شرح المنظومة الميمية في الآداب الشرعية

عبد الكريم الخضير

المنظومة الميمية (1)

بسم الله الرحمن الرحيم المنظومة الميمية في الآداب الشرعية للعلامة حافظ حكمي (1) الشيخ: عبد الكريم بن عبد الله الخضير سم. الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. قال العلامة حافظ حكمي -رحمه الله تعالى-: المنظومة الميمية في الوصايا والآداب العلمية بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين على ... آلائه وهو أهل الحمد والنعمِ ذي الملك والملكوت الواحد الصمد الـ ... بر المهيمن مبدي الخلق من عدم من علم الناس ما لا يعلمون وبال ... بيان أنطقهم والخط بالقلم ثم الصلاة على المختار أكرم مبـ ... عوث بخير هُدىً في أفضل الأمم والآل والصحب والأتباع قاطبة ... والتابعين بإحسان لنهجهم ما لاح نجم وما شمس الضحى طلعت ... وعد أنفاس ما في الكون من نسم وبعد من يرد الله العظيم به ... خيراً يفقهه في دينه القيم وحث ربي وحض المؤمنين على ... تفقه الدين مع إنذار قومهم وامتن ربي على كل العباد وكل ... الرسل بالعلم فاذكر أكبر النعم يكفيك في ذاك أولى سورة نزلت ... على نبيك أعني سورة القلم كذاك في عده الآلاء قدمه ... ذكراً وقدمه في سورة النعم وميز الله حتى في الجوارح ما ... منها يعلم عن باغٍ ومغتشم وذم ربي تعالى الجاهلين به ... أشد ذمٍ فهم أدنى من البهم وليس غبطة إلا في اثنتين هما الـ ... إحسان في المال أو في العلم والحكم ومن صفات أولي الإيمان نهمتهم ... في العلم حتى اللقى أغبط بذي النهم العلم أغلى وأحلى ما له استمعت ... أذن وأعرب عنه ناطق بفم العلم غايته القصوى ورتبته الـ ... علياء فاسعوا إليه يا أولي الهمم العلم أشرف مطلوب وطالبه ... لله أكرم من يمشي على قدم العلم نور مبين يستضيء به ... أهل السعادة والجهال في الظلم العلم أعلى حياة للعباد كما ... أهل الجهالة أموات بجهلهم لا سمع لا عقل بل لا يُبصرون وفي السـ ... عير معترِفٌ كلٌّ بذنبهِم الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد، أما بعد: فيقول الناظم -رحمه الله تعالى- في منظومته الميمية في الوصايا والآداب العلمية:

بسم الله الرحمن الرحيم افتتح بالبسملة، وثنى بالحمدلة، والصلاة على النبي -عليه الصلاة والسلام- لما جاء في ذلك من الفضل بذكر الله -جل وعلا-، وإن كان ما جاء بخصوص البسملة والحمدلة والصلاة والتشهد كل ما جاء في هذا ضعيف، على خلاف بلفظ الحمدلة حيث حسنه بعض أهل العلم، كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه بحمد الله فهو أبتر، هذا حسنه النووي وابن الصلاح، وجمع من أهل العلم، وحكم كثير من أهل العلم على الحديث بجميع طرقه وألفاظه بأنه ضعيف، وعلى كل حال القرآن الكريم مفتتح بالبسملة والحمدلة، والصلاة على النبي -عليه الصلاة والسلام- جاء فضلها في نصوص كثيرة. يقول -رحمه الله تعالى-: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين على ... آلائه. . . . . . . . . يعني نعمه، على نعمه الكثيرة التي لا تعد ولا تحصى، فقد أسبغ النعم على عباده الظاهرة والباطنة، والتي أعظمها على الإطلاق نعمة الإسلام. . . . . . . . . . ... . . . . . . . . . وهو أهل الحمد والنعمِ هو أهل الحمد، وهو المنعم وهو المتفضل بهذه النعم الكثيرة. "ذي الملك" بدل من لفظ الجلالة المجرور باللام "ذي الملك والملكوت" والملكوت هو الملك إلا أنه يضاف إليه الواو والتاء للمبالغة، فيقال في الملك: ملكوت، ويقال للجبار والجبر: الجبروت "الواحد الفرد" الذي لا إله غيره "الصمد" الذي تصمد إليه الخلائق، وهو القائم بأمورها وشؤونها "البر" الجامع لأنواع البر "المهيمن" "مبدي الخلق من عدم" منشئهم من عدم، ابتدأهم من لا شيء.

"من علم الناس ما لا يعلمون" علم الناس كلهم، واختص المسلمين منهم بالعلم النافع، وعلمهم أيضاً كما علم غيرهم من أمور الدنيا، وغيرهم يعلمون ظاهراً من الحياة الدنيا وإن لم يعلموا باطنها {يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِّنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [(7) سورة الروم] هؤلاء الأمم والحضارات التي تقدمت في هذه الأزمان وهذه العصور على المسلمين بمراحل كثيرة لا يعلمون من الدنيا أما في أمور الدين لا يعلمون شيئاً، لكن لا يعلمون من أمور الدنيا إلا الظاهر؛ لماذا؟ لأنه لو علموا باطن الدنيا وحقيقة الدنيا لأسلموا، إنما علموا من أمور الدنيا ما لا ينفعهم، إذ لو نفعهم علمهم لقادهم إلى الإسلام {وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ * يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِّنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [(7) سورة الروم] فعلمهم علم ظاهر لا باطن. "من علم الناس ما لا يعلمون" سواءً كان في أمور الدين أو في أمور الدنيا "وبالبيان أنطقهم" بالبيان بالإعراب عما في قلوبهم بواسطة ألسنتهم أنطقهم، وميزهم بذلك عن غيرهم من المخلوقات، ميز الإنسان بالنطق عن سائر المخلوقات. من علم الناس ما لا يعلمون وبالـ ... بيان أنطقهم والخط بالقلم يعني علمهم الخط بالقلم، والخط هو البيان الثاني بعد اللسان، وقد يكون أبلغ من اللسان عند كثير من الناس كتابته أبلغ من كلامه، وبعض الناس كلامه أبلغ من كتابته. "ثم الصلاة على المختار" النبي -عليه الصلاة والسلام- الذي اختاره من بني هاشم، واختار بني هاشم من قريش، واختار قريش من العرب، والعرب من سائر المخلوقات، فهو صفة الصفوة، وهو المختار خلاصة المخلوقات -عليه الصلاة والسلام-. ثم الصلاة على المختار أكرم مبـ ... عوث. . . . . . . . .

أكرم مبعوث، وأكرم مخلوق -عليه الصلاة والسلام-، سيد ولد آدم "بخير هدي" بملة الإسلام، بالدين الذي لا يقبل الله من أحد سواه "بخير هدي في أفضل الأممِ" أمة محمد -عليه الصلاة والسلام- هي أفضل الأمم {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} [(110) سورة آل عمران] فهي خير الأمم، وهي أفضل الأمم، وهي أشرف الأمم بهذا النبي الكريم، وبهذا الكتاب العظيم {وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ} [(44) سورة الزخرف] لشرف لك ولقومك، فشرف هذه الأمة باقتدائها بنبيها، وبتمسكها بكتاب ربها، واعتصامها بسنة نبيها -عليه الصلاة والسلام-. هذه هي الخصيصة التي بها كرمت وفضلت على سائر الأمم، ومن أعظم الشعائر التي تميزت بها هذه الأمة شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر التي هي سبب تفضيلها على سائر الأمم {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللهِ} [(110) سورة آل عمران] فقدم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على الإيمان بالله -جل وعلا- لأنه هو الذي يميز هذه الأمة عن سائر الأمم، وإلا سائر الأمم فيهم المؤمنون؛ لماذا لا يتساوى المؤمن بإبراهيم المؤمن بموسى المؤمن بعيسى المؤمن بغيرهم من الأنبياء بالمؤمنين من هذه الأمة؟ هذه الأمة أفضل وأكرم وأشرف على الله -جل وعلا-؛ لأن هذه الشعيرة لا توجد عند غيرها، والإيمان وإن كان موجوداً إلا أنه هو الأصل ولا يصح عمل بدونه، فهذه الخصيصة هي التي امتازت بها هذه الأمة، وصارت سبباً لتفضيلها على غيرها. . . . . . . . . . أكرم مبـ ... عوث بغير هدي في أفضل الأممِ والآل. . . . . . . . . ... . . . . . . . . . يعني الصلاة على المختار على النبي -عليه الصلاة والسلام- "ثم الصلاة على المختار أكرم مبـ * عوث بخير هدي في أفضل الأمم". والآل والصحب والأتباع قاطبة ... والتابعين بإحسان لنهجهم ما لاح نجم وما شمس الضحى طلعت ... وعد أنفاس ما في الكون من نسم

صلى على النبي -عليه الصلاة والسلام-، وعلى صحابته، وعلى آله وعلى أتباعهم إلى يوم القيامة، لكنه أفرد الصلاة دون السلام، والامتثال -امتثال الأمر- في قوله -جل وعلا-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [(56) سورة الأحزاب] إنما يتم بالجمع بينهما، بين الصلاة والسلام، والسبب في ذلك طول الكلام، أطال الكلام المتعلق بالصلاة فنسي أن يختم بالتسليم، وهذه العادة أن الإنسان إذا أطال مثل ما فعل مسلم سطرين في الصلاة فنسي السلام، وتعقبه النووي في شرحه، وأطلق الكراهة في إفراد الصلاة دون السلام، وإن كان الحافظ ابن حجر -رحمه الله- يخص الكراهة بمن كان ديدنه ذلك، من كان ديدنه ذلك يتجه القول بالكراهة بالنسبة له، وأما من كان يجمع بينهما تارة، ويصلي تارة، ويسلم تارة، هذا لا يتجه القول بالكراهة بالنسبة له.

"والآل والصحب" إذا جمع اللفظان حُمل الآل على الأقربين، نساؤه، أزواجه وذريته وأقاربه، ولهم حق عظيم على هذه الأمة، فهم وصية النبي -عليه الصلاة والسلام-، ومن حقهم أن يصلى عليهم، ويسلم عليهم تبعاً له، لا على جهة الإفراد دونه، فالعرف العلمي خص الصلاة والسلام بالنبي -عليه الصلاة والسلام- استقلالاً، وإن جاز عطف غيره تبعاً له، يجوز عطف غيره تبعاً له، أما على سبيل الاستقلال فالمسألة خلافية بين أهل العلم ما لم تكن شعار لشخص بعينه، فلا يقال أبو بكر -صلى الله عليه وسلم- دون غيره، ولا يقال عمر -صلى الله عليه وسلم- دون غيره، ولا يقال: علي عليه السلام وعليه الصلاة والسلام دون غيره وهكذا، لكن من أهل العلم من يتسامح إذا فعله مع الجميع أحياناً لا يكون دائماً يكون أحياناً، وقوله -عليه الصلاة والسلام-: ((اللهم صلِ على آل أبي أوفى)) يستدل به من يقول بالجواز، وإن كان امتثالاً للأمر في قوله -جل وعلا-: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ} [(103) سورة التوبة] هذا الأمر لمن دفع الزكاة يصلى عليه، اللهم صلِ على فلان، أو على آل فلان امتثالاً للأمر، وهذا خاص في هذا الموضع، أما ما عداه فلا يصلى إلا على النبي -عليه الصلاة والسلام- كما أنه لا يقال: محمد -عز وجل- وإن كان عزيزاً جليلاً، لكن العرف عند أهل العلم خص هذا بالله -جل وعلا-، الترضي خصوه بالصحابة، والترحم على من جاء بعدهم. "والآل والصحب" الآل أصله أهل، ولذا يصغر على أهيل، ومنهم من يقول: من أول من الهمزة والواو واللام؛ لأنه يؤول إليهم، ويؤولون إليه، يرجع إليهم، ويرجعون إليه أهله منهم من هو من أصوله، ومنهم من هو من فروعه، فهو يرجع إليهم ويؤول إليهم، ومنهم من يقول: أصله أهل، والخطب سهل.

"والآل والصحب" الصحب: جمع صاحب كركب جمع راكب، وهو من رأى النبي -عليه الصلاة والسلام- مؤمناً به، ومات على ذلك "والأتباع" يعني من تبع هؤلاء بإحسان إلى يوم الدين "والأتباع قاطبة" يعني جميعاً "والتابعين بإحسان لنهجهم" الأتباع والتابعين تكرار وإلا ليس بتكرار؟ يعني إذا قلنا: الأتباع المراد بهم واحدهم تابعي، وهو من لقي الصحابة، التابعين لهم من جاء بعدهم، نقول: هذا ليس بتكرار، وإذا قلنا: الأتباع يشمل التابعين، ومن جاء بعدهم قلنا: والتابعين زيادة تأكيد، لكن حمل كل لفظ على حقيقة أولى، فنقول: الأتباع: جمع تابعي، وهو من رأى الصحابي حال كونه مؤمناً بالنبي -عليه الصلاة والسلام- ومات على ذلك فهو تابعي. والتابعين بإحسان، يعني إلى يوم القيامة، من هذه الأمة. "والتابعين بإحسان لنهجهم" يعني على طريقتهم، على ما كان عليه أولئك السلف الأوائل. "ما لاح نجم" لاح يعني ظهر ولمع "نجم وما شمس الضحى طلعت" شمس الضحى تخصيص شمس الضحى دون شمس أول النهار وشمس العصر لأنها أقوى، الشمس في رابعة النهار أقوى منها في أول النهار وآخره ولذلك تخصص دائماً. . . . . . . . . . وما شمس الضحى طلعت ... وعد أنفاس ما في الكون من نسمِ "عد أنفاس ما في الكون من نسم" هذه مبالغة في الكثرة؛ لأنه من صلى على النبي -عليه الصلاة والسلام- مرة صلى الله عليه بها عشراً، فكم يكون عد ما في .. ، "وعد أنفاس ما في الكون من نسمِ" أجور عظيمة يحرمها الغافل، لكن هل يتحقق في الإجمال ما يتحقق في التفصيل؟ نعم؟ يعني يتحقق في الإجمال ما يتحقق في التفصيل؟ يعني بدلاً من أن تقول عشر مرات: اللهم صلِ وسلم على عبدك ورسولك محمد عشر مرات تقول: اللهم صل على محمد عدد رمل عالج، يتحقق هذا وإلا ما يتحقق؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . .

إذا كان من الوارد في النصوص: ((عدد خلقه، وزنة عرشه، ومداد كلماته، ورضا نفسه)) هذا ما فيه إشكال، لكن غير وارد يعني بإمكانك أن تقول: لا حول ولا قوة إلا بالله عدد خلقه، ورضا نفسه، ومداد كلماته، وزنة عرشه ليحصل لك الأجر العظيم؟ في الوارد نعم ما في إشكال، يعني في الوارد؛ لأنه لو لم يترتب عليه الأثر ما جاء الحث عليه، لكن كون الإنسان يشبك ويلحق هذه الأعداد بذكر ورد مفرداً ومجرداً، يعني لو تقرأ الفاتحة مثلاً مرة واحدة، أو تقرأ قل هو الله أحد تقول: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ} [(1 - 4) سورة الإخلاص] عدد رمل عالج يحصل وإلا عدد الخلق؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . كيف؟ طالب:. . . . . . . . . باللفظ، لا بد أن يؤتى به باللفظ، لكن التسبيح؟ الله أكبر عدد رمل عالج. هاه؟ طالب:. . . . . . . . . إيه، لكن يحصل العدد وإلا ما يحصل؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . نعم؟ طالب:. . . . . . . . . هو لا يشك أحد في فضل الله -جل وعلا- وسعة جوده وكرمه ما نشك في هذا، لكن الكلام المسألة مسألة اتباع، يعني وعد أنفاس ما في الكون من نسم، هو يريد الكثرة الكاثرة، وأجورها على الله -جل وعلا- بقدر ما يكتبه للإنسان، وقد يكتب للإنسان بلفظ واحد ما لا يكتب لغيره بألفاظ بحسب ما يستحضره من معاني، نعم بينما أرشد إلى قوله: ((سبحان الله ... عدد خلقه، ورضا نفسه، ومداد كلماته، وزنة عرشه)) إلى آخر الباقيات الصالحات، لكن إذا قلنا: إن هذا التكثير هم يفرقون بين العدد الإجمالي والعدد التفصيلي، يعني إذا قلت: استغفر الله ثلاثاً، يحصل به الأجر؟ ما يحصل، ولذلك بين الراوي تقول: استغفر الله، استغفر الله، استغفر الله، فالإجمال لا يحصل به التفصيل إلا إذا ورد فيه نص، ما يحصل ما رتب به على التفصيل إلا إذا ورد به نص، وعلى كل حال هذه الأعداد التي ذكرها لا شك أنه يثاب عليها؛ لأن قصده التكثير من هذه الصلاة على النبي -عليه الصلاة والسلام- التي جاء الحث عليها. نعم؟ طالب:. . . . . . . . . يعني هذه مصدرية، نعم.

. . . ... وعد أنفاس ما في الكون من نسمِ "وبعد" الأصل أما بعد، السنة المأثورة عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أما بعد، رويت عنه من أكثر من ثلاثين صحابياً، ويستعملها في خطبه ومكاتباته، فالإتيان بها سنة للانتقال من أسلوب إلى آخر. وبعد من يرد الله العظيم به ... . . . . . . . . . لو جاء بـ (أما) التي هي حرف شرط وتفصيل لاقترن جوابها بالفاء، ومن المتأخرين من يرى أن الواو تقوم مقام (أما) ونص عليه الزرقاني في شرح المواهب، يقول: إنها تقوم مقام (أما). "وبعد" يبنى على الضم لأنه حذف المضاف ونوي معناه. . . . . . . . . . من يرد الله العظيم به ... خيراً يفقهه في دينه القيمِ هذا يدل عليه حديث معاوية -رضي الله عنه وأرضاه-، وجاء عن غيره من الصحابة: ((من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين)) بجميع أبوابه، يفقهه في الدين بجميع أبوابه، لا أن الحديث محصور على الفقه بالأحكام العملية، وإن كان الفقهاء يصدرون كتبهم بهذا الحديث، وإلا فالعقائد هي الفقه الأكبر عند أهل العلم، ودخولها في الحديث دخولاً أولياً كغيرها من أبواب الدين. وبعد من يرد الله العظيم به ... خيراً يفقهه في دينه القيمِ ذكرنا مراراً أن من لم يتفقه في الدين هل أريد به شر أم أنه لم يرد به خير في هذا الباب، وإن أريد به خير من أبواب أخرى؟ وقلنا: إن بعض عامة المسلمين من لا يقرأ ولا يكتب ولم يتفقه ولا يعرف حكم، ومع ذلك عنده من أعمال الخير وضرب من أبواب الخير بحظ وافر بكثير من أبواب الخير، تجده صاحب صلاة وصيام وأذكار ونفقات، وقد يكون ضارب بسهم في جهاد ونحوه وبر وصلة وحج وغيره من أعمال الخير، نقول: هذا من هذا الباب باب الفقه وباب العلم هذا ما أراد الله به خيراً، لو أنه أراد به خيراً لوجهه إلى هذا، وإن أراد به خيراً من جهات أخرى.

قد يقول قائل: ((من يرد الله به خيراً)) نكرة في سياق الشرط فتعم الخير كله، يفقهه في الدين، هل نقول: إن هذا لم يرد به خير ولو أنفق ولو جاهد ولو صلى ولو صام أنه ما أريد به خير؟ نكرة في سياق الشرط تعم أنواع الخير، نقول: وإن كان اللفظ عاماً إلا أنه جاء ما يخصصه؛ لأن الشرع جاء بالحث على هذه الأبواب كلها، فمن امتثل هذا الحث وهذه الأوامر فهو على خير بلا شك، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . طيب، لكنه ما تفقه، نتفق على أنه ما تفقه، وإن عبد الله فعلى جهل، لا بد أن يعتري عبادته ما يعتريها، نقول: وإن كان اللفظ يفيد العموم إلا أنه جاء ما يخصصه بنصوص أخرى، جاء الحث على نوافل العبادات صيام صدقة صلاة حج جهاد بر صلة هذا كله خير بالنصوص خير، وإنما جاء هذا اللفظ للعناية بشأن العلم والفقه في الدين. "يفقهه في دينه القيمِ" {دِينًا قِيَمًا مِّلَّةَ إِبْرَاهِيمَ} [(161) سورة الأنعام] نعم؟ طالب:. . . . . . . . . كيف؟ طالب:. . . . . . . . . يعني هم أفضل من غيرهم؟ طالب:. . . . . . . . . هذه خيرية نسبية في هذا الباب، وقد يكون خير في هذا الباب وشر في أبواب أخرى، وإن كان من وصف بالشر قد لا يتصف بالخير الموجود هنا؛ لأن الفقه ما نفع، لا يلزم أن يكون فقيهاً ولو عرف الأحكام بأدلتها إذا لم يعمل بعلمه. "في دينه القيم". وحث ربي وحظ المؤمنين على ... تفقه الدين مع إنذار قومهم مع إنذار {فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُواْ إِلَيْهِمْ} [(122) سورة التوبة] يقول: وحث ربي وحظ المؤمنين على ... تفقه الدين مع إنذار قومهم يعني الإنسان إذا تعلم عليه أن يُعلّم، وقد أخذ الله الميثاق على أهل العلم أن يبينوا للناس ولا يكتمون. وامتن ربي على كل العباد وكل ... الرسل بالعلم فاذكر أكبر النعم أكبر النعم أن تعبد الله -جل وعلا- وتحقق ما خلقت له على بصيرة، وهذا لا يتأتى إلا بالعلم المقرون بالعمل. يكفيك في ذاك أولى سورة نزلت ... . . . . . . . . . يكفيك لوما نزل إلا سورة اقرأ {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} [(1) سورة العلق].

يكفيك في ذاك أولى سورة نزلت ... على نبيك أعني سورة القلم "كذاك في عده الرحمن" كذلك في عده الآلاء "قدمه" {الرَّحْمَنُ * عَلَّمَ الْقُرْآنَ * خَلَقَ الْإِنسَانَ * عَلَّمَهُ الْبَيَانَ} [(4) سورة الرحمن] هو علم، يعني افتتح هذه السورة سورة الآلاء سورة النعم {فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} [(13) سورة الرحمن] افتتحها بالعلم والتعليم. "كذاك في عده الآلاء" النعم "قدمه" قدم العلم "ذكراً وقدمه في سورة النعم" وقدمه في سورة النعم، سورة النعم هي سور النحل، بسبب ما عدد الله -جل وعلا- فيها من نعمه على عباده، وأي آية تدل على العلم في سورة النحل؟ {فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ} [(7) سورة الأنبياء] نعم؟ طالب:. . . . . . . . . ارفع ارفع صوتك؟ طالب:. . . . . . . . . أيوه؟ طالب:. . . . . . . . . طيب؛ لأنه لو قلنا: إنه قوله -جل وعلا-: {فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ} [(43) سورة النحل] يشترك معها سورة الأنبياء، في سورة الأنبياء أيضاً: {وَاللهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئًا} [(78) سورة النحل] هذه تدل على العلم؟ امتنان بالعلم. وميز الله حتى في الجوارح ما ... منها يعلم عن باغ ومغتشمِ الجوارح من الكواسر الطيور ومن الوحوش، من الحيوانات المتعلم منها مميز على غيره، الكلب أنجس المخلوقات، ولذا جاء غسل ما ولغ فيه سبعاً، ويعفر بالتراب سبع، والنجاسات المغلظة العذرة يكفيها الثلاث، والكلب نجاسته مغلظة جداً، لا بد من غسل ما ولغ فيه سبعاً، ويؤكل ما يصيده إذا تعلم، إذا اتصف بالعلم ومع أن من الحيوانات من الوحوش ما هو أطهر منه، ما هو خير منه، الكلب ضُرب به أبشع الأمثلة {إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث} [(176) سورة الأعراف] العالم الذي يعلم ثم لا يعمل، أو يعمل بخلاف علمه الذي يعود في هبته مثله كمثل الكلب، ليس له إلا مثل السوء، ولو كان هناك أقبح وأشنع منه مُثل به، ومع ذلك تشرف بالعلم، فيؤكل ما يصيده. وميز الله حتى في الجوارح ما ... منها يعلم عن باغ ومغتشمِ الأسد ملك الوحوش الكلب المعلم أفضل منه.

وذم ربي تعالى الجاهلين به ... أشد ذمٍ فهم أدنى من البهمِ {أُوْلَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ} [(179) سورة الأعراف]. وليس غبطة إلا في اثنتين هما ... الإحسان في المال أو في العلم والحكمِ وليس غبطة إلا في اثنتين ((لا حسد إلا في اثنتين)) لا حسد يعني لا غبطة، الحسد المذموم الذي يُتمنى فيه زوال النعمة عن الغير هذا محرم، ويأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب، لكن الحسد الممدوح هنا هو الغبطة ((لا حسد)) يعني لا غبطة ((إلا في اثنتين)) يعني في خصلتين ((رجل آتاه الله الحكمة فهو يعلمها، ورجل آتاه الله مالاً فهو ينفقه)) نعم؟ طالب:. . . . . . . . . إيش؟ طالب:. . . . . . . . . لأن الحسد ينقسم إلى التمني يجمعه التمني، التمني يجمع النوعين، ثم بعد ذلك إن صاحبه تمني زوال النعمة عن غيره فهو المذموم، وإن صاحبه بقاء النعمة على المنعم عليه وتمني مثلها له هذا محمود. وليس غبطة إلا في اثنتين هما ... الإحسان في المال أو في العلم والحكمِ ومن صفات أولي الإيمان نهمتهم ... في العلم حتى اللق اء أغبط بذي النهمِ أغبط أفعل تفضيل من الغبطة، هؤلاء المنهومين بالعلم الشرعي، الذين يقصدون به وجه الله -جل وعلا-، ويقصدون به إخراج أنفسهم من ظلمات الجهل، ونفع غيرهم بنور العلم، هؤلاء المتصفون بهذه هم المؤمنون حقاً؛ لأنهم يعبدون الله -جل وعلا- على بصيرة، ويُعلمون غيرهم. ومن صفات أولي الإيمان نهمتهم ... في العلم حتى اللقاء. . . . . . . . . يعني لا ينقطع ولا ينقضي أمد التعلم، إنما هو من حصول الآلة كما تقدم من التمييز إلى الوفاة {وَاعْبُدْ رَبَّكَ} [(99) سورة الحجر] لأنه عبادة {وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ} [(99) سورة الحجر] ومن أعظم ما يتعبد به الرب -جل وعلا- العلم الشرعي المورث للخشية، وليست له نهاية. العلم أعلى وأحلى ما له استمعت ... أذن وأعرب عنه ناطق بفم

هذا عند من؟ هذا بالنسبة لمن؟ لمن تلذذ بالعلم؛ لأن العلم كغيره من التكاليف عبادة من العبادات، في أول الأمر جهاد، ثم بعد ذلك يتلذذ به طالبه، فيصير عنده أفضل مسموع تطرب الأذن لسماعه، ويتلذذ اللسان بالنطق به، وهذا شيء جربه من جربه، وطالب العلم حتى العالم إذا كان له نصيب من ازدياد في العلم والتعليم وجد هذه اللذة، ويتعجب الناس من الصبر والجلد عند بعض المتعلمين وعند بعض المعلمين، تجد بعض أهل العلم يتمنى ألا يوجد وقت عنده إلا ويصرف في العلم، والأمثلة موجودة ولله الحمد، يعني يوجد في المتقدمين كثير، كثير في الأئمة من الصادقين، ومن جاء بعدهم وقتهم كله للعلم والتعليم، للعلم والعمل، يوجد مثلاً على سبيل المثال الطيبي شرف الدين الطيبي، يجلس من بعد صلاة الفجر إلى أذان الظهر للتفسير لتفسير القرآن، وبعد صلاة الظهر إلى أذان العصر لصحيح البخاري، وبعد صلاة العصر إلى أذان المغرب لكتاب آخر نسيته، وهكذا هذا ديدنه، إلى أن قبض وهو ينتظر صلاة الظهر بعد فراغه من درس التفسير في يوم من الأيام في المسجد، هذا تلذذ، بعض شيوخنا الذين ذهبوا ودرجوا، وبعضهم ممن يوجد الآن على هذا .. ، عنده استعداد يدرس عشرة دروس باليوم، النووي اثنا عشر درس باليوم، الآن يوجد عندنا من المشايخ يدرس ليل نهار يدرس ولا يمل، والشباب الذين حوله يخدمونه يملون، يتناوبونه مناوبة، وطلاب العلم بعضهم ما شاء الله من حلقة إلى درس، ومن مسجد إلى مسجد، وبعد ذلك إذا ذهب إلى البيت الكتاب بيده، والحفظ والفهم والمراجعة مراجعة الكتب، وواحد من شيوخ شيوخنا ليلة زواجه لما اضطجع وأوى إلى فراشه مع عرسه تذكر آية فأشكلت عليه فنزل إلى المكتبة ومن تفسير إلى تفسير إلى أن أذن الفجر، العلم العلم يعني يصل إلى حد تتمنى أنه لا يوجد في الوجود غيره، يعني مر على بعض من كان له نهم بالمطالعة والقراءة أنه إذا أذن تعجب كيف أذن تو إحنا مصلين، لكن إذا أكمل الكتاب الذي بيده وانقطع يوم أو يومين أو ثلاثة الاستئناف من أصعب الأمور، وعلى طالب العلم أن يواصل لا يفتر؛ لأنه إذا فتر المعاودة صعب، والله المستعان. العلم أعلى وأحلى ما له استمعت ... أذن وأعرب عنه ناطق بفمِ

تسمعون بعض المشايخ وهو يقرر بعض المسائل العلمية يعني تتمنى ألا يسكت، وبعضهم مجرد ما تسمع الجملة الأولى منه ينبو عنه سمعك، وتنفر منه أذنك، وتتمنى أن يسكت ولا يتكلم؛ لماذا؟ لأن هذا أخذ العلم على الجادة، وحفظ وفهم على الأصول، وعلى القواعد المقررة عند أهل العلم، وبعضهم ثقافات من كل علم، وإذا أراد أن يتكلم بمسألة شرعية النص لا يحضره، وكلام أهل العلم الذي فيه القوة والمتانة ما حفظ منه شيء، وإذا .. ، مع الأسف أن بعضهم يسأل سماعاً ثم يأخذ يلت ويعجن يروح يمين يسار، ثم بعد ذلك إذا فرغ عنه يكون طلاسم؛ لأن بعضهم يستفتي بعض الناس بعض القنوات أو بعض الآلات بشريط مثلاً، ثم يفرغ عنه طلاسم، تجده ألفاظ ما لها قيمة، فأين هو من هذا الكلام؟ العلم أعلى وأحلى ما له استمعت ... أذن وأعرب عنه ناطق بفمِ هذا كل إنسان يدركه، يعني طالب العلم المبتدئ يميز، العوام يميزون أن هذا يعي ما يقول، وهذا لا يعي ما يقول وإن تكلم، وإن أضفيت عليه الألقاب، ما يمشي هذا حتى على العامة. العلم غايته القصوى ورتبته العُليا ... . . . . . . . . . أو العَلياء؟ لأن مقابلة القصوى العُليا، لكن الغاية عالية رفيعة {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ} [(11) سورة المجادلة] درجات من درجات الجنة، ما هي بالدرجات اللي ارتفاعها شبر أو دون من الشبر، يعني بين الدرجة والدرجة من درجات الجنة مثل إيش؟ ما بين السماء والأرض، درجات درجات يعني ما هي المسألة .. ، درجة واحدة ترفعك إلى شيء لا يخطر على بالك، فكيف بالدرجات؟! . . . . . . . . . ... فاسعوا إليه يا أولي الهمم "فاسعوا إليه" يعني إلى العلم يا أصحاب الهمم العالية، دون الهمم الدنيئة الوضيعة التي تقنع بالدون، تقنع باليسير، لا تقنعوا باليسير، فاسعوا إلى غايته القصوى.

"العلم أشرف مطلوب" لكن المقصود به العلم النافع الذي يورث الخشية لله -جل وعلا- {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء} [(28) سورة فاطر] فالذي لا يخشى الله -جل وعلا- علمه ليس بعلم، حصر حقيقي {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء} [(28) سورة فاطر] فالذي لا يخشى الله -جل وعلا- ليس من أهل العلم وإن ادعى ذلك، وإن حمل ما حمل من المسائل، وإن تفنن وإن ضرب من كل علم بطرف، لكنه إذا لم يورثه هذا العلم خشية الله -جل وعلا- فليس بعلم. العلم أشرف مطلوب وطالبه ... لله. . . . . . . . . يعني مخلصاً فيه لله -جل وعلا- "أكرمُ من يمشي على قدمِ" فإذا تمايزت الوحوش بالعلم فلأن يتمايز المكلفون به من باب أولى. العلم نور مبين يستضيء به ... أهل السعادة. . . . . . . . . يعني هم أهل العلم "العلم نور مبين يستضيء به * أهل السعادة" يعني السعادة في الدارين، لا يظن كما يظن بعض الجهال أن انحباس الإنسان على كتبه وتركه ما يتداوله الناس من ملذوذات الدنيا ومتعها الزائلة لا يظنه حبس؛ لأن بعض الناس ينعى على بعض الناس أنه والله مسكين محجور بها البيت لا يروح ولا يجي، وما غير كتاب ومن كتاب إلى كتاب، وين الناس؟ وين الوناسات؟ وين الاستراحات؟ هم أهل السعادة، لكن ما يدرك هذا. العلم نور مبين يستضيء به ... أهل السعادة. . . . . . . . . السعادة في الدارين، ويراد بذلك أهل العلم الذين طلبوه لله -جل وعلا-، وعملوا به لا يقال، ولا يماري به، ولا ليجادل به؛ لأنه سيأتي في كلام الشيخ الآفات التي تعتري طالب العلم. ومن يكن ليقول الناس يطلبه ... أخسر بصفقته في موقف الندمِ يتبين على ما سيأتي -إن شاء الله تعالى-، لكن أهل السعادة هم الذين طلبوه لله -جل وعلا- خالصاً لوجهه وعملوا به.

"والجهال في الظلم" الجهال الذين لا يتعلمون في ظلم، وهذا واضح، يعني مثل ما ضرب أبو بكر الآجري في كتابه أخلاق العلماء مثال، قال: فضل العلماء على غيرهم كمثل قوم ساروا في مهلكة مهيعة، وادٍ فيه سباع وحيات وأشجار وصخور يسيرون في ليلة مظلمة، فإن سلم من حية نهشه سبع، وإن سلم منهما كسرت رجله حصاة، وما أشبه ذلك، أو وقع على وجهه فجرح، فيأتي شخص بيده مصباح يتقدمهم ينظرون بواسطة مصباحه حتى يخرجوا من هذه الأرض المهلكة، هذا صاحب العلم وهذا الجاهل، وتجد الجهال يتصرفون تصرفات لا يعلمون مدى خطورتها، ويتعاملون بمعاملات يجهلون حكمها، وفي النهاية يقعون في المحرمات والمحظورات. "والجهال في الظلمِ". العلم أعلى حياة للعباد كما ... جج أهل الجهالة أموات بجهلهم "العلم أعلى حياة للعباد" هذا الحي حياة تنفعه، حياة سعيدة لا حياة شقاء وتعاسة. "كما * أهل الجهالة أموات بجهلهم" لا سمع لا عقل بل لا يبصرون. . . . . . . . . ... . . . . . . . . . يعني ليس لهم سمع ولا عقل، ولا أعين يبصرون بها؛ لأنها وإن وجدت هذه الحواس إلا أن وجودها مثل عدمها، ولذا نفاها الله -جل وعلا- عن من لا يستفيد منها. "وفي السعير" في جهنم -نسأل الله العافية- "معترف كل بذنبهم" يعترفون بذنوبهم؛ لأنهم انصرفوا عن الدين لا يتعلمونه ولا يعملون به، إلا عمل لا يوافق مراد الله -جل وعلا-، وذُكر من النواقض الانصراف بالكلية عن الدين لا يتعلمه ولا يرفع به رأساً، ولا يعمل به، هذا لا شك أنه لا حظ له من الدين، والله أعلم. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. يقول: هل هناك طرق مجربة أو توصي بها لتربية الأولاد عن حفظ العلم وحبه؟

مسالك يسلكها المربون لتحبيب الطلاب بالعلم من ضروب الترغيب والترهيب، وهذه الضروب ما كانت موجودة في السابق؛ لماذا؟ لأنه في السابق ليس عنده ما يشغله، إن اشتغل بتعليم وإلا اشتغل بمهنة شاقة، فذهابه للتعليم أيسر له وخير له من أن يعمل في مزرعة والده أو في متجره أو في مصنعه، فهو يرتاح بالعلم، أما الآن البديل للتعليم النوم واللعب، البديل للتعليم الآن هو النوم أو اللعب، فلا بد من أن يعان، وأن يؤخذ بيده، فإما مرة بترغيب ومرة بترهيب، ويحتاج إلى تأديب وحزم أحياناً، فبهذا يرغب -إن شاء الله تعالى- بالعلم، وهناك مواقف أحياناً تصد عن التعلم، يحصل له موقف عند المعلم إما أن يضربه أو يعامله معاملة، أو يتكلم عليه بكلام لا يحتمله، ثم يترك التعليم بالجملة، لا بد أن تعالج مثل هذه الأمور، والإشكال أنها تعالج أحياناً بأساليب غير مناسبة، يعني تساهل أكثر من اللازم، ومثل هذا لا شك أنه لا يحقق النتيجة المرجوة من هذا التساهل، نعم ينبغي أن تكون المسألة فيها شيء من التوازن، لا بد أن يكون هناك شيء من التوازن؛ لأنه نعم في السابق قد يقسو المعلم على التلميذ، ثم يخرج إلى غير بدل، لا يتعلم إطلاقاً، فيعود عامياً لا يقرأ ولا يكتب، ويشتغل بأمور أخرى، أما الآن لا توجد هذه القسوة، مُنعت هذه القسوة منعاً باتاً، وتبعاً لذلك منع جميع الأساليب التي تجبر الطالب على التعلم، ما فيه إلا ترغيب الآن، ما في شيء اسمه ترهيب، وهي ردة فعل من السابق؛ لأنه كان السابق فيه ضرب، فيه إرهاب شديد للطفل الصغير. يعني أحمد أمين لما كتب في فيض الخاطر، كتب في الجزء الأول من فيض الخاطر، يحكي الكُتاب الذي درس فيه، وذكر من الشدة والعصي الطويلة والقصيرة، والجلوس على التراب، والسقف تنهال منه الأتربة والشرب من الماء الكدر، ذكر أشياء يعني ما يصبر عليها إلا شخص مجبور على هذا الأمر، وهذا واقع يعني ما ينكر أنه واقع.

يقول: ثم جاء الولد يعني يقصد ولده فما الذي حصل بعد الكتاب الذي تحدث عنه طويلاً في عشر صفحات؟ فجاء الولد فلما بلغ السادسة أو قبل ذلك الخامسة أو الرابعة ذهبت به إلى الروضة، فاستقبلته سيدة في فناء مزروع، وبدأ يتحدث بأسلوبه الذي أجزم أن فيه مبالغة، بالهدايا والحلوى، وما أدري المهم أنه .. ، وإذا حصل له أدنى شيء في اعتلال صحته لا يدخل مع باب الروضة إلا بتقرير طبي، وكنا نشرب الماء من الزير، ما أدري تعرفون الزير وإلا ما تعرفوه؟ يدخل الطالب يده إلى الكتف ليأخذ الكأس في الزير، ثم يأتي يقول: يأتي بقرص نصفه تراب، المهم أنه .. ، ويأتي الفقيه –السيد- يأتي بزيت، وكلهم يغترفون من هذا، المهم تحدث عن الكتاب وتحدث عن روضة الأطفال، أنا ما أدري لماذا يبالغ في ذم الكتاب، ويبالغ مبالغة شديدة في مدح روضة الأطفال، ويختم الكلام بسطر: وفي النهاية حفظت القرآن ولم يحفظ شيئاً، أنا لا أدري لماذا يبالغ في ذم الكتاب وفي النهاية حفظ القرآن والولد لم يحفظ شيئاً، يعني هل النتيجة مرة لأن الوسيلة والمقدمات كلها مرة؟ بالعكس، يا أخي الإنسان يتحمل هذه الوسيلة في سبيل الوصول إلى الغاية، وفي النهاية حفظ القرآن ولم يحفظ شيئاً، يعني هل هذا تنفير من الكتاب، وترغيب فيما مدحه وأطراه أو العكس؟ يعني لو توسط في أمره قلنا: العكس، لكن لو شفت لو قرأت الأسلوب الذي كتب به عن الكتاب ما يدخل الكتاب بعد هذا إلا إنسان لا عقل له، وفي النهاية حفظت القرآن، إلا إذا كان حفظ القرآن لا وزن له عنده، فأنت تعجب من السرد الخيالي للكتاب ولروضة الأطفال، ومع ذلك في النهاية حفظت القرآن ولم يحفظ شيئاً. يعني الإنسان إذا أراد أن يعرض شيء له غاية وله هدف حينما يتحدث عن شيء، هل يعرض الغاية التي هي أعظم مقصود لطالب العلم حفظ القرآن يعرضها بهذه الطريقة، هل هو الآن في عرضه يحث على حفظ القرآن أو ينفر من حفظ القرآن؟ يعني الذي يقرأ العرض ينفر من الكتاتيب بحيث يجعل من يقبل دخول ولده فيها لا عقل له، وفي النهاية حفظت القرآن، ... ليس بهذا، نعم لو المسألة نقد موجه إلى الكتاتيب والمطالبة بالإصلاح ما يخالف، لكن هذا أمر انتهى، يتحدث عنه بعدما انتهى.

طالب:. . . . . . . . . لا لا، كلهم حفظوا القرآن، كلهم حتى طه حسين حفظ القرآن مرتين بهذه الطريقة، ومع ذلك أعطوا ذكاء ولا أعطوا زكا -نسأل الله العافية-، لا نقول: الجميع، لكن من قرأنا لهم تجده حفظ القرآن، ومعلم في مدرسة القضاء الشرعي، ومع ذلك عنده مخالفات كبيرة هو الذي كتبها بقلمه. يقول: كيف الجمع بين حديث: ((على رأس مائة سنة لا يبقى على وجه الأرض أحد منه عليها)) أو كما قال -عليه الصلاة والسلام- وبين حديث الجساسة، وهو يدل على وجود الدجال، والأول ينفي وجوده، وقد استشهد الشيخ ابن عثيمين بالحديث الأول، واستشهد أحد المشايخ الفضلاء بالحديث الآخر؟ على كل حال لا منافاة بينهما؛ لأن الحديث الأول على وجه الأرض، وحديث الجساسة في البحر. يقول هذا: حديث: ((لا يقاد الوالد بولده)) هل هو صحيح عند أهل العلم للحديث الشريف؟ نعم ثابت عندهم يصل إلى درجة الاحتجاج. ومعناه: إذا قتل الوالد ولده لا يقتص من الوالد، وهل يحاسب الوالد على قتله ولده يوم القيامة أم لا يحاسب؟ المسألة مفترضة في والد سوي، أما في والد ذهب عقله بتأثير شهوة، أو مأكول أو نحوه أو مشروب كثرت هذه الجرائم بسبب ما يحصل من الآباء من مخدرات، وما أشبه ذلك، وما يحصل من الأولاد من مخالفات؛ لأنه وجد من قتل ولده غيرة على محارمه، وحصل قضايا، لكنها يعني ما زالت قليلة -ولله الحمد-، قد توجد في مجتمعات أخرى، المقصود أنه يقتله إما لمؤثر في عقله، أو لغيرة، أو ما أشبه ذلك، أو لتأديب زاد فيه فوصل به إلى حد القتل، أو ما أشبه ذلك، فمثل هذا يتجه مثل تطبيق هذا الحديث، من أهل العلم من يقول: إذا قصد قتله من غير سبب، وأضجعه وذبحه كما تذبح الشاة هذا يقول: ليس له مبرر، ولا يدل عليه أن هناك تحقق لهذه الأبوة، فوضعهم كوضع الأجنبي، فإذا كان ذبحه على هذه الطريقة يقاد به، أما إذا أراد تأديبه فمات من أثر تأديب، أو قتله غيرة، أو ما أشبه ذلك، أو في حالة غضب بسبب تأثير مؤثر، فأهل العلم يقولون: إنه لا يقاد به، كونه يحاسب الوالد على قتل ولده بلا شك، على قتل ولده يوم القيامة لا شك أنه يحاسب؛ لأنها جريمة على كل حال. هل يعتبر سن الثلاثين كبير على الحفظ أم فيه القدرة؟ أُعلن عن عجوز جاوزت السبعين، امرأة جاوزت السبعين أتمت حفظ القرآن، وقد بدأت به بعد الستين فلا يأس ...

المنظومة الميمية (2)

بسم الله الرحمن الرحيم المنظومة الميمية في الآداب الشرعية – للعلامة حافظ حكمي (2) الشيخ: عبد الكريم بن عبد الله الخضير السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. البيت الذي جاء في درس الأمس في قول الناظم. يكفيك في ذاك أولى سورة نزلت ... على نبيك أعني سورة القلمِ هذا يقول: أليس أول سورة هي سورة العلق؟ لأن بعضهم قال: إن المراد بالبيت سورة (ن والقلم) لكن قوله: يكفيك في ذاك أولى سورة نزلت ... . . . . . . . . . ولم يدعِ أحد من أهل العلم أن سورة (ن والقلم) هي أول ما نزل، يعني الخلاف بين (اقرأ) و (المدثر) وجاء في الحديث الصحيح إن أول ما نزل المدثر، لكن عامة أهل العلم على أن أول ما نزل (اقرأ). يكفيك في ذاك أولى سورة نزلت ... على نبيك أعني سورة القلمِ لماذا لم يقل العلق؟ أولاً: الوزن يقتضي هذا، الوزن يقتضي أن تكون سورة القلم، وسماها سورة القلم لذكر القلم فيها. يقول: آمل أن تبينوا لي منهجاً علمياً بترتيب المتون التي يمكن تعليمها لطفل عمره تسع سنوات فما فوق، وحافظته جيدة، يحفظ ما يعادل ثلاثة أسطر ونحوها يوماً، إذا زاد قد لا يستطيع ذلك، فما هي المتون التي يمكن أن يحفظها؟ عليه أولاً: أن يبدأ بحفظ المفصل، ثم يزيد عليه تدريجياً، ويحفظ مع ذلك الأصول الثلاثة، والقواعد الأربع، والأربعين النووية، ويحفظ صغار المتون. يقول: ما هي الآية المقصودة في سورة النعم التي هي سورة النحل؟ ترددنا بالأمس هل هي قوله -جل وعلا-: {فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ} [(43) سورة النحل] وقلنا: إنها توجد أيضاً في غيرها في سورة الأنبياء، وذكرنا أمس أو ذكرنا بعض الإخوة، هاه؟ طالب:. . . . . . . . . نعم؟ طالب:. . . . . . . . . {وَاللهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئًا} [(78) سورة النحل] فامتن عليهم بعد ذلك بالعلم بأن جعل لهم وركب فيهم الآلات التي بها يحصل العلم. وهذا يقول: انتهيت من حفظ البلوغ فماذا أفعل؟

إن كنت قد حفظت المتون التي قبل البلوغ، حفظت الأربعين، حفظت العمدة، حفظت البلوغ بعد ذلك، حفظت في العلوم الأخرى فأنت حينئذٍ تنشغل بعد ذلك بالكتب الأصلية المسندة. سم. الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. قال العلامة حافظ -رحمه الله تعالى-: العلم أعلى حياة للعباد كما ... أهل الجهالة أموات بجهلهمِ لا سمع لا عقل بل لا يبصرون وفي الـ ... سعير معترف كل بذنبهم فالجهل أصل ضلال الخلق قاطبة ... وأصل شقوتهم طراً وظلمهم والعلم أصل هداهم مع سعادتهم فلا ... يضل ولا يشقى ذوو الحكم والخوف بالجهل والحزن الطويل به ... وعن أولي العلم منفيان فاعتصم العلم والله ميراث النبوة لا ... ميراث يشبهه طوبى لمقتسم لأنه إرث حق دائم أبداً ... وما سواه إلى الإفناء والعدم ومنه إرث سليمان النبوة والـ ... فضل المبين فما أولاه بالنعم كذا دعا زكريا ربه بولي ... الآل خوف الموالي من ورائهم العلم ميزان شرع الله حيث به ... قوامه وبدون العلم لم يقم وكلما ذُكر السلطان في حجج ... فالعلم لا سلطة الأيدي لمحتكم فسلطة اليد بالأبدان قاصرة ... تكون بالعدل أو بالظلم والغشم وسلطة العلم تنقاد القلوب لها ... إلى الهدى وإلى مرضاة ربهم ويذهب الدين والدنيا إذا ذهب الـ ... علم الذي فيه منجاة لمعتصم العلم يا صاح يستغفر لصاحبه ... أهل السماوات والأرضين من لمم كذاك تستغفر الحيتان في لجج ... من البحار له في الضوء والظلم وخارج في طلاب العلم محتسباً ... مجاهد في سبيل الله أي كمي وإن أجنحة الأملاك تبسطها ... لطالبيه رضاً منهم بصنعهم والسالكون طريق العلم يسلكهم ... إلى الجنان طريقاً بارئ النسم والسامع العلم والواعي ليحفظه ... مؤدياً ناشراً إياه في الأمم فيا نضارته إذ كان متصفاً ... بذا بدعوة خير الخلق كلهم كفاك في فضل أهل العلم أن رفعوا ... من أجله درجات فوق غيرهم الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد: فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى- مبيناً فضل العلم تتميماً لما تقدم:

فالجهل أصل ضلال الخلق قاطبة ... . . . . . . . . . وقفنا على هذا. فالجهل أصل ضلال الخلق قاطبة ... . . . . . . . . . ولذا كان وصف الناس ووصف المجتمع قبل بعثة النبي -عليه الصلاة والسلام- يوصفون بإيش؟ بالجاهلية، ويوصف من لا يتصف بالعلم بأنه جاهل، ومخالف العلم فيه جاهلية وفيه جهل. فالجهل أصل ضلال الخلق قاطبة ... . . . . . . . . . كيف يهتدون بدون علم؟ وضد الهدى الضلال، فالذي لا يهتدي ولا هداية إلا بالعلم لا محالة سوف يضل. فالجهل أصل ضلال الخلق قاطبة ... وأصل شقوتهم طراً وظلمهمِ لأن من شرط أو من لازم صحة العمل العلم به قبل، كيف تصلي وأنت لا تدري وأنت لم تتعلم أحكام الصلاة؟! كيف تصوم وأنت لا تعرف أحكام الصيام؟! كيف تحج وأنت لا تعرف أحكام الحج؟! وهكذا، فالذي لا يعرف ولا يعلم هذا جاهل، والجاهل معرض لعبادته بالبطلان، الذي يعبد الله -جل وعلا- على جهل لا شك أنه سوف يقع في عبادته في أخطاء بحيث لا يؤديها على مراد الله وعلى مراد رسوله -صلى الله عليه وسلم-، ولذا جاء أمره -عليه الصلاة والسلام- أن نصلي كما رأيناه يصلي، فقال: ((صلوا كما رأيتموني أصلي)) وقال أيضاً في المناسك: ((خذوا عني مناسككم)) إذا الشرائع لا تؤخذ إلا عن الأنبياء، فشريعة الإسلام لا تؤخذ إلا عن نبي الإسلام محمد -عليه الصلاة والسلام-، ومن زعم أن له سبيل وطريق إلى الله -جل وعلا- من غير طريقه -عليه الصلاة والسلام- فهو ضال، ضال هذا، ومن زعم أنه يسعه الخروج عن شريعة محمد -عليه الصلاة والسلام-، ويمكنه الوصول إلى الله -جل وعلا- من غير طريقه فهذا كافر، هذا كافر -نسأل الله العافية-، يعني إذا ساغ هذا في شريعة موسى، وأنه وسع الخضر الخروج عن شريعة موسى، فإنه لا يسع بأي حال من الأحوال أحداً أن يخرج عن شريعة محمد -صلى الله عليه وسلم-. والعلم أصل هداهم مع سعادتهم ... فلا يضل ولا يشقى ذوو الحكمِ

العلم يكون بالعناية بأصوله وموارده، بكتاب الله وسنة نبيه -عليه الصلاة والسلام-، لكن من أعرض عن الكتاب وعن السنة فلا شك أنه سوف يشقى {وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى} [(124) سورة طه]. والخوف بالجهل والحزن الطويل به ... وعن أولي العلم منفيان فاعتصمِ يعني لو تصورت حال العامي المسكين الذي لا يقرأ ولا يكتب إذا جلس بمفرده، ومع ذلك لا يزاول أي عبادة، ولا يهتدي إلى شيء ينفعه في أمر دينه، لا يقرأ ولا يكتب، لا شك أنه حزين ومهموم، ومن أراد أن ينظر إلى شيء من هذا النوع فلينظر إلى العامة، حينما يأتون إلى المساجد مع الأذان، تجد عندهم حرص، عندهم حرص في المواسم يبكرون في رمضان، لكن إذا صلى الركعتين ماذا يصنع؟ لا يقرأ ولا يكتب ولا يقرأ ولا في المصحف، تجده يلتفت يميناً وشمالاً، وتضيق به الأرض ذرعاً متى تقام الصلاة، وقد ينشغل بما لا ينفعه. وكم سمعنا ورأينا وشاهدنا من هؤلاء العوام على حرصهم ومبادرتهم إلى الصلوات لكنهم يقعون في محظورات، والسبب في هذا الفراغ، يعني كيف يقضي الوقت؟ لا بد أن يشغل نفسه بشيء، فإن لم يشغلها بالحق -الذي لا يحصل له إلا بعلم- شغلته بالباطل، تجده عنده من الفضول الشيء الكثير، يتحدث في أمور لا تمت له بصلة، بل من حسن إسلامه أن يكف عنها، وتجده ينشغل بفلان وعلان، وهذا تقدم وهذا تأخر، وهذا لابس كذا وهذا لابس كذا، حتى أن بعضهم يتحسس ثوب شخص يصلي بجانبه بيده يقول: هكذا، يقول: هؤلاء الشباب تراهم ما يحسنون الاختيار، وتجده مسكين شاريه بقيمة غالية وهم، طيب ويش دخلك؟ شاريه بقيمة، أو مهدى إليه، أو رخيص أو غالي، كل هذا سببه إيش؟ سببه الجهل، لو أنه لما تقدم إلى المسجد صلى ما كتب له أن يصلي، ثم أخذ المصحف وقرأ، أو قرأ من حفظه إن كان يحفظ انشغل عن مثل هذه الأمور، لا شك أن من أعرض عن العلم وعن مصادره وعن منابعه الكتاب والسنة فإن معيشته ضنكاً، ويحشر يوم القيامة أعمى.

"والخوف بالجهل" يخاف لأنه ما يدري ما أمامه، ما يدري امرأة تصلي وتصوم صوامة قوامة، ومع ذلك تقول لصاحبة لها: الناس إذا ماتوا وين يروحون؟ ما تدري أن هناك سؤال، وهناك إما نعيم دائم أو شقاء دائم وبعد ذلك بعث وحساب، وما تدري، وهي تصوم وتصلي مع المسلمين، سبب ذلك إيش؟ الجهل -نسأل الله العافية-. والخوف بالجهل والحزن الطويل به ... وعن أولي العلم منفيان فاعتصمِ لا شك أن أهل العلم في سعادة وفي لذة وفي راحة وفي نعيم، يعني كم يتلذذ الإنسان بتلاوة القرآن، كم يتلذذ الإنسان بالعبادة التي يؤديها على وجهها، كم يتلذذ بقراءة العلم بالاطلاع على أقوال أهل العلم، بأخبار أهل العلم، هذه سعادة لا تعادلها سعادة. العلم والله ميراث النبوة. . . . . . . . . ... . . . . . . . . . الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً إنما ورثوا العلم. العلم والله ميراث النبوة لا ... ميراث يشبهه طوبى لمقتسمِ طوبى لمقتسم، من يقتسم ويأخذ نصيبه من هذا الميراث طوبى له ((إنما أنا قاسم والله المعطي)) ((من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين)) هذه القسمة، النبي -عليه الصلاة والسلام- قسم ووزع على الناس، لكن الله -جل وعلا- هو المعطي، أعطى فلان وحرم فلان. لأنه إرث حق دائم أبداً ... . . . . . . . . . هو الذي يثبت، أما إرث متاع الدنيا فإنه لا يلبث أن يزول، وكم من شخص ورث الملايين ثم بعد ذلك انتهت، لكن من ورث العلم كنز لا يصل إليه لص ولا صائل ولا سارق، ولا يصل إليه أحد، اللهم إلا إذا فرط به صاحبه، حامله إذا فرط به ذهب، وأعظم ذهاب له عدم استغلاله واستعماله فيما يرضي الله -جل وعلا-، أو مخالفته. لأنه إرث حق دائم أبداً ... وما سواه إلى الإفناء والعدمِ إرث الأموال وإن طالت وإرث الحطام وإن كثر فإن مآله إلى الفناء والعدم، بحيث لا يصحبه بعد وفاته إلا عمله، ومن أعظم العمل المقرب إلى الله -جل وعلا- العلم بالنية الصالحة. ومنه إرث سليمان النبوة. . . . . . . . . ... . . . . . . . . . {وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ} [(16) سورة النمل] ماذا ورث؟ ورث النبوة. . . . . . . . . . والـ ... فضل المبين فما أولاه بالنعمِ

ورث سليمان النبوة والفضل من أبيه "فما أولاه" فما أحقه وأجدره بالنعم. كذا دعا زكريا ربه بولي ... . . . . . . . . .

{فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا * يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ} [(5 - 6) سورة مريم] "بولي الآل" يعني من آله من أقاربه من نسله "خوف الموالي من ورائهم" يعني خوف أن يرثه البعيد، وأحق الناس بإرث الشخص القريب، ولذا على الإنسان أن يعنى بأولاده وأسرته أكثر من عنايته بغيرهم، فهم أحق الناس ببره، أحق الناس بخيره، وقد يلاحظ على بعض أهل العلم الذين يبذلون للناس أن أولادهم ونساءهم ومن تحت ولايتهم ما استفادوا منه شيئاً، وقد يكون هذا عن تفريط، وقد يكون عدم التفريط، إلا أن الله -جل وعلا- لم يكتب له هذا الأمر، فلا يتهم أهل العلم بأنهم قصروا في نصح أولادهم وذراريهم، وأنهم غفلوا عنهم بالانشغال بغيرهم، لا، بذلوا وحاولوا وجاهدوا ومع ذلك ما كتب الله لهم شيئاً، وهذا أيضاً موجود على مستوى الأنبياء، يعني نوح على طول ما بقي مع قومه امرأته وولده استفادوا وإلا ما استفادوا؟ ما استفادوا، ولا يعني هذا أن نوح فشل في دعوته كما قال بعض الكتاب المعاصرين، يقول: نوح فشل في دعوته؛ لأنه ما استفاد منه أقرب الناس، وحتى تطاول على النبي -عليه الصلاة والسلام- وقال: إنه فشل في دعوته في العهد المكي، وفشل في الطائف ونجح في المدينة، هذا موجود في كتابات تتداول بين أيدي الناس، وهذا ضلال -نسأل الله السلامة والعافية-، ما الذي على الداعية؟ ما الذي على النبي؟ ما عليه إلا البلاغ، هل عليه أن يهدي الناس؟ ما يستطيع {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ} [(56) سورة القصص] هل استطاع النبي -عليه الصلاة والسلام- هداية عمه؟ نعم يهدي {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ} [(52) سورة الشورى] تهدي هداية الدلالة والإرشاد والبلاغ تهدي، لكن هداية التوفيق والقبول هذه بيد الله -جل وعلا-، فكون الإنسان يمضي السنين الطويلة في تعليم الناس، وما تخرج على يديه أحد من أهل العلم، قد يكون هذا خلل في طريقته في التعليم، وقد يكون الله -جل وعلا- ما كتب له قبول، ولم يتسن لأحد أن يحمل عنه هذا العلم، قد يكون ينفق السنين الطويلة في الأمر والنهي، ومع ذلك ما تغير منكر، ولا استفاد أحد من أمره، هو عليه أن يبذل السبب، وأجره مرتب على بذل

السبب، والنتائج بيد الله -جل وعلا-. فعلى الإنسان أن يهتم بالأقربين {وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} [(214) سورة الشعراء] يهتم بهم ويوليهم نصحه وتوجيهه وعنايته وتعليمهم وتبصيرهم، ومع ذلك لا يلزم أن يستجيبوا له، النتائج بيد الله -جل وعلا-. العلم ميزان شرع الله حيث به ... قوامه وبدون العلم لم يقمِ كيف تزن صلاتك هل هي صحية وإلا ليست صحيحة؟ بالجهل تزن؟ لا بالعلم، كيف تعرف أن صيامك صحيح؟ كيف تعرف أن حجك صحيح؟ إنما هو بالعلم. عروة بن مضرس لما جاء من جبال طي وما ترك جبل إلا وقف عنده، هل عرف أن حجه صحيح وإلا باطل حتى عرض على النبي -عليه الصلاة والسلام-؟ ما عرف، ما يدري هل حجه صحيح أو باطل؟ حتى عرض ما فعله على النبي -عليه الصلاة والسلام-، ثم بين له. العلم ميزان شرع الله حيث به ... قوامه وبدون العلم لم يقمِ وكلما ذكر السلطان في حجج ... فالعلم. . . . . . . . . يعني فالمراد به العلم، السلطان في النصوص في الحجج والخصومات والمجادلات المراد به العلم. "لا سلطة الأيدي لمحتكم" لا أيدي ولا سلاح ولا غيره؛ لماذا؟ لأن سلطان العلم .. ، العلم الصحيح المبني على الكتاب والسنة هو الذي يحقق العدل، بينما سلطان اليد سلطان السلاح قد يتولاه الصالح فيكون بالعدل، وقد يتولاه الظالم الغاشم فيكون بالظلم. فسلطة اليد بالأبدان قاصرة ... تكون بالعدل أو بالظلم والغشمِ نعم إذا كان ما هناك إلا قوة، فالقوة قد تستعمل في العدل، وقد تستعمل في الظلم، لكن سلطان العلم المجادلة بالعلم المحاققة بالعلم فإنها لا ينشأ عنها إلا العدل، ولذا في كثير من الأحوال لا يجدي في توجيه الناس ونصح الناس وإرشاد الناس إلا سلطان العلم، فالمجادلة لا سيما لمن كان عنده علم، أما العامي فإنه لا يجادل، إنما يبين له الحق وإلا فيؤطر عليه، أما المجادلة تكون لمن عنده علم، ولذا لما وجه النبي -عليه الصلاة والسلام- معاذاً إلى اليمن قال: ((إنك تقدم على قوم أهل كتاب)) يعني اهتم لهم وجادلهم وناظرهم وحاورهم، أما بالنسبة للعامة ما يقال لهم مثل هذا، إنما يبين لهم الحق إن انصاعوا له، وإلا فيؤطرون على الحق.

وسلطة العلم تنقاد القلوب لها ... . . . . . . . . . يعني إذا بين الحكم بدليله لا شك أن القلب السوي المستمر على فطرته تنقاد لهذا السلطان. وسلطة العلم تنقاد القلوب لها ... إلى الهدى وإلى مرضاة ربهمِ ويذهب الدين والدنيا إذا ذهب الـ ... علم الذي فيه منجاة لمعتصمِ يذهب الدين والدنيا، كيف يذهب الدين ويذهب الدنيا؟ الدين ذهابه إذا ذهب العلم واضح، الدين إذا ذهب العلم وأهل العلم ((إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من صدور الرجال، وإنما يقبضه بقض العلماء، فإذا لم يبقِ عالماً اتخذ الناس رؤوساً جهالاً، فأفتوا بغير علم، فضلوا وأضلوا)) هذا واضح ذهاب الدين بذهاب العلم، لكن ماذا عن ذهاب الدنيا؟ "ويذهب الدين والدنيا" نعم؟ طالب:. . . . . . . . . يعني المراد بالدنيا هنا التي تنفع صاحبها، أما جمع الحطام والأموال وكنز الدنيا ولو كانت بحذافيرها على غير هدى، ومن غير وجوهها الشرعية، ولا تصرف في مصارفها الشرعية فهذه وبال على صاحبها، وهذا المال الذي يجمع من غير وجهه، ويصرف في غير وجوهه هذا المال لا شك أنه وبال على صاحبه، شقاء لصاحبه، يعذب به صاحبه في الدنيا قبل الآخرة، فإذا ذهب العلم الذي به يوجه العمل الصالح، ويوجه به أمور الدنيا، أمور الدنيا إذا تولاها رجل عنده شيء من العلم حتى أمور الدنيا لو أن شخصاً مزارعاً وعنده علم، ولا أعني العلم بالزراعة العلم الشرعي مزارع، لا شك أن علمه ينفعه في زراعته، ينفعه في صناعته، ينفعه في شرائه، ينفعه في تسويقه لبضائعه، ينفعه في كل مجال، بينما إذا كان يتخبط لا عن علم فقد يوقع معاملات تضره. ويذهب الدين والدنيا إذا ذهب الـ ... علم الذي فيه منجاة لمعتصمِ والمراد بالعلم علم الكتاب والسنة المورث للخشية، وإلا العلم الذي لا ينتفع به هو من الوبال على صاحبه، وسيأتي الآفات التي تعترض طالب العلم فيما بعد -إن شاء الله تعالى-. ويذهب الدين والدنيا إذا ذهب الـ ... علم الذي فيه منجاة لمعتصمِ العلم يا صاح. . . . . . . . . ... . . . . . . . . .

"العلم يا صاح" الأصل: يا صاحبي أو يا صاحب؛ لأن المنادى المضاف لياء المتكلم تذكر فيه الياء، وتحذف على أوجه معروفة عند النحاة، وقد يحذف آخره، تحذف الباء، ويسمى هذا عندهم ترخيم، يسمونه ترخيم. ترخيماً احذف آخر المنادى ... كـ (يا سعا) فيمن دعا سعاد العلم يا صاح يستغفر لصاحبه ... أهل السماوات والأرضين من لممِ "من لمم" يعني ذنوبهم، يستغفرون لهم، يستغفرون للعالم العامل الباذل المعلم الذي تعدى نفعه، يستغفرون له. كذاك تستغفر الحيتان في لجج ... من البحار له في الضوء والظلمِ يستغفرون للعالم، ويصلون على معلم الناس الخير، وهذه نعمة ومنة من الله -جل وعلا-، كون هذه الخلائق بأسرها تستغفر لك، وتدعو الله -جل وعلا- أن يغفر لك لممك وزلاتك، هذا شيء عظيم، هذا لا يقاومه عمل الإنسان بمفرده، وإذا تذكر الإنسان أن عمله يخلد إلى قيام الساعة، وأجوره تمضي، وكم من عالم مات منذ مئات السنين وأجوره تتضاعف! يعني إذا كان بعض الصفقات المستعملة الآن اللي يسمونها إيش؟ يعني هذا الزبون جاء بزبون فيعطى من .. هاه؟ طالب:. . . . . . . . .

الهرمية نعم، المعاملات الهرمية التي فتن الناس بها، الهرمية كم يعطونك نسبة؟ يعطونك عشرة بالمائة إذا اشتريت، وإذا جبت زبون يعطونك عشرة ثانية، وإذا جبت زبون ثالث ... إلى آخره، هذه هرمية، لكن عشرة بالمائة، فكيف إذا علمت شخص، ثم هذا الشخص عمل بهذا العلم لك مثل أجره، وعلم آخر لك مثل أجر الاثنين، علم ثالث لك مثل أجر الثلاثة، وهؤلاء الثلاثة علموا ثلاثين لك مثل أجورهم، الثلاثين هؤلاء كل واحد علم عشرة لك أجور الثلاثمائة، والثلاثمائة كل واحد علم ... إلى آخره، هذا الأجر الهرمي الصحيح، هذا الكنز الذي لا يجوز أن يفرط به، بل يحرص عليه أشد الحرص، يعني كم من شخص مات من مئات السنين وأجوره مستمرة إلى قيام الساعة بما استفاده الناس من علمه ومن مؤلفاته، من تعليمه، من توجهيه، من الاقتداء به، من الاستنان به، حياته كلها علم وتعليم ودعوة، في سمته وهديه دعوة، في عمله يقتدي به عامة الناس، فيكون له مثل أجورهم، في مؤلفاته التي تستمر مئات السنين كل يدعو له قال -رحمه الله-، وكل فائدة تستفاد من هذا المؤلف لك أجرها، يعني أجور لا تخطر على البال، وفضل الله واسع. كذاك تستغفر الحيتان في لجج ... من البحار له في الضوء والظلمِ وخارج في طلاب العلم محتسباً ... مجاهد في سبيل الله أي كمي مجاهد في سبيل الله، جاء في الترمذي وغيره: ((من خرج في طلب العلم فهو في سبيل الله حتى يرجع)) و ((من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل الله له به طريقاً إلى الجنة)) يعني مجرد سلوك الطريق يعني ما رتب هذا الأجر على كون الإنسان يصل إلى مرتبة معينة من العلم والاجتهاد، لا، يعني مجرد ما يسلك الطريق يسهل الله له به طريق إلى الجنة.

وقد يطلب الإنسان العلم عشرات السنين ولا يكتب له منه شيء يُذكر، يستمر طالب علم، هذا خسران وإلا رابح؟ رابح، ربح كبير، وليس له إلا ما كتب له ((إنما أنا قاسم والله المعطي)) قد يسلك الطريق ويلازم أهل العلم ومن الجادة المعروفة، ويتدرج في العلم، ومع ذلك يتم السبعين والثمانين وما حصل شيء، وأدركنا من هذا النوع نماذج، ما كتب الله لهم علم، ومع ذلك يدخلون في: ((من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل الله له به طريقاً إلى الجنة)) ألا يكفي مثل هذا في أن يحدو ويشد من أزر طالب العلم لمواصلة الطلب، ولو لم يدرك علم؟ هذا بحد ذاته يكفي. وخارج في طلاب العلم محتسباً ... مجاهد في سبيل الله أي كمي الكمي في النهاية قال: الكمو الستر، وقيل للشجاع: كمي؛ لأنه استتر بالدرع، وهذا مجاهد في سبيل الله استتر بفضل الله ورضوانه عليه ومغفرته وستره لذنوبه وعيوبه. وإن أجنحة الأملاك تبسطها ... لطالبيه رضاً منهم بصنعهمِ ((وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضاً بما يصنع)) تبسط أجنحتها لطالب العلم رضاً بما يصنع، وذكر النووي والحافظ ابن كثير وصاحب الشذرات وغيرهم أن رجلاً قال: سوف أحضر مجالس العلم وأطأ أجنحة الملائكة، فوضع في نعليه مسامير فلما دخل المسجد ليصنع ما ادعى ساخت به الأرض، يعني خسف به -نسأل الله العافية-، ويذكرون من هذا النوع من الاستهتار بالسنن والعقوبات المعجلة ذكروا لهذا أمثلة، منها ما يذكرها ابن كثير، ومنها ما يذكرها النووي، وذكر أيضاً ابن العماد في الشذرات شيء من ذلك. ذكروا من ذلك الشخص الذي استاك في دبره، استعمل السواك في دبره، وهذه تواطئوا على ذكرها، قالوا: إنه ابتلي بألم في بطنه وما زال بطنه ينتفخ ينتفخ حتى تم تسعة أشهر فوضع من بطنه قطعة لحم صارت تصرخ بصوت عالي، فجاءت ابنة هذا الرجل فرضختها في حصاة حتى سكتت، هذا كله من شؤم الاستهزاء بالسنة. وإن أجنحة الأملاك تبسطها ... لطالبيه. . . . . . . . . لطالبي العلم "رضاً منهم بصنعهم" رضاً بما يصنع. والسالكين طريق العلم يسلكهم ... إلى الجنان طريقاً بارئ النسمِ ((من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل الله له به طريقاً إلى الجنة)).

والسامع العلم والواعي ليحفظه ... . . . . . . . . . "والسامع العلم" إعراب العلم؟ نعم؟ يعني والسامع العلمَ ولا يمكن جره، والسامع العلمِ بالإضافة يمكن وإلا ما يمكن؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . إيش؟ طالب:. . . . . . . . . والسامع مضاف، والعلم مضاف إليه تجي وإلا ما تجي؟ طالب:. . . . . . . . . طيب ويش فائدة الإضافة والمضاف معرفة، معرف بـ (أل) {وَالْمُقِيمِي الصَّلَاةِ} [(35) سورة الحج] مضاف ومضاف إليه، ويغتفرون اقتران المضاف بـ (أل) إذا كانت الإضافة لفظية، ليست محضة ولا معنوية. ووصل (أل) بذا المضاف مغتفر ... إن وصلت بالثاني كـ (الجعد الشعر) الجعد مضاف، والشعر مضاف إليه "ووصل (أل) بذا المضاف" يعني المضاف إضافة لفظية ليست حقيقية، ليست معنوية، ليست محضة، أما إذا كانت الإضافة محضة أو معنوية فلا يجوز بحال أن يقترن المضاف بـ (أل) يعني مثل ما تقول: محمد العبد الله، هذه لا تجوز بحال، ليس لها أدنى وجه في العربية؛ لأن الإضافة محضة معنوية، فلا يجوز أن تقترن (أل) بالمضاف، أما إذا كانت الإضافة لفظية فإنه يجوز "والسامع العلم" "والجعد الشعر". ووصل (أل) بذا المضاف مغتفر ... إن وصلت بالثاني كـ (الجعد الشعر) أو بالذي له أضيف الثاني ... كـ (زيد الضارب رأس الجاني) والسامع العلم والواعي ليحفظه ... مؤدياً ناشراً إياه في الأممِ فيا نضارته إذ كان متصفاً ... بذا بدعوة خير الخلق كلهمِ يعني جاء في الحديث: ((نضر الله امرأ سمع مقالتي فوعاها وأداها كما سمعها)) ((نضر الله امرأ)) من النظارة والحسن والبهاء "فيا ن ض ارته". والسامع العلم والواعي ليحفظه ... . . . . . . . . . ((نضر الله امرأ سمع مقالتي فوعاها)) وحفظها "والواعي ليحفظه * مؤدياً" ((ثم أداها)) "ناشراً إياه في الأممِ" يعني تعلم حفظ ثم بعد ذلك نشر، وكثير من أهل العلم يرى أن العالم الرباني هو الذي تعلم ثم عمل ثم علم، إذا اجتمع فيه الخصال الثلاث استحق أن يسمى ربانياً، تعلم ثم عمل بعلمه، ثم علمه غيره، وإن كان المحفوظ عن ابن عباس أنه من يربي الناس بصغار العلم قبل كباره. والسامع العلم والواعي ليحفظه ... مؤدياً ناشراً إياه في الأممِ

فيا نضارته إذ كان متصفاً ... بذا بدعوة خير الخلق كلهمِ ((نضر الله امرأ سمع مقالتي فوعاها وأداها كما سمعها)). كفاك في فضل أهل العلم أن رفعوا ... من أجله درجات فوق غيرهمِ {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ} [(11) سورة المجادلة] وعرفنا أن هذه الدرجات ليس المراد بها درجات السلم المعهود التي لا تزيد على الشبر، أو ما يقرب من الشبر، لا، هي من درجات الآخرة التي ما بين الدرجة والأخرى مثل ما بين السماء والأرض، والله المستعان. كفاك في فضل أهل العلم أن رفعوا ... من أجله درجات فوق غيرهمِ نعم. اقرأ. وكان فضل أبينا في القديم على الـ ... أملاك بالعلم من تعليم ربهمِ كذاك يوسف لم تظهر فضيلته ... للعالمين بغير العلم والحكم وما اتباع كليم الله للخضر الـ ... معروف إلا لعلم عنه منبهم مع فضله برسالات الإله له ... وموعد وسماع منه للكلم وقدّم المصطفى بالعلم حامله ... أعظم بذلك تقديماً لذي قدم كفاهمو أن غدوا للوحي أوعية ... وأضحت الآي منه في صدورهم وأن غدوا وكلاء في القيام به ... قولاً وفعلاً وتعليماً لغيرهم وخصهم ربنا قصراً بخشيته ... وعقل أمثاله في أصدق الكلم ومع شهادته جاءت شهادتهم ... حيث استجابوا وأهل الجهل في صمم ويشهدون على أهل الجهالة بالـ ... مولى إذا اجتمعوا في يوم حشرهم يقول -رحمه الله تعالى- بعد ذلك: "وكان فضل أبينا" آدم -عليه السلام- "في القديم" في الزمن المتقدم، فضل آدم على الملائكة بأي شيء؟ بالعلم {وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلاَئِكَةِ} [(31) سورة البقرة] وكان جواب الملائكة {لاَ عِلْمَ لَنَا} [(32) سورة البقرة] ففضل آدم في الزمن المتقدم، أو فضل آدم على الملائكة بالعلم. وكان فضل أبينا في القديم على الـ ... أملاك بالعلم من تعليم ربهمِ كذاك يوسف لم تظهر فضيلته ... للعالمين بغير العلم والحكمِِ

{اجْعَلْنِي عَلَى خَزَآئِنِ الأَرْضِ} [(55) سورة يوسف] لماذا؟ قبل ذلك بالعلم فضل، بالتأويل فضل على غيره، بتأويل الرؤيا، وهي ضرب من العلم، لا سيما وأنه مؤيد بالوحي، أما من يتخبطون ويتخرصون ويؤولون ما وقع وما لم يقع هؤلاء شأنهم آخر، لكن من أيد بالوحي لا شك أنها من مزاياه ومن فضائله، يوسف لم تظهر فضيلته للعالمين لما رأى العزيز الرؤيا، ولم يجد من يؤولها إلا يوسف ظهر فضله على غيره، واستعمل التأويل في السجن لمن رآها، واستغل هذا العلم في الدعوة، ظهر فضله على الناس، ثم بعد ذلك ظهر فضله بالعدل، والحكم بين الناس بالإنصاف، وهذا كله نتيجة لما علمه الله -جل وعلا-. كذاك يوسف لم تظهر فضيلته ... للعالمين بغير العلم والحكمِ وما اتباع كليم الله للخضر الـ ... معروف إلا لعلم عنه منبهمِ موسى -عليه السلام- قام خطيباً في بني إسرائيل، فسأله سائل من أعلم الناس؟ قال: أنا، الأصل أن يقول: الله أعلم، فقيل له: إن عبدنا فلان بمجمع البحرين، وضع له علامة، إذا وصلت أو وجدت هذه العلامة فتجده، فذهب إليه، فحصل ما حصل، وجلس موسى وصحب الخضر صحبة المتعلم للمعلم، وفعل الخضر أفعال خفيت أسرارها وحكمها على موسى الكليم، وهو من أولي العزم، وهو أفضل من الخضر، لكن مع ذلك لما كان عنده شيء من العلم أُمر بالذهاب إليه، ولهذا لا يستنكف طالب العلم أن يسمع ممن دونه، أو من زميله من مثيله، ولا ينبل طالب العلم حتى يأخذ العلم عن من هو دونه، ومن فوقه، ومن مثيله ونظيره. وما اتباع كليم الله للخضر الـ ... معروف إلا لعلم عنه منبهمِ منبهم ومستبهم، يعني لما الخضر قتل الغلام، لما خرق السفينة، لما أقام الجدار هذه أمور انبهمت على موسى، وأما الخضر: {وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي} [(82) سورة الكهف] بإلهام الله -جل وعلا- له. مع فضله برسالات الإله له ... . . . . . . . . . موسى رسول والخضر ليس برسول، واختلف في نبوته هل هو نبي أو رجل صالح؟ معروف الخلاف عند أهل العلم، لكن موسى رسول، بل من أولي العزم، من أفضل الرسل. مع فضله برسالات الإله له ... وموعد. . . . . . . . .

يعني له موعد مع الله -جل وعلا-، ثلاثين، ثم زيد عشر: {فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً} [(142) سورة الأعراف] "وموعد وسماع" موسى الكليم، يعني من أعظم فضائل موسى أن الله -جل وعلا- كلمه بدون واسطة. وسماع منه للكلم، سمع من الله -جل وعلا- كلامه بصوت وحرف يُسمع. وقدّم المصطفى بالعلم حامله ... أعظم بذلك تقديماً لذي قدمِ حامل العلم لا شك أنه مقدم على غيره، مقدم في كل مجال، في الإمامة الصغرى والكبرى ((يؤم الناس أقرؤهم لكتاب الله)) ثم ثم ثم، وكذلك الكبرى، وغير ذلك من المواقف، يعني في الجنائز أمام الإمام، من الذي يقدم؟ من الذي يؤخر؟ كل هذه الأمور تقديم فيها في جميع أمور الحياة إنما هو بالعلم. وقدّم المصطفى بالعلم حامله ... أعظم بذلك تقديماً لذي قدمِ "أعظم بذلك تقديماً لذي قدم" يعني صاحب قدم صدق، رسوخ في هذا الباب. كفاهمو أن غدوا للوحي أوعية ... . . . . . . . . . {بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ} [(49) سورة العنكبوت]. كفاهمو أن غدوا للوحي أوعية ... وأضحت الآي منه. . . . . . . . . آي القرآن، آيات القرآن "في صدورهم". وأن غدوا وكلاء في القيام به ... قولاً وفعلاً وتعليماً لغيرهمِ وكلاء ينوبون عن صاحب الرسالة، فهم وراثه، يقومون بالعلم، يقومون بالتعليم، بتعليم الكتاب، وما ورثوه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- بقولهم، بأقوالهم، بأفعالهم، ويعلمون غيرهم ذلك. وأن غدوا وكلاء في القيام به ... وخصهم ربنا قصراً بخشيته قولاً وفعلاً وتعليماً لغيرهمِ ... وعقل أمثاله في أصدق الكلمِ

{إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء} [(28) سورة فاطر] (إنما) أداة قصر وحصر، فالذي لا يعلم عظمة الله -جل وعلا-، وما جاء عن الله فإنه لن يصل إلى هذه الغاية وهي خشية الله -جل وعلا-، كما أنه أيضاً على طريق إيش؟ الطرد والعكس، يعني الذي لا يعلم لا يخشى الله -جل وعلا-، والذي لا يخشى الله -جل وعلا- ليس من أهل العلم؛ لأن الله -جل وعلا- قصر الصفة على الموصوف والموصوف على الصفة {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء} [(28) سورة فاطر] فالذي لا يعلم لا يخشى، من أين؟ موارد الخشية مورد الخشية هو العلم، والذي لا يخشى على طريق العكس أيضاً لا يستحق أن يسمى عالماً. وخصهم ربنا قصراً بخشيته ... وعقل أمثاله. . . . . . . . . الأمثال لا يعقلها إلا العالمون، ولذا كثير من أهل العلم إذا استغلق عليه فهم مَثَل من الأمثال اتهم نفسه بقلة العلم؛ لأن الله -جل وعلا- ذكر ذلك {وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ} [(43) سورة العنكبوت] فدل على أن الذي لا يعقل هذه الأمثال التي ضربها الله -جل وعلا- في كتابه، وعلى لسان نبيه -عليه الصلاة والسلام- الذي لا يعقل هذه الأمثال ليس بعالم، ولذا هذه الأمثال ينبغي أن تكون محل عناية واهتمام من طالب العلم؛ لأنها ما ضربت عبث. . . . . . . . . . ... وعقل أمثاله في أصدق الكلمِ ومع شهادته جاءت شهادتهم ... . . . . . . . . . {شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ وَأُوْلُواْ الْعِلْمِ} [(18) سورة آل عمران]. ومع شهادته جاءت شهادتهم ... حيث استجابوا. . . . . . . . . حيث استجابوا لأمر الله -جل وعلا-، وأمر رسوله -عليه الصلاة والسلام-، وامتثلوا، لزموا وسلكوا طريق العلم. . . . . . . . . . ... حيث استجابوا وأهل الجهل في صممِ أعرضوا وأصموا آذانهم عن هذا النداء الإلهي والنداء الذي جاء في كتاب الله وفي سنة رسوله -صلى الله عليه وسلم-، والحث العظيم على طلب العلم، أهل الجهل صموا آذانهم، وأهل العلم استجابوا فتعلموا وعملوا وعلموا "وأهل الجهل في صممِ". ويشهدون على أهل الجهالة بالـ ... مولى إذا اجتمعوا في يوم حشرهمِ

{وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا} [(143) سورة البقرة] من أجل إيش؟ {لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ} [(143) سورة البقرة] لكن الذي لا يدري ما يشهد به كيف يشهد؟ إنما الذي يشهد من عنده العلم بما يشهد به، والجاهل لا يستطيع أن يشهد؛ لأن الشهادة إنما تكون على معلوم لا على مجهول، والجاهل لا يستطيع أن يشهد على مجهول، إذاً لا يشهد إلا العالم. نكتفي بهذا، نقتصر على هذا القدر، والله أعلم. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين. يقول: البعض ممن يقرؤون ويكتبون يلتفتون بين الأذان والإقامة، فما هو الفرق بين العامي والمتعلم في الانشغال عن فضيلة الزمان والمكان؟ نعم يوجد التفريط من بعض المتعلمين، التفريط موجود من بعض المتعلمين، والسبب في ذلك أنهم فرطوا في وقت السعة، ولو حفظوا أوقاتهم في السعة لحفظت عليهم في أوقات الحاجة، إذا اشتدت الحاجة إلى مثل هذا العمل الصالح في الأماكن في الأزمان الفاضلة إذا كانوا قد تعرفوا على الله -جل وعلا- في رخائهم عُرفوا في شدتهم، وإلا فالوصية لطالب العلم أن يستغل أنفاسه بما ينفعه في آخرته، ويوصله إلى مرضاة ربه، فقد يقول قائل: والله الآن ما بقي على الإقامة إلا شيء يسير الآن حانت الإقامة، فما يمديني أقوم وأخذ مصحف وأقرأ، يا أخي مد يدك إلى المصحف، وافتح المصحف، وانظر في عهد ربك، واقرأ ما تيسر لك، وما يدريك لعل الإمام يتأخر، فتكون كسبت لك كم آية، وفي كل حرف عشر حسنات، يعني الصفحة الواحدة كم فيها من حسنة؟ الجزء الواحد فيه مائة ألف حسنة، إذا قسمت المائة ألف على العشرين ظهر في الصفحة الواحدة التي تقرأ في دقيقة خمسة آلاف حسنة، يعني حرمان، في دقيقة واحدة تكسب خمسة آلاف حسنة ويقول: لا، ما يمدينا، هذا حرم نفسه، والله المستعان.

المنظومة الميمية (3)

بسم الله الرحمن الرحيم المنظومة الميمية في الآداب الشرعية للعلامة حافظ حكمي (3) الشيخ: عبد الكريم بن عبد الله الخضير السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. هذا يقول: هل يمكن لطالب العلم أن يكتفي بكتب الحديث عن كتب الفقه؟ لا شك أن المعول على النصوص، على الكتاب والسنة، المعول عليهما، لكن لا بد من مقدمات وعلوم تعين على فهم الكتاب والسنة، النصوص فيها العام والخاص، وفيها المطلق، وفيها المقيد، وفيها المحكم، وفيها المتشابه، وفيها المجمل، وفيها المبين، وفيها الناسخ، وفيها المنسوخ، لا بد من معرفة العلوم التي تعين على فهم النصوص، علوم العربية بفروعها الاثني عشر، أصول وقواعد التفسير، وأصول المصطلح، وعلوم الحديث، وأصول الفقه كلها طالب العلم بأمس الحاجة إليها، والنظر في أقوال الأئمة من أهل العلم، ومواضع الاختلاف، ومواضع الاتفاق؛ لئلا يخالف إجماع؛ ولئلا يبتدع قول لم يقل به من سبق، فلا بد من الاطلاع على أقوال الأئمة، والاحتذاء بهم، والاقتداء بهم في كيفية الاستنباط، وليسلم قوله واختياره عن الشذوذ والشواذ، كم من شخص اعتمد على نفسه غير مقتدٍ بغيره، وإن كانت عمدته ومعوله على الكتاب والسنة، لكنه لم يستطع أن يتعامل مع نصوص الكتاب والسنة، لا بد أن يعرف الجادة المعروفة عند أهل العلم. والمثال الذي ذكرناه في مناسبات كثيرة شخص يعتني بالسنة ولا علم له بأقوال أهل العلم، ولا كيفية الاستنباط عند أهل العلم، قرأ في صحيح مسلم: باب ما جاء في قتل الكلاب، فأخذ المسدس وكل ما رأى من كلب قتله، والدرس الذي يليه باب: ما جاء في نسخ قتل الكلاب، ماذا يصنع؟ لكن لو قرأ هذه المسألة في كتاب فقهي لن يحصل له مثل هذا؛ لأن كتب الفقه هي خلاصة وعصارة لهذه النصوص وهذه الأدلة، نعم فيها القول الراجح وهو الكثير، وفيها الأقوال المرجوحة، فيها الاعتماد على الأحاديث الصحيحة، وفيه أيضاً اعتماد على أحاديث ضعيفة، لكنه بمجموع النظر يتكامل النظر في الأصول في الأصل الأصيل الذي هو القرآن، وما يبينه ويوضحه وهو السنة، مع أقوال أهل العلم تتكامل الرؤية وتتضح، فلا بد من التوفيق بين الفقه والحديث. سم.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. اللهم اغفر لنا ولشيخنا والسامعين يا ذا الجلال والإكرام. قال العلامة حافظ -رحمه الله تعالى-: والعالمون على العباد فضلهم ... كالبدر فضلاً على الدري فاغتنمِ وعالم من أولي التقوى أشد على ... الشيطان من ألف عباد بجمعهم وموت قوم كثير العد أيسر من ... حبر يموت مصاب واسع الألم كما منافعه في العالم اتسعت ... وللشياطين أفراح بموتهم تالله لو علموا شيئاً لما فرحوا ... لأن ذلك من أعلام حتفهم هم الرجوم بحق كل مسترقٍ ... سمعاًَ كشهب السماء أعظم بشهبهم لأنها لكلا الجنسين صائبة ... شيطان إنس وجن دون بعضهم هم الهداة إلى أهدى السبيل وأهـ ... ـل الجهل عن هديهم ضلوا لجهلهم وفضلهم جاء في نص الكتاب وفي الـ ... حديث أشهر من نار على علم الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فيقول الناظم -رحمه الله تعالى- في فضل العلم وحملته: "والعالمون" العلماء "على العباد فضلهم * كالبدر فضلاً على الدري" يعني على الكوكب الدري "فاغتنمِ" إذا كان فضل العلماء على العباد فما فضلهم على سائر الناس؟ روى الدارمي عن الحسن مرسلاً قال: ((فضل العالم على العابد)) الذي يصوم النهار، فضل العالم يعني الذي يؤدي الواجبات فقط ((على العابد)) الذي يصوم النهار ويقوم الليل ((كفضلي على أدناكم)) فضل عظيم، وجاء أيضاً ما يدل على أن العلماء أفضل من العباد، والنسبة بينهم كالبدر كنسبة البدر إلى نسبة الكوكب الدري.

أقول: هذا إذا كان بالنسبة لمن أمضى وقته، وقضى أنفاسه فيما يرضي الله -جل وعلا- وهو العبادة التي من أجلها خُلق، هذا على العباد، فماذا عن فضل العلماء على سائر الناس غير العباد؟ فضلاً عن من دونهم من أهل التفريط، وهذا كما قال المؤلف -رحمه الله-: "فاغتنمِ" اغتنم فرصة العمر ليحصل لك هذا الفضل، على هذا تبعاً للقاعدة المقررة عند أهل العلم أن النفع إذا كان متعدياً كان فضله وأجره أكثر من النفع القاصر، فالعلم فضله يتعدى إلى غيره، وقلنا: إن الثواب المرتب على العلم أشبه ما يكون بالهرمي، مثل ما قلنا: تعلم على يديك شخص وهذا الشخص علم آخر، والآخر علم ثالث، والثلاثة علموا ثلاثة، والستة علموا ضعفهم إلى أن يصل العدد إلى ما لا يعلمه إلا الله -جل وعلا-، إضافة إلى التأليف إن وجد يعني مع التعليم، أجور أجور عظيمة، لا يقدر قدرها إلا الله -جل وعلا-، فعلى الإنسان أن يغتنم كل لحظة في عمره للاكتساب من العلوم التي تزيده معرفة بالله -جل وعلا-، وعملاً بدينه، وتعليماً لخلقه. وعالم من أولي التقوى أشد على ... الشيطان من ألف عبّاد بجمعهمِ عباد: جمع عابد أو صيغة مبالغة فعال؟ نعم صيغة مبالغة (فعال) عباد "من ألف عباد بجمعهمِ" يعني من ألف عابد، لكنه جاء بها بصيغة المبالغة، وقد روى الترمذي وابن ماجه عن ابن عباس مرفوعاً: ((فقيه واحد أشد على الشيطان من ألف عابد)) لكنه بسند ضعيف، سنده ضعيف "فقيه واحد أشد على الشيطان من ألف عابد" لماذا؟ معناه صحيح وإلا غير صحيح؟ معناه صحيح، سنده ضعيف، لكن معناه صحيح؛ لماذا؟ لأن وظيفة الشيطان إغواء الناس، ووظيفة العالم ضد وظيفة الشيطان هداية الناس، والعابد هذا إذا اهتدى بنفسه يكون فرداً واحداً، لكن العالم إذا بذل واستحق أن يكون عالماً بحق، عالماً ربانياً، هادياً مهدياً فإنه يناقض وظيفة الشيطان، هذا وظيفته إغواء الناس، وهذا وظيفته هداية الناس، فجاء أمره أشد على الشيطان من العابد الذي يقتصر على نفسه دون أن ينفع غيره. وموت قوم كثير العد أيسر من ... جج حبر يموت مصاب واسع الألمِ

موت العالم ثلمة لا تسد، فلا شك أن مصاب الناس بالعالم الذي يهديهم ويدلهم إلى الصراط المستقيم، وإلى الطريق الأقوم لا شك أنه أمره عظيم جداً، وخسارة فادحة لا تعوض، وأدركتم شيئاً من ذلك، يعني خسرت الأمة بفقد علمائها بما لا يمكن تعويضه، ولا شك أن موت العالم ثلمة. وموت قوم كثير العد أيسر من ... حبر يموت مصاب واسع الألمِ الحبر: واحد الأحبار، وأهل اللغة يقولونه بالكسر، وأهل الحديث يقولونه بالفتح. يقول: كما منافعه في العالم اتسعت ... وللشياطين أفراح بموتهمِ منافع العالم اتسعت، وإذا كان اتساع منفعة العالم في أزمان مضت اتساع محدود في بلده، وبواسطة من ينقل عنه العلم من طلابه، أو بواسطة كتبه التي ألفها، وسارت في الآفاق، منافعه اتسعت بهذه الطريقة، يأتي طلاب من الآفاق يحملون عنه، ويبلغون أقوامهم، أو بمؤلفاته التي تنتشر ويعم نفعها، لكن الآن اتسع الانتشار اتساعاً لا يجعل لأحد أدنى حجة من البذل، يعني بعض الناس كان يتعذر بأنه لا يرى السفر مثلاً، أو يشق عليه السفر، الآن ما له حجة وهو في بيته في مكتبه في مكتبته في بيته يبلغ إلى الآفاق بواسطة هذه الآلات، والأشرطة وصلت إلى أقاصي الدنيا، والبث أيضاً وصل، والأسئلة ترد من الشرق ومن الغرب في وقت واحد، من استراليا ومن كندا في ظرف واحد ترد. كما منافعه في العالم اتسعت ... وللشياطين أفراح بموتهمِ

يعني كم فرح الشياطين بموت الأئمة العلماء الربانيين أمثال الشيخ ابن باز والألباني والشيخ ابن عثيمين، هؤلاء وصلت علومهم إلى جميع أصقاع الأرض، وجاء من يبلغهم بهذا، ويسألهم هل نحن من الطلاب أو لا؟ فاختبروهم فوجدوهم كما أمّلوا، اختبروهم، قالوا: تخرجنا على الأشرطة، فوجدوا أضبط من بعض من يحضر الدروس، هذا خير عظيم، هذه منة من الله -جل وعلا-، وآية من آيات الله -جل وعلا- أن يصل العلم في آن واحد في وقت واحد من غير سفر، ومن غير عناء، ومن غير رحلة، كان السلف يرحلون الآلاف من الكيلوات، آلاف الأميال من أجل أن يلتقوا بالعالم فلان، ويأخذوا عنه علمه، ثم يرجعون إلى بلدانهم بعد سنين، الآن بالإمكان أن يرحل في يوم ويرجع، هذا إذا ارتحل، أو يصل إليه علم فلان وعلان من أقصى الدنيا في ضغطة زر، فما بقي الآن لأحد حجة، فاتسع النفع واتسع الانتفاع، والحمد لله. كما منافعه في العالم اتسعت ... وللشياطين أفراح بموتهمِ تالله لو علموا شيئاً لما فرحوا ... لأن ذلك من أعلام حتفهمِ حتى الشياطين لو علموا بأن موت هذا العالم علامة لحتفهم كيف؟ لأن قبض العلماء علامة على قرب الساعة، وقرب الساعة ليس من مصلحة هؤلاء الشياطين؛ لأنهم يؤولون إلى دار الجزاء التي ليس لهم فيها إلا النار -نسأل الله السلامة والعافية-. تالله لو علموا شيئاً لما فرحوا ... لأن ذلك من أعلام حتفهمِ هم الرجوم بحق كل مسترقٍ ... سمعاًَ كشهب السماء أعظم بشهبهمِ هم الذين يحرقون هؤلاء الشياطين، ويقضون على شبههم وتلبيسهم، فهم الرجوم لهؤلاء الشياطين، كما أنهم أيضاً هم الماحق والساحق لهذه الشبه التي يلقيها شياطين الإنس والجن. لأنها لكلا الجنسين صائبة ... . . . . . . . . . هذه الشهب وهذه السهام سهام الحق التي تصدر من أهل العلم المحققين لأهل الشبه. لأنها لكلا الجنسين صائبة ... شيطان إنس وجن دون بعضهم لا شك أنهم شجىً في حلوق الشياطين شياطين الإنس وشياطين الجن. ثم قال: "هم الهداة" يعني العلماء. هم الهداة إلى أهدى السبيل وأهـ ... ـل الجهل عن هديهم ضلوا لجهلهمِ

نبذة في وصية طالب العلم

وذكرنا ما ذكره أبو بكر الآجري في كتابه (أخلاق العلماء في منة أهل العلم على أهل الجهل) يعني تصور أنك في بلد ما فيه عالم، وأشكل عليك أدنى مسألة من مسائل الدين أو من مسائل الدنيا، كيف تنحل هذه المسألة؟ كيف تنحل هذه المشكلة؟ هم الهداة إلى أهدى السبيل وأهـ ... ـل الجهل عن هديهم ضلوا لجهلهمِ وفضلهم جاء في نص الكتاب وفي ... الحديث أشهر من نار على علمِ النار إذا كانت في بطن وادي ما ترى، لكن إذا كان على علم، على رأس جبل يراها الناظر من بعيد، فالنصوص نصوص الكتاب والسنة التي جاءت في فضل العلم وفضل العلماء أشهر من نار على علم، يعني من النار التي توقد فوق رأس جبل. نعم. نبذة في وصية طالب العلم يا طالب العلم لا تبغي به بدلاً ... فقد ظفرت ورب اللوح والقلمِ وقدس العلم واعرف قدر حرمته ... في القول والفعل والآداب فالتزم واجهد بعزم قوي لا انثناء له ... لو يعلم المرء قدر العلم لم ينم والنصح فابذله للطلاب محتسباً ... في السر والجهر والأستاذ فاحترم ومرحباً قل لمن يأتيك يطلبه ... وفيهم احفظ وصايا المصطفى بهم والنية اجعل لوجه الله خالصة ... إن البناء بدون الأصل لم يقم ومن يكن ليقول الناس يطلبه ... أخسر بصفقته في موقف الندم ومن به يبتغي الدنيا فليس له ... يوم القيامة من حظ ولا قسم كفى به من كان في شورى وهود وفي الـ ... إسراء موعظة للحاذق الفهم إياك واحذر مماراة السفيه به ... كذا مباهاة أهل العلم لا ترم فإن أبغض كل الخلق أجمعهم ... إلى الإله ألد الناس في الخصم والعجب فاحذره إن العجب مجترف ... أعمال صاحبه في سيله العرم وبالمهم المهم ابدأ لتدركه ... وقدم النص والآراء فاتهم قدم وجوباً علوم الدين إن بها ... يبين نهج الهدى من موجب النقم وكل كسر الفتى فالدين جابره ... والكسر في الدين صعب غير ملتئم دع عنك ما قاله العصري منتحلاً ... وبالعتيق تمسك قط واعتصم يقول الناظم -رحمه الله تعالى-: "نبذة" قليلة مختصرة يستفيد منها طالب العلم، وهي عبارة عن مجموعة وصايا لطالب العلم، يحثه على الازدياد من طلب العلم، وينير له الطريق، ويرسم له بعض المعالم التي عليه أن يسلكها. يقول: نبذة في وصية طالب العلم

يقول: يا طالب العلم لا تبغي به بدلاً ... فقد ظفرت ورب اللوح والقلمِ لأنك في طريقك إلى أن تكون من الهداة من العلماء الذين تقدم ذكر فضلهم في النصوص، وفي كلامه السابق -رحمه الله-. "لا تبغي به بدلاً" ويوجد -ولله الحمد- من طلاب العلم من صبروا وصابروا وثابروا واستمروا السنين كما أنه وجد من ترك الطلب لا سيما لما شاعت واشتهرت التجارة الرابحة في أسرع مدة وأقصر وقت، كتجارة الأسهم، يعني فقدنا بعض الطلبة، يعني لا ننكر أننا خسرنا بعض الطلبة، فقد تركوا وابتغوا بدلاً من العلم، واستبدلوا الذي هو أدنى بالذي هو خير، وانساقوا وراء الأسهم، ثم بعد ذلك حصل ما حصل من الكوارث والخسائر الفادحة، وندموا ولات ساعة مندم، وصعب عليهم الرجوع، وبعضهم رجع، ولذا يقول: يا طالب العلم لا تبغي به بدلاً ... فقد ظفرت ورب اللوح والقلمِ ما الذي كسبه من أعرض عن العلم بعد أن حفظ كتاب الله وشيئاً من سنة نبيه -عليه الصلاة والسلام-، وحفظ بعض المتون، ثم انصرف عنها إلى البديل إلى الحطام الفاني، ثم نسي ما حفظ، ما نسبة ربحه إلى خسارته، لا نسبة بين الخسارة والربح في هذه الصورة ألبتة، لا نسبة بين خسارته وربحه، افترض أنه كسب الدنيا بحذافيرها، ولا يعرف قدر الدنيا إلا العارفون بالله -جل وعلا- وبموعوده، وما ثبت عنه وعن نبيه -عليه الصلاة والسلام-، المطلعون على سيرة النبي -عليه الصلاة والسلام- وكيفية عيشه ونظرته إلى هذه الدنيا. سعيد بن المسيب لما جاءه الخاطب يخطب ابنته للوليد بن عبد الملك ابن الخليفة، وقال له: جاءتك الدنيا بحذافيرها، ما قال: فرصة، نتفرغ للعلم، والدنيا تأتي من هذا الطريق، قال: لا، جاءتك الدنيا بحذافيرها، قال: إذا كانت الدنيا لا تساوي عند الله جناح بعوضة فماذا ترى يقص لي من هذا الجناح، هؤلاء هم الذين يعرفون قدر الدنيا. يا طالب العلم لا تبغي به بدلاً ... فقد ظفرت ورب اللوح والقلمِ وقدس العلم. . . . . . . . . ... . . . . . . . . . العلم جاءت النصوص بتقديسه وتعظيمه والرفع من شأنه، فارفع من شأنه وقدسه وعظمه في نفسك وفي غيرك. وقدس العلم واعرف قدر حرمته ... في القول والفعل والآداب فالتزمِ

في القول والفعل، لا يكون تقديسك للعلم وحثك على العلم والتعلم والتعليم بمجرد القول، لكنك أعمالك تخالف ما تقول، فكأنك تدعو بقولك، وتصد بعملك، كما هو حالنا وحال كثير ممن يتصدى لهذا الأمر، إذا قارنت بين العلم والعمل وجدت البون شاسعاً، فكأن من يتحدث في هذه الموضوعات يحث الناس بلسانه، لكن ماذا عن العمل، ولا شك أن صرف الناس بالعمل أعظم من جلبهم بالعلم والقول فقط؛ لأن الناظر إلى العمل يقول: لو كان العمل بهذا العلم نافعاً لما ترك العمل به، ولكان أولى الناس بالعمل به لمعرفته، وتمام خبرته بفضل هذا العلم لا بد أن يعمل به، وما دام لا يعمل به هو فلا شك أن العمل به غير مجدٍ، إذاً تعلمه ليس بمجدٍ، فهو يحث الناس بقوله، ويصرفهم بعمله، نظير ذلك الطبيب مهما نصح في التحذير من الدخان وهو يدخن ما يستفاد منه، يستفيد المريض إذا قال له: لا تدخن وهو يدخن؟ ما يستفاد منه، ومهما قال العالم: احرصوا على الأوقات، واغتنموا الأوقات وهو يضيع أوقاته يمين وشمال وفي القيل والقال، واحرصوا على قيام الليل وهو ما يقوم الليل، احرصوا على الصوم وهو ما يصوم هذا ما فيه فائدة. وقد العلم واعرف قدر حرمته ... في القول والفعل والآداب فالتزم يعني تأدب بأدب العلم، يعني لا يليق بطالب علم أو بعالم أن يكون وضعه مثل وضع عامة الناس، ويوجد ممن يحمل شيئاً من العلم، وإذا جلست في مجلس لا تجد أي فرق بينه وبين العوام. واجهد بعزم قوي لا انثناء له ... . . . . . . . . . اجهد في تحصيل العلم والعمل به بعزم قوي لا انثناء له، لا تنثني لا يثنيك أي شيء من المغريات، لا يثنيك لين الفراش، ولا جمال الزوجة، ولا طيب الهواء والجو، ولا متعة التنزهات والرحلات. واجهد بعزم قوي لا انثناء له ... لو يعلم المرء قدر العلم لم ينمِ يعني لو أن الإنسان يدرك حقيقة هذا العلم ما تهنأ بنوم؛ لماذا؟ يريد أن يستغل هذه الساعات التي ينامها في تحصيل أكبر قدر ممكن من العلم. والنصح فابذله للطلاب محتسباً ... . . . . . . . . .

يعني على العالم أن يبذل النصح لطلابه، على العالم أن ينصح لطلابه، والنصيحة كما جاء في الحديث: ((الدين النصيحة)) وأولى الناس بنصحك أهل بيتك ومعارفك وأقاربك وجيرانك وطلابك، الأقربون أولى بالمعروف {وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} [(214) سورة الشعراء] والطلاب بمنزلة الأولاد، فعلى العالم أن يبذل النصيحة لهم، كما أن على الطالب ألا يضجر الشيخ، إذا رأى أن الوقت غير مناسب، أو أن الشيخ غير متهيئ للإكثار من الأسئلة يترك، تجد بعض الطلاب –هداهم الله- ولا شك أن هذا باعثه الحرص على الإفادة والاستفادة من الشيخ، مجرد ما يسلم الشيخ من الصلاة قبل أن يؤدي الأذكار يأتي ليسأل، ويصعب أن يقول الشيخ باستمرار: انتظر قليلاً، دعنا نذكر الله وكذا، تجد بعض أهل العلم إذا سلم جهر بالذكر على غير عادته ليخبر الطالب اللي بجنبه ومن عن يمينه واللي بيساره أن المسألة ما زالت يعني، انتظر قليلاً، وبعض الطلاب ما يقدر هذه الأمور، وبعضهم إذا رأى الشيخ يقرأ قرآن، جالس في المسجد يقرأ القرآن، أكثر عليه من الأسئلة وأنهى الوقت بأسئلته وبمشاكله وقضاياه، وإذا قال له الشيخ: أنا والله مشغول الآن، قال: كيف مشغول؟ جالس يقرأ قرآن ومشغول؟ ويش معنى مشغول؟ يعني ما يقدرون المسائل قدرها، وهذا فيه إحراج للشيوخ، وبعض الطلاب ما يدرك مثل هذه الأمور، يريد أن يأخذ حاجته، والمطالبة من الطرفين، لا يطالب طرف على حساب طرف آخر، الشيخ عليه أن يبذل، على الشيخ أن يبذل، وعلى الطالب أن يرفق بشيخه، ولا يضجر شيخه؛ لأن الشيخ ظروفه مثل ظروف غيره، أحياناً يأتي بعد درس وينصرف إلى بيته فيتبعه بعض الطلاب ويوقفونه عند الباب، يمكنه محتاج للدورة، والطالب ما يقدر هذه الأمور، أو يكون بعد صلاة ظهر أو عصر والشمس محرقة، ويوقف الشيخ في الشمس، هذا موجود من كثير من الطلاب، فيصعب على الشيخ أن يصرفهم بأسلوب غير مناسب، وبعض الطلاب لا يفيد به إلا التصريح، فكما أن الشيخ مطالب بالبذل والصبر على الطلاب ومحض النصح للطلاب، أيضاً الطرف الآخر مطالب، وفي آداب العالم والمتعلم ما يكفي ويشفي، لكن كثير من طلاب العلم في غفلة عن دراية هذه الأمور، ومراجعة هذه الأمور، والصحابة

كانوا على أدب رفيع قوي مع النبي -عليه الصلاة والسلام-، وقد نهوا عن الإكثار من الأسئلة، أسئلة يستفيدون منها، وقد أمر الله -جل وعلا- بالسؤال {فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ} [(43) سورة النحل] لكنهم نهوا عن الإكثار من الأسئلة التي تضجر، ابن آدم مركب من أمور من لحم ودم ومشاعر ومن .. ، المقصود أنه يضجر مهما كان، إنما أنا بشر -عليه الصلاة والسلام- مع ما جُبل عليه من خلق ومن حلم ومن تواضع لكن مع ذلك نهوا عن الإكثار من المسائل لهذا الأمر، فكانوا يفرحون إذا جاء الرجل العاقل من أهل البادية ليسأل النبي -عليه الصلاة والسلام- من أجل أن يستفيدوا. فعلى طالب العلم أن يتحين الأوقات المناسبة، ولا يضجر الشيخ، كما أن على الطرف الآخر على الشيخ أن يبذل، أخذ الله عليه العهد والميثاق أن يبين ولا يكتم، على ما ستأتي الإشارة إليه في هذه المنظومة -إن شاء الله تعالى-. والنصح فابذله للطلاب محتسباً ... في السر والجهر والأستاذ فاحترمِ النصح للطلاب لا بد منه، إذا جاء طالب يستشير في كتاب يقرأ على العالم أن ينظر مستوى هذا الطالب ويشير إليه بما يناسبه، ولا ينظر إلى مصلحته هو، إنما ينظر إلى مصلحة الطالب وينصح للطالب، بعض الشيوخ إذا جاءه الطالب قال: أريد أن أقرأ عليك، ويش تختار لي أي كتاب؟ فبعض الشيوخ يختار ما يحتاجه من الكتب هو، هذا ليس من النصح للطالب، وقد يكون هذا الكتاب غير مناسب للطالب، فمن باب النصيحة وبذل النصيحة لهذا الطالب أن ينظر الشيخ فيما ينفع الطالب. والنصح فابذله للطلاب محتسباً ... في السر والجهر والأستاذ فاحترمِ ومرحباً قل لمن يأتيك يطلبه ... وفيهم احفظ وصايا المصطفى بهمِ من يأتيك يطلبه من أهل البلد، وليكن عنايتك وترحيبك بمن هو أبعد فأبعد عن أهل البلد؛ لأن أهل البلد ما تعبوا مثل تعب من جاء من الآفاق، فهؤلاء لا شك أنهم أهل للعناية والرعاية. ومرحباً قل لمن يأتيك يطلبه ... وفيهم احفظ وصايا المصطفى بهمِ

أخرج الترمذي وابن ماجه من حديث أبي سعيد الخدري بسند فيه كلام لأهل العلم عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((سيأتيكم أقوام يطلبون العلم فإذا رأيتموهم فقولوا: مرحباً بوصية رسول الله -صلى الله عليه وسلم-)) والحديث لا يسلم من ضعف. والنية اجعل لوجه الله خالصة ... إن البناء بدون الأصل لم يقمِ ما في بناء بدون قاعدة وبدون أساس، والنية هي الأصل، والإنسان يؤجر على نيته أكثر من أجره على عمله، العمل المجرد عن النية لا أجر فيه، بينما النية المجردة عن العمل إذا وجد ما يمنع منه يرتب عليها الأثر. والنية اجعل لوجه الله خالصة ... إن البناء بدون الأصل لم يقمِ ومن يكن ليقول الناس يطلبه ... أخسر بصفقته في موقف الندمِ أول من تسعر بهم النار ثلاثة: رجل تعلم العلم وتعب في تحصيله ثم علم الناس، فيجاء به يوم القيامة فيقال: ماذا صنعت؟ فيقول: والله تعلمت وتعبت وسهرت وبذلت ثم علمت الناس، وهديت الناس، وأرشدت الناس ثم يقال له: كذبت، إنما فعلت ذلك ليقال: عالم، ثم يسحب على وجهه ويلقى في النار، والثاني المجاهد يؤتى به فيقال له: ماذا صنعت؟ فيقول: جاهدت في سبيلك حتى استشهدت، فيقال: كذبت، إنما قاتلت ليقال: جريء شجاع، وقد قيل، ثم يسحب على وجهه فيلقى في النار، والثالث: المنفق صاحب الأموال الذي ينفقها في وجوه الخير فيما يبدو للناس، ثم يقال له: ماذا صنعت؟ فيقال: جمعت الأموال وأنفقتها .. ، ما من سبيل ترضاه إلا وقد أنفقت فيه، فيقال له: كذبت، إنما أنفقت ليقال: جواد، فيسحب على وجهه فيلقى في النار. فهؤلاء الثلاثة هم أول من تسعر بهم النار يوم القيامة، فالأمر عظيم جد خطير، يعني ما هي المسألة سهلة لا يمكن أن تخرج من هذا الشأن كفافاً لا عليك ولا لك، لا، فإما أن تكون في الدرجات العليا يتراءك أهل الجنة كالكوكب الدري الغابر في السماء من عظم المنزلة ورفعت الدرجات، أو تكون أول من تسعر به النار يوم القيامة، فاختر لنفسك. ومن يكن ليقول الناس يطلبه ... أخسر بصفقته في موقف الندمِ حين لا ينفع الندم. ومن به يبتغي الدنيا فليس له ... يوم القيامة من حظ ولا قسمِ كفى به من كان في شورى وهود وفي الـ ... إسراء موعظة للحاذق الفهمِ

الذي في الشورى قول الله -جل وعلا-: {مَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِن نَّصِيبٍ} [(20) سورة الشورى] معلق بالإرادة، الإرادة هي النية، والتي في هود قوله: {مَن كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لاَ يُبْخَسُونَ * أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلاَّ النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُواْ فِيهَا وَبَاطِلٌ مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} [(15 - 16) سورة هود]. كفى به من كان في شورى وهود وفي الـ ... إسراء موعظة للحاذق الفهمِ والذي في الإسراء: {مَّن كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاء لِمَن نُّرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاهَا مَذْمُومًا مَّدْحُورًا * وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُم مَّشْكُورًا * كُلاًّ نُّمِدُّ هَؤُلاء وَهَؤُلاء} [(18 - 20) سورة الإسراء] يعني بعد أن بين للفريقين طريق النجاة وطريق الشقاء {وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ} [(10) سورة البلد] ولم يبق لأحد {كُلاًّ نُّمِدُّ هَؤُلاء وَهَؤُلاء مِنْ عَطَاء رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاء رَبِّكَ مَحْظُورًا} [(20) سورة الإسراء]. إياك واحذر مماراة السفيه به ... كذا مباهاة أهل العلم لا ترمِ روى ابن ماجه والترمذي بسند فيه كلام عن ابن عمر مرفوعاً: ((من طلب العلم ليماري به السفهاء، أو ليباهي به العلماء، أو ليصرف وجوه الناس إليه فهو في النار)) نسأل الله العافية. فإن أبغض كل الخلق أجمعهم ... إلى الإله ألد الناس في الخصمِ في صحيح البخاري من حديث عائشة -رضي الله عنه- قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أبغض الرجال إلى الله الألد الخصم)) الخصم دائم الخصومة (فعل) صيغة مبالغة (فعل) مثل حذر، الدائم الخصومة، والألد هو الذي يدعي الباطل ولا يقبل الحق، يجادل عن الباطل بقوة، وإذا عرض عليه الحق وبين له لم يقبله.

والعجب فاحذره إن العجب مجترفٌ ... أعمال صاحبه في سيله العرمِ لماذا؟ لأن المعجب بعمله مزكٍ لنفسه ولعمله، مترفع عن الخلق، متكبر عليهم، يرى أن له فضل على الناس. والعجب فاحذره إن العجب مجترفٌ ... أعمال صاحبه في سيله العرمِ محبط للأعمال -نسأل الله السلامة والعافية-. وبالمهم المهم ابدأ لتدركه ... . . . . . . . . . يعني العلم كثير. وبالمهم المهم ابدأ لتدركه ... . . . . . . . . . لأن العلم بحور، لا يمكن أن يحاط به، إذا كان علم موسى والخضر في علم الله -جل وعلا- مثل ما نقر العصفور من البحر، والله -جل وعلا- يقول لجميع المخلوقين: {وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً} [(85) سورة الإسراء] يعني إذا ضم علم جميع المخلوقين ما هو بالنسبة لعلم الله -جل وعلا- إلا شيء يسير، فعلى طالب العلم أن يبدأ بالمهم المهم، وتجد بعض الطلاب عندهم كتب كثيرة جداً، والتحصيل أقل، وكثرة الكتب ليست علامة على كثرة العلم أبداً، بل هي في الغالب مشغلة عن التحصيل، تجده هذا اليوم يأخذ الكتاب يقرأ له كلمة، يأخذ هذا الكتاب ويقرأ صفحة، ثم يتنقل من علم إلى علم، ينظر في علوم لا حاجة له بها، ويترك الأهم فلا يلتفت إليه، فيكون هذا على حساب هذا، والواقع يشهد بهذا، يعني إذا ذهبتم إلى المكتبات تجدون كتب تُحقق من قبل طلاب علم، هي أبعد ما تكون عن الأهمية، يعنى بعض الطلاب بجزء بيبي، وجزء الألف دينار، وجزء كذا، وإذا سألته عن أوضح حديث في صحيح البخاري ما يدري، ليست له عناية في البخاري، هذا ابتدأ بالمهم المهم؟ لا، هذا اشتغل بالمفضول عن الفاضل. وبالمهم المهم ابدأ لتدركه ... . . . . . . . . . لأن المسألة مسألة صعود وترقي، يبدأ بالمهم فالمهم؛ لأن العمر لا يستوعب كل شيء، ما يقول: والله أنا با أخر هذا العلم إلى أن أفرغ له، عليه أن يقدم ما يحتاج إليه في كل علم من العلوم، بدءاً من الدرجة الأولى، ثم الثانية، ثم إلى أن يصعد إلى السلم الذي أو رأس السلم الذي رتبه أهل العلم لطبقات المتعلمين. وبالمهم المهم ابدأ لتدركه ... وقدم النص. . . . . . . . . النص من الكتاب والسنة يقدم على قول كل أحد.

"والآراء فاتهمِ" يعني بدلاً من أن تقدم هذه الآراء، ويحكم بها على النصوص قدم النصوص واتهم الآراء، يعني بعض المقلدة إذا أحضر له أو ذكر له الدليل الصحيح من الكتاب أو من السنة قال: ولو، لو كان .. ، يعني أنت أعرف من الإمام أحمد، أو من الإمام أبي حنيفة أو من الإمام مالك، أنت أعرف منهم؟ يعني يخفى عليهم هذا الدليل؟ ما يمكن يخفى، تعرفه أنت، أو فهمك أفضل من فهم الإمام أحمد أو غير الإمام أحمد؟ المقصود أن الإنسان إذا سمع قال الله وقال رسوله يقف، وقد أحسن من انتهى إلى ما سمع. العلم قال الله قال رسوله ... قال الصحابة هم أولو العرفانِ وبالمهم المهم ابدأ لتدركه ... وقدم النص والآراء فاتهمِ الآراء التي تخالف النصوص اتهمها لا تتهم النص؛ لأن بعض الناس يتهم النص أنه يحتمل تأويل، يحتمل نسخ، يحتمل أنه مخصص، يحتمل أنه مقيد، ومع ذلك يعمل بأقوال الأئمة، ولا يعني هذا أن أقوال الأئمة تهدر، لا، يستفاد منها، لكن الأقوال والاجتهادات والأقيسة في مقابل النصوص فاسدة الاعتبار عند أهل العلم، "والآراء فاتهمِ". قدم وجوباً علوم الدين إن بها ... يبين نهج الهدى من موجب النقمِ قدم علوم الدين، يعني طالب العلم عنده مكتبة فيها كل الفنون، فيها التفسير، وفيها الحديث، وفيها العقيدة، وفيها الفقه، وفيها التاريخ، وفيها الأدب، وفيها وفيها وفيها، فيها الطب، فيها رحلات، وفيها موسوعات، كل العلوم موجودة، فيها الدواوين، فيها الشعر والنثر والقصص وغيرها، والمجلات، والذكريات، وفيها من كل شيء، ما الذي العناية به أهم؟ يقول:

"قدم وجوباً علوم الدين" علوم الدين هي التي جاءت النصوص بمدحها، ومدح أربابها وحامليها، أما العلوم الأخرى فهي قد تكون مما يعين، قد يكون فيها إعانة على التحصيل من بعض الوجوه، يعني تقرأ في كتب التاريخ؛ لأن فيها متعة وفيها عبرة، فيها عبرة التاريخ كما يقولون: يعيد نفسه، والأسباب التي انعقدت لهلاك الأمم السابقة إذا وجد نظائرها النتائج واحدة، السنن الكونية لا تتغير، ولذا إذا لو قرأ طالب العلم في الجزء السادس من نفح الطيب وطبق على وضعنا الحالي القائم يضع يده على قلبه، يقول: اللهم سلم سلم، التاريخ يعيد نفسه، بنفس الأسلوب الذي نعيشه الآن، وذهب أولئك نهباً للأعداء وفريسة للأعداء، استولي على محارمهم وعلى أملاكهم، وشردوا وقتلوا، والنتائج واحدة، السنن الكونية لا تتغير ولا تتبدل، ونعيش ما يقرب من عيشهم الآن. قدم وجوباً علوم الدين إن بها ... يبين نهج الهدى من موجب النقمِ طالب العلم أيضاً قد يحتاج إلى شيء من الاستجمام والراحة والاطلاع على أخبار الأمم الماضية واللاحقة والمعاصرة يحتاج إلى أن يخرج قليلاً من باب الاستجمام، ومن باب توسيع الأفق؛ لأن بعض المسائل تحتاج إلى شيء من السعة، يعني لو ضربت مثال واحد لبان لنا أن أهل العلم لم يهملوا العلوم الأخرى، لكن يجعلونها خادمة لعلوم الدين، لا يجعلونها أصول قائمة برأسها ينبغي أن تخدم، لا، يجعلونها خادمة لعلوم الدين، فالمثال الذي تقدم في ألفاظ الجرح والتعديل قول أبي حاتم الرازي في جبارة بن المغلس بين يدي عدل، الحافظ العراقي يقول: هذا تعديل، يعني أبو حاتم يوثقه، ويقرأها: "بين يديَّ عدلٌ" وهذا توثيق، لكن الحافظ ابن حجر أوجس خيفة من هذه اللفظة؛ لماذا؟ لأنها من بين أقوال أهل العلم التي كلها تنصب في تضعيف هذا الرجل، فكيف يقول أبو حاتم وهو أشدهم: "بين يدي عدل" فصار يبحث، فوجد في أدب الكاتب ما فيه طرف الخيط، وأن شخصاً يقال له: العدل بن جزء بن سعد العشيرة على شرطة تبع، ثم وجد أيضاً في الأغاني ما يدل على ذلك بزيادة، وأن تبع إذا أراد قتل شخص قال: استلمه يا العدل، وهو على شرطته، فيقول الناس: "بين يدي عدل" يعني هلك، خلاص انتهى.

وفي الأغاني أيضاً قصة أخرى إبراهيم بن هارون الرشيد كان على مأدبة، ومعه القائد طاهر، فأخذ هذا الصبي هندبات إما كوسة وإلا قرع وإلا شيء من هذا، أخذها من الطعام فضرب بها عين طاهر، طاهر أعور، ضرب العين السليمة، فذهب يشكوه إلى والده، فقال: هذا ما فعل هذا الصبي بعيني السليمة، والأخرى بين يدي عدل، يعني تالفة، يعني صرنا نستفيد من هذه الكتب، لكن فائدة يعني فائدة لا تعادل حجم هذه الكتب وما فيها من شرور، فيها شرور، وفيها أيضاً فيها مجون، وفيها كلام سخيف ومخل بالأدب، ولا يليق بطالب العلم، لكن مع ذلك يستفاد منها على إقلال، يعني ما يوغل فيها، وتجعل ديدن وإلا ورد كما يفعله بعض الناس، بعض الناس يقرأ الأغاني مراراً، أو يقرأ مثلاً كتب الأدب المطولة والمختصرة، ويعنى بالموسوعات وبالرحلات وبالذكريات، ويترك قال الله قال الرسول، هذا ليس بصحيح، ولذا قال: قدم وجوباً علوم الدين إن بها ... يبين نهج الهدى من موجب النقمِ وكل كسر الفتى فالدين جابره ... والكسر في الدين صعب غير ملتئمِ كل كسر سواءً كان حسي أو معنوي، سواء انكسر أحد أعضائه ينجبر هذا، والدين يعوض، وسواء كان معنوي أيضاً وجد من يسخر منه، وجد من يهزأ به، هذا أمره يسير؛ لأنه معلق بالدنيا، والدنيا ليست شيء ممر. وكل كسر الفتى فالدين جابره ... والكسر في الدين صعب غير ملتئمِ لا سيما إذا لم يتدارك بتوبة وأوبة ورجعة. دع عنك ما قاله العصري منتحلاً ... وبالعتيق تمسك قط واعتصمِ

"دع عنك ما قاله العصري منتحلاً" يعني من علومهم المعاصرة التي لا تعين على ما يورث الخشية لله -جل وعلا- من علوم الكتاب والسنة وعلوم الدين التي جاء الحث عليها، فعلوم المعاصرين يستفاد منها في أمور الدنيا، يعني لو أن الإنسان أفنى عمره وتخصص في الطب أو في الهندسة أو في الزراعة أو في الكيمياء أو في غيرها من العلوم هذا يستفيد في أمور دنياه، كأنه نجار، كأنه مزارع، وأيضاً النية لا تؤثر فيها، لا تؤثر سلباً، يعني لو قصدها، قال: أنا أتعلم الطب أتكسب، لا أريد إلا الدنيا ما عليه شيء، يعني مثل المزارع ومثل التاجر ومثل الصانع هذه أصلها للدنيا، لكن إذا نوى بذلك التقرب إلى الله -جل وعلا- ونفع العباد يؤجر على هذه النية. دع عنك ما قاله العصري منتحلاً ... وبالعتيق تمسك قط واعتصمِ يعني في وقت من الأوقات يقال لطلاب العلم وقد سمعناه وقيلت لنا: اترك تفسير الطبري، تفسير ابن كثير، هذه مضى وقتها، عليك بما كتبه المعاصرون، الذين يعرفون مشاكل العصر، وقضايا العصر، وينزلون عليها، اترك كتب المتقدمين نقول: لا "وبالعتيق تمسك" ما في علم إلا بكتب المتقدمين، يعني كون الإنسان يطلع على ما كتبه المعاصرين طيب وجيد، يطلع على ما كتبه العلماء المعاصرين، لا سيما من كانت عنده شيء من الالتزام بالقواعد، قواعد العلم والتعليم، أما من انسلخ مما ينبغي أن يزاوله شارح الكتاب أو شارح السنة هذا لا يلتفت إليه، يعني مثل تفسير طنطاوي جوهري الذي كأنه كتاب علوم، كله رسوم لذوات الأرواح، وكله نظريات، وكله نقول عن يهود ونصارى وكفار، وتجارب أمم، يعني كلها .. ، الكتاب محشو بمثل هذا، والفائدة في جانب هذه الأمور قليلة جداً.

يعني من الطرائف التي ذكرها، يعني استدل على جواز التصوير: {إِذْ يُرِيكَهُمُ اللهُ فِي مَنَامِكَ قَلِيلاً وَلَوْ أَرَاكَهُمْ كَثِيرًا لَّفَشِلْتُمْ} [(43) سورة الأنفال] يقول: هو يرى العدو على حقيقته، ولا يمكن أن يرى حقيقة أقل مما هو عليه إلا بصورة، ليست حقيقة، أوروا العدد قليل بصورة لا بالحقيقة، فهذا يدل على جواز التصوير، يقول: فعرضت هذا .... ، قلت: هذا يدل على جواز التفسير، فعرضت هذا الاستنباط على شيخ من شيوخ الأزهر، فقال: أنا أذهب إلى أبعد من ذلك فأقول: إن هذا يدل على وجوب التصوير، يعني مثل هؤلاء يؤخذ عنهم علم، أو تضاع الأوقات في قراءة كتبهم! وعندنا أئمة إمام المفسرين على الإطلاق الطبري، وشيخهم ابن كثير، وهذه الكتب التي هي من مشكاة النبوة، التفسير بالأثر، بأقوال النبي .. ، تفسير القرآن بالقرآن، تفسير القرآن بالسنة، بأقوال الصحابة والتابعين، باستنباط على الوجه الشرعي المعروف، على الجادة المعروفة عند أهل العلم، أهل علم وعمل، أهل تقوى، أهل ورع، ولا يمنع أن تأخذ من التفاسير الأخرى ما يعينك على الاستنباط من الكتاب، وما يدلك على إعجاز القرآن وبلاغة القرآن، تأخذ من كل اتجاه بطرف، يعني تأخذ من أحكام القرآن، تقرأ في الكتب التي أعربت القرآن، تقرأ في الكتب التي بينت وجوه إعجاز القرآن، تقرأ في شروح الأحاديث التي تعينك على فهم كلام النبي -عليه الصلاة والسلام-. . . . . . . . . . ... وبالعتيق تمسك قط واعتصمِ لتلزم الجادة، يعني كتابات المعاصرين ومن بيئات وثقافات متفاوتة ومتباينة لا بد أن يوجد عندك شيء من الاضطراب، أما إذا كنت على الجادة في تلقيك عن كتب الأئمة من أهل العلم فهذا بإذن الله -جل وعلا- تكون النتيجة مضمونة، والله أعلم. وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

المنظومة الميمية (4)

بسم الله الرحمن الرحيم المنظومة الميمية في الآداب الشرعية - للعلامة حافظ حكمي (4) الشيخ: عبد الكريم بن عبد الله الخضير السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. يقول: ما أفضل طبعات هذه المنظومة؟ لعله يقصد المنظومة الميمية للشيخ حافظ، المنظومة طبعت في حياته على نفقة الملك سعود طبعة جيدة، فيها أخطاء يسيرة يمكن أن تستدرك، ثم طبعت بعد ذلك مراراً، وباعتبار أن الكتاب ما تداوله النساخ، فأخطاؤه طفيفة. يقول: هل يجوز للرجل أن يأخذ زوجته إلى حمام عام به غرف خاصة للاستحمام معاً؟ هذا إن كان في بيته متسع فالأصل أن يستحم مع زوجته أو بمفرده، وتستحم بمفردها في بيت يكنهما، أما إذا كانت البيوت تضيق عن هذا، وهم بحاجة إلى الاستحمام، فإذا ذهبت الزوجة إلى حمامات النساء، وذهب هو إلى حمامات الرجال فهذا هو الأصل؛ لأن الاختلاط ولو في الممرات لا شك أنه يترتب عليه أمور لا تحمد، لا سيما في الحمامات التي تتطلب شيء من التكشف، لا أقول: كشف عورات مغلظة وإلا شيء، إنما لوجود المياه ووجود المنظفات وكذا قد يحتاج الإنسان إلى رفع ثوبه فيبدو شيء من جسده. يقول: عند متابعتي للدروس العلمية الشرعية عبر الإنترنت هل تحصل لي فضيلة الأجر كالذي يحضر في المسجد؟ لا، أنت الآن حديث: ((من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً)) أنت جالس في بيتك ما سلكت الطريق، لكنك مع ذلك تعد من طلاب العلم، ولك أجر عظيم -إن شاء الله تعالى-، وصرفك لهذا الوقت وهذا الجهد أيضاً تؤجر عليه، لكن يختلف الوضع بين كون الطالب يأخذ من الشيوخ مشافهة ومباشرة ويجثو بين أيديهم، ويتكلف عناء الطريق، وعناء الظروف من حر وبرد يختلف اختلافاً كبيراً عن شخص جالس في بيته ويسمع من جهاز أو آلة أو شريط، أو ما أشبه ذلك، وعلى كل حال هو مأجور، إذا لم يتيسر له سلوك الطريق والحضور بين يدي الشيوخ فيرجى. هذا يقول: أنا صاحب السؤال أمس هل يكتفى بكتب الحديث عن الفقه، فبماذا يبدأ طالب العلم هل يبدأ بكتب الحديث أم يبدأ بكتب الفقه؟ وما هو الكتاب الذي يمكن أن يكتفي به في الفقه، خاصة للطالب المتقدم في السن؟

عرفنا بالأمس أن كتب الحديث متون الحديث المرتبة لطلاب العلم لا بد مما يواكبها من المتون الفقهية، فالمتن الفقهي بحاجة ماسة إلى كتب الحديث، لا سيما كتب أحاديث الأحكام، وأيضاً كتب أحاديث الأحكام بحاجة ماسة إلى كيفية الاستنباط عند أهل العلم، والتصرف في النصوص المتعارضة، فتجد في كلام أهل العلم ما يحل لك إشكال في حديثين متعارضين، فيمشيان معاً يتواكبان أعني متون الفقه مع متون الحديث، وكلها مرتبة عند أهل العلم، لا متون الحديث ولا متون الفقه، يعني لو أن الطالب مثلاً بدأ بعمدة الأحكام مع عمدة الفقه، أو بدأ ببلوغ المرام مع زاد المستنقع؟ هذا يخدم هذا، وهذا يخدم هذا. يقول: ماذا يفعل من كان لديه زوجة ينصحها زوجها عن مشاهدة المسلسلات والأفلام والأغاني فلا تمتثل لأمره، وينصحها دائماً ولكن لا تستجيب، والأدهى من ذلك أن أمها تشجعها على ذلك، هل يتركها أم ماذا يفعل بها؟ على كل حال هذه مخالفات ومعاصي، فعليك أن تستمر في نصحها، وتوجيهها بالرفق واللين، وبيان الأضرار الناتجة والناجمة عن مشاهدة هذه الأفلام وهذه المسلسلات وهذه الأغاني، وتحضر لها البديل، والرفق ما دخل شيئاً إلا زانه، وعليك أن تصبر وتجتهد في نصحها، وتغيير مسارها ومسلكها، ومثل هذه الأمور لا توجب طلاق ولا تقتضيه؛ لأنها مخالفات ومعاصي تتحملها هي، فإذا أبرأت ذمتك بنصحها ومنعت من دخول هذه الأشياء إلى بيتك؛ لأنك أنت صاحب السلطان، لك أن تمنع هذه الآلات من دخول البيت، هذا إذا لم تستجب بالرفق واللين وتتركها قناعة، تتركها بشيء من الحزم. يقول: إني أستمع إليك عن طريق البث، فهل يحصل لي فضل ما ورد في حديث: ((ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله))؟ يعني أنت تستمع في بيت من بيوت الله أو في بيتك؟ لأنه يوجد في بلدان أخرى يجتمعون في مسجد ويستمعون هؤلاء اجتمعوا في بيت من بيوت الله، لكن إذا كنت تستمع وأنت في بيتك فأنت في بيتك، ولست في بيت من بيوت الله، وأجرك عند الله عظيم، إلا أنه لا يصل إلى حد الأجر المرتب على التعني لحضور الدروس. يقول: هل الأفضل بالنسبة لي أن أجلس في مصلاي، وأن أقرأ القرآن حتى تطلع الشمس، أو الخروج من المسجد لأجل الاستماع إليكم؟

الأفضل أن تجمع بينهما، فتجلس في مصلاك تذكر الله وتقرأ القرآن حتى ترتفع الشمس، ثم بعد ذلك تخرج إلى بيتك لاستماع الدروس، وإذا نظرنا في الموازنة بين هذه الأعمال الصالحة فتعلم العلم أفضل من نوافل العبادة، هذا إذا كانت قراءة القرآن لمجرد تحصيل الثواب المرتب على الحروف، أما إذا كانت قراءة القرآن على الوجه المأمور به للتعلم والتفقه والإفادة من كتاب الله فهذا أعظم وجوه الطلب. سم. الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. قال العلامة حافظ -رحمه الله تعالى-: ما العلم إلا كتاب الله أو أثرٌ ... يجلو بنور هداه كل منبهمِ ما ثم علم سوى الوحي المبين وما ... منه استمد ألا طوبى لمغتنم والكتم للعلم فاحذر إن كاتمه ... في لعنة الله والأقوام كلهم ومن عقوبته أن في المعاد له من ... الجحيم لجاماً ليس كاللجم وصائن العلم عمن ليس يحمله ... ماذا بكتمان بل صون فلا تلم وإنما الكتم منع العلم طالبه ... من مستحقٍ له فافهم ولا تهم وأتبع العلم بالأعمال وادع إلى ... سبيل ربك بالتبيان والحكم واصبر على لاحق من فتنة وأذى ... فيه وفي الرسل ذكرى فاقتده بهم لواحد بك يهديه الإله لذا ... خير غدا لك من حمر من النعم واسلك سواء الصراط المستقيم ولا ... تعدل وقل: ربي الرحمن واستقم الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد: فيقول الناظم -رحمه الله تعالى-: ما العلم إلا كتاب الله أو أثرٌ ... يجلو بنور هداه كل منبهمِ العلم: قال الله قال رسوله، وأصل العلوم، وأس العلوم كتاب الله -جل وعلا-، وما جاء في بيانه على لسان نبيه -عليه الصلاة والسلام-. ما العلم إلا كتاب الله أو أثرٌ ... . . . . . . . . . العلم قال الله قال رسوله ... قال الصحابة هم أولو العرفان ما العلم نصبك للخلاف سفاهة ... بين القرآن وبين قول فلان

المقصود أن العلم المعول فيه أولاً وآخراً على نصوص الوحيين، وما يقرأ وما يدرس من علوم أخرى إنما هي من أجل الإعانة على فهم الوحيين، قد يقول قائل: إن من طلاب العلم الآن من ينفق أوقاته بل عمره في علوم فيها شيء من البعد عن كتاب الله وسنة نبيه -صلى الله عليه وسلم- يتخصص في اللغة العربية، وينفق عمره ويموت على هذه الحالة، أو يتخصص في أصول الفقه مثلاً، أو يتخصص في أي علم من العلوم، أما إذا تخصص في الحديث أو تخصص في الفقه، واستند في فقهه على نصوص الوحيين هذا متخصص في الوحيين ولا إشكال فيه، إذا كان تخصصه في فقه الكتاب والسنة لا في الفقه الذي هو الرأي المجرد، فقه المقلدة، وإضاعة العمر في كتب التقليد، يدرس روضة الطالبين مثلاً للنووي سنين، أو يدرس الإنصاف اثنا عشر مجلد في سنين، هذا لا شك أنه بعيد عن الوحيين، عن علم الكتاب والسنة، اللهم إلا إذا اتخذ هذا الكتاب الفقهي منهج، وخطة بحث يسير عليها، فينظر في مسائل هذا الكتاب، ويسعى جاهداً للاستدلال لها من الكتاب والسنة، فيكون حينئذٍ يتفقه على الكتاب والسنة بواسطة هذين الكتابين، وإلا بعض الناس يتخصص في الفقه وتعرفون فقهاء المذاهب تنتهي أعمارهم وهم يجعلون أئمتهم هم الأصول، وإذا خالف قول الإمام نصاً من الكتاب والسنة فالمقدم قول الإمام، والنص إما مؤول أو منسوخ، فهل مثل هذا وإن تخصص في الفقه وزعم أنه يدخل في حديث: ((من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين)) هل يدخل في الحديث؟ لا، لا يدخل يا أخي، هذا يتخصص في آراء الناس، الذي يتخصص في التفسير ومعوله وعمدته في تفسير كلام الله -جل وعلا- على كتب التفسير بالرأي، يمضي عمره في تفسير الرازي، تفسير الزمخشري، تفسير فلان، تفسير .. ، نعم إذا تخصص في التفسير بالأثر، فتخصص في التفسير من خلال تفسير الطبري، تفسير ابن أبي حاتم، تفسير ابن كثير، تفاسير الأئمة، تفاسير السلف، فهذا يدور في فلك الكتاب والسنة، فمعوله على الكتاب والسنة، وقد حضرت مجادلة بين شخص تخصصه في القرآن وعلوم القرآن، وآخر تخصصه في السنة، فقال صاحب القرآن اللي في قسم القرآن قال: يا أخي نحن أهل الله وخاصته، وقال الثاني لأنه يعرف أن زميله هذا وإن تخصص

في التفسير وعلوم القرآن إلا أنه إنما يدرس الطلاب التفسير من كتب التفسير بالرأي، يعني لا يوجد من يدرس التفسير في الدراسات المنهجية الأكاديمية من خلال تفسير الطبري أو ابن كثير، يعني دُرس ابن كثير سنين في كلية الشريعة، وانتقل منه إلى تفسير الشوكاني، لكن معول المتأخرين ممن يتصدى للتفسير الكتب التي فيها الطرائف، وفيها الاستنباطات الدقيقة، والأقوال العجيبة والغريبة، كتفسير الزمخشري، تفسير الرازي، التفاسير المعروفة عند أهل هذا الشأن. قال له صاحب الحديث: أنتم أصحاب الرأي، يعني لا فرق بينكم وبين أهل الرأي، ونحن أهل الأثر، التفسير الحقيقي تبعنا ما هو تبعكم؛ لأنه ما التفسير إلا ببيان النبي -عليه الصلاة والسلام-، فإذا تطاول المتخصص في التفسير وهو بعيد كل البعد عن كتاب الله -جل وعلا- بما يعانيه ويزاوله من تفاسير بالرأي، وهي مشحونة بالآراء المخالفة لما جاء عن الله وعن رسوله من اعتقاد خلف يخالف ما عليه السلف، فمثل هذا لا يقال: إنه من أهل القرآن، أو من أهل الله وخاصته. ما العلم إلا كتاب الله أو أثرٌ ... . . . . . . . . .

نعم التفسير بالأثر يجمع لك الأمرين، التفقه في فقه الكتاب والسنة يجمع لك الأمرين، لكن مع ذلك لو أن طالب علم اعتمد على كتاب فقهي مجرد عن الدليل، يعني يقال: الإنصاف مثلاً اثنا عشر مجلد ما في عدد المجلدات -صلى الله عليه وسلم- نعم هذا كتاب فقه محض، لكن هذه المسائل لها أدلتها، فإذا حرص طالب العلم الذي يتفقه على هذا الكتاب للاستدلال لمسائل الكتاب هذا يتفقه من الكتاب والسنة، ومعوله على الكتاب والسنة، وإن اتخذ هذا الكتاب وسيلة لهذا التفقه كما شرحنا مراراً التفقه عن طريق الزاد مثلاً، قد يقول قائل: والله الزاد ما فيه أدلة لا في كتاب ولا سنة، فيه أقوال المؤلف وفيها ما يخالف الدليل وفيها ما يخالف المذهب، نقول: لا مانع أن يتفقه طالب العلم على كتاب مختصر في مذهب معين من المذاهب المعتبرة عند أهل العلم، ويجمع أدلة هذه المسائل ويعنى بها، ويقارن بينها، ويذكر من وافق ومن خالف، وأدلة الموافق .. ، يتفقه على الكتاب والسنة بهذه الطريقة؛ لأن المسألة تحتاج إلى دقة في النظر، بعض الناس يلوم من يتفقه أو يتخصص في الفقه أو الأصول أو اللغة إذا سخر اللغة وقد تخصص فيها لخدمة الكتاب والسنة هذا يتعلم الكتاب والسنة ويعلم الكتاب والسنة، ويؤثر عن إمام من أئمة المسلمين أنه يقول: أخذت ثلاثين سنة أفتي الناس من كتاب سيبويه، يعني هل كتاب سيبويه فيه أحكام الصلاة وأحكام الزكاة؟ لا، فيه مسائل توضح له النصوص من الكتاب والسنة، فالذي يعنى باللغة العربية لخدمة الكتاب والسنة هذا على خير، هذا يدرس الكتاب والسنة، يعني ماذا لو شرح شخص كتاب مختصر في النحو الأجرومية مثلاً، ثم قال للطالب فلان: أعرب لي الفاتحة من خلال دراستك للأجرومية، أعرب لي سورة الناس من خلال .. ، وأعرب لي كذا، الطالب يفهم القرآن ويرتبط بالقرآن ويفهم اللغة، ومثله لو قال: في مشكلات في الأحاديث من حيث الإعراب، جمعها ووزعها على الطلاب فاستفادوا الأمرين العربية واستفادوا ما يتعلق بالسنة، وصلة الوحيين باللغة العربية قوية جداً، حتى أن بعض الأحكام اختلف فيها أهل العلم للاختلاف في إعرابها، فمعرفة العربية في غاية الأهمية لطالب الكتاب والسنة.

يعني من أوضح الأمثلة ما يُذكر في هذا الباب ((ذكاةُ الجنين ذكاةُ أمه)) والرواية الأخرى وهي ضعيفة: ((ذكاةُ الجنين ذكاةَ أمه)) الجمهور أخذوا بالرواية الأولى وقالوا: إن الجنين ذكاته هي ذكاة أمه، فإذا ذكيت الأم كفى، الحنفية قالوا: لا ((ذكاةُ الجنين ذكاةَ أمه)) يعني كذكاة أمه يذكى، لا بد أن يذكى مثل أمه، اختلف الحكم الشرعي. أيضاً في مسائل الاعتقاد ما معوله على العربية، في مسائل كثيرة جداً مرجعها إلى العربية، لكن ماذا عن شخص تخصص في العربية ولم تكن النصوص على باله، وأمضى عمره في شرح المفصل لابن يعيش، كتاب مطول جداً، وفيه القيل والقال، وكلام كثير جداً، مفيد في بابه، لكنه مع ذلك عائق عن الأهم. "وبالمهم المهم ابدأ لتدركه" كما في درس الأمس "وقدم النص" لا بد من تقديم النصوص، لا بد أن يكون السائق والحادي هو النص، لا بد أن يكون السائق والحادي لطالب العلم هو النص، وأما أقوال الرجال يستفاد منها في فهم النص، لا سيما أهل التحقيق منهم. ما العلم إلا كتاب الله أو أثرٌ ... يجلو بنور هداه كل منبهمِ ما ثم علم سوى الوحي المبين وما ... منه استمد ألا طوبى لمغتنمِ ما في علم إلا عن طريق الوحيين، والذي يزعم أنه يتلقى العلم عن غير طريق النبي -عليه الصلاة والسلام- هذا ضال -نسأل الله السلامة والعافية-، فلا طريق موصل إلى الله -جل وعلا- إلا عن طريقه -عليه الصلاة والسلام-، فالعناية بأقواله وأفعاله وسيرته وشمائله من خير ما يعين على العلم والعمل. والكتم للعلم فاحذر إن كاتمه ... في لعنة الله والأقوام كلهمِ عليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين. . . . . . . . . . ... في لعنة الله والأقوام كلهمِ إذا كانت عليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين من بقي؟

"والكتم للعلم فاحذر" {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلعَنُهُمُ اللهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ * إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ وَأَصْلَحُواْ وَبَيَّنُواْ} [(159 - 160) سورة البقرة] قد يمر بالإنسان ظرف، قد يمر به خوف، قد يمر به كذا، ثم يحتاج إلى بيان فيكتم، ثم إذا ندم على ذلك وتاب تاب الله عليه، لكن مع ذلك ليحذر طالب العلم الكتم له. "ومن عقوبته" يعني عقوبة الكاتم. . . . . . . . . . أن في المعاد له ... من الجحيم لجاماً ليس كاللجمِ ما هو بمثل لجام فرس وإلا لجام بعير وإلا لجام حمار، لا، ما هو بعبارة عن حبل تلجم به الدابة، لا "ليس كاللجم". أخرج الإمام أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه من حديث أبي هريرة مرفوعاً: ((ما من رجل يحفظ علماً فيكتمه إلا أتي به يوم القيامة ملجماً بلجام من النار)) وهذا الحديث أقل أحواله الحسن؛ لأن له طرق يشد بعضه بعضاً، وفي لفظ: ((من سئل عن علم يعلمه فكتمه ألجم يوم القيامة بلجام من نار)) -نسأل الله السلامة والعافية-. وصائن العلم عمن ليس يحمله ... . . . . . . . . . نعم؟ طالب:. . . . . . . . . العلم الوارد في النصوص الحث عليه والتحذير من كتمه أو الإخلال بالنية فيه إنما المراد به العلم الشرعي، لكن من باب النصيحة والدين النصيحة أن الإنسان إذا جاء يستشير ويستنصح في علوم الدنيا تبذل له النصيحة، يعني لو أن طبيباً صلى بمسجد من المساجد وقال له واحد: والله يا فلان أنت تخصصك في كذا، وأنا عندي هذه المشكلة، يقال له: تعال للعيادة، وامثل أمام الكونتر وقص الفاتورة وادفع القيمة، هذا ليس مما ينبغي أن يسود بين المسلمين، لكنه إن فعل ذلك لا يأثم، مثل المزارع ومثل الصانع؛ لأن الذي يأثم به العلم الذي يبتغى به وجه الله -جل وعلا-. وصائن العلم عمن ليس يحمله ... ماذا بكتمان بل صون فلا تلمِ

يعني لو جاء شخص عليه أمارات أنه ليس من أهل العلم، ويسأل عن مسألة لا تهمه، ولا يحتاج إليها، مثل هذا لو لم يجب، وصُرف عما هو أهم بالنسبة له بأسلوب يسميه أهل البلاغة أسلوب الحكيم؛ لأن الإنسان قد يسأل عن شيء فيرى المسئول أن هذا السائل حاجته أمس إلى غيره، فيرشده إلى هذا الغير الذي هو أحوج إليه وأمس، هذا لا شك أنه ليس بكاتم. وصائن العلم عمن ليس يحمله ... ماذا بكتمان بل صون فلا تلمِ جاء في سنن ابن ماجه بسند ضعيف مرفوعاً: ((واضع العلم عند غير أهله كمقلد الخنازير الجوهر واللؤلؤ والذهب)) ولذا لا يحسن أن يؤتى بكتاب ويقرأ على أناس لا يستفيدون منه، فالناس منازل، ولهم عقول، فلا بد أن يفادوا بما يفيدهم، وما يناسب عقولهم، وأما الذي يكون لبعضهم فتنة، وبعضهم لا يفهم، وبعضهم يقع في العلم وأهله بسبب ذلك هذا لا يحسن أن يلقى على غير أهله. وإنما الكتم منع العلم طالبه ... من مستحقٍ له فافهم ولا تهمِ "الكتم منع العلم طالبه" يعني إذا جاء الطالب للشيخ واستفتى وسأل لا يكتم، وإذا أراد أن يقرأ لا يُمنع، لكن بحدود طاقة الشيخ؛ لأن طلاب العلم فيهم كثرة، والفنون كثيرة، والكتب كثيرة، ولو جاء كل واحد ولزمت إجابته لشق ذلك، بل لاستحال تلبية رغبات جميع طلاب العلم، يعني افترض أنك في منتصف كتاب، ويأتي طالب علم يقول: والله ودنا نبدأ من أول الكتاب، هل منعك لهذا الطالب أو عدم استجابتك لرغبته هذا كتم للعلم؟ لا، هذا ليس بكتم للعلم، الشيخ باذل ولا قصر، وإذا أراد أن يستجيب لكل طالب ما وفى بحاجة ولا واحد منهم؛ لأن كل واحد حاجته تختلف عن حاجة غيره. وإنما الكتم منع العلم طالبه ... من مستحقٍ له فافهم ولا تهمِ وأتبع العلم بالأعمال وادع إلى ... سبيل ربك بالتبيان والحكمِ تعلم واعمل وعلم وادع وأمر وانه، إذا تعلمت العلم اعمل بهذا العلم، إذا تعلمت وعملت علم هذا العلم، وادع إلى ربك بالتبيان والحكم، مر بالمعروف، وانه عن المنكر، كل هذه من وظائف العالم والمتعلم على حد سواء. وأتبع العلم بالأعمال وادع إلى ... سبيل ربك بالتبيان والحكمِ واصبر على لاحق من فتنة وأذى ... فيه وفي الرسل ذكرى فاقتده بهمِ

فاقتده بهم، واصبر لا بد أن يعترضك في طريقك شيء من الأذى، ولذا في المسائل الأربع للإمام المجدد الشيخ محمد بن عبد الوهاب المسائل الأربع: الأولى العلم، الثانية: العمل بالعلم، والثالثة: الدعوة إليه، والرابعة: الصبر على الأذى فيه {وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ} [(1 - 2) سورة العصر] إلا من استثنى {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} [(3) سورة العصر] لا بد من توفر هذه الأمور، لا بد من الأذى، لا يظن الإنسان أنه يصل إلى المراتب والمنازل العليا ولا يحصل له شيء، ولا إمامة إلا بابتلاء وأشد الناس ابتلاءً الأنبياء، ثم الأمثل فالأمثل، ما في نبي ما ابتلي، ولا إمام من أئمة المسلمين سهلت له الطرق منذ أن ولد إلى أن مات أبداً، والإمام لا تنال بالراحة، بل لا بد من التعب ولا بد من العناء ولا بد من الأذى؛ لأن لك خصوم، فالمتعلم يعترضه ما يعترضه، وقد يعترضه أقرب الناس إليه من الوالدين والإخوة والأقارب، وما أشبه ذلك، المعلم كذلك يعترضه من يعترضه، وهذا كثير ومشاهد على مر العصور إذا كان الأنبياء ما سلموا من هذه الاعتراضات فأتباعهم على سننهم ونهجهم، ولذا يقول: "وفي الرسل ذكرى" يعني تذكر، الرسول -عليه الصلاة والسلام- لما دعا قومه ماذا حصل له؟ آذوه ورموه بأبشع الأوصاف، وأدموا قدميه، وكسروا ثنيته. . . . . . . . . . ... . . . . . . . . . وفي الرسل ذكرى فاقتده بهمِ اقتده هذه هاء السكت {فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} [(90) سورة الأنعام] هذه هاء السكت. واصبر على لاحق من فتنة وأذى ... فيه وفي الرسل ذكرى فاقتده بهمِ لواحد. . . . . . . . . ... . . . . . . . . . يعني لشخص واحد، واللام هذه مؤكدة، وواقعة في جواب قسم محذوف، والله لواحد بك يهديه الإله لذا ... خير غدا لك من حمر من النعمِ

الوصية بكتاب الله -عز وجل-

قال النبي -عليه الصلاة والسلام- لعلي: ((لئن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم)) واحد، ومعلم الناس الخير كم يهتدي على يديه، لا سيما إذا كان علمه وعمله وتوجيهه وتعليمه نابع من إخلاص لله -جل وعلا-، وإلا فكم ترون وتسمعون ممن يعلم ومن يفتي ومن يوجه وينصح، تجد الكلام لا أثر له، وهذا مرده إلى الإخلاص، والقبول من الله -جل وعلا-. لواحد بك يهديه الإله لذا ... خير غدا لك من حمر من النعمِ ((لئن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم)) والدال على الخير كفاعله، ومن دل على هدى فله مثل أجر فاعله. واسلك سواء الصراط المستقيم ولا ... تعدل. . . . . . . . . عليك بالصراط المستقيم، واسأل الله -جل وعلا- حيث أمرك في كل ركعة من ركعات الصلاة أن يهديك الصراط المستقيم، وأنت على الصراط المستقيم اسأل الله -جل وعلا- أن يثبتك على الصراط المستقيم، ولا تعدل عنه، لا يميناً ولا شمالاً، لا تعدل عن الصراط المستقيم "ولا تعدل" لا تميل عن هذا الصراط المستقيم. "وقل ربي الرحمن واستقمِ" ((قل آمنت بالله ثم استقم)) "قل ربي الرحمن واستقمِ" يعني على دينه وعلى صراطه المستقيم. نعم. الوصية بكتاب الله -عز وجل- وبالتدبر والترتيل فاتلُ كتا ... ب الله لا سيما في حندس الظلمِ حكم براهينه واعمل بمحكمه ... حلا وحظراً وما قد حده أقم واطلب معانيه بالنقل الصريح ولا ... تخض برأيك واحذر بطش منتقم فما علمت بمحض النقل منه فقل ... وكل إلى الله معنى كل منبهم ثم المرا فيه كفر فاحذرنه ولا ... يستهوينك أقوام بزيغهم وعن مناهيه كن يا صاح منزجراً ... والأمر منه بلا ترداد فالتزم وما تشابه فوض للإله ولا ... تخض فخوضك فيه موجب النقم ولا تطع قول ذي زيغ يزخرفه ... من كل مبتدع في الدين متهم حيران ضل عن الحق المبين فلا ... ينفك منحرفاً معوج لم يقم هو الكتاب الذي من قام يقرؤه ... كأنما خاطب الرحمن بالكلم هو الصراط هو الحبل المتين هو الـ ... ميزان والعروة الوثقى لمعتصم هو البيان هو الذكر الحكيم هو التـ ... تفصيل فاقنع به في كل منبهم هو البصائر والذكرى لمدكر ... هو المواعظ والبشرى لغير عمي

هو المنزل نوراً بيناً وهدىً ... وهو الشفاء لما في القلب من سقم لكنه لأولي الإيمان إذ عملوا ... بما أتى فيه من علم ومن حكم أما على من تولى عنه فهو عمى ... لكونه عن هداه المستنير عمي فمن يقمه يكن يوم المعاد له ... خير الإمام إلى الفردوس والنعم كما يسوق أولي الإعراض عنه إلى ... دار المقامع والأنكال والألم وقد أتى النص في الطولين أنهما ... ظل لتاليهما في موقف الغمم وأنه في غد يأتي لصاحبه ... مبشراً وحجيجاً عنه إن يقم والملك والخلد يعطيه ويلبسه ... تاج الوقار الإله الحق ذو الكرم يقال: اقرأ ورتل وارق في غرف الـ ... جنات كي تنتهي للمنزل النعم وحلتان من الفردوس قد كسيت ... لوالديه لها الأكوان لم تقم قالا: بماذا كسيناها؟ فقيل: بما ... أقرأتما ابنكما فاشكر لذي النعم لما انتهى الناظم -رحمه الله تعالى- من الوصايا العامة لطالب العلم أوصى بكتاب الله -جل وعلا-، ثم أردف ذلك بالوصية بالسنة، فقال -رحمه الله تعالى-: الوصية بكتاب الله -عز وجل- وبالتدبر والترتيل فاتلُ كتا ... الله لا سيما في حندس الظلمِ جاء الترغيب في قراءة القرآن، وأن لقارئه بكل حرف عشر حسنات ((لا أقول: آلم حرف، ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف)) فـ (آلم) ثلاثة حروف، فيها ثلاثون حسنة، وهذا على أقل تقدير، والمضاعفة من الله -جل وعلا- بكرمه الواسع الذي لا يحد تصل إلى سبعمائة ضعف، وجاء في حديث تكلم فيه أهل العلم في المسند: ((إن الله ليضاعف لبعض عباده إلى ألفي ألف حسنة)) الحسنة إلى مليونين حسنة، إذا قرأت القرآن على الوجه المأمور به بالتدبر والترتيل حصل لك من الأجور الشيء الذي لا يخطر على بالك، ولا على بال غيرك، يعني أقل تقدير الختمة الواحدة فيها ثلاثة ملايين حسنة، وعند جمع من أهل العلم أن أجر الحروف يثبت بمجرد القراءة، ولذا يرجح بعضهم السرعة في القراءة كسباً لأجر الحروف، وهذا قول معروف عند الشافعية، ومنهم من يقول: لا، القراءة على الوجه المأمور به أعظم أجراً من السرعة، ولو قلت الحروف، الناظم -رحمه الله تعالى- يقول: وبالتدبر والترتيل فاتلُ كتا ... ب الله لا سيما في حندس الظلمِ

إذا قرأت في ساعة جزءاً واحداً بالتدبر والترتيل، وقرأ غيرك في الساعة خمسة أجزاء بالهذ أيهما أفضل؟ الخلاف معروف بين أهل العلم، الجمهور على أنك بالتدبر والترتيل تنال من الأجر أعظم مما يقرأه غيرك هذاً، ولو كان أكثر منك حروفاً، هذا قول الجمهور، وعند الشافعية أن تحصيل أجر الحروف أعظم، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . كيف؟ طالب:. . . . . . . . . إيه معروف هذا، يعني افترض أن شخصاً يختم في الشهر عشر مرات، وآخر يختم في الشهر مرة واحدة، هذا الذي يختم عشر مرات أجره مضروبة الواحدة في ثلاثة ملايين، ثلاثين مليون حسنة في الشهر، والثاني الذي يتدبر ويرتل هذا أجر ختمة واحدة، لكنه أعظم في الكيفية وإن قلت الكمية. فتدبر القرآن إن رمت الهدى ... فالعلم تحت تدبر القرآنِ شيخ الإسلام -رحمه الله- يقول: قراءة القرآن على الوجه المأمور به تورث القلب من العلم والإيمان والطمأنينة ما لا يدركه من لا يفعل هذا الفعل، فهذا أمر فائدته .. ، كثيراً ما يذكر ابن القيم -رحمه الله- مواقف حصلت له بسبب هذا، وفي أول فائدة من كتاب الفوائد ذكر أنموذج للتدبر وفهم القرآن، كتاب الفوائد لابن القيم أول فائدة ذكر أنموذجاً للتدبر، لتدبر كلام الله -جل وعلا- من خلال سورة (ق) ابن القيم -رحمه الله- في الهدي يقول: هذا الذي يختم عشر مرات في الشهر، وذاك الذي يختم مرة واحدة في الشهر مثاله كمن أهدى درة واحدة، وهذا أهدى عشر درر، أهدى عشر، وهذا أهدى درة واحدة، أو هذا حصل له عشر، وهذا حصل له درة واحدة، فذهبا إلى السوق وعرضا ما معهما من هذه الجواهر الثمينة، هذه العشر الواحدة بألف، المجموع عشرة آلاف، وهذه الواحدة بمائة ألف، هذه باع العشر بعشرة آلاف، وهذا باع الواحدة بمائة ألف، هذا تنظير لمن يقرأ بالتدبر والترتيل مع قلة الحروف، والثاني مع كثرة الحروف.

بعضهم يقول: إن الذي يقرأ ولا يفقه ولا يعقل هذا مذموم، وجاء عن ابن مسعود وغيره ذم هذه الطريقة، لا شك أنها في مقابل التدبر والترتيل المأمور به، يعني التدبر جاء في أربعة مواضع من القرآن، جاء في سورة النساء، وجاء في سورة المؤمنون، وجاء في (ص) وجاء في (محمد) القتال، والترتيل جاء في المزمل، وجاء في أيضاً نصوص أخرى من السنة. المقصود أن الوجه المأمور به لقراءة القرآن بالتدبر والترتيل، لكن ماذا عن شخص اعتاد السرعة والهذ وحاول مراراً أن يتدبر ويرتل وعجز؟ لأن العادة لا شك أنها تملك الإنسان، يعني هؤلاء الذين يسرعون في السيارات إذا ركب السيارة صار يمشي على ما يقولون: طبلون السيارة يمشي مائتين مائة وثمانين، ثم بعد ذلك يرى حادث ويتأثر، ثم يرفق قليلاً قليلاً ثم يرجع إلى ما تعود، هذا نظير من تعود السرعة في القرآن، تجده يسرع، ثم إذا مر عليه: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} [(24) سورة محمد] هدأ، وصار يرتل إلى أن يكمل السورة بعد يمكن يكمل أو لا يكمل ثم يعود إلى طريقته، وهذا الذي يسرع في السيارة يسرع يمشي مائة وثمانين مائتين، فإذا رأى حادث هدأ، صار يمشي سبعين ثمانين، ثم ينسى يزيد إلى المائة مائة وعشرين وخمس عشر دقائق ورجع إلى طريقته، فالمسألة مسألة تعود، فالذي لا يستطيع أن يقرأ القرآن على الوجه المأمور به بالتدبر والترتيل خير علاج له أن يسمع، يسمع القراءات المؤثرة من القراء المعروفين بصلاحهم، ويجاهد نفسه في التدبر والترتيل، وعرف من المتقدمين من تختلف عنده القراءة، فعنده القراءات لتحصيل الحروف، وكان يختم في كل يوم، وقراءة للتدبر مكث فيها أكثر من عشرين سنة، يمكن كل يوم آية، يتدبر كل يوم آية، ويمكن يراجع عليها كل التفاسير، فلا شك أن الوجه المأمور به هو التدبر والترتيل كما قال الناظم -رحمه الله تعالى-: وبالتدبر والترتيل فاتلُ كتا ... ب الله لا سيما في حندس الظلمِ

في الليل؛ لأنه أبعد عن المشاغل، وأفرغ للقلب، والمشاغل أكثر ما تكون في النهار، وإن كان ظرفنا الذي نعيشه قد يكون انعكس، يعني عندك من الساعة الثامنة إلى أذان الظهر هذا في الظرف الذي نعيشه مثل حندس الظلم في السابق، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . نعم تخلو الشوارع ولا أحد يتصل، ولا أحد يعترض على أحد، نعم.

على كل حال المستمع ما هو بالسامع، المستمع أجره عظيم، ويشتركان في الأجر إلا أن معاناة القراءة يختص بها القارئ، لا سيما في حندس الظلم لأنه أخفى، وأفرغ إلى القلب والبال، وأحضر للقلب، لكن ماذا عن حديث: ((الجاهر بالقرآن كالجاهر بالصدقة، والمسر بالقرآن كالمسر بالصدقة))؟ لأن بعض الناس طريقته في القراءة سراً، لا يسمع منه ولا حرف، وبعض الناس يجهر، أيهما أفضل؟ يعني ما جاء في قول الله -جل وعلا-: {وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً} [(110) سورة الإسراء] يدل على أن التوسط هو المطلوب، لكن هذا الحديث يدل على أن المسر بالقراءة أفضل، لكن هل المسر بالقراءة والجاهر بها في الحديث يعني في كيفية الأداء أو في الاستخفاء عن الناس؟ نعم الاستخفاء عن الناس، المقصود أن يقرأ في مكان يستخفي به عن الناس، كما أنه يتصدق بصدقة لا يعلمها أحد، كما جاء في حديث السبعة: ((رجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه)) فالمسر بالقرآن الذي يتخذ مكاناً بعيداً عن نظر الناس لا شك أنه أقرب إلى الإخلاص، وأدعى إلى حضور القلب، بخلاف من كانت قراءته في مجامع الناس، لكن إذا كان ممن يقتدى به، وطلاب العلم يرون أهل العلم ليس هناك وقت لقراءة القرآن عندهم، يعني يخيل لطلاب العلم الآن أن المشايخ ما يقرؤون قرآن، أول النهار في الدوام، ثم بعد ذلك يرتاحون، ثم دروس، ثم اجتماعات، ثم نوم وهكذا، هم لهم نصيب من التعبد من قيام ومن تلاوة ما في إشكال، لكن أين هذا من عمل المتقدمين الذين ديدنهم النظر في عهد الله والنظر في كتابه؟ يوجد من شيوخنا المعاصرين الآن من يضاهي المتقدمين في تلاوة القرآن، مع أنه قائم بأعمال كبيرة جداً، يداوم دوام كامل، وله أيضاً دروس، وله ارتباطات واجتماعات، ومع ذلك يقرأ القرآن في ثلاث، لكن ما يلزم أن يكون على مرأى من طلاب العلم، نعم طلاب العلم يحتاجون إلى قدوات، ولذلك نجد كثير من الحفاظ قراءة القرآن ليس لها نصيب عندهم، يقرؤون في العلوم الأخرى أضعاف أضعاف ما يقرؤون القرآن، بل يتعجب بعضهم إذا جاء إلى المسجد ووجد الشيخ يقرأ فقال له: أنا أريد معي كتاب اقرأ عليك،

فيقول الشيخ: والله أنا مشغول، ثم يتعجب هذا الطالب يقول: مشغول وهو جالس يقرأ قرآن! يعني سمعت هذه بالحرف، سمعت ما هي افتراضيه، كأن القرآن لا نصيب له من عمر الإنسان، فإذا كانت قراءة القرآن في المجامع في المساجد في المواضع الذي يجتمع فيها الناس من قبل القارئ ليقتدى به، يقتدي به طلاب العلم، يقتدي به عامة الناس، يقتدي به أهل الغفلة، فلا شك أن له من الأجر مثل أجورهم، وهذا قد يعرض للأمر المفوق ما يجعله فائقاً. لعلنا نستأنف الوصية بكتاب الله غداً -إن شاء الله تعالى-. اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد ...

المنظومة الميمية (5)

بسم الله الرحمن الرحيم المنظومة الميمية في الآداب الشرعية للعلامة حافظ حكمي (5) الشيخ: عبد الكريم بن عبد الله الخضير السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فيقول الناظم الشيخ حافظ بن أحمد الحكمي -رحمه الله- في وصيته النافعة الماتعة الجامعة الميمية، في وصيته لطالب العلم بكتاب الله -عز وجل- الذي قرأنا منه ما قرأنا بالأمس، وبدأنا بشرحه ولم نكمل، يقول: وبالتدبر والترتيل فاتلُ كتا ... ب الله لا سيما في حندس الظلمِ هذا وقفنا عنده بالأمس وقفة مناسبة، وفيه الحث على قراءة القرآن على ما جاء في النصوص، وبينا بعض ذلك، وقلنا: إن التدبر والترتيل هو الوجه المأمور به، يعني قراءة القرآن على الوجه المأمور به، يعني بالتدبر والترتيل، وأما من قرأ بخلاف ذلك دون تدبر ولا ترتيل فقد يحصل له أجر الحروف؛ لأن أجر الحروف مرتب على مجرد القراءة ((من قرأ القرآن فله بكل حرف حسنة، والحسنة بعشرة أمثالها، لا أقول: الم حرف، بل ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف)) فـ (الم) فيها ثلاثون حسنة.

والخلاف بين أهل العلم في المراد بالحرف هل هو حرف المبنى أو حرف المعنى؟ مسألة خلافية بين أهل العلم، والأثر المترتب على الخلاف كبير؛ لأنه إذا قلنا: إن المراد بالحرف حرف المبنى فالختمة الواحدة كما ذكرنا بالأمس فيها أكثر من ثلاثة ملايين حسنة، وإذا قلنا: إن المراد الحرف حرف المعنى قلنا: إنه لا يثبت ولا الربع من هذا الأجر، يعني سبعمائة ألف حسنة الربع تقريباً، وكثير من أهل العلم يرجح حرف المبنى، وهذا الذي يتمناه كل قارئ للقرآن لتكثر حسناته، ومنهم من يقول: إن المراد بالحرف حرف المعنى، وكلام شيخ الإسلام يومئ ويرشد إليه، كأنه يميل إلى أن المراد بالحرف حرف المعنى، وابن الجزري في النشر أيضاً كأنه يميل إليه، بدليل المثال الذي ذكره النبي -عليه الصلاة والسلام- (الم) كم حرف هذه؟ في الحديث ثلاثة حروف، لكن لو نظرنها من حيث المبنى وجدناها تسعة حروف، ألف حرف، لكن فيها الهمزة واللام والفاء، لو أردنا حروف المبنى صارت ثلاثة حروف، وهي في الحديث حرف واحد، ألف حرف، لام حرف، وهي من حروف المبنى ثلاثة حروف، ميم حرف مثلها، فإذا قلنا: إن المراد بالحرف حرف المبنى قلنا: تسعة حروف وليست ثلاثة حروف، ولذلك هناك فرق بين أن تقول: (الم) و (ألم) {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ} [(1) سورة الفيل] ألم ثلاثة حروف مبنى، لكنها في حروف المعاني اثنان، الهمز همزة الاستفهام و (لم) النافية، حرفان. (كيف) حرف واحد باعتبار المعنى، وثلاثة حروف باعتبار المبنى، والترجيح في مثل هذا فيه صعوبة؛ لأن الحرف كما يطلق على هذا يطلق على هذا على حد سواء، لكن ثقتنا بفضل الله -جل وعلا- وجوده وكرمه أعظم من ثقتنا بعلم شيخ الإسلام، ولا نستطيع أن نقول أكثر من هذا، فعلى الإنسان أن يستكثر وأجره على الله -جل وعلا-، ولن يقف الأمر عند هذا، يعني المسألة تحتاج تتوقف على القدر الذي يقر في قلب الإنسان من تعظيم لكلام الله تعالى، ومن تدبر وترتيل وفهم واعتبار، تصل المضاعفات إلى سبعمائة، إلى أضعاف كثيرة. يقول -رحمه الله تعالى-: حكم براهينه واعمل بمحكمه ... . . . . . . . . .

"حكم براهينه" الأدلة التي تدلك على ما يطلب منك، عليك أن تحكمها في نفسك وفي غيرك. "واعمل بمحكمه" المحكم الواضح البين "واعمل بمحكمه" النصوص المحكمة الواضحة البينة التي لا خفاء فيها عليك أن تعمل بها، بخلاف المتشابه، فسلم ولا تتبع هذا المتشابه كما يفعل أهل الزيغ فتهلك. . . . . . . . . . واعمل بمحكمه ... حلاً وحظراً وما قد حده أقمِ "وما قد حده أقمِ" يعني أقم حدوده ولا تتعد حدوده. واطلب معانيه بالنقل الصريح ولا ... تخض برأيك واحذر بطش منتقمِ "واطلب معانيه بالنقل الصريح" مثل ما ذكرنا بالأمس أن التفسير ينبغي أن يكون على الجادة عند أهل التحقيق يُفسر القرآن بالقرآن، ثم بالسنة، ثم بأقاويل السلف من الصحابة والتابعين والأئمة. واطلب معانيه بالنقل الصريح ولا ... تخض برأيك. . . . . . . . . لأن التفسير بالرأي مذموم. . . . . . . . . . ولا ... تخض برأيك واحذر بطش منتقمِ وتكلمنا أمس عن التفسير بالرأي والتفسير بالأثر، وجاء في الحديث: ((من قال في القرآن بغير علم فليتبوأ مقعده من النار)) خرجه الترمذي عن ابن عباس، وعن جندب قال: "من قال في القرآن برأيه فأصاب فقد أخطأ". فما علمتَ بمحض النقل منه فقل ... . . . . . . . . .

يعني بمحض النقل لا تقل برأيك يعني المجرد؛ لأنه فرق بين أن يفسر القرآن من لا عنده شيء من الآلة التي يجب أن تتوافر في مفسر القرآن، هذا لا يجوز له أن يفسر، لكن شخص قرأ التفاسير، وعنده من العلوم ما يؤهله للتفسير، قرأ التفاسير، تفاسير السلف، والتفاسير الأخرى المتعلقة بفنون من فنون القرآن، متعلق بإعجاز، متعلق بإعراب، متعلق بأحكام، متعلق بالفروع الكثيرة التي فُسر بها القرآن، قرأ منها ما يكفيه، فهذا إذا سُئل عن معنى آية ولم يستحضر ما قاله شخص بعينه إنما تكوّن لديه ملكة من خلال نظره في التفاسير الموثوقة عند أهل العلم تتكون لديه ملكة يستطيع أن يفهم القرآن بها، ولو لم يستطع أن يرد كل كلمة استفادها إلى مصدرها، يعني فرق بين هذا وبين من يأتي ولا علاقة له بالقرآن، ولا بالعلم الشرعي، ثم يقول: الكلام عربي ونحن نفهم، نقول: لا، فرق بين هذا وهذا، يعني إدامة النظر في كلام أهل العلم في تفسير كلام الله -جل وعلا- أو في شرح كلام رسوله -عليه الصلاة والسلام- هذه تولد ملكة عند طالب العلم يستطيع أن يتعامل مع النصوص من خلالها، لا سيما إذا كانت لديه الأهلية، يعني أخذ من كل فن ما يكفيه، وصار يضرب من الفنون بما يعينه على فهم كلام الله وكلام رسوله -عليه الصلاة والسلام-، ولو قال في القرآن من خلال هذه الملكة بكلام لم يُسبق إليه، ويدل على هذا: ((رب مبلغ أوعى من سامع)) لكن لا يأتينا من لا علاقة له بالعلم لا من قبيل ولا من دبير، ويقول: الكلام عربي، ونحن عرب ونفهم، ثم ينزل الحقائق العرفية في بلده بعد المسخ وبعد الاختلاط بالأمم الأخرى، وينزل هذه الحقائق على الحقائق الشرعية التي قد تكون موافقة للحقائق اللغوية، وقد تكون مخالفة، ووجد من بعض المفسرين المعاصرين الذين فسروا القرآن بالرأي العجائب؛ لماذا؟ لأنهم لم ينطلقوا من تفاسير الأئمة، لكن طالب العلم الذي له عناية بتفاسير الأئمة وسُئل عن معنى آية وأجاب هذا عنده الأهلية، ولو لم يُسبق إلى هذا القول، لكن لا يأتي من فراغ، والأحوط في حقه أن يقول: لعل المراد كذا؛ لأن الإتيان بحرف الترجي يُخرج من العهدة؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- لما ذكر السبعين الألف الذين يدخلون

الجنة بغير حساب ولا عذاب، ودخل ولم يبين الصحابة منهم من قال: لعلهم كذا، ومنهم من قال: لعلهم من ولد في الإسلام، ولعلهم من صحب النبي، ولعلهم كذا، فخرج عليهم النبي -عليه الصلاة والسلام- ولم يثرب عليهم؛ لأن الإتيان بحرف الترجي لا يعني الجزم، الإشكال في الجزم بمراد الله -جل وعلا-، المقصود أنه يفرق بين من له عناية بكتاب الله -جل وعلا-، وتكونت لديه الأهلية من خلال الخبرة والدربة والممارسة لكلام الأئمة، وبين شخص ليس له أدنى ارتباط بكلام الأئمة. فما علمتَ بمحض النقل منه فقل ... وكل إلى الله معنى كل منبهمِ يعني فوض الأمر إلى الله -جل وعلا-، لا تخض في الأمور المنبهمة المستغلقة التي لا تستطيع أن تدرك كنهها ومداها، هذا اتركه إلى الله -جل وعلا-، فلا تقل برأيك ((فمن قال في القرآن -برأيه- بغير علم فليتبوأ مقعده من النار)). ثم المرا فيه كفر فاحذرنه ولا ... يستهوينك أقوام بزيغهم "ثم المرا فيه كفر" وجاء في الحديث: ((المراء في القرآن كفر)) خرجه أبو داود والحاكم عن أبي هريرة، والمراد بالمراء إما الامتراء وهو الشك، الامتراء فيه والشك، والقرآن لا ريب فيه، ولا شك ولا ارتياب، أو المراء الجدال العقيم الذي يوصل في نهايته إلى جحد ما أثبته الله -جل وعلا- في كتابه. ثم المرا فيه كفر فاحذرنه ولا ... يستهوينك أقوام بزيغهم أهل الزيغ الذين يتتبعون المتشابه، أو الذين أشار إليهم فيما تقدم. دع عنك ما قاله العصري منتحلاً ... . . . . . . . . . يعني بعض المعاصرين أعمل رأيه في النصوص، فصار يضرب يميناً وشمالاً ولا يصيب المراد، قد يصيب المراد لكن هذا بغير علم يتخبط في كلام الله -جل وعلا-، وكلامه قد يستهوي السامع، يكون لديه من البيان ولديه من البلاغة ما يستطيع فيه سبك الكلام وضبط الكلام، فالقارئ يستهويه مثل هذا الكلام، وإن كان في الحقيقة زائغاً. وعن مناهيه كن يا صاح منزجراً ... . . . . . . . . . يعني يا صاحبي، ورخم فحذفت الياء ياء المتكلم وآخر الكلمة التي هي الباء. وعن مناهيه كن يا صاح منزجراً ... والأمر منه بلا ترداد فالتزمِ

"بلا ترداد فالتزم" يعني امتثل الأمر بدون تردد، واجتنب النهي بدون خيرة، كما قال ابن مسعود وغيره: "إذا سمعت الله -جل وعلا- يقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ} فإنما هو إما أن يكون خير تؤمر به، أو شر تنهى عنه" وحينئذٍ لا تتردد في الامتثال. وما تشابه فوض للإله ولا ... تخض فخوضك فيه موجب النقم وما تشابه، المتشابه الذي لا يعلمه إلا الله هذا لا تتعب في إدراكه، فالقول في المتشابه وإن اختلف أهل العلم يعني هل الراسخون في العلم يعلمون المتشابه أو لا يعلمون؟ وهذا يتبع الوقف في {إِلاَّ اللهُ} وهل الواو في {وَالرَّاسِخُونَ} [(7) سورة آل عمران] عاطفة أو استئنافية؟ فالذي يقول: عاطفة يقول: الراسخون في العلم يعلمون المتشابه، والذي يقول: استئنافية يقول: لا يعلم المتشابه إلا الله -جل وعلا-، حتى الراسخين في العلم دورهم يقولون: آمنا به فقط، وعلى كل حال التشابه والإحكام أمور نسبية، فينظر في أقوال أهل العلم في مراد الله -جل وعلا- في هذه الآية، فإذا استغلقت عليه، ولم يستطع الوصول إلى قول راجح صائب فيها، صارت بالنسبة له من المتشابه، وإذا بان له معناها من خلال كلام أهل العلم صارت من المحكم. وما تشابه فوض للإله ولا ... تخض فخوضك فيه موجب النقمِ ولا تطع قول ذي زيغ يزخرفه ... من كل مبتدع في الدين متهمِ يعني البدع لها بريق، ولها نفوذ إلى القلوب، وأهل البدع وأهل الزيغ تجد كثيراً منهم قد أعطي من الذكاء ما يستطيع به الولوج إلى القلوب، لكنه لم يعطَ الزكاء الذي به يفرق بين القول الحق والباطل، وإذا قرأت في كلام أهل الكلام انبهرت، لكن إذا عرضته على ميزان الكتاب والسنة ما وجدت شيء، ووجدت في نهايته الضلال المبين، حتى أن هؤلاء المتكلمين كثير منهم رجع، كثير منهم ندم عند موته. ولا تطع قول ذي زيغ يزخرفه ... من كل مبتدع في الدين متهمِ حيران ضل عن الحق المبين فلا ... ينفك منحرفاً معوج لم يَقُمِ

أو لم يُقم، المعوج يحتاج إلى إقامة، ويحتاج إلى استقامة، لكنه مع ذلك اتباعه للمتشابه وانصرافه عن النصوص المحكمة عن نصوص الوحيين، وعنايته بغيرهما، وطلبه الحق من غيرهما، يجعله يصل إلى هذا الحد حيران، كثير منهم أعلن الحيرة في آخر حياته. حيران ضل عن الحق المبين فلا ... ينفك منحرفاً معوج لم يَقُم هو الكتاب الذي من قام يقرؤه ... . . . . . . . . . القرآن كلام الله. هو الكتاب الذي من قام يقرؤه ... كأنما خاطب الرحمن بالكلمِ يعني وأنت تقرأ القرآن كأنك تخاطب الرحمن لأنه كلامه، يعني إذا أرسل لك شخص كتاب خط رسالة أرسلها لك بخطه وقلمه ووجهها إليك من فلان إلى فلان هو يخاطبك بهذا الكلام، الله -جل وعلا- يخاطبك بكلامه، بكتابه. هو الكتاب الذي من قام يقرؤه ... كأنما خاطب الرحمن بالكلمِ كأنه يشافه الرحمن لأنه كلامه، فأنت تقرأ كلام الله بدون واسطة منه إليك، لكن مع الأسف أننا لا نقيم وزناً لهذا الكلام، ونقرأه ولا نتأثر، ولا يحرك فينا ساكناً، ولا فرق بين أن نقرأ سورة هود أو أي سورة من القرآن، أو نقرأ في جريدة أو نسمع شريط، أو نسمع أخبار ما في فرق عندنا، نقرأ القرآن وكأنه لا يعنينا، وقلت مراراً: إن المسئولين إذا جاءهم نظام جديد ممن فوقهم يرسل هذا النظام إلى الجهات الرسمية للعمل بموجبه، يستلمه مدير هذه الجهة، يستلمه في آخر الدوام، يقول: نتركه إلى الغد؟ لا، مباشرة يفتحه ويشوف هذا جاء من الجهات العليا، ويتأمله حرفاً حرفاً، هذا في آخر الدوام، من الغد يجمع له الوكلاء ورؤساء الأقسام يقرأ عليهم ويقرؤون عليه، ويتدارسونه فيما بينهم، إن فهموه بها ونعمت وإلا طلبوا اللوائح التفسيرية، هذا ما هو الواقع؟ هذا الواقع، لكن جاءنا هذا الكتاب من الله -جل وعلا- هل نصنع فيه شيء مما نصنعه في مثل هذه الأنظمة؟ هذه أنظمة مخلوقين، وقد يبدو لك ملاحظات على هذا النظام ترفعها إلى الجهات يدرسونها ويعدلون، لكن هذا الكتاب الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه. هو الكتاب الذي من قام يقرؤه ... كأنما خاطب الرحمن بالكلمِ هو الصراط هو الحبل المتين هو الـ ... ميزان والعروة الوثقى لمعتصمِ

هذه صفاته، الصراط المستقيم القرآن، فإذا امتثلت القرآن فأنت على الجادة على الصراط المستقيم، والمستقيم أقرب طريق يصل بين نقطتين، يعني بدلاً من أن تذهب يمين وشمال، وتطلب مرضاة الله -جل وعلا- في كتب فلان وعلان من أهل العلم، فأقرب طريق يوصل إلى الله -جل وعلا- إلى الصراط المستقيم هو القرآن "هو الصراط هو الحبل المتين" الذي من تمسك به لن يضل ولن يقطع لأنه متين. . . . . . . . . . هو الحبل المتين هو الـ ... ميزان والعروة الوثقى لمعتصمِ هو الميزان الذي توزن به الأعمال بدقة، ولما كانت الموازين شرعية صارت الرفعة لأهل الدين وأهل الفضل وأهل الخير، ولما اختلت الموازين اختلت النتائج تبعاً لها، فرفع الأسافل ووضع الأعالي، والله المستعان. "هو الـ * ميزان والعروة الوثقى لمعتصمِ" والاعتصام به مع السنة هو الكفيل بالثبات للإنسان على الجادة. هو البيان هو الذكر الحكيم هو التـ ... تفصيل فاقنع به في كل منبهمِ البيان قد يكون فيه إجمال، لكن من أين نطلب البيان؟ نطلب البيان من القرآن في موضع آخر، فإن لم نجد فمن سنة النبي -عليه الصلاة والسلام- الذي وظيفته البيان، بيان ما جاء عن الله -جل وعلا-. هو البصائر والذكرى لمدكرٍ ... هو المواعظ والبشرى لغير عمي {فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ} [(45) سورة ق] لكن من؟ {مَن يَخَافُ وَعِيدِ} [(45) سورة ق]. هو المنزل نوراً بيناً وهدى ... وهو الشفاء لما في القلب من سقمِ {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء} [(82) سورة الإسراء] {قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاء} [(44) سورة فصلت]. لكنه لأولي الإيمان إذ عملوا ... بما أتى فيه من علم ومن حكمِ {قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاء} [(44) سورة فصلت] {وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ} كما جاء {فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى} [(44) سورة فصلت]. أما على من تولى عنه فهو عمىً ... لكونه عن هداه المستنير عمي

الذي يعمى عن القرآن يحشر يوم القيامة أعمى {وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى} [(124) سورة طه] يعني وإن كان مبصراً في الدنيا يحشر يوم القيامة أعمى؛ لأنه عمي عن القرآن وأعرض عن القرآن، كما أن من حارب الله -جل وعلا- هذا يبعث أعمى، ومن حارب الله -جل وعلا- بالربا يبعث يوم القيامة مجنوناً كالذي يتخبطه الشيطان من المس. فمن يقمه يكن يوم المعاد له ... خير الإمام إلى الفردوس والنعمِ يعني يقوده إلى جنات النعيم، يكون القرآن قائداً له إلى الفردوس وجنات النعيم. كما يسوق أولي الإعراض عنه إلى ... دار المقامع والأنكال والألمِ إما أن يكون سائقاً وقائداً إلى جنات النعيم، أو يكون يتبع المعرض عنه فيزج في قفاه إلى النار -نسأل الله العافية-. وقد أتى النص في الطولين أنهما ... ظل لتاليهما في موقف الغممِ أخرج الإمام مسلم وأحمد والترمذي عن النواس بن سمعان قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((يؤتى بالقرآن وأهله الذين كانوا يعملون به في الدنيا تقدمهم سورة البقرة وآل عمران)) قال: وضرب لهما رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثلاثة أمثال ما نسيتهن بعد، قال: ((كأنهما غمامتان)) أو ((كأنهما غيايتان)) أو ((كأنهما ظلتان سوداوان)) أو ((كأنهما فرقان من طير صواف، تحاجان عن صاحبهما)). وحلتان من الفردوس قد كُسيت ... لوالديه لهما الأكوان لم تقمِ يعني من حرص على أن يحفظ ولده القرآن يكسى يوم القيامة حلتان من الفردوس. وحلتان من الفردوس قد كسيت ... لوالديه لهما الأكوان لم تقمِ

هذا إذا سعيا في حفظه للقرآن، ولا شك أن الله -جل وعلا- لا يخيب الآمال ولا يضيع الأعمال؛ لأن بعض الناس يحرص أشد الحرص، ويبذل جميع الأسباب من أجل أن يحفظ ولده القرآن ولا يتم ذلك، وله أجر المجاهدة، وبعض الناس مهمل لأولاده، وقد حدثني بنفسه يقول: والله ما علمت أن الأولاد يحفظون القرآن حتى دعيت إلى الحفل وكُرمت وكان من بين الحفظة اثنان من أولاده، على كل حال فضل الله لا يحد، لكن الذي لا يبذل لا يستحق، والذي يبذل ويعجز {لاَ يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا} [(286) سورة البقرة] والنتائج بيد الله -جل وعلا-. قالا: بماذا كسيناها؟ فقيل: بما ... أقرأتما ابنكما فاشكر لذي النعمِ الولد حينما يدعو لوالديه، وجاء في الحديث: ((إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث)) ومنها: ((أو ولد صالح يدعو له)) إذا لم يكن بذل السبب في صلاح هذا الولد أو العكس بذل ما يعينه على الفساد، فالوصف الذي هو الصلاح لا شك أن الولد إذا كان صالحاً مظنة أن تجاب دعوته، ما لم يكن ثم مانع من قبل الوالد، ولذا جاء في قول الله -جل وعلا-: {وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا} [(24) سورة الإسراء] يعني لهذه العلة، لكن إذا كان الوالد ما رباه صغيراً، أهمله وضيعه، وخان الأمانة فيه، لا يستحق مثل هذه الدعوة، وإن وجد السبب بدعوة الولد لكن المانع من قبل الأب قد يُحول دون الاستجابة، فهناك أسباب وهناك موانع. انتهى المقروء؟ طالب:. . . . . . . . . إلى أين قرأت؟ طالب:. . . . . . . . . قالا: بماذا كسيناها؟ فقيل: بما ... أقرأتما ابنكما فاشكر لذي النعمِ كمل. طالب:. . . . . . . . . إي نعم. وقد أتى النص في الطولين أنهما ... ظل لتاليهما في موقف الغممِ وأنه في غد يأتي لصاحبه ... مبشراً وحجيجاً عنه إن يقمِ أن يقم بحدوده، ويقم به ولا ينام عنه، يأتي حجيجاً عنه مخاصماً يوم القيامة، وكما جاء في سورتي البقرة وآل عمران تحاجان عن صاحبهما، والقرآن إما حجة لك أو حجة عليك. والملك والخلد يعطيه ويلبسه تاج ... الوقار الإله الحق ذو الكرمِ يلبس تاج الوقار كما أن الوالدين أيضاً يكسون الحلتين اللتين سبق الكلام عنهما.

يقال: اقرأ ورتل وارق في غرف الـ جنات كي تنتهي للمنزل النعمِ المنزل الذي فيه النعم النعيم المقيم، يقال لصاحب القرآن إذا دخل الجنة: اقرأ واصعد، فيقرأ ويصعد بكل آية درجة، حتى يقرأ آخر شيء معه، ويقال لصاحب القرآن أيضاً: ((اقرأ وارق ورتل كما كنت ترتل في دار الدنيا، فإن منزلتك عند آخر آية كنت تقرأها)) فالذي معه من القرآن الكثير يستمر يقرأ ويرقى ويرتل كما كان يرتل في الدنيا، والذي معه من القرآن ويسرع في قراءته في الدنيا يسرع في قراءته في الآخرة، ولا شك أن القرآن بالترتيل تطول مدته، فتطول مدة الصعود، والذي يقرأ في القرآن هذاً في الدنيا يقرأه في الآخرة هذاً فينتهي ما عنده، أو يكون ما عنده إلا شيء يسير، فينتهي ما عنده في مدة يسيرة، فلا يستمر صعوده، وقد جاء في الحديث عند أحمد والدرامي: ((اقرأ كما كنت تقرأ في الدنيا هذاًَ كان أو ترتيلاً)) لا شك أن الذي يقرأ ترتيلاً يستمر يقرأ لأنه تطول القراءة كما كان يقرأ في الدنيا، لكن الذي يقرأ هذاً تنتهي القراءة عنده بسبب سرعته أو بسبب قلة ما عنده من القرآن، فلا يستمر في صعوده مثل الذي يقرأ القرآن كاملاً على طريق الترتيل، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . نعم هذا سؤال وارد، يقول: من الذي يقال له: اقرأ وارق ورتل؟ هل هو الحافظ أو غير الحافظ أو الجميع؟ يعني هل يوجد هناك لغير الحفاظ مصاحف يقرؤون وهم يرقون ويصعدون؟ يعني لا شك أن ظاهر اللفظ أنه للحافظ، لكن من كانت له عناية في القرآن، وحاول حفظ القرآن وعجز، لا شك أن فضل الله -جل وعلا- لن يقصر دون هذا، لكن عليه أن يبذل السبب، نعم. سم. الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. قال العلامة حافظ -رحمه الله تعالى- في ميميته: كفى وحسبك بالقرآن معجزة ... دامت لدينا دوماً غير منصرمِ لم يعتره قط تبديل ولا غير ... وجل في كثرة الترداد عن سأم مهيمناً عربياً غير ذي عوج ... مصدقاً جاء في التنزيل في القدم فيه التفاصيل للأحكام مع نبأ ... عما سيأتي وعن ماض من الأمم فانظر قوارع آيات المعاد به ... وانظر لما قص عن عادٍ وعن إرم

وانظر به شرح أحكام الشريعة هل ... ترى بها من عويص غير منفصم أم من صلاح ولم يهدِ الأنام له ... أم باب هلك ولم يزجر ولم يلم أم كان يغني نقيراً عن هدايته ... جميع ما عند أهل الأرض من نظم أخباره عظة أمثاله عبر ... وكله عجب سحقاً لذي صمم لم تلبث الجن إذ أصغت لتسمعه ... إن بادروا نذراً منهم لقومهم الله أكبر ما قد حاز من عبر ... ومن بيان وإعجاز ومن حكم والله أكبر إذ أعيت بلاغته ... وحسن تركيبه للعرب والعجم كم ملحد رام أن يبدي معارضة ... جفعاد بالذل والخسران والرغم هيهات بعداً لما راموا وما قصدوا ... وما تمنوا لقد باؤوا بذلهم خابت أمانيهم شاهت وجوههم ... زاغت قلوبهم عن هديه القيم كم قد تحدى قريشاً في القديم وهم ... أهل البلاغة بين الخلق كلهم بمثله وبعشر ثم واحدة ... فلم يروموه إذ ذا الأمر لم يرم الجن والإنس لم يأتوا لو اجتمعوا ... بمثله ولو انضموا لمثلهم أنى وكيف ورب العرش قائله ... سبحانه جل عن شبه له وسمي ما كان خلقاً ولا فيضاً تصوره ... نبيناً لا ولا تعبير ذي نسم بل قاله ربنا قولاً وأنزله ... وحياً على قلبه المستيقظ الفهم والله يشهد والأملاك شاهدة ... والرسل مع مؤمني العربان والعجم يقول الناظم -رحمه الله تعالى-: كفى وحسبك بالقرآن معجزة ... . . . . . . . . .

الإعجاز في القرآن أمر أذعن له كل فصيح، وطأطأ رأسه كل بليغ، والعرب عرفوا بالبلاغة والفصاحة، وتحداهم الله -جل وعلا- أن يأتوا بمثله، ثم تحداهم أن يأتوا بعشر سور، ثم تحداهم أن يأتوا بسورة من مثله، فما استطاعوا، ولو كان بمقدورهم مجتمعين أن يأتوا بمثله ما قصروا؛ لأن الإنسان في موضع التحدي لا سيما من مخالفه لا شك أنه سوف يبذل أقصى ما يستطيع، ومع ذلك أعلنوا العجز ولم يستطيعوا، ولو كان بعضهم لبعض ظهيراً، لو تظاهروا، لو اجتمعوا، لو اجتمع الإنس والجن على أن يأتوا بمثله ما استطاعوا، فهو معجزة النبي -عليه الصلاة والسلام- الخالدة، وهو المناسب لنبوته التي لها البقاء إلى يوم القيامة، الدائمة المستمرة إلى قيام الساعة، والأنبياء لهم معجزات تناسب أوقاتهم، وتناسب عصورهم، وتنقضي بانقضاء أدوارهم، لكن لما كانت رسالة النبي -عليه الصلاة والسلام- خالدة إلى قيام الساعة، وإلى الناس أجمعين صارت المعجزة الكبرى هذه المعجزة القرآن الكريم الخالد إلى قيام .. ، إلى أن يرفع في آخر الزمان، قد يقول قائل: الله -جل وعلا- تحدى بالقرآن، وتحدى بعشر سور، وتحدى بسورة، لماذا لم يتحدى بآية؟ لأن الآية منها القصيرة جداً {ثُمَّ نَظَرَ} [(21) سورة المدثر] {مُدْهَامَّتَانِ} [(64) سورة الرحمن] يعني العربي لا يعجز أن يقول: ثم نظر، ولا يعجز أن يقول: مدهامتان، فلم يقع التحدي بآية، لكن آية بقدر أقصر السور يقع التحدي بها، وأيضاً {ثُمَّ نَظَرَ} [(21) سورة المدثر] في موضعها لا يمكن أن يقوم غيرها مقامها، فهي معجزة من هذه الحيثية، وكل من حاول معارضة القرآن والإتيان بمثله أتى بما يضحك منه الصبيان، وما يؤثر عن مسيلمة شيء لا يقوله ولا المجانين، ويذكر عن أبي العلاء المعري أنه ألف كتاباً أسماه: الفصول والغايات في معارضة الآيات، كتاب مطبوع، لكنه عُدل اسمه إلى (الفصول والغايات في مواعظ البريات) قالوا: إنه أراد أن يعارض به القرآن، وهو ملحد يعني معروف.

على كل حال من قرأ الكتاب يجزم بأنه ليس في مقدور أبرع الناس وأفصح الناس معارضة شيء يسير من القرآن الكريم، وإعجاز القرآن بجميع نواحيه، إعجازه بنظمه، إعجازه بحكمه، إعجازه بأحكامه، إعجازه بقصصه، فهو معجز من كل وجه، ومع ذلك طلب وتحدي العرب أن يأتوا بمثله، أو بسورة منه فلم يستطيعوا. كفى وحسبك بالقرآن معجزة ... دامت لدينا دوماً غير منصرمِ إلى الآن والتحدي قائم إلى الآن والتحدي قائم. لم يعتره قط تبديل ولا غير ... وجل في كثرة الترداد عن سأم القرآن محفوظ عن التبديل والتحريف والزيادة والنقصان {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [(9) سورة الحجر]. لم يعتره قط تبديل ولا غير ... . . . . . . . . . ما غُير، كما حصل للكتب السابقة؛ لأنهم استحفظوا فلم يحفظوا، وكتابنا تولى الله -جل وعلا- حفظه، والقصة التي حصلت على يد يحيى بن أكثم حينما دعا اليهودي فلم يسلم، وجاء بعد سنة معلناً إسلامه فسأله يحيى بن أكثم فقال: ما الذي جعلك ترفض الإسلام في العام الماضي وتأتي مسلماً طائعاً مختاراً في هذا العام؟ قال: نعم، أنا خلال العام المنصرم نسخت نسخ من التوراة وحرفت وزدت ونقصت وقدمت وأخرت فتلقفها مني أحبار اليهود دون تردد، وصاروا يقرؤونها ويعملون بها، ثم فعلت مثل هذا في الإنجيل كتبت نسخ من الإنجيل وقدمت وأخرت وزدت ونقصت ونفس الشيء اشتراها أحبار النصارى وعملوا بها، وقرؤوها فأتيت إلى المصحف فغيرت تغييراً يسيراً جداً لا يدركه إلا الحذاق، فلما جئت به إلى سوق الوراقين من المسلمين وعرضت عليهم، كل من نظر فيه رماه في وجهي، فعرفت أن هذا هو الدين الحق المحفوظ بالعناية الإلهية، ثم حج يحيى بن أكثم والتقى بسفيان بن عيينة، وذكر له القصة، قال: هذه في القرآن، ما تحتاج إلى يهودي ولا غير يهودي، الله -جل وعلا- قال عن الكتب السابقة {بِمَا اسْتُحْفِظُواْ مِن كِتَابِ اللهِ وَكَانُواْ عَلَيْهِ شُهَدَاء} [(44) سورة المائدة] وكل إليهم الحفظ فما حفظوا، وقال في كتابنا: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [(9) سورة الحجر] تكفل الله بحفظه، فلا يستطيع أحد أن يعتدي عليه أو يحرف.

لم يعتره قط تبديل ولا غير ... وجل في كثرة الترداد عن سأمِ يعني أهل القرآن الذين لهم عناية بتلاوة القرآن منهم من يختم كل يوم، ومنهم من يختم كل ثلاث، ومنهم من يختم كل سبع، فالذي يختم كل سبع يقرأ القرآن في السنة خمسين مرة، والذي يختم في ثلاث يختم في السنة أكثر من مائة وعشرين مرة، والذي يختم في كل يوم يختم ثلاثمائة وخمسين مرة، ومع ذلك كلما قرأ كأنه يقرأ جديد، يعني أنت لو تمسك أي كلام من كلام البشر فتقرأه مرة قد تتلذذ به، تقرأه ثانية تستفيد منه، ثالثة خلاص تمله، ما يمكن تقرأ رابعة. . . . . . . . . . ... وجل في كثرة الترداد عن سأمِ وجاء في الخبر: ((لا يخلق)) يعني لا يقدم كالثوب الخلق البالي الذي يمل ((مع كثرة الترداد)). مهيمناً عربياً غير ذي عوج ... . . . . . . . . . مهيمن على جميع الكتب السابقة، محتوٍ عليها، مشتمل على جميع ما فيها "عربياً" بلسان عربي مبين غير ذي عوج. . . . . . . . . . ... مصدقاً جاء في التنزيل في القدمِ يعني تصدقه جميع الكتب السماوية. فيه التفاصيل للأحكام مع نبأ ... . . . . . . . . . الأحكام مفصلة في القرآن تفصيلاً نسبياً، وإن كان في بعضها شيء من الإجمال جاء بيانه بالوحي الثاني السنة، ولا أدل على هذا التفصيل لهذه الأحكام من كتب آيات الأحكام، وتفاسير آيات الأحكام التي بلغ بعضها العشرين مجلداً، يعني الجامع لأحكام القرآن للقرطبي في عشرين مجلداً، وكتب أحكام القرآن كثيرة جداً تبين عناية القرآن بالأحكام. فيه التفاصيل للأحكام مع نبأ ... . . . . . . . . . يعني من الأخبار أخبار الأمم السابقة وأخبار ما سيأتي. . . . . . . . . . مع نبأ ... عما سيأتي وعن ماض من الأمم فانظر قوارع آيات المعاد به ... . . . . . . . . . يعني ما يكون في الآخرة، القوارع التي تقرع القلوب بأهوالها، مما يقصه الله -جل وعلا- مما يحصل في يوم القيامة "وانظر لما قص" عن الأمم السابقة "عن عاد وعن إرمٍ". وانظر به شرح أحكام الشريعة هل ... ترى بها من عويص غير منفصمِ

الظاهر أنه غير منفهم، نعم "من عويص غير منفهم" كأن هذا أقرب، العويص المستغلق الذي لا يفهم، يعني آيات الأحكام هل أشكلت على أهل العلم؟ ما وجدوا لها حل؟ وقفوا أمامها حائرين؟ أبداً، تكلموا فيها، وإن اختلفت فهومهم، لكنهم يفهمون. أم من صلاح ولم يهدِ الأنام له ... . . . . . . . . . لا خير إلا دل الأمة عليه، لا خير إلا دل عليه. . . . . . . . . . ... أم باب هُلكٍ ولم يزجر ولم يلمِ وهذا في القرآن واضح، أبواب الخير دل الناس عليها، وأرشدهم إليها، وأبواب الشر أوصدها، وزجر عنها. . . . . . . . . . ... أم باب هلك ولم يزجر ولم يلمِ أم كان يغني نقيراً عن هدايته ... جميع ما عند أهل الأرض من نظمِ من نَظم أو من نُظم، أما ما نظمه البشر في كلامهم ومؤلفاتهم المنظومة والمنثورة، أو من نُظم تفرض على الناس وتسن على الناس هذه لا تغني نقيراً عما جاء في القرآن. أخباره عظة أمثاله عبرٌ ... وكله عجب سحقاً لذي صممِ يعني من صم أذنيه عن سماع القرآن وعن فهم القرآن. لم تلبث الجن إذ أصغت لتسمعه ... إن بادروا نذراً منهم لقومهم يعني في سورة الأحقاف، نعم {وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِّنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِم مُّنذِرِينَ} [(29) سورة الأحقاف] يقول: لم تلبث الجن إذ أصغت لتسمعه ... إن بادروا نذراً منهم لقومهمِ الله أكبر ما قد حاز من عبر ... ومن بيان وإعجاز ومن حكمِ الله أكبر ما قد حاز القرآن من عبر وعظات ومن بيان وبلاغة وإعجاز، ومن حكم وأحكام. والله أكبر إذ أعيت بلاغته ... وحسن تركيبه للعرب والعجمِ "الله أكبر" تعجب. . . . . . . . . . إذ أعيت بلاغته ... وحسن تركيبه للعرب والعجمِ ما استطاع، وكل ينهل من معينه ولم ينضب، وكل من جاء على تتابع العصور وعلى مر القرون والدهور كل من جاء فسر القرآن وأتى بالعجائب ولن تنقضي هذه العجائب. كم ملحد رام أن يبدي معارضة ... فعاد بالذل والخسران والرغمِ وذكرنا ما أثر عن مسيلمة، وما ألفه أبو العلاء المعري في هذا الباب وغيرهما. هيهات بعداً لما راموا وما قصدوا ... . . . . . . . . .

هيهات مستحيل بعيد. هيهات بعداً لما راموا وما قصدوا ... وما تمنوا لقد باؤوا بذلهمِ خابت أمانيهم شاهت وجوههم ... زاغت قلوبهم عن هديه القيمِ "خابت أمانيهم" خابوا وخسروا حينما قصدوا إلى المعارضة "وشاهت وجوههم". "زاغت قلوبهم عن هديه القيمِ" مثل هؤلاء لا يوفقون إذا كان مجرد الإعراض عنه {وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا} [(124) سورة طه] فكيف بمن تصدى لمعارضته أو لنقده؟! وقد أثر عن بعض الأدباء المعاصرين من يقول: إن قلمي الأحمر معه قلم أحمر يعدل فيه الكتب يصحح، ومن حقه أن يصحح؛ لأنه متمكن في علمه في الأدب في العربية في غيرها يصحح، يقول: لم يسلم من قلمي الأحمر ولا القرآن -نسأل الله السلامة والعافية-، هذا ضلال، وهذا زيغ، نسأل الله الثبات. كم قد تحدى قريشاً في القديم وهم ... أهل البلاغة بين الخلق كلهمِ تحداهم فلم يستطيعوا أن يعارضوه، وأعلنوا الفلس والعجز، وهو معجز بذاته لا بما تقوله المعتزلة أنه معجز بالصرفة، هم قادرون على معارضته، لكن الله صرفهم عن ذلك، إذا كانوا قادرين ما صار معجزاً، يعني كعجز الأعمى عن القراءة القراءة في مقدور الناس كلهم، لكن الأعمى مصروف عن القراءة، فيكون العرب عن معارضته بمثابة الأعمى، هو ممكن معارضته والإتيان بمثله ممكن لكن الله -جل وعلا- صرفهم، هذا ما يصير فيه إعجاز للقرآن، هذا قول باطل. بمثله وبعشر ثم واحدة ... . . . . . . . . . "بمثله" أن يأتوا بمثله، أو يأتوا بعشر سور، أو يأتوا بسورة واحدة. . . . . . . . . . ... فلم يروموه إذ ذا الأمر لم يرمِ لم يقصد مثل هذا الأمر؛ لأنهم عجزوا وأعلنوا عجزهم. الجن والإنس لم يأتوا لو اجتمعوا ... . . . . . . . . . {وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا} [(88) سورة الإسراء]. الجن والإنس لم يأتوا لو اجتمعوا ... بمثله ولو انضموا لمثلهم يعني ولو مثلهم معهم ما استطاعوا. أنى وكيف ورب العرش قائله! ... . . . . . . . . . يعني شخص يخفى عليه ما بين يديه وما بين جنبيه كيف يأتي بكلام يعارض فيه كلام من يعلم السر وأخفى، ومن خلق الخلق وعرف ما جبلهم عليه كيف يقارن هذا كلامه بكلام الله -جل وعلا-.

أنى وكيف ورب العرش قائله! ... سبحانه جل عن شبه له وسمي "ما كان خلقاً" يعني ما كان القرآن خلقه الله في شيء ثم نطق به، أبداً، بل هو كلامه المسموع بحرف وصوت، قديم النوع، تكلم في الأزل، حادث متجدد الآحاد، يتكلم متى شاء إذا شاء بما شاء. "ما كان خلقاً" يعني ما كان مخلوقاً كما تقول الجهمية والمعتزلة. "ولا فيضاً تصوره نبينا" كما تقول الفلاسفة أنه فاض على قلبه من العقل الفياض الذي هو جبريل. . . . . . . . . . ولا فيضاً تصوره ... نبينا لا ولا تعبير ذي نسمِ ليس من كلام المخلوق، ولا من كلام البشر "ولا من تعبير ذي نسم" ذي نفس من المخلوقين. بل قاله ربنا قولاً وأنزله ... وحياً على قلبه المستيقظ الفهمِ على قلب محمد بواسطة جبريل -عليهما الصلاة والسلام-. والله يشهد والأملاك شاهدة ... والرسل مع مؤمني العربان والعجمِ الكل يعترف بهذا ويشهد به، والله أعلم. وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

المنظومة الميمية (6)

بسم الله الرحمن الرحيم المنظومة الميمية في الآداب الشرعية للعلامة حافظ حكمي (6) الشيخ: عبد الكريم بن عبد الله الخضير السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. سم. الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. قال العلامة حافظ -رحمه الله تعالى-: الوصية بالسنة: اروِ الحديث ولازم أهله فهم الـ ... ناجون نصاً صريحاً للرسول نمي سامت منابرهم واحمل محابرهم ... والزم أكابرهم في كل مزدحم اسلك منارهمو والزم شعارهم ... واحطط رحالك إن تنزل بسوحهم هم العدول لحمل العلم كيف وهم ... أولو المكارم والأخلاق والشيم هم الأفاضل حازوا خير منقبة ... هم الأولى بهم الدين الحنيف حمي هم الجهابذة الأعلام تعرفهم ... بين الأنام بسيماهم ووسمهم هم ناصرو الدين والحامون حوزته ... من العدو بجيش غير منهزم هم البدور ولكن لا أفول لهم ... بل الشموس وقد فاقوا بنورهم لم يبق للشمس من نور إذا أفلت ... ونورهم مشرق من بعد رمسهم لهم مقام رفيع ليس يدركه ... من العباد سوى الساعي كسعيهم أبلغ بحجتهم أرجح بكفتهم ... في الفضل إن قستهم وزناً بغيرهم كفاهمو شرفاً أن أصبحوا خلفاً ... لسيد الحنفا في دينه القيم يحيون سنته من بعده فلهم ... أولى به من جميع الخلق كلهم يروون عنه أحاديث الشريعة لا ... يألون حفظاً لها بالصدر والقلم ينفون عنها انتحال المبطلين وتح ... ريف الغلاة وتأويل الغوي اللئم أدوا مقالته نصحاً لأمته ... صانوا روايتها عن كل متهم لم يلههم قط من مال ولا خول ... ولا ابتياع ولا حرث ولا نعم هذا هو المجد لا ملك ولا نسب ... كلا ولا الجمع للأموال والخدم فكل مجد وضيع عند مجدهمو ... وكل ملك فخدام لملكهم والأمن والنور والفوز العظيم لهم ... يوم القيامة والبشرى لحزبهم فإن أردت رقياً نحو رتبتهم ... ورمت مجداً رفيعاً مثل مجدهم فاعمد إلى سلم التقوى الذي نصبوا ... واصعد بعزم وجد مثل جدهم واعكف على السنة المثلى كما عكفوا ... حفظاً مع الكشف عن تفسيرها ودم واقرأ كتاباً يفيد الاصطلاح به ... تدري الصحيح من الموصوف بالسقم

فهي المحجة فاسلك غير منحرف ... وهي الحنيفية السمحاء فاعتصم وحي من الله كالقرآن شاهده ... في سورة النجم فاحفظه ولا تهم خير الكلام ومن خير الأنام بدا ... من خير قلب به قد فاه خير فم هي البيان لأسرار الكتاب فبالـ ... وإعراض عن حكمها كن غير متسم حكم نبيك وانقد وارض سنته ... مع اليقين وحول الشك لا تحم واعضض عليها وجانب كل محدثة ... وقل لذي بدعة يدعوك لا نعم فما لذي ريبة في نفسه حرج ... مما قضى قط في الإيمان من قسم (فلا وربك) أقوى زاجراً لأولي الـ ... ألباب والملحد الزنديق في صمم الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد: فلما أنهى الناظم -رحمه الله تعالى- الوصية بالقرآن بعد الوصايا العامة التي أسداها لطلاب العلم، وبعد أن أوصى بكتاب الله -جل وعلا- أوصى بسنة نبيه -عليه الصلاة والسلام-، وهما المصدران الأصلان الأصيلان للتشريع، فالسنة شقيقة القرآن وهي صنو القرآن، وتثبت بها الأحكام الزائدة على ما في القرآن، وهي بمنزلته من حيث الاحتجاج، وإن جعلها أهل العلم تالية له باعتبار القائل، فالقرآن كلام الله -جل وعلا-، والسنة كلام نبيه -عليه الصلاة والسلام-، وأيضاً باعتبار الثبوت، فثبوت القرآن قطعي، وثبوت السنة منه ومنه، كما هو معلوم. قال -رحمه الله تعالى-: الوصية بالسنة: السنة: ما يضاف إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- من قول أو فعل أو وصف أو تقرير، كل هذا يسمى سنة، وأكثر ما تطلق السنة على العملية، والحديث ما يتحدث به أكثر ما يطلق على القول، وعلى كل حال السنة تشمل القول والعمل، وإن كان إطلاقها على العمل أكثر، والحديث أيضاً يشمل القول والعمل، وإن كان إطلاقه على القول أكثر. يقول -رحمه الله تعالى-: اروِ الحديث ولازم أهله فهم الـ ... ناجون نصاً صريحاً للرسول نمي

"اروِ الحديث" يعني اعتني بالحديث من حيث الرواية، فعليك أن تعنى به وبأسانيده، وبدرجاته من حيث الثبوت وعدمه، ترويه بإسنادك إن تيسر، ولم يشغلك ذلك عن تحصيل المهمات؛ لأن بعض الناس يحرص على رواية الحديث، ويجمع الأجايز الكثيرة، ويكون على حساب تحصيل متين العلم لمجرد اسم الرواية، وتجده ينتقل من بلد إلى بلد من أجل أن يروي بالإجازة عن فلان أو فلان المرضي وغير المرضي، فإذا أدرك الإنسان إجازة من شيخ يتشرف بالانتساب إليه تكفيه، أما أن يضيع عمره وأوقاته وجهده في التنقل من بلد إلى بلد من أجل أن يقال: والله عنده مائة إجازة، أو أكثر أو أقل هذه حقيقة مرة. اروِ الحديث ولازم أهله فهم الـ ... ناجون نصاً صريحاً للرسول نمي وأهله المراد به من يعتني به علماً وعملاً وتعليماً، لا يكفي أن يكون حافظاً للحديث من دون علم، ومن دون عمل، لا بد أن يكون عالماً بما يحفظ عاملاً به. اروِ الحديث ولازم أهله فهم الـ ... ناجون نصاً صريحاً للرسول نمي فلما ذكر النبي -عليه الصلاة والسلام- الفرقة الناجية، وذكر أن الإسلام بدأ غريباً، وسيعود غريباً كما بدأ، وأن هناك الطائفة المنصورة إلى قيام الساعة، وجاء تفسيرهم بمن كان على ما كان عليه النبي -عليه الصلاة والسلام- وأصحابه، قال الإمام أحمد وغيره: إن لم يكونوا أهل الحديث فلا أدري من هم؟ فعامة أهل العلم على أن المراد بهم أهل الحديث. "نصاً صريحاً للرسول نمي" يعني رفع إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- هم ((من كان على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي)) يعني المقتدون به، العاملون بما يسمعون من أقواله، المقتدون بما ينقل من أفعاله -عليه الصلاة والسلام-. سامت منابرهم واحمل محابرهم ... . . . . . . . . . "سامت منابرهم" سمت يسمت بالضم أي قصد، يعني اقصد منابرهم "واحمل محابرهم" "سامت منابرهم" يعني اقصدها، ولو قرئ: سامَت يعني: ارتفعت منابرهم، لكن العطف عطف الأمر عليه يدل على أنه أمر لتتم المقابلة "سامِت منابرهم واحمل محابرهم" والمسامتة هذه إما أن تكون بالقصد، أو ليكون على سمتها قريباً منها؛ لأن ما كان على سمت الشيء فهو محاذياً له، مقارباً له.

سامت منابرهم واحمل محابرهم ... . . . . . . . . . محابرهم الذي يكتبون فيها، فاخدمهم بحمل محابرهم، واصبر على ذلك، والعلم لا يستطاع براحة جسم، ولا يستطاع بادعاء الندية أبداً، مهما بلغ طالب العلم فلا بد أن يتواضع ويحمل محابر الشيخ، أو الذي يكتب فيها، أو يحمل متاعه إن كان معه متاع، أو شيء من ذلك، لا بد أن يعرف الطالب منزلته من منازل شيخه، واحمل أيضاً المحبرة التي تجعلك شبيهاً بهم، فهم يكتبون وأنت معك محبرة مثل محابرهم تكتب عنهم ما ينطقون به. "واحمل محابرهم" يعني محبرة مثل محابرهم "والزم أكابرهم" فالعلم إنما هو عند الكبار، العلم عند الجلة، عند الكبار، ما دام يوجد في البلد من الكبار أحد فلا تبغي به بدلاً من الصغار، ولو أعجبك بريق لفظه؛ لأن بعض الناس من طلاب العلم الصغار يكون عنده أسلوب وعنده طريقة، وعنده تفنن في العبارات يجلب طلاب العلم، ومع ذلك تجد الكبير ممن هو فوقه بمراحل في العلم والعمل لا يوجد عنده شيء من ذلك، فطلاب العلم تجدهم يعزفون عنه. على كل حال يقول: . . . . . . . . . ... والزم أكابرهم في كل مزدحمِ

ما تقول: والله الشيخ هذا زحام ما نلقى عمود نتركى عليه، لا ما يصلح، ويش يقول؟ "في كل مزدحمِ" لأن بعض الناس يؤثر الراحة، فتجده يعزف عن المكان الذي فيه أدنى كلفة، فإذا كان الشيخ عنده جموع غفيرة قال: والله ما أنا رايح نزاحم الناس، لا نلقى موقف، وإذا بغينا نطلع تعبنا، وإذا بغينا ندخل تعبنا، إن أردنا عمود نتكئ عليه ما وجدنا، نروح للمقلين الذي نستطيع أن نتفاهم معهم، ونسألهم ويجيبونا بكل راحة وبساطة، وليس قصده ذلك والله أعلم، قصده أنه يبي راحة، يبي عمود يتركى عليه، ومتى ما بغى طلع، ومتى ما بغى دخل، وإن تيسر له نوم بعد غفا، وبعضهم يفعل هذا في الجمعة في صلاة الجمعة تجده يقصد المسجد اللي ما فيه عدد كبير؛ لأنه يبي يوقف عند باب المسجد ما هو موقف بعيد، ويبي مكان يتكئ عليه، ويبي مكان بارد، قد لا يجد في المساجد المزدحمة التي فيها الخطباء الذين يفيدونه المكان المناسب، وقد يضطر الإنسان إلى هذا أحياناً، فمثلاً في رمضان والجو حار، والمسجد الحرام اللي فيه الصلاة بمائة ألف صلاة، يعني قد لا يجد مكان إلا في درج أو في شمس، يقول: أذهب إلى أي مسجد ثاني، ومكة كلها حرم، وأجلس في الصف الأول، ومكان بارد واتكئ وأسمع الخطبة والحمد لله، وخطبة الحرم تعاد، هذا إن كان حريص بعد على خطبة الحرم، المقصود أن الإنسان ينظر في الباعث، ما الذي جعله يترك هذا المكان ويذهب إلى ذلك المكان؟ إن كانت المصلحة الراجحة لعلمه ودينه أجر عليها؛ لأنه ما يلزم من الكثرة من كثرة الحضور أن يكون أعلم من غيره، قد تكون الكثرة لأن هذا الشخص عنده شيء من المخالفة، عنده شيء من الإثارة، عنده شيء من كذا، والناس تشرئب نفوسهم إلى مثل هذا، وتجد القلة عند هذا العالم؛ لأنه على الجادة يقول: درب معروف، وماشيين عليه الناس، وما عنده جديد، اجلس واستفد وافهم حتى تكون مثله، جدد أنت. "في كل مزدحمِ". اسلك منارهمو والزم شعارهم ... . . . . . . . . . "اسلك منارهم" منار العلم؛ لأن العلم عند هؤلاء الأئمة الذين هم كالمنار الذي ينير الطريق للسالكين.

"والزم شعارهم" الذي هو العلم والتعليم، فأولاً تتعلم، ثم بعد ذلك تعمل وتعلم، وشعارهم العلم، وتعليم الناس، وهداية الناس، وإرشاد الناس، فاقتفي آثارهم بأن تخلص نفسك من ظلمة الجهل، وتتنور بالعلم الشرعي، ثم بعد ذلك تعمل بما علمت، وتعلم الناس وتوجه الناس إليه. . . . . . . . . . ... واحطط رحالك إن تنزل بسوحهم "واحطط رحالك" خلاص هم بغيتك، أهل الحديث هم بغيتك، ماذا تريد من العلم؟ تريد حديث هم أهل الحديث، تريد فقه ما في فقه إلا بحديث، تريد تفسير ما في علم تفسير إلا بالمنقول والمأثور، كل شيء عندهم. . . . . . . . . . ... واحطط رحالك إن تنزل بسوحهم هم العدول. . . . . . . . . ... . . . . . . . . . ((يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله)). هم العدول لحمل العلم كيف وهم ... أولو المكارم والأخلاق والشيمِ! هذه صفة أهل الحديث. . . . . . . . . . كيف وهم ... أولو المكارم والأخلاق والشيمِ! نعم الناس يتفاوتون في طباعهم، فقد تجد في من يحمل العلم من جبل على شيء من شدة الطبع، هذا عليك أن تصبر عليه، تصبر على جفائه، لكن الغالب أن أهل العلم هم أهل العمل، والعلم بالتعلم كما أن الحلم بالتحلم، فالغالب أنهم هم أهل العمل، وهم الذين يمتثلون الأوامر والنواهي، تعلم يتعلم، لا تغضب ما يغضب هذا الأصل، لكن يتعلم العلم ويقول الرسول -عليه الصلاة والسلام-: ((لا تغضب)) ثم يغضب، هذا ما هو بعلم، العلم الذي لا يتوج بالعمل ليس بعلم حقيقة. هم الأفاضل حازوا خير منقبة ... . . . . . . . . . يعني حازوا الفضائل والمناقب، ولو لم يكن لهم إلا نسبتهم إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- هم حملة علمه -عليه الصلاة والسلام- حملة حديثه وكلامه، والمهتمون بسيرته وشمائله، ويكفيهم أنه إمامهم، {يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ} [(71) سورة الإسراء] فإمامهم من؟ النبي -عليه الصلاة والسلام-. هم الأفاضل حازوا خير منقبة ... هم الأولى بهم الدين الحنيف حمي

الدين لا يحمى إلا بالنصوص، لا يحمى بالكلام والجدل الخالي من الأدلة الصحيحة الصريحة لا، فإذا كانوا هم أهل النصوص والمفترض في كل من يتصدى لعلم الحديث أن يكون على ذكر من كلام الله -جل وعلا-، أن تكون له عناية بكتاب الله -جل وعلا- امتثالاً للنصوص الواردة فيما هو بصدد العناية به من السنة في الحث على كتاب الله -جل وعلا-. هم الجهابذة الأعلام تعرفهم ... بين الأنام بسيماهم ووسمهم هم الجهابذة، الجهبذ الجهابذة: جمع جهبذ، وهو النقاد الخبير، يعني هم أهل النقد، غيرهم لا يعنى بنقد، غيرهم لا يعنى بالنقد، وإنما الذي يعنى بالنقد هم أهل الحديث، يعني أهل القرآن، وأهل التفسير يعنون بالنقد، لا حاجة لهم إلى النقد، هم ما يحتاجون النقد لأن القرآن ثابت ثبوت قطعي، ما يمكن يعرض للموازين للنقد لإثباته أو رده، فليسوا بحاجة إلى النقد في الجملة، يعني إذا كان اهتمامهم بالقرآن محض، نعم أهل الفقه تعرفون وضع أهل الفقه، يستدلون بالأحاديث من غير تمحيص ولا نظر ولا روية، وهكذا سائر العلوم، لكن أهل السنة أهل الحديث هم أهل النقد، هم الذين إن ثبت الحديث فهو عمدتهم ومعولهم، وإن لم يثبت ردوه ورفضوه، وليس هذا الأمر إلا لهم، يعني ما يمكن أن يأتي مفسر ويصحح ويضعف بالأحاديث إن لم يكن من أهل الحديث، لا يمكن أن يأتي فقيه ويصحح ويضعف في الأحاديث إن لم تكن له عناية بالحديث. هم الجهابذة الأعلام تعرفهم ... بين الأنام. . . . . . . . .

بين الناس كلهم "بسيماهم ووسمهمِ" لا شك أن السنة لها نور في الوجه لكل واحد يهتم بما يسمعه عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، له نصيبه بحسب اتباعه واقتدائه، وترون بعض الناس ممن له اقتداء واتباع له هيبة في النفوس، له نصيب من: ((نصرتُ بالرعب)) بقدر ما عنده من الاقتداء بالنبي -عليه الصلاة والسلام- "بسيماهم ووسمهم" لأنهم تصلهم ويطلعون أكثر من غيرهم على أوصافه -عليه الصلاة والسلام- وعلى شمائله فيقتدون به، فتكون سيماهم مطابقة لسيما النبي -عليه الصلاة والسلام- في الأمور الاختيارية، أما في الأمور الإجبارية ما يمكن أحد يقول: والله الرسول أزهر اللون لازم أصير أزهر اللون، أو ربعة لا بد أن أكون ربعة، هذا ما يمكن، لكن في الأمور الاختيارية يقتدون به -عليه الصلاة والسلام-، ولذلكم من خير ما يعين طالب العلم على الاقتداء بالنبي -عليه الصلاة والسلام- والاهتداء بهديه، والاستنان بسنته معرفة خصائصه وشمائله وفضائله ومعجزاته هذه التي تقربه إلى القلوب، وأخلاقه -عليه الصلاة والسلام-. هم ناصرو الدين والحامون حوزته ... من العدو بجيش غير منهزمِ "هم ناصروا الدين" يعني الذي ليس عنده رصيد من النصوص كيف ينصر الدين؟ كيف يستطيع أن ينصر الدين؟ لا يستطيع إلا إذا كان عنده نصوص الكتاب والسنة. . . . . . . . . . والحامون حوزته ... من العدو بجيش غير منهزمِ هم البدور ولكن لا أفول لهم ... . . . . . . . . . البدور، الأقمار، والقمر كما هو معروف يأفل {فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ} [(77) سورة الأنعام] القمر يأفل. هم البدور ولكن لا أفول لهم ... . . . . . . . . . موجودون في الوقت كله، لكن لا يأفلون، لا يغيبون على الأنظار. بل الشموس وقد فاقوا بنورهم ... . . . . . . . . . هم الأقمار وهم الشموس، لكن الأقمار تغيب، والشموس تغيب وتأفل. لم يبق للشمس من نور إذا أفلت ... . . . . . . . . . يعني بالليل تطلب الشمس تجد؟ ما تجد، لكن العالم تجده بالليل، القمر تطلبه بالنهار لا تجده، لكن تجد العالم بالنهار. لم يبق للشمس من نور إذا أفلت ... ونورهم مشرق من بعد رمسهمِ

حتى لو ماتوا ورمسوا في قبورهم، لو ناموا لو ماتوا هم موجودون، بآثارهم موجودون، بمؤلفاتهم، بطلابهم، بعلمهم الذي نشروه، وبلغوه الآفاق. . . . . . . . . . ... ونورهم مشرق من بعد رمسهم حتى بعد موتهم وإدخالهم ورمسهم في قبورهم. لهم مقام رفيع ليس يدركه ... . . . . . . . . . لا يدرك مقامهم أحد. . . . . . . . . . ... من العباد سوى الساعي كسعيهم ما يمكن أن يلحق بأهل الحديث شخص بمجرد التمني، ومجرد التشبه الظاهر من غير بذل، من غير تعب كما تعبوا، فهذا العلم لا يُستطاع براحة الجسم، فتعب القوم فاتعب، إن أردت أن تكون مثلهم أو قريباً منهم فاتعب مثل تعبهم. أبلغ بحجتهم أرجح بكفتهم ... . . . . . . . . . "أبلغ بحجتهم" حجتهم بالغة؛ لماذا؟ لأنها مستقاة من مشكاة النبوة. "أرجح بكفتهم" يعني إذا وزن المحدث بغيره رجحت كفته؛ لماذا؟ لأنه يعتني بخير الكلام، بخير الهدي. . . . . . . . . . أرجح بكفتهم ... في الفضل إن قستهم وزناً بغيرهم قد يقول قائل: إن أهل القرآن أرجح من أهل الحديث، لكن ما يتصور أن صاحب حديث ليس من أهل القرآن، يعني في أحد من الأئمة ليست له عناية بالقرآن؟ لا يوجد، إذاً هم أهل القرآن وزيادة، لكن قد يوجد من يعتني بالقرآن ولا صلة له بالحديث. . . . . . . . . . ... في الفضل إن قستهم وزناً بغيرهم كفاهمو شرفاً أن أصبحوا خلفاً ... لسيد الحنفا في دينه القيمِ هؤلاء هم الذين يخلفون النبي -عليه الصلاة والسلام- في تبليغ سنته لمن يأتي. كفاهمو شرفاً أن أصبحوا خلفاً ... لسيد الحنفا في دينه القيمِ يحيون سنته من بعده فلهم ... أولى به من جميع الخلق كلهمِ

يحيون السنة، ومن أحيا سنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة، يحيون السنة، يعني السنة أفلت وغابت شمسها قرون من بعد القرن العاشر إلى أن قيض الله -جل وعلا- لها في العصور المتأخرة من يحييها، فقيض الله للسنة في باب الرواية والتصحيح والتضعيف الشيخ الألباني -رحمه الله تعالى-، وقيض الله لمن يعمل بها ويطبقها ويتفقه من خلالها الشيخ ابن باز في هذا الباب ما له نظير، يعني فقهه فقه السنة، وقيض الله أيضاً من يحفظها الناس بعد أن أيس الناس من الحفظ من قيض من الإخوة المشايخ الفضلاء، فالله -جل وعلا- لا يحرمهم أجر هذه السنة، وأجر من عمل بها. يحيون سنته من بعده فلهم ... أولى به من جميع الخلق كلهمِ هم أولى الناس بالنبي -عليه الصلاة والسلام-، وهم صحابته الحقيقيون "إن لم يصحب نفسه أنفاسه صحبوا" يروون عنه أحاديث الشريعة لا ... يألون حفظاً لها بالصدر والقلمِ "يروون عنه أحاديث الشريعة لا * يألون حفظاً" يعني لا يألون جهداً في حفظها بالصدر وبالكتابة بالقلم، يضبطونها ويتقنونها ويحفظونها في صدورهم إن تيسر وإلا ففي كتبهم. ينفون عنها انتحال المبطلين وتحـ ... ريف الغلاة وتأويل الغوي اللئمِ يعني اللئيم، جاء في الحديث: ((يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله، ينفون عنه تحريف الغالين، وانتحال المبطلين)) هكذا جاء الحديث، والحديث لا يسلم من كلام، وحسنه جمع من الأئمة، وأثبتت صحته عن الإمام أحمد وغيره، وفيه أيضاً في هذا الحديث بيان لشرف أهل الحديث. أدوا مقالته نصحاً لأمته ... صانوا روايتها عن كل متهمِ أدوا مقالته كما سمعوها نصحاً للأمة، ولم يبخلوا، ولم يكتموا شيئاً من العلم. أدوا مقالته نصحاً لأمته ... صانوا روايتها عن كل متهمِ يبذلون العلم لمن يستحقه، ولا يكتمونه كما تقدم، نصحاً للأمة، وإبراءً للذمة من معرة الكتمان. . . . . . . . . . ... صانوا روايتها عن كل متهمِ

بينوا أحوال الرواة، فبينوا من يحمل عنه العلم من الثقات، وبينوا من لا يستحق الحمل، ومن له أثر في رد الأخبار، فقاموا بكل حزم وعزم وقوة في نفي ما ألصق بالسنة من غيرها، ووضعوا القواعد للجرح والتعديل، وعدلوا وجرحوا، وحفظوا وبلغوا، فلم يألوا جهداً في ذلك. . . . . . . . . . ... صانوا روايتها عن كل متهمِ لم يلههم قط من مال ولا خول ... . . . . . . . . . (من) هذه زائدة لتأكيد النفي؟ لم يلههم قط من مال ولا خول ... . . . . . . . . . يعني ما اشتغلوا بمال وانصرفوا عن السنة، جندوا أنفسهم للسنة حفظاً وتعليماً وشرحاً وتحفيظاً، وعملاً بها، ودلالة للناس عليها. "لم يلههم قط من مال" ما اشتغلوا بأموالهم "ولا خول" يعني لا نسب، لا ولد، لا زوجات ولا شيء، ما لهم أي شيء من متع الدنيا، كل ما يتخول من متع الدنيا تركوه اهتماماً بالسنة. "ولا ابتياع" صفق بالأسواق "ولا حرث ولا نعم" تفرغوا للسنة، وعلموها وتعلموها وعلموها الناس، وجندوا أنفسهم للعناية بها "ولا نعم" لا حرث ولا زراعة ولا ماشية ولا إبل ولا بقر ولا غنم، ولا غيرها من سائر الأموال. هذا هو المجد، هذا هو الرفعة في الدنيا والآخرة، هذه هي الرفعة. هذا هو المجد لا ملك ولا نسب ... . . . . . . . . . يعني هذا هو المجد الحقيقي لا ملك، وإن ادعى المجد وادعي له، إلا أنها في النظرة القريبة يعني في نظرة الدنيا وأهل الدنيا، لكن الكلام في المجد الدائم. هذا هو المجد لا ملك ولا نسب ... . . . . . . . . . افترض أنه ملك نصف قرن، ثم النهاية أنها ((نعمت المرضعة، وبئست الفاطمة)) التبعات عظيمة ليست سهلة. "لا ملك ولا نسب" افترض أن هذا الشخص من نسل محمد -عليه الصلاة والسلام- ثم بعد ذلك بطأ به عمله، لم يرفع بهذا العلم رأساً، ولا عمل به ما يستفيد، هذا ليس عنده شيء من المجد، نعم ينتسب إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- ويتشرف بالانتساب إليه، وهو من ذوي القربى، لكن الكلام على ذوي القربى أهل الاتباع الذي يحبون في الله وفي رسوله -عليه الصلاة والسلام-. هذا هو المجد لا ملك ولا نسب ... كلا ولا الجمع للأموال والخدمِ

ثم ماذا إذا عد من أثرياء العالم وصار يتخبط بهذا المال يقوي جوانب الشرور، ويستعمله في إضعاف الخير وأهله؟ إن دعي إلى خير امتنع، وإن دعي إلى مخالفة بادر -نسأل الله السلامة والعافية- كما هو حال كثير ممن رأى نفسه قد استغنى {كَلَّا إِنَّ الْإِنسَانَ لَيَطْغَى * أَن رَّآهُ اسْتَغْنَى} [(6 - 7) سورة العلق] وهذا هو حال كثير من الناس، كثير من الناس ابتلي بالمال لكنه أخفق، وكثير من الناس ابتلي بالفقر وصبر، والصبر على الفقر أسهل من الصبر على توجيه الأموال فيما يرضي الله -جل وعلا-، وإن كان يوجد ممن استغل هذا المال في مراضي الله -جل وعلا-. . . . . . . . . . ... كلا ولا الجمع للأموال والخدمِ فكل مجد وضيع عند مجدهمو ... . . . . . . . . . يعني تنظر إلى العالم في ثيابه الرثة، في هيئته المتواضعة، في جسمه، وتنظر أصحاب الأموال في أبهاتهم، وتنظر أصحاب المناصب العالية في أبهة، وفي غاية من المجد القريب الذي يراه الناس. "فكل مجد وضيع" هذا هو الحاصل، تجد الله -جل وعلا- يزرع الهيبة في قلوب أرباب الدنيا لأهل العلم، الواقع شاهد بذلك، ولا شك أن أصحاب المناصب العالية لا سيما إذا كان عندهم شيء من العقل، وشيء من الحكمة يقدمون أهل العلم، إما ابتغاءً لوجه الله -جل وعلا- يتقربون بذلك قربة، وهذا موجود، أو لجعلهم واسطة بينهم وبين عامة الناس؛ لأن عامة الناس يثقون بأهل العلم، فإذا رأوا هذا الوالي يقدر أهل العلم قرب من قلوبهم؛ لأنه إذا كان يقدر من تحب فلا شك أنك سوف تحبه وتجله وتقدره، يعني إذا رأيت من يحترم والدك، يعني الأصل أنك ما تعرفه، أو حتى بينك وبينه خلاف، ثم رأيت هذا الشخص يقدر والدك ويعظمه ويحترمه، لا شك أنك تميل إليه، فإذا كان الوالي يقدم هذا العالم قربة إلى الله -جل وعلا- هذا ما فيه إشكال، وهو المفترض في والٍ مسلم، لكن إذا كان يقدمه ليجعله واسطة بينه وبين الناس يرضي به الناس، هذا أيضاً موجود، هذا من العقل، هذا من الحكمة، بخلاف ما إذا نفض يده من أهل العلم، ومن أهل الخير والصلاح، هذا ليست عنده شيء من الحكمة. فكل مجد وضيع عند مجدهمو ... وكل ملك فخدام لملكهمِ

كل ملك خدام للملك، والوالي العاقل من يجعل نفسه خادم للعالم، بمعنى إيش؟ أنه ينفذ ما يحكم به العالم، يعني فرق بين والٍ إذا صدر الحكم الشرعي من العالم بادر ونفذ، ما له خيار، وبهذا حينئذٍ يكون ملكه لخدمة الدين وخدمة الشرع، وهذا هو الأصل في الوالي، لكن إذا كان الوالي ينازع العالم، وبينه وبين العالم جفوة، وإذا حكم العالم بحكم وهو الذي ولاه وقلده هذا الأمر، ناقضه واعترض عليه، هذا لا يستقيم الملك مع مثل هذا، فوظيفة الوالي وكان يسمى في الأزمان السابقة عامل، كان عامل لعمر على كذا، ومع ذلك هم في الحقيقة خدام للشرع، وبهذا يشرفون، وبهذا ينالون المنازل العالية في الدنيا والآخرة. والأمن والنور والفوز العظيم لهم ... . . . . . . . . . لأهل العلم. والأمن والنور والفوز العظيم لهم ... . . . . . . . . . لا سيما العلماء بالسنة؛ لأن لهم النصيب الأوفر من هذه الأوصاف التي كمالها للنبي -عليه الصلاة والسلام- وبقدر اقتداء العالم بالنبي -عليه الصلاة والسلام- وبقدر إرثه من ميراث النبوة يكون نصيبه من هذه الأوصاف. والأمن والنور والفوز العظيم لهم ... يوم القيامة والبشرى لحزبهمِ فإن أردت رقياً نحو رتبتهم ... ورمت مجداً رفيعاً مثل مجدهم والله أنت تتمنى تكون مثل فلان، أن تكون مثل فلان، ما في أحد يتمنى أن يكون مثل الإمام أحمد أو مثل سفيان أو مثل علي بن المديني؟ حتى المتأخرين مثل ابن باز أو ابن عثيمين أو الألباني، كل طالب علم يتمنى أن يصل، طيب اسلك المسالك التي سلكوها، هم بشر مثلك، وقد يوجد في أوساط طلاب العلم من أعطي من الحفظ والفهم يمكن أكثر منهم، لكن اسلك مثل ما سلكوا. يقول: فإن أردت رقياً نحو رتبتهم ... ورمت مجداً رفيعاً مثل مجدهمِ فاعمد إلى سلم التقوى الذي نصبوا ... واصعد بعزم وجد مثل جدهمِ

والله تسترخي وتقول: أنا أصير مثلهم، وأحتاج إلى الراحة، وأنا والله الوقت وقت وناسة وهذا ربيع، وهذه استراحات، وهذه ما أدري إيش؟ لا، العلم لا ينال براحة الجسم، لا ينال العلم براحة الجسم، وهذا الأثر عن يحيى بن أبي كثير أورده الإمام مسلم بين أحاديث مواقيت الصلاة، ساق جملة من أحاديث مواقيت الصلاة، ثم قال: وقال يحيى بن أبي كثير: "لا يستطاع العلم براحة الجسم" ثم أكمل أحاديث مواقيت الصلاة، والشراح كل ضرب وادياً وفجاً لإيجاد المناسبة لهذا الكلام، لا ينال العلم أو لا يستطاع العلم براحة الجسم. يعني الدقة في سياق المتون والأسانيد في باب المواقيت من كتاب الصلاة من صحيح مسلم تجعل الإنسان ينبهر، الإمام مسلم انبهر، فأورد هذا الأثر بين أحاديث يتصل بعضها ببعض، أخذته الحال، يعني كأنه فرض نفسه هذا الخبر بين هذه النصوص "لا يستطاع العلم براحة الجسم" وينبه بهذا سائر طلاب العلم أن يتعبوا، العلم ما يأتي بالراحة، والعلماء يقولون: العلم أعطه كلك، لتنال بعضه، لكن إذا ما أعطيته كلك يمكن ما تنال شيء. . . . . . . . . . ... واصعد بعزم وجد مثل جدهمِ "واعكف" لازم؛ لأن العكوف والاعتكاف الملازمة ملازمة الشيء، يعني ما يقال: والله فلان ذهب إلى فلان وجلس عنده ساعة وعكف عنده ساعة، أو دخل المسجد، وأخذ غرض واعتكف، لا، إنما العكوف والاعتكاف طول الملازمة. واعكف على السنة المثلى كما عكفوا ... . . . . . . . . . شخص يدعي أنه من أهل السنة وليس في جوفه منها شيء، أو لا عناية له بكتب السنة، ولا يقرأ في كتب السنة، ولا في شروح السنة، ولا، هذه دعوى. واعكف على السنة المثلى كما عكفوا ... حفظاً. . . . . . . . . الأئمة حفاظ، ما ينال الإنسان الوصف إلا إذا حفظ وفهم، اللهم إلا إذا حاول الحفظ وعجز يعذر، ويبقى أن الفهم ويبقى أن التدوين والتصريف أيضاً مما يجعل الإنسان يوصف بهذا الوصف. واعكف على السنة المثلى كما عكفوا حفظاً مع الكشف عن تفسيرها ودمِ

بعض الناس له عناية بالمتون لكن ليست له عناية بالشروح، وإدامة النظر في الشروح تعطي طالب العلم ملكة يفهم بها السنة، ويستطيع من خلال هذه الملكة أن يشرح من السنة ما لم يشرح قبل؛ لأنه يأتيك أحاديث ما شرحت، يعني إذا كان الحديث مخرج في البخاري ترتاح، شروحه كثيرة وموجودة، مخرج في مسلم نعم، الكتب الستة مخدومة، لكن قد يعوزك حديث في الطبراني مثلاً، أو في مسند أحمد، ما سبق أن شرح، تقف تقول: هذا طلاسم ما شرحه أهل العلم؟ تشرحه أنت؛ لماذا؟ لأنه تولد عندك ملكة، وصرت بحسك وملكتك هذه تستطيع أن تتعامل مع النصوص، كما قلنا في نظيره بالأمس بالنسبة لمن يديم النظر في كلام السلف في تفسير كلام الله -جل وعلا-. . . . . . . . . . ... . . . . . . . . . مع الكشف عن تفسيرها ودمِ واقرأ كتاباً يفيد الاصطلاح به ... تدري الصحيح من الموصوف بالسقمِ يعني ما يعقل أن طالب حديث ما يعرف المصطلح، مستحيل؛ لأن معرفة المصطلح والمصطلح هو القواعد المعرفة بحال الراوي والمروي لا بد من معرفتها، ولا بد من التدرج، الشيخ يقول: "اقرأ كتاباً" نقول: ما يكفي كتاب، لا بد أن تتدرج؛ لأن كتاب واحد إن قرأت من الكبار ما فهمته إلا بقراءة كتاب قبله، لا بد أن تتدرج في ثلاث كتب أو أربعة واحدة تلو الآخر، ما يناسب المبتدي، ثم بعد ذلك ما يناسب المتوسط، ثم بعد ذلك ما يناسب المتقدم والمنتهي في طريقة ذكرناها في مقدمة الألفية، يرجع إليها من أرادها، وذكرناها باختصار يعني يناسب التقديم. واقرأ كتاباً يفيد الاصطلاح به ... تدري الصحيح من الموصوف بالسقمِ "فهي المحجة" الطريق الواضح البين. فهي المحجة فاسلك غير منحرفٍ ... . . . . . . . . . لا يمين ولا شمال، اسلك الصراط المستقيم، اسلك هذه المحجة البيضاء ((تركتكم على البيضاء ليلها كنهارها)). فهي المحجة فاسلك غير منحرفٍ ... وهي الحنيفية السمحاء فاعتصمِ اعتصم بدينك، اعتصم بكتاب ربك وسنة نبيك -عليه الصلاة والسلام-. وحيٌ من الله كالقرآن شاهده ... في سورة النجم فاحفظه ولا تهمِ السنة وحي من الله -جل وعلا- كالقرآن {وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} [(3 - 4) سورة النجم].

. . . ... خير الكلام ومن خير الأنام بدا في سورة النجم فاحفظه ولا تهمِ ... . . . . . . . . . ((أما بعد: فإن خير الكلام كلام الله، وخير الهدي هدي محمد -صلى الله عليه وسلم-)) خير الكلام كلام الله، وإذا قلنا: إن السنة وحي فهي مثل كلام الله، إذاً هي خير الكلام بعد كلام الله. خير الكلام ومن خير الأنام بدا ... من خير قلب. . . . . . . . . ومن أسلم قلب، ومن أطهر قلب ومن أنصح قلب. . . . . . . . . . ... من خير قلب به قد فاه خير فمِ من أطيب الأفواه فمه -عليه الصلاة والسلام-. وهي البيان لأسرار الكتاب فبالـ ... إعراض عن حكمها كن غير متسمِ هي البيان، يعني ما جاء مجملاً في القرآن يبينه النبي -عليه الصلاة والسلام- {لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ} [(44) سورة النحل] فوظيفته -عليه الصلاة والسلام- البيان، فالسنة هي البيان لأسرار الكتاب فبالـ ... إعراض عن حكمها كن غير متسمِ لا تتسم بالإعراض؛ لأنك إذا أعرضت عن المبِين فلن تفهم المبيَن، ولا ادعيت أنك من أهل الله وخاصته ومن أهل العناية بالقرآن؛ لأنه يرد عليك أشياء تحتاج إلى بيان بيانها في السنة، فالمفترض أن تعتني بالسنة كعنايتك بالقرآن. "حكم نبيك" يعني إذا قال: افعل افعل، إذا قال: لا تفعل لا تفعل، إذا قال: حب فلان حب فلان، إذا قال: حب العمل كذا، إذا قال: أبغض أبغض، حكم نبيك، لا يكن لك خيار {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} [(36) سورة الأحزاب] ما لك خيار، ليس لك خيار، إذا قضى الله ورسوله أمر سمعنا وأطعنا. حكم نبيك وانقد وارض سنته ... . . . . . . . . . "وانقد" انقد غيرك تبعاً لما جاء في حكم نبيك -عليه الصلاة والسلام- يعني زن الناس وانقدهم، امدح هذا وذم هذا بقدر الموافقة والمخالفة لسنة النبي -عليه الصلاة والسلام-.

"وارض سنته" ارض بها، لا تبغي بها بديل ولا تخالفها، يعني حكمها في نفسك وفي غيرك، وأول ما يحكم به الإنسان على نفسه؛ ليكون قدوة للناس، والنبي -عليه الصلاة والسلام- في خطبة الوداع لما وضع الدماء ووضع الربا قال: ((أول دم أضعه دمنا دم الحارث بن ربيعة بن عبد المطلب، وأول رباًَ أضعه ربانا ربا العباس)) لأنه ما يمكن أن يكون قدوة وهو يفرض على الناس ويترك نفسه، أو يفرض على أولاد الناس ويترك أهله وأولاده، ما يكن قدوه بهذا حتى يبدأ بنفسه. حكم نبيك وانقد وارض سنته ... مع اليقين. . . . . . . . . مع اليقين بدون تردد. . . . . . . . . . ... مع اليقين وحول الشك لا تحمِ أبعد عن الشك والريب، وألزم نفسك باليقين الذي لا تردد فيه ولا ريب. "واعضض عليها" بنواجذك، عض على سنة نبيك بنواجذك، إذا سمعت حديثاً فيه أمر بادر للعمل، إذا سمعت حديثاً فيه نهي عن شيء بادر بتركه والبعد عنه. واعضض عليها وجانب كل محدثة ... . . . . . . . . . يعني التزم بالسنة وجانب البدعة: ((عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور)) إياكم، تحذير من محدثات الأمور ومن البدع، فإن كل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار. واعضض عليها وجانب كل محدثة ... وقل لذي بدعة يدعوك لا نعمِ يدعوك المبتدع إلى بدعته قل: لا سمع ولا طاعة، أنا صاحب سنة، وبلغني عن النبي -عليه الصلاة والسلام- كذا، وأنت تدعوني إلى خلاف ما عرف عنه -عليه الصلاة والسلام-، وعن أتباعه من سلف هذه الأمة وأئمتها. فما لذي ريبة في نفسه حرجٌ ... مما قضى قط في الإيمان من قسمِ {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا} [(65) سورة النساء]. فما لذي ريبة في نفسه حرجٌ ... مما قضى قط في الإيمان من قسمِ ليس له قسم، ليس له نصيب {فَلاَ وَرَبِّكَ} [(65) سورة النساء] ... الآية. . . . . . . . . . أقوى زاجراً لأولي الـ ... ألباب. . . . . . . . .

أقوى زاجراً لأولي الألباب يعني الشخص العاقل ذو اللب ذو العقل السليم الذي يحرص على نجاة نفسه، أقوى زاجراً قوله -جل وعلا-: {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ} [(65) سورة النساء] شخص كبير السن صارت له خصومة عند قاضي من القضاة، فلما انتهت وحكم عليه، قيل له: هذه لائحة إن أردت أن تعترض وترفع للتمييز، فطأطأ رأسه وبكى، كيف أعترض على حكم الله، والله -جل وعلا- يقول: {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ} [(65) سورة النساء] كيف أعترض على حكم؟ يعني افترض أن الحكم صائب أو مخطئ لكن مقدماته شرعية فهي ملزمة لي ولغيري، ولا يعني هذا أن وجود المحاكم العليا من التمييز ومجلس القضاء أنه خطأ، لا؛ لأن كثرة المشاكل وكثرة الناس تستدعي كثرة القضاة، وكثرة القضاة تستدعي التفاوت بينهم التفاوت كبير، فلا شك أن صنيع هذا الرجل مما يحمد عليه لتسليمه التام، لكن لو وجد والله قال: أنا أشوف القضاة متفاوتين، متفاوتين القضاة، ويمكن هذا القاضي الحدث السن الجديد على القضاء يمكن إنه أخطأ، والمجال مفتوح، وليس فيه اعتراض لحكم الله -جل وعلا-، فأرفع للتمييز، يعني ليس وجود المحاكم العليا مخالف لمثل هذا، وكلها في دائرة حكم الله، الإشكال لو لم يرض بحكم القاضي وانتقل إلى حكم ثاني، انتقل إلى الحكم المدني على ما يقولون، حكم القانون، هذا الذي فيه الإشكال، نعم مثل الذي لم يرض بالنبي -عليه الصلاة والسلام- ورضي بفلان من اليهود المنافق الذي فعل كذا، فكونه ينتقل من حكم الله إلى حكم الله، حكم الله على يد هذا القاضي الصغير على يد قاضٍ هو أكبر منه هو ما زال في دائرة حكم الله، والمجال مفتوح، والحاجة داعية لما ذكرنا، أما كونه يقول: والله أنا ما أرض بحكم القاضي هذا؛ لماذا؟ لا لا، الحاكم المدني هذا عنده قوانين ثابتة ومضبوطة ومتقنة علي وعلى غيري، نقول: هذا الذي يقع في الآية: {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ} [(65) سورة النساء]. (فلا وربك) أقوى زاجراً لأولي الـ ... ألباب والملحد الزنديق في صممِ

أصحاب العقول يسلمون ويرضون كما فعل هذا الشخص كبير السن، وهذا في أيامنا، يعني الخير موجود في أمة محمد إلى قيام الساعة. والملحد الزنديق الذي في صمم عن سماع الحق لا يسمع الحق، ومن باب أولى لا يعمل به، والله أعلم. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

المنظومة الميمية (7)

بسم الله الرحمن الرحيم المنظومة الميمية في الآداب الشرعية – للعلامة حافظ حكمي (7) الشيخ: عبد الكريم بن عبد الله الخضير سم. أحسن الله إليك. الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. قال العلامة حافظ -رحمه الله تعالى-: في الفرائض والآلة والتحذير من العلوم المبتدعة: وبالفرائض نصف العلم فاعن كما ... أوصى الإله وخير الرسل كلهمِ من فضلها أن تولى الله قسمتها ... ولم يكلها إلى عرب ولا عجم (يوصيكم الله) مع ما بعدها اتصلت ... وفي الكلالة أخرى فادنُ واغتنم وخذ إذا شئت ما قد تستعين به ... من آلة تلفها حلاً لمنبهم كالنحو والصرف والتجويد مع لغة ... يُدرى بها حل ما يخفى من الكلم واحذر قوانين أرباب الكلام فما ... بها من العلم غير الشك والتهم قاموس فلسفة مفتاح زندقة ... كم من ملم به قد باء بالندم راموا بها عزل حكم الله واقترحوا ... للحق رداً وإنفاذاً لحكمهم يروك إن تزن الوحيين مجترئاً ... عليهما بعقول المغفل العجم وأن تحكمها في كل مشتجر ... إذ ليس في الوحي من حكم لمحتكم أما الكتاب فحرف عن مواضعه ... إذ ليس يعجزك التحريف للكلم كذا الأحاديث آحاد وليس بها ... برهان حق ولا فصل لمختصم وقد أبى الله إلا نصر ما خذلوا ... وكسر ما نصروا منهم على رغم كذا الكهانة والتنجيم إنهما ... كفران قد عبثا بالناس من قدم إسنادها حزب إبليس اللعين كما ... متونها أكذب المنقول من كلم ما للتراب وما للغيب يدركه ... ما للتصرف والمخلوق من عدم لو كانت الجن تدري الغيب ما لبثت ... دهراً تعالج أصنافاً من الألم أما النجوم فزين للسما ورجو ... ماً للشياطين طرداً لاستماعهم كما بها يهتدي الساري لوجهته ... في البر والبحر حيث السير في الظلم والنيرين بحسبان وذلك تقـ ... دير العزيز العليم المسبغ النعم فمن تأول فيها غير ذاك قفا ... ما ليس يعلمه فهو الكذوب سم كالمقتفين لعباد الهياكل في ... عزو التصرف والتأثير للنجم والكاتبين نظاماً في عبادتها ... عقداً وكيفاً وتوقيتاً لنسكهم فذا سعود وذا نحس وطلسمه ... كذا وناسبه ذا كم بخرصهم

واحذر مجلات سوء في الملا نشرت ... تدعو جهاراً إلى نشر البلا بهم تدعو لنبذ الهدى والدين أجمعه ... والعلم بل كل عقل كامل سلم وللركون إلى الدنيا وزخرفها ... والرتع كالحيوان السائم البهم وللتهتك جهراً والخلاعة مع ... نبذ المروءة والأخلاق والشيم والاعتماد على الأسباب مطلقها ... دون المسبب والأخلاق من عدم والكفر بالله والأملاك مع رسل ... والوحي مع قدر والبعث للرمم ولاعتناق الطبيعيات ليس لها ... مدبر فاعل ما شاء لم يضم قامت لديهم بلا قيوم ابدعها ... مسخرات لغايات من الحكم سموه مدحاً له العلم الجديد بل الـ ... كفر القديم ومنه القول بالقدم تقسموه الملاحيد الطغاة على ... سهم وأكثر لا أهلاً بذي القسم وكلما مر قرن أو قرون أتوا ... به على صورة أخرى لخبثهم بعض الخبيث على بعض سيركمه ... ربي ويجعله في النار للضرم واعجب لعدوان قوم حاولوا سفهاً ... أن يجمعوه إلى الإسلام في كمم كالنار في الماء أو طهر على حدث ... في وقته أو إخاء الذئب والغنم الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد: فلما ذكر الناظم -رحمه الله تعالى- الوصية بكتاب الله -جل وعلا- وسنة نبيه -عليه الصلاة والسلام- ذكر ما يعين على فهم الكتاب والسنة من الفرائض والآلة، وحذر بعد ذلك من العلوم المبتدعة، فبدأ بالفرائض التي هي قسمة تركة المواريث وما يتعلق بها. قال: وبالفرائض نصف العلم فاعنَ كما ... أوصى الإله وخير الرسل كلهمِ كما أوصى الإله في قوله: {يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ} [(11) سورة النساء] "نصف العلم" يعني كما جاء عن الترمذي والحاكم وابن ماجه من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((تعلموا القرآن والفرائض، وعلموها الناس فإني مقبوض)) قال أبو عيسى: هذا حديث فيه اضطراب، ضعفه أحمد بن حنبل وغيره، وضعفه ظاهر؛ لأن في إسناده شهر بن حوشب.

ابن ماجه يروي عن أبي هريرة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((يا أبا هريرة تعلموا الفرائض وعلموها فإنها نصف العلم، وهو ينسى، وهو أول شيء ينزع من أمتي)) وهذا الحديث صححه الحاكم، وفيه نظر؛ لأن في إسناده حفص بن عمر، ضعفه ابن معين والبخاري والنسائي وأبو حاتم، المقصود أن الحديث ضعيف، وأهل العلم يذكرون هذا في بيان فضل علم الفرائض، ويوجهون معناه بأن العلم منه ما يتعلق بما قبل الوفاة وبما بعد الوفاة، إما في حال الحياة وما بعد الممات، العلوم كلها علاقتها بما في الحياة، وأما بالنسبة للفرائض فهو متعلق بقسم التركات بعد الوفاة. من فضلها أن تولى الله قسمتها ... ولم يكلها إلى عرب ولا عجمِ تولى الله قسمة الحقوق المتعلقة بالتركة لأصحاب الفروض، وللعصبة وغيرهم من الوارثين، بينها بالتفصيل بشروطها، وما جاء في السنة من قدر زائد على ما في القرآن فهو مجرد توضيح، وأحكام قليلة جداً، لكن جملة أحكام المواريث مسطرة في سورة النساء، فهذا العلم علم في غاية الأهمية، ومع ذلك علم حصره ممكن، يعني لو عكف عليه الإنسان أسبوع أتقنه، وهو علم منضبط، ولذلكم هو أول علم دخل في الآلات، يعني في الآلات الحاسبة مثل الكمبيوتر، أول ما دخل فيه الفرائض، يعني من قبل ربع قرن، يعني قبل أن يشيع استعمال العلوم كلها في الآلات؛ لأنه علم منضبط وقليل يعني طالب العلم يدركه بمجرد حفظ الرحبية، وقراءة شروحها، الرحبية مائة وسبعين بيت، فإدراكها سهل، وأيضاً الآيات واضحة، يعني إذا قارن ما جاء في كتب الفرائض، وما جاء في القرآن تيسر له الأمر كثيراً؛ لأنه لا يوجد فيه آيات كثيرة، آيات يسيرة يعني معدودة آيات الفرائض، فبإمكانه أن يتقن هذا العلم من خلال القرآن الكريم، ومن خلال ما كتب في الباب من مؤلفات غالبها مختصر، يعني يوجد المصنف في مجلد مثلاً لكن غالبها مختصرات. التأليف في الفرائض على نوعين:

إما على الوارثين، وإما على الفروض، إما على الوارثين كما جاء في القرآن، أو على الفروض المقدرة، ثم التعصيب، ثم ذوي الأرحام، على طريقة أهل العلم في الفرائض، وكلها أمرها منضبط وعلى حد سواء، يعني سواءً قرأها الطالب على طريقة القرآن في بيان الوارثين مع شروطهم، أو على طريقة التأليف عند أهل العلم على الفروض وأصحابها، بهذا أو هذا، إما طرد أو عكس، أمرها سهل يعني. من فضلها أن تولى الله قسمتها ... ولم يكلها إلى عرب ولا عجمِ يوصيكم الله مع ما بعدها. . . . . . . . . ... . . . . . . . . . {يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ} [(11) سورة النساء] ... إلى آخر آيات المواريث. . . . . . . . . . مع ما بعدها اتصلت ... وفي الكلالة أخرى فادنُ واغتنمِ يعني الكلالة فيها آيتان، منها آية متصلة بآيات المواريث، ومنها آية متأخرة، آية الصيف التي هي آخر سورة النساء. . . . . . . . . . ... وفي الكلالة أخرى فادنُ واغتنمِ وخذ إذا شئت ما قد تستعين به ... من آلة تلفها حلاً لمنبهمِ نصوص الوحيين هناك علوم تعين على فهم هذه النصوص، فعلوم العربية بفروعها الاثني عشر لا شك أن طالب العلم لا يستغني عنها؛ لأن القرآن بلسان عربي مبين، والنبي -عليه الصلاة والسلام- عربي، والحديث بلغة العرب، هذا إنما يفهم من خلال معرفة العربية. يقول: "من آلة تلفها حلا لمنبهم" كالنحو والصرف والبيان والمعاني والبديع والوضع والاشتقاق وغيرها من فروع العربية "والتجويد" وهذا يعين على أداء القرآن على الوجه المطلوب "مع لغة". كالنحو والصرف والتجويد مع لغة ... . . . . . . . . . يعني هل اللغة غير النحو والصرف؟ النحو والصرف لا شك أنه فرع من فروع اللغة، لكنه إذا عطفت عليه اللغة فالمراد به بقية الفروع مما يشمل متن اللغة، مفردات اللغة، فقه اللغة، وكل ما يتعلق بلغة العرب، والتجويد أيضاً نحتاج إلى علوم الحديث، نحتاج إلى أصول الفقه، نحتاج إلى قواعد التفسير وغيرها من العلوم التي تعيننا على فهم النصوص. . . . . . . . . . مع لغة ... يدرى بها حل ما يخفى من الكلمِ يعني من كلام الله وكلام نبيه -عليه الصلاة والسلام-.

واحذر قوانين أرباب الكلام فما ... بها من العلم غير الشك والتهمِ يعني علم الكلام لا شك أنه يورث الشك؛ لأنه عبارة عن قوانين وقواعد على حد زعم واضعها أنها تعصم رأيه من الخطأ، ولو لم يعتمد على كتاب ولا سنة، فهم يريدون أن يكيفوا العقل البشري على قواعدهم، وكثير من الأمور المتعلقة بالعقل البشري تخفى على جميع الناس، يعني لا يعلمها إلا الله -جل وعلا-، فهم يريدون أن يتكلموا في أمور لا يدركون حقيقتها ولا كنهها، ويسترسلون مع عقولهم المجردة، يضعون قواعد ويرتبون عليها نتائج، هذه القواعد إذا لم تعتمد أو هذه المقدمات إذا لم تعتمد على كلام الله -جل وعلا- فإن النتائج لن تكون سليمة، علم الكلام علم غث كما قيل لا يستفيد منه الغبي ولا يحتاج إليه الذكي، لكن المتمكن في علوم الكتاب والسنة إذا أراد أن يتعلم من علم الكلام ما يفهم به أقوال المخالفين، ويستطيع الرد عليهم من قواعدهم، وينقض قواعدهم بقواعدهم إذا كان متمكناً من نصوص الكتاب والسنة، مستحضراً للعلوم الشرعية، آمناً على نفسه من الزلل والخطل، فإنه حينئذٍ يسوغ له ذلك، ولذا شيخ الإسلام لما رد على الجهمية في نقض التأسيس مدحه ابن القيم بقوله: وكذلك التأسيس أصبح نقضه ... أعجوبة للعالم الربان ومن العجيب أنه بسلاحهم ... أرادهم نحو الحضيض الداني بسلاحهم، فالذي لا يعرف سلاحهم ما يستطيع الرد عليهم، ما يعرف كلامهم فضلاً عن أن يرد عليهم، لكن المسلم الذي يريد نجاة نفسه يكفيه أن يقتصر على نصوص الوحيين، وما يعين على نصوص الوحيين، ويبقى أن الرد على المخالفين فرض كفاية، يتولاه من تأهل لذلك، بمعنى أنه لا يلزم كل الناس أن يدرسوا المنطق وعلم الكلام، يعني كما قرر في بعض الكليات الشرعية على عموم الناس هذا ما هو بصحيح، قد يخصص يعني المرحلة الجامعية فيها الطالب الضعيف والجيد والغبي والذكي، والذي يخشى عليه من الانحراف، لكن مرحلة الدراسات مثلاً العالية هذه إذا انتقي لها من ينتقى ممن يتصف بالذكاء ممن يتصف بالدين، وعنده ما يكون سبباً لوقايته وحمايته، هذا لا مانع أن يدرسوا ليطلعوا على مخالفات القوم، ويردوا عليهم بأقوالهم.

واحذر قوانين أرباب الكلام فما ... بها من العلم غير الشك والتهمِ كل هؤلاء المتكلمين لا سيما من كتب له الندم والتوبة كلهم أفضى أمرهم به إلى الشك الحيرة، ثم ندموا وتابوا بعد ذلك، أما من أراد الله له أو من كتب الله له الاستمرار على ما عنده من شبهات فإنه مات على ذلك، والله يتولى الجميع. قاموس فلسفة مفتاح زندقة ... . . . . . . . . . القاموس يعني الكتاب الذي يجمع الاصطلاحات الفلسفية هذا مفتاح الزندقة، إذا اعتمد عليه الإنسان، وأعرض عن الكتاب والسنة لا شك أنه في نهايته يؤول به الأمر إلى الزندقة، ولا يعصمه من الزلل إلا الاعتصام بالكتاب والسنة. قاموس فلسفة مفتاح زندقة ... كم من ملم به قد باء بالندمِ نعم كم سمعنا، وكم نقل من توبة لهؤلاء وندم، وتمنوا أنهم من نظروا في الكلام، وكلام أهل العلم في حكمهم على أهل الكلام كقول الشافعي وغيره: "حكمي في أهل الكلام أن يضربوا بالجريد والنعال، ويطاف بهم في الأسواق، ويقال: هذا جزاء من يتعاطى الكلام" المقصود أنه علم لا حاجة لطالب العلم إليه، إنما يحتاجه فئة ممن يتصدى للرد عليهم. يقول: راموا بها عزل حكم الله واقترحوا ... . . . . . . . . . "راموا بها" يعني هذه القواعد التي قعدوها في علم الكلام. راموا بها عزل حكم الله واقترحوا ... للحق رداً وإنفاذاً لحكمهمِ لأنه ما دام هيبة الكتاب والسنة في نفوس المسلمين ما تمشي قواعدهم، لكن أرادوا أن يبطلوا نصوص الكتاب والسنة ليجد علمهم محلاً في قلوب المسلمين، كيف أبطلوا نصوص الكتاب؟ أما الكتب فحرف عن مواضعه ... إذ ليس يعجزك التحريف للكلمِ ومعولهم على التحريف، وأما بالنسبة للسنة أمرها سهل، يعني القرآن لا يستطيعون أن يقولوا: آحاد، لا يستطيعون أن يقولوا: ظني، لا، لكن بدل من استوى استولى، وبدل من ينزل ربنا ينزل أمره، لا يستطيعون أن يقولون بالنسبة للقرآن: ظني، أما بالنسبة للسنة فقالوا: إنها آحاد، والآحاد لا يفيد إلا الظن. راموا بها عزل حكم الله واقترحوا ... للحق رداً وإنفاذاً لحكمهمِ يروك إن تزن الوحيين مجترئاً ... عليهما بعقول المغفل العجمِ

يعني أكثر من اعتنى بعلم الكلام من الأعاجم، من الأعاجم وعلم الكلام لم يوجد في صدر هذه الأمة، لا في عصر الصحابة ولا التابعين. يقول: يروك إن تزن الوحيين مجترئاً ... عليهما بعقول المغفل العجم وأن تحكمها يعني هذه القواعد تحكمها في كل مشتجر، بينما المطلوب {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ} [(65) سورة النساء]. وأن تحكمها في كل مشتجر ... . . . . . . . . . يعني كل موضع خلاف ترجع إلى قواعدهم. . . . . . . . . . ... إذ ليس في الوحي من حكم لمحتكمِ أما الكتاب فحرف عن مواضعه ... إذ ليس يعجزك التحريف للكلمِ {وَكَلَّمَ اللهُ مُوسَى} [(164) سورة النساء] من معاني الكلم والكلام الجرح، يقولون: كلمه يعني جرحه بأظافير الحكمة، هذا تحريف. أما الكتاب فحرف عن مواضعه ... إذ ليس يعجزك التحريف للكلمِ كذا الأحاديث آحاد وليس بها ... برهان حق ولا فصل لمختصمِ وقد أبى الله إلا نصر ما خذلوا ... . . . . . . . . . وقيض الله للعلم الصحيح المورث للخشية الموصل إلى جنات الله -جل وعلا- ومرضاته، الموصل إلى النعيم المقيم قيض الله علماء يرفعون به رؤوسهم، يرتفعون به، ويرفعون شأنه بعنايتهم به، وتعلمه وتعليمه وبثه ونشره. وقد أبى الله إلا نصر ما خذلوا ... وكسر ما نصروا منهم على رغمِ رغم أنوف من حاول التقليل من شأن العلم الشرعي. كذا الكهانة والتنجيم إنهما ... كفران. . . . . . . . . الكاهن الذي يدعي علم الغيب، والمنجم لا شك أنهما كافران. . . . . . . . . . ... كفران قد عبثا بالناس من قدمِ من الأزمان الأولى والسحر موجود، السحر متقدم، من عهد سليمان -عليه السلام-. . . . . . . . . . ... كفران قد عبثا بالناس من قدمِ إسنادها حزب إبليس اللعين. . . . . . . . . ... . . . . . . . . . "حزب إبليس اللعين" يعني هذا تعلم من هذا وهذا تعلم من هذا، وذاك تعلم من ذاك، إلى آخره إلى أن يصلوا إلى إبليس اللعين. . . . . . . . . . كما ... متونها أكذب المنقول من كلمِ

متونها يعني ما يتكلم به هؤلاء السحرة هي متون السحر، وهي أكذب المنقول من كلم، وفيه المصنفات، هذه المصنفات هي أكذب المنقول من كلم، يعني عندك مثل شمس المعارف، وبعض المغفلين يقتنيه ما يدري عنه، وهو كتاب سحر، مجربات الديروبي، أو ما أدري .. ، هذا يباع في أقطار المسلمين بالجملة، ومع ذلك هو كتاب سحر، أيضاً الطلاسم الموجودة في بعض الكتب، طلاسم موجودة في بعض كتب الطب، موجودة أيضاً في كتاب حياة الحيوان، وبعضها موجود في بعض كتب العلم، لكنها لا شك أنها وإن كانت موجودة في الكتب إلا أنها كما يقول أهل العلم: إنها رموز لشياطين يستعان بها. ما للتراب وما للغيب يدركه ... . . . . . . . . . يعني الذي يضرب بالتراب ويضرب بالحصى ويش عرف التراب للغيب، ويش عرف الحصى للغيب. ما للتراب وما للغيب يدركه ... ما للتصرف والمخلوق من عدمِ لو كانت الجن تدري الغيب ما لبثت ... دهراً تعالج أصنافاً من الألمِ

الآن هذا الساحر وهذا الكاهن الذي يدعي علم الغيب هو كاذب على كل حال، نعم، لو جئته وقال: أمك فلانة من غير أن تخبره بها، وأبوك فلان، وزوجتك اسمها فلانة، والثوب الذي تلبسه الآن لونه كذا، وأخبرك بتفاصيل مطابقة للواقع، فهل نقول: إنه صادق أو كاذب؟ كاذب، ولا يجوز بحال أن نقول: صادق، ولو طابق كلامه الواقع، هذا حكم شرعي ما للعقل فيه مجال، ولا تطبيق قواعد اللغة ولا غيرها ما فيها مجال هنا، هو كاذب على أي حال، نظيره يعني أمر واضح، يعني لو أن ثلاثة رأوا بأم أعينهم شخصاً يزني فذهبوا إلى الجهات للحاكم وقالوا: رأينا، ما أخبرنا ولا سمعنا رأينا فلان يزني بفلانة، رأينا الميل في المكحلة، الحاكم يقول: صادقين وإلا كاذبين؟ إذا لم يأتوا بأربعة شهداء فأولئك هم الكاذبون، هم كاذبون ولو صدقوا، ولو طابق قولهم الواقع؛ لأن المسألة مسألة شرع، يعني لو أخبرك بجميع التفاصيل فهو كاذب، ولذا جاء الوعيد على من صدقه؛ لأنه قد يبهر الإنسان فيجد نفسه ملزم بتصديقه، نقول: كذب، ولا أدل من ذلك على أنه يأتي الشهود الثلاثة الثقات الأخيار يقولون: رأينا فلان يزني، فأولئك هم الكاذبون، ويجلدون على ثمانين جلدة؛ لأن هذه أحكام شرعية منضبطة، يقول لك: ((من ذهب إلى عراف أو كاهن فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد)) يعني ولو قال له، يعني لأنه احتمال يقول لك: أمك فلان، يعني ذهب شخص مع الأسف حافظ للقرآن وإمام جامع، ودخل على زوجته فحصل له ما حصل من سحر، فذهب إلى ساحر -خارج هذه البلاد- فقال له: أنت دخلت على فلانة في بلد كذا في يوم كذا، وكان عليها من الملابس كذا، فدخلت عليكم امرأة هذه صفتها فرشتكم بطيب، هذه العلبة هذا باقي الطيب، ويش قال هذا الحافظ؟ قال: صدقت صدقت، هل يخفى عليه النص؟ والله ما يخفى عليه؛ لماذا؟ لأن هذا كلامه طابق الواقع، لكننا شرعاً ملزمون بأن نكذبه ولو طابق كلامه الواقع، ونظير ذلك القذفة، يعني أنت أحياناً كلامك ما فيه أدنى إشكال، رأيت الرجل يجامع المرأة مثل ما يجامع الزوج زوجته، ما عندك أدنى ريب، تروح تشهد كاذب أنت ولو رأيت؛ لأن هذه أحكام شرعية، يعني ما فيها المسألة مسألة كفر، تصدق كافر ما يمكن أن يأتي شرع بهذا.

لو كانت الجن تدري الغيب ما لبثت ... دهراً تعالج أصنافاً من الألمِ في قصة سليمان، مات سليمان، وكان متكئاً على عصاه على منسأته مدة طويلة حتى قال بعضهم: مائة سنة، واقف والجن يشتغلون في العذاب الأليم، مدة مائة سنة، هل نقول: إن هؤلاء يعلمون الغيب والرجل قد مات إلا أنه معتمد على عصاه؟ {فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَن لَّوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ} [(14) سورة سبأ]. أما النجوم فزين للسما ورجو ... ماً للشياطين طرداً لاستماعهمِ كما بها يهتدي الساري لوجهته ... . . . . . . . . . يعني الحكمة من خلق النجوم ثلاث: زين للسماء، ورجوماً للشياطين، وهداية للسراة، يهتدي بها السراة، بعض العلماء المعاصرين يرثي شيخاً من الشيوخ رحمة الله عليه يقول: فيا خيبة الساري إذا غاب نجمه ... ويا لوعة الصادي إذا قل ماطرُ أو "إذا جف ماطرُ" هذه مرثية لواحد من العلماء الكبار، ولا شك أنه خسارة، ومثل الغيب بالنسبة للناس. فيا خيبة الساري إذا غاب نجمه ... ويا لوعة الصادي إذا قل ماطرُ كما بها يهتدي الساري لوجهته ... في البر والبحر حيث السير في الظلمِ والنيرين بحسبان وذلك تقـ ... دير العزيز العليم المسبغ النعمِ {وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَا} [(38) سورة يس]. فمن تأول فيها غير ذاك. . . . . . . . . ... . . . . . . . . . {وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ} [(39) سورة يس]. فمن تأول فيها غير ذاك قفا ... ما ليس يعلمه فهو الكذوب سمِ يعني سمي الكذوب. كالمقتفين لعباد الهياكل في ... عزو التصرف. . . . . . . . . طالب:. . . . . . . . . هاه؟ طالب:. . . . . . . . . سمِ، يعني سمي، سمي الكذوب، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . لا لا، ينكسر البيت. كالمقتفين لعباد الهياكل في ... عزو التصرف والتأثير للنجمِ كالمتعبين لعباد الهياكل الذين يرون أن الهياكل هي التي تتصرف في العالم. والكاتبين نظاماً في عبادتها ... عقداً وكيفاً وتوقيتاً لنسكهمِ هذا فيه مؤلفات، التنجيم والأنواء فيها مؤلفات. فذا سعود وذا نحس وطلسمه ... كذا وناسبه ذا كم بخرصهمِ

يعني حذر الناظم -رحمه الله تعالى- من الكهانة والتنجيم والسحر، والتعلق بالنجوم والهياكل، وذكر أن فيها مؤلفات، وهي موجودة بالفعل، ثم بعد ذلك حذر مما يضر ولا ينفع، مما تعلق به الناس، واشرأبت نفوسهم إليه، وأُشربت قلوبهم حبها. يقول: واحذر مجلات سوء في الملا نشرت ... تدعو جهاراً إلى نشر البلا بهمِ يعني المجلات والجرائد المشتملة على الشبهات، وعلى الصور، وعلى القدح في الدين وأهله، يقول: احذرها. واحذر مجلات سوء في الملا نشرت ... تدعو جهاراً إلى نشر البلا بهمِ تدعو لنبذ الهدى. . . . . . . . . ... . . . . . . . . . تزهد الناس في دينهم، وترفع شأن من ليس له شأن، وتسعى جاهدة إلى إسقاط من له شأن في الدين. تدعو لنبذ الهدى والدين أجمعه ... والعلم بل كل عقل كامل سلمِ يعني أصحاب العقول السليمة يعني هل ينفق الشخص وقته من صلاة العصر وبعد نهاية الدوام إلى قدوم النوم في قراءة جرائد ومجلات حرفاً حرفاً، مع أنه قد يأثم بقراءتها، ويترك ما يؤجر على قراءته؟! هل هذا من العقل؟! نعم قد يوجد اتفاق بين مجموعة من طلاب العلم يخصص لكل واحد صحيفة أو جزء من صحيفة لتتبع هؤلاء المفسدين للرد عليهم وبإبلاغ المسئولين عن خططهم هذا جيد، هذا من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، هذا لا شك أنه من حماية جناب الدين. تدعو لنبذ الهدى والدين أجمعه ... والعلم بل كل عقل كامل سلمِ وللركون إلى الدنيا وزخرفها ... . . . . . . . . . ما في عندهم إلا أمور الدنيا، ما تجد إلا إعلانات عن بيع وشراء، وإعلانات عن أمور لا ينبغي لمسلم أن يعتني بها، وتجدها في دعاياتها التي تجري منها الأموال، تُعلن الصور للنساء الخليعات، والأصل في الصور كلها أنها محرمة، ولو لم يكن فيها إلا التصوير لكان الأحرى والأجدر بطالب العلم أن يجتنبها. وللركون إلى الدنيا وزخرفها ... والرتع كالحيوان السائم البهمِ يعني وقتك كله مطالعة لهذه الجرائد، واستغناء بها عما ينفعك في دينك ودنياك. وللتهتك جهراً والخلاعة مع ... نبذ المروءة والأخلاق والشيمِ تجد فيها الصور العارية للنساء، وأيضاً للرجال، تجد ما يفتن النساء بالرجال، وما يفتن الرجال بالنساء.

والاعتماد على الأسباب مطلقها ... دون المسبب والأخلاق من عدمِ أما أن يكون هذا متعلق بما في الجرائد، بما ينشر في الجرائد والمجلات أنها تدعو للاعتماد على الأسباب دون المسبب، أو يكون الكلام مستأنف. يقول: احذر . . . . . . . . . الاعتماد على الأسباب مطلقها ... دون المسبب والأخلاق من عدمِ والكفر بالله والأملاك مع رسل ... والوحي مع قدر والبعث للرممِ وهذا موجود في كثير من المجلات، في كثير من الجرائد، لا سيما مجلات وجدت في مصر والشام قبل مائة سنة، وفيها هذه الأمور واضحة، وهي موجودة الآن، تدعو إلى الإلحاد -نسأل الله العافية-، تشكك في حقائق الدين، تشكك فيما اشتمل عليه القرآن والسنة، موجودة ويكتب فيها فجرة، يكتب فيها كفار من نصارى وغيرهم وملاحدة، فعلى طالب العلم أن يحذرها. والكفر بالله والأملاك مع رسل ... والوحي مع قدر والبعث للرممِ يعني يتكلمون في أركان الإيمان. ولاعتناق الطبيعيات ليس لها ... مدبر فاعل ما شاء لم يضمِ قامت لديهم بلا قيوم ابدعها ... مسخرات لغايات من الحكمِ يعني أن الطبيعة هي التي أوجدت هذه المخلوقات، وليس الله -جل وعلا- هو الذي أوجدها. قامت لديهم بلا قيوم ابدعها ... مسخرات لغايات من الحكمِ سموه مدحاً له العلم الجديد بل الـ ... كفر القديم ومنه القول بالقدمِ سموا علم الفلك الهيئة الجديدة، وفيها مؤلفات للمتقدمين وللمعاصرين، وفيه أيضاً ردود على أصحاب الهيئة الجديدة، التويجري له رد وله ذيل (الصواعق الشديدة على أهل الهيئة الجديدة) وذيل الصواعق أكبر منه. تقسموه الملاحيد الطغاة على ... سهم وأكثر لا أهلاً بذي القسمِ تقسموه، تقسموا هذه الأعمال في هذه الجرائد، وصار كل واحد له عمود ثابت يكتب في هذا التخصص الذي انبرى له. تقسموه الملاحيد الطغاة على ... سهم وأكثر لا أهلاً بذي القسمِ وكلما مر قرن أو قرون أتوا به ... على صورة أخرى لخبثهمِ الشر أصله واحد، ولكل قوم وارث، لكن الآليات التي يحقق بها هذا الشر لكل عصر ما يناسبه. بعض الخبيث على بعض سيركمه ... ربي ويجعله في النار للضرمِ هذه الأمور كلها، هذا الخبث كله بعضه على بعض، ظلمات بعضها فوق بعض تركم وتلقى في جهنم.

واعجب لعدوان قوم حاولوا سفهاً ... أن يجمعوه إلى الإسلام في كممِ مثلاً يقال: علم الفلك الإسلامي، علم كذا الإسلامي، كل شيء يلصقونه بالإسلام، والطبيب الروحاني، ويش معنى طبيب روحاني؟ الآن في القنوات يعلن عن نفسه، وعنوانه وكيفية الاتصال به، طبيب روحاني هذا يساعد على فك السحر؛ لأنه ساحر هو، يعني كما جاء في الخمرة يشربونها ويسمونها بغير اسمها، ويسمونه أيضاً مشروب روحي الآن. واعجب لعدوان قوم حاولوا سفهاً ... أن يجمعوه إلى الإسلام في كممِ وتجد الآن تمشية بعض الأمور بنسبتها إلى الإسلام، تجد هذا على الطريقة الإسلامية، وهذا كذا الإسلامي، حتى قالوا: غناء إسلامي. كالنار في الماء أو طهر على حدث ... . . . . . . . . . كالماء في النار لا يمكن أن يجتمعان. "أو طهر على حدث * في وقته" ما يجتمعان، طهر وحدث ما يجتمعان، فإذا وجد أحدهما ارتفع الثاني؛ لأنهما نقيضان، وكذلك الماء والنار. . . . . . . . . . ... في وقته أو إخاء الذئب والغنمِ لا يمكن أن يُجمع بين الذئب والغنم، كما أنه لا يُجمع بين الضب والحوت، والله أعلم. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

المنظومة الميمية (8)

بسم الله الرحمن الرحيم المنظومة الميمية في الآداب الشرعية للعلامة حافظ حكمي (8) الشيخ: عبد الكريم بن عبد الله الخضير السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. سم. الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. قال العلامة حافظ -رحمه الله تعالى- في ميميته: خاتمة في تحصيل ثمرات العلم النافعة واجتناء قطوفه الدانية اليانعة: وحاصل العلم ما أملي الصفات له ... فأصغِ سمعك واستنصت إلى كلمي وذاك لا حفظك الفتيا بأحرفها ... ولا بتسويدك الأوراق بالحمم ولا تصدر صدر الجمع محتبياً ... تمليه لم تفقه المعني بالكلم ولا العمامة إذ ترخى ذؤابتها ... تصنعاً وخضاب الشيب بالكتم ولا بقولك يعني دائباً ونعم ... كلا ولا حملك الأسفار كالبهم ولا بحمل شهادات مبهرجة ... بزخرف القول من نثر ومنتظم بل خشية الله في سر وفي علن ... فاعلم هي العلم كل العلم فالتزم فلتعرف الله ولتذكر تصرفه ... وما على علمه قد خط بالقلم وحقه اعرف وقم حقاً بموجبه ... ومنهج الحق فاسلك عنه غير عمي أشقى وأسعد مختاراً أضل هدى ... أدنى وأبعد عدلاً منه في القسم أوحى وأرسل وصى آمراً ونهى ... أحل حرم شرعاً كامل الحكم يحب الإحسان والعصيان يكرهه ... والبر يرضاه مع سخط لجرمهم بمقتضى دين في الدارين مطرد ... لا ظلم يخشى ولا خير بمنهضم فاعمل على وجل وادأب إلى أجل ... واعزل عن الله سوء الظن والتهم للشرع فانقد وسلم للقضاء ولا ... تخاصمن به كالملحد الخصم وبالمقادير كن عبداً لمالكه ... وعابداً مخلصاً في شرعه القيم إياه فاعبد وإياه استعن فبذا ... تصل إليه وإلا حرت في الظلم وخذ بالأسباب واستوهب مسببها ... وثق به دونها تفلح ولم تضم بالشرع زن كل أمر ما هممت به ... فإن بدا صالحاً أقدم ولا تجم أخلصه واصدق أصب واهضم فذي شُرطت ... في صالح السعي أو في طيب الكلم أخلصه لله واصدق عازماً وأصب ... صراطه واهضمن النفس تنهضم لا تعجبن به يحبط ولا تره ... في جانب الذنب والتقصير والنعم وحيث كان من النهي اجتنبه وإن ... زللت تب منه واستغفر مع الندم

وأوقف النفس عند الأمر هل فعلت ... والنهي هل نزعت عن موجب النقم فإن زكت فاحمد المولى مطهرها ... ونعمة الله بالشكران فاستدم وإن عصت فاعصها واعلم عداوتها ... وحذرنها ورود المورد الوخم وانظر مخازي المسيئين التي أخذوا ... بها وحاذر ذنوباً من عقابهم والزم صفات أولي التقوى الذين بها ... عليهم الله أثنى واقتده بهم واقنت وبين الرجا والخوف قم أبداً ... تخشى الذنوب وترجو عفو ذي الكرم فالخوف ما أورث التقوى وحث على ... مرضاة ربي وهجر الإثم والأثم كذا الرجا ما على هذا يحث لتصـ ... ديق بموعود ربي بالجزا العظم والخوف إن زاد أفضى للقنوط كما ... يفضي الرجاء لأمن المكر والنقم فلا تفرط ولا تفرط وكن وسطاً ... ومثل ما أمر الرحمن فاستقم سدد وقارب وأبشر واستعن بغدوٍ ... والرواح وأدلج قاصداً ودم فمثل ما خانت الكسلان همته ... فطالما حُرم المنبت بالسأم ودم على الباقيات الصالحات وحو ... قل واسأل الله رزقاً حسن مختتم واضرع إلى الله في التوفيق مبتهلاً ... فهو المجيب وأهل المن والكرم يا رب يا حي يا قيوم مغفرة ... لما جنيت من العصيان واللمم وامنن علي بما يرضيك واقضه لي ... من اعتقاد ومن فعل ومن كلم وأعل دينك وانصر ناصريه كما ... وعدتهم ربنا في أصدق الكلم واقصم ببأسك ربي حزب خاذله ... ورد كيد الأعادي في نحورهم واشدد عليهم بزلزال ودمدمة ... كما فعلت بأهل الحجر في القدم واجعلهمو ربنا للخلق موعظة ... وعبرة يا شديد البطش والنقم ثم الصلاة على المعصوم من خطأ ... محمد خير رسل الله كلهم والآل والصحب ثم التابعين لهم ... وتم نظمي بحمد الله ذي النعم الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد: فيقول الناظم -رحمه الله تعالى- في خاتمة هذه القصيدة النافعة الجامعة للوصايا التي يحتاجها كل طالب علم. يقول: خاتمة في تحصيل ثمرات العلم النافعة، واجتناء قطوفه الدانية اليانعة: يقول -رحمه الله تعالى-: وحاصل العلم ما أملي الصفات له ... فأصغِ سمعك واستنصت إلى كلمي

يقول: حاصل العلم، خلاصة العلم، لباب العلم ما تتضمنه هذه الوصايا فأصغِ لها سمعك، وانتبه لها، "واستنصت إلى كلمي" أصغ نفسك بنفسك واستنصت غيرك، يعني اطلب الإنصات من غيرك ليستفيد ولئلا يشوش عليك. وذاك لا حفظك الفتيا بأحرفها ... . . . . . . . . . يعني أنت تحرص على كلام أهل العلم، وتطلع على أقوال الفقهاء فقهاء الأمصار، إضافة إلى ما عندك من علم الكتاب والسنة، لكن مجرد حفظك للفتيا هذا ما .. ، لن تتأهل لأن تكون عالماً مستقلاً تستطيع أن تنقذ من يسألك من هلكة الجهل، ومن ظلامه إلى نور العلم. وذاك لا حفظك الفتيا بأحرفها ... ولا بتسويدك الأوراق بالحممِ

الحمم يعني الفحم الذي يكتب به، والحبر يشبهه، أسود مثله، يعني لا كثرة الكتابة تنفعك، ولا حفظك للفتاوى من غير تأصيل وبناء متين لهذا العلم على أصوله عند أهل العلم، ولذا تجدون بعض الناس يمضي من عمره الشيء الكثير، وقد يموت بعد أن زاحم العلماء عقود، ومع ذلك لا يستحق أن يسمى عالم، نعم يطلب العلم، ويسلك الطريق لطلب العلم، لكن ليست عنده الأصول التي تطلب ويبنى عليها العلم، نعم تجدون من يبرز في مدة يسيرة، ومن يتأخر تأهله للعلم، كل هذا بسبب الاهتمام بالأصول والقواعد التي يبنى عليها العلم، علم الكتاب والسنة، ومن نعم الله -جل وعلا- أن يسر للإنسان من يأخذ بيده إلى الطريق الصحيح في أول عمره، تجدون الشباب الآن نحمد الله -جل وعلا- أن هيأ لهم ويسر لهم من العلماء المخلصين من يدلهم على الجادة، يعني قبل لا أقول قبل يعني .. ، قبل العلماء يدرسون على الجادة، ثم بعد ذلك جاء هذا التعليم النظامي، وإن كان بعضهم ينتقد كلمة نظامي؛ لأنه يلزم منها على حد زعمه أن يكون تعليم المساجد فوضوي، إذا كان هذاك منظم التعليم في المدارس والجامعات نظامي، وإنما هو منسوب إلى من ينظمه من المشرفين عليه من قبل الموكلين من قبل ولي الأمر، أما بالنسبة لدروس المساجد فهذه موكولة إلى اجتهادات المشايخ، يعني هذا الذي من أجله يقال: تعليم نظامي، تعليم منظم ومرتب على نظر من يكلفه ولي الأمر بهذا، فهو من هذه الحيثية منظم، تجد التعليم في الحجاز نفس التعليم في نجد، والتعليم في الشمال نفس التعليم في الجنوب، ما يختلف، فهو منتظم ومنظم، ولا يلزم من هذا أن يكون التعليم في المساجد على الجادة يكون فوضوي، ما يلزم، هو تنظيم لكنه يختلف من شيخ إلى شيخ، ويختلف من قطر إلى قطر، وحتى الكتب التي تدرس في نجد مثلاً قد يدرس غيرها في نفس العلوم في اليمن، يعني إذا كانت عناية أهل نجد على سبيل المثال بالأجرومية مثلاً في النحو والقطر والألفية تجد هناك العناية بالكافية لابن الحاجب، العناية بملحة الإعراب للحريري، وهكذا تجد في الشام، وفي مصر وغيرها، يعني هذه أمور لا شك أنها منظمة، لكنها تتفاوت من بلد إلى بلد، لكن المقرر على أولى ابتدائي في أي قطر من الأقطار

تجده منظم، وعلى جميع الطلاب، والمرتب على أولى متوسط نفسه ما يتفاوت، ما يقولون: والله -أهل الحجاز- إحنا نجتهد بطلابنا، وأهل الشمال يبون يجتهدون وأهل .. ، لا، هو من هذه الحيثية، ولا يلزم من هذا أن يكون التعليم في المساجد فوضوي؛ لأني سمعت من يقول هذا الكلام، ما يلزم، إنما التعليم الرسمي الذي ترعاه الدولة هذا تعليم منظم من قبل من وكل إليه هذا الأمر من قبل ولي الأمر، تنظيم واحد متسق لا يتفاوت ولا يتباين، ولا يختلف من بلد إلى بلد، ولا من مستوى إلى مستوى. من نعم الله -جل وعلا- أن يسر لطالب العلم من بداية الطريق من يأخذ بيده إلى الجادة، لذا تجدون كثير من طلاب العلم في المستوى الأخير من الجامعة في كلية شرعية تسأله عن بداهيات بعض العلوم ما يجيب، لماذا؟ لأنه أخذ هذه العلوم على طريقة رتبت لكافة الناس، مراعىً فيها أضعف الناس ما رعي فيها أجود الطلاب حتى ولا المتوسط في السنين المتأخرة مراعىً فيها الضعاف؛ لئلا يتعذب هؤلاء، وكل يمشي، والملحظ من قبل هؤلاء الدارسين أنهم يتعلمون من أجل أن يسلكوا في هذه الحياة، يعني من أجل أن يتوظف ويعيش في هذه الحياة، ولذلك تجد كثير من أوضاع طلاب العلم في الكليات الشرعية غير مرضي، وتسأله عن مسائل في الأصول الثلاثة وقد درسها في المرحلة الأولى من الابتدائي وحفظها نسيها، تجد مسائل في النحو في الأجرومية ما يعرفها، ولا اطلع عليها، تجد أشياء فيما رتب للمبتدئين تخفى عليه، وهو يمكن في الدراسات العليا؛ لماذا؟ لأنه أخذ هذا العلم على طريقة سهلة، ليست متينة تربي طالب علم.

الأمر الثاني: أنه في التعليم العالي في الجامعة يعطى العلم على طريق ناقصة، تتباين فيها أنظار المدرسين، المناهج واحدة في الكلية، ما تتغير، جاء مدرس أو تغير أو كذا، لكن يختلفون في أداء هذه المادة، فتجد منهم من ينجز المنهج في نصف المدة؛ لماذا؟ لأنه أعطاه الطلاب على طريقة موجزة مختصرة، وهؤلاء الطلاب بحاجة إلى شيء من التوسع، وشيء من التأصيل لهذا العلم، وبالعكس تجد مدرس ثاني ما أنجز إلا نصف المنهج أو أقل من نصف المنهج؛ لأنه توسع فيه، وأفادهم فيما شرح لهم، لكن يبقى أن الأبواب التي ما شرحت لهم فيها إعواز كبير، يعني يتخرج الطلبة وهو جاهل في هذه الأبواب، هذه طريقة التعليم في الجامعات، في الأخير بدأ المسئولون في الجامعات يهتمون لقضية إتمام المنهج، وأن يربط الطلاب بكتاب يكون بأيديهم، يدور عليه محور التعليم، وهذا لا شك أنه أفضل، تربية طلاب العلم على كتب أهل العلم لا شك أنه أفضل من تربيتهم على مذكرات وعلى كتابات عن مدرسين، أو إحالة على كتب معاصرين كما يفعله كثير من المعلمين، فطالب العلم الذي تخرج في التعليم النظامي في الكلية الشرعية مثلاً على هذا الوجه مدرس شرح له، سلق له المادة في نصف المدة، ويحتاج إلى تأصيل وتثبيت في هذه المرحلة، يحتاج إلى تشعب وتنظير للمسائل، أو مدرس أطال وأفاض ووسع وشرح وشرق وغرب ولا أنهى إلا ثلث المنهج مثلاً أو ربع المنهج، تجده يتخرج الآن هو في مفترق طرق، الآن هو تهيأ على ما يقال لسوق العمل، إما أن يكون قاضي أو يكون معلم، أو يكون داعية أو كذا، والآن تصدر للناس، ماذا يصنع؟ إذا راجع نفسه حضر درس حضر شيء وجد أنه تعليمه فيه خلل، يعني كلف بدرس ما استطاع، سئل عن مسألة والله حاول يتذكر ما استطاع، راجع نفسه، فهو بين أمرين، إما أن يتكبر ويقول: والله أنا جامعي ومعي شهادة، ومن كلية شريعة، والأصل أن المتخرج من هذه الكلية يقال له: شيخ، فأنا لست بحاجة إلى كتب الأطفال، ويستمر يتدرج في الكتب الكبيرة، ويخفى عليه بدهيات العلوم، فمثل هذا يستمر على ضعفه، لكن إن قال: أنا والله بحاجة إلى أن أبدأ من جديد، وبداءته من جديد في المتون الصغيرة هذه لا تكلفه شيء؛ لأن عنده أهلية، وتجاوز

مراحل، فحفظه لمتون المبتدئين، وفهم هذه المتون وقراءة شروحها، أو سماع ما سجل عليها لا يكلفه شيء، إلا أنه يتلافى فيه النقص الموجود عنده، وهذه وصيتي لطلاب العلم الذين فاتهم مثل هذا الأمر، ولو تخرجوا من الجامعة على ما يقولون، يرجع إلى كتب المبتدئتين وبإمكانه أن ينجزها في شهر واحد، هذا لا يضره، كتب المتوسطين في ثلاثة أشهر تنتهي، ثم بعد ذلك يكون سدد الخلل الذي عنده، سدد الخلل ويتابع تعليمه، ويقرأ عاد في المطولات، ويستطيع أن يقرئ الناس، ولذلك تجدون من يتصدر للتعليم أحياناً يُفتح عليه في مسائل يسيرة؛ لأنه أخذ التعليم على وجه فيه قصور. يقول: "ولا تصدر" يعني لا تتصدر. . . . . . . . . . صدر الجمع محتبياً ... تمليه لم تفقه المعني بالكلمِ

يعني لا تتصدر المجالس، ثم بعد ذلك تشرح لهؤلاء الموجودين على طريقة لا تناسبهم "لم تفقه المعني بالكلمِ" لا بد أن تنظر في الحضور ما مستوى هؤلاء الحضور؟ فإما أن تشرح بطريقة سهلة ميسرة يفهمها كل من حضر، أو تشرح بطريقة متوسطة؛ لأن الطلاب عندك فيهم من يفهم، يعني فيهم عدد كبير يفهم، فهم لا ينزلون عن منزلتهم، أو تشرح بطريقة تتجاوز فيها عن مقدمات العلوم، وما يحتاجه المبتدئون والمتوسطون، تشرح بطريقة تناسبهم، لكن مثل هذا الكلام قد لا يمشي في من كثرت عنده الجموع، وتنوع عنده الطلاب، فيهم المبتدئ، وفيهم المتوسط، وفيهم المنتهي، فإما أن يسلك طريقة المتوسطين، يشرح للمتوسطين، والمبتدئ إذا ارتفعت همته، وسمت همته، وتعب قبل أن يحضر قد يستفيد، كما أن المنتهي يستفيد أيضاً، لكنه يود أن يكون الأسلوب أسلوب التعليم أرفع من هذا، فالتعليم الآن كان المشايخ معروف عندهم يعني، شيوخنا كان معروف عندهم تقسيم الطلاب، حلقة للصغار، حلقة للمتوسطين، وحلقة للكبار الذين يعلمون هؤلاء الصغار، ويخاطب كل مجموعة بما يناسب عقولهم ((حدثوا الناس بما يعرفون)) لكن الآن من الصعب جداً أن تقول: والله أنت صغير لازم تشوف لك مكان ثاني، أو تقول: والله أنت كبير وأكثر الطلاب أقل منك مستوى فقد لا تستفيد، أنت تشرح واللي يستفيد يستفيد، واللي ما يستفيد الشكوى إلى الله، وهذا جربناه في الدروس، أول ما يبدأ الدرس في المنتهى مثلاً جلس الطلاب في الشارع، فلما شافوا أسلوب الكتاب ما يناسبهم صعب، الكثير من الحضور طلاب علم صغار أو متوسطين، أسلوب الكتاب ما يناسبهم، أيضاً أسلوب الشرح كأنهم تصعبوه، نقص النصف في اليوم الثاني، في الأسبوع الثاني، ثم ما زال العدد ينقص إلى أن ألغينا الكتاب، وجعلنا بدله الخرقي؛ لأنه أسهل، ومع ذلك يعني كتاب الفقه له حضور وله وجود، وإن كان أقل من كتب العقيدة، أقل من الواسطية لمدة طويلة.

المقصود أن على المدرس أن ينزل إلى مستوى الطلاب، وإن كان تصنيف الطلاب في العصر الذي في وقتنا نحن فيه صعوبة؛ لأن طالب الجامعة وإن كان مستواه مستوى مبتدئ لن يتنازل أن يقول: والله أنا مبتدئ والله أنا با أدرس مع الصغار، والكبار الذي جاء قد يكون مثلاً أستاذ في الجامعة، وبجانبه طالب في الثانوية، وقد يكون قاضي تمييز، وبجانبه طالب في الجامعة، وقد يكون كذا، كيف تتعامل مع هؤلاء؟ أنا تحدثت مع المسئولين عن تنظيم الدروس، وعلى رأسهم الوزير، وزير الشئون الإسلامية، قال: هذا ميئوس منه، الطريقة التي نعيشها ميئوس منها، لكن الإنسان يسدد ويقارب، وينظر في وجوه الطلاب، وأسئلتهم، ويقدر مستواهم، وينزل إلى مستوى بعضهم، والبعض الآخر .. ، لن يستطيع أن يتعامل مع كل شخص بعينه، هذا فيه صعوبة. على كل حال يقول: ولا تصدر صدر الجمع محتبياً ... تمليه لم تفقه المعني بالكلمِ تأتي إلى طلاب صغار وتقرر عليهم مثلاً .. ، طلاب في المتوسط وتقول: أصول الفقه مهم جداً، أو النحو أو كذا ثم تأتي لهم بأعقد كتاب في الفن ما يصح، هذا تعذيب لهم، أو تأتي لطلاب في المراحل الأولى وتقرر عليهم مختصر خليل مثلاً، هذا تعذيب لهم، لكن عليك أن تنظر الطلاب، وتشوف المعني بالخطاب، وتشرح على مستواه، هذا كلام الشيخ -رحمه الله-. ولا العمامة إذ ترخى ذؤابتها ... تصنعاً وخضاب الشيب بالكتمِ لا تظن أنك بلغت مبلغ من العلم لأنك لابس عمامة وتصبغ لحيتك بالكتم، وما أشبه ذلك، يعني السن لا يكفي لتصدر المجالس أبداً، إنما المعول على التأهل في التحصيل. ولا بقولك يعني دائباً ونعم ... كلا ولا حملك الأسفار كالبهمِ يعني لا يعني بقولك دائباً ونعم، يعني نعم هذه ويش معنى: ولا بقولك يعني دائباً ونعم؟ يعني شرحك بيعني دائباً دائماً ونعم، إنما هذه طريقة مألوفة إذا قيل: نعم للطالب، قد يقال: نعم، وقد يقال: بركة، ويقال: حسبك، للبداية سم، ثم حسبك، يكرر كلمة نعم عند الحاجة إليها، يعني لا تتشبه بالمشايخ بألفاظهم، وتظن أنك صرت مثلهم، يعني مجرد تشبهك بألفاظ الشيوخ وسمت الشيوخ، عمامة، وذؤابة وخضاب وكيف يبدأ الدرس؟ وكيف يختم؟ أنت جالست الشيوخ وعرفت هذه الأمور، لكن هذا ما يكفي.

. . . ... كلا ولا حملك الأسفار كالبهمِ

يعني ما يكفي أن يقال: والله فلان عنده مكتبة كبيرة، ثم بعد ذلك يعلم وهو ما تأهل؛ لأن مجرد اقتناء الكتب لا يعني العلم، بل الإكثار من اقتناء الكتب قد يكون صارفاً عن التحصيل، ولذا ابن خلدون يقول في مقدمته: "كثرة التصانيف تعوق عن التحصيل" وهذا شيء مجرب، يعني من عنده مكتبة، شيوخ أدركناهم مكتباتهم دالوبين أو ثلاثة، كتابين في التفسير، وكتابين أو ثلاثة في الحديث وهكذا، في العقيدة، في الفقه، قاموس واحد أو مرجع واحد في اللغة، وكتاب من كتب النحو، يعني كتب يسيرة، لكن هذه الكتب هضمت، وعُرف جميع ما فيها، ويوجد الآن من طلاب العلم من عنده خمسين ألف كتاب، تشغله بمراجعتها، وبعضه يحول دون بعض، يأتي يحتاج إلى كتاب فيجد الكتب مرصوصة دونه، ويشتري ثانية ويرصها ثانية، وهكذا، هذا يتعب في جمعها، وفي العناية بها، وفي الوصول إليها في بيته، وهذا شيء مجرب، فمجرد كثرة التصانيف هذه لا تعني أن الإنسان قد فاق غيره في العلم، حتى أن الحافظ الخطيب البغدادي في اقتضاء العلم العمل يقول: إن مجرد جمع الكتب ككنز الفضة والذهب، يقول: جامع الكتب ككانز الفضة والذهب، صحيح كتب لا يستفاد منها، إنما تجمع تركة بعده، أو قد يحتاج ويبيعها، مثل الذهب والفضة يجدها عند الحاجة إليها في معاشه، أما كونه يستفيد منها مع كثرتها، كل الطبعات من كتاب كذا، ومن كل طبعة نسخة كذا، والكلام هذا ما صدر من فراغ، ما يقال: إنه يقلل من أهمية الكتب، وشأن الكتب، يعني طالب علم ما عنده كتب كساع إلى الهيجاء بغير سلاح، الكتب هي سلاح طالب العلم، لكن ينبغي أن تؤخذ بحكمة وعقل، وأن الإنسان إذا احتاج لكتاب يشتريه، وقد يشتري الكتاب ليكون مرجع يرجع إليه عند الحاجة، لكن ما هو معنى هذا أنه يعذب بهذه الكتب كما هو الحاصل لبعض الشيوخ، صارت وبال عليه، وصار كثير منهم حضه من الكتب نقلها من مكان إلى مكان، إذا انتقل إلى بيت احتاج إلى سنتين أو ثلاث يرتب، وإذا سمع بأن هناك آفة نزلت بهذه الكتب أو اطلع على شيء منها في جهة ذهب ينقلها من مكان إلى مكان، وينظف ويعالج، وما أدري ويش؟ هذه مسألة لا شك أنها متعبة، ومثل ما قرروا مشغلة عن التحصيل، ونتكلم بهذا الموضوع من حرقة، وحرارة،

يعني عانينا من هذا كثيراً، لكن لا يعني أن طالب العلم لا يحتاج إلى الكتب، هذه ليست طريقة، طالب العلم لا بد له من الكتب، لا بد له من المراجع، قد يقول: هناك مكتبات كبيرة تغني عن اقتناء الكتب، نقول: نعم، لكن هل هذه المكتبات في حوزتك بحيث تراجعها متى شئت، هذا الكلام ما هو بصحيح، قد تحتاج إلى مسألة يفوت وقتها، والمكتبة العامة مغلقة، فكون طالب العلم يقتني الكتب ويتوسط في الاقتناء لا يسرف ولا يكثر، ولا يترك شيئاً يحتاج إليه. . . . . . . . . . ... كلا ولا حملك الأسفار كالبهمِ ولا بحمل شهادات مبهرجة ... بزخرف القول من نثر ومنتظمِ يعني كان طلاب العلم إذا تأهلوا يشهد لهم شيوخهم، إما بنثر أو بنظم، يشهدون لهم أنهم تأهلوا للقضاء، تأهلوا للفتيا، تأهلوا للتعليم، تأهلوا للدعوة، ويزاولون من خلال هذه الشهادات التي أعطيت من قبل الشيوخ، وصارت الشهادات الآن تتولاها الجهات الرسمية، على طريقة التعليم الموجودة، فصار من هذه الشهادات أو ممن يحمل هذه الشهادات من لا يحمل العلم، فتجده يتقدم، أنا والله الآن تخرجت في كلية الشريعة، والعرف يدل على أن من تخرج من كلية الشريعة شيخ، والشيخ أهل لأن يستفتى، أهل لأن يقضي، أهل لأن يعلم، ثم إذا ابتلي وامتحن ما وجد على أدنى مستوى يتوقع منه، وهذا حاصل، حصل في كثير من الجهات، بل إذا قلت: إن هذا حصل في بعض خريجي قسم القرآن، ذهبوا ليعلموا القرآن في مدارس تحفيظ القرآن فوجدوا لا شيء، يعني إذا كان هذا في القرآن الذي يمكن ضبطه، وأنت بصدد تعلمه أربع سنين أو أكثر، مع ما يعين عليه من تجويد وقراءات وتفسير، ومع ذلك تجد الطالب إذا كان همه مجرد الشهادة لا يدرك شيئاً، فقد يحرم العلم بسوء القصد. ولا بحمل شهادات مبهرجة ... بزخرف القول من نثر ومنتظمِ "بل خشية الله" العلم خشية الله "في سر وفي علن" هذه الذي يفقدها كثير ممن ينتسب إلى طلب العلم، والعلم الذي لا يورث الخشية ليس بعلم، والذي لا يخشى الله -جل وعلا- ليس من أهل العلم {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء} [(28) سورة فاطر].

"في سر وفي علن" يعني نجد من إذا تحدث بكى وأبكى، فإن كان في سره كذلك فليبشر، ونجد من إذا خلا بكى، وفي المحافل يتصبر ويتمنع، وهذا لا شك أنه علامات الإخلاص ظاهرة عليه، ومنهم لا هذا ولا هذا، لا في سر ولا في علن، يقرأ القرآن أو يقرأ سورة هود، أو يقرأ الطور، أو يقرأ أي شيء كأنه يقرأ جرائد كما هو حالنا، نسأل الله -جل وعلا- أن يصلح الأحوال. بل خشية الله في سر وفي علن ... فاعلم هي العلم كل العلم. . . . . . . . . {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء} [(28) سورة فاطر] فالعلم الذي لا يورث الخشية ليس بعلم، والعالم الذي لا يخشى الله ليس بعالم "كل العلم فالتزمِ". فلتعرف الله ولتذكر تصرفه ... . . . . . . . . . يعني علمك بالله -جل وعلا- وما يجب له، وما ثبت في حقه في كتابه وعلى لسان نبيه -عليه الصلاة والسلام-، هو الذي يدلك على الطريق الصحيح، وهو الذي يورث الخشية في القلب "من كان بالله أعرف كان منه أخوف". فلتعرف الله ولتذكر تصرفه ... وما على علمه قد خط بالقلمِ وحقه اعرف وقم حقاً بموجبه ... ومنهج الحق فاسلك عنه غير عمي يعني اسلك الطريق المستقيم الذي درج عليه سلف هذه الأمة وأئمتها، واحذر الابتداع، والخروج عن طريقهم ومسلكهم ومنهجهم، واحذر الإيغال في هذه المحدثات، وخذ منها بقدر الحاجة، يعني هذا المكبر مثلاً يحتاج إليه، لكن ما الداعي أن يستعمله إمام خلفه ثلاثة أشخاص، هذه محدثة، تستعمل في عبادة الأصل المنع، لكن الحاجة، إذا كثرت الجموع، واحتاج الناس إلى مكبر يستعمل، ونعرف من شيوخنا من مات وهو ما استعمله، لكن الحاجة هي التي تحدد، فالإقلال من المحدثات بقدر الحاجة منها، بقدر الضرورة منها هو الأصل، لا سيما ما يستعمل منه في عبادة من العبادات، ويتقرب به إلى الله -جل وعلا-.

منهم من يقول: هذه وسائل لا تضر، ولا شك أن هذه المحدثات منها المحدث الذي له أثر في العبادة، وله أثر في قلب العابد، مثل هذا يتخفف منه، وإن تيسر أنه يتركه هذا هو الأصل، ومنها ما هو مجرد وسيلة مثل النظارة الآن تستعملها في قراءة القرآن؛ لأنك ما تشوف الحروف إلا بها، هذه لا شك أنها محدثة، لكن يبقى أنها وسيلة إلى عبادة فهي عبادة، يعني النفقة فيها مأجور عليها، لكن هناك وسائل منها المختلط اللي فيه الحلال والحرام، وفيه الغث، وفيه السمين، فولوج أهل العلم فيها لا شك أنه مزري بهم، يعني ويش معنى أن عالم يقرر، يشرح تفسير وإلا حديث ثم قبله مغنية، وبعده تمثيلية وبعده كذا، والله هذا يعني ما هو بلائق، وإن كان اجتهد بعض طلاب العلم وقالوا: يصل الحق إلى بيوت، أو إلى مجتمعات ما يصل إليها، يعني المنابر هي الأصل، لكن هناك من لا يحضر إلى المساجد، واقتنى هذه القنوات يقول: خلونا ندخل إلى بيوتهم .... ، أنا أقول: الاجتهاد يؤجر عليه الإنسان بقدره، وبقدر ما وقر في نيته من إخلاص، لكن يبقى أن هذه الأمور لست لها وليست لي، يعني شخص يقرر قال الله وقال رسوله يخرج في قناة ماجنة وإلا .. ، لكني لا أحصر الاجتهاد على الآخرين، فمن رأى أنه ينفع في هذا الله يجازيه على قدر نيته. يقول: وحقه اعرف وقم حقاً بموجبه ... ومنهج الحق فاسلك عنه غير عمي أشقى وأسعد مختاراً أضل هدى ... . . . . . . . . . أشقى وأسعد، الله -جل وعلا- بين وهدى النجدين، وبين طريق الحق، وطريق الضلال، وجعل هناك حرية واختيار ومشيئة للعبد يختار بها ما كُتب له، يعني بطوعه واختياره يختار طريق السعادة أو طريق الشقاء، ولا أحد يجبره على أحد الطريقين، فالله -جل وعلا- ركب فيه هذا الاختيار، ومع ذلك لن يخرج عن إرادة الله ومشيئته، وقضاه الذي قدره عليه، وهل هو شقي أم سعيد؟ لكن ما في أحد يقول: إني حاولت أن أصلي ما قدرت، حتى الذين لا يصلون هل حاول منهم أحد أن يقوم إلى المسجد وعجز؟ إذاً له حرية واختيار، بطوعه واختياره ترك الصلاة، إذاً ما ظُلم. أشقى وأسعد مختاراً أضل هدى ... أدنى وأبعد عدلاً منه في القسمِ

منهم شقي وسعيد، ومنهم الضال، ومنهم المهتدي، ومنهم القريب، ومنهم البعيد، أدنى وأبعد، مثلاً جاء في الحديث وفيه كلام لأهل العلم أن أقرب الناس إلى الرب -جل وعلا- في يوم المزيد أقربهم إلى الإمام في الجمعة. قرب بقرب والمباعد مثله ... بعد ببعد حكمة الديانِ هذا الذي يسمع هذا الكلام، وما جاء فيه من أثر، وما جاء في كتابة الداخلين إلى المسجد يوم الجمعة، من جاء في الساعة الأولى، ومن جاء في الساعة الثانية، يعني إذا قلنا: مسألة القرب والبعد هذا حديث ضعيف، لكن ماذا عن ((من غدا)) أو ((من راح في الساعة الأولى)) هذا في الصحيحين، ومع ذلك يعرف هذا، ومن أهل العلم الذين يدرسون مثل هذا الكلام، ولا يأتي إلا في آخر ساعة، يعني في أحد منعه من المجيء؟ ما في أحد منعه، هو طائع ومختار، وإذا انتبه من النوم نظر إلى الساعة قال: باقي ساعة على دخول الإمام، هذه حرية واختيار، يعني ما في جبر، ما هو الإنسان مجبور، يقول: والله أنا كتب علي أني من أهل الشقاء، ويش يدريك أن الله كتب عليك أنك من أهل الشقاء؟ كما تقوله الجبرية، وأن الإنسان لا حرية ولا اختيار، وأن تحركاته وتصرفاته مثل حركة الشجر، هذا قول باطل، يعني مجبور على أن يفعل كذا، مجبور على أن يتأخر عن الصلاة، مجبور على أن .. ، لكن لو أن إنساناً ضربه أو سرق ماله، هل يقول: رضينا بالقدر، هذا مجبور. . . . . . . . . هذا مجبور الذي ضربني، ما يمكن أن يقول مثل هذا الكلام، يقوله للتبرير لنفسه في ترك الواجبات، وانتهاك المحرمات. أوحى وأرسل وصّى آمراً ونهى ... . . . . . . . . . أوحى إلى رسله وأنبيائه، وأرسل منهم من أرسل، ووصى وصى المكلفين {وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا} [(15) سورة الأحقاف]. "آمراً ونهى" افعلوا ولا تفعلوا، اعبدوا ولا تشركوا، ونهى {وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى} [(32) سورة الإسراء]. أوحى وأرسل وصّى آمراً ونهى ... . . . . . . . . . "أحل حرم" يعني الله -جل وعلا- جعل بعض الأمور بعض الأعيان حلال، وبعضها حرام.

"شرعاً كامل الحكمِ" كل هذه الأمور صدرت عن حكمة بالغة من الله -جل وعلا-، سواءً كان منها المأمور أو المحظور، سواءً علمنا هذه الحكم أو لم ندركها {لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ} [(23) سورة الأنبياء] ومع ذلك كثير منها مدرك الحكمة. يحب الإحسان والعصيان يكرهه ... . . . . . . . . . يحب المحسنين، يحب الإحسان، ويكره الكفر والفسوق والعصيان، وكرهه إلى عباده المؤمنين المخلصين. . . . . . . . . . ... والبر يرضاه مع سخط لجرمهمِ يعني يسخط المنكرات والجرائم، ويحب البر. بمقتضى ذين في الدارين مطردٌ ... لا ظلم يخشى ولا خير بمنهضمِ بمقتضى ذين التوفيق والهداية والإضلال والاستقامة والفسوق والفجور بمقتضى كون الناس أو كون الجن والإنس إلى فريقين شقي وسعيد. بمقتضى ذين في الدارين مطردٌ ... لا ظلم. . . . . . . . . يعني أهل السعير إلى أهل إلى السعير، والأتقياء والأخيار إلى دار النعيم. بمقتضى ذين في الدارين مطردٌ ... لا ظلم يخشى ولا خير بمنهضمِ {إِنَّ اللهَ لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ} [(40) سورة النساء] {مَن يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ} [(123) سورة النساء] ما في ظلم، ولا فيه أيضاً لا يمكن أن يحمل الإنسان غير ما تحمل، ولا يمكن أن يهضم أو ينقص من حقه حسنة. فاعمل على وجلٍ وادأب إلى أجلٍ ... واعزل عن الله سوء الظن والتهمِ

"اعمل على وجلٍ" اعمل الأعمال الصالحة، واترك المحرمات على وجل وعلى خوف أن يرد العمل {وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ} [(60) سورة المؤمنون] تقول عائشة: هم الذين يزنون ويسرقون؟ قال: ((لا يا ابنة الصديق، هم الذين يصلون ويصومون ويتصدقون ويخافون أن ترد عليهم أعمالهم)) فينبغي أن يكون الإنسان على غاية الوجل من رد العمل؛ لأن العمل قد يوجد وقد يوفق الإنسان للعمل، لكن قد يتخلف شرطه، أو يعتريه ما يعتريه من مانع من موانع القبول، ولذا يخاف كثير من السلف من قول الله -جل وعلا-: {وَبَدَا لَهُم مِّنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ} [(47) سورة الزمر] يعني الإنسان يعلم الناس دهور، والناس تشير له بالبنان، ما شاء الله ما أجلده، ما أعلمه، ما أحذقه، ما أحلمه، وهو في النهاية من الثلاثة الذين هم أول من تسعر بهم النار يوم القيامة، أو يتعلم ليقال كما تقدم في كلام الناظم -رحمه الله-، فعلى الإنسان أن يكون على خوف تام، وحذر ومراجعة دائبة دائمة للنية، وتحسس للقلب باستمرار. فاعمل على وجلٍ وادأب إلى أجلٍ ... . . . . . . . . . أنت تمشي إلى أجلك، وأيامك مراحل، كل يوم تقطع مرحلة، وأنت تدأب تمشي دائباً إلى أجلك، وكل يوم يمضي من عمرك ينقص عمرك بقدره. . . . . . . . . . وادأب إلى أجلٍ ... واعزل عن الله سوء الظن والتهمِ ولا بد من تحسين الظن بالله -جل وعلا- ((لا يموت أحدكم إلا وهو يحسن الظن بربه)) لكن ليس في هذا معارضة لما تقدم، الإنسان يحسن الظن بربه، لكنه يسيء الظن بنفسه وعمله، فهذا الذي يجعله يعيش بين الرجاء والخوف، يخاف أن يخونه ما وقر في قلبه، أو انطوى عليه قلبه من دخل يخونه في أحوج الأوقات، يخاف من مثل هذا، ويعرف ويجزم بأنه سوف يقدم على رب كريم رؤوف رحيم، سبقت رحمته غضبه، فيجعله يرجو من الله، ويؤمل مع السعي الجاد في تحسين العمل. للشرع فانقد وسلم للقضاءِ ولا ... تخاصمنّ به كالملحد الخصمِ للشرع انقد، انقد اجعل قيادك وزمامك وخطامك بيد الشرع، إذا قال لك: افعل افعل، لا تفعل لا تفعل. "للشرع انقد وسلم للقضاء" خلاص نزلت بك مصيبة عليك أن ترضى وتسلم.

وكن صابراً للفقر وادرع الرضا ... بما قدر الرحمن واشكره واحمدِ . . . . . . . . . وسلم للقضاءِ ولا ... تخاصمنّ به كالملحد الخصمِ الملحد المجادل على طريقة أهل الشرك {لَوْ شَاء اللهُ مَا أَشْرَكْنَا} [(148) سورة الأنعام] الملحد يقول: والله لو أراد لي الهداية ما ألحد، العاصي قد يحتج بالقدر، لكن هل في هذا حجة له؟ أبداً، الله -جل وعلا- جعل فيك حرية الاختيار، وبين لك، وما ترك لك حجة. وبالمقادير كن عبداً لمالكه ... وعابداً مخلصاً في شرعه القيمِ بالمقادير التي قدرت عليك كن عبد منقاد، مذل لله -جل وعلا-. "كن عبداً لمالكه * وعابداً مخلصاً" يعني في الشرع في القدر كن عبداً، لا اختيار لك معه {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} [(36) سورة الأحزاب] خلاص ما في تردد، نفذ. . . . . . . . . . ... وعابداً مخلصاً في شرعه القيمِ بالنسبة للشرع عليك أن تطيع فتعمل المأمورات، وتترك المحظورات. إياه فاعبد وإياه استعن. . . . . . . . . ... . . . . . . . . . قدم المعمول كما في قوله -جل وعلا-: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [(5) سورة الفاتحة] للحصر، يعني إياه فاعبد ولا تعبد غيره، وإياه فاستعن ولا تستعن بغيره. . . . . . . . . . فبذا ... تصل إليه وإلا حرت في الظلمِ يعني إذا أخلصت العبادة لله -جل وعلا- وصرفتها له لا لغيره، وكذلك لم تستعن بأحد من المخلوقين. . . . . . . . . . فبذا ... تصل إليه وإلا حرت في الظلمِ ومن أراد أن يقف على أسرار إياك نعبد وإياك نستعين فليقرأ في كتاب مدارج السالكين لابن القيم. وخذ بالأسباب واستوهب مسببها ... . . . . . . . . .

خذ بالأسباب، أنت مأمور بفعل الأسباب، ولكن لا تعتمد عليها، وإنما الاعتماد على مسببها، فتعطيل الأسباب نقص في العقل، والاعتماد على الأسباب قدح في الشرع، قدح في الديانة، فالذي يقول: والله الأسباب لا تنفع ولا تضر، المسبب هو الله، وأنا أعتمد عليه، فيغتسل في ثيابه في شدة البرد ويخرج، يجلس تحت الماء بثيابه، ويخرج بها وهي تقاطر ماءاً في شدة البرد، يقول: أبداً هذه أسباب، والأسباب لا قيمة لها، العبرة بالمسبب، الله -جل وعلا- هو الواقي، نقول: لا، هذا قدح في عقلك، ولذلك قول الأشعرية مناقض للعقول قبل الشرائع، حينما يقولون: إن الأسباب لا قيمة لها، ولا تأثير لها، ويجيزون أن يرى أعمى الصين بقة الأندلس، يقولون: البصر سبب للإبصار، والإبصار يحصل عنده لا به، كما أن قول المعتزلة بالمقابل أيضاً قدح في الشرع، يقولون: إن الأسباب مؤثرة بذاتها، وأهل السنة والجماعة يرون أن الأسباب مؤثرة بما جعل الله -جل وعلا- فيها من أثر، لكنها لا تستقل؛ لأنه قد يوجد مانع فلا يترتب أثر السبب عليه. وخذ بالأسباب واستوهب مسببها ... . . . . . . . . . يعني استوهب اطلب من الله -جل وعلا- المسبب إذا بذلت الأسباب للشفاء وأنت مريض فاطلب الشفاء من الله -جل وعلا-، إذا بذلت الأسباب في طلب العلم فاسأل الله -جل وعلا- أن يفتح عليك من العلوم ما ينفعك في دينك ودنياك. "استوهب مسببها * وثق به" يعني اسأل الله -جل وعلا- وأنت موقن بالإجابة، بعد بذل الأسباب، أسباب القبول ونفي الموانع. "وثق به دونها" دون الأسباب "دونها تفلح ولم تضمِ" بالشرع زن كل أمر ما هممت به ... . . . . . . . . .

يعني الميزان لا بد أن يكون بالشرع، وإذا تنكب الإنسان عن الشرع ووزن أفعاله، ووزن غيره بميزان مخالف لميزان الشرع لا شك أنه حينئذٍ تختلط الموازين، وتكون النتائج عكسية، إذا لم يكن الوزن ميزان الشرع، فأنت لو تقدم لخطبة ابنتك شخص، فوزنته بميزان الشرع، ميزان الشرع دين وأمانة وإيش؟ وخلق، دين وأمانة وخلق، هذا الميزان الشرعي، إذا طبقت هذا الميزان النتائج بإذن الله -جل وعلا- حميدة، ما لم يكن هناك ابتلاء، إما لتكفير سيئات، أو لرفع درجات، نتائج حميدة، لكن إذا وزنته بميزان يختلف عن ميزان الشرع، قلت: والله هذا ثري، هذا وجيه، هذا وزير، هذا أمير، هذا كذا، هذا كذا، هذا وسيم، هذه موازين غير شرعية، وإذا اقتصرت عليها فلا شك أن النتائج سوف تخرج عكسية. بالشرع زن كل أمر ما هممت به ... . . . . . . . . . أي عمل تريد أن تقدم عليه زنه بميزان الشرع، فإن كان نافعاً لك في دنياك وأخراك فأقدم عليه، وإن كان غير ذلك فاحجم. "فإن بدا صالحاً" بعد وزنه بميزان الشرع فأقدم. . . . . . . . . . ... فإن بدا صالحاً أقدم ولا تجمِ يعني لا تحجم، بل أقدم علي، وإن كان غير ذلك فأحجم ولا تقدم عليه. "أخلصه واصدق أصب" لا بد من الإخلاص مع الإصابة، لا بد أن يكون العمل خالصاً صواباً لله -جل وعلا-، خالصاً لوجهه، صواباً على سنة نبيه -عليه الصلاة والسلام-. "واهضم فذي شرطت" يعني اعبد الله -جل وعلا- على مراد الله مخلصاً لله -جل وعلا- على سنة نبيه -عليه الصلاة والسلام- واهضم نفسك، يعني لا ترى لنفسك حق، لا تقول: والله أنا أستحق كذا؛ لماذا؟ لأنني أفضل من فلان، لأنني أفعل كذا من المأمورات، وأفعل كذا من النوافل، وهو مفرط، اهضم نفسك، وقد يكون عنده من العمل الخفي الذي لا تعرفه أنت، وإن كان ظاهره على خلاف ذلك، ما يزن جميع أعمالك، ولا شك أن هضم النفس يقتضي الرفعة، التواضع هو الذي يرفع الإنسان، بخلاف العجب والفخر، هذا هو الذي يأكل الحسنات. "والعجب فاحذره" على ما تقدم. . . . . . . . . . إن العجب مجترفٌ ... أعمال صاحبه في سيله العرمِ . . . . . . . . . فذي شرطت ... في صالح السعي أو في طيب الكلمِ

سواءً كانت في العمل أو في القول، كل هذه مشروطة للقول والعمل. أخلصه لله واصدق عازماً وأصب ... . . . . . . . . . أخلص العلم لله -جل وعلا-، أخلص في تعلمك، أخلص في صلاتك، أخلص في صيامك، أخلص في جميع أعمالك وأقوالك. . . . . . . . . . واصدق عازماً وأصب ... صراطه واهضمنّ النفس تنهضمِ يعني تعود على هضم النفس تنقاد لك، أما إذا كنت عودتها على العجب، والتحدث عن نفسك في المجالس، أولاً: أن من يتحدث عن نفسه لا شك أنه يسقط من عيون الناس، الأمر الثاني: أنه ينقدح عنده الإخلاص، فإذا أخبر عن عمله في مجلس من المجالس لا شك أن أجره ينقص. أخلصه لله واصدق عازماً وأصب ... صراطه واهضمنّ النفس تنهضمِ لا تعجبن به يحبط. . . . . . . . . ... . . . . . . . . . لا تعجبن بعملك ولا بقولك يحبط. . . . . . . . . . ولا تره ... في جانب الذنب والتقصير والنعمِ يقول: هذا العمل اجعله يضمحل ويذوب ويتضاءل أمام ذنوبك وتقصيرك ونعم الله -جل وعلا- عليك، تقول: والله قرأت، جلست اليوم أقرأ القرآن ساعة، لكن ماذا عن النعم التي تترى عليك التي تحتاج إلى شكر، التي منها توفيقك لقراءة القرآن، تقول: أنا والله اليوم حضرت أربع دروس، هذه نعمة عليك أن تشكرها لله -جل وعلا- ولا تفخر بها. وحيث كان من النهي اجتنبه وإن ... زللت تب منه واستغفر مع الندمِ ((إذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه)) "وحيث كان من النهي اجتنبه" يعني من غير مثنوية، أما الأمر فأتوا منه ما استطعتم. "وإن زللت" وقعت في محظور أو تركت مأمور تب منه، بادر بالتوبة، التوبة واجبة بشروطها {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ} [(31) سورة النور] "تب منه واستغفر مع الندمِ" ألزم لسانك الاستغفار مع الندم من فعل هذه المخالفة، سواءً كانت في ترك مأمور أو فعل محظور. وأوقف النفس عند الأمر هل فعلت ... . . . . . . . . .

يعني محاسبة مراقبة، إذا أويت إلى فراشك انظر ماذا فعلت؟ ماذا تركت؟ ما فعلت من طاعة فاحمد الله -جل وعلا- على أن وفقك عليها، وما فعلت من مخالفة سواءً كانت في كلام أو قول، أو تقصير في فعل تب إلى الله، بادر، حاسب نفسك قبل أن تحاسب {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ} [(18) سورة الحشر] ما قدمت ليوم العرض على الله -جل وعلا-. . . . . . . . . . وإن ... زللت تب منه واستغفر مع الندمِ وأوقف النفس عند الأمر هل فعلت؟ ... والنهي هل نزعت عن موجب النقمِ؟

يعني حاسب النفس هل فعلت المأمور وتركت المحظور؟ لكن واقعنا يثقل علينا المحاسبة؛ لماذا؟ لأن تصرفاتنا في يومنا وفي ليلتنا كثيرة، والمخالفات كثيرة، والله يعفو ويسامح، فإذا أراد أن يحاسب كيف يحاسب؟ لا يحيط بما قال فضلاً عما فعل، أقواله لا يستطيع أن يحيط بها، كلامه كثير، تجد الإنسان ثرثار في أي مجلس، يتصدر ويتكلم بحق وباطل مباح ومحظور وفي غيبة ونميمة، وقد يقول كلمة حق، ثم بعد ذلك يردفها .. ، كلام كثير، يعني ما يمكن إلا أن تجيب مسجل يصحبك ليلك ونهارك، فإذا أويت إلى فراشك تسمع هذا المسجل، فتكون مدة التسجيل أكثر من وقت النوم، هذا واقع كثير من المسلمين، هذا الذي يثقل المراقبة، لكن عند سلف هذه الأمة الذين يراقبون ((أن تعبد الله كأنك تراه)) هذه منزلة المراقبة؛ لأن أقوالهم قليلة، وخلطتهم يسيرة، وأضر شيء علي الإنسان الخلطة، هي التي تجر له الأقوال والكلام؛ لأنه ما يمكن يخالط الناس ويسكت، لكن لو انزوى في بيته أو في مسجده أو في مكتبه وجلس يقرأ القرآن، ويذكر الله -جل وعلا-، وينظر في كتب العلم، وإذا نشط صلى له ركعتين، وما أشبه ذلك، هذا مراقبته ومحاسبته سهلة، لأن الكلمات التي تكلم بها مع الناس يسيرة ومعدودة، والوقت وقت الفراغ عنده بعد شغل عمره وأنفاسه في طاعة الله وقت فراغه يسير، لكن ماذا عن من وقته كله يجوب الأسواق يميناً وشمالاً واجتماعات ومحافل، وما أدري ويش؟ يعني هذا لا شك أن المراقبة عنده صعبة، يعني كمن يأتي إلى مؤسسة كبرى متعددة المناشط والفروع، ثم يقول: والله أنا محاسب لهذه الشركة، كيف تحاسب هذه الشركة؟ لكن شخص عنده محل ويبيع منه أشياء يسيرة يعرف ويش باع؟ ويش اشترى؟ وكذا يستطيع أن يخرج خلاصة يومية بنفسه، ما يحتاج إلى محاسبين، والله المستعان. وأوقف النفس عند الأمر هل فعلت؟ ... والنهي هل نزعت عن موجب النقمِ؟ فإن زكت فاحمد المولى مطهرها ... . . . . . . . . . الذي طهرها وزكاها هو الله -جل وعلا- وهو المنعم المتفضل أولاً وآخراً، وهو أهل الحمد وأهل الشكر. . . . . . . . . . ... ونعمة الله بالشكران فاستدمِ

{لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ} [(7) سورة إبراهيم]. . . . . . . . . . ... ونعمة الله بالشكران فاستدمِ وإن عصت فاعصها واعلم عداوتها ... . . . . . . . . . يعني النفس إن عصت أو حاولت وراودت الوقوع في معصية فاعصها "واعلم عداوتها" نعم النفس عدو للإنسان، نفسه الذي بين جنبيه عدوة له، تدعوه إلى ما لا يرضي الله -جل وعلا-. وخالف النفس والشيطان واعصهما ... وإن هما محضاك النصح فاتهمِ يعني هذا البيت حق، وإن كانت القصيدة فيها باطل كثير، نعم. وخالف النفس والشيطان واعصهما ... وإن هما محضاك النصح فاتهمِ هذا كلام صحيح ومقبول، والقصيدة فيها كما هو معلوم فيها الشرك -نسأل الله العافية- أعني البردة. وإن عصت فاعصها واعلم عداوتها ... وحذرنها. . . . . . . . . حذر النفس، وكن على باستمرار مجاهداً لهذه النفس. . . . . . . . . . ... وحذرنها ورود المورد الوخمِ {وَإِن مِّنكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا} [(71) سورة مريم] الورود مضمون، لكن الصدور من هذا المورود هو المشكوك فيه. . . . . . . . . . ... وحذرنها ورود المورد الوخمِ وانظر مخازي المسيئين التي أخذوا ... بها وحاذر ذنوباً من عقابهمِ يعني هم عذبوا واستحقوا العذاب من الأمم السابقة واللاحقة والمعاصرة إنما عذبوا بذنوبهم، بما كسبت أيديهم، ولا تفعل مثل ما فعلوا؛ لئلا تكون نتيجتك مثل نتيجتهم والسنن الإلهية لا تتغير ولا تتبدل. . . . . . . . . . ... . . . . . . . . . وحاذر ذنوباً من عقابهمِ والزم صفات أولي التقوى الذين بها ... عليهم الله أثنى واقتده بهمِ اقتده بهؤلاء المتقين، وانظر إلى صفات المتقين؛ لتكون منهم، والتقوى هي الوسيلة الوحيدة للنجاة من عذاب الله -جل وعلا-، وهي وصية الله تعالى للأولين والآخرين. "واقتده بهم" "واقنت" يعني ادع باستمرار، ادع ربك أن يثبتك على صراطه المستقيم، وأن يلزمك طريق الاستقامة، وأن يجنبك طرق الزيغ والغاوية. واقنت وبين الرجا والخوف قم أبداً ... تخشى الذنوب وترجو عفو ذي الكرمِ

يعني لا بد أن يكون المسلم بني الخوف والرجاء، يخاف الرب -جل وعلا-، ويرجوه، يخاف الرب بسبب ذنوبه، ويرجوه التماساً لعفوه وكرمه وجوده وإحسانه، لا يرجوه معتمداً على عمله، إنما يخافه بسبب عمله السيئ، ويرجوه معتمداً على كرمه؛ لأن العمل لن ينجي صاحبه، العمل ((لن ينجو أحد منكم بعمله)) قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: ((ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمته)). "وترجو عفو ذي الكرمِ" فعبادة الله -جل وعلا- من قبل المسلم لا بد أن تكون دائرة بين الخوف والرجاء والمحبة، كما يقول أهل العلم: "من عبد الله -جل وعلا- بالحب وحده فهو زنديق، ومن عبده بالخوف وحده فهو حروري، ومن عبده بالرجاء وحده فهو مرجئ" فلا بد من الخوف والرجاء والمحبة. فالخوف ما أورث التقوى وحث على ... مرضاة ربي. . . . . . . . . هذا الخوف النافع، يعني كونك تخاف من الله -جل وعلا- ولا تعمل عملاً ينجيك من هذا الخوف خوفك دعوى، لا قيمة له. فالخوف ما أورث التقوى وحث على ... مرضاة ربي. . . . . . . . . وكذلك الرجاء. . . . . . . . . . ما على هذا يحث لتصـ ... ديق بموعود ربي بالجزا العظمِ بالجزاء العظيم، عظم يعني عظيم صيغة مبالغة. في البيت الأول: فالخوف ما أورث التقوى وحث على ... . . . . . . . . . يعني خوف لا يحث على التقوى، أو رجاء لا يحث على التقوى، يعني خوف يؤدي إلى القنوط وترك العمل هذا موبقة من الموبقات، وكذلك الرجاء الذي يؤدي إلى الأمن من مكر الله، ولا يحث ولا يبعث على العمل هذا أيضاً من الموبقات. . . . . . . . . . وحث على ... مرضاة ربي وهجر الإثم والأثمِ هجر الإثم يعني ما يؤول إلى الإثم من المعاصي، ويطلق أيضاً الإثم على أنواع من المعاصي كالخمر مثلاً قالوا: الإثم من أسماء الخمر، يقول الشاعر: شربت الإثم حتى ضل عقلي ... كذاك الإثم تذهب بالعقولِ وإن كان بعضهم ينكر إطلاق الإثم على الخمر، ومنهم من يطلق الإثم على القمار، على كل حال هي بالجملة الإثم: فعل ما يستلزم الإثم والذنب الذي هو لا يرضي الله -جل وعلا-، والأثم والأثيم والآثم هو فاعل الإثم، اجتنبه واهجره، اهجر العاصي، اهجر المعاصي، واهجر العصاة.

كذا الرجاء ما على هذا يحث لتصـ ... ديق بموعود ربي بالجزا العظمِ يعني الرجاء المفرد الذي يعول على سعة رحمة الله وكرمه دون عمل هذا لا ينفع. والخوف إن زاد أفضى للقنوط كما ... يفضي الرجاء لأمن المكر والنقمِ الخوف إذا زاد لا شك أنه يفضي بصاحبه إلى القنوط واليأس من روح الله، كما أن الرجاء إذا زاد أفضى إلى الأمن من مكر الله، وكلاهما من عظائم الأمور، بل يجب أن يكونا بالنسبة للمسلم كجناحي الطائر، لا يزيد أحدهما على الآخر، وإن كان بعض أهل العلم يستروح ويميل إلى أنه في وقت الصحة يغلب جانب الخوف، وفي وقت المرض يغلب جانب الرجاء. "فلا تفرط ولا تفرط" يعني لا تضيع، ولا تفرط لا تزيد، كن متوسطاً "وكن وسطاً" لأن: . . . . . . . . . ... كلا طرفي قصد الأمور ذميمِ والشيطان يدرس نفسية الإنسان، ويعرف ما يناسبه، هو يريد إضلاله على كل حال، فالإنسان ما دام في دائرة الإسلام فهو على خير، الشيطان إن استطاع أن يجره إلى الكفر والمعاصي وترك الديانة هذه وظيفة ليكون مثله ومعه في السعير، إن لم يستطع ووجد عنده تمسك بعبادات ولا يتنازل عنها، دفعه إلى الأمام إلى الزيادة، قال: أنت مفرط، ولا شفت شيء، أنت ما سمعت عن الفضيل ولا سفيان ولا .. ، ثم بعد ذلك يزيد ويزيد حتى يقع، يخرج من الدين وهو لا يشعر، كما حصل من الخوارج، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية. فلا تفرط ولا تفرط وكن وسطاً ... ومثل ما أمر الرحمن فاستقمِ يعني استقم على مثل ما أمرك الله به -جل وعلا-. "سدد وقارب" لن تصل إلى الغاية، تتشوف نفسك إلى الغاية، ولن تصل إلى الكلام؛ لأنك مجبول على النقص، لكن مع ذلك سدد وقارب، احرص أن يكون عملك سداداً، على وفق ما جاء عن نبي الله -جل وعلا-، "وقارب" قارب الكمال وإن لم تستطعه. سدد وقارب وأبشر واستعن بغدوٍ ... والرواح وأدلج قاصداً ودمِ ((سددوا وقاربوا، واستعينوا بالغدوة والروحة، وشيء من الدلجة)) يعني أول النهار وآخره، وأول الليل الذي هو الإدلاج والادلاج سير آخره، المقصود أنك تستغل آناء الليل وأطراف النهار.

"وأدلج قاصداً ودم" ما تقول: والله أنا أتعبد يوم يومين في الشهر أو شهر في السنة ويكفي، لا، دم على ذلك {وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ} [(99) سورة الحجر] هذه هي الغاية. فمثل ما خانت الكسلان همته ... . . . . . . . . . الكسلان لا يعمل، لا يعمل الواجبات لأنه كسلان، وقد لا يترك المحرمات ويتمنى على الله الأماني، وعنده همة عالية أنه سوف يصل إلى منازل المقربين وهو على وضعه من الكسل، يقصر في الواجبات، وقد يرتكب بعض المحظورات، ويتطاول على منازل الأبرار والمقربين. فمثل ما خانت الكسلان همته ... فطالما حرم المنبت بالسأمِ الكسلان، يعني نضرب مثلاً بالقرآن أو بالصلاة أو بالصيام، الكسلان الذي يقول: اليوم والله أنا تعبان نقرأ -إن شاء الله- غداً، أو أنا والله اليوم أحس بتعب الرواتب اليوم مع التعب نتركها، غداً -إن شاء الله- نبدأ بملازمة هذه الرواتب، صيام النوافل يقول: والله اليوم حر، اصبر، اصبر إلى أن يبرد الجود، هذا كله تسويف، هذا الكسلان إذا تمنى قال: خلاص أنا -إن شاء الله- السنة الجايئة الآن ما بقي في السنة إلا شهر الحج أبي أحج، ولما جيت -إن شاء الله- وتفرغت أتعبد، هذا الذي يسوف ولو يوم واحد كسلان، وتخونه همته، إذا جاء من الغد تخونه همته، لكن بالمقابل أيضاً إذا زاد عن الحد صار منبتاً، يعني نفترض أن طالب علم قرر يحفظ القرآن، فالكسلان يقول: اليوم مشغول، غداً -إن شاء الله-، وغداً والله نزل بنا ضيف غداً إن شاء الله، وبعده وهكذا تمضي عليه الأيام والسنون ما يحفظ. المنبت يقول: خلاص من اليوم -إن شاء الله- أحفظ القرآن، وينفذ ثم يأخذ على نفسه أن يحفظ جزء اليوم، هذا اليوم حفظ جزء، لما أوى إلى فراشه إذا هو تعبان، وأخل بالواجب، بواجب الوالدين، وانقطع عن بعض الإعمال، وقد يكون ترتب على ذلك ترك واجب أنيط به، هذا منبت، لكن هل يستمر على هذه الطريقة كل يوم يحفظ جزء؟ لن يستمر، هذا مجرب أنه إذا أخذ على نفسه قدر أكثر مما تطيق فإنه غداً لن يستمر، وإن استمر غداً لن يستمر بعده. يقول: فمثل ما خانت الكسلان همته ... فطالما حرم المنبت بالسأمِ

يمل ويسأم، ((إن الدين يسر، ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه)) وأحب العمل إلى الله أدومه وإن قل، فعلى الإنسان ألا يحمل نفسه أكثر مما تحمل لا سيما في أول الأمر، في وقت المجاهدة، الآن ما زلت في وقت جهاد للنفس، ثم تحملها أكثر مما تتحمل هذا لا يصح، هذا يؤدي بك إلى الانقطاع ولا محالة، لكن إذا تدرجت تقول: والله أنا حافظتي ما تسعف، وعندي أعمال كثيرة فأنا أحفظ آية آيتين وأراجع عليهن تفسير بحيث أفهم، ومن الغد ثلاث آيات، وبعده تستمر لك أسبوع على ثلاث آيات، الأسبوع الثاني تزيد آية وهكذا، ثم بعد ذلك تنشط نفسك وهمتك، والحافظة أيضاً تتجدد إلى أن يصل بك الحد إلى ما وصل بسلف هذه الأمة الذين قضوا أعمارهم وأنفاسهم فيما يرضي الله -جل وعلا-، هؤلاء تعدوا مرحلة المجاهدة وبدؤوا بمرحلة التلذذ، جاهدوا سنين، ثم تلذذوا سنين، النبي -عليه الصلاة والسلام- قام حتى تفطرت قدماه، لو يقول واحد: أنا أسوي مثل النبي -عليه الصلاة والسلام-؟ وقام ليلة واحدة إلى أن سقط من التعب، الأقدام لن تتفطر بليلة معروف هذا، ثم من الغد يمكن ما يوتر ولا بركعة، هذا منبت لا ظهراً أبقى، ولا أرضاً قطع، المنبت الذي يتابع السير على الدابة حتى تسقط وتهلك، ثم بعد ذلك يجلس من دون دابة. . . . . . . . . . ... فطالما حرم المنبت بالسأمِ ودم على الباقيات الصالحات. . . . . . . . . ... . . . . . . . . .

الباقيات الصالحات الذكر التسبيح والتحميد والتهليل والتكبير "وحوقل" أكثر من قول: لا حول ولا قوة إلا بالله، والجنة قيعان وغراسها التسبيح والتحميد والتهليل والتكبير، وجاء في الحديث: أن إبراهيم قال للنبي -عليه الصلاة والسلام-: أقرئ أمتك مني السلام، وأخبرهم أن الجنة قيعان، وأن غراسها التسبيح والتحميد، سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، وهي الباقيات الصالحات، ولا يزال لسانك رطباً بذكر الله -جل وعلا- "وحوقل" لا حول ولا قوة إلا بالله كنز من كنوز الجنة، من يتصور هذا الكنز؟ لا يخطر على بال، يعني الجنة التي ترابها المسك الأذفر، فما الذي يخفى تحت هذا التراب؟! يعني إذا كان الناس يكنزون الذهب تحت التراب العادي فيكف بالكنز الذي يكنز تحت المسك؟! يعني شيء لا يتصوره عقل، ولا يخطر على قلب بشر. . . . . . . . . . ... . . . . . . . . . واسأل الله رزقاً حسن مختتمِ يعني اسأل الله حسن الخاتمة، واجعل لسانك رطباً دائماً ملازماً للدعوة بحسن الخاتمة؛ لأنه جاء في الحديث الصحيح: ((إن الإنسان ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع، فيسبق عليه الكتب، فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها)) وسلف هذه الأمة على وجل دائم، ومراقبة تامة لحسن الخاتمة، فهم يلهجون بهذا في كل وقت، خوفاً من سوء الخاتمة؛ لأن العبرة بالخواتم. واضرع إلى الله في التوفيق مبتهلاً ... فهو المجيب وأهل المن والكرمِ اضرع إلى الله في التوفيق أن يوفقك لما يكون سبباً في سعادتك في الدنيا والآخرة، مبتهلاً داعياً، وأخبت وانكسر بين يدي الله -جل وعلا-. . . . . . . . . . ... فهو المجيب وأهل المن والكرمِ يا رب يا حي يا قيوم مغفرة ... . . . . . . . . . يعني أرجوك مغفرة، يا رب يا رب، وأولى ما يدعى به الله -جل وعلا- بهذا الاسم يا رب، وأهل العلم يقولون: "من قال: يا رب يا رب خمس مرات أجيبت دعوته" إذا لم يكن ثم مانع، واستدلوا بما جاء في آخر آل عمران، ربنا ربنا ربنا {فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ} [(195) سورة آل عمران] يقولون: "من قال: يا رب يا رب خمس مرات استجيب له".

"يا حي يا قيوم" وجاء أن هذا هو الاسم الأعظم، وأنه في ثلاث آيات من القرآن، يعني في مفتتح آية الكرسي، وفي مفتتح آل عمران، وفي طه {وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ} [(111) سورة طه]. "مغفرة" يعني أرجوك وأسألك مغفرة. . . . . . . . . . ... لما جنيت من العصيان واللممِ لأن هذه المعاصي رتب عليها عقوبات، وإن كانت تحت المشيئة، لكن أنت لا تضمن، أنت تنظر إلى ما رتب عليها، وترجو المغفرة من الله -جل وعلا-، فابذل السبب، تب إلى الله -جل وعلا- يمحو أثر هذه المعاصي، المعاصي سواءً كانت من الذنوب الكبائر، أو اللمم من الصغائر. وامنن علي بما يرضيك واقضه لي ... من اعتقاد ومن فعل ومن كلمِ بما يرضيك من الاعتقاد الموافق لما جاء عنك وعن رسولك -عليه الصلاة والسلام-، واتفق عليه سلف هذه الأمة من اعتقاد ومن فعل، يعني من أعمال بدنية، ومن كلم من قول باللسان. "وأعل دينك" يسأل الله -جل وعلا- دائماً أن ينصر دينه، وأن يعلي كلمته، وأن يخذل الكفر وأهله وأعداء الدين، وأن ينصر دينه. وأعل دينك وانصر ناصريه كما ... وعدتهم ربنا في أصدق الكلمِ {إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ} [(7) سورة محمد]. "واقصم ببأسك ربي" يعني يدعو على من خذل الدين. واقصم ببأسك ربي حزب خاذله ... ورد كيد الأعادي في نحورهمِ يعني يدعو على من عادى هذا الدين وعادى أولياء الله -جل وعلا-. واشدد عليهم بزلزال ودمدمة ... . . . . . . . . . اشدد عليهم بزلزال، أهلكهم بالزلازل القوية المدمرة. . . . . . . . . . ودمدمةٍ ... كما فعلت بأهل الحجر في القدمِ يعني قوم صالح لما قتلوا الناقة دمدم عليهم بلدانهم -نسأل الله السلامة والعافية-. واجعلهمو ربنا للخلق موعظة ... . . . . . . . . . اجعلهم للناس عبرة وموعظة مما حل بهم من الرزايا والمهلكات والفواجع والمثلات. واجعلهمو ربنا للخلق موعظة ... وعبرة يا شديد البطش والنقمِ ثم الصلاة على المعصوم من خطأ ... محمد خير رسل الله كلهمِ

يعني الصلاة على النبي -عليه الصلاة والسلام- في خاتمة الدعاء كالطابع له، ولذلك دعا، ثم ختم بالصلاة، وختم كلامه كله ووصيته -رحمه الله تعالى- بالصلاة "على المعصوم من خطأ * محمد خير رسل الله كلهمِ" "والآل والصحب" جمع بينهما لأن لكل من الآل والصحب حقوق على هذه الأمة، فالآل هم الأقربون، وهم وصية النبي -عليه الصلاة والسلام-، وأما الصحب فمنازلهم ومواقفهم في الدين مشهورة، فلولاهم لم يصل الدين إلى من بعدهم. . . . . . . . . . ثم التابعين لهم ... وتم نظمي بحمد الله ذي النعمِ كما ابتدأ بالحمد ختم بالحمد، والله أعلم. وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

§1/1