شرح المكودي على الألفية في علمي الصرف والنحو

المَكُّودي

مقدمة المحقق

مقدمة المحقق بسم الله الرّحمن الرّحيم الحمد لله الذى أنزل الكتاب تبيانا، وأصلى وأسلم على أفصح الخلق بيانا، محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان. وبعد .. فإن ألفية الإمام محمد بن مالك قد بلغت شهرتها الآفاق، وانتهت إليها همة الطلاب والحذّاق، فلا غرو أن تكثر شروحها وتتعدد مناهج شراحها ما بين مطول ومقصر، وما بين مسهب ومختصر، ومفرط ومقتصد. وإذا كان خير الأمور أوسطها؛ فإن شرح المكودى «*» هذا يعد من أوسط هذه الشروح حيث سلك صاحبه طريقة وسطا بين الإسهاب الممل والاختصار المخل، فكان شرحه قصدا وسطا بين شروح الألفية على كثرتها. هذا، ولم نأل جهدا فى ضبط هذا الكتاب، وتخريج شواهده فى مظانها من كتب اللغة والنحو، مع الاجتهاد فى توجيهها وبيان محل الشاهد فيها، فيما تدعو الحاجة إلى بيانه. وقد اعتمدنا فى تخريج شواهد هذا الكتاب وتوجيهها بصورة كلية على المعجم المفصل فى شواهد النحو. ¬

_ (*) هو أبو زيد عبد الرحمن بن على بن صالح المكودى الفاسى المالكى، نحوى، صرفى، لغوى، توفى بفاس فى الحادى عشر من شعبان سنة ثمانمائه وسبع من الهجرة، وذكر فى الضوء اللامع أن وفاته كانت سنة ثمانمائة وواحدة، وفى الشذرات والنور السافر أنه توفى سنة تسعمائة وواحدة. ومن مصنفاته: كتابه هذا فى شرح الألفية، ونظم المعرب والألفاظ، والبسط والتعريف فى التصريف، والمقصورة فى مدحه صلّى الله عليه وسلّم، وعمدة البيان فى معرفة فرائض الأعيان. انظر ترجمته فى بغية الوعاة للسيوطى ص 300، والضوء اللامع للسخاوى 4/ 97، والنور السافر للعيدروسى ص 13، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلى 8/ 4، وكشف الظنون لحاجى خليفة ص 152 - 1166، وهدية العارفين 1/ 529.

هذا، والله نسأل أن يجزل لنا المثوبة على عملنا كله دقّه وجلّه، وأن ينفع به عباده، وأن يثيب عنّا كل من ساعد فى إخراجه بجهد مشكور فى ضبطه أو مراجعته أو تخريجه أو غير ذلك، إنه سبحانه وتعالى واسع الفضل، وإنه سميع مجيب. الجيزة فى 27 ربيع الثانى 1421 هـ والموافق 28 أغسطس 2000 م الدكتور عبد الحميد هنداوى

[مقدمة الشارح]

[مقدمة الشارح] قال الشيخ الأستاذ النحوى المحقق المقرئ اللغوى أبو زيد عبد الرحمن بن على بن صالح المكودى أبقى الله بركته بمنه وفضله وكرمه ونفعنا الله به آمين. الحمد لله رب العالمين وصلاته وسلامه على سيدنا محمد خاتم النبيين وإمام المرسلين والرضا عن آله وأصحابه الهادين المهتدين. أما بعد فهذا شرح مختصر على ألفية ابن مالك مهذب المقاصد، واضح المسالك، تفهم به ألفاظها، ويحظى بمعانيها حفاظها، معرب عن إعراب أبياتها، ومقرب لما شرد من عباراتها من غير تعرض للنقل عليها ولا إضافة غيرها إليها ولا إنشاد شواهد إلا ما لا بد منه ولا إيراد مذاهب إلا ما لا مندوحة عنه يستفيد به البادى ويستحسنه الشادى والباعث على ذلك أن بعض الطلبة المبتدئين والفئة المجتهدين المعتنين بحفظها القانعين بمعرفة لفظها طلب منى أن أضع شرحا على نحو ما ذكرته وأبين ألفاظها ومعانيها على حسب ما وصفته فأجبته إلى ما اقترح على وأسعفته بما أمّل لدى. والله سبحانه وتعالى ينفعنا وإياه بالعلم ويرزقنا وإياه سلامة الإدراك والفهم بمنّه وكرمه آمين.

قال محمّد هو ابن مالك … أحمد ربّى الله خير مالك مصلّيا على النّبىّ المصطفى … وآله المستكملين الشّرفا وأستعين الله فى ألفيّه … مقاصد النّحو بها محويّه تقرّب الأقصى بلفظ موجز … وتبسط البذل بوعد منجز وتقتضى رضا بغير سخط … فائقة ألفيّة ابن معط وهو بسبق حائز تفضيلا … مستوجب ثنائى الجميلا والله يقضى بهبات وافره … لى وله فى درجات الآخره قال فعل ماض لفظا والمراد به الاستقبال، ووضع الماضى فى موضع المستقبل وارد فى كلام العرب كقوله عز وجل: أَتى أَمْرُ اللَّهِ [النحل: 1] ومحمد اسم الناظم- رحمه الله- وهو جمال الدين أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن مالك الطائى النسب الأندلسى الإقليم الجيانى المنشأ الدمشقى الدار، وبها توفى لاثنتى عشرة ليلة خلت من شعبان سنة اثنتين وسبعين وستمائة وهو ابن خمس وسبعين سنة. وقوله هو ابن مالك جملة من مبتدأ وخبر معترضة بين قال ومحكيه، وأحمد فعل مضارع من حمد وربى مفعول والله بدل منه وخير مالك بدل بعد بدل ومصليا حال من فاعل أحمد وعلى الرسول متعلق به والمصطفى مفتعل من الصفو وهو الخالص والمستكملين صفة لآله والشرفا مفعول بالمستكملين وأستعين جملة معطوفة على أحمد وما بعده محكى يقال إلى آخر الرجز. وقوله فى ألفية أى فى نظم قصيدة ألفية والظاهر أن فى بمعنى على فإن الاستعانة وما تصرف منها إنما جاءت متعدية بعلى كقوله تعالى: وَأَعانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ [الفرقان: 4]؛ وَاللَّهُ الْمُسْتَعانُ عَلى ما تَصِفُونَ [يوسف: 18]؛ إلا أن يجعل أستعين مضمنا معنى فعل يتعدى بفى كأستخير وشبهه. ومقاصد النحو أى معظم النحو وجل مهماته والقصد فى الشئ عدم الإفراط فيه ومحوية أى مجموعة وهو خبر عن مقاصد وبها متعلق به والباء بمعنى فى وتقرب الأقصى أى تقرب البعيد للأفهام والموجز الكلام الكثير المعانى القليل الألفاظ وتبسط البذل أى توسع العطاء والوعد المنجز الموفى بسرعة وتقتضى رضا أى تطلب الرضا من قارئها غير المشوب بالسخط وفائقة منصوب على الحال من فاعل تقتضى وألفية منصوب بفائقة وهو مبتدأ مخبر عنه بخبرين وهما حائز ومستوجب وثنائى مفعول بمستوجب والجميلا صفته والله يقضى أى يحكم والهبات العطايا والوافرة الكثيرة والدرجات الطبقات من المراتب.

الكلام وما يتألف منه

الكلام وما يتألف منه الكلام خبر مبتدأ مضمر وهو على حذف مضاف وما موصولة واقعة على الكلم والضمير العائد عليها من الصلة هو المجرور بمن وفاعل يتألف ضمير عائد على الكلام والتقدير هذا باب الكلام والأشياء التى يتألف منها الكلام وهى الكلم ولو قال وما يتألف منها مراعاة لما وقعت عليه ما جاز ثم قال: كلامنا لفظ مفيد كاستقم … واسم وفعل ثم حرف الكلم قوله كلامنا يعنى الكلام عند النحويين فاكتفى عن ذلك بإضافته إلى الضمير الدال على المتكلم ومعه غيره وهو نا وقوله لفظ مخرج لما ليس بلفظ كالإشارة وقوله مفيد مخرج لما لا فائدة فيه كقولنا النار حارة وشمل قوله مفيد الفائدة التى يحسن السكوت عليها وهى التركيبية وفائدة دلالة الاسم على مسماه كزيد ولذلك احتاج إلى إخراج الثانى بقوله كاستقم فالمثال تتميم للحد وفاقا للشارح لا مثال بعد تمام الحد خلافا للمرادى وقوله واسم وفعل ثم حرف الكلم. الكلم مبتدأ وخبره مقدم عليه وهو اسم وفعل ثم حرف والمراد أسماء وأفعال وحروف وثم بمعنى الواو وليست على بابها من المهلة لتأخر رتبة الحرف عن الاسم والفعل كما قيل وقد بسطت الكلام على ذلك فى غير هذا المختصر ثم قال: واحده كلمة والقول عمّ … وكلمة بها كلام قد يؤمّ أى واحد الكلم كلمة والكلم اسم جنس مما يفرق بينه وبين مفرده بسقوط التاء وهذا النوع يجوز تذكيره وتأنيثه فلذلك قال واحده وقال ابن معطى واحدها. قوله والقول عم يعنى أن القول يطلق على ما ذكر من الكلام والكلم والكلمة وهو مبتدأ وعم فعل ماضى فى موضع الخبر وحذف مفعوله اختصارا وتقديرا عم جميع ما ذكر. وقوله وكلمة بها كلام قد يؤم يعنى أن الكلمة يقصد بها الكلام ويعنى بذلك فى اللغة لا فى الاصطلاح كقوله فى لفظ الشهادة كلمة وهو من باب تسمية الشئ باسم بعضه وجاز الابتداء بكلمة للتنويع لأنه نوعها إلى كونها إحدى الكلم وإلى كونها يقصد بها الكلام وخبرها فى الجملة بعدها وبها متعلق بيؤم ومعنى يؤم يقصد ثم قال:

بالجرّ والتّنوين والنّدا وأل … ومسند للاسم تمييز حصل يعنى أن الاسم يمتاز ويتبين بخمسة أشياء الأول الجر وهو عبارة البصريين وعبارة الكوفيين الخفض وشمل الجر بحرف الجر وبالإضافة وبالتبعية الثانى التنوين وهو نون ساكنة زائدة بعد كمال الاسم تفصله عما بعده والمراد به التنوين الخاص بالأسماء وهو تنوين التمكين كرجل وتنوين التنكير كصه وتنوين العوض كيومئذ وتنوين المقابلة كمسلمات. الثالث النداء وهو الدعاء بيا أو إحدى أخواتها الرابع أل وهى الألف واللام وأل عبارة الخليل وشملت الزائدة نحو اليزيد وغير الزائدة نحو الرجل. الخامس الإسناد وهو المعبر عنه بمسند فإن مسندا يطلق على المصدر وهو اسم مفعول والتقدير وإسناد إليه ويحتمل هذا البيت وجوها كثيرة من الإعراب أظهرها أن يكون تمييز مبتدأ وحصل فى موضع الصفة له وخبره للاسم وبالجر متعلق بحصل والتقدير للاسم تمييز حاصل بكذا ثم قال: بتا فعلت وأتت ويا افعلى … ونون أقبلنّ فعل ينجلى يعنى أن الفعل ينجلى أى يظهر بأربعة أشياء الأول تاء فعلت والمراد بها تاء الضمير اللاحقة للفعل الماضى ويجوز ضبطه بالضم على أنها للمتكلم وبالفتح على أنها للمخاطب وبالكسر على أنها للمخاطبة وجميعها خاص بالفعل. الثانى تاء أتت وهى تاء لتأنيث فاعله الثالث ياء افعلى وهى ياء المخاطبة وتلحق الأمر والمضارع الرابع نون أقبلن وهى نون التوكيد وتكون مشددة ومخففة وتلحق أيضا الأمر والمضارع وفعل مبتدأ وسوغ الابتداء به ما ذكر فى كلمة وينجلى خبره وبتا فعلت متعلق بينجلى ثم قال: سواهما الحرف كهل وفى ولم … فعل مضارع يلى لم كيشم وماضى الأفعال بالتّا مز وسم … بالنّون فعل الأمر إن أمر فهم (سواهما الحرف) يعنى أن ما لا يقبل العلامات المذكورة هو حرف فسواهما مبتدأ والحرف خبره ويجوز عكسه وهو الأظهر فإن سوى عند الناظم بمعنى غير فإضافتها لا تعرف ولما كانت الحروف على ثلاثة أقسام مشترك بين الأسماء والأفعال ومختص بالأسماء ومختص بالأفعال أتى لكل واحد من الأقسام بمثال فقال: (كهل وفى ولم) فهل مثال للمشترك وفى مثال للمختص بالاسم ولم مثال للخاص بالفعل ثم قال (فعل مضارع يلى لم

كيشم) لما أتى فى تعريف الفعل بالعلامات التى تخصه على الجملة وكانت الأفعال على ثلاثة أقسام بين المضارع من قسيميه بما يختص به وهو لم أو إحدى أخواتها ففعل مبتدأ ومضارع نعت له وخبره الجملة وقوله كيشم مثال للمضارع فهو متأخر من تقديم والتقدير فعل مضارع كيشم يلى لم لا مثال للمضارع المقترن بلم إذ لو كان كذلك لقال كلم يشم والماضى شمم بالكسر لأنك تقول شممت هذه اللغة الفصيحة ويقال شممت بالفتح ومضارعه على هذه اللغة أشم بالضم ثم قال: (وماضى الأفعال بالتا مز) يعنى أن الفعل الماضى يمتاز عن المضارع والأمر بصلاحيته للتاء وأل فى التاء للعهد وشملت التاءين المذكورتين وهما تاء الضمير وتاء التأنيث الساكنة. ثم قال: (وسم * بالنون فعل الأمر إن أمر فهم) يعنى أن فعل الأمر يمتاز بشيئين صلاحيته لنونى التوكيد وهو معنى قوله وسم بالنون وإفهام الأمر وهو معنى قوله إن أمر فهم وأل فى النون للعهد وهى نون التوكيد المتقدمة ثم قال: والأمر إن لم يك للنّون محلّ … فيه هو اسم نحو صه وحيّهل يعنى أن اللفظ إذا أفهم الأمر ولم يكن صالحا للنون فهو اسم فعل ولذلك مثله بصه ومعناه اسكت وحيهل معناه أقبل أو عجل أو أقدم وليس فى هذا البيت زيادة على ما أفهم البيت الذى قبله إلا كون غير القابل للنون مما أفهم الأمر يقال فيه اسم فعل لأنه صرح بأنه اسم فى قوله هو اسم وفهم كونه اسم فعل من تمثيله بصه وحيهل.

المعرب والمبنى

المعرب والمبنى قوله: والاسم منه معرب ومبنى … لشبه من الحروف مدنى يعنى أن الاسم على قسمين منه معرب ومنه مبنى وقدم المعرب لأنه الأصل ومعرب مبتدأ خبره منه ومبنى مبتدأ خبره محذوف تقديره ومنه ولما كان المبنى من الأسماء على خلاف الأصل وأنه لا يبنى إلا لعلة نبه على ذلك بلام التعليل فقال لشبه من الحروف ولما كان الشبه منه مقرب من الحروف وغير مقرب نبه على المقرب بقوله مدنى والشبه غير المدنى ما عارضه معارض كأى فى الاستفهام والشرط فإنها أشبهت الحرف فى المعنى لكن عارض شبه الحرف لزومها الإضافة لأن الإضافة من خصائص الأسماء فألغى شبه الحرف ثم قال: كالشّبه الوضعىّ فى اسمى جئتنا … والمعنوىّ فى متى وفى هنا وكنيابة عن الفعل بلا … تأثّر وكافتقار أصّلا فنوع شبه الحرف إلى أربعة أنواع الأول الشبه الوضعى وهو ما أشبه الحرف فى كونه موضوعا على حرف واحد أو على حرفين وهو المشار إليه بقوله كالشبه الوضعى فى اسمى جئتنا أى فى الاسمين من قولك جئتنا وهما التاء ونا فالتاء مبنية لشبهها بالحرف فى وضعها على حرف واحد ونا مبنى أيضا لشبهه بالحرف فى وضعه على حرفين الثانى المعنوى وهو ما أشبه الحرف فى المعنى وهو المسار إليه بقوله والمعنوى أى والشبه المعنوى فى متى وفى هنا أما متى فأشبهت همزة الاستفهام إذا كانت استفهاما وإن الشرطية إذا كانت شرطا وأما هنا فأشبهت معنى حرف لم يستعمل لأن هنا اسم إشارة والإشارة معنى من معانى الحروف فحقها أن يوضع لها حرف كالتنبيه والخطاب الثالث الشبه الاستعمالى والمراد به أن الاسم يبنى إذا أشبه بعض الحروف كأسماء الأفعال فلأنها أشبهت إن فى كونها عاملة غير معمولة وهو المشار إليه بقوله وكنيابة عن الفعل بلا تأثر فعبر عن هذا الشبه بالنيابة عن الفعل لأن الفعل عامل غير معمول فيه وما ناب عنه كذلك ولم يرد أن الشبه هو النيابة عن الفعل فكون أسماء الأفعال نائبة عن الفعل يستلزم أن تكون عاملة غير معمول فيها وكونها كذلك يستلزم أن تكون شبيهة بإن واحترز بقوله بلا تأثر من المصدر النائب عن الفعل فإنه مؤثر للفعل الذى

ناب عنه الرابع الشبه الافتقارى وهو أن يكون الاسم مفتقرا إلى غيره افتقارا مؤصلا كالموصولات وهو المشار إليه بقوله: وكافتقار أصلا واحترز به من الافتقار غير المؤصل كافتقار النكرة الموصوفة بالجملة إلى ما بعدها فإنه غير مؤصل إذ لا يلزم ذكر الجملة بعدها ثم قال: ومعرب الأسماء ما قد سلما … من شبه الحرف كأرض وسما إنما أخر المعرب وإن كان الأصل لأن المبنى محصور فيما ذكر وما عداه معرب. وقوله: ومعرب الأسماء ما قد سلما يعنى أن ما سلم من شبه الحرف فى الأوجه المذكورة هو معرب ولما كان المعرب على قسمين ظاهر الإعراب ومقدره أتى بمثال ظاهر من الإعراب وهو أرض ومثال من المقدر وهو سما مقصورا وهى لغة من اللغات الواردة فى الاسم. وفعل أمر ومضىّ بنيا ثم قال: (وفعل أمر ومضى بنيا) لما فرغ من مبنى الأسماء ومعربها شرع فى مبنى الأفعال ومعربها وبدأ بالمبنى منها وهو فعل الأمر والماضى فالماضى مبنى على الفتح نحو ضرب والأمر مبنى على السكون إن كان صحيح الآخر نحو اضرب أو على حذف آخره إن كان معتل الآخر نحو اغز وارم واخش ويجوز فى قوله ومضى الرفع والجر والرفع أقيس لأن التقدير وفعل أمر وفعل مضى فحذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه ووجه الجر أنه حذف المضاف وترك المضاف إليه على جره لدلالة ما تقدم عليه وعلى كلا الوجهين فالألف فى قوله بنيا للتثنية ثم أشار إلى المعرب من الأفعال بقوله: وأعربوا مضارعا إن عريا … من نون توكيد مباشر ومن نون إناث كيرعن من فتن يعنى أن الفعل المضارع يعرب بشرط أن يعرى من نون الإناث نحو الهندات يرعن ونون التوكيد نحو هل تقومن ولما كان نون الإناث لا يكون إلا مباشرا للفعل لما يقيده ولما كان نون التوكيد يوجد مباشرا للفعل وغير مباشر وأنه لا يمنع من الإعراب إلا إذا كان مباشرا نبه على ذلك بقوله مباشر، وفهم منه أنه إذا كان غير مباشر كان الفعل معربا سواء فصل من الفعل بملفوظ به نحو هل تقومان أو مقدر نحو هل تقومنّ يا زيدون وعلامة رفع الفعل غير المباشر نون محذوفة لاجتماع الأمثال.

وكلّ حرف مستحقّ للبنا … والأصل فى المبنى أن يسكّنا ثم انتقل إلى الحرف فقال: (وكلّ حرف مستحق للبنا) يعنى أن الحروف كلها مبنية وعبارته غير موفية بذلك لأنه لا يلزم من استحقاق شئ لشئ وجوده فيه فإن الشئ قد يكون مستحقا للشئ ويمنع منه ثم قال: (والأصل فى المبنىّ أن يسكّنا) أصل كل مبنى اسما كان أو فعلا أو حرفا أن يبنى على السكون ولا ينتقل عنه للحركة إلا لموجب من تعذر أو غيره، وقوله: ومنه ذو فتح وذو كسر وضم … كأين أمس حيث والساكن كم أى ومن المبنى ما يبنى على الفتح كأين أو على الكسر كأمس أو على الضم كحيث أما أين فاسم مبنى وبنيت لشبهها بالحرف فى المعنى وهو الهمزة إن كانت استفهاما أو إن الشرطية إن كانت شرطا وبنيت على حركة لتعذر السكون وكانت فتحة إما لخفتها وإما إتباعا لحركة الهمزة وأما أمس فاسم وبنيت لشبهها بالحروف لتضمن معنى أل وبنيت على حركة لتمكنها باستعمالها معربة فى نحو ذهب أمسنا لا لتعذر السكون خلافا لبعضهم وكانت كسرة على أصل التقاء الساكنين وأما حيث فاسم وبنيت لشبهها بالحرف فى الافتقار إلى الجملة افتقارا لازما وبنيت على حركة لتعذر السكون وكانت ضمة لشبهها بقبل وبعد. قوله: (والسّاكن كم) مثال للمبنى على السكون وهو المنبه عليه قبل بقوله: (والأصل فى المبنى أن يسكّنا)، وبنيت لتضمنها معنى همزة الاستفهام إن كانت استفهامية أو لشبهها بالحرف فى الوضع على حرفين إن كانت خبرية أو بالحمل على رب أو لشبهها بكم الاستفهامية، ثم قال: والرّفع والنّصب اجعلن إعرابا … لاسم وفعل نحو لن أهابا والاسم قد خصّص بالجرّ كما … قد خصّص الفعل بأن ينجزما هذا الفصل تكلم فيه على ألقاب الإعراب بالنسبة إلى الأسماء والأفعال وهى على ثلاثة أقسام: مشترك بين الاسم والفعل وهو الرفع والنصب وإليه أشار بقوله: والرفع والنصب اجعلن إعرابا. لاسم وفعل، ومثل للفعل فقال: نحو لن أهابا وهو مضارع هاب من الهيبة. ومختص بالاسم وهو الجر وإليه أشار بقوله: (والاسم قد خصص بالجرّ). ومختص بالفعل وهو الجزم وإليه أشار بقوله: (كما. قد خصّص الفعل بأن ينجزما) وقوله:

فارفع بضمّ وانصبن فتحا وجرّ … كسرا كذكر الله عبده يسرّ واجزم بتسكين وغير ما ذكر … ينوب نحو جا أخو بنى نمر يعنى أن أصل الإعراب أن يكون بالضمة رفعا وبالفتحة نصبا وبالكسرة جرا ثم مثل بقوله: كذكر الله عبده يسر. فذكر مبتدأ وهو مرفوع بالضمة والله مضاف إليه وهو مجرور بالكسرة وعبده مفعول بذكر وهو منصوب بالفتحة ويسر خبر عن ذكر الله وهو أيضا مرفوع بالضمة ووقف عليه بالسكون ثم تمم علامات الإعراب الأصول بعلامة الجزم فقال: (واجزم بتسكين) هذه العلامات التى ذكرها هى الأصول فى علامات الإعراب وغيرها من العلامات إنما هو بالنيابة وإلى ذلك أشار بقوله: (وغير ما ذكر ينوب) ثم أتى بمثال وهو: (نحو جا أخو بنى نمر) فأخو فاعل والواو فيه نائبة عن الضمة وبنى مضاف إليه والياء فيه نائبة عن الكسرة. ثم شرع فى مواضع النيابة فقال: وارفع بواو وانصبنّ بالألف … واجرر بياء ما من الأسما أصف يعنى أن الواو تنوب عن الضمة والألف عن الفتحة والياء عن الكسرة فيما أصف لك، أى فيما أذكر لك بعد هذا البيت، وهو ستة أسماء أشار إلى اثنين منها بقوله: من ذاك ذو إن صحبة أبانا … والفم حيث الميم منه بانا أب أخ حم كذاك وهن فقوله: إن صحبة أبانا، أى إن أظهر صحبة نحو جاءنى ذو مال، أى صاحب مال ورأيت ذا مال ومررت بذى مال واحترز به من ذو بمعنى الذى فى لغة طيئ، فإن الأشهر فيها ذو بالواو فى جميع الأحوال. وقوله: (والفم حيث الميم منه بانا) أى إذا ذهب منه الميم نحو هذا فوك ورأيت فاك ونظرت إلى فيك واحترز به من فم بالميم فإنه يعرب بالحركة نحو هذا فمك ورأيت فمك ونظرت إلى فمك، ثم أشار إلى الأربعة الباقية من الأسماء الستة فقال: (أب أخ حم كذاك وهن) فأب مبتدأ وأخ وحم معطوفان عليه بحذف العاطف، وكذاك خبر المبتدأ وهن مبتدأ وخبره محذوف لدلالة خبر أب عليه أى وهن كذاك فتقول هذا أبوك ورأيت أخاك ومررت بحميك وهذا هنوك ورأيت هناك ونظرت إلى هنيك، والحم أبو زوج المرأة والهن كناية عما يستقبح كالفرج ثم أشار إلى أن هذه الأسماء الأربعة فيها لغات أخر غير الإعراب بالحروف فقال:

والنّقص فى هذا الأخير أحسن … وفى أب وتالييه يندر وقصرها من نقصهنّ أشهر يعنى أن النقص فى هن وهو الإعراب بالحركات الثلاث فى النون أحسن من إعرابه بالواو رفعا وبالألف نصبا وبالياء جرا وأن النقص فى أب وأخ وحم يقل والقصر فيها أشهر من النقص، فمن النقص قوله: بأبه اقتدى عدىّ فى الكرم … ومن يشابه أبه فما ظلم (¬1) ومن القصر قولهم فى المثل: مكره أخاك لا بطل فأخاك مبتدأ ومكره خبر مقدم. وقوله: (وفى أب وتالييه يندر)، يعنى أن النقص يقلّ فى تاليى أب وهما أخ وحم وفاعل يندر ضمير يعود على النقص وقصرها مبتدأ وخبره أشهر ومن نقصهن متعلق بأشهر وهو من تقديم من على أفعل التفضيل وذلك قليل. وشرط ذا الإعراب أن يضفن لا … للياكجا أخو أبيك ذا اعتلا ثم قال: (وشرط ذا الإعراب أن يضفن لا. لليا) الإشارة بذا إلى الإعراب بالحروف يعنى أن هذه الأسماء يشترط فى إعرابها بالواو رفعا وبالألف نصبا وبالياء جرا أن تكون مضافة إلى غير ياء المتكلم نحو قام أبو زيد ورأيت أخاه ومررت بحميك فإن كانت غير مضافة كانت منقوصة معربة بالحركات نحو قام أب ورأيت أخا ومررت بحم، وإن كانت مضافة إلى ياء المتكلم كانت معربة بحركات مقدرة كسائر الأسماء الظاهرة المضافة إلى ياء المتكلم وشرط مبتدأ وخبره أن وصلتها ولا عاطفة والمعطوف عليه محذوف والتقدير أن يضفن لسائر الأسماء لا للياء ثم مثل بقوله: (كجا أخو أبيك ذا اعتلا) فأخو مضاف إلى أبيك وأبى مضاف لكاف الضمير وذا مضاف إلى اعتلا وهذه الأمثلة محتوية على أنواع غير ياء المتكلم لأن غير ياء المتكلم إما ظاهر أو مضمر والظاهر إما معرفة أو نكرة ومن مواضع النيابة نيابة الألف عن ¬

_ (¬1) الرجز لرؤبة فى ملحق ديوانه ص 182، والدرر 1/ 106، وشرح التصريح 1/ 64، والمقاصد النحوية 1/ 129، وبلا نسبة فى أوضح المسالك 1/ 44، وتخليص الشواهد ص 57، وشرح الأشمونى 1/ 29، وشرح ابن عقيل ص 32، وهمع الهوامع 1/ 39. والشاهد فيه قوله: «بأبه»، و «يشابه أبه»؛ حيث أعرب الشاعر هاتين الكلمتين بالحركات الظاهرة، فجر الأولى بالكسرة الظاهرة، ونصب الثانية بالفتحة الظاهرة، مع أنهما مضافتان إلى ضمير الغائب، وذلك على لغة من لغات العرب، والأشهر الجر بالياء والنصب بالألف.

الضمة والياء عن الكسرة والفتحة وذلك فى المثنى وما ألحق به وهو كلا وكلتا واثنان واثنتان وإلى هذا أشار بقوله: بالألف ارفع المثنّى وكلا … إذا بمضمر مضافا وصلا كلتا كذاك اثنان واثنتان … كابنين وابنتين يجريان وتخلف اليا فى جميعها الألف … جرا ونصبا بعد فتح قد ألف المثنى هو الاسم الدال على اثنين بزيادة فى آخره صالح للتجريد وعطف مثله عليه فقوله بالألف ارفع المثنى يعنى أن الألف تكون علامة للرفع فى المثنى نحو قال رجلان والزيدان قائمان. وقوله وكلا يعنى أن كلا يرفع أيضا بالألف كالمثنى لكن بشرط إضافته إلى المضمر والى هذا أشار بقوله: (إذا بمضمر مضافا وصلا) وفهم من عطفه كلا على المثنى أن كلا ليس بمثنى حقيقة تقول قام الزيدان كلاهما وقيد بإضافته إلى المضمر احترازا من المضاف إلى الظاهر فإنه يعرب حينئذ بحركة مقدرة فى الألف ومضافا حال من الضمير المستتر فى وصل وبمضمر متعلق بوصل والتقدير إذا وصف بمضمر فى حال كونه مضافا إليه أى إلى المضمر. وقوله: (كلتا كذاك) أى كلتا مثل كلا فى أنه يرفع بالألف بشرط إضافته إلى مضمر، وفهم أيضا من قوله كلتا كذاك أن كلتا ليس بمثنى حقيقة على مقتضى التشبيه وكلتا مبتدأ وكذاك خبره. وقوله: (اثنان واثنتان) كابنين وابنتين يجريان. يعنى أن اثنين واثنتين يرفعان بالألف كالمثنى من غير شرط ولذلك شبههما بالمثنى الحقيقى وهو ابنان وابنتان وإنما حكم على كلا وكلتا واثنين واثنتين أنها ليست مثناة حقيقة لأنها لا تصلح للتجريد وعطف مثلها عليها. وقوله: (وتخلف اليا فى جميعها الألف)، البيت يعنى أن الياء تخلف الألف فى الجر والنصب فى جميع ما ذكر فتكون الياء علامة للجر والنصب نحو مررت بالزيدين والاثنين كليهما ورأيت الهندين والاثنتين كلتيهما. وقوله: (بعد فتح قد ألف): يعنى أن الياء فى الجر والنصب يفتح ما قبلها كالفتح المعهود فى الرفع وهو المراد بقوله: بعد فتح قد ألف، واليا فاعل بتخلف والألف مفعول به وقصر الياء ضرورة ونصب جرا ونصبا على إسقاط حرف الجر، أى فى جر ونصب ويجوز أن يكونا مصدرين فى موضع الحال والتقدير فى حال كون هذه الأشياء مجرورة ومنصوبة وفى جميعها وبعد فتح متعلقان بتخلف. ومن مواضع النيابة نيابة الواو عن الضمة والياء عن الكسرة والفتحة وذلك فى جمع المذكر السالم وما ألحق به وإلى ذلك أشار بقوله:

وارفع بواو وبيا اجرر وانصب … سالم جمع عامر ومذنب وشبه ذين وبه عشرونا … وبابه ألحق والأهلونا أولو وعالمون علّيّونا … وأرضون شذّ والسّنونا وبابه ومثل حين قد يرد … ذا الباب وهو عند قوم يطّرد يعنى أن جمع المذكر السالم يرفع بالواو ويجر وينصب بالياء ولما كان على نوعين أحدهما اسم ويشترط فى مفرده أن يكون علما لمذكر عاقل خاليا من تاء التأنيث ومن التركيب، والآخر وصف ويشترط فى مفرده أن يكون مذكرا عاقلا خاليا من تاء التأنيث لا يمتنع مؤنثه من الجمع بالألف والتاء أتى بمثال من الأول للأول وهو عامر والثانى للثانى وهو مذنب. قوله: (وشبه ذين) يعنى شبه عامر ومذنب فى كونهما على ما ذكر بواو متعلق بارفع وبيا متعلق باجرر أو بانصب وهو من باب التنازع وفيه تقديم المتنازع فيه وهو جائز عند بعضهم وسالم جمع منصوب بأحد العاملين فهو أيضا من باب التنازع، وقوله: وشبه ذين مجرور بالعطف على عامر ومذنب والتقدير جمع هذين الاسمين وما أشبههما وقوله: (وبه عشرونا) هذه هى الكلم التى ألحقت بجمع المذكر السالم فى الإعراب وذكر منها سبعة ألفاظ عشرون وهو اسم جمع لأنه لا مفرد له من لفظه وبابه يعنى ثلاثين إلى التسعين ويتضمن أيضا سبعة ألفاظ والأهلون وهو جمع غير مستوف الشروط لأنه ليس بعلم ولا صفة وأولو وهو اسم جمع لأنه لا مفرد له من لفظه وعالمون وهو أيضا اسم جمع لا مفرد له من لفظه وليس جمعا لعالم لأن عالما أعم وعليون اسم لأعلى الجنة فهو مفرد فى المعنى جمع فى اللفظ وأرضون جمع أرض وقوله شذ راجع لأرضون ووجه شذوذه أنه من باب سنين وباب سنين مطرد فيما حذف من مفرده حرف أصلى وعوض منه تاء التأنيث كسنة وعدة ولم يحذف من أرض حرف أصلى فيعوض منه بل حذف منه تاء التأنيث بدليل رجوعها فى التصغير فى قولهم أريضة فشذ على هذا جملة فى موضع الحال من أرضين والتقدير وأرضون فى حال كونه شاذا والسنون وبابه يعنى كل ما حذف من مفرده حرف أصلى وعوض منه تاء التأنيث كعزين وثبين وسنين ومئين وقوله: (ومثل حين قد يرد ذا الباب) الإشارة بذا إلى سنين وبابه يعنى أنه قد يستعمل باب سنين استعمال حين فيلزم فيه الياء ويعرب بالحركات الثلاث فى النون ولا تحذف النون للإضافة وفهم من قوله قد يرد أن ذلك قليل ومنه قوله صلّى الله عليه وسلّم: «اللهم اجعلها عليهم سنينا كسنين يوسف» فى إحدى الروايتين وقوله: (وهو عند قوم يطرد) يعنى أن هذا الاستعمال المذكور يطرد عند قوم من العرب كقوله:

- دعانى من نجد فإن سنينه … لعبن بنا شيبا وشيّبننا مردا (¬2) ثم قال: ونون مجموع وما به التحق … فافتح وقلّ من بكسره نطق يعنى أن نون الجمع وما ألحق به مفتوحة وكسرها قليل، قيل وهو مخصوص بالضرورة كقوله: -وماذا يدرى الشعراء منى … وقد جاوزت حد الأربعين (¬3) ثم قال: ونون ما ثنّى والملحق به … بعكس ذاك استعملوه فانتبه يعنى أن نون المثنى وما ألحق به بالعكس من نون الجمع فكسرها كثير وفتحها قليل وهو لغة مع الياء وقيل مطلقا، ومنه قوله: - أعرف منها الجيد والعينانا … ومنخرين أشبها ظبيانا (¬4) ¬

_ (¬2) البيت من الطويل، وهو للصمة بن عبد الله القشيرى فى تخليص الشواهد ص 71، وخزانة الأدب 8/ 58، 59، 61، 62، 76، وشرح التصريح 1/ 77، وشرح شواهد الإيضاح ص 597، وشرح المفصل 5/ 11، 12، والمقاصد النحوية 1/ 169، وبلا نسبة فى أوضح المسالك 1/ 57، وجواهر الأدب ص 157، وشرح الأشمونى 1/ 37، وشرح ابن عقيل ص 39، ولسان العرب 3/ 413 (نجد)، 13/ 501 (سنه)، ومجالس ثعلب ص 177، 320. والشاهد فيه قوله: «فإن سنينه» حيث نصب «سنين» بالفتحة على لغة بعض تميم وبنى عامر، ولم يعاملها معاملة جمع المذكر السالم فى رفعها بالواو ونصبها وجرها بالياء. (¬3) البيت من الوافر، وهو لسحيم بن وثبل فى إصلاح المنطق ص 156، وتخليص الشواهد ص 74، وتذكرة النحاة ص 480، وخزانة الأدب 8/ 61، 62، 65، 67، 68، وحماسة البحترى ص 13، والدرر 1/ 140، وسر صناعة الإعراب 2/ 627، وشرح التصريح 1/ 77، وشرح ابن عقيل ص 41، وشرح المفصل 5/ 11، ولسان العرب 3/ 513 (نجذ)، 8/ 99 (ربع)، 14/ 255 (درى)، والمقاصد النحوية 1/ 191، وبلا نسبة فى الأشباه والنظائر 7/ 248، وأوضح المسالك 1/ 61، وجواهر الأدب ص 155، وشرح الأشمونى 1/ 38، 39، والمقتضب 3/ 332، وهمع الهوامع 1/ 49. والشاهد فيه قوله: «الأربعين» حيث أعربه بالحركات، فجره بالكسرة، ولم يعربه إعراب جمع المذكر السالم على اللغة الأشيع. وقيل: إن كسرة النون، هنا، لغة من لغات العرب، وقيل: كسرت النون على ما هو الأصل فى التخلص من التقاء الساكنين. (¬4) الرجز لرؤبة فى ملحق ديوانه ص 187، ولرؤبة أو لرجل من ضبة فى الدرر 1/ 139، والمقاصد النحوية 1/ 184، ولرجل فى نوادر أبى زيد ص 15، وبلا نسبة فى أوضح المسالك 1/ 64، وتخليص الشواهد ص 80، وخزانة الأدب 7/ 452، 453، 456، 457، ورصف المبانى ص 24، وسر صناعة الإعراب ص 489، 705، وشرح الأشمونى 1/ 39، وشرح التصريح 1/ 78، وشرح ابن عقيل ص 42، وشرح المفصل 3/ 129، 4/ 64، 67، 143، وهمع الهوامع 1/ 49.

وقوله: فانتبه أى لما استعملته العرب من الفرق بين نون الجمع ونون التثنية ومن مواضع النيابة أيضا نيابة الكسرة عن الفتحة وذلك فى جمع المؤنث السالم وما ألحق به وإليه أشار بقوله: وما بتا وألف قد جمعا … يكسر فى الجرّ وفى النّصب معا كذا أولات والذى اسما قد جعل … كأذر عات فيه ذا أيضا قبل وجرّ بالفتحة ما لا ينصرف … ما لم يضف أو يك بعد أل ردف يعنى أن المجموع بالألف والتاء وهو جمع المؤنث السالم يجر وينصب بالكسرة فتقول: مررت بالهندات ورأيت الهندات وإنما نصب بالكسرة مع تأتى الفتحة حملا على جمع المذكر السالم لأنه فرع عنه وقدم الجر لأن النصب محمول عليه. وقوله: (كذا أولات) البيت. هذا هو الملحق بجمع المؤنث السالم وهو نوعان الأول: أولات وهو اسم جمع بمعنى ذوات ولا مفرد له من لفظه وإليه أشار بقوله كذا أولات يعنى أن أولات يلحق بجمع المؤنث السالم فيجر وينصب بالكسرة كقوله تعالى: وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ [الطلاق: 6] الثانى ما سمى به من جمع المؤنث السالم فيجر وينصب بالكسرة وإليه أشار بقوله: (والذى اسما قد جعل) إلخ فتقول فى رجل اسمه هندات هذا هندات ورأيت هندات ومررت بهندات كما كان قبل التسمية ومنه أذرعات اسم موضع بالشام وذاله معجمة فأولات مبتدأ وخبره كذا والذى مبتدأ وصلته اسما قد جعل وفى جعل ضمير مستتر عائد على الموصول واسما مفعول ثان بجعل وكأذرعات متعلق بجعل أو فى موضع الحال من الضمير المستتر فى جعل وذا مبتدأ وهو إشارة إلى الحكم المتقدم فى جمع المؤنث السالم وهو حمل منصوبه على مجروره وقبل خبره وفيه متعلق بقبل والجملة من المبتدأ الثانى وخبره خبر عن الأول والرابط الضمير المجرور بفى وهو متعلق بقبل وتقديره والذى جعل اسما من جمع المؤنث السالم كأذرعات قبل فيه هذا الاستعمال وهو حمل منصوبه على مجروره. ومن مواضع النيابة نيابة الفتحة عن الكسرة وإليه أشار بقوله: (وجر بالفتحة ما لا ينصرف) يعنى أن الاسم الذى لا ينصرف يجر بالفتحة ولم يذكر الرفع والنصب لأنه على الأصل السابق ولما كان جره بالفتحة مشروطا بأن لا يضاف ولا يدخل عليه أل وأشار إلى ذلك بقوله: (ما لم يضف أو يك بعد أل ردف) فشمل أل الزائدة نحو اليزيد وغير الزائدة نحو الأحسن ومعنى ردف تبع. وقوله وجر يحتمل أن يكون فعلا ماضيا مبنيا للمفعول وما فى موضع رفع نيابة عن الفاعل ويحتمل أن يكون فعل أمر وما فى موضع نصب على أنه مفعول به وما فى قوله ما لم يضف ظرفية مصدرية والتقدير مدة كونه

غير مضاف ولا تابع لأل. ومن مواضع النيابة نيابة النون عن الضمة ونيابة حذفها عن السكون والفتحة وذلك فى خمسة أمثلة من الفعل وإليه أشار بقوله: واجعل لنحو يفعلان النّونا … رفعا وتدعين وتسألونا وحذفها للجزم والنّصب سمه … كلم تكونى لترومى مظلمه يعنى أن علامة الرفع فى هذه الأمثلة الثلاثة هى النون وهذه الأمثلة ثلاثة فى اللفظ وفهم من قوله لنحو أنها أكثر وتبلغ بالاستقراء إلى ثمانية لأن يفعلان شامل لما كان ألفه ضميرا نحو الزيدان يفعلان ولما كان ألفه علامة التثنية نحو يفعلان الزيدان على لغة أكلونى البراغيث، ويتضمن أيضا تفعلان بالتاء فإنه شبيه بيفعلان وتكون ألفه أيضا ضميرا نحو أنتما تفعلان وعلامة التثنية نحو تفعلان الهندان وأما تسألون فيكون واوه ضميرا نحو أنتم تسألون وهو متضمن ليفعلون لأنه شبهه وواو يفعلون يكون ضميرا نحو الزيدون يسألون وعلامة جمع نحو يسألون الزيدون وأما تدعين فلا تكون ياؤه إلا ضميرا فهذه ثمانية أمثلة التقدير وإن كانت ثلاثة فى اللفظ والنون مفعول أول باجعل ورفعا مفعول ثان وهو على حذف مضاف أى علامة رفع والتقدير واجعل النون علامة رفع لنحو يفعلان وتدعين وتسألون. وقوله: (وحذفها للجزم والنصب سمه)، أى علامة وقدم الجزم على النصب لأن النصب محمول عليه ثم أتى بمثال للجزم وهو قوله: (كلم تكونى) ومثال للنصب وهو قوله: (لترومى مظلمه) يجوز فى لامه الفتح والكسر والقياس الفتح. واعلم أن علامات الإعراب تكون ظاهرة كما تقدم ومقدرة وذلك فى الأسماء والأفعال المعتلة، وبدأ بالأسماء المعتلة فقال: وسمّ معتلا من الأسماء ما … كالمصطفى والمرتقى مكارما فالأوّل الإعراب فيه قدّرا … جميعه وهو الذى قد قصرا والثّان منقوص ونصبه ظهر … ورفعه ينوى كذا أيضا يجرّ يعنى أن ما كان من الأسماء حرف إعرابه ألف قبلها فتحة لازمة كالمصطفى أو ياء قبلها كسرة لازمة كالمرتقى يسمى معتلا وليس من الأسماء ما حرف إعرابه واو قبلها ضمة لازمة وما موصولة مفعول أول بسم ومعتلا مفعول ثان وصلة ما كالمصطفى ومكارما مفعول من أجله أو تمييز أو ظرف أو مفعول به ومن الأسماء متعلق بسم ثم إن القسم الأول من المعتل وهو ما حرف إعرابه ألف لازمة يقدر فيه جميع الإعراب أعنى الضمة والفتحة والكسرة لتعذر

النطق بها نحو قام الفتى ورأيت الفتى ومررت بالفتى ويسمى مقصورا وقد نبه على ذلك بقوله: (فالأول الإعراب فيه قدّرا جميعه) البيت ثم نبه على القسم الثانى بقوله: (والثان منقوص) البيت يعنى أن القسم الثانى من المعتل يسمى منقوصا وتظهر فيه الفتحة فى حال النصب لخفتها فى الياء نحو رأيت القاضى وتنوى فيها الضمة والكسرة فى حال رفعه وجره لثقلهما فى الياء نحو قام القاضى ومررت بالقاضى ثم أشار إلى المعتل من الأفعال بقوله: وأىّ فعل آخر منه ألف … أو واو أو ياء فمعتلا عرف فالألف انو فيه غير الجزم … وأبد نصب ما كيدعو يرمى والرّفع فيهما انو واحذف جازما … ثلاثهنّ تقض حكما لازما يعنى أن المعتل من الأفعال ثلاثة أقسام: ما آخره ألف نحو يخشى، وما آخره واو نحو يغزو، وما آخره ياء نحو يرمى، وجميع ذلك يسمى معتلا، وأى فعل شرط وهو مرفوع بالابتداء وكان بعده مقدرة ويحتمل أن تكون شانية وآخر منه ألف جملة من مبتدأ وخبره مفسرة للضمير المستكن فى كان الشانية المقدرة ويحتمل أن تكون ناقصة وآخر منه اسمها وألف خبرها ووقف عليه بالسكون على لغة ربيعة والفاء جواب الشرط وفى عرف ضمير مستتر عائد على فعل ومعتلا حال منه مقدم على عامله. وقوله: (فالألف انو فيه غير الجزم)، يعنى أن ما آخره ألف من الأفعال المعتلة ينوى فيه غير الجزم وهو الرفع والنصب لتعذر ظهورهما فى الألف نحو زيد يرضى ولن يخشى والألف مفعول بفعل مقدر من باب الاشتغال تقديره اقصد ويجوز رفعه على الابتداء. وقوله: وأبد نصب ما كيدعو يرمى يعنى أن ما آخره واو كيدعو أو ياء كيرمى يظهر نصبه بالفتحة لخفتها نحو لن يدعو ولن يرمى ومعنى أبد أظهر وما موصولة وصلتها كيدعو ويرمى معطوف على يدعو بحذف حرف العطف وقوله والرفع فيهما انو يعنى أن الرفع ينوى فى الواو والياء لثقل الضمة فى الواو والياء والرفع مفعول مقدم بانو وقوله: (واحذف جازما ثلاثهن) إلى آخره يعنى أن هذه الأحرف الثلاثة أعنى الألف والواو والياء تحذف فى الجزم نحو لم يخش ولم يغز ولم يرم وجازما حال من الفاعل المستتر فى احذف وثلاثهن مفعول باحذف ومفعول جازما محذوف تقديره الأفعال وتقض مجزوم على جواب الأمر وحكما مفعول به إن جعلت تقض بمعنى تؤدّ أو مفعول مطلق إن جعلت تقض بمعنى تحكم كأنه قال تحكم حكما لازما.

النكرة والمعرفة

النكرة والمعرفة النكرة هى الأصل والمعرفة فرع عنها ولذلك ابتدأ بالنكرة فقال: نكرة قابل أل مؤثّرا … أو واقع موقع ما قد ذكرا يعنى أن النكرة هى ما تقبل أل وهى الألف واللام وقوله مؤثرا أى مؤثرة التعريف واحترز بذلك من أل التى لا تؤثر التعريف كالألف واللام الزائدة كاللاتى والتى للمح الصفة كالحرث فإن كلا منهما لم يؤثر فيما دخل عليه تعريفا. وقوله: (أو واقع موقع ما قد ذكرا) يعنى أن من النكرات ما لا يقبل أل كذى بمعنى صاحب وما الموصوفة فهما نكرتان لا يقبلان أل لكنهما فى معنى ما يقبلها فذو بمعنى صاحب وما بمعنى شئ وكلاهما يقبل أل ثم قال: وغيره معرفة كهم وذى … وهند وابنى والغلام والّذى يعنى أن غير النكرة معرفة فالمعرفة هو ما لا يقبل أل ولا واقع موقع ما يقبلها وذكر من المعارف ستة الضمير كهم واسم الإشارة كذى والعلم كهند والمضاف إلى المعرفة كابنى والمعرف بأل كالغلام والموصول كالذى، ولم يذكر المقصود فى النداء نحو يا رجل وهو من المعارف لأنه داخل كما قيل فى المعرف بأل أو فى اسم الإشارة ولم يرتبها فى المثل ورتبها فى الفصول. ثم شرع فى أول المعارف وأعرفها وهو الضمير فقال: فما لذى غيبة أو حضور … كأنت وهو سمّ بالضّمير يعنى أن ما دل على غيبة نحو هو أو حضور نحو أنت وأنا يسمى ضميرا ودخل فى قوله أو حضور اسم الإشارة لأنه حاضر لكنه أخرجه بالمثال ولما كان الضمير متصلا ومنفصلا أشار إلى المتصل منه بقوله: وذو اتّصال منه ما لا يبتدا … ولا يلى إلّا اختيارا أبدا كالياء والكاف من ابنى أكرمك … والياء والها من سليه ما ملك يعنى أن الضمير المتصل هو ما لا يصح الابتداء به أى وقوعه فى أول الكلام ولا يلى إلا فى الاختيار وفهم منه أنه يلى إلا فى غير الاختيار كقول الشاعر: - وما نبالى إذا ما كنت جارتنا … أن لا يجاورنا إلاك ديّار (¬5) ¬

_ (¬5) البيت من البسيط، وهو بلا نسبة فى الأشباه والنظائر 2/ 129، وأمالى ابن الحاجب ص 385، وأوضح المسالك =

وقوله كالياء البيت أتى بهذه المثل محتوية على أربعة ألفاظ من الضمائر المتصلة وهى ياء المتكلم من ابنى وهى مجرورة بالإضافة وكاف الخطاب من أكرمك وهو منصوب بأكرم وياء المخاطبة وهاء الغائب من سليه والياء من سليه مرفوعة بسل والهاء منصوبة به، ثم قال: وكلّ مضمر له البنا يجب … ولفظ ما جرّ كلفظ ما نصب يعنى أن الضمائر كلها مبنية وقوله ولفظ ما جر كلفظ ما نصب يعنى أن كل ضمير نصب صالح للجر وأن كل ضمير جر صالح للنصب ففهم منه أن الياء من ابنى تصلح للنصب لأنها مجرورة وأن الكاف من أكرمك تصلح للجر لأنها منصوبة وأن الهاء من سليه تصلح للجر لأنها منصوبة وأن الياء من سليه لا تصلح لا للجر ولا للنصب بل تختص بالرفع، ثم قال: للرّفع والنّصب وجرّ ناصلح … كاعرف بنا فإنّنا نلنا المنح هذا هو اللفظ الخامس من ألفاظ الضمائر المتصلة وهو نا الدال على المتكلم ومعه غيره أو المتكلم المعظم نفسه وهو صالح للإعراب كله رفعه ونصبه وجره وقد مثل به مجرورا فى قوله كاعرف بنا ومنصوبا فى قوله فإننا ومرفوعا فى قوله نلنا المنح جمع منحة وهى العطية وفهم منه أن الياء من سليه مرفوعة وما لم يذكر من الضمائر المتصلة خاص بالرفع لأنه لما ذكر ما يشترك فيه الجر والنصب وهو ياء المتكلم والكاف والهاء وما يستعمل فى الإعراب كله وهو نا علم أن ما عدا القسمين خاص بالرفع وهو ياء المخاطبة وتاء الضمير متكلما كان أو مخاطبا وواو الضمير وألف الاثنين ونون الإناث فمجموع الضمائر المتصلة تسعة ألفاظ، ثم قال: وألف والواو والنون لما … غاب وغيره كقاما واعلما يعنى أن ألف الاثنين وواو الجمع ونون الإناث للغائب والمخاطب فمثالها للغائب الزيدان قاما والزيدون قاموا والهندات قمن ومثالها للمخاطب قوما وقوموا وقمن إلا أن قوله وغيره شامل للمتكلم والمخاطب ولا تكون هذه الضمائر للمتكلم لكن تمثيله بقاما وهو للغائب واعلما وهو للمخاطب يرشد إلى مراده ولو قال عوض وغيره وخوطب لكان أنص وقوله وألف مبتدأ والواو والنون معطوفان عليه وسوغ الابتداء بالألف عطف المعرفة عليه ولما ¬

_ = 1/ 83، وتخليص الشواهد ص 100، وخزانة الأدب 5/ 278، 279، 325، والخصائص 1/ 307، 2/ 195، والدرر 1/ 176، وشرح الأشموني 1/ 48، وشرح شواهد المغنى ص 844، وشرح ابن عقيل ص 52، وشرح المفصل 3/ 101، ومغنى اللبيب 2/ 441، والمقاصد النحوية 1/ 253، وهمع الهوامع 1/ 57.

غاب خبر المبتدأ وقد ذكر الضمائر المتصلة كلها إلا التاء وإنما استغنى عنها لتقدم ذكرها فى قوله: بتا فعلت، ثم قال: ومن ضمير الرّفع ما يستتر … كافعل أوافق نغتبط إذ تشكر يعنى أن من ضمائر الرفع ما يجب استتاره وفهم من قوله ومن ضمير الرفع أن ذلك لا يكون فى ضمائر النصب ولا فى ضمائر الجر وذكر أربعة مواضع يجب فيها استتار الضمير: الأول فعل الأمر للواحد المذكر وهو المشار إليه بقوله كافعل. الثانى الفعل المضارع المفتتح بهمزة المتكلم وهو المشار إليه بقوله «أوافق». الثالث الفعل المضارع المفتتح بنون المتكلم ومعه غيره أو المعظم نفسه وهو المشار إليه بقوله نغتبط. الرابع الفعل المضارع المفتتح بتاء المخاطب وهو المشار إليه بقوله إذ تشكر وما موصولة فى موضع رفع بالابتداء، وخبرها فى المجرور، وأوافق مجزوم على جواب الأمر ونغتبط معطوف على أوافق على حذف حرف العطف، ولما فرغ من الضمير المتصل شرع فى بيان المنفصل وهو ضربان مرفوع ومنصوب وقد أشار إلى المرفوع بقوله: وذو ارتفاع وانفصال أنا هو … وأنت والفروع لا تشتبه ضمائر الرفع المنفصلة اثنا عشر للمتكلم منها اثنان أنا ونحن، وللمخاطب خمسة أنت أنت أنتما أنتم أنتنّ وللغائب خمسة هو هى هما هم هن وقد اكتفى منها بذكر ثلاثة لأنها موصول لما لم يذكره ولذلك قال والفروع لا تشتبه فأنا فرعه نحن لأن المفرد أصل للجمع وأنت فروعه أنت وأنتما وأنتم وأنتن لأن أنت لها فرعان فرع من جهة الإفراد وهو أنتما وأنتم وأنتن وفرع من جهة التذكير وهو أنت، وكذلك هو أيضا فروعه من جهة الإفراد هما وهم وهن ومن جهة التذكير هو. ثم أشار إلى المنصوب من المنفصل بقوله: وذو انتصاب فى انفصال جعلا … إياى والتّفريع ليس مشكلا فاكتفى بذكر ضمير المتكلم وكان حقه أن يذكر الأصول الثلاثة كما فعل فى المرفوع لكنه اكتفى بإياى عما سواه لوضوحه ولذكره ذلك فى المرفوع وثبت فى بعض النسخ وذو انتصاب بالواو وإعرابه مبتدأ وجعل إلى آخر البيت خبره وفى جعل ضمير يعود على المبتدأ وإياى مفعول ثان بجعل وفى بعض النسخ وذا انتصاب بالألف وإعرابه مفعول ثان بجعل مقدم وإياى مفعول لما لم يسم فاعله بجعل، ثم قال:

وفى اختيار لا يجئ المنفصل … إذا تأتّى أن يجئ المتّصل يعنى أن الضمير إذا تأتى اتصاله بما قبله لا يجئ منفصلا فى الاختيار وفهم منه أنه يجئ فى غير الاختيار منفصلا مع تأتى الاتصال كقول الشاعر: 6 - بالباعث الوارث الأموات قد ضمنت … إياهم الأرض فى دهر الدهارير لأنه يتأتى الاتصال فتقول: قد ضمنتهم لكنه فصله لضرورة الوزن وفى اختيار متعلق بيجئ. ثم قال: وصل أو افصل هاء سلنيه وما … أشبهه فى كنته الخلف انتمى كذاك خلتنيه واتّصالا … أختار غيرى اختار الانفصالا يعنى أنه يجوز اتصال الضمير وانفصاله فى الهاء من سلنيه وما أشبهه وهو كل ثانى ضميرين منصوبين بفعل غير ناسخ للابتداء مع تقديم الأخص منهما نحو الدرهم أعطيتكه وأعطيتك إياه والمختار فى ذلك الاتصال عند الجميع ولذلك قدمه فى قوله وصل وقوله فى كنته الخلف انتمى، أى انتسب ويعنى به خبر كان أو إحدى أخواتها إذا كان اسمها ضميرا متصلا أخص من خبرها وقوله: (كذاك خلتنيه) أى مثل كنته فى الخلف المذكور يعنى فخلتنيه وما أشبهه وهو كل ثانى ضميرين منصوبين بفعل ناسخ للابتداء من باب ظن الأول منهما أخص وظاهر قوله الخلف انتمى أن الخلاف فى جواز الاتصال والانفصال فيما ذكر وليس كذلك لأنه لا خلاف فى جواز الاتصال والانفصال فيما ذكر وإنما المراد الخلف انتمى فى الاختيار ويدل على أن المراد ما ذكر قوله: (واتصالا * أختار غيرى اختار الانفصالا). وهو موافق فى ذلك لابن الطراوة والرمانى وأو فى قوله أو افصل للتخيير وهاء سلنيه مفعول بافصل فهو من باب التنازع وقد أعمل الثانى ولو أعمل الأول لقال وصل أو افصله واتصالا مفعول مقدم باختار، ثم قال: وقدّم الأخصّ فى اتّصال … وقدّمن ما شئت فى انفصال الأخص هو الأعرف فضمير المتكلم أخص من ضمير المخاطب والغائب وضمير المخاطب أخص من ضمير الغائب فإذا أريد اتصال الضمير الثانى قدم الأخص لأنه لا يتوصل إلى اتصاله إلا بتقديم الأخص وعلى ذلك نبه بقوله وقدم الأخص فى اتصال وإذا أريد انفصاله قدم ما شئت من الأخص وغيره لأنه إذا تقدم غير الأخص وجب انفصال الثانى وعلى

ذلك نبه بقوله: (وقد من ما شئت فى انفصال) فإذا تقدم غير الأخص وجب انفصال الثانى وإذا تقدم الأخص جاز اتصال الثانى وانفصاله وقد اجتمع الأمران فى قوله صلّى الله عليه وسلّم: «إن الله ملككم إياهم ولو شاء لملكهم إياكم» فانفصال الضمير فى قوله ملككم إياهم جائز لتقدم الأخص وهو ضمير المخاطب على غير الأخص وهو ضمير الغائب وانفصال الضمير فى ملكهم إياكم واجب لتقدم غير الأخص، ثم قال: وفى اتّحاد الرّتبة الزم فصلا … وقد يبيح الغيب فيه وصلا يعنى أن الضميرين إذا اتحدا فى الرتبة كأن يكونا لمتكلم أو لمخاطب أو لغائب لزم انفصال الثانى نحو ظننتنى إياى وحسبتك إياك والدرهم إن جاء زيد فأعطه إياه وقوله وقد يبيح الغيب فيه وصلا يعنى أن الضميرين إذا اتحدا فى الغيبة قد يتصل الثانى منهما لكن بشرط أن يختلفا اختلافا ما كأن يكون أحدهما مفردا والآخر مثنى أو مجموعا أو يكون مذكرا والآخر مؤنثا كقوله: - لوجهك فى الإحسان بسط وبهجة … أنا لهماه قفو أكرم والد (¬7) وظاهر كلام الناظم عدم اشتراط الاختلاف واعتذر عنه ولده فى شرحه بأن قوله وصلا بلفظ التنكير على معنى نوع من الوصل تعريض بأنه لا يستباح الاتصال مع الاتحاد فى الغيبة مطلقا بل بقيد وهو الاختلاف فى اللفظ وفيه بعد وهذا يقتضى أن البيت الواقع بعد هذا البيت فى بعض النسخ وهو مع اختلاف ما غير ثابت فى الألفية وهو من أبيات الكافية، ثم قال: وقبل يا النّفس مع الفعل التزم … نون وقاية وليسى قد نظم وليتنى فشا وليتى ندرا … ومع لعلّ اعكس وكن مخيّرا فى الباقيات واضطرارا خفّفا … منّى وعنّى بعض من قد سلفا وفى لدنّى لدنى قلّ وفى … قدنى وقطنى الحذف أيضا قد يفى قد تقدم أن من جملة الضمائر ياء المتكلم وهى تتصل بالاسم والفعل والحرف فإذا اتصلت بالفعل لزم أن يفصل بينها وبينه بنون تسمى نون الوقاية لأنها تقى الفعل من الكسر الذى لا ¬

_ (¬7) البيت من الطويل، وهو بلا نسبة فى أوضح المسالك 1/ 105، وتخليص الشواهد ص 97، وتذكرة النحاة ص 50، والدرر 1/ 203، وشرح الأشمونى 1/ 54، وشرح التصريح 1/ 109، والمقاصد النحوية 1/ 342، وهمع الهوامع 1/ 63. والشاهد فيه قوله: «أنا لهماه» وكان القياس أن يقال: «أنا لهما إياه» بالانفصال، فجاء متصلا، وذلك لأن الضميرين اتحدا رتبة.

يكون نظيره فيه وهو الجر ويستوى فى ذلك الماضى والمضارع والأمر وإلى ذلك أشار بقوله: (وقبل يا النفس مع الفعل التزم * نون وقاية)، وقد حذفت للضرورة مع ليس كقوله: - إذ ذهب القوم الكرام ليسى (¬8) وإلى ذلك أشار بقوله: (وليسى قد نظم)، يعنى أن نون الوقاية حذفت مع ليس فى النظم لضرورة الوزن وقال يا النفس وهو مخالف لعبارات النحويين فإنهم يسمونها ياء المتكلم وقبل متعلق بالتزم ومع الفعل كذلك وإذا اتصلت أعنى ياء المتكلم بالحروف لم تلحق نون الوقاية إلا مع ثمانية أحرف أشار إلى ستة منها وهى إن وأخواتها بقوله: (وليتنى فشا وليتى ندرا * ومع لعلّ اعكس وكن مخيرا * فى الباقيات) يعنى أن لحاق نون الوقاية لليت كثير وعدم لحاقها قليل فليتنى أكثر من ليتى ولم يجئ فى القرآن إلا بالنون كقوله تعالى: يا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ [النساء: 73] ومن حذفها قول الشاعر: - كمنية جابر إذ قال ليتى … أصادفه وأفقد جلّ مالى (¬9) وقوله: ومع لعل اعكس يعنى أن عدم لحاق النون للعل كثير ولحاقها لها قليل فهى بالعكس من ليت ولم تأت فى القرآن إلا بدون نون كقوله تعالى: لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبابَ [غافر: 36] ومن لحاق نون الوقاية لها قول الشاعر: - فقلت أعيرانى القدوم لعلّنى … أخطّ بها قبرا لأبيض ماجد (¬10) ¬

_ (¬8) الرجز لرؤبة فى ملحق ديوانه ص 175، وخزانة الأدب 5/ 324، 325، والدرر 1/ 204، وشرح التلويح 1/ 110، وشرح شواهد المغنى 2/ 488، 769، ولسان العرب 6/ 128 (طيس)، والمقاصد النحوية 1/ 344. وبلا نسبة فى أوضح المسالك 1/ 108، وتخليص الشواهد ص 99، والجنى الدانى ص 150، وجواهر الأدب ص 15، وخزانة الأدب 5/ 396، 9/ 266، وسرّ صناعة الإعراب 2/ 32، وشرح الأشمونى 1/ 55، وشرح ابن عقيل ص 60، وشرح المفصل 3/ 108، ولسان العرب 6/ 211 (ليس)، ومغنى اللبيب 1/ 171، 2/ 344، همع الهوامع 1/ 64، 233. والشاهد فيه قوله: «ليسى» حيث حذف نون الوقاية التى تلحق الأفعال عند اتصالها بياء المتكلم لتقيها الجر، وهذا الحذف شاذ. (¬9) البيت من الوافر، وهو لزيد الخيل فى ديوانه ص 87، وتخليص الشواهد ص 100، وخزانة الأدب 5/ 375، 377، والدرر 1/ 205، وشرح أبيات سيبويه 2/ 97، وشرح المفصل 3/ 123، والكتاب 2/ 370، ولسان العرب 2/ 87 (ليت)، والمقاصد النحوية 1/ 346، ونوادر أبى زيد ص 68، وبلا نسبة فى جواهر الأدب ص 153، ورصف المبانى ص 300، ص 361، وسر صناعة الإعراب 2/ 550، وشرح الأشمونى 1/ 56، وشرح ابن عقيل ص 61، ومجالس ثعلب ص 129، والمقتضب 1/ 250، وهمع الهوامع 1/ 64. والشاهد فيه قوله: «ليتى» والقياس: ليتنى، فحذف نون الوقاية للضرورة. (¬10) البيت من الطويل، وهو بلا نسبة فى تخليص الشواهد ص 105، والدرر 1/ 212، وشرح الأشمونى 1/ 56، وشرح ابن عقيل ص 62، وهمع الهوامع 1/ 64. والشاهد فيه قوله: «لعلنى» حيث لحقت «لعلّ» نون الوقاية، وحذفها أشهر.

وقوله: وكن مخيرا فى الباقيات. يعنى بالباقيات ما بقى من الأحرف الستة وهى إنّ وأن وكأن ولكن فيجوز أن تلحقها نون الوقاية وأن لا تلحقها وقد جاءت فى القرآن بالوجهين كقوله عز وجل: إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ، أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ [هود: 54] وإنما جاز لحاق نون الوقاية لهذه الأحرف لشبهها بالأفعال وكان لحاقها غالبا فى ليت لقوة شبهها بالفعل لأنها تغير معنى الابتداء وكان عدم لحاقها غالبا مع لعل لأنها بعدت عن شبه الفعل فإنها شبيهة بحرف الجر فى تعلق ما بعدها بما قبلها فى نحو تب لعلك تفلح ومخيرا خبر كن ويجوز كسر يائه وفتحها وهو أظهر وفى الباقيات متعلق به ثم أشار إلى الحرفين الباقيين من الثمانية وهما من وعن بقوله: (واضطرارا خففا منى وعنى) البيت، يعنى أن الوجه فى من وعن إذا دخلا على ياء المتكلم أن يقال منى وعنى بتشديد النون لأنهما لما لحقتهما نون الوقاية وقبلها نون ساكنة أدغمت فيها وأشار بقوله: واضطرارا خففا منى وعنى إلى آخره إلى قول الشاعر: - أيها السائل عنهم وعنى … لست من قيس ولا قيس منى (¬11) وقد تلحق نون الوقاية بعض الأسماء المبنية على السكون وإلى ذلك أشار بقوله: (وفى لدنى لدنى قل) البيت يعنى أن لحاق نون الوقاية للدن كثير وعدم لحاقها قليل ولذلك قرأ أكثر القراء من لدنى بالتشديد وقرأ نافع وشعبة بالتخفيف وقوله وفى قدنى وقطنى الحذف أيضا قد يفى يعنى أن قد وقط مثل لدن فى أن لحاقها أكثر من عدم لحاقها وذلك مفهوم من قوله يفى وقد وقط اسما فعل بمعنى حسب وقد جمع الراجز بين لحاقها وعدم لحاقها فى قوله: - قدنى من نصر الخبيبين قدى (¬12) ¬

_ (¬11) البيت من المديد، وهو بلا نسبة فى الأشباه والنظائر 1/ 90، وأوضح المسالك 1/ 118، وتخليص الشواهد ص 106، والجنى الدانى ص 151، وجواهر الأدب ص 152، وخزانة الأدب 5/ 380، 381، ورصف المبانى ص 361، والدرر 1/ 210، وشرح الأشمونى 1/ 56، وشرح التصريح 1/ 112، وشرح ابن عقيل ص 63، وشرح المفصل 3/ 125، والمقاصد النحوية 1/ 352، وهمع الهوامع 1/ 64. والشاهد فيه قوله: «عنى» و «منى» حيث حذف النون للضرورة الشعرية والقياس: «عنّى» و «منّى». (¬12) الرجز لحميد بن مالك الأرقط فى خزانة الأدب 5/ 382، 383، 385، 389، 391، 392، والدرر 1/ 207، وشرح شواهد المغنى 1/ 487، ولسان العرب 1/ 344 (خبب)، والمقاصد النحوية 1/ 357، ولحميد بن ثور فى لسان العرب 3/ 489 (لحد)، وليس فى ديوانه، ولأبى بجدلة فى شرح المفصل 3/ 124، وبلا نسبة فى الأشباه والنظائر 4/ 241، وأوضح المسالك 1/ 120، وتخليص الشواهد ص 108، والجنى الدانى ص 253، وخزانة الأدب 6/ 246، 7/ 431، ورصف المبانى ص 362، وشرح ابن عقيل ص 64، والكتاب 2/ 371، ومغنى اللبيب 1/ 170، ونوادر أبى زيد ص 205. والشاهد فيه قوله «قدنى» و «قدى» حيث أثبت النون فى الأول، على اللغة المشهورة، وحذفها فى الثانى، وهذا قليل.

العلم

ولم يصرح الناظم بلحاق نون الوقاية فى الحروف والأسماء التى ذكر وإنما صرح بذلك فى الأفعال لكنه اكتفى بالنطق بها مقترنة بالنون فى معرض لحاقها وتجردها منها فى معرض عدم لحاقها والوزن يحفظ جميع ذلك. واضطرارا منصوب على المفعول له وعنى مفعول على حذف مضاف تقديره خفف نون عنى. العلم هذا هو النوع الثانى من المعارف وهو العلم وهو ضربان علم شخص وعلم جنس وقد أشار إلى الأول بقوله: اسم يعيّن المسمّى مطلقا … علمه كجعفر وخرنقا وقرن وعدن ولاحق … وشذقم وهيلة وواشق فقوله اسم جنس ويعين المسمى مخرج للنكرة، ومطلقا مخرج لما سوى العلم من المعارف لأن كل معرفة غير العلم يعين مسماه لكن بقرينة إما لفظية كأل والصلة وإما معنوية كالحضور والغيبة بخلاف العلم فإنه يعين مسماه بغير قرينة ولما كان العلم الشخصى لا يختص بأولى العلم بل يكون لأولى العلم وغيرهم مما يؤلف نوع المثل فقال كجعفر وهو اسم رجل وخرنق وهو اسم امرأة وقرن وهو اسم قبيلة وعدن وهو اسم بلدة ولاحق وهو اسم فرس وشذقم وهو اسم جمل وهيلة وهو اسم شاة وواشق وهو اسم كلب. واسم مبتدأ ويعين المسمى جملة فى موضع الصفة له ومطلقا حال من الضمير المستتر فى يعين وعلمه خبر والضمير فى علمه عائد على المسمى ويجوز أن يكون علمه مبتدأ وخبره اسم يعين المسمى ويكون حينئذ الخبر واجب التقديم لالتباس المبتدأ بضميره ويحتمل غير هذين الوجهين من الإعراب فلا نطيل بها. واسما أتى وكنية ولقبا … وأخّرن ذا إن سواه صحبا ثم قال: (واسما أتى وكنية ولقبا) يعنى أن العلم ينقسم إلى اسم ويقال فيه الاسم الخاص كجعفر وإلى كنية وهو كل ما صدر بأب أو أم كأبى زيد وأم كلثوم، وإلى لقب وهو ما دل على رفعة مسماه كالصديق والفاروق أو ضعة كقفة وأنف الناقة. ثم قال: (وأخرن ذا إن سواه صحبا) الإشارة بذا إلى اللقب يعنى أن اللقب إذا صحب سواه يجب تأخيره وسواه شامل للاسم والكنية نحو هذا زيد قفة وأبو عبد الله أنف الناقة ثم قال:

وإن يكونا مفردين فأضف … حتما وإلّا أتبع الّذى ردف يعنى أن اللقب إذا اجتمع مع الاسم وكانا مفردين أى غير مضافين ولا أحدهما فأضف الاسم إلى اللقب وجوبا نحو هذا سعيد كرز ولا مدخل هنا للكنية فإنها من قبيل المضاف ويلزم حينئذ أن يكون اللقب هو المضاف إليه لأنه قد ذكر قبل أنه يجب تأخيره وقوله وإلا أتبع الذى ردف أى وإن لم يكونا مفردين أتبع الآخر للأول أى اجعله تابعا له فى الإعراب وتبعيته له إما على البدل أو عطف البيان وشمل قوله وإلا ثلاث صور أن يكونا مضافين نحو هذا عبد الله أنف الناقة أو الأول مضافا والثانى مفردا نحو عبد الله كرز أو الأول مفردا والثانى مضافا نحو هذا زيد أنف الناقة والإتباع فى جميع ذلك واجب وحتما منصوب على أنه نعت لمصدر محذوف والتقدير إضافة حتما وأتبع جواب الشرط وحذفت منه الفاء للضرورة. ثم قال: ومنه منقول كفضل وأسد … وذو ارتجال كسعاد وأدد يعنى أن العلم ضربان منقول ومرتجل فالمنقول ما تقدم له استعمال قبل العلمية ويكون منقولا من المصدر كفضل ومن اسم العين كأسد ومن الصفة كعباس ومن الجملة كشاب قرناها ومن الفعل المضارع كيزيد ومن الماضى كشمر اسم الفرس. والمرتجل ما لم يتقدم له استعمال قبل العلمية كسعاد اسم امرأة وأدد اسم رجل. ومنه منقول مبتدأ وخبر وذو ارتجال مبتدأ محذوف الخبر والتقدير ومنه ذو ارتجال. ثم قال: وجملة وما بمزج ركّبا … ذا إن بغير ويه تمّ أعربا أى ومن العلم جملة كبرق نحره. وقوله وما بمزج ركبا يعنى أن المركب تركيب مزج والمزج الخلط وهو ما ختم بغير ويه كبعلبك وما ختم بويه كسيبويه فالأول يعرب آخره إعراب ما لا ينصرف والثانى يبنى آخره على الكسر وإلى ذلك أشار بقوله: (ذا إن بغير ويه تم أعربا) فذا اسم إشارة للمركب تركيب مزج وأطلق هنا الإعراب ومراده إعراب ما لا ينصرف على ما ينبه عليه فى باب ما لا ينصرف وما بمزج مبتدأ خبره محذوف أى من العلم وذا مبتدأ خبره أعرب وجواب الشرط محذوف ويحتمل أن يكون جملة الشرط والجواب خبرا عن ذا. ثم قال:

وشاع فى الأعلام ذو الإضافه … كعبد شمس وأبى قحافه أى من العلم المركب المضاف وهو أكثر المركبات لأن منه الكنى وغيرها ولذلك قال وشاع ومثل بمثال من غير الكنى وهو عبد شمس ومثال من الكنى وهو أبو قحافة. ثم أشار إلى النوع الثانى من العلم وهو علم الجنس فقال: ووضعوا لبعض الأجناس علم … كعلم الأشخاص لفظا وهو عمّ يعنى أن العرب وضعت لبعض الأجناس أعلاما هى فى اللفظ كعلم الأشخاص فتأتى منه الحال فى فصيح الكلام ويمنع من الصرف إن وجدت فيه علة زائدة على العلمية من العلل المانعة للصرف ويوصف بالمعرفة وهذا معنى قوله كعلم الأشخاص لفظا ومدلوله مع ذلك شائع كمدلول النكرة وهذا معنى قوله وهو عم أى ومدلوله شائع وفهم من قوله لبعض الأجناس أنها لم تضع ذلك لجميع الأجناس ووقف على علم بالسكون على لغة ربيعة وعمّ فعل ماض فى موضع خبر هو ويجوز أن يكون مفردا فقصره بحذف ألفه نحو قولهم برّ فى بارّ. ولما كان علم الجنس على ضربين أحدهما جنس ما لا يؤلف كالسباع والحشرات والآخر المعانى أشار إلى الأول بقوله: من ذاك أمّ عريط للعقرب … وهكذا ثعالة للثّعلب يعنى من ذاك أى من العلم الجنسى أمّ عريط وهو علم لجنس العقرب ومن علم جنسها أيضا شبوة وهكذا ثعالة أى وكذا أيضا ثعالة علم لجنس الثعلب وهو غير منصرف للعلمية وتاء التأنيث إلا أنه صرفه للضرورة ثم أشار إلى النوع الثانى من علم الجنس، بقوله: ومثله برّة للمبرّه … كذا فجار علم للفجره أى ومثل أم عريط وثعالة فى كونهما علمى جنس برة وهو للمبرة بمعنى البر وفجار علم للفجرة بمعنى الفجور، وبرة أيضا غير منصرف للعلمية وتاء التأنيث وفجار مبنى على الكسر لشبهه بنزال وقد جمع الشاعر بينهما فى قوله:

اسم الإشارة

- إنا اقتسمنا خطّتينا بيننا … فحملت برّة واحتملت فجار (¬13) اسم الإشارة بذا لمفرد مذكّر أشر … بذى وذه تى تا على الأنثى اقتصر مؤنث النوع الثالث من المعارف. واسم الإشارة إما مفرد مذكر أو مفرد مؤنث أو مثنى مذكر أو مثنى هذا هو أو جمع ويشترك فيه المؤنث والمذكر وقد أشار إلى الأول بقوله: (بذا لمفرد مذكر أشر) يعنى أن ذا إشارة إلى المفرد المذكر وأشار إلى الثانى بقوله: (بذى وذه تى تا على الأنثى اقتصر) يعنى أن المفرد المؤنث يشار إليه بأربعة ألفاظ وهى ذى وذه تى تا أراد وتى وتا فحذف العاطف لضرورة الوزن واقتصر فعل أمر وبذى متعلق به أى اقتصر بهذه الألفاظ على الواحد المؤنث ولا تشر بها إلى غيره وليس المراد أنه لا يشار إلى المفرد المؤنث إلا بها فإنه يشار إليه بغيرها نحو ذه وته وته وذه ويجوز ضبط اقتصر على هذا بضم التاء مبنيا للمفعول. ثم أشار إلى الثالث والرابع بقوله: وذان تان للمثنّى المرتفع … وفى سواه ذين تين اذكر تطع فقوله ذان راجع لتثنية الأول وهو ذا، وتان راجع لتثنية الثانى وهو تا، ولا يثنى من ألفاظ المؤنث إلا تا وقوله المرتفع يعنى أن هذين اللفظين اللذين مثل بهما مقرونين بالألف إنما يكونان للمرتفع من التثنية لأن الألف فيهما علامة للرفع وقوله وفى سواه أى فى سوى المرتفع أو فى سوى الرفع المفهوم من لفظ المرتفع وسوى الرفع هو النصب والجر فيشار إلى المثنى المنتصب والمنخفض بذين وتين مقرونين بالياء لأن الياء علامة الجر والنصب وذان مبتدأ وتان معطوف عليه على حذف العاطف وللمثنى خبر المبتدأ وذين تين مفعول مقدم باذكر وتطع مجزوم على جواب الأمر. ثم أشار إلى الخامس بقوله: ¬

_ (¬13) البيت من الكامل، وهو للنابغة الذبيانى فى ديوانه ص 55، وإصلاح المنطق ص 336، وخزانة الأدب 6/ 327، 330، 333، والدرر 1/ 97، وشرح أبيات سيبويه 2/ 216، وشرح التصريح 1/ 125، وشرح المفصل 4/ 53، والكتاب 3/ 274، ولسان العرب 5/ 42 (برر) 5/ 48 (فجر)، 11/ 174 (حمل)، والمقاصد النحوية 1/ 405، وبلا نسبة فى الأشباه والنظائر 1/ 349، وجمهرة اللغة ص 463، وخزانة الأدب 6/ 287، والخصائص 2/ 198، 3/ 261، 265، وشرح الأشمونى 1/ 62، وشرح عمدة الحافظ ص 141، وشرح المفصل 1/ 38، ولسان العرب 13/ 37 (أنن)، ومجالس ثعلب 2/ 464، همع الهوامع 1/ 29. والشاهد فيه جعل «فجار» معدولا عن الفجرة المؤنثة.

وبأولى أشر لجمع مطلقا … والمدّ أولى ... يعنى أن لفظ أولى يشار به إلى الجمع مطلقا أى سواء كان مذكرا أو مؤنثا فتقول أولى الرجال وأولى النساء وقوله والمد أولى يعنى زيادة الهمزة بعد ألف مكسورة وإنما كان أولى لأنها لغة أهل الحجاز ولم يجئ فى القرآن إلا ممدودا كقوله تعالى: ها أَنْتُمْ أُولاءِ [آل عمران: 119] ثم اعلم أن اسم الإشارة عند الجمهور على ثلاث مراتب قريبة ومتوسطة وبعيدة وعند الناظم على مرتبتين قريبة وبعيدة، وقد أشار إلى البعيدة بقوله: ... ولدى البعد انطقا … بالكاف حرفا دون لام أو معه واللّام إن قدّمت ها ممتنعه يعنى أنك إذا أردت الإشارة إلى البعيد فأنت مخير بين أن تأتى باسم الإشارة مقرونا بكاف الخطاب دون لام فتقول ذاك وأولاك وبين أن تأتى به مقرونا بالكاف واللام معا فتقول ذلك وأولى لك وفهم منه أن القريب ما لا يقترن بالكاف وحدها ولا بالكاف واللام معا وهى المثل التى أتى بها أول الباب ولدى بمعنى عند وهو متعلق بانطقا وألف انطقا مبدلة من نون التوكيد الخفيفة وحرفا حال من الكاف وإنما نبه على ذلك لئلا يتوهم أن الكاف ضمير كما هى فى نحو غلامك ودون لام فى موضع نصب على الحال من الكاف وأو معه معطوف على دون فهو موضع الحال من الكاف أيضا وتقدير البيت انطق فى البعد بالكاف حرفا غير مقرون باللام أو مقرونا بها. ثم قال: (واللام إن قدمت ها ممتنعه) يعنى أنك إذا قدمت ها التى للتنبيه على اسم الإشارة يمتنع اقترانه باللام فلا يقال ها ذلك وفهم منه أنه يجوز اقتران «ها» بالمجرد نحو هذا وهؤلاء وبالمقرون بالكاف دون اللام نحو هذاك وهؤلائك إلا أن الأول أكثر وهى لغة القرآن، ومن الثانى قول طرفة: - رأيت بنى غبراء لا ينكروننى … ولا أهل هذاك الطراف الممدّد (¬14) ¬

_ (¬14) البيت من الطويل، وهو لطرفة بن العبد فى ديوانه ص 31، وتخليص الشواهد ص 125، وجمهرة اللغة ص 754، والجنى الدانى ص 347، والدرر اللوامع 1/ 236، ولسان العرب 5/ 5 (غبر)، 14/ 92 (بنى)، والمقاصد النحوية 1/ 410، وبلا نسبة فى الاشتقاق ص 214، وشرح الأشمونى 1/ 65، وشرح ابن عقيل ص 73، وهمع الهوامع 1/ 76. والشاهد فيه قوله: «هذاك» حيث جاءت «ها» التى للتنبيه مع اسم الإشارة المقترن بالكاف، وهذا قليل.

الموصول

وقوله واللام مبتدأ وخبره ممتنعة وجواب الشرط محذوف لدلالة ما تقدم عليه لأن الخبر مقدم على الشرط فى التقدير، والتقدير واللام ممتنعة إن قدمت ها فهى ممتنعة. ثم قال: وبهنا أو ههنا أشر إلى … دانى المكان وبه الكاف صلا فى البعد أو بثمّ فه أو هنّا … أو بهنالك انطقن أو هنّا ذكر فى هذين البيتين سبعة ألفاظ يشار بها إلى المكان دون غيره منها اثنان للمكان القريب وهما هنا وههنا وإليهما أشار بقوله: (وبهنا أو ههنا أشر إلى دانى المكان) أى إلى المكان الدانى وهو القريب فأضاف الصفة إلى الموصوف ومنها خمسة للمكان البعيد وإليها أشار بقوله: (وبه الكاف صلا) إلى آخرها يعنى أنك إذا أردت الإشارة إلى المكان البعيد فأنت مخير بين أن تلحق هنا كاف الخطاب فتقول هناك أو تأتى بثم كقوله تعالى: وَإِذا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيماً [الإنسان: 20] أو تأتى بهنا مفتوح الهاء مشدد النون فتقول هنا أو تلحق هنا الكاف واللام معا فتقول هنالك أو تأتى بهنا مكسور الهاء مشدد النون والكاف مفعول بصل والألف فى صلا مبدلة من نون التوكيد الخفيفة وفى البعد متعلق بصلا وبثم متعلق بفه وهو فعل أمر من فاه يفوه أى نطق، وكل ما ذكره فى البيتين من أو فهو للتخيير. الموصول موصول الأسماء الّذى الأنثى الّتى … واليا إذا ما ثنّيا لا تثبت بل ما تليه أوله العلامه … والنّون إن تشدد فلا ملامه هذا هو النوع الرابع من المعارف. والموصول إما مفرد مذكر أو مفرد مؤنث أو مثنى مذكر أو مثنى مؤنث أو جمع مذكر أو جمع مؤنث وقد أشار إلى الأول بقوله: (موصول الأسماء الذى) إنما قال موصول الأسماء احترازا من موصول الحروف فإنه لم يذكره وقد ذكر أحكامه فى أبواب وقوله موصول الأسماء مبتدأ والذى مبتدأ وخبره محذوف والتقدير موصول الأسماء منه الذى ثم أشار إلى الثانى بقوله: (الأنثى التى) يعنى أن التى للمفرد المؤنث وفهم منه أن الذى للمذكر والأنثى مبتدأ والتى خبره والتقدير والأنثى منه التى أى من الموصول ويجوز أن يكون أل فى الأنثى عوضا من الضمير والتقدير وأنثاه أى وأنثى الذى ثم أشار إلى الثالث والرابع بقوله: (واليا إذا ما ثنيا لا تثبت بل ما تليه أوله العلامه) يعنى أن الذى والتى إذا

ثنيا لا تثبت ياؤهما لسكونها وسكون علامة التثنية. والياء مفعول مقدم بتثبت ولا ناهية وقوله بل ما تليه أوله العلامة ما تليه هو الذال من الذى والتاء من التى وأل فى العلامة للعهد لتقدم علامة التثنية وهى الألف رفعا والياء جرا ونصبا فى قوله: بالألف ارفع المثنى وقوله وتخلف اليا فى جميعها الألف فتقول اللذان واللتان رفعا واللذين واللتين جرا ونصبا. وما موصولة وصلتها تليه وموضعها نصب بفعل مقدر من باب الاشتغال يفسره أوله ويجوز أن تكون فى موضع رفع بالابتداء وخبرها أوله والأول أجود والهاء فى أوله مفعول أول والعلامة مفعول ثان ثم قال: (والنون إن تشدد فلا ملامه) يعنى أنه يجوز فى نون اللذين واللتين التشديد ومذهب البصريين أنها لا تشدد إلا بعد الألف ومذهب الكوفيين أنها تشدد بعد الألف وبعد الياء وهو اختيار المصنف ولذلك أطلق فى قوله: والنون إن تشدد فلا ملامه. والنون مبتدأ والخبر جملة الشرط والجواب والضمير المستتر فى تشدد هو الرابط، ثم قال: والنّون من ذين وتين شدّدا … أيضا وتعويض بذاك قصدا يعنى أنه يجوز أيضا تشديد النون من ذين وتين وإنما ذكر هنا ذين وتين وليسا من الموصولات لاشتراكهما مع اللذين واللتين فى جواز تشديد نونهما وليس التشديد خاصا بالياء كما مثل به بل هو عام مع الياء ومع الألف وإذا جاز التشديد مع الياء كما فى المثالين فيكون التشديد مع الألف أحرى لأن التشديد مع الألف متفق عليه ومع الياء مختلف فيه. وقوله وتعويض بذاك قصدا يعنى أن تشديد النون قصد به التعويض من المحذوف فى جميع ما ذكر فالمعوض منه فى اللذين واللتين الياء من الذى والتى ومن ذين وتين الألف من ذا وتا فإن ذلك كله حذف فى التثنية وعوض منه التشديد فالإشارة من قوله بذاك راجعة إلى التشديد وتعويض مبتدأ وقصد خبره وبذاك متعلق بقصد وهو الذى سوغ الابتداء بالنكرة ويجوز أن يكون بذاك متعلقا بقصد وسوغ الابتداء بالنكرة ما فيها من معنى الحصر لأن المراد ما قصد بذاك إلا تعويض فهو كقولهم شئ جاء بك وشر أهرّ ذا ناب وفيه تعريض بإبطال قول من جعل التشديد فى ذين وتين دالا على البعد، ثم أشار إلى الخامس وهو جمع الذى فقال: جمع الّذى الألى الّذين مطلقا … وبعضهم بالواو رفعا نطقا فذكر للذى جمعين أحدهما الألى فتقول جاءنى الألى قاموا أى الذين قاموا والثانى الذين

بالياء فى الرفع والنصب والجر وعلى ذلك نبه بقوله مطلقا أى فى جميع الأحوال. وقوله: وبعضهم بالواو رفعا نطقا يعنى أن من العرب من يجرى الذى مجرى جمع المذكر السالم فيرفعه بالواو وينصبه ويجره بالياء فيقول نصر الذون آمنوا على الذين كفروا وهى لغة هذيل وقيل لغة تميم. وجمع الذى مبتدأ والألى خبره والذين معطوف على الألى على حذف العاطف وبعضهم مبتدأ ونطق خبره وبالواو متعلق بنطق ورفعا منصوب على إسقاط حرف الجر أى فى رفع ويجوز أن يكون مصدرا فى موضع الحال والتقدير نطق بالواو رافعا. باللّات واللّاء الّتى قد جمعا … واللّاء كالّذين نزرا وقعا ثم أشار إلى السادس وهو جمع التى فقال: (باللات واللائى التى قد جمعا) فذكر أيضا للتى جمعين الأول اللاتى والثانى اللائى فتقول جاءنى اللاتى قمن واللائى خرجن فالتى مبتدأ وقد جمع خبره وباللات متعلق بجمع والتقدير التى قد جمع باللاتى واللائى. ثم قال: (واللاء كالذين نزرا وقعا) يعنى أن اللائى الذى هو جمع التى قد يطلق على الذين فيكون جمعا للذى على وجه الندور والقلة ومنه قوله: - فما أبناؤنا بأمن منه … علينا اللاء قد مهدوا الحجورا (¬15) يعنى الذين قد مهدوا واللاء مبتدأ ووقع خبره وكالذين متعلق بوقع ونزرا منصوب على الحال من الضمير المستكن فى وقع وهو اسم فاعل من نزر أى قل. ومن وما وأل تساوى ما ذكر … وهكذا ذو عند طيّئ شهر ولما فرغ من الذى والتى وثنيتهما وجمعهما انتقل إلى ما سواهما من الموصولات فقال: (ومن وما وأل تساوى ما ذكر) يعنى أن من وما وأل تساوى ما ذكر من الذى والتى وثنيتهما وجمعهما ففهم منه أنها تقع على المفرد المذكر والمؤنث والمثنى المذكر والمؤنث والمجموع المذكر والمؤنث فتقول جاءنى من قام ومن قامت ومن قاما ومن قامتا ومن قاموا ومن قمن وكذلك مع ما وأل فمن تقع على من يعقل وما على ما لا يعقل وأل عليهما معا. ثم ¬

_ (¬15) البيت من الوافر، وهو لرجل من بنى سليم فى تخليص الشواهد ص 137، والدرر 1/ 213، وشرح التصريح 1/ 133، والمقاصد النحوية 1/ 429، وبلا نسبة فى الأزهية ص 301، وأوضح المسالك 1/ 146، وشرح الأشمونى 1/ 69، وشرح ابن عقيل ص 79، وهمع الهوامع 1/ 83. والشاهد فيه قوله: «واللاء» حيث جاء بمعنى «الذين» وهو قليل.

قال: (وهكذا ذو عند طيئ شهر) يعنى أن ذو فى لغة طيئ تستعمل موصولة وهى أيضا مساوية للذى والتى وثنيتهما وجمعهما وإلى ذلك أشار بقوله: وهكذا ذو، أى هى مثل من وما وأل فى مساواتها لما ذكر فتقول جاءنى ذو قام وذو قامت وذو قاما وذو قامتا وذو قاموا وذو قمن وهى مبنية والواو لازمة لها فى الرفع والنصب والجر فى اللغة الشهيرة وفهم ذاك من تمثيله لها بالواو فذو مبتدأ وشهر خبره وعند طيئ متعلق بشهر وهكذا كذلك أيضا أو فى موضع نصب على الحال والتقدير ذو شهر عند طيئ مثل من وما وأل، ثم قال: وكالّتى أيضا لديهم ذات … وموضع اللّاتى أتى ذوات يعنى أن من طيئ من إذا أراد معنى التى قال ذات وإذا أراد معنى اللاتى قال ذوات كقول بعضهم: بالفضل ذو فضلكم الله به والكرامة ذات أكرمكم الله به، يريد بها فنقل حركة الهاء إلى الباء ووقف عليها بالسكون، وكقول الشاعر: - جمعتها من أينق سوابق … ذوات ينهضن بغير سائق (¬16) فذات مبتدأ وكالتى خبر مقدم ولديهم متعلق بالاستقرار العامل فى الخبر وموضع اللاتى ظرف متعلق بأتى وذوات فاعل بأتى والتقدير وذات مساوية للتى عندهم أى عند طيئ وأتى ذوات فى موضع اللاتى، ثم قال: ومثل ماذا بعد ما استفهام … أو من إذا لم تلغ فى الكلام يعنى أن ذا إذا وقعت بعد ما أو من الاستفهاميتين ولم تكن ملغاة فهى مثل ما، يعنى ما الموصولة وفهم من تشبيهه بها أنها تساوى أيضا الذى والتى وتثنيتهما وجمعهما تقول من ذا يقوم ومن ذا تقوم ومن ذا يقومان ومن ذا تقومان ومن ذا يقومون ومن ذا يقمن واحترز بقوله إذا لم تلغ فى الكلام من أن تكون ملغاة وذلك أن يغلب الاستفهام فيصير مجموع من ذا وماذا استفهاما ويظهر أثر ذلك فى البدل إذا قلت من ذا ضربت أزيد أم عمرو فإذا رفعت فذا غير ملغاة لأنك أبدلت من اسم الاستفهام بالرفع فعلم أنه مرفوع بالابتداء وذا خبره وهو اسم ¬

_ (¬16) الرجز لرؤبة فى ملحق ديوانه ص 180، والدرر 1/ 267، وبلا نسبة فى الأزهية ص 295، وأوضح المسالك 1/ 156، وتخليص الشواهد ص 144، وهمع الهوامع 1/ 83. والشاهد فيه قوله: «ذوات» حيث جاء بمعنى «اللواتى» وبناه على الضم، وصلته جملة «ينهضن». وقيل: «ذوات»، هنا بمعنى: صاحبات.

موصول وإذا نصبت فقلت من ذا ضربت أزيدا أم عمرا علم أن ذا ملغاة لأنك أبدلت من اسم الاستفهام بالنصب فعلم أنه مفعول مقدم بضربت وذا ملغاة. وذا مبتدأ وخبره مثل ما وبعد فى موضع الحال من ذا وإذا متعلق بمثل ومن مضاف فى التقدير لاستفهام أى بعد ما استفهام أو من استفهام والتقدير وذا فى حال كونه تاليا لمن أو ما الاستفهاميتين مساوية لما إذا لم تلغ. ولما فرغ من ذكر الموصولات شرع فى بيان صلاتها فقال: وكلّها يلزم بعده صله … على ضمير لائق مشتمله يعنى أن الموصولات كلها لا بد أن يكون بعدها صلة تكملها ورابط يربط بينها وبين الموصول ولذلك سميت موصولات ونواقص وقد نبه على ذلك بقوله على ضمير لائق مشتملة أى مطابق للموصول فى الإفراد والتذكير وفروعهما فتقول جاءنى الذى قام أبوه والتى قامت أمه واللذان قاما وما أشبه ذلك. وكلها مبتدأ وخبره يلزم وبعده متعلق بيلزم والضمير فى بعده عائد على لفظ كل وهو الرابط بين المبتدأ والخبر وصلة فاعل بيلزم ومشتملة صفة لصلة وعلى ضمير متعلق بمشتملة. ثم إن الموصولات بالنظر إلى ما توصل به على قسمين قسم يوصل بجملة وشبهها وقسم يوصل بصفة. وقد أشار إلى الأول بقوله: وجملة أو شبهها الّذى وصل … به كمن عندى الّذى ابنه كفل فقوله وجملة شامل للجملة الاسمية والفعلية وقوله وشبهها هو الظرف والمجرور وأتى بمثال للموصول بشبه الجملة وهو قوله كمن عندى ومثال للموصول بالجملة وهو قوله الذى ابنه كفل ويشترط فى الجملة الموصول بها أن تكون خبرية ولم ينبه على ذلك لكن تمثيله بالذى ابنه كفل يرشد إليه وجملة مبتدأ وأو شبهها معطوف عليه وهو الذى سوغ الابتداء بالنكرة والذى خبر ويجوز العكس وهو أظهر ووصل صلة الذى وفيه ضمير يعود على الموصول والضمير فى به عائد على الجملة وشبهها وهو الرابط بين الصلة والموصول والتقدير والذى وصل به الموصول جملة أو شبهها ويحتمل أن يكون به نائبا عن الفاعل ولا ضمير حينئذ فى وصل والتقدير والذى وقع الوصل به جملة أو شبهها. ثم أشار إلى القسم الثانى من الموصولات وهو ما يوصل بالصفة فقال: وصفة صريحة صلة أل … وكونها بمعرب الأفعال قل

الصفة الصريحة هى اسم الفاعل واسم المفعول وأمثلة المبالغة والصفة المشبهة وفى وصل أل بالصفة المشبهة خلاف فتقول جاءنى القائم أبوه والضاربه زيد أى الذى قام أبوه والذى ضربه زيد وقام المكرم والمضروب أبوه أى الذى أكرم والذى ضرب أبوه وقام الضاربه زيد أى الذى يضربه زيد وجاء الحسن وجهه أى الذى حسن وجهه. والصريحة الخالصة واحترز بها من الصفة غير الصريحة وهى الصفات التى أجريت مجرى الأسماء نحو أبطح وأجرع وصاحب فلا يوصل بها أل وقوله: (وكونها بمعرب الأفعال قل) يعنى أنه جاءت صلة أل بمعرب الأفعال وهو الفعل المضارع قليلا ومنه قوله: - ما أنت بالحكم الترضى حكومته … ولا الأصيل ولا ذى الرأى والجدل (¬17) أى الذى ترضى حكومته وقوله وصفة صريحة خبر مقدم وصلة أل مبتدأ وكونها مبتدأ وبمعرب الأفعال متعلق به وقل خبر المبتدأ والظاهر أن كونها مصدر لكان التامة وتقدير البيت وصلة أل صفة صريحة ووقوعها بالفعل المضارع قليل وقوله: أى كما وأعربت ما لم تضف … وصدر وصلها ضمير انحذف وبعضهم أعرب مطلقا وفى … ذا الحذف أيّا غير أىّ يقتفى إن يستطل وصل وإن لم يستطل … فالحذف نزر وأبوا أن يختزل إن صلح الباقى لوصل مكمل من الموصولات أى وإنما أخرها عنها لما اختصت به دون سائر الموصولات من إعرابها فى بعض المواضع ولزوم إضافتها لفظا أو معنى وجواز حذف صدر صلتها وقوله أى كما، يعنى أن أيا مثل ما فيما تقدم من كونها تطلق على المذكر والمؤنث وفروعهما فتقول جاءنى أيهم قام وأيهم قاما وأيهم قاموا وأيهم قمن وقوله: (وأعربت ما لم تضف. وصدر وصلها ضمير انحذف) أى بالنظر إلى التصريح بالمضاف إليه وتقديره وإثبات صدر صلتها وحذفه على أربعة أقسام: الأول أن يصرح بالمضاف إليه ويثبت صدر صلتها نحو جاءنى أيهم هو ¬

_ (¬17) البيت من البسيط، وهو للفرزدق فى الإنصاف 2/ 521، وجواهر الأدب ص 319، وخزانة الأدب 1/ 32، والدرر 1/ 274، وشرح التصريح 1/ 38، 142، وشرح شذور الذهب ص 21، ولسان العرب 6/ 9 (أمس)، 12/ 565 (لوم)، والمقاصد النحوية 1/ 111، وليس فى ديوانه، وبلا نسبة فى أوضح المسالك 1/ 20، وتخليص الشواهد ص 154، والجنى الدانى ص 202، ورصف المبانى ص 75، 148، وشرح الأشمونى 1/ 71، وشرح ابن عقيل ص 85، وشرح عمدة الحافظ ص 99، والمقرب 1/ 60، وهمع الهوامع 1/ 85. والشاهد فيه قوله: «الترضى» حيث أدخل الموصول الاسمى «أل» على الفعل المضارع، وهذا قليل.

قائم. الثانى أن يحذفا معا نحو جاءنى أى قائم. الثالث أن يثبت صدر صلتها ولا يصرح بالمضاف إليه نحو جاءنى أى هو قائم فأى فى هذه الصور الثلاث معربة وإليها أشار بقوله وأعربت. الرابع أن يصرح بالمضاف إليه ويحذف صدر صلتها نحو جاءنى أيهم قائم فأى فى هذه الصورة مبنية على الضم وإلى ذلك أشار بقوله: (ما لم تضف * وصدر وصلها ضمير انحذف)، ومن ذلك قوله عز وجل: ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمنِ عِتِيًّا [مريم: 69] فأى مبتدأ وكما خبره وأعربت مبنى للمفعول والنائب عن الفاعل ضمير عائد عليها وما ظرفية مصدرية وصدر وصلها مبتدأ وضمير خبره وانحذف فى موضع الصفة لضمير والواو الداخلة على المبتدأ واو الحال والتقدير أى مثل ما فى جميع أحوالها وأعربت مدة كونها غير مضافة فى حال كون صدر صلتها محذوفا. وقوله وبعضهم أعرب مطلقا يعنى أن بعض العرب يعرب أيا الموصولة فى جميع الصور الأربع المذكورة وقرأ بعضهم ثم لننزل عن من كل شيعة أيهم أشد بنصب أىّ. ثم قال: (وفى * ذا الحذف أيا غير أى يقتفى) يعنى أن غير أى من الموصولات يتبع أيا فى جواز حذف صدر صلتها فالإشارة بذا إلى حذف صدر صلة أى لكن يشترط فى جواز حذف صدر صلة غير أى أن تطول الصلة وإلى ذلك أشار بقوله: (إن يستطل وصل) أى إن تطل الصلة وطولها أن يكون فيها زائد على المفرد المخبر به عن الصدر نحو ما حكاه سيبويه من قولهم ما أنا بالذى قائل لك سوءا التقدير بالذى هو قائل لك سوءا فالصلة طالت بالمجرور والمفعول ومن ذلك قوله عز وجل وَهُوَ الَّذِي فِي السَّماءِ إِلهٌ [الزخرف: 84] التقدير وهو الذى هو إله فى السماء فحذف الصدر لطول الصلة بالمجرور، ثم قال: (وإن لم يستطل * فالحذف نزر) يعنى أن حذف صدر صلة غير أى إن لم تطل الصلة قليل ومنه قراءة بعضهم «تماما على الذى أحسن» أى على الذى هو أحسن، وقوله: - من يعن بالحمد لم ينطق بما سفه … ولا يحد عن سبيل المجد والكرم (¬18) أى بما هو سفه. وغير أى مبتدأ ويقتفى خبره وأيا مفعول مقدم بيقتفى وفى متعلق ¬

_ (¬18) البيت من البسيط، وهو بلا نسبة فى أوضح المسالك 1/ 168، وتخليص الشواهد ص 160، والدرر 1/ 300، وشرح الأشمونى 1/ 78، وشرح التصريح 1/ 144، والمقاصد النحوية 1/ 466، وهمع الهوامع 1/ 90. والشاهد فيه قوله: «بما سفه» حيث حذف العائد إلى الاسم الموصول من جملة الصلة مع كون هذا العائد مرفوعا بالابتداء ولم تطل الصلة، إذ لم تشتمل إلا على المبتدأ والخبر. والتقدير: بما هو سفه.

بيقتفى وإن يستطل شرط ووصل مفعول ما لم يسم فاعله وجواب الشرط محذوف لدلالة ما تقدم عليه وقوله وإن لم يستطل معطوف على جملة الشرط والجواب وجوابه فالحذف نزر، ثم قال: (وأبوا أن يختزل * إن صلح الباقى لوصل مكمل) يعنى أن الباقى بعد حذف صدر الصلة إذا كان صالحا لأن يوصل به الموصول كأن يكون جملة من مبتدأ وخبر نحو جاءنى الذى هو جاريته قائمة أو فعلا وفاعلا نحو جاءنى الذى هو قام أبوه أو ظرفا نحو جاءنى الذى هو عندك أو مجرورا نحو جاءنى الذى هو فى الدار لا يجوز حذف الصدر فى شئ من ذلك لأن ما بقى بعد حذفه صالح لأن يكون صلة فلا دليل حينئذ على حذفه والضمير فى قوله وأبوا عائد على العرب وأن يختزل فى موضع المفعول بأبوا، والاختزال القطع وعبر به عن الحذف وقوله إن صلح شرط والباقى فاعل بصلح ولوصل متعلق بصلح ومكمل صفة لوصل وهو اسم فاعل من أكمل لأنه قد أكمل به الموصول فهو مكمل له. ولما فرغ من حكم الضمير المرفوع شرع فى حكم الضمير المنصوب فقال: والحذف عندهم كثير منجلى … فى عائد متّصل إن انتصب بفعل أو وصف كمن نرجو يهب يعنى أن الضمير العائد من الصلة إلى الموصول إذا كان منصوبا متصلا بالفعل أو بالوصف يجوز حذفه بكثرة ومثل للمنصوب بالفعل بقوله كمن نرجو يهب فمن مبتدأ وهو منصوب بمعنى الذى ونرجو صلته يهب خبر عنه والضمير العائد من الصلة إلى الموصول محذوف تقديره من نرجوه ومثال حذفه من الوصف قول الشاعر: - ما الله موليك فضل فاحمدنه به … فما لدى غيره نفع ولا ضرر (¬19) إلا أن حذفه مع الفعل أكثر من حذفه مع الوصف ولم ينبه الناظم على ذلك لكن تقديم الفعل على الوصف يرشد إليه واحترز بقوله متصل من المنفصل نحو جاءنى الذى إياه ضربت فلا يجوز حذفه وبقوله إن انتصب بفعل أو وصف من المنتصب بالحرف نحو جاءنى ¬

_ (¬19) البيت من البسيط، وهو بلا نسبة فى أوضح المسالك 1/ 169، وتخليص الشواهد ص 161، وشرح الأشمونى 1/ 79، وشرح التصريح 1/ 145، وشرح ابن عقيل ص 90، والمقاصد النحوية 1/ 447. والشاهد فيه قوله: «موليك» حيث حذف عائد الصلة، والتقدير: «ما الله موليكه».

الذى إنه قائم فلا يجوز حذفه أيضا. والحذف مبتدأ وخبره كثير ومنجلى خبر بعد خبر وعندهم متعلق بالحذف أو بكثير أو بمنجلى وفى عائد متعلق بكثير أو بمنجلى أو بالحذف فهو من باب التنازع وإن انتصب شرط وبفعل متعلق بانتصب وجواب الشرط محذوف لدلالة ما تقدم عليه والتقدير وحذف الضمير العائد من الصلة إلى الموصول إذا كان منصوبا متصلا بالفعل أو بالوصف كثير فى كلام العرب، ثم قال: كذاك حذف ما بوصف خفضا … كأنت قاض بعد أمر من قضى يعنى أن حذف الضمير العائد من الصلة إلى الموصول إذا كان مخفوضا بالوصف مثل الضمير المنصوب فى جواز حذفه بكثرة فالإشارة بقوله كذاك عائدة إلى حذف الضمير المنصوب المتقدم ثم مثل بقوله: (كأنت قاض)، وأشار به إلى قوله عز وجل فَاقْضِ ما أَنْتَ قاضٍ [طه: 72] أى ما أنت قاضيه واحترز بقوله ما بوصف عن الضمير المجرور بغير وصف فإنه لا يجوز حذفه نحو جاءنى الذى أبوه ذاهب فحذف مبتدأ وما مضاف إليه موصول صلته خفض وبوصف متعلق بخفض والتقدير حذف الضمير الذى خفض بالوصف مثل حذف الضمير المنصوب المتصل بالفعل أو الوصف فى الكثرة، ثم قال: كذا الّذى جرّ بما الموصول جرّ … كمرّ بالّذى مررت فهو برّ يعنى أن حذف الضمير العائد من الصلة إلى الموصول إذا كان مجرورا بحرف الجر كثير لكن بثلاثة شروط. الأول أن يكون الموصول مجرورا بمثل ذلك الحرف الذى جر به الضمير لفظا ومعنى. الثانى أن يكون العامل فى المجرورين متفقا لفظا ومعنى. الثالث أن يكون فى الصلة ضمير غيره وقد نبه على الأول بقوله: كذا الذى جر بما الموصول جر. وعلى الثانى والثالث بالمثال فالذى فى المثال مجرور بمثل الحرف الذى جر به الضمير وهو الباء والعامل فى بالذى مر وفى به مررت ولفظهما ومعناهما واحد وليس فى الصلة ضمير غيره فالذى جر مبتدأ وخبره كذا وصلة الذى جر وبما متعلق به وصلة ما جر الأخيرة والموصول مفعول مقدم بجر والتقدير الذى جر بالحرف الذى جر الموصول مثل المجرور بالوصف فى جواز الحذف بكثرة وفى بعض النسخ كذا الذى جر بما الموصول جر برفع الموصول وضم الجيم من جر بعده فالموصول على هذا مبتدأ وجر فى موضع خبره والضمير المستتر فى جر عائد على الموصول والضمير العائد على ما محذوف والتقدير كذا الذى جر بما جر الموصول به، وقوله فهو بر تتميم للبيت.

المعرف بأداة التعريف

المعرف بأداة التعريف هذا هو النوع الخامس من المعارف والمراد بأداة التعريف الألف واللام. واعلم أن الألف واللام على أربعة أقسام: للتعريف وزائدة وللمح الصفة وللغلبة، وقد أشار إلى الأول بقوله: أل حرف تعريف أو اللّام فقط … فنمط عرّفت قل فيه النّمط اختلف فى أل فقيل هى بجملتها للتعريف وهمزتها همزة قطع وحذفت فى الوصل لكثرة الاستعمال وهو مذهب الخليل وكان يسميها أل فهى عنده مثل هل وقد وهى عبارة الناظم فى هذا النظم وقيل هى أيضا بجملتها للتعريف إلا أن همزتها همزة وصل وقيل اللام وحدها للتعريف وضعت ساكنة واجتلبت همزة الوصل للابتداء بالساكن وهذان القولان عن سيبويه فقوله أل حرف تعريف يفهم الأول والثانى أى هى حرف تعريف بجملتها مع كون الهمزة أصلية أو زائدة وقوله أو اللام فقط هذا هو القول الثالث وقوله فنمط عرفت قل فيه النمط أى إذا أردت تعريف نمط أدخلت عليه أل فقلت النمط. والنمط ظهارة الفراش والنمط جماعة من الناس أمرهم واحد والنمط الطريق ولم يذكر المعرف بالأداة إلا فى قوله فنمط عرفت وإنما تكلم فى سائر الباب على الأداة فقط ولكن يفهم من معانيها حكم ما دخلت عليه. وأل مبتدأ وحرف تعريف خبره وأو اللام معطوف على المبتدأ وأو للتخيير وفقط اسم فعل بمعنى حسب ونمط مبتدأ وعرفت فى موضع الصفة للنمط وحذف الضمير العائد من الصفة إلى الموصوف والتقدير عرفته وقل فيه النمط خبر المبتدأ وتصحيح المعنى فيه أنه على حذف الأداة والتقدير فنمط إن أردت تعريفه فقل فيه النمط والنمط مفعول بقل على تضمينه معنى اذكر. ثم أشار إلى القسم الثانى، وهى الزائدة بقوله: وقد تزاد لازما كاللّات … والآن والّذين ثمّ اللّات ولاضطرار كبنات الأوبر … كذا وطبت النّفس يا قيس السّرى فذكر أن زيادة أل على قسمين: الأول زيادة لازمة وذكر من ذلك أربعة مواضع اللات وهو اسم صنم كان بالطائف وأل فيه زائدة لازمة لأنه علم، والآن وهو اسم للزمان الحاضر وأل فيه زائدة لازمة لم يستعمل فى كلام العرب مجردا منها وهو مبنى لتضمنه معنى أل التى تعرف بها وهذا من الغرائب لكونهم جعلوه متضمنا معنى أل وجعلوا أل الموجودة فيه زائدة لازمة.

والذين من الموصولات وأل فيه أيضا زائدة لازمة لأنه تعرف بالصلة وقيل أل فيه للتعريف وهو مذهب الفراء واللاتى جمع التى وهى مثل الذين فى أن أل فيه زائدة لازمة. الثانى زائدة لضرورة الشعر وذكر من ذلك لفظين الأول بنات الأوبر، وأشار بذلك إلى قول الشاعر: - ولقد جنيتك أكمؤا وعساقلا … ولقد نهيتك عن بنات الأوبر (¬20) أراد بنات أوبر وهو علم على نوع من الكمأة. والثانى طبت النفس وأشار بذلك إلى قول الشاعر: - رأيتك لما أن عرفت وجوهنا … صددت وطبت النفس يا قيس عن عمرو (¬21) أراد وطبت نفسا فأدخل أل على التمييز ضرورة لأن التمييز لا يكون إلا نكرة وقوله وقد تزاد يقتضى التقليل أشار بذلك إلى عدم اطراد زيادتها ولازما اسم فاعل من لزم وهو نعت لمصدر محذوف أى زيدا لازما وظاهر كلامه أن الضمير المستتر فى تزاد عائد على أل التى للتعريف كأنه قال أل حرف تعريف ثم قال وقد تزاد وليس الأمر كذلك لأن التى للتعريف لا تزاد وإنما يعنى لفظ أل دون تقييد بالتعريف وقوله ولاضطرار مفعول له وجره باللام مع توفير شروط النصب وهو جائز وطبت النفس إلى آخر البيت مبتدأ خبره كذا والجملة محكية بقول محذوف تقديره كذا قول الشاعر وإنما أتى بالواو فى وطبت لقصد الحكاية إذ هو كذلك فى البيت وتممه بالسرى وهو الشريف. ثم أشار إلى القسم الثالث من أقسام أل وهى التى للمح الصفة بقوله: ¬

_ (¬20) البيت من الكامل، وهو بلا نسبة فى الاشتقاق ص 402، والإنصاف 1/ 319، وأوضح المسالك 1/ 180، وتخليص الشواهد ص 167، وجمهرة اللغة ص 331، والخصائص 3/ 58، ورصف المبانى ص 78، وسر صناعة الإعراب ص 366، وشرح الأشمونى 1/ 85، وشرح التصريح 1/ 151، وشرح شواهد المغنى 1/ 166، وشرح ابن عقيل ص 96، ولسان العرب 2/ 21 (جوت)، 4/ 170 (حجر) 4/ 385 (سور)، 4/ 622 (عير)، 5/ 271 (وبر)، 6/ 271، (جحش)، 11/ 7 (أبل)، 11/ 159 (حفل)، 11/ 448 (عقل)، 12/ 18 (اسم)، 14/ 155 (جنى)، 15/ 309 (نجا)، والمحتسب 2/ 224، ومغنى اللبيب 1/ 52، 220، والمقاصد النحوية 1/ 498، والمقتضب 4/ 48، والمنصف 3/ 134. والشاهد فيه «بنات الأوبر» حيث زاد «أل» فى العلم مضطرا لأن «بنات أوبر» علم على نوع من الكمأة ردئ، والعلم لا تدخله «أل» فرارا من اجتماع معرّفين: العلمية و «أل» فزادها هنا ضرورة. (¬21) البيت من الطويل، وهو لرشيد بن شهاب فى الدرر 1/ 249، وشرح اختيارات المفضل ص 1325، وشرح التصريح 1/ 151، 394، والمقاصد النحوية 1/ 502، 3/ 225، وبلا نسبة فى أوضح المسالك 1/ 181، وتخليص الشواهد ص 168، والجنى الدانى ص 198، وجواهر الأدب ص 319، وشرح الأشمونى 1/ 85، وشرح ابن عقيل ص 96، وشرح عمدة الحافظ ص 153، 479، وهمع الهوامع 1/ 80، 252. والشاهد فيه قوله: «وطبت النفس» حيث ذكر التمييز معرّفا بالألف واللام، وكان حقّه أن يكون نكرة، وإنّما زاد الألف واللام فيه للضرورة.

وبعض الأعلام عليه دخلا … للمح ما قد كان عنه نقلا كالفضل والحارث والنّعمان … فذكر ذا وحذفه سيّان يعنى أن أل دخلت على بعض الأعلام للمح الأصل الذى كانت عليه قبل نقلها للعلمية وذكر ثلاثة مثل الفضل وهو منقول من المصدر والحرث وهو منقول من اسم الفاعل والنعمان وهو منقول من اسم عين وهو من أسماء الدم. وقوله فذكر ذا وحذفه سيان يعنى أنه يجوز أن يؤتى بهذه الأسماء التى ذكرت مقترنة بأل ومجردة منها وفهم من قوله وبعض الأعلام أن ذلك لا يكون فى جميع الأعلام وفهم من قوله نقلا أن ذلك لا يكون فى الأعلام المرتجلة. وقوله وبعض الأعلام مبتدأ ودخل خبره وعليه متعلق به والضمير المجرور عائد على بعض وهو الرابط بين المبتدأ والخبر وفى دخل ضمير مستتر يعود على أل واللام فى قوله للمح لام التعليل وهو متعلق بدخل وما اسم موصول وهو واقع على الحال الذى كانت هذه الأسماء عليه قبل النقل وقد كان إلى آخر البيت صلة لما والعائد من الصلة إلى الموصول الضمير فى عنه وفى كان ضمير هو اسمها وهو عائد على بعض وعنه متعلق بنقل والتقدير وبعض أسماء الأعلام دخل عليه أل للمح الشئ الذى كان عليه قبل النقل من قبول أل وقوله فذكر ذا مبتدأ وحذفه معطوف عليه وسيان خبرهما ومعناه مثلان ومفرده سىّ ثم انتقل إلى القسم الرابع من أقسام أل وهى التى للغلبة فقال: وقد يصير علما بالغلبه … مضاف أو مصحوب أل كالعقبه ذو الغلبة كل اسم اشتهر به بعض أفراد معناه وهو على ضربين مضاف كابن عمر وابن الزبير وذو أداة كالنابغة والأعشى والعقبة وهذا النوع تعرف قبل الغلبة بالإضافة أو بأل ثم غلبت عليه الشهرة فصار علما وألغى التعريف السابق والمراد بابن عمر عبد الله بن عمر بن الخطاب وابن الزبير عبد الله بن الزبير رضى الله تعالى عنهم وإنما ذكر الناظم المضاف فى هذا الفصل وليس من الباب لاشتراكه فى الغلبة مع ذى الأداة وفهم من قوله وقد يصير أن العلمية طرأت عليه وأن التعريف بالإضافة والأداة سابق للعلمية وعلما خبر يصير وهو مقدم على اسمها واسمها مضاف أو مصحوب أل. ثم قال: وحذف أل ذى إن تناد أو تضف … أوجب وفى غيرهما قد تنحذف

الابتداء

يعنى أن أل التى للغلبة إذا نودى ما هى فيه أو أضيف إلى ما بعده وجب حذفها فمثال المنادى يا نابغة ويا أعشى ومثال المضاف نابغة ذبيان وأعشى همدان وقوله وفى غيرهما قد تنحذف يعنى أن أل المذكورة قد تحذف فى غير النداء والإضافة وفهم من قوله قد قلة ذلك ومن حذفها فى غيرهما قولهم هذا يوم اثنين مباركا فيه وقول الشاعر: - إذا دبران منك يوما لقيته … أؤمّل أن ألقاك غدوا بأسعد (¬22) وحذف أل مفعول مقدم بأوجب وفى غيرهما متعلق بتنحذف والضمير فى غيرهما عائد على النداء والإضافة المفهومين من قوله إن تناد أو تضف. الابتداء الابتداء هو الاسم صريحا أو مؤولا مجردا عن العوامل اللفظية غير الزائدة مخبرا عنه أو وصفا رافعا لمكتفى به وقد فهم من هذا الحد أن المبتدأ على قسمين ذو خبر ووصف رافع لما يغنى عن الخبر وقد أشار إلى الأول بقوله: مبتدأ زيد وعاذر خبر … إن قلت زيد عاذر من اعتذر فاكتفى بالمثال عن الحد فزيد من قولك زيد عاذر مبتدأ وعاذر من المثال المذكور خبر ومن اعتذر تتميم للبيت ومبتدأ خبر مقدم وزيد مبتدأ وعاذر مبتدأ وخبر خبر عنه وإن قلت شرط وزيد عاذر مبتدأ وخبر ومن اعتذر مفعول بعاذر وجواب الشرط محذوف لدلالة ما تقدم عليه، ولو قال: إن قلت زيد عاذر من اعتذر … فالمبتدأ زيد وعاذر خبر لم يكن فيه حذف ولا تقديم ولا تأخير. ثم أشار إلى النوع الثانى من المبتدأ بقوله: وأوّل مبتدأ والثّانى … فاعل أغنى فى أسار ذان وقس وكاستفهام النّفى وقد … يجوز نحو فائز أولو الرّشد والثّان مبتدا وذا الوصف خبر … إن فى سوى الإفراد طبقا استقر ¬

_ (¬22) البيت من الطويل، وهو بلا نسبة فى تخليص الشواهد ص 176، والدرر 1/ 228، والمقاصد النحوية 1/ 508، وهمع الهوامع 1/ 72. والشاهد فيه قوله: «دبران» حيث حذف «أل» من العلم الغلبى فى غير النداء والإضافة، وهو قليل. والدبران: علم بالغلبة على الكوكب الذى يدبر الثريا.

يعنى أنك إذا قلت أسار ذان فالأول الذى هو أسار مبتدأ والثانى الذى هو ذان فاعل أغنى عن الخبر فأسار اسم فاعل من سرى وذان تثنية ذا وإنما لم يحتج هذا النوع من المبتدأ إلى الخبر لأنه بمنزلة الفعل فاكتفى بمرفوعه وقوله وقس أى قس على المثالين وهما زيد عاذر وأسار ذان وقس أيضا على الثانى فى كونه بعد استفهام وقوله: وكاستفهام النفى يعنى أن النفى مثل الاستفهام فى وقوع الوصف المذكور بعده فمثال وقوعه بعد الاستفهام قول الشاعر: - أقاطن قوم سلمى أم نووا ظعنا … إن يظعنوا فعجيب عيش من قطنا (¬23) ومثاله بعد النفى قوله: - خليلىّ ما واف بعهدى أنتما … إذا لم تكونا لى على من أقاطع (¬24) وقوله وقد يجوز نحو فائز أولو الرشد، يعنى أن هذا الوصف المذكور قد يأتى غير معتمد على استفهام ولا نفى وفهم من قوله وقد يجوز قلة ذلك، ومنه قوله: - خبير بنو لهب فلا تك ملغيا … مقالة لهبىّ إذا الطير مرّت (¬25) ففائز أولو الرشد فى المثال مثل خبير بنو لهب فى البيت وقوله والثانى مبتدأ وذا الوصف خبر إلخ، يعنى أن الوصف المذكور إذا كان مطابقا لمرفوعه فى غير الإفراد وهو التثنية والجمع جعل الثانى وهو الذى كان مرفوعا بالوصف مبتدأ وجعل الوصف خبرا مقدما وذلك نحو أقائمان الزيدان وأقائمون الزيدون؟ فالزيدان مبتدأ وخبره قائمان ولا يجوز أن يكون ¬

_ (¬23) البيت من البسيط، وهو بلا نسبة فى أوضح المسالك 1/ 190، وتخليص الشواهد ص 181، وجواهر الأدب ص 295، وشرح الأشمونى 1/ 89، وشرح التصريح 1/ 157، وشرح شذور الذهب ص 233، وشرح قطر الندى ص 122، والمقاصد النحوية 1/ 512. والشاهد فيه قوله: «أقاطن قوم سلمى» حيث أتى الوصف وهو «قاطن»، معتمدا على الاستفهام، وهو الهمزة، وبذلك اكتفى بالفاعل الذى هو قوله «قوم سلمى» عن خبر المبتدأ. (¬24) البيت من الطويل، وهو بلا نسبة فى أوضح المسالك 1/ 189، وتخليص الشواهد ص 181، والدرر 2/ 5، وشرح الأشمونى 1/ 89، وشرح التصريح 1/ 157، وشرح شذور الذهب ص 232، وشرح شواهد المغنى 2/ 898، وشرح قطر الندى ص 121، ومغنى اللبيب 2/ 556، والمقاصد النحوية 1/ 516، وهمع الهوامع 1/ 94. والشاهد فيه قوله: «ما واف أنتما» حيث جاء الوصف مبتدأ وهو «واف» معتمدا على نفى، وهو «ما» فاستغنى بالفاعل عن الخبر وهو أنتما. (¬25) البيت من الطويل، وهو لرجل من الطائيين فى تخليص الشواهد ص 182، وشرح التصريح 1/ 157، والمقاصد النحوية 1/ 518، وبلا نسبة فى أوضح المسالك 1/ 191، والدرر 2/ 7، وشرح الأشمونى 1/ 90، وشرح ابن عقيل ص 103، وشرح عمدة الحافظ ص 157، وشرح قطر الندى ص 272، وهمع الهوامع 1/ 94. والشاهد فيه قوله: (خبير بنو لهب) حيث سدّ الفاعل، وهو قوله: «بنو لهب» مسدّ الخبر من غير اعتماده على استفهام أو نفى وهذا قبيح عند سيبويه وسائغ عند الكوفيين والأخفش.

الوصف المذكور مبتدأ فى هذا المثال لتحمله ضمير الاسم الذى بعده وهذا الوصف جار مجرى الفعل فلا يثنى ولا يجمع وفهم من قوله فى سوى الإفراد أن المطابق فى الإفراد لا يتعين فيه كون الثانى مبتدأ والوصف خبر بل يجوز فيه الوجهان وذلك نحو أراغب أنت فيجوز فى أراغب أن يكون خبرا مقدما وأن يكون مبتدأ وأنت فاعل سد مسد الخبر فقوله وأول مبتدأ ومبتدأ خبره والثانى مبتدأ وفاعل خبره وأغنى فعل ماض فى موضع صفة للفاعل ومعموله محذوف وتقديره أغنى عن الخبر وفى أسار على حذف القول أى فى قولك أسار ذان وقس فعل أمر ومعموله محذوف أيضا وتقديره وقس على ما ذكر والنفى مبتدأ وخبره وكاستفهام ونحو فاعل يجوز وفائز مبتدأ وأولو الرشد فاعل سد مسد الخبر وهو محكى بقول محذوف أى نحو قولك فائز أولو الرشد والثانى مبتدأ وخبره مبتدأ وذا مبتدأ والوصف صفة له وخبر خبره وإن حرف شرط وفعل الشرط استقر وفى سوى متعلق باستقر وطبقا حال من فاعل استقر المستتر وهو عائد على الوصف والتقدير إن استقر الوصف مطابقا لمرفوعه فى غير الإفراد ويوجد فى بعض النسخ طبق بالرفع وإعرابه فاعل بفعل مقدر يفسره استقر وهو بمعنى مطابقة والتقدير إن استقر مطابقة بين الوصف ومرفوعه. ثم قال: ورفعوا مبتدأ بالابتدا … كذاك رفع خبر بالمبتدا يعنى أن الرافع للمبتدأ هو الابتداء والرافع للخبر هو المبتدأ والابتداء هو جعلك الاسم أولا لتخبر عنه ثانيا فهو معنى من المعانى وهذا الذى ذكر هو مذهب سيبويه قال فأما الذى يبنى عليه شئ هو هو فى معنى فإن المبنى عليه يرتفع به كما ارتفع هو بالابتداء وذلك كقولك عبد الله منطلق انتهى والضمير فى رفعوا عائد على العرب ورفع خبر مبتدأ وخبره بالمبتدأ والعامل فى كذاك الاستقرار الذى تعلقت به الباء فى قوله بالمبتدأ. ثم قال: والخبر الجزء المتمّ الفائده … كالله برّ والأيادى شاهده يعنى أن الخبر هو الجزء الذى تتم به فائدة الجملة الاسمية وإنما خص الخبر بكونه متم الفائدة وإن كانت الفائدة حصلت بمجموع الجزأين لأن الخبر هو الجزء الأخير من الجزأين فبه تتم الفائدة ولأنه الجزء المستفاد من الجملة ولذلك كان أصله أن يكون نكرة وأتى بمثالين الله برّ لأن الله تعالى بر بعباده والأيادى شاهدة والأيادى النعم وهو جمع أيد وأيد جمع يد فهو جمع الجمع. ثم قال:

ومفردا يأتى ويأتى جمله … حاوية معنى الّذى سيقت له يعنى أن خبر المبتدأ يأتى مفردا وهو الأصل ويأتى جملة والمفرد فى هذا الباب ما ليس بجملة وذلك نحو زيد قائم والزيدان قائمان والزيدون قائمون وشملت الجملة الاسمية نحو زيد أبوه ذاهب والفعلية نحو زيد قام أبوه وقوله حاوية معنى الذى سيقت له يعنى أن الجملة تكون مشتملة على رابط يربطها بالمبتدأ وإنما قال حاوية معنى ولم يقل حاوية ضميرا ليشمل الضمير نحو زيد قام أبوه وغيره مما يقع به الرابط وهو اسم الإشارة كقولة تعالى: وَلِباسُ التَّقْوى ذلِكَ خَيْرٌ [الأعراف: 26] فى قراءة الرفع وتكرر اللفظ بعينه كقوله تعالى: الْحَاقَّةُ (1) مَا الْحَاقَّةُ [الحاقة: 1 - 2] ومفردا حال من فاعل يأتى الأول المستتر وجملة حال من الضمير فى يأتى الثانى والضميران معا عائدان على الخبر وحاوية وصف لجملة ومعنى مفعول بحاوية والذى واقع على المبتدأ وصلته سيقت له والضمير العائد من الصلة إلى الموصول المجرور باللام وفى سيقت ضمير مستتر يعود على الجملة والتقدير يأتى الخبر مفردا ويأتى جملة مشتملة على رابط يعود على الاسم الذى سيقت له الجملة وهو المبتدأ ولما كان من الجملة الواقعة خبرا ما لا يحتاج إلى رابط نبه على ذلك بقوله: وإن تكن إيّاه معنى اكتفى … بها كنطقى الله حسبى وكفى يعنى أن الجملة المخبر بها إذا كانت هى المبتدأ فى المعنى اكتفى بها عن الرابط ثم مثل ذلك بقوله كنطقى الله حسبى فنطقى مبتدأ والله حسبى جملة فى موضع الخبر وليس فيها ضمير لأن الله حسبى هو نطقى ونطقى هو الله حسبى ومثل ذلك هجّيرى أبى بكر لا إله إلا الله. وإياه خبر تكن واسمها مستتر يعود على الجملة ومعنى منصوب على إسقاط حرف الجر أى فى المعنى واكتفى جواب الشرط وفيه ضمير مستتر يعود على المبتدأ والضمير فى بها عائد على الجملة. ثم قال: والمفرد الجامد فارغ وإن … يشتقّ فهو ذو ضمير مستكن قسم الخبر المفرد إلى جامد وإلى مشتق وذكر أن الجامد فارغ يعنى أن الضمير نحو زيد أخوك وأنت زيد وأن المشتق يتحمل ضميرا مستكنا أى لا يظهر نحو زيد قائم ففى قائم ضمير مستكنّ تقديره هو والمشتق هنا هو اسم الفاعل واسم المفعول وأمثلة المبالغة والصفة المشبهة وأفعل التفضيل ودخل فى قوله إن يشتق ما هو مؤول بالمشتق فإنه يتحمل الضمير نحو زيد تميمى وزيد أسد. فإن قلت ظاهر كلامه أن الضمير فى يشتق عائد على الخبر المفرد

الموصوف بالجمود وهو غير صحيح لأن الجامد لا يشتق. قلت هو عائد على الخبر المفرد غير مقيد بالجمود ونظيره فيما تقدم فى قوله وقد تزاد وما ذكره من كون المشتق يستكن فيه الضمير إنما هو فى الخبر الحقيقى حيث يرفع ضمير المبتدأ، وأما السببى فلا يستتر فيه الضمير بل يجب بروزه ضميرا كان الفاعل أو ظاهرا، وإلى ذلك أشار بقوله: وأبرزنه مطلقا حيث تلا … ما ليس معناه له محصّلا يعنى أن الخبر المفرد المشتق إذا تلا غيره من هو له وجب إبراز الضمير العائد على المبتدأ وشمل صورتين إحداهما أن يكون المرفوع ظاهرا نحو زيد قائم أبوه فالضمير المضاف إليه أب عائد على المبتدأ وهو بارز، والأخرى أن يكون المرفوع ضميرا وقوله مطلقا يعنى سواء خيف اللبس أو لم يخف وشمل صورتين إحداهما يعرض فيها اللبس نحو زيد عمرو ضاربه هو إذا أردت أن الضارب هو زيد والمضروب هو عمرو، وهذه الصورة متفق على وجوب إبراز الضمير فيها. والأخرى ما لا لبس فيها نحو زيد هند ضاربها هو وهذه مختلف فيها فمذهب البصريين أنه يجب الإبراز فيها كالتى قبلها ومذهب الكوفيين أنه يجوز فيها الإبراز والاستتار ومذهب الناظم فى هذا الرجز موافق للبصريين ولذلك قال مطلقا وقوله وأبرزنه أى أبرز الضمير ومطلقا منصوب على الحال من الضمير المنصوب فى أبرزنه وفى تلا ضمير يعود على الخبر وما واقعة على المبتدأ وهى موصولة مفعولة بتلا ومعناه اسم ليس والضمير فى معناه عائد على الخبر وهو الرابط بين الصلة والموصول والضمير فى له عائد على المبتدأ وفى قوله محصلا ضمير مستتر يعود على الخبر وتقدير البيت وأبرز الضمير العائد من الخبر إلى المبتدأ مطلقا إذا تلا الخبر مبتدأ ليس معنى ذلك الخبر محصلا لذلك المبتدأ، ثم قال: وأخبروا بظرف أو بحرف جر … ناوين معنى كائن أو استقر من أقسام الخبر أن يكون ظرفا أو جارا ومجرورا وهو راجع بالتقدير إلى المفرد والجملة ولذلك قال ناوين معنى كائن أو استقر فإذا قلت زيد عندك أو زيد فى الدار فالتقدير زيد كائن أو مستقر عندك وزيد كان أو استقر عندك، وإنما جعلوا هذا النوع قسما ثالثا زائدا على المفرد والجملة لأنه عوض عن الخبر ولذلك لا يجمع بينهما، واختار الناظم تقديره بالمفرد ولذلك قدمه ووجهه أن أصل الخبر الإفراد واختار أكثر البصريين تقديره بالفعل لأنه أصل فى العمل والضمير فى وأخبروا عائد على العرب وناوين حال منه ومعنى مفعول بناوين، ثم قال: ولا يكون اسم زمان خبرا … عن جثّة وإن يفد فأخبرا

يعنى أن اسم الزمان لا يخبر به عن الجثة فلا يقال زيد اليوم وفهم منه أن الجثة يخبر عنها باسم المكان نحو زيد أمامك وأن اسم الزمان يخبر به عن المعنى نحو القتال يوم الجمعة وقوله وإن يفد فأخبرا أى وإن يفد الإخبار عن الجثة باسم الزمان فأجز الإخبار به ومنه قولهم الهلال الليلة وهو فى المعنى راجع إلى الإخبار باسم الزمان عن المعنى لأن التقدير حدوث الهلال الليلة وقوله فأخبرا أراد فأخبرن فوقف على نون التأكيد الخفيفة بالألف وفاعل يفد ضمير عائد على الإخبار المفهوم من قوله خبرا، ثم قال: ولا يجوز الابتدا بالنّكره … ما لم تفد كعند زيد نمره وهل فتى فيكم فما خل لنا … ورجل من الكرام عندنا ورغبة فى الخير خير وعمل … برّ يزين وليقس ما لم يقل الغالب فى المبتدأ أن يكون معرفة وقد يكون نكرة بشرط حصول الفائدة وقد ذكر النحويون للابتداء بالنكرة مسوغات كثيرة واقتصر الناظم منها على ستة. الأول أن يقدم عليها الخبر وهو ظرف أو مجرور وهو المشار إليه بقوله كعند زيد نمرة. الثانى أن يتقدم عليها أداة استفهام وهو المشار إليه بقوله وهل فتى فيكم. الثالث أن يتقدم عليها أداة نفى وهو المشار إليه بقوله فما خل لنا. الرابع أن تكون موصوفة وهو المشار إليه بقوله ورجل من الكرام عندنا. الخامس أن تكون عاملة فيما بعدها وهو المشار إليه بقوله ورغبة فى الخير خير. السادس أن تكون مضافة إلى نكرة وهو المشار إليه بقوله: وعمل برّ يزين ثم قال وليقس ما لم يقل ففهم منه أنه لم يستوف المسوغات ولم يشترط سيبويه فى الابتداء بالنكرة إلا حصول الفائدة، وحكى من كلام العرب: أمت فى الحجر لا فيك، وليس فيه شئ من المسوغات التى ذكرها النحويون وما فى قوله ما لم تفد ظرفية مصدرية أى مدة كونها غير مفيدة واللام فى قوله وليقس لام الأمر والفعل مجزوم بها وما موصولة أو نكرة موصوفة فى موضع رفع على النيابة عن الفاعل، ثم قال: والأصل فى الأخبار أن تؤخّرا … وجوّزوا التّقديم إذ لا ضررا فامنعه حين يستوى الجزآن … عرفا ونكرا عادمى بيان كذا إذا ما الفعل كان الخبرا … أو قصد استعماله منحصرا أو كان مسندا لذى لام ابتدا … أو لازم الصّدر كمن لى منجدا

إنما كان الأصل فى الخبر أن يتأخر عن المبتدأ لأنه وصف له فى المعنى وحق الوصف أن يكون متأخرا عن الموصوف والخبر بالنسبة إلى تقديمه على المبتدأ وتأخيره عنه على ثلاثة أقسام: الأول جواز تقديمه وهو المشار إليه بقوله: (وجوزوا التقديم) وقوله: (إذ لا ضررا) أى إن لم يعرض عارض يمنع من تقديمه كما سيأتى، ومن تقديم الخبر على المبتدأ جوازا قولهم تميمى أنا ومشنوء من يشنؤك. الثانى وجوب تأخيره وذلك فى خمسة مواضع: الأول أن يستوى المبتدأ والخبر فى التعريف أو التنكير وهو المشار إليه بقوله: (فامنعه حين يستوى الجزءان * عرفا ونكرا) فمثال استوائهما فى التعريف زيد أخوك ومثال استوائهما فى التنكير أفضل منى أفضل منك، وقوله: (عادمى بيان) يعنى أنه لا يمتنع تقديم الخبر على المبتدأ إذا كانا متساويين فى التعريف أو التنكير إلا مع عدم البيان كالمثالين المذكورين وفهم منه أنه إذا كان فى الكلام ما يبين المبتدأ من الخبر جاز تقديم الخبر على المبتدأ نحو أبو حنيفة أبو يوسف فأبو حنيفة خبر مقدم وأبو يوسف مبتدأ مؤخر، وعلم ذلك من أن أبا يوسف هو المشبه بأبى حنيفة فهو المبتدأ، ومن ذلك قول الشاعر: - بنونا بنو أبنائنا وبناتنا … بنوهنّ أبناء الرجال الأباعد (¬26) فبنونا خبر مقدم لأن المعنى تشبيه أبناء البنين بالبنين. الموضع الثانى أن يكون فعلا مسندا إلى ضمير المبتدأ مع كون المبتدأ مفردا وهو المشار إليه بقوله: (كذا إذا ما الفعل كان الخبرا)، يعنى أنه يمتنع أيضا تقديم الخبر على المبتدأ إذا كان فعلا فأطلق وهو مقيد بما تقدم فإنه لا يمتنع تقديمه فى نحو الزيدان قاما وزيد قام أبوه وإنما يمتنع تقديمه فى نحو زيد قام وهند قامت. الموضع الثالث أن يكون الخبر محصورا بإلا أو بإنما وهو المشار إليه بقوله: (أو قصد استعماله منحصرا) مثاله ما زيد إلا قائم وإنما زيد قائم. الموضع الرابع أن يكون الخبر مسندا لمبتدأ مقرون بلام الابتداء وهو المشار إليه بقوله: (أو كان مسندا لذى لام ابتدا) يعنى أنه يمتنع تقديم الخبر إذا كان مسندا لمبتدأ ذى لام ابتداء نحو لزيد قائم. الموضع الخامس أن يكون مسندا ¬

_ (¬26) البيت من الطويل، وهو للفرزدق فى خزانة الأدب 1/ 444، وبلا نسبة فى الإنصاف 1/ 66، وأوضح المسالك 1/ 106، وتخليص الشواهد ص 198، والحيوان 1/ 346، والدرر 2/ 24، وشرح الأشمونى 1/ 99، وشرح التصريح 1/ 173، وشرح شواهد المغنى 2/ 848، وشرح ابن عقيل ص 119، وشرح المفصل 1/ 99، 9/ 132، ومغنى اللبيب 2/ 452، وهمع الهوامع 1/ 102. والشاهد فيه قوله: «بنونا بنو أبنائنا» حيث جاز تقديم الخبر على المبتدأ مع مساواتهما فى التعريف، لأجل القرينة المعنوية لأن الخبر هو محط الفائدة، فما يكون فيه التشبيه الذى تذكر الجملة لأجله، فهو الخبر، وهو قوله: «بنونا» إذ المعنى أن بنى أبنائنا مثل بنينا، لا أن بنينا مثل بنى أبنائنا.

لمبتدأ من أدوات الصدر وهو المشار إليه بقوله: (أو لازم الصدر) يعنى أو كان مسندا للازم الصدر وذلك نحو أدوات الاستفهام وأدوات الشرط ومثل للاستفهام بقوله: (كمن لى منجدا)، ومثال الشرط من يقم أقم معه. الثالث وجوب تقديمه أعنى تقديم الخبر وذلك فى أربعة مواضع: الموضع الأول أن يكون ظرفا أو مجرورا مع كون المبتدأ نكرة وهو المشار إليه بقوله: ونحو عندى درهم ولى وطر … ملتزم فيه تقدم الخبر الموضع الثانى أن يعود على الخبر ضمير من المبتدأ وهو المشار إليه بقوله: كذا إذا عاد عليه مضمر … ممّا به عنه مبينا يخبر هذا على حذف مضاف أى على ملابسه والتقدير كذا يلزم تقديم الخبر إذا عاد على ملابسه ضمير من المبتدأ الذى يخبر بالخبر عنه نحو على التمرة مثلها زبدا فلا يجوز مثلها على التمرة لئلا يعود الضمير من مثلها على التمرة وهو متأخر لفظا ورتبة. الموضع الثالث أن يكون الخبر من ذوات الصدور وهو المشار إليه بقوله. كذا إذا يستوجب التّصديرا … كأين من علمته نصيرا يعنى أنه يلزم تقديمه إذا كان صدرا ومثل ذلك بقوله: كأين من علمته نصيرا فأين ظرف مكان مضمن معنى همزة الاستفهام ومن مبتدأ موصول وعلمته صلته ونصيرا مفعول ثان أو حال من الهاء فى علمته إذا جعلت علم بمعنى عرف. وخبر المحصور قدّم أبدا … كما لنا إلّا اتباع أحمدا الموضع الرابع أن يكون المبتدأ محصورا بإلا أو بإنما وهو المشار إليه بقوله: (وخبر المحصور قدّم أبدا) ومثل ذلك بقوله: (كما لنا إلا اتباع أحمدا) فلنا خبر واجب التقديم لأن المبتدأ هو اتباع أحمد إذ هو محصور بإلا، ومثاله محصورا بإنما إنما فى الدار زيد، وقوله والأصل مبتدأ وفى الأخبار متعلق به وأن تؤخرا خبر المبتدأ والضمير فى وجوّزوا عائد على العرب، وضررا اسم لا، والخبر محذوف تقديره فى التقديم والضمير فى امنعه عائد على التقديم وعرفا ونكرا منصوبان على إسقاط الجار والتقدير فى عرف ونكر وعادمى منصوب على الحال من الجزأين والعامل فى كذا محذوف تقديره ويمتنع والفعل مرفوع بكان مقدرة من باب الاشتغال وفى كان ضمير مستتر عائد على الفعل وأو قصد استعماله جملة معطوفة على الجملة

التى بعد إذا والهاء فى استعماله عائدة على الخبر والتقدير كذا إذا كان الفعل خبرا أو قصد استعمال الخبر منحصرا وكذا متعلق بمحذوف كما تقدم فى الذى قبله ومضمر فاعل بعاد والضمير فى عليه عائد على الخبر وما فى قوله مما واقعة على المبتدأ وهى موصولة وصلتها يخبر وبه وعنه متعلقان بيخبر والضمير العائد على الموصول الضمير فى عنه والضمير فى به عائد على الخبر ومبينا حال من الضمير فى به وهذا البيت من الأبيات المعقدة فى هذا الرجز وكذا متعلق أيضا بمحذوف كما سبق والفاعل بيستوجب ضمير عائد على الخبر والتصديرا مفعول بيستوجب وخبر المحصور مفعول مقدم بقدّم وأبدا منصوب على الظرف. وحذف ما يعلم جائز كما … تقول زيد بعد من عندكما ثم قال: (وحذف ما يعلم جائز) يعنى أنه يجوز حذف كل واحد من المبتدأ والخبر إذا علم ثم مثل حذف الخبر للعلم به بقوله: (كما * تقول زيد بعد من عندكما) فزيد مبتدأ والخبر محذوف للعلم به وتقديره زيد عندنا ثم مثل حذف المبتدأ للعلم به بقوله: وفي جواب كيف زيد قل دنف … فزيد استغنى عنه إذ عرف فدنف خبر والمبتدأ محذوف تقديره زيد دنف وفهم من قوله وحذف ما يعلم جائز أنه يجوز حذف المبتدأ والخبر معا إذا علما ومنه قوله تعالى: وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ [الطلاق: 4] أى فعدتهن ثلاثة أشهر فحذف المبتدأ والخبر لدلالة ما تقدم عليه وفى جواب متعلق بقل وقوله فزيد استغنى عنه إذ عرف تتميم للبيت ولو استغنى عنه لصح المعنى. وبعد لولا غالبا حذف الخبر … حتم وفى نصّ يمين ذا استقر وبعد واو عيّنت مفهوم مع … كمثل كلّ صانع وما صنع ثم إن الخبر يحذف وجوبا فى أربعة مواضع. الأول بعد لولا الامتناعية وإليه أشار بقوله: (وبعد لولا غالبا حذف الخبر * حتم) وفهم من قوله غالبا أن للو لا استعمالين غالبا وغير غالب وأنه لا يجب الحذف إلا بعد الاستعمال الغالب والاستعمال الغالب فيها أن يعلق الامتناع على نفس المبتدأ نحو لولا زيد لأكرمتك ففى مثل هذا يجب حذف الخبر لسدّ الجواب مسده وغير غالب أن يعلق الامتناع على صفة فى المبتدأ نحو لولا زيد باك لضحكت فالامتناع فى هذه الصورة معلق على بكاء زيد لا على زيد ففى مثل هذا لا يجب حذف الخبر بل يجوز إذا دل عليه دليل فغالبا حال من لولا، وحذف الخبر حتم جملة من مبتدأ وخبر وبعد متعلق بحذف أو بحتم والتقدير وحذف الخبر متحتم بعد لولا فى غالب أمرها وهو تعليق الامتناع على نفس المبتدأ.

الثانى بعد مبتدأ هو نص فى القسم وإليه أشار بقوله: (وفى نص يمين ذا استقر) وذلك نحو قولك لعمرك لأفعلن فالخبر واجب الحذف تقديره قسمى ووجب حذفه لسد الجواب مسده وذا إشارة لتحتم حذف الخبر. الثالث بعد واو المعية وهو المشار إليه بقوله: (وبعد واو عينت مفهوم مع) أى يجب حذف الخبر بعد الواو التى بمعنى مع، ومثل ذلك بقوله: (كمثل كل صانع وما صنع) فكل صانع مبتدأ وما معطوفة عليه وهى موصولة أو مصدرية وهو أظهر والخبر محذوف وجوبا تقديره مقرونان. وبعد واو متعلق بمحذوف تقديره ويحذف. الرابع أن يقع المبتدأ قبل حال لا يصح جعلها خبرا عن المبتدأ وهو المشار إليه بقوله: وقبل حال لا يكون خبرا … عن الّذى خبره قد أضمرا أى يجب حذف الخبر أيضا قبل الحال الممتنع جعلها خبرا عن المبتدأ المذكور قبلها فقبل متعلق بمحذوف تقديره ويحذف ولا يكون خبرا جملة فى موضع الصفة لحال وعن الذى متعلق بخبرا والذى نعت لمحذوف تقديره عن المبتدأ الذى وشرط هذا المبتدأ أن يكون مصدرا عاملا فى مفسر صاحب الحال المذكورة أو أفعل التفضيل مضافا إلى المصدر المذكور وقد مثل للأول بقوله: كضربى العبد مسيئا وأتمّ … تبيينى الحقّ منوطا بالحكم والتقدير ضربى العبد إذا كان مسيئا فضربى مبتدأ وهو مصدر عامل فى العبد والعبد مفسر للضمير المستتر فى كان المحذوفة وكان المحذوفة تامة ومسيئا اسم فاعل من أساء وهو حال من الضمير المذكور فالخبر على هذا الاستقرار العامل فى إذا المحذوفة أى ضربى كائن إذا. ثم مثل للثانى أيضا بقوله: (وأتم * تبيينى الحق منوطا بالحكم) فأتم أفعل تفضيل وهو مبتدأ مضاف إلى تبيينى والحق مفعول بتبيينى ومنوطا حال من الضمير المستتر فى كان المقدرة ومعنى منوطا متعلق وبالحكم متعلق به. ثم قال: وأخبروا باثنين أو بأكثرا … عن واحد كهم سراة شعرا يعنى أن المبتدأ الواحد قد يتعدد خبره فيكون أكثر من واحد وذلك على وجهين: أحدهما أن تتعدد لفظا لا معنى نحو الرمان حلو حامض لأن معنى الخبرين راجع إلى شئ واحد إذ معناهما مزّ فهذا لا يجوز فيه عطف أحد الخبرين على الآخر لأنهما بمنزلة اسم واحد والثانى

كان وأخواتها

أن يتعدد لفظا ومعنى نحو زيد كاتب شاعر فهذا يجوز أن يعطف الثانى على الأول وأن لا يعطف وإلى هذا المثال أشار بقوله: (كهم سراة شعرا) فهم مبتدأ وسراة خبر أول وشعرا خبر بعد خبر وسراة جمع سرى على غير قياس وهو الشريف قال الجوهرى وهو جمع عزيز أن يجمع فعيل أصلا على فعلة ولا يعرف غيره وجمع السراة سروات. كان وأخواتها لما فرغ من المبتدأ والخبر شرع فى نواسخ الابتداء وسميت نواسخ الابتداء لأن الابتداء رفع المبتدأ فلما دخلت عليه النواسخ نسخت عمله وصار العمل لها. وبدأ بكان وأخواتها فقال رحمه الله تعالى: ترفع كان المبتدا اسما والخبر … تنصبه ككان سيّدا عمر يعنى أن كان ترفع ما كان قبل دخولها مبتدأ على أنه اسمها وتنصب ما كان قبل دخولها خبرا على أنه خبرها ثم مثل بقوله ككان سيدا عمر، وفهم من تمثيله جواز تقديم خبرها على اسمها وسينص عليه بعد وكان فاعل بترفع والمبتدأ مفعول واسما حال من المبتدأ والخبر منصوب بإضمار فعل يفسره تنصبه ويجوز أن يكون مبتدأ والجملة بعده خبر والأول أجود لعطفه على الجملة الفعلية، ثم قال: ككان ظلّ بات أضحى أصبحا * أمسى وصار ليس زال برحا * فتئ وانفكّ يعنى أن ظل وما بعدها مثل كان فى رفعها الاسم ونصبها الخبر ثم إن هذه الأفعال على ثلاثة أقسام: قسم يعمل بلا شرط وهو كان وليس وما بينهما وقسم يعمل بشرط تقدم النفى أو شبهه وهو النهى وذلك زال وانفك وما بينهما. وقسم يعمل بشرط تقدم ما المصدرية وهو دام وإلى هذا القسم أشار بقوله: وهذى الأربعه * … لشبه نفى أو لنفى متبعه ومثل كان دام مسبوقا بما * … كأعط ما دمت مصيبا درهما يعنى أن زال وبرح وفتئ وانفك لا تعمل العمل المذكور إلا بشرط أن تكون متبعة لنفى أو شبهه وشمل قوله أو لنفى جميع أدوات النفى، والمراد بشبهه النهى كقوله:

- صاح شمّر ولا تزل ذاكر المو … ت فنسيانه ضلال مبين (¬27) وقوله: ومثل كان دام مسبوقا بما يعنى أن دام مثل كان فى عملها ويشترط فى عملها العمل المذكور أن يتقدم عليها ما ثم مثل بقوله كأعط ما دمت مصيبا درهما وفهم من المثال أن ما المذكورة ظرفية مصدرية إذ التقدير أعط درهما مدة دوامك مصيبا وفهم من المثال اشتراط تقدم النفى أو شبهه فى زال وأخواتها وتقدم ما فى دام وأن ما بقى من الأفعال المذكورة لا يشترط فيه شئ. ولما ذكر هذه الأفعال بلفظ الماضى وكان غير الماضى كالمضارع والأمر والمصدر واسم الفاعل يعمل عمل الماضى أشار إلى ذلك بقوله: وغير ماض مثله قد عملا … إن كان غير الماض منه استعملا وفهم من قوله: إن كان غير الماضى منه استعملا، أن منها ما لا يتصرف بل يلزم لفظ الماضى وذلك ليس ودام. فغير مبتدأ وخبره قد عملا ومثله نعت لمصدر محذوف وهو أيضا على حذف مضاف بين مثل والهاء والتقدير قد عمل عملا مثل عمله وإن كان شرطا والجواب محذوف لدلالة ما تقدم عليه. وفى جميعها توسّط الخبر … أجز ثم اعلم أن خبر هذه الأفعال أصله التأخير عن الاسم ويجوز تقديمه فأما تقديمه على اسمها فجائز فى جميعها وإلى ذلك أشار بقوله: (وفى جميعها توسط الخبر * أجز) أى فى جميع هذه الأفعال ومنه قوله عز وجل: وَكانَ حَقًّا عَلَيْنا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ [الروم: 47] وتوسط الخبر مفعول مقدم بأجز وأما تقديمه عليها فهى فى ذلك ثلاثة أقسام: قسم يمتنع تقديمه عليه باتفاق وهو ما دام وما اقترن منها بما النافية وإلى ذلك أشار بقوله: وكلّ سبقه دام حظر … كذاك سبق خبر ما النّافيه فجئ بها متلوّة لا تاليه يعنى أن النحويين كلهم منعوا أن يسبق الخبر دام ولذلك صورتان: إحداهما أن يسبق ما ¬

_ (¬27) البيت من الخفيف، وهو بلا نسبة فى أوضح المسالك 1/ 234، وتخليص الشواهد ص 230، والدرر 2/ 44، وشرح الأشمونى 1/ 110، وشرح التصريح 1/ 185، وشرح ابن عقيل ص 136، وشرح عمدة الحافظ ص 199، وشرح قطر الندى ص 127، والمقاصد النحوية 2/ 14، وهمع الهوامع 1/ 111. والشاهد فيه قوله: «ولا تزل ذاكر الموت» حيث عمل الفعل «زال» عمل «كان» لأنه سبق بنهى.

المقرونة بدام نحو قائما ما دام زيد فهذا ممتنع اتفاقا لأن ما مصدرية وما بعدها صلة لها والصلة لا تتقدم على الموصول والأخرى أن يسبق دام ويتأخر عن ما نحو ما قائما دام زيد وفى هذا خلاف وظاهر كلامه أن منع هذا مجمع عليه فإنه أتى بدام مجردة من ما فشمل الصورتين. ومما لا يتقدم عليه الخبر فى هذا الباب ما النافية الداخلة على هذه الأفعال وإلى ذلك أشار بقوله: (كذلك سبق خبر ما النافية) أى كذاك أيضا يمتنع أن يسبق الخبر ما النافية الداخلة على هذه الأفعال لأن ما لها صدر الكلام فلا يجوز قائما ما كان زيد ولا مقيما ما صار عمرو فكل مبتدأ وحظر خبره ومعناه منع وسبقه مفعول بحظر وهو مصدر مضاف إلى الفاعل ودام مفعول بالمصدر والتقدير كل النحويين منعوا أن يسبق الخبر دام. وسبق خبر مبتدأ وهو مصدر مضاف إلى الفاعل وما مفعول بالمصدر والنافية نعت لما وخبره كذاك والتقدير أن يسبق الخبر ما النافية مثل سبق الخبر دام فى المنع. وقوله: (فجئ بها متلوة لا تالية) تصريح بما فهم من وجوب تأخير الخبر عن ما المقرونة بالفعل وفهم من تخصيص الحكم بها أنه لا يمتنع التقديم إذا كان النفى بغيرها وفهم من قوله: (فجئ بها متلوة لا تالية) أنه يجوز أن يتوسط الخبر بين ما والفعل نحو ما قائما كان زيد وفهم من إطلاقه أن ذلك فى جميع الأفعال فشمل نحو ما قائما كان زيد وما مقيما زال عمرو وفى هذا الأخير خلاف والمشهور المنع ومتلوة حال من ما وفى بعض النسخ بها وهو عائد على ما ومتلوة حال منها وتالية معطوف فهو تتميم للبيت لصحة الاستغناء عنه. ومنع سبق خبر ليس اصطفى … وذو تمام ما برفع يكتفى وما سواه ناقص القسم الثانى ما فى تقديمه خلاف وهو ليس وإلى ذلك أشار بقوله: (ومنع سبق خبر ليس اصطفى) يعنى أن فى تقديم خبر ليس عليها خلافا والمختار عند الناظم المنع لعدم تصرفها وفى ذلك خلاف مشهور. ومنع مبتدأ مضاف إلى سبق وسبق مصدر مضاف إلى الفاعل وهو خبر وليس مفعول بسبق واصطفى خبر المبتدأ والتقدير منع أن يسبق الخبر ليس مصطفى. القسم الثالث ما يجوز تقديم الخبر عليه من غير خلاف وهو ما بقى منها. فإن قلت من أين يفهم من كلامه هذا القسم. قلت من سكوته عنه فإنه لما ذكر ما يمتنع تقديمه وما فى تقديمه خلاف علم أن ما بقى يجوز تقديمه ثم قال: (وذو تمام ما برفع يكتفى * وما سواه ناقص)

يعنى أن ما اكتفى من هذه الأفعال بالمرفوع عن المنصوب يسمى تاما كقوله تعالى: وَإِنْ كانَ ذُو عُسْرَةٍ [البقرة: 280] أى وإن حضر، وما لم يكتف بالمرفوع يسمى ناقصا نحو وكان الله بكل شئ عليما ولكونه لا يكتفى بالمرفوع يسمى ناقصا وقيل سميت ناقصة لأنها نقصت عن الأفعال لأنها لا تدل على الحدث وما موصولة والظاهر أنها مبتدأ وخبرها ذو تمام وبرفع متعلق بيكتفى وهو مصدر فى معنى المفعول أى بمرفوع وما الثانية موصولة أيضا وصلتها سواه هى مبتدأ وخبرها ناقص. ثم قال: والنّقص فى … فتئ ليس زال دائما قفى يعنى أن هذه الأفعال الثلاثة وهى فتئ وليس وزال لا تستعمل إلا ناقصة أى غير مكتفية بالمرفوع فالنقص مبتدأ وخبره قفى أى تبع ودائما حال من الضمير المستتر فى قفى وفى فتئ متعلق بقفى أو بالنقص وليس وزال معطوفان على حذف حرف العطف، ثم قال: ولا يلى العامل معمول الخبر … إلّا إذا ظرفا أتى أو حرف جرّ مراده بالعامل هنا كان وأخواتها يعنى أن معمول الخبر لا يلى كان وأخواتها فلا تقول كان طعامك زيد آكلا فإذا كان المعمول ظرفا أو مجرورا جاز أن يليها نحو كان عندك زيد مقيما وكان فى الدار عمرو جالسا. والعامل مفعول بيلى وفاعله معمول الخبر وظرفا أو حرف جر حالان من الضمير المستتر فى أتى وهو عائد على معمول الخبر وأجاز الكوفيون أن يليها المعمول وهو غير ظرف ولا مجرور مستدلين بقول الشاعر: - قنافذ هدّاجون حول بيوتهم … بما كان إيّاهم عطيّة عوّدا (¬28) وهو عند البصريين مؤول بتقدير ضمير الشأن، وإليه أشار بقوله: ومضمر الشّان اسما انو إن وقع … موهم ما استبان أنّه امتنع ¬

_ (¬28) البيت من الطويل، وهو للفرزدق فى ديوانه 1/ 181، وتخليص الشواهد ص 245، وخزانة الأدب 9/ 268، 269، والدرر 2/ 71، وشرح التصريح 1/ 190، والمقاصد النحوية 2/ 24، والمقتضب 4/ 101، وبلا نسبة فى أوضح المسالك 1/ 248، وشرح ابن عقيل ص 144، ومغنى اللبيب 2/ 610، وهمع الهوامع 1/ 118. والشاهد فيه قوله: «بما كان إياهم عطية عودا» حيث جاء فى «كان» ضمير مستتر هو ضمير الشأن، وهو اسمها. وقيل: «عطية» اسم «كان» وقد فصل الشاعر بين «كان» واسمها بغير الظرف، وهذا جائز عند الكوفيين وطائفة من البصريين. وقيل غير ذلك.

يعنى أنه إذا ورد من كلام العرب ما يوهم تقديم معمول خبر كان على اسمها وهو غير ظرف أو مجرور يؤول على أن ينوى فى كان ضمير الشأن وهو اسمها والجملة بعدها فى موضع خبرها ففى كان من قوله بما كان إياهم ضمير الشأن وهو اسمها وعطية مبتدأ وعودا فى موضع خبره وإياهم مفعول بعوّدا مقدما على المبتدأ. وقوله ومضمر الشأن مفعول بانو واسما منصوب على الحال من مضمر الشأن وإن وقع شرط وموهم فاعل بوقع وما موصولة أو مصدرية أو موصوفة وصلتها أو صفتها استبان إلخ وأن وما بعدها مؤولة بمصدر وهو الفاعل باستبان والرابط بين ما وصلتها أو صفتها الضمير فى أنه. ثم قال: وقد تزاد كان فى حشو كما … كان أصحّ علم من تقدّما ويحذفونها ويبقون الخبر … وبعد إن ولو كثيرا ذا اشتهر وفهم من قوله وقد تزاد قلة زيادتها بالنسبة إلى عدم الزيادة وفهم من قوله كان أنها تزاد بلفظ الماضى وأنه لا يزاد غيرها من أخواتها وفهم من قوله فى حشو أنها لا تزاد أولا ولا آخرا، وما فى قوله كما تعجبية وهى تامة فى موضع رفع بالابتداء وأصحّ فعل ماض وفاعله ضمير مستتر عائد على ما وعلم مفعول بأصحّ فكان على هذا زائدة بين ما وأصح. ثم قال: (ويحذفونها ويبقون الخبر) يعنى أن العرب يحذفون كان وفهم من قوله ويبقون الخبر أنها تحذف مع اسمها ويطرد حذفها فى ثلاثة مواضع. الأول بعد إن الشرطية. الثانى بعد لو. الثالث بعد أن المصدرية وقد أشار إلى الأول والثانى بقوله: (وبعد إن ولو كثيرا ذا اشتهر) فمثال حذفها بعد إن قولهم المرء مقتول بما قتل به إن سيفا فسيف وإن خنجرا فخنجر أى إن كان المقتول به سيفا ومثاله بعد لو قوله صلّى الله عليه وسلّم: «احفظوا عنى ولو آية» أى ولو كان المحفوظ آية، وقول الشاعر: - لا يأمن الدهر ذو بغى ولو ملكا … جنوده ضاق عنها السهل والوعر (¬29) وفهم من قوله اشتهر أن حذفها مع اسمها فى غير ما ذكر قليل، ومنه ما أنشد سيبويه: ¬

_ (¬29) البيت من البسيط، وهو للّعين المنقرى فى خزانة الأدب 1/ 257، والدرر 2/ 85، وبلا نسبة فى أوضح المسالك 1/ 262، وتخليص الشواهد ص 260، وشرح الأشمونى 1/ 119، وشرح التصريح 1/ 193، وشرح شواهد المغنى 2/ 658، وشرح قطر الندى ص 142، ومغنى اللبيب 1/ 268، والمقاصد النحوية 2/ 50.

- من لد شولا فإلى إتلائها (¬30) أى من لدن أن كانت شولا فذا إشارة إلى الحذف وهو مبتدأ واشتهر خبره وبعد متعلق باشتهر وكثيرا نعت لمصدر محذوف أى اشتهارا كثيرا ويحتمل أن يكون حالا من الضمير المستتر فى اشتهر ثم أشار إلى الثالث بقوله: وبعد أن تعويض ما عنها ارتكب … كمثل أمّا أنت برا فاقترب يعنى أن كان تحذف بعد أن ويعوض عنها ما وفهم من قوله: (تعويض ما عنها) أنها لا يحذف اسمها معها وتعويض مبتدأ وهو مضاف إلى ما وارتكب خبره وبعد وعنها متعلقان بتعويض ومثل بقوله: (أما أنت برا فاقترب) والتقدير اقترب لأن كنت برا فحذفت كان وعوض عنها ما فانفصل الضمير الذى كان متصلا بها وحذفت لام الجر لأن حذفها مع أن مطرد فأنت فى قوله أما أنت اسم كان المحذوفة وبرا خبرها. ثم قال: ومن مضارع لكان منجزم … تحذف نون وهو حذف ما التزم إذا دخل الجازم على مضارع كان وهو يكون سكنت نونه وحذفت الواو لالتقاء الساكنين فتقول لم يكن ويجوز بعد ذلك أن تحذف نونه لشبهها بحرف اللين ولكثرة الاستعمال فتقول لم يك زيد قائما ومذهب يونس أنها تحذف قبل المتحرك كالمثال المتقدم وقبل الساكن كقوله: - لم يك الحقّ سوى أن هاجها … رسم دار قد تعفى بالسرار (¬31) ¬

_ (¬30) الرجز بلا نسبة فى الأشباه والنظائر 2/ 361، 8/ 248، وأوضح المسالك 1/ 263، وتخليص الشواهد ص 260، وخزانة الأدب 4/ 24، 9/ 318، والدرر 2/ 87، وسر صناعة الإعراب 2/ 546، وشرح الأشمونى 1/ 119، وشرح التصريح 1/ 194، وشرح شواهد المغنى 2/ 836، وشرح ابن عقيل ص 149، وشرح المفصل 4/ 101، 8/ 35، والكتاب 1/ 264، ولسان العرب 13/ 384 (لون)، مغنى اللبيب 2/ 422، والمقاصد النحوية 2/ 51، وهمع الهوامع 1/ 122. والشاهد فيه قوله: «من لد شولا» حيث حذف «كان» واسمها وأبقى خبرها وهو «شولا» بعد «لد» وهذا شاذ؛ لأنه إنما يكثر حذف «كان» بعد «إن» و «لو». وقيل: «شولا» مفعول مطلق لفعل محذوف، والتقدير: «من لد شالت الناقة شولا». (¬31) البيت من الرمل، وهو لحسين (أو الحسن كما فى لسان العرب) ابن عرفطة فى خزانة الأدب 9/ 304، والدرر 2/ 94، ولسان العرب 13/ 364 (كون)، ونوادر أبى زيد ص 77، وبلا نسبة فى تخليص الشواهد ص 268، والخصائص 1/ 90، والدرر 6/ 217، وسر صناعة الإعراب 2/ 440، 540، والمنصف 2/ 228، وهمع الهوامع 1/ 122، 156.

فصل فى ما ولا ولات وإن المشبهات بليس

ومذهب سيبويه أنه لا يجوز حذفها قبل الساكن وفهم من إطلاق الناظم أنه موافق لمذهب يونس وقوله وهو حذف ما التزم أى لا يلزم حذفها بل هو جائز ومن مضارع متعلق بتحذف ولكان متعلق بمضارع وهو حذف مبتدأ وخبر وما نافية وهى وما بعدها صفة لحذف. فصل فى ما ولا ولات وإن المشبهات بليس إنما فصل هذه الحروف من باب كان وإن كان عملها كلها واحدا لأن هذه أحرف وتلك أفعال. ثم قال: إعمال ليس أعملت ما دون إن … مع بقا النّفى وترتيب زكن ما النافية مع الحروف المشتركة بين الأسماء والأفعال فأصلها أن لا تعمل ولذلك أهملها بنو تميم على الأصل، وأما أهل الحجاز فأعملوها عمل ليس لشبهها بها فى نفى الحال. ولما كان عملها على خلاف الأصل شرطوا فى عملها أربعة شروط الأول أن لا يزاد بعدها إن وهو المشار إليه بقوله دون إن نحو ما إن زيد قائم لأن إن لا تزاد بعد ليس فبعدت عن الشبه. الثانى بقاء النفى فلو بطل النفى لم تعمل نحو ما زيد إلا قائم وهو المنبه عليه بقوله مع بقا النفى. الثالث أن لا يتقدم خبرها على اسمها فلو تقدم لم تعمل نحو ما قائم زيد وهو المنبه عليه بقوله وترتيب زكن أى علم والترتيب هو تقديم الاسم على الخبر. الرابع أن لا يتقدم معمول خبرها على اسمها وهو غير ظرف أو مجرور فلو كان ظرفا أو مجرورا جاز التقديم وهو المنبه عليه بقوله: وسبق حرف جرّ أو ظرف كما … بى أنت معنيا أجاز العلما يعنى أن معمول الخبر إذا كان ظرفا أو مجرورا جاز تقديمه على اسمها لتوسعهم فى الظروف والمجرورات نحو ما فى الدار زيد جالسا وما عندك عمرو مقيما وفهم منه أنه إذا كان غير ظرف أو مجرور امتنع تقديمه فلا يجوز النصب بعد تقديمه نحو ما طعامك زيد آكلا وهذا هو الشرط الرابع فمثال ما توفرت فيه الشروط ما زيد قائما وبهذه اللغة جاء القرآن وهو قوله تعالى: ما هذا بَشَراً [يوسف: 31] وما هُنَّ أُمَّهاتِهِمْ [المجادلة: 2] فقوله إعمال منصوب على المصدر بأعملت ودون متعلق بأعملت وسبق حرف جر مفعول مقدم بأجاز وبى فى المثال متعلق بمعنيا فهو مجرور معمول للخبر. ثم قال:

ورفع معطوف بلكن أو ببل … من بعد منصوب بما الزم حيث حلّ يعنى أن المعطوف بلكن أو ببل على المنصوب بما يلزم رفعه لأن المعطوف بهما موجب وما لا تعمل فى الموجب فتقول ما زيد قائما لكن قاعد وما عمرو منطلقا بل مقيم وتجوّز فى تسمية ما بعد بل ولكن معطوفا وإنما هو خبر مبتدأ محذوف والتقدير لكن هو قاعد وبل هو مقيم وفهم من تخصيصه العطف بلكن وببل أن العطف إذا كان بغيرهما من حروف العطف ينصب المعطوف. فرفع مفعول مقدم بالزم وهو مصدر مضاف إلى مفعول والباء فى بلكن وببل متعلقان بمعطوف ومن بعد كذلك ويجوز أن يكون متعلقا بالزم أو برفع وحيث متعلقة بالزم والتقدير والزم رفع معطوف بلكن أو ببل بعد المنصوب بما حيث جاء. ثم قال: وبعد ما وليس جرّ البا الخبر … وبعد لا ونفى كان قد يجرّ يعنى أن باء الجر تدخل على خبر ما وخبر ليس فتجرهما نحو قوله تعالى: وَما ذلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ [إبراهيم: 20] أَ لَيْسَ اللَّهُ بِكافٍ عَبْدَهُ [الزمر: 36] وهو كثير وهذه الباء زائدة لتأكيد النفى وتزاد أيضا الباء للتوكيد فى خبر لا نحو قوله: - فكن لى شفيعا يوم لا ذو شفاعة … بمغن فتيلا عن سواد بن قارب (¬32) وفى خبر كان المنفية كقوله: - وإن مدّت الأيدى إلى الزاد لم أكن … بأعجلهم إذ أجشع القوم أعجل (¬33) وفهم من قوله قد يجر أن زيادتها فى هذين المثالين الأخيرين قليل والباء فاعل بجر ¬

_ (¬32) البيت من الطويل، وهو لسواد بن قارب فى الجنى الدانى ص 54، والدرر 2/ 126، 3/ 148، وشرح التصريح 1/ 201، 2/ 41، وشرح عمدة الحافظ ص 215، والمقاصد النحوية 2/ 114، 3/ 417، وبلا نسبة فى الأشباه والنظائر 3/ 125، وأوضح المسالك 1/ 294، وشرح الأشمونى 1/ 123، وشرح شواهد المغنى ص 835، وشرح ابن عقيل ص 156، ومغنى اللبيب ص 419، وهمع الهوامع 1/ 127، 218. الشاهد فيه دخول الباء الزائدة فى خبر «لا» العاملة عمل «ليس» كما تدخل على «ما» العاملة عمل «ليس». (¬33) البيت من الطويل، وهو للشنفرى فى ديوانه ص 59، وتخليص الشواهد ص 285، وخزانة الأدب 3/ 340، والدرر 2/ 124، وشرح التصريح 1/ 202، وشرح شواهد المغنى 2/ 899، والمقاصد النحوية 2/ 117، 4/ 51، وبلا نسبة فى الأشباه والنظائر 3/ 124، وأوضح المسالك 1/ 295، والجنى الدانى ص 54، وجواهر الأدب ص 54، وشرح الأشمونى 1/ 123، وشرح ابن عقيل ص 157، وشرح قطر الندى ص 188، ومغنى اللبيب 2/ 560، وهمع الهوامع 1/ 127. والشاهد فيه إدخال الباء الزائدة على خبر «كان» المنفية ب «لم».

وقصرها ضرورة والخبر مفعول بجر وفى يجر آخر البيت ضمير مستتر عائد على الخبر المتقدم. فإن قلت كيف يصح أن يعود على الخبر المتقدم وهو غيره لأن الخبر المتقدم خبر ما أو ليس والضمير فى يجر عائد فى المعنى على خبر لا أو كان المنفية فلم يتحدا معنى؟ قلت هو مما يفسره لفظا لا معنى كقولهم عندى درهم ونصفه. ثم قال: فى النّكرات أعملت كليس لا … وقد تلى لات وإن ذا العملا يعنى أن لا النافية أعملت إعمال ليس فترفع الاسم وتنصب الخبر بشرط أن يكون اسمها نكرة فتقول لا رجل قائما، ومنه قوله: - تعزّ فلا شئ على الأرض باقيا … ولا وزر مما قضى الله واقيا (¬34) وقوله: وقد تلى لات وإن ذا العملا، يعنى أن لات وإن النافية مثل ليس يرفعان الاسم وينصبان الخبر فلات مركبة من لا النافية وتاء التأنيث مفتوحة وفهم من قوله وقد تلى أن ذلك قليل وفهم من إطلاقه أيضا أنهما لا يختصان بالعمل فى النكرة كلا فمن إعمال إن فى النكرة قولهم إن أحد خيرا من أحد إلا بالعافية ومن إعمالها فى المعرفة قولهم: - إن هو مستوليا على أحد … إلا على أضعف المجانين (¬35) وأما لات فلا تعمل إلا فى الحين على ما سيأتى فلا مفعول ما لم يسمّ فاعله بأعملت وفى النكرات متعلق بأعملت وكليس نعت لمصدر محذوف على حذف مضاف والتقدير أعملت ¬

_ (¬34) البيت من الطويل، وهو بلا نسبة فى أوضح المسالك 1/ 289، وتخليص الشواهد ص 294، والجنى الدانى ص 292، وجواهر الأدب ص 238، والدرر 2/ 111، وشرح الأشمونى 1/ 247، وشرح التصريح 1/ 199، وشرح شذور الذهب ص 256، وشرح شواهد المغنى 2/ 612، وشرح ابن عقيل ص 158، وشرح عمدة الحافظ ص 216، وشرح قطر الندى ص 114، ومغنى اللبيب 1/ 239، والمقاصد النحوية 2/ 102، وهمع الهوامع 1/ 125. والشاهد فيه قوله «لا شئ باقيا»، وقوله: «لا وزر واقيا» حيث أعمل «لا» النافية عمل «ليس» فى الموضعين، واسمها وخبرها نكرتان فى الموضعين، وهذا هو القياس. (¬35) البيت من المنسرح، وهو بلا نسبة فى الأزهية ص 46، وأوضح المسالك 1/ 291، وتخليص الشواهد ص 306، والجنى الدانى ص 209، وجواهر الأدب ص 206، وخزانة الأدب 4/ 166، والدرر 2/ 108، ورصف المبانى ص 108، وشرح الأشمونى 1/ 126، وشرح التصريح 1/ 201، وشرح شذور الذهب ص 360، وشرح ابن عقيل ص 160، وشرح عمدة الحافظ ص 216، والمقاصد النحوية 2/ 113، والمقرب 1/ 105، وهمع الهوامع 1/ 125. والشاهد فيه قوله: «إن هو مستوليا» حيث أعمل «إن» عمل «ليس» فرفع بها المبتدأ ونصب الخبر.

أفعال المقاربة

لا فى النكرات إعمالا كإعمال ليس ولات فاعل بتلى وإن معطوف عليه وذا العمل مفعول وذا إشارة إلى عمل ليس والعمل نعت لذا. ثم قال: وما للات فى سوى حين عمل … وحذف ذى الرّفع فشا والعكس قل يعنى أن لات لا تعمل إلا فى الحين وهو اسم الزمان فلا يقال لات زيد قائما بل يقال لات حين خروج ولات وقت قتال، ومنه قوله تعالى: وَلاتَ حِينَ مَناصٍ [ص: 3] وقوله: وحذف ذى الرفع فشا والعكس قلّ، يعنى أن حذف المرفوع وهو اسمها فاش أى كثير وعكسه وهو حذف المنصوب وهو خبرها قليل وفهم منه أنه لا يجوز إثباتهما معا فمن حذف اسمها ولات حين مناص ومن حذف خبرها قوله ولات حين مناص برفع حين، وهى قراءة شاذة وتقدير الخبر لهم وعمل مبتدأ وخبره للات وفى سوى فى موضع الحال على أنه نعت لعمل قدم عليه أو متعلق بعمل. أفعال المقاربة ككان كاد وعسى لكن ندر … غير مضارع لهذين خبر وكونه بدون أن بعد عسى … نزر وكاد الأمر فيه عكسا وكعسى حرى ولكن جعلا … خبرها حتما بأن متّصلا وألزموا اخلولق أن مثل حرى … وبعد أوشك انتفا أن نزرا ومثل كاد فى الأصحّ كربا … وترك أن مع ذى الشّروع وجبا أفعال هذا الباب على ثلاثة أقسام: قسم لمقاربة الفعل وقسم لرجائه وقسم للشروع فيه. وسميت كلها أفعال المقاربة تغليبا فالذى لمقاربة الفعل كاد وكرب وأوشك والذى للرجاء عسى واخلولق وحرى والذى للشروع جعل وأخذ وطفق وعلق وأنشأ وقد أشار إلى القسم الأول والثانى بقوله: (ككان كاد وعسى) يعنى أن كاد وعسى مثل كان فى كونها ترفع الاسم وتنصب الخبر إلا أن خبر كاد وعسى لا يكون فى الغالب إلا فعلا مضارعا وقد نبّه على ذلك بقوله: (لكن ندر * غير مضارع لهذين خبر) ومما جاء فيه الخبر غير مضارع على وجه الندور قوله:

- فأبت إلى فهم وما كدت آيبا (¬36) وقولهم فى المثل عسى الغوير أبؤسا. وكاد مبتدأ وخبره ككان، وعسى معطوف على كاد وغير مضارع فاعل بندر ومعنى ندر قلّ ولهذين متعلق بندر وخبر حال ووقف عليه بالسكون على لغة ربيعة ويجوز ضبط غير بالفتح على أن يكون حالا وخبر هو الفاعل بندر إلا أن فى هذا الوجه صاحب الحال نكرة محضة وهو قليل وسوغ ذلك تأخير صاحب الحال وهو خبر وهو قليل. ثم قال: (وكونه بدون أن بعد عسى * نزر) يعنى أن اقتران المضارع الواقع خبرا لعسى بأن كثير كقوله تعالى: عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ [التوبة: 102] وخلوّه منها نزر قليل كقول الشاعر: - عسى الكرب الذى أمسيت فيه … يكون وراءه فرج قريب (¬37) ثم قال: (وكاد الأمر فيه عكسا) يعنى أن القليل فى عسى وهو خلوّه من أن هو الكثير فى كاد نحو قوله عز وجل: وَما كادُوا يَفْعَلُونَ [البقرة: 71] والكثير فى عسى وهو اقترانه بأن هو القليل فى كاد نحو قوله: - قد كاد من طول البلى أن يمصحا (¬38) ¬

_ (¬36) عجزه: وكم مثلها فارقتها وهى تصفر والبيت من الطويل، وهو لتأبط شرا فى ديوانه ص 91، والأغانى 21/ 159، وتخليص الشواهد ص 309، وخزانة الأدب 8/ 374، 375، 376، والخصائص 1/ 391، والدرر 2/ 150، وشرح التصريح 1/ 203، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقى ص 83، وشرح شواهد الإيضاح ص 629، ولسان العرب 3/ 383 (كيد)، والمقاصد النحوية 2/ 165، وبلا نسبة فى الإنصاف 2/ 544، وأوضح المسالك 1/ 302، وخزانة الأدب 9/ 347، ورصف المبانى ص 190، وشرح ابن عقيل ص 164، وشرح عمدة الحافظ ص 822، وشرح المفصل 7/ 13، وهمع الهوامع 1/ 130. والشاهد فيه مجئ خبر «كاد» مفردا وهذا نادر. (¬37) البيت من الوافر، وهو لهدبة بن خشرم فى خزانة الأدب 9/ 328، 330، وشرح أبيات سيبويه 1/ 142، والدرر 2/ 145، وشرح التصريح 1/ 206، وشرح شواهد الإيضاح ص 97، وشرح شواهد المغنى ص 443، والكتاب 3/ 159، واللمع ص 225، والمقاصد النحوية 2/ 184، وبلا نسبة فى أسرار العربية ص 128، وأوضح المسالك 1/ 312، وتخليص الشواهد ص 326، وخزانة الأدب 9/ 316، والجنى الدانى ص 462، وشرح ابن عقيل ص 165، وشرح عمدة الحافظ ص 816، والمقرب 1/ 98، وشرح المفصل 7/ 117، 121، ومغنى اللبيب ص 152، والمقتضب 3/ 70، وهمع الهوامع 1/ 130. والشاهد فيه قوله: «يكون وراءه» حيث وقع خبر «عسى» فعلا مضارعا مجردا من «أن» المصدرية، وهذا قليل. (¬38) الرجز لرؤبة فى ملحق ديوانه ص 172، والدرر 2/ 142، وشرح شواهد الإيضاح ص 99، وشرح المفصل 7/ 121، والكتاب 3/ 160، ولسان العرب 3/ 383، والمقاصد النحوية 2/ 215، وبلا نسبة فى أدب الكاتب ص 419، وأسرار العربية ص 5، وتخليص الشواهد ص 329، ولسان العرب 2/ 598 (مصح)، والمقتضب 3/ 75، وهمع الهوامع 1/ 130. والشاهد فيه دخول «أن» بعد «كاد» ضرورة، والمشهور إسقاطها.

وكونه مبتدأ وبدون متعلق به وكذلك بعد ونزر خبر المبتدأ وكاد مبتدأ والأمر مبتدأ ثان وخبره عكس والجملة خبر المبتدأ الأول. ثم قال: (وكعسى حرى) يعنى أن حرى مثل عسى فى المعنى الذى هو الرجاء قيل ولم يذكر حرى فى هذا الباب غيره. ثم قال: (ولكن جعلا * خبرها حتما بأن متصلا) يعنى أن حرى وإن كانت بمعنى عسى فهى مخالفة لها فى الاستعمال بلزوم خبرها أن فحرى مبتدأ خبره كعسى وخبرها مرفوع بجعلا ومتصلا مفعول ثان بجعلا وحتما حال من الضمير المستتر فى متصلا أو نعت لمصدر محذوف والتقدير اتصالا حتما أى واجبا. ثم قال رحمه الله تعالى: (وألزموا اخلولق أن مثل حرى) يعنى أن اخلولق لا يستعمل خبرها إلا مقرونا بأن فهى إذا مثل حرى إلا أنه لم ينبه على أنها شبيهة فى المعنى بعسى كما نبه على حرى وقد تقدم أنها من باب عسى فتقول اخلولق زيد أن يفعل ولا يجوز يفعل. وقوله وألزموا يعنى العرب واخلولق مفعول أول بألزموا وأن مفعول ثان ويجوز العكس ومثل منصوب على الحال من اخلولق. ثم قال: (وبعد أوشك انتفا أن نزرا) يعنى أن خلوّ خبر أوشك من أن قليل فهى فى ذلك كعسى فى الاستعمال لا فى المعنى فإن عسى للرجاء وأوشك للمقاربة كما تقدم، وانتفا أن مبتدأ خبره نزرا وبعد متعلق بنزرا أو بانتفا. ثم قال: (ومثل كاد فى الأصح كربا) يعنى أن الأكثر فى خبر كرب تجرده من أن وقد يقترن بها قليلا كقوله: - وقد كربت أعناقها أن تقطعا (¬39) وأشار بقوله فى الأصح إلى مخالفة سيبويه فإنه لم يذكر فيها غير التجرد من أن، ويقال كرب بفتح الراء وكسرها والأول أفصح ومثل كاد مبتدأ وكرب خبره ويجوز العكس وفى الأصح متعلق بمثل. ثم قال (وترك أن مع ذى الشروع وجبا) يعنى أن الأفعال الدالة على الشروع لا يقترن خبرها بأن لأنها دالة على الحال وأن للاستقبال فتنافيا، وترك أن مبتدأ وهو مصدر مضاف إلى المفعول ووجب خبره ومع ذى متعلق بترك. ثم مثل بخمسة من أفعال الشروع وجميعها بمعنى واحد فقال: كأنشأ السّائق يحدو وطفق … كذا جعلت وأخذت وعلق ¬

_ (¬39) صدره: سقاها ذوو الأحلام سجلا على الظّما والبيت من الطويل، وهو لأبى زيد السلمى فى تخليص الشواهد ص 330، والدرر 2/ 143، وشرح التصريح 1/ 207، وشرح عمدة الحافظ ص 185، والمقاصد النحوية 2/ 193، وبلا نسبة فى أوضح المسالك 1/ 316، وشرح الأشمونى 1/ 123، وشرح شذور الذهب ص 355، وشرح ابن عقيل ص 196، والمقرب 1/ 99 وهمع الهوامع 1/ 130. والشاهد فيه قوله: «أن تقطعا» حيث جاء خبر «كرب» فعلا مضارعا مقترنا ب «أن» والأكثر عدم الاقتران.

فأنشأ فعل ماض دال على الإنشاء والسائق اسمها وهو الذى يسوق الإبل أى يقدمها ويحدو فى موضع خبرها وطفق معطوف على أنشأ، ويقال طفق بفتح الفاء وطفق بالفاء المكسورة وطبق بالباء وهى مكسورة، وفهم من إتيانه بكاف التشبيه مع أنشأ عدم الحصر فإنه زاد فى التسهيل عليها هب وقام. ثم قال: واستعملوا مضارعا لأوشكا … وكاد لا غير وزادوا موشكا أفعال هذا الباب كلها لا تتصرف بل تلزم لفظ الماضى كما نطق بها الناظم إلا كاد وأوشك، أما كاد فيستعمل منها المضارع نحو قوله تعالى: يَكادُ سَنا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصارِ [النور: 43] وأما أوشك فيستعمل منها المضارع كقوله: - يوشك من فرّ من منيّته … فى بعض غرّاته يوافقها (¬40) ويستعمل أيضا منه اسم الفاعل، وإليه أشار بقوله: وزادوا موشكا، ومنه قوله: - فموشكة أرضنا أن تعود … خلاف الأنيس وحوشا يبابا (¬41) وقوله واستعملوا يعنى العرب وكاد معطوف على أوشك ولا عاطفة عطفت غير على أوشك وكاد ولكنها بنيت على الضم لقطعها عن الإضافة والتقدير لأوشك وكاد لا غيرهما. ثم قال: بعد عسى اخلولق أوشك قد يرد … غنى بأن يفعل عن ثان فقد يعنى أن هذه الأفعال الثلاثة وهى عسى واخلولق وأوشك تسند لأن يفعل ويستغنى به عن ثان من الجزأين وتكون حينئذ أفعالا لازمة تكتفى بالفاعل فتقول عسى أن يقوم زيد واخلولق أن يقوم زيد وأوشك أن تقوم هند، ومنه قوله عز وجل: وَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ ¬

_ (¬40) البيت من المنسرح، وهو لأمية بن أبى الصلت فى ديوانه ص 42، وشرح أبيات سيبويه 2/ 167، وشرح التصريح 1/ 207، وشرح المفصل 7/ 126، والعقد الفريد 3/ 187، والكتاب 3/ 161، ولسان العرب 6/ 32 (بيس)، 188 (كأس)، والمقاصد النحوية 2/ 187، ولعمران بن حطان فى ديوانه ص 123، ولأمية أو لرجل من الخوارج فى تخليص الشواهد ص 323، والدرر 2/ 136، وبلا نسبة فى أوضح المسالك 1/ 313، وشرح الأشمونى 1/ 129، وشرح شذور الذهب ص 352، وشرح ابن عقيل ص 168، وشرح عمدة الحافظ ص 818، والمقرب 1/ 98، وهمع الهوامع 1/ 129، 130. (¬41) البيت من المتقارب، وهو لأبى سهم الهذلى فى تخليص الشواهد ص 336، والدرر 2/ 137، والمقاصد النحوية 2/ 211، ولأسامة بن الحارث فى شرح أشعار الهذليين ص 1293، وبلا نسبة فى شرح الأشمونى 1/ 131، وشرح ابن عقيل ص 171، وشرح عمدة الحافظ ص 823، وهمع الهوامع 1/ 129.

إن وأخواتها

لَكُمْ [البقرة: 216] وقد فى قوله قد يرد للتحقيق لا التقليل لكثرة ورود ذلك واخلولق وأوشك معطوفان على عسى على حذف العاطف وينبغى أن ينطق بعد الشين من أوشك بقاف مشددة لأن الكاف من أوشك مدغمة فى القاف بعد قلبه قافا لأجل استقامة الوزن وغنى فاعل بيرد وبأن متعلق بغنى لأنه مصدر وكذلك عن وبعد فى أول البيت متعلق بيرد. ثم قال: وجرّدن عسى أو ارفع مضمرا … بها إذا اسم قبلها قد ذكرا يعنى أن عسى إذا ذكر قبلها اسم جاز أن تجرد من الضمير وتسند إلى أن يفعل وجاز أن ترفع ضميرا يعود على الاسم السابق ويظهر أثر الاستعمالين فى التأنيث والتثنية والجمع فتقول على الاستعمال الأول هند عسى أن تفعل والزيدان عسى أن يفعلا والزيدون عسى أن يفعلوا والهندات عسى أن يفعلن وعلى الاستعمال الثانى هند عست أن تفعل والزيدان عسيا أن يفعلا والزيدون عسوا أن يفعلوا والهندات عسين أن يفعلن وظاهره أن هذين الاستعمالين خاصان بعسى لاقتصاره على ذكرها والصواب أن ذلك فى الأفعال الثلاثة المذكورة إذ لا فرق وعليه شرح المرادى، وقوله: وجردن عسى يعنى من الضمير وعسى مفعول بجردن وأو للتخيير وبها متعلق بارفع وقبلها متعلق بذكر واسم مرفوع بفعل مضمر يفسره ذكر، ثم قال: والفتح والكسر أجز فى السّين من … نحو عسيت وانتقا الفتح زكن يعنى أن عسى إذا أسند إلى ضمير متكلم أو مخاطب أو غائب أو غائبات نحو عسيت وعسيت وعسيتما وعسيتم وعسيتن يجوز فى سينه الفتح والكسر والفتح أجود وبه قرأ غير نافع ولذلك قال: (وانتقا الفتح زكن)، أى واختيار الفتح علم، وفهم من قوله نحو عسيت تعميم المثل المتقدمة فإنها كلها مثل عسيت فيما ذكر وقوله والفتح مفعول مقدم بأجز وكسر معطوف عليه وانتقا الفتح زكن جملة من مبتدأ وخبر. إن وأخواتها هذا هو الباب الثانى من النواسخ، ثم قال: لإنّ أنّ ليت لكنّ لعلّ … كأنّ عكس ما لكان من عمل تقدم أن كان ترفع الاسم وتنصب الخبر، وإن وأخواتها تنصب الاسم وترفع الخبر عكس

كان وإلى ذلك أشار بقوله: (عكس ما لكان من عمل)، ومعنى إن وأن التوكيد وليت التمنى ولكن الاستدراك ولعل الترجى والإشفاق وكأن التشبيه وما بعد إن معطوف عليه على إسقاط العاطف وعكس مبتدأ خبره فى المجرور قبله وما موصولة وصلتها لكان ومن عمل متعلق بالاستقرار الذى يتعلق به لكان ثم مثّل ذلك بثلاثة أحرف منها فقال: كإنّ زيدا عالم بأنّى … كفء ولكنّ ابنه ذو ضغن الكفء: المثل، والضغن: الحقد، والعداوة. ثم قال: وراع ذا التّرتيب إلّا فى الّذى … كليت فيها أو هنا غير البذى لما أتى بالمثل فى البيت الذى قبله مرتبة وقدم فيها الاسم على الخبر وهو الأصل نبه على أن الترتيب المذكور مراعى محافظ عليه إلا إذا كان الخبر ظرفا أو مجرورا فإنه يجوز تقديمه على الاسم لتوسع العرب فى الظروف والمجرورات وهو المنبه عليه بقوله: كليت فيها أو هنا غير البذى. والبذى: الفاحش النطق وذا مفعول براع والترتيب نعت لذا وإلا استثناء ولا بد من تقدير حذف كلام ليستقيم مراده والتقدير وراع هذا الترتيب إلا فى المثال الذى يكون فيه الخبر ظرفا أو مجرورا كليت فيها فالذى على هذا نعت لمحذوف وهو المثال. ثم قال: وهمز إنّ افتح لسدّ مصدر … مسدّها وفى سوى ذاك اكسر يعنى أن همزة إن المكسورة تفتح إذا سد المصدر مسدها أى: إذا أوّلت هى وما بعدها بالمصدر وفهم من قوله: (وهمز إن افتح) أن الأصل المكسورة الهمزة وهو أشهر القولين، وقوله: (وفى سوى ذاك اكسر) أى إذا لم يسد المصدر مسدها. فاكسر فى الابتدا وفى بدء صله … وحيث إنّ ليمين مكمله أو حكيت بالقول أو حلّت محلّ … حال كزرته وإنّى ذو أمل وكسروا من بعد فعل علّقا … باللّام كاعلم إنّه لذو تقى ثم إنّ «إنّ» فى ذلك على ثلاثة أقسام: قسم يجب فيه كسرها، وقسم يجوز فيه كسرها وفتحها، وقسم يجب فيه الفتح ثم ذكر المواضع التى يجب فيها الكسر وهى ستة مواضع: الأول أن تقع فى الابتداء وهو المشار إليه بقوله: (فاكسر فى الابتدا) أى فى ابتداء الكلام

ودخل فيه صورتان: الأولى أن لا يتقدمها شئ نحو قوله تعالى: إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ [الكوثر: 1] والأخرى أن يتقدمها حرف من حروف الابتداء نحو قوله تعالى: أَلا إِنَّ أَوْلِياءَ اللَّهِ [يونس: 62] الثانى أن تقع فى بدء الصلة وهو المشار إليه بقوله: (وفى بدء صله) أى فى أول الصلة نحو قوله عز وجل: وَآتَيْناهُ مِنَ الْكُنُوزِ ما إِنَّ مَفاتِحَهُ [القصص: 76] واحترز بقوله: فى بدء صلة، من الواقعة فى حشو الصلة فإنها يجب فتحها نحو جاء الذى فى ظنى أنه قائم. الثالث أن تقع جوابا للقسم، وهو المشار إليه بقوله: (وحيث إن ليمين مكمله) أى وحيث تكون إن جوابا للقسم فإنها حينئذ مكملة للقسم وشمل المقترن خبرها باللام نحو قوله عز وجل: وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ [العصر: 1 - 2] والمجرد منها نحو قوله تعالى: حم (1) وَالْكِتابِ الْمُبِينِ (2) إِنَّا أَنْزَلْناهُ [الدخان: 1 - 3] الرابع أن تحكى بالقول وهو المشار إليه بقوله: (أو حكيت بالقول) ومثاله قوله تعالى: وَقالَ اللَّهُ إِنِّي مَعَكُمْ [المائدة: 12] الخامس أن تحل محل حال وهو المشار إليه بقوله: (أو حلت محل * حال) وشمل صورتين الأولى أن تكون بعد واو الحال وقد مثله بقوله: (كزرته وإنى ذو أمل) ومثله قوله عز وجل: كَما أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكارِهُونَ [الأنفال: 5] الثانية أن تكون مجردة من الواو كقوله تعالى: إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعامَ [الفرقان: 20] السادس أن يقترن خبرها باللام وهو المشار إليه بقوله: (وكسروا من بعد فعل علقا * باللام) ثم مثل ذلك بقوله: (كاعلم إنه لذو تقى) ومنه قوله عز وجل: وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنافِقِينَ لَكاذِبُونَ [المنافقون: 1] فيعلم يطلب أن بالفتح فعلقت اللام الفعل فوجب كسر إن، فقوله فى الابتدا متعلق با كسر وفى بدء صلة معطوف على فى الابتدا، وحيث معطوف أيضا، وإن مبتدأ خبره مكملة، وحيث مضافة إلى الجملة واليمين متعلق بمكملة. القسم الثانى وهو ما يجوز فيها كسرها وفتحها، وذكر أن لذلك أربعة مواضع أشار إلى اثنين منها بقوله: بعد إذا فجاءة أو قسم … لا لام بعده بوجهين نمى يعنى أن كسر إن وفتحها جائز بعد إذا الفجائية وبعد القسم الذى لم يقترن خبرها فيها باللام فمثال ذلك بعد إذا قول الشاعر:

- وكنت أرى زيدا كما قيل سيدا … إذا أنه عبد القفا واللهازم (¬42) يروى بكسر إن على القياس لأن إذا الفجائية لا يليها إلا جملة اسمية وبالفتح على تأويل أن وصلتها بمصدر محكوم عليه بأنه مبتدأ محذوف الخبر والتقدير فإذا العبودية حاصلة ومثال ذلك بعد القسم قوله: - أو تحلفى بربك العلى … إنى أبو ذيّالك الصبى (¬43) فمن كسر جعلها جوابا للقسم ومن فتح فعلى نية حرف الجر والتقدير على أنى. وفى نمى ضمير مستتر يعود على أن، وبعد إذا وبوجهين متعلقان بنمى فإذا مضافة لفجاءة أو قسم معطوف على إذا ولا لام لا واسمها. وبعده خبرها والجملة صفة لقسم والتقدير نمى إن بعد إذا الفجائية وبعد قسم ليس بعده لا بوجهين، وفهم أن المراد بالوجهين الكسر والفتح من ذكرهما قبل. مع تلو فا الجزا وذا يطّرد … فى نحو خير القول إنى أحمد ثم أشار إلى الموضع الثالث بقوله: (مع تلو فا الجزا) يعنى أنه يجوز أيضا الفتح والكسر فى إن الواقعة بعد فاء الجزاء كقوله تعالى: مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءاً بِجَهالَةٍ ثُمَّ تابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ [الأنعام: 54] قرئ بالكسر على الأصل لأن الأصل فى جواب الشرط أن يكون بجملة وبالفتح على تأويل أن بمصدر مجعول خبرا والمبتدأ محذوف تقديره فجزاءه الغفران أو العكس والتقدير فالغفران جزاؤه. ومع متعلق بنمى فى البيت الذى قبله على حذف العاطف والتقدير نمى جواز الوجهين بعد إذا وبعد القسم وبعد فاء الجزاء. ثم أشار ¬

_ (¬42) البيت من الطويل، وهو بلا نسبة فى أوضح المسالك 1/ 338، وتخليص الشواهد ص 348، والجنى الدانى ص 378، 411، وجواهر الأدب ص 352، وخزانة الأدب 10/ 265، والخصائص 2/ 399، والدرر 2/ 180، وشرح الأشمونى 1/ 138، وشرح التصريح 1/ 218، وشرح شذور الذهب ص 269، وشرح ابن عقيل ص 181، وشرح عمدة الحافظ ص 828، وشرح المفصل 4/ 97، 8/ 61، والكتاب 3/ 144، والمقاصد النحوية 2/ 224، والمقتضب 2/ 351، وهمع الهوامع 1/ 138. والشاهد فيه: جواز فتح همزة «إن» وكسرها بعد «إذا» الفجائية. (¬43) الرجز لرؤبة فى ملحق ديوانه ص 188، وشرح التصريح 1/ 219، والمقاصد النحوية 1/ 232، وبلا نسبة فى أوضح المسالك 1/ 340، وتخليص الشواهد ص 348، وشرح الأشمونى 1/ 138، والجنى الدانى ص 413، وشرح ابن عقيل ص 182، وشرح عمدة الحافظ ص 231، ولسان العرب 15/ 450 (ذا)، واللمع فى العربية ص 304. والشاهد فيه قوله: «أنى» حيث يجوز كسر همزه «إنّ» وفتحها، لكونها واقعة بعد قسم لا لام بعده، أما الفتح فعلى تأويل «أنّ» واسمها وخبرها بمصدر مجرور بحرف جر محذوف، والتقدير: أو تحلفى على كونى أبا لهذا الصبى وأمّا الكسر فعلى اعتبار «إنّ» واسمها وخبرها جملة جواب القسم لا محل لها من الإعراب.

إلى الموضع الرابع بقوله: (وذا يطرد * فى نحو خير القول إنى أحمد) يعنى أنه يطرد فى هذا المثال وما أشبهه كسر إن وفتحها فالكسر على معنى خير القول إنى أحمد أى خير القول هذا اللفظ الذى أوله إنى فيكون من الإخبار بالجملة عن مبتدأ فى معنى الجملة ولذلك لم يحتج إلى ضمير يربطها بالمبتدأ، ومعنى الفتح خير القول حمد الله ويحتمل أن يكون بهذا اللفظ أو بغيره مما يفهم الحمد ويكون من باب الإخبار بالمفرد لأن أن وما بعدها مؤولة بمفرد فذا مبتدأ أو هو إشارة إلى جواز الوجهين وخبره يطرد وفى متعلق بيطرد ونحو مضاف إلى مقدر أى فى نحو قولك خير القول. ثم قال: وبعد ذات الكسر تصحب الخبر … لام ابتداء نحو إنّى لوزر يعنى أن اللام تدخل فى غير إن وفهم من اقتصاره على إن المكسورة أنها لا تزاد بعد غيرها من أخواتها خلافا لمن أجاز زيادتها بعد أن المفتوحة ولكنّ وفهم من قوله لام ابتداء أنها اللام التى تدخل على المبتدأ فى نحو لزيد قائم خلافا لمن قال إنها غيرها وإنما أخرت للخبر مع إن كراهية اجتماع حرفى تأكيد والخبر فاعل بتصحب ولام ابتداء مفعول، ويجوز العكس وهو أظهر وإنى لوزر محكى بقول محذوف والتقدير نحو قولك إنى لوزر والوزر الحصن. ثم إن مواضع هذه اللام أربعة: الخبر ومعمول الخبر والفصل والاسم، وأشار إلى الأول بقوله: ولا يلى ذى اللّام ما قد نفيا … ولا من الأفعال ما كرضيا وقد يليها مع قد كإنّ ذا … لقد سما على العدا مستحوذا وتصحب الواسط معمول الخبر … والفصل واسما حلّ قبله الخبر يعنى أن هذه اللام لا تصحب الخبر إذا كان منفيا نحو إن زيدا لم يقم ولا الفعل الماضى والمتصرف الخالى من قد نحو إن زيدا لرضى وفهمت هذه الثلاثة من تمثيله برضى فى كونه ماضيا متصرفا خاليا من قد، وفهم منه أيضا أنها تصحب المفرد نحو إن زيدا لقائم والجملة الاسمية نحو إن زيدا لأبوه قائم والفعل المضارع نحو قوله عز وجل: وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَحْكُمُ بَيْنَهُمْ [النحل: 124] والماضى الغير المتصرف نحو إن زيدا لنعم الرجل. وبقى من الشروط المفهومة من تمثيله برضى أن لا يلى الماضى قد فنبه عليه بقوله وقد يليها مع قد وفهم من قوله قد أن ذلك قليل ثم مثل ذلك بقوله: (كإن ذا * لقد سما على العدا مستحوذا) ومعنى مستحوذا غالبا. ثم أشار إلى الثانى بقوله: (وتصحب الواسط معمول الخبر) أى

تصحب اللام معمول الخبر المتوسط وشمل الظرف والمجرور وغيرهما نحو إن زيدا لعندك قاعد وإن عمرا لفيك راغب وإن زيدا لطعامك آكل. والواسط مفعول بتصحب ومعمول الخبر بدل منه أو حال ويجوز أن يكون المفعول معمول الخبر والواسط حال على مذهب من أجاز تعريف الحال وهذا الوجه أظهر من جهة المعنى. ثم أشار إلى الثالث فقال: والفصل أى تصحب الفصل فهو مفعول بفعل محذوف أو معطوف على الواسط فلا يحتاج إلى تقدير فعل ومثاله قوله تعالى: وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ [الشعراء: 9] ولم يقيد الفصل بشئ لأنه معلوم أنه لا يكون إلا متوسطا بين الاسم والخبر. ثم أشار إلى الرابع بقوله: واسما حل قبله الخبر يعنى أن لام الابتداء تدخل أيضا على الاسم بشرط تقديم الخبر عليه لئلا يجمع بين حرفى توكيد مثاله قوله تعالى: وَإِنَّ لَنا لَلْآخِرَةَ وَالْأُولى [الليل: 13] وفهم مما تقدم أن الخبر فى ذلك لا يكون إلا ظرفا أو مجرورا وفهم من اشتراط الفصل فى الاسم أن ذلك مشروط فى الخبر أيضا لاتحاد العلة ونصب اسما بالعطف على الفصل أو بفعل محذوف والأول أظهر وحل قبله الخبر جملة فى موضع الصفة لاسم. ثم قال: ووصل ما بذى الحروف مبطل … إعمالها وقد يبقّى العمل إذا اتصلت ما الزائدة بهذه الحروف كفت عملها لزوال اختصاصها بالأسماء نحو قوله تعالى: إِنَّمَا اللَّهُ إِلهٌ واحِدٌ [النساء: 171]. وقد سمع الإعمال فى ليت فى قول النابغة: - قالت ألا ليتما هذا الحمام لنا … إلى حمامتنا أو نصفه فقد (¬44) على رواية النصب وقاس بعضهم على ليتما سائرها وهو مذهب الناظم لإطلاقه فى قوله: وقد يبقى العمل ووصل مبتدأ ومبطل خبره وإعمالها مفعول وبذى الحروف متعلق بوصل وقد يبقى العمل جملة مستأنفة ثم قال: ¬

_ (¬44) البيت من البسيط، وهو للنابغة الذبيانى فى ديوانه ص 24، والأزهية ص 89، 114، والأغانى 11/ 31، والإنصاف 2/ 479، وتخليص الشواهد ص 362، وتذكرة النحاة ص 353، وخزانة الأدب 10/ 251، 253، والخصائص 2/ 460، والدرر 1/ 216، 2/ 204، ورصف المبانى ص 299، 316، 318، وشرح التصريح 1/ 225، وشرح شذور الذهب ص 362، وشرح شواهد المغنى 1/ 75، 200، 2/ 690، وشرح عمدة الحافظ ص 233، وشرح المفصل 8/ 58، والكتاب 2/ 137، واللمع ص 320، ومغنى اللبيب 1/ 63، 286، 308، والمقاصد النحوية 2/ 254، وبلا نسبة فى أوضح المسالك 1/ 349، وخزانة الأدب 6/ 157، وشرح الأشمونى 1/ 143، وشرح قطر الندى ص 151، ولسان العرب 3/ 347 (قدد)، والمقرب 1/ 110، وهمع الهوامع 1/ 65. والشاهد فيه جواز إعمال «ليت» التى اتصلت بها «ما» وعدم إعمالها.

وجائز رفعك معطوفا على … منصوب إنّ بعد أن تستكملا يعنى أنه يجوز رفع المعطوف على اسم إن بشرط أن تستكمل خبرها نحو إن زيدا قائم وعمرو، وفهم من قوله: وجائز أن النصب أيضا جائز وهو الأصل، وفهم من قوله بعد أن تستكملا أنه لا يجوز الرفع فى المعطوف على اسم إن قبل أخذها الخبر نحو إن زيدا وعمرو قائمان ورفع المعطوف على اسم إن بشرطه إما على العطف على الموضع وإما على تقديره مبتدأ محذوف الخبر لدلالة ما تقدم عليه والتقدير إن زيدا قائم وعمرو قائم فيكون من عطف الجمل وإما معطوف على الضمير المستتر فى الخبر وفيه ضعف لعدم الفصل ورفعك مبتدأ وخبره جائز ومعطوفا منصوب برفعك وعلى متعلق بمعطوف وبعد متعلق بجائز ويجوز أن يكون متعلقا برفعك والتقدير ورفعك معطوفا على منصوب إن بعد استكمالها الخبر جائز. ثم قال: وألحقت بإنّ لكنّ وأن … من دون ليت ولعلّ وكأن يعنى أنه يجوز أيضا رفع المعطوف على اسم أن المفتوحة ولكن بالشرط المذكور فمثاله بعد أن قوله تعالى: أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ [التوبة: 3] وبعد لكن نحو ما قائم بكر لكن زيدا قائم وعمرو وإنما ألحقت أن ولكن بإن لأنهما لا يغيران معنى الابتداء بخلاف البواقى ثم تمم البيت بقوله: (من دون ليت ولعل وكأن) ولو استغنى عن قوله من دون ليت إلخ لم يخل بالمعنى ثم قال: وخفّفت إنّ فقلّ العمل … وتلزم اللّام إذا ما تهمل يعنى أن إن المكسورة إذا خففت قلّ عملها وذلك لزوال اختصاصها نحو قوله عز وجل: وَإِنَّ كُلًّا لَمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ رَبُّكَ أَعْمالَهُمْ [هود: 111] وفهم منه أن إهمالها هو الكثير كقوله تعالى: إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْها حافِظٌ [الطارق: 4] وأل فى العمل إما للعهد أى العمل المذكور وإما بدل من الضمير والتقدير فقلّ عملها. ثم قال: (وتلزم اللام إذا ما تهمل) يعنى أنها إذا خففت يلزم خبرها اللام وإنما لزمت اللام للفرق بينها وبين إن النافية واللام فاعل تلزم والمفعول محذوف وتقدير الكلام وتلزم اللام الخبر وأل فى اللام للعهد وهى التى تصحب إن المشددة المتقدم ذكرها وفهم منه أنها ليست غيرها خلافا للفارسى. ثم قال:

وربّما استغنى عنها إن بدا … ما ناطق أراده معتمدا يعنى أنه قد يستغنى عن اللام بعد إن المخففة إذا أمن اللبس بينها وبين إن النافية لاعتماد الناطق بها على ذلك كقول الشاعر: - أنا ابن أباة الضّيم من آل مالك … وإن مالك كانت كرام المعادن (¬45) فإن صدر البيت مدح فعلم أن إن فى عجزه ليست للنفى لئلا يتناقض صدر البيت وعجزه فلم يحتج إلى اللام الفارقة. وعنها فى موضع رفع باستغنى على أنه نائب عن الفاعل وما موصولة مرفوعة ببدا وناطق مبتدأ وأراده خبره والجملة صلة لما والضمير فى أراده عائد على ما ومعتمدا بكسر الميم حال من فاعل أراده ويجوز فتح الميم على أنه حال من مفعول أراده والتقدير إن ظهر المعنى الذى أراده الناطق معتمدا عليه. ثم قال: والفعل إنّ لم يك ناسخا فلا … تلفيه غالبا بإن ذى موصلا يعنى أن الفعل إذا وقع بعد إن المخففة لا يكون إلا من نواسخ الابتداء فى الغالب كقوله تعالى: وَإِنْ كانَتْ لَكَبِيرَةً [البقرة: 143] وَإِنْ يَكادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ [القلم: 51] وفهم من قوله غالبا أنه قد يكون غير ناسخ كقوله: - شلّت يمينك إن قتلت لمسلما … حلّت عليك عقوبة المتعمّد (¬46) وقولهم إن يزينك لنفسك وإن يشينك لهيه والفعل مبتدأ وإن لم يك ناسخا شرط والجواب ¬

_ (¬45) البيت من الطويل، وهو للطرماح فى ديوانه ص 512، والدرر 2/ 193، والمقاصد النحوية 2/ 276، وبلا نسبة فى أوضح المسالك 1/ 367، وتخليص الشواهد ص 378، وتذكرة النحاة ص 43، والجنى الدانى ص 134، وشرح الأشمونى 1/ 145، وشرح ابن عقيل ص 191، وشرح عمدة الحافظ ص 237، وشرح قطر الندى ص 165، وهمع الهوامع 1/ 141. والشاهد فيه قوله: «وإن مالك كانت كرام المعادن» حيث خفف «إنّ» المؤكدة وأهملها، فلم ينصب بها الاسم، ويرفع الخبر، ولم يدخل اللام فى خبرها لتكون فارقة بينها وبين «إن» النافية، وذلك لأمن اللبس، فالشاعر يمدح نفسه وآباءه. (¬46) البيت من الكامل، وهو لعاتكة بنت زيد فى الأغانى 18/ 11، وخزانة الأدب 10/ 373، 374، 376، 378، والدرر 2/ 194، وشرح التصريح 1/ 231، وشرح شواهد المغنى 1/ 71، والمقاصد النحوية 2/ 278، ولأسماء بنت أبى بكر فى العقد الفريد 3/ 277، وبلا نسبة فى الأزهية ص 49، والإنصاف 2/ 241، وأوضح المسالك 1/ 368، وتخليص الشواهد ص 379، والجنى الدانى ص 208، ورصف المبانى ص 109، وسر صناعة الإعراب 2/ 548، 550، وشرح الأشمونى 1/ 145، وشرح ابن عقيل ص 193، وشرح عمدة الحافظ ص 236، وشرح المفصل 8/ 71، 9/ 27، واللامات ص 116، ومجالس ثعلب ص 368، والمحتسب 2/ 255، ومغنى اللبيب 1/ 24، والمقرب 1/ 112، والمنصف 3/ 127، وهمع الهوامع 1/ 142. والشاهد فيه قوله «إن قتلت لمسلما» حيث ولى «إن» المخففة من الثقيلة فعل ماض غير ناسخ، وهو «قتلت» وهذا شاذ لا يقاس عليه إلا عند الأخفش.

فلا تلفيه أى لا تجده وغالبا حال من الهاء فى تلفيه وموصلا مفعول ثان لتلفيه وبإن متعلق بموصلا وذى بدل من إن أو نعت لها والجملة من الشرط والجواب خبر الفعل والضمير العائد من الخبر إلى المبتدأ مستتر فى يك. ثم قال: وإن تخفّف أنّ فاسمها استكنّ … والخبر اجعل جملة من بعد أن يعنى أن أن المفتوحة إذا خففت لم تهمل كما أهملت إن بل يستكن فيها اسمها وفهم عدم إهمالها من قوله اسمها فإنه لا يطلق عليه اسمها إلا وهى عاملة فيه وتجوّز فى قوله استكن وإنما هو محذوف إذ لا يستكن الضمير إلا فى الفعل أو ما أجرى مجراه. ثم قال: (والخبر اجعل جملة من بعد أن) يعنى أن خبر أن بعد ذلك الاسم المستكن فى أن لا يكون إلا جملة فشمل الجملة الاسمية والفعلية وفهم منه أنه لا يكون مفردا والخبر مفعول أول باجعل وجملة هو المفعول الثانى ومن متعلق باجعل. ثم قال: وإن يكن فعلا ولم يكن دعا … ولم يكن تصريفه ممتنعا فالأحسن الفصل بقد أو نفى أو … تنفيس أو لو وقليل ذكر لو يعنى أن الخبر الذى ذكر أنه يكون جملة إذا كان مصدرا بفعل غير دعاء متصرف فالأحسن أن يفصل بينه وبين أن بقد أو بأداة نفى أو بالسين أو بسوف أو لو أما قد فيفصل بها بينها وبين الماضى كقوله تعالى: وَنَعْلَمَ أَنْ قَدْ صَدَقْتَنا [المائدة: 113] وأما النفى فيكون بلا وبلن فيفصل بهما بين أن وبين المضارع كقوله تعالى: أَفَلا يَرَوْنَ أَلَّا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلًا [طه: 89] وأما السين وسوف فيفصل بهما بينها وبين المضارع كقوله تعالى: عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضى وَآخَرُونَ [المزمل: 20] ومثله قولك علمت أن سوف يقوم زيد وأما لو فيفصل بها بين أن وبين الماضى كقوله تعالى: وَأَنْ لَوِ اسْتَقامُوا [الجن: 16] وقوله: وقليل ذكر لو أى قليل من يذكرها من النحويين لا إن الفصل بها قليل وفهم من قوله فالأحسن أنه يجوز أن يأتى بغير فصل كقوله: - علموا أن يؤمّلون فجادوا … قبل أن يسألوا بأعظم سؤل (¬47) ¬

_ (¬47) البيت من الخفيف، وهو بلا نسبة فى أوضح المسالك 1/ 373، وتخليص الشواهد ص 383، والجنى الدانى ص 219، والدرر 2/ 197، وشرح الأشمونى 1/ 147، وشرح التصريح 1/ 223، وشرح ابن عقيل ص 196، وقطر الندى ص 155، والمقاصد النحوية 2/ 294، وهمع الهوامع 1/ 143. والشاهد فيه قوله: «أن يؤمّلون» حيث استعمل فيه «أن» المخفّفة من الثقيلة، وأعملها فى الاسم الذى هو ضمير الشأن المحذوف، وفى الخبر الذى هو جملة «يؤمّلون» ومع أنّ جملة الخبر فعلية فعلها متصرف غير دعاء، ولم يأت بفاصل بين «أن» وجملة الخبر.

وفهم من سكوته على الجملة الاسمية أنها لا يفصل بينها وبين أن وذلك على نوعين الأول أن يتقدم المبتدأ على الخبر نحو قوله تعالى: وَآخِرُ دَعْواهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ [يونس: 10] والآخر أن يتقدم الخبر كقول الشاعر: - فى فتية كسيوف الهند قد علموا … أن هالك كلّ من يحفى وينتعل (¬48) وفهم من اشتراطه فى الفعل الشروط المذكورة أنه لا يفصل بينهما إذا كان الفعل دعاء كقوله تعالى: وَالْخامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْها [النور: 9] أو غير متصرف كقوله تعالى: وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى [النجم: 39] واسم يكن ضمير عائد على الخبر وفعلا خبرها ولم يكن دعا جملة معطوفة على الجملة قبلها والفاء جواب الشرط والأحسن الفصل جملة اسمية وبقد متعلق بالفصل لأنه مصدر وذكر لو مبتدأ وقليل خبر مقدم. ثم قال: وخفّفت كأنّ أيضا فنوى … منصوبها وثابتا أيضا روى يعنى أن كأن تخفف أيضا ولا تهمل وفهم عدم إهمالها من قوله: فنوى منصوبها فهى إذا كأن المفتوحة المخففة إلا أن اسم كأن قد يكون منويا وقد يكون ثابتا وفهم ذلك من قوله: وثابتا أيضا روى وفهم أيضا من كونه لم يشترط فى خبرها أن يكون جملة كما ذكر فى أن أن خبرها يكون جملة ويكون مفردا فمثال الجملة قوله: - ووجه مشرق النحر … كأن ثدياه حقّان (¬49) فاسمها فى هذا البيت ضمير الشأن وهو محذوف والجملة من قوله ثدياه حقان فى موضع الخبر ومثاله مفردا قوله: ¬

_ (¬48) البيت من البسيط، وهو للأعشى فى ديوانه ص 109، والأزهية ص 64، والإنصاف ص 199، وتخليص الشواهد ص 382، وخزانة الأدب 5/ 426، 8/ 390، 10/ 393، 11/ 353، 354، والدرر 2/ 194، وشرح أبيات سيبويه 2/ 76، والكتاب 2/ 137، 3/ 74، 164، 454، والمحتسب 1/ 308، ومغنى اللبيب 1/ 314، والمقاصد النحوية 2/ 287، والمنصف 3/ 129، وبلا نسبة فى خزانة الأدب 10/ 391، ورصف المبانى ص 115، وشرح المفصل 8/ 71، والمقتضب 3/ 9، وهمع الهوامع 1/ 142. والشاهد فيه قوله: «أن هالك كلّ من يحفى» حيث أضمر اسم «أن» المخففة والتقدير: أنه هالك ... والخبر جملة «كل من يحفى وينتعل هالك» ف «هالك» خبر مقدّم ل «كل». (¬49) البيت من الهزج، وهو بلا نسبة فى الإنصاف 1/ 197، وأوضح المسالك 1/ 378، وتخليص الشواهد ص 389، والجنى الدانى ص 575، وخزانة الأدب 10/ 392، 394، 398، 399، 400، 440، والدرر 2/ 199، وشرح الأشمونى 1/ 147، وشرح التصريح 1/ 134، وشرح شذور الذهب ص 369، وشرح ابن عقيل ص 197، وشرح قطر الندى ص 158، وشرح المفصل 8/ 72، والكتاب 2/ 135، 140، ولسان العرب 13/ 30، 32 (أنن)، والمقاصد النحوية 2/ 305، والمنصف 3/ 128، وهمع الهوامع 1/ 143.

لا التى لنفى الجنس

- ويوما توافينا بوجه مقسّم … كأن ظبية تعطو إلى وارق السّلم (¬50) وكأن ثدييه حقان فى رواية النصب وفهم من اقتصاره على إن وأن وكأن أن باقيها لا يكون فيه هذا الحكم، أما لعلّ وليت فلا يخففان وأما لكن فإنها تخفف لكنها لا تعمل مخففة. ثم قال: لا التى لنفى الجنس قوله لا التى لنفى الجنس أى التى يقصد بها نفى الجنس على سبيل الاستغراق ورفع احتمال الخصوص فإذا أريد بها ذلك كانت مختصة بالأسماء فعملت. ثم قال: عمل إنّ اجعل للا فى نكره … مفردة جاءتك أو مكرّره وإنما عملت عمل إن لأنها فى النفى نظيرة إن فى الإيجاب إذ إن توكيد للإيجاب ولا توكيد للنفى ولما كان عملها بالحمل على إن ضعفت فلم تعمل إلا فى النكرة ولذلك قال فى نكرة وقوله مفردة جاءتك نحو لا رجل فى الدار أو مكررة نحو لا حول ولا قوة إلا بالله إلا أن عمل المفردة واجب وعمل المكررة جائز وسيأتى، وعمل مفعول باجعل وللا متعلق باجعل وكذلك فى نكرة مفردة ومكررة حالان من الضمير فى جاءتك العائد على لا. ثم إن النكرة التى تعمل فيها لا على ثلاثة أقسام: مضافة، ومشبهة بالمضاف، ومفردة، وقد أشار إلى الأول والثانى بقوله: فانصب بها مضافا أو مضارعه … وبعد ذاك الخبر اذكر رافعه ¬

_ (¬50) البيت من الطويل، وهو لعلباء بن أرقم فى الأصمعيات ص 157، والدرر 2/ 200، وشرح التصريح 1/ 234، والمقاصد النحوية 4/ 384، ولأرقم بن علباء فى شرح أبيات سيبويه 1/ 525، ولزيد بن أرقم فى الإنصاف 1/ 202، ولكعب بن أرقم فى لسان العرب 12/ 482 (قسم)، ولباغت بن صريم اليشكرى فى تخليص الشواهد ص 390، وشرح المفصل 8/ 83، والكتاب 2/ 134، وله أو لعلباء بن أرقم فى المقاصد النحوية 2/ 301، ولأحدهما أو لأرقم بن علباء فى شرح شواهد المغنى 1/ 111، ولأحدهما أو لراشد بن شهاب اليشكرى أو لابن أصرم اليشكرى فى خزانة الأدب 10/ 411، وبلا نسبة فى أوضح المسالك 1/ 377، وجواهر الأدب ص 197، والجنى الدانى ص 222، 522، ورصف المبانى ص 117، 211، وسر صناعة الإعراب 2/ 683، وسمط اللآلى ص 829، وشرح الأشمونى 1/ 147، وشرح عمدة الحافظ ص 241، 331، وشرح قطر الندى ص 157، والكتاب 3/ 165، والمحتسب 1/ 308، ومغنى اللبيب 1/ 33، والمقرب 1/ 111، 2/ 204، والمنصف 3/ 128، وهمع الهوامع 1/ 143. والشاهد فيه قوله: «كأن ظبية» حيث روى برفع «ظبية» ونصبها وجرها. أما الرفع فيحتمل أن تكون «ظبية» مبتدأ، وجملة «تعطو» خبره، وهذه الجملة الاسمية خبر «كأن» واسمها ضمير شأن محذوف، ويحتمل أن تكون «ظبية» خبر «كأنّ» و «تعطو» صفتها واسمها محذوف، وهو ضمير المرأة، لأن الخبر مفرد. أمّا النصب فعلى إعمال «كأن» وهذا الإعمال مع التخفيف خاص بضرورة الشعر. وأمّا الجر فعلى أنّ «أن» زائدة بين الجار والمجرور، والتقدير: كظبية.

يعنى أنها تنصب المضاف والمشبه بالمضاف، والمراد بالمشبه بالمضاف ما عمل فيما بعده فمثال المضاف لا غلام رجل فى الدار ومثال المشبه بالمضاف لا طالعا جبلا عندك ولا ما را بزيد فى الدار ولا حسنا وجهه فى الدار، وإنما سمى مشبها بالمضاف لعمله فيما بعده كالمضاف، وقوله: (وبعد ذاك الخبر اذكر رافعه) أى بعد نصبك الاسم مثاله لا ظالم رجل محمود ولا طالب علم محروم، وفهم من قوله وبعد ذاك أن الخبر لا يجوز تقديمه على الاسم وبعد متعلق باذكر والخبر مفعول مقدم باذكر ورافعه حال من الضمير المستتر فى اذكر والهاء فى رافعه عائدة على الخبر، ثم قال: وركّب المفرد فاتحا كلا … حول ولا قوّة ... المراد بالمفرد فى هذا الباب ما ليس بمضاف ولا مشبه بالمضاف وفاتحا حال أى فى حال كونك فاتحا ثم أتى بمثال لا فيه مكررة وقد تقدم أن لا إذا كررت كان عملها جائزا لا واجبا، ولذلك قال: والثّان اجعلا * مرفوعا أو منصوبا أو مركّبا * وإن رفعت أوّلا لا تنصبا فهذه خمسة أوجه. والأول فتحهما معا وهو المستفاد من المثال، الثانى فتح الأول ورفع الثانى، وهو مستفاد من قوله: (والثان اجعلا مرفوعا) الثالث فتح الأول ونصب الثانى وهو مستفاد من قوله: (أو منصوبا) فهذه ثلاثة أوجه فى الثانى مع فتح الأول. والرابع رفع الأول والثانى. والخامس رفع الأول وبناء الثانى على الفتح وهما مستفادان من قوله: (وإن رفعت أوّلا لا تنصبا) فنهى عن نصب الثانى مع رفع الأول وبقى رفعه وبناؤه على الفتح ووجه فتحهما أنهما مبنيان مع لا ووجه نصب الثانى أنه معطوف على موضع اسم لا ووجه رفعه أنه مبتدأ محذوف الخبر أو معطوف على لا مع اسمها لأنهما فى موضع رفع بالابتداء أو على إعمال لا عمل ليس ووجه رفع الأول والثانى أنهما مبتدءان أو أعملا عمل ليس ووجه رفع الأول وفتح الثانى أن الأول مبتدأ أو اسم لا إن عملت عمل ليس، والثانى مبنى مع لا والثانى مفعول أول باجعلا ومرفوعا مفعول ثان وما بعده معطوف عليه ومعنى أو التخيير وإن رفعت شرط ولا تنصبا جوابه وهو على حذف الفاء أى فلا تنصبا والألف بدل من نون التوكيد الخفيفة. ثم قال: ومفردا نعتا لمبنىّ يلى … فافتح أو انصبن أو ارفع تعدل يعنى أنه يجوز فى نعت الاسم لا المبنى على الفتح ثلاثة أوجه فتحه ونصبه ورفعه وذلك

بشرطين الأول أن يكون مفردا وهو المنبه عليه بقوله ومفردا. الثانى أن يكون متصلا بالمنعوت وذلك مفهوم من قوله يلى أى يلى المنعوت فتقول لا رجل قائم أو قائما أو قائم فوجه الفتح تركيب الصفة مع الموصوف ووجه النصب الحمل على موضع اسم لا، ووجه الرفع الحمل على موضع لا مع اسمها، ومفردا مفعول مقدم بافتح أو انصب أو ارفع فهو من باب التنازع مع تأخير العوامل وقدم مفردا على نعتا وحقه التأخير عنه لأنه وصف له لأجل الضرورة ويجوز نصبه على الحال لأنه نعت نكرة تقدم عليها والمبنى متعلق بنعت ويلى فى موضع الصفة لمبنى وأو للتخيير، وتعدل مجزوم على جواب الأمر. ثم قال: وغير ما يلى وغير المفرد … لا تبن وانصبه أو الرّفع اقصد أشار فى هذا البيت إلى مسألتين: الأولى أن يكون اسم لا مبنيا على الفتح والنعت مفردا إلا أنه مفصول بينهما. الثانية أن يكون النعت يلى المنعوت إلا أنه غير مفرد أى مضاف فمثال الأولى لا رجل فى الدار ظريفا أو ظريف ولا يجوز البناء للفصل بينهما ومثال الثانية لا رجل قاصد غلام فالفتح فيه أيضا ممتنع لمكان الإضافة ووجه النصب فيها على اللفظ لأن المبنى هنا شبيه بالمعرب ووجه الرفع حمله على موضع لا مع اسمها وغير ما يلى مفعول مقدم بتبن والرفع مفعول مقدم باقصد. ثم قال: والعطف إن لم تتكرّر لا احكما … له بما للنّعت ذى الفصل انتمى يعنى أنه إذا عطف على اسم لا المبنى ولم تتكرر لأجاز فى المعطوف ما جاز فى النعت المفصول وهو النصب والرفع وامتنع البناء عن الفتح لفصل العاطف فتقول لا رجل وامرأة بالنصب على اللفظ كقول الشاعر: - فلا أب وابنا مثل مروان وابنه … إذا هو بالمجد ارتدى وتأزّرا (¬51) وامرأة بالرفع على المحل كقول الشاعر: ¬

_ (¬51) البيت من الطويل، وهو لربيع بن ضبع الفزارى فى خزانة الأدب 4/ 67، 68، وشرح التصريح 1/ 243، وشرح شواهد الإيضاح ص 207، والمقاصد النحوية 2/ 355، وللفرزدق أو لرجل من عبد مناة فى الدرر 6/ 172، وبلا نسبة في أمالى ابن الحاجب 1/ 419، 2/ 593، 847، وأوضح المسالك 2/ 22، وجواهر الأدب ص 241، وشرح الأشمونى 1/ 153، وشرح قطر الندى ص 168، وشرح المفصل 2/ 101، 110، والكتاب 2/ 285، واللامات ص 105، واللمع ص 130، والمقتضب 4/ 372، وهمع الهوامع 2/ 143. والشاهد فيه قوله: «لا أب وابنا» حيث عطف على اسم «لا» النافية للجنس، ولم يكررها، وجاء بالمعطوف منصوبا؛ لأنه عطفه على محل اسم «لا» وهو مبنى على الفتح فى محل نصب. ويجوز فيه الرفع، ووجهه أن يكون معطوفا على محل «لا» مع اسمها، فإنهما معا فى محل رفع بالابتداء.

- هذا وجدكم الصّغار بعينه … لا أمّ لى إن كان ذاك ولا أب (¬52) فجعل لا زائدة أو عطف على الموضع والعطف مبتدأ وخبره احكما له وما موصولة وصلتها انتمى وللنعت متعلق بانتمى وذى الفصل صفة للنعت وله متعلق باحكما، وكذلك بما والضمير فى قوله له هو الرابط بين المبتدأ والخبر ويجوز نصب العطف بفعل مضمر يفسره احكما وهو أجود وعلى هذا فجواب الشرط الذى هو إن لم تتكرر محذوف لدلالة ما تقدم عليه والتقدير احكم للعطف بما انتسب للنعت المفصول إن لم تتكرر لا فاحكم له بذلك ويجوز أن يكون خبر العطف جملة الشرط والجواب معا إلا أن فى هذا الوجه حذف الفاء من جواب الشرط والتقدير فاحكم. ثم قال: وأعط لا مع همزة استفهام … ما تستحقّ دون الاستفهام يعنى أن حكم لا إذا دخلت عليها همزة الاستفهام كحكمها إذا لم تدخل عليها فى جميع الوجوه المتقدمة وفيها نظر لأنه قد يحدث فيها إذا دخلت عليها همزة الاستفهام معان وهى التمنى والتوبيخ وقد يبقى كل واحد منهما على معناه وظاهره أنه موافق فى ذلك للمازنى والمبرد فإنها عندهما تجرى مجراها قبل الهمزة مطلقا، وأما ألا التى للعرض فلا مدخل لها فى هذا الباب لأنها لا تدخل إلا على الفعل. ولا مفعول أول بأعط وما مفعول ثان وصلتها تستحق ومع متعلق بأعط ودون متعلق بتستحق وليس قوله الاستفهام مع قوله استفهام بإيطاء، لأن الأول نكرة والثانى معرفة. ثم قال: ¬

_ (¬52) البيت من الكامل، وهو من أكثر الشواهد النحوية المختلف عليها، فهو لرجل من مذحج فى الكتاب 2/ 292، وهو لضمرة بن جابر فى خزانة الأدب 2/ 38، 40، وهو لرجل من مذحج أو لضمرة بن ضمرة أو لهمام أخى جساس بن مرة فى تخليص الشواهد ص 405، وهو لرجل من مذحج أو لهمام بن مرة فى شرح شواهد الإيضاح ص 209، وهو لرجل من بنى عبد مناف أو لابن أحمر أو لضمرة بن ضمرة أو لرجل من مذحج أو لهمام بن مرة أو لرجل من بنى عبد مناة فى الدرر 6/ 175، وهو لهنى بن أحمر أو لزرافة الباهلى فى لسان العرب 6/ 61 (حيس)، وهو لرجل من مذحج أو لهمام بن مرة أو لرجل من بنى عبد مناة أو لابن أحمر أو لضمرة بن ضمرة فى شرح التصريح 1/ 241، ولابن أحمر فى المؤتلف والمختلف ص 38، والمقاصد النحوية 2/ 339، ولرجل من مذحج أو لهمام أخى جساس بن مرة أو لضمرة بن ضمرة أو لابن أحمر فى شرح شواهد المغنى ص 921، ولهمام بن مرة فى الحماسة الشجرية 1/ 256، ولعامر بن جوين الطائى أو منقذ بن مرة الكنانى فى حماسة البحترى ص 78، ولرجل من بنى عبد مناة بن كنانة فى سمط اللآلى ص 288، وبلا نسبة فى جواهر الأدب ص 241، 245، والأشباه والنظائر 4/ 162، وأمالى ابن الحاجب ص 593، 847، وأوضح المسالك 2/ 16، ورصف المبانى ص 267، وشرح الأشمونى ص 151، وشرح ابن عقيل ص 202، وشرح المفصل 2/ 292، وكتاب اللامات ص 106، واللمع فى العربية ص 192، ومغنى اللبيب ص 593، والمقتضب 4/ 371. والشاهد فيه قوله: «ولا أب» حيث جاء «أب» مرفوعا بالابتداء بعد «لا» النافية غير العاملة التى تلت «لا» النافية للجنس.

ظن وأخواتها

وشاع فى ذا الباب إسقاط الخبر … إذا المراد مع سقوطه ظهر يعنى إذا لم يعلم خبر لا فلا يجوز حذفه كقوله: - وردّ جازرهم حرفا مصرّمة … ولا كريم من الولدان مصبوح (¬53) وإن علم كثر حذفه عند الحجازيين ووجب عند بنى تميم وطيئ وفهم من إطلاقه فى الخبر أنه لا فرق بين أن يكون ظرفا أو مجرورا أو غيرهما خلافا لمن فصل وفهم من قوله: فى ذا الباب أن حذف الخبر فى غير هذا الباب ليس بشائع وإن علم، والمراد فاعل بفعل محذوف يفسره ظهر وجواب إذا محذوف لدلالة ما تقدم عليه. ظن وأخواتها من نواسخ الابتداء ظن وأخواتها فتدخل على المبتدأ والخبر فتنصبهما بعد أخذها الفاعل مفعولين على التشبيه بأعطيت، وهى على قسمين: قلبية وتصييرية وقد أشار إلى الأول بقوله: انصب بفعل القلب جزأى ابتدا وجزأى الابتداء هما المبتدأ والخبر ولما كانت أفعال القلوب منها ما يعمل العمل المذكور ومنها ما لا يعمل نحو تيقن وتفكر ونحوهما أشار إلى الأول بقوله: أعنى رأى خال علمت وجدا … ظنّ حسبت وزعمت مع عد حجا درى وجعل اللذ كاعتقد. … وهب تعلّم ثم إن هذه الأفعال القلبية منها ما يفيد فى الخبر يقينا وتسمى علمية ومنها ما يفيد فيه ترددا مع رجحان الوقوع وتسمى ظنية ولم يرتبها فى النظم بل ذكرها على حسب ما سمح به الوزن وأنا أنبه على كل واحد منها، أما رأى فهى بمعنى علم، تقول: رأيت زيدا عالما أى علمته وأما خال فهى بمعنى ظن وعلم هى أصل الأفعال العلمية وبها يفسر سائرها ووجد بمعنى علم وظن هى أيضا أصل الأفعال الظنية وبها يفسر سائرها وحسب بمعنى ظن وزعم بمعنى ¬

_ (¬53) البيت من البسيط، وهو لحاتم بن عبد الله الطائى فى ملحق ديوانه ص 294، وشرح أبيات سيبويه 1/ 573، ولأبى ذؤيب الهذلى فى ملحق شرح أشعار الهذليين ص 1307، وشرح شواهد الإيضاح ص 205، وشرح المفصل 1/ 107، ولرجل جاهلى من بنى النبيت فى المقاصد النحوية 2/ 368، 369، وبلا نسبة فى تخليص الشواهد ص 422، ورصف المبانى ص 266، 267، وشرح الأشمونى 1/ 154، وشرح ابن عقيل ص 209، والكتاب 2/ 299، ولسان العرب 4/ 452، (صرر)، والمقتضب 4/ 370. والشاهد فيه قوله: «مصبوح» حيث ذكر خبر «لا» لأنه لم يكن مما يعلم، فإذا لم يعلم يجب ذكره. ويجوز أن يكون «مصبوح» نعتا لاسمها محمولا على الموضع، والخبر محذوف لعلم السامع، تقديره: موجود.

ظن وعدّ كذلك وحجا كذلك أيضا ودرى بمعنى علم وجعل كذلك وفيها زيادة وهى الاعتقاد ولذلك قال: وجعل اللذ كاعتقد وهب بمعنى ظن وتعلم بمعنى اعلم فهذه ثلاثة عشر فعلا كلها متساوية فى نصب المبتدأ والخبر على أنهما مفعولان وهى كلها معطوفة على رأى على حذف العاطف، فهى كلها مفعولة بأعنى إلى زعمت، وعد مخفوضة بمع ومع متعلق بأعنى وحجا ودرى وجعل معطوفات على عد واللذ نعت لجعل وصلته كاعتقد وهب وتعلم معطوفان أيضا على ما بعد مع ولهذه الأفعال معان أخر ولم أنبه عليها لأنها ليست من هذا الباب ثم شرع فى القسم الثانى وهى التصييرية بقوله: ... والّتى كصيّرا … أيضا بها انصب مبتدا وخبرا يعنى انصب بالأفعال التى بمعنى صير المبتدأ والخبر وهى ما دل على تحويل كما تنصب بالقلبية ولم يذكر ألفاظ الأفعال التصييرية كما ذكر القلبية وهى صير وأصار وجعل ورد واتخذ وتخذ وترك ووهب فى نحو وهبنى الله فداك أى جعلنى. والتى مبتدأ خبره انصب بها ويجوز أن يكون فى موضع نصب بفعل يفسره انصب من باب الاشتغال وهو أجود. ثم قال: وخصّ بالتّعليق والإلغاء ما … من قبل هب يعنى أن الأفعال المذكورة قبل هب تختص دون سائر أفعال هذا الباب بالتعليق والإلغاء، فالتعليق ترك العمل لموجب، والإلغاء ترك العمل لغير موجب ويحتمل قوله خص أن يكون ماضيا مبنيا للمفعول وما فى موضع رفع به وأن يكون فعل أمر وما فى موضع نصب به، والأول أظهر ومن قبل هب صلة لما وبالتعليق متعلق بخص. ثم قال: والأمر هب قد ألزما … كذا تعلّم يعنى أن هذين الفعلين يلزمان صيغة الأمر فلا يستعملان ماضيين ولا مضارعين وفهم منه أنه يجوز إسنادهما إلى الضمير المفرد المذكر والمؤنث وإلى المثنى والمجموع فتقول يا زيدان هبانى قائما ويا زيدون هبونى قائما فإن فعل الأمر صالح لذلك. وهب مبتدأ وخبره قد ألزما وفى ألزما ضمير يعود على هب والأمر مفعول ثان بألزم، وتعلم مبتدأ خبره كذا، أى مثل هب فى لزومه الأمر. ولما أتى بأفعال هذا الباب كلها بلفظ الماضى وكان غير الماضى وهو الأمر والمضارع واسم المفعول مثل الماضى فى العمل المذكور أشار إلى ذلك بقوله: ولغير الماض من … سواهما اجعل كلّ ما له زكن

قوله من سواهما أى من سوى هب وتعلم لأنهما لازمان للأمر وزكن أى علم وكل مفعول باجعل وما موصولة وزكن صلتها وله متعلق بزكن ولغير متعلق باجعل ومن فى موضع الحال من غير والتقدير اجعل كل ما علم للماضى من الحكم لغير الماضى فى حال كونه من سوى هب وتعلم. ثم قال: وجوّز الإلغاء لا فى الابتدا تقدم أن الإلغاء ترك العمل لغير موجب وفهم من قوله وجوز أنه جائز لا واجب وفهم من قوله لا فى الابتداء ثلاث صور أن يتأخر عنهما نحو زيد قائم ظننت أو يتوسط بينهما نحو زيد ظننت فاضل أو يتقدم على المفعولين ويتقدم عليه غيره نحو متى ظننت زيد قائم؟ وفى جوازه الإلغاء فى هذه الصورة الثالثة خلاف وظاهر كلامه جوازه لأن الفعل ليس فى الابتداء ولم يتعرض الناظم إلى الأرجح، والأرجح الإلغاء مع التأخير والإعمال مع التوسط بين المفعولين وفهم من قوله لا فى الابتدا أن إعمال المتقدم واجب والإلغاء مفعول بجوز ولا عاطفة والمعطوف عليه محذوف تقديره وجوز الإلغاء فى التأخير والتوسط لا فى الابتداء، وأجاز الكوفيون الإلغاء مع التقدم واستدلوا بقوله: - كذاك أدّبت حتى صار من خلقى … أنّى وجدت ملاك الشّيمة الأدب (¬54) وهذا ونحوه مؤول عند البصريين إما على نية ضمير الأمر والشأن فيكون الفعل باقيا على عمله والجملة فى موضع المفعول الثانى وإما على تقدير لام الابتداء وإلى ذلك أشار بقوله: وانو ضمير الشّأن أو لام ابتدا … فى موهم إلغاء ما تقدّما أى إذا ورد من كلام العرب ما يوهم إلغاء الفعل المتقدم فلك فى تأويله وجهان أحدهما أن ¬

_ (¬54) البيت من البسيط، وهو لبعض الفزاريين فى خزانة الأدب 9/ 139، 143، 10/ 335، والدرر 2/ 257، وبلا نسبة فى الأشباه والنظائر 3/ 133، وأوضح المسالك 2/ 65، وتخليص الشواهد ص 449، وشرح الأشمونى 1/ 160، وشرح التصريح 1/ 258، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقى ص 1146، وشرح عمدة الحافظ ص 249، وشرح ابن عقيل ص 221، والمقاصد النحوية 2/ 411، 3/ 89، والمقرب 1/ 117، وهمع الهوامع 1/ 153. والشاهد فيه قوله: «وجدت ملاك الشيمة الأدب» حيث ألغى عمل الفعل «وجدت» مع تقدمه، ولو أعمله لقال: «وجدت ملاك الشيمة الأدب» بنصب «ملاك»، و «الأدب» على أنهما مفعولان وخرجه البصريون على ثلاثة أوجه: الأوّل أنه من باب التعليق، ولام الابتداء مقدرة الدخول على «ملاك». والثانى أنه من باب الإعمال، والمفعول الأول ضمير شأن محذوف وجملة المبتدأ وخبره فى محل نصب مفعول ثان. والثالث أنه من باب الإلغاء، لكن سبب الإلغاء أن الفعل لم يقع فى أول الكلام، بل سبقه قول الشاعر «أنّى».

تنوى فيه ضمير الشأن فيكون التقدير أنى رأيته ملاك الشيمة الأدب فيكون الفعل باقيا على عمله والجملة مفسرة للضمير فى موضع المفعول الثانى أو تقدر لام الابتداء فيكون التقدير أنى رأيت لملاك الشيمة فيكون الفعل معلقا وفى موهم متعلق بانو وإلغاء مفعول بموهم وما موصولة واقعة على الفعل وتقدم صلتها. ثم قال: والتزم التّعليق قبل نفى ما … وإن ولا لام ابتداء أو قسم كذا والاستفهام ذا له انحتم قد تقدم أن التعليق ترك العمل لموجب وهو أن يفصل بين الفعل ومفعوليه بأحد الأشياء الستة التى ذكرها. الأول ما النافية كقوله عز وجل: وَظَنُّوا ما لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ [فصلت: 48] الثانى إن النافية كقوله تعالى: وَتَظُنُّونَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا [الإسراء: 52] الثالث لا قال فى شرح التسهيل من أمثلة ابن السراج أحسب لا يقوم زيد قال ابن هانئ يظهر أنه لم يحفظ له مثالا عن العرب نثريا ولا شعريا، وقد أنشدت عليه: - فعش معدما أو مت كريما فإننى … أرى الموت لا ينجو من الموت هاربه (¬55) الرابع لام الابتداء كقوله تعالى: وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَراهُ [البقرة: 102] الخامس لام القسم. كقوله: - ولقد علمت لتأتينّى منيتى … إن المنايا لا تطيش سهامها (¬56) السادس الاستفهام كقوله عز وجل: وَإِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ أَمْ بَعِيدٌ ما تُوعَدُونَ [الأنبياء: 109] وعلم من قوله والتزم أن التعليق لازم بخلاف الإلغاء والتعليق مفعول بالتزم وقبل متعلق به ولام ابتداء مبتدأ وكذا خبره وأو قسم معطوف عليه على حذف مضاف والتقدير لام ابتداء أو لام قسم كذا والاستفهام مبتدأ وذا مبتدأ ثان وخبره انحتم وله متعلق بانحتم والجملة خبر المبتدأ الأول والضمير العائد على ذا الفاعل بانحتم والعائد على الاستفهام الضمير فى له. ثم قال: لعلم عرفان وظنّ تهمه … تعدية لواحد ملتزمه ¬

_ (¬55) البيت مصنوع لابن هانئ كما ذكر. (¬56) البيت من الكامل، وهو للبيد بن ربيعة فى ديوانه ص 308، وتخليص الشواهد ص 453، وخزانة الأدب 9/ 159، 161، والدرر 2/ 263، وشرح شواهد المغنى 2/ 828، والكتاب 3/ 110، والمقاصد النحوية 2/ 405، وبلا نسبة فى أوضح المسالك 2/ 61، وخزانة الأدب 10/ 334، وسر صناعة الإعراب ص 400، وشرح الأشمونى 1/ 161، وشرح شذور الذهب ص 471، وشرح قطر الندى ص 176، ومغنى اللبيب 2/ 401، 407، وهمع الهوامع 1/ 154. والشاهد فيه تعليق «لتأتين» ب «علمت» على نية القسم والمعنى: علمت والله لتأتينى.

يعنى أن علم إذا كانت بمعنى عرف وهو أن يكون معناها متعلقا بالمفرد تتعدى إلى مفعول واحد كقوله تعالى: لا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ [الأنفال: 60] وأن ظن إذا كانت بمعنى اتهم تتعدى أيضا إلى مفعول واحد كقولك ظننت زيدا على المال أى اتهمته وليس حينئذ من أفعال هذا الباب وتعدية مبتدأ وخبره فى المجرور قبله ولواحد متعلق بتعدية وملتزمة صفة لتعدية وأضاف علم إلى العرفان وهو مصدر عرف وأضاف ظن إلى تهمة وهو مصدر اتهم. ثم قال: ولرأى الرّؤيا انم ما لعلما … طالب مفعولين من قبل انتمى يعنى أن رأى الحلمية ينتسب لها من العمل ما انتسب لعلم الطالبة للمفعولين السابقة لأنها شبيهة بها فى كونها فيها إدراك بالحس الباطنى ومنه قوله: - أراهم رفقتى حتى إذا ما … تولّى الليل وانخزل انخزالا (¬57) وأضاف رأى للرؤيا ليعلم أنها الحلمية لأن مصدرها الرؤيا ومصدر رأى البصرية رؤية واحترز بقوله طالب مفعولين من علم العرفانية وانم بمعنى انسب وانتمى بمعنى انتسب وما موصولة واقعة على حكم علم المتعدية إلى مفعولين وهى مفعولة بانم وصلتها انتمى ولرأى متعلق بانم، ولعل متعلق بانتمى وطالب مفعولين حال من علم، وكذلك من قبل متعلق بانتمى والتقدير انسب العمل الذى انتسب من قبل لعمل فى حال كونه مفعولين لرأى الرؤيا. ثم قال: ولا تجز هنا بلا دليل … سقوط مفعولين أو مفعول يعنى أن المفعولين فى هذا الباب لا يجوز حذفهما معا ولا حذف أحدهما من غير أن يدل على الحذف دليل وهذا هو الحذف على جهة الاقتصار لأنهما فى الأصل مبتدأ وخبر، وفهم منه أنه يجوز حذفهما وحذف أحدهما إذا دل على الحذف دليل، وهو الحذف على جهة الاختصار فمن حذفهما معا قوله: ¬

_ (¬57) البيت من الوافر، وهو لابن أحمر فى ديوانه ص 130، والحماسة البصرية 1/ 262، والدرر 2/ 252، وشرح التصريح 1/ 250، والمقاصد النحوية 2/ 241، وبلا نسبة فى أوضح المسالك 2/ 49، وشرح الأشمونى 1/ 163، وشرح ابن عقيل ص 224، وهمع الهوامع 1/ 150. والشاهد فيه قوله: «أراهم رفقتى» حيث استعمل الفعل «رأى» دالا على الحلم والرؤيا، فنصب مفعولين هما الضمير فى «أراهم»، وقوله: «رفقتى».

- بأى كتاب أم بأيّة سنّة … ترى حبّهم عارا علىّ وتحسب (¬58) أى وتحسب حبهم عارا علىّ ومن حذف الأول، وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْراً لَهُمْ [آل عمران: 180). أى بخلهم، ومن حذف الثانى قول عنترة: - ولقد نزلت فلا تظنى غيره … منى بمنزلة المحبّ المكرم (¬59) أى فلا تظنى ذلك واقعا، وسقوط مفعول بتجز وهنا وبلا دليل متعلقان بتجز. ثم قال: وكتظنّ اجعل تقول إن ولى … مستفهما به ولم ينفصل بغير ظرف أو كظرف أو عمل … وإن ببعض ذى فصلت يحتمل وأجرى القول كظن مطلقا … عند سليم نحو قل ذا مشفقا يعنى أن أصل القول وما اشتق منه أن يدخل على الجملة فتحكى به وقد ينصب المفرد إذا كان فى معنى الجملة كقولك قلت خطبة ثم إنه قد يضمن معنى الظن فينصب مفعولين وذلك بشروط الأول أن يكون مضارعا الثانى أن يكون مفتتحا بتاء المخاطب، وهذان الشرطان مفهومان من قوله: تقول الثالث أن تدخل عليه أداة الاستفهام وهو المنبه عليه بقوله: (إن ولى مستفهما به) الرابع أن لا يفصل بينهما بغير الظرف أو المجرور أو أحد المفعولين وهو المنبه عليه بقوله: (ولم ينفصل * بغير ظرف أو كظرف أو عمل) فمثال ما لا فصل فيه أتقول زيدا منطلقا، ومنه قوله: - متى تقول القلص الرّواسما … يدنين أمّ قاسم وقاسما (¬60) ¬

_ (¬58) البيت من الطويل، وهو للكميت فى خزانة الأدب 9/ 137، والدرر 1/ 272، 2/ 253، وشرح التصريح 1/ 259، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقى ص 692، والمحتسب 1/ 183، والمقاصد النحوية 21/ 413، 3/ 112، وبلا نسبة فى أوضح المسالك 2/ 69، وشرح الأشمونى ص 164، وشرح ابن عقيل ص 225، وهمع الهوامع 1/ 152. والشاهد فيه قوله: «وتحسب» حيث حذف المفعولين لدلالة سابق الكلام عليهما. (¬59) البيت من الكامل، وهو لعنترة فى ديوانه ص 191، وأدب الكاتب ص 613، والأشباه والنظائر 2/ 405، والاشتقاق ص 38، والأغانى 9/ 212، وجمهرة اللغة ص 591، وخزانة الأدب 3/ 227، 9/ 136، والخصائص 2/ 216، والدرر 2/ 254، وشرح شذور الذهب ص 486، وشرح شواهد المغنى 1/ 480، ولسان العرب 1/ 289 (حبب)، والمقاصد النحوية 2/ 414، وبلا نسبة فى أوضح المسالك 2/ 70، وشرح الأشمونى 1/ 164، وشرح ابن عقيل ص 225، والمقرب 1/ 117، وهمع الهوامع 1/ 152. والشاهد فيه قوله: «فلا تظنى غيره» حيث حذف المفعول الثانى ل «تظن» لقيام الدليل على المحذوف، وتقدير الكلام: ولقد نزلت فلا تظنى غيره واقعا. (¬60) الرجز لهدبة بن خشرم فى ديوانه ص 130، وتخليص الشواهد ص 456، وخزانة الأدب 9/ 336، والدرر 2/ 273، والشعر والشعراء 2/ 695، ولسان العرب 11/ 575 (قول)، 12/ 456 (فغم)، والمقاصد النحوية 2/ 427، وبلا نسبة فى شرح الأشمونى 1/ 164، وشرح شذور الذهب ص 488، وشرح ابن عقيل ص 227، وهمع الهوامع 1/ 157. والشاهد فيه قوله: «تقول القلص يدنين» حيث ورد الفعل تقول بمعنى «تظن» فنصب مفعولين هما «القلص» وجملة «يدنين»

أعلم وأرى

ومثال الفصل بالظرف كقولك أعندك تقول عمرا مقيما وبالمجرور: أفى الدار تقول زيدا جالسا ومثال الفصل بأحد المفعولين أزيدا تقول منطلقا ومثله قوله: - أجهّالا تقول بنى لؤىّ … لعمر أبيك أم متجاهلينا (¬61) ويعنى بقوله عمل أحد المفعولين لأنه بمعنى معمول وفى تنكير عمل إشعار بأنه لا يفصل إلا بأحد المفعولين لا بهما لأن التنكير يشعر بالتقليل وقوله: وإن ببعض ذى فصلت يحتمل تصريح بما فهم من الشطر الذى قبله وذى إشارة إلى الثلاثة المتقدمة وهى الظرف والمجرور وأحد المفعولين فإن لم تستوف الشروط بطل العمل وتعينت الحكاية وإن استوفيت الشروط جاز النصب والحكاية، وقوله: (وأجرى القول كظن مطلقا)، البيت يعنى أن بنى سليم ينصبون بالقول مطلقا أى بلا شرط، يريد على جهة الجواز لأن الرفع على الحكاية عندهم جائز فتقول على الأول قلت عمرا منطلقا وقل ذا مشفقا. ومنه قول بعضهم: - قالت وكنت رجلا فطينا … هذا لعمر الله إسرائينا (¬62) والقول مرفوع بأجرى ومطلقا حال من القول وعند سليم متعلق بأجرى وقل فعل أمر وذا مفعول أول ومشفقا مفعول ثان. أعلم وأرى إذا دخلت همزة التعدية على فعل غير متعد تعدى إلى واحد نحو أدخل زيدا وإن دخلت على متعد إلى واحد تعدى بها إلى اثنين نحو ألبست زيدا ثوبا وإن دخلت على متعد إلى اثنين تعدى بها إلا ثلاثة وذلك فى فعلين خاصة وهما علم ورأى وإليهما أشار بقوله: ¬

_ (¬61) البيت من الوافر، وهو للكميت بن زيد فى خزانة الأدب 9/ 183، 184، والدرر 2/ 276، وشرح أبيات سيبويه 1/ 132، وشرح التصريح 1/ 263، وشرح المفصل 7/ 78، 79، والكتاب 1/ 123، والمقاصد النحوية 2/ 429، وليس فى ديوانه، وبلا نسبة فى أمالى المرتضى 1/ 363، وأوضح المسالك 2/ 78، وتخليص الشواهد ص 457، وخزانة الأدب 2/ 439، وشرح الأشمونى 1/ 164، وشرح شذور الذهب ص 490، وشرح ابن عقيل ص 228، والمقتضب 2/ 349، وهمع الهوامع 1/ 157. والشاهد فيه قوله: «أجهالا تقول بنى لؤى» حيث أعمل «تقول» عمل «تظن» فنصب به مفعولين، أحدهما قوله: «جهّالا» والثانى قوله: «بنى لؤى» مع أنّه فصل بين أداة الاستفهام والفعل بفاصل- وهو قوله: «جهالا» - وذلك لأن هذا الفصل لا يمنع الإعمال، لأنّ الفاصل معمول للفعل، فهو مفعوله الثانى. (¬62) الرجز لأعرابى فى المقاصد النحوية 2/ 425، وبلا نسبة فى تخليص الشواهد ص 456، والدرر 2/ 272، وسمط اللآلى ص 681، وشرح الأشمونى 1/ 156، وشرح التصريح 1/ 264، وشرح ابن عقيل ص 229، ولسان العرب 13/ 323 (فطن) 459، 460، (يمن)، والمعانى الكبير ص 646، وهمع الهوامع 1/ 157. والشاهد فيه مجئ الفعل «قال» بمعنى «ظن»، فنصب مفعولين هما «هذا» و «إسرائينا» ويريد إسرائيلا فقلب اللام نونا وقيل يجوز فى «إسرائيل» «إسرال» و «إسرائين».

إلى ثلاثة رأى وعلما … عدّوا إذا صارا أرى وأعلما يعنى أن علم ورأى المتعديين إلى اثنين إذا دخلت عليهما همزة النقل تعديا بها إلى ثلاثة فالمفعول الأول هو الذى كان فاعلا بهما قبل دخول الهمزة والثانى والثالث هما اللذان كانا منصوبين بهما فرأى وعلم مفعول مقدم بعدوا وإلى ثلاثة وإذا متعلقان بعدوا والضمير فى صارا عائد على علم ورأى وأرى وأعلم خبر صارا ثم قال: وما لمفعولى علمت مطلقا … للثّان والثّالث أيضا حقّقا يعنى أن جميع ما استقر من الحكم للمفعولين فى رأى وعلم قبل دخول الهمزة من إلغاء وتعليق ومنع الحذف لغير دليل وجوازه لدليل ثابت للثانى والثالث من مفاعيل أعلم وأرى فما موصولة وهى مبتدأ وصلتها لمفعولى ومطلقا حال من الضمير المستتر فى المجرور العائد على ما وخبر ما حقق وللثان متعلق بحقق ثم قال: وإن تعدّيا لواحد بلا … همز فلاثنين به توصّلا يعنى أن علم العرفانية ورأى البصرية المتعديتين إلى واحد إذا دخلت عليهما همزة التعدية تعديا إلى اثنين وليستا حينئذ من هذا الباب ولا من الباب الذى قبله لأن المفعول الثانى غير الأول فهو من باب كسا وأعطى، ولذلك أشار بقوله: والثّان منهما كثانى اثنى كسا … فهو به فى كلّ حكم ذو ائتسا يعنى أن المفعول الثانى من هذين المفعولين كالمفعول الثانى من باب كسا يجوز فيه الحذف اختصارا واقتصارا ويمتنع فيه ما جاز فى مفعولى علمت المتعدية إلى اثنين من إلغاء وتعليق وغير ذلك من الأحكام الجائزة فيه، وفهم من تشبيهه بباب كسا أن المفعول الثانى أيضا كالمفعول الأول من باب كسا إذ لا وجه لتخصيصه المفعول الثانى بالذكر فالضمير فى تعديا عائد على علم العرفانية ورأى البصرية وبلا همز متعلق بتعديا والفاء جواب الشرط ولاثنين وبه متعلقان بتوصلا والضمير فى به عائد على الهمز والثانى مبتدأ وخبره كثانى وفى كل حكم متعلق بائتسا وكذلك به ثم قال: وكأرى السّابق نبّا أخبرا … حدّث أنبأ كذاك خبّرا

الفاعل

ذكر أن أفعال هذا الباب سبعة والذى أثبت سيبويه منها أعلم وأرى ونبأ وزاد أبو على أنبأ وألحق بها السيرافى حدث وأخبر وخبر ونبأ مبتدأ وأخبر وحدث وأنبأ معطوفات عليه على حذف العاطف وخبره فى المجرور قبله وخبر مبتدأ خبره كذاك. الفاعل هو الاسم المسند إليه فعل أو ما جرى مجراه مقدما عليه على طريقة فعل أو فاعل وقد استغنى الناظم عن هذا التعريف بالمثال فقال: الفاعل الّذى كمرفوعى أتى … زيد منيرا وجهه نعم الفتى فأتى بمثالين الأول أتى زيد فزيد فاعل لأنه اسم أسند إليه فعل على طريقة فعل وقدم عليه وهو أتى والثانى منيرا وجهه فوجهه فاعل لأنه اسم أسند إليه وصف جار مجرى الفعل على طريقة فاعل وهو منير ثم تمم البيت بقوله: نعم الفتى وفيه تنبيه على أن فعل الفاعل يكون غير متصرف فقوله الفاعل مبتدأ والذى خبره وهو موصول صلته كمرفوعى وهو مضاف إلى المثالين على حذف القول والتقدير كمرفوعى قولك أتى زيد منيرا وجهه. ثم قال: وبعد فعل فاعل فإن ظهر … فهو وإلّا فضمير استتر يعنى أن الفعل لا بد له من فاعل وفهم من قوله بعد أن الفاعل لا يكون إلا بعد الفعل وقوله فإن ظهر أى فإن ظهر ما هو فاعل فى المعنى فهو الفاعل فى الاصطلاح والمراد بظهر برز فشمل الظاهر نحو قام زيد والضمير البارز نحو قمت وقوله وإلا أى وإن لم يبرز وقوله فضمير استتر نحو قم ففى قم ضمير مستتر إذ لا يستغنى الفعل عن الفاعل وفاعل مبتدأ خبره فى الظرف قبله وفإن ظهر شرط والفاء جواب الشرط وهو مبتدأ وخبره محذوف تقديره الفاعل وإن شرط ولا نافية وفعل الشرط محذوف تقديره وإن لا يظهر والفاء جواب الشرط وضمير خبر مبتدأ مضمر تقديره وإلا فهو ضمير واستتر فى موضع الصفة لضمير. ثم قال: وجرّد الفعل إذا ما أسندا … لاثنين أو جمع كفاز الشّهدا يعنى أن الفعل إذا أسند إلى فاعل مثنى أو مجموع جرد من علامة التثنية والجمع فتقول قام الزيدان وقام الزيدون هذه هى اللغة الفصيحة وفهم من المثال أن شرط الفاعل المذكور أن يكون ظاهرا فالفعل مفعول بجرد وبعده مجرور محذوف تقديره من العلامتين ولاثنين متعلق بأسند. ثم أشار إلى اللغة الأخرى بقوله:

وقد يقال سعدا وسعدوا … والفعل للظّاهر بعد مسند هذه اللغة يسميها النحويون لغة أكلونى البراغيث وهى أن يلحق الفعل المسند إلى المثنى ألف والمسند إلى الجمع المذكر واو، والمسند إلى الجمع المؤنث نون فتقول سعدا أخواك وسعدوا إخوتك وسعدن بناتك وهذه الأحرف اللاحقة للفعل على هذه اللغة ليست بضمائر وإنما هى علامات للفعل كالتاء فى قامت هند ويكون المسند إليه بلفظ التثنية والجمع كما ذكر وبعطف آخر الاسمين على الأول كقوله: - تولّى قتال المارقين بنفسه … وقد أسلماه معبد وحميم (¬63) وفهم من قوله قد يقال قلة هذه اللغة، وفهم من قوله: والفعل للظاهر بعد مسند أن هذه الحروف علامات لا ضمائر وسعدا فى موضع رفع بيقال والواو فى قوله والفعل واو الحال أى والحالة هذه. ثم قال: ويرفع الفاعل فعل أضمرا … كمثل زيد فى جواب من قرا يعنى أن الفعل قد يحذف ويبقى الفاعل وتجوّز فى قوله أضمرا والمراد حذف وشمل إطلاقه الحذف جوازا كالمثال الذى ذكر، والحذف وجوبا كقوله عز وجل: وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجارَكَ [التوبة: 6] ويجوز فى زيد المثال أن يكون فاعلا والتقدير قرأ زيد وأن يكون مبتدأ محذوف الخبر وهو أجود لمطابقة الجواب للسؤال فإن السؤال جملة اسمية، ومن حذفه جوازا قوله عز وجل فى قراءة ابن عامر وشعبة: يُسَبِّحُ لَهُ فِيها بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ (36) رِجالٌ [النور: 36، 37] أى يسبح له رجال. ثم قال: وتاء تأنيث تلى الماضى إذا … كان لأنثى كأبت هند الأذى يعنى أن الفعل الماضى إذا أسند إلى المؤنث لحقته تاء تدل على تأنيث فاعله، وهى فى ذلك على قسمين: لازمة وجائزة؛ وقد أشار إلى اللازمة بقوله: ¬

_ (¬63) البيت من الطويل، وهو لعبيد الله بن قيس الرقيات فى ديوانه ص 196، وتخليص الشواهد ص 473، والدرر 2/ 282، وشرح التصريح 1/ 277، وشرح شواهد المغنى 2/ 784، 790، والمقاصد النحوية 2/ 461، وبلا نسبة فى أوضح المسالك 2/ 106، والجنى الدانى ص 175، وجواهر الأدب ص 109، وشرح الأشمونى 1/ 170، وشرح شذور الذهب ص 227، وشرح ابن عقيل ص 239، ومغنى اللبيب 2/ 367، 371، وهمع الهوامع 1/ 160. والشاهد فيه قوله: «وقد أسلماه معبد وحميم» حيث ألحق بالفعل المسند إلى الفاعل الظاهر ضمير التثنية، وذلك على لغة الحارث بن كعب، وهى لغة ما يسمّى «أكلونى البراغيث».

وإنّما تلزم فعل مضمر … متّصل أو مفهم ذات حر فذكر أنها تلزم فى موضعين: الأول أن يكون المسند إليه ضميرا متصلا وشمل الحقيقى التأنيث نحو هند قامت والمجازى التأنيث نحو الشمس طلعت. واحترز بقوله متصل من المنفصل نحو ما قام إلا أنت. الثانى أن يكون المسند إليه ظاهرا حقيقى التأنيث وهو المشار إليه بقوله ذات حر، والحر الفرج وفعل مفعول بتلزم وفى تلزم ضمير مستتر يعود على التاء ومضمر على حذف مضاف والتقدير فعل فاعل مضمر ومتصل نعت لمضمر فلو فصل بين الفعل والفاعل الحقيقى التأنيث فإما أن يكون الفاصل غير إلا أو إلا فإن كان الفاصل غير إلا فقد أشار إليه بقوله: وقد يبيح الفصل ترك التّاء فى … نحو أتى القاضى بنت الواقف يعنى أنه إذا فصل بين الفعل والفاعل الحقيقى التأنيث بغير إلا جاز وجهان إثبات التاء وتركها وفهم من قوله وقد يبيح أن حذفها قليل بالنسبة إلى إثباتها فالفصل فاعل يبيح وترك مفعول به وفى متعلق بيبيح ونحو مضاف إلى قول محذوف والتقدير فى نحو قولك والفصل هنا بالمفعول. وإن كان الفاصل إلا فقد أشار إليه بقوله: والحذف مع فصل بإلّا فضّلا … كما زكا إلّا فتاة ابن العلا فما زكا إلا فتاة أحسن مما زكت إلا فتاة وإنما كان حذفها أحسن لأن الفعل فى التقدير مسند إلى مذكر لأن التقدير ما زكا أحد إلا فتاة ابن العلا فالحذف مبتدأ وخبره فضلا ومع متعلق بالحذف وبإلا متعلق بفضل. ثم قال: والحذف قد يأتى بلا فصل أشار بذلك إلى ما حكاه سيبويه عن بعض العرب قال فلانة وأشار بقوله: ... ومع … ضمير ذى المجاز فى شعر وقع إلى قول الشاعر:

- فلا مزنة ودقت ودقها … ولا أرض أبقل إبقالها (¬64) فأسقط التاء من أبقل والفعل مسند إلى ضمير الأرض والحذف مبتدأ وخبره قد يأتى وبلا فصل متعلق بيأتى ومع متعلق بوقع وذى المجاز نعت لمحذوف والتقدير مع ضمير المؤنث ذى المجاز. ثم قال: والتّاء مع جمع سوى السّالم من … مذكّر كالتّاء مع إحدى اللّبن يعنى أن الفعل الماضى إذا أسند لجمع غير المذكر السالم حكمه كحكمه مع المجازىّ التأنيث كإحدى اللبن وهى لبنة فتقول قام الرجال وقامت الرجال كما تقول سقطت اللبنة وسقط اللبنة وشمل غير السالم من مذكر جمع التكسير كما ذكر وجمع المؤنث السالم فتقول على هذا قام الهندات وقامت الهندات وفى هذا خلاف والذى ذهب إليه الناظم جواز الوجهين وهو مذهب كوفى ومذهب جمهور البصريين أنه كواحده يلزم فيه التاء. فالتاء مبتدأ ومع جمع فى موضع الحال منه وخبر المبتدأ كالتاء وسوى السالم نعت لجمع ومن مذكر متعلق بالسالم واللبن جمع لبنة وهى الآجرة. ثم قال: والحذف فى نعم الفتاة استحسنوا … لأنّ قصد الجنس فيه بيّن يعنى أن العرب استحسنوا الحذف فى نعم فتقول نعم المرأة هند وفهم منه أن بئس مثلها إذ لا فرق فتقول بئس المرأة هند وإنما استحسن فى هذا الحذف لما ذكر من قصد الجنس كأنه فى معنى نعم جنس المرأة ولا يفهم من قوله استحسنوا أنه أحسن من الإثبات بل هو مستحسن وإن كان الإثبات أحسن. فالحذف مفعول باستحسنوا وفى نعم متعلق بالحذف أو استحسنوا ولأن متعلق باستحسنوا، ثم قال: ¬

_ (¬64) البيت من المتقارب، وهو لعامر بن جوين فى تخليص الشواهد ص 483، وخزانة الأدب 1/ 45، 49، 50، والدرر 6/ 268، وشرح التصريح 1/ 278، وشرح شواهد الإيضاح ص 339، 460، وشرح شواهد المغنى 2/ 943، والكتاب 2/ 46، ولسان العرب 7/ 111 (أرض)، 11/ 60 (بقل)، والمقاصد النحوية 2/ 464، وبلا نسبة فى أمالى ابن الحاجب 1/ 352، وأوضح المسالك 2/ 108، وجواهر الأدب ص 113، والخصائص 2/ 411، وشرح الأشمونى 1/ 174، والرد على النحاة ص 91، ورصف المبانى ص 166، وشرح أبيات سيبويه 1/ 557، وشرح ابن عقيل ص 244، وشرح المفصل 5/ 94، ولسان العرب 1/ 357 (خضب)، والمحتسب 2/ 112، ومغنى اللبيب 2/ 656، والمقرب 1/ 303، وهمع الهوامع 2/ 171. والشاهد فيه قوله: «ولا أرض أبقل إبقالها» والقياس: أبقلت إبقالها لأن الفعل مسند إلى ضمير عائد على «الأرض» وهى مؤنث مجازى، فحذف التاء ضرورة.

والأصل فى الفاعل أن يتّصلا … والأصل فى المفعول أن ينفصلا وقد يجاء بخلاف الأصل … وقد يجى المفعول قبل الفعل يعنى أن الأصل أن يتقدم الفاعل على المفعول لأن الفاعل كالجزء من فعله بخلاف المفعول. والأصل مبتدأ وفى الفاعل متعلق به وأن يتصلا خبره وإعراب عجز البيت مثل صدره. ثم قال: (وقد يجاء بخلاف الأصل) خلاف الأصل هو أن يتقدم المفعول على الفاعل فتقول ضرب عمرا زيد. وبخلاف فى موضع رفع على أنه مفعول لم يسم فاعله وقد فى قوله قد يجاء للتحقيق لا للتقليل فإن تقديم المفعول على الفاعل كثير إلا أن يراد بالنسبة إلى تقديم الفاعل على المفعول فتكون للتقليل. ثم قال: (وقد يجى المفعول قبل الفعل) يعنى أن المفعول قد يأتى متقدما على الفعل وشمل ما تقديمه جائز نحو فريقا هدى وما تقديمه واجب نحو إياك نعبد وظاهر قد هنا أنها للتقليل لأن تقديم المفعول على الفعل أقل من تقديمه على الفاعل. ثم قال: وأخّر المفعول إن لبس حذر … أو أضمر الفاعل غير منحصر ذكر فى هذا البيت موضعين يجب فيهما تأخير المفعول على الفاعل: الأول أن يخاف اللبس وذلك بأن يكون الإعراب خفيا فى الفاعل والمفعول معا نحو ضرب موسى عيسى فالأول هو الفاعل محافظة على الرتبة والآخر أن يكون الفاعل ضميرا متصلا نحو ضربت زيدا. والمفعول مفعول بأخر وإن شرط ولبس مفعول لم يسم فاعله بفعل محذوف يفسره حذر وأو أضمر معطوف على حذر وغير منحصر حال من الفاعل واحترز به من الفاعل إذا كان منحصرا فإنه يجب انفصاله وتأخيره ويكون حينئذ المفعول واجب التقديم نحو ما ضرب زيدا إلا أنا. ثم قال: وما بإلّا أو بإنّما انحصر … أخّر وقد يسبق إن قصد ظهر يعنى أنه يجب تأخير المحصور بإلا أو بإنما فاعلا كان أو مفعولا فإذا قصد حصر المفعول وجب تأخيره وتقديم الفاعل فتقول ما ضرب زيد إلا عمرا وإنما ضرب زيد عمرا وإذا قصد حصر الفاعل وجب تأخيره وتقديم المفعول فتقول ما ضرب عمرا إلا زيد وإنما ضرب عمرا زيد وقوله وقد يسبق إن قصد ظهر ولا يظهر القصد إلا فى المحصور بإلا وأما المحصور بإنما فقد لا يعلم حصره إلا بتأخيره. وأشار بذلك إلى قوله:

النائب عن الفاعل

- فلم يدر إلا الله ما هيّجت لنا … عشية آناء الديار وشامها (¬65) فقدم الفاعل وهو محصور على المفعول وما موصولة وهى مفعول مقدم بأخر وصلتها انحصر وبإلا متعلق بانحصر وفهم من قوله قد يسبق أن ذلك قليل وأن ذلك لا يكون إلا مع إلا لأن القصد لا يظهر إلا معها. ثم قال: وشاع نحو خاف ربّه عمر … وشذّ نحو زان نوره الشّجر يعنى أن تقديم المفعول الملتبس بضمير الفاعل على الفاعل كثير وهو قوله خاف ربه عمر فربه مفعول مقدم ملتبس بضمير الفاعل وإنما كثر ذلك لأن الضمير وإن كان عائدا على ما بعده فإن المفسر للضمير مقدم فى النية لأن تقديمه هو الأصل وقوله: (وشذ نحو زان نوره الشجر) يعنى أن تقدم الفاعل الملتبس بضمير المفعول على المفعول قليل وإنما قلّ ذلك لأن الضمير الملتبس به عائد على متأخر لفظا ورتبة لأن المفعول فى نية التأخير. ونحو فاعل بشاع وهو على حذف مضاف والتقدير شاع نحو قولك وكذلك شذ. النائب عن الفاعل يسمى النائب عن الفاعل ويسمى المفعول الذى لم يسم فاعله. قوله: ينوب مفعول به عن فاعل … فيما له كنيل خير نائل يعنى أن الفاعل يحذف وينوب عنه المفعول به. وقوله فيما له أى فيما استقر له من الأحكام كوجوب الرفع والتأخير وعدم الحذف وتسكين آخر الفعل الماضى معه ولحاق تاء التأنيث فى الماضى إذا كان مؤنثا ثم مثل بقوله: (كنيل خير نائل) أصله نلت خير نائل فلما حذف الفاعل ارتفع المفعول به لنيابته عنه. ولما كانت نيابة المفعول به عن الفاعل مشروطة بتغيير فعل الفاعل عن بنيته إلى بنية تدل على النيابة نبه على ذلك بقوله: ¬

_ (¬65) البيت من الطويل، وهو لذى الرمة فى ديوانه ص 999، والدرر 2/ 289، وبلا نسبة فى أوضح المسالك 2/ 131، وتخليص الشواهد ص 487، وشرح الأشمونى 1/ 177، وشرح ابن عقيل ص 248، والمقاصد النحوية 2/ 493، والمقرب 1/ 55، وهمع الهوامع 1/ 161. والشاهد فيه قوله: «فلم يدر إلا الله ما» حيث قدّم الفاعل المحصور ب «إلّا»، وهو لفظ الجلالة، على المفعول «ما» وهذا غير جائز عند جمهور النحاة، وكان الكسائى يسوّغه فى الشعر.

فأوّل الفعل اضممن والمتّصل … بالآخر اكسر فى مضىّ كوصل واجعله من مضارع منفتحا … كينتحى المقول فيه ينتحى يعنى أن أول الفعل المبنى للمفعول يضم، وشمل الماضى والمضارع فإنهما يشتركان فى ضم الأول فإن كان ماضيا كسر ما قبل آخره وإلى ذلك أشار بقوله: (والمتصل * بالآخر اكسر فى مضىّ) ثم مثل ذلك بقوله: (كوصل) وأصله وصلت الشئ فحذف الفاعل وأقيم المفعول به مقامه فتغير فعل إلى فعل وإن كان مضارعا فتح ما قبل الآخر، وإلى ذلك أشار بقوله: (واجعله من مضارع منفتحا) أى اجعل ما قبل الآخر من المضارع منفتحا ثم مثل بقوله: (كينتحى المقول فيه ينتحى) فقوله وأوّل الفعل مفعول مقدم باضممن والمتصل مفعول مقدم أيضا باكسر وفى متعلق باكسر وبالآخر متعلق بالمتصل والهاء فى اجعله عائدة على ما قبل الآخر ومن مضارع متعلق باجعله ومنفتحا مفعول ثان باجعل والمقول نعت لينتحى وفيه متعلق بالمقول وينتحى محكى بالمقول ويجوز ضبط المقول بالضم فيكون قد تمّ الكلام عند قوله كينتحى ثم استأنف فالتقدير على هذا واجعله من مضارع كينتحى منفتحا فالمقول فيه إذا على هذا العمل الذى هو ضم الأول وفتح ما قبل الآخر ينتحى فينتحى على هذا الوجه خبر عن المقول لا محكى وبالأول جزم المرادى. ثم إن ضم الأول فى الماضى والمضارع وكسر ما قبل الآخر فى الماضى وفتحه فى المضارع مطرد فى جميع الأفعال المبنية للمفعول وقد يضم إلى ذلك فى بعض الأفعال تغيير آخر، وذلك فى نوعين: الأول أن يكون أول الفعل الماضى تاء المطاوعة، وإلى ذلك أشار بقوله: والثّانى التّالى تا المطاوعه … كالأوّل اجعله بلا منازعه يعنى أن الحرف الثانى من الفعل الماضى المفتتح بتاء المطاوعة يضم أيضا كالأول فتقول فى تعلمت الحساب تعلم الحساب بضم الأول والثانى وفهم من قوله تا المطاوعة أن المراد بالفعل هنا الماضى لأن المضارع لا يفتتح بتاء المطاوعة بل بحرف المضارعة والثانى مفعول بفعل محذوف يفسره اجعله وتاء المطاوعة مفعول بالتالى. وكالأول فى موضع المفعول الثانى لا جعله وبلا منازعة متعلق باجعله وهو تتميم للبيت لصحة الاستغناء عنه. الثانى أن يكون الفعل الماضى مفتتحا بهمزة الوصل وإلى ذلك أشار بقوله: وثالث الّذى بهمز الوصل … كالأول اجعلنّه كاستحلى يعنى أن الفعل إذا افتتح بهمز الوصل جعل ثالثه مضموما كالأول فتقول فى انطلق انطلق

وفى استحلى استحلى وفهم من قوله بهمز الوصل أن ذلك الفعل لا يكون إلا ماضيا لأن المضارع لا يفتتح بهمزة الوصل. وثالث مفعول بفعل مقدر من باب الاشتغال والذى نعت لمحذوف والتقدير وثالث الفعل الذى ابتدئ بهمز الوصل والعامل فيه ابتدئ وافتتح وليس العامل فيه الكون المطلق وإعراب البيت كإعراب البيت الذى قبله. ثم قال: واكسر أو اشمم فا ثلاثىّ أعلّ … عينا وضمّ جا كبوع فاحتمل يعنى أن فى الفعل الماضى الثلاثى المعتل العين ثلاث لغات: الأولى إخلاص الكسر وهى المشار إليها بقوله واكسر. الثانية الإشمام وهى المشار إليها بقوله أو اشمم وحقيقته عند الجمهور أن تكون الكسرة مشوبة بشئ من صوت الضمة وهاتان اللغتان فصيحتان وقرئ بهما فى المتواتر. الثالثة إخلاص الضمة وهى المشار إليها بقوله وضم جا كبوع، ومنه قوله: - ليت وهل ينفع شيئا ليت … ليت شبابا بوع فاشتريت (¬66) وشمل قوله فا ثلاثى المفتوح العين نحو باع والمكسور العين كخاف وشمل قوله أعل ما عينه ياء كباع وما عينه واو كقال والأصل فى هذه اللغات كلها فعل بضم الفاء وكسر العين كالصحيح والأصل فى بيع بإخلاص الكسر بيع فاستثقلت الكسرة فى الياء فنقلت إلى الباء وذهبت حركة الياء وسكنت العين لزوال حركتها والأصل فى قيل قول استثقلت أيضا الكسرة فى الواو فنقلت إلى القاف وبقيت الواو ساكنة فقلبت ياء لسكونها وكسر ما قبلها وأما على لغة قول وبوع فإن الكسرة حذفت من حرف العلة فسلمت الواو وقلبت الياء واوا لسكونها وضم ما قبلها وأما على لغة الإشمام فهى مركبة من اللغتين. وفا ثلاثى مفعول باشمم على إعمال الثانى ومفعول اكسر محذوف وأعل فى موضع الصفة لثلاثى وعينا تمييز وضم مبتدأ وسوغ الابتداء به كونه فى معرض التفصيل وخبره جا وقصره ضرورة واحتمل معطوف على جا وكبوع فى موضع الحال من فاعل جا. ثم قال: وإن بشكل خيف لبس يجتنب … وما لباع قد يرى لنحو حبّ ¬

_ (¬66) الرجز لرؤبة فى ملحق ديوانه ص 171، والدرر 4/ 26، 6/ 260، وشرح التصريح وشرح شواهد المغنى 2/ 819، والمقاصد النحوية 2/ 524، وبلا نسبة فى أسرار العربية ص 92، وأوضح المسالك 2/ 155، وتخليص الشواهد ص 495، وشرح الأشمونى 1/ 181، وشرح ابن عقيل ص 256، ومغنى اللبيب 2/ 632، وهمع الهوامع 1/ 248، 2/ 165. والشاهد فيه قوله: «بوع» على لغة بعض العرب، والمشهور «بيع».

يعنى أنه إذا خيف لبس النائب عن الفاعل بالفاعل بسبب شكل ترك ذلك الشكل الموقع فى اللبس واستعمل الشكل الذى لا لبس فيه وذلك نحو بيع العبد إذا أسندته إلى ضمير المخاطب فقلت بعت يا عبد بإخلاص الكسر لم يعلم هل هو فعل وفاعل أو فعل ومفعول فيترك الكسر ويرجع إلى الضم أو الإشمام وكذلك طلت يا زيد إذا أسندته أيضا إلى ضمير المخاطب فقلت طلت بالضم التبس بفعل الفاعل فترجع إلى الإشمام أو الكسر إذ لا لبس فيهما. وإن شرط وخيف فعل الشرط ولبس مفعول لم يسم فاعله وبشكل متعلق بخيف ويجتنب جواب الشرط. ثم قال (وما لباع قد يرى لنحو حب) يعنى أنه يجوز فى فاء الفعل الثلاثى المضاعف نحو حب وردّ ما جاز فى فاء باع من كسر وإشمام وضم وقد قرئ هذه بضاعتنا ردّت إلينا بكسر الراء وفهم من قوله قد يرى أن ذلك قليل ولم يقرأ بها فى المتواتر. فما مبتدأ موصول وصلته لباع وقد يرى الخبر ولنحو فى موضع المفعول الثانى ليرى. ثم قال: وما لفا باع لما العين تلى … فى اختار وانقاد وشبه ينجلى يعنى أن ما كان من الفعل المعتل العين على وزن افتعل نحو اختار أو على وزن انفعل نحو انقاد وما أشبههما يجوز فى الحرف الذى تليه العين ما جاز فى فاء باع من الأوجه الثلاثة المذكورة فتقول اختير واختور وبالإشمام وفهم من تمثيله باختار وانقاد أن ما صحت عينه من هذين الوزنين لا يجرى فيه ما ذكر نحو اعتور بل يجرى مجرى الصحيح. وما موصولة مبتدأ وصلتها لفا باع وخبرها لما العين تلى والعين مبتدأ وخبره تلى والجملة صلة ما الثانية وفى اختار متعلق بتلى والتقدير ما استقر من الأوجه الثلاثة لفا باع ثابت للحرف الذى تليه العين فى اختار وانقاد وما أشبههما وينجلى فى موضع الصفة لشبه أى وما يشبههما فى الوزن والإعلال. ثم إن الذى ينوب عن الفاعل أحد أربعة أشياء المفعول به والظرف والمصدر والجار والمجرور وقد ذكر فى أول الباب المفعول به وأشار هنا إلى بقية ما ينوب عن الفاعل فقال: وقابل من ظرف أو من مصدر … أو حرف جرّ بنيابة حرى يعنى أنه ينوب عن الفاعل ما يقبل النيابة من ظرف وشمل ظرف الزمان وظرف المكان، ويشترط فى نيابتهما أن لا يكونا مبهمين فلا يجوز سير وقت ولا جلس مكان وأن يكونا متصرفين فلا يجوز سير سحر ولا جلس عند أو ما يقبل النيابة من مصدر ويشترط أيضا فى نيابته أن لا يكون مؤكدا وأن لا يكون غير متصرف نحو سبحان أو حرف جر يعنى مع مجروره

ويشترط فى نيابته أن لا يلزم طريقة واحدة كحروف القسم والاستثناء ومذ ومنذ وهذه الشروط كلها مستفادة من قوله: (وقابل من ظرف أو من مصدر) فإنك إذا رمت إسناد الفعل المبنى للمفعول إلى أحد هذه الأشياء تعذر ذلك فمثال ما توفرت فيه شروط النيابة سير بزيد يومين وفرسخين سيرا شديدا إن أقمت المجرور وسير بزيد يومان فرسخين سيرا شديدا إن أقمت ظرف الزمان وسير بزيد يومين فرسخين سير شديد إن أقمت المصدر، وقابل مبتدأ ومن ظرف متعلق به وهو الذى سوّغ الابتداء به. وحرى بمعنى حقيق وهو خبر المبتدأ وبنيابة متعلق به. ثم قال: ولا ينوب بعض هذى إن وجد … فى اللّفظ مفعول به وقد يرد اعلم أنه إذا اجتمع مع المفعول به أحد هذه الأشياء الأربعة المذكورة لا ينوب واحد منها بحضرته هذا هو مذهب البصريين، ومذهب الكوفيين أنه يجوز أن ينوب كل واحد منها بحضرة المفعول به وبه أخذ الناظم وإلى ذلك أشار بقوله: (وقد يرد)، وفهم منه أن ذلك قليل ومنه قراءة بعضهم: ليجزى قوما بما كانوا يكسبون على إقامة المجرور مقام الفاعل وهو بما كانوا مع حضرة المفعول به وهو قوما. وقوله بعض فاعل بينوب وهذى إشارة إلى الأربعة المذكورة وإن وجد شرط محذوف الجواب لدلالة ما تقدم عليه وفاعل يرد ضمير مستتر والتقدير وقد يرد ذلك أى نيابة أحد المشار إليه مع وجود المفعول به. ثم قال: وباتّفاق قد ينوب الثّان من … باب كسا فيما التباسه أمن يعنى أن النحويين اتفقوا على جواز نيابة المفعول الثانى من باب كسا ويعبر أيضا عن هذا النوع بباب أعطى وهو ما كان المفعول الثانى فيه غير الأول واحترز به من المفعول الثانى من باب ظن وذلك مع أمن اللبس فتقول على هذا كسى زيدا ثوب وأعطى عمرا درهم وفهم من قوله: فيما التباسه أمن أنه إذا وجد لبس وجب إقامة الأول كقولك أعطى زيد عمرا وفهم أيضا من سكوته عن الأول أنه يجوز نيابته باتفاق لدخوله تحت عبارته فى قوله فى أول الباب: ينوب مفعول به عن فاعل. وقد إما للتحقيق لأنه جائز اتفاقا وإما للتقليل بالنظر إلى نيابة الأول فإنه أكثر وباتفاق متعلق بينوب وكذلك فيما والثان فاعل ومن باب فى موضع الحال من الثان. ثم قال:

اشتغال العامل عن المعمول

فى باب ظنّ وأرى المنع اشتهر … ولا أرى منعا إذا القصد ظهر يعنى أن نيابة المفعول الثانى من باب ظن وهو ما هو خبر فى الأصل والمفعول الثانى من باب أعلم وأصله المبتدأ اشتهر عند النحويين منعه ووجه منعه فى باب ظن أنه خبر فى الأصل والنائب عن الفاعل مخبر عنه فتنافيا ووجه منعه فى أعلم أن المفعول الأول مفعول به حقيقة فينزل المفعول الثانى والثالث مع الأول منزلة الظرف والمجرور مع وجود المفعول به وذهب بعضهم إلى جواز نيابتهما وهو اختيار الناظم وإلى ذلك أشار بقوله: (ولا أرى منعا إذا القصد ظهر) وظهور القصد هو عدم اللبس فيجوز عنده ظن قائم زيدا، وأعلم زيدا فرسه مسرجا وفهم من سكوته عن المفعول الأول من باب ظن وأعلم أنه يجوز نيابتهما بلا خلاف. وفى باب متعلق باشتهر وهو الخبر عن المنع والقصد فاعل بفعل محذوف يفسره ظهر ثم قال: وما سوى النّائب ممّا علّقا … بالرّافع النّصب له محقّقا يعنى أنه يجب نصب ما تعلق بالفعل المسند إلى النائب مع رفع النائب وشمل قوله وما سوى النائب جميع المنصوبات كظرف الزمان وظرف المكان والمصدر والحال والتمييز والمفعول له أو فيه أو معه فتقول أعطى زيد درهما يوم الجمعة أمام زيد إعطاء فتنصب جميع ما علق بالفعل غير النائب. وما مبتدأ موصولة وصلتها سوى النائب ومما متعلق بالاستقرار العامل فى الصلة، وبالرافع متعلق بعلق والنصب له مبتدأ وخبر والجملة خبر ما ومحققا حال من الضمير المستتر فى له العائد على النصب. اشتغال العامل عن المعمول المراد بالعامل فى هذا الباب المفسر للعامل فى الاسم السابق ومن شرطه صلاحيته للعمل فيه فوجب أن لا يكون إلا فعلا متصرفا أو اسم فاعل أو اسم مفعول ولا يجوز أن يكون فعلا غير متصرف ولا صفة مشبهة ولا حرفا لأن هذه لا تعمل فيما قبلها فلا تفسر عاملا، ثم قال: إن مضمر اسم سابق فعلا شغل … عنه بنصب لفظه أو المحلّ فالسّابق انصبه بفعل أضمرا … حتما موافق لما قد أظهرا يعنى أن الفعل إذا اشتغل بنصب ضمير عائد على اسم سابق عن نصب لفظ ذلك الاسم السابق وعن نصب محله فانصب ذلك الاسم السابق بفعل لازم الإضمار موافق للفعل

المشتغل بالضمير فمثال المشتغل عن نصب لفظه زيدا ضربته ومثال المشتغل عن نصب محله عمرا مررت به، وفهم من قوله موافق مطلق الموافقة فشمل الموافق فى اللفظ والمعنى كالمثال الأول والموافق فى المعنى دون اللفظ كالمثال الثانى والتقدير ضربت زيدا ضربته وجاوزت عمرا مررت به، وهذا التقدير لا ينطق به لأن الفعل الثانى عوض منه فلا يجمع بينهما ويشترط فى المفسر أن لا يفصل بينه وبين الاسم السابق. وإن حرف شرط ومضمر فاعل بفعل محذوف يفسره شغل وسابق نعت لاسم وفعلا مفعول بشغل وعنه متعلق بشغل والضمير فيه عائد على الاسم السابق والباء فى بنصب بمعنى عن وهو بدل اشتمال من الضمير فى عنه وبنصب متعلق بشغل والضمير فى لفظه عائد على الاسم السابق والظاهر فى أل فى قوله أو المحل أنها معاقبة للضمير والتقدير بنصب لفظه أو محله ويحتمل هذا البيت وجها آخر من الإعراب وهو أن تكون الهاء فى لفظه عائدة على الضمير الذى اشتغل الفعل به وتكون الباء على بابها لا بمعنى عن وعلى الإعراب الأول حمل الناظم كلامه فى شرح الكافية فترجح الأخذ به والسبق مفعول بفعل مضمر يفسره انصبه وبفعل متعلق بانصبه وأضمرا فى موضع الصفة لفعل وحتما نعت لمصدر محذوف والتقدير إضمارا حتما ويحتمل أن يكون حالا من الضمير فى أضمرا وموافق نعت لفعل بعد نعته بالجملة ولما متعلق بموافق وما موصولة وصلتها الجملة بعدها. ثم إن الاسم السابق لفعل ناصب لضميره على خمسة أقسام: لازم النصب، ولازم الرفع بالابتداء، وراجح النصب على الرفع، ومستو فيه الأمران، وراجح الرفع على النصب، وقد بين الاسم الأول بقوله: والنّصب حتم إن تلا السّابق ما … يختصّ بالفعل كإن وحيثما يعنى أن الاسم السابق إذا تبع ما يختص بالفعل تحتم نصبه والمختص بالفعل أدوات الشرط وأدوات التحضيض وأدوات الاستفهام ما عدا الهمزة وذكر منها إن وحيثما فتقول إن زيدا لقيته فأجمل إكرامه وحيثما زيدا لقيته يكرمك ومثال التحضيض هلا زيدا كلمته ومثال الاستفهام متى زيدا تأتيه وجواب إن محذوف لدلالة ما تقدم عليه. ثم أشار إلى القسم الثانى بقوله: وإن تلا السّابق ما بالابتدا … يختصّ فالرّفع التزمه أبدا كذا إذا الفعل تلا ما لم يرد … ما قبل معمولا لما بعد وجد

فذكر لوجوب رفع الاسم السابق سببين: أحدهما ما اشتمل عليه البيت الأول وهو أن يتبع الاسم السابق شيئا يختص بالابتداء مثال ذلك إذا التى للمفاجأة وليتما الابتدائية نحو خرجت فإذا زيد يضربه عمرو وليتما زيد أكرمته. والثانى أن يفصل بين الاسم السابق والفعل ما لا يصح أن يعمل ما بعده فيما قبله كأدوات الصدر نحو زيد ما أكرمته وعمرو لأكرمنه وإعراب البيت الأول واضح وأما البيت الثانى ففيه تعقيد يتبين بالإعراب فالفعل فاعل بفعل يفسره تلا وما موصولة واقعة على الفاصل بين الاسم السابق والفعل وهو مفعول لتلا وصلتها الجملة إلى آخر البيت وما الثانية موصولة فاعلة بيرد واقعة على الاسم السابق وصلتها قبله والهاء فى قبله عائدة على الفاصل ومعمولا حال من ما الثانية وما الثالثة موصولة واقعة على الفعل المفسر وصلتها وجد وبعد متعلق بوجد وهو مقطوع عن الإضافة وتقدير المضاف بعده أى بعد الفاصل وتقدير الكلام كذلك أيضا يجب رفع الاسم السابق إذا تلا الفعل الشئ الذى لا يرد الذى قبله معمولا للفعل الذى بعده وهو المفسر. ثم أشار إلى القسم الثالث فقال: واختير نصب قبل فعل ذى طلب … وبعد ما إيلاؤه الفعل غلب وبعد عاطف بلا فصل على … معمول فعل مستقرّ أوّلا فذكر لترجيح النصب على الرفع ثلاثة أسباب اشتمل البيت الأول على سببين: الأول أن يكون الاسم السابق قبل فعل يقتضى الطلب وذلك الأمر نحو زيدا اضربه والدعاء نحو اللهم زيدا ارحمه والنهى نحو زيدا لا تهنه. الثانى أن يقع الاسم السابق بعد شئ يغلب دخوله على الفعل نحو ما وإن النافيتين وهمزة الاستفهام نحو ما زيدا ضربته وإن عمرا أكرمته وأزيدا رأيته، واشتمل البيت الثانى على سبب واحد وهو أن يكون الاسم السابق معطوفا على جملة مصدرة بالفعل نحو زيد قام وعمرا كلمته ومثله قوله عز وجل: يُدْخِلُ مَنْ يَشاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً [الإنسان: 31] واحترز بقوله بلا فصل من أن يقع بين حرف العطف والمعطوف فاصل نحو قام زيد وأما عمرو فكلمته لأن حكم المعطوف فى ذلك حكم المستأنف، وإنما اختير النصب قبل الطلب لأن الطلب طالب للفعل وبعد الحروف المذكورة لأن الغالب فيها أن يليها الفعل ومع العطف على الجملة الفعلية لا تناسب المعطوف للمعطوف عليه. ونصب مفعول لم يسم فاعله باختير وذى طلب نعت لفعل وبعد معطوف على قبل فهو متعلق باختير وما موصولة واقعة على الأدوات المتقدمة على الاسم السابق وإيلاؤه مبتدأ وهو مصدر مضاف إلى المفعول الثانى والفعل مفعول أول ويجوز أن يكون

المصدر مضافا إلى المفعول الأول والأول أظهر لأن الناظم يطلق ولى على تبع فى هذا النظم كثيرا وغلب فى موضع الخبر لإيلاؤه وبعد معطوف على بعد فى البيت الأول وبلا فصل متعلق بعاطف وعلى ذلك وأولا ظرف متعلق بمستقر واحترز به من الفعل الذى لم يقع أولا كالجملة ذات الوجهين. ثم أشار إلى القسم الرابع فقال: وإن تلا المعطوف فعلا مخبرا … به عن اسم فاعطفن مخيّرا فذكر لمساواة الرفع والنصب سببا واحدا وهو أن يكون الاسم السابق معطوفا على جملة ذات وجهين وهى التى صدرها مبتدأ وعجزها فعل كقولك زيد قام وعمرا كلمته فالنصب مراعاة لعجزها والرفع مراعاة لصدرها ولا ترجيح لواحد من الوجهين على الآخر وتجوّز فى تسمية الاسم السابق معطوفا والمعطوف فى الحقيقة إنما هى الجملة التى هو جزؤها والعذر له أنه لما ولى حرف العطف أطلق عليه معطوفا. فالمعطوف فاعل بتلا ومخبرا نعت لفعلا وبه فى موضع المفعول الذى لم يسم فاعله بمخبرا وعن اسم متعلق بمخبرا ويجوز أن يكون مفعولا لم يسم فاعله بمخبرا وبه متعلق بمخبرا وفاعطفن جواب الشرط. ثم أشار إلى القسم الخامس بقوله: والرّفع فى غير الّذى مرّ رجح … فما أبيح افعل ودع ما لم يبح يعنى أن الرفع راجح فيما خلا من موجب النصب ومرجحه وموجب الرفع وتساوى الوجهين ومثال ذلك زيد ضربته وإنما كان الرفع راجحا لعدم الحذف بخلاف النصب فإنه على حذف الفعل والرفع مبتدأ وفى متعلق به ورجح خبر المبتدأ ثم تمم البيت بقوله: (فما أبيح افعل ودع ما لم يبح) لأنه مستغنى عنه. ثم قال: وفصل مشغول بحرف جرّ … أو بإضافة كوصل يجرى يعنى أن الفعل المشغول بالضمير المفصول بينه وبين الفعل بحرف الجر أو بالإضافة يجرى مجرى الفعل المشغول بالضمير المباشر فى جميع الأقسام المذكورة فنحو إن زيدا مررت به وإن زيدا رأيت أخاه يجرى مجرى إن زيدا ضربته فى وجوب النصب وكذلك سائر المسائل، وفهم من قوله أو بإضافة أن نحو زيدا ضربت غلام أخيه وصاحب غلام أخيه وغيرهما مما يتعدد فيه المضاف يجرى مجرى زيدا ضربت غلامه لأن قوله بإضافة أعم من أن

يكون المضاف واحدا أو أكثر، وفى ذلك أيضا إشعار بأن المفصول بحرف الجر نحو زيدا مررت به يجرى مجرى ما كان المجرور فيه مضافا متحدا كان أو متعددا نحو زيدا مررت بأخيه ومررت بغلام أخيه. وفصل مبتدأ وهو مصدر مضاف إلى المفعول ويصح تقديره منصوبا إذا قدر حذف الفاعل فيكون تقديره وفصلك مشغولا، ومرفوعا إذا كان التقدير أن يفصل المشغول والأول حسن لأن التقدير الثانى فيه خلاف وخبره يجرى وبحرف متعلق بفصل وكذلك بإضافة وكوصل متعلق بيجرى. ثم قال: وسوّ فى ذا الباب وصفا ذا عمل … بالفعل إن لم يك مانع حصل يعنى أن الوصف الذى يعمل عمل الفعل يساوى الفعل فى جواز تفسير العامل فى الاسم السابق والمراد بالوصف المذكور اسم الفاعل واسم المفعول دون الصفة المشبهة وأفعل التفضيل لأنها لا تعمل فيما قبلها فلا تفسر عاملا فنحو أزيدا أنت ضاربه كقولك أزيدا تضربه، فإن قلت قد تقدم أنه لا يجوز الاشتغال فى نحو أزيدا أنت تضربه للفصل والفصل موجود فى هذا المثال قلت لا يمتنع الفصل إلا مع الفعل لاستقلال الفعل بخلاف الوصف فإنه لا يستقل بنفسه بل لا بد له من شئ يسند إليه فتنزل أنت ضاربه منزلة تضربه واحترز بالوصف مما يعمل عمل الفعل وليس بوصف كاسم الفعل والمصدر وبقوله ذا عمل من اسم الفاعل بمعنى المضى فإنه لا يعمل وبقوله إن لم يك مانع حصل من اسم الفاعل العامل المقترن بأل الموصولة نحو زيد أنا الضاربه غدا وفهم من قوله إن لم يك مانع حصل أن الصفة المشبهة لا تفسر لامتناع عملها فيما قبلها ووصفا مفعول بسوّ وفى متعلق بسوّ وكذلك بالفعل والظاهر أن يك تامة ومانع فاعل بها وحصل فى موضع الصفة لمانع والتقدير إن لم يوجد مانع حصل. ثم قال: وعلقة حاصلة بتابع … كعلقة بنفس الاسم الواقع يعنى أن الشاغل للعامل إذا كان أجنبيا متبوعا بسببى جرى مجرى السببى والمراد بالعلقة الضمير العائد على الاسم السابق والمراد بالتابع هنا النعت كقولك زيدا ضربت رجلا يحبه أو عطف البيان كقوله زيدا ضربت رجلا أخاه أو عطف النسق كقولك زيدا ضربت عمرا أخاه وإطلاقه فى التابع يوهم أن ذلك جائز فى جميع التوابع وليس كذلك بل هو مخصوص بما ذكر والمراد بالواقع السببى المعمول للمفسر. وعلقة مبتدأ وحاصلة نعت له وبتابع متعلق بحاصلة وكعلقة خبر المبتدأ وبنفس صفة لعلقة.

تعدى الفعل ولزومه

تعدى الفعل ولزومه الفعل على قسمين: متعدّ، ولازم وبدأ بالمتعدى فقال: علامة الفعل المعدّى أن تصل … ها غير مصدر به نحو عمل يعنى أن علامة الفعل المتعدى جواز اتصال ضمير غير المصدر به نحو زيد ضربه عمرو والخير عمله زيد واحترز بهاء غير المصدر من هاء المصدر فإنها تتصل بالمتعدى واللازم فليست علامة لواحد منهما. وعلامة مبتدأ وخبره أن تصل وها مفعول بتصل وبه متعلق بتصل. ثم قال: فانصب به مفعوله إن لم ينب … عن فاعل نحو تدبّرت الكتب ولازم غير المعدّى ... يعنى أن الفعل المتعدى ينصب المفعول به إذا لم ينب عن الفاعل فإذا ناب عن الفاعل كان مرفوعا كما تقدم فى بابه وفهم من قوله فانصب به أن الناصب للمفعول به الفعل وهو أصح الأقوال وإعراب البيت واضح. ثم قال: (ولازم غير المعدى) يعنى أن ما لا يصلح أن يتصل به ضمير غير المصدر فهو لازم ويقال فيه غير متعدّ وقاصر ولازم خبر مقدم وغير المعدى مبتدأ مؤخر ثم إن من اللازم ما يستدل على لزومه بمعناه ومنه ما يستدل عليه بوزنه، وقد شرع فى بيان ذلك فقال: وحتم … لزوم أفعال السّجايا كنهم هذا مما يستدل على لزومه وهو أن يكون دالا على السجايا أى الطباع وهو ما دل على معنى قام بالفاعل لازم له ثم مثل ذلك بنهم ومعناه كثر أكله ومثله حمق بكسر الميم وضمها. ثم قال: كذا افعللّ والمضاهى اقعنسسا هذا مما يستدل على لزومه بوزنه وهو افعلل كاقشعر واطمأن وافعنلل كاحرنجم واقعنسس والمضاهى المشابه واصطلاحه فى هذا النظم أنه إذا علق الحكم على شبه شئ فالمراد به

ذلك اللفظ وشبهه فكأنه قال واقعنسس ومضاهيه. وافعلل مبتدأ خبره كذا والمضاهى معطوف على افعلل واقعنسسا مفعول بالمضاهى ويجوز أن يكون فاعلا بالمضاهى أى والذى ضاهاه اقعنسسا ثم قال: وما اقتضى نظافة أو دنسا نحو وضوء وطهر فى النظافة ونجس وقذر فى الدنس وما موصولة معطوفة على المضاهى. ثم قال: أو عرضا وهو ما ليس حركة جسم من معنى قائم بالفاعل غير لازم له نحو مرض وكسل ونشط وعرضا معطوف على دنسا. ثم قال: أو طاوع المعدّى * … لواحد كمدّه فامتدّا يعنى أن من علامة لزوم الفعل أن يكون مطاوعا لفعل متعد إلى واحد ومعنى المطاوعة قبول أثر الفعل المطاوع نحو دحرجته فتدحرج ومددت الثوب فامتد واحترز بقوله لواحد من مطاوع المتعدى لاثنين فإنه متعد إلى واحد كقولك علمت زيدا الحساب فتعلمه. ثم قال: وعدّ لازما بحرف جرّ يعنى أن الفعل إذا طلب مفعولا من جهة المعنى ولم يصل إليه بنفسه لضعفه عنه عدى إليه بحرف الجر نحو مررت بزيد وآليت على عمرو. ثم قال: وإن حذف فالنّصب للمنجرّ يعنى أن حرف الجر إذا حذف انتصب المجرور بالفعل وذلك على نوعين: موقوف على السماع، ومطرد، وقد أشار إلى الأول بقوله: نقلا أى سماعا كقوله:

- آليت حبّ العراق الدهر أطعمه … والحبّ يأكله فى القرية السّوس (¬67) أى آليت على حب العراق فحذف حرف الجر ونصب المجرور وظاهر قوله نقلا أن النقل راجع للنصب وليس كذلك بل هو راجع لحذف حرف الجر وأما النصب فليس بنقل، وأشار إلى الثانى بقوله: وفى أنّ وأن يطّرد … مع أمن لبس كعجبت أن يدوا يعنى أن حذف حرف الجر مع أنّ وأن المصدريتين مطرد إذا أمن اللبس فتقول عجبت من أنك تقوم وعجبت أنك تقوم وعجبت من أن تقوم وعجبت أن تقوم وعجبت أن يدوا أى يعطوا الدية احترز بقوله مع أمن لبس من نحو رغبت من أن تقوم ورغبت عن أن تقوم فلا يجوز حذف حرف الجر هنا لئلا يلتبس وإنما اطرد حذف حرف الجر مع أنّ وأن لطولهما فى الصلة واختلف فى موضعهما بعد الحذف فقيل فى موضع جر وقيل فى موضع نصب وهو أقيس وقوله وإن حذف شرط وأدغم فاء حذف فى فاء الجواب بعد تسكينها ونقلا مصدر فى موضع الحال من الحذف المفهوم من حذف وفاعل يطرد ضمير عائد على الحذف المفهوم من حذف. ثم قال: والأصل سبق فاعل معنى كمن … من ألبسن من زاركم نسج اليمن إذا كان الفعل متعديا إلى اثنين من غير باب ظن فلا بد أن يكون أحدهما فاعلا فى المعنى وأصله أن يتقدم على ما ليس فاعلا فى المعنى كقولك أعطيت زيدا درهما فزيد هو الفاعل فى المعنى لأنه هو الذى أخذ الدرهم وكقولك ألبسن من زاركم نسج اليمن. فمن زاركم مفعول أول لألبسن ونسج اليمن مفعول ثان والأول هو الفاعل فى المعنى لأنه هو الذى لبس نسج اليمن ونسج مصدر بمعنى اسم مفعول أى منسوج. ويلزم الأصل لموجب عرا … وترك ذاك الأصل حتما قد يرى ثم إن المفعول الأول فى ذلك على ثلاثة أقسام قسم يجب فيه تقديم ما هو فاعل فى ¬

_ (¬67) البيت من البسيط، وهو للمتلمس فى ديوانه ص 95، وتخليص الشواهد ص 507، والجنى الدانى ص 473، وخزانة الأدب 6/ 351، وشرح التصريح 1/ 312، وشرح شواهد المغنى 1/ 294، والكتاب 1/ 38، والمقاصد النحوية 2/ 548، وبلا نسبة فى أوضح المسالك 2/ 180، وشرح الأشمونى 1/ 197، ومغنى اللبيب 1/ 99. والشاهد فيه قوله: «آليت حب العراق» حيث حذف حرف الجر (والأصل: على حب العراق) ونصب «حبّ».

المعنى وقسم يجب فيه تأخيره وقسم يجوز فيه الوجهان وقد أشار إلى القسم الأول بقوله: (ويلزم الأصل لموجب عرا) أى لشئ أوجب والموجب الذى يوجب تقديمه هو اللبس نحو أعطيت زيدا عمرا، أو الحصر نحو ما أعطيت زيدا إلا درهما أو يكون الأول ضميرا متصلا بالفعل نحو أعطيتك درهما ثم أشار إلى القسم الثانى بقوله: (وترك ذاك الأصل حتما قد يرى) يعنى أنه قد يجب تأخير ما هو فاعل فى المعنى لموجب أيضا وذلك الموجب كونه محصورا نحو ما أعطيت درهما إلا زيدا أو يكون الثانى ضميرا متصلا نحو الدرهم أعطيته زيدا أو ملتبسا بضمير يعود على الأول نحو أسكنت الدار بانيها. وأما القسم الثالث وهو ما يجوز فيه الوجهان فهو مستفاد من قوله: والأصل سبق فاعل معنى وترك مبتدأ خبره قد يرى وحتما مفعول ثان بيرى وقد فى قوله قد يرى للتحقيق لا للتقليل، ثم قال: وحذف فضلة أجز إن لم يضرّ … كحذف ما سيق جوابا أو حصر يعني: أنه يجوز حذف الفضلة وفهم من إطلاق الحذف أنه يجوز حذفها اختصارا أو اقتصارا وشمل قوله فضلة مفعول المتعدى إلى واحد نحو ضربت والأول من المتعدى إلى اثنين كقوله عز وجل: وَأَعْطى قَلِيلًا [النجم: 34] والثانى قوله: وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى [الضحى: 5] والأول والثانى معا نحو فأما من أعطى واتقى وقوله إن لم يضر أى إن لم يضر حذفه وذلك إذا كان جوابا نحو ضربت زيدا لمن قال من ضربت أو كان محصورا نحو ما ضربت إلا زيدا ففى هذين الموضعين لا يجوز حذفهما اختصارا ولا اقتصارا وحذف مفعول مقدم بأجز وإن لم يضر شرط ومعنى يضر يضرّ يقال ضار يضير ضيرا بمعنى ضر يضر ضرا وقوله كحذف هو على حذف مضاف والتقدير كضمير حذف وما موصولة وصلتها الجملة إلى آخر البيت وجوابا مفعول ثان بسيق وفى سيق ضمير عائد على الصلة. ويحذف النّاصبها إن علما … وقد يكون حذفه ملتزما ثم إن الفعل الناصب للفضلة يجوز حذفه وذلك على وجهين أحدهما على جهة الجواز والثانى على جهة الوجوب وقد أشار إلى الأول بقوله: (ويحذف الناصبها إن علما) يعنى أنه يحذف الفعل الناصب للفضلة إذا علم جوازا كقولك لمن قال ما ضربت أحدا بل زيدا ووجوبا فى باب الاشتغال والنداء والتحذير والإغراء، وما كان مثلا أو جاريا مجرى المثل وهذا هو

التنازع فى العمل

الوجه الثانى وإليه أشار بقوله: (وقد يكون حذفه ملتزما) وفهم منه أن قوله ويحذف بمعنى يجوز حذفه لأنه فى مقابلة الحذف على جهة الوجوب. والناصبها مفعول لم يسم فاعله بيحذف وهو اسم فاعل والضمير المتصل به منصوب الموضع على أنه مفعول به وهو عائد على الفضلة وحذفه اسم يكون والضمير فيه عائد على الناصب. التنازع فى العمل التنازع هو أن يتقدم عاملان ويتأخر عنهما معمول واحد وكل واحد من العاملين يطلبه من جهة المعنى، وقد بين ذلك بقوله: إن عاملان اقتضيا فى اسم عمل … قبل فللواحد منهما العمل المراد بالعامل هنا الفعل أو ما جرى مجراه ولا مدخل للحرف فى هذا الباب وشمل قوله عاملان تنازع الفعلين كقوله عز وجل: آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْراً [الكهف: 96] والاسمين كقول الشاعر: - عهدت مغيثا مغنيا من أجرته … فلم أتخذ إلا فناءك موئلا (¬68) والفعل والاسم مع تقدم الاسم كقوله تعالى: هاؤُمُ اقْرَؤُا كِتابِيَهْ [الحاقة: 19] والفعل والاسم مع تقدم الفعل كقوله: - لقد علمت أولى المغيرة أنّنى … لحقت فلم أنكل عن الضرب مسمعا (¬69) ومعنى اقتضيا طلبا فخرج به نوعان أحدهما أن يكون أحد العاملين لا يقتضى عملا فى المتنازع فيه كقول امرئ القيس بن حجر: ¬

_ (¬68) البيت من الطويل، وهو بلا نسبة فى أوضح المسالك 2/ 189، وتخليص الشواهد ص 513، وشرح الأشمونى 1/ 202، وشرح التصريح 1/ 316، والمقاصد النحوية 3/ 2. والشاهد فيه قوله: «مغيثا مغنيا من أجرته» حيث تقدّم عاملان وكلاهما اسم فاعل صالح للعمل فى المعمول، وهو قوله: «من أجرته» وفى كل منهما ضمير مستتر هو فاعله، وقد أعمل الثانى لقربه فنصب به «من» على المفعولية، وأعمل الأوّل فى ضميره، وحذف هذا الضمير، لأن فى ذكره إعادة على متأخر لفظا ورتبة من غير ضرورة ولو أمكنه إعمال العامل الأوّل لقال: عهدت مغيثا مغنيه من أجرته. (¬69) البيت من الطويل، وهو للمرار الأسدى فى ديوانه ص 464، وشرح أبيات سيبويه 1/ 60، والكتاب 1/ 193، وللمرار الأسدى أو لزغبة بن مالك فى شرح شواهد الإيضاح ص 136، وشرح المفصل 6/ 64، والمقاصد النحوية 3/ 40، 501، ولمالك بن زغبة فى خزانة الأدب 8/ 128، 129، والدرر 5/ 255، وبلا نسبة فى شرح الأشمونى 1/ 202، وشرح ابن عقيل ص 412، واللمع ص 271، والمقتضب 1/ 14، وهمع الهوامع 2/ 93.

- ولو أن ما أسعى لأدنى معيشة … كفانى ولم أطلب قليل من المال (¬70) فإن أطلب غير طالب لقليل. الثانى أن يؤتى بالعامل الثانى توكيدا للأول كقوله: - أتاك أتاك اللاحقون احبس احبس (¬71) فأتاك الثانى غير طالب للاحقون لأنه أتى به توكيدا لأتاك الأول وفهم من قوله فى اسم أن المتنازع فيه لا يكون أكثر من اسم واحد وفهم من قوله قبل أن المتنازع فيه لا يتقدم على العاملين ولا على أحدهما وفى ذلك خلاف، وقوله فللواحد منهما العمل يعنى أن العمل لأحدهما. وعاملان فاعل بفعل محذوف يفسره اقتضيا وفى اسم متعلق باقتضيا وكذلك قبل وعمل مفعول به ووقف عليه بالسكون على لغة ربيعة والعمل مبتدأ وخبره للواحد ومنهما فى موضع الحال من الواحد وفهم منه جواز إعمال كل واحد منهما ولا خلاف فى ذلك وإنما الخلاف فى الاختيار وقد نبه عليه بقوله: والثّان أولى عند أهل البصره … واختار عكسا غيرهم ذا أسره اختار البصريون إعمال الثانى لقربه من المعمول واختار الكوفيون إعمال الأول لسبقه والصحيح مذهب البصريين لأن إعمال الثانى فى كلام العرب أكثر من إعمال الأول ذكر ذلك سيبويه وصرح الناظم بأهل البصرة وفهم من قوله غيرهم أنهم أهل الكوفة لكونه أتى بهم فى مقابلة أهل البصرة. والثان مبتدأ وهو على حذف المضاف والتقدير وإعمال الثانى وأولى خبره وعند متعلق بأولى وعكسا مفعول باختار وغيرهم فاعل وذا أسرة حال من الفاعل وأسرة الرجل رهطه وكنى بذلك عن كثرة القائلين باختيار إعمال الأول. ثم قال: ¬

_ (¬70) البيت من الطويل، وهو لامرئ القيس فى ديوانه ص 39، والإنصاف 1/ 84، وتذكرة النحاة ص 339، وخزانة الأدب 1/ 327، 462، والدرر 5/ 322، وشرح شذور الذهب ص 296، وشرح شواهد المغنى 1/ 342، 2/ 642، وشرح قطر الندى ص 199، والكتاب 1/ 79، والمقاصد النحوية 3/ 35، وهمع الهوامع 2/ 110، وبلا نسبة فى شرح الأشمونى 1/ 201، 3/ 602، وشرح شواهد المغنى 2/ 880، ومغنى اللبيب 1/ 256، والمقتضب 4/ 76، والمقرب 1/ 161. والشاهد فيه قوله: «كفانى ولم أطلب قليل» حيث جاء قوله: «قليل» فاعلا ل «كفانى»، وليس البيت من باب التنازع، لأن من شرط التنازع صحة توجه كل واحد من العاملين إلى المعمول المتأخر مع بقاء المعنى صحيحا، والأمر ههنا ليس كذلك لأنه ليس مطلوبا. (¬71) صدره: فأين إلى أين النجاة ببغلتى والبيت من الطويل، وهو بلا نسبة فى الأشباه والنظائر 7/ 267، وأوضح المسالك 2/ 194، وخزانة الأدب 5/ 158، والخصائص 3/ 103، 109، والدرر 5/ 323، 6/ 44، وشرح الأشمونى 1/ 201، وشرح ابن عقيل ص 487، وشرح قطر الندى ص 290، والمقاصد النحوية 3/ 9، وهمع الهوامع 2/ 111، 125.

وأعمل المهمل فى ضمير ما … تنازعاه والتزم ما التزما المهمل هو العامل الذى لم يعمل فى الاسم المتنازع فيه فيعمل فى ضميره. وقوله والتزم ما التزما يعنى من مطابقة الضمير للظاهر ومن حذف الفضلة وإثبات العمدة ومن وجوب حذف الضمير فى بعض الأحوال وتأخيره فى بعضها وما صلح لوقوعه على جميع ما ذكر وما الأولى واقعة على الاسم المتنازع فيه وصلتها تنازعاه والعائد على الموصول الهاء فى تنازعاه وفى متعلق بأعمل ثم أتى بمثلين فقال: كيحسنان ويسئ ابناكا … وقد بغى واعتديا عبداكا فالمثال الأول على اختيار البصريين وهو إعمال الثانى فابناكا فاعل يسئ ويحسنان هو المهمل ولذلك عمل فى ضميره وهو الألف والمثال الثانى على اختيار الكوفيين وهو إعمال الأول فعبداك فاعل بغى واعتديا هو المهمل ولذلك عمل فى ضميره وهو الألف من اعتديا وفهم من المثالين أنه يجب إضمار المرفوع قبل المفسر وبعده فأما على إعمال الأول فتشترك الفضلة مع العمدة فى الإضمار فى المهمل وهو الثانى وأما على إهمال الأول ففيه تفصيل بينه بقوله: ولا تجئ مع أوّل قد أهملا … بمضمر لغير رفع أوهلا بل حذفه الزم إن يكن غير خبر … وأخّرنه إن يكن هو الخبر يعنى أن المهمل إذا كان أولا وكان يطلب ضمير الاسم المتنازع فيه بالنصب لم يضمر فيه نحو ضربت وضربنى زيد ولما كان المنصوب شاملا للفضلة ولما أصله العمدة أشار إلى أن حكم الفضلة لزوم الحذف بقوله: بل حذفه الزم إن يكن غير خبر، وغير الخبر هو الفضلة وهو تصريح بما فهم من قوله قبل (ولا تجئ مع أول قد أهملا) ثم أشار إلى أن حكم ما ليس بفضلة وهو ما أصله الخبر الإضمار والتأخير عن المفسر بقوله: (وأخرنه إن يكن هو الخبر)، فمن كونه منصوبا ينبغى أن لا يضمر قبل الذكر كالمرفوع، ومن كونه عمدة فى الأصل ينبغى أن لا يحذف فوجب عنده الإضمار والتأخير ومثال ذلك ظننى وظننت زيدا قائما إياه وتجوّز فى إطلاقه الخبر على ما هو عمدة فى الأصل إذ لا فرق بين أن يكون أصله الخبر أو المبتدأ لأن كل واحد منهما عمدة فى الأصل وإذا حمل على هذا لم يحتج إلى ما قاله الشارح

المفعول المطلق

المرادى وقوله مع أول متعلق بتجئ وكذلك بمضمر وأوهلا فى موضع الصفة لمضمر ولغير متعلق بأوهلا ومعنى أوهلا جعل أهلا لغير الرفع وحذفه مفعول مقدم بالزم وإن يكن شرط حذف جوابه لدلالة ما تقدم عليه وكذلك إن يكن هو الخبر هو فصل بين اسم كان وخبرها أو توكيد لاسمها أو مبتدأ خبره الخبر والجملة خبر كان. ثم قال: وأظهر إن يكن ضمير خبرا … لغير ما يطابق المفسّرا يعنى أن الضمير إذا كان خبرا عن شئ مخالف لمفسره فى الإفراد والتذكير وفروعهما وجب إظهاره لأنه إذا أضمره موافقا للمخبر عنه خالف المفسر. وإذا أضمر موافقا للمفسر خالف المخبر عنه وإن يكن شرط محذوف الجواب لدلالة ما تقدم عليه ولغير فى موضع الصفة لخبر أو معمول له وما موصولة واقعة على المفعول الأول وصلتها الجملة التى بعدها. ثم مثل ذلك بقوله: نحو أظنّ ويظنّانى أخا … زيدا وعمرا أخوين فى الرّخا فهذا المثال على إعمال الأول فالثانى الذى هو يظنانى هو المهمل ولذلك عمل فى الضمير المثنى فكان حق مفعوله الثانى الذى هو أخا أن يكون ضميرا لكنه لو أضمر مفردا موافقا للمخبر عنه وهو الياء من يظنانى لخالف المفسر وهو أخوين ولو أضمر مثنى موافقا للمفسر لخالف المخبر عنه فوجب إظهاره لذلك. وفى بعض نسخ المرادى فى هذا الفصل تخليط، والصواب ما ذكرت لك. المفعول المطلق المفاعيل خمسة: مفعول به ومفعول مطلق وسمى مفعولا مطلقا لأن المفاعيل كلها مقيدة بأداة ومفعول فيه ومفعول له ويسمى أيضا مفعولا من أجله أو مفعولا معه، أما المفعول به فقد تقدم فى باب الفاعل وشرع الآن فى بيان الأربعة المذكورة وبدأ بالمفعول المطلق فقال: المصدر اسم ما سوى الزّمان من … مدلولى الفعل كأمن من أمن بمثله أو فعل أو وصف نصب … وكونه أصلا لهذين انتخب قال فى الترجمة المفعول المطلق، ثم قال هنا المصدر وفى ذلك إشعار بأن المصدر

والمفعول المطلق مترادفان وليس كذلك بل قد يكون المفعول المطلق غير مصدر نحو ضربته سوطا ويكون المصدر غير مفعول مطلق نحو أعجبنى ضربك وفهم من قوله من مدلولى الفعل أن للفعل مدلولين وبين أحدهما بقوله كأمن من أمن فأمن فعل يدل على الحدث والزمان وأمن اسم لذلك الحدث وهو أحد مدلولى الفعل ولم يبين المدلول الثانى وهو الزمان لأنه غير مقصود فى هذا الباب فالمصدر مبتدأ وخبره اسم وما موصولة واقعة على الحدث وصلتها سوى الزمان ومن فى موضع نصب حال من الضمير المستتر فى الصلة ويحتمل أن يكون متعلقا بمحذوف تقديره أعنى. ثم قال: (بمثله أو فعل أو وصف نصب) مثال ما ينصب بمثله أعجبنى ضربك زيدا ضربا وشمل المماثل فى اللفظ والمعنى كالمثال المذكور والمماثل فى المعنى دون اللفظ كقولك أعجبنى قيامك وقوفا لأنه مماثل فى المعنى ومثال ما انتصب بالفعل قولك قمت قياما ومثال ما انتصب بالوصف أنا قائم قياما. ثم قال: (وكونه أصلا لهذين انتخب) الإشارة بهذين إلى الفعل والوصف وهو مذهب البصريين وانتخب أى اختير وذلك لوجوه مذكورة فى كتبهم ومذهب الكوفيين العكس. وكونه مبتدأ وأصلا خبر كون ولهذين متعلق بأصلا وانتخب خبر المبتدأ. ثم قال: توكيدا أو نوعا يبين أو عدد … كسرت سيرتين سير ذى رشد يعنى أن المفعول المطلق يؤتى به لأحد ثلاث فوائد وأتى بمثالين الأول للعدد وهو قوله سيرتين ومثله عشرين ضربة والثانى للنوع وهو قوله: (سير ذى رشد) ومثله الموصوف كقولك سرت سيرا شديدا ومصاحب أل كقولك سرت السير أى الذى تعلم ومثال التوكيد سرت سيرا وسمى توكيدا لأنه لم يفد غير ما أفاده الفعل الناصب له. ثم قال: وقد ينوب عنه ما عليه دلّ … كجدّ كلّ الجدّ وافرح الجذل الأصل فى المفعول المطلق أن يكون من لفظ العامل فيه ومعناه نحو ضربت ضربا، وقد ينوب عنه ما دل عليه من مغاير لفظ العامل فيه نحو جد كل الجد فكل منصوب على أنه مفعول مطلق وليس من لفظ جد لكنه دال عليه لإضافته إلى المصدر الذى هو من لفظ الفعل وكذلك افرح الجذل فالجذل منصوب على أنه مفعول مطلق وليس من لفظ افرح لكنه فى معناه فإن الجذل هو الفرح. وقد هنا للتحقيق لكثرة ورود النيابة فى ذلك وما موصولة واقعة على النائب عن المصدر فاعلة بينوب وصلتها دل وعليه متعلق بدل والرابط بين الصلة

والموصول الضمير المستتر فى دل والضمير فى عليه عائد على المدلول عليه وهو المصدر والتقدير وقد ينوب عن المصدر اللفظ الذى دل عليه ويجوز أن يكون الضمير فى عليه هو الرابط وفاعل دل عائد على المصدر فيكون التقدير ما دل المصدر عليه لأن كل واحد منهما دال على الآخر إذ هو فى معناه. ثم قال: وما لتوكيد فوحّد أبدا … وثنّ واجمع غيره وأفردا يعنى أن المصدر المؤكد لا يجوز تثنيته ولا جمعه وذلك لأنه بمنزلة تكرير الفعل والفعل لا يثنى ولا يجمع، وغيره أى غير المؤكد وشمل النوعى والعدد فكل واحد منهما يجوز تثنيته وجمعه أما المعدود فلا خلاف فى جواز تثنيته وجمعه نحو ضربته ضربتين وضربات وأما النوعى فقد سمع من العرب تثنيته وجمعه، كقول الشاعر: - هل من حلوم لأقوام فأخبرهم … ما جرب القوم من عضّى وتضريسى (¬72) واختلف فى القياس عليه فمذهب سيبويه أنه لا يقاس عليه قال وليس كل جمع يجمع كما لا يجمع كل مصدر كالحلوم والأشغال وقاسه بعضهم وهو اختيار الناظم فتقول على هذا ضربت زيدا ضربتين وضروبا إذا أردت نوعين من الضرب أو أنواعا. وما موصولة مفعول مقدم بوحد وهى واقعة على المصدر المؤكد وصلتها لتوكيد وغيره مفعول باجمع فهو من باب التنازع ويطلبه ثنّ واجمع وأفرد والهاء فى غيره عائدة على ما. ثم إن عامل المصدر على ثلاثة أقسام ممتنع الحذف وجائزه وواجبه وقد أشار إلى الأول بقوله: وحذف عامل المؤكّد امتنع يعنى أن حذف العامل فى المؤكد ممتنع قال فى شرح الكافية لأن المصدر يقصد به تقوية عامله وتقرير معناه وحذفه مناف لذلك واعترضه ولده بدر الدين بما هو مذكور فى شرحه واعتراضه عليه متجه وقد جاء حذف عامل المصدر المؤكد فى نحو زيد ضربا أى يضرب ضربا ولا إشكال فى أن هذا مصدر مؤكد لأنك لو أظهرت العامل فقلت زيد يضرب ضربا تعين كونه مؤكدا، ثم أشار إلى الثانى بقوله: ¬

_ (¬72) البيت من البسيط، وهو لجرير فى ديوانه ص 128، وشرح شواهد الإيضاح ص 508، 559، وشرح شواهد المغنى 1/ 168، ولسان العرب 12/ 146. والشاهد فيه قوله: «حلوم» فى جمع المصدر «حلم».

وفى سواه لدليل متّسع يعنى أن سوى المؤكد وهو النوع والمعدود يجوز حذف عاملهما إذا دل عليه دليل ولا خلاف فى ذلك كقولك لمن قال ما ضربت زيدا بل ضربتين وبل ضربا شديدا ومتسع اسم مفعول بمعنى المصدر فهو اسم مصدر وتقديره اتساع، وهو مبتدأ خبره فى سواه وهو على حذف مضاف تقديره وفى حذف سواه ولدليل متعلق بحذف المقدر ويجوز أن يكون متعلقا بالاستقرار العامل فى الخبر أى واقع لدليل ويجوز أن يكون متسع خبرا والمبتدأ محذوف أى والحذف متسع فيه فيكون على هذا متسع اسم مفعول إلا أنه حذف متعلقه وهو فيه ولدليل متعلق بمتسع. ثم أشار إلى القسم الثالث، فذكر أنه يجب حذف عامل المصدر فى ستة مواضع. أشار إلى الأول منها بقوله: والحذف حتم مع آت بدلا … من فعله كندلا اللّذ كاندلا يعنى أنه يجب حذف عامل المصدر الآتى بدلا من فعله كقولك ضربا وأشار بقوله: كندلا إلى قول الشاعر: - على حين ألهى الناس جلّ أمورهم … فندلا زريق المال ندل الثعالب (¬73) فندلا مصدر ندل وهو بدل من اللفظ بالفعل والتقدير اندل ومعنى الندل الخطف وزريق اسم رجل وهو منادى على حذف حرف النداء والمال مفعول بندلا وقوله مع آت على حذف الموصوف تقديره مع مصدر آت وبدلا منصوب على الحال من الضمير المستتر فى آت ومن فعله متعلق بندلا وكندلا فى موضع الحال من فاعل آت واللذ لغة فى الذى وصلته كندلا وهو فعل أمر مؤكد بنون التوكيد الخفيفة ووقف عليها بالألف. ثم أشار إلى الموضع الثانى بقوله: وما لتفصيل كإمّا منّا … عامله يحذف حيث عنّا ¬

_ (¬73) البيت من الطويل، وهو لأعشى همدان فى الحماسة البصرية 2/ 262، 263، ولشاعر من همدان فى شرح أبيات سيبويه 1/ 371، 372، ولأعشى همدان أو للأحوص أو لجرير فى المقاصد النحوية 3/ 46، وهو فى ملحق ديوان الأحوص ص 215، وملحق ديوان جرير ص 1021، وبلا نسبة فى الإنصاف ص 293، وأوضح المسالك 2/ 218، وجمهرة اللغة ص 682، والخصائص 1/ 120، وسر صناعة الإعراب ص 507، وشرح الأشمونى 1/ 204، وشرح التصريح 1/ 331، وشرح ابن عقيل ص 289، والكتاب 1/ 115، ولسان العرب 9/ 70 (خشف)، 11/ 653 (ندل). والشاهد فيها مجئ «ندلا» مصدرا نائبا عن فعله، والمعنى: اندل ندلا، بمعنى اخطف خطفا.

يعنى أن المصدر إذا أتى به فى تفصيل وجب حذف عامله وأشار بقوله: كإمّا منا إلى قوله عز وجل فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِداءً [محمد: 4] وهو تفصيل لعاقبة ما قبله وهو قوله عز وجل: فَشُدُّوا الْوَثاقَ [محمد: 4] وما موصولة واقعة على المصدر ولتفصيل صلته وكإما فى موضع الحال وعامله مبتدأ وخبره يحذف والجملة فى موضع الخبر لما وحيث متعلق بيحذف ومعنى عنّ عرض. ثم أشار إلى الموضع الثالث فقال: كذا مكرّر وذو حصر ورد … نائب فعل لاسم عين استند أى يجب حذف عامل المصدر إذا ناب المصدر عن خبر اسم عين بتكرير نحو زيد سيرا سيرا أو بحصر نحو إنما أنت سيرا واحترز باسم العين من اسم المعنى نحو أمرك سير فإن المصدر فيه مرفوع. ومكرر مبتدأ وخبره كذا وذو حصر معطوف على المبتدأ وورد فى موضع الصفة لمكرر وذو حصر معا ونائب فعل حال من فاعل ورد واستند فى موضع الصفة لمكرر وذو حصر وكان حقه أن يقول وردا نائبى واستندا لأن كلا المصدرين مستندان نائب فعل ولكنه أفرد على معنى ما ذكر ونظيره قولهم: هو أحسن الفتيان وأجمله. ثم أشار إلى الرابع والخامس بقوله: ومنه ما يدعونه مؤكّدا … لنفسه أو غيره أى ومن المصدر الواجب حذف عامله ما يسميه النحويون مؤكدا لنفسه أو غيره ثم مثل للأول بقوله: فالمبتدا … نحو له علىّ ألف عرفا أى فالقسم الأول من المؤكد وهو المؤكد لنفسه مثاله له على ألف عرفا أى اعترافا وإنما سمى مؤكدا لنفسه لأنه واقع بعد جملة هى نص فى معناه فله على ألف هى نفس الاعتراف ومثل للثانى بقوله: والثّان كابنى أنت حقا صرفا أى والقسم الثانى من المؤكد مثاله ابنى أنت حقا صرفا وإنما سمى مؤكدا لغيره لأنه واقع بعد جملة صارت به نصا فى معناه، وبيانه أن قولك أنت ابنى يحتمل الحقيقة والمجاز على

المفعول له

أن المراد أنت مثل ابنى، فلما ذكر المصدر ارتفع به المجاز المحتمل وتعينت الحقيقة والعامل فى هذين النوعين فعل واجب الحذف تقديره أحق إن كان المبتدأ غير متكلم وحقنى إن كان متكلما، وفهم من قوله مؤكدا أنه واجب التأخير عن الجملة لأن المؤكد بعد المؤكد وما مبتدأ واقعة على المصدر وخبرها منه وصلتها يدعونه والهاء مفعول أول بيدعونه وهى الرابطة بين الصلة والموصول ومؤكدا مفعول ثان والواو عائدة على النحويين ولنفسه متعلق بمؤكدا وغيره معطوف عليه وباقى إعراب البيت واضح. ثم أشار إلى الموضع السادس فقال: كذاك ذو التّشبيه بعد جمله … كلى بكا بكاء ذات عضله يعنى أنه يجب حذف عامل المصدر أيضا إذا أتى به بعد الجملة على وجه التشبيه وذلك بخمسة شروط: الأول أن يكون بعد جملة وقد صرح بهذا الشرط فى قوله: (بعد جملة)، واحترز به من الواقع بعد مفرد نحو صوته صوت حمار فلا يجوز نصبه. الثانى أن تكون حاوية معناه. الثالث أن تكون مشتملة على فاعله. الرابع أن يكون ما اشتملت عليه الجملة غير صالح للعمل. الخامس أن يكون المصدر مشعرا بالحدوث وإنما لم يصرح بباقى الشروط لأنها مستفادة من المثال وهو قوله: (كلى بكا بكاء ذات عضلة). فالجملة مشتملة على معنى المصدر وهو بكاء وعلى فاعله وهو الياء من لى وليس فى المصدر الذى اشتملت عليه وهو بكا صلاحية للعمل لأنه ليس نائبا عن الفعل ولا مقدرا بأن والفعل وبكا مشعر بالحدوث فعلى هذا يكون المثال متمما للحكم والشروط وذو التشبيه مبتدأ خبره كذاك وبعد فى موضع الحال من ذو. والبكاء يمد ويقصر وقد استعمله فى المثال بالوجهين. وذات عضلة هى التى تمنع من النكاح والعامل فى المصدر فى هذا النوع واجب الحذف والتقدير أبكى. المفعول له وهو المصدر المذكور علة للفعل ويشترط فى نصبه أربعة شروط: أن يكون مصدرا، وأن يظهر التعليل وأن يتحد مع الفعل المعلل فى الزمان وأن يتحد معه فى الفاعل وقد نبه على اثنين منها بقوله: ينصب مفعولا له المصدر إن … أبان تعليلا كجد شكرا ودن فقوله ينصب مفعولا له هذا هو الحكم وقوله المصدر هذا هو الشرط الأول فلو كان غير

مصدر لم ينصب كقولك أكرمتك لزيد وقوله إن أبان تعليلا هذا هو الشرط الثانى يعنى إن أظهر تعليلا فلو لم يظهر التعليل لم يكن مفعولا له كقولك جلست قعودا ثم مثل بقوله جد شكرا فإن شكرا مصدر وقد أبان التعليل لأن معناه جد لأجل الشكر. ثم نبه على الشرطين الأخيرين بقوله: وهو بما يعمل فيه متّحد * … وقتا وفاعلا يعنى أن من شرط نصب المفعول له أن يتحد زمانه وزمان الفعل المعلل وأن يتحد فاعلهما فلو اختلف زمانهما لم ينصب كقولك أتيتك أمس لإكرامك لى غدا وكذلك لو اختلف فاعلهما كقولك أكرمتك لإكرامك لى فمثال ما استوفى الشروط قولك قمت إجلالا لك ومثله قوله جد شكرا والمصدر مفعول لم يسم فاعله بينصب ومفعولا حال من المصدر وله متعلق بمفعولا وهو مبتدأ ومتحد خبره ووقتا وفاعلا منصوبان على حذف الجار أى فى وقت وفاعل ويجوز أن يكونا تمييزين منقولين من الفاعل والتقدير متحد زمانهما وفاعلهما وفى هذا الوجه تقديم التمييز على عامله المنصرف ومذهب الناظم جوازه. ثم قال: وإن شرط فقد … فاجرره باللّام يعنى أنه إذا فقدت الشروط المذكورة أو بعضها وجب جره باللام وإنما اقتصر على اللام وإن كان جره بالباء ومن وإلى جائزا لكثرة اللام وقلة غيرها مما ذكر. وإن شرط وجوابه فاجرره وشرط مرفوع بفعل مضمر يفسره فقد. ثم قال: وليس يمتنع * … مع الشّروط كلزهد ذا قنع يعنى أن الشروط المذكورة لا توجب النصب بل تسوغه فيجوز جره باللام مع وجودها فتقول قمت لإجلال لك وهذا قنع لزهد. واسم ليس ضمير مستتر يعود على المفعول له وفى يمتنع ضمير يفسره الجر المفهوم من قوله فاجرره ويمتنع خبرها ومع الشروط متعلق بيمتنع وهو على حذف مضاف والتقدير وليس الجر ممتنعا مع وجود الشروط وفهم من المثال أنه يجوز تقديم المفعول له على عامله ولا يختص ذلك بالمجرور بل هو جائز فى المجرور والمنصوب. ثم قال: وقلّ أن يصحبها المجرّد … والعكس فى مصحوب أل

المفعول فيه وهو المسمى ظرفا

يعنى أن المفعول له إذا كان مجردا من الألف واللام والإضافة يقلّ أن تصحبه لام الجر وإن كان مقرونا بأل يقلّ أن لا تصحبه اللام فنحو قمت لإكرام لك قليل وإكراما لك كثير ونحو قمت الإكرام قليل وللإكرام كثير وفهم من سكوته عن المضاف أنه يستوى فيه الوجهان والهاء فى يصحبها عائدة على لام الجر، ثم أتى بشاهد على نصب مصحوب أل فقال: وأنشدوا … لا أقعد الجبن عن الهيجاء ولو توالت زمر الأعداء الجبن الخوف يقال رجل جبان وامرأة جبان وعن متعلقة بالجبن والهيجاء الحرب والزمر الجماعات. وقد جمع العجاج بين نصب الأقسام الثلاثة فقال: - يركب كل عاقر جمهور * … مخافة وزعل الحبور * (¬74) الهول من تهوّل القبور المفعول فيه وهو المسمى ظرفا المفعول خبر مبتدأ مضمر وأل فيه موصولة وفيه متعلق بالمفعول واستفيد من هذه الترجمة أن لهذا النوع من المفاعيل اسمين: مفعول فيه، وظرف وقوله: الظّرف وقت أو مكان ضمّنا … فى باطّراد كهنا امكث أزمنا قسم الظرف إلى مكان وزمان وشمل قوله وقت أو مكان الظرف وغير الظرف وأخرج بقوله ضمنا فى ما ليس بظرف من الزمان والمكان نحو يوم الجمعة مبارك وأعجبنى موضع جلوسك واحترز بقوله: باطراد من المكان المختص المنصوب بدخل نحو دخلت الدار والمسجد ونحوه فإنه غير ظرف لأنه لا يطرد نصبه مع سائر الأفعال فلا يقال صليت المسجد ولا جلست الدار وفهم من ذلك أن الدار من نحو دخلت الدار ليس بظرف، وفى نصب الدار ونحوها من اسم المكان المختص ثلاثة مذاهب: الأول أنه انتصب نصب المفعول به بعد ¬

_ (¬74) الرجز للعجاج فى ديوانه 1/ 354، 355، وخزانة الأدب 3/ 114، 116، وشرح أبيات سيبويه 1/ 47، وشرح المفصل 2/ 54، والكتاب 1/ 369، ولعبد الله بن رؤبة أو للعجاج فى شرح شواهد الإيضاح ص 184، وبلا نسبة فى أسرار العربية ص 187، 189. والشاهد فيه نصب «مخافة» و «زعل» و «الهول» على المفعول له.

إسقاط الخافض على وجه التوسع والمجاز وإليه ذهب الناظم. الثانى أنه انتصب نصب المفعول به حقيقة وإن دخل معه متعدّ بنفسه. الثالث أنه انتصب نصب الظرف وأجرى مجرى المبهم من ظروف المكان. فأما على الثانى والثالث فلا يحتاج إلى قيد الاطراد لأنه إن كان ظرفا فهو قد دخل فى الظروف وإن كان مفعولا به حقيقة فلا يحتاج إلى قيد الاطراد لأنه ليس على معنى فى وأما على الأول فيحتاج إلى قيد الاطراد خلافا للشارح فإن نصبه على التوسع والمجاز حكم لفظى فلا يخرجه ذلك عن معنى فى وهذا هو الذى اعتبر الناظم فاحتاج إلى قيد الاطراد ثم مثل بظرفين أحدهما مكان وهو هنا والآخر زمان وهو أزمنا جمع زمان على إسقاط حرف الجر. والظرف مبتدأ وخبره وقت أو مكان وأو للتفصيل وضمنا فى موضع الصفة لوقت ومكان وألفه للتثنية وفى مفعول ثان لضمن وهو على حذف مضاف أى ضمن معنى فى وباطراد متعلق بضمن. ثم قال: فانصبه بالواقع فيه مظهرا … كان وإلّا فانوه مقدّرا بين فى هذا البيت أن حكم الظرف النصب وأن الناصب له الواقع فيه من فعل أو ما فى معناه نحو قعدت أمامك وسرنى قدومك يوم الجمعة وأنت سائر غدا، وأن العامل فيه يكون ظاهرا كما تقدم ويكون مقدرا وأطلق فى المقدر فشمل المقدر جوازا نحو يوم الجمعة لمن قال متى قدمت ووجوبا إذا وقع خبرا لذى خبر أو صلة أو صفة أو حالا ومظهرا خبر كان مقدم وإلا حرف شرط ولا نافية وفعل الشرط محذوف تقديره وإن لم يكن مظهرا والفاء جواب الشرط. ثم قال: وكلّ وقت قابل ذاك يعنى أن أسماء الزمان كلها قابلة للظرفية مبهمها ومختصها فالمبهم منها ما دل على زمان غير معين نحو وقت وحين ويوم. والمختص ما ليس بمبهم كأسماء الشهور والأيام وما عرف بأل والمعدود وإنما استؤثرت أسماء الزمان بصلاحية المبهم منها والمختص للظرفية على أسماء المكان لأن أصل العوامل الفعل ودلالته على الزمان أقوى من دلالته على المكان لأنه يدل على الزمان بصيغته وبالالتزام وعلى المكان بالالتزام فقط. فإن قلت ومن أين يفهم أن مراده بكل وقت المبهم والمختص. قلت من قوله بعد: وما يقبله المكان إلا مبهما ففهم منه

أن اسم الزمان يقبل الظرفية مبهما وغير مبهم وليس فى مقابلة المبهم إلا المختص وكل مبتدأ وقابل خبره وذاك إشارة إلى النصب على الظرفية. ثم قال: وما … يقبله المكان إلّا مبهما يعنى أن أسماء المكان لا يقبل الظرفية منها إلا المبهم وفهم منه أن المختص لا يقبلها. والمختص من أسماء المكان ما له صورة وحدود محصورة نحو الدار والمسجد والجبل والمبهم ما ليس كذلك. ثم شرع فى بيان المبهم منها فقال: نحو الجهات والمقادير وما … صيغ من الفعل كمرمى من رمى فذكر للمبهم ثلاثة أنواع: الأول الجهات ويعنى به الجهات الست نحو أمام وخلف وفوق وتحت ويمين وشمال. الثانى المقادير نحو فرسخ وميل وبريد. الثالث ما صيغ من الفعل كمرمى ومذهب وظاهر قوله كمرمى من رمى أن مرمى صيغ من لفظ رمى وليس كذلك ولا يبعد أن يحمل الفعل هنا على الفعل اللغوى وهو المصدر فيكون قوله من رمى على حذف مضاف أى من مصدر رمى فتقول جلس أمامك وخلفك وسرت ميلا وفرسخا. وأما ما صيغ من الفعل فلا ينصبه إلا ما اجتمع معه فى الأصل، وإلى ذلك أشار بقوله: وشرط كون ذا مقيسا أن يقع … ظرفا لما فى أصله معه اجتمع يعنى أن شرط القياس فى نصب هذا النوع وهو المشتق أن ينصبه عامل اجتمع معه فى الأصل المشتق منه نحو رميت مرمى وذهبت مذهبا وجلست مجلسا وشمل قوله لما فى أصله الفعل وغيره مما اشتق من المصدر نحو أنا رام مرمى وأعجبنى جلوسك مجلسا وفهم من قوله وشرط كون ذا مقيسا أن العامل فيه قد يكون غير مجتمع معه فى الأصل المشتق منه وأن ما نصبه عامل من غير ما ذكر غير مقيس وذلك كقولهم زيد منى مزجر الكلب ومقعد القابلة ومناط الثريا فالعامل فى هذا الاستقرار وليس مما اجتمع معه فى أصله ولو عمل فى مزجر زجر وفى مقعد قعد وفى مناط ناط لكان مقيسا. وشرط مبتدأ وذا إشارة إلى المصدر المشتق ومقيسا خبر كون وأن وما بعدها خبر المبتدأ وظرفا منصوب على الحال من فاعل يقع ولما متعلق بظرفا أو فى موضع الصفة لظرفا وما موصولة واقعة على العامل واجتمع صلة ما وفى ومع متعلقان باجتمع. ثم قال:

وما يرى ظرفا وغير ظرف … فذاك ذو تصرّف فى العرف وغير ذى التّصرّف الّذى لزم … ظرفيّة أو شبهها من الكلم يعنى أن ما يستعمل من أسماء الزمان والمكان ظرفا تارة وغير ظرف أخرى فإنه يسمى فى عرف النحويين واصطلاحهم متصرفا نحو يوم ومكان فيستعمل ظرفا نحو خرجت يوم الجمعة وجلست مكانك وغير ظرف نحو أعجبنى يوم الجمعة ونظرت إلى مكانك وأن ما يلزم الظرفية ولا يخرج عنها البتة نحو سحر من يوم بعينه وقط وعوض أو لا يخرج عنها إلا إلى شبهها والمراد بشبهها الجر بمن نحو عند فإنه لا يستعمل إلا ظرفا نحو جلست عندك أو مجرورا بمن نحو خرجت من عندك فإنه يسمى فى الاصطلاح غير متصرف. وما موصولة ويرى صلتها والظاهر أنها قلبية والمفعول الأول مستتر فى يرى وظرفا مفعول ثان، ويجوز أن تكون ما شرطية والفاء جواب الشرط وغير مبتدأ وخبره الذى وظرفية مفعول بلزم وأو شبهها معطوف على محذوف تقديره أو لزم ظرفية أو شبهها وهو عند فإنه يلزم أحد هذين ولا يجوز أن يكون معطوفا على ظرفية المنطوق به لما يلزم من كونه يلزم شبه الظرفية فقط وليس كذلك بل هو لازم للظرفية أو لشبهها وأو على هذا للتقسيم ومن الكلم متعلق بشبهها ويكون الكلم على هذا واقعا على من ويجوز أن يكون متعلقا بلزم ويكون الكلم واقعا على الظرف التى تستعمل ظرفا أو شبهها. ثم قال: وقد ينوب عن مكان مصدر … وذاك فى ظرف الزّمان يكثر يعنى أن المصدر ينوب عن ظرف المكان وظرف الزمان إلا أن نيابته عن ظرف المكان قليلة وفهم ذلك من قوله وقد ينوب ونيابته عن ظرف الزمان كثيرة وصرح بذلك فى قوله يكثر ونيابته عنهما هو من باب حذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه فمن نيابته عن ظرف المكان قولهم جلست قرب زيد أى مكان قريب زيد ومن نيابته عن ظرف الزمان قولهم آتيك طلوع الشمس أى وقت طلوع الشمس والإشارة بقوله ذاك إلى نيابة المصدر عن الظرف.

المفعول معه

المفعول معه المفعول معه: هو الاسم المنتصب المذكور بعد الواو التى بمعنى مع أى الدالة على المصاحبة من غير تشريك فى الحكم ومعه متعلق بالمفعول والهاء عائدة على أل لأنها موصولة وقد استغنى الناظم عن الحد بالمثال فقال: ينصب تالى الواو مفعولا معه … فى نحو سيرى والطّريق مسرعه يعنى أن حكم المفعول معه النصب وهو الاسم التالى لواو المصاحبة نحو سيرى والطريق أى مع الطريق. وتالى الواو مفعول لم يسم فاعله بينصب ومفعولا حال منها ومسرعة حال من الياء فى سيرى. ثم قال: بما من الفعل وشبهه سبق … ذا النّصب لا بالواو فى القول الأحقّ لما ذكر فى البيت الذى قبله أن المفعول معه ينصب بين فى هذا البيت الناصب له وفهم من قوله بما من الفعل وشبهه أنه لا يعمل فيه العامل المعنوى كاسم الإشارة وهو مذهب سيبويه والجمهور والمراد بشبه الفعل اسم الفاعل واسم المفعول والمصدر فمثال الفعل استوى الماء والخشبة ومثال شبهه أعجبنى استواء الماء والخشبة وفهم من قوله سبق أن المفعول معه لا يتقدم على عامله وقوله لا بالواو إشارة إلى مذهب عبد القاهر الجرجانى أن الناصب للمفعول معه الواو وردّ بأنها لو كانت الناصبة لا تصل الضمير بها فى نحو قول الشاعر: - تكون وإياها بها مثلا بعدى (¬75) وذا مبتدأ والنصب نعت له وخبره بما وما موصولة وصلتها سبق ومن الفعل متعلق بسبق ولا عاطفة وما بعدها معطوف على بما والأحق أفعل تفضيل والتقدير هذا النصب بالسابق من فعل أو شبهه لا بالواو فى القول المختار. ثم قال: ¬

_ (¬75) صدره: فآليت لا أنفكّ أحدو قصيدة والبيت من الطويل، وهو لأبى ذؤيب الهذلى فى الأغانى 6/ 258، وخزانة الأدب 8/ 15، 519، والدرر 1/ 201، 3/ 154، وشرح أشعار الهذليين 1/ 219، وشرح شواهد الإيضاح ص 180، والمقاصد النحوية 1/ 295، وبلا نسبة فى تذكرة النحاة ص 44، وشرح التصريح 1/ 105، وهمع الهوامع 1/ 63، 220. والشاهد فيه قوله: «وإيّاها» حيث نصبه على المفعول معه.

وبعد ما استفهام أو كيف نصب … بفعل كون مضمر بعض العرب يعنى أنه يجوز نصب ما بعد الواو إذا تقدمها كيف أو ما الاستفهامية على تقدير تكون نحو كيف أنت وقصعة من ثريد وما أنت وزيدا التقدير كيف تكون وقصعة وما تكون وزيدا وكان المقدرة ناقصة وكيف وما خبر مقدم وفهم من قوله بعض العرب أن بعضهم لا ينصب بعد هذه الواو بل يرفع عطفا على ما قبلها وهو أفصح اللغتين لعدم الحذف وبعض العرب فاعل بنصب وبعد متعلق بنصب وكذلك بفعل ومضمر نعت لفعل لا لكون لأن المضمر هو الفعل. والعطف إن يمكن بلا ضعف أحق … والنّصب مختار لدى ضعف النّسق والنّصب إن لم يجز العطف يجب … أو اعتقد إضمار عامل تصب ثم إن الاسم الصالح لكونه مفعولا معه على ثلاثة أقسام: قسم يترجح عطفه على النصب على المعية، وقسم يترجح نصبه على المعية على العطف، وقسم يمتنع فيه العطف، وقد أشار إلى القسم الأول بقوله: (والعطف إن يمكن بلا ضعف أحق) يعنى إذا أمكن العطف بلا ضعف كان راجحا على النصب على المعية نحو قام زيد وعمرو ويجوز النصب وإنما رجح العطف لأنه لا ضعف فيه والعطف مبتدأ وخبره أحق وإن يمكن شرط والجواب محذوف لدلالة ما تقدم عليه لأن الخبر متقدم فى التقدير. ثم أشار إلى القسم الثانى بقوله: (والنصب مختار لدى ضعف النسق) يعنى أن النصب على المعية أرجح من العطف عند ضعف عطف النسق نحو قمت وزيدا لأن العطف على ضمير الرفع المتصل بغير توكيد ولا فصل ضعيف فلو قلت قمت أنا وزيد كان العطف أحق لعدم الضعف. والنصب مختار مبتدأ وخبر ولدى متعلق بمختار وضعف مضاف لمحذوف تقديره لدى ضعف عطف النسق، ثم أشار إلى القسم الثالث بقوله: (والنصب إن لم يجز العطف يجب) يعنى أن نصب ما بعد الواو حيث لا يجوز العطف واجب وشمل صورتين إحداهما لا يجوز فيها العطف لمانع لفظى نحو ما لك وزيدا لأن العطف على الضمير المجرور من غير إعادة الجار ممتنع عند الجمهور وفى جعل هذا المثال مما يمتنع فيه العطف كما مثل به الشارح نظر لأن مذهب الناظم جواز العطف على الضمير المجرور دون إعادة الجار وسيأتى فى باب العطف إن شاء الله تعالى. والأخرى لا يجوز فيها العطف لمانع معنوى نحو جلست والحائط وسيرى والطريق لأنه لا يصلح للمشاركة. ثم إن ما لا يجوز فيه العطف على قسمين قسم يتعين أن يكون مفعولا معه كما تقدم وقسم يمتنع أن يكون مفعولا معه فيجب اعتقاد عامل مضمر وإلى ذلك أشار بقوله:

الاستثناء

(أو اعتقد إضمار عامل تصب) يعنى إذا لم يصح عطفه ولا نصبه على المعية فيعتقد أن ناصبه مضمر وذلك كقول الشاعر: - علفتها تبنا وماء باردا … حتّى شتت همّالة عيناها (¬76) فهذا ونحوه لا يجوز فيه العطف ولا النصب على المعية فيكون ماء مفعولا بفعل مضمر تقديره وسقيتها ويحتمل أن يكون قوله أو اعتقد إضمار عامل تصب فيما يمتنع عطفه وينتصب على المعية كقوله عز وجل فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكاءَكُمْ [يونس: 71] فيمتنع العطف فى «شركاءكم» لأن أجمع بمعنى عزم لا ينصب إلا الأمر ونحوه ويجوز نصبه على المعية أى من شركائكم أو يكون مفعولا بفعل مضمر تقديره وأجمعوا شركاءكم من جمع. والنصب مبتدأ ويجب خبره وأو اعتقد معطوف على يجب وأو للتخيير وجاز عطف اعتقد وهو طلب على يجب وهو خبر لأن يجب فى معنى أوجب وتصب مجزوم على جواب الأمر. الاستثناء الاستثناء: الإخراج بإلا أو إحدى أخواتها، وأدوات الاستثناء أربعة أقسام: حرف واسم وفعل ومشترك بين الفعل والحرف فالحرف إلا وهى الأصل فى أدوات الاستثناء لأن غيرها يقدر بها ولذا بدأ بها فقال: ما استثنت الّا مع تمام ينتصب يعنى أن المستثنى بإلا ينتصب إذا كان الكلام تاما واحترز بالمستثنى بإلا من المستثنى بغيرها من أدوات الاستثناء واحترز بالتام من المفرّغ. والتام هو ما ذكر فيه المستثنى منه وشمل الموجب نحو قولك قام القوم إلا زيدا والمنفى نحو ما قام أحد إلا زيدا إلا أن الأول واجب النصب والثانى فيه تفصيل وإليه أشار بقوله: وبعد نفى أو كنفى انتخب … إتباع ما اتّصل وانصب ما انقطع ¬

_ (¬76) انظر التخريج رقم 153. والشاهد فيه قوله: «وماء» حيث لا يصح أن يكون مفعولا به لأنه لا يصح أن يشترك مع لفظة «التبن» بعامل واحد وهو قوله «علفتها» لأن الماء لا يعلف، وإنما يسقى، فلا بد من تقدير عامل، والتقدير: «سقيتها». وقيل: «الماء» مفعول معه. وقيل إنه معطوف على «تبنا» لأن الشاعر ضمّن الفعل «علفتها» معنى الفعل «أنلتها» أو «قدمت لها».

يعنى أن المستثنى بعد النفى أو ما أشبهه وهو الاستفهام والنهى إذا كان متصلا اختير إتباعه على نصبه على الاستثناء فنحو ما قام أحد إلا زيد بالرفع وما مررت بأحد إلا زيد بالجر أحسن من ما قام أحد إلا زيدا وما مررت بأحد إلا زيدا بالنصب فيهما. والمتصل ما كان المستثنى بعض الأول. وإذا كان منقطعا فلغة أهل الحجاز وجوب النصب على الاستثناء وهذه اللغة مفهومة من قوله وانصب ما انقطع. والمنقطع ما كان المستثنى فيه من غير جنس المستثنى منه نحو ما فى الدار أحد إلا وتدا وأما بنو تميم فيجوز فيه عندهم النصب وهو الراجح والإتباع وإلى ذلك أشار بقوله: وعن تميم فيه إبدال وقع يعنى أن بنى تميم يجيزون فى المنقطع الإبدال فيقولون ما فيها أحد إلا وتد. ومنه قوله: - وبلدة ليس بها أنيس … إلّا اليعافير وإلّا العيس (¬77) وما فى قوله: ما استثنت إلا مبتدأ موصول وصلته استثنت والضمير العائد إلى الموصول محذوف تقديره استثنته ومع متعلق باستثنت وينتصب خبر ما وهو على هذا الوجه مرفوع وقف عليه بالسكون ويجوز أن تكون ما شرطية منصوبة باستثنت وينتصب جواب الشرط ويصح تقديره مجزوما ومرفوعا ووقف عليه بالسكون وانتخب فعل أمر وإتباع مفعول بانتخب وبعد نفى متعلق بانتخب ويجوز ضم التاء من انتخب فيكون مبنيا للمفعول فيرتفع به إتباع على أنه نائب عن الفاعل والأول أجود لمناسبته لقوله بعد (وانصب ما انقطع) وما موصولة وصلتها انقطع وإبدال مبتدأ ووقع صفته وفيه متعلق بوقع وعن تميم خبره ويحتمل أن يكون فيه متعلقا بالاستقرار الذى فى الخبر وفى تنكير إبدال إشعار بقلة إتباعه عند تميم. ثم قال: ¬

_ (¬77) الرجز لجران العود فى ديوانه ص 97، وخزانة الأدب 10/ 15، 18، والدرر 3/ 162، وشرح أبيات سيبويه 2/ 140، وشرح التصريح 1/ 353، وشرح المفصل 2/ 117، 3/ 27، 7/ 21، والمقاصد النحوية 3/ 107، وبلا نسبة فى الأشباه والنظائر 2/ 91، والإنصاف 1/ 271، وأوضح المسالك 2/ 261، والجنى الدانى ص 164، وجواهر الأدب ص 165، وخزانة الأدب 4/ 121، 123، 124، 7/ 363، 9/ 258، 314، ورصف المبانى ص 417، وشرح الأشمونى 1/ 229، وشرح شذور الذهب ص 344، وشرح المفصل 2/ 80، والصاحبى فى فقه اللغة ص 136، والكتاب 1/ 263، 2/ 322، ولسان العرب 6/ 198 (كنس)، 15/ 433 (ألا)، ومجالس ثعلب ص 452، والمقتضب 2/ 319، 347، 414، وهمع الهوامع 1/ 225. والشاهد فيه قوله: «إلا اليعافير» فإن ظاهره أنه استثناء منقطع تقدم فيه المستثنى منه، فكان ينبغى انتصابه على المشهور من لغات العرب وهى لغة أهل الحجاز، وقد وجّه سيبويه رفعه بوجهين: الأول أنه جعل كالاستثناء المفرّغ، وجعل ذكر المستثنى منه مساويا فى هذه الحالة لعدم ذكره، من جهة أنّ المعنى على ذلك، فكأنه قال: ليس لها إلا اليعافير. والوجه الثانى أنه توسّع فى معنى الاستثناء حتى جعله نوعا من المستثنى منه.

وغير نصب سابق فى النّفى قد * … يأتى يعنى أن المستثنى إذا كان مقدما على المستثنى منه بعد نفى قد يأتى غير منصوب فيكون مفرغا له العامل الذى قبل إلا ويعرب هو بدلا منه قال سيبويه حدثنى يونس أن قوما يوثق بعربيتهم يقولون ما لى إلا أخوك ناصر فيجعلون ناصر بدلا وفهم من قوله قد يأتى أن غير النصب قليل وقد صرح بهذا المفهوم فقال: ولكن نصبه اختر إن ورد وثبت هذا البيت فى بعض النسخ وغير نصب سابق برفع غير وجر نصب وسابق وإعرابه على هذا الوجه مبتدأ ونصب وسابق مضافان إليه وقد يأتى خبر المبتدأ وفى النفى متعلق بيأتى وثبت أيضا فى بعض النسخ وغير نصب سابق بنصب غير وجر نصب منونا ورفع سابق وإعرابه على هذا الوجه سابق مبتدأ وفى النفى متعلق به هو الذى سوّغ الابتداء بالنكرة وخبره قد يأتى وغير نصب حال من فاعل يأتى ونصب مضاف إليه وهو مصدر بمعنى اسم المفعول والتقدير قد يأتى سابق فى النفى غير منصوب. ثم قال: وإن يفرّغ سابق إلّا لما … بعد يكن كما لو الّا عدما يعنى ما قبل إلا إذا كان مفرّغا لما بعدها فلا حكم لإلا فتكون كأنها لم تذكر ولا يكون ذلك إلا فى نفى أو شبهه وكان حقه أن ينبه على ذلك وإنما ترك التنبيه عليه لوضوحه وشمل قوله سابق ما كان السابق فيه عاملا نحو ما قام إلا زيد وما كان غير عامل نحو ما فى الدار إلا زيد ويكون التفريغ فى جميع المعمولات إلا مع المصدر المؤكد فلا يجوز ما ضربت إلا ضربا. وسابق مفعول لم يسم فاعله بيفرغ وإلا مفعول بسابق ولما متعلق بيفرغ وبعد صلة لما وهو مقطوع عن الإضافة وتقدير المضاف إليه بعده أى بعد إلا أو بعد السابق واسم يكن ضمير عائد على السابق أو على ما وهذان الوجهان ذكرهما المرادى ويحتمل أن يكون عائدا على الحكم المفهوم من الكلام أى يكن الحكم ويحتمل أن يكون عائدا على الكلام المشتمل على السابق وعلى التالى لإلا أى يكن الكلام والظاهر أن ما فى قوله كما زائدة ولو فى موضع جر بالكاف وهى مصدرية والتقدير يكن كعدم إلا. ثم اعلم أن إلا تتكرر للتوكيد ولغير التوكيد، وقد أشار إلى تكرارها للتوكيد فقال:

وألغ إلّا ذات توكيد كلا … تمرر بهم إلّا الفتى إلّا العلا يعنى أن إلا إذا تكررت للتوكيد ألغيت وإلغاؤها هو أن لا تنصب وتلغى مع البدل نحو ما قام إلا أخوك إلا زيد فلو أسقطت إلا لصح الكلام فتقول ما قام إلا أخوك زيد وكررت لتوكيد إلا الأولى ومثله بقوله إلا الفتى إلا العلا فالعلا بدل من الفتى والتقدير لا تمرر بهم إلا الفتى العلا فالعلا هو الفتى ومع عطف النسق نحو ما قام إلا أخوك وإلا زيد فلو قلت ما قام إلا أخوك وزيد لصح الكلام وقد جمع الشاعر بينهما فقال: - ما لك من شيخك إلا عمله … إلا رسيمه وإلا رمله (¬78) وذات توكيد حال من إلا. ثم إن تكرارها لغير التوكيد يكون مع التفريغ ومع غيره وقد أشار إلى الأول بقوله: وإن تكرّر لا لتوكيد فمع … تفريغ التّأثير بالعامل دع فى واحد ممّا بإلّا استثنى … وليس عن نصب سواه مغنى قد قدم أن التفريغ هو أن يكون ما قبل إلا طالبا لما بعدها فإذا كررت إلا فى التفريغ فإنه يترك تأثير العامل الذى هو إلا فى واحد من المستثنيين أو المستثنيات ويكون بحسب ما يطلب ما قبل إلا وما عدا الواحد منصوبا، وفهم من قوله فى واحد أن ترك العمل بإلا ليس مخصوصا بواحد دون واحد بل يجوز إلغاء إلا فى الأول دون الثانى والثالث وفى الثانى دون الأول والثالث وفى الثالث دون الأول والثانى فتقول ما قام إلا زيد إلا عمرا إلا خالدا وما قام إلا زيدا إلا عمرو إلا خالدا وما قام إلا زيدا إلا عمرا إلا خالد. وقوله: (وليس عن نصب سواه مغنى) يعنى أن ما سوى المستثنى الذى تلغى إلا معه ينصب ونصبه بالعامل الذى هو إلا وعلى هذا الوجه حمل المرادى العامل وحمله ابن عقيل على أنه العامل الذى قبل إلا وجعل دع بمعنى اجعل، وما ذكره المرادى أصوب لثلاثة أوجه: الأول أن فيه التنبيه على أن إلا هى العامل فى المستثنى وهو موافق لتصريح الناظم به فى غير هذا النظم. الثانى أن دع بمعنى ¬

_ (¬78) الرجز بلا نسبة فى أوضح المسالك 2/ 272، والدرر 3/ 167، ورصف المبانى ص 89، وشرح الأشمونى 1/ 232، وشرح التصريح 1/ 356، وشرح ابن عقيل ص 311، والكتاب 2/ 341، والمقاصد النحوية 3/ 117، وهمع الهوامع 1/ 227. والشاهد فيه قوله: «إلا عمله، إلا رسيمه وإلا رمله»، ف «رسيمه» بدل، و «رمله» معطوف، و «إلا» المقترنة بكل منهما مؤكدة.

اجعل غير معهود فى اللغة وإنما يكون دع بمعنى اترك. الثالث أن ما قبل إلا فى التفريغ قد يكون غير عامل نحو ما فى الدار إلا زيد. وقوله وإن تكرر شرط وفى تكرر ضمير يعود على إلا ولا عاطفة على معطوف مقدر تقديره لغير التوكيد لا للتوكيد والتأثير مفعول مقدم بدع ومع متعلق بدع وكذلك فى واحد وما موصولة واقعة على المستثنيات واستثنى صلتها وبإلا متعلق باستثنى والضمير المستكن فى استثنى هو الرابط بين الصلة والموصول ومغنى اسم ليس وعن نصب متعلق به وخبر ليس محذوف تقديره وليس فى ذلك أو ليس مغن عن نصب سواه موجودا ويحتمل أن يكون اسم ليس مضمرا تقديره ذلك ومغن خبرها ووقف عليه بالسكون على لغة ربيعة والأول أظهر ثم إن تكرار إلا لغير التوكيد فى غير التفريغ على قسمين الأول أن يكون المستثنى مقدما على المستثنى منه والآخر أن يكون متأخرا عنه، وقد أشار إلى الأول بقوله: ودون تفريغ مع التّقدّم … نصب الجميع احكم به والتزم يعنى أن الاستثناء التام إذا تكررت فيه إلا لغير توكيد وكان المستثنى مقدما على المستثنى منه نصب جميع المستثنيات نحو ما قام إلا زيدا إلا عمرا إلا خالدا القوم. ودون ومع وبه متعلقات باحكم ونصب مفعول بفعل محذوف يفسره احكم وفى قوله والتزم زيادة فائدة وهى أن قوله احكم به قد يحمل على الوجوب وقد يحمل على الجواز لأن الحكم بالشئ قد يكون واجبا وقد يكون جائزا وقوله والتزم نص فى الوجوب. ثم أشار إلى الثانى بقوله: وانصب لتأخير وجئ بواحد … منها كما لو كان دون زائد يعنى أن المستثنيات إذا كانت متأخرة عن المستثنى منه نصب جميعها إلا واحدا منها فإنه يحكم له بحكم ما لم يتكرر فيه إلا وينصب وجوبا إذا كان الاستثناء موجبا نحو قام إلا زيدا إلا عمرا ويترجح إتباعه على نصبه إن كان منفيا، وفهم من قوله وجئ بواحد منها أن الواحد الذى يجاء به يجوز أن يكون الأول أو الثانى أو الثالث فتقول ما قام أحد إلا زيد إلا عمرا إلا خالدا وما قام أحد إلا زيدا إلا عمرو إلا خالدا وما قام أحد إلا زيدا إلا عمرا إلا خالد إلا أن الأولى أن ذلك الواحد هو الأول. ثم مثل بقوله: كلم يفوا إلّا امرؤ إلّا على … وحكمها فى القصد حكم الأوّل يجوز فى هذا المثال رفع الأول بدلا من الواو فى يفوا ونصبه على الاستثناء وهو الأجود

ويجوز نصب امرؤ ورفع على ثم نبه على أن ما زاد على المستثنى الأول من المستثنيات حكمه فى المعنى حكم الأول فإن كان مخرجا كان ما زاد عليه كذلك وإن كان مدخلا كان ما زاد عليه كذلك وبيان ذلك أنك إذا قلت قام القوم إلا زيدا إلا عمرا إلا خالدا فهى كلها مخرجة من القوم. وإن قلت ما قام أحد إلا زيدا إلا عمرا إلا خالدا فهى مدخلة والمراد بها إخراج الأول من المستثنى منه ثم إخراج الثانى مما بقى بعد إخراج الأول ثم إخراج الثالث مما بقى بعد إخراج الأول والثانى. ولتأخير متعلق بانصب والظاهر أن اللام بمعنى مع ومنها فى موضع الصفة لواحد وكما فى موضع الحال من واحد لاختصاصه بالصفة أو صفة بعد صفة وما كافة ولو مصدرية وهى على حذف مضاف أى كحال. وكان هنا تامة بمعنى وجد ودون فى موضع الحال والتقدير وجئ بواحد منها كحال وجوده دون زائد عليه. ثم أشار إلى القسم الثانى من أدوات الاستثناء، وهو الاسم فقال: واستثن مجرورا بغير معربا … بما لمستثنى بإلّا نسبا يعنى أن غيرا يستثنى بها مجرور بإضافتها إليه وتكون هى معربة بما يستحقه الاسم الواقع بعد إلا من وجوب النصب أو رجحانه أو رجحان التبعية فتقول قام القوم غير زيد بوجوب النصب لأنك تقول قام القوم إلا زيدا وما فيها أحد غير فرس برجحان النصب وما قام أحد غير زيد برجحان التبعية وأصل غير أن تكون صفة واجبة الإضافة لمخالف موصوفها وقد تقطع عن الإضافة لفظا لا معنى فتبنى على الضم وتستعمل بمعنى إلا كما ذكر فى هذا الباب ومجرورا مفعول باستثن وبغير متعلق باستثن ومعربا حال من غير وبما متعلق بمعرب وما موصولة وصلتها نسب والمستثنى متعلق بنسب وبإلا متعلق بمستثنى. ثم قال: ولسوى سوى سواء اجعلا … على الأصحّ ما لغير جعلا ذكر أن فى سوى ثلاث لغات القصر مع كسر السين وضمه والمد مع فتح السين وأنها كلها يستثنى بها كما يستثنى بغير وتعرب بما يعرب به غير إلا أنه يقدر فى المقصورة الإعراب وأشار بقوله على الأصح إلى مخالفة سيبويه والخليل فيها فإنها عندهما ظرف غير متصرف ولا تخرج عن الظرفية إلا فى الشعر. قال سيبويه رحمه الله فى باب ما يحتمل فى الشعر وجعلوا ما لا يجئ فى الكلام إلا ظرفا بمنزلة غيره من الأسماء وذلك قول المرار بن سلامة العجلى:

- ولا ينطق الفحشاء من كان منهم … إذا جلسوا منّا ولا من سوائنا وقال الأعشى: (¬79) وما قصدت من أهلها لسوائنا اهـ واستدل المصنف على مذهبه بأدلة واستشهد بشواهد هى مذكورة فى كتبه فلا نطيل بها وفهم من قوله على الأصح أن مذهب سيبويه صحيح إلا أن مذهبه أصح منه ووقف على اجعلا بالألف لأنها مبدلة من نون التوكيد الخفيفة. ثم أشار إلى القسم الثالث والرابع فقال: واستثن ناصبا بليس وخلا … وبعدا وبيكون بعد لا ذكر فى هذا البيت من أدوات الاستثناء أربعة: منها ما لا يستعمل إلا فعلا وهو ليس ولا يكون والمستثنى بهما واجب النصب نحو قام القوم ليس زيدا ولا يكون عمرا وما قام أحد ليس زيدا ولا يكون عمرا وهو خبر لهما واسمهما ضمير مستتر عائد على البعض المفهوم من الكلام والتقدير ليس بعضهم زيدا ولا يكون بعضهم عمرا. ومنها ما يستعمل فعلا فينصب ما بعده، وحرف جر فيجر ما بعده وهو خلا وعدا، ولهما حالتان: الأولى تجردهما من ما، والثانية اقترانهما بها فإذا كانا مجردين من ما جاز فيهما وجهان النصب والجر والأرجح النصب وفهم ذلك من ذكره لهما مع ليس ولا يكون وإلى ذلك أشار بقوله: واجرر بسابقى يكون إن ترد … وبعد ما انصب وانجرار قد يرد يعنى أن سابقى يكون فى البيت الذى قبل هذا وهما خلا وعدا يجوز جر المستثنى بهما وفهم منه شرط التجريد فإنه أحال على لفظهما وهما خاليان من ما وفهم من قوله إن ترد أن الجر بهما مرجوح ثم أشار إلى الحالة الثانية وهى اقترانهما بما بقوله: (وبعد ما انصب)، أى إذا اقترن عدا وخلا بما فالوجه نصب المستثنى بهما وإنما انتصب لأن ما مصدرية فلا يليها حرف جر هذا مذهب الجمهور وحكى بعضهم الجر بهما مقترنتين بما وإلى ذلك أشار بقوله: (وانجرار قد يرد) وفهم من تنكير انجرار ومن قوله قد يرد أن الجر بهما مع ما قليل. وناصبا حال من فاعل ¬

_ (¬79) البيت من الطويل، وهو للمرار بن سلامة العجلى فى خزانة الأدب 3/ 438، وشرح أبيات سيبويه 1/ 424، والكتاب 1/ 31، والمقاصد النحوية 3/ 126، ولرجل من الأنصار فى الكتاب 1/ 408، وبلا نسبة فى الإنصاف 1/ 294، وشرح الأشمونى 1/ 235، وشرح ابن عقيل ص 315، والمقتضب 4/ 350. والشاهد فيه وضع «سواء» موضع «غير» وإدخال «من» عليها لأنها لا تستعمل فى الكلام إلا ظرفا.

الحال

استثن وبليس متعلق باستثن ومفعول ناصبا محذوف أى ناصبا المستثنى وبعد لا فى موضع الحال من يكون وإن ترد شرط محذوف الجواب لدلالة ما تقدم عليه وانجرار مبتدأ خبره قد يرد وسوغ الابتداء به معنى التقسيم ثم بين وجه الجر والنصب بهما فقال: وحيث جرّا فهما حرفان … كما هما إن نصبا فعلان يعنى أن خلا وعدا إذا جرّا ما بعدهما كانا حرفى جر وإذا نصباه كانا فعلين والمستثنى حينئذ مفعول بهما وفهم منه أنهما إذا جرا كانا حرفين سواء اقترنا بما أو تجردا منها وكذلك إن نصبا كانا فعلين مطلقا وفهم منه أن ما قبلهما إذا جرا زائدة لأن ما المصدرية لا يليها حرف الجر. وحيث متعلق بقوله حرفان لأنه فى معنى محكوم بحرفيتهما وكما متعلق بفعلان لأنه أيضا فى معنى محكوم بفعليتهما ويجوز أن يكون حيث شرطا والفاء جوابه على مذهب الفراء لأنه يجيز أن يجزم بحيث دون ما والعامل فيها حينئذ الفعل الذى بعدها. ثم قال: وكخلا حاشا ولا تصحب ما … وقيل حاش وحشا فاحفظهما يعنى أن حاشا مثل خلا فى أنها يستثنى بها ويجوز فى المستثنى بها النصب والجر على الوجه الذى جاز فى خلا وقد تقدم. ولما كانت حاشا مخالفة لخلا فى أنه لا يجوز اقترانها بما نبه على ذلك بقوله: ولا تصحب ما يعنى أن حاشا لا تدخل عليها ما بخلاف خلا ولما كان فى حاشا ثلاث لغات نبه على ذلك بقوله: (وقيل حاش وحشا فاحفظهما)، ونوزع فى ذلك. الحال الحال وصف فضلة منتصب … مفهم فى حال كفردا أذهب يجوز فى الحال التذكير والتأنيث وقد استعمل الناظم فى هذا الباب اللغتين. قوله: (الحال وصف فضلة منتصب * مفهم فى حال) المراد بالوصف اسم الفاعل واسم المفعول والصفة المشبهة وأمثلة المبالغة وأفعل التفضيل وخرج بقوله فضلة العمدة كالخبر نحو زيد فاضل، والمراد بالفضلة ما يصح الاستغناء عنه وقد يعرض له ما يوجب ذكره إما لوقوعه سادا مسد الخبر نحو ضربى زيدا قائما أو لتوقف المعنى عليه كقوله:

- إنما الميت من يعيش كئيبا … كاسفا باله قليل الرجاء (¬80) وحمل الشارح قوله منتصب على جائز النصب واعترضه بالوصف المنصوب وحمله المرادى على واجب النصب فيخرج النعت لأنه غير لازم للنصب وهو أظهر لأن النصب من أحكام الحال اللازمة له وخرج بقوله مفهم فى حال التمييز نحو لله دره فارسا لأنه لا يفهم فى حال لكونه على تقدير من وتسامح الناظم فى هذا التعريف لإدخاله فيه النصب وهو حكم من أحكام الحال لا جزء من ماهيته ثم مثل بعد استيفاء التعريف فقال: (كفردا أذهب) وفى المثال تنبيه على جواز تقديم الحال على عاملها وسيأتى وقوله الحال مبتدأ ووصف خبره وفضلة ومنتصب ومفهم نعوت لوصف وليست من باب تعدد الخبر لأنها فصول فهى نعوت للوصف. ثم قال: وكونه منتقلا مشتقّا … يغلب لكن ليس مستحقّا المراد بالمنتقل غير اللازم لصاحب الحال كالخلق والألوان والمراد بالمشتق أسماء الفاعلين والمفعولين والصفات المشبهة لأن هذه كلها مشتقة من المصادر فالغالب فى الحال أن يكون منتقلا مشتقا نحو جاء زيد راكبا فراكبا منتقل لأنه قد يكون غير راكب ومشتق من الركوب، وفهم من قوله يغلب أنه قد يأتى فى غير الغالب غير منتقل وغير مشتق فمثال غير المنتقل قولهم خلق الله الزرافة يديها أطول من رجليها فالزرافة مفعول بخلق ويديها بدل بعض من كل وأطول حال من يديها وهى لازمة لأن كون يديها أطول من رجليها لازم لها، ومثال غير المشتق قوله عز وجل: وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً [الشعراء: 149] فبيوتا غير مشتق وقوله: (لكن ليس مستحقا) تتميم للبيت لجواز الاستغناء عنه بيغلب. وكونه مبتدأ ومنتقلا ومشتقا خبران لكون ويغلب خبر المبتدأ ويجوز فى مستحقا فتح الحاء على أنه اسم مفعول ويكون الضمير فيه عائدا على الفاعل بيغلب أى ليس كونه منتقلا مشتقا مستحقا ويجوز كسر الحاء على أنه اسم فاعل ويكون الضمير فيه عائدا على الحال ولا بد فى هذا الوجه من حذف مجرور ¬

_ (¬80) البيت من الخفيف، وهو لعدى بن الرعلاء الغسانى فى الأصمعيات 152، والحماسة الشجرية 1/ 195، وخزانة الأدب 9/ 583، وسمط اللآلى ص 8، 603، ولسان العرب 2/ 91 (موت)؛ ومعجم الشعراء ص 252، ولصالح بن عبد القدوس فى حماسة البحترى ص 214، ومعجم الأدباء 12/ 9، وبلا نسبة فى شرح الأشمونى 1/ 242، وشرح شواهد المغنى 2/ 936، وشرح قطر الندى ص 234، ومغنى اللبيب ص 461.

ويكون معمولا لمستحق والتقدير ليس الحال مستحقا لكونه منتقلا مشتقا ولما ذكر أن الحال قد تأتى غير مشتقة نبه على المواضع التى يكثر فيها جمود الحال فقال: ويكثر الجمود فى سعر وفى … مبدى تأوّل بلا تكلّف يعنى أن جمود الحال يكثر إذا دل على سعر كقولك بعت البرّ مدا بدرهم فمدا لفظ منصوب على الحال وهو جامد إلا أنه مؤول بالمشتق لأنه فى معنى مسعرا ويجوز أن يقدر مسعرا اسم فاعل فيكون حالا من التاء فى بعت وأن يكون مسعرا بفتح العين اسم مفعول فيكون حالا من البر ويكثر إذا ظهر مؤولا بالمشتق غير متكلف وظاهر لفظه أن الدالّ على السعر ليس داخلا فى المبدى التأول وليس كذلك بل منه والعذر له أن هذا من باب عطف العام على الخاص ثم ذكر مثلا من المبدى التأول دون تكلف فقال: كبعه مدا بكذا يدا بيد … وكرّ زيد أسدا أى كأسد فذكر ثلاثة أنواع: الأول أن يدل على السعر وهو قوله: (كبعه مدا بكذا) وكأن هذا مثال لقوله ويكثر الجمود فى سعر. الثانى أن يدل على مفاعلة وهو قوله: (يدا بيد)، أى مناجزة. الثالث أن يدل على التشبيه وهو قوله: (وكر زيد أسدا) وفسر ذلك بقوله: (أى كأسد) وفهم من قوله كبعه أن هذه المثل ليس مجئ الحال جامدا محصورا فيها وينبغى أن تجعل الكاف فى قوله أى كأسد اسما بمعنى مثل لأن الحال أصلها أن تكون وصفا ويجوز أن تكون حرفا ويكون قد قصد به تفسير المعنى لا أنها الحال بنفسها ثم قال: والحال إن عرّف لفظا فاعتقد … تنكيره معنى كوحدك اجتهد حق الحال أن يكون نكرة لأن المقصود به بيان الهيئة وذلك حاصل بلفظ التنكير فلا حاجة لتعريفه صونا للفظ عن الزيادة والخروج عن الأصل لغير غرض وقد يجئ بصورة المعرف بالألف واللام فيحكم بزيادتها نحو ادخلوا الأول فالأول وبصورة المضاف إلى المعرفة فيحكم بتأويله بالنكرة نحو اجتهد وحدك أى منفردا. والحال مبتدأ وإن عرف شرط وفاعتقد جوابه وتنكيره مفعول باعتقد ونصب لفظا على إسقاط فى أو على التمييز وكذلك معنى وخبر المبتدأ جملة الشرط والجواب. ثم قال: ومصدر منكّر حالا يقع … بكثرة كبغتة زيد طلع

حق الحال أن يكون وصفا كما تقدم لأنه صفة لصاحبه فى المعنى وخبر عنه أيضا وقد يقع المصدر موضع الحال كما يقع صفة وخبرا، وكل ذلك على خلاف الأصل ولا خلاف فى ورود المصدر حالا كقوله عز وجل: وَادْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً [الأعراف: 56] وهو كثير ومع كثرته فلا يقاس عليه عند الجمهور. وأجاز المبرد القياس عليه وليس فى قول الناظم بكثرة إشعار بالقياس وفهم منه أن وقوع المصدر المعرف حالا قليل لتخصيصه الكثرة بالمنكر. ومصدر مبتدأ ومنكر صفته ويقع خبره وحالا حال من فاعل يقع المستتر وبكثرة متعلق بيقع وبغتة فعلة من البغت أن يفجأك الشئ، قال الشاعر: ولكنهم بانوا ولم أدر بغتة … وأعظم شئ حين يفجؤك البغت تقول بغتة فجأة وبغته بغتة أى مفاجأة. ثم قال: ولم ينكّر غالبا ذو الحال إن … لم يتأخّر أو يخصّص أو يبن من بعد نفى أو مضاهيه كلا … يبغ امرؤ على امرى مستسهلا حق صاحب الحال أن يكون معرفة لأنه مخبر عنه بالحال فى المعنى، وقد يجئ نكرة ولذلك مسوغات كما أن للابتداء بالنكرة مسوغات وقد تقدمت فى باب المبتدأ فمن مسوغات تنكير صاحب الحال أن يتأخر عن الحال وهو المنبه عليه بقوله إن لم يتأخر ومثاله فى الدار قائما رجل، ومنه قول الشاعر: - وبالجسم منّى بيّنا لو علمته … شحوب وإن تستشهدى العين تشهد (¬81) فصاحب الحال شحوب وبينا منصوب على الحال وأصله شحوب بين، ومنها أن يكون مخصصا وهو المنبه عليه بقوله أو يخصص وشمل صورتين الأولى أن يخصص بالوصف كقوله عز وجل فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ (4) أَمْراً مِنْ عِنْدِنا [الدخان: 4، 5] والثانية أن يخصص بالإضافة إلى نكرة كقوله تعالى: فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَواءً [فصلت: 10] ومنها أن يكون بعد نفى وهو المنبه عليه بقوله أو يبن من بعد نفى أى يظهر بعد نفى ومثاله ما جاء رجل ضاحكا ومنه قوله عز وجل: وَما أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا وَلَها كِتابٌ مَعْلُومٌ [الحجر: 4] ومنها أن ¬

_ (¬81) البيت من الطويل، وهو بلا نسبة فى شرح ابن عقيل ص 326، وشرح عمدة الحافظ ص 422، والكتاب 2/ 123، والمقاصد النحوية 3/ 147. والشاهد فيه تقديم «بينا» على «شحوب» ونصبه على الحال بعد أن كان صفة متأخرة، أى: شحوب بيّن.

يكون بعد مشابه للنفى وهو المنبه عليه بقوله أو مضاهيه أى مشابهه وشمل صورتين الأولى الاستفهام ومثاله هل جاء أحد ضاحكا، ومنه قوله: - يا صاح هل حمّ عيش باقيا فترى … لنفسك العذر فى إبعادها الأملا (¬82) الثانية النهى ومثاله لا يقم أحد ضاحكا. ومنه قوله: - لا يركنن أحد إلى الإحجام … يوم الوغى متخوفا لحمام (¬83) فهذه ست مسوغات وقد مثل الناظم الصورة الأخيرة بقوله: (لا يبغ امرؤ على امرئ مستسهلا) فمستسهلا حال من امرئ الأول، وسوغ ذلك تقدم النهى وفهم من قوله غالبا أن صاحب الحال يكون نكرة محضة من غير مسوغ فى غير الغالب. حكى سيبويه من كلام العرب مررت بماء قعدة رجل وقولهم وعليه مائة بيضا وفى الحديث «فصلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قاعدا وصلى وراءه رجال قياما». وذو الحال مفعول لم يسم فاعله بينكر وغالبا حال منه وإن لم يتأخر إلخ شرط والجواب محذوف لدلالة ما تقدم عليه ومن بعد متعلق بيبن. ثم قال: وسبق حال ما بحرف جرّ قد … أبوا ولا أمنعه فقد ورد يعنى أن صاحب الحال إذا كان مجرورا بحرف الجر لا يجوز عند أكثر النحويين تقديم الحال عليه نحو مررت بهند قائمة فلا يجوز عندهم مررت قائمة بهند. قال المؤلف وهذا الذى منعوه لا أمنعه أنا لوروده فى كلام العرب، وقد استدل الناظم على جواز ذلك بشواهد منها قوله: - تسليت طرّا عنكم بعد بعدكم … بذكراكم حتى كأنكم عندى (¬84) ¬

_ (¬82) البيت من البسيط، وهو لرجل من طيّئ فى الدرر اللوامع 4/ 6، وشرح التصريح 1/ 377، وشرح عمدة الحافظ ص 423، والمقاصد النحوية 3/ 153، وبلا نسبة فى أوضح المسالك 2/ 316، وشرح الأشمونى 1/ 247، وشرح ابن عقيل ص 329، وهمع الهوامع 1/ 240. والشاهد فيه قوله: «باقيا» حيث وقع حالا من النكرة «عيش» ومسوغ ذلك وقوعها بعد استفهام إنكارى يؤدى معنى النفى. (¬83) البيت من الكامل، وهو لقطرى بن الفجاءة فى ديوانه ص 171، وخزانة الأدب 10/ 163، والدرر 4/ 5، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقى ص 136، وشرح ابن عقيل ص 330، وشرح عمدة الحافظ ص 423، والمقاصد النحوية 3/ 150، وبلا نسبة فى أوضح المسالك 2/ 314، وشرح الأشمونى 1/ 247، وشرح التصريح 1/ 377، وهمع الهوامع 1/ 240. والشاهد فيه قوله: «متخوفا» حيث جاء حالا من النكرة «أحد» والذى سوّغ ذلك وقوع هذه النكرة بعد نفى. (¬84) البيت من الطويل، وهو بلا نسبة فى أوضح المسالك 2/ 321، وشرح الأشمونى 1/ 248، وشرح التصريح 1/ 379، وشرح عمدة الحافظ ص 326، والمقاصد النحوية 3/ 160. والشاهد فيه قوله: «طرّا» فإنه حال بمعنى: جميعا، وصاحبه الضمير فى «عنكم».

فطرّا حال من الكاف فى عنكم وهو مجرور بعن. فإن قلت فد فهم من تخصيصه المنع بالمجرور أن ما عدا المجرور بالحرف وهو المرفوع والمنصوب والمجرور بالإضافة لا يمتنع أن يسبقه الحال. أما المرفوع والمنصوب فلا إشكال فى جواز تقديم الحال عليهما نحو جاء ضاحكا زيد وضربت منطلقة هندا وأما المجرور بالإضافة فقد حكى الإجماع على منع جواز تقديم الحال عليه. قلت هذا المفهوم معطل وإنما خص المجرور بالحرف لأنها هى المسألة التى تعرض النحويون لذكرها فى كتبهم والخلاف فيها مشهور وممن أجاز تقديم الحال فيها على صاحبها الفارسى وابن كيسان وابن برهان ولا يقتضى قوله ولا أمنعه انفراده بالجواز بل هو غير مانع له ويكون فى ذلك تابعا لغيره. وسبق حال مفعول مقدم بأبوا وهو مصدر مضاف إلى الفاعل وما مفعول بسبق وهى واقعة على صاحب الحال والضمير فى أبوا عائد على النحويين وظاهره أنه عائد على جميعهم وليس كذلك، لما تقدم من أن بعضهم أجازه فوجب إعادته على الأكثرين والهاء فى أمنعه عائدة على سبق. ثم قال: ولا تجز حالا من المضاف له … إلّا إذا اقتضى المضاف عمله أو كان جزء ما له أضيفا … أو مثل جزئه فلا تحيفا يعنى أن صاحب الحال لا يكون مضافا إليه إلا فى ثلاثة مواضع: الأول أن يقتضى المضاف العمل فى الحال ومعناه أن يكون جاريا مجرى الفعل فى كونه مصدرا أو اسم فاعل كقوله تعالى: إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً [المائدة: 105] ومثله قوله أعجبنى ضرب هند قائمة وأنا ضارب هند قاعدة فضرب وضارب يقتضيان العمل فى الحال لأن الحال لا يعمل فيها إلا فعل أو ما فى معناه. الثانى أن يكون المضاف جزءا من المضاف إليه كقوله عز وجل: وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْواناً [الحجر: 47] فالصدور بعض ما أضيف إليه. الثالث: أن يكون المضاف مثل جزء المضاف له فى صحة الاستغناء به عن الأول كقوله عز وجل: أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً [النحل: 123] لصحة اتبع إبراهيم فلو كان المضاف إليه غير ما ذكر لم يجز إتيان الحال منه نحو جاء غلام هند قائمة وإنما جاز ذلك فى المواضع المذكورة دون غيرها بناء على أن الحال لا يعمل فيها إلا الفعل أو ما فى معناه وأن العامل فى الحال هو العامل فى صاحبها فإذا كان المضاف مصدرا أو اسم فاعل فلا إشكال فى أنه هو العامل فى صاحب الحال وفى الحال معا وإذا كان المضاف بعض المضاف إليه أو مثل بعضه صار الأول ملغى لصحة الاستغناء عنه وصار العامل فى التقدير عاملا فى المضاف إليه فالهاء

من صدورهم معمولة للاستقرار وإبراهيم معمول لاتبع حالا مفعول بتجز ومن المضاف متعلق بتجز واللام فى له بمعنى إلى فإنّ أضاف متعدّ بإلى وعمله مفعول باقتضى والضمير فيه عائد على الحال لا على المضاف إليه فإن المضاف فى نحو غلام زيد اقتضى العمل فى المضاف إليه وهو جره، وقوله فلا تحيفا أى لا تحل عن الواجب فى ذلك فهو تتميم للبيت لصحة الاستغناء عنه. ثم اعلم أن العامل فى الحال إنما هو فعل أو شبهه أو يتضمن معناه دون لفظه وقد أشار إلى الأول والثانى بقوله: والحال إن ينصب بفعل صرّفا … أو صفة أشبهت المصرّفا فجائز تقديمه كمسرعا … ذا راحل ومخلصا زيد دعا يعنى أن العامل فى الحال إذا كان فعلا متصرفا أو صفة مشبهة به جاز تقديمه على عامله، والمراد بالمتصرف ما استعمل منه الماضى والمضارع والأمر، والمراد بغير المتصرف ما لزم لفظ الماضى، والمراد بالشبيه بالمتصرف أن يكون وصفا قابلا لعلامة الفرعية وهى التثنية والجمع والتأنيث وهو اسم الفاعل واسم المفعول والصفة المشبهة، وغير المشبه به أفعل التفضيل فإنه لا يثنى ولا يجمع ولا يؤنث ثم أتى بمثالين الأول من الصفة المشبهة بالمتصرف وهو قوله مسرعا ذا راحل، فذا مبتدأ وراحل خبره ومسرعا حال من الضمير المستتر فى راحل وهو العائد على المبتدأ والعامل فى الحال راحل وهو صفة أشبهت المتصرف لأنه اسم فاعل والآخر من الفعل وهو قوله: (ومخلصا زيد دعا) فزيد مبتدأ ودعا فعل ماض متصرف وفيه ضمير يعود على زيد ومخلصا حال من ذلك الضمير والعامل فى الحال دعا وهو فعل متصرف وفهم منه أنه إذا كان العامل فعلا غير متصرف أو صفة غير شبيهة بالمتصرف لم يجز التقديم فلا يجوز فى نحو ما أحسن هندا متجردة أن تقول متجردة ما أحسن هندا ولا ما متجردة أحسن هندا وكذلك لا يجوز فى نحو هند أجمل من زيد متجردة هند متجردة أجمل من زيد، وفهم من المثالين أن لكل واحد منهما صورتين إحداهما ما ذكر وهو أن يكون الحال متقدما على ما أسند إليه العامل والأخرى أن يكون الحال متقدما على العامل فقط؛ فمثالهما فى المثال الأول ذا مسرعا راحل وفى المثال الثانى زيد مخلصا دعا، وإنما قصد الصورتين الأوليين للتنبيه على جواز تقديمه على ما أسند إليه فيكون جواز تقديمه على العامل فقط أحرى. والحال مبتدأ وإن ينصب شرط وبفعل متعلق بينصب وصرف فى موضع الصفة لفعل أو صفة معطوف على فعل وأشبهت المصرفا جملة فى موضع الصفة لصفة والفاء جواب الشرط وجائز خبر مقدم وتقديمه مبتدأ. ثم أشار إلى الثالث فقال:

وعامل ضمّن معنى الفعل لا … حروفه مؤخّرا لن يعملا كتلك ليت وكأنّ وندر … نحو سعيد مستقرّا فى هجر يعنى أن العامل فى الحال إذا ضمن معنى الفعل دون حروفه لا يتقدم عليه الحال لضعفه ثم مثل بثلاث كلمات فقال: (كتلك ليت وكأن) فتلك اسم إشارة وفيها معنى الفعل وهو أشير وليس فيها حروف الفعل الذى يفهم منه وليت حرف تمنّ وفيها معنى الفعل وهو أتمنى وكأن حرف تشبيه وفيها معنى الفعل وهو أشبه وفهم من دخول الكاف على تلك أن ذلك مطرد فى أسماء الإشارة كلها فمثال اسم الإشارة تلك هند منطلقة وذلك عمرو ضاحكا، ومثال التمنى ليت عمرا مقيما عندنا، ومثال التشبيه كأنك طالعا البدر فالعامل فى الأول تلك لتضمنها معنى أشير وفى الثانى ليت لتضمنها معنى أتمنى وفى الثالث كأنّ لتضمنها معنى أشبه، وفهم أيضا من الكاف أن ذلك غير محصور فيما ذكر، ومما ضمن معنى الفعل دون حروفه الترجى وحرف التنبيه وما فى الشرط والاستفهام المقصود به التعظيم. ثم قال: (وندر * نحو سعيد مستقرّا فى هجر) هذا أيضا من العوامل التى تضمنت معنى الفعل دون حروفه وهو الظرف وحرف الجر مسبوقين باسم ما الحال له كما فى نحو زيد عندك قاعدا وسعيد فى هجر مستقرا فالعامل فى الحال فى هذين المثالين ونحوهما الظرف والمجرور لنيابتهما مناب استقر أو مستقرا والحال فى هذا المثال الذى ذكر مؤكدة لأن التقدير سعيد استقر فى هجر مستقرا، وإنما فصل هذه المسألة من تلك وما ذكر بعدها وإن كانت مثلها فى تضمن معنى الفعل دون حروفه لأنه قد سمع فيه تقديم الحال على عاملها ولذلك أتى بالحال فى المثال الذى ذكر وهو مستقرا مقدما على عامله وهو فى هجر ومثله قوله عز وجل فى قراءة من قرأ وَالسَّماواتُ مَطْوِيَّات بِيَمِينِهِ [الزمر: 67] بنصب مطويات وممن أجاز تقديم الحال فى مثل هذا الأخفش. وهو فاعل بندر وسعيد وما بعده جملة اسمية وهى محكية بقول محذوف تقديره وهو قولك. ثم قال: ونحو زيد مفردا أنفع من … عمرو معانا مستجاز لن يهن قد تقدم أن أفعل التفضيل غير شبيه بالفعل لكونه غير قابل للعلامة الفرعية فاستحق بذلك أن لا يتقدم عليه الحال لكن له مزية على العوامل الجامدة لوجود لفظ الفعل فيه فاغتفر

توسطه بين حالين كالمثال المذكور. فنحو مبتدأ ومستجاز خبره وزيد مبتدأ خبره أنفع وفى أنفع ضمير مستتر عائد على زيد ومفردا حال من ذلك الضمير ومن عمرو متعلق بأنفع ومعانا حال من عمرو والعامل فيهما أنفع وأصله زيد أنفع فى حال كونه منفردا من عمرو فى حال كونه معانا. وإنما كان أنفع عاملا فى الحالين لأن صاحب الحال وهو الضمير المستتر والمجرور بمن معمولان له والعامل فى الحال هو العامل فى صاحبها، وقوله لن يهن أى لم يضعف وهو خبر بعد خبر. ثم قال: والحال قد يجئ ذا تعدّد … لمفرد فاعلم وغير مفرد يعنى أن الحال قد يجئ متعددا أى متكررا والمراد بالمفرد غير المتكرر وغير المفرد المتكرر فمثال المفرد جاء زيد راكبا ومثال غير المفرد جاء زيد راكبا ضاحكا فالحال قد تعددت مع اتحاد صاحبها. وشمل قوله وغير مفرد ثلاث صور: الأولى أن يكون صاحب الحال متعددا والحال مجتمعة نحو وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دائِبَيْنِ [إبراهيم: 33] الثانية أن يكون بتفريق مع إيلاء كل منهما صاحبه نحو لقيت مصعدا زيدا منحدرا. الثالثة أن يكون بتفريق مع عدم إيلاء كل واحد منهما صاحبه نحو لقيت زيدا مصعدا منحدرا والاختيار فى نحو هذا مع عدم القرينة جعل الأولى للثانية والثانية للأولى فمصعدا فى المثال حال من زيد ومنحدرا حال من التاء فى لقيت. والحال مبتدأ وخبره قد يجئ إلخ، والظاهر فى قد أنها للتحقيق لا للتقليل ولمفرد متعلق بيجئ. ثم اعلم أن الحال على قسمين مبينة وقد تقدمت ومؤكدة وهى قسمان مؤكدة لعاملها ومؤكدة لمضمون الجملة وقد أشار إلى الأول بقوله: وعامل الحال بها قد أكّدا يعنى أن العامل فى الحال قد يؤكد بها فتكون الحال على هذا مؤكدة لعاملها وذلك على قسمين: الأول أن تكون من لفظ عاملها كقوله عز وجل: وَأَرْسَلْناكَ لِلنَّاسِ رَسُولًا [النساء: 79] الثانى أن تكون موافقة لعاملها معنى لا لفظا كقوله تعالى: وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ [البقرة: 60] لأن العثو هو الفساد ولهذا المثال أشار بقوله: فى نحو لا تعث فى الأرض مفسدا فمفسدا حال من الفاعل بتعث المستتر والعامل فيه تعث وهو موافق له فى معناه دون لفظه. ثم أشار إلى القسم الثانى من الحال المؤكدة بقوله:

وإن تؤكّد جملة فمضمر … عاملها ولفظها يؤخّر يعنى أن الحال تجئ مؤكدة للجملة ويجب أن يكون عاملها مضمرا وأن تكون واجبة التأخير مثال ذلك زيد أبوك عطوفا فالعامل فيها واجب الحذف تقديره إن كان المبتدأ غير أنا أحقه أو أعرفه وإن كان أنا حقنى أو أعرفنى، وإنما لم يصح تقديره أعرف أو أحق مع كون المبتدأ أنا لما يؤدى إليه من تعدى فعل الفاعل المضمر المتصل إلى مضمره المتصل، لأن التقدير أعرفنى فيكون الفاعل والمفعول شيئا واحدا مع كونهما ضميرين متصلين وإنما وجب تأخير الحال لأنها مؤكدة للجملة والمؤكد بعد المؤكد. ويشترط فى الجملة المؤكد بها أن تكون اسمية، وأن يكون جزآها معرفتين، وأن يكونا جامدين. وفهم كونها اسمية من قوله جملة بعد ذكر المؤكدة لعاملها والمؤكدة لعاملها فعلية وهذه قسيمتها فوجب أن تكون اسمية وفهم اشتراط كون جزأيها معرفتين من تسميتها مؤكدة لأنه لا يؤكد إلا ما قد عرف وفهم اشتراط كون جزأيها جامدين من قوله: (وإن تؤكد جملة) لأنه لو كان أحد جزأيها مشتقا لكانت مؤكدة لعاملها فتكون من القسم الأول. وإن تؤكد شرط وجوابه فمضمر عاملها ومضمر خبر مقدم وقوله ولفظها يؤخر جملة مستأنفة أفادت حكما غير الأول. ثم اعلم أن الحال على قسمين: مفردة وهو الأصل، وقد تقدم، وجملة. ولما فرغ من القسم الأول شرع فى القسم الثانى فقال: وموضع الحال تجئ جمله يعنى أن الجملة تقع فى موضع غير الحال فيحكم حينئذ عليها أنها فى موضع نصب وشمل قوله جملة الجملة الاسمية والجملة الفعلية. ومثل بالجملة الاسمية فقال: كجاء زيد وهو ناو رحله وموضع ظرف مكان والعامل فيه تجئ أى تجئ الجملة فى موضع الحال. ثم قال: وذات بدء بمضارع ثبت … حوت ضميرا ومن الواو خلت يعنى أن الجملة الواقعة فى موضع الحال إذا كانت فعلية مبدوءة بفعل مضارع مثبت فإنها تحتوى على ضمير عائد على صاحب الحال وتخلو من الواو نحو جاء زيد يضحك وجاء زيد

تقاد الجنائب بين يديه، وإنما لم يقترن الفعل المضارع المذكور بالواو لأنه بمنزلة المفرد لشبه المضارع به فكما لا تدخل الواو على المفرد فتقول قام زيد ضاحكا فكذلك لا تدخل على ما أشبهه وهو المضارع. وذات مبتدأ وهو مؤنث ذو بمعنى صاحب وبمضارع متعلق ببدء وثبت فى موضع الصفة لمضارع وحوت ضميرا فى موضع الخبر لذات وخلت معطوف على حوت ومن الواو متعلق بخلت والجملتان خبران عن ذات. ثم قال: وذات واو بعدها انو مبتدا … له المضارع اجعلنّ مسندا يعنى أن الجملة المصدّرة بالفعل المضارع المثبت إذا وردت فى كلام العرب مقرونة بالواو فليست الجملة حينئذ فعلية بل ينوى بعد الواو مبتدأ ويجعل الفعل المضارع خبرا عن ذلك المبتدأ فتصير الجملة اسمية ومما ورد من ذلك قول العرب قمت وأصك عينيه ومعنى أصك أضرب قال الله تعالى: فَصَكَّتْ وَجْهَها [الذاريات: 29] أى ضربته. وذات منصوب بفعل محذوف يفسره انو ويجوز رفعه على الابتداء وخبره انو وبعدها متعلق بانو والمضارع مفعول أول باجعلن ومسندا مفعول ثان وله متعلق بمسندا والهاء فى بعدها عائدة على الواو والضمير فى له عائد على المبتدأ والتقدير انو بعد الواو الداخلة على المضارع مبتدأ واجعل المضارع مسندا لذلك المبتدأ المنوى. ثم قال: وجملة الحال سوى ما قدّما … بواو أو بمضمر أو بهما يعنى أن الجملة الواقعة حالا إذا كانت سوى ما تقدم يجوز أن تأتى فيها بالواو وحدها نحو جاء زيد والشمس طالعة أو بالضمير دون واو نحو جاء زيد يده على رأسه أو بالضمير والواو معا نحو جاء زيد ويده على رأسه إلا أن قوله: سوى ما قدّما شامل للجملة الاسمية منفية ومثبتة وللجملة الفعلية المصدرة بالماضى مثبتة ومنفية وللجملة الفعلية المبدوءة بالمضارع المنفى وليس على إطلاقه بل فيه تفصيل ذكره الشارح فانظره هنا والعذر له فى إطلاقه أن أكثر هذه الأقسام يجوز فيه الأوجه الثلاثة فاعتمد فى ذلك على الأكثر. وجملة الحال مبتدأ وخبره بواو وما بعده عطف عليه والعامل هنا فى المجرور الواقع خبرا ليس بكون مطلق بل تقديره مستعمل أو جاء وحذف للعلم به وأو للتخيير وسوى استثناء وما موصولة واقعة على الجملة المتعدية. ثم اعلم أن العامل فى الحال قد يكون محذوفا وحذفه على نوعين: جائز وواجب وإلى النوعين أشار بقوله:

التمييز

والحال قد يحذف ما فيها عمل … وبعض ما يحذف ذكره حظل فيحذف جوازا إذا دل عليه دليل لفظى أو حالى فاللفظى كما إذا تقدم ذكره كقولك راكبا لمن قال لك كيف جئت، والحالىّ كقولك للقادم من سفر مبرورا مأجورا أى قدمت، ولك فى هذين ونحوهما أن تذكر العامل فتقول جئت راكبا وقدمت مبرورا، ويحذف وجوبا إذا جرت مثلا كقول العرب حظيين بنات صلفين كنات فحظيين وصلفين حالان والعامل فيهما عرفتهم والحظى اسم الفاعل من حظى المشتق من الحظوة وصلفين من الصلف وهو عدم الحظوة يقال صلفت المرأة صلفا إذا لم تحظ عند زوجها والبنات جمع بنت والكنات جمع كنة وهى زوجة الابن فبنات وكنات منصوبان على التمييز، ومن حذف عامل الحال وجوبا إذا سدت مسد الخبر وتقدم فى الابتداء. والحال مبتدأ وقد يحذف خبره وما مفعول لم يسمّ فاعله وهو واقع على العامل فى الحال والضمير فى فيها عائد على الحال والضمير المستتر فى عمل عائد على ما وبعض مبتدأ وما واقعة على العامل ويحذف صلتها وذكره مبتدأ ثان وخبره حظل والجملة خبر عن بعض، ومعنى حظل: منع. التمييز هو الاسم النكرة المضمن معنى من لبيان ما قبله من الإبهام فى اسم مجمل الحقيقة أو إجمال فى نسبة العامل إلى فاعله أو مفعوله ويقال فيه فى الاصطلاح تمييز ومميز وتفسير ومفسر. قال: اسم بمعنى من مبين نكره … ينصب تمييزا بما قد فسّره قوله (اسم) جنس وبمعنى من يشمل التمييز واسم لا والمفعول الثانى من أستغفر الله ذنبا والمشبه بالمفعول به نحو الحسن الوجه ومبين مخرج لما سوى التمييز والمشبه بالمفعول به ونكرة مخرج للمشبه بالمفعول به وحكم التمييز النصب وهو المنبه عليه بقوله ينصب وفهم من قوله بما قد فسره أن الناصب له ما قبله من الاسم المجمل الحقيقة أو الجملة المجملة النسبة أما الاسم المجمل فلا إشكال فى أنه هو الناصب له وهو متفق عليه وأما الجملة ففيها خلاف فقيل الناصب له الفعل نحو طاب زيد نفسا وما أشبهه نحو زيد طيب نفسا، وقيل

الناصب له الجملة وهو اختيار ابن عصفور ولا ينبغى أن يحمل كلام الناظم على ظاهره فإنه قد نص بعد على أن العامل فى هذا النوع الفعل أو ما أشبهه والعذر له أن التمييز فى هذا النوع لما كان رافعا لإبهام نسبة العامل إلى فاعله أو مفعوله فكأنه قد رفع الإبهام عنه. وقوله اسم خبر مبتدأ مضمر تقديره هو اسم أى المميز اسم وبمعنى من فى موضع الصفة لاسم ومن مضاف إليه ومبين نعت لاسم ونكرة نعت بعد نعت وينصب جملة مستأنفة وتمييزا منصوب على الحال، وبما متعلق بينصب وما موصولة واقعة على العامل وهو المفسر وقد فسره فى موضع الصلة لما والضمير العائد على الموصول الهاء فى فسره وفى فسر ضمير مستتر عائد على التمييز ويجوز أن يكون اسم مبتدأ وينصب إلخ الجملة خبر له والأول أظهر، ثم مثل فقال: كشبر أرضا وقفيز برّا … ومنوين عسلا وتمرا فأتى بثلاثة من المثل. الأول الممسوح وهو شبر أرضا. الثانى المكيل وهو قفيز برا. والثالث الموزون وهو قوله: (ومنوين عسلا وتمرا) وبقى عليه من تمييز المفرد تمييز العدد وسنذكره فى بابه وقوله أرضا تمييز لشبر وبرا تمييز لقفيز وعسلا وتمرا تمييزان لمنوين والمنوان تثنية منا وهو الرطل. ثم قال: وبعد ذى وشبهها اجرره إذا … أضفتها كمدّ حنطة غذا الإشارة بذى إلى ما دل على مساحة أو كيل أو وزن فهم من ذلك أن التمييز بعد العدد لا يجئ بالوجهين وقوله: (إذا أضفتها) أى إذا أضفتها إلى التمييز المنصوب فتقول شبر أرض وقفيز بر ومنوا عسل وتمر وقوله: (كمد حنطة) مبتدأ ومضاف إليه وغذا خبره وهو على حذف القول تقديره كقولك مد حنطة غذا، ثم قال: والنّصب بعد ما أضيف وجبا … إن كان مثل ملء الأرض ذهبا يعنى أن المميز إذا أضيف وجب نصب التمييز وفهم من قوله إن كان مثل ملء الأرض ذهبا أنه لا يجب نصبه إلا إذا كان كالمثال المذكور فى كونه لا يصح إغناؤه من المضاف إليه إذ لا يجوز مثل ملء ذهب فلو صح إغناؤه عنه لم يكن النصب واجبا نحو هو أحسن الناس رجلا إذ يجوز أن تقول هو أحسن رجل على أن هذا المثال الثانى ينصب فيه التمييز ما دام المميز مضافا لكنه صالح للجر بالإضافة عند حذف المضاف إليه بخلاف الأول. والنصب مبتدأ

وبعد متعلق به وما موصولة وصلتها أضيف ووجب خبر المبتدأ وإن كان شرط ومثل خبر كان وملء الأرض مبتدأ خبره محذوف تقديره لى أو نحوه والجملة محكية بقول محذوف تقديره إن كان مثل قولك لى ملء الأرض ذهبا. ثم قال: والفاعل المعنى انصبن بأفعلا … مفضّلا كأنت أعلى منزلا يعنى أن الاسم النكرة إذا وقع بعد أفعل التفضيل وكان فاعلا فى المعنى وجب نصبه على التمييز وعلامة كونه فاعلا فى المعنى أنك إذا صغت من أفعل التفضيل فعلا جعلت ذلك التمييز فاعلا به نحو أنت أعلى منزلا أى علا منزلك وفهم منه أن الواقع بعد أفعل التفضيل إذا لم يكن فاعلا فى المعنى لم ينتصب على التمييز نحو أنت أفضل رجل بل يجب خفضه بالإضافة إلا إذا أضيف أفعل إلى غيره فإنه ينتصب حينئذ نحو أنت أفضل الناس رجلا والفاعل مفعول مقدم بانصبن والمعنى منصوب على إسقاط الخافض أى فى المعنى ولا يصح أن يكون الفاعل مضافا إلى المعنى ومفضلا حال من الفاعل المستتر فى انصبن وأفعل غير منصرف للعلمية والوزن، ثم قال: وبعد كلّ ما اقتضى تعجّبا … ميّز كأكرم بأبى بكر أبا يعنى أن التمييز ينصب بعد ما دل على تعجب ومثل ذلك بقوله أكرم بأبى بكر أبا قال فى شرح الكافية المراد بأبى بكر صاحب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ورضى عن أبى بكر صاحبه وفهم من قوله: (وبعد كل ما اقتضى تعجبا) أن ذلك غير خاص بالصيغتين الموضوعتين للتعجب وهى ما أفعله وأفعل به فدخل فى ذلك ما أفهم التعجب من غير الصيغتين المذكورتين نحو ويله رجلا وويحه إنسانا ولله دره فارسا وحسبك به كافلا ونحو ذلك. ثم قال: واجرر بمن إن شئت غير ذى العدد … والفاعل المعنى قد تقدم أن التمييز على معنى من لكن منه ما يصلح لمباشرتها ومنه ما لا يصلح وكله صالح لمباشرتها إلا نوعين تمييز العدد وما هو فاعل فى المعنى وقد استثناهما فلا يقال فى نحو عندى عشرون درهما عشرون من درهم ولا فى طاب زيد نفسا طاب زيد من نفس. ثم أتى بمثال من الفاعل فى المعنى فقال:

كطب نفسا تفد فنفسا تمييز وهو فاعل فى المعنى لأن التقدير لتطب نفسك وغير مفعول باجرر وبمن متعلق باجرر والفاعل مجرور عطفا على ذى والموصوف بذى محذوف وكذلك بالفاعل والمعنى منصوب على إسقاط فى وإن شئت شرط محذوف الجواب لدلالة ما تقدم عليه والتقدير إن شئت فاجرر بمن غير التمييز صاحب العدد وغير التمييز الفاعل فى المعنى. ثم قال: وعامل التّمييز قدّم مطلقا … والفعل ذو التّصريف نزرا سبقا يعنى أن العامل فى التمييز يجب تقديمه عليه فيلزم وجوب تأخير التمييز وقوله مطلقا أى سواء كان اسما أو فعلا أما إذا كان اسما فلا يتقدم عليه بالإجماع نحو عندى عشرون درهما فالعامل فى درهما عشرون فلا يجوز عندى درهما عشرون وأما إذا كان فعلا فإن كان الفعل غير متصرف فلا يجوز أيضا تقديمه عليه نحو ما أكرمك أبا ونعم رجلا زيد وإن كان متصرفا ففى تقديم التمييز عليه خلاف والمشهور منع تقديمه وهو مذهب سيبويه وأجاز قوم تقديمه منهم المازنى والمبرد وتبعهم الناظم فى غير هذا النظم، وظاهر قوله نزرا سبقا أن له مذهبا ثالثا وهو جواز تقديمه بقلة ولم يقل به أحد ومن شواهد تقديمه قوله: - ولست إذا ذرعا أضيق بضارع … ولا يائس عند التعسّر من يسر (¬85) وأبيات أخر منها: - أنفسا تطيب بنيل المنى … وداعى المنون ينادى جهارا (¬86) وعامل التمييز مفعول مقدم ومطلقا حال من فاعل التمييز والفعل مبتدأ وذو التصريف نعت له والخبر فى سبق ونزرا حال من الضمير المستتر فى سبق. ¬

_ (¬85) البيت من الطويل، وهو بلا نسبة فى المقاصد النحوية 3/ 233. والشاهد فيه تقديم التمييز، وهو قوله: «ذرعا» على عامله وهو قوله: «أضيق» وهذا التقديم قليل. (¬86) البيت من المتقارب، وهو لرجل من طيّئ فى شرح التصريح 1/ 400، وشرح عمدة الحافظ ص 477، وبلا نسبة فى أوضح المسالك 2/ 372، وشرح الأشمونى 1/ 296، وشرح شواهد المغنى 2/ 862، ومغنى اللبيب 2/ 463، والمقاصد النحوية 3/ 241. والشاهد فيه قوله: «أنفسا تطيب» حيث قدم التمييز على عامله، وهذا نادر عند سيبويه والجمهور، وقياسىّ عند الكسائى والمبرد.

حروف الجر

حروف الجر هاك حروف الجر وهى من إلى … حتّى خلا حاشا عدا فى عن على مذ منذ ربّ اللام كى واو وتا … والكاف والبا ولعلّ ومتى ذكر فى هذين البيتين عشرين حرفا وهى كلها متساوية فى جر الاسم، وقد ذكر بعد معنى كل واحد منها وما يختص بها إلا خلا وحاشا وعدا، فإنه قد تقدم الكلام فيها فى باب الاستثناء، وأما كى ولعل ومتى فإنه لم يذكرها البتة لغرابة الجر بها أما كى فتجر ما الاستفهامية قالوا كيمه بمعنى لمه وما المصدرية مع صلتها نحو قوله: - إذا أنت لم تنفع فضرّ فإنما … يراد الفتى كيما يضر وينفع (¬87) وأن المصدرية فى قوله: - فقالت أكلّ الناس أصبحت مانحا … لسانك كيما أن تغرّ وتخدعا (¬88) وهى فى هذه المواضع كلها بمعنى اللام ويطرد جرها لأن المصدرية ولذلك أجازوا فى ¬

_ (¬87) ويروى البيت: إذا أنت لم تنفع فضرّ فإنّما … يرجّى الفتى كيما يضرّ وينفعا والبيت من الطويل، وهو للنابغة الجعدى فى ملحق ديوانه ص 246، وله أو للنابغة الذبيانى فى شرح شواهد المغنى 1/ 507، وللنابغة الجعدى أو للنابغة الذبيانى أو لقيس بن الخطيم فى خزانة الأدب 8/ 498، والمقاصد النحوية 4/ 245، ولقيس بن الخطيم فى ملحق ديوانه ص 235، وكتاب الصناعتين ص 315، وللنابغة الذبيانى فى شرح التصريح 2/ 3، والمقاصد النحوية 4/ 379، وبلا نسبة فى أوضح المسالك 3/ 10، وتذكرة النحاة ص 609، والجنى الدانى ص 262، والحيوان 3/ 76، وخزانة الأدب 7/ 105، وشرح الأشمونى 2/ 283، وشرح عمدة الحافظ 266، ومغنى اللبيب 1/ 182، وهمع الهوامع 1/ 5، 31. والشاهد فيه قوله: «كيما يضر وينفع» دخلت «ما» المصدرية على «كى» دون أن تكفها عن العمل لأنها غير كافة حينا. (¬88) البيت من الطويل، وهو لجميل بثينة فى ديوانه ص 108، وخزانة الأدب 8/ 481، 482، 483، 488، والدرر 4/ 67، وشرح التصريح 2/ 3، 231، وشرح المفصل 9/ 14، 16، وله أو لحسان بن ثابت فى شرح شواهد المغنى 1/ 508، وبلا نسبة فى أوضح المسالك 3/ 11، وخزانة الأدب ص 125، وجواهر الأدب ص 125، والجنى الدانى ص 262، ورصف المبانى ص 217، وشرح الأشمونى 2/ 283، وشرح التصريح 2/ 30، وشرح شذور الذهب ص 373، وشرح عمدة الحافظ ص 267، ومغنى اللبيب 1/ 183، وهمع الهوامع 2/ 5. والشاهد فيه ظهور «أن» المصدرية بعد «كى» وذلك دليل على أمرين: الأول أنّ «كى» دالة على التعليل، وليست حرفا مصدريا، والثانى أنّ «كى» التعليلية تقدر بعدها «أن» إذا لم تكن موجودة.

نحو جئتك كى تكرمنى أن تكون كى حرف جر وأن مقدرة بعدها وأن تكون مصدرية واللام مقدرة قبلها، وأما لعل فإن الجر بها وارد فى كلام العرب خلافا لمن أنكره كقوله: - لعلّ الله فضّلكم علينا … بشيء إن أمّكم شريم (¬89) وأما متى فهى فى لغة هذيل بمعنى من ومنه قولهم أخرجها متى كمه أى من كمه. وهاك اسم فعل بمعنى خذ ولم يذكر الجوهرى ولا الزبيدى فى ها إلا التنبيه وزاد الجوهرى الزجر فهى عندهما حرف فقط وقد ذكرها ابن مالك فى التسهيل من أسماء الأفعال بمعنى خذ وحروف الجر مفعول به وهى مبتدأ وخبره من إلى إلى آخر البيتين وكل ما بعد من معطوف عليه على إسقاط العاطف. ثم إن من حروف الجر ما يختص بالظاهر وهى سبعة أحرف وقد أشار إليها بقوله: بالظّاهر اخصص منذ مذ وحتّى … والكاف والواو وربّ والتّا يعنى أن هذه الحروف السبعة لا تدخل على الضمير بل على الظاهر فقط نحو مذ يومين وحتى مطلع الفجر وزيد كعمرو وحياتك ورب رجل وتالله وفهم منه أن ما عدا هذه السبعة من حروف الجر يدخل على الظاهر والمضمر. ومنذ مفعول باخصص وما بعده معطوف عليه وبالظاهر متعلق باخصص ثم إن هذه الأحرف السبعة منها ما يختص اختصاصا آخر زائدا على الاختصاص بالظاهر وهى أربعة وقد أشار إليها بقوله: واخصص بمذ ومنذ وقتا وبربّ … منكّرا والتاء لله وربّ يعنى أن مذ ومنذ لا يكون الظاهر الذى يدخلان عليه إلا وقتا يعنى اسم زمان نحو مذ يومنا ومنذ يوم الجمعة وأن رب لا يكون الظاهر الذى تدخل عليه إلا نكرة نحو رب رجل وأن التاء لا يكون الظاهر الذى تدخل عليه إلا لفظ الله ولفظ رب نحو تالله وحكى تربّ الكعبة إلا أن دخولها على لفظ الله أكثر من دخولها على رب وفهم منه أن ما بقى من الأحرف السبعة ¬

_ (¬89) البيت من الوافر، وهو بلا نسبة فى أوضح المسالك 3/ 7، والجنى الدانى ص 584، وجواهر الأدب ص 403، وخزانة الأدب 10/ 422، 423، 430، ورصف المبانى ص 375، وشرح الأشمونى 2/ 284، وشرح التصريح 2/ 2، وشرح ابن عقيل ص 351، وشرح قطر الندى ص 249، والمقاصد النحوية 3/ 247، والمقرب 1/ 193. والشاهد فيه قوله: «لعلّ الله» حيث جاءت «لعلّ» حرف جر على لغة عقيل.

المختصة بالظاهر تدخل على الظاهر مطلقا. ووقتا مفعول باخصص وبمذ متعلق باخصص ومنكرا معطوف على وقت وبرب معطوف على بمذ والتاء مبتدأ وخبره لله ورب معطوف على لله وقوله: وما رووا من نحو ربّه فتى … نزر كذا كها، ونحوه أتى لقد تقدم أن رب والكاف من الأحرف المختصة بالظاهر وأشار فى هذا البيت إلى أنهما قد يدخلان على المضمر قليلا ومنه قول العرب ربه رجلا وقول الشاعر: - خلى الذنابات شمالا كثبا … وأم أو عال كها أو أقربا (¬90) وفهم من المثال أن المضمر الذى يدخلان عليه لا يكون إلا ضمير غائب وقوله ونحوه أى ونحو كها ويحتمل وجهين أحدهما أن يكون المراد ونحوه من ضمير الغائب كهو وهن وكقوله: - فلا ترى بعلا ولا حلائلا … كه ولا كهنّ إلا حاظلا (¬91) فيكون الضمير على هذا عائدا على ها والآخر أن يكون المراد نحو ذلك أى من دخول الأحرف المختصة بالظاهر على الضمير كقوله: - فلا والله ما يلفى أناس … فتى حتّاك يا ابن أبى زياد (¬92) فأدخل حتى على الضمير وهى من الأحرف المختصة بالظاهر. وما مبتدأ وهى موصولة ورووا صلتها والضمير فى رووا عائد على النحويين والضمير العائد من الصلة إلى الموصول ¬

_ (¬90) الرجز للعجاج فى ملحق ديوانه 2/ 269، وأوضح المسالك 3/ 16، وجمهرة اللغة ص 61، وخزانة الأدب 10/ 195، 196، وشرح أبيات سيبويه 2/ 95، وشرح شواهد الشافية ص 345، والكتاب 2/ 384، ومعجم ما استعجم ص 212، والمقاصد النحوية 3/ 253، وبلا نسبة فى شرح الأشمونى 2/ 286، وشرح ابن عقيل ص 356، وشرح المفصل 8/ 16، 42، 44. والشاهد فيه قوله: «كها» حيث دخلت الكاف على الضمير ضرورة، تشبيها لها بلفظ «مثل» لأنها فى معناها. (¬91) الرجز لرؤبة فى ديوانه ص 128، وخزانة الأدب 10/ 195، 196، والدرر 5/ 268، 4/ 152، وشرح أبيات سيبويه 2/ 163، وشرح التصريح 2/ 4، والمقاصد النحوية 3/ 256، وللعجاج فى الكتاب 2/ 384، وليس فى ديوانه، وبلا نسبة فى أوضح المسالك 3/ 18، وجواهر الأدب ص 124، ورصف المبانى ص 204، وشرح الأشمونى 2/ 286، وشرح ابن عقيل ص 357، وشرح عمدة الحافظ ص 269، وهمع الهوامع 2/ 30. والشاهد فيه قوله: «كه» و «كهن» حيث جر الضمير فى الموضعين، بالكاف للضرورة الشعرية. (¬92) البيت من الوافر، وهو بلا نسبة فى الجنى الدانى ص 544، وجواهر الأدب ص 408، وخزانة الأدب 9/ 474، 475، والدرر 4/ 111، ورصف المبانى ص 185، وشرح الأشمونى 2/ 286، وشرح ابن عقيل ص 355، والمقاصد النحوية 3/ 265، والمقرب 1/ 194، وهمع الهوامع 2/ 23. والشاهد فيه قوله: «حتاك» حيث جرت «حتى» الضمير وهذا لا يكون إلا فى الضرورة الشعرية.

محذوف تقديره رووه ونزر خبر المبتدأ وكها مبتدأ خبره كذا ونحوه أتى مبتدأ وخبر. ثم شرع فى معانى حروف الجر وبدأ بمن فقال: بعّض وبيّن وابتدئ فى الأمكنه … بمن وقد تأتى لبدء الأزمنه وزيد فى نفى وشبهه فجرّ * … نكرة فذكر لمن خمسة معان: الأول التبعيض كقوله تعالى: فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ [البقرة: 253] الثانى التبيين كقوله تعالى: فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثانِ [الحج: 30] وعلامته أن يصح تقدير الذى فى موضعها أى فاجتنبوا الرجس الذى هو الأوثان. الثالث ابتداء الغاية فى المكان نحو خرجت من المسجد. الرابع ابتداء الغاية فى الزمان كقوله: من أول يوم أحق أن تقوم فيه، وفهم من قوله وقد تأتى أن إتيانها لابتداء الغاية فى الزمان قليل وهو مختلف فيه ومذهب الأخفش والكوفيين أنها تكون لابتداء الغاية مطلقا وهو اختيار الناظم قال فى شرح الكافية وهو الصحيح لصحة السماع بذلك. الخامس الزيادة ويشترط فى زيادتها أن تكون بعد نفى أو شبهه وهو المنبه عليه بقوله: (وزيد فى نفى وشبهه)، وشبه النفى الاستفهام نحو هل من خالق غير الله والنهى نحو لا يقم من أحد وأن يكون مجرورها نكرة وهو المنبه عليه بقوله فجر نكرة. ثم أتى بمثال زيادتها بعد النفى فقال: كما لباغ من مفرّ فما نفى ومن زائدة فى المبتدأ ولباغ خبره وقوله بمن متعلق بابتدئ وهو مطلوب له ولبعض وبين فهو من باب التنازع وفى الأمكنة متعلق بابتدئ وقد تأتى جملة مستأنفة ولبدء متعلق بتأتى. ثم قال: للانتها حتّى ولام وإلى يعنى أن هذه الأحرف الثلاثة مستوية فى الدلالة على الانتهاء إلا أن دلالة إلى على الانتهاء أكثر ثم حتى ثم اللام فمثال إلى كلّ يجرى إلى أجل مسمى ومثال حتى فَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ [الصافات: 174] ومثال اللام كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى [الرعد: 2]. ثم قال:

ومن وباء يفهمان بدلا يعنى أن من والباء مستويان فى الدلالة على البدل فمثال من قوله تعالى: وَلَوْ نَشاءُ لَجَعَلْنا مِنْكُمْ مَلائِكَةً فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ [الزخرف: 60] ومثال الباء قوله صلّى الله عليه وسلّم فى عائشة رضى الله عنها «لا يسرنى بها حمر النعم» أى بدلها ومن مبتدأ وباء معطوفة عليها ويفهمان بدلا فى موضع الخبر. ثم قال: واللّام للملك وشبهه وفى … تعدية أيضا وتعليل قفى وزيد قد تقدم هناك أن اللام تكون للانتهاء وقد ذكر لها هنا خمسة معان: الأول الملك نحو المال لزيد الثانى شبه الملك نحو السرج للفرس الثالث التعدية نحو فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا [مريم: 5] الرابع التعليل نحو جئت لإكرامك الخامس الزيادة وزيادتها لتقوية العامل لضعفه بالتأخير نحو إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّءْيا تَعْبُرُونَ [يوسف: 43] أو لكونه فرعا كقوله تعالى: فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ [هود: 107] وقد تزاد لغير ذلك كقوله تعالى: رَدِفَ لَكُمْ [النمل: 72]. وقوله واللام للملك مبتدأ وخبر وشبهه معطوف على الملك وفى تعدية متعلق بقفى أى تبع وتعليل معطوف على تعدية وزيد فعل ماض مبنى للمفعول وفيه ضمير مستتر عائد على اللام. ثم قال: والظّرفيّة استبن ببا … وفى وقد يبيّنان السّببا يعنى أن الباء وفى يشتركان فى الدلالة على الظرفية والسببية فمثال دلالة الباء على الظرفية قوله تعالى: وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ (137) وَبِاللَّيْلِ [الصافات: 137، 138] ومثال دلالتها على السببية قوله تعالى: فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ [النساء: 160] ومثال دلالة فى على الظرفية زيد فى المسجد ومثال دلالة فى على السببية قوله تعالى لَمَسَّكُمْ فِيما أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذابٌ عَظِيمٌ [النور: 14] والظرفية فى فى أكثر والسببية فى الباء أكثر وفهم من قوله وقد يبينان السببا أن دلالتهما على السببية قليل. والظرفية مفعول مقدم باستبن وببا متعلق باستبن وفى معطوف على ببا وقد يبينان جملة مستأنفة. ثم قال: بالبا استعن وعدّ عوّض ألصق … ومثل مع ومن وعن بها انطق

قد تقدم أن الباء تكون للظرفية والسببية والبدل وذكر لها فى هذا البيت أيضا سبعة معان الأول الاستعانة نحو كتبت بالقلم الثانى التعدية وهى المعاقبة لهمزة التعدية نحو ذهبت بزيد أى أذهبته ومثله قوله عز وجل: وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ [البقرة: 20] أى لأذهب سمعهم الثالث العوض وهى الداخلة على الأثمان نحو اشتريت الفرس بألف الرابع الإلصاق نحو وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ [المائدة: 6] الخامس معنى مع نحو قَدْ جاءَكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ [النساء: 170] أى مع الحق السادس معنى من يعنى التى للتبعيض كقوله تعالى: عَيْناً يَشْرَبُ بِها عِبادُ اللَّهِ [الإنسان: 6] السابع معنى عن كقوله تعالى: وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّماءُ بِالْغَمامِ [الفرقان: 25]. وبالبا متعلق باستعن ويطلبه عدّ وعوّض فهو من باب التنازع ومثل حال من الضمير فى بها وهو مضاف لمع، ومن وعن معطوفان عليه والتقدير انطق بالباء فى حال كونها مماثلة فى المعنى لمع ومن وعن. ثم قال: على للاستعلا ومعنى فى وعن ذكر لعلى ثلاثة معان: الأول الاستعلاء وهو أصلها ويكون حسيا كقولك ركبت على الفرس ومعنويا كقوله: - قد استوى بشر على العراق الثانى معنى فى كقوله تعالى: وَاتَّبَعُوا ما تَتْلُوا الشَّياطِينُ عَلى مُلْ (¬93) كِ سُلَيْمانَ [البقرة: 102] الثالث معنى عن كقوله: - إذا رضيت علىّ بنو قشير … لعمر الله أعجبنى رضاها (¬94) ¬

_ (¬93) الرجز بلا نسبة فى رصف المبانى ص 507، ولسان العرب 14/ 414 (سوا). والشاهد فيه قوله: «قد استوى بشر على العراق» حيث أفادت «على» العلو مجازا، والمعنى: استولى وقهر. (¬94) البيت من الوافر، وهو للقحيف العقيلى فى أدب الكاتب ص 507، والأزهية ص 277، وخزانة الأدب 10/ 132، 133، والدرر 4/ 135، وشرح التصريح 2/ 14، وشرح شواهد المغنى 1/ 416، ولسان العرب 14/ 323 (رضى)، والمقاصد النحوية 3/ 282، ونوادر أبى زيد ص 176، وبلا نسبة فى الأشباه والنظائر 2/ 118، والإنصاف 2/ 630، وأوضح المسالك 3/ 41، وجمهرة اللغة ص 1314، والجنى الدانى ص 477، والخصائص 2/ 311، 389، ورصف المبانى ص 372، وشرح الأشمونى 2/ 294. وشرح شواهد المغنى 2/ 954، وشرح ابن عقيل ص 365، وشرح المفصل 1/ 120، ولسان العرب 15/ 444 (يا)، والمحتسب 1/ 52، 348، ومغنى اللبيب 2/ 143، والمقتضب 2/ 320، وهمع الهوامع 2/ 28. والشاهد فيه قوله: «رضيت علىّ» حيث جاءت «على» بمعنى «عن».

وعلى مبتدأ خبره للاستعلاء ومعنى معطوف على للاستعلاء وهو مضاف إلى فى وعن. ثم قال: بعن تجاوزا عنى من قد فطن … وقد تجى موضع بعد وعلى ذكر لعن ثلاثة معان الأول التجاوز وهو أصلها كقولك رميت عن القوس وأخذت عن زيد وفهم ذلك من قوله: عنى من قد فطن. الثانى معنى بعد كقوله تعالى: لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ [الانشقاق: 19] أى بعد طبق. الثالث معنى على كقول الشاعر: - لاه ابن عمك لا أفضلت فى حسب … عنى ولا أنت ديّانى فتخزونى (¬95) وفهم من قوله وقد تجى أن إتيانها بمعنى بعد وعلى قليل وقوله: كما على موضع عن قد جعلا تتميم للبيت فإنه قد سبق فى البيت الذى قبله أن على تجئ بمعنى عن إلا أن فيه إشارة للحمل والمعادلة وتجاوزا مفعول مقدم بعنى وبعن متعلق بعنى وموضع منصوب على الظرفية وهو متعلق بتجى وبعد مضاف إليه. ثم قال: شبّه بكاف وبها التّعليل قد … يعنى وزائدا لتوكيد ورد ذكر للكاف ثلاثة معان الأول التشبيه وهو أصلها وأكثر معانيها نحو زيد كعمرو الثانى التعليل وهو المشار إليه بقوله: (وبها التعليل قد يعنى) كقوله تعالى: وَاذْكُرُوهُ كَما هَداكُمْ [البقرة: 198] أى لأجل هدايته لكم وفهم من قوله قد يعنى أن إتيانها للتعليل قليل. الثالث ¬

_ (¬95) البيت من البسيط، وهو لذى الإصبع العدوانى فى أدب الكاتب ص 513، والأزهية ص 279، وإصلاح المنطق ص 373، والأغانى 3/ 108، وأمالى المرتضى 1/ 252، وجمهرة اللغة ص 596، وخزانة الأدب 7/ 173، 177، 184، 186، والدرر 4/ 143، وسمط اللآلى ص 289، وشرح التصريح 2/ 15، وشرح شواهد المغنى 1/ 430، ولسان العرب 11/ 525 (فضل) 13/ 167، 170 (دين)، 295، 296 (عنن)، 539 (لوه)، 14/ 226 (خزا)، والمؤتلف والمختلف ص 118، ومغنى اللبيب 1/ 147، والمقاصد النحوية 3/ 286، ولكعب الغنوى فى الأزهية ص 97، وبلا نسبة فى الأشباه والنظائر 1/ 263، 2/ 121، 303، والإنصاف 1/ 394، وأوضح المسالك 3/ 43، والجنى الدانى ص 246، وجواهر الأدب ص 323، وخزانة الأدب 10/ 124، 344، والخصائص 2/ 288، ورصف المبانى ص 254، 368، وشرح الأشمونى 2/ 215، وشرح ابن عقيل ص 364، وشرح المفصل 8/ 53، وهمع الهوامع 2/ 29. والشاهد فيه قوله: «عنّى» حيث وردت «عن» بمعنى «على» دلّ على ذلك قوله: «أفضلت» الذى يتعدى ب «على».

زيادتها للتأكيد وهو المشار إليه بقوله: (وزائدا لتوكيد ورد) كقوله عز وجل: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ [الشورى: 11] أى ليس مثله شئ والتعليل مبتدأ وخبره قد يعنى وبها متعلق بيعنى وزائدا نصب على الحال من الضمير المستتر فى ورد ولتوكيد متعلق بزائدا. واستعمل اسما وكذا عن وعلى … من أجل ذا عليهما من دخلا واعلم أن من حروف الجر ما يخرج عن الحرفية ويستعمل اسما وذلك خمسة أحرف أشار إلى ثلاثة منها بقوله: (واستعمل اسما وكذا عن وعلى) يعنى أن كاف التشبيه يستعمل اسما فقيل فى الضرورة وهو مذهب سيبويه كقوله: - ورحنا بكابن الماء يجنب وسطنا … تصوّب فيه العين طورا وترتقى (¬96) وقيل فى الاختيار وهو مذهب الأخفش وإليه ذهب المصنف وذلك أطلق فى قوله واستعمل اسما وأن عن وعلى أيضا يستعملان اسمين وقد أشار إليهما بقوله وكذا عن وعلى أى وكذلك أيضا يستعمل عن وعلى اسمين كما استعمل كاف التشبيه اسما ثم علل استعمالهما اسمين بقوله: (من أجل ذا عليهما من دخلا) أى من أجل استعمالهما اسمين دخل عليهما من لأن حرف الجر لا يدخل على الحرف وإنما يدخل على الاسم، فمن دخول من على عن قوله: - فقلت للرّكب لما أن علا بهم … من عن يمين الحبيّا نظرة قبل (¬97) ومن دخولها على على قوله: - غدت من عليه بعد ما تم ظمؤها … تصلّ وعن قيض بزيزاء مجهل (¬98) ¬

_ (¬96) البيت من الطويل، وهو لامرئ القيس فى ديوانه ص 176، وأدب الكاتب ص 505، ولسان العرب 9/ 312 كوف)، وبلا نسبة فى خزانة الأدب 10/ 167، 171، ورصف المبانى ص 196. والشاهد فيه قوله: «بكابن» حيث جاءت الكاف اسما مجرورا بالباء. (¬97) البيت من البسيط وهو للقطامى فى ديوانه ص 28، وأدب الكاتب ص 504، وشرح المفصل 8/ 41، ولسان العرب 13/ 295 (عنن)، 14/ 163 (حبا)، والمقاصد النحوية 3/ 297، وبلا نسبة فى أسرار العربية ص 55، والجنى الدانى ص 243، وجواهر الأدب ص 322، ورصف المبانى ص 367، والمقرب 1/ 195. والشاهد فيه قوله: «من عن يمين الحبيّا» حيث جاءت «عن» اسما بمعنى: جانب. (¬98) البيت من الطويل، وهو لمزاحم العقيلى فى أدب الكاتب ص 504، والأزهية ص 194، وخزانة الأدب 10/ 147، 150، والدرر 4/ 187، وشرح التصريح 2/ 19، وشرح شواهد الإيضاح ص 230، وشرح شواهد المغنى 1/ 225، وشرح المفصل 8/ 38، ولسان العرب 11/ 383 (صلل)، 15/ 88 (علا)، والمقاصد النحوية 3/ 301، ونوادر أبى زيد ص 163، وبلا نسبة فى أسرار العربية ص 103، والأشباه والنظائر 3/ 12، وأوضح المسالك 3/ 58، وجمهرة اللغة ص 1314، والجنى الدانى ص 470، وجواهر الأدب ص 375، وخزانة الأدب 6/ 535، ورصف المبانى ص 371، وشرح الأشمونى 2/ 296، وشرح ابن عقيل ص 367، =

ومعنى عن جانب وعلى فوق. واسما حال من الضمير المستتر فى استعمل العائد على كاف التشبيه وعن وعلى مبتدآن خبرهما كذا ومن مبتدأ ودخلا فى موضع خبره ومن أجل متعلق بدخل وكذا عليهما ثم أشار إلى الرابع والخامس مما يستعمل اسما بقوله: ومذ ومنذ اسمان حيث رفعا … أو أوليا الفعل كجئت مذ دعا يعنى أن مذ ومنذ يكونان اسمين فى موضعين الأول أن يرتفع ما بعدهما نحو مذ يوم الجمعة ومنذ يومان وفهم من قوله حيث رفعا أن مذ ومنذ عنده مبتدآن لإسناد الرفع إليهما لأن المبتدأ رافع للخبر وهو أحد المذاهب فيهما خلافا لمن قال إنهما خبران. الثانى أن يليهما فعل نحو أتيتك مذ قام زيد ومنذ دعا عمرو، وفهم من قوله أو أوليا الفعل أنهما ظرفان مضافان إلى الجملة الفعلية خلافا لمن قال هما مبتدآن مقدر بعدهما زمان هو خبر لهما. ومذ ومنذ مبتدأ ومعطوف عليه واسمان خبر وحيث ظرف مضاف لرفع والعامل فى الظرف اسمان لأنه فى معنى محكوم باسميتهما وأوليا معطوف على رفعا والفعل ثان لأوليا. ثم قال: وإن يجرّا فى مضىّ فكمن … هما وفى الحضور معنى فى استبن بين فى هذا البيت معنى مذ ومنذ إذا كانا حرفين فقال معناهما معنى من إذا كان المجرور بهما ماضيا نحو ما رأيته مذ يوم الجمعة أى من يوم الجمعة ومعنى فى إذا كان المجرور بهما حاضرا نحو ما رأيته مذ يومنا أى فى يومنا. وإن يجرّا شرط وفى مضى متعلق بيجرّا والفاء جواب الشرط وهما مبتدآن وخبره كمن أى فهما كمن ومعنى مفعول مقدم باستبن مضاف إلى فى، وفى الحضور متعلق باستبن ولا بد من تقدير بهما فيكون التقدير استبن بهما أى اطلب بهما أى بمذ ومنذ فى الحضور معنى فى. ثم اعلم أن من حروف الجر ما يزاد بعده ما، وذلك خمسة أحرف أشار إلى ثلاثة منها بقوله: وبعد من وعن وباء زيد ما … فلم تعق عن عمل قد علما فزيادتها بعد من نحو قوله عز وجل: مِمَّا خَطِيئاتِهِمْ [نوح: 25] وبعد عن عما قليل ¬

_ = والكتاب 4/ 231، ومجالس ثعلب ص 304، ومغنى اللبيب 1/ 146، 2/ 532، والمقتضب 3/ 53، والمقرب 1/ 196، وهمع الهوامع 2/ 36. والشاهد فيه قوله: «من عليه» حيث جاءت «على» اسما مجرورا ب «من».

وبعد الباء فبما رحمة من الله. وقوله فلم تعق أى لم تمنع عملها كما فى المثل وما مفعول مقدم لم يسم فاعله بزيد وبعد متعلق بزيد وفى تعق ضمير مستتر عائد على ما وعن متعلق بتعق. ثم أشار إلى الرابع والخامس مما تلحقهما فقال: وزيد بعد ربّ والكاف فكفّ … وقد تليهما وجرّ لم يكفّ يعنى أن «ما» تزاد أيضا بعد رب والكاف، فتارة تكفهما عن العمل كقوله عز وجل: رُبَما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا [الحجر: 2] وكقول الشاعر: - لعمرك إننى وأبا حميد … كما النشوان والرجل الحكيم (¬99) وتارة لا تكفهما كقوله: - ربما ضربة بسيف صقيل … بين بصرى وطعنة نجلاء (¬100) وقوله: - وننصر مولانا ونعلم أنه … كما الناس مجروم عليه وجارم (¬101) وفهم من قوله: وقد تليهما أن عملهما قليل وقد صرح به فى الكافية. ثم قال: وحذفت ربّ فجرّت بعد بل … والفا وبعد الواو شاع ذا العمل يعنى أن رب تحذف ويبقى عملها وذلك بعد بل ومثاله: ¬

_ (¬99) البيت من الوافر، وهو لزياد الأعجم فى ديوانه ص 97، والجنى الدانى ص 481، وشرح شواهد المغنى ص 501، والمقاصد النحوية 3/ 348، وبلا نسبة فى مغنى اللبيب 1/ 178. والشاهد فيه قوله: «كما النشوان» حيث كفّت «ما» الكاف عن الجرّ. ويروى: وأعلم أننى وأبا حميد … كما النشوان والرجل الحليم (¬100) البيت من الخفيف، وهو لعدى بن الرعلاء فى الأزهية ص 82، 94، والاشتقاق ص 486، والأصمعيات ص 152، والحماسة الشجرية 1/ 194، وخزانة الأدب 9/ 582، 585، والدرر 4/ 205، وشرح التصريح 2/ 21، وشرح شواهد المغنى ص 725، ومعجم الشعراء ص 252، والمقاصد النحوية 3/ 342، وبلا نسبة فى جمهرة اللغة ص 492، وجواهر الأدب ص 369، وأوضح المسالك 3/ 65، والجنى الدانى ص 456، ورصف المبانى ص 194، 316، وشرح الأشمونى 2/ 299، ومغنى اللبيب ص 137، وهمع الهوامع 2/ 38. (¬101) البيت من الطويل، وهو لعمرو بن براقة فى أمالى القالى 2/ 122، والدرر 4/ 210، وسمط اللآلى ص 749، وشرح التصريح 2/ 21، وشرح شواهد المغنى 1/ 202، 500، 2/ 725، 778، والمؤتلف والمختلف ص 67، والمقاصد النحوية 3/ 332، وبلا نسبة فى أوضح المسالك 3/ 97، والجنى الدانى ص 166، 482، وجواهر الأدب ص 133، وخزانة الأدب 10/ 207، والدرر 6/ 81، وشرح الأشمونى 2/ 299، وشرح ابن عقيل ص 371، ومغنى اللبيب 1/ 65، وهمع الهوامع 2/ 38، 130. والشاهد فيه قوله: «كما الناس» حيث زيدت «ما» بعد الكاف دون أن تكفها عن عمل الجر.

- بل بلد ملء الفجاج قتمه (¬102) وبعد الفاء كقوله: - فمثلك حبلى قد طرقت ومرضع (¬103) وبعد الواو كقوله: - وليل كموج البحر أرخى سدوله (¬104) وفهم من قوله: (وبعد الواو شاع ذا العمل) أن ذلك بعد بل والفاء غير شائع وهو مفهوم صحيح وإعراب البيت واضح. ثم قال: وقد يجرّ بسوى ربّ لدى … حذف وبعضه يرى مطّردا يعنى أن حذف حرف الجر وإبقاء عمله فيما سوى رب من حروف الجر على قسمين: غير مطرد وهو المشار إليه بقوله: (وقد يجرّ) ففهم منه التقليل، وفهم من التعليل عدم الاطراد، ومنه قوله: ¬

_ (¬102) الرجز لرؤبة فى ديوانه ص 150، والدرر 1/ 114، 4/ 194، وشرح شواهد الإيضاح ص 376، 431، 440، وشرح شواهد المغنى 1/ 347، ولسان العرب 11/ 654 (ندل)، 12/ 111 (جهرم)، والمقاصد النحوية 3/ 335، وبلا نسبة فى الإنصاف ص 225، وجواهر الأدب ص 529، ورصف المبانى ص 156، وشرح الأشمونى 2/ 299، وشرح شذور الذهب ص 417، وشرح ابن عقيل ص 373، وشرح عمدة الحافظ ص 273، وشرح المفصل 8/ 105، ومغنى اللبيب 1/ 112، وهمع الهوامع 2/ 36. والشاهد فيه قوله: «بل بلد» حيث جرّ قوله: «بلد» ب «رب» المحذوفة بعد «بل». (¬103) عجزه: فألهيتها عن ذى تمائم مغيل والبيت من الطويل، وهو لامرئ القيس فى ديوانه ص 12، والأزهية ص 244، والجنى الدانى ص 75، وجواهر الأدب ص 63، وخزانة الأدب 1/ 334، والدرر 4/ 193، وشرح أبيات سيبويه 1/ 450، وشرح شذور الذهب ص 416، وشرح شواهد المغنى 1/ 402، 463، والكتاب 2/ 163، ولسان العرب 8/ 126، 127 (رضع)، 11/ 511 (غيل)، والمقاصد النحوية 3/ 336، وبلا نسبة فى أوضح المسالك 3/ 73، ورصف المبانى ص 387، وشرح الأشمونى 2/ 299، وشرح ابن عقيل ص 372، ومغنى اللبيب 1/ 136، 161، وهمع الهوامع 2/ 36. والشاهد فيه قوله: «فمثلك حبلى» حيث جر «مثل» ب «ربّ» المقدرة بعد الفاء. (¬104) عجزه: على بأنواع الهموم ليبتلى والبيت من الطويل، وهو لامرئ القيس فى ديوانه ص 18، وخزانة الأدب 2/ 326، 3/ 271، وشرح شواهد المغنى 2/ 574، 782، وشرح عمدة الحافظ ص 272، والمقاصد النحوية 3/ 338، وبلا نسبة فى أوضح المسالك 3/ 75، وشرح الأشمونى 2/ 300، وشرح شذور الذهب ص 415. والشاهد فيه قوله: «وليل»، حيث حذفت منه «ربّ» وبقى عملها بعد الواو.

الإضافة

- إذا قيل أىّ الناس شرّ قبيلة … أشارت كليب بالأكفّ الأصابع (¬105) ومطرد وهو المشار إليه بقوله: (وبعضه يرى مطردا) وذلك فى لفظ الله فى القسم نحو الله لأفعلن وبعد «كم» الاستفهامية إذا دخل عليها حرف جر نحو بكم درهم أى بكم من درهم وذكر المرادى فى هذا الفصل مواضع غير هذين لم تشتهر. الإضافة قال: نونا تلى الإعراب أو تنوينا … ممّا تضيف احذف كطور سينا يعنى أنك إذا أردت إضافة اسم إلى اسم حذفت ما فى المضاف من نون تلى علامة الإعراب أو تنوين وشمل النون نون المثنى والمجموع على حده وما ألحق بهما نحو غلاماك وابنا زيد وصاحبو زيد وعشروك وأهلو عمرو، وشمل التنوين التنوين الظاهر نحو غلامك فى غلام، والمقدر نحو دراهمك فى دراهم. وطور سينا اسم جبل بالشام ويقال له أيضا طور سينين وقد جاء بالوجهين وأصله قبل الإضافة طور فهو اسم جبل أيضا. ونونا مفعول مقدم باحذف وتنوينا معطوف عليه ومما متعلق باحذف. والثّانى اجرر وانو من أو فى إذا … لم يصلح الّا ذاك واللّام خذا لما سوى ذينك وهذا الذى ذكر فى هذا البيت حكم الاسم الأول من المضافين وأما الثانى فحكمه الجر وعلى ذلك نبه بقوله: (والثانى اجرر) يعنى أن حكم المضاف إليه الجر ثم إن الإضافة تتقدر عنده بثلاثة أحرف وإلى ذلك أشار بقوله: (وانو من أو فى إذا * لم يصلح الّا ذاك واللام خذا * لما سوى ذينك) مثال الإضافة المقدرة بمن خاتم فضة وباب ساج ونحو ذلك وضابطه أن يكون المضاف إليه اسما للجنس الذى منه المضاف ومثال المقدرة بفى بل مكر الليل وضابطه ¬

_ (¬105) البيت من الطويل، وهو للفرزدق فى ديوانه 1/ 420، وتخليص الشواهد ص 504، وخزانة الأدب 9/ 113، 115، والدرر 4/ 191، وشرح التصريح 1/ 312، وشرح شواهد المغنى 1/ 12، والمقاصد النحوية 2/ 542، وبلا نسبة فى أوضح المسالك 2/ 178، وخزانة الأدب 10/ 41، والدرر 5/ 185، وشرح الأشمونى 1/ 196، وشرح ابن عقيل ص 374، ومغنى اللبيب 1/ 61، 2/ 643، وهمع الهوامع 2/ 36، 81. والشاهد فيه قوله: «أشارت كليب» يريد: أشارت إلى كليب، فحذف حرف الجر لضرورة الوزن.

أن يكون المضاف إليه اسم زمان وقع فيه المضاف وإلى هذين القسمين أشار بقوله: (وانو من أو فى) فقوله: (إذا لم يصلح إلا ذاك) يعنى إن لم يصلح فى التأويل إلا تقديرهما، وقوله: (واللام خذا لما سوى ذينك) أى قدر اللام فيما سوى ذينك القسمين وهو أكثر أقسام المضاف وشمل قوله التى للملك نحو دار زيد والتى للاستحقاق نحو باب الدار وسرج الدابة. ومن مفعول بانو وفى معطوف على من وأو للتقسيم وذاك فاعل بيصلح وهو إشارة لنية من أو فى واللام مفعول بخذا والألف فى خذا بدل من نون التوكيد الخفيفة ولما متعلق بخذا وما موصولة صلتها سوى ذينك وتجوّز فى قوله خذا لأنه أراد به قدر. ثم اعلم أن الإضافة على قسمين: محضة، وغير محضة وقد أشار إلى القسم الأول فقال: واخصص أوّلا … أو أعطه التّعريف بالّذى تلا يعنى أن الإضافة المحضة تفيد تخصيص الأول إن أضيف إلى نكرة نحو غلام رجل أو تعريفه إن أضيف إلى معرفة نحو غلام زيد وفهم كون القسم الأول هو المضاف إلى نكرة من ذكر المعرفة فى قسميه. وأولا مفعول باخصص وأو أعطه معطوف على اخصص وأو للتقسيم والتعريف مفعول ثان لأعطه وبالذى متعلق بأعطه وهو مطلوب أيضا لاخصص لأن الاختصاص إنما يتحصل للأول بالثانى وتلا صلة للذى والذى واقع على المضاف إليه والضمير العائد على الموصول الفاعل المستتر فى تلا. ثمّ أشار إلى القسم الثانى من الإضافة وهى الإضافة غير المحضة فقال: وإن يشابه المضاف يفعل … وصفا فعن تنكيره لا يعدل يعنى أن المضاف إذا كان شبيها بالفعل المضارع لكونه اسم فاعل أو اسم مفعول بمعنى الحال أو الاستقبال أو ما حمل عليه من أمثلة المبالغة أو الصفة المشبهة كانت إضافته غير محضة لا تفيد تخصيصا ولا تعريفا وإنما هى لمجرد التخفيف وذلك نحو ضارب زيد وضاربا عمرا وأصله ضارب زيدا وضاربان عمرا. والمضاف مفعول بيشابه ويفعل فاعل به ويجوز العكس وهو أظهر ووصفا حال من المضاف والفاء جواب الشرط وعن تنكيره متعلق بيعدل. ثم أتى بمثالين من الإضافة غير المحضة فقال: كربّ راجينا عظيم الأمل … مروّع القلب قليل الحيل

فرب راجينا اسم فاعل مضاف إلى الضمير ولم تفد الإضافة تخصيصا ولا تعريفا بل هو نكرة ولذلك أدخل عليه رب لاختصاصها بالنكرة وعظيم صفة مشبهة باسم الفاعل وإضافته إلى الأمل غير محضة وهو نعت لراجينا ونعت النكرة نكرة ومروّع اسم مفعول وإضافته إلى القلب غير محضة وقيل صفة مشبهة وإضافتها إلى الحيل غير محضة وهذه الصفات نعوت لراجينا ونعت النكرة نكرة. ثم قال: وذى الإضافة اسمها لفظيّه … وتلك محضة ومعنويّه الإشارة بذى لأقرب القسمين وهى الإضافة غير المحضة يعنى أنها تسمى لفظية لأن فائدتها راجعة إلى اللفظ فقط وهى تسمى أيضا مجازية وغير محضة والإشارة بتلك إلى أول القسمين يعنى أنها تجئ محضة أى خالصة لإفادتها التخصيص أو التعريف وتسمى أيضا معنوية لإفادتها معنى التخصيص أو التعريف. وذى مبتدأ والإضافة نعت له واسمها مبتدأ ثان ولفظية خبر المبتدأ الثانى والجملة خبر المبتدأ الأول وتلك محضة ومعنوية مبتدأ وخبر. ثم قال: ووصل أل بذا المضاف مغتفر … إن وصلت بالثّان كالجعد الشّعر أو بالذى له أضيف الثّاني … كزيد الضّارب رأس الجانى الإشارة بذا إلى أقرب مذكور وهو ما إضافته غير محضة يعنى أنه يغتفر دخول أل على المضاف، لكن بشرط أن تدخل على الثانى نحو الضارب الرجل والجعد الشعر أو يكون الثانى مضافا إلى ما فيه أل نحو الحسن وجه الأب والضارب رأس الجانى فلو لم تتصل أل بالثانى ولا بما أضيف إليه الثانى لم يجز دخول أل على المضاف فلا يجوز الضارب زيد ولا الضارب صاحب زيد. ووصل أل مبتدأ ومضاف إليه ومغتفر خبره وبذا متعلق بوصل والمضاف نعت لذا وإن وصلت شرط جوابه محذوف لدلالة ما تقدم عليه والجعد من باب الصفة المشبهة باسم الفاعل وفعله جعد جعادة وأو بالذى معطوف على قوله بالثانى وزيد مبتدأ والضارب إلى آخر البيت خبره والجملة على حذف القول والتقدير كقولك. ثم قال: وكونها فى الوصف كاف إن وقع … مثنّى او جمعا سبيله اتّبع

يعنى أن وجود أل فى الوصف المضاف إن كان مثنى أو مجموعا على حده وهو الذى اتبع سبيل المثنى فى كون الإعراب بحرف بعده نون واحترز به من جمع التكسير فإنه يكفى عن وجودها فى المضاف إليه نحو الضاربا زيد والمكرمو عمرو وقوله سبيله اتبع أى سبيل المثنى فيما ذكر. وكونها مبتدأ وإن وقع مبتدأ ثان وكاف خبره والجملة خبر الأول هذا ما أعرب به الشارح هذا البيت وهو صعب التقدير وعندى فى إعرابه غير هذا الوجه وهو أن كونه مبتدأ والظاهر أنه مصدر كان التامة أى وجوده وفى الوصف متعلق به وكاف خبره وإن وقع فى موضع نصب على إسقاط لام التعليل والتقدير وجوده أى أل فى الوصف كاف لوقوعه أى لوقوع الوصف مثنى أو مجموعا على حده ويجوز فى همزة إن الكسر وقد جاء كذلك فى بعض النسخ فوقوع الوصف مثنى أو مجموعا على حده شرط فى الاكتفاء عن وجود أل فى المضاف إليه وسبيله مفعول باتبع والجملة فى موضع الصفة لجمع، ثم قال: وربّما أكسب ثان أوّلا … تأنيثا ان كان لحذف موهلا يعنى أن المضاف المذكور قد يكتسب التأنيث من المضاف إليه إذا كان مؤنثا وذلك بشرط صحة الاستغناء بالثانى عن الأول وهو المنبه عليه بقوله إن كان لحذف موهلا أى إذا كان المضاف صالحا للحذف والاستغناء عنه بالثانى كقول الشاعر: - مشين كما اهتزت رماح تسفهت … أعاليها مرّ الرياح النواسم (¬106) فمر فاعل بتسفهت ولحقت التاء الفعل المسند إليه لاكتسابه التأنيث من المضاف إليه وهو الرياح لأنه يجوز الاستغناء بالرياح عن مر فتقول تسفهت الرياح فلو كان المضاف إلى المؤنث مما لا يصلح الاستغناء عنه بالثانى لم يجز تأنيثه نحو قام غلام هند إذ لا يصح أن تقول قام هند وأنت تريد غلام هند وفهم من قوله وربما أن ذلك قليل وفى ذكر هذا الشرط إشعار بأنه يجوز أن يكتسب المؤنث التذكير من المضاف إليه إذا صح الاستغناء عنه بالثانى كقوله: ¬

_ (¬106) البيت من الطويل، وهو لذى الرمة فى ديوانه ص 754، وخزانة الأدب 4/ 225، وشرح أبيات سيبويه 1/ 58، والكتاب 1/ 52، 65، والمحتسب 1/ 237، والمقاصد النحوية 3/ 367، وبلا نسبة فى الأشباه والنظائر 5/ 239، والخصائص 2/ 417، وشرح الأشمونى 2/ 310، وشرح ابن عقيل ص 380، وشرح عمدة الحافظ ص 838، ولسان العرب 3/ 288 (عرد)، 4/ 446 (صدر)، 11/ 536 (قبل)، 13/ 499 (سنه)، والمقتضب 4/ 197. والشاهد فيه قوله: «تسفهت ... مرّ الرياح» حيث أنث الفعل مع أن فاعله «مرّ» مذكر. والذى سوغ ذلك اكتسابه التأنيث من المضاف إليه المؤنث، وهو قوله: «الرياح» وصحة الاستغناء بالمضاف إليه عنه.

- رؤية الفكر ما يؤول له الأم … ر معين على اجتناب التوانى (¬107) فمعين خبر عن رؤية وذكره وهو خبر عن مؤنث لاكتساب المبتدأ التذكير من المضاف إليه وهو الفكر لصحة الاستغناء بالثانى عن الأول لأنه يجوز أن يقول الفكر معين إذ العلة فى ذلك واحدة. وثان فاعل بأكسب وأوّلا مفعول أول وتأنيثا مفعول ثان وإن كان شرط جوابه محذوف لدلالة ما تقدم عليه ولحذف متعلق بموهلا. ثم قال: ولا يضاف اسم لما به اتّحد … معنى وأوّل موهما إذا ورد يجب أن يكون المضاف مغايرا للمضاف إليه ولو بوجه ما لأن المضاف يكتسب من المضاف إليه التخصيص أو التعريف والشئ لا يتخصص ولا يتعرف بنفسه فإن ورد من كلام العرب ما يوهم إضافة الشئ إلى نفسه أوّل ذلك بإضافة الاسم إلى اللقب نحو سعيد كرز فيؤول الأول بالمسمى والثانى بالاسم والاسم خلاف المسمى ونحو مسجد الجامع فى قولهم مسجد الجامع فيؤول على حذف الموصوف والتقدير مسجد المكان الجامع. ومعنى منصوب على التمييز أو على إسقاط فى وموهما مفعول بأول وحذف معموله لاقتضاء المعنى له وتقديره موهما جواز إضافة الشئ إلى نفسه. وبعض الأسماء يضاف أبدا … وبعض ذا قد يأت لفظا مفردا ثم اعلم أن من الأسماء ما يلزم الإضافة لفظا ومعنى ولا يخلو عنها البتة ومنها ما يلزمها معنى ويخلو عنها لفظا وقد أشار إلى الأول فقال: (وبعض الأسماء يضاف أبدا) يعنى أن من الأسماء ما لا يستعمل إلا مضافا نحو قصارى الشئ وحماداه وذلك على خلاف الأصل فإن الأصل فى الاسم أن يستعمل مضافا تارة وغير مضاف أخرى ثم إن من اللازم للإضافة ما يلزمها معنى ويجوز إفراده لفظا وإلى ذلك أشار بقوله: (وبعض ذا قد يأت لفظا مفردا) وذلك نحو كل وبعض وقبل وبعد وبعض الأسماء مبتدأ ويضاف خبره وأبدا منصوب على الظرف وبعض ذا مبتدأ وقد يأت خبره وحذف الياء من يأت استغناء بالكسرة ومفردا حال من الضمير المستتر فى يأت ولفظا منصوب على إسقاط الخافض ويجوز نصبه على التمييز. ثم قال: ¬

_ (¬107) البيت من الخفيف، وهو بلا نسبة فى الدرر 5/ 21، والمقاصد النحوية 3/ 369، همع الهوامع 2/ 49. والشاهد فيه قوله: «رؤية الفكر ما يؤول له» حيث اكتسب المضاف وهو قوله: «رؤية» التذكير من المضاف إليه، وهو قوله: «الفكر» فأعاد عليه الضمير مذكّرا فى قوله «له».

وبعض ما يضاف حتما امتنع … إيلاؤه اسما ظاهرا حيث وقع يعنى أن بعض الأسماء اللازمة للإضافة لفظا ومعنى يمتنع أن تضاف إلى الظاهر فتجب إضافته للمضمر وفى هذا النوع خروج عن الأصل من وجهين لزوم الإضافة وكون المضاف إليه مضمرا. كوحد لبّى ودوالى سعدى … وشذّ إيلاء يدى للبّى ثم أتى من ذلك بأربعة ألفاظ فقال: (كوحد لبى ودوالى سعدى) أما وحد فقد تقدم الكلام عليه فى باب الحال وأنه لازم النصب تقول جاء زيد وحده أى منفردا وقد جاء مضافا إليه فى قولهم فى المدح نسيج وحده وفريد دهره وفى الذم فى قولهم جحيش وحده وعيير وحده أما لبى فإنه أيضا لازم الإضافة إلى الضمير نحو لبيك ومعنى لبيك إقامة على إجابتك بعد إقامة وأما دوالى فيضاف أيضا إلى الضمير وجوبا نحو دواليك ومعناه إدالة لك بعد إدالة وسعدى كذلك تقول سعديك ومعناه إسعادا بعد إسعاد وقد جاء فى الشعر إضافة لبى إلى الظاهر على وجه الشذوذ وعلى ذلك نبه بقوله: (وشذ إيلاء يدى للبى) أى وشذ إضافة لبى ليدى وأشار بذلك إلى قول الشاعر: - دعوت لمّا نابنى مسورا … فلبا فلبّى يدى مسور (¬108) فأضاف لبى إلى يدى مسور وإيلاء فاعل بشذ وهو مصدر مضاف إلى المفعول الأول واللام فى للبى زائدة فى المفعول الثانى تقوية لضعف العامل لكونه فرعا أعنى فى العمل فإن إيلاء مصدر أولى وهو متعد إلى اثنين بنفسه. وألزموا إضافة إلى الجمل … حيث وإذ وإن ينوّن يحتمل إفراد إذ ¬

_ (¬108) البيت من المتقارب، وهو لرجل من بنى أسد فى الدرر 3/ 68، وشرح التصريح 2/ 38، وشرح شواهد المغنى 2/ 910، ولسان العرب 15/ 239 (لبى)، والمقاصد النحوية 3/ 381، وبلا نسبة فى أوضح المسالك 3/ 123، وخزانة الأدب 2/ 92، 93، وسر صناعة الإعراب 2/ 747، وشرح أبيات سيبويه 1/ 379، وشرح الأشمونى 2/ 312، وشرح ابن عقيل ص 383، 385، والكتاب 1/ 352، ولسان العرب 1/ 731 (لبب)، 4/ 388 (سور)، والمحتسب 1/ 78، 2/ 23، ومغنى اللبيب 2/ 578، وهمع الهوامع 1/ 190.

ثم قال: (وألزموا إضافة إلى الجمل * حيث وإذ) أما حيث فهى ظرف مكان وأما إذ فهى ظرف للزمان الماضى وكلاهما يلزم الإضافة إلى الجمل وشمل قوله الجمل الجملة الاسمية نحو جلست حيث زيد جالس والفعلية نحو جلست حيث جلس زيد وأتيتك إذ زيد قائم وإذ قام زيد ثم إن إذ تنفرد بجواز حذف الجملة بعدها وتعويض التنوين منها وإلى ذلك أشار بقوله: (وإن ينون يحتمل إفراد إذ) الضمير فى ينون عائد على أقرب المذكور وهو إذ أى وإن ينون إذ يحتمل الإفراد كقوله تعالى: وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (4) بِنَصْرِ اللَّهِ [الروم: 4، 5] وقوله: وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ [الواقعة: 84] والضمير فى وألزموا عائد على العرب وحيث وإذ مفعول بألزموا وإضافة مفعول ثان وهو مقدم من تأخير وإلى الجمل متعلق بألزموا والضمير فى ينون عائد على إذ وكذلك الهاء فى إفراده. واعلم أن من أسماء الزمان ما يجرى مجرى إذ فى الإضافة إلى الجمل وإلى ذلك أشار بقوله: وما كإذ معنى كإذ … أضف جوازا نحو حين جا نبذ يعنى أن ما شابه إذ فى كونه اسم زمان مبهم بمعنى الماضى يجرى مجرى إذ فى إضافته إلى الجملة الاسمية والفعلية جوازا لا لزوما نحو يوم ووقت وحين فتقول قمت يوم قام زيد وحين زيد قائم وفهم منه أنه إذا كان غير مبهم لم يضف إلى الجمل نحو نهار وكذلك إذا كان محدودا نحو شهر فلا يجرى مجرى إذ إلا إذا استوى الشبه فى الأوجه المذكورة وما موصولة واقعة على أسماء الزمان الشبيهة بإذ وهو مفعول مقدم بأضف وصلتها كإذ ومعنى منصوب على إسقاط الخافض وجوازا مصدر وصف لمصدر محذوف تقديره أضف إضافة جائزة ويحتمل أن يكون منصوبا على الحال إذا قدرنا المصدر المحذوف معرفة والأول أظهر وكإذ الثانى متعلق بأضف وهو على حذف مضاف أى كإضافة إذ ويحتمل أن يكون فى موضع الحال على أنه نعت نكرة مقدم عليها والتقدير إضافة كإضافة إذ وهو أظهر ويكون التقدير أضف ما أشبه إذ من ظروف الزمان كإضافة إذ إلى الجمل ولذلك عقبه بقوله جوازا لأنه لو لم يقل جوازا لفهم منه أنها تضاف إلى الجمل لزوما وقوله حين جا نبذ مثال لإضافة حين للجملة الفعلية وهو متعلق بنبذ ومعنى نبذ: طرح. ثم قال: وابن أو اعرب ما كإذ قد أجريا … واختر بنا متلوّ فعل بنيا وقبل فعل معرب أو مبتدا … أعرب ومن بنى فلن يفنّدا

يعنى أن ما جرى من أسماء الزمان مجرى إذ فأضيف إلى الجملة يجوز فيه حينئذ البناء والإعراب إلا أن الجملة إذا كانت مصدرة بفعل مبنى اختير البناء، وشمل قوله فعل بنيا الماضى كقوله: - على حين ألهى الناس جل أمورهم (¬109) والمضارع المبنى كقوله: - على حين يستصبين كل حليم (¬110) وإن كانت الجملة المضاف إليها مصدرة بالفعل المعرب وهو المضارع العارى عن موانع الإعراب نحو قول الله عز وجل هذا يَوْمُ يَنْفَعُ [المائدة: 119] أو بالمبتدأ نحو قول الشاعر: - ألم تعلمى يا عمرك الله أننى … كريم على حين الكرام قليل (¬111) فالوجه الإعراب وهو متفق عليه ولذلك قال: (وقبل فعل معرب أو مبتدا * أعرب) وأجاز الكوفيون فيه البناء وتبعهم الناظم ولذلك قال: (ومن بنى فلن يفندا) ويؤيده قراءة نافع هذا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ [المائدة: 119] وأن قوله على حين الكرام قليل روى بفتح حين. والتفنيد التكذيب والذى يبنى عليه الظرف فى هذا الفصل الفتح ولم ينبه عليه الناظم وما موصولة واقعة على أسماء الزمان الجارية مجرى إذ وهى مفعولة بأعرب ومطلوبة لابن فهو ¬

_ (¬109) عجزه: فندلا زريق المال ندل الثعالب والبيت من الطويل، وهو لأعشى همدان فى الحماسة البصرية 2/ 262، 263، ولشاعر من همدان فى شرح أبيات سيبويه 1/ 371، 372، ولأعشى همدان أو للأحوص أو لجرير فى المقاصد النحوية 3/ 46، وهو فى ملحق ديوان الأحوص ص 215، وملحق ديوان جرير 1021، وبلا نسبة فى الإنصاف ص 293، وأوضح المسالك 2/ 218، وجمهرة اللغة ص 682، والخصائص 1/ 120، وسر صناعة الإعراب ص 507، وشرح الأشمونى 1/ 204، وشرح التصريح 1/ 331، وشرح ابن عقيل ص 289، والكتاب 1/ 115، ولسان العرب 9/ 70 (خشف)، 11/ 653 (ندل). (¬110) صدره: لأجتذبن منهن قلبى تحلّما والبيت من الطويل، وهو بلا نسبة فى أوضح المسالك 3/ 135، وخزانة الأدب 3/ 307، والدرر 3/ 145، وشرح الأشمونى 2/ 315، وشرح التصريح 2/ 42، وشرح شواهد المغنى 2/ 833، ومغنى اللبيب 2/ 518، والمقاصد النحوية 3/ 410، وهمع الهوامع 1/ 218. والشاهد فيه قوله: «على حين يستصبين» حيث بنى «حين» على الفتح لإضافته إلى الفعل المضارع المبنى لاتصاله بنون النسوة. (¬111) البيت من الطويل، وهو لمبشر بن هذيل فى ديوان المعانى 1/ 89، ولموبال بن جهم المذحجى فى شرح شواهد المغنى 2/ 884، ولمبشر بن هذيل أو لموبال بن جهم فى المقاصد النحوية 3/ 412، وبلا نسبة فى الدرر 3/ 147، وشرح الأشمونى 2/ 315، ومغنى اللبيب 2/ 518، وهمع الهوامع 1/ 218. والشاهد فيه قوله: «على حين الكرام قليل» حيث بنيت «حين» على الفتح رغم إضافتها إلى جملة معربة الصّدر، والأكثر إعرابها قبل المعرب.

من باب التنازع وأو للتخيير وصلة ما قد أجريا وكإذ متعلق بأجريا وقصر بنا لضرورة الوزن، وبنيا فى موضع الصفة لفعل، وقبل متعلق بأعرب، وأو للتقسيم ومن شرط فى موضع رفع بالابتداء وخبره بنى، والفاء جواب الشرط. ثم قال: وألزموا إذا إضافة إلى … جمل الأفعال كهن إذا اعتلى يعنى أن العرب ألزمت إذا الإضافة إلى الجمل الفعلية، ويعنى بإذا الظرفية دون الفجائية، والجملة بعدها فى موضع جر عند الجمهور، والعامل فيها جوابها على المشهور وإذا مفعول أول بألزموا وإضافة مفعول ثان وإلى متعلق بإضافة وهن فعل أمر من هان يهون ضد صعب. ثم قال: لمفهم اثنين معرّف بلا … تفرّق أضيف كلتا وكلا من الأسماء اللازمة للإضافة لفظا ومعنى كلتا وكلا وفهم من قوله لمفهم اثنين أنهما لا يضافان للمفرد وشمل مفهم اثنين المثنى نحو كلا الرجلين وضميره نحو كلاهما وما دل عليه نحو كلانا واسم الإشارة نحو كلا ذينك، وفهم من قوله معرف أنهما لا يضافان إلى نكرة فلا يقال كلا رجلين. وفهم من قوله بلا تفرق أنه يقال كلا زيد وعمرو وقد جاء فى ضرورة الشعر كقوله: - كلا أخى وخليلى واجدى عضدا … فى النائبات وإلمام الملمّات (¬112) ومعرف نعت لمفهم واللام فيه متعلقة بأضيف وكذلك كلا ولا زائدة بين الجار والمجرور. ولا تضف لمفرد معرّف … أيا وإن كرّرتها فأضف أو تنو الأجزا واخصصن بالمعرفه … موصولة أيّا وبالعكس الصّفه ثم قال: (ولا تضف لمفرد معرف * أيا) من الأسماء اللازمة للإضافة معنى دون لفظ أى. وقوله ولا تضف نهى أن تضاف أى لمفرد معرف وفهم منه أنها تضاف للجمع والمثنى مطلقا ¬

_ (¬112) البيت من البسيط، وهو بلا نسبة فى أوضح المسالك 3/ 140، والدرر 3/ 112، وشرح الأشمونى 2/ 317، وشرح التصريح 2/ 43، وشرح شواهد المغنى ص 552، وشرح ابن عقيل ص 390، ومغنى اللبيب ص 203، والمقاصد النحوية 3/ 419، وهمع الهوامع 2/ 50. والشاهد فيه قوله: «كلا أخى وخليلى» حيث أضيفت «كلا» إلى كلمتين، وهذا ضرورة نادرة، وأجاز ابن الأنبارى إضافتها إلى المفرد بشرط تكررها.

نكرة كان أو معرفة نحو أى رجال وأى رجلين وأى الرجال وأى الرجلين وفهم منه أيضا أنها تضاف للمفرد النكرة نحو أى رجل ويمتنع أن تضاف إلى المفرد المعرفة إلا فى صورتين أشار إلى الأول بقوله: (وإن كررتها فأضف) يعنى أنك إذا كررت أيا جاز أن تضيفها إلى المفرد المعرفة نحو أى زيد وأى عمرو عندك يعنى أى الرجلين قيل ولا تأتى إلا فى الشعر كقوله: - ألا تسألون الناس أيّى وأيّكم … غداة التقينا كان خيرا وأكرما (¬113) ثم أشار إلى الصورة الثانية بقوله: (أو تنو الأجزا) أى يجوز إضافتها إلى المفرد المعرفة إذا نويت أجزاء ذلك الاسم كقولك أى زيد ضربت والتحقيق أنها فى هذه الصورة مضافة إلى الجمع لأن التقدير أى أجزائه ضربت ولذلك يكون الجواب يده أو رأسه. ثم اعلم أن أيا بالنظر إلى إضافتها إلى المعرفة والنكرة على ثلاثة أقسام أشار إلى القسم الأول منها بقوله: (واخصصن بالمعرفة * موصولة أيا) يعنى أن أيا إذا كانت موصولة تختص بإضافتها إلى المعرفة نحو مررت بأى الرجال هو أفضل وأيهم هو أكرم ثم أشار إلى الثانى بقوله: (وبالعكس الصفة) يعنى أن أيا إذا كانت صفة بعكس الموصولة، وهى أنها تختص بإضافتها إلى النكرة نحو مررت برجل أى رجل وكذلك إذا كانت حالا كقولك جاء زيد أىّ فارس ثم أشار إلى الثالث بقوله: وإن تكن شرطا أو استفهاما … فمطلقا كمّل بها الكلاما يعنى أن أيا إذا كانت شرطا أو استفهاما جاز أن تضاف إلى المعرفة والنكرة نحو أىّ رجل تضرب أضربه وأى الرجال تكرم أكرمه وأىّ رجل عندك وأىّ رجال عندك. وأيا مفعول بتضف وإن كررتها شرط وجوابه فأضف وحذف مفعول فأضف والمجرور المتعلق به لدلالة ما تقدم عليه والتقدير فأضفها للمعرفة، وأو تنو معطوف على كررتها فهو شرط والتقدير وإن كررتها أو نويت الأجزاء فأضفها، وفيه نظر لأن ما عطف على الشرط شرط وتقدم عليه فأضف وهو جواب ولا يجوز تقديم الجواب على الشرط ولم أر فيما وقفت عليه من كلام العرب مثل هذا التركيب، ونظيره: إن قام زيد فأكرمه أو يقعد، على أن الإكرام مرتب على ¬

_ (¬113) البيت من الطويل، وهو بلا نسبة فى شرح الأشمونى 2/ 317، وشرح ابن عقيل ص 391، والمقاصد النحوية 3/ 423. والشاهد فيه قوله: «أيّى» و «أيّكم» حيث أضاف «أى» إلى مفرد معرفة، والذى جوّز ذلك تكريرها.

الفعلين ويتخرج على أن يكون حذف إن الشرطية قبل تنو على مذهب من أجاز ذلك فيكون التقدير أو إن تنو الأجزاء فأضف وحذف فأضف لدلالة الأول عليه. فإن قلت مذهب من أجاز ذلك أن الفعل يرتفع بعد حذف إن كقوله: - وإنسان عينى يحسر الماء تارة … فيبدو ... (¬114) قلت يجوز أن يكون تنو مرفوعا واكتفى بالكسرة عن الياء كقوله تعالى: وَاللَّيْلِ إِذا يَسْرِ فى قراءة من حذف الياء أو تكون حذفت من تنو لالتقاء الساكنين على مذهب من لا يعتد بحركة الثقل فى أل. وقوله أيا مفعول باخصصن وبالمعرفة متعلق به وموصولة حال من أى مقدم عليها والصفة مبتدأ خبره بالعكس وإن تكن شرطا شرط جوابه فمطلقا إلى آخر البيت ومطلقا حال من أى يعنى مضافة إلى المعرفة أو النكرة ومعنى كمل بها الكلام أى الكلام الذى هى جزؤه لأنها مع ما أضيفت إليه جزء كلام. ثم قال: وألزموا إضافة لدن فجرّ لدن من الأسماء اللازمة للإضافة لفظا ومعنى ومعناها قيل بمعنى عند وقيل هى لأول غاية من الزمان والمكان وفهم من قوله فجرّ أنها لا تضاف إلا للمفرد وجعل المرادى قوله فجر شاملا للجر فى اللفظ والمحل لتندرج الجملة وجعل من إضافتها إلى الجملة قوله: ¬

_ (¬114) عجزه: فيبدو وتارات يجم فيغرق والبيت من الطويل، وهو لذى الرمة فى ديوانه ص 460، وخزانة الأدب 2/ 192، والدرر 2/ 17، والمقاصد النحوية 1/ 578، 4/ 449، ولكثير فى المحتسب 1/ 150، وبلا نسبة فى الأشباه والنظائر 3/ 103، 7/ 257، وأوضح المسالك 3/ 362، وتذكرة النحاة ص 668، وشرح الأشمونى 1/ 92، ومجالس ثعلب ص 612، ومغنى اللبيب 2/ 501، والمعرب 1/ 83، وهمع الهوامع 1/ 98. والشاهد فيه قوله: «يحسر الماء» حيث حذف منه «إن»، إذ أصله: «إن يحسر الماء» فلمّا حذف ارتفع الفعل، وإنما قدّروا فيه «إن» محذوفة وأن تقديره: وإنسان عينى إن يحسر الماء تارة فيبدو، لأن قوله: «وإنسان عينى» مبتدأ و «يحسر الماء تارة» جملة في موضع الخبر ولا رابط فيه لهذه الجملة بالمبتدأ، فلمّا عدم الرابط ذهب من ذهب إلى أن أصلها جملة شرطية لأنه لا يشترط فى الشرط إذا وقع خبرا أن يكون الرابط فى جملة الشرط، بل قد يكون فى الجزاء نحو: «زيد إن تقم هند يغضب». وقال أبو حيّان: «ولا ضرورة إلى تكلف إضمار أداة الشرط لأن فى الروابط ما تقع الجملة خالية عن الرابط فيعطف بالفاء وحدها من بين سائر حروف العطف- جملة فيها رابط فيكتفى به لانتظام الجملتين ... » (المقاصد 4/ 449).

- لدن شب حتى شاب سود الذوائب (¬115) والفعل عند المصنف فى نحو هذا على تقدير أن، قال فى الكافية: واثر ربت ولدن إن قدرا … من قبل فعل نحو من لدن قرا وأجاز المرادى أيضا أن يضاف إلى الجملة الاسمية كقوله: لدن أنت يافع، وليس فيه دليل لاحتمال أن تكون الجملة صفة لزمان محذوف تقديره لدن وقت أنت فيه يافع وقد سمع نصب غدوة بعد لدن وقد أشار إليه بقوله: ونصب غدوة بها عنهم ندر يعنى أنه قد نصب غدوة بعد لدن كقول ذى الرمة: - لدن غدوة حتى إذا امتدّت الضحى … وحثّ القطين الشّحشحان المكلّف (¬116) ونصبه قيل على تشبيه لدن باسم الفاعل المنون وقيل على إضمار كان الناقصة وقيل على التمييز وقد سمى بعض المتأخرين تنوين غدوة مع لدن تنوين الفرق. ولدن مفعول أول بألزموا وإضافة مفعول ثان ومفعول فجر محذوف تقديره فجر ما أضيف إليه ونصب مبتدأ خبره ندر وبها متعلق بنصب. ثم قال: ومع مع فيها قليل ونقل … فتح وكسر لسكون يتّصل من الأسماء اللازمة للإضافة مع وهى اسم لموضع الاجتماع ملازمة للظرفية وتفرد فيلزم نصبها على الحال نحو جاء الزيدان معا أى جميعا وقد حكى جرها وحكى سيبويه من قولهم ذهبت من معه. وقوله مع فيها قليل يعنى أن فيها لغتين فتح العين وسكونها ولغة السكون ¬

_ (¬115) صدره: صريع غوان راقهنّ ورقنه والبيت من الطويل، وهو للقطامى فى ديوانه ص 44، وخزانة الأدب 7/ 76، والدرر 3/ 137، وسمط اللآلى ص 132، وشرح التصريح 2/ 46، وشرح شواهد المغنى ص 455، ومعاهد التنصيص 1/ 181، والمقاصد النحوية 3/ 427، وبلا نسبة فى الأشباه والنظائر 4/ 427، وأوضح المسالك 3/ 145، وتخليص الشواهد ص 263، وشرح الأشمونى 2/ 318، ومغنى اللبيب ص 157، وهمع الهوامع 1/ 215. والشاهد فيه قوله: «لدن شبّ» حيث أضاف لفظ «لدن» إلى جملة «شبّ» وفاعله المستتر فيه. (¬116) البيت من الطويل، وهو فى ديوان ذى الرمة ص 1565، وشرح المفصل 4/ 102، ولسان العرب 2/ 496 (شحح)، 13/ 383 (لدن). والشاهد فيه قوله: «لدن غدوة» حيث نصب «غدوة» ب «لدن».

قليلة وقوله ونقل فتح وكسر يعنى فى لغة السكون إذا التقت العين الساكنة مع ساكن بعدها وجب تحريكها فمن حركها بالفتح فتخفيف ومن حركها بالكسر فعلى أصل التقاء الساكنين وقول المرادى هما مرتبان لا مفرعان غير صحيح بل هما مفرعان لا مرتبان لأن لغة الفتح لا يحدث الساكن فيها حكما وإنما يحدثه فى الساكنة ويدل على صحة ما ذكرته قوله لسكون فجعل الفتح والكسر لأجل السكون ومع معطوف على لدن فى البيت الذى قبله والتقدير وألزموا إضافة لدن ومع ومع الساكن العين مبتدأ وقليل خبره وفيها متعلق بقليل ولا يصح أن يكون مع المفتوح العين مبتدأ والجملة بعده خبر لأن ذلك لا يؤخذ منه حكم مع فى لزومها الإضافة بل يؤخذ منه أن فيها لغتين فقط بخلاف الإعراب الأول. ثم قال: واضمم بناء غيرا ان عدمت ما … له أضيف ناويا ما عدما غير من الأسماء اللازمة للإضافة وقد تخلو منها لفظا وذلك مفهوم من قوله إن عدمت ما له أضيف يعنى إن عدمته فى اللفظ وقوله ناويا ما عدما يعنى أن المضاف إليه يكون محذوفا لفظا ومنويا معنى وفهم منه أنه إن لم يعدم المضاف إليه لم يبن على الضم وأنه إن حذف ولم ينو لم يبن أيضا على الضم وأن المعنى ناويا معنى ما عدم دون لفظه فهو على حذف مضاف لأنه إذا نوى لفظه ومعناه كان معربا كما لو لفظ بالمضاف إليه وغير مفعول باضمم وبناء مصدر فى موضع الحال أى بانيا وإن عدمت شرط وما مفعول بعدمت واقع على المضاف إليه وأضيف صلة لما وله متعلق بأضيف والضمير العائد من الصلة إلى الموصول الهاء فى له والضمير فى أضيف عائد على غير وناويا حال من الفاعل باضمم أو من التاء فى عدمت وما مفعول بناويا وهى واقعة على المضاف إليه وصلته عدما. ثم قال: قبل كغير بعد حسب أوّل … ودون والجهات أيضا وعل لما قدم حكم غير وهو أنها تبنى على الضم إذا قطعت عن الإضافة ونوى المضاف إليه ألحق بغير فى ذلك الحكم قبل وما بعده فقبل وبعد نحو قوله عز وجل: لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ [الروم: 4] وحسب كقولك ما عندى غير درهم حسب وأول نحو ابدأ بذا من أول ودون نحو من دون والجهات يعنى الجهات الست وهى يمين وشمال وفوق وتحت ووراء وأمام تقول جئتك من تحت ومن فوق وعن يمين وشمال فهذه كلها تبنى على الضم كغير إذا عدم ما أضيف إليه ونوى معناه دون لفظه. ثم قال:

وأعربوا نصبا إذا ما نكّرا … قبلا وما من بعده قد ذكرا هذا تصريح بما فهم من قوله ناويا ما عدما فإنه إن لم ينو لم يبن على الضم فلم يبق إلا الإعراب وهو الأصل إلا أن قوله نصبا يوهم أنه لا يعرب حال قطعه عن الإضافة إلا بالنصب وليس كذلك بل يعرب بالنصب إن كان ظرفا كقوله: - فساغ لى الشراب وكنت قبلا … أكاد أغصّ بالماء الزلال (¬117) وبالجر إذا دخل عليه حرف الجر نحو قوله عز وجل: لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ [الروم: 4] فى قراءة من جر ونون وكأنه استغنى عن ذكر الجر لشمول المفهوم الأول له وخص النصب بالذكر لكثرته. والحاصل أن قبلا وما بعدها لها أربعة أحوال تصريح بالمضاف إليه ونيته معنى ولفظا وعدمه لفظا ومعنى وهى فى هذه الأحوال الثلاثة معربة وعدم ذكر المضاف إليه ونيته معنى لا لفظا وهى فى هذه الحالة مبنية على الضم وإنما بنيت فى هذه الصورة لأن لها شبها بالحرف لتوغلها فى الإبهام فإذا انضم إلى ذلك تضمن معنى الإضافة ومخالفة النظائر بتعريفها بمعنى ما هى مقطوعة عنه كمل بذلك شبه الحرف فاستحقت البناء وبنيت على الضم لأنه أقوى الحركات تنبيها على عروض شبه البناء. وقبل مبتدأ وخبره كغير ويجوز ضبط غير وقبل بالضم من غير تنوين وبالتنوين والرفع وهو الأصل لأنها أسماء ليس فيها ما يوجب البناء ووجه الضم أنه ذكرها على الحالة التى تكون عليها فى حال قطعها عن الإضافة وأما بعد ودون وما بينهما فيتعين فيها الضم من غير تنوين إذ لا يستقيم الوزن إلا به ووجهه ما تقدم فى قبل وغير وهى معطوف على قبل والجهات وعلى كذلك والواو فى أعربوا تعود على العرب ونصبا مصدر فى موضع الحال أى ناصبين ويجوز أن يكون منصوبا على حذف الجار أى بنصب وقبلا مفعولا بأعربوا ولا يجوز فيه الضم كما جاز فيما قبل إذ لا وجه فيه للضم وما موصولة معطوفة على قبل وصلتها قد ذكرا ومن متعلق بذكر وغير داخل فيما بعد قبل لأنه قال قبل كغير ونطق بعل مبنيا على الضم ووجهه ما تقدم فى بعد ودون. ثم قال: ¬

_ (¬117) البيت من الوافر، وهو ليزيد بن الصعق فى خزانة الأدب 1/ 426، 429، ولسان العرب 12/ 154 (حمم)، ولعبد الله بن يعرب فى الدرر 3/ 112، والمقاصد النحوية 3/ 435، وبلا نسبة فى أوضح المسالك 3/ 156، وتذكرة النحاة ص 527، وخزانة الأدب 6/ 505، 510، وشرح الأشمونى 2/ 322، وشرح التصريح 2/ 50، وشرح ابن عقيل ص 397، وشرح قطر الندى ص 21، وشرح المفصل 4/ 88، وهمع الهوامع 1/ 210، ويروى «الفرات» و «الحميم» مكان «الزلال».

وما يلى المضاف يأتى خلفا … عنه فى الإعراب إذا ما حذفا ما يلى المضاف هو المضاف إليه والغرض بهذا الكلام الإعلام بأن المضاف قد يحذف ويقام المضاف إليه مقامه فى الإعراب كقوله تعالى: وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ [البقرة: 93] أى حب العجل وكقوله عز وجل: وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ [يوسف: 82] أى أهل القرية وما موصولة وهى مبتدأ وصلتها يلى المضاف وخبرها يأتى خلفا ونصب خلفا على الحال من الضمير فى يأتى العائد على ما وعنه متعلق بخلفا وفى الإعراب متعلق بيأتى وإذا متعلق بخلفا أو بيأتى. ثم قال: وربّما جرّوا الّذى أبقوا كما … قد كان قبل حذف ما تقدّما الوجه فى حذف المضاف أن ينوب عنه المضاف إليه فى الإعراب كما تقدم وقد يجئ المضاف إليه مجرورا كما لو صرح بالمضاف والذى أبقوا هو المضاف إليه لأنه هو الباقى بعد حذف المضاف ومعنى قوله أبقوا كما إلى آخر البيت أى تركوه على الحالة التى كان عليها قبل حذف المضاف وهى الجر وفهم من قوله وربما أن ذلك قليل وفيه مع قلته شرط نبه عليه بقوله: لكن بشرط أن يكون ما حذف … مماثلا لما عليه قد عطف يعنى أنه لا يجوز بقاء المضاف إليه مجرورا إذا حذف المضاف إلا بشرط أن يكون المحذوف معطوفا على ما قبله لفظا ومعنى كقوله: - أكلّ امرئ تحسبين امرأ … ونار توقّد بالليل نارا (¬118) فنار مضاف إليه كل وحذف كل وبقى نار مجرورا لأن المضاف الذى هو كل معطوف على كل المنطوق به المضاف إلى امرئ وما موصولة واقعة على المضاف وحذف صلتها وهى ¬

_ (¬118) البيت من المتقارب، وهو لأبى دؤاد فى ديوانه ص 353، والأصمعيات ص 191، وأمالى ابن الحاجب 1/ 134، 297، وخزانة الأدب 9/ 592، 10/ 481، والدرر 5/ 39، وشرح التصريح 2/ 56، وشرح شواهد الإيضاح ص 299، وشرح شواهد المغنى 2/ 700، وشرح عمدة الحافظ ص 500، وشرح المفصل 3/ 26، والكتاب 1/ 66، والمقاصد النحوية 3/ 445، ولعدى بن زيد فى ملحق ديوانه ص 199، وبلا نسبة فى الأشباه والنظائر 8/ 49، والإنصاف 2/ 473، وأوضح المسالك 3/ 169، وخزانة الأدب 4/ 417، 7/ 180، ورصف المبانى ص 348، وشرح الأشمونى 2/ 235، وشرح ابن عقيل ص 399، وشرح المفصل 3/ 79، 142، 8/ 52، 9/ 105، والمحتسب 1/ 281، ومغنى اللبيب 1/ 290، والمقرب 1/ 237، وهمع الهوامع 2/ 52. والشاهد فيه قوله: «ونار» حيث حذف المضاف «كلّ» وأبقى المضاف إليه مجرورا كما كان قبل الحذف، وذلك لأن المضاف المحذوف معطوف على مماثل له، وهو قوله: «كل امرئ».

اسم يكون ومماثلا خبر يكون ولما متعلق به وما موصولة وصلتها قد عطف وعليه متعلق بعطف وفى عطف ضمير يعود على ما والضمير فى عليه عائد على المعطوف عليه. ثم قال: ويحذف الثّانى فيبقى الأوّل … كحاله إذا به يتّصل يعنى أن الثانى الذى هو المضاف إليه يحذف ويبقى الأول الذى هو المضاف على الحالة التى كان عليها مع اتصال المضاف به من حذف التنوين إن كان مفردا أو النون إن كان مثنى أو مجموعا على حده لكن بشرط نبه عليه بقوله: بشرط عطف وإضافة إلى … مثل الّذى له أضفت الأوّلا يعنى أن بقاء المضاف إذا حذف المضاف إليه على الحالة التى كان عليها مشروط بأن يعطف عليه اسم مضاف إلى مثل المضاف إليه الأول وذلك مثل قولهم قطع الله يد ورجل من قالها أى قطع الله يد من قالها فحذف من قالها وبقى يد غير منون كما كان مع وجود المضاف إليه لأنه قد عطف رجل مضافا إلى مثل المحذوف، ومنه قول الشاعر: - يا من رأى عارضا يسرّ به … بين ذراعى وجبهة الأسد (¬119) فذراعى مضاف إلى محذوف مثل الذى أضيف إليه المعطوف عليه وكحاله فى موضع الحال من الأول وإذا متعلق بالاستقرار العامل فى كحاله وهى مضافة إلى يتصل وبه متعلق بيتصل وبشرط متعلق بيحذف وإلى متعلق بإضافة والذى واقع على المضاف إليه المحذوف وصلته أضفت وله متعلق به والضمير المجرور عائد على الموصول. ثم اعلم أن المضاف والمضاف إليه كالشئ الواحد فلا يفصل بينهما كما لا يفصل بين أبعاض الكلمة إلا فى ضرورة الشعر هذا مذهب جمهور النحويين وأما الناظم فالفصل عنده بين المضاف والمضاف إليه على قسمين جائز فى السعة ومخصوص بالضرورة وقد أشار إلى الأول بقوله: فصل مضاف شبه فعل ما نصب … مفعولا او ظرفا أجز ولم يعب فصل يمين ¬

_ (¬119) البيت من المنسرح، وهو للفرزدق فى خزانة الأدب 2/ 319، 4/ 404، 5/ 289، وشرح شواهد المغنى 2/ 799، وشرح المفصل 3/ 21، والكتاب 1/ 180، والمقاصد النحوية 3/ 451، والمقتضب 4/ 229، وبلا نسبة فى الأشباه والنظائر 1/ 100، 2/ 264، 390، وتخليص الشواهد ص 87، وخزانة الأدب 10/ 187، والخصائص 2/ 407، ورصف المبانى ص 341، وسر صناعة الإعراب ص 297، وشرح الأشمونى 2/ 336، وشرح عمدة الحافظ ص 502، ولسان العرب 3/ 92 (بعد)، 15/ 492 (يا)، ومغنى اللبيب 2/ 380، 621.

فجعل الجائز فى السعة ثلاثة أنواع: الأول أن يكون المضاف شبيها بالفعل والفصل بينهما بمفعول المضاف فشمل نوعين الأول المصدر كقراءة ابن عامر وَكَذلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلادِهِمْ شُرَكاؤُهُمْ [الأنعام: 137] بنصب أولادهم وجر شركائهم وأصله قتل شركائهم أولادهم ففصل بالمفعول بين المضاف والمضاف إليه لأن المضاف مصدر والمصدر شبيه بالفعل. الثانى اسم الفاعل كقوله عز وجل فى قراءة بعضهم: فَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ [إبراهيم: 47] ففصل بين مخلف ورسله بالمفعول وهو وعده لأن المضاف اسم الفاعل واسم الفاعل شبيه بالمضاف هذا معنى قوله: (فصل مضاف شبه فعل ما نصب مفعولا) النوع الثانى أن يكون الفصل بين المضاف والمضاف إليه بظرف معمول المضاف كقوله: - كناحت يوما صخرة بعسيل (¬120) وهذا معنى قوله أو ظرفا وفهم منه جواز الفصل بالمجرور إذ الظرف والمجرور من واد واحد ومن ذلك قوله: لا أنت معتاد فى الهيجا مصابرة ففصل بين معتاد ومصابرة بقوله الهيجا. النوع الثالث الفصل بالقسم ومنه ما حكى الكسائى هذا غلام والله زيد ففصل بين غلام وزيد بالقسم وهذا معنى قوله ولم يعب فصل يمين. ثم أشار إلى الثانى بقوله: واضطرارا وجدا … بأجنبىّ أو بنعت أو ندا فجعل الفصل للاضطرار ثلاثة أنواع: الأول أن يكون الفاصل أجنبيا يعنى أجنبيا عن المضاف كقوله: ¬

_ (¬120) صدره: فرشنى بخير لا أكون ومدحتى والبيت من الطويل وهو بلا نسبة فى أوضح المسالك 3/ 184، والدرر 5/ 43، وشرح الأشمونى 2/ 328، وشرح التصريح 2/ 58، وشرح عمدة الحافظ ص 328، ولسان العرب 11/ 447 (عسل)، والمقاصد النحوية 3/ 481، وهمع الهوامع 2/ 52. والشاهد فيه قوله: «كناحت يوما صخرة» فإنّ قوله: «ناحت» اسم فاعل مضاف إلى مفعوله، وهو قوله: «صخرة» وقد فصل بينهما بالظرف وهو قوله: «يوما».

- كما خط الكتاب بكفّ يوما … يهودىّ يقارب أو يزيل (¬121) ففصل بين كف ويهودى بيوم وهو أجنبى من المضاف أى غير معمول له. الثانى أن يفصل بين المضاف والمضاف إليه بالنعت أى ينعت المضاف كقول الشاعر: - نجوت وقد بلّ المرادىّ سيفه … من ابن أبى شيخ الأباطح طالب (¬122) أراد ابن أبى طالب شيخ الأباطح وهو المراد بقوله أو بنعت. الثالث النداء كقول الشاعر: - وفاق كعب بجير منقذ لك من … تعجيل تهلكة والخلد فى سقر (¬123) وهو المراد بقوله أو ندا وفصل مفعول مقدم بأجز وهو مصدر مضاف إلى المفعول وشبه فعل نعت لمضاف وما موصولة واقعة على الفاصل وصلتها نصب والضمير العائد على الموصول محذوف تقديره نصبه وهى فاعل بفصل ومفعولا أو ظرفا حالان من ما أو من الضمير المحذوف وتقدير البيت أجز أن يفصل المضاف منصوبه فى حال كونه مفعولا أو ظرفا وفصل يمين مفعول لم يسم فاعله بيعب وهو مصدر مضاف إلى الفاعل والتقدير لم يعب أن يفصل اليمين المضاف واضطرارا مفعول له وهو تعليل لوجد وفى وجد ضمير عائد على الفصل وبأجنبى متعلق بوجد. ¬

_ (¬121) البيت من الوافر، وهو لأبى حية النميرى فى الإنصاف 2/ 432، وخزانة الأدب 4/ 219، والدرر 5/ 45، وشرح التصريح 2/ 59، والكتاب 1/ 179، ولسان العرب 12/ 390 (عجم)، والمقاصد النحوية 3/ 470، وبلا نسبة فى أوضح المسالك 3/ 189، والخصائص 2/ 405، ورصف المبانى ص 65، وشرح الأشمونى 2/ 328، وشرح ابن عقيل ص 403، وشرح عمدة الحافظ ص 495، وشرح المفصل 1/ 103، ولسان العرب 4/ 158 (حبر)، والمقتضب 4/ 377، وهمع الهوامع 2/ 52. والشاهد فيه قوله: «بكفّ يوما يهودىّ» حيث فصل بالظرف «يوما» بين المضاف والمضاف إليه. (¬122) البيت من الطويل، وهو لمعاوية بن أبى سفيان فى الدرر 5/ 46، وشرح التصريح 2/ 59، والمقاصد النحوية 3/ 478، وبلا نسبة فى شرح الأشمونى 1/ 258، وشرح ابن عقيل ص 404، وشرح عمدة الحافظ ص 296، وهمع الهوامع 2/ 52. والشاهد فيه قوله: «من ابن أبى شيخ الأباطح طالب» حيث فصل بين المضاف وهو قوله «أبى» والمضاف إليه، وهو قوله: «طالب» بالنعت للضرورة الشعرية. (¬123) البيت من البسيط، وهو لبجير بن زهير فى الدرر 5/ 48، والمقاصد النحوية 3/ 489، وهمع الهوامع 2/ 53، وبلا نسبة فى شرح الأشمونى 2/ 329، وشرح ابن عقيل ص 405.

المضاف إلى ياء المتكلم

المضاف إلى ياء المتكلم آخر ما أضيف لليا اكسر إذا … لم يك معتلا كرام وقذا أو يك كابنين وزيدين فذى … جميعها اليا بعد فتحها احتذى وتدغم اليا فيه والواو وإن … ما قبل واو ضمّ فاكسره يهن وألفا سلّم وفى المقصور عن … هذيل انقلابها ياء حسن إنما أفرد هذا الباب بالذكر لأن فيه أحكاما ليست فى الباب الذى قبله فمنها أن آخر المضاف إلى الياء يكون مكسورا وإلى ذلك أشار بقوله: (آخر ما أضيف للياء اكسر) نحو هذا غلامى وصاحبى وصديقى ويستثنى من ذلك المعتل الآخر والمثنى وجمع المذكر السالم وقد أشار إلى الأول بقوله: (إذا * لم يك معتلا) يعنى ما لم يكن المضاف إلى الياء معتل الآخر وشمل المقصور والمنقوص ولذلك أتى بمثالين فقال: (كرام وقذا) فرام مثال للمنقوص وقذا مثال للمقصور والقذا ما يقع فى العين ثم نبه على الثانى والثالث بقوله: (أو يك كابنين وزيدين) يعنى أو يك مثنى كابنين أو جمعا على حده كزيدين وفهم من كلامه أن هذه الأشياء التى ذكرت لا يكون ما قبل الياء فيها مكسورا. وأما حكم الياء فى نفسها فقد نبه عليه بقوله: (فذى * جميعها اليا بعد فتحها احتذى) ذى إشارة إلى الأربعة المذكورة يعنى أن هذه الأشياء المذكورة تكون الياء بعدها مفتوحة وفهم من قوله احتذى وجوب فتحها وفهم من تخصيصه الياء فى هذه المواضع أن الياء فى غيرها لا يجب فتحها بل يجوز فتحها وسكونها نحو غلامى وغلامى ثم بين حكم ما قبل الياء بقوله: (وتدغم اليا فيه والواو وإن … ما قبل واو ضم فاكسره يهن * وألفا سلم) يعنى أن ما قبل ياء المتكلم إن كان ياء أدغمت فى الياء وشمل المنقوص نحو رامى والمثنى والمجموع على حده فى حالة الجر والنصب نحو مررت بزيدى ورأيت زيدى ومررت بمسلمى فى زيدين ومسلمين والواو يعنى فى جمع المذكر السالم فى حالة الرفع وفهم منه وجوب قلب الواو ياء لأن الحرف لا يدغم إلا فى مثله وفهم من قوله: (وإن ما قبل واو ضم) أن ما قبل الواو فى الجمع يكون مضموما فيجب كسره بعد قلب الواو ياء وإدغامها فى الياء نحو هؤلاء مسلمىّ ويكون مفتوحا فيبقى على حاله نحو هؤلاء مصطفى فى جمع

مصطفى وقوله وألفا سلم أى اتركها على حالها وشمل المقصور نحو فتاى وعصاى والمثنى فى حال الرفع نحو هذان غلاماى هذه لغة جمهور العرب وهذيل يبدلون ألف المقصور ياء ويدغمونها فى ياء المتكلم وهو المنبه عليه بقوله: (وفى المقصور عن * هذيل انقلابها ياء حسن) وفهم من تخصيصه المقصور أن ألف التثنية لا تبدل عندهم وفهم منه أيضا أن الياء المبدلة من الألف تدغم فى ياء المتكلم لاجتماع مثلين: الأول منهما ساكن فتقول هذا فتى، ومن ذلك قول الشاعر: - سبقوا هوىّ وأعنقوا لهواهم … فتخرّموا ولكلّ جنب مصرع (¬124) وقوله آخر مفعول باكسر وأل فى الياء للعهد إما لما فى الترجمة من قوله ياء المتكلم أو فى أول الكتاب من قوله وقبل يا لنفس وقوله فذى مبتدأ وجميعها توكيد له والياء مبتدأ ثان وفتحها مبتدأ ثالث واحتذى خبر المبتدأ الثالث والضمير المستتر فيه عائد على فتحها والجملة خبر المبتدأ الثانى الذى هو الياء والضمير العائد عليه من الجملة الهاء فى فتحها والجملة خبر المبتدأ الأول والضمير العائد عليه محذوف تقديره بعدها فحذف وهو منوى ولذلك بنيت بعد ويجوز أن يكون جميعها مبتدأ ثانيا وهو وما بعده خبر المبتدأ الأول والرابط فى هذا الوجه الهاء فى جميعها والعائد على جميعها هو الضمير المقدر الذى كان يعود على المبتدأ الأول فى الوجه الأول والياء مفعول لم يسمّ فاعله وفيه متعلق بتدغم والهاء فى فيه عائدة على ياء المتكلم وإن شرط وما مفعول لم يسم فاعله بفعل محذوف يفسره ضم ويهن فعل مضارع مجزوم على جواب الأمر وهاؤه مضمومة من هان يهون إذا سهل ولا يصح كسرها لأنه مضارع وهن يهن إذا ضعف لأن المراد به إذا أدغم يسهل ويخفف لا يضعف وألفا مفعول مقدم بسلم وانقلابها مبتدأ وياء منصوب على إسقاط لام الجر وحسن خبر انقلابها وعن هذيل متعلق بحسن وكذلك فى المقصور. ¬

_ (¬124) البيت من الكامل، وهو لأبى ذؤيب فى إنباه الرواة 1/ 52، والدرر 5/ 51، وسر صناعة الإعراب 2/ 700، وشرح أشعار الهذليين 1/ 7، وشرح شواهد المغنى 2/ 262، وشرح قطر الندى ص 191، وشرح المفصل 3/ 33، وكتاب اللامات ص 98، ولسان العرب 15/ 372 (هوا)، والمحتسب 1/ 76، والمقاصد النحوية 3/ 493، وهمع الهوامع 2/ 53، وبلا نسبة فى أوضح المسالك 3/ 199، وجواهر الأدب ص 177، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقى ص 52، وشرح الأشمونى 2/ 331، وشرح ابن عقيل ص 408، والمقرب 1/ 217. والشاهد فيه قوله: «هوىّ» والأصل: هواى فقلب الألف ياء على لغة هذيل، وأدغمها فى ياء المتكلم.

إعمال المصدر

إعمال المصدر بفعله المصدر ألحق فى العمل … مضافا أو مجرّدا أو مع أل إن كان فعل مع أن أو ما يحلّ … محلّه ولاسم مصدر عمل (بفعله المصدر ألحق فى العمل) يعنى أن المصدر يلحق فى العمل بفعله الذى اشتق منه فى رفع الفاعل إن كان لازما نحو عجبت من قيام زيد وفى رفع الفاعل ونصب المفعول إن كان متعديا لواحد نحو عجبت من ضرب زيد عمرا ويتعدى بحرف الجر إن كان فعله يتعدى بذلك الحرف نحو أعجبنى مرور بزيد ويتعدى إلى مفعولين إن كان فعله يتعدى إليهما نحو عجبت من إعطاء زيد عمرا درهما وكذلك المتعدى إلى ثلاثة نحو عجبت من إعلام زيد عمرا بكرا شاخصا وهذا كله مستفاد من قوله: بفعله المصدر ألحق فى العمل. وهذا سواء كان مضافا أو مجردا من الإضافة أو مقرونا بأل وإلى ذلك أشار بقوله: (مضافا أو مجردا أو مع أل) فإعماله مضافا أكثر من إعماله مجردا وإعماله مجردا أكثر من إعماله مقرونا بأل وإلحاقه بفعله فى العمل المذكور ليس مطلقا بل بشرط نبه عليه بقوله: (إن كان فعل مع أن أو ما يحل * محله) يعنى أنه لا يعمل العمل المذكور إلا إذا صح أن يحل محله الفعل وأن أو ما المصدريتان نحو أعجبنى قيامك أى أن تقوم وعجبت من قيامك الآن أى مما تقوم وشمل قوله أن الناصبة والمخففة وفهم منه أن المصدر إذا لم يحل محله أن أو ما لا يعمل عمل الفعل نحو له صوت صوت حمار ولذلك جعل صوت الحمار معمولا لفعل محذوف وقد تقدم ثم قال: (ولاسم مصدر عمل) اسم المصدر هو ما فى أوله ميم مزيدة لغير المفاعلة نحو المحمدة والمضرب أو كان لغير الثلاثى بوزن ما للثلاثى نحو الوضوء والغسل فإن فعلهما توضأ واغتسل، وإنما فصل الناظم هذا النوع من المصدر لقلة عمله وفى تنكير عمل تنبيه على ذلك كما ذكر الشارح ومن إعماله قول عائشة رضى الله عنها: من قبلة الرجل امرأته الوضوء فأعمل قبلة وهو اسم مصدر لأن فعله قبل. والمصدر مفعول مقدم بألحق وبفعله وفى العمل متعلقان بألحق ومضافا وما بعده أحوال من المصدر وإن كان فعل شرط ومع فى موضع الصفة لفعل وما معطوف على أن ويحل فى موضع خبر كان ومحله نصب على المصدر ولاسم مصدر عمل مبتدأ وخبر. ثم قال: وبعد جرّه الّذى أضيف له … كمّل بنصب أو برفع عمله

قد تقدم أن المصدر يكون مضافا أو مجردا أو مقرونا بأل فالمضاف إن كان مضافا إلى الفاعل كمل بنصب مفعوله وهذا هو المراد بقوله كمل بنصب نحو أعجبنى أكل زيد الخبز ومنه قوله تعالى: وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ [البقرة: 251] وإن كان مضافا إلى المفعول كمل برفع فاعله وهذا هو المراد بقوله أو برفع نحو أعجبنى أكل الخبز عمرو ومنه قوله عز وجل: وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ [آل عمران: 97] فى أحد التأويلات وإضافته إلى الفاعل ونصب المفعول أكثر من إضافته إلى المفعول ورفع الفاعل وقوله كمل بنصب لا يريد أن ذلك واجب بل هو جائز لأنه يجوز أن يضاف إلى الفاعل ولا يذكر معه مفعول نحو أعجبنى أكل زيد وإلى المفعول ولا يذكر فاعل نحو أعجبنى أكل الخبز، ومنه قوله عز وجل بِسُؤالِ نَعْجَتِكَ وبعد متعلق بكمل والذى مفعول بجره وجره مصدر مضاف إلى الفاعل والذى مفعول به فهو مصدر مضاف كمل بالمنصوب وأضيف له صلة الذى والضمير العائد على المنصوب الهاء فى له وفى أضيف ضمير مستتر عائد على المصدر وعمله مفعول بكمل وأو برفع معطوف عليه وأو للتقسيم لا للتخيير. ثم قال: وجرّ ما يتبع ما جرّ ومن … راعى فى الاتّباع المحلّ فحسن قد تقدم أن المصدر يضاف إلى الفاعل وإلى المفعول فإن أضيف إلى الفاعل فلفظه مجرور وموضعه مرفوع وإن أضيف إلى المفعول فلفظه مجرور وموضعه منصوب إن قدر بأن وفعل الفاعل ومرفوع إن قدر بأن وفعل المفعول فيجوز فى تابع المضاف إليه إذا كان فاعلا الجر على اللفظ والرفع على الموضع وشمل قوله ما يتبع جميع التوابع فتقول أعجبنى أكل زيد الظريف بالجر حملا على اللفظ والرفع حملا على الموضع وكذلك أعجبنى أكل زيد وعمرو وأعجبنى أكل اللحم والخبز بالجر حملا على اللفظ وبالنصب حملا على الموضع على تقدير المصدر بأن وفعل الفاعل وبالرفع على الموضع أيضا على تقدير المصدر بأن وفعل المفعول، والتقدير أن أكل الخبز واللحم وقوله المحل شامل للأوجه المذكورة كلها، والأحسن فى ذلك الحمل على اللفظ؛ ولذلك بدأ به. وقوله وجر فعل أمر وما مفعول بجر، وهى موصولة أيضا، وصلتها يتبع، وما الثانية مفعول بيتبع، وهى موصولة أيضا وصلتها جر ومن شرطية فى موضع رفع بالابتداء وخبرها راعى وفى متعلق براعى والمحل مفعول براعى والفاء جواب الشرط وحسن خبر مبتدأ محذوف تقديره ففعله حسن.

إعمال اسم الفاعل

إعمال اسم الفاعل كفعله اسم فاعل فى العمل … إن كان عن مضيّه بمعزل المراد باسم الفاعل ما دل على حدث وفاعله جاريا مجرى الفعل فى الحدوث والصلاحية للاستعمال بمعنى الماضى والحال والاستقبال. قوله: (كفعله اسم فاعل فى العمل) يعنى أن اسم الفاعل يعمل عمل فعله فيرفع الفاعل إن كان فعله لازما نحو أقائم زيد وينصب المفعول إن كان متعديا لواحد نحو أضارب زيد عمرا وينصب مفعولين إن كان فعله متعديا إلى اثنين نحو أمعط زيد عمرا درهما وهذه كلها مستفادة من قوله: (كفعله اسم فاعل فى العمل). لكن لا يعمل العمل المذكور إلا بشرطين أشار إلى الأول منهما بقوله: (إن كان عن مضيه بمعزل) يعنى أن اسم الفاعل لا يعمل عمل فعله إلا إذا كان بمعنى الحال أو الاستقبال لأنه أشبه فعله فى الحركات والسكنات وعدد الحروف نحو أنا ضارب زيدا غدا أو الآن فإن كان بمعنى المضىّ لم يعمل لأنه لم يشبه فعله فيما ذكر، ثم أشار إلى الشرط الثانى بقوله: وولى استفهاما أو حرف ندا … أو نفيا أو جا صفة أو مسندا يعنى أن من شرط إعمال اسم الفاعل أن يعتمد على شئ قبله وذكر من ذلك خمسة مواضع الأول أن يلى الاستفهام نحو أضارب أنت عمرا. الثانى أن يلى حرف النداء نحو يا طالعا جبلا والظاهر أن هذا مما اعتمد على الموصوف لأن التقدير يا رجلا طالعا جبلا وليس حرف النداء مما يقرب من الفعل لأنه خاص بالاسم. الثالث أن يلى نفيا نحو ما ضارب أنت زيدا. الرابع أن يكون صفة لموصوف نحو مررت برجل ضارب عمرا وفى ضمن ذلك الحال لأنها صفة فى المعنى نحو جاء زيد راكبا فرسا. الخامس أن يكون مسندا وشمل الخبر وما أصله الخبر نحو زيد ضارب عمرا وإن زيدا ضارب عمرا وكان زيدا ضاربا عمرا وظننت زيدا ضاربا عمرا لأن اسم الفاعل فى هذه المثل كلها مسند. واسم الفاعل مبتدأ وخبره كفعله وفى العمل متعلق بالاستقرار الذى فى الخبر، وإن كان شرط والباء فى بمعزل ظرفية بمعنى فى والمجرور خبر كان وعن مضيه متعلق بمعزل والهاء فى مضيه عائدة على اسم الفاعل واستفهاما مفعول بولى وأو حرف ندا وأو نفيا معطوفان على استفهام وأو جا معطوف على ولى ومسندا معطوف على صفة. ثم قال:

وقد يكون نعت محذوف عرف … فيستحقّ العمل الّذى وصف يعنى أن اسم الفاعل يأتى معتمدا على موصوف محذوف فيستحق العمل كما استحقه ما هو صفة لمذكور كقول الشاعر: - كناطح صخرة يوما ليوهنها … فلم يضرها وأوهى قرنه الوعل (¬125) أى كوعل ناطح وقد تقدم أن ما وقع بعد حرف النداء من هذا الباب والضمير فى يكون اسمها وهو عائد على اسم الفاعل ونعت خبرها وعرف فى موضع الصفة لمحذوف. ثم قال: وإن يكن صلة أل ففى المضى … وغيره إعماله قد ارتضى يعنى أن اسم الفاعل إذا وقع صلة لأل عمل العمل المذكور مطلقا حالا كان أو مستقبلا أو ماضيا وإنما عمل مطلقا لأنه صار بمنزلة الفعل قال الشارح لأنه لما كان صلة وأغنى بمرفوعه عن الجملة الفعلية أشبه الفعل معنى واستعمالا فأعطى حكمه فى العمل كما أعطى حكمه فى صحة عطف الفعل عليه كما فى قوله تعالى: إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقاتِ [الحديد: 18] ووَ أَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً [المزمل: 20]. وقوله تعالى: فَالْمُغِيراتِ صُبْحاً (3) فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعاً [العاديات: 3، 4] ا. هـ. قلت جعله واقعا صلة أل مسوغا لعطف الفعل عليه فيه نظر لأنه قد جاء عطف الفعل على اسم الفاعل غير الواقع صلة نحو قوله عز وجل: أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صافَّاتٍ [الملك: 19] وإن يكن شرط وصلة أل خبر يكن والفاء جواب الشرط وإعماله مبتدأ وخبره قد ارتضى وفى المضى متعلق بارتضى. ثم قال: فعّال أو مفعال أو فعول … فى كثرة عن فاعل بديل فيستحقّ ما له من عمل … وفى فعيل قلّ ذا وفعل يعنى أن هذه الأمثلة الخمسة التى هى فعال ومفعال وفعول وفعيل وفعل متساوية فى أنها تعمل عمل اسم الفاعل بالشروط المتقدمة فيه وقوله فى كثرة أى مرادا به الكثرة أى التكثير ¬

_ (¬125) البيت من البسيط، وهو للأعشى فى ديوانه ص 111، وشرح التصريح 2/ 66، والمقاصد النحوية 3/ 529، وبلا نسبة فى الأغانى 9/ 149، وأوضح المسالك 3/ 218، والرد على النحاة ص 74، وشرح الأشمونى 2/ 341، وشرح شذور الذهب ص 501، وشرح ابن عقيل ص 421. والشاهد فيه قوله: «كناطح صخرة» حيث أعمل اسم الفاعل المنوّن وهو قوله: «ناطح» عمل فعله، فنصب به «صخرة» اعتمادا على الموصوف المقدّر، والتقدير: كوعل ناطح صخرة.

وهى الزيادة فى الفعل ولذلك تسمى أمثلة المبالغة، ويؤيد حمل كلامه على هذا المعنى قوله فى الكافية: وقد يصير فاعل فعالا … تكثيرا أو فعولا أو مفعالا ويحتمل عندى أن يكون أراد بكثرة أن هذه الأمثلة الثلاثة يكثر فيها العمل المذكور ويؤيده قوله بعد: وفى فعيل قلّ ذا وفعل. ويدل على صحة هذا التأويل قوله فى شرح الكافية وأكثرها استعمالا فعال وفعول ثم مفعال ثم فعيل ثم فعل أما إعمال فعال فنحو ما حكى سيبويه من قولهم أما العسل فأنا شرّاب وأما إعمال مفعال فنحو إنه لمنحار بوائكها وأما إعمال فعول فنحو قول الشاعر: - ضروب بنصل السيف سوق سمانها … إذا عدموا زادا فإنك عاقر (¬126) وأما فعيل فنحو إن الله سميع دعاء من دعاه، وأما إعمال فعل فنحو قوله: - حذر أمورا لا تضير وآمن … ما ليس منجيه من الأقدار (¬127) وفعال مبتدأ وأو مفعال أو فعول معطوفان على فعال وبديل خبر المبتدأ وفى كثرة وعن فاعل متعلقان ببديل وأفرد بديلا وهو خبر عن أكثر من واحد لأن فعيلا قد جاء الإخبار به عن الجمع وما مفعول بيستحق وهى موصولة وصلتها له ومن عمل متعلق بالاستقرار المتعلق به الخبر وذا فاعل بقلّ وفى فعيل متعلق بقلّ وفعل معطوف عليه. ثم قال: وما سوى المفرد مثله جعل … فى الحكم والشّروط حيثما عمل ما سوى المفرد وهو المثنى والمجموع وشمل الجمع الذى على حد المثنى وجمع التكسير فالتثنية نحو هذان ضاربان زيدا والجمع نحو هؤلاء ضاربون عمرا وضراب زيدا ¬

_ (¬126) البيت من الطويل، وهو لأبى طالب بن عبد المطلب فى خزانة الأدب 4/ 242، 245، 8/ 146، 157، والدرر 5/ 271، وشرح أبيات سيبويه 1/ 70، وشرح التصريح 2/ 68، وشرح شذور الذهب ص 505، وشرح المفصل 6/ 70، والكتاب 1/ 111، والمقاصد النحوية 3/ 539، وبلا نسبة فى أوضح المسالك 3/ 221، وشرح الأشمونى 2/ 342، وشرح قطر الندى ص 275، والمقتضب 2/ 114، وهمع الهوامع 2/ 97. والشاهد فيه قوله: «ضروب بنصل السيف سوق سنامها» حيث عملت صيغة المبالغة وهى قوله «ضروب» عمل الفعل، فرفعت الفاعل، وهو الضمير المستتر فيه، ونصبت المفعول، وهو قوله: «سوق». (¬127) البيت من الكامل، وهو لأبان اللاحقى فى خزانة الأدب 8/ 169، ولأبى يحيى اللاحقى فى المقاصد النحوية 3/ 543، وبلا نسبة فى خزانة الأدب 8/ 157، وشرح أبيات سيبويه 1/ 409، وشرح الأشمونى 2/ 432، وشرح ابن عقيل ص 424، وشرح المفصل 6/ 71، 73، والكتاب 1/ 113، ولسان العرب 4/ 176 (حذر)، والمقتضب 2/ 116. والشاهد فيه قوله: «حذر أمورا» حيث عملت الصفة المشبّهة «حذر» على وزن «فعل» وقيل: البيت مصنوع.

فتعمل كلها عمل اسم الفاعل بالشروط المتقدمة فى اسم الفاعل وما مبتدأ وهو موصول صلته سوى المفرد والضمير المستتر فى جعل هو العائد على المبتدأ وفى الحكم متعلق بجعل وكذلك حيثما. ثم قال: وانصب بذى الإعمال تلوا واخفض يعنى بذى الإعمال ما توفرت فيه شروط العمل المذكور وشمل اسم الفاعل وأمثلة المبالغة والتلو التابع وفهم من تقديمه النصب أنه هو الأصل والخفض جائز وإن كان على خلاف الأصل ووجهه قصد التخفيف فتقول أنا ضارب زيدا وضارب زيد وهذان ضاربان زيدا وضاربا زيد وهؤلاء ضاربون زيدا وضاربو زيد وضراب زيدا وضراب زيد، هذا حكم ما يتعدى من اسم الفاعل وما هو بدل منه إلى واحد وإن كان متعديا إلى أكثر من واحد فقد نبه عليه بقوله: وهو لنصب ما سواه مقتضى يعنى أن اسم الفاعل وما ألحق به إذا كان يطلب أكثر من مفعول واحد وأضيف إلى الأول نصب ما عدا الأول وشمل ذلك المتعدى إلى اثنين نحو أنا معطى زيد درهما والمتعدى إلى ثلاثة نحو أنا المعلم زيدا عمرا منطلقا وشمل أيضا ما كان منصوبا باسم الفاعل على غير المفعولية كالظرف نحو أنا ضارب زيدا اليوم وفهم منه أن المنصوب بعد اسم الفاعل المضاف إلى الأول إذا كان بمعنى الماضى غير منصوب باسم الفاعل المذكور على المشهور نحو أنا معطى زيد درهما أمس فالمنصوب بعده انتصب بفعل مقدر لأنه إنما جعل الحكم فى ذلك لما استوفى شروط العمل واسم الفاعل بمعنى المضىّ لم يستوفها وتلو مفعول بانصب وهو مطلوب لا نصب واخفض فهو من باب التنازع وكذلك بذى وهو مبتدأ خبره مقتضى ولنصب متعلق بمقتضى. ثم قال: واجرر أو انصب تابع الّذى انخفض … كمبتغى جاه ومالا من نهض إذا جر اسم الفاعل ما بعده جاز فى تابعه الجر على اللفظ والنصب على المحل وشمل جميع التوابع واختلف فى الناصب له فقيل اسم الفاعل المضاف وقيل بفعل مضمر وهو مذهب سيبويه وكلام الناظم محتمل للمذهبين إذ لم ينص على ناصبه لكنه صرح فى شرح

الكافية بأنه محمول على الموضع وأن ناصبه اسم الفاعل المذكور وتابع مفعول بانصب وهو مطلوب أيضا لا جرر فهو من باب التنازع ثم مثل بقوله: (كمبتغى جاه ومالا من نهض) فمن فى المثال مبتدأ وهو موصول وصلته نهض ومبتغى خبر مقدم وهو مضاف إلى جاه ومالا معطوف على الموضع ثم قال: وكلّ ما قرّر لاسم فاعل … يعطى اسم مفعول بلا تفاضل يعنى أن اسم المفعول يعمل عمل الفعل بالشروط السابقة فى اسم الفاعل من كونه بمعنى الحال والاستقبال أو مطلقا إذا كان صلة أل وشرط الاعتماد وكل مبتدأ مضافة لما وهى موصولة وصلتها قرر ولاسم متعلق بقرر ويعطى .. إلخ خبر عن كل وبلا تفاضل تتميم للبيت لصحة الاستغناء عنه بما قبله. ثم قال: فهو كفعل صيغ للمفعول فى … معناه كالمعطى كفافا يكتفى يعنى أن اسم المفعول مثل الفعل المصوغ للمفعول فى معناه كما أن اسم الفاعل مثل الفعل المصوغ للفاعل فى معناه فتقول زيد مضروب أبوه فيرتفع ما بعد مضروب على أنه مفعول لم يسم فاعله كما تقول ضرب أبوه وكفعل خبر هو وصيغ فى موضع الصفة لفعل وفى معناه فى موضع الحال من الضمير فى صيغ أى صيغ للمفعول فى حال كونه موافقا له فى المعنى وأتى بمثال من المتعدى إلى مفعولين وهو قوله كالمعطى كفافا يكتفى فالمعطى مبتدأ وأل فيه موصولة وفى المعطى ضمير مستتر عائد على أل وهو المفعول الأول بالمعطى وكفافا مفعول ثان للمعطى ويكتفى خبر المبتدأ. ثم قال: وقد يضاف ذا إلى اسم مرتفع … معنى كمحمود المقاصد الورع يعنى أن اسم المفعول انفرد بجواز إضافته إلى ما هو مرفوع معنى كقولك زيد مكسوّ العبد وأصله مكسوّ عبده ومثله قوله محمود المقاصد الورع وقد للتحقيق لا للتقليل لكثرة إضافة اسم المفعول إلى مرفوعه وذا فاعل بيضاف وهو إشارة إلى اسم المفعول ومرتفع نعت لاسم ومعنى منصوب على حذف الجار أى فى معنى والورع مبتدأ وخبره محمود وهو مضاف إلى المقاصد وأصله محمود مقاصده.

أبنية المصادر

أبنية المصادر اعلم أن الفعل الماضى ثلاثى ومزيد فالثلاثى أربعة أقسام متعد ولازم مكسور العين ولازم مفتوح العين ولازم مضموم العين وقد أشار إلى الأول بقوله: فعل قياس مصدر المعدّى … من ذى ثلاثة كردّ ردّا يعنى أن مصدر الفعل الثلاثى المتعدى يأتى على فعل بسكون العين وشمل قوله المعدى فعل المفتوح العين نحو ضرب ضربا وفعل المكسور العين نحو فهم فهما والمعتل الفاء نحو وعد وعدا والمعتل العين نحو باع بيعا وقال قولا والمعتل اللام نحو رمى رميا وغزا غزوا والمضعف نحو ردّ ردّا وفعل خبر مقدم وقياس مبتدأ ومن ذى فى موضع الحال من مصدر ويجوز أن يكون فعل مبتدأ وقياس خبر لأن فعلا معرفة بالعلمية. ثم أشار إلى الثانى بقوله: وفعل اللازم بابه فعل … كفرح وكجوى وكشلل هذا هو القسم الثانى من الفعل وهو اللازم المكسور العين وقياس مصدره أن يأتى على فعل بفتح العين ويستوى فى ذلك الصحيح كفرح فرحا وأشر أشرا والمعتل اللام كجوى جوى وعمى عمى والمضعف كشلل شللا وقطط قططا وفعل مبتدأ واللازم نعت له وبابه مبتدأ ثان وفعل خبر المبتدأ الثانى وهو وخبره خبر الأول. ثم أشار إلى الثالث بقوله: وفعل اللّازم مثل قعدا … له فعول باطّراد كغدا يعنى أن فعل اللازم يأتى مصدره على فعول واستوى فى ذلك الصحيح نحو قعد قعودا والمعتل العين نحو حال حؤولا والمعتل اللام نحو سما سموّا وغدا غدوّا وفعل مبتدأ واللازم نعت له ومثل منصوب على الحال من الضمير المستتر فى اللازم ويجوز أن يكون مفعولا بفعل محذوف تقديره أعنى وفعول مبتدأ وخبره فى له والجملة خبر المبتدأ وباطراد فى موضع الحال من فعول ثم إن اطراد فعول فى فعل اللازم يشترط فيه أن لا يكون الفعل مستوجبا لأحد الأوزان المذكورة فى قوله: ما لم يكن مستوجبا فعالا … أو فعلانا فادر أو فعالا فذكر فى هذا البيت ثلاثة أوزان وسيذكر رابعا بعد وهى فعال بكسر الفاء وفعلان بفتح الفاء

والعين وفعال بضم الفاء وما ظرفية مصدرية ومستوجبا خبر يكن وفعالا مفعول بمستوجب وأو فعلانا وأو فعالا معطوفان على فعالا ثم بين معانى الأفعال التى تستحق هذه الأوزان فقال: فأوّل لذى امتناع كأبى … والثّان للذى اقتضى تقلّبا للدّا فعال أو لصوت (فأول لذى امتناع كأبى) يعنى بأول فعالا وهو مصدر مطرد فى فعل اللازم الدال على الامتناع نحو أبى إباء ونفر نفارا وفر فرارا بمعنى نفر وقوله: (والثان للذى اقتضى تقلبا) يعنى بالثانى فعلانا وهو أيضا مصدر فعل اللازم الدال على التقلب والاضطراب نحو لمع لمعانا وجال جولانا وغلت القدر غليانا وقوله: (للدا فعال) هذا هو الوزن الثالث وهو فعال وهو مصدر مطرد فى فعل الدال على الداء نحو سعل سعالا وزكم زكاما. ثم قال: (أو لصوت) يعنى أن فعالا يكون أيضا مصدرا فى فعل اللازم الدال على الصوت نحو نعق نعاقا ونعرت الشاة نعارا ورغى البعير رغاء ففعال على هذا يكون لفعل الدال على الداء ولفعل الدال على الصوت وقوله: وشمل * … سيرا وصوتا الفعيل كصهل هذا هو الوزن الرابع وهو فعيل ويكون مصدرا مطردا فى فعل اللازم الدال على السير نحو ذمل ذميلا ورسم رسيما والدال على الصوت نحو صهل صهيلا وهذا معنى قوله وشمل سيرا وصوتا الفعيل وقوله فأول مبتدأ وسوغ الابتداء به أنه وصف لمحذوف والتقدير ففعال أول وخبره لذى امتناع أى لصاحب فعل ذى امتناع فهو على حذف مضاف والثان مبتدأ وأصله والثانى فحذف الياء واستغنى عنها بالكسرة وخبره للذى واقتضى صلة الذى وتقلبا مفعول باقتضى وفعال مبتدأ وخبره للدا وأراد الداء فقصره ضرورة ولصوت معطوف على الداء والتقدير فعال مصدر للداء وللصوت وشمل فيه لغتان شمل يشمل بفتح العين فى الماضى وضمها فى المضارع وهى الفصحى إلا أنه ينبغى أن يضبط بالفتح فى الماضى صونا من السناد وهو اختلاف حركة الحرف الذى قبل الروى المقيد والفعيل فاعل بشمل وسيرا مفعول بشمل وصوتا معطوف عليه. ثم أشار إلى الرابع فقال: فعولة فعالة لفعلا … كسهل الأمر وزيد جزلا

يعنى أن فعل المضموم العين لا يكون إلا لازما فيطرد فى مصدره وزنان. الأول فعولة نحو سهل الأمر سهولة وصعب صعوبة. والثانى فعالة نحو جزل زيد جزالة ونظف نظافة وضخم ضخامة وفصح فصاحة. وفعولة مبتدأ وفعالة معطوف عليه بحذف حرف العطف ولفعلا خبر المبتدأ. ثم قال: وما أتى مخالفا لما مضى … فبابه النّقل كسخط ورضا يعنى أن ما خالف ما ذكره من مصادر الفعل الثلاثى فهو منقول سماعا عن العرب وفهم منه أن جميع ما تقدم من المصدر مقيس وفهم أيضا منه أن مصادر الثلاثى أتت على غير قياس وذكر منها مصدرين سخطا وهو مصدر سخط وقياسه سخط بفتح الخاء وقد جاء كذلك، ورضا هو مصدر رضى وقياسه رضا بفتح الراء وفهم من قوله كسخط فى إتيانه بكاف التشبيه أنه قد جاء غير هذين المصدرين على غير قياس. وما مبتدأ وهى شرطية وخبرها أتى ومخالفا حال من الضمير المستتر فى أتى وهو الضمير العائد على المبتدأ ولما متعلق بمخالفا والفاء جواب الشرط والجملة بعدها جواب الشرط. ولما فرغ من مصادر الثلاثى شرع فى بيان مصدر المزيد فقال: وغير ذى ثلاثة مقيس * … مصدره يعنى أن غير الثلاثى من الأفعال له مصدر مقيس غير متوقف على السماع وشمل قوله غير ذى ثلاثة الرباعى الأصول نحو دحرج والمزيد من الرباعى نحو احرنجم والمزيد من الثلاثى نحو استخرج وله أبنية كثيرة. وبدأ منها بفعل فقال: كقدّس التّقديس يعنى أن فعل المشدد العين نحو قدس يأتى مصدره على تفعيل نحو قدس تقديسا وعلم تعليما. وغير مبتدأ ومقيس خبره ومصدره فاعل مقيس ويجوز أن يكون مقيس خبرا مقدما ومصدره مبتدأ والجملة خبر المبتدأ. ثم قال: وزكه تزكية وأجملا … إجمال من تجمّلا تجمّلا

هذا البيت اشتمل على ثلاثة أفعال بمصادرها وكلها من الثلاثى المزيد الأول زكه وهذا أمر من زكى مصدره يأتى على تزكية ومثله نمى تنمية وسمى تسمية. الثانى أجمل وهو أمر من أجمل ومصدره يأتى على إجمالا ومثله أكرم إكراما وأعطى إعطاء. الثالث تجمل وهو فعل ماض ومصدره يأتى على تفعل ومثله تكلم تكلما وتعلم تعلما وزكه وما بعده معطوف على قوله فى البيت الذى قبله كقدّس التقديس وإجمالا مصدر أجمل وهو مضاف إلى من وهى موصولة وصلتها تجملا وقدم المصدر على فعله والتقدير من تجمل تجملا ثم قال: واستعذ استعاذة ثمّ أقم * … إقامة ذكر فى هذا فعلين مع مصدريهما من الثلاثى المزيد الأول استعذ وهو فعل أمر من استعاذ ومصدره يأتى على استعاذة ومثله استقام استقامة الثانى أقم وهو فعل أمر من أقام ومصدره يأتى على إقامة ومثله أجاز إجازة ثم قال: وغالبا ذا التّا لزم الإشارة للمصدرين معا وإنما أفرده على إرادة ما ذكر وإنما لزمت التاء لأن استعاذة أصلها استعواذا وإقامة أصلها إقواما فنقلت حركة الواو فيهما إلى الساكن وانقلبت الواو ألفا وحذفت إحدى الألفين وعوض منها التاء وفهم من قوله وغالبا أنها تحذف فى غير الغالب كقول بعضهم أراء إراء واستفاه استفاها وذا مبتدأ ولزم خبره والتاء مفعول بلزم ويجوز أن تكون التاء مبتدأ ولزم خبره وذا مفعول مقدم بلزم. ثم قال: وما يلى الآخر مدّ وافتحا … مع كسر تلو الثّان ممّا افتتحا بهمز وصل كاصطفى هذا ضابط فى مصدر كل فعل افتتح بهمزة الوصل يعنى أن الحرف المتصل به الحرف الأخير من الفعل إذا كان الفعل مفتتحا بهمزة الوصل مده وافتح ما قبل المدة فينشأ من ذلك الألف ثم يكسر تلو الحرف الثانى من الفعل وهو الحرف الثالث وما موصولة مفعول مقدم بمد وهو مطلوب أيضا لا فتح فهو من باب التنازع ومع متعلق بمد وكذلك مما وهى موصولة وصلتها افتتحا وبهمز متعلق بافتتح ثم مثل بقوله: (كاصطفى) فتقول اصطفى اصطفاء ومثله انطلق انطلاقا واستخرج استخراجا واقتدر اقتدارا. ثم قال: وضمّ ما * … يربع فى أمثال قد تلملما

يعنى أن مصدر تفعلل يضم فيه رابع الفعل فيصير مصدرا نحو تلملم تلملما ومثله تدحرج تدحرجا وتنفس تنفسا وضم فعل أمر وما مفعول به وهو موصول وصلته يربع ويحتمل أن يكون ضم فعلا ماضيا مبنيا للمفعول وما مفعول لم يسمّ فاعله والأول أشهر ثم قال: فعلال أو فعللة لفعللا يعنى أن فعلل يأتى مصدره على فعلال وعلى فعللة نحو دحرج دحراجا ودحرجة وفهم منه أن مصدر الملحق بفعل كمصدر فعلل نحو جلبب وحوقل فتقول جلبب جلبابا وجلببة وحوقل حيقالا وحوقلة إلا أن المقيس منهما فعللة دون فعلال وقد نبه على ذلك بقوله: واجعل مقيسا ثانيا لا أوّلا وجعلهما فى التسهيل مقيسين معا. وفعلال مبتدأ وفعللة معطوف عليه والخبر لفعللا وثانيا مفعول أول باجعل ومقيسا مفعول ثان ولا عاطفة أوّلا على ثانيا. ثم قال: لفاعل الفعال والمفاعله يعنى أن فاعل له مصدران وهما الفعال والمفاعلة نحو قاتل قتالا ومقاتلة وخاصم خصاما ومخاصمة والفعال مبتدأ والمفاعلة معطوف عليه والخبر فى المجرور قبله. ثم قال: وغير ما مرّ السّماع عادله يعنى أن ما تقدم من مصادر غير الثلاثى هو القياس وما جاء على خلافه عادله السماع أى صار عديلا له ومما جاء من ذلك قول الراجز: - باتت تنزّى دلوها تنزيّا … كما تنزّى شهلة صبيّا (¬128) وقياس مصدر نزى تنزية مثل زكى تزكية ومن ذلك أيضا كذاب فى مصدر كذب وقياسه ¬

_ (¬128) الرجز بلا نسبة فى الأشباه والنظائر 1/ 288، وأوضح المسالك 3/ 240، والخصائص 2/ 302، وشرح الأشمونى 2/ 349، وشرح التصريح 2/ 76، وشرح شواهد الشافية ص 67، وشرح ابن عقيل ص 433، 435، وشرح شافية ابن الحاجب 1/ 165، وشرح المفصل 6/ 58، ولسان العرب 11/ 373 (شهل)، 15/ 320 (نزا)، والمقاصد النحوية 3/ 571، والمقرب 2/ 134، والمنصف 2/ 195. والشاهد فيه قوله: «تنزيّا» حيث ورد مصدر الفعل الذى على وزن «فعّل» المعتلّ اللام على «تفعيل» كما يجئ من الصحيح اللّام، وهذا شاذ، وقياسه «تفعلة» نحو: «توصية» و «تسمية».

أبنية أسماء الفاعلين والمفعولين والصفات المشبهات بها

تكذيب وغير مبتدأ وما موصولة وصلتها مر والسماع مبتدأ وعادله فى موضع خبره والجملة خبر المبتدأ الأول ثم قال: وفعلة لمرّة كجلسه … وفعلة لهيئة كجلسه فى غير ذى الثّلاث بالتّا المرّه … وشذّ فيه هيئة كالخمره يعنى أنك إذا أردت المرة الواحدة من مصدر الثلاثى أتيت بفعلة بفتح الفاء وسكون العين نحو جلس جلسة وضرب ضربة وإذا أردت الهيئة أتيت بفعلة بكسر الفاء نحو جلس جلسة حسنة وقد يكون بناء المصدر على فعلة كرحمة وعلى فعلة كدربة فلا يكون فى إلحاق التاء دلالة على المرة ولا على الهيئة إلا بقرينة تدل على ذلك ثم قال: (فى غير ذى الثلاث بالتا المره) يعنى أن مصدر غير الثلاثى إذا أريد منه المرة ألحقت التاء لمصدره القياسى فتقول فى نحو أكرمه إكراما إذا أردت المرة إكرامة وفى نحو انطلق انطلاقا انطلاقة فلو كان المصدر من ذلك مبنيا على التاء نحو زكى تزكية واستعاذ استعاذة لم يدل على المرة فيه إلا بقرينة نحو زكه تزكية واحدة. وأما الهيئة فلم تستعمل من المزيد إلا على وجه الشذوذ وإلى ذلك أشار بقوله: (وشذ فيه هيئة كالخمره) يعنى أنه قد جاء الهيئة على فعلة فى مصدر غير الثلاثى كقولهم الخمرة وهو من اختمرت المرأة إذا لبست الخمار ومثله العمة من اعتم والقمصة من تقمص والنقبة من تنقب والمرة مبتدأ والخبر فى قوله بالتاء وإنما حذف التاء فى الثلاثى لأنه راعى تأنيث الحرف والتقدير فى غير الفعل صاحب الثلاث الأحرف وفى الثلاث متعلق بالاستقرار العامل فى الخبر أو فى موضع الحال من الفاعل بالاستقرار. أبنية أسماء الفاعلين والمفعولين والصفات المشبهات بها الفعل على قسمين ثلاثى وغير ثلاثى فالثلاثى بالنظر إلى هذا الباب ثلاثة أنواع مفتوح العين ومكسور العين متعد فهذا هو القسم الأول ومكسور العين لازم وهو القسم الثانى ومضموم العين ولا يكون إلا لازما وهو الثالث وقد أشار إلى الأول بقوله: كفاعل صغ اسم فاعل إذا … من ذى ثلاثة يكون كغذا المراد بقوله كفاعل هذا الوزن الذى على صيغة فاعل والمراد باسم الفاعل الذى هو صفة دالة على فاعل جارية فى التذكير والتأنيث على المضارع من أفعالها سواء كان على وزن فاعل

كضارب أو على غيره كمكرم ومدحرج وشمل قوله من ذى ثلاثة جميع أنواع الفعل الثلاثى. ثم أخرج فعل اللازم وفعل لا يكون إلا لازما بقوله: وهو قليل فى فعلت وفعل … غير معدّى وهو ضمير عائد على فاعل فى البيت قبله يعنى أن فاعلا قليل فى اسم الفاعل من فعل المضموم العين وفعل المكسور العين اللازم نحو فره العبد فهو فاره وسلم فهو سالم وفهم منه أنه كثير فيما عدا هذين الوزنين من الثلاثى وهو ثلاثة أنواع مفتوح العين متعد نحو ضرب فهو ضارب وغير متعد نحو قعد فهو قاعد ومكسور العين متعد نحو شرب فهو شارب واسم فاعل مفعول بصغ وكفاعل وإذا متعلقان به والظاهر أن يكون تامة بمعنى يوجد ومن ذى متعلق بها وغذا يحتمل أن يكون من غذوت الصبى باللبن أى ربيته به فيكون متعديا ويحتمل أن يكون بمعنى غذا الماء أى سال فيكون لازما واسم الفاعل منهما معا على فاعل والمراد بقليل شاذ ولذلك قال بعد بل قياسه وقوله وهو قليل مبتدأ وخبر وفى متعلق بقليل وغير معدى حال من فعل الأخير. ثم أشار إلى النوع الثانى من المثالين فقال: بل قياسه فعل … وأفعل فعلان فذكر لاسم الفاعل من فعل اللازم ثلاثة أوزان ففعل وأفعل وفعلان وتجوّز فى إطلاق اسم الفاعل عليها وإنما هى صفات مشبهات باسم الفاعل. ولما كان كل واحد من هذه الأوزان مختصا بمعنى فى الفعل يقتضيه نبه على ذلك بالمثال فقال: نحو أشر * … ونحو صديان ونحو الأجهر ففعل للأعراض نحو فرح فهو فرح وأشر فهو أشر وفعلان للامتلاء وحرارة البطن نحو غرث فهو غرثان وصدى فهو صديان وأفعل للخلق والألوان نحو حمر فهو أحمر وجهر فهو أجهر. ثم أشار إلى النوع الثالث بقوله: وفعل أولى وفعيل بفعل … كالضّخم والجميل والفعل جمل وأفعل فيه قليل وفعل … وبسوى الفاعل قد يغنى فعل

يعنى أن الأولى بفعل المضموم العين فعل نحو سهل فهو سهل وضخم فهو ضخم وفعيل نحو ظرف فهو ظريف وجمل فهو جميل وفهم من قوله أولى أن اسم الفاعل منه يأتى على غير الوزنين المذكورين وهو المنبه عليه بقوله: (وأفعل فيه قليل وفعل) يعنى أن اسم الفاعل من فعل المضموم العين قد يأتى على وزن أفعل نحو حرش فهو أحرش وعلى وزن فعل نحو بطل فهو بطل وحسن فهو حسن وفهم من تنصيصه على القلة فى أفعل وفعل أن الوزنين السابقين كثيران. وقياسه مبتدأ خبره فعل وأفعل معطوف عليه وكذلك فعلان على حذف العاطف وأفعل مبتدأ وقليل خبره وفيه متعلق بقليل وفعل معطوف على أفعل. ثم قال: (وبسوى الفاعل قد يغنى فعل) يعنى أن فعل المفتوح العين قد يأتى اسم فاعله على وزن غير فاعل ولم يذكر الوزن الذى يأتى على غير فاعل ففهم منه أنه غير مخصوص بوزن واحد والذى جاء من ذلك طاب فهو طيب وشاخ فهو شيخ وشاب فهو أشيب وعف فهو عفيف وفهم من قوله قد يغنى التقليل وبسوى متعلق بيغنى وفعل فاعل يغنى. ولما فرغ من اسم الفاعل من الثلاثى شرع فى بيان اسم الفاعل من غير الثلاثى فقال: وزنة المضارع اسم فاعل … من غير ذى الثّلاث كالمواصل مع كسر متلوّ الأخير مطلقا … وضمّ ميم زائد قد سبقا أتى فى هذين البيتين بضابط فى اسم الفاعل من غير الثلاثى وهو أنه إذا أردت اسم الفاعل من غير الثلاثى أتيت بوزن مضارعه إلا أنك تكسر ما قبل الآخر وتجعل عوض حرف المضارعة ميما زائدة مضمومة وشمل غير الثلاثى الرباعى الأصول كيدحرج والرباعى المزيد كيحرنجم والثلاثى المزيد كينطلق ويستخرج فتقول فى اسم الفاعل من دحرج مدحرج ومن احرنجم محرنجم ومن انطلق منطلق ومن استخرج مستخرج ومعنى قوله مع كسر متلوّ الأخير يعنى إذا كان مفتوحا فى المضارع كسر فى اسم الفاعل نحو يتدحرج فتقول متدحرج وفهم من قوله مطلقا أنه إذا كان مكسورا فى المضارع يكسر فى اسم فاعل فتكون الكسرة غير الكسرة نحو منطلق فى ينطلق. وزنة المضارع مبتدأ وهو على حذف مضاف واسم فاعل خبره والتقدير وصاحب زنة المضارع ويحتمل أن يكون اسم فاعل مبتدأ وزنة خبر مقدم ومن غير متعلق بزنة ومع فى موضع الحال من المضارع ومطلقا حال من كسر وضم معطوف على كسر. ثم قال:

الصفة المشبهة باسم الفاعل

وإن فتحت منه ما كان انكسر … صار اسم مفعول كمثل المنتظر يعنى أن الحرف الذى قبل الآخر فى اسم الفاعل من غير الثلاثى إذا فتحته صار اسم مفعول فتقول فى اسم الفاعل من دحرج مدحرج وفى اسم المفعول مدحرج وفى اسم الفاعل من انتظر منتظر وفى اسم المفعول منتظر وقد تبرع بذكر المفعول فى هذا الباب لأنه إنما ترجم لاسم الفاعل والصفات المشبهات بها. وإن فتحت شرط والضمير فى منه عائد على اسم الفاعل ومنه متعلق بفتحت وما مفعول بفتحت وهى موصولة وصلتها كان وانكسر فى موضع خبر كان وصار جواب الشرط. ثم قال: وفى اسم مفعول الثّلاثىّ اطّرد … زنة مفعول كآت من قصد يعنى أن اسم المفعول من الثلاثى يأتى على وزن مفعول وقوله كآت من قصد أى كالمفعول الآتى من قصد وهو مقصود ومثله مضروب من ضرب ومدعوّ ومرضىّ وأصل مدعو مدعوو وأصل مرضىّ مرضوى وزنة فاعل اطرد وفى اسم متعلق باطرد. ثم قال: وناب نقلا عنه ذو فعيل … نحو فتاة أو فتى كحيل يعنى أن صاحب هذا الوزن الذى هو فعيل ناب عن مفعول نحو قتيل بمعنى مقتول وجريح بمعنى مجروح وهو كثير ومع كثرته فهو غير مقيس وقيل يقاس وفهم من تمثيله بفتاة وفتى أن فعيلا المذكور يجرى على المذكر والمؤنث بلفظ واحد نحو فتى كحيل وفتاة كحيل. وذو فاعل بناب ونقلا مصدر فى موضع الحال من ذو. ثم قال: الصفة المشبهة باسم الفاعل الصفة المشبهة باسم الفاعل ما صيغ لغير تفضيل من فعل لازم لقصد نسبة الحدث إلى الموصوف دون إفادة معنى الحدوث وتتميز من اسم الفاعل باستحسان جر فاعلها بإضافتها إليه وإلى ذلك أشار بقوله: صفة استحسن جرّ فاعل … معنى بها المشبهة اسم الفاعل يعنى أن الصفة المشبهة باسم الفاعل يستحسن أن يجرّ بها ما هو فاعل بها فى المعنى نحو

الحسن الوجه إذ أصله الحسن وجهه وذلك لا يصح فى اسم الفاعل وفهم من قوله استحسن أن ذلك موجود فى اسم الفاعل إلا أنه غير مستحسن نحو كاتب الأب وفيه خلاف ومذهب المصنف جوازه وفهم منه أيضا أن الجر بها غير لازم بل يجوز فيه النصب والرفع على ما يأتى. وصفة مبتدأ واستحسن صفته وجر مرفوع باستحسن ومعنى منصوب على إسقاط الخافض وبها متعلق بجر والمشبهة خبر المبتدأ واسم الفاعل يجوز ضبطه بالفتح على أنه مفعول بالمشبهة وبالكسر على أنه مضاف إليه ويجوز أن يكون المشبهة المبتدأ وصفة خبره. ثم قال: وصوغها من لازم لحاضر … كطاهر القلب جميل الظّاهر يعنى أن الصفة المشبهة باسم الفاعل لا تصاغ إلا من الفعل اللازم ولا تكون إلا للحال وبهذين الوصفين خالفت اسم الفاعل فإن اسم الفاعل يصاغ من اللازم والمتعدى وتكون للحال والاستقبال والمضى ثم أتى بمثالين وهو طاهر وجميل فطاهر مصوغ من طهر وهو لازم والمراد به الحال وجميل وهو مصوغ من جمل وهو أيضا لازم ويراد به الحال، وفهم من تمثيله بالوصفين أن الصفة المشبهة تكون جارية على الفعل المضارع فى الحركات والسكنات وعدد الحروف كطاهر فإنه جار فيما ذكر على يطهر، وغير جارية عليه كجميل فإنه غير جار على يجمل. وصوغها مبتدأ ومن لازم لحاضر متعلقان بصوغها والخبر محذوف لدلالة سياق الكلام عليه وتقديره واجب ولا يجوز أن يكون المجروران ولا أحدهما خبرا عن صوغها لعدم الفائدة ولا يجوز أن يكون معطوفا على جر فاعل لأن جر الفاعل بها مستحسن، وصوغها مما ذكر واجب. ثم قال: وعمل اسم فاعل المعدّى … لها على الحدّ الّذى قد حدّا يعنى أن الصفة المشبهة باسم الفاعل تعمل عمل اسم الفاعل المعدى فتقول زيد حسن الوجه كما تقول زيد ضارب الرجل والمراد بالمعدّى المعدّى إلى مفعول واحد. وفهم من قوله على الحد الذى قد حدا، أنها تعمل بالشروط المتقدمة فى اسم الفاعل من الاعتماد ولا ينبغى أن يحمل على جميع الشروط السابقة التى منها أن يكون بمعنى الحال أو الاستقبال لأنه نص على أنها لا تكون إلا للحال بقوله لحاضر. وعمل مبتدأ واسم فاعل مضاف إلى المعدى وهو على حذف الموصوف والتقدير فاعل الفعل المعدى ولها فى موضع خبر عمل وعلى الحد متعلق بعمل أو بالاستقرار الذى يتعلق به الخبر أو فى موضع الحال من الضمير المستتر فى الاستقرار الذى يتعلق به الخبر. وحاصله أن الصفة تعمل عمل اسم الفاعل المتعدى إلى واحد فتنصب ما

بعدها إلا أنه يخالف منصوب اسم الفاعل فى أمرين، وقد أشار إليهما بقوله: وسبق ما تعمل فيه يجتنب … وكونه ذا سببيّة وجب يعنى أن الصفة تخالف اسم الفاعل فى شيئين: الأول أن معمولها لا يجوز تقديمه عليها فتقول زيد حسن الوجه ولا يجوز زيد الوجه حسن بخلاف اسم الفاعل فإنه يجوز أن تقول زيد الرجل ضارب وهو المنبه عليه بقوله: (وسبق ما تعمل فيه يجتنب). الثانى أنه لا يكون إلا سببيا كالمثال المتقدم بخلاف معمول اسم الفاعل فإنه يكون سببيا نحو زيد ضارب أباه، وأجنبيا نحو زيد ضارب عمرا وهو المنبه عليه بقوله: وكونه ذا سببية وجب. وسبق مبتدأ وهو مصدر مضاف إلى الفاعل وما موصولة وصلتها تعمل فيه والضمير عائد على الموصول المجرور بفى ويجتنب فى موضع خبر المبتدأ وكونه مبتدأ وذا خبر الكون وهو مضاف إلى سببية ووجب خبره. ثم قال: فارفع بها وانصب وجرّ مع أل … ودون أل مصحوب أل وما اتّصل بها مضافا أو مجرّدا فالرفع بها على الفاعلية وهو الأصل فيها والنصب على التشبيه بالمفعول به والجر بها على الإضافة وقوله مع أل أى مع كون الصفة مصحوبة لأل ودون أل أى مجردة من أل مصحوب أل أى المعمول للصفة وما اتصل من معمول الصفة بالصفة فى حال كونه مضافا لما بعده أو مجردا يعنى من أل والإضافة فحاصله أن الصفة لها حالان مقرونة بأل ومجردة منها ومعمولها له ثلاثة أحوال اقتران بأل وإضافة وتجرد فالمقرون بأل نوع واحد نحو الحسن الوجه والمضاف ثمانية أنواع الأول مضاف إلى ضمير الموصوف نحو حسن وجهه الثانى مضاف إلى مضاف إلى ضميره نحو حسن وجه أبيه الثالث مضاف إلى المعرّف بأل نحو وجه الأب الرابع مضاف إلى مجرد نحو وجه أب الخامس مضاف إلى ضمير مضاف إلى مضاف إلى ضمير الموصوف نحو جميلة أنفه من قولك مررت بامرأة حسن وجه جاريتها جميلة أنفه السادس مضاف إلى ضمير معمول صفة أخرى نحو جميل خالها من قولك مررت برجل حسن الوجنة جميل خالها السابع مضاف إلى موصول نحو: والطيّبى كل ما التاثت به الأزر من قوله:

- فعج بها قبل الأخيار منزلة … والطّيبى كل ما التاثت به الأزر (¬129) الثامن مضاف إلى موصوف يشبهه نحو رأيت رجلا حديد سنان رمح يطعن به والمجرد من الإضافة وأل يشمل ثلاثة أنواع: الموصول نحو قوله: - أسيلات أبدان رقاق خصورها … وثيرات ما التفت عليها المآزر (¬130) والموصوف نحو «جما نوال أعدّه» من قوله: - أزور امرأ جما نوال أعدّه … لمن أمّه مستكفيا أزمة الدّهر (¬131) وغيرهما نحو مررت برجل حسن وجهه. والصفة لها حالان كما تقدم وعملها رفع ونصب وجر ومعمولها له اثنتا عشرة حالة كما تقدم فهو من ضرب اثنتى عشرة فى ستة باثنتين وسبعين وقد ذكر المرادى هذه الأوجه كلها وقال إنها من ضرب أحد عشر فى ستة والمجموع ست وستون مسألة، والصواب أنها اثنتان وسبعون مسألة. وأنا أرسم لك جدولا كافلا يجمعها على ترتيب النظم. وهو هذا: الحسن/ الحسن/ الحسن/ حسن/ حسن/ حسن الوجه/ الوجه/ الوجه/ الوجه/ الوجه/ الوجه الحسن/ الحسن/ الحسن/ حسن/ حسن/ حسن وجهه/ وجهه/ وجهه/ وجهه/ وجهه/ وجهه الحسن/ الحسن/ الحسن/ حسن/ حسن/ حسن وجه أبيه/ وجه أبيه/ وجه أبيه/ وجه أبيه/ وجه أبيه/ وجه أبيه ¬

_ (¬129) البيت من البسيط، وهو للفرزدق فى ديوانه 1/ 183، والمقاصد النحوية 3/ 625، وبلا نسبة فى شرح الأشمونى 2/ 357، وشرح التصريح 2/ 85. والشاهد فيه قوله: «والطّيبى كل ما» حيث أضيفت الصفة المشبهة «الطّيّبى» إلى «كل» الذى هو مضاف إلى اسم الموصول «ما». (¬130) البيت من الطويل، وهو لعمر بن أبى ربيعة فى المقاصد النحوية 3/ 629، وليس فى ديوانه؛ وبلا نسبة فى شرح الأشمونى 2/ 357، وشرح التصريح 2/ 86. والشاهد فيه قوله: «وثيرات ما» حيث أضيفت الصفة المشبّهة إلى اسم الموصول. (¬131) البيت من الطويل، وهو بلا نسبة فى شرح الأشمونى 2/ 357، وشرح التصريح 2/ 86، والمقاصد النحوية 3/ 631. والشاهد فيه قوله: «جما نوال» حيث رفع «جما» «نوال» مع أنه غير متلبس بضمير صاحب الصفة لفظا، وفى المعنى التقدير: جما نواله.

الحسن/ الحسن/ الحسن/ حسن/ حسن/ حسن وجه الأب/ وجه/ الأب/ وجه الأب/ وجه الأب/ وجه الأب/ وجه الأب الحسن/ الحسن/ الحسن/ حسن/ حسن/ حسن وجه أب/ وجه أب/ وجه أب/ وجه أب/ وجه أب/ وجه أب الحسن/ الحسن/ الحسن/ حسن/ حسن/ حسن أنفه/ أنفه/ أنفه/ أنفه/ أنفه/ أنفه الحسن/ الحسن/ الحسن/ حسن/ حسن/ حسن خالها/ خالها/ خالها/ خالها/ خالها/ خالها الحسن كل/ الحسن كل/ الحسن كل/ حسن كل/ حسن كل/ حسن كل ما تحت/ ما تحت/ ما تحت/ ما تحت/ ما تحت/ ما تحت نقابه/ نقابه/ نقابه/ نقابه/ نقابه/ نقابه الحسن/ الحسن/ الحسن/ حسن/ حسن/ حسن سنان رمح/ سنان رمح/ سنان رمح/ سنان رمح/ سنان رمح/ سنان رمح يطعن به/ يطعن به/ يطعن به/ يطعن به/ يطعن به/ يطعن به الحسن/ الحسن/ الحسن/ حسن/ حسن/ حسن ما تحت/ ما تحت/ ما تحت/ ما تحت/ ما تحت/ ما تحت نقابه/ نقابه/ نقابه/ نقابه/ نقابه/ نقابه الحسن/ الحسن/ الحسن/ حسن/ حسن/ حسن نوال/ نوالا/ نوال/ نوال/ نوالا/ نوال أعده/ أعده/ أعده/ أعده/ أعده/ أعده

الحسن/ الحسن/ الحسن/ حسن/ حسن/ حسن وجه/ وجها/ وجه/ وجه/ وجها/ وجه فهذه اثنتان وسبعون مسألة كلها مفهومة من بيت واحد وثلث بيت ووتد مجموع وذلك قوله: (فارفع بها وانصب وجر مع أل * ودون أل مصحوب أل وما اتصل * بها مضافا أو مجردا) فإذا قرأت فارفع بها فاجعل طرف سبابتك على البيت الأول من الجدول ومرّ به طولا إلى البيت الأخير المقابل له وإذا قرأت فانصب فانقل سبابتك إلى البيت الثانى منه ومرّ به كذلك إلى البيت الأخير المقابل له وإذا قرأت وجر فانقله أيضا إلى البيت الثالث ومر به كذلك إلى البيت الآخر وإذا قرأت مع أل فاجعل طرف سبابتك أيضا على البيت الأول ومر به على البيتين اللذين يليان بعده وإذا قرأت ودون أل فانقل سبابتك إلى البيت الرابع وهو أول الصفة المجردة من أل ومر به إلى آخر السطر ثم أشر بظاهر أنا ملك إلى البيوت التى تحتها مشيرا إلى الرفع والنصب والجر فإذا قرأت مصحوب أل فاجعله على معمول الصفة من البيت الأول ومر به عرضا إلى آخر السطر فإذا قرأت وما اتصل بها مضافا فانقل أصبعك إلى الجدول الذى تحت الجدول الأول وأشر إلى معمول الصفة فى ثمانية أبيات طولا والست الجداول عرضا وهى المحتوية على المعمول المضاف وإذا قرأت أو مجردا فانقله إلى آخر البيت الأول من الجداول الثلاثة الأخيرة وأشر إلى معمولات الصفة فى ذلك وهى أنواع المجرد فقد استوفيت بذلك جميع المسائل. ثم إن معمول الصفة قد يكون ضميرا كقول الشاعر: - حسن الوجه طلقه أنت فى السل … م وفى الحرب كالح مكفهرّ (¬132) وعملها فيه جر بالإضافة إن باشرته وخلت من أل نحو مررت برجل حسن الوجه جميله ونصب إن فصلت أو قرنت بأل فالمفصولة نحو قولهم قريش نجباء الناس ذرية وكرامهموها والمقرونة بأل نحو زيد الحسن الوجه الجميله فهذه ثلاث مسائل فإذا أضيفت إلى المسائل المذكورة صارت الصور خمسا وسبعين هذا كله بالنظر إلى اختلاف معمول الصفة إلى ما ذكر ¬

_ (¬132) البيت من الخفيف، وهو بلا نسبة فى شرح الأشمونى 2/ 356، والمقاصد النحوية 3/ 633. والشاهد فيه قوله: «حسن الوجه طلقه أنت» حيث عمل «حسن الوجه» وهو صفة مشبّهة، فى الضمير البارز «أنت» مع أنه غير سببى، وقد شرط أن يكون معمول الصفة المشبّهة سببا بخلاف اسم الفاعل، فإنه يعمل فى السّببى والأجنبى، والمراد بالسّببىّ المتلبّس بضمير صاحب الصفة لفظا أو معنى. وأجيب عن ذلك بأن المراد بالسّببى ألّا يكون أجنبيّا، فإنها لا تعمل فى الأجنبى، وأمّا عملها فى الموصوف فلا إشكال فيه.

واختلاف عملها وكون الصفة مقرونة بأل أو مجردة منها فإذا نوعت الصفة إلى مفرد مذكر وتثنيته وجمعه جمع سلامة وجمع تكسير وإلى مفرد مؤنث وتثنيته وجمعه على الوجهين المذكورين صارت ثمان صور مضروبة فى خمس وسبعين بستمائة فإذا نوعت الصفة أيضا إلى مرفوعة ومنصوبة ومجرورة، صارت الصور ألفا وثمانمائة من ضرب ثلاثة فى ستمائة فإذا نوعت معمول الصفة أيضا إلى مفرد مذكر وتثنيته وجمعه على الوجهين المذكورين وإلى مفرد مؤنث وتثنيته وجمعه على الوجهين المذكورين صارت ثمانية أوجه مضروبة فى ألف وثمانمائة فالخارج من ذلك أربعة عشر ألف وجه وأربعمائة وجه ويستثنى من هذه الصور الضمير فإنه لا يكون مجموعا جمع تكسير ولا جمع سلامة وجملة صوره مائة وأربعة وأربعون فالباقى أربعة عشر ألفا ومائتان وستة وخمسون. ثم اعلم أن هذه الصور الاثنتين والسبعين المرسومة فى الجدول تنقسم إلى جائز وممتنع، وقد أشار إلى الممتنع منها بقوله: ولا * … تجرر بها مع أل سما من أل خلا ومن إضافة لتاليها يعنى أنه يمتنع إضافة الصفة المقرونة بأل إلى المجرد من أل ومن إضافة إلى ما فيه أل فشمل اثنتى عشرة مسألة وهى مجموع السطر الثالث من الجدول إلا صورتين وهما الأولى والرابعة فالأولى الحسن الوجه والرابعة الحسن وجه الأب فبقيت عشر مسائل كلها ممتنعة إلا أن الصورة السابعة وهى قولك مررت برجل حسن الوجنة جميل خالها أجازها فى التسهيل وظاهر النظم امتناعها وقد فهم من ذكر الصور الممتنعة أن ما عداها من الصور جائز لا من مسائل الإضافة ولا من غيرها ثم صرح بالمفهوم من صور الإضافة فقال: وما * … لم يخل فهو بالجواز وسما أى وما لم يخل من الإضافة إلى ما فيه أل أو إلى ما أضيف إلى المقرون بها فهو موسوم بالجواز وذلك صورتان كما تقدم الحسن الوجه والحسن وجه الأب. ثم إن هذه المسائل الجائزة تنقسم إلى حسن وقبيح وضعيف ونادر وأنا أبسطها وأوعب الكلام عليها فى الشرح الكبير إن شاء الله تعالى إذ لا يليق ذكرها بهذا المختصر لكون الناظم لم يتعرض لها وقد شرطت فى صدر هذا الكتاب أن لا أذكر إلا ما يتعلق بألفاظها. وقوله أو مجردا معطوف على ما اتصل وأو بمعنى الواو والتقدير فارفع بها مصحوب أل وما اتصل بها مضافا أو مجردا

التعجب

ويحتمل أن يكون معطوفا على قوله مضافا وأو على هذا على بابها من التقسيم والتقدير فارفع مصحوب أل وما اتصل بها مضافا أو مجردا فقسم المتصل بالصلة إلى مضاف ومجرد. التعجب أحسن ما قيل فى حدّ التعجب قول ابن عصفور: هو استعظام زيادة فى وصف الفاعل خفى سببها، وخرج بها المتعجب منه لعدم الزيادة عن نظائره أو قلّ نظيره. ثم إن التعجب فى كلام العرب يكون بالصيغتين المذكورتين فى هذا الباب وبغيرهما نحو: سبحان الله، ويا لك من رجل ونحو ذلك إذا كان هناك قرينة تبينه وإنما اقتصر النحويون فى هذا الباب على الصيغتين المذكورتين لاطراد التعجب بهما، وهما ما أفعل وأفعل به وقد أشار إلى الأول منهما فقال: بأفعل انطق بعد ما تعجّبا * أى انطق بوزن أفعل بعد ما فتقول ما أحسن ونصب تعجبا على أنه مصدر فى موضع الحال أى متعجبا أو مفعول له أى لأجل إنشاء فعل التعجب فهو على حذف مضاف، ثم أشار إلى الثانى فقال: أو جئ بأفعل قبل مجرور ببا يعنى أو جئ بوزن أفعل قبل اسم مجرور بباء الجر فتقول أحسن بزيد فأتى بأفعل مكملا بمعموله وهو المتعجب منه المجرور بالباء ثم كمل ما أفعل بقوله: وتلو أفعل انصبنّه يعنى أنك تأتى بعد ما أفعل باسم منصوب فتقول ما أحسن زيدا وبذلك كمل الكلام المستفاد منه إنشاء التعجب ثم مثل أفعل بقوله: كما * … أوفى خليلينا

فما فى المثالين مبتدأ بمعنى شئ وأوفى فعل ماض وفاعله ضمير مستتر يعود على ما وخليلينا مفعول بأوفى والهمزة فى أوفى للنقل والتقدير شئ أو فى خليلينا أى صيرهما وافيين، ثم مثل أفعل بقوله: وأصدق بهما فأصدق لفظه لفظ أمر ومعناه الخبر والباء زائدة فى الفاعل والهمزة فى أفعل للصيرورة والتقدير أحسن زيد أى صار حسنا، ثم قال: وحذف ما منه تعجّبت استبح … إن كان عند الحذف معناه يضح فشمل ما التعجب منه بعد ما أفعل وبعد أفعل فمثال حذفه بعد ما أفعل قول على بن أبى طالب رضى الله تعالى عنه: - جزى الله عنّى والجزاء بفضله … ربيعة خيرا ما أعفّ وأكرما (¬133) أى ما أعفهم وأكرمهم ومثال حذفه بعد أفعل قوله عز وجل: أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ [مريم: 38] أى وأبصر بهم وفهم من قوله إن كان عند الحذف معناه يضح أن الحذف لا يجوز إلا إن كان معناه واضحا وحذف مفعول باستبح وهو مصدر مضاف إلى المفعول وما موصولة وصلتها تعجبت ومنه متعلق بتعجبت ومعناه اسم كان ويضح فى موضع خبرها وهو مضارع وضح يضح بمعنى اتضح وعند متعلق بيضح. ثم قال: وفى كلا الفعلين قدما لزما … منع تصرّف بحكم حتما يعنى أن فعلى التعجب وهما ما أفعله وأفعل به غير متصرفين فلا يستعمل منهما مضارع ولا غيره مما يصاغ من الأفعال بل يلزم أفعل لفظ الماضى ويلزم أفعل لفظ الأمر ومنع فاعل بلزم وهو مصدر مضاف إلى المفعول وقدما منصوب على الظرف وفى كلا متعلق بلزم وكذلك قدما. ثم قال: ¬

_ (¬133) البيت من الطويل، وهو للإمام على بن أبى طالب فى ديوانه ص 171، وتخليص الشواهد ص 491، والدرر 5/ 240، وشرح التصريح 2/ 89، والعقد الفريد 5/ 283، والمقاصد النحوية 3/ 649، وبلا نسبة فى أوضح المسالك 3/ 259، وشرح الأشمونى 2/ 364، وهمع الهوامع 2/ 91. والشاهد فيه قوله: «ما أعف وأكرما» حيث حذف مفعول فعل التعجب لأنه ضمير يدلّ عليه سياق الكلام، والتقدير: ما أعفها وأكرمها.

وصغهما من ذى ثلاث صرّفا … قابل فضل تمّ غير ذى انتفا وغير ذى وصف يضاهى أشهلا … وغير سالك سبيل فعلا اشتمل هذان البيتان على شروط الفعل الذى يجوز أن يصاغ منه فعلا التعجب، وهى ثمانية: الأولى أن يكون فعلا وفهم ذلك من قوله من ذى ثلاث لأن ذى صفة لموصوف محذوف تقديره من فعل ذى ثلاث. الثانى أن يكون ثلاثيا وفهم ذلك من قوله من ذى ثلاث فلا يصاغان مما زاد على الثلاث. الثالث أن يكون متصرفا وفهم ذلك من قوله صرّفا فلا يصاغان من فعل غير متصرف كنعم وبئس ونحوهما. الرابع أن يكون قابلا للفضلية فلا يصاغان من فعل لا يقبل الفضلية نحو مات وفنى. الخامس أن يكون تاما فلا يصاغان من كان وأخواتها وفهم ذلك من قوله تمّ. السادس أن يكون غير لازم للنفى كعاج يقال ما عاج زيد بالدواء أى ما انتفع به ولا تستعمل فى غير النفى وذلك مفهوم من قوله غير ذى انتفا. السابع أن لا يكون اسم فاعله على وزن أفعل نحو شهل وحمر وفهم ذلك من قوله وغير ذى وصف يضاهى أشهلا. الثامن أن يكون مبنيا للفاعل فلا يصاغان من فعل مبنى للمفعول نحو ضرب زيد وذلك مفهوم من قوله: وغير سالك سبيل فعلا وهذه الشروط كلها صفات للفعل المحذوف وهى كلها مفردة إلا قوله صرفا وتمّ فإنهما جملتان فعليتان. ثم قال: وأشدد أو أشدّ أو شبههما … يخلف ما بعض الشّروط عدما ومصدر العادم بعد ينتصب … وبعد أفعل جرّه بالبا يجب يعنى أنه إذا أريد التعجب من فعل عدم بعض الشروط المتقدمة توصل إلى ذلك بأن يصاغ الوزنان المذكوران مما توفرت فيه الشروط المذكورة ويؤتى بمصدر الفعل العادم لبعض الشروط منصوبا بعد ما أفعل ومجرورا بالباء بعد أفعل مضافين إلى فاعل الفعل فتقول إذا تعجبت من البياض من نحو ابيضّ زيد ما أشدّ بياض زيد وأشدد ببياضه ومن استخرج زيد ما أكثر استخراجه وما أشبه ذلك وفهم من قوله ومصدر العادم أن ما لا مصدر له من الأفعال العادمة لبعض الشروط لا يتعجب منه البتة كالأفعال التى لا تتصرف وقوله وأشدد وأشد مبتدأ وخبره يخلف وما مفعول بيخلف وهى موصولة وصلتها عدم وبعض مفعول بعدم ولابد من حذف بين يخلف وما ليتضح المعنى والتقدير يخلف صيغتى التعجب المصوغتين مما عدم. ثم قال:

وبالنّدور احكم لغير ما ذكر … ولا تقس على الّذى منه أثر فهم من قوله وبالندور احكم أنه قد جاء بناء صيغتى التعجب من الفعل العادم لبعض الشروط وأن ذلك نادر أى غير مقيس ومما أتى من غير الفعل قولهم أقمن بزيد لأنه من وصف لا فعل له ومما أتى من غير الثلاثى قولهم ما أعطاه من أعطى وما أفقره من افتقر ومما أتى من الفعل الذى أتى اسم فاعله على أفعل قولهم ما أجمعه وما أرعنه ومما أتى من غير المتصرف قولهم ما أعساه وأعس به من عسى ومما أتى من الفعل المبنى للمفعول ما أجنه من جن وما أولعه من ولع. ثم قال: وفعل هذا الباب لن يقدّما … معموله ووصله به الزما شمل قوله وفعل هذا الباب الصيغتين المذكورتين وهى ما أفعله وأفعل به فلا يتقدم المنصوب على أفعل ولا المجرور بالباء على أفعل، وفهم منه أن المنصوب بما أفعل لا يتقدم على ما ولا يتوسط بين ما وأفعل وسبب ذلك عدم تصرفهما وفهم من قوله: ووصله به الزما أنه لا يفصل بين الفعل ومعموله بشئ. ولما كان فى الفصل بينهما بالظرف والمجرور خلاف نبه على ذلك بقوله: وفصله بظرف أو بحرف جرّ … مستعمل والخلف فى ذاك استقرّ يعنى أن الفصل بالظرف والمجرور بين فعل التعجب ومعموله مستعمل فى كلام العرب وفى ذلك خلاف مشهور، وفهم من قوله مستعمل أن مذهبه موافق لمن أجاز ذلك ومن شواهده مع أفعل قول عمرو بن معد يكرب: لله درّ بنى سليم، ما أحسن فى الهيجاء لقاءها وأكثر فى اللزبات عطاءها وأثبت فى المكروهات بقاءها، ومن شواهده مع أفعل به قول بعض الأنصار: - وقال نبى المسلمين تقدّموا … وأحبب إلينا أن يكون المقدّما (¬134) ¬

_ (¬134) البيت من الطويل، وهو للعباس بن مرداس فى ديوانه ص 102، والدرر 5/ 234، والمقاصد النحوية 3/ 656، وبلا نسبة فى الجنى الدانى ص 49، والدرر 5/ 242، 6/ 321، وشرح الأشمونى 2/ 364، وشرح التصريح 2/ 89، وشرح ابن عقيل ص 451، ولسان العرب 1/ 292، (حبب)، والمقاصد النحوية 4/ 593، وهمع الهوامع 2/ 90، 91، 227. والشاهد فيه قوله: «وأحبب إلينا أن يكون المقدّما» حيث فصل بين فعل التعجب «أحبب» وفاعله الذى هو المصدر المؤوّل من «أن» وما بعدها بالجار والمجرور «إلينا» الذى هو معمول لفعل التعجب، وهذا جائز.

نعم وبئس وما جرى مجراهما

وقول الآخر: - أقيم بدار الحزم ما دام حزمها … وأحر إذا حالت بأن أتحوّلا (¬135) وقوله وفعل هذا الباب مبتدأ وخبره لن يقدم معموله ووصله مفعول مقدم بالزما وهو مصدر مضاف إلى المفعول وبه متعلق بوصله وفصله مبتدأ وهو أيضا مصدر مضاف إلى المفعول وبظرف متعلق بفصل ومستعمل خبر المبتدأ والخلف مبتدأ وفى ذاك متعلق به واستقر فى موضع خبره. نعم وبئس وما جرى مجراهما هذا الباب مشتمل على قسمين الأول نعم وبئس والثانى ما جرى مجراهما من الأفعال وبدأ بنعم وبئس فقال: فعلان غير متصرّفين … نعم وبئس رافعان اسمين صرح بفعلية نعم وبئس وفى ذلك خلاف ومذهب البصريين أنهما فعلان ثم بين أنهما يرفعان اسمين بقوله رافعان اسمين، يعنى أن كل واحد منهما يرفع اسما ومجموعهما يرفع اسمين لا أن كل واحد منهما يرفع اسمين وفعلان خبر مقدم وغير متصرفين نعت لفعلين ونعم وبئس مبتدأ ورافعان نعت لفعلين أيضا ولا يجوز أن يكون غير متصرفين ورافعان أخبارا لأنهما قيد فى فعلين وليس المراد أن يخبر بهما عن نعم وبئس واسمين مفعول برافعان، وفهم منه أن رفع الاسمين بعدهما على الفاعلية لتصريحه بفعليتهما، ثم اعلم أن مرفوعهما يكون ظاهرا ومضمرا، وقد أشار إلى الأول بقوله: (مقارنى أل أو مضافين لما * قارنها) ثم مثل للثانى بقوله: (كنعم عقبى الكرما) ومثله قوله عز وجل: وَلَنِعْمَ دارُ الْمُتَّقِينَ [النحل: 30] ومثال الأول نحو قوله تعالى: فَنِعْمَ الْمَوْلى وَنِعْمَ النَّصِيرُ [الحج: 78] ثم أشار إلى الثانى بقوله: (ويرفعان مضمرا يفسّره * مميّز). ¬

_ (¬135) البيت من الطويل، وهو لأوس بن حجر فى ديوانه ص 83، وتذكرة النحاة ص 292، وحماسة البحترى ص 120، وشرح التصريح 2/ 90، وشرح عمدة الحافظ ص 748، والمقاصد النحوية 3/ 659، وبلا نسبة فى أوضح المسالك 3/ 263، وشرح الأشمونى 2/ 369. والشاهد فيه قوله: «وأحر إذا حالت بأن أتحوّلا» حيث فصل بالظرف، وهو قوله: «إذا حالت» بين فعل التعجب، وهو قوله «وأحر» وبين معموله، وهو قوله: «بأن أتحوّلا».

وفهم من قوله يفسره مميز أن الضمير فيهما لا يفسره متقدم بل التمييز المتأخر عنه وقد مثل ذلك بقوله: (كنعم قوما معشره) فنعم فعل ماض والفاعل به ضمير مستتر فيه تقديره هو وهو مفسر بقوله قوما وفهم من المثال أن نعم وبئس لا يكتفيان بفاعلهما بل لا بد من اسم آخر بعدهما وهو معشره ويسمى مخصوصا وسيأتى. ثم قال: وجمع تمييز وفاعل ظهر … فيه خلاف عنهم قد اشتهر يعنى أن فى الجمع بين التمييز والفاعل الظاهر خلافا مشهورا. واستدل من أجاز ذلك بقوله: - تزوّد مثل زاد أبيك فينا … فنعم الزاد زاد أبيك زادا (¬136) وبأبيات أخر، وتأوّل المانعون ذلك بما لا يليق ذكره بهذا المختصر. ثم قال: وما مميّز وقيل فاعل … فى نحو نعم ما يقول الفاضل إذا لحقت ما نعم وبئس فتارة يليها الفعل كالمثال المذكور، وتارة يليها الاسم كقوله تعالى: فَنِعِمَّا هِيَ [البقرة: 271] فإن وليها الفعل ففيها عشرة أقوال، وإن وليها الاسم ففيها ثلاثة أقوال وكلامه صالح لجميع الأقوال وجميعها راجع إلى كونه تمييزا أو فاعلا واقتصر فى شرح الكافية على أنه إذا وليها الفعل على قولين: الأول أنها نكرة فى موضع نصب على التمييز والفعل بعدها صفة لها والمخصوص محذوف. والآخر أنها فاعل وأنها اسم تام معرفة والفعل بعدها صفة لمخصوص محذوف والتقدير نعم الشئ شئ يقوله الفاضل وإذا وليها الاسم على قول واحد وهو أنها فاعل والاسم بعدها هو المخصوص وينبغى أن يحمل تمثيله على أن المراد فى نحو نعم ما يقول الفاضل وشبهه مما لحقت فيه ما نعم وبئس ليدخل فيه ما وليه الاسم وفى تقديمه أنها تمييز تنبيه على أنه أشهر القولين. ثم قال: ¬

_ (¬136) البيت من الوافر، وهو لجرير فى خزانة الأدب 9/ 394، 399، والخصائص 1/ 83، 396، والدرر 5/ 210، وشرح شواهد الإيضاح ص 109، وشرح شواهد المغنى ص 57، وشرح المفصل 7/ 132، ولسان العرب 3/ 198 (زود)، والمقاصد النحوية 4/ 30، وبلا نسبة فى شرح الأشمونى 1/ 267، وشرح شواهد المغنى ص 862، وشرح ابن عقيل ص 456، ومغنى اللبيب ص 462، والمقتضب 2/ 150. والشاهد فيه قوله: «فنعم الزاد زاد أبيك زادا» حيث جمع بين الفاعل الظاهر، وهو قوله: «الزاد» والتمييز، وهو قوله: «زادا» وهذا غير جائز عند بعض النحاة.

ويذكر المخصوص بعد مبتدا … أو خبر اسم ليس يبدو أبدا المخصوص فى الاصطلاح هو الاسم المقصود بالمدح بعد نعم وبالذم بعد بئس، وفى إعرابه ثلاثة أوجه أحدها أنه مبتدأ والجملة قبله خبره والرابط بين المبتدأ والخبر العموم الذى فى الفاعل وهذا قول متفق عليه. الثانى أنه مبتدأ والخبر محذوف وهو قول مرغوب عنه وقد أجازه قوم منهم ابن عصفور. الثالث أنه خبر مبتدأ مضمر وهذا أيضا مختلف فيه ونسب المصنف إجازته إلى سيبويه وفهم من كلام الناظم الأقوال الثلاثة لأن قوله مبتدأ يحتمل الوجهين إذا لم يذكر الخبر وقوله ليس يبدو أبدا يعنى أنه إذا جعل المخصوص خبرا كان حذف المبتدأ واجبا وفهم من قوله بعد أن محل المخصوص يكون متأخرا عن فاعل نعم وبئس وبعد متعلق بيذكر ومبتدأ حال من المخصوص. ثم قال: وإن بقدّم مشعر به كفى … كالعلم نعم المقتنى المقتفى يعنى أن المخصوص قد لا يذكر بعد الفاعل لذكر ما يشعر به قبل نعم وبئس وشمل ذلك صورتين الأولى أن يذكر فى الكلام الذى قبل نعم متصلا بها كالمثال الذى ذكر الثانية. أن يذكر فى الكلام الذى قبل نعم غير متصل بها كقوله تعالى: إِنَّا وَجَدْناهُ صابِراً نِعْمَ الْعَبْدُ [ص: 44] أى نعم العبد أيوب وقد يكون المشعر بالمخصوص فى كلام غير المتكلم بنعم وذلك أن يتكلم متكلم فيقول مثلا زيد حسن الأفعال فيقول المجيب نعم الرجل. ومشعر صفة لمحذوف والتقدير اسم مشعر ومعمول كفى محذوف والتقدير كفى عن ذكر المخصوص بعد والمقتنى المكتسب والمقتفى المتبع. ولما فرغ من أحكام نعم وبئس شرع فى حكم ما جرى مجراهما فقال: (واجعل كبئس ساء) يعنى أن ساء مساو لبئس فى المعنى والحكم فتقول ساء الرجل أبو جهل وساء رجلا أبو لهب. وألف ساء منقلبة عن واو ووزنه فعل بضم العين وساء مفعول أول باجعل وكبئس مفعول ثان. ثم قال: واجعل فعلا … من ذى ثلاثة كنعم مسجلا يجوز أن يبنى من كل فعل ثلاثى وزن فعل بضم العين ويقصد به ما يقصد بنعم من المدح وبئس من الذم ولا يتصرف ويكون فاعله كفاعل نعم وبئس ويستوى فى ذلك ما كان وضعه

على وزن فعل نحو كَبُرَتْ كَلِمَةً [الكهف: 5] وما كان وضعه على وزن فعل وفعل نحو وضوء الرجل زيد وعلم الرجل عمرو يعنى بقوله كنعم فى الحكم لا فى المعنى لأن فعل كما يقصد به المدح يقصد به الذم نحو جهل الرجل زيد وقوله مسجلا منصوب على الحال من فعل والمسجل المبذول المباح الذى لا يمنع من أحد فهو بمعنى مطلقا فيكون التقدير واجعل فعلا فى حال كونه على فعل أو على فعل أو على فعل ويجوز أن يكون حالا من نعم فيكون التقدير واجعل فعل كنعم مطلقا فى جميع أحكامها. ثم قال: (ومثل نعم حبّذا) يعنى أن حبذا مثل نعم مع فاعلها فى المعنى لا فى الحكم لاختلاف بعض أحكامها إلا أن فى حبذا زيادة على نعم وهى الحب والتقريب من القلب وهى مستفادة من لفظ حب ثم قال: (الفاعل ذا) يعنى أن ذا فاعل بحب وفهم منه أن حب فعل وفاعل. ثم قال: (وإن ترد ذما فقل لا حبّذا) يعنى أنك إذا أردت بحبذا الذم أدخلت عليه لا فتقول لا حبذا زيد فتساوى معنى بئس لأن نفى المدح ذم، وقد جمع الشاعر بينهما فقال: - ألا حبّذا أهل الملا غير أنه … إذا ذكرت مى فلا حبّذا هيا (¬137) ثم قال: وأول ذا المخصوص أيا كان لا … تعدل بذا فهو يضاهى المثلا اعلم أن حبذا يحتاج إلى مخصوص كما يحتاج إليه نعم فتقول حبذا زيد كما تقول نعم الرجل زيد وفهم من قوله وأول ذا أن مخصوص حبذا لا يكون إلا متأخرا عن ذا بخلاف المخصوص بعد نعم فإنه يتقدم وفهم من سكوته عن إعرابه أنه مبتدأ وخبره فى الجملة قبله كما سبق فى مخصوص نعم وقوله أيا كان يعنى مذكرا كان أو مؤنثا مفردا أو مثنى أو مجموعا وقوله لا تعدل بذا يعنى أن ذا لا يكون إلا مفردا مذكرا وإن كان المخصوص على خلاف ذلك فتقول حبذا زيد وحبذا هند وحبذا الزيدان وحبذا العمرون وكان القياس أن يكون اسم الإشارة مطابقا للمخصوص فى التأنيث والتثنية والجمع لكنه أفرد فى الأحوال كلها لشبهه بالمثل وعلى ذلك نبه بقوله فهو يضاهى المثلا أى يشابه المثل والأمثال لا تغير، ثم قال: (وما ¬

_ (¬137) البيت من الطويل، وهو لذى الرمة فى ملحق ديوانه ص 1920، والدرر 5/ 228، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقى ص 1542، وله أو لكنزة أم شملة فى المقاصد النحوية 4/ 12، وبلا نسبة فى شرح الأشمونى 2/ 381، وشرح التصريح 2/ 99، وهمع الهوامع 2/ 69. والشاهد فيه أن «حبّذا» تدخل عليها «لا» فتساوى بئس، وتصير «حبذا» للذّمّ.

أفعل التفضيل

سوى ذا ارفع بحبّ أو فجرّ * بالبا) يعنى أن حب قد يكون فاعلها غير ذا من الأسماء مع إرادة المدح وفى فاعلها حينئذ وجهان أحدهما الرفع والآخر الجر بالباء الزائدة وفى حائها إذ ذاك لغتان الضم وهو الأكثر والفتح وإلى ذلك أشار بقوله: (ودون ذا انضمام الحا كثر) ووجه الفتح البقاء مع الأصل ووجه الضم أن الأصل حبب بضم الباء فنقلت الضمة إلى الحاء فتقول على هذا حب زيد وحب بزيد وحب بزيد. ومن شواهد ضم الحاء وزيادة الباء فى الفاعل قوله: - فقلت اقتلوها عنكم بمزاجها … وحبّ بها مقتولة حين تقتل (¬138) وما مفعول مقدم بارفع أو بجرّ فهو من باب التنازع وصلتها سوى. أفعل التفضيل أفعل التفضيل مضاف ومضاف إليه وإنما أضيف إلى التفضيل لأنه دال عليه واحترز به من أفعل الذى ليس للتفضيل كأحمر وأشهر. صغ من مصوغ منه للتّعجّب … أفعل للتّفضيل وأب اللّذ أبى يعنى أن أفعل التفضيل يجوز صوغه من كل فعل صيغ منه فعل التعجب ويمتنع صوغه من كل فعل عدم بعض الشروط المذكورة فى باب التعجب فأفعل مفعول صغ ومن مصوغ متعلق بصغ ومنه متعلق بمصوغ وكذلك للتعجب وأب فعل أمر من أبى يأبى أى امتنع واللذ مفعول بأب وهى لغة فى الذى وأبى فعل ماض مبنى للمفعول وفيه ضمير عائد على اللذ. ثم قال: وما به إلى تعجّب وصل … لمانع به إلى التّفضيل صل ¬

_ (¬138) البيت من الطويل، وهو للأخطل فى ديوانه ص 263، وإصلاح المنطق ص 35، وخزانة الأدب 9/ 427، 430، 431، والدرر 5/ 229، وشرح شواهد الشافية ص 14، ولسان العرب 11/ 551 (قتل)، 15/ 227 (كفى)، والمقاصد النحوية 4/ 26، وبلا نسبة فى أسرار العربية ص 108، وسر صناعة الإعراب ص 143، وشرح الأشمونى 2/ 382، وشرح شافية ابن الحاجب 1/ 43، 77، وشرح ابن عقيل ص 461، وشرح عمدة الحافظ ص 806، وشرح المفصل 7/ 129، 141، وهمع الهوامع 2/ 89. والشاهد فيه قوله: «حبّ» أو «حبّ» «بها» حيث جاء فاعل «حبّ» أو «حبّ» غير «ذا» وكلا الوجهين جائز، ولكن إذا كان الفاعل «ذا» تعيّن فتح الحاء فى «حبّ».

قد تقدم فى باب التعجب أن الفعل إذا عدم بعض الشروط المصوغة لبناء فعل التعجب يتوصل إلى صوغ أفعل منه بأشد وشبهه وكذلك أيضا يتوصل إلى صوغ أفعل التفضيل من الفعل العادم لبعض الشروط بما يتوصل به إلى صوغ فعل التعجب إلا أنه نبه على تمام الكيفية فى التعجب بقوله ومصدر العادم إلى آخر البيت ولم ينبه هنا على تمامها، وتمامها أن يؤتى بمصدر العادم بعد أفعل منصوبا على التمييز فتقول أنت أشد بياضا من زيد وأكثر استخراجا من عمرو. وما مبتدأ أو مفعول بفعل محذوف يفسره صل وهى موصولة وصلتها وصل به، وبه الأول متعلق بوصل وكذلك إلى تعجب ولمانع وبه الثانى متعلقان بصل وهو على حذف مضاف تقديره مثل وإلى التفضيل متعلق بصل والتقدير وما وصل به إلى التعجب لأجل المانع صل بمثله إلى أفعل التفضيل. ثم قال: وأفعل التفضيل صله أبدا … تقديرا أو لفظا بمن إن جرّدا أفعل التفضيل على ثلاثة أقسام: مجرد من أل والإضافة ومعرّف بأل ومضاف وأشار بهذا البيت إلى القسم الأول يعنى أن أفعل التفضيل إذا كان مجردا من أل والإضافة فلا بد من اقترانه بمن لفظا كقوله عز وجل: وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولى [الضحى: 4] أو تقديرا كقوله تعالى: وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقى [الأعلى: 17] أى من الدنيا، وفهم منه أن ما سوى المفرد وهو المعرف بأل والمضاف لا يقترن بمن ثم إن أفعل التفضيل بالنظر إلى مطابقة الموصوف على ثلاثة أقسام: لزوم عدم المطابقة ووجوب المطابقة وجواز الوجهين وقد أشار إلى الأول بقوله: وإن لمنكور يضف أو جرّدا … ألزم تذكيرا وأن يوحّدا يعنى أن أفعل التفضيل إذا كان مجردا من أل والإضافة أو مضافا إلى نكرة يلزم الإفراد والتذكير فتقول زيد أفضل من عمرو والزيدان أفضل من عمرو والزيدون أفضل من عمرو وهند أفضل من عمرو والهندان أفضل من عمرو وزيد أفضل رجل والزيدان أفضل رجلين والزيدون أفضل رجال. ويضف مجزوم بإن وأو جردا معطوف عليه وألزم جواب الشرط وتذكيرا مفعول ثان بألزم وأن يوحدا معطوف على تذكيرا أى ألزم تذكيرا وتوحيدا وعبر بذلك عن عدم المطابقة. ثم أشار إلى الثانى بقوله: (وتلو أل طبق) يعنى أن أفعل التفضيل إذا دخلت

عليه أل لزمت مطابقته لموصوفه فتقول زيد الأفضل وهند الفضلى والزيدان الأفضلان والهندان الفضليان والزيدون الأفضلون والهندات الفضليات. وتلو أل طبق مبتدأ وخبر والطبق المطابق. ثم أشار إلى الثالث فقال: وما لمعرفه … أضيف ذو وجهين عن ذى معرفه يعنى أن أفعل التفضيل إذا أضيف إلى ذى معرفة جاز أن يطابق موصوفه وأن لا يطابق وقد جمع الوجهين قوله صلّى الله عليه وسلّم: «ألا أخبركم بأحبكم إلىّ وأقربكم منى مجالس يوم القيامة؟ أحاسنكم أخلاقا الموطئون أكنافا الذين يألفون ويؤلفون» فأفرد أحب وأقرب وجمع أحاسن. وما مبتدأ وخبره ذو وجهين وهى موصولة وصلتها أضيف ولمعرفة متعلق بأضيف. ثم قال: هذا إذا نويت معنى من وإن … لم تنو فهو طبق ما به قرن يعنى أن جواز المطابقة وعدمها فى المضاف إلى المعرفة مشروط بأن تكون الإضافة فيه بمعنى من وذلك إذا كان أفعل مقصودا به التفضيل، وأما إذا لم يقصد به التفضيل فلا بد فيه من المطابقة لما هو له كقولهم: الأشج والناقص أعد لا بنى مروان أى عادلاهم فهذا إشارة لجواز الوجهين فى المضاف إلى المعرفة وهو مبتدأ والخبر محذوف أى هذا الحكم ويجوز أن يكون خبرا مقدما والمبتدأ محذوف لدلالة ما تقدم عليه وإن لم تنو شرط وحذف معمول تنو والتقدير وإن لم تنو معنى من، والمراد بما به قرن ما هو أفعل التفضيل له، ثم اعلم أن من المصاحبة لأفعل التفضيل تارة تدخل على اسم الاستفهام وتارة تدخل على غيره، وقد أشار إلى الأول بقوله: وإن تكن بتلو من مستفهما … فلهما كن أبدا مقدّما يعنى أن المجرور بمن المصاحبة لأفعل التفضيل إذا كان اسم استفهام وجب تقديم من ومجرورها على أفعل لأن الاستفهام له صدر الكلام، وشمل صورتين: الأولى أن يكون المجرور اسم استفهام، والأخرى أن يكون مضافا إلى اسم استفهام وقد مثل للأولى بقوله: (كمثل ممّن أنت خير) ومثال الثانية من غلام من أنت أجمل ثم أشار إلى الثانى بقوله: (ولدى * إخبار التقديم نزرا وجدا) يعنى أن المجرور بمن المذكورة إذا كان خبرا أى غير استفهام لزم

تأخيره عن أفعل لأنه بمنزلة الفاعل فمحله التأخير، وقد يتقدم عليه بقلة. وقد استشهد المصنف على ذلك بأبيات منها قوله: - فقالت لنا أهلا وسهلا وزوّدت … جنى النحل بل ما زودت منه أطيب (¬139) أى أطيب منه. قلت وليس فى هذا البيت دليل لاحتمال أن يكون منه متعلقا بزودت وبتلو متعلق بمستفهم ولهما متعلق بمقدما والضمير فى لهما عائد على من ومجرورها أما من فقد لفظ بها قبل وأما مجرورها فمفهوم من قوله مستفهما والباء للاستعانة أو السببية وتلو الشئ الذى يتلوه. ثم اعلم أن أفعل التفضيل يرفع المضمر فى لغات العرب كقولك زيد أفضل من عمرو ففى أفعل ضمير يعود على زيد، وأما رفعه الظاهر ففيه لغتان أشار إلى الأولى منهما بقوله: (ورفعه الظاهر نزر) يعنى أن أفعل المذكور يرفع الظاهر وهى لغة حكاها سيبويه فتقول مررت برجل أفضل من أبوه ورفعه مبتدأ وهو مصدر مضاف إلى الفاعل والظاهر مفعول به وخبره نزر. ثم أشار إلى اللغة الثانية بقوله: (ومتى * عاقب فعلا فكثيرا ثبتا) هذه اللغة لجميع العرب وهى أن أفعل يرفع الظاهر لكن ذلك مشروط بأن يكون معاقبا للفعل وذلك إذا ولى نفيا وكان فاعله أجنبيا مفضلا على نفسه باعتبار محلين كقولهم ما رأيت رجلا أحسن فى عينه الكحل منه فى عين زيد والتقدير ما رأيت رجلا يحسن فى عينه الكحل كحسنه فى عين زيد وهذا هو المراد بقوله عاقب فعلا، ثم مثل ذلك بقوله: كلن ترى فى النّاس من رفيق … أولى به الفضل من الصّدّيق والأصل أولى به الفضل منه بالصديق ثم اختصر، والمراد بالصديق أبو بكر الصديق رضى الله تعالى عنه فالشروط قد توفرت وهو تقدم النفى وهو لن والفاعل أجنبى من الموصوف وهو مفضل على نفسه باعتبار محلين. ¬

_ (¬139) البيت من الطويل، وهو للفرزدق فى خزانة الأدب 8/ 269، والدرر 5/ 296، وشرح المفصل 2/ 60، والمقاصد النحوية 4/ 43، وبلا نسبة فى الأشباه والنظائر 8/ 294، 295، وتذكرة النحاة ص 47، وشرح الأشمونى 2/ 389، وشرح ابن عقيل ص 468، وشرح عمدة الحافظ ص 766، وهمع الهوامع 2/ 104. والشاهد فيه قوله: «منه أطيب» حيث قدم «من» التى فى الخبر على أفعل التفضيل للضرورة الشعرية.

النعت

النعت هو التابع لما قبله فى إعرابه الحاصل والمتجدد، ثم قال: يتبع فى الإعراب الأسماء الأول … نعت وتوكيد وعطف وبدل ذكر فى هذا البيت التوابع وهى خمسة النعت والتوكيد وعطف البيان وعطف النسق والبدل وشمل قوله وعطف نوعى العطف، وفهم من قوله الأول أن التابع لا يكون إلا متأخرا عن المتبوع. ثم قال: فالنّعت تابع متمّ ما سبق … بوسمه أو وسم ما به اعتلق فتابع جنس دخل فيه جميع التوابع ومتم ما سبق أخرج به البدل وعطف النسق لأنهما لا يتممان متبوعهما وبوسمه أو وسم ما به اعتلق أخرج به التوكيد وعطف البيان لأنهما متممان لما سبق كالنعت إلا أن النعت يتممه بدلالته على معنى فى المتبوع أو فيما كان متعلقا به، وفهم من قوله بوسمه أو وسم ما به اعتلق، أن النعت على قسمين متم ما سبق بوسمه وهو النعت الحقيقى ومتم ما سبق بوسم ما اعتلق به وهو النعت السببى، ثم إن نوعى النعت يشتركان فى أنهما يتبعان المنعوت فى اثنين من خمسة وهى واحد من الرفع والنصب والجر وهذا مستفاد من قوله تابع وواحد من التعريف والتنكير وهو المنبه عليه بقوله: (وليعط فى التّعريف والتّنكير ما * لما تلا) يعنى أن النعت يعطى من التعريف والتنكير ما استقر للمنعوت، ثم مثل بالنكرة فقال: (كامرر بقوم كرما) فكرما نعت لقوم وكلاهما نكرة ومثال المعرفة امرر بالقوم الكرماء وبزيد العاقل، ثم إن النعت الحقيقى ينفرد عن السببى بلزوم تبعيته للمنعوت فى اثنين من خمسة وهى واحد من التذكير والتأنيث وواحد من الإفراد والتثنية والجمع وقد أشار إلى ذلك بقوله: وهو لدى التّوحيد والتّذكير أو … سواهما كالفعل فاقف ما قفوا فسوى التذكير التأنيث وسوى التوحيد التثنية والجمع وأحال فى ذلك على الفعل فعلم أن النعت الحقيقى وهو ما رفع ضمير الموصوف يجب مطابقته للموصوف فى التذكير والتأنيث والإفراد والتثنية والجمع وأن السببى وهو ما رفع ظاهرا متلبسا بضمير الموصوف لا يجب

مطابقته فى ذلك فتقول مررت برجلين قائمين وبرجال قائمين وبامرأة قائمة فيطابق الموصوف لأنك تقول مررت برجلين قاما وبرجال قاموا وبامرأة قامت وتقول مررت برجل قائمة أمه وبرجلين قائم أبواهما وبرجال قائم آباؤهم فلا يطابق لأنك تقول مررت برجل قامت أمه وبرجلين قام أبوهما وبرجال قام آباؤهم. ثم قال: (وانعت بمشتقّ كصعب وذرب * وشبهه) المراد بالمشتق اسم الفاعل واسم المفعول وأمثلة المبالغة والصفة المشبهة باسم الفاعل وأفعل التفضيل وقد تقدم بيان ذلك كله وصعب وذرب من الصفة المشبهة والذرب بالذال المعجمة هو الحادّ من كل شئ والمراد بشبه المشتق اسم الإشارة وهو المشار إليه بقوله: (كذا) وذى بمعنى صاحب وهو المشار إليه بقوله: (وذى) والمنسوب وهو المشار إليه بقوله: (والمنتسب) فتقول قام زيد هذا فهذا نعت لزيد وهو جامد إلا أنه شبيه بالمشتق كأنك قلت قام زيد المشار إليه وكذلك مررت برجل ذى مال أى صاحب مال وكذلك مررت برجل قرشى بمعنى منتسب لقريش والوصف به أكثر مما قبله ولذلك يرفع الظاهر فتقول مررت برجل تميمى أبوه. ثم قال: ونعتوا بجملة منكّرا … فأعطيت ما أعطيته خبرا شمل قوله بجملة الجملة الاسمية والجملة الفعلية وفهم من قوله منكرا أن الجملة لا تكون نعتا للمعرفة وذلك لأنها مقدرة بالنكرة فتقول مررت برجل قام أبوه وبامرأة أبوها قائم فلو وقعت الجملة بعد معرفة لكانت فى موضع نصب على الحال وفهم من قوله فأعطيت ما أعطيته خبرا أنها لا بد فيها من رابط يربطها بالمنعوت وأوهم إطلاقه فى الجملة أنها تكون طلبية لأن الجملة الطلبية يخبر بها عن المبتدأ فلذلك أزال هذا الإيهام بقوله: (وامنع هنا إيقاع ذات الطلب) يعنى أن الجملة الطلبية يمتنع وقوعها صفة وذلك كجملة الأمر والنهى والدعاء والاستفهام والعرض والتحضيض فلا يقع شئ من ذلك نعتا لأنها لا تدل على شئ محصل يحصل به تخصيص المنعوت. ثم قال: (وإن أتت فالقول أضمر تصب) يعنى إذا جاء من كلام العرب ما يوهم وقوع الجملة الطلبية نعتا فأوله على إضمار القول ومما جاء مما يوهم ذلك قول الراجز:

- حتى إذا جنّ الظلام واختلط … جاءوا بمذق هل رأيت الذئب قط (¬140) فظاهره أن الجملة المصدرة بهل نعت لمذق والتأويل فى ذلك أن يكون هل رأيت الذئب قط محكيا بمقول والتقدير جاءوا بمذق مقول فيه عند رؤيته هل رأيت الذئب والضمير فى قوله ونعتوا عائد على العرب وما فى قوله ما أعطيته مفعول ثان لأعطيت وفى أعطيت ضمير مستتر عائد على الجملة وهو المفعول الأول وصلة ما أعطيته وهو مفعول ثان وخبرا منصوب على الحال من الضمير المستتر فى أعطيته وإيقاع مفعول بامنع وهو مصدر مضاف إلى المفعول وذات الطلب نعت لمحذوف والتقدير إيقاع الجملة ذات الطلب وإن أتت يعنى الجملة الطلبية نعتا فأضمر القول، ثم قال: (ونعتوا بمصدر كثيرا) يعنى أن النعت بالمصدر جاء فى كلام العرب كثيرا وهو على خلاف الأصل لأن المصدر جامد لكنه شبيه بالمشتق ولا يفهم من قوله كثيرا اطراد الوصف كما تقدم فى قوله: (ومصدر منكر حالا يقع * بكثرة). ثم قال: (فالتزموا الإفراد والتذكيرا) يعنى أن المصدر إذا وقع نعتا التزم إفراده وتذكيره فتقول مررت برجل عدل وبرجلين عدل وبرجال عدل وبامرأة عدل وبامرأتين عدل وبنساء عدل وسبب ذلك أن النعت فى الحقيقة محذوف والأصل مررت برجلين ذوى عدل فحذف المضاف وبقى المضاف إليه على ما كان عليه من الإفراد. ثم قال: ونعت غير واحد إذا اختلف … فعاطفا فرّقه لا إذا ائتلف غير واحد هو المثنى والمجموع وله صورتان إحداهما اختلاف معنى النعتين أو النعوت فهذه يعطف فيها النعوت بعضها على بعض بالواو نحو مررت برجلين كريم وبخيل أو برجال كريم وبخيل وعاقل، والأخرى ائتلافهما فهذه يستغنى فيها بالتثنية والجمع عن العطف نحو مررت برجلين كريمين أو برجال كرام ويجوز فى نعت الرفع على الابتداء وخبره فرقه والنصب بإضمار فعل يفسره فرقه وهو المختار وواحد نعت لمحذوف تقديره ونعت غير منعوت واحد وعاطفا حال من الفاعل المستتر فى فرقه ولا عاطفة إذا ائتلف على إذا اختلف. ثم قال: ¬

_ (¬140) الرجز للعجاج فى ملحق ديوانه 2/ 304، وخزانة الأدب 2/ 109، والدرر 6/ 10، وشرح التصريح 2/ 112، والمقاصد النحوية 4/ 61، وبلا نسبة فى الإنصاف 1/ 115، وأوضح المسالك 3/ 310، وخزانة الأدب 3/ 30، 5/ 24، 468، 6/ 138، وشرح الأشمونى 2/ 499، وشرح ابن عقيل ص 477، وشرح عمدة الحفاظ ص 541، وشرح المفصل 3/ 52، 53، ولسان العرب 4/ 248 (خضر)، 10/ 340 (مذق)، والمحتسب 2/ 165، ومغنى اللبيب 1/ 246، 2/ 585، وهمع الهوامع 2/ 117. والشاهد فيه قوله: «بمذق هل رأيت الذئب» فالظاهر أن الجملة الاستفهامية قد وقعت نعتا للنكرة «مذق» والحقيقة أنها مقول قول محذوف، والتقدير: جاءوا بمذق مقول فيه: هل رأيت الذئب قط؟

ونعت معمولى وحيدى معنى … وعمل أتبع بغير استثنا يعنى أنك إذا ذكرت منعوتين معمولين لعاملين متحدين فى المعنى والعمل أتبعت النعت للمنعوت فى إعرابه فتقول ذهب زيد وذهب عمرو العاقلان فإن العاملين متحدان فى المعنى وشمل المتحدين فى المعنى واللفظ كالمثال المذكور والمتحدين فى المعنى دون اللفظ نحو ذهب زيد وانطلق عمرو العاقلان ومعنى قوله أتبع أجز الإتباع لا أن الإتباع واجب لأنه يجوز فيه القطع وفهم منه جواز الإتباع إذا كان العامل فيهما واحدا نحو ذهب زيد وعمرو العاقلان وهو من باب أحرى وفهم منه أيضا أن العاملين إذا اختلفا معنى لم يجز الإتباع وفيه ثلاث صور إحداها أن يختلفا فى المعنى واللفظ نحو ذهب زيد وهذا عمرو العاقلان. الثانية أن يختلفا فى اللفظ والمعنى ويتفقا فى الجنس نحو قام زيد وخرج عمرو الكريمان. الثالثة أن يتفقا فى الجنس وفى اللفظ ويختلفا فى المعنى نحو وجد زيد ووجد عمرو إذا أريد بوجد الأول حزن وبالثانى أصاب، وفهم من قوله وعمل أنهما إذا اختلفا فى العمل لم يجز فيهما الإتباع نحو ضربت زيدا وقام عمرو العاقلان وخاصم زيد عمرا العاقلان ويحتمل قوله بغير استثناء أن الإتباع سائغ فيما ذكر بغير استثناء يشير به إلى قول من يمنع الإتباع وإن اتفقا فى المعنى وهو ابن السراج ويحتمل أن يريد بغير استثناء فى الرفع والنصب والجر وبه جزم الشارح. ونعت مفعول مقدم بأتبع وهو مصدر مضاف إلى المفعول وهو على حذف مضاف بين معمولى ووحيدى والتقدير ونعت مفعولى عاملين ووحيدى فوحيدى نعت لعاملين ومعنى مجرور بإضافة وحيدى إليه وعمل معطوف على معنى وبغير متعلق بأتبع. ثم قال: وإن نعوت كثرت وقد تلت … مفتقرا لذكرهنّ أتبعت قد يكون للمنعوت الواحد نعتان فصاعدا بعطف كقوله تعالى: سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (1) الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى (2) وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدى [الأعلى: 1 - 3] الآية وبغير عطف كقوله تعالى: هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ [القلم: 11] الآية فإن كان المنعوت مفتقرا لذكرها وجب إتباعها وعلى هذا نبه بقوله أتبعت أى وجب إتباعها للمنعوت فى إعرابه وفهم من قوله كثرت أنها زادت على نعت واحد فشمل النعتين فصاعدا فتقول مررت بزيد الخياط الطويل بالإتباع إذا افتقر المنعوت للنعتين المذكورين ومررت برجل تميمى خياط طويل إذا افتقر المنعوت للنعوت المذكورة وقد يكون المنعوت معينا غير محتاج إلى تخصيص بالنعت وإلى ذلك أشار بقوله:

واقطع أو اتبع إن يكن معيّنا * بدونها يعنى أن المنعوت إذا علم بدون نعت ثم أتيت بنعوت جاز فيها الإتباع والقطع والإتباع فى بعضها والقطع فى بعضها، وإلى جواز إتباع بعضها وقطع بعضها أشار بقوله: أو بعضها اقطع معلنا وفهم من قوله أو بعضها اقطع؛ قطع بعضها وإتباع بعضها ويلزم على هذا أن يكون بعضها منصوبا على أنه مفعول باقطع وبهذا جزم المرادى، وقال الشارح أى وإن يكن المنعوت معينا ببعضها اقطع ما سواه انتهى فجعل مفعول اقطع محذوفا وفهم من كلامه أن بعضها مجرور بالعطف على بدونها وأو فى قوله أو اتبع للتخيير بين إتباع النعوت للمنعوت فى الإعراب وبين قطعها عن التبعية وفى القطع حينئذ وجهان الرفع والنصب، إلى ذلك أشار بقوله: وارفع أو انصب إن قطعت مضمرا … مبتدأ أو ناصبا لن يظهرا يعنى أن المقطوع عن التبعية يجوز فيه الرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف والنصب على أنه مفعول بفعل محذوف وكلاهما لازم الحذف وعلى ذلك نبه بقوله لن يظهرا وأو للتخيير أيضا وإن قطعت شرط فى جواز الوجهين ومفعول قطعت محذوف تقديره إن قطعت النعوت أو بعضها ومضمرا حال من التاء فى قطعت ومبتدأ مفعول بمضمرا والألف فى لن يظهرا ضمير عائد على مبتدأ وناصبا، ثم قال: وما من المنعوت والنّعت عقل … يجوز حذفه وفى النّعت يقلّ يعنى أنه يجوز حذف كل واحد من النعت والمنعوت إذا علم إلا أن ذلك فى النعت قليل، وفهم من قوله وفى النعت يقلّ أن حذف المنعوت يكثر، ومن حذف المنعوت قوله عز وجل: وَعِنْدَهُمْ قاصِراتُ الطَّرْفِ أَتْرابٌ [ص: 52] أى حور قاصرات الطرف، ومن حذف النعت قول الشاعر:

التوكيد

- فلم أعط شيئا ولم أمنع (¬141) أى فلم أعط شيئا طائلا. وما مبتدأ موصولة وصلتها عقل ومن المنعوت متعلق بعقل ويجوز حذفه فى موضع خبر ما وفاعل يقل ضمير يعود على الحذف. التوكيد التوكيد على قسمين: لفظى، ومعنوى؛ فالمعنوى على قسمين قسم يدل على إثبات الحقيقة ورفع المجاز وقسم يدل على الإحاطة والشمول وقد أشار إلى الأول فقال: بالنّفس أو بالعين الاسم أكّدا … مع ضمير طابق المؤكّدا يعنى أن الاسم يؤكد بلفظ النفس أو العين مضافين إلى ضمير مطابق للمؤكد فى الإفراد والتذكير وفروعهما فتقول قام زيد نفسه وعينه وقامت هند نفسها وعينها هذا فى حالة الإفراد فإن كان المؤكد مثنى أو مجموعا فقد نبه على ذلك بقوله: واجمعهما بأفعل إن تبعا … ما ليس واحدا تكن متّبعا يعنى أن النفس والعين إذا أكد بهما غير الواحد جمعا على أفعل، وشمل قوله ما ليس واحدا المثنى والمجموع مذكرين ومؤنثين فتقول قام الزيدان أنفسهما وقام الزيدون أنفسهم والهندان أنفسهما والهندات أنفسهن. ثم أشار إلى الثانى وهو الدال على الإحاطة والشمول بقوله: وكلّا اذكر فى الشمول وكلا … كلتا جميعا بالضّمير موصلا ¬

_ (¬141) صدره: وقد كنت فى الحرب ذا تدرإ والبيت من المتقارب، وهو للعباس بن مرداس فى ديوانه ص 84، والدرر 6/ 25، وشرح التصريح 2/ 119، وشرح شواهد المغنى 2/ 925، وشرح عمدة الحافظ ص 551، والشعر والشعراء 2/ 752، ولسان العرب 1/ 72 (درأ)، والمقاصد النحوية 4/ 69، وبلا نسبة فى أوضح المسالك 3/ 322، وشرح الأشمونى 1/ 401، ومغنى اللبيب 2/ 627، وهمع الهوامع 2/ 120. والشاهد فيه قوله: «فلم أعط شيئا»، يريد: «فلم أعط شيئا طائلا»، فحذف النعت.

ذكر فى هذا البيت من ألفاظ التوكيد أربعة كل ولا يؤكد بها إلا ذو أجزاء وكلا ويؤكد بها المثنى المذكر وكلتا ويؤكد بها المثنى المؤنث وجميع وهو مثل كل ولا يؤكد بهذه الألفاظ إلا مضافة إلى ضمير المؤكد وهو المنبه عليه بقوله بالضمير موصلا وأل فى الضمير للعهد ففهم منه أن الضمير يكون مطابقا للمؤكد كما فى النفس والعين فتقول جاء الجيش كله والقبيلة كلها والرجال كلهم والنساء كلهن والزيدان كلاهما والهندان كلتاهما والركب جميعه والجماعة جميعها والزيدون جميعهم والهندات جميعهن، ثم قال: واستعملوا أيضا ككلّ فاعله … من عمّ فى التّوكيد مثل النّافله من ألفاظ التوكيد عامة بمعنى كل تقول جاء الجيش عامته أى كله والقبيلة عامتها والزيدون عامتهم ولما لم يتزن له لفظ عامة لما فيه من الجمع بين ساكنين وذلك لا يتأتى فى الشعر عبر عنها بفاعلة من عم فإذا بنيت من عم فاعلة قلت عاممة فاجتمع مثلان فأدغم الأول فى الثانى وإنما قال مثل النافلة لإغفال كثير من النحويين عن ذكر عامة فى ألفاظ التوكيد فصار كأنه نافلة على ما ذكره النحويون من ألفاظ التوكيد فى هذا الباب، والنافلة الزيادة، ثم ذكر توابع كل فقال: وبعد كلّ أكدوا بأجمعا … جمعاء أجمعين ثمّ جمعا يعنى أن أجمع وما بعده يؤكد به بعد كل، وفهم من ترتيب هذه الألفاظ أن أجمع للمفرد المذكر وجمعاء للمفرد المؤنث وأجمعين للجمع المذكر وجمع للجمع المؤنث فتقول جاء الجيش كله أجمع والقبيلة كلها جمعاء والزيدون كلهم أجمعون والهندات كلهن جمع، وفهم من قوله وبعد كل أمران أحدهما واجب وهو أن أجمع إذا ذكر مع كل لا يكون إلا متأخرا عنها والآخر غالب وهو أنه لا يؤكد به دون كل وقد نبه على أنه يؤكد به دون كل بقوله: ودون كل قد يجئ أجمع … جمعاء أجمعون ثمّ جمع يعنى أن أجمع وما بعده يؤكد به دون كل فتقول جاء الجيش أجمع والقبيلة جمعاء والزيدون أجمعون والهندات جمع وفهم من قوله قد يجئ أن ذلك قليل بالنسبة لذكرها بعد كل وصرح الشارح بقلته وفيه نظر لأنه جاء فى القرآن التوكيد به دون كل كثيرا كقوله تعالى: لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ [ص: 82] وجمعاء أجمعون معطوفان على أجمع بحذف العاطف، ثم قال:

وإن يفد توكيد منكور قبل … وعن نحاة البصرة المنع شمل فى توكيد النكرة ثلاثة مذاهب: المنع مطلقا وهو مذهب البصريين، والجواز مطلقا وهو مذهب بعض الكوفيين، والجواز إذا كانت النكرة مؤقتة نحو شهر ويوم وشبههما وهو اختيار المصنف وظاهر النظم لاشتراطه الفائدة ولا تحصل الفائدة إلا فى النكرة المؤقتة نحو صمت شهرا كله، ومنه قوله: - يا ليتنى كنت صبيا مرضعا … تحملنى الذلفاء حولا أكتعا (¬142) وقوله أيضا: - لكنه شاقه أن قيل ذا رجب … يا ليت عدّة شهر كله رجب (¬143) ويؤيده قوله فى التسهيل إن أفاد توكيد النكرة جاز وفاقا للأخفش والكوفيين، والمنقول عن الأخفش والكوفيين أن النكرة لا تؤكد إلا إذا كانت مؤقتة وفهم من كلامه أن المجيز لتوكيد النكرة الكوفيون لذكره البصريين فى المنع وفهم من قوله شمل أن البصريين يمنعون توكيدها مطلقا سواء كانت مؤقتة أو غير مؤقتة، وعن متعلق بشمل. ثم قال: واغن بكلتا فى مثنى وكلا … عن وزن فعلاء ووزن أفعلا يعنى أن العرب استغنت بكلتا فى المثنى المؤنث عن وزن فعلاء وبكلا فى المذكر عن وزن أفعل فتقول قامت المرأتان كلتاهما والرجلان كلاهما ولا يقال قامت المرأتان جمعاوان ولا قام الزيدان أجمعان كما قالوا فى المفرد أجمع وفى الجمع أجمعون، ولا بد من إضافة ¬

_ (¬142) الرجز بلا نسبة فى الدرر 6/ 35، 41، وخزانة الأدب 5/ 169، وشرح الأشمونى 2/ 406، وشرح ابن عقيل ص 385، وشرح عمدة الحافظ ص 562، 565، ولسان العرب 8/ 305 (كتع)، والمقاصد النحوية 4/ 93، والمقرب 1/ 240، وهمع الهوامع 2/ 123، 124. والشاهد فيه قوله: «حولا أكتعا» حيث أكد النكرة المحدودة، وهو مذهب الكوفيين. (¬143) البيت من البسيط، وهو لعبد الله بن مسلم الهذلى فى شرح أشعار الهذليين 2/ 910، ومجالس ثعلب 2/ 407، وبلا نسبة فى أسرار العربية ص 190، والإنصاف ص 450، وأوضح المسالك 3/ 332، وتذكرة النحاة ص 640، وجمهرة اللغة ص 525، وخزانة الأدب 5/ 170، وشرح الأشمونى 2/ 407، وشرح التصريح 2/ 125، وشرح شذور الذهب ص 551، وشرح قطر الندى ص 296، والمقاصد النحوية 4/ 96. والشاهد فيه قوله: «حول كله» حيث أكّد النكرة التى هى قوله: «حول» لما كانت النكرة محدودة، لأن «العام» معلوم الأول والآخر وكان لفظ التوكيد من الألفاظ الدالة على الإحاطة، وهو قوله: «كله» وتجويز ذلك هو مذهب الكوفيين.

كلا وكلتا لضمير المؤكد وقد تقدم فى قوله: وكلا اذكر فى الشمول ... البيت، واغن فعل أمر من غنى بمعنى استغنى وبكلتا وعن وزن متعلقان باغن. ثم قال: وإن تؤكد الضّمير المتّصل … بالنّفس والعين فبعد المنفصل عنيت ذا الرّفع ... يعنى أن ضمير الرفع المتصل إذا أكد بالنفس أو بالعين لا بد من توكيده بالضمير المنفصل تقول قمت أنت نفسك وزيد قام هو عينه وفهم أن الضمير المؤكد بالنفس والعين إذا كان منفصلا لا يلزم توكيده بالضمير نحو أنت نفسك قائم وفهم أيضا أن التأكيد إذا كان بغير النفس والعين لا يلزم توكيده بالضمير نحو قمتم كلكم أجمعون وفهم من قوله عنيت ذا الرفع أن الضمير المتصل إذا كان منصوبا أو مجرورا لا يؤكد أيضا نحو ضربتك نفسك ومررت بك نفسك ثم صرح بالمفهوم فى التوكيد بغير النفس والعين فقال: وأكّدوا بما … سواهما والقيد لن يلتزما يعنى أن ضمير الرفع المتصل إذا أكد بغير النفس والعين من ألفاظ التوكيد لا يلزم التوكيد بالضمير المنفصل فتقول الزيدون قاموا كلهم، وفهم من قوله لن يلتزما أن توكيده بالضمير جائز فتقول قاموا هم كلهم وقمتم أنتم أجمعون وإن تؤكد شرط والفاء جواب الشرط وبعد خبر مبتدأ مضمر والمنفصل نعت لمحذوف والتقدير فتوكيده بعد الضمير المنفصل. ولما فرغ من التوكيد المعنوى شرع فى التوكيد اللفظى فقال: وما من التّوكيد لفظىّ يجى … مكرّرا كقولك ادرجى ادرجى التوكيد اللفظى إعادة اللفظ بموافقة، وفهم من قوله له مكررا أنه يكون المساوى لفظا ومعنى نحو ادرج ادرج، وبالمساوى معنى دون لفظ نحو: 144 - أنت بالحقّ جدير قمن لأن جديرا وقمنا متفقان معنى وفهم منه أيضا أنه يكون فى الاسم والفعل والحرف والجملة وسيذكر ذلك. وما مبتدأ وهى موصولة ولفظى خبر مبتدأ محذوف تقديره وما هو من التوكيد لفظى وهو العائد على الموصول والمبتدأ مع خبره صلة ما وإنما جاز حذف

الضمير وهو صدر الصلة بالمجرور وهو متعلق بالاستقرار على أنه حال من الضمير المستتر فى الخبر ويجى خبر مبتدأ ومكررا حال من الضمير المستتر فى يجى ثم قال: ولا تعد لفظ ضمير متّصل … إلّا مع اللّفظ الّذى به وصل يعنى أنه إذا أكد الضمير المتصل وجب أن يؤتى معه باللفظ الذى اتصل به فشمل المتصل بالفعل المرفوع نحو قمت قمت والمنصوب نحو ضربك ضربك والمجرور المتصل بالاسم نحو غلامك غلامك والمتصل بالحرف نحو بك بك، وفهم منه أن الضمير المنفصل لا يشترط فيه شئ نحو أنت أنت قائم وهو هو قاعد وإياك إياك ضربت. ثم قال: كذا الحروف غير ما تحصّلا … به جواب يعنى أن التوكيد اللفظى فى الحروف لا بد فيه من تكرار ما اتصل به فتقول فى توكيد «فى» من قولك فى الدار زيد فى الدار فى الدار زيد وإن من إن زيدا قائم إن زيدا إن زيدا قائم ولا يجوز توكيده بغير ما اتصل به إلا فى الضرورة كقوله: - ولا للما بهم أبدا دواء (¬145) فلو كان الحرف جوابيا لم يشترط فيه ذلك وإلى ذلك أشار بقوله: (غير ما تحصلا به جواب) ومثله بقوله: (كنعم وكبلى) فتقول: نعم نعم وبلى وبلى أنه لم يتصل به شئ يتكرر معه. والحروف مبتدأ وخبره كذا وغير منصوب على الاستثناء والتقدير الحروف كالضمائر فى وجوب إعادة ما اتصل بها إلا المتحصل به الجواب. ثم قال: ومضمر الرّفع الّذى قد انفصل … أكّد به كلّ ضمير اتّصل ¬

_ (¬145) صدره: فلا والله لا يلفى لما بى والبيت من الوافر، وهو لمسلم بن معبد الوالبى فى خزانة الأدب 2/ 308، 312، 5/ 157، 9/ 528، 534، 10/ 191، 11/ 267، 287، 330، والدرر 5/ 147، 6/ 53، 256، وشرح شواهد المغنى ص 773، وبلا نسبة فى الإنصاف ص 571، وأوضح المسالك 3/ 343، والجنى الدانى ص 80، 345، والخصائص 2/ 282، ورصف المبانى ص 202، 248، 255، 259، وسر صناعة الإعراب ص 282، 332، وشرح الأشمونى 2/ 410، وشرح التصريح 2/ 130، 230، والصاحبى فى فقه اللغة ص 56، والمحتسب 2/ 256، ومغنى اللبيب ص 181، والمقاصد النحوية 4/ 102، والمقرب 1/ 338، وهمع الهوامع 2/ 125، 158.

عطف البيان

يعنى أن ضمير الرفع المنفصل يجوز أن يؤكد به كل ضمير متصل فشمل المرفوع نحو قمت أنت وقمت أنا والمنصوب نحو ضربتك أنت والمجرور نحو مررت بك أنت وهذا النحو من قبيل التوكيد اللفظى المرادف. عطف البيان إنما سمى عطف البيان لأنه يبين متبوعه كالنعت. قوله: العطف إمّا ذو بيان أو نسق قسم العطف إلى ذى بيان وذى نسق فالعطف مبتدأ وذو بيان خبره ونسق معطوف عليه وهو على حذف مضاف أى أو ذو نسق. ثم بين أن مراده فى هذا الباب عطف البيان بقوله: والغرض الآن بيان ما سبق أى الغرض فى هذا الباب عطف البيان ثم عرّفه فقال: فذو البيان تابع شبه الصّفه … حقيقة القصد به منكشفه فتابع جنس يشمل جميع التوابع وشبه الصفة مخرج للتوكيد والبدل وعطف النسق وحقيقة القصد به منكشفة مخرج للنعت فإن النعت يوضح متبوعه بوسمه أو وسم ما به اعتلق كما تقدم وعطف البيان يوضحه بنفسه فلذلك قال: (حقيقة القصد به منكشفة)، وقال فى النعت بوسمه إلى آخره. وذو البيان مبتدأ وتابع خبره وشبه الصفة نعت لتابع لا خبر بعد خبر لأنه قيد فى التابع وحقيقة القصد إلخ جملة اسمية فى موضع الصفة لتابع، ثم قال: فأولينه من وفاق الأوّل … ما من وفاق الأوّل النّعت ولى يعنى أن عطف البيان يوافق متبوعه فى أربعة من عشرة كالنعت، واحد من الرفع والنصب والجر وواحد من التعريف والتنكير وواحد من التذكير والتأنيث وواحد من الإفراد والتثنية والجمع. ولما كان فى ورود عطف البيان نكرة تابعة لنكرة خلاف نبه عليه بقوله: فقد يكونان منكّرين … كما يكونان معرّفين

مذهب الكوفيين وبعض البصريين جواز تنكير عطف البيان مع متبوعه وهو اختيار الناظم ولذلك قال: فقد يكونان منكرين، وفهم من قوله قد أن ذلك قليل بالنسبة إلى تعريفهما، ومما استشهد به على ذلك قوله عز وجل: إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفازاً (31) حَدائِقَ وَأَعْناباً [النبأ: 31 - 32] وما فى قوله ما من وفاق مفعول ثان لأولينه وهى موصولة والنعت مبتدأ خبره ولى والجملة صلة ما ومن وفاق متعلق بولى والضمير العائد من الصلة إلى الموصول محذوف تقديره وليه والضمير المستتر فى ولى عائد على النعت ومن وفاق الأول متعلق بأولينه والتقدير فأولينه من وفاق الأول الذى النعت وليه من وفاق الأول، ثم قال: (وصالحا لبدليّة يرى) يعنى أن عطف البيان يصلح أن يجعل بدلا وذلك مطرد إلا فى موضعين نبه على الأول منهما بقوله: (فى غير نحو يا غلام يعمرا) يعنى أن هذا المثال وأشباهه يتعين أن يكون التابع فيها عطف بيان فيا غلام منادى مبنى على الضم ويعمرا عطف بيان ولا يجوز أن يكون بدلا لأن البدل على نية تكرار العامل فيلزم ضمه إذا جعل بدلا، ونبه على الثانى بقوله: (ونحو بشر تابع البكرىّ) يشير بذلك إلى قول الشاعر: - أنا ابن التارك البكرىّ بشر … عليه الطير ترقبه وقوعا (¬146) فبشر عطف بيان ولا يجوز أن يكون بدلا لأن البدل على نية تكرار العامل والعامل التارك وهو مضاف إلى البكرى فلو كرر العامل مع بشر لما كان بشر نعتا للبكرى ولأدّى إلى إضافة ما فيه أل إلى المجرد منها وهو ممتنع وعلى ذلك نبه بقوله: (وليس أن يبدل بالمرضىّ) وصالحا مفعول ثان ليرى وفى يرى ضمير مستتر يعود على عطف البيان وهو المفعول الأول ولبدلية متعلق بصالح وفى غير متعلق بيرى ونحو بشر معطوف على نحو الأول وتابع منصوب على الحال من بشر ويجوز جره نعتا لبشر ويقصد حينئذ بالإضافة المحضة وهو أظهر وأن يبدل اسم ليس والباء زائدة فى خبرها. ¬

_ (¬146) البيت من الوافر، وهو للمرار الأسدى فى ديوانه ص 465، وخزانة الأدب 4/ 284، 5/ 183، 225، والدرر 6/ 27، وشرح أبيات سيبويه 1/ 6، وشرح التصريح 2/ 133، وشرح المفصل 3/ 72، 73، والكتاب 1/ 182، والمقاصد النحوية 4/ 121، وبلا نسبة فى الأشباه والنظائر 2/ 441، وأوضح المسالك 3/ 351، وشرح الأشمونى 2/ 414، وشرح شذور الذهب ص 320، وشرح ابن عقيل ص 491، وشرح عمدة الحافظ ص 554، 597، وشرح قطر الندى ص 299، والمقرب 1/ 248، وهمع الهوامع 2/ 122. والشاهد فيه قوله: «التارك البكرى بشر» فإن قوله: «بشر» عطف بيان على قوله: «البكرىّ»، ولا يجوز أن يكون بدلا، لأن البدل على نية تكرار العامل، فكان ينبغى لكىّ يصح أن يكون بدلا أن يحذف المبدل منه ويوضع البدل مكانه، فنقول: «التارك بشر» ويلزم على هذا إضافة اسم مقترن ب «أل» إلى اسم خال منها، وذلك غير جائز.

عطف النسق

عطف النسق النسق فى اللغة النظم قال الزبيدى والنسق العطف على الأول. قوله: تال بحرف متبع عطف النّسق فتال جنس وقوله بحرف متبع مخرج لما عدا عطف النسق من التوابع. ثم مثل بقوله: (كاخصص بودّ وثناء من صدق) فتال خبر مقدم وعطف النسق مبتدأ وبحرف متعلق بتال ومتبع نعت لحرف ومن صدق مفعول باخصص. ثم شرع فى حروف العطف فقال: (فالعطف مطلقا بواو ثمّ فا * حتى أم او) ذكر فى هذا البيت من حروف العطف ستة وهى كلها تشرك ما بعدها مع ما قبلها فى اللفظ والمعنى وذلك مستفاد من قوله مطلقا، أما الواو وثم والفاء وحتى فلا إشكال فى تشريكها فى اللفظ والمعنى، وأما أم وأو فذكرهما أكثر النحويين فيما يشرك فى اللفظ لا فى المعنى وجعلهما الناظم مما يشرك فيهما باعتبار أن ما قبلهما وما بعدهما مستو فى المعنى الذى سيقتا له من شك وغيره. فالعطف مبتدأ وخبره بواو وما بعده ومطلقا حال من العطف وثم وما بعدها معطوف على واو بإسقاط العاطف والتقدير بواو وثم وفاء وحتى وأو وأم. ثم مثل بقوله: (كفيك صدق ووفا) ثم قال: (وأتبعت لفظا فحسب بل ولا * لكن) ذكر فى هذا البيت ثلاثة أحرف كلها تشرك ما بعدها مع ما قبلها لفظا لا معنى فتقول قام زيد بل عمرو فالقائم عمرو لا زيد وقام زيد لا عمرو فالقائم زيد دون عمرو وما قام زيد لكن عمرو وقد مثل منها بلكن فقال: (كلم يبد امرؤ لكن طلا) والطلا: الولد من ذوات الظلف. والحاصل من البيتين أن حروف العطف تسعة، وهى على قسمين: قسم يشرك فى اللفظ والمعنى وهى ستة، وقسم يشرك فى اللفظ لا فى المعنى وهى ثلاثة. وبل فاعل بأتبعت ولفظا منصوب على إسقاط الخافض وحسب اسم فعل بمعنى قط، ولا ولكن معطوفان على بل، ثم شرع فى معانى حروف العطف وبدأ بالواو فقال: فاعطف بواو لاحقا أو سابقا … فى الحكم أو مصاحبا موافقا

يعنى أن الواو للجمع المطلق فلا تدل على ترتيب بل يعطف بها لاحق نحو قام زيد وعمرو بعده وسابق نحو جاء زيد وعمرو قبله ومصاحب نحو جاء زيد وعمرو معه فلو قلت جاء زيد وعمرو لاحتمل المعانى الثلاثة المذكورة. ولا حقا مفعول باعطف وأو سابقا وأو مصاحبا معطوفان عليه وفى الحكم متعلق بسابق وهو مطلوب للاحق ومصاحب فهو من باب التنازع، ثم قال: واخصص بها عطف الذى لا يغنى … متبوعه كاصطفّ هذا وابنى يعنى أن الواو تنفرد من سائر حروف العطف بأن يعطف بها على ما لا يستغنى به عن متبوعه نحو تفاعل وافتعل تقول تخاصم زيد وعمرو واختصم زيد وعمرو واصطف هذا وابنى ولا يجوز العطف فى هذه المثل وشبهها بغير الواو، وأصل اصطف اصتفف فأبدل من التاء طاء وأدغم الفاء فى الفاء يقال صففت القوم فاصطفوا إذا وقفتهم فى الحرب صفّا. ثم انتقل إلى الفاء وثم فقال: والفاء للتّرتيب باتّصال … وثم للتّرتيب بانفصال يعنى أن الفاء العاطفة تفيد الترتيب والتعقيب وهو المعبر عنه هنا بالاتصال فالمعطوف بها ثان عن المعطوف عليه من غير مهلة وأن ثم تفيد الترتيب والمهلة وهى المعبر عنها بالانفصال فإذا قلت قام زيد فعمرو، فعمرو قام بعد زيد من غير تراخ ولا مهلة وإذا قلت قام زيد ثم عمرو فعمرو قام بعد زيد وبينهما مهلة. والفاء مبتدأ وخبره للترتيب وبانفصال متعلق بالترتيب، ثم قال: واخصص بفاء عطف ما ليس صله … على الّذى استقرّ أنّه الصّله يعنى أن الفاء تختص بأن يعطف بها ما لا يصلح أن يقع صلة لعدم الضمير الرابط على ما هو صلة نحو الذى يطير فيغضب زيد الذباب فيطير صلة للذى ويغضب زيد معطوف على الصلة بالفاء وليس فى المعطوف ضمير يعود على الموصول، وفهم من ذلك أن المعطوف بالفاء فى هذا الفصل جملة فعلية لكونه معطوفا على الصلة ولا تكون الصلة إلا جملة. ثم انتقل إلى حتى فقال:

بعضا بحتى اعطف على كلّ ولا … يكون إلّا غاية الّذى تلا يعنى أن حتى لا يكون المعطوف بها إلا بعض المعطوف عليه نحو ضربت القوم حتى زيدا لأن زيد بعض القوم ولا يكون إلا غاية له إما فى زيادة نحو مات الناس حتى الأنبياء، أو فى نقص نحو عليك الناس حتى النساء. وشمل قوله بعضا ما بعضه مصرح به كالمثال المذكور وما بعضيته مؤولة كقوله: - ألقى الصحيفة كى يخفّف رحله … والزاد حتى نعله ألقاها (¬147) تقديره ألقى ما يثقله حتى نعله. وبعضا مفعول مقدم باعطف وبحتى متعلق باعطف وكذلك على كل واسم يكون ضمير مستتر عائد على لفظ بعض، ويحتمل أن يكون عائدا على المعطوف المفهوم من قوله اعطف. ثم اعلم أن أم على قسمين: متصلة، ومنقطعة، وقد أشار إلى الأول فقال: (وأم بها اعطف إثر همز التّسويه) يعنى أنّ أم من حروف العطف ويعطف بها إثر همزة التسوية كقولك سواء على أقمت أم قعدت ومنه قوله تعالى: سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ [البقرة: 6] أو إثر همزة يطلب بها ما يطلب بأى نحو أزيد عندك أم عمرو، والتقدير أيهما عندك، وهذا معنى قوله: (أو همزة عن لفظ أى مغنيه) وإنما سميت متصلة لأن ما قبلها وما بعدها لا يستغنى بواحد منهما عن الآخر وقد تحذف الهمزة قبلها للعلم بها، وإلى ذلك أشار بقوله: وربّما أسقطت الهمزة إن … كان خفا المعنى بحذفها أمن فشمل قوله الهمزة التى للتسوية كقراءة ابن محيصن سواء عليهم أنذرتهم بهمزة واحدة والهمزة التى تقدر مع أم بأى كقول الشاعر: ¬

_ (¬147) البيت من الكامل، وهو للمتلمس فى ملحق ديوانه ص 327، وشرح شواهد المغنى 1/ 370، ولأبى (أو لابن) مروان النحوى فى خزانة الأدب 3/ 21، 24، والدرر 4/ 113، وشرح التصريح 2/ 141، والكتاب 1/ 97، والمقاصد النحوية 4/ 134، ولمروان بن سعيد فى معجم الأدباء 19/ 146، وبلا نسبة فى أسرار العربية ص 269، وأوضح المسالك 3/ 365، والجنى الدانى ص 547، 553، وخزانة الأدب 9/ 472، والدرر 6/ 140، وشرح أبيات سيبويه 1/ 411، وشرح عمدة الحافظ ص 614، ورصف المبانى ص 182، وشرح الأشمونى 2/ 289، وشرح قطر الندى ص 304، وشرح المفصل 8/ 19، ومغنى اللبيب 1/ 24، وهمع الهوامع 2/ 24، 36. والشاهد فيه قوله: «حتى نعله ألقاها» حيث يجوز فى «حتى» ثلاثة أوجه: الرفع على الابتداء، و «ألقاها» خبره، والجر على أن «حتى» حرف جر بمعنى «إلى» والنصب على العطف ب «حتى»، وردّ الوجه الثالث بأن المعطوف ب «حتى» لا يكون إلا بعضا أو غاية للمعطوف عليه و «النعل» ليس بعض «الزاد» ولا غايته، وأجيب بأن البيت مؤوّل والتقدير: ألقى ما ينقله حتى نعله، فبين المعطوف والمعطوف عليه مناسبة.

- فأصبحت فيهم آنسا لا كمعشر … أتونى فقالوا من ربيعة أم مضر (¬148) وفهم من قوله وربما أن ذلك قليل وظاهر كلامه فى شرح الشافية أنه مطرد. وإن كان شرط وخفا المعنى اسم كان وهو ممدود فقصره ضرورة وبحذفها متعلق بخفا وأمن فعل ماض فى موضع خبر كان والمراد بالمعنى معنى الهمز وفى بعض النسخ كان خفا الهمز والمعنى واحد. ثم أشار إلى القسم الثانى من قسمى أم، وهى المنقطعة فقال: وبانقطاع وبمعنى بل وفت … إن تك ممّا قيّدت به خلت أم المنقطعة هى الخالية مما قيدت به أم المتصلة من كونها بعد همز التسوية أو مع همزة تقدر مع أم بأى وسميت منقطعة لوقوعها بين جملتين مستقلتين فما بعدها منقطع عما قبلها. واختلف فى معناها فقيل الإضراب والاستفهام معا وقيل الإضراب فقط وهو ظاهر كلام الناظم ويمكن أن يكون استغنى بذكر الإضراب للزومها إياه على القولين. وبانقطاع متعلق بوفت وكذلك وبمعنى بل وخلت خبر تكن ومما متعلق بخلت وبه متعلق بقيدت والضمائر المستترة فى يكن وقيدت وخلت عائدة على أم المتقدمة. فإن قلت كيف يصح إعادتها عليها والمنقطعة غير المتصلة. قلت هى عائدة على لفظها دون معناها كقولهم: عندى درهم ونصفه. ثم انتقل إلى أو فقال: خيّر أبح قسّم بأو وأبهم … واشكك وإضراب بها أيضا نمى ذكر لأو فى هذا البيت ستة معان: الأول التخيير نحو خذ من مالى دينارا أو ثوبا. الثانى الإباحة نحو جالس الحسن أو ابن سيرين والفرق بينهما جواز الجمع بين الأمرين فى الإباحة ومنعه فى التخيير. الثالث التقسيم نحو الكلمة اسم أو فعل أو حرف. الرابع الإبهام كقوله تعالى: وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلى هُدىً [سبأ: 24] الخامس الشك نحو قام زيد أو عمرو والفرق بينه وبين الإبهام أن الإبهام يكون المتكلم عالما ويبهم على المخاطب والشك أن يكون المتكلم غير عالم. السادس الإضراب كقوله تعالى: وَأَرْسَلْناهُ إِلى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ [الصافات: 147] وفى قوله: وإضراب بها أيضا نمى إشارة إلى أن الإضراب غير متفق عليه ¬

_ (¬148) البيت من الطويل، وهو لعمران بن حطان فى ديوانه ص 111، وخزانة الأدب 5/ 359، وبلا نسبة فى الخصائص 2/ 281، والمحتسب 1/ 50، ومغنى اللبيب 2/ 569، 670. والشاهد فيه قوله: «من ربيعة أو مضر» حيث حذف همزة الاستفهام، والأصل: أمن ربيعة أو مضر؟

ولذلك فصله عما قبله. وبأو متعلق بقسّم لقربه منه وهو مطلوب فى المعنى لقوله خير واشكك وما بينهما وإضراب مبتدأ ونمى خبره وبها متعلق بنمى أى نسب والمسوغ للابتداء بإضراب التفصيل ويحتمل أن يكون بها متعلقا بإضراب فيكون المسوغ للابتداء به عمله فى المجرور وهو أظهر. وبقى من معانى أو أن تكون بمعنى الواو وإليه أشار بقوله: (وربما عاقبت الواو) يعنى أن أو تعاقب الواو أن تكون بمعناها وذلك إذا أمن اللبس وهو المنبه عليه بقوله: (إذا * لم يلف ذو النطق للبس منفذا) أى إذا كان المتكلم بها لا يجد فى استعمالها بمعنى الواو منفذا للبس أى طريقا، ومنه: - جاء الخلافة أو كانت له قدرا … كما أتى ربّه موسى على قدر (¬149) أى جاء الخلافة وكانت له قدرا، وفهم من قوله وربما عاقبت أن ذلك قليل. وإذا متعلق بعاقبت وفاعل عاقبت ضمير عائد على أو، ثم قال: ومثل أو فى القصد إمّا الثّانيه … فى نحو إمّا ذى وإمّا النّائيه مذهب أكثر النحويين أن إما المسبوقة بمثلها عاطفة، وذهب بعضهم إلى أنها غير عاطفة وإليه ذهب الناظم ولذلك قال فى القصد ولم يجعلها مثل أو مطلقا، وفهم من قوله مثل أو أنها تكون لجميع المعانى المذكورة لأو، وليس كذلك لأن إما لا تكون للإضراب ولا بمعنى الواو، والعذر له فى ذلك أن كونها للإضراب أو بمعنى الواو قليل فلم يعتبره، فمثالها للتخيير إما ثوبا وإما دينارا ومثالها للإباحة جالس إما الحسن وإما ابن سيرين، ومثالها للتقسيم الكلمة إما اسم وإما فعل وإما حرف ومثالها للإبهام قام إما زيد وإما عمرو وكذلك الشك والفرق بينهما كما تقدم فى أو وفهم من قوله إما الثانية فائدتان الأولى أن التى بمعنى أو إنما هى الثانية دون الأولى والأخرى أنها لا بد أن تكون مسبوقة بإما أخرى وفهم من المثال أنها لا بد أن تكون معها الواو. ومثل أو مبتدأ وفى القصد متعلق بمثل وإما خبر المبتدأ والثانية نعت لإما وفى نحو متعلق بفعل محذوف تقديره أعنى وذى مفعول بفعل محذوف والتقدير خذ إما ذى أو مبتدأ محذوف الخبر والتقدير لك إما ذى وهو على حذف القول والتقدير فى نحو قولك. ¬

_ (¬149) البيت من البسيط، وهو لجرير فى ديوانه ص 416، والأزهية ص 114، وخزانة الأدب 11/ 69، والدرر 6/ 118، وشرح التصريح 1/ 283، وشرح شواهد المغنى 1/ 196، ومغنى اللبيب 1/ 62، 70، والمقاصد النحوية 2/ 485، 4/ 145، وبلا نسبة فى أوضح المسالك 2/ 124، والجنى الدانى ص 230، وشرح الأشمونى 1/ 178، وشرح ابن عقيل ص 499، وشرح عمدة الحافظ ص 627، وشرح قطر الندى ص 184، وهمع الهوامع 2/ 134.

ثم انتقل إلى لكن فقال: (وأول لكن نفيا أو نهيا) يعنى أن لكن العاطفة تأتى تابعة للنفى نحو ما قام زيد لكن عمرو وللنهى نحو لا تضرب زيدا لكن عمرا وفهم منه أنها لا تجئ فى الإيجاب ولكن مفعول أول بأول ونفيا مفعول ثان. ثم انتقل إلى لا فقال: (ولا * نداء أو أمرا أو اثباتا تلا) يعنى أن لا العاطفة تجئ تابعة للمنادى نحو يا زيد لا عمرو، وللأمر نحو اضرب زيدا لا عمرا وللإثبات نحو قام زيد لا عمرو. ولا مبتدأ وخبره تلا ونداء وما عطف عليه مفعول بتلا وفى تلا ضمير مستتر يعود على لا والتقدير: لا تلا نداء أو أمرا أو إثباتا وظاهر كلام المرادى فى شرحه لهذا الموضع أن لا معطوف على لكن وأنه معمول لأول وهو وهم منه. ثم انتقل إلى بل فقال: (وبل كلكن بعد مصحوبيها) يعنى أن بل إذا وقعت بعد مصحوبى لكن وهما النفى والنهى كانت بمنزلة لكن فى تقرير حكم ما قبلها وجعل ضده لما بعدها نحو ما قام زيد بل عمرو فيكون القيام منفيا عن زيد مثبتا لعمرو وكذلك لا تضرب زيدا بل عمرا فزيد منهى عن ضربه وهو مثبت لعمرو فبل فى ذلك كلكن فى المعنى ثم مثل ذلك بقوله (كلم أكن فى مربع بل تيها) المربع موضع الربيع والتيها القفر وبل مبتدأ وخبره كلكن وبعد متعلق بالاستقرار فى موضع نصب على الحال وها فى مصحوبيها عائد على لكن ثم إن بل تقع بعد مصحوبى لكن كما تقدم وبعد الخبر الموجب وبعد الأمر وإلى ذلك أشار بقوله: وانقل بها للثّان حكم الأوّل … فى الخبر المثبت والأمر الجّلى يعنى أن بل إذا وقعت بعد الخبر المثبت أو بعد الأمر فانقل بها حكم ما قبلها لما بعدها مثال الخبر قام زيد بل عمرو فالحكم هو القيام المسند إلى زيد فقد أزلته عنه ونقلته لما بعد بل وهو عمرو ومثال الأمر اضرب زيدا بل عمرا فالأمر المتوجه على ضرب زيد نقلته عنه لما بعد بل. وحاصل بل: أنها يعطف بها فى أربعة مواضع: فى النفى والنهى والخبر المثبت والأمر وقوله الجلى تتميم لصحة الاستغناء عنه. ولما فرغ من ذكر حروف العطف ومعانيها ومواضعها شرع فى بيان أحكام تتعلق بالباب فقال: وإن على ضمير رفع متّصل … عطفت فافصل بالضّمير المنفصل يعنى أنك إذا عطفت على ضمير الرفع المتصل فصلت بين المعطوف عليه وحرف العطف بضمير منفصل وفهم منه أنك إذا عطفت على الضمير المتصل المنصوب لم يلزم الفصل نحو رأيتك وزيدا وفهم منه أيضا أن ضمير الرفع إذا كان منفصلا لم يفصل بينهما نحو أنت وزيد

قائمان وشمل ضمير الرفع المتصل ما اتصل بالفعل وكان بارزا نحو قمت أنت وزيد، ومستترا نحو قم أنت وزيد وما اتصل بالوصف ولا يكون إلا مستترا نحو زيد قائم هو وعمرو. وقد يجوز الفصل بغير الضمير المنفصل وعلى ذلك نبه بقوله: (أو فاصل مّا) ومن الفصل بغير الضمير المنفصل جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها وَمَنْ صَلَحَ [الرعد: 23] فالفصل هنا بضمير المفعول وإن شرط وعطفت فعل الشرط وعلى ضمير متعلق به وأو فاصل معطوف على الضمير المنفصل وما زائدة أو صفة. ثم نبه على أنه قد ورد العطف على ضمير الرفع المتصل من غير فصل بقوله: وبلا فصل يرد … فى النّظم فاشيا فمن ذلك قول الشاعر: - قلت إذ أقبلت وزهر تهادى … كنعاج الفلا تعسّفن رملا (¬150) فعطف قوله وزهر على الضمير المستتر فى أقبلت من غير فصل ولا توكيد وقول الشاعر: - ورجا الأخيطل من سفاهة رأيه … ما لم يكن وأب له لينالا (¬151) فأب معطوف على الضمير المستتر فى يكن وليس بينهما توكيد ولا فصل وفهم من قوله فاشيا أنه كثير فى الشعر، وفيه إشعار بأنه غير فاش فى النثر ومنه قولهم مررت برجل سواء والعدم فالعدم معطوف على الضمير المستتر فى سواء وليس فيه فصل. ثم نبه على أنه مع فشوّه ضعيف بقوله: (وضعفه اعتقد) ووجه ضعفه أن ضمير الرفع المتصل شديد الاتصال برافعه فصار كأنه حرف من حروف عامله فإذا لم يفصل بينهما فكأنه عطف اسم على فعل وفى يرد ضمير مستتر عائد على العطف وفى النظم متعلق بيرد وكذلك بلا فصل وفاشيا منصوب على الحال من الضمير فى يرد. ثم قال: ¬

_ (¬150) البيت من الخفيف، وهو لعمر بن أبى ربيعة فى ملحق ديوانه ص 498، وشرح أبيات سيبويه 2/ 101، وشرح عمدة الحافظ ص 658، وشرح المفصل 3/ 76، واللمع ص 184، والمقاصد النحوية 4/ 161، وبلا نسبة فى الإنصاف 2/ 79، والخصائص 2/ 386، وشرح الأشمونى 2/ 429، وشرح ابن عقيل ص 501، والكتاب 2/ 379. والشاهد فيه قوله: «أقبلت وزهر» حيث عطف قوله: «زهر» على الضمير المستتر فى «أقبلت» وذلك للضرورة الشعرية. والقياس القول: أقبلت هى وزهر، بتأكيد المستتر، ليقوى ثمّ يعطف عليه. (¬151) البيت من الكامل، وهو لجرير فى ديوانه ص 57، والدرر 6/ 149، وشرح التصريح 2/ 151، والمقاصد النحوية 4/ 160، وبلا نسبة فى الإنصاف 2/ 476، وأوضح المسالك 3/ 390، وشرح الأشمونى 2/ 429، والمقرب 1/ 234، وهمع الهوامع 2/ 138. والشاهد فيه قوله: «لم يكن وأب» حيث عطف الاسم الظاهر المرفوع، وهو قوله: «أب» على الضمير المرفوع المستتر فى «يكن» الذى هو اسم «يكن» من غير أن يؤكّد ذلك الضمير بالضمير المنفصل أو يفصل بين المعطوف والمعطوف عليه، وهذا فاش فى الشعر.

وعود خافض لدى عطف على … ضمير خفض لازما قد جعلا يعنى أنه إذا عطف اسم على الضمير المخفوض لزم إعادة الخافض وشمل المخفوض بالحرف نحو مررت بك وبزيد والمخفوض بالاسم نحو جلست بينك وبين زيد فإعادة الخافض فى نحو ذلك لازمة عند جمهور البصريين إلا فى الضرورة وذهب الكوفيون وبعض البصريين إلى أنه لا يلزم وهو اختيار الناظم ولذلك قال: (وليس عندى لازما) يعنى أن إعادة الخافض فى ذلك لا تلزم عندى ثم استدل على صحة اختياره بقوله: (إذ قد أتى * فى النظم والنثر الصحيح مثبتا) وقد استدل على ذلك فى مصنفاته بشواهد كثيرة منها قوله: - فاذهب فما بك والأيام من عجب (¬152) والمراد بالنثر الصحيح القرآن كقراءة حمزة رضى الله تعالى عنه: وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسائَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحامَ [النساء: 1] بخفض الأرحام عطفا على الضمير فى به. ثم قال: (والفاء قد تحذف مع ما عطفت) يعنى أن الفاء العاطفة قد تحذف هى ومعطوفها كقوله عز وجل: أَنِ اضْرِبْ بِعَصاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ [الشعراء: 63] أى فضرب فانفلق ثم قال: (والواو) أى والواو قد تحذف أيضا مع ما عطفت ومنه قوله تعالى: سَرابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ [النحل: 81] أى والبرد وذلك فى الفاء والواو مشروط بأمن اللبس، وإلى ذلك أشار بقوله: (إذ لا لبس) أى إن لم يكن لبس فى حذف الفاء والواو مع معطوفيهما وفهم من قوله قد تحذف أن ذلك قليل والفاء مبتدأ وخبره قد تحذف والواو مبتدأ وخبره محذوف أى والواو كذلك ويجوز أن يكون الواو معطوفا على الفاء. ثم قال: وهى انفردت … بعطف عامل مزال قد بقى معموله دفعا لوهم اتّقى ¬

_ (¬152) صدره: فاليوم قرّبت تهجونا وتشتمنا والبيت من البسيط، وهو بلا نسبة فى الإنصاف ص 464، وخزانة الأدب 5/ 123، 126، 128، 129، 131، وشرح الأشمونى 2/ 430، والدرر 2/ 81، 6/ 151، وشرح أبيات سيبويه 2/ 207، وشرح ابن عقيل ص 503، وشرح عمدة الحافظ ص 662، وشرح المفصل 3/ 78، 79، والكتاب 2/ 392، واللمع فى العربية ص 285، والمقاصد النحوية 4/ 163، والمقرب 1/ 234، وهمع الهوامع 2/ 139. والشاهد فيه قوله: «فما بك والأيام» حيث عطف «الأيام» على الضمير المجرور فى «بك» بغير إعادة حرف الجر، وهذا عند البصريين ضرورة، أما الكوفيون فيجيزون ذلك.

يعنى أن الواو انفردت من سائر حروف العطف بأنها يعطف بها عامل مزال أى محذوف بقى معموله وذلك كقوله: - علفتها تبنا وماء باردا … حتى غدت همّالة عيناها (¬153) فتبنا مفعول ثان بعلفتها والواو التى بعدها عاطفة لعامل محذوف تقديره وسقيتها وهو عامل فيما باشرته الواو فى اللفظ وهو ماء فالعامل المزال هو سقيتها والمعمول الباقى هو ماء وقوله دفعا لوهم اتقى يعنى أن حمل مثل هذا على حذف العامل إنما هو لدفع ما يتقى من كون الماء معطوفا على تبن إذ لا يصلح لعدم اشتراكه معه فى العامل ومن كونه مفعولا معه لأن المعية متعذرة فيه. ثم قال: (وحذف متبوع بدا هنا استبح) يعنى أن حذف المتبوع وهو المعطوف عليه جائز إذا ظهر معناه وذلك كقولك لمن قال: ألم تضرب زيدا بل وعمرا أى بل ضربته وعمرا ومفهومه أن ذلك سائغ فى جميع حروف العطف وليس كذلك بل إنما ورد فى الفاء والواو وأو وهو فى أو قليل. ثم قال: (وعطفك الفعل على الفعل يصحّ) يعنى أن الأفعال يجوز عطف بعضها على بعض كما يكون ذلك فى الأسماء نحو زيد قام وقعد ويقوم ويقعد وعطفك مبتدأ وهو مصدر مضاف إلى الفاعل والفعل مفعول بالمصدر وعلى متعلق به ويصح فى موضع خبر المبتدأ. ثم قال: (واعطف على اسم شبه فعل فعلا *) يعنى أنه يجوز أن يعطف الفعل على الاسم الشبيه بالفعل كقوله عز وجل: إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقاتِ وَأَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً [الحديد: 18] فأقرضوا معطوف على المصدقين لشبهه بالفعل لكونه اسم فاعل والتقدير إن الذين تصدقوا وأقرضوا وكذلك قوله عز وجل: أَوَلَمْ ¬

_ (¬153) الرجز بلا نسبة فى الأشباه والنظائر 2/ 108، 7/ 233، وأمالى المرتضى 2/ 259، والإنصاف 2/ 612، وأوضح المسالك 2/ 245، والخصائص 2/ 431، والدرر 6/ 79، وشرح الأشمونى 1/ 226، وشرح التصريح 1/ 346، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقى ص 1147، وشرح شذور الذهب ص 312، وشرح شواهد المغنى 1/ 58، 2/ 929، وشرح ابن عقيل ص 305، ولسان العرب 2/ 287 (زجج)، 3/ 367 (قلد)، 9/ 255 (علف)، ومغنى اللبيب 2/ 632، والمقاصد النحوية 3/ 101، وهمع الهوامع 2/ 130. والشاهد فيه قوله: «وماء» حيث لا يصح أن يكون مفعولا به؛ لأنه لا يصح أن يشترك مع لفظة «التبن» بعامل واحد، وهو قوله: «علفتها» لأن الماء لا يعلف، وإنما يسقى، فلا بدّ من تقدير عامل، والتقدير: «سقيتها»، وقيل: «الماء» مفعول معه. وقيل: إنه معطوف على تبنا لأن الشاعر ضمّن الفعل «علفتها» معنى الفعل «أنلتها» أو «قدّمت لها».

البدل

يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ [الملك: 19] أى قابضات. ثم قال: (وعكسا استعمل تجده سهلا) العكس هو أن تعطف الاسم المشابه الفعل على الفعل كقوله تعالى: يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ [الأنعام: 95] فمخرج شبيه بالفعل لكونه اسم فاعل. البدل التّابع المقصود بالحكم بلا … واسطة هو المسمّى بدلا التابع جنس يشمل التوابع كلها، والمقصود بالحكم مخرج للنعت وعطف البيان والتوكيد فإنها مكملات للمقصود بالحكم وقوله بلا واسطة قال الشارح أخرج به المعطوف ببل فحمل المقصود بالحكم على المستقل بالقصد فإن المعطوف بغير بل غير مستقل بالقصد وحمله المرادى على أنه المقصود بالحكم مطلقا فأخرج به المعطوف عطف النسق ببل وغيرها وهو أظهر والتابع مبتدأ والمقصود بالحكم نعت له وبلا متعلق بالمقصود وهو مبتدأ والمسمى خبره والجملة خبر التابع وبدلا مفعول ثان بالمسمى. ثم شرع فى ذكر أقسامه فقال: مطابقا أو بعضا أو ما يشتمل … عليه يلفى أو كمعطوف ببل ذكر له أربعة أقسام الأول المطابق وهو بدل الشئ من الشئ ويسمى أيضا بدل كل من كل نحو قام زيد أخوك الثانى بدل البعض من الكل نحو أكلت الرغيف ثلثه الثالث بدل الاشتمال وهو ما صح الاستغناء عنه بالأول وليس مطابقا ولا بعضا وأكثر ما يكون بالمصدر نحو أعجبتنى الجارية حسنها وقد يكون بالاسم نحو سرق زيد ثوبه الرابع بدل الإضراب وهو نوعان وسيأتى. ومطابقا وما عطف عليه مفعول ثان ليلفى وفى يلفى ضمير مرفوع مستتر وهو المفعول الأول ليلفى وهو عائد على البدل، ثم قسم الرابع إلى قسمين وإليها أشار بقوله: وذا للإضراب اعز إن قصدا صحب … ودون قصد غلط به سلب يعنى أن القسم الرابع على قسمين أحدهما يسمى بدل الإضراب وهو ما يذكر متبوعه بقصد كقولك أكلت خبزا لحما ومعناه أن قولك أكلت خبزا قصدت به الإخبار بأكل الخبز وهو حقيقة ثم أضربت عن ذلك فى اللفظ وأخبرت أنك أكلت لحما دون أن تسلب الحكم عن الأول والثانى يسمى بدل الغلط وهو ما لا يقصد متبوعه بل يجرى لسان المتكلم عليه

دون قصد كقولك رأيت زيدا حمارا أردت أن تقول رأيت حمارا فغلطت فقلت رأيت زيدا ثم سلبت الغلط عن زيد بذكر حمار وهذا معنى قوله غلط به سلب أى سلب الغلط عن الأول بالثانى وذا مفعول مقدم باعز ومعنى اعز انسب وللإضراب متعلق باعز وقصدا منصوب بصحب وفاعل صحب هو البدل المشار إليه بذا وقصدا بمعنى مقصودا وهو واقع على الأول ويحتمل أن يكون على حذف مضاف أى إن صحب البدل ذا قصد وقوله دون قصد فى موضع نصب على الحال والعامل فيه محذوف لدلالة الأول عليه أى وإن صحب البدل المتبوع حالة كونه دون قصد وغلط خبر مبتدأ مضمر على حذف مضاف أى هو بدل غلط وبه سلب صفة ومفعول سلب ضمير عائد على الحكم المفهوم من الكلام وتقدير كلامه وإن صحب البدل المتبوع دون قصد فهو بدل غلط سلب به الحكم عن الأول وهو المتبوع. ثم مثل للأقسام الأربعة فقال: كزره خالدا وقبّله اليدا … واعرفه حقّه وخذ نبلا مدى فزره خالدا مثال البدل المطابق لأن خالدا والضمير المتصل بزره كشئ واحد وقبله اليدا مثال لبدل البعض من الكل واعرفه حقه لبدل الاشتمال، وفى هذه المثل تنبيه على جواز بدل الظاهر من المضمر وسيأتى وخذ نبلا مدى مثال للبدل المباين وقد تقدم أنه على قسمين والمثال محتمل لهما لأنه يجوز أن يكون قصد الأول فيكون كقولك أكلت خبزا لحما وأن لا يقصده فيكون كقولك رأيت زيدا حمارا والمدى جمع المدية وهو السكين. ثم قال: ومن ضمير الحاضر الظّاهر لا … تبدله إلّا ما إحاطة جلا أو اقتضى بعضا أو اشتمالا يعنى أن ضمير الحاضر لا يبدل منه الظاهر مطلقا بل إن كان بدل بعض جاز مطلقا وكذلك بدل الاشتمال. ومثال بدل البعض قول الشاعر: - أو عدنى بالسجن والأداهم … رجلى فرجلى شثنة المناسم (¬154) ¬

_ (¬154) الرجز للعديل بن الفرخ فى خزانة الأدب 5/ 188، 189، 190، والدرر 6/ 62، والمقاصد النحوية 4/ 190، وبلا نسبة فى إصلاح المنطق ص 226، 294، وشرح أبيات سيبويه 1/ 124، وشرح الأشمونى 2/ 439، وشرح التصريح 2/ 160، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقى ص 21، وشرح شذور الذهب ص 572، وشرح ابن عقيل ص 510، وشرح المفصل 3/ 70، ولسان العرب 3/ 463 (وعد)، 12/ 210 (دهم)، ومجالس ثعلب ص 274، وهمع الهوامع 2/ 127. والشاهد فيه قوله: «أو عدنى ... رجلى» حيث أبدل الاسم الظاهر «رجلى» من ضمير الحاضر، وهو الياء فى «أوعدنى» بدل بعض من كلّ.

ومثال بدل الاشتمال قوله: - وما ألفيتنى حلمى مضاعا * (¬155) وإن كان مطابقا فيشترط فيه أن يدل على إحاطة نحو جئتم كبيركم وصغيركم. وشمل ضمير الحاضر المتكلم والمخاطب وفهم منه أن ضمير الغائب يجوز البدل منه مطلقا وقد تقدم فى المثل ومن ضمير متعلق بتبدله والظاهر مفعول بفعل مقدر يفسره تبدله ولا استثناء وما منصوب على الاستثناء وهى موصولة وصلتها جلا وإحاطة مفعول بجلا وأو اقتضى معطوف على جلا ثم مثل بدل الاشتمال فقال: (كأنّك ابتهاجك استمالا) فابتهاجك بدل من الضمير فى أنك واستمالا خبر أنّ، ثم قال: (وبدل المضمّن الهمز يلى * همزا) يعنى أن المبدل منه إذا كان اسم استفهام لا بد أن يكون البدل مقترنا بهمزة الاستفهام وقد مثل ذلك بقوله: (كمن ذا أسعيد أم على) وبدل مبتدأ والهمز مفعول ثان بالمضمن ويلى فى موضع خبر المبتدأ وهمزا مفعول بيلى ومن اسم استفهام وهو مبتدأ وذا خبره وأسعيد أم على بدل من «من». ثم قال: ويبدل الفعل من الفعل كمن … يصل إلينا يستعن بنا يعن يعنى أنه يجوز أن يبدل الفعل من الفعل وظاهره أن ذلك جائز فى جميع أقسام البدل والمسموع من ذلك بدل الكل كقوله: - متى تأتنا تلمم بنا فى ديارنا (¬156) ¬

_ (¬155) صدره: ذرينى إنّ أمرك لن يطاعا والبيت من الوافر، وهو لعدى بن زيد فى ديوانه ص 35، وخزانة الأدب 5/ 191، 192، 193، 204، والدرر 6/ 65، وشرح أبيات سيبويه 1/ 123، وشرح عمدة الحافظ ص 587، ولرجل من بجيلة أو خثعم فى الكتاب 1/ 156، ولعدى أو لرجل من بجيلة أو خثعم فى المقاصد النحوية 4/ 192، وبلا نسبة فى شرح شذور الذهب ص 573، وشرح ابن عقيل ص 509، وشرح المفصل 3/ 65، 70، وهمع الهوامع 2/ 127. والشاهد فيه قوله: «ما ألفيتنى حلمى مضاعا» حيث أبدل الاسم الظاهر «حلمى» من الضمير وهو الياء فى «ألفيتنى» بدل اشتمال. (¬156) عجزه: تجد حطبا جزلا ونارا تأجّجا والبيت من الطويل، وهو لعبد الله بن الحر فى خزانة الأدب 9/ 90، 99، والدرر 6/ 69، وشرح أبيات سيبويه 2/ 66، وسر صناعة الإعراب ص 678، وشرح المفصل 7/ 53، وبلا نسبة فى الإنصاف ص 583، ورصف المبانى ص 32، 335، وشرح الأشمونى ص 440، وشرح قطر الندى ص 90، وشرح المفصل 10/ 20، والكتاب 3/ 86، ولسان العرب 5/ 242 (نور)، والمقتضب 2/ 63، وهمع الهوامع 2/ 128. والشاهد فيه قوله: «تأتنا تلمم» وقد أبدل الفعل «تلمم» من الفعل «تأتنا».

النداء

فتأتنا وتلمم متفقان فى المعنى وبدل الاشتمال كقوله تعالى: يَلْقَ أَثاماً (68) يُضاعَفْ لَهُ الْعَذابُ [الفرقان: 68 - 69] ومنه قوله فى المثال: من يصل إلينا يستعن. فيستعن بدل من يصل بدل اشتمال، وأما بدل الغلط فأجازه قوم ونقل جوازه عن سيبويه والقياس يقتضيه ومثاله قام قعد زيد أردت أن تقول قعد فغلطت فقلت قام ثم أبدلت قعد منه وأما بدل البعض فلم يسمع. النداء النداء فى اللغة الصوت ويضم أوله ويكسر، وهو فى الاصطلاح الدعاء بحروف مخصوصة. والمنادى ثلاثة أقسام: بعيد وقريب ومندوب، وقد أشار إلى الأول فقال: وللمنادى الناء أو كالنّاء يا … وأى وآ كذا أيا ثمّ هيا فذكر أن المنادى البعيد له خمسة أحرف والمراد بالنائى البعيد المسافة وبأو كالناء البعيد حكما كالساهى، ثم أشار إلى المنادى القريب بقوله: (والهمز للدّانى) والدانى هو القريب وذكر له حرفا واحدا وهو الهمزة نحو أزيد أقبل، ثم أشار إلى المندوب فقال: (ووا لمن ندب * أو يا) فذكر للمندوب حرفين «وا» و «يا» نحو: «وازيداه» و «يا زيداه» فعلم أن «يا» ينادى بها المندوب وغيره وأن «وا» لا ينادى بها إلا المندوب. ثم قال: (وغير «وا» لدى اللّبس اجتنب) غير وا هو يا يعنى أن يا إذا لم تكن قرينة تبين الندبة اجتنب وتعينت وا لأنها لا لبس فيها. ثم إن المنادى على ثلاثة أقسام قسم يمتنع معه حذف حرف النداء وقسم يقل وقسم يجوز وقد أشار إلى الأول والثالث بقوله: وغير مندوب ومضمر وما … جا مستغاثا قد يعرّى فاعلما فيمتنع حذف حرف النداء مع هذه الثلاثة التى ذكرت أما المندوب والمستغاث فإن المقصود فيهما مدّ الصوت والحذف ينافى ذلك وأما المضمر فيمتنع معه الحذف لأنه يفوت معه الدلالة على النداء إذ هو دال بالوضع على الخطاب وغير هذه الثلاثة سائر المناديات ودخل فيها ما يقل فيه الحذف وذلك النكرة واسم الإشارة فأخرجه بقوله: وذاك فى اسم الجنس والمشار له … قلّ ومن يمنعه فانصر عاذله

الإشارة إلى حذف حرف النداء وفهم من البيت أن فى حذف حرف النداء مع اسم الجنس واسم الإشارة خلافا لقوله ومن يمنعه والمنع مذهب البصريين والجواز مذهب الكوفيين وهو اختيار الناظم ولذلك قال: (ومن يمنعه فانصر عاذله). فعاذل المانع يجيز وعاذله اسم فاعل من عذل إذا لام وذاله معجمة ومن حذف حرف النداء مع اسم الجنس قوله: ثوبى حجر، أى يا حجر، ومن حذفه مع اسم الإشارة قوله: - بمثلك هذا لوعة وغرام (¬157) أراد يا هذا وفهم منه أن الحذف جائز مع غير الخمسة المذكورة وذلك العلم نحو يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هذا [يوسف: 29] والمضاف نحو رَبِّ اغْفِرْ لِي [الأعراف: 151] والموصول نحو من لا يزال محسنا أحسن إلى والمطول نحو طالعا جبلا أقبل وأىّ نحو «أيها المؤمنون». وذاك مبتدأ وخبره قلّ، وفى اسم متعلق بقلّ ومن يمنعه شرط والجواب فانصر عاذله، ثم إن المنادى على قسمين مبنى على الضم ومنصوب، وقد أشار إلى الأول بقوله: وابن المعرّف المنادى المفردا … على الّذى فى رفعه قد عهدا يعنى أن حكم المنادى المعرف المفرد البناء على ما كان يرفع به قبل النداء وشمل قوله المعرف ما تعرف قبل النداء نحو يا زيد وما تعرف فى النداء نحو يا رجل والمفرد هنا ما ليس بمضاف ولا شبيه به فيقال فى نحو يا رجال مفرد لأنه ليس بمضاف ولا شبيه به، وفهم من قوله: (على الذى فى رفعه قد عهدا) أنه إذا كان مثنى يبنى على الألف فتقول يا زيدان وإن كان جمع مذكر بنى على الواو نحو يا زيدون والمعرف مفعول بابن وكان حقه أن يقدم المنادى لأن المعرف نعت له والمفرد نعت للمنادى وعلى الذى متعلق بابن. ثم قال: (وانو انضمام ما بنوا قبل النّدا) ¬

_ (¬157) صدره: إذا هملت عينى لها قال صاحبى والبيت من الطويل، وهو لذى الرمة فى ديوانه ص 1592، والدرر 3/ 24، وشرح التصريح 2/ 165، وشرح عمدة الحافظ ص 297، والمقاصد النحوية 4/ 235، وهمع الهوامع 1/ 174، وبلا نسبة فى أوضح المسالك 4/ 15، وشرح الأشمونى 2/ 443، ومغنى اللبيب 2/ 641. والشاهد فيه قوله: «هذا» يريد: يا هذا، فحذف حرف النداء قبل اسم الإشارة وهذا جائز عند الكوفيين وضرورة عند البصريين.

يعنى أن الاسم إذا كان مبنيا قبل النداء ثم نودى نوى بناؤه على الضم نحو يا هذا ويا برق نحره ويظهر أثر تقديم الضم إذا أتبع فإنه يجوز فيه ما يجوز فى الظاهر الضم فتقول يا سيبويه الظريف والظريف وغير ذلك من أحكام التابع المضموم وإلى ذلك أشار بقوله: (وليجر مجرى ذى بناء جدّدا) أى ويجرى فى المنوى الضم مجرى الظاهر الضم وهو الذى جدد بناؤه أى حدث النداء ثم أشار إلى الثانى فقال: (والمفرد المنكور والمضافا * وشبهه انصب) المفرد المنكر هو النكرة غير المقصودة كقول الأعمى يا رجلا خذ بيدى لأنه لم يناد رجلا بعينه ومثال المضاف يا عبد الله ويا غلام زيد والمراد بشبه المضاف المطول وهو ما عمل فيما بعده رفعا نحو يا حسنا وجهه أو نصبا نحو يا طالعا جبلا أو فى المجرور نحو يا مارا بزيد أو كان معطوفا ومعطوفا عليه نحو يا ثلاثة وثلاثين فهذه كلها منصوبة ونصبها على الأصل لأن المنادى مفعول بفعل محذوف تقديره أنادى ولا خلاف فى وجوب نصبها وإليه أشار بقوله: (عادما خلافا) والمفرد مفعول مقدم بانصب وعادما حال من الضمير المستتر فى انصب. ثم قال: ونحو زيد ضمّ وافتحنّ من … نحو أزيد بن سعيد لا تهن يعنى أن ما كان من المنادى كالمثال المذكور جاز فيه الضم والفتح بخمسة شروط: الأول أن يكون علما كزيد من المثال. الثانى أن يكون موصوفا بابن. الثالث أن يكون ابن مضافا إلى علم كسعيد من المثال. الرابع أن لا يفصل بينهما فاصل أى بين المنادى وصفته. الخامس أن يكون المنادى ظاهر الضم وهذه الشروط كلها مفهومة من المثال المذكور ونحو مفعول بضم وهو أيضا مطلوب لافتحن ومن نحو متعلق بضم وتهن مضارع وهن بمعنى ضعف وفهم منه أنه إن لم يكن المنادى علما ولا مضافا إليه ابن وجب البناء على الضم على ما يقتضى أصل المنادى المفرد وقد صرح بهذا المفهوم فقال: والضّمّ إن لم يل الابن علما … أو يل الابن علم قد حتما فمثال كون المنادى غير علم يا رجل ابن سعيد ومثال كون المضاف إليه ابن غير علم يا زيد ابن أخينا. والضم مبتدأ وخبره قد حتما وإن لم يل شرط وجوابه محذوف والتقدير والضم قد حتما إن لم يل فهو متحتم ويجوز أن يكون قد حتما جواب الشرط والشرط وجوابه خبر الضم واستغنى بالضمير الذى فى حتم فى الربط لأن جملتى الضم والشرط يستغنى فيهما بضمير واحد لتنزيلهما منزلة الجملة الواحدة وعلى هذا فلا حذف. ثم قال:

واضمم أو انصب ما اضطرارا نوّنا … ممّا له استحقاق ضمّ بيّنا يعنى أنه يجوز الضم والنصب فى المنادى المستحق للبناء، وهو العلم والنكرة المقصودة إذا اضطر شاعر لتنوينه، فمثال الضم قوله: - سلام الله يا مطر عليها … وليس عليك يا مطر السّلام (¬158) ومثال النصب قوله: - ضربت صدرها إلىّ وقالت … يا عديّا لقد وقتك الأواقى (¬159) والمختار عند الخليل وسيبويه الضم، وفى تقديم الناظم له إشعار باختياره، وينبغى أن يعتقد أنه عند من يرى الضم مع التنوين مبنى، وعند من نصب معرب. وما مفعول بانصب وهو مطلوب أيضا لاضمم فهو من باب التنازع وهى موصولة وصلتها نوّنا واضطرارا هو تعليل لنوّنا ومما يتعلق بنوّن وما المجرورة بمن موصولة واستحقاق ضم مبتدأ وبيّنا خبره والجملة صلة لما وله متعلق ببينا. ثم قال: ¬

_ (¬158) البيت من الوافر، وهو للأحوص فى ديوانه ص 189، والأغانى 15/ 234، وخزانة الأدب 2/ 150، 152، 6/ 507، والدرر 3/ 21، وشرح أبيات سيبويه 2/ 605، 3/ 25، وشرح التصريح 2/ 171، وشرح شواهد المغنى 2/ 766، والكتاب 2/ 202، وبلا نسبة فى الأزهية ص 164، والأشباه والنظائر 3/ 213، والإنصاف 1/ 311، وأوضح المسالك 4/ 28، والجنى الدانى ص 149، والدرر 5/ 182، ورصف المبانى ص 177، 355، وشرح الأشمونى 2/ 448، وشرح شذور الذهب ص 147، وشرح ابن عقيل ص 517، ومجالس ثعلب ص 92، 542، والمحتسب 2/ 93. والشاهد فيه قوله: «يا مطر» والقياس: يا مطر بالبناء على الضم، لأنه مفرد علم، ولكن الشاعر نونه اضطرارا لإقامة الوزن. (¬159) البيت من الخفيف، وهو للمهلهل بن ربيعة فى خزانة الأدب 2/ 165، والدرر 3/ 22، وسمط اللآلى ص 111، ولسان العرب 15/ 401 (وقى)، والمقاصد النحوية 4/ 211، والمقتضب 4/ 214، وبلا نسبة فى رصف المبانى ص 177، وسر صناعة الإعراب 2/ 800، وشرح الأشمونى 2/ 448، وشرح التصريح 2/ 370، وشرح شذور الذهب ص 146، وشرح ابن عقيل ص 517، وشرح المفصل 10/ 10، والمنصف 1/ 218، وهمع الهوامع 1/ 173. ويروى صدر البيت: رفعت رأسها إلىّ وقالت والشاهد فيه قوله: «يا عديا» حيث نصبه للضرورة الشعرية، وحقه البناء على الضم لأنه علم.

(وباضطرار خص جمع يا وأل) يعنى أنه لا يجوز الجمع بين حرف النداء وأل إلا فى الضرورة كقوله: من أجلك يا التى تيمت قلبى وقوله - فيا الغلامان اللذان فرا (¬160) ثم استثنى من ذلك لفظة «الله» والجملة الاسمية المصدرة بأل فقال: (إلّا مع الله ومحكىّ الجمل) فيجوز فى الاختيار يا ألله بقطع الهمزة ووصلها للزوم أل له حتى صارت كأنها من نفس الكلمة ويا ألرجل منطلق إذا سميت به رجلا لأن أل من جملة المسمى به. ثم قال: (والأكثر اللهمّ بالتعويض) يعنى أن الأكثر فى نداء لفظة الجلالة اللهم بميم مشددة مزيدة آخرا عوضا من حرف النداء وفهم منه أن قولهم يا ألله وإن كان جائزا فى الاختيار دون اللهم فى الكثرة وقد جاء فى الشعر الجمع بين النداء والميم وإليه أشار بقوله: (وشذّ يا اللهمّ فى قريض) وجه شذوذه أنه جمع بين العوض والمعوض منه، ومنه قوله: - إنى إذا ما حدث ألمّا … أقول يا اللهم يا اللهمّا (¬161) والقريض: الشعر. ¬

_ (¬160) الرجز بلا نسبة فى أسرار العربية ص 230، والإنصاف 1/ 336، والدرر 3/ 30، وخزانة الأدب 2/ 294، وشرح ابن عقيل ص 518، وشرح عمدة الحافظ ص 299، وشرح المفصل 2/ 9، واللامات ص 53، واللمع فى العربية ص 196، والمقاصد النحوية 4/ 215، والمقتضب 4/ 243، وهمع الهوامع 1/ 174. والشاهد فيه قوله: «فيا الغلامان» حيث جمع حرف النداء و «أل» فى غير لفظ الجلالة. وهذا لا يجوز إلّا فى الضرورة الشعرية. (¬161) الرجز لأبى خراش فى الدرر 3/ 41، وشرح أشعار الهذليين 3/ 1346، والمقاصد النحوية 4/ 216، ولأمية ابن أبى الصلت فى خزانة الأدب 2/ 295، وبلا نسبة فى أسرار العربية ص 232، والإنصاف ص 341، وأوضح المسالك 4/ 31، وجواهر الأدب ص 96، ورصف المبانى ص 306، وسر صناعة الإعراب 1/ 419، 2/ 430، وشرح الأشمونى 2/ 449، وشرح ابن عقيل ص 519، وشرح عمدة الحافظ ص 300، ولسان العرب 13/ 469، 470، (أله)، واللمع فى العربية ص 197، والمحتسب 2/ 238، والمقتضب 4/ 242، ونوادر أبى زيد ص 165، وهمع الهوامع 1/ 178. والشاهد فيه قوله: «يا اللهم» فجمع بين «يا» والميم المشددة فى «اللهم» وهذا ضرورة عند البصريين، أما الكوفيون فتمسكوا بهذا وأمثاله، ليذهبوا إلى أن الميم المشدّدة فى «اللهم» ليست عوضا من «يا» التى للتنبيه فى النداء، إذ لو كانت كذلك لما جاز أن يجمع بينهما، لأن العوض والمعوض لا يجتمعان.

فصل فى تابع المنادى

فصل فى تابع المنادى تابع ذى الضّمّ المضاف دون أل … ألزمه نصبا كأزيد ذا الحيل شمل قوله تابع جميع التوابع، والمراد ما سوى البدل وعطف النسق على ما سيأتى وشمل ذى الضم العلم والنكرة المقصودة والمضاف نعت لتابع وخرج به التابع المفرد ودون أل خرج به المضاف المقرون بأل وقوله ألزمه نصبا يعنى فى التابع المستوفى للشروط وذلك إذا كان التابع غير عطف النسق والبدل وكان مضافا مجردا من أل فمثال ما استوفى الشروط فى وجوب النصب وهو نعت يا زيد ذا الحيل ومثاله وهو توكيد يا زيد نفسه ويا تميم كلهم ومثاله وهو عطف بيان يا زيد عائد الكلب فلو كان التابع من هذه غير مضاف جاز فيه النصب والرفع وإلى ذلك أشار بقوله: (وما سواه ارفع أو انصب) فمثال النعت يا زيد الظريف والظريف ومثال عطف البيان يا زيد قفة ومثال التوكيد يا تميم أجمعون ومثال المضاف المقرون بأل يا زيد الحسن الوجه فهذه أربع صور كلها يجوز فيها الرفع والنصب وتابع مفعول بفعل مضمر من باب الاشتغال يفسره ألزمه والمضاف نعت لتابع ودون متعلق بالاستقرار على أنه حال من تابع ونصبا مفعول ثان لألزمه والمفعول الأول الهاء وما مفعول بارفع وهو مطلوب لا نصب فهو من باب التنازع وهى موصولة وصلتها سواه. ثم قال: (واجعلا * … كمستقلّ نسقا وبدلا) يعنى أن عطف النسق والبدل إذا تبعا المنادى حكمهما حكم المستقل فيجب بناؤهما على الضم إن كانا مفردين ونصبهما إن كانا مضافين وسواء كان المنادى مبنيا على الضم أو منصوبا فتقول يا أخانا وزيد ويا أخانا عمرو ويا زيد وأخانا ويا عمرو صاحبنا. وسبب ذلك أن البدل فى نية تكرار العامل وحروف العطف بمنزلة العامل فإذا كررت حرف النداء معهما كانا كالمباشرين لحرف النداء. والألف فى اجعلا بدلا من نون التوكيد الخفيفة ونسقا وبدلا مفعول أول باجعلا وكمستقل فى موضع المفعول الثانى لأن معنى اجعلا صير. ثم إن المعطوف عطف نسق إذا كان مقرونا بأل ففيه وجهان وإلى ذلك أشار بقوله:

وإن يكن مصحوب أل ما نسقا … ففيه وجهان ورفع ينتقى يعنى أن المعطوف عطف النسق إذا كان مصحوبا لأل يجوز فيه وجهان الرفع والنصب، والرفع هو المختار وهو مفهوم من قوله: (ورفع ينتقى) وعلم أن ثانى الوجهين هو النصب من ذكر الرفع ومما تقدم فى بعض التوابع من جواز الرفع والنصب فتقول يا زيد والحارث والحارث، ومنه قوله: - ألا يا زيد والضحاك سيرا … فقد جاوزتما خمر الطريق (¬162) يروى برفع الضحاك ونصبه وفهم من قوله ورفع ينتقى أنه موافق للقائلين باختياره وهو الخليل وسيبويه والمازنى وإنما اختير لمناسبة الحركتين، ولما حكى سيبويه أنه أكثر فى كلام العرب من النصب. ومصحوب خبر يكن وما نسقا اسمها ويجوز العكس والأول أرجح وفيه وجهان جملة من مبتدأ وخبر وهى جواب الشرط ورفع ينتقى جملة من مبتدأ وخبر وهى مستأنفة ثم اعلم أن من المناديات أى ويلزم أن يوصف بأحد ثلاثة أشياء: أل وذا والذى، وقد أشار إلى الأول فقال: وأيّها مصحوب أل بعد صفه … يلزم بالرّفع لدى ذى المعرفه يعنى أن أيا إذا كانت منادى لزم وصفها بمصحوب أل واجب الرفع نحو يا أيها الرجل وإنما لزم رفع وصفها وإن كان يجوز فيه الرفع والنصب إذا كان المنادى غير أى لإبهامها وهى نكرة مقصودة وإنما لزمتها الهاء لتكون عوضا مما تستحق من الإضافة، والأرجح فى ضبط هذا البيت أن يكون مصحوب منصوبا فأى مبتدأ ويلزم خبره ومصحوب مفعول مقدم بيلزم وصفة منصوب على الحال من مصحوب أل وبالرفع فى موضع الحال من مصحوب ولدى متعلق بيلزم وبعد فى موضع الحال والمضاف إليه بعد ضمير عائد على أى والتقدير وأيها يلزم مصحوب أل فى حال كونه صفة لها مرفوعة واقعة بعدها ويجوز أن يكون مصحوب أل مرفوعا على أنه مبتدأ ويكون خبره يلزم بالياء والجملة خبر أيها والضمير العائد على المبتدأ محذوف تقديره يلزمها. ثم أشار إلى الثانى والثالث بقوله: ¬

_ (¬162) البيت من الوافر، وهو بلا نسبة فى الأزهية ص 165، والدرر 6/ 168، وشرح قطر الندى ص 210، وشرح المفصل 1/ 129، ولسان العرب 4/ 257 (خمر)، واللمع ص 195، وهمع الهوامع 2/ 142. والشاهد فيه قوله: «يا زيد والضحاك» حيث روى بنصب «الضحاك» ورفعه، فدلّ ذلك على أن المعطوف على المنادى المبنىّ، إذا كان مفردا، يجوز فيه وجهان: الرفع على لفظ المنادى، والنصب على محلّه.

(وأىّ هذا أيّها الّذى ورد) يعنى أنه ورد فى كلام العرب صفة أيها باسم الإشارة نحو يا أيها ذا الرجل وشمل المفرد والمثنى كقوله: - أيها ذان كلا زاديكما … ودعانى واغلا فيمن وغل (¬163) وبالموصول المصدر بأل كقوله تعالى: وَقالُوا يا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ [الحجر: 6] ثم قال: (ووصف أىّ بسوى هذا يردّ) يعنى أن أىّ لا توصف إلا بما ذكر ولا يجوز أن توصف بغير ذلك فلا يقال يا أيها صاحب عمرو ونحوه. ثم قال: وذو إشارة كأىّ فى الصّفه … إن كان تركها يفيت المعرفه يعنى أن اسم الإشارة يجرى مجرى أى فى وجوب وصفه بما وصفت به أى من واجب الرفع يعرف بأل أو الموصول المصدر بأل فتقول يا ذا الرجل كما تقول يا أيها الرجل ويا ذا الذى كما تقول يا أيها الذى آمن فذا فى هذا المثال ونحوه بمنزلة أى فى التوصل إلى نداء ما فيه أل وفهم من قوله: إن كان تركها يفيت المعرفة، أن اسم الإشارة قد لا يفيت المعرفة فلا يفتقر إلى وصف فتكون كسائر الأسماء المناديات كما إذا قلت يا هذا وأنت مقبل على رجل تعينه وهذا ليس من هذا الفصل. ثم قال: فى نحو سعد سعد الأوس ينتصب … ثان وضمّ وافتح أوّلا تصب يعنى أن المنادى المبنى على الضم إذا تكرر وأضيف لما بعده وجب نصب الثانى لأنه مضاف وجاز فى الأول الضم على الأصل والفتح على الإتباع وفيه أقوال وذلك نحو قوله: - يا تيم تيم عدى لا أبا لكم … لا يلفينّكم فى سوأة عمر (¬164) ¬

_ (¬163) البيت من الرمل، وهو بلا نسبة فى الدرر 3/ 33، وشرح الأشمونى 2/ 454، وشرح شذور الذهب ص 199، وشرح عمدة الحافظ ص 281، ومجالس ثعلب ص 52، والمقاصد النحوية 4/ 239، 241، وهمع الهوامع 1/ 175. والشاهد فيه قوله: «أيهذان كلا» حيث وصف المنادى باسم الإشارة، ولم ينعت اسم الإشارة باسم محلّى بالألف واللام. (¬164) البيت من البسيط، وهو لجرير فى ديوانه ص 212، والأزهية ص 238، والأغانى 21/ 349، وخزانة الأدب 2/ 298، 301، 4/ 99، 107، والخصائص 1/ 345، والدرر 6/ 29، وشرح أبيات سيبويه 1/ 142، وشرح شواهد المغنى 2/ 855، وشرح المفصل 2/ 10، والكتاب 1/ 53، 2/ 205، واللامات ص 101، ولسان العرب 14/ 11 (أبى)، والمقاصد النحوية 4/ 240، والمقتضب 4/ 229، ونوادر أبى زيد ص 139، وبلا نسبة فى الأشباه والنظائر 2/ 204، وأمالى ابن الحاجب 2/ 725، وجواهر الأدب ص 199، 421، =

المنادى المضاف إلى ياء المتكلم

ومثله قوله يا سعد سعد الأوس، وفهم من قوله نحو أن ذلك جائز فى العلم وفى النكرة المقصودة نحو يا غلام غلام زيد وهو مذهب البصريين، وفهم من تقديمه الضم أنه أحسن الوجهين وأرجحهما وفى نحو متعلق بينتصب وتصب مضارع مجزوم على جواب الأمر. المنادى المضاف إلى ياء المتكلم قوله: واجعل منادى صحّ إن يضف ليا … كعبد عبدى عبد عبدا عبديا شمل قوله منادى الصحيح والمعتل فأخرج المعتل بقوله صح فإنه فى النداء كحاله فى غير النداء وعلم أنّ يا فى قوله ليا ياء المتكلم إذ لا يضاف لياء المخاطبة وليس فى الضمائر ياء غيرهما وقد ذكر فى الاسم المضاف إلى ياء المتكلم خمس لغات الأولى يا عبد بحذف الياء والاستغناء بالكسر عنها وهى أفصحها الثانية يا عبدى بإثبات الياء الساكنة. الثالثة يا عبد بقلب الياء ألفا وحذفها والاستغناء عنها بالفتحة. الرابعة يا عبدا بقلب الياء ألفا وإثباتها. الخامسة يا عبدى بفتح الياء وهى الأصل ولم يذكرها فى النظم على الترتيب فى القوة والضعف بل على ما سمح به الوزن، وأفصحها حذف الياء وإبقاء الكثرة ثم إثبات الياء ساكنة ومتحركة ثم قلبها ألفا ثم حذف الألف وإبقاء الفتحة وفيه لغة سادسة لم يذكرها الناظم لضعفها وهى بناؤه على الضم كقوله تعالى: وقل رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِّ فى قراءة. وفى قوله كعبد إلخ البيت فائدتان: إحداهما التنبيه على اللغات المذكورة والأخرى التنبيه على أن جواز اللغات المذكورة مشروط بأن تكون الإضافة للتخفيف وذلك مفهوم من المثال احترازا مما فيه الإضافة للتخفيف كاسم الفاعل وسائر ما إضافته للتخفيف فإنه لا يجوز فيه إلا وجهان إثبات الياء متحركة أو ساكنة ومنادى مفعول أول باجعل وصح فى موضع الصفة له والمفعول الثانى كعبد إلى آخر البيت وإن يضف شرط محذوف الجواب لدلالة ما تقدم عليه. ثم إن المنادى ¬

_ = وخزانة الأدب 8/ 317، 10/ 191، ورصف المبانى ص 245، وشرح الأشمونى 2/ 454، وشرح ابن عقيل ص 522، وشرح المفصل 2/ 105، 3/ 21، ومغنى اللبيب 2/ 457، وهمع الهوامع 2/ 122. والشاهد فيه قوله: «يا تيم تيم عدى» حيث أقحم «تيم» الأول وما أضيف إليه، فعامل الثانى فى منع التنوين معاملة الأول. ويجوز أن يضم «تيم» الأول على أنه منادى علم والثانى بدل منه

إذا كان مضافا إلى مضاف إلى ياء المتكلم فإن حكم الياء فيه كحكمها فى غير النداء نحو يا ابن أخى ويا ابن صاحبى إلا إذا كان ابن أم وابن عم وإلى ذلك أشار بقوله: وفتح او كسر وحذف اليا استمرّ … فى يا ابن أمّ يا ابن عمّ لا مفرّ يعنى أن يا ابن أم ويا ابن عم يجوز فى كل واحد منهما الفتح والكسر فتقول يا ابن أمّ ويا ابن أمّ وقرئ بهما وكذلك ابن عم وذلك لكثرة استعمالهما وفهم من قوله استمر اطراد ذلك وعدم اطراد غيره وهو إثبات الياء نحو يا ابن أمى ومنه قوله: - يا ابن أمى ويا شقيّق نفسى (¬165) وقلبها ألفا، ومنه قوله: - كن لى لا على يا ابن عمّا (¬166) وفهم من تمثيله يا بن أم وابن عم أن ذلك أيضا مطرد فى يا ابنة أم ويا ابنة عم إذ لا فرق ثم إن من المضاف إلى ياء المتكلم يا أبى ويا أمى وفيه لغتان زائدتان على اللغات المتقدمة، وقد أشار إليهما بقوله: وفى النّدا أبت أمّت عرض … واكسر أو افتح ومن اليا التّا عوض فهم من قوله وفى الندا أن ذلك خاص بالنداء فلا يجوز قام أبت ولا جاءت أمت وفهم من تعيين اللفظين أن ذلك خاص بهما وفهم من قوله عرض أن ذلك غير لازم لهما فإنه عرض بعد اللغات المذكورة فى المضاف إلى ياء المتكلم. وفهم من تقديمه الكسر على الفتح أن الكسر أكثر وفهم من قوله: ومن اليا التا عوض أنه لا يجمع بينهما لما علم من أنه لا يجمع بين العوض والمعوض منه فلا تقول يا أبتى ولا يا أمتى، وقد جاء الجميع فى ضرورة الشعر، قال: ¬

_ (¬165) عجزه: أنت خلّفتنى لدهر شديد والبيت من الخفيف، وهو لأبى زبيد فى ديوانه ص 48، والدرر 5/ 57، وشرح التصريح 2/ 179، والكتاب 2/ 213، ولسان العرب 10/ 182 (شقق)، والمقاصد النحوية 4/ 222، وبلا نسبة فى أوضح المسالك 4/ 40، وشرح الأشمونى 2/ 457، وشرح قطر الندى ص 207، وشرح المفصل 2/ 12، والمقتضب 4/ 250، وهمع الهوامع 2/ 54. والشاهد فيه قوله: «يا ابن أمّى» حيث أثبت ياء المتكلم وهذا قليل، فالعرب لا تكاد تثبتها إلا لضرورة. (¬166) الرجز بلا نسبة فى المقاصد النحوية 4/ 250. والشاهد فيه قوله: «يا ابن عمّا» حيث قلب الشاعر ياء الإضافة ألفا، وهذا جائز.

أسماء لازمت النداء

- أيا أبتى لا زلت فينا فإنما … لنا أمل فى العيش ما دمت آملا (¬167) وفى الندا متعلق بعرض وأبت وأمت مبتدأ وخبره عرض والتاء مبتدأ وخبره عوض ومن اليا متعلق بعوض. أسماء لازمت النداء هذه الأسماء التى ذكرت فى هذا الباب على ثلاثة أقسام: مسموع، ومقيس، وشائع غير مقيس وقد أشار إلى الأول بقوله: وفل بعض ما يخصّ بالنّدا … لؤمان نومان كذا فذكر ثلاثة ألفاظ الأول فل وهو كناية عن نكرة فإذا قلت يا فل فكأنك قلت يا رجل. الثانى لؤمان بلام مضمومة وهمزة ساكنة من اللؤم فإذا قلت يا لؤمان فمعناه يا عظيم اللآمة. الثالث نومان بفتح النون وواو ساكنة من النوم فإذا قلت يا نومان فمعناه يا كثير النوم. ثم أشار إلى الثانى بقوله: (واطّردا. فى سبّ الأنثى وزن يا خباث) يعنى أن بناء وزن فعال من كل فعل دال على السبّ مطرد فتقول يا خباث ويا فساق ويا لكاع ونحوه ومعنى الاطراد فى ذلك أنك لا تفتقر فيه إلى السماع من العرب بل كل فعل دال على السب يجوز أن يبنى منه هذا الوزن فى النداء. ثم قال: (والأمر هكذا من الثّلاثى) يعنى بالأمر اسم الفعل وفعال مطرد فيه من كل فعل ثلاثى نحو نزال ودراك وضراب وإنما ذكر هذا الفصل هنا وإن لم يكن من الباب لاشتراكه مع فعال الذى للسب فى الاطراد. ثم أشار إلى الثالث بقوله: (وشاع فى سبّ الذكور فعل) يعنى أن فعل يجئ فى سب الذكور كما جاء فعال فى سب الأنثى إلا أن فعل غير مقيس وإليه أشار بقوله: (ولا تقس) فمن المسموع من ذلك يا خبث بمعنى يا خبيث ويا غدر بمعنى يا غادر ويا فسق بمعنى يا فاسق. واعلم أنه قد جاء جر فل المتقدم فى الشعر وإليه أشار بقوله: (وجرّ فى الشّعر فل) يعنى أن فل قد جاء فى الشعر مجرورا فى غير النداء كقوله: ¬

_ (¬167) البيت من الطويل، وهو بلا نسبة فى شرح التصريح 2/ 178، وشرح الأشمونى 2/ 458، والمقاصد النحوية، ويروى «ما دمت عائشا» بدل «ما دمت آملا».

الاستغاثة

- فى لجّة أمسك فلانا عن فل (¬168) وقوله وفل مبتدأ وخبره بعض وما موصولة وصلتها يخص وبالنداء متعلق بيخص ولؤمان نومان مبتدأ وكذا خبره وباقى الإعراب واضح. الاستغاثة هى نداء من يخلص من شدة أو يعين على دفع مشقة، وتتضمن الاستغاثة المستغيث والمستغاث منه والمستغاث من أجله والمستغاث به. وذكر لها فى هذا الباب حالتين: الأولى أن يجر المستغاث بلام مفتوحة. والثانية أن يزاد فى آخره ألف تعاقب اللام وقد أشار إلى الأول بقوله: (إذا استغيث اسم منادى خفضا * باللّام مفتوحا) يعنى أن المنادى المستغاث تدخل عليه لام الجر مفتوحة فتجره وإنما دخلت عليه اللام دون سائر المناديات للتنصيص على الاستغاثة وكانت مفتوحة لتنزله منزلة الضمير واللام تفتح مع المضمر. ثم مثل بقوله: (كيا للمرتضى) وقد فهم من قوله إذا استغيث اسم أن استغاث متعد بنفسه فقول النحويين مستغاث به مخالف لوضعه العربى قال الله تعالى: إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ [الأنفال: 9] وفهم من قوله خفضا أنه معرب بالجر وفهم من المثال أنه يجوز أن يكون مقرونا بأل وإعراب البيت واضح. ثم قال: وافتح مع المعطوف إن كرّرت يا … وفى سوى ذلك بالكسر ائتيا يعنى أنك إذا عطفت على المستغاث بتكرير يا فتحت اللام نحو قوله: - يا لقومى ويا لأمثال قومى … لأناس عتوّهم فى ازدياد (¬169) ¬

_ (¬168) الرجز لأبى النجم فى جمهرة اللغة ص 407، وخزانة الأدب 2/ 389، والدرر 3/ 37، وسمط اللآلى ص 257، وشرح أبيات سيبويه 1/ 439، وشرح التصريح 2/ 180، وشرح المفصل 5/ 119، وشرح شواهد المغنى 1/ 450، والصاحبى فى فقه اللغة ص 229، والطرائف الأدبية ص 66، والكتاب 2/ 248، 3/ 452، ولسان العرب 2/ 355 (لجج) 13/ 324، 325 (فلن)، والمقاصد النحوية 4/ 228، وبلا نسبة فى أوضح المسالك 4/ 43، وشرح الأشمونى 2/ 460، وشرح ابن عقيل ص 527، وشرح المفصل 1/ 48، والمقتضب 4/ 238، والمقرب 1/ 182، وهمع الهوامع 1/ 177. والشاهد فيه قوله: «عن فل» حيث استعمل فيه كلمة «فل» فى غير النداء، فجرها بحرف الجر، للضرورة وقيل: الأصل «فلان» وحذفت الألف والنون للضرورة. (¬169) البيت من البسيط، وهو بلا نسبة فى أوضح المسالك 4/ 46، وشرح الأشمونى 2/ 462، وشرح التصريح 12/ 181، وشرح قطر الندى ص 218، والمقاصد النحوية 4/ 256. والشاهد فيه قوله: «يا لقومى ويا لأمثال قومى» حيث جرّ المستغاث به فى الكلمتين بلام واجبة الفتح.

الندبة

وفى سوى التكرار ليا جئ باللام مكسورة كقوله: - يبكيك ناء بعيد الدار مغترب … يا للكهول وللشبّان للعجب (¬170) ومفعول افتح محذوف تقديره وافتح اللام وفى سوى متعلق بائتيا والإشارة بذلك للتكرير أى وفى سوى التكرير. ثم قال: (ولام ما استغيث عاقبت ألف) يعنى أن لام الاستغاثة تعاقب الألف فلا يجمع بينهما وفهم منه أن اللام غير لازمة لكون الألف تعاقبها فتقول يا لزيد ويا زيدا ولا يجوز يا لزيدا. ثم قال: (ومثله اسم ذو تعجّب ألف) يعنى أن الاسم المتعجب منه مثل المستغاث فيما تقدم فيجوز أن تدخل عليه لام مفتوحة نحو يا للعجب وأن تزاد آخره ألف فتقول يا عجبا، ومنه قوله: - يا عجبا لهذه الفليقه … هل تذهبى القوباء بالرويقه (¬171) وإنما ذكر هنا اسم التعجب وإن لم يكن من هذا الباب لاشتراكهما فى الحكم وعاقبت خبر وألف مفعول بعاقبت ووقف عليه بالسكون على لغة ربيعة ويجوز أن يكون ألف فاعلا بعاقبت وحذف الضمير العائد على المبتدأ والتقدير عاقبتها ألف والأول أظهر ومثله مبتدأ واسم خبره وذو تعجب نعت لاسم وألف جملة فى موضع الصفة للتعجب. الندبة هى نداء المتفجع عليه أو منه وهى من كلام النساء فى الغالب. قوله: (ما للمنادى اجعل لمندوب) يعنى أن حكم المندوب كحكم المنادى يضم إن كان مفردا وينصب إن كان مضافا أو شبيها به فتقول وا زيد ووا ضارب زيد ووا طالعا جبلا. وما مفعول مقدم باجعل وهى موصولة واقعة على أحكام المنادى السابقة وصلتها للمنادى ثم نبه على ما يمتنع فى الندبة ¬

_ (¬170) البيت من البسيط، وهو بلا نسبة فى أوضح المسالك 4/ 47، وخزانة الأدب 2/ 154، والدرر 3/ 42، ورصف المبانى ص 220، وشرح الأشمونى 2/ 462، وشرح التصريح 2/ 181، وشرح شواهد الإيضاح ص 203، وشرح قطر الندى ص 219، ولسان العرب 12/ 561، 563 (لوم)، والمقاصد النحوية 4/ 257، والمقتضب 4/ 256، والمقرب 1/ 184، وهمع الهوامع 1/ 180. والشاهد فيه قوله: «وللشبّان» حيث كسرت لام المستغاث المعطوف لأنه لم تعد معه «يا». (¬171) الرجز لابن قنان فى لسان العرب 1/ 692، 693 (قوب)، وبلا نسبة فى إصلاح المنطق ص 344، وجمهرة اللغة ص 965، 1026، 1233، والجنى الدانى ص 177، وشرح التصريح 2/ 181، وشرح شواهد الشافية ص 399، وشرح شواهد المغنى 2/ 791، وكتاب اللامات ص 88، ومغنى اللبيب 2/ 372، والمنصف 3/ 61. والشاهد فيه قوله: «يا عجبا لهذه» حيث جاءت اللام للتعجب والقوباء داء يعالج بالرّيق.

بقوله: (وما * نكّر لم يندب ولا ما أبهما) يعنى أن كل واحد من النكرة والمبهم لا يجوز أن يندب لأن الغرض من الندبة الإعلام بعظمة المصاب وذلك غير موجود فيهما. وشمل قوله المبهم اسم الإشارة والموصول بصلة غير معين بها فلو كان الموصول به صلة مشهورة جاز أن يندب وإلى ذلك أشار بقوله: (ويندب الموصول بالذى اشتهر) يعنى أن الموصول إذا كانت صلته شهيرة يعرف بها جاز أن يندب وقد مثل ذلك بقوله: (كبئر زمزم يلى وا من حفر) فتقول وا من حفر بئر زمزم لتنزله فى الشهرة منزلة العلم والذى حفر بئر زمزم عبد المطلب بن هاشم. والموصول مفعول لم يسم فاعله بيندب وبالذى متعلق بالموصول لا بيندب وهو على حذف الموصول والتقدير ويندب الموصول بالوصل المشتهر وبئر منصوب على أنه مفعول مقدم بحفر ووا من مفعول بيلى ثم قال: (ومنتهى المندوب صله بالألف) منتهى المندوب هو آخره وشمل العلم نحو وا زيدا والمضاف نحو وا عبد الملكا وعجز المركب نحو وا معدى كربا وعلم أن وصله بالألف جائز لا واجب من قوله قبل ما للمنادى جعل لمندوب. ثم قال: (متلوّها إن كان مثلها حذف) يعنى أنه إذا كان آخر الاسم المندوب ألفا حذف إذ لا يمكن اجتماع ألفين وفهم منه أن المحذوفة الألف التى آخر المندوب لا ألف الندبة لأنها تدل على معنى وهى الدلالة على الندبة. ومنتهى مفعول بفعل محذوف يفسره صله ومتلوها مبتدأ وخبره حذف. ثم قال: كذاك تنوين الّذى به كمل … من صلة أو غيرها نلت الأمل يعنى أن التنوين الذى فى آخر المندوب يحذف إذا لحقت ألف الندبة إذ لا حظ له فى الحركة وقوله من صلة نحو وا من حفر بئر زمزما وقوله أو غيرها شامل لآخر المفرد نحو وا زيدا وآخر المضاف إليه نحو وا غلام زيدا والمطول نحو وا طالعا جبلا ثم إن حق ألف الندبة أن يكون قبلها فتحة للمجانسة فإذا كان آخر الاسم فتحة بقيت نحو وا غلام أحمدا وإن كانت كسرة أو ضمة أبدلت فتحة لمكان الألف فتقول فى نحو رقاش وا رقاشا وفى رجل اسمه قام الرجل وا قام الرجلا هذا إذا لم يوقع فتح المكسور أو المضموم فى اللبس، وإلى هذا أشار بقوله:

والشّكل حتما أوله مجانسا … إن يكن الفتح بوهم لابسا المراد بالشكل الحركة يعنى أنه إذا كان فى آخر المندوب كسرة أو ضمة وكان فى إبدالهما فتحة لبس وجب إقرار الحركة وإبدال الألف بمجانس تلك الحركة فتقول فى نحو فتاه وا فتاهو وفى غلام أخيه وا غلام أخيهى إلا أنك لو أبدلتهما فقلت وا فتاها وا غلام أخيها لالتبس بهاء الواحدة وفهم من قوله حتما أن ذلك واجب. والشكل مفعول بفعل محذوف يفسره أوله ومجانسا مفعول ثان لأوله وهو صفة لموصوف محذوف تقديره أوله حرفا مجانسا ومعمول مجانسا محذوف تقديره مجانسا للحركة السابقة. ثم قال: (وواقفا زد هاء سكت إن ترد) يعنى أنك إذا وقفت على آخر المندوب فلك أن تزيد بعد الألف هاء السكت لبيان الألف فتقول وا زيداه وفهم من قوله واقفا أن ذلك لا يكون فى الوصل وفهم من قوله إن ترد أن ذلك جائز لا واجب وقد صرح بهذا المفهوم فقال: (وإن تشأ فالمدّ والها لا تزد) أى وإن تشأ فالمدّ كاف ولا تزد الهاء، هذا ما حمله عليه الشارح والمرادى فلا يندرج فيه إلا صورتان اجتماع الألف والهاء والاستغناء بالألف عن الهاء نحو وا زيدا. وعندى أن ضبط المد بالفتح على أنه مفعول والهاء معطوف عليه وعطف الهاء عليه أحسن ليندرج تحته ثلاث صور: الأولى الجمع بينهما نحو وا زيداه وذلك مفهوم من قوله وواقفا زد هاء سكت. الثانية الاستغناء بالألف عن الهاء نحو وا زيدا وهو مفهوم من قوله إن ترد. الثالثة الاستغناء عنهما معا نحو وا زيد وهو مفهوم من قوله: وإن تشأ فالمد والها لا تزد، أى لا تزد الألف والهاء وهذه الصور كلها جائزة فى الوقف وواقفا حال من فاعل زد المستتر وهاء سكت مفعول بزد وإن ترد شرط محذوف جوابه لدلالة ما تقدم عليه وإن تشأ شرط والفاء بعدها جواب الشرط والمد مبتدأ وخبره محذوف تقديره كاف على ما قاله الشارحان والهاء مفعول مقدم بتزد فالجواب على هذه جملة اسمية، والها لا تزد ليس فى شئ من الجواب بل هو مستأنف، وعلى ما ذكرناه فالجواب لا تزد والتقدير وإن تشأ فلا تزد المد والهاء. ثم قال: وقائل وا عبديا وا عبدا … من فى النّدا اليا ذا سكون أبدى تقدم أن فى المنادى المضاف إلى ياء المتكلم خمس لغات ومن جملتها يا عبدى بياء

الترخيم

ساكنة فإذا ندبت على هذه اللغة ففيه وجهان أحدهما أن تفتح الياء الساكنة وتلحق ألف الندبة بعدها وهذا معنى قوله وا عبديا، والآخر أن تحذف الياء لسكونها فتقول وا عبدا وهو معنى قوله وا عبدا وهذا كله على لغة من أثبت الياء ساكنة وهى معنى قوله: (من فى الندا اليا ذا سكون أبدى) وفهم منه أن باقى اللغات التى فى المنادى ليس فيه زيادة ولا نقص فيقال على لغة من قال يا عبد. الثالثة الاستغناء عنهما معا نحو وا زيد وهو مفهوم من قوله: وإن تشأ فالمد والها لا تزدا ليس إلا وفى لغة من قال يا عبدى وا عبديا وفى لغة من قال يا عبد وا عبدا. وقائل خبر مقدم ووا عبديا وا عبدا مفعول بقائل ومن مبتدأ وهى موصولة وصلتها أبدى واليا مفعول بأبدى وفى الندا متعلق بأبدى وذا سكون حال من الياء والتقدير من أبدى الياء ساكنة فى النداء قائل وا عبديا وا عبدا. الترخيم الترخيم فى اللغة ترقيق الصوت وتليينه. وفى الاصطلاح حذف بعض الكلمة على وجه مخصوص. قوله: (ترخيما احذف آخر المنادى) يعنى أن المنادى يجوز ترخيمه بحذف آخره ثم مثل ذلك بقوله: (كيا سعا فيمن دعا سعادا) فآخر المنادى مفعول باحذف وترخيما أجاز فى نصبه الشارح أن يكون مفعولا فيكون التقدير احذف لأجل الترخيم أو مصدرا فى موضع الحال فيكون التقدير احذف فى حال كونك مرخما أو ظرفا على حذف مضاف فيكون التقدير احذف وقت الترخيم وزاد المرادى وجها رابعا وهو أن يكون مفعولا مطلقا قال وناصبه احذف لأنه يلاقيه فى المعنى وفيه نظر لأن الحذف أعم من الترخيم فلا يلاقيه فى المعنى ويحتمل عندى وجها خامسا وهو أن يكون مفعولا مطلقا وعامله محذوف والتقدير رخم ترخيما وقوله كيا سعا فيمن دعا أى فى قول من دعا فهو على حذف مضاف والمراد بدعا نادى ثم شرع فى بيان ما يجوز ترخيمه فقال: (وجوّزنه مطلقا فى كلّ ما * أنّث بالها) يعنى أنه يجوز ترخيم المنادى إذا كان مؤنثا بالتاء مطلقا أى من غير شرط من الشروط المذكورة فى غير التاء فيرخم علما نحو: - أفاطم مهلا بعض هذا التدلّل (¬172) ¬

_ (¬172) عجزه: وإن كنت قد أزمعت صرمى فأجملى

ونكرة نحو: - جارى لا تستنكرى عذيرى (¬173) وثلاثيا نحو يا خول فى خولة وثنائيا نحو يا ثب فى ثبة. ثم بين حكم ما قبل التاء المحذوفة للترخيم فقال: (والّذى قد رخّما. بحذفها وفّره بعد) يعنى أنك إذا حذفت الهاء للترخيم وفر ما بقى بعد حذفها من الاسم المرخم أى لا تحذف منه شيئا ولا تغيره والذى مفعول بفعل مضمر يفسره وفره وبحذفها متعلق برخم وبعد متعلق بوفره. ولما فرغ من ترخيم ذى الهاء شرع فى ترخيم المجرد منها: (واحظلا * ترخيم ما من هذه الها قد خلا) يعنى أن ما خلا من الهاء لا يجوز ترخيمه إلا بأربعة شروط: أشار إلى الأول منها بقوله: (إلّا الرّباعىّ فما فوق) فشمل الرباعى الأصول كجعفر والثلاثى المزيد كيعمر وشمل قوله فما فوق الخماسى الأصول كفرزدق والمزيد كسموأل والسداسى والسباعى ولا يكونان إلا مزيدين نحو مستخرج واشهيباب وفهم منه أن الثلاثى لا يرخم وهو شامل للمحرك الوسط نحو عمر والساكن الوسط نحو عمرو. ثم أشار إلى الشرط الثانى بقوله: (العلم) يعنى أن المنادى لا يرخم إلا إذا كان علما وشمل علمية الشخص نحو جعفر وعلمية الجنس نحو أسامة وفهم منه أن النكرة لا ترخم. ثم أشار إلى الشرط الثالث بقوله: (دون إضافة) فلا يرخم المضاف ولو كان علما وشمل الكنية كأبى بكر وغيرها كعبد شمس. ثم أشار إلى الشرط الرابع بقوله: (وإسناد متمّ) يعنى أن المركب تركيب إسناد لا يجوز ترخيمه نحو برق نحره وفهم منه أن المركب تركيب مزج لا يمتنع ترخيمه لتخصيصه المنع بذى الإسناد فتقول فى معديكرب يا معدى وقوله وا حظلا فعل أمر من حظل يحظل بالظاء ¬

_ - والبيت من الطويل، وهو لامرئ القيس فى ديوانه ص 12، والجنى الدانى ص 35، وخزانة الأدب 11/ 222، والدرر 3/ 16، وشرح شواهد المغنى 1/ 20، والمقاصد النحوية 4/ 289، وبلا نسبة فى أوضح المسالك 4/ 67، ورصف المبانى ص 52، وشرح الأشمونى 2/ 467، ومغنى اللبيب 1/ 13، وهمع الهوامع 1/ 172. والشاهد فيه قوله: «أفاطم» يريد: أفاطمة، فرخّمه، وهذا الترخيم كثير. (¬173) الرجز للعجاج فى ديوانه 1/ 332، وخزانة الأدب 2/ 125، وشرح أبيات سيبويه 1/ 461، وشرح شواهد الإيضاح ص 355، وشرح المفصل 2/ 16، 20، والكتاب 2/ 231، 241، ولسان العرب 4/ 548 (عذر)، والمقاصد النحوية 4/ 277، والمقتضب 4/ 260، وبلا نسبة فى أوضح المسالك 4/ 58، وشرح الأشمونى 2/ 468، وشرح عمدة الحافظ ص 296. والشاهد فيه حذف حرف النداء ضرورة من «جارى» وهو اسم نكرة قبل النداء لا يتعرّف إلا بحرف النداء، وإنما يطّرد حذفه فى المعارف والأصل: يا جارية، فرخم المنادى.

المعجمة بمعنى امنع وألفه بدل من النون الخفيفة وترخيم مفعول باحظلا وما موصولة وصلتها خلا ومن متعلق بخلا وإلا استثناء والرباعى منصوب على الاستثناء وما معطوفة بالفاء على الرباعى وهى موصولة وصلتها فوق وهو مقطوع عن الإضافة وتقدير المضاف إليه فما فوقه أى فوق الرباعى والعلم عطف بيان على الرباعى ودون إضافة متعلق بمحذوف على أنه حال من متم وإسناد معطوف على إضافة ومتم نعت لإسناد وهو اسم مفعول من أتممت. ثم قال: (ومع الآخر احذف الذى تلا) يعنى أنك إذا رخمت المنادى بحذف آخره فاحذف أيضا الحرف الذى قبل الآخر لكن بأربعة شروط: أشار إلى الأول منها بقوله: (إن زيد) أى إذا كان زائدا فلو كان غير زائد لم يحذف نحو مختار ومنقاد لأن الألف فيهما منقلبة عن عين الكلمة فتقول يا مختا ويا منقا. ثم أشار إلى الثانى بقوله: (لينا) أى ذا لين وشمل حرف اللين الألف نحو شملال والواو نحو منصور والياء نحو قنديل فلو كان حرف صحة لم يحذف وشمل المتحرك نحو سفرجل والساكن نحو قمطر فتقول فيهما يا سفرج ويا قمط. ثم أشار إلى الثالث بقوله: (ساكنا) يعنى أن يكون حرف اللين ساكنا فلو كان متحركا لم يحذف نحو هبيخ وقنور فيهما يا هبى ويا قنو بغير حذف. ثم أشار إلى الرابع بقوله: (مكمّلا. أربعة فصاعدا) يعنى أن يكون حرف اللين المذكور رابعا فما فوق فشمل الرابع نحو منصور والخامس كمصابيح مسمى به والسادس نحو استخراج مسمى به أيضا وفهم منه أنه لو كان ثالثا لم يحذف نحو عماد وسعيد وثمود فلو كان ما قبل حرف اللين غير مجانس له ففى حذفه خلاف أشار إليه بقوله: (والخلف فى * واو وياء بهما فتح قفى) يعنى أن حرف اللين إذا كان قبله حركة غير مجانسة له نحو فرعون وغرنيق ففى حذفهما مع الآخر خلاف فمن حذف قال يا فرع ويا غرن، ومن لم يحذف قال يا فرعو ويا غرنى وقوله مع الآخر متعلق باحذف وصلة الذى تلا والضمير العائد من الصلة إلى الموصول محذوف وفى تلا فاعل مضمر عائد على الآخر والذى صفة لمحذوف والتقدير احذف مع الآخر الحرف الذى تلاه الآخر وقوله إن زيد شرط محذوف الجواب لدلالة ما تقدم عليه ولينا حال من الضمير فى زيد وهو مخفف من لين وساكنا نعت للينا ومكملا نعت بعد نعت وأربعة مفعول لمكملا وصاعدا معطوف على أربعة وإعراب ما بقى واضح. ثم قال: (والعجز احذف من مركّب) يعنى أن المركب تركيب مزج يحذف عجزه وشمل ما آخره ويه نحو سيبويه وما ليس آخره ويه نحو بعلبك وما سمى به من العدد المركب

نحو خمسة عشر فتقول يا سيب ويا بعل ويا خمسة. وأما المركب تركيب إسناد فإليه أشار بقوله: (وقلّ * ترخيم جملة) قد تقدم فى شروط الترخيم أن لا يكون جملة فى قوله وإسناد متم وذلك موافق لما عليه أكثر النحويين وقد منعه سيبويه فى باب الترخيم وذكر هنا أن ترخيمه جائز بقلة. ثم أشار بقوله: (وذا عمرو نقل) أى إن ترخيمه نقله عمرو يعنى به سيبويه وهو عمرو بن عثمان بن قنبر الفارسى، وكنيته أبو بشر ولم يذكر الناظم سيبويه فى هذا الرجز إلا فى هذا الموضع ولم يذكره بلقبه المشهور وهو سيبويه وإنما نقله سيبويه فى باب النسب قال تقول فى النسب إلى تأبط شرا تأبطى لأن من العرب من يقول يا تأبط وكأنه إنما منعه فى الترخيم لكونه لم يعتمد على هذه اللغة لقلتها. ثم اعلم أن فى الترخيم لغتين وقد أشار إلى إحداهما فقال: وإن نويت بعد حذف ما حذف … فالباقى استعمل بما فيه ألف يعنى أنك إذا نويت المحذوف للترخيم فاترك الحرف الذى قبله على حاله قبل الحذف واستعمله كما كان قبل الحذف وتسمى هذه اللغة لغة من نوى ولغة من ينتظر وشمل قوله بعد حذف ما حذف منه حرف نحو يا جعف فى جعفر وما حذف منه حرفان نحو يا مرو فى مروان وما حذف منه كلمة نحو يا بعل فى بعلبك وشمل الباقى ما كان ساكنا نحو يا قمط فى قمطر ومضموما نحو يا منص فى يا منصور ومكسورا نحو يا حار فى حارث. ثم أشار إلى اللغة الثانية فقال: واجعله إن لم تنو محذوفا كما … لو كان بالآخر وضعا تمّما أى اجعل الحرف الذى قبل المحذوف إذا لم ينو المحذوف كما لو كان آخر الكلمة فيتعين بناؤه على الضم فتقول فى قمطر يا قمط وفى جعفر يا جعف وفى حارث يا حار وهذه اللغة تسمى لغة من لم ينو والضمير فى واجعله عائد على الحرف الذى قبل المحذوف وكما فى موضع المفعول الثانى لا جعله والظاهر أن ما فى قوله كما زائدة ولو مصدرية والتقدير ككون الآخر متمما وضعا وقد تقدم نظيره فى باب الاستثناء فى قوله كما لو إلا عدما. ثم أشار إلى ما يظهر به الفرق بين اللغتين، فقال: فقل على الأوّل فى ثمود يا … ثمو ويا ثمى على الثّانى بيا

الاختصاص

يعنى بالأول لغة من نوى فتقول على اللغة الأولى فى ترخيم ثمود يا ثمو لأن الواو فى حشو الكلمة لنية المحذوف وتقول على لغة من لم ينو يا ثمى بالياء لعدم النظير إذ ليس فى كلام العرب اسم متمكن آخره واو قبلها ضمة فتقلب الواو ياء والضمة كسرة كما فعلوا فى أدل جمع دلو وأصله أدلو فقلبوا الواو ياء والضمة كسرة. ثم أشار إلى مثالين مبنيين على اللغتين فقال: والتزم الأوّل فى كمسلمه … وجوّز الوجهين فى كمسلمه الأول هى لغة من نوى فإذا رخمت مسلمة ونحوه من صفة المؤنث بالتاء الفارقة بين المذكر والمؤنث قلت يا مسلم بفتح الميم الأخيرة على لغة من نوى ولا يجوز أن ترخمه على لغة من لم ينو فتقول يا مسلم لئلا يلتبس بالمذكر وأما نحو مسلمة بفتح الميم الأولى مما ليست فيه التاء فارقة فيجوز فيه الوجهان فتقول يا مسلم بفتح الميم ويا مسلم بضمها والأول صفة لمحذوف والتقدير والتزم الوجه الأول. ثم قال: ولاضطرار رخّموا دون ندا … ما للنّدا يصلح نحو أحمدا يعنى أنه يجوز الترخيم فى غير النداء إذا كان للضرورة وفهم منه أنه لا يكون فى الاختيار. وقوله ما للندا يصلح يعنى أنه لا يرخم فى غير النداء إلا ما كان صالحا للنداء أى لمباشرة حرف النداء نحو أحمد فلو كان الاسم مما لا يصلح لمباشرة حرف النداء لم يرخم لا فى الضرورة ولا فى غيرها نحو الرجل وفهم من إطلاقه أنه يرخم على اللغتين السابقتين أما ترخيمه على لغة من لم ينو فمجمع عليه وأما على لغة من نوى فمختلف فيه. الاختصاص إنما ذكر هذا الباب بعد أبواب النداء لشبهه به فى اللفظ وإلى ذلك أشار بقوله: (الاختصاص كنداء دون يا) يعنى أن الاختصاص شبيه بالنداء وفهم منه أنه ليس منادى وفهم من قوله دون يا أنه لا يصحب حرف النداء ثم مثل فقال: (كأيّها الفتى بإثر ارجونيا) وفهم من المثال أن أيا لا توصف باسم الإشارة ولا بالموصول كما فى النداء وفهم من قوله بإثر ارجونيا أنه لا بد أن يتقدمها كلام وأن الكلام الذى يتقدمها لا بد أن يكون فيه ضمير المتكلم فهم ذلك

التحذير والإغراء

من قوله بإثر ارجونيا ثم إن الاختصاص يكون فيه الاسم مقرونا بأل أو مضافا، وقد أشار إلى الأول بقوله: وقد يرى ذا دون أى تلو أل … كمثل نحن العرب أسخى من بذل يعنى أن الاختصاص يكون بالاسم المقرون بأل وليس معه أى وفهم من المثال أنه لا بد أن يتقدمه ضمير متكلم مرفوعا بالابتداء كقولهم: نحن العرب أقرى الناس للضيف، ولم ينبه على القسم الثالث وهو المضاف كقوله عليه الصلاة والسّلام: «نحن معاشر الأنبياء لا نورث» ومع هذا فقد أجحف الناظم بهذا الباب إذ لم يصرح بما يتعلق به من المعنى والإعراب. وحاصله أن المختص على قسمين قسم مبنى على الضم وهو أيها الفتى ونحوه وبنى لشبهه بالمنادى لفظا وموضعه نصب بفعل واجب الحذف فإذا قلت أنا أفعل كذا أيها الرجل فتقدير عامله أخص بذلك أيها الرجل والمراد بأيها المتكلم نفسه وقسم معرب نصبا وهو المضاف وذو الألف واللام نحو: نحن العرب أقرى الناس للضيف فنحن مبتدأ وخبره أقرى الناس والعرب منصوب بفعل واجب الحذف تقديره أخص وكذلك المضاف نحو قوله عليه الصلاة والسّلام: «نحن معاشر الأنبياء لا نورث» فنحن مبتدأ وخبره لا نورث ومعاشر الأنبياء مفعول بفعل واجب الحذف وفى قوله الاختصاص كنداء إشعار بأنه منصوب بفعل واجب الإضمار كالمنادى لشبهه به. التحذير والإغراء التحذير: تنبيه المخاطب على مكروه يجب الاحتراز منه. والإغراء: إلزام المخاطب العكوف على ما يحمد عليه، وإنما ذكرهما بعد الاختصاص لشبههما به فى أنهما منصوبان بفعل لا يظهر؛ ثم إن التحذير يكون بثلاثة أشياء: الأول إياك وأخواته. الثانى ما ناب عنه من الأسماء المضافة إلى ضمير المخاطب. الثالث ذكر المحذر منه، وقد أشار إلى الأول فقال: إيّاك والشّرّ ونحوه نصب … محذّر بما استتاره وجب

يعنى أن قولك إياك والشر ونحوه من الضمائر المنصوبة المنفصلة إذا عطف عليه نصب بفعل يجب استتاره نحو إياكما والأسد وإياكم والمخالفة. وفهم منه أن التحذير إذا كان بالضمير لا يكون إلا مخاطبا ولا يكون بضمير الغائب إلا فى الشذوذ على ما سيأتى. وفهم منه أن العامل المقدر يقدر بعد الضمير لما يلزم من تقديره قبله اتصاله به فيلزم تعدى فعل الضمير المتصل إلى ضميره المنفصل وهو ممتنع فى غير باب ظن وأخواتها فإياك والشر ونحوه مفعول بنصب ومحذر فاعل بنصب وبما متعلق بنصب وما موصولة واستتاره مبتدأ ووجب خبره والجملة صلة ما وهى واقعة على الفعل الناصب الواجب الإضمار. ثم اعلم أن إياك وأخواته تستعمل فى التحذير معطوفا عليها كما تقدم، ودون عطف، وإلى ذلك أشار بقوله: (ودون عطف ذا لإيا انسب) الإشارة بذا للنصب بإضمار فعل لا يظهر يعنى أن إياك وأخواتها غير معطوف عليها تنصب بفعل واجب الحذف نحو: إياك من الشر. وذا مفعول بانسب ودون ولإيا متعلقان بانسب. ثم أشار إلى الثانى والثالث بقوله: (وما * سواه ستر فعله لن يلزما) فشمل قوله وما سواه النوعين أعنى ما ناب عن إيا من الأسماء المضافة لضمير المخاطب والمحذر منه وقوله ستر فعله لن يلزما يعنى أنهما منصوبان بفعل مضمر ويجوز إظهاره فتقول رأسك فيكون منصوبا بفعل محذوف ولك إظهاره فتقول نحّ رأسك ونحوه وتقول فى المحذر منه الأسد ولك إظهار العامل فتقول احذر الأسد وقد استثنى من ذلك نوعين أشار إليهما بقوله: (إلّا مع العطف أو التّكرار) فالعطف نحو رأسك والحائط والتكرار نحو الأسد الأسد وقد مثله بقوله: (كالضيغم الضيغم يا ذا السّارى) والضيغم الأسد والسارى اسم فاعل من سرى إذا مشى ليلا وهو مظنة الخوف من الضيغم وإنما وجب حذف العامل مع إيا لكثرة الاستعمال وأما مع العطف والتكرار فقد جعل كالبدل من اللفظ بالفعل وما مبتدأ وصلته سواه وستر فعله مبتدأ ثان وخبره لن يلزما والجملة خبر الأول وستر بفتح السين مصدر ستر والستر بكسرها هو الشئ الذى يستر به والمراد هنا الأول وقوله إلا إيجاب لنفى لن ومع متعلق بيلزم وذا فى قوله يا ذا السارى منادى والسارى صفته. ثم قال: (وشذّ إيّاى وإياه أشذّ) قد تقدم أن إياك فى التحذير تكون للمخاطب غالبا وقد شذ ذلك للمتكلم كقول بعضهم إياى وأن يحذف أحدكم الأرنب وأشذّ منه أن يكون للغائب كقول بعضهم: إذا بلغ الرجل الستين فإياه وإيا الشوابّ. ثم قال:

أسماء الأفعال والأصوات

(وعن سبيل القصد من قاس انتبذ) وفهم منه أن بعضهم قاس ذلك فى المتكلم والغائب إلا أنه جعل قياسه منتبذا أى مطروحا وإياى فاعل وشذ وإياه مبتدأ وخبره أشذ وحذف من مع أشذ والتقدير وإياه أشذ من إياى ومن قاس مبتدأ وخبره انتبذ وعن سبيل متعلق بانتبذ. ولما فرغ من التحذير انتقل إلى الإغراء فقال: وكمحذّر بلا إيّا اجعلا … مغرى به فى كلّ ما قد فصّلا قد تقدم حدّ الإغراء يعنى أن المغرى حكمه حكم المحذر فى جميع ما تقدم فينصب بفعل واجب الإضمار إن كان مكررا كقوله: - أخاك أخاك إن من لا أخا له … كساع إلى الهيجا بغير سلاح (¬174) أو معطوفا عليه كقولك: الأهل والولد، وبفعل جائز الإضمار فى غير العطف والتكرار نحو أخاك فيجوز الزم أخاك وقد فهم من كلامه هنا ومن الترجمة ومن البيت الأول أن الباب يشتمل على التحذير وهو مصدر حذر وهو مصرح به فى الترجمة والمحذّر منه وهو مفهوم من قوله: والشر والمحذر وهو مصرح به فى قوله محذر، والمحذر به وهو اللفظ المدلول به على التحذير وهو مفهوم من قوله بما استتاره وجب. وألف اجعلا بدل من نون التوكيد الخفيفة ومغرى مفعول أول لا جعلا وكمحذر فى موضع المفعول الثانى وبلا متعلق باجعلا. أسماء الأفعال والأصوات إنما ذكر أسماء الأفعال بعد التحذير والإغراء لأن بعض أسماء الأفعال مغرى به نحو: عليك ودونك وفهم من قوله أسماء الأفعال أنها أسماء وهو مذهب البصريين قوله: ¬

_ (¬174) البيت من الطويل، وهو لمسكين الدارمى فى ديوانه ص 29، والأغانى 20/ 171، 173، وخزانة الأدب 3/ 65، 67، والدرر 3/ 11، وشرح أبيات سيبويه 1/ 127، وشرح التصريح 2/ 195، والمقاصد النحوية 4/ 305، ولمسكين أو لابن هرمة فى فصل المقال ص 269، ولقيس بن عاصم فى حماسة البحترى ص 245، ولقيس بن عاصم أو لمسكين الدارمى فى الحماسة البصرية 2/ 60، وبلا نسبة فى أوضح المسالك 4/ 79، وتخليص الشواهد ص 62، والخصائص 2/ 480، والدرر 6/ 44، وشرح شذور الذهب ص 288، وشرح قطر الندى ص 134، والكتاب 1/ 256. والشاهد فيه وجوب الإضمار إذ كرّر المغرى به، ف «أخاك» يلزم نصبه بتقدير: الزم أخاك، و «أخاك» الثانى: توكيد.

ما ناب عن فعل كشتّان وصه … هو اسم فعل وكذا أوّه ومه شمل قوله ما ناب عن فعل اسم الفعل واسم الفاعل والمصدر النائب عن الفعل وخرج بالمثال اسم الفاعل والمصدر لأن معناه كشتان فى كونه غير معمول ولا فضلة فهو تتميم للحدّ وقد احتوى البيت على أربعة أسماء: الأول شتان وهو بمعنى بعد، وصه وهو بمعنى اسكت، وأوّه وهو بمعنى أتوجع، ومه وهو بمعنى اكفف، وما مبتدأ وهو موصول وصلته ناب وعن متعلق بناب وهو مبتدأ ثان وخبره اسم فعل والجملة خبر الأول ثم إن اسم الفعل يكون بمعنى الأمر وبمعنى المضارع وبمعنى الماضى وقد أشار إلى الأول بقوله: (وما بمعنى افعل كآمين كثر) يعنى أن ورود اسم الفعل فى كلام العرب بمعنى الأمر كثير وكفى بكثرته أن منه نوعا مقيسا وهو فعال من الثلاثى كنزال وليس من الثانى والثالث مقيس ومثل بآمين وهو بمعنى استجب ثم أشار إلى الثانى والثالث بقوله: (وغيره كوى وهيهات نزر) يعنى أن غير اسم الفعل بمعنى نزر أى قل وشمل قوله غيره ما بمعنى المضارع وقد مثله بقوله كوى ومعناه أتعجب، وما بمعنى الماضى وقد مثله بقوله هيهات ومعناه بعد. ثم اعلم أن من أسماء الأفعال ما هو فى الأصل جار ومجرور وظرف، وقد أشار إليهما بقوله: والفعل من أسمائه عليكا … وهكذا دونك مع إليكا فأتى بثلاثة أمثلة اثنان من الجار والمجرور وواحد من الظرف فعليك بمعنى الزم وهو متعد بنفسه كقوله تعالى: عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ [المائدة: 105] وبالباء نحو عليك بزيد ودونك بمعنى خذ كقولك دونك زيدا أى خذ زيدا وإليك بمعنى تنح ويتعدى بعن نحو إليك عنى أى تنح عنى وهذا النوع مسموع والمسموع منه أحد عشر لفظا الثلاثة المذكورة وكذلك كما أنت وعندك ولديك ووراءك وأمامك ومكانك وبعدك. والفعل مبتدأ ومن أسمائه عليك مبتدأ وخبره فى موضع خبر الأول ودونك مبتدأ وخبره هكذا وها للتنبيه. ثم قال: (كذا رويد بله ناصبين) يعنى أن رويد وبله من أسماء الأفعال بشرط كونهما ناصبين كقولك رويد زيدا وبله عمرا فلو خفضا ما بعدهما كانا مصدرين وإلى ذلك أشار بقوله: (ويعملان الخفض مصدرين) نحو رويد زيد وبله عمرو ومعنى رويد إذا كان اسم فعل أمهل وإذا كان مصدرا إمهالا ومعنى بله إذا

كان اسم فعل دع وإذا كان مصدرا تركا، وفهم منه أن الفتحة فى رويد وبله فتحة بناء لأن أسماء الأفعال كلها مبنية وإذا كانا مصدرين ففتحتهما فتحة إعراب لأن المصادر معربة، وفهم من قوله مصدرين أنه يجوز فيهما التنوين ونصب ما بعدهما بهما وهو الأصل فى المصدر المضاف ورويد وبله مبتدآن والخبر فى كذا وناصبين حال من الضمير المستتر فى المجرور الواقع خبرا ومصدرين حال من فاعل يعملان والضمير فى يعملان عائد على رويد وبله فى اللفظ لا فى المعنى فإن رويد وبله إذا كانا اسمى فعل غير اللذين يكونان مصدرين فى المعنى ثم قال: (وما لما تنوب عنه من عمل * لها) يعنى أن أسماء الأفعال تعمل عمل الأفعال التى بمعناها فترفع الفاعل إن كانت لازمة نحو هيهات زيد ويكون فاعلها واجب الإضمار إذا كان أمرا نحو نزال وتتعدى بحرف الجر إن كان فعلها كذلك نحو عليك بزيد وتنصب المفعول إن كان متعديا نحو نزال زيدا ثم قال: (وأخّر ما الذى فيه العمل) يعنى أنها فارقت الأفعال فى كونها لا يتقدم عليها منصوبها كما يتقدم فى الفعل فلا يقال فى نزال زيدا؛ زيدا نزال. وما مبتدأ وهو موصول وصلته لما وما المجرورة باللام موصولة أيضا وصلتها تنوب وعنه متعلق بتنوب وكذلك من عمل ولها خبر ما الأولى والعائد على ما الأولى ضمير مستتر فى الاستقرار الذى ناب عنه المجرور والضمير العائد على ما الثانية الهاء فى عنه والتقدير والعمل الذى استقر للأفعال التى نابت أسماء الأفعال عنها مستقر لها أى لأسماء الأفعال، والظاهر أن «ما» فى قوله ما الذى فيه العمل زائدة ولا يجوز أن تكون موصولة لأن الذى بعدها موصولة ولو قال وأخر الذى فيه العمل لكان أجود لسقوط الاعتذار عن ما وليس فى قوله عمل إيطاء مع قوله عمل لأن أحدهما نكرة والآخر معرفة. ثم قال: واحكم بتنكير الّذى ينوّن … منها وتعريف سواه بيّن يعنى أن ما نوّن من أسماء الأفعال نكرة وما لم ينون منها معرفة فتقول صه ومه فيكونان معرفتين وصه ومه فيكونان نكرتين ومن أسماء الأفعال ما يلزم التعريف كنزال فإنه لم يسمع فيه تنوين وما يلزم التنكير كواها وهذا التنوين الذى يسميه النحويون تنوين التنكير وقد تقدم. ولما فرغ من أسماء الأفعال شرع فى بيان أسماء الأصوات، وهى نوعان أحدهما ما خوطب به ما لا يعقل إما لزجره كعدس للبغل وإما لدعائه كأو للفرس، والآخر ما وضع لحكاية صوت حيوان كغاق فى صوت الغراب أو غير حيوان نحو قب لوقع السيف وقد أشار إلى النوعين السابقين فقال:

نونا التوكيد

وما به خوطب ما لا يعقل … من مشبه اسم الفعل صوتا يجعل يعنى أن ما خوطب به ما لا يعقل من الحيوان من مشبه اسم الفعل فى صحة الاكتفاء به يجعل صوتا وشمل قوله ما خوطب ما كان للزجر كعدس وما كان للدعاء كأو فإن كليهما يخاطب به ما لا يعقل. وما مبتدأ وهى موصولة وصلتها خوطب وبه متعلق بخوطب والضمير فى به عائد على الموصول وما بعد خوطب مفعول لم يسمّ فاعله وهى موصولة أيضا وصلتها لا يعقل والضمير العائد عليها الفاعل بيعقل ويجعل خبر المبتدأ وصوتا مفعول ثان بيجعل وهو على حذف مضاف أى اسم صوت. ثم أشار إلى النوعين الآخرين بقوله: (كذا الذى أجدى حكاية كقب) يعنى من أسماء الأصوات ما أجدى حكاية أى أفاد حكاية وشمل قوله حكاية ما كان حكاية لصوت الحيوان كغاق ولصوت غير الحيوان كقب. ثم قال: (والزم بنا النّوعين فهو قد وجب) يعنى أن البناء لازم فى النوعين ويحتمل أن يريد بالنوعين نوعى أسماء الأصوات وأن يريد بهما أسماء الأفعال وأسماء الأصوات وهو أجود لشموله جميع الباب إذ البناء فى جميع ذلك لازم وقوله: (فهو قد وجب) تتميم للبيت لصحة الاستغناء عنه بقوله: والزم. نونا التوكيد قوله: للفعل توكيد بنونين هما … كنونى اذهبنّ واقصدنهما يعنى أن الفعل يؤكد بنونين إحداهما ثقيلة كالنون فى اذهبن والأخرى خفيفة كالنون فى اقصدنهما ومعنى توكيد الفعل بهما أنهما يفيدان تحقيق معنى الفعل فإذا قلت اضربن ففيه توكيد لاضرب المجرد منها فهو أبلغ من المجرد وأوهم قوله للفعل شمول جميع الأفعال فأزال الإبهام بقوله: يؤكدان افعل ويفعل آتيا … ذا طلب أو شرطا إمّا تاليا أو مثبتا فى قسم مستقبلا

يعنى أن هذين النونين لا يؤكدان جميع الأفعال بل يؤكدان ما ذكر، وذلك الأمر بصيغة افعل وشمل قوله افعل الأمر والدعاء لأنه أمر فى المعنى، وشمل أيضا الأمر للواحد والواحدة والاثنين والجمع مذكرين أو مؤنثين فتقول اضربن يا زيد واضربن يا هند واضربان واضربن واضربنان ويؤكدان أيضا المضارع بشروط: أولها أن يكون مستقبلا وهو المراد بقوله آتيا وفهم منه أن المضارع إذا أريد به الحال لا يؤكد بهما. الثانى أن يكون ذا طلب فشمل المقرون بلام الأمر نحو ليقومن ولا الناهية نحو لا تقومن وأداة التحضيض أو العرض نحو هلا تقومن أو التمنى نحو ليتك تقومن أو الاستفهام نحو هل تقومن. الثالث أن يقع بعد إن الشرطية المقرونة بإما نحو فإما ترين وهو المراد بقوله أو شرطا إما تاليا أى أو شرطا تاليا إما. الرابع أن يقع جوابا لقسم وهو مستقبل مثبت وهو المراد بقوله أو مثبتا فى قسم مستقبلا وقوله توكيد مبتدأ وخبره فى المجرور قبله وبنونين متعلق بتوكيد لأنه مصدر وهما كنونى اذهبن إلى آخر البيت مبتدأ وخبر والجملة صفة لنونى وافعل مفعول بيؤكدان ويفعل معطوف عليه وآتيا حال من يفعل وذا طلب حال بعد حال وشرطا معطوف على ذا طلب وتاليا نعت لشرط وما مفعول مقدم بتاليا ومثبتا معطوف على شرط وفى قسم متعلق بمثبت ومستقبلا نعت لمثبت ويجوز أن يكون آتيا حال من يفعل ولا يراد به قيد الاستقبال ويكون ذا طلب حالا من الضمير المستتر فى آتيا ويكون حينئذ شرط الاستقبال مستفادا من قوله ذا طلب أو شرطا لما علم من أن الطلب والشرط لا يكونان إلا مستقبلين ويؤيده قوله فى القسم مثبتا مستقبلا. ثم اعلم أن نونى التوكيد يكونان مع غير ما ذكر على وجه القلة وإلى ذلك أشار بقوله: وقلّ بعد ما ولم وبعد لا … وغير إمّا من طوالب الجزا فذكر أربعة مواضع تلحق فيها النونان الفعل المضارع على وجه القلة وذلك بعد ما والمراد بها ما الزائدة وبعد لم ولا النافيتين وبعد أداة الشرط غير إما، فمثاله بعد ما الزائدة قولهم بعين ما أرينك، ومثاله بعد لم قوله: - يحسبه الجاهل ما لم يعلما … شيخا على كرسيّه معمّما (¬175) ¬

_ (¬175) الرجز للعجاج فى ملحق ديوانه 2/ 331، وله أو لأبى حيان الفقعسى أو لمساور العبسى أو للدبيرى أو لعبد بنى عبس فى خزانة الأدب 11/ 409، 411، وشرح شواهد المغنى 2/ 973، والمقاصد النحوية 4/ 80، ولمساور العبسى أو للعجاج فى الدرر 5/ 158، ولأبى حيان الفقعسى فى شرح التصريح 2/ 205، والمقاصد النحوية 4/ 329، وللدبيرى فى شرح أبيات سيبويه 2/ 266، وبلا نسبة فى الإنصاف 1/ 409، وأوضح المسالك 4/ 106، وخزانة الأدب 8/ 388، 451، ورصف المبانى ص 33، 335، وسر صناعة الإعراب 2/ 679، وشرح الأشمونى 2/ 498، وشرح ابن عقيل ص 546، وشرح المفصل 9/ 42، والكتاب 3/ 516، ولسان-

ومثاله بعد لا قوله عز وجل: وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً [الأنفال: 25] ومثاله بعد الشرط بغير إما قوله: - فمهما تشأ منه فزارة تعطكم … ومهما تشأ منه فزارة تمنعا (¬176) أراد تمنعن فأبدل من النون الخفيفة ألفا فى الوقف، وغير مخفوض عطفا على لا. ولما فرغ من ذكر ما يدخله نونا التوكيد على اختلاف أنواعه أخذ فى بيان ما ينشأ عن دخولها فى التغيير فقال: (وآخر المؤكّد افتح كابرزا) علم أن حق آخر المؤكد بهما الفتح لأنهم جعلوا الفعل معهما بمنزلة خمسة عشر فتقول اضربن ولا تقومن وابرزن ولا تبرزن. وآخر مفعول مقدم بافتح والمؤكد نعت لمحذوف تقديره وآخر الفعل المؤكد افتح. ثم إنه قد يعرض فى الأفعال المؤكدة بالنون عوارض توجب لها غير الفتح أشار إليها بقوله: واشكله قبل مضمر لين بما … جانس من تحرّك قد علما يعنى أن الفعل المؤكد بإحدى النونين إذا كان فاعله ضميرا لينا فإنك تجعل فى آخر الفعل شكلا مجانسا لذلك الضمير وشمل قوله لين ألف التثنية وواو الجمع وياء المخاطبة فتقول هل تقومان يا زيدان وهل تقومن يا زيدون وهل تقومن يا هند وشمل أيضا الصحيح الآخر كالمثل والمعتل الآخر نحو هل تغزوان يا زيدان وهل تغزن يا زيدون وهل تغزن يا هند. ثم إن الضمير اللين إذا كان غير الألف حذف لالتقاء الساكنين وإليه أشار بقوله: (والمضمر احذفنّه) وأل فى المضمر للعهد أى المضمر المتقدم وهو اللين فتقول هل تقومن يا زيدون وأصله تقومون فاجتمعت الواو الساكنة والنون ساكنة فحذفت الواو لالتقائهما ثم استثنى من الضمائر المذكورة الألف فقال: (إلّا الألف) وإنما لم تحذف الألف لخفتها فتقول هل تقومان والهاء فى اشكله عائدة على آخر الفعل فهو على حذف مضاف أى اشكل آخره وقبل متعلق باشكله ولين نعت ¬

_ - العرب 3/ 32 (شيخ)، 14/ 229 (خشى)، 15/ 99 (عمى)، 428 (الألف اللينة)، ومجالس ثعلب ص 620، ونوادر أبى زيد ص 132، وهمع الهوامع 2/ 78. والشاهد فيه قوله: «ما لم يعلما» يريد: «ما لم يعلمن» بنون التوكيد الخفيفة المقلوبة ألفا، فيكون الشاعر قد أكّد المضارع المنفى ب «لم» وهذا قليل. (¬176) البيت من الطويل، وهو للكميت بن معروف فى حماسة البحترى ص 15، وشرح أبيات سيبويه 2/ 272، وللكميت بن ثعلبة فى خزانة الأدب 11/ 387، 388، 390، ولسان العرب 8/ 273 (قزع)، وللكميت بن معروف أو للكميت بن ثعلبة الفقعسى فى المقاصد النحوية 4/ 330، ولعوف بن عطية بن الخرع فى الدرر 5/ 165، والكتاب 3/ 515، وبلا نسبة فى خزانة الأدب 7/ 509، 510، وشرح الأشمونى 2/ 500، وهمع الهوامع 2/ 79. والشاهد فيه قوله: «تمنعا» بنون التوكيد، وهو جواب الشرط وليس من مواضع النون، لأنه خبر يجوز فيه الصدق والكذب ولكنه أكّد تشبيها بالنهى حين كان مجزوما غير واجب.

لمضمر وأصله لين بالتشديد فخففه كما يخفف هين ولا يصح ضبطه بكسر اللام لأن اللين مصدر ولين صفة إلا أن يكون من باب النعت بالمصدر فيصح وليس بقياس وبما متعلق باشكله وما موصولة وهى واقعة على الحركات المجانسة وجانس صلة الموصول ومفعوله محذوف اختصارا تقديره بما جانس المضمر وقد علما فى موضع الصفة لتحرك وظاهره أنه تتميم والمضمر مفعول بفعل مضمر يفسره احذفنه والألف منصوب بالاستثناء. ثم إن الفعل إن كان آخره ألفا فإن له حكما غير ما تقدم وله حالتان: إحداهما أن يكون مرفوعه غير الياء والواو، والأخرى أن يكون مرفوعه الياء والواو وقد أشار إلى الأول بقوله: وإن يكن فى آخر الفعل ألف … فاجعله منه رافعا غير اليا والواو ياء أى اجعل الألف الذى فى آخر الفعل ياء إذا كان الفعل رافعا غير الياء والواو ويعنى بالياء ضمير المخاطبة وبالواو ضمير الجمع وشمل غيرهما ألف التثنية نحو هل تخشيان يا زيدان والظاهر مطلقا نحو هل يخشين زيد وهل تخشين هند وهل تخشين الهندان وهل يخشين الزيدون والضمير المستتر نحو هل تخشين فتقلب الألف فى جميع ذلك ياء ثم مثل ذلك فقال: (كاسعينّ سعيا) وفاعل هذا المثال ضمير مستتر والألف اسم يكن والخبر فى المجرور ويحتمل أن يكن تاما بمعنى وجد وهو أظهر والهاء فى قوله فاجعله عائدة على الألف وفى منه عائدة على الفعل ورافعا حال من الهاء فى منه وغير مفعول برافع وياء مفعول ثان لاجعله والتقدير اجعل الألف من الفعل ياء فى حال كون الفعل رافعا غير الياء والواو. ثم أشار إلى الحالة الثانية فقال: واحذفه من رافع هاتين وفى … واو ويا شكل مجانس قفى يعنى أن الألف الذى فى آخر الفعل الذى كان حكمه مع رافع غير الياء والواو قلبه ياء احذفه إذا رفع الفعل الياء والواو واجعل الضمير الذى هو واو أو ياء محركا بحركة تجانسه فتحرك الواو بمجانسها وهو الضم وتحرك الياء بمجانسها وهو الكسر فتقول فى نحو يخشى رافعا للواو هل يخشون وأصله يخشيون فلما لحقت الواو ساكنة حذفت الألف لالتقاء الساكنين فلما لحقت النون حركت الواو لالتقاء الساكنين وكانت الحركة ضمة لمجانستها مع الواو ومثل ذلك فيما إذا كان فاعله الياء ثم مثل بقوله:

نحو اخشين يا هند بالكسر ويا … قوم اخشون واضمم وقس مسوّيا فالمثال الأول لما كان مرفوعه ياء والثانى لما كان مرفوعه واوا فالعمل فى ذلك مثل ما ذكرت لك فى المثال السابق والضمير فى قوله واحذفه عائد على الألف وهاتين إشارة إلى الياء والواو وشكل مبتدأ ومجانسا فى موضع الصفة لشكل وقفى خبر لشكل وفى واو متعلق بقفى. ثم قال: ولم تقع خفيفة بعد الألف … لكن شديدة وكسرها ألف يعنى أن نون التوكيد الخفيفة لا تقع بعد الألف وإنما تقع بعد الألف نون التوكيد الشديدة ويجب حينئذ كسرها لشبهها بنون المثنى وإنما لم تقع بعد الألف النون الخفيفة لأنه لا يجمع فى غير الوقف بين ساكنين الأول حرف لين والثانى مدغم وشمل قوله الألف ألف التثنية كقوله تعالى: وَلا تَتَّبِعانِّ [يونس: 89] والألف الفاصلة بين نون التوكيد ونون الإناث نحو لا تضربنان يا هندان، وهو المنبه عليه بقوله: وألفا زد قبلها مؤكّدا … فعلا إلى نون الإناث أسندا وإنما شمل قوله الألف الألفين لوجود علة المنع فيهما وإنما لحقت الألف قبلها ليفصل بين الأمثال وهى نون الضمير ونون التوكيد وخفيفة فاعل بتقع وشديدة معطوف بلكن على خفيفة وكسرها ألف جملة اسمية مستأنفة ويمكن أن تكون فى موضع نصب على الحال من شديدة وألفا مفعول مقدم بزد ومؤكدا حال من الفاعل المستتر فى زد وفعلا مفعول بمؤكدا وأسندا فى موضع الصفة لفعل وإلى متعلق بأسندا ثم إن النون الخفيفة تحذف فى موضعين أشار إلى الأول منهما بقوله: (واحذف خفيفة لساكن ردف) يعنى أن نون التوكيد الخفيفة تحذف إذا لقيها ساكن كقولك اضرب الرجل، ومثله قوله: - لا تهين الفقير علّك أن … تركع يوما والدهر قد رفعه (¬177) ¬

_ (¬177) البيت من المنسرح، وهو للأضبط بن قريع فى الأغانى 8/ 68، والحماسة الشجرية 1/ 374، وخزانة الأدب 11/ 450، 452، والدرر 2/ 162، 5/ 173، وشرح التصريح 2/ 208، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقى ص 1151، وشرح شواهد الشافية ص 160، وشرح شواهد المغنى ص 453، والشعر والشعراء 1/ 390، =

وفهم من قوله لساكن أنها مرادة معنى لأن حذفها معارض لفظى وهو التقاء الساكنين وفهم أيضا من قوله ردف أن الساكن الموجب لحذفها متأخر عنها. ثم أشار إلى الثانى بقوله: (وبعد غير فتحة إذا تقف) يعنى أن النون الخفيفة تحذف أيضا إذا وقف عليها وكانت بعد ضمة أو كسرة نحو اخرجن يا زيدون واخرجن يا هند بعد أن تحذف من اخرجن واو الضمير ومن اخرجن ياء الضمير لالتقاء الساكنين فإذا وقف عليها ذهبت نون التوكيد لأنها لا تثبت فى الوقف فيرجع حينئذ ما حذف لأجلها وقد أشار إلى ذلك بقوله: واردد إذا حذفتها فى الوقف ما … من أجلها فى الوصل كان عدما يعنى أنك إذا وقفت على النون الخفيفة حذفتها ورددت ما كان حذف لأجلها فى الوصل وهو الواو من اخرجن والياء من اخرجن فتقول يا زيدون اخرجوا ويا هند اخرجى، وفهم منه أيضا أن حذفها لعروض الوقف وأنها مرادة معنى وردف فى موضع الصفة لساكن وبعد متعلق باحذف وكذلك إذا وإذا حذفتها متعلق باردد وها عائدة على النون وما مفعول باردد وهى موصولة واقعة على الواو والياء المحذوفتين لأجل النون وصلتها عدما ومن أجلها وفى الوصل متعلقان بعدم والتقدير أردد فى الوقف إذا حذفت النون الشئ الذى عدم من أجلها فى الوصل. ثم قال: وأبدلنها بعد فتح ألفا … وقفا كما تقول فى قفن قفا الضمير فى وأبدلنها عائد على النون الخفيفة يعنى أنها إذا وقعت بعد فتحة ووقفت عليها أبدلتها ألفا فتقول فى اضربن فى الوقف اضربا وفى قفن قفا وكذلك إذا وقفت على قوله عز وجل: «لنسفعن» لنسفعا ووقفا مصدر فى موضع الحال من فاعل أبدلنها أى فى حال كونك واقفا ويحتمل أن يكون مفعولا له أى لأجل الوقف. ¬

_ = والمعانى الكبير ص 495، والمقاصد النحوية 4/ 334، وبلا نسبة فى الإنصاف 1/ 221، وأوضح المسالك 4/ 111، وجواهر الأدب ص 57، 146، ورصف المبانى ص 249، 373، 374، وشرح الأشمونى 2/ 504، وشرح شافية ابن الحاجب 2/ 32، وشرح ابن عقيل ص 550، وشرح المفصل 9/ 43، 44، ولسان العرب 6/ 184 (قنس)، 8/ 133 (ركع)، 13/ 438 (هون)، واللمع ص 278، ومغنى اللبيب 1/ 155، والمقرب 2/ 18، وهمع الهوامع 1/ 134، 2/ 79. والشاهد فيه قوله: «لا تهين الفقير» حيث حذف نون التوكيد الخفيفة، (الأصل: لا تهنين الفقير) لالتقاء الساكنين، وبقيت الفتحة دليلا عليها.

ما لا ينصرف

ما لا ينصرف الصّرف تنوين أتى مبيّنا … معنى به يكون الاسم أمكنا يعنى أن الصرف هو التنوين الذى به يتبين أن الاسم الذى يتصل به يسمى أمكن وما صرح به من أن الصرف هو التنوين هو مذهب المحققين، ويمنع الاسم من الصرف لوجود علتين فيه أو علة تقوم مقام علتين وقصده فى هذا الباب أن يبين الأسماء التى لا تنصرف وإنما ذكر الصرف وعرفه لأن بمعرفته يعرف الاسم الذى لا ينصرف فما وجد فيه التنوين المذكور فهو منصرف وما لم يوجد فيه فهو غير منصرف. ثم اعلم أن جميع ما لا ينصرف اثنا عشر نوعا خمسة فى النكرة وسبعة فى المعرفة وقد شرع فى القسم الأول وبدأ منه بألف التأنيث فقال: فألف التّأنيث مطلقا منع … صرف الّذى حواه كيفما وقع يعنى أن ألف التأنيث تمنع من الصرف مطلقا أى مقصورة كانت أو ممدودة كيفما كان الاسم الذى هى فيه من كونه نكرة أو معرفة مفردا أو جمعا نحو ذكرى وسلمى وحبلى وسكارى وخمراء وأسماء وزكرياء وإنما منعت ألف التأنيث وحدها لأنها قامت مقام علتين وهما التأنيث ولزوم التأنيث فألف التأنيث مبتدأ خبره منع ومطلقا حال من الضمير المستتر فى منع العائد على المبتدأ وحواه صلة الذى والضمير العائد من الصلة إلى الموصول الضمير المستتر فى حواه والهاء فى حواه عائدة على ألف التأنيث وكيفما وقع شرط حذف جوابه لدلالة ما تقدم عليه والتقدير كيفما وقع منع الصرف ثم أشار إلى النوع الثانى مما يمنع فى النكرة فقال: وزائدا فعلان فى وصف سلم … من أن يرى بتاء تأنيث ختم يعنى أن زائدى فعلان وهما الألف والنون الزائدتان يمنعان الصرف إذا كانتا فى وصف سلم من أن يختم بتاء التأنيث، والمانع له من الصرف الألف والنون والصفة وفهم منه أن ذلك مخصوص بهذا الوزن الذى هو فعلان وفهم من قوله فى وصف أن هاتين الزيادتين لو كانتا فى غير الوصف لم يمنعا نحو سرحان وفهم منه أن الوصف المحتوى على هاتين

الزيادتين إذا أنث بالهاء لم يمنع نحو ندمان فإنك تقول فى مؤنثه ندمانة فمثال ما توفرت فيه شروط المنع غضبان وسكران فإنك تقول فى مؤنثهما غضبى وسكرى ولا يجوز فيهما غضبانة وسكرانة. وزائدا معطوف على الضمير المستتر فى منع العائد على ألف التأنيث وجاز العطف عليه للفصل بالمفعول والتقدير منع الصرف ألف التأنيث وزائدا فعلان ويجوز أن يكون مبتدأ والخبر محذوف لدلالة ما تقدم عليه أى وزائدا فعلان كذلك وفى وصف متعلق بزائدا وسلم إلى آخر البيت فى موضع الصفة لوصف وختم فى موضع المفعول الثانى ليرى وبتاء متعلق بختم ثم أشار إلى النوع الثالث فقال: ووصف اصلى ووزن أفعلا … ممنوع تأنيث بتا كأشهلا يعنى أن الوصف إذا كان على وزن أفعل وكان مؤنثه ممنوعا من التاء لا ينصرف وفهم منه أن أفعل إذا لم يكن وصفا انصرف كأفكل اسم للرعدة وفهم منه أن أفعل إذا كان الوصف به على خلاف الأصل لم يمتنع من الصرف كأربع من أسماء العدد وفهم أيضا أن الوصف إذا لم يكن على وزن أفعل لم يؤثر فى المنع كضارب وفهم منه أن أفعل الصفة إذا أنث بالتاء منصرف كقولهم أرمل للفقير فإن مؤنثه أرملة وشمل أفعل ما مؤنثه فعلاء كأحمر وحمراء وما مؤنثه فعلى كأكبر وكبرى وما لا مؤنث له كأكمر لعظيم الكمرة لأن قوله ممنوع تأنيث بتا شامل له وشمل أيضا ما اسميته عارضة كأدهم ووصف معطوف على زائدا ويجوز أن يكون مبتدأ محذوف الخبر كما تقدم فى زائدى فعلان وأصلى نعت له وهو الذى سوغ الابتداء به إذا جعل مبتدأ ووزن معطوف على وصف وممنوع حال من أفعل وبتا متعلق بتأنيث ثم صرح بمفهوم قوله أصلى فقال: (وألغينّ عارض الوصفيه * كأربع) يعنى أن وزن أفعل إذا كان اسما ووصف به فوصفيته غير معتد بها فى المنع لعروضها وذلك كأربع فإنه اسم من أسماء العدد لكن العرب وصفت به فقالوا مررت بنساء أربع فهو منصرف ولا أثر لوصفيته وكذلك رجل أرنب أى ذليل وأصله الأرنب وكما يلغى عارض الوصفية فكذلك يلغى أيضا عارض الاسمية وإليه أشار بقوله: (وعارض الاسميّه) وهو عكس أربع ومعناه أن أفعل يكون فى الأصل وصفا فيجرى مجرى الأسماء فتلغى اسميته ويمنع من الصرف على مقتضى الأصل وقد مثل ذلك بقوله: فالأدهم القيد لكونه وضع … فى الأصل وصفا انصرافه منع

من أسماء القيد أدهم وهو فى الأصل وصف لكنه استعمل استعمال الأسماء فألغيت فيه الاسمية وبقى غير منصرف على مقتضى الأصل فتقول مررت بأدهم أى بقيد ومثل أدهم فى ذلك أرقم لنوع من الحيات وأسود للحية أيضا. فالأدهم مبتدأ والقيد بدل منه بدل الشئ من الشئ وانصرافه منع خبر المبتدأ ولكونه متعلق بمنع وفى الأصل متعلق بوضع ثم إن من الأسماء التى على وزن أفعل ما جاء فيه الصرف ومنع الصرف وإلى ذلك أشار بقوله: وأجدل وأخيل وأفعى … مصروفة وقد ينلن المنعا أجدل اسم للصقر وأخيل اسم لطائر ذى خيلان وأفعى اسم لضرب من الحيات وليست هذه الأسماء صفات لا فى الأصل ولا فى الاستعمال فحقها الصرف ولذلك صرفها أكثر العرب وبعض العرب يمنعها من الصرف ووجهه أنه لاحظ فيها معنى الصفة وهو ظاهر فى أجدل لأنه من الجدل وهو القوة وأخيل لأنه من الخيول وهو الكثير الخيلان وفهم من قوله مصروفة وقد ينلن أن الصرف هو الكثير. ثم أشار إلى النوع الرابع مما لا ينصرف فى النكرة فقال: ومنع عدل مع وصف معتبر … فى لفظ مثنى وثلاث وأخر يعنى أن هذه الأسماء الثلاثة التى ذكرها فى هذا البيت يمتنع صرفها للعدل والوصف، أما مثنى فهو وصف وهو معدول عن اثنين اثنين فإذا قلت جاء القوم مثنى فمعناه جاء القوم اثنين اثنين فعدل عن اثنين إلى مثنى. وأما ثلاث فهو أيضا وصف وهو معدول عن ثلاثة ثلاثة فإذا قلت مررت بقوم ثلاث فمعناه مررت بقوم ثلاثة ثلاثة. وأما أخر فهو أيضا وصف وهو معدول عن الألف واللام وذلك لأنه جمع أخرى أنثى الآخر وحق ما كان كذلك أن يستعمل بأل أو بالإضافة فعدل عما يستحق من ذلك وقيل غير ذلك والمشهور ما ذكرته. ثم قال: ووزن مثنى وثلاث كهما … من واحد لأربع فليعلما يعنى أن موازن مثنى وثلاث من ألفاظ العدد المعدول مثل هذين الوزنين فى امتناع الصرف للعدول والوصف فتقول مررت بقوم موحد وأحاد ومثنى وثناء ومثلث وثلاث ومربع ورباع ووزن مبتدأ والخبر فى قوله كهما أى مثلهما وأدخل كاف التشبيه على المضمر لضرورة

الوزن ومن واحد وما بعده فى موضع الحال من الضمير المستتر فى الخبر. ثم أشار إلى النوع الخامس فقال: وكن لجمع مشبه مفاعلا … أو المفاعيل بمنع كافلا يعنى أن الجمع المشبه مفاعل أو المفاعيل فى كونه مفتوح الفاء وثالثه ألف بعدها حرفان كمفاعل أو ثلاثة أحرف أوسطها ساكن كمفاعيل يمتنع صرفه لقيام الجمع فيه مقام علتين وهى الجمع وعدم النظير فى الواحد وشمل قوله مفاعيل ما أوله الميم كمساجد وما أوله غيرها كدراهم وشمل قوله المفاعيل ما أوله ميم كمصابيح وما ليس أوله ميما كدنانير. وكافلا خبر كن وبمنع متعلق بكافلا ومفاعل مفعول بمشبه. ثم إن من هذا الجمع ما يجئ معتل اللام وهو قسمان أحدهما ما قلبت فيه الكسرة التى بعد الألف فتحة فانقلبت الياء ألفا نحو عذارى ولا إشكال فى منع التنوين منه والآخر ما استثقلت فى بابه بالضمة فحذفت ولحقها التنوين وإلى ذلك أشار بقوله: وذا اعتلال منه كالجوارى … رفعا وجرّا أجره كسارى يعنى أن ما كان من الجمع المعتل اللام مثل جوار فى كونه على ما ذكر من حذف الحركة يجرى مجرى سار فى لحاق التنوين بآخره فى حالة الرفع والجر فتقول هذه جوار ومررت بجوار وسكت عن حالة النصب ففهم أنه على الأصل كالصحيح فتقول رأيت جوارى وفهم من قوله كالجوارى أن نحو عذارى ليس كذلك وإن كان معتلا وظاهر النظم أن التنوين فى جوار وبابه تنوين الصرف لتشبيهه له بسار وليس كذلك على المشهور بل التنوين فيه عوض عن الياء المحذوفة والتنوين فى سار للصرف ويخالفه أيضا أن المقدر فى ياء جوار الفتحة والمقدر فى ياء سار الكسرة. وذا اعتلال مفعول بفعل مضمر يفسره أجره وكسار متعلق بأجره ومنه متعلق باعتلال وكالجوارى فى موضع نصب على الحال من ذا اعتلال ثم قال: ولسراويل بهذا الجمع … شبه اقتضى عموم المنع يعنى أن سراويل ممنوع من الصرف لشبهه بالجمع الذى على وزن مفاعيل وفهم من قوله شبه أن سراويل ليس بجمع وهو الصحيح خلافا لمن قال إنه جمع سروال أو سروالة. ثم قال:

وإن به سمّى أو بما لحق … به فالانصراف منعه يحقّ يعنى أن ما سمى به من الجمع المذكور أو بما لحق به كسراويل امتنع من الصرف فتقول فى رجل سميته مساجد أو سراويل مررت بمساجد وسراويل والمانع له من الصرف الصيغة مع أصالة الجمعية أو قيام العلمية مقامها هذا معنى ما شرح به المرادى البيت وعندى أن قوله وإن به أى إن سمى بسراويل أو بما لحق به يعنى جميع ما تقدمه من الأنواع الخمسة الممنوعة الصرف لمساواتها للجمع فى منع الصرف فى التسمية ولا وجه لتخصيص الجمع وما ألحق بالجمع فى منع الصرف حال التسمية والضمير فى به الأول على الشرح الأول عائد على الجمع وكذلك به الثانى وما واقعة على سراويل والضمير العائد على الموصول الفاعل بلحق وهو عائد على سراويل وأما على التفسير الثانى فالضمير فى به الأول عائد على سراويل وفى به الثانى عائد على أنواع ما لا ينصرف فى النكرة وما واقع على تلك الأنواع والضمير العائد عليها الهاء فى به والتقدير وإن سمى بسراويل أو بالأنواع التى لحق بها سراويل أى تبعها فالانصراف منعه يحق فالانصراف مبتدأ ومنعه مبتدأ ثان ويحق خبر المبتدأ الثانى والجملة خبر المبتدأ الأول والأول مع ما بعده جواب الشرط. ولما فرغ من الأنواع الخمسة التى لا تنصرف فى النكرة ولا فى المعرفة شرع فى ذكر ما لا ينصرف فى المعرفة وهو سبعة أنواع أشار إلى الأول بقوله: والعلم امنع صرفه مركّبا … تركيب مزج نحو معديكربا يعنى أن الاسم إذا اجتمع فيه العلمية والتركيب امتنع عن الصرف ويطلق التركيب فى اصطلاح النحويين على تركيب الإسناد وهى الجمل نحو برق نحره وعلى تركيب الإضافة نحو عبد شمس وعلى تركيب المزج وهو المراد هنا والمزج فى اللغة الخلط فيختلط الاسم مع الاسم ويجعل الإعراب فى آخر الثانى ويبنى آخر الأول على الفتح نحو بعلبك ما لم يكن آخره ياء فيسكن نحو معد يكرب وخرج بقوله تركيب مزج تركيب الإسناد وتركيب الإضافة وخرج بذكر المثال ما ختم بويه من المركب تركيب مزج فإنه يبنى على الكسر فى اللغة الفصحى والعلم مفعول يفسره امنع ومركبا حال من العلم وتركيب مفعول مطلق والعامل فيه مركب. ثم أشار إلى الثانى بقوله:

كذاك حاوى زائدى فعلانا … كغطفان وكأصبهانا يعنى أن العلمية أيضا تمنع الصرف مع زيادتى فعلان. ولما كان قوله فعلان يوهم إرادة هذا الوزن كما تقدم فى قوله وزائدا فعلان فى وصف أزال ذلك الإبهام بقوله: (كغطفان وكأصبهانا) فعلم أن الوزن غير مخصوص بفعلان لأن وزن أصبهان أفعلان ووزن غطفان فعلان وقد يكون على غير ذلك من الأوزان نحو سلمان وعمران وعثمان وخراسان وقوله حاوى مبتدأ وخبره فى المجرور قبله وهو على حذف الموصوف والتقدير كذا علم حاوى زائدى فعلانا. ثم انتقل إلى الثالث وهو التأنيث مع العلمية وهو ضربان لفظى ومعنوى وقد أشار إلى الأول منهما فقال: (كذا مؤنث بهاء مطلقا) يعنى أن العلم المؤنث بالهاء يمتنع صرفه مطلقا سواء كان ثنائيا كهبة أو زائدا كخولة وعائشة وسواء كان مدلول الاسم مؤنثا كفاطمة أو مذكرا كطلحة ثم إن المعنوى متحتم المنع وجائزه، وقد أشار إلى الأول بقوله: وشرط منع العار كونه ارتقى … فوق الثّلاث أو كجور أو سقر أو زيد اسم امرأة لا اسم ذكر فذكر من المؤنث الذى لا علامة فيه وهو متحتم المنع أربعة أنواع: الأول الزائد على الثلاثة كزينب وسعاد فإن الحرف الرابع قام مقام التاء. الثانى الثلاثى الساكن الوسط إذا انضمت إليه العجمة كجور اسم بلد وهو أعجمى، فقامت العجمة مقام الحركة. الثالث المتحرك الوسط كسقر لأن الحركة قامت مقام الحرف الزائد. الرابع أن يكون منقولا من المذكر إلى المؤنث كما إذا سميت امرأة بزيد فإنه نقل من الخفة إلى الثقل وشرط مبتدأ ومنع مضاف إليه وهو أيضا مضاف إلى العار وهو مصدر مضاف إلى المفعول والعار أصله العارى بالياء فحذفت الياء واستغنى عنها بالكسرة وكونه خبر المبتدأ وارتقى فى موضع الخبر لكون وفوق متعلق بارتقى والثلاث مضاف فى التقدير أى فوق الثلاث الأحرف وحذف منه التاء لأن الحرف يذكر ويؤنث، وأو زيد مخفوض بالعطف على كجور أو سقر واسم امرأة حال من زيد ولا اسم معطوف عليه وهو تتميم لصحة الاستغناء عنه بقوله اسم امرأة. ثم أشار إلى الثانى من المؤنث الذى لا علامة فيه بقوله: وجهان فى العادم تذكيرا سبق … وعجمة كهند والمنع أحقّ

يعنى أن الثلاثى الذى عدم التذكير السابق وعدم العجمة يجوز فيه وجهان الصرف والمنع. والمنع أفصح وفهم ذلك من قوله والمنع أحق، وقد جمع الشاعر بين اللغتين فقال: - لم تتلفّع بفضل مئزرها … دعد ولم تسق دعد فى العلب (¬178) فصرف الأول ومنع الثانى. ووجهان مبتدأ وسوغ الابتداء به التفصيل وخبره فى العادم وتذكيرا مفعول بالعادم وسبق فى موضع الصفة لتذكيرا وعجمة معطوف على تذكيرا. ثم انتقل إلى الرابع فقال: والعجمىّ الوضع والتّعريف مع … زيد على الثّلاث صرفه امتنع يعنى إذا اجتمع فى الاسم العجمة الوضعية والعلمية وكان زائدا على ثلاثة أحرف امتنع من الصرف وفهم من قوله العجمى الوضع والتعريف أن الاسم إذا كان أعجميا وكان فى كلام العجم غير علم ونقل لكلام العرب علما انصرف أيضا نحو بندار، والمراد بالعجمى ما ليس من كلام العرب فشمل كلام الفرس وغيرهم من سائر الأعاجم، وفهم أيضا أنه إذا كان ثلاثيا انصرف وشمل الساكن الوسط كنوح ولوط والمتحرك الوسط نحو ملك. والذى توفرت فيه الشروط نحو إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والعجمى مبتدأ والوضع مضاف إليه والتعريف معطوف على الوضع ومع فى موضع الحال من العجمى وزيد مصدر زاد يقال زيد زيدا وزيادة وحذف التاء من الثلاث لأنه مضاف فى التقدير إلى الأحرف وفيها لغتان التذكير والتأنيث وصرفه امتنع مبتدأ وخبره فى موضع خبر المبتدأ الأول. ثم انتقل إلى الخامس فقال: كذاك ذو وزن يخصّ الفعلا … أو غالب كأحمد ويعلى يعنى أن العلم إذا كان على وزن الفعل الخاص به أو الغالب فيه امتنع من الصرف فالخاص به نحو ضرب المبنى للمفعول إذا سمى به وشمل الغالب ما وجوده فى الأفعال أكثر من وجوده فى الأسماء نحو افعل بكسر الهمزة وفتح العين فإنه يوجد فى الأسماء نحو إصبع ¬

_ (¬178) البيت من المنسرح، وهو لجرير فى ملحق ديوانه ص 1021، ولسان العرب 3/ 166 (دعد)، 9/ 321 (لفع)، ولعبيد الله بن قيس الرقيات فى ملحق ديوانه ص 178، وبلا نسبة فى أدب الكاتب ص 282، وأمالى ابن الحاجب ص 395، والخصائص 3/ 61، وشرح الأشمونى 2/ 527، وشرح قطر الندى ص 318، وشرح المفصل 1/ 70، والكتاب 3/ 241، وما ينصرف وما لا ينصرف ص 50، والمنصف 2/ 77. والشاهد فيه صرف «دعد» ومنعها من الصرف، وكلا الأمرين جائز.

لكن وجوده فى الأفعال أكثر وهو فعل أمر من فعل ونحو ذلك وما كثر فى الأسماء والأفعال معا نحو أفعل فإنه يوجد فى الأفعال كثيرا نحو أركب وأشرب وكذاك فى الأسماء نحو أفكل وأبدع لكن الهمزة فى الفعل تدل على معنى وليست كذلك فى الأسماء فكان غالبا من هذا الوجه وكذلك يعلى وهو على وزن يفعل وهو أيضا موجود فى الأفعال والأسماء نحو نذهب فى الأفعال وندمع فى الأسماء ومثل للغالب بأحمد ويعلى ولم يمثل للخاصّ، وفهم منه أن وزن الفعل إذا لم يكن خاصا ولا غالبا لم يؤثر فى منع الصرف نحو لعسب اسم رجل فإنه منقول من لعسب إذا أسرع وذو وزن نعت لمحذوف تقديره علم ذو وزن ويخص الفعل فى موضع الصفة لوزن وغالب مخفوض بالعطف على يخص وهو من باب عطف الاسم على الفعل لكون أحدهما بمعنى الآخر والتقدير ذو وزن خاص بالفعل أو غالب يخص الفعل أو يغلب. ثم انتقل إلى السادس فقال: وما يصير علما من ذى ألف … زيدت لإلحاق فليس ينصرف يعنى أنه إذا سمى بما فيه ألف إلحاق امتنع من الصرف للعلمية وشبه ألف التأنيث نحو علقى وذفرى مسمى بهما لأن علقى ملحق بجعفر وذفرى ملحق بدرهم، وفهم منه أن الإلحاق إذا كان بالهمزة وسمى به انصرف وذلك نحو علباء فإنه ملحق بقرطاس وإنما أثرت ألف الإلحاق المقصورة لأنها زائدة غير مبدلة من شئ بخلاف الممدودة فإن همزتها مبدلة من ياء. وما مبتدأ وهى موصولة وصلتها يصير وعلما خبر يصير وفى يصير ضمير هو اسمها وهو العائد على الموصول وزيدت لإلحاق فى موضع الصفة لألف وليس ينصرف فى موضع خبر المبتدأ. ثم انتقل إلى السابع وهو أربعة أنواع أشار إلى الأول والثانى منها بقوله: والعلم امنع صرفه إن عدلا … كفعل التّوكيد أو كثعلا فالأول هو قوله كفعل التوكيد يعنى أن فعل المؤكد به نحو جمع يمتنع صرفه للعلمية والعدل أما العلمية فعلم الجنس وقيل إنه معرف بنية الإضافة فأشبه العلم لكونه معرفة بغير أداة لفظية والظاهر من النظم الأول. وأما العدل فهو معدول عن جمعيته الأصلية فإن حق جمعاء أن يجمع على جمعاوات. والثانى هو قوله كثعلا اسم رجل ومثله عمر وزفر فالمانع له العلمية والعدل أما العلمية فعلمية الأشخاص وأما العدل فهو معدول عن فاعل فعمر معدول عن عامر وزفر عن زافر وثعل عن ثاعل وإنما حكم على عمر ونحوه أنه معدول عن

عامر لأن الأكثر فى الأعلام أن تكون منقولة فعمر منقول عن عامر اسم فاعل من عمر يعمر فلما أرادوا التسمية بعامر عدلوا عنه لعمر اختصارا وجرّ التوكيد فى قوله كفعل التوكيد لإضافته إليه وثعل معطوف على فعل التوكيد. ثم أشار إلى الثالث فقال: والعدل والتّعريف مانعا سحر … إذا به التّعيين قصدا يعتبر يعنى أن سحر إذا أريد به سحر يوم بعينه منع من الصرف للعدل والتعريف أما العدل فهو معدول عن الألف واللام وأما التعريف فالمراد به تعريف العلمية وهو علم على هذا الوقت نفسه فكل ما جاء فى هذا الباب من لفظ التعريف فالمراد به تعريف العلمية فسحر ظرف زمان غير متصرف ولا منصرف والعدل مبتدأ والتعريف معطوف عليه ومانعا خبر مضاف إلى سحر وهو على حذف مضاف أى مانعا صرف سحر وإذا متعلقا بمانع والتعيين مفعول لم يسم فاعله بفعل مضمر يفسره يعتبر وقصدا بمعنى مقصود وهو منصوب على الحال من فاعل يعتبر المستتر ثم أشار إلى الرابع بقوله: وابن على الكسر فعال علما … مؤنّثا وهو نظير جشما * عند تميم فذكر فى فعال إذا كان علما لمؤنث لغتين إحداهما البناء على الكسر لشبهها بنزال فى الوزن والعدل والتأنيث والعلمية وهو قوله وابن على الكسر فعال علما مؤنثا. والأخرى إعرابه إعراب ما لا ينصرف للعلمية والعدل أما العلمية فعلمية الأشخاص كحذام وقد يكون فى علمية الأجناس كفجار والعدل عن فاعلة فحذام معدول عن حازمة وهو قوله وهو نظير جشما عند تميم، يعنى أنه عند تميم غير منصرف كجشم اسم رجل وهو ممنوع من الصرف وفهم من تنظيره ذلك بجشم أن المانع له من الصرف العدل والعلمية، وفهم من نسبة هذه اللغة إلى تميم أن اللغة السابقة وهى البناء على الكسر لغة أهل الحجاز وفعال مفعول بابن وعلى الكسر متعلق بابن وعلما ومؤنثا حالان من فعال وعند تميم متعلق بنظير. ولما فرغ من ذكر أنواع الأسماء التى لا تنصرف شرع فى ذكر أحكام تتعلق بالباب فقال: واصرفن ما نكّرا … من كلّ ما التعريف فيه أثّرا يعنى أن ما كان إحدى علتيه فى منع الصرف التعريف أى العلمية إذا نكر انصرف وذلك لزوال إحدى العلتين فتبقى العلة الأخرى ولا يؤثر فى منع الصرف إلا علتان والمراد بذلك

الأنواع السبعة المذكورة فتقول معد يكرب وعثمان وفاطمة وزينب وعمر لقيتهم وفهم منه أن الأنواع الخمسة المذكورة فى أول الباب غير داخلة فى هذا الحكم ولو سمى بها ونكرت لقصر الحكم على السبعة فإنه إذا سمى بواحد من الخمسة المذكورة ثم نكر لم ينصرف بعد التنكير فهى غير داخلة فى الحكم ولا يريد من كل ما التعريف فيه أثرا كائنا ما كان وكل مضاف لما وهى موصولة والتعريف مبتدأ وخبره أثرا وفيه متعلق بأثرا والجملة صلة ما والضمير فى فيه عائد على الموصول. ثم قال: وما يكون منه منقوصا ففى … إعرابه نهج جوار يقتفى يعنى أن ما كان منقوصا من الأسماء التى لا تنصرف سواء كان من هذه الأنواع السبعة التى إحدى علتيها العلمية أو من الأنواع الخمسة التى تقدمتها فإنه يجرى مجرى جوار وقد تقدم أن جوار يلحقه التنوين رفعا وجرا ولا وجه لما حمل عليه المرادى كلام الناظم من أنه أشار فى البيت إلى الأنواع السبعة دون الخمسة لأن حكم المنقوص فيها واحد فمثاله فى غير التعريف أعيم فى تصغير أعمى فإنه غير منصرف للوصف ووزن الفعل ويلحقه التنوين رفعا وجرا فتقول هذا أعيم ومررت بأعيم والتنوين فيه عوض عن الياء المحذوفة كما فى نحو جوار ومثاله فى التعريف يعيل تصغير يعلى فهو غير منصرف للوزن والعلمية والتنوين فيه أيضا فى الرفع والجر عوض من المحذوف وما مبتدأ وهو موصول ومنقوصا خبر يكون ومنه متعلق بيكون والضمير فيه عائد على الاسم الذى لا ينصرف وفى إعرابه متعلق بيقتفى ونهج مفعول بيقتفى والنهج الطريق والجملة من يقتفى ومعمولاته خبر ما. ثم قال: (ولاضطرار أو تناسب صرف * ذو المنع) يعنى أن الاسم الذى لا ينصرف ينصرف فى موضعين أحدهما فى الضرورة كقوله: - عصائب طير تهتدى بعصائب (¬179) ¬

_ (¬179) صدره إذا ما غزا فى الجيش حلّق فوقهم والبيت من الطويل، وهو للنابغة الذبيانى فى ديوانه ص 42، وخزانة الأدب 4/ 289، والشعر والشعراء ص 175، ولسان العرب 1/ 605 (عصب)، 10/ 63 (حلق)، وبلا نسبة فى شرح التصريح 2/ 227، وشرح المفصل 1/ 68. والشاهد فيه قوله: «بعصائب» حيث جرّ «عصائب» بالكسرة وهو ممنوع من الصرف للضرورة الشعرية.

إعراب الفعل

وهو فى الشعر كثير. الثانى التناسب كقوله عز وجل سَلاسِلَ وَأَغْلالًا وَسَعِيراً [الإنسان: 4] فصرف سلاسل لتناسب ما بعده وصرف ما لا ينصرف فى الموضعين المذكورين متفق على جوازه وفهم ذلك من إطلاقه، وأما منع المنصرف من الصرف فقد أشار إليه بقوله: (والمصروف قد لا ينصرف) يعنى أن الاسم المنصرف قد يمنع من الصرف وهو مذهب الكوفيين وأما البصريون فلا يجيزون ذلك البتة وفهم الخلاف من قوله قد لا ينصرف فأتى معه بقد التى تقتضى التقليل، ومن أدلة الكوفيين على منع صرفه قوله: - فما كان قيس ولا حابس … يفوقان مرداس فى مجمع (¬180) إعراب الفعل قوله: ارفع مضارعا إذا يجرّد … من ناصب وجازم كيسعد إنما أطلق فى إعراب الفعل المضارع وهو مقيد بأن لا تباشره نون الإناث ولا نون التوكيد لنصه على ذلك فى باب المعرب والمبنى فاكتفى بذلك وإعرابه رفع ونصب وجزم فبدأ بالرفع لأنه السابق إلا أنه لم ينص على رافعه وفيه خلاف، ومذهب البصريين أن رافعه وقوعه موقع الاسم، ومذهب الكوفيين أن رافعه تجرده من الناصب والجازم وهو اختيار المصنف وفى قوله إذا يجرد من ناصب وجازم إشعار ما بمذهبه ويجوز ضبط يسعد بضم الياء مبنيا للمفعول من أسعد يسعد وبفتحها مبنيا للفاعل من سعد يسعد ومضارعا مفعول بارفع وهو نعت لمحذوف والتقدير ارفع فعلا مضارعا، ثم شرع فى النواصب للفعل المضارع فقال: (وبلن انصبه وكى كذا بأن) فذكر منها فى البيت ثلاثة لن وهى حرف نفى ¬

_ (¬180) البيت من المتقارب، وهو لعباس بن مرداس فى ديوانه ص 84، والأغانى 14/ 291، والإنصاف 2/ 499، وخزانة الأدب 1/ 147، 148، 253، والدرر 1/ 104، وسمط اللآلى ص 33، وشرح التصريح 2/ 119، وشرح المفصل 1/ 68، والشعر والشعراء 1/ 107، 306، 2/ 752، ولسان العرب 6/ 97 (ردس)، والمقاصد النحوية 4/ 365، وبلا نسبة فى صناعة الإعراب 2/ 546، 547، وشرح الأشمونى 2/ 543، ولسان العرب 10/ 316 (فوق). والشاهد فيه قوله: «مرداس» حيث منعه من الصرف، وهو مصروف وذلك للضرورة الشعرية.

تنصب المضارع وتخلصه للاستقبال نحو زيد لن يذهب وكى وهى حرف مصدرى نحو جئتك لكى تكرمنى أى لأن تكرمنى وأن وهى أيضا حرف مصدرى وهى أصل النواصب لأنها تعمل ظاهرة ومضمرة وإنما قدم عليها لن وكى وكان حقه أن يقدمها عليهما لأصالتها للتفصيل الذى فيها ولذلك قال: (لا بعد علم) يعنى أن أن الناصبة هى التى تقع بعد غير العلم نحو أعجبنى أن تقوم وأحببت أن تذهب ودخل فى العلم الظن فلذلك استدرك الكلام فيه فقال: والتى من بعد ظنّ … فانصب بها والرّفع صحّح يعنى أن أن إذا وقعت بعد الظن جاز أن تكون ناصبة فتنصب ما بعدها وجاز أن تكون مخففة من الثقيلة فترفع ما بعدها وقد قرئ وَحَسِبُوا أَلَّا تَكُونَ [المائدة: 71] بالنصب والرفع أما النصب فعلى أنها ناصبة وأما الرفع فقد نبه عليه بقوله: (واعتقد * تخفيفها من أنّ فهو مطّرد) يعنى أنّ أن الواقعة بعد الظن إذا ارتفع المضارع بعدها مخففة من الثقيلة ولا فى قوله بعد علم عاطفة والمعطوف عليه محذوف والتقدير بأن بعد غير العلم والتى مبتدأ أو منصوب بفعل مضمر يفسره فانصب لها والرفع مفعول بصحح ومن أن متعلق بتخفيف وهو عائد على الرفع ويحتمل أن يكون عائدا على الحكم وهو جواز الرفع والنصب إذ كل واحد منهما أعنى من النصب والرفع مطرد. والحاصل أنّ أن تكون ناصبة وهى التى تقع بعد غير العلم والظن ومخففة من الثقيلة وهى التى تقع بعد العلم وجائزا فيها الأمران وهى التى تقع بعد الظن، ثم إن الواقعة بعد غير العلم والظن وهى الناصبة قد تهمل وإلى ذلك أشار بقوله: وبعضهم أهمل أن حملا على … ما أختها حيث استحقّت عملا يعنى أن من العرب من يجيز إهمال أن غير المخففة حملا على ما المصدرية فيرتفع الفعل المضارع بعدها كقراءة بعضهم لِمَنْ أَرادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضاعَةَ [البقرة: 233] بالرفع وقول الشاعر: - أن تقرآن على أسماء ويحكما … منى السّلام وأن لا تشعرا أحدا (¬181) ¬

_ (¬181) البيت من البسيط، وهو بلا نسبة فى الأشباه والنظائر 1/ 333، والإنصاف 2/ 563، وأوضح المسالك 4/ 156، والجنى الدانى ص 220، وجواهر الأدب ص 192، وخزانة الأدب 8/ 420، 421، 423، 424، والخصائص 1/ 390، ورصف المبانى ص 113، وسر صناعة الإعراب 2/ 549، وشرح الأشمونى 3/ 553، وشرح التصريح 2/ 232، وشرح شواهد المغنى 1/ 100، وشرح المفصل 7/ 15، 8/ 143، 9/ 19، ولسان العرب 13/ 133 (أنن)، ومجالس ثعلب 290، ومغنى اللبيب 1/ 30، والمنصف 1/ 278، والمقاصد النحوية 4/ 380. والشاهد فيه قوله: «أن تقرآن» حيث لم يعمل «أن» تشبيها لها ب «ما» المصدرية.

فرفع ما بعد الأولى ونصب ما بعد الثانية وكلاهما غير مخففة وإنما حملت فى ذلك على ما المصدرية لاشتراكهما فى المعنى وما المصدرية لا عمل لها كقوله عز وجل: لا أَعْبُدُ ما تَعْبُدُونَ [الكافرون: 2] أى لا أعبد عبادتكم وبعضهم مبتدأ أى بعض العرب وأن مفعول بأهمل وحملا مصدر منصوب على الحال من الفاعل المستتر فى أهمل وأختها بدل من ما وحيث متعلق بأهمل. ثم انتقل إلى الناصب الرابع وهو إذن وهى ثلاثة أنواع: واجبة الإعمال وجائزته وواجبة الإهمال؛ وقد أشار إلى الأول بقوله: ونصبوا بإذن المستقبلا … إن صدّرت والفعل بعد موصلا فذكر لإعمالها ثلاثة شروط: الأول أن يكون المضارع بعدها بمعنى الاستقبال وهو مستفاد من قوله المستقبلا وفهم منه أنه إذا كان حالا ارتفع نحو أن يقول القائل أحبك فتقول له إذن أصدقك. الثانى أن تكون إذن مصدرة أى فى أول الكلام وذلك أن يقول قائل آتيك غدا فتقول له إذن أكرمك وهو مستفاد من قوله إن صدّرت، وفهم منه أنه إذا لم تكن مصدرة لا تعمل وذلك إذا توسطت بين شيئين كقولك زيد إذن يكرمك. الثالث أن لا يفصل بينها وبين الفاعل فاصل كقولك إذن أكرمك وهو مستفاد من قوله موصلا، وفهم منه أنه إذا فصل بينهما فاصل لم تعمل نحو إذن أنا أكرمك ثم إن الفصل بينها وبين الفعل بالقسم مغتفر وقد نبه على ذلك بقوله: (أو قبله اليمين) فتقول إذن والله أكرمك لأن القسم لا يعتد به فاصلا لكثرة الفصل به بين الشيئين المتلازمين كالمضاف والمضاف إليه. ثم أشار إلى جواز عمله بقوله: وانصب وارفعا … إذا إذن من بعد عطف وقعا يعنى أن إذن إذا وقع بعد عاطف جاز فى الفعل بعدها النصب والرفع نحو وإذن أكرمك، وقد قرئ وَإِذاً لا يَلْبَثُونَ خِلافَكَ إِلَّا قَلِيلًا [الإسراء: 76] ثم اعلم أنّ أن هى أصل النواصب كما تقدم فلا إشكال فى النصب بها نحو أعجبنى أن تقوم وقد تقترن بغيرها من حرف جر أو حرف عطف وهى فى ذلك على ثلاثة أقسام: وجوب إظهار وجوازه ووجوب إضمار وقد أشار إلى الأول بقوله: وبين لا ولام جرّ التزم … إظهار أن ناصبة يعنى أنّ أن إذا توسطت بين لام الجر وتسمى لام كى لأنها مثل كى فى إفادة التعليل

وبين لا وجب إظهارها وشمل لا النافية نحو زرتك لئلا تمقتنى والزائدة كقوله عز وجل: لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتابِ [الحديد: 29] وإنما وجب إظهارها فى ذلك كراهة اجتماع لامين وبين متعلق بالتزم وناصبة حال من أن والظاهر أنها مؤكدة لأنه قد علم أن كلامه فى الناصبة. ثم أشار إلى الثانى بقوله: (وإن عدم * لا فأن اعمل مظهرا أو مضمرا) يعنى أنه إذا عدم لا التى بعد أن جاز إضمار أن وإظهارها وقد جاء فى القرآن بالوجهين فمثال إضمارها قوله تعالى: وَأُمِرْنا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعالَمِينَ [الأنعام: 71] ومثال إظهارها قوله عز وجل: وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ [الزمر: 12] وتضمر أيضا جوازا بعد عاطف على اسم خالص وسيأتى ولا مفعول لم يسم فاعله بعدم وأن مفعول مقدم باعمل ومضمرا أو مظهرا حالان من الضمير المستتر فى اعمل. وأما إضمارها وجوبا ففى خمسة مواضع: أشار إلى الأول منها بقوله: (وبعد نفى كان حتما أضمرا) يعنى أنه يجب إضمار أن بعد اللام الواقعة بعد كان المنفية وهى المسماة عند النحويين لام الجحود، وفهم منه أن الإضمار المذكور بعد اللام لعطفه الكلام على الذى قبله وقد صرح فيما قبل باللام فكأنه قال وبعد اللام الواقعة بعد نفى كان، وفهم من قوله نفى كان أن النافى لا يكون إلا لم أو ما ولا يكون لن ولا لا ولا أن لأنهن لا ينفين إلا المستقبل أو الحال وشمل كان التى بلفظ الماضى كقوله تعالى: وَما كانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ [الأنفال: 33] ويكن المنفى بلم كقوله عز وجل: لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلا لِيَهْدِيَهُمْ [النساء: 137] لأنها ماضية فى الوجهين وبعد متعلق بأضمرا وفى أضمر ضمير يعود على أن المذكورة قبل وحتما حال من الضمير فى أضمرا أو نعت لمصدر محذوف أى إضمارا حتما. ثم أشار إلى الثانى فقال: كذاك بعد أو إذا يصلح فى … موضعها حتى أو الّا أن خفى يعنى أنه يجب إضمار أن بعد أو التى بمعنى حتى أو إلا، وشمل قوله حتى التى بمعنى إلى والتى بمعنى كى وفى الثانية خلاف مثاله بمعنى حتى التى بمعنى كى لأدعون الله أن يغفر لى ومثاله بعد التى بمعنى إلى لأنتظرنه أو يجئ ومثاله بمعنى إلا لأقتلن الكافر أو يسلم ومثال ما يحتمل المعانى الثلاثة لألزمنك أو تقضينى حقى وأن مبتدأ وخبره خفى وكذا وبعد وإذا متعلقات بخفى وحتى فاعل بيصلح وأو إلا معطوف على حتى وفى متعلق بيصلح والتقدير أن خفى كخفائه بعد كان المنفية أى وجوبا إذا يصلح فى موضعها إلا أو حتى التى بمعنى إلى أو كى. ثم أشار إلى الثالث فقال:

وبعد حتى هكذا إضمار أن … حتم كجد حتى تسرّ ذا حزن يعنى أن الفعل المضارع إذا وقع بعد حتى فهو منصوب بأن مضمرة وجوبا والمراد بحتى هنا حتى الجارة وفهم ذلك من كون أن مقدرة بعدها وأن وما بعدها مقدرة بمصدر وهو فى موضع جر بها ولا يمكن أن يكون حرف ابتداء لأن الابتدائية لا يقع بعدها إلا جملة ولا عاطفة لعدم شروط العطف ومثال ذلك سرت حتى أدخل المدينة وجد حتى تسر ذا حزن، فإضمار أن مبتدأ وحتم خبره وبعد متعلق بحتم وكذلك كجد. ولما كان الفعل المضارع الواقع بعد حتى لا ينتصب بإضمار أن بعد حتى مطلقا بل بشرط كونه مستقبلا نبه على ذلك بقوله. وتلو حتّى حالا أو مؤوّلا … به ارفعنّ وانصب المستقبلا يعنى أن المضارع بعد حتى إذا كان حالا كقولهم مرض حتى لا يرجونه أو مؤولا بالحال كقوله تعالى: حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ [البقرة: 214] فى قراءة نافع وجب رفعه وإن كان مستقبلا وجب نصبه كما تقدم فى البيت قبله وتلو مفعول مقدم بارفعن والمراد بالتلو المضارع التالى لحتى وحالا وأو مؤولا حالان من تلو وبه متعلق بمؤول والمستقبل مفعول بانصب. ثم انتقل إلى الرابع فقال: وبعد فا جواب نفى أو طلب … محضين أن وسترها حتم نصب يعنى أنّ أن تنصب واجبة الإضمار الفعل المضارع الواقع بعد الفاء التى هى جواب النفى والطلب المحضين، مثال النفى: لا يُقْضى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا [فاطر: 36] وشمل الطلب سبعة أشياء: الأول: الأمر نحو زرنى فأكرمك ومثله قول الراجز: - يا ناق سيرى عنقا فسيحا … إلى سليمان فنستريحا (¬182) ¬

_ (¬182) الرجز لأبى النجم فى الدرر 3/ 52، 4/ 79، والرد على النحاة ص 123، وشرح التصريح 2/ 239، والكتاب 3/ 35، ولسان العرب 3/ 83 (نفخ)، والمقاصد النحوية 4/ 387، وهمع الهوامع 2/ 10، وبلا نسبة فى أوضح المسالك 4/ 182، ورصف المبانى ص 381، وسر صناعة الإعراب 1/ 270، 274، وشرح الأشمونى 2/ 302، 3/ 562، وشرح شذور الذهب ص 394، وشرح ابن عقيل ص 570، وشرح قطر الندى ص 71، وشرح المفصل 7/ 26، واللمع فى العربية ص 210، والمقتضب 2/ 14، وهمع الهوامع 1/ 182. والشاهد فيه نصب ما بعد الفاء على جواب الأمر.

الثانى: النهى نحو وَلا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي [طه: 81] الثالث: الدعاء كقول الشاعر: - رب وفّقنى فلا أعدل عن … سنن الماضين فى خير سنن (¬183) الرابع: الاستفهام كقول الشاعر: - هل تعرفون لباناتى فأرجو أن … تقضى فيرتدّ بعض الروح للجسد (¬184) الخامس: العرض كقوله: - يا بن الكرام ألا تدنو فتبصر ما … قد حدّثوك فما راء كمن سمعا (¬185) السادس: التحضيض كقوله تعالى: لَوْلا أَخَّرْتَنِي إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ [المنافقون: 10] السابع: التمنى كقوله تعالى: يا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ [النساء: 73] واحترز بقوله محضين من النفى المبطل بالإثبات نحو ما أنت إلا تأتينا فتحدثنا ومن الأمر باسم الفعل نحو نزال فنكرمك فالرفع فى هذين ليس إلا وأن مبتدأ ونصب خبره وسترها حتم مبتدأ وخبر فى موضع الحال من فاعل نصب وبعد فا فى موضع الحال من مفعوله المحذوف وتقدير المفعول المحذوف نصب المضارع وستر بفتح السين وهو مصدر ستر وأما الستر بكسر السين فهو ما يستتر به والتقدير إن نصب الفعل فى حال كون الفعل بعدها أى بعد الفاء المجاب بها ما ذكر. ثم انتقل إلى الخامس فقال: ¬

_ (¬183) البيت من الرمل، وهو بلا نسبة فى الدرر 4/ 80، وشرح الأشمونى 3/ 563، وشرح شذور الذهب ص 396، وشرح ابن عقيل ص 571، وشرح قطر الندى ص 72، والمقاصد النحوية 4/ 388، وهمع الهوامع 2/ 11. والشاهد فيه قوله: «ربّ وفقنى فلا أعدل» حيث نصب الفعل «أعدل» بفاء السببية بعد فعل الدعاء الأصيل. وقال العينى: واحترز بالفعل من أن يكون الدعاء بالاسم، نحو: «سقيا لك ورعيا» وبقولنا: «أصيل» من الدعاء المدلول عليه بلفظ الخبر، نحو: «رحم الله زيدا فيدخله الجنة» (المقاصد النحوية 4/ 388). (¬184) البيت من البسيط، وهو بلا نسبة فى شرح الأشمونى 3/ 563، وشرح قطر الندى ص 73، والمقاصد النحوية 4/ 388. والشاهد فيه قوله: «فأرجو» حيث نصب المضارع ب «أن» المضمرة بعد فاء السببية الواقعة فى جواب الاستفهام المدلول عليه بقوله: «هل تعرفون لباناتى». (¬185) البيت من البسيط، وهو بلا نسبة فى الدرر 4/ 82، وشرح الأشمونى 3/ 563، وشرح التصريح 2/ 239، وشرح شذور الذهب ص 398، وشرح ابن عقيل ص 571، وشرح قطر الندى ص 74، والمقاصد النحوية 4/ 389، وهمع الهوامع 2/ 12. والشاهد فيه قوله: «فتبصر» حيث نصب الفعل المضارع «تبصر» ب «أن» مضمرة وجوبا بعد فاء السببية فى جواب العرض.

والواو كالفا إن تفد مفهوم مع … كلا تكن جلدا وتظهر الجزع يعنى أن الواو مثل الفاء المتقدمة فى وجوب إضمار أن بعدها ونصب الفعل المضارع بعد النفى أو الطلب وفهم ذلك من تشبيهه بها لكن بشروط: أن تكون للجمع وهو المنبه عليه بقوله إن تفد مفهوم مع نحو لا تأكل السمك وتشرب اللبن ومثله لا تكن جلدا وتظهر الجزع أى لا تجمع بين هذين وفهم منه أنها إن لم تكن للجمع فلا تنصب نحو لا تأكل السمك وتشرب اللبن بالجزم إن أردت النهى عنهما مجتمعين ومتفرقين وبالرفع إن أردت النهى عن الأول واستئناف الثانى أى وأنت تشرب اللبن وإن تفد شرط حذف جوابه لدلالة ما تقدم عليه والتقدير إن تفد مفهوم مع فهى كالفاء. والألف واللام فى الفاء للعهد وهى السابقة. ثم أخذ فى بيان أحكام تتعلق بالباب فقال: وبعد غير النّفى جزما اعتمد … إن تسقط الفا والجزاء قد قصد يعنى أن الفاء المتقدم ذكرها إذا حذفت بعد غير النفى وقصد الجزاء انجزم الفعل الذى بعدها وفهم منه أنه إن لم يقصد الجزاء فلا جزم بل يكون الفعل مرفوعا. فمثال الأمر: - قفا نبك من ذكرى (¬186) ¬

_ (¬186) هناك بيتان بنفس المطلع، البيت الأول: قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل … بسقط اللوى بين الدخول فحومل والبيت من الطويل، وهو لامرئ القيس فى ديوانه ص 89، والدرر 3/ 142، وشرح التصريح 2/ 17، وشرح شواهد المغنى 1/ 374، 2/ 750، وبلا نسبة فى أوضح المسالك 3/ 49، وشرح الأشمونى 2/ 297، ومغنى اللبيب 1/ 335، وهمع الهوامع 1/ 217. والبيت الثانى: قفا نبك من ذكرى حبيب وعرفان … وربع عفت آياته منذ زمان والبيت من الطويل، وهو لامرئ القيس فى ديوانه ص 8، والأزهية ص 244، 245، وجمهرة اللغة ص 567، والجنى الدانى ص 63، 64، وخزانة الأدب 1/ 332، 3/ 224، والدرر 6/ 71، وسر صناعة الإعراب 2/ 501، وشرح شواهد الشافية ص 242، وشرح المغنى 1/ 463، والكتاب 4/ 205، ولسان العرب 15/ 209 (قوا)، ومجالس ثعلب ص 127، وهمع الهوامع 2/ 129، وبلا نسبة فى الإنصاف 2/ 656، وأوضح المسالك 3/ 359، وجمهرة اللغة ص 580، وخزانة الأدب 11/ 6، والدرر 6/ 82، ورصف المبانى ص 353، وشرح الأشمونى 2/ 417، وشرح شافية ابن الحاجب 2/ 316، وشرح قطر الندى ص 80، والصاحبى فى فقه اللغة ص 110، ومغنى اللبيب 1/ 161، 266، والمنصف 1/ 224. وهمع الهوامع 2 / 131.

وأمثلة ما بقى مفهومة من المثل المتقدمة فى الفاء وبعد متعلق باعتمد وجزما مفعول باعتمد وإن تسقط شرط محذوف الجواب لدلالة ما تقدم عليه والجزاء قد قصد جملة فى موضع الحال من فاعل تسقط ولما كان الطلب شاملا للأمر وغيره مما تقدم وكان النهى داخلا فى ذلك والجزم فيه بعد إسقاط الفاء ليس مطلقا بل بشرط نبه عليه بقوله: وشرط جزم بعد نهى أن تضع … إن قبل لا دون تخالف يقع يعنى أن الجزم بعد النهى مشروط بصلاحية وضع إن الشرطية قبل لا النافية نحو لا تدن من الأسد تسلم لأن التقدير إن لا تدن من الأسد تسلم وفهم منه أنه إن لم يصلح وضع إن قبل لا لم ينجزم الفعل نحو لا تدن من الأسد يأكلك لأنه لا يصلح إن لا تدن من الأسد يأكلك. وشرط جزم مبتدأ وبعد متعلق بجزم أو شرط وأن تضع فى موضع خبر المبتدأ وإن مفعول بتضع وقبل متعلق بتضع ودون فى موضع الحال من أن. ثم قال: والأمر إن كان بغير افعل فلا … تنصب جوابه وجزمه اقبلا قد سبق أن شرط الطلب الذى ينتصب بعده الفعل المقترن بالفاء بإضمار أن؛ أن يكون محضا وذلك بأن يكون الأمر بصيغة أفعل كما مثل فلا ينصب بعد الطلب باسم الفعل نحو نزال فتصيب خيرا ولا بعد طلب بلفظ الخبر نحو حسبك الحديث فينام الناس وأجاز الكسائى النصب فيهما ولا شاهد معه وأما الجزم بعدهما إذا حذفت الفاء فلا خلاف فى جوازه ومنه فى الأول: - مكانك تحمدى أو تستريحى (¬187) ¬

_ (¬187) صدره: وقولى كلما جشأت وجاشت والبيت من الوافر، وهو لعمرو بن الإطنابة فى إنباه الرواة 3/ 281، وحماسة البحترى ص 9، والحيوان 6/ 425، وجمهرة اللغة ص 1095، وخزانة الأدب 2/ 428، والدرر 4/ 84، وديوان المعانى 1/ 114، وسمط اللآلى ص 574، وشرح التصريح 2/ 243، وشرح شواهد المغنى ص 546، ومجالس ثعلب ص 83، والمقاصد النحوية 4/ 415، وبلا نسبة فى أوضح المسالك 4/ 189، والخصائص 3/ 35، وشرح الأشمونى 3/ 569، وشرح شذور الذهب ص 447، 524، وشرح قطر الندى ص 117، وشرح المفصل 4/ 74، ولسان العرب 1/ 48 (جشأ)، ومغنى اللبيب 1/ 203، والمقرب 1/ 273، وهمع الهوامع 2/ 13. والشاهد فيه: «تحمدى» حيث جزمه بحذف النون لكونه واقعا فى جواب الأمر، والأمر هنا باسم الفعل «مكانك».

لأن مكانك بمعنى اثبتى، ومنه فى الثانى قوله تعالى: تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (11) يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ [الصف: 11 - 12] وقول عمر رضى الله عنه: «اتقى الله امرؤ فعل خيرا يثب عليه» إذ معناه ليتق الله امرؤ، ومعنى الآية الكريمة آمنوا وجاهدوا يغفر لكم والله أعلم، والأمر مبتدأ وإن كان شرط وكان تامة بمعنى حصل، والتقدير والأمر إن حصل وبغير متعلق بكان وافعل مضاف إليه وفلا تنصب الفاء جواب الشرط ولا ناهية وتنصب مجزوم بها وجوابه مفعول بتنصب واقبلا فعل أمر والألف فيه بدل من النون الخفيفة وجزمه مفعول باقبلا. ثم قال: والفعل بعد الفاء فى الرّجا نصب … كنصب ما إلى التّمنّى ينتسب يعنى أن الفعل المضارع ينتصب بأن بعد الفاء الواقعة جوابا للترجى كما ينتصب بعد الفاء الواقعة جوابا للتمنى كما سبق وإنما فصل الفاء فى هذا الموضع عن المواضع السابقة لما فيها من الخلاف أجاز النصب الفراء ومنعه الجمهور واختار المصنف مذهب الفراء وشاهده عندهما قوله تعالى: لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبابَ (36) أَسْبابَ السَّماواتِ فَأَطَّلِعَ [غافر 36 - 37] بالنصب فى قراءة حفص عن عاصم والفعل مبتدأ وخبره نصب ومفعول نصب محذوف اختصارا أى نصب المضارع وما موصولة وصلتها ينتسب وإلى التمنى متعلق بينتسب. ثم قال: وإن على اسم خالص فعل عطف … تنصبه أن ثابتا أو منحذف يعنى أن الفعل المضارع إذا عطف على اسم خالص انتصب بأن ويجوز حينئذ إظهارها وإضمارها وكان حقه أن يذكر هذه المسألة عند ذكر لام كى فإنها مثلها فى جواز الإظهار والإضمار وفهم من قوله وإن على اسم أنه لو عطف على فعل لم ينتصب نحو يقوم زيد ويخرج عمرو وفهم من قوله خالص أنه لو عطف على اسم غير خالص كاسم الفاعل والمفعول لم ينتصب نحو الطائر فيغضب زيد الذباب وشمل الخالص الاسم الصريح كقولك لولا زيد ويحسن إلىّ بالنصب لهلكت ويجوز إظهار أن فتقول لولا زيد وأن يحسن إلىّ لهلكت والمصدر كقوله: - ولبس عباءة وتقرّ عينى … أحبّ إلىّ من لبس الشفوف (¬188) ¬

_ (¬188) البيت من الوافر، وهو لميسون بنت بحدل فى خزانة الأدب 8/ 503، 504، والدرر 4/ 90، وسر صناعة الإعراب 1/ 273، وشرح التصريح 2/ 244، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقى ص 1477، وشرح شذور-

لأن المصدر اسم خالص إذ هو من قبيل الجوامد بخلاف اسم الفاعل والمفعول وأطلق فى قوله عطف وهو مقيد بالواو كما مثل والفاء كقوله: * لولا توقع معترّ فأرضيه * وأو كقوله تعالى: أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا [الشورى: 51] فى قراءة غير نافع وثم كقوله: - إنى وقتلى سليكا ثم أعقله … كالثور يضرب لما عافت البقر (¬189) وإن شرط وخالص نعت لاسم وفعل مفعول لم يسم فاعله بفعل مضمر يفسره عطف وعلى اسم متعلق بعطف وتنصبه جواب الشرط وإن فاعل تنصبه وثابتا وأو منحذف حالان من أن. ثم قال: وشذّ حذف أن ونصب فى سوى … ما مرّ فاقبل منه ما عدل روى يعنى أن الفعل المضارع قد ينصب بأن مضمرة فى غير المواضع المذكورة على وجه الشذوذ كقولهم خذ اللص قبل يأخذك أى قبل أن يأخذك كقوله: - فلم أر مثلها خباسة واجد … ونهنهت نفسى بعد ما كدت أفعله (¬190) ¬

_ - الذهب ص 405، وشرح شواهد الإيضاح ص 250، وشرح شواهد المغنى 2/ 653، ولسان العرب 13/ 408 (مسن)، والمحتسب 1/ 326، ومغنى اللبيب 10/ 267، والمقاصد النحوية 4/ 397، وبلا نسبة فى الأشباه والنظائر 4/ 277، وأوضح المسالك 4/ 192، والجنى الدانى ص 157، وخزانة الأدب 8/ 523، والرد على النحاة ص 128، ورصف المبانى ص 423، وشرح الأشمونى 3/ 571، وشرح ابن عقيل ص 576، وشرح عمدة الحافظ ص 344، وشرح قطر الندى ص 65، وشرح المفصل 7/ 25، والصاحبى فى فقه اللغة ص 112، 118، والكتاب 3/ 45، والمقتضب 2/ 27. والشاهد فيه قولها: «وتقرّ» حيث نصب المضارع ب «أن» مضمرة بعد الواو التى بمعنى «مع». (¬189) البيت من البسيط، وهو لأنس بن مدركة فى الأغانى 20/ 357، والحيوان 1/ 18، والدرر 4/ 93، وشرح التصريح 2/ 244، ولسان العرب 4/ 109 (ثور)، 8/ 380 (وجع)، 9/ 260 (عيف)، والمقاصد النحوية 4/ 399، وبلا نسبة فى أوضح المسالك 4/ 195، وخزانة الأدب 2/ 462، وشرح الأشمونى 3/ 571، وشرح شذور الذهب ص 406، وشرح ابن عقيل ص 577، ولسان العرب 4/ 110 (ثور) وهمع الهوامع 2/ 17. والشاهد فيه قوله: «ثم أعقله» حيث نصب الفعل المضارع ب «أن» مضمرة جوازا بعد «ثمّ» العاطفة، وقد تقدم عليها اسم خالص من التأويل وهو قوله: «قتلى». (¬190) البيت من الطويل، وهو لامرئ القيس فى ملحق ديوانه ص 471، وله أو لعمرو بن جؤين فى لسان العرب 6/ 62 (خبس) ولعامر بن جؤين فى الأغانى 9/ 93، وشرح أبيات سيبويه 1/ 337، والكتاب 1/ 307، والمقاصد النحوية 4/ 401، ولعامر بن جؤين أو لبعض الطائيين فى شرح شواهد المغنى 2/ 931، ولعامر بن الطفيل فى الإنصاف 2/ 561، وبلا نسبة فى تخليص الشواهد ص 148، وجمهرة اللغة ص 289، والدرر 1/ 177، ورصف المبانى ص 113، وشرح الأشمونى 1/ 129، ومغنى اللبيب 2/ 640، والمقرب 1/ 270، وهمع الهوامع 1/ 58. والشاهد فيه نصب «أفعله» بتقدير «أن» قبله.

عوامل الجزم

أى أن أفعله وحذف أن فاعل بشذ ونصب حذف معموله أى ونصب للفعل المضارع وفى سوى متعلق بنصب وهو مطلوب أيضا لحذف من جهة المعنى فهو من باب التنازع وما موصولة وصلتها مرّ ومنه متعلق باقبل وما مفعول باقبل وهى موصولة وعدل روى جملة صلة لما. عوامل الجزم عوامل الجزم على قسمين: أحدهما يجزم فعلا واحدا والآخر يجزم فعلين وقد أشار إلى الأول بقوله: بلا ولام طالبا ضع جزما … فى الفعل هكذا بلم ولمّا فذكر أربعة أحرف كلها تجزم فعلا واحدا: الأول لا الناهية نحو لا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي [طه: 94] ومثلها لا فى الدعاء نحو رَبَّنا لا تُؤاخِذْنا [البقرة: 286] والثانى لام الأمر نحو لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ [الطلاق: 7] ومثله أيضا لام الدعاء نحو لِيَقْضِ عَلَيْنا رَبُّكَ [الزخرف: 77] وفهم ذلك فى الحرفين أعنى لا واللام من قوله طالبا لأن الطلب شامل لجميع ما ذكر. الثالث لم وهى حرف نفى فى الماضى تدخل على المضارع فتصرف معناه إلى الماضى وقيل تدخل على الماضى فتصرف لفظه إلى المضارع والمشهور الأول نحو لم يقم زيد. الرابع لما وهى مثل لم فيما ذكر إلا أن الفعل بعد لما يتصل بزمان الحال نحو وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جاهَدُوا مِنْكُمْ [آل عمران: 142] بخلاف لم فإن ما بعدها قد يتصل وقد لا يتصل. فضع فعل أمر من وضع مثل هب من وهب وجزما مفعول بضع وبلا وفى الفعل متعلقان بضع وطالبا حال من الضمير المستتر فى ضع وها تنبيه وكذا وبلم متعلقان بفعل محذوف دل عليه الأول والتقدير وضع جزما بلم ولما مثل ما فعلت فى لا واللام ثم أشار إلى القسم الثانى وهو ما يجزم فعلين فقال: واجزم بإن ومن وما ومهما … أىّ متى أيّان أين إذما وحيثما أنّى ... فذكر إحدى عشرة كلمة كلها تجزم فعلين وتسمى أدوات شرط الأولى إن وهى حرف نحو قوله تعالى: إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ ما قَدْ سَلَفَ [الأنفال: 38] الثانية من وهى تقع على من يعقل نحو مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ [النساء: 123] الثالثة ما وهى تقع على ما لا يعقل نحو

ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِها نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها أَوْ مِثْلِها [البقرة: 106] الرابعة مهما وهى بمعنى ما، نحو: - ومهما تكن عند امرئ من خليقة … وإن خالها تخفى على الناس تعلم (¬191) الخامسة أىّ وهى بحسب ما تضاف إليه من اسم أو ظرف زمان أو ظرف مكان نحو أيا ما تفعل أفعل، السادسة متى وهى ظرف زمان نحو: - متى تأتنا تلمم بنا فى ديارنا … تجد حطبا جزلا ونارا تأجّجا (¬192) السابعة أيان وهى ظرف زمان أيضا نحو أيان تقم أقم معك. الثامنة أين وهى ظرف مكان نحو أين تجلس أجلس معك. التاسعة إذ ما وهى حرف بمعنى إن. العاشرة حيثما وهى ظرف مكان نحو: حيثما تذهب أذهب معك. الحادية عشرة أنّى وهى ظرف مكان نحو أنّى تجلس أجلس معك. وفهم من تمثيله ب «إذ ما» وبحيثما أنهما لا يجزم بهما إلا إذا اقترنا بما كالمثال. وبإن متعلق باجزم ومفعول اجزم محذوف اقتصارا لأنه إنما أراد أن يخبر أن هذه الأدوات جازمة. ثم إن هذه الأدوات أعنى أدوات الشرط على قسمين: حروف، وأسماء، وإلى ذلك أشار بقوله: وحرف إذ ما … كإن وباقى الأدوات أسما أما «إن» فلا خلاف فى أنها حرف وأما إذ ما فالمشهور أنها حرف مثل إن ولذلك اقتصر عليه. وباقى الأدوات وهى ما عدا إن وإذ ما وهى تسع كلمات أسماء فمنها أسماء ومنها ظروف زمان ومنها ظروف مكان، وقد بينت ذلك عند ذكرها فى البيت السابق. وإذ ما مبتدأ وحرف خبر مقدم والتقدير وإذ ما حرف كإن وإنما شبهها بها لأن إن حرف بإجماع وهى أم الباب إذ كل أداة مما تقدم تقدر بها. ¬

_ (¬191) البيت من الطويل، وهو لزهير بن أبى سلمى فى ديوانه ص 32، والجنى الدانى ص 612، والدرر 4/ 184، 5/ 72، وشرح شواهد المغنى ص 386، 738، 743، وشرح قطر الندى ص 37، ومغنى اللبيب ص 330، وبلا نسبة فى شرح الأشمونى 3/ 579، ومغنى اللبيب ص 323، وهمع الهوامع 2/ 35، 58. (¬192) البيت من الطويل، وهو لعبد الله بن الحر فى خزانة الأدب 9/ 90، 99، والدرر 6/ 69، وشرح أبيات سيبويه 2/ 66، وسر صناعة الإعراب ص 678، وشرح المفصل 7/ 53، وبلا نسبة فى الإنصاف ص 583، ورصف المبانى ص 32، 335، وشرح الأشمونى ص 440، وشرح قطر الندى ص 90، وشرح المفصل 10/ 20، والكتاب 3/ 86، ولسان العرب 5/ 242 (نور)، والمقتضب 2/ 63، وهمع الهوامع 2/ 128.

ولما فرغ من ذكر الجوازم أخذ فى الكلام على أحكام الشرط والجزاء فقال: فعلين يقتضين شرط قدّما … يتلو الجزاء وجوابا وسما يعنى أن كل واحد من أدوات الشرط يقتضى فعلين يسمى الأول شرطا والثانى جزاء وفهم من قوله فعلين أن حق الشرط والجزاء أن يكونا فعلين إلا أن الجزاء قد يكون غير فعل وذلك على خلاف الأصل وسيأتى وفهم أيضا من قوله فعلين يقتضين أى يطلبن أن الجزم فى الفعلين بها وهو المشهور وفهم من قوله قدّما ويتلو الجزاء أن الشرط والجزاء جملتان لأن الفعل يستلزم الفاعل وأن الجزاء لا يكون إلا متأخرا والشرط لا يكون إلا متقدما وإذا ورد نحو أنت ظالم إن فعلت فليس أنت ظالم جوابا مقدما بل الجواب محذوف دل عليه ما تقدم على أداة الشرط وفاعل يقتضين النون وهو عائد على أدوات الشرط وفعلين مفعول بيقتضين وشرط خبر مبتدأ مضمر أى أحدهما أو مبتدأ والخبر محذوف أى منهما شرط ويتلو الجزاء جملة فعلية فى موضع الصفة لشرط والضمير العائد على الموصوف محذوف تقديره يتلوه الجزاء ولا يجوز نصب شرط على البدل من فعلين لأن التابع غير مستوف للمتبوع وإنما يجوز الإتباع فيما كان مستوفيا للمتبوع نحو لقيت من القوم ثلاثة زيدا وعمرا وجعفرا ولقيت الرجلين زيدا وعمرا، ووسما جملة مستأنفة وجوابا حال من الضمير فى وسما. ثم بين الفعلين اللذين تقتضيهما هذه الأدوات فقال: وماضيين أو مضارعين … تلفيهما أو متخالفين فهذه أربعة أحوال الأول أن يكونا أعنى الشرط والجزاء فعلين ماضيين نحو وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنا [الإسراء: 8] أو مضارعين نحو وَإِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ [البقرة: 284] أو الأول ماض والثانى مضارع نحو مَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ [الشورى: 20] أو الأول مضارع والثانى ماض نحو قوله: - من يكدنى بسيّئ كنت منه … كالشّجى بين حلقه والوريد (¬193) ¬

_ (¬193) البيت من الخفيف، وهو لأبى زبيد الطائى فى ديوانه ص 52، وخزانة الأدب 9/ 76، والمقاصد النحوية 4/ 427، وبلا نسبة فى رصف المبانى ص 105، وشرح الأشمونى 3/ 585، وشرح ابن عقيل ص 585، والمقتضب 2/ 59، والمقرب 1/ 275، ونوادر أبى زيد ص 68. والشاهد فيه قوله: «من يكدنى ... كنت» حيث جزم ب «من» الشرطية فعلا مضارعا، وجاء جواب الشرط فعلا ماضيا، وهذا قليل.

ومعنى الماضى الواقع شرطا أو جوابا الاستقبال فهو ماض لفظا مستقبل معنى ولذلك تقول إن قام زيد غدا قمت بعد غد. وماضيين مفعول ثان بتلفيهما أى تجدهما وأو مضارعين وأو متخالفين معطوفان على ماضيين فأما الماضى الواقع شرطا أو جزاء فهو فى موضع جزم لأنه مبنى لا يظهر فيه إعراب. وأما جزم المضارع فلا إشكال فيه شرطا كان أو جزاء فى الأوجه الأربعة ويجوز رفع المضارع إذا كان جزاء، وإلى ذلك أشار بقوله: وبعد ماض رفعك الجزا حسن … ورفعه بعد مضارع وهن يعنى أن الشرط إذا كان ماضيا جاز رفع الجواب كقول زهير: - وإن أتاه خليل يوم مسئلة … يقول لا غائب مالى ولا حرم (¬194) وفهم من قوله حسن أنه كثير ولا يفهم منه أنه أحسن من الجزم بل الجزم أحسن لأنه على الأصل وقوله ورفعه بعد مضارع وهن، أى ضعف كقوله: - يا أقرع بن حابس يا أقرع … إنّك إن يصرع أخوك تصرع (¬195) وإنما حسن الرفع بعد الماضى لعدم تأثير أداة الشرط فى فعل الشرط وضعف بعد المضارع لتأثير العامل فى فعل الشرط. ورفعك مبتدأ وهو مصدر مضاف إلى الفاعل والجزاء مفعول برفع وحسن خبر المبتدأ وبعد متعلق بحسن ولا يجوز أن يتعلق برفع لأنه مصدر مقدر ¬

_ (¬194) البيت من البسيط، وهو لزهير بن أبى سلمى فى ديوانه ص 153، والإنصاف 2/ 625، وجمهرة اللغة ص 108، وخزانة الأدب 9/ 48، 70، والدرر 5/ 82، ورصف المبانى ص 104، وشرح أبيات سيبويه 2/ 85، وشرح التصريح 2/ 249، وشرح شواهد المغنى 2/ 838، والكتاب 3/ 66، ولسان العرب 11/ 215 (خلل)، 12/ 128 (حرم)، والمحتسب 2/ 65، مغنى اللبيب 2/ 422، والمقاصد النحوية 4/ 429، والمقتضب 2/ 70، وبلا نسبة فى أوضح المسالك 4/ 207، وجواهر الأدب ص 203، وشرح الأشمونى 3/ 585، وشرح شذور الذهب ص 451، وشرح ابن عقيل ص 586، وشرح عمدة الحافظ ص 353، وشرح المفصل 8/ 157، وهمع الهوامع 2/ 60. والشاهد فيه رفع «يقول» على نية التقديم، والتقدير: يقول إن أتاه خليل. وجاز هذا لأن «إن» غير عاملة فى اللفظ والمبرد يقدّره على حذف الفاء. (¬195) الرجز لجرير بن عبد الله البجلى فى شرح أبيات سيبويه 2/ 121، والكتاب 3/ 67، ولسان العرب 11/ 46 (بجل)، وله أو لعمرو بن خثارم العجلى فى خزانة الأدب 8/ 20، 23، 28، وشرح شواهد المغنى 2/ 897، والمقاصد النحوية 4/ 430، ولعمرو بن خثارم البجلى فى الدرر 1/ 227، وبلا نسبة فى جواهر الأدب ص 202، والإنصاف 2/ 623، ورصف المبانى ص 104، وشرح الأشمونى 3/ 586، وشرح التصريح 2/ 249، وشرح ابن عقيل ص 587، وشرح عمدة الحافظ ص 354، وشرح المفصل 8/ 158، ومغنى اللبيب 2/ 553، والمقتضب 2/ 72، وهمع الهوامع 2/ 72. والشاهد فيه قوله: «إنك إن يصرع أخوك، تصرع» حيث ألغى الشرط المتوسط بين المبتدأ والخبر ضرورة، فإن جملة «تصرع» خبر «إنّ» والجملة دليل جزاء الشرط، وجملة الشرط معترضة بين المبتدأ والخبر.

بأن والفعل ورفعه مبتدأ وهو مصدر مضاف إلى المفعول ووهن فعل ماض فى موضع الخبر عن رفع وبعد متعلق بوهن. واعلم أن الشرط لا يكون إلا فعلا مضارعا أو ماضيا كما سبق وأما الجواب فيكون مضارعا وماضيا كما تقدم ويكون غير ذلك فتلزمه الفاء، وإلى ذلك أشار بقوله: واقرن بفا حتما جوابا لو جعل … شرطا لإن أو غيرها لم ينجعل يعنى أن جواب الشرط إذا لم يصلح جعله شرطا وهو أن يكون غير مضارع أو ماض وجب اقترانه بالفاء وفهم منه أنه إذا صح جعله شرطا لم تدخل الفاء فى الجواب نحو إن يقم زيد قام عمرو وأو يقم عمرو أو لم يقم عمرو فهذا كله يصح جعله شرطا وشمل ما لا يصلح جعله شرطا الجملة الاسمية مثبتة نحو إن قام زيد فعمرو قائم أو فعلية طلبية أو فعلا غير متصرف أو مقرونا بالسين أو سوف أو قد أو منفية بما أو إن أو لن فإن هذا كله لا يصح جعله شرطا. وبفا متعلق باقرن وحتما نعت لمصدر محذوف تقديره قرنا حتما وجوابا مفعول باقرن، ولو جعل شرط وشرطا مفعول ثان بجعل وفى جعل ضمير مستتر هو المفعول الأول وهو عائد على جوابا ولإن متعلق بجعل ولم ينجعل جواب لو وهو مطاوع جعل فيتعدى إلى واحد لأن المطاوع الذى هو جعل بمعنى صير يتعدى إلى اثنين ومفعول ينجعل محذوف تقديره لم ينجعل جوابا. ثم اعلم أن الجواب الذى لا يصلح جعله شرطا قد يلفى بإذا، وإلى ذلك أشار بقوله: وتخلف الفا إذا المفاجأه … كإن تجد إذا لنا مكافأه يعنى أن إذا التى للمفاجأة تخلف الفاء أى تحل محلها فيصدّر بها الجواب الذى لا يصلح جعله شرطا كما يصدّر بالفاء وذلك لشبه إذا المذكورة بالفاء فى كونها لا تقع أوّلا بل تقع بعد ما هو سبب فيما بعدها وذلك كقوله: إن تجد إذا لنا مكافأة، ومثله قوله عز وجل: وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذا هُمْ يَقْنَطُونَ [الروم: 36] وفهم من قوله وتخلف أنها ليست أصلية فى ذلك بل واقعة موقع الفاء. وإذا فاعل بتخلف وهى مضافة للمفاجأة والفاء مفعول مقدم على الفاعل وإن تجد شرط جوابه إذا وما بعدها. والمكافأة المجازاة: مصدر كافأت الرجل، أى جازيته. ثم قال: والفعل من بعد الجزا إن يقترن … بالفا أو الواو بتثليث قمن

يعنى إذا وقع الفعل بعد فعل الجزاء ودخلت عليه الفاء أو الواو جاز فيه ثلاثة أوجه: الجزم والنصب والرفع ويعنى بالفعل الفعل المضارع والجزاء أن يكون بالفعل المضارع المجزوم وذلك كقولك إن يقم زيد يخرج عمرو ويذهب جعفر بجزم يذهب ونصبه ورفعه فالجزم على العطف على فعل الجزاء والنصب بإضمار أن بعد الفاء أو الواو والرفع على الاستئناف. مثال الفاء قوله عز وجل: يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ [البقرة: 284] قرئ فى السبع بالجزم والرفع وقرئ فى الشاذ بالنصب. والواو كقول الشاعر: - فإن يهلك أبو قابوس يهلك … ربيع الناس والبلد الحرام (¬196) ونأخذ بعده بذناب عيش … أجبّ الظّهر ليس له سنام يروى ونأخذ بالجزم والنصب والرفع، وفهم من قوله من بعد الجزا أن ذلك بعد الجزاء كيفما كان فعلا كان أو جملة خلافا للشارح فى تخصيص ذلك بالفعل المضارع بدليل قوله عز وجل: فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ [البقرة: 271]. والفعل مبتدأ ونعته محذوف أى الفعل المضارع، وعلم ذلك من الحكم عليه بالرفع والنصب والجزم، وذلك لا يكون فى الأفعال إلا فى المعرب منها وهو المضارع. وإن يقترن شرط وبالفاء متعلق بيقترن وقمن خبر المبتدأ وبتبثليث متعلق بقمن ومعنى قمن حقيق وجواب الشرط على هذا الوجه محذوف لدلالة ما تقدم عليه والتقدير الفعل قمن بتثليث إن يقترن بكذا فهو قمن إلا أن فى هذا الوجه كون الشرط المحذوف جوابه مضارعا وهو قليل، ويحتمل أن يكون قمن خبر مبتدأ محذوف والجملة من المبتدأ والخبر جواب الشرط إلا أن فى هذا الوجه حذف الفاء من الجواب وهو مخصوص بضرورة الشعر، وفى بعض النسخ فتثليث بالفاء وهو مبتدأ وسوغ الابتداء بالنكرة دخول فاء الجواب عليه وقمن خبر تثليث. هذا حكم المضارع الواقع بعد الجزاء فإن وقع المضارع المقرون بالفاء أو الواو بين الشرط والجزاء، فقد أشار إليه بقوله: وجزم أو نصب لفعل إثر فا … أو واو ان بالجملتين اكتنفا ¬

_ (¬196) البيتان من الوافر، وهما للنابغة الذبيانى فى ديوانه ص 106، والأغانى 11/ 26، وخزانة الأدب 7/ 511، 9/ 363، وشرح أبيات سيبويه 1/ 28، وشرح المفصل 6/ 83، 85، والكتاب 1/ 196، والمقاصد النحوية 3/ 579، 4/ 434، وبلا نسبة فى أسرار العربية ص 200، والأشباه والنظائر 6/ 11، والاشتقاق ص 105، وأمالى ابن الحاجب 1/ 458، والإنصاف 1/ 134، وشرح الأشمونى 3/ 591، وشرح ابن عقيل ص 589، وشرح عمدة الحافظ ص 358، ولسان العرب 1/ 249 (حبب)، 390 (ذنب) والمقتضب 2/ 179.

يعنى أن المضارع إذا وقع بعد الفاء أو الواو بين شرط وجزاء جاز جزمه بالعطف على فعل الشرط ونصبه بإضمار أن، وإنما لم يجز فيه الرفع كما جاز فى المتأخر لأن الرفع على الاستئناف ولا يمكن فى الواقع بين الشرط والجزاء. وجزم مبتدأ وأو نصب معطوف عليه وسوغ الابتداء بالنكرة التفصيل ولفعل متعلق بنصب وهو مطلوب أيضا لجزم فهو من باب التنازع وإثر ظرف فى موضع النعت لفعل وأو واو معطوف على فا وإن شرط وفعل الشرط اكتنفا وبالجملتين متعلق باكتنفا واكتنف مبنى للمفعول والضمير المستتر فيه عائد على فعل فإن الجملتين اكتنفتاه وجواب الشرط محذوف لدلالة ما تقدم عليه. ثم قال: والشرط يغنى عن جواب قد علم … والعكس قد يأتى إن المعنى فهم يعنى أنه إذا علم الجواب أغنى عن ذكره الشرط نحو أنت ظالم إن فعلت فجواب إن محذوف لدلالة ما تقدم عليه وكذلك إذا علم الشرط أغنى عنه الجواب كقوله: - فطلّقها فلست لها بكفء … وإلا يعل مفرقك الحسام (¬197) أى وإلا تطلقها فحذف فعل الشرط للعلم به، وفهم من قوله: علم أنه إن لم يعلم واحد منهما لم يجز الحذف، وفهم من قوله: قد يأتى أن حذف الشرط أقل من حذف الجواب. والشرط مبتدأ وخبره يغنى وعن جواب متعلق بيغنى وقد علم فى موضع النعت لجواب والعكس مبتدأ وقد يأتى خبره وإن شرطية. والمعنى مفعول لم يسم فاعله بمضمر يفسره فهم وجواب الشرط محذوف لدلالة ما تقدم عليه. ثم قال: واحذف لدى اجتماع شرط وقسم … جواب ما أخّرت فهو ملتزم يعنى إذا اجتمع الشرط والقسم حذفت جواب الآخر منهما واستغنيت بجواب المتقدم فتقول إذا قدمت الشرط وأخرت القسم إن يقم زيد والله أكرمه، وإذا قدمت القسم قلت والله إن قام زيد لأكرمنه، هذا الذى ذكره إذا لم يتقدم عليهما أعنى الشرط. والقسم ما يحتاج إلى ¬

_ (¬197) البيت من الوافر، وهو للأحوص فى ديوانه ص 190، والأغانى 15/ 234، والدرر 5/ 87، وخزانة الأدب 2/ 151، وشرح التصريح 2/ 252، وشرح شواهد المغنى 2/ 767، 936، والمقاصد النحوية 4/ 435، وبلا نسبة فى الإنصاف 1/ 72، وأوضح المسالك 4/ 215، ورصف المبانى ص 106، وشرح الأشمونى 3/ 591، وشرح شذور الذهب ص 445، وشرح ابن عقيل ص 590، وشرح عمدة الحافظ ص 369، ولسان العرب 15/ 469 (إما لا)، ومغنى اللبيب 2/ 647، والمقرب 1/ 276، وهمع الهوامع 2/ 62. والشاهد فيه قوله: «وإلا يعل» حيث حذف فعل الشرط لدلالة ما قبله عليه والتقدير: وإلّا تطلقها يعل مفرقك الحسام.

الخبر، وأما إذا تقدم عليهما ما يحتاج إلى الخبر، فقد أشار إليه بقوله: وإن تواليا وقبل ذو خبر … فالشّرط رجّح مطلقا بلا حذر وشمل قوله ذو خبر المبتدأ وما أصله المبتدأ كاسم كان فتقول زيد والله إن يقم أكرمه فاستغنى بجواب الشرط عن جواب القسم، وإن كان القسم متقدما على الشرط وإنما رجح الشرط وإن كان متأخرا لأنه عمدة الكلام والقسم توكيد الكلام، وفهم من قوله رجح أنه يجوز الاستغناء بجواب القسم فتقول زيد والله إن يقم لأكرمنه وفهم من قوله مطلقا أن الشرط يترجح سواء تقدم على القسم أو تأخر وقوله بلا حذر تتميم لصحة الاستغناء عنه ولدى متعلق باحذف ومعناه عند وجواب مفعول باحذف وما موصولة وصلتها أخرت والضمير العائد على الموصول محذوف تقديره أخرته وإن تواليا شرط وذو خبر مبتدأ وخبره قبل والجملة فى موضع الحال من الضمير فى تواليا ولذلك دخلت عليها الواو، والفاء جواب الشرط والشرط مفعول مقدم برجح ومطلقا حال من الشرط وبلا متعلق برجح، ثم قال: وربّما رجّح بعد قسم … شرط بلا ذى خبر مقدّم يعنى أنه قد يترجح الشرط المتأخر وإن لم يتقدم ذو خبر فتقول والله إن يقم زيد أكرمه، ومنه قوله: - لئن منيت بنا فى يوم معركة … لا تلفنا عن دماء القوم ننتفل (¬198) وفهم من قوله وربما أن ترجيح الشرط المتأخر دون تقديم ذى خبر قليل. نكتة: لم يذكر الناظم فى هذا الرجز باب القسم ومع ذلك لم يخله منه فإنه ذكر حروفه مع حروف الجر فى بابها، وذكر بعض أحكامه فى باب المبتدأ وفى باب إن وفى هذا الباب. ¬

_ (¬198) البيت من البسيط، وهو للأعشى فى ديوانه ص 113، وخزانة الأدب 11/ 227، 300، 331، 333، 357، ولسان العرب 11/ 672 (تفل)، والمقاصد النحوية 3/ 283، 4/ 437، وبلا نسبة فى خزانة الأدب 11/ 343، وشرح الأشمونى 3/ 594، وشرح ابن عقيل ص 592. والشاهد فيه أنه اجتمع فيه الشرط والقسم، أمّا الشرط فقوله: «لئن» أمّا القسم، فإنه يدل على اللام لأنها موطئة لقسم محذوف تقديره: والله لئن، وكل منهما يستدعى جوابا، وقد ترشح الشرط على القسم ههنا حيث قال: «لا تلفنا» بالجزم، وعلامة الجزم سقوط الياء، لأن أصله: «لا تلفينا» وحذف جواب القسم لدلالة جواب الشرط عليه، ولو كان «لا تلفنا» هو جواب القسم لقال: لا «تلفينا» بإثبات الياء لأنه مرفوع. (المقاصد 4/ 437).

فصل لو

فصل لو إنما ذكر لو عقب هذا الباب لأنها تكون شرطية كإن ومع كونها حرف امتناع هى أيضا شبيهة بأدوات الشرط فى احتياجها إلى جواب. ولما كانت لو تكون حرف شرط وحرف تمن ومصدرية نبه على مراده فقال: (لو حرف شرط فى مضىّ) يعنى أن لو حرف شرط تدل على تعليق فعل بفعل فيما مضى وتسمى لو هذه امتناعية لأنها تدل فى الغالب على امتناع الشئ لامتناع غيره نحو لو قام زيد لقام عمرو فامتنع قيام عمرو لامتناع قيام زيد والماضى فى هذا الباب على معناه من المضى بخلافه فى باب أدوات الشرط فلذلك تقول لو قام زيد أولا من أمس لأكرمته أمس وقد تدخل على المستقبل معنى وإلى ذلك أشار بقوله: (ويقلّ * إيلاؤها مستقبلا لكن قبل) وكان حقها أن لا يليها المستقبل لكن ورد فوجب قبوله ومن ذلك قوله عز وجل: وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعافاً [النساء: 9] وشمل قوله مستقبلا الماضى كالآية الكريمة والمضارع فى اللفظ نحو لو يقم زيد غدا لأكرمته فلو مبتدأ وحرف شرط خبره وفى متعلق بشرط وإيلاؤها فاعل بيقل وهو مصدر مضاف إلى المفعول ومستقبلا مفعول ثان بإيلاؤها. ثم قال: (وهى فى الاختصاص بالفعل كإن) يعنى أنها تختص بالفعل كما تختص به إن وفهم من تشبيهه لها بإن أن الفعل يليها ظاهرا كما يلى إن فتقول لو زيد قام لأكرمته فيكون زيد فاعلا بفعل مضمر يفسره قام كما تقول إن زيد قام فأكرمه، ومنه قوله: * لو ذات سوار لطمتنى * ثم إن لو تخالف إن فى جواز وقوع أن المفتوحة المشددة بعدها وإلى ذلك أشار بقوله: (لكنّ لو أنّ بها قد تقترن) يعنى أن لو تخالف إن فى جواز وقوع أن بعدها كقوله تعالى: وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا [الحجرات: 5] وهو كثير. واختلف فى موضع أن بعدها فقيل مبتدأ، وقيل فاعل بفعل محذوف، وفهم من قوله لكن أنها فى موضع رفع بالابتداء والخبر محذوف لاستدراكه بلكن إذ لو كانت عنده فاعلا بفعل محذوف لم تخرج عن الاختصاص بالفعل فاستدراكه دليل على تخالف ما حكم لها به من الاختصاص بالفعل. ولو اسم لكن وأن مبتدأ وخبره قد تقترن وبها متعلق بتقترن والجملة خبر لكن. ثم قال: وإن مضارع تلاها صرفا … إلى المضىّ نحو لو يفى كفى

أما ولولا ولوما

يعنى أن لو يقع بعدها الفعل المضارع فيصرف معناه إلى المضى كقوله: لو يفى كفى، أى لو وفى كفى ومن ذلك قوله: - لو يسمعون كما سمعت كلامها … خروا لعزة ركّعا وسجودا (¬199) أى لو سمعوا، وفهم منه أن لو الواقع بعدها المضارع المؤول بالماضى هى الامتناعية لا لو الشرطية لأن لو الشرطية لا يؤول المضارع بعدها بالماضى لأصالته فى الاستقبال بل يؤول معها الماضى بالاستقبال. ومضارع فاعل بفعل مضمر يفسره تلاها وصرفا جواب إن، وإلى المضى متعلق بصرف. أما ولولا ولوما إنما ذكر هذه الأحرف هنا لأنها من جملة أدوات الشرط لاحتياجها إلى جواب وبدأ منها بأما فقال: (أمّا كمهما يك من شئ) يعنى أن موضع أما صالح لمهما يك من شئ لأن معناها كمهما يك من شئ لأن أما حرف ومهما يك من شئ اسم وفعل ومتعلقه، ولما علم أنها نابت عما ذكر نبه على ما تجاب به فقال: (وفا * لتلو تلوها وجوبا ألفا) يعنى أن الفاء تدخل على تالى تاليها نحو أما زيد فقائم والأصل مهما يك من شئ فزيد قائم ولما حذفوا أداة الشرط وفعله وقامت أما مقامهما كرهوا أن تلى الفاء حرف الشرط فقدموا بعض الجملة الواقعة جوابا إصلاحا للفظ وفهم من قوله لتلو تلوها أن الفاء لا تلى أما وأنه لا يفصل بين أما والفاء إلا بشئ واحد وشمل المبتدأ نحو أما زيد فقائم والخبر نحو أما قائم فزيد والمفعول نحو قوله تعالى: فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ [الضحى: 9] والظرف نحو أما اليوم فزيد قائم والمجرور نحو أما فى الدار فزيد قائم، وأما المبتدأ وخبره كمهما يك من شئ وفا مبتدأ وخبره ألفا ولتلو متعلق بألفا ومعنى تلو تال، ووجوبا نصب على الحال من الضمير فى ألف وتجوز فى قوله وجوبا وإنما ذلك الأكثر، ولذلك قال: ¬

_ (¬199) البيت من الكامل، وهو لكثير عزة فى ديوانه ص 441، والخصائص 1/ 27، ولسان العرب 12/ 523 (كلم)، والمقاصد النحوية 4/ 460، وبلا نسبة فى الجنى الدانى ص 283، وشرح الأشمونى 3/ 603، وشرح ابن عقيل ص 595. والشاهد فيه قوله: «لو يسمعون» حيث جاء الفعل المضارع بعد «لو» مصروفا معناه إلى المضىّ، لأن الغالب دخول «لو» التى للتعليق على الفعل الماضى الذى هو مبنىّ.

وحذف ذى الفا قلّ فى نثر إذا … لم يك قول معها قد نبذا يعنى أن الفاء المجاب بها أما تحذف فى النثر قليلا كقوله عليه الصلاة والسّلام: «أما بعد ما بال قوم يشترطون شروطا ليست فى كتاب الله» وفهم منه أنه يكثر فى النظم كقول الشاعر: - فأما القتال لا قتال لديكم (¬200) وفهم أيضا من قوله: إذا لم يك قول معها قد نبذا، أى طرح وكنى به عن الحذف أنه يكثر أيضا كقوله عز وجل: فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ [آل عمران: 106] أى فيقال لهم أكفرتم. وحذف مبتدأ وذى اسم إشارة والفاء نعت وقل خبر المبتدأ وفى نثر متعلق بقل وكذلك إذا وقد نبذا خبر يك ومعها متعلق بنبذ. ثم إن لولا ولو ما على نوعين: أحدهما أن يكونا مختصين بالاسم، والآخر أن يكونا مختصين بالفعل، وقد أشار إلى الأول بقوله: لولا ولو ما يلزمان الابتدا … إذا امتناعا بوجود عقدا يعنى أن لولا ولو ما إذا عقدا أى ربطا امتناعا بوجود، ويقال أيضا لوجود فإنهما يلزمان الابتداء يعنى المبتدأ والخبر نحو لولا زيد لأكرمتك ولو ما عمرو لجئتك وخبر المبتدأ بعدهما واجب الحذف وقد تقدم فى باب الابتداء. فلولا مبتدأ ولو ما معطوف عليه ويلزمان خبرهما والابتداء مفعول بيلزمان وامتناعا مفعول بعقدا وبوجود متعلق بعقدا وإذا متعلق بمحذوف وهو الجواب الدال عليه يلزمان ثم أشار إلى الاستعمال الثانى فقال: (وبهما التحضيض مز وهلّا * ألّا ألا) يعنى أن لولا ولو ما يميز بهما التحضيض أى يدلان عليه كقوله تعالى: لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلائِكَةُ [الفرقان: 21] وقوله عز وجل: لَوْ ما تَأْتِينا [الحجر: 7] ويشارك لولا ولو ما فى التحضيض نحو هلا تأتينا وألا تصل إلينا وألا تقبل علينا وهذه الأحرف أعنى لولا ولو ما وما ¬

_ (¬200) عجزه: ولكنّ سيرا فى عراض المواكب والبيت من الطويل، وهو للحارث بن خالد المخزومى فى ديوانه ص 45، وخزانة الأدب 1/ 452، والدرر 5/ 110، وبلا نسبة فى أسرار العربية ص 106، والأشباه والنظائر 2/ 153، وأوضح المسالك 4/ 234، والجنى الدانى ص 525، وسر صناعة الإعراب ص 265، وشرح شواهد الإيضاح ص 107، وشرح شواهد المغنى ص 177، وشرح ابن عقيل ص 597، وشرح المفصل 7/ 134، 9/ 412، والمنصف 3/ 118، ومغنى اللبيب ص 56، والمقاصد النحوية 1/ 577، 4/ 474، والمقتضب 2/ 71، وهمع الهوامع 2/ 67. والشاهد فيه حذف الفاء من جواب «أما».

الإخبار بالذى والألف واللام

بعدهما مستوية فى الاختصاص بالفعل وإلى ذلك أشار بقوله: (وأولينها الفعلا) أى اجعلها داخلة على الفعل، وشمل الفعل المضارع نحو هلا تأتينا والماضى نحو هلا أتيت وهو بمعنى المستقبل لأنها تخلص الفعل للاستقبال. والتحضيض مفعول بمز وألا وما بعده معطوف على الضمير فى بهما ولم يعد الجار فيقول وبهلا لأن مذهبه عدم اشتراط ذلك، وها فى قوله وأولينها عائدة على الأحرف الخمسة المذكورة والفعل مفعول ثان. ثم قال: وقد يليها اسم بفعل مضمر … علّق أو بظاهر مؤخّر يعنى أن هذه الأحرف الخمسة تدخل على الاسم على وجهين: الأول أن يكون مفعولا بفعل مضمر وشمل نوعين: أحدهما أن يكون مفسرا بالفعل الواقع بعد الاسم نحو هلا زيدا أكرمته فيكون من باب الاشتغال، والآخر يفسره سياق الكلام كقوله: - ألا رجلا جزاه الله خيرا … يدلّ على محصلة تبيت (¬201) التقدير ألا ترونى، والثانى أن يكون معمولا للفعل الذى يليه نحو هلا زيدا ضربت واسم فاعل بيليها وعلق فى موضع الصفة لاسم، وبفعل متعلق بعلق. الإخبار بالذى والألف واللام الباء فى قوله بالذى باء السببية لا باء التعدية لأنك إذا جعلتها باء التعدية يكون المعنى أن الذى به يكون الإخبار وليس كذلك، بل الإخبار يكون عن الذى بغيره. ثم إن الإخبار يكون بالذى وفروعه وبالألف واللام، وقد أشار إلى الأول فقال: ¬

_ (¬201) البيت من الوافر، وهو لعمرو بن قعاس (أو قنعاس) المرادى فى خزانة الأدب 3/ 51، 53، والطرائف الأدبية ص 73، وشرح شواهد المغنى ص 214، 215، وبلا نسبة فى الأزهية ص 164، وإصلاح المنطق ص 431، وأمالى ابن الحاجب ص 167، 412، وتخليص الشواهد ص 415، وتذكرة النحاة ص 43، والجنى الدانى ص 382، وجواهر الأدب ص 337، وخزانة الأدب 4/ 89، 183، 195، 268، 11/ 193، ورصف المبانى ص 79، وشرح الأشمونى 1/ 154، وشرح شواهد المغنى ص 641، وشرح عمدة الحافظ ص 317، وشرح المفصل 2/ 101، والكتاب 2/ 308، ولسان العرب 11/ 155 (حصل)، ومغنى اللبيب ص 69، 255، 600، والمقاصد النحوية 2/ 366، 3/ 352، ونوادر أبى زيد ص 56. والشاهد فيه قوله: «ألا رجلا» حيث وقعت «ألا» للعرض والتحضيض، ومعناهما طلب الشئ، ولكن العرض طلب بلين، والتحضيض طلب بحث، والمعنى: ألا ترونى رجلا. ويروى «ألا رجل» والشاهد فى هذه الرواية جرّ «رجل» ب «من» المضمرة.

ما قيل أخبر عنه بالّذى خبر … عن الّذى مبتدأ قبل استقر وما سواهما فوسّطه صله … عائدها خلف معطى التّكمله ذكر فى هذين البيتين كيفية الإخبار بالذى يعنى إذا قيل لك أخبر عن اسم فى جملة بالذى فاجعل ذلك الاسم خبرا عن الذى مستقر مبتدأ مقدما وما سوى الذى والمخبر به عن الذى من الجملة اجعله متوسطا بين الذى والخبر ويكون صلة للذى واجعل مكان الاسم المنتزع من الجملة الذى جعلته خبرا عن الذى ضميرا يعود من الصلة على الذى وما مبتدأ وهى موصولة واقعة على المخبر به عن الذى وصلتها قيل وعنه متعلق بأخبر وكذلك بالذى وأخبر وما عمل فيه محكى بقيل وخبر خبر عن ما وعن الذى متعلق بخبر واستقر فى موضع الحال من الذى ومبتدأ حال من الضمير المستكن فى استقر وقبل متعلق باستقر والذى الأول والثانى فى البيت لا يحتاجان إلى صلة لأنه إنما أراد تعليق الحكم على لفظهما لا أنهما موصولان، والتقدير ما قيل لك أخبر عنه بهذا اللفظ أعنى الذى هو خبر عن لفظ الذى فى حال كونه مستقرا قبل مبتدأ، وما فى البيت الثانى مبتدأ وهى أيضا موصولة واقعة على ما سوى الذى والاسم المخبر به وهى باقى الجملة وصلتها سواهما والخبر فوسطه ويجوز أن تكون ما مفعولة بفعل مضمر يفسره فوسطه وهو أحسن وصلة حال من الهاء فى فوسطه وعائدها مبتدأ وخبرها خلف ومعطى مضاف إليه وهو اسم فاعل مضاف إلى المفعول وعائدها وخبره فى موضع الصفة لصلة. ثم مثل صورة الإخبار بقوله: نحو الّذى ضربته زيد فذا … ضربت زيدا كان فادر المأخذا يعنى أنك إذا أردت الإخبار عن زيد من قولك ضربت زيدا جعلت فى أول كلامك الذى كما ذكر لك وجعلت زيدا خبرا عن الذى وجعلت فى موضع زيد ضميرا مطابقا له وجعلت ذلك الضمير من الجملة المتوسطة بين الذى وخبره عائدا على الموصول فصار بعد هذا العمل الذى ضربته زيد ونبهك بقوله: فادر المأخذا على أن تقيس على هذا العمل غيره فى هذا المثال وفى غيره فتقول فى الإخبار عن التاء فى ضربت من قولك ضربت زيدا: الذى ضرب زيدا أنا وفهم من إطلاقه أن الإخبار بالذى يكون فى الجملة الفعلية كما مثل وفى الجملة الاسمية فلو قيل لك أخبر عن زيد من قولك زيد أبوك لقلت الذى هو أبوك زيد أو عن أبيك لقلت الذى زيد هو أبوك ثم إن الإخبار بالذى لا يختص بلفظ المفرد المذكر بل يكون فى المفرد والمثنى والمجموع، وإلى ذلك أشار بقوله:

وباللّذين والّذين والّتى … أخبر مراعيا وفاق المثبت يعنى أن المخبر عنه إذا كان مثنى أو مجموعا أو مؤنثا جئ بالموصول مطابقا له لأنه خبر عنه والمثال المشتمل على هذه الصور هو بلغ الزيدان العمرين رسالة فإذا أخبرت عن الزيدين قلت اللذان بلغا العمرين رسالة الزيدان جعلت خلف الزيدين ضميرا بارزا وهو الألف العائد على اللذان وإذا أخبرت عن العمرين قلت الذين بلغهم الزيدان رسالة العمرون وإذا أخبرت عن رسالة قلت التى بلغت الزيدان العمرين رسالة. وباللذين متعلق بأخبر ومراعيا حال من الضمير المستتر فى أخبر ووفاق مفعول بمراعيا. ولما بين كيفية الإخبار شرع فى شروطه فقال: قبول تأخير وتعريف لما … أخبر عنه ها هنا قد حتما كذا الغنى عنه بأجنبىّ أو … بمضمر شرط فراع ما رعوا ذكر فى هذين البيتين أربعة شروط: الأول أن يكون قابل التأخير فلا يخبر عما يلزم التقديم كأدوات الصدور مثل أسماء الاستفهام وأسماء الشروط. الثانى أن يكون قابل التعريف فلا يخبر عما يلزم التنكير كالحال والتمييز. الثالث جواز الاستغناء عنه بأجنبى فلا يخبر عما يقع به الربط وشمل الضمير نحو زيد ضربته واسم الإشارة نحو زيد ضربت ذلك فلا يجوز الإخبار عن واحد منهما لأنك لو أخبرت عنه للزم أن تضع ضميرا فى موضعه يخلفه على القاعدة المتقدمة وهو قد كان يربط الخبر بالمبتدأ ثم زدت الموصول وهو أيضا يلزم أن يعود عليه ضمير من الصلة وليس فى الكلام غير ضمير واحد وهو المجعول خلف المخبر عنه فإن أعدته على المبتدأ بقى الموصول بلا ضمير وإن أعدته على الموصول بقى المبتدأ بلا ضمير فامتنع الإخبار. الرابع جواز الاستغناء عنه بمضمر فلا يجوز الإخبار عن مصدر عامل ولا عن صفة دون موصوفها ولا موصوف دون صفته لأن ذلك كله لا يستغنى عنه بمضمر إذ لا يصلح أن يعمل ضمير المصدر عمل المصدر ولا أن يوصف الضمير ولا يوصف به. وقبول تأخير مبتدأ وتعريف معطوف على تأخير وقد حتما فى موضع خبر المبتدأ ولما متعلق بحتم وكذلك ههنا وما موصولة وهى واقعة على المخبر عنه وصلتها أخبر عنه والغنى مبتدأ وعنه متعلق به وكذلك بأجنبى وشرط خبر المبتدأ وكذا متعلق بشرط وذا إشارة إلى الشروط السابقة، ثم انتقل إلى الإخبار بأل فقال:

وأخبروا هنا بأل عن بعض ما … يكون فيه الفعل قد تقدّما يعنى أن الإخبار يكون بأل كما يكون بالذى إلا أن الإخبار بالذى يكون بالجملة الاسمية والفعلية وفهم ذلك من إطلاقه هناك، والإخبار بأل لا يكون إلا بالجملة الفعلية، وفهم ذلك من تقييده ذلك بقوله: عن بعض ما يكون فيه الفعل قد تقدما، فكل جملة تقدمها الفعل فهى فعلية وليس ذلك مطلقا بل بشرط أن يكون الفعل متصرفا، وإلى ذلك أشار بقوله: (إن صحّ صوغ صلة منه لأل) يعنى أن الجملة الفعلية التى يخبر فيها بأل يشترط فى ذلك الفعل أن يكون متصرفا ليصاغ منه ما يصح أن يكون صلة لأل وهى الصفة الصريحة لما علم أن صلة أل لا تكون إلا وصفا صريحا ولا يصح ذلك فى الفعل الذى لا يتصرف لأنه لا يصاغ منه الوصف، ثم أتى بمثال من ذلك فقال: (كصوغ واق من وقى الله البطل) فإذا قيل لك أخبر عن لفظ الله من قولك وقى الله البطل قلت الواقى البطل الله ولو قيل لك أخبر عن البطل قلت الواقيه الله البطل. والضمير فى وأخبروا عائد على النحويين أو على العرب والأول أظهر لأن أكثر مسائل الإخبار إنما وضعها النحويون تمرينا لقارئه. وهنا ظرف مكان متعلق بأخبروا وبأل متعلق بأخبروا وكذلك عن وما موصولة واقعة على الأسماء المشتملة عليها الجملة وصلتها يكون إلى آخر البيت وإن شرط وصوغ فاعل بصح وهو مصدر مضاف إلى المفعول ومنه متعلق بصوغ وكذلك لأل وكصوغ مصدر مضاف أيضا إلى المفعول والمجرور بمن قول محذوف ووقى إلى آخر البيت محكى به والتقدير كصوغ واق من قولك وقى الله البطل وجواب الشرط محذوف لدلالة ما تقدم عليه والتقدير إن صح فأخبر. ثم قال: وإن يكن ما رفعت صلة أل … ضمير غيرها أبين وانفصل يعنى أن الوصف الواقع صلة أل إذا رفع ضميرا يعود على غير أل وجب إظهاره كما إذا قيل أخبر عن زيد من قولك ضربت زيدا قلت الضاربه أنا زيد فالضمير العائد على أل وهو أنا ضمير غيرها فوجب إظهاره وفهم منه أن الضمير إذا كان لأل وجب اتصاله كما إذا قيل لك أخبر عن التاء من ضربت زيدا، قلت الضارب زيدا أنا ففى الضارب ضمير مستتر وهو عائد

العدد

على أل فلذلك وجب استتاره فى الوصف. وإن يكن شرط وما اسم يكن وهى موصولة واقعة على الضمير العائد على غير أل وصلتها رفعت وصلة أل فاعل برفعت والضمير العائد على الموصول محذوف أى ما رفعته وضمير خبر يكن وأبين وانفصل جواب الشرط. العدد ثلاثة بالتّاء قل للعشره * … فى عدّ ما آحاده مذكّره. فى الضّدّ جرّد يعنى أن ألفاظ العدد من ثلاثة إلى عشرة إذا كان واحد المعدود مذكرا لحقته التاء، وإن كان واحده مؤنثا لم تلحقه التاء فتقول ثلاثة رجال بالتاء لأن واحد الرجال رجل وهو مذكر وثلاث نسوة بغير تاء لأن واحد النسوة امرأة وهى مؤنثة. واعلم أن مراده بقوله فى الضد جرد المؤنث يعنى فى ضد المذكر وهو المؤنث وثلاثة مفعول مقدم بقل، وقل مضمن معنى اذكر وبالتاء متعلق بقل وللعشرة كذلك وفى عد كذلك وعد مصدر مضاف للمفعول وما موصولة واقعة على المعدود وآحاده مذكرة جملة من مبتدأ وخبر صلة لما وفى الضد متعلق بجرد ومعمول جرد محذوف والتقدير جردها أى ألفاظ العدد من التاء ولا يصح ضبط ثلاثة بالضم لأنه لا وجه له فى الإعراب ثم انتقل إلى تمييز ألفاظ العدد من ثلاثة إلى عشرة فقال: (والمميّز اجرر * جمعا بلفظ قلّة فى الأكثر) يعنى أن تمييز العدد من ثلاثة إلى عشرة جمع قلة نحو ثلاثة أكلب وعشرة أحمال وثلاثة أينق، وعشرة أكتاف، وفهم من قوله فى الأكثر أنه يميز قليلا بجمع الكثرة نحو ثلاثة قروء فإن لم يسمع للاسم إلا جمع كثرة ميز به نحو ثلاثة رجال. والمميز مفعول باجرر وجمعا حال منه وبلفظ متعلق بجمعا ثم قال: (ومائة والألف للفرد أضف) يعنى أن مائة وألفا يضافان إلى مفرد فتقول مائة رجل وألف وفهم من إطلاقه أن تثنية ألف ومائة وجمعهما كذلك نحو ألفا رجل وآلاف رجل ومائتا رجل وقد تضاف المائة إلى الجمع وقد نبه على ذلك بقوله: (ومائة بالجمع نزرا قد ردف) يعنى أن مائة تضاف قليلا للجمع وأشار به إلى قراءة حمزة والكسائى (ثلاثمائة سنين) بإضافة مائة إلى سنين. ومائة والألف مفعول بأضف وللفرد متعلق بأضف ومائة مبتدأ وسوغ الابتداء به التفصيل وخبره قد ردف وردف مبنى للمفعول أى

تبع بالجمع ونزرا حال من الضمير المستتر فى ردف وإنما قدم الناظم مائة وألفا على ما دونهما من العدد إلى أحد عشر لاشتراكهما مع ثلاثة وعشرة وما بينهما فى كون تمييزهما مجرورا بالإضافة. وبعد ذلك رجع إلى الترتيب الطبيعى فقال: وأحد اذكر وصلنه بعشر … مركّبا قاصد معدود ذكر يعنى إذا قصدت المذكر قلت أحد عشر بغير تاء وأحد مفعول باذكر وبعشر متعلق بصلنه ومركبا وقاصدا حالان من الفاعل المستتر فى اذكر فمركبا على هذا اسم فاعل ويصح أن يكون مركبا حالا من أحد عشر فيكون اسم المفعول والأول أجود للمناسبة. ثم قال: (وقل لدى التأنيث إحدى عشره) يعنى أنك إذا قصدت المؤنث قلت إحدى عشرة بسكون الشين وزيادة التاء فتقول إحدى عشرة امرأة هذه هى اللغة الفصيحة ولغة تميم كسر الشين وإلى ذلك أشار بقوله: (والشّين فيها عن تميم كسره) فتقول إحدى عشرة امرأة ولدى هنا بمعنى فى وإحدى عشره مفعول بقل مضمنا معنى اذكر كما تقدم فى قوله: ثلاثة بالتاء قل للعشرة والشين مبتدأ وكسرة مبتدأ ثان وخبره فيها والجملة خبر المبتدأ الأول وعن تميم متعلق بما فى المجرور من معنى الاستقرار. ثم قال: ومع غير أحد وإحدى … ما معهما فعلت فافعل قصدا يعنى أن ما فعلت فى عشرة مع أحد وإحدى من إسقاط التاء فى المذكر وإثباتها فى المؤنث افعله فيما فوقهما من غيرهما فشمل ذلك العدد من اثنى عشر واثنتى عشرة إلى تسعة عشر وتسع عشرة فتقول اثنا عشر رجلا وثلاثة عشر رجلا واثنتا عشرة امرأة وثلاث عشرة امرأة. ومع متعلق بافعل وما مفعول بافعل وهى موصولة واقعة على الحكم المجعول لعشر وصلتها فعلت ومعهما متعلق بفعلت والضمير العائد على ما محذوف تقديره فعلته. ولما ذكر حكم العجز من المركب وهو عشر من أحد عشر إلى تسعة عشر انتقل إلى حكم الصدر من ثلاثة إلى تسعة فقال: ولثلاثة وتسعة وما … بينهما إن ركّبا ما قدّما

يعنى أن حكم ثلاثة وتسعة وما بينهما فى التركيب كحكمهما فيما تقدم من أن التاء تثبت مع المذكر وتسقط مع المؤنث فتقول ثلاثة عشر رجلا وثلاث عشرة امرأة إلى تسعة عشر رجلا وتسع عشرة امرأة. وما الأخيرة مبتدأ وهى موصولة واقعة على الحكم المنسوب لعشرة وقدّما صلتها ولثلاثة خبره وما الأولى موصولة معطوفة على تسعة وهى واقعة على ما بين الثلاثة والعشرة من ألفاظ العدد وصلتها بينهما والتقدير الذى قدم لثلاثة وأخواتها من الحكم السابق مستقر لها فى التركيب. وبقى عليه حكم ما بين أحد عشر وثلاثة عشر فأشار إليه بقوله: وأول عشرة اثنتى وعشرا … اثنى إذا أنثى تشا أو ذكرا يعنى أنك تقول فى تركيب اثنين واثنتين اثنا عشر واثنتا عشرة فتحذف النون منهما وتجعل عشرة وعشرا مكانه ثم بين أنهما معربان بقوله: (واليا لغير الرفع وارفع بالألف) غير الرفع هو الجر والنصب فتقول فى الرفع اثنا عشر واثنتا عشرة وفى الجر والنصب اثنى عشر واثنتى عشرة ففهم منه أن هذين الجزأين أعنى اثنين واثنتين معربان إعراب المثنى. وعشرة مفعول أوّل ب «أول» واثنتى مفعول ثان وعشرا معطوف على عشرة واثنى معطوف على اثنتى وأنثى مفعول مقدم بتشا وأو ذكرا معطوف على أنثى وفيه رد الأول إلى الأول والثانى إلى الثانى وقصر تشا لضرورة الوزن ويجوز أن يكون حذف الهمزة من تشا لاجتماعها مع همزة أو. ثم قال: (والفتح فى جزأى سواهما ألف) يعنى أن ما سوى اثنين واثنتين من الجزأين المركبين يفتح آخر الصدر وآخر العجز منه فيفتح العجز فى عشر وعشرة المذكورين بعد اثنين واثنتين والصدر والعجز من سوى اثنين واثنتين فتقول أحد عشر وثلاثة عشر بفتح الجزأين معا وهما مبنيان معا أما الثانى فلتضمنه معنى حرف العطف وأما الأول فلتنزل العجز منه منزلة تاء التأنيث. والفتح مبتدأ وفى جزأى متعلق بالفتح وألف فى موضع خبر المبتدأ ثم انتقل إلى التمييز فقال: وميّز العشرين للتّسعينا … بواحد كأربعين حينا

يعنى أن تمييز العشرين وبابه إلى التسعين مفرد نحو عشرين دينارا وتسعين غلاما وأربعين حينا أى زمانا وفهم من قوله بواحد أن حكم النيف على العشرين إلى تسعة وتسعين كحكم عشرين فتقول أحد وعشرون درهما وفهم منه أنه لا يميز بجمع وفهم من المثال أنه لا يكون إلا منصوبا واللام فى «للتسعينا» للغاية فهى بمعنى إلى. ثم قال: وميّزوا مركّبا بمثل ما … ميز عشرون فسوّينهما يعنى أن العدد المركب يميز بواحد كما كان ذلك فى عشرين وبابه، وشمل قوله مركبا أحد عشر وتسعة عشر وما بينهما فتقول أحد عشر رجلا وإحدى عشرة امرأة إلى تسعة عشر رجلا وتسع عشرة امرأة. ومركبا مفعول بميزوا والضمير فيه عائد على العرب وبمثل متعلق بميزوا وما موصولة واقعة على التمييز وصلتها ميز عشرون والضمير العائد عليها محذوف تقديره بمثل ما ميز به عشرون وفسوينهما تتميم للبيت لصحة الاستغناء عنه. ثم قال: وإن أضيف عدد مركّب … يبق البنا وعجز قد يعرب العدد المركب هو أحد عشر وتسعة عشر وما بينهما إلا اثنى عشر واثنتى عشرة لأن عشر فيهما بمنزلة نون الاثنين ولذلك أعربا فإذا أضيف العدد المركب إلى اسم بعدده ففيه لغتان إحداهما وهى الفصحى بقاء البناء فتقول هذه أحد عشرك وتسعة عشر زيد بالبناء فى الجزأين وهى المنبه عليها بقوله: يبقى البنا. والثانية بقاء آخر الصدر على البناء وإعراب آخر العجز فتقول هذه أحد عشرك بضم الراء على أنه معرب ومررت بأحد عشرك بكسر الراء وهى المنبه عليها بقوله وعجز قد يعرب وفهم من قد أنها لغة قليلة وإن أضيف شرط وجوابه يبق ويجوز ضبطه يبقى بالألف على أنه مرفوع لكون الشرط ماضيا وبالقاف دون الألف على أنه مجزوم على جواب الشرط وهو أحسن وسوّغ الابتداء بعجز التفصيل. ثم قال: وصغ من اثنين فما فوق إلى … عشرة كفاعل من فعلا واختمه فى التّأنيث بالتّا ومتى … ذكّرت فاذكر فاعلا بغير تا يعنى أن أسماء العدد من اثنين إلى عشرة يصاغ منها وزن فاعل كما يصاغ من الأفعال فإن كان مذكرا اكتفى به وإن كان مؤنثا لحقته تاء التأنيث الفارقة بين المذكر والمؤنث فتقول فى المذكر ثان وثالث إلى عاشر وفى المؤنث ثانية وثالثة إلى عاشرة وفهم من قوله من اثنين

أن اسم الفاعل المذكور لا يصاغ من أحد. وصغ فعل أمر ومن اثنين متعلق به وما معطوفة وهى موصولة واقعة على العدد الفائق اثنين وفوق صلتها وهو مقطوع عن الإضافة والتقدير من اثنين فما فوقها وإلى عشرة متعلق بصغ وكفاعل مفعول بصغ وهو على حذف الموصوف والتقدير صغ من اثنين وزنا أو صيغة كوزن فاعل وحذف صفة فاعل والتقدير كفاعل المصوغ من فعل ومن متعلق بفاعل أو بالمصوغ المقدر وإعراب البيت الآخر واضح. ثم إن اسم الفاعل من العدد يستعمل مفردا كما تقدم ويستعمل مضافا فيضاف تارة إلى العدد المشتق منه وتارة إلى العدد الذى تحته وقد أشار إلى الأول بقوله: وإن ترد بعض الّذى منه بنى … تضف إليه مثل بعض بيّن يعنى أن اسم الفاعل من العدد إذا أضيف إلى موافقه يجب إضافته إليه على معنى بعض فتقول ثانى اثنين وثانية اثنتين إلى عاشر عشرة وعاشرة عشر ومعناه بعض اثنين وبعض عشرة وإن ترد شرط وبعض مفعول بترد والذى واقع على العدد المضاف إليه اسم الفاعل وصلته بنى ومنه متعلق ببنى والضمير العائد على الموصول الهاء فى منه وفى بنى ضمير مستتر عائد على اسم الفاعل والتقدير وإن ترد بعض الشئ الذى بنى اسم الفاعل منه وتضف مجزوم على جواب الشرط وإليه متعلق بتضف ومفعول تضف محذوف تقديره تضف إليه اسم الفاعل من العدد ومثل منصوب على الحال من المفعول المحذوف والتقدير تضف إليه اسم الفاعل فى حال كونه مماثلا للبعض أى فى معناه وبين تتميم للبيت لصحة الاستغناء عنه، ثم أشار إلى الثانى بقوله: وإن ترد جعل الأقلّ مثل ما … فوق فحكم جاعل له احكما يعنى أنك إذا أردت باسم الفاعل من العدد أن يصير العدد الذى مثله تحته فاحكم له أى لاسم الفاعل بحكم جاعل فإذا كان بمعنى الماضى وجب إضافته فتقول هذا ثالث اثنين أمس وإذا كان بمعنى الحال أو الاستقبال جاز فى المضاف إليه النصب والجر فتقول هذا رابع ثلاثة بنصب ثلاثة وجرّها وإنما قال جاعل ولم يقل فاعل تنبيها على أن اسم الفاعل بمعنى جاعل ففيه ما فى الفاعل وزيادة وهو اسم الفاعل حقيقة لأنهم قالوا ربعت الثلاثة أربعهم بمعنى صيرتهم بنفسى أربعة. وإن ترد شرط وجعل مفعول ثان وما موصولة واقعة على العدد الأعلى وفوق صلتها وهو مقطوع عن الإضافة والتقدير مثل ما فوقه

أى العدد الأدنى والفاء جواب الشرط وحكم مصدر منصوب باحكما وله متعلق باحكما. ثم قال: وإن أردت مثل ثانى اثنين … مركّبا فجئ بتركيبين يعنى أنك إذا أردت بالمركب من أحد عشر إلى تسعة عشر ما أردت بثانى اثنين من الإضافة على معنى بعض فجئ بتركيبين فتقول هذا ثانى عشر اثنى عشر وثانية عشرة اثنتى عشرة إلى تاسع عشر تسعة عشر وتاسعة عشرة تسع عشرة بأربعة ألفاظ كلها مبنية وفهم البناء فيها من قوله بتركيبين فإن التركيب يقتضى البناء والمركب الأول مضاف إلى المركب الثانى إضافة ثانى إلى اثنين هذا هو الأصل ويجوز فيه وجهان آخران أشار إلى الأول منهما بقوله: أو فاعلا بحالتيه أضف … إلى مركّب بما تنوى يفى يعنى أو تضيف فاعلا بحالتيه أى من التذكير والتأنيث إلى المركب الثانى فيعرب الأول لزوال التركيب، وهو المراد بقوله بما تنوى يفى. ثم أشار إلى الثانى بقوله: (وشاع الاستغنا بحادى عشرا * أو نحوه) يعنى أنه يحذف من المركب الأول العجز ومن المركب الثانى الصدر وفيه حينئذ ثلاثة أوجه: بناؤهما وهو المشهور، وإعراب الأول، وبناء الثانى وإعرابهما، وفهم من المثال أن عشر مبنى لنطقه به فيحتمل الأول والثانى دون الثالث لاحتمال أن يكون حادى مبنيا أو معربا لعدم الحركة فيه. وفائدة التمثيل بحادى التنبيه على أنه مقلوب وأصله واحد ونحوه أى حادى عشر فتقول حادى عشر وحادية عشرة إلى تاسع عشر وتاسعة عشرة. وإن أردت شرط ومثل مفعول بأردت ومركبا حال من مثل ويجوز أن يكون مركبا مفعولا بأردت ومثل ثانى اثنين نعت لمركب فهو نعت النكرة وتقدم عليها فانتصب على الحال والفاء وما بعدها جواب الشرط أو عاطفة جملة على جملة وفاعلا مفعول بأضف وبحالتيه فى موضع الصفة لفاعل وإلى المركب متعلق بأضف وبما متعلق بيفى ويفى فى موضع الصفة لمركب ونحوه معطوف على حادى عشر. ثم قال:

كم وكأين وكذا

وقبل عشرين اذكرا … وبابه الفاعل من لفظ العدد بحالتيه قبل واو يعتمد يعنى أن اسم الفاعل من العدد إذا ذكر مع عشرين وبابه يعنى العقود إلى التسعين يذكر بحالتيه من التذكير والتأنيث قبل الواو فتقول حادى وعشرون وحادية وعشرون إلى تاسع وتسعين وتاسعة وتسعين. وقبل متعلق باذكرا والألف فى اذكرا بدل من نون التوكيد الخفيفة وبابه معطوف على عشرين والفاعل مفعول باذكرا ومن لفظ وبحالتيه متعلقان أيضا باذكرا. كم وكأين وكذا إنما ذكر هذا الباب بعد العدد لأن هذه الألفاظ كناية عن العدد وبدأ منها بكم وهى على قسمين استفهامية وخبرية، وقد أشار إلى الأول بقوله: ميز فى الاستفهام كم بمثل ما … ميّزت عشرين ككم شخصا سما يعنى أن كم الاستفهامية تميز بمثل ما ميز به عشرون يعنى بمفرد منصوب فتقول كم درهما عندك وكم شخصا سما، وفهم من قوله فى الاستفهام أنها تقدر بهمزة الاستفهام والعدد فإذا قلت كم شخصا سما فتقديره أعشرون شخصا أم ثلاثون أم أقلّ أم أكثر سما. وفى الاستفهام متعلق بميز وكم مفعول بميز وما موصولة واقعة على تمييز عشرين وصلتها ميزت عشرين والضمير العائد على الموصول محذوف تقديره بمثل ما ميزت به، ويجوز أن تكون ما مصدرية والتقدير ميز بمثل تمييز عشرين. ثم قال: وأجز ان تجرّه من مضمرا … إن وليت كم حرف جرّ مظهرا يعنى أن تمييز كم الاستفهامية يجوز جره بمن مضمرة بشرط أن يدخل على كم حرف جر ظاهر نحو بكم درهم اشتريت أى بكم من درهم فحذفت من وبقى عملها، وشمل قوله حرف جر سائر حروف الجر نحو على كم فرس ركبت وإلى كم مذهب انتميت وفى كم دار

الحكاية

جلست ونحوها، وفهم من قوله أجز أن جرها غير لازم فتقول بكم درهما اشتريت بالنصب وفهم منه أيضا أنه يجوز إظهار من فتقول بكم من درهم اشتريت. وإن تجره فى موضع نصب بأجز والضمير فى تجره عائد على التمييز ومن فاعل بتجرّ ومضمرا حال من «من» وإن وليت شرط وكم فاعل بوليت وحرف جر مفعول بوليت وجواب الشرط محذوف لدلالة ما تقدم عليه. ثم انتقل إلى حكم الخبرية فقال: واستعملنها مخبرا كعشره … أو مائة ككم رجال أو مره يعنى أن كم الخبرية هى بمنزلة عدد مفرد فتستعمل تارة بمنزلة عشرة فيكون تمييزها جمعا نحو كم رجال عندى وكم عبيد ملكت وتارة بمنزلة مائة فيكون تمييزها مفردا نحو كم امرأة عندى وكم عبد ملكت، فكم رجال مثال لاستعمالها استعمال عشرة وكم مرة مثال لاستعمالها استعمال مائة، ومرة لغة فى المرأة نقلت فتحة الهمزة إلى الراء وحذفت الهمزة ومعنى كم الخبرية الدلالة على التكثير فإذا قلت كم غلام ملكت فمعناها كثير من الغلمان ملكت. ومخبرا حال من الضمير المستتر فى استعملنها والكاف متعلقة باستعملنها ومائة معطوف على عشرة. ثم قال: (ككم كأين وكذا) يعنى أن كأين وكذا مثل كم الخبرية فى الدلالة على تكثير العدد وفى الافتقار إلى مميز إلا أن تمييزها مخالف لتمييز «كم» وإلى ذلك أشار بقوله: وينتصب … تمييز ذين أو به صل من تصب يعنى أن تمييز كأين وكذا إما منصوب نحو كأين رجلا رأيت، وكذا رجلا رأيت، أو مجرور بمن نحو كأين من رجل رأيت إلا أن النصب بعد كذا أكثر والجر بمن بعد كأين أكثر كقوله تعالى: وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ [يوسف: 105] وهو فى القرآن كثير. وكأين وكذا مبتدأ وخبره ككم وينتصب جملة مستأنفة وذين إشارة إلى كأين وكذا وأو للتفصيل ويحتمل أن تكون للإباحة إذا أول ينتصب بانصب فيكون التقدير انصب تمييز ذين أو صل به من. الحكاية ذكر فى هذا الباب ثلاثة أنواع من الحكاية: الحكاية بأى وبمن وحكاية العلم بعد من وبدأ بأى فقال:

احك بأىّ ما لمنكور سئل … عنه بها فى الوقف أو حين تصل فى الحكاية بأى لغتان: إحداهما وهى الفصحى أى يحكى بها وصلا ووقفا من مذكور منكر ما له من إعراب وتذكير وتأنيث وإفراد وتثنية وجمع تصحيح موجود فيه أو صالح لوصفه كقولك لمن قال رأيت رجلا أو امرأة وغلامين وجاريتين وبنين وبنات أيا وأية وأيين وأيتين وأيين وأيات والأخرى أن يحكى بها ما له من إعراب وتذكير وتأنيث فقط. فقوله احك بأى محتمل لهما والذى ينبغى أن يحمل عليه كلامه الأولى لكونها أفصح ولذكره ذلك بعد فى من. وما مفعول باحك وهى موصولة واقعة على الحروف المحكية وصلتها لمنكور أى ما ثبت لمنكور وسئل فى موضع الصفة لمنكور وعنه متعلق بسئل والهاء عائدة على منكور وهى الرابط بين الصفة والموصوف وبها متعلق بسئل وها عائدة على أى وفى الوقف وحين متعلقان باحك. ثم انتقل إلى الحكاية بمن فقال: ووقفا احك ما لمنكور بمن … والنّون حرّك مطلقا وأشبعن يعنى أن من يحكى بها فى الوقف دون الوصل ما للمسئول عنه المنكور من إعراب وإفراد وتذكير وفروعهما وتشبع الحركة فى الإفراد وذلك كقولك لمن قال قام رجل منو ورأيت رجلا منا ومررت برجل منى. وما مفعول باحك وهى موصولة وصلتها لمنكور وبمن متعلق باحك ووقفا مصدر منصوب على الحال من فاعل احك المستتر والنون مفعول بحرك ومطلقا نعت لمصدر محذوف أى تحريكا مطلقا يعنى بالحركات الثلاث وأشبعن معطوف على حرك هذا حكم حكاية المفرد المذكر وأما المثنى فقد أشار إليه بقوله: وقل منان ومنين بعد لى … إلفان بابنين وسكّن تعدل يعنى أنك إذا قلت لى إلفان كابنين وأردت حكاية هذين الاسمين قلت منان فى حكاية إلفان، ومنين فى حكاية ابنين. ولما لم يتمكن له النطق بسكون النون من منان ومنين فى النظم إذ لا يجمع فيه بين ساكنين نطق بهما محركين للضرورة. ثم نبه على أنهما ساكنان إذ لا يحكى بهما إلا وقفا والوقف متضمن للسكون. ومنان ومنين مفعول بقل والمراد قل هذين اللفظين وإلفان مبتدأ وخبره فى المجرور قبله وكابنين نعت لإلفان وهو على حذف القول والتقدير بعد قولك لى إلفان وتعدل مجزوم فى جواب الأمر. ثم انتقل إلى حكاية المفرد

المؤنث فقال: (وقل لمن قال أتت بنت منه) يعنى أنك تقول فى حكاية من قال أتت بنت؛ منه بهاء ساكنة وأصلها التاء لكن الوقف أوجب رجوعها. ثم انتقل إلى تثنية المؤنث فقال: (والنون قبل تا المثنى مسكنه) يعنى أنه يقال فى حكاية تثنية المؤنث منتان بتسكين النون فتقول فى حكايته جاءت امرأتان منتان ورأيت امرأتين ومررت بامرأتين منتين هذه هى اللغة الفصحى وفيها لغة أخرى أشار إليها بقوله: (والفتح نزر) يعنى أن فتح النون نزر أى قليل فتقول على هذه اللغة فى قامت امرأتان منتان بالفتح. ومنه مفعول بقل كما تقدم فى البيت الذى قبله. والنون مبتدأ وخبره مسكنة والجملة فى موضع الحال من منه وقبل متعلق بمسكنة والفتح نزر جملة من مبتدأ وخبره مستأنفة. ثم انتقل إلى حكاية جمع المؤنث فقال: وصل التّا والألف … بمن بإثر ذا بنسوة كلف يعنى أنك تزيد فى حكاية جمع المؤنث على النون من منه ألفا وتاء فتقول لمن قال جاءت نسوة منات ولمن قال ذا بنسوة كلف منات بإسكان التاء أيضا لما علمت من أن من لا يحكى بها إلا فى الوقف. والتاء مفعول بصل والألف معطوف على التاء وذا مضاف إليه على حذف القول والتقدير بإثر قولك ذا وكلف خبر ذا وبنسوة متعلق بكلف ويحتمل أن يكون اسما وفعلا ماضيا. ثم انتقل إلى حكاية جمع المذكر فقال: وقل منون ومنين مسكنا … إن قيل جا قوم لقوم فطنا إذا قيل جاء قوم لقوم، قلت فى حكاية قوم المرفوع منون وفى حكاية قوم المجرور منين بسكون النون فيهما أيضا. ومنون ومنين مفعول بقل كما تقدم ومسكنا حال من الضمير المستكن فى قل وفطنا نعت لقوم المجرور وهو جمع فطن ووزنه فطناء بضم الفاء وفتح الطاء نحو كرماء ولا يصح أن يكون فطنا بضم الطاء لأن منعوته مجرور. ثم قال: (وإن تصل فلفظ من لا يختلف) هذا تصريح بما فهم من قوله ووقفا فتقول من يا فتى فى الأحوال كلها وقد جاء منونا فى ضرورة الشعر، وعلى ذلك نبه بقوله: (ونادر منون فى نظم عرف) أشار به إلى قول الشاعر:

التأنيث

- أتوا نارى فقلت منون أنتم … فقالوا: الجنّ قلت عموا ظلاما (¬202) وهو لتأبط شرّا. وإن تصل شرط وجوابه الجملة فى قوله: فلفظ من لا يختلف، ونادر خبر مقدم والمبتدأ منون وعرف فى موضع الصفة لنظم وفى نظم متعلق بنادر. ثم انتقل إلى النوع الثالث من الحكاية فقال: (والعلم احكينّه من بعد من) يعنى أن العلم إذا سئل عنه بمن حكى إعرابه بعدها فتقول لمن قال قام زيد من زيد ورأيت زيدا من زيدا، ومررت بزيد من زيد برفع الأول ونصب الثانى وجر الثالث وذلك بشرط أن لا يدخل على من حرف عطف، وإليه أشار بقوله: (إن عريت من عاطف بها اقترن) فإذا قيل رأيت زيدا ومررت بزيد قلت ومن زيد بالرفع فيهما لدخول حرف العطف على من. وقوله احكينه يريد جوازا فإن فيه لغتين لغة أهل الحجاز الحكاية ولغة بنى تميم الرفع. والعلم مفعول بفعل مضمر يفسره احكينه ومن بعد متعلق باحكينه، وإن عريت شرط محذوف الجواب لدلالة ما تقدم عليه. التأنيث التأنيث فرع التذكير ولذلك يحتاج إلى علامة وإلى ذلك أشار بقوله: (علامة التأنيث تاء أو ألف) فذكر للتأنيث علامتين ثم إن التاء تكون ظاهرة كفاطمة وقصعة وتكون مقدرة وإلى ذلك أشار بقوله: (وفى أسام قدّروا التّا كالكتف) يعنى أن بعض الأسماء لا تكون تاؤه ظاهرة بل ¬

_ (¬202) البيت من الوافر، وهو لشمر بن الحارث فى الحيوان 4/ 482، 6/ 197، وخزانة الأدب 6/ 167، 168، 170، والدرر 6/ 246، ولسان العرب 3/ 149 (حسد)، 13/ 420 (منن)، ونوادر أبى زيد ص 123، ولسمير الضبى فى شرح أبيات سيبويه 2/ 183، ولشمر أو لتأبط شرا فى شرح التصريح 2/ 283، وشرح المفصل 4/ 16، ولأحدهما أو لجذع بن سنان فى المقاصد النحوية 4/ 498، وبلا نسبة فى أمالى ابن الحاجب 1/ 462، وأوضح المسالك 4/ 282، وجواهر الأدب ص 107، والحيوان 1/ 328، والخصائص 1/ 128، والدرر 6/ 310، ورصف المبانى ص 437، وشرح الأشمونى 2/ 642، وشرح ابن عقيل ص 618، وشرح شواهد الشافية ص 295، والكتاب 2/ 411، ولسان العرب 6/ 12 (أنس)، 14/ 378 (سرا)، والمقتضب 2/ 307، والمقرب 1/ 300، وهمع الهوامع 2/ 157، 211. والشاهد فيه قوله: «منون أنتم» يريد: من أنتم، وفيه شذوذان: الأول إلحاق الواو والنون بها فى الوصل، والثانى تحريك النون وهى تكون ساكنة. وقال ابن الناظم: فيه شذوذان: أحدهما أنه حكى مقدرا غير مذكور، والثانى أنه أثبت العلامة فى الوصل وحقها أن لا تثبت فى الوصل. (المقاصد النحوية 4/ 503).

مقدرة وسواء كان لمن يعقل كهند أو لمن لا يعقل ككتف. وعلامة مبتدأ وخبره تاء أو ألف والواو فى قدروا عائدة على العرب أو على النحويين وأسام جمع أسماء فهو جمع الجمع ثم أشار إلى ما يعرف به التقدير فقال: ويعرف التّقدير بالضّمير … ونحوه كالرّدّ فى التّصغير فالضمير نحو الكتف أكلتها فتعلم أن الكتف مؤنث لإعادة ضمير المؤنث عليه ونحوه أى ونحو الضمير كالرد فى التصغير أى كرد التاء فى التصغير نحو هنيدة فى تصغير هند وكتيفة فى تصغير كتف ومما يعلم به التقدير أيضا اسم الإشارة نحو هذه هند وتلك كتف وإعراب البيت واضح، ثم إن تاء التأنيث لها فوائد وأصلها التاء الفارقة بين المذكر والمؤنث وتكون فى الأسماء نحو رجل ورجلة وفتى وفتاة وفى الصفات وهى أكثر نحو ضارب وضاربة وفرح وفرحة إلا أنها لم تلحق بعض الصفات، وإلى ذلك أشار بقوله: ولا تلى فارقة فعولا … أصلا ولا المفعال والمفعيلا كذاك مفعل فذكر خمسة أوزان لا تليها التاء الفارقة: الأول فعول وقيده بالأصل والمراد به اسم الفاعل فإنه أصل لاسم المفعول وذلك نحو رجل صبور وامرأة صبور. واحترز بقوله أصلا من اسم المفعول فإن تاء الفرق تلحقه نحو ركوب وركوبة لأنه بمعنى مركوب. الثانى مفعال نحو رجل معطار وامرأة معطار. الثالث مفعيل نحو معطير ومنطيق. الرابع مفعل نحو مغشم، ولم يقيد الثلاثة كما قيد الأول لأنها لا تكون أسماء مفاعيل. وفاعل تلى ضمير عائد على التاء وفارقة حال من ذلك الضمير وفعولا مفعول تلى وأصلا حال من فعولا، ولا المفعال والمفعيلا معطوفان على فعول ومفعل مبتدأ خبره كذاك وقد لحقت تاء الفرق بعض هذه الأوزان شذوذا، وإلى ذلك أشار بقوله: وما تليه … تا الفرق من ذى فشذوذ فيه قالوا عدوّ وعدوة ومسكين ومسكينة وميقان وميقانة. وما مبتدأ وهى موصولة واقعة على الأوزان المذكورة وصلتها تليه والضمير العائد على الموصول الهاء فى تليه وتاء الفرق فاعل بتليه وشذوذ فيه مبتدأ وخبر فى موضع خبر ما، ثم أشار إلى الوزن الخامس فقال:

ومن فعيل كقتيل إن تبع … موصوفه غالبا التّا تمتنع يعنى أن فعيلا تمتنع منه تاء الفرق فى المؤنث فى الغالب. وفهم من قوله كقتيل أن يكون بمعنى مفعول لأن قتيلا بمعنى مقتول فلو كان بمعنى فاعل للحقته التاء نحو ظريف وظريفة وفهم من قوله إن تبع موصوفه أنه إن لم يتبعه لحقته التاء نحو رأيت قتيلا وقتيلة للبس وشمل ما كان نعتا نحو رأيت امرأة قتيلا وما ذكر موصوفة قبله وإن لم يكن نعتا نحو هند قتيل ولحيتك دهين لعدم اللبس. وفهم من قوله غالبا أن التاء تلحق مع استيفاء الشروط كقولهم صفة ذميمة وخصلة حميدة فالتاء مبتدأ خبره تمتنع. ومن فعيل متعلق بتمتنع وكقتيل فى موضع الحال من فعيل وغالبا حال من الضمير فى تمتنع وإن تبع شرط وجوابه محذوف لدلالة ما تقدم عليه، ثم انتقل إلى ألف التأنيث فقال: وألف التّأنيث ذات قصر … وذات مدّ نحو أنثى الغرّ فقسمها إلى مقصورة وممدودة وأنثى الغر غراء فهو مثال للممدودة، ومذكر الغراء أغر وهو مما يستوى فيه المذكر والمؤنث. وألف التأنيث مبتدأ وذات قصر وذات مد خبر المبتدأ. ثم بين الأوزان التى تلحقها المقصورة فقال: والاشتهار فى مبانى الأولى … يبديه وزن أربى والطّولى ومرطى ووزن فعلى جمعا … أو مصدرا أو صفة كشبعى وكحبارى سمّهى سبطرى … ذكرى وحثّيثى مع الكفرّى كذاك خلّيطى مع الشّقّارى فذكر اثنى عشر وزنا: الأول فعلى بضم الفاء وفتح العين نحو أربى وهو الداهية. الثانى فعلى بضم الفاء وسكون العين اسما كان كبهمى أو صفة كحبلى والطولى وهو صفة مؤنث الأطول أو مصدرا كرجعى. الثالث فعلى بفتحتين نحو مرطى، وهو نوع من المشى. الرابع فعلى بفتح الفاء وسكون العين ونوعها إلى جمع نحو قتلى وجرحى وإلى مصدر نحو دعوى وإلى صفة نحو شبعى. الخامس فعالى بضم الفاء وفتح العين نحو حبارى اسم طائر. السادس فعلى بضم الفاء وفتح العين المشددة نحو سمهى للباطل. السابع فعلى بكسر الفاء وفتح العين واللام مشددة نحو سبطرى لنوع من المشى. الثامن فعلى بكسر الفاء وسكون العين نحو ذكرى

مصدر ذكر. التاسع فعيلى بكسر الفاء وتشديد العين نحو حثيثى مصدر حث. العاشر فعلى بضم الفاء وفتح العين وتشديد اللام نحو الكفرى وهو وعاء الطلع. الحادى عشر فعيلى بضم الفاء وفتح العين مشددة، نحو خليطى للاختلاط. الثانى عشر فعالى بضم الفاء وفتح العين مشددة نحو شقارى اسم نبت وفهم من قوله والاشتهار أنه قد جاء المؤنث بألف التأنيث المقصورة على غير هذه الأوزان، وهو الذى نبه عليه بقوله: (واعز لغير هذه استندارا) والمراد بالأولى ألف التأنيث المقصورة والاشتهار مبتدأ وفى متعلق به والأولى نعت لمحذوف تقديره الألف الأولى ويبديه إلى آخر الكلام خبر المبتدأ وما خلا من هذه المثل من حرف العطف فهو على تقديره، ثم انتقل إلى الممدودة فقال: لمدّها فعلاء أفعلاء … مثلّث العين وفعللاء ثمّ فعالا فعللا فاعولا … وفاعلاء فعليا مفعولا ومطلق العين فعالا وكذا … مطلق فاء فعلاء أخذا فذكر لها سبعة عشر بناء. الأول فعلاء نحو حمراء وصحراء. الثانى أفعلاء وشمل قوله أفعلاء مثلث العين ثلاثة أبنية وهى مجموعة فى أربعاء فإن فيه ثلاث لغات كسر العين وفتحها وضمها، الخامس فعللاء نحو عقرباء وحرملاء لموضعين. السادس فعالاء بكسر الفاء وفتح العين نحو قصاصاء بمعنى قصاص. السابع فعللاء بضم الفاء واللام نحو قرفصاء لنوع من الجلوس. الثامن فاعولاء نحو عاشوراء فى اليوم العاشر من المحرم. التاسع فاعلاء بكسر العين نحو نافقاء وهو جحر اليربوع. العاشر فعلياء بكسر الفاء نحو كبرياء للتكبر. الحادى عشر مفعولاء نحو مشيوخاء لجماعة الشيوخ. وقد شمل قوله ومطلق العين فعالا ثلاثة أبنية فعالاء نحو براساء يقال لا أدرى من أى البراساء هو أى الناس وفعيلاء نحو كثيراء فى بذر وفعولاء نحو دبوقاء للعذرة والفاء مفتوحة فى الثلاثة فهذة أربعة عشر وزنا وشمل قوله وكذا مطلق فاء فعلاء أخذا ثلاثة أبنية فعلاء بفتح الفاء والعين نحو جنفاء اسم موضع وفعلاء بضم الفاء وفتح العين نحو عشراء للناقة المرضع وفعلاء بكسر الفاء وفتح العين نحو سيراء لثوب مخطط فهذه سبعة عشر بناء وقد ذكر فى الممدود أبنية أخر وإنما اكتفى بهذه لشهرتها والضمير فى قوله لمدها عائد على ألف التأنيث. وفعلاء مبتدأ وخبره فى

المقصور والممدود

المجرور قبله وأفعلاء معطوف على فعلاء بحذف العاطف ومثلث العين حال من أفعلاء وكذلك فعللاء وما بعدها من الأبنية إلى فعالاء ومطلق العين حال من فعالاء وفعلاء مبتدأ وخبره أخذا ومطلق فاء حال من الضمير المستتر فى أخذ العائد على فعلاء وكذا متعلق بأخذ. المقصور والممدود المقصور: هو الاسم الذى حرف إعرابه ألف لازمة، والممدود هو الاسم الذى حرف إعرابه همزة قبلها ألف زائدة. وبدأ بالمقصور، وهو قياسى وغير قياسى، وقد أشار إلى الأول فقال: إذا اسم استوجب من قبل الطّرف … فتحا وكان ذا نظير كالأسف فلنظيره المعلّ الآخر … ثبوت قصر بقياس ظاهر يعنى أن الاسم المعتل الآخر إذا كان له نظير من الصحيح مستوجب فتح ما قبل آخره كان ذلك الاسم المعتل مقصورا قياسا فالجوى مقصور قياسا لأن له نظيرا من الصحيح يستوجب الفتح وهو الأسف إذ كل واحد منهما مصدر فعل بكسر العين لما علمت من أن مصدر فعل اللازم المكسور العين فعل بفتح العين، فاسم فاعل بفعل مضمر يفسره استوجب ومن قبل متعلق باستوجب، وفتحا مفعول باستوجب وذا نظير خبر كان والفاء فى قوله فلنظيره جواب إذا والمعلّ نعت لنظيره وثبوت مبتدأ وخبره لنظيره، ثم أتى بمثالين منه فقال: كفعل وفعل فى جمع ما … كفعلة وفعلة نحو الدّمى يعنى أن فعلا بكسر الفاء وفعلا بضمها جمعان لفعلة وفعلة مقصوران قياسا فمثال فعل لحية ولحى ونظيره من الصحيح قربة وقرب ومثال فعل دمية ودمى ونظيره من الصحيح قربة وقرب وغرفة وغرف وإعراب البيت واضح، ثم انتقل إلى الممدود فقال: وما استحقّ قبل آخر ألف … فالمدّ فى نظيره حتما عرف يعنى أن الاسم الصحيح إذا استحق الألف قبل آخره فإن نظيره من المعتل الآخر ممدود قياسا، ثم مثل لذلك بقوله:

كمصدر الفعل الّذى قد بدئا … بهمز وصل كارعوى وكارتأى مصدر ارعوى وارتأى ارعواء وارتياء لأن نظيرهما من الصحيح يستحق أن يكون ما قبل آخره ألفا نحو احمرّ احمرارا واقتدر اقتدارا. وما مبتدأ وهى موصولة واقعة على الصحيح المستحق للألف قبل الآخر واستحق صلتها وألف مفعول باستحق ووقف عليه بحذف الألف على لغة ربيعة وقبل متعلق باستحق والمد مبتدأ وخبره عرف وفى نظيره متعلق بعرف وحتما حال من الضمير فى عرف وإعراب البيت الآخر واضح. ثم انتقل إلى غير القياسى من النوعين. والعادم النّظير ذا قصر وذا … مدّ بنقل كالحجا وكالحذا يعنى أن ما كان من المعتل الآخر ولا نظير له من الآحاد يطرد فتح ما قبل آخره فهو مقصور سماعا وما كان آخره همزة قبلها ألف ولم يطرد فى نظيره زيادة ألف قبل آخره فهو أيضا ممدود سماعا وقد مثل المقصور بالحجا وهو العقل والثانى وبالحذا وهو النعل وقصره ضرورة. والعادم مبتدأ وهو اسم فاعل مضاف إلى المفعول وبنقل خبر المبتدأ والتقدير والعادم النظير ثابت بنقل وذا قصر وذا مدّ حالان من الضمير المستتر فى الخبر، ثم قال: وقصر ذى المدّ اضطرارا مجمع … عليه والعكس بخلف يقع يعنى أن النحويين اتفقوا على قصر الممدود فى ضرورة الشعر، واختلفوا فى مد المقصور، والمنع مذهب البصريين، والجواز مذهب الكوفيين فمن قصر الممدود قول الشاعر: ليلى وما ليلى ولم أر مثلها … بين السما والأرض ذات عقاص ومن مد المقصور قوله: والمرء يبليه بلاء السربال … تعاقب الإهلال بعد الإهلال وقصر مبتدأ وهو مصدر مضاف للمفعول ومجمع خبر المبتدأ وعليه متعلق بمجمع واضطرارا مفعول له وهو تعليل لقصر والعكس مبتدأ وخبره يقع وبخلف متعلق بيقع.

كيفية تثنية المقصور والممدود وجمعهما تصحيحا

كيفية تثنية المقصور والممدود وجمعهما تصحيحا إنما اقتصر على تثنية ما ذكر وجمعه لوضوح تثنية غيره وجمعه، وبدأ بتثنية المقصور فقال: آخر مقصور تثنّى اجعله يا … إن كان عن ثلاثة مرتقيا يعنى أن الألف الرابعة فما فوق تقلب فى التثنية ياء وشمل ذلك الألف الرابعة نحو ملهى والخامسة نحو منتمى والسادسة نحو مستدعى فتقول فيها ملهيان ومنتميان ومستدعيان. وآخر مفعول بفعل مضمر يفسره اجعله والهاء فى اجعله مفعول أول ويا مفعول ثان وتثنى فى موضع الصفة لمقصور والضمير العائد على الموصوف محذوف تقديره تثنية وإن كان شرط محذوف الجواب لدلالة ما قبله عليه. وأما الألف الثالثة ففيها تفصيل أشار إليه بقوله: كذا الّذى اليا أصله نحو الفتى … والجامد الّذى أميل كمتى الإشارة بقوله كذا إلى الحكم السابق فى الألف الرابعة فما فوق وهو قلبها ياء يعنى أن ما كانت فيه الألف الثالثة منقلبة عن ياء والألف الثالثة المجهولة الأصل التى سمعت فيها الإمالة مثل ما تقدم فى وجوب قلبها ياء فمثال المنقلبة عن ياء فتى وفتيان ومثال المجهولة الأصل التى سمعت فيها الإمالة متى مسمى بها فتقول فى تثنيتها متيان، وفهم منه أن ما عدا القسمين المذكورين من الثلاثى لا تنقلب ألفه ياء بل واوا إذ لا ثالث وقد صرح بهذا المفهوم فقال: (فى غير ذا تقلب واوا الألف) أى فى غير ذا من الثلاثى تقلب الألف واوا. وذا إشارة إلى جميع ما تقلب الألف فيه ياء وشمل قوله فى غير ذا المنقلبة عن واو نحو رحا ورحوان والمجهولة نحو إلى وعلى مسمى بهما. ثم قال: (وأولها ما كان قبل قد ألف) أى وأول هذه الأحرف المنقلبة عن الألف الذى قد ألف قبل يعنى علامة التثنية وهى ألف ونون فى الرفع وياء ونون فى النصب والجر وقوله: (كذا الذى) الذى مبتدأ وصلته الجملة الاسمية من قوله الياء أصله وخبره كذا والجامد معطوف على الذى. والذى أميل صفة للجامد وفى غير متعلق بتقلب وواوا مفعول ثان بتقلب والألف هو المفعول الأول وما مفعول ثان بأولها ومفعوله الأول ها وصلة ما كان وقد ألف فى موضع خبر كان وقبل متعلق بألف ثم انتقل إلى تثنية الممدود فقال:

(وما كصحراء بواو ثنّيا) يعنى أن ما ألفه للتأنيث نحو صحراء وصحراوان وحمراء وحمراوان تقلب فيه الهمزة واوا فى التثنية وقوله: (ونحو علباء كساء وحيا * بواو او همز) يعنى أنه يجوز قلب الهمزة واوا وإبقاؤها همزة فيما كانت همزته للإلحاق نحو علباء أو منقلبة عن أصل وشمل المنقلبة عن واو نحو كساء والمنقلبة عن ياء نحو حياء فتقول علباوان وعلباآن وكساوان وكساآن وحياوان وحياآن ولم يبق من أنواع الممدود غير ما همزته أصلية وقد أشار إلى حكمها بقوله: (وغير ما ذكر * صحّح) وذلك نحو قراء ووضاء فتقول فى تثنيتهما قراآن ووضاآن ثم قال: (وما شذّ على نقل قصر) يعنى أن ما أتى على خلاف ما ذكر فى تثنية المقصور والممدود يقصر على السماع أى لا يقاس عليه فمما شذ فى تثنية المقصور قولهم مذروان بقلب الألف الرابعة واوا وخوزلان بحذف الألف ورضيان فى تثنية رضا بقلب الألف ياء وأصلها واو ومما شذ فى تثنية الممدود حمرآن والأصل حمراوان. وما مبتدأ وهى موصولة وصلتها كالصحراء وثنيا فى موضع خبر ما وبواو متعلق بثنى ونحو علباء مبتدأ وكساء وحيا معطوفان على علباء بحذف العاطف وقصر حيا ضرورة وخبر المبتدأ بواو أو همز وغير مفعول مقدم بصحح وما مبتدأ وهى موصولة وصلتها شذ وخبرها قصر وعلى نقل متعلق بقصر. ثم انتقل إلى جمع المقصور فقال: واحذف من المقصور فى جمع على … حدّ المثنّى ما به تكمّلا يعنى أنك إذا جمعت الاسم المقصور الجمع الذى على حد المثنى وهو جمع المذكر السالم فحذفت ما تكمل به وهو الألف وسبب حذفها التقاء الساكنين لأن الألف ساكنة وواو الجمع ساكنة فإذا حذفت الألف لالتقاء الساكنين أبقيت الفتحة التى قبلها لتدل عليها وإلى ذلك أشار بقوله: (والفتح أبق مشعرا بما حذف) فتقول فى نحو موسى ومصطفى موسون ومصطفون رفعا وموسين ومصطفين نصبا وجرا. ومن المقصور وفى جمع متعلقان باحذف وعلى حد فى موضع الصفة لجمع وما مفعول باحذف وهى موصولة واقعة على الألف المقصور وصلتها تكملا والهاء فى به عائدة على الموصول والضمير المستتر فى تكملا عائد على الموصول. ثم انتقل إلى جمع المقصور جمع المؤنث السالم فقال:

وإن جمعته بتاء وألف … فالألف اقلب قلبها فى التّثنيه ففهم منه أنها إذا كانت رابعة فصاعدا أو ثالثة منقلبة عن ياء أو مجهولة سمعت إمالتها قلبت ياء وإن كانت ثالثة منقلبة عن واو أو مجهولة لم تسمع إمالتها قلبت واوا فإن كان آخر الاسم المقصور تاء فقد أشار إليه بقوله: (وتاء ذى التّا ألزمنّ تنحيه) يعنى أن ما آخره تاء من المقصور تحذف منه التاء لئلا يجمع بين تاءى التأنيث فتقول فى فتاة وقناة فتيات وقنوات وإن جمعت شرط وبتاء متعلق بجمعت والفاء جواب الشرط والألف مفعول مقدم باقلب وقلبها مصدر مضاف إلى المفعول وفى التثنية متعلق بالمصدر وتاء مفعول أول بألزمن وتنحية مفعول ثان. ثم قال: والسّالم العين الثلاثى اسما أنل … إتباع عين فاءه بما شكل إن ساكن العين مؤنّثا بدا يعنى أن ما جمع بالألف والتاء وكانت فيه هذه الشروط المذكورة فى هذين البيتين جاز إتباع عينه لفائه فى الحركة فتفتح عينه إن كانت الفاء مفتوحة وتضم إن كانت مضمومة وتكسر إن كانت مكسورة والشروط المذكورة خمسة: الأول أن يكون سالم العين واحترز به من شيئين: أحدهما المضعف نحو جنة وجنة وجنة. والآخر المعتل العين وشمل ما عينه ألف نحو دار وما أوله مضموم نحو سورة وما أوله مكسور نحو ديمة وما أوله مفتوح نحو جوزة وبيضة فلا يتبع شئ من ذلك إلا ما أوله مفتوح فإنه فيه لغتين على ما سيذكره. الثانى أن يكون ثلاثيا واحترز به من الزائد على الثلاثة فلا يغير. الثالث أن يكون اسما واحترز به من الصفة نحو صعبة وسهلة فإنه لا يتبع وهذه الشروط الثلاثة مفهومة من قوله: (والسالم العين الثلاثى اسما) الرابع أن يكون ساكن العين واحترز به من المحرك العين نحو سمرة. الخامس أن يكون مؤنثا واحترز به من نحو بكر فإنه لا يجمع بالألف والتاء وهذان الشرطان مفهومان من قوله: إن ساكن العين مؤنثا بدا. ولا فرق فى ذلك بين ذى التاء والمجرد منها، وإلى ذلك أشار بقوله: (مختتما بالتاء أو مجرّدا)

وفهم من الشروط أن مراده ثلاثة أوزان بالتاء نحو قصعة وسدرة وغرفة وثلاثة مجردة نحو دعد وهند وجمل فجميع ذلك يجوز فيه الإتباع فتقول قصعات وسدرات وغرفات ودعدات وهندات وجملات. والسالم مفعول بفعل مضمر يفسره أنل وهو اسم فاعل مضاف إلى فاعله معنى والثلاثى نعت للسالم واسما حال من الثلاثى أو من السالم وإتباع مفعول بأنل وهو مصدر مضاف إلى المفعول وفاءه مفعول ثان بإتباع وبما متعلق بإتباع وإن شرط وساكن العين ومؤنثا حالان من الضمير المستتر فى بدا العائد على اسم وكذلك مختتما ومجردا حالان أيضا من اسم. ثم اعلم أن المفتوح الفاء من ذلك ليس فيه إلا الإتباع كما ذكر. وأما المضموم الفاء والمكسورها فيجوز فيهما وجهان آخران أشار إليهما بقوله: وسكّن التّالى غير الفتح أو … خفّفه بالفتح فكلا قد رووا يعنى أنه يجوز فيما كانت عينه تالية غير الفتح وجهان زائدان على الإتباع وهما السكون والفتح وشمل التالى غير الفتح التالى الضم نحو غرفة والتالى الكسر نحو هند فيجوز فى كل واحد منهما ثلاثة أوجه: الإتباع كما سبق والسكون والفتح فتقول غرفات بالضم إتباعا لحركة الفاء وغرفات بالسكون تخفيفا وغرفات بالفتح تخفيفا أيضا وفى نحو هند هندات بالكسر إتباعا وهندات بالسكون وهندات بالفتح وكذلك فى سائرها وفهم منه أن التالى الفتح لا يجوز فيه إلا الإتباع كما سبق. والتالى مفعول سكن وهو اسم فاعل ويجوز ضبط غير بالفتح على أنه مفعول بالتالى وبالكسر على أنه مضاف إليه التالى وأو خففه معطوف على سكن وبالفتح متعلق بخفف وكلا منصوب برووا. ثم استثنى من التالى غير الفتح نوعين: ما كان على فعلة بكسر الفاء ولامه واو أو على فعلة بضم الفاء ولامه ياء فقال: (ومنعوا إتباع نحو ذروه * وزبية) يعنى أنه يمتنع فى هذين الاسمين وما أشبههما الإتباع فلا يقال فى ذروة ذروات ولا فى زبية زبيات لثقل الواو بعد الكسرة والياء بعد الضمة ثم نبه على أنه قد سمع فى فعلة بكسر الفاء مما لامه واو الإتباع شذوذا فقال: (وشذّ كسر جروه) يعنى شذ كسر جمع جروة والضمير فى ومنعوا عائد على العرب وإتباع مفعول بمنعوا وهو مصدر مضاف إلى المفعول وزبية معطوف على ذروة وكسر فاعل بشذ وجروة مضاف إليه وهو على حذف مضاف التقدير إتباع جمع نحو ذروة. ثم قال:

جمع التكسير

ونادر أو ذو اضطرار غير ما … قدّمته أو لأناس انتمى يعنى أن ما خالف ما تقدم من الأحكام إما نادر كقول بعضهم فى كهلة كهلات وحقه الإسكان لأنه صفة وإما ضرورة كقول الراجز * فتستريح النفس من زفراتها * فسكن زفرات وحقه الفتح لأنه اسم وإما لغة قوم من العرب فى فتح جمع نحو بيضة وجوزة فيقولون جوزات وبيضات بالفتح وهى لغة هذيل. قال شاعرهم: - أخو بيضات رائح متأوّب … رفيق بمسح المنكبين سبوح (¬203) وغير مبتدأ وما موصولة وصلتها قدمته والهاء عائدة على ما وخبر المبتدأ نادر أو ذو اضطرار أو لأناس انتمى فقد توسط المبتدأ بين الأخبار والتقدير غير ما قدمته نادر أو ذو اضطرار أو لأناس انتمى. جمع التكسير إنما سمى جمع التكسير لتغير بناء الواحد فيه والتكسير هو التغيير ومقابله جمع السالم؛ ثم إن جمع التكسير على قسمين: جمع قلة، وجمع كثرة، وقد أشار إلى الأول بقوله: أفعلة أفعل ثم فعله … ثمّت أفعال جموع قلّه يعنى أن هذه الأوزان الأربعة التى ذكرها فى البيت تدل على جمع القلة وهو من ثلاثة إلى عشرة نحو أغربة وأفلس وفتية وأحمال وفهم منه أن ما سوى هذه الأربعة من جموع التكسير جمع كثرة وهو ما فوق العشرة إلى ما لا نهاية له وستأتى أمثلتها فى أثناء الباب. وأفعلة مبتدأ وسائر الجموع التى بعده معطوفة عليه وخبره جموع قلة؛ ثم إنه قد يقع جمع القلة موقع جمع الكثرة وجمع الكثرة موقع جمع القلة وإلى ذلك أشار بقوله: ¬

_ (¬203) البيت من الطويل، وهو لأحد الهذليين فى الدرر 1/ 85، وشرح التصريح 2/ 299، وشرح المفصل 5/ 30، وبلا نسبة فى أسرار العربية ص 355، وأوضح المسالك 4/ 306، وخزانة الأدب 8/ 102، 104، والخصائص 3/ 184، وسر صناعة الإعراب ص 778، وشرح الأشمونى 3/ 668، وشرح شواهد الشافية ص 132، ولسان العرب 7/ 125 (بيض)، والمحتسب 1/ 58، والمنصف 1/ 343، وهمع الهوامع 1/ 23. والشاهد فيه قوله: «بيضات» حيث فتح العين فيها على لغة هذيل التى تفتح العين فى جمع «فعلة» صحيحا كان أو معتلا، والقياس التسكين فى المعتلّ.

وبعض ذى بكثرة وضعا يفى … كأرجل والعكس جاء كالصّفى فمن وقوع جمع القلة موقع جمع الكثرة رجل وأرجل وعنق وأعناق وفؤاد وأفئدة ومن وقوع جمع الكثرة موقع القلة رجل ورجال وقلب وقلوب وصفاة وصفىّ والصفاة الصخرة الملساء وأصل صفى صفوى فقلبت الواو ياء وأدغمت فى الياء وكسر ما قبلها. وبعض ذى مبتدأ والإشارة بذى إلى جموع القلة ويفى خبر المبتدأ وبكثرة متعلق بيفى ووضعا منصوب على إسقاط الجار أى بوضع ومعناه أن العرب وضعته لذلك واستغنت به عما يستحق. ثم اعلم أن اصطلاح النحويين فى الجموع أن يذكروا المفرد ويقولوا يجمع على كذا وعلى كذا وعكس المصنف واصطلح على أن يذكر الجمع فيقول هذا الوزن يكون جمعا لكذا وكذا ولكل وجه. وبدأ بأفعل فقال: لفعل اسما صحّ عينا أفعل … وللرّباعىّ اسما أيضا يجعل فذكر أن أفعل يطرد فى نوعين: الأول فعل بشرطين أحدهما: أن يكون اسما نحو فلس وأفلس واحترز به من الوصف نحو صعب. الثانى أن يكون صحيح العين واحترز به من المعتل العين نحو جون وشمل الصحيح كما مثل والمعتل الفاء نحو وجه وأوجه والمعتل اللام نحو دلو وأدل وظبى وأظب. والثانى الرباعى لكن بشروط ذكرها فى قوله: إن كان كالعناق والذّراع فى … مدّ وتأنيث وعدّ الأحرف فذكر أربعة شروط: الأول أن يكون اسما وفهم ذلك من قوله: وللرباعى اسما وفهم من قوله إن كان كالعناق الثلاثة الشروط الباقية الأول أن يكون مؤنثا لأن العناق مؤنث وهو أنثى الجدى واحترز به من المذكر نحو حمار وأن يكون ثالثه مدة واحترز به من نحو خنصر وأن يكون غير مختتم بتاء التأنيث واحترز به من نحو رسالة وسحابة وفهم من تمثيله بالذراع والعناق أن حركة الأول لا يشترط كونها فتحة بل تكون فتحة وكسرة كالمثالين وضمة نحو عقاب فتقول ذراع وأذرع وعناق وأعنق وعقاب وأعقب وفهم من إطلاقه فى المد فى قوله مد أنه لا يشترط كونه ألفا بل يكون غير ألف نحو يمين وأيمن وفهم من قوله: وعدّ الأحرف الشرط الرابع. ثم قال: وغير ما أفعل فيه مطّرد … من الثّلاثى اسما بأفعال يرد

فذكر أن أفعالا جمع لكل اسم ثلاثى ليس على فعل مما هو صحيح العين وذلك ما يطرد فيه أفعل فشمل غير فعل من الثلاثى وذلك سبعة أوزان نحو جمل وأجمال وعنق وأعناق وضلع وأضلاع وكتف وأكتاف وإبل وآبال وعدل وأعدال وقفل وأقفال وشمل أيضا ما كان على فعل معتل العين نحو ثوب وأثواب واحترز بقوله اسما من الصفة نحو بطل وبلز ونحوهما فإنها لا تجمع على أفعال ولما دخل فى هذا فعل بضم الفاء وفتح العين وكان الغالب فى جمعه غير أفعال نبه عليه بقوله: وغالبا أغناهم فعلان … فى فعل كقولهم صردان يعنى أن الغالب فى فعل نحو صرد أن يجئ جمعه على فعلان بكسر الفاء نحو صرد وصردان للطائر وجرذ وجرذان للفأر وفهم من قوله غالبا أنه قد يجئ على أفعال ومنه قولهم رطب وأرطاب. وغير مبتدأ وما موصولة وهى واقعة على فعل الصحيح العين وأفعل مبتدأ وخبره مطرد وفيه متعلق بمطرد والجملة صلة ما وكذلك من الثلاثى واسما حال من الموصول ويرد فى موضع خبر المبتدأ الذى هو غير وبأفعال متعلق بيرد وفعلان فاعل بأغنى والضمير فيه عائد على العرب وفى متعلق بأغناهم. ثم قال: فى اسم مذكّر رباعىّ بمدّ … ثالث أفعلة عنهم اطّرد يعنى أن أفعلة يطرد جمعا لاسم مذكر رباعى بمدة قبل آخره واحترز بالاسم من الصفة نحو جواد وبالمذكر من المؤنث نحو عناق فإنه يجمع على أفعل كما تقدم وشمل قوله بمد ثالث ما كان مدته ألفا أو واوا أو ياء نحو قذال وأقذلة ورغيف وأرغفة وعمود وأعمدة. ثم قال: والزمه فى فعال أو فعال … مصاحبى تضعيف او إعلال يعنى أن أفعلة يلزم فى هذين البناءين مفتوح الفاء ومكسورها إذا كانا مضعفين أو معتلين مثال المضعف فيهما بنان وأبنة وزمام وأزمة ومثال المعتل فناء وأفنية وقباء وأقبية ومعنى اللزوم فيهما أنهما لا يتجاوز فيهما هذا الجمع وفهم منه أن ما ليس بمضاعف ولا معتل يتجاوز فيه هذا الجمع وسيأتى. وأفعلة مبتدأ وخبره اطرد واسم وعنهم متعلقان باطرد وبمد فى موضع الصفة لاسم ويحتمل أن يكون الخبر لاسم واطرد فى موضع الحال من الضمير

المستتر فى الاستقرار والتقدير لاسم رباعى أفعلة فى حال كونه مطردا فيه والأول أظهر والضمير فى الزمه عائد على وزن أفعلة وفى فعال متعلق بالزمه ثم قال: (فعل لنحو أحمر وحمرا) من أمثلة جمع الكثرة فعل بضم الفاء وسكون العين وهو مطرد فى أفعل المقابل لفعلاء وفعلاء المقابلة لأفعل نحو أحمر وحمراء فتقول فيهما معا حمر وفهم من قوله لنحو أن ذلك الجمع مطرد أيضا فى أفعل الذى ليس له فعلاء لمانع فى الخلقة نحو رجل أكمر للعظيم الكمرة وهى رأس الذكر وامرأة عفلاء للمرأة التى يخرج من قبلها شئ بالأدرة فقول رجال كمر ونساء عفل. وفعل مبتدأ وخبره لنحو ثم قال: (وفعلة جمعا بنقل يدرى) من أمثلة جمع القلة فعلة بكسر الفاء وسكون العين ولم يطرد فى شئ من الأبنية بل هو محفوظ فى ستة أبنية فعيل نحو صبى وصبية وفعل نحو فتى وفتية وفعل نحو شيخ وشيخة وفعال نحو غلام وغلمة وفعال نحو غزال وغزلة وفعل نحو ثنى وثنية ومعنى قوله بنقل يدرى أنه غير مطرد فى وزن وإنما بابه النقل أى السماع. وفعلة مبتدأ وخبره يدرى وبنقل متعلق بيدرى وجمعا مفعول ثان بيدرى والمفعول الأول هو الضمير المستتر العائد على فعلة. ثم قال: وفعل لاسم رباعىّ بمدّ … قد زيد قبل لام اعلالا فقد من أمثلة جمع الكثرة فعل بضم الفاء والعين وهو كما قال جمع لكل اسم رباعى بمد قبل لام صحيحة واحترز باسم من الصفة فإنها لا تجمع على فعل وفهم من إطلاقه فى قوله اسم أن ذلك يشترك فيه المذكر والمؤنث نحو قذال وقذل وأتان وأتن وفهم أيضا من إطلاقه فى قوله بمد أن المد يكون ألفا نحو قذال وقذل وياء نحو قضيب وقضب وواوا نحو عمود وعمد، وفهم من قوله: (قبل لام اعلالا فقد) أن المعتل اللام نحو كساء لا يجمع على فعل لأنه لو جمع على فعل لزم قلب الواو ياء وانكسار ما قبلها فيؤدى إلى ورود فعل وهو مهمل وشمل قوله بمدّ الواو والياء والألف فى الصحيح والمضاعف فأما الصحيح فهو كما ذكر وأما المضاعف فإن كان المد واوا أو ياء فكذلك وإن كان ألفا فقد أشار إليه بقوله:

(ما لم يضاعف فى الأعمّ ذو الألف) يعنى أن المضاعف من نحو فعال كزمام وبنان لا يجمع على فعل كراهية التضعيف بل يستغنى عنه بأفعلة كما تقدم وفهم من قوله فى الأعم أنه قد جاء جمعه على فعل قليلا كقولهم فى جمع عنان عنن وفى حجاج حجج وفهم من تخصيصه المنع بذى الألف أن ذا الياء وذا الواو يجمعان على فعل نحو سرير وسرر وذلول وذلل وفعل مبتدأ وخبره لاسم ورباعى نعت لاسم وبمد نعت بعد نعت وقد زيد فى موضع النعت لمد وقبل متعلق بزيد وإعلالا مفعول مقدم بفقد وفقد فى موضع النعت للام وما ظرفية مصدرية والعامل فيها الاستقرار الذى يتعلق به الاسم الواقع خبرا فى البيت قبله والتقدير وفعل ثابت لاسم رباعى بمدّ وعدم تضعيف ذى الألف ثم قال: (وفعل جمعا لفعلة عرف * ونحو كبرى) من أمثلة جمع الكثرة فعل بضم الفاء وفتح العين ويجئ جمعا لفعل نحو غرفة وغرف ولفعلى نحو كبرى وكبر وفعل مبتدأ وعرف خبره وجمعا مفعول ثان بعرف ولفعلة متعلق بجمعا ويجوز أن يكون متعلقا بعرف. ثم قال: (ولفعلة فعل) من أمثلة جمع الكثرة فعل بكسر الفاء وفتح العين ولم يشترط اسميته لأن فعلة فى الصفات قليل فلم يعتبره هنا وشمل فعلة الصحيح نحو قربة وقرب والمعتل العين نحو قيمة وقيم والمعتل اللام نحو مرية ومرى والمضاعف نحو حجة وحجج. ثم قال: (وقد يجئ جمعه على فعل) الضمير فى جمعه عائد على فعلة أى يأتى جمع فعلة المكسور الفاء على فعل بضم الفاء نحو سجية وسجى وحلية وحلى وفهم من قوله وقد يجئ قلة ذلك. وفعل مبتدأ وخبره المجرور قبله وعلى فعل متعلق بيجئ. ثم قال: (فى نحو رام ذو اطّراد فعله) من أمثلة جمع الكثرة فعلة بضم الفاء وفتح العين وهو يطرد فى وصف على فاعل معتل اللام لمذكر عاقل نحو رام ورماة وقاض وقضاة وفهمت هذه الشروط من المثال

واحترز بالوصف من الاسم نحو واد وبالمعتل من الصحيح نحو ضارب وبالمذكر من المؤنث نحو ضاربة وبالعاقل من غير العاقل نحو صاهل فلا يجمع شئ من ذلك على فعلة. وفعلة مبتدأ وذو اطراد خبره وفى نحو متعلق بفعل محذوف يدل عليه اطراد ولا يجوز أن يكون متعلقا باطراد لأنه مضاف إليه ذو. ثم قال: (وشاع نحو كامل وكمله) من أمثلة جمع الكثرة فعلة بفتح الفاء والعين وهو مطرد فى وصف على فاعل صحيح اللام لمذكر عاقل، وفهمت الشروط أيضا من المثال وشمل الصحيح نحو كامل وكملة والمعتل الفاء نحو وارث وورثة والمعتل العين نحو خائن وخونة والمضاعف نحو بارّ وبررة. وأما المعتل اللام فقد تقدم أنه مضموم الفاء وأراد هنا بالشياع الاطراد. ثم قال: (فعلى لوصف كقتيل) من أمثلة جمع الكثرة فعلى مقصورا بفتح الفاء وسكون العين وهو يطرد فى وصف على فعيل بمعنى مفعول دال على هلك أو توجع كقتيل وقتلى وجريح وجرحى وأسير وأسرى وعليه يحمل ما أشبهه فى المعنى وإن لم يكن من باب فعيل المذكور، وإليه أشار بقوله: (وزمن * وهالك وميّت به قمن) يعنى أن هذه الأوزان الثلاثة وهى فعل وفاعل وفعيل حقيقة بذلك الجمع لمشاركتها فى المعنى لفعيل المذكور فى الدلالة على الهلك أو التوجع. وفعلى مبتدأ وخبره لوصف وزمن مبتدأ وهالك وميت معطوفان عليه وخبر المبتدأ قمن أى حقيق وينبغى أن يضبط قمن بفتح الميم لكونه خبرا عن أكثر من اثنين فإن قمنا المفتوح الميم يخبر به عن الواحد والمثنى والجمع وبه متعلق بقمن والهاء فيه عائدة على الجمع المذكور. ثم قال: (لفعل اسما صحّ لاما فعله) من أمثلة جمع الكثرة فعلة بكسر الفاء وفتح العين وهو مطرد فى فعل بضم الفاء وسكون العين وشمل الصحيح نحو درج ودرجة والمعتل نحو كوز وكوزة والمضاعف نحو دب ودببة واحترز بقوله اسما من الصفة نحو حلو، وبقوله صح لاما من المعتل اللام نحو عضو فلا يجمع شئ من ذلك على فعلة وقد يجمع على فعلة غير فعل المضموم الفاء وإليه أشار بقوله:

(والوضع فى فعل وفعل قلّله) يعنى أنه قد يجمع على فعلة فعل بفتح الفاء وسكون العين وفعل بكسر الفاء وسكون العين فمن الأول روح وروحة ومن الثانى قرد وقردة، ومعنى قلله أن الوضع قلل جمع فعل وفعل على فعلة وفهم منه اطراده فى فعل. وفعلة مبتدأ وخبره لفعل واسما حال من فعل وصح فى موضع الصفة لاسما ولاما تمييز أى صح لامه والوضع مبتدأ وخبره قلله والهاء فى قلله عائدة على الجمع. ثم قال: وفعّل لفاعل وفاعله … وصفين نحو عاذل وعاذله من أمثلة جمع الكثرة فعل بضم الفاء وفتح العين مشددة وهو مطرد فى فاعل وفاعلة بشرط صحة لامهما نحو ضارب وضرّب وضاربة وضرّب واحترز بالوصف من غيره نحو حائط. وفعل مبتدأ وخبره لفاعل وفاعلة ووصفين حال من فاعل وفاعلة ثم إن المذكر من هذين الوصفين يختص عن المؤنث بفعال بزيادة بعد العين وإليه أشار بقوله: (ومثله الفعّال فيما ذكّرا) يعنى أن ما ذكر من الوصفين يجمع على فعال زيادة على فعل فتقول رجال ضراب وصوّام. ثم نبه على أن هذين الوزنين قد يجيئان جمعين للمعتل اللام فقال: (وذان فى المعلّ لاما ندرا) ومثال فعل للمعتل اللام غاز وغزى ومثال فعال غاز وغزاء وسار وسراء وفهم من قوله ندرا أن ذلك إنما يطرد فى الصحيح اللام ومثله خبر مقدم والفعال مبتدأ والهاء فى مثله عائدة على فعل وفيما متعلق بمثل وذان مبتدأ وخبره ندرا وألف ندرا ضمير عائد على ذان وفى المعل متعلق بندرا. ثم قال: (فعل وفعلة فعال لهما) من أمثلة جمع الكثرة فعال بكسر الفاء وهو مطرد فى فعل وفعلة وفهم من إطلاقه فيهما اشتراك الاسم والوصف فيه نحو كعب وكعاب وصعب وصعاب وقصعة وقصاع وخدلة وخدال وشمل الصحيح العين كما مثل والمعتلها نحو ثوب وثياب إلا أنه قليل فيما عينه الياء، وإلى ذلك أشار بقوله: (وقلّ فيما عينه اليا منهما) يعنى أن فعالا قليل فيما عينه ياء من فعل وفعلة ومنه ضيف وضياف. وفعل وفعلة مبتدأ

وفعال مبتدأ ثان ولهما خبر المبتدأ الثانى والجملة خبر الأول وفاعل قلّ ضمير مستتر عائد على فعال وفيما متعلق بقلّ وما موصولة واقعة على فعل وفعلة اليائى العين وعينه مبتدأ والياء خبره والجملة صلة ما والضمير العائد على الموصول الهاء فى عينه. ثم قال: (وفعل أيضا له فعال) يعنى أن فعالا أيضا يطرد فى فعل بفتح الفاء والعين نحو جمل وجمال وجبل وجبال لكن بشرطين أشار إليهما بقوله: ما لم يكن فى لامه اعتلال … أو يك مضعفا يعنى أن فعلا لا يجمع على فعال إذا كان معتل اللام نحو فتى أو مضعفا نحو طلل وأطلق فى فعل وهو مقيد بأن يكون اسما احترازا من نحو حسن وبطل فلا يجمع على فعال. وفعل مبتدأ وأيضا مصدر وفعال مبتدأ ثان وخبره له والجملة خبر المبتدأ الأول وما ظرفية مصدرية واعتلال اسم يكن وفى لامه خبرها وأو يك معطوف على يكن. ثم قال: (ومثل فعل * ذو التا) يعنى أن فعلة يطرد أيضا فى جمعه فعال نحو رقبة ورقاب وفهم من قوله ومثل فعل أنه يشترط فيه عدم التضعيف وإعلال اللام. وذو التاء مبتدأ وخبره مثل. ثم قال: (وفعل مع فعل فاقبل) يعنى أن فعالا يطرد فى فعل بكسر الفاء وسكون العين فالأول نحو قدح وقداح والثانى نحو رمح ورماح، وفعل معطوف على ذو التاء. ثم قال: وفى فعيل وصف فاعل ورد … كذاك فى أنثاه أيضا اطّرد يطرد فعال أيضا فى فعيل ومؤنثه فعيلة إذا كانا وصفين نحو ظريف وظراف وظريفة وظراف واحترز به من فعيل اسما نحو قضيب ومن فعيل بمعنى مفعول نحو جريح فلا يجمعان على فعال، وفى فعيل متعلق بورد ووصف حال من فعيل وكذاك متعلق باطرد وكذا فى أنثاه. ثم قال: وشاع فى وصف على فعلانا … أو أنثييه أو على فعلانا * ومثله فعلانة يعنى أن فعالا المذكور شاع أى كثر فى فعلان نحو ندمان وندام والمراد بأنثييه فعلانة نحو ندمانة وندام وفعلى نحو غضبى وغضاب أو على فعلان يعنى بضم الفاء نحو خمصان وخماص ومثله أى ومثل فعلان بضم الفاء فعلانة بضمها أيضا وهو مؤنثه نحو خمصانة

وخماص فجملة ما يجمع على فعال ثلاثة عشر وزنا ثمانية يطرد فيها وهى فعل وفعلة وفعل وفعل وفعلة وفعل وفعيل وفعيلة وخمسة يكثر فيها دون اطراد وهى فعلان وفعلانة وفعلى وفعلان وفعلانة (والزمه فى * نحو طويل وطويلة تفى) أى الزم فعالا فيما عينه واو ولامه صحيحة من فعيل بمعنى فاعل ومؤنثه فعيلة نحو طويل وطوال وطويلة وطوال والمراد بلزوم فعال فيهما أنهما لا يجمعان على غيره من جموع التكسير وفهم من تخصيصهما بذلك أن ما عداهما مما يجمع على فعال قد يجمع على غيره وإعراب البيت واضح. ثم قال: وبفعول فعل نحو كبد … يخصّ غالبا من أمثلة جمع الكثرة فعول بضم الفاء ويطرد فى فعل بفتح الفاء وكسر العين نحو كبد وكبود ونمر ونمور ووعل ووعول وفهم من قوله يخص أنه لا يتجاوز هذا الجمع لغيره من جموع الكثرة وفهم من قوله غالبا أنه يجمع فى الكثرة على غير فعول قليلا ومن ذلك قولهم نمر ونمار. وفعل مبتدأ ويخص خبره وهو مضارع مبنى للمفعول وبفعول متعلق به وغالبا حال من الضمير المستتر فى يخص. ثم قال: كذاك يطّرد … فى فعل اسما مطلق الفا يعنى أن فعول يطرد أيضا فى فعل بفتح الفاء وضمها وكسرها نحو فلس وفلوس وجند وجنود وضرس وضروس احترز بقوله اسما من الوصف نحو صعب وحلو وخدر فلا يجمع شئ من ذلك على فعول والفاعل بيطرد ضمير يعود على فعول وفى فعل متعلق بيطرد واسما ومطلق الفاء حالان من فعل. ثم قال: (وفعل * له) أى له فعول ولم يقيده باطراد فعلم أنه محفوظ فيه وذلك نحو أسد وأسود وشجن وشجون وفعل مبتدأ وله خبر مبتدأ محذوف والجملة خبر الأول والضمير فى له عائد على الأول تقديره وفعل له فعول ويحتمل أن يكون له خبرا عن فعل ولا حذف والضمير فى له عائد على فعول والتقدير وفعل لفعول أى من المفردات التى تجمع على فعول ويحتمل أن يكون فعل معطوفا على فعل الأول وله منقطع عنه ويكون قد تم الكلام عند ذكر فعل ثم

استأنف فقال له وللفعال فعلان فيكون قد شرك فعل وفعال فى الجمع على فعلان وقد جاء جمع فعل على فعلان نحو فتى وفتيان وأخ وإخوان. ثم قال: (وللفعال فعلان حصل) من أمثلة جمع الكثرة فعلان بكسر الفاء وسكون العين وهو يطرد فى اسم على فعال بضم الفاء نحو غراب وغربان وغلام وغلمان وتقدم فى أول الباب أنه يطرد فى فعل نحو صرد وصردان. وفعلان مبتدأ وخبره حصل وللفعال متعلق بحصل. ثم قال: (وشاع فى حوت وقاع مع ما * ضاهاهما) يعنى أنه كثر فعلان فى فعل المضموم الفاء الواوى العين نحو حوت وحيتان وما أشبهه نحو عود وعيدان وفى فعل المفتوح الفاء والعين ومعتلها نحو قاع وقيعان وما أشبهه نحو تاج وتيجان. ثم نبه على قلة فعلان المذكور فى غير الوزنين المذكورين فقال: (وقلّ فى غيرهما) فمن ذلك قولهم صنو وصنوان وظلم وظلمان وخروف وخرفان وصبى وصبيان. ثم قال: (وفعلا اسما وفعيلا وفعل * غير معلّ العين فعلان شمل) من أمثلة جمع الكثرة فعلان بضم الفاء وهو يطرد فى اسم على فعل بفتح الفاء وسكون العين نحو بطن وبطنان وسعف وسعفان أو على فعيل نحو رغيف ورغفان وقضيب وقضبان أو على فعل بفتح الفاء والعين نحو ذكر وذكران وحمل وحملان واحترز بقوله اسما من الصفة نحو سهل وظريف وبطل وبغير المعتل من المعتل العين نحو قاع فلا يجمع شئ من ذلك على فعلان. وفعلان مبتدأ وخبره شمل وفعلا مفعول مقدم بشمل واسما حال من فعل وفعيلا وفعل معطوفان على فعلا وغير معل العين حال من فعل. ثم قال: (ولكريم وبخيل فعلا) من أمثلة جمع الكثرة فعلاء ممدودا مضموم الفاء مفتوح العين وهو يطرد فى فعيل صفة لمذكر عاقل بمعنى فاعل غير مضاعف ولا معتل اللام نحو كريم وكرماء وظريف وظرفاء وبخيل وبخلاء، وفهم من تمثيله بالمثالين أن صفة المدح والذم سيان فى ذلك وفهم منه أيضا التنبيه على أن الوصفين المذكورين بمعنى فاعل. ثم قال: (كذا لما ضاهاهما قد جعلا) يعنى أن ما شابه كريما وبخيلا يجمع على فعلاء ويحتمل ذلك وجهين أحدهما ما شابههما فى اللفظ نحو ظريف وشريف لتعميم الحكم فى جميع ذلك والآخر أن يكون المراد ما شابههما فى المعنى وإن لم يشابه فى اللفظ فشمل نحو صالح وصلحاء وعاقل وعقلاء لشبههما بكريم فى الدلالة على صفة المدح لا فى الوزن. وفعلا مبتدأ وخبره فى المجرور قبله

ولما متعلق بجعلا؛ ومعنى ضاهاهما شابههما وما موصولة وصلتها ضاهاهما والضمير العائد على الموصول الفاعل المستتر فى ضاهاهما ولما كان قوله ولكريم وبخيل يوهم أن فعلاء يجمع عليه فعيل صحيحا كان أو معتل اللام أو مضاعفا أخرج المعتل اللام والمضاعف بقوله: (وناب عنه أفعلاء فى المعلّ * لاما ومضعف) من أمثلة جمع الكثرة أفعلاء وينوب عن فعلاء فى المعتل اللام والمضاعف من فعيل المذكور فالمعتل نحو ولىّ وأولياء وغنى وأغنياء والمضاعف نحو شديد وأشداء وخليل وأخلاء. ونبه بقوله: (وغير ذاك قلّ) على ما جاء من أفعلاء فى غير المعتل والمضاعف نحو نصيب وأنصباء وهين وأهوناء وصديق وأصدقاء على هذا حمله الشارح وتبعه المرادى، ويحتمل عندى أن يكون ذلك شاملا لما ذكره ولإتيان فعيل المعتل والمضاعف على فعلاء كقولهم سرى وسرواء وتقى وتقواء وسمى وسمواء فذاك على هذا إشارة للحكم السابق. وأفعلاء فاعل بناب وعنه وفى المعل متعلقان بناب ولاما تمييز ومضعف معطوف على المعل وغير ذاك قلّ جملة مستأنفة من مبتدأ وخبر. ثم قال: فواعل لفوعل وفاعل … وفاعلاء مع نحو كاهل وحائض وصاهل وفاعله من أمثلة جمع الكثرة فواعل وهو يطرد فى اسم على فوعل نحو جوهر وجواهر أو على فاعل بفتح العين نحو طابق وطوابق أو على فاعلاء نحو قاطعاء وقواطع أو على وزن فاعل اسما نحو كاهل وكواهل أو على وزن فاعل صفة لمؤنث نحو حائض وحوائض أو على فاعل صفة لمذكر غير عاقل نحو صاهل وصواهل أو على وزن فاعلة صفة لمؤنث نحو ضاربة وضوارب وفاطمة وفواطم وقد شذ فواعل جمعا لفاعل صفة لمذكر عاقل وإلى ذلك أشار بقوله: (وشذّ فى الفارس مع ما ماثله) أى شذ فواعل فى جمع فارس قالوا فوارس والمراد بما ماثله سابق وسوابق وناكس ونواكس وداجن ودواجن وإعراب البيت واضح. ثم قال: وبفعائل اجمعن فعاله … وشبهه ذا تاء أو مزاله من أمثلة جمع الكثرة فعائل ويكون جمعا لعشرة أوزان كلها مفهومة من البيت: فعالة التى ذكرها نحو سحابة وسحائب، وفهم من قوله وشبهه أربعة أوزان أخر كلها بالتاء فعالة بكسر الفاء

نحو رسالة ورسائل وفعالة بضم الفاء نحو ذؤابة وذوائب وفعيلة بالياء نحو صحيفة وصحائف فإنه شبيه بفعالة فى كون ثالثه مدة كذا فعولة نحو حمولة وحمائل وفهم من قوله: (ذا تاء أو مزاله) خمسة أخر وهى فعال بفتح الفاء نحو شمال وشمائل وفعال بكسرها نحو شمال وشمائل وفعال بضمها نحو عقاب وعقائب وفعول نحو عجوز وعجائز وفعيل نحو سعيد مسمى به امرأة فتقول فى جمعه سعائد ويشترط فى الخمسة المجردة أن تكون مؤنثة وفى قوله: وشبهه ذا تاء أو مزاله، إشعار بذلك. وبفعائل متعلق باجمعا وفعالة مفعول به وشبهه معطوف عليه وذا تاء حال من شبهه ومزاله معطوف على ذا تاء والهاء فى مزاله هاء الضمير وهو عائد على التاء وذكر لأن حروف المعجم يجوز تذكيرها وتأنيثها وهو مفعول ثان لمزال والمفعول الأول ضمير مستتر عائد على فعالة والتقدير ذا تاء أو مزال التاء ويحتمل أن تكون الهاء تاء التأنيث ووقف عليها بالهاء ويكون على حذف الموصوف ومعمول الصفة والتقدير ذا تاء أو وزنا مزالة منه ويحتمل أن تكون أو مزالة معطوفا على محذوف تقديره ذا تاء التأنيث أو مزالة وهو أظهر، ثم قال: وبالفعالى والفعالى جمعا … صحراء والعذراء والقيس اتبعا من أمثلة جمع الكثرة الفعالى والفعالى ويطردان فى فعلاء ممدودا بفتح الفاء وسكون العين اسما كصحراء وصحارى وصحارى أو وصفا كعذراء وعذارى وعذارى، فهم ذلك من تمثيله بالنوعين، وفهم من قوله: والقيس اتبعا أن عذراء مقيس على صحراء، وإعراب البيت واضح ثم قال: واجعل فعالىّ لغير ذى نسب … جدّد كالكرسىّ تتبع العرب من أمثلة جمع الكثرة فعالىّ بتشديد الياء وهو مقيس فى كل ثلاثى ساكن العين آخره ياء مشددة لغير النسب نحو كرسىّ وكراسى واحترز مما آخره ياء مشددة للدلالة على النسب نحو مصرىّ ويعرف ما ياؤه للنسب بصلاحية حذف الياء ودلالة الاسم على المنسوب إليه وما ليس لتجديد النسب لا يصلح لذلك وشمل نوعين أحدهما ما وضع بالياء المشددة نحو كرسىّ وما أصله النسب وكثر استعمال ما هى فيه حتى صار النسب منسيا كقولهم مهرىّ فإنه فى الأصل منسوب إلى مهرة وهى قبيلة وفعالىّ مفعول أول باجعل ولغير فى موضع المفعول الثانى وجدد فى موضع الصفة لنسب وتتبع مضارع مجزوم فى جواب الأمر والتقدير واجعل فعالى جمعا لغير صاحب نسب مجدد توافق العرب. ثم قال:

وبفعالل وشبهه انطقا … فى جمع ما فوق الثّلاثة ارتقى المراد بشبه فعالل ما كان على شكله فى كون ثالثه ألفا بعدها حرفان أو ثلاثة أحرف وسطها ياء وشمل مفاعل وفياعل وفعاول ومفاعيل وأشباهها، وشمل قوله ما فوق الثلاثة ارتقى ما زاد على الثلاثة بحرف أصلى وهو الرباعى كجعفر والخماسى كسفرجل وما زاد على الثلاثة بزيادة كجهور وفدوكس وغيرهما مما يطول ذكره وشمل ما تقدم جمعه على غير فعالل من المزيد المذكور فى الباب كأحمر ورام وفوعل وفاعل وكاهل وحائض وصاهل ونحوها ولذلك استثناها بقوله: (من غير ما مضى) أى مرّ ذكره فى هذا الباب مما زاد على الثلاثة ثم إن الزائد على الثلاثة مما يجمع على نحو فعالل رباعى وزائد على الأربعة فأما الرباعى فلا إشكال فى جمعه على فعالل أصلا نحو جعفر وجعافر أو مزيدا نحو أحمد وأحامد وأما الزائد على الأربعة فخماسى الأصول نحو سفرجل وغيره وقد أشار إلى الخماسى الأصول فقال: ومن خماسى … جرّد الآخر انف بالقياس يعنى أنك إذا جمعت الخماسى المجرد من الزوائد نحو سفرجل حذفت منه آخره فتقول فى سفرجل سفارج وفى قرطعب قراطع وفهم من قوله بالقياس أن العرب لا تجمع ما يحذف منه حرف أصلى إلا على استكراه كما ذكر سيبويه. وبفعالل متعلق بانطقا وألف انطقا بدل من نون التوكيد الخفيفة وفى جمع متعلق أيضا بانطقا ومن غير فى موضع نصب على الحال من ما وما موصولة وصلتها ارتقى وفوق متعلق بارتقى والآخر مفعول بانف ومعنى انف احذف ومن خماسى متعلق بانف وكذلك بالقياس وجرد فى موضع الصفة لخماسى. ثم إن الخماسى الأصول إن كان رابعه شبيها بالمزيد جاز حذفه وإبقاء الآخر، وإلى ذلك أشار بقوله: والرابع الشبيه بالمزيد قد … يحذف دون ما به تمّ العدد يعنى أن الحرف الرابع فى الخماسى الأصول إن كان شبيها بالحرف الزائد وإن لم يكن زائدا جاز حذفه دون الآخر وشمل الشبيه بالمزيد ما كان من حروف الزيادة كخدرنق وما كان شبيها بالحرف الزائد كالدال من فرزدق فإنه شبيه بالتاء لاشتراكهما فى المخرج فتقول خدارن وخدارق وفرازد وفرازق وفهم من قوله قد يحذف أن حذفه أقلّ من حذف الآخر. والرابع مبتدأ والشبيه

نعت له وبالمزيد متعلق بالشبيه وقد يحذف فى موضع خبر المبتدأ ودون متعلق بيحذف وما موصولة وصلتها تمّ العدد وبه متعلق بتم والضمير العائد على الموصول الهاء فى به. ثم قال: (وزائد العادى الرّباعى احذفه) يعنى أن الحرف الزائد فى الاسم الذى زاد على أربعة أحرف يحذف فى الجمع فشمل الرباعى المزيد نحو مدحرج وفدوكس والخماسى المزيد نحو قبعثرى إلا أن الأول يحذف منه الزائد فقط فتقول فى جمع مدحرج دحارج وفى جمع فدوكس فداكس والثانى يحذف منه الزائد والحرف الذى قبل الزائد لما علمت من أن الخماسى الأصول يحذف آخره فتقول فى جمع قبعثرى قباعث ودخل فى عبارته ما كان من خمسة أحرف قبل آخره لين نحو قرطاس فأخرجه بقوله: (ما * لم يك لينا إثره اللّذ ختما) واحترز به من نحو قرطاس وقنديل وعصفور فلا يحذف من ذلك شئ لأن بنية الجمع تصح دون حذف فتقول قراطيس وقناديل وعصافير أما نحو قنديل فلا إشكال فيه لبقاء يائه وأما نحو قرطاس وعصفور ففهم انقلاب الألف والواو فيهما بالقاعدة المعروفة من التصريف وشمل قوله لينا ما قبل حرف اللين فيه حركة مجانسة كالمثل السابقة وما قبله فتحة نحو غرنيق وفرعون لصحة إطلاق اللين على النوعين فتقول غرانيق وفراعين وخرج ما قبل آخره واو أو ياء متحركان نحو كنهور وهبيخ فإن الواو والياء تحذف منهما تقول كناهر وهبايخ وشمل قوله ما لم يك لينا إثره اللذ ختما ألف مختار ومنقاد وليس حكمهما حكم ألف قرطاس فلا يقال فى جمعهما مخاتير ومناقيد وإنما يقال مخاتر ومناقد وفهم ذلك من قوله قبل وزائد العادى وكلامه فى هذا الفصل إنما هو فى الزائد وألف مختار ومنقاد منقلبة عن أصل وأصله مختير بكسر الياء إن أريد به اسم الفاعل وبفتحها إن أريد به اسم المفعول وأصل منقاد منقيد بكسر الياء لأنه اسم فاعل. وزائد مفعول بفعل مضمر يفسره احذفه وهو مضاف إلى العادى والرباعى مفعول بالعادى ويجوز أن يكون مضافا إليه وما ظرفية مصدرية ولينا خبر يك وهو مخفف من لين كقولهم فى هيّن هين واسم كان ضمير عائد على زائد واللذ لغة فى الذى وهو مبتدأ وصلته ختما وإثره ظرف وهو خبر اللذ. ومفعول ختم محذوف والتقدير ما لم يكن الزائد لينا الذى ختم الكلمة بعده. ثم قال:

والسّين والتّا من كمستدع أزل … إذ ببنا الجمع بقاهما مخلّ نهاية ما يصل إليه بناء الجمع أن يكون على مثال مفاعل أو مفاعيل فإذا كان فى الاسم من الزوائد ما يخل بقاؤه بأحد البناءين حذف فإن تأتى بحذف بعض وإبقاء بعض أبقى ما له مزية وحذف غيره فإن تكافآ خير الحاذف فإذا تقرر هذا ففى مستدع ثلاث زوائد الميم والسين والتاء وبقاء الجميع مخلّ ببناء الجمع فيحذف ما زاد على أربعة أحرف وهو السين والتاء فتقول فى جمعه مداع وإنما أبقيت الميم للمزية التى لها لأنها تدل على معنى يخص الاسم وإلى المزية التى لها على سائر حروف الزيادة أشار بقوله: (والميم أولى من سواه بالبقا) يعنى أن بقاء الميم أحق من بقاء غيرها من الزوائد لما فيها من المزية كما ذكر وشمل صورتين إحداهما أن يكون الزائد لغير الإلحاق كالنون فى منطلق فتقول مطالق بحذف النون وإبقاء الميم، والأخرى أن يكون الزائد للإلحاق نحو مقعنس فتقول مقاعس خلافا للمبرد فإنه يرى إبقاء أحد المضعفين أحق من إبقاء الميم ويشارك الميم فى ذلك الهمزة والياء وإلى ذلك أشار بقوله: (والهمز واليا مثله إن سبقا) يعنى أن الهمزة والياء مثل الميم فى كونها أحق بالبقاء إذا سبقا للمزية التى لهما بتصدرهما ولأنهما فى موضع يقعان فيه دالين على معنى وهى دلالتهما على المتكلم والغائب فى الفعل المضارع فتقول فى ألندد ويلندد ألادّ ويلاد بحذف النون وإبقاء الهمزة والياء ويدغم أحد الزائدين فى الآخر. والسين والتاء مفعول بأزل ومن متعلق بأزل وبقاهما مبتدأ وقصره ضرورة ومخلّ خبره وببنا متعلق بمخل وإعراب البيت الآخر واضح. ثم قال: والياء لا الواو احذف إن جمعت ما … كحيزبون فهو حكم حتما يعنى أنه يجب إيثار بقاء الواو فى حيزبون وشبهه كقيطموس مما قبل آخره واو فتقول فى جمعهما حزابين وقطاميس بحذف الياء وبقلب الواو ياء لانكسار ما قبلها كما فعلت فى عصفور حين قلت عصافير وإنما وجب حذف الياء دون الواو لأن حذف الياء يستلزم بقاء الواو ولو حذفت الواو لم يغن حذفها عن حذف الياء إذ لا يمكن بها صيغة الجمع والحيزبون العجوز. والياء مفعول باحذف والواو معطوف بلا وإن جمعت شرط والجواب محذوف لدلالة ما تقدم عليه. ثم قال:

التصغير

وخيّروا فى زائدى سرندى … وكلّ ما ضاهاه كالعلندى وزن سرندى فعنلى بزيادة النون والألف فإذا جمعتها فأنت مخير بين حذف النون وحذف الألف فتقول سراند وسراد وأصله سرادى وكذلك علندى علاند وعلاد وإنما جاز فيه الوجهان لكون كل واحد من الزائدين لا مزية له على الآخر. والسرندى: الجزاء على الأمور. والعلندى البعير الضخم. والواو فى خيروا عائد على العرب أو على النحويين وفى زائدى على حذف مضاف تقديره فى حذف زائدى وكل معطوف على سرندى. التصغير إنما ذكر باب التصغير إثر باب التكسير لأنهما كما قال سيبويه من واد واحد ولاشتراكهما فى مسائل كثيرة يأتى ذكرها، والمصغر ثلاثى وزائد، وقد أشار إلى الأول بقوله: فعيلا اجعل الثلاثىّ إذا … صغّرته نحو قذىّ فى قذا يعنى أنك إذا صغرت الاسم الثلاثى ضممت أوله وفتحت ثانيه وزدت ياء ساكنة بعد ثانيه فتقول فى زيد زييد وفى قذى قذىّ بإدغام ياء التصغير فى لام الكلمة. والثلاثى مفعول أول باجعل وفعيلا مفعول ثان. ثم أشار إلى صيغتى التصغير فيما زادت على الثلاثى فقال: فعيعل مع فعيعيل لما … فاق كجعل درهم دريهما يعنى أنك إذا صغرت الزائد على الثلاثى قلت فعيعل أو فعيعيل للرباعى المجرد نحو جعفر وجعيفر وبربر بريبر وفعيعيل للرباعى المزيد الذى قبل آخره ياء نحو قنديل وقنيديل أو ألف نحو شملال وشميليل أو واو نحو عصفور وعصيفير، وقد يصغر على فعيعيل ما حذف منه حرف وعوض منه الياء وسيأتى. وفعيعل مبتدأ وخبره لما فاق ومفعول فاق محذوف أى لما فاق الثلاثى وجعل مضاف لدرهم وهو مصدر مضاف للمفعول ودريهما مفعول ثان بجعل. ثم قال:

وما به لمنتهى الجمع وصل … به إلى أمثلة التّصغير صل يعنى أنه يتوصل فى التصغير إلى فعيعل وفعيعيل بما يتوصل به فى التكسير إلى فعالل وفعاليل فتقول فى تصغير سفرجل ومستدع وحيزبون ومنطلق سفيرج ومديع وحزيبين ومطيليق وتقول فى نحو سرندى سريند وإن شئت قلت سريد. وما مبتدأ أو مفعول بفعل مضمر يفسره ما بعده وهى موصولة وصلتها وصل وبه ولمنتهى متعلقان بوصل والضمير العائد على الموصول الهاء فى به، وبه الثانى وإلى أمثلة التصغير متعلقان بصل. ثم قال: وجائز تعويض يا قبل الطّرف … إن كان بعض الاسم فيهما انحذف يعنى أنه يجوز أن يعوّض من المحذوف ياء فى باب التكسير والتصغير وفهم من قوله جائز أن التعويض فى ذلك لا يلزم، وشمل قوله بعض الاسم ما حذف منه أصل كسفاريج وسفيريج وما حذف منه زائد كمطاليق ومطيليق والضمير فى قوله فيهما عائد على التكسير والتصغير. وجائز خبر مقدم وتعويض مبتدأ وهو مصدر مضاف إلى المفعول وقبل متعلق بتعويض وبعض الاسم اسم كان وانحذف فى موضع خبرها وفيهما متعلق بانحذف. ثم قال: وحائد عن القياس كلّ ما … خالف فى البابين حكما رسما يعنى أن جميع ما أتى فى باب التكسير والتصغير مخالفا لما تقدم فى التكسير والتصغير خارج عن القياس فيحفظ ولا يقاس عليه، فمما جاء على غير قياس فى التكسير قولهم فى جمع رهط رهط وباطل أباطيل وهى ألفاظ كثيرة، ومما جاء من ذلك فى التصغير قولهم فى مغرب مغيربان وفى ليلة لييلات وهى ألفاظ كثيرة فلنكتف من ذلك بما ذكر. وحائد خبر مقدم وعن القياس متعلق به وكل مبتدأ وما موصولة وصلتها خالف وفى البابين متعلق بخالف وحكما مفعول بخالف ورسما فى موضع الصفة لحكم، ثم اعلم أن بعد ياء التصغير إن كان حرف إعراب فلا إشكال نحو زبيد ورجيل وإن فصل بينها وبين حرف الإعراب فاصل فالوجه فيه الكسر نحو جعفر إلا فى خمسة مواضع نبه على ثلاثة منها بقوله:

لتلو يا التّصغير من قبل علم … تأنيث او مدّته الفتح انحتم يعنى أن الحرف الذى بعد ياء التصغير إن لم يكن حرف إعراب فإنه يجب فتحه قبل علامة التأنيث وشمل التاء وألف التأنيث المقصورة نحو قصعة وقصيعة ودرجة ودريجة وحبلى وحبيلى وسلمى وسليمى وكذلك ما قبل مدة التأنيث وهى ألف التأنيث الممدودة نحو صحراء وصحيراء وحمراء وحميراء والمراد بمدة التأنيث الألف التى قبل الهمزة فإن المدة ليست علامة للتأنيث وإنما علامة التأنيث الألف المنقلبة همزة والألف التى قبلها زائدة للمد بخلاف ألف التأنيث المقصورة فإنها علامة تأنيث فلذلك لم يكتف بعلم التأنيث عن الممدودة. والفتح مبتدأ وانحتم خبره ولتلو متعلق بانحتم ومعنى التلو التالى ومن قبل فى موضع الحال من تلو وأو مدته معطوف على علم. ثم أشار إلى الموضعين الباقيين من المواضع الخمسة فقال: كذاك ما مدّة أفعال سبق … أو مدّ سكران وما به التحق يعنى أن الحرف الواقع بعد ياء التصغير إذا كان قبل مدة أفعال أو قبل مد سكران يجب أيضا فتحه وشمل مدة أفعال الجمع الباقى على جمعيته وما سمى به من ذلك فتقول فى تصغير أجمال أجيمال وكذلك فى نحو أفعال إذا سمى به رجل أفيعال والمراد بسكران فعلان الذى مؤنثه فعلى وعلى هذا نبه بقوله وما به التحق فتقول فى تصغير سكران وعطشان سكيران وعطيشان وتقول فى تصغير عثمان وسرحان عثيمان وسريحان لأنه من باب فعلان وإنما وجب الفتح فى هذه المواضع الخمسة لأن تاء التأنيث والألف تستحقان أن يكون ما قبلهما مفتوحا ولم يقولوا فى تصغير أفعال أفيعيل لئلا تتغير صيغة الجمع ولم يقولوا سكيرين لأنهم لم يقولوا فى جمعه سكارين كما قالوا فى سرحان سراحين. وما مبتدأ وهى موصولة وصلتها سبق ومدة مفعول بسبق ومد سكران معطوف على مدة وما معطوف على سكران وكذاك خبر المبتدأ، ووهم الشارح فجعل سبق فى موضع الحال من أفعال لأنه جعله قيدا للجمع. ثم قال:

وألف التّأنيث حيث مدّا … وتاؤه منفصلين عدّا كذا المزيد آخرا للنّسب … وعجز المضاف والمركّب وهكذا زيادتا فعلانا … من بعد أربع كزعفرانا وقدّر انفصال ما دلّ على … تثنية أو جمع تصحيح جلا قد تقدم أن أبنية التصغير ثلاثة فعيل وفعيعل وفعيعيل وتقدم أيضا أنه يتوصل إلى بناء التصغير بما توصل به إلى بناء الجمع من الحذف لكن خرج عن ذلك هذه المواضع الثمانية التى ذكرها فى هذه الأبيات الأربعة فلم يعتد فيها بالثانى بل جعل بناء التصغير معتبرا فى صدورها وصار الثانى بمنزلة كلمة أخرى غير داخلة فى حكم البنية الأولى الأول ألف التأنيث الممدودة نحو حمراء فتقول فى تصغيره حميراء فيكون المعتبر فى صيغة التصغير حمير وهو المنبه عليه بقوله: (وألف التأنيث حيث مدا) الثانى تاء التأنيث نحو دحرجة فتقول فى تصغيره دحيرجة فالمعتبر فى صيغة التصغير ما قبل التاء وهو فعيعل فيكون كجعيفر وهو المنبه عليه بقوله: وتاؤه. الثالث ياء النسب نحو بصرىّ فتقول فى تصغيره بصيرى فالياء غير معتد بها أيضا وهو المنبه عليه بقوله كذا المزيد آخرا للنسب. الرابع عجز المضاف نحو عبد شمس فتقول فى تصغيره عبيد شمس وهو المنبه عليه بقوله وعجز المضاف. الخامس عجز المركب تركيب مزج نحو بعلبك فتقول فى تصغيره بعيلبك وهو المنبه عليه بقوله: والمركب. السادس الألف والنون الزائدتان على أربعة أحرف نحو زعفران فتقول فى تصغيره زعيفران فصار المصغر إنما هو زعفر والألف والنون غير معتد بهما، واحترز بقوله: من بعد أربع من نحو سكران وسرحان وقد تقدم حكمهما. السابع علامة التثنية نحو زيدان فتقول فى تصغيره زييدان. الثامن علامة جمع المذكر السالم نحو زيدون فتقول فيه زييدون وهو المنبه عليهما بقوله: (وقدر انفصال) البيت وقد فهم من هذه الأبيات أن قوله وما به لمنتهى الجمع البيت مقيد بأن لا يكون المصغر أحد هذه الثمانية فإنه لا يحذف منها شئ. وألف التأنيث مبتدأ وتاؤه معطوف عليه وعدا فى موضع الخبر والألف فيه للتثنية عائدة على الألف والتاء ومنفصلين مفعول ثان بعدّا وحيث متعلق بعدّا والمزيد مبتدأ وخبره كذا وآخرا ظرف مكان متعلق بالمزيد لأنه اسم مفعول وللنسب متعلق بالمزيد أيضا وعجز المضاف معطوف على المبتدأ ويحتمل أن يكون مبتدأ حذف خبره لدلالة الأول عليه. وزيادتا فعلان مبتدأ وخبره كذا وها تنبيه ومن بعد متعلق بزيادة وانفصال مفعول بقدر وهو مصدر مضاف إلى

الفاعل وما موصولة وصلتها دل وعلى تثنية متعلق بدل وجمع مفعول مقدم بجلا وأو عطف جلا ومعموله على دل ومعموله فهو من عطف الجمل. ثم قال: وألف التّأنيث ذو القصر متى … زاد على أربعة لن يثبتا يعنى أن ألف التأنيث إذا كانت خامسة فصاعدا حذفت لأنها لما لم يستقل النطق بها حكم لها بحكم المتصل فحذفت لأن بقاءها يخرج البناء عن مثال فعيعل وفعيعيل وذلك نحو قرقرى وقريقر وحبركى وحبيرك فإن كان ثالث ما فيه ألف التأنيث الخامسة ألفا، فقد أشار إليه بقوله: وعند تصغير حبارى خيّر … بين الحبيرى فادر والحبيّر حبارى إذا صغر جاز فيه حذف الألف الأولى وإبقاء ألف التأنيث فتقول حبيرى وحذف ألف التأنيث فتقول حبير بقلب الألف الأولى ياء وإدغام ياء التصغير فيها، وفهم منه أن ما سوى نحو حبارى مما ألفه خامسة للتأنيث يجب حذف ألفه. وعند متعلق بخير وكذلك بين، والظاهر فى عند هاهنا أنها بمعنى فى. ثم قال: واردد لأصل ثانيا لينا قلب … فقيمة صيّر قويمة تصب يعنى أن ثانى الاسم المصغر يرد إلى أصله إذا كان منقلبا عن غيره فشمل ستة أنواع. الأول ما أصله واو فانقلبت ياء نحو قيمة فتقول فيه قويمة. الثانى ما أصله واو فانقلبت ألفا نحو باب فتقول فيه بويب. الثالث ما أصله ياء فانقلبت واوا نحو موقن فتقول فيه مييقن. الرابع ما أصله ياء فانقلبت ألفا نحو ناب للمسن من الإبل فتقول فيه نييب. الخامس ما أصله همزة فانقلبت ياء نحو ذيب فنقول فيه ذؤيب. السادس ما أصله حرف من حروف العلة نحو قيراط ودينار فتقول فيهما قريريط ودنينير لأن أصلهما قرّاط ودنار وإنما رجع ذلك كله إلى أصله لزوال موجب القلب. وثانيا مفعول باردد ولأصل متعلق باردد ولينا نعت لثانيا وفهم من تخصيصه الثانى أن الثالث إذا كان منقلبا عن أصل لم يرجع إلى أصله نحو قائم فإن الهمزة بدل من الواو فتقول قويم. وقلب فى موضع النعت لثانيا وقيمة مفعول أول بصير وقويمة مفعول ثان وقد ورد بعض ما هو منقلب عن أصل غير مردود لأصله وإليه أشار بقوله: (وشذّ فى عيد عييد) وجه شذوذه أن الياء فيه مبدلة عن واو فقياسه عويد كقويمة فلم

يردوه إلى أصله لئلا يلتبس بتصغير عود بضم العين. ثم قال: (وحتم * للجمع من ذا ما لتصغير علم) يعنى أن ما رد لأصله فى التصغير يرد أيضا إلى أصله فى الجمع فيقال فى جمع ميزان موازين وفى باب أبواب وفى ناب أنياب وفى عيد أعياد كما قالوا عييد. وعييد فاعل بشذ وما مرفوع بحتم وللجمع ومن ذا متعلقان بحتم وما موصولة وصلتها علم ولتصغير متعلق بعلم. ثم قال: والألف الثّان المزيد يجعل … واوا كذا ما الأصل فيه يجهل للألف الثانية خمسة أحوال. الأول أن تكون مبدلة من واو. الثانى أن تكون مبدلة من ياء وتقدم حكمها فى البيت قبله. الثالث أن تكون زائدة كضارب. الرابع أن تكون مجهولة كعاج. الخامس أن تكون مبدلة من همزة نحو آدم، وقد ذكر فى هذا البيت الزائدة والمجهولة ولم يذكر المبدلة من همزة وستأتى فى باب الإبدال. والألف مبتدأ والثانى نعت له والمزيد كذلك ويجعل خبر المبتدأ وواوا مفعول ثان بيجعل وما مبتدأ وهى موصولة والأصل مبتدأ ويجهل خبره وفيه متعلق بيجهل والجملة صلة ما. ثم قال: وكمّل المنقوص فى التّصغير ما … لم يحو غير التّاء ثالثا كما يعنى أن المنقوص إذا صغر ردّ ما حذف منه والمراد بالمنقوص هنا ما حذف منه حرف، لا المنقوص القياسى وهو ما آخره ياء يقدر فيها الضمة والكسرة فشمل قوله المنقوص ما حذفت منه فاؤه كعدة أو عينه كثبة أو لامه كسنة وقد شمل ما ليس فيه تاء كيد وما فيه التاء كسنة وشمل أيضا ما كان على حرفين كالمثل المذكورة وما كان على أكثر كهار بمعنى هائر فيمن جعل الإعراب فى الراء وأصله هائر فحذفت منه الهمزة فهذه كلها يرد إليها المحذوف إلا ما كان له ثالث وليس تاء فتقول فيها وعيدة برد الفاء وثويبة برد العين وسنيهة ويدية برد اللام وتقول فى هار هوير للاستغناء عن رد الأصل بإقامة وزن التصغير وذلك مفهوم من قوله ما لم يحو غير التاء ثالثا أى ما لم يحو ثالثا غير التاء فإن حوى ثالثا غير التاء لم يرد إليه المحذوف ثم مثل ذلك بما ويحتمل ما الاسمية والحرفية وحكمهما فى ذلك واحد وذلك أنه إذا سمى بها ثم صغرت تصير كالمنقوص الذى على الحرفين فلا بد من

تكميلها ليتوصل بذلك إلى بناء التصغير فتقول موىّ وفى تمثيله بذلك نظر فإن ما سمى به من الموضوع على حرفين ثانيه حرف لين يجب تكميله قبل التصغير، ولم ينبه على ذلك أحد من الشراح فانظره. وقوله المنقوص مفعول بكمل وما ظرفية مصدرية وثالثا مفعول بيحو، وغير التاء منصوب على الحال لأنه نعت نكرة تقدم عليها والتقدير ما لم يحو ثالثا غير التاء. ثم قال: ومن بترخيم يصغّر اكتفى … بالأصل كالعطيف يعنى المعطفا الترخيم فى التصغير حذف الزائد من المصغر فإن كان ثلاثى الأصول صغر على فعيل نحو حميد فى أحمد وحمدان ومحمود وحماد وعطيف فى المعطف. والمعطف بكسر الميم هو الكساء وإن كان رباعيا صغر على فعيعل نحو شملال وعصفور فتقول شميلل وعصيفر. ومن مبتدأ وهى موصولة وصلتها يصغر وبترخيم متعلق بيصغر واكتفى خبر المبتدأ وبالأصل متعلق باكتفى. ثم قال: واختم بتا التّأنيث ما صغّرت من … مؤنّث عار ثلاثىّ كسنّ يعنى أن الاسم الثلاثى المؤنث العارى من تاء التأنيث يختم بالتاء فى التصغير نحو سن وسنينة وشمل قوله ثلاثى أربعة أنواع الأول ما هو ثلاثى فى الحال نحو كيف الثانى ما هو ثلاثى فى الأصل نحو يد فتقول فيه يدية الثالث ما كان نحو سماء فإنك تقول فيه سمية فيجتمع ثلاث ياءات الأولى ياء التصغير والثانية بدل ألف سماء والثالثة المبدلة منها الهمزة فحذفت إحدى الياءات على القياس المقدر فى هذا الباب فبقى منه ثلاثة أحرف فلحقت التاء كما تلحق الثلاثى الرابع ما كانت فيه الزيادة وهو مؤنث فصغر تصغير الترخيم نحو شمال فتقول فيه شميلة. وما مفعول باختم وهى موصولة وصلتها صغرت والضمير العائد على الموصول محذوف تقديره ما صغرته ومن مؤنث متعلق بصغرت ثم استثنى من هذا الضابط نوعين لا تلحقهما التاء أشار إلى الأول منهما بقوله: ما لم يكن بالتّا يرى ذا لبس … كشجر وبقر وخمس يعنى أن التاء لا تلحق فى التصغير اسم الجنس الذى يتميز من واحده بحذف التاء نحو شجر وبقر فتقول فيهما شجير وبقير إذ لو قلت شجيرة وبقيرة لالتبس بتصغير شجرة وبقرة

النسب

ولا تلحق أيضا عشرا ولا ثلاثا وما بينهما من أسماء العدد فتقول فى تصغيره عشير وتسيع وخميس ولا تلحقها التاء لئلا يلتبس بتصغير عشرة وتسعة وخمسة ثم أشار إلى الثانى بقوله: (وشذّ ترك دون لبس) يعنى شذ ترك التاء دون لبس فى ألفاظ تحفظ ولا يقاس عليها وهو ذود وشول وناب للمسن من الإبل وحرب وفرس وقوس ودرع الحديد وعرس ونعل ونصف وقد شذ أيضا إلحاق التاء فيما زاد على الثلاثى وإلى ذلك أشار بقوله: (وندر * لحاق تا فيما ثلاثيّا كثر) يعنى أنه ندر لحاق التاء فى الزائد على الثلاثة كقولهم فى قدام قديمة وفى وراء ورية وفى أمام أميمة. وما ظرفية مصدرية وفى يكن ضمير عائد على المؤنث العارى ويرى فى موضع خبر يكن وذا لبس مفعول ثان بيرى وبالتاء متعلق بيرى وترك فاعل بشذ ودون متعلق بشذ ولحاق تاء فاعل بندر وما موصولة وصلتها كثر بفتح الثاء وثلاثيا مفعول بكثر، ومعنى كثر عليه: غلبه فى الكثرة. ثم قال: وصغّروا شذوذا الّذى الّتى … وذا مع الفروع منها تا وتى التصغير من جملة التصريف فحقه أن لا يدخل غير المتمكن من الأسماء إلا ذا والذى وفروعهما لشبهها بالأسماء المتمكنة فى كونها توصف ويوصف بها فاستبيح لذلك تصغيرها لكن على وجه خولف به تصغير المتمكن فترك أولها على ما كان عليه قبل التصغير وعوض من ضمه ألف مزيدة فى الآخر ووافقت المتمكن فى زيادة ياء ساكنة فقيل فى الذى والتى اللذيا واللتيا وفى ذا وتا ذيا وتيا وقد اعترض المرادى هذا البيت ولا بد من إيراد اعتراضه لصحته قال: اعلم أن قول الناظم: وصغروا شذوذا معترض من ثلاثة أوجه: أولها أنه لم يبين الكيفية بل ظاهره يوهم أن تصغيرها كتصغير المتمكن. وثانيها أن قوله مع الفروع ليس على عمومه لأنهم لم يصغروا جميع الفروع. وثالثها أن قوله منها تا وتى يوهم أن تى تصغر كما تصغر تا، وقد نصوا على أنهم لم يصغروا من ألفاظ المؤنث إلا تا. والواو فى صغروا عائد على العرب والذى والتى مفعول بصغروا وشذوذا مصدر فى موضع الحال من الواو وذا معطوف على التى ومع متعلق بصغروا. النسب هذا الباب يسمى باب النسب، وباب الإضافة، وقد سماه سيبويه بالتسميتين. قوله:

ياء كيا الكرسىّ زادوا للنّسب … وكلّ ما تليه كسره وجب يعنى أنه إذا أريد أن ينسب اسم إلى أب أو قبيلة أو بلد زيد فى آخره ياء مشددة وكسر ما قبلها وفهم منه ثلاث تغييرات: زيادة الياء وكسر ما قبلها وانتقال الإعراب إلى الياء. وفهم ذلك من تشبيهها بياء الكرسى فإنها حرف الإعراب وفهم منه أن ياء الكرسى ليست للنسب لتشبيهه ياء النسب بها. وياء مفعول بزادوا والواو فى زادوا عائد على العرب وكيا فى موضع الصفة لياء وكل مبتدأ وما موصولة وتليه صلتها والضمير العائد على الموصول الهاء فى تليه وفاعل تليه ضمير مستتر يعود على الياء وكسره وجب جملة من مبتدأ وخبر فى موضع خبر كل وهاء كسره عائد على الحرف الذى تليه الياء. ثم اعلم أن هذه التغييرات الثلاث التى ذكرها فى هذا البيت مطردة فى جميع الأسماء المنسوبة. وقد يضاف إليها فى بعض الأسماء تغييرات أخر أشار إلى الأول منها بقوله: ومثله ممّا حواه احذف وتا … تأنيث او مدّته لا تثبتا يعنى أن آخر المنسوب إذا كان ياء مشددة أو تاء تأنيث أو ألف تأنيث مقصورة حذفت جميعها للنسب وجعلت موضعها ياء النسب، وشمل الياء المشددة ثلاثة أنواع: ما كانت فيه الياء للنسب كبصرى فتقول فى النسب إليه بصرى، وما كانت فيه الياء لغير النسب نحو كرسىّ فتقول فى النسب إليه كرسىّ، وما كان أصلها واوا نحو مرمىّ أصله مرموى فقلبت الواو ياء وأدغمت فى الياء فتقول فى النسب إليه مرمى وفى هذا الأخير وجه آخر ينبه عليه بعد وإنما حذفت الياء فى جميع ذلك كراهية اجتماع أربع ياآت وكذلك أيضا تحذف تاء التأنيث فتقول فى النسب إلى فاطمة فاطمىّ وإنما حذفت التاء لئلا يجمع بين علامتى تأنيث إذا كان المنسوب إليه مؤنثا نحو مكية وأما ألف التأنيث المقصورة فإن كانت خامسة فصاعدا وجب حذفها للنسب نحو قرقرىّ فى قرقرى وحثيثى فى حثيثى. وأما الرابعة فقد أشار إليها بقوله: وإن تكن تربع ذا ثان سكن … فقلبها واوا وحذفها حسن يعنى أن ألف التأنيث المقصورة إذا كانت رابعة فى اسم ساكن الثانى جاز فيها الحذف والقلب واوا نحو حبلى فتقول فيه حبلىّ وحبلوىّ وفهم منه أنها إذا كانت خامسة فما فوق أو

رابعة فى اسم ثانيه متحرك وجب حذفها لدخولها فى الضابط الأول ولم يتعرض للراجح من الوجهين قيل والحذف أحسن. ومثله مفعول باحذف والهاء فيه عائدة على ياء النسب ومما متعلق باحذف وما موصولة وهى واقعة على الاسم الذى حوى الياء وصلتها حواه والعائد على الموصول هو الضمير المستتر الفاعل بحواه والهاء فى حواه عائدة على الياء ويجوز أن تكون ما واقعة على الياء والهاء عائدة على ما والضمير المستتر فى حواه عائد على الاسم الحاوى الياء، ومن على الوجه الأول للتبعيض وعلى الثانى لبيان الجنس. وتاء تأنيث أو مدته مفعول بتثبتا. ثم قال: (لشبهها الملحق والأصلىّ ما * لها) يعنى أن الألف الرابعة إذا كانت للإلحاق نحو ذفرى أو منقلبة عن أصل نحو مرمى جاز فيها ما جاز فى ألف التأنيث من قلبها واوا وحذفها فتقول ذفرىّ وذفروىّ ومرمىّ ومرموىّ إلا أن القلب فى الأصلى أحسن من الحذف، وإلى ذلك أشار بقوله: (وللأصلىّ قلب يعتمى) فمرموىّ أحسن من مرمىّ ومعنى يعتمى يختار وفهم من تخصيصه الألف الأصلىّ باختيار القلب أن ألف الإلحاق بالعكس فيكون كألف التأنيث فى اختيار الحذف والمنصوص عنه فى غير هذا الكتاب أن القلب فى ألف الإلحاق أجود فينبغى أن يحمل كلامه هنا على أن القلب فى الأصلية أكثر من القلب فى التى للإلحاق وإن كان القلب فيهما جميعا أجود من الحذف كما نص عليه فى شرح الكافية. والملحق نعت لشبهها والأصلى معطوف على الملحق وما مبتدأ وهى موصولة وصلتها لها والخبر فى المجرور قبلها. ثم انتقل إلى الألف الخامسة فصاعدا فقال: (والألف الجائز أربعا أزل) يعنى أن الألف الخامسة فما فوق يجب حذفها للنسب وشمل الألف الأصلية نحو مصطفى وألف التأنيث نحو حبارى وألف التكسير وشمل أيضا الألف الخامسة كالمثل والسادسة نحو مستدعى وخليطى وقبعثرى فتقول مصطفىّ وحبارىّ ومستدعىّ وخليطى بالحذف فى جميع ذلك. ثم انتقل إلى المنقوص وبدأ بالخامسة فقال: (كذاك يا المنقوص خامسا عزل)

يعنى أن ياء المنقوص إذا كانت خامسة وجب حذفها فتقول فى معتدى معتدىّ وفهم من ذلك أن حذفها إذا كانت سادسة واجب أيضا لأنه من باب أحرى لأن موجب الحذف إنما هو الثقل وهى سادسة أثقل منها خامسة. والألف مفعول بأزل والجائز نعت للألف وأربعا مفعول بالجائز ويا المنقوص مبتدأ خبره عزل أى حذف وخامسا حال من الضمير المستتر فى عزل. ثم نبه على ياء المنقوص الرابعة فقال: (والحذف فى اليا رابعا أحقّ من * قلب) يعنى أن ياء المنقوص إذا كانت رابعة جاز حذفها وقلبها واوا وحذفها أحسن فى نحو قاض ومعط فتقول قاضىّ وقاضوى ومعطىّ ومعطوى ومن قلبها واو قول الشاعر: - فكيف لنا بالشرب إن لم يكن لنا … دراهم عند الحانوىّ ولا نقد (¬204) هو منسوب إلى حانية، وهو الموضع الذى يباع فيه الخمر. ثم انتقل إلى ما ثالثه ياء أو ألف فقال: (وحتم قلب ثالث يعنّ) فشمل قوله ثالث الياء والألف وهما مستويان فى وجوب قلبهما واوا نحو عمى وعموىّ وفتى وفتوىّ وإنما قلبت الألف فى فتى واوا وأصلها الياء كراهية اجتماع الكسرة والياءات. والحذف مبتدأ ورابعا حال من الياء وأحق خبر المبتدأ وفى الياء متعلق بأحق وحتم خبر مقدم لقلب ثالث. ويعنّ أى يعرض وهو فى موضع الصفة لثالث. ثم قال: (وأول ذا القلب انفتاحا) يعنى أن ياء المنقوص إذا قلبت واوا فتح ما قبل الواو كما سبق فى التمثيل، والتحقيق أن الفتح سابق للقلب لأن نحو شج إذا قصد فيه النسب وجب قلب الكسرة فتحة كما فى نحو نمر فيجب حينئذ قلب الواو والياء ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها فتصير كفتى فتقلب الألف بعد واوا كما قلبت فى فتى وكذلك أيضا نحو قاضوىّ لأن نظيره تغلب فتفتح أيضا ضاد قاض كما تفتح لام تغلب عند بعض العرب. وذا القلب مفعول بأول أى صاحب القلب وانفتاحا مفعول ثان بأول. ثم قال: (وفعل * وفعل عينهما افتح وفعل) ¬

_ (¬204) البيت من الطويل، وهو لتميم بن مقبل فى ملحق ديوانه ص 362، وأساس البلاغة ص 319 (عين)، ولذى الرمة فى ملحق ديوانه ص 1862، ولسان العرب 3/ 298 (عون)، ولعمارة فى شرح المفصل 5/ 151، والمحتسب 1/ 134، 2/ 236، وللفرزدق فى المقاصد النحوية 4/ 538، وبلا نسبة فى شرح الأشمونى 3/ 728، وشرح التصريح 2/ 329، والكتاب 3/ 341، ولسان العرب (حنا). والشاهد فيه قوله: «الحانوى» ونسبته إلى «الحانة» على غير قياس، والقياس: حانىّ.

يعنى أن الاسم الثلاثى المكسور العين يجب فتح عينه سواء كان مفتوح الفاء كنمر أو مكسورها كإبل أو مضمومها كدئل فتقول نمرى وإبلى ودئلى كراهة اجتماع الكسرة مع الياء. وفعل مبتدأ أو مفعول بفعل مضمر يفسره افتح وفعل معطوف على فعل بحذف العاطف وافتح خبر فعل إذا جعل مبتدأ وعينهما مفعول بافتح ومنهما (¬1) متعلق بافتح وفعل الآخر مبتدأ محذوف الخبر والتقدير وفعل كذلك أى مثلهما فى وجوب فتح العين. ثم قال: وقيل فى المرمىّ مرموىّ … واختير فى استعمالهم مرمىّ قد تقدم دخول هذه المسألة تحت عموم قوله: ومثله مما حواه لكن فيما إحدى ياءيه أصلية كمرمى لغتان: الحذف وهو الكثير، والقلب وذلك مفهوم من البيت وكان حقه أن يأتى بهذا البيت عقب قوله: ومثله مما حواه احذف كما فعل من الكافية لكن الأبيات التى ذكرت هنا مرتبط بعضها ببعض فلم يمكن إدخالها فى أثنائها فتعين تأخيره عنها. ومرموىّ مرفوع بقيل وفى المرمى متعلق بقيل ومرمى مرفوع باختير. ثم اعلم أن ما آخره ياء مشددة إن تقدمها ثلاثة أحرف فصاعدا فالوجه الحذف وقد تقدم وإن تقدمها حرفان فسيأتى، وإن تقدمها حرف واحد فقد أشار إليه بقوله: ونحو حىّ فتح ثانيه يجب … واردده واوا إن يكن عنه قلب يعنى أنه إذا تقدم على الياء حرف واحد ونسبت إليه لم يحذف منه شئ بل يفتح ثانيه وهو الياء الساكنة المدغمة فى الأخيرة فإن كان أصله واوا رددتها فقلت فى طىّ طووىّ لأنه من طويت وإنما قلبت الياء الأخيرة واوا وهى منقلبة عن ياء كما قلبت فى فتى وقد تقدم وفهم منه أن الياء الأولى إذا كانت ياء بالأصالة بقيت على حالها فتقول فى حىّ حيوى وإعراب البيت واضح. ثم قال: وعلم التّثنية احذف للنّسب … ومثل ذا فى جمع تصحيح وجب يعنى أنك إذا نسبت إلى مثنى أو مجموع على حدّه حذفت العلامة ونسبت إلى واحد فتقول فى النسب إلى زيدين وزيدين زيدىّ وحمل الشارح كلام الناظم على أن ذلك فيما ¬

_ (¬1) كلمة «منهما» ليست موجودة فى متن الألفية، والموجود «عينهما».

سمى به من المثنى والمجموع وتبعه المرادى، وفيه نظر، والذى ينبغى أن يحمل عليه ما ذكرت ويفهم منه أن حكم ما سمى به من النوعين على لغة الحكاية حكم المثنى والمجموع. وعلم مفعول باحذف وللنسب متعلق باحذف ومثل ذا مبتدأ وخبره وجب وفى جمع متعلق بوجب. ثم قال: (وثالث من نحو طيب حذف) يعنى أنه إذا وقع قبل الحرف المكسور لأجل ياء النسب ياء مكسورة مدغم فيها مثلها حذفت المكسورة كقولك فى طيب طيبىّ كراهية اجتماع الياآت والكسرة، وفهم من المثال أن الياء إذا كانت مفتوحة لم تحذف نحو هبيخ وكان القياس على هذا فى النسب إلى طيئ طيئى لكن جاء على خلاف ذلك وعلى ذلك نبه بقوله: (وشذّ طائى مقولا بالألف) ووجه الشذوذ أن أصله على مقتضى القياس طيى بسكون الياء لكن قلبوا الياء ألفا والياء إنما تقلب ألفا قياسا إذا كانت متحركة. وثالث مبتدأ وسوّغ الابتداء به أنه صفة لمحذوف والتقدير وحرف ثالث أو وياء ثالث وخبره حذف ومن نحو متعلق بحذف وطائى فاعل بشذ ومقولا حال من طائىّ وبالألف متعلق بمقول. ثم قال: وفعلىّ فى فعيلة التزم … وفعلىّ فى فعيلة حتم يعنى أن ما كان على وزن فعيلة نحو حنيفة تحذف منه تاء التأنيث ولا تجمع مع ياء النسب وتحذف أيضا منه الياء ويفتح ما قبلها فإن كان على وزن فعيلة بضم الفاء نحو جهينة تحذف أيضا منه الياء والتاء وتبقى الفتحة التى قبل الياء فتقول فى حنيفة حنفىّ وفى جهينة جهنىّ. وفعلى مبتدأ وخبره التزم وفى فعيلة متعلق بالتزم وإعراب عجز البيت كصدره وفعيلة وفعيلة غير منصرفين للتأنيث والعلمية. ثم قال: وألحقوا معلّ لام عريا … من المثالين بما التّا أوليا يعنى أنهم ألحقوا بفعيلة وفعيلة فى الحذف ما كان على فعيل أو فعيل بغير تاء وكان معتل اللام نحو عدى وقصى فتقول فيهما عدوىّ وقصوى وألحقوا يعنى العرب ومعل مفعول بألحقوا وعريا فى موضع النعت لمعلّ ومن المثالين متعلق بمعلّ وبما متعلق بألحقوا وما موصولة وصلتها أوليا والتا مفعول ثان لأوليا والمفعول الأول ضمير مستتر فى أوليا، وهو العائد على ما وما ذكر فى فعيلة وفعيلة من حذف ياءيهما إنما ذلك ما لم يكونا معتلى العين أو مضعفيهما وإلى ذلك أشار بقوله:

وتمّموا ما كان كالطّويله … وهكذا ما كان كالجليله يعنى أن ما كان معتل العين أو مضعفها من الوزنين يتم أى لا يحذف ياؤهما لثقل التضعيف والإعلال ومثل بفعيلة بفتح الفاء ولم يمثل بفعيلة بضمها وهما سواء فى وجوب التتميم، وإنما استغنى بفعيلة عن فعيلة لأن العلة موجودة فيهما وفهم من البيتين أن ما كان على فعيل صحيح اللام مجردا من التاء يتم على الأصل نحو عقيل وعقيل فتقول فيهما عقيلى وعقيلىّ وإعراب البيت واضح. ثم قال: وهمز ذى مدّ ينال فى النّسب … ما كان فى تثنية له انتسب يعنى أن حكم الممدود فى النسب كحكمه فى التثنية فتقول فى نحو حمراء حمراوى كما تقول حمراوان وتقول فى علباء وكساء وحياء علباوىّ وكساوىّ وحياوىّ وعلبائىّ وكسائى وحيائىّ كما تقول فى التثنية وقد تقدم ذكر ذلك كله. وهمز مبتدأ وينال يجوز ضبطه بضم الياء وفتحها وهو فى موضع الخبر وما مفعول ثان بينال إن ضم ياؤه وفى ينال ضمير مستتر عائد على المبتدأ وهو المفعول الأول، وإن كان ينال بفتح الياء فما مفعول وهى موصولة وصلتها كان وانتسب فى موضع خبر كان وفى تثنية متعلق بانتسب. ثم انتقل إلى النسب للمركب، وهو ثلاثة أقسام: مركب تركيب إسناد، وتركيب مزج، وتركيب إضافة وقد أشار إلى الأول والثانى فقال: (وانسب لصدر جملة وصدر ما * ركّب مزجا) يعنى بالجملة الجملة المسمى بها وهو تركيب الإسناد فينسب إلى صدرها وصدر المركب تركيب مزج والمزج الخلط فمثال الجملة برق نحره فتقول فى النسب إليه برقىّ ومثال المزجى بعلبك فتقول فى النسب إليه بعلىّ ثم انتقل إلى الثالث وهو المركب الإضافى وهو على قسمين قسم ينسب إلى عجزه، وقسم ينسب إلى صدره، وقد أشار إلى الأول بقوله: ولثان تمّما … إضافة مبدوءة بابن أو اب أو ما له التّعريف بالثّانى وجب فهذه ثلاثة أنواع ينسب فيها للعجز: أولها أن يكون مبدوءا بابن نحو ابن الزبير فتقول فى النسب إليه زبيرىّ. وثانيها أن يكون مبدوءا بأب وهو الكنية نحو أبو بكر فتقول فيه بكرىّ.

وثالثها أن يكون الأول يعرّف بالثانى نحو غلام زيد فتقول فيه زيدى كذا قال الشارح وفيه نظر. الرابع أن يخاف اللبس وسيأتى. ثم أشار إلى الثانى وهو ما ينسب إلى صدره فقال: (فيما سوى هذا انسبن للأوّل) يعنى أن المضاف إن لم يكن أحد الثلاثة المذكورة نسب إلى صدره نحو امرئ القيس فتقول فيه امرئىّ فإن خيف لبس نسب إلى العجز وإليه أشار بقوله: (ما لم يخف لبس كعبد الأشهل) يعنى إذا خيف اللبس نسب إلى الثانى نحو عبد شمس وعبد مناف وعبد الأشهل فتقول شمسىّ ومنافىّ وأشهلىّ لأنك لو نسبت للصدر فقلت عبدى لالتبس فلم يدر هل هو منسوب لعبد شمس أو لعبد مناف أو لعبد الأشهل. وهذا هو القسم الرابع مما ينسب فيه للثانى. ولصدر متعلق بانسب وصدر ما معطوف وما موصولة وصلتها ركب ومزجا مصدر على حذف مضاف والتقدير ركب تركيب مزج. ولثان معطوف على لصدر وإضافة مفعول بتمم وتمم فى موضع الصفة لثان ومبدوءة نعت لإضافة وبابن متعلق بمبدوءة وما معطوف على ثان وهى موصولة والتعريف مبتدأ وخبره وجب وله متعلق بوجب والجملة صلة ما وفى متعلق بانسبن وما موصولة وصلتها سوى وهذا إشارة لما ذكر، ولو قال فيما سوى هذى إشارة للمواضع المذكورة لكان أحسن وما مصدرية ظرفية أى مدة عدم خوف اللبس. ثم إن الثلاثى المحذوف منه حرف إما أن يكون المحذوف اللام أو الفاء أو العين فإن حذفت منه اللام فهو إما جائز الجبر وإما واجبه، وقد أشار إلى الأول بقوله: واجبر بردّ اللام ما منه حذف … جوازا إن لم يك ردّه ألف فى جمعى التّصحيح أو فى التّثنيه يعنى أن الثلاثىّ المحذوف منه اللام إذا لم يردّ المحذوف فى التثنية وجمعى التصحيح جاز جبره وإبقاؤه على حاله فتقول فى يد وعد ودم يدىّ ويدوى وعدىّ وعدوى ودمى ودموى لأنك تقول فى تثنيتها يدان وعدان ودمان وفى نحو ثبة ثبوىّ وثبتى لأنك تقول فى جمعها ثبات بغير رد. ثم أشار إلى الثانى بقوله: (وحقّ مجبور بهذى توفيه) يعنى أن ما جبر فى التثنية وجمعى التصحيح جبر فى النسب وجوبا نحو أب وأخ وعضة وسنة فتقول فيها أبوىّ وأخوى وعضوى وسنهى أو سنوى على الخلاف فى لامها لأنك تقول فى التثنية أبوان وأخوان وفى الجمع عضيات وسنوات أو سنهات. وبردّ متعلق باجبر ورد مصدر مضاف إلى

المفعول وما مفعول برد وهى موصولة وصلتها حذف ومنه متعلق بحذف وجوازا مصدر والظاهر أنه نعت لمصدر محذوف وعلى حذف مضاف والتقدير واجبر جبرا ذا جواز وإن شرط ورده اسم يك وألف فى موضع خبرها وفى جمعى متعلق بألف وحق مجبور إلخ جملة اسمية مستأنفة ثم قال: (وبأخ أختا وبابن بنتا * ألحق) يعنى أن أختا إذا نسبت إليها قلت أخوى كما تقول فى النسب إلى أخ وإذا نسبت إلى بنت قلت بنوى كما تقول فى النسب إلى ابن أما إلحاقه أختا بأخ فلا إشكال فيه وأما إلحاقه بنتا بابن ففيه نظر لأن النسب إلى ابن يجوز بابنى وبنوى فمن أين يعلم أن بنتا يقال فى النسب إليها بنوى فقط والعذر له فى ذلك أنه إنما أحال على من قال فى ابن بنوى ولا يصح حمله على من قال ابنىّ لعدم همزة الوصل فى بنت هذا الذى ذكرته فى النسب إلى أخت وبنت هو مذهب الجمهور وخالف يونس فى ذلك وعليه نبه بقوله: (ويونس أبى حذف التّا) يعنى أن يونس يقول فى النسب إلى أخت أختى وإلى بنت بنتىّ. وبأخ متعلق بألحق وأختا مفعول بألحق وبنتا معطوف على أختا وفصل بين حرف العطف والمعطوف بالمجرور وهو جائز خلافا للفارسى. ويونس مبتدأ وصرفه ضرورة وأبى فى موضع الخبر وحذف التاء مفعول بأبى. ثم قال: وضاعف الثّانى من ثنائى … ثانيه ذو لين كلا ولائى يعنى أنك إذا نسبت إلى اسم على حرفين ثانيه حرف لين وجب أن تضعف الثانى فتقول فى لو وكى ولا مسمى بها لووىّ وكيوى ولائى وفى ذلك نظر لأن ما سمى به مما ثانيه ذو لين يجب تضعيفه وجعله من ثلاثة أحرف دون نسب وتقدم مثل ذلك عند ذكر ما فى التصغير. والثانى مفعول بضاعف ومن ثنائى فى موضع الحال من الثانى وثانيه مبتدأ وذو لين خبره ولين بكسر اللام وهو مصدر والمبتدأ وخبره فى موضع نعت لثنائى. ثم انتقل إلى المحذوف الفاء فقال:

وإن يكن كشية ما الفا عدم … فجبره وفتح عينه التزم يعنى أن ما حذفت منه الفاء وكانت لامه ياء كشية ودية يجب جبره يعنى رد ما حذف منه وهو الواو ويفتح عينه فتقول وشوىّ وودوى وفى قوله وفتح عينه التزم موافقة لمذهب سيبويه والأخفش يتركها ساكنة فتقول وشىّ وفهم منه أن المحذوف الفاء إذا كان لامه غير ياء لم يردّ نحو عدة وعدىّ وفهم أيضا أن المحذوف العين لا يرد محذوفه لسكوته عنه نحو مذ مسمى بها فإن أصلها منذ. وإن يكن شرط وما اسم يكن وهى موصولة وصلتها عدم والفا مفعول بعدم وكشية خبر يكن والفا جواب الشرط وجبره مبتدأ وفتح عينه معطوف عليه والتزم فى موضع الخبر عنهما وكان حقه أن يقول التزما لكن أفرد على معنى ما ذكر. ثم قال: والواحد اذكر ناسبا للجمع إن … لم يشابه واحدا بالوضع يعنى أنك إذا نسبت إلى جمع باق على جمعيته ولم يشابه فى الوضع المفرد جئ بواحده ونسب إليه كقولك فى النسب إلى فرائض فرضى وفهم من قوله: إن لم يشابه واحدا بالوضع أنه إذا شابهه نسب إلى لفظه وشمل نوعين: أحدهما ما أهمل واحده كعباديد والآخر ما سمى به كأنصار فتقول فيهما عباديدىّ وأنصارى. والواحد مفعول باذكر وناسبا حال من الضمير المستتر فى اذكر وللجمع متعلق بناسبا وإن شرط وحذف جواب الشرط لدلالة ما تقدم عليه. ثم اعلم أن النسب يكون بالياء المشددة المذكورة كما تقدم ويكون بأوزان نبه عليها بقوله: ومع فاعل وفعّال فعل … فى نسب أغنى عن اليا فقبل فذكر ثلاثة أوزان: الأول فاعل بمعنى صاحب كذا نحو تامر ولابن وكاس أى صاحب تمر وصاحب لبن وصاحب كسوة الثانى: فعال فى الحرف غالبا نحو حدّاد وقزاز وفعل بمعنى صاحب كذا نحو طعم ولبس بمعنى ذى طعام وذى لباس. ومع متعلق بأغنى وفعل مبتدأ وخبره أغنى. ثم قال: وغير ما أسلفته مقرّرا … على الّذى ينقل منه اقتصرا يعنى أن ما خالف ما قدمته من الأحكام والضوابط يقتصر على ما نقل منه أى يحفظ ولا

الوقف

يقاس عليه وهو كثير ومنه قولهم فى المنسوب إلى البصرة بصرىّ بكسر الباء وإلى الدهر دهرى بضم الدال وإلى مرو مروزى بزيادة الزاى. وغير مبتدأ وما موصولة وصلتها أسلفته والضمير العائد على الموصول الهاء فى أسلفته ومقررا حال من الهاء واقتصر خبر غير وعلى الذى متعلق باقتصر وينقل منه صلة الذى والضمير العائد على الذى الهاء فى منه. الوقف الوقف قطع النطق عند آخر الحركة فإن كان الموقوف عليه منونا ففيه ثلاث لغات: حذف التنوين مطلقا وتسكين ما قبله نحو قام زيد ورأيت زيدا ومررت بزيد وإبدال التنوين من جنس حركة ما قبله مطلقا نحو قام زيد وورأيت زيدا ومررت بزيدى وحذفه بعد ضمه أو كسره وإبداله ألفا بعد فتحه وهذه اللغة الفصيحة ولذلك اقتصر الناظم عليها فقال: تنوينا اثر فتح اجعل ألفا … وقفا وتلو غير فتح احذفا يعنى أن التنوين إذا كان إثر فتحة جعلته أى التنوين ألفا وإذا كان إثر غير فتحة حذفته وشمل غير فتح الضم والكسر والمراد بالفتح فتح الإعراب. وتنوينا مفعول أول باجعل ووقفا مصدر فى موضع نصب على الحال من الضمير المستتر فى اجعل أو مفعول له وإثر ظرف متعلق باحذف وألف احذفا بدل من نون التوكيد الخفيفة. ثم قال: واحذف لوقف فى سوى اضطرار … صلة غير الفتح فى الإضمار يعنى أن هاء الضمير فى الوقف إذا كان صلة غير الفتح حذفت وشمل الضم والكسر نحو رأيته ومررت به فتقف عليهما بالسكون وفهم من قوله غير الفتح أن الواقعة بعد الفتح لا تحذف وهى ضمير المؤنث نحو رأيتها والمراد هنا بالفتح فتح البناء وفهم من قوله فى سوى اضطرار أن الوقف أتى على الواو والياء فى الاضطرار ولوقف متعلق باحذف واللام للتعليل وفى سوى متعلق باحذف وصلة مفعول باحذف وفى الإضمار متعلق بصلة. ثم قال: وأشبهت إذا منوّنا نصب … فألفا فى الوقف نونها قلب

يعنى أن إذن التى هى من النواصب يوقف عليها بإبدال النون ألفا لشبهه بالتنوين بعد الفتح فتقول إذا وفهم من قوله وأشبهت أن الوقف عليها بالألف على خلاف الأصل وإنما هو للشبه ولذلك ذكر بعضهم الوقف عليها بالنون على الأصل. وإذن فاعل بأشبهت ومنونا مفعول بأشبهت ونصب فى موضع الصفة لمنونا ونونها مبتدأ وقلب خبره وألفا حال من الضمير فى قلب. ثم قال: وحذف يا المنقوص ذى التّنوين ما … لم ينصب اولى من ثبوت فاعلما يعنى أن حذف الياء من المنقوص إذا كان غير منصوب أولى من ثبوتها فشمل المرفوع نحو هذا قاض والمجرور نحو مررت بقاض بحذف الياء فيهما وفهم من قوله ما لم ينصب أن الياء لا تحذف من المنصوب وفهم مما تقدم فى قوله (تنوينا إثر فتح اجعل ألفا) أن المنقوص المنون المنصوب يبدل فيه التنوين ألفا نحو رأيت قاضيا وفهم من قوله أولى أن جواز الوقف عليهما بالياء مرجوح نحو هذا قاضى ومررت بقاضى، هذا حكم المنقوص المنون، وأما غير المنون فقد أشار له بقوله: (وغير ذى التّنوين بالعكس) يعنى أن المنقوص غير المنون بالعكس من المنون فإثبات الياء فيه أولى من حذفها نحو هذا القاضى ومررت بالقاضى ويعنى بغير ذى التنوين المقرون بأل، وما ذكره من أنه عكس المنون إنما ذلك فى المرفوع والمجرور كما مثل، وأما المنصوب فليس فى الوقف إلا إثبات الياء وإن كان المنقوص محذوف العين فليس فيه إلا وجه واحد وأشار إليه بقوله: (وفى * نحو مر لزوم ردّ اليا اقتفى) يعنى أن نحو مر اسم فاعل من أرى إذا وقف عليه لزم رد الياء فتقول هذا مرى ومررت بمرى وإنما لزم فيه ردّ الياء لكثرة ما حذف منه فإن أصله مرئى على وزن مفعل فنقلت حركة الهمزة إلى الراء وحذفت الهمزة وفعل بالياء ما فعل بياء قاض ونحوه من حذف حركته وحذفه لالتقائه مع التنوين ولم يبق من أصول الكلمة إلّا الراء فلو سكنوها فى الوقف لكان ذلك إجحافا به. وقوله وحذف يا المنقوص مبتدأ وذى التنوين نعت للمنقوص وما ظرفية مصدرية وأولى خبر المبتدأ ومن ثبوت متعلق بأولى وفاعلما تتميم لصحة الاستغناء عنه وغير

ذى التنوين مبتدأ وخبره بالعكس ولزوم مبتدأ وهو مصدر مضاف إلى الفاعل وهو ردّ، وردّ مصدر أيضا وهو مضاف للمفعول واقتفى خبر المبتدأ وفى نحو متعلق باقتفى. ثم اعلم أن الموقوف عليه إذا كان متحركا فإما أن يكون تاء تأنيث أو غيرها فإن كان تاء تأنيث وقف عليه بالسكون خاصة وهو الأصل وإن كان غيرها جاز فيه السكون والروم والإشمام والتضعيف والنقل وذلك بشروط يأتى ذكرها وقد أشار إلى الأول والثانى بقوله: وغيرها التّأنيث من محرّك … سكّنه أو قف رائم التّحرّك يعنى أن غير هاء التأنيث من المحرك يجوز تسكينه ورومه والأصل التسكين وأما الروم فهو إخفاء الصوت بالحركة ويجوز فى الحركات الثلاث وفهم من استثنائه هاء التأنيث أنه لا يجوز فيها ما جاز فى غيرها وسيبين بعد كيف يوقف عليها. وغير منصوب بفعل مضمر يفسره سكنه وأو قف معطوف على سكنه ورائم التحرك حال من الفاعل المستتر فى قف. ثم أشار إلى الثالث بقوله: (أو أشمم الضمّة) الإشمام هو الإشارة بالشفتين إلى الحركة حالة سكون الحرف وفهم من قوله الضمة أنه مخصوص بها ولا يجوز فى الفتحة ولا فى الكسرة. والضمة مفعول بأشمم وأشمم معطوف على قف. ثم أشار إلى الرابع فقال: أو قف مضعفا * ما ليس … همزا أو عليلا إن قفا * محرّكا يعنى أنه يجوز الوقف على المتحرك غير التاء بالتضعيف بشرط أن لا يكون همزة ولا حرف علة وأن يكون قبله متحرك وهذه الشروط كلها مفهومة من البيت فتقول فى جعفر وضارب ودرهم جعفرّ وضاربّ ودرهمّ بالتضعيف. وأو قف معطوف على أشمم ومضعفا حال من الضمير المستتر فى قف وما مفعول بمضعفا وهى موصولة وصلتها ليس وهمزا خبر ليس وأو عليلا معطوف على همزا وإن قفا شرط أى تبع ومحركا مفعول بقفا. ثم أشار إلى الخامس فقال: وحركات انقلا … لساكن تحريكه لن يحظلا يعنى أنه يجوز نقل حركة الحرف الموقوف عليه إلى ما قبله وذكر له هذا فى البيت شرطين أحدهما أن يكون ساكنا وهو قوله لساكن واحترز من المتحرك فلا ينقل إليه، والآخر أن يكون الساكن مما يقبل الحركة وشمل الألف لتعذر حركته نحو دار والواو والياء لثقل

الحركة فيهما نحو قنديل وعصفور والمضعف نحو الجد لأن نقله يستلزم فكه وهو ممتنع فى غير الضرورة وبقى عليه شرط ثالث خلافىّ أشار إليه بقوله: (ونقل فتح من سوى المهموز لا * يراه بصرىّ وكوف نقلا) يعنى أن البصريين منعوا نقل الفتحة إذا كان المنقول منه غير همزة فلا يقال فى رأيت الحصن رأيت الحصن لأن المفتوح إن كان منونا لزم من النقل حذف ألف التنوين وحمل عليه غير المنون، وأجاز ذلك الكوفيون، وفهم من قوله سوى المهموز أن نقل الفتحة من المهموز جائز عند الجميع لثقل الهمزة نحو رأيت الخبا والردا والبطا تنقل الفتحة فى جميع ذلك. ثم قال: (والنقل إن يعدم نظير ممتنع) يعنى أن نقل الحركة للساكن إذا أدى نقلها إلى عدم النظير فلا يجوز النقل فى نحو هذا بشر فتقول بشر لما يؤدى إليه من بناء فعل فى الأسماء وهو خاص بالأفعال فإن كان الحرف المنقول إليه همزا جاز وإليه أشار بقوله: (وذاك فى المهموز ليس يمتنع) الإشارة بذاك للنقل الذى يؤدى إلى عدم النظير يعنى أن ذلك فى المهموز غير ممتنع لثقل الهمزة فتقول فى نحو هذا ردء هذا ردء ومررت بالكفء. وحركات مفعول بانقلا وألف انقلا بدل من النون الخفيفة ولساكن متعلق بانقلا وتحريكه مبتدأ ولن يحظلا أى يمتنع خبر المبتدأ ونقل فتح مبتدأ ومن سوى متعلق بنقل ولا يراه بصرى جملة فى موضع خبر المبتدأ وكوف مبتدأ ونقلا فى موضع الخبر والنقل مبتدأ وخبره ممتنع وإن يعدم نظير شرط محذوف الجواب وذاك إشارة للنقل وهو مبتدأ وليس خبره وفى المهموز متعلق بيمتنع. ثم قال: فى الوقف تا تأنيث الاسم ها جعل … إن لم يكن بساكن صحّ وصل يعنى أن تاء التأنيث اللاحقة للأسماء تجعل فى الوقف هاء واحترز بتاء تأنيث الاسم من تاء التأنيث الساكنة اللاحقة للأفعال نحو قامت واحترز بقوله إن لم يكن بساكن صح وصل من نحو بنت وأخت وفهم منه أن الساكن إذا كان غير صحيح والتاء للتأنيث أنه يوقف عليها بالهاء نحو قناة وحصاة ودخل فى ذلك التاء فى جمع المؤنث السالم نحو هندات فأخرجه بقوله:

(وقلّ ذا فى جمع تصحيح وما * ضاهى) أى قل جعل التاء هاء فى الوقف فى جمع المؤنث السالم كهندات وما ضاهاه كأولات وهيهات والأعرف فى ذلك الوقف بالتاء ومن الوقف بالهاء قول بعضهم: دفن البناه من المكرماه وقوله: (وغير ذين بالعكس انتمى) يعنى أن غير جمع المؤنث السالم وما ضاهاه بالعكس من جمع المؤنث ومضاهيه فالوقف بالهاء هو الكثير نحو فاطمة وطلحة والوقف بالتاء قليل ومنه قولهم يا أهل سورة البقرت * فقال مجيب ما أحفظ منها ولا آيت. وتاء تأنيث الاسم مبتدأ وخبره جعل وفى جعل ضمير عائد على المبتدأ وهو مفعول أول بجعل وهاء مفعول ثان وإن لم يكن شرط وفى يكن ضمير هو اسمها عائد على تاء وخبر يكن وصل وبساكن متعلق بوصل وصح فى موضع النعت لساكن. ثم إن من عوارض الوقف زيادة هاء السكت آخر الموقوف عليه وأكثر ما تزاد بعد الفعل المحذوف الآخر جزما كلم يعطه أو وقفا كأعطه وبعد ما الاستفهامية المجرورة كقوله علام فقلت علامه وقد تزاد فى غيرهما كما سيأتى، فأما لحاقها للفعل المحذوف الآخر فقد أشار إليه بقوله: وقف بها السّكت على الفعل المعلّ … بحذف آخر كأعط من سأل يعنى أن هاء السكت تلحق فى الوقف آخر الفعل المحذوف الآخر فشمل المضارع المجزوم نحو لم يعطه ولم يعه والأمر من المعتل اللام نحو أعطه وقه إلا أن لحاقها بنحو لم يعه وقه مما بقى من الفعل فيه حرف واحد أو حرفان أحدهما حرف المضارعة واجب وإلى ذلك أشار بقوله: وليس حتما فى سوى ما كع أو … كيع مجزوما فراع ما رعوا يعنى أنه إنما يجب لحاق هاء السكت فى نحو المثالين المذكورين تقوية لهما وفهم منه أن لحاقها لما بقى من حروفه أكثر من حرفين نحو أعط ولم يعط جائز لا لازم فتقول فى لم يعط وأعط لم يعط وأعط بالسكون ولم يعطه وأعطه بإلحاق الهاء وفى نحو قه ولم يقه بإلحاق الهاء خاصة. وبها متعلق بقف وقصرها ضرورة وعلى الفعل متعلق بقف أيضا والمعل نعت للفعل وبحذف متعلق بالمعل وحتما خبر ليس وفى ليس ضمير هو اسمها عائد على لحاق الهاء وفى سوى متعلق بحتما وما موصولة وصلتها كع ومجزوما حال من كيع والواو فى رعوا عائد على العرب. ثم انتقل إلى لحاقها بعد ما الاستفهامية فقال:

وما فى الاستفهام إن جرّت حذف … ألفها وأولها الها إن تقف يعنى أن ما الاستفهامية إذا جرّت حذفت ألفها فى الوقف ولحقتها هاء السكت واحترز بقوله ما فى الاستفهام من الموصولة والمصدرية والشرطية فلا يحذف ألف شئ من ذلك فى الوقف ولا يلحقه هاء السكت وفهم من قوله إن جرت أن المرفوعة والمنصوبة لا تلحقها هاء السكت وشمل قوله إن جرت المجرورة بحرف الجر نحو عمه ولمه والمجرورة بالإضافة نحو اقتضاء مه إلا أن المجرورة يلزمها الحذف وإلحاق الهاء، وإلى ذلك أشار بقوله: وليس حتما فى سوى ما انخفضا … باسم كقولك اقتضاء م اقتضى يعنى أن المجرورة بغير الإضافة وهو حرف الجر ليس لحاق الهاء لها حتما ففهم منه أن لحاقها جائز فى المجرورة بحرف وفهم أيضا أنه لازم فى المجرورة بالإضافة ومثل ذلك بقوله اقتضاء م اقتضى هذا مثال المجرورة بالإضافة فاقتضاء مضاف لم فإذا وقفت عليها قلت فى اقتضاء م اقتضى زيد اقتضاء مه. وما مبتدأ وإن حرف شرط وحذف ألفها جواب الشرط وجملة الشرط والجواب خبر المبتدأ والظاهر أن قوله فى الاستفهام متعلق بمحذوف تقديره أعنى والهاء فى أولها مفعول أول بأول والهاء مفعول ثان وإن تقف شرط محذوف الجواب لدلالة ما تقدم عليه وحتما خبر ليس وفى ليس ضمير هو اسمها يعود على لحاق الها. وفى سوى متعلق بحتما وما موصولة وصلتها انخفض باسم متعلق بانخفض. ثم انتقل إلى لحاقها فى غير الفعل المعل الآخر وما الاستفهامية فقال: ووصل ذى الهاء أجز بكلّ ما … حرّك تحريك بناء لزما ووصلها بغير تحريك بنا … أديم شذّ فى المدام استحسنا يعنى أن وصل هاء السكت بغير الحركة التى للبناء المدام شاذ ووصلها بحركة البناء مستحسن وفهم منه أنه لا يوصل بحركة الإعراب البتة فمثال حركة البناء المدام الذى يستحسن لحاق الهاء معه حركة الواو والياء من هو وهى فيجوز هوه وهيه وقد قرئ بها مثال حركة البناء غير المدامة اسم لا والمنادى ونحوهما مما فيه البناء والإعراب وقد شذ لحاقها فى عل فى قول الراجز:

- يا ربّ يوم لى لا أظلّله … أرمض من تحت وأضحى من عله (¬205) ووصلها مبتدأ والهاء عائدة على هاء السكت وبغير متعلق بوصل وأديم فى موضع الصفة لبناء وشذ خبر المبتدأ والمدام اسم مفعول من أدامه يديمه فهو مدام وهو متعلق باستحسن. ثم قال: وربّما أعطى لفظ الوصل ما … للوقف نثرا وفشا منتظما يعنى أنه قد يحكم للوصل بحكم الوقف فيعطى حكمه وذلك فى النثر قليل وفهم ذلك من قوله وربما ومنه قوله تعالى فى قراءة حمزة والكسائى لم يتسنه وانظر، وقراءة قالون ومحياى ومماتى وفى الشعر فاش وقد صرح بذلك فى قوله وفشا منتظما ومنه قوله: - أتوا نارى فقلت منون أنتم (¬206) وقوله: - ضخم يحب الخلق الأضخمّا (¬207) وهو فى الشعر كثير. ولفظ الوصل مفعول لم يسم فاعله بأعطى وما مفعول ثان وهى موصولة وصلتها للوقف ونثرا منصوب على إسقاط الخافض والتقدير فى النثر وفشا معطوف على أعطى ومنتظما حال من الضمير المستتر فى فشا. ¬

_ (¬205) الرجز لأبى مروان فى شرح التصريح 2/ 346، ولأبى الهجنجل فى شرح شواهد المغنى 1/ 448، ومجالس ثعلب ص 489، ولأبى ثروان فى المقاصد النحوية 4/ 454، وبلا نسبة فى أوضح المسالك 4/ 351، وجمهرة اللغة ص 1318، وخزانة الأدب 2/ 397، والدرر 3/ 97، 6/ 305، وشرح الأشمونى 2/ 323، 3/ 760، وشرح عمدة الحافظ ص 981، وشرح المفصل 4/ 87، ومغنى اللبيب 1/ 154، وهمع الهوامع 1/ 203، 2/ 210. والشاهد فيه قوله: «من عله» حيث ألحق هاء السكت بكلمة «عل» وهى كلمة مبنية بناء عارضا، وهذا شاذ؛ لأنها إنما تلحق ما كان مبنيا بناء دائما. (¬206) راجع التخريج رقم 202. والشاهد فيه قوله: «منون أنتم» يريد: من أنتم؟ وفيه شذوذان: الأول إلحاق الواو والنون بها فى الوصل، والثانى تحريك النون وهى تكون ساكنة. وقال ابن الناظم: فيه شذوذان: أحدهما أنه حكى مقدّرا غير مذكور، والثانى أنه أثبت العلامة فى الوصل، وحقها أن لا تثبت فى الوصل. (المقاصد النحوية 4/ 503). (¬207) الرجز لرؤبة فى ملحق ديوانه ص 183، وشرح أبيات سيبويه 1/ 419، والكتاب 1/ 29، 4/ 170، ولسان العرب 12/ 353 (ضخم)، وبلا نسبة فى رصف المبانى ص 162، وسر صناعة الإعراب 1/ 162، 416، 2/ 515، ولسان العرب 3/ 90 (بعد)، 98 (بيد)، 13/ 526 (فوه)، والمحتسب 1/ 102، والمنصف 1/ 10. والشاهد فيه قوله: «الأضخمّا» حيث شدد الميم فى الوصل إجراء له مجرى الوقف؛ ويروى «ضخما» مكان «الأضخمّا» وعلى هذه الرواية لا شاهد فيه.

الإمالة

الإمالة الإمالة على قسمين إمالة الألف وإمالة الفتحة فإمالة الألف هى أن تنحو بالألف نحو الياء والفتحة نحو الكسرة وذكر لها الناظم ستة أسباب: الأول انقلابها عن الياء الثانى مآلها إلى الياء الثالث كونها تدل على ما يقال فيه قلت. الرابع ياء قبلها أو بعدها الخامس كسرة قبلها أو بعدها السادس التناسب وقد أشار إلى الأول فقال: (الألف المبدل من يا فى طرف * أمل) يعنى أن الألف المبدلة من الياء فى طرف تمال وشمل آخر الفعل كرمى وآخر الاسم كمرمى وفهم منه أن الألف إذا كانت وسطا لا تمال وإن كانت مبدلة من ياء إلا بشرط يأتى. والألف مفعول بأمل والمبدل نعت للألف ومن يا متعلق بالمبدل وفى طرف موضع النعت ليا. ثم أشار إلى الثانى فقال: كذا الواقع منه اليا خلف … دون مزيد أو شذوذ يعنى أن الألف تمال إذا كانت صائرة إلى الياء دون شذوذ ولا زيادة وذلك نحو حبلى ومغزى فإن الألف منهما غير مبدلة من ياء لكنها تصير إلى الياء فى التثنية والجمع بالألف والتاء فتقول حبليان وحبليات ومغزيان ومغزيات واحترز بالشذوذ من قلب الألف ياء فى لغة هذيل إذا أضيفت إلى ياء المتكلم نحو عصىّ فى عصاى واحترز بالمزيد من رجوع الألف إلى الياء بسبب زيادة كقولهم فى تصغير قفا قفىّ وفى جمعه قفىّ. والواقع مبتدأ وخبره كذا ومنه متعلق بالواقع وأل موصولة والياء فاعل بالواقع والضمير فى منه عائد على أل وخلف حال من الياء ووقف عليه بالسكون على لغة ربيعة ودون متعلق بخلف أو بالواقع. ثم قال: (ولما * تليه ها التّأنيث ما الها عدما) يعنى أن ما آخره تاء التأنيث مما فى آخره ألف تستحق الإمالة يمال كما يمال المجرد من التاء نحو مرماة وفتاة لأن التاء فى حكم الانفصال فهى غير معتد بها. وما مبتدأ وهى موصولة بعد ما والهاء مفعول بعد ما وخبر المبتدأ لما وما موصولة وصلتها تليه وها التأنيث فاعل بتليه والمبتدأ على حذف مضاف والتقدير حكم ما عدم التاء من الإمالة ثابت لما تليه هاء التأنيث. ثم أشار إلى السبب الثالث فقال: وهكذا بدل عين الفعل إن … يؤل إلى فلت كماضى خف ودن

يعنى أن الألف تمال أيضا إذا كانت بدلا من عين فعل تكسر فاؤه إذا أسند إلى تاء الضمير فشمل ما عينه واو مكسورة نحو خاف أصله خوف بكسر الواو لأنه من الخوف وما عينه ياء مفتوحة فى الأصل نحو دان فإنه من الدين، وما عينه ياء مكسورة نحو هاب فإنه من الهيبة وأصله هيب فتمال الألف من ذلك كله لأنه يئول إذا أسند إلى التاء لفلت فيقال خفت ودنت وهبت واحترز به مما لا يئول إلى فلت بالكسر بل إلى فلت بالضم نحو قال وطال لأنك تقول فيهما قلت وطلت. وبدل مبتدأ وخبره كذا وإن يؤل شرط حذف جوابه لدلالة ما تقدم عليه. ثم أشار إلى السبب الرابع فقال: (كذاك تالى الياء) أى تمال أيضا الألف التى تتلو الياء وذلك نحو سيل وأوهم كلامه أن ذلك فيما اتصل بالياء كالمثال بل تجوز الإمالة وإن فصل بين الياء والألف فاصل وعلى ذلك نبه بقوله: والفصل اغتفر * … بحرف أو مع ها كجيبها أدر يعنى أنه قد اغتفر الفصل بين الياء والألف الممالة بحرف واحد وذلك نحو شيبان أو بحرفين أحدهما هاء نحو أدر جيبها وإنما اغتفر الفصل بحرف واحد لقلة الفصل واغتفر بحرف مع الهاء لخفاء الهاء وفهم منه أن الفصل إذا كان بحرفين وليس ثانيهما هاء منع من الإمالة ولم يذكر فى هذا النظم الياء سببا إذا كانت بعد الألف نحو مائع وهو فى ذلك موافق لسيبويه. وتالى الياء مبتدأ وخبره كذاك والفصل مبتدأ وخبره اغتفر وبحرف متعلق بالفصل وأو مع ها معطوف على مقدر والتقدير بحرف وحده أو مع هاء وقصرها ضرورة. ثم أشار إلى السبب الخامس فقال: كذاك ما يليه كسر أو يلى … تالى كسر أو سكون قد ولى كسرا وفصل الها كلا فصل يعدّ … فدرهماك من يمله لم يصدّ فذكر خمس صور الأولى أن يقع الكسر بعد الألف وشرط أن يليها نحو مساجد الثانية أن يقع الكسر قبلها وفيه أربع صور: أولها أن تكون منفصلة بحرف نحو عماد وثانيها أن تكون منفصلة بحرفين أولهما ساكن نحو شملال وثالثها أن تكون منفصلة بحرفين متحركين ثانيهما الهاء نحو يريد أن يضربها ورابعها أن تكون منفصلة بحرف ساكن ومتحركين أحدهما الهاء وقد مثل ذلك بقوله: فدرهماك من يمله لم يصد فالألف فى هذه المثل كلها يجوز إمالتها وإنما اغتفر الفصل بالهاء فى درهماك لخفائها فلم يعتد بها فصار كشملال وهذه الصور كلها

مفهومة من النظم وفهم منه أن الفصل إذا كان بغير ما ذكر لم تجز الإمالة. وما مبتدأ وهى موصولة وصلتها يليه وكسر فاعل بيليه والضمير العائد على الموصول الهاء من يليه وأو يلى معطوف على الصلة والضمير العائد منه على الموصول فاعل يلى وتالى المفعول بيلى وسكون معطوف على كسر وقد ولى كسرا جملة فى موضع النعت لسكون وفصل الها مبتدأ وخبره يعد وكلا فصل متعلق بيعد فدرهماك مبتدأ ومن اسم شرط فى موضع رفع بالابتداء ويمله مجزوم به وهو فى موضع خبره ولم يصد جواب الشرط وبقى من أسباب الإمالة سبب سادس يأتى الكلام عليه حيث ذكره. ثم انتقل إلى موانع الإمالة فقال: وحرف الاستعلا يكفّ مظهرا … من كسر او يا وكذا تكفّ را يعنى أن حرف الاستعلاء والراء يكفان سبب الإمالة وشمل حرف الاستعلاء سبعة أحرف يجمعها قوله: «قظ خص ضغط» وعلى هذا فالحروف الكافة للإمالة ثمانية إلا أن هذه الأحرف لا تمنع جميع أسباب الإمالة بل تمنع الإمالة إذا كان سببها كسرة ظاهرة أو ياء موجودة وكان بعد الألف حرف من أحرف الاستعلاء وكان حرف الاستعلاء متصلا أو مفصولا بحرف أو حرفين أو كانت الراء مضمومة أو مفتوحة. وحرف الاستعلاء مبتدأ وخبره يكف ومظهرا مفعول بيكف وهو على حذف الموصول تقديره يكف حرفا مظهرا ومن كسر متعلق بمظهرا ورا فاعل بتكف وكذا متعلق بتكف ثم إن المانع من الإمالة يكون متأخرا عن الألف ومتقدما عليها وقد أشار إلى الأول بقوله: إن كان ما يكفّ بعد متّصل … أو بعد حرف أو بحرفين فصل فهذه ثلاث صور: الأولى أن يكون متصلا بالألف نحو فاقد وباخل الثانية أن يكون مفصولا بحرف نحو منافق وباسط. الثالثة أن يكون مفصولا بحرفين نحو مواثيق ومواعيظ. وما اسم كان وهى موصولة وصلتها يكف والضمير العائد على الموصول الفاعل بيكف وبعد فى موضع خبر كان وهو مقطوع عن الإضافة والتقدير بعده، أى بعد الألف الممالة ومتصل خبر بعد خبر وقف عليه بحذف التنوين على لغة ربيعة وأو بعد حرف معطوف على بعد الأولى وأو للتقسيم وبحرفين متعلق بفصل وفصل معطوف على ما قبله. ثم أشار إلى المانع إذا كان متقدما فقال: كذا إذا قدّم ما لم ينكسر … أو يسكن اثر الكسر كالمطواع مر

يعنى أن حرف الاستعلاء والراء غير المكسورة إذا تقدما على الألف منعا الإمالة بشرط أن يكون المانع غير مكسور أو ساكن بعد كسرة فمثال المكسور طلاب ومثال الساكن بعد كسرة رأيت المطواع وقد مثله بقوله كالمطواع مر، وفهم منه أن ما كان على خلاف المثالين المذكورين يمنع الإمالة نحو طالب وقادر وراكب وقبائل وضبارم. وكذا متعلق بمحذوف تقديره تمال كذا والضمير فى قدم مستتر عائد على المانع وما ظرفية مصدرية وأو يسكن معطوف على ينكسر وإثر ظرفية متعلق بيسكن والمطواع مفعول بمر يقال مار الطعام يمير ومار أهله إذا جلب إليهم الطعام والمطواع بمعنى المطيع. ثم إن الموانع من الإمالة قد يعرض ما يمنعها، وإلى ذلك أشار بقوله: وكفّ مستعل ورا ينكفّ … بكسر را كغارما لا أجفو يعنى أن الراء المكسورة إذا وقعت بعد الألف الممالة مكسورة كفت المستعلى والراء المفتوحة نحو دار القرار ولا أجفو غارما ومن العجب أن الراء المكسورة تكف نفسها إن كانت مفتوحة وسبب كف الراء المكسورة لنفسها ولحرف الاستعلاء أنها مكررة فتضاعفت فيها الكسرة فقوى بذلك على سبب الإمالة. وكف مبتدأ وهو مصدر مضاف إلى المفعول ورا معطوف على مستعل وينكف خبر المبتدأ وبكسر متعلق بينكف وغارما مفعول بأجفو. ثم قال: ولا تمل لسبب لم يتّصل … والكفّ قد يوجبه ما ينفصل يعنى أن سبب الإمالة لا يؤثر إذا كان منفصلا يعنى من كلمة أخرى نحو يدى سابور فلا تمال الألف من سابور لأجل الياء من يدى لأنها منفصلة بخلاف الكف فإنه يؤثر وإن كان منفصلا فتمتنع الإمالة فى نحو يريد أن يضربها قبل فلا تمال الألف من يضربها لكف القاف لها وإن كان من كلمة أخرى. ولسبب متعلق بتمل ولم يتصل فى موضع النعت لسبب والكف مبتدأ وخبره قد يوجبه وما فاعل بيوجبه وهى موصولة وينفصل صلتها. ثم قال: وقد أمالوا لتناسب بلا … داع سواه كعمادا وتلا هذا هو السبب السادس من أسباب الإمالة وإنما أخره عنها لضعفه بالنسبة لها، يعنى أنهم قد أمالوا للتناسب دون سبب سواه وذكر مثالين أحدهما عمادا ويعنى به إذا قلت رأيت عمادا ثم وقفت عليه فقلبت التنوين ألفا فتميل الألفين معا أعنى الألف التى بعد الميم والألف

المبدلة من التنوين أما الألف التى بعد الميم فلإمالتها سبب وهو كسر العين وأما الألف التى هى بدل من التنوين فلا سبب لإمالتها إلا المناسبة للألف الممالة التى قبلها. وينبغى أن يضبط كعمادا بالألف دون تنوين على إرادة الوقف والمثال الثانى تلا أميل من قوله تعالى: وَالْقَمَرِ إِذا تَلاها [الشمس: 2] فالألف فيه منقلبة عن واو فلاحظ لها فى الإمالة لكن أميلت لمناسبة رءوس الآى، وفيها ما لإمالته سبب نحو إذا جلاها، والواو فى أمالوا عائدة على العرب ولتناسب وبلا متعلقان بأمالوا. ثم قال: ولا تمل ما لم ينل تمكّنا … دون سماع غيرها وغيرنا يعنى أنه لا تطرد الإمالة فى شئ من الأسماء غير المتمكنة إلا فى نا ضمير المتكلم ومعه غيره وها ضمير الواحدة فتقول مر بنا ونظر إلينا ومر بها ونظر إليها وإنما اطردت فى هذين الضميرين دون غيرهما من غير المتمكن لكثرة استعمالهما وفهم من قوله دون سماع أن الإمالة سمعت فى غير هذين سماعا وذلك أنى ومتى وبلى. وقوله تمل مجزوم بلا الناهية وما مفعول بتمل وهى موصولة وصلتها لم ينل تمكنا ودون متعلق بتمل وغير منصوب على الاستثناء. ولما فرغ من إمالة الألف وأسبابها انتقل إلى إمالة الفتحة ولها سببان أشار إلى الأول منهما بقوله: والفتح قبل كسر راء فى طرف … أمل كللأيسر مل تكف الكلف يعنى أن الفتحة تمال إذا كان بعدها راء مكسورة متطرفة نحو أولى الضرر وبشرر وقد مثل ذلك الناظم بقوله: للأيسر مل أى مل إلى الأيسر وفهم من إطلاقه أن الإمالة للياء جائزة فى الوصل والوقف وفهم أيضا منه أن الإمالة جائزة فى حرف الاستعلاء وفى غيره. والفتح مفعول بأمل وقبل متعلق بأمل وفى طرف فى موضع النعت لراء وللأيسر متعلق بمل وتكف مجزوم على جواب الشرط والكلف مفعول ثان بتكف وتكف الكلف تتميم لصحة الاستغناء عنه. ثم أشار إلى السبب الثانى فقال: كذا الّذى يليه ها التّأنيث فى … وقف إذا ما كان غير ألف يعنى أن الفتحة تمال أيضا فى الوقف إذا وليها هاء التأنيث وفهم من قوله إذا ما كان غير ألف أن الإمالة جائزة فى جميع الحروف ما عدا الألف ومثاله رحمة وقصعة ودرجة وعرقوة

التصريف

وحدربة، وأما الألف فلا إمالة فيها نحو فتاة وحصاة. والذى مبتدأ وخبره كذا ويليه ها التأنيث صلة الذى والضمير العائد على الموصول الهاء فى يليه وفى وقف متعلق بيليه وكذلك إذا واسم كان ضمير مستتر عائد على ما قبل هاء التأنيث. التصريف هو العلم بأحكام بنية الكلمة بما لحروفها من أصالة وزيادة وصحة وإعلال وشبه ذلك ومتعلقه من الكلم الأفعال والأسماء التى لا تشبه الحروف وهو نوعان: معرفة حروف الزيادة ومعرفة الإبدال، وقد أشار إلى الأول فقال: حرف وشبهه من الصّرف برى … وما سواهما بتصريف حرى يعنى أن الحرف وما أشبهه من الأسماء فى التوغل فى البناء لا يدخله التصريف وما سوى هذين من الأسماء والأفعال حقيق بدخول التصريف فيه وتجوّز فى قوله من الصرف فأطلق الصرف على التصريف لضرورة الوزن. وحرف مبتدأ وشبهه معطوف عليه وسوغ الابتداء بحرف عطف المضاف عليه وبرى خبر المبتدأ وأصله برئ على وزن فعيل فخففه بحذف الهمزة ويحتمل أن يكون برى فعلا ماضيا والأول أجود لأن فعيلا يجوز الإخبار به عن أكثر من واحد. وما مبتدأ وهى موصولة وصلتها سواهما وخبر ما حرى أى حقيق وبتصريف متعلق بحرى. ثم قال: وليس أدنى من ثلاثىّ يرى … قابل تصريف سوى ما غيّرا يعنى أن ما كان على حرف واحد أو حرفين لا يقبل التصريف ففهم منه أن أقل ما يوجد عليه الأسماء والأفعال بالوضع ثلاثة أحرف لأن الأسماء والأفعال قد تنقص عن ثلاثة بحذف بعض حروفها، أما الأسماء فتوجد على حرفين نحو يد ودم وعلى حرف واحد نحو م الله فى القسم على القول بأنه اسم وهو الصحيح، وأما الأفعال فتوجد على حرفين نحو خذ وبع وعلى حرف واحد نحو ق فعل أمر من وقى. وأدنى اسم ليس ومن ثلاثى متعلق بأدنى ويرى فى موضع خبر ليس وقابل مفعول ثان بيرى ومفعوله الأول ضمير مستتر فيه عائد على أدنى، ويجوز أن يكون قابل مرفوعا على أنه اسم ليس وأدنى منصوبا على أن يكون مفعولا ثانيا

ليرى والتقدير وليس قابل التصريف يرى أدنى من ثلاثى وسوى استثناء وما موصولة وصلتها غير. ثم قال: ومنتهى اسم خمس ان تجرّدا … وإن يزد فيه فما سبعا عدا يعنى أن الأسماء على قسمين: مجرد من الزيادة، ومزيد فيه فغاية ما يصل إليه المجرد خمسة أحرف نحو سفرجل وغاية ما يصل إليه بالزيادة سبعة أحرف نحو اشهيباب مصدر اشهابّ، ومنتهى اسم مبتدأ وهو على حذف مضاف أى ومنتهى حروف اسم وخبره خمس وإنما أسقط التاء من خمس لأن حروف التهجى يجوز تذكيرها وتأنيثها وإن تجردا شرط حذف جوابه لدلالة ما تقدم عليه وإن يزد فيه شرط وجوابه الفاء وما بعدها وسبعا مفعول بعدا وقد فهم من هذا البيت والذى قبله أن الاسم المجرد ثلاثة أنواع: ثلاثى، ورباعى، وخماسى. وقد أشار إلى الاسم الثلاثى بقوله: وغير آخر الثّلاثى افتح وضمّ … واكسر وزد تسكين ثانيه تعمّ غير آخر الثلاثى هو أوله وثانيه فالأول قابل للحركات الثلاث والثانى قابل للحركات والسكون والحاصل من ضرب ثلاثة فى أربعة اثنا عشر وزنا وهى التى تقتضيها القسمة العقلية وهى مفهومة من البيت فافتح وضم واكسر يعنى فى كل واحد منها فهذه تسعة وزد تسكين ثانيه مع الحركات الثلاث فى الأول فهذه ثلاثة إلى تسعة باثنى عشر، ومثلها على ترتيب النظم فعل نحو جمل وفعل نحو عضد وفعل نحو كتف وفعل نحو قتب وفعل نحو عنق وفعل نحو دئل وفعل نحو عنب وفعل بكسر الأول وضم الثانى وهو مهمل وفعل نحو إبل وفعل نحو فلس وفعل نحو قفل وفعل نحو عدل إلا أن المستعمل منها عشر وواحد مهمل وواحد قليل، وإلى ذلك أشار بقوله: وفعل أهمل والعكس يقلّ … لقصدهم تخصيص فعل بفعل وإنما أهمل فعل لثقله بالخروج من كسر إلى ضم وقد قرئ والسماء ذات الحبك بكسر الحاء وضم الباء وإنما قلّ فعل لاختصاصه بالفعل وفهم منه أنه وارد فى كلام العرب إلا أنه قليل ومن ذلك قولهم دئل فى اسم قبيلة وإليها ينسب أبو الأسود الدؤلى ورئم فى اسم الاست. وغير مفعول مقدم باكسر وهو مطلوب لافتح وضم فهو من باب التنازع وتسكين

مفعول بزد وتعمّ مجزوم على جواب الشرط ومعنى تعم أى تستوفى جميع أوزان الثلاثى. وفعل مبتدأ وأهمل خبره والعكس يقل مبتدأ وخبر ولقصدهم متعلق بيقلّ وقصد مصدر مضاف إلى الفاعل وتخصيص مفعول بالمصدر وهو مصدر مضاف إلى المفعول وبفعل متعلق بتخصيص. ثم أشار إلى الفعل الثلاثى فقال: وافتح وضمّ واكسر الثانى من … فعل ثلاثىّ وزد نحو ضمن فذكر له أربعة أبنية فعل بفتح الفاء والعين معا، وذلك مستفاد من قوله وافتح، وفعل بضم العين نحو سهل وهو مستفاد من قوله وضم، وفعل بكسر العين نحو سمع وهو مستفاد من قوله واكسر. الرابع فعل بضم الفاء وكسر العين مبنيا للمفعول وفهم من سكوته عن الفاء أن حركة الفاء لا تختلف بخلافها فى الأسماء وفهم أنها فتحة لأن الفتحة أخفّ فاعتبارها أقرب وفهم من قوله وزد نحو ضمن أن بنية المفعول ليست كبنية الفاعل لكونه جعل ذلك زائدا على بناء الفاعل وفيه تنبيه على الخلاف فى فعل المفعول هل هو أصل بنفسه أو فرع عن فعل الفاعل؟ والثانى مفعول باكسر وهو مطلوب لافتح وضم من جهة المعنى فهو من باب التنازع ومن فعل فى موضع الحال من الثانى. ثم انتقل إلى الرباعى والمزيد من الأفعال فقال: ومنتهاه أربع إن جرّدا … وإن يزد فيه فما ستّا عدا يعنى أن غاية الفعل بالأصالة أربعة أحرف وذلك نحو دحرج وفهم من البيت الذى قبله أن للرباعى بنية للمفعول نحو دحرج لذكرها فى الثلاثى إذ لا فرق وأن غايته بالزيادة ستة أحرف نحو استخرج وإعرابه واضح. ثم انتقل إلى الرباعى الأصول من الأسماء فقال: لاسم مجرّد رباع فعلل … وفعلل وفعلل وفعلل ومع فعلّ فعلل فذكر ستة أبنية: الأول فعلل بفتح الأول والثالث نحو جعفر. الثانى فعلل بكسر الأول والثالث نحو زبرج للسحاب الدقيق. الثالث فعلل بكسر الأول وفتح الثالث نحو درهم. الرابع فعلل بضم الأول والثالث نحو جرهم لاسم قبيلة. الخامس فعلّ بكسر الأول وفتح

الثانى وتشديد الثالث نحو قمطر. السادس فعلل بضم الأول وفتح الثالث نحو جخدب لذكر الجراد وفى هذا البناء السادس خلاف: مذهب الكوفيين والأخفش أنه أصل. ومذهب سائر البصريين أنه مخفف من فعلل بالضم وفى تأخيره له إشعار بهذا الخلاف. ثم انتقل إلى الخماسى المجرد فقال: ... وإن علا … فمع فعلّل حوى فعلللا كذا فعلّل وفعللّ يعنى وإن علا الرباعى أى جاوزه فهو خماسى وذكر له أربعة أوزان: الأول فعلل بفتح الأول والثانى والرابع مدغما فيه نحو سفرجل. الثانى فعلل بفتح الأول وسكون الثانى وفتح الثالث وكسر الرابع نحو جحمرش. الثالث فعلل بضم الأول وفتح الثانى وكسر الثالث مشددا نحو قذعمل. الرابع فعلل بكسر الأول وإسكان الثانى وفتح الثالث وبعده لام مشددة نحو قرطعب. ثم قال: (وما * غاير للزّيد أو النّقص انتمى) يعنى أن ما غاير ما ذكر من أبنية الأسماء والأفعال الأصول فهو منسوب إلى الزيادة أو النقص، وفى تخصيص الشارح والمرادى ذلك بالأسماء نظر، وفهم منه أن المخالف أربعة أنواع: المزيد من الأسماء نحو كنهبل وسائر المزيدات وهى كثيرة تزيد على ثلثمائة بنية والمنقوص من الأسماء نحو يد وثبة، والمزيد من الأفعال نحو انطلق واستكبر والمنقوص منه نحو قم ودع وقمت. وما مبتدأ وهى موصولة وصلتها غاير وخبرها انتمى أى انتسب وللزيد متعلق بانتمى ومعنى الزيد الزيادة. ثم قال: والحرف إن يلزم فأصل والّذى … لا يلزم الزّائد مثل تا احتذى يعنى أن الحرف إذا لزم فى تصاريف الكلمة حكم عليه بالأصالة، وإذا لم يلزم وسقط فى بعض تصاريف الكلمة فهو زائد ويعنى بالحرف حرف التهجى فيحكم فى نادم بأصالة النون وزيادة الألف لثبات النون وحذف الألف فى ندم والتاء فى احتذى زائدة لسقوطها فى حذا يحذو. والحرف مبتدأ وإن يلزم شرط والفاء جواب الشرط وأصل خبر مبتدأ محذوف أى فهو أصل والشرط وجوابه خبر الحرف والذى مبتدأ وصلته لا يلزم والزائد خبر الذى

ومثل منصوب على الحال من الضمير المستتر فى الزائد ويجوز رفعه على إضمار المبتدأ، أى وذلك مثل، ومعنى احتذى اقتفى. ثم قال: (بضمن فعل قابل الأصول فى * وزن) يعنى أنك إذا أردت أن تزن كلمة فقابل أصولها بحروف فعل فتعبر عن أول الكلمة بالفاء وعن الثانى بالعين وعن الثالث باللام وتحافظ فى ذلك على حركات الموزون فإذا قيل لك ما وزن ضرب قلت فعل بفتح الفاء والعين وإذا قيل لك ما وزن عمرو قلت فعل بسكون العين فإن كان فى الكلمة الموزونة زائد نطقت به على أصله من غير أن تعبر عنه بشئ وإلى ذلك أشار بقوله: (وزائد بلفظه اكتفى) يعنى أنك تكتفى بذلك الحرف الزائد وتنطق به على أصله من غير أن تعبر عنه بشئ فتقول فى وزن جوهر فوعل وفى وزن عثير فعيل. هذا كله فى الثلاثى الأصول. وأما الزائد على الثلاثة فقد أشار إليه بقوله: وضاعف اللّام إذا أصل بقى … كراء جعفر وقاف فستق يعنى أنك إذا وزنت الكلمة بحروف فعل وبقى أصل من الكلمة ضعفت اللام أى زدت عليها لاما أخرى تقابل بها الحرف الرابع وقد فهم من ذلك أن فى الزائد على الأربعة صورتين: إحداهما فى الرباعى فتضعف اللام مرة واحدة نحو جعفر وفستق فتقول فى وزنهما فعلل وفعلل، والأخرى فى الخماسى لما علمت من أن الاسم يكون خماسى الأصول فتقول فى سفرجل فعلّل فتضعف اللام مرتين لتصل الزنة إلى خمسة أحرف. ثم إن زائد الكلمة الموزونة إن كان من حروف الزيادة العشرة فقد تقدم أنه ينطق بها فى الوزن على حالها، وإن كان بتضعيف أصل فقد أشار إليه بقوله: وإن يك الزّائد ضعف أصل … فاجعل له فى الوزن ما للأصل يعنى إذا كان الزائد فى الكلمة الموزونة ضعف أصل فاجعل مقابلته فى الوزن ما جعلته للفاء والعين واللام من حروف فعل فإن كان مضعف الفاء نحو مرمريس قلت فى وزنه فعفعيل وإن كان مضعف العين نحو اغدودن قلت فى وزنه افعوعل وإن كان مضعف اللام نحو جلبب قلت فيه فعلل. وقوله بضمن متعلق بقابل وقابل فعل أمر وفعل بفتح الفاء والأصول مفعول بقابل وفى وزن متعلق بقابل وزائد مبتدأ خبره اكتفى وبلفظه متعلق باكتفى

واللام مفعول بضاعف وأصل فاعل بفعل مضمر يفسره بقى. والفستق اسم جمع واحده فستقة: اسم شجرة وهو فارسى معرب وإن يك شرط والزائد اسم يك والفاء وما بعدها جواب الشرط وما مفعول أول باجعل وهى موصولة وصلتها للأصل وله فى موضع المفعول الثانى لا جعل ثم اعلم أن ما تكرر فيه الفاء والعين من الرباعى على نوعين الأول ما لا يدل فيه الاشتقاق على زيادة أحد الحروف. والآخر ما دل الاشتقاق على زيادة أحد حروفه وقد أشار إلى الأول بقوله: (واحكم بتأصيل حروف سمسم * ونحوه) يعنى أن نحو سمسم يحكم على حروفه كلها أنها أصول وأنه رباعى لأن أصالة أحد المضعفين واجبة تكميلا لأقل الأصول وليست أصالة أحدهما أولى من أصالة الآخر فحكم بأصالتهما معا ثم أشار إلى الثانى بقوله: (والخلف فى كلملم) يعنى أن فيما كان نحو لملم فعل أمر من لملم مما فى اشتقاقه دليل على زيادة أحد المضعفين خلافا: مذهب البصريين أن حروفه كلها أصول نحو سمسم فوزن لملم عندهم فعلل، ومذهب الكوفيين أن الأصل لمم فأبدل من ثانى المضعفين لام كراهة التضعيف. ثم شرع الناظم فى بيان ما تطرد زيادته وبدأ بالألف فقال: فألف أكثر من أصلين … صاحب زائد بغير مين يعنى أن الألف إذا صاحب ثلاثة أصول حكم بزيادتها لأن الأكثر فيما صحبت الألف فيه أكثر من أصلين الزيادة وقد علمت زيادتها بالاشتقاق فحمل عليه ما سواه وذلك نحو ضارب وعماد وسلامى وفهم منه أن الألف إذا صحبت أصلين فقط ليست زائدة نحو باب وقال بل هى فى الأسماء المتمكنة والأفعال بدل من ياء كألف باع ورمى وتاب وفتى أو من واو كألف قال ودعا وتاب وعصا ولا تزاد الألف أوّلا وتزاد ثانيا كضارب وثالثا كعماد ورابعا كشملال وخامسا كقرقرى وسادسا كقبعثرى. وقوله فألف مبتدأ وأكثر مفعول بصاحب ومن متعلق بأكثر والجملة من صاحب ومعموله فى موضع الصفة لألف وزائد خبر ألف، والمين: الكذب، ويشارك الألف فيما ذكر الياء والواو وإلى ذلك أشار بقوله: واليا كذا، والواو إن لم يقعا … كما هما فى يؤيؤ ووعوعا

يعنى أن الواو والياء كالألف فى الحكم عليها بالزيادة إن صحبت أكثر من أصلين إلا إذا تكررت فى اسم ثنائى مكرر نحو قولك يؤيؤ فى اسم طائر، ووعوعا مصدر وعوع السبع إذا صوت وفهم من قوله واليا كذا والواو أن الياء والواو إذا صحبا أصلين حكم بأصليتهما نحو بيع ويوم وفهم من قوله إن لم يقعا إلى آخر البيت أنهما إذا صحبا أكثر من أصلين حكم عليهما بالزيادة نحو صيرف وجوهر وتزاد الياء أوّلا كيرمع وثانيا كصيرف وثالثا كعثير ورابعا كحذرية وخامسا كسلحفية ولا تزاد الواو أوّلا وتزاد ثانيا كجوهر وثالثا كجهور ورابعا كعصفور وخامسا كقمحدوة. والياء مبتدأ والواو معطوف عليه وكذا خبر عنهما، ويحتمل أن يكون كذا خبرا عن الياء، والواو مبتدأ محذوف الخبر لدلالة الأول عليه وإن لم يقعا شرط وجوابه محذوف لدلالة ما تقدم عليه وكما فى موضع الحال من الألف فى يقعا. ثم قال: وهكذا همز وميم سبقا … ثلاثة تأصيلها تحقّقا يعنى أن الهمزة والميم متساويتان فى أنه إذا تأخر عنهما ثلاثة أحرف مقطوع بأصالتها حكم عليهما بالزيادة لدلالة الاشتقاق فى أكثر الصور على زيادتهما نحو أفضل وأحمد ومكرم ومنطلق وحمل عليه ما سواه نحو أفكل ومخلب وفهم من قوله سبقا أنهما لا تطرد زيادتهما فى غير الأول وفهم من قوله تحققا أن الثلاثة الأحرف الواقعة بعدهما إذا لم تتحقق أصالتها لم يحكم بزيادتهما إلا بدليل نحو أيدع لأنه يحتمل أن تكون الهمزة فيه أصلية فيكون وزنه فيعل نحو صيرف أو الياء فيكون وزنه أفعل ولكن الهمزة فيه زائدة لأن باب أفعل أكثر من باب فيعل إلا أن الهمزة إذا وقعت آخرا قبلها ألف زائدة حكم بزيادتها وسيأتى. وهمز وميم مبتدأ وخبرهما كذا وسبقا فى موضع النعت لهمز وميم، وثلاثة مفعول سبقا وتأصيلها مبتدأ وتحققا فى موضع الخبر وهو مبنى للمفعول والجملة خبر المبتدأ. ثم قال: كذاك همز آخر بعد ألف … أكثر من حرفين لفظها ردف يعنى أن الهمزة أيضا تطرد زيادتها إذا وقعت آخرا بعد ألف وقبل الألف ثلاثة أحرف فصاعدا نحو حمراء وعلباء وأربعاء وعاشوراء وفهم من هذا البيت ومن البيت الذى قبله أن الهمزة لا تطرد زيادتها وسطا ولا آخرا بعد غير الألف وفهم منه أنه إن تقدم على الألف أقلّ من ثلاثة أحرف حكم بأصالتها نحو كساء ورداء. وهمز مبتدأ وخبره كذاك وآخر نعت لهمز

وبعد ألف نعت بعد نعت ولفظها مبتدأ وخبره ردف وأكثر مفعول بردف والجملة فى موضع نعت أيضا. ثم قال: والنّون فى الآخر كالهمز وفى … نحو غضنفر أصالة كفى يعنى أن النون يحكم بزيادتها فى موضعين: أحدهما أن تكون آخرا بعد ألف قبلها أكثر من حرفين وهو الذى عنى بقوله كالهمز وذلك نحو سكران وعثمان وزعفران وفهم منه أنها لو كان قبلها أقلّ من ثلاثة أحرف حكم بأصالتها نحو بيان، والآخر أن تقع وسطا وقبلها حرفان وبعدها حرفان نحو عقنقل وجحنفل وغضنفر وهو الأسد. والنون مبتدأ وخبره كالهمز والظاهر أن فى الآخر متعلق بأعنى محذوفا وأصالة مفعول ثان بكفى، وفى كفى ضمير مستتر عائد على النون وهو المفعول الأول بكفى وفى نحو متعلق بكفى. ثم قال: والتّاء فى التأنيث والمضارعه … ونحو الاستفعال والمطاوعه يعنى أن التاء تطرد زيادتها فى التأنيث نحو قائمة وقامت وفى المضارعة نحو تقوم ونحو الاستفعال كالاستدراك والاستلزام والمطاوعة نحو تكسر وتذكر وفهم من تمثيله بالاستفعال أن السين تزاد مع التاء ولم ينص على زيادتها فى حروف الزيادة وكان ينبغى له أن يذكر زيادة النون والهمزة والياء فى المضارعة نحو يقوم إذ لا فرق. والتاء مبتدأ والخبر محذوف أى والتاء مطردة الزيادة أو فاعل بفعل مضمر تقديره وتزاد التاء وفى التأنيث متعلق بالخبر إن قدرت التاء مبتدأ أو بالفعل إن قدرتها فاعلا. ثم قال: (والهاء وقفا كلمه ولم تره) يعنى أن الهاء تزاد فى الوقف وهى هاء السكت وقد تقدم فى الوقف مواضع زيادتها والتحقيق أن هاء السكت ليست كحروف الزيادة لأن حروف الزيادة صارت من نفس بنية الكلمة وهاء السكت جئ بها لبيان الحركة فهى كسائر حروف المعانى لا حروف التهجى. والهاء إما مبتدأ محذوف الخبر كما تقدم فى قوله والتاء ووقفا مصدر فى موضع الحال من الهاء أى موقوفا عليها أو مفعول له أى تزاد فى الوقف ثم مثل بقوله كلمه وهو على حذف القول أى كقولك لمه وقد اجتمع فى هذا اللفظ أعنى كلمه ثلاثة أحرف وهو كاف التشبيه ولام الجر وهاء السكت واسم وهو ما الاستفهامية، وقد ألغزت هذا اللفظ فى رجز، وهو:

فصل فى زيادة همزة الوصل

يا قارئ ألفية ابن مالك … وسالكا فى أحسن المسالك فى أى بيت جاء من كلامه … لفظ بديع الشكل فى انتظامه حروفه أربعة تضم … وإن تشأ فقل ثلاثة واسم وهو إذا نظرت فيه أجمع … مركب من كلمات أربع وصار بالتركيب بعد كلمه … وقد ذكرت لفظه لتفهمه ثم قال: (واللّام فى الإشارة المشتهره) يعنى أن اللام تطرد زيادتها مع اسم الإشارة نحو ذلك وتلك وأولائك وهنالك. واللام معطوف على الهاء فيجرى فيه ما تقدم فى الهاء. ثم قال: وامنع زيادة بلا قيد ثبت … إن لم تبيّن حجّة كحظلت يعنى أن كل ما خالف المواضع المذكورة فى هذا الباب فى اطراد الزيادة تمتنع زيادته إلا إذا قام على زيادته دليل من اشتقاق أو غيره فيحكم على نون حنظل بالزيادة وإن لم تكن فى موضع اطراد زيادة النون كقولهم حظلت الإبل بكسر الظاء إذا أكثرت من أكل الحنظل وهو نوع من الشوك فسقوط النون فى حظلت دليل زيادتها فى حنظل وأمثال ذلك كثيرة. وزيادة مفعول بامنع وبلا قيد متعلق بزيادة وثبت فى موضع الصفة لقيد وإن شرط ويجوز ضبط تبين بفتح التاء مبنيا للفاعل وأصله تتبين فحذف إحدى التاءين وحجة على هذا فاعل بتبين وبضم التاء على أنه مبنى للمفعول مضارع بين وحجة على هذا نائب عن الفاعل. فصل فى زيادة همزة الوصل هذا الفصل هو تتميم لباب التصريف لأنه من باب زيادة الهمزة وقد اشتمل هذا الفصل على التعريف لهمزة الوصل وعلى مواضعها من الكلم، وإلى تعريفه أشار بقوله: للوصل همز سابق لا يثبت … إلّا إذا ابتدى به كاستثبتوا

يعنى أن همزة الوصل هى الهمزة السابقة التى تثبت ابتداء وتسقط وصلا وإنما سميت همزة الوصل اتساعا لأنها تسقط فى الوصل وقيل لأن الكلمة التى قبلها تتصل بما دخلت عليه همزة الوصل لسقوطها وقيل لأن المتكلم يتوصل بها إلى النطق بالساكن وفهم من قوله همز أن همزة الوصل أتى بها همزة خلافا لمن قال هى فى الأصل ألف وفهم من قوله سابق أنها لا تكون إلا أولا وفهم من قوله لا يثبت إلا إذا ابتدى به أن سقوطها فى الوصل واجب وقد ثبت فى الوصل ضرورة. وهمز مبتدأ وسابق نعت له وخبره فى المجرور قبله ولا يثبت جملة فى موضع النعت أيضا لهمز وإلا إيجاب للنفى والعامل فى إذا يثبت ويجوز ضبط استثبتوا بضم التاء الأولى مبنيا للمفعول فتكون الواو ضمير المفعول النائب عن الفاعل، وفتحها فتكون فعل أمر، والواو ضمير الفاعل وبهذا الأخير جزم الشارح قال أمر جماعة بالاستثبات وهو تحقيق الشئ. ثم انتقل إلى موضعها وهى ستة مواضع أشار إلى الأول منها بقوله: وهو لفعل ماض احتوى على … أكثر من أربعة نحو انجلى يعنى أن كل همزة افتتح بها الفعل الماضى الزائد على أربعة أحرف فهى همزة وصل وشمل الخماسى نحو انطلق والسداسى نحو استكبر وهو منتهاه، وهو مبتدأ عائد على الهمز ولفعل خبر وماض نعت لفعل واحتوى فى موضع النعت لفعل ثم أشار إلى الثانى والثالث فقال: (والأمر والمصدر منه) يعنى أن الهمزة فى الأمر والمصدر من الفعل الزائد على أربعة أحرف همزة وصل نحو انطلق انطلاقا واستخرج استخراجا. والأمر والمصدر مجروران بالعطف على فعل والتقدير وهو لفعل صفته كذا وللأمر وللمصدر منه. ثم انتقل إلى الرابع فقال: (وكذا * أمر الثّلاثى كاخش وامض وانفذا) يعنى أن كل همزة افتتح بها فعل الأمر من الثلاثى فهى همزة وصل سواء كان مضارعه على يفعل نحو اخش أو على يفعل نحو امض أو على يفعل نحو انفذ وهذه فائدة التمثيل وفهم من المثل أيضا أن ذلك إنما يكون إذا كان ثانى المضارع ساكنا نحو يخشى ويرمى وينفذ فلو كان متحركا لم يؤت بهمزة الوصل نحو يقول ويعد ويعدّ فتقول فى الأمر منها قل وعد وعدّ. ثم أشار إلى الخامس فقال:

وفى اسم است ابن ابنم سمع … واثنين وامرئ وتأنيث تبع وايمن فذكر سبعة أسماء وفهم من قوله وتأنيث تبع أن مجموعها عشرة أسماء لأن مؤنث امرئ امرأة ومؤنث ابن ابنة واثنين اثنتان. واسم أصله عند البصريين سمو فحذفت الواو وسكن أول الاسم ليجتلبوا همزة الوصل فيكون عوضا من المحذوف وأما است فأصله سته بالهاء فحذفت وعوض منها الهمزة وأصل ابن بنو ففعل به ما فعل باسم وابنم هو ابن زيد عليه الميم واثنين أصله ثنى وامرئ لم يحذف منه شئ لكن ألحق بهذه الأسماء المحذوف منها حرف لأن الهمزة بصدد التغيير فحكموا لها بحكم المحذوف وأما ايمن فهو المستعمل فى القسم وهو مشتق من اليمن فهمزته زائدة وهى همزة وصل هذا مذهب البصريين وقوله وتأنيث تبع راجع إلى ابن مؤنثه ابنة وامرئ مؤنثه امرأة واثنين مؤنثه اثنتان وفهم من قوله سمع أن دخول الهمزة فى هذه الأسماء غير مقيس بخلاف ما تقدم. وفى اسم إلى آخر المجرورات وهو ايمن متعلق بسمع وفى سمع ضمير نائب عن الفاعل عائد على همز الوصل المتقدم ثم أشار إلى السادس فقال: (همز أل كذا) أى والهمزة فى أل همزة وصل كما كانت فيما ذكر وهذا الذى ذكر فى أل هو مذهب سيبويه، ومذهب الخليل أنها أصلية حذفت فى الوصل لكثرة الاستعمال. ثم بين حكم همزة أل إذا دخل عليها همزة الاستفهام فقال: ويبدل * مدا فى الاستفهام أو يسهّل يعنى أن أل إذا دخل عليها همزة الاستفهام جاز فيها أعنى همزة أل وجهان إبدالها ألفا من جنس حركة الهمزة التى قبلها وتسهيلها بين الألف وقد قرئ بهما آلذكرين وفهم منه أن غير همزة أل من همزة الوصل تحذف إذا دخل عليها همزة الاستفهام لعدم الحاجة إليها نحو أصطفى البنات على البنين وإنما لم تحذف همزة أل إذا دخل عليها همزة الاستفهام وكان القياس حذفها لئلا يلتبس الاستفهام بالخبر لاشتراك الهمزتين فى الفتحة. وهمز أل مبتدأ وخبره كذا ومدّا مفعول ثان بيبدل وهو على حذف مضاف أى حرف مد والمفعول الأول ضمير مستتر فى يبدل عائد على همز أل ويسهل معطوف على يبدل وأو للتخيير وإنما جعلناها للتخيير وإن كانت أو التى للتخيير لا تقع إلا بعد فعل الأمر، لأن الكلام فى معنى الأمر كأنه قال: أبدلها أو سهلها.

الإبدال

الإبدال هذا هو النوع الثانى من التصريف ثم إن حروف الإبدال تصل إلى اثنين وعشرين حرفا وقد ذكرها فى التسهيل واقتصر هنا على المشتهر منها فقال: (أحرف الإبدال هدأت موطيا) فذكر تسعة أحرف وهى التى تضمنها هذا الكلام الهاء والدال والهمزة والتاء والميم والواو والطاء والياء والألف. وأحرف الإبدال مبتدأ وخبره هدأت موطيا والتقدير أحرف الإبدال هذه الحروف التى يجمعها قولك هدأت موطيا وموطيا حال من التاء فى هدأت، ومعنى هدأت سكنت والياء فى موطيا بدل من الهمزة لأنه اسم فاعل من أوطأته إذا جعلته وطيئا، ويحتمل أن يكون موطيا مفعول لهدأت لأنه يستعمل متعديا يقال هدأت الصبى إذا ضربت عليه لينام والأول أظهر. ثم شرع فى بيان مواضع الإبدال وبدأ بإبدال الهمزة من غيرها وذلك فى أربعة مواضع أشار إلى الأول منها فقال: فأبدل الهمزة من واو ويا … آخرا إثر ألف زيد يعنى أن الهمزة تبدل من الواو والياء الواقعتين آخرا بعد ألف زائدة نحو كساء ورداء أصلها كساو ورداى لأنهما من الكسوة والردية وفهم من قوله آخرا أن الواو والياء إن لم يكونا طرفين لم يبدلا همزة نحو تباين وتعاون وفهم منه أيضا أن الألف إذا كانت غير زائدة لا تبدل نحو واو وزاى وفهم منه أيضا أن حكم ما لحقته تاء التأنيث حكم المتطرفة لأن تاء التأنيث زائدة عن الكلمة نحو عباءة وفهم منه أيضا أن الكلمة إذا بنيت على تاء التأنيث لم تبدل لأنها لم تقع طرفا نحو درحاية، والهمزة مفعول بأبدل ومن واو متعلق بأبدل وآخرا منصوب على الظرف وإثر ظرف أيضا وكلا الظرفين فى موضع النعت لواو وياء والتقدير من واو وياء واقعتين آخرا إثر ألف ثم أشار إلى الموضع الثانى فقال: (وفى * فاعل ما أعلّ عينا ذا اقتفى) ذا إشارة إلى إبدال الواو والياء همزة، وهو فى كل واو وياء وقعتا عينا لاسم فاعل أعلت فى فعله نحو قائل وبائع أصلهما قاول وبايع وفهم من قوله ما أعل عينا أن اسم الفاعل من الفعل الذى لم تعل عينه يصح نحو عاور من عور وصايد من صيد. ثم أشار إلى الموضع الثالث فقال: والمدّ زيد ثالثا فى الواحد … همزا يرى فى مثل كالقلائد

يعنى إذا كان فى المفرد مدّ ثالث زائد قلب فى الجمع الذى على مثل فعائل همزة، وشمل المد الألف نحو قلادة وقلائد والياء نحو صحيفة وصحائف والواو نحو عجوز وعجائز. وفهم منه أن الثالث إن كان غير مد لم يقلب نحو قسور وقساور، وفهم منه أيضا أنه إن كان مدا غير زائد لم يقلب نحو مثوبة ومثاوب ومعيشة ومعايش لأن الواو فى مثوبة والياء فى معيشة عين الكلمة. والمد مبتدأ وخبره يرى وهمزا مفعول ثان ليرى أو حال إذا قدرنا يرى بمعنى يبصر، وفى مثل متعلق بيرى وفى الواحد متعلق بزيد، وزيد وثالثا حالان من الضمير فى يرى ويحتمل أن يكون ثالثا حالا من الضمير فى زيد. ثم أشار إلى الموضع الرابع فقال: كذاك ثانى ليّنين اكتنفا … مدّ مفاعل كجمع نيّفا يعنى أنه إذا وقعت ألف التكسير بين حرفى علة وجب إبدال ثانيهما همزة وفهم من إطلاقه فى قوله لينين أنه لا يشترط زيادتهما ولا زيادة ما بعد الألف كما اشترط فى الفصل الذى قبله، وشمل قوله لينين أربع صور: الأولى أن يكونا واوين نحو أوائل أصله أواول. الثانية أن يكونا ياءين نحو نيف ونيائف. الثالثة أن تكون الأولى واوا والثانية ياء نحو صائد وصوائد. الرابعة أن تكون الأولى ياء والثانية واوا نحو جيد وجيائد أصله جياود لأنه من جاد يجود، ومثل بما حرفا العلة فيه ياءان وهو نيف ووزنه فيعل والياء الأولى زائدة وعينه ياء لأنه من ناف ينيف إذا زاد فاجتمعت ياءان أدغمت الأولى فى الثانية فلما جمع على مفاعل فصلت ألف الجمع بين الياءين وقلبت التى بعد الألف همزة، وإنما قلب حرف العلة فى هذه الصور همزة وإن كانت أصلا لثقل الألف بين حرفى علة وفهم من قوله مد مفاعل أنها لا تقلب إلا إذا كانت متصلة بالطرف كالمثال فلو بعدت من الطرف لم تقلب نحو طواويس. وثانى لينين مبتدأ وخبره كذاك وهو إشارة إلى قلب حرف العلة همزة واكتنفا فى موضع النعت للينين ومد مفعول باكتنفا ومعنى اكتنفا: أحاط ونيفا مفعول بجمع لأنه مصدر جمع ثم إن إبدال ثانى اللينين همزة إنما هو فيما لم يكن فيه ثانى اللينين بدلا من الهمزة، وإلى ذلك أشار بقوله: وافتح وردّ الهمز يا فيما أعلّ … لاما وفى مثل هراوة جعل واوا يعنى أن الهمزة الواقعة بعد ألف الجمع إذا كان مفرد ما هى فيه معلّ اللام يجب فتحها وقلبها ياء إن كانت فى المفرد غير واو سالمة وواوا إن كانت فى المفرد واوا سالمة فالألف

واللام فى الهمز للعهد المتقدم وشمل ما استحق الهمز لكونه مدا زائدا فى المفرد ولامه ياء وما استحق الهمز لكونه مدا زائدا فى المفرد ولام الكلمة واو وما استحق الهمز لكونه اكتنفه لينان وما أصله همزة مثال الأول هدية وهدايا أصله هدائى فاستثقلت الكسرة فى الهمزة فأبدلت فتحة فصار هدائى فانقلبت الياء الأخيرة ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها فصار هداءا فاستثقل اجتماع الأمثال فأبدلت الهمزة ياء فصار هدايا ومثال الثانى مطية ومطايا فالياء الثانية فيه أصلها واو لأنها من مطا يمطو ففعل به ما فعل بهدايا ومثال الثالث زاوية ففعل أيضا به ما فعل بهدايا ومطايا ومثال الرابع خطيئة وخطايا أصله خطائئ بهمزتين فأبدلت الهمزة الأخيرة ياء على قياس الهمزتين المتحركتين فى كلمة فصار خطائى ثم قلبت الكسرة فتحة على حد قلبها فى هدايا فصار خطائى فانقلبت الياء الأخيرة المبدلة من الهمزة ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها ثم أبدل من الهمزة الأولى ياء، وأما هراوى جمع هراوة فأصله هرائو فالهمزة التى بعد الألف هى المبدلة من الألف الزائدة فى هراوة والواو الأخيرة هى واو هراوة فقلبت الكسرة فتحة ثم انقلبت الواو الأخيرة ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها ثم أبدل من الهمزة واو ليناسب الجمع المفرد فالواو فى هراوى ليست الواو فى هراوة بل الواو فى هراوى هى الألف التى كانت فى المفرد، وأما الواو التى كانت فى المفرد فهى الأخيرة التى انقلبت ألفا. والهمز مفعول برد وهو مطلوب لافتح من باب التنازع ويا مفعول ثان برد وفيما متعلق بردّ ولاما تمييز وهو منقول من النائب عن الفاعل والتقدير فيما أعل لامه وفى مثل متعلق بجعل وفى جعل ضمير مستتر عائد على الهمز وواوا مفعول ثان بجعل. ثم قال: وهمزا أوّل الواوين ردّ … فى بدء غير شبه ووفى الأشد يعنى ردّ أول الواوين المصدّرتين همزة ما لم تكن الثانية بدلا من ألف فاعل كووفى الأشد فإن أصله وافى وإنما استثنى ذلك لأن فعل الفاعل أصل لفعل المفعول ولم يجتمع فى فعل الفاعل واوان فاجتماعهما فى ووفى غير متعدّ به فلم يبق للواو الأولى غير حكم الواو المضمومة المنفردة من جواز إبدالها همزة فمثال ما يجب إبداله أواصل فى جمع واصلة أصله وواصل فالواو الأولى هى التى فى المفرد والواو الثانية انقلبت عن ألف فاعلة كما انقلبت فى نحو ضوارب فلما اجتمع واوان فى بدء الكلمة قلبت الأولى همزة فقالوا أواصل. وهمزا مفعول ثان برد وأول مفعول أول وفى بدء متعلق برد وبدء مصدر مضاف إلى المفعول وهو غير وغير مضاف إلى شبه وشبه مضاف إلى ووفى الأشد والأشد عند سيبويه: جمع شدة، وقال

ابن عباس رضى الله عنهما: الأشد ثلاث وثلاثون سنة. ثم انتقل إلى حكم الهمزتين فى كلمة واحدة وهى فى ذلك على ثلاثة أقسام: ساكنة بعد متحركة ومتحركتان، ومتحركة بعد ساكن وقد أشار إلى الأول بقوله: ومدّا ابدل ثانى الهمزين من … كلمة إن يسكن كآثر وائتمن يعنى أنه إذا اجتمع همزتان فى كلمة أولاهما متحركة والأخرى ساكنة وجب إبدال الثانية مدا مجانسا لحركة ما قبله فإن كانت فتحة أبدلت ألفا نحو آثر وآمن وأصله أأثر وأأمن بهمزتين وإن كانت كسرة أبدلت ياء نحو إيلاف وإن كانت ضمة أبدلت واوا نحو اوتمن وأوتى وفهم منه أن الهمزة الساكنة إن لم يكن قبلها همزة أخرى لم يجب إبدالها وفهم منه أيضا أنهما لو لم يكونا فى كلمة واحدة لم يجب إبدالها نحو اقرأ آية، والمراد بالكلمة أن يكون الهمزتان من بناء الكلمة فلا يقال عند النحويين فى نحو أأنذرتهم إنهما من كلمة واحدة لأن الهمزة الأولى همزة استفهام فهى منفصلة عن الكلمة وأما القراء فيجعلون ذلك من اجتماع الهمزتين فى كلمة وكذلك أيضا نحو ائتمن فإن الأولى همزة استفهام والثانية فاء الفعل. ومدا مفعول ثان بابدل ومن كلمة متعلق بابدل وإن يسكن شرط حذف جوابه لدلالة ما تقدم عليه. ثم انتقل إلى المتحركتين، وهى تسعة أنواع لأن الأولى إما مفتوحة أو مكسورة أو مضمومة والثانية كذلك والخارج من ضرب ثلاثة فى ثلاثة تسعة وقد أشار إلى الثانية المفتوحة فقال: إن يفتح اثر ضمّ أو فتح قلب … واوا وياء إثر كسر ينقلب يعنى أن الهمزة المفتوحة إذا كانت ثانية بعد همزة أخرى لها حالتان إحداهما تنقلب فيها واوا وذلك بعد ضمة نحو أويدم فى تصغير آدم أصله أؤيدم أو بعد فتحة نحو أوادم فى جمع آدم والثانية تنقلب فيها ياء وذلك إذا وقعت بعد كسرة نحو إيم إذا بنيت من أم نحو إصبع بكسر الهمزة وفتح الثالث فتقول فيه ائمم فتنقل حركة الميم الأولى إلى الهمزة الساكنة وتدغم الميم فى الميم فيصير إأم فتجتمع همزتان الأولى مكسورة والثانية مفتوحة فتنقلب الثانية ياء فيصير إيم. ثم انتقل إلى المكسورة فقال: (ذو الكسر مطلقا كذا)

يعنى أن الهمزة الثانية إذا كانت مكسورة وجب إبدالها ياء مطلقا أى بعد مفتوحة أو مكسورة أو مضمومة، والحاصل ثلاث صور الأولى مكسورة بعد فتحة نحو أيمة فى جمع إمام أصله أأممة فنقلت حركة الميم إلى الهمزة الساكنة وأدغمت الميم فى الميم فصار أئمة فأبدلت من الهمزة الثانية ياء الثانية مكسورة بعد كسرة نحو إيم فى بناء مثل أصبع من إم بكسر الهمزة والياء فتقول ائمم فتفعل به كما فعلت بالذى قبله من نقل وإدغام وقلب. الثالثة مكسورة بعد ضمة نحو أين مضارع أأننته أى جعلته يئنّ ففعل به كما فعل بما تقدم. ثم انتقل إلى المضمومة فقال: (وما يضمّ * واوا أصر) يعنى أن الهمزة الثانية إذا كانت مضمومة قلبت واوا مطلقا فشمل أيضا ثلاثة أنواع: الأول مضمومة بعد مفتوحة نحو أوب جمع أب وهو النبات أصله أأيب على وزن أفعل فنقلت ضمة الباء إلى الهمزة وأدغمت الباء فى الباء ثم قلبت الهمزة المضمومة واوا. الثانى مضمومة بعد مضمومة نحو أوم إذا بنيت من أم مثال أبلم. الثالث مضمومة بعد كسرة نحو إئم إذا بنيت من أم مثل إصبع بكسر الهمزة وضم الباء وتفعل فى ذلك كل ما فعلت فيما قبله من النقل والإدغام والقلب. والحاصل أن الهمزة الثانية من المتحركين تقلب واوا فى خمسة مواضع إذا كانت مضمومة مطلقا فهذه ثلاثة مواضع، أو كانت مفتوحة بعد فتحة أو ضمة وتقلب ياء فى أربعة مواضع إذا كانت مكسورة مطلقا فهذه ثلاثة مواضع أو كانت مفتوحة بعد كسرة وهذا ما لم تكن الثانية آخر الكلمة فإن كانت آخر الكلمة فقد أشار إليها بقوله: (ما لم يكن لفظا أتمّ * فذاك ياء مطلقا جا) يعنى أن ثانى الهمزتين إذا كان متطرفا قلبت ياء مطلقا فشمل أربعة أنواع أن يكون بعد فتحة أو بعد ضمة أو بعد كسرة أو بعد سكون فمثال الأول إذا بنيت من قرأ مثل جعفر قلت قرأى وأصله قرأى تحركت الياء وانفتح ما قبلها فانقلبت ألفا ومثال الثانى أن تبنى من قرأ مثل برثن فتقول قرإ منقوصا والأصل قرئو كسر ما قبل الواو وأبدل من الواو ياء لانكسار ما قبلها فاستثقلت الضمة على الياء فحذفت وبقى منقوصا ومثال الثالث أن تبنى من قرأ نحو زبرج فتقول قرأ بعد أن تفعل به ما فعلت بالذى قبله وهذا النوع والذى قبله يقدر فيهما الرفع والجر ويظهر النصب فتقول هذا قرئو ومررت بقرئو ورأيت قرئيا ومثال الرابع أن تبنى من قرأ نحو

قمطر فتقول قرأى وهذا النوع الرابع هو القسم الثالث من أقسام الهمزتين الواقعتين فى كلمة واحدة وهى أن تكون الأولى ساكنة والثانية متحركة. ثم قال: (وأؤم * ونحوه وجهين فى ثانيه أم) يعنى أن ما اجتمع فيه همزتان متحركتان وكانت الأولى همزة المتكلم فى الفعل المضارع جاز فيه التحقيق والقلب فتقول أؤم بمعنى اقصد وأوم، وفهم منه أن ذلك أيضا جائز فى نحو أئن مضارع أنّ إذ لا فرق وسبب ذلك أن الهمزة فيهما كأنها قائمة بنفسها. وقوله إن يفتح شرط وفاعل يفتح ضمير مستتر عائد على الهمز وإثر ظرف متعلق بيفتح وقلب جواب الشرط وواوا مفعول ثان لقلب وفاعل ينقلب ضمير عائد على الهمز أيضا وياء حال من فاعل ينقلب وهو الضمير وإثر كسر ظرف متعلق بينقلب وذو الكسر مبتدأ وكذا خبره ومطلقا حال من الضمير المستتر فى الاستقرار العامل فى الخبر وما مفعول أول بأصر وهى موصولة وصلتها يضم وواوا مفعول ثان لأصر وما ظرفية مصدرية ولفظا خبر يكن وأتم فعل ماض وهو فى موضع النعت للفظا وفذاك مبتدأ وخبره جا وياء حال من فاعل جا وهو ضمير عائد على الهمزة وأؤم مبتدأ ونحوه معطوف عليه وأم فعل أمر من أمّ ووجهين مفعول بأم وفى ثانيه متعلق بأمّ والجملة من أمّ ومعموليها خبر أؤم ويجوز أن يكون أؤم ونحوه بالنصب على أنه مفعول بفعل مضمر يفسره أم وهو أحسن. ثم قال: (وياء اقلب ألفا كسرا تلا * أو ياء تصغير) يعنى أن الألف يجب قلبها ياء فى موضعين أحدهما أن يعرض كسر ما قبلها كمصابيح فى جمع مصباح فانقلبت الألف ياء لكسر ما قبلها إذ لا يصح النطق بالألف بعد غير الفتحة والثانى أن يقع قبلها ياء التصغير نحو غزيل فى تصغير غزال بإبدال الألف ياء وإدغام ياء التصغير فيها لأن ياء التصغير لا تكون إلا ساكنة فلم يمكن النطق بالألف بعدها فردت إلى الياء كما ردت إليها بعد الكسرة. وألفا مفعول أول باقلب وياء مفعول ثان وكسرا مفعول بتلا وتلا ومعموله فى موضع النعت لألفا وأو ياء تصغير معطوف على كسرا والتقدير اقلب ألفا تلا كسرا أو تلا ياء تصغير ياء. ثم قال: بواو ذا افعلا * فى آخر أو قبل تا التّأنيث أو … زيادتى فعلان

يعنى أنه يفعل بالواو الواقعة آخرا ما فعل بالألف من إبدالها ياء لكسر ما قبلها أو لمجيئها بعد ياء التصغير فالأول نحو رضى وقوى أصلهما رضو وقوو لأنهما من الرضوان والقوة ولكنه لما كسر ما قبل الواو وكانت بتطرفها معرضة لسكون الوقف عوملت بما يقتضيه السكون من وجوب إبدالها ياء توصلا للخفة، وفهم من قوله فى آخر أنها لو كانت غير آخر لم تبدل نحو عوض وحول ولما كانت تاء التأنيث وزيادتا فعلان زائدين على بنية الكلمة وكانا فى حكم المنفصل لم يمنعا من الإعلال وعلى ذلك نبه بقوله: (أو قبل تا التأنيث أو زيادتى فعلان) فمثال ما لحقته تاء التأنيث فأعل شجية أصله شجيوة لأنه من الشجو فقلبت واوه ياء لكونها متطرفة ولم يعتد بالتاء ومثال ما لحقته زيادتا فعلان أن يبنى من الغزو مثل طوفان فتقول غزيان فأعل أيضا لعدم الاعتداد بالألف والنون. وذا إشارة إلى الإعلال المذكور وهو مفعول بافعلا وبواو وفى آخر متعلقان بافعلا وأو قبل معطوف على فى آخر وزيادتى فعلان معطوف على تا التأنيث. ثم قال: ذا أيضا رأوا … فى مصدر المعتلّ عينا والفعل منه صحيح غالبا نحو الحول يعنى أن ما كان من مصدر الفعل المعتل العين بعدها ألف وجب إعلاله وما كان منه على فعل بغير ألف فالغالب فى عينه التصحيح وشمل المعتل الثلاثى نحو قام قياما والمزيد نحو انقاد انقيادا واحترز بالمعتل العين من الفعل الصحيح العين نحو لاوذ لواذا فإنه لا يعل لكون فعله غير معتل وفهم اشتراط الألف بعد العين من قوله: والفعل منه صحيح غالبا لأن سبب التصحيح عدم الألف فالغالب فى نحو فعل التصحيح نحو حال حولا وعاد المريض عودا. وذا إشارة للإعلال المذكور وهو مفعول برأوا وفى مصدر فى موضع المفعول الثانى لرأوا وأطلق المعتل على المعل فإن المعتل أعم من المعل وهو على حذف الموصوف والتقدير فى مصدر الفعل المعتل وعينا تمييز والفعل مبتدأ ومنه فى موضع الحال من الفعل وصحيح خبر الفعل وغالبا حال من الضمير فى صحيح. ثم اعلم أن جميع ما سكنت عينه من الثلاثى نحو ثوب أو أعلت نحو دار على ثلاثة أقسام: فعال وفعلة وفعل، وقد أشار إلى الأول بقوله: وجمع ذى عين أعلّ أو سكن … فاحكم بذا الإعلال فيه حيث عنّ

يعنى أن جمع المفرد المعل من جمع الثلاثى المعل العين أو الساكنها يحكم له فى الإعلال بالإعلال المذكور وهو قلب الواو ياء نحو دار وديار وثوب وثياب فالإشارة بذا للإعلال السابق فى مصدر الفعل المعل، وفهم من قوله جمع أن ما كان على فعال من المفرد لا يعل نحو صوار وصوان وفهم من قوله أعل أو سكن أن عين المفرد إذا لم تعل ولم تسكن لم يعل الجمع نحو طويل وطوال. ويجوز رفع جمع على أنه مبتدأ والخبر فى قوله فاحكم ويجوز نصبه بفعل مضمر يفسره احكم وجمع مصدر مضاف إلى المفعول وأعل أو سكن فى موضع النعت لعين ومعنى عنّ: ظهر وعرض. ثم أشار إلى الثانى والثالث فقال: وصحّحوا فعلة وفى فعل … وجهان والإعلال أولى كالحيل يعنى أن جمع ما أعل عينه أو سكن إذا كان على وزن فعلة وجب تصحيحه لعدم الألف ولحاق التاء بها إذ بها بعد عن الطرف وذلك نحو عود وعودة وزوج وزوجة، وإذا كان على وزن فعل ففيه وجهان التصحيح والإعلال، والإعلال أولى نحو حيلة وحيل وقيمة وقيم لقربه من الطرف وجاء أيضا غير معل نحو حاجة وحوج، ومن هذا البيت يفهم أن الجمع الذى يجب إعلاله فى البيت الذى قبله يكون فيه الألف بعد الواو لكونه نطق فى هذا البيت بفعل وفعلة بغير ألف فعلم أن ما سواهما وهو الأول بالألف. وفعلة مفعول بصححوا والواو فى صححوا عائد على العرب ووجهان مبتدأ والخبر فى المجرور قبله والإعلال أولى جملة من مبتدأ وخبر. ثم قال: والواو لاما بعد فتح يا انقلب … كالمعطيان يرضيان يعنى أن الواو إذا كانت لام الكلمة وكانت رابعة فصاعدا وقبلها فتحة وجب قلبها ياء وشمل قوله لاما ما كانت الواو فيه متطرفة كما مثل أو بعدها تاء التأنيث نحو المعطاة ومثل ذلك بقوله كالمعطيان يرضيان فالمعطيان أصله المعطوان لأنه من عطا يعطو إذا أخذ لكن لما صارت رابعة قلبت ياء بالحمل على اسم الفاعل وهو المعطى لأن فى اسم الفاعل موجب القلب وهو انكسار ما قبل الواو وليس ذلك فى اسم المفعول فحمل عليه ويرضيان أصله يرضوان لأنه من الرضوان لكن قلبت الواو فيه ياء بالحمل على فعل المفعول وهو يرضى لوجود موجب القلب فيه وفهم من التمثيل أن ذلك يكون فى الأسماء والأفعال. والواو مبتدأ وخبره انقلب ولاما حال من الضمير المستتر فى انقلب وياء حال أيضا من ذلك الضمير وبعد متعلق بانقلب. ثم قال:

(ووجب * إبدال واو بعد ضمّ من ألف) يعنى أنه يجب إبدال الواو من الألف إذا انضم ما قبلها فإن كانت فى موضع يجب فيه تحريكها حركت نحو ضويرب فى ضارب وإن كانت فى موضع يجب فيه سكونها سكنت نحو ضورب. ثم قال: (ويا كموقن بذا لها اعترف) يعنى أنه يجب إبدال الياء واوا كما فى موقن اسم فاعل من أيقن أصله ميقن فأبدلت الياء فيه واوا لانضمام ما قبلها وفهم من هذا المثال كون الياء المبدلة ساكنة فلو كانت متحركة لم تبدل نحو زييد وهيام وفهم منه أيضا كون الياء مفردة فلو كانت مدغمة لم تبدل نحو حيض وفهم منه أيضا كون الياء فى المفرد فلو كان ما فيه الياء الساكنة بعد ضمة جمعا فقد أشار إليه بقوله: ويكسر المضموم فى جمع كما … يقال هيم عند جمع أهيما يعنى أنه إذا وقعت الياء الساكنة بعد ضمة فى الجمع نحو هيم فى جمع أهيم قلبت الضمة التى قبل الياء كسرة لتصح الياء فهيم أصله هيم نحو أحمر وحمر وإنما لم تقلب الياء واوا لأجل الضمة كما قلبت فى المفرد نحو موقن لأن الجمع أثقل من المفرد فكان أحق بمزيد التخفيف. وإبدال فاعل بوجب وهو مصدر مضاف إلى المفعول وبعد متعلق بإبدال وكذلك من ألف، ويا مبتدأ مضاف إلى كموقن وخبره اعترف ويجوز أن يكون مفعولا بمضمر يفسره اعترف وذا إشارة إلى الإعلال المذكور والمضموم مرفوع بيكسر وفى جمع متعلق بيكسر. ثم قال: وواوا اثر الضّمّ ردّ اليا متى … ألفى لام فعل أو من قبل تا يعنى أن الياء المتحركة تبدل بعد الضمة واوا فى ثلاثة مواضع: أحدها أن تكون لام فعل نحو قضو أصله قضى لأنه من قضى يقضى، ونهو لأنه من النهية وهو العقل. الثانى أن تكون لام اسم مبنى على التأنيث بالتاء نحو مرموة مثل مقدرة من رمى وهو المنبه عليه بقوله: (كتاء بان من رمى كمقدره) وفهم من المثال لزوم التاء لأن مقدرة لا يتجرد من التاء فلو كانت التاء عارضة أبدلت الضمة كسرة وسلمت الياء كما يجب ذلك مع التجرد نحو التوانى مصدر توانى أصله توانى على وزن تفاعل لأنه نظير تدارك فأبدلت الضمة فيه كسرة ولم يبدلوا الياء واوا لأنه ليس فى الأسماء المتمكنة ما آخره واو قبلها ضمة فلو لحقته التاء بقى على إعلاله لعروض التاء نحو تدانية. الثالث أن يبنى من الرمى نحو سبعان اسم مكان فتقول رموان لأن

فصل

الألف والنون لازمتان لهذا فلم يحكم له بحكم المتطرف لأنه ألزم للكلمة من تاء التأنيث وهو المنبه عليه بقوله: (كذا إذا كسبعان صيّره) أى كذلك يعل بالقلب إذا صيره من الرمى مثل سبعان وردّ فعل أمر والياء مفعول أول برد وواوا مفعول ثان وإثر ظرف متعلق برد ويجوز أن يكون رد فعلا ماضيا مبنيا للمفعول واليا مرفوع به ومتى ألفى شرط ولام فعل مفعول ثان بألفى وفى ألفى ضمير مستتر هو المفعول الأول وهو عائد على اليا، وأو من قبل معطوف على لام فعل وتاء مضاف إلى بان، والبانى هو الذى يصوغ هذا البناء وإنما أضيفت إليه التاء للملابسة بين الكلمة التى فيها التاء والبانى ومن رمى متعلق ببان وكذلك كمقدرة وكذا متعلق بصيره والهاء فى صيره عائد على لفظ الرمى المفهوم من رمى وفى صيره ضمير مستتر عائد على بان. ثم قال: وإن تكن عينا لفعلى وصفا … فذاك بالوجهين عنهم يلفى يعنى إذا كانت الياء المضموم ما قبلها عينا لوصف على وزن فعلى جاز أن تبدل الضمة كسرة وتصحح الياء وأن تبقى الضمة وتبدل الياء واوا لأجل الضمة فتقول فى أنثى الأكيس والأضيق كوسى وكيسى وضوقى وضيقى وفهم من قوله وصفا أنها إذا كانت عينا لفعلى اسما لم يجز فيها الوجهان بل يلزم قلب الياء واوا على الأصل نحو طوبى بمعنى طيب. وإن تكن شرط وعينا خبر تكن ولفعلى متعلق بتكن ووصفا حال من فعلى وذاك مبتدأ خبره يلفى وبالوجهين فى موضع المفعول الثانى ليلفى وعنهم متعلق بيلفى. فصل من لام فعلى اسما أتى الواو بدل … ياء كتقوى غالبا جا ذا البدل يعنى أن الياء تبدل غالبا واوا إذا كانت لاما لفعلى اسما بفتح الفاء وسكون العين نحو سروى وفتوى وتقوى الأصل فيه سريا وفتيا وتقيا وإنما قلبت وإن لم يكن لقلبها موجب لفظى فرقا بين الاسم والصفة، وفهم من قوله اسما أنها إذا كانت وصفا لا تبدل نحو خزيا وصديا وأشار بقوله غالبا إلى ما جاء فى ذلك غير مبدل نحو ريّا للرائحة الحسنة وطفيا لولد

فصل

البقرة الوحشية والواو فاعل بأتى وبدل حال وهو مضاف إلى ياء وذا فاعل بجا والبدل نعت لذا وغالبا حال. ثم قال: بالعكس جاء لام فعلى وصفا … وكون قصوى نادرا لا يخفى يعنى أن لام فعلى وصفا بضم الفاء إذا كانت واوا أبدلت ياء نحو دنيا وعليا أصلهما دنوى وعلوى لأنهما من الدنوّ والعلوّ وإنما أبدلت هنا أيضا فرقا بين الاسم والوصف وفهم من قوله وصفا أنها إذا كانت فى الاسم لم تبدل نحو حزوى اسم موضع، وأشار بقوله وكون قصوى نادرا إلى لغة الحجازيين فى قصوى والقياس فيه قصيا لأنه من باب دنيا وعليا وبنو تميم يقولون قصيا على القياس ولام فعلى فاعل بجاء ووصفا حال من لام فعلى. وكون قصوى مبتدأ ونادرا خبر الكون وهو مضاف إلى الاسم وخبر كون لا يخفى. فصل إن يسكن السّابق من واو ويا … واتّصلا ومن عروض عريا فياء الواو اقلبنّ مدغما … وشذّ معطى غير ما قد رسما يعنى أنه إذا اجتمع فى كلمة واو وياء وسكن أولهما وجب إبدال الواو ياء وإدغامها فى الياء وذلك بشرطين: الأول أن يكونا متصلين أى فى كلمة واحدة فلو كان أولهما فى كلمة وثانيهما فى كلمة أخرى لم تبدل نحو أخو يزيد وبنى واقد وهو المنبه عليه بقوله واتصلا الثانى أن لا يكون اجتماعهما عارضا وشمل صورتين: إحداهما عروض السكون نحو قوى بسكون الواو وتخفيف قوى، والأخرى عروض الحرف نحو الرويا بتخفيف الهمزة وإبدالها واوا وهو المنبه عليه بقوله ومن عروض عريا وكلامه شامل للنوعين، وشمل ما استوفى الشروط صورتين: إحداهما تقدم الياء على الواو نحو سيد أصله سيود لأنه من السودد، والأخرى تقدم الواو على الياء نحو مرمىّ أصله مرموى لأنه اسم مفعول من رمى وقد يخالف هذا القياس على وجه الشذوذ وإلى ذلك أشار بقوله: وشذ معطى غير ما قد رسما وشمل ثلاث صور: إحداها ما شذ فيه الإبدال لكونه لم يستوف الشروط كقراءة من قرأ إن كنتم للريا بتشديد الياء. الثانية ما شذ فيه التصحيح مع استيفاء الشروط كقولهم للسنور ضيون. الثالثة ما شذ فيه إبدال الياء واوا نحو عوى الكلب عوة فهذه الصور كلها داخلة فى

قوله: وشذ معطى غير ما قد رسما. وإن يسكن شرط ومن واو متعلق بالسابق واتصلا معطوف على فعل الشرط وكذلك عريا وألفه للتثنية ومن عروض متعلق بعريا والعروض مصدر عرض والفاء جواب الشرط والواو مفعول أول باقلبن وياء مفعول ثان ومدغما حال من الضمير المستتر فى اقلبن ومعطى فاعل بشذ وفيه ضمير مستتر وهو المفعول الأول وغير مفعول ثان وما موصولة وصلتها قد رسما. ثم قال: من واو او ياء بتحريك أصل … ألفا ابدل بعد فتح متّصل يعنى أنه يجب إبدال الواو والياء المفتوح ما قبلهما ألفا وذلك بشروط ذكر منها فى هذا البيت شرطين: أحدهما أن يكون التحريك أصليا وهو المنبه عليه بقوله: أصل. واحترز من نحو توم وجيل أصلهما توأم وجيأل فنقلت حركة الهمزة إلى الواو والياء فلم يقلبا لأن الحركة عارضة فهى غير أصلية. والثانى أن تكون الواو والياء متصلتين بالفتحة وهو المنبه عليه بقوله بعد فتح متصل، وشمل صورتين إحداهما أن يكون الفاصل ظاهرا نحو واو وزاى، والأخرى أن يكون مقدرا وذلك إذا بنيت مثل علبط من الرمى والغزو فتقول رمى وغزو منقوصا والأصل رميى وغزوو فأعلت الياء والواو الأخيرتان بحذف حركتهما كإعلال سائر المنقوصات ولم تقلب الواو ولا الياء الأولى للفاصل بين الفتحة والحرف وهو الألف لأن الأصل رمايى وغزاو وكعلبط أصله علابط فحذفت الألف تخفيفا وهى مقدرة فمنعت من القلب. وألفا مفعول بابدل ومن واو متعلق بابدل وبتحريك فى موضع الصفة لواو أو ياء متحركتين مفتوح ما قبلهما سواء كانا لام الكلمة أو غيرها، وثم شرط آخر تختلف فيه اللام وغيرها أشار إليه بقوله: إن حرّك التّالى وإن سكّن كفّ … إعلال غير اللام يعنى أن إعلال الياء والواو بالإعلال المذكور إذا كانا غير لامين مشروط بأن يتحرك تاليهما نحو قام وباع وانقاد واختار فإن سكن تاليهما منع إعلال غير اللام مطلقا وشمل العين نحو بيان وطويل وغيور وغيرها نحو خورنق، وأما اللام ففيها تفصيل أشار إليه بقوله:

وهى لا يكفّ … إعلالها بساكن غير ألف أو ياء التّشديد فيها قد ألف يعنى أن لام الكلمة إذا كان واوا أو ياء متحركتين بعد فتحة وبعدهما ساكن فإما أن يكون الساكن ألفا أو ياء مشددة أو غيرهما فإن كان غيرهما لم يكفّ الإعلال نحو رموا وغزوا ويخشون ويرضون أصلها رميوا وغزووا، ويخشيون ويرضوون فقلبت فى ذلك كله الياء أو الواو ألفا ثم حذفت لالتقاء الساكنين وإن كان الساكن ألفا أو ياء مشددة كفّا الإعلال نحو رميا وغزوا ومعوى وعلوى وإنما لم يكف الساكن إعلال اللام لقربها من الطرف وإنما كفت الألف والياء المشددة إعلالها لأنهم لو أعلوا رميا وغزوا لصار رمى وغزا فيلتبس بفعل الواحد وأما نحو علوى فلم تبدل لامه ألفا لأنه فى موضع تبدل فيه الألف واوا. وإن حرك شرط محذوف الجواب لدلالة ما تقدم عليه، وإن سكن شرط جوابه كفّ وهى مبتدأ وخبره لا يكف إعلالها وبساكن متعلق بيكف وغير نعت لساكن وأو ياء معطوف على الألف والتشديد مبتدأ خبره قد ألف والجملة نعت لياء ثم إنه قد تعرض للواو والياء المذكورتين أسباب تمنعهما من الإعلال أشار إلى الأول منهما بقوله: وصحّ عين فعل وفعلا … ذا أفعل كأغيد وأحولا يعنى أن ما كان من الأفعال على وزن فعل وكان مصدره على فعل مما جاء اسم فاعله على أفعل يصحح هو ومصدره وإن كان مستوفيا لشروط الإعلال نحو غيد غيدا وحول حولا وسبب تصحيحهما أن حول وشبهه من أفعال الخلق والألوان وقياس الفعل فى ذلك أن يأتى على افعلّ نحو احولّ احولالا واعور اعورارا فصح عين فعله ومصدره لأنهما فى معنى ما لا يعل لعدم الشروط. وعين فاعل بصح وذا أفعل حال من فعل. ثم أشار إلى الثانى. فقال: وإن يبن تفاعل من افتعل … والعين واو سلمت ولم تعلّ يعنى أن وزن افتعل من الواوى العين إذا أظهر معنى تفاعل مما يدل على الاشتراك صح نحو اجتوروا بمعنى تجاوروا وإنما صح مع توفر شروط الإعلال لأنه حمل على تفاعل الذى بمعناه وليس فى تفاعل شروط الإعلال وفهم من أن وزن افتعل إذا لم يبين معنى تفاعل أعل على مقتضى القياس نحو اعتاد وارتاب أصلهما اعتود وارتيب، وفهم من قوله أيضا والعين

واو أن ما عينه ياء تعل وإن أبان معنى تفاعل نحو استافوا أى تضاربوا بالسيوف وإنما أعلت فى ذلك الواو دون الياء لثقل الواو فى المخرج بخلاف الياء، وإن يبن شرط وتفاعل فاعل يبين أى يظهر وسلمت جواب الشرط والعين واو مبتدأ وخبر فى موضع الحال ولم تعل تتميم لصحة الاستغناء عنه. ثم أشار إلى الثالث بقوله: وإن لحرفين ذا الإعلال استحق * … صحّح أوّل يعنى إذا اجتمع فى كلمة حرفا علة وكل منهما متحرك مفتوح ما قبله فلا بد من إعلال أحدهما وتصحيح الآخر لئلا يتوالى إعلالان والأحق بالإعلال منهما الثانى لتطرفه وذلك نحو الهوى والحوى والحيا أصلها هوى وحوى وحيى فالسبب المانع من إعلال الأول فيهما إعلال الثانى وقد يعل الأول ويصح الثانى وعلى ذلك نبه بقوله: (وعكس قد يحقّ) وذلك قولهم راية وطاية وغاية وفهم قلة ذلك من قوله: قد يحق وإن شرط وذا الإعلال مرفوع بفعل مضمر يفسره استحق ولحرفين متعلق باستحق وصحح جواب الشرط وعكس قد يحق جملة مستأنفة. ثم أشار إلى الرابع فقال: وعين ما آخره قد زيد ما … يخصّ الاسم واجب أن يسلما يعنى أنه يمنع من قلب الواو والياء ألفا لتحركهما وانفتاح ما قبلهما كونهما عينا فيما آخره زيادة تخص الأسماء لأنه بتلك الزيادة يبعد شبهه بما هو الأصل فى الإعلال وهو الفعل فصحح لذلك وشملت الزيادة الخاصة بالأسماء الألف والنون نحو جولان وألف التأنيث نحو حيدى وصورى. وعين مبتدأ وما موصولة وصلتها يخص وواجب خبر مقدم وأن يسلما مبتدأ والجملة خبر عين ويجوز أن يكون واجب خبرا عن عين وأن يسلما مرفوع بواجب والتقدير وعين ما زيد فى آخره ما يخص الاسم تجب سلامته. ثم قال: وقبل با اقلب ميما النّون إذا … كان مسكنّا كمن بتّ انبذا يعنى أن النون الساكنة إذا وقعت قبل الباء وجب قلبها ميما وذلك لما فى النطق بالنون الساكنة قبل الباء من العسر لاختلاف مخرجيهما مع منافرة بين النون وغنتها لشدة الباء وذلك فيما كان من كلمتين ومن كلمة ولذلك مثل بالنوعين فالمنفصل نحو من بت والمتصل نحو انبذا. والنون مفعول أول باقلب وميما مفعول ثان وقبل متعلق باقلب وإذا ظرف متضمن معنى الشرط وجوابه محذوف لدلالة ما تقدم عليه.

فصل

فصل لساكن صحّ انقل التّحريك من … ذى لين آت عين فعل كأبن يعنى أن عين الفعل إذا كانت واوا أو ياء وكان ما قبلها ساكنا صحيحا وجب نقل حركة العين إلى الساكن قبلها لاستثقال الحركة فى حرف العلة وذلك نحو يقوم أصله يقوم بضم الواو فنقلت حركة الواو إلى الساكن. ويبين أصله يبين فنقلت حركة الياء إلى الساكن قبلها وبقيت الياء ساكنة ثم إن خالفت العين الحركة المنقولة أبدلت من مجانسها نحو أبان وأعان أصله أبين وأعون فدخل النقل والقلب فصارا أبان وأعان وفهم من قوله صح أن الساكن إذا كان معتلا لا ينقل إليه نحو بايع وفوّق. ثم إن هذا النقل له أربعة شروط ذكر الأول فى قوله صح، وأشار إلى باقيها بقوله: ما لم يكن فعل تعجّب ولا … كابيضّ أو أهوى بلام علّلا شمل فعل التعجب ما أفعله نحو ما أقومه وما ألينه وأفعل به نحو أقوم به وألين به وإنما صح فيهما بالحمل على أفعل من كذا لأنهما من واد واحد وأما نحو ابيض فلو نقلت فيه الحركة للساكن لذهبت همزة الوصل فيقال باض فيلتبس بفاعل من المضاعف نحو باض، وأما نحو أهوى مما أعلت لامه فلو نقلت فيه الحركة لتوالى عليه الإعلال. والتحريك مفعول بانقل ولساكن متعلق بانقل وصح فى موضع النعت لساكن ومن ذى متعلق بانقل وآت نعت لذى وعين فعل حال من الضمير المستتر فى آت وما ظرفية مصدرية أى مدة عدم كونه فعل تعجب ولا كذا. ثم قال: ومثل فعل فى ذا الإعلال اسم … ضاهى مضارعا وفيه وسم يعنى أن الفعل يشاركه فى وجوب الإعلال بالنقل المذكور كل اسم أشبه المضارع فى زيادته لا فى وزنه أو فى وزنه لا فى زيادته فشمل صورتين: الأولى أن تبنى من البيع مثل تحلئ فتقول تبيع وأصله تبيع بسكون الباء فأعل لأنه أشبه الفعل المضارع فى الزيادة وهى التاء وخالفه فى الوزن. والثانية نحو مقام أصله مقوم فأشبه المضارع فى الوزن نحو تشرب وخالفه فى الزيادة لأن الميم لا تزاد فى أول المضارع وهذا معنى قوله: وفيه وسم، أى فيه علامة يمتاز بها عن الفعل، وفهم منه أن الاسم إذا كان شبيها بالمضارع فى الوزن والزيادة لم

يعل نحو أبيض وأسود لأنه لو أعل لالتبس بالفعل إذ ليس فيه علامة يمتاز بها عنه وفهم منه أيضا أنه إن لم يشابه المضارع لا فى الوزن ولا فى الزيادة لم يعل كمكيال، ومثل فعل مبتدأ وخبره اسم ويجوز أن يكون اسم مبتدأ وخبره مثل فعل وهو أظهر وفى ذا الإعلال متعلق بمثل وضاهى مضارعا جملة فعلية فى موضع النعت لاسم وفيه وسم نعت بعد نعت وقد فهم من هذا القانون أن نحو مفعل نحو مخيط يعل لأنه أشبه الفعل المضارع فى الوزن دون الزيادة لأنه مثل تعلم بكسر التاء فى لغة فأخرجه بقوله: (ومفعل صحّح كالمفعال) يعنى إنما صحح مفعل وإن كان ظاهره يقتضى الإعلال لأنه حمل على مفعال بالألف ومفعال لم يشبه الفعل لا فى الوزن ولا فى الزيادة، وذكر كثير من أهل التصريف أنه إنما صحح لأنه مقصور منه فهو هو. ثم قال: وألف الإفعال واستفعال * أزل … لذا الإعلال والتّا الزم عوض يعنى إذا كان المستحق للنقل والإعلال المذكورين مصدرا على إفعال أو استفعال حمل على فعله فنقلت حركة عينه إلى فائه ثم تقلب ألفا لمجانسة الفتحة فيجتمع ألفان الأولى المنقلبة عن العين والثانية الألف التى كانت بعد العين فتحذف الثانية وتلزم حينئذ التاء عوضا من الألف المحذوفة وذلك نحو إجازة واستقامة أصلهما إجواز واستقوام ونظير إجواز من الصحيح إكرام واستقوام استدراك فنقلت حركة العين فيهما إلى الساكن قبلها وفعل فيهما ما تقدم من الحذف والتعويض وقد صرح بأن المحذوف هى الألف الزائدة بقوله: (وألف الإفعال واستفعال أزل) وهو مذهب سيبويه ثم إن هذه التاء التى هى عوض قد تحذف، وإليه أشار بقوله: (وحذفها بالنّقل نادرا عرض) يعنى أن هذه التاء التى تلحق عوضا قد تحذف ويقتصر فى حذفها على السماع كقولهم أرى إيراء واستفاه استفاها ويكثر ذلك مع الإضافة نحو وإقام الصلاة. وألف الإفعال مفعول بأزل ولذا متعلق بأزل والإعلال نعت لذا والتاء مفعول بالزم وعوض حال من التاء ووقف عليه بالسكون على لغة ربيعة وحذفها مبتدأ وخبره عرض وبالنقل متعلق بعرض ونادرا حال من الضمير المستتر فى عرض وفى بعض النسخ: ربما عرض. ثم قال:

وما لإفعال من الحذف ومن … نقل فمفعول به أيضا قمن يعنى أنه إذا بنى مثال مفعول من فعل ثلاثى معتل العين فعل به ما فعل بإفعال من نقل الحركة إلى الساكن قبلها وحذف واو مفعول، ويعنى بقوله فمفعول ما كان معتل العين وشمل ما كانت عينه ياء وما كانت عينه واوا ولذلك أتى بمثالين فقال: (نحو مبيع ومصون) فأصل مبيع مبيوع فنقلت حركة الياء إلى الباء وبقيت الياء ساكنة بعد ضمة فأبدلت الضمة كسرة لتصح الياء ثم حذفت واو مبيوع فقالوا مبيع. وأما مصون فأصله مصوون فنقلت حركة الواو إلى الصاد وبقيت الواو ساكنة وحذفت الواو التى بعدها وهى واو مفعول، وقد يصح كل واحد من النوعين، وإلى ذلك أشار بقوله: (وندر * تصحيح ذى الواو وفى ذى اليا اشتهر) يعنى أن ما عينه واو مفعول قد يصحح أى ينطق به على الأصل وذلك قليل كقولهم مصوون وما عينه ياء وهو مشهور، وقيل إن تصحيحه لغة بنى تميم ومنه قولهم مبيوع ومخيوط، ومن ذلك قول الشاعر: - حتى تذكّر بيضات وهيّجه … يوم رذاذ عليه الدّجن مغيوم (¬208) وما مبتدأ وهى موصولة وصلتها الإفعال ومن النقل متعلق بما فى المجرور من معنى الاستقرار ومفعول مبتدأ وخبره قمن وبه متعلق بقمن والجملة فى موضع خبر ما وتصحيح فاعل بندر وهو مضاف لذى على حذف مضاف أى تصحيح الفعل ذى الواو. ثم قال: وصحّح المفعول من نحو عدا … وأعلل ان لم تتحرّ الأجودا يعنى أنه إذا بنى مثال مفعول من فعل ثلاثى واوى اللام جاز فيه التصحيح باعتبار تحصن الواو بالإدغام والإعلال لقربها من الطرف وذلك نحو عدا يعدو فهو معدوّ ومعدىّ وفهم من قوله: إن لم تتحر الأجود، أن التصحيح أجود لأن معنى تتحرى تقصد فالمعنى وأعلل إن لم ¬

_ (¬208) البيت من البسيط، وهو لعلقمة بن عبدة فى ديوانه ص 59، وجمهرة اللغة ص 963، وخزانة الأدب 11/ 295، والخصائص 1/ 261، وشرح المفصل 10/ 78، 80، والمقتضب 1/ 101، والممتع فى التصريف 2/ 460، والمنصف 1/ 286، 3/ 47، وبلا نسبة فى شرح الأشمونى 3/ 866. والشاهد فيه قوله: «مغيوم» حيث جاز الإتمام فى «مفعول» من ذوات الياء، وهى لغة بنى تميم. والإعلال «مغيم» أفصح.

فصل

تقصد الأجود فمفهومه أنك إن قصدت الأجود لا تعل وفهم منه أن ما كان يائى اللام لا يجوز فيه الوجهان بل يلزم الإعلال نحو مرمى أصله مرموى وقد تقدم وجوب إعلاله عند قوله: فصل إن يسكن السابق البيت وفهم منه أيضا أن ما كان واوىّ اللام على فعل لا يجوز فيه الوجهان بل يلزم إعلاله نحو مرضى وإعراب البيت واضح. ثم قال: كذاك ذا وجهين جا الفعول من … ذى الواو لام جمع أو فرد يعنّ يعنى إذا كان مثال الفعول مما لامه واو جاز فى لامه وجهان الإعلال والتصحيح وذلك فى الجمع نحو عصا وعصوّ وعصىّ وفى المفرد عتى وعتوّا وعتيّا إلا أن إعلال الجمع أولى من التصحيح وتصحيح المفرد أولى من الإعلال ولم ينبه على ذلك الناظم، وفى تقديمه الجمع إشعار ما بذلك. والفعول فاعل بجا وذا وجهين حال من الفعول ومن ذى متعلق بجا ولام جمع حال من الواو وأو فرد معطوف على جمع ويعن فى موضع نعت لفرد. ثم قال: وشاع نحو نيّم فى نوّم … ونحو نيّام شذوذه نمى يعنى أنه يجوز فيما كان على وزن فعل جمعا مما عينه واو وجهان التصحيح على الأصل نحو نائم ونوّم وقائم وقوّم وصائم وصوّم والإعلال نحو صيم ونيم لقرب عينه من الطرف وأما فعال بالألف فالوجه فيه التصحيح لبعده من الطرف نحو صوّام ونوّام، وقد شذ فى نوام نيام فيحفظ ولا يقاس عليه، ومنه قوله: - ألا طرقتنا ميّة بنت منذر … فما أرّق النّيّام إلا كلامها (¬209) وإعراب البيت واضح. فصل (ذو اللّين فا تا فى افتعال أبدلا) ¬

_ (¬209) البيت من الطويل، وهو لذى الرمة فى ديوانه ص 1003، وخزانة الأدب 3/ 419، 420، وشرح شواهد الشافية ص 381، وشرح المفصل 10/ 93، والمنصف 2/ 5، 49، ولأبى النجم الكلابى فى شرح التصريح 2/ 383، وبلا نسبة فى أوضح المسالك 3/ 391، وشرح الأشمونى 3/ 870، وشرح شافية ابن الحاجب 3/ 143، 173، وشرح ابن عقيل ص 707، ولسان العرب 12/ 596 (نوم)، والممتع فى التصريف 2/ 498، ويروى «سلامها» بدل «كلامها». والشاهد فيه قوله: «النيّام» والقياس: «النوام» فقلب الواو ياء.

يعنى أن الافتعال وما تصرف منه إذا كان فاؤه حرف لين أبدل تاء وأدغم فى تاء الافتعال وشمل قوله ذو اللين الواو نحو اتعد أصله اوتعد والياء نحو اتسر أصله ايتسر لأنه من اليسر ولا مدخل للألف هنا لأنها لا تكون فاء وإنما أبدلوا منها تاء لأنهم لو أقروها لتلاعبت بها الحركات فإن كانت بعد ضمة قلبت واوا أو بعد فتحة قلبت ألفا أو بعد كسرة قلبت ياء فأبدلوا منها حرفا جلدا وهو التاء لأنها أقرب حروف الزيادة إلى الواو فإن كانت فاء الافتعال ياء مبدلة من همزة فقد أشار إليه بقوله: (وشذّ فى ذى الهمز نحو ايتكلا) يعنى أنه قد سمع إبدال التاء من الياء المبدلة من الهمزة على وجه الشذوذ وظاهر تمثيله بايتكلا أنه مما سمع فيه الإبدال شذوذا والمسموع من ذلك إنما هو اتزر أى لبس الإزار فينبغى أن يكون المثال راجعا لذى الهمز لا للبدل وفى كلام بعضهم ما يدل على أنه مسموع فعلى هذا يكون المثال راجعا لما أبدل تاء من ذى الهمزة. وذو اللين مبتدأ وخبره أبدل وفا حال من ذو اللين وتا مفعول ثان لأبدل والمفعول الأول ضمير مستتر يعود على ذو اللين وفى افتعال متعلق بأبدل وفاعل شذ ضمير عائد على الإبدال المفهوم من أبدل. ثم قال: (طا تا افتعال ردّ إثر مطبق) يعنى أنه يجب إبدال تاء الافتعال وفروعه طاء بعد أحد حروف الإطباق وهى الصاد والضاد والطاء والظاء وذلك نحو اصطبر واضطرم واططعن واظظهر أصلها اصتبر واضترم واطتعن واظتهر فاستثقل اجتماع التاء مع الحرف المطبق لما بينهما من مقاربة المخرج ومباينة الوصف لأن التاء من حروف الهمس والمطبق من حروف الاستعلاء فأبدل من التاء حرف استعلاء من مخرجها وهو الطاء. ثم قال: (فى ادّان وازدد وادّكر دالا بقى) يعنى أنه تبدل أيضا تاء الافتعال وفروعه دالا بعد الدال والزاى والذال وقد استوفى مثلها فادّان أصله ادتان إذا أخذ الدين فأبدل من التاء دال وأدغمت فيها الدال الأولى وازدد فعل أمر من زاد أصله ازتد فأبدل من التاء دال وادكر فعل أمر من اذكر وأصله اذتكر فأبدلت التاء دالا ثم قلبت الذال دالا وأدغمت الدال فى الدال. وتا افتعال مبتدأ وخبره رد وهو ماض مبنى للمفعول وفى رد ضمير مستتر عائد على تا افتعال وطا مفعول ثان بردّ ويجوز أن يكون رد فعل أمر وتا افتعال مفعول أول برد وإثر متعلق برد على الوجهين، وفى بقى ضمير مستتر عائد على تا افتعال ودالا حال من ذلك الضمير وعبر ببقى عن البدل وفيه بعد.

فصل

فصل فا أمر أو مضارع من كوعد … احذف وفى كعدة ذاك اطّرد يعنى أنه يجب حذف فاء الكلمة إذا كانت واوا فى ثلاثة مواضع: الأول فعل أمر نحو عد وهو محمول على الفعل المضارع لوجود علة الحذف فى الفعل المضارع. الثانى المضارع إذا كان على يفعل بفتح الياء وكسر العين نحو يعد لوقوع الواو ساكنة بين ياء وكسرة لازمة وحمل عليه أعد ونعد وتعد، وفهم من قوله من كوعد أن الواو تحذف فى الأمر والمضارع إذا كان بعدها فتحة نائبة عن الكسرة نحو وهب يهب فإن قياسه يهب بكسر الهاء لكن فتحت لكونها من حروف الحلق، وفهم منه أيضا أن حذف الواو المذكورة مشروط بأن يكون حرف المضارعة مفتوحا فلو كان مضموما لم يحذف نحو يوعد مبنيا للمفعول وأن يكون ما بعد الواو مكسورا فلو كان غير مكسور لم يحذف نحو يوجل ويوضأ، وفهم منه أيضا أن يكون ذلك فى فعل فلو بنيت من الوعد مثل يقطين قلت يوعيد. الثالث المصدر من نحو وعد وهو أيضا محمول على الفعل فى الحذف وفهم من قوله كعدة أن يكون المحذوف منه مصدرا فلو كان اسما لم يحذف نحو وجهة وفهم منه أيضا أن المصدر إذا أريد به الهيئة لم يحذف نحو الوعدة والوقعة. وفا أمر مفعول باحذف ومضارع معطوف على أمر. ثم قال: وحذف همز أفعل استمرّ فى … مضارع وبنيتى متّصف يعنى أنه اطرد حذف الهمزة من أفعل فى الفعل المضارع وفى اسم الفاعل واسم المفعول وهو المعبر عنهما ببنيتى متصف فإن اسم الفاعل واسم المفعول يوصف بهما فهما بنيتا متصف وكان الأصل أن لا تحذف الهمزة فى ذلك كما لا تحذف سائر الزوائد من الفعل نحو تدحرج وخاصم لكن استثقل اجتماع همزتين فى فعل المتكلم فى نحو أكرم فحذفت الهمزة وحمل على أكرم نكرم وتكرم ويكرم واسم الفاعل واسم المفعول كما حمل على يعد سائر أفعال المضارع والمراد بأفعل الفعل الماضى. وحذف مبتدأ وخبره استمر. ثم قال: ظلت وظلت فى ظللت استعملا … وقرن فى اقررن وقرن نقلا يعنى أن ظللت بكسر اللام يجوز أن يحذف منه إحدى اللامين مع كسر الظاء وفتحها فتقول ظلت وظلت. وظاهر النظم أن هذا الحكم مخصوص بهذا اللفظ وزاد سيبويه

الإدغام

مسست وفى القياس عليهما خلاف. وقوله: وقرن فى اقررن وقرن نقلا، يعنى أنه استعمل هذا التخفيف فى فعل الأمر فقيل فيه قرن بكسر القاف وهى قراءة غير نافع وعاصم فى قوله عز وجل: وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ [الأحزاب: 33] وقوله وقرن نقلا أشار به إلى قراءة نافع وعاصم ووجه قراءة قرن بالكسر أن أصله من قرّ بالمكان يقر بفتح العين فى الماضى وكسرها فى المضارع فلما لحقت الفعل نون الضمير خفف بحذف عينه بعد نقل حركتها إلى الفاء وكذلك الأمر منه فتقول على هذا يقرن فى المضارع وقرن فى الأمر ووجه قراءة الفتح أنه من قررت بالمكان أقر بكسر العين فى الماضى وفتحها فى المضارع ففعل به ما تقدم فى الكسر من الحذف والنقل فهما لغتان فصيحتان. وظلت مبتدأ وخبره استعملا والألف فيه للتثنية وفى ظللت متعلق باستعملا وقرن مبتدأ وخبره فى اقررن والتقدير وقرن مقول فى اقررن وقرن نقلا مبتدأ وخبر ويجوز أن يكون قرن الآخر مبتدأ محذوف الخبر أى وكذلك قرن، يعنى أنه استعمل ويكون نقلا جملة فى موضع الحال من قرن المفتوح الفاء أى نقل سماعا فلا يقاس عليه والأول أظهر. الإدغام يقال الإدغام بسكون الدال مصدر أدغم والادّغام بتشديدها مصدر ادّغم قيل والادّغام بتشديد الدال عبارة البصريين، وبالإسكان عبارة الكوفيين وهو فى اللغة الإدخال، وفى الاصطلاح إدخال حرف فى حرف وهو باب متسع واقتصر منه هنا على إدغام المثلين المتحركين فى كلمة. واعلم أن ما اجتمع فيه مثلان فى كلمة على ثلاثة أقسام واجب الإدغام وواجب الإظهار وجائز الوجهين وقد أشار إلى الأول بقوله: (أوّل مثلين محرّكين فى * كلمة ادغم) يعنى أنه إذا اجتمع فى كلمة واحدة مثلان متحركان وجب إدغام الأول فى الثانى ويلزم من ذلك تسكين الأول لأن المحرك لا يمكن إدغامه إلا بعد تسكينه وشمل نوعين: الأول أن يكون قبل المثل الأول متحرك نحو رد وظن أصلهما ردد وظنن فسكن المثل الأول وأدغم فى الثانى. والآخر أن يكون قبل المثل الأول ساكن نحو يرد ويظن ومرد أصلها يردد ويظنن ومردد فنقلت حركة المثل الأول إلى الساكن قبله وبقى ساكنا فأدغم فى المثل الثانى وفهم منه

أن أول المثلين إذا كان فى صدر الكلمة نحو ددن لا يدغم إذ لا يصح الابتداء بالساكن. وأول مفعول بأدغم ومحركين نعت لمثلين وفى كلمة فى موضع الصفة أيضا لمثلين ويجوز أن يكون متعلقا بأدغم والأول أظهر ثم أشار إلى الثانى بقوله: لا كمثل صفف * … وذلل وكلل ولبب * ولا كجسّس ولا كاخصص ابى … * ولا كهيلل فذكر سبعة مواضع اجتمع فيها مثلان فى كلمة ولا يجوز فيها الإدغام. الأول صفف وهو جمع صفة والصفة صفة السرج وصفة البنيان والصفة أيضا الكلة. الثانى ذلل وهو جمع ذلول بالذال المعجمة وهى ضد الصعبة يقال دابة بينة الذل بكسر الذال من دواب ذلل وذلول. الثالث كلل جمع كلة والكلة نوع من الثياب معروف. الرابع لبب اسم مفرد وهو موضع القلادة من الصدر من كل شئ والجمع الألباب واللبب أيضا ما يشد على صدر الدابة أو الناقة يمنع الرحل من الاستئخار واللبب أيضا ما استرق من الرحل. الخامس نحو جسس وهو جمع جاس اسم فاعل من جس الشئ إذا لمسه أو من جس الخبر إذا فحص عنه وهو الجاسوس. السادس ما كانت فيه حركة ثانى المثلين عارضة نحو اخصص ابى أصله اخصص بالسكون ثم نقلت حركة الهمزة من أبى. السابع ما كان فيه ثانى المثلين زائدا للإلحاق نحو هيلل إذا أكثر من قول: لا إله إلا الله وهو ملحق بدحرج وإنما امتنع الإدغام فى هذه المواضع السبعة لمانع فيها أما الثلاثة الأول فإنها مخالفة لوزن الأفعال والإدغام أصل فى الأفعال فأظهرت لبعدها عنها وأما الرابع وهو لبب فلخفة الفتحة وفى إظهاره تنبيه على ضعف الإدغام فى الأسماء لأن نظيره من الأفعال واجب الإدغام نحو رد وأما الخامس وهو جسس فإنه وإن اجتمع فيه مثلان متحركان المثل الأول مدغم فيه ساكن قبله فلو أدغم المحرك الأول لالتقى ساكنان. وأما السادس وهو اخصص ابى فلأن الحركة الثانية عارضة لأنها منقولة من الهمزة. وأما السابع وهو هيلل فلأن ثانى المثلين زائد للإلحاق فلو أدغم لخالف الملحق به فى الوزن المطلوب منه موافقته وقد جاء الفك فيما يجب فيه الإدغام لتوفر الشروط وإلى ذلك أشار بقوله: (وشذّ فى ألل * ونحوه فكّ بنقل فقبل) يعنى أنه قد شذ التفكيك فى ألفاظ مما يجب إدغامه منها ألل السقاء إذا تغيرت رائحته، وفهم من قوله ونحوه أنه سمع التفكيك فى غير ألل وذلك ثمانية ألفاظ أخر وهى ذبب

الإنسان إذا نبت الشعر فى جبينه وصكك الفرس إذا اصطك عرقوباه وضببت الأرض إذا كثر ضبابها وقطط الشعر إذا اشتدت جعودته ولججت العين إذا التصقت ومششت الدابة إذا ظهر فى وظيفها نتوء وعززت الناقة إذا ضاق مجرى لبنها وبحح الرجل إذا كثر فى صوته بحة فهذه الألفاظ كلها شاذة تحفظ ولا يقاس عليها. ولا فى قوله ولا كمثل عاطفة والمعطوف عليه محذوف والتقدير أدغم أول مثلين متحركين فى كلمة مغايرة لأوزان مخصوصة لا كمثل هذه الأوزان ويجوز أن تكون لا ناهية وكمثل مفعول بفعل محذوف والتقدير لا تدغم كمثل صفف والكاف فى قوله كمثل زائدة كزيادتها فى قوله عز وجل لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وما بعد صفف معطوف عليه وفك فاعل بشذ وبنقل متعلق بفك. ثم انتقل إلى القسم الثانى وهو ما يجوز فيه التفكيك والإدغام فقال: وحيى افكك وادّغم دون حذر … كذاك نحو تتجلّى واستتر فذكر ثلاثة مواضع يجوز فيها الإدغام والتفكيك: الأول حيى وعيى فمن أدغم نظر إلى أنهما مثلان متحركان بحركة لازمة فى كلمة، ومن فك نظر إلى أن الحركة الثانية كالعارضة لوجودها فى الماضى دون المضارع لأن مضارعه يحيى قيل والتفكيك فى ذلك أجود وفى تقديمه له فى النظم إشعار بذلك. الثانى نحو تتجلى وقياسه الفك لتصدّر المثلين ومنهم من يدغم فيسكن أوله ويدخل همزة الوصل فيقول اجلى قيل وفيه نظر لأن همزة الوصل لا تدخل على أول المضارع. الثالث نحو استتر وهو كل فعل على وزن افتعل اجتمع فيه تاءان فهذا أيضا قياسه التفكيك ليبقى ما قبله ساكنا ويجوز إدغامه بعد نقل حركته إلى الساكن قبله فتذهب همزة الوصل فيصير ستر. وحيى مفعول بادّغم وهو مطلوب أيضا لافكك فهو من باب التنازع المتقدم عليه المتنازع فيه ونحو مبتدأ وخبره كذاك. ثم قال: وما بتاءين ابتدى قد يقتصر … فيه على تا كتبيّن العبر هذا من باب تتجلى وهو الفعل المضارع المجتمع فى أوله تاآن أولاهما للمضارعة والثانية تاء تفعل أو تفاعل نحو تذكر فى تتذكر وتيسر فى تتيسر وقد تقدم أنه يجوز فيه عنده الإدغام واجتلاب همزة الوصل وذكر هنا أنه يجوز فيه حذف إحدى التاءين والاستغناء بالأخرى عنها ولم يعين المحذوفة وفيه خلاف والمشهور أنها الثانية لأن الأولى تدل على معنى المضارعة. والحاصل فيما اجتمع فى أوله من المضارع تاءان أنه يجوز فيه عنده ثلاثة

أوجه إثباتهما وإدغام الأولى فى الثانية مع اجتلاب همزة الوصل وحذف إحداهما. وما مبتدأ وهى موصولة وصلتها ابتدى وبتاءين متعلق به وخبره قد يقتصر وفيه فى موضع المفعول الذى لم يسم فاعله بيقتصر ويجوز أن يكون النائب عن الفاعل تاء والضمير الرابط بين الصلة والموصول على الوجهين المجرور بفى. ثم قال: وفكّ حيث مدغم فيه سكن … لكونه بمضمر الرّفع اقترن يعنى أنه إذا التحق بالمدغم فيه ما يوجب تسكينه كاتصال بعض ضمائر الرفع به وجب تفكيكه إذ لا يتصور الإدغام فى ساكن وذلك أن يتصل به ضمير متكلم أو مخاطب أو مخاطبة أو نون إناث نحو رددت ورددنا ورددت ورددن وقد مثل ذلك بقوله: (نحو حللت ما حللته) أصله قبل اتصال الضمير به حل بالإدغام فلما سكنت اللام الأخيرة لاتصال التاء به وجب الفك. وفك فعل أمر ومفعوله محذوف أى فك المدغم فيه أو فك الإدغام ويحتمل أن يكون فك ماضيا مبنيا للمفعول وفيه ضمير مستتر عائد على المدغم فيه أو على الإدغام كما تقدم ومدغم مبتدأ وفيه فى موضع رفع على أنه مفعول لم يسم فاعله بمدغم وسكن خبر المبتدأ والجملة مضاف لها حيث واللام فى لكونه متعلق بفك واقترن فى موضع خبر الكون وبمضمر متعلق باقترن. ثم قال: (وفى * جزم وشبه الجزم تخيير قفى) يعنى أن المدغم فيه إذا سكن فى جزم نحو لم يرد أو شبه الجزم وهو فى الوقف نحو رد جاز فيه بقاء الإدغام والتفكيك نحو لم يردد واردد وإنما جعل فعل الأمر شبيها بالمجزوم لأن حكمه حكم المضارع فهو شبيه به ويلزم فى فعل الأمر اجتلاب همزة الوصل لأن تفكيكه يوجب تسكين أوله كالصحيح والتفكيك لغة أهل الحجاز والإدغام لغة تميم وبلغة أهل الحجاز جاء القرآن غالبا نحو وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ [البقرة: 217]، وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ [المدثر: 6] وهو فى القرآن كثير ومما جاء فيه مدغما قوله تعالى: وَمَنْ يُشَاقِّ اللَّهَ [الحشر: 4] فى سورة الحشر عند جميع القراء ومن يرتد منكم [البقرة: 217] فى قراءة ابن كثير وأبى عمرو والكوفيين وإنما خير الناظم فى الوجهين لأن المتكلم به يجوز له أن يتكلم باللغتين معا لا أن العربى الذى لغته التفكيك مخير لأنه لا ينطق به إلا مفككا وكذلك الذى لغته الإدغام لا ينطق به إلا مدغما. وتخيير مبتدأ وخبره فى جزم وقفى فى موضع النعت

لتخيير ومعنى قفى تبع ثم إن ما ذكره فى الأمر من جواز الفك والإدغام يوهم أن ذلك أيضا جائز فى أفعل فى التعجب لأنه على صيغة الأمر وفى هلم لأنه أمر فى المعنى فأخرجهما بقوله: وفكّ أفعل فى التّعجّب التزم … والتزم الإدغام أيضا فى هلمّ يعنى أن أفعل فى التعجب يلزم فكه وليس حكمه حكم فعل الأمر من جواز الوجهين كما أن هلم أيضا يلتزم إدغامه وأصله هلمم فنقلت الضمة إلى اللام وأدغمت الميم فى الميم ومعناها أقبل وهى عند أهل الحجاز اسم فعل فيخاطب بها عندهم الواحد والمثنى والمجموع بصيغة واحدة وإنما ذكرها الناظم هنا اعتبارا للغة بنى تميم فإنها عندهم فعل أمر لا يتصرف ولذلك يقولون فى التثنية هلم وفى الجمع هلموا. ولما أتى على ما أراد جمعه من علم النحو وما وعد به فى الخطبة بقوله * مقاصد النحو بها محويّه * أخبر بذلك فقال: وما بجمعه عنيت قد كمل … نظما على جلّ المهمّات اشتمل يعنى أن ما عنى به من جمع مهمات النحو قد كمل وعلى معظم مقاصده وأغراضه اشتمل فتمّ موفيا لما قصد من إيراده وجاء على وفق قصده ومراده. وما مبتدأ وهى موصولة وصلتها عنيت ويلزم بناؤه للمفعول وبجمعه متعلق بعنيت وقد كمل فى موضع خبر ما ونظما حال من الهاء فى بجمعه واشتمل نعت لنظما وعلى جل المهمات متعلق باشتمل. ثم وصف قوله نظما بصفة أخرى فقال: أحصى من الكافية الخلاصه … كما اقتضى غنى بلا خصاصه يعنى أن هذا النظم جمع خلاصة الكافية أى معظمها وجلها. والخلاصة الصافى غير المشوب بما يكدره وأصله فى السمن يخلص مما يغيره. يقول إن هذا النظم أحصى لبّ الكافية، وقوله كما اقتضى غنى بلا خصاصة أى كما أخذ من مسائل العربية الغنى غير المشوب بالخصاصة وهى ضد الغنى، من قولهم اقتضيت الدين إذا أخذته مستوفى. فأحصى فعل ماض وفيه ضمير مستتر عائد على نظما والخلاصة مفعول بأحصى والجملة من أحصى فى موضع الصفة لنظما وغنى مفعول باقتضى وبلا متعلق باقتضى وقد وقفت على نسخة بخط بعض شيوخنا فيها أحظى بالظاء فأنكرت ذلك عليه وقلت له ما معناه وما إعرابه فقال معناه أنه

يقول الخلاصة أحظى من الكافية لأن هذا الرجز اسمه الخلاصة فالخلاصة على هذا مبتدأ وأحظى خبره فقلت أل فى الخلاصة لماذا هى؟ فقال للعهد فقلت له وأى عهد تقدم فى هذا النظم ذكر فيه الخلاصة؟ فقال لى اجعلها للغلبة فقلت ما فيه أل للغلبة ملحق بالعلم ولم يسمها الناظم خلاصة وإنما سميت خلاصة بعد نظمها لكونه ذكر أنها جمعت الخلاصة من الكافية، ثم قلت له ما موضع الجملة فلم يأت بمقنع فقلت له لعلها استئنافية فقال لا يليق أن ينسب ذلك إلى الناظم لما فيه من عدم الارتباط ثم رجع إلى أنه أخطأ وأن كتبه بالظاء سهو منه. ثم قال: فأحمد الله مصلّيا على … محمّد خير نبى أرسلا وآله الغرّ الكرام البرره … وصحبه المنتخبين الخيره لما أكمل مراده ختم كتابه بالصلاة على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه ومصليا حال من الضمير فى أحمد وخير نبىّ بدل من محمد وأرسلا فى موضع نعت لنبى والغر جمع أغر وهو نعت لآله والبررة جمع بار والمنتخبين المختارين والخيرة المختارين أيضا وقد صرح الزبيدى بأنه مصدر وجعله الجوهرى وصاحب الخلاصة اسما من قولك اختار الله تعالى، فعلى ما قاله الزبيدى يكون نعتا للمنتخبين لأن المصدر يوصف به المفرد والمثنى والمجموع وقد جاء الإخبار به عن المفرد كقولهم: محمد صلّى الله عليه وسلّم خيرة الله من خلقه وخيرة الله أيضا بالتسكين. قال المؤلف رحمه الله تعالى: قد أتينا على ما أردنا جمعه من الشرح والإعراب واستوفينا ما وعدنا به فى أول الكتاب، فجاء شرحا مكمل المقاصد، مسهل المعانى والفوائد، ينتفع به البادى ويستحسنه الشادى، موافقا لما رويته، موفيا بما أردت من اختصاره وقد قصدته، فالحمد لله على ما منح من التيسير والتسهيل، وفتح من التبصير والتكميل، فهو حسبى ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلىّ العظيم.

§1/1