنقسم دون نقص فى الثمن ويصير لكل /85 - ب حظ حظ من الساحة وباب على حدته فليس بضرر] إلا أن يكون المستحق على هذه الصفة الثلث، والدار الواحدة فى هذا بخلاف الدور، إن استحق بعضها لم ير باقيها، إلا أن يكون المستحق منها أكثر من النصف وقد نص فى القسمة من المدونة أن استحقاق ثلث الدار الواحدة كثير. قلت: كون ثلثها كثيرا هو نقل الزاهى عن المذهب. قال: وقال أشهب: هذا فى كبار الدور والذى لا يضر استحقاق صغير جزءها، فأما صغارها وما لا ينقسم فله رد الجميع، وبهذا أقول، ونظر تمام الكلام في المختصر المذكور.

قال ابن رشد -رحمه الله- أثر ذكره المسألة فى استحقاق الجزء الشائع عن ابن القاسم: هذه مسألة حسنة بين فيها أن استحقاق اليسير من الأجزاء فيها ينقسم كاستحقاق اليسير من العدد، لا يكون للمشترى إلا الرجوع بقيمة ما استحق بخلاف استحقاق اليسير من الأجزاء فيما لا ينقسم، هذا يكون للمشترى رد الجميع لضرر الشركة، فهو تفسير سائر الروايات، واليسير النصف فأقل، والكثير الجل، وما زاد على النصف، وهذا فى العروض عند ابن القاسم، بخلاف الطعام، وما كان فى معناه من المكيل والموزون، فإنه يرى فيه استحقاق الثلث فما زاد كثيرا. ابن رشد: والدار إن استحق عشرها أو أقل منه أو كانت لا تنقسم أعشارا فله رد جميعها بخلاف ما إذا كانت تنقسم. وفى التقييد: ابن رشد فى كتاب الاستحقاق من البيان، والرد يجب إذا استحق ما هو كثير كثلث الدار وما فيه ضرر، وإن كان يسيرا كالعشر، فإن اشترى دارا واستحق عشرها فإن كانت الدار لا تتجزء أعشارا، أو كانت تتجزء ولم يكن لكل جزء مدخل ومخرج على حدة [أو كان لكل جزء مدخل ومخرج على حدة إلا أن التجزئ ينقص من الثمن فإن له الرد فى هذه الوجوه كلها، فإن كانت تتجزأ أعشارا، ولكل جزء مدخل ومخرج على حدة] ولم ينقض ذلك من ثمنها فلا رد له وهذا فى دار السكنى، وأما دار الغلة فلا ترد إلا باستحقاق الثلث. وأما إن كانت /86 - أدورا عددا فاستحق بعض أعيانها فإتها إذ ذاك بمنزلة العروض أن استحق الجل فأكثر كان له الرد. قوله: "وفى العيب اختلف، فى الدار كالمثلى مطلقا كما فى ذنب" اختلف فى كون الثلث من حيز اليسير أو الكثير فى مسائل: منها: العيب فى الدار فإن اليسير لا تردُّ به، ويرجع بقيمته واختلف في حد

اليسير فمنهم من رد ذلك إلى العادة، وهو الأصل. وقال ابن أبى زيد: ما ينقص معظم الثمن فهو كثير وظاهره أن النصف يسير. وقال أبو بكر بن عبد الرحمن: ما نقص عن الثلث، وأما الثلث فكثير. وسئل ابن عات عن ربع الثمن فقال: كثير. وقال ابن القطان: المثقالان يسير، والعشر كثير ولم يبين من كم. وقال ابن رشد: العشرة من المائة كثير ولعل قوله تفسير لقول ابن القطان. ومنها: المثلى فى استحقاق البعض وتعييبه وهو معنى قول المؤلف: "مطلقا" فإن كان المستحق أو المعيب يسيرا لزمه الباقى بحصته، وإن كان كثيرا فإنه يخير فى التمسك بالباقى بحصته أو فسخ العقد عن نفسه، خلافا لأشهب فإنه لا يرى الخيار فى المثلى بالجل ولا ما دونه وعلى الأول فابن القاسم يخيره فى الثلث فأكثر. وقيل إنما يخير في

الطعام بالنصف. وفى ابن يونس: يخير فيه بالربع. ولابن رشد: فيه تفصيل. ومنها: ذنب الأضحية فقد اختلف فى الثلث فيه هل هو من حيز الكثير أو من حيز اليسير؟ وجزم المؤلف أولا بأنه كثير لأنه المشهور. قوله: "ونزر نصف علما فى الشئ من أشياء مطلقا" -البيتين- أى هذه المسائل النصف فيها يسير والكثير ما فوقه، وهو المراد بوجه الصفقة. ومنها: ما إذا تعدد المبيع المقوم فاستحق بعضه أو اطلع على عيبه، فإن كان ذلك وجه الصفقة وهو ما فوق النصف كخمسة ثياب متساوية القيمة يستحق منها ثلاثة أو يثبت عيبها، ففى العيب يخير المشترى بين أن يتماسك بالجميع أو يرد الجميع، وفى الاستحقاق يتعين رد الباقى على المشهور وإن كان ذلك فى النصف فأقل، ففى العيب ليس له إلا رد المعيب بحصته يوم عقده، وفى الاستحقاق /86 - ب يرجع بما ينوب المستحق وليس له رد الباقى وهذا معنى قول المؤلف: "فى الشئ من أشياء مطلقا" أى علم نزر النصف فى استحقاق الشئ من أشياء والإطلاق راجع إلى الاستحقاق والعيب. قوله: "كذا جزء عروض يستحق فخذا، إن أمكن القسم وخير إن عدم" يعنى بالجزء الشائع، وبالعروض ما عدا الدور والطعام، وما فى معناه من المكيل والموزون. والمعنى أن العرض إذا استحق منه جزء شائع، والعرض مما ينقسم، فإن كان المستحق النصف فأقل فلا يكون للمشترى إلا الرجوع بقيمة ما استحق، وإن كان أكثر من النصف فهو مخير بالتمسك بالباقى أو الرد بخلاف ما لا ينقسم فله الرد مطلقا كان السهم المستحق يسيرا أو كثيرا، وقد تقدم هذا من كلام ابن رشد.

وذلك قوله: بين أن استحقاق اليسير من الأجزاء فيما لا ينقسم - إلى قوله -: واليسير النصف فأقل، والكثير الجل، وما زاد على النصف، وهذا فى العروض عند ابن القاسم. قوله: "ونزر ما عين حبسه حرم" أى ما يتعين وهو القوم حبس نزره حرم بمعنى أنه إذا استحق الجل فإنه يحرم التمسك بالأقل، وهو المشهور، للجهل بالثمن، إذ لا يدرى ما ينوب الباقى إلا بعد التقويم، بخلاف استحقاق الجزء الشائع فإنه لا جهل. البقرى فى مختصر الفروق: اعلم أنه إذا استحق بعض الشئ فله أحوال، لأنه إما أن يكون مثليا أو مقوما، وإما أن يكون معينا أو شائعا. أما المثلى، وهو المكيل والموزون فإن استحق قليله لزم الباقى، لأن القليل لا يخل بمقصود العقد، والأصل لزوم العقد بخلاف ما إذا استحق الأكثر، ولذلك يكون له الخيار بين أن يرد الذهاب مقصود العقد أو يمسك الباقى بحصته من الثمن. وأما المقوم فإن استحق الأقل فكما فى المثلى، وإن استحق الأكثر الذى هو وجه الصفقة اختل البيع وانتقاضا كله لفوات مقصود البيع، ويحرم التمسك بما بقى ليس كما قلنا فى المثلى وهذا لأن حصته لا تعرف حتى يقوم، وهذا ما يتعلق بالمقوم. وأما الشائع إذا استحق جزء منه /87 - أوهو مما لا ينقسم فيخيَّر فى التمسك بالباقى بحصته من الثمن، ولأن حصته معلومة بغير تقويم انتهى. وهذا إنما هو غير دار السكنى، وقد مر تفصيلها عند ابن رشد. قوله: "أما مسائل الوصايا والغلث" - البيت - أى الثالث فى هذه المسائل الثلاث نزر. الأولى: الوصايا فإن الوصية بالثلث فما دونه لازمة بخلاف الزائد فلهم رده.

الثانية: الغلث الجوهري: المغلوث الطعام يكون فيه الزؤان والمدر ابن عرفة ناقلا عن ابن رشد: وغربلة القمح من التبن والغلث للبيع واجب إن كان تبنه وغلثه أكثر من الثلث، لأن بيعه كذلك ضرر، ويستحب أن كانا يسيرين. ابن عرفة: ظاهره لا يجب فى الثلث. والظاهر وجوبه فيه، وفيما قاربه مما ليس يسيرا وهو ظاهر قسمها فيه قال مالك: يغربل القمح للبيع وهو من الحق الذى لا شك فيه. ومحمل نذورها لا تغربل الحنطة فى الكفارة، على اليسير انتهى. الثالثة: الزوجة لا كلام للزوج فى تبرعها بالثلث فأقل، وإن تبرعت بأكثر فله رده. قوله: "فى قصدها الأذى خلاف" الضمير عائد إلى العرس التى هى الزوجة أى إذا تبرعت بالثلث فأقل على جهة الضرر بالزوج فاختلف فى منعها، قال ابن القاسم وأصبغ فى الواضحة، لا يمنعها. وقال مطرف وابن الماجشون، وأشهب عن مالك: له رده. قوله: "وثمر كصبرة دالية" أى والثمر والصبرة والدالية من نزر الثلث، فالثمر إشارة إلى بيع الثمرة واستثناء قدر الثلث فأقل، فإنه يجوز باتفاق.

وكذا الصبرة يجوز بيعها واستثناء الثلث فأقل وهو قول اين القاسم وأشهب. وروى ابن الماجشون: أنه لا يجوز أن يستثنى من الصبرة قليل، ولا كثير ولا جزء مشاع، لأن الجزاف إنما جاز بيعه للضرورة، ومشقة الكيل والوزن، فإذا استثنى منها جزء فلابد من الكيل فلم يقصد بالجزاف إلا المحاطرة، والثمرة لا يتأتى فيها الكيل فافترقا. وأما الدالية فهى إشارة إلى (اكتراء) الدار، والأرض وفيها دالية عنب أو غيرها /87 - ب من الشجر المثمرة فإنه يجوز دخول الثمرة فى الكراء، إذا كانت الثمرة الثلث فأقل من الجميع بالتقويم لا بما وقع به الكراء فيقوم كراء الدار والأرض بغير شرط. فإن قيل: عشرة، قيل: فما قيمة الثمرة فيما عرف مما تطعم كل عام بعد طرح قيمة المؤنة. فإن قيل: خمسة، فأقل جاز، وإلا منع لما فيه من بيع الثمرة قبل بدو صلاحها، وهكذا بلغ ابن القاسم عن مالك، أعنى أن الثلث من حيز اليسير وما فى روايته عنه فلم يبلغ بها الثلث. قوله: "ومن ذكر غبنا فمنه" أى ومن ذكر أن الغبن فى البيع يقام به فالثلث فيه من النزر، وقدره المؤلف فى طرة بقولة: فمن الثلث النزر، وهذا أوفق للفظ، والأول أظهر فى المعني. وقد اختلف فى القيام بالغبن فى الجملة، وإن كان يتفق فى بعض الصور على القيام به.

قال ابن عبد السلام: مشهور المذهب عدم القيام بالغبن انتهى. وعلى أنه يقام به فقال ابن الحاجب: والغبن قيل: الثلث، وقيل: ما خرج عن المعتاد. ابن عبد السلام: وظاهر كلام المؤلف أنه لا فرق بين المتفق عليه، والمختلف فيه وظاهر كلام غيره، أن الغبن المتفق على اعتباره لا يوصل فيه إلى الثلث، ولا إلى ما قاربه بل إذا خرج عن الثمن المعتاد فى ذلك البيع صح القيام به انتهى. وقال ابن القصار: يقام به إذا زاد على الثلث. قلت: وهذا مقتضى كلام المؤلف. ومن المسائل التى الثلث فيها يسير مساقاة البياض، فإنه لا يساقى إلا تبعا ثلثا فما دونه وإليه أشار المؤلف بقوله: "وبياض قد ألف" أى عهد فى المساقاة ومن فروع يسارة الثلث أيضا، ولم يذكره المؤلف، استثناء المحبس من حبسه وما يسكنه، أو ينتفع به حياته على لحوقه الحبس بعد موته بعقده الأول، فإنه يجوز أن كان ثلث قيمته فأقل، وعاينت البينة ما لم يستثنه خاليا من متاعه، فإن كان أكثر بطل جميعه، فإن كان باقىه لصغير ولده، وإن كان لغيره صبح إن حيز عنه، وإن لم يلحق به بعقده وأبقاه على أن يلحقه به بعد وفاته فهو وصية بتحبيسه /89 - أ،. قوله: "فى أذن أضحاة تردد عرف" أى تردد عرف فى كون ثلث الإذن من حيز اليسير فيغتفر أو من حيز الكثير فلا تجزئ معه وقد مر ذلك في الذنب. الباجي:

الصحيح أن ذهاب ثلث الأذن يسير، وذهاب ثلث الذنب كثير، لأن الذنب لحم وعصب والأذن طرف جلد لا يكاد يستضر به، لكن ينقص الجمال كثيره انتهى. قلت: ولعل المؤلف جزم أولا بثلث الذنب بأنه كثير نظرا إلى قول الباجى. قوله: "كحلية" أى كما تردد فى ثلث الحلية هل يسير أو كثير، وهذا إشارة إلى المحلى بأحد النقدين يباع بصنفه أو بغير صنفه حيث تشترط التبعية، وكذا المحلى بهما كالسيف ونحوه يحلى بأحد النقدين، أو بهما، فقد اختلف فى التبع، فقيل: الثلث، وقيل: دونه. وقيل النصف. قوله: "والحوز" إشارة إلى مسألة من حبس دارا، أو دورا، وهو فى بعضها وحيز الباقى فقال ابن القاسم: ما حيز لزم. وقيل: إن كان كثيرا لزم الجميع وإلا فلا. وفى المدونة: من حبس على صغار ولده دارا، أو دورا، أو وهبها لهم، أو تصدق بها عليهم فذلك جائز وحوزه لهم حوز، إلا أن يكون ساكنها كلها أو جلها حتى مات فيبطل جميعها وتورث على فرائض الله، وأما الدار الكبيرة ذات المساكن سكن أقلها وأكرى لهم باقيها فذلك نافذ فيما سكن ومما لم يسكن.

اللخمي: وإن سكن النصف وحاز النصف بطل ما سكن وصح ما لم يسكن ونسبه لابن القاسم وأشهب، فجعل القليل دون النصف والكثير ما فوقه. وفى الواضحة: القليل ما دون الثلث. وفى الموازية عن ابن القاسم وأشهب: إن سكن قدر الثلث، فأقل جاز الجميع. وفى المتيطة: إن سكن ثلث الحبس أو أقل نفذ الحبس فيما سكن وما لم يسكن وإن كان أكثر من الثلث لم يجز شئ من الحبس، ورد جميعه ميراثا هذا مذهب المدونة، وبه الحكم انتهى. ففهم أن الثلث على مذهب المدونة كثير، وهو خلاف ما قاله اللخمى. وطرر المؤلف بخطه على هذا من الأم بقوله: وفى كهبة لمحجوره انتهى. ولا يختص ذلك بالمحجور، وإن كانت فى المدونة /89 - ب مفروضة فيه، ولذا أطلق ابن الحاجب قوله: "والابار" أشار إلى من اشترى نخلا وقد أبر بعضها دون بعض، فإن تأبر الشطر فالمأبور للبائع، إلا أن يشترطه المبتاع [وإن أبر الأكثر حكم بحكمه للجميع] هذا قول مالك الذى عليه أكثر أهل المذهب.

وروي عنه أنه مثل ما لو تأبر الشطر وعلى الأول فالثلث يسير بل اليسير ما دون النصف وعلى الثانى فليس بيسير. قوله: "مسائل الزكاة" كما إذا اجتمع الضأن، والمعز فإن الزكاة من أكثرهما عند سحنون، ولابن القاسم تفصيل. وكالحلى منظوما بالجواهر إذا لم يكن نزعه إلا بضرر، وقيل: كالعرض، وقيل يتحرى، وقيل: يراعى الأكثر. وما يسقى من الزرع والثمار بالوجهين وتفاوتا، واجتماع عروض الإدارة والاحتكار، وتفاوتا أيضا. وقد تقدمت هذه المسائل فى قاعدة الاتباع هل تعطى حكم متبوعاتها أو حكم نفسها. قوله: "غرس جار" إشارة إلى مسألة ما إذا ثبت بعض الغرس فى المغارسة أو أطعم فأثبت أكثره فللغارس فيما ثبت وفيما لم يثبت وإن ثبت أقله فلا شئ للغارس فى الجميع. وقيل: له سهمه فى الثلث، وإن قل، وإذا أطعم بعض الغرس فإن كان أكثره سقط عنه العمل وإلا فلا، وله ما أطعم دون رب الأرض، وقيل: بينهما.

قوله: "تبرع المريض أو حجابى" أى إذا تبرع المريض بالثلث فأقل كما إذا وهبه أو تصدق به، أو عاوض بمحاباة فإن الزيادة تبرع، فهل يمضى تبرعه ولا كلام للورثة، أو يوقف إلى الموت لاحتمال أن يكون ذلك عند الموت جميع المال، أو أكثر من الثلث، أو الفرق بين أن يكون ماله مأمونا، كالربع والعقار فيمضى تبرعه وبين أن لا، فيوقف، أقوال، والثالث المشهور. قوله: "وما ضمن كالعرس" إشارة إلى ضمان الزوجة، فيجوز بالثلث، وما زاد عليه يسيرا كالدينار، ولا خلاف فى منعها فيما زاد على الثلث، إذا كان الغريم معسرا، وأما أن كان موسرا، فقال اللخمى: منعه ابن القاسم، وأجازه ابن الماجشون، وهو أشبه، لأن الغالب السلامة. وأتى بالكاف ليدخل المريض، أى وما ضمنه مثل العرس أى العرس وشبهه. أو /90 - أفاعل ضمن، ضمير المريض، أى وما ضمنه المريض كالعرس، أى كضمانها وبهذا فسر المؤلف فى طرة، ومذهب المدونة جواز كفالته بالثلث. وقال محمد: "حمالة" المريض جائزة ما لم يدخل على أهل دينه نقص بها، ولا يكون المحتمل عنه مليا، فإن كان مليا جازت بكل حال. وقال عبد الملك: إن كان الغريم مليا لزمته الكفالة بالثلث، وإن كان عديما بطلت ولم تكن فى الثلث إذا لم يرد بها الوصية. قوله: "كشين علما" إشارة إلى مثلة المرأة بعبدها، ولا خلاف أنها أن مثلت بعبد

قيمته الثلث أنه يعتق عليها من غير توقف على رضى الزوج، وكذا إذا زاد على الثلث ورضى الزوج، وإنما الخلاف إذا رده، والقول بأنه يتوقف على رضاه لسحنون وابن القاسم، ومقابله لأشهب ومنشأ الخلاف هل العتق بالمثلة حد من الحدود يوجب العتق مطلقا أو ليس كذلك؟ وينظر إلى من يجوز عتقه ابتداء فيعتق عليه، ولهذا اختلف فى العبد والمديان وإن مثل المريض، عتق فى ثلثه، وإن صح ففى رأس ماله، هكذا قال صاحب التوضيح. وانظر ما الفرق بينه وبين الزوجة، وما ذكره المؤلف من الآبار وما بعده لم يختلف فيه من حيث حد اليسير فالتردد فيه غير التردد فيما قبله وإنما اختلف فيه من حيث إنه الأقل هل يعطى حكم الأكثر أو حكم نفسه عدا تبرع المريض وضمان الزوجة، فالخلاف فيهما من وجه آخر، فكان اللائق بالمؤلف أن لا يذكر ذلك، إذ ليس من القاعدة، نعم هو مناسب لمسائل الفصل فى الجملة ولعله ذكره لذلك، والله أعلم. ومسائل الزكاة، وغرس، وتبرع المريض يصح فيه الخفض، وهو الظاهر عطفا على ما قبلها، أو غرس وتبرع معطوفان على الزكاة، فتدخلان تحت مسائله ويصح الرفع على الابتداء، والخبر محذوف، أى مسائل الزكاة وغرس جار فى العوائد وتبرع المريض - إلى آخره -. ومنه: أى من التردد، أى محله، أو من صوره وضبطها المؤلف بالوجهين وعطف

حابى على ما قبله، لأن التقدير وإن تبرع المريض أى حابى ويصح أن يكون /90 ب تبرع ماضيا، ومن نزر الثلث أيضا استثناء المحبس من حبسه ما يسكنه، أو ينتفع به حياته على لحوقه بالحبس بعد موته بعقده الأول، فإنه يجوز إن كان ثلث قيمته فأقل وعاينت البينة ما لم يستثنه خاليا عن متاعه، فإن كان أكثر بطل جميعه إن كان باقيه لصغير ولده، وإن كان لغيره صح إن حيز عنه، وإن لم يلحق بعقده الأول وأبقاه على أن يلحقه به بعد وفاته فهو وصية بتحبيسه. قال القاضى أبو عبد الله المقرى: قاعدة: الثلث عند مالك آخر حد اليسير، وأول حد الكثير فكل ما دونه يسير، وكل ما فوقه كثير، وهو قد يكون يسيرا كما فى السيف اخلي، وقد يكون كثيرا كما فى الجائحة والمعاقلة وقد يختلف فيه كالدار تكرى وفيها شجرة فإنه يشترط أن تكون ثمرتها تبعا، واختلف هل يبلغ بها الثالث، واعلم أن من المالكية من يقول: اختلف المذهب فى الثلث على قولين، منهم من يقول: أما ما كان أصله الجواز ومنعه لعلة كالوصية وعطية الزوجة فالثلث فيه يسير، وما كان أصله المنع كالحلية والثمرة ففيه قولان وذكر الباجى فى مسألة الحلية عن بعض البغداديين أن النصف قليل، لآية المزمل. ورواه ابن بشير باحتمال كون نصفه بدلا من الليل وما بعده يرده. ولمسألة الرد فى الدرهم، ورد بأن نصف الدرهم يسير فى نفسه، وقد تقدم الخلاف فى اعتبار اليسير بنفسه، أو بالنسبة، في الطهارة.

فصل يتعلق بمسائل من المديان، والتفليس والوكالة والغصب، والشفعة والقرض والقراض، والمساقاة، والجعل وتضمين الصناع

فصل هذا الفصل يتعلق بمسائل من المديان، والتفليس والوكالة والغصب، والشفعة والقرض والقراض، والمساقاة، والجعل وتضمين الصناع. [ص] 204 - هل قبض لملك قبض مالك كما فى فلس غزل، وشبه علما [ش] أى اختلف هل قبض الملك قبض المالك أم لا؟ بمعنى أن الأملاك هل هى قابضة على ملاكها أم لا؟ والصحيح الأول. وعليه الخلاف فى كون مكرى الدابة أحق بما حملت من المتاع أو لا؟. والخلاف فى كون مكرى الأرض أحق بزرعها /91 - أفى الموت، والفلس كالرهن أو فى الفلس فقط. وفى المقدمات: رب الإبل أولى بالمتاع، لأنه قابض له بكونه على ظهور دوابه، ولو أسلمها للمكترى وهو كرهن بيده ما لم ينقض الكراء، ويحرز المتاع ربه، وكذا السفينة. قوله: و"غزل" لعله أراد به الغزل يستأجر على نسجه فيتلف ببينة بعد النسج فتثبت الأجرة على ربه بناء على أن قبض الملك، وهو الغزل للصنعة المستأجر عليها وهو النسج كقبض المالك، وهو المستأجر أو لا؟ وهى مسألة صانع ثبت صنعه فى المصنوع وضاع، إلا أن هذا سيأتى فى قاعدة المصنوع هل يكون قابضا للصنعة أو لا؟ فغير أن قاعدة الملك أعم وأشمل من قاعدة المصنوع [إذ يدخل فيها فروع مكرى الدابة كما مر، ولا يدخل في

قاعدة المصنوع] هذا الذى كتبت أولا ثم رأيت بخط المؤلف تطريرا؟ وعليه التفليس ومن دفع غزلا لحائك ينسجه ويزيده غزلا سلفا فنسجه هل يكون شريكا أو له أجرة مثله، بخلاف الصانع يكون شريكا انتهى. يعنى مسألة حائك استؤجر لنسج غزل شقة على أن يزيد من عنده غزلا سلفا فكان ذلك فاسدا، فقيل: الشقة كلها للمستأجر، وعليه مثل غزل الأجير، وفسر به أبو محمد، وهذا بناء على النفى، وقيل: شريكان، وهذا بناء على الإثبات، كمسألة مستأجر صانع على تمويه سيف على أن يسلف من عنده، فقال أبو محمد: لا يجوز ذلك، ويكون لصاحب السيف، ويرد السيف، وعليه أجرة المثل بخلاف من استؤجر على صوغ خلخالين من مائة وخمسين يعطيه مائة، ويسلفه خمسين فإنهما شريكان. وتقرير كلام المؤلف، هل قبض ملك قبض مالك كما علم فى فلس وغزل وشبهه. [ص] 205 - هل حكم نسخ بالنزول يثبت ... أو بالوصول كوكيل ينعت [ش] أى النسخ هل يثبت حكمه بالنزول أو بالوصول؟ ويقال بالحصول، أو بالوصول ويقال بالنزول أو بالبلاغ؟ وعليه تصرف الوكيل بعد الموت أو العزل، وقبل علم الوكيل بذلك. وتجر عامل القراض بعد موت ربه وقبل علمه /91 - ب إذا خسر هل يضمن أو لا؟.

[وقدوم وال على آخر فى خطبة الجمعة ومن طرأ عليها علم الإعتاق فى الصلاة] وهى منكشفة الرأس بمعنى أنها عتقت قبل دخولها فى الصلاة، ولم تعلم حتى شرعت فيها وإذا وكلت وكيلين فزوجاها، فدخل الثانى ولم يعلم، فإن قلنا بالأول فللأول لانفساخ وكالة الثانى بالعقد، وان قلنا بالثانى فللثانى وهو المشهور لقضاء عمر ومعاوية من غير نكير، وإن كان إمضاء نكاح محصنة وفسخ عقد مسلم من غير موجب. وقال ابن عبد الحكم: السابق بالعقد أولى والبيع كذلك بمعنى بيع الوكيل ما وكل عليه، وبيع مالكه إياه أيضا، خلافا للمغيرة لعدم حرمته، والحق ردهما. قال القاضى أبو عبد الله المقرى: قاعدة: اختلف قول مالك فى الوكيل هل ينعزل بالموت والعزل، أو ببلوغها إليه، على الخلاف فى النسخ هل يتقرر حكمه بالنزول أو بالوصول، وإذا وكلت وكيلين فزوجاها فدخل الثانى ولم يعلم فإن قلنا بالأول فهى للأول لانفساخ وكالة الثانى بالعقد، وإن قلنا بالثانى فهو للثانى وهو المشهور لقضاء عمر، وإن كان إمضاء نكاح محصنة وفسخ عقد مسلم بغير موجب وكذلك البيع خلافا للمغيرة لعدم حرمته. والحق ردهما معا، كالشافعى وابن عبد الحكم انتهى. قال فى إيضاح المسالك: تنبيه: ليس الكراء كالبيع فى هذا، بل هو للأول على كل

حال، لأنه لا يدخل فى ضمان من قبضه، قال ابن دحون. وصححه ابن رشد فى رسم نذر، من سماع ابن القاسم من كتاب البضائع، والوكالات وإليه مال المازرى - رحمه الله - وعلله بأن ما يأتى من المنافع التى يطلب المكترى الأول أخذها لم تخلق، لم تقبض وبأن ضمان المنافع من رب الدار، وضمان السلعة المقبوضة فى البيع من قابضها. قال المازرى - رحمه الله -: لكن نزل هذا السؤال وأنا حاضر فى مجلس الشيخ أبى الحسن العروف باللخمى - رحمه الله -، فافتى بكون الساكن أولى وإن تأخر عقده، ورأى سكناه شبهة على ما يقتضيه المشهور من المذهب عنده وذكر /92 - أأن بعض أصحابه خالفه فى هذا لأجل ما ذكرناه من فقدان الضمان للمنافع بخلاف الأعيان التى تضمن بالقبض مع كون القبض لما يستحق من المنافع غير حاصل الآن. وذكر أن الشيخ أبا القاسم السيورى - رحمه الله -، ورد جوابه بموافقة ما ذهب اليه طردا لأصل المذهب، ورأى أن سكنى الساكن حيازة وقبض يوجب ترجيح جانبه لما ترجح بقبض الأعيان. قوله: "ينعت" أى يوصف بالتصرف بعد العزل، أو الموت. ولو قال بدل: هذا البيت: هل حكم نسخ بالنزول يجعل ... أو بالوصول كوكيل يعزل لكان أبين، والله تعالى أعلم. ص 206 - وهل تعين لجزء شاعا ... عليه حالف بعتق باعا

207 - كمستحق وزكاة أو غصب ... ومهر أو مرتهن كمن وهب 208 - جواب نفزى عليه جاءا ... بلا نعم فى قابض كراءا 209 - أو ثمنا لشطره وغيره ... غصب هل ينزع منه شطره [ش] أى الجزء المشاع هل يتعين أم لا؟ بمعنى أنه هل [يتميز أو لا يتميز فى الحكم]. وعليه من حلف بحرية شقص له فى عبد أن فعل كذا ثم با عشقصه من غير شريكه ثم اشترى شقص شريكه، ثم فعل ذلك هل يعتق عليه أم لا؟ وهو مذهب المدونة ومن باع نصف عبد يملك جميعه، ثم استحق نصفه هل يجرى الاستحقاق فيما بيع وفيما بقى، وهو مذهب المدونة أو إنما يقع الاستحقاق فى الباقى، والبيع منعقد فى النصف المبيع وهو مذهب أشهب، وسحنون، قال: وغيره خطأ. ومن غلب عليه الخوارج المتأولون فأخذوا زكاته، أو خراجه هل يؤخذ منه ثانيا أو يكفيه ذلك وهو مذهب المدونة. ووقع فى إيضاح المسالك ذكر الخوارج مطلقا والصواب تقييده بالمتأولين، كما للشارمساحى على المدونة. وفسر أبو الحسن الصغير الخوارج هنا بالخوارج الذين خرجوا على أهل السنة، قال الشارمساحى: هم من يدعى /92 - ب أنهم أولى بالإمامة لنسبه أو علمه، وهؤلاء متأولون. ومن غصب جزءا مشاعا هل يتعين ذلك الجزء بالغصب أو الغصب سرى على الجميع. ومن ساق إلى زوجه نصف أملاكه مشاعا ثم باع جزءا منها مشاعا، أفتى

ابن القطان: بأن البيع شائع فى الجميع، وأن للمرأة أن ترجع فى نصف المبيع مطلقا. وأفتى ابن عتاب: إن كان الذى باع الزوج على ملكه النصف فأقل فلا كلام لها إلا فى الشفعة وإن كان أكثر من النصف مثل أن بيع ثلاثة أرباع فلها الرجوع فى الزائد على نصف المبيع، وما كان فعلى الترتيب ومن ارتهن جزء مشاعا أو وهب له، أو تصدق به عليه ولم يرفع الراهن ولا الواهب ولا المتصدق يده هل يصح حوزه أم لا؟. قال فى إيضاح المسالك: تنبيه: على هذا الخلاف جاء جواب الشيخ أبى محمد ابن أبى زيد - رحمه الله وغفر له - قال فى غرائب الأحكام: سئل ابن أبى زيد عن دار بين رجلين مشاعة فعدا على أحدهما غاصب قاهر فغصبه نصيبه مشاعا هل للآخر أن يكرى نصيبه، أو يبيعه أو يقاسم فيه؟ فأجاب: أنه لا سبيل إلى القسم فيه ما دام الأمر ممتنعا من الأحكام وله أن يبيع نصيبه أو يكريه، وقد اختلف فى الكراء والثمن هل للمغصوب منه فيه مدخل؟ فقيل: إنه يدخل معه فيه، إذ لم يتميز نصيب المغصوب، وقيل: لا مدخل له معه إذ غرض الغاصب هذا دون هذا، وهذا أشبه بالقياس. قوله: "وهل تعين لجزء شاعا، عليه حالف" - البيت - أى وهل تعين ثابت لجزء شاع، فلجزء هو خبر تعين. عليه: أى على هذا الأصل بنى من حلف بعتق شقص له فى عبد إن فعل كذا فباعه لغير شريكه، ثم ابتاع شقص شريكه ثم فعل. قوله: "كمستحق" ضبطه المؤلف بفتح الحاء وكسرها، أى استحق نصف عبد بعد بيع نصفه، هل يجرى الاستحقاق فى الكل أم يختص بالباقى والبيع منعقد. قوله: "وزكاة، من غلب عليه الخوارج المتأولون فأخذوا زكاته، أو خراجه. قوله: "ومهر أو مرتهن كمن رهب" أى ورهن مشاع [أو مرتهن مشاع] /93 - أ

كمن وهب مشاعا. قوله: جواب نفزى عليه جاء بلا نعم» النفزى هو الشيخ أبو محمد بن أبى زيد نسب إلى نفزة قبيلة من البربر، وتنكيره للتعظيم، كقاضى فيما مر أى جواب النفزى على هذا الاختلاف جاء بلا نعم، أى حكى فى جوابه قولا بانه لاينزع منه شطره، وقولا بأنه ينزع. قوله: "لشطره" أى لنصفه أو أطلق الشطر على مطلق الحظ، وجملة، وغيره غصب، حالية، أى قبض كراء أو ثمنا لحظه والحالة إن غير شطره غصب وهو شطر شريكه. قوله: "هل ينزع منه شطره" أى هل ينزع من القابض شطر ما قبض من كراء أو ثمن، أى نصفه، أو هل ينزع منه حظ الغير المغصوب على أن المراد بالشطر مطلق الحظ. تنبيه: صاحب التوضيح: وكذا يصح رهن المشاع خلافا للحنفية وحكاه ابن عبد السلام رواية فى المذهب، وذكر المازرى عن أبى الطيب عبد المنعم أنه خرج قولا كمذهب الحنفية من قول من قال من أصحابنا: أن هبة المشاع لا تصح، المازرى: وهذا النقل الذى نقله، والتخريج الذى خرجه لم أسمعه من أحد من أشياخى؟ انتهى. ابن العربى: راهن المشاع جائز، وبه قال الشافعى وقال أبو حنيفة: لا يجوز وبنى المسألة على أصل واحد هو أن أن الشيوع لا ينافى الإقباض، وعنده ينافيه وقد ناقض فقال: إن هبة المشاع تصح مع أنها لا تلزم إلا بالإقباض وأخذ منه المقرى قاعدة فقال: الشياع عند

مالك ومحمد لا ينافى [الإقباض ولا يشترط فى الرهن الإفراز بل يصح رهن المشاع وقال النعمان ينافى] فيشترط فلا يصح واعترض بأنه أجاز هبة المشاع ولا تلزم عنده إلا بالإقباض. وقال أيضا: قاعدة: القسمة عند مالك، ومحمد ليست من تمام القبض فتصح هبة المشاع وعند النعمان من تمامه فيما ليس بمعاوضة، فلا تصح لأنها لا تتم إلا بالقبض بعد القسمة. [ص] 210 - هل يتعين الذى فى الذمة ... [ش] أى هل يتعين الذى فى الذمة أم لا؟ والذمة قال القرافي: معنى شرعى مقدار فى المكلف غير المحجور قابل للالتزام /93 ب فإذا التزم شيئا اختيارا لزمه. وتلزمه أروش الجنايات، وما أشبه ذلك قال: والذى يظهر لى، وأجزم به أن الذمة من خطاب الوضع ترجع إلى التقادير الشرعية [وهو إعطاء المعدوم حكم الموجود]. قال ابن الشاط: والأولى عندى أن الذمة قبول الإنسان شرعا للزوم الحقوق دون

التزامها، فعلى هذا تكون للصبى ذمة [لأنه تلزمه أروش الجنايات، وقيم المتلفات] وعلى أنه لا ذمة للصبى نقول الذمة قبول الإنسان شرعا للزوم الحقوق والتزامها. ابن عبد السلام: الذمة أمر تقديرى يفرضه الذهن وليس بذات ولا صفة لها. ابن عرفة: يريد بلزوم كون معنى قولنا إن قام (زيد) ونحوه ذمة. والصواب فى تعريفها، أنها ملك متمول كلى حاصل أو مقدر. قال: فخرج ما أمكن حصوله من نكاح أو ولاية أو وجوب حق فى قصاص، أو غيره مما ليس متمولا إذ لا يسمى ذلك فى العرف ذمة. الرصاع فى شرح الحدود: كان يعرض لى أنه إما أن يريد بالملك الشئ المتملك أو استحقاق متملكه وإنما المتملك ما فيها، وان أراد الثانى فكذلك، لأن الذمة ليست هى الاستحقاق، فصوابه، ذات ملك متمول كلى، لأن الملك مضاف لها أى ذات يضاف لها ملك، أى استحقاق تصرف فى متمول. وكلى مخرج لالجزء، وهى القابلة للإلزام والالتزام، والله أعلم بمقصده. أو يقال: أطلق الملك على الحق، وفيه بحث. وأخرج بمتمول الأمور المتملكة غير المتمولة من حقوق [النكاح، ووجوب القصاص وولاية النكاح فى الإعطاء والجبر عليه، لأنها حقوق] غير مالية، وكذلك المتمول الكلى إما حاصل بالفعل أو بالإمكان، ومن لازم الذمة أن المتقرر فيها كلى لا جزئى وبنى عليه الفقهاء مسائل، وأن مصيبة ما كان فى الذمة من المدين حتى يقضيه صاحبه ولا يرد على عكسه قول الغير فى المدونة: إذا اشترى سلعة بدنانير غائبة، قال: يضمنها إذا

تلفت وعلقت بالذمة، فالذمة هنا ملك متمول جزئى لأن الدنانير معينة /94 - ألأنا نقول للغير كأنه ألقى التعيين فالذمة متمول كلى، فالحد يصدق عليه. قال ابن (القاسم) الضمان إنما هو مع شرطه لا فى غير ذلك، والحد يصدق عليهما معا، والله الموفق انتهى باختصار. القرافى: المعينات المشخصات لا تثبت فى الذمم، ولذلك ينفسخ عقد البيع باستحقاق المعين فيه، وإنما يثبت فى الذمة الكلى حتى يسقط بواحد منه، ولذلك إذا استحق رجع إلى مثله وخالفت المالكية فى ذلك فى النقود إذا عينت فإنها لا تتعين عندهم. ابن الشاط: والحق التعيين. وخالفت المالكية أيضا والحنفية فى الطلاق، والعتاق المعلقين بالتزويج والملك، فقالا بلزومهما، وليسا بمعينين، ولا مضمونين وخالفهما الشافعى وقال بعدم لزومهما. وعلى هذا الأصل براءة الغريم الذى أخذ منه دين لرجل آخر غصبا، وعدم براءته قولان لمتأخرى فقهاء تونس وعلى تعيينه أفتى ابن عرفة حين سئل عمن فى ذمته دينار ثمن ثوب، ودينار ثمن طعام لرجل واحد، هل يصح أخذ الطعام عن ثمن الثوب، ويكون مميزا بشخصه كما تميز بنوعه أو لا؟ قال: نعم، كقول المدونة فى عدم دخول أحد الشريكين على شريكه فيما اقتضى من دينهما مقسوما فى ذمة رجل قال بعض الشيوخ: لو استدل ابن عرفة فى هذه المسألة على التعيين بما قال معناه فى المدونة: وإذا اختلفا فى مقبوض، فقال الراهن: عن دين الرهن وقال المرتهن: عن غيره، وزع بعد أيمانهما على

الجهتين كالحمالة، لكان أبين فى الاستدلال على فتياه، إذ معنى ما فى المدونة أنهما لو اتفقا على جهة لعمل على ذلك. قال فى إيضاح المسالك: تنبيه: لم يحفظ القاضى الإمام أبو عثمان العقبانى - رحمه الله - خلافا فى أن ما فى الذمة لايتعين، فقال فى لباب اللباب فى مناظرته مع القباب: الدين يتعلق بالذمة، والغصب يتعلق بعين الشئ المغصوب، ولا مزاحمة بينهما، ولذلك لم يقل أحد أن من عليه دين يبرأ بغصب الغاصب ولو صرح الغاصب بأن يقول: إنما غصبت ذلك الدين، بل اينصرف الغصب إلى عين ما غصب، وييقى الدين فى الذمة انتهى. وما قاله /94 - ب العقبانى - رحمه الله - هو الذى يظهر من الفرق السابع والثمانين من قول شهاب الدين القرافى - رحمه الله - ومثله فى قواعد القاضى أبى عبد الله المقرى - رحمه الله - ولفظه: المعين لا يستقر فى الذمة، وما تقرر فى الذمة لا يكون معينا انتهى كلام الإيضاح. المقرى: قاعدة: المعين لا يستقر فى الذمة، وما تقرر فى الذمة لا يكون معينا فالأداء لا يتخلد فى الذمة، لأنه يحصر الأوصاف المعتبرة كالعقار، ويفسخ البيع والكراء باستحقاق المعين دون السلم، والمضمون، ومن شرط الانتقال أن يتعين بوقته بخلاف القضاء، والمعين لا يتأخر قبضه لما لا يضطر إليه بخلاف تأخر الطعام إذا غشيهما الليل إلى الغد عند مالك، ولذلك لا يسلم فيه ولا فى كل ما يتعين وأمكن الخروج عنه بكل معين من نوعه، والعين ما كان شخصا فى نفسه لايوجد من نوعه غيره. القرافى: الفرق السابع والثمانون بين قاعدة ما يثبت فى الذمة، وبين قاعدة ما لا يثبت

فيها: اعلم أن المعينات الشخصية فى الخارج المرئية بالحس لا تثبت فى الذم، ولذلك أن من اشترى سلعة معينة فاستحقت انفسخ العقد ولو ورد العقد على ما فى الذمة كما فى السلام فأعطاه ذلك، وعينه فظهر ذلك المعين مستحقا رجع إلى غيره، لأنه [فى الذمة، وقد بينا أن ما فى الذمة لم يخرج منها]. وكذلك إذا استأجر دابة معينة للحمل أو غيره فاستحقت أو ماتت انفسخ العقد، ولو استأجر منه حمل هذا المتاع من غير تعيين دابة أو على أن يركبه إلى مكة من غير تعيين مركوب معين فعين له لجميع ذلك دابة، معينة للحمل ولركوبه فعطبت أو استحقت رجع يطالبه بغيرها، لأن المعقود عليه غير معين فى الذمة فيجب عليه الخروج عنه بكل معين شاء، ويظهر أنه كذلك فى قاعدة أخرى، فإن المطلوب متى كان فى الذمة فإن لمن هو عليه أن يتخير بين الأمثال أو يعطى أى مثل شاء، ولو عقد على معين من تلك الأمثال لم يكن له الانتقال عنه إلى غيره، فلو اكتال رطل زيت من خابية وعقد عليه لم يكن له أن يعطى غيره من الخابية وكذلك /95 - أإذا فرق صبرته صيعانا فعقد على صاع منها بعينه لم يكن له الانتقال عنه، إلى غيره من تلك الأمثال [ولو كان فى الذمة لكان له الخروج عنه بأى مثل شاء من تلك الأمثال] فهذا أيضا يوضح لك أى المعينات لا تثبت فى الذم، وأن ما فى الذمم لا يكون معينا، بل يتعلق الحكم فيه بالأمور الكلية والأجناس المشتركة، فيقبل ما يعين منه البدل، والمعين لا يقبل البدل والجمع بينهما محال، وهذا الفرق بين هاتين القاعدتين يظهر أثره فى المعاملات والصلوات، والزكوات فلا ينتقل الأداء

إلى الذمة إلا إذا خرج وقته، لأنه معين بوقته، والقضاء ليس له وقت معين يتغير حكمه بخروجه فهو فى الذمة والقاعدة أن من شرط الانتقال إلى الذمة تعذر المعين كالزكاة مثلا ما دامت معينة بوجود نصابها لا تكون فى الذمة، وإذا تلف النصاب بعذر لا يضمن نصيب الفقراء، ولا ينتقل الواجب إلى الذمة، وكذلك الصلاة إذا تعذر فيها الأداء بخروج وقتها لعذر لا يجب القضاء، وإن خرج لغير عذر ترتبت فى الذمة ووجب القضاء ولا يعتبر فى القضاء التمكن من الإيقاع أول الوقت خلافا للشافعى كما لا يعتبر فى ضمان الزكاة تأخر الجائحة عن الزرع أو الثمرة لعذر من الوجوب. وكما لو باع صبرة وتمكن من كيلها ثم تلفت الصبرة من غير البائع فإنه لا يخاطب بالتوفية من جهة أخرى، ولا ينتقل الصاع للذمة، ولذلك أجمعنا فى المسافر يقيم والمقيم يسافر على اعتبار الوقت. ابن الشاط على قوله: "بل يتعلق الحكم فيه بالأمور الكلية والأجناس المشتركة إن أراد الحكم يتعلق بالأمور الكلية [من حيث هى كلية فليس ذلك بصحيح وإن أراد أن الحكم يتعلق بالأمور الكلية] أى بواحد غير معين منهما فذلك صحيح. وقال على قوله: وهذا الفرق بين هاتين القاعدتين - إلى قوله - فهو فى الذمة. ما قاله هنا غير صحيح، فإنه لا فرق بين الأداء والقضاء فى كون كل واحد منهما فى الذمة، فإن الأفعال لا تتعين إلا بالوقوع، وكل فعل لم يقع لا يصح أن يكون معينا، وأما قوله: من أن /95 - ب الفعل المؤقت معين بوقته، لا يفيده المقصود فإنه إن كان معينا

بوقته أى وقته معين بمكانه، وسائر أحواله. وعلى قوله: والقاعدة أن من شرط الانتقال إلى الذمة - إلى قوله - ووجب القضاء تسويته بين الصلاة، والزكاة. ليست بصحيحة فإن الزكاة حق واجب فى المال المعين فالحق متعين، بمعنى أنه [جزء لمعين] وأما الصلاة فليست كذلك فإنها فعل، والأفعال لا تعين لها ما لم تقع. ثم قال القرافى فى إثر الكلام السابق: وهذا الفرق قد خالفته المالكية فى صورتين. إحداهما فى النقدين عندنا لا تتعين بالتعيين، وإنما تقع المعاملة بهما على الذمم وإن عينت إلا أن تختص بأمر يتعلق به الغرض كشبهة فى أحدهما، أو سكة تاريخية دون النقد الآخر، ولو غصب غاصب ديناراً معينا فله أن يعطى غيره مثله فى الحل ويمنع ربه من أخذ ذلك المعين المغصوب، وعلل ذلك أصحابنا بأن خصوصات الدنانير والدراهم لا تتغير بها الأغراض فسقط اعتبارها فى نظر الشرع، فإن صاحب الشرع إنما يعتبر ما فيه نظر صحيح، ولزمهم على ذلك سؤالان: أحدهما: أنه يلزم أن أعيان الدنانير والدراهم لا تملك أيضا، لأجل أن للغاصب المنع من المعين، وكذلك المشترى فى العقود، ولو كانت الخصوصات مملوكة لكان لصاحب المعين المطالبة بملكه، وأخذ المعين من الغاصب، والمشترى فلا يكون المملوك عندهم إلا الجنس الكلى دون الشخصى ومتى شخص من الجنس شيء لا يملك خصوصه ألبتة، وهو أمر شنيع.

وثانيهما: أنا اتفقنا على (أن) الصيعان المستوية، والأرطال المستوية من الزيت تملك أعيانها، وأنها تتعين بالتعين مع أن الأغراض مستوية فى تلك الأفراد فهى نقض عليهم. ولهم الجواب عن الأول: بالتزامه، والشناعة لا عبرة بها من غير دليل شرعى وقد تمسكوا بدليل صحيح، وهو أن الشرع لا يعتبر ما لا غرض فيه، وهذا كلام حق. وعن الثانى: الفرق بين النقدين وغيرهما فإنهما /96 - أوسائل لتحصيل الأغراض من السلع والمقاصد إنما هى السلع، وإذا كانت السلع مقاصد وقعت المشاحات فى تعييناتها، بخلاف الوسائل اجتمع فيها خستان: إحداهما: أنها وسائل. والثانية: عدم تعلق الأغراض بخلاف المقاصد فيها خسة واحدة، فظهر الفرق واندفع النقض. ابن الشاط: السؤالان واردان، والجواب عنهما ليس بصحيح. أما الأول: فلا خفاء ببطلانه، وكيف يسوغ لعاقل التزام ما لا يصح ولا يعقل وهل يشك أحد فى أن من ملك دينارا ملك عينه، وكيف يصح أن يملك الجنس الكلى وهو ذهنى عند مثبته ثم على قولنا فيه يلزم أن من ملك دينارا لم يملك عينه، ولا جنسه لبطلان القول به فيلزم أن من ملك دينارا أو غيره من النقود ولم يملك شيئا على هذا القول أو يقع الشك فى أنه ملك أو لم يملك عند من شك فى الأجناس، وهذا كله خروج عن المعقول لا شك فيه.

وأما الثاني: فلا أثر للفرق، لاحتمال أن يكون لصاحب ذلك العين غرض فيه وإن لم يكن ذلك الغرض من الأغراض المعتادة، فالصحيح تعين النقدين بالتعيين، ولزوم رد المغصوب منهما بعينه، إلا أن يفوت فيلزم البدل. القرافى أثر الكلام السابق: الصورة التى خالف فيها المالكية الفرق إذا كان له على رجل دين فأخذ منه ما يتأخر قبضه كدار يسكنها، أو ثمرة يتأخر جذاذها وعبد يستخدمه، أو نحو ذلك، قال ابن القاسم: لا يجوز ذلك لأنه فسخ دين فى دين لأن هذه الأمور لما كانت يتأخر قبضها أشبهت الدين، وفيها مفسدة الدين من جهة أن فيها المطالبة. وقال أشهب: يجوز ذلك، وليس هذا فسخ دين فى دين بل دين فى معين وعلى هذا المذهب يطرد الفرق، وإنما تحقق مخالفته فى القول الأول. ابن الشاط: ما قاله من أن مخالفة الفرق إنما هو فى الفرق الأول صحيح. [ص] ... هل ينقل الحكم بعيد نية 211 - تبدلت لا اليد كالوكيل ... تسلف المحوز فى التمثيل [ش] أى تبدل النية مع بقاء اليد على حالها هل يتبدل الحكم بتبدلها أم لا؟ وعليه /96 - ب بيع الوكيل من نفسه بثمن المثل، وقد مر وحبسه المال على موكله ولم يحركه وفى معناه المودع والملتقط والمقارض ينوى كل واحد منهم اختزال

ما بيده، ولا يفعل بالتضامن. وعليه أيضا لو أسلف الوصى اليتيم من عنده مالا، وقبض سلعة من سلع اليتيم من نفسه واعتقد بقاءها فى يده رهنا فيما أسلفه، فابن القاسم، لا يراه حوزا، لأنه لا يحوز وأشهب يراه حوزا، لأنه لا يحوز من نفسه لنفسه، ولم يحصل له إلا بنية تبدلت. وأشهب يراه حوزا إذا أشهد، وما أشبه ذلك، كصرف الوديعة، والرهن فإن قلنا بالتبدل جاز، لأنه قبض الآن لنفسه، وإن قلنا بنفيه امتنع للتأخير حتى يقبض لنفسه، وهو المشهور. وضمان السلعة المشتراة شراء فاسدا اذا هلكت بيد المشترى وقد كانت فى أمانته قبل وبيع الطعام المقبوض على تصديق المسلم إليه بخلاف بيع النقد، فإنه جائز، والقرض فإنه ممنوع. وكما إذا نوى بعد السنة تملك اللقطة فنقصت، فجاء ربها فله أخذها أو قيمتها قال القاضى أبو عبد الله المقرى: قاعدة: إذا تبدلت النية واليد على حالها هل يتبدل الحكم أو لا؟ قولان للمالكية، وعليهما القولان فى صرف الوديعة، فإن قلنا بالتبدل جاز، لأنه قبض الآن لنفسه، وإن قلنا بنفيه امتنع للتأخير حتى يقبض لنفسه، فإن كانت حاضرة جاز على القولين، أو نقول: أن قلنا بالأول قدرنا كأنه تسلفها الآن ثم صارف وهذه طريقة الباجى إلا أن هذا يوجب المنع فى المصوغ إلا أن يحضر، وان قلنا بالثانى امتنع انتهى. وقد تقدم ذكر هذه القاعدة عند قول المؤلف: وهل يقدر كاثنين واحد لرجوعها

إليها، كقاعدة، هل تكون اليد الواحدة قابضة دافعة أو لا؟. ابن بشير: اختلاف المالكية فى اليد الواحدة هل تكون قابضة دافعة أو لا؟ هو الذى يعبر عنه أصحابنا باختلاف النية هل يؤثر مع بقاء اليد أو لا؟ وسيأتى الكلام على هذا الأصل إن شاء الله. وتقدير كلام المؤلف هل ينقل الحكم بعد نية تبدلت دون السيد كمسألة الوكيل ا 97 أوتسلف المال المحوز كائن فى التمثيل، أى من جملة فروع هذا الأصل. قوله: "لا اليد" عطف على فاعل تبدلت. [ص] 212 - هل شفعة بيع أو استحقاق ... عليه بذر من له إلحاق 213 - كتركها الوصى والأخذ نظر ... [ش] أى الشفعة هل هى بيع أو استحقاق؟ اختلفوا فيه، والمشهور الأول وعليه من ابتاع شقصا قد بذره البائع هل يدخل البذر فى الشفعة، وهو الأصح أم لا؟ وكذا إن بذره المبتاع ولم ينبت، فعلى أنها بيع فللشفيع، وعلى أنها استحقاق فللمبتاع. وتفصيل ذلك أن الأرض المبذورة تشفع، ولم ينبت بذرها، وكان الباذر البائع فعلى أن الشفعة من ناحية البيع فالبذر للشفيع على القول بالشفعة فى الزرع وعلى القول الذى يرى أن لا شفعة فى الزرع وهو المشهور لا يأخذ الأرض خاصة الشفيع بالشفعة حتى يبرز الزرع

إذ لا يصح للرجل أن يبيع أرضه ويستثنى البذر، وعلى أنها من ناحية الاستحقاق يأخذ الأرض خاصة بما ينوبها من الثمن، وان كان الباذر البائع شفع الشفيع الأرض بالثمن على أن الشفعة من ناحية الاستحقاق ويبقى البذر لباذره، وعلى أنها من ناحية البيع فلا يشفع إلا بعد بروز الزرع كما ذكر، وقيل: يأخذه مع الأرض بقيمته على الرجاء والخوف بمنزلة السقى والعلاج فى الثمرة وإن كان الباذر غيرهما من مكتر ونحوه بقى البذر لباذره وشفع الأرض بجميع الثمن من غير إشكال، وكذلك أن طرأ على الأرض والبذر قد نبت لا يخلو من الثلاثة الأحوال، غير أن الوجهين يستوى الحكم فيهما، وهو أن يكون البذر للمبتاع أو للأجنبى فيأخذ الشفيع فيهما الأرض دون الزرع بما ينوبها بجميع الثمن على القول الثانى الذى لا يرى الشفعة فى الزرع، وإن كان من البائع أخذها فقط بما ينوبها من الثمن، وقيل: أخذه معها بجميع الثمن بناء على الخلاف فى الشفعة فى الزرع. وأما إن طرأ الشفيع بعد أن يبس الزرع فلا شفعة فيه، ويأخذ الأرض بجميع الثمن /97 - ب إن كان البذر للمبتاع، أو لأجنبى، وإن كان البذر للبائع أخذ الأرض بجميع الثمن ونص فى البيان على أن المشهور من المذهب أن الشفعة تجرى مجرى البيع لا كالاستحقاق. وعليه الوصى إذا ترك الأخذ بالشفعة لمن إلى نظره، والأخذ نظر فلأبى عمران وهو ظاهر المدونة وهو نص فى المجموعة، أنه لا شفعة للمحجور إذا رشد لأنه لا يلزمه أن يتجر له فجعلها من ناحية البيع.

لابن فتوح، الأخذ بالشفعة فجعلها استحقاقا. وعليه أيضا من ابتاع شقصا من دار وعروض صفقة، والشقص جل الصفقة فهل للمبتاع رد العرض على البائع إذا أخذ الشفيع بالشفعة، لاستحقاق جل الصفقة، بناء على أنها استحقاق أو لا؟ لأنها بيع مبتدأ. وعليه أيضا هل يشفع قبل معرفة ما ينوب الشقص من الثمن أم لا؟ فعلى أنها بيع لا، وعلى أنها استحقاق نعم، وهذا اختيار اللخمى، والأول اختيار عبد الحق. وعليه لو اختلعت لزوجها بشقص هل للشفيع الشفعة قبل معرفة القيمة أم لا؟. وعليه من ابتاع دارا ثم استحق شقصا منها بعد أن نقضها المبتاع، وباع النقض هل يفوت النقض بالبيع أو يأخذ الشفيع الشفعة بما ينوبها من الثمن، أو لا تفوت الأنقاض بالبيع، وللشفيع أخذها بالشفعة من يد مشتريها من مشترى الدار الناقض لها فعلى أنها بيع تفوت الأنقاض بالبيع، وعلى أنها استحقاق لا تفوت بالبيع. قال فى إيضاح المسالك: تنبيه: قالوا: ولا يلزم المفلس أن يشفع وإن كان فى الأخذ بالشفعة ربح، لأنه تكسب وتجر، وهو غير لازم، ولأنه تلزمه العهدة بالشفعة، والجارى على أنها استحقاق اللزوم، فانظره. قوله: "عليه بذر" أى على هذا الأصل مسألة بذر الأرض، وقوله: "من له إلحاق" من استفهامية، والمعنى أى أحد له إلحاق البذر بماله الشفيع أو المبتاع، ويشبه أن تكون هذه الجملة بدلا من بذر كقوله:

إلى الله أشكو بالمدينة حاجة ... وبالشام أخرى كيف يلتقيان /98 - أ أى أشكو تعذر التقائهما، وكذلك التقدير هنا عليه من له إلحاق، أى عليه تعيين من له البذر أيشفع أم المبتاع. قوله: "كتركها الوصى الضمير للشافعة" والوصى فاعل المصدر، وهو ترك أضيف إلى المفعول وكمل بالفاعل [وجملة والأخذ نظر حال من الفاعل أو المفعول] ولو قال الولى بدل الوصى لكان أشمل. [ص] ... هل قسمة تمييزا أم بيع حضر 214 - فى قسم أضحاة ومعدن ... وما أشبه ذين من فروع علما [ش] أى القسمة هل هى تمييز حق أو بيع؟ وعليه قسم الورثة أضحية مورثهم أو انتفاعهم بها شركة وجواز قسمها رواية مطرف وابن الماجشون عن مالك، وعيسى عن ابن القاسم، ومنعه في كتاب محمد.

وعليه أيضا قسمة الشركة فيما ملكاه من معدن الذهب والفضة كيلا، فإن قلنا هى بيع من البيوع فيحاذر فيه الوقوع فى الربا فلا يجوز، لأنه قد يصفو لأحدهما أكثر مما يصفو للآخر، أو أقل، وإن قلنا بأنها تمييز حق فيتساهل فى ذلك. وكذا ينبنى على هذا الأصل أيضا ما أشبه ذلك كما إذا اقتسما ثمرا فى رءوس الشجر وأجيح ما أخذه أحدهما، فعلى أنها تمييز لا جائحة، وعلى أنها بيع يوضع فيه الجائحة وهو ظاهر قول ابن القاسم. وكما إذا اقتسما الأصول دون الثمر، ثم اقتسما الثمر فجاء ثمر هذا فى أصله هذا فعلى أنها تمييز السقى على صاحب الثمرة وهو قول سحنون وعلى أنها بيع السقى على صاحب الأصل، وهو ظاهر قول ابن القاسم فى المدونة ثم هذا الخلاف إنما هو فى قسمة الحكم والإجبار، وهى قسمة القرعة، وفى قسمة المراضاة بعد التعديل والتقويم، وأما المراضاة بغير تعديل وتقويم فلا خلاف فى كونها بيعا من البيوع. الشيخ أبو الحسن: واختلف فى الوجه الأول على ثلاثة أقوال: فقيل: انها تمييز حق. وقيل: إنها بيع من البيوع. والقول الثالث: الفرق بين قسمة القرعة بعد التعديل والتقويم، فتكون تمييز حق وبين قسمة مراضاة بعد التعديل والتقويم فتكون بيعا من البيوع.

قال /98 - ب بعض الشيوخ: وهذا هو الصواب. عياض: وهو تمييز حق على الصحيح من مذهبنا وأقوال أئمتنا، وإن كان أطلق عليها مالك أنها بيع، واضطرب فيها قول ابن القاسم، وسحنون ولا خلاف فى لزومها إذا وقعت على الوجه الصحيح. قال بعض الشيوخ: اختلف هل هى بيع أو تمييز حق ولا شك لذا ورثا فدانين فأخذ كل واحدد منهما فدانا أن نصف الفدان له بالأصل والنصف الآخر عوض عن النصف الذى له فى الفدان الآخر، فهل يغلب حكم المعاوضة فتكون بيعا أو لا، فتكون تمييز حق؟ الشيخ أبو الحسن: إذا نظرت إلى الجبر فيها أشبهت أن تكون تمييز حق وإن نظرت إلى المعاوضة أشبهت أن تكون بيعا انتهى. بعض الشيوخ: يظهر لى أن هذا الخلاف مبنى على الخلاف الذى فى تمييز الجزء المشاع فمن قال هى تمييز حق بناء على أن الجزء المشاع يتميز، ومن قال هى بيع بناء أنه لا تمييز. قوله: "صدر" أى وقع، فهى نعت لبيع وفى بعض النسخ حضر، وذلك قريب. قوله: "فى قسم أضحاة" متعلق بعلم أى علم هذا الأصل فى قسم أضحاة - إلى آخره -. قال القاضى أبو عبد الله المقرى: قاعدة: اختلف المالكية فى القسمة هل هى بيع أو تمييز حق فإذا اشترى أحد الورثة قدر ماله من الحلى وكتبه على نفسه وتفاصلوا فإن قلنا بالتمييز جاز، وإن قلنا بالبيع امتنع لتراخي المحاسبة.

قال في المدونة: ولأنه لو تلف بقية المال لرجع عليه المشترى فيما أخذ. [ص] 215 - هل تقبض اليد وتدفع معا ... وهل يكون قابضا ما صنعا 216 - كمال محجور لأول عرف ... للثان أجر صنع مصنوع تلف [ش] اشتمل كلامه على أصلين: الأول: اليد الواحدة هل تكون قابضة دافعة؟. وعليه مسألة الولى على محاجير ببيع طعام أحدهم من الآخر ثم يبيعه أيضا من آخر من غير قبض آخر حسى، فقد صارت يده قابضة دافعة. ابن الحاجب: ولا يقبض من نفسه لنفسه إلا من يتولى طرفى العقد كالأب فى ولديه /99 - أوالوصى فى يتيمه. ابن عبد السلام: وفى النفس شئ من جواز هذه المسألة ولا سيما والصحيح فى المذهب أن النهى عن بيع الطعام قبل قبضه متعبد به، وأصول المذهب تدل على جريان الخلاف فيها والأقرب منعها انتهى. وسلمه فى التوضيح وقال ابن عرفة: قوله: فى النفس من ذلك شيء، ليس كذلك لوضوح جريه على قوله فى المدونة: وإن اشتريت طعاما فأكلته لنفسك ورجل واقف على غير موعد فلا بأس أن تبيعه منه على كيلك، أو على تصديقك فى الكيل إن

لم يكن حاضرا ولم يكن بينكما فى ذلك موعد. قال ابن عرفة: فعلم المبتاع كيله بحضوره ودوام علمه بعد شرائه يتنزل منزلة كيله إياه بعد شرائه فيلزم مثله فى مسألتى الأب والوصى. ابن يونس: قال محمد: وروى أنه لا يأخذه بحضوره كيله ولا تصديقه فيه. قال فى المدونة فى الرهن: وليس للوصى أن يأخذ عروض اليتيم بما أسلفه رهنا إلا أن يكون تسلف لليتيم مالا من غيره أنفقه عليه، ولا يكون أحق بالرهن من الغرماء، لأنه حائز من نفسه لنفسه، وهو والغرماء فى ذلك سواء وعورضت بجواز حوزه من نفسه لنفسه إذا تصدق بدار على يتيمه. وأجاب أبو إبراهيم: بأنه فى مسألة الرهن حاز من نفسه لنفسه وفى مسألة الصدقة حاز من نفسه لغيره، وعلى هذا لو حاز من يتيم ليتيم آخر جاز وهو اختيار اللخمي، خلاف ما حكاه عبد الحق عن بعض شيوخه. قال عبد الحق: ولا تعارض مسألة الرهن هذه بما وقع فى المدونة، ولابن عم ونحوه تزويجها من نفسه بذلك وترضى وتولى الطرفين لأن هذا لابد فيه من رضاها فإن كان مجبرا فلابد من رضى الحاكم. ومن جملة ما يكون فيه الحق من نفسه لنفسه إذا ارتهن مستأجرا عنده أو مساقا فى يده أو دينا فى ذمته وقد مر أن هذه القاعدة ترجع إلى قاعدة اعتبار جهتى الواحد فيرجع اثنين وقد تقدمت فروعها.

قال القاضي أبو عبد الله المقرى: قاعدة: اختلف المالكية فى اليد الواحدة هل تكون دافعة قابضة /99 - ب أو لا؟ ابن بشير وهو الذى يعبر عنه أصحابنا باختلاف النية هل يؤثر مع اتحاد اليد أو لا؟ وعليه الخلاف فى بيع المقبوض على التصديق على ذلك. وعليه جواز اقتضاء طعام المسلم على تصديق المسلم إليه، بخلاف بيع النقد فإنه فيه جائز، والقرض فإنه ممنوع انتهى. قال بعض الشيوخ: فتأمله فهو الذى رد به ابن عرفة على ابن عبد السلام. وقال عز الدين فى قواعده: يقوم الواحد مقام الاثنين فى مسائل منها: بيع الأب من ابنه المحجور واشتراؤه منه. ومنها: من قدر على عين ما غصب، له أخذه، فقام مقام قابض ومقبض. ومنها: المضطر فى المخمصة إذا وجد طعام أجنبى أخذه، فقام مقام مقرض ومقترض. [ومنها: الملتقط يتملك اللقطة فقام مقام مقرض ومقترض]. ومنها: تملك الغانمين الغنيمة وأكلهم وعلف دوابهم. ومنها: تملك السارق ما سرقه من دار الحرب. ومنها: تملك الإمام بإرقاق رجال المشركين. قوله: "كمال محجور لأول عرف" الكاف اسم مبتدأ وخبره عرف، وبه يتعلق الأول أى مثل محجور عرف لأصل أول، ولو عرَّفه باللام منقول حركة الهمزة لكان أحسن ويحمل أن يكون مبنيا على الضم منوى المضاف إليه أى عرف لأول الأصلين السابقين، ويدل على هذا من نفسه، وتولى طرفى عقد النكاح وشبه ذلك.

الأصل الثاني: المصنوع هل يكون قابضا للصنعة وإن لم يقبضه ربه أو لا يستقل بقبض الصنعة إلا بقبض ربه. وعليه خلاف ابن المواز وابن القاسم فى وجوب الأجرة إذا ثبت ضياع المصنوع وهى مسألة تلف المصنوع عند الصانع المنتصب [بعد حصول الصنعة فيه هل على ربه الأجرة وهو قول ابن المواز بناء على أن المصنوع قابض] للصنعة، أو لا أجرة عليه وهو قول ابن القاسم، بناء على أن المصنوع لا يكون قابضا للصنعة /100 - أ. [ص] 217 - وهل على أمانة يخرج ما ... بذمة بالأمر كالذ أسلما 218 - وأمر الغريم بالكيل فضاع ... بعد بزعم كقراضه وباع [ش] أى الأمر هل يخرج ما بالذمة إلى الأمانة فيرتفع الضمان أم لا؟. ابن بشير: وهما على الخلاف المتقدم فى كون النية مؤثرة مع بقاء اليد، ويقال أيضا من أمر أن يخلى ذمته ويخرج إلى أمانته هل يبرأ بذلك أم لا؟ وعليه من قال لن اسلم اليه فى طعام: كله لى فى غرائرك، فقال: كلته وضاع ولم تقم بينة على الكيل ومذهب المدونة الضمان فإن قامت بينة أو صدقه فلا ضمان، ومن أمر أن يصرف دينا عليه ويعمل به قراضا وهو لا يجوز فإن فعل ثم ضاع، فعلى أن من أمر بالإخراج من الذمة إلى الأمانة لا يبرأ بذلك يلزم المقارض الضمان وهو

مذهب المدونة وعلى أنه يبرأ لا يلزمه ضمان وهو مذهب أشهب. وعورضت مسألة الغرائر المذكورة بقوله فى الوكالات: من أمر أن يشترى لؤلؤا ويدفع فقال: اشتريت وضاع، القول قوله والصحيح عند شيوخ المدونة أنه اختلاف قول إذ لا فرق بين عمارة الذمة وإخلائها. وفرق بعض القرويين بينهما بأن (الضياع فى) مسألة اللؤلؤ إنما هو فى عوض ما ترتب فى الذمة، وفى مسألة الغرائر الضياع فيما ترتب فى الذمة، ويوافق مسأله اللؤلؤ فى الحكم قوله فى كتاب الدور والأرضين: من اكترى دارا فأمر أن يسطح من كرائها، فقال: فعلت يصدق إن كانت مرة جديدة، ويوافقها أيضا قوله فى كراء الرواحل: من أمر بتبليغ كتاب فقال: فعلت: يصدق أن كان الأمر يبلغ فيه ويوافق مسألة الغرائر قوله فى البيوع الفاسدة: وإن أمرته أن يكيلها لك فى غرائرك، أو فى غرائره وأمرته أن يرفعها وفارقته، فزعم أنه فعل وأنها ضاعت، فإن صدقته فى الكيل، أو قامت له بينة صدق وإلا فلا. ومسألة القراض المذكورة تخالف مسألة اللؤلؤ، ومسألة كتاب الدور والأرضين المذكورة. قال فى المدونة فى مسألة القراض بدين على القارض (... .) إلا أن يقبضه منه ثم يعيده فجعل التهمة /100 - ب تزول بالقبض وإن عاده إليه بالقرب. ونحوه قوله في السلم

الأول: من له على رجل دين فقال له: أسلمه فى طعام لم يجز حتى يقبضه منه ثم يرده إليه وخلافهما قوله فى الصرف: من قبض من رجل دينا له عليه فلا يعده إليه مكانه سلما فى طعام أو غيره وفيه من أسلم إلى رجل دراهم ثم قضاه دينا له عليه بحدثان ذلك لم يجز. أبو الحسن الصغير: والفرق أنه فى مسألتى القراض والسلم أخرج من ذمة إلى أمانة وفى مسألتى الصرف من ذمة إلى ذمة، وقريب منه لأبى محمد اللولى وفى طرة من الأم بخط المؤلف على هذا المحل ومن فروع هذا مسألة عزل عشر زرع، وإنفاق كراء دار فى مرمتها، ومستأجر على تبليغ كتاب ومبتاع سلعة بثمن على أن يتجر به سنة انظر الزكاة والدور والرواحل والإجارات، ومن عليه دين فقال له ربه: ابتع لى عبداً به فقال له بعد: قد فعلت. ابن القاسم: يصدق، غيره: لا. انتهى. وتقدير كلام المؤلف وهل يخرج ما بذمة إلى أمانة بالأمر، كالذى أسلم فى طعام وأمر الغريم وهو المدين بالكيل فى الغرائر فضاع المكيل بعد، أى بعد الكيل بزعم من المدين أى لم تقم على الكيل بينة. قوله: "كقراضة، أى قراض الغريم الذى هو المدين، وباع أى عمل به. قال القاضى أبو عبد الله المقرى: قاعدة: اختلف المالكية فى الأمر هل يخرج ما في

الذمة إلى الأمانة فيرتفع الضمان أو لا؟. كمن أمره أن يصرف دينا له عليه ويعمل به قراضه، فهذا لا يجوز فإن فعل ثم ضاع فعلى القاعدة، وكمن قال لمن أسلم إليه فى طعام: كله فى غرائرك، فقال: كلته، ولم تقم بينة. [ص] 219 - وهل إلى صحيح أصله يرد ... أم نوعه ما استثنى الذى فسد [ش] يعنى وهل المستثنى الفاسد يرد إلى صحيح أصله أم إلى صحيح نوعه؟ فيه خلاف. وعليه القراض الفاسد هل يرد إلى إجارة المثل وهو صحيح أصله، لأن أصله الإجارة، وهو مروى عن مالك، وبه قال ابن حبيب وجماعة /101 - أخارج المذهب أو إلى قراض المثل [وهو صحيح نوعه] وهى رواية أشهب وقوله، وقول ابن الماجشون وسابع الأقوال لابن القاسم وهو المشهور وما فسد لزيادة أحدهما أو يشترط رب المال ما يخرج إلى نظره فأجرة المثل وما عداه كضمان المال، أو تأجيله فقراض المثل.

وكذا ينبني عليه المساقاة الفاسدة هل ترد إلى صحيح أصلها فيكون فيها إجارة المثل وهو الآتى على الأول فى القراض، أو إلى صحيح نوعه فيكون فيها مساقاة المثل وهو. الجارى على قول أصبغ. وفى المقدمات قول ثالث. ولابن القاسم إن خرجا عن معنى المساقاة كاشتراطه زيادة من عين أو عرض، فأجرة المثل، وإن لم يخرجا كمساقاته مع ثمر أطعم أو اشتراط عمل ربه أو مساقاة مع بيع صفقة، أو سنة بكذا وسنة بكذا، فمساقاة المثل. والقولان الأولان فى القراض الفاسد هما الجاريان على القياس، وباقى الأقوال السبعة استحسان، والحاصل أن صورة الفساد أن أبعدت العقد عن معنى القراض كثيرا رجع الأمر إلى الإجارة وألغى قصدهما إلى القراض، وان كان الخروج عن معنى القراض قريبا رد إلى قراض المثل، والاختلاف فى آحاد الصور اختلاف فى شهادة، وكذا المساقاة الفاسدة. ابن الحاجب: فى قرض الجارية فإن وطئ وجبت القيمة على المنصوص، وقيل: المثل، بناء على أن المستثنى الفاسد يرد إلى صحيح أصله أو صحيحه. ابن عبد السلام: أى هل يصح برده إلى الأصل المستثنى منه أورد إلى صحيح نفسه. ابن هارون: أى يرد إلى صحيح أصله وهو البيع الفاسد أو إلى صحيحه وهو القرض الصحيح. ابن عرفة: وحكى بعض من لقيناه أن الأشياخ بتونس كانوا يعبرون عن هذا فى إقرائهم - ومذاكرتهم هل يرد إلى فاسد أصله أو صحيح نفسه

قال: وكان بعض فقهاء اطرابلس ينقد عبارتهم هذه، ويقول: كيف يرد الفاسد لفاسد أصله فيصحح الفاسد بالفاسد. ابن عرفة: وكنت أجبته بأن قولهم ذلك على حذف مضاف /101 - ب دل السياق عليه تقديره إلى تصحيح فاسد أصله. والتصحيح به لو حمل الكلام عليه عندى أصوب من عبارة ابن الحاجب لتعذر صدق ظاهرها رده إلى نفس صحيح أصله وصحيح أصله إنما حكم إمضائه بالثمن المسمى، وهذا فى القرض الفاسد متعذر تصورا وتصديقا، فتأمله انتهى. قلت: وحاصله ميله إلى عبارة الأشياخ بتونس، وكذا خليل فى التوضيح قال: والصواب لو قال: إلى فاسد أصله أو إلى صحيح نفسه، لأن الواجب فى صحيح أصله الثمن لا القيمة صح منه. وما أورد على العبارة أجاب عنه ابن عرفة بما سبق. وكذا ينبنى عليه القرض الفاسد هل يرد إلى صحيح أصله وهو قول أصبغ، وهذا هو المشهور أو إلى صحيح نوعه وهو القرض فيجب المثل وهو اختيار ابن محرز. قال القاضى أبو عبد الله المقرى: قاعدة: كل أصل متقرر فى الشريعة جار على القياس فإن فاسد عقده يرد إلى صحيحه، فإن كان مستثنى عن الأصول وإنما أجيز رخصة فهل يرد إلى صحيح ذلك المستثنى إذا فسد أو إلى صحيح ما استثنى منه، قولان للمالكية نظرا إلى تقرر حكمه أو فوات المقصود منه كالقرض والقراض والجعل والمساقاة. وقال أيضا: قاعدة: إذا تأكدت أسباب الفساد فى المستثنى بطلت حقيقته فرد إلى صحيح أصله وإن لم تتأكد لم تبطل فيعتبر هذا مثال الفرق بين ما يرد إلى القراض

فصل في تقسيم الشروط

والمساقاة الفاسدين إلى إجارة المثل، وما يرد إلى قراض المثل ومساقاته وهو مشهور أقوال المالكية فيهما انتهى. وتقدير كلام المؤلف، وهل ما استثني، أعنى الذى فسد يرد إلى صحيح أصله أم إلى صحيح نوعه [كالقراض الفاسد، هل فيه قراض المثل، وهو رده إلى صحيح اصلى أو إجارة المثل، وهذا رده إلى صحيح نوعه] إذ القراض والمساقاة، والجعل مستثناة من الإجارة الممنوعة لما فى الأولين من جهل الإجارة، وفى الأخير من جهل العمل، وكالقرض فى العين والطعام لاستثنائه من /102 - أربا النسيئة فى العينين، والطعامين، والضمان يجعل فى العرضين إذ له رد العين ما لم يتغير وإن انتفع به وهو فى ضمانه. فصل أى في تقسيم الشروط، لكن لم يتبين وجه إدخاله فى هل الأصل قاعدتى الظن والشك، ونما ذكرهما القرى فى فصل الطهارة. [ص] 220 - هل شرط ما لا يقتضى الفسادا ... إن خالف الحكم اعتبارا قادا 221 - كرجعة نفى الرجوع واعتصار ... ونفيه ضمان رهان ومعار 222 - ونفيه وشهروا لا فى الذى ... خالف سنة العقود فاحتذى 223 - كمودع ضمن واكترا ... وشبه ذين وابن زرب رأى 224 - خلا تبرع بعيد العقد ... والزم القراض بعد القيد 225 - به ولابن بشير التزامه ... تلميذه نصيره حسامه 226 - وغيره أنكره ومنعا ... ولكلا الرأيين مبني سمعا

[ش] أي اشتراط ما يوجب الحكم خلافه مما لا يقتضى فسادا هل يعتبر أو لا وعليه اشتراط الرجعة فى الخلع، فقيل: بائن للعوض، وشرطه لا ينفع وهو مذهب المدونة. وقيل: رجعية للشرط، وهو عن مالك وسحنون ومن اشترط أن لا رجوع له فى الوصية فاللتونسى فى كتاب التدبير اعماله وللمتأخرين فى إعماله، ثالثها: يعمل فى الوصية بالعتق لا غير. ومن اشترط الاعتصار فى الصدقة، أو التزم عدمه فى الهبة فلابن الهندى والباجى فى وثائقه إعمال الشرط فى الصدقة، وقيل لا. ومن إشترط الضمان فيما لا يغاب عليه [من العوارى والرهان، ونفيه فيما يغاب عليه] منهما ففى المدونة إعمال شرط فى الرهن ويتخرج فيه قول بالضمان، ولمالك وكثير من أصحابه عدم إعماله [فى العارية ويتخرج فيها قول بإعماله. وعن ابن القاسم عدم إعمال شرط النفى فى الرهن وعن أشهب إعماله.

وعنهما إعماله فى العارية، ولابن شاس عنهما عدم إعماله]. ومن اشترط الضمان /102 - ب فى الوديعة والقراض والمستأجر، ومن اشترط أن - لا قيام بجائحة. قال فى إيضاح المسالك: تنبيه: نص الفقهاء - رضى الله تعالى عنهم - على أن التزام ما يخالف سنة العقود شرعا، من ضمان أو عدمه ساقط على المشهور كالوديعة على الضمان والاكتراء كذلك، وحمل القاضى محمد بن ييقى بن زرب - رحمه الله - ما قالوه على ما إذا كان الالتزام عند العقد، حتى يكون ذلك على الوجه المناقض للشرع، فيجب حينئذ أن يبقى الحكم تابعا للمشروع. قال ابن زرب: فلو تبرع بالضمان -[وطاع به بعد تمام الاكتراء لجاز ذلك، قيل له فيجب على هذا القول الضمان] فى مال القراض إذا طاع به قابضه بالتزام الضمان. فقال: إذا التزم الضمان طائعا بعد أن شرع فى العمل فما يبعد أن يلزمه. ونقل ابن عتاب عن شيخه أبى المطرف بن بشر: أنه أملى عقدًا بدفع الوصى مال السفيه قراضا إلى أجل على جزء معلوم، وأن العامل طاع بالتزام ضمان المال وغرمه وصحح ابن عتاب مذهبه فى ذلك، ونصره بحجج بسطها وأدلة قررها ومسائل استدل بها، وقال بقوله فيها، واعترض غيره من الشيوخ ذلك وأنكره، وقال التزامه غير جائز. وفى سماع ابن القاسم ما يشهد لصحة الاعتراض على ابن بشر وفى رسم الجواب

من سماع ابن القاسم ما يؤيد صحة قوله. انظر أحكام ابن سهل انتهى. قال القاضى أبو عبد الله المقرى: قاعدة: اشتراط ما يوجب الحكم خلافه هل يعتبر أو لا؟ اختلفوا فيه، كمن شرط الرجعة فى الخلع، فقيل بائن للعوض. وقيل: رجعية للشرط. قوله: "هل شرط ما لا يقتضى الفساد" - البيت - أى هل شرط ما ذكر قادا أعتبارا أم لا؟ أى استلزم اعتبارا أم لا؟. قوله ["واعتصار ونفيه" أى اعتصار الصدقة، ونفى اعتصار الهبة]. قوله "ضمان رهن ومعار ونفيه" أى ضمان ما لا يغاب عليه من الرهن والعارية ونفى الضمان فيما يغاب عليه منهما. قوله " وشهروا لا فى الذى خالف سنة العقود [فاحتذى كمودع ضمن واكترا أى" شهر الفقهاء عدم الاعتبار فى الشرط الذى خالف سنة العقود] فاتبعهم واقتد بهم، كالوديعة /103 - أأو الكراء على الضمان. قوله: "وابن زرب رأى خلا تبرع بعيد العقد" أى وابن زرب رأى عدم الاعداد إلا أن يتبرع بالشرط بعد العقد فإنه يعتبر. قوله "والزم القراض بعد القيد به، إشارة إلى قوله فى إيضاح المساللك: قيل له - إلى آخره أى والزم ابن زرب بعد أن قيد الاعتبار بالطوع بعد العقد الضمان فى مال القراض إذا طاع به قابضه. قوله: "ولابن بشر التزامه تلميذه نصره حسامه" أى ولأبى المطرف بن بشر شيخ ابن عتاب التزام ما ألزم ابن زرب من ضمان القراض إذا طاع به بعد العقد ولم يذكر المؤلف التزام ابن زرب بعد أن قيد الاعتبار لما الزمه، لكن إنما التزم ابن زرب جواز الطوع إذا طاع بعد الشروع، وهو ظاهر، لأن القراض لا يلزم بالقول على المشهور والطوع بعد العقد وقبل الشروع فى العمل كالشرط فتأمله. وتلميذه الذى نصر مذهبه هو ابن عتاب، وحسامه بدل

من تلميذه، أو من فاعل نصره، أو هو الفاعل، أى تلميذ ابن بشر نصر بن بشر حسامه، أى حسام ذلك التلميذ استعارة لابن عتاب لما بسط من الحجج وقرر من الأدلة التى هى لوضوجها وقوتها قاطعة للنزاع إذ الحسام السيف القاطع وعلى كونه هو الفاعل يكون مستعيرا للدليل الذى أقامه التلميذ. قوله: وغيره أنكره ومنعا، إشارة إلى قول إيضاح المساللك: واعترض غيره من الشيوخ ذلك وأنكره، أو قال التزامه غير جائز. قوله: "ولكلا الرأيين مبنى سمعا" أى ذكر أولا، وهو الأصل المتقدم، أو أراد بالمبنى ما مر من سماع ابن القاسم. [ص] 227 - هل شرط ما يوجبه الحكم منع ... كهبة وعدة وما نزع 228 - لأم ولدإن تزوجت ... [ش] قال القاضى أبو عبد الله المقرى: قاعدة: اختلف المالكية فى تأثير اشتراط ما يوجبه العقد فى الفساد، واستقرئ تأثيره من قوله فى المدونة: وإن باع سلعة بنصف دينار إلى أجل واشترط أن يأخذ به إذا حل الأجل دراهم لم يجز /103 - ب. قلت: والقاعدة المعروفة له فى المدونة أنه إنما ينظر إلى الأفعال لا إلى الأقوال ولذلك تلغى الدراهم التى ذكرها السمسار إذا كانت العادة أن البيع بالدنانير، أو اشتراط ذلك، وأما المسألة المتقدمة فوجهها أن جزء الدينار عنده ذهب فلا تتعين الدراهم، قبل الحكم، لإمكان أن يضرب ذلك الجزء كما فى زمننا فيتفق عليه، فالبيع عليه معلوم، وعلى صرفه مجهول، وان عين الدراهم فصرف مستأخر فليس من شرط ما يوجهه الحكم مطلقا، وبهذا يقع الجواب عمن قال: كيف تحكمون بجعل النقد فى الشورة ويمتع الزوج بذلك مع الزوجة، وهو لو شرط ذلك لم يصح، والقاعدة أن العرف كالشرط والغالب مقدم على الأصل، ومن ثم

قال عبد الحميد وغيره: لو كان الغالب التعامل على الفساد لكان القول قول مدعيه كما وقع لسحنون فى المغارسة وقيدوا بذلك، قوله فى المدونة: أن القول قول مدعى الصحة كما نزلوه على أن الاختلاف فى ذلك لا يؤدى إلى الاختلاف فى زيادة الثمن ونقصانه فإن ادعى فحكمه حكم الاختلاف فى قدر الثمن، قال المازري: قال المتأخرون: كل معنى يؤدى إلى الاختلاف فى الثمن فحكمه حكم الاختلاف فيه كالأجل وشرط الرهن، والحميل والخيار انتهى. قوله "كهبة" يعنى هبة الثواب وذلك ما إذا قال: أهبك بشرط الثواب أو على أن تثيبنى ولم يعين الثواب، فصححه ابن القاسم، ومنعه عبد الملك ولو عين الثواب كان بيعا وإن وهب وسكت، وعلم منه قصد الثواب جاز اتفاقا فإذا شرط الثواب ولم يعين فقد شرط ما يوجبه العقد أن لو سكت عنه. ووجه قول ابن القاسم: أن هبة الثواب مبنية على المكارمة، ولأن الشرط كالعرف ووجه قول عبد الملك أنه كبيع سلعة بقيمتها وذلك جهل بالثمن.

قال أبو عمرو بن الحاجب: وإذا صرح بالثواب فإن عينه فبيع وإن لم يعينه فصححه ابن القاسم، ومنعه بعضهم للجهل بالثمن ويدخل فى الهبة من وهب لولده الصغير واشترط /104 - أهو قبضه الصغير كرهه ابن القاسم، والحكم يوجب ذلك. قوله "وعدة" اشارة إلى بيع الدار فى عدة الوفاة [وذلك أنه لا يجوز للزوج بيع الدار فى عدة الطلاق أن كانت بالإقراء ويجوز أن كانت بالأشهر] للعلم بقدر العدة، ولذا يجوز فى المتوفى عنها إذا لم يقع شرط زوال الريبة، فإن بيعت وارتابت فهى أحق بالمقام، وللمشترى الخيار فى أن يرد أو يتماسك ويصبر إلى انقضاء العدة. وقال ابن القاسم فى العتبية: لا خيار له. وبه قال سحنون قال: لأنه كالذى دخل عليه، والبيع بشرط زوال الريبة فاسد خلافا لسحنون والحكم كان يوجب ذلك أعنى أنها تسكن إلى انقضاء العدة وزوال الرية، وهذه مسألة المؤلف. قال الشيخ بن عرفة: وقول ابن الحاجب: والبيع بشرط زوال الريبة فاسد خلافا لسحنون، لأنه دخل على العدة. قال الباجى: بناء على الخيار وإلا فلا أثر للشرط. ظاهره أن قول سحنون نص له، وليس كذلك، إنما هو تخريج للباجى على قول سحنون، كذا هو للباجي، وهو بناء على أن كل ما يقتضيه العقد يجوز شرطه وفيه بحث تقدم فى الصرف. قوله "وما نزع، لأم ولد أن تزوجت" هى من أوصى لأم ولده بألف على أن لا تتزوج، والحكم أنها أن تزوجت نزعت منها الألف وردت للورثة، ولم يراع سلف جر نفعا، ولو شرط أنها أن تزوجت نزعت، فسد، لأنه سلف جر نفعا، فجعل الشرط يفسد، وهي في الوصايا

الأول من المدونة. وفى طرة بخط المؤلف على قوله فى مختصر المنهج: هل لذى وفاق معتبر، أى شرط صاحب وفاق للحكم، بمعنى أن شرط ما يوجبه الحكم هل يعتبر أم لا؟ كشرط بقاء ذات عدة فى دار الميت على مشتريها طولها، وإيصاء بألف لأم ولد على أن لا تتزوج فترد للورثة إن تزوجت، ولم يراع نفع سلف بخلاف شرط الرد ونحو ذلك. قوله "لأم ولد" هو بسكون لام ولد لضرورة الوزن وهو بضم الواو وسكون اللام لغة. [ص] ... وهل ... يوفى بشرط لا يفيد أم بطل 229 - کثمر شيء نسله بعينه ... كضامن ومشتر بعينه /104 - ب 230 - والرهن بالتعيين فيها کالکرا ... کثيب بيعت فتلغى بکرا 231 - والعبد والوکيل إلا ليمين ... وشبهها تخريج لخمى يبين 232 - في الخلع الاختلاف مما ذکرا ... صححه نجل بشير ويرى 233 - غير به فائدة الخوف ... [ش] أى اشتراط ما لا يفيد هل يجب الوفاء به أم لا؟. وعليه إذا أراد من أسلم إليه فى ثمر حائط بعينه أو نسل حيوان بعينه أن يعطى الثمر والنسل من غيرهما على الصفة. وإذا باع على حميل بعينه غائب فلم يرض الحميل، ورضى المشترى أن يأتى بحميل مثل الأول، هل يلزم البائع قبوله، إذا كان مثله فى الثقة والوفاء وقلة اللدد أو لا. [وإذا باع بدنانير أو دراهم بعينها، فأراد المشترى أن يعطيه غيرها هل له ذلك أو لا؟].

وإذا باع على رهن يعينه غائب فهلك الرهن فى غيبته فهل للمبتاع أن يأتى برهن سواه ويلزمه البيع أو لا؟ وهو المشهور ومذهب المدونة فيهما أن لا وهما على القاعدة واشتراط المكرى داره على المكترى أن لا يسكن داره إلا بعدد معلوم فأراد المكترى الزيادة فى العدد فهل يمكن من ذلك أن لم يلحق صاحب الدار منه ضرر أم لا؟ ومن اشترى أمة على أنها ثيب فألفاها بكرا، أو عبدا أميا فألفاه كاتبا، أو جاهلا فألفاه عالما. وإذا وكله على البيع بعشرة فباع باثنى عشر أو قال: بع بنسيئة فباع بنقد، هل له الرد أم لا؟. المقرى: والحق أن لا رد للعادة إلا أن يتبين غرضه فى النسيئة ومن خالعته على ثلاث فطلق واحدة، والمذهب أن لا كلام لها، وصحح ابن بشير تخريج اللخمى الخلاف على القاعدة، واختار بعضهم أنه شرط يفيد تقية غلبة الشفاعة لها فى مراجعته على كراهة منها، هذا نص إيضاح المسالك، وعنى بالبعض المقرى وابن عبد السلام وعلل ابن الحاجب لزوم الخلع بأن مقصودها قد حصل يعني البينونة.

ونص اللخمي: وكذلك أن أعطته على أن يطلقها ثلاثا فطلقها واحدة، ينظر فإن كان عازما على طلاقها واحدة كان لها أن ترجع بجميع ما /105 - أأعطته لأنها لاثنتين أعطته، وإن كان راغبا فى إمساكها فأعطته على أن يطلقها ثلاثا جرت على قولين فيمن شرط شرطا لا ينفعه هل يوفى له به أم لا؟ ابن عبد السلام فى قوله جرت على قولين فى شرط ما لا يفيد: قد يقال فى هذا الوجه أنه من شرط ما يفيد لأنه أن كان راغبا فيها وهى كارهة كان مقصودها من إعطاء العوض البعد عنه على أتم الوجوه بحيث لا يبقى له فيها طلب وذلك إنما يحصل مع الثلاث، وأما الواحدة فقد يتوسل إلى مراجعتها بمن لا يمكنها رده، انتهى. [المقرى: ولقائل أن يقول أن هذا يفيد تقية غلبة الشفاعة، لها فى رجعته على كراهة منها] انتهى. وعليه أيضا تعيين الدنانير والدراهم بالتعيين وإليه أشار بقوله: "ومشتر بعينه" ويحتمل أن يكون ضمير بعينه عائدا على الضامن، فيكون إشارة إلى ما إذا اشترى على ضامن بعينه فلم يرض وحاصل الثلاثة أن من شرط عليه رهن بعينه أو ضامن بعينه أو نقد بعينه هل له أن يعطى غير المعين أم لا؟. قوله: "كثمر شئ نسله بعينه" ثمر بالثاء المثلثة وسكن ميمه لضرورة الوزن أى كثمر حايط بعينه يرجع للثاني، وحذف نظيره من الأول، أو بالكسر. وضمير نسله يرجع لشيء، لا يفيد كونه ذا ثمر لاستحالته عادة، أى نسل شيء آخر فهو من باب عندى درهم ونصفه. ومعنى بعينه بذاته بخلاف قوله "ومشتر بعينه" فإن المراد بالعين فيه النقد وهو الدنانير والدراهم.

قوله: "فيها" أى فى المسائل الثلاث، قوله "كثيب، يدخل تحت الكاف شراء أمة على أنها كافرة فتوجد مسلمة. قوله: "بكرا" وجدته فى بعض النسخ بكسر الكاف إتباعا للباء، وهذا يناسب القافية التى قبله، والسكون على الأصل. قوله: "إلا اليمين وشبهها" هو راجع إلى مسألة الثيب والعبد والوكيل وشبهها، أى إلا اليمين وشبه اليمين يعنى إلا أن يشترط الثيب وما بعدها ليمين حلفها: ألا يشترى بكرا أو عبدا كاتبا أو عالما أو أن لا يبيع إلا بعشرة لا أنقص /105 - ب أو أزيد أو أن لا يبيع إلا نسيئة، أو ما أشبه اليمين، كما إذا كان شيخا كبيرا لا يقدر على افتضاض البكر، وما أشبهه. قوله: "تخريج لخمى" - إلخ - يعنى أن اللخمى خرج من هذا الأصل وهو مراده بما ذكر الخلاف فى المختلعة تشترط على مخالعها أن يطلقها ثلاثا فطلقها واحدة، هل لها متكلم أم لا؟ والذهب لا متكلم لها. وصحح ابن بشير تخريج اللخمى قال المقرى: ولقائل أن يقول: أن هذا يفيد تقية غلبة الشفاعة لها فى مراجعته على كراهة منها. وقريب منه ما لابن عبد السلام. وإلى هذا أشار المؤلف بقوله: "ويرى غير به فائدة الخوف" أى وغير ابن بشير لم يصححه بل اعترضه بأن فى الخلع فائدة الخوف، أى فى شرطها فى الخلع فهو من شرط ما يفيد فلا يخرج على شرط ما لا يفيد، وتخريج مبتدأ.

وتنكير لخمي للتعظيم، ويبين، نعت للخمى أى للخمى ظاهر معروف بتحقيق الفقه وصحة النظر. وفى الخلع، متعلق بتخريج، والاختلاف مفعول تخريج، وبه يتعلق مما ذكر والخبر جملة صححه مجل بشير، أى تخريج اللخمى فى الخلع الاختلاف مما ذكر صححه ابن بشير، وغير اللخمى يرى فيه فائدة الخوف، ومثل مسألة الضمان المتقدمة إذا اشترط المتحمل له على حميل الوجه أن يحضر له غريمه ببلد سماه فأحضره بغيره من البلاد مما تأخذه فيه الأحكام، ولا مضرة تلحق المتحمل له فى أخذه هنالك يبرأ بذلك الحميل أم لا؟ اختلفوا فيه. وكذا اختلف فى اشتراط المتحمل له على الحميل إحضار الغريم ببلد تأخذه فيه الأحكام فخرب ذلك البلد وصار مما لا تأخذ فيه الأحكام فأحضر الحميل الغريم فى البلد هل يبرأ الحميل، لأنه وفى بما اشترط عليه أو لا يبرأ، لأن المقصود حين الاشتراط التمكن من أخذ الحق من الغريم وإذا صار البلد المشترط لا تجرى فيه الأحكام بطل المقصود بالحمالة فلا تسقط. قال الإمام أبو عبد الله المازرى - رحمه الله - أثر ذكره للخلاف فى مسألة البيع المتقدمة: إلا أن يعتل المشترى بأنه إنما اشترط كونها نصرانية لكونه أراد أن يزوج عبدا له نصرانيا منها، فإن هذا إذا علم منه صحة عذره كان /106 - أله الرد وكذلك إذا اعتذر بأنه سبقت منه يمين أن لا يملك مسلمة.

قال في إيضاح المسالك: تنبيه قيل للشيخ أبى بكر بن عبد الرحمن: أن النصرانية عند أهل صقلية أغلى ثمنا من المسلمة، فقال: إذا اشترط كونها نصرانية فوجدها مسلمة والأمر كذلك عندهم فإن له الرد، وأنا أستعظم أن أجعل الإسلام عيبا انتهى. قال القاضى أبو عبد الله المقرى: قاعدة: اختلفوا فى لزوم الوفاء بشرط ما لا يفيد كمن خالعته على ثلاث فطلق واحدة، والمذهب لا كلام لها، وصحح ابن بشير تخريج اللخمى على القاعدة، ولقائل أن يقول أن هذا يفيد تقية الشفاعة لها على مراجعته على كراهة منها. وقال أيضا: قاعدة: اختلفوا فى اعتبار شرط ما لا يفيد. وما يبنى عليه تعيين الدنانير والدراهم بالتعيين أو الدفع. ثالثها تتعين بتعيين الدافع، لأنه قد يعوزه وجود مثلها، والقابض تتساوى فى حقه فإن اختصت بحلية أو بمعنى يتعلق به غرض صحيح تعينت اتفاقا. وقال أيضا: قاعدة: اختلفوا فى الوفاء بشرط ما لا يفيد، ومما بنى عليه إذا وكله على البيع بعشرة فباع باثنى عشر، أو قال بع بنسيئة فباع نقدا هل له الرد أو لا؟ والحق أن لا رد للعادة إلا أن يتبين غرض فى النسيئة. وقال أيضا: قاعدة: التعيين لا يبطل الثمنية عند محمد، ولا يلحق الثمن بالمثمونات

فيتعين عنده بالتعيين وقال النعمان يطل ويلحق فلا يتعين. [ص] ... وهل ظن كمال كتحقق نقل 234 - فى كزكاة وقضا ... [ش] أى وهل ظن كمال كتحقق أم لا؟ بمعنى أنه اختلف فى ظن كمال العبادة وتمامها هل هو كتحقق ذلك، وتيقنه على قولين حكاهما اللخمى فى الصلاة. ابن الحاجب: ويبنى الظان على ظنه وقبله ابن راشد. ونازعه ابن عبد السلام فى ذلك ويشهد له، قول الباجى: مذهب مالك أنه لا يبنى إلا على اليقين، ومذهب أبى حنيفة البناء على الظن. وعلى هذا الأصل مسألة من ظن أنه أكمل صلاته هل تجزيه أم يزيد واحدة كالشك ومسألة من ظن /106 - ب أنه أخرج الزكاة هل تبرأ ذمته بذلك أم حتى يتقيد الإخراج ومسألة من ظن أنه قضى ما وجب عليه من رمضان وشبه ذلك كسائر مسائل الشك التى سنذكرها. قوله: "فى كزكاة" متعلق بنقل، أى نقل هذا الأصل فى زكاة وشبهها وقضاء، أو التقدير فى از كاة وقضاء وشبهها. [ص] ... والشك فى ... نقص وزيد كتحقق قفى 235 - فى ركعة شوط وفى الوضو خلاف ... وكربا وفى طلاق واختلاف

[ش] يعني أن الشك فى النقصان كتحققه وكذا الشك فى الزيادة كتحققها وينبنى على الأول مسألة من لم يدر ما صلى أثلاث ركعات أم أربعا؟ فأنه يأتى برابعة ويسجد بعد على المشهور. والحديث، الصحيح يشهد للشاذ، وهو قول ابن لبابة فلا ينبغى العدول عنه. ومسألة من شك فى بعض أشواط الطواف أو السعى فأنه يبنى على اليقين، ويأتى بما بقى. ومسألة من شك فى الثالثة فى الوضوء، وفى كراهة الإتيان بها قولان. وينبنى على الأصل الثانى - وهو أن الشك فى الزيادة كتحققها - مسألة الربا وهو قول الشيوخ: الشك فى التماثل كتحقق التفاضل فيما لا يجوز فيه التفاضل. ومسألة من لم يدر أطلق واحدة أو اثنتين، أو ثلاثا ففى المدونة لزوم الثلاث. وقيل واحدة رجعية.

وتقدير كلام المؤلف والشلك فى نقص كتحقق، وفى زيد كتحقق، قفى أى تبع ذلك فى ركعة - إلى آخره - والكاف الداخلة على كربا هى الفاصلة بين ما لكل قاعدة من القاعدتين، ولا أدرى لم يذكر المؤلف قاعدتى الظن والشك فى هذا الفصل وإنما ذكرهما المقرى فى فصل الطهارة وذلك هو المناسب، والله تعالى أعلم. قال فى إيضاح المسالك: الشك فى النقصان كتحققه، ومن ثم لو شك أصلى ثلاثا أم أربعا؟ أتى برابعة، أو شك فى بعض أشواط الطواف أو السعى، أو شك هل أتى بالثانية فى الوضوء أم لا؟ وفيها بين الشيوخ تنازع. وهل ظن الكمال كذلك أم لا؟ قولان وهى قاعدة /107 - أالذمة عامرة فلا تبرأ إلا بيقين. ومنها: الشك فى إخراج ما عليه من الزكاة، والكفارة والهدى، وقضاء رمضان والواجب غير العين بخلاف العين على المشهور. ومن شك فى قضاء ما عليه من الدين، وفى تحليف ربه إذ ذاك قولان، وعكس هذه القاعدة الشك فى الزيادة كتحققها. ومنها: الشك فى حصول التفاضل فى عقود الربا، والشك فى عدد الطلاق، ومذهب الكتاب لزوم الثلاث وقيل: واحدة رجعية بناء على أنه تحقق التحريم وحل الرجعية مشكوك أو تحقق ملك الثلاث وسقوط اثنتين مشكوك انتهى. وترتيبه أحسن من ترتيب المؤلف. قال القاضى أبو عبد الله المقرى: قاعدة: الظاهر من مذهب مالك أن المستنكح يلغى الشك ويرجع إلى الأصل، وقال المتأخرون من أصحابه يبنى على أول خاطريه، لكونه

فيه شبيها بالعقلاء، واعترض بأنه قد لا ينضبط لمن هذا شأنه فيرجع إلى الأصل، فليرجع إليه أولا. وأجيب بأنه أصل أقرب فيتقدم وفيه بحث. قاعدة: الشك فى أحد المتقابلين يوجب الشك فى الآخر. فالشك فى الحدث يوجب الشك فى الوضوء، وهو نقيض ظنه. هذا مستند الوجوب وهو المشهور من مذهب مالك ولا يعارضه الحديث: "إذا وجد أحدكم فى بطنه شيئا فأشكل عليه هل خرج منه شئ أو لا؟ فلا يخرجن من المسجد حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا" لأنه شك فى سبب حاضر لو كان لأدرك، فهو فى الحقيقة وهم. ألا ترى قوله فى الطريق الآخر (يخيل اليه أنه يجد الشيء فى الصلاة) وبه حملا على المستنكح. قاعدة: المعتبر فى الأسباب والبراءة وكل ما تترتب عليه الأحكام العلم، ولما تعذر أو تعسر فى أكثر ذلك أقيم الظن مقامه لقربه ولذلك سمى باسمه {فإن علمتموهن مؤمنات} وبقى الشك على أصل الإلغاء، إلا أن يدل دليل على ترتب حكم عليه كالنضح، فلا عبرة بالشك فى الحديث فى إيجاب الوضوء ولا يقطع استصحاب الإباحة المتقدمة هذا مذهب الشافعى واستحب مالك له الوضوء، وسفيان المراجعة /107 - ب بالشك في الطلاق،

وأما إتمام الصلاة فالمعتبر عند الشافعى والباجى اليقين وعند النعمان وابن الحاجب الظن. ولعل مراد ابن الحاجب الظن الغالب الذى تسكن إليه النفس ويطمئن به القلب، إذ هو المراد من اليقين هاهنا لا العلم الذى لا يحتمل النقيض، لأن الأصل فى الصلاة عمارة الذمة المتيقنة، والأصل أن لا يجزئ بالظن وفى الوضوء البراءة المتيقنة ولا ترتفع بالشك. قاعدة: اختلف العلماء هل ينقطع حكم الاستصحاب بالظن، وهو المحتار، أو لابد من اليقين؟ وهى فقهية أصولية. ونص الباجى فى الصلاة أن مذهب مالك هو [الأول ومذهب أبى حنيفة هو الثانى]. وحكاية ابن الحاجب تدل على أن مذهبهما واحد، قال: ويبنى الظان على ظنه والشاك على الاحتياط وقد يقال أن مذهب محمد الظن، والنعمان اليقين، من اختلافهما فى القرء. وللمالكية القولان، ويخرج عليه خلافهم فى المعتدة هل تحل بأول الدم الثالث أو حتى تستمر الحيضة وإتفقوا على إلغاء الشك وسقوط اعتباره مطلقا. أما الوهم فمحرم الاتباع رأسا، فإن غلب تعين دفاعه، ففى الاعتقاد بالتلفظ بالإيمان بالشئ الموسوس فيه وفى الأعمال بما تقدم، وبما فى معنى ذلك مما ذكره العلماء مما لسنا إليه.

فصل في العطايا وما يتعلق بها

قاعدة: الشك في الشرط يوجد الشك فى المشروط. ويبنى عليه الوضوء قال القرافى: ومن ثم جاز الدعاء بـ {ءاتنا ما وعدتنا} لأنه مشروط بحسن الخاتمة دون {لا تؤاخذنا أن نسينا أو أخطأنا} لا أن أريد بالنسيان الترك وبـ {ما لا طاقة} البلايا. قاعدة: إذا استند الشك إلى أصل كالحلف، وكان سالم الخاطر، أمر بالاحتياط وللمالكية فى وجوبه قولان، فإن لم يستند لم يجب على المعروف انتهى. ونقلنا هذه القاعدة لتعلقها بكلام المؤلف فى الجملة. فصل يعنى في العطايا وما يتعلق بها. [ص] 236 - وما بغير عوض ينتقل ... فحوزه حتما به يتكمل [ش] أى كل ما ينقل ملكه بغير عوض فلابد فيه من الحوز وبه يكون تمامه /108 - أكالهبة والصدقة والحبس، فلو مات المتبرع أو فلس قبل الحوز بطل التبرع، وفهم من قوله: "وبه يتكمل" أن العقد لازم قبل الحوز، وهو مذهب مالك - رحمه الله -. قال ابن سهل: الأشياء التى لا تتم إلا بالحوز، الحبس، والصدقة، والهبة والعمرى والعطية والنحلة والعرية والمنحة، والهدية والإسكان، والإرفاق والعدة والإخدام، والصلة

والحبا والرهن انتهى. فما عدا الرهن من هذه داخل فى ضابط المؤلف وبقى عليهما معا السلف. ولو قيل: كل عقد معروف يفتقر إلى الحوز، لشمل السلف، والرهن، يتبرع به بعد العقد، ويبقى ما انعقد عليه البيع ونحوه من الرهن واشترط فيه أن يكون أهلا للتبرع لأن الضمان قد يلزم منه تسليف الغريم ما فى ذمته. والسلف عقد معروف، فالنحلة مرادفة للعطية، والعمرى: هى هبة غلة الأصول طول حياة المعمر، أو مدة معلومة والمنحة هى هبة غلة الأصول. والإخدام: هبة خدمة العبيد والإرفاق: هو أن يرفق جاره بجدار أو سقى أو طريق، أو قاعة يبنى فيها ونحو ذلك ومن ألفاظ العطايا: الإفقار والإخبال فى الصحاح: أفقرت فلانا ناقتى، أى أعرته فقارها ليركبها وأخبلته المال، إذا أعرته ناقة لينتفع بلبنها ووبرها، أو فرسا يغزو عليها. ابن الحاجب فى الهبة: وشرط استقرارها لا لزومها الحوز، كالصدقة، ثم قال: والعارية والقرض كالهبة في الحوز.

خليل: يريد وكل معروف كالعارية والمنحة والعمرى، والسكنى، والحبس ابن عبد السلام: واختلف فى الكفالة، والمشهور أنها لا تفتقر إلى حيازة. ابن الحاجب: الضامن شرطه أهلية التبرع، فيصح ضمان الزوجة فى الثلث. خليل: على أن الضمان عند أهل المذهب يكفى فيه الالتزام ممن حصلت له أهليته ولا يشترطون فيه الحيازة من جانب الآخذ، كما يشترط فى غيره من أبواب المعروف. وهكذا فى المدونة ابن يونس؛ لأنها عطية للذى له الدين فلم تفتقر إلى القبض كحمل الصداق عن الزوج اللزوجة لا يبطل بموت الحامل، وحكى /108 - ب المازرى فى ذلك قولين فى المذهب: أحدهما: أن عدم الحوز فيها كعدم الحوز فى الهبات. والثانى: أنه بخلافها، لتعلق حق المتحمل له، صح، من التوضيح بعض الشيوخ: وتظهر ثمرة ذلك، أى ثمرة الخلاف فى الضمان هل يفتقر إلى حيازة أو لا؟ فى الضامن إذا تحمل بشئ لأحد، وهو فى موضع لا تناله الأحكام، أو صار ممن لا تجرى عليه أحكام الشرع لتجبره، فإذا به بعد ذلك انتقل إلى موضع تناله الأحكام، أو صار ممن تجرى عليه الأحكام، فإن القائل بأن الضمان يشترط فيه الحيازة لا يوجب على الضامن غرما والقائل بأن الضمان لا يشترط فيه الحيازة، وهو المشهور يوجب عليه الغرم. [ص] 237 - تقرير أو انشاء وفاق وارث ... [ش] أى إجازة الورثة هل هى تقرير أو إنشاء عطية.

وعليه إجازة الورثة الوصية للوارث أو الزائد على الثلث، فعلى التنفيذ لا يفتقر إلى حوز وعلى أنه ابتداء عطية فيفتقر إلى الحوز قبل الحجر وهو المشهور. وهى قاعدة المترقبات إذا وقعت هل يقدر وقوعها يوم الأسباب الذى اقتضت أحكامها: وإن تأخرت الأحكام عنها أم لا؟. وعليه بيع الخيار لذا مضى، كما مر تقريره، وتقدير كلام المؤلف، وفاق وارث تقرير أو إنشاء [ولابد من تقدير الاستفهام، وجوابه أى هل وفاق وارث تقرير أو إنشاء] أو وفاق وارث هل هو تقرير أو إنشاء فيه خلاف. قال فى إيضاح المسالك: تنبيه: نص أبو عمران على أن للغرماء منع المفلس من إجازة الوصية للوارث وبأكثر من الثلث ولم يحك فيه خلافا وهو بين على القول بأن الإجازة إنشاء عطية وهو المشهور، والجارى على أنه تقرير أن لا يمنعوه، والله أعلم انتهى. قال القاضى أبو عبد الله المقرى: قاعدة: اختلف المالكية فى إجازة الورثة أهى تنفيذ أم ابتداء عطية، وعليه الحوز. [ص] ... وملحق العقد كهو أو حادث 238 - فى ثمر مهر وصرف وسلم ... زرع وخلافة وشبه قد علم 239 - تنبيه اعلم أنهم لم يطردوا ... ذا الأصل فى شرط نكاح يبرد /109 أ 240 - والطبل والإنفاق والوظيف ... تطوع الشريك والتسليف 241 - ثنيا وإمتاع وطوع بعيوب ... أو نقده الثمن فى اللائي تؤب

242 - إلى جواز كخيار وكرا ... جعل وغائب وشبه قررا [ش] أى الملحقات بالعقود هل تعد كجزئها أو إنشاء ثان؟ أو يقال هل تعد كأنها مصاحبة لها أو شئ حادث مستقل بنفسه، فيه خلاف؟ وعليها فروع ومسائل. كالزيادة فى ثمن سلعة بعد العقد، وكاشتراء الثمرة بعد صلاحها، ثم الأصل هل فى الثمرة جائحة وهو المنصوص، أو لا تخريجا على الأصل، والقاعدة. وكالزيادة فى الطعام المسلم فيه، كمن أسلم فى مائة فزاده بعد العقد مائة، ففى المدونة: يجوز لكثرة الزيادة، وعده كالواقع فى العقد وعن سحنون: يمتنع، لأنه هدية مديان فجعله مستقلا. ابن الحاجب: والمزيد بعد الصرف كجزئه، وقيل كالهبة. وكمن أسلم فى مائة قفيز فزاده مثلها قبل الأجل، فإن ألحقناه جاز وهو مذهب المدونة وإن قطعناه امتنع، لأنه هدية مديان، وهو مذهب سحنون. ووجه مذهب المدونة بأنه رفع التهمة بالكثرة. وكابتياع خلفة القصيل والثمرة، والزرع، ومال العبد بعد الأصل والرقبة، والمشهور فى ذلك كله الجواز.

وكالزيادة في صداق المرأة بعد العقد، والمشهور أنها تبطل بموت الزوج قبل قبض الزوجة، وتتشطر بالطلاق. وكاشتراط ضمان المبيع الغائب على الصفة، عقب العقد على من ليس عليه من بائع أو - مبتاع حيث يجوز. وكما لو وجب الخيار للمبتاع بعد البت باعتبار تعلق الضمان، أمن البائع أم من المبتاع فيه قولان أصلهما ما أصِّل. قال فى إيضاح المسالك: تنبيه: لم يطردوا هذه القاعدة فى مسائل كثيرة كشرط النكاح ونفقة الربيب وبيع الدور المطبلة والأملاك الموظفة والأمتاع والثنيا وتسليف أحد الشريكين صاحبه بعد العقد والشروع أو تطوعه بزيادة فى العمل أو فى المال أو فيهما بعد والطوع بعيوب المبيع بعد العقد وينفذ /109 - ب الثمن فى الخيار والعهدة والمواضعة والمبيع الغائب على صفة صاحبه، وبيع الحيوان والعروض البعيدة الغيبية على الصفة، ومسائل الجعل والإجارة على حرازة زرع، واشتراط تأخير دابة معينة لتركب بعد شهر، وكراء الأرض غير المأمونة كأرض الأندلس والمغرب، وكذلك الجنات والأرحى، والأرض المبيعة على التكسير، ومقتضى القول بأن الملحق بالعقد يعد كجزئه، فساد هذه العقود كما هى إشارة صاحب التوضيح فى مسألة الشركة مقتضى ذلك القول أيضا دخول طرو البراءة، وأقوالها العديدة الشتى

في الطوع بعيوب المبيع. نعم أشار بعض أصحاب النوازل إلى عدم الزم فيها تخريجا على إسقاط الشيء قبل وجوبه، ومن نمطه فى المذهب المالكى كثير، وقد مر تقرير بعضه فى هذا الملخص، واستوفينا ما ورد من ذلك فى كتاب الطلاق، من كتابنا المترجم بالواعى لمسائل الأحكام والتداعى. تنبيه: فى صحة تخريج هذا الشيخ على إسقاط الشئ قبل وجوبه نظر، لأن المخرج هنا وهو الطوع بالعيوب تمنع أن يكون من باب إسقاط الشئ قبل وجوبه [بل هو من باب إسقاط الشئ بعد وجوبه] وقبل العلم به فهو أقوى فتأمله. وقد نحا القاضى أبو الوليد بن رشد - رحمه الله - إلى هذا المعنى فى نظيرة هذه والله أعلم انتهى. قال القاضى أبو عبد الله المقرى: قاعدة: اختلفوا فى الملحقات بالعقود هل تعد كجزئها أو كالهبة فاذا قال بعد الصرف استرخصت فزدنى، فزاده، فإن تحقق الإلحاق كأن يزيده خشية الفسخ أو لإصلاح العقد ففى انتقاضه قولان وإلا جاز، ولم يجب بدله أن كان معينا وإلا وجب، ولم ينقض الصرف، وهذه قاعدة إلحاق ما بعد العقود بها أو قطعه عنها. ثم اختلفوا هل تعد كالمقارن أو لا؟ فإذا قام برد الزائف فأرضاه، فقال سحنون: القيام كالرد. بناء على الثانى، والمشهور الصحة بناء على الأول، والمنصوص أنه لا يجوز تعجيل خرص العرية المشتراة هى به إلا أن ينعقد /110 - أالبيع على التأجيل ثم يتراضيا على التعجيل. وخرج الخلاف فى المستثنى على القاعدة وقال الشافعي: يجوز التناجز. وقال أيضا: قاعدة: الملحق بالعقد هل هو كالواقع معه فلا يفتقر إلى القبض أو لا

فيفتقر؟ قولان للمالكية. ثم قالوا: الزوج يرجع بنصف الزيادة بعد العقد. وهذا يدل على أنهم الحقوها بالصداق، أما الهبة للعقد فكسائر الهبات ولا يرجع بناصفها فى النكاح، لأن الطلاق من قبله وكان قادرا على التمادى. قوله: "فى ثمر" يحتمل أن يقرأ بالراء فيكون إشارة إلى شراء الثمرة بعد صلاحها، ثم الأصل هل فى الثمرة جائحة أم لا؟ ويحتمل أن يقرأ بالنون، وهو الذى رأيته فى نسختين إحداهما بخط المؤلف، والأخرى نسخت من مبيضة المؤلف، فيكون إشارة إلى الزيادة فى الثمن، كالهر والصرف، ويؤيده ما فى إيضاح المسالك ونصه: وكالزيادة فى الصرف وثمن السلعة وصداق المرأة بعد العقد. قوله: "أو نقده الثمن فى اللائى تؤب إلى الجواز" أى تطوعه بنقد الثمن فى السائل التى ترجع إلى الجواز، أى التى هى بصدد الفسخ وانحلال العقد. [ص] 243 - هل جملة الملك ببطلان أحق ... أو جهة أن دار بين ما سبق 244 - وذا كمضطر وجابر الجار ... وشركة الوقف وشبه جار [ش] أى الملك إذا دار بين أن يبطل جملة أو من وجه هل الثانى أولى؟ فيه خلاف. وعليه المضطر إلى الطعام إذا وجب عليه أكل طعام الغير ووجب رفع يد مالكه عنه هل تلزمه قيمة أم لا؟ وإجبار الجار على إرسال فضل مائه على جاره الذى أنهدمت بئره وله

زرع يخاف عليه. والثمن أقرب إلى الأصل، وأجمع بين القاعدتين. ومن ثم قال أشهب: لو قدر الربح قبل الحصول اجتمع تقديران، والتقدير على خلاف الأصل وإذا أدى عن غيره دينا صدق فى التبرع على الأصح. وإذا قال: أعتقتك على مال، وقال العبد بغير شئ فقال فى الكتاب: قول العبد. وقال أشهب: السيد، كما لو قال: أنت حر وعليك كذا بخلاف الزوجة. ولهذا رجح بيع الحبس والتعويض به عند القيام بضرر الشركة على إبطاله رأسا خلافا /110 - ب للخمى، وهما قولان معروفان [هذا نص إيضاح المسالك. قال القاضى أبو عبد الله المقرى: قاعدة: إذا دار الملك بين أن يبطل بالجملة أو من وجه فالثانى أولى، لأنه أقرب إلى الأصل، وللمالكية قولان: وعليهما المضطر إلى الطعام إذا وجب عليه أكل طعام الغير، ووجب رفع يد مالكه عنه هل تلزمه قيمته أو لا؟ وإذا أدَّى عن غيره دينا صدق فى التبرع على الأصح وإذا قال أعتقتك على مال. وقال العبد بغير شئ، فقال فى المدونة: قول العبد وقال أشهب: قول السيد، كما لو قال: أنت حر

وعليك مائة بخلاف الزوجة ولهذا رجحت بيع الحبس والتعويض به عند القيام بضرر الشركة على إبطاله رأسا وحكمت به خلافا للخمى، وهما قولان معروفان] للمالكية. قاعدة: مسألة الكتاب المتقدمة تدور على أصول: منها: القواعد المتقدمة ومنها: اجتماع الإقرار والدعوى كما مر أيضا، ومنها: اعتبار الكلام بآخره وهو أصل لا ينبغى أن يعدل عنه إلا لمانع منه وإلا سقط الاستثناء والشرط ونحوهما. فإذا قال هذه الجبة للك وبطانتها لى أو هذا الزيت لك والجرة لى لم يقبل، وخاتم فضة لى نسقا يقبل، وفى ثوب فى منديل قولان. وهذا كله مذهب مالك. قوله: "إن دار" أى الملك وما سبق بطلان جملته وذا بطلأنه من وجه فقط. [ص] 245 - هل يلزم الوفاء بالوعد، نعم ... ولا نعم بسبب أو أن لزم [ش] أى هل يلزم الوفاء بالعدة أم لا؟ أربعة أقوال: الأول: يلزم مطلقا وهو معنى قوله نعم، أى نعم يلزم. الثانى: لا يلزم مطلقا، وهو معنى قوله: لا، أى لا يلزم. الثالث: يلزم أن وقعت على سبب [وهو معنى قوله: نعم بسبب أي مع سبب.

الرابع: يلزم أن وقعت على سبباً ودخل فى ذلك السبب بخلاف غير الواردة عليه، وبخلاف أن لم يدخل فيه وهو معنى قوله: "أو أن لزم" يعنى السبب وذلك بوقوعه، والدخول فيه أى قيل نعم، وقيل لا، وقيل نعم /111 - أبسبب ووقع ذلك السبب. قال الشهاب فى فروقه: واعلم أن الفقهاء اختلفوا فى الوعد هل يجب الوفاء به شرعا أم لا؟ قال مالك: إذا سألك أن تهبه دينارا، فقلت: نعم، ثم بدا لك لا يلزمك، ولو كان افتراق (الغرماء) عن وعد وإشهاد لأجله لزمك لإبطالك مغرما بالتأخير. قال سحنون: الذى يلزم من الوعد اهدم دارك وأنا أسلفك ما تبنى به، أو اخرج إلى الحج وأنا أسلفك، أو اشتر سلعة أو تزوج امرأة وأنا أسلفك، لإنك أدخلته بوعدك فى ذلك، وأما مجرد الوعد فلا يلزم الوفاء به بل الوفاء به من مكارم الأخلاق. وقال أصبغ: يقضى عليك به تزوج الموعود أم لا؟ وكذلك أسلفنى لأشترى سلعة كذا لزمك تسبب فى ذلك أم لا؟ والذى لا يلزم من ذلك أن يعده من غير ذكر سبب، فيقول: أسلفنى كذا فيقول نعم كذلك قضى عمر بن عبد العزيز، وإن وعدت غريمك بتأخير الدين لزمك، لأن

إسقاط تأخير الحق سواء قلت له أؤخرك، أو أخرتك، وإذا أسلفته مدة تصلح لذلك انتهى واحتج القرافى فى فروقه، على وجوب الوفاء بالوعد: بقوله تعالى: {يا أيها الذين ءامنوا لم تقولون ما لا تفعلون * كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون} من حيث أن الوعد إذا أخلف قول لم يفعل، فيلزم أن يكون كذبا محرما، وأن يحرم إخلاف الوعد مطلقا. وبقوله صلى الله عليه وسلم فى علامة المنافق: "إذا وعد أخلف" فذكره فى سياق الذم دليل التحريم. وبما روى عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "وأى المؤمن واجب الوفاء به" ثم ذكر أيضا ما يستدل به على عدم الوفاء بحديث الموطأ. قال رجل لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أكذب لامرأتى؟ فقال عليه السلام: "لا خير فى الكذب" وقال: يا رسول الله أفأعدها، وأقول لها؟ فقال: "لا جناح عليك". منعه من الكذب المتعلق بالمستقبل فإن رضى النساء لا يحسن به، ونفى الجناح عن الوعد. وحديث أبى داود: "إذا وعد أحدكم أخاه وفى نيته أن يوفى فلم يوف فلا شئ عليه".

الشهاب: وجه الجمع بين الأدلة المتقدمة التى /111 - ب يقتضى بعضها الوفاء وبعضها عدم الوفاء أنه أن أدخله فى سبب يلزم بوعده لزمه كما قال مالك، واين القاسم وسحنون، أو وعده مقرونا بذكر السبب كما قاله أصبغ، لتأكد العزم على الدفع حينئذ ويحمل عدم اللزوم على خلاف ذلك، مع أنه قد قيل فى الآية أنها نزلت فى قوم كانوا يقولون جاهدنا وما جاهدوا، وفعلنا أنواعا من الخيرات وما فعلوا، ولا شك أن هذا محرم، لأنه كذب، ولأنه تسميع بطاعة الله تعالى، وكلاهما حرام ومعصية اتفاقا. وأما ذكر الإخلاف فى ذكر المنافق فمعناه أنه سجية [له ومقتضى حاله الإخلاف ومثل هذه السجية يحصل الذم بها، كما تقول سجية] تقتضى البخل والمنع فمن كانت صفته تحث على الخير مدح أو تحث على الشر ذم شرعا أو عرفا. وذكر الشهاب أيضا الاختلاف فى دخول الكذب فى الوعد والذى ظهر له أنه لا يوصف بواحد منهما أعنى المطابقة وعدمها، نعم وعد الله يوصف بالصدق كقوله تعالى: {وقالوا الحمد لله الذى صدقنا وعده}، "وعدكم وعد الحق} والأصل فى الاستعمال الحقيقة، وهذا، لأن الله تعالى يخبر عن معلوم فتجب مطابقته بخلاف واحد من البشر إذا ألزم نفسه أن يفعل مع تجويز أن يقع منه وأن لا يقع فلا تكون المطالبة وعدمها

معلومين ولا واقعين فانتفيا بالكلية وقت الإخبار. وقال القاضى أبو عبد الله المقرى: قاعدة: مشهور مذهب مالك أن العطايا تلزم بالقول وتتم بالقبض، والعدة لا تلزم إلا بالقبض، أو بالتعليق بما يدخل فى التصرف فى المال، أو بادخال الموعود فى عهدة، وقيل لا تلزم العطية إلا بالقبض، وتلزم العدة بالقول، فإذا قال: أن أعطيتنى من الألف الحال مائة أسقطت الباقى، أو أن عجلت حقى اليوم أو إلى شهر فلك وضيعة كذا لزم، فإن عجل إلا درهما أو زاد يسيرا على الأمر فقولان، على ما قارب الشئ. وقال شهاب الدين بن حجر بعد ذكر الخلاف فى وجوب الوفاء بالوعد: وخرج بعضهم الخلاف على أن الهبة هل تملك بالقبض أو قبله قال وقرأت بخط /112 - أوالدى فى إشكالات على الأذكار للنووى، ولم يذكر جوابا على الآية يعنى قوله تعالى: {كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون} وحديث: "آية المنافق" قال: والدلالة على الوجوب منها قوية فكيف حملوه على كراهة التنزيه مع الوعيد الشديد، وينظر هل يمكن أن يقال يحرم الإخلاف ولا يجب الوفاء أى يأثم بالإخلاف وإن كان لا يلزم وفاء ذلك انتهى كلام ابن حجر، فهو يشير إلى أنه يجب الوفاء بالوعد ولا يقضى به، وقريب منه للإمام أبى القاسم بن الشاط فقد قال على قول القرافي في

فصل في القمط والأكرية، والوديعة، والشفعة وبعض رزمة العبيد وما أشبه ذلك

الفرق الرابع عشر ومائتين: وثانيها أن إخلاف الوعد لا حرج فيه بل فيه الحرج بمقتضى ظواهر الشرع إلا حيث يتعذر الوفاء. وقال أيضا بقرب الكلام السابق: وإن لم يف مختارا فالظواهر المتظافرة قاضية بالحرج. [ص] ... فصل [ش] أى في القمط والأكرية، والوديعة، والشفعة وبعض رزمة العبيد وما أشبه ذلك. [ص] 246 - هل عادة كشاهد أو شاهدين ... زيد عدالة كذاك دون مين 247 - لأول كالقمط والوكاء ... والرهن والساكت والإرخاء 248 - كامراة تدمى وللثانى ورد ... نكاح أو شبه بأعدل وجد 249 - وقال بعضهم نكاح وطلاق ... جرح دماء وحدود وعتاق 250 - فى دم الحكم به تشترك ... [ش] ذكر أصلين: الأول: العادة هل هى [كالشاهد الواحد أو] كالشاهدين. الثاني: زيادة العدالة هل هى كشاهد واحد أو شاهدين. وعلى الأول، لزم اليمين لمن قضى له بالجدار للقمط والعقود، والطاقات ومغارز الخشب، ووجوه الحيطان. والقمط الجص الذى يلبس به الجدار، وقيل: هى العقود وهى معاقد الأركان ومن

عرف العفاص والوكاء فى اللقاطة، والوكاء الخيط الذى يلف على الصرة وهى العفاص. ومن شهد له الرهن فى الاختلاف فى قدر الدين ومن أنكح ابنه البالغ وهو ساكت حتى إذا فرغ أنكر بحدثان ذلك فاستحلف أنه لم يرض فنكل، فإن قلنا كالشاهد لزمه النكاح /112 - ب وعليه نصف الصداق، وإلا لم يزمه. ولزوم اليمين فى الرخاء الستر مع التنازع فى المسيس فالقول قول الزوجة فى خلوة الاهتداء، وفيما إذا كانت هى الزائرة، وفى يمينها قولان كمسألة تعلق المرأة بالرجل وهى تدمي، هل لها صداق أو لا صداق لها وان كان أشر من عبد الله الأزرق فى زمأنه، وعلى اللزوم ففى اليمين قولان على القاعدة. وكاليد مع مجرد الدعوى، أو مع تكافؤ البينات، ونكول المدعى عليه، ويبنى هذا أيضا على الخلاف فى النكول هل هو كالإقرار أو لا؟. قال القاضى أبو عبد الله المقري: قاعدة: اختلفوا فى العادة هل هى كالشاهد، أو كالشاهدين، فإذا أنكح ابنه البالغ وهو ساكت حتى إذا فرغ أنكر بحدثان ذلك واستحلف

أنه لم يرض فكل، فإن قلنا كالشاهد لزمه النكاح وكان عليه نصف الصداق وإلا لم يلزمه. وبنى هذا الخلاف على القاعدة، فوق هذه أيضا. ومن هذه لزوم اليمين لمن قضى له من الزوجين بما يعرف أنه للنساء، أو للرجال أما القضاء للرجال بما يعرف لهما فلابد فيه من اليمين عندى، لأنه بالأصل لا بالعادة والقياس أنه بينهما بأيمأنهما انتهى. والقاعدة التى فوق هذه هى: قاعدة النكول هل هو كالإقرار أو لا؟ قال: قاعدة اختلفوا فى النكول هل هو كالإقرار أو لا؟ فإذا وكله على أن ينكحه بألف فأنكحه بألفين وأنكر التعدى فأحلفت المرأة الزوج، فنكل وغرم الألفين، فإن قلنا بالأول لم يكن له أن يحلف الوكيل، وبالثانى أحلفه، وقيل: النظر فى يمين الزوج فون كانت على تصحيح قول مجردا فنكوله إقرار، وإن كانت عليه وعلى إبطال قول المنكر فله أن يحلفه. وقال أيضا: قاعدة: العادة عند مالك كالشرط تقييد المطلق وتخصص العام وخالفه غيره، فإن ناقضت أصلا شرعيا كغلبة الفساد مع أصل الصحة فقولان وقد تختلف فيختلف لذلك ككفاءه المولى والعبد والفقير لاختلاف الأقاليم فى كونه معرة أم لا انتهى. وعلى هذا الأصل الثانى: القضاء بالأعدل فى النكاح وذلك فى قيام /113 أبينتى رجلين فى نكاح امرأة، وكانت إحداهما أعدل فالشهور إلغاؤه خلافاً لسحنون

على الأصل وكذا ما يشبه ذلك كما ليس بمال. وكالبيع إذا اختلف المتبايعان فى الثمن وأقاما بينتين قضى بأعدلهما وفى اليمين معه قولان على الأصل انتهى. قاعدة فى فتح البارى للعلامة الحافظ شهاب الدين ابن حجر فى كلامه على باب من أجرى أمر الأمصار على ما يتعارفون بينهم فى البيوع والإجارة والكيل والوزن: قال القاضى الحسين من الشافعية: بأن الرجوع إلى العرف إحدى القواعد الخمس التى ينبنى عليها الفقه، فمنها: الرجوع إلى العرف فى معرفة أسباب الأحكام من الصفات الإضافية كصغر ضبة الفضة وكبرها، وغالب الكثافة فى اللحية ونادرها، وقرب منزلة وبعدها وكثرة فعل، أو كلام وقلته فى الصلاة ولمن مثل، ومهر مثل وكفاء نكاح ومؤنة وكسوة وسكنى وما يليق بحال الشخص من ذلك. ومنها: الرجوع إليه فى المقادير كالحيض والطهر وأكثر مدة الحمل وسن اليائس. ومنها: الرجوع إليه فى فعل غير منضبط ترتبت عليه الأحكام كإحياء الموات والإذن فى الضيافة ودخول بيت قريب، وتبسط مع صديق وما يعد قبضا وإيداعا وهدية وغصبا وحفظ وديعة وانتفاعا بعارية.

ومنها: الرجوع إليه فى أمر مخصص كألفاظ الإيمان، وفى الوقف، والوصية والتفويض ومقادير المكاييل والموازين والنقود وغير ذلك انتهى. والأربع الباقية من مبنى الفقه: أن اليقين لا يرفع بالشك والضرر يزال والمشقة تجلب التيسير والأمور بمقاصدها. قوله: "وقال بعضهم" - إلى آخره - هذا البعض هو ابن الهندى، وفى بعض النسخ قال الموثق، ونكاح مبتدأ، وتشترك هو الخبر وبه أى بالأعدل، أى هذه الستة تشترك فى عدم الحكم بالأعدل، وأراد بالدماء والجرح، دماء العمد وجرحه، وبالحدود حدود الزنا والقذف والشرب والسرقة والحرابة، وهذا الذى ذكر مبنى على المشهور أن زيادة العدالة /113 ب إنما تقوم مقام الشاهد الواحد غير أن ما ذكره فى جرح العمد مبنى على أنه لا يقتص فى الجراح بالشاهد واليمين وهو خلاف المشهور. قال القاضى أبو عبد الله المقرى: قاعدة: ترجيح إحدى البينتين بمزيد العدالة قيل: يسقط الأخرى فيجرى فى كل شيء، وقيل: يؤدى إلى ظن ضعيف لا يستقل به أمر فلا يعتبر فى شئ، وهذان وجها القولين فى سماع الترجيح، أو عدم سماعه وهى قاعدة أصولية مختلف فيها، وإن زعم الفخر أن العمل بالراجح واجب بالإجماع واختلف النظائر في

سماعه، فكل من قبل العبيدى سمعه وأما المبرز فأبى ذلك لأنه خارج عن المنع والمعارضة. وقيل فى ترجيح إحدى البينتين: أنه يؤدى إلى ظن يكون كقيام شاهد فيعتبر فى البيع مثلا دون النكاح، وهو مشهور مذهب مالك، ويلزمه الترجيح بالعدد والمشهور نفيه. [ص] ... وهل تربى الأرض أم تستهلك [ش] أى الأرض هل هى مستهلكة أم مربية؟. وعليه كراؤها بما تنبت غير الخشب، وبالطعام مطلقا والمشهور عدم الجواز. [ص] 151 - وهل كذى غرم غريمه ... [ش] أى وهل غريم الغريم فى عدم الغريم كالغريم أم لا؟ وعليه الخلاف فى مطالبته المقضى له للشاهدين بما رجعا عنه قبل غرم القضى عنه إذا تعذر الأخذ منه، فعلى أن غريم الغريم كالغريم يطالبهما المقضى له [لأنهما غريما غريمه، وعلى الآخر لا يطالبهما إلا المقضى عليه]. وتقدير كلام المؤلف وهل غريمه أى غريم ذى غرم كذى غرم أو لا؟ [ص] ... وهل ... الفرع باطل أن الأصل بطل 252 - كذا مسبب إن انتفى السبب ... [ش] أى هل يثبت الفرع والأصل باطل، وهل يحصل المسبب والسبب غير حاصل؟

والصحيح لا فيهما. ومن ثم قال أشهب: وهو الصحيح فيمن أقر بزوجة فى صحته ثم مات وليس بطارئ أو أقر بوارث وليس له وارث معروف لا ميراث. وقال ابن القاسم: بالميراث ورآه إقرارا بالمال. وكذا التوريث فيما إذا أقام أحد الزوجين شاهدا على النكاح بعد الموت، وليس ثم وارث ثابت. قال القاضى أبو عبد الله المقرى: قاعدة: المشهور غير المنصوص أن صحة الالتزام لا /114 - أتتوقف على ثبوت المطابقة، بل يكفى دعواها كمن أقر بزوجة فى صحته ثم مات وليس هو بطارئ، أو أقر بوارث وليس له وارث معروف، فقيل: إقرار بالمال، وقيل: لا، وهو الصحيح، لأن الفرع لا يثبت والأصل باطل، والمسبب لا يحصل والسبب غير حاصل، وبنى الفرع الثانى على قاعدة أخرى وهو أن بيت المال هل هو وارث، أو مرجع للضياع، أو على أنه كالوارث المعروف المعين، وهو قول محمد أو لا؟ وهو قول النعمان وللمالكية قولان. وقال أيضا: قاعدة: إقرار الوارث بالنسب يتضمن الإقرار بالمال، فإذا لم يثبت لم يثبت المال فى ظاهر الحكم عند محمد واختلف مذهب مالك فى دفع المال فيما بينه وبين الله والحق وجوبه، كما لا يحل للمقر له إذا كان المقر كاذبا، وقال مالك والنعمان: يوجب الشركة فى المال، ولا أدرى كيف يثبت الفرع والضمن مع انتفاء الأصل والمتضمن، وليس قصده المال فيقدم على ظاهر لفظ الإقرار، إلا تراه لو أقر ببنوة

أسن من أبيه لم يعتبره. وقال أيضا: قاعدة: الإقرار المركب عند مالك والنعمان إقراران، فإذا أقر الوارث الذى يحوز المال بالنسب ثبت المال، وكان شاهدا بالنسب، وعند محمد إقرار واحد فيتلازمان. وقال أيضا: قاعدة: سبب الملك الحاجة، فإذا انتفت انتفى على اشتراط العكس فإذا مات وترك دينا فالمال على ملك الوارث عند مالك، لأن الأصل عدم علة أخرى. وقال محمد: بقيت حاجة القضاء والبراعة منه فه وعلى ملكه حتى يقتضى دينه وعليهما رد الغريم، بيع الوارث كالوارث. قال ابن القاسم: لا يرد، لأن الوارث لو أعطاه من غير ذلك لزمه قبوله انتهى. قال بعض الشيوخ: انظر هذا مع قولهم فيمن حلف لا أكلت طعام فلان يحنث بأكله من التركة أن أوصى أو كان مدينا انتهى. وقد بان من هذا أن أصل المسبب أعم من أصل الفرع. [ص] ... هل ينتفى الفرع أن الأصل ذهب [ش] أى هل ينتفى الفرع بانتفاء الأصل، بمعنى أنه يسقط بسقوطه أم لا؟ /114 - ب كرابح عشرين دينارا فى مائة وعليه مائة هل تسقط زكاة العشرين كسقوط زكاة المائة أو لا؟ وكذلك سقوط الزكاة عن العامل فيما نابه من الربح أن سقطت عن رب المال لدين أو

عبودية أو كفر، ونحو ذلك. أبو عمرو بن الحاجب: وفى ربح سلف ما لا عوض له عنده ثالثها أن نقد شيئا من ماله معه فمن الشراء وإلا استقبل. [ص] 253 - كذى تعلق بعين أن سقط ... كعامل ومنفاق عبد شرط [ش] أى إذا تعلق حق بعين فهل يسقط ذلك الحق بسقوط ذلك العين وذهابه أم لا؟ كعامل أنفق من ماله ليرجع فى مال القراض ثم تلف، فلا شئ على ربه. ومنفق على يتيم ليرجع فى عروض عنده فهلكت فإن ذمة الصبى لا تعمر. وعبد نذر مشيا لمكة أو صدقة بشئ من ماله فمنعه سيده، ثم عتق فإن ذلك يلزمه أن بقى ماله ذلك وإلا فلا، ونحو ذلك. وعلى الآخر فالرجوع. قوله: "كذى تعلق بعين [إن سقط أى كحق ذى تعلق بعين] أى بشيء معين، ولذلك قال سقط دون سقطت، ومعنى الكاف، أنه كما يسقط الفرع إذا سقط الأصل فى قول يسقط ما يتعلق بمعين أن سقط ذلك المعين وذهب وحذف واو العطف من قوله: "عبد شرط" أى شرط على نفسه صدقة شئ من ماله فمنعه سيده، فعتق لزمه ذلك أن بقى ذلك المال وإلا فلا. هذا تطرير المؤلف عليه بخطه. [ص] 254 - مضمن الإقرار كالصريح ... أو لا، كمودع وفى الصحيح 255 - تردد فى الربع والدين وما ... أفضى إلى الحد خلاف علما 256 - كشاهد بالعتق والذى أقر ... به وحالفين والنفى اشتهر [ش] أى مضمن الإقرار هل هو كصريحه أم لا؟. وعليه من أنكر أمانة ثم أدعى ضياعها، أو ردِّها لما قامت عليه البينة.

وثالثها: يقبل فى الضياع دون الرد. ومن أنكر شيشا فى الذمة أو أنكر الدعوى فى الربع أو ما يفضى إلى الحدود ثم رجع - /115 - أعن إنكاره لأمر ادعاء ثم أقام عليه بينة. ثالثها: يقبل منه فى الحدود دون غيرها. ورابعها: فى الأصول دون الديون وغيرها من المنقولات. ومن شهد أو شريكه فى العبد أعتق حصته والشريك موسر هل يكون نصيب الشاهد حرا، لأنه أقر أن ماله على الشريك المعتق قيمته، أو لا يكون حرا قولان فى المدونة [وهما على القاعدة]. ومن أقر، أن شهد أو أباه أعتق هذا العبد فى صحته أو فى مرضه، والثلث يحمله والورثة ينكرون، لم تجز شهادته ولا إقراره، ولا يقوم عليه إذ لم يعتق وجميعه رقيق وهل له استخدامه فى يومه أو لا؟ قولان على القاعدة إذ ضمن إقراره أن الذى ينوبه منه حر. والشريكان فى العبد يحلف أحدهما بحريته أن كان دخل المسجد ويحلف الآخر لقد دخل، ولم يثبت النفى ولا الإثبات بعد ذلك فإن قلنا [مضمن الإقرار كصريحه عتق

عليهما إن كانا موسرين، لأن كل واحد منهما يقطع بحنث صاحبه وإنما له عليه قيمة حصته، وإن قلنا] أن مضمن الإقرار ليس كصريحه فلا عتق وهو المشهور فى هذه المسألة. قوله: "مضمن الإقرار كصريحه" أى الإقرار المضمن هل هو كالإقرار الصريح أم لا؟ قوله: "كمودع" أى أنكر الوديعة ثم لما قامت عليه البينة انتقل إلى دعوى الضياع أو الرد أو قامت له على ذلك بينة فإن إنكاره أولا يضمن الاعتراف بكذب نفسه وبينته، وذلك أن قوله أولا لم يودعنى شيئا متضمن لعدم الرد وعدم الضياع فإن ذلك فرع الإيداع. اللخمي: وقيل: يقبل وهو أحسن، لأن من حجته أن يقول: إنما أنكرت لغيبة بينتي، أو للاحتياج إلى تزكيتها ونحو ذلك. قوله: "وفى الصحيح تردد أى فى الصحيح من القولين فى الوديعة تردد، فلابن زرقون المشهور قبول بينته واختاره اللخمى. ولابن يونس عن ابن القاسم وأشهب ومطرف وابن الماجشون وأصبغ عدم قبولها لأنه أكذبها. قوله: "فى الربع والدين وما أفضى إلى الحد خلاف علما" خلاف مبتدأ، وعلم صفته، وفى الربع وما بعدها هو خبر المبتدأ، فقيل: فى هذه الأشياء مضمن الإقرار

كصريحه. وقيل: ليس كصريحه. وقيل: كصريحه فى غير الحدود لا فيها، وقيل: /115 - ب كصريحه فى غير الأصول والحدود لا فيها، وقد مر ذكر هذا الخلاف. فالربع كأن يقول له: أنا بعت لك الدار أقض لى ثمنها، فيقول له: ما بعت لى شيئا فأقام المدعى بينة أنه باعها له فحينئذ أقام المبتاع بينة أنه دفع له ثمنها. والدين أن يدعى أن له فى ذمة فلان كذا فينكر فلان أصل الدين فيقيم المدعى به بينة فحينئذ يقيم فلان بينة الخلاص وهى قول ابن الحاجب: وكذلك من عليه دين [مثله. والمفضى إلى الحد] وشبه ذلك من ربع أو ما يفضى إلى حد ثم يرجع عن إنكاره لأمر ادعاه، أو أقام عليه بينة فاختلف فيه على أربعة أقوال: الأول: قال ابن نافع يقبل قوله فى كل شيء. الثانى: مقابله قله غير ابن القاسم فى الحدود التى تدرأ بالشبهات فأحرى غيرها. الثالث: قال ابن كنانة: لا ينتفع بذلك إلا فى الربع والحدود. الرابع: لابن المواز: لا ينتفع بذلك إلا فى الحدود انتهى. وقال فى موضع آخر عن ابن زرقون: وأما أن أقام بينة على ضياع القراض أو رده فالمشهور أنه تنفعه البينة بعد إنكاره، وحكى اللخمى عن محمد أنه لا ينتفع بها. خليل: فانظر ما شهره مع ما شهره المصنف فإن ذلك تعارض يعنى ابن الحاجب فى الوكالة. خليل عن ابن زرقون: وأما أن أنكر شيئا فى الذمة أو أنكر الدعوى في

الربع أو فيما يفضى إلى الحدود ثم رجع عن إنكاره لأمر ادعاه أو أقام عليه بينة ففيها أربعة أقوال: الأول: لابن نافع: يقبل منه فى جميع الأشياء. الثاني: لغير ابن القاسم فى اللعان من المدونة: لا يقبل منه ما أتى به فى جميع الأشياء. الثالث: لابن المواز: يقبل منه فى الحدود دون غيرها. الرابع: يقبل منه فى الحدود، والأصول ولا يقبل ذلك منه فى الحقوق من الديون وشبهها من المنقولات، وهو قول ابن القاسم فى المدونة انتهى. وحققه الشيخ ابن عرفة فقال: وسمع عيسى سئل ابن القاسم عمن جحد قراضا ادعى عليه به ثم قال: تلف منى، قال: قال مالك فيمن أنكر مالاً بعث به معه رجل فقامت عليه بينة فقال تلف: لف لقد ضاع ويبرأ فكذا مسألتك. وقال عيسى: إن /116 - أجحد فقامت عليه البينة لم يصدق فى دعوى الضياع وبلغنى عن مالك. وقال ابن القاسم فى مسألة القراض: أن لم يأت بالبينة على القضاء غرمه وليس دعوى القضاء كدعوى الضياع. وفى سماع ابن القاسم فى رسم حديث طلق قال مالك: إنما عليه اليمين. ابن رشد: فى تصديقه مع يمينه بعد الإنكار فى دعواه الرد أو الضياع وعدم تصديقه. ثالثها فى دعواه الضياع لا فى الرد. ومن هذا الأصل أن ينكر دعوى، فلما قامت عليه البينة جاء بالخرج منها ببينة على البراءة أو دعوى لو جاء بها قبل إنكاره قبلت، وشبه ذلك، فقيل: لا يقبل منه، لأنه كذبه بجحده، وقيل: يقبل منه، وقيل: لا يقبل منه إلا فى اللعان أن ادعى رؤية بعد إنكاره القذف

وأراد أن يلاعن، وشبه اللعان من الحدود وهو قول محمد. وقيل: لا يقبل إلا فى الحدود والأصول لا فى الحقوق، قاله ابن كنانة وابن القاسم فى المدونة. فيتحصل فى ذلك أربعة أقوال بالتفرقة بين الحدود وما سواها، وبين الحدود والأصول وما سواهما. قلت: تحقيقها أن من أنكر ما قامت به عليه بينة بعد إنكاره فى قبول ما يدفع عنه ما ادعى عليه به لو أتى به قبل انكاره بعدها مطلقا مع يمينه ولغوه، ولو كانت بينة. ثالثها: تقبل بينته لا قوله مع يمينه فى تلف ولا قضاء. رابعها: تقبل فى التلف لا القضاء لسماع عيسى ورواية ابن القاسم، ومتقدم نقل ابن حبيب، وقول عيسى [مع روايته، ونقله عن ابن القاسم. وخامسها: بقبول ابن رشد تفرقتى محمد وابن كنانة] مع ابن القاسم. اللخمى: قبول بينته مع الجحد أحسن، لأنه يقول أردت أن أحلف ولا أتكلف بينة انتهى. كما إذا ادعت عليه زوجة أنه قذفها فأنكر فأثبتت عليه ذلك فأراد أن يلاعن فقال اين القاسم: له ذلك. وقال غيره: ليس له ذلك ويجلد وفى معنى ما ذكره المؤلف ما لو ملك الزوج زوجته فتطلق نفسها ثلاثا فينكر التمليك فتقوم البينة بذلك فيقول: ما أردت بالتمليك إلا واحدة.

ومن طولب بثمن سلعة اشتراها فأنكر الشراء فقامت بينة بذلك /116 - ب وبقبض السلعة فأقام بينة بدفع الثمن. وأما لو أنكر الوكيل قبض الثامن، فقامت البينة، فقال: تلف، أورددته ابن الحاجب: لم يسمع، ولا بينة، لأنه كذبها. وكذا لو أنكر العامل القراض فأقام ربه عليه به بينة، فقال: رددته أو ضاع. خليل: فقبل مالك قوله مرة فيهما، وقال مرة: لا يقبل قوله فيهما. وقبل ابن القاسم قوله فى الضياع فقط، فإن أقام البينة على ضياعه أو رده بعد إنكاره فالمشهور أنه لا تنفعه البينة، خلافا لمحمد هذا الحكم إذا أنكر ما لا يتعلق بالذمة من قراض أو وديعة، وأما إذا أنكر ما يتعلق بها ثم قال تلف فلا. [ص] 257 - هل ما أعير من حياة كالعدم ... أم لا بمنفوذ المقاتل علم [ش] أى الحياة المستعارة هل هى كالعدم أم لا؟ وعليه من أنفذت مقاتله فى المعترك، هل يصلى عليه أم لا؟ وكل ما بلغ بالتردى ونحوه ذلك المبلغ. ومن أنفذ مقاتل رجل ثم أجهز عليه آخر ففى تعيين ذى القصاص من ذى العقوبة قولان لابن القاسم.

قال القاضي أبو عبد الله المقرى: قاعدة: الحياة المستعارة كالعدم على الأصح فمن أنفذت مقاتله فى المعترك فهو كالميت ولا قصاص فى الإجهاز عليه، ولا يؤكل ما بلغ بالتردى ونحوه ذلك المبلغ، ويؤكل ما يعيش فى البر من دواب البحر أربعة أيام ونحوها. ولذلك تعتبر الصلاة على الجنين، وميراثه بالاستهلال، وما يدل على قوة الحياة وما دونه كالعدم، وفيه قولان للمالكية، وقد يحسن الاحتياط فيصلى عليه ولا يذكى ولا يؤكل ولا يقتص انتهى. قال فى إيضاح المسالك: تنبيه: إذا قال الإمام من قتل قتيلا فله سلبه فأنفذ رجل مقتل علج وأجهز عليه آخر، فسلبه للأول، دون الثاني، قاله سحنون ولا يتخرج كونه للثانى من أحد قولى ابن القاسم الصيرورته بالإنفاذ أسيرا ولا سلب فى قتل أسير بل يتخرج عليهما حرمانهما معا. قوله: "بمنفوذ المقاتل علم" أى علم هذا الخلاف فى منفوذ المقاتل ونحوه. حيث اختلفوا فيه، أو بسبب اختلافهم فى منفوذ المقاتل ونحوه، أو علم إجراؤه /117 - أفى منفوذ المقاتل. [ص] 258 - وهل شراء خدمة أو رقبة ... كتابة عليه عتق أوجبه 259 - سيده فى أمة له كذا ... جبر وفطرة ظهار احتذى 260 - وحالف وغلة من اشترى ... كتابة الزوج والاستبرا جرى [ش] الكتابة هل هى شراء رقبة أو شراء خدمة. وعليه من أعتق أمة مكاتبه ثم عجز هل تعتق بذلك العتق الأول، أو تفتقر إلى

استئناف عتق آخر وزكاة فطر المكاتب وإجباره على النكاح ومن ظاهر من مكاتبته ثم عجزت فإن قلنا بالأول فقد رجعت على ملك مستأنف، فلا يلزمه الظهار، وإن قلنا بالثانى لزمه. وعليه من حلف بحرية عبده ليضربنه ثم لم يضربه حتى كاتبه هل يبرأ أم لا؟ ابن القاسم: يبرأ، أشهب: لا. وعليه الخلاف أيضا فى كتابة المكاتب إذا كان للتجارة هل هى كفائدة فلا زكاة أو فيها الزكاة وكتابة المكاتب فى هذه الصورة هى مراد المؤلف بالغلة. وعليه لو اشترى أحد الزوجين كتابة الأخر هل ينفسخ النكاح قبل العجز أم لا؟ بناء على أنه ملك رقبة أم لا؟ فإن عجز انفسخ اتفاقا واستبراء المكاتبة إذا عجزت وكانت تتصرف فإن قلنا بالأول استبرئت، وإن قلنا بالثانى فلا. وعليه إذا عجز وكان قبل الكتابة مأذونا هل يبقى على ما كان عليه من الإذن، أو يعود محجورا عليه، منتزع المال أم لا؟.

وعليه إذا أوصى بعتق عبده، أو أوصى به لرجل ثم كاتبه ثم عجز فى حياة السيد هل تعود الوصية فيه أم لا؟ قولان على القاعدة. وعليه من كاتب عبدا صار إليه فى المقاسم، أو ابتاعه من دار الحرب، وعلم أنه لمسلم، وقلنا أن لربه أن يأخذه فهل يحاسبه بما أخذ من الكتابة أم لا؟ فإن قلنا أن الكتابة شراء رقبة كان للمستحق أن يحاسب المشترى بقدر ما أخذ من الكتابة، وان قلنا أنها شراء خدمة لم يحاسب بما أخذ ولم يكن للمستحق أن يأخذه إلا بعد دفع الثمن كله. وعليه أيضا مكاتبة الكافر لمسلم. قال القاضى أبو عبد الله المقرى: /117 - ب قاعدة: اختلف المالكية فى الكتابة أهى شراء رقبة أم شراء خدمة فمن ظاهر من مكاتبته ثم عجزت وقلنا بالأول فقد رجعت على ملك مستأنف فلا يلزمه ظهار وإن قلنا بالثانى لزمه. وعليه الخلاف فى غلة المكاتب إذا كان للتجارة وهل تلزم فيها الزكاة أو لا؟ وفيمن أعتق أمة مكاتبه ثم عجز هل تعتق بذلك العتق الأول، أو تفتقر إلى استئناف عتق آخر. قال فى إيضاح المسالك: تنبيه: لم يختلفوا فيما علمت فيمن قال: إن كلمت فلانا

فعبدي حر فكاتبه ثم كلم فلانا أنه يعتق عليه وهو نص العتق الأول من الكتاب والجارى على أن الكتابة شراء رقبة أن لا يعتق، كما لو باعه ثم كلم فلانا، إلا أن تفرق بالاحتياط للعتق ومراعاة للقول بأن الكتابة شراء خدمة وانظر إذا مثل بعبد مكاتبه ثم عجز بعد أن أدى السيد إرش الجناية للمكاتب وانظر إذا وطئ أمة مكاتبه قبل العجز هل يحد أم لا؟ قوله: "وهل شراء خدمة أو رقبة كتابة" أى وهل كتابة شراء خدمة أو شراء رقبة قوله: "وعليه" أى على هذا الأصل عتق - إلى آخره - وظهار، مبتدأ واحتذى خبره. أى أتبع هذه المسائل "وحالف وغلة ومن اشترى كتابة الزوج" معطوفات على عتق، أو على جبر، وفطرة أو على ضمير احتذى، وان لم يكن فاصل لورود ذلك فى النظم، أو هى مرفوعات على الابتداء، والخبر محذوف لدلالة ما قبله أى احتذت المسائل السابقة. قوله: "والاستبرا جرى" جملة اسمية أى جرى على هذا الأصل، ومن فيمن اشترى كتابة الزوج واقعة على أحد الزوجين، وكذا الزوج صادق على كل منهما، والمعين وأحد الزوجين يشترى كتابة الأخر انتهى. [ص] 161 - للعتق والبيع أنتسابها علم ... عليه كالمدين والذى سقم [ش] أى انتساب الكتابة للعتق أو البيع معلوم فى كتب الفقهاء أو التقدير انتسابها علم للعتق أو للبيع، بمعنى أن الكتابة هل هى من ناحية العتق أو من ناحية البيع وعليه كتابة

المديان والمريض والمأذون والوصى فعلى /118 - أأنها من ناحية العتق فلا تجوز كتابة واحد منهم، وعلى أنها من ناحية البيع فتجوز. وعليه لزوم كتابة الذمى عبده فعلى العتق لا تلزم، وعلى البيع تلزم. قال فى إيضاح المسالك: تنبيه: قال الشيخ أبو الحسن اللخمى - رحمه الله -: أما إن كانت الكتابة على الخراج أو ما قاربه فهى من ناحية العتق والعتق بابه باب الهبات، وما لم يخرج على عوض فله الرجوع عنه، ولا يجبر على الوفاء به، وإن كان أكثر من الخراج بالشيء الكثير كانت من ناحية البياعات والمعاوضات، فيحكم بينهم إذا امتناع السيد من الوفاء كما يحكم فى البيع انتهى والذى سقم "هو المريض. [ص] 262 - وهل لمن أسقط حقا لم يجب ... رجوع إن كان جرى له السبب 263 - كوارث أو ذات شرط أو أمه ... كشافعة أو شبهها أم لزمه [ش] أى إسقاط الشئ قبل وجوبه وبعد جريان سببه هل يلزم أو لا؟.

وعليه إجازة الوارث فى مرض الموصى الوصية للوارث أو بأكثر من الثلث. والمرأة ذات الشرط المعلق برضاها تقول أن فعله زوجى فقد فارقته والأمة تحت العبد تقول أن أعتقت تحت زوجى العبد فقد فارقته. والشريك فيما فيه الشفعة يسقط الشفعة لمن يريد الشراء قبل الشراء وشبه ذلك كمن أذنت لمن حلف أن لا يتزوج عليها إلا بإذنها، ثم أرادت الرجوع قبل أن يتزوج. والمفوِّضة تسقط المهر قبل الفرض والدخول وقريب من هذه القاعدة قول المؤلف فيما سبق: "هل سبق حكم شرطه مغتفر" وقد ذكرنا عليه كلام القاضى أبى عبد الله المقرى. والنعد هنا ما يناسب هذا المحل. قال: قاعدة: اختلف المالكية فى ترك الشئ قبل وجوبه هل يلزم أم لا؟ كمن أذنت لمن حلف أن لا يتزوج عليها إلا بإذنها ثم أرادت الرجوع قبل أن يتزوج، فقيل: لها ذلك وقيل: لا. ويتخرج على هذا الأصل الخلاف فى إسقاط الشفعة قبل البيع وسقوطها بوقوعه.

قوله: "أم لزمه" هو عديل لقوله رجوع. [ص] 264 - هل بيت مال وارث أم مجمع ... عليه إيصاء بمال أجمع /118 ب [ش] أى بيت المال هل هو وارث أم مجمع للأموال الضائعة. وعلى هذا الأصل نفوذ وصية من لا وارث له بجميع ماله، وهى رواية الطائيين عن مالك، ورد ما زاد على الثلث وهو المعروف وإذا أقر بوارث غير الولد وليس له وارث معروف. قال القاضى أبو عبد الله المقرى بعد ذكره القاعدة: إن صحة الالتزام لا تتوقف على ثبوت الطابقة بل يكفى دعواها وبنى الفرع الثانى - يعنى فرع الاقرار بوارث وليس للمقر وارث معروف - على قاعدة أخرى، وهى أن بيت المال هل هو وارث أو مرجع للضياع، أو على أنه كالوارث المعروف المعين، وهو قول محمد أو لا؟ وهو قول النعمان وللمالكية القولان وعليهما الخلاف فى نفوذ وصيته بجميع ماله، أو يرد ما زاد على الثلث. قال محمد: جهة الإسلام جهة فى الإرث كجهة القرابة وقال النعمان:

مصرف ما لا مستحق له فى الميراث بمثابة كل مال ضائع فإذا أبان المالك له مصرفا بوصيته لم يكن ضائعا، وليست إسقاطا للحق بل قطعا للسبب.

فصل ابتداء القسم الثاني من القواعد

[ص] ... فصل [ش] ابتداء القسم الثاني من القواعد. [ص] 265 - إعطاء ما وجد حكم ما عدم ... أو عكسه أصل لذاك ما علم 266 - من غرر نزر وما قد عسرا ... من حدث وشبهه وذکرا 267 - لذا المقرر من الملك كما ... بذمة حول وعتق علما [ش] هذا ابتداء القسم الثاني من القواعد، وهو ما قصد به ذکر النظائر والفروع التي تدخل تحت أصل واحد من غير إشارة إلى خلاف ولذا ترجمه المؤلف بالفصل، أى إعطاء الموجود حكم المعدوم، أو المعدوم حكم الموجود "، أصل من أصول المالكية، وقاعدة من قواعدهم. فمن الأول الغرر اليسير فى البيع لتعذر الاحتراز منه وكل ما يعفى عنه من النجاسات والأحداث، وغيرها. ومنفوذ المقاتل فإنه لا يرث من مات بعده بل هو الموروث. ومن الثانى: تقدير ملك الدية قبل زهوق الروح حتى تورث عنه فإنها إنما يجب بالزهوق والمحل حينئذ لا يقبل الملك، ولم يملكها فى الحياة، لأنه ملك لنفسه حينئذ فلا يجمع له بين /119 - أالعوض والمعوَّض، فيقدر الشرع ملكه لها قبل موته بالزمن الفرد ليصح التوريث فيتعين التقدير وتقدير ملك المعتق عنه قبل العتق بالزمن الفرد ليكون الولاء له

وتقدير دوران الحول على الربح والنسل وكالحكم للإمام بحكم الجماعة إذا صلى وحده وكالجماعة تقتل قتيلا فإنها تقتل به، وكأن كل واحد منهم باشر القتل [والجنين ما دام فى البطن لا يقسم مال مورثه إعطاء للمعدوم حكم الموجود]. وتسمى هذه القاعدة بقاعدة التقديرات الشرعية وقد تكلم عليها القرافى فى مواضع من فروقه، وأوعب من الأمثلة فى كتاب "الأمنية" فى أحكام النية. قال فى الفرق الحادى والسبعين ومائة حيث ذكر التقادير الشرعية، قال: وهى إعطاء الموجود حكم المعدوم والمعدوم حكم الموجود فالأول كالغرر والجهالة فى العقود إذا قل وتعذر الاحتراز عنها نحو أنقاض الدار، وقطن الجبة ورداءة باطن الفواكه، ودم البراغيث، ونجاسة ثوب المرضع والوارث الكافر والعبد يقدر عدمه فلا يحجب. والثانى: كتقدير الملك فى الدية متقدما قبل زهوق الروح فى المقتول خطأ حتى يصح فيها الإرث فإنها لا تجب إلا بالزهوق وحينئذ لا يقبل المحل والميراث فرع ملك الموروث، فيقدر الشرع الملك متقدما قبل الزهوق بالزمن الفرد حتى يصح الأرث، وكتقدير النية فى إجزاء الفعل ممتدة إلى آخرها.

وكتقدير الإيمان فى حق النائم الغافل حتى تعصم دماءهم وأموالهم. وكتقدير الكفر فى الكافر الغافل حتى تصح إباحة الدم والمال والدية. وقاعة التقدير قد تقدمت فى خطاب الوضع. وقال فى الفرق السادس والعشرين بين قاعدة خطاب التكليف وقاعدة خطاب الوضع: وأما خطاب الوضع فهو كالخطاب بنصب الأسباب كالزوال، ورؤية الهلال، ونصب الشروط كالحول فى الزكاة والطهارة فى الصلاة، ونصب الموانع كالحيض مانع من الصلاة، والقتل مانع من الميراث. ونصب التقادير الشرعية وهى إعطاء الموجود حكم المعدوم والمعدوم حكم الموجود كما يقدر رفع الإباحة بالرد بالعيب /119 - ب بعد ثبوتها قبل الرد، وتقول: ارتفع العقد من أصله لا من حينه على أحد القولين للعلماء. وتقدير النجاسة فى حكم العدم، وفى حق صور الضرورات كدم البراغيث وموضع الحدث فى المخرجين، وتقدير وجود الملك لمن قال لغيره: أعتق عبدك عنى، لتثبت له الكفارة والولاء، مع أنه لا ملك له، وتقدير الملك فى دية المقتول خطأ قبل موته حتى يصح حكم المعدوم، وهو كثثير فى الشريعة، ولا يكاد باب من أبواب الفقه ينفك عن التقدير وقد بسطت ذلك فى كتاب الأمنية فى أحكام النية حيث تكملت فيه على رفع [النية ورفضها] بعد وقوعها مع أن الواقع محال عقلا والشرع لا يرد بخلاف

العقل، وحررت التقدير وهذه المباحث. قال في كتاب الأمنية: أما إعطاء المعدوم حكم الموجود فله في الشرع مسائل كثيرة: منها: إيمان الصبيان وكذلك البالغون حالة الغفلة [عن الإيمان، وكفر أطفال الكفار، وبالغيهم حالة غفلتهم عن الكفر، وعدالة العدول حالة الغفلة] وكذلك الفسوق في الفاسق والإخلاص في المخلصين، والرياء في المراءين، إذا تلبسوا بذلك ثم غفلوا شيخيه فمن مات على شيء من هذه التقديرات بغتة فهو عند الله كذلك، ولا تخرجه الغفلة عن حكمه. ومن ذلك: النيات في العبادات، وقد تقدمت وكذلك العلم في العلماء، والفقه في الفقهاء، والعداوة في الأعداء، والصداقة في الأصدقاء، والحسد في الحاسد، حالة الغفلة عن جميع ذلك. فائدة قوله تعالى: {ومن شر حاسد إذا حسد} إشارة إلى الحسد الفعلي، فإن الحكمي الذي هو مقدار لا يضر المحسود، نما يضره الحسد الفعلي، فلذلك قيده بقوله: {إذا حسد}. ومن التقدير في إعطاء المعدوم حكم الموجود، أن المدلس بالسرقة في العبد إذا قطع العبد في السرقة، عند المشتري، يقدر القطع عند البائع، ويكون له الرد بغير شيء، أو دلس بالردة فقتل عند المشتري بالردة، يقدر القتل في يد البائع. ومن ذلك/ 120 - أالذمم إنما هي تقديرات شرعية في الإنسان، تقبل الإلزام والالتزام والحقوق في الذم مقدرات، فيقدر الذهب والفضة والطعام في السلم وغيره، والعروض في الذم وهى أجسام لا يتصور كونها في الذم حقيقة، بل تكون معدومة من الوجود كله بالضرورة، كمن أسلم في فاكهة لا توجد إلا في الصيف، أو زهر كالورد، ونحوه، ويقع العقد في

الشتاء، فيقدر ذلك كله في الذمة ونقدر النقدين في عروض التجارة للزكاة، ويقدر الملك في المملوكات، وكذلك الرق والحرية، والزوجية، وهو كثير جدا حتى لا يكاد يخلو باب من أبواب الفقه منه، فتأمله تجده. وأما إعطاء الموجود حكم المعدوم: فكالماء مع المسافر، وهو يحتاجه لعطشه وعطش غيره، فإنه كالمعدوم ويتيمم. وكذلك: من عليه نصاب حال عليه الحول، وهو يحتاجه لقضاء دينه، يقدر معدوما زكاة عليه. وكذلك: وجود الرقبة عند المكفر مع حاجته الضرورية إليها. نصاب يحتاجه لضرورته وهو لا يكفيه نقدره كالمعدوم وكذلك: من معه ونعطيه الزكاة كالفقير، الذي لا شيء له. وكذلك: صاحب السلس، والجراحات السائلة، نقدر ما وجد من الأحداث أو الأخباث في حقه معدومًا، وتصح صلاته، [كالذي عدم ذلك] في حقه. ويقع في التقدير إعطاء المتقدم حكم المتأخر، والمتأخر حكم المتقدم كمن رمى سهمًا أو حجرًا، ثم مات فأصاب بعد موته شيئا فأفسده فإنه يلزمه ضمانه [ويقدر الفساد وقع متقدمًا في حياته. وكذلك: لو حفر بئرا فوقع فيها شيء، فهلك بعد موته]. وأما إعطاء المتقدم حكم المتأخر: فكتقديم النية في الصوم، أو في الطهارة على

الخلاف في الطهارة تقدر متأخرة مقارنة، ويكون المقدم لنيته بمنزلة المؤخر لها لأنه الأصل. وكذلك: مقدم الزكاة في الفطر، والمال، يقدر الإخراج وقع بعد الحول، أو رؤية الهلال ليترتب الحكم علي سببه الذي هو الهلال، أو المشروط علي شرطه الذي هو الحول. واعلم أنه متى وقع البيع دينا بدين، أو عينا بدين اشتمل علي/ 120 - ب التقدير في الذمة ولا يخرج البيع عن التقدير، إلا في بيع المعاطاة، ولابد في الإجارة من التقدير، إن قوبلت منفعة بمنفعة فكلاهما مقدر أو بعين كانت المنافع مقدرة. وكذلك: السلم لابد فيه من التقدير في الجهتين، أو المسلم فيه فقط، إن كان الثمن عينا، والوكالة منافع الوكيل فيها مقدرة. وكذلك: القراض والمساقاة، منافع العاقد عليها مقدرة في جهتهم. وكذلك: القرض المقترض مقدر في ذمة المقترض. وكذلك: المزرعة، والجمالة، والوقف، تمليك المعدوم، فهو تقديري. وكذلك: المزارعة والرهن، يقع في الديون المعدومة، وقد يكون دينا في نفسه، واقع الوصية بالدين للموجود والمعدوم، المقرر وجوده.

والعواري تتناول المنافع المعدومة المقدرة في الأعيان، وحفظ الوديعة معدوم. حالة الإيداع فهو تبرع بمعدوم مقدر حتى يصح ورود الشرع عليه. وعقد النكاح إنما يتناول معدوما، مقدراً في الزوجة، وفي الزوج، من الوطاء والعشرة والصداق والنفقة والكسوة، ولا يخرج عن التقدير إلا الصداق المعين، والكفالة: التزام معدوم، والحوالة، بيع معدوم بمعدوم، والصلح، بيع أو إجارة فيدخله التقدير، والإبراء إنما يتناول المقدر في الذم، والعجب ممن يعتقد أن المعاوضة عن المعدوم على خلاف الأصل، مع أن الشريعة طافحة به في مواردها ومصادرها، حتى لا يكاد يعرى عنه باب، كما قد رأيت بل الأوامر والنواهي والأدعية والشروط ومشروطاتها في التعليقات، والوعود والوعيدات، وأنواع الترجي والتمني والإباحات، كلها لا تتعلق إلا بمعدوم فتأمل ذلك حق تأمله تجد فيه فقها كثيرًا تنتفع به في محاولة الفقه واتساع النظر، ودفع الإشكالات عن القواعد والفروع. وإنما أكثرت من مثل التقدير، لأنى رأيت الفقهاء والفضلاء إذا قيل لهم: ما مثال إعطاء الموجود حكم المعدوم، أو المعدوم حكم الموجود؟ صعب عليهم تمثيل ذلك، وإن مثلوا فعساهم يجدون المثال أو المثالين، فأردت أن يتسع للفقيه هذا الباب ويسهل عليه صح منه. وقال في الفرق الثالث أثناء ذكره / 121 - ألمسائل ذكرها بعد من اختصار الأبي. وثانيها أنه إذا قال: أعتق عبدك عنى فأعتقه فإنا نقدر دخوله في ملكه قبل عتقه بالزمن الفرد تحقيقا للعتق، وثبوت الوكالة- إلى آخر المسألة-.

واعترضه الإمام أبو القاسم بن الشاط فقال: لا حاجة إلى التقدير للملك في هذه المسألة، فإنه لا مانع من عتق الإنسان عبده من غيره من غير تقدير ملك ذلك الغير للعبد، ولا تحقيقه. صح من إدرار الشروق على أنواء الفروق. وكذا اعترض الإمام أبو عبد الله البقرى قاعدة: التقدير لا في خصوص ملك العبد في العتق عن الغير كابن الشاط، بل عموما قال في أثناء اختصاره للفرق الثالث: المقدرات لا تنافي المحققات بل يثبتان ويجتمعان ويشهد لذلك، أن الأمة إذا اشتراها شراء صحيحا أبيح وطؤها بالإجماع إلى حين الاطلاع بالعيب والرد به. وكذلك إذا قال: أعتق عبدك فأعتقه فإنا نقدر دخوله في ملكه قبل عتقه بالزمن الفرد مع آن الواقع عدم ملكه. وكذلك: دية الخطأ تورث عن المقتول، ومن ضرورة الإرث ثبوت الملك للمورث فيقدر ملكه للدية قبل موته بالزمن الفرد ليصح الإرث، ونحن نقطع بعدم ملكه للدية حال حياته فقد اجتمع الملك المقدر وعدمه المحقق ولم يتنافيا. وكذلك: صوم التطوع يصح عندهم بنية من الزوال فهذه الوجوه قدر الشهاب القاعدة: المذكورة. قلت: وهو منازع في ذلك كله، فنا نقول: لا تقدير في شيء نما ذكرناه فالرد بالعيب رفع الحكم المتصل من إباحة الوطء وغيره، وقطعه وما قبل ذلك كان فيه إباحة الوطء محققا ولا وجود لتقدير شيء يخالفه، ولذلك ورث الشرع ورثة المقتول خطأ من دية ما ملكها قط.

وكذلك: عتق العبد عن زيد جعل الشرع ذلك من غير تملك سابق له، لا تحقيقا ولا تقديرا والأمر في الصوم أبين. وقال أيضا: مختصرا للفرق السادس والخمسين بين قاعدة رفع الواقعات /121 - أوقاعدة تقديرا ارتفاعها: الرفع ممتنع عقلا من حيث أن ما وقع في زمان ماض لا يصح في زمان متأخر عنه أن يرفع ذلك الواقع الذي مضى، ومعنى، تقدير ارتفاع الواقع أن يكون الشيء موجودا فيعطى حكم المعدوم، وهذا من حيث الشرع وهذا صحيح غير محال فظهر الفرق. قلت: لا خفاء أن رفع الواقع إذا فسر بما قاله فهو محال، ولكنه الذي يسبق إلى الفهم في الرفع كما يقال في النسخ انه رفع ما هو ذلك بل الذي يرفع اتصال ذلك الحكم بحسب الأزمنة ولا استحالة في هذا. قال رحمه الله تعالى: وأوضح هذا بذكر مسائل: المسألة الأولى: العيب إذا وجد في السلعة فكان ذلك موجبا للرد هل هو رفع العقد من أصله أو من حينه؟ قولان، من حينه لا إشكال فيه، ومن أصله ربما يقال هذا رفع للواقع وذلك محال. فيقال: ليس هذا من رفع الواقع، وإنما هو من باب تقدير ارتفاع الواقع، إذ لا شك في حصول عقد البيع فإذا قلنا من حين أصل الشراء فمعناه يقدر الشرع ذلك العقد بعد ظهور العيب كالعدم فالأمة إن كانت هى المبيعة وهى قد كانت بحمل إذا كان القيام بعد الوضع بالعيب، إن قلنا من حينه فالولد للمشترى، وان قلنا من أصله فالولد للبائع، ولا شيء للمشترى وكذلك الحال في الغلات وسائر المنافع. قلت: قد مضى في القاعدة الأولى أن كلامه على قاعدة التقدير لم يتم وكلامه فيها هنا ليس إلا إحالة عليها. المسألة الثانية: رفض النية في العبادة فيها قولان، والمشهور في الصلاة والصوم صحة الرفض، وفي الحج والوضوء عدم الرفض.

قال شهاب الدين -رحمه الله-: وذلك من باب التقديرات الشرعية لا من باب رفع الواقع. قلت: قد مضى في القاعدة التي قبلها أن ذلك الرفض هو رفع النية الحكمية لا الفعلية من حيث أنه لو قدر هذا الرفض مع النية الفعلية لضادتها أو أبطلتها إذا كانت مع الأصل هكذا فمع /122 - أالحكمي الذى هو فرع أولى أن تضاده، وعلى هذا فلا تقدير. قال شهاب الدين -رحمه الله-: فإن قلت: وأى دليل في الشريعة يقتضى تمكن المكلف من هذا التقدير يتحقق ولو صح ذلك تمكن المكلف من إسقاط أعماله الحسنة والقبيحة في الزمن الماضى بحسب التقدير والقصد إليه دون أن يأتى بكفر، وكذلك يقصد بجميع أعماله السيئة من الزنا وغيره مما تقدم فيستريح من مؤاخذتها وذلك كله غير متقرر بل المتقرر في الشريعة أن عدم اعتبار ما وقع في الزمان الماضى متوقف على أسباب غير الرفض كالإسلام يهدم ما قبله والهجرة والتوبة، والحج، وعكسها في الأعمال الصالحة تبطلها الردة، والنصوص دلت على اعتبار ما ذكرناه. وأما الرفض فما نعلم فيه دليلا شرعيا يقتضى اعتباره. ثم قال: هذا سؤال قوى والأحسن الاعتراف به. قلت: وكذلك قاعدة التقدير عدم الاعتراف بها أولى من القول بها، ولا دليل يوجد عليها في الشريعة دلالة قوية كما في الأمر في الرفض فلا يعرف بواحد منهما، ثم لقائل أن يقول بعد هذا الفرق بين قاعدة التقدير وقاعدة الرفض فلا يعرف بواحد منهما، ثم لقائل أن يقول بعد هذا الفرق بين قاعدة التقدير وقاعدة الرفض حتى يصح القول بالرفض ولا يصح القول بقاعدة التقدير، أنه وجد دليل عقلي امتزج بدليل شرعى يمنع من اعتبار النية التي

رفضت ويعتبر الرفض، وهذا لما تقرر من قريب من المضادة، وقاعدة التقدير ما وجد دليل مركب من الشرع والعقل ولا شرعى مجرد يدل عليهما فلا تقول بها والله أعلم. المسألة الثالثة: إذا قال لامرأته إن قدم زيد آخر الشهر فأنت طالق من أوله فهي مباحة بالإجماع إلى قدوم زيد فإذا قدم زيد آخر الشهر هل تطلق من الآن أو من أول الشهر [وهذا الذى يراه ابن يونس من أصحابنا، فرفع الإباحة الكائنة في وسط الشهر] وقد كانت واقعة يؤدى إلى رفع الواقع وهو محال. فقال شهاب الدين: هو من باب التقدير الشرعى بمعنى تقدير أن تلك الإباحة في حكم العدم، لا أنا نعتقد أنها ارتفعت في الزمن الماضي. قلت: وكيف نقدر ذلك /122 - ب والوجود على خلافه والحكم الشرعي على ذلك الحيث فإنا قد قلنا إن وطئها كان مباحا شرعا فكيف يكون حراما شرعا بالتقدير، وقد مضى معنى هذا أول قاعدة، والله أعلم. ثم ذكر شهاب الدين مسألة العتق عن الغير والكلام فيها قد تقدم، وهو هذا الذي مضى لنا الآن من قبله ومن الرد عليه فلا فائدة في ذكره من مسألة العتق عن الغير انتهى. وقال في القاعدة التي قبل هذه المسألة الخامسة: رفض النية في أثناء العبادة فيه قولان: هل يؤثر أو لا؟ فإن قلنا بعدم التأثير فلا كلام، وإن قلنا يؤثر فوجهه أن هذه النية التي حصل بها الرفع وهي العزم على ترك العبادة لو قارنت الفعلية الكائنة أول العبادة لضادتها فكذلك الحكمية هي مضادة لها انتهى. وقال القاضي أبو عبد الله المقرى: قاعدة: إذا ثبت حكم عند ظهور سببه أو

[ش] رطه، فإن أمكن تقديرهما تعين، وإلا عد مستثنى كميراث الدية يقدر له ملك الميت لها قبل الموت. وكثبوت الولاء للمعتق عنه عند مالك فوجب تقدير ملكه له قبل العتق. وكتقدير دوران الحول على السخال والربح. ومن التقديرات تقدير الغزالى موافق صفة الماء مخالفا. قال ابن الحاجب: وفيه نظر قال ابن الصباغ: لان الأشياء تختلف في ذلك فبأيها يعتبر؟ فإن قال: بأدناها صفة، قيل: فاعتبر هذا لنفسه فإن له صفة ينفرد بها، فإن قال: هذا لا يغير بحال. قيل: هذا مستحيل، لأنه إذا كان أكثر من الماء تبعه الماء في صفته. وقال بعض الشافعية: يعتبر الغالب منهما بالكثرة كما يفعل في الماء المستعمل فأيهما كان الغالب والأكثر جعل الحكم له وهو أقرب. قال القرافى: والمقدرات لا تنافى المحققات بل يجتمعان، ويثبت مع كل واحد منهما لوازمه، ثم استشهد بالعتق والميراث ونحوهما. ومن التقديرات تقدير رفع الواقع، كقولنا الرد بالعيب نقض للبيع من أصله ونحو ذلك وإلا فهو محال في نفسه. قاعدة: التقديرات الشرعية /123 - أوهي إعطاء الموجود حكم المعدوم وبالعكس

مثل ما مر آنفا ثابت في الجملة وإن اختلف في بعضها، لأن التقدير على خلاف الأصل ومن ثم كان القياس رواية الاستقبال بالربح. قاعدة: قال ابن القاسم: الربح مقدر الوجود يوم الشراء، فمن حال له حول على عشرة، فاشترى، ثم أنفق خمسة، ثم باع بخمسة عشر زكى. وقال أشهب: يوم الحصول فلا يزكى. وقال المغيرة: يوم ملك الأصل فيزكى وإن تقدم الإنفاق. قاعدة: إذا قدر الفرع مع أصله، فهل يقدر معه مطلقا، أو إذا وجد سببه قولان للمغيرة وعبد الرحمن. وقال أيضا: قاعدة: يعطى الموجود حكم المعدوم للضرورة، كالغرر اليسير في البيع لتعذر الاحتراز وكل ما يعفى عنه من النجاسات والأحداث وغيرهما والمعدوم حكم الموجود كتقدير مالك الدية قبل زهوق الروح حتى تورث، فإنها إنما تجب بالزهوق والمحل حينئذ لا يقبل الملك، وكتقدير المالكية تقديم ملك المعتق عنه على العتق ليكون الولاء له وتسمى بقاعدة التقديرات الشرعية، وقد تقدمت بلفظ آخر. قوله: "لذلك ما علم من غرر نزر وما قد عسرا من حدث وشبهه" أى للبعيد من الأصلين وهو إعطاء الموجود حكم المعدوم من الفروع ما علم من إلغاء غرر يسير في البيع وإلغاء ما قد عسر من حدث وشبهه، وهو النجاسة بمعنى العفو عن ذلك. قوله: "وذكرا لذا المقدر من الملك" -البيت- أى وذكر من الفروع للأصل القريب، وهو إعطاء المعدوم حكم الموجود المشار إليه بقوله: "عكسه المقدر من الملك" وذلك في الدية، وفي معناها الغرة ودوران الحول في النسل والربح، والعتق عن الغير،

وشبه ذلك فالمقدر مرفوع نائب فاعل ذكر. [ص] 268 - وبنقيض القصد عامل إن فسد ... في قاتل أو موص أو من قد قصد 269 - فسادا أو إفاته في البيع ... نهج عياض ذا بذالا الربع 270 - وهارب ومنع من تصدقا ... وردة ومن نصابا سرقا / 123 أ 271 - ومن زنت أو اشترت بعلاكما ... لأشهب إن أحنثت قد علما 272 - وشبه ما ذكر والذي قدما ... شيئا قبيل وقته قد حرما 273 - كمن تزوج بعدة ومن ... طلق في رأى وشبه أعلمن 274 - أن التصدق بكل المال ... لنفى حج لم يكن بتال 275 - وما لحيض سفر ومن صنع ... بالنقد حليا والذي قد امتنع 276 - من قبض دين والذي باع النعم ... فيمن تبرعت خلاف قد علم [ش] من الأصول المعاملة بنقيض المقصود الفاسد. وعليه حرمان القاتل عمدا من الميراث والوصية للوارث، أو بأكثر من الثلث وقاصد الفساد في البيع الصحيح كمن اشترى قصيلا فاستغلاه فأبى البائع من الإقالة فتركه حتى تحبب على رأى ابن يونس وقاصد الإفاتة في البيع الفاسد بالبيع الصحيح على طريق عياض لا اللخمي وهو مراد المؤلف بالربع. ومن هرب برأس المال فيتأخر وكذا من أقال في السلم فهرب قبل قبض رأس مال

السلم قاصدًا فسخ الإقالة ومن تصدق عليه بصدقة فقام يطلبها فمنعه المتصدق في قبضها فخاصمه فيها فلم يقبضها حتى مات المتصدق، أو فلس، فإنه يقضى لربها بعد الفلس والموت إذا أثبتها بالبينة المرضية والتي ترتد مغتزية فسخ النكاح في رواية علي وبه أفتى الحوفي حين نزلت بيجاية، وبه قال يحيي بن يحيي في نقل ابن كوثر عنه، ونصه: إذا تنصرت المرأة راجية بذلك فراق زوجها لكراهتها فيه ضربت ضربا وجيعا ثم ردت إليه أحبت أو كرهت وإنما تفارقه وتملك نفسها إذا ارتدت كراهية في الإسلام وحرصا على الدين الذي دخلت فيه فلما أستتيبت رجعت إلى الإسلام فحينئذ يكون زوجها خاطبا من الخطاب، وتفعل في نفسها ما شاءت، وتأخذ صداقها كله عند محله، إذا كان ذلك بعد الدخول، وحالف يحيي بن عمر وقال: الردة تزيل العصمة كيف كانت، وتوقف فيها ابن زرب والذي يرتد في مرضه وقد علم أنه قصد / 124 - أالفرار بماله من الورثة لبغض معروف على دليل المدونة. وسارق النصاب في كرات وهو يقدر على إخراجه من الحرز في دفعة واحدة.

وجبر أشهب بالزنا إذا قصدت به رفع الإجبار وابتياع الزوجة زوجها قاصدة حل النكاح وقاصدة الإحناث في قول أشهب وشبه ما ذكر، كمن أبدل ماشية فرارا من الزكاة ومن ارتحل من البلدة التي وجبت فيها الدية على الجاني قبل فرضها فرارا منه فإنه يلحقه حكمها حيث كان عند ابن القاسم وغيره. وإذا اشترى قوم قلادة ذهب على النقد وفيها لؤلؤ فلم ينقدوا حتى فصلت وتقاوموا اللؤلؤ وباعوا الذهب، فلما وضعوا أرادوا نقض البيع لتأخير النقد قال ابن المواز عن ابن القاسم: لا يفسد ذلك، لأنه باع على النقد ولم يرض بتأخيرهم إنما هو رجل مغلوب، وجودها سحنون وإجبار المطلق في الحيض على الرجعة. وهي قاعدة من تعجل شيئا قبل أوانه فإنه يعاقب بحرمانه، ولذا نظمها المؤلف مع هذه. وعليها تأييد تحريم المتزوجة في العدة والمخلعة على رأى ابن مبشر واختيار

الشيوخ وشبه ذلك، كحرمان المدبر القاتل سيده عمدا من العتق والموصى له بقتل الموصى. قال في إيضاح المسالك: تنبيه: خالفوا هذا الأصل - يعني أصل المعاملة بنقيض المقصود الفاسد - في المتصدق بكل المال لإسقاط فرض الحج، ومنشئ السفر في رمضان للإفطار، ومؤخر الصلاة إلى السفر للتقصير، أو إلى الحيض للسقوط، ومؤخر قبض الدين فرارا من الزكاة، وبائع الماشية بعد الحول فرارا من زكاة عينها، وصائغ الدنانير والدراهم حليا لإسقاطها، وذات الزوج تقصد بعطية الثلث فدون الإضرار، وفيها ثلاثة أقوال وانظر إذا قتل السيد أمته، أو زوج أمته، والمرأة نفسها، أو زوجها قبل البناء فالمنصوص تكميل الصداق لأن التهمة فيه أضعف، وكذلك أم الولد تقتل سيدها، فلا تبطل بذلك حريتها. وكذلك الطالب بالدين إذا قتل مطلوبه قبل حلول أجل دينه فإنه يحل بموته ولا يتهم بتعجيله. وكذلك السيد يقتل مكاتبه فإن الكتابة تحل بموته. وكذلك من أعتق عبده إلى موت دابة فقتلها العبد، فقالوا: تعمر الدابة ويعتق العبد بعد ذلك، وانظر على هذه لو أعتقه إلى موت فلان فقتل العبد فلانا، وكذلك إن أوصى لعبد رجل، أو أولاده أو زوجته، فقلته السيد أو الأب أو الزوج، قالوا: لأنه لا يتهم أحد أن يقتل من أوصى لأبيه، أو لابنه أو لعبده أو لزوجته، لعل أن يعطيه منه شيئا انتهى. قال القاضي أبو عبد الله المقرى: قاعدة: من أصول المالكية المعاملة بنقيض المقصود الفاسد كحرمان القاتل من الميراث، وتوريث المبتوتة في المرض المخوف، قال بعضهم: إنما تجبر الثيب بالزنا إذا قصدت بذلك رفع الإجبار، وقال آخرون إنما منع المطلق في الحيض من الطلاق في الطهر الذي يليه لأنه استعجل الطلاق حيث لا يجوز فمنع منه حيث يجوز.

وقيل: إن الرجعة إنما تكون للوطء فإن لم يفعل صارت للطلاق، فانصرفت عن مقصدها الشرعي، فإن وطئ كره للمس إما لخوف الندم، لأنها قد تكون حاملا، أو لأنها لا تدري بماذا تعتد، فقد لبس عليها. وهذان أصلان آخران لهم، وقد اختلفوا في النكاح على الطلاق أهو من باب المتعة فيمنع أو لا؟ فيصح، وغير المالكية يخالفهم في أصل هذه القاعدة ولا يراها معتمدة في الشرع، وحكمتها أن من استعجل الشيء قبل أوانه فإنه يعاقب بحرمانه، ولذلك أبدوا تحريم المتزوجة في العدة على تفصيل في مذهبهم. قوله: "وبنقيض القصد عامل إن فسد" أي وعامل بنقيض القصد إن فسد القصد. قوله: "في قاتل" متعلق بعامل أي عامل بذلك في قاتل العمد حيث لا يرث من مال ولا دية، وفي الموصى لوارث أو بأكثر من الثلث لقصد الضرر بالوارث حيث لا يمضى إلا الثلث، وفيمن قصد فساد بيع القصيل بتركه حيث تحبب لا ينتفع بقصده وفيمن قصد إفاتة البيع الفاسد بالبيع الصحيح على ما لعياض، لا على ما للخمى وهو الربعى وهو معنى / 125 - أقول المؤلف: "نهج عياض ذا بذا لا الربعى" أي هذا الحكم في هذا الفرع هو طريق عياض لا طريق اللخمي، وفيمن هرب قبل قبض رأس مال السلم بعد الإقالة لفسخ الإقالة حيث لا تنفسخ أو هرب برأس المال قبل دفعه للمسلم إليه إرادة فسخ السلم بالتأخير حيث لا يفسخ وفيمن منع من حوز ما تصدق به حيث وجد مانع الحوز حيث لا تبطل الصدقة، وفيمن ارتدت عن الإسلام إرادة فسخ النكاح حيث لا يفسخ وكذا من ارتد في مرضه قصد الفرار بماله من الورثة حيث يرثونه، وفيمن سرق نصابا في مرار، لئلا يقطع حيث لا ينتفع بذلك [وفيمن زنت وهي بكر قصد رفع إجبارها حيث لا تنتفع] وفيمن اشترت بعلها قاصدة حل النكاح حيث لا ينحل.

وفيمن حلف بالطلاق على زوجته أن لا تخرج فخرجت قاصدة تحنيثه، عند أشهب حيث لا يحنث عنده، وشبه ما ذكر كإبدال الماشية وشراء قلادة الذهب حسبما مر. قوله: "والذ قدما شيئا قبيل وقته قد حرما" الذ مبتدأ وخبره قد حرم. وهذا إشارة إلى قاعدة من استعجل شيئا قبل أوانه عوقب بحرمانه، الذي هو المعاملة بنقيض المقصود الفاسد، أي والذي قدم شيئا قبل وقته قد حرم ذلك الشيء، ومنع منه. قوله: "لم يكن بتال" هو خبر إن أي أعلم أن التصدق بكل المال لم يكن تابعا للأصل وجاريا عليه كمن تزوج امرأة في عدة فإنها تحرم عليه أبدا على [تفصيل معلوم في المذهب وكمن خلق امرأة أي أفسدها على زوجها فإنها تحرم عليه أبدا] في قول بعض أصحابنا. ومثل ذلك المتزوجة في الإحرام على قول عندنا وذلك كله عقوبة على الاستعجال. قوله: "اعلمن أن التصدق بكل المال" - إلى آخر - هذا إشارة إلى تنبيه إيضاح المسالك. يعني أنه مما ينبغي أن يتفطن له ويعلم أن هذه المسائل لم تجر على هذه القاعدة وهي من تصدق بماله كله حتى يكون غير مستطيع ليسقط عنه الحج، ومن أخرت الصلاة حتى حاضت في الوقت [ومنشئ السفر في رمضان للإفطار، ومؤخر الصلاة إلى السفر للتقصير]. ومن صنع بما عنده من العين حليا لتسقط /125 - ب عنه الزكاة [ومن أخر قبض الدين فرارا من الزكاة، ومن باع نعم الزكاة قبل كمال الحول لتسقط عنه الزكاة] فإنه لا يعاقب واحد منهم بنقيض مقصوده، ويعتبر ما صار إليه حاله، ووجه ذلك عند بعض الشيوخ أن وقت الحج موسع، وكذلك الوقت موسع في الحائض والمسافر وصاحب الحلى إنما صنعه قبل حصول الحول الذي هو شرط، وكذلك بائع النعم ومن أخر قبض دينه إنما

سقط عنه زكاته، لأن الأصل بقاء ما كان على ما كان من عدم الزكاة كالمال الموروث غير المقبوض، إنما يتأتى النظر فيه إذا قلنا من ملك أن يملك يعد مالكا والتقدير على خلاف الأصل. وأيضا فإن هذه الأفعال إنما هي مباحة أو مندوبة بخلاف القتل، والتطليق في المرض وما أشبه ذلك من المسائل التي وقعت فيها المعاملة بالنقيض فإنها دائرة بين محرم ومكروه فتأمله انتهى. قوله: "فيمن تبرعت خلاف قد علم" هو إشارة إلى ذات الزوج تقصد بعطية الثلث فدون الإضرار بالزوج المشهور يمنعها، وهو قول ابن القاسم وأصبغ في الواضحة وقال مطرف وأشهب وابن الماجشون عن مالك: إذا تصدقت بالثلث فأقل على وجه الضرر بالزوج فله رده. واختاره ابن حبيب. وقيل إن ضارت بالثلث رد لا بأقل. قال الإمام أبو عبد الله المقرى: قاعدة: اختلف المالكية في المضارة هل تعتبر في الثلث فيرد ما علم أنه أراد به الضرر مما منع به أو لا إضرار في الثلث فلا يرد. قوله: "وما لحيض سفر" أي وما أخر من الصلاة بمجئ حيض في الوقت يسقطها فجاء أو لوقوع سفر فيه يقصرها فوقع، وفي بعض النسخ بحيض بالباء، أي بسبب توقع حيض، أو في صورة حيض وفي بعضها كما لحيض. [ص] 277 - وأبق ما كان على ما كانا ... مثمونا أو أجلا أو أثمانا 178 - عند التنازع بقبض وانقضا ... بسكت بائع طويلا أنقضا 279 - لمشتر كبقل أو لحم بيان ... به وإلا فخلاف يستبان / 126 أ 280 - إن ادعى الدفع قبيل القبض ... وبعده فلا وشبه الفرض 281 - كحال استصحب أو ما قد وقع ... ................

[ش] الأصل بقاء ما كان على ما كان وهو المعبر عنه باستصحاب الحال حتى يظن عدم البقاء، وقيل حتى يوقن، فإذا اختلفا في القبض فالقول قول البائع في الثمن والمبتاع في المثمون إلا أن يبين بنحو البقل واللحم مما العادة فيه شرعية القبض فإن القول قوله عند مالك في دفع الثمن، فإن قبض ولم يبين فقولان للمالكية. أو يأتي من الزمن ما لا يمكن الصبر إليه، أو ما ينكر مثله في ذلك البيع فالقول قول المشترى في دفع الثمن عندهم أيضا ويرجع في قبض المثمون إلى العادة. وإذا اختلفا في انقضاء الأجل، وانقطاع الخيار فالقول قول مشترطه، إلا بقول أو فعل يدل على إسقاطه، فإن احتمل فالأصل البناء. وكذلك إذا اختلف البائع والمبتاع في مضى أمد العهدة فإن فيه قولين: أحدهما: تصديق البائع، لأن المشترى يحاول نقض بيع قد انعقد. والآخر: أن القول قول المشترى استصحابا للأصل، وهو كون الضمان من البائع

وكذلك لو باع عبدا فتبرأ في العقد من الآباق ففيه قولان: أحدهما: أن إثبات خروجه سالما من العهدة على البائع، استصحابا لحال الضمان، وهي رواية ابن نافع عن مالك في المدونة. والثاني: أن على المشترى إثبات أنه قد هلك في العهدة، وبه أخذ ابن القاسم وكذلك لو اختلف المتبايعان في عبد بيع بالخيار وقد ذهبت أيام الخيار هل مات في أيام الخيار أو بعد ذهابه، ففيه أيضا قولان، سببهما استصحاب حال كون البيع منعقدا أو استصحاب حال ثبوت الضمان. وكذلك لو اختلفا في تاريخ انعقاد البيع وتداعيا في قدم العيب وحدوثه أن القول قول المشترى في التاريخ، استصحابا لعدم عقده، وقيل القول قول البائع استصحابا لكون البيع منعقدا فلا ينتقض بالدعوى. وكذلك لو زعم المشترى على رؤية متقدمة أن المبيع تغير عن حالته الأولى إلى ما هو أدون فقال 126 - ب ابن القاسم: القول قول البائع. وقال أشهب: قول المشترى بناء على أن الأصل بقاء ما كان على ما كان، والأصل براءة ذمة المشترى من الثمن. قال القاضي أبو عبد الله المقرى: قاعدة: الأصل بقاء الشيء لمن هو في يده إلا بدليل، لأن الأصل بقاء ما كان على ما كان، فإذا اختلفا في القبض فالقول قول البائع في الثمن والمبتاع في المثمون، إلا أن يبين بنحو البقل واللحم مما العادة فيه سرعة القبض فإن القول قوله في دفع الثمن عند المالكية فإن قبض ولم يبين فقولان لهم، أو يأتي من الزمان ما لا يمكن الصبر إليه، وما ينكر مثله في ذلك البيع فالقول قول المشترى في دفع الثمن عندهم أيضا ويرجع في قبض المثمون إلى العادة، وإذا اختلفا في انقضاء الأجل وانقطاع

الخيار فالقول قول مشترطه إلا بقول أو فعل يدل على إسقاطه، فإن احتمل فالأصل البقاء فإن اتهم على قصد الإسقاط استظهر باليمين على الخلاف في إيمان التهم. قوله: "مثمونا أو أجلا، أو أثمانا عند التنازع بقبض وانقضا" نصب مثمونا على البدل من مفعول أبق، وباء بقبض للظرفية، وهو راجع إلى المثمون والثمن والانقضاء راجع إلى الأجل أي ابق المثمون عند التنازع في قبضه على ما كان عليه من كونه بيد البائع، وأبق الثمن عند التنازع في قبضه على ما كان عليه من كونه في يد المشترى، وأبق الأجل عند التنازع في انقضائه على ما كان عليه من كونه لم ينقض. قوله: "فسكت بائع طويلا انقضاء لمشتر" أي يقضى للمشترى بدفع الثمن بسبب سكت البائع الزمن الطويل الذي لا يمكن الصبر إليه. وفي بعض النسخ بدل هذا - إن لم يطل سكت وإلا فالقضاء لمشتر - أي أبق مثمونا أو أجلا أو أثمانا على ما كانت إن لم يطل في الثمن سكت وإن طال فالقضاء لمشتر. قوله: "كبقل أو لحم بيان به" أي كما يقضى للمشترى فيما جرت العادة فيه بسرعة قبض الثمن كاللحم والبقل إذا بان به. قوله: "وإلا فخلاف استبان، إن ادعة الدفع قبيل القبض /127 - أوبعده فلا" أي وإن لم يبن بنحو اللحم والبقل وقد قبضه ثم تنازع مع البائع في دفع الثمن بأن ادعى أنه دفع قبل القبض فقولان، وإن ادعى الدفع بعده فلا يصدق والقول قول البائع. قوله: "وشبه الفرض كحال استصحب أو ما قد وقع" شبه بالنصب، عطفا على مثمون والحال المستصحبة إشارة إلى الفروع المذكورة، والذي قد وقع كانعقاد البيع في الاختلاف في مضى أمد العهدة وفي قدم البيع وحدوثه. [ص] ............... ... وبدل مع أصله لا يجتمع 282 - وقيل إن ضعف قواه البدل ... كماء استعمل والخف نقل [ش] أي ومن الأصول السابقة أن الأصل لا يجتمع مع البدل، وقيل إلا أن يضعف فيقويه البدل.

قال القاضي أبو عبد الله المقرى: قاعدة: لا يجتمع الأصل والبدل إلا بدليل وعن بعض المالكية إن ضعف الأصل ولم يسقط قواه البدل فمن لم يجد إلا ماء مستعملا، أو قليلا بنجاسة، فإن لم يغلب الأصل بدأ به كالمستعمل، وأحد الأقوال في القليل، وصلى بهما صلاة واحدة، وإن غلب بدأ بالبدل وصلى صلاتين. وقال الأوزاعى: في الخف المخرق يمسح ما استتر ويغسل ما ظهر ولا دليل على التلفيق. ورواه الوليد صاحبه عن مالك وضعف فرد بإخراج الصحيحين له فوهم، وهذا على الخلاف في سماع الاستبعاد، والحق أنه لا يقبل وأن من عرف حجة على من لم يعرف، ومن أثبت حجة على من نفى. قوله: "كماء استعمل" أي على القول بأنه مشكوك فيه فيتوضأ به ثم يتيمم لصلاة واحدة. قوله: "والخف نقل" أي نقل عن مالك أنه يجمع فيه بين الغسل والمسح، وذلك فيما إذا لم يكن ساترا لمحل الفرض، وهي رواية الوليد بن مسلم عن مالك. قال الشيخ ابن عرفة: ولا يمسح على غير ساتر كل محل الغسل، وروى الوليد يمسح ويغسل ما بقى فغمزه الباجي بأن هذا إنما يعرف للأوزاعى، وهو كثير الرواية عنه ومال إليه المازرى، ورده ابن عبد السلام بأنه أحد رجال الصحيحين ولم يوهمه أحد. قلت: قال المروى والذهبي فيه 127 - ب عن بعضهم مدلس ولم يفصله

ومقتضى كلام الثلاثة انفراده بالرواية. ونص كلام ابن رشد ومفهومه عدم انفراده والاقتصار على مسحه دون غسل ما بقى. قال روى على، وأبو مصعب والوليد: يمسح على مقطوع المحرم أسفل من الكعبين وزاد الأوزاعى غسل ما بقى. [ص] 283 - بفاسد في الحال لا تواعد ... كعدة بيع طعام وارد 284 - ما ليس عندك كذا وما منع ... للوقت في الصرف خلاف قد سمع [ش] الأصل والقاعدة منع المواعدة بما لا يصح وقوعه في الحال حماية. قال القاضي أبو عبد الله المقرى: قاعدة: أصل مالك منع المواعدة بما لا يصح وقوعه في الحال حماية [ومن ثم منع مالك] المواعدة في العدة وعلى بيع الطعام قبل قبضه ووقت نداء الجمعة وعلى ما ليس عندك، وفي الصرف، [مشهورها المنع]. وثالثها: الكراهة وشهرت أيضا لجوازه في الحال، وشبهت بعقد فيه تأخير وفسرت به المدونة انتهى. قال في إيضاح المسالك: تنبيه: قال اللخمي: المواعدة في بيع الطعام قبل قبضه كالصرف وقد اختلف فيها فيه.

ابن رشد: فتكون فيها ثلاثة أقوال: وليس كما قال، والفرق أنها في الصرف فإنما يتخيل فيها وقوع عقد فيه تأخير، وهي في الطعام قبل قبضه كالمواعدة على النكاح في العدة، وإنما منعت فيهما لأن إبرام العقد محرم فيهما فجعلت المواعدة حريما له وليس إبرام العقد في الصرف بمحرم فتجعل المواعدة حريما، وقد ذكر هذا الفرق لمن يعتني بالفقه فلم يفهمه وهو ظاهر. قوله: "وما منع للوقت" ما واقعه على البيع ونحوه، والمراد بالوقت وقت نداء الجمعة، وسمع بمعنى قبل، أي بخلاف تخريجه اللخمي في بيع الطعام قبل قبضه فإنه غير مقبول. [ص] 285 - تبيح محظورا ضرورة كما ... لذى اضطرار وخلاف علما 286 - في كسفاتج ربا وسائس ... بسالم وأخضر بيابس /128 أ 287 - في سنة ونجس كعك ... ... ...................... [ش] قال القاضي أبو عبد الله المقرى: قاعدة: من الأقوال الجمهورية الضرورات تبيح المحظورات وأصل ذلك ثابت في الميتة والخمر للغصة، ومال الغير واختلف المالكية في إباحتها للربا ونحوه كالمسافر والمضطر يأتي إلى دار الضرب بتبر فيدفعه وأجره العمل ويحسب ما نقص ثم يأخذ في مقابلة الباقي مسكوكا وكمسألة دار الإشقالية والسفاتج

والمستاس بالسالم في المسغبة، والدقيق والكعك للحاج بمثله في بلد آخر. قال مالك: يسلف ولا يشترط والأخضر في وقت الحصاد باليابس في المجاعة وكبيع النجاسة. ثالثها: المشهور يجوز ما اختلف في نجاسته لا ما أجمع عليه ومن ثم قيل المشترى أعذر فيها من البائع، وأصله القياس على الرخصة المباحة للضرورة كالقرض والقراض والجعل والعرية والمساقاة ونحوها وقد تقدم مثله. قوله: "في سنة" أي مجاعة. [ص] ............... وما ... أخر بعد الوقت قرضا رسما 288 - كعكس أولا ............ ... ............ [ش] أي من أخر ما وجب له عد مسلفا وعكسه من عجل ما لم يجب عليه هل يعد مسلفا ليقضى من ذمته إذا حل الأجل، إلا في المقاصة وهو المشهور، أو مؤديا، ولا سلف ولا اقتضاء وهو المنصور، لأنه إنما قصد إلى البراءة والقضاء ومن أجل الأصل الأول لم يجز بأن يأمره بصرفه ولا أن يسلمه لئلا يكون تأخيرا لمنفعة وإن أسلمه إلى نفسه ففسخ دين في دين. وعلى الأصل الثاني: صرف المؤجل ومسألة الغرس في بيوع الآجال أن يسلم فرسا في عشرة أثواب إلى أجل ثم يشتريه بخمسة منها ويسترد معه خمسة.

قال القاضي أبو عبد الله المقرى: قاعدة: قال المالكية: من أخر ما وجب عليه عد مسلفا، ومن ثم لم يجز أن يأمره بصرفه ولا أن يسلمه لئلا يكون تأخيرا بمنفعة [وإن أسلمه إلى نفسه ففسخ دين في دين، ومن ذلك أن يقرض /128 - ب في مسألة] الحمار في كتاب الآجال وهي باع حمارا بعشرة إلى أجل، ثم استقال منه فرده ودينارًا نقدا، قال في المدونة: لا يجوز، لأنه بيع وسلف، وضع وتعجل، وذهب بذهب، وعرض غير يد بيد، فنفرض الدينار مؤجلا إلى أبعد من الأجل ولا خلاف بينهم في منعه. وقال أيضا: قاعدة: المشهور من مذهب مالك أن المعجل كالسلف ليقبض من ذمته إذا حل الأجل إلا في المقاصة، والمنصور أنه مؤد، ولا سلف، ولا اقتضاء، لأنه إنما قصد إلى القضاء والبراءة، وعليه مسألة الفرس في بيوع الآجال أن يسلم فرسا في عشرة أثواب إلى أجل ثم يشتريه بخمسة منها ويسترد معه خمسة، قال في المدونة: لا يجوز، لأنه إن كان يساوي دون الخمسة دخله ضع وتعجل، أو فوقها فحط الضمان، ولأنه بيع بخمسة والخمسة الأخرى سلف من المعجل يأخذه من ذمته. قوله: "أولا" راجع إلى قوله: "كعكس" أي المؤخر سلف باتفاق، واختلف هل المعجل سلف أو لا. [ص] .... نفى ما قد أدى ... إثباته إليه أولى عدا 289 - من فروع جعل عبد مهرا ... كمعتقين ادعيا أقرا 290 - وقبض مهر أمه ومن شهد ... بعتق أو حمل وشبهها .... [ش] كل ما أدى ثبوته إلى نفيه فنفيه أولى ومن ثم إذا جعل رقبة العبد صداقا

لزوجته فسد النكاح، لأن صحة كونه صداقا يلزم منه ملكها له ويلزم منه فسخ النكاح، ويلزم من فسخه ارتفاع الصداق، لأنه قبل البناء، ويلزم منه عدم كونه صداقا. وإذا عتق عبديه فادعاهما غيره فشهد له العبدان، قال مالك: لا تقبل شهادتهما، لأنا لو قبلناها لصارا رقيقين وبالرق تبطل الشهادة، فلو صحت لبطلت فتبطل. وإذا زوج أمته وقبض صداقها وتصرف فيه، ثم أعتقها قبل البناء، فلا خيار لها، لأن ثبوت الخيار يرفعه، إذ لو اختارت لسقط الصداق، وإذا سقط بطل عتقها بصيرورة السيد مدينا وإذا بطل عتقها /129 - أبطل خيارها وإذا شهد رجل مع آخر على عتق عبد فعتق وقبلت شهادته، وشهد ذلك الرجل مرة أخرى فردت شهادته بجرحه فشهد العبد المعتق فيه بالجرحة فلا تقبل شهادته لأنها إن قبلت شهادته ثبتت جرحة الشاهد فإذا ثبتت بطل عتق العبد وإذا بطل سقطت شهادته، وإذا سقطت لم يصح تجريحه للشاهد، وإذا لم يصح تجريحه ثبتت شهادته، وإذا ثبتت صح عتق العبد، وإذا صح عتقه صحت شهادته، وإذا صحت شهادته صح تجريحه، ودارت المسألة أبدا. وإذا توفى وله أمة حامل، وعبدان، وله عاصب فيعتق العاصب العبدين، وتلد الأم ابنا ذكرا فشهد العبدان بعد عتقهما أن الأمة كانت حاملا من سيدها المتوفى، فإن شهادتهما لا تجوز، لأن في إجازة شهادتهما إبطال عقتهما. وإذا زوج عبده من حرة بصداق ضمنه لها، ثم باع منها العبد بالصداق قبل الدخول، فإنه لا يصح البيع، لأنه لو صح لملكت زوجها، ولو ملكته لفسخ النكاح، ولو فسخ لسقط مهرها، وإذا سقط المهر بطل البيع.

وإذا اشترى اثنان عقارا دفعة واحدة، فلا شفعة لإحدهما لأنها لو وجبت لأحدهما لوجبت للآخر، ولو وجبت لهما لزم أن لا تجب لهما. وإذا عدله رجلان فلا يجوز له تجريحه لإحداهما مع غيره بجرحه قديمة قبل تعديله لأن في ذلك إبطال تعديله. وإذا قال متى طلقتك فأنت طالق قبله ثلاثا وهي الملقبة بالشريجية. قال تاج الدين وقد كثرت فيها التصانيف، واشتهر إشكالها من زمن زيد بن ثابت رضي الله عنه، وقيل: الشافعي، وقيل: المدنى وقيل ابن سريج وأخطأ من جعلها من مولدات ابن الحداد وإن كانت في فروعه فليس كل ما في فروعه مما ولده، وإنما

نسبت لابن سريج لقوله: هو ودهماء الشافعية لا يلزمه شيء لأنه لو وقع مشروطه وهو تقديم الثلاث، ولو وقع مشروطه لمنع وقوعه، لأن الثلاث تمنع ما بعدها. ومذهبنا أن قوله قبله لغو فيقع عليه المباشر وتمام الثلاث من المعلق. قال الأستاذ الطرطوشي: هو الذي نختاره /129 ب. قال القاضي أبو عبد الله المقرى: قاعدة: كل حكم يقتضى إثباته رفعه أو رفع موجبه فهو باطل، كمن جعل رقبة العبد صداقا لزوجته فهذا يفسد مطلقا بخلاف الخمر وشبهه وقيل يسقط خيار الأمة إذا أعتقت قبل البناء وقد أتلف السيد الصداق، ولا مال له، لأن ثبوته يعيدها إلى الرق لوجوب بيعها فيه، وذلك يسقط الخيار، فإثباته لها يقتضى رفعه عنها. وقيل: الصداق دين طار باختيارها فلا يرد له العتق المتقدم. وقيل: لها الخيار ثم تباع في الصداق، إذ ذاك هو موجب الأحكام، وهي قاعدة إجراء الأحكام على ما تقتضيه، وعدم الالتفات إلى العوارض، وعلى هذه القاعدة لا تجب المقاصة، وفي الكتاب قولان. قوله: "عدا من الفروع جعل عبد مهرا" يحتمل أن يكون عدا ماضيا مبنيا للمجهول، وألفه لإطلاق القافية، فجعل مرفوع على النيابة. ويحتمل أن يكون أمرا وألفه بدل نون التوكيد الخفيفة في الوقف فجعل منصوب على المفعولية.

[ص] ................. ... ................... ورد 291 - في متلف قيمته أن قوما ... في الحلى والقبر خلاف علما 292 - كالغزل والجدار باج قد عزا ... المثل في العرض ومنها أبرزا 293 - ومثل مثلى سوى ما صريا ... مع جزاف والخلاف رويا 294 - في القرض والغصب بموضع الغلا ... كالما بمعطش وشبه نقلا [ش] قال في إيضاح المسالك: الأصل أن من أتلف مثليا فعليه مثله إلا في المصراة، لأجل اختلاط لبن البائع بلبن المشترى، وعدم تمييز المقدار، وفي الجزاف، وغاصب الماء في المعاطش ومحل عزته، وتسلفه في موضع غلائه على الشاذ المنصور، والأصل أن من أتلف مقوما فعليه قيمته إلا في مسألة الحلى المتقدمة على قول ابن القاسم وأشهب. والغزل على ما سلف من الخلاف، والجدار، ومن دفن في قبر متعديا على رأى سحنون، تنبيهان: الأول: أقام غير واحد من المحققين كابن سهل والباجي، وابن رشد مسألتى جلد البعير والشاة، اللتين في التجارة والصناع /130 - أوغيرهما من مسائل المدونة القضاء بالمثل في العروض كمسألة الرفد في كتاب الغصب ومسألة المخدمة في كتاب أمهات الأولاد من أخدم أمته رجلا سنين ثم وطئها فحملت منه كانت له أم ولد في ملائه، وتؤخذ منه مكانها أمة تخدم في مثل خدمتها، وقيل: تؤخذ منه قيمتها فيؤاجر منها خادم، وبهذا الرأي أعنى القضاء بالمثل في المقوم كان يحكم آخر المجتهدين بفاس. القاضي أبو يحيى

أبو بكر بن خلف المواق يما حكى أبو الحسن الصغير عن أبي محمد صالح عن شيخه أبي محمد بن تاعز يزت. وصرح القاضي أبو الوليد رحمه الله تعالى بأنها رواية عن مالك. وفي صحة الاعتراض عليه عند الحذاق نظر لأنه ثقة راسخ القدم. الثاني: قال بعضهم: الأصل قضاء ما في الذمة بمثله، فإن تعذر، أو تعسر رجع إلى القيمة، وهذا أصل مذهب مالك في ضمان ما سوى المكيلات، والموزونات والمعدودات بالقيمة، أعنى التعذر أو التعسر، وتأويل حديث القصعة وهو معترض بالقرض وبثبوته في الذمة سلما فإن انقطع اعتباره كالفلوس يترك التعامل بها فمشهور مذهبه القضاء بالمثل، والشاذ بالقيمة انتهى. وعنى ببعضهم القاضي أبو عبد الله المقرى. وبمسألتي الحلى والغزل ما تقدم في قاعدة الموزون إذا دخلته صنعة هل يقضى فيه بالمثل أو بالقيمة وتلك القاعدة أليق بما ذكره المؤلف هنا كما فعل في إيضاح المسالك، لكن المؤلف تبع المقرى، والله أعلم.

قال المقري، أثر الكلام السابق: فيقوم منه قاعدة وهي إذا فقد المعنى المقصود مع وجود العين المحسوس، فهل يجعل الحكم تابعا للمعنى فيقدر بعدمه عدم العين أو للعين وجود المعنى كعدمه قولان وقد تقدم مثله. وابن البشير يقول: سبب الخلاف هل المستقر في الذمة شيء معين أو إنما وقعت المعاملة بها بشرط الانتفاع، يعني للعرف، وهما لو صرحا بذلك فسد القرض والشرط العادي لا يزيد على القولى نعم قد يراعي في الحكم ما أشار إليه من نفي الضرر عن الجانبين/ 130 - ب. ومن هنا استصعب القضاء بإيراد قيمة النقد من الشورة إلى بيت البناء ورأينا أن ذلك موكول إلى محاسن العادات مأمور به بمقتضى الجريان على ما اقتضته مكارم الأخلاق ولا ينتهي إلى حد الوجوب الشرعي الموجب للقضاء به، لأنهما لو شرطا ذلك ابتداء لم يجز إلا بمعرفة الشورة وقدر الانتفاع بها وأجله ثم فيه النكاح والبيع إلى غير ذلك مما لا يخفى على من منح فضل تأمل. قولة: ((باج قد عزا)) أي لمالك. قوله: ((ومنها أبرزا)) أي ومن المدونه أقيم المثل في العرض. قوله: ((ومثل مثلي)) هو بالرفع عطفا على قيمته هذا إن كان رد ماضيا مبنيا للمجهول، وإن كان أمرا كان منصوبين. 295 - لأكبر الضرين ينفى الأصغر ... من ذلك الجار ومن يحتكر 296 - وصاحب الماء أو الفدان ... وفرس وشبه للسلطان 297 - وحكمان وسفينة أسير ... يجبر صاحب القليل للكثير

289 - كثور أو دجاجة أو دينار ... كذاك سنور جدار أزيار 299 - وشبهها واصل شرع القضا ... بما يعم كعدى وما مضى [ش] إذا اجتمع ضرران أسقط الأصغر الأكبر ومن ثم جبر المحتكر على البيع وجار المسجد إذا ضاق وجار الطريق والساقية إذا أفسدها السيل وبيع الماء لمن به عطش أو خاف على زرعه ومعه الثمن وصاحب الفدان فر قرن الجبل إذا احتاج الناس إليه وصاحب الجارية والفرس يطلبهما السلطان فإن لم يفعل جبز الناس. وخلع الحكمين والسفينة إذا خافوا غرقها فإنه يرمى منها ما ثقل من المتاع، ويغرم أهل السفينة ما رموا على قيمة ما معهم من المتاع والأسير الكافر يطلب شراءه من ربه من له أسير مسلم ليفديه به، أو شرط عليه الأسير في الفداء فامتنع من هو بيده. قال في إيضاح المسالك: ومن تغليب أحد الضررين ثور وقع بين غصنين، أو دينار وقع في محبرة رجل، أو دجاجة لقطت فصا فيجير /131 - أصاحب القليل منهم على البيع لصاحب الكثير. وانظر مسألة الخوابة والأزيار والجملين والسنور والجدار انتهى. الإمام المازرى بعد أن ذكر الخلاف فيمن غصب حجرا أو خشبة بنى عليها أو لوحا أدخله في سفينة أنشأها عليه وبناه، على اعتبار أشد الشررين باعتبار ذات الضرر ومن يلحقه من حيث كونه غاصبا وغير عاصب قال: وكذا غصب خيط خيط في جرح إن لم يستلزم نزعه إتلاف عضو آدمى من محترم أو حدوث مرض به مخوف فإن لم يستلزم ذلك أو استلزم برده فمختلف فيه بين الشافعية.

ومن هذا الأسلوب لو أن كبشا أدخل رأيه في قدر لغير ربه لا لسبب من أحد لكليهما لم يضمن أحدهما لصاحبه شيئا وهو من جرح العجما، وكذا دخول دينار في دوات غير ربه لا يمكن إخراجه منها إلا بكسرها، وكان شيخنا إذا ذكر هذه المسألة يحكى أن جملين اجتمعا في مضيق لا يمكن نجاة أحدهما إلا بنحر الآخر فحكم بعض القضاة بنحر أحدهما، ويشتركان في الباقي كالمطروح من السفينة لنجاتها، انتهى باختصار. ابن عرفة/ ونص المازرى في كتاب الغصب من شرح التلقين: ومما يجرى في هذه الأبواب لو أن كبشا أو ثورا أدخل رأسه في قدر طباخ ثم لم يمكن إخراج رأسه منها فإنه إن كان لصاحبه سبب في تمكينه من إدخال رأسه في القدر، مثل أن يكون هو سائقه أو قائده، فإنه إذا كرست قدر الطباخ يتخلص الثور يضمن صاحب الثور قيمة القدر، لأنه لإفسادها صان ماله، وهو السبب في تعرض ماله للتلف، لو كان الطباخ هو السبب بأن وضعها وضعا لا تسلم معه فما جرى فيها من تشبث الثور وصاحب الثور لا سبب له فإنه لا يضمن صاحب الثور قيمة القدر، وكذلك لو كانا غير مفرطين جميعا لم يضمن صاحب الثور قيمة القدر، لأن جرح العجما جبار، وكذلك لو دخل فصيل ناقة دارا وأقام حتى /131 - ب عظم جرمه فلم يقدر أن يخرج من الباب فإنا إذا كرسنا الباب لنتمكن من إخراجه كان على صاحب الفصيل غرامة ما أفسد من الباب لأنا صنا ماله بإفساد غيره. قال: وهذه المسائل تجرى على ما نبهنا عليه من اعتبار الضرر والموازنة بين الضررين في كتاب الاستغناء. قال بعض أهل العلم في الدجاجة تلتقط الدراهم أو اللؤلؤة: أنه ما كان من ذلك أكثر من قيمة الدجاجة فعلى صاحبها أن يذبحها بعد أن يدفع إليه صاحب الدراهم، أو اللؤلؤة قيمتها لربها، إلا أن يشاء صاحبها أن يأخذها مذبوحة فله ذلك، وما كان أقل من قيمتها فلا شيء له على صاحبها. وقال بعض المفتين في الثور يدخل قرنيه في فرع شجرة ولا يطيق أحد نزعه: أنه

ينظر إلى قيمة الثور الغصن فإن كان الغصن يساوى أكثر من الثور ذبح الثور مكانه ولم يقطع من الشجرة شيء، ومصيبته من صاحبه، وإن كانت قيمة الثور أكثر من قيمة الذي يقطع من الشجرة ليتخرج الثور، قطع منها ما يتمكن به إخراج الثور عنها وقيمته على صاحب الثور. خللي: فرع لو كان بالدار أزيار ونحوها فأراد البائع إخراجها فلم يسعها الباب، أو كان فيها بعير صغير فكبر ولم يخرج من الباب فقال ابن عبد الحكم ليس على صاحب الباب قلعة ويذبح هذا بعيره، ويكسر جراره. ونزلت بإشبيلية فكتب بها إلى القيروان، فقال الشيخ أبو عمران: الاستحسان أن يهدم الدار ويبنيه البائع إن لم يبق بعد البناء عيب، وإن بقة بعده عيب ينقص الدار، قيل للمشترى: ادفع قيمة الجرار، فإن أبي، قيل للبائع ابن له وأعط قيمة العيب، فغن أبى تركا حتى يصطلحا، وقال أبو بكر بن عبد الرحمن إن علم المبتاع بها ووقع الشراء على أنها للبائع لزم إخراجها وإن لم يعلم وكان الذي يهدم يسيرا اهدمه وأصلحه انتهى. البرزلى: ونزلت مسألة وهي إن قطا عنى وفرغت منفعته فاستغنى فيها شيخنا الإمام فأفتى بوجوب إطعامه وأن لا يقتل، وكذلك ما أيس من منفعته لكبر أو عيب وكذا ذبح القطوط الصغار والحيوان الصغار لقلة غدتء أمهاتها، أو راحتها من ضعفها /132 - أوالصواب في ذلك كله عندى الجواز لارتكاب أخف الضررين لقوله صلى الله عليه وسلم: ((إذا التقى ضرران نفى الأصغر للأكبر)) أنتهى. فإلى مسألة القطوط الصغار، والأعمى أشار صاحب الإيضاح بالنسور أو إلى الهر يستتر.

وسئل بن الفخار عن ثور دخل حائط رجل فاحتك إلى شجرة فدخل رأسه بين غصنين فيها، ولم يقدر على إخراجه، فأجاب: إن الثور إن دخل الحائط ليلا قرضت قرونه وخلصت الشجرة، وإن دخله نهارا قطعت الشجرة وخلص الثور لأن على أصحاب المواشى حفظها بالليل وعلى أصحاب الحوائط حفظها بالنهار انتهى. قال الداودى: ينظر إلى الأقل منهما قيمته فإن كان الثور أقل منهما قيمة من الأغصان ذبح الثور، وإلا قطعت الأغصان وأعطى صاحبها القيمة. قال القاضي أبو عبد الله المقرى: قاعدة: شرط انعقاد البيع الرضى أثر كلامه على بيع المكره وإن بيع العمال إذا أكرموا جائز. قلت: وكذلك من أجبره الحق على البيع لعارض من العوارض كبيع الماء لمن به عطش أو خاف على زرعه، والمحتكر وجار المسجد إذا ضاق والسيل إذا أفسد الطريق، وصاحب الفدان في معقل إذا احتيج إليه، وصاحب الفرس أو الجارية يطلبها السلطان فإن لم يفعل جبر الناس: هكذا في الذخيرة. وفي الإجماع لابن حزم أن هذا لا يجبر إجامعا. قاعدة: أصل الشريعة القضاء للعامة على الخاصة كما في هذه المسائل، قال المالكية: ولذا تباع الدواب العادية في الزرع بموضوع لا زرع فيه، تتقى عليه فإن تعذر تقدم إلى

أصحابها أن يضمنوا ما أصابت ليلا أو نهارا، وإلا فليلا لأن عليهم حفظها لا نهارا لأن الغالب على أرباب الحوائط حفظها بالنهار. قال في إيضاح المسالك: وانظر المعيان والساحر والضارب على الخطوط انتهى. الشيخ ابن عرفة: وكان القضاة ببلدنا ينفون من ظهر عليه الضرب على الخطوط بعد تأديبه بحسب اجتهادهم إلى بلاد المشرق، فبعث فقهاء المشرق إليهم بالتعقيب /132 - أعليهم في ذلك وقالوا: أنتم فعلكم هذا كمن أراح نفسه من معتد في محله بإرساله على غيره من المسلمين، فأجابوهم بأن المنفى لا قدرة له على خطوط من وصل إليهم لعدم ممارسته خطوطهم انتهى. وفي حكاية الأبي لهذه الحكاية: فاجيبوا بان مفسدته ليست محققة الوقوع عندكم، فإنه لا يعرف شهودكم ولا خطوطكم إلا بعد مدة وعمر وقد لا يحيى إليها، فلم نبعث إليكم بمفسدة محققة انتهى. المازرى: قال العلماء: ينبغي أن يتجنب من عرف بإصابة العين ويحتزر منه، وينبغي للإمام أن يمنعه من مداخلة الناس [وإن يلزم بيته] وإن كان فقيرًا أجرى عليه رزقه ويكف أذاه عن الناس وضرره أشد من شرر آكل الثوم الذي منعه صلى الله عليه وسلم دخلوه المسجد لئلا يضر بالناس ومن ضرر المجذوم الذي نهاه عمر من مخالطة الناس، ومن ضرر المواشى العادية التي أمر بتغريبها

وقال المقري أيضاً: قاعدة: العمل بالراجح واجب بالإجماع فتسقط المفسدة المرجوحة للمصلحة الراجحة [إذا تضرر الجمع، بخلاف ما اختلف فيه المالكية وغيرهم من مخالطة يسير الحرام] لكثير الحلال لا مكان الجمع بالإبراء والقسمة وغيرهما. قوله: "من ذلك الجار" أي للمسجد، أو الطريق، أو الساقية. قوله: "والشبه" هو الجارية، قوله: "وحكمان" أي خلعهما، قوله: "وسفينة" أي في الرمى منها، قوله: "أو دجاجة" أي لقطت فصا. قوله: "أو دينار" أي وقع في محبرة رجل. قوله: "يجبر صاحب القليل للكثير" هي قاعدة داخلة فيما قبلها وأمثلتها ما بعدها، وكذا قوله: "وأصل شرع القضاء بما يعم" أي أصل الشريعة القضاء للعامة على الخاصة وقوله: "كعدا" أي كذات عداء وهي البهيمة التي تتعدى في الزرع تباع بموضوع لا زرع فيه تتقى عليه. قوله: "وما مضى" أي في أصل القاعدة من مسائل الجار والمحتكر وصاحب الماء أو الفداء، ابو الفرس أو الجارية. [ص] 300 - أخف مكروهين أو خطرين ... إن لم يكن بد كفى ضرين /133 - أ 301 - قدم كبقر وعراة وكذا ... مضطر أو ما من نكاح أنفذا [ش] قال في إيضاح المسالك: إذا تقابل مكروهان أو محظوران أو ضرران، ولم يمكن الخروج عنهما وجب ارتكاب أخفهما، وقد يختلف في بعضها [كبقر الميت رجاء الولد والمال] وكالعراة في الضوء قيل: يجلسون ويومون وقيل: يقومون ويقضون [وكأكل المضطر ميتة الآدمي] وكإمام الخوف في الحضر يصلى بإحدى الطائفتين. قيل: ينتظر الثانية جالساً استصحاباً، وقيل: قائماً، لأنه فرض، ويقبل الطول ثم اختلفوا هل يقرأ، أو يسبح، والأصل القراءة.

وكإنفاذ المالكية ما سوى ابن عبد الحكم والمغيرة، وابن مسلمة، ورواية حمديس عن مالكم واختيار ابن لبابة وقول الشافعي وأكثر العلماء والأئمة، نكاح الثاني في مسألة الوليين بالدخول، وكإنفاذهم به ما فسد لصداقة بصداق المثل، وما عقد بالولاية العامة أو الخاصة، وليست بولاية إجبار، وبالطول وبكونه صوابا، ونظرا أو ينتقل حكما كفوات البيع الفاسد بالقيمة انتهى. وقال القاضي أبو عبد الله المقرى: قاعدة: إذا تقابل مكروهان، أو محظوران أو ضرران ولم يمكن الخروج عنهما وجب ارتكاب أخفهما، وقد يختلف فيه كالعرايا في الضوء قيل: يجلسون ويمون، وقيل: يقومون ويقضون، وكإمام الخوف في الحضر يصلى بإحدى الطائفتين، قيل: ينتظر الثانية جالسا استصحابا، وقيل: قائما، لأنه فرض، ويقبل الطول، ثم اختلف هل يقرأ، أو يسبح والأصل القراءة، وكبقر الميت رجاء الولد أو المال النفيس، وكأكل المضطر ميتة الآدمي، وكله في مذهب مالك. وقال أيضا: ترجح المفسدة على المفسدة فيسقط اعتبارها ارتكابا بأخف الضررين عن تعذر الخروج عنهما، كإنفاذ المالكية - إلا ابن عبد الحكم نكاح الثاني في مسألة الوليين بالدخول وكإنفاذهم به ما فسد لصداقه على صداق المثل، وما عقد بالولاية العامة والخاصة ليست بولاية إجبار / 133 - ب وبالطول وكونه صوابا أو ينتقل حكمها كفوات البيع الفاسد بالقيمة [هذا أصل مالك وخالفه الشافعي فيه على الجملة.

فصل في عدم سقوط الوجوب بالنسيان

قوله: "أخف"] هو مفعول مقدم. قوله "كفى ضرين" أي كما يرتكب الأخف في تقابل ضرين كما مر. [ص] ... فصل [ش] انظر ما الكلى الجامع للقواعد المذكورة في هذا الفصل حتى عقد لها فصلا يخصها ومن البعيد أن يقال: عقد هذا الفصل لما يتوهم أنه يسقط الشيء وهو لا يسقطه، كالنسيان لا يسقط الوجوب، وكالشك في حصول الشرط لا يسقط المشروط، وكذا شهادة النفى لا تسقط شهادة الإثبات بل الأمر بالعكس، وقال إسماعيل: شهادة القتل ساقطة. وكذا أخذ من بيده المال لخرجه لا يسقط ضمانه بل يقرره ولا إشكال في بعد هذه المناسبة وتكلفها، وعلى تسليمها فما وجه دخول تبعية الربح للمال تحت هذه المناسبة، وما هو الكلى الجامع لها وللأربع المذكورة معها، والمقرى ذكر قاعدة الشك في الشرط بوجب الشك في المشروط وقاعدة لا يسقط الوجوب وبالنسيان وقاعدة النسيان لا يجعل المتروك من المأمور به مفعولا في الطهارة وقاعدة الخطأ لا يكون عذرا في إسقاط المأمورات في الصلاة وقاعدة الناسى أعذر من المخطى وقاعدة لا يتفرق العمل من النسيان في باب سقوط المأمورات في الصوم وأما قاعدة النافى مقدم على المثبت فلم يذكرها أصلا والمؤلف

في مختصر المنهج لم يذكر في الفصل إلا قاعدة لا يسقط الوجوب بالنسيان ولم يخلط معها غيرها فانظر ذلك. [ص] 302 - لا يسقط الوجوب بالنسيان ... وفي ضعيف مدرك قولان 303 - في نجس نضح وترتيب علم ... كقبلة تسمية فور نعم 304 - كفارة تسقط عمن لم يطأ ... وعنه شهر وبعذر أسقطا 305 - في طوع حج وصلاة وصيام ... طواف قادم عكوف وائتمان /134 أ 306 - وعمرة إذ لزمت من شرعا ... وفي ائتمام نظر قد سمعا [ش] قال القرافي في الذخيرة: نظائر الأصل: أن الواجب لا يسقط بالنسيان، وأسقطه مالك - رحمه الله - في خمسة مواضع: في النضح، وفي إزالة النجاسة، وفي الموالاة في الوضوء، وفي الترتيب في المنسيات وفي التسمية على الذبيحة على القول بالوجوب، في هذه الخمسة، لضعف مدرك الوجوب فيها بسبب تعارض المأخذ، فقوى الإسقاط بعذر النسيان انتهى. وقال القاضي أبو عبد الله المقرى: قاعدة: الأصل أن لا يسقط الوجوب بالنسيان على ما تحققه بعد. قال القرافى: وأسقطه مالك في خمس نظائر، منها: الموالاة لضعف مدرك الوجوب فيها وهذه قاعدة أخرى. أن ضعف مدرك الوجوب يوجب سقوطه بالنسيان، وقيل في قوله: إذا نسى التسمية أكلت، إنما قال ذلك لفهمه أنها إنما تشترط مع العمد أو لمراعاته الخلاف كالنجاسة.

وقال أيضا: قاعدة: النسيان لا يجعل المتروك من المأمور به مفعولا، فإذا تذكر الماء في رحله أعاد. وثالثها لابن القاسم: فى الوقت، بل يجعل المفعول من المحظور متروكا إلا بدليل يزيده وضوحا أن النسيان ضد الذكر لا ضد الوجود ألا تدري أنه لو نسى الحدث، أو لمعة، أو غسل الرجلين أو الرقبة وصام أو الثوب وصلى عاريا لم يعذر. وقال أيضا: قاعدة الناسى أعذر من المخطئ على الأصح لأن التفريط مع المخطئ أكثر منه مع الناسى فمن ثم جاء الثالث أن التتابع ينقطع بالخطأ، دون النسيان، وهو للمالكية. قاعدة: لا يفترق العمد من النسيان في باب سقوط المأمورات ولا العذر من الاختيار بخلاف ثبوت المنهيات فيهما، هذا هو الأصل، وقد اختلف المالكية فى انقطاع التتابع بالنسيان لا في اختلافهم أهو من باب المأمورات، أو من باب المنهيات. وقال أيضا: قاعدة: الخطأ لا يكون عذرا فى إسقاط المأمورات عند محمد، وقال النعمان: عذر وفرقت بين تيقنه وظنه كما مر. وقال أيضا: قاعدة: اختلفوا في /134 - ب الحاق المخطئ بالناسى، والفرق أن المخطئ معه ميزة وقد قيل بتكليفه انتهى.

وزاد المؤلف على الخمسة السابقة القبلة، وهو بناء على المشهور أن من صلى لغير القبلة ناسيا يعيد الوقت لا أبدا وقد اعترض على ابن الحاجب قوله: ويعيد الناسى والجاهل أبدا على المشهور فيهما. وفى التوضيح فائدة: ثمان مسائل المذهب فيها على الوجوب مع الذكر والسقوط مع النسيان، إزالة النجاسة، والنضح، والموالاة فى الوضوء، وترتيب الصلاة، والتسمية في الذبيحة، والكفارة في رمضان، وطواف القدوم، وقضاء التطوع من صلاة وصيام واعتكاف أعنى إذا قطعه عمدا من غير عذر، لزمه القضاء، وإن كان لعذر لم يلزمه. قوله: ((لا يسقط الوجوب بالنسيان)) البيت، فى طرة على هذا بخط المؤلف من القواعد: لا يسقط الوجوب بالنسيان إلا إذا ضعف مدركه، وقيل: لا يسقط بحال عليها فيما ضعف مدركه ما ذكر من نجس، وتسمية، وموالات، وترتيب، وكفارة وتسمية انتهى. وهذا يشعر بأن الصحيح عنده من القولين فيما ضعف مدركه السقوط ولذا بنى عليه الفروع المذكورة، وهو المشهور أيضا فيها، وضعيف مدرك بالإضافة وفتح الميم والراء وهو المأخذ، والدليل يعنى ما ضعف مدركه من كتاب أو سنة أو إجماع، والتقدير وفى سقوط وجوب ضعيف مدرك بالنسيان قولان. قوله: ((وفى نجس)) بدل من ضعيف مدرك، أو متعلق بعلم، وضميره عائد إلى أحد المقدرين سقوط أو وجوب، أي علم سقوط أو وجوب ضعيف مدرك فى نجس وما بعده، أى فى غسل نجس ونضحه وترتيب الصلاتين فائتتين أو حاضرتين لكنه شرط فى الحاضرتين دون الفائتتين فاستقبال قبلة وتسمية فى الذكاة، وفور في الطهارة، وهو الموالات. قوله: ((نعم كفارة تسقط عمن لم يطأ)) يطأ بإبدال الهمزة ألفا، أي نعم تسقط

الكفارة عمن أفطر فى رمضان بغير الوطء ناسيا كالأكل والشرب ناسيا. قوله: ((وعنه شهر)) أى وشهر سقوطها عن الواطئ ناسيا، ومقابل المشهور قول ابن/ 135 - أالماجشون أنها تجب في نسيان الجماع وإكراهه. والحاصل الاتفاق على السقوط فى الفطر بغير الوطء ناسيا أو مكرها، أو مغلوبا وكذلك الوطء على المشهور. قوله: ((ويعذر أسقطا)) - إلى آخره- أى أسقط القضاء فى طوع الحج وما بعده بسبب العذر، على معنى أنه إن قطع شيئا منها لعذر كالغفلة والنسيان والغلبة فلا قضاء وإلا وجب عليه، لأنها لازمة بالشروع بخلاف غيرها من التطوعات، فلا تجب بالشروع كغسل الجمعة، ووضوء التجديد فله أن يقطعه بعد الشروع فيه، وكذا الوقف كبناء قنطرة فلا يلزم إتمام بنائها بالشروع، بل يجوز القطع فقوله: ((إذ لزمت من شرعا)) أى فيها هو علة المفهوم من قوله: ((وبعذر أسقطا)) إذ مفهومه يجب القضاء حيث لا عذر، وتقييد الطواف بالقادم احتراز عن طواف الإفاضة الذي هو ركن من أركان الحج فيرجع إليه ناسيه من بلده ولا ينجبر بالدم وإلا فسائر الأطوفة التطوعية هى كطواف القدوم فى هذا الحكم من باب الأولى. وفى التوضيح عند قول ابن الحاجب: ومن قطع نافلة عمدا لزمه إعادتها بخلاف المغلوب فائدة: هذى إحدى الأشياء السبعة التى تلزم بالشروع فيها وهى: الصلاة، والصوم، والاعتكاف، والحج، والعمرة، والطواف، والائتمام ونظمها بعضهم فقال: [ص] لاة وصوم ثم حج وعمرة ... يليها طواف واعتكاف وائتمام يعيدهم من كان للقطع عامدا ... لعودهم فرض عليه والتزام

انظر ما ذكر من لزوم الإعادة فى الائتمام فإن الظاهر عدم لزومه انتهى. وهكذا وجدنا هذين البيتين فى التوضيح، ولا يصح وزن الأول، وفى الثاني استعمال ضمير الهاء والميم لما لا يعقل من غير تأويل. وقال أبو العباس القلشاني وقد نقل خليل فى شرحه ما معناه أن سبع عبادات تلزم بالشروع، وإن قطعت عمدا بغير ضرورة أعيدة، وإن قطعت غلبة لم تعد وهى: الصلاة، والصوم، والحج، والعمرة، والطواف، والاعتكاف، والائتمام وقد كنت نظمت هذه المسائل بقولى/ 135 - ب: [ص] لاة وصوم ثم حج وعمرة ... طواف عكوف وائتمام مكمل إذا قطعت عمدا بغير ضرورة ... أعيدت لزوما كيف عدا المحصل خليل حكى ذا القول في شرحه الذي ... يحق لذي لب عليه يعول أعنى أن صلاة التطوع وصومه وحجه وعمرته وطوافه واعتكافه ومن ائتم فى فريضة بإمام لا يجوز لمن تلبس بشيء من ذلك قطعه لغير ضرورة، وتلزم الإعادة فيه إلا مع الغفلة ومثاله بين فى الستة الأولى، ومثل السابع أن يقتدى فى فرض بغيره ثم يريد الانتقال إلى الانفراد لم يصح له، ولو فعل بطلت صلاته، وأما مع الغفلة مثل أن يغلب إمامه الحدث فله أن يكمل بقية صلاته منفردا إلا فى الجمعة، لأن من شرطها الجماعة، انتهى. وحكى عن الشيخ ابن عرفة أنه أنشد بيتين في هذا المعنى أسبك وأفيد مما ذكر رواهما

الشيخ العلامة أبو عبد الله بن غازى عن شيخه الأستاذ أبو عبد الله الصغير عن الفقيه أبى عبد الله العكرمى عن الإمام أبى عبد الله بن عرفة وهما: [ص] لاة وصوم ثم حج وعمرة ... طواف عكوف وائتمام تحتما وفى غيرها كالوقف والطهر خيرن ... فمن شاء فليقطع ومن شاء تمما وإلى قول خليل: وانظر ما ذكر -إلى آخره- وأشار المؤلف بقوله: ((وفى ائتمام نظر قد سمعا)) ومعنى سمع قبل بمعنى أن استشكاله ظاهر مسلم. قلت: ولا إشكال على تفسير القلشاني أن المراد بطلان الصلاة، ولعل خليلا فهم من لزوم الإعادة أنه يعيد الصلاة مؤتما لا مطلق الإعادة، والله تعالى أعلم وفى بعض النسخ بدل قوله ((فى نجس نضح)) -البيتين-. بخبث سم بفور رتب ... كفر وقبل وبعذر أذهب وكتب المؤلف -هذا البيت- بخطه في داخل، وكتب البيتين في خارج نسخة وصححها. وأشار بقوله: ((بخبث)) إلى إزالته بغسل أو نضح، وسم، أمر بالتسمية/ 136 - أفى الذكاة. ورتب أمر بترتيب الصلاتين وكفر، كفارة رمضان، وسبق بيان ذلك فى النسخة الأولى. وقبل استقبال القبلة، أي قبل وجهك وسائل بدنك فى الصلاة، أى، وله القبلة وبعذر أذهب أى أذهب الوجوب بسبب عذر في طوع حج وما بعده أى أسقطه. [ص] 307 - الشك في المائع لا يؤثر ... فى كطلاق وعتاق يذكر 308 - وعكسه الشرط كموقن إذا ... فى حدث شك وشبه احتذى

[ش] الشك في المانع لا أثر له، ومن ثم لم يلزم الطلاق والعتاق والظهار وحرمة الرضاع. والشك فى الشرط يؤثر بمعنى أنه مانع من ترتيب المشروط، ومن ثم وجب الوضوء على من تيقن الطهارة وشك فى الحدث إذا لم يكن مستنكحا، وامتنع القصاص من الأب فى قتل ابنه. قوله: ((فى كطلاق)) متعلق بيذكر، أى يذكر هذا الأصل فى طلاق وعتاق وشبههما. قوله: ((كموقن إذا فى حدث شك)) أى كمن أيقن أنه كان على طهارة إذا شك فى حدث أى هل أحدث بعد ولم يكن مستنكحا، وراجع ما مر فى قول المؤلف: ((والشك فى زيد ونقص كتحقق)). قوله: ((وشبه)) عطف على موقن أى وشبه هذه الصورة، وجملة احتذى نعت لشبه أى وشبه، بصورة الشك فى الطهارة تبعها فى كونه شكا فى الشرط. قال القاضى أبو عبد الله المقرى: قاعدة: قال ابن العربى: الشك ملغى بالإجماع. قال القرافى: فكل سبب أو شرط شك فيه ألغى فلا يترتب الحكم عليه، كمن شك هل طلق، فإنه شك فى السبب فلا تزول العصمة، أو كم طلق فإنه شك فى شرط الرجعة وهو بقاء العصمة فلا تثبت الرجعة وكل مانع شك فيه ألغى فيترتب الحكم فالحكم أبدا بغير المشكوك من معلوم أو مظنون نعم قد يشك فى العين فتصير، كميتة مع ذكية فتغلب الحرمة، وإنما الخلاف فى تحقيق أحد الوجوه في بعض

[ص] ور النزاع، كالشك فى الطهارة. قال محمد: فى السبب الرافع، وقال مالك: فى السبب المبدى وهو الصحة انتهى/ 136 - ب. وسوى اللخمى بين الطلاق والطهارة كالمخالف فخرج الحنث على القول بوجوب الوضوء في حق من تيقن الطهارة وشك فى الحدث، قال: وعلى القول بأن الوضوء مستحب يؤمر هنا بالفراق استحبابا. وفرق غيره بين الشك فى الطلاق والحدث بفرقين: أولهما: عظم المشقة الناشئة عن الطلاق لو أمر به، ويسارة الوضوء. وثانيهما: فى المشكوك يجب طرحه فالشك فى الوضوء، شك فى المشروط وذلك يمنع من الدخول فى الصلاة، والشك فى الطلاق شك فى حصول المانع من استصحاب العمصمة فيطرح المانع انتهى. وإلى هذا الأخير مرجع ما ذكره المقرى. الشيخ ابن عرفة: وفى تخريجه الوجوب يعنى اللخمى نظر لأن الوضوء أيسر من الطلاق، ولأن أسباب نقض الوضوء متكررة غالبة بخلاف أسباب الطلاق. ولما حكى ابن عبد السلام التفريق بمشقة الطلاق دون الوضوء قال: ما أشار إليه فى المدونة من الفرق أحسن. وذلك أنه جعل الشك فى الحدث من الشك فى الشرط والشك فى الشرط كالشك فى المشروط، وذلك مانع من الدخول فى الصلاة، والشك فى الطلاق شك فى حصول المانع من استصحاب العصمة والشك فى المانع لا يوجب التوقف بوجه، والنكتة أن المشكوك فيه مطرح فالشك فى حصول الشرط يوجب طرح الشرط وذلك

يمنع الإقدام على المشروط، والشك فى المانع يوجب طرحه وذلك موجب للتمادى. قلت: من تأمل وأنصف علم أن الشك فى الحدث شك فى مانع لا فى شرط لكنه فى مانع لأمر هو شرط غيره، والمعروف أن الشك فى المانع لغو مطلقا، ويؤيده قوله أن المشكوك فيه مطرح والمشكوك فيه مسألة الوضوء إنما هو الحدث لا الوضوء فيجب طرحه انتهى كلام ابن عرفة فهو موافق للخمى. وإشارته فى المدونة إلى أن مسألة الوضوء من باب الشك فى (...) من جهة أنه شبهها بمن شك أصلى ثلاثا أو أربعا. خليل: واستشكل الشيوخ /137 - ألأن الشك فى الصلاة شك فى المانع والأصل فى الشك الإلغاء، إذ الأصل فى الوضوء دوامه بخلاف الركعات فإن الشك فيها شك فى الشرط والأصل عمارة الذمة بالعدد حتى يتحقق حصوله، وحاصله أن الأصل إلغاء الشك ويلزم منه البقاء على الأصل فى الركعات والبقاء على الطهارة، ويمكن أن يوجه الوجوب بالاحتياط للعبادة إذ الأصل أن الصلاة فى الذمة بيقين فلا تبرأ إلا بيقين، ويمكن أن يقال: نشأ الخلاف هل الشك فى الشرط [يؤثر الشك فى المشروط أم لا؟ انتهى. قال القاضى أبو عبد الله المقرى: قاعدة: الشك فى الشرط] يوجب الشك فى المشروط، ويبنى عليه الوضوء.

قال القرافي: ومن ثم جاز الدعاء بـ {ءاتنا ما وعدتنا} لأنه مشروط بحسن الخاتمة دون {لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا} إلا أن أريد بالنسيان الترك وبـ {ما لا طاقة} البلايا. [ص] 309 - الخرج بالضمان أصل قد ورد ... فى مستحق شفعة بيع فسد 310 - رد بعيب فلس بما رمز ... يجيز من كلم تج [شيس عضز] [ش] يعنى بالخرج الغلة، وباء بالضمان للسببية، والمعنى أن الخرج بالضمان أصل من أصول المذهب قد ورد فيما ذكر بخلاف الغاصب مثلا فإنه يضمن ويرد الغلة. قال صاحب التوضيح: فائدة: والمشترى لا يرد الغلة فى خمسة مواضع: فى الرد بالعيب والبيع الفاسد، والاستحقاق، والشفعة، والتفليس، وهذا إذا فارقت الثمرة الأصول أما إن لم تفارق فالمشهور أنها لا ترد مع أصولها، إذا أزهت، ولم تجد ولا يبست فى الرد بالعيب، وفى البيع الفاسد، وأما الشفعة، والاستحقاق فترد وإن أزهت ما لم تيبس فإذا يبست لم يجب ردها، وفى التفليس ترد ولو يبست ما لم يجذها، وقيل: فى هذه المسائل إلا الآبار فوت. المازرى: وكان بعض أشياخي يرى أنه لا فرق بين هذه المسائل وأنه يخرج فى كل واحدة ما هو منصوص فى الأخرى انتهى. قال فى إيضاح المسالك: تنبيه: للمشترى الغلة فى خمسة مواضع: الرد/137 - ب بالعيب والبيع الفاسد والاستحقاق، والشفعة، والتفليس وقد نظمتها فقلت: ولا يرد مشتر غلة ما ... قد اشتراه فاحفظنه واعلما فى الرد بالعيب والاستحقاق ... وفاسد البيع بلا شقاق

وفلس وشفعة يا طالب ... مكملين عدة المطالب ففى المقدمات ذا مذكور ... وفى خليل مثله مشهور واختلف المشهور بماذا تكون الغلة للمشترى فى هذه المواضع إن لم تفارق الأصول فاحفظها بما ضبطها بعضهم بهذه الحروف -تجذ عفازا شيسا فالتاء من تجذ للتفليس والجيم والذال للجذاذ فالمشهور أنها لا تكون للمشترى فى التفليس إلا بالجذاذ. والعين والفاء من -عفاز- للرد بالعيب والبيع الفاسد، والزاى للزهو، فالمشهور أنها لا ترد مع أصولها إذا أزهت، ولم تجذ ولا يبست فى الرد بالعيب، وفى البيع الفاسد، والشين والسين من -شيسا- للشفعة والاستحقاق، والياء لليبس، فالمشهور أنها ترد مع أصولها وإن أزهت ما لم تيبس فى الشفعة والاستحقاق انتهى. الشيخ أبو عبد الله المقرى بن غازى بعد أن ذكر كلام المازرى السابق قال: وقبله ابن عرفة بعد أن نقل غيره، وعليه اقتصر فى التوضيح، وقد كنت نظمت هذه المعانى فى رجز مع زيادة بعض الفوائد فقلت: الخرج بالضمان فى التفليس ... والعيب عن جهل وعن تدليس وفاسد وشفعة ومستحق ... ذى عوض ولو كوقف فى الأحق والجذ فى الثمار فيما انتقيا ... يضبطه تجذ عفزا شسيا الخرج والخراج لغتان اجتمعتا فى قراءة نافع ومن وافقه {أم تسئلهم خرجا فخراج ربك خير}.

ودخل تحت الكاف من قولنا كوقف الاستحقاق بالحرية، ومعنى فى الأحق فى القول الأحق تلويحا لقول المغيرة ومن وافقه، ومعنى/ 138 - أأنتقى اختير وهو مبنى لما لم يسم فاعله. قال: وأختصرتها فى بيت من المجتث فقلت: ضمن بخرج وفيا ... تجذ عفزا شسيا على أنهما مسبوقان بهذا التركيب الذى هو تجذ عفزا شسيا، سبق إليه الوانوغي. قوله: ((بما رمز)) هو بدل من قوله: ((فى مستحق)) وما عطف عليه والباء ظرفية. وقوله: ((يجيز)) يتعلق برمز. وقوله: ((من كلم)) حال من جيز وهو مضاف لما بعده، والجيم للجذاذ والياء لليبس، والزاي للزهو والتاء من تج للتفليس، فالثمرة فيه تفوت بالجذاذ وهو المرموز بالجيم، والشين، والسين من شسى للشفعة والاستحقاق فالفوت فيهما باليبس وهو المرموز له بالياء. والعين والفاء من عفز، للرد بالعيب والبيع الفاسد فالفوت فيهما بالزهو وهو المرموز له بالزاى. [ص] 311 - والربح تابع لمال ماعدا ... غصبا وديعة وتفليسا بدا [ش] من الأصول والقواعد، الربح يتبع المال الأصل، فيكون ملكا لمن له المال الأصل إلا فى ثلاثة مواضع: الغاصب يتجر فى المال المغصوب فالريح له والمال الأصل للمغصوب عنه. والمودع يتجر فى الوديعة فإن الربح له دون رب الوديعة والمفلس يوقف ماله فيتجر فيه فالربح له والمال للغرماء، وهذا على القول بأنه ضمانه إذا تلف منهم لا من المفلس. وأما على أن الضمان من المفلس فهى باقية على قاعدة اتباع الربح للمال، والمشهور أن

ضمان العين منهم وضمان العرض منه، وهو قول ابن القاسم. وعليه فإنما يستثنى من القاعدة ربح العين فقط. ابن عرفة: محمد، قيل لابن القاسم لو اشترى من العين بعد أن وقف سلعة ربح فيها مالا. قال: الربح له يقضى منه دينه. قيل له: كيف يكون له ربح ما ضمانه من غيره. فسكت ولم يوجهه. الشيخ المازري: عندى إن له أن يقول: لما حيل بينه وبين المال فتعدى بالتجربة كانت الديون باقية فى ذمته بالتعدى، وإن كانت ذمته برئت لو لم يتعد، ومن تعد على دنانير أو دراهم فتجر فربحها له، وهذا يدفع المناقضة دفعا ظاهرا ولعله إنما سكت/ 138 - ب استثقالا للمعارضة التى هي كالمناقضة، انتهى. أو أشار المؤلف إلى مسألة تفليسها إذا حبس الغريم لبعض أرباب الديون ليفلس وقسم ماله فمن أراد أخذ منابه أخذه، ومن أبقاه فليس لأخذ منابه فيه شئ إلا فى ربحه فيضرب فيه بما بقى. انظر تمامها بعد، وحمل كلام المؤلف على هذه أقرب أو متيعن وهو الذي رأيت فى طرة بخطة لهذا المحل كما عبر عن هذا الأصل فى الطرة بقوله: الأرباح تابعة للأموال عدا ما ذكر انتهى. وقال بعض أصحاب النظائر: الأرباح تابعة للأصول إلا فى ثلاث مسائل فى المدونة: فمن ذلك قوله فى كتاب التفليس: وإذا أراد واحد من الغرماء تفليس الغريم وحبسه وقال الباقون: ندعه يسعى، حبس لمن أراد حبسه إن تبين رده ثم إن شاء الآخرون محاصة القائم فيما له فلذلك لهم ثم لهم قبض ما نابهم وإبقاؤه بيده، فإن أقروه فى يده لم يكن للقائم أن يأخذ منه شيئا فى بقية دينه إلا أن يخرج منه ربحا أو يفيد فائدة من غيره

فيضرب في الربح أو الفائدة القائم بما بقى له، وهؤلاء الغرماء بما بقى لهم بعد الذى أبقوه بيده، لأنهم فيما ردوا إليه كمن عامله بعد التفليس فيكون من عامله أخرى أولى بما فى يده بقدر ما ينوبه، ثم يتحاصون مع القائم فى الربح أو الفائدة كما وصفنا. والثانية: مسألة الغاصب فتجر به وربح فالربح للغاصب وليس لرب المال فيه شئ. والثالثة: مسألة المودع إذا تعدى فى الوديعة فتجر بها فالربح له حلال، دون رب المال. قال بعض المتأخرين إنما يطيب له الربح إذا رد رأس المال كما هو، وأما لو لم يرده فلا يحل له من الربح قليل ولا كثير، هكذا ذكره أبو محمد عبد الله بن أبى زيد فى النوادر فاعرفه انتهى. قوله: ثم لهم قبض ما بأيديهم أو إبقاؤه بيده، أى ما صار لهم فى المحاصة فيعد صيرورته لهم هم مخيرون بين أخذه وتركه بيد المفلس. قوله فإن أقروه فى يده- إلى قوله- أو يفيد فائدة من غيره: أى فإن أقره بعضهم بيده فليس لمن لم يقر شيئا فى يده أن يأخذه من المال الذي أقر فى يده إذا/ 139 - أأراد الأخذ منه بعد ذلك، وإنما يأخذ مما ربح فيه إن ربح أو مما أفاد إن أفاد شيئا. قوله: بعد الذي ألقوا بيده أى بعد أخذ الذى بيده، الذي هو رأس المال المتروك عنده أو لا مما صار لهم فى المحاصة. وفى مسألة المدونة: المال المتجدد بعد التفليس بمعاملة غرماء آخرين ليس للغرماء الأولين الذين فلسوه فيه شئ إلا في ربحه.

ابن عرفة: وقولها من عامله بعد تفليسه أحق بما بيده من متقدم غرمائه فى قدر ما عامله به إلا فيما أفاد من ربح أو غيره يفسر قول ابن شاس: والمال المتجدد يحتاج لحجر ثان. [ص] 312 - والعرض إن بيع بعرض فاستحق ... رد بعينه وإن فات يحق 313 - قيمته إلا بخلع ونكاح ... مكاتب مقاطع عمرى اصطلاح 314 - فقيمة العوض والمقيد ... منها مساقاة قراض وجدوا 315 - فرسها منها عياض الكثير ... عليه والغير بتأويل بصير [ش] الأصل أن من باع عرضا بعرض فاستحق أحدهما رجع المستحق من يده فى عين شيئه إن كان قائما، أو فى قيمته إن كان فائتا، إلا فى سبع مسائل فإنه يرجع عند الفوات فى قيمة ما استحق من يده لا فى قيمة شيئه. من خالع بعبد فاستحق، لزمه ويرجع بقيمته ومن نكح بعبد بعينه فاستحق أو صالح عن دم عمد على عبد، أو باع السيد عبده من نفسه بعبد، أو باع السيد قطاعة مكاتب به بعبد، أو كان عوضا من عمرى، أو صالح على الإنكار. [قوله: ((اصطلاح)) يشمل الصلح على دم العمد والصلح على الإنكار]. قوله: ((رد بعينه)) خبر العوض، قوله: ((فقيمة العوض)) خبر مبتدأ محذوف أى فالمردود فيها قيمة العوض. قال الشيخ أبو الحسن الصغير على قوله فى كتاب الخلع: وإن كان على عبد بعينه فاستحق رجع بقيمته كالنكاح لأن العصمة التي أخرج من يده لا قيمة لها، ولأن ذلك بينهما كانت فيه مكارمة فيؤدى إلى الرجوع فى المكارمة وهى نظائر أحدها: هذه. والثانية: النكاح على عبد/ 139 - ب بعينه. والثالثة: الصلح على عبد بعينه من دم العمد. والرابعة: السيد يبيع عبده من نفسه على عبد فى ملك الغير فيستحق.

الخامسة: السيد يقاطع مكاتبه على عبد بعينه. السادسة: العمرى على عبد بعينه. السابعة: الصلح على الإنكار على عبد بعينه. والقاعدة أن من استحق من يده شئ إنما يرجع فى عين شيئه. وقال أيضا قبل الخلع: وهذه القاعدة فيما إذا استحق عوض ما لا ثمن له معلوم أنه يرجع بقيمة العوض لا بقيمة المعوض عنه. وذلك النكاح، والصلح على دم العمد والصلح على الإنكار، وقطاعة المكاتب وعتق العبد على عوض، وثمن العمرى، وثمن الخلع. وقال فى كتاب الصلح أثناء كلامه على الصلح على الدم على قوله: فإن وجد عيبا يرد من مثله فى البيوع فرده رجع بقيمة العبد إنما قال يرد من مثله فى البيوع، لئلا يتوهم أن النكاح لما كان أصله المكارمة بخلاف البيوع. ابن يونس: فإن قيل: لم كان لا يرجع فى النكاح والخلع إذا وجد بالعبد عيبا أو استحق بصداق المثل، لأن ذلك قيمة البضع، ويكون كالنكاح بالغرر، أو بتفويض يفوت بالبناء، لأنه يقضى فيه، بصداق المثل، ويرجع فى دم العمد بدية العمد إذا قبلت ويكون قولهم فى بيع العوض بالعوض. فالجواب: عن ذلك أنه لما كان طريقه المكارمة، وكان الإنسان يتزوج بأضعاف صداق المثل [وبعشر صداق المثل] أو أقل أو أكثر لم يكن للبضع قيمة بخلاف من تزوج بغرر أو تفويض، لأن قيمة الغرر غير محققة، وفى التفويض ليس ثم صداق مذكور يرجع إليه فكان الرجوع إلى صداق المثل أولى، وكذلك القول فى الخلع والدم، إذ ليس من عادة الناس أن لا يخالعوا إلا بصداق المثل، ولا يعفوا إلا بمثل الدية، وأنهم يخالعون ويصالحون بأضعاف

ذلك وبعشر ذلك، وبغير شيء فلما كان الأمر كذلك كان الرجوع إلى قيمة ما تراضوا به وتصالحوا عليه أولى وقال على قوله: قال أشهب وابن نافع عن مالك في مكاتب قاطع سيده فيما بقى عليه /140 - أعلى عبد دفعه إليه فاعترف مسروقا، فليرجع المكاتب على السيد بقيمة العبد. ابن يونس: إن قيل: لم لم يرجع بقيمة الكتابة التي قاطعه عليها، كمن أخذ عن دينه عرضا ثم استحق أنه يرجع بدينه؟ قيل: الكتابة: ليست بدين، لأنها تارة تصح وتارة لا تصح، فأشبهت ما لا عوض له معلوما من نكاح أو خلع بعرض يستحق فإنه يرجع بقيمته فكذلك هنا صح منه. وفي شفاء الغليل لشيخ شيوخنا العلامة أبي عبد الله محمد بن غازي - رحمه الله تعالى - على قول خليل في باب الصلح: وإن رد مقوم بعيب رجع بقيمته كنكاح وخلع هذه الثلاثة من النظائر السبع التي رجع فيها لأرش العوض في الرد بالعيب والاستحقاق والشفعة، وقد كنا جمعناها في بيت وهو: [ص] لحان عتقان وبضعان معا ... عمرى لأرش عوض بها ارجعا قوله: "والمقيد" البيتين مراده بالمقيد الشيخ أبو الحسن الصغير، لأن شرحه للمدونة يعرف بالتقييد، لكونه من تقييد تلامذته عنه كالصرصرى والقوري واليحمدي

وابن أبي يحيى. وفي بعض النسخ واليلزوى بدل والمقيد آخر البيت. وروى بدل وجدوا، لأن الشيخ أبا الحسن من بنى يلزوا، وإليهم تنسب خزانة بنى يلزوا. ويعنى أن الشيخ أبا الحسن زاد على السبع المستثنيات ثلاثة أخرى وهي: المساقاة والقراض ومسألة الفرس في الاستحقاق، فتكون المستثنيات التي يرجع فيها إلى قيمة العوض عشر أما مسألتا القراض والمساقاة: فهما إذا أخذ العامل المال والمساقى الحائط على جزء ودفعاه لمن يعمل فيه بأكثر، كما إذا أخذا على النصف ودفعا على الثلثين فإن رب المال أحق بشرطه وهو النصف، على قول مالك وابن القاسم وهو مذهب المدونة ويرجع الثاني ببقية شرطه وهو السدس على العامل، الأول، وكذلك رب الحائط أحق بنصف الثمرة ويرجع المساقى الثاني على الأول بسدس الثمرة، وسواء كان الربح عينا أو عرضا وكان الأصل أن يرجع كل منهما بربع قيمة عمله /140 - ب إذ القاعدة أن من باع عرضا بعرض فاستحق أحدهما وفات أن يرجع المستحق من يده في قيمة شيئه، أو مثله وهو المعوض، وهنا رجع في قيمة العوض، فيلحق هذا بلامستثنيات من هذا الأصل وهذا إنما هو على المشهور أن رب المال أو الحائط يكون أحق بما اشترطه وأما على قول أشهب إن العامل الثاني أحق ورب المال هو الراجح على العامل الأول بما فوت عليه من الربح بشرطه للعامل الثاني أكثر مما شرطه لنفسه فليس ذلك من هذا الوادي، وكذا القول بأنه يرجع بقيمة عمله فهو على الأصل. ابن يونس: ولمالك في الموازية إذا أخذه على النصف ودفعه على الثلثين إلى غيره وربه عالم فربه أولى بنصف الثمرة، ويرجع الثاني على الأول بفضل ما بقى له وكذا في العتبية عن مالك ولا بأس أن يدفعه مساقاة لرب الحائط بأقل مما أخذ إذا لم تظهر الثمرة، ولا يجوز

بمكيلة مسماة ولا بتمر نخل معروفة ولا شيء غير الثمرة ولا بأكثر مما أخذ، ويصير العامل يحتاج إلى أن يزيد من ثمر حائط آخر. ابن (يونس): وأجاز دفعه إلى غير رب الحائط بأكثر مما أخذه فإذا أجاز ذلك مع غير ربه وهو إنما يدفع ما بقى من غير الثمرة التي في الحائط فكذلك يجوز مع ربه لا فرق بينهما، أما أن يجوز فيهما أو يمنع، وهذا أبين. ويحتمل أن يفرق بأن رب الحائط عالم أنه يعطيه الزيادة من حائط آخر، لأنه عالم بمساقاته والأجنبي غير عالم، ولو علم لم يجز فيهما انتهى. وقال ابن رشد: لما ذكر مسألة الموازية وقال فيها إن ربه عالم: هذا عندي على القول بأن السكوت ليس كالإذن وهو أحد قولي ابن القاسم، وأما على القول بأنه كالإذن فيجب أن يكون أحق بثلث الثمرة ويرجع رب الحائط على العامل الأول بمثل سدس الثمرة إن كان الأول أحق بنصف الثمرة فهو مثل ما في المدونة. قال: وهذا كلام خرج على غير تحصيل لأن الواجب أن يرجع عليه بقدر ما لصاحب الحائط من حظه من الثمرة في قيمة عمله، ويلزم على هذا إذا علم العامل الثاني أن الأول على النصف أن تكون المساقاة فاسدة لأنه /141 - أدخل على أن يكون نصف الثمرة وقيمة ربع عمله، وذلك لا يحل، وقد رأيته لبعض أهل النظر انتهى. الشيخ أبو الحسن: وانظر ما في كتاب القراض، وكذلك المساقاة إنما تكلم هنا بعد الوقوع قالوا: فعلى القول بجواز المساقاة فقيل يرجع العامل الثاني على الأول بسدس الثمرة كالنكاح بعوض يستحق، وقيل: يرجع بأجرة مثله على قاعدة البيوع، فهي طرفان وواسطة النكاح بعضر في طرف، والبيوع في طرف، والواسطة مسألة المساقاة هذه هل يرجع بسدس

الثمرة، أو يرجع بقيمة عمله ويشبه النكاح، لأن المساقاة رخصة وتوسعة وينبغي أن تزاد هذه المسألة إلى الثمانية المتقدمة، أنه يرجع بقيمة ما استحق من يده انتهى. والعاشرة: هي مسألة الفرس، لأنها ستأتي ولذلك قال في مسألة الاستحقاق فتضم مسألة الفرس هذه إلى التسعة نظائر التي تقدمت، وله مثل هذه في كتاب القراض أيضا. قال على قوله في مسألة المساقاة: ويرجع المساقي الثاني على الأول بالسدس. ابن يونس: قال بعض القرويين: وظاهر هذا أنه يرجع بسدس الثمرة، والصواب أن يرجع بربع قيمة عمله، لأنه باع عمله بثمرة استحق ربعها، كما لو باع سلعة بمكيل أو موزون فاستحق ربع ذلك بعد فوات السلعة أنه يرجع بربع قيمتها لا بمثل ما استحق، إلا على تأويل أبي محمد على ما في كتاب الشفعة في استحقاق المكيل بعد أخذ الشفيع الشقص أنه رده بمثل المكيل وليس هذا بالمشهور من المذهب، صح من ابن يونس. اللخمي: وهذا لما في المساقاة من التوسعة من الغرر وغيره بخلاف البيع فالشفعة كونها صداقا أو كتابة، وقياس البياعات أن يرجع بربع الإجارة انتهى. وأما مسألة الفرس: ففي آخر كتاب الاستحقاق من المدونة: وهي من أسلم ثوبين في فرس موصوف فاستحق الأدنى من الثوبين كان عليه قيمة ما استحق، وثبت السلم وكان الأصل أن يكون عليه حصة ما استحق من قيمة الفرس على قول ابن القاسم الذي يراعى ضرر الشركة، أو أن ينتقص من السلم بقدر ذلك فيكون المسلم إليه شريكا في الفرس بذلك على قول / -ب أشهب الذي لا يراعى ضرر الشركة فضرر الشركة يصير شيئه فائتا على قول ابن القاسم فيرجع في قيمته، وعلى قول أشهب لا فوات فيرج في عينه، لكنه رجع على ما في المدونة بقيمة العرض المستحق من يده. قال في المدونة: ومن أسلم ثوبين في فرس موصوف فاستحق أحدهما فإن كان وجه الثوبين بطل السلم وإن كان الأدنى كانت عليه قيمة ما استحق وثبت السلم، وهذا وما بيع يدا بيد سواء ما يفسخ يدا بيد يفسخ في السلم انتهى.

قوله: "فقيمة ما استحق" أبو الحسن: هذا خلاف قاعدة من باع عرضا بعرض فاستحق أحدهما أنه يرجع في عين شيئه إن كان قائما أو قيمته إن كان فائتا وهذه العاشرة للمسائل التي يرجع لقيمة ما استحق من يده، وهذا على حملها على الظاهر وإن معناه يرجع بقيمة الثوب المستحق من يده. عياض: وعليه حملها أكثر المختصرين والشارحين، وحمله آخرون على أن معناه حصة ذلك من قيمة الفرس إلى أجله، وهو ابن المواز وابن يونس يريد إذا كان الثوب الربع أعطاه ربع قيمة الفرس نقدا أن يقبض الفرس إلى أجله، ورجحه عبد الحق. ابن المواز: واستدل بالنظير فقال: لأنه قال وهذا وما بيع يدا بيد سواء فكيف يساوي بين ذلك في تشبيهه ويحمل عليه أنه أراد بقيمة الثوب المستحق هذا لا يصح، وإنما يستعمل قيمة المستحق في مثل دم العمد، والخلع والنكاح، ونحو ذلك مما لا ثمن له معلوم. نكت عياض: وحمله حمديس أنه ينتقض من السلم بقدر ما استحق فيكون بذلك في الفرس ربه شريكا، وإليه ذهب سحنون. قال بعضهم: هذا على قول أشهب لا على قول ابن القاسم الذي يراعى ضرر الشركة، ثم اختلف في صفة التقويم فقال محمد: إلى أجله، وقال التونسي: كذا يقوم، حل الأجل أو لم يحل وقيل: إذا حل قوم حالا، وقال اللخمي: المعروف من قول مالك وابن القاسم أنه يرجع بقيمة ما أسلم فيه في قيمة ما بيده، فإن تأخر الحكم فالقيمة بعد الاستحقاق حتى حل الأجل أخذ الفرس /142 - أودفع قيمة ما رجع فيه من الفرس يوم يأخذه وإن كان الاستحقاق بعد الأجل وقبض الفرس كانت عليه القيمة حالة يوم القبض وإن كان قبل حلول الأجل كان المسلم بالخيار بين أخذ قيمة ذلك على أن يقبضه إلى بقية أجله، وإن أحب أمهل حتى يحل الأجل ويقع التقابض فيدفع القيمة حالة. قوله: "ومنها مساقاة" أي من مسائل الرجوع بقيمة العوض المستحق أو مثله. قوله: "وجدوا فرسا منها" أي وجد الباحثون على جمع النظائر، أو على حفظ مسائل المدونة وتحريرها فرس المدونة من تلك النظائر، ففرسها منصوب بوجدوا، وعلى النسخة الأخرى، هو مرفوع بروى. قوله: "عياض الكثير عليه" - البيت - أي قال عياض: الكثير من المختصرين

والشارحين على هذا أي أنها من النظائر المستثنيات، وغير الكثير وهم القليل كابن المواز وحمديس، وغيرهما على تأويل آخر، وأنه فيه على بصيرة وفي وصفة ذلك إشارة إلى ترجيح ميله إلى حمله كترجيح عبد الحق لتأويل ابن المواز، وفي بعض النسخ والقل بدل والغير. والقل القلة أي ذو القلة بصير بتأويل. [ص] 316 - ومثبت أولى من الذي نفى ... في الجرح والقتل بلوغ عرفا 317 - كعقل من أوصى وإيصاء كذا ... في كالموازين وشبه احتذى 318 - وقيل في البعض بأعدل كما ... في سفه ............. [ش] أي ومن الأصل والقواعد من أثبت أولى ممن نفى. عليها ما ذكر، وشبهه، وفي نظائر أبي عمران الفاسي عند كلامه على مسائل تعارض البينتين: ومن ذلك إذا عدلا رجلا وجرحه آخرون، فقيل: من أثبت التجريح أولى ممن نفاه وقيل: يقضى بأعدل البينتين. وقال عمر بن عبد العزيز: معاذ الله أن يكون التجريح أعدل من التعديل. ومن ذلك إذا شهد الشهود بأن فلانا قتل فلانا يوم كذا وكذا، وشهد آخرون بأنه كان معنا ذلك الوقت، فقيل: إن من أثبت القتل أولى ممن نفاه. وقال إسماعيل القاضي: شهادة القتل ساقطة. وأما إذا شهد / 142 - ب شهود على وصية بأن فلانا قتله يوم كذا وكذا، وشهد آخرون بأنه كان معنا ذلك اليوم في موضع كذا وكذا لا يوصل إلى ذلك الموضع فها هنا الوصية ساقطة بخلاف إذا شهدوا بأنهم عاينوا قتله، وشهد آخرون أنه كان معنا أن الشهادة عند مالك أولى في القتل لضعف الوصية.

ومن ذلك إذا شهد الشهود على اليتيمة أنها تزوجت قبل البلوغ، وشهد آخرون أنها بعد البلوغ، فقيل: تكاذب، وقيل: إن من اثبت البلوغ أولى ممن نفاه. ومن ذلك إذا شهد شهود أن الميت أوصى وهو صحيح العقل، وشهد آخرون أنه مختبل العقل فقيل: إن من أثبت العقل أولى ممن نفاه. وكذلك تعارض الموازين في الزكاة مثل أن تجب الزكاة بميزان وتسقط بميزان آخر فالذي أثبت الزكاة أولى ممن نفاه، وقيل: يقضي بأعدل البينتين. ومن ذلك إذا شهد الشهود بأن فلانا أقر لرجل بحق بحضرتنا، وقال آخرون: ما أقر بشيء حتى مات، فقيل: من أثبت الإقرار أولى ممن نفاه. قوله: "في الجرح" هو بفتح الجيم، أي تجريح الشاهد، وهو متعلق بعرف أي عرف هذا الأصل في الجرح وما بعده، قوله: "كعقل من أوصى" هو فرع ما إذا شهد شهود أن الميت أوصى وهو صحيح العقل، وشهد آخرون بأنه مختل العقل، قوله: "وإيصاء" هو إشارة إلى قول أبي عمران وأما إذا شهد شهود على وصية بأن فلانا قتله يوم كذا وكذا - على آخره - وشهادة الشهود في هذه المسألة على قول الميت - وهي تدمية - أي شهد الشهود على قول الميت فلان هو الذي جرحنى هذا الجرح يوم كذا وهو المطالب بدمى، وشهد آخرون بأنه كان في ذلك اليوم بموضع ناء أو أنه كان معنا ذلك اليوم ولم يفارقنا. قوله: "وشبه احتذى" أي اتبع ما قبله ويدخل فيه مسألة الإقرار السابقة وما إذا هد على امرأة أربعة بالزنى، فشهد النساء أنها رتقاء أو بكر، وما إذا قوم السرقة اثنان بربع دينار، وقومها آخرون بأقل، وكتعارض الشهادة في ثبوت العيب وعدمه. قوله: "وقيل في البعض بأعدل" أي في بعض /143 - أالفروع السابقة يرجح بأعدل البينتين، كما في تعارض بينتى سفه ورشد، أي كما اختلف في ذلك. وسيعاد الكلام على شيء من هذا في فصل طهارة الأعيان.

[ص] ............... ... ........... تنبيه الذ علما 319 - من قولهم فيمن على نفى شهد ... يسقط إجمال نعم وقد فقد 320 - علم ضروري وظن غالب ... كنفى بيع ووفاء طالب 321 - وإن يكن ذاك فلا اتفاقا ... كحصر وارث وشبه لاقا [ش] قال القرافي: اشتهر على ألسنة الفقهاء أن الشهادة على النفي غير مقبولة وفيه تفصيل فإن النفي قد يكون معلوما بالضرورة، أو بالظن الغالب الناشئ عن الفحص، وقد يعرى عنهما فهذه ثلاثة أقسام: أما القسم الأول: فتجوز الشهادة به اتفاقا، كما يشهد أنه ليس في هذه البقعة التي بين يديه فرس، ونحوه، فإنه يقطع بذلك، وليس مع القطع مطلب آخر. والثاني: تجوز الشهادة به في صور. منها: التفليس وحصر الورثة فإن الحاصل فيه إنما هو الظن الغالب، لأنه يجوز عقلا حصول المال للمفلس وهو يكتمه ووارث لا يطلع عليه. ومنها: قول المحدثين هذا الحديث ليس بصحيح بناء على الاستقراء. ومنها: قول النحويين: ليس في كلام العرب اسم آخره واو قبلها ضمة، ونحو ذلك. والقسم الثالث: أن زيدا ما وفى الدين الذي عليه، أو باع سلعته وغير ذلك فإنه غير منضبط، وإنما يجوز في النفي المنضبط قطعا أو ظنا، وكذلك يجوز أن زيدا لم يقتل عمرًا أمس، لأنه كان عنده في البيت، أو أنه لم يسافر، لأنه رآه في البلد، فهذه كلها شهادة صحيحة بالنفى، وإنما يمتنع غير المنضبط فاعلم ذلك وبه يظهر أن قولهم الشهادة على النفى غير مقبولة ليس على عمومه، ويحصل فرق بين قاعدة ما يجوز أن يشهد به من النفي

فصل في بيان الذين يضمنون والذين لا يضمنون

وقاعدة ما لا يجوز أن يشهد به منه انتهى. قوله: "الذ علما، من قولهم: فيمن على نفى شهد يسقط إجمال" ألذ مبتدأ /143 - ب وخبره إجمال أي المعلوم في قولهم من شهد على نفى يسقط ذو إجمال، أو التقدير فيه إجمال. قوله: "نعم وقد فقد، علم ضروري وظن غالب، كنفى بيع وفاء طالب" أي نعم تسقط شهادة النفى في حال فقد العلم الضروري والظن الغالب كقوله: ما باع سلعته، أو ما وفي الدين الذي عليه. قوله: "وإن يكن ذاك فلا اتفاقا" البيت - أي وإن يكن العلم الضروري أو الظن الغالب فلا تسقط اتفاقا، كالشهادة بحصر الوارث وبالعدم، ونحوه من الظن الغالب، وكما يشهد أنه ليس في هذه البقعة التي بين يديه فرس ونحوه من العلم الضروري. قال القاضي أبو عبد الله المقرى: قاعدة: تقبل الشهادة على النفى المحصور والمعلوم إجماعا دون غيرهما فلا يصح إطلاق أنها لا تقبل. فصل أي في بيان الذين يضمنون والذين لا يضمنون. [ص] 322 - يضمن ذو إرث ورهن وخيار ... وصانع عرس وحاضن معار 323 - وحامل الطعام كالذى حبس ... لثمن ذا غيبة إن التبس 324 - تلفه لا غيره فمع يمين ... كحارس وذى قراض وأمين 325 - ووالد وصيه وسمار ... راع وخاتن طبيب بيطار 326 - نوت وكيل مبضع وخادم ... معلم ومكتر وحاجم 327 - ومتعلم رسول مشترك ... عن بعضهم ضمان بعضهم حكى [ش] ذكر الضامنين في هذا التأليف، لأنه بنبنى على ذكرهم بعض قواعدهم وكذلك الذين لا يضمنون. قال القاضي أبو عبد الله المقرى: قاعدة: أسباب الضمان ثلاثة الإتلاف كالحرق

ووضع سببه كالحفر غير المأذون فيه، أو اليد غير المؤتمنة كالغاصب والمختبر للسلعة، ولهذا اختير غير المؤتمنة على العادية، والمباشرة مقدمة على السبب كالملقى على الحافر، ما لم يقو السبب جدا فيقدم كجاعل السم على مقدم الطعام، أو يستويان فيعتبران كالإكراه والفعل ومن ثم فرق القول الثالث للمالكية بين الغرور بالفعل فأوجب فيه /144 - أالضمان، والغرور بالقول فلم يوجب. وقال أيضا: قاعدة: تقدم أن أسباب الضمان ثلاثة الإتلاف والتسبب ووضع اليد غير المؤتمنة كالبيع الفاسد يضمنه المبتاع بالقبض بخلاف الخيار إذا أصيب بسماوي وعلى هذه القاعدة تتخرج فروع الضمان، وهي متفق عليها، وإنما يختلف عند اجتماع شائبة الأمانة معها فيختلف أيهما يغلب. وقال أيضا: قاعدة: القابض بإذن من له الإذن شرعا لحق نفسه ضامن إلا في عارية ما لا يغاب عليه، وما عرف هلاكه على مشهور مذهب مالك، ولحق غيره أمين ولحق نفسه وغيره إن قويت شائبة الأمانة كاللقطة والقراض والإجارة، فأمين إلا حامل الطعام عند المالكية [للتهمة كما مر، وإن قويت الشائبة الأخرى فضامن كالرهن فإنه عند المالكية] كالعارية، وإلا فقولان انتهى. وقال القرافى: في الفرق السابع عشر والمائتين: أسباب الضمان [ثلاثة فمتى وجد واحد منهما وجد الضمان] ومتى لم يوجد واحد منهما لم يجب الضمان. أحدها: التفويت مباشرة كإحراق الثوب، وقتل الحيوان، وأكل الطعام ونحو ذلك.

وثانيها: التسبب للإتلاف كحفر الآبار في موضع لم يؤذن فيه ووضع السموم في الأطعمة ووقود النار بقرب الزرع، والأندر ونحو ذلك مما شأنه أن يفضى غالبا للإتلاف. وثالثها: وضع اليد غير المؤتمنة، فيندرج في غير المؤتمنة، يد الغاصب والبائع يضمن المبيع الذي يتعلق به حق توفية قبل القبض، فإن ضمان المبيع الذي هذا شأنه منه، لأن يده غير يد أمانة، ويد المتعدى بالدابة في الإجارة، ونحوها. ويخرج بهذا القيد المودع وعامل القراض ويد المساقى، ونحوهم فإنهم أمناء، فلا يضمنون. وقولنا: اليد غير المؤتمنة، خير من قول من قال: اليد العادية لأنها لا تعم هذه الصورة المتقدمة. وإنما يندرج فيها الغاصب ونحوه، وحد المباشر ما يقال عادة حصل الهلاك به من غير توسط. والسبب ما يحصل الهلاك عنده بعلة أخرى، إذا كان السبب هو المقتضى /144 - ب لوقوع الفعل بتلك العلة كحفر البئر في محل عدوان فتردى فيه بهيمة أو غيرها، فإن رداها غير الحافر فالضمان عليه دون الحافر تقديما للمباشرة على السبب. ويضمن المكره على اتلاف المال، لأن الإكراه سبب، وفاتح القفص بغير إذن فيطير ما فيه حتى لا يقدر عليه، والذي يحل دابة من رباطها أو عبدا مقيدا خوف الهرب فيهرب لأنه متسبب كان الطيران عقب الفتح والحل أم لا؟. وكذلك السارق يترك الباب مفتوحا، وما في الدار أحد.

وقال الشافعي: إن طار الحيوان عقب الفتح ضمن، وإلا فلا، لأن الحيوان إن طار حينئذ بإرادته لا بالفتح. وقال أبو حنيفة: لا يضمن إلا في الزق إذا حله فيتبدد ما فيه. وانظر تمام القرافى. المقرى: قاعدة: المباشرة مقدمة على السبب ما لم تكن معهودة له كقتل المكره فيعتبر على أصح قولى مالك أو تكون المباشرة ليست بعدوانٍ طرحه مع سبع في مكان ضيق فيعتبر السبب فقط. والمباشرة: ما يعد في العادة علة الفعل من غير واسطة وإن لم يكن كذلك كالجراح والسبب ما تشهد أنه لا يكفي في ذلك مما له فيه مدخل ظاهر كالحفر وتقديم الطعام المسموم انتهى. وفي النظائر لأبي عمران: مسائل ما يضمن إذا ادعى تلفه، من ذلك عارية ما يغاب عليه، والبيع بالخيار إذا كان مما يغاب عليه [ونفقة الولد عند الحاضنة إذا ادعت تلفها، والمرأة إذا أصدقها ما يغاب عليه] [وكذلك إذا أعطاها نقدا بالجهاز وهو مما يغاب عليه] فادعت تلفه فعليها أن تخلفه من مالها والورثة إذا اقتسموا ثم انتقضت القسمة بلحوق الدين، أو الغلط وقد أتلف بعضهم ما يغاب عليه [فهم ضامنون لما يغاب عليه] وكذلك

الصناع هم ضامنون [إلا أن تقوم لهم البينة، وكذلك رهن] ما يغاب عليه هم ضامنون في هذه الوجوه كلها، إلا أن تقوم لهم بينة على تلفها فيبرءون من الضمان عند ابن القاسم. وأشهب يقول: هم ضامنون وإن قامت لهم بينة على تلفه، وأما عارية ما لا يغاب عليه / 145 - أورهن ما لا يغاب عليه فلا ضمان. قال عبد الحق: يحلف متهما كان أو غير متهم. وقول مالك: لا يحلف إن كان غير متهم. وفي ذلك قول آخر أنه يضمن ذلك كله. وأما ما يغاب عليه ولا يضمن فالودائع، والقراض، وما طريقته الأمانة فلا ضمان في ذلك. وأما كراء ما يغاب عليه [فلا ضمان إذا ادعى تلف ذلك، وقيل إن أكرى ما يغاب عليه] مثل الجفنة فهو ضامن، وقيل إنما الرواية في دعواه الكسر لأنه يقدر على تصديق نفسه بإحضار الفلقتين، وأما دعواه الضياع في الجفنة فهو مصدق. قوله: "يضمن ذو إرث - إلى قوله - لا غيره ضمان الوارث" هو فيما إذا ظهر دين أو طرأ وارث أو نحوه بعد القسمة وادعى أحد الورثة تلف ما أخذه من العين والطعام وإلا دام ولم تقم بينه فإنهم لا يصدقون. واختلف إذا قامت لهم بينة على الضياع، فقال ابن القاسم: لا شيء عليهم وقال أشهب: يضمنون وهو أصهل في العوارى. وحكى في البيان: ثالثا ببراءته في العين دون غيرها. قال: ولا خلاف في العروض التي يغاب عليها أنه ضامن، إلا أن تقوم البينة على تلفها

ولا في الحيوان الذي لا يغاب عليه أنه يصدق في تلفه. وفي طرة بخط المؤلف إثر قوله في مختصر المنهج: ووارث إن قبض ما ينوبه من المختلف فانتقضت القسمة لدين أو غلط فادعى تلف ما غاب عليه. وعلى قوله وحاضن إن قبض نفقة المحضون ثم ادعى تلف ما يغاب عليه. وأما الرهن والمبيع بخيار والصداق والعارية فيضمن فيهما ما يغاب عليه دون ما لا يغاب عليه. إلا أن يكون الرهن عند أمين فلا ضمان مطلقا. واختلف إذا قامت بينة على تلف ما يغاب عليه، فقال ابن القاسم: لا ضمان، بناء على أن الضمان للتهمة وقال أشهب: بالضمان، بناء على أنه بالأصالة قوله: "ورهن وخيار" أي وذو رهن وذو خيار، والعرس الزوجة [إشارة إلى ضمانها للصداق وفي طرة بخط المؤلف أثر قوله: عرس الزوجة] ومسألتها إن قبضت ما يغاب عليه من مهر ثم طلقها زوجها قبل /145 - ب البناء فادعت التلف. وأما الصانع فيضمن إن انتصب للصنعة ولم يكن في بيت رب السلعة ولم يكن ملازمه فإن كان أحدهما فأمين وكذا الحاضن يضمن ما قبض لمحضونة من النفقة والكسوة ونحوهما من مؤن المحضون إلا أن تقوم بينة على التلف. وحامل الطعام يضمن من سائر أنواع الحبوب والإدام سواء حمله على رأسه أو على الدابة أو في سفينة إلا ببينة أو بصحبة ربه.

وكذلك المحبوسة في الثمن تضمن ضمان الرهان على المشهور فيفرق بين ما يغاب عليه وبين ما لا يغاب عليه. وقيل: من البائع مطلقا. وقيل: من المشترى مطلقا. فقول المؤلف "ذا غيبة" يحتمل أن يكون مفعول حبس والأولى أن يرجع إلى جميع ما قبله فيكون متنازعا فيه. وبخط المؤلف في طرة قوله: "كالذي حبس لثمن ذا غيبة" على إسقاط العاطف أي وكالذي، ودخل تحت الكاف المحبوسة للإشهاد, قوله: "ذا غيبة" مفعول يضمن ونازعه حبس انتهى. وقوله: "وإن التبس تلفه" أي تلف ذي الغيبة احترازًا عما قامت البينة على تلفه. قوله: "لا غيره فمع يمين" أي لا يضمن من ذكر غير ذي غيبة فالقول قوله فيه مع يمينة يعني ما لم يظهر كذبه كدعواه موت الدابة ببلد ولم يعلم بذلك أحد، ولا يرجع ضمير غيره إلى الملتبس تلفه، لأنه لا يمين مع قيام البينة، وطرر عليه بعض تلامذة المؤلف بقوله: أي لا غير ما التبس تلفه بل ظهر ولا غير ذي الغيبة انتهى. وفيه نظر لما ذكرته. وهذا الكلام في الذين لا يضمنون، وذكرهم، لأنه يبنى على ذكرهم بعض قواعدهم كما مر شيء من ذلك. قوله: "كحارس" - إلى آخره - أي كما يصدق الحارس، ومن عطف عليه بيمين، وأراد بالحارس الأجير على الحراسة، فلا ضمان عليه وكذا عامل القراض إذا ادعى التلف أو الخسارة وكذا المودع يدعى التلف. وكذا ولى المحجور كالوالد والموصى، ووصيه لا ضمان عليهم إذا ادعوا التلف بخلاف دعوى الدفع بعد الرشد فلا يصدق على المشهور. وطرر المؤلف على قوله: وأمين المودع وأمين الحاكم. قوله: "وصيه" أي

وصي الوالد، وأما/146 - أالسماسرة فقد اختلف قول مالك في تضمينهم ابن رشد: والذي أفتى به على طريق الاستحسان مراعاة للخلاف تضمينهم، إلا أن يكونوا مشهورين بالخير. ابن رشد: ورأيت بعض قضاة الإسكندرية ضمن السمسار وكأنه ذهب إلى ذلك من مصالح الناس العامة لفساد الزمان. وقيد السمسار في مختصر المنهج فقال وسمسار ذو الخير. وطرر عليه بقوله: ابن رشد: لا ضمان عليه إن ظهر خيره وعليه اعتمدنا. وأما الراعى فلا ضمان عليه فيما تلف من الغنم وغيرها إذا لم يتعد، ولا فرط وأقصى ما عليه فيما ضل أو هلك اليمين أنه ما فرط ولا تعدى. وروى عن سعيد بن المسيب في الراعى الذي يلقى الناس أغنامهم إليه، وهو الراعى المشترك أنه ضامن لما تلف منها، ورآه كالصانع، قيل: وليس على ذلك العمل. وأما الخائن والطبيب والحاجم والمعلم فقال ابن أبي زيد: قال ابن القاسم: لا ضمان على حجام وبيطار وخاتن، وطبيب إن مات أحد مما صنعوا إن لم يخالفوا، ومعلم الكتاب والصناعة في الأدب، ولو آل إلى الموت إن لم يتجاوز، فيضمن لتعديه، وجاهل. أبو عمرو بن الحاجب: ومن فعل فعلا يجوز له من طبيب وشبهه على وجه الصواب فتولد منه هلاك أو تلف مال فلا ضمان عليه، فإن كان جاهلا أو لم يؤذن له أو أخطأ فيه أو في مجاوزة أو تقصير فالضمان كالخطأ، وإذن العبد له أن يحجمه أو يختنه غير مقيد انتهى. وما ذكره من نفى الضمان بما إذا لم يكن السلطان قد تقدم إلى الأطباء والحجامين

أن لا يقدموا على شيء مما فيه غرر إلا بإذنه، ففعلوا ذلك بغير إذنه، فعليهم الضمان فيما تلف من أموالهم. رواه أشهب. ابن رشد: وقال ابن دحون: هو على العاقلة إلا فيما دون الثلث وهو خلاف الرواية انتهى. وكذا لا ضمان على النوتى وهو صاحب السفينة وهو مصدق في تلف المتاع المحمول إذا غرقت السفينة بفعل سائغ إلا أن يكون الذي حمله طعامًا أو إداما وهلك بغير بينة ولم يحضره ربه كما تقدم. والوكيل أمين بأجرة أو غيرها مفوضا أو مخصوصا سواء ادعى /146 - ب تلف السلعة التي وكل على بيعها أو ثمنها إن باع، وكذا في الوكالة على الشراء أو الاقتضاء أو غير ذلك. وكذا المبضع أمين في البضاعة إن كانت مما يغاب عليه. وطرر عليه المؤلف بخطه، أو مبضع معه مال يشترى به. قوله: "طبيب بيطار نوت وكيل مبضع" سقط العاطف في خمستها، والخادم يحتمل أنه أراد به من استؤجر على نقل زجاج أو حمل غير الطعام، أو حراسة متاع، أو خدمة على أشجار أو تنقيتها ونحو ذلك، وهو الأظهر، ويؤيده تطرير المؤلف عليه بقوله: هو الأجير فيما استؤجر عليه. ويحتمل أنه أراد به الأجير الخاص للرجل أو الجماعة دون غيرهم، والصانع الخاص الذي لم ينصب نفسه فلا ضمان على هؤلاء، لأن الضمان إنما كان للمصلحة العامة وقيده بعضهم بما إذا عمله بغير أجر، وإلا فيضمن.

ابن يونس: وحكى هذا القائل أنه منصوص للمتقدمين، وقد نقل عبد الحق وغيره عن القرويين القولين، أعنى هل لا ضمان على من لم ينصب نفسه للصنعة مطلقا أو بشرط أن لا يأخذ أجرة، ونقل بعضهم الاتفاق على الثاني. والمعلم يشمل المعلم لكتاب أو صناعة فلو ضرب الولد ضربا يجوز له فمات من ذلك فلا ضمان. القرافي: في الفرق السابع والمائتين بين قاعدة ما يضمنه الأجراء إذا هلك وبين قاعدة ما لا يضمنونه: اعلم أن الهالك خمسة أقسام: ما هلك بسبب حامله من عثار أو ضعف حبل، لم، يغربه أو ذهاب دابة أو سفينة فلا ضمان، ولا أجرة، ولا عليه أن يأتي بمثله قاله مالك وقال غيره: ما هلك بعثار كالهالك بأمر سماوى، وقال ابن نافع: لرب السفينة بحساب ما بلغت. الثاني: ما غرر فيه بضعف حبل يضمن القيمة بموضع الهلاك، لأنه موضع أثر التفريط وله من الكراء بحسابه، وقيل: بموضوع الحمل منه ابتداء التعدى. الثالث: ما هلك بأمر سماوى بالبينة فله الكراء كله، وعليه حمل مثله، من موضع الهلاك، لأن أجره المنفعة مضمونة عليه. الرابع: ما هلك بقولهم من /147 - أالطعام لا يصدقون فيه لقيام التهمة، ولهم الكراء كله، لأن شأن الطعام امتداد الأيدي إليه، لأنهم استحقوه بالعقد. الخامس: ما هلك بأيديهم من العروض يصدقون فيه، لبعد التهمة، ولهم الكراء كله وعليهم حمل مثله من موضع الهلاك، لأنهم لما صدقوا أشبه ما هلك بأمر سماوي.

وقال ابن حبيب: لهم من الكراء بحسب ما بلغوا ويفسخ الكراء، لأنه لما كان لا يعلم إلا من قولهم أشبه ما هلك بعثار انتهى. الأبى: لم يذكر إجارة الصناع على عمل في السلعة كالصبغ وأمثاله فإنه عند مالك يضمن فيه الأجير، وهو بمنزلة الطعام الذي تمتد الأيدي إليه انتهى. وأما المكترى فهو أمين على الأصح، كان الشيء المستأجر مما يغاب عليه كالقصعة أو لا؟ كالدابة، مقابل الأصح في كتاب ابن سحنون. وقال أشهب: في الجفنة يدعى ضياعها إنه ضامن، وأنكر ابن المواز أن تكون الرواية هكذا، وقال إنما الرواية في دعواه الكسر، لأنه يقدر على تصديق نفسه بإحضار الفلقتين وأما الضياع فيصدق، ولهذا قال مالك في رواية أخرى وأين فلقتاها. ابن المواز: إلا أن يقول: سرقت منى الفلقتا أو تلفتا. وحكى صاحب البيان إلا اتفاق على نفى الضمان قال: فلا أعلم فيها خلافا، إلا ما لابن القاسم في الدمياطية في مكترى الدابة يشترط عليه الضمان. قال: لا ضمان عليه والمناجل وآلة الحديد يضمنها، قال: وهو شذوذ. وأما المتعلم فاشار إلى أن الأجراء والصناع تحت يد الصانع أمناء له فإذا تلف بأيديهم شيء بغير تعد فلا ضمان عليهم، لأنهم صناع له خاصة، وأما لو غابوا على السلع فإنهم يضمنون، فقد نص أشهب في العتيبية والموازية إنه لو كثر الثياب على العمال فواجر آخر يبعثه بها إلى البحر فادعى تلفها أنه ضامن. ابن يونس: وذلك إذا عامله على أثواب مقاطعة. أي كل ثوب بكذا، وأما إن كان في

أجرته يوماً أو شهرا فدفع إليه شيئا يعمله في داره وغاب فلا ضمان عليه. وطرر عليه بعض تلامذة المؤلف: أي يضيع لمعلمه انتهى /147 ب. وفيه نظر، والمضيع ضامن وإنما طرر عليه المؤلف أي متعلم صانع. وكذا لا ضمان على الرسول بهدية أو غيرها كان مما يغاب عليه أم لا؟. وطرر عليه المؤلف رسول بمال يوصله. ولا ضمان أيضا على الشريك فيما هلك بيده من مال الشركة أو خسر فيه وهو مصدق في ذلك مفاوضا كان أو غيره. قوله: "عن بعضهم ضمان بعضهم. حكى" أي ضمان بعض المذكورين حكى عن بعض العلماء، وقد سبقت الإشارة إلى شيء من ذلك، وبالله تعالى التوفيق. [ص] 328 - وكل من خالف أو تعدى ... أو غر بالفعل كمن قد شدا 329 - أو صب أو قطع أو قد أنكحا ... لا غر بالقول على ما صححا 330 - ضمنه لا منازعا فيما قلع ... والصبغ كالنحر وللخوف نزع [ش] أي كل من خالف ما أمر به أو نهى عنه أو تعدى، على مال غيره، أو غر بالفعل فإنه يضمن، بخلاف الغرر بالقول فلا ضمان فيه على الصحيح. فالأول كالمودع يقول له رب الوديعة: لا تقفل الصندوق فقفله فإنه يضمن وكعامل القراض يخالف ما أمر به رب المال من التجارة في نوع من السلع فيتجر في غيره أو من عدم المعاملة مع فلان فيعامله ونحو ذلك.

والثاني كقطع ذنب البغلة وأذنيها، وقطع طيلسان ذي الهيئة وجبته وعمامته وشبه ذلك وكالمكترى والمستعير يتعديان المسافة المدخول عليها أو يزيدان في الحمل فتهلك الدابة بذلك وقد يريد المؤلف بالتعدى ما هو أعم مما ذكرنا بحيث يشمل الغصب والسرقة وغير ذلك. قال القاضي أبو عبد الله المقرى: قاعدة: التعدى على الأموال سبعة أقسام: الغصب، قال ابن الحاجب: وهو أخذ المال قهرا عدوانا من غير حرابة وفيه تعريف ماهية بسلب أخرى. والحرابة وهو كل فعل يقصد به أخذ المال على وجه تتعذر الاستغاثة عادة والاختلاس، والسرقة، وهو أخذ المال المحترم، أو الحر الصغير خفية من حرز من غير شبهة ملك. والخيانة، والإدلال والجحد، قال ابن رشد: وهي مجمع /148 - أعلى تحريمها قلت: وأما قوله تعالى:} أو صديقكم {فقال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما يأكل من بيت صديقه في وليمة أو غيرها إذا كان (الطعام) حاضرا غير محرز، وقيل: غير ذلك انتهى. ويضمن أيضا الغار بالفعل دون القول على الصحيح.

قال القاضي أبو عبد الله المقرى: قاعدة: اختلف المالكية في تعلق الغرامة بالغرور. فثالثها: المشهور يتعلق بالغرور بالفعل كمتولى العقد، والمرأة، لا بالقول كالمخبر انتهى. ومثله في التوضيح قال: وحكى ابن بشير في تعلق الغرامة وعدمه ثلاثة أقوال يفرق في الثالث وهو المشهور فيغرم في الغرور بالفعل دون القول انتهى. اللخمى: فإن عرف الحمال بضعف الأحبل وربط فهو غرور بفعل، وإن أسلم الحبال للمكترى وكان المكترى هو الذي يسيرها فهو غرور بالقول انتهى. وفي الضمان بالغرور طريقان: أحدهما: لزومه بالفعل بلا خلاف، وبالقول قولان قائمان منها. والثانية، ثالثها، الفرق بين القول والفعل، ومن الغرور بالقول مسألة من أراد معاملة شخص فقال له رجل: هو ثقة، فقد حكى ابن رشد في قوله ثقة قولين: الضمان وعدمه منشأهما الخلاف في الغرور بالقول. قوله: "كمن قد شدا. أو صب أو قطع، أو قد أنكحا" يعنى شد بحبل ضعيف كما مر، وصب شخص زيتا في إناء مثقوب قد علم به أو قطع شقة برسم قميص علم أنه لا يخرج منها، أو أنكح امرأة على أنها حرة، وهو يعلم عبوديتها والمعنى أن من غر بالفعل في هذه الأربعة مثلا فإنه يضمن، لا إن غر بالقول، أما الشد فقد مر من كلام اللخمي.

وأما البواقي فقال أبو عمران في النظائر عند كلامه على الغرور بالقول والفعل: والغرور بالقول مثل أن يقول تزوج هذه المرأة فإنها حرة، وقد علم أنها أمة فإن زوجها له غيره فإنه غرور بالقول لا شيء عليه على أحد الأقوال، وإن زوجها له هو فهو غرور بالقول والفعل فهو ضامن. ومنه: أن يقول له: انظر إلى هذه الخابية فإن كانت صحيحة أصب فيها الزيت فقال له: هي صحيحة، ولم يصب له فيها غرور بالقول [وإن صب له هو فيها فهو غرور بالقول] والفعل فهو ضامن. ومنه: أن يقول /148 - ب له: انظر إلى هذه الشقة فإن كان يقطع منها قميصا اشتريتها، فقال: يقطع منها قميصا، فإن لم يقطعه له فهو غرور بالقول لا شيء عليه، وإن قطعها له فهو غرور بالقول والفعل فهو ضامن. صح منه وفي طرة بخط المؤلف على قوله: "لا غر بالقول" أي كأن يقول: الإناء صحيح فقط، أو الشقة تقطع قميصا، أو فلانة حرة فقط، أو هذه الدراهم جياد لمن قال له: قلبها فوجدها ردية. ويدخل في قوله: "قد أنكحا" الولى يغر بالعيب ويظهر على ذلك بعد البناء فإن الزوج يرجع عليه بجميع الصداق، ومن غر من وليته فزوجها في عدة ودخلت فسخ النكاح وضمن الولى الصداق، وإن كانت هي الغارة ترك لها ربع دينار. فإن في كتاب تضمين الصناع من المدونة: وإن سألت خياطا قياس ثوب فزعم أنه يقطع قميصا فابتعته بقوله فلم يقطع قميصا فقد لزمك ولا شيء لك عليه ولا على البائع. وكذلك الصيرفي في درهم تريد إياه جيدا فيلقى رديا، فإن غرا من أنفسهما

عوقبا ولم يغرما انتهى. قوله: "على ما صححا" هو راجع إلى التفصيل في الضمان في الغرور بالفعل دون القول على ما صححه غير واحد من الشيوخ، قوله: "ضمنه" هو خبر كل، أو مفسر لعامله. قوله: "لا منازعا فيما قلع" - البيت - أي لا تضمن هؤلاء: الأول: الطبيب يقلع (سنا) فيدعى صاحبها أنه إنما أذن في غيرها، والطبيب يدعى الأذن في المقلوعة فالقول قوله مع يمينه، فإن اعترف الطبيب بالخطأ في المأذون في قلعها ضمن. ومن المدونة قال ابن القاسم: وإذا قلع الحجام ضرس رجل بأجر فقال له: لم آمرك إلا بقلع الذي يليه فلا شيء عليه، لأنه علم به حين قلعه فتركه، وله أجر إلا أن يصدقه الحجام فلا يكون له أجر. يريد ويكون عليه العقل في الخطأ والقصاص في العمد، وقلع بفتح القاف مبنيًا للمفعول، منازعا بفتح الزاى مبنيًا للمجهول، أي لا تضمن حجاما منازعا في الضرس الذي قلعه، نازعه ذو الضرس المقلوع. الثاني: الصباغ يضمن الثوب فيقول ربه إنما /149 - أأمرتك بلون آخر فالقول قول الصباعغ مع يمينه. قال المدونة: وإذا صبغ الصباغ الثوب أحمر أو أسود وقال لربه: بذلك أمرتني، وقال ربه: أمرتك بأخضر فالصباغ مصدق، إلا أن يصبغه صبغا لا يشبه مثله. الثالث: إذا نحر الراعى ناقة من الإبل أو ذبح شاة من الغنم وادعى أنه خاف عليها

الموت فإنه مصدق، وقيل: لا، وهما روايتان عن مالك. قال فى المدونة: قال ابن القاسم: والراعى مصدق فيما هلك أو سرق، ولو قال: ذبحتها، ثم سرقت، صدق، ولو خاف موت الشاة فأتى بها، مذبوحة صدق، ولم يضمن ونزع فى كلام المؤلف بمعنى ذهب، وبه يتعلق للخوف أى ذهب إلى احتجاجه إلى الخوف وبالله التوفيق. [ص] 331 - وكل من صدق فى دعوى التلف ... تقبل دعوى رده مع الحلف 332 - إن لم تكن بينة حين دفع ... فى بعضها معها خلاف قد سمع [ش] أى كل من يصدق فى دعوى التلف فالقول قوله فى الرد مع يمينه إلا أن يقبض ببينة، مقصودة للتوثق فإنه يصدق فى التلف ولا يصدق فى الرد وهذا كالمودع والمستأجر والوكيل، وعامل القراض، ونحوهم. قوله: "فى بعضها معها خلاف قد سمع" أى فى بعض الجزئيات الداخلة تحت الكلية المذكورة خلاف فى تصديق مدعى الرد مع البينة، أى فى قبضه ببينة، وهذا كالوديعة والقراض. فالمشهور عدم التصديق والشاذ التصديق كما لو لم تكن بينة. قال أبو عمرو بن الحاجب باب الوديعة: وإذا ادعى الرد قبل مطلقا، قيل: ما لم تكن بينة، مقصودة للتوثيق فتلزمه بخلاف التلف. وقال فى القراض: والقول قوله فى رده إن كان بغير بينة، وقيل: مطلقا. واعترض

عليه في الوديعة تقديمه غير المشهور. ابن رشد: ويتحصل فى المسألة أربعة أقوال: أحدها: وهو المشهور أنه لا يصدق فى دعوى الرد إذا دفع إليه ببينة، لا فى الوديعة ولا فى القراض، ولا فى الشئ المستأجر. والثانى: يصدق فى جميع ذلك وإن دفع إليه ببينة، وهو الذى يأتى على ما رواه أصبغ عن ابن قاسم من تصديقه/ 149 - أفى رد المستأجر، لأنه إذا صدقه على الرد مع قيام البينة فى الشئ المستأجر الذى قبضه لمنفعتهما جميعا فأحرى أن يصدق فى الوديعة التى قبضها لمنفعة صاحبها خاصة. والثالث: تفرقة أصبغ: يصدق فى المستأجر لا فى الوديعة والقراض على ما تأول ابن القاسم. الرابع: الفرق، فلا يصدق فى الوديعة إذا دفعت إليه ببينة ويصدق فى رد المستأجر والقراض وإن دفع إليه ببينة انتهى. الامام أبو عبد الله المقرى: قاعدة الأصل فيمن دفع مختارا لا على قصد التمليك الائتمان، وقول مالك فى الرهن والصناع استحسان أو قياس على العارية، لأنه إنما قبض لحق نفسه وقد جاء أنها مؤداة، وقد أشكل على تكذيبهم فى دعوى الرد، مع أنهم إنما يقبضون بغير بينة عادة عامة مطردة، وإذا صدقوا فى دعوى الرد فهم فى دعوى الضياع أصدق. وما يقال من أنهم لو لم يضمنوا أسرعوا إلى أكل أموال الناس أو أحوجوهم

فصل في ذكر أصول وقواعد كل قاعدة بيان لما هو الأصل من غيره

إلى ما يضر بهم، فقد كذبه العيان، لأن غالب من وراء الإسكندرية إلى أقصى المشرق لا يضمنونهم، ولم يقع فيهم شئ من ذلك لإبقائهم على أسباب معاشهم مع أن أولئك الصناع شر من هؤلاء بكثير. [ص] 333 - وكل شخص ضامن إن ادعى ... ردا بلا بينة لن يسمعا [ش] أى لا يصدق فى دعوى الرد قبض ببينة أو لا؟ كما لا يصدق فى دعوى التلف وهذا كالرهن، والعارية والمبيع على خيار فيما يغاب عليه وما يضمنه الصناع، لأن هذه قبضت على الضمان، وخالف ابن الماجشون فى المصنوع، فقال: القول قول ربه إن قبضه ببينة، وإلا فالقول قول الصانع فجعله كالوديعة والقراض. قوله: "ضامن" نعت شخص ولن يسمعا هو خبر كل. فصل عقد هذا الفصل لذكر أصول وقواعد كل قاعدة بيان لما هو الأصل من غيره فيرجع الأصل حتى يدل دليل منفصل على خلافه كما يقال لنا أصل وقاعدة وهو أن الأصل قبل التكليف براءة الذمة لا عمارتها، والأصل بعد التكليف عمارتها لا براءتها/ 150 أ. [ص] 334 - طهارة الأعيان أصل وكذا ... براءة لا يعد تكليف خذا 336 - وصحة حرية تضمين ... ضمان كالكراء لا التعيين 337 - والإذن لا العدوان ليجمعا ... للشخص بين العوضين فاسمعا

338 - وبالندور احكم إن شئ ورد ... كأجر من أم وجعل من قعد 339 - كذا اللزوم في العقود أصل ... وجاء فى جعل قراض حل 330 - زراعة وكالة -ما- يعتصر ... وصية قبولها ومن أضر 341 - غرس وشركة وتحكيم كرا ... فى بعضها الخلاف والفرق يرى [ش] الأعيان جمع عين وهو الشئ القائم بنفسه، والأصل فى الأعيان الطهارة لطرو النجاسة، ولأجل أن الأصل الطهارة، تقول فى صلاة المزبلة، والمجزرة، ومحجة الطريق والحمام ونحو ذلك تعارض الأصل والغالب، فلذلك اختلف فى بطلان الصلاة فيها. وكذا نقول: الأصل البراءة قبل ثبوت التكليف، وعمارة الذمة، والأصل عدم البراءة بعد تحقق التكليف وعمارة الذمة، وهو معنى قول المؤلف: "خذ عكسا بالعكس" أى خذ العكس وهو عدم البراءة فى العكس، وهو ما بعد التكليف ما لم يعتقد. وقيل: أو يظن، والأصل الصحيح الموافق لنقل الباجى خلافا لابن الحاجب فى قوله: ويعمل الظان على ظنه وقد مر التنبيه على هذا ولذلك يأتى برابعة من شك أصلى ثلاثا أم أربعا؟ ويتوضأ من شك فى الحدث وهو معنى قولهم الذمة عامرة فلا تبرأ إلا بيقين، والقول قول من ادعى براءة ذمته قبل تحقق العمارة. [وأما بعد تحقق العمارة] فلا يكون القول قوله، بل قول رب الدين أن الدين باق

عليه، وكذا مذهب مالك أن الأصل اليسار حتى يثبت العدم لقوله تعالى: {وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة} وإذا شهد له عدول بالعدم وآخرون باليسار فقيل ينظر إلى أعدلهما فإن تكافتا سقطتا وبقى مسجونا على الأصل أنه محمول على الملأ حتى يثبت عدمه. وقيل تسقطان ويرسل من/ 150 - ب السجن حتى يكشف عنه فى السر، ويظهر من حاله ما يجب أن يعاد إليه. البرزلى: هذا الأصل يجرى على قاعدة النفى والإثبات وله نظائر انتهى. قلت: وقد تقدم بعض تلك النظائر فى قاعدة من أثبت مقدم على ن نفى، كتعارض بينتى الرشد والسفه، وصحة العقل واختباله. قال بعض الشيوخ المفتين: والمنصوص فى مواضع من العتبية، وفى كتب الوثائق ونوازل ابن رشد رحمه الله تقديم بينة الصحة على بينة المرض وتقديم بينة المرض قول شاذ مخرج عند ابن رشد. وقيل: ينظر إلى الأعدل. قال الحافظ المحصل أبو العباس الونشريسى لما ذكر بينتى الصحة، والمرض: فائدة: من نظائر هذه المسألة بينتا الطوع والإكراه، والصحة والفساد، والرشد والسفه، والعسر واليسر، والعدالة والجرحة، والحرية والرق، والكفاءة وعدمها، والبلوغ وعدمه.

ومنها: إذا شهدت بينة بأن الذى وجدته من المستنكه رائحة خمر، وشهدت أخرى بنفيها. ومنها: إذا شهدت بينة بأن فلانا قتل فلانا فى وقت كذا وشهدت أخرى أنه كان حينئذ فى موضع بعيد بحيث لا يمكن منه القتل. ومنها: اختلاف المقومين فى قيمة المسروق وفى جميعها اختلاف صح من المنهج الفائق. القرافى: فى الفرق الثامن والعشرين والمائتين بين قاعدة ما يقع به الترجيح بين البينات عند التعارض، وقاعدة ما لا يقع به الترجيح: اعلم أنخ يقع الترجيح بأحد ثمانية أشياء وقع فى الجواهر منها أربعة: فقال: يقع الترجيح بزيادة العدالة، وقوة الحجة كالشاهدين يقدمان على الشاهد واليمين واليد عند التعادل وزيادة التاريخ. وقال ابن أبى زيد فى النوادر: وترجح البينة المفصلة على المجملة والنظر فى التفصيل والإجمال مقدم على النظر فى الأعدلية. السادس: قال ابن أبى زيد: أن تختص إحداهما بمزيد اطلاع قاله ابن القاسم وسحنون، وقال محمد: يقضى به لمن هو فى يده/ 151 - أ. السابع: استصحاب الحال والغالب، ومنه شهادة إحداهما أنه أوصى وهو صحيح وشهدت الأخرى أنه أوصى وهو مريض، قال ابن القاسم: تقدم بينة الصحة، لأنه الأصل والغالب.

وقال سحنون: إذا شهدت بأنه زنى عاقلا، وشهدت أخرى بأنه كان مجنونا، إن كان القيام عليه وهو عاقل قدمت بينة العقل، وإن كان القيام عليه وهو مجنون قدمت بينة الجنون وهو ترجيح بشهادة الحال وهو الثامن. وقال ابن اللباد: يعتبر وقت الرؤية لا وقت القيام، فلم يعتبر ظاهر الحال ونقل عن ابن القاسم فى الثالث الزيادة إذا اشهدت إحداهما بالعقل أو السرقة أو الزنى، وشهدت الأخرى أنه بمكان بعيد، أنه تقدم بينة القتل، ونحوه لأنها مثبتة زيادة، ولا يدرأ عنه الحد. قال يحنون: الا أن يشهد الجمع العظيم كالحجيج ونحوهم أنه وقف بهم أو صلى بهم العيد ذك اليوم فلا يحد، لأن هؤلاء لا يشتبه عليهم أمره بخلاف الشاهدين صح من اختصار البقورى للفروق. الإمام المقرى: قاعدة: مدارك الترجيح زيادة العدالة فى الشاهد، وفى المزكى للمالكية قولان، وقوة الحجة كالشاهدين على الشاهد واليمين عند أشهب خلافا لابن القاسم، وفى العدد قولان، واليد وزيادة التاريخ والاطلاع، كحوز الرهن، واستصحاب الغالب والحال وفى هذه خلاف للمالكية والتفصيل على الإجمال، والنظر فيه قبل زيادة العدالة انتهى. وكذا الأصل عند مالك والشافعى الجرح حتى تثبت العدالة ولذلك يتوقف

الحكم بالشهادة على التعديل، وقال أبو حنيفة: الأصل العدالة حتى يثبت الجرح. فمالك يقول للمشهود له: دونك فعدل، وحينئذ يعذر للمشهود عليه وأبو حنيفة يقول: للمشهود عليه دونك فجرح. وكذا الأصل الجمع، بمعنى أن من ادعى من المتناظرين الجمع بين الأدلة فقد ادعى الأصل لا من ادعى التعارض فعليه البيان. وفى طرة بخط بعض تلامذة المؤلف: يعنى أن من ادعى من المتكلمين الجمع فقد ادعى الأصل لا من ادعى/ 151 - ب التفريق. وكذا الأصل التساوى بين البينتين ونحوهما حتى يثبت المرجح، وهو أيضا الأصل فى القصاص، قال الله تعالى: {إن الله يأمر بالعدل والإحسان}. قال القرافى: العدل التسوية فى كل شئ حتى يقوم المخصص. قال الإمام أبو عبد الله المقرى: الأصل فى القصاص التساوى انتهى لأنه معناه إلا أن يؤدى إلى تعطيل القصاص قطعا كالجماعة بالواحد لا سبيل لتساعد العدالة عادة، أو غالبا كاستواء العضوين من كل وجه لندره، ولهذه النكتة فرق مالك فى جراحات العمد بين المسميات الأربعة، فقال: فيها نسبة دياتها من دية الحر من قيمة العين لأنها قد تبرأ على غير نقص يحط من القيمة فلو اعتبرت بذلك أدى إلى إبطالها وكذا

(...) لا يجوز بخلاف الجناية على الأطراف ونحوها فإن النقص فيه حاصل لا يزول وهذا فقه بديع يذهب تشنيع المزنى عليه، فتأمله لأن معناه التساوى. قال مالك ومحمد: تجب المماثلة فى استيفائه، إلا لمانع كالنار والفاحشة. وخالفهما النعمان فقال: لا قود إلا بسيف انتهى. الإمام البقورى فى اختصاره للفرق الثامن والأربعين بين ما خرج من المساوات، والمماثلة فى القصاص، وبين قاعدة ما بقى من ذلك على قاعدة المساوات: اعلم أن القصاص من القص الذى هو المساوات فهو شرط إلا أن يؤدى إلى تعطيل القصاص قطعا أو غالبا، وله مثل إحداها: التساوى فى أجزاء الأعضاء وسمن اللحم فى الجانى لو اشترط لما حصل إلا نادرا بخلاف الجراحات فى الجسد. وثانيها: تساوى منافع الأعضاء. وثالثها: العقول. ورابعها الحواس. والخامس: قتل الجماعة بالواحد، وقطع الأيدى باليد، لو اشترط الواحد لساعد الأعداء ببغضتهم وسقط القصاص. السادس: الحياة اليسيرة كالشيخ الكبير مع الشاب، ونفوذ المقاتل على الخلاف.

السابع: تفاوت المنافع والمهارة فيها. وها هنا ثلاث مسائل: المسألة الأولى: قتل الجماعة بالواحد إذا قتلوه عمدا، وتعاونوا على قتله عمدا بالحرابة وغيرها/ 152 - أحتى يقتل، وعندنا الناظور وغيره، ووافقنا الشافعى وأبو حنيفة وأحمد [فى أحد المشهورين من قوله: من حيث الجملة أنه تقتل الجماعة بالواحد. وعن أحمد] وجماعة من التابعين والصحابة أن عليهم الدية. وعن الزهرى وجماعة أنه يقتل منهم واحد، وعلى الباقى حصصهم من الدية لقوله تعالى: {النفس بالنفس} ولأن تفاوت الأوصاف كالحر والعبد يمنع من القصاص فالعدد أولى. لنا إجماع الصحابة رضى الله تعالى عنهم أجمعين على قتل عمر رضى الله عنه سبعة من أهل صنعاء فى رجل واحد، وقال: لو تمالأ عليه أهل صنعاء لقتلتهم. وقتل على رضى الله تعالى عنه ثلاثين ولا يعرف لهم مخالف فى ذلك الوقت. المسألة الثانية: وافقنا الشافعى وأحمد بن حنبل فى أنه لا يقتل مسلم بذمى. وقال أبو حنيفة: يقتل المسلم بالذمى. لنا ما فى البخارى: "لا يقتل مسلم بكافر".

واحتجوا بقوله تعالى: {ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا}. وبقوله تعالى: {النفس بالنفس}. وجوابنا: أن دليلنا خاص ودليلهم عام، فيقدم الخاص على العمومات ويخصص بها جمعا بين الأدلة. المسألة الثالثة: خالفنا الشافعى فى قتل الممسك وقال: يقتل القاتل وحده. لنا: ما تقدم من قضاء عمر، وعلى رضى الله عنهما، وقول عمر: لو تمالأ عليه أهل صنعاء. وأيضا فهو مقيس على الممسك للصيد المحرم فإن عليه الجزاء. وكذا الأصل الظهور دون التأويل، بمعنى أن الأصل حمل الكلام على ظاهره، ولا يخرج عن ظاهره إلا لدليل. ويقع فى بعض النسخ الطهور بالمهملة ويكون المراد أن الأصل فى الماء أنه طهور حتى يتحقق عدم ذلك، ولهذا يستعمل الماء إذا شك فى مغيره هل يضر، ويدل على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: "خلق الله الماء طهورا" الحديث وكذا الأصل الشرح، بمعنى أن من ادعى البيان فقد تمسك بالأصل دون من ادعى الإجمال، وكذا الأصل الصحة. قال القرافى: فى الفرق الثامن والعشرين والمائتين: مما ترجَّح به إحدى البينتين على الأخرى استصحاب/ 152 - ب الحال والغالب. ومنه شهادة إحداهما أنه أوصى وهو صحيح، وشهدت الأخرى أنه أوصى وهو مريض. قال ابن القاسم: تقدم بينة الصحة، لأنه الأصل، والغالب. وقد قدمنا أنه

المنصوص في مواضع من العتبية وفى كتب الوثائق ونوازل ابن رشد. ويحتمل أن يريد المؤلف ما هو أعم من صحة الجسم والعقل والمعاملة. وكذا الأصل الحرية فمن ادعاها فالقول قوله ما لم يثبت عليه حوز الملك. قال العلامة أبو عبد الله المقرى: قاعدة: الأصل الحرية. لا الرق، قال مالك فيمن قذف رجلا لا يعرف برق وهو يدعى الحرية، والقاذف ينفيها: هو على الحرية. ومن يقذف الإفريقى والشامى بالمدينة، فأرى أن يحد له إلا أن يأتى بالبينة على رقه، فإن ادعى بينة قريبة لم يعجل عليه، وإن كانت بعيدة أقيم عليه الحد مكانه، ثم إن قامت البينة زالت جرحة الحد وجازت الشهادة، ولا رجوع له بشين الضرب انتهى. وكذا الأصل التضمين دون التأمين، ولذا كان القول قول رب المال إذا قال: قرض، وقال الذى فى يده المال قراض، أو وديعة فيضمنه لأنه مقر بوضع يده الذى هو سبب للضمان مدع لرفع ذلك السبب. وكذا الأصل ضمان الكراء والإجازة حتى يقع التعيين. محمد بن المواز: وإن وقع الكراء على الإطلاق حمل على المضمون، حتى يدل دليل على التعيين قال: ولو اكترى منه أن يحمله إلى بلد كذا على دابة أو سفينة وقد أحضرها ولم يعلم له غيرها، ولم يقل له: تحملنى على دابتك هذه، أو سفينتك هذه فهلكت بعد أن ركب فعلى المكرى أن يأتيه بدابة أو سفينة غير هذه وهو مضمون حتى يشترط أنه، انما اكترى منه هذه بعينها. محمد: أو يكون نصف السفينة، أو ربعها فيكون كشرط التعيين. وكذا الأصل عدم الإذن [ولذا كان القول قول الموكل إذا تنازعا في الإذن] أو

[ص] فة من صفاته. وكذا القول قول رب المال إذا قال وديعة، وقال العامل قراض فيضمنه بعد العمل لا قبله. وكذا الأصل عدم العداء، لا العداء ولذا لو قال/ 153 - أالعامل قراض، وقال رب المال بل غصبتنيه، لم يصدق رب المال بل القول قول العامل. قال القاضى أبو عبد الله المقرى: قاعدة: الأصل عدم العداء، فإذا تنازع السيد والعبد فى الخطأ والعمد، فالقول قول السيد، وإليه رجع سحنون. وفى التوضيح: ولو ادعى على الطبيب العمد فيما زاد، أو قصر، وادعى هو الخطأ فالقول قوله، واختلف قول سحنون فى الزوج والسيد يفقأ عين زوجته أو عبده، فيقول السيد أو الزوج: فعلت ذلك أدبا، وتقول المرأة أو العبد: فعل ذلك عمدا، هل يحمل على الخطأ أو على الأدب؟ وإليه رجع سحنون. وفرق فى القول بين الطبيب وبين الزوج والسيد، لأن فعل الطبيب ابتدى على الإذن، ولم يثبت الإذن فى حق الزوج والسيد. ابن رشد: والأظهر فى السيد أن يحمل أمره على الخطأ، إلا أن يعلم أنه قصد به التمثيل فيباع عليه إن قصد العبد ذلك، وأما الزوج فالذى أراه فى ذلك أن لا يحمل أمره على الخطأ، ولا على العمد، ولكن يكون كشبه العمد، وتكون فيه الدية على الجانى، وإن طلبت المرأة فراقه، وقالت: أخافه على نفسى طلقت عليه طلقة بائنة انتهى.

وفي التبصرة لابن فرحون: تنبيه: قال ابن لبابة وغيره: والمسلمون فى دعوى الغصب والعدا يحملون على العافية حتى يثبت خلافها ليس هذا من الاختلاف المذكور فى باب الشهادة هل المسلمون محمولون على العدالة حتى يثبت خلافها أو على الجرحة حتى تثبت العدالة. تنبيه: وأما الشهادة على المتبايعين، أو المتناكحين فالناس محملون على الصحة وجواز الأمر، ليس على الشهود البحث هل هما فى ولاية أم لا؟ من المتيطية. تنبيه: الناس عند ابن القاسم أحرار، فلا تحتاج المرأة عند إرادة النكاح أن تثبت أنها حرة، وعند أشهب وغيره: الناس حر وعبد، فتحتاج إلى إثبات ذلك. تنبيه: الناس فيما ادعى عليهم علمه محمولون على الجهل حتى يثبت علمهم بذلك لقول الله تعالى: {والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون/ 153 - ب شيئا} فجهل الناس سابق لعلمهم. تنبيه: الناس محمولون على السفه حتى يظهر منهم الرشد، قاله ابن الهندى. تنبيه: الناس محمولون على العدم حتى يثبت الملأ والغنى، ذكره ابن الهندى. قال: والعمل عند الحاكم على أن مدعى العدم عليه الإثبات لعدمه وهو الأصح. مسألة: المتبايعان على المعرفة حتى يثبت الجهل [وعلى جواز الأمر حتى يثبت السفه وعلى الرضى حتى يثبت الإكراه، وعلى الصحة حتى يثبت السقم] وعلى الملأ حتى

يثبت الفقر، قاله ابن سهل انتهى. ويوجد فى بعض النسخ على العداء، فيكون معطوفا على محذوف، أى والأصل عدم العداء لا العداء، وفى بعضها والعداء بالواو، فيكون داخلا تحت لا، من قوله: (لا التعيين) أى ليس الأصل تعيين الكراء وليس الأصل الإذن، وليس الأصل العداء، ويحتمل أيضا على نسخة لا، أن يكون معطوفا على التعيين والإذن ولا العداء، ويحتمل أن يكون الإذن مثبتا والعداء معطوف عليه بلا فتكون مسألة واحدة أى والأصل الفعل بإذن لا بعداء وهذا أبعد عن التكلف وهو الموافق لكلام المقرى فى الكليات فليتعمد. ونص الكليات: الأصل، الإذن والتضمين لا العداء، والتأمين، وكذا الأصل أن لا يجمع للشخص بين العوضين. القرافى: "فى" الفرق الرابع عشر والمائة بين قاعدة اجتماع العوضين لشخص واحد وبين قاعدة ما لا يصح أن يجتمع فيه العوضان لشخص واحد: فإنه يؤدى إلى أكل المال بالباطل، وإنما يأكله بالسبب الحق، إذا خرج من يده فأخرج العرض بإزائه، فيرتفع الغبن والضرر عن المتعاوضين، ولذلك لا يجوز أن يكون للبائع الثمن والسلعة معا، ولا للمؤجر الأجرة والمنفعة معا. وكذلك بقية الصور، غير أنه قد استثنيت من هذه القاعدة أنواع من المصالح.

المسألة الأولى: الإجارة على الصلاة فيها ثلاثة أقوال: الجواز، والمنع، والثالث: الفرق بين أن يضم إليها الأذان فتصح أو لا يضم فلا تصح. وجه المنع: أن ثواب صلاته له ولو حصلت له الأجرة أيضا لحصل له العوض والمعوض منه، وهو غير/ 154 - أجائز. حجة الجواز: أن الإجرة بإزاء الملازمة فى المكان المعين وهو غير الصلاة. وجه التفرقة: أن الأذان لا يلزمه فيصح أخذ الأجرة عليه، فإذا ضم إلى الصلاة قرب العقد من الصحة وهو المشهور. المسألة الثانية: أخذ الخارج فى الجهاد من القاعد من أهل ديوانه جعلا على ذلك، ومنع منه الشافعى وأبو حنيفة وأجازه مالك رحمه الله تعالى وقال مالك: لا يجعل لمن فى غير ديوانه لعدم الضرورة لذلك. ثواب الجهاد حاصل للخارج فلا يجتمع العوض والمعوض منه لأن حكمة المعاوضة انتفاع كل واحد من المتعاوضين بما بذل له. حجة مالك: عمل الناس لأجلها فى ذلك، ولأنه باب ضرورة أن ينوب بعضهم عن بعض إذا كانوا أهل ديوان واحد، فإن تعدد الديوان فلا ضرورة يخالف من لأجلها القاعدة المجمع عليها. المسألة الثالثة: المسابقة بين الخيل، فقلنا: السابق لا يأخذ ما جعل للسابق لأن السابق له أجر التسبب للجهاد، فلا يأخذ الذى جعل للمسابقة لئلا يجتمع له العوض والمعوض لهذه

الحكمة ولسبب هذه القاعدة اشترط العلماء الثالث المحلل لأخذ العوض. الإمام أبو القاسم بن الشاط: فى هذا الفرق نظر يفتقر إلى بسط، وما ذكره من المسائل الثلاث، لقائل أن يقول: ليس المبذول فيها عوضا عن الثواب بل هو معونة على القيام بتلك الأمور، فللقائم بها ثوابه ولمن تولى المعونة ثوابه فلم يجتمع العوضان لشخص واحد من جهة، والله أعلم. وقال القاضى أبو عبد الله المقرى: قاعدة: الأصل ألا يجتمع العوضان لشخص واحد، لأنه من معنى العبث، وأكل المال بالباطل، واستثنى القرافى من ذلك أجرة الإمامة لابن عبد الحكم، وجعل القاعد للغازى وهما من ديوان واحد، والسبق لمن يجيز أخذ السابق وفيها نظر لمن تأمل. وقال أيضًا: قاعدة: التعدى ينقل المتعدى عليه للخدمة بالقيمة عند مالك، فيكون له، لأن القيمة للمتعدى عليه فلا يجتمع له بين العوض والمعوض فإذا وجد الدابة المصالح عيلها فى التعدى فلا تكون/ 154 - ب له، بخلاف من طرح متاعه للهول فصالحه بدنانير أن لا يشاركهم بعد أن عرفوا ما يلزمهم فى القضاء، ثم خرج بعد الطرح فإنه له وينتقض الصلح وإن نقض نصفه انتقض نصفه انتهى. وكذا الأصل فى العقود اللزوم لأن الأصل ترتب الأحكام على أسبابها، كما أن الأصل فيها الصحة أيضا، ويحتمل أن تكون هى المراد المؤلف بقوله "وصحة" أو المراد الصحة المقابلة للمرض كما مر، ويحتمل أن يكون أرادهما معا أو ما يشمل صحة الجسم والعقل والعقد.

وقال القاضي أبو عبد الله المقرى: قاعدة: الأصل فى العقود عموما وفى البيع خصوصا الصحة، ولا يمنعهما إلا ما يرجع إلى المتعاقدين كعدم التمييز بخلاف بين المالكية فى السكران ونزله ابن رشد على السكران الذى معه بقية فيخطى ويصيب، فأما الذى لا يعرف الأرضمن السماء، ولا الرجل من المرأة فكالمجنون اتفاقا فيما بينه وبين الناس، وفيما بينه وبين الله عز وجل إلا فيما ذهب وقته من الصلاة ففى سقوطها قولان. ونسبه ابن الحاجب إلى الباجى، لما لم يفرق فى اصطلاح ابن شاس بين القاضى أبو الوليد والشيخ أبى الوليد، وتكرر له هذا فى مواضع نبهنا عليها فيما قيدناه. أو إلى العوضين مالغرر والربا، أو كون أحدهما لا يصح تملكه أو المنفعة به عموما أو خصوصًا بالعاقد، أو لعدم تحقق المالية فيه كالبرة، أو إلى الوقت كالبيع عند وجوب المعة. قاعدة: الأصل اللزوم، كذلك ويمنعه ما يرجع إلى العقد ككونه لم يفوت حقا وجب كالجعالة وسائر العقود الجائزة عند المالكية، أو ما يرجع إلى العاقد كعدم التكليف، أو شرط الخيار ذكرا أو عادة كالعيب، أو شرعا كخيار المجلس عند الشافعى وابن حبيب. وقال فى الكليات: الأصل الصحة، الأصل فى القصاص التساوى ما لم يؤد إلى التعطيل غالبا، الأصل فى الكراء، ونحوه الضمان لا التعيين، الأصل الإذن والتضمين لا الاعتداء والتأمين، الأصل فى الاقرارات أن لا يقبل الرجوع عنها واستثنى الحدود للعذر، وقيل مطلقا الأصل التساوى لا الرجحان ولا الاختصاص/ 155 - أالأصل الاجتماع لا التعارض، الأصل الظهور لا التأويل، الأصل الجرح ومن ثم قدم التجريح، وقيل التجريح الأصل فى العقود اللزوم، لأن الأصل ترتب الأحكام على أسبابها.

قوله: "ضمان كالكراء" أى وضمان مثل الكراء فأدخل تحت الكاف الإجارة وهى اسم لإضافة ضمان إليها. قوله: "والإذن" هو معطوف على ضمان أى والأصل الإذن. قوله: "وإن لا يجمعا للشخص بين العوضين" أى والأصل أن لا يجمع للشخص بين العوضين. قوله: "وبالندور احكم إذا شئ ورد" أى إذا ورد شئ من الجمع بين العوضين فاحكم بندوره، قوله: "كذا اللزوم فى العقود أصل". القرافى فى الذخيرة: قاعدة: العقود قسمان مستلزم لمصلحته عند العقد فشرعه على اللزوم وترتيبا للمصلحة وترتيبا للمسببات على أسبابها وهو الأصل، كالبيع فإن مجرد العقد يمكن كل واحد من المتعاقدين من تحصيل مصلحة الثمن والمثمون بالبيع، والهبة وأنواع الانتفاع، وكذلك الإجارة وغيرها. وقسم لا يستلزم مصلحة كالقراض والجعالة والوكالة والمغارسة وتحكيم الحاكم انتهى. وقال فى الفروق: فى التاسع والمائتين ما بين قاعدة، ما مصلحته من العقود اللزوم، وبين قاعدة ما مصلحته عدم اللزوم اعلم أن الأصل فى العقد اللزوم، لأن العقد إنما شرع لتحصيل المقصود من المعقود به، أو المعقود عليه، ودفع الحاجة فناسب ذلك اللزوم دفعا للحاجة وتحصيلا للمقصود، غير أن مع هذا الأصل انقسمت العقود إلى قسمين: أحدهما: كذلك كالبيع والإجارة والنكاح والهبة والصدقة وعقود الولايات فإن التصرف المقصود بالعقد يحصل عقيب العقد. والقسم الآخر: لا يستلزم مصلحة مع اللزوم بل مع الجواز وعدم اللزوم، وهو خمسة عقود: الجعالة، والقراض، والمغارسة، والوكالة، وتحكيم الحاكم ما لم يشرعا فى الخصومة فإن الجعالة لو شرعت لازمة مع أنه قد يطلع على فرط بعد مكان الآبق، أو عدمه

مع دخوله على الجهالة/ 155 - ب بمكانه فيؤدى ذلك لضرره فجعلت جائزة لئلا يجتمع الجهالة، بالمكان واللزوم، وهما متنافيان، وكذلك القراض، حصول الربح فيه مجهول، فقد يتصل به أن السلع متعذرة ولا يحصل فيها ربح وإلزامه السفر حصره بغير حكمة ولا يحصل مقصود العقد الذى هو الربح. وكذلك المغارسة مجهولة العاقبة فى نبات الشجر وجودة الأرض، ومؤاتات الأسباب على معانات الشجر مع طول الأيام، فقد يطلع على تعذر ذلك، أو فرط بعده فإلزامه بالعمل ضرر من غير حصول المقصود. وكذلك الوكالة وقد يطلع فيما وكل عليه على تعذر أو ضرر فجعلت على الجواز. وتحكيم الحاكم ضرر على المحكم عليه، لما فيه من اللزوم إذا حكم بعد تطلع الخصمين على سوء العاقبة فى ذلك، فلا يشرع اللزوم فى حقهما نفيا للضرر عنهما واشترك الجميع فى عدم انضباط العقد لحصول مقصوده، فكان الجميع على الجواز انتهى. وقال القاضى أبو عبد الله المقرى: قاعدة: العقود قسمان: مستلزم لمصلحته عند العقد فشرعه على اللزوم تحصيلا للمصلحة وترتيبا للمسبب على السبب وهو الأصل، كالبيع والإجارة والهبة. وغير مستلزم فشرعه على الجواز نفيا للضرر عن المتعاقدين، لأنه قد تظهر أمارة فلا يكلف ما يضره ولا يجرى له كالقراض فإن المقصود الربح، وهو قد لا يحصل فيضيع

تعب العامل، بل قد يضيع رأس المال والجعالة: فقد لا يرد الآبق والوكالة وسائر العقود الجائزة. قوله: "وجاز فى جعل قراض"- إلى آخره- أبو عمران فى النظائر: مسائل ما يلزم بالعقد من ذلك: النكاح، والبيع والكراء والإجارة، والمساقاة. والذى لا يلزم بالعقد من ذلك، الشركة: لا تلزم بالعقد، والقراض: لا يلزم بالعقد وكذلك الجعل لا يلزم بالعقد، وكذلك المغارسة، وكذلك الوكالة لا تلزم بالعقد. سحنون يقول: الشركة تلزم بالعقد. ابن حبيب: يلزم القراض بالعقد وكذلك الجعل على قوله يلزم بالعقد. وكذلك من حكما رجلا لا يلزمهما/ 156 - أذلك عند ابن القاسم ما لم يشرعا فإذا شرعا فليس لهما ترك ذلك. وقيل: يلزمهما [ما حكم به بينهما وإن لم يشرعا فى الخصومة، وهو عقد لازم، وقيل: لهما] الرجوع ما لم يشرفا على الحكم. وقيل: لهما الرجوع ما لم يقطع الحكم انتهى. واستثنى المؤلف من اللزوم اثنى عشر عقدا، وذكر أنه اختلف فى بعضها هل هو جائز أو لازم:

الأول: الجعالة، وهو جائز من الجانبين فإن شرع لزم الجاعل، وقيل: لازمة فيهما بالقول. وقيل: فى الجاعل. الثانى: القراض، ولكل منهما فسخه قبل العمل ويلزم بعده حتى ينض وبعد الزاد والضعن ومثل الزاد والسفر لا يمنع، وحكى المازرى فى العتبية قولين: أحدهما: أنه لازم بالعقد لهما. والثانى: أنه لازم لرب المال فقط والفرق بينه على المعروف وبين المساقاة أن القراض لما لم يكن مؤقتا كان شبيها بالإجارة كل شهر أو كل سنة، والمساقاة لما كانت موقتة كالإجارة الوقتية لشدة الحاجة. الثالث: المزارعة وهى دائرة بين الشركة والإجارة فلهذا وقع الاختلاف فى لزومها بالعقد، فقيل تلزم به تغليبا للإجارة وهو قول سحنون وقيل: لا تلزم تغليبا للشركة ولكل منهما أن ينفصل عن صاحبه ما لم يبذر. ابن رشد: وهو معنى قول ابن القاسم ونص رواية أصبغ عنه فى العتبية، وقيل: لا تلزم إلا بالشروع فى العمل، وهو قول ابن كنانة فى المبسوط، وبه جرت الفتوى عندنا بقرطبة وهو على قياس رواية ابن زياد عن مالك أن الجاعل يلزمه بشروع المجعول له فى العمل. الرابع: الوكالة: وهى إما أن يتعلق بها حق الغير كالوكالة على الخصومة أو لا؟ أما الأول: فقال ابن رشد فى المقدمات: ليس له أن يعزله إذا قاعد خصمه المرتين والثلاث إلا من عذر، وهذا هو المشهور فى المذهب، ووقع لأصبغ فى الواضحة ما يدل على أن له أن يعزله ما لم يشرف على تمام الخصام [وفى المحل الذى لا يكون للموكل عزله عن الخصام] لا يكون له هو أن ينحل عن الوكالة إذا قبل الوكالة انتهى.

وأما الثاني: فإن كانت بأجرة فهى لازمة/ 156 - ب كالإجارة وبجعل. ثالثها: تلزم الموكل، وبغيرهما جائزة، قيل: تلزم الوكيل كالهبة، لأن الوكيل كواهب منفعة والهبة تلزم بالقول على المعروف وهذا الأخير هو مراد المؤلف، وأطلق لرجوع ما قبله إلى الإجارة، والجعالة، وعروض تعلق حق الغير، أو أطلق، لأن أصل شرع الوكالة على الجواز، واللزوم حيث تلزم لعروض تعلق حق الغير، ومنه ما إذا كانت بأجرة. الخامس: الهبة التى تعتصر، وهى الهبة من الأب والأم، ويدخل فى قول المؤلف أو ما يعتصر الصدقة بشرط الاعتصار على القول بأن شرطه عامل. السادس: الوصية بالمال أو بالنظر فللموصى الرجوع وإن أوصى بالعتق. السابع: قبول الوصية فللوصى أن يعزل نفسه فى حياة الموصى ولو بعد القبول على الأصح، لأنه لم يغر الموصى وهو قادر على أن يستبدل غيره ومقابل الأصل لعبد الوهاب فى المعونة قال: إذا قبل الوصى الوصية ثم أراد تركها لم يجز له ذلك إلا أن يعجزها عنها أو يظهر له تعذر فى الامتناع من المقام عليها. ابن عبد السلام: وهو ظاهر قول غيره من العراقيين، وبعض المغاربة، لأن ذلك كهبة بعض منافعه انتهى. وظاهر كلام المؤلف أن للوصى الرجوع مطلقا، لو قبل بعد الموت، والأصح أنه لا رجوع له إذا قبل بعد الموت.

وقال بعضهم: لا فرق بين قبوله بعد الموت أو قبله، إن له الرجوع. الثامن: الإقرار بالزنى أو السرقة، أو الشرب، أو نحو ذلك مما له عذر فى الرجوع. وقيده فى مختصر المنهج بالحد. فقال: مقر حد وهو لا يتقيد به حسبما سيأتى. أما الزنى، فإن أقر به ثم رجع إلى ما يعذر فيه قبل، وفى إكذابه نفسه قولان لابن القاسم، وأشهب. وأما السرقة: فإن أقر بها ثم رجع إلى شبهة ثبت الغرم دون القطع، وفى غير شبة روايتان عن مالك، هذا نقل ابن الحاجب. وقال الشيخ ابن عرفة: أبو عمر: اتفق مالك والشافعى/ 157 - أوأبو حنيفة على قبول رجوع المقر بالزنى والسرقة وشرب الخمر، إذا لم يدع المسروق منه ما أقر به السارق. وقال ابن أبى ليلى وعثمان البتى: لا يقبل رجوعهم فى شئ من ذلك. ابن زرقون: وحكاه الخطابى فى شرح السنن عن مالك وهو غريب. قلت: لعله فيما لم يذكر له وجها.

الباجي: إن رجع لغير شبهة فروى ابن وهب ومطرف فى الموازية أنه يقبل. وقاله ابن القاسم وابن وهب وابن عبد الحكم. وعن مالك: أنه لا يقبل منه، وقاله أشهب وعبد الملك. وقال فى الشرب: وروجوع المقر وتقدم فى السرقة. الشيخ عن الواضحة: اعترف أبو محجن الثقفى فى شعره بشرب الخمر فأراد عمر حده. فقال: صدق الله وكذبت. قال الله تعالى فى الشعراء: {وأنهم يقولون ما لا يفعلون} فلم يحده وعزله عن العمل صح منه. القرافى: فى الفرق الثانى والعشرين والمائتين بين قاعدة الإقرار الذى يقبل الرجوع عنه، وبين قاعدة الإقرار الذى لا يقبل الرجوع عنه: الأصل فيه اللزوم ثم ضابط ما لا يجوز له الرجوع عنه [هو الرجوع الذى ليس له فيه عذر عادى، وما يجوز له الرجوع عنه] هو أن يكون له فى الرجوع عذر عادى. وهذا كما إذا أقر الوارث للورثة أن ما ترك أبوه ميراث [ينقسم على القانون الشرعى] ثم جاء شهود أخبروه أن أباهم أشهدهم أنه تصدق عليه فى صغره بهذه

حاز له فإذا رجع عن إقراره يقبل رجوعه، لأنه على العادة، ولا يكون إقراره السابق مكذبا للبينة لأن هذا عذر عادى يسمع مثله. ومثل هذه المسألة أن يقول له: علىّ مائة درهم إن حلف أو ادعاها، أو مهما حلف بالعتق أو استحل ذلك، أو كان يعلم أنها له أو أعارنى ردًا فاعلاه/ 157 - ب أو إن شهد بها على فلان، فشهد عليه بها، فلا يلزمه فى ذلك كله شئ، لأن العادة جرت أن هذا ليس إقرارا، فإن قال: إن حكم بها على فلان فحكم بها لزمته، لأن الحكم سبب فتلزمه عند سببها، والأولى كلها ليست شروط الأسباب بل استبعادات محضة مخلة بالإقرار. ومثل هذا أن يقول له عندى مائة من ثمن خمر، أو ميتة، لأن الكلام بآخره والقاعدة أن كل كلام لا يستقل بنفسه، وقوله: من ثمن خمر لا يستقل بنفسه فيصير الأول المستقل غير مستقل بنفسه. وكذلك الصفة والاستثناء والغاية والشرط ونحوها. التاسع: المغارسة أعنى أن يغارسه فى الأرض على جزء منها، فقد أجازه أهل العلم قياسا. على ما جوزته السنة من المساقة. ثم اختلف فقيل:

هي لازمة بالعقد كالإجارة وقيل: هى من باب المجاعلة وللعامل أن يترك العمل. العاشر: الشركة، قال ابن رشد فى المقدمات: وهى من العقود الجائزة لكل واحد أن ينفصل متى شاء، إلا الشركة فى الزرع ففى لزومها خلاف لترددها بين الإجارة والشركة. ونحوه للخمى وخرج قولا بلزومها لأول سنة، من الشاذ فى كراء المشاهرة أنه يلزم شهر. وفى مفيد الحكام: الشركة تنعقد بالقول على المشهور من قول مالك وأصحابه. وقال ابن يونس: تلزم بالعقد كالبيع لا رجوع لإحدهما فيها كالبيع بخلاف الجعل والقرض. ولعياض وابن عبد السلام نحوه. والظاهر أنه لا مخالفة بينهم، ومراد ابن يونس أنها تلزم بالعقد اعتبار الضمان إذا هلك شئ بعد العقد يكون ضمانه منهما، خلافا لمن يقول إنها لا تنعقد إلا بالخلط. الحادى عشر: التحكيم وهو أن يحكّم الخصمان رجلا يحكم بينهما، وهو غير لازم وعند سحنون، بمعنى أن لكل منهما أن يرجع قبل النفوذ ولازم عند ابن الماجشون ومنشأ الخلاف هل يقال لما حكماه صار كالوكيل لهما، أو لا؟ وهو كالحاكم.

وقال أصبغ: لكل منهما الرجوع ما لم ينشبا فى الخصومة/ 158 - أفإذا نشبا فلا رجوع لأحدهما. ولابن المواز الرجوع ما لم يشرف على الحكم. الثانى عشر: كراء المسانهة أو المشاهرة، فمذهب ابن القاسم وروايته عن مالك فى المدونة: أنه غير لازم وروى مطرف وابن الماجشون: أنه يلزم أقل ما سميا فإن قالا كل شهر بكذا لزم شهر، وإن قالا كل شنة بكذا لزم فى سنة، وبه قال ابن حبيب، واختاره اللخمى قال: لأنهما أوجبا بينهما عقدا ولم يوجبا فيه خيارا فوجب أن يحملا على أقل ما تقتضيه تلك التسمية. واختار ابن يونس المشهور، قال: لأنه كأنه قال: أكريتك بحساب الشهر والسنة بكذا. وفى المسألة قول ثالث: لا يلزمه شئ كالقول الأول حتى يشرع فى السكنى فيلزمه أقل ما يسمى كالقول الشاذ وهو مروى عن مالك وكان حق المؤلف أن يقيد الكراء بما ذكرنا احترازا عن كراء الوجيبة فإنه لازم، وقد وقع مثل هذا الإطلاق فى نظم شيخ شيوخنا الإمام أبى عبد الله بن غازى لهذا المعنى بقوله: أربعة بالقول عقدها يرى ... بيع نكاح وسقاء وكراء لا الجعل والقراض والتوكيل ... والحكم فالفعل بها كفيل

فصل لما اختلف في تقديم أحدهما على الآخر عند التعارض

لكن في الغراس والمزارعة ... والشركات بينهم منازعة وقد يتبين معنى قول المؤلف: فى بعضها الخلاف، وأما قوله "والفرق يرى" بمعنى يعلم أو يبصر فى كتب الفقه فيحتمل أن يعنى الفرق بين العقد اللازم والعقد الجائز وهو ما نقلناه فيما تقدم عن القرافى والمقرى. ويحتمل أن يعنى الفرق بين العقد المتفق على جوازه والمختلف فيه. [ص] فصل [ش] عقد هذا الفصل لما اختلف في تقديم أحدهما على الآخر عند التعارض كتعارض قياسين ومقصد، ولفظ وغالب، وأصل [وظاهر وأصل] وإنما ذكر تعارض قياسين هنا مع الجزم بتقديم الأقوى شبها، لأنه قد يختلف فى الأقوى ما هو فالتحق بالنمط الأول وإن كان/ 158 - ب خلافا فى حال. [ص] 342 - إن دار فرع بين أصلين وقد ... تعذر الجمع يغلب الأسد [ش] فى طرة على هذا بخط المؤلف من القواعد: إن دار الفرع بين أصلين غلب أرجحهما إن تعذر الجمع وقد يختلف فى ذلك. انتهى. ويعنى بالأسد الأكثر سدادا أى: استقامة، والمعنى أن الفرع إذا دار بين أصلين يغلب الأقوى شبهًا. قال بعضهم: كمن تيقن بالوضوء وشك فى الحدث فالأصل بقاء ما كان على ما كان. وبهذا الأصل تمسك الجماعة. وبالثانى تمسك حمديس. وذلك أنه قال: الأصل عمارة الذمة بعد التكليف ولا يبرأ إلا بيقين، والشك فى الشرط شك فى المشروط. وقال القاضى أبو عبد الله المقرى: قاعدة: إذا اتص الفرع بأصل أجرى عليه إجماعا، فإن دار بين أصلين حمل على الأولى منهما، وقد يتلف فيه كالإرث من المكاتب، وما يجب بقتل أم الولد، وملك العامل أهو بالظهور، لأنه كالشريك لتساويهما فى زيادة الربح ونقصه، ولعدم تعلق حقه بالذمة، أو بالقسمة لأنه كالأجير، لاختصاص رب المال بغرم رأس المال، ولأن القراض معاوضة على عمل وقد تعمل الشائبتان، فإن من غلب

الشركة اعتبر شروط الزكاة فى حقهما ومن غلب الإجارة اعتبرها فى حق المالك فقط. وابن القاسم أعملهما فقال: يراعى أمرهما وإن سقطت عن أحدهما سقطت عن العامل فى الربح انتهى. ومثل لهذا أيضا بمن قتل عبدا هل عليه قيمته وإن زادت على دية الحر، أو ما لم تزد على دية الحر ومذهبنا الأول وله شبه بالحر وهو ظاهر والدابة والياقوتة ونحوهما فى المالية والتصرف بالملك فبأيهما يلحق. [ص] 343 - ومقصدان عارض اللفظ ففى ... ذاك وقيل ذا كنذر حالف [ش] هل يقدم القصد أو اللفظ عند تعارضهما؟ اختلف فى ذلك/ 159 أوالصحيح تقديم القصد بمعنى أن القصد العرفى مقدم على مقتضى اللفظ لغة أو العكس على الآخر، كمن حلف لا يأكل لحما أو بيضا أو رءوسًا ففى حنثه بمثل لحم الحيتان وبيضها ورءوسها قولان، لابن القاسم وأشهب. فابن القاسم بنى على تقديم اللفظ، وأشهب على تقديم القصد وكذلك لا آكل خبزا فأكل نحو الأطرية والهريسة والكعك. وكذلك لا آكل عسلا فأكل عسل الرطب وكذلك لو حلف لا أدخل عليه بيتا هل يحنث بالمسجد، ومنه لو حلف لا أكلمه فسلم عليه فى الصلاة. وعروض قول ابن القاسم وأشهب هنا بقولهما فيمن وكل رجلا يشترى له ثوبا فاشترى ما لا يليق بالآمر، فإن ابن القاسم قال: إنه غير لازم للآمر، ورأى أشهب لزومه له فراعى ابن القاسم العرف فى الوكالة دون الأيمان، وعكس أشهب.

وأجيب بأنه لا يلزم من اطراد العرف فى وجه أو فى مسألة اطراده فى مثل ذلك لجواز جريان العرف فى أحدهما دون الآخر، والقياس لا يجرى فى المسائل العرفية. قال القاضى أبو عبد الله المقرى: قاعدة: اختلف المالكية فى المقدم من اللفظ والقصد عند تعارضهما، كصوم يوم يقدم فلان فقدم نهارا، قيل: يقضى، لأن المقصود صيام يوم شكرا، وقيل: لا وبابها الأيمان، والظهار كمن ظاهر قاصدا للطلاق ففى اللازم منهما قولان أما إن لم يقصد شيئا فعلى الخلاف فى لزوم اليمين باللفظ المجرد عن النية وهى قاعدة عامة انتهى. وقوله: "كصوم" أى كنذر صوم، وفى طرة بخط المؤلف: وعليه من نذر صوم يوم قدوم فلان فقدم نهارا، هل يقضى لقصد الشكر أم لا؟ للفظ. انتهى. ومثله لو نذر صوم شهر، فالقصد أنه يغلظ على نفسه، ولفظ الشهر يطلق على ثلاثين، وعلى تسعة وعشرين والأصل براءة الذمة فاقتضى القصد ثلاثين واللفظ تسعة وعشرين حملا على الأقل لما مر. قوله: "ففى ذاك" أى تبع المقصد فوصل إشارته بالكاف لبعده، وذا أى /159 - ب اللفظ لقربه ونذر منون أى كنذر وحالف، وفى بعض النسخ بلفظ المصدر مناسبا لنذر. [ص] 344 - فى الأخذ بالغالب أو أصل إذا ... تعارضا قولان لكن نبذا 345 - إجماعا أصل عارض الذى شهد ... وغالب فى الدين قال من رشد [ش] إذا تعارض الأصل والغالب هل يؤخذ بالأصل أو الغالب فيه قولان وعليه فى المذهب فروع ومسائل منها:

الخلاف بين مالك وابن حبيب فى دعوى المبتاع الجهل بالعيب الظاهر، فمالك قبل دعوى المبتاع بيمين، وابن حبيب والموثقون لم يقبلوها إذا كان العيب فى موضع ظاهر لا يخفى غالبا. قال فى إيضاح المسالك: تنبيه: قال القرافى: هذا ليس على إطلاقه بل أجمعت الأمة على اعتبار الأصل وإلغاء الغالب فى دعوى الدين ونحوه، فإن القول قول المدعى عليه وإن كان الطالب أصلح الناس وأتقاهم لله، ومن الغالب عليه أن لا يدعى إلا ماله، فهذا الغالب ملغى إجماعا. واتفق الناس على تقديم الغالب وإلغاء الأصل فى البينة إذا شهدت، فإن الغالب صدقها، والأصل براءة ذمة المشهود عليه، وألغى الأصل هاهنا بالإجماع عكس الأول، فليس الخلاف على الإطلاق انتهى. وأجاب الإمام أبو عبد البقورى فى اختصار الفروق وترتيبها بقوله: إنما ألغى الغالب الذى هو صدق البر التقى لما قلناه: من أن القلوب بيد الله يقلبها كيف شاء فليس هذا الغالب بمعتبر أصلا كما قلنا فى الذى قبله وكلام الفقهاء فى الغالب الذى لا يطرقه مثل هذا كجلد قران ودباغ الغالب أنه للدباغ، وما قاله فى البينة إذا شهدت فإن الغالب صدقها ليس هذا من ترجيح الغالب على الأصل، بل من باب العمل بالخبر الذى لا يصح خلافه وهو قوله عليه السلام: "شاهداك أو يمينه" انتهى. والذى قاله فى الذى قبله هو ما ذكرناه عنه فى قاعدة المدعى والمدعى/ 160 - أعليه من قوله: الظواهر التى ذكرناها جلية بينة غير خاف قبولها وما نقضت به من دعوى البر التقى على الفاسق لطروق الشك فى هذا الظاهر، فإن القلوب بيد الله يقلبها كيف شاء فيكون تقيا الزمن

الطويل ثم ينعكس: وبالعكس ومعرفة هذا من الأمر الخفى فألغى هذا الظاهر هنا ولم يعتبر بخلاف الظواهر التى ذكرناها لا يطرقها ما طرق هذا فاعتبرت وترتب الحكم عليها. قال القاضى أبو عبد الله المقرى: قاعدة: اختلف المالكية فى المقدم من الأصل والغالب عند التمارض كسؤر ما عادته استعمال النجاسة إذا لم تر على أفواهها وقت شربها، وقد مر تحقيقه وتفريق المشهور بين الطعام والماء لمقاومة حرمته للغالب المتقدم عنده فيسلم الأصل كعمل الماضين فيما نسجه أهل الذمة وقد نبه فى المدونة على هذه الحرمة، فى سؤر الكلاب وإن كان البراذعى قد أسقطها حتى حمل كتابه ما ضعف التعليل به من التخصيص بالعادة، ومن هذا الأصل أن يتزوج حر أمة فيدعىى الغرور وتنكره، ففى المصدق منهما قولان وأشار بقوله- وقد مر تحقيقه- إلى قوله: قاعدة: ما يحصل على تقديرين أقرب وجودا مما يحصل على تقدير واحد، ثم أصعد كذلك فإن شربت الجلالة احتمل أن تكون لم تستعمل نجاسة إذ ذاك أو استعملها ثم ذهبت بالكلية أو لم تلاق الماء، وهذه تقتضى البقاء على الأصل ويحتمل أيضا أن تكون فيها وقت شربها ولاقت الماء، وهذا يقتضى النجاسة لكن الأول أقرب إلى الوجود وبه تبطل دعوى الغالب الذى هو مستند المشهور، فيبقى الأصل وهو الصحيح إلا على القول بانتقال النجاسة الحكمية. قوله: "لكن نبذ إجماعا أصل عارض الذى شهد" هذا كالاستثناء من الخلاف الذى قبله أى لكن طرح بالإجماع أخذ عارض شهادة الذى شهد، أى طرح الأخذ بالأصل.

وإنما يتمسك بالشهادة والأصل براءة الذمة والغالب صدق الشاهدين وعلى/ 160 - ب ما شهدا به يعمل إجماعا. قوله: "وغالب فى الدين" أى ونبذ غالب فى دعوى الدين، والغالب صدق الرجل الصالح والأصل براءة الذمة من الدين، وعلى الأصل يعمل إجماعا وإن كان مدعيه فاسقا. قوله: "قال من رشد" يعنى الرشد فى الدين، أى من رشد فى الدين قال بغيته. [ص] 246 - فى الأصل والظاهر أيضا علما ... مع تعارض كقبر قدما [ش] من القواعد إذا تعارض أصل وظاهر أيهما يقدم؟ عليهما ما ذكر، وهو القبر القديم أى البالى هل تجوز الصلاة فيه، بناء على الأصل، وهو بقاء ما كان، أو لا؟ بناء على الظاهر وهو وجود العظام فى القبر. قال القاضى أبو عبد الله المقرى: قاعدة: إذا تعارض أصل وظاهر فللمالكية فى المقدم منهما قولان، كالمقبرة القديمة الأصل الطهارة، والظاهر اختلاط الأجزاء. قوله: "علما" أى القولان وبه يتعلق فى الأصل. [ص] 347 - وغالبا قدم على ما ندرا ... وهو شأن شرعنا فكثرا 348 - لكن عليه نادر قد قدما ... كالطين والنعل ونحو علما 349 - ومنه نسج مسلم لا يحترز ... من نجس وثوبه كمن نبز 350 - بشرب أو ترك صلاة أو جهل ... كثوب سوق وعن اللخمى نقل 351 - فى ثوب من ذكر أنه نجس ... كالنوم لكن خفف الذى لبس 352 - فى الرأس قيل ما عدا من شربا ... وغسل ما قد شك فيه صوبا 353 - ونسج كافر وما قد صنعا ... كفاسق من طعام وسعا 354 - فيه كلبس صبية ونقلا ... معافرى نجس وقبلا 355 - إن استقل ولد بالغسل ... وكمبرز ووضع الحمل

356 - وشبه ما ذكر مما ارتكبا ... من النوادر لمعنى أوجبا [ش] جل هذا الكلام مأخوذ من كلام القرافى، فى الفرق السابع والثلاثين والمائتين بين قاعدة ما اعتبر من الغالب [وبين ما ألغى من الغالب] / 161 - أ. قال: اعلم أن الأصل اعتبار الغالب وتقديمه على النادر، وهو شأن الشريعة كما يقدم الغالب فى طهارة المياه، وعقود المسلمين، ويقصر فى السفر، ويفطر بناء على غالب الحال وهو المشقة، ويمنع من شهادة الأعداء والخصوم، لأن الغالب منهم الحيف، وهو كثير فى الشريعة لا يحصر كثرة، وقد يلغى الشارع الغالب رحمة بالعباد، وهذا قسمان: قسم يعتبر فيه النادر،. وقسم يلغيان معا، وأنا أذكر من كل قسم مثلا ليتهذب بها الطالب ويتنبه إلى وقوعه فى الشريعة، فإنه لا يكاد يخطر ذلك بالبال، لا سيما تقديم النادر على الغالب. ثم ذكر من القسم الأول عشرين مثالا ونذكر منها على كلام المؤلف ما يناسبه قوله: "وهو شأن شرعنا" يحتمل أن يقرأ هو بتخفيف الواو وهى اللغة الكثرى، فيكون الجزء مخبولا، ويحتمل أن تقرأ بتشديدها. وهى لغة همدان، فيكون الجزء مخبونا؟. قوله: "نادر قد قدما" يصح رفع نادر، وقدم ماض للمجهول ونصبه وقدمن أمر فألفه بدل نون التوكيد الخفيفة وهما نسختان. قوله: "كالطين والنعل ونحو علما" كأن هذا من التقديم النادر، لأن الغالب فى الطرق النجاسة، وكذا النعل المأمور يدلكها. القرافى: الرابع: طين المطر الواقع فى الطرقات وممر الدواب والمشى بالأمدسة التي

يداس بها فى المراحيض، الغالب عليها وجود النجاسة، من حيث الجملة، وإن كنا لا نشاهد عينها والنادر سلامتها. ومع ذلك ألغى الشارع حكم الغالب وأثبت حكم النادر توسعة ورحمة بالعباد فتصلى به من غير غسل. الخامس: النعال الغالب عليها مصادفة النجاسات، لا سيما نعل مشى بها سنة وجلس بها فى موضع قضاء حاجة الإنسان سنة أو نحوها والنادر سلامتها من النجاسة، ومع ذلك ألغى الشارع حكم الغالب وأثبت حكم النادر، فجاءت السنة بالصلاة بالنعال حتى قال بعضهم: إن خلع النعال فى الصلاة بدعة/ 161 - ب كل ذلك رحمة من الله، وتوسعة على العباد انتهى. ويدخل فى قول المؤلف "ونحو علما" الرجل الحافية وفى بعض النسخ بدل هذا (وزاد القدما). وصدر البيت بعده على هذه النسخة (بعض) فهو فاعل زاد وأثره. "ونسج مسلم" بخفض نسج عطفا على الطين، وعلى الأول ومنه نسج مسلم برفع نسج. القرافى: الخامس عشر: الحفاة بغير نعل الغالب مصادفة النجاسة، ولو فى الطرقات ومواضع قضاء الحاجات، والنادر سلامتهم منها، ومع ذلك جوز الشرع صلاة الحافى كما جوز له الصلاة بنعله من غير غسل رجليه، وكان عمر رضى الله عنه يمشى حافيا، ولا يعيب ذلك فى صلاته، لأنه يرى رسول الله صلى الله عليه وسلم يصبى بنعليه، ومعلوم أن الحفاء أخف فى تحمل النجاسة من النعال وقدم الشرع حكم النادر على الغالب توسعة على العباد.

قوله: "ومنه نسج مسلم لا يحترز من نجس وثوبه كمن نبز بشرب أو ترك صلاة أو جهل كثوب سوق" أى ومن النادر المقدم على الغالب ما نسجه مسلم لا يتوقى النجس وما بعده. القرافى: العاشر: ما ينسجه المسلمون المتقدم ذكرهم، الغالب عليه النجاسة- أى الذين لا يصلون ولا يستنجون بالماء ولا يتحرزون من النجاسة- قال: وأثبت الشرع حكم النادر، وألغى حكم الغالب، وجوز الصلاة فيه، لطفا بالعباد. الحادى عشر: ما يصنعه أهل الكتاب الغالب نجاسته وهو أشدهما لكثرة النجاسة فألغى الشارع حكم هذا الغالب وأثبت حكم النادر فجوز الشرع الصلاة فيه تغليبا لحكم النادر على الغالب لطفا بالعباد. الثانى عشر: ما يلبسه العوام الذين لا يصلون، ولا يتحرزون من النجاسات الغالب نجاسته فجوز الشرع الصلاة فيه تغليبا لحكم النادر على الغالب وتوسعة على العباد. الثالث عشر: ما يلبسه الناس ويباع فى الأسواق ولا يعلم/ 162 - ألابسه كافر أو مسلم مخلط أو محترز، مع أن الغالب على أهل البلاد العوام والفسقة وتراك الصلاة ومن لا يحترز من النجاسات فالغالب نجاسة هذا الملبوس، والنادر سلامته فأثبت الشارع حكم النادر وألغى حكم الغالب لطفا بالعباد انتهى. وثوبه، بالرفع عطفا على نسج مسلم أى وثوب مسلم لا يتحرز من نجس. وجهل، بفتح

الجيم معطوف على نبز، أى جهله مشتريه، بمعنى أنه جهل مشتريه نجاسته وطهارته [بأن لم يدر] حال لابسه، ولا مانع من ضم جيمه مبنيا للمجهول لكن بالفتح ضبطه المؤلف. قوله: "وعن اللخمى نقل، فى ثوب من ذكر أنه نجس كالنوم لكن خفف الذى لبس فى الرأس" أنه نجس نائب عن فاعل نقل، وفاعل خفف عائد على اللخمى أى نقل عن اللخمى فى ثوب المسلم الذى لا يحترز من النجس، وثوب شارب خمر وتارك الصلاة والمجهول وثوب السوق أن ذلك كله نجس كثياب النوم. البرزلى: وفى تبصرة اللخمى ثياب النوم وما لبس شارب الخمر ومن لا يصلى وما يحاذى الفرج ممن لا يحسن الاستبراء من العوام، وزاد بعض القرويين المتأخرين وما تحت الفرج مما يصيبه البلل عند الجلوس كل هذا نجس، وجل النساء غير مصل، ولباس رأس من لا يصلى أخف من غيره، وإن شك فى حال لابسه يغسل استحبابا. انتهى. وقال الشيخ ابن عرفة: اللخمى: ملبوس النوم وشارب الخمر وقميص غير المصلى ولباس الوسط نجس لقلة محسنى الاستبراء، ولباس رأس غير المصلى أخف وأكثر النساء غير مصل، وما شك فى حال لابسه غسل احتياطا، ونجاسة الثوب الجديد عيب. وفى التوضيح قال اللخمى: وأما ما يلبسه المسلم فإن علم أن بائعه ممن يصلى فلا بأس بالصلاة فيه، وإن كان ممن لا يصلى لا يصل به حتى يغسله، فإن لم يعلم بائعه فينظر إلى الأشبه ممن يلبس مثال ذلك، فإن شك فالاحتياط بالغسل أفضل انتهى. ونص سند: على أن/ 162 - ب من اشترى من مسلم مجهول الحال محمول على

السلامة قال: وإن شك فيه نضح. قوله: "قيل ما عدا من شربا" يعنى أن كلام اللخمى فى ثوب رأس غير المصلى مقيد بغير شارب الخمر، وأما شارب الخمر فثيابه كلها نجسة، واللخمى نفسه هو المقيد بهذا ونصه فى نقل أبى الحسن الصغير: وأما ما يستعمل فى الرأس من منديل أو عمامة فالأمر فيه أخف، لأن الغالب سلامته من النجاسة كان البائع له ممن يصلى أم لا؟ إلا أن يكون ممن يشرب الخمر فلا يصلى فى ذلك حتى يغسله. صح من التقييد. وعلى هذا قلت: فلو قال المؤلف قال بالبناء للفاعل لكان أحسن، ولعل هذا التقييد مبنى على نجاسة عرق السكران. قوله: "وغسل ما قد شك فيه [صوبا" أى صوب اللخمى غسل ما قد شك فيه"] للجهل بحال لابسه، وقد تقدم ذلك، فصوب بالبناء للمعلوم، وضبطه المؤلف أيضا بالبناء للمجهول وعليهما نصب غسل ورفعه. قوله: "ونسج الكافر" هو معطوف على قوله: "نسج مسلم" فهو مما قدم فيه النادر على الغالب. القرافى: السابع: ثياب الكفار التى ينسجونها بأيديهم لما يباشرونه عند قضاء حاجة الإنسان ومباشرتهم الخمر، والخنازير، ولحوم الميتات، وجميع أوانيهن نجسة لملابسة ذلك، ويباشرون النجس والعمل مع بلة أيديهم وعرقها حال العمل ويبلون تلك الأمتعة بالنشا، وغيره مما يقوى لهم الخيوط، ويعينهم على النسج، فالغالب نجاسة هذا القماش والنادر سلامته من النجاسة، وقد سئل مالك- رضى الله عنه- فقال ما أدركت أحدا يتحرز من الصلاة فى مثل هذا، فأثبت الشارع حكم النادر وألغى رحمة بالعباد.

قوله: "وما قد صنعا كفاسق من كطعام وسعا فيه" ما مبتدأ والخبر وسع فيه وفاعل صنع يعود على الكاف، ويحتمل أن يكون الكاف من كفاسق. وذكر البرزلى فى اغتفار ما خاطه الكفار/ 163 - أكما نسجوه قولين للشبيبى وابن عرفة. الوانوفى: لا يصلى بما خاطه الذمى لنجاسة ريقه، ولو صلى بخيط ورمى فى جيبه لا يعيد كنسجهم. البرزلى: لا بأس بالصلاة بما نسجوه أهل الذمة لا بما لبسوه. ابن عبد الحكم: وكذلك ما لبسوه. ابن رشد: يحمل على ما لم يغب عليه ولم يطل لبسه، واختلف فى صلاته بما لبسه فى كفره ولم يعاين به نجاسة وعن ابن العربى: تجوز بما نسجوه إذا كانت تؤكل ذبائحهم إجماعا وأما المجاسى فكذلك عندنا، وأما ذوو الصناعات منهم مثل من يقص الملف والخياط ونحوه، والصاغة فى الحلى والدراهم يمسها بيديه أو فمه فكان شيخنا الإمام ابن عرفة يفتى بغسل ما لبسوه، لأن الغالب عليهم عدم التحفظ من النجاسات ولا ضرورة تدعو اليهم للاستغناء عنهم بالمسلمين، وكان غيره يفتى باغتفار هذا قياسا على ما نسجوه، وأكل المائع من أطعمتهم وغير ذلك مما هو مباح، لا سيما إن كانت صنعتهم يفتقر إليهم فيها كالصواغين فى الأغلب، وكذلك كانوا يسئلون عن طبخ الخبز معهم فى الفرن الذى يخالطون المسلمين فيه والصواب الجواز فى ذلك كله.

وكذلك ما يحكى عن الشيخ الصالح ابن أيى محمد المرجانى أنه كان يتوقى الصلاة بجنب من يلبس الملف وعلل ذلك بما يذكر أن فيها شحم الخنزير، وهذا إغراق فى الورع، والحق اتباع السلف الصالح، ولم يأت عنهم التحفظ فى مثل هذا بل أتى عكسه فى مسألة النسج انتهى من اختصار سيدى أحمد حلولوه للنوازل المذكورة. وفى شرح الأبى لصحيح مسلم: وما يحكى عن الشيخ تقى الدين: من أنه كان لا يلبس الملف وأنه إذا قبّل أحد يديه يغسلهما كان شيخنا يقول: إن هذا ورع، لأنه إنما يريد أن يخرج من عهدة التكليف بيقين، لأنه من الجائز أن يكون بيد من مسه أو بفى من قبل يده نجاسة لا سيما العوام ومن لا يتحفظ ولا يعرف أحكام الطهارة، وليس هذا وسوسة/ 163 - ب وإنما الوسوسة ما يتفق لبعض الناس من إكثار الماء فى الوضوء وإطالة التدليك، وكان الشيخ الولى الفقيه أبو محمد المرجانى لا يصلى بالملف لما يذكر أنهم يرطبونه بشحم الخنزير ويستدل على ذلك بأن الإبرة إذا مسكت فيه فإنها لا تصدى، ولو جعلت فى أرطب صوف أو غيره تصدت فما ذلك إلا لصحة ما يقال. وكان الشيخ يقول: ترك الصلاة به إنما هو ورع، لأن ما يقال من ذلك لا يثبت بخبر مقبول، ولا بينة، وكان السطى وابن عبد السلام يصليان بالملف وأنا أصلي به في

الدار ويمنعني من الصلاة به فى الجامع خوف أن يأتم بى من يكره الصلاة فيه، قيل: وإن غسل بالماء الحار فإنه يطهر. القرافى: الثامن: ما يصنعه أهل الكتاب من الأطعمة فى أوانيهم وبأيديهم الغالب نجاسته لما تقدم، والنادر طهارته، ومع ذلك أثبت الشارع حكم النادر وألغى حكم الغالب وجوز لطفا بالعباد. انتهى. بعض الشيوخ: وهو أشد مما ينسجونه لكثرة الرطبات الأ (ئلة) للنجاسة. قوله: "كلبس صبية" عياض أثناء كلامه على حديث أمامة: وفيه من الفقه أن ثياب الصبيان وأبدانهم على الطهارة حتى تتحقق النجاسة. الأبى: حمل ثياب الصبيان على الطهارة إنما هو فى صبيان علمت أهاليهم بالتحفظ من النجاسة. أعطيت للشيخ أبى الحسن المنتصر خيارة فجعلها فى جيبه، ومعه حفيد له، فجعل الصبى يقول: منجوسة منجوسة، وما ذلك إلا لما علم الصبى من تحفظ أهله من النجاسة حتى أنهم كانوا يغسلون الخيارة لما عسى أن يكون علق بها من زبل الأرض المستنبتة فيها. القرافى: السادس: الغالب على ثياب الصبيان النجاسة لا سيما مع طول لبسهم/ 164 - أ

لها. والنادر سلامتها، وقد جاءت السنة بصلاته عليه السلام بإمامة يحملها فى الصلاة إلغاء لحكم الغالب، وإثباتا لحكم النادر لطفا بالعباد. قوله: "ونقلا معافرى نجس وقبلا إن استقل ولد بالغسل". المعافرى هو أبو بكر بن العربى، أى ونقل المعافرى عن أهل المذهب فى ثوب الصبى أنه نجس إن استقل الصبى بالغسل وقبل ذلك هو طاهر. الشيخ ابن عرفة: ابن العربى ثوب الصبى عندهم نجس، والصواب إن استقل بغسل حدثه وقبله طاهر، لأن حاضنه ينظفه وهذا خلاف قول القرافى وفى نوازل البرزلى: ابن العربى: وثوب الصبى عندهم نجس قال: والصواب إن استقل بغسله فهو نجس وإن لم يستقل فهو طاهر، لأن حاضنه ينظفه دليله الرواية فى حمل الولد فى الصلاة وهو المذكور فى حمل أمامة. أبو عمران: معناه أن الولد كان طاهرا أو لو لم يشغله فى الفريضة أجزأه. قوله: "وكمبرز" أى ادعى على فاسق، والمبرز السابق فى الصلاح. القرافى: السادس عشر: دعوى الصالح الولى التقى على الفاجر الشقى الغاضب الظالم، درهما الغالب صدقه، والنادر كذبه، ومع ذلك قدم الشرع حكم النادر وجعل القول قول الفاجر، لطفا بالعباد، بإسقاط الدعاوى عنهم، واندرج الصالح مع غيره سدا لباب الفساد والظلم بالدعاوى الكاذبة.

قوله: "ووضع الحمل" هو شامل لصورتين. القرافى أثر قوله: وأنا أذكر منه- أى من تقديم النادر- عشرين مثالا، قال: الأول: غالب الولد أن يوضع لتسعة أشهر فإذا جاء بعد عشر سنين من امرأة طلقها زوجها دار بين أن يكون من زنى وهو الغالب، وبين أن يكون تأخر فى بطن أمه وهو نادر بالنسبة إلى وقوع الزنى فى الوجود فألغى الشارع الغالب، وأثبت حكم النادر، وهو تأخر الحمل رحمة بالعباد لحصول الستر عليهم وصونا لأعراضهم عن الشك. وزاد هذا بيانا فى الفرق الخامس والسبعين والمائة بين قاعدة الدائر بين النادر والغالب، يلحق بالغالب من جنسه/ 164 - ب وبين قاعدة ألحاق الأولاد بالأزواج إلى خمس سنين وقيل: الى أربع، وقيل: إلى سبع، فقال: لكن الله تعالى شرع لحوقه بالزوج لطفا بعباده وسترا عليهم وحفظا للأنساب وسدا لباب ثبوت الزنى، كما اشترط تعالى فى ثبوته أربعة مجتمعين سدا لبابه حتى يبعد ثبوته، وأمرنا أن لا نتعرض لتحمل الشهادة فيه، وإذا تحملناها أمرنا بأن لا نؤديها، وأن نبالغ الستر على الزانى ما استطعنا بخلاف جميع الحقوق كل ذلك شرع طلبها سترا على العباد ومنة عليهم، فهذا هو سبب استثناء هذه القاعدة من تلك القاعدة. قال: الثانى: إذا تزوجت فجاءت بولد لستة أشهر جاز أن يكون من وطء قبل العقد وهو الغالب، أو من وطء بعده وهو نادر، فإن غالب الأجنة لا توضع إلا لتسعة أشهر، وإنما يوضع للستة سقطا فى الغالب، فألغى الشارع الغالب وأثبت حكم النادر وجعله من الوطء

بعد العقد لطفا بالعباد لحصول الستر وصونا للعرض. قوله: "وشبه ما ذكر"- البيت- لمعنى يتعلق بارتكب، والمعنى الذى اقتضى تقديم حكم النادر فى تلك المواضع المتوسطة على العباد واللطف بهم، ويدخل تحت الشبه من كلام المؤلف باقى العشرين التى ذكر القرافى- رحمه الله تعالى- كعقد الجزية لتوقع إسلام بعضهم وهو نادر والغالب استمرارهم على الكفر وموتهم عليه. وكالحصر والبسط التى قد اسودّت من طول ما لبست يمشى عليها الحفاة والصبيان ومن يصلى ومن لا يصلى، الغالب نجاستها والنادر سلامتها، ومع ذلك فقد جاءت السنة بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد صلى على حصير قد اسود من طول ما لبس بعد أن نضحه بماء والنضح لا يزيل نجاسة بل ينشرها. وكالاشتغال بالعلم مأمور به مع أن غالب الناس الرياء وعدم الإخلاص والنادر الإخلاص، ومقتضى الغالب النهى عن/ 165 - أالاشتغال بالعلم لأنه وسيلة للرياء ووسيلة المعصية معصية، فلم يعتبره الشرع وأثبت حكم النادر. وكالمتداعيين أحدهما كاذب قطعا والغالب أن أحدهما يعلم بكذبه، والنادر أن يكون قد وقع لكل منهما شبهة، وعلى التقدير الأول يكون تحليفه سعيا فى وقوع اليمين الفاجرة فكان حراما، غايته أن يعارضه أخذ الحق وإلجاؤه إليه وذلك إما مباح، وإما واجب، وإذا تعارض المحرم والواجب قدم المحرم، ومع ذلك ألغى الشارع حكم الغالب وأثبت حكم النادر لطفا بالعباد فى تخليص حقوقهم وكذلك القول فى اللعان الغالب أن أحدهما كاذب.

وكتعمير (المفقود) إلى سبعين سنة فإن الموت فى الشبان أكثر إذا لو كان الشبان يعيشون لصاروا شيوخا فيكثر الشيوخ لكنهم فى الوجود أقل، ومع ذلك فقد شرع صاحب الشرع التعمير إلغاء لحكم الغالب وإثباتا لحكم النادر لطفا بالعباد. وكندب الشره للنكاح رجاء أن يخرج رجل صالح مسلم بين الزوجين والغالب الجهل بالله، واقدام على المعاصى، ومقتضى هذا الغالب أن ينهى عن النكاح لا سيما على مذهب من يكفر المقلد، ولكنه حكم بالنادر وغلب على الغالب ونظائر هذا كثيرة: فينبغى لمن قصد إثبات حكم النادر دون الغالب أن ينظر هل ذلك الغالب مما ألغاه الشرع أم لا؟ وحينئذ يعتمد عليه، وأما مطلق الغالب كيف كان فى جميع صوره فخلاف الإجماع، ومع هذا كله فالأصل اعتبار الغالب وإلغاء النادر، فالفرد المتردد بينهما على الغالب يحمل، لكن شرطه على ما ذكره الشهاب أن يكون ذلك الفرد من جنس الغالب وإلا فلا يحمل على الغالب، فالعام الذى لا قرينة على تخصيصه يحمل على عمومه وإن كان التخصيص فى العام أكثر حتى روى عن ابن عباس رضى الله عنهما ما من عام إلا وقد تخصص إلا قوله تعالى: {والله بكل شئ عليم}. وهذا لأنا لم نقض على عام بأنه مخصوص بمجرد كونه لفظا عاما بل لأجل اقترانه/ 165 - ب بالقرينة الصارفة عن العموم للتخصيص، وهذا اللفظ الوارد ابتداء ليس معه مخصص صارف عن العموم فهو حينئذ ليس من جنس ذلك الغالب فلو حملناه على الخصوص لحملناه على غير غالب فإنه لم يوجد لفظ عام حمل على الخصوص من حيث كونه كذلك ألبتة فضلا عن كونه غالبا بل هذا اللفظ قاعدة مستقلة بنفسها ليس فيها غالب ونادر بل شئ واحد وهو العموم مطلقا، فتأمل. ولم يذكر المؤلف القسم الثانى من إلغاء الغالب وهو ما ألغى فيه الغالب والنادر معا وذكر الشهاب عنه عشرين مثالا أيضا: الأول: شهادة الصبيان فى الأموال إذا كثر عددهم جدا الغالب صدقهم، والنادر كذبهم ولم يعتبر الشارع صدقهم، ولا قضى بكذبهم، بل أهملهم رحمة بالمدعى عليه بخلاف القتل

والجراح فقد قبلهم وجماعة. الثانى: شهادة الجمع الكثير من جماعة المسوان فى أحكام الأبدان، الغالب صدقهن والنادر كذبهن، لا سيما مع العدالة، وقد ألغى صاحب الشرع صدقهن فلم يحكم بصدقهن لطفا من الله تعالى بالعباد. الثالث: الجمع الكثير من الكفار من الأحبار والرهبان إذا شهدوا الغالب صدقهم والنادر كذبهم وقد ألغى الشارع صدقهم لطفا بالمدعى عليه ولم يحكم بكذبهم. الرابع: الجمع الكثير من الفسقة الغالب صدقهم، والنادر كذبهم، ولم يحكم الشرع بكذبهم ولا صدقهم. الخامس: شهادة ثلاث عدول فى الزنى، الغالب صدقهم والنادر كذبهم، ولم يحكم الشرع به سترا على المدعى عليه، ولم يحكم بكذبهم بل أقام الحد عليهم من حيث إنهم قذفة لا من حيث إنهم شهود. السادس: شهادة العدل الواحد فى أحكام الأبدان الغالب صدقه، والنادر كذبه ولم يقض الشرع بصدقه لطفا بالمدعى عليه، وكذلك لم يكذبه. السابع: حلف المدعى الطالب وهو من أهل الخير والصلاح، الغالب صدقه والنادر كذبه ولم يقض الشرع بصدقه/ 166 - أفيحكم له بيمينه بل لابد من البينة ولم يحكم بكذبه. الثامن: رواية الجمع الكثير لخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأحبار والرهبان المتدينين المعتقدين تحريم الكذب فى دينهم الغالب صدقهم، والنادر كذبهم، ولم يعتبره الشرع لطفا بالعباد، وسدا لذريعة أن يدخل دينهم ما ليس منه. التاسع: رواية الجمع الكثير من الفسقة بشرب الخمر وقتل النفس وهم رؤساء عظماء فى الوجود كالملوك والأمراء ونحوهم، الغالب عندنا اجتماعهم على الرواية الواحدة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والغالب صدقهم، فإن لهم وازعا طبيعيا يمنعهم الكذب معرة لا دينا، ومع ذلك لم تقبل روايتهم صونا للعباد عن أن يدخل فى دينهم ما ليس منه، بل جعل الضابط العدالة، ولا يحكم بكذب هؤلاء. العاشر: رواية الجمع الكثير من المجاهيل للحديث النبوى الغالب صدقهم والنادر كذبهم

ولم يحكم بصدقهم ولا كذبهم. الحادى عشر: أخذ السراق المتهمين بالسرقة بالتهم، وقرائن أحوالهم كما يفعله الأمير اليوم دون الإقرار الصحيح والبينات المعتبرة، الغالب مصادفتهم الصواب والنادر خطأهم، ومع ذلك ألغاه الشرع صونا للأعراض والأطراف عن القطع. الثانى عشر: أخذ الحكام بقرائن الأحوال من المتكلم وكثرة الشكوى والبكاء مع كون الخصم مشهورا بالفساد والعناد، والغالب مصادفته للحق والنادر خطأه ومع ذلك منعه الشارع منه وحرمه ولا يضر الحاكم ضياع حق لا بينة عليه. الثالث عشر: الغالب على من وجد بين فخذى امرأة وهو متحرك حركة الواطئ وطال القران فى ذلك أنه قد ولج، والنادر عدم ذلك فإذا شهدوا عليه بذلك لغى الشارع هذا الغالب ولم يحكم بوطئه ولا بعدم وطئه. الرابع عشر: شهادة المبرز لولده الغالب صدقه، وقد ألغاه الشارع ألغى كذبه فلم يحكم بواحد منهما. الخامس عشر: شهادة/ 166 - ب العدل المبرز لوالده الغالب صدقه ولم يحكم الشرع بصدقه ولا بكذبه بل ألغاهما. السادس عشر: شهادة العدل المبرز على خصمه، الغالب صدقه وقد ألغى الشرع صدقه وكذبه. السابع عشر: شهادة الحاكم على فعل نفسه إذا عزل وشهادة الإنسان لنفسه إذا وقعت من العدل المبرز فى العدالة، الغالب صدقه، وقد ألغى الشارع صدقه وكذبه. الثامن عشر: حكمه لنفسه وهو من أهل العدل والتقوى، الغالب صدقه وأنه يحكم بالحق والنادر خلافه وقد ألغى الشارع ذلك الحكم وحكم ببطلانه. التاسع عشر: القرء الواحد فى العدة الغالب منه براءة الرحم، والنادر شغله ولم

فصل في القضاء والشهادة

يحكم الشرع بواحد منهما حتى ينضاف إليه قرءان آخران. العشرون: من غاب عن امرأته سنين ثم طلقها أو مات عنها الغالب براءة الرحم والنادر شغله، وقد ألغاهما صاحب الشرع وأوجب عليها استئناف العدة بعد الوفاة، والطلاق، لأن وقوع الحكم بغير سببه غير معتد به. والمقصود من ذكر هذه الأمثلة من أجناس مختلفة أن يظهر لك أن إطلاق القول بترجيح الغالب على النادر مما لا ينبغى، بل ما يكون ذلك إلا بحث شديد ومعرفة الباحث بالمسائل الفقهية والدلائل الشرعية، واستقرائه لذلك كله فبعده يصح له أن يحكم بترجيح الغالب. وأيضا فلا ينبغى أن يقال إذا تعارض الأصول والغالب فأيهما يرجح قولان؟ فقد ظهر أجناس كثيرة اتفق الناس فيها على تقديم الغالب على الأصل، كما فى أمر البينة فإن الغالب صدقها والأصل براءة الذمة والتنبيه على هذا اللفظ فى الإطلاق هو المراد المقصود من بيان هذا الفرق، وأكثر هذا لفظ القرافى وبعضه بالمعنى على سبيل الاختصار أيضا. [ص] فصل [ش] أى في القضاء والشهادة. [ص] 357 - المدعى عليه من يوافقه ... عرف أو أصل بعضهم يحققه/ 167 - أ 358 - بأنه أقرب خصمين سبب ... والضد مدع كناظر طلب [ش] بدأ بقاعدة المدعى والمدعى عليه، لأن من ميز بينهما لم يلتبس عليه الحكم، كما قال بن المسيب. قال أبو عمرو بن الحاجب: والمدعى من تجرد قوله عن مصدق، والمدّعى عليه من ترجح قوله بعهود، أو أصل، فلذلك كان مدعى رد الوديعة مقبولا

لائتمانه ومدعى حرية الأصل صغيرا كان أو كبيرا، ما لم يثبت عليه حوز الملك بخلاف مدعى العتق. قال شهاب الدين القرافى: فى الفرق بين قاعدة المدعى والمدعى عليه: إذ هما يلتبسان لأنه ليس كل طالب مدعيا، ولا كل مطلوب مدعى عليه. للأصحاب فيه عبارتان: إحداهما: أن المدعى هو أبعد المتداعيين سببا، والمدعى عليه هو أقرب المتداعيين سببا. والعبارة الثانية: وهى توضح الأولى المدعى من كان قوله على خلاف أصل أو عرف، والمدّعى عليه من كان قوله على وفق الأصل أو عرف. وبيان ذلك بالمثال: أن اليتيم إذا بلغ وطللب الوصى بماله فإنه مدعى عليه، والوصى المطلوب مدع، عليه البينة، لأن الله تعالى أمر الأوصياء بالإشهاد على اليتامى إذا دفعوا إليهم أموالهم، فلم يأتمنهم على الدفع بل على التصرف والإنفاق خاصة، وإذا لم يكونوا أمناء كان الأصل عدم الدفع، فهذا طالب واليمين عليه، لأنه مدعى عليه، والوصى مطلوب وهو مدع [وإنما قلنا اليمين عليه لقوله عليه السلام: "البينة على المدعى واليمين على من أنكر"] ونظائر هذا كثيرة فيكون الطالب فيها مدعى عليه ويعتمد أبدا الترجيح بالعوائد وظاهر الأحوال والقرائن، وعلى هذا إذا ادعى قزاز، ودباغ جلدا كان الدباغ مدعى عليه.

أو قاض وجندي رمحا [كان الجندي مدعى عليه] وهلة خذا مسألة الزوجين إذا اختلفا فى متاع البيت أن القول فول الرجل فيما يشبه قماش الرجل والقول قول المرأة فينا يشبه قماش النساء وقد تقدم هذا وخالفنا الشافعي. وأما الأصل وحده/ 167 - ب من غير ظاهر الحال ولا عرف، كمن ادعى علي شخص دينًا أو غصبًا أو خيانة أو نحوهما فالأصل عدم هذه الأمور ويكون القول فى ذلك قول المطلوب مع يمينه، لن الأصل يعضده ويخالف الطالب وهذا مجمع عليه، وإنما الخلاف فيما قبله وظهر لك بهذا قول الأصحاب أن المدعى هو أضعف المتداعيين سببًا والمدعى عليه هو أقوى المتداعيين سببًا. تنبيه: ما ذكرنا من ظاهر الحال ينتقض بما اجتمعنا عليه من أن الصالح البر التقي العظيم الشأن فى العلم والدين، مثل أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب لو ادعى على أفسق الناس أو أرذلهم لا يصدق فيه، وعليه البينة وهو مدع، المطلوب مدعى عليه، وعكسه لو ادعى الطالح على الصالح كان الحكم كذلك، وبهذا يحتج الشافعي علينا وينقض علينا الحدود انتهى باختصار البقوري. ونص الأصل: وكما أن هذه الصورة فهي نقض لقولنا المدعى من خالف قوله أصلًا أو عرفا، والمدعى عليه من وافق قوله أصلًا أو عرفا فإن العرف في هذه الصورة

[ش] اهد، وكذلك الظاهر، وقد ألغيا جميعًا فكان ذلك أبطالًا للحدود المتقدمة ونقضا على المذهب فتأمل ذلك. وأجاب الإمام أبو عبد الله البقوري عن أشكاله، بأن قال: الظواهر التي ذكرناها جلية بينة غير خاف قبولها، وما نقضت به من دعوى البر التقي على الفاسق لطروق الشك فى هذه الظواهر فإن القلوب بيد الله تعالى يقلبها كيف شاء، فيكون تقيا الزمن الطويل ثم ينعكس، وبالعكس ومعرفة هذا الأمر الخفى فألغى هذا الظاهر هنا ولم يعتبر بخلاف الظواهر التي ذكرناها لا يطرقها ما طرق هذا فاعتبرت وترتب الحكم عليهما. انتهى. وقال القاضي أبو عبد الله المقري: قاعدة: المدعى أبعد المتداعيين سببا، وهو من كان على خلاف أصل أو عرف أو ظهار، والمدعى عليه أقربهما سببًا وهو من وافقت دعواه أحدهما وقد يتساويان كالمتبايعين/ 168 - أفالأصل كدعوى بقاء الملك، والعرف كدعوى الأشبه وهي مسموعة بعد الفوات اتفاقًا، ومع القيام قولان. ابن بشير: وهما خلاف فى حال، فإن ادعى شبها وأبعد صاحبه فينبغي أن لا يختلف أن القول قول من ادعى الشبه، وإن ادعى الآخر ما يمكن ويتغابن الناس به لم يلتفت إلى الشبه، والظاهر. أما ظاهر حال أو قرينة فقال: وبالجملة ما أفاد ظن الصدق، وليس كل طالب مدعيا ولا كل مطلوب مدعى عليه، فعلى هذه القاعدة تتخرج فروع الدعاوى قال ابن المسيب: من عرف المدعى من المدعى عليه لم يلتبس عليه الحكم انتهى وقال العلامة شهاب الدين بن حجر: واختلف الفقهاء فى تعريف المدعى والمدعى عليه [والمشهور فيه تعريفان: الأول: المدعى من يخالف قوله الظاهر، والمدعى عليه] بخلافه. الثانى: من إذا سكت تركه وسكوته، والمدعى عليه إذا سكت لم يترك، والأول

وأشهر والثاني أسلم. وقد أورد على الأول أن المودع إذا ادعى الرد أو التلف، فإن دعواه يخالف الظاهر، ومع ذلك فالقول قوله، وقيل فى تعريفهما غير ذلك انتهى. والثانى قد ذكره المازرى فى شرح التلقين عن بعضهم. قوله: ((بعضهم يحققه بأنه أقرب خصمين سبب)) أى بعضهم يحقق المدعى عليه بما ذكر، وفسر المؤلف هذا البعض فى طرة بخطه بقوله: هو القرافى وغيره. وفسره تلميذ له زعم أنه أخرج نسخته من مبيضه المؤلف وأنه سأله عن كل ما أشكل فيها وأنه لم يسبقه إلى كتبها أحد. بقوله: نقله القرافى عن بعضهم. انتهى. وقد رأىت أن القرافى نقله عن الأصحاب وقرره وسلمه فهو أحد القائلين به والبعض يصدق على الواحد والجماعة فصح كل من التفسرين. ابن عبد السلام بعد أن ذكر أنه اختلفت عبارات الفقهاء فى تحديد كل واحد منهما قال: وتحويمهم على شيء واحد، وهو أن من أراد التمسك بالأصل فهو المدعى عليه، ومن أراد النقل/ 168 - ب عنه فهو المدعى، إلى غير ذلك من العبارات المؤدية إلى هذا المعنى، غير أنه يتعارض النظر فى كثير من المسائل من هو المتمسك بالأصل من الخصمين. وأيضا فهنالك أمور [اختلف الفقهاء فى ترجيح أحد الخصمين على الآخر بسببها وأمور] اتفقوا على الترجيح بها، ويختلف النظر فى حصول ذلك المرجح فى صورة النزاع فهذه الوجوه وما أشبهها صعب علم القضاء ودق.

وقوله: ((والضد مدع)) أى المدعى هو الضد على كلا التعريفين. ابن عبد السلام: فإن قلت: لا إشكال أن كل خصمين فلا بد أن يكون أحدهما مدعيا [والآخر مدعى عليه، أو يكون أحدهما مدعيًا] من وجه مدعى عليه من وجه وبالجملة إن معرفة المدعى تغني عن معرفة المدعى عليه، فلم عرف المؤلف كل واحد منهما وهلا اكتفى المدعى بتعريف أحدهما عن تعريف الآخر؟ قلت: قد قلنا الآن إنه ربما أشكل تمييز المدعى عليه فى صورة بعض الصور وقد تكون معرفة كل واحد منهما ظاهرة، وقد تكون معرفة أحدهما دون الآخر فإذا كان رسم كل واحد منهما معلومًا الفقيه، وعرضت عليه مسألة نظر فيما ينوب كل واحد من الخصمين، فإن انطبق رسم المدعى على كلام أحدهما [ورسم المدعى عليه على الآخر فذلك غاية البيان، وان انطبق رسم المدعى على كلام أحدهما] ولم ينطبق رسم المدعى على كلام الآخر، لم يضره ذلك، لن معرفة المدعى توجب معرفة المدعى عليه، وكذلك العكس، فلهذا احتاج إلى تعريف كل واحد منهما والله أعلم. قوله: ((كناظر طلب)) أي ناظر على يتيم طلبه اليتيم بعد الرشد بالمال، فزعم الدفع فهو مدع، لأن الأصل الاستصحاب، لأن اليتيم لم يأتمنه، وقد مر ما فيه من الخلاف. [ص] 359 - طلب ما بذمة المعين ... أو المعين كثوب بين 360 - أو مترتب عليه ما ذكر ... كمرأة ووارث اعتبر/ 169 أ 361 - شرعا وإلا لا كعشر سمسمه ... دعوى صحيحة وجهلا عدمه 362 - ولم تكذب عادة وحققا ... وفرض صح به تعلقا [ش] القرافى: فى الفرق الحادى والثلاثين والمائتين بين قاعدة الدعوى الصحيحة والدعوى الباطلة: فضابط الدعوى الصحيحة أنه طلب معين، أو ما فى ذمة معين، أو ما يترتب عليه أحدهما معتبر لا تكذيبا العادة شرعا:

فالأول: كدعوى أن السلعة اشتراها وغصبت منه. والثانى: كالديون والسلم، ثم المعين الذي يدعى فى ذمته، قد يكون معينًا بالشخص كزيد أو بالصفة كدعوى الدية على العاقلة، والقتل على جماعة وأنهم اتلفوه له متمولا. الثالث: كدعوى المرأة الطلاق، أو الردة على زوجها، فيترتب لها حوز نفسها وهى معينة، أو الوارث أنه مات مسلما أو كافرا فيترتب له الميراث المعين فهن مقاصد صحيحة. وقولنا معتبر شرعا احترازا من دعوى عشر سمسمة فإن الحاكم [لا يسمع مثل هذه الدعوى] فإنه لا يترتب عليها نفع شرعى، ولهذه الدعوى أربعة شروط: أن تكون معلومة، محققة، لا تكذبها العادة، يتعلق بها غرض صحيح. وفى الجواهر: لو قال: لي عليه شئ لم تسمع دعواه، لأنها مجهولة، وكذلك أظن أن لى عليك ألفا أو لك علىّ ألف، وأظن أنى قبضتها لم يسمع لتعذر الحكم بالمجهول إذ ليس بعض أولى من بعض، ولا ينبغى للحاكم أن يدخل فى الخطر بمجرد الوهم من المدعى. ثم قال بعد كلام: وقول أصحابنا: إن من شرطها أن تكون معلومة نظر فإن الإنسان لو وجد وثيقة فى تركة مورثه، أو أخبره عدل بحق له فالمنقول جواز الدعوى بمثل هذه والحلف بمجرده عندنا، وعندهم- يعنى الشافعية مع أن هذه الأسباب لا تفيد

إلا الظن [فإن العلم فى نفس الطلب وليس كذلك] وإن أرادوا التصريح بالظن يمنع الصحة والسكوت عنه لا يقدح، فهذا مانع إلا أن عدمه شرط. وأيضا فما جاز الإقدام معه/ 169 - ب لا يكون التصريح به مانعا، كما لو شهدوا بالاستفاضة وبالسماع وبالظن فى الفلس (وحصر الورثة) وصرح بمستنده فى الشهادة. وقال بعض الشافعية: يقدح تصريح الشاهد بمستنده فى ذلك، وليس له وجه فإنما جوزه الشرع لا يكون النطق به منكرا وهذا مقتضى القواعد. ثم قال بعد كلام: المسألة الثانية فى بيان قولي: لا تكذبها العادة والدعاوى ثلاثة أقسام: قسم: تصدقه العادة كدعوى القريب الوديعة. وقسم: تكذبه العادة، كدعوى الحاضر الأجنبي ملك الدار فى يد زيد، وهو حاضر يراه يهدم ويبنى ويؤجر مع طول الزمان من غير وازع يزعه عن الطلب من رغبة أو رهبة فلا تسمع دعواه، لظهور كذبها، والسماع انما هو لرفع الصدق، فإذا تعين الكذب عادة امتنع رفع الصدق. والقسم الثالث: لم تقض العادة بصدقها ولا كذبها كدعوى المعاملة ويشترط فيها الخلطة. قوله: ((طلب ما بذمة المعين)). القرافى: الذمة معنى شرعى مقدر في المكلف قابل للالتزام والإلزام وشرط ثبوته

انتفاء الحجر انتهى. وقد مر تحقيق ذلك. وطلب مبتدأ، والخبر دعوى صحيحة، والمعين من قوله: ((أو المعين)) معطوف على ما بين نعت لثوب ومعناه كثوب ظاهر، وأشار بظهوره إلى تعيينه ومترتب هو ما ذكر، وما واقعه على المعين، أو غير المعين أى أو مترتب عليه أحدهما، ومعتبر من كلام القرافى مخفوض نعت لأحد الثلاثة السابقة وعبارة القرافى الآتية أبين. قوله: ((كمرأة ووارث)) هما مثالان للمترتب عليه المعين، قوله: ((إن اعتبر شرعا)) ضمير اعتبر عائد على ما، أى إن اعتبر المطلوب المدعى فيه شرعا وهذا الكلام مؤخر في التقدير عن قوله دعوى صحيح أى طلب ما تقدم دعوى صحيحة إن اعتبر شرعا، وعدم جهلا- إلى آخره-. قوله: ((وإلا لا)) أى وان لا يعتبر شرعا فلا تصح الدعوى، فحذف الفاء من جواب الشرط للضرورة، كقول الشاعر:/ 170 - أ من يفعل الحسنات الله يشكرها ... .................. وقوله: ((وجهلا عدمه)) جهلا منصوب على شريطه التفسير والمفسر معطوفا على اعتبار أى وان اعتبر المدعى فيه شرعا وعدم جهلا عدمه، وطرر عليه المؤلف بخطه جملة حالية. انتهى. وعليه فتقدر قد، أى وقد عدم جهلا، [ولم تكذب عادة، وهو معطوف على اعتبر وكذا قوله: ((وحققا)) أى مطلوب]، قوله: ((وفرض صح به تعلقا)) يحتمل أن يكون رفع غرض بفعل محذوف يفسره ما بعده، وتكون الواو عاطفة على اعتبر ويحتمل أن يرتفع على الابتداء فتكون الواو للحال، والظاهر أن هذا الشرط يغني عن قوله إن اعتبر شرعا، لكونه أشمل، ويتبين بكلام القاضى أبى عبد الله المقرى قال: قاعدة: لا يعتبر الشرع من المقاصد إلا ما تعلق به غرض صحيح من جلب مصلحة

أو درء مفسدة، ولذلك لا يسمع الحاكم الدعوى في الأشياء التافهة الحقيرة ولا يمكن المستأجر ونحوه من قلع ما لا قيمة له بعد القلع، ومقتضى هذه القاعدة أنه إذا عين صاعا من صبرة وباعه أنه لا تعين وإن قالت المالكية بتعينه ولا العين لذتها وان اختلفوا فيه. وقال أيضا بعد: قاعدة: الدعوى الصحيحة طلب معين أو ما في ذمة معين أو ما يترتب نفع معتبر شرعا بحيث لا تكذبه العادة كدعوى المرأة الطلاق فيترتب لها حوز نفسها والوارث أنه مات مسلما أو كافرا فيترتب له الميراث. [ص] 363 - وكل ما ثبوته مقيد ... بشاهدى عدل فإن تجرد 364 - فلا يمين مطلقا ... ................... [ش] هذا كقول أبى عمرو بن الحاجب: وكل دعوى لا تثبت إلا بشاهدين فلا يمين بمجردها، ولا ترد كقتل العمد، والنكاح والعتق، والنسب والولاء والرجعة. ابن عبد السلام: هذا ظاهر لأنه بتقدير أن ينكل المدعى عليه لا يتم الحكم عندنا بمجرد النكول بل لابد مع ذلك من يمين المدعى، وقد تقدم أن نكول المدعى عليه مع يمين المدعى/ 170 - ب إنما يجري فيه الشاهد واليمين. قوله: ((فإن تجرد فلا يمين مطلقًا)) أى فإن تتجرد الدعوى التي لا تثبت إلا بشاهدين عن الشهادة فلا يمين، فتجرد على حذف إحدى التائين، ويحتمل أن يكون بضم التاء مبنيًا للمفعول فلا حذف، وضبطه المؤلف بهما، واحترز بشرط التجرد مما إذا اقترنت بشاهد واحد فإن اليمين تتوجه.

ابن الحاجب: ويطالب المشهود عليه بالشاهد في النكاح والطلاق والعتاق بأن يقر أو يحلف فإن امتنع فالأخيرة أن يحبس لهما لا أن يحكم بالشهادة. وقال ابن القاسم: يحبس سنة. قال سحنون أبدا. خليل: ومساواته الناكح لهذين خلاف المعروف، نعم حكى ابن الهندى في وثائقه: قولان بوجوب اليمين في النكاح كما يجب فى غيره، لأن النكاح أشبه بالبيوع، واستقرى أيضا مما لابن القاسم فى الموازية، ومما في الواضحة من التوضيح وأصله لابن عبد السلام، وشمل إطلاق المؤلف دعوى جرح العمد على القول بأنه لا يثبت إلا بشاهدين. ابن عبد السلام: واختلف المذهب فى توجه دعوى الجرح من غير بيان سببه فقيل: يحلف المدعى عليه [وقيل: لا يحلف وإن بين المدعى لذلك سببا فقيل: يحلف المدعى عليه] وقيل: يضرب، فإن أبى أن يحلف على القول بذلك فقيل: يسجن، وقيل: إن طال سجنه أدب إلا أن يكون مبرزا. صح من شرحه. ابن فرحون: وقاعدة المذهب في هذا- أي في تعلق اليمين بالدعوى- أن كل دعوى لو أقر بها المدعى عليه، لا تنفع المدعى بإقراره، فإنه إذا لم يقر وأنكر تعلقت على اليمين على الجملة، ما لم يخرج ذلك أصلا من قواعد الشرع، مثل أن يطلب المحكوم عليه القاضي باليمين أنه ما جار عليه، أو يطلب المشهود عليه يمين الشهود أنهم لم يكذبوا في شهادتهم فإن هذا لا يختلف في سقوط الدعوى، وكونها لا يلتفت إليها، لأنها تفسد قواعد الشرع في الأحكام ولا يشاء أحد أن يحط منزلة القاضي والشهود إلا/ 171 - أادعى مثل ذلك حتى يؤدى ذلك إلى الوقوف عن القضاء والشهادة، وأما تحليف القاضي للشهود فليس من هذا الباب وسيأتي ذكره في قسم السياسة. مسألة: ويستثنى من هذه القاعدة أيضا دعوى المرأة على زوجها أنه طلقها

ودعوى العبد على سيده أنه أعتقه فإن عندنا لا تتعلق اليمين بهذه الدعوى مجردة لأجل أن ذلك لو فتح فيه الباب لم تشأ امرأة أن تستحلف زوجها كل يوم مرارا إلا وفعلت وكذا العبد مع سيده، إذ ادعى عليه العتق فسقطت هذه الدعوى مع كونها مفيدة لو أقر بها المدعى عليه، لأجل ما يتخوف من تكريرها مضارة حصول الأذى للأزواج والسادات انتهى. وقاعدة المذهب التي ذكر أصلها للإمام المازرى ونقلها عنه صاحب التوضيح على قول ابن الحاجب: وكل دعوى لا تثبت إلا بشاهدين فلا يمين بمجردها. [ص] ......... نعم تجب ... إن نفى وما كان طلب 365 - مستوفيا شروط ما تقدما ... ومشبها كمن بسوق علما [ش] فاعل تجب عائد إلى اليمين، والقيد المنفى كون الدعوى لا تثبت إلا بشاهدين ويعنى بالشروط المتقدمة شروط الدعوى الصحيحة. القرافى: في الفرق السابع والثلاثين والمائتين بين قاعدة من شرع إلزامه بالحلف وقاعدة من لا يلزمه الحلف: فالذى يلزمه الحلف كل من توجهت عليه دعوى صحيحة مشبهة، فقولنا صحيحة احترازا من المجهولة أو غيره المحررة، وما فات فيه شرط من الشروط المتقدمة فى هذه القاعدة، قولنا مشبهة احترازا من التي يكذبها العرف، وقد تقدم أن الدعوى ثلاثة أقسام، ما يكذبها العرف، وما يشهد لها وما لم يتعرض لتكذيبها ولا تصديقها. فما شهد لها كدعوى سلعة معينة بيد رجل، أو دعوى غريب وديعة عند جاره، أو مسافر أنه أودع أحد رفقائه، وكالدعوى على الصباغ المنتصب أنه دفع إليه متاعا ليصبغه، أو على أهل السوق المنتصبين للبيع أنه اشترى من أحدهم، أو يوصى/ 171 - ب في مرض موته أن

له دينا عند رجل، فيشرع التحليف ها هنا بغير شرط وتتفق الأئمة فيها والتي شهد بأنها غير مشبهة وهى كدعوى دين ليس على من تقدم فلا يستحلف إلا بإثبات خلطة انتهى. قوله: ((علما)) صلة من أي كمن علم بسوق. [ص] 366 - والحكم والثبوت شيء اتحد ... وقيل غير ان نعم هذا أسد 367 - وخصص الكل كما قد عمما ... نهوض حجة ثبوت رسما 368 - والحكم إنشاء كلام قررا؟؟؟ في النفس إلزاما ............ [ش] القرافى: في الفرق الخامس والعشرين والمائتين بين قاعدة الحكم وقاعدة الثبوت: اختلف فيهما، هل هما بمعنى واحد أو الثبوت غير الحكم والعجب أن الثبوت يوجد في العبادات والمواطن التي لا حكم فيها بالضرورة إجماعا فيثبت هلال شوال وهلال رمضان وتثبت طهارة المياه ونجاستها، ويثبت عند الحاكم التحريم بين الزوجين بسبب الرضاع، والتحليل بسبب العقد، ومع ذلك لا يكون شيء من ذلك حكما، وإذا وجد الثبوت بدون الحكم كان أعم من الحكم والأعم من الشئ غيره بالضرورة، ثم الذى يفهم من الثبوت نهوض الحجة كالبينة وغيرها، السالمة عن المطاعن فمتى وجد شيء من ذلك يقال في عرف الاستعمال ثبت عند القضى ذلك، وعلى هذا التقدير يوجد الحكم بدون الثبوت أيضا كالحكم بالاجتهاد فيكون كل واحد منهما أعم من الآخر وأخص من وجه، ثم ثبوت الحجة مغاير للكلام النفسانى الإنشائى الذي هو الحكم، فيكونان غيرين بالضرورة ويكون الثبوت نهوض الحجة، والحكم إنشاء كلام في النفس هو إلزام والحكم ويترتب على هذا الثبوت، وهذا فرق آخر من جهة أن الثبوت يجب تقديمه على الحكم، ومن قال بأن

الثبوت هو الحكم لم يتحقق له ما معنى ما هو. قوله: ((نعم هذا أسد)) أي القول بأنهما غير ان أسد من لقول الاتحاد. قوله: ((وخصص/ 172 - أالكل كما قد عمما)) أي جعل كل واحد من الحكم والثبوت أخص من الآخر وأعم بمعنى أن بينهما عموما وخصوصا من وجه. قوله: ((نهوض حجة ثبوت رسما)) أي الثبوت رسم، أي عرف بنهوض الحجة فانتصب نهوض بعد إسقاط الخافض. قوله: ((والحكم إنشاء كلام قروا في النفس إلزاما)) نصب إلزاما على الحال من ضمير قرر، وهذا كقول القرافى: والحكم إنشاء كلام في النفس هو إلزام. قال القاضي أبو عبد الله المقرى: قاعدة: الفتيا إخبار عن حكم الله تعالى فهو كالمترجم، والحكم إنشاء له، فهو كالنائب، فمن ثم لا تلزم الفتيا من لا يعتقدها كالإمام الشافعى يثبت الهلال بواحد ويبرح به، فلا يلزم المالكي الصوم بذلك ويلزمه الحكم مطلقا، ومن ثم قيل: الحكم هو الثبوت، فهما غيران مطلقا انتهى. وقال ابن عبد السلام: ولا يكون قول القاضى ثبت عندى حكما منه، بمقتضى ما ثبت عنده فإن أعم منه، وإنما أوجب هذا البيان أن بعض من ينتهى إلى علم الأصول من أهل القيروان غلط فى ذلك، فألف الإمام المازرى جزءًا فى الرد عليه وجلب عليه نصوص المذهب والمسألة جلية لا تحتاج إلى بيان. الشيخ ابن عرفة: وأنا أذكر لبابه مختصرا- أي لباب الجزء- فإنه تفريق بخطابات أدبية لا يحتاج لذكرها هنا.

قال: حدث سؤال أفتيت فيه وجميع من يستفتى بالمهدية بجواب واحد، وعلى أن ما خالفه باطل فاسد، فظن بعض من نشأ ممن ينسب للفقه أنه خفى شأنه وأخمله زمانه مكنونه وكشفه. وهو: أن بعض القضاة أنفذ كتابا لقاض، ذكر فيه: وثبت لدى أن فلانا وفلانا اشتريا من فلان في عقد واحد كذا وكذا سهما بثمن سماه، ثم ذكر بعد ذكر هذا وما يتعلق به فسألنى الحامل لهذا الكتاب إنهاء جميع ذلك للقاضى ليفعل فيه موجبه، فاتفق رأى الجماعة الذين استرشدوا فيه/ 172 - ب على أنه لا يوجب نقل ملك البائع فتتعلق به الأحكام التابعة لنقل الملك من الشفعة وغيرها، وعن تعلق الشفعة وقع الكلام، والدليل أن هذا الكتاب لا يوجب على الشريك أخذا للشفعة أو تركها أنها لا تجب إلا بعد انتقال الملك، لأن بيع الخيار لا تجب فيه الشفعة ما لم يبت، والملك قد انتقل فيه على أحد القولين عندنا، والملك لا يثبت انتقاله إلا إذا اعترف بع المتعاقدان، أو حكم به عليهما عند الإنكار، وهذا الكتاب لم يذكر فيه اعتراف البائع بالبيع، ولا صرح من بعثه بأنه حكم بالبيع وقضى به، بل أورد لفظا محتملا للحكم ولما سواه، ولا تلزم القضايا والأحكام بلفظ فيه إشكال وإيهام، وهذا مما لا يختلف فيه أحد من ذوى الأفهام، واللفظ الذي أشرنا إليه بالاحتمال هو قول القاضى: وثبت عندى أن فلانا اشترى من فلان، وقوله: ثبت عندى لفظ يتردد بين ثبوت حكم وقضية، وبين استماع لما أثبته من بينة زكية دون إيقاع حكم، وأبرام قضية فإن تعسف متعسف ورأى أن الثبوت نص في القضايا والأحكام، قيل له: انما يتحاكم في هذا لأهل اللسان، وأرباب البيان، ووجدنا أهل اللسان يقولون ثبت عندنا موت الخليفة وخصب أرض كذا، وثبت عدنا ظلم فلان وعداوته إلى غير ذلك مما علموه بالخبر عنه وتلقوه بالقبول من أفواه العدول مما لا يصح أن ينتصب له الحكام وتطلب فيه القضايا والأحكام، وجملة الأمر أن المعنى بالثبوت لغة حصول الأمر وتحققه ولهذا حد بعض المتكلمين العلم بأنه إثبات المعلوم على ما هو به، وإن كان هذا الحد مرغوبا عندنا والروايات مسطورة بصحة ما قلناه.

قال أشهب: إذا كتب قاض إلى قاض بأمر مختلف فيه والمكتوب إليه لا يرى ذلك الرأى فإن كتب إليه أنه حكم بما في كتابه وأنفذه جاز ذلك، وأنفذه، هذا وإن لم يكن قطع فيه الحكم، وإنما كتب بما ثبت عنده للخصم فلا ينبغي له أن يعمل برأى الكاتب، ومثله لابن حبيب عن الأخوين. وفي الموازية/ 173 - أيجب إنفاذ ما فى كتاب القاضى إن كان فيه إنى قضيت لفلان على فلان، وإن لم يكن في الكتاب الفراغ من الحكم فعلى المكتوب إليه أن يتم الحكم ولا يستأنفه. ابن عرفة مسألة النزاع بين المازرى ومنازعه مبنية على تحقيق أمرين: أحدهما: أن فاعل ثبت في كتاب القاضى لقاض آخر بلفظ ثبت كذا هل هى بمنزلة المقضى به عنده أم لا؟ والحق أنه مختلف فيه على قولين: أحدهما: أنه ليس كالمقضى به وظاهر قول ابن رشد حيث قال فيما قدمناه عنه فى مسألة تسمية القاضى فى كتابه من شهد عنده ما نصه: لأن كتاب القاضى بما ثبت عنده على رجل في بلد المكتوب إليه ليس بحكم على غائب. والثانى: أنه كالمقضى به وهو فهم ابن رشد المذهب. حيث قال: إن كتب بثبوت شهادة البينة فقط لم يأمر بإعادة شهادتهم، وإن كتب بتعديلهم أو بقبوله إياهم إلى آخر ..... كلامه المتقدم. ولفظ لمازرى الذي نقلناه عنه من شرح التلقين نص فى أنه مختلف فيه بين العلماء. ولم يصرح فيه عن المذهب بشئ، ونقل الشيخ عن أشهب: يقتضى أنه ليس كالمقضى به. الأمر الثانى: هو أن مسمى اشترى هل يقتضى ثبوت ملك المشترى، مفعول اشترى وهو المشترى أم لا فالمازرى ومن ذكر أنه وافقه على فتواه من فقهاء (المهدية) يقول:

إنه لا يقتضي ملكه، وخصمه يقول: يقتضى ملكه ابن عرفة: وهذا هو مقتضى ألفاظ المدونة عندى، منها قولها- إلى آخره- وبفهم كلامه في المسألة تتحرر وينجلى تحقيقها. [ص] ....................... ... ................... وقد تأثرا 369 - به الذى تقاربت مداركه .... وباجتهاد تنجلى مسالكه 370 - لاجل ما يصلح من دنيا وقد ... اختص بالفتيا جميع ما ورد 371 - من العبادات وما قد منعا ... منها وأسباب شروط جمعا 372 - وما للآخرة فيه اختلفا ... ورسمها أخبار من قد عرفا 373 - بأنه أهل بحكم شرعا ... والحكم وهى في سواها اجتمعا 374 - وربما شاركها فيما ذكر ... من الزكاة أيضا إن له افتقر/173 ب [ش] القرافى: في الفرق الرابع والعشرين والمائتين بين قاعدة الفتوى وقاعدة الحكم: وينبنى على الفرق تمكين غيره من الحكم بغير ما قال فى الفتيا فى مواقع الخلاف بخلاف الحكم. واعلم أن العبادات كلها على الإطلاق لا يدخلها الحكم البتة، بل الفتيا فقط فكل ما وجد فيها من الأخبار فهى فتيا فقط فليس للحاكم أن يحكم بأن هذه الصلاة صحيحة ولا باطلة، ولا أن هذا الماء دون القلتين فيكون نجسا فيحرم على المالكى بعد ذلك استعماله بل يقال فى ذلك إنما هو فتيا إن كانت مذهب السامع عمل بها، وإلا فله تركها والعمل بمذهبه، ويلحق بالعبادات أسبابها فإذا شهد بهلال رمضان شاهد واحد فأثبته حاكم شافعى، ونادى فى المدينة بالصوم، ولا يلزم ذلك المالكى، لأن ذلك فتوى وليس بحكم وكذلك إذا قال حاكم: قد ثبت عندى أن الدين يسقط الزكاة أو لا يسقطها، أو ملك النصاب من الحلى المتخذ لاستعمال مباح سبب وجود الزكاة [فيه، أو أنه لا يوجب

الزكاة] أو غير ذلك من أسباب الأضاحى والعقيقة، والكفارات، والنذور، ونحوها من العبادات المختلف فيها، أو فى أسبابها لا يلزم شئ من ذلم من لا يعتقده، بل يتبع مذهبه فى نفسه ولا يلزمه قول ذلك القائل لا فى عبادة ولا فى سببها، ولا شرطها لا مانعها. وبهذا يظهر أن الإمام لو قال: لا تقيموا الجمعة إلا بإذنى لم يكن ذلك حكما وان كانت مسألة مختلف فيها، هل تفتقر الجمعة إلى إذن السلطان أم لا؟ وللناس أن يقيموها بغير إذن الإمام، إلا أن يكون ذلك صورة المشاقة، وخرق الولاية، وإظهار الفساد والمخالفة فممتنعة إقامتها بغير أمره، لأجل [ذلك لا ل] انه خلاف اتصل به حكم حاكم، وقد قاله بعض الفقهاء، وليس بصحيح، بل حكم الحاكم إنما يؤثر إذا أنشأ في مسألة اجتهاد تتقارب فيها المدارك، لأجل مصلحة دنيوية، فاشتراط قيد الإنشاء احتراز من/ 174 - أحكمه فى مواقع الإجماع فإن ذلك إخبار وتنفيذ محض، وفى مواقع الخلاف ينشئ حكما وهو إلزاما أحد القولين اللذين قيل بهما في المسألة ويكون إنشاؤه اخبارا خاصا عن الله تعالى فى تلك الصورة فى ذلك الباب، وجعل لله تعالى إنشاءه في مواطن الخلاف قضاء ورد من قبله في خصوص تلك الصورة، كما لو قضى فى امرأة علق طلاقها قبل الملك بوقوع الطلاق فتناول هذه الصورة الدليل الدال على عدم لزوم الطلاق عند الشافعى وحكم الحاكم بالنقض، ولزوم الطلاق نص خاص يختص بهذه المرأة المعينة، وهو نص من قبل الله تعالى، فإن الله تعالى جعل ذلك للحاكم رفعا للخصومات والمشاجرات، وهذا النص الوارد من هذا الحاكم أخص من ذلك الدليل [فتقدم عليه، لأن القاعدة الأصولية أنه إذا تعارض الخاص والعام] قدم الخاص على العام، فلذلك لا يرجع الشافعى يفتى بمقتضى دليله العام الشامل لجملة هذه القاعدة في هذه الصورة، منها لتناولها نص خاص مخرج لها عن مقتضى ذلك الدليل

العام، ويفتي الشافعي بالعام فيما عدا هذه الصورة من هذه القاعدة. وكذلك لو حكم الشافعى باستمرار الزوجية بينهما خرجت هذه الصورة عن دليل المالكى وأفتى فيها بلزوم النكاح ودوامه، وفى غيرها بلزوم الطلاق، لأجل ما أنشأه الشافعى من الحكم تقديما للخاص على العام، فهذا هو معنى الإنشاء وقولى: فى مسألة اجتهادية احترازا من مواقع الإجماع، فإن الحكم هنالك ثابت بالإجماع فتعذر فيه الإنشاء لتعيينه وثبوته إجماعا. وقولى: تتقارب مداركها احترازا من الخلاف الشاذ على المدرك الضعيف. وقولنا: لأجل مصالح الدنيا احترازا من العبادات، والفتوى بتحريم السباع وطهارة الأوانى وغير ذلك مما يكون اختلاف المجتهدين فيه لا للدنيا بل للآخرة بخلاف المنازعة في العقود والرهون والأوقاف ونحوها إنما ذلك لمصالح الدنيا. وبهذا/ 174 - ب يظهر أن الأحكام الشرعية قسمان: منها: ما يقبل حكم الحاكم مع الفتيا فيجتمع الحكمان. ومنها: ما لا يقبل إلا الفتيا، ويظهر لك بهذا أيضا تصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذا وقع هل هو من باب الفتوى، أو من باب القضاء، والإنشاء. وأيضا يظهر أن أخبار الحاكم عن نصاب اختلف فيه أنه يوجب الزكاة فتوى. وأما أخذه للزكاة فى مواطن الخلاف فحكم وفتوى من حيث إنه تنازع بين الفقراء والأغنياء فى المال الذى هو مصلحة دنيوية. وكذلك إن تصرف السعاة والجباة فى الزكاة أحكام لا ينقضها وان كانت الفتيا عندنا على خلافها، ويصير حينئذ مذهبنا.

ويظهر بهذا التقرير سر قول الفقهاء: إن حكم الحاكم فى مسائل الاجتهاد لا ينقض وأنه يرجع على القاعدة الأصولية، وتصير هذه الصورة مستثناة من تلك الأدلة العامة كما المصراة والعرايا والمساقاة وغيرها من المستثنيات. ويظهر بهذا ان التعزيزات من الحكام ليست أحكاما فتبقى الصورة قابلة لحكم جميع تلك الأقوال المنقولة فيها. ثم قال بعد كلام: فظهر أيضا من هذه الفتاوى والمباحثات أن الفتوى والحكم كلاهما إخبار عن حكم الله تعالى، ويجب على السامع اعتقادهما، وكلاهما يلزم المكلف من حيث الجملة، لكن الفتوى إخبار عن الله تعالى في إلزام أو إباحة والحكم إجبار ومعناه الإنشاء والإلزام من قبل الله تعالى. وبيان ذلك بالتمثيل: إن المفتى مع الله تعالى كالمترجم مع القاضى ينقل ما وجده عن القاضى واستفادة عنه بإشارة أو عبارة أو فعل أو تقرير أو ترك. والحاكم مع الله تعالى كنائب الحاكم ينشئ الأحكام والإلزام بين الخصوم، وليس بناقل ذلك عن مستنيبه، قال له: أى شئ حكمت به على القواعد فقد جعلته حكمى فكلاهما موافق للقاضى ومطيع له وساع في تنفيذ مراده، غير أن أحدهما ينشئ والآخر ينقل نقلا محضا من غير اجتهاد له فى الإنشاء، كذلك المفتى والحاكم كلاهما مطيع لله تعالى/ 175 - أناقل لحكمه غير أن الحاكم منشئ والمفتى مخبر محض انتهى. وقد اعترض الإمام أبو القاسم ابن النشاط كثيرا من كلامه في هذا الفرق، وقال لا أشد فسادا من كلامه فى هذا الفصل، فقال فى كلامه: لا يلزم ذلك المالكى لأن ذلك ليس بحكم، فيما قاله فى ذلك نظر، إذ لقائل أن يقول: وهو حكم يلزم جميع أهل ذلك البلد.

وقال في قوله: وكذلك إذا قال حاكم ثبت عندى أن الدين يسقط الزكاة- إلى قوله-: لا فى عبادة ولا فى سببها، ولا شرطها ولا ما معها، لقائل أن يقول: إنه يلزم غير ذلك الحاكم ممن يخالف مذهبه ما ينبنى هلى ذلك الثبوت، كما إذا ثبت عنده أن الدين لا يسقط الزكاة، وأراد أخذها ممن يخالف مذهبه مذهبه أنه لا يسوغ له الامتناعمن دفعها له وكذلك ما أشبه ذلك. وكذلك على قوله: وقد قاله بعض الفقهاء، وليس هو صحيح كما قال ذلك الفقيه، لأنه حكم حاكم اتصل بأمر مختلف فيه فتعين الوقوف عند حكمه. وقال على قوله: فاشتراط قيد الإنشاء احترازا من حكمه فى مواقع الإجماع فإن ذلك إخبار وتنفيذ محض ليس ما قاله من أنه اخبار، بصحيح، بل هو تنفيذ محض وهو الحكم بعينه إذ لا معنى للحكم إلا التنفيذ، وما يوضح ذلك أنه لو أن حاكما ثبت عنده بوجه الثبت أن لزيد عند عمرو مائة دينار فأمره أن يعطيه إياها أن ذلك الأمر لا يصح بوجه أن يكون إخبارا وهذا الموضع وما أشبهه من مواقع الإجماع فلا يصح، قوله إن مواقع الإجماع لا يدخلها الحكم بل الإخبار بوجه أصلا وقال على قوله أثر الكلام السابق: وفى مواقع الخلاف ينشئ حكما وهو إلزاما أحد القولين اللذين قيل بهما فى المسألة، إلزامه أحد القولين هو تنفيذ الحكم وإمضاؤه بعينه. وقال على قوله: ويكون إنشاؤه إخبارا خاصا عن الله تعالى فى تلك الصورة فى ذلك الباب وكيف يكون إنشاء ويكون مع ذلك خبرا وقد تقدم له الفرق بين الإنشاء والخبر، هذا ما لا يصح بوجه. وقال على قوله: وجعل الله إنشاؤه فى مواطن/ 175 - ب الخلاف نصا ورد من قبله فى خصوص تلك الصورة- إلى قوله- فهذا هو معنى الإنشاء، ولا كلام أشد فسادا من كلامه فى هذا الفصل وكيف يكون إنشاء الحاكم الحكم فى مواقع الخلاف نصا خاصا من قبل الله

تعالى، وقد قال النبى صلى الله عليه وسلم: ((إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران وإن اجتهد فاخطأ فله أجر)) وكيف يصح الخطأ فيما فيه النص من قبل الله تعالى، هذا كلام بين الخطأ لا شك فيه، وما تخيل هو أو غيره لا يصح، ولا حاجة إليه وإنما تعين في القضية المعينة أحد القولين، أو الأقوال إذا اتصل به حكم الحاكم، لما فى ذلك من المصلحة فى نفوذ الحكم وثباته، ولما فيه من المفسدة لو لم ينفذ، لا لما قاله من أنه إنشاء من الحاكم موضوع كنص خاص من قبل الله تعالى وهو أعلم. وقال على قوله: فإن (الحكم) هنالك ثابت بالإجماع فتعذر فيه الإنشاء لتعينه وثبوته إجماعا: هذا كلام ساقط أيضا، كما أن الحكم فى مواقع الإجماع ثابت بالإجماع فالحكم فى مواقع الخلاف ثابت بالخلاف فعلى القول بالتصويب كلاهما حق وحكم الله تعالى. وعلى القول بعدم التصويب أحدهما حق وحكم الله تعالى، ولكن ثبت العذر للمكلف فى ذلك، وما أوقعه فيما وقع فيه إلا الاشتراك الذى فى لفظ الحكم فإنه يقال الحكم [فى الطلاق المعلق على النكاح اللزوم للمقلد المالكى، ويقال الحكم] الذى حكم به الحاكم الفلانى على فلان معلق للطلاق لزوم الطلاق [والمراد بالحكم الأول لزوم الطلاق] لكل معلق للطلاق مالكى أو مقيد المالكى والمراد بالحكم الثانى لزوم الطلاق بإلزام الحاكم المحكوم عليه من مالكى أو غير مالكى والله تعالى أعلم.

[وقال على قوله: ويصبر حينئذ مذهبنا، لا يصير مذهبنا ولكنا لا ننقضها لمصلحة الأحكام]. وقال على قوله: وإنه يرجع إلى القاعدة الأصولية: لا رجوع للقاعدة الأصولية إن كان يعنى قاعدة الخاص والعام، ولكن يرجع إلى قاعدة فقهية وهى: أن الحكم إذا أنفد على مذهب ما لا ينقض لا يرد، وذلك لمصلحة الأحكام ورفع التشاجر والخصام. وقال أيضا/ 176 - أعلى قوله: فظهر أيضا من هذه الفتاوى والمباحث أن الفتوى والحكم كلاهما إخبار عن حكم الله تعالى- إلى قوله- من قبل الله تعالى، قال: كيف يكون الإخبار إنشاء، وقد فرق هو أول كتابه بينهما، وكيف يكون الحكم إلزاما من قبل الله تعالى وهو ممكن الخطأ على ما نص عليه النبى صلى الله عليه وسلم فى الحديث الذى تقدم ذكره، هذا ما لا يصح. وقال على قوله: وبيان ذلك بالتمثيل- إلى قوله- كنائب الحاكم ينشئ الأحكام والإلزام بين الخصوم، ما قاله صحيح وما مثل به كذلك، ان كان يريد بالإنشاء التنفيذ، والإمضاء لما كان قبل الحكم فتوى وإلا فلا. صح من إدرار الشروق على أنواء الفروق. أبو عمرو بن الحاجب: ونقل الأملاك وفسخ العقود وشبهه واضح أنه حكم، وفتواه فى واقعة واضح أنه ليس بحكم [وتأثر مطاوع أثر] وفى مثل تقرير النكاح بلا ولى رفع إليه فأقره، قال ابن القاسم: حكم، وقال ابن الماجشون: ليس بحكم فلو قال: لا أجيزه ولم أفسخه ففتيا. وقوله: ((وقد تأثرا به الذى تقاربت مداركه* وباجتهاد تنجلى مسالكه لأجل ما يصلح من دنيا)).

هذا كقول القرافي: حكم الحاكم إنما يؤثر إذا أنشأه فى مسألة اجتهاد تتقارب فيها المدارك لأجل مصلحة دنيوية. [قوله: ((جمعا)) هو توكيد للعبادات وما عطف عليه]. قوله: ((وما للآخرة فيه اختلفا)) ومما اختلف فيه للآخرة لا للدنيا، وما هذه عطف على ورد أو على العبادات، ثم هو عطف عام على خاص، لأنه يشمل العبادات وغيرها، كتحريم السباع. قوله: ((ورسمها أخبار من قد عرفا بأنه أهل بحكم شرعا)) أى ورسم الفتيا، وبأنه يتعلق بعرف أى عرف بأنه أهل الفتيا، وبحكم يتعلق بإخبار. وفى المدونة: لا ينبغى لطالب العلم أن يفتى حتى يراه الناس أهلا للفتيا. قال سحنون: الناس هنا العلماء. وقال ابن هرمز: ويرى هو نفسه أهلا لذلك. ابن عرفة: وقع هذا فى رسم الشجرة تطعم بطنين من جامع العتبية لابن هرمز فيما ذكه مالك وليس فيه ويرى هو نفسه أهلا لذلك. قال/ 176 - ب ابن رشد: زاد فى هذه الحكاية فى كتاب الأقضية من المدونة ورأيت نفسك أهلا لذلك، وهى زيادة حسنة، لأنه أعرف بنفسه، وذلك أن يعلم من نفسه أنه كملت له آلات الاجتهاد، وذلك علمه بالقرآن وناسخه ومنسوخه ومفصله من مجمله وعامه من خاصه، وبالسنة مميزا بين صحيحها وسقيمها، عالما بأقوال العلماء وما اتفقوا عليه وما

اختلفوا فيه عالما بوجوه القياس ووضع الأدلة مواضعهما وعنده من علم اللسان ما يفهم به معانى الكلام. وفى نوازل ابن رشد سئل عمن قرأ الكتب المستعملة مثل المدونة والعتبية دون رواية أو الكتب المتأخرة التى لا توجد فيها رواية هل يستفتى وإن أفتى، وقد قرأها دون رواية هل تجوز شهادته أم لا؟ فأجاب: من قرأ هذه الكتب وتفقه فيها على الشيوخ وفهم معناها وأصول مسائلها من الكتاب والسنة والإجماع- وذكرنا ما نقلناه عنه فى البيان- قال: هذا يجوز له أن يفتى فيما ينزل ولا نص فيه باجتهاده، قال: ومن لم يلحق هذه الدرجة لم يصح أن يستفتى فى المجتهدات التى لا نص فيها، ولا يجوز له أن يفتى برأيه فى شئ منها إلا أن يعلم برواية عن عالم فيقلد فيما يخبر به، وإن كان فيها اختلاف أخبر بالذى ترجح عنده إن كان ممن له، فهم ومعرفة بالترجيح. ابن عرفة: هذا حال كثير ممن أدركنا وأخبرنا عنه أنهم كانوا يفتون ولا قراءة لهم فى العربية فضلا عما سواها من أصول الفقه. وقال القرافى: ما حاصله، لمن حفظ روايات المذهب وعلم مطلقها ومقيدها وعامها وخاصها أن يفتى بمحفوظه منها، وما ليس محفوظا له منها لا يجوز له تخريجه على محفوظه منها إلا إن حصل علم أصول الفقه وكتاب القياس وأقسامه وترجيحاته وشرائطه وموانعه، وإلا حرم عليه التخريج. قال: وكثير من الناس يقدمون على التخريج دون هذه الشرائط بل صار يفتى من (لم) يحط بالتقيدات ولا التخصيصات من منقول إمامه، وذلك لعب/ 177 - أوفسق، وشرط التخريج على قول إمامه أن يكون القول المخرج عليه ليس مخالفا لإجماع ولا نص ولا قياس جلى، لأن القياس ع ليه حينئذ معصية، وقول إمامه ذلك غير معصية، لأنه باجتهاد وأخطأ فيه مجملا فلا يأثم وتحصيل حفظ القواعد الشرعية إنما هو بالمبالغة في

تحصيل مسائل الفقه بأصولها وأصول الفقه لا يفيد ذلك، ولذا هذا الكتاب المسمى بالقواعد. ابن عرفة قوله: ليس مخالفا لنص ولا أجماع، أما الإجماع فمسلم، وأما النص فليس كذلك، لنص مالك في كتاب الجامع من العتبية وغيره على مخالفته نص الحديث الصحيح، إذا كان العمل يخالفه. المازرى: ومن يفتى في هذا الزمان أقل حاله أن يكون مطلعا على روايات المذهب، وتأويل الأشياخ وتوجيههم ما اختلفت ظواهر بعضها مع بعض وتشبيههم مسائل بمسائل قد يسبق الفهم تباعدها إلى غير ذلك مما بسطه الأشياخ فهذا لعدم المجتهد يقتصر على نقله. واختلف أصحاب الشافعى فى جواز إفتاء المفتى إذا كان مجتهدا فى مذهب إمام وبجوازه أخذ القفال وهو مبنى على جواز تقليد الميت، وفيه خلاف بين الأصوليين. ابن عرفة: فى هذا الإجراء نظر والأقرب فهمه على أن جواز تقليد الميت يمنع إفتاء المجتهد الخاص ومنعه يجيزه خوف التعطيل. انتهى. وقد ذكر ابن الحاجب فى إفتاء من ليس بمجتهد أربعة أقوال المختار منها عنده أنه إن كان متطلعا على مآخذ الأحكام أهلا للنظر كان جائزا وإلا فلا.

وقيل: إنما يجوز بمذهب المجتهد عند عدم المجتهد وأما مع وجوده فلا. وقيل: يجوز مطلقا. واستغربهما معا الشارح العلامة الشيرازى. وقال: ما ظفرت به فى شئ من الكتب قال: وكذا القول بالجواز مطلقا إنما جوز من جوز بشرط الاطلاع كما اختاره المصنف أو بشرط أن يثبت عنده مذهب ذلك المجتهد بنقل من يثق بقوله، وقيل: لا يجوز مطلقا، وهو مذهب أى الحسين بن الحاجب. لنا وقوع ذلك وما ينكر وأنكر من غيره أى أنكر الإفتاء/ 177 - ب من غير من له الاطلاع على المآخذ وأهلية النظر، وليس الكلام فى نقل غير المجتهد إذا كان عدلا أنه قال مالك كذا، وقال الشافعى كذا، فإن هذا لا نزاع فى جوازه إنما النزاع فيما هو المتعارف من الإفتاء فى المذهب لا بطريق نقل كلام الإمام، بل بأن يقول مثلا مذهب مالك والشافعى فى هذه المسألة كذا. قوله: ((والحكم وهى فى سواها اجتمعا)) أى والحكم والفتيا اجتمعا فى سوى العبادات وأسبابها وشروطها وموانعها، وما اختلف فيه للآخرة. قوله: ((وربما شاركها فيما ذكر من الزكاة أيضا أن له افتقر)) منصوب شاركها يعود على الفتيا وضمير له يعود على الحكم، وجعل الزكاة مذكورة لدخولها فى العبادات أى وربما شارك الحكم الفتيا فى الزكاة إذا افتقر له، ويقع فى بعض النسخ عوض هذا البيت: وفى الزكاة إذا بدا ... من الغنى أو من الغير اعتدا وهاذ أوضح، ثم هو إشارة إلى قول القرافي.

وأما أخذه للزكاة فى مواطن الخلاف- إلى قوله- ويظهر بهذا التقرير. والغير أى غير الغنى أى إذا بدا من الغنى اعتداء على الفقير أو بالعكس يتنازعهما فى المال، وهذا بناء على قول المخطئة فالحاكم يأخذ الزكاة من الغنى إن صادف حكم الله فالغنى هو الذى اعتدى على الفقير فى منازعاته وامتناعه من ذفع الزكاة له، وان أخطأ ولم يصبه فالفقير هو الذى اعتدى على الغنى فى أخذه ماله من غير موجب، إلا أن هذا اعتداء بحسب ما فى الأمر وإلا فكل منهما معذور ولا إثم عليه فى التقديرين. [ص] 375 - وكل ما تعين الحق به ... ولا يؤدى أخذه لعيبه 376 - لفتنة أو لفساد سمعا ... مما على ثبوته قد أجمعا 377 - فليس يحتاج لحاكم بلا ... أضداد ما ذكر كالذ نقلا 378 - مما للاجتهاد والتحرير .. يحتاج كالإنفاق للتقدير/ 178 - أ 379 - أو ما يؤدى لخيانة وما ... إلى فساد العرض أو خوف الدما [ش] القرافى: فى الفرق الثالث والثلاثين (والمائتين) بين قاعدة ما يحتاج للدعوى، وبين قاعدة ما لا يحتاج إليها وتلخيص الفرق أن كل أمر مجمع على ثبوته وتعين الحق فيه ولا يؤدى أخذه لفتنة ولا تشاجر ولا فساد عضو أو عرض فيجوز أخذه من غير رفع للحاكم فمتى وجد المغصوب أو عين سلعته التى اشتراها أو ورثها، ولا يخاف من أخذها ضررا فله أخذها، وما يحتاج للحاكم خمسة أنواع: النوع الأول: المختلف فيه هل هو ثابت أم لا، فلابد من الرفع فيه للحاكم فى بعض مسائله دون بعض كاستحقاق الغرماء لرد عتق المديان، وتبرعاته قبل الحجر عليه، فإن الشافعى لا يثبت لهم حقائق ذلك ومالك يثبته فيحتاج إلى قضاء الحاكم.

وقد لا يفتقر هذا النوع للحاكم كمن وهب له متاع في عقار أو غيره أو اشترى مبيعا على الصفة أو أسلم في حيوان أو نحو ذلك، فإن المستحق المعتقد لصحة هذه الأسباب يتناول هذه الأمور من غير حاكم وهو كثير، والمفتقر منه للحاكم قليل. وفى الفرق بين ما يفتقر من هذا النوع وبين ما لا يفتقر عموم. النوع الثانى: ما يحتاج للاجتهاد والتحرير، فإنه يفتقر للحاكم كتقويم الرقاق في إعتاق البعض على المعتق، وتقدير النفقات للزوجات والأرقاب، والطلاق على المولى بعدم الفيئة، فإن فيه تحرير عدم فيئه، والمعسر بالنفقة لأنه مختلف فيه فمنعه الحنفية. ولأنه يفتقر لتحرير إعساره وتقريره وما مقدار الإعسار الذى يطلق به فإنه مختلف فيه، فعند مالك- يرحمه الله- لا يطلق بالعجز عن أصل النفقة والكسوة اللتين يفرضان بل بالعجز عن الضرورى المقيم [للبنية] وإن كنا لا نفرضه ابتداء. النوع الثالث: ما يؤدى أخذه للفتنة كالقصاص في النفس، والأعضاء يرفع ذلك للأئمة لئلا يقع بسبب تناوله تمانع وقتل فتنة أعظم من الأولى، وكذلك التعزيز، وفيه أيضا الحاجة للاجتهاد في مقداره بخلاف/ 178 - ب الحدود في الحدود. النوع الرابع: ما يؤدى إلى فساد العرض وسوء العاقبة، كمن ظفر بالعين المغصوبة المشتراة، أو الموروثة، لكن يخاف من أخذها أن ينسب إلى السرقة فلا يأخذه بنفسه ويرفعه للحاكم دفعا لهذه المفسدة. النوع الخامس: ما يؤدى إلى خيانة الأمانة إذا أودع عندك من لك عنده حق عجزت عن أخذه لعدم اعترافه وعدم البينة عليه، فهل لك جحده، وديعته إذا كانت قدر

حقك من جنسه أو من غير جنسه، منعه مالك لقوله عليه السلام: ((أد الأمانة إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك)). وأجازه الشافعى لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم لهند عتبة امراة أبى سفيان لما شكت إليه أنه بخيل لا يغطيها وولدها ما يكفيهم فقال لها عليه السلام: ((خذى لك ولولدك ما يكفيك بالمعروف)). ومنشأ الخلاف هل هذا القول منه عليه السلام فتيا، فيصح ما قاله الشافعى أو قضاء فيصح ما قاله مالك. ومنهم من فصل بين ظفرك بجنس حقك فلك أخذه [وغير جنسه فليس لك أخذه] فهذا تلخيص الفرق بين هاتين القاعدتين انتهى. قال القاضى أبو عبد الله المقرى: قاعدة: كل ما يفتقر إلى فحص وتلخيص وتختلف فيه الأحوال فلا يقع إلا بحكم حاكم ولا يكفى فيه وجود سببه وإلا كفى فطلاق المعسر يحتاج [إلى تحقق الإعسار، وتقدم الدين، ومن حلف ليضربن عبده ضربا مبرحا يحتاج] في العتق عليه إلا أن ذلك مما يباح أو يحرم، وهل جناية العبد مبيحة له أم لا؟ أما ان استغنى عن التخليص فإنه يكتفى بالسبب ليكون ذلك أقطع للخصومات. قاعدة: كل ما فيه خلاف قوى فلا يقع إلا بالحكم كالإعتاق على الشريك

واختلفت الرواية عن مالك في كونه أو بالسراية، فإن ضعف الخلاف اكتفى بالسبب. قوله: ((وكل ما تعين الحق به)) أي فيه. قوله: ((ولا يؤدى أخذه لعيبه)) أضاف العيب للمأخوذ لأن أخذه سبب عيب الأخذ/ 179 - أوالإضافة تسوغ بأدنى ملابسة ويحتمل- على بعد- أن يكون ضمير أخذه عائدًا إلى الأخذ، فإليه يرجع ضمير عيبه، ولا إشكال حينئذ. قوله: ((الفتنة)) هون بدل من عيبه، أي ولا يؤدى أخذه لفتنة أو لفساد مسموع أي معتبر مقبول كفساد العرض أو العضو. قوله: ((مما على ثبوته قد أجمعا)) أي حال كون هذا الذى تعين الحق به مما قد أجمع على ثبوت حكمه احترازا من المختلف فيه، قوله: فليس يحتاج لحاكم)) هو خبر (كل) وقرنه بإلغاء لشبهه بالشرط في العموم والإبهام كقولهم الذى يأتينى فله درهم. قوله: ((بلى أضداد ما ذكر)) أي بل يحتاج له أضداد ما ذكر والأضداد خمسة مثل منها بما عدا الأول وهو مختلف فيه، لأنه لا يتحتم الرفع فيه للحاكم بل قد يستغنى عن الرفع في بعض مسائله كما مر. قوله: ((مما للاجتهاد والتحرير [يحتاج)) أي كالذى نقل مما يحتاج للاجتهاد والتحرير] وهذا النوع الثانى من كلام القرافى. قوله: ((أو يؤدى لخيانة)) هذا النوع الخامس. وما معطوف على ما من قوله: ((مما للاجتهاد)). قوله: ((وما إلى فساد العرض)) أي وما يؤدى إلى فساد العرض وهذا النوع الرابع: قوله: ((أو خوف الدماء)) أتى ما يؤدى إلى خوف الدماء، وهذا النوع الثالث.

ابن الحاجب: ومن قدر على استرجاع عين حقه بيده آمنا من فتنة أنسبة إلى رذيلة جاز له، فأما في العقوبة فلابد من الحاكم، وأما من قدر على غيره فثالثهما: إن كان من جنسه جاز، وعليه الخلاف في إنكار من عليه شيء لمن أنكره غيره. وقال في الوديعة: وإذا استودعه من ظلمه بمثلها، فثالثهما الكراهة، ورابعهما الاستحباب. قال الباجى: والأظهر الإباحة لحديث هند. [ص] 380 - مستند الشهادة العلم نعم ... مدركه عقل ونقل وتضم 381 - ذوات حس لهما ومستدل ... قد يكتفى بالظن والسمع نقل 382 - عزل وجرح سفه وكفر ... ثم نكاح ضدها وضر/ 179 ب 383 - كهبة وصية وإنفاق ... ولادة حرابة وإعتاق 384 - خلع رضاع نسب وأسر ... قسم قسامة ولوث يسر 385 - اباق أو حمل وتفليس ولا ... جرح نيابة وإقرار جلا 386 - وقف وتنفيذ وموت وابتياع ... تصرف إرث تصح بالسماع [ش] القرافى في الفرق السادس والعشرين والمائتين بين قاعدة ما يصح أن يكون مستندا في التحمل وبين قاعدة ما لا يصح أن يكون. قال صاحب المقدمات: كل من علم شيئا بوجه من الوجوه الموجبة للعلم شهد به فلذلك صحت شهادة هذه الأمة لنوح عليه السلام ولغيره على أممهم بأخبار رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك، وصحت شهادة خزيمة ولم يحضر شراء الفرس، ومدرك العلم أربعة العقل وإحدى الحواس الخمس والنقل المتواتر، والاستدلال فتجوز الشهادة بما علم بأحد هذه

الوجوه وشهادة خزيمة كانت بالنظر والاستدلال، ومثله شهادة أبي هريرة أن رجلا قاء خمرا فقال له عمر: تشهد أنه شربها قال: أشهد أنه قاءها، فقال عمر رضى الله عنه: ما هذا التعمق فلا وربك ما قاءها حتى شربها. ومنها شهادة الطبيب يقدم العيب، والشهادة بالتواتر كالنسب وولاية القاضي وعزله، وضرر الزوجين، والأصل في الشهادة العلم واليقين لقوله تعالى: {إلا من شهد بالحق وهم يعلمون}. وقوله: {وما شهدنا إلا بما علمنا}. وقوله عليه السلام: ((على مثل هذا فاشهد)) أي على مثل الشمس، فهذا ضابط ما يجوز التحمل في الشهادة به، وقد يجوز بالظن والسماع، صح من الفروق. أبو إسحاق بن فرحون في التبصرة: ولا تصح لشاهد شهادة بشئ حتى يحصل له به العلم إذا لا تحصل الشهادة إلا بما علم وقطع بمعرفته، ولا بما يشك فيه، ولا بما يغلب على الظن معرفته. قال تعالى: {وما شهدنا إلا بما علمنا} وقد يلحق الظن الغالب باليقين للضرورة في مواضع يأتي ذكرها، كالشهادة في/ 180 - أالتفليس، وحصر الورثة، وما أشبه ذلك. والعلم يدرك بأحد أربعة أشياء. الأول: العقل بانفراده فإنه يدرك به بعض العلوم الضرورية مثل أن الاثنين أكثر

من الواحد به حالة نفسه من صحته وسقمه، وإيمانه وكفره، ويصح بذلك شهادته على نفسه وما أشبه ذلك. الثانى: العقل مع الحواس الخمس، حاسة السمع وحاسة البصر، وحاسة الشم وحاسة الذوق، وحاسة اللمس، فيدرك بالعقل مع حاسة السمع الكلام وجميع الأصوات، ولذلك نجيز شهادة الأعمى على الأقوال، إذا كان المشهود عليه قد لازمه كثيرا حتى يتحقق الأعمى كلامه، ويقطع عليه وكذلك الاستعمال ويدرك بالعقل مع حاسة البصر جميع الأجسام والأعراض والمبصرات، ولذلك نجيز شهادة الأصم على الأفعال، ونجيز الشهادة على الخط. ويدرك بالعقل مع حاسة الشم جميع الروائح المشمومات فيدرك بها حال المسكر فتراق الخمر ويحد شاربها بالشهادة على الرائحة. ويدرك بالعقل مع حاسة الذوق جميع الطعوم المذوقات، ولذلك تجوز الشهادة فى اختلاف المتبايعين فى صفة المبيع كالزيت الحلو وعكسه، والعسل الشتوى والربيعى والسمن المتغير وغير ذلك مما يكثر ذكره. ويدرك بالعقل مع حاسة اللمس جميع المملوسات على اختلاف أنواعها، ولذلك نجيز شهادة أهل المعرفة في المتبايعين فى صفة المبيع فى اللين والخشونة وما أشبه ذلك. الثالث: حصول العلم العلم بالأخبار المتواترة فإنه يحصل به العلم بالبلدان النائية والقرون الماضية وظهور النبي صلى الله عليه وسلم ودعائه إلى الإسلام، وقواعد الشرع ومعالم الدين، ولذلك تجوز الشهادة بما علم من جهة الأخبار الصحيحة فى باب الولاء والنسب والموت وولاية القاضى وعزله، وضرر الزوجين، وما أشبه ذلك. قال ابن رشد: فالعلم المدرك من هذه الوجوه الثلاثة علم ضرورى يلزم النفس لزوما لا يمكنها/ 180 - ب الانفصال عنه ولا الشك فيه. الرابع: العلم المدرك بالنظر والاستدلال فالشهادة بما علم من جهة النظر والاستدلال (جائزة) كما تجوز بما علم من جهة الضرورة، وذلك مثل ما روى أن أبا هريرة شهد أن

رجلا قاء خمرا فقال له عمر: أتشهد أنه شربها؟ فقال له: أشد أنه قاءها، فقال عمر: ما هذا التعمق فلا وربك ما قاءها حتى شربها. ومن ذلك شهادة الحكماء فى قدم العيوب وحدوثها، وشهادة أهل المعرفة فى قدم الضرر وحدوثه، والشهادة فى معاقد القمط فى الحيطان وما أشه ذلك. ومن هذا المعنى شهادة أمة محمد صلى الله عليه وسلم يوم القيامة لنبيين على أممهم بالبلاغ، وشهادة المؤمن بأن الله وحده لا شريك له، وأنه حى عالم قادر إلى غير ذلك، من الصفات التى هو عليها لعلمه بذلك من جهة النظر والاستدلال وهذا باب واسع وانتهى. القرافى أثر الكلام السابق: قال صاحب القبس: ما اتسع أحد فى شهادة السماع اتساع المالكية فى مواطن كثيرة، الحاضر منها على الخاطر خمسة وعشرون موضعا. الأحباس، الملك المتقادم، الولاء، النسب، الموت، الولاية، العزل، العدالة، الجرحة، منع سحنون ذلك فيها قال علماؤنا: وذلك إذا لم يدرك زمان المجروح والمعدل فإن أدرك فلابد من العلم. الإسلام، الكفر، الحمل، الولاية، الرشد، السفه، الصدقة، الهبة، البيع فى حالة التقادم، الرضاع، النكاح، الطلاق، الضرر، الوصاية، إباق العبد، الحرابة وزاد بعضهم البنوة، الإخوة. وزاد العبدى الحرية، القسامة، فهذه مواطن رأى الأصحاب فيجوز تحمل الشهادة بالظن الغالب، هذا ما يتعلق بكلام المؤلف من كلام القرافي.

وزاد المؤلف على ما ذكره القرافى عن ابن العربى: الأسر، والملاء، والعدم، وهو مراد المؤلف بالتفليس، واللوث، والجرح، والإقرار، وتنفيذ الإيصاء والعتق، والتصرف، والنيابة والإرث، والخلع يتضمنه كلام ابن العربى لأنه داخل فى الطلاق/ 181 - أأما الثلاثة الأولى فزادها ابن هارون وأما اللوث فظاهر كلام المؤلف أنه مغاير للقسامة وليس كذلك بل من عبر بالقاسمة فمراده اللوث وعبر عنه بالقسامة، لأنها مسببة عنه، ولهذا يعبر بعضهم بالقسامة وبعضهم باللوث ولا يجمعون بينهما. اللخمى: ومما تثبت به القسامة السماع المستفيض مثل لو أن رجلا عدا على رجل فى سوق علانية مثل سوق الأحد وشبهه من كثرة الناق فقطع كل من حضر عليه الشهادة قال: فرأى من أرضى من أهل العلم أن هذا إذا كثر هكذا وتظاهر أنه بمنزلة اللوث انتهى. وأما العتق فقال الشيخ ابن عرفة الأكثر لم ينص عليه بعينه فيها وهو عندى لاكتفائهم بذكر الولاء عنه ثبت ثبت العتق ومهما ثبت العتق الولاء ومهما انتفى أحدهما انتفى الآخر، ومهما ثبت أحد المتساويين ثبت الآخر. وقال المازرى: ضبط عبد الوهاب ما تجوز فيه شهادة السماع بما لا ينقل ولا ينتقل وقبله هو والباجى منه ثم قال المازرى: اختلف الناس فى العتق منهم من لم يثبته بها ومنهم من أثبته بها وهو الحق. ونحوه قول ابن عبد السلام: منهم من ألحق العتق بما يثبت بالسماع، وأما التصرف فظاهر كلام المؤلف أنه مغاير للإنفاق والنيابة وأن كلا منهما مقصود الشهادة بالذات. وفى الكافى: جائز أن يشهد أنه لم يزل يسمع أن فلانا كان فى ولاية فلان، يتولى النظر له والإنفاق عليه بإيصاء أبيه إليه وتقديم قاض عليه وإن لم يشهده أبوه ولا القاضى بالتقديم، ولكنه علم ذلك بالاستفاضة من العدول وغيرهم، ويصح بذلك تسفيهه إذا شهد معه غيره بمثل شهادته، وفيها بين أصحابنا اختلاف انتهى.

ونظمه الشيخ ابن عرفة فقال: وقد زادنا الكافى سماع تصرف ... وإنفاق ذى إيصاء أو ذى نيابة [ش] هادة ظن بالسماع مقالتى ... لما عد متيطهم فى النهاية/ 181 ب فوقف قديم مثله البيع والولا ... وموت وارث والقضاء كالعدالة وجرح وإنكاح وكفر وضده ... ورشد وتسفيه وعزل ولاية وإضرر زوج والرضاع وفى النسب ... نفاس حكى اللخمى لوث قسامة وإذا تأملت نص الكافى المتقدم ظهر لك أن مقصود الشهادة بالذات إنما هو تصحيح تقديم الحاكم، وإيصاء الأب وأن التصرف والإنفاق دليلان عليهما خلاف ظاهر كلام المؤلف، ونظم ابن عرفة، وأما الإرث فقد ذكره المتيطى. ابن عرفة: المتيطى: قال ابن الهندى فى نسخته الكبرى: غمز بعض أهل عصرنا شهادة السماع على الضرر، واختار الشهادة على معرفة الضرر وقد غمز ابن القاسم هذا الذي اختاره، وكرهه وعلله من جهة القطع على أمر لا يعرف إلا بالاستفاضة والسماع، لأن الشهود لا يسكنون مع الزوجين وإنما هو عندهم بلاغ فترك الغامز العقل بما استحسن ابن القاسم وأجاز ما كرهه، ويجب إذا ثبتت المسألة رواية أن لا ترفع إلا برواية أثبت منها، وهذه المسألة من الثمانى عشرة التى تجوز شهادة السماع فيها. منها: الأحباس المتقادمة، والأشربة المتقادمة، والناكح والأنساب، والولاء، والميراث، والموت، وولاية القاضى، وعزلته، والعدالة والتجريح، والإسلام، والكفر بالله، والولادة، والرضاع، والترشيد، والتسفيه، وفى بعض هذا نزاع صح منه، وأما الجرح والإقرار فقد ذكرها الشيخ أبو عبد الله بن مرزوق.

وأما تنفيذ [الإيصاء ففى مفيد الحكام لابن هشام أفتى ابن زرب فى وصى قامت له بينة على تنفيذ] وصية أسندت إليه بالسماع من أهل العدل وغيرهم من الثقات أنها جائزة. والمفهوم من الوصية المذكورة فى كلام المؤلف أنها الوصية بالمال. قال شيخ شيوخنا أبو عبد الله محمد بن غازى: ولم أر من صرح بالوصايا بالمال وإنما ذكر ابن العربى والقرافى والغرناطى لفظ الوصية غير مفسر، فالظاهر أنهم قصدوا ما فى/ 182 - أالكافى من الإيصاء بالنظر، وبذلك فسر صاحب التوضيح الوصية فى لفظ ابن العربى بعنى فى تذييل النظم الذى أوله: أيا سائلى عما ينفذ حكمه ... ويثبت سمعا علم بأصله وبعضهم ينسب الأصل لابن رشد والتذييل لولده.

وظاهر كلام صاحب القبس أنه لا يشترط التقادم إلا فى الملك والعدالة والجرحة والبيع وليس الأمر كذلك. وظاهر مختصر ابن الحاجب وخليل اشتراطه فى مطلق السماع فحمل ابن عبد السلام كلام ابن الحاجب على ظاهر إطلاقه. وقال ابن هارون: ليس هذا على إطلاقه انما هو فى الملك والوقف، والصدقة والأشربة القديمة، والنكاح، والولاء، والنسب، لحيازة حميع ذلك يشترط فيه طول الزمان، وأما فى الموت فيشترط فيه تنائى البلدان تقادم الزمان. ابن عرفة: مقتضى الروايات والأقوال أن شهادة السماع القاصرة عن شهادة البت فى القطع بالمشهود به، يشترط فيها كون المشهود بحيث لا يدرك بالقطع والبت به عادة وإن أمكن عادة البت به لم تجز فيه شهادة السماع، وهو مقتضى قول الباجى أما الموت فيشهد فيه على السماع فيما بعد من البلاد، وأما ما قرب أو ببلد الموت فإنما هى شهادة بالبت، وقد شاهدت شيخنا القاضى ابن عبد السلام، وقد طلب منه بتونس بعض أهلنا إثبات وفاة صهر له مات ببرقة قابلا من الحج فأذن له فأتاه بوثيقة بشهادة شهود على سماع لوفاته على ما يجب كتبه فى شهادة السماع وكان ذلك بعد مدة يتصور فيها بت العلم بوفاته والقطه بها وأظن أن ذلك كان منذ نحو من ثمانية أعوام، فرد ذلك ولم يقبله، لحوق الريبة فيها يبطلها. انتهى. القاضى أبو عبد الله بن الحاج: صفة جواز شهادة السماع فى النكاح أن

تكون المرأة تحت حجاب الزوج فيحتاج إلى إثبات الزوجية بالسماع المستفيض، فيحكم له/ 182 - ب بالميراث فلو لم تكن المرأة فى عصمة لأحد بزوجية فأثبت رجل أنها زوجته تزوجها بالسماع لم يستوجب البناء عليها، بشهادة السماع لأن شهادة السماع إنما تنفع مع الحيازة للمرأة وهذا لم يجزها إليه. انتهى. قلت: وهذا بناء على أنه لا يستخرج بشهادة السماع من يد حائز وهو المشهور ولم يحك المازرى غيره. ابن زرقون وغيره عن محمد: لا تجوز شهادة السماع إلا لمن كان الشئ بيده ولا يستخرج بها من يد حائز. ولابن حبيب عن الأخوين وابن القاسم ما يقتضى أنه يستخرج بها من اليد. المازرى: لو كان المتنازع فيه عفوا من الأرض ليس بيد أحد لكان المذهب على قولين في تمكينها، امن قام فيها بشهادة سماع. ومدرك بفتح الميم والراء مكان دركه أى العلم، ومراده بالعقل قوته، من ضرورته وبمستدل نظره، وهو اسم مصدر بمعنى الاستدلال ففتح داله وهو ما عدا العلوم الحسية، وبالنقل التواتر، فإنه يفيد العلم. ابن الحاجب: وأما السماع المفيد للعلم فقال ابن القاسم: هو مرتفع عن شهادة السماع مثل أن نافعا مولى ابن عمر وأن عبد الرحمن بن القاسم [وإن لم يعلم لذلك أصلا قيل له: أيشهد أنك ابن القاسم] من لا يعرف أباك، ولا يعرف أنك ابنه إلا بالسماع؟ قال: نعم، يقطع بها ويثبت النسب.

ولم يجعل ابن الرشد القفصى هذين من التواتير بل جعلهما من الاستفاضة وبعدها التواتر فقسم شهادة السماع إلى ثلاثة أقسام تواتر ةاستفاضة وظن، فانظر لفظه فى تبصرة ابن فرحون وقد نص غير واحد أن المثالين المذكورين من التواتر المفيد للقطع واليقين. قوله: ((قد يكتفى بالظن)) أى كالشهادة بالإعسار وحصر الورثة أو التعديل أو أنه لم يقدن فلى أثناء غيبته فى المشترط لها أنه غاب عنها أكثر من ستة أشهر مثلا فأمرها بيدها أو أنه غاب ولم يترك لزوجه نفقة، وكالشهادة فى الاستحقاق أنه ما باع ولا وهب ولا فوت بوجه، ونحو ذلك مما يتعذر فيه القطع أو/ 183 - أيتعسر ولهذا يستظهر فى هذا النوع باليمين وإن كانت للطالب بينة إلا فى استحقاق الأصول على المشهور فى ذلك. ابن الحاجب: فإن شهد بإعساره حلف وأنظر. خليل: هذه من المسائل التى يحلف فيها المدعى مع بينته كدعوى المرأة على زوجها الغائب النفقة، والقضاء على الغائب وضبطه كل بينة شهدت بظاهر فيستظهر بيمين الطالب على باطن الأمر صح من التوضيح. وقول ابن الحاجب: لا يحلف مع كمال البينة إلا أن يدعى عليه طرو ما يبريه من إبراء أو بيع. يعنى فى البينة تشهد بالقطع يؤخذ من لفظ الكمال فيكون كمالها باعتبار النصاب والقطع، ومن الشهادة شهادة السماع. ابن عرفة: وشهادة السماع لقب لما يصرح الشاهد فيه بإسناد شهادته لسماع من

غير معين فتخرج شهادات البت، والنقل من مختصره. أبو إسحاق ابن فرحون: الباب الأربعون فى القضاء بغلبة الظن: واعلم أن الشرع لم يعتبر مطلق الظن فى غالب المسائل، وإنما يعتبر ظنونا مقيدة مستفادة من إمارات مخصوصة، وذلم فيما لا سبيل فيه إلى القطع كالشهادة ان المديان معسر فإنهم يشهدون على علمهم، وقد يكون الباطن بخلافه فاستظهر باليمين فى ذلك على المشهود له، فبقيام البينة على ذلك مع يمينه أستحق حكم العدم ويقطع عنه الطلب ما دام على تلك الحالة. مسألة: وكانت الشهادة لامرأة غاب زوجها وتركها بغير نفقة، لأن الشهادة فيه على العلم دون البت فإذا قامت بذلك عند الحاكم وشهد لها الشهود استظهر عليها باليمين على صحة ما شهدت به الشهود لها، فبقلرفة اليمين للشهادة وجب لها الحكم بذلك. مسألة: وكذلك الشهادة على الشئ المستحق، وفى هذا النوع خلاف وتفرقة بين أنواع المستحقات، وقد تقدم بيان ذلك فى القضاء بشاهدين ويمين القضاء. مسألة: من ذلك الشهادة على عدة/ 183 - ب الورثة لابد أن يقولوا: لا نعلم له وارثا غيرهم فى سائر البلاد. وكذلك شهادتهم فى الشئ المستحق، لابد أن يقولوا: لا نعلم أنه باع ولا وهب ولا تصدق ولا خرج من يده بوجه من وجوه انتقالات الأملاك، ولا يشهدون فى الاستحقاق ولا فى عدة الورثة على البت، فلو قالوا: لا وارث له غيرهم أصلا على البت، وقالوا: نشهد أن شيئه لم يبعه، ولا فوته كانت الشهادة زورا، كذا هو في المدونة.

وقال بعض أصحاب مالك إن الشهادة فى ذلك لا تكون إلا على البت وهو ابن الماجشون، وهذا مبسوط فى الفصل الثامن فيما يجب على القاضى التنبيه له فى أداء الشهادة. مسألة: ومن ذلك لو شهد شاهدان أنهما رأيا رجلا خرج مستترا من دار فى حال رثة فاستنكرا ذلك، فدخل العدول من ساعتهم الدار فوجدوا قتيلا يسيل دمه وليس فى الدار أحد فهذه شهادة جائزة يقطع الحكم بها، وإن لم تكن على المعاينة. قال ابن القاسم: وكذلك لو رأى العدول المتهم يجرد المقتول، وإن لم يروه حين أصابه فإن شهادتهم لوث تجب معها القسامة. مسألة: ومن ذلك الشهادة على التعريف فإنها مستندة إلى غلبة الظن. مسألة: قال ابن الحاجب: ويعتمد على القرائن المغلبة للظن فى التعديل والإعسار بالخبرة الباطنة وضرر الزوجين. قال ابن عبد السلام: أجازوا للشاهد هنا أن يعتمد فيما يشهد به على الظن القوى القريب لليقين لأنه هو المقدور على تحصيله، فلو لم يحكم بمقتضاه لزم تعطيل الحكم فى التعديل والإعسار وأما ضرر الزوجين وإن كان يمكن حصول القطع به للشاهد، ولكنه فى غاية الندور والعسر، فيلزم تعطيل الحكم فيه أيضا ولعسر ذلك قال فى الرواية: ومن أين للشهود العلك بذلك. صح من التبصرة. خليل: يعنى أنه يجوز للشاهد فى هذه الصورة أن يعتمد فيما يشهد به على الظن القوى، لأنه المقدور على تحصيله غالبا ولو اشترط العلم تعطلت الأحكام غالبا، وقد/ 184 - أتقدم الكلام على ما يعتمد عليه بالعدل فى التعديل، ويعتمد فى الإعسار على صبره على الجوع ونحوه مما لا يمكن إلا مع الفقر، وضرر الزوجين وان كان يمكن فيه القطع لكونه من

الجيران أو القرائب لكنه نادر. ابن الحاجب: ولا يقبل إلا العارف بوجه التعديل، وهو أن يعرف عدالته بطول المحنة والمعاشرة، لا بالتسامع. وقال سحنون: فى السفر والحضر، قال مالك: وإذا صحبه شهرا فلم يعلم إلا خيرا فلا يزكيه بهذا. الإمام أبو عبد الله المقرى: قاعدة: تقدم المصلحة العامة على المفسدة النادرة ولا يترك لها فمن ثم أقيم مقام العلم بهن فمقتضى الدليل انتفاؤه {ولا تقف} {إن يتبعون} فالظن منتف ما لم يثبته العلم، فيكون هو المقفو المتبع، وإنما يثبته العلم بشرطين: أحدهما: تعذره، أو تعسره. والآخر: دعوى الضرورة، أو الحاجة إلى الظن إلا فى الفقيهات بخلاف مسائل التفصيل وكثير من مباحث الكلام، وقد رسمت لبعض ذلك قاعدة فقلت: لا تقدمن إلا بإذن ودليل، ولا عذر ما لم ينفع ما استطعت، فقد يضر، ثم انظر فلن يضرك جهل ما لم تكلف علمه، وأخاف عليك سوء عاقبة النجوم {وما أشهدتهم} {أشهدوا خلقهم} {قل الروح من أمر ربى} وما ذكر ابن فرحون من أن الشهادة على التعريف مستندة إلى غلبة الظن فهو قول ابن نافع وروايته. والمشهور أنه لا يشترط فيمن عرف من الجميع بلوغ عدده ما يحصل العلم به، بل

ظاهره إن عرف منه اثنان أو واحد أنه لا يكتفى بالتعريف إلا إن يفيد اليقين واستظهر ابن عرفة الأول. فقال: وظاهر قول ابن رشد ولفظ السماع كفى فى ذلك، والأظهر تقييده بما يفيد العلم بكثرة أو قرائن أو الظن القوى. وما ذكر أيضا من أنهم لا يشهدون على البت فى الاستحقاق ولا فى عدة الورثة على المشهور، خلافا لابن الماجشون، ففى شهادة المدونة ما ظاهرة ان شهادتهم على البت باطلة ففيها من تمام شهادتهم أن يقولوا/ 184 - ب وما عسلنا باع ولا وهب ولا خرج عن ملكه بوجه من وجوه الملك، وليس عليه أن يأتى ببينة تشهد على البت أنه ما باع ولا وهب، ولو شهدت البينة بذلك كانت زورا. وبهذا الظاهر قال ابن القاسم. لأنه قال: وإن أبوا أن يقولوا: ما علموه باع ولا وهب ولا تصدق فشادتهم باطلة. وظاهر ما فى كتاب العارية من المدونة أنه ليس بشرط. قال: وإن شهدوا أن الدابة له ولم يقولوا لا أنه باع ولا وهب ولا تصدق حلف على البت كما ذكرنا، ويقضى له. ابن عبد السلام: وقد أكثر الشيوخ هل الكلام فى المدونة متناقض أو لا؟ وهل تقبل شهادة هؤلاء الذين يقطعون بالملك مع إطلاقه عليها الزور، أو يفصل فيهم بين أن يكونوا من العلماء فلا تقبل أو يكونوا من عوام الناس فتقبل، وإلى هذا ذهب الشيخ أبو محمد وأبو عمران، والذى قاله الشيخ أبو إبراهيم وأبو الحسن: إن ما فى الشهادات شرط كمال. أبو الحسن: إلا أن تكون الشهادة على ميت فذلك شرط صحة. القرافى: فى الفرق السادس والعشرين والمائتين: اعلم أن قول العلماء إن الشهادة لا تجوز إلا بالعلم ليس على ظاهره، فإن ظاهره يقتضى أنه لا يجوز أن يؤدى الشهادة إلا ما هو

قاطع به وليس كذلك [بل حالة الأداء دائما عند الشاهد] الظن الضعيف فى كثير من الصور بل المراد بذلك أن يكون أصل المدرك علمًا فقط فإن شهد بقبض الدين جاز أن يكون الذى عليه قد دفعه فتجوز عليه بالاستصحاب الذى لا يفيد إلا الظن الضعيف، وكذلك الثمن فى المبيع مع احتمال دفعه ويشهد فى الملك الموروث لوارثه مع جواز بيعه بعد إن ورثه، ويشهد بالإجازة ولزوم الأجرة مع جواز الإقالة بعد ذلك بناء على الاستصحاب، والحاصل فى هذه الصورة وشبهها إنما هو الظن الضعيف، ولا يكاد يوجد ما بقى فيه العلم على حاله من ذلك الشهادة بالإقرار فإنه إخبار عن وقوع النطق فى الزمن الماضى/ 185 - أوذلك لا يرتفع. ومن ذلك الوقف إذا حكم به حاكم، أما إذا لم يحكم به حاكم فإن الشهادة إنما فيها الظن فقط. فإذا شهد بأن هذه الدار وقف احتمل أن يكون حاكم حنفى حكم بنقيضه انتهى. الإمام أبو القاسم بن الشاط: ما قاله أن الشاهد فى أكثر الشهادات لا يشهد إلا بالظن الضعيف غير صحيح وإنما يشهد بأن زيدا ورث الموضع الفلانى مثلا أو اشتراه جازما لا ظانا بذلك، واحتمال كونه باع الموضع لا تتعرض له شهادة الشاهد بالجزم لا فى نفيه ولا فى إثباته، ولكن تتعرض له بنفى العلم ببيعه أو خروجه عن ملكه على الجملة، فما توهم أنه مضمن الشهادة ليس كما توهم فهذا التنبيه غير صحيح والله تعالى أعلم انتهى. ابن عرفة: فى شرط شهادة غير السماع بقطع الشاهد بالعلم بالمشهود فيه مطلقا وصحتها بالظن فيما يعسر العلم به عادة طريقان: الأولى: للمقدمات: لا تصح شهادة بشئ إلا بعلمه والقطع بمعرفته لا بما يغلب على

الظن معرفته قال: والعلم يحصل بمجرد العقل فقط منه ضرورى كعلم الإنسان حال نفسه من صحته وسقمه، وإيمانه، وكفره، ويصح بذلك شهادته على نفسه، وبالعقل مع إحدى الحواس الخمس السمع والبصر والشم والذوق واللمس. والثالث: الخبر المتواتر ومنه نظرى كشهادة خزيمة بن ثابت له رضي الله عنه أنه اشترى الفرس من الأعرابى ولم يحضر شراءه مستندا فى ذلك للدليل الظاهر والبرهان القاطع. فإن قلت: جملة شهادة خزيمة على هذا الاعتبار وجعلها مثولا لأصل عام خلاف قول الأصوليين أنها خاصة لا يقاس عليها حسبما ذكرى الآمدى وابن الحاجب فى شروط الأصل فى القياس. قلت: جعل الأصوليين كونها خاصة هو من حيث الحكم لها بشهادة شاهدين لا من حيث الحكم لها بأنها شهادة شرعية. قال: وكذا الشهادة بما علم من الأخبار المتواترة جائزة الولاء والنسب والموت وولاية القاضى وعزله/ 185 - ب وضرر الزوجين وشبهه إذا حصل العلم بهذه الأمور والقطع بها. الثانية: للمازرى قال فى قبول الشاهد بزوجية رجل امرأة برؤيته حوزه إياها حوز الأزواج زوجاتهم وإن لم يولد حين التزويج هذا نوع خارج عن شهادة السماع وإنما يطلب فيه الظن القوى المزاحم للعلم اليقينى بقرائن الأحوال كالشهادة بالنفقير فإن الشاهد يشهد له ولا يقطع على صحة ما شهد به بجواز أن يكون له مال أخفاه، لكن إذا بدت قرائن الفقر من الفقر والإعسار والصبر على مضض الجوع، وإدراك ذلك بالمخالطة صح التعويل عليه فى الشهادة بقرائن الأحوال وعلى هذه الطريقة قال ابن الحاجب تبعا لابن شاس: ويعتمد على القرائن

المغلبة للظن فى التعديل والإعسار وضرر الزوجين. قلت: وهذا الظن الناشئ عن القرائن إنما هو كاف فى جزم الشاهد بما به يشهد على وجه البت، ولو صرح فى أداء شهادته بالظن لم تقبل إلا بما تقدم فى التعديل من قوله أراه عدلا، ولعله مراد ابن رشد فتتفق الطريقان. قوله: ((والسمع)) يحتمل أن يخفض بالعطف على الظن عطف خاص على عام توطئة لذكر مواطن شهادة السماع، وهذا هو الموافق لقول ابن العربى السابق وقد يجوز بالظن والسماع، ونقل على هذه جملة حالية أى حال كونه منقولا عن أهل المذهب فى مواطن بينا بقوله: عزل- إلى آخره- فعزل مبتدأ، والخبر تصح بالسماع ويحتمل أن يكون عزل نائب عن فاعل والجملة مستأنفة أى نقل فى شهادة السماع عزل- إلى آخره- وتصح بالسماع على هذا تأكيد لما قبله ويحتمل أن يرفع مبتدأ ونقل خبره، وضبطه المؤلف بالوجهين، وجرح الأول بفتح الجيم وهو التجريح ضد العدالة، والأخير بالضم جرح الدم، وضمير ضدها عائد إلى الخمسة التى هى العزل والجرح والسفه والكقر والنكاح، وأضدادها هى: الولاية والعدالة والرشد والإيمان والطلاق بلا عوض لأنه ذكر/ 186 - أالخلع بعد ويدخل تحت قوله: ((كهبة)) الصدقة أى وكهبة والقسم بفتح القاف قسمة المال بين الشريكين وجلا: نعت لإقرار وهو بمعنى ظهر. [ص] 387 - واللفظ فى الأداء إنشاء بما ... ضارع فى العقود ماض علما 388 - كالعتق والطلاق واسم من فعل ... زيد لدين وعلى العرف العمل [ش] القرافى: فى الفرق السابع والعشرين والمائتين بين قاعدة اللفظ الذى يصح أداء الشهادة به وبين قاعدة ما لا يصح أداؤها بع: اعلم أن أداء الشهادة لا يصح بالخبر ألبتة فلة قال الشاهد للحاكم: أنا أخبرك أيها القاضى بأن لزيد عند عمرو دينارا عن يقين منى وعلم بذلك لم تكن هذه شهادة بل هذا وعد من الشاهد للقاضى أنه سيخبره بذلك عن يقين، فلا يجوز اعتماد القاضى على هذا الوعد، ولو قال له: قد أخبرتك أيها القاضى بكذا، كان كذبا،

لأن مقتضاه تقدم الإخبار منه ولم يقع، والاعتماد على الكذب لا يجوز فالمستقبل وعد، والماضى كذب، وكذلك اسم الفاعل المقتضى للحال كقولك أنما مخبرك أيها القاضى بكذا فإنه إخبار عن اتصافه بالخبر للقاضى، وذلك لم يقع فى الحال وإنما وقع الإخبار عن هذا الخبر فظهر أن الخبر كيف تصرف لا يجوز للحاكم الاعتماد عليه، وكذلك إذا قال الحاكم للشاهد: بأى شئ تشهد؟ قال: حضرت عند فلان فسمعته يقر بكذا وأشهدنى على نفسه بكذا وشهدت بينهما بصدور البيع أو غير ذلك من العقود، ولا يكون هذا أداء شهادة، ولا يجوز للحاكم الاعتماد عليه بسبب أن هذا مخبر عن أمر تقدم فيحتمل أن يكون قد اطلع بعد ذلك على ما منع من الشهادة به من فسخ أو إقالة أو حدوث ريبة للشهادة تمنع الاداء فلا يجوز لأجل هذه الاحتمالات الاعتماد على شئ من ذلك إذا صدر من هذا الشاهد، فالخبر كيف تقلب لا يجوز الاعتماد عليه بل لابد من إنشاء الإخبار عن الواقعة المشهود/ 186 - ب بها، والإنشاء ليس بخبر ولذلك لا يحتمل التصديق والتكذيب وقد تقدم الفرق بين البابين، فإذا قال الشاهد: أشهد عندك أيها القاضى بكذا كان إنشاء، ولو قال: شهدت لم يكن إنشاء عكسه فى البيع، فلو قال: أبيعك لم يكن إنشاء للبيع بل إخبار لا ينعقد به البيع بل وعد بالبيع فى المستقبل، ولو قال: بعتك كان إنشاء للبيع، فالإنشاء فى الشهادة بالمضارع وفى العقود بالماضى وفى الطلاق والعتاق بالماضى، ولم الفاعل نحو أنت طالق، وأنت حر. ولم يقع الإنشاء فى البيع والشهادة باسم الفاعل فلو قال: أنا شاهد عندك بكذا، أو أنا بائعك بكذا لم يكن إنشاء وسبب الفرق بين هذه المواطن الوضع العرفى فما وضعه أهل العرف للإنشاء كان إنشاء وما لا فلا، فاتفق أنهم وضعوا للإنشاء الماضى فى العقود والمضارع فى الشهادة والماضى واسم الفاعل فى الطلاق والعتاق فلما كانت هذه الألفاظ موضوعة للإنشاء فى هذه الأبواب صح من الحاكم اعتماده على المضارع فى الشهادة لأنه موضوع له

[ص] ريح فيه الاعتماد على الصريح هو الأصل ولا يجوز الاعتماد على غير الصريح لعدم تعين المراد منه فإن اتفق أن العوائد تغيرت وصار الماضى موضوعا لإنشاء الشهادة والمضارع لإنشاء العقوج جز للحاكم الاعتماد على ما صار موضوعا للإنشاء، ولا يجوز له الاعتماد على العرف فتلخص لك أن الفرق بين هذه الإلفاظ ناشئ من العوائد وتابع لها، وإنه ينقلب وينفسخ بتغيرها وانتقالها، فلا يبقى بعد ذلك خفاء فى الفرق بين قاعدة ما تؤدى به الشهادة وقاعدة ما لا يصح به أداء الشهادة انتهى. وقد تعقب عليه الإمام أبو القاسم بن الشاط كثيرا من هذا الكلام فقال على الترجمة: هذا الفرق ليس بجار على مذهب مالك رضي الله عنه- فإنه لا يشترط معينات الالفاظ فى العقوج ولا فى غيرها/ 187 - أوإنما ذلك مذهب الشافعى. وقال على قوله: اعلم أن الشهادة لا تصح بالخبر ألبتة. قد تقدم له فى أول فرق من الكتاب حكاية عن الإمام المازرى أن الرواية والشهادة خبران ولم ينكر ذلك ولا رده بل جرى فى مساق كلامه على قبول ذلك وصحته. وقال على قوله: فلو قال الشاهد للقاضى أنا أخبرك أيها القاضى- إلى قوله-: ولم تكن هذه شهادة، ذلك لقرينه قوله أخبرك وبم يقل أشهد عندك. وقال على قوله: بل هذا وعد من الشاهد للقاضى بأنه سيخبره بذلك عن يقين فلا يجوز اعتماد القاضى على هذا الوعد، ومن أين يتعين أنه وعد وأنه إنشاء إخبار فيكون شهادة إذ الشهادة خبر لا سيما إن كان هنالك قرينة تقتضى ذلك من حضور مطالب وشبه ذلك، فما قاله فى ذلك غير صحيح.

وقال على قوله: ولو قال: أخبرتك أيها القاضى بكذا كان كاذبا- إلى قوله: فالمستقبل وعد ولاماضى كذب، إن كان لم يكن تقدم منه إخبار فذلك كذب كما قال. وقال على قوله: وكذلك اسم الفاعل المقتضى للحال كقولك: أنا مخبرك أيها القاضى بذلك فلأنه إخبار عن اتصافه بالخبر للقاضى وذلك لم يقع فى الحال إنما وقع الإخبار عن هذا الخبر، هذا كلام من لم يفهم مقتضى الكلام، ةكيف لا يكون من يقول للقاضى أنا مخبرك بأن لزيد عند عمرو دينارا [مخبرا للقاضى بأن لزيد عند عمرو دينارا] بل مخبره بأنه مخبره، وهل العبارة عن إخباره عن الخبر إلا تلك وأنا مخبرك بأنى مخبرك، لا أنا مخبرك بكذا، هذا كله تخليط لا يفوه به من يفهم شيئا من مضمنات الألفاظ، وقال على قوله فظهر أن الخبر كيف تصرف لا يجوز للحاكم الاعتماد عليه، لم يظهر ما قاله [إذا قال الحاكم] بوجه ولا حال. وقال على قوله: وكذلك [إذا قال الحاكم] للشاهد بأى شئ تشهد؟ قال حضرت عند فلان- إلى قوله-: فالخبر كيف تقلب لا يجوز الاعتماد عليه إذا م يكن قول الشاهد حضرت عند فلان فسمعته يقر بكذا أو يشهدنى على نفسه بكذا بعد قول القاضى له: بأى شئ تشهد شهادة، فلا أدرى بأى لفظ يؤدى الشهادة، وما هذا إلا تخليط وسواس/ 187 - ب لا يصح منه شئ ألبتة. وقال على قوله: بل لابد من إنشاء الإخبار عن الواقعة المشهود بها، يا للعجب وهل إنشاء الأخبار إلا الإخبار بعينه.

وقال على قوله: والإنشاء ليس بخبر إلى قوله- وقد تقدم الفرق بين البابين من هنا دخل الوهم عليه، وهو أنه أطلق لفظ الإنشاء على جميع الكلام، ومن جملته الخبر، وأطلق لفظ الإنشاء على قسيم الخبر، ثم تخيل أنه أطلقها بمعنى واحد فحكم بأن الإنشاء لا يدخله التصديق والتكذيب، وما قاله من أنه لا يدخله ذلك صحيح فى الإنشاء الذى هو قسيم الخبر. وقال على قوله: فإذا قال الشاهد: أشهد عندك أيها القاضى بكذا كان إنشاء وما المانع من أن يكون وعد بأنه يشهد عنه، لا اعلم لذلك مانعا إلا التحكم بالفرق بين لفظ الخبر ولفظ الشهادة وهذا كله تخليط فاحش. وقال على قوله: ولو قال: شهدت لم يكن إنشاء- إلى قوله- عكسه فى البيع لو قال أبيعك لم يكن إنشاء [- إلى قوله- ولو قال: أنا شاهج عندك بكذا أو أنا أبيعك بكذا لم يكن إنشاء] لقد كلف هذا الرجل نفسه شططا وألزمها مالا يلزمها كيف وهو مالكى والمالكية يجيزون العقوج بغير لفظ أصلا فضلا عن لفظ معين وإنما يحتاج إلى ذلك الشافعية حيث يشترطون معيِّنات الألفاظ. وقال على قوله: وسبب الفرق بين هذه المواطن الوضع العرفى، ما قاله فى ذلك كله مبنى على مذهب الشافعى وهو مسلم وصحيح إلا قوله: إن أداء الشهادة بالإنشاء لا بالخبر، فإنه قد تقدم أن الشهادة خبر وهو الصحيح وقد تقدم التنبيه على الموضع الذى أدخل عليه الوهم والغلط انتهى. وقد اعترض كلام القرافى أيضا الشيخ أبو إسحاق بن فرحون فى التبصرة محتجا بكلام شمس الدين بن قيم الجوزية وغيره فقال:

وهذا الذي ذكر القرافي هو مذهب الشافعية ولم أره لواحد من المالكية ونقل شمس الدين بن قيم الجوزية الحنبلي الدمشقي: أن مذهب مالك وأبى حنيفة وظاهر كلام أحمد بن حنبل: أنه لا/ 188 - أيشترط في صحة الشهادة لفظ شهد بل متى قال الشاهد: رأيت كذا وكذا أو سمعت ونحو ذلك كانت شهادة منه وليس في كتاب الله تعالى في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم موضع واحد يدل علي اشتراط لفظ الشهادة، ولا ورد ذلك عن أحد من الصحابة، ولا في القياس والاستنباط ما يقتضى ذلك، بل الأدلة المتضافرة من الكتاب والسنة وأقوال الصحابة وأقوال العرب تنفى ذلك. قال الله تعالى: {قل هلم شهداءكم} الآية. ومعلوم أنه ليس المراد التلفظ بلفظ أشهد في هذا المحل، بل مجرد الإخبار بتحريمه وقال تعالي: {لكن الله يشهد} ولا يتوقف ذلك على أن يقول سبحانه أشهد وكذلك قوله تعالى: {شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولوا العلم} وقال الله تعالى: والله يشهد إنهم لكاذبون؟ وقال تعالى: {ولا يملك الذين يدعون من دونه الشفاعة إلا من شهد بالحق} أي أخبر به وتكلم به عن علم. وقال تعالى: {وشهد شاهد من أهلها} الآية. وقال تعالى: {يا أيها الذين ءامنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم} والمقر على نفسه لا يقر أشهد، وسمي ذلك شهادة ولا تفتقر صحة الإسلام إلى أن يقول الداخل في الإسلام أشهد أن لا إله إلا الله، بل لو قال

لا إله إلا الله محمد رسول الله كفي وقال تعالى: {واجتنبوا قول الزور}. [وقال عليه السلام: "عدلت شهادة الزور الإشراك بالله"] وقال عليه السلام: "ألا أنبئكم بأكبر الكبائر الشرك بالله وقتل النفس التي حرم الله وقول الزور وشهادة الزور" فسمي قول الزور شهادة. قال ابن عباس: شهد عندي رجال مرضيون وأرضاهم عندى عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "نهي عن الصلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس، وبعد الصبح حتى تطلع الشمس". ومعلوم أن عمر بن الخطاب لم يقل لابن عباس: أشهد عندك. ولكن أخبره فسمى ذلك شهادة فاشتراط لفظ الشهادة لا أصل له في الكتاب ولا في السنة ولا في عمل سلف الصالحين، انتهي ما ذكره ابن قيم الجوزية ونسبه إلى مذهب/ 188 - ب مالك. تنبيه: ويؤيد ما نقله ابن قيم الجوزية عن مذهبنا ما ذكره ابن بطال في المقنع عن أصبغ قال: لقد حضرت ابن وهب ومن معه من الفقهاء عند القاضي العمري فكان كاتب القاضي يقرأ على القاضي شهادة الشاهد بمحضر الشاهد ثم يقول للشاهد أهذه شهادتك؟ فإذا قال: نعم قبل ذلك منه. فقوله نعم ليس هو إنشاء للشهادة، وقد اكتفي به الشاهد.

وفي رسالة القضاء والأحكام فيما يتردد بين المتخاصمين عند الحكام قال: فإذا فرغ الكاتب من قراءة الحاضر الذي تقيد فيه الدعوي، والجواب، قال القاضي للمدعي: هذه دعواك؟ فإذا قال نعم. قال لكل واحد من الشهود: هكذا شهدت؟ فإذا قال: نعم. وقع القاضي بخطه في آخره شهد هؤلاء الشهود عندي وإن شاء كتب كذلك كانت الشهادة عندي، فجعل أداء الشهادة بلفظ نعم فقط. وفي الوثائق المجموعة: إن شريحا كان يقول للشاهدين إنما يقضى على هذا المسلم أنتما وأنا متق بكما فاتقيا الله، أتشهدان أن الحق لهذا؟ فإذا قالا: نعم أجاز شهادتهما. وظاهر نصوص المذهب أن ما ذكره القرافي لا يشترط في أداء الشهادة وقبولها وهو منسوب إلى الشافعية فلعله نقله من كلامهم فكثيرا ما ينقل من عباراتهم إذا ظهر له أنها غير مخالفة لقواعد المذهب، وقد فعل ذلك في تصحيح الدعاوي، وله مثل ذلك كثير في باب السياسة من كتاب الذخيرة له نقله من الأحكام السلطانية للماوردي الشافعي ونصوص المذهب مخالفة لما ذكره وقد ذكرت ذلك في قسم السياسة الشرعية. فصل: وللشافعية تفريق في الشهادة بالمصدر واسم المفعول، والشهادة بالصدور، فإذا قال الشهود: نشهد أن هذا وقف أو أن هذا مبيع من فلان أو أن هذه منكوحة فلان، فإن الحاكم يحكم بموجب شهادتهم ويكون ذلك متضمنًا / 189 - أللحكم بصحة الوقف ونحوه. ول شهدوا بالصدور فقالوا مثلا: نشهد بصدور الوقف أو بصدور البيع لم يحكم بموجب شهادتهم لاحتمال تغير تلك العقود كما لو استحق الوقف أو صدرت الإقالة في البيع أو نحو ذلك. قال الشيخ سراج الدين البلقيني في بعض تعاليقه، وهو الذي أشار إليه الشيخ

تقي الدين كما قدمناه عنه قبل هذا فينبغي تأمل ذلك انتهي. وقد تبين من كلام هؤلاء الأئمة عدم جريان ما قاله القرافي على المذهب بل وعدم صحته في نفسه فكان اللائق بالمؤلف أن لا يعتمده في هذا ولا يغتر بكلامه فيه. قوله: "واللفظ في الأداء إنشاء بمضارع، أي بما ضارع الاسم من الأفعال وهو المضارع، فاحترز بالإنشاء مران الخبر وبالمضارع مراني الماضي واسم الفاعل، وقد سبق بيان ذلك. قوله: "في العقود ماض علما" أي اللفظ في العقود إنشاء بلفظ الماضي كبعت وطلقت، وأنكحت وأعتقت، ورضيت. قوله: "كالعتق والطلاق واسم من فعل زيد لزيد" التشبيه إشارة إلى أن اللفظ في العتق والطلاق يكون بالماضي، ويزاد لهما اسم الفاعل فيقعان به كما يقعان بالماضي. قوله:"وعلى العرف العمل، يعنى أي ما تقدم من الفرق مبنى على العرف ولو تغير العرف لانقلب الحكم، وقد مر هذا من كلام القرافي. واعلم أن ما ذكره القرافي وأشار إليه من أن صيغ العقود إنشاء هو الصحيح وقالت الحنفية: هو إخبار على أصل الوضع. قال القرافي بعد أن ذكر ما اتفق على أنه إنشاء، وأما المختلف فيه هل هو إنشاء أو خبر فهي صيغ العقود نحو بعت واشتريت، وأنت حر، وامرأتي طالق ونحو ذلك. قالت الحنفية: إنها إخبارات عن أصلها اللغوي. وقال غيرهم: إنها إنشاءات منقولة عن الخبر إليها احتج هؤلاء بأمور: أحدها: أنها لو كانت أخبارًا لكانت كاذبة، لأنه لم يبع قبل ذلك الوقت ولم يطلق، والكذب لا عبرة به لكنها معتبرة فدل ذلك على أنها ليست أخبار بل/ 189 - ب إنشاء لحصول لوازم الإنشاء فيها من استتباعها لمدلولاتها وغير ذلك من اللوازم. وثانيها: أنها لو كانت أخبار لكانت إما كاذبة ولا عبرة بها، أو صادقة فتكون متوقفة

على تقدم أحكامها وحينئذ إما أن تتوقف عليها أيضا فيلزم الدور أو يطلق امرأته ويعتق عبده، وهو ساكت وذلك خلاف الإجماع ثم استمر في الكلام إلى أن قال: وسادسها: أن الإنشاء هو المتبادر في العرف إلى الفهم فوجب أن يكون منقولا إليه كسائر المنقولات. والجواب: قالت الحنفية: أما الأول: فإنما يلزم أن يكون كذبا إن لو لم يقدر فيها صاحب الشرع تقدم مدلولاتها قبل النطق بها بالزمن الفرد لضرورة تصديق المتكلم لكن الإضمار أولى من النقل لما تقرر في علم الأصول، ولأن جواز الأصل في الكلام مجمع عليه والنقل مختلف فيه والمجمع عليه أولى، ومنه كان المدلول مقدرا قبل الخبر كان الخبر صادقا فلا يلزم الكذب ولا النقل للإنشاء وبقيت إخبارات عن موضوعاتها اللغوية وعملنا بالأصل في عدم النقل وأنتم خالفتموه ثم قال بعد أن ذكر الجواب عن الأمور الخمسة: وأما الوجه السادس: فلا يتأتى الجواب عنه إلا بالمكابرة فإن المبادرة للإنشاء والعدول عن الخبر مدرك لنا بالعقول بالضرورة ولا نجد في أنفسنا أن القائل لامرأته أنت طالق أنه يحسن تصديقه بما ذكروه من التقدير والبحث في هذا المقام يعتمد التناصف في الوجدان فمن لم ينصف يقل ما شاء. وأما الأجوبة المتقدمة عن بقية الوجوه فمتجهة صحيحة، والسادس هو العمدة المحققة والله أعلم.

قال القاضي أبو عبد الله المقري: قاعدة: الأصل في صيغ العقود ونحوها الإخبار ثم غلب الإنشاء. وقالت الحنفية: هي على أصلها، وقدر الشرع ثبوت متعلقها بعد النطق بها قبله بالزمن الفرد فيصدق المتكلم ويثبت الحكم، فقيل: الصرف بالقرينة أولى من التحكم، ولأن التقدير لا يفهم من العرف بخلاف القرينة والقاعدة أن مخالفة الأصل بالمعلوم أولى/ 190 - أمن مخالفته بالمجهول، ومقتضى ذلك الأصل أنه لو شهد شاهد أنه طلق بمكة في رمضان وآخر بمصر في صفر أن تحمل الثانية على الإخبار ما احتملته وهو مذهب المدونة إلا أنه عارضته قاعدة وهي أنه يجب حمل اللفظ على المعاني المتجددة والتأسيس حتى يدل دليل علي التأكيد، لان مقصود الوضع ومقتضاها عدم الضم في الأقوال كما في الأفعال لعدم وجود النصاب فإن قال: أنت طالق، وقلنا: بغلبة الإنشاء فما نوى، وإلا فواحدة، وإن قلنا بالبقاء علي الخير فهو نعت فرد للمرأة فواحدة أبدا، لأنه لا يحتمل العدد انتهي. ولا شك أنها في اللغة إخبار وفي الشرع تستعمل إخبارا، وإنما النزاع فيها إذا قصد بها حدوث الحكم، والصحيح أنها إنشاء. واحتج ابن الحاجب بصدق حد الإنشاء عليها وهو أنها لا تدل علي الحكم بنسبة خارجية فإن بعت لا يدل على بيع آخر غير الذي يقع به، وأيضا فلا يوجد فيه خاصية الإخبار وهو احتمال الصدق والكذب إذ لو حكم عليه بأحدهما كان خطأ قطعًا. وأيضا لو كان خبرا لكان ماضيا للاتفاق على أنه لم يرد عليه ما يغيره إلى غير الإنشاء، وعلى أنه ليس خبرا في معنى الحال. ولأنه لو كان مستقبلا لم يقع كما صرح به. وأما انتفاء اللازم فلأنه لو كان ماضيا لم يقبل التعليق، لأنه توقيف أمر على أمر وإنما يتصور فيما لم يقع بعد لكنه يقبله إجماعًا. وأيضا فإنا نقطع بالفرق بينه خبرا وإنشاء، ولذلك لو قال للرجعية طلقتك، سئل فإن أراد الإخبار لم يقع طلاق آخر، وإن أراد الإنشاء وقع بخلاف البائن فإنه لا يقع وإن أراد الإنشاء

لعدم قبول المحل له فلا يكون للسؤال فائدة. وقد أجاب العضد عن هذه بما يدق ويفتقر إلى فضل تأمل. وما أشار إليه المقري من تلفيق الشهادة في الأقوال كما في الصورة التي ذكر دون الأفعال يتبين بقوله بعد بالقرب. قاعدة: مشهور مذهب مالك تلفيق الشهادة في الأقوال ونفيه في الأفعال، وفي القول والفعل قولان مشهوران/ 190 - ب فمن نظر إلى محصولها لفق، ومن نظر إلى اختلاف الأسباب ومر المواطن لم يلفق، ومن فرق رأى القول إقرارا فهي إخبارات ترجع إلى مقصود واحد والأفعال متباينة لا يتحد مقصودها ولا يجتمع منها فعل واحد فإن كان الأصل قولا وموجب الحكم بالطلاق فعلا كمن حلف أن لا يدخل دار عمرو بن العاص فشهد شاهد أنه دخلها في رمضان وآخر في ذي الحجة فالشهور التلفيق اعتبارا للطلاق انتهي. ويزداد بيانا بكلام القرافي: في الفرق التاسع والستين والمائة بين قاعدة ضم الشهادة في الأقوال وقاعدة عدم الشهادة في الأفعال. البقرى في اختصاره للفروق: القاعدة التاسعة عشرة في ضم الشهادات قال اللخمي: تضم الشهادتان في الأقوال والأفعال أو إحداهما قول والآخر فعل. وقيل: لا تضمان مطلقًا. وقيل: تضمان في الأقوال فقط. وقيل: تضمان إذ كانتا على فعل فإن كانت إحداهما على قول والأخرى على فعل فلا، وهذه كلها لمالك رضي الله عنه. واعتمد الأصحاب في الفرق بين الأقوال والأفعال أن الأقوال يمكن تكررها ويكون الثاني خبرًا عن الأول والأفعال لا يمكن تكررها إلا مع التعدد، وهذا الفرق فيه بحث، وذلك أن الأصل في الاستعمال الإنشاء وتعديد المعاني، بتعدد الاستعمال حتى يدل دليل على التأكيد

ومقتضى هذه القاعدة ضم الأقوال والأفعال لكن عارض هذه القاعدة قاعدة أخرى، وهي: أن أصل قولنا أنت طالق وأنت حر الخبر عن وقوع الطلاق والعتاق قبل زمن النطق وكذلك بعت واشتريت وسائر صيغ العقود وإنما ينصرف لاستجداد هذه المعاني بالقرائن، أو النقل العرفي فيحمل القول الثاني على الإخبار في المرة الثانية مجملا بقاعدة ترجيح الأصل الذي هو الخبر والحمل على الأصل أولى، ولذلك شبه الأصل بما لو أقر بمال في مجالس فإنه لا يتعدد عليه ما أقر به أما لو فرضنا كل واحد من الشاهدين صمم على الإنشاء/ 191 - أفيما سمعه كانت الأقوال كالأفعال وبالجملة من غلب عليه ملاحظة الإنشاء لم يضم في الأقوال ومتى لاحظ الإنشاء ولاحظ الخبر وأنه الأصل ضم في الأقوال، وأما الأفعال فيبين أنه لا يكون الثاني عن الأول ولا يمكن لأنه لا يصح أن يكون خبرا عنه فإن الخبر من خصائص الأقوال فصار مشهودا به آخر، وأما عدم الضم إذا كانت إحداهما قولًا والأخرى فعلًا، فإن الضم إنما يكون في جنس واحد وضم الشيء إلى جنسه أقرب من ضمه للي غير جنسه. تفريغ: قال اللخمي: لو شهد أحد الشهود بالثلاث قبل أمس والثاني باثنتين أمس، والثالث بواحدة اليوم لزم الثلاث لأن ضم الثاني للأول يوجب اثنتين قبل سماع الثالث فلما سمع الثالث ضم لهما فلزمت الثلاث، وكذلك لو شهد الثاني بواحدة والآخر باثنتين، لأن الثاني مع الأول طلقتان فيضم لهما طلقة الآخر. وكذلك لو شهد الأول باثنتين والثاني بثلاث والآخر بواحدة، هذا كله إذا علمت التاريخ، فإن جهلت فيحلف في لزوم الثلاث أو اثنتين، لأن الزائد عليهما من باب الطلاق بالشك. وقال أبو حنيفة: إذا شهد أحدهما بطلقة والآخر بأكثر لم يحكم بشيء لعدم كمال الشهادة فلو شهد أحدهما ببائنة والآخر برجعية صحت الشهادتان، لأن الاختلاف ها هنا إنما هو في الصفة. قال مالك في المدونة: إذا شهد أحدهما أنه قال في رمضان: إن فعلت كذا فامرأتي

طالق، وشهد الآخر أنه قال ذلك في صفر، وشهد عليه أو غيرهما بالفعل بعد صفر طلقت لاتفاقهما علي التعليق والمعلق عليه، كما لو اتفاقا علي المقر به وله، واختلفا في زمن الإقرار. وإن شهدا في مجلس التعليق وشهد أحدهما أنه فعل يوم الجمعة الشرط، والآخر أنه فعله يوم السبت طلقت، لاتفاقهما على التعليق ووقوع الشرط، وكذلك لو نسبا قوله لمكانين، وهذا بناء على أن القول الثاني خبر لا إنشاء فلو صمم كل واحد من/ 191 - ب الشاهدين على الإنشاء لم يكن ضم. قال الإمام أبو القاسم بن الشاط على قوله: واعتماد الأصحاب- إلى قوله- والحمل على الأصل أولى، ما قاله صحيح بناء على ما أصل إلا ما قاله من أن أصل قوله أنت طالق، وأنت حر، الخبر عن وقوع الطلاق والعتاق قبل زمان النطق، فإنه ليس بصحيح فإن الخبر باسم الفاعل المطلق لا يكون إلا للحال. وقال على قوله: ولذلك شبه الأصحاب- إلى قوله- لا يتعدد عليه ما أقر به، إنما لم يتعدد عليه ما أقر به لاحتمال تكرار الإقرار بمال واحد مع أن الأصل براءة الذمة من الزائد، وكذلك ما نحن فيه من قوله عبدي فلان حر ثم كرر ذلك القول فإنه يحمل على أن الثاني خبر عن الأول بناء على ما أصله من أن الأصل الخبر فيكون حينئذ الشاهدان شهدا على شيء واحد، وهو إنشاء العتق في العبد الذي سمي. ثم قال ابن الشاط معترضًا: لا اُدري ما الحامل علي تكلف تقدير كون القول الثاني خبرا عن الأول مع أنه لو تبين بقرينة مقاله أو بقرينة حاله أنه يريد بقوله الثاني تأكيد الإنشاء لعتق ذلك العبد لكملت شهادة الشاهدين بذلك العتق وكذلك لو بين بالقرائن أن القول الأول خبرًا على أنه كان عند عقد عتقه والقول الثاني أيضا كذلك لحصلت شهادة

الشاهدين على إقراره بعتقه (فلا) فرق إذا بين ما إذا كان القولان إنشاء أو كانا خبرًا أو كان أحدهما خبرًا والآخر إنشاء من حيث أن المقصود وهو وقوع عتقه إياه قد حصل على كل تقدير من تلك التقادير، نعم إذا تبين بالقرائن أو احتمل أن القول الثاني تأسيس إنشاء كالأول فها هنا لا يصح ضم الشهادتين المختلفتى التاريخ، لأنه لا يكون على عقد العتق إلا شاهد واحد وهو الأول، وأما الثاني فإنما شهد بما لا يصح عقد العتق به، لأن العتق لا ينعقد فيمن تقدم عتقه. وقال على قوله: أما لو فرضنا كل واحد من الشاهدين صمم على الإنشاء فيما سمعه- إلى قوله- حرفًا حرفًا، لا أحسب/ 192 - أما بني عليه الفرق من كون القول الثاني خبرًا عن الأول صحيحا بل الذي ينبغي أن يكون أصلًا في هذه المسائل سواء كانت قولًا أو فعلًا أم كيف ما كانت أن ينظر إليها فإن قبلت الضم ضمت وإلا فلا ففي القول بمسألة الإقرار بمال كمن يقول في رمضان لفلان عندي دينار فسمعه شاهد، ثم يقول في شوال لفلان عندي دينار فسمعه آخر فلا شك أن هذا الموضع يقبل الضم، فتكمل الشهادة ويقضي عليه بالدينار، وفي الفعل كمن يشرب الخمر في شوال فيشاهده شاهد، ثم يشربها في ذي القعدة، فيشاهده آخر، فلا شك أن هذا الموضوع يقبل الضم، فإن الشاهدين هنا قد اجتمعا على مشاهدتهما إياه يشرب الخمر فتكمل الشهادة فيلزم الحد، أما القول الذي لا يقبل الضم فكما إذا قال: في رمضان عبدي فلان حر على قصد تأسيس الإنشاء لعتقه فشهد عليه بذلك شاهد ثم كرره ثانيًا على قصد تأسيس الإنشاء فشهد عليه بذلك شاهد وتعذر قبول الضم هنا من قبل أن العتق لا يتعدد. وأما الفعل الذي لا يقبل الضم فكما إذا شهد شاهد أنه شاهد زيدًا قتل عمرًا في شوال وشهد آخر أنه شاهد أنه قتله في ذي القعدة، وتعذر قبول الضم هنا من قبل أن القتل لا يتعدد وعلى ما تقرر تشكل المسألة التي نقل عن مالك- رحمه الله- من أنه إذا شهد أحد الشاهدين أنه طلقها بمكة في رمضان وشهد الآخر

أنه طلقها بمصر في صفر طلقت من حيث إن المدة التي بين رمضان وصفر أكثر من مدة العدة فعلى تقدير قصد تأسيس الإنشاء فالقول الثاني لا يتقيد به طلاق، لأنها قد انحلت عصمته عنها قبل هذا التاريخ بمقتضى شهادة الأول، وعلى تقدير قصد الخبر فالقول الثاني يبعد اطلاع الشاهد على هذا القصد لاحتمال القول الثاني قصد تأسيس الإنشاء وقصد تأكيده، وقصد الخبر وترجيح قصد الخبر بأنه الأصل لا يخفي ضعفه والله تعالى أعلم. وما قاله بعد حكاية أقوال لا كلام فيها، وما قاله من الحمل على الخبر فهو بناء على/ 192 - ب أصله. وما قاله فيما إذا شهد بالإنشاء صحيح، والله تعالى أعلم. [ص] 389 - والحد لا يلزم لكن إن شهد ... غير به تمت وإلا فاعتمد 390 - على اليمين وكذا جهل العدد ... بينة أو نسب وقد ورد 391 - الرد فيهما ................................... [ش] القرافي: قال ابن يونس لو شهدوا بالأرض ولم يحدوها، وشهد آخرون بالحد دون الملك. قال مالك: تمت الشهادة وقضى بهم لحصول المقصود من المجموع. قال ابن حبيب: إن شهدت بغصب الأرض ولم يحدوها قيل للمدعى حدد ما غصب منك واحلف عليه. قال مالك: وإن شهدت بالحق وقالت لا تعرف عدده قيل: للمطلوب قر بالحق، واحلف عليه، فيعطيه ولا شيء عليه غيره، فإن جحد قيل للطالب، إن عرفته أحلف عليه وخذه. فإن قال: لا أعرفه أو أعرفه ولا أحلف عليه سجن المطلوب حتى يقر بشيء ويحلف عليه، فإن لم يحلف أخذ المقر به وحبس حتى يحلف، وإن كان الحق في دار حيل بينه وبينها حتى يحلف ولا يحبس لأن الحق في شيء بعينه.

قال الباجي في المنتقى: وعن مالك ترد الشهادة بنسيان العدد وجهله لأنه نقص في الشهادة. قال الباجي: نقصان بعض الشهادة يمنع من أداء ذلك البعض إلا في عقد البيع والنكاح، والهبة، والحبس والإقرار ونحوه مما لا يلزم الشاهد حفظه بل مراعاة الشهادة في آخره وكذلك جميع تسجيلات الحاكم لا يلزم حفظها عند الأداء لأنه يشهد بما علم من تقييد الشهادة انتهي. وقال في النهج الفائق: الباب الرابع عشر في ذكر العقود التي ليس علي الشاهد قراءتها ولا حفظ ما فيها: اعلم أن الشاهد ليس عليه من قراءة العقود التي فيها المقالات إلا عقود الاسترعاءات، وأما ما اشهد عليه من عقود الإقرار، والمبايعات فليس عليه قراءتها ولا حفظ ما فيها وحسبه أن يتصفح منها عقود الإشهاد فيجوز له أن يؤدى شهادته على ما أشهد/ 193 - أفيه ولم يعرف ما في الكتاب ولا عدد المال. وفي البيان قال ابن القاسم: يجوز أن تشهد بما في الكتاب وإن لم تحفظ ما فيه إذا قرئ عليك لأن حفظه متعذر إذا كنت من أهل اليقظة بما في الكتاب إذا قرى عليك، وهذا في الاسترعاء وأما ما أشهد به المتعاملان على أنفسهما فليس عليك أن تقرأه ولا يقرأ عليك وتكفيك أن تذكر أنهما أشهداك على ما في هذا الكتاب، ويستحسن للعالم القراءة لئلا يكون فيه فساد فيزيله. وفي طرر الشيخ أبى إبراهيم: ومن أتى بوثيقة يشهد فيها فلينظر في آخرها فإن

كان فيه شهد عليهما بذلك من عرفها فهي وثيقة استرعاء فلا يشهد حتى ينظر جميعها ويعرف ما فيها، وإلا فلا يشهد، وإن وجد فيها شهد عليهما بذلك من أشهداء به على أنفسهما فليشهد وإن لم يعرف ما فيها لأنه إنما يشهد على ما قالاه. وعن أبى زرب: إذا انعقدت الوثيقة على إشهاد المشهودين لهم بالابتباع والصدقات ونحو ذلك فلا ينبغي أن يؤخذ الشهود بحفظ ما في الوثيقة وحسبهم أن يقولوا: إن شهادتهم الواقعة فيها حق وأنهم يعرفون المشهدين لهم وإذا بنيت الوثيقة على معرفة الشهود كعقود الاسترعاء يشهد المسمون في هذا الكتاب من أشهد أنهم يعرفون كذا وكذا ورأى الحاكم ريبة توجب الاستنابة فينبغي له أن يقول لهم ما تشهدون به فإذا نصوا شهادتهم بألسنتهم على ما في الوثيقة نفذت وإلا ردها وليس في كل موضع ينبغي له أن يفعل هذا بكل الشهود وإنما ينبغي له أن يفعله بمن يخشى عليه الخديعة من الشهود، قال: وربما فعلته. وفي الجزيرية: يجوز للشاهد أن يضع اسمه في وصية مطبوعة وإن لم يعرف ما فيها إذا كان المشهد عدلًا، وكشف له عن قوله شهد إلى التاريخ، وبه قال من التابعين سالم والحسن. وقاله إسماعيل القاضي، وأباه أبو قلابة مخافة أن يكون فيها جور. الرعيني: هل للشاهد آن يضع شهادته في كتاب طبع الشهد عليه، فقيل: بجوازه

مطلقًا، وقيل: بقصره علي الوصية لذا كان الموصي/ 193 - ب عدلًا ويكون انتهاء الختم إلى موضع الإشهاد ليكون الشاهد على يقين من اتصال شهادته بالمشهود فيه ومن تقوية هذه الشهادة أن تستقر بنسخة منها مختومة عند الشاهد، فقد قال مالك: على أي شيء يشهدون لذا لم يكن عند كل واحد نسخة منها. انتهى ما في المنهج. وفي مختصر ابن عرفة عن الباجي: أن ما أشهد فيه من العقود لا يلزمه تصفحه ولا قراءته ولا يتصفح منه إلا موضع التقييد قال: ولذا يشهد الحكام بالسجلات المطولة ولا تقرأ وإذا لم تلزمه قراءاته حين تقيد الشهادة فإن لا يلزمه ذلك حين الأداء أولى. وعن ابن رشد قريبا من هذا قال بعد أن ذكر عنه خلافا في لزوم حفظ الشاهد لشهادة الاسترعاء وتيقنها حرفًا حرفًا: وأما ما أشهد عليه الشاهد من عقود البياعات والإقرارات فليس على الشاهد أن يقرأها ولا يحفظ ما فيها وحسبه أن يتصفح منها عقد الإشهاد، فيجوز له أن يؤدي شهادته على ما أشهد عليه وإن لم يعرف ما في الكتاب ولا عدد المال إذا عرف المشهدين له على أنفسهم. ابن عرفة قوله مع الباجي وغيره: أنه يلزم الشاهد قراءة كل الوثيقة خلاف عمل محققي شيوخنا على لزوم قراءتها خوفا أن يكون في الوثيقة عقد فاسد أو مشروط فيه ما يفسده أو ما ظنه المشهد صحيحًا وهو غير تام كه بته لابنه الصغير دار سكناه ونحو ذلك، أو ما فيه تلبيس على حكام المسلمين. قال بعض من لقيناه: إلا أن يعلم الشاهد بقرائن الأحوال أن ما يشهد به قد أبرمه والتزمه

فلا تلزم قراءتها، لأنه أمر قد وقع فيشهد به لينفذ فيه حكم الله بفسخه وأدب ملبسه. انتهى. وإنما نقلت هذا ليتبين به ما نقله القرافي عن الباجي في المذهب مع ما فيه من زيادة الفائدة. قوله: "والحد لا يلزم لكن إن شهد غير به تمت، أي وتحديد المشهود عليه لا يلزم الشاهد ولا يكون شرطًا في صحة شهادته لكن إن شهد غير بالحد تمت الشهاد/ 194 - أ. قوله: "وإلا فاعتمد على اليمين" أي وان لم يشهد الغير بالحد حدد المطلوب وحلف فإن نكل حدد الطالب وحلف، وكل هذا يشمله قول المؤلف فاعتمد على اليمين. قوله: "وكذا جهل العدد بينة أو نسيت" ارتفع بينة على أنه فاعل المصدر وهو جهل أضيف بالمفعول وكمل بالفاعل ونسيت معطوف على جهل، والمعنى أن البينة إذا شهدت بحق وجهلت عدده، أو نسيت فكما إذا شهدت بالأرض ولم تحد فإن شهد الغير بالعدد تمت الشهادة وإلا فاليمين على ما سبق. قوله: "وقد ورد الرد فيهما" يعني رد الشهادة في الجهل والنسيان بمعنى أنه ورد عن مالك، وهذا إشارة إلى ما نقل الباجي عن مالك في نسيان العدد أو جهله، ويلزم مثله في نسيان الحد، أو جهله. والله تعالى أعلم. [ص] ............... ورد مثبتًا ... أو جامعًا نفيا له كما أتى 392 - في حصر وارث وملك ولتزد ... ألفاظ أخبار على الإنشاء اعتمد [ش] القرافي: في الفرق السابع والعشرين والمائتين: الشهادة قسمان تارة يكون مقصودها مجرد الإثبات فيقتصر عليه نحو أشهد أنه باع ونحوه، وتارة يكون المقصود الجمع بين النفي والإثبات وهو، الحصر فلا بد فيه من التصريح بهما في العبارة. وقال مالك في التهذيب: ولا يكفي أنه ابن للميت حتى يقولوا في حصر الورثة: لا نعلم له وارثًا غيره. وكذلك هذه الدار لأبيه أو جده حتى يقولوا: ولا نعلم خروجها عن ملكه إلى الموت حتى يحكم بالملك في الحال. فإن قالوا هذا وارث من ورثة آخرين أعطى هذا نصيبه وترك الباقي.

فصل في حكم بيع أمهات الأولاد

بيد المدعى عليه حتى يأتي مستحقه، لأن الأصل دوام يده، ولًان الغالب قد يقر له بها. قال سحنون: وقد كان يقول غير هذا. وعن مالك ينزع عن المطلوب لتيقنها لغيره، فإن قالوا: لا نعرف عدد الورثة لم يقض لهذا بشيء لعدم تعينه ولا ينظر إلى تسمية الورثة وتبقي الدار بيد صاحب اليد حتى يثبت عنده/ 194 - ب الورثة لئلا يؤدي لنقض القسمة وتشويش الأحكام. قوله: "ورد مثبتًا أو جامعًا نفيا له" أي ورد الشهادة في حال كونك مثبتًا أو جامعًا نفيا للإثبات. قوله: "كما أتى في حصر وارث ملك" هما مثالان للجمع بين النفي والإثبات وأشار بالملك إلى الاستحقاق كما إذا شهدوا باستحقاق زيد دارا مثلا فيقولون هذه الدار لأبيه أو جده ولا نعلم خروجها عن ملكه إلى أن مات. قوله: "ولترد ألفاظ إخبار على الإنشاء اعتمد، هذا زيادة بيان لقوله واللفظ في الأداء إنشاء. وقد مر ما يتعلق به من كلام القرافي، وبحث ابن الشاط معه رحمه الله عليهما. فصل [ص] 393 - وبيع أم ولد ممنوع ... إلا بست بيعها مسموع 394 - رهن وتفليس قراض شركه ... جناية كوطء من بتركه [ش] الأصل منع بيع أم الولد وأجيز بيعها في ست مسائل ستبين بعد. أبو عمرو بن الحاجب في باب الرهن: ويمنع من الوطء فإن فعل فحملت فالولد ينسب مطلقًا، ثم إن كان غصبًا فكالعتق.

أي فيلزمه تعجيل الدين أو قيمة الأمة، إن كان أقل، إن كان مليًا وإن كان معسرًا بيعت الجارية بعد الوضع. ابن يونس: وحلول الأجل، ولا يباع ولدها لأنه حر نسيب. وإن كانت مخلاة تذهب وتجيء في حوائج المرتهن فوطئها الراهن بغير إذنه فالمشهور أن ينتقض الرهن، لأن كونها مخلاة كالإذن في الوطء، وقيل: كالغصب فتباع دون الولد، واختاره اللخمي، لأن الراهن في كلتا الحالتين ممنوع من الوطء. [ص] احب التوضيح: فائدة: تباع أم الولد هنا يعني في الرهن- وفي خمس مسائل. الأولى: الأمة الجانية إذا وطئها السيد بعد علمه بالجناية وهو عديم فإنها تسلم للمجني عليه. الثانية: الابن يطأ أمة من تركة أبيه وعلي الأب دين يغترق التركة والابن عديم وهو عالم بالدين حالة الوطء. الثالثة: أمة المفلس إذا وقفت للبيع ووطئها وحملت. الرابعة: أمة الشريكين يطأها أحدهما/ 195 - أوهو معسر. الخامسة: إذا وطئ العامل أمة القراض فحملت وكان معسرًا ويمكن أن تجعل هذه المسائل فائدة من وجه آخر، بأن يقال: توجد أمة حامل بحر في ست مسائل. فإن قلت: فهل يتصور عكس هذا بأن يكون العبد في بطن الحرة؟ قيل: نعم وذلك إذا وطئ العباد جارية له وحملت وأعتقها ولم يعلم السيد بعتقه لها حتى أعتقه، فإن عتق المعتق أمته ماض، وتكون حرة، والولد الذي في بطنها رقيق لأنه للسيد.

قال في الجلاب: فلو اعتقها بعد عتقه لم يعتق حتى تضع حملها انتهي. وطرر بعض تلامذة المؤلف على قوله قراض، بقوله: وذلك إن العامل إذا وطئ أمة القراض فإنه إن كان مليا فإنه يؤدى ما ينوب صاحب المال منها، وإلا بيع ما ينوب صاحب المال. وعلى قوله: "شركة" بقوله: مسألة الرسالة في قوله: و"الشريك في الأمة لا يطؤها". قال شيخ شيوخنا الإمام أبو عبد الله محمد بن غازى رحمه الله: وقد أجاد بعض الأذكياء ممن لقيناه إذ نظم النظائر المذكورة في هذا المحل من التوضيح فقال رحمه الله تعالى: تباع عند مالك أم الولد ... للدين في ست مسائل تعد وهي إن أحبل حال علمه ... بمانع الوطء وحال عدمه مفلس موقوفة للغرما ... أو راهن مرهونة ليغرما أو ابن مديان إماء التركة ... أو الشريك أمة للشركة أو عامل القراض فيما حركه ... أو سيد جانية مستهلكه في هذه ستة تحمل الأمة ... حرًا ولا يدرأ عنها ملأمة والعكس جاء في محل فرد ... وهو حمل حرة بعبد في العبد يغشى ماله من معتقه ... وما دري السيد حتى أعتقه فالأم حرة وملك السيد ... يشمل ما في بطنها من ولد قوله: "بيعها مسموع" أي منقول أو مقبول/ 195 - ب. [ص] 395 - تنجيز عتقي في التي قد منعا ... من وطئها مولدها قد سمعا [ش] أي كل أم ولد يحرم علي مولدها وطئها ينجز عتقها على المشهور وهذا لأن

معظم ما بقي للسيد في الأمة إذا أولدها الاستمتاع، والخدمة تابعة له، وكذلك إنما يستخدمها الخدمة اليسيرة التي للزوج في الزوجة، ولا وجود للتابع حال عدم المتبوع، وذلك كمن ملك عمته أو خالته أو غيرهما ممن يحرم عليه ثم أولدها. وكأب وطئ أمة ابنه بعد أن وطئها ابنه وقد استولدها أحدهما فتعتق على الابن إن كان قد استولدها قبل وطء والده والأب قد أتلفها عليه بوطئه، فيغرم قيمتها أم ولد، لأنا لو أعتقناها على الأب كنا ناقلين ولاء أم الولد عمن استولدها. وإن كان الابن وطئها ولم تحمل منه ثم وطئها أبوه وأولدها غرم قيمتها أمة وعتقت عليه. وفي كتاب أمهات الأولاد من المدونة: وإذا قومت على الأب أمة الابن وقد حملت منه وكان الابن قد وطئها عتقت على الأب إذا حرم عليه وطئها وبيعها إلى آخر المسألة. وفي النكاح الثلاث منها: ومن وطء أمة له أو لولده ولم تحمل، وامرأته أم لها حرمت عليه، لأنه ممن لا حد عليه فيها، وهذا مما لا اختلاف فيه، فإن حملت منه الأمة عتقت عليه. وكذلك من ملك ذات محرم فوطئها فحملت منه فإنه لا يحد وتعتق عليه إذ حر عليه ما كان له فيها من المتعة انتهى. وقوله: "وعتقت عليه" يريد إن بني بالأم، وعليه قيمتها للابن. وفي التوضيح: وإذا حملت منه من هي محرمة عليه عتقت عليه. وفي سماع عيسي لا تعتق عليه وتستخدم بالمعروف صح منه. يعني من هي محرمة عليه بنسب لا بعتق أو صهر ورضاع بخلاف النسب الذي يوجب العتق فإن فيه الحد وحينئذ لا يثبت النسب إلا أن يثبت الحد بالإقرار.

الشيخ ابن عرفة: سمع عيسى بن القاسم: كل من وطئ امرأة بملك يمين ممن تحرم عليه بالرضاع من أم أو غيرها وكل من وطئ امرأة بملك يمين ممن تحرم عليه بالنسب ولا تعتق/ 196 - أعليه من عمة أو خالة أو بنت أخت فلا حد عليه في شيء من ذلك، وإن علم أنهن محرمات عليه، لأنه يجوز له بيعهن واستخدامهن إلا أن يحملن فيلحق به الولد ويعجل عتقهن ومن وطئ شيئا منهن عامدا عالما بحرمة ذلك عوقب نكالا وبيعت عليه. وكل من وطئ امرأة بالملك ممن تحرم عليه بالنسب وتعتق عليه بالملك كالبنت والأم والأخت عالما عامدا حد، ولا يلحق به الولد. قال ابن القاسم: إلا أن يعذر بالجهالة فلا يحد ويلحق به الولد. ابن رشد: هذه مسألة صحيحة على ما في المدونة وغيرها لا خلاف في شيء منها إلا في تعجيل عتق من حملت منه منهن، ومن الناس من قال: يستخدمهن ولا يعتقن عليه، وقع ذلك في رسم الفصاحة من سماع عيسي من كتاب الاستبراء. قوله: "تنجيز عتق" مبتدأ، وبه يتعلق في التي والخبر قد سمع، أي قبل أو نقل، ومولدها نائب فاعل منع. [ص] 396 - وكل ولد تابع للًامات ... وفي وصاياها وفي الجنات 397 - ثلاثة لا يتبعون .................................. [ش] الأولاد يتبعون الأمهات إلا ثلاثة، نص على ذلك في كتاب الوصايا الثاني من المدونة، وكتاب الجنايات منها، فاثنان في الوصايا وهما: ولد الموصى بعتقها بعد الوصية وقبل موت الموصى. [وما ولد للموصى بعتقه من أمته قبل موت الموصي] أيضا.

وواحدة في الجنايات وهو: ما ولدته الأمة الجانية بعد الجناية وقبل أن يسلمها سيدها. قال في الوصايا: الثاني: ومن أوصى لرجل برقبة جنانه أو بأمته، أو بعتقها، فأثمر الجنان عاما أو عامين، أو ولدت الأمة [وذلك كله قبل موت الموصى والثلث يحمل الجنان وما أثمر والأمة] وولدها فإن الولد والثمرة للورثة دون الموصى له. وفي الوصايا أيضا: وما ولدت الموصى بعتقها قبل موت سيدها، فهم رقيق وما ولدت بعد موته فهم بمنزلتها يعتق أولادها معها في الثالث أو ما حمل منهم بغير/ 196 - ب قرعة. وفي كتاب التدبير: وما ولدت الموصي بعتقها j ولد للموصي بعتقه من أمته قبل موت سيدهم فهم رقيق، وما ولد لهم بعد موته فبمنزلتهم. وقال في كتاب الجنايات: وإذا ولدت الأمة بعد أن جنت لم يسلم ولدها معها إذ يوم الحكم يستحقها المجني عليه، وقد زايلها الولد قبله ولكن تسلم بمالها وهو قول أشهب في الولد. قوله: "وكل ولد، مبتدأ. وقوله: "تابع للأمات" هو الخبر، وولد بضم الواو وسكون اللام بمعني ولد بفتحهما، وقيل: هو جمع له. وفي التسهيل: وأمهات في الأم من الناس أكثر من أمات وغيرها بالعكس. قوله: "وفي وصاياها رفي الجنات ثلاثة لا يتبعون" أي وفي وصايا المدونة يريد الثاني،

وفي جناية الجنايات منها وثلاثة، مبتدأ، ولا يتبعون نعت له، والخبر الجار والمجرور قبله، ويحتمل أن يكون الخبر لا يتبعون أي ثلاثة أولاد لا يتبعون أمهاتهم ذكر ذلك أو نص عليه في الوصايا، أو الجنايات منها. [ص] ................. فاعتمد ... في كشف شاهد بخمسة شهد 398 - في ردة سرقة ومستحق ... زنى ومولي فليؤد كالفلق [ش] أي يكشف الشاهد عن شهادته في خمسة، الردة والسرقة والاستحقاق والزنا والولاية فأما الزنا والسرقة والردة فكشف الشاهد عن شهادته فيها معروف في المذهب قال أبو عمرو بن الحاجب في باب الشهادات حيث تكلم على شهادة الزنا: وينبغي للحاكم أن يسألهم، وفي السرقة ما هي وكيف أخذها، ومن أين وإلى أين. وقال سحنون: إن كانوا ممن يجهل. وقال في الارتداد: وتفصل الشهادة فيه لاختلاف الناس في التفكير. وأما الاستحقاق فيعنى به ما إذا شهد الشهود بالملك ولم يقولوا لا نعلمه باع ولا وهب، فإنه قد اختلف هل تصح شهادتهم أم لا؟ ففي كتاب العارية من المدونة: فإن لم يشهدوا/ 197 - أأنهم لا يعلمونه باع ولا وهب حلف أنه ما باع ولا وهب وقضى له به فأمضى شهادتهم، وإن لم يقولوا لا نعلمه باع ولا وهب. وعن أشهب أن هذه الشهادة تمضى إن لم يوجد سبيل إلى سؤالهم، وأما إن حضروا فسئلوا فأبوا أن يقولوا: لا نعلمه باع ولا وهب فشهادتهم باطلة، ومثله لابن أبي زمنين.

قال في شهادات المقرى: إن هذه الشهادة إذا سقط منها ذلك لم تقبل إلا إذا لم يوجد سبيل إلى سؤالهم، وإن حضروا فسئلوا فأبوا أن يقولوا ذلك فشهادتهم باطلة. قال ابن رشد: ولا بد من شهادة الشهود بالملك على البت بل ران على تلك لهم لا يعلمونه باع ولا وهب فهو من كمال الشهادة، ومما ينبغي للقاضي أن يوقف الشاهد على ذلك ويسأله عنه، فإن أبى أن يزيده في شهادته بطلت ولم يصح الحكم بها، وإن قصر القاضي عن توقيف الشهود وسؤالهم حتى ماتوا أو غابوا حكم بشهادتهم مع يمين الطالب، إذ لا يصح للشاهد أن يشهد إلا مع غلبة الظن أنه لم يع ولم يهب فهي محمولة على الصحة. انظر رسم سن من الاستحقاق. وقد تقدم ما في شهادتهم على البت أنه ما باع ولا وهب هل تبطل الشهادة أو لا؟ وأما الولاية ويعنى بها التقديم على من ظهر منه سفه فأشار إلى قول ابن رشد: يستفسر الشهود من أين علموا السفه إذا كانوا عالمين بوجوه الشهادة وإن كانوا من أهل البله والغفلة فلا يقبلوا، ذكر ذلك في أحكام ابن حدير. ومولى من كلام المؤلف يحتمل أن يكون بفتح الميم اسم مصدر، بمعنى الولاية ويحمل أن يكون بضم الميم اسم مفعول، ووجدت بخط الناظم ما يقتضى أنه مولى بفتح الميم من الولا ونصه: الكشف عن السرقة أن يسألوا عن الكيفية وعن إخراجها من الحرز، وعن الزنا عن صفته وعن الردة عن قول المكفر، وعن المستحق هل باعه أو لم يعلموا ببيعه، وعن المولى من أعتقه فإن لم يكشف الشهود في هذه بطلت شهادتهم/ 197 - ب وإن غابوا قبل السؤال حكم بشهادتهم، انتهى.

وفي نظائر أبى عمران: المسائل التي يكشف عنها الشهود: الشهادة على الزنى والسرقة لابد أن يسئلوا عن السرقة كم هي وكيف أخرجت ويكشفوا إذا شهدوا بذلك هل علموا أنه ما باعها أو لم يعلموا، وإن شهدوا على معتق أنه مولى يسئلوا هل أعتقه هو أو أعتقه أبوه، فإن أبوا أن يبينوا ما قدمنا من الكشف، فشهادتهم ساقطة، وإن غابوا قبل السؤال حكم بشهادتهم إن كانوا من أهل العلم والانتباه وإلا لم يحكم بشهادتهم. وفي تبصرة ابن فرحون حاكيا عن مقنع ابن بطال: فإذا شهدت البينة أن هذا مولى جد هذا ولم يحدوا المواريث فلا يحتاج ها هنا إلى أن الجد مات وورثه ابنه، وأن الأب مات وورثه هذا، ولكن لابد أن يشهدوا أنهم لا يعلمون للجد ولدا ذكرا غير أبيه. وإن أقام بينة بأنه أقعد الناس بجده اليوم وقد مات له مولى، وترك مالا فلا تنفعه الشهادة حتى يقول: أنه أقعد الناس يوم مات المولى. وفيها أيضا: وإذا شهدت البينة أن فلانا افترى على فلان أو شتمه أو أذاه أو سفهه فلا يجوز ذلك حتى يكشفوا عن حقيقة ذلك إذ قد يظنون صحة ما قالوا وهو على خلاف ما ظنوا، وقاله أصبغ. قال أصبغ: إلا أن تفاوت البينة ولا يقدر على إعادتهم فليعاقب المشهود عليه على أخف ما يلزم في ذلك. مسألة: وكذلك الشهادة على الزنا واللواط يسألهم الحاكم ويستفسرهم كما يسألهم في السرقة، إلا أن يكون الشاهد مبرزا عالما بوجوه الشهادة، ولا يسألهم عما أكلوا في ذلك المجلس

ولا عن لباسهم ونحو ذلك، لأن ذلك من التنعيت. وفي المجموعة قال ابن القاسم، وأشهب، وعبد الملك: وإذا سأل الحاكم الشهود عن صفة الزنا فأبوا ولم يزيدوا على أن الشهادة عليه بالزنا فلترد شهادتهم وليحدوا. قال ابن القاسم: لا يحد الشهود عليه إلا/ 198 - أبعد كشف الشهادة حتى يدل تفسيرهم أنه الزنا أو يقولوا: مثل المرود في المكحلة، فإن استراب القاضي من خبر العدول سأله عن غير هذه مما يرجعوا فيه بيانا من اختلاف شهادته. فصل في الشهادة في السرقة: وإذا شهد الشهود في السرقة فلا تقبل شهادتهم مجملة ولا بد أن يسأل الحاكم الشاهدين عن السرقة ما هي؟ وكيف أخذها؟ ومن أين أخرجها [وإلى أين أخرجها] فإن غابا قبل أن يسألهما الحاكم لم يقطع السارق لاحتمال أن يكون ذلك دون النصاب، أو من غير حرز فإن قالا: إنهما مما يجب فيه القطع وغابا قبل أن يسألهما الحاكم لم يقطع إلا أن يكونا من أهل العلم ومذهبهما مذهب الحاكم. فصل في نوع نما تقدم: وفي وثائق الغرناطي: لا تقبل الشهادة مجملة في ترشيد أو تسفيه أو ملك أو غبن أو تجريح أو تعديل أو توليج، إلا من أهل العلم، وأما غيرهم فلا تقبل الشهادة منه إلا مفسرة، وكذلك في الكفر لاختلاف الناس في الألفاظ التي يكفر بها. نوع منه: وإذا قال الشهود: نشهد على فلانة بنت فلان البكر المعنسة بكذا فإنه يحتاج أن يكون الشهود بذلك من أهل العلم بحد التعنيس، لأنه ليس كل الشهداء يعرفون ذلك. ثم ذكر فصلا في الترشيد والتسفيه قال في آخره: وقد تقدم أن الشهادة في الترشيد

والسفه لا تقبل مجملة ولا بد أن تكون مفسرة انتهى. وفي المنهج الفائق: وأما الأشياء التي لا تقبل فيها الشهادة مجملة فاعلم أن الشهادة المجملة لا تقبل في ملك ولا في غبن ولا في تعديل ولا في تجريح ولا في ترشيد ولا في تسفيه ولا في توليج، ولا في عدم، ولا في كفاءة، ولا في ضرر، ولا في إسلام، ولا في ردة ولا شهادة سماع ولا في طريق مشى ولا في ذكر أخ في وثائق الوراثة، إلا من أهل العلم وأما من غيرهم/ 198 - ب فلا تقبل إلا مفسرة. تنبيه: قال ابن العطار: ولا تتم الشهادة في المولود بعد أبيه حتى يشهد الشهود أنه ولد بعده لأمد يلحق به فيه ويكون الشهود من أهل المعرفة بذلك [فإن لم يكونوا من أهل المعرفة لم يكن لهم بد من تحديد المدة التي ولد فيها بعد وفاة أبيه]. وقال ابن الفخار: لا بد لهم من تحديد المدة كانوا من أهل ذلك أم لم يكونوا لاختلاف الناس فيها. قوله: "في ردة" وما عطف عليه بدل من خمسة بإعادة العامل، أي في كشف شاهد شهد في خمسة في ردة- إلى آخرها- ولا أدرى لم قرن اعتمد بالفاء إذ لا يتسبب عما قبله، ولعل الواو أليق. قوله: "فليؤد" أي شهادته كالفلق، أي الفجر الصادق الذي لا شك فيه. [ص] 399 - ونسب واحد لن يجتمعا ... إلا بزوجات ثلاث فاسمعا 400 - مبتوتة خامسة ومحرم ... وأمتين حرتين فاعلم 401 - بشرط علم في جميع ما ذكر ... ونفى تسويغ ببت فاذكر [ش] الحد والنسب لا يجتمعان إلا بخمس مسائل. قال صاحب التوضيح علي قول ابن الحاجب في باب الغصب: ويحد الواطئ العالم

والولد رقيق، ولا نسب له. قال: وهذا بشرط أن تقوم البينة قبل الوطئ [على أن الواطء أقر بعلمه أن الأمة مغصوبة أو تشهد الآن بينة بأنه أقر عندهم قبل الوطء] بعلمه وأما إن لم يكن إلا مجرد إقراره الآن بأنه وطئ عالمًا فقال أهل المذهب: يحد لأجل إقراره على نفسه بالزنى ويلحق به الولد لحق الله تعالى، وحق الولد في ثبوت النسب، وهى إحدى المسائل التي يجتمع فيها الحد وثبوت النسب. ثانيها: أن يشتري أخته أو من يعتق عليه ويولدها، ثم يقر أنه وطئها عالمًا بذلك. ثالثها: أن يتزوج امرأة ويولدها وهي ذات محرم منه إما من نسب أو صهر أو رضاع ثم يقر علي نفسه أنه تزوجها عالما بتحريمها. رابعها: أن يتزوج امرأة ثم يولدها ثم يقر أنه كان طلقها ثلاثا وأنه تزوجها قبل زوج عالمًا بالتحريم. خامسها: أن يتزوجها ويولدها ثم يقر أنه/ 199 - أله أربع نسوة غيرها وأنه تزوجها عالمًا بتحريمها. وليس ذكر هذا على طريق الحصر بل الضابط فيه أن كل حد ثبت بالإقرار وسقط بالرجوع عنه فالنسب ثابت معه، وكل حد لازم لا يسقط بالرجوع عنه فالنسب معه غير ثابت انتهى. وفي نوازل البرزلي وسئل ابن رشد عن الخمس مسائل التي يجتمع فيها الحد ولحوق النسب.

فأجاب عنها: بأنها الرجل يشترى الأمة فيولدها ثم يقر بحريتها وشرائها مع علمه بحريتها، أو يشترى الأمة، ويولدها ثم يقر بأنه اشتراها عالما بأنها ممن تعتق عليه، ووطنها عالما بذلك وبعدم حليتها، أو يتزوج المرأة ويقر أنه طلقها ثلاثا وعلم أنها لا تحل له إلا بعد زوج ووطئها وأولدها كذلك. أو يشترى الأمة ويطأها وهو يعلم أنها لا تحل له، وكذا يتزوج المرأة ويطأها ويعلم أنها لا تحل له بنسل أو رضاع مع علمه بعدم حلية ذلك. أو يتزوج المرأة ثم يقر أنها خامسة ويطأها وهو يعلم أنها لا تحل له. وإنما ثبت النسب في هذه المسائل لأن ظاهر الحكم يعطيه، ووجب الحد بما أقر به على نفسه مما يوجبه، ولا يسقط ما ثبت من نسب الولد بقوله. وكذلك كل ما في معنى هذه المسائل إذ لا حصر فيها، وإنما ذكرت لكونها أمهات مسائل يقاس عليها، وضابطه أن كل حد يجب بالإقرار ويسقط بالرجوع [فالنسب معه ثابت وكل ما لا يسقط من الحدود بالرجوع عنه] فلا يثبت النسب فيه انتهي. وجواب ابن رشد هذا هو الذي نظم المؤلف لا ما في التوضيح لقوله: "وأمتين حرتين" لأن الأمة الأولى في كلام التوضيح ليست بحرة، والتحقيق هو ما في النوازل والتوضيح. وذكر بعض أصحاب النظائر أنها أربع ثلاث منها من الخمس المذكورة. فقال في باب نظائر مسائل تجتمع فيها الحدود والنسب وذلك أربع مسائل من ذلك: من تزوج أخته من الرضاعة، فولد معها أولادًا وهو/ 199 - ب عالم بتحريم ذلك أنه يحد ويلحق به الولد. ومسألة: من تزوج أم امرأته بعد أن ماتت الابنة وهو عالم بتحريم ذلك، أنه يحد ويلحق به الولد. ومسألة: من اشترى حرة وهو عالم بأنها حرة فوطئها فحملت منه، فإنه يحد ويلحقه الولد [وإذا لم يعلم في الأخت من الرضاعة وفي الأم بتحريم ذلك لكان لا حد عليه ويلحقه الولد].

فصل في السنة والبدعة، وغير ذلك

ومسألة: من أمر لرجل أن يشترى له جارية من بلد من البلدان، فاشتراها له فأرسل إليه بجارية غير التي اشتراها له [فوطئها وهو عالم أنها ليست بجاريته التي اشتراها له فوطئها] (أنه يحد ويلحقه الولد) وعليه قيمتها أمة، فاعلمه انتهى. والثلاث الأولى داخلة في الاثنتين من الخمس، والرابعة داخلة في الضابط. قوله: "ونفي تسويغ ببت" نفي بالخفض عطفا على علم وبالجر للظرفية، والتسويغ في المبتوتة بأن يتزوجها بعد زوج على الشروط المعلومة. فصل [ص] 402 - سكوت سيد الوري محمد ... وقوله وفعاله الأبد 403 - أو ما عليه قد أقر سنة ... والمحدثات بدعة لكنه 404 - تجنب إن شملها أدلته ... كالكتب والضد بدت أمثلته 405 - يندب ما دليله قد عمه ... كمركب ولبسه الأئمة 406 - وكتراوح وما قد شمله ... دليل كره كهو كالمفضله 407 - تخص بالنوع من التعبدات ... وكالزيادة على المحددات 408 - مما استحب ويباح ما شمل ... دليله كمنخل مما نقل 409 - حاصلها استنادها لما شهد ... الشرع باعتباره فلتعتمد 410 - عليه أو إلغائه عنه يصد ... أو لم يكونا فإباحة وقد 411 - قال تقي الدين قول عمرا ... ذي بدعة نعمت وقول من يري 412 - تقسيمها أي لغة وقوله ... صلي عليه الله صح نقله

413 - وكل بدعة ضلالة نعم ... شرعا لما استناده قد انعدم/ 200 أ 414 - وما دليل فرضه أو ندبه ... باد فليس بدعة فانتبه 415 - كجمع مصحف وكشكل ونقط ... نقش كدرهم ثريا وبسط 416 - مع مسمع وشبهها فقد ... أحدثها السلف نعم ما ورد [ش] السنة لغة: الطريقة والعادة وهى في الاصطلاح مشتركة بين نوع من العبادات، ونوع من الأدلة. فالسنة في العبادات النافلة التي واظب عليها النبي صلى الله عليه وسلم أو فهم منه الدوام لو تكرر سببها كصلاة الكسوف وزاد بعضهم وأظهرها في جماعة وينبني عليه الخلاف في ركعتي الفجر. والسنة من الأدلة، وهى المراد هنا: ما صدر عن النبي عن غير القرآن من قول أو فعل أو تقرير بهذا عرفها بعض المحققين، وزاد المؤلف قيد الأبد، احترازا من المنسوخ، فإنه لا يستدل به. وقد أحال هذا الرسم في طرة على هذا المحل بخطه، على فروق القرافي، ولفظه: انظر القواعد والفروق انتهي. ولم أقف عليه لكنى لم استوعبها مطالعة كما ينبغي. وزيد التقرير، لأنه صلى الله عليه وسلم لا يقر أحدًا على باطل لوجوب العصمة.

وبالتواتر استدل على طهارة فضلاته عليه السلام لإقراره شاربة بوله صلى الله عليه وسلم. الإمام أبو عبد الله المقري: قاعدة: كل ما أمن تجدده مما لا يتوقف عليه حكم بتجدد فلا ينبغي التبعثر ولا التفريع عليه بل لا يجوز جعله مورد الظنون عندي، لأن الظن إنما يجوز اعتماده حيث يدل العلم عليه وتدعو الضرورة إليه وقد أكثر الشافعية من أحكام فضلات رسول الله عَ، وأنكحته وزواجه بما خرج من حيز الفضل إلى حيز الفضول، وفتنة اللسن أكبر من محنة الحصر، والمعلوم أنه كان يتوقى من نفسه ما أمر بتوقيه من غيره، ثم لم ينكر من شرب بوله بعد النزول لما غلبه من حسن قصده مع أمنه من اعتماد خلاف/ 200 - ب الحكم، ألا تري قوله للآخر (زادك الله حرصا ولا تعد) قوله: "سنة" خبر سكوت. قوله: "والمحدثات بدعة" هو مأخوذ من قوله صلى الله عليه وسلم: "إياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار" فكل ما كان

في كتاب الله تعالى وسنة نبيه محمد عه أو عليه عمل الصحابة رضي الله عنهم والتابعين لهم بإحسان فهو دين الله تعالى يدان به، وما خالفه فهو بدعة وضلالة، وأنشد بعضهم: وخير أمور الدين ما كان سنة ... وشر الأمور المحدثات البدائع قوله: "لكنه يجب إن شملها أدلة" [الأبيات الخمسة] هذا الكلام مأخوذ من كلام القرافي: في الفرق الثاني والخمسين والمائتين بين قاعدة ما يحرم من البدع وينهى عنه، وبين قاعدة ما لا ينهى عنه منها، قال رحمه الله: اعلم أن الأصحاب فيما رأيت متفقون على إنكار البدع نص على ذلك ابن أبى زيد وغيره، والحق التفصيل، وأنها خمسة أقسام قسم واجب: وهو ما تناولته قواعد الوجوب وأدلته من الشرع، كتدوين القرآن والشرائع إذا خيف عليها الضياع فإن التبيلغ لمن بعدنا من القرون واجب إجماعا وإهمال ذلك حرام إجماعا، فمثل هذا النوع لا ينبغي أن يختلف في وجوبه. والقسم الثاني: محرم وهو كل بدعة تناولتها قواعد التحريم وأدلته من الشريعة كالمكوس [والمحدثات من المظالم] والمحدثات المنافية لقواعد الشريعة كتقديم الجهال على العلماء وتولية المناصب الشرعية لمن لا يصلح لها بطريق التوارث، وجعل المستند في ذلك كون المنصب كان لأبيه وهو في نفسه ليس بأهل. القسم الثالث: من البدع مندوب إليه وهو ما تناولته قواعد الندب وأدلته كصلاة التراويح وإقامة صور الأئمة والقضاة وولاة الأمور على خلاف ما كان عليه الصحابة رضوان الله عليهم بسبب أن المقاصد والمصالح الشرعية لا تحصل إلا بعظمة الولاة/ 201 - أفي نفوس

[الناس وكان] الناس في زمن الصحابة رضوان الله عليهم معظم تعظيمهم إنما هو بالدين وسابق الهجرة حتى اختل النظام وذهب ذلك القرن وحدث قرن آخر لا يعظمون إلا بالصور فتعين تفخيم الصور كي تحصل المصالح، وكان عمر رضي الله عنه يأكل خبز الشعير والملح ويفرض لعامله نصف شاة كل يوم لعلمه بأن الحالة التي هو عليها لو عملها غيره لهان في نفوس الناس ولم يحترموه، وتجاسروا عليه بالمحالفة فاحتاج إلى أن يضع غيره في صورة أخرى تحفظ النظام. وكذلك لما قدم الشام وجد معاوية بن أبى سفيان قد اتخذ الحجاب، واتخذ المراكب النفيسة، والثياب الهائلة العلية، وسلك ما سلكه الملوك، سأله عن ذلك فقال له: إنا بأرض نحن فيها محتاجون لهذا. فقال له: لا أمرك، ولا أنهاك. ومعناه أنت أعلم بحالك هل أنت محتاج إلى هذا فيكون حسنًا أو غير محتاج إليه فلا يكون حسنًا فدل ذلك من عمر وغيره أن أحوال الأئمة وولاة الأمور تختلف باختلاف الأمصار والأعصار، والقرون والأحوال فلذلك يحتاجون إلى تجديد زخارف وسياسات لم تكن قديما وإنما وجبت في بعض الأحوال. القسم الرابع: بدع مكروهة، وهى ما تناولته، أدلة الكراهة من الشريعة وقواعدها كتخصيص الأيام الفاضلة أو غيرها بنوع من العبادة وكذلك في الصحيح خرجه مسلم وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "نهى عن تخصيص يوم الجمعة بصيام أو ليلته بقيام". ومن

هذا الباب الزيادة في المندوبات المحددات كما ورد في التسبيح عقب الفريضة ثلاثة وثلاثين، فيفعل هو مائة، وورد صاع في زكاة الفطر، فيجعل عشرة آصع فإظهار الزيادة فيها، إظهار الاستظهار على الشراع وقلة أدب معه، بل شأن العظماء إذا حددوا شيئا وقف عنده وعدّ الخروج عنه قلة أدب، والزيادة في الواجب أو عليه أشد في المنع لأنه/ 201 - ب يؤدى إلى أن يعتقد أن الواجب هو الأصل والمزيد عليه، ولذلك نهى مالك رضي الله عنه عن إيصال ستة أيام من شوال لئلا يعتقد أنها من رمضان. وخرج أبو داود: أن رجلًا دخل إلى مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى الفرض وقام ليصلي ركعتين، فقال له عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "اجلس حتى تفصل بين فرضاك ونفلك، فبهذا هلك من كان قبلنا، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أصاب الله بك يا ابن الخطاب". يريد عمر أن من قبلنا وصلوا النوافل بالفرائض واعتقدوا الجميع واجبا، وذلك تغيير للشرائع، وهو حرام إجماعًا. القسم الخامس: البدع المباحة وهى ما تناولته أدلة الإباحة وقواعدها من الشريعة كاتخاذ المناخل للدقيق، ففي الآثار أن أول شيء أحدثه الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم اتخاذ المناخل لأن تليين العيش وإصلاحه من المباحات فوسائله مباحة فالبدعة إذا عرضت تعرض علي قواعد الشرع وأدلته في شيء تناولها من الأدلة والقواعد ألحقت به من إيجاب أو تحريم أو غيرهما وان نظر إليها من حيث الجملة بالنظر إلى كونها بدعة مع قطع النظر عما يتقاضاها كرهت فن الخير كله في الاتباع والشر كله في الابتداع.

ولبعض السلف الصالح يسمى أبا العباس الأبياني من أهل الأندلس: ثلاث لو كتبن في ظفر لوسعهن، وفيهن خير الدنيا والآخرة، اتبع لا تبتدع، اتضع لا ترتفع من تورع لا يتسع انتهى. وقال القاضي أبو عبد الله المقري: قاعدة: القرافي: الأصل في البدع الكراهة إلا أن تتناولها قاعدة غيرها من الأحكام من غير معارض يرد إلى الأصل فليلحق بالمتناول إن اتحد أو بأقوى المتناولين إن تعدد. قوله: "لكنه" أي الأمر والشأن. قوله: "إن شملها أدلته" أي إن شمل المحدثات أدلة/ 202 - أالوجوب. قوله: كالكتب، هو مصدر بفتح الكاف، أي كتب القرآن، والشرائع، وفي طرة بخط المؤلف: أي ككتب الكتب. قوله: "والضد بدت أمثلته" أي ضد الواجب وهو الحرام ظهرت أمثلته. قوله: "يندب ما دليله قد عمه" أي يندب ما دليل الندب قد شمله. قوله: "كمركب ولبسة الأئمة" أي كمركب الأئمة ولبستهم، كانت الإمامة كبري أو صغري، وكركب منون لوقوع التنوين موقع نون مفاعلي وهي من وتد فلا تزحف ولولا هذا المانع لجاز الحذف لوجود الشرط. قوله: "وما قد شمله دليل كره كهو، أي والذي قد شمله دليل الكره من المحدثات كالمكروه فما مبتدأ والخبر كهو. قوله: "كمفضلة تختص بالنوع من التعبدات" أي كالأيام أو الليالي المفضلة تختص بنوع من العبادة، كتخصيص يوم الجمعة بصيام أو ليلته بقيام، أو يقدر كالأزمنة المفضلة، وفي بعض النسخ (أدلة الكره كهو كالفاضلة) والتي كتبناها هي اللائقة لاشتمال هذه على سناد التأسيس، وكهو، في هذه بضم الهاء وسكون الواو وفي التي كتبانها بسكون الهاء.

قوله: "وكالزيادة على المحددات، أي مما استحب كما إذا علي التكبير والتحميد والتسبيح بأثر الصلاة واحترز بقوله مما استحب من الزيادة علي الواجب فإنه قد يحرم كزيادة ركعة أو أكثر في صلاة من الخمس، وقد يكره كصيام ستة من شوال. قوله: "ويباح ما شمل دليلها كمنخل" أي رياح من المحدثات ما شمله دليل الإباحة كمنخل الدقيق، وأشار بقوله: "مما نقل" إلى الأثر المذكور أولا وهو: أول شيء أحدثه الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم اتخاذ المناخل، أي كمنخل كائن مما نقل من المحدثات. قوله: "حاصله- إلى قوله- وقد" أصل هذا الكلام للشيخ ابن عرفة- رحمه الله تعالي- أي حاصل المحدثات أو البدع، قال في جواب له علي حكم الدعاء عقب الصلاة علي الهيئة المعهودة في هذه الأعصار: وأما البدع فقد/ 202 - ب تكلم الناس عليها متقدم ومتأخر، كالقرافي وعز الدين، وقسموها إلى أقسام، والحاصل استنادها إلى ما حكم الشرع بإلغائه واعتباره، وما ليس بواحد منهما ومجال النظر في جزيئات المسائل. هذا كلامه ومعناه ما قاله المؤلف أن المستند إلى ما شهد الشرع باعتباره يعتمد عليه لكونه واجبا أو مندوبا، والمستند إلى ما شهد الشرع بإلغائه يصد عنه لكونه حراما أو مكسروها وما ليس بواحد منهما يباح قوله: "وقال تقي الدين"- إلى آخره- هو تقي الدين ابن تيمية قال البرزلي أثناء كلامه علي حكم الدعاء عقب صلاة الفرض علي الهيئة الاجتماعية: قال تقي الدين بن التيمية في

قوله في الصحيح: قال عليه السلام في خطبته: "خير الكلام كلام الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة" قال: "البدعة ما لم يقم عليه دليل شرعي على أنه واجب أو مستحب سواء فعل على عهده أو لم يفعل، وبالعكس كإخراج اليهود والنصارى من جزيرة العرب، وقتل الترك لما مفعولا بأمره لم يكن بدعة وإن لم يكن مفعولًا علي عهده. وكذا جمع القرآن في المصاحف والإجماع على قيام رمضان ومثل ذلك مما ثبت وجوبه أو استحبابه بدليل شرعي: وقال عمر في التراويح: "نعمت البدعة هذه" أي هذه بدعة في اللغة، لأن البدعة في اللغة ما فعل على غير مثال كما قال الله تعالى: {ما كنت بدعا من الرسل} وليست بدعة في الشريعة، فإن كل بدعة في الشريعة ضلالة كما أخبر به عليه السلام، ومن قال من العلماء البدعة تنقسم إلى حسن وغيره فتقسيمه في البدعة اللغوية، ومن قال كل بدعة ضلالة فمعنى كلامه البدعة الشرعية، ألا ترى أن علماء الصحابة والتابعين لهم أنكروا الأذان في غير الخمس صلوات كالعيدين وإن لم يكن فيه نهى خاص، وأنكروا استلام الركنين اليمانيين وإن لم يكن في ذلك نهي خاص وكذا الصلاة عقب السعي بين الصفا والمروة/ 203 - أقياسًا علي الطواف. وكذا ما تركه الرسول مع قيام المقتضي كان تركه سنة وفعله بدعة مذمومة، ومعني ذلك لذا كان المقتضي التام موجودا في حياته كوجوده بعد كإخراج اليهود والنصارى من جزيرة العرب، وما تركه لوجود المانع كالاجتماع في صلاة التراويح يدخل في ذلك فإن المقتضى التام عدم المانع. قال البرزلي: هذا من هذا المعنى، لأنه عليه السلام ترك الجمع للتراويح، وقال:

(خفت أن يفترض عليكم) فلما توفي عليه السلام ذهب هذا المانع فأحدثه عمر، فذهاب المانع هو المقتضي، كذا الدعاء على هذه الكيفية الخاصة لم يرد عنه صريحا فلما توفي ذهب المانع وهو خوف أن يعد من حدود الصلاة كما اختاره شيخنا الإمام- رحمه الله- وهو طرد العلة وعكسها، فمتى وجد المانع منع الحكم ومتى ما فقد ثبت الحكم، صح من نوازله. وقال محيي الدين النووي حديث: "كل بدعة ضلالة" من العام الخصوص لأن البدعة خمس: واجبة: كترتيب الأدلة على طريقة المتكلمين للرد على الملحدة. ومندوبة: كوضع التأليف وبناء المدارس والزوايا. وحرام، ومكروهة وهما واضحتان. ومباحة: كالتبسط في أنواع الأطعمة، ويشهد لذلك قول عمر- رضي الله عنه- في تراويح رمضان: "نعمت البدعة هذه". وقال في حديث: "من سن سنة حسنة" هذا الحديث مخصص لعموم حديث "كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة" فالمراد بالمحدثات التي هي بدع المحدثات الباطلة.

الأبي: ويدخل في حديث "من سن سنة حسنة، البدع المستحسنة كالتحضير والتأهب والتصبيح ووضع التآليف. قوله: "عنه يصد" أي عما شهد الشرع بإلغائه يعرض. قوله: "قول عمر" أي ابن الخطاب رضي الله عنه. قوله: "ذي بدعة نعمت" أي التراويح بدعة نعمت بدعة، وهذا نقل بالمعنى، ولفظ عمر "نعمت البدعة هذه". قوله: "وقول من يري تقسيمها" أي لغة، ضمير تقسيمها، يعود علي البدعة وهذا من كلام تقي الدين، وهو قوله: ومن قال من العلماء البدعة تنقسم إلى حسن وغيره فتقسيمه في البدعة/ 203 - ب اللغوية، وقول عمر مبتدأ، وقول منيري تقسيمها معطوف عليه والخبر أي لغة على ما تقدره، وإلا فلغة منصوب، وشاع في كلام المصنفين إدخال أي على خبر المبتدأ ليتعين للخبرية، أي قولهما محمول على البدعة لغة، أو معناه في البدعة لغة أو يكون المذكور خبر الثاني وحذف خبر الأول، أو بالعكس. قوله: "وقوله صلى الله عليه وسلم صح نقله، وكل بدعة ضلالة، نعم شرعا لما استناده قد انعدم، هذا أيضا من كلام تقي الدين، وهو قوله: ومن قال كل بدعة ضلالة فمعني كلامه البدعة الشرعية. ومعني كلام المؤلف، أن البدعة في قوله: "وكل بدعة ضلالة هي اسم لا انعدم إسناده في الشرع، أي لما ليس له في الشرع دليل على الجواز بل فيه ما يدل على التحريم أو الكراهة، وجملة صح نقله من كلام المؤلف معترضة بين المبتدأ والخبر والمبتدأ هو قوله والخبر لما، وجملة وكل بدعة ضلالة، محكية القول ونعم تصديق لهذه الجملة. قوله: وما دليل فرضه أو ندبه باد فليس بدعة" هو من كلام تقي الدين أيضا. وهو قوله: والبدعة ما لم يقم عليه دليل شرعي على أنه واجب أو مستحب- إلى قوله:- ومثل ذلك نما ثبت وجوبه أو استحبابه بدليل شرعي. قوله: "فانتبه كجمع مصحف"- إلى آخره- هذه أمثلة لما دل على وجوبه أو ندبه دليل شرعي، إلا أن تقي الدين لم يمثل منها إلا بجمع المصحف، ولكن البواقي هي في معناه لشهادة الشرع لجنسها بالاعتبار، ويدخل في قوله: (كدرهم الدينار) وفي قوله:

وشبهها القناديل وكون المنبر أكثر من ثلاثة أدراج، وتحزيب القرآن والمحاريب ونحو ذلك، وكجمع يتعلق بانتبه. وقد سئل البرزلى عن جعل الثريا والقناديل في المساجد، وكون المنبر أكثر من ثلاثة أدراج، هل هذا جائز، أو من السرف كما قال القائل، مع أنه درج على عدم إنكار ذلك سلف صالح مقتدى بهم علما وعملا. فأجاب بما حاصله: إن جعل الحصر والمنبر ومطلق الاستصباح حسن من باب ترفيع المساجد، وقد ورد ثواب جزيل في استصباحه، حكي الزمخشري في تفسير قوله عز وجل: {إنما يعمر مساجد الله} - الآية- عن أنس رضي الله عنه/ 204 - أ (من أسرج في مسجد سراجا لم تزل الملائكة وحملة العرش تستغفر له ما دام في ذلك المسجد ضوء) قال: والعمارة تتناول رم ما استهدم منها وقمها وتنظيفها وتنويرها بالمصابيح وتعظيمها واعتيادها للعبادة والذكر. وورد الخبر أيضا في جعل منبر النبي صلى الله عليه وسلم، ولذا ثبت في جنسه جاز ترفيعه، وأما كثرة المصابيح في رمضان، فقد طعن فيه بعض المغاربة بأنه بدعة، والصواب أيضا أنه من باب ترفيع المساجد والزمان كما قدمناه، وقد ذكر ذلك عز الدين، ولابن رشد في الشرح: أن من سرق ثرية من ثرياته المعلقة فيه المتشبثة به أو حصيرًا مسمرًا في حائط من حيطانه، أو

خيط إلى سواه من الحصر علي ما روي عن سحنون، فلا خلاف في وجوب القطع علي من سرق شيئا من ذلك تبلغ قيمته ما يجب فيه القطع. وله أيضا في الشرح: قد قيل: إن معاوية بن أبى سفيان وهو أول من اتخذ المقاصر [في الجامع وأول من أقام على نفسه حريسًا وأول من اتخذ الخصيان في الإسلام] وأول من بلغ درجات المنبر خمسة عشر مرقاة. قال البرزلي: وإنما ذكرت ذلك لأن بعض الجهلة كسر ما زاد على ثلاثة أدراج من منبر، فرددت عليه بأمور كثيرة، وأن المنبر ما هو إلا على قلة الناس وكثرتهم، مثل منبر القيروان وغيرها من سائر المنابر التي جرى عليها عمل المتقدمين والمتأخرين من سائر القرى والأمصار، ومعاوية من فضلاء الصحابة، وكاتب وحى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وصهره، وسابقته في الجاهلية والإسلام، ومنزلته مشهورة معروفة، وقد أحدث السلف أشياء لم تكن في الزمن الأول كالجمع على المصحف، والنقط والشكل، وتحزيب القرآن والقراءة في المصحف في المسجد، أول من أحدثها الحجاج وتحصير المساجد في موضع التحصيب، وتعليق الثريات فيها للاستصباح بها، ونقش الدراهم والدنانير أول من أحدثها عبد الملك والناس متوافرون. وقال البرزلي أيضا: الإجماع على أن من البدع ما هو حسن مثل قول عمر: "نعمت البدعة هذه" وإخراج اليهود من جزيرة العرب فعله عمر ولم يقع في زمنه عليه السلام، وجمع الناس على المصحف كما فعله عمر ونقط/ 204 - ب المصحف وشكله

كما فعله أبو الأسود الدؤلي ونقش الدنانير ووالدراهم فعل في زمن ابن مروان، وتحزيب القرآن كما فعل في زمان الحجاج، ومحارب مساجد البلاد إلى غير ذلك، وتحصيله أن كل بدعة شهد الشرع باعتبار جنسها ولم تترتب عليها مخالفة لإصل الشريعة فهي [حسنة] وما لم يشهد به الشرع بإهدار ولا اعتبار فلينظر ما يترتب عليه من مصلحة فيعمل عليها، أو مفسدة فيلغيها، وقد نص على هذا التقسيم عز الدين وغيره. وقال البرزلى أيضا بعد أشياء أنكرها عمر الرجراجي الوارد على تونس وحج ورجع إليها قال: واستقر بها الآن، فمن ذلك ما ذكر عنه من إنكار التسميع خلف الإمام. قال: وللعلماء في صحة الصلاة بالمسمع وصلاة المسمع ستة أقوال فمذهب الجمهور الجواز، بل أعراه ابن رشد من الخلاف في مسألة الرافع صوته بالذكر للإفهام لأنه من ضروريات الجامع. وانكره حماس بن مروان، ورد عليه لقمان بن يونس بعدم إنكار علماء

الأمصار على أهل مكة ذلك، يريد وجريانه بينهم من غير نكير، والرجلان من أصحاب سحنون. وحكي المازري عن بعض شيوخه، أنه صلي بجامع مصر وفيه المسمعون من غير نكير في الجامع لابن شعبان وغيره من علماء مصر في زمانهم. ونقل المازري عن بعض المتأخرين: إن أذن له الإمام جاز وإلا لم يجز وحكي القاضي في الإكمال: إن لم يتكلف رفع صوته صح وإلا فلا. والقول الخامس: إن اكثر الناس في غير صلوات الفرض كالعدين والجنائز صح وإلا فلا. والسادس: يضاف إلى هذا صلاة الجمعة قال واستدلوا على ذلك بحديث صلاة آبي بكر بصلاة النبي كه في صلاة الناس بأبي بكر متبعين له في أقواله وفعاله وبما وقع في المدونة من قوله: ولا بأس بالصلاة في دور محجورة بصلاة الإمام في غير الجمعة إذا رأوا عمل الإمام، والناس والعمل يطلق على القول والفعل. واحتج عليه ابن رشد بأن عمر رضي الله عنه كان إذا قرأ بسورة فيها ذكر النبي صلى الله عليه وسلم يعلي صوته (لكي) يسمع/ 205 - أأصحاب حجر النبي صلى الله عليه وسلم. وبالجملة فما عليه السلف والخلف من جواز هذا الفعل حجة بالغة على من خالفهم فكيف بمن فسقهم، أو بدعهم وضللهم فهذا مخالف للجماعة جدير بهذه

الأوصاف أو بعضها أو مكابر للبيان أو جاهل بالعلم لا عقل له. قوله: "نقش كدرهم" هو بإضافة نقش إلى الكاف. قوله: "نعم ما ورد عن" أي عن السلف الصالح، نكت بهذا المدح على المنكر لبعض الأمثلة السابقة كالرجراجى. [ص] 417 - تنبيه اعلم في الدعا تردد ... أثر الصلاة باجتماع يوجد 418 - وقيل إن لها أضيف منعا ... وحسنه إن لم يضف قد سمعا [ش] البرزلي: ومما أنكره أيضا- يعنى الرجراجي- الدعاء عقب الصلاة إما مطلقا وإما على هذه الصفة الخاصة التي الناس عليها اليوم، ثم ذكر البرزلي من حلية النووي أحاديث الدعاء دبر الصلوات من حيث الجملة، وهى كثيرة كحديث الترمذي قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم، أي الدعاء أسمع قال: "جوف الليل الآخر ودبر الصلوات المكتوبات" وفي الصحيحين قال: "كنت اعرف انقضاء صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتكبير وفي مسلم] عن ثوبان كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا انصرف من صلاته استغفر ثلاث مرات، وقال: اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام". قال الأوزاعي: يقول: "أستغفر الله أستغفر الله". وفي الصحيحين أيضا كان إذا فرغ من الصلاة قال: "لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطى لما منعت". وفي حديث معاذ: "لا تداع في كل صلاة آن تقول اللهم أعني علي ذكرك وشكرك

وحسن عبادتك". وفي كتاب ابن السني عن انس بن مالك قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قضي صلاته مسح جبهته بيده اليمنى ثم قال: "أشهد أن لا إله إلا الله الرحمن الرحيم اللهم أذهب عني الهام والحزن" وفيه من طريق أبي أمامة قال: / 205 - ب ما دنوت من رسول الله صلى الله عليه وسلم في دبر صلاة مكتوبة ولا في تطوع إلا سمعته يقول: "اللهم اغفر لي ذنوبي وخطاياي كلها، اللهم انعشني واجبرني واهدني لصالح الأعمال والأخلاق إنه لا بهدي لصالحها ولا يصرف سيئها إلا أنت" وفيه من طريق أنس: كان إذا انصرف من الصلاة يقول: اللهم اجعل خير عمري آخره وخير عملي خواتمه، واجعل خير أيامي يوم لقائك". وفيه أنه كان يقول في دبر الصلاة: "اللهم إني أعوذ بك من الكفر والفقر وعذاب القبر". وفيه بإسناد ضعيف من طريق فضالة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا صلى أحدكم فليبدأ بتحميد الله، والثناء عليه، ثم يصلى على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم ليدع بما شاء".

وفي سنن ابن ماجه من طريق أم سلمة قالت: كان إذا صلى الصبح قال: "اللهم إني أسألك علمًا نافعًا، وعملًا متقبلًا ورزقًا طيبًا". وفيه من طريق صهيب كان يحرك شفتيه بعد صلاة الفجر (يقول): "اللهم أحاول وبك أصاول، وبك أحول" وغير ذلك من الأذكار. قال: والحاصل أن هذه أحاديث نص في تحصيل مطلق الدعاء عقب الصلوات وطريق التجميع والتأمين مأخوذ أصل شرعه من الحديث الآخر الذي ذكر أنه ضعيف، ومن التأمين بعد أم القرآن للمأموم فهو يقرب من النص في عين النازلة، لأنه إذا ثبت في الشرع في الصلاة التي هي محصورة الأركان والصفات فأحرى مع الإطلاق. ثم قال: وأما إنكار الهيئة الخاصة فسئل عز الدين عن الدعاء عقب السلام هل يستحب للإمام في كل صلاة أم لا؟ فأجاب: كان عليه السلام يأتي بعد السلام بالأذكار المشروعة، ثم يستغفر ثلاثًا، ثم ينصرف، وروي أنه كان يقول: "رب قني عذابك يوم تبعث عبادك" والخير كله في إتباع الرسول صلى الله عليه وسلم وقد استحب الشافعي للإمام أن ينصرف عقب السلام. البرزلي: وكلامه هو يحتمل آن يكون دليلا علي الجواز ويكون قول الشافعي ينصرف أي من موضع الإمامة لما قال أنه يأتي بالأذكار، أو أوقفه على ما ذكر خاصة قال: وسئل/ 206 - أعنه بعض متأخري التونسيين، ونصه: ما تقول في الدعاء دبر الصلوات والناس يؤمنون كما هي عادة الناس في البلاد هل هو سنة أو بدعة [مستحسنة فإن قلتم مستحسنة فمن استحسنها؟ وإن قلتم إنه بدعة] وكذا بسط الكفوف في الدعاء؟ فأجاب: الدعاء بعد الصلاة على الوجه الذي ذكرت بدعة، وكذا قول المؤذن عند ظهور الفجر: أصبح ولله الحمد، بدعة.

البرزلي: لم يجب عن سؤاله كله، لأنه لم يبين هل هي بدعة مستحسنة أو لا؟ ومن قال ذلك. قبل قال: ويأتي الكلام على حكم قول المؤذن في كتاب الأوائل أول من أحدث الدعاء بعد الصلاة واستحسنه الإمام المهدي ويحتمل أن يستند إلى قوله تعالى: {فإذا فرغت فانصب وإلى ربك فارغب}. وحكى عنه أيضا أنه أول من أمر المؤذن أن يقول: أصبح ولله الحمد. وكان من تقدم قبله من أهل هذه البلاد يقولون: أصبح الصباح بالعافية، فما أقل رونقها قال: وسئل عن المسألة شيخنا الإمام المفتى رحمه الله، وذلك أن إماما ترك الدعاء إثر الصلاة بالهيئة الاجتماعية المعهودة في أكثر البلاد، يدعو الإمام ويؤمن الحاضرون، ويسمع المسمع إن كان وصار هذا الإمام إذا سلم من الصلاة قام إلى ناحية من نواحي المسجد، أو مضى لحاجته، وعد فعل الناس بدعة محدثة لا ينبغي أن تفعل بل من شاء أن يدعو حينئذ لنفسه بغير هيئة. الاجتماع، فأنكر عليه ذلك، فقال: هذا هو الصواب حسبما نص عليه العلماء فبلغت الشيخ الأستاذ أبا سعيد بن لب فأنكر ترك الدعاء إنكارا شديدا، ونسب ذلك الإمام إلى أنه من القائلين إن الدعاء لا ينفع ولا يفيد، ولم يبال إن قيد في ذلك تأليفا سماه (لسان الأذكار والدعوات مما شرع في أدبار الصلوات) ضمنه حججًا كثيرة على صحة ما الناس عليه، جملتها أن غاية ما يستند إليه المنكر أن التزام الدعاء على الوجه المعهود إن صح أنه إن لم

يكن من عمل السلف، فالترك ليس بموجب للحكم في المتروك إلا جواز الترك، وانتفاء الحرج فيه خاصة، وأما تحريم أو كراهة فلا، لا سيما فيما له أصل/ 206 - ب جلى كالدعاء، فإن صح أن السلف لم يعملوا به فقد عمل السلف بما لم يعمل به من قبلهم مما هو جائز كجمع المصحف ثم نقطه، وشكله، ثم نقط الآي، ثم الفواتح والخواتم، وتحزيب القرآن، والقراءة في المصحف في المسجد، وتسميع المؤذن تكبير الإمام، وتحصير المسجد عوض الحصيب، وتعليق الثريا، ونقش الدرهم والدنانير بكتاب الله، وقال عمر بن عبد العزيز: تحدث للناس أقضية بقدر ما أحدثوا من الفجور وكذا يحدث لهم ترغيبا بقدر ما أحدثوا من الفتور، وجاء آفة العبادة الفترة، وفي القرآن: {وتعاونوا على البر والتقوى}. ثم ذكر أن في تلك الهيئة فوائد مثل أن أكثر الناس لا يعرف ما يدعو به ويدعو بما لا يجوز وقد يلحن في الدعاء وقد لا يستنبط له وحده فإذا اجتمع عليه ارتفع المحذور، وأتى بأحاديث الدعاء بأثر الصلاة وتأول كلام السلف والعلماء في قيام الإمام من مجلسه أثر السلام فأشكل على الأمر في المسألة جدا فلكم الثواب في بيان الصواب في المسألة وقد وقعت بفاس أيضا هذه المسألة واختلف شيوخهم، وفي هذا السؤال أيضا السؤال عما تتميز به البدعة الحسنة من القبيحة. البرزلي: أجاب شيخنا الإمام: حاصل هذه المسألة ما حكم الدعاء على هذه الهيئة المعهودة في هذه الأعصار عقب صلاة الفرض، وقد سألني عنها بعض الواردين علينا من مدينة سلا منذ نحو من عشرة أعوام. والجواب: أن إيقاعه إن كان على نية أنه من سنن الصلاة أو فضائلها فهو غير جائز وإن كان مع السلامة من ذلك فهو باق على حكم أصل الدعاء، والدعاء عبادة شرعية فضلها من الشريعة معلوم عظمه، ولا أعرف فيها في المذهب نصا، إلا أنه وقع في العتبية في كتاب

الصلاة كراهة مالك الدعاء بعد الصلاة قائما فمفهومه عدم كراهته جالسًا. وفي العتبية أيضًا كراهة مالك الدعاء عقب ختم القرآن ولكن الأظهر عندي جوازه وقد ورد بذلك أحاديث في المصنفات كسنن النسائي وغيره لا يخلو بعضها عن كون سنده صحيحا/ 207 - أوأما البدع فقد تكلم الناس عليها متقدم ومتأخر كالقرفي، وعز الدين، وقسموها إلى أقسام، والحاصل استنادها إلى ما شهد الشرع بإلغائه واعتباره وما ليس بواحد منهما، ومجال النظر في المسائل طويل، والله تعالى الموفق للصواب. انتهى. وجواب ابن عرفة هذا هو مراد المؤلف بقوله: "قيل إن لها أضيف منعًا" البيت أي أضيف للصلاة على معنى أنه إن وقع على نية أنه من سنن الصلاة أو فضائلها وحاصل ما ذكر المؤلف ثلاثة أقوال: القول بإطلاق أنه بدعة مستحسنة، القول بإطلاق أنه بدعة قبيحة القول بالتفصيل وهو قول ابن عرفة رحمه الله تعالى. وقال أبو عبد الله الأبي أثر كلامه على أحاديث الدعاء والذكر بعد الصلاة: وذكر عبد الحق إثر هذه الأحاديث أحاديث أماكن قبول الدعاء وأن منها الدعاء أثر الصلاة وذلك يدل على عدم كراهة الدعاء إثر الصلاة كفعل الأئمة والناس اليوم وكان الشيخ الصالح أبو الحسن المنتصر رحمه الله تعالى يدعو إثر الصلوات، وذكر لبعضهم أن في كراهته خلافا، وأنكره الشيخ وقال: لا أعرف فيه كراهة.

قلت: ذكرها القرافي عن مالك في آخر ورقة من القواعد، وعللها بما يقع بذلك في نفس الإمام من التعاظم انتهي. ونص السؤال السلوى سأل أهل سلا الإمام أبا عبد الله بن عرفة عن إمام الصلاة إذا فرغ منها هل يدعو ويؤمن المأمومون أم لا؟ فإنه قد استمر ببلاد المغرب وفي بعض نواحيه كراهة هذه الصفة، فقد يصلى الإمام في بعض المواضع ولا يدعو فتشمئز قلوب المأمومين، فالغرض من سيدنا بيان الحكم في ذلك وإزالة الإشكال بما أمكن فأجاب: مضى عمل من يقتدي به في العلم [والدين من الأئمة] على الدعاء بأثر الذكر الوارد بأثر تمام الفريضة، وما سمعت من ينكره إلا جاهل غير مقتدى به، ورحم الله بعض الأندلسيين لما أنهى إليه ذلك آلفا جزء في الرد علي منكره وخرج عبد الرزاق عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سئلا أي الدعاء أسمع قال: "شطر الليل الآخر وأدبار المكتوبة" وصححه عبد الحق، وابن القطان. وقد ذكر الإمام/ 207 - ب الراوية المحدث أبو الربيع في كتاب مصباح الظلام عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من كانت له إلى الله حاجة فليسألها دبر صلاة مكتوبة" والله حسيب أقوام ظهر بعضهم ولا يعلم لهم شيخ ولا لديهم مبادئ العلم الذي يفهم به كلام العرب والكتاب والسنة يفتون في دين الله بغير نصوص السنة.

وأجاب كبير تلامذته وقاضي الجماعة بتونس أبو مهدي عيسي الغبريني: الصواب جواز الدعاء بعد الصلاة على الهيئة المعهودة إذا لم يعتقد كونه من سنن الصلاة أو فضائلها، أو واجباتها، وكذلك الأذكار بعدها على الهيئة المعهودة كقراءة أسماء الله الحسني ثم الصلاة علي النبي صلى الله عليه وسلم مرارًا ثم الترضي عن الصحابة رضي الله عنهم، وغير ذلك من الأذكار بلسان واحد انتهي. الإمام أبو عبد الله بن مرزوق: تكلم بعض من أدركناه من أئمة المغرب في الدعاء المحدث عقب الصلوات في الجوامع والمساجد، وألحقوه بالبدع المحدثة، وألف بعضهم في ذلك، واحتج عليهم بعض من أجازه بما رواه عبد الله بن عمرو بن العاص عن أبي بكر الصديق رضي الله عنهم، أنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: علمني دعاء أدعو به في صلاتي. فقال: "قل اللهم إني ظلمت نفسي ظلمًا كثيرًا، ولا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم". وبكلام عياض في هذا المحل، وإلى المنع منه مال الشيخان الإمامان الأوحدان أبو زيد وأبو موسي ابنا الإمام رضي الله عنهما وقطع الجامع بتلمسان مرة ثم غلب الإلف واستشنع الناس هذا القطع وعاد الأمر في ذلك إلى العادة.

الشيخ أبو إسحاق الشاطبي: بدعة التزام الدعاء بأثر الصلوات دائما على الهيئة الاجتماعية بلغت ببعض أصحابها إلى أن كان الترك لها موجبا للقتل عنده، حكى أبو الخطاب ابن خليل حكاية عن أبى عبد الله بن مجاهد العابد أن رجلا من عظماء الدولة وأهل الوجاهة فيها- كان موصوفا بشدة السطوة وبسط اليد - كان نزل في جوار ابن مجاهد/ 208 - أوصلي خلفه في مسجده الذي كان يوم فيه وكان لا يدعو في أخريات الصلوات تصميما في ذلك علي الذهب، يعني مذهب مالك لأنه مكروه في مذهبه، وكان ابن مجاهد محافظًا عليه فكره ذلك الرجل منه ترك الدعاء وأمره أن يدعو فأبى وبقي علي عادته في تركه في أعقاب الصلوات، فلما كان في بعض الليلي صلي ذلك الرجل العتمة في المسجد، فلما انقضت وخرج ذلك الرجل إلى داره قال لمن حضره من أهل المسجد: قد قلت لهذا الرجل يدعو بعد الصلوات فأبي فإذا كان غدوة غد أضرب رقبته بهذا السيف وأشار إلى سيف في يده، فخافوا على ابن مجاهد العابد من قوله لما علموا فرجعت الجماعة بجملتها إلى ابن مجاهد فخرج إليهم فقال: ما شأنكم؟ فقالوا: والله لقد خفنا عليك من هذا الرجل، وقد اشتد الآن غضبه عليك في تركك الدعاء، فقال لهم: لا أخرج عن عادتي فأخبروه بالقصة فقال لهم- وهو مبتسم-: انصرفوا ولا تخافوا، فهو الذي تضرب عنقه غدوة بذلك السيف بحول الله ودخل إلى داره، وانصرفت الجماعة ذعرا من قول ذلك الرجل فلما كان مع الصبح من الغد وصل إلى دار الرجل قوم من [صنفه من عبيد المحزن وحملوه حمل المغضوب عليه وتبعه قوم من] أهل المسجد ومن علم حال البارحة حتى وصلوا به إلى

دار الإمارة بباب جوهر، فن أشبيلية وهنالك أمر پضرب رقبته فضربت بسيفه ذلك، تحقيقًا للإجابة وإثباتًا للكرامة. [ص] 419 - وهل دعى الأذين ليلًا والندا ... لها بغير لفظه وما بدا 420 - من قوله أصبح والله حمد ... مستحسنات لا نعم ذا فاعتمد 421 - لشاهد الشرع بأن الجنسا ... معتبر فطب بذاك نفسا [ش] الأذين المؤذن، والمعنى أنه اختلف في دعاء المؤذن بالليل وفي النداء للصلاة بغير لفظ الأذان كالتأهيب والتحضير وفي التصبيح، وهو قول المؤذن عند طلوع الفجر أصبح ولله الحمد، هل هي بدعة مستحسنة، فقيل/ 208 - ب لا، وقيل نعم، والثاني هو الصحيح وعليه الاعتماد. والتأهيب: قول المؤذن تأهبوا للصلاة. والتحضير قوله: احضروا للصلاة أوحضرت الصلاة. وقد ذكر الإمام البرزلي الخلاف في هذه الثلاثة، واختار أنها مستحسنة وإياه تبع المؤلف. والله أعلم. البرزلي: ونما أنكره أيضا- عمر الرجراجي- الدعاء لصلوات الفرض بغير لفظ الأذان وقد جرى به عمل الناس في الحواضر والأقاليم. وفي كتاب الجهاد من مسلم في حديث "ناد الصلاة جامعة" ما حفظ للنووي قال

يؤخذ منه الجواز بالإيذان بالصلاة وكذا قوله: "ألا صلوا في الرحال" في الليلة المطيرة. وفي الأذكار له: من الصلوات غير الفرائض ما يستحب أن يقال فيه الصلاة جامعة مثل العيد والكسوف والاستسقاء، ومنها ما لا يستحب فيه كسنن الصلوات والنوافل المطلقة، ومنها ما اختلف فيه كصلاة التراويح والجنائز فظاهره مطلقا حيث كان وأحفظ لابن رشد إنما ذلك عند أبواب المساجد، لا داخلها. البرزلي: والأمر محتمل، قال: ومن الدليل العام على جواز الدعاء للصلاة بغير الأذان غير ما تقدم، قوله عز وجل: {ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله} لأنها نزلت في المؤذنين ونحوهم، وقال عليه السلام: "ما من داع يدعو إلى هدى إلا كان له أجره وأجر من عمل به" والدعاء إلى الصلاة هدى فتجب راجحيته إلى غير ذلك مما يطول بنا جلبه، قال: ومما سمعت عنه أيضا: أنه أنكر التأهيب يوم الجمعة، وأمر بقطعه وجعله حرامًا

وبدع فاعله، وسمعت عنه أكثر من هذا، وهذا لم يقل به أحد من علماء الأمة، بل الناس فيه علي مذهبين فمنهم من كرهه، لأنه لم يكن في زمنه عليه السلام ولا الخليفتين بعده. ومنهم من استحبه وراعى فيه المعنى من الأذان قبل الفجر في صلاة الصبح للحرص على المبادرة بها أول الوقت. ولما ورد من الرغبة في التبكير والتهجير بها ولم يكن في ذلك الزمن الأول لعدم المقتضى فلما كان زمن، عثمان رضي الله عنه ثبت المقتضى وهو كثرة الناس فأحدث الأذان الثاني [في الوضع والأول في الزمان ليجتمع الناس فيكون/ 209 - أالآذان الثاني] الذي كان في زمن النبي صلى الله عليه وسلم وليس ذلك بخلاف للسنة، فأحدثه بالزوراء بالسوق- وهي دار له- أمر المؤذن أن يعلو علي سطحها وينادي ليتأهب الناس للصلاة ويجتمعوا. واختلف في هذا الذي أحدثه عثمان رضي الله عنه فمنهم من قال: إنه كان يقول قبل الزوال الصلاة حضرت رحمكم الله، لا الأذان المجموع المعهود ويكون قبل الزوال. وروى عن ابن حبيب: أنه أجاز الأذان قبل الزوال يوم الجمعة، والذي قبله حكاه بعض شرح الرسالة عن عثمان رضي الله عنه، فهو نص في عين النازلة. ثم قال البرزلى بعد كلام: والدليل على صحة ما ذهبنا إليه الثابت في الأمصار من الزمن الأول إلى هلم جرا ووضعه أصحاب علم الأوقات في آلاتهم ورسموه كما رسموا وقت الظهر والعصر، وكل ما يدل على الدعاء للصلاة مما قدمناه يدل على هذا، وقد رأيتهم بالقيروان يعملون ذلك على منارلها ثلاث مرات، الأول يقول فيه تأهبوا إلى الصلاة، والثاني أعزموا على الصلاة، والثالث: الصلاة حضرت وبعد يصعد الإمام على المنبر ويجعلون حينئذ من يطوف بالأسواق يحضر ويقيم الناس من حوانيتهم، والفقهاء فيها متوافرون وفهموا من الشريعة أن هذا خفيف إذ لم يرد ما يخالفه من السنة والأعمال بالنيات.

قال: ومما أنكره أيضا، لفظ التصبيح في الفجر، وقد بينا في هذا التقييد أن أول من اتخذه الإمام المهدي مستدلًا عليه، وهذا لا يخلو إما أن ينكر الهيئة الاجتماعية من الأذكار قبل الصبح مع ذكر الأصباح، أو إنما أنكر أصبح ولله الحمد فإن كان الثاني فقد تقدم أن بعض متأخري التونسيين قال: هو بدعة، كما قال هذا، وعندي أنها جائزة إذ لم يرد فيها من الشرع ما يمنعها، بل ورد ما يدل عليها منها: قوله في حديث: "إن بلالًا ينادي بليل وقوله في ابن أم مكتوم: "وكان أعمي لا ينادي حتى يقال له أصبحت أصبحت". أي قاربت الصباح أو دخلت فيه. ووجه الأخذ منه: أن ابن أم مكتوم فقد حاسة البصر فلا يرى الفجر فيخبر ويعين له أنه دخل في الصباح، والنائم فقد حاسة البصر، بل والتعيين الذي يدرك به الأشياء فينادى/ 209 - ب من يوقظه، بذلك ومنه ما كان عليه السلام يقول: "اللهم فالق الإصباح وجاعل الليل سكنًا والشمس والقمر حسبانًا اقض عني الدين واغنني من الفقر، ومتعني بسمعي وبصري وقوتي في سبيلك" وقوله تعالى: {فالق الإصباح} الآية [فاستنباط منه المؤذن عند الفجر اللهم فالق الإصباح] بقدرته، ومجرى {الرياح بشرا بين يدي رحمته}، {ويمسك السماء أن تقع علي الأرض إلا بإذنه} وقدرته, {إن الله بالناس لرءوف رحيم} إلى آخر ما يذكر الأدعية والآي، وهذا أحسن في التذكير ينبه الغافل والنائم ويهدى للخروج للجماعة، وتقدم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا مر بالرجل يقول: "قم يا نائم" أو يحركه برجله.

وأما إن أنكر الهيئة المجموعة من الأذكار وغيرها، فقد حكى ابن سهل أنه حسن وإنما اختلف فقهاء الأندلس إذا كان يكثر من ذلك حتى يؤثر عند الجيران قله النوم هو من ضرر الأصوات التي تمنع إذا طلب ذلك الجران أم لا؟ والمعروف الذي أفتى به ابن عتاب والميلي وغيرهما جواز ذلك ولا ضرر فيه بل فيه التذكير. قال الميلي: ما صنعه سليمان مأمور به من الدعاء وقراءة القرآن وتذكير الناس وتخويفهم قديم من فعل الصالحين والمسلمين الزهاد في أمصار المسلمين. وقد كان عروة ابن أذينة يقوم بالليل فيصيح في الطرق ويخوفهم ويحضهم بقول الله تعالى: {أفأمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا بياتا وهم نائمون أو أمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا ضحى وهم يلعبون} ثم يقبل علي صلاته فيصلي حتى يصبح إلى آخر ما ذكر. وأجاب ابن عتاب ما احتسب على سليمان أنه يقوم في جوف الليل يؤذن على سقف المسجد ويبتهل في الدعاء ويتردد في ذلك فليس في هذا حسبة إلا في القيام على سطح المسجد لما يتوقع من فساد بالصعود عليه، وقد أذن الله أن ترفع والاحتساب على سليمان غير سائغ إذا ذاك ذكر الله وهو ينشرح إليه صدور أهل الإيمان وتطمئن إليه قلوبهم {ألا بذكر الله تطمئن القلوب} ومتى عهد من أذن بالأسحار وابتهل/ 210 - أ

بالدعاء والاستغفار أن يوقف مواقف الإقرار والإنكار، أما سمع قول الله عز وجل: {ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه}. وقد حكي مالك: أن الناس في الزمن الأول كانوا عند خروجهم لأسفارهم يتواعدون لقيام القراء لقيامهم بالأسحار فيسمعون أصواتهم من كل منزل. وقال أيضا على ما يفعله الناس اليوم من التحضير: أي قول المؤذن قد حضرت الصلاة قد أخذ استنباط هذا الحكم من حديث أمر النبي صلى الله عليه وسلم: "بأن ينادى الصلاة جامعة" مع غيره من سائر الأحاديث وعمومات الكتاب والسنة المقتضية لذلك مثل قوله تعالى: {وتعاونوا علي البر والتقوى} "والله في عاون العبد ما دام العبد في عون أخيه" "وخياركم أنفعكم لأمتي" وقوله: "ما من داع يدعو إلى هداي إلا كان له أجره وأجر من عمل به إلى يوم القيامة" واحفظ في سنن أبى داود أنه عليه السلام كان إذا خرج إلى الصلاة فيمر برجل إلا قال له "قم، أو حركه برجله". وقوله الصلاة حضرت يقصد به التثويب إلى الصلاة. قال النووي: كما هو عندنا اليوم، وأخذه من حديث الصلاة جامعة، وقيل غير ذلك وقد بسطنا القول فيه في غير هذا، وإجماع هذا القطر مع قطر المشرق على جواز هذا دليل واضح على صحته، لأن الشرع شهد باعتبار جنسه لا إلغائه وقد قال الحاكم المحدث في مستدركه: ما جري عليه العمل من المتقدمين والمتأخرين من نقش الحجارة عند رءوس الموتى

دليل على أن ما ورد في ذلك، من النهى ليس عليه العمل. فكيف بهذا الذي لم يرد فيه وإنما فيه كراهة مالك له على أصله خشية أن يعتقد من أحكام الصلاة أو من سننها أو من فرائضها كالأذان كما كره صوم ست من شوال مع ورود الحديث الصحيح به، وكره التسمية في الوضوء على إحدى الروايات عنه، وقراءاته [يس] عند المريض لتسهيل الموت، وغير ذلك فإذا أسلم الإنسان من هذا الاعتقاد جاز مع ما دل عليه من الأحاديث والآثار وثبوته بالقياس على عكس العلة. وأما قوله: إنه بدعة، وعموم القول في كونها ضلالة فهو خطأ بين/ 210 - ب إذ الإجماع علي أن من البدع ما هو حسن، وانظر تمام كلامه، وقد نقلنا بعضه فيما تقدم. وقال الإمام أبو عبد الله الأبي عند كلامه على قوله صلى الله عليه وسلم: "من أحدث في أمرنا ما ليس منه فهو رد، قال: ما ليس من أمره هو ما لم بسنة ولم يشهد الشرع [باعتباره فيتناول المنهيات، والبدع التي لم يشهد الشرع] باعتبارها وأما التي شهد الشرع باعتبار أصلها فهي جائزة وهى من أمره كالبدع المستحسنة كالاجتماع علي قيام رمضان، وكالتصبيح اليوم، والتحضير والتأهيب، فإن الشرع شهد باعتبار جنس مصلحتها، فإن الأذان شرع لمصلحة الإعلام بدخول الوقت، والإقامة شرعت للإعلام بالدخول في الصلاة، والتصبيح والتأهيب والتحضير من ذلك النوع لما ني الثلاثة من مصلحة الإعلام، بقرب حضور الصلاة ولا في التأهيب من الإعلام بقرب حضور الصلاة، ولما في التأهيب من الإعلام بأنه يوم الجمعة لمن ليس عنده شعور بذلك، ويشهد لذلك زيادة عثمان رضي الله عنه أذانا بالزوراء يوم

الجمعة على ما كان في زمنه صلى الله عليه وسلم وزمن الخليفتين من بعده وإنما زاده لمصلحة المبالغة في الإعلام حين اكثر الناس انتهى. قوله: "لها" أي للصلاة. قوله: "بغير لفظه" أي الأذان، قوله: "وما بدا من قوله أصبح والله حمد" أي والذي ظهر من قول الأذين أصبح وقد حمد الله بقوله ولله الحمد. قوله: "مستحسنات" خبر دعا وما عطف عليه، أي هذه الثلاثة مستحسنات أولا؟ قوله: "لا نعم" هو جواب السؤال، أي قيل لا، وقيل نعم وهو المحتار وإليه أشار بقوله: "ذا فاعتمد لشاهد الشرع بأن الجنس معتبر" أي هذا القول القريب اعتمده لشاهد الشرع لجنسه بالاعتبار كما سبق من كلام البرزلي، ثم أكد الأمر باعتباره بقوله: "فطب بذلك نفسًا" ولما بعد ذلك القول لما وقع بعده من الكلام أشار إليه بذلك، أو تعظيمًا له لمصلحته. قال الإمام أبو عبد الله المقري وأبو الحسن الصغير: حدثني العلامة أبو محمد إبراهيم الأبلي: أنه سأله عن رواية في المهدي فقال: عالم سلطان. قال: فقلت له: قد وافقت الغرض فلا تزد/ 211 - أ. [ص] 422 - وفي تغير الصوم والبوق نقل ... تردد ................... [ش] أي والبوق له أي للصوم، أو يقدر وبوقه على قول الكوفيين أن ال تقع بدلًا من الضمير. البرزلى: ومنها ما وقع الإنكار فيه وهو النفير والبوق في شهر رمضان للإشفاع

والسحور، فقد سألت شيخنا الفقيه أبا القاسم الغبرينى- رحمه الله- وهو في سقيفة داره وقد جعل ذلك قريبا من داره وأظنه لولادة نفاس، فقال لي: يا فقيه ما رأيته في جامع الزيتونة. فقلت له: جامع الزيتونة لا يكون حجة إلا إذا أقره العلماء وأباحوه، فسكت عني. وسألت عنه شيخنا الإمام- رحمه الله- فقال: وقع هذا في أيام قضاء ابن عبد السلام بعثت إليه قاضى القيروان بأنه قد أنكر النفير على المنار بعض من هنا وقال: هي معصية في أفضل الشهور وأفضل الأماكن وأدل قبلة اختطت بالمغرب وهو جامع القيروان، فكتب به القاضي لابن عبد السلام، فأجاب: إن عاد إلى مثل هذا فأدبه. قلت له: الذي قال به هو الصواب إذ لم يجز البوقات في الأعراس إلا ابن كنانة وهذا ليس منهما، وأجابني بأن هذه البوقات لها لذة في النغمات وسماع الأصوات كما يقال إنها بالأندلس وأما هذه فهي أصوات مفزعة تفزع حتى الحمار قلت له: الحمار يفزع من كل ما لم يألف، فلم يكن من جوابه إلا هذه قوارع لا لذة فيها ولا يترتب عليها مفسدة إلا إيقاظ النائم للسحور على ما ورد فيه الفضل أو من قيام الليل أو نحو ذلك. وتحصيله أنهم استعملوها وذلك دليل على جوازها، ونحو هذه المسائل التي فيها خلاف بالجواز والكراهة لا ينبغي أن ينتصب الرجل لخلاف الجماعة فيها لأن ذلك يقتضى كونه لأجل ظهوره. وفي موضع آخر من نوازل البرزلي: وعلي ظني أني وقفت عليها- يعني البوقات في رمضان في الجوامع لابن الحاج المتأخر، وأنه أنكرها في جملة ما أنكر.

وفي موضع آخر من النوازل المذكورة: وسألت عنها- يعنى عن البوقات- شيخنا المفتي الغبريني واحتج علي بما/ 211 - ب وقع في جامع الزيتونة، فقلت له: ليست بحجة لأن الفقهاء لم يجيزوها إلا في الأعراس خاصة أجازها ابن كنانة. فسكت عنى وسألت عنها شيخنا الفقيه الإمام، فأجاب بالجواز وأن البوقات المذكورة في الأعراس غير هذه، فيها طرب يعلمها أهل الأندلس، وأما هذه فتنفر الحمر. فقلت له: الحمار ينفر من كل ما لا يألف ولعل هذا منها. وذكر ابن عبد السلام أمر بأدب المنكر لهذا إن عاد، ونزلت بالقيروان وفيها وقعت الفتيا انتهي. فقلت: أصوب مما وقع بالقيروان وتونس ما عليه أهل فاس من كون البوقات على سطح قريب من لا على المنار نفسه لما فيه من تعظيم حرمات الله. المنكر لنفير الصوم، وفي معناه البوق، بعض القرويين ممن عاصر ابن عبد السلام ونكرهما الفقيه الصالح سيدي عمر الرجراجي [والمجيز ابن عبد السلام، وابن عرفة، وأبو القاسم، واليه ميل البرزلي، والرجراجي] المذكور من كبار فقهاء فاس، ومن الصالحين عاصر البرزلي، وورد على تونس في سفره للحج وسكنها، وأنكر على أهلها أمورًا منها: ألفاظ في الخطبة، والصلاة حضرت أو جامعة والدعاء عقب الصلاة على الهيئة المعهودة، والتسميع خلف الإمام، والدعاء للصلوات الفرض بغير الأذان، والتأهيب يوم الجمعة، ولفظ التصبيح في الفجر والستر على جدران المسجد من داخل، وتأخير الصبح في الجامع الأعظم إلى وسط الوقت، وتخصيص صبح الجمعة بقراءة {ألم} السجدة، ودخول الصبيان فيه ولعبهم لا سيما في شهر رمضان، والنفير والبوق في شهر رمضان للإشفاع والسحور، وزيادة سيدنا في الصلاة على محمد صلى الله عليه وسلم، والصلاة على السجادات.

وورد على تونس أيضا قبله رجل يقال له الدكالي عاصر ابن عرفة واجتمع به البرزلي أيضا في الإسكندرية وبها كان قاطنا أنكر على أهل تونس لبس العمامة الفقهاء على المعهود بتونس وغيرها والتختم مطلقًا، ولبس الأحمر وأخذ المرتب على الإمامة والتدريس حتى ترك/ 212 - أالجماعة والجمعة لأجل ذلك. وأجاب البرزلي عن ذلك كله بما هو مذكور في نوازله، وذكرنا هنا منه ما يناسب كلام المؤلف وحكى البرزلي الدكالي بقوله: ورد علينا في عشر التسعين والسبعمائة رجل يقال له الدكالي وكان شيخًا صالحًا مظهرًا للزهد في الدنيا والأكل من كد يمينه العلقة من القوت، واعتقده الناس لصلاحه، وكان مذهبه يغلب عليه مذهب الحديث، فأنكر أشياء منها: لبس العمامة إلى آخره. ثم قال الرجراجي: ثم ورد علينا رحل اسمه عمر وأصله من المغرب وحج ورجع إلى تونس، واستقر بها الآن وهو ينسب إلى الزهد في الدنيا والتخلي عنها لكنه يتغذى من أيدي الناس بالقليل على ما سمعت عنه، ويذكر أن معه بعض طلب ولا أدري مذهبه محدث أو مالكي أو ظاهري واستقر بتونس وأنكر أشياء- إلى آخره-. وحين ورد الشيخ ابن عرفة مصر ووجد الدكالي علي الطريقة المذكورة عنه من التشدد في الدين وتركه الجماعات والجمع لأخذ المرتب على ذلك، ذكر فيه أبياتا وهي: أهل مصر ومنفي الدين شارككم ... تنبهوا السؤال معظل نزلا لزوم فسقكم أو فسق من زعمت ... أقواله إنه بالحق ما عدلا في تركه الجمع والجماعات خلفكم ... وشرط إيجاب حكم الكل قد حصلا إن كان حالكم التقوى فغيركم ... قد باء بالفسق حقا عنه ما عدلا وإن يكن عكسه فالأمر منعكس ... فاحكم بحق وكن بالهدي معتدلا؟

فأجابه الإمام المحقق سراج الدين أبو حفص البلقني، وذكر أنه على البديهة: ما كان من شيم الأخيار إن يسموا ... بالفسق شيخا علي الخيرات قد جبلا لا لا ولكن إذا ما أبصروا خللا ... كسوه من حسن تأويلاتهم حللا أليس قد قال في المنهاج صاحبه ... يسوغ ذاك لمن قد يخشى زللا وقال فيه أبو بكر إذا ثبتت ... عدالة المرء فليترك وما عملا/ 212 ب وقد روينا عن ابن القاسم العتقي ... فيما اختصرنا كلاما أوضح السبلا ما إن ترد شهادة لتاركها ... إن كان بالعلم والتقوى قد احتفلا كذا الفقيه أبو عمران سوغه ... لمن تخيل خوفا واقتنا عملا نعم وقد كان في الأعلين منزلة ... من جانب الجمع والجمعات واعتزلا كمالك غير مبد فيه معذرة ... إلى الممات ولم يثلم وما عزلا [هذا وإن الذى أبداه متضح ... أخذ الأئمة أجرا منعه نقلا وهب أنك راء حله نظرا ... فما اجتهادك أولى بالصواب ولا] .................... تأمل الذي عمل [ص] 423 - له من العلام والفنار ... والشبه زن وقسمه بالمعيار [ش] أي تأمل ما عليه بقطر المغرب في هذه الأزمنة وما قاربها من جعل العلام في رأس صاري المنار عند دخول وقت الظهر والعصر والمغرب وجعل الفنار فيه عند دخول وقت العشاء

والصبح، ولعل المؤلف تردد في العلام والفنار لكونه لم يجد لمن قبله فيهما والظاهر أنهما من جنس ما شهد الشرع له بالاعتبار كالدعاء بغير لفظ الأذان، وقد قيل أحدثهما الفقيه السلطان أبو عنان- رحمه الله-. قلت: ويدل على الجواز في الفنار أن الصحابة رضوان الله عليهم تشاوروا بمحضر رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل شرع الأذان فيما يجعل علما على الوقت فذكر بعضهم أن ينوروا نارًا، وذكر بعضهم أن يضربوا ناقوسًا، وقال آخرون: النار شعار اليهود والناقوس شعار النصارى، فإن اتخذنا أحدهما التبست أوقاتنا بأوقاتهم، فنزل شرع الأذان وبيان الدليل من هذا، أنهم عللوا الامتناع بالالتباس فيلزم من مقتضى عكس العلة الجواز حيث لا التباس. والله تعالى أعلم. قوله: "والشبه زن وقسه بالمعيار" وهذا الشطر من تمام قوله: "تأمل وقس" توكيد لزن، والمعيار والمحك والمثاق مترادفة، والمعني/ 213 - أزن هذين وشبههما حتى تعلم بأي الجنسين تلحق هل بالبدع الحسنة أو القبيحة والله تعالى أعلم. وطرر المؤلف بخطه زن بميزان الشرع وقسه بمعيار الشرع. انتهى. أي فإن اتزن بميزانه وتقرر بمعياره فذلك من البدع الحسنة وإلا فمن القبيحة. [ص] 424 - وكل ما يخلص للتعبد ... أو كان غالبا بنية بدي 425 - إن كان ذا لبس وما تمحضا ... أعني لمعقولية نحو القضاء 426 - أو غلبت كنجس فلا افتقار ... وفي سوي الشائبتين الاعتبار 427 - ونفيه وكل ما مصلحته ... تحصل بالفعل فتنفي نيته 428 - وكل قربة بلا لبس ترد ... كذكر افتقارها لها فقد 429 - تمييز عادات بها أمر حتم ... وفي العبادات تقرب علم

[ش] قال القاضي أبو عبد الله المقري: قاعدة: كل ما تمحض للتعبد أو غلبت عليه شائبته فإنه يفتقر إلى النية كالصلاة والتيمم، وما تمحض للمعقولية أو غلبت عليه شائبته، فلا يفتقر كقضاء الدين، وغسل النجاسة عند الجمهور، فإن استوت الشائبتان فقيل: كالأول لحق العبادة، وقيل: كالثاني بحكم الأصل، وعليهما الطهارة، والزكاة، والكفارة وغيرهما. قاعدة: كل ما كانت صورة فعله كافية في تحصيل مصلحته، فإنه لا يفتقر إلى نية كغسل النجاسة. قاعدة: القربات التي لا لبس فيها، كالذكر، والنية لا تفتقر إلى نية كغسل النجاسة. قاعدة: النية في العبادات للتمييز والتقرب وفي غيرها للتمييز، كوصي أيتام لا ينصرف شراؤه لأحدهم إلا بالنية، ولا يترتب الثواب إلا على النية بخلاف براءة الذمة. أما ما يطلب الكف عنه فتر كه يخرج عن عهدته وان لم يقصده، ولا شعر به انتهي. وعلى هذه القواعد الأربع اشتمل كلام المؤلف عدا قوله: أما ما يطلب الكف عنه- إلى آخره-. وقال أيضا: قاعدة: الفعل إن اشتمل وجوده على مصلحة مع قطع النظر عن/ 213 - ب فاعله صحت فيه النيابة، ولم تشترط فيه النية، وإن لم يشتمل إلا مع النظر لم تصح واشترطت، فالنية وانتفاء الصحة على هذا متلازمان، وكذلك عدم وجوبها وصحة النيابة، فكل ما تصح فيه الاستنابة لا تشترط فيه النية، وكل ما تشترط فيه النية لا تصح فيه الاستنابة إلا أن يدل دليل على خلاف ذلك فمن ثم قال النعمان: لا نيابة في الحج، وقلنا إنها رخصة كالاستخلاف انتهى.

وفي الفرق الثامن عشر: إن ما يمكن أن ينوي ينقسم إلى مطلوب وغير مطلوب فغير مطلوب لا ينوي من حديث هو غير مطلوب، بل قد يقصد بالمباح التقوى على المطلوب كما يقصد بالنوم التقوى على قيام الليل فمن هذا الوجه تشرع نيته لا من حيث إنه مباح والمطلوب قسمان: نواه وأوامر، فالنواهي لا يحتاج فيها إلى النية شرعا بل يخرج الإنسان من عهدة المنهي عنه بمجرد تركه، وإن لم يشعر به فضلا عن القصد له لكنه إن نوى بتركها وجه الله تعالي حصل الثواب وكان التراث قربة. وأما الأوامر فقسمان، أيضا: منها: ما تكون صور أفعالها كافية في تحصيل مصالحها فلا يحتاج إلى النية كدفع الديون ورد المغصوب ونفقات الزوجات والأقارب وعلف الدواب ونحو ذلك فهذا القسم مستغن عن النية شرعا، فمن دفع دينه غافلا عن قصد التقرب به أجزأ عنه، ولا يفتقر إلى إعادته مرة أخرى نعم إن قصد في هذه الصور كلها امتثال أمر الله تعالى فيها حصل له الثواب، وإلا فلا. القسم الثاني: ما لا تكون صورته كافية في تحصيل مصلحته فهذا القسم هو المحتاج إلى النية كالعبادات، فإن الصلاة شرعت لتعظيم الرب تعالى وإجلاله، والتعظيم إنما يحصل بالقصد ألا ترى أنك لو صنعت ضيافة لإنسان فأكلها غيره من غير قصدك لكنت معظما للأول دون الثاني، بسبب قصدك، فما لا قصد فيه لا تعظيم فيه، فيلزم أن العبادات كلها يشترط فيها القصد لأنها إنما شرعت لتعظيم الله تعالى فهذا هو ضابط ما تمكن فيه النية وما لا تمكن وضابط ما يحتاج إلى/ 214 - أالنية وما لا يحتاج شرعًا.

ثم قال الشهاب بعد كلام: النية لا تحتاج إلى النية، قال جماعة من الفضلاء لئلا يلزم التسلسل، ولا حاجة إلى التعليل بالتسلسل بل النية من القاعدة المتقدمة لأن مصلحتها التمييز وهو حاصل بها سواء قصد ذلك أو لم يقصده، فاستغنت عن النية من الفروق. وسلم له الإمام أبو القاسم بن الشاط جميع ذلك، إلا ما ذكر من أن أداء (الدين) وشبهه لا يثاب عليه حتى ينوى التقرب إلى الله تعالى بأداء دينه. قال: فيه عندي نظر فإنه لا مانع أن يثاب في هذه الصورة، ويكفيه من النية كونه قصد أداء دينه والله تعالى أعلم. قوله: "وكل ما يخلص للتعبد"- البيت- كل مبتدأ وخبره بدى، وبه يتعلق بنية أي كلما تخلص للتعبد وتمخض له فإنه يبتدأ بالنية. قوله: "إن كان ذا لبس" هو راجع إلى القسمين قبله، واحترز به مما ليس فيه كالذكر ونحوه وقد ذكره منطوقا بقوله: "وكل قربة"- البيت- وخبر كل جملة افتقارها لها فقد، وضمير لها عائد إلى نية. قوله: "ومما تمحضا أعنى لمعقولية نحو القضاء أو غلبت كنجس فلا افتقار" ما موصول اسمي مبتدأ، وخبره فلا افتقار، ودخلت الفاء في خبر الموصول لشبهه الشرط بالشرط في العموم والإبهام، ويحتمل أن تكون شرطية، وأراد بالقضاء قضاء الدين. قال القاضي أبو عبد الله المقري: قاعدة: إعمال الشائبتين أرجح من إلغاء أحدهما كالدليلين كإعمال مالك ومحمد شائبة المعقولية في الخبث في سقوط النية، والعبادة في تعيين الماء فهذا أولى من إلغاء النعمان شائبة العبادة وبعضهم شائبة المعقولية عندهم، وعندي أن إلغاء الراجح، لإعمال المرجوح، ولو في وجه تقديم للمرجوح المؤخر بإجماع،

فإذا ثبتت الراجحية سقطت المرجوحية بالكلية. قوله: "وفي استواء الشائبتين الاعتبار ونفيه" المشهور هو الاعتبار تغليبا لشائبة العبادة أبو عمرو بن الحاجب- رحمه الله- والإجماع علي وجوب النية في محض العبادات وعلي نفي الوجوب/ 214 - ب فيما تمحض لغيرها كالديون والودائع والغصوب واختلف فيما فيه شائبتان كالطهارة والزكاة، والمذهب افتقارها ويعنى بالطهارة الطهارة المائية دون التوابية فإنها محض تعبد. [ص] احب التوضيح، وحاصله أن الفعل أقسام قسم: تمحض للعبادة كالصلاة فالإجماع على وجوب النية. الثاني: مقابله كإعطاء الدين ورد الودائع والغصوب، فالإجماع على أنه لا تجب فيه النية. الثالث: ما اشتمل على الوجهين كالزكاة والطهارة، لأن الزكاة عقل معناها وهو رفق الفقراء وبقية الأصناف، لكن وكونهما إنما تجب في قدر مخصوصو [على وجه مخصوص] لا يعقل معناه، وكذلك الطهارة عقل معناها وهى النظافة لكن كونها في أعضاء مخصوصة علي وجه مخصوص لا يعقل معناه، واختلف في وجوب النية وانظر تمام كلامه. قوله: "تمييز عادات"- البيت- هو معني قول المقري: النية في العبادات للتمييز والتقريب وفي غيرها للتمييز كوصي أيتام لا ينصرف شراؤه لأحدهم إلا بالنية ومراد المؤلف تمييز عبادات عن عادات وعبارته توهم العكس، فلو قال تمييز عن عادة بها حاتم لكان أبين. [ص] احب التوضيح: وحكمة إيجاب النية تمييز العبادات عن العادات لتمييز ما الله تعالى عما ليس له أو تمييز مراتب العبادات في أنفسها لتمييز مكافآت العابد على فعله

وتعظيم العبد لربه، فمثال الأول: الغسل يكون عبادة وتبردا، وحضور المساجد يكون للصلاة ويكون للفرجة، ويكون السجود لله وللصنم. ومثال الثاني: الصلاة لانقسامها إلى فرض، والفرض إلى فرض على الأعيان وفرض على الكفاية وفرض منذور وفرض غير منذور. [ص] 430 - وفرض عين الذي تكررا ... نفع به غير كفاية يري 431 - في زر وجاهد قم بشرع واشهد ... واقض وأم مر بعرف واردد 432 - سلاما افت واحترف وادر أو صن ... ميتا ورابط وفد وثق مؤتمن 433 - والظن كاف في السقوط والسنن ... عين كفاية علي ذلك السنن 215 أ [ش] القرافي: في الفرق الثالث عشر، بين قاعدتي فرضي الكفاية وفرض العين وضابط كل واحد منهما وتحقيقه بحيث لا يلتبس بغيره فنقول: الأفعال قسمان منها: ما تكرر مصلحته بتكرره [ومنها ما لا تتكرر مصلحته بتكرره]. فالقسم الأول: شرعه صاحب الشرع على الأعيان تكثيرا للمصلحة بتكرر ذلك الفعل كصلاة الظهر فإن مصلحتها الخضوع لله تعالى وتعظيمه ومناجاته والتذلل له والمثول بين يديه والتفهم لخطابه والتأدب بآدابه، وهذه المصالح تكثر كلما كررت الصلاة. والقسم الثاني: كإنقاذ الغريق إذا شاله إنسان فالنازل بعد ذلك إلى البحر لا يحصل شيئا من المصلحة، فجعله صاحب الشرع على الكفاية نفيا للعبث في الأفعال، وكذلك كسوة العريان وإطعام الجيعان ونحوهما، فهذا هو ضابط القاعدتين وبه تعرفان ثم ذكر مسألتين: الأولى: أن الكفاية والأعيان كما يتصوران في الواجبات يتصوران في المندوبات كالأذان والإقامة، والتسليم والتشميت، وما يفعل بالأموات من المندوبات، فهذه على الكفاية والذي

على الأعيان كالوتر والفجر وصيام الأيام الفاضلة، وصلاة العيدين، والطواف في غير النسك والصدقات. المسألة الثانية: يكفي في سقوط المأمور على الكفاية ظن الفعل لا وقوعه تحقيقا فإذا غلب على ظن هذه الطائفة أن تلك فعلت سقط عن هذه، وإذا غلب على ظن تلك أن هذه فعلت سقط عن تلك، وإن غلب على ظن كل واحدة منهما فعل الأخرى سقط الفعل عنهما انتهي. قال القاضي أبو عبد الله المقري: قاعدة كل واجب أو مندوب لا تتكرر مصلحته بتكرره فهو على الكفاية، وإلا فعلى الأعيان إلا لمعارض أرجح كصلاة الجنازة لأن المطلوب بها صورة الشفاعة، وقد حصلت، والإلحاح فيها مذموم عرفًا فيذم شرعًا، كما يأتي وأما المغفرة فأمر خفي لا يجوز أن يعتبر بنفسه، بل بمظنته على وجهها، وأيضا فإن من يقول بتكررها وهو الشافعي يوافق على أنها لا تقع نفلا بل فرضا وقد/ 215 - ب حصلت مصلحة الواجب بالصلاة الأولى إجماعًا. قاعدة: يكفي في سقوط المأمور على الكفاية ظن الفعل، وإن لم يفعل ألبتة بخلاف الأعيان على الصحيح، وليس سقوطه بالغير [نيابة حتى يتعذر في الفعل البدني بل لتعذر حكمة الوجوب. قوله: "غير] كفاية" أي غير الذي تكرر والنفع به فرض كفاية، ويجوز أن يكون الخبر يرى فينتصب كفاية، وقد ضبطه المؤلف بهما، ويضبط أيضا فرض الكفاية بأنه الذي تندفع الحاجة فيه بالبعض، كالقضاء وتحمل الشهادة، وشبه ذلك بخلاف فرض العين فمقابله، وسيزاد هذا بيانا بعد قوله: (يري في زروجاهد قم بشرع واشهد) - البنيتين-

أي يعلم فرض الكفاية أو يبصر في هذه المواضع، وقصد بهذا الكلام حصر فرض الكفاية بالعدد كما حصرها بالضابط. الأول: زيارة الكعبة كل سنة فهي فرض كفاية فلا يجوز أن يترك الناس كلهم زيارتها في عام من الأعوام إلا من عذر لا يستطيعون معه الوصول إليها نعوذ بالله من ذلك. الثاني: الجهاد هو واجب على الكفاية لأن مصلحته تحصل بالبعض ففرض على الإمام إغراء العدو في كل سنة مرة يخرج بها هو أو من يثق به، وفرض على الناس في أموالهم وأنفسهم الخروج المذكور، لا خروجهم كافة، والنافلة منه إخراج طائفة بعد أخرى وبعث السرايا وقت الغرة والفرصة. الثالث: القيام بالعلوم الشرعية قال الله تعالى: {فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ..} الآية، وعن الشافعي العلم قسمان فرض عين وفرض كفاية ففرض العين علمك بحالتك التي أنت فيها، وفرض الكفاية ما عدا ذلك ومثل هذا في الرسالة قال: وكذلك طلب العلم فريضة عامة يحملها من قام بها إلا ما يلزم الرجل في خاصة نفسه وانظر الفرق الثالث والتسعين. القرافي- رحمه الله-: العلم وضبط الشريعة وإن كان فرض كفاية غير أنه يتعين له طائفة من الناس، وهي من جاد حفظهم وراق فهمهم وحسنت سيرتهم وطابت سريرتهم فهؤلاء هم الذين يتعين/ 216 - أعليهم الاشتغال بالعلم فإن عديم الحفظ أو قليله أو سيء الفهم لا يصح لضبط الشريعة المحمدية، وكذلك من ساءت سريرته لا يحصل به الوثوق للعامة فلا تصح به مصلحة التقليد فتضيع أحوال الناس. الرابع: تحمل الشهادة وكان فرضا لأنه لو تركه الناس كلهم أدى إلى اتلاف الحقوق وكان على الكفاية لأن الفرض يحصل بالبعض، وإذا كان على الكفاية فيتعين في حق من انفراد كما في سائر فروض الكفاية.

أبو عمرو بن الحاجب: والتحمل حيث يفتقر إليه فرض الكفاية، والأداء من نحو البر يدين إن كان اثنين فرض عين، ولا تحل إحالته على اليمين، فإن لم يجتز الحاكم باثنين فعلى الثالث ولا يلزم من أبعد. الخامس: القضاء، وكان فرضا أنه لما كان الإنسان لا يستقل بأمور دنياه إذ لا يمكن أن يكون حراثًا طباخًا بزازًا إلى غير ذلك من الصنائع المفتقر إليها احتاج إلى غيره، ثم بالضرورة قد يحصل بينهما التشاجر والخصام لاختلاف الأغراض فاحتيج إلى من يفصل تلك الخصومات ويمنع بعضهم من غرضه وبهذا وجب إقامة الخلافة لكن نظر الخليفة، أعم إذا حد ما ينظر فيه القضاء، ولما كان هذا الفرض يحصل بواحد وجماعة كان فرض كفاية، لأن ذلك فرض الكفاية. السادس: الإمامة الكبرى هي من فروض الكفاية إن قام بها البعض سقطت عن الباقين وإن لم يقم بها أحد خرج بتركها فريقان، أحدهما: أهل الحل والعقد. والثاني: كل من يصلح للإمامة، وأما إمامة الصلاة فهي تابعة لصلاة الجماعة والمشهور أنها سنة مؤكدة وقيل فرض. السابع: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قال الله تعالي: {ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر} فالتغيير فرض كفاية إذا قام به في كل صقع من فيه غنا سقط الفرض عن الباقين، نعم إن نصب لذلك أحد تعين عليه كما يتعين الجهاد على من عينه الإمام. الثامن: رد السلام فإنه فرض كفاية بمعنى أنه إن سلم على جماعة وقام بالرد

واحد منهم سقط عن الباقين وخالف أبو يوسف في قوله: لابد من رد/ 216 - ب جميعهم. التاسع: الفتوى فهي فرض كفاية على المتأهلين لها إذا كان السؤال عن الأمر المهم المحتاج إلى بيانه فيجب الجواب كما يجب السؤال. قال تعالى: {فاسئلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون} وقال عز من قائل: {إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى} الآية. قال بعضهم تتعين على المفتى الفتيا بأربعة شروط كون السائل سأل عن واقعة دينية يخاف فواتها، وانفراد المستفتى، ومعرفته بالجواب الصحيح عن اجتهاد أو عن تقليد، ومتى انخرم أحدها فالجواب فرض كفاية. العاشر: الحرف المهمة كالحراثة والتجارة ونحوهما. وقد نص غير واحد على أنها فرض كفاية. الحادي عشر: الدرء بالدال المهملة ويعنى به والله أعلم دفع الضرر في النفس أو المال عمن لا يستحقه شرعا فهو فرض كفاية على من قدر عليه كدفع الصائل من إنسان أو بهيمة عن المصول عليه وكالتخليص من الغرق فهو فرض كفاية على من يحسن العوم، وكإعطاء الطعام للجوعان، والماء للعطشان، والخشب لتدعيم الجدار عند خوفني سقوطه ونحو ذلك. الثاني عشر: القيام بمؤن الميت كالغسل والصلاة والدفن، ولا خلاف في وجوب الدفن، واختلف في الغسل والصلاة، والأصح عند ابن الحاجب الوجوب. وفي الرسالة: والصلاة على موتى المسلمين فريضة يحملها من قام بها، وكذلك مواراتهم بالدفن، وغسلهم سنة واجبة. الثالث عشر: [الرباط، قال في الرسالة: والبراط في ثغور المسلمين وسدها وحياطتها

واجب يحمله من قام به. الرابع عشر: فداء أساري المسلمين، الشيخ ابن عرفة: وفداء أساري المسلمين فيه طرق الأكثر واجب. الباجي: في وجوبه وكونه نفلا قول جمهور أصحاب مالك. وقول أشهب في الفداء بخمر لا يدخل في نفل بمعصية ابن بشير سماه نفلا لوجوبه على الكفاية لا الأعيان إلا أن يتعين. الخامس عشر: التوثيق وهو كتب الوثائق، وهو فرض كفاية لشدة الحاجة إليه وتندفع بالبعض كالحرف والصناعات المهمة، فإذا/ 217 - أأمكن كتاب فلا يجب الكتب: علي معين، ويتعين على الكاتب أن يكتب إذا لم يوجد كاتب سواه؟ قال الله تعالى {وليكتب بينكم كاتب بالعدل ولا يأب كاتب أن يكتب كما علمه الله فليكتب}. وفي بعض النسخ بدل البيتين اللذين كتبناهما. بالشرع قم جاهد وزر واقض اشهد ... بالعرف مرام سلاما اردد ورابط افتى واحترف والميت من ... واحضن ووثق وافد وادرأ تؤتمن وهذه النسخة أحسن لما فيها من زيادة الحضانة، ويعنى بها حضانة اللقيط: أبو عمرو ابن الحاجب: والتقاطه فرض كفاية. خليل: لأن حفظ النفوس واجب وكان على الكفاية، لأن المقصود يحصل بواحد وذلك شأن فرض الكفاية.

[ابن الحاجب: وليس له رده بعد أخذه]. التوضيح: لأنه فرض كفاية] يتعين بالشروع فيه كالنافلة. وزاد بعضهم في فرض الكفاية عيادة المرضى وتمريضهم وحضور محتضرهم ونصيحة المسلم، وقد تدخل هذه في الدرء، وإطعام الجياع، وستر العورات، وهذان داخلان في الدرء بلا شك. وزاد أيضا حفظ القرآن سوى الفاتحة، وضيافة الوارد وزيد الأذان أيضا وإنما يأتي على قول. قوله: "تؤتمن" هو جواب زور وما بعده، أي افعل هذه الأشياء تؤتمن أي تجعل أمينا. وفي المنهج الفائق: واختلف في الكاتب أيضا، فقيل: واجب عليه أن يكتب وهو قول عطاء وغيره. وقال الشعبي وعطاء أيضا: إذا لم يوجد كاتب سواه فواجب عليه أن يكتب. وقال السدي: هو واجب مع الفراغ. تنبيه: حيث قلنا پوجوب الكتب علي الكاتب فمذهب مالك والشافعي- رضي الله عنهما- إنه على الكفاية كالجهاد والصلاة على الجنازة ودفنها وطلب العلم، وحفظ القرآن سوى الفاتحة، وتحمل الشهادة [والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، والخلافة والأذان والقضاء وأداء الشهادة] إن كانوا جماعة أضعاف النصاب والفتوى، ودفع الضر عن

المسلمين والحرف المهمة، وعيادة المريض وتمريضهم، وحضور محتضريهم ورد السلام وتشميت العاطس/ 217 - ب وفك الأسير وإطعام الجياع وستر العورات وحضانة اللقيط وضيافة الوارد، ونصيحة المسلم. انتهى. قوله: "والظن كاف في السقوط" أي ظن أن البعض قد فعل في الواجب علي الكفاية كاف في السقوط عن الظان وبراءته من ذلك الواجب بخلاف فرض العين، فإنه لا يبرأ غلا بيقين أنه فعل. قال الجلال المحلى بعد أن ذكر القولين في كون فرض الكفاية على البعض وهو قول الفخر، أو على الكل وسقط بفعل البعض وهو قول الجمهور، ثم مداره على الظن فعلي قول البعض من ظن أن غيره لم يفعله وجب عليه ومن لا فلا، وعلي قول الكل من ظن أن غيره فعله سقط عنه، ومن لا فلا انتهى. ومن هذا تعلم أن ما قاله المؤلف تبعا للقرافي، والمقري جار على قول الكل لا البعض الذي هو مختار تاج الدين بن السبكي وعليه يدل قوله تعالى: {ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر}. قوله: "والسنن عين كفاية على ذلك السنن، السنن الأول بضم السين، جمع سنة، والسنن الثاني بفتح السين الطريق، والمعنى: أن السنة تنقسم إلى سنة عين وسنة كفاية على الطريق السابق في الفرض، وقد تقدم هذا من كلام القرافي- رحمه الله -. [ص] 434 - درء المفاسد مقدم على ... جلب المصالح فخذ ما نقلا [ش] درء المفاسد، أي دفعها مقدم على جلب المصالح دار الأمر بينهما. قال صاحب إيضاح المسالك: ومن ثم كرهت الغسلة الثالثة إذا شك فيها وصوم يوم

عرفة إن شك فيه هل هو العيد أم لا؟ ورجح المكروه على المندوب كإعطاء فقير من القرابة لا تلزمه نفقته وليس في عياله من الزكاة، وكره (مالك) قراءة السجدة في الفريضة، لأنها تشوش على المأموم فكرهها للإمام ثم للمنفرد حسما للباب، والحق الجواز للحديث كالشافعي وكره الانفراد قيام رمضان لذا أفضى إلى تعطيل إظهاره أو تشويش خاطره/ 218 - أونهى عن إفراد يوم الجمعة بالصوم لئلا يعظم تعظيم أهل الكتاب للسبت، وأجازه مالك، قال الداودى: لم يبلغه الحديث وكره ترك العمل فيه لذلك، وكره إتباع رمضان بست من شوال، وإن صح فيه الخبر لتوقع ما وقع بعد طول الزمان من إيصال العجم الصيام والقيام وكل ما يصنع في رمضان إلى آخرها، واعتقاد جهلتهم أنها منه كذا ذكره الشيخ شهاب الدين عن زكي الدين بن عبد العظيم المحدث. تنبيه: قال شهاب الدين- رحمه الله- شاع عند عوام مصر أن الصبح ركعتان إلا في الجمعة فإنه ثلاث ركعات، لأجل أنهم يرون الإمام يواظب على قراءة السجدة يوم الجمعة ويسجد ويعتقدون أن تلك ركعة آخري واجبة، وسد هذه الذرائع متعين في الدين، وكان مالك- رحمه الله- شديد المبالغة فيها انتهى. قال بعض الشيوخ: ومضى عمل الشيوخ بالجامع الأعظم من تونس على قراءتها في صبح الجمعة- ولا أكثر من جماعته- وذلك لأمن التخليط حتى صار ترك قراءتها موجبًا للتخليط انتهى. كلام الإيضاح وجله من كلام القاضي أبي عبد الله المقري.

ويعني ببعض الشيوخ الإمام أبا عبد الله الأبي. قال المقري: قاعدة: عناية الشرع بدرء المفاسد أشد من عنايته بجلب المصالح فإن لم يظهر رجحان الجلب قدم الدرء، فيترجح المكروه علي المندوب كإعطاء فقير من القرابة تلزمه نفقته وليس في عياله من الزكاة، وثالثهما ألا يباح وهى للمالكية، والحرام على الواجب كالإلقاء باليد إلى التهلكة في الحج بخلاف الشبهة. قال الغزالي: أكثر العلماء على وجوب طاعة الأبوين في الشبهة دون الحرام وقد كره مالك قراءة السجدة في الفريضة، لأنها تشوش على المأموم فكرهها للإمام، ثم للمنفرد حسما للباب، والحق الجواز للحديث كالشافعي، كره الانفراد بقيام رمضان إذا أفضى إلى تعطيل إظهاره أو تشويش خاطره، ونهى الشرع عن انفراد يوم الجمعة بالصوم، لئلا يعظم تعظيم أهل الكتاب للسبت وأجازه مالك/ 218 - ب قال الداودي: لم يبلغه الحديث وقد كره ترك العمل فيه لذلك، وكره إتباع رمضان بست من شوال وان صح فيها الخبر لتوقع ما وقع بعد طول الزمان من إيصال العجم الصيام والقيام وكل ما يصنع في رمضان إلى آخرها، واعتقاد جهلتهم أنها منه، والمؤمن ينظر بنور الله. وقال أيضا: قاعدة: مراعاة درء المفاسد أهم من مراعاة جلب المصالح إلا بمنفصل، ومن ثم منع محمد شركة المفاوضة وعلي مالك والنعمان بيان ترجيح مصلحتها، النكتة في هذا الباب أن المقصود الأول من الشركة أن يكون عملهما أفضل من عمل واحد منهما، وهذا إنما يوجد بأن لا يكون في صورتها غبن على أحدهما، ومن ثم منع

مالك شركة الوجوه مطلقًا، والأبدان في صنعتين أو موضعين، خلافا للنعمان فيهما، وأن تكون بحيث يكون عمل كل واحد منهما في مال صاحبه كعمله في مال نفسه، وهذا نما يكون مع الخلط فان دواعي النفوس لا تتحرك إلى تمييز مال الغير كما تتحرك إلى تمييز مال النفس فالتمييز يحل بهذا المقصود ومن ثم منع محمد شركة الأبدان لأن المنافع لا تختلط في شركة المفاوضة. وقال أيضا: قاعدة درء المفسدة مشروط بأن لا يؤدى إلى مثلها أو أعظم إما وجوبا فباتفاق، وإما جوازا فقال النعمان: يجوز أن يعرض بنفسه في تغيير المنكر إعلاء لكلمة الحق المبذول فيها النفوس بالجهاد وهو نظر إلى ترجيح المصلحة فالقاعدة باتفاق. قوله: "فخذ ما نقلا" أي من أول الكتاب إلى آخره. 435 - هذا تمام المنهج المنتخب ... جامعته من أمهات الكتب 436 - لقطت منها دررا ثمينة ... مما انتهى العالم المدينة 437 - فالحمد لله على الإنعام ... بالفضل والرحمة والختام 438 - أحمده بأبلغ التحميد ... شكرا علي كلمة التوحيد 439 - إذ خير ما فاهت به الأفواه ... إخلاص لا اله إلا الله/ 219 أ 440 - سبحانه بالغ في الإنعام ... إذ عمنا بنعمة الإسلام 441 - وخصنا بالمصطفى محمد ... إذ لم نكن لولا هداه نهتدي 442 - ثم أصلي دائما علي الهدي ... والآل والصحب ومن قد اهتدي 443 - وأسأل الله به نيل المني ... ويرحم الرحمن عبدا أمنا

أمهات الكتب أي الكتب التي هي أمهات يرجع إليها ويعتمد في فن الفقه عليها. والدرر جمع درة وهي الجوهرة العظيمة، والثمينة، ذات الثمن الكثير، وعالم المدينة وهو إمامنا مالك بن أنس بن أبى عامر الأصبحي، وعليه حمل كثير من العلماء قوله صلى الله عليه وسلم: "يوشك أن يضرب الناس أكباد الإبل يطلبون العلم فلا يجدون عالمًا أعلم من عالم المدينة، وبالفضل يتعلق بالإنعام والختم ختم هذا الكتاب وإتمامه والتحميد المبالغة في الحمد مصدر حمد بالتشديد، ومنه سمى نبينا صلى الله عليه وسلم، لأنه يكثر حمد الناس له لكثرة خصال الحمد فيه صلى الله عليه وسلم، وفي جعل الإخلاص خير ما فاهت به الأفواه مبالغة فيه، كأنه قد نطق به وأدرك بحاسة السمع، وإلا فالإخلاص محله القلب، وفيه أيضا الإشارة إلى أن المعتبر الإخلاص وأن النطق بدونه لا عبرة به وعمنا بنعمة الإسلام: أي عمنا معشر المسلمين فيدخل من أسلم من الأم السابقة، أو عمنا معشر أمة محمد عليه السلام وهذا أحسن، لقوله: "وخصنا" معشر هذه الأمة من بين سائر الأم أو سائر المسلمين بمحمد صلى الله عليه وسلم إذا في هذا الوجه إيهام التضاد وهو إثبات العموم والخصوص للشيء الواحد، والهدي، وهو محمد صلى الله عليه وسلم، جعله نفس الهدي على سبيل المبالغة لكماله فيه صلى الله عليه وسلم، كما يقال: رجل عدل وفطن: "وأسأل الله به" أي متوسلا بالهدى الذي هو محمد صلى الله عليه وسلم، ويحتمل أن يعود الضمير على الله فيكون سأل الله تعالى متوسلا إليه به عز وجل. وعبدًا أمنًا: أي قال آمين فالألف لإطلاق القافية/ 219 ب. وهنا انقضى الشرح والحمد لله رب العالمين، وكان الفراغ من كتابة هذا الكتاب عشية يوم الأربعاء السابع من شهر صفر الخير من عام 1291 هـ إحدى وتسعين ومائتين وألف. والحمد لله رب العالمين، والصلاة الدائمة والتسليم على سيدنا ومولانا محمد خاتم النبيين وإمام المرسلين. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

§1/1